أيها المسلمون، عباد الله، مما أجمع عليه أهل الإسلام أنّ نكاح التحليل حرام, وأنّ نكاح المُتعة حرام, وأنّ نكاح الشِّغار حرام, إلى غير ذلك من أنكحة باطلة اتفق على حرمتها أهل الإسلام، قد تأخذ صورة الزواج الشرعي لكنها في حقيقتها تحايل على شرع الله, مسافحةٌ، سفحٌ لماء الحياة في غير ما أحل الله.
أما نِكاح التحليل فهو ما وقع فيه كثيرٌ من الناس إذا ما طلق الرجل امرأته ثلاثا وعلم يقينًا أنها قد صارت عليه حرامًا لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره, فإنّ هذا الإنسان يعمد إلى رجلٍ آخر يتّفق معه على أنْ يتزوج هذه المرأة المطلّقة حينًا من الدهر، يمكث معها يومين أو ثلاثة أو أسبوعًا أو شهرًا, ثم بعد ذلك يطلّقها, لترجع إلى زوجها الأول الذي طلّقها ثلاثًا بعدما تنقضي عدتها من الثاني, هذا النكاح حرام, وهو باطل، قال رسول الله : ((ألا أنبئكم بالتيس المستعار: هو المحلل, لعن الله المحلِّل والمحلَّل له)).
وكذلك نكاح المتعة, وهو الذي أجمع أهل الإسلام على بُطْلانِهِ, ولا يُجيزه ولا يمارسه إلا الروافض الذين شاقوا الله ورسوله, وفارقوا جماعة المسلمين في كثير من الأصول والفروع. نكاح المتعة هو النكاح المؤقت لمدّة, أنْ يتزوج الرجل المرأة لمدّة معلومة ينصّ عليها في العقد, أنْ ينكحها أسبوعًا أو شهرًا أو سنةً ونحو ذلك, هذا النكاح قد حرمه رسول الله فأمر مناديًا ينادي يوم خيبر: ((إنّ الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحُمُر الأهلية, وإنّ نكاح المتعة حرام إلى يوم القيامة))، نكاح المتعة محرمٌ تأبيدًا، لا يُمارسُه من له نصيبٌ من دينٍ أو حظٌّ من عقل.
أما نكاح الشّغار فهو أنْ يُنكحَ الرجلُ الرجلَ بنته على أنْ ينكحه الآخرُ بنته، والنكاح خالٍ من المهر, شاغرٌ مِنْ الصَدَاق, يقول له: زوجني ابنتك على أنْ أزوجك ابنتي, أو زوجني أختك على أنْ أزوجك أختي, ثم يسقطان المهر، فيكون كل بُضعٍ مهرًا للبُضع الآخر, هذا أيضًا حرام باتفاق أهل الإسلام، قال رسول الله : ((لا شِغار في الإسلام)).
أيها المسلمون، عباد الله، ظاهرةٌ تفشّت, نابِتةٌ نبتت, أقوالٌ حُكِيَت في الآونة الأخيرة, ممارسةٌ فظيعة وقع فيها بعض الناس, شبّانٌ وشابّات, فتيانٌ وفتيات, في الجامعات وغير الجامعات, وهو ما اصطُلح على تسميته بالنكاح العُرفي, كثُر سؤال الناس عنه واستفتاؤهم حوله, كلٌ يسأل: أحلالٌ هو أم حرام؟ ما صورته؟ ما حقيقته؟
صورته أنْ يذهب الفتى إلى الفتاة, الشابُّ إلى الشابّة, ويريد أنْ يُخادِنها في الحرام, يُريد أنْ يُواقِعها في غير ما أحل الله, في غير الزواج الشرعي الذي أباحه الله, لكنه لا يريد أنْ يُسمّيَه زنا, بل يريد أنْ يتحايل, يريد أنْ يُخادِع, فيقول لها: زوجيني نفسك، فتقول له: زوجتك, فيقدم لها مهرًا شيئًا يسيرًا من نقود، أو خاتمًا من فضةٍ أو ذهب, ثم بعد ذلك تُكتب ورقة يشهد عليها اثنان من أصحابهما، زملائهما، ممن كانوا على شاكلتهما. تُكتب ورقةٌ من نسختين تكون إحداهما عند الشاب, والأخرى عند الفتاة، ثم بعد ذلك يواقِعها حتى يُرضيَ نزْوته ويُشبع شهوته ويَقضيَ وَطَره, ثم بعد ذلك يقول لها: أنت طالق. هل هذا نكاحٌ شرعي؟ هل هذا زواجٌ إسلامي؟
الجواب: أيها المسلمون، عباد الله، إنّ هذه المعاملة وتلك الفعلَة هي من جنس ما أخبرنا عنه رسول الله : ((يأتي علي الناس زمان يشربون الخمر يُسمّونها بغير اسمها. يأتي على الناس زمان يأكلون الربا يُسمّونه بغير اسمه)), هذا هو الواقع الحاصل الآن, كثير من الأمور المحرمة مُورِست بأسماء موهمة, فيسمون الخمر: شراب الراحة أو مشروبات روحية, ويسمون الرّبا: فوائد أو عائدًا استثماريًا, ويُسمون الحكم بغير ما أنزل الله وتبديل الشريعة: سياسة, إلى غير ذلك من الأباطيل, الجهاد في سبيل الله جعلوه إرهابًا, التزام الشرع في النفس جعلوه تطرفًا, وقل مثل ذلك في أمورٍ كثير.
وهكذا أيها المسلمون عباد الله، ينبغي أن يُعلم أنّ هذا الذي يُمارسُ في أيّامنا هذه باسم النكاح العُرفِي أو الزواج العُرفِي هو زِنًا حَرّمه الله ورسوله، لا يحل لمسلم ولا مسلمة أنْ يقع فيه ولا أنْ يُمارسَه, لِمَ أيها المسلمون عباد الله؟ لسببين رئيسين:
السبب الأول: أنّ هذا الذي سموه زواجًا تمّ بغير علم الولي, بغير علم وليّ الفتاة, وقد صحَّ عن رسول الله أنّه اشترط الوليّ في صحّة النكاح, وجمهور العلماء على أنّ كلّ زواجٍ خلي من الوليّ فهو باطلٌ باطلٌ باطل. ما الدليل على ذلك؟ الدليل من القرآن أنّ الله عز وجل خاطب بالنكاح الأولياء، يقول سُبحانه: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذَا تَراضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:232]، هذا الخطاب لك أيها الأب أيها الأخ أيها الجد أيها العم, يا من ولاك الله أمر فتاةٍ مِنْ المؤمنين, إذا طُلّقت هذه الفتاة التي ولِيت أمرها ثم بعد ذلك بعد بلوغ أجلها وانقضاء عدّتها رغب زوجها الذي طلّقها في أنْ يراجعها وكانت هي كذلك راغبةً فلا يحل لك أنْ تمنعها الله عز وجل، يُخاطبك أنت، لأنّ عُقدة النكاح بيدك، أنْت الذي تملك أنْ تُزوِّج, وأنت الذي تَمنع فلا ينعقد الزواج إلا برضاك, يَدلُّ على ذلك سبب نزول هذه الآية وهو ما رواه الإمام البخاري عن معقِل بن يسار رضيَ الله عنه أنّه زوّج أختًا له مِن رجلٍ, فعاش معها ما كتب الله له أنْ يَعيش ثم طلقها، فلما انقضت عِدتُها جاء يَخطِبُها ثانيةً، فقال له معقل: يا لُكَع ـ أي: يا لئيم ـ، أكرمتُك وأفرشتك وزوّجتُك، فلم تصبر عليها حتى طلّقتها ثم جئت تخطبُها! لا والله لا تعود إليك أبدا، يقول رضي الله عنه وكان الرجل لا بأس به، مرْضيٌ في دينه وخُلُقه, وكانت المرأة تُريد أنْ ترجع إليه, فلمّا بلغ ذلك رسول الله نزلت الآية: فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذَا تَراضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:232]، فقلت: الآن أفعل يا رسول الله. رجع إلى حكم الله, خضع لشرع الله, زوّج أخته ممن طلّقها رغم أنّ ذلك كان يُخالف رغبته.
ثم من السنة في حديث أبي موسى رضي الله عنه قال رسول الله : ((لا نكاح إلا بوليٍّ وشاهدي عدل)) رواه أصحابُ السنن، ومن حديث أمّنا عائشة رضي الله عنها قال رسول الله : ((أيُما امرأةٍ نكحت نفسها بغير إذن وليِّها فنِكاحُها باطل, فنِكاحُها باطل, فنِكاحُها باطل, فإنْ دخل بها فله المهر بما استحل من فرْجها, فإنْ اشتجروا فالسلطانُ وليُّ مَنْ لا وليَّ له))، ومِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله : ((لا تُزوّجِ المرأة المرأة, ولا تزوجِ المرأة نفسها, فإنّ التي تزوج نفسها هي الزانية)). ما بقي مقالٌ لأحد بعد ما قاله رسول الله , يُخبر أنّ النكاح بغير إذن الولي نكاحٌ باطل, وأنّ المرأة التي تُباشر العقد لنفسها زانية.
وكلٌّ منّا ينبغي أنْ يسأل نفسه أيها المسلمون عباد الله: أيرضى هذا لابنته؟ أيرضى هذا لأخته؟ أنْ تكون في الجامعة، أو أنْ تكون في المصلحة، أو في الوزارة, ثم بعد ذلك تتفق مع رجلٍ آخر فتتزوجه، والوليُّ لا علم له, هذا والله حرام.
ثم سبب ثانٍ يُقضى به بفساد هذا النكاح, إنّه نكاح سرٍّ, نِكاحٌ يتواطأ مَنْ حضره على كتمانه, هذا الفتى يلقى تلك الفتاة على غير مرأى من الناس, الشهود الذين حضروه يكتمونه, ويتواصون بأن لا يخبروا أحدًا, يلتقون كما تلتقي اللصوص في خفيةٍ مِنْ الناس, لِمَ؟ لأنّهم يعلمون أنهم يُمارسُون إثمًا, ويقترفون ذنبًا, ويحتقبون وزرًا، الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطّلع عليه الناس.
أما النّكاح الشرعي, النّكاح الطيب, النّكاح المباح, فكما قال رسول الله : ((أعلنوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف)), يُعلن في المسجد بمشهد مِنْ المسلمين وحضورٍ مِنْ المؤمنين أنّ فلان بن فلان قد نكح فلانة بنت فلان, ثم بعد ذلك يُضرب بالدفوف, ويعلم الناس كلهم أجمعون أنّ فلانًا تزوّج مِنْ فلانة. أما هذا فإنّه يكون سرًّا مَنْ غير إشهارٍ ولا إعلانٍ, ولا يَعرِف به إلا منْ حضروه.
ثم إنّه ـ أيها المسلمون عباد الله ـ يُمكن أنْ يُضاف لهذين السببين سببٌ ثالث: وهو أنّ النّكاح لا يصحُّ إلا بشهودٍ عدولٍ, لا بد أنْ يكون الشهود عدولاً, موصوفين بالعدالة, ما عُرِف عنهم سببُ منْ أسباب الفسق, ولا خارمٌ مِنْ خوارم المروءة, أما هؤلاء الذين يشهدون على هذا النوع مِنْ النكاح فإنّهم في الأعم الغالب يكونون فسقةً فجرةً، لا يرجون لله وقارًا, لا يعرفون شرعًا ولا دينًا, لا يحلُّون حلالاً, ولا يُحرمون حرامًا, ولا يَنضبطون بضابطٍ مِنْ الكتاب ولا مِنْ السنة.
أيها المسلمون، عباد الله، الوليُّ شرطٌ في صِحّة النّكاح, مَنْ الوليّ؟ الأبُ هو ولي المرأة, فإنْ لم يكن فأبوه وإنْ علا، فإن لم يكن فابنها, ثم ابنه وإنْ نزل, ثم الأخُ الشقيق وابنه, ثم يأتي بعد ذلك العُمومة, فإنْ كانت امرأةٌ ليس لها أبٌ ولا أخٌ لا عمٌّ, لا يوجد لها وليٌ قط فالسلطان وليُّ مَنْ لا وليّ له, كما أخبر رسول الله . والسؤال الذي يطرح نفسه أيها المسلمون عباد الله: ما الذي أوصلنا إلى هذا الدّرْك؟ وما الذي دفع بطائفة مِنْ شبابنا وفتياتنا إلى هذه الممارسات القبيحة الشنيعة الفظيعة التي ما عَرفها أسلافنا ولا كانت في أجدادنا، وإنّما هي نابتةٌ نبتت, وظاهرةٌ تفشت؟ ما الذي حَمَلَ عليها؟ الذي حمل عليها ـ أيها المسلمون عباد الله ـ جُملة أسباب:
أولها: أنّ كثيرًا من الشباب فقد الأمل, فإنه يرى أنّ الزواج الشرعي الزّواج المعروف دونه عقباتٌ كؤود, دونه قيودٌ وسدود, لا بدّ أنْ يتخطاها, لا بد من مالٍ يُبذل, لا بد مِن ملابسَ تُجلَب, لا بد من حفلاتٍ تُقام, لا بد مِن طعام يُوزّع, لا بد مِن نفقاتٍ باهظة, وهذا كلّه مما خالفنا فيه سُنة رسول الله الذي علّمنا أنّ أكثرهنّ بركةً أيسرهنّ مؤونةً. إنّ رسول الله كان ينكح نساءه رضوان الله عليهن في مظاهر خفيفة، في طعام يسير, ربّما أولمَ في بعض زيجاته بخبزٍ ولحم, ربّما أولم في بعض زيجاته بسويقٍ وتمر, السويق شراب الشعير وتمرٌ يُوزع على الناس, ربّما في بعض زيجاته أمر بالأنطاع فبُسطت, وأمر الصحابة بأنْ يأتي كل منهم بما يستطيع, فيأتي هذا بقبضةٍ مِنْ تمر, وذاك بشيءٍ مِنْ أقِط, وهذا بقليلٍ مِنْ خبز, يوضع هذا على النطْع ـ الجِلد ـ ثم يأكلون جميعًا، ويُعلم بذلك أنّ رسول الله محمدًا قد تزوّج فلانة بنت فلان.
هكذا كانت أمورهم يسيرة, مظاهر خفيفة, يحصُل بها الإعفاف والإعلان وتحليل الحلال وتقوية الروابط وتوثِقَة الأواصر, ويعم الخير بإذن الله. لكنّ الحال غيرُ الحال، على ما بِنا مِنْ فاقةٍ وجهل, على ما بنا مِن شدةٍ وعُسر, زدنا الأمر تعسيرًا بهذه المظاهر المتكلفة.
ثم سببٌ ثانٍ أيها المسلمون عباد الله: أنّ كثيرًا مِنْ الأولياء لا يتّقي الله في بناتهِ, كثيرٌ من الآباء لا يتّقي الله في بناتهِ, قد تبلغ البنت مِنْ الكِبَر عِتيّا ويشتعل رأسها شيبًا وتتخطى الثلاثين وتُعاني ما تُعاني, ثم بعد ذلك يشترطُ شروطًا ويضع قيودًا, لا بدّ أنْ يأتيها رجل يخطبها بمنزلة كذا, ومكانة كذا, مِن قبيلة كذا, على أنْ يأتي مِن الملابس بكذا وكذا, وبالذهب بكذا وكذا, وكثيرٌ مِن الرجال الزوجة ـ أمُّ الفتاة ـ هي التي تتحكم فيه, وهي التي توجّه قراره، وهي التي تضبط أمره، فإذا كان أغنياؤُكم بخلاءَكم وأمراؤُكم شرارَكم وأمرُكم إلى نسائكم فبطن الأرض خيرٌ لكم مِن ظهرها، إذا كان الرجل سيُسلم أمر بناته إلى الأم, هي التي تقبل وهي التي ترفض, هي التي تضع وهي التي تفرض فبطن الأرض خيرٌ مِن ظهرها.
الله عز وجل ما جعل الولاية بيد المرأة، جعلها بيدك أنت أيها الرجل, واجبٌ عليك أنْ تسعى في تزويج بناتك, واجبٌ عليك أنْ تسعى في إحصانهنّ, في إعفافهنّ, وإلا كثيرٌ من الناس يقول: ما تزال صغيرة, ويبلغ قلّة الدين ببعض الرجال أنْ يتقدم إلى بنته رجلٌ ذو دينٍ وخُلُق, وربما يكون ذا وظيفةٍ ومالٍ يتقدم لخطبتها, يقول له: لا مانع عندنا، ولكن بشرط أنْ تنتظر إلى تُكمل دراستها الجامعية. وقد تكون دراستها الجامعية بقيت عليها أربع سنوات أو خمس سنوات, لِمَ يا عباد الله؟ حرامٌ والله أنْ نؤخِّر، قال رسول الله : ((إذا جاءكم مَنْ ترضون دينه وخُلقهُ فزوّجوه, إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفسادٌ كبير)).
سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه لمّا مات زوج ابنته حفصة وهو السكران بن عمرٍ رضي الله عنه, فانقضت عدتها ما مكث عمر بن الخطاب في بيته يقول: أنا الشريف القرشي, أنا الأميرُ العدوي, أنا عمر بن الخطاب, فليأتِ الخاطب متى يأتي. لا والله، سعى في تزويج ابنته, سعى إلى الرجال الصالحين, سعى إلى المؤمنين الطيبين, ذهب إلى أبي بكر قال: يا أبا بكر، إنْ شئت زوّجتك حفصة، فسكت أبو بكر. ذهب إلى عثمان فقال له: يا عثمان، إن ْشئت زوجتُك حفصة، قال عثمان: لا حاجة لي فيها. يأتي عمر رضي الله عنه مهمومًا مغمومًا, وهكذا الرجل الصالح يكون مهمومًا مغمومًا بأمر ابنته, يُريد تزويجها, يريد لها أنْ تعيش في كنف رجلٍ صالح, في بيتٍ طيّب, يريد لها الإحصان والعفاف, يريد لها الاستقامة والصلاح, جاء عمر مهمومًا مغمومًا, فلقيه الرؤوف الرحيم الرسول الكريم عليه مِن الله أفضل الصلاة وأتم التسليم فقال له: ((ما شأنُك يا عمر؟)) قال: يا رسول الله، عَرضتُ حفصة على عثمان فأبى, وعرضتها على أبي بكر فسكت، فكنت على أبي بكر أوجد مني على عثمان، فقال له رسول الله : ((يتزوج حفصة مَنْ هو خيرٌ مِنْ عثمان ـ يعني نفسه عليه الصلاة والسلام ـ، ويتزوج عثمانُ مَنْ هي خيرٌ مِنْ حفصة)) يعني ابنته أمُّ كلثوم رضي الله عنها, فتزوج النبي عليه الصلاة والسلام حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وصارت أمًّا للمؤمنين وزوجة للنبي الكريم عليه الصلاة والسلام.
أيها المسلمون عباد الله، هؤلاء قدوتنا, أسوتنا, ما ينبغي أنْ نُعسّر الأمر, وأنْ نضع الشروط, وأنْ نتشدد ونتنطّع لأننا إنْ لم نفعل, إنْ لم نُيسّر هذا الزواج تكون فتنة في الأرضِ وفسادٌ كبير, مِنْ جنس ما نرى, فتنة في الأرض وفساد كبير، زواجٌ عُرفي, زنًا صريح, كثرة لُقطاء.
يُحدثني بعض من يقوم على دار الأيتام أنّه في الشهر الذي مضى وحده ثمانية وخمسون من الأطفال اللُقطاء في دار رعاية الأيتام ماتوا نتيجة سوء التغذية وقلّة الرعاية, مِنْ أين هؤلاء الأطفال اللُقطاء؟ مِنْ أين أتوا؟ مِنْ جهة أنّ رجلاً فاجرًا لقي امرأة فاجرة, فوضع فيها بذرة حرامًا وأراق ماء الحياة على غير وجهه, فكانت هذه الثمرة التي ستشكو إلى ربها ظلم العباد.
نسأل الله أنْ يردّنا إلى دينه ردًا جميلاً, نسأل الله أن يردّنا إلى دينه ردًّا جميلاً، وأنْ يُحصّن فروجنا, وأنْ يستر عوراتنا, وأن يحفظ بناتنا, وأن يصون أعراضنا, وأنْ يصرف عنا شرّ كلّ ذي شرّ هو آخذ بناصيته, والحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله ربّ العلمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين, وأشهد أن لا إله إلاّ الله إله الأولين والآخرين, وأشهد أنّ سيّدنا ونبينا محمدًا عبدُ لله ورسوله النبي الأمين, بعثه الله بالهدى واليقين, لينذر من كان حيًّا ويحق القولُ على الكافرين, اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى إخوانه الأنبياءِ والمرسلين وآل كلٍ وصحب كلٍ أجمعين, وأحسن الله ختامي وختامكم وختام المسلمين وحشر الجميع تحت لواء سيد المرسلين.
أما بعد: أيها المسلمون، عباد الله، فاتقوا الله حقّ تُقاته، وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].
واعلموا ـ أيها الإخوة في الله ـ أنّ مِن الأسباب التي أدت إلى شيوع هذه الظاهرة وتفشي هذا الأمر الخطير ما هو حاصلٌ من اختلاطٍ للذكور بالإناث في الجامعات, في المؤسسات, في الوزارات, في الشّركات, في وسائل المواصلات, في غير ذلك مِن المرافق والخدمات، الرجال مع النساء، ترتفع الكُلفة ويزول الحجاب, ويحصل ما حرّم الله عز وجل مِن أصنافٍ كثيرة وأنواعٍ شهيرة مِن زنا أو زواجٍ عُرفيٍ أو غير ذلك, فالاختلاط درجة أُولى في سُلّم الفساد, ينبغي أنْ يُمنع وأنْ يُحال بين الناس وبينه، كما فعل سيّدنا رسول الله ؛ جعل للنساء في الصلاة صفوفًا, وللرجال صفوفًا, جعل للنساءِ بابًا، وللرجال بابًا, وأمر بالمباعدة بين أنفاس الرجال والنساء.
أيضًا مِنْ الأسباب التي أدت إلى هذا المنكر هذه المسلسلات وهاتيك الأفلام وتلك المسرحيات والتمثيليات التي تُعرض على الناس فتُزيّنُ الفاحشة وتُشيعها في الذين آمنوا, هذا سببٌ عظيمٌ من أسباب الفساد.
ثم مِن الأسباب كذلك أنّ الناس قد أماتوا سُننًا عظيمةً سنّها رسول الله , أماتها الناس وضيّعوها. مِنْ سنّة رسول الله تيسير الزواج, من سنّة رسول الله أنّه لا مانع مِنْ أنْ يعرض الرجل ابنته على الرجل الصالح الذي يرجو برّه ويرجو خيره ورِفدَه. ومن سنن رسول الله أن يتزوج الرجل اثنتين وثلاثًا وأربعًا, حارب الناس ذلك عن طريق المسلسلات والقَصَصِ والحكايات والكتب والمجلات والنّكات التي تتداولها الألسُن, حاربوا سنّة التعدّد التي أمر بها رسول الله ، بل أمر الله بها في كتابه: فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَاء مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَواحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:3], حارب الناس هذه الشريعة فأبدلهم الله عز وجل بهذه الأحوال الوضيعة, هذه الأحوال التي يضجّ مِنها الناس ويتألمّون منها, لكنهم لا يستطيعون لها علاجًا, العلاج في شرع الله, العلاج في دين الله.
وإيّاك يا عبد الله، وإيّاك أيها الشاب أنْ تبدأ حياتك الزوجيّة بمعصية الله عزّ وجل. كثير مِن الناس إذا بدأ حياته الزوجيّة يبدأ باختلاط وغناءٍ فاحشٍ وموسيقى يتأذى مِنها الجيران والخلان والأصحاب. كثيرٌ مِن الناس يبدأ حياته الزوجية بمصاريفَ باهظة ونفقاتٍ عالية وديونٍ قاتلة, ثم بعد ذلك يبدأ في الشكوى حيث لا تنفعه الشكوى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبّ لِمَ حَشَرْتَنِى أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذالِكَ أَتَتْكَ ايَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذالِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى [طه:124-126]. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أيها الناس، لا تغالوا في المهور, فإنها لو كانت مكرمةً في الدنيا أو منزلةً في الآخرة, لكان أولى الناس بها نبيكم , ما تزوج إحدى نسائه على أكثر مِن ثنتي عشرة وقيّة)، أكثر نسائه أم حبيبة رضي الله عنها، كان مهرها اثنتي عشرة وقية, وكانت البساطة والزهد السمة الغالبة, يخطب رسول الله أمّ سلمة فتقول له: يا رسول الله، ليس أحدٌ مِن أوليائي شاهد، يقول لها: ((ليس مِن أوليائك شاهدٌ ولا غائبٌ إلا ويرضى هذا الزواج))، لن يرفضه أحد ولن يأباه أحد، ماذا تقول أم سلمة رضي الله عنها؟ تقول لولدها، لصغيرها عمر: قم ـ يا عمر ـ زوّج رسول الله . ما باشرت العقد بنفسها رضي الله عنها, وفي الوقت نفسه ما تنطعت وقالت: لا حتى يحضر العمّ مِن السفر وحتى يأتي الأب مِن كذا، قم ـ يا عمر ـ زوج رسول الله .
لمّا خطب أبو طلحة الأنصاري أم سليم رضي الله عنهما قالت أم سليم: يا أنس، قم زوج أبا طلحة، تقول لولدها أنس: يا أنس، قم زوّج أبا طلحة. هكذا كانت أمورًا يسيرة, حياةً مضبوطة بضوابط الشرع, فأثمرت خيرًا كثيرًا في العاجل والآجل, وما زلنا نتفيأ تلك الظلال الوارفة, ظلال أصحاب محمدٍ الذين اتبعوا سنته, وعظّموا شريعته, فكانوا أبرّ هذه الأمة قلوبًا, وأعمقها هديًا, وأقلها تكلُّفًا, فاتّبعوهم ـ أيها المسلمون ـ لعلكم تفلحون.
ــــــــــــــــــــــــ
...
مخاطر تهدد المجتمعات الإسلامية
تتناول الدكتورة عبلة الكحلاوي عميدة كلية الدراسات الإنسانية ببورسعيد في هذا الحوار العديد من التحديات التي تواجه شبابنا وأطفالنا وسبل التربية الصحيحة المطلوبة لدعمهم ومساعدتهم على مواجهة الأخطار المحدقة بهم من فضائيات عربية واجنبية وإنترنت ومواقع إباحية كما تتناول أيضا محتويات قنوات التلفاز العادية.
وما تحتويه من كرتون يشكل هوية الناشئ الصغير ووضعت ملامح استراتيجية المواجهة حيث ان لها العديد من الدراسات في مجال حماية النشء والأجيال القادمة من خطر التحديات الأخلاقية والثقافية الوافدة، كما لمست مشكلة العنوسة وحذرت من خطورتها ودعت الى مواجهتها قبل ان تستفحل وتهدد كيان مجتمعاتنا العربية والإسلامية.. وغير ذلك من قضايا في هذا الحوار.
ـ في ظل الهجمة الأميركية الشرسة التي تزحف على المنطقة كلها ثقافيا وفكريا كيف السبيل لحماية أبنائنا من هذا الغزو الثقافي الجارف؟
ـ التربية الإيمانية وغرس الوازع الديني في نفوس الأطفال وهم في عمر الزهور وهم عجينة غضة طرية هو الأساس الذي يعتمد عليه الشاب في الصمود أمام تحديات الغزو الثقافي والفكري الوافد علينا من الغرب، وهي بمثابة الحصن المنيع لهم؛.. فشباب اليوم هم شباب الانترنت والكمبيوتر ولا يقتنع ابدا بالاساليب القديمة التي تعتمد على القسوة والضرب والعنف او بأساليب التلقين فهي لا تناسبهم..
بل أن المثل القائل (إن كبر ابنك خاويه ) فنحن نطبق هذا المثل منذ الصغر وليس الكبر ولذلك يجب على الآباء محاورة أبنائهم وكذلك مساعدتهم في اختيار أصدقائهم والتعايش معهم في هذه المرحلة بالرفق لان الرسول صلي الله عليه وسلم قد جعل الرفق ضرورياً في كل شيء.
وعليهم الابتعاد عن أسلوب اللوم والقسوة والتوبيخ لان مثل هذه الأساليب تؤدي إلى التمرد والانحراف وترك البيوت فعلينا أن نجلس معهم ونحدد معهم أسبوعا أو يوما للقائهم للمناقشة في مستجدات العصر ونستمع إليهم ونشعرهم بثقلهم ومكانتهم ومدى تحملهم المسئولية، وإدراك أهمية أن أسلوب التربية التي آمر بها الإسلام بالنسبة للأبناء حتى تقوم علي أركان أهمها تنوع هذه التربية من تربية روحية وبدنية وعقلية.(48/10)
فضلا عن أن الله سبحانه وتعالى يوجه نداء إلى الآباء بقوله (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة)، كما أن واجب التربية موزع بين الأب والأم فلا ينبغي أبدا أن يهمل احدهما في واجبه نحو أبنائه ويعتمد علي الطرف الآخر كما يحدث الآن في أسرنا المسلمة حيث يغيب الأب عن دوره في كثير من الأحيان نحو رعاية أبنائه بحثا وراء الرزق وتحسين مستوى معيشته وأحيانا الأم نتيجة الظروف المادية والاضطرارية فإنها تترك أبناءها بدون رعاية وتوجيه.
ـ ما هي خطورة الكرتون الأجنبي على المنظومة القيمية للأطفال؟
ـ إن وسائل الإعلام الجديدة (New media) تقدم معلومات غزيرة وتفتح للطفل آفاقاً جديدة حول العالم وحول الثقافات المختلفة ، وكذلك تمده بأساليب حياتية مغايرة ومتميزة ومختارة وفي بعض الأحيان تقدم لنا اقتراحات مساعدة عن كيفية إتمام وإنجاز أشياء لم تقم بها من قبل. وكذلك يتعلم الطفل طرقا جديدة للعب وكذلك قواعد التنظيم والتخطيط وغيره.
ولكن احتمالية تعرض المشاهد الصغير (young audience) للمضامين غير الآمنة هي احتمالية واسعة النطاق ولا نستطيع إغفالها، فلقد أصيب هذا الجيل بأزمة قيمَّية ينعكس صداها على سلوكهم اليومي في مناحي حياتهم ونستطيع أن نرسم ملامح هذا التأثير على النحو التالي.
أن مادة الرسوم المتحركة تعد بمثابة الوجبة الإعلامية الشهية للصغار وأنها تأتي في طليعة مشاهدات الصغار فقد وجدت إحدى الدراسات أن متابعة الأطفال للرسوم المتحركة تقدر بحوالي عشرة آلاف ساعة بنهاية المرحلة الدراسية المتوسطة وقد تهدف هذه الأفلام الكرتونية أحياناً إلى زعزعة عقيدة الطفل في خالقه والعياذ بالله.
وكذلك تعليم الأطفال أساليب الانتقام وكيفية السرقة وكل ما يفتح لهم الآفاق للجريمة.
فمثلاً الطفل الذي يغرس حبة فتنمو شجرة تكبر وتكبر حتى تبلغ السماء فيصعد الصغير عليها وفي السماء يرى قصراً كبيراً ، ثم يشاهد رجلاً قبيح الصورة كثيف اللحية توقظه الجلبة التي يحدثها الصغير عند مروره بالقصر فيستشيط غضباً ويظل يلاحق الصغير وينزل وراءه على الشجرة، فبتناول الصغير كوباً من العصير يحتوي على منشطات حيوية مصنعة فيشعر بالقوة.
ويتعقب صاحب القصر حتى يجبره على الفرار منه والصعود إلى السماء مرة أخرى عن طريق الشجرة وهنا يترك المسلسل تساؤلات عديده وعلامات استفهام فيسأل الطفل من هو الله؟ ولماذا يصور المسلسل هذا الشخص الذي يعيش فوق السماء بهذه الصورة المنفَّرة، في الوقت الذي يصور فيه ميكي ماوس على أن له قدرات خارقة ينزل المطر، ويصنع الخير ويدبر المكائد ويقطن السماء والسحاب؟!
ـ ما هي الآثار السلبية لما تبثه الفضائيات الغربية والمواقع الإباحية التي تقتحم علينا بيوتنا على المنظومة الأخلاقية لشبابنا المسلم وسبل مواجهتها؟
ـ نحن لا نعجب أن رأينا أفانين العقول الأخرى تزحم الأسواق العربية الإسلامية بصناعات رديئة وربما لها أثرها المدمر على الشباب والأطفال، كذلك مشاهدة القنوات الإباحية أو الإيحاءات الجنسية تؤدى حتماً إلى مخاطر وخاصة بين الشباب الصغار والأطفال حيث تنمي فيه الرغبة قبل أوانها فلا تعجب عندما نسمع عن صبي واقع أخته مقلداً ما يشاهده.
وناهيك عن انتشار الشذوذ واللواط بين بعض هؤلاء الصغار، وكل هذه العوامل تؤدي إلى تدمير البراءة في نفس الطفل العربي فهو يعيش ويمتزج بواقع غير واقعه وحياة غير حياته، بينما تقوم الأسرة والمدرسة بتعليمه وتثقيفه بمادة ثقيلة متناقضة لا تتناسب مع تطَّلعاته التي نمت من جراء هذه المشاهدات.
وخير وسيلة لمواجهة ذلك إنما يأتي من خلال محاولة جادة لوضع الوجبة الإعلامية الدينية تحت دائرة الضوء، حيث نجد أن الطفل العربي المسلم يتعرض في عالمنا المعاصر لبعض البرامج ذات التوجه الديني التربوي لتفعيل المادة الدينية وإعطائها البعد الواقعي المعاش والتي قد تتميز بالابتكار.
ولكنها تحتاج للمزيد من الجهد الفني والابتكاري لتواكب الوجبة الإعلامية الإلكترونية التي تعود عليها الطفل عبر الفضائيات والأنترنت، الأمر الذي يقتضي أن يأتي الخطاب الديني الإعلامي الموجه للشاب والطفل المسلم على النحو المقبول والجذاب.
وذلك يتطلب إما أن يقدم في صورة دراما يشارك في إعدادها الأطفال تبرز معنى قيميا وتحث على الإتيان بسلوك محمود ومثال ذلك ما تعرضه قناة اقرأ من حين لأخر، وكذلك بعض القنوات المحلية والفضائية، أو يقدم بصورة معروض كرتوني تقليدي يهدف إلى إيصال المعنى التربوي الديني للصغير بأسلوب يفهمه وتترجمه خريطته الإدراكية بصورة حسية فنية رشيقة حيث يلتحم هذا العرض الكرتوني مع خبرة الطفل الاتصالية السابقة.
ومثال ذلك ما تعرضه قناة اقرأ وقناة المجد وكذلك بعض الفضائيات، أو ربما يقدم في صورة عرض متحرك مبتكر، وهو عرض جذاب ومميز ويقدم هذا المنتج الإعلامي القصص الدينية بصورة مشوقة مع عرض لأهم الأحداث ذات الأثر التربوي للموضوع ومثال على ذلك قصص الأنبياء التي تناولتها الفضائيات وكذلك القنوات المحلية ثم قدمتها الأشرطة الممغنطة. وبذلك تزداد فرص المشاهدة المنفردة والمتكررة وبالتالي يزداد ارتباط الطفل بالقصة والعبرة من القصة. وعلى الرغم من هذه المحاولات الجاّدة والمتنوعة والتي لها أثرها على المتلقي الصغير، إلا أنها لم تحظ بالذيوع الواجب ،هذا فضلاً عن أن هذه المحاولات لا تواكب الكم المذهل الغزير الوافد، فضلا عن ان المعروض المقدم يفتقر إلى نواحي الإبداع التقني.. فإن سلم الهدف ووضحت الفكرة لم تسلم الطريقة الفنية للعرض.
ـ هل ترى الدكتورة عبلة خطورة لوسائل التكنولوجيا الحديثة من تلفاز وفضائيات وكمبيوتر وغيرها على أطفالنا وكيف يمكن تفادي ذلك؟
ـ في دراسة أخرى أجريت في إحدى الدول الأوروبية أثير فيها مدى تأثر الأطفال الجسماني والنفسي بالمشاهدات المتلفزة وبالألعاب الإلكترونية، واتبعت الدارسة أسلوبا لطيفا وذلك من خلال المرور على البيوت وعرض المخاطر على الآباء وحثهم على تقليل وقت المشاهدة، وكذلك عرضت عليهم تدريبهم على المهارات اليدوية بتقديم أدواتها وطريقة تشغيلها وقدمت جوائز عينية ونقدية لكل أسرة تنجح في تنمية مهارات أبنائها.
وذلك بلا شك يؤكد أننا على حق.. فللكتاب دوره في منح المعلومة المستقرة وأيضاً في تنمية الملكيات الأدبية والشعرية تلك التي لا تترك آثارها إلا بالقراءات المتنوعة.. فالعلم تراكمي، من هنا يمكن أن نفسر لماذا تفوق ابن القرية أو ابن العامل البسيط على نظيره من أبناء الوفرة وخاصة في المراحل الدراسية الحاسمة..
الإعدادية والثانوية، بل نجد هؤلاء الذين لم يجعلوا للوسائل الإلكترونية سلطانا عليهم إلا بقدر، فضلا عن أنهم أيضاً الذين حرصوا على أعمال العقل والتفكير.. إذ لم تعرف الوجبات الدسمة الشهية الجاهزة طريقها إليهم ، عبر الأسلاك أقول نجدهم قد برعوا في ابتعاث الحياة والروح في العالم الذي كادت أن تصعقه الوسائل المكهربة، إنهم يعبرون المستحيل على ظهور وريقات صفراء وبيضاء لكنهم يصلون وقد طيبهم ملح الأرض وشمس الحقيقة وفجر الصباح.
ـ العنوسة... مشكلة كبيرة تهدد الامة العربية والإسلامية من خلال تأخر الشباب في الزواج... كيف ترون حل هذه المعضلة في عالمنا الإسلامي؟
ـ هذه المشكلة يختلف أسبابها من بلد إلى أخرى وهي مشكلة خطيرة يمكن أن تأكل المجتمعات العربية والعنوسة فيروس يهدد بانقراض الأمة الإسلامية... ففي دول الخليج مثلا الظاهرة ترجع إلى العصبية القبلية وإلى عدم الاعتداد بالمرأة في إبداء رأيها فيمن ستتزوجه.
وعدم تحقق شرط الكفاءة في السن والمستوى العلمي، فضلا عن أن البعض منهم ينظرون للمرأة على أنها مخلوق يجب أن يطيع لا أن يُطاع ولذلك لا ينظرون إلى إنسانيتها، أما عندنا في مصر وبعض الدول العربية الأخرى فالمشكلة ترجع إلى أسباب إقتصادية قاهرة تمنع الشباب من أن يكون له وظيفة أو مسكن تفقده القدرة على «الباءة» التي وضحها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنها أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) فالباءة هي أساس الزواج. كما أن وجود الخلافات الزوجية داخل محيط الأسرة التي تنشأ فيها الفتاة تجعلها تفكر ألف مرة وتحجم عن الزواج والارتباط خشية تعرضها لما تعانيه والدتها وقريباتها وزميلاتها.
أضف إلى ذلك أن تسهيل بعض الأباء في تزويج أبنائهم الذكور مبكرا وعلى نفقتهم الخاصة يجعل الابن غير مقدر لمسئولية تكوين أسرة، فالأب يسافر ويغترب ليؤمن حياة كريمة وزواج لأبنائه ويأتي بالشقة والمهر ويسلم ابنه الشقة جاهزة دون أن يتعب الأخير فيها ولم يقدر المسئولية فكما نعرف كلنا أنه هناك تأخير في الزواج فهناك أيضا تبكير في الطلاق ولذلك وجدنا أيضا في أيامنا ظاهرة الطلاق المبكر التي تستشري في المجتمعات العربية وترجع لسوء الاختيار - عدم تحمل الشباب للمسئولية مما زاد في مشكلة العنوسة.
ـ ما هي طرق حل مشكلة العنوسة خاصة مع وجود حالات زواج المسيار ـ المتعة ـ العرفي ـ الانترنت؟
ـ مواجهة هذه المشكلة والقضاء على هذه الظاهرة يكمن في القدرة على تخفيف الأعباء الاقتصادية التي يعاني منها الشباب حديث التخرج والعامل معا، وتوفير فرص العمل للشباب بقدر الإمكان إضافة إلى أهم بند في هذه المسألة وهو تسهيل أمور الزواج لدى الآباء والأبناء بعدم المغالاة في المهور، وعدم المغالاة في تكاليف الزواج، وعدم الجري وراء العادات والتقاليد البالية والقائمة على النفاق الاجتماعي في أساسها؛.
وإدراك خطورة غلق أبواب الحلال أمام شبابنا وفتياتنا بالتمسك بهذه الأمور السيئة التي ذكرناها من مغالاة في المهور وخلافه،.. والعلم بان عدم القدرة على تيسير سبل الزواج الصحيح يجر الشباب إلى نهج سلوك خاطئ والانحراف بالوقوع ضحايا من خلال زيادة حالات الزواج العرفي او زواج الدم، أو الهبة أو زواج الشفايف والكاسيت.. وغيرها من الممارسات المنحرفة.
وكل ما نسمعه الآن هو نتاج ما حدث لنا كمسلمين بعد أن بعدنا عن الدين الحنيف وغالينا في مهور بناتنا وأبنائنا مما جعل ظاهرة العنوسة تستشري في عظم الأمة الإسلامية.
ــــــــ
المصدر: موقع حوارات hwarat.osrty.com
ــــــــــــــــــــــــ ...
الزنا من أكبر الكبائر
... إن كثرة الكلام على الإجهاض و إثبات النسب و انتشار اللقطاء و أولاد الزنا من نتاج الحريات المزعومة ، و من لوثة تقليد الغرب و متابعته حذو النعل بالنعل ، و رغم سهولة ارتكاب الفواحش إلا أننا نسمع عن زيادة جرائم الاغتصاب ، و التي تتم في وضح النهار و على مرأى ومسمع من الخلق !! و كأن الحرام السهل ما عاد يشبع الشهوات البهيمية المتأججة ، و هذا نتاج البعد عن منهج الله .
و ماذا يتصور أن ينجم من وراء الأغاني و الرقصات و الأفلام و الموضات الخليعة؟
الاختلاط وثمراته النكدة
إن شيوع الاختلاط في المدارس و الجامعات و أماكن العمل و البيوت بزعم الصداقة البريئة قد أدى إلى انتشار الرذائل والقبائح و زيادة حالات الزواج العرفي و النكاح بدون ولي ، فالمرأة يزوجها الولي ، و الزانية هي التي تزوج نفسها ، بل ساعدت الأعراف الفاسدة و دخول ابن العم و ابن الخال و أخي الزوج و الجار و الصديق على المرأة بمفردها على كثرة صور الخيانة ، فما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ، و الحمو الموت.
الإعلام والدور القذر
ولا نغالي لو قلنا : إن نشر الفواحش و القبائح على الملأ من خلال وسائل الإعلام المختلفة ،ومن خلال الأفلام الهابطة وأغاني الفيديو كليب الساقطة الماجنة، والصور الخليعة في الجرائد السيارة وعلى أغلفة المجلات المختلفة، والحط من شأن الأتقياء ، و رفع شأن المتهتكين والمتفحشين مما ساعد على ذلك ، بحيث صار البعض يتباهى بارتكاب الزنا و أصبح الجنس والغريزة أدباً و فناًَ !! "و ما ظهرت الفاحشة فى قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ..... " (رواه ابن ماجة و الحاكم و صححه الألباني).
و لذلك لا يستغرب انتشار الإيدز و الزهري و السيلان ..وغيرها من الأمراض الفتاكة عقوبة من الله تعالى لمن تساهل في هذه الفاحشة.
تعريف الزنا وحكمه
الزنا هو وطء المرأة من غير عقد شرعي ، و هو من الكبائر باتفاق العلماء ، قال تعالى: ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الإسراء:32).
و قال سبحانه: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً) (الفرقان:68).
و قال: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (النور:2) .
و قد بدأت الآية بالزانية قبل الزاني لأن الزنى من المرأة أفحش .
الزنا بحليلة الجار
و أفحش أنواعه الزنا بحليلة الجار؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله ندا وهو خلقك" فقلت: ثم أي؟ قال : " أن تزاني حليلة جارك" (رواه أبو داود، وصححه الألباني) .
و الزنا أكبر إثماً من اللواط ؛ لأن الشهوة داعية إليه من الجانبين فيكثر وقوعه و يعظم الضرر بكثرته ، و لما يترتب عليه من اختلاط الأنساب ، و بعض الزنا أغلظ من بعض ، فالزنا بحليلة الجار أو بذات الرحم ( كالأخت و البنت و العمة .... ) أو بأجنبية فى شهر رمضان ، أو فى البلد الحرام فاحشة مشينة ، و أما ما دون الزنا الموجب للحد فإنه من الصغائر إلا إذا انضاف إليه ما يجعله كبيرة كأن يكون مع امرأة الأب أو حليلة الابن أو مع أجنبية على سبيل القهر و الإكراه .
حد الزنا
و الزاني البكر يجلد مائة و يغرب عاماً ( أي يبعد عن بلدته)، أما المحصن ( الذى سبق له الزواج ) فحكمه الرجم ، ولابد في ذلك من الإقرار أو شهادة أربعة شهود ؛ إذ الشرع لم يتشوف لكثرة عدد المحدودين والمرجومين.
ضوابط لابد منها
هناك ضوابط لابد من مراعاتها عند الحديث عن جريمة الزنا وإثباتها وبالتالي إفامة الح ، ومن هذه الضوابط:
أنه لا يصلح الإكراه لانتزاع الاعتراف ، كما يجوز للإنسان أن يستر على نفسه و يتوب إلى ربه ويكثر من الحسنات الماحية للخبر:" اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عز وجل عنها، فمن ألم فليستتر بستر الله عز وجل، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله "، و لقول النبي صلى الله عليه و سلم لهزال الذي أتى بماعز الأسلمي لإقامة الحد عليه :" لو سترته بثوبك لكان خيراً لك ".(حسنه الألباني في الصحيحة) و يجوز التجسس لمنع وقوع الفاحشة ، لا لضبطهما متلبسين كما نقله ابن رجب عن الإمام أحمد ، و لو ضبط الرجل مع المرأة في لحاف واحد ، فهذا يستوجب التعزير لا الحد ، إذ لابد أن يكون الأمر كالرشا في البئر و الميل في المكحلة ، و أن يأتي منها حراماً ما يأتي الرجل من أهله حلالاً .
الزنا من أخبث الذنوب
و ما في الزنا من نجاسة و خبث أكثر و أغلظ من سائر الذنوب ما دون الشرك ، و ذلك لأنه يفسد القلب و يضعف توحيده جداً ، و لهذا كان أحظى الناس بهذه النجاسة أكثرهم شركاً ، و قال الذهبي : النظرة بشهوة إلى المرأة و الأمرد زنا ، و لأجل ذلك بالغ الصالحون في الإعراض عن المردان ( الشاب الوسيم الذى لم تنبت له لحية ) و عن النظر إليهم و عن مخالطتهم و مجالستهم و كان يقال : لا يبيتن رجل مع أمرد في مكان واحد ، و حرم بعض العلماء الخلوة مع الأمرد في بيت أو حانوت أو حمام قياساً على المرأة ، لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ". و فى المردان من يفوق النساء بحسنه فالفتنة به أعظم ...... اهـ
و الشذوذات التي تزكم الأنوف كثيرة ، بل بلغت الوقاحة و الجرأة بالبعض مبلغاً جعلته يطالب بإباحة اللواط و السحاق. و كان عمر بن عبد العزيز يقول : لا يخلون رجل بامرأة و إن كان يحفظها القرءان ، فلا يعتد بالنوايا الطيبة فمعظم النار من مستصغر الشرر ، ولابد في هذا وغيره من صحة العمل . و قد نهى الإسلام عن كل أنواع الزنا ، سراً كان أو جهراً و سواء كان احترافاً أو مجرد نزوة عابرة من حرة أو من أمة ، من مسلمة أو غير مسلمة ، كما نهى أيضاً عن الخطوات التي تسبقه و تؤدي إليه من نحو المخادنة و المصادقة ، و حرم الخضوع بالقول و سفر المرأة بدون محرم وغير ذلك من الأمور التي شرعها الإسلام لصيان الأعراض والأفراد والمجتمعات من هذه الجريمة النكراء.
العفة مطلوبة من الرجال والنساء
لو رجعنا إلى قول الله تعالى: ( محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ) " سورة المائدة : 5 " لوجدناه قد دعا إلى العفة الرجال كما دعا إليها النساء، قال ابن كثير : كما شرط الإحصان في النساء و هي العفة عن الزنا كذلك شرطها في الرجال ، و هو أن يكون الرجل محصناً عفيفاً و لذلك قال: " غير مسافحين " و هم الزناة الذين لا يرتدعون عن معصية ولا يردون أنفسهم عمن جاءهم ، ولا متخذي أخدان : أي ذوي العشيقات الذين لا يفعلون إلا معهم. اهـ.
الزنا كبيرة وهو درجات
لقد ذكر العلماء مراتب متفاوتة للزنا ، فالزنا بأجنبية لا زوج لها عظيم ، و أعظم منه بأجنبية لها زوج و أعظم منه بمحرم ، و زنا الثيب أقبح من البكر بدليل اختلاف حديهما ، و زنا الشيخ لكمال عقله أقبح من زنا الشاب ، و زنا الحر و العالم لكمالهما أقبح من زنا العبد و الجاهل ، و في الحديث: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم و لهم عذاب أليم : شيخ زان ، و ملك كذاب ، و عائل ( فقير ) مستكبر ". ( رواه مسلم)
و ورد : " إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم و يثبت الجهل و يشرب الخمر و يظهر الزنا ". (رواه البخاري و مسلم).
و المرأة إذا أكرهت على الزنا لا يزول عنها وصف البكر و تنكح بنكاح الحرة العفيفة ، قال تعالى: ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور: من الآية33).
المال المكتسب من الزنا
إذا تابت المرأة و عندها أموال اكتسبتها من الزنى فعليها أن تبادر بإخراجها إلا إن احتاجت هذه الأموال فى سداد دين أو نفقة واجبة كما قال ابن تيمية ، و تجوز الصدقة على الزانية لحديث الرجل الذي تصدق بصدقة فوضعها في يد زانية و أصبح الناس يتحدثون تصدق الليلة على زانية ، قال: اللهم لك الحمد على زانية ..... و في بقية الحديث: " أما الزانية فلعلها تستعف بها عن زناها ". (رواه البخاري و مسلم) .
و استحلال الزنا كفر بالله تعالى ، و عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "يا شباب قريش احفظوا فروجكم لا تزنوا ، من حفظ فرجه فله الجنة ". (رواه البيهقي و الحاكم و قال صحيح على شرط البخاري و مسلم).
و قال المسيح – عليه السلام – " لا يكون البطالون من الحكماء ، ولا يلج ( لا يدخل ) الزناة ملكوت السماء " . و قال أبو هريرة – رضى الله عنه – " من زنى أو شرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه " . فاللهم طهر القلوب و حصن الفروج و اهدنا سبل السلام و جنبنا الفواحش ما ظهر منها و ما بطن . و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ(48/11)
ـــــــــــــ
الزواج العرفي .. بدعة شبابية
انتشر بين بعض فئات الشباب في الآونة الأخيرة ظاهرة الزواج العرفي ووجدوا فيه طريقا ملتويا للوصول لأغراض جنسية محضة وغلف هؤلاء الشباب هذا الطريق الملتوي وغير الشرعي بحجج وأسانيد واهية لم يقنعوا بها إلا أنفسهم ووجدوا في هذه الأسانيد الواهية ستارا دينيا يريحون خلفه ضمائرهم الغائبة، وفي حقيقة الأمر فقد وقع هؤلاء في الإثم بعينه.
والخطير في الأمر أن إحصائية جديدة أعلنتها وزارة الشؤون الاجتماعية المصرية كشفت أن 255 ألف طالب وطالبة في مصر اختاروا الزواج العرفي، أي بنسبة 17% من طلبة الجامعات البالغ عددهم 5.1 مليون، وهو ما يعني أن الظاهرة أصبحت تحتاج إلى تدخل عاجل.
في السطور التالية نناقش أبعاد هذه القضية وموقف الشرع منها.
عن مشروعية الزواج العرفي يقول الشيخ عطية صقر عضو لجنة الفتوى وأحد أبرز علماء الأزهر: يطلق الزواج العرفي على عقد الزواج الذي لم يوثق بوثيقة رسمية، وهو نوعان: نوع يكون مستوفيًا للأركان والشروط، ونوع لا يكون مستوفيًا لذلك.
النوع الأول: عقد صحيح شرعًا يحل به التمتع وتتقرر الحقوق للطرفين وللذرية الناتجة منهما، وكذلك التوارث، وكان هذا النظام هو السائد قبل أن توجد الأنظمة الحديثة التي توجب توثيق هذه العقود.
أما النوع الثاني: من الزواج العرفي فله صورتان: صورة يُكتفى فيها بتراضي الطرفين على الزواج دون أن يعلم بذلك أحد من شهود أو غيرهم، وصورة يكون العقد فيها لمدة معينة كشهر أو سنة، وهما باطلان باتفاق مذاهب السنة.
وإذا قلنا إن النوع الأول صحيح شرعًا تحل به المعاشرة الجنسية، لكن له أضرارا، وتترتب عليها أمور محرمة منها:
1- أن فيه مخالفة لأمر ولي الأمر، وطاعته واجبة فيما ليس بمعصية ويحقق مصلحة والله يقول: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) [النساء: 59].
2- كما أن عدم توثيقه يعرض حقها للضياع كالميراث الذي لا تسمع الدعوى به بدون وثيقة وكذلك يضيع حقها في الطلاق إذا أضيرت، ولا يصح أن تتزوج بغيره ما لم يطلقها، وربما يتمسك بها ولا يطلقها.
ومن أجل هذا وغيره كان الزواج العرفي الذي لم يوثق ممنوعاً شرعًا مع صحة التعاقد وحل التمتع به، فقد يكون الشيء صحيحًا ومع ذلك يكون حرامًا، كالذي يصلي في ثوب مسروق، فصلاته صحيحة ولكنها حرام من أجل سرقته ما يستر العورة لتصح الصلاة.
وكذلك لو حج من مال مسروق فإن الفريضة تسقط عنه، ومع ذلك فقد ارتكب إثماً كبيرًا من أجل السرقة
فاسد وباطل !!
ويعلق الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق قائلا أن الزواج العرفي الذي يتم في الجامعات المصرية وغيرها من الأماكن فاسد وباطل ويخل بكل المبادئ والقيم الروحية ويؤدي إلي ضياع الأبناء وتشريدهم في المجتمع ولا تترتب عليه أي آثار شرعية ..
ويشير د . أحمد عبد الغني عبد اللطيف الأستاذ بجامعة الأزهر من خلال بحثه عن الزواج العرفي من الناحية الدينية إلي أن هذا النوع من الزواج يعتبر نوعا من أنواع الزنا لأنه لم تكتمل فيه أركان النكاح وفيه مخالفة لحدود الله ورسوله .. فوجود الولي ركن أساسي من أركان النكاح وقد قال صلي الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وعدم وجود الولي يجعل الزواج باطلا أصلا ويدخله في حيز الزنا ..
الموقف الاجتماعي
أما عن الموقف الاجتماعي من هذا الزواج فتقول الدكتورة مديحة مصطفي أستاذة تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان إلي أن الزواج غير الرسمي "العرفي" هو ظاهرة عصرية يلتقي فيها الرجل بالمرأة تحت وثيقة ورقية عليها شاهدان لكنها ورقة ليست فيها قوة وثيقة الزواج لأن وثيقة الزواج شيء مقدس تحترمه المحاكم والمؤسسات الحكومية والمجتمع إلي جانب أن الزواج الحقيقي يعتمد علي الإعلان والإشهار وإعلام المجتمع به وهو تحصين للمرأة وصيانة لشرفها وحقوقها .
وبالإضافة إلي ذلك فإن الزواج العرفي تنتج عنه آثار اجتماعية سيئة أهمها ضياع حقوق الزوجة حيث أن دعواها بأي حق من حقوق الزوجية لا تسمع أمام القضاء إلا بوجود وثيقة الزواج الرسمية معها .. كما أن الأولاد الذين يأتون عن طريق الزواج العرفي قد يتعرضون لكثير من المتاعب التي تؤدي إلي ضياعهم وإنكار نسبهم .. وأن الزوجة قد تبقي معلقة لا تستطيع الزواج بأخر إذا تركها من تزوجها زواجا عرفيا دون أن يطلقها وانقطعت أخباره عنها بالإضافة إلي ذلك فإن الزواج العرفي كثيرا ما يكون وسيلة للتحايل على القوانين كأن يقصد به الحصول علي منافع مادية غير مشروعة مثل حصول الزوجة علي معاش ليس من حقها لو تزوجت زواجا رسميا ..
أسباب عديدة
وفي دراسة أخري حول الإعلام والزواج العرفي قام بها د . أحمد يحيي عبد الحميد الأستاذ بكلية التربية جامعة قناة السويس أشار إلي أن الزواج العرفي يفتقد البيانات الدقيقة والمعلومات الصحيحة نظرا لأن هذا السلوك يتسم بطابع شخصي وخفي ولا يعلن عنه في المجتمع بالإضافة إلي أنه لا يقتصر علي فئة معينة أو طبقة دون أخري.
وقد أشارت بعض دراسات الحالة إلي أن هذه الظاهرة موجودة بين الشباب والكبار والفقراء والأغنياء والمتعلمين وغير المتعلمين ... شباب الجامعات والعمال والموظفين ورجال الأعمال .. وهذا النوع من الزواج يتم شفاهة أو بعقد شخصي بوجود شاهدين دون أي ضوابط قانونية أو حقوق شرعية وخاصة للمرأة .
وأشارت الدراسات إلى أسباب أساسية تكمن وراء انتشار الزواج العرفي أهمها فقدان التكامل العاطفي داخل الأسرة نتيجة انشغال الأب والأم وعدم اهتمامهما بسلوك الأبناء وتركهم وسائل الإعلام وجماعات الرفاق لتشكيل ثقافتهم الجنسية والزواجية .. وكذلك الظروف الاقتصادية والمادية التي تحول دون إقامة زواج شرعي وتوفير متطلباته من مهر وشقة وأثاث وخلافه , والكبت والحرمان الثقافي إلي جانب الحرية غير المسئولة سواء في الأسرة أو المدرسة أو الجامعة وضعف التثقيف الديني الذي يقوم به الإعلام تجاه هذه المشكلة وبالإضافة إلي ذلك فهناك أيضا التناقض الواضح والازدواجية بين الرموز والقيادات الإعلامية والدينية نحو الاتفاق علي خطورة هذا النوع من الزواج علي المجتمع , وكذلك الانفتاح الإعلامي أو التبعية الثقافية الإعلامية في ظل ثورة الاتصالات وانعدام الرقابة وزيادة البحث عن المجهول من المعرفة الجنسية .. خاصة أن الثقافة الزواجية والأسرية لا تحظى بالقدر الكافي من اهتمام ورعاية من وسائل الإعلام علي اعتبار أنها من المحرمات الثقافية .
المواجهة
وتقول نوال المغربي مدير عام إدارة الأندية الثقافية والاجتماعية بوزارة الشئون الاجتماعية المصرية إن ندوة عقدتها الوزارة توصلت إلى عدة توصيات أهمها ضرورة التوعية المستمرة والحوار المفتوح مع أبنائنا وبناتنا لتحذيرهم من مخاطر الزواج العرفي وتوفير الرقابة الأسرية للتعرف علي كل ما يقوم به الأبناء في أوقات فراغهم وعلي جماعة الرفاق المحيطة بهم .
ولما كانت مشكلة الزواج العرفي هي إفراز العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وأهمها مشكلة الإسكان فقد أوصت الندوة بالتكاتف لتوفير المسكن المناسب وخاصة مسكن الغرفة الواحدة بمرافقها، وكذلك ضرورة تنسيق الجهود بين الجهات والوزارات المعنية بقضايا الشباب وذلك بتفعيل دور مكاتب التوجيه الأسري بوزارة الشئون الاجتماعية .
وطالبت الندوة الجامعات والمؤسسات التعليمية المختلفة بأن تبادر بتوعية الشباب بمخاطر الزواج العرفي وبيان أنه مخالف للشرائع السماوية بكل المقاييس وبأن تشمل المقررات الدراسية توضيح أركان الزواج الصحيح بالإسلام والأديان السماوية الأخرى.
المهم في الأمر أن بعض شبابنا قد وقعوا في براثن هذه المشكلة (الفتيات علي وجه الخصوص ) وتركهن الأزواج معلقات لا يستطعن أن يتزوجن ولا يعرفن مكان الزوج وأصبحت مشكلة مترتبة علي وضع خاطئ وهو الزواج العرفي وتحتاج إلي حل وهذا ما جعل المشرع المصري يسارع لمواجهة هذه المشكلة وذلك عن طريق ما يعرف حاليا في قانون الأحوال الشخصية الجديد بالطلاق العرفي .
ــــــــــــــــــــــــ ...
زواج موسى عليه السلام وما فيه من دروس وعبر
...
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد :
آداب خروج المرأة
خرج نبي الله موسى - عليه السلام - من مصر خائفاً يترقب، خوفاً تمهدت أسبابه ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ )[القصص: 23]. فالمرأتان ذكرتا السبب الذي لأجله خرجتا، فلابد من السقيا، والأب كبير السن لا يقوي على ذلك، وعلى الرغم من ذلك، فقد تباعدتا عن مكان السقاة، وذلك لأن المرأة لا ينبغي أن تكون خراجة ولاجة، وإذا احتاجت للخروج لا بد من التأدب بالآداب الشرعية، والتباعد عن مواطن التهم والرب والشكوك، والنصوص في حقها تأمرها بالصبانة والتحفظ والتحجب والتستر، قال تعالى: ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى )[الأحزاب: 33]. وقال: (وَإذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )[الأحزاب: 53]. وقال: ( يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً )[الأحزاب: 32]. وقال: (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ )[النور:31].
وقالي تعالي مخاطباً نبيه الكريم والأمة في شخصه الكريم: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً )[الأحزاب: 59].
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها " فحدد بذلك مكانها , فإذا احتاجت للخروج فعليها أن تأخذ حواف الطريق , وتغض بصرها , وترتدى زيها الشرعي بحيث يضرب من الرأس حتى القدم , ويكون فضفاضا غير ضيق لا يصف حجم العظام ولا يشف ما تحته من البدن ولا يكون ثوب شهرة ولا زينة ولا يشابه مثل الرجال ولا مثل الكافرات, والمرأة لا تختلط بالرجال حتى في أماكن العبادة , فهي تطوف بالكعبة من خلف صفوف الرجال , وخير صفوف الرجال أولها وشرها أخرها , وخير صفوف النساء أخرها وشرها أولها وذلك في الصلاة، فالمباعدة بين الرجال والنساء من جملة المطالب الشرعية التي ينبغي أن نحافظ عليها في دور العلم ووسائل المواصلات .... وهي لمصلحة الرجال والنساء , إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم ما ترك فتنة أضر على الرجال من النساء , وثبت الخبر أن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في النساء ولا شك أن بليه هذه الأمة بالمرأة المتهتكة المتبرجة غاية في الخطر , لذا يحرص أعداء الإسلام على استدراجها إلى حتفها لتكون فتنة لنفسها وفتنة لغيرها وبزعم المطالبة بحريتها وبحقها في أن تكون رئيسة وقاضية.
ورفعت من أجل ذلك الشعارات مثل مشاركة المرأة للرجل في جميع ميادين الحياة , والمرأة نصف المجتمع , وإنصاف المرأة ....
وتنادى بعض هؤلاء بأنه لابد وأن نجعل المرأة رسولا لمبادئنا التحررية ونخلصها من قيود الدين , لقد أراد هؤلاء للمرأة أن تكون سلعة رخيصة معروضة على الملأ وأن تكون أداة لتحلل الأمة وانسلاخها من دينها بمثل هذه الشعارات البراقة المعسولة وإلا فهل ضاعت المرأة مع شرعة ربها , حتى يحفظ حقها الملاحدة الخبثاء !! وما كان ربك نسيا , فهو سبحانه البر الرحيم بالمرأة وبخلقه وبعباده , وليس الذكر كالأنثى , فالمرأة تحمل وترضع وتحيض وتنفس , وهي نصف المجتمع وتلد النصف الأخر , فلها دورها ومكانها ومكانتها المناسبة في الحياة , والحرية الحقيقية للرجل والمرأة في إقامة واجب العبودية والاستقامة على كتاب الله وعلي سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم، فلا حاجه لنا في استيراد الحريات العفنة المدمرة من الشرق أو الغرب ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً)[المائدة: ] إن جمال المرأة في حيائها لا في إبتذالها، والحياة خير كله ولا يأتي إلا بخير، والحياء والإيمان قرنا جميعاً فإذا رفع أحدهما رفع الآخر، وإن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولي إذا لم تستحي فافعل ما شئت "
وكانت المرأة لربما خرجت تسال عن صغيرها وهي منقبة، فّا روجعت في ذلك قالت ولأن أرزأ في ولدي خير من أرزأ في حياتي، فلذلك تباعدت المرأتان في مكان الرجال مع الحاجة لسقيا الماء .
أهمية التضرع والدعاء
ويحكي لنا القرآن ما كان من نبي الله موسي - عليه السلام: (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إلى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا)[القصص: 24 : 25]، مروءة وشهامة ورجولة من نبي الله موسي، وما ضاع العبد ولا خاب بطاعة الله، فقد تمت المصلحة، وقضي الأمر، دون مخالفة، سقي لهما نبي الله موسي، ثم أرجع حاجته لله ( تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير)[القصص: ] استشعر فقره، واشنكي حاله لخالقه ومولاه وهو الغني الحميد، الذي يجبر الكسير ويرحم الكبير ويقيل العثرات ويكشف الكربات ويقضي الحاجات، والإنسان لا يحتاج فقط لمطعم وملبس ومشرب ومسكن، فقد ابتلي بشهوة وغريزة يحتاج إلى تصريفها في الحلال، الرجل بحاجة لزوجه يسكن إليها لتعينه على نوائب الحق، والمرأة بحاجة لزوج تأنس به ليكون عوناً لها على طاعة الله، وحوائجنا جميعاً عنده سبحانه ففي الحديث القدسي: "يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك من ملكي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر" .
وسواء امتلك العبد معونة الزواج أو افتقدها فعليه أن يصنع صنيع نبي الله موسي، ويظهر فقره وضعفه إلى الله فمن الثلاثة الذين يعينهم الله، الناكح يبتغي العفاف، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه . يقول " عجباً لمن لم يلتمس الغني في النكاح والله يقول ( إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[النور : 32].
وانظروا لقيمة الدعاء في جلب الخيرات وتحقيق المطلوبات فما كاد نبي الله موسي يفرغ من قوله : (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا)[القصص: ]
عرض شعيب على موسى الزواج بابنته
قص نبي الله موسي على شعيب والد الفتاتين، ما كان منه بمصر فقال: (قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، فقالت إحدى الفتاتين: ( يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ )، وقال:( إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)[القصص: ]. عرض الرجل موليته أو ابنته على من يتوسم فيه الصلاح . وهو سنة الصالحين، وقد عرض عمر ابنته على أبي بكر وعثمان - رضي الله عنهم أجمعين - ولا بد من التدقيق في من يقع عليه اختيارنا، ولما سئل الحسن : من أزوج ابنتي ؟ قال : زوجها التقي النقي، فانه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يهنها " والكفاءة في الرجل معتبرة للصلاح والحرص على طاعة الله، وقد أدخل جمهور العلماء النسب والحرفة والغني والسلامة من العيوب ..
إن قوامة الرجل على المرأة ليس معناها التسلط والقهر، بقدر ما هي قوامة شفقة ورحمة وقيام على مصلحة المرأة .
لقد وقع اختيار الفتاة على القوي الأمين، وهو أحد أولي العزم من الرسل، واستن شعيب بسنة الصالحين، فمثل نبي الله موسي لا يفرط فيه حتى وإن كان فقيراً، فكان العرض، الذي لاقي قبولاً وارتياحاً من نبي الله موسي، فلا كبر ولا عجب ولا غرور، كما يفعل بعض من لا تقوي عنده، إذا تم عرض الابن عليه، وشأن المرأة أن تكون مطلوبة، فلا بد من المحافظة على هذا الأمر أثناء العرض أو التوفيق في الزواج، والمرأة لا تستكره على الزواج ممن لا تحب، وفي ذات الوقت لا تستقل هي في النظر، إذ لا بد من موافقة الولي، ففي الحديث " لا نكاح إلا بولي "، وأيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل، وهذا هو قول جماهير العلماء سلفاً وخلفاً، وبل لو زوج الأبعد في وجود الأقرب لم يصح تزويجه، إلا إذا عضلها ومنعها الأقرب من زواج الكفؤ، والمرأة لا تزوج نفسها، فالزانية هي التي تزوج نفسها، بل المرأة لا تزوج المرأة وإنما يزوجها الولي، وفي ذلك محافظة على حقوقها وماء وجهها، ومن هنا تدرك خطأ وخطر الزواج العرفي، التي تزوج المرأة فيه نفسها دون الرجوع للأولياء، وفي قصة نبي الله موسي رد بليغ على دعاة الحب والعشق والغرام قبل الزواج واعتبار ذلك مسألة لا يتم الزواج بدونها، وقد يترتب على ذلك معاشرة كمعاشرة الأزواج، وفضائح تزكم الأنوف قيل الخطوبة وبعدها !!! والكثرة من هؤلاء لم تتزوج وفق الهدي النبوي، وإنما جرياناً مع الأفلام وقصص العشق ووفق الحياة الغربية التعيسة .
أجري عميد أحد المعاهد الاجتماعية إحصائية على 1500 حالة زواج مبنية على الحب فوجدها فاشلة، ولا يتعجب من ذلك، ففساد الانتهاء من فساد الابتداء، والعبد إذا فسدت بدايته فسدت نهايته، وإذا فسدت نهايته فربما هلك إلا أن يتوب إلى الله والعلاقات الغرامية التي تحدث تقوم في الغالب على الغش والتكلف والتجمل والتزين بالباطل بل والكذب، ثم مع الوقوف على أرضية الواقع بعد الزواج تنتهي خياليات العشاق، حيث تنهمك الزوجة في الطبخ والكنس والاعتناء بالأولاد وقد تهمل نفسها وزينتها لزوجها، ويصبح المنزل بالنسبة للرجل عبارة عن فندق للأكل والنوم !!!! نعم لم ير للمتحابين مثل النكاح، ولكن لا بد من إعمال الضوابط الشرعية، فإن لم يتم الزواج فلا يصح التجني على الأطلال والهيام على الوجه والإنشاد في كلب الحارة التي تسكنها المحبوبة فهذا ضيع أصحاب القلوب الفارغة من محبة الله وذكره .
ولكي يكون الزواج مباركاً فلا بد من بدايات صحيحة فالمرأة تنكح لأربع لمالها وجمالها وحسبها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك، " وإذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " فما خاب من استخار الخالق واستشار المخلوق وينظر الرجل للمرأة إذا أراد خطبتها، وهي تنظر إليه لأنه أحرى أن يؤدم بينهما - أي يتم الوفاق - وتطلب من وليها، والخطوبة علاقة أجنبي بأجنبية، أي أنها مجرد وعد بالزواج، فإذا تم القبول عادت الحرمة كما كانت فلا يحق له النظر -إلا إذا كان لم يتحقق منها أول مرة - ولا يخلو بها ولا تخضع معه بالقول ولا تظهر زينتها له ...... ثم العقد بعد ذلك زواج إلا انه يفترق على البناء ( الدخول ) فالمعقود عليها لها طلقة واحدة - إذا وقعت تحتاج لمهر جديد وعقد جديد - أما المدخول بها فلها ثلاث تطليقات .
والمعقود عليها لها نصف المهر أما المدخول بها فلها المهر كاملاً، والمعقود عليها لا عدة عليها - أما المدخول بها فعليها العدة .
والدخول بالمرأة كحق في مقابله النفقة والسكنة، وهاأنت تري كيف تم زواج نبي الله موسي من ابنة شعيب، حيث آجر نفسه لإعفاف نفسه، وحسن الاختيار من الطرفين، وحدث التراضي بينهما وتم تحديد المهر، وانتفت المشقة والمغالاة والحرج، ووثقا الأمر والله على ما نقول وكيل ونحن نحتاج في زواجنا لشهادة وإعلان، إذ قد يخون الأمين، أو قد يموت ويأتي من بعده من لا يعرفون للأمانة طعماً، وتوثيق العقود اليوم - عند المأذون - هو لضمان وإثبات الحقوق ليس أكثر وإلا فالعقد يصح بدونه شرعاً- وقد ورد في الخبر إن أحق الشروط أن يوفي به ما استحللتم به الفروج .
وأحياناً يطلب الإنسان حقاً في الوقت الذي لا يؤدي الواجب عليه كمن يطلب الدخول بالمرأة بعد العقد في الوقت الذي لا ينفق عليها ولا يسكنها ويخل بالميعاد الذي اتفق عليه مع وليها في الدخول والبناء، ثم قد يموت عنها أو يطلقها ويتكتم أمر البناء، وقد تحمل منه ولا يجد مسكناً لها، ويتم إعلان البناء بعد أربعة أشهر مثلاً من الحمل ويفاجأ الناس بالوضع والولادة بعد خمسة أشهر مما يترتب عليه أذى ومضرة وعدم قدرة على رفع الرأس في وجوه المدعوين والخلق ويصيرون فتنة لكل مفتون فلا بد من مراعاة للضوابط والآداب الشرعية ومراعاة العرف الذي لا يصطدم بالشرع
الوفاء بشروط الزواج(48/12)
طوي عنا القرآن ما حدث بعد الاتفاق بين موسي عليه السلام وشعيب وانتقلت بنا الآيات إلى هذا المشهد ( فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُون ) القصص :29 فقد وفي عليه السلام لأبيها بما قطعه على نفسه والمسلمون عند شروطهم وبني بامرأته وتلمس من خلال العرض مدي شفقته وحرصه على أهله وفي الحديث : " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله " إن الزواج من أعظم الآيات ومن ثماره حصول المودة والرحمة ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ) الروم : 21 وهذا هو الزواج المبارك المبني على السنن وعلى تعظيم شعائر الله حتى وإن افتقد العلاقة والمحبة قبل الزواج فبإذن الله تتحقق الخيرات والبركات ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً ) مريم : 96 أي مودة يقذفها لهم سبحانه في القلوب ويبقي النظر في عواقب الأمور وتقدير المصالح التي تنجم من وراء الزواج وحتى إن لم تكن المحبة كهذه التي تحصل في القصص الغرامية
أتي رجل لعمر بن الخطاب يقول له إني أريد أن أطلق امرأتي قال له عمر ولما ؟ قال له لأني لا أحبها فقال عمر : وهل كل البيوت بني على الحب ؟ فأين الرعاية والتذمم.
ليس من المعاشرة بالمعروف كثرة التلويح بالطلاق، فالطلاق أحياناً يجب وأحياناً يستحب وقد يحرم أو يكره ولا يكون مباحاً مستوي الطرفين وورد في خبر ضعيف أبغض الحلال إلى الله الطلاق وقد يستنفذ الرجل الطلقات الثلاث فتبين منه زوجته بينونته الكبرى ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره فلابد من تقوي الله في هذا الميثاق الغليظ والبعض لا يجد وسيلة لتأديب امرأته إلا تهديدها بالزواج عليها بأخرى حتى أصبح التعدد أمراً مخيفاً من جراء سوء السلوك والتصرف إن لنا في رسول لله أسوة حسنة فهو خير الأزواج لنسائه صلي الله عليه وسلم ورضي الله عنهن ما مست يده امرأةً ولا خادماً ولا دابة إلا أن تنتهك محارم الله، كان في خدمة أهله يسابق أم المؤمنين عائشة ويعدل بين نسائه في النفقة والسكني والمبيت- .... نحتاج لبيوت تؤسس على تقوي الله وعلى معاني الإيمان في الغضب والرضا والعسر واليسر، فهنا ينشأ ويترعرع الأبناء فتتواصل معاني الهداية ويظهر أشباه أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وخالد والمقداد والقعقاع وصلاح، يجدد بهم سبحانه دينه ويعلي بهم كلمته ويملئون الأرض عدلاً بعد أن ملأت ظلما ًوجوراً ويتم على أيديهم فتح بيت المقدس والانتصار على اليهود وما ذلك على الله بعزيز، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين
ــــــــــــــــــــــــ
زواج الكاسيت.. شقق مشتركة وحفلات في الكافتريا
... تعددت صور الزواج العرفي في مصر وأخذت أشكالاً مختلفة من التحايل على المجتمع والقانون. آخر هذه الصور كشفته الشرطة مؤخرًا بعد القبض على مجموعة من الشباب والفتيات اخترعوا طريقة جديدة للزواج تعرف بـ "زواج الكاسيت". وقد كشفت الشرطة هذا الأمر حينما اقتاد أحد الضباط شابين وفتاتين تم ضبطهم في أوضاع مخلة بالطريق العام، وكانت المفاجأة عندما أعلن هؤلاء في محضر الشرطة أنهم متزوجون.
وبالسؤال عن قسيمة الزواج أخرجت إحدى الفتاتين شريط كاسيت وألقته في وجه الضابط وقالت: " هذا هو قسيمة زواجي من ع.ل" وهو الشاب الذي ضبط معها وبنفس الطريقة أعلن الشاب الآخر والفتاة التي برفقته عن زواجهما أيضاً.
وتضيف الفتاة الثانية أنها مقتنعة بشرعية زواجها من "م.أ" الذي ارتبطت به عاطفيًّا منذ دخولها الجامعة، وحاولا ترجمة هذه العاطفة إلى معاشرة في الحلال، لكن الظروف كانت حائلاً بينهما، فهما مازالا طالبين، مما اضطرهما للبحث عن مبرر شرعي، وذلك من خلال اتباع الطريقة التي لجأ إليها "م.أ" و " ع.ع" وهي الزواج عن طريق شريط الكاسيت.
القائمة طويلة ومخاطر كبيرة:
وتكمل المتهمة الثانية أنها ليست الأولى التي لجأت لهذه الطريقة، فهناك قائمة طويلة عريضة من الطلاب الجامعيين المتزوجين حاليًّا، منعتهم الظروف المادية من إتمام الزواج الشرعي لصعوبة بدء حياة جديدة ومستقرة.
ومخاطر ظاهرة زواج الكاسيت تعدت أسوار الجامعة إلى المدارس الثانوية، حيث كشفت هذه المجموعة أن بعضاً منهم متزوج من طالبات مازلن في المدارس الثانوية. وكانت الكارثة الكبرى التي كشفت عنها التحقيقات في هذه القضية الغريبة هي أن إحدى المتهمات أو المتزوجات بالكاسيت حامل، فكيف سيكون مستقبلها ومستقبل ابنها؟ هي تقول: " لدي القناعة بأن زواجي حلال، وبالتالي ابني سيأتي في الحلال وليس العكس، وتضيف أن مصدر قناعتها بشرعية زواجها وبالتالي شرعية حملها، يعود إلى أن هذا الزواج توفرت كل أركانه، وهي الشهود والصداق والإشهار!!. فزوجي يعطيني المهر، وليس من المهم قيمته رغم أنه قليل، ويأتي بالشهود وعادة هم مجموعة من أصدقائنا، ويتم إشهار زواجنا في إحدى الكافتيريات، وهذا ما فعلناه بالضبط.
يقول "م.أ" أحد المتهمين في هذه القضية: بعد اقتناعنا بشرعية هذا الزواج عن طريق الكاسيت وإقدام العديد من أصدقائنا عليه، قررنا الارتباط بهذه الوسيلة، أما كيفية الزواج فتكون كالآتي: تبدأ أولاً العروس بالتعريف بنفسها وعمرها وعنوانها ورقم بطاقتها وحالتها الاجتماعية، وإن كان سبق لها الزواج أم لا، وتؤكد أنها "بكر" وبنفس هذا التعريف يقدم الشاب نفسه أيضاً، وبعد ذلك يأتي صوت الفتاة وبحضور شاهدين يتم الإعلان عنهما وبصوتيهما أيضاً وبكافة بياناتهما، ويبدأ بعد ذلك "توقيع" عقد الزواج فتقول الفتاة: زوجتك نفسي على سنة الله ورسوله، ويعلن عن قيمة المهر المقدم لعروسه وهو ربع جنيه مصري 25 قرشاً.
سألهم المحقق عن المكان الذي يمارسون فيه الخلوة الشرعية؟ وعندها أجابت المتهمة: " المجموعة التي أقدمت على الارتباط والزواج بهذه الطريقة اتفقت على استئجار شقة، مع وضع برنامج تنظيمي للوجود فيها. فنحن غير نادمين على الإقدام على هذه الممارسات؛ لأننا لا نراها حراماً، وليست بالمخجلة، فزواجنا يتم باختيارنا وبوجود شهود، وأيضاً يتم إشهار هذا الزواج، ولكن بين مجموعة محددة، وربما يعرف أصدقاؤنا المقربون فنقيم حفلات رمزية في أحد النوادي، وغالباً ما يتم عقد هذا الزواج أيضاً في هذا النادي أو في تلك الشقة، فأين هو الحرام في كل ما ذكرت؟".
الأزهر يقول:غير مقبول:
حملنا هذا التساؤل إلى الشيخ محمد عبد العزيز السيد عضو لجنة الفتوى بالأزهر والمفتش العام للدعوة بالأزهر فقال: إن الشريعة الإسلامية لم تعنِ برابطة ما بقدر ما اعتنت بالزواج، وهو ليس محلاً للاختلاف في كيفيته، وشروطه معلومة للقاصي والداني، وتقره الأعراف وله أركان أربعة إذا اختلت بطل الزواج، وهي: الولي، والشهود، والصداق، والإشهار.
وأي زواج غير الزواج المشهر وغير المسجل، والمشهود عليه هو زواج باطل، والحكم هنا واضح ولا يحتاج إلى تأويل أو استبيان، والوحيد الذي أجاز الزواج بدون ولي هو الإمام أبو حنيفة، رغم أن رأيه مردود عليه بعدة أحاديث كثيرة أشهرها قوله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت من غير إذن وليها فنكاحها باطل، باطل، باطل".. وكرر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كلمة باطل ثلاث مرات.
ويضيف الشيخ عبد العزيز أن القانون المصري للأسف هو الذي يفتح الأبواب أمام هذه التقليعات وطرق التحايل.
فالقانون المصري يأخذ برأي أبي حنيفة بشرعية الزواج بدون ولي في القانون رقم 25 لسنة 1929م ولا يأخذ برأي جمهور العلماء، وهو ما أدى لانتشار الزواج العرفي ومثل هذه الزيجات الغريبة لعدم فهم الناس لقول أبي حنيفة رضي الله عنه. فهذه الزيجات من الناحية الشرعية باطلة أيضا في مذهب أبي حنيفة ؛ لأن الإمام اشترط الإشهار والصداق، وهذه الزيجات تفتقد هذا الشرط وهي حقوق المرأة المتزوجة فأين حقوقها في هذه الزيجات؟
القانون الوضعي!!
وحول نظر القانون والشرعية القانونية "الزواج الكاسيت" ومدى الاعتراف القانوني به يقول المستشار عبد الحميد سليم: إن قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1929م هو الذي فتح الباب أمام الزواج بدون ولي، وقانون الخلع والقوانين الشخصية التي اعترفت وأقرت الزواج العرفي، فعلى القياس بالزواج العرفي، من المفترض أن يؤخذ بهذا الزواج "الكاسيتي" لأنه يفي بشرط الإثبات والإقرار، كما يشترط قانون الأحوال الشخصية في حالات الزواج العرفي، ومن هنا فمع عدم الإنكار ووجود بيانات بزواج على الشريط، فمن المفترض أن يعتد به استناداً إلى القانون الأخير.
ورغم اعتماد مثل هذه الزيجات (بالقانون الوضعي) إلا أن المجتمع لا يعترف بها، ويعتبرها نوعاً من "المشي البطال" بالإضافة إلى نظرته إلى الفتاة "المتزوجة" بالكاسيت نظرة دونية، وبالتالي لا تقدر على مواجهة المجتمع بهذا الزواج، بداية من عدم إخبار أسرتها وحتى انتهاء العلاقة؛ لأن الواقع النفسي لهؤلاء يكون متفهماً فهم يحاولون إقناع أنفسهم أن هذا الزواج شرعي وقانوني، ويتم التحايل النفسي بذلك على الرغبات حتى تخرج.
ولكن عند التطبيق الفعلي الحقيقي لهذا الزواج تجدهم يتراجعون ولا يخبرون أحداً، فلا الأهل يعرفون؟!!، وحتى عندما يلتقون يكون اللقاء سرًّا وبعيدًا عن أعين الناس. وهذا انفصام حقيقي يعيشه الشباب والفتيات المرتبطون بهذه الطريقة؛ لأن الحقيقة لديهم أن هذا الزواج باطل وهم غير مقتنعين به، وإنما هو حيل يحتالون بها على أنفسهم ونادراً ما تتم هذه الزيجات بالصورة الطبيعية التي رسمها الزوجان، وهي الاعتراف والتقدم للزواج رسميًّا، وهي إلى حد علمي لم تحدث، وكما أن الضرر النفسي يقع على الفتاة فينتقل الضرر النفسي أيضاً إلى أسرتها من جراء ما جلبته البنت لهم من العار والفضيحة.
ــــــــــــــــــــــــ
أزال الحرج عن النساء بالهاتف الإسلامي
...
الشيخ خالد الجندي- تلميذ كتاب الشيخ حسن:
- أعتز بالزي الأزهري, ولكن لكل مكان زيه. - لأحلام النساء رموزها الخاصة وتأويل الرؤي من خصائص العلماء. - عمل المرأة لتحقيق ذاتها دعوى مرفرضة والتفكك الأسري أبرز ما ترمز إليه أسئلة الهاتف الإسلامي. - الفتاوي غير المتخصصة أشر بلية في عصر الفوضى. - الحملة الإعلامية على الدعاة حق أريد به باطل. - مثالية الزوج تحرك مثالية المرأة والعكس غير صحيح. عرفنا الشيخ خالد الجندي مفسرا للأحلام بإحدى المجلات القاهرية له منهجه الخاص في التفسير, إذ يفسر رموز الحلم بآيات القرآن والأحاديث النبوية الشريفة والقصص الإسلامي, واستمر كاتب ا بالمجلة ذاتها يشهر قلمه للدفاع عن الإسلام ضد خصومه ممن يتصدون للفتيا بغير علم, واقترب الشيخ الأزهري العصري- الذي لا يرتدي العمامة والجلباب- أكثر من هموم الشارع الإسلامي فأنشأ خدمة هاتفية ترد علي أسئلة المسلمين الفقهية في شتي أمور الحياة وأسماها ؛الهاتف الإسلامي" الشيخ خالد الجندي نموذج للداعية الذي يطور وسائله الدعوية ويناقش المشكلات الحياتية أي ا كانت درجة حساسيتها, ويتسم بسعة الاطلاع خاصة علي الأدبيات الاستشراقية, ولذلك تم تعيينه عضو ا بلجنة الدفاع عن الإسلام مع الداعية ومفسر الأحلام والأزهري الذي حفط القرآن في ك تاب الشيخ حسن بالسيدة زينب, وتخرج في كلية أصول الدين كان هذا الحوار ترميم الفجوة في البداية سألته عن سر عدم ارتدائه للزي الأزهري وهل هذا يعكس عدم اعتزاز به ؟ فنفي قائلا: أنا أعتز بالزي الأزهري وأرتديه في المناسبات العامة, ولكنه في بعض الأحيان يعوق الحركة, ولا يناسب طبيعة مكان ما أتواجد فيه; لأن الدعوة لا تتقيد بمكان فأنا أرتدي الزي المناسب في المكان المناسب. مارأيكم في اللغة الصعبة التي يصر عليها بعض الأزهرين إلي الآن ؟ حتى تتحقق فائدة الدعوة لابد من فهم المدعو للغة الداعية ولن يتحقق ذلك إلا بالتواصل بينهما في لغة مشتركة, ولن يحدث بالطبع أن يتعلم المدعو لغة العلماء على اختلاف مشاربهم وطبقاتهم, فعلي الداعية إذن أن يكون في مستوي المدعو فالله تعالي يقول: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ومعني ذلك نزول الداعي بالخطاب إلي إدراك المستمع ولا يعني هذا بالطبع التبذل والإسفاف والسوقية. كيف نشأت لديك فكرة الهاتف الإسلامي ؟ كنت دائما أجد فجوة بين العلماء ورجل الشارع, كما أن معطيات العلم الحديث سهلت الاتصال بشكل كبير عبر التليفون المحمول والإنترنت, فأضحي من السهل علي الشاب مثلا أن يتصل بالخارج عن الوصول إلي لجنة الفتوي مثلا, ومن هنا فكرت في إيجاد طريق لتيسير الالتقاء بين الطرفين وترميم هذه الفجوة وخاصة أن الضغوط كبيرة علي لجنة الإفتاء ولا يمكن إنكار أنها فوق الطاقة. هل نوعية الأسئلة عادية تقليدية ؟ جاءتنا أسئلة ما سمعها أحد في الأوليين والآخرين, فوجئنا بها وذلك لأن فكرة الهاتف قضت علي الحرج الذي كان يجده الشخص من أسئلة تسقطه من عين محدثه فيظل علي جهله بها بدلا من أن يتفوه بها بلسانه, وقضت فكرة الهاتف علي هذه المشكلة, ويقوم العلماء بالرد علي الأسئلة خلال أربع وعشرين ساعة وهم نخبة منقاة من العلماء في كافة التخصصات الفقهية والشرعية, فهم يجيبون علي أسئلة مفرطة في الحساسية والدقة وخاصة ما يخص النساء منها. كيف أفاد الهاتف النساء ؟ وما أبرز أسئلتهن ؟ الحقيقة كل الأسئلة الخاصة بالنساء مفرطة في الحساسية وتتطلب ثلاثة أمور: الأول: مراعاة حياء المرأة الثاني: الإلمام بالحكم الفقهي والدراية به الثالث: أن يكون من وراء حجاب وهذا ما تحقق في هذا البرنامج, فطالبة السؤال لا تترك اسمها ولا عنوانها ولا حتي رقم الهاتف, إنما تحصل علي رقم تسمع به الإجابة بعد أربع وعشرين ساعة, ويوقع العالم الذي يقول الرد علي فتواه صوتي ا ليمكن مراجعته, ومعظم أسئلة النساء تدور حول الإجهاض والعلاقة الزوجية والزواج العرفي والحيض وفقه الطهارة وغير ذلك من اهتمامات النساء. مادرجة الإقبال علي الهاتف الإسلامي ومادلالتها ؟ ترد إلينا يومي ا خمسمائة رسالة يعكس بعضها مدي التفكك الأسري في المجتمع الذي يحتاج لوقفه ونظره من المسئولين. ماهي المشاكل التي تواجه الهاتف الإسلامي, ولماذا هذا الهجوم الحاد عليه ؟ هناك كثيرون لم يستطيعوا التخلص من الأساليب القديمة للدعوة الإسلامية ومواكبة التقدم العلمي واستخدامه لخدمة الدعوة, كما أن البعض يتصور أن تعدد الآراء أمر مرفوض في الإسلام وبالتالي ظهر من يريد أن يحجر علي آراء غيره ويجعل الدين محصور ا في رأي رجل واحد كالبابا في الفاتيكان, علاوة علي ارتفاع تكلفة وتشغيل هذه الخدمة مما أدي إلي صعوبة التحكم في سعرها وهو ما استغله البعض في الهجوم علي هذه الفكرة ,وعلي الجانب الآخر أيدها كثيرون والبقاء ؛إن شاء الله" للأصلح. من وجهة نظركم وسط هذه المشاكل والهجوم هل سيستمر الهاتف الإسلامي ؟ أعلن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور سيد طنطاوي رأيه في
الموضوع علي صفحات الجرائد وقال: إن هذه الفكرة -فكرة الهاتف الإسلامي- جائزة من الناحية الشرعية ولا شئ فيها ولا تتعارض مع فتاوي العلماء, حيث إن من يقومون عليها علماء متخصصون يستطيعون التصدي للفتاوي بأمانة واقتدار, وعليه فقد أصدر السيد وزير المواصلات قراره باستمرار هذه الخدمة للجمهور ووصفها بأنها جادة; بل واقتدت أيض ا إلي الهاتف المحمول إذ يمكن طلب هذه الخدمة علي المحمول برقم (1433) ليتسني للمسلم الاستفادة من هذه التقنية أينما كان. تفسير الأحلام لك أسلوب خاص في تفسير الأحلام حدثنا عنه. أفسر الأحلام من الكتاب والسنة, فتفسير الأحلام من صفات العلماء والعلماء ورثة الأنبياء, فقد كان يعقوب ويوسف وإبراهيم وإسماعيل ومحمد (صلي الله عليهم وسلم) أجمعين يفسرون الرؤي بما فتح الله عليهم ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالي ليوسف: وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث بين اللفظ والواقع هل لأحلام النساء مواصفات خاصة ؟ الدلالات الرمزية التي تأتي للنساء تكثر فيها الرموز الآتية: الحلي, الحيوانات, الصحراء, الحمل, الأطفال, الطيور, الزواحف, المراكب, أما عن الحلي فهي ترمز إلي التملك أو القيد والديون, والحيوانات تشيرإلي عدم انتظام الحياة والسرعة في اتخاذ القرار والخوف من إنسان غير متعقل, والصحراء ترمز إلي الشعور بالوحدة والغربة والحرية, أما الحمل فهو هم يقتل وشئ تكره المرأة عليه, والأطفال يمثلون زينة الدنيا والرغبة والأمنية, والطيور ترمز إلي التطليق أو الرغبة فيه, والطير الأبيض يرمز للظفر علي الأعداء وإلي الوداعة وحسن التوكل علي الله, والزواحف ترمز إلي الغدر والإيذاء والخيانة والتلصص وأخير ا فالمراكب ترمز لعدم الاستقرار وكثرة الشجار بين الزوجين والرغبة في الوصول لحل. هل تعتقد أن هناك إعجاز ا قرآني ا في مجال تفسير الأحلام ؟ نعم كل لفظ في القرآن يرتبط بدلالة في الحياة والصياد الماهر هو الذي يستطيع أن يربط بين اللفظ القرآني وواقعه في الحياة مهما تغيرت أنماطها. ما رأيكم في قضية عمل المرأة ؟ عمل المرأة أحيانا ضرورة, وأحيانا مباح, وأحيانا مكروه وأحيانا حرام , فهو ضرورة إذا احتاج الأمر إلي وقوف المرأة بجوار زوجها لتحمل أعباء المعيشة, ومباح إذا سمح به الزوج, ومكروه إذا خرجت من دائرة الحاجة إلي البذخ, وحرام إذا ترتب عليه إهمال المرأة لبيتها وأسرتها ولا معني للقول بعمل المرآة لإثبات ذاتها فالتي تريد ذلك عليها أن تعلم أن إثبات ذاتها في طاعة الله ورسوله فالله تعالي يقول: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ولم يقل إلا ليعملون شاع الزواج العرفي والعلاقات غير الشرعية في مجتمعنا وخاصة بين الشباب فما السبيل لتيسير الزواج للقضاء علي ذلك ؟ السبيل هو إنشاء شبكة معلومات للتعارف بين الطرفين بلا اختلاط طبق ا للضوابط المعمول بها في مكاتب تيسير الزواج عند الغرب, ونحن أولي بذلك للقضاء علي المشكلات الناتجة عن تعسير الزواج أو المسببة له. أحيانا يطلب الزوج من زوجته أن تكون مثالية كالصحابيات ولا يلتزم هو بخلق الصحابة ماذا تقول لهذا الزوج ؟ من يطلب ذلك يكون قاسي ا علي زوجته متجاهلا لفطرتها, فالملاحظ أن الله تعالي أمر الزوج أن يأمر زوجته بالصلاة في قوله: وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها بينما لا تجد أمرا في القرآن موجها إلى المرأة بأن تأمر زوجها بالصلاة, أي أن الزوج لابد أن يكون قدوة لامرأته حتي تصلح زوجته لإستقبال أوامره, يدل هذا علي أن المسئولية للرجال أخطر, والنبي (صلي الله عليه وسلم) قال:؛ كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته". ما رأيك في التصدي للفتوي من غير المؤهلين وخطورة هذا علي المجتمع ؟ الفتاوي غير المتخصصة أكبر بلية خرجت علينا في عصر الفوضي من أناس من نوع جديد, وكل يوم نسمع عن القبض علي عاطل انتحل صفة طبيب, أو تافه أمسك به في ساحات المحاكم مرتدي ا روب المحاماة, أو فاشل تلبس بزي رجال الشرطة, ولكن لم نسمع عن القبض علي عشرات من الجهلاء الذين يتحدثون باسم الدين فيحلون ما حرم الله أو يحرمون ما أحل الله بجهلهم أحيان ا وبمكرهم أحيان ا كثيرة. شنت وسائل الإعلام مؤخر ا حملة علي بعض الدعاة وأسمتهم ؛بالمدعين" ما رأيك في هذه الحملة ودلالاتها ؟ هذا الوصف حق أريد به باطل, فهناك بالفعل من يلبسون مسوح العلماء والدعاة, وادعاء العلم مرفوض ولذلك فإن علي الدعاة وادعاء العلم مرفوض, ولذلك فإن علي الدعاة الجدد تعميق تخصصهم في العلوم الشرعية وعدم الاغترار بإقبال الجماهير عليهم, فالجمهور متعطش لكل ما هو إسلامي وهذا التعطش يجب أن يقابله حرص علي التدقيق في الإفتاء والبعد عن الدعوة بغير علم وعدم الخوض في المناطق الشائكة بجهل, فهذا كله يجرئ المتهكمين علي رجال الدين والعلمانيين علي الدعاة.
ــــــــــــــــــــــــ
العنوسة أزمة الفتيات والمجتمع !
تقرير خطير أصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء كشف عن أن هناك 4 ملايين فتاة في مصر تعدين سن الثلاثين ولم يتزوجن .. هذا التقرير أثار العديد من المخاوف حول مستقبل هذا العدد الهائل من الفتيات ، خاصة وأن نسبة كبيرة منهن غير متعلمات وليس لهن مورد زرق سوى إنفاق آبائهن عليهن .. والأخطر من ذلك الفتنة التي قد يتعرضن لها في الوقت الحالي الذي يموج بالتيارات المنحرفة التي تدعو للإنحلال الأخلاقي .. ولأن الإسلام دين لكل زمان ومكان فقد وضع حلاً لهذه المشكلة منذ أربعة عشر قرنًا . عندما أحل للرجل أن يتزوج من أربع سيدات بشرط أن يعدل بينهن .. ونحن في هذا التحقيق نحاول أن نعيد سنة رسولنا صلى الله عليه وسلم كحل لقضية العنوسة التي تهدد مجتمعنا وقد تتسبب في فتنة نساء المسلمين .
د. سعاد صالح أستاذ الفقه بجامعة الأزهر تقول إن الإسلام اهتم كثيرًا بعقد الزواج لأنه أساس بناء الأسرة في الإسلام ، والأسرة هي النظام الذي بقي في غرائز النفس الإنسانية ولذلك فإن له أسسًا يجب أن يقوم عليها من حسن الاختيار والخطبة والكفاءة وعدم الإكراه والإشهار والولى والصداق ، وله أهداف يجب تحقيقها وهي السكن والمودة والرحمة وتربية الأبناء وغير ذلك من المقاصد التي تترتب على الأسرة في الإسلام , وتضيف أن هناك مخالفة لاتباع المنهج الإسلامي في الاختيار لأنه يقوم على أسباب دنيوية من مال أو جمال أو حسب دون الاهتمام بالدين والخلق الصالح وهذا ما أدى إلى انتشار الطلاق والعزوف عن الزواج إلا عند توافر هذه الشروط الدنيوية أو المادية ، فأصبحنا لا نجد الأب الذي يرضى بصاحب الدين والخلق وأيضاً نفس الشيء بالنسبة للفتاة التي أصبحت لا تهتم أكثر إلا بالمطالب المادية التي ترهق الشباب في الحصول عليها سواء كانت مسكنًا أو غير ذلك .
حل مشكلة العنوسة
وترى د. سعاد أن حل هذه المشكلة يتكون من شقين الأول ديني وهو التوعية بأهمية الكفاءة من ناحية الدين والخلق ، والشق الثاني اقتصادي يعتمد على تذليل الصعوبات المادية للشباب وتوفير فرص العمل والمسكن المناسب .(48/13)
وبالنسبة للجانب الإعلامي فهو في غاية الأهمية حيث يجب على وسائل الإعلام القيام بالتوعية الشاملة عن المشاكل التي تتسبب في إحجام الشباب والفتيات عن الزواج مثل الزواج العرفي والعلاقات غير المشروعة ويجب أن توجه كلمتها إلى الأسرة المسلمة للاقتداء بسنة الرسول في تيسير المهور والحرص على اختيار صاحب الدين والخلق حيث قال رسولنا صلى الله عليه وسلم : [إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير] . وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : [أكثر النساء بركة أيسرهن مهرًا] .
وتضيف أن الإسلام عندما شرع تعدد الزوجات كان لعدد من الأسباب منها القضاء على مشكلة العنوسة وجميعنا يعرف أن أعداد النساء تزيد عن الرجال خاصة أوقات الحرب ، وهناك أسباب أخرى مثل مرض الزوجة وعدم قدرتها على القيام بواجباتها الزوجية أو عقمها ولكن تعدد الزوجات يجب أن يكون قائمًا على العدل .
دور الدولة
استطلعنا رأي د. أحمد شلبي الأستاذ بكلية دار العلوم فقال :
إن تأخير سن الزواج عن السن الطبيعي يعتبر خطرًا كبيرًا على الدولة والمجتمع ككل لأنه قد يتسبب في حدوث انحرافات كثيرة وظهور أمراض لم تكن موجودة في العصور السابقة فلا بد أن يتزوج الرجل في سن الرابعة والعشرين أما المرأة فتتزوج في سن العشرين وهو السن الطبيعي ، أما أن تصل المرأة إلى سن الثلاثين ولم تتزوج فهذا قد يتسبب في عدم قدرتها على القيام بتربية أبنائها تربية إسلامية صحيحة لأن ذلك يحتاج إلى مجهود وقدرة من المرأة . ويطالب شلبي الأسرة المصرية بعدم المغالات في المهور وتجهيزات الزواج .
ويضرب على ذلك مثالاً بما حدث معه عند تخرجه من الجامعة حيث تزوج في شقة فوق السطوح بشبرا كان إيجارها 3 جنيهات ثم انتقل لشقة أخرى فوق السطوح أيضاً بالمعادي وبعد أن بدأ في تكوين مبلغ معقول قام ببناء شقة خاصة به ، وهكذا تكون الحياة كفاحًا حتى يشعر الإنسان بقيمة عمله ، ولكن للأسف الشباب الآن يريد أن يبدأ من فوق والمسألة غاية في الصعوبة خاصة أن الجامعة تخرج مائة ألف شخص كل عام مما تسبب في انتشار البطالة وعدم توافر فرص العمل المناسبة .
ويضيف أن الدولة أيضًا يقع عليها عاتق توفير فرص العمل للشباب وبأجور مناسبة سواء في القطاع الحكومي أو الخاص ولا بد أن تقوم الدولة أيضًا بواجبها في توفير مساكن للإيجار يستفيد منها الشباب محدودو الدخل بحيث لا يتعدى إيجار الشقة 10% أو 25% من المرتب الذي يحصل عليه الشاب حتى تكون مناسبة .
الظروف الاقتصادية
إبراهيم محمود المحامي يرى أن أهم أسباب تأخير سن الزواج بالنسبة للشباب والفتيات هي الظروف الاقتصادية السيئة وإصرار الآباء على المغالاة في المهور وتكاليف الزواج بسبب الحياة المادية والمظهرية التي يعيشها البعض ويسعى غيرهم إلى التقليد الأعمى رغم عدم قدرتهم على الوفاء بهذه الاحتياجات .
ومن ناحية أخرى فإن انتشار التعليم وارتفاع نسبة الفتيات اللائي حصلن على مؤهلات عليا تسبب في إصابة العديد منهن بالغرور واعتزازهن الزائد بالشخصية ورفض الزواج في سن مبكرة بحجة أنها تسعى لإثبات ذاتها ، وتضيف أنه على الجانب الآخر فإن بعض الشباب يجدون المتعة من خلال علاقات غير مشروعة أو الحصول على متعة زائلة ولكن بشكل قانوني عن طريق الزواج العرفي سواء كان ذلك لأسباب مادية أم عدم القدرة على إقامة أسرة مستقرة أو يكون قادرًا ماديًا ولكنه يفضل ذلك كنوع من الهروب من المسؤولية التي قد تُلقى على عاتقه بإنشاء أسرة .
ــــــــــــــــــــــــ ...
موضة الزواج من أجنبيات !
شهدت الفترة الأخيرة جدلاً واسعًا حول زواج الشباب المسلم من أجنبيات ، وظهر من يؤكد أن ما يحدث يمثل ظاهرة خطيرة ، خاصة وأن إحدى المدن السياحية في مصر أصبحت سوقًا لمثل هذا الأمر ، يخضع للعرض والطلب ، وانتشار مكاتب المحامين الذين يحررون ورقة الزواج العرفي ، ومع أن الورقة واحدة من حيث الشكل والصياغة ، لكن لكل منها سعرًا تبعًا لاسم المحامي الذي يحررها .
وأكدت بعض الفتيات الأجنبيات أن كثيرًا من الشباب المصري الذي يعمل في هذه المدينة يتقدم لإحدى الفتيات طالبًا منها الزواج بمجرد أن تقع عينه عليها ، والغريب أن بعض الشباب اعترف بذلك ، فهذا الزواج يحقق له أولاً المتعة الجنسية في إطار قانوني ، ويؤهله للسفر مع الفتاة إلى موطنها الأجنبي للعمل والكسب والإقامة ، بعد مغالاة الأسر المصرية في المهور وتكاليف الزواج .
تعاليم الإسلام
الزواج كما أشار الشيخ سيد سابق في "فقه السنة" من سنن الله في الخلق والتكوين ، فهو الأسلوب الذي اختاره للتوالد والتكاثر ، واستمرار الحياة ، بعد أن أعد كلا الزوجين وهيأهما ، بحيث يقوم كل منهما بدور إيجابي في تحقيق هذه الغاية ، ولم يشأ الله أن يجعل الإنسان كغيره من العوالم ، فيدع غرائزه تنطلق دون وعي ، ويترك اتصال الذكر بالأنثى فوضى لا ضابط له ، بل وضع النظام الملائم لسيادته ، والذي من شأنه أن يحفظ شرفه ويصون كرامته ، ووضع للغريزة سبيلها المأمونة ، وحمى النسل من الضياع ، وصان المرأة عن أن تكون كلأ مباحًا لكل مرتع ، ووضع نواة الأسرة التي تحوطها غريزة الأمومة ، وترعاها عاطفة الأبوة ، فتنبت نباتًا حسنًا وتثمر ثمارها اليافعة .
ومما قاله أيضًا : الزواج ضرورة لا غنى عنها ، وأنه لا يمنع منه إلا العجز أو الفجور ، كما قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ، وأن الرهبانية ليست من الإسلام في شيء ، وأن الإعراض عن الزواج يفوّت على الإنسان كثيرًا من المنافع والمزايا ، وكان هذا كافيًا في دفع الجماعة المسلمة إلى العمل على تهيئة أسبابه وتيسير وسائله ، حتى ينعم به الرجال والنساء على السواء ، ولكن على العكس من ذلك ، خرج كثير من الأسر عن سماحة الإسلام وسُمُو تعاليمه ، فعقَّدوا الزواج ووضعوا العقبات في طريقه ، وخلّفوا بذلك التعقيد أزمة تعرض بسببها الرجال والنساء لآلام العزوبية ، والاستجابة إلى العلاقات الطائشة ، ومعظم أسباب هذه الأزمة ترجع إلى التغالي في المهور وكثرة النفقات التي ترهق الزوج ، ولا بد من العودة إلى تعاليم الإسلام في هذا الشأن .
قيود
ولكن ماذا عن لفظ الأجنبيات "غير المسلمات "؟
يوضح الدكتور يوسف القرضاوي الأمر قائلاً : " لفظ الأجنبيات يشمل المشركة التي تجعل لله أندادًا أو شركاء ، فهذه يحرم الزواج منها على الإطلاق ، حيث يقول الله عز وجل : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَ ، ولأمة مؤمنة خيرٌ من مشركةٍ ولو أعجبتكم ، ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ، ولعبدٌ مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ، أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ، ويُبين آياته للناس لعلهم يتذكرون " (البقرة ، الآية : 221).
ويشمل أيضًا الملحدة ؛ وهي التي لا تؤمن بدين أو ألوهية أو نبوة أو كتاب ، كالشيوعية ، فيحرم الزواج منها إطلاقًا ، ويشمل كذلك المرتدة وهي التي تكفر بعد الإيمان ، فهي كافرة من أصحاب النار ، كما قال الله عز وجل في الآية 217 من سورة البقرة : ( ومن يرتد منكم عن دينه ، فيمت وهو كافر ، فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) ، وأيضًا (الكتابية وهي المسيحية أو اليهودية ) فهي أهل كتاب سماوي ، أباح الإسلام الزواج من الكتابية ، تشجيعًا على التقارب والمودة والأخوة الإنسانية ، وتشجيعًا لها على دخول الإسلام .
ويضع الدكتور القرضاوي قيودًا عند الزواج من كتابية ، ويؤكد ضرورة مراعاة التأكد من كونها كتابية أي تؤمن بدين سماوي الأصل كاليهودية والنصرانية ، وأن تكون عفيفة محصنة ، وألا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم ، وألا يكون من وراء الزواج من الكتابية فتنة ، ولا ضرر محقق أو مرجح ، بأن يزداد الزواج من الأجنبيات ، وتبقى الفتيات المسلمات دون زواج مما يترتب عليه الحرمان أو الانحراف .
مخاطر
وحول الزواج من الكتابية ، تشير الدكتورة آمال عبد الغني "مدرس الشريعة بجامعة المنيا " إلى أن التعبير القرآني دقيق وهو يحوي مجموعة شروط في الذين أوتوا الكتاب حيث تقول : تكرار لفظة "المحصنات" لكل من المؤمنات والذين أوتوا الكتاب فلم يقل : والمحصنات من المؤمنات ومن الذين أوتوا الكتاب ، إنما قال "والمحصنات من المؤمنات ، والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب " حتى يتبين ضرورة شرط العفة والإحصان ، وإضافة صفة " من قبلكم" للذين أوتوا الكتاب تحتاج إلى دراسة وتحديد .
وتضيف : " هذا الزواج حتى وإن استوفى شروطه الشرعية مشكوك في نجاحه واستمراره ، حيث هناك اختلافات جذرية بين البيئة العربية والبيئة الأوروبية ؛ حيث تقوم الفتاة الأوروبية بتزويج نفسها دون ولي ، وعدم وجود رغبة في الإنجاب من جانب تلك الزوجة ، فالمسألة بالنسبة لها مجرد متعة جنسية ، وانقطاع الكثير من العلاقات الأسرية ، حتى تكاد تنعدم ، فمعظم الأسر المصرية ترفض هذا الزواج لعدم فهم الزوجات الأجنبيات للشريعة الإسلامية ، من زي وطعام وشراب وسلوك ، ومخاطر أخرى كثيرة ، وإذا كانت تلك الزوجة جادة في الزواج فيجب عليها أولاً التعرف على أخلاق الإسلام وصفات المسلمين لتتمكن من التعامل مع زوجها المسلم على ما هو عليه من خلق وما يتصف به من آداب وليس العكس ، ويلزم على تلك الزوجة التعرف أيضًا على أساليب التربية الإسلامية للأطفال .
الخروج من المأزق
وخروجًا من هذا المأزق ، ومواجهة لهذه الظاهرة قبل أن تستفحل يقول الدكتور يوسف القرضاوي : ينبغي أن يمنع الزواج من غير المسلمات سدًا للذريعة ، وكما هو معلوم فدرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، ولا يسوغ القول بجوازه إلا لضرورة قاهرة أو حاجة ملحة ، فالزواج من المسلمة أولى وأفضل ، لتوافق الزوجين من الناحية الدينية ، وأعون على الحياة العتيدة ، حتى أن الإسلام يُرَّغب في الزواج بذات الدين .
ويرى الدكتور محفوظ عزام أستاذ الشريعة أن الحد من ظاهرة الزواج من أجنبيات أمر ضروري ، وذلك من خلال عدم المغالاة في المهور ، وتكاليف الزواج ، وعلينا أن نشجع إقامة حفلات الزواج الجماعية ، وتكثيف جهود رجال الإعلام لتوجيه العامة إلى عدم المغالات في المهور ، وتحقيق الولاء للوطن ، وهذا يتحقق من خلال المقررات الدراسية والمؤسسات الاجتماعية
ــــــــــــــــــــــــ ...
ورطة اسمها الزواج العرفي
- هل صحيح أن الزواج العرفي منتشر بقدر ما بين طلبة الجامعات الأردنية؟ و هل صحيح أن نسبة هذا الزواج في تزايد رغم النظرة –السيئة- له من عامة الناس؟
و لأن العالم ملتحم و قنواته مفتوحة، فإن الزواج العرفي انتشر في بلدان عربية و منها مصر، إذ تشير الإحصائيات إلى وجود أكثر من 170 ألف حالة زواج عرفي بين صفوف طلاب و طالبات الجامعات، و كذلك في بعض دول الخليج و سمعنا عن حكايات روتها وسائل الإعلام عن إحدى الطالبات التي هرب منها زوجها المزعوم بعد أن سلبها أغلى ما تملك، كما سمعنا عن حالات إجهاض لعدد من الفتيات اللواتي وقعن في "فخ" الزواج العرفي.
عادة ما تبدأ "الورطة" بكلمة مثل "زوجتك نفسي" أو "أنا قبلت زواجك" ليتم بعد ذلك الزواج العرفي، أحد الأصدقاء اتصل به شاب و طلب منه في وقت متأخر أن يكون شاهدا على زواج عرفي، ولما حاول الصديق التملص (بحجة الوقت) قال له "العريس" يكفي أن تشهد على الهاتف فتسمع الفتاة و أسمع أنا و ينتهي دورك!
و إحساسا منا بعدم ممارسة "دفن الرأس في الرمال" فإننا نتناول هذا الموضوع سواء كان منتشرا بشكل ملفت للنظر أو كان في بداياته تبصيرا للناس، فربما يكون الجهل سببا في الوقوع في فخ "الزواج العرفي".
حقيقة الزواج العرفي يقول فضيلة الشيخ القرضاوي: الزواج في الإسلام عقد له أهمية خاصة، القرآن سماه ميثاقا غليظا كما قال في شأن النساء (و أخذن منكم ميثاقا غليظا) يعني عهدا متينا قويا و هو نفس التعبير الذي أطلقه الله تعالى على النبوة، قال تعالى (و إذا أخذنا من النبيين ميثاقهم و منك و من نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و ابن مريم و أخذنا منهم ميثاقا غليظا).
و يبدأ الزواج بأن يتم الإيجاب و القبول، كأن يقول وكيل العروس: "زوجتك موكلتي أو ابنتي أو موليتي فلانة بنت فلان على سنة رسول الله و على مهر كذا أو على المهر المسمى بيننا، و يرد العريس بالقبول على ذلك"، فهذا الإيجاب و القبول شيء أساسي، ثم يكون ذلك عن طريق شهود حتى يشتهر هذا الزواج و يعرف عنه الناس و أقل الإعلام به أو الإشهار به أن يوجد شاهدان فهذا هو الحد الأدنى و المذاهب الثلاثة، مذهب الشافعي و مالك و أحمد تشترط وجود الولي أو من ينوب عن الولي، "لا نكاح إلا بولي و شاهدي عدل" و أيضا لا بد من مهر و لكن لو خلا العقد من المهر يكون لها مهر المثل أي مهر من مثلها، و في مثل بيئتها و أسرتها و مركزها و الله تعالى يقول "و آتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا".
هذا هو الزواج، و كان يتم بهذه الصيغة في القرون الماضية: زوجتك بنتي بمهر كذا ثم قبلت و يحضر بعض الناس و يتم ذلك و لا يوثق و لا يكتب و لا شيء من هذا، و لكن في العصر الحديث حيث أصبح كل شيء يخضع لأنظمة و لقوانين حتى لا يتلاعب الناس، فمن الممكن أن يتزوج شخص من فتاة و بعد مدة من الزمن يتركها و يقول لها أنا لم أتزوجك، أو ربما تتزوج فتاة من رجل و عندما تجد رجلا أغنى منه تتركه و تتزوج ذاك و تقول للأول لا يوجد بيني و بينك شيء.
و حتى لا يتناكر الناس و تضيع الحقوق، وقد يترتب على ذلك ضياع أولاد و ذرية فاشترط الناس في العصر الحديث ما نسميه التوثيق، أي أن يكون الزواج موثقا كما اشترط أشياء كثيرة.
زواج طلبة الجامعات و تشير بعض الأبحاث إلى أن الزواج العرفي يقع غالبا بين شباب الجامعات، و يقوم على مجرد ورقة موقعة من الطرفين لكنها غير موثقة و لا ترتب أية حقوق للزوجة من قبل الزوج، و حين تريد الفتاة الزواج من آخر بشكل قانوني موثق فإنها لم تكن تستطيع ذلك قبل إتمام الطلاق من الزواج العرفي و هو ما لم تكن المحاكم تقبل نظره فتظل الفتاة معلقة.
و يقول الشيخ عصام عربيات مدير المحاكم الشرعية أن الزواج العرفي "لا يعتبر ظاهرة في الأردن و لا نعاني من مشكلاته لوجود التشريعات التي وظفت من أجل استيعاب جميع الحالات التي تعرض على المحاكم".
و أضاف: "الزواج العرفي و إن تم بحضور الزوجين و شاهدين، فهو عقد شرعي معتبر، إلا أنه وفي ظل ما سيأتي قد تضيع كثير من الحقوق على الطرفين و قد ينكر أحدهما العقد و في ذلك ضياع للحقوق و الأنساب".
و في مستهل حديثه أوضح الشيخ عربيات أنه يشترط في صحة عقد الزواج حضور شاهدين رجلين أو رجل و امرأتين مسلمين، إذا كان الزوجان مسلمين عاقلين بالغين، و أن يسمع الشهود الإيجاب و القبول فاهمين المقصود.
عقوبات قانونية و قد اشترطت المادة 17 من قانون الأحوال الشخصية الأردني المعمول به على وجوب مراجعة الخاطب للقاضي أو نائبه لإجراء العقد. و يتم إجراء عقد الزواج من مأذون القاضي بموجب وثيقة رسمية و للقاضي بحكم وظيفته في حالات استثنائية أن يتولى إجراء العقد بنفسه بإذن من قاضي القضاة.
كما أشارت المادة المذكورة بأنه إذا جرى الزواج بدون وثيقة رسمية فيعاقب كل من العاقد و الزوجين و الشهود بالعقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني و مضمونها "يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر كل من أجرى مراسيم زواج أو كان طرفا في إجراء تلك المراسيم بصورة لا تتفق مع قانون الأحوال الشخصية أو أي قانون آخر أو شريعة أخرى ينطبق أو تنطبق على الزوج أو الزوجة مع علمه بذلك"، هذا إضافة إلى الغرامة و مقدارها 100 دينار أردني على كل واحد منهم و كل مأذون لا يسجل العقد في الوثيقة الرسمية بعد استيفاء الرسم يعاقب بالعقوبتين المشار اليهما مع العزل من الوظيفة.
و هذه الضوابط وضعها القانون من أجل المحافظة على كل من الزوجين، و قد وضعت تعليمات خاصة من قبل قاضي القضاة تنظم أعمال المأذونين داخل الأردن، كما أعطى القانون المشار إليه للقناصل الأردنيين المسلمين في خارج المملكة إجراء عقود الزواج للموجودين خارج الأردن و تسجيل هذه الوثائق في سجلات خاصة.
أسباب الزواج العرفي المقبولة في الأردن في المقابل يقول القاضي الشرعي سامر مازن القبج أن الزواج العرفي "هو الزواج المستوفي لشروطه و أركانه الشرعية، و لكنه تم بدون وثيقة رسمية، فإما أن يتم مشافهة أو كتابة"، و أوضح أن أسباب الزواج العرفي في الشرع الإسلامي هي "عدم علم الزوجين بوجوب توثيق العقد رسميا، و هذا ينطبق على البدو الرحل فإنهم يتزوجون عرفيا و في حالة مراجعتهم لإحدى الدوائر الرسمية إما للحصول على دفتر عائلة أو لإدخال أحد أبنائهم المدرسة فيطلب منهم توثيق العقد لدى المحكمة الشرعية، و هنا يحمل الأمر على حسن النية مع أن المحاكم الشرعية أصبحت منتشرة في كل مناطق الوطن".
و أوضح القاضي القبج أن من الأسباب الأخرى لوقوع الزواج العرفي "التحايل على تعليمات بعض الدول العربية و الإسلامية و التي تنص تلك التعليمات على عدم السماح لمواطنيها بإجراء عقود زواجهم إلا بعد موافقة دولهم، و خوفا من عدم الموافقة أو طول الانتظار فيلجئون إلى العقد العرفي متجاوزين قوانين بلادهم".
و من الأسباب الأخرى لحدوث هذا الزواج "عدم التقيد بنصوص قانون الأحوال الشخصية الأردني مثل سن الخاطب أو المخطوبة، فإذا أراد أن يتزوج ببنت يقل عمرها عن خمسة عشر عاما فإن القانون لا يجيز له ذلك فيقوم بإجراء عقد عرفي".
أما موقف القانون من هذا الزواج فقد جاء في الفقرة (ج) من المادة (17) من قانون الأحوال الشخصية بخصوص من يتعمد عقد الزواج العرفي "و إذا جرى الزواج بدون وثيقة رسمية فيعاقب كل من العاقد و الزوجين و الشهود بالعقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني و بغرامة على كل منهم لا تزيد عن مائة دينار".
و جاء في المادة 279 من قانون العقوبات الأردني "يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر كل من أجرى مراسيم زواج أو كان طرفا في إجراء تلك المراسيم بصورة لا تتفق مع قانون حقوق العائلة أو أي قانون آخر أو شريعة أخرى ينطبق أو تنطبق على الزوج أو الزوجة مع علمه بذلك".
و العقد العرفي يخالف عقد زواج المتعة بأن العرفي صحيح إذا استوفى شرائطه و أركانه، أما عقد المتعة فصورته أن يقول للمرأة "أتمتع بك مدة شهر مثلا بخمسين دينارا"، و هذا زواج باطل على عكس الأول، و لا بد أن يتم الإشارة إلى أن التفكك الأسري و عدم مراقبة الآباء لأبنائهم و بناتهم حمل بعض الطلاب و الطالبات في الجامعات لإجراء زواج بينهما ظانين أنه زواج عرفي و هذا خطأ فهو زواج باطل على الأرجح، لأنه تم بدون موافقة ولي فهو لم ينعقد لا بولاية خاصة كأب أو جد لأب ولا بولاية عامة و هي ولاية القاضي فهذا عقد زنا و ليس عقد زواج.
و بطبيعة الحال لم يجرؤ أحد من الشباب أو الطلبة على البوح بأسراره في هذا "الزواج" لكن بعضهم اعتبره إحدى وسائل الخروج من حالة اليأس التي تهيمن على عقولهم و أفئدتهم، و منهم من اعتبره صحيحا لكنه لا يستطيع الزواج بهذه الطريقة خوفا من الأهل و العشيرة و بخاصة الفتيات، و هناك من هرب من الإجابة، و قد علمنا بوجود بعض الحالات بين الطلبة في الأردن و سمعنا عن حالات (حمل) سببت لصاحباتها مشاكل عدة.
ــــــــــــــــــــــــ
إيقاع الطلاق في الزواج العرفي كإيقاعه في الزواج الموثق في المحكمة. ...
70
كيف يتم الطلاق في الزواج العرفي ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالزواج العرفي ما هو إلا زواج شرعي ـ إذا استوفى أركانه وشروطه ـ غير أنه لم يوثق بالمحكمة. وحيث استوفى الأركان والشروط، فيقع الطلاق فيه كالزواج الموثق تماما غير أنه لا يكون بالمحكمة. فيكفي فيه أن يوقع الزوج على امرأته لفظ الطلاق، ليحدث بينهما الفرقة به. وعلى الزوج أن يتقي الله في المرأة بأن يعطيها حقوقها المترتبة على الطلاق حيث لا تكفل لها المحاكم تلك الحقوق، قال تعالى: )وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيل ). [النحل:91]. وقال تعالى: (وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا) .[النساء :21]. والله تعالى نسأل أن يصلح نياتنا وأعمالنا.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
مقاصد الشرع في اشتراط الولي والشهود ...
4632
السؤال
سؤالي حول موضوع هام هو الزواج العرفي للفتاة بالسر بدون موافقة أهلها أو بدون وجود ولي, هذا الموضوع الحساس والخطيرهو محط أنظار واهتمام العديد من الشباب والفتيات, حيث يقوم العديد من الشباب العديمي المسؤولية والأخلاق بإغواء البنات بهذا الزواج وبالسر و الذي في كثير من حالاته يفقد بعض شروطه ويبطل، وإن لم يبطل فهو مجرد من حماية حقوق المرأة التي أعطاها إياها الله سبحانه وتعالى, وكما رأينا من فترة قريبة على إحدى القنوات الفضائية هناك آلاف الحالات واقعة في الزواج العرفي بالسر( بدون علم الأهل أو الولي)وأسئلتي هي:
1-ما هو حكم الزواج العرفي بالسر دون موافقة الأهل أو الولي للفتاة المسلمة, هل يعتبر باطلا وهل بالتالي تكون الفتاة المسلمةفي هذاالزواج في حالة زنى؟ مع الأدلة.
2-في حالة الزواج العرفي ومع افتراض اكتمال شروط الولي والشاهدين ما حكم عدم الإشهار ( يعني بعلم أبيها وأمهاوالزوج فقط)؟ مع الأدلة.
3- ما حكم ما نسمعه عادة من قيام أحد الآباء من تزويج ابنته بشكل عرفي وبالسر( بعلم أهلها والزوج فقط)تحت إغراء المال من رجل يكبرها ب 30 سنة على الأقل وهو متزوج وأبناؤه في نفس عمر الفتاة؟ 4- ما هو رأي الشرع في حالات الزواج الذي يكون فيها فارق السن كبيرا ( 30 سنة مثلا) والتي عادة ما تنتهي بالطلاق ( كزواج رجل في الستين من فتاة 17 سنة أو العكس شاب في ال 20 سنة من سيدة 60 سنة ).
5- ما هو زواج المسيار وما حكمه؟ مع الأدلة . وجزاكم الله خيرا...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فعليك السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
واعلم أن من مقاصد الشريعة المطهرة العظمى حماية حقوق الفرد والمجتمع، والمحافظة على الأنساب، وأخذ كل الاحتياطات لمنع اختلاطها. من أجل كل ذلك وضعت للزواج الشرعي شروطا وضوابط لحماية حق الرجل والمرأة والولد.(48/14)
فاشتراط الولي والشهود والإشهار للزواج هو لحماية الزوج أن ينسب إليه ولد هو منه براء في الحقيقة، وحماية للمرأة أن ينكر الرجل -متى شاء- ولده منها وحماية للولد أن ينتفي منه أبوه متى حلا له ذلك. ولعل الحكمة من هذه الشروط والضوابط الشرعية يدركها جلياً من تساهلوا في الأخذ بها فحصل ما حصل من مشاكل متشابكة وضياع للحقوق وظلم للآخرين.
لذلك كان الواجب على المسلم والمسلمة والمجتمع كلاً أن يلتزموا بشرع الله تعالى ويحكموه في كل أمور حياتهم ليسعدوا في الدنيا والآخرة. وإليك جواب أهم النقاط التي تضمنها سؤالك.
فالزواج الصحيح شرعاً هو ما اجتمعت فيه شروط الصحة وانتفت عنه موانعها وراجع لذلك الجواب رقم: 1766
1- إذا كان الزواج قد حصل بدون علم الولي وموافقته فهو باطل لقول النبي صلى الله عليه وسلم "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له " كما في المسند والسنن . وعلى هذا يجب أن يفرق بين هذا الرجل وتلك المرأة ويفسخ ما يسميانه نكاحاً. والحقيقة أنه ليس نكاحاً إلا نكاحاً باطلاً. وإن وافق الولي على زواج هذا الرجل من تلك المرأة بعد ذلك فليكن بعقد جديد بعدما تستبرئ المرأة، إن كان هذا الرجل قد وطئها من قبل، ومن أهل العلم من قال: إن الولي إذا علم بذلك وأمضاه جاز، ولا حاجة إلى عقد جديد، وعلى كل فالإقدام على هذا الأمر ابتداء لا يجوز كما لا يجوز الاستمرار فيه إذا حصل، ومع ذلك فلا يعتبر الاتصال المترتب عليه زناً بحيث يقام حد الزنا على كل من الرجل والمرأة، وذلك لأن من أهل العلم من لم يشترط لصحة النكاح الولي، وهذا القول وإن كان مرجوحاً من حيث الدليل، فإنه يدرأ به الحد عمن أقدم على مثل هذا الفعل ولا يعتقد حرمة الإقدام عليه.
2- وأما إذا اكتملت الشروط المطلوبة لصحة النكاح إلا أنه لم يحصل إعلان وإشهار له فإن كان ذلك عن غير تواطؤ من الأطراف المعنية فهو صحيح، وعليهم أن يعلنوه ويشهروه ليبتعد عن مشابهة الزنا في صفاته، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أعلنوا النكاح، واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف." كما في المسند والترمذي.
أما إن كان عدم الإشهار حاصلا عن تواطؤ فإن النكاح مختلف فيه بين أهل العلم، فمنهم من قال: إنه يفسخ لمشابهته للزنا من حيث التواطؤ على الكتمان.
ومنهم من قال: إنه صحيح لا يفسخ لتوافر شروط الصحة فيه، فهو مثل ما لم يحصل تواطؤ على كتمانه.
3- أما الفقرة الثالثة من السؤال فجزء من جوابها داخل ضمن جواب الفقرة السابقة.
وأما كون الأب زوّج ابنته من رجل أكبر منها بكثير فإن حصل ذلك برضاها فالزواج صحيح، مهما كانت الدوافع إليه من قبل الأب، وإن لم يكن برضاها: فإن كانت ثيباً قد تزوجت من قبل فليس لأبيها ولا لغيره أن يجبرها على الزواج ممن لا ترغب فيه، وإن حصل ذلك فلها فسخه عند القاضي إن شاءت.
وإن كانت بكراً فقد اختلف أهل العلم: هل يجوز لأبيها خاصة أن يجبرها أو لا يجوز له ذلك؟ والراجح القول الأخير فهي مثل الثيب، ويمكنك الاطلاع على الفتوى رقم: 3006 والفتوى رقم: 4043
4- أما الحكم الشرعي في الزواج الذي يكون فيه فارق السن بين الزوجين كبير فهو أنه زواج صحيح إذا لم يكن هنالك خلل آخر، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها وعمرها ست سنوات ودخل بها وهي بنت تسع ثبت ذلك عنها في أحاديث متفق عليها، وكان عمره هو إذ ذاك قد جاوز الخمسين، وتزوج خديجة أم أولاده عليه وعلى الجميع صلوات الله وسلامه وهي أكبر منه بنحو خمسة عشر عاماً. ومع ذلك فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم الترغيب في نكاح الأبكار الصغار ليكون ذلك أرجى لكثرة الولد وذلك مطلوب شرعاً، بل إنه من أساسيات مقاصد الزواج، فقد ثبت عنه أنه قال: "عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواهاً، وأنتق أرحاماً، وأرضى باليسير" كما في سنن ابن ماجه.
وقد ثبت عنه أنه قال: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم" كما في السنن لأبي داود والنسائي.
وأما الفقرة الأخيرة من سؤالك فراجع لها الفتوى رقم: 3329.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
حكم الزواج العرفي. ...
5962السؤال
هل الزواج العرفي حرام أم حلال ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزواج العرفي غالباً ما يطلق على الزواج الذي لم يسجل في المحكمة. وهذا الزواج إن اشتمل على الأركان والشروط وعدمت فيه الموانع فهو زواج صحيح، لكنه لم يسجل في المحكمة، وقد يترتب على ذلك مفاسد كثيرة، إذ المقصود من تسجيل الزواج في المحكمة صيانة الحقوق لكلا الزوجين وتوثيقها، وثبوت النسب وغير ذلك، ورفع الظلم أو الاعتداء إن وجد، وربما تمكن الزوج أو الزوجة من أخذ الأوراق العرفية وتمزيقها وإنكار الزواج، وهذه التجاوزات تحصل كثيراً.
وسوء كان الزواج عرفياً أو غير عرفي فلا بد أن تتوفر فيه الأركان والشروط كي يكون صحيحاً.
أما الأركان فأهمها: الإيجاب والقبول.
وأما الشروط فأهمها: الولي، والشاهدان، والصداق (المهر) لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" رواه ابن حبان في صحيحه عن عائشة وقال: ولا يصح في ذكر الشاهدين غير هذا الخبر، وصححه ابن حزم، ورواه البهيقي والدراقطني، ولقوله صلى الله عليه وسلم: " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" رواه الترمذي وحسنه، وصححه ابن حبان والألباني.
وأما الصداق فلا بد منه، لقوله تعالى: ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) [النساء:4] ولقوله صلى الله عليه وسلم: لرجل أراد أن يزوجه من امرأة:"التمس ولو خاتماً من حديد" رواه البخاري ومسلم.
ومن هنا فإننا ننصح إخواننا المسلمين بالبعد عن الزواج العرفي، والحرص على الزواج الصحيح الموثق.
كما ننبه إلى صورة محرمة منكرة يقع فيها بعض الناس وهي:
(أن يلتقي الرجل بالمرأة ويقول لها: زوجيني نفسك، فتقول زوجتك نفسي، ويكتبان ورقة بذلك، ويعاشرها معاشرة الأزواج بحجة أنهما متزوجان زواجاً عرفياً).
فهذه الصورة ليست زواجاً لا عرفياً ولا غيره، بل هي زنا لأنها تمت دون وجود الولي والشاهدين، وعلى من فعل ذلك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وإذا أراد الزواج فليتزوج وفق الضوابط الشرعية المعتبرة في الزواج كما تقدم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
يحق للمرأة الزواج بعد انتهاء العدة ...
15293
السؤال
رجل مسلم يريد أن يتزوج امرأة مسلمة زواجا عرفيا مع العلم أن هذه المرأة قد فارقها زوجها منذ أكثر من أربع سنوات ولديها منه أربعة أطفال
ما حكم زواجهما العرفي إذا تزوجا وهل هو جائز شرعا أم لا ؛ وهل الزواج العرفي جائز شرعا أم لا أفيدونا جزاكم الله ألف خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الزواج العرفي في جواب سابق برقم:
5962فليراجع.
وأما كون المرأة قد فارقت زوجها الأول: فإن كان المقصود أنه طلقها أو مات عنها أو خالعها أو غير ذلك من أشكال انتهاء عقد النكاح، فإن انتهت عدتها جاز لغيره أن يتزوجها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
متى يكون الزواج العرفي صحيحاً ...
22465
متى يكون الزواج العرفي صحيحاً
تاريخ الفتوى : ... 11 رجب 1423 / 18-09-2002
السؤال
القانون التونسي لا يسمح بتعدد الزوجات فهل يعتبر حلالا التزوج سرا (عرفيا) بامرأة ثانية
والسلام. مع جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة إعلان النكاح وإشهاره ليتميز عن السفاح الذي يكون عادة في السر لا في العلن، ولهذا الغرض شرع الضرب على النكاح بالدف، أخرج البخاري عن خالد بن ذكوان قال: قالت الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاء: جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْر.
وإذا تم النكاح من غير إشهار، ولا تسجيل في المحكمة، فإنه يعتبر نكاحاً صحيحاً إذا توفرت فيه شروط النكاح، وأركانه المبينة في الفتوى رقم:
5962 والفتوى رقم:
2656.
والحاصل: أن ما يسمى بالزواج العرفي هو نكاح صحيح إذا اشتمل على شروط النكاح وأركانه؛ وإلا فهو باطل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
هل تجري أحكام النكاح على الزواج العرفي ...
23387
السؤال
ما هو الزواج العرفي وهل تنطبق عليه نفس شروط الزواج الموثق من حيث المهر ومؤخر الصداق وهل ترث الزوجة الزوج في حالة الوفاة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة بالتفصيل على حكم الزواج العرفي في الفتوى رقم:
5962.
وإذا تقرر أنه نكاح صحيح لتوفر شروط الصحة، فيه فإنه تجري عليه أحكام النكاح من حيث وجوب النفقة وكمال الصداق في حال الدخول أو الخلوة الشرعية أو الموت والإرث والعدة.. وما شابه ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
حكم التزوج ببنت المنكوحة عرفياً ...
25005
السؤال
شخص تزوج امرأة زواجا عرفيا، ثم علم بأن هذا الزواج باطل شرعا فتاب إلى الله هو وهي، -يقول هو ذلك أي أن هذا الكلام على لسان هذا الشخص،- وكان يعلم ابنتها.
السؤال:- هل يجوز له الزواج من ابنة هذه المرأة التي كان قد تزوجها من قبل عرفيا أم لا ؟
نفعنا بعلمكم، وجزاكم الله عنا خير الجزاء
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزواج العرفي يحتمل أن يكون زواجاً صحيحاً مستوفياً الشروط لكنه غير مسجل في المحاكم والأوراق الرسمية، ويحتمل أن يكون نكاحاً باطلاً، أو زنا صريحاً، على ما بيناه في الفتوى رقم:
5962>
وإذا حصل الوطء في هذا الزواج، لم يجز للزوج أن يتزوج بابنة من تزوج بها على كل تقدير.
وبيان ذلك: أنه إن كان النكاح صحيحاً، فهذه البنت لا تحل له لكونها ربيبة له، وقد قال الله تعالى: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُم [النساء:23].
وإن كان النكاح باطلاً أو فاسداً لكونه تم بغير ولي أو شهود فلا تحل له كذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله: والوطء على ثلاثة أضرب: مباح، وهو الوطء في نكاح صحيح أو ملك يمين، فيتعلق به تحريم المصاهرة إجماعاً، ويعتبر محرماً لمن حرمت عليه، لأنها حرمت عليه على التأبيد بسبب مباح، أشبه النسب.
الثاني: الوطء بالشبهة، وهو الوطء في نكاح فاسد، أو شراء فاسد، أو وطء امرأة ظنها امرأته أو أمته، أو وطء الأمة المشتركة بينه وبين غيره، وأشباه هذا يتعلق به التحريم كتعلقه بالوطء المباح إجماعاً.
قال: ولا يصير به الرجل محرماً لمن حرمت عليه، ولا يباح له به النظر إليها، لأن الوطء ليس بمباح، ولأن المحرمية تتعلق بكمال حرمة الوطء....
وإن كان الزواج العرفي من قبيل الزنا، فتحرم بنت المزني بها على الزاني في مذهب الحنفية والحنابلة، وانظر الفتوى رقم: 5826 -
والفتوى رقم: 9626.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
النكاح العرفي جائز إذا توفرت فيه شروط صحة النكاح ...
25024
السؤال
أنا شاب أدرس في استراليا وأرغب رغبة ملحة في الزواج فهل يجوز لي أن أتزوج بزواج عرفي وإني لا أطلب سوى العفة والاستقرار ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا توفرت في الزواج العرفي جميع شروط النكاح فهو جائز، ولا خلاف في صحته شرعًا، ولا يضره كونه لم يوثق في المحاكم .
والشروط التي يتوقف صحة النكاح عليها هي:
1- ولي المرأة كأبيها أو ابنها وما شابه ذلك .
2- الصداق، لقوله سبحانه: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَة [النساء:4].
ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: التمس ولو خاتمًا من حديد.
3- الصيغة وهي كل لفظ يقتضي الإيجاب والقبول من الطرفين .
4- شاهدان يشهدان على وقوع النكاح، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي وشاهدين. رواه الطبراني وصححه في صحيح الجامع الصغير.
ومن هذا يتبين للسائل جواز النكاح العرفي إذا توفرت شروط صحة النكاح فيه .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
-ــــــــــــــــــــــــ
المقصود بإشهار النكاح ...
27294
السؤال
ماهي شروط الزواج السليم؟ ومتى يكون للزوجة ولي بالنسبة للبكر وغيرها؟ وما هو المقصود بالإشهار؟ وماهي فتوى الزواج العرفي؟ ومجلس العقد من الذى يكون فيه ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت شروط النكاح الصحيح وأركانه في الفتوى رقم:
1766 - والفتوى رقم: 964.
ولا تزوج المرأة بكراً أو ثيباً إلا بولي وهو أبوها إن وجد، وإلا فابنها، وإلا فجدها لأب وإن علا يقدم الأقرب فالأقرب، ثم عصبتها الأقرب فالأقرب كأخيها لأب وأم، ثم أخيها لأب فقط ثم أولادهم ثم أعمامهم. فإن لم يوجد أحد من عصبتها زوجها السلطان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له. رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما.
والمقصود بإشهار النكاح إعلانه وضرب الدف عليه والغناء المباح، وجعله ظاهراً بين الناس لا خفية لا يعلم به إلا بعض الناس. وهذا الإشهار مستحب في النكاح لما رواه أحمد وابن حبان والطبراني في الكبير والحاكم، وحسنه الألباني والأرناؤوط عن ابن الزبير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعلنوا النكاح.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
22840، وأما مجلس العقد فإنه يشترط أن يكون فيه الزوج والولي أو وكيلاهما، وشاهدا عدل من المسلمين ولا يتم النكاح إلا بذلك، وما زاد عن هذا العدد فهو أفضل لما سبق من استحباب الاشهار.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
الزواج العرفي بين الصحة والبطلان ...
28805
السؤال
الرجاء إفادتي في موضوع الزواج العرفي ؟ وهل هو حلال أم حرام ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزواج العرفي إذا توفرت فيه شروط الزواج وانتفت عنه موانعه ولم ينقصه سوى التسجيل في السجلات الرسمية للمحاكم الشرعية فإنه يعتبر زواجاً شرعيًّا وإن كان الأفضل والأضمن لحقوق كلا الطرفين أن يكون مسجلاً عند المحكمة.
أما إذا نقصه شرط من شروط الزواج أو كان مشتملاً على مانع يمنع من صحته فإنه يعتبر باطلاً.
وقد سبقت الإجابة على مثل هذا السؤال، وذلك في الفتوى رقم:
5962، وراجع الفتوى رقم: 3329.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
صورتان للزواج العرفي ...
29442
السؤال
ما هو حكم الدين فيمن شهد على عقد زواج عرفي، وماذا يفعل إذا طلبت منه الشهادة؟ ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لفظ الزواج العرفي يطلق على نوعين من الزواج، فقد يطلق مراداً به الزواج الذي توافرت أركانه وشروطه إلا أنه لم يوثق في المحكمة، فإن كان هذا هو المقصود فهو زواج صحيح ولا حرج إن شاء الله في الشهادة عليه وتلبية الطلب في ذلك متى ما طلب منه.
وقد يطلق هذا اللفظ مراداً به اتفاق الرجل والمرأة على الزواج دون حضور الولي، فإن كان هذا هو المقصود فإنه ليس بزواج أصلاً فلا تجوز الشهادة عليه ولا تلبية طلب هذه الشهادة ومن فعل ذلك فهو آثم تجب عليه التوبة والندم، ولمزيد من الفائدة نحيل السائل على الفتوى رقم:
5962.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
هل يصح تزويج رجل وامرأة بالغين نفسيهما ...
29845
السؤال
أنا مخطوبة من رجل ذي دين فهل يجوز لمسي من قبله والتقبيل و... ألخ وبدون كتب الكتاب بيننا وهل يجوز أن نقول صيغة كتب الكتاب بين بعضنا لأننا بالغين أنا في سن 26 وهو33 سنة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة قبل العقد عليها أجنبية على من خطبها لا يحل له منها ما يحل للرجل من زوجته، فلا يمس جسدها، ولا يخلو بها إلا مع ذي محرم. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 994.
وبخصوص عقد الزواج فإنه لا يكون صحيحاً إلا إذا توافرت فيه شروط الصحة من وجود ولي المرأة والشهود على هذا الزواج ولو كان الزوجان بالغين رشيدين، أما مجرد الاتفاق بين الزوجين على الزواج دون توافر الشروط سالفة الذكر فإن الزواج حينئذ يكون باطلاً، وهو الذي يطلق عليه في بعض البلاد [الزواج العرفي]، وقد سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 5962.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
عقد النكاح لا بد له من توافر أربعة أمور حتى يصح ...
30437
السؤال
أريد أنا وخطيبي الزواج عرفياً حتي لا يكون بيننا شيء حرام إلى حين زواجنا رسمياً والذي يؤجله الأهل حتى يتم تأثيث المنزل فهل يجوز بوجود شاهدين مع العلم بأنا عمري 29 وخطيبي 40؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعقد النكاح أمور أربعة لا بد من توافرها، وهي زوجان وولي وشاهدان وصيغة، فإن توافر في عقد النكاح ما ذكرنا صح وإلا فهو باطل، ولمزيد من الفائدة والتفصيل عن الزواج العرفي تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25024، 29442، 29845.
وننبه إلى مسألة مهمة وهي أن كثيرين يحول بينهم وبين الزواج وإعفاف أنفسهم عادات وتقاليد وأعراف ما أنزل الله بها من سلطان، ويضعون أمام أنفسهم عقبات من غلاء المهور وكثرة الطلبات، ولا يمكن أن يتم ما أباح الله من النكاح إلا بعد توفير كل ذلك، فإن عجزوا طلبوا قضاء شهواتهم فيما حرم الله، أو حاولوا الاحتيال على نصوص الشرع بتلبيسات شيطانية.
مع أن العلاج سهل ميسور بين أيديهم، ألا وهو تحطيم تلك التقاليد والأعراف وتخطي تلك العقبات وتسهيل أمر الزواج، وأكثر النساء بركة أقلهن مؤنة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
عليك بترك هذه المرأة حتى تعقد عليها عقدا صحيحا ...
30596
السؤال
يوجد قريبة لي ( بنت زوج أختي ) أرملة من ما يقرب من 16 عاما وأنا متزوج ولي أولاد وأراعي الله فى جميع تصرفاتي وهي كذلك تصلي كتبنا عقدا عرفياً بشهود ودخلت بها منذ عام وأعلم إذا علم أحد بذلك ( زوجتي- أختي- والدها) سوف يرفضون، من أجل ذلك كنت مضطراً للزواج العرفي وأكثر من مرة ألح عليها أن أعرفهم وترفض من أجل ابنها ومن حوالي شهرين امتنعنا عن اللقاء حتى أرسل إليكم وأعرف الفتوى؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزواج العرفي مبين حكمه في الفتوى رقم: 5962.
وبما أن هذا الزواج حصل من دون إذن الولي فهو باطل عند الجمهور، ويدل لبطلانه الحديثان المذكوران في الفتوى المشار إليها آنفاً، وعليه فننصحك بترك هذه المرأة حتى تعقد عليها عقداً صحيحاً، واتق الله تعالى فأي ضرورة تضطرك لهذا وأنت متزوج.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
حكم الميراث إذاكان الزواج عرفيا ...
33399
السؤال
امرأة متزوجة عرفياً وتوفي الزوج.. هل لها نصيب في الإرث؟ جزاكم الله ألف خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سبق في الفتوى رقم: 5962 أن الزواج العرفي إذا توافرت فيه شروط النكاح الصحيح وانتفت عنه الموانع فإنه يعد نكاحاً صحيحاً، ولا عبرة بكونه لم يسجل في المحاكم. وبناء عليه فإن كان زواج هذه المرأة المسؤول عنها من هذا النوع، فإنها ترث من زوجها المتوفى الربع إذا لم يكن لزوجها فرع وارث لقول الله تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ [النساء:12]. وإن ترك الزوج فرعاً وارثاً ولو من غير الزوجة الوارثة فإن نصيبها في الإرث من زوجها الثمن لقول الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ [النساء:12]. وننبه هنا إلى مسألة مهمة وهي أنه إذا كان للزوج المتوفى زوجة أو زوجات أخر غيرها فإنهن يشاركنها في نصيبها. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
الفرق بين الزواج العرفي وزواج المتعة ...
33616
السؤال
ما مدى شرعية الزواج العرفي؟ ماهو الفرق بين زواج المتعة و الزواج العرفي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سبق بيان حكم الزواج العرفي وتفصيل القول فيه بالفتوى رقم: 5962، . وأما نكاح المتعة، فصورته أن يقول للمرأة: أتمتع بك مدة كذا، بكذا من المال. وهو نكاح محرم بالإجماع كما سبق بيان أدلة تحريمه بالفتوى رقم: 485، ، ويتضح الفرق بين الزواج العرفي وزواج المتعة بمعرفة صورة كل واحد منهما. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
الزواج العرفي جائز بشروط ...
34022
السؤال
ما شرعية الزواج العرفي، وهل هو مربوط بمدة محددة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سبق حكم الزواج العرفي في الفتوى رقم: 5962. ونضيف هنا أن اتفاق الزوجين على تحديد مدة معينة لاستمرارية النكاح هو ما يسمى بنكاح المتعة، وهو حرام ويبطل النكاح. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(48/15)
ــــــــــــــــــــــــ
فاقدة الأب والإخوة كيف تتزوج؟ ...
34237
السؤال
أنا يتيمة أب وأم أخ، لدي ثلاث أخوات بخصوص الزواج العرفي أو المسيار وليس لدي ولي أمر، كيف أحل المشكلة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فاعلمي أن المرأة لا يصح زواجها إلا بولي، فلا تملك أن تزوج نفسها ولا غيرها. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 5855، . فإن كان لك قريب من جهة الأب فهو وليّك ما دام أنه لا يوجد أقرب إليك منه، ولا يجوز له منعك من الكفء الصالح. وإن لم يكن لك ولي قريب أو بعيد، فوليك القاضي كما مرّ في الفتوى رقم: 17492 فإذا تم عقد الزواج بين يدي القاضي لا يكون في هذه الصورة زواجاً عرفيًّا، إذ الزواج العرفي هو الذي لا يتم توثيقه وتسجيله في المحكمة أو الجهات الرسمية، وقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 2656 وفي أي من الحالتين يمكنك الزواج عن طريق ما يسمى بزواج المسيار، بالشروط التي مرّ بيانها في الفتوى رقم: 3329. ونصيحتنا إلى الأخت السائلة أن تختار الزوج الصالح صاحب الدين والخلق، فإنه هو الذي يصونك ويتقي الله فيك، وعليك في ذلك باستشارة أهل الخير والصلاح ممن تعرفينهم، كما ننصح بتوثيق العقد في الجهات الرسمية حفظًا لحقوقك. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
هل يشترط أن يكون الطلاق أمام شهود ...
35332
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا فتاة أبلغ من العمر 37 عاماً ومتزوجة من شخص زواجا عرفيا فهل هذا الزواج صحيح وجائز شرعاً؟ علماً بأني من المذهب الجعفري وهو من المذهب السني. وما هو الإجراء المتبع في حالة حصول الطلاق لمثل هذه الزيجة؟ يعني هل يتم بحضور شهود وعقد يوثق أو أنه يتم شفهيا؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا كان هذا الزواج العرفي قد توافرت فيه شروط صحة النكاح فهو صحيح، وإلا لم يصح. وراجعي للأهمية الفتاوى التالية أرقامها: 3329، 25024، 5962. ولا يشترط أن يكون الطلاق أمام شهود، فمتى ما أوقع الرجل الطلاق نفذ عليه ولو لم يُشهد عليه، إلا أن الإشهاد مستحب فقط لقوله تعالى: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ[الطلاق:2]. هذا مذهب جمهور أهل العلم وهو الراجح، وكذلك لا يشترط أن يكون في عقد يوثق. وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 33503. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
زنا مغطى باسم الزواج العرفي ...
35517
السؤال
أنا فتاة جامعية، تزوجت عرفيا من شاب معي في الجامعة، وقد تقدم لي عريس جاهز، وأهلي موافقون عليه، ولكن الشاب يرفض أن يرمي علي يمين الطلاق علما بأن الورقتين معي الآن، فهل إذا مزقتهما أكون أمام الله لست علي ذمته؟ أم إذا تزوجت أعتبر قد جمعت بين زوجين؟ مع أن والدي متعصب جداً، ولن يقبل برأيي في هذا الموضوع، كل ما يهمني الآن: ما هو حكم الله في زواجي الجديد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن هذا النوع من الزواج يعتبر زنًا محضًا مغطى باسم الزواج العرفي، وعليه، فإن كان الرجل الأول اتصل بك جنسيًّا فذاك محض زنًا، فعليكما التوبة والاستغفار، وليس بينكما أية علاقة زوجية، إلا أنه لا يجوز أن تقيمي زواجًا جديدًا إلا بعد استبرائك، إن كان حصل زنًا بينك وبين الشاب الجامعي. والاستبراء يحصل بوضع الحمل إن كان ثم حمل، وبحيضة واحدة على الراجح إن لم يكن بك حمل. وانظري ذلك في الفتوى رقم: 1677. وإن كنتم استوفيتم شروط النكاح التي أهمها الولي والصداق والشاهدان، فالنكاح بينكما صحيح ولا يجوز إلغاؤه وإنشاء زواج آخر إلا بعد طلاق الزوج. وقد سبق تفصيل هذا الموضوع في الفتوى رقم: 5962 فراجعيها. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
حكم زواج المسيار ...
عنوان الفتوى
... يوسف القرضاوي ...
اسم المفتى
... 20826 ...
رقم الفتوى
... 05/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
ما رأيكم في زواج المسيار ؟
نص الفتوى
أخي السائل سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
بداية فلابد من توضيح أنه لا رأي لنا ولا لغيرنا في أمور الدين ولكن هو رأي الإسلام، النابع من الكتاب والسنة وأن الاختلاف فيه لابد من أن يكون مرده في النهاية إلى الدليل الشرعي الثابت والصحيح، أما ما تسميه زواج المسيار فقد تختلف المسميات من مكان لآخر فإذا كان ما تعنيه هو الزواج من امرأة بعقد وولي وشهود مع تنازل من الزوجة عن بعض حقوقها وهو ما أفهمه من زواج المسيار فإليك رد فضيلة الدكتور يوف القرضاوي في هذا الشأن
"زواج المسيار زواج طبيعي عادي، فالعبرة بالمسميات والمضامين وليس بالأسماء والعناوين، هناك قاعدة فقهية تقول العبرة في العقود والمقاصد والمعاني وليس للألفاظ والمباني، فلا نركض وراء الأسماء والمصطلحات، قد يسميه بعض الناس اسماً آخر، ونحن نعرف من قديم أن الناس يتزوجون، منهم من يتزوج ولا يخبر امرأته الأولى بهذا الزواج، فهو قريب من الزواج العرفي إن لم يكن مثله تماماً، وبعض الفقهاء قالوا بجواز أن تشترط الزوجة أن يكون الزواج ليليا أو نهاريا تتنازل عن هذا، روح هذا الزواج موجودة منذ القديم، وهذا الزواج يقضي حاجة بعض النساء، فالمرأة إن يسر الله تعالى لها المال ولم تتح لها فرصة الزواج في سن معقولة، يمكن أن تقبل بهذا، أنا أحب أن أقول أنا لست من محبذي زواج المسيار فأنا لم أخطب خطبة أدعو الناس فيها لزواج المسيار، ولم أكتب مقالاً أدعوهم فيه لهذا الزواج، وإنما سألني صحفى عن رأيّي في زواج المسيار، وهنا لا يسعني إلا أن أجيب بما يفرضه علي ديني، لا أستطيع أن أحرّم شيئاً أحله الله، فإن سألني أحد ما رأيك في زواج المسيار؟ سأقول له أنا لا أعرف ما هو زواج المسيار، بل قل لي ما هو نوع هذا الزواج! فيقول لي هذا زواج فيه العقد والإيجاب والقبول والشهود (الحد الأدنى في الإشهار في الإسلام)، فيه المهر (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) حتى إن كان 10 ريالات، وفيه الولى أيضا؛ فهو زواج مستكمل لشروطه وأركانه، فكيف يسع فقيه أن يقول عن هذا الزواج أنه حرام؟ قد لا يقبله المجتمع، نفرق أن يكون الزواج مقبولاً اجتماعياً وبين أن يكون مباحاً شرعاً، فهناك زواج غير مقبول اجتماعياً، مثلاً أن تتزوج مخدومة خادمها أو السائق، هذا اجتماعياً مرفوض ولا نحبذه، ولكن إن حدث بإيجاب وقبول وباقي الشروط وسؤلت أنا فيه سأبيحه وإن كنت لا أحبذ هذا. زواج المرأة من رجل مثل جدها لأنه غني فقط، لا نحبذ هذا، إنما لو سؤلت هل أقول حرام؟ لا بل أقول :إن هذا مستنكر اجتماعياً، هل هو حلال أم حرام، هذه قضية في غاية الخطورة، مسألة حلال وحرام ؛ينبغي للعالم الذي يخشى الله ويحرص على دينه ولا يهمه إرضاء الناس، ألا يقول أن هذا حرام إلا إذا كان لديه من الأدلة ما يجعله يقول أن هذا الأمر .
ويقول الدكتور على جمعة أستاذ الشريعة بالأزهر الشريف: "الزواج أركانه القبول والايجاب والخلو من الموانع الشرعية لكل من الزوجين والولي والشهادان فإذا توفرت هذه الأركان في العقد بين الرجل والمرأة انعقد شرعا وإذا اختل ركن منها فالعقد باطل والمسلمون عند شروطهم ويجوز للمرأة أن تتنازل عن حقها في المبيت عندها لأن سودة بن زمعة قد تنازلت عن ليلتها لعائشة ويجوز أن تتنازل عن مهرها أو نفقتها لأن الله يقول "وإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا" ـ وللمرأة أن ترجع فيما تنازلت عنه في أي وقت والله أعلم
أما إذا كنت تعني بزواج المسيار شيئا آخر فوافنا بمرادك ونحن دائما في خدمتك.
ــــــــــــــــــــــــ
لزواج العرفي ...
عنوان الفتوى
... فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين ...
اسم المفتى
... 11189 ...
رقم الفتوى
... 27/05/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
ما الزواج العرفي؟ وما حكمه في الإسلام؟
نص الفتوى
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الزواج العرفي يظهر أنه اتفاق بين الزوج والأولياء على العقد واسم الزوجية لكن لا يمكنونه من الزوجة وإنما يقصدون أمراً معيناً كولاية أو حصول صك طلاق بعده أو نحو ذلك ولا شك أنه لا يجوز لأن النكاح جده جد وهزله جد.
ــــــــــــــــــــــــ
حكم كتابة عقد الزواج العرفي على الإنترنت ...
42961
السؤال
يعمل فى مقهى نت وكتب عقد زواج عرفي دون أن يفكر إن كان حراماً أم حلالاً، لأنه تعود على كتابة البيانات من دون التمعن فيها
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصدك أن شخصاً تزوج زواجاً عرفياً ثم طلب من آخر كتابة هذا الزواج على الإنترنت، فهذا يرجع الحكم فيه إلى صحة هذا الزواج وعدمها، فإن كان مستوفياً لشروط النكاح الصحيح المبينة في الفتوى رقم: 18153 فلا حرج في ما فعل.
أما إن كان هذا الزواج العرفي المذكور غير مستوف لشروط الصحة في النكاح، فعلى الكاتب تبيين ذلك لصاحبه، فإن قبل فبها ونعمت، وإلا فعليه التخلص مما كتب ولو بإعلان البراءة، لأن في ذلك عوناً على معصية، وقد قال الحق سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (المائدة: من الآية2)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
الزواج العرفي المستوفي للشروط صحيح ...
43352
السؤال
يريد زميلي الزواج مني وهو متزوج من أخرى، فهل يجوز الزواج العرفي المشهر بين أهلي أنا فقط حتى لا تعلم زوجته؟ وإن كان حراما فهل يمكن أن نتزوج في أي دولة عربية أخرى حتى لا تعلم الزوجة الأولى؟
الفتوى
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الرجل مرضيا في دينه وخلقه، وكان قصدك بالزواج العرفي الزواج المشتمل على شروط النكاح الصحيح المبينة في الفتوى رقم: 1766، ورقم: 964، ورقم:28805، فلا مانع من الزواج به، بل هو الأولى، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وكون هذا الرجل متزوجا من أخرى، لا أثر له، لأنه لا يشترط رضاها أصلا، لأن الشرع أباح الزواج بأربع، لكن بشرط العدل والقدرة على الإنفاق ونحوه.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
هل يشترط علم الأهل بالنكاح العرفي ...
43556
السؤال
السؤال عن الزواج العرفي أن أتزوج فتاه أهلها يعلمون بالزواج ماعدا أهلي
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزواج العرفي إذا كان مشتملاً على الشروط والأركان التي لا يصح النكاح بدونها فهو نكاح صحيح، ولتراجع حكمه في الفتوى رقم: 28805.
ولا يشترط أن يكون أهلك أنت على علم بالنكاح المذكور وإن أحطتهم علماً به تطييباً لخواطرهم فلا بأس بذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
لا يقع النكاح إلا بقدر الله جل جلاله ...
44761
السؤال
يا سعادة الشيخ الكريم بالله عليك أفدني فإني أتعذب ومدمرة نفسيا، هل الزواج من قضاء الله وقدره التام؟ ويدخل في الأمور القدرية البحتة مثل الموت والرزق؟ وما هي الأشياء القدرية البحتة التي ليس للإنسان التدخل فيها؟
لأني باختصار أحببت رجلاً وفي الدولة التي هو منها يصعب الزواج من الخارج مع أنها دولة عربية إسلامية من الدرجة الأولى بحجة أن نسبة العنوسة لبنات الدولة كبيرة !!!!!! وتضع بصراحة صعوبات ما لها حدود،
هل لو الطلب الخاص بنا بخصوص الزواج لم يحصل على الموافقة يبقى هكذا الواحد يسلم ويقول هذا قضاء الله سبحانه وتعالى، ولا يلجأ للزواج الشرعي فقط على سنة الله ورسوله مع عدم توثيقه، مع العلم بأنه لو تم ذلك وأتينا بأولاد لا يستطيع الزوج إضافتهم وتسجيلهم عنده ويدخل في مشاكل ما لها حدود مع بلده لأنه عاص للأومر ويعتبر هذا جريمة مع أنه أبسط حقوق للإنسان وهو الزواج على سنة الله ورسوله
وهل هذه الصعوبات التي تضعها معظم الدول العربية لبعضها تعتبر ظالمة وتجبر الإنسان على الزواج الشرعي الذي يسمى في هذا الزمان الزواج العرفي يعتبر جريمة
نحن نريد أبسط الحقوق التي وضعها الله لنا وهو الزواج والحلال يا سيادة الشيخ أفدني بالله عليك
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل شيء في الكون لا يكون إلا بقضاء الله وقدره، قال تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (القمر:49)، وقال تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً(الفرقان: من الآية2)، ومن ذلك النكاح فلا يقع نكاح بين رجل وامرأة إلا بقدر الله جل جلاله، إلا أن الله تعالى جعل للإنسان مشيئة واختياراً تحت مشيئة الله واختياره، كما قال تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ(التكوير: من الآية29)، والشخص الذي يعيش في بلدة تمنع أنظمتها من الزواج بفتاة من خارجها عليه الالتزام بنظام ذلك البلد، ولا يعرض نفسه وأولاده للأضرار والمخاطر، وفي بلده من النساء الصالحات لزواجه منهن خَلْقاً وخُلُقاً العدد الكثير ولله الحمد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
دفع الزكاة للإعانة على الزواج ...
عنوان الفتوى
... اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ...
اسم المفتى
... 13570 ...
رقم الفتوى
... 02/06/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
السؤال رقم (4096)
هل يجوز صرف الزكاة لشاب يريد الزواج من أجل إعفاف فرجه؟ وهل هناك فرق بين من تعدى سن الزواج المعتاد وبين من لم يبلغ العشرين سنة؟ وإذا كان يريد الزواج من أجل خدمة والدته كبيرة السن فهل يجوز له صرف الزكاة؟
نص الفتوى
الحمد لله
يجوز ذلك إذا كان لايجد نفقات الزواج العرفية التي لا إسراف بها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن قعود
عضو: عبدالله بن غديان
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
ــــــــــــــــــــــــ
تريد الزواج من رجل بغير علم أبيها ...
47914
السؤال
أنا شابة عندي 30 سنة ولم يسبق لي الخطبة من قبل ولم أعرف شابا عنده المصداقية في الزواج كلهم ينظرون لي من حيث الجسد وأنا أكره ذلك ولأني عندي مس من الجان لا أقبل الزواج حينما يتقدم لخطبتي أحد ومنذ شهور التحقت بعمل وأحبني حبا شديدا وأحببته وأصبح الحل أن أتزوجه عرفيا وكنت علي وشك الموافقة لولا مرض أبي وأنا الآن لا أقبل وهو مصر وكوني معه في نفس المكان يشغفني بحبه وأشغفه بحبي ولكن هل الزواج العرفي حلال في مثل هذه الحالة أم لا وأنا أخشى على نفسي من الاستمرار بدون زواج وأخشى من عدم موافقة أبي وهل حرام الزواج بدون ولي الأمر في مثل حالتي وما الوقاية فأنا أحبه وأخشى الحرام وهو أيضا وهو شيخ ولكن المشكلة في زوجته الأولى لو علمت سوف تهدم البيت وتترك الأولاد وأنا أحبه وآمنة على نفسي وأخشى الله وأخشى على أبي وأخشى من نفسي وأريد أن أتزوج .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن ييسر أمرك ويبعد عنك الشياطين، ثم اعلمي هداك الله أنك قد أتيت ذنبا عظيما بإنشائك علاقة آثمة مع من ذكرت، وما قمت به من تبادل أحاديث الغرام معه أو نحو ذلك من المحرمات، وذلك لأن الشرع الحكيم قد شدد التحريم في هذا النوع من العلاقات بين الرجل والمرأة خارج نطاق الزوجية، وانظري الفتوى رقم: 10570.
وعليه، فالواجب عليك التوبة مما مضى وقطع الصلة بهذا الرجل تماما حتى يتقدم إلى خطبتك من أبيك، ولا مانع من أن يكون الزواج عرفيا كما ذكرت إذا استوفى شروط النكاح وأركانه، ومنها الولي، وقد بينا الشروط والأركان في الفتوى رقم: 5962، لكن الذي فهمناه من سؤالك أنك تودين الزواج من هذا الرجل بدون علم وليك، فإن كان كذلك، فلا يجوز لك الإقدام على ذلك، وإن حصل فالنكاح باطل لوقوعه بدون ولي.
وعلى هذا، فإن كان الدافع لفعل ذلك هو الخوف من عدم موافقة أبيك، فعليك أن تواجهيه برغبتك في الزواج من هذا الرجل إن كان مرضيا في دينه وخلقه، وابذلي كل استطاعتك في إقناعه بذلك، ووسطي كل من ترين أن له تأثيرا عليه، فإن وافق فاحمدي ربك، وإلا، فعليك بالصبر والرضا برأي أبيك إلا إذا ثبت عضله حقيقة وخفت على نفسك الوقوع في الحرام، ففي هذه الحالة يمكنك الذهاب إلى القاضي ليتولى تزويجك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
فرض عليها أهلها زوجا وهي متزوجة عرفيا من آخر ...
50588
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر25 سنة
سبق لي الزواج من شخص لا علاقة لي به إطلاقاسوى أنه فرض علي وأنا أحب شخصا آخر كانت بيننا علاقة قوية جدا تحت اسم الزواج العرفي وأنا أقتنع به تماما، كل مشكلته أنه لا يستطيع الزواج مني شرعيا بسبب الزواج الآخر وأنا أريد أن أعرف ماذا تكون علاقة الأول به وماذا أفعل مع الآخر
مع العلم بأن الآخر لا تجمعنا أي علاقة من أي نوع وأنا أريد الآخر بشدة لعدة أسباب
1-متدين
2-محترم
3-عنده ضمير حي جدا
4-وأهم هذه الأسباب أنه يحبني جدا وهذا أول شخص أعرفه يحبني رغم ظروف كثيرة تعيب أي فتاة
أنا لا أعرف ماذا أفعل أريد الإجابة بكل وضوح
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن ما أسميته زواجا عرفيا هو ما يكون من اتفاق بين الرجل والمرأة على أن تزوجه نفسها فتوافق على ذلك، وقد يكتبان بذلك وثيقة فيعاشرها بعد ذلك معاشرة الأزواج، وهذا في الحقيقة ليس بزواج أصلا، بل هو نوع من الزنا لعدم توفر شروط النكاح الصحيح فيه والتي من أهمها وجود الولي والشاهدين، و تراجع الفتوى رقم: 5962، وعلى هذا، فالواجب عليك قطع العلاقة بهذا الرجل لأنه أجنبي عليك، وأن تتوبي إلى الله تعالى.
وننصحك بأن ترضي بمن رضيه أولياؤك لك زوجا، وما من شك أنهم أحرص على مصلحتك، وتذكري قوله تعالى: [وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ] (البقرة: 216).
ثم إنه لو قدر أنك قد كرهت هذا الزوج الشرعي بحيث لا تستطيعين العيش معه في هناء فقد جعل الله لك مخرجا بأن ترفعي أمرك إلى القاضي ليفرق بينكما مقابل عوض تدفعينه إليه، وهو ما يسمى في الفقه الإسلامي بالخلع، وراجعي الفتوى رقم: 3875.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
لا تمتنع من فراش زوجها ولو تزوج بأخرى سرا ...
51790
السؤال
امراة وأم ل3 أولاد تزوج زوجها عليها سرا (عرفيا) فهل يجوز لها أن تمنع نفسها عنه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لهذه المرأة الامتناع من طاعة زوجها وفراشه لكونه تزوج بزوجة أخرى، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 10382.
وأما الزواج العرفي فإن كان قد تم مكتمل الشروط والأركان فهو زواج صحيح، وقد سبق بيان حكمه في الفتوى رقم: 28805، والفتوى رقم: 30437، والفتوى رقم: 36579.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
هل يصح عقد النكاح بأخذ موافقة الولي عبر الهاتف ...
53870
السؤال
أرجو أن توجهوني جزاكم الله ألف خير أنا أعرف رجلا من العراق منذ فترة ولأنه متزوج من إحدى قريباته وحيث إن أهله متشددون من ناحية الزواج من فتاة من غير بلده وأنا أعيش بالإمارات العربية وحيث إننا بعيدان عن بلدينا وخوفا من الوقوع في المعصية وفي خضم ظروف أهله المعارضين الزواج وأهلي الذين لن يوافقوا على زواج من رجل سبق له الزواج ارتأينا أن نتزوج عرفيا لمدة و نبلغ أهلي لنأخد موافقتهم ومباركتهم لزواجي دون إعلامهم أنه عرفي خوفا عليهم ومن جهته لن يعلم أهله و يكون هذا حلا مؤقتا لمدة شهرين حتى تسوى أوضاع إقامتي بالبلد ونتمكن من السفر عند أهلي لتوثيق الزواج ببلدي وبعدها ننتظر فرصة لإخبار أهله حيث إن زوجته الأولى لا تنجب (عاقر) وهو لا يريد أن يجرحها لربما يرزقنا الله بالخلف الصالح وهنا تكون المسألة أهون بتبليغهم وهذا الشخص أنا أثق فيه وليس غرضنا من الزواج العرفي الاستمتاع بوقتنا أو شيء من هذا القبيل ولكنه لظروف خاصة ونحن عندنا النية على تعديله إن شاء الله بعد فترة من الزمن أرجو أن تنصحوني هل زواجنا العرفي صحيح أم باطل وهل لنا أن نقوم بكتابته عند محام أو عند أحد الشيوخ وهل موافقة ولي أمري عبر الهاتف كافية أم يجب أن تكون كتابة مثل أن يبعت بوثيقة أنه لا يمانع ذلك مع العلم أن عمري 28 سنة ووالدي يعرفان هذا الشخص أرجو أن تردوا علي في أقرب فرصة ممكنة جزاكم الله كل خير
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصدين بالزواج العرفي أن يتم النكاح دون إذن وليك، وهو الظاهر، فلا يجوز، لأن وجود الولي شرط من شروط صحة النكاح على الراجح من كلام أهل العلم، وإذا تم النكاح والحالة هذه كان نكاحاً باطلاً، وراجعي الفتوى رقم: 1766 والفتوى رقم: 2834 وأما موافقة ولي أمرك عبر الهاتف فلا تكفي، ولا يصح النكاح في هذه الحالة، إذ لا بد من حضوره أو حضور وكيله في مجلس العقد، ومن الممكن أن يوكل وليك من يثق به ليتولى ذلك، ويبعث بذلك
توكيلاً شرعياً موثقاً، وتراجع الفتوى رقم: 44492(48/16)
وننبه إلى بعض الأمور ومنها: الأمر الأول: أنه ينبغي لك أن تستخيري الله تعالى وتستشيري أهل الرأي والفضل في أمر هذا الزواج قبل الإقدام عليه. الأمر الثاني: أنه لا يلزم إخبار الزوجة الأولى أو أهلها بالزواج من امرأة ثانية، وإن كان الإخبار هو الأولى. الأمر الثالث: أن الزواج من امرأة سابقة ليس عيباً يرد به الخاطب، فينبغي أن تحاولي إقناع أهلك، فإن وافقوا فالحمد الله، وإلا فالواجب طاعتهم في ذلك ما لم يغلب على الظن عضلهم إياك، فيجوز لك حنيئذ رفع أمرك إلى المحكمة الشرعية، وراجعي الفتوى رقم: 14222 والفتوى رقم: 9873 . الأمر الرابع ـ وهو الأهم: أن الواجب عليك إذا لم يتيسر زواجك منه قطع العلاقة به، إذ لا يجوز لامرأة أن تكون على علاقة مع رجل أجنبي عليها، وراجعي الفتوى رقم: 24284، والفتوى رقم: 30194.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
حكم إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة ...
56745
السؤال
أشكر لكم جهودكم في مجال التوعية والتثقيف الإسلامي ومساعدة الجميع على فهم جميع أمور الدين.
سؤالي يبدو غريباً ومختلفاً قليلاً عن المألوف وهو: هل يجوز أن أتزوج من فتاة مسلمة زواجاً عرفياً عن طريق الإنترنت أي أننا نتزوج بدون أن نتقابل فقط عن طريق الإنترنت وذلك بحكم المسافة البعيدة بيننا مع العلم بوجود نية للزواج في حال تحسنت الظروف وفي حال صحة هذا الزواج ما هي الشروط الواجبة لتنفيذه والصيغة المطلوبة لعقد الزواج. وأكرر لكم حسن النية وصدق السؤال وأشكر لكم حسن استماعكم. وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج الصحيح ما توفرت فيه شروط صحته وهي:
1- تعيين الزوجين 2- وجود الولي 3- الإشهاد على الزواج 4- خلو الزوجين من الموانع
ولا تتوفر هذه الشروط عن طريق الإنترنت وخاصة الإشهاد وما يمكن أن يقع فيه من التزييف والتزوير، ولذلك أقر مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة السعودية سنة 1410هـ الموافق 1990م بشأن حكم إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة حيث جاء في القرار:
1- إذا تم التعاقد بين غائبين لا يجمعهما مكان واحد، ولا يرى أحدهما الآخر معاينة ولا يسمع كلامه، وكانت وسيلة الاتصال بينهما الكتابة أو الرسالة أو السفارة (الرسول)، وينطبق ذلك على البرق والتلكس والفاكس وشاشات الحاسب الآلي (الكمبيوتر) ففي هذه الحالة ينعقد العقد عند وصول الإيجاب إلى الموجه إليه وقبوله.
وجاء في الفقرة الرابعة: 4- إن القواعد السابقة لا تشمل النكاح لاشتراط الإشهاد فيه، ولا الصرف لاشتراط التقابض، ولا السلم لاشتراط تعجيل رأس المال.
ونحيل على الفتوى رقم: 5962 لمعرفة معنى الزواج العرفي وحكمه، وننبه إلى أن الله سبحانه شرع الزواج لمقاصد عظيمة، من هذه المقاصد: أنه سكن يأوي إليه كل من الزوجين في جو من المودة والرحمة والأنس، قال الله تبارك وتعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}, ومن مقاصد الزواج أن فيه إحصان كل من الرجل والمرأة عن الوقوع في الحرام، كالنظر المحرم وما يجر إليه من فواحش وكبائر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع من الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه، فالزواج من امرأة بدون الاجتماع بها والعيش معها لا فائدة فيه، ولا تتحقق المصلحة والحكمة من ورائه غالباً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
حكم الاعتراض على الزواج العرفي ...
57592
السؤال
حيث إني شاب أعزب عمري 23 سنة، مشكلتي تبدأ أني لم أجد الأب بجواري حيث إنه ترك البيت في ظروف غامضة ولم أجد من يعرف عنه شيئا حتى الآن وتزوجت أمي من رجل آخر ثم رجل ثان، لكن هنا مشكلة حيث إنها استطاعت شراء شقة، لكن من أين جاءت بالفلوس وهي لا تعمل ولا توجد أي مصادر أخرى قد تأتي منها بالفلوس حتى من زواجها السابق، هل أشك أن هذا المال حرام، والمشكلة الثانية أيضاً في أمي أنه منذ فترة قريبه تزوجت مرة أخرى من رجل غني قريباً، لكن هذا الزواج اكتشفت أنه (عرفي) وتريد تحويله لزواج رسمي وتتزوج في شقتها، أليس هذا حراما، لكن أنا أعترض على هذا الزواج حتى لو تحول لرسمي، هل اعتراضي على هذا الزواج أصبح من عقوق الوالدين، أفتوني جزاكم الله خيراً. ملاحظة: أرجو إرسال الرد بالتفصيل على بريدي الإلكتروني
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الزواج العرفي في الفتوى رقم: 5962.
وعليه.. فإذا كان هذا الزواج مستوفي الشروط ومنتفي الموانع فهو زواج صحيح، وكونه لم يسجل في المحاكم لا يؤثر ذلك في صحته لأن التسجيل ليس شرطا في النكاح، وإنما هو مجرد زيادة توثيق، وعليه فاعتراضك عليه لا يعد في محله لأن الزواج قد تم بالفعل، وأي محاولة منك لإنهائه تعد معصية من جهتين أولاً: لأن فيه عقوقاً لأمك، وثانيها: أنه تخبيب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
أما إذا كان الزواج المذكور غير مستوفي الشروط، وأراد الزوجان إظهاره على نحو ما كان عليه من الفساد فهذا يجب معارضته حتى تكتمل الشروط وليس في ذلك عقوقاً، فإذا أرادوا تصحيح العقد وإعادته بشروطه فليس لك أن تمانع.
أما بخصوص الشك في مصدر المال الذي اشترت به أمك تلك الشقة فالجواب فيه أن الأصل أن أمور المسلمين تحمل على السلامة ما لم يثبت خلاف ذلك، ويتأكد هذا طبعاً في حق الوالدين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
النكاح الشرعي والعرفي والمدني ...
57876
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
ما هي الصيغة الكتابية لكل من عقد الزواج العرفي ,المدني و الشرعي ...
علما بأني أقوم بعمل بحث حول الزواج و أريد إرفاق صيغ العقود به
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط النكاح التي لا يصح النكاح إلا بها الصيغة وهي: كل لفظ يقتضي الإيجاب من ولي المرأة والقبول من الزوج.
فالإيجاب أن يقول ولي المرأة: زوجتك فلانة. أو: أنكحتك فلانة. والقبول أن يقول الزوج: قبلت نكاحها. أو: قبلت زواجها. أو: رضيت نكاحها.
وما يسمى بالزواج العرفي يطلق على صورتين إحداهما صحيحة والأخرى غير صحيحة . وسبق بيانها في الفتوى رقم 29442
وأما ما يسمى بالزواج المدني فهو بحسب علمنا أن يذهب الرجل والمرأة إلى المحكمة المدنية ويحضرون اثنين من الشهود، ثم يحصل عقد الزواج في المحكمة، وتكون بذلك زوجته عندهم.
وننبه هنا إلى أن كل عقد لم تتوفر فيه الشروط الشرعية اللازمة. التي سبق بيانها في الفتوى رقم 1766، فإنه عقد باطل لأن الفروج لا تستحل إلا بكلمة الله، وكل عقد لم تتوفر فيه تلك الشروط فهو ليس من كلمة الله في شيء.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
إخبار أهل الزوجة الثانية بالزواج العرفي السابق ...
60243
السؤال
تتلخص مشكلتي أو مشكلة الأسرة بالكامل في أخي حيث إنه يبلغ من العمر الأن 32عاما و منذ فترة قرابة العام دخل في مشروع تجاري مع سيدة تبلغ من العمر 64 عاما و كانت تلك السيدة ذات كلام ساحر و جميل بل رائع لكن أمي ابدا لم ترتح إليها و لكن السيدة كانت تمثل علينا بشتي الطرق، أن أخي مثل ابنها لكنها من الناحيه الأخري يبدو أنها كانت تغويه و نحن من ناحية نسعي جاهدين أن نزوجه و فجأة تفجرت الكارثة و بعد عدة أشهر و بعد ضغط شديد عليه علمنا أنه تزوج عرفيا هذه السيدة و قامت الدنيا و مرضت أمي كثيرا من همها به و أخيرا قال إنه قطع الورقة و نحن الآن نسعى لتزويجه من أخت زوجي و هم أيضا واضح جدا أنهم يتمنونه من كل قلوبهم و السؤال الآن هل لو تقدمنا للفتاة يجب علينا أن نبلغهم بما حدث بشأن الزواج العرفي حيث إنه لم يتجاوز ال 3 شهور حيث إنهم إن بلغناهم من الممكن أن يرفضوا و لو رفضوا ستكون المشكلة و هم أصهاري في نفس الوقت، أم لا نبلغهم حيث إن الله ستر عليه فلا يجب أن نفضح ستره أرجو الإفادة ؟ أرجو أن تنصحونا إذا كان يجب أن نبلغهم بهذا الشيء و بأي طريقة أمي معذبة بذلك الموضوع و تتمني لو يتزوج من أخت زوجي و جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زواج أخيك بهذه المرأة إن كان قد تم مكتمل الشروط والأركان فهي زوجته فلا يكفي تمزيق الورقة، بل لو أراد فراقها فعليه أن يطلقها.
أما إخبار من يتقدم لخطبة ابنتهم بزواجه المذكور فلا يلزم وإن كان الأولى أن يذكر لهم ويوضح ما من شأنه أن يؤثر على العلاقة الزوجية لو علموا به فيما بعد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
نسبة الطفل وزواج ولد الزنا من بنات أبيه ...
60759
السؤال
هل يجوزأن ينسب الطفل إلى والده مع أنه لم يستوف شروط الزواج الصحيح من والدة الطفل، في حالة الزواج العرفي من وجود ولي (المرأة تزوج نفسها أو تتخذ وليا آخر غير وليها الأصلي بدعوى الكتمان)؟ ثانيا: هل يجوز لابن الزنا الزواج من البنت الشرعية من زوجة أخرى للرجل الذى زنى بأمه؟ هذه الأمور أريد معرفتها لانتشار الزواج العرفي ودعاوى إثبات النسب هذه الأيام.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج العرفي إذا استوفى شروط النكاح ولم ينقصه إلا التسجيل في المحاكم يعتبر نكاحا صحيحا، وراجع الفتوى رقم: 5992 . أما إن نقص الولي فالجمهور من العلماء على بطلانه ولم يخالف في ذلك إلا الإمام أبو حنيفة حيث يجوز للمرأة الرشيدة أن تلي نفسها، أما فيما يتعلق بنسبة الولد فمجمل القول فيه أن أي نكاح أقدم الزوج عليه معتقدا حليته فإن الولد فيه ينسب إلي أبيه وإن كان النكاح مجمعا على بطلانه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه يلحقه فيه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين إلى أن قال فإن ثبوت النسب لا يفتقر إلى صحة النكاح في نفس الأمر بل الولد للفراش كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. اهـ. ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 60343. أما بخصوص زواج ولد الزنا ببنات أبيه الزاني فلا يجوز وإن كان شرعا لا ينسب إليه وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم:10152.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
زواج المتزوجة عرفيا ...
62957
السؤال
تزوجت عرفيا وكنت في انتظار عودة أبيها من سفره لإتمام الزواج على سنة الله ورسوله، ولكنها سبقت الأحداث وتزوجت من شخص آخر، ما حكم زواجها، هل هو صحيح أم باطل وما كفارتي؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد بهذا الزواج العرفي أنك عقدت على هذه الفتاة بموافقة أبيها مع اكتمال بقية شروط النكاح المبينة في الفتوى رقم: 58250.
فزواجك صحيح، وبالتالي فزواج هذا الرجل من امرأتك يعد زواجاً باطلاً لوجود مانع بهذه المرأة وهو كونها ذات زوج، قال الصاوي في حاشيته: وشرطها أي الزوجة الخلو من زوج فلا يصح عقد على متزوجة. انتهى.
وكذا الحكم إن كان زواجك من هذه المرأة فاسداً غير متفق على فساده، قال صاحب الفواكه الدوانى وغيره: وإن عقد على من نكحت فاسداً مختلفاً فيه قبل الحكم بفسخه لم يصح العقد. انتهى.
أما إن كان الزواج مجمعاً على بطلانه مثل أن يكون بغير ولي وبغير شاهدين، فلا أثر حينئذ له، وراجع الفتوى رقم: 5962، وينبني على ذلك صحة عقد هذا الرجل المذكور، وذلك لأن من القواعد الفقهية المعروفة عند بعض أهل العلم أن: المعدوم شرعاً كالمعدوم حسا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
إذا صح النسب ثبت الميراث ...
64062
السؤال
تزوج رجل زواجا عرفيا وأنجب بنتا ثم طلق زوجته، ومرت السنون وتوفي هذا الرجل عن تركة لا بأس بها، فهل يحق لهذه البنت الناتجة عن ذلك الزواج العرفي أي شيء فى ميراث أبيها، علماً بأن عقد الزواج العرفي لم يوثق فى مصلحة الشهر العقاري حين الزواج، وقد علمت أنه فى هذه الحالة فإن تلك الفتاة يحق لها أن تحمل اسم أبيها فقط، ولا يحق لها أن ترث طالما أن عقد الزواج غير موثق من الشهر العقاري طبقا لقانون البلد (مصر)، أفيدونا أفادكم الله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج العرفي إذا استوفى شروط النكاح الصحيح كوجود الولي والشهود وحصول الإيجاب والقبول فهو يعتبر نكاحاً صحيحاً ولا ينقضه كونه لم يوثق في المحاكم، وإن كان ذلك أمراً محموداً في هذا الزمان الذي قل الدين فيه رفعاً لدواعي الخلاف.
وعليه؛ فإن كان زواج والد هذه البنت من هذا النوع فهو زواج صحيح والبنت لاحقه بأبيها، وبالتالي فهي تنسب إليه شرعاً وترثه إذا ترك مالاً، وترثه كذلك إذا كان الزواج باطلاً لتخلف شرط من شروط صحة النكاح بشرط أن يكون أبوها أقدم على النكاح معتقداً صحته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فإنه يلحقه فيه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين وإن كان ذلك النكاح باطلاً في نفس الأمر باتفاق المسلمين... فإن ثبوت النسب لا يفتقر إلى صحة النكاح في نفس الأمر بل الولد للفراش؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وكما تنسب إليه أيضاً وترثه إذا حكم بصحته حاكم شرعي يرى ذلك، ولكننا ننصح بمراجعة أهل العلم في بلدكم عن هذه المسألة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
النكاح الفاسد.. ومسألة الرجوع للزوج الأول ...
65151
السؤال
أرجو المساعدة -أنا امرأة مطلقة 3 مرات وقال لي أبو أولادي إذا تزوجت سأردك بعد الطلاق وعرف ذلك والدي وأخي ولكن قال أبي إذا أردت الزواج العرفي خذي أخاك الكبير معك وقابلت رجلا واتفقنا على الزواج خوفا من الحرام وقلت له نتزوج وأترك الأمر لك بعد الزواج أن تستمر أم كما تريد وكانت نيتي أن أتزوج لكي أرجع لزوجي الأول مع عدم ثقتي فيه أن يرجعني وأخذت بالأسباب وكتمت نيتي عن هذا الزوج الثاني ولا أعلم نيته في زواجه مني ولم نتفق على مهر واتصلت بأخي قبل الزواج بأخي الأصغر من الكبير ويكبرني ووافق على الزواج عبر الهاتف وذهبنا إلى محام وكتب عقدين و2 شهود شهدوا ولم يحضر أخي ووافق على الهاتف فقط وكان أحد الشاهدين كاتب العقد المحامي وقرأنا صيغة الزواج على سنة الله ورسوله ومذهب أبي حنيفة وقلت له زوجتك نفسي وقال قبلت أمام الشهود وعاشرني ولم يعلم أحد بهذا الزواج غير الشهود ولن أعلن الزواج ثم بدأ في التهرب ربما لوجود أطفالي وقلت له اتق الله وخلينا نستمر لعله خير ولكنه عاشرني ثم طلب الطلاق وذهبت أنا وأخي عند نفس المحامي وقال طلقت زوجتي فلانة أمام شاهدين وأخي وكتب ورقة للطلاق-فهل هذا الزواج حلال وهل لي عدة وهل عدم وجود أخي معي أثناء الزواج يمكن مع أنه حضر الطلاق ولم نتفق على أي مهر ولكنه كتب في عقد الزواج مبلغا مؤخرا وقد تنازلت عنه عند الطلاق مع العلم أني سألت أبي أن يحضر معي إذا تزوجت ولكنه قال خذي أخاك الكبير ولكني اتصلت بأخي الأصغر عند الزواج ووافق على الهاتف ولم يعلم أبي بهذا الزواج حتى الآن ولا أعلن الزواج
أنا في ورطة خوفا من الله هل علي أي ذنب لأني لا أعلم بشروط الزواج الصحيحة من قبل-ولم أطلب الطلاق وهو أصر على الطلاق بعد معاشرتي-
جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنكاح بدون ولي لا يصح، وهذا مذهب جمهور الفقهاء وهو الصحيح ، ويصح عند الحنفية إذا كانت المرأة بالغة عاقلة ، وتقدم بيانه في الفتوى رقم: 5916.
فعلى القول الراجح فهذا العقد غير صحيح شرعا، ولا يكفي موافقة الأخ الأصغر على الزواج، لأنه ليس بولي ولا وكيل عنه.
ويصح على مذهب أبي حنيفة ولا يؤثر في صحته نية المرأة أن تحل بهذا الزواج لزوجها الأول، ما دام أن الزوج قد تزوجها زواج رغبة ولم يشترط عليه الطلاق، في العقد أو قبل العقد، ولا يؤثر عدم ذكر المهر في العقد وعدم إشهار الزواج على صحة العقد، فالمهر إذا لم يعين في العقد فإنه يكون للمرأة مهر مثلها ، وأما الإشهار فإنه مستحب وليس بواجب ، وتقدم في الفتوى رقم: 27294.
وعلى كل حال يجب عليها أن تعتد من هذا الزواج عند سبب العدة من طلاق أو موت حتى عند من يقول ببطلانه، وهل هذا الزواج يحلها لزوجها الأول؟
الجواب: أما عند من يقول بصحته فالأمر واضح أنه يحلها، وأما من يقول ببطلانه فلا تحل للزوج الأول، قال في الموسوعة الفقهية: وإنما تنتهي الحرمة وتحل للزوج الأول بشروط : أول شروط التحليل: النكاح , لقوله تعالى : حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ {البقرة:230} ثم قال : يشترط في النكاح الثاني لكي تحل المرأة للأول: أن يكون صحيحا , ولا تحل للأول إذا كان النكاح فاسدا , حتى لو دخل بها , لأن النكاح الفاسد ليس بنكاح حقيقة , ومطلق النكاح ينصرف إلى ما هو نكاح حقيقة . ولو كان النكاح الثاني مختلفا في فساده , ودخل بها , لا تحل للأول عند من يقول بفساده. انتهى
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
الزواج العرفي بدون ولي باطل ...
66004
السؤال
أود الحصول على إجابة صحيحة لأنني متعب من ذنبي وأريد أن أعرف ماذا أفعل، لقد تزوجت عرفيا من فتاة واجتمعت بها وأخبرت الأصدقاء وأهلي فقط، وكان فى نيتي والله أعلم الزواج منها، وعندما تقدمت لزواجها وافق أهلها ولكن بشروط صعبة مثل الموخر والمنقولات، فأعلمت أهلها بأننا تزوجنا عرفيا، ولكن لم يغير ذلك شيئاً من الأمر وأصروا على طلباتهم، أرجو من سيادتكم إفادتي ماذا أفعل حتى أتخلص من وبال الذنب هل أقبل وأتزوجها أم أنفصل عنها؟ والله الموفق.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب أن تعلم أنه لا يجوز للمسلم التلاعب بأمور النكاح وذلك لأنه يترتب عليه استحلال أبضاع النساء وأمور الأنساب والتوارث وغير ذلك من المسائل الخطيرة التي احتاط الشرع لها وسن لها قوانين غاية في الحكمة لا يجوز انتهاكها.
ومن هنا فإنه يتحتم على المسلم ألا يقدم على الزواج حتى تتوفر الشروط وتنتفي الموانع التي قررها الشرع وإلا كان النكاح فاسداً.
ومن تلك الأنحكة الفاسدة الباطلة تزوج الرجل المرأة بدون إذن وليها أو من يقوم مقامه على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، وتعضده السنة الصحيحة، ففي الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وصححه السيوطي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا نكاح إلا بولي. وقال صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل، فنكاحها باطل. رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني.
ومن هذا تعلم أخي أن زواجك من هذه الفتاة من غير وليها هو زواج باطل يجب عليك التوبة منه، وبالتالي فلا يجوز الخلوة مع هذه الفتاة فأحرى الاستمتاع بها لأنها أجنبية عنك، لكن لا حرج من الزواج منها بعد موافقة وليها واستبراء رحمها بحيضة إن لم تكن حاملاً وإلا فاستبراؤها بوضع حملها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
حكم امتناع المرأة عن فراش الزوجية لكونه لا يحبها ...
70004
السؤال(48/17)
سوف أذكر قصتي بدون التفاصيل، ولكن قدر المستطاع ذكر التفاصيل المهمة وأعتذر عن عدم إجادة اللغة العربية؛ تزوجت زوجي منذ 8 سنوات ورزقت بطفلين ولد 6 سنوات وبنت سنتين والحمد لله من أجمل الأطفال وأنا أعمل فى وظيفة مرموقة جداً وزوجي رجل محترم، ولكن فوجئت منذ 10 شهور أنه تزوج امرأة أرملة أكبر منه بحوالي 5 سنوات على الأقل وهي تعمل معه فى مجال العمل الجديد وعندما علمت كانت أسبابه أنت أهملتني طيلة الأعوام السابقة وأنا لست سعيدا معك وعندما سألته لماذا لم تقل؟ قال أنا فقط أشير بأصبعى وأنت يجب أن تفهمي، المهم تركها بعد 4 شهور وعاد إلى المنزل وقد فعلت كل ما طلبه مني وهو يعترف بذلك وتم ضبط كل شيء بيني وبينه، وكان من قبل لا يصلي بانتظام ولكن تمت الهداية من عند الله في رمضان حتى بدأ مرة أخرى يذكر أنة قد يكون ظلمها بزواجه منها عرفيا ويجب أن يتزوجها رسميا، ولكن رفضت وعلمت وقتها أنه كان طيلة الستة أشهر الماضية على علاقة بها، ولكن في التليفون فقط ويراها من وقت لآخر ولكن بدون معاشرة لأنه طلقها وقد ذهبت إليها وقلت لها أرجوك سامحي زوجي وقالت لقد سامحته وقلت له لو أنك ما زلت ترغب في زواجها أنا لا أريد الطلاق من أجل أولادي وأعيش معك فى المنزل كل في حاله وأفعل كل ما يطلب مني كزوجة من كل شيء وأكون خادمة لك ولأولادك، ولكن لا نعاشر بعضا لأن هذا حقي وقد وقع علي ضرر نفسي وأنت تقول إنك لا تحبني وتحبها وقد تم الاتفاق على هذا بعد أن كنا قد تم الاتفاق على الطلاق وعدت إلى المنزل ولكن طلب معاشرتي وقال لا توجد امرأة أخرى، ولكن علمت من التليفون المحمول الذى يملكه أنه يكلمها فى اليوم أكثر من 10 مرات وأرسلت له رسائل حب قرأتها فهو لا يقول ويقول حتى لو أكلمها أكلمها في الشغل وأنا أصوم حتى أقاوم، فالمطلوب معرفة إذا كنت أرفض معاشرته، هل هذا حرام وأنا أعلم أنه لا يحبني وعلى علاقة بأخرى، وأنا لا أريد أن أخرب بيتي فأصبر وفي نفس الوقت هل حلال أن يكون هو على علاقة بأخرى حتى لو يحبها فقط بدون معاشرة وهو يصوم ويصلي القيام يوميا ساعة قبل الفجر، وهل هذا يعتبر خيانة لي أم لا وبماذا تنصحني أن أفعل، أرجو الاهتمام والرد علي في أسرع وقت ممكن وقد بدأ يرد على مكالمتها أمامي وتعرف جميع خطوات حياتنا اليومية، وهل يصح علاقة الصحبة مع امرأة مع كل التدين الذى هو فيه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أيتها الأخت الكريمة أن تقومي بحقه، وتجيبيه إلى طلبه، فهو زوجك وإن وقع في أخطاء، ولا يجوز لك الامتناع عن الفراش بحجة أنه لا يحبك، وأما زوجك فنوصيه بتقوى الله تعالى والحذر من الوقوع في شباك الشيطان، فيفعل أمراً يُسخط الله تعالى، وعلاقته بهذه المرأة إن كانت مبنية على زواج صحيح بأن عقد له عليها ولي المرأة وكان ذلك في حضور شاهدي عدل وتم الإيجاب والقبول فهي زوجته، وإلا فإن اختل ركن من أركان عقد النكاح، فالواجب عليه اجتنابها والبعد عنها، فهي أجنبية لا يجوز له مخالطتها ولا محادثتها وخاصة فيما يسمى بالأمور الغرامية ونحو ذلك، ولمعرفة الحكم في الزواج العرفي تراجع الفتوى رقم: 5962.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
الزوجة الفاسقة بين الإمساك والتسريح ...
70908
السؤال
فضيلة الشيخ الموقر:
أعاني من مشكله تكاد تدمر حياتي حيث إنني أرتبط مع إحدى الأخوات في المهجر بزواج عرفي وهي مولودة في أوربا ولا تعرف من الدين شيئا وعلمتها أشياء كثيرة ولكنها ما زالت جاهلة وترفض الحجاب وتسمع الأغاني وتسهر مع صديقاتها ومع العشرة أحبتني كثيرا وأحببتها بل عشقتها والآن هي لا تصلي وترغب دائما في السهر وخلافه وكل يوم نحن في مشاكل بسبب الغيرة وعدم الثقة وأنا أشك فيها لأن صديقاتها فاسقات وهي تحبهن وتقول لا دخل لي بما يفعلن المهم أنا أجلس فقط معهن وأضحك معهن وحياتهن الخاصة لهن وتعبت منها ولكن عندما أغضب منها أو أريد تركها أموت مليون مرة إحساس غريب أن تهينني وتذل كرامتي ولا أستطيع الاستغناء عنها بل أذهب أنا وأحاول مصالحتها وأتأسف لها وأحس أني بلا كرامة ولكن أقول إن ذلك أرحم عندي من الألم الذي يأتى في قلبي ألم رهيب أترك كل شيء عملي ولا أفكر إلا بها هل أنا مسحور أم مريض أم ماذا وماذا افعل؟ أنجدوني وأنقذوني من هذا العذاب. وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاما حكم الزواج العرفي فقد بيناه في الفتوى رقم: 5962، 25024، وذكرنا أنه صحيح إذا توافرت فيه الشروط المعتبرة لصحة النكاح كما هي مبينة فيهما.
ولكن ترك تلك الفتاة للصلاة وإعراضها عنها إن كان عن جحود منها لوجوبها فذلك الاعتقاد كفر يخرجها من دائرة الإسلام ويبطل نكاحها، فلا يجوز لك البقاء معها إن كان كذلك. وإن كان تهاونا بالصلاة كسلا فتؤديها أحيانا وتتركها أحيانا أخرى فيخشى عليها من الكفر كذلك؛ لقول بعض أئمة الإسلام به. وقد بينا كلام أهل العلم في المسألة مفصلا في الفتوى رقم: 1145 ، ومهما يكن من أمر فتارك الصلاة لا خير فيه سواء قلنا بكفره أم لم نقل به، هذا مع ما ذكرته عنها من ترك الحجاب وملازمة صديقات السوء وغير ذلك من العار والشنار. فإذا أردت البقاء معها فينبغي أن تعلم أنك مسؤول عنها يوم القيامة؛ كما في الحديث الصحيح: والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته. متفق عليه. فيجب عليك أن تلزمها بأداء الصلاة وارتداء الحجاب وتفصمها عن صديقات السوء؛ كما بينا في الفتوى رقم: 211، 1225، 1867.
فإن أطاعتك والتزمت بأوامر ربها وازدجرت عن نواهيه فأمسكها واصبر على تربيتها ودعوتها، وإلا فطلقها فلا خير في البقاء معها، وما يصيبك من حزن وهيام لفراقها إنما هو بسبب البعد عن الله، وفراغ القلب من محبته، والإعراض عنه بغيره. فأقبل عليه واملأ قلبك بحبه ولسانك بذكره.
ونسأله سبحانه أن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
علاج من ارتبط زوجها بعلاقة مع أجنبية عنه ...
71600
السؤال
أنا متزوجة من 7 سنوات وفي العام الماضي علمت أنه على علاقة بامرأة أرملة تكبره ب5 سنوات وعندما علمت قال لي أنا متزوجها عرفيا وحدثت مشاكل كثيرة وطلبت الطلاق وبعد فترة رجع إلي وطلقها ولكن استمر بالحديث بالتليفون والخروج للأماكن العامة معها وكان يكذب علي ولكن الله سبحانه وتعالى جعلني أعلم وخيرته أنا وأولاده أو هي فالتزم حوالي شهرين ولا كلمها وربنا هداه في رمضان بصوم وصلاة وقيام ليل وحتى الآن صائم منذ رمضان ولكن مازل يحدثها بالتليفون يوميا وتحدثة أكثر من 6 -7 مرات وكل أخباري وأخباره وأخبار بيتي عندها ولكن نادرا ما يقابلها ويكون بإلحاح شديد منها لأنه أصبح لا يذهب إلى مكان فيه اختلاط
ولكن هي دائما تلاحقه وتستميل عطفه فماذا أفعل؟؟؟ أنا مللت وأنا لو أسأله يقول لي أنا أقف بجانبها فهي إنسانة ضعيفة وأنا لا أغضب الله في شيء ولكنه لا يقدر مشاعري مع العلم الحمد لله أننا سعداء في حياتنا لولا هذا الموضوع بالنسبة لي.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن علاقة الزوج بامرأة لا يربطه بها رابط الزواج الشرعي علاقة منكرة، ومعصية يجب عليه التوبة منها، والإقلاع عنها، وينبغي للزوجة أن تناصحه، بالحكمة والموعظة الحسنة.
وللزوجة الحق في المطالبة بحقوقها الشرعية في النفقة والمبيت وغير ذلك، وليس من حقها مطالبة الزوج بطلاق ضرتها، وقد ورد النهي عن ذلك كما في الفتوى رقم: 20665، ومن فعلت ذلك فعليها التوبة من فعلها ذلك.
ولمعرفة حكم الزواج العرفي تراجع الفتوى رقم: 5962.
وأخيرا ننصح الأخت بمعالجة موضوع زوجها بالحكمة، وأن لا تستعجل باتخاذ قرار قد يشتت عائلتها ويمزق كيانها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
حكم تولي المرأة تزويج نفسها ...
72407
السؤال
أنا سيدة عمري 26 سنة مطلقة ولي ولد وبنت عرفت شابا عن طريق العمل فحدث قبول بيننا وطلب مني الزواج، ولكن ظروفي في المنزل لا تسمح أن يتقدم رسمياً فطلب مني الزواج العرفي وبالفعل تزوجنا عرفياً بشاهدين، ولكن بدون ولي وبمهر مذكور وصورة لي وله على هذا العقد وبصمة لي وله على الصورة، وهو عرف بعض الناس بزواجنا للإشهار ولكن أنا لم أعرف أهلي حتى الآن بسبب عدم أخذ أولادي مني، ولكن نحن في نيتنا الزواج الشرعي بعد اجتياز هذه الظروف، فسؤالي هو: هل هذا الزواج شرعي أم لا، وهل يصح لي أن ألي نفسي مع العلم بأني ثيب (مطلقة)، وهل لهذا الزوج كل الحقوق الشرعية، إذا كان الزواج صحيحاً فهل يجب أن يطلقني قبل أن يتزوجني رسمياً ولي عدة قبل زواجنا رسمياً، وهل يجب توثيقه في الشهر العقاري أم لا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا العقد باطل، لأنه قد اختل فيه شرط من شروط صحة عقد النكاح وهو الولي، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي. رواه أحمد وأبو داود، وللحديث: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل, فنكاحها باطل, فنكاحها باطل. رواه أحمد وأبو داود وصححه السيوطي. وانظري الفتوى رقم: 68436.
والواجب عليكما أن تتوبا إلى الله تعالى من الإقدام على هذا النكاح الباطل، ولا يصح لك أن تتولي تزويج نفسك ولو كنت قد تزوجت من قبل، وما حدث بينكما هو عقد فاسد ووطء بشبهة فتستحقين فيه المهر، وإن حدث أولاد نسبوا إلى هذا الرجل، ولا حاجة إلى أن يطلقك لأنه عقد فاسد وإن وثق في جهة رسمية، وإذا أراد هذا الرجل الزواج بك فعليه أن يعقد عقداً صحيحاً مكتمل الشروط والأركان، ولا يلزمك أن تعتزليه بعد العقد، لأن الرجل هو صاحب الشبهة (النكاح الفاسد)، فله الدخول بلك كما سبق في الفتوى رقم: 50775، والفتوى رقم: 71096.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
الشهادة على الزواج العرفي ...
74108
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
س: ماحكم الشهادة على الزواج العرفي ؟
وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الزواج العرفي مكتمل الشروط والأركان الموضحة في الفتوى رقم :7704 ، ولم ينقصه إلا الشهود فلا بأس أن يشهد المسلم على هذا الزواج ، وأما الزواج العرفي الذي يتم بلا ولي فلا يجوز إعانة أهله عليه بالشهادة على ذلك الباطل ، والزواج العرفي فيه تفصيل مذكور في الفتوى رقم : 5962، فتراجع .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
النكاح بغير ولي باطل ...
75157
السؤال
أريد إجابة دينية على سؤالي، هل يجوز الزواج العرفي بوجود شاهدين ومأذون وقبول من الطرفين ومهر، ولكن غير موثق ولا يوجد ولي للمرأة، مع العلم بأني أريد الزواج العرفي بهدف عدم تحريم الخروج مع البنت التي أريد الزواج منها وليس بهدف النكاح؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت شروط النكاح التي لا يصح إلا بها في الفتوى رقم: 49075.
ومنها الولي، فلا يصح النكاح بغير ولي، وهو باطل، وإذا قلنا ببطلانه فلا يصح بموجبه خروج الرجل مع المرأة، إذا قصد بالخروج السفر كمحرم، ومن باب أولى إذا قصد به خروجاً آخر، لأنه ليس بينه وبينها محرمية، ولا زوجية صحيحة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
الزواج العرفي بغير إذن الولي ...
75491
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 20 سنة تعرفت على شاب وخوفا من أن نغضب الله قررنا الارتباط إلا أن الحظ لم يصبني فتمت خطوبتي إلى شخص، وخوفا من الفراق تم الزواج بالشاب عرفيا وبدأنا نتقابل، ولكني ما زلت بنتا، وفى يوم علمت أنه سبق له الزواج ولديه طفل، سؤالي هو: هل يصبح الزواج باطلا لأن ما بني على باطل فهو باطل، الآن أاود أن أطلق منه فما الواجب فعله، وكيف أتوب إلى الله ليغفر لي، ما حكم أفعالي هذه فى الإسلام، كان يقول لي لو فعلت كذا فأنت طالق وكنت أفعله وأقول له أنا الآن طالق يقول لي إن نيتي لم تكن فى الطلاق بل قلتها من أجل التخويف، فهل فعلاً تعد طلاقا، لقد تغير جذريا وترك الصلاة وصاحب النساء ولا أود البقاء معه وهو يرفض فكيف لي بالطلاق، وهل لو تزوجت غيره سيعد ذلك باطلا، وهل العرفي حلال، مع العلم بأنه عرف به الكثير من أهلي حتى يصبح حلالا، كيف لي أن أتخلص من ذلك وأعود لديني وربي، مع العلم بأنه أخفى عني الكثير مثل زواجه وولده وسنه وعلاقاته، أفيدوني أفادكم الله؟ وبالله التوفيق.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أنك كنت تحبين شخصاً، وتم خطبتك لغيره، فقمت بفعل زواج عرفي بينك وبين من كنت تحبينه، وهذا يعني أن النكاح تم خفية بدون إذن وليك، فإن كان الأمر كذلك، فنقول: إن هذا الزواج باطل لأنه تم بلا ولي، وقد سبق أن أوضحنا أن النكاح العرفي يأتي على صورتين، كما في الفتوى رقم: 5962، والفتوى رقم: 74108.
ولا تحتاجين في التخلص من هذا الزواج إلى طلاق، لأن الطلاق إنما يكون بعد نكاح صحيح، وهذا النكاح باطل كما سبق، ويجب عليك التوبة إلى الله جل جلاله مما بدر منك، بأن تندمي على فعلك السابق وتقلعي عنه فوراً وتعزمي على عدم العودة إليه أبداً.
وهذا الفعل الذي بدر منك لا فرق بينه وبين الزنا، إذ باستطاعة أي زانيين قبل أن يفعلا الفاحشة أن تقول المرأة زوجتك نفسي ويقول الزاني قبلت نكاحك ثم يفعلا ما أرادا من الفواحش، وهذا لا يقوله عالم، ولا يرضاه من في قلبه ذرة إيمان.
وأما سؤالك عن قوله (إن فعلت كذا فأنت طالق) فنقول: سبق أنه ليس زوجاً لك، لأن العقد غير صحيح، وعليه فكل هذا الكلام يعتبر لغواً لا قيمة له، وإخفاؤه عنك بعض المعلومات كسنه وعمله وزواجه، لا يغير في الأمر شيئاً، إذ هذه المعلومات لا يلزم الرجل ذكرها لمن أراد أن يتزوجها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
من بر الأم نصحها وإرشادها إلى ما فيه مصلحتها ...
77298
السؤال
أنا رجل قاربت على الخمسين والدتي تركتني من سن أربع سنوات وانشغلت في لهوها في عمل فني ليس جيدا، وتزوجت من رجل آخر ولم تسأل عني وقد رباني والدي رحمة الله عليه تربية إسلامية حسنة ولم تعرفني والدتي إلا حين تخرجت وأصبح لي دخل وأنا كنت أعطيها دون حساب ومات والدي وترك لي أختين من أم أخرى توليت تربيتهما فكانت أمي تعاملهم أسوأ معاملة ذلك لأنهما بدون أم لولا التربية الإسلامية التي رباني عليها والدي فكنت أدافع عنهما وأحميهما من أمي التي كانت دائمة الزيارات لنا بصراحة للاستفادة منا بكل السبل وبعد ذلك تزوجت وأنجبت ولم أجد من والدتي أي مشاعر محبة تجاه زوجتي أو أولادي ومضت السنون ومات زوج أمي وورثت أمي وساعتها وكأنها لا تعرفني وكانت تفضل أبناء بناتها من زوجها الآخر ولا تعير أي اهتمام بأولادي وكانت شديدة اللفظ والقلب مع أولادي وزوجتي حتى أنهم يكرهون زيارتها، أما الآن وقد وصلت أمي سن السبعين من عمرها فبعد موت زوجها من حوالي ثلاث سنوات تزوجت أمى زواجا عرفيا من رجل نصاب يصغرها فى السن ولم أستطع وقتها إلا أن أقاطعها بكل أدب حتى سمعت أنه سرق منها مبلغا من المال وذهب في الوقت الذي لا تعطي أولادي جنيها واحداً ولكوني أخاف الله صالحتها وواظبت على مراعاتها وكانت قد تعرضت لبتر أصبع قدم سكري وكان يمكن أن تبتر القدم حتى الركبة وسألت زوجتي أن أحضر أمي للعيش معنا وهي التي لم تسمع من والدتي أي كلمة طيبة طوال 18 سنة هي عمر زواجنا فكان ردها الترحيب بأي قرار أتخذه ورفضت أمي التي تحب أن تعيش وحدها بصحبة أصدقاء هم فى غاية السوء وكنت أعلم أمي تليفونيا قبل زيارتي حتى لا أرى صحبتها، المهم أن والدتي الآن دائمة تغيير الشقق بعد وفاة زوجها حتى بلغت 5 شقق في 3 سنوات والآن وبعد كل ما رويته لكم فى زيارة إلى أمي منذ 3 شهور أخبرتني أنها ستتزوج عرفيا مرة أخرى وهي فى سن 70 سنة لم أستطع الرد وتركتها وقاطعتها من تاريخه، أرجوكم انصحوني ماذا أفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به هو تقوى الله تعالى والمحافظة على بر أمك وتوقيرها والإحسان إليها وخفض الجناح لها ومعاملتها بما يرضي الله عز وجل، فقد فرض سبحانه وتعالى بر الوالدين والإحسان إليهما ولو كانا غير مسلمين، فقال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36}، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24}.
ويتأكد حق الأم أكثر من غيرها، ففي الصحيحين وغيرهما أن رجلاً قال للني صلى الله عليه وسلم: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. ولذلك فإن عليك أن تحترم أمك وتبرها وتحسن إليها.. ومن برها والإحسان إليها أن تنصحها وترشدها وتوجهها إلى ما فيه مصلحتها في دينها ودنياها، وإن كان سكناها بمفردها سببا في انحرافها فعليك أن تسعى في منعها من ذلك بما تستطيع، ولا يجوز لك أن تقاطعها فإن قطيعة الرحم كبيرة من كبائر الذنوب وخاصة إذا كان ذلك للأم، وما كنت تفعله من صلتها والإحسان إليها هو الصواب، وستجد ثوابه عند الله تعالى وعليك أن تستمر على ذلك.
وأما الزواج العرفي إذا استوفى شروط النكاح ولم يكن فيه مانع شرعي فلا مانع منه شرعاً، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 5962 نرجو أن تطلع عليها، كما نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 74937، والفتوى رقم: 53518 للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
الشرع يغلب جانب الاحتياط في أمر لحوق النسب ...
78450
السؤال
قامت علاقة بين سيدة ورجل في أواخر شهور العدة وذلك من خلال عقد عرفي واثنين من الشهود وكان أصدقاء هذا الرجل كلهم على دراية بهذه الزيجة لهذه السيدة وكان ذلك لخطأ في الحسابات والتواريخ والأيام وغير مقصود بالمرة نتج عن هذه العلاقة حمل.. فطلبت من الشخص الذي فعل ذلك أن يثبت النسب وأن يتمم الزواج الرسمي وأن يعترف بالطفل فسبها في أشخاص مختلفة ولم يعترف بالطفل... طلب منها أن تجهض نفسها فرفضت فهي لم تفعل منكرا... بدأت شهور الحمل وهي تحاول معه جاهدة بكل الطرق... وفي محاولات من أهلها والأشخاص المحيطين بها أن تعود، والكل يقول ارجعي من أجل الحمل وأصبح الكل ينظر لها على أساس أن الطفل الذي في بطنها من زوجها الأول.. إلى يوم الولادة وهي تحاول معه لإثبات النسب للزوج الجديد .. وكانت تسعى لذلك... سألت أحد الشيوخ فأجابها الطفل ينسب لزوج الفراش يأخذ الاسم ولا يورث منه.... ونُسب الطفل للزوج الأول دون علمه بأن الطفل ليس طفله في إدارة المستشفى أثناء غيابها عن الوعي بعد العملية.. وكان أمرا واقعا... وبعد ذلك ب 3 شهور من المحاولات لأخذ الحقوق منه.. حق الطفل وحقها فقد نصب عليها في مبلغ كبير جدا أيضا لم تصل لشيء ولكن في أثناء ذلك الوقت اتهمها هو وإخوانه بأن هذا الطفل ليس طفله فقاموا بعمل تحليل
DNA البصمة الوراثية الذي أثبت أن هذا الطفل ابنه ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل مجموعة من اللصوص.... ومع كل هذه المنازعات والمشاكل رجعت تحت الضغط من أهلها إلى زوجها الأول أي بعد الوضع ب 5 شهور فهي لم تكن تنوى ذلك ولكن هذا ما حدث....
أرجوكم.. أنا أمر بحالة نفسية سيئة للغاية لأني الإنسان الوحيد في هذا الكون الذي يعرف أن هذه الإنسانة تعامل الله بحب شديد وكنت الوحيد الذي يعرف الكل... يعرف الزوج الأول ويعرف الزوج الثاني... فقد تعرفت عليها وعلى عائلتها عن طريق الزوج الثاني (كان الزوج الثاني يتعامل مع أهلها على أساس أنه زي خالها حتى تمكن منها ومن مالها ) وكنت السند لها والأخ وعلمت كل هذا بعد الوضع ب 3 أشهر وحضرت كل شيء وكنت الشاهد الوحيد على طهارتها ومحاولاتها لعدم حدوث أي خطأ ديني... إنها الآن في مشكلة كبيرة، هل تعترف أم لا ،هل تسعى لإثبات النسب أم لا، هل الصمت أفضل أم الإعلان.... لقد ابتزها هذا الرجل ابتزازا لا يمكن أن يتحمله بشر على وجه الأرض... لا أعلم ماذا أفعل... أرجوكم الإفادة السريعة حيث إنني أشعر بالذنب... مع التأكيد على أني علمت بكل هذه الأشياء بعد الوضع ب 3 شهور.....
أرجوكم أرشدوني
1-ماذا أفعل حتى لا أكون أمام الله مخطئا فأنا أعلم الحقيقة ؟
2- ماذا تفعل هذه الأنثى ... أعتذر على الإطالة، هذه القصة كبيرة ولها دخليات كثيرة جدا، أرجوكم أرسلوا لي الحل والحكم الديني ماذا يكون.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل هذا السؤال على أربع نقاط هي:
1. الزواج العرفي
2. وقوع العقد في العدة
3. لحوق نسب الولد
4. موقفك أنت –أيها السائل- من هذا الموضوع.
وحول النقطة الأولى فقد بينا حكم الزواج العرفي في فتاوى كثيرة، وذكرنا أنه إن كان قد استكمل شروطه وأركانه، ولم ينقصه إلا أنه لم يسجل في السجلات الرسمية أو أنه لم يعلن للناس، فإنه يعتبر زواجا صحيحا تترتب عليه آثار الزواج الصحيح. وإن اختل شيء مما ذكر كان زواجا باطلا. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 5962.
ثم إن الزواج في العدة يعتبر باطلا باتفاق أهل العلم، ويجب التفريق بين الزوجين فيه فورا. وإن كان ذلك عن جهل منهما بحرمته، فإنه يكون نكاح شبهة لا إثم عليهما فيه، وما أنجباه فيه من أولاد يلحقون بالواطئ. وإن حصل ذلك عن علم بحرمته منها، فإنه يعتبر زنا والعياذ بالله. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 26696.(48/18)
وحول النقطة الثالثة، فإن الشرع الإسلامي يغلب جانب السلامة والبراءة من الزنى وأنها الأصل، ولهذا صان عرض المؤمن والمؤمنة، وحرم القذف، وجعله فسوقا، ورتب عليه الحد إذا كان بغير بينة.
كما أنه يغلب جانب الاحتياط في باب لحوق النسب، بحيث إنه لو وجد احتمال ولو ضعيفا لإلحاق الولد بمن كان زوجا لمن أنجبته ألحقه به ونسبه إليه. حتى ولو أقرت المتزوجة على نفسها بإنجابه من الزنى فإن ذلك -وحده- لا ينفي نسبته لأبيه صاحب الفراش، ما لم ينفه هو بلعان معجل، لقوله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر، رواه الجماعة إلا أبا داود.
وعليه، فهذا الولد صحيح النسبة إلى الرجل الذي كان زوجا لأمه ما لم يكن نفاه بلعان معجل.
ولو جدد هذا الرجل عقدا على المرأة مراعاة للقول بتداخل العدد، كان ذلك أحوط لدينه.
وأما أنت –أيها السائل- فواجبك في هذا الموضوع هو ستر المسألة وعدم ذكرها لأي أحد؛ وذلك لأن لحوق الولد وعدم لحوقه لا يُرجع إليك فيه.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ(48/19)
ـــــــــــــ
مسائل في النكاح ...
78698
السؤال
أنا شاب في العشرين من عمري ولدي بنت عمي أريد الزواج منها على سنة الله ورسوله، وكل شيء ميسر وأنا قادر على حمل المسؤولية ولكن هناك مشاكل بين الأهل وهم غير موافقين على الزواج فماذا افعل؟ هل يمكن أن أتزوجها من غير رضا أهلها وأهلي، أم يمكن أن أتزوج بها عرفيا، وهل الزواج العرفي حلال؟ وإذا لم يكن حلالا كيف أتزوج بها وهي موافقة على أن نتزوج من غير رضا أهلنا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن سؤالك عدة أمور، هي:
• ما إذا كان من الممكن أن تتزوج بنت عمك دون رضا أهلها وأهلك.
• ما إذا كان من الممكن أن تتزوج بها عرفيا.
• ما إذا كان الزواج العرفي حلالا أم لا.
• وإذا لم يكن حلالا فكيف تتزوج بها دون رضا أهلكما.
وحول النقطة الأولى، فإن صحة زواج الرجل غير مشروطة بموافقة أبويه، إلا أن من الأحسن، بل ومن البر إخبارهما بذلك، خصوصا إذا علم أن فعله هذا يغضبهما.
وأما زواج المرأة فصحته مشروطة برضا وليها؛ لأن رضا ولي المرأة ركن من أركان النكاح. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل. رواه ابن حبان وصححه.
إلا أن الولي إذا ثبت عضله لمن هي تحت ولايته، فأبى أن يزوجها بكفء لها، صاحب دين وخلق، فإن لها أن ترفع أمرها إلى القضاء الشرعي لينقل الولاية إلى غيره من الأولياء، أو يجبره هو على عقد النكاح، أو يتولى القاضي عقده بنفسه.
وحول النقطة الثانية، فقد بينا من قبل حكم الزواج العرفي، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 5962، ومنه يتبين لك أنه ليس من الممكن قيامكما بزواج عرفي؛ لأنك تعني به أنكما تتزوجان دون علم ولي المرأة، وقد علمت أن ذلك غير صحيح.
وأما النقطة الثالثة والرابعة فجواب أولاهما في الفتوى التي أحلناك عليها، وجواب الثانية في جواب النقطة الأولى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــ
حكم الزواج العرفي ، وهل يجوز للزوجة أن تنتقل لولي آخر بإرادتها؟
السؤال:
تعج بلدنا ببؤر الشر والفساد ، ويزداد الأمر سوءاً في الجامعات ، ولهذا السبب فإن الطلاب يتطلعون للزواج قبل تخرجهم ، لكن الأهل يمثلون أكبر عائق أمامهم ، وفيما يتعلق بالشاب فإننا نسمع أنهم لا يحتاجون لإذن من أوليائهم ، لكن بالنسبة للفتيات فنحن نروغ من هذا عن طريق التقدم بالخطبة ، وإذا تحجج والد إحداهن بسبب غير إسلامي ، مثلا : أنا لا أريدك أن تتزوجي الآن ، أنا لا تعجبني قبيلته ، أنا غير مسرور من بنطاله الوسيع أو لحيته أو دينه ، إذا كان الشاب سنيّاً صالحاً وكان ولي الفتاة على خلاف ذلك : فإننا نتركه ونذهب للجد أو الأخ ، وإذا رفض أي منهما فإننا نتمم الزواج بإذن أمير جماعتنا - جماعة الطلاب المسلمين - هل فعلنا هذا صحيح ؟ وكيف يتم ذلك بطريقة صحيحة ؟ أرجو أن توضح كل شيء حول هذه المسألة ؛ لأنها الطريقة الوحيدة ، وهذا الإجراء منتشر الآن بشكل واسع حولنا ، وإذا كان خطأ فكيف يتصرف أولئك الذين تزوجوا بهذه الطريقة وبعضهم له أبناء الآن ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز للمسلمة أن تتزوج بغير إذن وليِّها ، بل لا بد لها من ولي لها يزوجها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي ) رواه أبو داود (2085) وصححه الشيخ الألباني ؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل ) رواه الترمذي وحسَّنه ( 1102 ) وأبو داود ( 2083 ) ابن ماجه ( 1879 ) من حديث عائشة ، صححه الألباني في "إرواء الغليل" (1840) .
وقال الترمذي تعليقا عليه :
" والعمل على هذا عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وأبو هريرة وغيرهم وهكذا روي عن بعض فقهاء التابعين أنهم قالوا : لا نكاح إلا بولي ، منهم سعيد بن المسيب والحسن البصري وشريح وإبراهيم النخعي وعمر بن عبد العزيز وغيرهم ، وبهذا يقول سفيان الثوري والأوزاعي وعبد الله بن المبارك ومالك والشافعي وأحمد وإسحق . انتهى .
وفي جواب السؤال ( 2127 ) تجد تلخيصا مهمّاً لشروط النكاح وأركانه ، وشروط الولي .
وفي جواب السؤال ( 7989 ) تفصيل آخر مهم خاص باشتراط الولي لصحة النكاح .
ثانياً :
وقد أمر الله تعالى الأولياء أن يزوِّجوا من تحت ولايتهم من النساء ، وأن لا يعضلوهن بمنعهن من النكاح لغير سبب شرعي ، قال سبحانه : ( وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) النور/32 .
وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأولياء ألا يمتنعوا من تزويج من ولاهم الله عليهن من النساء في حال تقدم الخاطب الصالح في دينه وخلقه فقال : ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ) رواه الترمذي ( 1084 ) وحسَّنه ، حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (1868) .
وفي كل من الآية والحديث المذكورين دلالتان واضحتان وهما :
1. أن الشرع خاطبَ الوليَّ بالتزويج ، وهذا يدل على أن الأمر متعلق به لا يتم النكاح إلا بأن يباشر هو تزويج موليته لخاطبها ، وما ذكرناه من الأحاديث يوضح هذا ويؤكده .
2. أنه لا يحل للولي عضل موليته ومنعها حقها في النكاح وأن ذلك من الظلم الذي يؤدي إلى الفساد الكبير في الدين والدنيا .
وإذا عمل كلٌّ من النساء وأوليائهن بمقتضى ذلك حصل الأمن الأسري ، وارتفع كثير من الشر والفساد في الدين والأخلاق .
فإن امتنع الولي من إعطائها حقها في الزواج بغير عذر شرعي : جاز أن تتجاوزه إلى الولي الأبعد كأخيها الأكبر أو عمها أو جدها ، على أن يكون ذلك من قبَل القاضي الشرعي ، لا من قبَلها هي ولا من قبَل أوليائها ، فإن تعذر الولي من أهلها جاز أن يتولى تزويجها القاضي أو من في حكمه ؛ لما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ) وسبق تخريجه وتصحيحه .
وبناء عليه فلا حرج على المرأة إن منعها وليها حقها في الزواج أن ترفع الأمر إلى القاضي الشرعي فيجعل الولاية لجدها أو عمها أو أخيها الأكبر .
وقد سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان عن مسألة قريبة من هذه فأجاب :
" لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها ، فإن زوجت نفسها فنكاحها باطل عند جمهور أهل العلم سلفاً وخلفاً ؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى خاطب بالتزويج أولياء أمور النساء قال : ( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ) .
أما ما ذكرت السائلة من أنها قرأت في بعض كتب الفقه أن المرأة تزوج نفسها : فهذا قول مرجوح ، والصحيح الذي يقوم عليه الدليل خلافه .
وأما ما ذكرتْ من واقعتها وأن لها رأياً يخالف رأي أبيها لأن أباها يريد لها زوجاً ذا حسب ونسب يكافئها ، وهي لا ترى ذلك ، وإنما تميل إلى أن تتزوج شخصاً ترى أنه ذو دين وإن لم يكن ذا حسب ونسب ، فالحق مع أبيها في هذا ، وأبوها أبعد منها نظراً ، فقد يخيل إليها أن هذا الشخص يصلح لها في حين أنه لا يصلح ، فليس لها أن تخالف أباها ما دام أنه ينظر في مصلحتها ، وإذا تحقق أن شخصاً غيره يصلح لها ويكافئها في مقامه وحسبه ودينه وأبى أبوها أن يزوجها به : فإنه حينئذ يكون عاضلاً وتنتقل الولاية إلى من بعده من بقية الأولياء ، ولكن هنا لابد فيه من مراجعة القاضي لينقل الولاية من الأب العاضل إلى من بعده من بقية الأولياء ، وليس لها هي أن تتصرف أو يتصرف أحد أوليائها بدون رضى أبيها ، لا بد من الرجوع إلى القاضي الشرعي وهو ينظر في الموضوع وملابسات الواقعة ، وإذا رأى نقل الولاية إلى آخر نقلها حسب المصلحة : فلا بدَّ من ضبط الأمور في الزواج . . . " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 5 / 242 ، 243 ) .
ثالثاً :
ومن تزوجت بطريقة غير شرعية ، كأن تتزوج المرأة من غير ولي : فنكاحها فاسد ، ويجب التفريق بينهما فوراً ، والأبناء ينسبون إلى من تزوجها إن كانوا يظنون أن ما فعلوه جائزاً ، فإن كانوا يعلمون بطلان نكاحهم فلا ينسب الأبناء إلا إلى أمهم .
ولهذا النكاح الباطل مفاسد كثيرة تترتب عليه ، منها : ضياع حقوق المرأة ؛ لعدم وجود ما يثبت هذا النكاح ، فلا يثبت لها مهر ، ولا نفقة به . ومنها : انتشار الرذائل والفساد في المجتمعات ، وخاصة الطلابية منها ؛ إذ يمكن من خلال هذه العقود الفاسدة أن تدَّعي كل امرأة حامل ، أو رجل وامرأة وُجدا في وضع مشين ، أنهما متزوجان زواجاً عرفيّاً . ومنها : أنه لا يمكن من خلال هذا الزواج إثبات نسب الأولاد حال وجودهم - كما ذكرنا - ؛ وهو ما يعني ضياعهم وضياع نسبهم .
والسبيل إلى تصحيح هذا الوضع : هو بالذهاب إلى الولي ومصارحته بما حصل ، ثم يتم العقد مرة أخرى بموافقته ، فإن لم يوافق فُرِّق بينهما .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ــــــــــــــــــــــــ
زواج المتعة والزواج العرفي
السؤال:
أنا أريد أن أتزوج من بنت مسلمة ، ولكن بعد ثلاثة أعوام ، ولا أريد في أن أرتكب الخطأ معها ، فأردت أن أتزوجها عرفيًّا ، أو زاوج متعة حتى أستطيع الزواج بها فيما بعد على الطريقة الشرعية ، فماذا عليَّ أن أفعل عندما أريد زاوجها شرعيّاً من بعد هذا الزواج ؛ لأني أخاف الله ، ولا أريد الوقوع في الخطأ ، فهذه هي أفضل وأحل طريقة ، والله أعلم ، فماذا أفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله
لم يكن السؤال واضحاً ، وقد احتمل كلام الأخ السائل أكثر من شيء فيما يتعلق بنيته في العقد الذي يسأل عن حكمه ، فهو يقول مرة إنه " زواج عرفي " وأخرى يقول إنه " متعة " ، فإذا عُلم أن " الزواج العرفي " له صورتان مشهورتان : احتمل السؤال ثلاث صور ، وسنجيب على احتمالات السؤال كلها .
أما زواج المتعة : فهو التزوج على مدة معينة بمعرفة الطرفين ، بمهر مقدَّر ، وينفسخ العقد بانتهاء المدة .
وهو عقد محرَّم ، ولا يصحّ وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 1373 ) و ( 2377 ) و ( 6595 ).
وأما " الزواج العرفي " فله صورتان :
الصورة الأولى : تزوج المرأة في السر ، ودون موافقة وليها ، وإذا كان كذلك : فهو عقد محرّم ولا يصح أيضاً ؛ لأن موافقة الولي من شروط صحة عقد النكاح .
وفي جواب السؤال : ( 2127 ) تجد تلخيصا مهمّاً لشروط النكاح وأركانه ، وشروط الولي ، وفي جواب السؤال : ( 7989 ) تفصيل آخر مهم خاص باشتراط الولي لصحة النكاح .
والصورة الثانية : التزوج بموافقة المرأة ووليها ، لكن دون إعلان أو إشهار ، أو دون توثيقه في المحاكم الشرعية أو النظامية ، بشرط الإشهاد عليه ، وإذا كان كذلك : فهو عقد صحيح من حيث شروطه وأركانه ، لكنه مخالف للأمر الشرعي بوجوب الإعلان ، ويترتب على عدم توثيقه ضياع لحقوق الزوجة من حيث المهر والميراث ، وقد يحصل حمل وإنجاب فكيف سيثبت هذا الولد في الأوراق الرسمية ؟ وكيف ستدفع المرأة عن عِرْضها أمام الناس ؟ .
هذا مع العلم أنه قد قال بعض الفقهاء بأن إعلان النكاح من شروط صحته ، وهو قول ليس بعيداً عن الصواب ، وقد عللوا ذلك بكون الإعلان يُعلم به الفرق بين النكاح والسفاح ، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم " فصْل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح " رواه الترمذي ( 1088 ) والنسائي ( 3369 ) وابن ماجه ( 1896 ) . وحسَّنه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " ( 1994 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
فالذي لا ريب فيه أن النكاح مع الإعلان : يصح , وإن لم يشهد شاهدان ، وأما مع الكتمان والإشهاد : فهذا مما ينظر فيه ، وإذا اجتمع الإشهاد والإعلان : فهذا الذي لا نزاع في صحته ، وإن خلا عن الإشهاد والإعلان : فهو باطل عند العامة ، فإن قدِّر فيه خلاف فهو قليل . اهـ.
" الفتاوى الكبرى " ( 3 / 191 ) .
وقال ابن القيم :
إن الشارع اشترط للنكاح أربعة شروط زائدة عن العقد تقطع عنه شبهة السفاح : كالإعلان ، والولي ، ومنع المرأة أن تليه بنفسها ، وندب إلى إظهاره حتى استحب فيه الدف والصوت والوليمة ؛ لأن في الإخلال بذلك ذريعة إلى وقوع السفاح بصورة النكاح ، وزوال بعض مقاصده من جحد الفراش . اهـ . " إعلام الموقعين " ( 3 / 113 ) .
يعني أنه إذا كان النكاح سراً فيمكن أن تحمل المرأة وتلد ثم يُنكر الرجل نسبة هذا الولد إليه لأنه ليس هناك ما يُثبت أن هذه المرأة زوجته ، فلو تمّ الإشهاد والإعلان انتفى هذا المحذور .
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ــــــــــــــــــــــــ(48/20)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
الزواج المبكر
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
الزواج المبكر
تناولنا في مقال سابق موضوع تيسير الزواج وضرورته، وذكرنا بعض وسائل التيسير التي ينبغي الاعتناء بها وتفعيلها، وهنا نتناول موضوع الزواج المبكر، والحديث عن الزواج عموما من المواضيع التي يهتم بها الشباب، ولهم الحق في ذلك، وخاصة في مثل زماننا الذي كثرت فيه أنواع الفتن والمغريات، وصار الشاب يخاف على نفسه وسط تلك الأمواج العاتية، والأعاصير المدمرة.
وعندما نذكر الشباب في مثل هذه المواقع نقصد بهم الشباب الحريص على صحته وعافيته، وقبل ذلك على دينه وتقواه، ومراقبته لربه ومولاه.
وعندما نذكر الزواج المبكر لا نقصد به سنا معينا بقدر ما نريد من الشاب الانتباه لنفسه، فهو أعلم بها من غيره، فإن أحس أنه بلغ مبلغ الرجال، وصار يفكر و يميل إلى الجنس الآخر، وبدأت المشاعر والأحاسيس تتحرك في وجدانه إذا سمع صوتاً، أو رأى امرأة....فعليه المبادرة بتقوى الله وتذكر الزواج والسعي إليه، وطلب العون من ربه ومولاه، وخاصة إذا كان مستطيعا وقادرا، فالزواج المبكر يحل له الكثير من المشكلات التي ستواجهه، والعقبات التي تعترضه لو سلك طريقا آخر لإشباع رغبته وإرضاء فطرته.
ولكن تبقى المشكلة عندما يفقد الاستطاعة على الزواج، مع حاجته إليه، وهنا عليه اللجوء إلى خالقه - سبحانه وتعالى - أيضا، والصبر عن المعصية مهما كانت مغرية في ظاهرها، ثم الأخذ بالهدي النبوي الكريم، ووصيته للشباب، كما رواها ابن مسعود -رضي الله عنه- في قوله: (كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - شباباً لا نجد شيئاً، فقال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) متفق عليه.
والزواج المبكر ليس بدعة مذمومة، ولا عادة سيئة ممقوتة، وإن ندر أو ضعف في مجتمعات بعض الناس، فقد كان محبوباً مرغوباً عند أولئك الأصحاب الكرام - رضي الله عنهم -. ووجد من الصحابة الكرام من بكّر في زواجه.
هل الزواج... شاغل؟
وما يقال من أن الزواج المبكر يشغل عن التحصيل العلمي وعن الدراسة فلا يسلم بذلك، بل الصحيح العكس لأن الزواج تحصل به مزايا كثيرة، ومنها السكون والطمأنينة وراحة الضمير وقرة العين، وهذا مما يساعد الطالب على التحصيل لأنه إذا ارتاح ضميره وصفا فكره من القلق، فذلك يساعده على التحصيل.
وما يقال من أن الزواج المبكر يحمل الشاب مؤنة النفقة على الأولاد وعلى الزوجة إلى آخره. فليس بمسلم أيضاً؛ لأن الزواج تأتي معه البركة والخير، فهو طاعة لله ورسوله، والطاعة كلها خير. فإذا تزوج الشاب ممتثلاً أمر النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ومتحريًا لما وعد به من الخير وصدقت نيته فإن هذا الزواج يكون سبب خير له. والأرزاق بيد الله - عز وجل -: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [سورة هود: 6]، فالذي يسر لك الزواج سييسر لك الرزق، لك ولأولادك {نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} [سورة الأنعام: 51]، فالزواج لا يحمل الشاب فوق طاقته كما يتصوره البعض.
أما ما يتعللون به من العراقيل التي وضعت في طريق الزواج فهذه من تصرفات الناس السيئة.
فوائد متعددة
والزواج المبكر له فوائد متعددة، منها:
1- حصول الأولاد الذين تقر بهم العين، ويفرح بهم الأب قبل عجزه: قال - تعالى -: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [سورة الفرقان: 74]، كما أن الأولاد شطر زينة الحياة الدنيا {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [سورة الكهف: 46].
2- تكثير الأمة الإسلامية وتكثير المجتمع الإسلامي. والإنسان مطلوب منه أن يشارك في بناء المجتمع الإسلامي يقول ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ: (تزوجوا فإني مكاثر بكم يوم القيامة) رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني، وفترة الشباب هي زمن النشاط والطاقة والعطاء.
3- صون الشباب من الانحراف والوقوع في الرذيلة.
4- حفظ أعراض المسلمين، وصون المجتمع الإسلامي من الآفات، والأمراض.
5- حصول الأمن والاستقرار، فالزواج المبكر يكبح جماح طاقة الشباب من الانحراف، ولو بقيت دون تصريف قد تؤدي إلى حصول ما لا تحمد عقباه.
11/01/2005
http://www.islamweb.net المصدر :
ــــــــــــــــــ
استطلاع للرأي حول الزواج المبكر
لا شك أن ظاهرة الزواج المبكر وإنتشارها في المجتمع الفلسطيني تأثرت بعوامل وظروف عززت من تواجدها وساهمت في ترسيخها، فنسبة الزواج المبكر (أقل من 15 سنة)، كما أشارت إليه إحصائيات عام 1996 بلغت 16.6% وحسب إحصاءات العام 1996 تبين أن عدد السكان يبلغ 1571572، وعدد الإناث هو 777935 وكان عدد المتزوجات اللواتي يقل عمرهن عن 15 سنة 6223 من مجموع عدد الإناث. وتدور العوامل المؤثرة في إنتشار هذه الظاهرة في حلقة مغلقة، منها عوامل إجتماعية وسياسية وأمنية وإقتصادية، والعرف والتقاليد. هذا ما أكده إستطلاع للرأي أجرته الهيئة العامة للإستعلامات في محافظات الضفة الغربية.
أسباب إنتشار ظاهرة الزواج المبكر.
38.5% من أفراد العينة يرون أن عدم وجود وعي كافي لدى المواطنين هو السبب الرئيسي وراء إنتشار ظاهرة الزواج المبكر بينما يرى 17.8% من أفراد العينة أن السبب هو " العادات والتقاليد " في حين أكد 16.6% من أفراد العينة أن السبب هو الحفاظ على الشرف " والسترة "، وأشار 15.9% من أفراد العينة أن السبب هو " الخوف من العنوسة "، وأجاب 8.6% من أفراد العينة أن السبب هو " تردي الأوضاع الإقتصادية "، وأرجئ 2.6% من أفراد العينة إلى أسباب أخرى. وحول مكان إنتشار هذه الظاهرة بينت النتائج أن 72.2% يعتقدون أن ظاهرة الزواج المبكر تنتشر بكثرة في القرى، في حين يرى 17.9% أنها تنتشر بكثرة في المخيمات، مقابل 9. 9% أشاروا أنها تنتشر بكثرة في المدن.
الآثار المترتبة على الزواج المبكر:
وبين الإستطلاع أن 84.1% من أفراد العينة يرون أن الزواج المبكر له تأثيرات سلبية على الزوجين مستقبلاً، مقابل 15.9% من أفراد العينة يعتقدون عكس ذلك. وأظهرت النتائج أن 82.8% من أفراد العينة يعتقدون أن الزواج المبكر يؤدي إلى إزدياد حالات الطلاق، بينما يرى 17.2% من أفراد العينة عكس ذلك. وأشار 76.8% أن الزواج المبكر ينعكس سلباً على سلوك وتربية الأطفال مقابل 23.2% من أفراد العينة يرون غير ذلك.
الظروف الاجتماعية والاقتصادية:
أكد حوالي 88.1% أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية لبعض الأسر تقف عقبة أمام الفتاة لمواصلة تعليمها، وهذا يؤدي بدوره إلى زواجها في سن مبكر، مقابل 11.9 % من أفراد العينة يعتقدون عكس ذلك. من جهة أخرى أشار حوالي 70.9% أن لديهم فكرة عن المخاطر الصحية الناجمة عن الزواج المبكر، مقابل 29.1% ليس لديهم أية فكرة عن المخاطر الصحية الناجمة عن الزواج المبكر.
ظاهرة الزواج المبكر في عهد السلطة:
51.6% من أفراد العينة أكدوا أن هذه الظاهرة إزدادت في عهد السلطة مقارنة بعهد الاحتلال، مقابل 48.4% يعتقدون أن هذه الظاهرة تراجعت في عهد السلطة مقارنة بفترة الاحتلال.
الحد من الظاهرة:
وأكد 85.4% على ضرورة قيام حملة شعبية منظمة تشارك فيها جميع المؤسسات والفعاليات السياسية والوطنية للحد من ظاهرة الزواج المبكر، مقابل 14.6% لا يؤيدون ذلك. هذا وأيد 75.5% من أفراد العينة سن قانون يرفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى 18 عاماً، مقابل 24.5% من أفراد العينة لا يؤيدون ذلك.والجدير ذكره بأن الإستطلاع شمل عينة عشوائية مكونة من 450 شخصاً، موزعة على جميع محافظات الضفة الغربية من قرى ومدن ومخيمات، حيث بلغت عينة الذكور 52.3%، والإناث 47.7%.
27/2/2000
http://www.sis.gov.ps المصدر:
ــــــــــــــــــ
الزواج المبكر فوائد ومنافع
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
السعادة في هذه الحياة مطلب عظيم، ومقصد جليل، يسعى إليها كل حي، وينشدها بكل وسيلة، ويطلبها في كل سبيل، غير أن السعادة والطمأنينة في هذه الحياة لا تحصل إلا بما شرع الله - عز وجل - لعباده، وما أرشدهم إليه من طاعته ومرضاته، والأخذ بما وضع الحق من سنن، وما شرع من أسباب.
وإن مما شرع الله - عز وجل - من أسباب السعادة وجبل النفوس عليها الارتباط برباط الزوجية، فإنه من أعظم أسباب السعادة في هذه الحياة، وحصول الطمأنينة والسكينة، وهدوء البال وراحة النفس، متى ما تحقق الوئام بين الزوجين، وكُتب التوفيق لهما(1).
نعمة الزواج:
الزواج نعمة من رب العالمين على عباده، وقد أمتن الله - تعالى - على عباده بهذه النعمة، فقال - عز وجل -: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون (21) " {الروم: 21}، ويقول - سبحانه وتعالى -: "والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا 72 "{النحل: 72}[ويقول - جل وعلا -: "فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا 11 "{الشورى: 11} وقال عزوجل: "هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها189 " {الأعراف: 189}.
والزواج من سنن الأنبياء والمرسلين، قال الله - سبحانه -: "ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية 38 "{الرعد: 38} كما أنه من هدى الصالحين وقد أمرنا به ربنا - جل وعلا - في كتابه بقوله: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا 3 " {النساء: 3} كما رغب فيه سيد المرسلين بفعله، وحث عليه بقوله: "...وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" (2) ووجه الني شباب الأمة إلى المبادرة بالزواج حين يجد أحدهم القدرة على تحمل المسؤولية، والقيام بشؤون الحياة الزوجية فقال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج"(3).فالمبادرة للزواج أفضل من نوافل العبادات.
حجم ظاهرة الزواج المتأخر:
تميزت المجتمعات الإسلامية بظاهرة الزواج المبكر، وقد جنت ثمار هذا عفافاً وصلاحاً والتزاماً وتكاثراً، إلا أنه في المتغيرات الفكرية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها العديد من الدول الإسلامية جعلت الكثير من الشباب يتأخر في الزواج؛ حيث ارتفع معدل سن الزواج في عالمنا الإسلامي إلى (36) سنة للشباب و(32) سنة للفتيات وفقاً لما جاء في تقارير نشرت في أكثر من بلد إسلامي"(4) ففي دولة الإمارات "تشير الإحصائيات إلى ارتفاع نسبة العزوبة بين الجنسين إذ تصل إلى (80%) " (5) وفي دولة مصر أظهرت الإحصائيات" أن هناك نسبة متزايدة لغير المتزوجين تصل إلى (37%) وقد جاء في الدراسة أن عدد الشباب والشابات العوانس وصل إلى (9ملايين)، وفي دراسة في دولة الجزائر تبين أن (31%) من الجزائريات عوانس لم يتزوجن، وتشير الإحصائيات في سوريا إلى أن نصف الشباب في سن الزواج قد تأخروا فيه"(6) وفي المملكة العربية السعودية تشير الإحصائيات " أن عدد النساء اللاتي فاتهن قطار الزواج بلغ نحواً من (مليون ونصف مليون امرأة) " (7) وقد أبرزت " الإحصائيات مؤخراً ارتفاع ظاهرة تأخر الزواج بين الشباب والشابات بالمملكة لتصل إلى (20%) " (8) وهذه الإحصائيات والأرقام مؤشر خطير يستحق البحث والمراجعة.
أضرار الزواج المتأخر:
إن تفشي ظاهرة تأخر الشباب في الزواج خطر يهدد مجتمعاتنا الإسلامية، وينذر بظهور العديد من المشكلات والأمراض الاجتماعية والنفسية والأمنية الخطيرة، ومن أهمها ما يلي:
1- وقوع الشباب من الجنسين فيما حرم الله - تعالى -من الفواحش إشباعاً للغريزة الفطرية الموجودة لديهم، التي لم تشبع عن طريق الزواج المبكر، وفي نفس الوقت قامت وسائل الإعلام من قنوات فضائية، وشبكة إنترنت، وقصص داعرة، وأشعار ماجنة، بإثارتها وتأجيجها؛ مما جعل العفة أمراً صعباً على كثير من الشباب، وهذا نذير بفوضى جنسية تهدد المجتمع كله.
2- الإصابة بالأمراض النفسية نتيجة انفراد الأعزب في حالات كثيرة بنفسه دون أن يجد من يشكو له همومه، ويبث له أحزانه، و يساعده في تفريج كروبه، فيصاب بالأمراض النفسية.
3- عدم التمتع بالصحة الكاملة فقد "ذكرت وكالة قدس برس أن الباحثين في الجامعات البريطانية وجدوا أن الرجال والنساء المتزوجين يتمتعون بصحة أفضل من نظرائهم الذين لم يتزوجوا ويعتقدون أن السبب في ذلك يرجع جزئياً إلى الدعم العاطفي والاجتماعي لوجود زوج أو زوجة... ولذا ينصحون بالزواج في أقرب وقت ممكن لإزالة خطر هذه الأمراض"(9).
4- ضعف النسل؛ فإن الشاب إذا تزوج متأخراً لا تكون لديه القدرة الكافية للإنجاب مثل الذي يتزوج مبكراً.
5-عدم القدرة على تربية أولاده التربية التي ينشدها، ويطمح إليها؛ لأن الرجل إذا كبر صار أكثر انشغالاً في صحته ورزقه، فهناك الكثير من المشكلات التي تستحوذ على ذهنه، بحيث ينشغل عن مهنة مهمة جداً ألا وهي تربية أولاده التربية الصالحة(10).
فوائد الزواج المبكر:
1- إحصان الفرج: يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه... وأحصن للفرج... " فإذا تزوج الشاب مبكراً فإن هذا أحفظ لفرجه من الفواحش، وحفظ الفرج له فوائد متعددة من أهمها: أنه من أسباب دخول الجنة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:: "من يضمن لي ما بين لحييه و ما بين فرجيه أضمن له الجنة" أخرجه البخاري. ويقول الله عزوجل: قد أفلح المؤمنون 1 {المؤمنون: 1} ثم ذكر - سبحانه - صفاتهم ومنها ما جاء في قوله - تعالى -: والذين هم لفروجهم حافظون 5 {المؤمنون: 5} ثم ذكر - سبحانه - جزاءهم فقال - جل وعلا -: أولئك هم الوارثون 10 الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون 11 {المؤمنون: 10، 11}.
2- استقرار صحة المتزوج: إذا كان الزواج المبكر أحصن للفرج، وأبعد للإنسان عن ارتكاب الفواحش؛ فإنه يترتب على هذا الفائدة الثانية، وهي: استقرار صحة المتزوج مبكراً؛ فإنه يسلم غالباً من الأمراض التي تنتج عن الفواحش، ويسلم أيضاً من الأمراض النفسية.
3- غض البصر: المؤمن مطالب بغض بصره يقول الله - عز وجل -: " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم 30 " {النور: 30} ومن فوائد الزواج المبكر غض البصر يقول - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر.. " متفق عليه.
4- كثرة الذرية: كلما تزوج الشاب ذكراً كان أو أنثى مبكراً كان ذلك سبباً في إنجاب الذرية الكثيرة، وفي ذلك فوائد: منها تكثير أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول - عليه الصلاة والسلام -: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم"(11) ومن الفوائد: أن هذه الذرية تعينه إذا بلغ من الكبر عتياً.
حواجز وهمية في طريق الزواج المبكر:
لقد وضع كثير من شبابنا من الجنسين أمام الزواج المبكر حواجز وهمية، ومطالب مثالية كالمال والدراسة والسن ساهمت في إقناعهم بها وسائل الإعلام في ظل غفلة أو تغافل من الوالدين عن المعالجة الحاسمة والمصارحة مع أبنائهم لإزالة هذه الحواجز من أذهانهم، ومن تلك الحواجز:
1- حاجز المال: يقال للشاب الذي يريد الزواج مبكراً: لا تجعل المال عقبة في طريقك، فقد تكفل رب البشر وليس البشر بإعانتك يقول النبي: "ثلاثة حق على الله - تعالى -عونهم... " وذكر منهم: "والناكح الذي يريد العفاف"(12) بل أن الزواج من أسباب الغنى يقول الله - عز وجل -: وأنكحوا الأيامى" منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم 32 {النور: 32}.
2- حاجز الدراسة: يقول فضيلة الشيخ الدكتور - إبراهيم الخضيري: "ليست الدراسة عائقاً عن الزواج أبداً، ولم يقل بهذا عاقل مدرك، بل إن الشاب إذا تزوج هدأت نفسه، ووجد من تساعده، فإذا تحقق له الاستقرار النفسي، فإنه سيجد بإذن الله خيراً كثيراً مباركاً، وتكون له عوناً على طاعة الله - عز وجل - وعلى الدراسة" (13) والفتاة كذلك.
3- حاجز السن: قبل حوالي ثلاثين سنة تقريباً يندر أن تجد فتاة قد تعدت سن الثامنة عشرة ولم تتزوج، وهذه سنة مضت منذ بداية ظهور دين الإسلام فقد تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بأم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - ولها من العمر تسع سنوات، وكذلك تزوج الصحابة رضوان الله عليهم بزوجاتهم وهن صغار في السن، ولم يكن ذلك سبباً في فشل الحياة الزوجية كما تصور ذلك وسائل الإعلام؛ بل أن لزواج الفتاة وهي في سن مبكرة فوائد عدة منها:
1- إحصان الفتاة في سن مبكرة؛ لوقوع الزواج في فترة المراهقة، وعنفوان الشهوة.
2- القضاء على وقت الفراغ لديها؛ مما يحميها من الوقوع في شراك المعاكسات التي هي بوابة للوقوع في الفواحش.
3- القضاء على ظاهرة العنوسة، بل وأدها في مهدها.
4- يكون فارق السن بينها وبين بناتها قليلاً؛ مما يساعدها على تربيتهن وتوجيههن وتقويمهن، ومعرفة كيفية تفكيرهن وتطلعاتهن.
5- إن زواجها في سن مبكرة يعنى في الغالب: كثرة ذريتها؛ وفي هذا تحقيق لتوجيه الرسول الكريم بتكثير أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
هذا والله أسال أن يوفق المسلمين للعمل برضاه، واتباع سنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــ
الهوامش:
1- " يسيروا أمور الزواج " مقال لفضيلة الشيخ- عمر بن محمد السبيل - رحمه الله - بمجلة الدعوة في عددها ذي الرقم (1802).
2- رواه البخاري (4776) ومسلم (1401) من حديث أنس - رضي الله عنه -.
3- رواه البخاري (4779) ومسلم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.
4- ظاهرة التأخر في الزواج.. لماذا؟ تحقيق بمجلة الدعوة في عددها (1580).
5- " التأخر عن الزواج " تحقيق بمجلة البنات في عددها ذي الرقم (43)
6- " عزوف الشباب عن الزواج " تحقيق بمجلة المستقبل في عددها (138).
7- " العضل والإجبار في تزويج النساء في ميزان الشريعة " دراسة لفضيلة الشيخ- خالد بن عبد الرحمن الشايع بمجلة الدعوة في عددها (1903).
8- مجلة البنات العدد (43).
9- مجلة المستقبل العدد (138).
10- مجلة الدعوة العدد (1739).
11- أخرجه أبو داود وصححه الألباني برقم: (2940) في صحيح الجامع.
12- رواه الترمذي وقال حديث حسن (1655) والنسائي (61/6) وعبدالرزاق (9542) وصححه الألباني في صحيح الجامع (3050).
13- مجلة الدعوة العدد (1739).
http://jmuslim.naseej.com المصدر:
ــــــــــــــــــ
المسلسلات التلفزيونية تدفع الفتيات إلى الزواج المبكر
اطبع
...
أرسال
...
18/11/1427 هـ
القسم : البلد->اليمن
نور الإسلام_ 16ذو القعدة1427 هـ _ كشفت دراسة يمنية حديثة عن ظهور سبب وصفته بـ"الجديد" يعد من أسباب الزواج المبكر للفتيات في اليمن إلى جانب الأسباب السابقة التي تم تداولها في الكثير من الدراسات و الذي ظهر حسب الدراسة خلال السنوات الخمس الماضية وله الأثر الكبير في دفع الفتيات اليمنيات إلى الزواج المبكر.
وقالت الدكتورة إشراق الإرياني معدة الدراسة التي نشرت أخيراً حول "الزواج المبكر": إن للبرامج التلفزيونية، وبخاصة المسلسلات دوراً في تشكيل توجهات الفتيات نحو الزواج المبكر، للتحرر - حسب زعمهن- من سيطرة الأسرة.
وأشارت إلى أن البرامج التلفزيونية شجعت الفتيات على تكوين صورة حول الحب، والرومانسية والزواج.
وحسب الدراسة الميدانية فإن متوسط ساعات المشاهدة التلفزيونية في أوساط الفتيات اليمنيات يراوح بين 3 و5 ساعات يومياً، وأن قنوات الـLBC وMBC2 وقناة الموسيقى أكثر شعبية من قناة التلفزيون المحلية لديهن.
وتشير معظم الفتيات اللاتي أجريت عليهن الدراسة إلى أنهن تتطلعن إلى الزواج المبكر حتى يتمكن من وضع الماكياج واستخدام أدوات التجميل..
وكانت دراسة ميدانية قد أجريت في عام 2005م كشفت أن نسبة الفتيات اليمنيات اللاتي يقبلن على الزواج المبكر بلغت 52.1 في المائة مقابل 6.7 في المائة لدى الرجال. وأظهرت الدراسة التي أعدها مركز دراسات المرأة والتنمية بجامعة صنعاء التي شملت 1495 من الأزواج، وجود فجوة عُمرية كبيرة بين الزوجين
ــــــــــــــــــ
الزواج المبكر
د.حسام الدين عفانة
سِن الزواج في الشريعة الإسلامية:
لم تحدد الشريعة الإسلامية سناً معيناً بالسنوات لعقد الزواج بل أجاز جمهور الفقهاء المتقدمين زواج الصغير والصغيرة أي دون البلوغ ولكن قوانين الأحوال الشخصية في البلاد الإسلامية حددت سناً للزواج فقد نصّ القانون الأردني للأحوال الشخصية في المادة الخامسة منه على ما يلي:
[يشترط في أهلية الزواج أن يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين، وأن يتم الخاطب السن السادسة عشرة وأن تتم المخطوبة الخامسة عشرة من العمر]
[ونصّ قانون الأحوال الشخصية لدولة الإمارات العربية في الفقرة الأولى من المادة عشرين على أن سن الزواج للفتى ثمانية عشر عاماً وللفتاة ستة عشر].
وأما قانون الأحوال الشخصية السوري فقد حدد سن الزواج للفتى بثمانية عشر عاماً وللفتاة بسبعة عشر عاماً وأجاز زواج الفتى بسن خمسة عشر عاماً وللفتاة بسن ثلاثة عشر عاماً بإذن القاضي وموافقة الولي.
ونصّ قانون الأحوال الشخصية التونسي على أن سن الفتى عشرون عاماً والفتاة سبعة عشر عاماً. وكذلك فإن القوانين الأوروبية قد حددت سن الزواج فالقانون الفرنسي قد جعل سن الثامنة عشرة للفتى والخامسة عشر للفتاة.
والقانون الألماني جعل سن الفتى إحدى وعشرين سنة والفتاة عشرين.
والقانون السويسري جعل سن العشرين للفتى وسن الثامنة عشرة للفتاة.
وكذلك فإن الديانات الأخرى حددت سناً للزواج ففي الشريعة اليهودية جعلت سن زواج الرجل الثالثة عشرة والمرأة الثانية عشرة.
وفي القانون الروماني جعل سن زواج الرجل الرابعة عشرة للرجل والمرأة الثانية عشرة.
تعريف الزواج المبكّر:
إن المعنى الحقيقي للزواج المبكر من الناحية الطبية والعلمية هو الزواج قبل البلوغ فبالنسبة للفتاة الزواج المبكر هو زواجها قبل الحيض.(49/1)
وأما تسمية من تتزوج قبل الثامنة عشرة بأنه زواج مبكر فهذا لا يستند إلى قاعدة علمية أو قاعدة شرعية فأمر الزواج مربوط بالبلوغ والبلوغ عند الفتاة هو الفترة الزمنية التي تتحول فيها الفتاة من طفلة إلى بالغة وخلال هذه الفترة تحدث تغييرات فسيولوجية وسايكولوجية عديدة والبلوغ ليس بحدث طارئ وإنما هو فترة من الزمان قد تتراوح ما بين سنتين وست سنين ويرتبط بعوامل جينية أي وراثية وعوامل معيشية وصحية وفي آخر هذه الفترة يحدث الحيض وعندها تصبح الفتاة بالغة.
وأما سن البلوغ فيتراوح عالمياً ما بين 9-16 سنة وفي بلادنا ما بين 11-12 سنة حسب دراسة علمية صادرة عن الجامعة الأردنية.
الدعوة إلى تأخير سن الزواج وما ادعي فيه من المخاطر والأضرار:
ورد في نشرة صادرة عن أحد المراكز النسوية التي تتبنى فكرة تأخير سن الزواج إلى أن تبلغ الفتاة الثامنة عشرة من عمرها أن للزواج المبكر مخاطر متعددة على الفتاة من النواحي الصحية والاجتماعية والنفسية فمن المخاطر الصحية بأنها إذا حملت في فترة مبكرة فإنها لا تتم حملها بمدته الكاملة لأن جسمها لم يكتمل نموه بعد وأنها قد تتعرض للإجهاض المتكرر.
وقد تتعرض الفتاة إلى فقر الدم وخاصة خلال فترة الحمل. وقد تزداد نسبة الوفيات بين الأمهات الصغيرات أي ما بين 15-19 عاماً عن الأمهات اللواتي تزيد أعمارهن عن العشرين عاماً بسبب الحمل. وقد تزداد وفيات أطفال الأمهات الصغيرات بنسبة أكبر من الأمهات الأكبر سناً وذلك لقلة الدراية والوعي بالتربية والتغذية.
وزعمت النشرة وجود مخاطر اجتماعية ونفسية لأن الفتاة تكون في مرحلة المراهقة ولا تستطيع أن تبدي رأيها في أمور حياتها الزوجية بثقة وارتياح وقد تقع تحت تأثير الأهل والأقارب في شؤون حياتها الشخصية.
وقد ينتج عن الزواج المبكر الحرمان من التعليم.
وكذلك فإن الزواج المبكر يزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الفتاة في هذه الفترة.
الردّ على شبهات الداعين إلى تأخير سن الزواج:
1. إن قانون الأحوال الشخصية قد منع زواج الصغار أخذاً بالرأي الفقهي الذي يمنع ذلك واشترط بلوغ الزوجة خمسة عشرة عاماً وأما الزوج فستة عشرة عاماً وهذا السن بالنسبة للرجل والمرأة هو سن يكون كل منهما قد بلغ ويدخل سن الأهلية والتكليف، والدعوة إلى تأخير الزواج هو انتقاص لأهلية الرجل والمرأة وحجر على حريتهما التي تتبجح هذه المراكز بالمناداة بها.
2. اعتبار الفتى والفتاة في سن المراهقة ولا يقوى كل منهما على أخذ القرار المناسب هي حجة واهية جوفاء لأن الفتاة تأخذ رأي وليها وتستشيره في أمورها وخصوصاً موضوع الزواج إضافة لذلك فإن المجتمع الإسلامي هو مجتمع المحبة والمؤاخاة و التناصح.
3. إنهم قد اعتبروا زواج الصغار أمراً لا فائدة منه حسب ادعائهم ونقول فيه رداً عليهم بأن قانون الأحوال الشخصية لم يجز زواج من لم يبلغ واعتبر الأهلية والتكليف شرطا أساسياً في هذا الموضوع ولا نؤيد زواج الصغار الذين ما زالوا في مرحلة الطفولة لأن الطفل والطفلة لا طائل من زواجهما في هذا السن لعدم تحقق أهداف الزواج والمعاشرة الزوجية من زواجهما.
وكذلك فقد جاء في كتاب القانون ومستقبل المرأة الفلسطينية لمؤلفته أسمى خضر ص 131 الدعوة إلى تأخير سن الزواج إلى 18 عاماً للفتاة والفتى وذلك تمشياً مع تعريف الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل إذ أن نهاية سن الطفولة بلوغ 18 عاماً.
وأقول إنه لأمر عجيب حقاً تمديد سن الطفولة إلى بلوغ 18 عاماً ليتمشى ذلك مع الاتفاقيات الدولية ولماذا لا نسير وفق ما جاء في ديننا وتاريخنا وحضارتنا، لقد دق محمد بن القاسم أبواب الصين وهو دون الثامنة عشرة وقاد أسامة بن زيد جيوش المسلمين وهو ابن ستة عشرة عاماً فهل تأخير سن الطفولة إلى ثمانية عشرة عاماً في مصلحة الأمة والمجتمع.
4. أما دعوى صغر حجم الأعضاء التناسلية عند الفتاة في تلك المرحلة هو ادعاء مخالف لرأي الطب الذي قال إن مرحلة بلوغ الفتاة يكون بين الثانية عشر والرابعة عشر والقانون لا يجيز زواج الفتاة إلا في الخامسة عشر مما يستدعي مرور سنة على بلوغها على الأقل قبل الزواج.
5. الادعاء بزيادة الوفيات للأمهات الصغار جراء الحمل وسوء التغذية هو ادعاء غير مسلم بالإضافة إلى أن الواقع يكذبه من خلال الحس والمشاهدة بالنسبة للوفيات.
أما ادعاء سوء التغذية فهو بحاجة إلى زيادة وعي من البيت والأسرة والمدرسة والجامعة ووسائل الإعلام ودور الرعاية الصحية التي لو تم استخدامها بطريقة سليمة ودقيقة لأحدثت نقلة نوعية فائقة في هذا الأمر.
6. نشرت صحيفة الحياة اليومية المحلية تقريراً صادراً عن مركز دراسات الزواج بجامعة روتشرز مفاده أن نسبة الزواج في الولايات المتحدة الأمريكية قد هبطت إلى أدنى من الرقم القياسي في نهاية القرن الحالي ويعزو هذا الانخفاض إلى الأسباب التالية:
أ. إن الأمريكيين يؤجلون سن الزواج إلى سن أكبر ففي عام 1960 كان متوسط العمر للزواج 20 سنة للفتاة و 23 سنة للرجل وفي عام 1997 ارتفع 25 للفتاة و27 للرجال.
ب. يقول التقرير إنه كلما تأخر سن الزواج كلما فكر الناس أكثر في عدم الزواج ونتيجة لذلك إن أمريكيات كثيرات يلدن ويربين أطفالاً دون زواج ففي الستينات ولد 25.3 % من إجمالي المواليد في الولايات المتحدة من أمهات غير متزوجات بينما ارتفعت هذه النسبة إلى رقم أكبر في عام 1997 لتصل إلى 32 % من الأمهات غير المتزوجات.
ج. تأخير سن الزواج أدى إلى ظاهرة تفشي المعاشرة دون زواج حيث يقيم رجل وامرأة تحت سقف واحد دون زواج الأمر الذي زاد من انتشار العلاقة الجنسية خارج نطاق شرعية الزواج.
وخلص التقرير إلى نتائج مهمة منها:
• الزواج مؤسسة اجتماعية حيوية لرعاية وتربية الأطفال.
• الزواج هو (الغِراء) الذي يلصق الآباء والأمهات بالأطفال ويسهم في الصحة البدنية والعاطفية والاقتصادية للرجال والنساء والأطفال والأمة ككل.
• انهيار الزواج وراء مشاكل اجتماعية كبيرة وعلى الحكومة التعامل مع هذا بقدر ما تستطيع.
• إن الزواج القوي والأسرة المكونة من والدين مصلحة من أهم مصالح البلاد.
7. إن قانون الأحوال الشخصية عندما حدد سن الأهلية بهذا العمر لم يفرض على الناس الزواج في هذا السن بالذات إنما اعتبر أن أقل سن يستطيع المرء الزواج فيها هو هذا السن.
وبالنظر إلى سجلات عقود الزواج في المحاكم الشرعية نجد أنه قلما تتزوج فتاة دون سن السابعة عشر أو دون سن العشرين للشباب.
إن أولياء الأمور يستطيعون تقدير أمور الزواج المتعلقة ببناتهم فإذا وجد في ابنته القدرة على ذلك زوجها، وإذا لم يجد فيها القدرة على ذلك لم يزوجها.
8. إن البحوث العلمية والدراسات العالمية تثبت أنه لا يوجد زيادة في مضاعفات الحمل عند النساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 15-19 سنة. وإن المضاعفات التي تحصل عند الحوامل أقل من 15 سنة هي نسبياً قليلة. هذا ما أثبته العالم الأمريكي Satin من"Parkland Hospital- Texas
إن إيجابيات الزواج والحمل والإنجاب في سن مبكر عديدة منها:
1- الإخصاب: "إمكانية الحمل" إن نسبة الخصوبة "أي الحمل خلال فترة الزواج" عند الفتيات في سن مبكر تفوق الفتيات في الأعمار الأخرى.
2- الأورام الحميدة والخبيثة: إن أورام الثدي والرحم والمبايض هي أقل عند النساء اللواتي يبدأن الحمل والإنجاب في السنين المبكرة.
3- الحمل المهاجر "خارج الرحم": يثبت العالم الأمريكي Rubin في أبحاثه عام 1983 أن حالات الحمل خارج الرحم هي 17,2 /1000 عند النساء اللواتي يزدن عن 35 سنة, وأن النسبة تقل إلى 4،5/1000 عند النساء اللواتي تتراوح أعمارهن 15-24 سنة.
4- الإجهاض: في بحث للعالم الأمريكي Hawen تزيد نسبة الإجهاض من 2-4 أضعاف عند النساء بعد 35 سنة من العمر.
5-إن العمليات القيصرية والولادة المبكرة و التشوهات الخلقية ووفاة الجنين داخل الرحم ووفاة الأطفال بعد الولادة جميعها تزداد نسبياً كلما زاد عمر الحامل.
9. إن الحمل والإنجاب هو عمل متكرر وإن المرأة بحاجة إلى فترة زمنية طويلة لإنجاب ما كتب الله لها من أطفال. فالمرأة التي تتزوج في سن متأخر فإنها سوف تنجب أطفالها وهي في سن متأخر، ومن المثبت طبياً أن الأمراض المزمنة تبدأ بالظهور أو تزيد استفحالاً كلما تقدم الإنسان عمراً وهذه الأمراض المزمنة تزيد مخاطر الحمل والإنجاب وأحياناً تقف عائقاً للحمل والإنجاب.
ومن إيجابيات الزواج المبكر:
1- تحمل الزوجين للمسؤولية وعدم الاعتماد على الآخرين.
2- كما أنه يقلل من الوقوع في الرذيلة و الانحراف والشذوذ الجنسي.
3- وفيه المحافظة على النسل وتعمير الكون وازدهاره.
4-كما أن فيه التقارب في السن بين الآباء والأبناء بحيث يكون الفارق في السن بينهما قليلاً يستطيع الآباء من خلال ذلك رعاية أبنائهم والسهر على راحتهم وهم أقوياء كما يستفيدون من خدمة أبنائهم لهم.
دراسة حول زواج الفتيات لأقل من سن سبعة عشر عاماً من خلال سجلات عقود الزواج في إحدى المحاكم الشرعية في إحدى المدن الفلسطينية.
قام أحد الباحثين بإجراء الدراسة من خلال سجلات عقود زواج المحكمة الشرعية خلال عام 1999 م وكانت حسب التالي:
1- تم عمل الدراسة على ثلاثمائة عقد زواج تم إجراؤها في المحكمة الشرعية.
2- تبين من خلال الدراسة أن تسع وستين حالة زواج كان عمر الزوجة فيها أقل من سن 17 عاماً
3- الفتيات اللواتي تم إجراء عقود زواجهن فوق ستة عشر عاماً من الرقم تسع وستين بلغ سبع وثلاثون حالة.
4- الفتيات اللواتي تم إجراء عقود زواج لهن فوق سن خمسة عشر عاماً بلغ اثنتان وثلاثون حالة.
و من خلال الدراسة ظهرت النتائج التالية:
أ- نسبة الزواج لأقل من ستة عشر عاماً تساوي 10% من حالات الزواج فقط.
ب- لم يتبين أي حالة زواج أقل من سبعة عشر عاماً للرجال وإنما تزيد عن ذلك بكثير.
ج- الغالبية العظمى من الفتيات اللواتي تم إجراء عقود زواجهن في المحكمة وتقل أعمارهن عن ستة عشر عاماً هن من القرى.
وعليه فإننا نستطيع القول أن الصراخ العالي الذي تطلقه مراكز المرأة حول تأخير سن الزواج ليس له داع من الناحية العلمية من خلال البحث والإحصاء في سجلات المحكمة من حيث أن عشرة بالمئة من العقود فقط تقل أعمارهن عن السن المقترح من قبل تلك المراكز بالإضافة إلى أن هذه النسبة تقل إلى النصف أو أكثر إذا عرفنا أن إجراء العقد لا يعني الزواج من الناحية العملية، بل إن عملية الزواج ربما لا تتم إلا بعد عام أو أكثر من تاريخ كتابة العقد.
لذلك نستطيع القول أن هذه الدعوة ما هي إلا أفكار ماكرة وأراء خبيثة تطلقها أبواق الحقد والمكر اتجاه مشروع الزواج في الشريعة الإسلامية.
وختاماً فإني أقول إنه لا يجوز شرعاً سن قانون يحظر الزواج قبل الثامنة عشرة لما يترتب على ذلك من مفاسد كثيرة. ومع أنني من أنصار التبكير في الزواج وأحث على ذلك ولكنني أرى أنه ينبغي أن يكون الزوجان قد أتما المرحلة الجامعية الأولى وهذا لا يعني منع حالات الزواج في أقل من ذلك وحسب ما حدده قانون الأحوال الشخصية.
والله الهادي إلى سواء السبيل
http://www.naseh.net المصدر:
ــــــــــــــــــ
المرأةُ والولايات السيادية
تقديم
فضيلة الشيخ العلامة : عبد الرحمن بن ناصر البراك
وفضيلة الشيخ الدكتور: محمد بن رزق طرهوني
وفقهما الله تعالى
تأليف
عبد الرحمن بن سعد الشثري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه .
أمَّا بعد : فقد اطلعتُ على البحث الذي كتبه أخونا الشيخ : عبد الرحمن بن سعد الشثري , في حكم تنصيب المرأة في الولايات العامة , كالإمامة العظمى , والوزارة , والإدارة , فوجدته بحثاً جيِّداً , قد تضمَّن ذكر الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال العلماء في هذه المسألة , مما يتضمَّنُ الرَّد على أصحاب التوجُّه التغريبي من المنافقين والمخدوعين , فجزى الله المؤلف خيراً , ونفع بما كتبه .
وذلك بمناسبة ما نُشر في بعض الصحف من ترشيح عدد من النسوة ليكنَّ سفيرات في وزارة الخارجية , وهي خطوة مسبوقة لخطوات تغريب المرأة المسلمة , وهو تحقيق لِما تقضي به وثيقة هيئة الأمم المتحدة من تحريم التمييز ضد المرأة – أي تمييز الرجل على المرأة – وذلك يعني التسوية بينهما في جميع المجالات , وهي وثيقةٌ باطلةٌ , لأنها مناقضةٌ لجميع أحكام الإسلام التي فيها تمييزٌ بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات (( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ )) (المائدة:50) .
وصلى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
حُرِّر في يوم الخميس 10/9/1426هـ .
أملاه
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله .
أمَّا بعد : فقد اطلعت على رسالة الأخ الكريم المفضال الشيخ عبد الرحمن بن سعد الشثري , وعنوانها : المرأة والولايات السيادية , فوجدتها رسالة قيِّمة , تسدُّ ثغرة هامة في وقتنا الحاضر , وتُمثِّل حصناً دفاعياً تجاه النعرات التي يعلو صوتها هذه الأيام .
وقد أجاد أخونا الفاضل وفقه الله لكل خير في تستطير تلكم الرسالة القيمة , وذلك ضمن اهتماماته المتكرِّرة , نفع الله به بما يَجدُّ في الساحة الإسلامية من مسائل ينتظر فيها ناشدو الحق من المسلمين الإيضاح والبيان من أهل العلم , ولكنهم يُصابون بخيبة أمل حينما لا يجدون البيانَ الشافي, والتوضيح الْمُؤصَّل , فكانت هذه الرسائل نبعاً صافياً ينهلُ منه كلُّ من اختلطت عليه الأمور وتلاقفته الأهواء .
والمرأة خلال أربعة عشر قرناً خلت كانت مملكتها بيتُها , وحجابها سترها , وحياؤها هو رأس مالها مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها)) , ولِما روي عنه أيضاً من قوله : ((من قعدت منكن في بيتها فإنها تدرك عمل المجاهدين )) , وتبيينه صلى الله عليه وسلم أنَّ النساء أسيرات عند أزواجهنَّ حيث قال : (( اتقوا الله في النساء فإنهنَّ عوان عندكم )) .
والنصوص في هذا المعنى كثيرة , وقد نقل الشيخ عبد الرحمن طائفة منها تُغني عن غيرها , وأردفها بفهم علماء الأمة الجهابذة فلم يترك مجالاً لمغرض أو لعابث فجزاه الله خير الجزاء .
وخروج المرأة من بيتها واختلاطها بالرجال مفتاح كل فساد وشر , وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( المرأةُ عورةٌ ، فإذا خَرَجَت اسْتَشْرَفَهَا الشيطانُ ، وأقربُ ما تكونُ مِن ربِّها إذا هيَ في قَعْرِ بيتها )) .
وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : ( بلغني أنَّ نساءكم ليُزاحمْنَ العلوج في الأسواق ، أما تغارون ؟ إنه لا خير في مَنْ لا يغار ) .
ولا شك أن تولية المرأة أيَّ ولاية هو انتكاس لفطرتها وتعريض لها لأن تَفتن وتُفتن , ولا يرضى رجل لأهله مثل ذلك إلاَّ وهو ناقص في رجولته مضيع للأمانة التي استرعاه الله إياها , وإذا كان الله تعالى قد حرَّم تمكين النساء والأطفال من التصرف في الأموال إلاَّ تحت الوصاية والرعاية من الرجال فقال : ((وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً)) (النساء:5) كيف بما هو أعظم من ذلك من ولايات أهل الإسلام .
وها هو الغرب الكافر الذي فُتحت فيه أبواب الاختلاط السافر وتولية المرأة المناصب يشهد أهله من خلال دراسات ميدانية أن المرأة العاملة تتعرض دوماً للابتزاز الجنسي , ولا تكاد تسلم المرأة من ذلك حتى وإن كانت دميمة , فسبحان من شرع للمرأة الحجاب والقرار في البيت ومباعدة الرجال الأجانب .
أسأل الله تعالى أن يجزي الشيخ عبد الرحمن خير الجزاء على هذه الرسالة القيمة , وأن ينفع بها قارئها , وإني أُهيب بولاة أمور المسلمين - وفقهم الله - أن يَعضُّوا على ما جاء فيها بالنواجذ , وأن يسعوا إلى نشرها بكلِّ وسيلة ممكنة , بل هي أهلٌ لأن تُوزَّع على الطالبات في مراحل الدراسة المختلفة في بلاد المسلمين .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
وكتبه
د. محمد بن رزق بن طرهوني
المدينة النبوية في 15/11/1426هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ بعده نبيِّنا وسيِّدنا وقدوتنا محمد صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم .
أما بعد : فقد اقترحَ بعضُ من يُظنُّ به الخير لمصالحَ يراها أنْ تُنشأ وزارة تختصُّ بشؤون المرأة , يتولاَّها امرأةٌ على مرتبة وزير , وكذلك : أن تتولَّى شؤون تعليم النساء امرأة على مرتبة وزيرة أو نائبة وزير , ودعا غيرهم إلى أن تولية المرأة بعض الوزارات , ودخولها الانتخابات الرئاسية في بعض الدول , ودَعَى بعضهم إلى إدخال المرأة في السلك الدبلوماسي فتكون منهن السفيرة والممثلة القنصلية .. إلخ .
ولقد عَدَّ الحافظ ابن رجب الحنبلي ت795هـ - رحمه الله - الرَّد على المقالات الضعيفة وتبيين الحقِّ في خلافها بالأدلة الشرعية : من النصيحة لله , ولكتابه , ولرسوله صلَّى الله عليه وسلَّم , ولأئمة المسلمين , وعامتهم ([1]) .
ولبيان الحقِّ فيما ذُكر , والتعاون على البرِّ والتقوى أكتبُ عن حكم تولِّي المرأة للخلافة العظمى , والوزارة , ما دونها مما فيه ولاية لها على الرجال كالسفارة مثلاً , وذلك عبر الفصول التالية :
الفصل الأول : معنى الولاية , والوزارة , والسفارة .
الفصل الثاني : أقسام الوزارة , وشروط مُتقلِّدها .
الفصل الثالث : دلالة الكتاب على حُرمة تولِّي المرأة للولاية والوزارة والسفارة .
الفصل الرابع : دلالة السنة على حُرمة تولِّي المرأة للولاية والوزارة والسفارة .
الفصل الخامس : الإجماع على حُرمة تولِّي المرأة للولاية والوزارة والسفارة .
الفصل السادس : دلالة العقل على حُرمة تولِّي المرأة للولاية والوزارة والسفارة .
الخاتمة .
وإلى الرسالة نفعني الله والمسلمين بها .
الفصل الأول
معنى الولاية , والوزارة , والسفارة .
معنى الولاية أو الإمامة أو الخلافة :
قال أبو الحسن علي بن محمد الماوردي ت450هـ رحمه الله تعالى : ( الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا ) ([2]).
والمعنى : وسياسة الدنيا به , أي : بالدين .
معنى الوزارة :
قال أبو بكر بن العربي ت543هـ رحمه الله : ( الوزارة ولاية شرعية , وهي عبارةٌ عن رَجُل موثوقٍ به في دينه , يُشاوره الخليفة فيما يَعِنُّ له من الأمور ) ([3]) .
معنى السَّفارة :
( عمل السفير ومقامه ) ([4]) , والسفير : ( الرسول والمصلح بين قومين , وفي القانون الدولي : مبعوث يُمثِّل الدولة لدى رئيس الدولة المبعوث إليها ) ([5]) .
وقال أبو زكريا محيي الدين النووي ت676رحمه الله : ( في آخر الباب الرابع من كتاب الخلع : أصل السفارة الإصلاح , يُقال : سفرت بين القوم أي أصلحت , ثمَّ سُمِّي الرسول سفيراً لأنه يسعى في الإصلاح ويُبعثُ له غالباً ) ([6]) .
الفصل الثاني
أقسام الوزارة , وشروط مُتقلِّدها .
ذكر علماء الأحكام السلطانية أنَّ الوزارة تنقسم إلى قسمين :
وزارة التفويض : وهي : ( أنْ يَسْتَوْزِرَ الإمامُ مَنْ يُفوِّضُ إليه تدبيرَ الأمور برأيه وإمضاءها على اجتهاده ) ([7]) .
( ويُعتبرُ في تقليد هذه الوزارة شروط الإمام ) ([8]) الأعظم من : الإسلام ([9]) , والتكليف ([10]) , والحرية ([11]) , والذكورة ([12]) , والعدَالة ([13]) , والاجتهاد ([14]) , والكفاية ([15]) ( إلاَّ النسب وحده ) ([16]) , ( فإنه لا يُعتبرُ فيه كونه قرشياً ) ([17]) .
وهي أشبه ما يكون بمنصب رئيس الوزراء ([18]) من جهة التفويض العام , أمَّا التفويض الْمُقيَّد فيدخل فيه بقيَّة الوزراء .
القسم الثاني : وزارة التنفيذ :
و ( هي التي لا يكونُ لصاحبها تدبير الأمور باجتهاده , وإنما يكونُ عملُه فيها قاصراً على تنفيذ أوامر الخليفة والتزامِ آرائه ) ([19]) .
وفي عصرنا الحاضر : لَمْ تَعُدْ فيه وزارات التنفيذ مقصورة على أوامر الحاكم الْمُقيَّدة بالأنظمة والقوانين , بلْ أصبحَ لكلِّ وزارة تنفيذية صلاحيات عامة لِمُتقلِّدها وفق الأنظمة , ووظائف مخصوصة به من توظيف , ونقل , وتأديب , وترقية , تقع الأمة والدولة تحت نظره وتصرُّفه عليهما بموجب تلك الصلاحيات في مجال وظائفه المختصِّ بها .
الفصل الثالث
حكم تولِّي المرأة للولاية والوزارة من القرآن الكريم .
لقد دلَّ القرآن الكريم على حُرمة تولِّي المرأة للولاية ووزارة التفويض والتنفيذ , ومن ذلك :
1 - قول الله تعالى : (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ 4 )) (النساء:34) ([20]) .
قال محمد بن أحمد القرطبي ت671هـ رحمه الله تعالى : ( أي يقومون بالنفقة عليهنَّ والذبِّ عنهنَّ , وأيضاً : فإنَّ فيهم الحكام والأمراء ومن يغزو , وليس ذلك من النساء ) ([21]) .
وقال البغوي ت516هـ : ( يعني فضَّل الرجال على النساء بزيادة العقل والدين والولاية ) ([22]) .
وقال البيضاوي : ( يقومون عليهنَّ قيام الوُلاة على الرعيَّة , وعلَّل ذلك بأمرين : وهبي وكسبي فقال : (( بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)) بسبب تفضيله تعالى الرجال على النساء بكمال العقل وحسن التدبير ومزيد القوة في الأعمال والطاعات , ولذلك خُصُّوا بالنبوة والإمامة والولاية وإقامة الشعائر والشهادة في مجامع القضايا ووجوب الجهاد والجمعة ونحوها , والتعصيب وزيادة السهم في الميراث والاستبداد بالفراق ) ([23]) .
وقال محمد بن علي الشوكاني ت1250هـ : ( إنما استحقوا هذه المزية لتفضيل الله للرجال على النساء بما فضلهم به من كون فيهم الخلفاء والسلاطين والحكام والأمراء , والغزاة وغير ذلك من الأمور ) ([24]) .
وقال أبو الأعلى المودودي : ( هذا النصُّ يقطعُ بأنَّ المناصب الرئيسية في الدولة : رئاسة كانت أو وزارة ... لا تُفَوَّضُ إلى النساء ... ) ([25]) .
2 – قول الله تعالى : (( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ)) (البقرة:228) ([26]) .
قال ابن أبي حاتم : ( حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ثنا وكيع قال : سمعت سفيان يقول : سمعت زيد بن أسلم يقول في قول الله : (( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ 3 )) قال : الإمارة ) ([27]) .(49/2)
وقال العلامة عبد الرحمن السعدي ت1376هـ رحمه الله : ( أي رفعة ورياسة وزيادة حق عليها , كما قال تعالى : (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ 4)) ومنصب النبوة , والقضاء , والإمامة الصغرى والكبرى , وسائر الولايات مختصٌّ بالرجال وله ضعفا ما لها في كثير من الأمور كالميراث ونحوه ((وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ)) أي : له العزة القاهرة , والسلطان العظيم الذي دانت له جميع الأشياء , ولكنه مع عزته حكيم في تصرفه ) ([28]) .
3 - قول الله تعالى : (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى )) (الأحزاب:33) ([29]) .
دلَّت الآية الكريمة على وجوب لزوم المرأة المسلمة بيتها , وعدم خروجها منه إلاَّ عند الحاجة , ويدلُّ لذلك أيضاً ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : ( خرجت سودة بنت زمعة ليلاً فرآها عمر فعرفها فقال : إنك والله يا سودة ما تخفين علينا , فرجعت إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له وهو في حجرتي يتعشَّى وإن في يده لعرقاً , فأُنزل عليه , فرفع عنه وهو يقول : (( قد أذن الله لكنَّ أن تَخرجن لحوائجكنَّ )) ([30]) .
ومن أقوال المفسرين في الآية الكريمة :
قال أبو عبد الله القرطبي : ( معنى هذه الآية : الأمر بلزوم البيت , وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى , هذا لو لم يرد دليل يخصُّ جميع النساء , كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة ) ([31]) .
وقال أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي ت597هـ : ( قال المفسرون : ومعنى الآية : الأمر لهن بالتوقر والسكون في بيوتهن وأن لا يخرجن ) ([32]) .
وقال أبو الفداء إسماعيل بن كثير ت774هـ : ( أي : الزمن بيوتكنَّ فلا تخرجن لغير حاجة ) ([33]) .
وقال القاضي أبو بكر بن العربي ت543هـ : ( يعني : اسكنَّ فيها ولا تتحركن ولا تبرحن منها ) ([34]) .
وقال أحمد مصطفى المراغي : ( أي : الزمن بيوتكنَّ فلا تخرجن لغير حاجة ، وهو أمرٌ لَهُنَّ ولسائر النساء ) ([35]) .
وقال حسنين محمد مخلوف : ( الزمنها فلا تخرجن لغير حاجةٍ مشروعة ، ومثلُهنَّ في ذلك سائر نساء المؤمنين ) ([36]) , وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي : ( أي : اقررن فيها ، لأنه أسلمُ وأحفظُ لَكُنَّ ) ([37]) .
وقال أبو الأعلى المودودي : ( صفوة القول : أنَّ خروج المرأة من البيت لَمْ يُحمد في حالٍ من الأحوال ، وخير الهدي لَها في الإسلام أنْ تُلازمَ بيتَها كما تدلُّ عليه آية (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)) دلالة واضحة ) ([38]) .
وقال أبو الثناء محمود الألوسي ت1270هـ رحمه الله - بعد أن ذكر القراءات المتعدِّدة لقوله تعالى : (( وَقَرْنَ)) - : ( والمرادُ على جميع القراءات : أمرُهُنَّ رضي الله تعالى عنهنَّ بمُلازمة البيوت ، وهو أمرٌ مطلوبٌ من سائر النساء ) ([39]) .
4 - قول الله تعالى : ((وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ)) (الأحزاب:53) ([40]) .
قال الإمام القرطبي رحمه الله : ( التاسعةُ : في هذه الآية دليلٌ على أنَّ الله تعالى أذنَ في مسألتهنَّ من وراء حجابٍ في حاجةٍ تَعرضُ , أو مسألةٍ يُستفتينَ فيها , ويدخلُ في ذلكَ جميعُ النساء بالمعنى , وبما تضمَّنته أصولُ الشريعة مِنْ أنَّ المرأة كلُّها عورةٌ بَدَنُها وصوتُها كما تقدَّم , فلا يجوزُ كشف ذلك إلاَّ لحاجةٍ كالشهادة عليها , أو داءٍ يكونُ ببدنها , أو سؤالها عما يعرضُ وتعيَّن عندها ) ([41]) .
وقال الدكتور إسماعيل البدوي : ( يُقرِّر القلقشندي أنَّ الإمام ([42]) لا يَستغني كلٌّ منهم عن الاختلاط بالرجال والمشاورة معهم في الأمور , والمرأةُ ممنوعةٌ من ذلك , ولأنَّ المرأة ناقصةٌ في أمر نفسها حتَّى لا تملك النكاح , فلا تُجعل إليها الولاية على غيرها ) ([43]) .
فالشريعة جاءت باحتجاب النساء عن الرجال , ومنع الاختلاط بين الرجال والنساء , قال الإمام محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية ت751هـ رحمه الله تعالى : ( وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ وَلِيَّ الأمْرِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَ اخْتِلاطَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ فِي الأَسْوَاقِ , وَالْفُرَجِ , وَمَجَامِعِ الرِّجَالِ , قَالَ مَالِكٌ رحمه الله وَرَضِيَ عَنْهُ : أَرَى لِلإِمَامِ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى الصُّيَّاغِ فِي قُعُودِ النِّسَاءِ إلَيْهِمْ , وَأَرَى أَلا يَتْرُكَ الْمَرْأَةَ الشَّابَّةَ تَجْلِسُ إلَى الصُّيَّاغِ , فَأَمَّا الْمَرْأَةُ الْمُتَجَالَّةُ وَالْخَادِمُ الدُّونُ , الَّتِي لا تُتَّهَمُ عَلَى الْقُعُودِ , وَلا يُتَّهَمُ مَنْ تَقْعُدُ عِنْدَهُ : فَإِنِّي لا أَرَى بذَلِكَ بَأْسًا , انْتَهَى , فَالإِمَامُ مَسْئُولٌ عَنْ ذَلِكَ , وَالْفِتْنَةُ بهِ عَظِيمَةٌ , قَالَ صلى الله عليه وسلم : (( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ )) ([44]) , وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ : (( بَاعِدُوا بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ )) ([45]) , وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ : أَنَّهُ قَالَ لِلنِّسَاءِ : (( لَكُنَّ حَافَّاتُ الطَّرِيقِ )) ([46]) , وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَنْعُ النِّسَاءِ مِنْ الْخُرُوجِ مُتَزَيِّنَاتٍ مُتَجَمِّلاتٍ , وَمَنْعُهُنَّ مِنْ الثِّيَابِ الَّتِي يَكُنَّ بهَا كَاسِيَاتٍ عَارِيَّاتٍ , كَالثِّيَابِ الْوَاسِعَةِ وَالرِّقَاقِ , وَمَنْعُهُنَّ مِنْ حَدِيثِ الرِّجَالِ , فِي الطُّرُقَاتِ , وَمَنْعُ الرِّجَالِ مِنْ ذَلِكَ , وَإِنْ رَأَى وَلِيُّ الأَمْرِ أَنْ يُفْسِدَ عَلَى الْمَرْأَةِ - إذا تَجَمَّلَتْ وَتَزَيَّنَتْ وَخَرَجَتْ - ثِيَابَهَا بحِبْرٍ وَنَحْوِهِ , فَقَدْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَأَصَابَ , وَهَذَا مِنْ أَدْنَى عُقُوبَتِهِنَّ الْمَالِيَّةِ , وَلَهُ أَنْ يَحْبسَ المَرأَةَ إذا أَكْثَرَت الْخُرُوجَ مِنْ مَنْزِلِهَا , وَلا سِيَّمَا إذَا خَرَجَتْ مُتَجَمِّلَةً , بَلْ إقْرَارُ النِّسَاءِ عَلَى ذَلِكَ إعَانَةٌ لَهُنَّ عَلَى الإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ , وَاَللَّهُ سَائِلٌ وَلِيَّ الأَمْرِ عَنْ ذَلِكَ , وَقَدْ مَنَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه النِّسَاءَ مِنْ الْمَشْيِ فِي طَرِيقِ الرِّجَالِ , وَالاخْتِلاطِ بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ , فَعَلَى وَلِيِّ الأَمْرِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ فِي ذَلِكَ , وَقَالَ الْخَلالُ فِي جَامِعِهِ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ : أَنَّهُ قَالَ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : أَرَى الرَّجُلَ السُّوءَ مَعَ الْمَرْأَةِ ؟ قَالَ : صِحْ بهِ , وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا تَطَيَّبَتْ وَخَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ ([47]) , وَيَمْنَعُ الْمَرْأَةَ إذَا أَصَابَتْ بَخُورًا أَنْ تَشْهَدَ عِشَاءَ الآخِرَةِ فِي الْمَسْجِدِ ([48]) , فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : (( الْمَرْأَةُ إذا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ )) ([49]) , وَلا رَيْبَ أَنَّ تَمْكِينَ النِّسَاءِ مِن اختِلاطِهِنَّ بالرِّجَالِ : أَصْلُ كُلِّ بَلِيَّةٍ وَشَرٍّ , وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ نُزُولِ الْعُقُوبَاتِ الْعَامَّةِ , كَمَا أَنَّهُ مِنْ أَسبَابِ فَسَادِ أُمُورِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ , وَاخْتِلاطُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ سَبَبٌ لِكَثرَةِ الفَوَاحِشِ وَالزِّنَا , وَهُوَ مِن أَسبَابِ الْمَوتِ العَامِّ , وَالطَّوَاعِينِ الْمُتَّصِلَةِ , وَلَمَّا اخْتَلَطَ الْبَغَايَا بِعَسْكَرِ مُوسَى , وَفَشَتْ فِيهِمْ الْفَاحِشَةُ : أَرْسَلَ اللَّهُ إلَيْهِمْ الطَّاعُونَ , فَمَاتَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَبْعُونَ أَلْفًا , وَالْقِصَّةُ مَشْهُورَةٌ فِي كُتُبِ التَّفَاسِيرِ ([50]) , فَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْمَوْتِ الْعَامِّ : كَثْرَةُ الزِّنَا , بسَبَبِ تَمْكِينِ النِّسَاءِ مِنْ اخْتِلاطِهِنَّ بالرِّجَالِ , وَالْمَشْيِ بَيْنَهُمْ مُتَبَرِّجَاتٍ مُتَجَمِّلاتٍ , وَلَوْ عَلِمَ أَوْلِيَاءُ الأَمْرِ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ فَسَادِ الدُّنْيَا وَالرَّعِيَّةِ - قَبْلَ الدِّينِ - لَكَانُوا أَشَدَّ شَيْءٍ مَنْعاً لِذَلِكَ , قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه : ( إذَا ظَهَرَ الزِّنَا فِي قَريَةٍ أَذِنَ اللَّهُ بهَلاكِهَا ) ([51]) , وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنيَا : حَدَّثَنَا إبرَاهِيمُ بْنُ الأَشْعَثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ الْعَمِّيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (( مَا طَفَّفَ قَوْمٌ كَيْلاً , وَلا بَخَسُوا مِيزَاناً , إلاَّ مَنَعَهُمْ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْقَطْرَ , وَلا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الزِّنَا إلا ظَهَرَ فِيهِمْ الْمَوْتُ , وَلا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ إلا ظَهَرَ فِيهِمْ الْخَسْفُ , وَمَا تَرَكَ قَوْمٌ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ إلاَّ لَمْ تُرْفَعْ أَعْمَالُهُمْ , وَلَمْ يُسْمَعْ دُعَاؤُهُمْ )) ([52]) ([53]) .
( [1] ) يُنظر : الفرق بين النصيحة والتعيير لابن رجب ص11 .
( [2] ) الأحكام السلطانية والولايات الدينية ص5 للماوردي .
( [3] ) أحكام القرآن ج4/1462 .
( [4] ) المعجم الوسيط ص433 مجمع اللغة العربي بالقاهرة بإشراف عبد السلام هارون .
( [5] ) المصدر السابق .
( [6] ) تهذيب الأسماء واللغات ج3/2142 .
( [7] ) الأحكام السلطانية ص22 للماوردي , والأحكام السلطانية ص29 للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفراء الحنبلي ت458هـ .
( [8] ) الأحكام السلطانية للفراء ص29 .
( [9] ) يُنظر : حاشية رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ج1/548 لابن عابدين ت1306هـ , والإرشاد للجويني ص427 , والتاج والإكليل لمختصر خليل ج6/276 لأبي عبد الله محمد العبدري المعروف بابن المواق .
( [10] ) أي : بالغاً عاقلاً , وهذا بالإجماع .
يُنظر : حاشية ابن عابدين ج1/548 , وحواشي الشرواني وابن قاسم على تحفة المحتاج ج9/75 , ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ج4/130 للشربيني ت977هـ , وكشاف القناع عن متن الإقناع ج6/159 لمنصور البهوتي ت1051هـ .
( [11] ) يُنظر : كتاب الإرشاد ص427 , ولمع الأدلة ص116 وكلاهما للجويني , وغاية المرام ص383 لعلي بن محمد الآمدي ت631هـ , وحاشية ابن عابدين ج1/548 , وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج4/265 لمحمد عرفة الدسوقي ت123هـ , ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ج7/389 للشافعي الصغير لمحمد الرملي ت1004هـ , والأحكام السلطانية ص20 لأبي يعلى , والمبدع في شرح المقنع ج10/10 لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن مفلح ت880هـ .
( [12] ) باتفاق الفقهاء .
يُنظر : حاشية ابن عابدين ج1/548 , وشرح منح الجليل على مختصر خليل ج4/138 لأبي عبد الله محمد عليش , ومغني المحتاج ج4/130 , والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد ج10/310 لأبي الحسن علاء الدين المرداوي ت885هـ , وأضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ج1/127 لمحمد الأمين الشنقيطي ت1393هـ .
( [13] ) وهو مذهب المالكية , يُنظر : التاج والإكليل لمختصر خليل ج6/277 للمواق .
ومذهب الشافعية , يُنظر : نهاية المحتاج ج7/390 .
وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد واختاره أكثر أصحابه , يُنظر : الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص20 , وكشاف القناع ج6/159 .
وقول بعض الحنفية , يُنظر : أحكام القرآن ج1/69 لأبي بكر أحمد بن علي الجصاص .
وقول الظاهرية , يُنظر : الفصل في الملل والأهواء والنحل ج4/180 لعلي بن حزم الظاهري ت548هـ , وهذه المراجع المذكورة هي لشروط الإمامة العظمى .
( [14] ) وبه قال جمهور العلماء , وهو مذهب المالكية , يُنظر : متن مواهب الجليل من أدلة خليل ج4/200 لمحمد الأمين الشنقيطي ت1393هـ .
ومذهب الشافعية , يُنظر : حاشية البجيرمي ج4/204 .
ومذهب الحنابلة , يُنظر : المبدع ج10/10 .
وبعض الحنفية , يُنظر : حاشية ابن عابدين ج1/549 .
( [15] ) كالشجاعة والنجدة المؤدية إلى حماية البيضة وجهاد العدو , والرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح .
يُنظر : الأحكام السلطانية للماوردي ص6 , وحاشية ابن عابدين ج1/548 , والإرشاد ص426 , ومقدمة عبد الرحمن بن خلدون ص193 , وبلغة السالك لأقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك على الشرح الصغير للدردير ج2/414 لأحمد بن محمد الصاوي , ومغني المحتاج ج4/130 , والإنصاف ج10/310 , والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص20 , والمواقف مع شرح الجرجاني ج8/349 للإيجي .
( [16] ) قاله الماوردي في الأحكام السلطانية ص22 , والفراء في الأحكام السلطانية ص29 .
( [17] ) قاله بدر الدين بن جماعة ت733هـ في كتابه : تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام ص77 .
( [18] ) نظام الوزارة في الدولة الإسلامية , دراسة مقارنة للدكتور إسماعيل البدري ص354 .
( [19] ) عبقرية الإسلام في أصول الحكم للدكتور منير العجلاني ص166 .
( [20] ) الآية 34 من سورة النساء .
( [21] ) الجامع لأحكام القرآن ج5/168 .
( [22] ) تفسير البغوي ج1/422 .
( [23] ) تفسير البيضاوي ج2/184 .
( [24] ) فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ج1/460 .
( [25] ) نظرية الإسلام وهديه ص316 .
( [26] ) الآية 228 من سورة البقرة .
( [27] ) تفسير ابن أبي حاتم ج2/417 , ويُنظر : تفسير الطبري ج2/454 .
( [28] ) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص102 .
( [29] ) الآية 33 من سورة الأحزاب .
( [30] ) رواه البخاري رحمه الله واللفظ له ح4939 باب خروج النساء لحوائجهن , ومسلم رحمه الله ح2170 باب إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان .
وقال أحمد بن حجر العسقلاني ت852هـ رحمه الله عن ترجمة الإمام البخاري رحمه الله على هذا الحديث : ( عقب المصنف بهذه الترجمة ليُشير إلى أنَّ خروج النساء للبراز لم يستمر , بل اتخذت بعد ذلك الأخلية في البيوت , فاستغنين عن الخروج إلاَّ للضرورة ) فتح الباري شرح صحيح البخاري ج1/250 .
( [31] ) الجامع لأحكام القرآن ج14/179 .
( [32] ) زاد المسير في علم التفسير ج6/379 .
( [33] ) تفسير القرآن العظيم ج3/482 .
( [34] ) أحكام القرآن ج3/1535 .
( [35] ) تفسير المراغي ج22/6 .
( [36] ) صفوة البيان لمعاين القرآن ص531 .
( [37] ) تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ج6/219 .
( [38] ) الحجاب ص 235 .
( [39] ) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ج22/6 .
( [40] ) الآية 53 من سورة الأحزاب .
( [41] ) الجامع لأحكام القرآن ج14/227 .
( [42] ) ومثله وزير التفويض , والوالي ولاية عامة .
( [43] ) نظام الوزارة في الدولة الإسلامية ص102 .
( [44] ) رواه البخاري ح4808 باب ما يُتَّقى من شؤم المرأة وقوله تعالى :
((إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ))
, ومسلم ح2740 باب أكثر أهل الجنة الفقراء , وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء .
( [45] ) قال الملا علي قاري ت1014هـ : ( غيرُ ثابتٍ , وإنما ذكره ابن الحاج في المدخل في صلاة العيدين , وذكره ابن جماعة في منسكه في طواف النساء من غيرِ سَنَد ) الأسرار المرفوعة ص145 .
( [46] ) رواه أبو داود ت275هـ رحمه الله ح5272 باب في مشي النساء مع الرجال في الطريق , وسليمان الطبراني في المعجم الكبير ج19/261 , والبيهقي في شعب الإيمان ح7822 , وحسَّنه الألباني ت1420هـ رحمه الله في صحيح سنن أبي داود , وصحيح الجامع الصغير ح929 .
( [47] ) رواه الأئمة : أحمد ح19711 , والترمذي ح2786 باب ما جاء في كراهية خروج المرأة متعطرة , وابن حبان ح4424 باب ذكر وصف زنى الأذن والرجل فيما يعملان مما لا يحل ، والبيهقي في الكبرى ح5769 باب ما يكره للنساء من الطيب عند الخروج وما يشتهرن بها , وابن خزيمة ح1681 باب التغليظ في تعطر المرأة عند الخروج ليوجد ريحها وتسمية فاعلها زانية , والحاكم ح3497 تفسير سورة النور , وقال الذهبي ح5318 : ( صحَّحه الترمذي ) ، وحسَّنه الألباني في صحيح موارد الظمآن ح1230 .
( [48] ) رواه مسلم ح444 باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة ، وأنها لا تخرج مطيبة .
( [49] ) رواه ابن حبان ح5599 في : ذكر الإخبار عما يجب على المرأة من لزوم قعر بيتها , والطبراني في الكبير ح9481 , والأوسط ح2890 , والبزار ح2061 , ورواه الترمذي ح1173 , وحسَّنه ابن قدامة في المغني ج7/74 , وقال الهيثمي : ( رواه الطبراني في الكبير , ورجاله موثوقون ) مجمع الزوائد ج2/35 , وصحَّحه الألباني في صحيح ابن خزيمة ح1685 .
( [50] ) يُنظر : تفسير الطبري ج9/40 , تفسير القرطبي ج7/271 , تفسير ابن أبي حاتم ج5/1550 , تفسير البغوي ج2/193 , روح المعاني ج9/35 , زاد المسير ج3/251 , فتح القدير ج2/238 .
( [51] ) رواه الحاكم عن ابن عباس وصحَّحه ح2261 كتاب البيوع , ويُنظر : تفسير البغوي ج3/120 , صفوة الصفوة ج1/420 , والكبائر للذهبي ص63 , الزواجر للهيثمي ج1/441 , وقال الحافظ ابن حجر : ( وأخرجه الحاكم من وجه آخر موصولاً بلفظ : إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله ) فتح الباري ج10/193 , وقال العجلوني ت1102هـ : ( رواه الطبراني , ورواه الطبراني أيضاً والحاكم عن ابن عباس بلفظ : إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلُّوا بأنفسهم عذاب الله ) كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من أحاديث الناس ج1/111 .
( [52] ) يُنظر : ذم الهوى ص192 لابن الجوزي ت579هـ , والكبائر ص63 للذهبي ت748هـ .
( [53] ) الطرق الحكمية 287 ، ويُنظر : فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى رقم 5944 .
ــــــــــــــــــ
أساليب العلمانيين في تغريب المرأة
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد :
فقد أرشد الله – عز وجل – إلى تتبع المجرمين والنظر في أفعالهم وطرقهم في هدم هذا الدين ، فقال الله – سبحانه – {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}، وأمر الله - عز وجل – نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجاهد المنافقين ، فقال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } ، وجهاد الكفار يشمل الحجة والسنان ، أما جهاد المنافقين فهو بالحجة والبيان ، لأن لهم حكم الإسلام فهم يتخفون ولا يظهرون ما يعتقدون . وقد فضح الله – عز وجل – المنافقين في كتابه الكريم في سور كثيرة : في سورة البقرة ، وسورة النساء ، وفي سورة التوبة التي سميت بالفاضحة حتى قال بعض الصحابة – رضي الله عنهم - : ما زالت سورة التوبة تنزل {ومنهم } {ومنهم } حتى ظننا أنها لا تبقي أحداً . وفي سورة الأحزاب بيان عن مواقفهم وقت الشدائد ، وسمّى الله – عز وجل – سورة في كتابه الكريم عن هذه الفئة ، وهذه الفئة مهما تخفت فإن الله – عز وجل – يظهر ما تضغنه صدورهم وما تبطنه قلوبهم : {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} فهي فئة مفضوحة ، يفضحها الله – عز وجل – ويظهر خباياها ليعرفها الناس ولا ينخدعوا بها وكل إناء بما فيه ينضح .
والتعرف على هذه الفئة وعلى أساليبها وطرقها في محاربة الأمة ومحاولتها تقوض دعائم الإسلام يعد من الأهمية بمكان ، يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - : إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية .
فيظهر أهل الجاهلية من أجل تقويض عرى الإسلام فلا يقبل منهم أهل الإسلام ذلك لمعرفتهم بهم وبجاهليتهم .
من الدين كشف الستر عن كل كاذب وعن كل بدعي أتى بالعجائب
ولو رجال مؤمنون لهدمت صوامع دين الله من كل جانب
ولهذا كان لابد من دراسة أساليب الفئة العلمانية في تغريب الأمة كلها والمرأة بوجه خاص لنبتعد عن هذا الشر وهذا الوباء الذي ينذر كارثة عظيمة على الأمة المحمدية .
ولابد أيضاً أن يعلم كل مسلم أن الفئة العلمانية هي الخطر الأكبر المحدق بهذه الأمة ، وهو يعمل على تغريب هذه الأمة وإبعادها عن دينها .
وهذه الكلمات في أصلها محاضرة ألقيت في الرياض بتاريخ 29/4/1414هـ ثم أجري عليها بعض التعديل وأعان على ذلك بعض الأخوة فلهم جزيل الشكر وما كان فيما ذكرت من صواب فمن الله وحده وله الحمد والفضل وما كان فيه من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان . وأرجو من كل أخ في الله رأى خطأ أو استدرك أمراً أو توصل إلى معلومة أن يناصح أخاه فالدين النصيحة بما عنده وأنا له داع وشاكر والتعاون على البر والتقوى واجب شرعي .
{ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
كتبه العبد الفقير إلى ربه العلي القدير
بشر بن فهد البشر
لماذا المرأة ؟
يتبادل إلى أذهان الجميع لماذا التركيز على المرأة من قبل الغرب ومن قبل إتباعه المستغربين العلمانيين ؟
والسر أن هؤلاء قد فطنوا لمكانة المرأة الأساسية ودورها في صنع الأمة وتأثيرها على المجتمع ولذلك أيقنوا أنهم متى ما أفسدوا المرأة ونجحوا في تغريبها وتضليلها فحين ذلك تهون عليهم حصون الإسلام بل يدخلونها مستسلمة بدون أدنى مقاومة .
يقول شياطين اليهود في بروتوكولاتهم : علينا أن نكسب المرأة ففي أي يوم مدت إلينا يدها ربحنا القضية .
ولذلك نجح اليهود في توجيه الرأي العام الغربي حينما ملكوا المرأة عن طريق الإعلام وعن طريق المال .(49/3)
وقال آخر من ألد أعداء الإسلام : كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع فأغرقوها في حب المادة والشهوات .
وهذا صحيح ؛ فإن الرجل الواحد إذا نزل في خندق وأخذ يقاوم بسلاحه يصعب اقتحام الخندق عليه حتى يموت ، فما بالك بأمة تدافع عن نفسها ، فإذا هي غرقت في الشهوات ومالت عن دينها وعن طريق عزها استسلمت للعدو بدون أي مقاومة بل بترحيب وتصفيق حار .
ويقول صاحب كتاب تربية المرأة والحجاب : ( إنه لم يبق حائل يحول دون هدم المجتمع الإسلامي في المشرق – لا في مصر وحدها – إلا أن يطرأ على المرأة المسلمة التحويل ، بل الفساد الذي عم الرجال في المشرق )
ما هي العلمانية وما حكم هذه العلمانية ؟
العلمانية في الأصل يراد بها فصل الدين عن التدخل في تنظيم شئون الحياة ، فلا تتدخل الشرائع السماوية في تنظيم أمور البيع والشراء والمعاملات ولا في مسائل الاقتصاد والسياسة ومسائل الحرب والسلم ومسائل التربية والتعليم وهكذا ، هذا هو أصل كلمة علمانية عند الغرب ، فهي اللادينية ، والاعتراف والتعامل مع الشيء المشاهد ونفى الظواهر الغيبية وتدخلها في صياغة الحياة ، ولذا يسمحون بتدين الإنسان الشخصي ، أما أن يكون للدين تأثير في تدبير شئون الأمة فلا ، ثم انتقل هذا الوباء إلى الأمة المحمدية .
والعلمانية بالمفهوم الإسلامي أعم من ذلك المفهوم الغربي ، فلو وجد شخص ينادي بتطبيق شريعة الإسلام كلها إلا مسألة واحدة يرفضها مما أجمع عليه المسلمون ، وعلم من الدين بالضرورة فإنه يكون كافراً مرتداً ، فعلى سبيل المثال لو وجد شخص ينادي بتطبيق الشريعة في الحدود وفي الاقتصاد وفي السياسة وفي التعليم إلا أنه يقول يجب في الميراث أن نساوى بين الرجل والمرأة، فإنه بهذا يكون علمانياً في الحكم الشرعي، لأنه رد حكما معلوماً من دين الإسلام بالضرورة .
إذاً هذه هي العلمانية في اصطلاحنا حين نتحدث ، وحكمها بهذا الاصطلاح كفر أكبر مخرج من الإسلام لأنها تكذيب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وهي إشراك بالله ما لم ينزل به سلطاناً ، إذ أنها تجعل الحكم في بعض المسائل لغير الله وفي بعضها لله .
وهنا مسألة مهمة يلزم التنبيه عليها وهي الفرق بين الوصف وبين التعيين ، ففرق أن نقول : إن العلمانية كذا ، وأن القول بكذا وكذا علمانية ، وبين أن نقول إن فلاناً علماني فينبغي أن نفرق فقد يكون هذا الشخص قاله جاهلاً وقد يكون غرر به ، وقد يكون أخذ بقول شاذ وأنت لا تعرفه وهكذا . لكن من علم عنه أمر مع وجود الشروط وانتقاء الموانع حكم عليه بما يستحقه شرعاً من ردة أو غيرها . ثم ينبغي التنبيه إلى أن بعض المسلمين قد يفعل بسبب غفلته أو بسبب جشع مادي أو حتى بحسن قصد بعض ما يفعله أو يريده العلمانيون ، وقد يفعل ما يخدم أهدافهم ؛ فهذا الشخص لا يعد منهم – أي لا يقال عنه : علماني – ومع ذلك لابد من التحذير من عمله ، ولابد من بيان خطئه وخطره ، ولابد من نصحه ورده عن ما هو عليه .
التغريب
أما التغريب : فقد نشأت عند ساسة الغرب ومخططيه أيام الاستعمار بعد فشل بعض الحملات العسكرية فكرة شيطانية ، وهي أنه ينبغي أن تكون الجيوش الاستعمارية بعيدة عن المواجهات لأنها تثير ردود فعل عنيفة ، وأنه ينبغي عليهم أن يبذلوا الأسباب لتستسلم الأمم المسلمة للثقافة والحضارة الغربية بنفسها طواعية ، وبذلك نشأت فكرة التغريب ، وأساسها تذويب الشخصية المسلمة في الشخصية الغربية بحيث لا ترى إلا بالمنظور الغربي ، ولا تعجب إلا بما يعجب به الغرب ، وتبتعد عن قيمها وعقائدها وأخلاقها المستمدة من شريعة الإسلام وتعتنق هذه الديانة الجديدة التغريبية ، وتدخل في عجلة الاستهلاك الاقتصادي التي يروج لها الغرب ،( فبرامج التغريب تحاول أن تخدم هدفاً مزدوجاً ، فهي تحرس مصالح الاستعمار بتقريب الهوة التي تفصل بينه وبين المسلمين نتيجة لاختلاف القيم ونتيجة للمرارة التي يحسها المسلم إزاء المحتلين لبلاده ممن يفرض عليه دينه جهادهم ، وهي في الوقت نفسه تضعف الرابطة الدينية التي تجمع المسلمين وتفرق جماعتهم التي كانت تلتقي على وحدة القيم الفكرية والثقافية ، أو بتعبير أشمل وحدة القيم الحضارية ) ...... الخ(1).
فهذا هو التغريب : أي تذويب الأمة المحمدية بحيث تصبح أمة ممسوخة : نسخة أخرى مكررة من الأمة الغربية الكافرة ، غير أن هناك فرق فالأمة الغربية هي الأمة القائدة الحاكمة المتصرفة والأمم الأخرى هي الأمم التابعة الذليلة المنقادة لما يملى عليها ، فهذا هو التغريب .
وتغريب المرأة المسلمة جزء من مخطط شامل لتغريب الأمة في كل أمورها .
يقول الدكتور محمد محمد حسين – رحمه الله تعالى -(2) : وكانت برامج التغريب تقوم على قاعدتين أساسيتين – يعني عند المستعمرين الأولين : -
الأولى : اتخاذ الأولياء والأصدقاء من المسلمين وتمكينهم من السلطة ، واستبعاد الخصوم الذين يعارضون مشاريعهم ، ووضع العراقيل في طريقهم ، وصد الناس عنهم بمختلف السبل .
القاعدة الثانية : التسلط على برامج التعليم وأجهزة الإعلام والثقافة عن طريق من نصبوه من الأولياء وتوجيه هذه البرامج بما يخدم أهدافهم ويدعم صداقتهم .
بداية التغريب :
يؤرخُ لبداية الدعوة لتغريب المرأة المسلمة في مصر في أوائل القرن التاسع عشر ، ولحقتها بلاد العرب الأخرى بعد ذلك .
وكانت البداية أن رجلا اسمه رفاعة الطهطاوي ابتعث من قبل محمد علي باشا حاكم مصر في أوائل القرن التاسع عشر ، ورفاعة هذا من خريجي جامعة الأزهر ومؤهل تأهيلا شرعياً ، وقد ابتعث ليقوم بإمامة البعثة المصرية إلى فرنسا في الصلاة ومرشداً لهم ، ولكنه ما لبث أن ذاب وتأثر بالأفكار الفرنسية ، وفتن فتنة عظيمة ، وعاد إلى مصر ليعرض بضاعته الخبيثة فيها : داعياً للتغريب ، ورافعاً للواء تحرير المرأة ، ونحو ذلك من ركائز التغريب ، وألف كتاباً أودع فيه خلاصة إعجابه بالغرب ( فرنسا بالذات ) أسماه ( تلخيص الأبريز في تلخيص باريز ) ومما قاله فيه : ( السفور والاختلاط بين الجنسين ليس داعياً إلى الفساد ) .
ثم ظهر في عام 1894 م في مصر كتاب (( المرأة في الشرق )) يشن حملة على النظام الإسلامي مهونا الرقص والاختلاط ، ألفه رجل نصراني صليبي يدعى مرقص فهمي .
وبعد ذلك ظهر قاسم أمين الذي ولد في مصر ورحل إلى فرنسا ليتم تعليمه لينبهر بفرنسا كما انبهر رفاعة من قبل حتى صرح قاسم بأن أكبر الأسباب في انحطاط الأمة المصرية تأخرها في الفنون الجميلة : التمثيل والتصوير والموسيقى )(3) .
وقد ألف قاسم أمين كتاب ( تحرير المرأة ) عام 1899 م حمل فيه على الحجاب ودعا إلى السفور ، وذلك بترديد أن الحجاب عادة وليس تشريعا ، وقد تناول في كتابه أربع مسائل :
- الحجاب .
- اشتغال المرأة بالشئون العامة .
- تعدد الزوجات .
- الطلاق .
وذهب في كل مسألة إلى ما يطابق مذاهب الأوربيين زاعماً أن ذلك هو مذهب الإسلام .
وانجر في كتابه إلى التهكم بالفقهاء وعلماء الشريعة وقد ألبس آراءه هنا لباسا مخادعا حتى قال بعض معاصريه : ( ما رأيت باطلاً أشبه بحق من كلام قاسم أمين ) . وقد أوضح قاسم في مقدمة كتابه أنه ممن يرى التدرج في التغيير شيئاً فشيئا ، وكأنه كان يشير إلى كتابه ( المرأة الجديدة ) الذي صدر بعدئذ ، وأبان فيه عن جانب خطير من فكره وطرحه ، فهو كما يقول العنوان يبحث عن امرأة جديدة : كالأوروبية تماماً ، وقال بأقوال لا تقبلها حتى النساء فهو لا يقبل (حق ملكية الرجال للنساء ) ويرى ترك حرية النساء للنساء حتى لو أدى الأمر إلى إلغاء نظام الزواج حتى تكون العلاقات بين الرجل والمرأة حرة لا تخضع لنظام ولا يحدها قانون ) (4) .
وقد أثار الكتابان ردة فعل واسعة ، وصدرت ردود تبلغ مائة كتاب ، ومنها كتاب للشيخ مصطفى صبري هو ( قولي في المرأة ) ودافع البعض عن قاسم أمين منهم جرجى نقولاباز(5) .
وكأني بمحمد فريد وجدي يتكلم عن واقعنا اليوم ليقول في رده على قاسم أمين : ( إذا أشرنا اليوم بوجوب كشف الوجه واليدين ، فإن سنة التدرج سوف تدفع المرأة إلى خلع العذار للنهاية في الغد القريب كما فعلت المرأة الأوربية التي بلغت بها حالة التبذل درجة ضج منها الأوربيون أنفسهم وبدلا من أن نضرب أمثلة بالغرب دائماً ينبغي أن نولي وجوهنا إلى عظمة مدنيتنا الإسلامية الماضية ) وقد ترجم الإنكليز الكتاب واحتفوا به وبثوا قضاياه .
وقد قال أحمد محرم رحمه الله في هذا الكتاب :
أقيمي وراء الخدر فالمرء واهم
سوى ما جنت تلك الرؤى والمزاعم
إذا ما استبيحت في الخدور الكرائم
...
أغرك يا أسماء ما ظن قاسم
تضيقين ذرعاً بالحجاب وما به
سلام على الأخلاق في الشرق كله
وقال الشاعر العراقي البناء يهاجم أهل السفور :.
تصيد الصيد في شرك العيون
تقود ذوي العقول إلى الجنون (6)
...
وجوه الغانيات بلا نقاب
إذا برزت فتاة الخدر حسرى
وبعد أن توفي قاسم أمين صدرت مجلة السفور بعد دخول الإنجليز إلى مصر وكتب فيها مصطفى عبد الرازق وعلي عبد الرازق – صاحب كتاب الإسلام وأصول الحكم – وكان النساء حتى ذلك الوقت محجبات يرتدين البراقع البيض ، ولا يخالطن الرجال .
وعندما جاء عهد الثورة في مصر انتقلت الحركة إلى طور التنظيم بمؤازرة الزعيم الوطني المزعوم سعد زغلول الذي رتب البريطانيون نفيه ثم أعادوه رئيساً للوزراء ليوقع معهم معاهدة تجعل الاحتلال شيئاً متفقاً عليه ، وقدم سعد وبرفقته زوجته صفية زغلول التي تسمت باسم زوجها اقتداء بالغربيات ، وهي ابنة لمصطفى فهمي الذي كان رئيساً لوزراء مصر أيام الاحتلال وعرف بصداقته الحميمة للإنجليز وبخدمته لهم وبعلاقته الشخصية باللورد كرومر ، وقد قَدِمَ سعد زغلول وزوجته هذه على باخرة ، وكان هناك احتفاء بهم فكان من شأن سعد أن بدأ بالدخول على سرادق الحريم حيث استقبلته هدى شعراوي – الفاعلة المهمة في التحرير المزعوم وهي محجبة فمد يده فنزع الحجاب عن وجهها تبعا لخطة معينة وهو يضحك فصفقت هدى وصفقت النساء لهذا الهتك المشين ( .......... ونزع الحجاب ....... ففعل سعد بيده ما دعا إليه اليهودي القديم بلسانه فكلفه دمه ....... ) (7)
وهدى شعراوي ابنة محمد سلطان باشا العميل لجيش الاحتلال الإنجليزي والذي رافق جيش الإنجليز خلال زحفه على القاهرة وطالب الناس بعدم مقاومته ، وقدّم مع فريق من أمثاله هدية من الأسلحة الفاخرة لقادة جيش الاحتلال شكراً لهم على إنقاذ البلاد ، وقد قادت هدى شعراوي وصفية زغلول المظاهرة النسائية الشهيرة عام 1919 م والتي كان هدفها المعلن الاحتجاج على الوجود الإنجليزي في مصر ، فلما وصلت المتظاهرات إلى ميدان الإسماعيلية في القاهرة قمن بإحراق الحجاب وسمي الميدان بعد ذلك ميدان التحرير ، ويا ليت شعري ما علاقة المحتل بالحجاب ؟! بل إن إحراق الحجاب هو ما يريده المحتل ؛ لأن معناه التخلي عن القيم الخاصة بالمجتمع الإسلامي المصري ليتحول إلى مجتمع غربي مصري هجين .
وقد وصف حافظ إبراهيم – رحمه الله – هذه المظاهرة بأبيات رائعة مطلعها :
ورحت أرقب جمعهنه
سود الثياب شعار هنه
...
خرج الغواني يحتججن
فإذا بهن اتخذن من
وبعد ذلك بدأت سلسلة الأحداث المتلاحقة ومنها تأسيس الاتحاد النسائي المصري على يد هدى شعراوي عام 1923 م مع نبوية موسى وسيزا نبراوي شريكاتها في هذه المرحلة .
وقد احتفلت الدوائر الغربية بالاتحاد النسائي المصري وحضرت الدكتورة ريد رئيسة الاتحاد الدولي إلى مصر لتدريس تطور الحركة النسائية فيها . وقد التقت هدى شعراوي هذه بموسوليني عام 1922 وأتاتورك 1935 ، وفي عام 1944 نجحت هدى شعراوي وزميلاتها في إقامة مؤتمر نسائي عربي أصدر عدة قرارات ومطالبات منها :.
- تقييد الطلاق وتعدد الزوجات والحد من سلطة الولي !!.
- المساواة التامة بين الرجل والمرأة !!.
- المطالبة بحذف نون النسوة !!!.
- المطالبة بالجمع بين الجنسين في التعليم الابتدائي !!.
وقد بارك الغرب هذا المؤتمر وأرسلت زوجة الرئيس روزفلت الأمريكي برقية تحية للمؤتمر .
ثم تكون الحزب النسائي عام 1945 م ، وعام 1949 م تكون حزب بنت النيل على يد الدكتور درية شفيق والذي طالب بمنح المرأة حق الاقتراع وحق دخول البرلمان ، والمطمع الثاني كان إلغاء تعدد الزوجات وإدخال قوانين الطلاق الأوربية في مصر وباركت هذا وزيرة الشئون الاجتماعية في انجلترا ، وقامت مظاهرة نسائية واعترفت الدكتورة درية شفيق بأنها – المظاهرة- بتحريض من الوزيرة البريطانية ، وتوالت مباركات الدوائر الغربية لهذا الحزب ، والذي أكتشف أنه كان يمول من قبل السفارة الأمريكية والإنجليزية بألفين من الجنيهات سنوياً عدا الورق المصقول وتقديم المشورة .
ثم توالت الأحداث وانتقلت العدوى لبلاد عربية أخرى(8) وتكاثرت المجلات الهادمة للحجاب والعفاف الداعية إلى السفور والتبرج ولا تزال تزداد يوماً بعد يوم .
وهذا الأسلوب الذي اتبع في مصر اتبع في غيرها من البلاد وكان مدفوعاً من الغرب وحظي التغربيون بحماية الغرب لهم ولا يشبه تدخل إنجلترا لحماية درية شفيق إلا لقاء رؤساء الغرب بسلمان رشدي الذي تعدي على شريعة الإسلام .
والعجب أن الغرب لا يتواني في ملاحظة زلات التغربيين بانحرافهم عن المنهج المرسوم لهم ومن ذلك أن كاتباً عربياً محسوباً على الغرب كتب مقالاً في جريدة عربية وحمل على مواقف الغرب في البوسنة ثم نقل كاتب آخر من مقاله نقلا في جريدة ناطقة بالانجليزية ففوجئ الكاتب العربي خلال زيارته لأمريكا بسياسي أمريكي يعاتبه ويقول له : لماذا تكتب ضدنا وتثير الرأي العام .
مظاهر تغريب المرأة المسلمة
مظاهر تغريب المرأة المسلمة كثيرة جداً يصعب استقصاؤها ولكن نذكر من أهمها :.
1. من مظاهر التغريب التي وقعت فيها المرأة المسلمة والتي نراها ولا تخفى عن كل ذي عينين : الاختلاط في الدراسة وفي العمل ، إذ أنه في معظم البلدان العربية والإسلامية ؛ الدراسة فيها دراسة مختلطة ، والأعمال أعمال مختلطة ، ولا يكاد يسلم من ذلك إلا من رحم الله ، وهذا هو الذي يريده التغريبيون ، فإنه كلما تلاقى الرجل والمرأة كلما ثارت الغرائز ، وكلما انبعثت الشهوات الكامنة في خفايا النفوس ، وكلما وقعت الفواحش لاسيما مع التبرج وكثرة المثيرات وصعوبة الزواج وضعف الدين ، وحين يحصل ما يريده الغرب من تحلل المرأة ، تفسد الأسرة وتتحلل ، ومن ثم يقضى على المجتمع ويخرب من الداخل ، فيكون لقمة سائغة .
وإذا بدأ الاختلاط فلن ينتهي إلا بارتياد المرأة لأماكن الفسق والفجور مع تبرج وعدم حياء ، وهذا حصل ولا يزال فأين هذا من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم حين خرج من المسجد فوجد النساء قد اختلطن بالرجال فقال لهن : ( استأخرن ........... عليكن بحافات الطريق ) رواه أبو داود وحسنه الألباني / الصحيحة 854 .
2. ومنها أيضاً : التبرج والسفور : والتبرج أن تظهر المرأة زينتها لمن لا يحل لها أن تظهرها له . والسفور : أن تكشف عن أجزاء من جسمها مما يحرم عليها كشفه لغير محارمها . كأن تكشف عن وجهها وساقيها وعضديها أو بعضها ، وهذا التبرج والسفور فشا في كثير من بلاد المسلمين ، بل لا يكاد يخلو منها بلد من البلدان الإسلامية إلا ما قل وندر ، وهذا مظهر خطير جداً على الأمة المسلمة ، فبالأمس القريب كانت النساء محتشمات يصدق عليهن لقب : ذوات الخدود . ولم يكن هذا تقليداً اجتماعياً ، بل نبع من عبودية الله وطاعته ، ولا يخفى أن الحجاب الشرعي هو شعار أصيل للإسلام ، ولهذا تقول عائشة – رضي الله عنها - : ( يرحم الله نساء المهاجرات الأول ، لما أنزل الله{ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } شققن مروطهن فاختمرن بها ) البخاري 4758.
ولهذا كان انتشار الحجاب أو انحساره مقياساً للصحوة الإسلامية في المجتمع ودينونة الناس لله ، وكان انتشاره مغيظاً لأولئك المنافقين المبطلين .
3. من مظاهر التغريب : متابعة صرعات الغرب المسماة بالموضة والأزياء ، فتجد أن النساء المسلمات قد أصبحن يقلدن النساء الغربيات وبكل تقبل وتفاخر ، ولذلك تقول إحدى النساء الغربيات ممن يسمونها برائدة الفضاء لما زارت بلداً من بلدان العربية ، قالت : إنها لم تفاجأ حينما رأت الأزياء الباريسية والموضات الحديثة على نساء ذلك البلد .
ولم يسلم لباس الأطفال – البنات الصغيرات – إذ تجد أن البنت قد تصل إلى سن الخامسة عشر وهي لا تزال تلبس لباساً قصيراً ، وهذه مرحلة أولى من مراحل تغريب ملبسها ، فإذا نزع الحياء من البنت سهل استجابتها لما يجدّ ، واللباس مظهر مهم من مظاهر تميز الأمة المسلمة والمرأة المسلمة ، ولهذا حرم التشبه بالكفار ، وهذا والله أعمل لما فيه من قبول لحالهم وإزالة للحواجز وتنمية للمودة ، وليس مجهولا أن تشابه اللباس يقلل تمييز الخبيث من الطيب ، والكفر من الإسلام ، فيسهل انتشار الباطل وخفاء أهله .
والموضة مرفوضة من عدة نواحي منها :
أ- التشبه بالكافرات . والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول : (( من تشبه بقوم فهو منهم )) ( رواه أبو داود والإمام أحمد وهو صحيح ) ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: والصراط المستقيم : هو أمور باطنة في القلب من اعتقادات وإرادات وغير ذلك ، وأمور ظاهرة من أقوال وأفعال ، قد تكون عبادات ، وقد تكون عادات في الطعام واللباس والنكاح ........الخ .
وهذه الأمور الباطنة والظاهرة بينهما ولابد ارتباط ومناسبة ، فإن ما يقوم بالقلب من الشعور والحال يوجب أموراً ظاهرة ، وما يقوم بالظاهر من سائر الأعمال يوجب للقلب شعوراً وأحوالاً ....) انتهى من اقتضاء الصراط المستقيم ، فعلم من هذا خطورة هذا التشبه وتحريمه .
ب – الضرر الاقتصادي للتعلق بالموضة ، ومعلوم كم تكلف هذه الموضة من أموال تنقل إلى بلاد الغرب الكافرة .
وللعلم فإن 30% من ميزانية الأسرة العربية تنفق على احتياجات المرأة نفسها من ملبس وأدوات تجميل ومكياج وتزداد هذه النسبة بازدياد الدخل ومستوى التعليم وينخفض بانخفاضهما(9) .
ج – كثرة التحاسد بين النساء لأنهن يجذبهن الشكل الجميل ، فيتفاخرن ويتحاسدن ، ويكذبن ، ومن ثم قد تكلف زوجة الرجل - قليل المال - زوجها ما لا يطيق حتى تساوي مجنونات الموضة، ولا حول ولا قوة إلا بالله . وغير هذا من المخالفات الشرعية الكثيرة .
4. ومن مظاهر التغريب : الخلوة ، خلوة المرأة بالرجل الأجنبي الذي ليس لها بمحرم ، وقد تساهل الناس فيها حتى عدها بعضهم أمراً طبيعياً ، فالسائق والطباخ أصبحا من أهل البيت ولا غرابة في ذلك ، حتى ذكر أنه شوهدت امرأة مع رجل أجنبي ليس من أهل بلدها ، فحينما سئل هذا الرجل : كيف تمشى مع هذه المرأة وهي ليست لك بمحرم ؟ قال : إنه من أهل البيت ، لأن له خمس عشر سنة وهو عند الأسرة فهو منها بهذا الاعتبار على حسب زعمه .
فالخلوة المحرمة مظهر من مظاهر التغريب التي وقعت فيها الأمة المسلمة حيث هي من أفعال الكافرين الذين ليس لهم دين يحرم عليهم ذلك ، وأما احترام حدود الله فهو من مميزات الأمة المسلمة الأصلية . والجرأة على الخلوة تجاوز لحد من حدود الله وخطر عظيم وقد حرمه الشارع بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم )) رواه البخاري ومسلم .
قاعدة مهمة
إن كل مبطل على وجه هذه الأرض لابد أن يُلبس باطله بثوب الإصلاح وزخرف القول ؛ حتى يروج بين الناس ، لأن الباطل قبيح ومستر ذل ومكروه وبشع ، فحينما يظهر الباطل على حقيقته ، ويعرى على صورته ، لا تقبله النفوس ، ولا ترضى به الفطر السليمة والمستقيمة . ولذلك يلجأ العلمانيون التغريبيون إلى إلباس طرقهم وأساليبهم وأهدافهم وأفكارهم لبوس الإصلاح والحرص على المصلحة وغير ذلك ، فالتوظيف المختلط ، والتعليم المختلط ، كل ذلك بدعوى مصلحة الأمة ، وبدعوى تشغيل نصف المجتمع ، ولأن فيها مردوداً اقتصادياً وهذه هي زخارف القول التي يوحيها شياطين الإنس والجن ، ويقول الله – تبارك وتعالى - : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} فيخدع به ضعفاء الإيمان وناقصوا العقول .
ثم إن العلمانيين قد وجدوا عادات في مجتمعات المسلمين ليست من الإسلام فاستغلوها ووظفوها لينفثوا من خلالها سمومهم وينفذوا مخططاتهم ثم أسقطوها على الإسلام ، بمعنى أنهم قالوا : إنما من الإسلام فهاجموا الإسلام من خلالها ، مثال ذلك : قد تجد بعض المجتمعات المسلمة تظلم المرأة في الميراث ، قد تعطي المرأة ميراثها من المنقول من الأموال والمواشي لكنها لا تعطيها حقها من العقار من الأرض والشجر كفعل الجاهلية ، قد تجد زوجاً لا يعدل بين زوجاته مخالفاً بذلك أمر الله – تعالى - ، فهذه الثغرات يتعلق بها العلمانيون مع أنها ليست من الإسلام في شيء ، ولم ينزل الله بها سلطانا ، بل هي في نظر الإسلام : ظلم محرم وجور ، يجازى عليه صاحبه عند الله يوم القيامة إذا لم يتب منها أو لم يعف الله عنه .
أساليب العلمانيين في تغريب المرأة المسلمة
أساليب العلمانيين في تغريب المرأة المسلمة كثيرة ، ويصعب حصرها ، والمقصود التذكير بما يتيسر من أهمها ومن أخطرها ، ليحذرها المسلمون ، وينكروها ، ويعلموا على إفشالها ، ولتكون منبهة على غيرها . فمن هذه الأساليب :(49/4)
1. وسائل الإعلام بمختلف أنواعها ، من صحافة وإذاعة وتلفاز وفيلم ومجلات متخصصة في الأزياء والموضة ومن مجلات نسائية وملحقات نسائية ومن غير ذلك ، إذ أن الإعلام يصنع الآراء ، ويكيف العقول ، ويوجع الرأي العام خاصة إذا كانت هذه العقول عقولاً فارغة لم تملأ ولم تحصن بما أنزل الله – عز وجل – على رسوله ، أما الصحافة والمجلات فتجد فيها أمور فظيعة منكرة منها فتاة الغلاف التي أصبحت أمراً لازماً لا تفرط فيها أي من تلك المجلات ، وفتاة الغلاف هذه لا تتكرر إذ يؤتى في كل أسبوع أو في كل شهر بفتاة جميلة عليها أنواع الزينة والأصباغ ثم بعد ذلك لا تأتي مرة أخرى ، وهذا إذلال للمرأة وإغراق في الرق وعودة حقيقية إلى عصر الظلم لها إذ تعامل كجسم ليس له روح مقابل دريهمات معدودات . وتسأل في المقابلة معها أسئلة تافهة : هل حدث وأن أحببتي يوماً من الأيام ؟ ما هواياتك المفضلة ؟ وهل صادقتي شاباً ؟ وغير هذا من الكلام الساقط الذي يراد منه إفساد المرأة المسلمة ، وليس المراد هذه الفتاة – فتاة الغلاف – إذ أنها ما رضيت بالخروج على صفحات المجلات إلا وهي قد انحرفت عن الطريق المستقيم ، لكن المراد غيرها من المحصنات العفيفات اللاتي قررن في البيوت ، ويملكهن الحياء الذي ربين عليه ، فتزيل هذه المجلات الحواجز والضوابط شيئاً فشيئاً . كما تجد في هذه المجلات الصور الماجنة الخليعة إما بحجة الجمال والرشاقة أو بحجة تخفيف الوزن والرجيم أو بحجة ملكات الجمال أو بحجة أخري مما يمليه الشياطين . ثم تجد فيها من مواضيع الحب والغرام الشيء المهول ، وهذا يهدف إلى تهوين أمر الفواحش وقلب المفاهيم الراسخة ، وإحلال مفاهيم جديدة مستغربة بعيدة عما تعرفها هذه الأمة المحمدية ، فمن هذه العبارات :
في مجلة سيدتي في عدد 510 : قالت من عيوب الزوج العربي ( الغيرة ) !!! .
في مجلة كل الناس عدد 58 : قالت إحدى الكاتبات : ماذا لو قالت امرأة : ( هذا الرجل صديقي ) !!!.
في مجلة الحسناء عدد 81 : الفضيلة والكرامة تعترضان مسيرة النجاح . أ .هـ .
فعلى هذا مسيرة النجاح لابد فيها من الفحش والدعارة حسب مفهومهم المريض .
مجلة سلوى عدد 1532 ( لقاء مع راقصة شابة ) ، تقول هذه الراقصة : في حياتنا اهتمامات لا داعي لها ، ويمكن أن يستغنى عنها ، ثم تقول هذه العبقرية التي جاءت بما عجز عنه الأوائل والأواخر – تقول : كمعامل الأبحاث الذرية لأننا لم نستفد منها شيئاً ، يعنى حتى يبقى الأعداء يهددون المسلمين بالأسلحة الذرية . اليهود والهندوس والنصارى والبوذيون – كما تقول - ! سوف نستفيد كثيراً لو أنشأنا مدرسة للرقص الشرقي تتخرج منها راقصة مثقفة لجلب السياح .أ.هـ .
وهكذا تستمر المسيرة لنحارب أعداءنا بالرقص ، كما حاربهم جمال عبد الناصر بأغاني أم كلثوم .
في مجلة فرح عدد 43 ، تقول : الزواج المبكر إرهاق للمرأة وصداع للرجل .
ولا ننسى مجلة روز اليوسف وهي من أخبث المجلات ومن أوائل مصادر التغريب النسائي في العالم العربي ، في هذه المجلة تجد الخبث والخبائث ، وبمجرد أن تأخذ أحد الأعداد سوف تجد العجب . وكذلك مجلات ( اليقظة ، والنهضة ، صباح الخير ، هي ، الرجل ، فرح ..... الخ تلك القائمة الطويلة ، كما تجد أيضاً داخل هذه المجلات مقالات طبية ونفسية واجتماعية : كأنها تحل مشاكل الفتيات ، فتراسلها الفتيات من أنحاء العالم العربي ، ثم بعد ذلك يدلها ذلك المتخصص – لكنه ليس متخصصاً في حل المشاكل حقيقة إنما متخصص في التغريب – يدلها على الطرق التي تجعلها تسلك مسالك المستغربات السابقات ، كما تجد مقابلات مع الفنانات والممثلات ومع الغربيات ومع الداعيات لتحلل المرأة واللاتي يسمين بالداعيات لتحرير المرأة ، وتجد فيها الانشغال بأخبار : ديانا ، وكلبها ، ولباسها ، وفساتينها ، وتزلجها فوق جبال الهملايا ، وغير ذلك من الغثاء الذي لا ينقضي ولا ينتهي ، ترهق به المرأة المسلمة ، ويصدع به الرجل المسلم . ثم تجد في هذه المجلات بريد المجلة أو ركن التعارف من أجل التقريب بين الجنسين وتلك خطوة لإفساد المجتمعات الإسلامية ، وهكذا دواليك .
وهناك أبحاث منشورة ، عن حقيقة الدور الذي تقوم به هذه المجلات ، ففي دراسة عن مجلة سيدتي نشرتها مجلة المغترب(10) ذكرت أنها يقصر طرقها على شرائح اجتماعية بعينها ، وكثيراً ما تحمل الطابع الأوربي المبهر في طياتها ، وتقدم الحسناوات والشقراوات كنماذج تحتذي ، وإذا ما حاولت معالجة مشكلات المرأة العربية تعمد في أغلب الأحيان إلى استعارة النموذج الغربي .
وتقول الدكتورة فوزية العطية التي أعدت دراسة أخرى عن هذه المجلات النسائية : إنها غالباً ما تعرض في صورة الإغراء والإثارة .
وتستشهد الباحثة بدراسة مشابهة للدكتورة عواطف عبد الرحمن من مصر تقول فيها : أن التركيز في هذه المجلات منصب على النماذج الغربية للمرأة ويروج القيم الاستهلاكية الغربية من خلال المواد الإعلامية والإعلانات التي تقدمها : كالأزياء والمكياج والعطور ........ إلى آخر ما ذكرته هذه الدراسة المهمة .
ونشرت مجلة زهرة الخليج الظبيانية بتاريخ 20/10/ 1979 م نتائجا لبحث علمي طبق على مجموعة من المجلات النسائية وصفحات المرأة واتضح أن الصحافة النسائية العربية ركزت على الصورة العاطفية للمرأة العربية أكثر من الصورة العقلانية .
ويقول الشيخ العلامة محمد بن عثيمين حفظه الله في خطبة قيمة له عن فتن المجلات :.
وانفتحت طامة كبرى وبلية عظمي ، تلك الصحف والمجلات الداعية إلى المجون والفسوق والخلاعة في عصر كثر فيه الفراغ الجسمي والفكري وسيطرت الفطرة البهيمية على عقول كثير من الناس فعكفوا على هذه الصحف والمجلات فأضاعوا بذلك مصالح دينهم ودنياهم .... الخ .
ثم يقول حفظه الله : وجدت هذه المجلات هدّامة للأخلاق مفسدة للأمة لا يشك عاقل فاحص ماذا يريده مروجوها بمجتمع إسلامي محافظ .
ويقول أثابه الله : ومن مفاسد هذه الصحف والمجلات أنها تؤثر على الأخلاق والعادات بما يشاهد فيها من صور وأزياء فينقلب المجتمع إلى مجتمع مطابق لتلك المجتمعات الفاسدة.
ويقول أيضاً : فاقتناء مثل هذه المجلات حرام وشراؤها حرام وبيعها حرام ومكسبها حرام واهداؤها حرام وقبولها هدية حرام وكل ما يعين على نشرها بين المسلمين حرام لأنه من التعاون على الإثم والعدوان .أ.هـ .
والذي يباع في بلادنا من هذه المجلات عدد هائل جداً ربما لا يخطر على بال ، فمثلاً يدخل إلى أسواقنا أكثر من أربعين صحفية أسبوعياً وشهرياً في غلافها فتاة لا تتكرر أبداً ، وبلغ عدد الصحف الوافدة إلى أسواقنا شهرياً ما يزيد عن خمسة ملايين نسخة شهرياً ، بل إن إحدى المجلات النسائية الشهيرة وهي مجلة يقصد بها تغريب المرأة توزع شهرياً أربعمائة وأربعين ألف نسخة ، فمعنى ذلك أنه سيقرئها ما يقارب من أربعمائة ألف فتاة(11) .
أما التلفزيون وتأثيره فقد جاء في تقرير لليونسكو : إن إدخال وسائل إعلام جديدة وبخاصة التلفزيون في المجتمعات التقليدية أدى إلى زعزعة عادات ترجع إلى مئات السنين وممارسات حضارية كرسها الزمن – واليونسكو مؤسسة دولية تابعة للغرب وتدعو إلى التغريب - .
وتبين من خلال إحدى الدراسات التي أجريت على خمسمائة فيلم طويل أن موضوع الحب والجريمة والجنس يشكل 72% منها ، يعني تقريباً ثلاثة أرباع الأفلام كلها للحب والجريمة والجنس ، وتبين من دراسة أخرى حول الجريمة والعنف في مئة فيلم وجود 68% مشهد جريمة أو محاولة قتل ، وجد في 13 فيلم فقط 73 مشهداً للجريمة ، ولذلك قد تجد عصابات جريمة من الأحداث والصغار لأنهم تأثروا من الأفلام التي يرونها(12) .
أما الأفلام فيقول الدكتور هوب أمرلور وهو أمريكي يقول إن الأفلام التجارية التي تنشر في العالم تثير الرغبة الجنسية في موضوعاتها ، كما أن المراهقات من الفتيات يتعلمن الآداب الجنسية الضارة – فإذا كانت ضارة بميزان هذا الأمريكي فكيف بميزان الشرع - .
ثم يتابع الأمريكي فيقول : وقد ثبت للباحثين أن فنون التقبيل والحب والمغازلة والإثارة الجنسية والتدخين يتعلمها الشباب من خلال السينما والتلفزيون .
2. ومن وسائل العلمانيين الخطيرة التي يسعون من خلالها إلى تغريب المرأة المسلمة التغلغل في الجانب التعليمي ومحاولة إفساد التعليم ، إما بفتح تخصصات لا تناسب المرأة وبالتالي إيجاد سيل هائل من الخريجات لا يكون لهن مجال للعمل فيحتاج إلى فتح مجالات تتناسب مع هذه التخصصات الجديدة التي هي مملوءة بالرجال ، أو بإقرار مناهج بعيدة كل البعد عن ما ينبغي أن يكون عليه تدريس المرأة المسلمة . وفي البلاد العربية من المناهج ما تقشعر له الأبدان وقد نجد في التعليم المناداة بالمساواة بينهما وبين الرجل في كل شيء ، ودفع المرأة إلى المناداة بقضايا تحرير المرأة كما يسمونها ، وفيها أيضاً الاختلاط فمعظم البلاد العربية التعليم فيها مختلط إلا ما قل فالشاب بجانبه فتاة ، هذا التعليم المختلط سبب كبير من أسباب تحلل المرأة ، ومن ثم من أسباب تغريب المرأة . ولذا فإن أحسن الحلول أن تقوم البلاد الإسلامية بإنشاء جامعات متخصصة للنساء ، وقد نادي بذلك بعض الباحثين الباكستانيين في دراسة جميلة جيدة بين فيها أن ذلك أفضل سواء في نسب النجاح أو في التفوق في التخصص أو في إتقان العمل سواء للرجال الشباب أو حتى للشابات في جميع أنواع الدراسة من دراسات إنسانية أو دراسات تطبيقية من طب وهندسة وغيرها مما ذكر في رسالته ، وقد لا نوافقه في بعض التخصصات التي نرى أن المرأة لا تحتاجها .
3. ومن أساليبهم التأليف في موضوع المرأة وإجراء الأبحاث والدراسات التي تُمْلاُ بالتوصيات والمقترحات والحلول في زعمهم لقضايا المرأة ومشاكلها تقول إحداهن في رسالتها للدكتوراه والتي عنوانها : ( التنمية الاقتصادية وأثرها في وضع المرأة في السعودية ) تقول وهي تعد المبادئ الإسلامية التي هي ضد مصلحة المرأة كما تزعم : إن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل(13) ، وقوامه الرجل على المرأة ثم تعد الحجاب من المشاكل التي هي ضد مصلحة المرأة(14) ثم تشن هجوماً على هيئات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وتلوم الرئاسة العامة لتعليم النبات لموقفها من الإبتعاث للخارج(15) ثم بعد ذلك تنتهي في دراستها أو في رسالتها للدكتوراه إلى التوصيات ، ومن توصياتها :
أ- الإقلاع من عمليات الفصل بين الجنسين –يعنى التعليم المختلط الذي ذكرناه سابقاً - .
ب- إنشاء أقسام للنساء في كل مؤسسة حكومية وإنشاء مصانع للصناعات الخفيفة(16) وهذه النقطة الأخيرة وهي إنشاء مصانع نادي بها آخرون أيضاً ونادوا بفتح مجالات دراسة مهنية للمرأة .
كما قدمت امرأتان من الخليج ( دراسة استقصائية بشأن البحوث المعدة عن المرأة في منطقة الخليج ) هذه الدراسة قدمت لمؤتمر عقد في تونس عام 1982 م بإشراف اليونسكو ، حضر المؤتمر كما تقول مقدمة الكتاب 17 عالمة اجتماعية من 12 بلد ونشرت اليونسكو 7 دراسات مما قدم للمؤتمر بعنوان : ( الدراسات الاجتماعية عن المرأة في العالم العربي ) ، والذي يقرأ هذا الكتاب يدرك خطورة الأمر وضخامة كيد الأعداء للمرأة المسلمة ، ومما ذكرته هاتان الكاتبتان عن المرأة في الخليج تحت عنوان : ( الحلول المقترحة للعقبات الرئيسية التي تواجه المرأة في الخليج ) ما يلي :
- ذكرتا أن دراسة أعدها الاتحاد الوطني لطلبة البحرين تطالب بالتعليم المختلط حتى يمكن التغلب على الحواجز النفسية بين الجنسين .
ويلاحظ أن قضية التعليم المختلط تتكرر عدة مرات مما يؤكد أن تغريب التعليم هدف رئيسي للعلمانيين .
وتنقلان أيضاً اقتراحاً بتخطيط السياسات التعليمية من أجل تشجيع مزيد من النساء للانضمام للميادين العلمية والمهنية بدلا من تركيزهن على الميادين الإنسانية والعلوم الاجتماعية ، والسبب في نقلها لميادين مهنية وعلمية حتى تفتح مصانع وبالتالي يحصل الاختلاط المطلوب .
ثم تنقلان عن باحثين آخرين قولهما بضرورة أن تعتبر المرأة في الخليج تحررها بمثابة تحرير وطني – يعني كأنها في استعمار – وعليها أن تناضل من أجل التحرير الوطني .
ثم تنقلان عن باحثين وباحثات من دول الخليج ضرورة منح المرأة في الخليج فرصاً متعادلة في ميدان العمل .
4. ومن أساليبهم عقد المؤتمرات النسائية أو المؤتمرات التي تعالج موضوع المرأة ، أو إقامة لقاءات تعالج موضوعاً من المواضيع التي تهم المرأة سواء كان موضوعاً تعليمياً أو تربوياً أو غير ذلك ، ففي هذه المؤتمرات واللقاءات تطرح دراسات وأفكاراً ومقترحات تغريبية كالمؤتمر السابق في تونس وغيره كثير .
وقد عقد المؤتمر الإقليمي الرابع للمرأة في الخليج والجزيرة العربية في 15/2/1976 م(17)، في إحدى دول الخليج وكان التركيز على ما يسمى بقضية تحرير المرأة وأصدر قرارات منها :
أ- لابد من مراجعة قوانين الأحوال الشخصية في ضوء التحولات الاقتصادية والاجتماعية لدول المنطقة ومحاولة الدفع بدراسة قانون الأحوال الشخصية العربية الموحدة – يريد إيجاد قانون علماني والأحوال الشخصية في مصطلحهم يراد بها مسائل النكاح والطلاق - .
ب- التأكيد على أهمية وضرورة النظر في الكتب والمناهج التربوية عند تناولها لقضية المرأة بما يضمن تغيير النظرة المتخلفة لأدورها في الأسرة والعمل .
ثم تتابع هذه الدراسة فتقول : إن القوانين والأنظمة التي كانت تخضع لها الأسرة قبل ألف عام ( لاحظ قبل ألف عام) ما تزال تطبق على العلاقات الأسرية في عصرنا الحاضر دون النظر إلى مدى ملائمتها لنا .
ما هي القوانين التي من ألف عام ؟ إنها شريعة الإسلام .
فهؤلاء النسوة من نساء الخليج يردن تغيير الشريعة الإسلامية التي تطبق على المرأة من ألف عام .
5. ومن وسائلهم في تغريب المرأة المسلمة إبتعاثها للخارج وهذا حصل كثيراً في كثير من بلدان المسلمين وإن كان يختلف من بلد إلى بلد قلة وكثرة ، وحينما تذهب امرأة مسلمة إما لم تدرس شيئاً عن الدين كما في بعض البلدان العربية والإسلامية ، أو ليس معها محرم ، ثم ترمى في ذلك المجتمع المتحلل ، فماذا تتصور لها ؟ وماذا تتوقع لها أن تفعل ؟ ، إنه أمر خطير إذا كان الشاب المسلم يُخشى عليه من الذوبان فيذهب كثيرون مسلمون ويرجعون منحرفين ، فما بالك بفتاة تذهب في بحر متلاطم من الفساد والإفساد .
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء
فإذا رجعت هذه الفتاة المبتعثة كانت رسول شر للعالم الغربي من أجل تغريب المسلمات ونقلهن من التمسك بالشرع والخلق الإسلامي إلى التمسك بالمناهج والأفكار والآراء الغربية ، كما فعل أسلافها في مصر والكويت ، وكثير من المستغربات هن من هذا النمط الذي أشبع بالثقافة الغربية في غياب علم بالدين واعتقاد به مما أدى إلى استغرابها – أي كونها متبعة للغرب في نمط حياتها - .
6. ومن أساليب العلمانيين : التعسف في استخدام المنصب ، فقد تجد أحدهم في منصب ما ، ثم بعد ذلك يبدأ يصدر قوانين أو قرارات يمنع فيها الحجاب كما حصل في مصر وفي الكويت ، أو يفرض فيها الاختلاط ، أو يمنع عقد ندوات ونشاطات إسلامية ، أو يفرض فيها اختلاطا في مجالات معينة ، وبالتالي يحصل احتكاك الفتاة بالشاب ، ومن ثم يسهل هذا الأمر ، وكلما كثر الإمساس قل الإحساس ، ثم بعد ذلك تتجاوز الحواجز الشرعية وتبتعد عن حياتها تذوب كما ذاب غيرها .
7. ومن أساليبهم أيضاً : العمل والتوظيف غير المنضبط ، يعني إما باختلاط بتوظيف الرجال والنساء سواسية أو بتوظيف المرأة في غير مجالها ، ويكون هذا على طريقة التدرج ، على الطريقة التي يسميها الشيخ محمد قطب : بطيء ولكنه أكيد المفعول . وعلى طريقة فرض الأمر الواقع ، على سبيل المثال تجد في المستشفيات الكثير من الاختلاط في الوظائف ، وتجد ذلك في الطيران وبعض الشركات ، وتجد ذلك في أماكن كثيرة في بلاد المسلمين ، ومن ذلك التوظيف في بعض المستشفيات الذي حصل في الأقسام الإدارية وفي أقسام العلاقات العامة والمواعيد وفي الأقسام المالية ، بل وصل الأمر إلى توظيف النساء حتى في أقسام الصيانة والهندسة التي يختص بها الرجال . وهنا يحصل الاختلاط ساعات طوال في مكتب واحد في بعض المكاتب الإدارية والمالية .
ومن ذلك أيضاً المشاركة والاختلاط في الأندية التي تكون في المستشفيات أندية ترفيه أو أندية اجتماعية أو غير ذلك ، بل لقد وصل الفساد وعدم الحياء ببعضهن إلى المجاهرة بالتدخين أمام الآخرين من الزملاء ، وليس ذلك في غرف القهوة والمطاعم فحسب ، بل على المكاتب الرسمية .
8. الدعوة إلى إتباع الموضة والأزياء وإغراق بلاد المسلمين بالألبسة الفاضحة ، ومسألة الموضة كما سبق ذكره والأزياء مسألة خطيرة ، فإن اللباس من شعارات الأمم ، وكل أمة لها لباس يخصها ، صحيح أن الإسلام لم يعين للرجل أو المرأة لباساً معيناً لا يجوز له أن يلبس إلا هو ، لكنه وضع ضوابط الشرعي في لباس المرأة وليس فيه تشبه فلا بأس من أي لباس كان مادام مباحاً ، أما إذا لبست المرأة المسلمة لباساً غربياً تقليداً للغربيات ، وتشبهاً بهن ، وإتباعا لهن ، وأخذا بالموضات كما هو حاصل فهذه المحظور الذي نخشاه ، وإن التشبه في الظاهر يؤدي إلى تشبه في الباطن ، وإلى تأثر بالأخلاق والعادات والعقائد كما قرر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) ولذا فإن المرأة المسلمة مطالبة بالابتعاد عن اتباع الغرب في موضاتهم وأزيائهم ، ولنعلم جميعاً أن المستفيد من ذلك هم تجار اليهود الذين يملكون بيوت الأزياء ومحلات صناعة الألبسة في باريس وفي لندن وفي غيرها .
كما أن من خطط العلمانيين إغراق بلاد المسلمين بالألبسة الفاضحة والقصيرة ، فأحدنا لا يستطيع أن يجد لابنته الصغيرة ، لباس ساتراً فضفاضاً إلا بشق الأنفس ، ولذا فنحن بحاجة إلى حماية لدين المستهلك مثل حماية المستهلك من جشع التجار فيحمى المستهلك من الغزو التغريبي للمرأة المسلمة في لباسها وفي لباس ابنتها ، وعلى التجار المسلمين أن يفرضوا ويشترطوا اللباس المقبول عند المسلمين الذي لا يحمل صوراً ولا كتابات وليس بلباس فاضح ولا بضيق ولا بكاشف ، والشركات الصانعة إنما تريد المال ولأجله تصنع لك أي شيء تريد فإذا ترك لها الحبل على الغارب صنعت ما يضر بأخلاق المسلمين .
9. ومن أساليبهم القديمة والتي وجدت في مصر وفي العراق وفي لبنان وفي غيرها :
إنشاء التنظيمات والجمعيات والاتحادات النسائية ، فقد أنشأ الاتحاد النسائي في مصر قديماً جداً على يد هدى شعراوي كما سبق وذلك بدعم غربي سافر ، وكذلك أنشئت الجمعيات النسائية في العراق وفي غيره في وقت مبكر من الحملة التغريبية ثم تبعتها البلاد العربية الأخرى ، هذه الاتحادات النسائية والتنظيمات والجمعيات ظاهرها نشر الوعي الثقافي والإصلاح وتعليم المرأة المهن كالشك والتطريز والخياطة والضرب على الآلة وغير ذلك ، ولكن قد يكون باطنها سما زعافا فتعلم المرأة الأفكار والقيم الغربية الخبيثة التي تنقلها من الفكر الإسلامي النير المستبصر إلى الفكر المظلم من الغرب الكافر ، ولا ينكر أنه يوجد بعض الجمعيات التي تعمل بجد لتحقيق مصلحة المرأة على ضوء الإسلام الصحيح والتي نرجو الله – عز وجل – أن يوفقها لسلوك الطريق المستقيم ، وإذ نقول هذا نسأل المولى أن يمن على جميع الاتحادات والتنظيمات النسائية في العالم الإسلامي بالرجوع إليه – سبحانه – والرجوع بالمرأة المسلمة إلى الصواب الذي أراد الله – عز وجل – أن تسير عليه .
10. ومن أخبث أساليبهم وهي التي يثيرونها دائماً على صفحات الجرائد والمجلات وغيرها التظاهر بالدفاع عن حقوق المرأة وإثارة قضايا تحرر المرأة خاصة في الأوقات الحساسة التي تواجهها الأمة ، وإلقاء الشبهات ، فمرة يلقون قضية تحرير المرأة ومساواتها بالرجل ، ومرة يبحثون في موضوع التعليم المختلط وتوسيع مجال المشاركة في العمل المختلط وغير ذلك ، قد يتم ذلك باسم الدين ، وقد يتم ذلك باسم المصلحة ، وقد يتم ذلك بعبارات غامضة وهذه طريقة المنافقين التخفي خلف العبارات الغامضة الموهمة في كثير من الأحيان .
11. ومن أخبث طرقهم ووسائلهم : شن هجوم عنيف على الحجاب والمتحجبات وعلى العفاف والفضيلة وتمجيد الرذيلة في وسائل الإعلام بأنواعها وفي غيرها أيضاً ، سواء كان في المنتديات والأندية الثقافية والأدبية ، أو كان في الجلسات الخاصة وفي غيرها ، فهذه جريدة الوطن الكويتية في يوم السبت 19 صفر 1414هـ تكتب مقالاً بعنوان ( نحن بين الحجاب والسفور ) وهو مقال يقطر سماً وخبثاً ، والمقال بيد كاتب كويتي يقول : اختلفت الأقاويل في الحجاب والسفور ، فمنهم من يؤيده ، ومنهم من يعارضه ، فملؤوا صفحات الجرائد المحلية بآراء متضاربة فيها مندفع اندفاع كلياً نحو التحرر من الكابوس الثقيل وهو الحجاب ، والفئة الأخرى وهي التي تمثل الرجعية البغيضة تعارض بقوة شديدة السفور وتعتقد بل تجزم أنه سوف يفضي إلى نتائج مريعة تصيب المجتمع بأمراض جسيمة – ثم يقول برأيه التافه الساقط – وكل هذا وذاك لن يقف في الطريق ، ولن يحد من قوة التيار ، فالسفور آت لا محالة على فترات متتابعة شاءت التقاليد أم أبت .
نسأل الله عز وجل – أن يرده من الضلال إلى الهدى ومن الخطأ إلى الصواب .
وقد تولى كبر هذا الهجوم العنيف على الحجاب والمحجبات المجلات والجرائد المصرية والمجلات والجرائد الكويتية ، حتى كتب رئيس تحرير مجلة مصرية مشهورة يقول : إن المحجبات أو اللاتي تبن من الممثلات وتمسكن بالحجاب يعطين أموالاً من دولة أجنبية . وقد رد عليه مجموعة من هؤلاء التائبات على صفحات مجلة المجتمع وقلن فيه : إنهن رجعن إلى الله – عز وجل – وتركن ذلك العفن الفني إلى غير رجعة ، وإنهن قبضن من الله وعداً بأن من تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى غفر الله له وأدخله الجنة .
وكتبت جريدة المسلمون(18) تحت عنوان رائدات العلمانية والحوارات الوهمية تقول :(49/5)
سنوات طوال والحوارات الوهمية بين رائدات التبرج والمجبرات على الحجاب لا تنقطع – طبعاً هذا حوار وهمي يعني ليس بصحيح ، بل تقصد العلمانية أو ذلك الكاتب العلماني الذي يبقى على مكتبه ويتخيل حواراً يشن فيه هجوماً على الحجاب ويظن أن المحجبات مكرهات فيكتب مقالة ثم ينشرها وهو هراء محض – من أبرز هذه الحوارات ذلك الذي جري بين كاتبة صحفية شهيرة ، زارت مدينة عدن ثم انتقلت لمدينة صنعاء وفي الأخيرة أجرت حواراً خيالياً مع فتاة يمنية نهرتها عندما مدت يدها محاولة كشف غطاء رأسها ، ثم ينتهي الحوار بضحكة عالية دوت في سماء صنعاء معلنة قرب ميلاد الفجر الجديد – يعني السفور والتحلل – قالت الجريدة : وما بين البداية القاسية للحوار والنهاية السعيدة به ، قالت فتاة صنعاء ضمن ما قالت : إنها مجبرة على ارتداء هذا القيد ، وأنها تتحايل من أجل الفكاك منه ، وأنها عندما تتوارى عنهم سرعان ما تخلعه ، أما الفجر الجديد فهو ذلك اليوم الذي ينزاح فيه المطالبون بتطبيق شرع الله وترك الناس للشرائع الغريزية بدعوى الحرية .
ولعل صاحبة هذا الحوار كانت بدورها تنتظر هذا الفجر – بفتح الفاء وضمها يعني الفُجر – غير أن ما حدث قد أصابها بسكتة صحفية نتمنى أن تدوم ، لقد تمكن اليمنيون بفضل الله ثم بفضل رؤية أصحاب العقول السليمة من تحديد طريقهم في الحياة وتسابق الجميع وفي مقدمتهم أبناء عدن في تأييد الأخذ بقوانين الشريعة الإسلامية ، إن داعيات التبرج ورائدات العلمانية يهاجمن الحجاب ، ويهاجمن المتحجبات ، ويفترضن أحاديث مكذوبة يزعمن فيها أن المحجبات ، يتمنين اليوم الذي يلقين فيه هذا الحجاب ، وهذا كله كذب ، فالحمد لله العالم الإسلامي كله من أقصاه إلى أقصاه يشهد رجعة وتوبة إلى الله العزيز الحكيم – جل وعلا- سواء من الرجال أو النساء ، وحينما تنظر إلى الجامعات وتدرس حالها قبل سنوات تجد قلة المتحجبات ثم انظر إليها الآن ، في كل جامعات الدول العربية الأخرى تجد كثرة المتحجبات في هذا الوقت بحيث أصبحن يشكلن الأغلبية في كثير من الجامعات بحمد الله وهذا ما أوغر صدور أولئك العلمانيين والعلمانيات .
12. ومن أساليب العلمانيين أيضاً تمجيد الفاجرات من الغربيات والممثلات والراقصات والمغنيات وغيرهن ، فتذكر بأنها النجمة الفلانية ، وأنها الشهيرة فلانة ، وأنها الرائدة في مجال كذا ، وأنها التي ينبغي أن تحتذي ، وأنها القدوة في مجال كذا ، وأنها حطمت الرقم القياسي في الألعاب الفلانية أو الطريقة الفلانية ، وهذه الصحف ، وهذه الكتابات العلمانية توهم المرأة المسلمة بأن هذا هو الحق وهذا هو الطريق الذي ينبغي أن تسلكه ، فتتمنى أن تكون مثلها وتحاول أن تتشبه بها ، ولهذا ضاق صدر أولئك بتلك الفنانات التائبات لأنهن سيمثلن قدوة مضادة لما يريدون .
13. ومن أساليبهم : الترويج للفن والمسرح والسينما ، وهذا من أخطر الأساليب العلمانية التي نجح العلمانيون في إغواء المرأة المسلمة من خلالها ، فهم قد ينشرون قصصاً لبعض الكاتبات ويقولون بقلم القاصة فلانة ، وأحياناً ينتشرون قصيدة للشاعرة فلانة ،ومرة أخرى ينشرون مقالة للأديبة فلانة ، وكذلك ينشرون دعاية لمعارض تشكيلية تقيمها الفنانة فلانة ، وقد يدعونها للمشاركة في التمثيل أو في المسرح أو غير ذلك مما يؤدي إلى أن تبهر هذه الفتاة وتغير أفكارها وينغسل عقلها ، ومن ثم تكون داعية للتغريب وللعلمنة ولتحلل المرأة المسلمة ، إذ أنها لابد لها من الانسياق كي تحافظ على مكانتها الوهمية فتنغمس – وهي لا تدري – في ذلك الخبث حتى تصبح لا تدرك خبثه ، ويصبح الطيب خبيثاً لديها ، والعياذ بالله من الانتكاس .
14. ومن أخبث أساليبهم المنتشرة : استدراج الفتيات المسلمات – خاصة النابغات – للكتابة أو للتمثيل أو الإذاعة لاسيما إذا كن متطلعات للشهرة أو للمجد أو لغير ذلك فتدعى هذه الفتاة للكتابة في الصحيفة وتمجد كتاباتها ، وقد تكتب قصة ثم يأتي مجموعة من الفنانين أو من الحداثيين أو من غيرهم فيقومون بتحليل هذه القصة وفي أثناء هذا التحليل ، يلقون في أرواع الناس أن هذه القاصة قد وصلت إلى المراتب العليا في هذا المجال وأنها أصبحت من الرائدات في مجال القصة ، ويلقون عليها هالة عظيمة – والشواهد معروفة – فتندفع بعض الفتيات المغرورات للكتابة والاتصال بهؤلاء من أجل أن ينشروا لهن ما يكتبن ، وقد يقوم بعضهم بكتابة مقالات بأسماء نسائية مستعارة ، ومثل هذا كثير من أجل إيقاع النساء المسلمات في حبائل هؤلاء الشياطين .
15. ومن أساليبهم أيضاً : تربية البنات الصغيرات على الرقص والموسيقى والغناء من خلال المدارس والمراكز وغيرها ، ثم إخراجهن في وسائل الإعلام فتجد فتيات في عمر الزهور يخرجن للرقص والغناء وهن يتمايلن وقد لبسن أجمل حلل الزينة ، فكيف يا ترى سيكون حال هذه الفتاة إذا كبرت ! إلى أين ستتجه إن لم تتداركها عناية الله ورحمته ؟والتالي يكون ذلك سبباً من أسباب اجتذاب عدد آخر من الفتيات اللاتي يتمنين أن يفعلن مثل هذه التي ظهرت على أنها نجمة ثم قد تكون في المستقبل مغنية أو ممثلة شهيرة ، عافانا الله والمسلمين .
16. ومن وسائلهم إشاعة روح جديدة لدى المرأة المسلمة تمسخ شخصيتها من خلال إنشاء مراكز يسمونها مراكز الطبيعي للسيدات ، وقد قامت مجلة الدعوة مشكورة بكتابة تقرير عن هذه المراكز في عدد 1328 الصادر في 3/8/1412 هـ ، إذ زارت إحدى الكاتبات بعضا من هذه المراكز وكتبت تقول : في ظل التغيرات والمستجدات التي تظهر بين وقت وآخر ظهر تغير سلبي وهو افتتاح مراكز تسمى مراكز العلاج الطبيعي للسيدات ، والحقيقة أن هذا المركز يخفي ورائه كثير من السلبيات من أبرزها فتح المجال للنساء لممارسة الألعاب الرياضية مقابل قيمة مالية ، وذلك بدعوى إيجاد وسيلة جديدة تمضي فيها المرأة وقتها وتجعلها تحافظ على رشاقة جسمها – كل مبطل يغلف دعواه بالإصلاح ويزخرف القول – قالت : ومع أن هذا سبب مرفوض أيضاً إلا أن هذه المراكز قد تؤدي إلى صرف اهتمامات المرأة المسلمة المحافظة على دينها وتغيير واجهة اهتماماتها وواجباتها الشرعية . ثم تمضي الأخت فتقول : ولمعرفة واقع تلك المراكز وما يدور فيها وما تقدمه لمرتادها قمت بزيارة بعضها والاتصال بالبعض الآخر منها كأي امرأة أخرى تسأل عنها قبل الالتحاق بها وذلك في محاولة للوصول للحقائق الكاملة ومعرفة ما يدور فيها ، وخلاصة التقرير :
- انتشار اللباس الغير ساتر في هذه المراكز ، بل واشتراطه .
- قيام بعض المراكز بتعيين أطباء من الرجال لابد من مرور المتدربات عليهم .
- انتشار الموسيقى الغربية في هذه المراكز ومن شروط بعض المراكز عدم اعتراض المتدربة على ذلك .
- وضع حمامات جماعية للسونا تلبس فيها النساء ملابس داخلية فقط ، ويكن مجتمعات داخله .
- انتشار هذه المراكز حتى في الفنادق والكوافيرات والمشاغل وتقديمها كخدمة مشتركة .
وكل هذا نمط جديد لم نعرفه من قبل ولو قامت النساء بعملهن في بيوتهن لما احتجن لهذا ، والله المستعان .
17. ثم أختم هذه الأساليب بهذا الأسلوب الخطير وهو إشاعة الحدائق والمطاعم المختلطة للعائلات والتي انتشرت مؤخراً :
فقد زار بعض الأخوة بعضا من المطاعم والحدائق العائلية والتي فيها محاذير كثيرة وفتح بها أبواب للشياطين جديدة ، مع أنها دخيلة على نمط الحياة الإسلامية وهي سمة غربية بحتة ، وبدأ النسوة يرتدنها إما منفردات أو يدعو بعضهن بعضا لتناول العشاء أو الغداء – ومن هؤلاء فضيلة الشيخ محمد الفراج جزاه الله تعالى خير الجزاء – ثم كتبوا تقريراً بينوا فيه ما تخفيه هذه المطاعم المختلطة ، وذكروا أن هذه المطاعم يكون فيها اختلاط الشاب بالفتاة ، وأنه قد تدخلها المرأة بدون محرم وجواز المرور بالنسبة للرجل أن يكون معه امرأة سواء كانت خادمة أو كانت طفلة أو غير ذلك ، وبذلك أصبحت مكاناً صالحاً للمواعيد الخبيثة ولغير ذلك ، وذكروا أن هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تواجه من هذه الحدائق وهذه المطاعم مشاكل كبيرة للغاية لأنها يجتمع حولها الشباب وبعضهم قد يدخل وبعضهم قد يبقى خارجها ، ثم بعد ذلك كتب فضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين تأييداً لكلام هؤلاء الأخوة ، يقول فيه : الحمد لله وحده وبعد ، رأيت أمثلة مما ذكر في هذا التقرير مما يسترعى الانتباه والمبادرة بالمنع والتحذير )) ا.هـ .
وقد تكون هذه الحدائق والمطاعم أوجدت بحسن نية لكنها سبب مهم من أسباب تغريب المرأة إذ أنها تشيع مظاهر التغريب من اختلاط أو خلوة بالرجل الأجنبي عن المرأة ومن فتحها لباب الفواحش والدخول على النساء الشريفات فيفتن في دينهن وعفتهن مع غلبة الداعي للفحش بسبب كثرة المثيرات والله المستعان .
وأختم هذه الرسالة بخلاصة بحث لـ السيد أحمد المخزنجي الأثر السيكولوجي والتربوي لعمل المرأة على شخصية الطفل العربي جاء فيها : .
يرى الباحث من خلال تبني منهج (( التحليل المقارن )) للنتائج والإحصاءات التي كشفت عن سوء وضع المرأة الأوربية ( العاملة ) وكذلك الدراسات العربية الميدانية المماثلة التي أجريت في عدة دول عربية على هذه المشكلة ، أنه بالإمكان الوصول إلى خلاصة يمكن تركيزها في النقاط التالية :
أولاً : يؤكد الباحث على ضرورة إعادة النظر فيما يتعلق بوضع المرأة العربية العاملة استناداً إلى ما كشفت عنه الدراسة من نتائج سلبية تعدى أثرها شخصيتها إلى أطفالها تربويا ونفسياً . وهو ما دعا الباحث إلى المطالبة بضرورة إعادة صياغة الموقف العربي ( الرسمي ) إزاء الرغبة المطردة في تشغيل بناتنا ونسائنا في الدواوين والمصالح الحكومية ولاسيما التي لا تصلح لها المرأة قبل اختيار (( أنسب )) مجالات العمل صلاحاً لها ، والتي تتفق مع طبيعتها ودورها في هذا المجال .
ثانياً : بالرغم من كثرة الحديث عن الأصالة وعن القيم الإسلامية والعربية فإن فلسفة وأساليب رعاية الطفل في الأقطار العربية – بصفة عامة مقتبسة ، للأسف الشديد ، من نظم وسياسات المجتمعات الغربية ، الأمر الذي أدى ، بشكل محزن ، إلى وجود تبعية فكرية ( غربية ) في مجال رعاية الطفولة ، ومن ثم إلى نتائج سلبية خطيرة في مجتمعاتنا لا سبيل لإنكارها أو التغاضي عنها .
ولذا يظل السؤال الذي سبق أن طرحناه في مقدمة البحث : أليس من الممكن وضع إستراتيجية عربية تربوية ذات منظور إسلامي جديد ( معاصر ) تنقذ أطفالنا وأمهاتهم من هذا الواقع المؤسف والأشد إيلاما ؟!
يظل ذلك السؤال مطلباً قائماً بذاته يبحث عن إجابة علمية شافية ... نحسب أن فيما قدمناه رؤية موضوعية لتقدير مشكلة عمل المرأة يعد خطورة أو (( محاولة )) من محاولات بحثية مأمولة ومرجوة في هذا السبيل .
ثالثاً : يؤكد البحث على المطالبة بإلغاء سياسة تشغيل المرأة وخروجها للعمل واستبدال سياسة أنجح وأسمى بها ، وهي رعاية زوجها وتفرغها لتربية أولادها ، ولا يعني ذلك أننا نتبنى موقفاً (( ضدياً )) من تعليم المرأة أو المهمات التي تصلح لها مما يتفق وطبيعتها الإنسانية ، فالتعلم حق للمرأة ، بل وتخصصها فيما يناسبها منه حق لها كذلك ...... ولكن شتان بين أن تعلَّم المرأة في مجتمعاتنا بغرض (( التوظيف )) وأن تتعلم لغرض التعليم والإعداد لأداء دورها ومهمتها الكبرى ورسالتها التربوية السامية في الأسرة داخل البيت وليس خارجه .
رابعاً : إننا تؤكد – بعيداً عن أي شعور عاطفي أو تعصبي جامح – أن تخصيص نسبة مالية ثابتة ( نصف مرتب الزوجة مثلاً ) في ميزانية حكومات دولنا العربية الإسلامية التي تأخذ بسياسة تشغيل المرأة ، بدلاً من ذلك ودفع هذه النسبة بأي أسلوب تراه ، أو إضافتها إلى مرتب الزوج المشتغل ، سيعود على المجتمع العربي الإسلامي بالكثير من الفوائد والميزات :
أولها : تحقيق الاستقرار النفسي والعائلي للزوج في الأسرة وتخليصه من مشاكل زوجته العاملة : الصحية والنفسية والاجتماعية .
وثانيها : دفع الزوج إلى التفاني في العمل من أجل زيادة الإنتاج وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة وهو ما تسعى إليه القيادات السياسية الحاكمة في تلك البلاد عامة(19) .
ملحق
تجمع الأخبار الواردة من الغرب أن القيم والأخلاق في تدهور مستمر وأن المجتمع الغربي يعاني من تفكك مهول وفي هذا الملحق نستعرض بعضاً من هذه الأخبار مع نقول أخرى مناسبة :.
( المرأة الأمريكية تكتشف أن مكانها هو البيت )
، اكتشفت المرأة الأمريكية باقتناع كامل أن أكثر مكان مناسب لها هو البقاء في المنزل ورعاية شؤون أطفالها وعائلتها بل وأكد 48% منهن أن تحركات النساء ونشاطهن في مجال العمل خلال العشرين سنة الماضية جعل الحياة أكثر تعقيداً وصعوبة فقط ولم يؤد أي خير إطلاقاً .
هذا الاستنتاج جاء من استطلاع للرأي قامت به شركة سي إن إن الأمريكية المشهورة بالتعاون مع صحيفة يواس توادي ، وأظهرت نتائج ذلك الاستطلاع أن 45% من النساء يعتقدن أنه يتعين على الرجل العمل والكدح خارج المنزل لتوفير أسباب المعيشة لعائلته بينما يجب على المرأة أن تبقى في المنزل وتكريس حياتها ووقتها بشكل كامل وتام لشؤون العائلة أما نسبة الرجال الذين تم استطلاع آرائهم بهذا الشأن فإن 40% منهم فقط يؤيد بقاء المرأة في المنزل لرعاية شؤون الأسرة وآخر ما قالت في تقريرها هذا : ومن ناحية أخرى اعتبرت صحيفة يومية في كالفورنيا – هي مستنقع من مستنقعات الرذيلة في أمريكا فهي مكان منتدى السينما المشهور بهوليوود – ذلك الاستطلاع بأنه مؤيد ومتعاطف مع فكرة أن النساء يرغبن في العودة مرة أخرى إلى المطبخ والمقلاة .
جريدة الرياض في 29/4/1414هـ
إذا النساء الغربيات قد مللن وسئمن من حياة التحلل التي يسميها دعاة التغريب بالتحرر ويردن أن يراجعن ، والله – سبحانه وتعالى – قد كرم المرأة المسلمة وأنعم عليها بأنها منذ أن تكون جنيناً في بطن أمها إلى أن يواريها قبرها وهي في رعاية رجل .
*********************
( إن إحصائيات عام 1979 م تدق ناقوس الخطر ، فعدد اللواتي يلدن سنويا من دون زوج شرعي ! وفي سن المراهقة لا يقل عن ستمائة ألف فتاة بينهن لا أقل من عشرة آلاف فتاة دون سن الرابعة عشر من العمر ، وإذا أضيف عدد اللواتي يلدن بدون زوج بعد سن المراهقة فإن العدد الإجمالي يتجاوز المليون .........
ومما يزيد في حجم الكارثة ارتفاع نسبة الطلاق ، فقد بلغت في عام 1979 م ما يقرب من 40% من جميع حالات الزواج .....) والنسبة أكبر بكثير الآن .
( عمل المرأة في الميزان ص131 عن كاتب أمريكي في مجلة أمريكية كبرى )
- ( مطلقة بريطانية اسمها مانيس جاكسون عرضت ابنها الوحيد للبيع بمبلغ ألف جنيه ... والمبلغ يشمل الطفل وألعابه ، وقد قالت أنها ستبيع ابنها لأنها لا تستطيع الإنفاق عليه وليس لديها دخل لإعاشته ) .
الشرق الأوسط 15/9/1400 هـ
نقلاً عن عمل المرأة في الميزان ص119
****************************
- ( في رسائل النجمة السينمائية الراحلة غريتا جابو تقول : إنها قضت حياتها منعزلة عن العالم ، ولم تكن سعيدة في خلوتها وكانت تعاني من الإحباط وانتفاء الهدف وقلة المعنى في حياتها ) وهم يريدون أن تكون هذه هي قدوة المرأة المسلمة .
الحياة 25/10/1413هـ
**************************
على أية حال ليس ثمة دليل ولا في عصرنا الحاضر على أن وضع المرأة المسلمة في داخل الحريم ليس أكثر إرضاء للمرأة من وضعها في كباريهات الغرب .
ولا نشك في أن نسبة كبيرة من الـ 300 امرأة اللاتي جئن مع الحملة الفرنسية للترفيه كن سيفضلن الحريم عن العودة إلى مواخير باريس ، ولدينا حالة واحدة على الأقل تنفي هذا الزعم الذي طال ترديده عن أفضلية حياة الحانات في الغرب على حياة الحريم في الشرق ، فقد أتيح لامرأة غربية أن تختار واختارت ( أصر ديزيه على أن يرد إلى القدس عاملة فرنسية في أحد مطاعم الجيش وهي أرملة جاويش قتل في المعركة – وكان الباشا قد أخذها ليضمها إلى حريمه ، ووافق الصدر الأعظم ، ولكن زوجة الجاويش لم توافق – على العودة إلى فرنسا – وأعلنت أنها في غاية السعادة حيث هي ، وقد ظلت فعلاً تعيش في القدس سعيدة حتى عمرت ) .
ودخلت الخيل الأزهر – محمد جلال كشك ص 414 .
***********************
- تابع الدكتور ويل هوسمن وليوناردايرون من جامعة أمريكية في كاليفورنيا على مدى 20 سنة مسيرة 40 طفلاً وجدوا خلالها أن الفئة التي شاهدت برامج التلفزيون بكثافة وهي سن الحداثة كانت أقرب إلى ممارسة أنواع مختلفة من العنف لدى الجنسين .
الحياة 15/10/1413هـ
***************************
- في تقرير مفصل بعنوان مراقبة أمريكا : - وجد أن السهرة التلفزيونية الواحدة تحتوي حوالي 12 جريمة قتل و15 عملية سطو و20 عملية اغتصاب وتشليح إضافة إلى عدد كبير من الجرائم المتنوعة ، والواقع أن نسبة الجرائم حسب المعلومات الأمنية 5% بينما تصل على الشاشة إلى 65% هكذا يفعل الإعلام .
- تلميذان يتآمران لقتل معلمتهما باستخدام سكين المطبخ – طبعاً في أمريكا .
جريدة الرياض 15/10/1413هـ
*******************************
- 60% من أطفال الحضانات يعانون من المشاكل النفسية ، أهمها العناد والعدوانية .
جريدة الشرق الأوسط عدد 5250 .
****************************
- في تقرير أخير نشرته مجلة الطب النفسي الأمريكية عن الاعتداء الجنسي خلال العمل ذكرت أنه 42% من النساء العاملات يتعرضن له ، وأنه فقط أقل من 7% من الحوادث يرفع إلى الجهات المسئولة وأن 90% من المعتدى عليهن يتأثرن نفسياً و12% منهن يذهبن لطلب المعونة الطبية النفسية .
مترجم من مجلة الطب النفسي الأمريكية يناير 1994صـ 10 .
*******************************
- شرطة مانشستر تدعو النساء إلى الحجاب : جاء هذا في مجلة النهضة عدد 1181 في 1/12/1410هـ وذكر في الخبر أن الهيئة العامة للشرطة تنظيم حملة متعددة الجوانب للحد من هذه الجرائم ( حوادث الاغتصاب ) فأصدرت كتابين الأول منهما يحمل عنوان (( نصائح بسيطة للمرأة عن العنف الجنسي )) والثاني بعنوان (( نصائح بسيطة للرجل لتحاشي العنف الجنسي مع النساء )) وركز كتاب النساء على إزالة دواعي الاغتصاب ولاسيما الملابس التي ترتديها المرأة سواء كانت طفلة أو فتاة وطريقة ارتدائها لها بل يصل المؤلف إلى حد لوم المرأة على الخلاعة والكشف عن المفاتن إلى الحد الذي يثير الشباب الصعاليك والمهووسين جنسياً ويقول المؤلف إنه إذا (( اقتربت المرأة أو الفتاة من الحجاب ، فلن يلهث وراءها أحد وإلا فالمرأة أو حتى الطفلة هي الملومة أولاً وأخيراً لما يحدث لها ))
ونقول هذا واقعهم فلماذا يصر المستغربون أن نكون مثلهم !!!
******************************
- في بدايات 1990 م أقيم لقاء تلفزيوني مع رئيسة وزراء بريطانيا ما جريت تاتشر جاء فيها :.
- تضاعف عدد الرجال والنساء المرتبطين بعلاقة غير شرعية ثلاث مرات في الفترة من 1979 حتى 1987 والمحصلة 000, 400 طفل غير شرعي وهذا دفع المعلقين إلى المطالبة بإعادة النظر في العلاقات الإنسانية :
- الحكومة سوف تتخذ من الإجراءات ما يجبر هؤلاء الآباء على تحمل نصيبهم من المسئولية .
وتقول لأن المرأة هي الخاسرة ، وهي التي تتحمل العبء الثقيل لهذا التحرر المزعوم .
الشرق الأوسط 21/1/1990 م
(1) محمد محمد حسين ، أزمة العصر ص105 والكتاب من أعظم من وقفوا في وجه الحملة التغريبية في بداياتها .
(2) محمد محمد حسين .................. باختصار .
(3) عودة الحجاب : القسم الأول ص 34جـ 4 . للشيخ الفاضل بن أحمد بن إسماعيل .
(4) المؤامرة على المرأة المسلمة د. السيد أحمد فرج ص 70 .
(5) وهو نصراني كما يظهر من اسمه .
(6) راجع عودة الحجاب القسم الأول فقد جمع فاستوفي أثابه الله .
(7) وهبي الألباني – المرأة المسلمة .
(8) راجع المرأة ماذا بعد السقوط لبدرية العزاز وفقها الله فقد أرخت لما حصل في الكويت
(9) المرأة العربية المعاصرة إلى أين ؟ د. صلاح الدين جوهر .
(10) مجلة المغترب تصدر سابقاً في الولايات المتحدة . وانظر أيضاً جريدة الوطن الكويتية في 14/ 6/ 1988 م . وفيها عرض لدراسة أكاديمية عن هذه المجلات .
(11) فتياتنا بين التغريب والعفاف للشيخ الفاضل د .ناصر العمر .
(12) المرجع السابق نقلها عن مقالة الدكتور حمود البدر
(13) التنمية الاقتصادية وأثرها في وضع المرأة في السعودية ، ص 39 .
(14) المرجع السابق : ص 76- 77- 88 .
(15) المرجع السابق : ص 172 – 182 .
(16) المرجع السابق : ص 265 – 267 . راجع المرأة وكيد الأعداء د . عبد الله وكيل الشيخ .
(17) فتياتنا بين التغريب والعفاف للشيخ الفاضل د .ناصر العمر .
(18) جريدة المسلمون في 10/ 3/ 1414 هـ
(19) مجلة رسالة الخليج العربي عدد 34 ص 310 .
ــــــــــــــــــ
معاكسات الشباب.. والاستهتار بالأعراض
لم يستغرق الأمر لحظات.. فقد كانت سيارة الفتيات واقفة، وجاءت سيارة الشاب فصفت بجانبها مباشرة لينفتح زجاج النوافذ وتمتد يد الشاب بورقة تتلقفها اليد الناعمة ثم تنطلق سيارة الشاب تتبعها السيارة الأخرى.
لم يذهلني من المشهد أكثر من جرأة الطرفين الشديدة، ولم أتعجب فأنا أقرأ وأسمع عن انتشار المعاكسات بين الشباب والبنات.. ولكن حملني الموقف على الدراسة والكتابة والمتابعة للموضوع فكانت عجائب في زمن الغرائب.
ربما يعتقد البعض أن المعاكسة مرض تخطاه الزمن، ولكن المتابع يعلم أنه عاد بقوة إلى شوارعنا وبيوتنا وأسواقنا، وانتشر بين شبابنا وبناتنا انتشار النار في الهشيم، حتى صار ظاهرة في مجتمعاتنا وشيئا يملأ الأسماع والأبصار، تروى فيه وقائع تثيرالعجب، وتدمي القلب ، وتستوقف الحريص الغيور.
عواقب وخيمة
فالمعاكسات تعتبر واحدة من أعظم وسائل جلب الفساد وانتشار الفاحشة، بتيسير اللقاء الحرام، وما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما. وهي وسيلة من وسائل دمار الأسر وتضييع مستقبل الفتيات.. فكم من فتاة عرف عنها ذلك السلوك المشين فأغلقت على نفسها باب الزواج، وعن أخواتها، وربما عن إخوانها أيضًا. وكم من زوجة وقعت فريسة للمعاكسات فعلم زوجها فطلقها، وضاعت وضاع أولادها معها. والمعاكس لا يحسن الظن بأهله وزوجته فيما بعد، فكل حركة سيظنها تعاكس وكل كلمة أو مكالمة سيظنها مع رجل، كما كان يفعل هو بغيرها. فيضيع الاستقرار من الأسر وكأنها عقوبة من الله تعالى على فعلة السوء والتسلط على أعراض الناس.(49/6)
ومن تتبع ما وقع من جراء المعاكسات من حوادث أليمة، وفواحش عظيمة، تحسر أيما تحسر على أحوال بنات المسلمين، وأدرك أن هذه المعاكسات وسيلة تغرير، وشباك صيد، يستهدف عرضهنَّ ويسود وجوههنَّ، ويتركهنَّ ضحايا في الزوايا، أو بائعات هوى ومنحرفات، سوسًا ينخر في جسد الأمة.
تفنن وتنوع
وقد تعددت طرق المعاكسات وتفنن فيها الشباب ـ بنوعيه ـ أيما تفنن، فبين غمز بالعين، أو همز ولمز باللسان، أو ابتسامة ناعمة، أو نكتة طريفة، أو تعليقة يظنها صاحبها ظريفة. وبين نظرة ناعسة، أو تسريحة ساحرة، أو عباءة ملفتة، أو مشية متكسرة متغنجة، أو ابتسامة موحية، أو عطر يسحر القلب قبل الأنف.
وأما الهواتف فهي البلاء المبين والخطر العظيم، فاتصالات عشوائية تبحث عن فريسة، أو إلقاء رقم من طرف ليلتقطه الطرف الآخر، لتبدأ رحلة العصيان والتي لا تنتهي على خير في أكثر وقائعها.
وقد استعيض عن الأخير بما يسمى خدمة "البلوتوث" الأسرع والأضمن والأكثر أمنًا وتقدمًا وتطورًا، علاوة على ما يرسل مع الرقم من لقطات فكاهية أو كلمات غرامية أو مقطوعات غنائية أو حتى صور إباحية وخلاعية.
وسل الشات في النت وغرف الدردشة تخبرك الخبر اليقين.
والبنات أيضا يعاكِسن
والعجيب في الأمر أن نسبة ليست بالقليلة من تلك المعاكسات تصدر عن فتيات يعاكسن الرجال، وبنات يشاغلن الشباب في الهواتف بمعسول الكلام وعبارات الغزل والتهتك، والغرض في البداية اللعب والتسلي أو تمضية وقت فراغ، أو سماع بعض كلمات الحب المحرومة من سماعها، أو حتى كلمات ماجنة لتفريغ شحنة كامنة، أو حتى بحثًا عن عريس الغفلة المختبئ وراء سماعة الهاتف أو النت؛ ولكن النهاية - في أغلب الأحيان ـ هي كما تحكى إحدى المعاكسات:
"كانت البداية مكالمة هاتفية عفوية.. تطورت إلى قصة حب وهمية.. أوهمني أنه يجنى وسيتقدم لخطبتي.. طلب رؤيتي .. رفضت.. هددني بالهجر.. بقطع العلاقة .. صعقت .. أرسلت له صورتي مع رسالة معطرة.. توالت الرسائل.. طلب مني أن أخرج معه.. رفضت بشدة.. هددني بالصورة والرسائل .. بصوتي في الهاتف – فقد كان يسجله – خرجت معه على أن أعود بأسرع وقت ممكن ومعي أغراضي كما وعدني.. لقد عدت ولكن ليتني ما خرجت وليتني ماعدت .. عدت وأنا أحمل العار والذل.. توسلت إليه أن يتزوجني ويسترني من الفضيحة.. فقال بكل سخرية واحتقار: إني لا أتزوج فاجرة.
وهكذا يتركها إلى مصيرها الأسود، ومستقبلها المظلم، ويذهب يبحث عن فريسة أخرى يفترسها ويلقي بها في الوحل.
الأسباب
لقد كان لهذه الظاهرة أسبابًا أدت لانتشارها وتأججها ومن أهم هذه الأسباب:-
أولا: الفراغ والبطالة
فمع انتشار البطالة ووجود الفراغ القاتل، والساعات الطويلة .. أصبحت كثير من أوقات شباب الإسلام ضائعة وساعاتهم طويلة وفارغة بلا عمل ولا وظيفة، ولا كسب ولا تحصيل ولا طاعة، فلما لم تجد ما يشغلها في الصالح المفيد شغلوها بالطالح الضار، فراحت ساعاتهم في المعصية واللهو، واللعب والحرام واللغو، ومعاكسة كل جنس نظيره.
وقد صدق أبو العتاهية حين قال:
إن الفراغ والشباب والجدة.. ... .. مفسدة للمرء أي مفسدة
فينبغي على شبابنا أن يعرفوا للوقت قيمته، ويشكروا لله نعمته، فإن الفراغ والصحة نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس.
واسمع إلى ابن مسعود رضي الله عنه يقول: "إني لأمقت الرجل أن أراه فارغًا ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة".
إذا ما مضى يوم ولم أصطنع يدا .. ... .. ولم أقتبس علمًا فما هو من عمري
فالقضاء على أوقات الفراغ في حياة الشباب ينبغي أن يكون من أول ما يوجه الآباء المصلحون عنايتهم له، ولا يشترط أن يقضي الشباب فراغه في الحفظ وتعلم العلم، بل كل حسب وجهته: (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ)[البقرة:60] فمن كانت وجهته علمية فلينهل من منابع العلم، ومن كان له تميز في مجال فليذهب إلى ما يهواه طالما لا يتعارض وتعاليم ديننا الحنيف من تجارة نافعة، أو صناعة مفيدة، أو حرفة شريفة؛ حتى لا يندم على شبابه حين يسأل عنه فيما أفناه، وعن عمره فيما أبلاه، فتكون الإجابة: قضيته في معاكسة الفتيات والتشبيب بالمسلمات، والولوغ في الأعراض والحرمات. فما أعظم الندم ولات حين مندم.
ثانيا: ضعف الإيمان:
فأكثر شبابنا رقيق الديانة، قليل الإيمان، ليس له علاقة بالله تعصمه، ولا عبادة تشغله، ولا ورد من القرآن والذكر يؤنس وحشته، فلما أعرض عن الله آخاه الشيطان فاستوحش فذهب يبحث عن شيء يؤنس وحشته، ويُذهب عن القلب ظلمته، فما وجدها إلا في مغازلة الفتيات، وخبيث الكلمات، وسماع فاحش القول من الساقطات. يظن أن ذلك يسعد قلبه ويزيل وحشته، ويدخل عليه السعادة والسرور. ولا يعلم صاحبنا أن تلك الوحشة في النفس لن يزيلها إلا معرفة الله، وتلك الظلمة في القلب لا يرفعها إلا نور القرب من الله، وذلك الإصرار على المنكر لن يوقفه إلا الخوف من الله، والإحساس بمعية الله وقربه ومراقبته واطلاعه عليه.
فاعلم أن الله معك في خلواتك، وأنه يراك في حركاتك وسكناتك، وأنه يسمع سبحانه كل كلماتك، ويعلم مكنونات نفسك، ومرادات قلبك من وراء معاكساتك ومغازلاتك؛ فبماذا ستجيبه إذا وقفت بين يديه فسألك عن كل كلمة حرام وعن كل خطوة حرام وعن كل نظرة حرام وهمسة حرام ولمسة حرام.
(أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)[الزخرف:80]. (... الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)[الجاثية: 28، 29].
ثالثا: رفقة السوء:
فكم قادت هذه الرفقة إلى بلاء وعناء، وصديق السوء لا يأتي من ورائه إلا الشر، فالطباع سراقة، والمرء على دين خليله.. ومن صادق معاكسًا فلابد يومًا أن يعاكس، ومن صاحبت مستهترة فلابد أن يصيبها شيء من استهتارها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة"[متفق عليه].
والصديق المعاكس المتمرس في العلاقات المشبهوهة كنافخ الكير لا يهدأ له بال ولا يقر له قرار حتى يوقع صاحبه فيما هو واقع فيه.. فكم من صديق زين لصديقه معاكسة الفتيات، وكم من صاحبة أوقعت صاحبتها في مصيدة المغازلات، فتقترح عليها من تغازل وتعاكس، وربما تعطيها بعض الأرقام، ودروس في فنون الغزل والمعاكسة، حتى وقعت في براثن ذئب بشري، أو في ورطة لا مخرج منها إلا بعون الستير الحليم.
رابعا: النت ووسائل الإعلام
فما يعرض في إعلامنا أو على شاشاتنا أكثره عهر ودعوات فاضحة ومكشوفة لنزع الحياء وإشاعة الفحشاء، وتهييج للعواطف، وتأجيج للغرائز، وإثارة للشهوات.. أغاني ماجنة، وأفلام خليعة، وكليمات رقيعة، يجأر إلى الله منها العجوز الفاني ذي الإيمان، فكيف بالشباب الفائر قليل الدين وعديم القدرة على الزواج.
فإطلاق النظر في هذه القنوات أو المجلات أو المواقع العفنة في النت، كل ذلك من أعظم دواعي الفتنة، وإثارة الشهوة، ومما يهج النفس ويهيئوها للبحث عن المعاكسات والمكالمات، ويجعل في النفس جموحًا لتقبل دعوات الفساق، سواء في الهاتف أو غيره. وربما تعب الشاب من المكلمات وما روى غليله فيبحث أو تبحث هي عن علاقة محرمة. فكف البصر عن النظر إلى الحرام غلق لأعظم أبواب الفتنة، ودرء خطر المعاكسات، وصدق من قال:
كل الحوادث مبدأها من النظر .. ... .. ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة بلغت من قلب صاحبها .. ... .. كمبلغ السهم بين القوس الوتر
والعبد مادام ذا طرف يقلبه .. ... .. بأعين الفيد موقوف على الخطر
يسر مقلته ما ضر مهحبته .. ... .. لا مرحبًا بسرور جاء بالضرر
خامسا: تعقيد الزواج وتأخيره وسهولة الحرام وتيسيره
فإن الباعث الأكبر على تلك البلية (أعني المعاكسات والمغازلات)، إنما هو الشهوة والفراغ، وفي الزواج المبكر حفظ للشباب والبنات، فيجد الشاب المنفذ الحلال لشهوته، ولا يجد فراغ العاطلين لانشغاله بأمور بيته وأولاده.
فإذا صُعِّب على أبنائنا طريق الحلال وسُهِّل لهم طريق الحرام ؛ فقل لي بربك ماذا تنتظر من الشباب والفتيات؟!.
إن الزواج عصمة لبناتنا وأعراضنا قبل أن يكون لأبنائنا، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغضن للبصر وأحصن للفرج...".
سادسا: تبرج النساء وغياب المحرم
قال أحد الشباب عندما سئل: لماذا تعاكس؟ قال: البنت هي السبب تخرج متزينة ومتعطرة متكسرة، ولا تريد أن يعاكسها أحد. هذا محال.
فالبنت هي التي تدعو الشباب لمعاكستها بطريقة لبسها ومشيها وزينتها وعطرها. وقد نهاها الشرع عن الخروج بمثل هذه الهيئة درءا للفتنة وصيانة للعرض.
كما وأن خروج المرأة وحدها مغر للكلاب النابحة والذئاب الجامحة بالتعرض لها. وقد ذكرت كتب الأدب أن امرأة خرجت لتطوف بالبيت فتعرض لها خليع من هؤلاء، فعادت إلى أخيها فقالت: تعال لتعلمني المناسك، فذهب معها وفي الطريق كان ذلك الشاب ينتظرها فلما رأى معها رجلا انخنس وذهب، فقالت المرأة بيتا يكتب بماء الذهب:
تعدو الذئاب على من لا كلاب له وتتقي مربض المستأسد الضاري
إن الشباب لا يتجرأ على التعرض للمرأة إلا إذا كانت وحدها بدون رجل يدفع عنها، ومن العجب أن يترك رجل زوجته أو ابنته أو أخته تذهب إلى السوق أو غيره وهو في بيته أو مع أصحابه.. ثم يبكي بعد ذلك على ضياع الأعراض.
إن الرجال الناظرين إلى النسا مثل الكلاب تطوف باللحمان
إن لم تصن تلك اللحوم أسودها ذهبت بلا عوض ولا أثمان
سابعا:كثرة الهواتف وضعف الرقابة
قالت إحداهنَّ يومًا: أبي وأمي هما السبب.. فثقتهما الزائدة بي فتحت لي الباب للمعاكسات والمغازلات والخروج دون علمهما، لا يعرفان ما أصنع، وقد كدت أهلك مرات ومرات. وهما في البيت لا يعرفان عني شيئًا.
فكل بنت من بناتنا معها جوالها الخاص بها، وفي غرفتها هاتف خاص، وربما تجلس الساعات الطوال مغلقة غرفتها ولا يدري أحد ماذا تصنع ولا مع من تتكلم.
ونحن لا نقول لك كن على أبنائك رجل مخابرات، ولكن لا تكن مغفلاً. والثقة الزائدة تضر أحيانًا خاصة مع البنات.
العلاج:
كل ما ذكرناه من أسباب فضده علاجه.. لكن الأمر يحتاج إلى مجهودات متكاتفة.. فلابد من شغل أوقات فراغ الشباب، وزيادة الجرعة الإيمانية، والتركيز على التوجهات الأخلاقية، وتوجيه الشباب لاختيار الصحبة الزاكية النقية، وتيسير الزواج على الشباب ومعالجة البطالة المتفشية، ووجود الرقابة المنضبطة.. ولابد من إصلاح وسائل الإعلام فهي أهم وسيلة لانتشار هذا الأمر أو الحد منه ومعالجته. مع وجود العقاب الرادع لمن تسول له نفسه الوقوع في المسلك المشين وإن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن.
همسة في أذن معاكس
اعلم أخي أن أشد الأذى أذى العرض، وإذا كنت لا ترضى أن يؤذيك أحد في أمك أو أختك أو ابنتك أو زوجتك، فكذلك كل الناس لا يرضى ذلك لأهله.
واعلم أيضا أنك كما تدين تدان: فمن وقع في عرض غيره ربما أوقع الله في عرضه غيره.. والأمر كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:
يا هاتكًا حرم الرجال وقاطعا .. ... .. سبل المودة عشت غبر مكرم
لو كنت حرًا من سلالة ماجد .. ... .. ما كنت هتاكًا لحرمة مسلم
من يزن في بيت بألفي درهم .. ... .. في أهله يزنى بغير الدرهم
إن الزنا دَيْنٌ إذا أقرضته .. ... .. كان الوفا في أهل بيتك فاعلم
ــــــــــــــــــ
...
الزواج المبكر
... تناولنا في مقال سابق موضوع تيسير الزواج وضرورته، وذكرنا بعض وسائل التيسير التي ينبغي الاعتناء بها وتفعيلها، وهنا نتناول موضوع الزواج المبكر، والحديث عن الزواج عموما من المواضيع التي يهتم بها الشباب، ولهم الحق في ذلك، وخاصة في مثل زماننا الذي كثرت فيه أنواع الفتن والمغريات، وصار الشاب يخاف على نفسه وسط تلك الأمواج العاتية، والأعاصير المدمرة.
وعندما نذكر الشباب في مثل هذه المواقع نقصد بهم الشباب الحريص على صحته وعافيته، وقبل ذلك على دينه وتقواه، ومراقبته لربه ومولاه.
وعندما نذكر الزواج المبكر لا نقصد به سنا معينا بقدر ما نريد من الشاب الانتباه لنفسه، فهو أعلم بها من غيره، فإن أحس أنه بلغ مبلغ الرجال، وصار يفكر و يميل إلى الجنس الآخر، وبدأت المشاعر والأحاسيس تتحرك في وجدانه إذا سمع صوتاً، أو رأى امرأة....فعليه المبادرة بتقوى الله وتذكر الزواج والسعي إليه، وطلب العون من ربه ومولاه، وخاصة إذا كان مستطيعا وقادرا، فالزواج المبكر يحل له الكثير من المشكلات التي ستواجهه، والعقبات التي تعترضه لو سلك طريقا آخر لإشباع رغبته وإرضاء فطرته.
ولكن تبقى المشكلة عندما يفقد الاستطاعة على الزواج، مع حاجته إليه، وهنا عليه اللجوء إلى خالقه سبحانه وتعالى أيضا، والصبر عن المعصية مهما كانت مغرية في ظاهرها، ثم الأخذ بالهدي النبوي الكريم، ووصيته للشباب، كما رواها ابن مسعود -رضي الله عنه- في قوله: ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم شباباً لا نجد شيئاً، فقال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) متفق عليه.
والزواج المبكر ليس بدعة مذمومة، ولا عادة سيئة ممقوتة، وإن ندر أو ضعف في مجتمعات بعض الناس، فقد كان محبوباً مرغوباً عند أولئك الأصحاب الكرام رضي الله عنهم. ووجد من الصحابة الكرام من بكّر في زواجه.
هل الزواج...شاغل؟
وما يقال من أن الزواج المبكر يشغل عن التحصيل العلمي وعن الدراسة فلا يسلم بذلك، بل الصحيح العكس لأن الزواج تحصل به مزايا كثيرة، ومنها السكون والطمأنينة وراحة الضمير وقرة العين، وهذا مما يساعد الطالب على التحصيل لأنه إذا ارتاح ضميره وصفا فكره من القلق، فذلك يساعده على التحصيل.
وما يقال من أن الزواج المبكر يحمل الشاب مؤنة النفقة على الأولاد وعلى الزوجة إلى آخره. فليس بمسلم أيضاً؛ لأن الزواج تأتي معه البركة والخير، فهو طاعة لله ورسوله، والطاعة كلها خير. فإذا تزوج الشاب ممتثلاً أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومتحريًا لما وعد به من الخير وصدقت نيته فإن هذا الزواج يكون سبب خير له. والأرزاق بيد الله عز وجل: { وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا } [سورة هود: 6] ، فالذي يسر لك الزواج سييسر لك الرزق، لك ولأولادك { نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ } [سورة الأنعام: 51]، فالزواج لا يحمل الشاب فوق طاقته كما يتصوره البعض.
أما ما يتعللون به من العراقيل التي وضعت في طريق الزواج فهذه من تصرفات الناس السيئة.
فوائد متعددة
والزواج المبكر له فوائد متعددة، منها:
1- حصول الأولاد الذين تقر بهم العين، ويفرح بهم الأب قبل عجزه : قال تعالى: { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ } [سورة الفرقان: 74]، كما أن الأولاد شطر زينة الحياة الدنيا { الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } [سورة الكهف: 46].
2- تكثير الأمة الإسلامية وتكثير المجتمع الإسلامي. والإنسان مطلوب منه أن يشارك في بناء المجتمع الإسلامي يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( تزوجوا فإني مكاثر بكم يوم القيامة ) رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني، وفترة الشباب هي زمن النشاط والطاقة والعطاء .
3- صون الشباب من الانحراف والوقوع في الرذيلة.
4- حفظ أعراض المسلمين، وصون المجتمع الإسلامي من الآفات، والأمراض.
5- حصول الأمن والاستقرار، فالزواج المبكر يكبح جماح طاقة الشباب من الانحراف، ولو بقيت دون تصريف قد تؤدي إلى حصول ما لا تحمد عقباه
ــــــــــــــــــ
تزوج .. وعش سعيداً!!!
... دراسة حديثة أصدرتها جامعة لوحاذو السويسرية تتعلق بالفوائد الصحية للزواج ، تثبت أن الزواج يقي الرجال والنساء متاعب الصداع العارض والمزمن، حيث يساعد الشعور النفسي بالعلاقة المستديمة المستقرة على تخفيف حدة توتر الجسم وإفراز هرمونات السعادة بكم أكبر من هرمونات القلق والخوف والحزن.. كما أكدت الدراسة أن الزواج المبكر يساعد الإنسان على التخلص من غالبية أشكال الضغوط النفسية والعصبية ومن توابع مشكلات العمل والاصطدام بالمجتمع ويساعد الزواج أيضاً على علاج الأرق وقلة ساعات النوم وعلى التخلص من السعرات الزائدة أولاً بأول وبمعدل لا يقل عن (200) سعر حراري في كل لقاء وهو يعادل ممارسة الرياضة لمدة (40) دقيقة للرجال، وعلى الاحتفاظ بحيوية الرجل لأطول سنوات ممكنة، وعلى وقايته من سرطان البروستاتا بنسبة لا تقل عن 85% .. كما أكدت الدراسة أن الزواج يفيد في تقوية عضلات القلب وتنشيط الدورة الدموية واستنشاق كميات إضافية من الأكسجين يستفيد منها الجسم فتعطيه مزيداً من الطاقة.. ومن أهم ما أشارت إليه الدراسة التي أجريت على خمسة آلاف من المتزوجين من الجنسين، أن الزواج يساعد الفرد على الاستقرار الفكري والعاطفي والجسدي وعدم توافر هذه العناصر أو أحداها في الزواج سيكون له رد فعلي على حياة الزوج والزوجة.. وقد أكد الخمسة آلاف الذين تم تطبيق الدراسة عليهم أن حياتهم الآن هي أفضل بكثير من قبل الزواج.. وأكدوا جميعاً أن للأطفال في حياتهم الزوجية دوراً كبيراً في إضفاء العلاقة الزوجية السعيدة والتفاهم والمحافظة على كيان الأسرة.. وذكرت الدراسة أن من أهم ما يقلق المتزوجين عدم التفاهم.. وعدم المصداقية.. والبخل.. والسيطرة.. وأقوى ما يقرب بعضهم بعضاً.. الحب.. التفاهم.. الإخلاص.. والمصداقية والاهتمام بمصالح بعضهم بعضاً.. وتأدية واجباتهم الزوجية على أكمل وجه.
وتختتم الدراسة نتائجها بالقول: «ليس من الصعب أن تتزوج.. ولكن ليس من السهل أيضاً أن تكون زوجاً سعيداً.. دائماً»
ــــــــــــــــــ
تحرير المرأة .. عقم المفهوم وانتهازية التطبيق
... درجت حركة تحرير المرأة العربية على الاحتفاء بقاسم أمين رائدًا للتحرير , واعتبار كتابه "تحرير المرأة" البيان الثوري لها , لكن مفهوم "تحرير المرأة" مر بتحولات تجاوزت فكر قاسم أمين بمراحل نظرًا لاختلاف "المرحلة" والظروف المحيطة , بالإضافة إلى الإنجازات التي تحققت .. ففي حين كان الاحتكاك الإرادي بالغرب الشرارة التي أحيت الكثير من الإشكاليات في الفكر العربي والإسلامي , وقضية المرأة إحداها , وخصوصًا واضع دستور التحرير "قاسم أمين" الذي عاش في فرنسا من 1881 إلى 1885 ووضع كتابيه "تحرير المرأة" و "المرأة الجديدة" في 1889 : 1900 متأثرًا بأنموذج باهر ؛ عاينه في حضارة حديثة ومسيطرة .
وفي حمأة الثورة العارمة من أجل الحرية في مصر وغيرها (كانت هناك مسيرة متعثرة منذ أول مشاركة دستورية حقيقية من 1866 إلى قيام الثورة العرابية لانتزاع الحق في المشاركة في السلطة) فكان "تحرير المرأة" جزءًا من مشروع البحث عن الحرية الشاملة .. وفي لحظة الانبهار هذه يكمن تفسير التقلب الملحوظ في فكر قاسم أمين بين كتبه الثلاثة "المصريون" و "تحرير المرأة" و "المرأة الجديدة" .
في هذه المرحلة استند مفهوم "تحرير المرأة" إلى تحرير جسدها من الحَجب والحجاب ؛ باعتبارهما ينتميان إلى التراث (نقيض العصر) في وقت كان مفهوم سائد للنهضة ينبني على القطيعة معه .
وفي حين كان "الحجب" يستمد مشروعيته من خصوصية كل من الرجل والمرأة , هذه الخصوصية التي تفرض نفسها على مجال ونوع المهام التي يمارسها كل منهما , و"الحجاب" يستمد مشروعيته من اعتبار أن الجسد حامل للذة , في ذلك الحين بدأ "تحرير المرأة" بنزع الحجاب وتجاوز الحَجب باعتباره رمزًا إلى عمق الإحساس بالسجن والقيد الذي لا يستقيم مطلقًا مع قيمة الحرية على النمط العصري .
وفي سنة 1924 دخل مفهوم "تحرير المرأة" مرحلة التنظيم حيث أسست هدى شعراوي الاتحاد النسائي بعد عودتها من مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي المنعقد في روما سنة 1922 , ثم انعقد مؤتمر الاتحاد النسائي العربي سنة 1944 الذي لقي ترحيبًا من بريطانيا والولايات المتحدة حتى إن زوجة الرئيس الأمريكي روزفلت كانت من ضمن المؤيدين , والمميز لهذه المرحلة أن ذلك كان يتم "طوعيًا" وبترحيب خارجي .
وفي مرحلة لاحقة تحولت تلك التنظيمات إلى مراكز استطالة لسلطة الغرب داخل المجتمعات العربية .. على صورة مؤتمرات دولية تشكل وثائقها أجندة عمل التنظيمات النسائية بل والحكومات أحيانًا , وفي هذا السياق يأتي مؤتمر المرأة الأول في مكسيكو عام 1975 تحت شعار "رفع التمييز ضد المرأة" ثم مؤتمر كوبنهاجن سنة 1980 ونيروبي 1985 ومؤتمر السكان والتنمية في القاهرة 1994 وبكين 1995 , وعن هذه المؤتمرات وبالتنسيق مع قياداتها تحت مظلة الأمم المتحدة انبثقت المؤتمرات العربية حيث شهدت مصر ظهور أول قمة نسائية سنة 2000 شارك فيها تسع من زوجات الرؤساء , ثم قمة المرأة العربية سنة 2001 التي شهدت إنشاء منظمة عربية للمرأة لها استقلالها في إطار جامعة الدول العربية .
وإذا كان مفهوم "تحرير المرأة" لدى قاسم أمين ركز على الحجاب وتعدد الزوجات والطلاق ونحوها , فإنه أصبح أكثر تبلورًا نتيجة الاطلاع العميق على حركة التحرر الغربية والتشبع بأفكارها , خصوصًا من خلال الانخراط في التنظيمات الدولية والإقرار بمرجعية ما يصدر عنها من بيانات وتوصيات , بحيث أصبح جوهر فكرة "تحرير المرأة" يكمن في مطلب السيطرة دون الرجل أو في العلاقة مع الرجل بحيث تركز المؤتمرات على المرأة "الفرد" (أنا أولاً) و(حقوقنا الآن) الشعار الذي اتخذته سابقًا المنظمة القومية للمرأة التي أسستها رائدة التحرر "بيتي فريدان" في أمريكا وذلك في مقابل أولويات الأسرة والأطفال.. ومن ثم اعتبرت وثيقة بكين أن "الأمومة" (الدور الذي كانت تطمح إليه المرأة لتصبح رمزًا للعطاء وتستمد منه سلطتها وسطوتها) دور "نمطي" تقليدي (بمعنى الازدراء) ؛ لأنه مرتبط بالخضوع للرجل .(49/7)
وإذا كانت المرحلة السابقة اقتصرت على الدعوة الفكرية (بدءًا من قاسم أمين) ثم التوصيات "غير الملزمة" (مع مؤتمرات الأمم المتحدة) فإن المشروع دخل طورًا جديدًا مع تبني بعض الأنظمة العربية والإسلامية له في محاولة استعجال تطبيقه بالدفع تجاه الحل السياسي من أعلى , وفي هذا السياق تأتي تعديلات قوانين الأحوال الشخصية بدءًا من مصر , ثم مشروع قانون "الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية" ـ كما سُميَ ـ في المغرب وعدد من الدول , وأخيرًا ـ وليس آخرًا ـ تعديل قانون الأحوال الشخصية في تركيا الذي أنهى سيادة الرجل على الأسرة وفرض مطالب "تحرير المرأة" كاملة وبدأ تنفيذه مطلع سنة 2002 .
في هذه المرحلة نجد أن المفهوم انتقل من مجرد "الثورة الفكرية" ليصبح "مطلبًا اقتصاديًا" وسياسيًا باعتباره ركنًا في "التنمية" ليتناسب مع توجهات مجتمع السوق والقيم الرأسمالية , وبهذا يصبح مفهوم الإلحاح على موضوع "عمل المرأة" ومنح القروض المالية من البنك الدولي للمرأة العاملة , الأمر الذي يبين تحول وسائل تنفيذ مشروع التحرير من مجرد بث الأفكار إلى التوصيات والتنظيمات ثم محاولة الفرض الحكومي الرسمي .
التنظيمات النسائية.. قراءة نقدية:
إنه من اللافت للنظر تزايد النشاط النسوي في العالم العربي وتأسيس الكثير من التنظيمات النسوية (الحكومية وغير الحكومية) في البلد الواحد ؛ فمثلاً وجد في الأراضي الفلسطينية (كما تسمى) ـ حسبما ذكر بحث موَّله برنامج الأمم المتحدة للتنمية عن المنظمات النسوية ـ أكثر من (174) منظمة حتى عام 1993 , وبعد اتفاق أوسلو في العام نفسه بدأت وتيرة النشاط النسوي في التزايد بشكل فاق التوقعات , حتى إنه ربما تجاوز غيره من الأنشطة الاجتماعية والسياسية الأخرى .. وكذلك الأمر في كثير من الدول العربية هذا فضلاً عن المنظمات الحكومية والاتحادات النسائية المرتبطة بالتنظيم العالمي للمرأة , ومن المثير للجدل .. الدعم الأوروبي والدولي السخي لهذه التنظيمات والأنشطة وتمويل صندوق المرأة التابع للأمم المتحدة لها ! وعلى سبيل المثال حصلت التنظيمات النسوية في الأراضي الفلسطينية على 5% من إجمالي المعونات الدولية المخصصة للأراضي الفلسطينية (حسب تقرير 1997) فيما لم يخصص للمجال الزراعي والصناعي إلا أقل من 1.2 % منها .
ومن الجدير بالذكر أن أي تمويل إنما يتم لأهداف محددة وله شروطه ومحدداته السياسية والثقافية , ومن ثم تخضع الأولويات لتحديد الجهات المانحة ماليًا والضاغطة سياسيًا وثقافيًا , كما أنه يتعين الالتزام بتلك الأولويات لضمان استمرار التمويل .. ومن جهة أخرى فإن التنظيمات الحكومية تخضع لأولويات النظام السياسي ووفق خلفيته الفكرية والأيدلوجية .
هذه الاعتبارات تجعل التنظيمات وما يصدر عنها من مؤتمرات وأنشطة تختلط فيها المواقف الثقافية والحضارية بالسياسية إلى حد كبير ؛ مما يُحدث إشكاليات كبيرة على المستوى الثقافي والاجتماعي والديني ؛ لأنه لا يمكن لنا أن نستعير / نستنسخ جزءًا من نمط حياة قائم في بناء حضاري وثقافي معقد (الغرب هنا) من دون إدراك مكملات هذا الجزء , وتبعات ومشاكل هذا الاستنساخ على مجتمعاتنا ؛ ما يسفر عن فجوات تفرضها خصوصية المجتمعات العربية المتعددة ثقافيًا , والمتفاوتة وعيًا وتمسكًا بالقيم الدينية (المتيقنة أو الموهومة) .
فمثلاً , إن التوجه الحكومي في اليمن لدمج المرأة في العملية الاقتصادية لا يبتعد كثيرًا عن "التوجه العالمي" والتنسيق مع جهات خارجية أو "الخضوع" لمطالب سياسية دولية بخصوص هذا الشأن .. والأهم من ذلك هو أن هذا التوجه الذي ينشغل "كلية" بالتساوق مع التوجه العالمي لا يهتم كثيرًا بخصوصية المجتمع اليمني والذي يفرض سلم أولويات يختلف عن غيره ؛ فأبرز ما نلحظه في هذا التوجه أنه لا يهتم "الاهتمام المطلوب" بتعليم المرأة في مجتمع ترتفع فيه نسبة الأمية بشكل مقلق , خاصة بين صفوف النساء , فالإمعان في مطلب "اللجنة الوطنية للمرأة" اليمنية (وهي هيئة حكومية تأسست قبل نحو خمسة أعوام) الذي ينص على (توفير فرص التعليم وخصوصًا الثانوي لجميع النساء , وتشجيع الإناث على الاستمرار في مواصلة دراستهن لما بعد المرحلة الإلزامية وعدم الاكتفاء بمستويات متدنية من التعليم لزيادة فرص مشاركة المرأة في سوق العمل بتوفير حوافز مادية وعينية) .. هذا الإمعان يبين أن مطلب تعليم النساء ينحصر في هدف محدد جاء "مكملاً" للتوجه العام نحو إدماج المرأة في العملية الاقتصادية , بمعنى أن الاهتمام بالتعليم لغرض إشراك المرأة في سوق العمل "فقط" , الأمر الذي يؤكد ما قلناه قبلُ من قفز التنظيمات النسوية على البعد الثقافي والفكري (باعتباره كان يمثل مطلبًا مبدئيًا مع قاسم أمين ومعاصريه) , لتحقيق مطالب سياسية واقتصادية من دون الالتفات إلى الفوارق التي تعيشها تلك المجتمعات .
وكذلك الأمر بالنسبة للتنظيمات النسوية الفلسطينية التي تنشغل بقضايا الزواج المبكر والتعدد ونحوها .. في حين لم نجد تنظيمًا نسائيًا يهتم بالمقاومة والعنف الإسرائيلي !
يأتي ذلك في سياق عولمة نموذج المرأة الغربية من خلال سعي الأمم المتحدة والتنظيمات المنضوية تحتها والخاضعة لها إلى فرض منظومة من القيم الغربية على أنها قيم إنسانية عالمية , وتطالب بها كل المجتمعات وتعتبرها هدفًا يستحق النضال من أجله .. وهذا من شأنه أن يجعل قضايا المرأة (وفق تصور التنظيمات النسوية) جزءًا من مشروع "العولمة" على اعتبار أن لها تداعيات وتأثيرات تتجاوز حدود الجغرافيا والهويات وتهميش كل المرجعيات الدينية والثقافية لصالح مرجعية الفلسفة الغربية .. وهذا يعيدنا من جديد إلى أزمة العلاقة مع الغرب والحداثة , وإشكالية الهوية والمرجعية .
مطلبان رئيسيان:
ولو عدنا نتأمل القضايا التي تلح عليها كل المؤتمرات على مدار القرن الماضي لوجدناها تنحصر في مطلبين رئيسين :
الأول :
حق المرأة في إثبات الوجود والمشاركة في فعاليات الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية والاجتماعية وغير ذلك في محاولة لإعادة صياغة العلاقة "المتخلفة" (بمعيار المقارنة مع الغرب) التي تقوم على "اقتسام" النشاط الإنساني بين الرجل والمرأة , وتجعل لكل منهما مجالاً خاصًا , مكانًا ونوعًا .. هذه الصياغة الجديدة استدعت الكثير من القضايا مثل "القوامة" و"عمل المرأة" , ما استدعى "حق المرأة" في التشريع القانوني وممارسة أدوار قيادية سياسية وغيرها , وما تفرع عن ذلك من إشكالات شغلت نقاشًا طويلاً من الخطاب الثقافي والسياسي .. هذه المشاركة مع الرجل كانت كفيلة بإعادة صياغة "العلاقة" بين الرجل والمرأة من منظور "حديث" و "واقعي" بعد أن كان ذلك الاحتكاك استثنائيًا وفي نطاق ضيق جدًا , وبعد أن كان الرجل هو المسؤول عن الدور القيادي في البيت وخارجه .
و"الحقوق" هذه تستدعي ضرورة مبدأ "المساواة" الذي شغل مساحة كبيرة من المؤتمرات المتوالية ثم من التشريعات في بعض الدول العربية والإسلامية كتركيا ومصر والمغرب وغيرها.. والإقرار بهذا المبدأ كفيل بإعادة صياغة خارطة العلاقة بين الرجل والمرأة في البيت وخارجه , ومن أبرز القضايا التي تحضر هنا "القوامة" , وبالتالي تأثيراتها على تنظيم شؤون الأسرة وتربية الأولاد , وحق الطلاق , وسفر المرأة وعملها من دون إذن الزوج , والتساوي في الميراث؛ بل اقتسام الممتلكات بالتساوي بعد الانفصال أو الوفاة , وغير ذلك مما قد يعود بالنقض على مسلّمات دينية ونصوص صريحة .
إن توسيع مشاركة المرأة في الاقتصاد من خلال تأمين فرص العمل بالاستناد إلى مفهوم "المساواة" وكذا باقي المجالات .. من شأنه أن يغير كثيرًا من ملامح الخارطة الاجتماعية والثقافية للأسرة العربية ؛ لنجد أنفسنا أمام "نمط" مختلف , يثير كثيرًا من الإشكالات التي سنستوردها من "النموذج المثال" الذي نحاكيه , من دون تَبْيِئَة هذا الاقتباس نفسه (قد رأينا بعض هذه البوادر من خلال أَنْثنة الإعلام العربي عامة) ؛ فتأمين فرص العمل لكل امرأة (من المهم هنا تَذَكر عجز الحكومات عن القضاء على البطالة بتوفير فرص عمل للرجال) من شأنه أن يرفع ـ إلى حد كبير ـ من نسبة البطالة في مجتمعات "نامية" كمجتمعاتنا , كما من شأنه أن يضع بثقله على قوانين وأعراف "الزواج" ليعاد ترتيبها وفق الوضع الجديد (بطالة الرجل وفقره , وخلق نساء رأسماليات) وربما نصل إلى أن تدفع المرأة المهر كما في كثير من ولايات الهند , أو أن يعول كل من الزوجين نفسه كما في الغرب .
المطلب الثاني :
تركز حول "حرية" المرأة في ممارساتها ونشاطاتها .. والحرية هنا تعني الانعتاق من أي سلطان (وفق التصور الغربي) ؛ وإذا كان المطلب الأول يركز على "الحقوق" بوصفها نشاطًا , فإن الثاني يركز على "الحرية" بوصفها قيمة لا بد أن تحضر في كل النشاطات التي تمارسها المرأة .
وتحت هذا المطلب تندرج كثير من القضايا الشائكة أبرزها حرية المرأة في التصرف بجسدها (الحرية الجنسية , والتحكم بالحمل وبجنس الجنين , والإجهاض , وتشكيل الجسد كما تشاء أو هكذا تتصور) في مقابل منع التعدد , وهو ما ركزت المؤتمرات وخاصة مؤتمر السكان ووثيقة بكين .. يأتي هذا في زمن ازدهرت فيه فنون صناعة الجسد وفنون الاهتمام باللذة الجنسية ومستلزماتها (الإعلان , التجميل , الموضة , العطور , الملابس الداخلية والخارجية , الإكسسوارات , مسابقات الجمال , عروض الأزياء , فنانات ذوات أجساد ..) , وأصبح فيه الجنس والجسد هما الثقافة السائدة (في النموذج المثال الذي يراد عولمته) بالتحالف مع العقل المادي الساعي لتعظيم اللذة والربح وتقديمهما على كل هدف آخر , بعد أن كان الجنس والجسد يخضعان للثقافة السائدة التي يساهم في تشكيلها الدين والعرف الاجتماعي .
ومن المهم هنا أن الحرية الجنسية لا تقتصر على العلاقة الطبيعية (ذكر وأنثى) بل تتسع لتشمل اشتهاء المماثل والدخول معه في ممارسة فعلية ربما تؤدي إلى الاكتفاء به عن الشريك الطبيعي , الأمر الذي سيصل إلى الاعتراف به قانونيًا كما في ألمانيا مثلاً , بالرغم من وجوده بكثرة في أمريكا وفرنسا والسويد والكيان الصهيوني وغيرها .
إن الإشكالية الجوهرية التي تنشأ عنها كل هذه الإشكاليات هو تَعَمّد التنظيمات النسوية العربية (حكومية وغير حكومية) تجاوز النسق الثقافي والديني الخاص بنا , وتَبنّي النموذج الغربي للمرأة لتحقيق مكاسب خاصة بتأثير الإرهاب أو الإغراء الدولي , وتحدي معتقدات ومفاهيم الجماهير التي تبقى على الدوام مشدودة إلى ثوابت دينية (سواء متيقنة أم مظنونة أو موهومة) فضلاً عن نسقها الثقافي الذي يتميز بكثير من الخصوصية والتحفظ إزاء نقيضه الغربي الذي تلح نخبنا (الثقافية والسياسية) المنتمية إلى ثقافته على فرضه وتعميمه .
إن غياب المؤتمرات والتنظيمات النسوية العربية عن الاهتمام بشكل رئيس بموضوعات التربية والأسرة والعنوسة (سجلت بعض الإحصائيات أن في مصر 9 ملايين عانس) وصورة المرأة في وسائل الإعلام (خاصة أن هذه المؤتمرات لها صفة رسمية بمعنى أنها قريبة من مواقع القرار) وعن قضايا مشاكل الدعارة والبغاء المتنامية في العالم العربي , وعن خطاب المجلات النسائية الاستهلاكي , الذي ينشغل كلية بجماليات الفن لصناعة أجساد وفق المقاييس المحددة مسبقًا للجسد المثال في عالم يشكل فيه الجسد الأنثوي كل مقتضيات التوظيف في عالم المال ؛ لأن قطاع الإنتاج لا يرى في المرأة سوى جسد , ومن ثم يشترط ـ في الدرجة الأولى ـ جمال الهيئة في معظم المهن التي تشغلها المرأة ليكون الجسد هو أداة التواصل بين المالك والزبون , إن غياب كل ذلك عن أجندة التنظيمات يؤكد اغترابها عن المطالب الحقيقية للمرأة لاستلابها لمرجعية مختلفة كليًا عن مرجعية مجتمعاتها , كما يؤكد على البعد الاقتصادي في "تحرير المرأة" .
هذا العبث الذي يصر على تغيير ملامح حياتنا يجعل من أولوياتنا الحالية العودة إلى قضية المرأة وإعادة تأهيلها ومعالجة مشاكلها من سياق واقعها وثقافتنا ومرجعيتنا الدينية , والتأكيد على صناعة كوادر نسائية قادرة على العطاء والإبداع في المواقع الفكرية والاجتماعية وغيرها ؛ فقد تسبب تجاهلنا لمشاكل المرأة وغيابها أو تغييبها (بفعل عادات وتقاليد واجتهادات غير واعية) بإتاحة المجال لكثير من الاختراقات , وحدوث هذه التشوهات والالتباسات التي نعايشها.. وغني عن القول : إن الحل لمشاكل المرأة لا يكون بالقوانين والقرارات "الرسمية" أو بتسييسها ؛ لأنها مشاكل ثقافية واجتماعية منبنية على الوعي الديني والثقافي والاجتماعي .
ــــــــ
* كاتب وباحث
ــــــــــــــــــ
مخالفة تعاليم الإسلام أقصر طريق إلى السرطان
... - الحالة النفسية السيئة والتوتر يؤدي إلى انخفاض مناعة الجسم، ومن ثم إلى السرطان
- الاعتدال، قواعد النظافة الشخصية، القيم الخلقية، التوازن النفسي .. معالم ينفرد بها الإسلام ويقاوم بها المنتمون إليه أخبث الأمراض.
...........................
هناك العديد من الأمراض التي انتشرت نتيجة مخالفة قوانين السماء وتعاليم الإسلام، ومنها الإيدز، ومرض الحمى القلاعية، وجنون البقر في الحيوانات، والسبب هو مخالفة الشريعة في طعام الحيوانات، فهل مرض السرطان يأتي أيضا نتيجة لمخالفة تعاليم الإسلام؟
نتعرف على الإجابة من خلال هذا البحث الذي شارك في إعداده الطبيبان المصريان المقيمان في أمريكا د. أحمد القاضي، ود. محمد أشرف اللذان يقولان في بحثهما:
تدل الإحصاءات الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية أن نسبة الإصابة بالسرطان في تزايد بالرغم من التقدم العلمي على مستوى العلوم الطبية.
ومخالفة التعاليم الإسلامية ربما تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى زيادة نسبة الإصابة بالأمراض، وبينما يمكن تقبل هذا الافتراض في حالة الأمراض التناسلية أو الأمراض المعدية، التي لها علاقة بظروف اجتماعية أو بحالة النظافة العامة، فإنه يصعب تصور وجود علاقة بين مرض بدني مادي محض مثل السرطان، وبين القيم الإسلامية التي تغلب عليها الطبيعة الخلقية أو الاجتماعية.
ولكن هذه الدراسة أثبتت أن نسبة الإصابة بأنواع متعددة من السرطان تزداد عند الأشخاص الذين يخالفون أحد أو بعض التعاليم الإسلامية، وظهر أن هذا الوضع يكاد ينطبق علي إصابات السرطان لجميع أعضاء أو أجهزة الجسم البشري.
وظهر أن عوامل الخطر التي تؤدي إلى زيادة نسبة الإصابة بالسرطان يمكن تصنيفها في مجموعات أربع:
المجموعة الأولى: تتعلق بما يتزود به الإنسان من طعام وشراب ونفس.
والمجموعة الثانية: تتعلق بقواعد النظافة الشخصية.
والمجموعة الثالثة: تتعلق بالقيم الاجتماعية والخلقية.
والمجموعة الرابعة: تتعلق بالحالة النفسية وما يطرأ عليها باتباع التعاليم الإسلامية.
وعلى سبيل المثال وليس الحصر نذكر عددًا من التعاليم الإسلامية وما يتعلق بها من عوامل خطر تؤدي إلى زيادة الإصابة بالسرطان في كل مجموعة من المجموعات الأربع.
الإفراط في الطعام والسرطان
في المجموعة الأولى يشير الباحثان إلى التعاليم الإسلامية التي تنهي عن الإسراف في تناول الطعام والشراب، والتعاليم التي تنهى عن تعاطي الكحول وغيره من المواد المسكرة، والتعاليم التي تنهى عن تعاطي كل ما هو ضار.
ولقد أثبتت التجارب العلمية على الحيوانات أن الإفراط في تناول الطعام يزيد من نسبة الإصابة بالسرطان، وأمكن تخفيض نسبة الإصابة بالسرطان في الفئران بالتقليل من غذائها، وكادت نسبة سرطان الثدي أن تتلاشى حينما انخفضت كمية السعرات الحرارية المعطاة بنسبة الثلث.
وفي الإنسان ثبت أن سرطان الثدي، وسرطان الرحم الداخلي يزداد عند المصابين بزيادة الوزن، وكذلك ثبت أن نسبة الإصابة بالسرطان تزداد عند من يتعاطون الكحول سواء بمفرده أو بالإضافة إلى التدخين، وتعاطي الكحول يساعد علي زيادة نسبة الإصابة بسرطان الفم والحلق والحنجرة والمريء.
وبالنسبة لتعاطي المواد الضارة فقد ثبتت حاليا الآثار الضارة للتدخين، وبالتالي يمكن تطبيق قاعدة النهي عليه، ومن الثابت علميا أن التدخين يؤدي إلى زيادة نسبة الإصابة بسرطان الرئة والفم والحلق والحنجرة والمريء والمثانة والبنكرياس.
وبالنسبة للمجموعة الثانية من عوامل الخطر التي تتعلق بقواعد النظافة الشخصية يشيران إلى التعاليم الإسلامية المتعلقة بنظافة الفم ونظافة الشرج ونظافة الفرج، ولقد ثبت علميا أن مخالفة قواعد الفم تؤدي إلى زيادة نسبة الإصابة بسرطان الفم والحلق، وأن مخالفة قواعد نظافة الشرج تؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى زيادة نسبة الإصابة بسرطان الشرج، وكذلك مخالفة تعاليم الختان للذكر، تؤدي إلى زيادة نسبة الإصابة بسرطان الذكر، وربما كذلك إلى زيادة نسبة الإصابة بسرطان عنق الرحم عند من تعاشر الرجل الغير مختتن.
وبالنسبة للمجموعة الثالثة من عوامل الخطر، والتي تتعلق بالقيم الاجتماعية أو الخلقية، فيؤكد الباحثان أن التعاليم الإسلامية التي تشجع الزواج المبكر والتوالد، والتعاليم التي تنهي عن العلاقات الجنسية غير الشرعية قبل الزواج أو خلاله، والتعاليم التي تحض علي ستر العورة مع الاختلاف في حدودها بين الرجال والنساء، والتعاليم التي تنهي عن علاقات الشذوذ الجنسي من لواط أو سحاق يعتبر اتباعها وقاية من بعض أنواع السرطان.
ولقد ثبت علميا أن نسبة الإصابة بسرطان الثدي أو الرحم الداخلي تزداد عند الراهبات أو غير المتزوجات من النساء، وكذلك تأخير الحمل الأول يساعد على زيادة نسبة الإصابة بسرطان الثدي، ومن لم يحملن من النساء تزداد عندهن نسبة الإصابة بسرطان الرحم الداخلي، وكذلك ثبت أن نسبة الإصابة بسرطان عنق الرحم تزداد عند النساء بازدياد عدد من يعاشرهن من الرجال، وفي الرجال تزداد نسبة الإصابة بسرطان البروستاتة مع ازدياد عدد من يعاشروهم من النساء قبل الزواج أو أثناءه، أو عند من يصابون بالأمراض التناسلية.
وبالنسبة لستر العورة فقد ثبت أن نسبة الإصابة بسرطان الجلد تزداد في الأجزاء التي يطول تعرضها لأشعة الشمس، وبالذات فيما تحت الركبة من الساق عند النساء، وفي الجزع عند الرجال، وفي الذراعين عند الجنسين.
أما من يمارسون عمليات الشذوذ الجنسي، فتكثر بينهم حالات انخفاض وظائف المناعة في الجسم، وما يصحب ذلك من ازدياد نسبة الإصابة بالعديد من الأمراض، ومن ضمنها السرطان.
وبالنسبة للمجموعة الرابعة من عوامل الخطر والتي ترتبط بالحالة النفسية تشير إلى أمثلة قليلة من التعاليم الإسلامية التي تحض علي تقوية الإيمان والثقة الغير محدودة بالله، وبنصره، وتعضيده لعباده المؤمنين، إضافة إلى الوضع النفسي المتوازن للمؤمن، وكل ذلك يزيد من مقدرته على مواجهة الضغوط، ومقاومة التوتر والاضطراب النفسي.
تطبيق الإسلام
وقد ثبت علميا أن الحالة النفسية السلبية ، بما في ذلك حالات الاضطراب النفسي والاكتئاب، وعدم القدرة على مواجهة الضغوط والتوتر تؤدي إلى انخفاض المناعة في الجسم، كما أن كل ما يؤدي إلى تحسين إيجابيات الحالة النفسية يرفع من مناعة الجسم، وكذلك ثبت علميا أن نسبة الإصابة بالسرطان تزداد عند من عندهم انخفاض في مناعة الجسم، وبالتالي يمكن الجزم بأن الحالة النفسية السلبية تؤدي إلى ازدياد نسبة الإصابة بالسرطان، وقد ثبت ذلك في العديد من الدراسات، ومما يؤكد ذلك بالنسبة لتأثير العقيدة الدينية بالتحديد ما أسفر عنه حصر نوع معين من السرطان، ألا وهو سرطان البنكرياس عند عدد من أصحاب الديانات المختلفة، ووجدت أعلى نسبة إصابة بهذا المرض بين الملحدين حينما قورنوا بغيرهم من أصحاب الديانات السماوية.
وكل القرائن المذكورة تؤكد الافتراض السابق بأن تطبيق التعاليم الإسلامية يؤدي إلى انخفاض نسبة الإصابة بالأمراض، وبأن الطب الإسلامي، وما يشتمل عليه من حكمة التعاليم الإسلامية سيكون أكثر تميزا وفعالية من غيره من العلوم الطبية.
وفي الوقت الذي اقتصرت فيه هذه الدراسة على نسبة الإصابة بالسرطان كانت هناك دراسات أخرى بحثت علاقة القيم الإسلامية بالأمراض الأخرى غير السرطانية، ووصلت إلى النتيجة نفسها.
ــــــــــــــــــ
العنوسة تؤرق المجتمع وتهدد استقراره
إن الزواج في نظر الإسلام شريعة وسنة ، وربما وصل إلى الفريضة في بعض الأحيان ، وقد شرع الزواج من أجل العفة وحفظ النسل واستقرار المجتمع ، فإعفاف النفس وصونها من أفضل ما تقرب به المتقربون إلى الله تعالى .كما لا يخفى ما في ترك الزواج من الآثار النفسية السيئة على كل من الرجل والمرأة .
سكن وراحة..رحمة ومودة
ويهيئ الزواج لكل من الرجال والنساء متعة من أعظم متع الدنيا ، وهذه المتعة تنقسم إلى قسمين : سكن وراحة نفسية ، وإمتاع ولذة جسدية ، قال تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(الروم/21) .
والسكن إلى المرأة يشمل سكن النفس وسكن الجسم ، كما أن المودة والرحمة من أجمل المشاعر . فالمتع الجسدية والنفسية تعمل عملها في نفس الإنسان وفكره وقواه النفسية والبدنية فيشعر بالرضا والسعادة والراحة النفسية والجسدية ، حيث تتصرف طاقته وغريزته بأنظف الطرق وأطهرها ، أما تصريف الشهوة خلال قناة غير شرعية فتكون متعته محدودة توجد بوجود اللذائذ الحسية ، وتنتهي بانتهائها ، ويأتي بعد ذلك شعور بالاحتقار والازدراء والامتهان ، وتلك المشاعر غالبًا ما تولد العقد النفسية والانحلال الخلقي وضعف الوازع وهوان النفس ، أما مشاعر الأزواج فإنها تورث الحب والرحمة وسمو النفس وحياة الضمير والقلب ، وإحساس الزوج بالمسؤولية تجاه الأسرة ينمي قدرته على القيام بالواجب ، ويجعل له هدفًا ساميًا ، وهو إسعاد أسرته وحمايتها ، والسعي من أجل متطلباتها ، فيبذل جهده ويزيد من إنتاجه ، مما يعود على المجتمع بالنفع.
ومن حكم الزواج وفوائده ، بلوغ الكمال الإنساني ، فالرجل لا يبلغ كماله الإنساني إلا في ظل الزواج الشرعي الذي تتوزع فيه الحقوق والواجبات توزيعًا ربانيًا قائمًا على العدل والإحسان والرحمة لا توزيعًا عشوائيًا قائمًا على الأثرة وحب الذات .
ناقوس الخطر يدق :(49/8)
بالرغم مما عددناه من فوائد دينية واجتماعية ونفسية للزواج إلا أن مجتمعنا اليوم يشهد عزوفًا ملحوظًا عن الزواج مما أدى إلى تفشي ظاهرة العنوسة التي أصبحت تهدد استقرار المجتمع ، ولكن هناك عدة عوامل أدت إلى نشوء العنوسة ، يأتي في مقدمتها الجانب الاقتصادي ، فبتزايد أعداد السكان في جميع البلدان مع تراجع فرص الحصول على عمل مناسب وانتشار البطالة ، أصبح الشاب عاجزًا عن توفير متطلبات الزواج ، إضافة إلى المبالغة في المهور وتكاليف الزواج .
فالوعي الاجتماعي غير السليم يجعل للزواج احتياجات مادية مرهقة تدفع الشاب إلى الفرار وتكون النتيجة ضررًا يلحق بالطرفين ؛ فالشعور بالقناعة أحيانًا يكون معدومًا لدى الفتيات برغم تقدم أعمارهنَّ ، فالزواج لا يتم عادة إلا بمصاريف باهظة بدءًا من حفل الزواج إلى الأثاث الفاخر الذي يكون مصدرًا لتباهي الزوجات بجودته وماركته المعروفة . كل هذا يجعل تكاليف الزواج تفوق ما يمكن أن يكسبه الشاب في عشر سنوات ، وبالتالي فإن الهروب من الزواج أصبح هو الحل !
الجدير بالذكر أنه انتشرت أيضًا في الآونة الأخيرة دعوات تندد بالزواج المبكر وأضراره النفسية والاجتماعية ، وعقدت الندوات والمؤتمرات الدولية ، وسنت التشريعات من خلال منظمات حقوق الإنسان ، وقد غالى بعضها إلى حد تجريم الزواج المبكر ، وقد لاقت تلك الدعوات قبولاً في مجتمعنا .
أيضًا وسائل الإعلام وعلى رأسها التليفزيون والسينما أثرت تأثيرًا عميقًا في نظرة الشباب إلى الزواج ، حيث كثيرًا ما تصوره على أنه قيد يعوق انطلاق الشباب وتقدمهم ، فأصبح القادرون على توفير نفقات الزواج في فترة قصيرة يصرفون اهتمامهم إلى اقتناء السيارة الفاخرة ، أو تغيير الهاتف النقال أو السفر والسياحة والتنزه ، وأصبح الشاب يعتبر الزواج عائقًا عن تحقيق هذه الأمور ، فيدفع عن ذهنه أي تفكير في الارتباط .
كذلك الفتيات تصور لهن وسائل الإعلام أحيانًا الزواج على أنه تبعية وقتل لقدراتهنَّ وإبداعاتهنَّ وأنهنَّ لن يستطعن أن ينجزن شيئًا من طموحاتهنَّ في ظل مؤسسة الزواج ، فتتمنع الفتاة حتى تلحق بركب العنوسة .
وكذلك تفضيل الفتاة لوثيقة الدراسة على وثيقة الزواج جعلها تنصرف إلى استكمال الدراسة والحصول على الماجستير والدكتوراه وترفض الارتباط إلا بعد الحصول على مركز علمي معين أو منصب يُناسب مؤهلاتها ، مما يجعل سنوات عمرها تضيع ، وما أن تفيق حتى تجد نفسها وقد أصبحت عانسًا .
العنوسة في الإحصائيات
بلغت نسبة العنوسة في مختلف البلدان العربية معدلات خيالية باتت مقلقة للشعوب والحكومات على حد سواء .
ففي منطقة الخليج أكدت إحصائية صادرة عن وزارة التخطيط السعودية أن ظاهرة العنوسة امتدت لتشمل حوالي ثلث عدد الفتيات السعوديات اللائي في سن الزواج ، وأن عدد الفتيات اللائي لم يتزوجن أو تجاوزن سن الزواج اجتماعيًا - وهو (30) عامًا - قد بلغ حتى نهاية 1999م حوالي مليون و(529) ألفًا ، و(418) فتاة ، وذلك بسبب غلاء المهور والتكاليف الباهظة .
جدير بالذكر أن حالات الطلاق قد ارتفعت في الخليج بنسبة كبيرة حسبما أكد تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط ، حيث بلغت نسبة الطلاق في البحرين (34 في المئة) ، وفي الكويت (29 في المئة) ، وفي قطر (38 في المئة) ، وفي الإمارات (37 في المئة) .
وتشير الإحصائيات الرسمية في مصر إلى أن عدد الفتيات العانسات يصل إلى أربعة ملايين فتاة ، بالإضافة إلى مليون فتاة فاتهنَّ قطار الزواج !
وأكد تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء وجود نحو تسعة ملايين شاب وفتاة في عداد العوانس والعانسات ، وترجع أسباب العنوسة في مصر إلى عجز معظم الشباب عن تأثيث مسكن الزوجية ، وكذلك إلى انصراف الشباب إلى الزواج من أجنبيات للحصول على جنسية بلد أجنبي أو لرخص تكاليفه.
وننتقل من مصر إلى العراق ، حيث أفادت إحصائية نشرت في العراق أن مليون امرأة تتراوح أعمارهن بين (35) و (43) عامًا غير مرتبطات في مجتمع يعاني من ظروف اقتصادية صعبة ، فبسبب الحظر المفروض على الشعب العراقي منذ أكثر من عشر سنوات ، تشكل نفقات الزواج عبئًا كبيرًا على الشباب العراقيين، خصوصًا مع ارتفاع أجور السكن وغلاء المهور .
وفي سوريا تشير الإحصائيات إلى أن نصف الشباب السوريين في سن الزواج عازفون عنه أو تأخروا بسبب ضعف قدراتهم المادية وعدم توافر المساكن وغير ذلك ، وأصبح موضوع الزواج في سوريا صعبًا للغاية بسبب ارتفاع أسعار الشقق السكنية مقارنًا بدخل الفرد الذي يبلغ متوسطه (42) دولارًا شهريًا ، في حين وصل أعلى راتب شهري في الدولة إلى ما يوازي (210) دولارات شهريًا.
وفي لبنان نجد أن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة منذ سنوات تسببت في هجرة ثلث الشباب اللبناني أو أكثر ، ومن تبقى منهم يعاني أزمات السكن والعمل والبطالة ، وهذا كله يؤدي إلى ازدياد أعداد الشباب غير المتزوجين .
وفي ليبيا يمر الزواج في المجتمع الليبي بمراحل مختلفة وفق عادات وتقاليد تتطلب صرف أموال طائلة لإتمامها ، يعجز الكثير من الشباب عن القيام بتلبيتها ، علاوة على الغلاء في المهور الذي يصل إلى (15 ألف دولار) ، بالإضافة إلى تحمل كافة تكاليف إعداد المسكن وتجهيزه مما يثقل كاهل الشاب بمسؤولية تجعله يحجم عن الزواج ، مما يؤدي إلى تفشي العنوسة .
وفي المغرب تجاوز الشباب والفتيات سن الزواج ، ويعزى الكثير من السلبيات والانحرافات هناك إلى العنوسة .
وقفة للمراجعة والحسابات :
لا يخفى على أحد ما تؤدي إليه العنوسة من أخطار جسيمة تحيط بالمجتمع ، مما يستدعي بالمقابل تضافر الجهود والتعاون بين الأطراف لتقليص نسبة العنوسة المرتفعة .
فأولاً تكون المبادرة على مستوى الأفراد بحيث تكون لديهم قناعة بأهمية التيسير في الزواج وعدم التمسك بالعادات والتقاليد ، فالآباء والأمهات في الوقت الذي يشكون فيه من تقدم أعمار بناتهن ، عندما يأتيهم خاطب يفرضون عليه شروطًا تكاد تكون تعجيزية بالنسبة له ، مما يدفعه إلى الفرار ، ولكن إذا تفهمت الأسر الوضع الحقيقي للشباب وغلاء المعيشة وصعوبة الحصول على سكن فسيسود نوع من التعاون بين الطرفين ويستطيع الشاب تأسيس أسرة .
وقد أدركت الدول والمؤسسات مدى خطورة هذه الظاهرة ، وبدأت في إيجاد الحلول لتقليص العنوسة .
ففي الكويت قامت مجموعة من رجال الأعمال ومسؤولي الجمعيات الخيرية والأهلية بالإعلان عن تأسيس صندوق للزواج يستهدف التوفيق بين الراغبين من الجنسين في الزواج ، وتقديم القروض المالية اللازمة على أن تكون بدون فوائد ، وعلى أقساط قليلة ومريحة .
وفي الإمارات تم إنشاء مشروع برعاية الدولة يُمنح من خلاله الشاب الإماراتي (70) ألف درهم عند زواجه من مواطنة إماراتية تحفيزًا للشباب ، وقد تمت آلاف الزيجات من خلال هذا المشروع .
ونظم الاتحاد العام لشباب العراق في منتصف شهر أكتوبر الماضي حفل زواج جماعيًا شمل (974) من الشباب والشابات .
وفي سوريا شارك (24) شابًا وشابة في عرس جماعي أقيم برعاية وزارة الثقافة في أول بادرة من نوعها لتشجيع الشباب على الزواج .
وفي مصر أشار الدكتور " أحمد محمود " الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر إلى ضرورة إعمال آليات التكافل الاجتماعي في الإسلام عن طريق الأثرياء ورجال الأعمال .
ويشدد الشيخ "منصور الرفاعي " وكيل الأوقاف السابق على ضرورة إنشاء صندوق للزواج في مصر أسوة بصندوق التكافل الاجتماعي ؛ ومن المتصور أن يسير عمل الصندوق في ثلاثة محاور :
المحور الأول : محور التوعية في المساجد ونوادي الشباب ووسائل الإعلام ، وفي المصانع والاتحادات العمالية .
أما المحور الثاني فيتمثل في البحث الاجتماعي ودراسة الأسباب الاجتماعية للمشكلة ، واقتراح الأساليب الملائمة للعلاج .
ومن خلال المحور الثالث يتم إنشاء المساكن وتشكيل لجنة لوضع تخطيط وتصميم لمساكن المتزوجين حديثًا بأقل تكلفة .
فبجهود الحكومات والمؤسسات والأفراد أيضًا يمكن تقليص العنوسة وتفادي آثارها الخطيرة على المجتمع .
فالعوانس في الغالب يسيطر عليهنَّ شعور بالتمزق والطيش وضعف الوازع والرغبة في الهدم ؛ لأنهنَّ حرمن من نعمة الزواج والأولاد ، ولذلك جاء الإسلام بالقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة فأمر بتزويج العوانس والأرامل ، حيث قال الله تعالى : (وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)(النور/32) . والأيم هي التي مات عنها زوجها ، والأمر هنا للمسلمين عامة وأولي الأمر خاصة ، فحرمان المرأة من نعمة الزوج ربما يخلق منها امرأة ناقصة عقليًا وخُلقيًا وفكريًا ، ويكون هذا بظلم من المجتمع وهو الذي سيجني ثماره .
ــــــــــــــــــ ...
عولمة المرأة
عولمة المرأة أي جعلها كائناً عالمياً يمكن وصفه بأنه كائن فوق الحكومات أو كائن عابر للقارات.. ولجعلها كائناً عالمياً كان لا بد من عقد المؤتمرات الدولية وتوقيع المعاهدات والاتفاقيات العالمية التي تلزم الحكومات بحقوق هذا الكائن، وتمثل توصيات المؤتمرات الدولية والمعاهدات والاتفاقيات العالمية المرجعية العالمية الجديدة التي يمكن وصفها بأنها "أيديولوجية نسوية" لها قوة الأيديولوجيات السياسية التي عرفها القرن الماضي ثم انهارت وخبت وماتت.
وكما كان يحدث بالنسبة للأيديولوجيات السياسية والفكرية فإن الأيديولوجية النسوية الجديدة يراد لها أن يكون معتنقوها في كل العالم وفي كل الدول والشعوب وفي كل الأعمال؛ فإنها الوسيلة الجديدة لغزو العالم وشعوبه، وهي الدين الجديد الذي يُراد للعالم أن يتوحد خلفه ويدين به : بيد أن الخطر في هذه الأيديولوجية والدين الجديد يكمن في أن الذي يُبشر بها ويدعو إليها هو النظام العالمي الجديد الذي حقق ما اعتبره انتصاراً نهائياً وعالمياً للفكر الغربي العلماني، ويريد أن يفرض هذا الدين والأيديولوجية بالقوة على العالم كله بحيث تكون هناك قوة عالمية واحدة ومرجعية كونية واحدة وإنسان عالمي واحد، وتنهار كل الحدود والقيود والحصون أمام هذه القوة العالمية
الجديدة والمنفردة بحيث تصبح إرادتها ورغباتها ومصالحها مُسلَّماً بها ومُرحَّباً بقدومها بلا أي عوائق من الدين أو اللغة أو اللون أو الجنس أو القومية أو الثقافة. أي أن المرجعية الكونية الجديدة هي بديل لكل ما عرفته الأمم والأجناس البشرية من ثقافات وتاريخ وصراعات وأفكار؛ بحيث يغدو كل هذا ذكرى بلا قيمة ولا معنى، وتصبح القيمة والمعنى في المرجعية الكونية البديلة والجديدة التي يتحوَّل البشر جميعاً فيها عبيداً للإله الذي قررها، وهو النظام العالمي الجديد.
كما أن خطر هذه الأيديولوجية البديلة يتمثل أيضاً في اقتحام مناطق كان يُنظر إليها باعتبارها خاصة أو شخصية وينظم أوضاعها بشكل أساسٍ الدينُ والتقاليد والأعراف المحلية والثقافات الخاصة، أي أن الاقتحام والهدم لهذه الأيديولوجية ينال مناطق متصلة بالهوية والثقافة والوجود وهي محور الكيان الإنساني والوجود البشري. ويقف وراء هذه الأيديولوجية فكر شيطاني يريد أن يجعل من الأخلاق فوضى ومن الفاحشة شيوعاً وذيوعاً.
وتستمد النسوية الجديدة جذورها الفكرية من الماركسية الحديثة "حيث تعتبر أن خطأ الماركسية القديمة هو اللجوء إلى الأساليب الاقتصادية لبناء مجتمع لا طبقي؛ بينما اللجوء إلى الأساليب الاجتماعية هو السبيل الوحيد لمجتمع خالٍ من الطبقات والميول الطبقية، وتمثل "الأسرة" والأمومة في نظر "الماركسية الحديثة" التي تستمد النسوية أفكارها منها تمثل السبب وراء نظام طبقي جنسي يقهر المرأة لا يرجع إلا لدورها في الحمل والأمومة.
وإذا كانت السنن الكونية الطبيعية عندهم هي التي اقتضت هذا الاختلاف البيولوجي فلا بد من الثورة على هذه السنن الطبيعية والتخلص منها بحيث تصبح الفروق البيولوجية بين الرجل والمرأة فروقاً اجتماعية متصلة بالأدوار التي يؤديها كلٌّ من الرجل والمرأة وليست متصلة بالخواص البيولوجية لكل منهما؛ ومن ثَمَّ فإذا قام الرجل بوظيفة المرأة وقامت المرأة بوظيفة الرجل فإنه لن يكون هناك ذكر وأنثى وإنما سيكون هناك نوع "جندر" وهذا النوع هو الذي سيحدد طبيعة دوره في الحياة بحيث يجوز للأنثى أن تمارس دور الذكر والعكس، وبحيث لا تكون هناك أسرة بالمعنى التقليدي ولا أبناء ولا رجل ولا امرأة، وإنما أسر جديدة شاذة وأبناءٌ نتاج للتلقيح الصناعي؛ فأي فكر شيطاني ذلك الذي تتبناه "النسوية الجديدة"؟! وأي قوة تجعل من الأمم المتحدة وأمريكا والغرب تتبنى هذا الفكر الشيطاني لفرضه على العالم؟!! إنها تعبير عن إرادة لا نقول علمانية وإنما إلحادية لتحويل الوجود البشري وجوداً بلا قيمة ولا معنى تنتفي معه العناية من استخلاف الله للإنسان في الأرض. وفي الواقع فإن هذا الفكر الإجرامي ليس خطراً على المجتمعات الإسلامية فحسب ولكنه خطر على الحضارة الإنسانية ذاتها؛ لكن المجتمعات الإسلامية تأتي في القلب من معتقد هذا المخطط الإجرامي البديل والجديد.
أدوات المرجعية الجديدة:
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تم إرساؤه عام 1948 م ، يمثل البذرة الأولى لهذه المرجعية الجديدة التي طرحت موضوع الأسرة والمرأة قضية عالمية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، لكن ضجيج القضايا السياسية والاقتصادية على دول العالم الثالث في هذا الوقت غطى على الجانب الاجتماعي والثقافي المتصل بالأسرة والمرأة والأحوال الشخصية؛ فمنذ عام 1950م حاولت الأمم المتحدة عقد الدورة الأولى لمؤتمراتها الدولية حول المرأة والأسرة بعنوان: "تنظيم الأسرة" لكن الحكومة المصرية في العهد الملكي قاومته بقوة، وأخفق المؤتمر الذي كان يترأسه ماركسيٌّ صهيوني، ثم عاودت الأمم المتحدة مرة ثانية تطلعها في بناء المرجعية النسوية الجديدة، فعقدت مؤتمراً في المكسيك عام 1957م ودعت فيه إلى حرية الإجهاض للمرأة والحرية الجنسية للمراهقين والأطفال وتنظيم الأسرة لضبط عدد السكان في العالم الثالث، وأخفق هذا المؤتمر أيضاً، ثم عقد مؤتمر في "نيروبي" عام 1985م بعنوان: "استراتيجيات التطلع إلى الأمام من أجل تقدم المرأة" ثم كان مؤتمر القاهرة للسكان والتنمية الذي عقد في سبتمبر 1994م، وأخيراً كان مؤتمر المرأة في بكين الذي عُقد عام 1995م تحت عنوان: "المساواة والتنمية والسلم" وهو المؤتمر الذي ختمت به الأمم المتحدة القرن الماضي، وانتهت إلى الشكل النهائي للمرجعية الجديدة والبديلة التي يراد فرضها على العالم والتي تهدف بكلمة واحدة إلى "عولمة المرأة".
وعولمة المرأة هو الجانب الاجتماعي والثقافي في "العولمة" الذي تسعى الأمم المتحدة وأمريكا وأوروبا إلى فرضه على بقية العالم خاصة العالم الثالث. والتوصيات والوثائق التي توقع عليها الدول والحكومات الأعضاء في الأمم المتحدة تعتبر ملزمة لها، كما أن الأمم المتحدة تقوم بكل هيئاتها ومؤسساتها بتنفيذ ما جاء في توصيات هذه المؤتمرات الدولية ووثائقها بما في ذلك المراقبة والمتابعة لمدى التزام الدول والحكومات بها. كما أن المنظمات غير الحكومية الممثلة في الأمم المتحدة تمثل قوة ضغط في دولها لمراقبة التزام هذه الدول بقرارات الأمم المتحدة وتوصياتها ومتابعة ذلك، وهي في هذا تشبه "جواسيس للأمم المتحدة" في دولها.
ولا تكتفي الأمم المتحدة بذلك وإنما تعقد مؤتمرات مع الأطراف الحكومية والمنظمات غير الحكومية كل سنة أو سنتين للتأكد من الالتزام الحكومي بالمرجعية الكونية البديلة والخضوع للنظام العالمي الجديد؛ فهناك مؤتمر سنوي يطلق عليه مؤتمر السكان + 1 أو + 2 أو + 3 وهكذا حتى يأتي موعد المؤتمر الدولي القادم للسكان عام 2004م. وأيضاً بالنسبة لمؤتمر بكين(1) قد عُقد بكين + 4 في الهند وسوف يعقد مؤتمر للمرأة أيضاً عام 2005م أي بعد عشر سنوات من مؤتمر المرأة الذي عُقد في بكين، أي أن هناك آلية دولية لها طابع الفرض والإلزام والمتابعة تتدخل في الشؤون الداخلية للدول لتطلب منها الالتزام بما وقعت عليه؛ وهذه الآلية يمكن أن تمارس الإرهاب بفرض العقوبات الدولية على الدول التي ترى الأمم المتحدة أنها غير ملتزمة؛ كما أن هذه الآلية تمارس الإغراء بمنح معونات أو قروض أو ما شابه إذا التزمت بمقررات الشرعية الجديدة.
ومن ثَمَّ فإن ما يجري في مصر أو المغرب أو الأردن بشأن تغيير قوانين الأحوال الشخصية أو العقوبات هو جزء من الالتزام بالأجندة الدولية التي وافقت هذه الدول عليها في المؤتمرات الدولية وليس تعبيراً عن حاجة داخلية لشعوب هذه الدول. فحق المرأة في فسخ عقد الزواج، وحقها في السفر هي وأولادها بلا قيود، وحقها في المواطنة الذي يستخدم ستاراً لمساواتها مع الرجل في الإرث والطلاق وعدم الخضوع لسلطة أي رفض القوامة وإقامة علاقات ود وصداقة خارج نطاق البيت والعائلة، كل هذه القضايا كانت مطروحة باعتبارها جزءاً من أجندة دولية للتسليم بالدخول في طاعة النظام العالمي الجديد والإقرار بالالتزام بالدين النسوي البديل.
وفي الواقع فإن كل ما سيحدث في هذا الإطار سيكون مثل تأسيس "المجلس القومي للمرأة" في مصر الذي يضم الوجوه النسوية المصرية التي تدعو للأيديولوجية الجديدة بلا خجل أو حياء.
وهذه الوجوه النسوية هي انعكاس للفكر الغربي النسوي؛ حيث تشعر تجاه المرأة الغربية بالنقص، وتشعر أن الالتحاق الفكري بها سوف يعوض هذا النقص لهن كما يبلغ النقص بهذه الوجوه حد كراهية الدين الإسلامي ونظمه الاجتماعية وقوانينه في الاجتماع والأسرة ؛ وهم في ذلك أشبه "باللامنتمي" ومن ثَمَّ فهذه الوجوه تعبر عن حالة نفسية مرضية؛ ورفعها إلى مستوى التخطيط والحديث عن قضايا المرأة ليس سوى خضوع للقوى الدولية الخارجية التي تحب أن يعبر عن أوضاع المرأة في العالم الإسلامي النسوةُ اللاتي يرددن الأفكار الغربية ويبشرن بالأيديولوجية النسوية الجديدة.
وثيقة بكين .. مفردات المرجعية الجديدة :
وبالعودة إلى وثيقة بكين التي تمثل منتهى الفكر النسوي الجديد نجد مخططاً واضحاً لتدمير الأسرة والمرأة، وتدمير الحضارة البشرية ذاتها، ويبدو لنا أن الحضارة الغربية تريد أن تدمر الحضارات الأخرى وعلى رأسها الحضارة الإسلامية بعد أن شارفت هي على الهلاك والتدمير والفوضى بسبب خضوعها للأفكار النسوية والشذوذ الجنسي والأخلاقي .
ومن المؤكد أن الجانب الثقافي والاجتماعي الذي يراد فرضه على الحضارات الأخرى والإسلامية على رأسها هو جزءٌ مما أطلق عليه "صموئيل هنتنجتون": "صراع الحضارات" هذه الوثيقة وهي في حقيقتها تمثل مخططاً تحاول فرض مصطلح "النوع Gender " بدلاً من كلمة Sex والتي تشير إلى الذكر والأنثى أما النوع فمعناه رفض حقيقة أن الوضع البيولوجي هو المصير لكل فرد، ورفض حقيقة أن اختلاف الذكر والأنثى هو من صنع الله عز وجل وإنما الاختلاف ناتج عن التنشئة الاجتماعية والأسرية والبيئة التي يتحكم فيها الرجل. وتتضمن هذه النزعة فرض فكرة حق الإنسان في تغيير هويته الجنسية وأدواره المترتبة عليها، ومن ثَمَّ الاعتراف رسمياً بالشواذ والمخنثين والمطالبة بإدراج حقوقهم الانحرافية ضمن حقوق الإنسان ومنها حقهم في الزواج وتكوين أسر والحصول على أطفال بالتبني أو تأجير البطون. وتطالب الوثيقة بحق المرأة والفتاة في التمتع بحرية جنسية آمنة مع من تشاء وفي أي سن تشاء وليس بالضرورة في إطار الزواج الشرعي ؛ فالمهم هو تقديم المشورة والنصيحة لتكون هذه العلاقات (الآثمة) مأمونة العواقب سواء من ناحية الإنجاب أو من ناحية الإصابة بمرض الإيدز.
وتطالب "وثيقة بكين" الحكومات بإعطاء الأولوية لتعزيز تمتع المرأة والرجل بالكامل وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان والحريات بدون أي نوع من التميز وحماية ذلك، ويدخل ضمن هذه الحقوق والحرياتِ: الحرياتُ الجنسية بتنويعاتها المختلفة والتحكم في الحمل والإجهاض وكل ما يخالف الشرائع السماوية، وتطالب الوثيقة الحكومات بالاهتمام بتلبية الحاجات التثقيفية والخدمية للمراهقين ليتمكنوا من معالجة الجانب الجنسي في حياتهم معالجة إيجابية ومسؤولة، وتطالب بحق المراهقات الحوامل في مواصلة التعليم دون إدانة لهذا الحمل السِّفَاح.
ولا تتحدث "وثيقة بكين" عن الزواج من حيث إنه رباط شرعي يجمع الرجل والمرأة في إطار اجتماعي هو الأسرة؛ وإنما ترى أن الزواج المبكتر يعوق المرأة، ومن ثَمَّ فهي تطالب برفع سن الزواج وتحريم الزواج المبكر. ولا ترد كلمة "الوالدين" إلا مصحوبة بعبارة "أو كل من تقع عليه مسؤولية الأطفال مسؤولية قانونية" في إشارة إلى مختلف أنواع الأسر المثلية، ولا تستخدم الوثيقة عبارة الزوج وإنما الشريك أو الزميل.
وتخاطب وثيقة بكين المرأة الفرد وليست المرأة التي هي نواة الأسرة، ولذا فالمرأة العاملة هي المرأة المعتبرة؛ أمَّا المرأة العاملة داخل البيت ربة الأسرة فيُنظر إليها باعتبارها متخلفة وخارج السياق الدولي الجديد؛ لأنها لا تمارس عملاً بمقابل، ولأنها ربطت نفسها بالزوج والأولاد والأسرة، ولذا فعبارة: "الأمومة" وردت حوالي ست مرات؛ بينما كلمة: "جندر" جاءت ستين مرة وجاءت كلمة "جنس" في مواضع كثيرة. إن وثيقة بكين التي أصبحت "مقررات بكين" ووقعت عليها 180 دولة هي أساس المرجعية الكونية البديلة والتي أشارت بوضوح إلى أن الدين يقف عائقاً أمام تحقيق هذه المقررات، ولذا ناشدت المقرراتُ المؤسساتِ الدينيةَ لكي تساعد على تحويل مقررات مؤتمر بكين إلى واقع أي أن تصبح المؤسسات الدينية أحد أدوات المرجعية الكونية الجديدة التي يتبناها النظام العالمي ويسعى لفرضها على العالم.(49/9)
وهنا لا بد من تأمُّل دور بعض المؤسسات الدينية الإسلامية في الموافقة على تمرير المطالب التي تفرضها الأجندة الدولية مثل حق الزوجة في السفر بدون إذن الزوج وكذا الأولاد القُصَّر بما في ذلك البنات. والمثير أن تستخدم الوثيقة كلمة (المساواة) للتعبير عن إزالة الاختلافات بين الرجل والمرأة، وتستخدم (التنمية) للتعبير عن الحرية الجنسية والانفلات الأخلاقي، وتستخدم كلمة (السلم) لمطالبة الحكومات بخفض نفقاتها العسكرية وتحويل الإنفاق إلى خطط التخريب والتدمير للأيديولوجية النسوية الجديدة؛ حيث تلزم مقررات بكين الحكومات المحلية بتنفيذ الأهداف الاستراتيجية للنظام العالمي الجديد فيما يتصل بإقرار الأيديولوجية النسوية الجديدة، وذلك بمساعدة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
هذه هي المفردات الجديدة والمقررات التي يسعى النظام العالمي الجديد لفرضها أيديولوجية كونية على العالم. وبالطبع فإنه يستهدف من وراء ذلك ضرب مواطن القوة في الحضارات المختلفة معه.
وبالنسبة للحضارة الإسلامية فلا يزال الدين الإسلامي يمثل مرجعية للناس ونظاماً لحياتهم خاصة في مسائل الأسرة والأحوال الشخصية وفي مسائل الفكر والثقافة والاعتقاد وهو ما يزعج الأمم المتحدة والغرب ؛ إذ إن المسلمين يمثلون ملياراً وربع مليار نسمة، والعالم الإسلامي بإمكاناته وثرواته وأهله يهدد النظام العالمي الجديد بفقدان سيطرته عليه ما بقي الإسلام حاكماً للجوانب الاجتماعية والثقافية وللهوية، ولذا لا بد من تسديد الضرب إلى الصميم للقضاء على الهوية الإسلامية وعلى النظم الاجتماعية التي أثبتت أنها القلعة التي حمت العالم الإسلامي من السقوط والانهيار، ولذا فإن الصراع مع الغرب انتقل من السياسي والاقتصادي إلى الديني والثقافي والاجتماعي المتصل بالهوية والوجود؛ وهو ما يتطلب وعياً جديداً وأدوات جديدة ؛ كما يتطلب يقظة ومقاومة.
إن الإنسان: الرجل، والمرأة، والأطفال، والأسرة هم المقصودون بالهجمة العالمية الجديدة وهم المقصودون بالمرجعية الكونية البديلة للنظام العالمي الجديد؛ وعلى عالمنا الإسلامي أن ينتفض ويستيقظ ؛ فإن وجودنا مرتبط بمدى ارتباطنا بكلمة: "مسلمين" اسماً وفعلا ً؛ وإلاَّ فالاستبدال كما قال تعالى : (( وإن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ )) [محمد: 83]
ــــــــــــــــــ ...
مفهوم الحب بين الثقافة الإسلامة والثقافة الغربية
... يأخذ الحب مساحة كبيرة في الثقافة الغربية ، ويكاد يقتصر على الصلة الخاصة بين الرجل والمرأة ، وقد توسعوا فيه توسعاً شمل جميع النواحي ، وساعد على نشر هذه المفاهيم أجهزة الإعلام بكل أنواعها - حتى تحول الحب إلى تجارة تربح المليارات ، وانتشرت المثيرات الخارجية التي تخصصت في ذلك ، مثل بيوت الأزياء العالمية ، والمجلات الجنسية ، والأفلام التي دمرت القيم والحياة ، ووضعت العقبات أمام الشباب في الزواج المبكر ، ووجد الفراغ الفكري والعقلي ، وضعفت الأسرة
وقد لاحظ ذلك الطبيب الانجليزي ترومان - ل - بريل ( مدير مستشفى لندن النفسي ) فقال :
" لعل أغرب تجارة كسب منها التجار الألوف من الملايين تجارة الحب وصناعة السينما ونحوها - لقد ساعدوا في إفساد عواطف هذا الجيل من الشباب الذي ولد بعد الحرب ، وقالوا له إن الحب جميل وساحر ، وأصبحت كلمة الحب صورة خيالية لا يستطيع الإنسان أن يصل إليها ، فيعجز عن ممارسة الحب وعن الرضا العاطفي ، وذلك يختلف عن أفكاره لأن الواقع يصدمها " .
الحب في الثقافة الإسلامية
القرآن الكريم هو المصدر الأول للثقافة الإسلامية ، وعلى أساسه ربى النبي صلىالله عليه وسلم الصحابة الذين قاموا بأكبر انقلاب في تاريخ البشرية حيث أخرجوا الناس من الظلمات إلى النور ، وربوا الناس على الأخلاق الإسلامية ، وقد وردت كلمة الحب في القرآن الكريم (88) مرة ، لم يرد فيها الحب الخاص بالصلة بين الرجل والمرأة إلا مرة واحدة وذلك في قوله تعالى في سورة يوسف : ( وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حباً إنا لنراها في ضلال مبين ) ( يوسف : 30) .
أما ماعدا ذلك فقد ذكر القرآن الكريم الذين يحبهم الله والذين لا يحبهم ، ونحو ذلك من المعاني التي تبني المجتمعات البناء السليم ، وتحقق وظيفة الإنسان على الأرض - فالذين يحبهم الله تعالى هم الذين يطيعونه ، ويسيرونه على منهاجه ، والذين لا يحبهم هم الذين لا يسيرون على طريق الاستقامة فيؤثرون تأثيراً سلبياً في هذه الحياة .
ومن آيات القرآن الكريم ( إن الله يحب المحسنين ) ( البقرة : 195) ( والله يحب الصابرين ) ( آل عمران : 46) ( إن الله يحب المتوكلين ) ( آل عمران : 159) ( والله يحب المطهرين) ) ( التوبة : 108) ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً) ( الصف : 4) .
ومن آيات القرآن الكريم ( والله لا يحب الفساد) ( البقرة : 205) ( إن الله لا يحب من كان خواناً أثيماً) ( النساء : 107) (إن الله لا يحب المعتدين ) ( المائدة : 87) ( إنه لا يحب المسرفين ) (الأعراف : 31) .
ويمثل هؤلاء الصحابة الذين رباهم نبي الإسلام على مبادئ الإسلام التربية الكاملة المتكاملة ، التي تظهر في وصف الشيخ أبي الحسن الندوي لهم في كتابه ( ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ) ؟ (حتى إذا خرج حظ الشيطان من نفوسهم - وأنصفوا من أنفسهم إنصافهم من غيرهم ، وأًصبحوا في الدنيا رجال الآخرة ، وفي اليوم رجال الغد ، لا تجزعهم مصيبة ولا تبطرهم نعمة ولا يشغلهم فقر ولا يطغيهم غنى ، ولا تلهيهم تجارة ولا تخيفهم قوة ، ولا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً - وأصبحوا للناس الصراط المستقيم ، قوامين بالقسط ، شهداء لله ولو على أنفسهم أو الوالدين والأقربين - وطأ لهم أكناف الأرض وأصبحوا عصمة للبشرية ووقاية للعالم ، ودعاة إلى دين الله واستخلفهم الرسول صلى الله عليه وسلم في عمله ولحق بالرفيق الأعلى قرير العين من أمته ورسالته " .
المؤمن يحب الله تعالى
الحب لله تعالى هو حب الطاعة والانقياد لكل ما جاء بالقرآن الكريم ، والسنة النبوية ، والالتزام بمنهج الله تعالى ، والسير على رضاه يقول النبي صلى الله عليه وسلم : [ لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ] (رواه الطبراني والبيهقي) ، ويقول الله تعالى : ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله ) (البقرة : 165) وقد طلب الله تعالى من نبيه أن يقول للمؤمنين ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) (آل عمران : 31) فليس الحب كلمة تقال ، وإنما هي عاطفة واتجاه وطاعة وسلوك .
وقد نبه الله سبحانه وتعالى أبا بكر الصديق والمسلمين إلى مثل ذلك ، بعد براءة عائشة رضي الله عنها من حادثة الإفك ، فقد قال أبو بكر : والله لا أنفق على مسطح شيئاً أبداً بعد الذي قال في عائشة ، وأدخل عليها ما أدخل ، فأنزل الله تعالى : ( ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ) (النور : 22) .
وقال أبو بكر : والله إني لأحبُ أن يغفر الله لي ، وأرجع إلى مسطح نفقته التي كان ينفقها عليه ، وقال : ( والله لا أنزعها عنه أبداً ) وهذه السرعة في الاستجابة تبين مدى حب أبي بكر لخالقه سبحانه وتعالى .
اليهود والنصارى وادعاؤهم أنهم أحباء الله
وقد ظن اليهود والنصارى أن الله يحبهم ، وسيعاملهم معاملة خاصة ، مع أنهم لا يطيعون أوامره ولا يستجيبون لعمل الخير - وهذا لون من الغرور ، وقد رد القرآن الكريم عليهم رداً يبين لهم أنهم لا يتميزون على غيرهم من مخلوقات الله : ( وقال اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه ، قل فَلِمَ يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشرٌ ممن خلق ، يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ) (المائدة : 18 ) .
وبعض المسلمين يظنون أن مجرد أداء الشعائر بدون الإلتزام الكامل بمنهج الله تعالى هو مقياس الحب لله تعالى ، وقد تنبهت لذلك رابعة العدوية فقالت :
تعصي الإله وأنت تظهر حبه
هذا لعمري في الفعال بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيعٌ
ماذا يحب الله؟
لقد كان الدخول في الإسلام نقطة تحول رائعة في حياة المسلمين ، فلم يعد يهمهم المال ولا الجاه ولا الولد ولا القبيلة - لكن أصبح يهمهم إرضاء الخالق سبحانه وتعالى - وكانوا دائماً يسألون عن الأشياء التي يحبها الله حتى يفعلوها ويلتزموا بها ، والأشياء التي لا يحبها حتى لا يقاربوها - فعن عبد الله بن مسعود قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل ؟ قال : [ الصلاة لوقتها ] - قلت : ثم أي ؟ قال : [ بر الوالدين ] قلت : ثم أي ؟ قال : [ الجهاد في سبيل الله ] (البخاري ومسلم ) .
وعن أبي العباس الساعدي قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس قال : [ ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس ] (ابن ماجه) .
ماذا يحب الناس ؟
الناس بصفة عامة يحبون الحياة الدنيا وما فيها من زينة ومال وجاه ونساء ، وقد بين القرآن الكريم ذلك فقال : ( زُينَ للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب . قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله..) (آل عمران : 14 و 15) .
ويوجه القرآن الكريم أنظار المؤمنين إلى أن من أزواجهم وأولادهم عدواً لهم وعليهم أن يحذروهم ويمكنهم أن يصفحوا عن أبنائهم وأزواجهم إذا ما حاولوا التأثير عليهم في أي شيء يغضب الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم . إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم . فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيراً لأنفسكم ومن يوقَ شُح نفسه فأولئك هم المفلحون ) ( التغابن : 14 ، 16)
وقد نعى القرآن الكريم على الذين يجعلون الدنيا أكبر همهم ، ولا يلتزمون بالمنهج الإلهي ترى ماذا يفعلون يوم القيامة : ( إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يومًا ثقيلاً ) (الإنسان : 27)
ولكن الذين يؤمنون بالله لا يحبون إلا ما يحبه الله ، ويضحون في سبيل ذلك بكل شيء ، ومن هؤلاء يوسف عليه السلام الذين خُير بين الاستجابة لرغبات امرأة العزيز أو السجن فقال في إصرار :
( رب السجن أحبُ إليَّ مما يدعونني إليه ) (يوسف : 33) .
وامرأة فرعون التي آمنت بالله وأًصرت على ذلك وعذبها فرعون بكل ما استطاع فقالت :
( ربِ ابنِ لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القومِ الظالمين ) ( التحريم : 11) .
والأنصار هاجر إليهم النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة فارين بدينهم ، تاركين أموالهم وأولادهم فاستقبلوهم بالترحاب وآثروهم على أنفسهم ومدح الله تعالى عملهم هذا وسجله في القرآن الكريم في قوله تعالى : ( والذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوقَ شُح نفسه فأولئك هم المفلحون ) ( الحشر : 9) .
نظرية كأس الماء الشيوعية
في الغرب تنتشر الفلسفات البشرية وهي بطبيعتها قاصرة عن فهم الإنسان من جميع جوانبه ، وعن إدراك حاجاته الكاملة ، وبالتالي هي قاصرة عن ادراك المجتمعات البشرية كلها - ولذلك فإن كل الفلسفات البشرية ينكشف ما فيها من قصور عند التطبيق وذلك يكون بعد وقوع الكارثة .
قد نادى الشيوعيون بمبدأ المساواة في مجال الجنس وأباحوه لتحطيم نظام الزواج . باعتباره من إرث البرجوازية وأطلقوا عليه نظرية كأس الماء .
و ذلك يعني إمكانية ممارسة الجنس كما يتناول الإنسان كأس الماء ، واعتبروا الزواج مغمرة جنسية لا إلزام فيها من حيث نتائجها من أبناء وغير ذلك ، ولكن الشيوعيين عانوا من ذلك ، ثم أحسوا بالخطر الذي يهدد كيانهم ويحطم شبابهم حتى إن زعيمهم " لينين " وصف تلك النظرية بأنها حطمت الشباب وجعلتهم متهورين مجانين ، وقال بعد ذلك " إن النظرية ضد المجتمع ، وهذا النظام أنتج أطفالاً بلا أسر وعاهرات غير محترفات ، وأظهر ظاهرة " البغاء الوحشي " وأوجد متطوعات في زمن الحرب ، ومما يلاحظ أن فرنسا كرمت النساء المتطوعات اللاتي ولدن أولاداً لا يُعرف آباؤهم ولقبن :" بأمهات زمن الحرب " .
في أمريكا
وقد أصبح الأدب المكشوف يغرق أمريكا ، وقد بلغ حجم تجارته عشرين مليار دولار من الصور الإباحية فقط ، ففي كل يوم يوزع أكثر من نصف مليون نشرة تعرض كل الإنتاج الفاحش للبيع ، في المدن والقرى وترسل بالبريد ، وثلاثة أرباع هذا الانتاج القذر يوجه بمهارة إلى أطفال المدارس ، الذين تبدأ أعمارهم من الحادية عشرة ، وحتى طلبة المدارس الثانوية - والضحايا موجودون في أكثر البيوت احتراماً فهي كما يقول الصحفي الأمريكي " هولمان هارفي " :
" سم قاتل لأنها لفتيات ورجال عراة منفردين ومختلطين في صورة خليعة والنساء في أغلب الحالات من البغايا " ولذلك فإن مكتب التحقيقات الفيدرالي يؤكد : أن الشباب في سن الثامنة عشرة يرتكبون الآن جرائم الاغتصاب أكثر مما يرتكب أي فريق من الذكور في الأعمار الأخرى .
وقد اكتشف رجال الشرطة أن تجار الأدب المكشوف يجمعون قوائم بأسماء الأحداث ، ثم يرسلون إليهم إنتاجهم بالبريد ، وطالما شكا الآباء والأمهات من ذلك .
انتشار الاغتصاب
وترتب على ذلك ظهور الاغتصاب بصورة واضحة وقد أعد الدكتور أحمد المجذوب الخبير الاقتصادي الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية بالقاهرة دراسة عن الجرائم في 14 دولة أوروبية ، وعدد من دول العالم الثالث بما فيهم مصر بالتعاون مع الأمم المتحدة ، وقد نشر ملخصها في صحيفة الصباحية السعودية بتاريخ 18 من مارس سنة 1992م وجاء فيها :
" إن الأبحاث قد كشفت عن أن 27 سيدة من كل خمسين سيدة تتعرض للاغتصاب ، منها ثلاث حالات شروع و 12 يتعرضن لاعتداءات جسيمة ، و 12 يتعرضن لاعتداءات طفيفة " .
ولاحظ الباحث أن السيدات لا يبلغن الشرطة تجنباً للفضيحة ، والخوف من الإهمال والانتقام إلى جانب جرائم أخرى مثل السطو والاتجار في الأطفال وفي الأعضاء البشرية
ــــــــــــــــــ
حقوق الطفل بين الحقيقة والادعاء
... بالأمس قيل : " كم من الجرائم ترتكب باسمك أيتها الحرية !!" وذلك تعليقاً على هذا الكم الكبير من سفك الدماء والدمار الذي أحدثه الثوار الفرنسيون في حربهم ضد الكنيسة والملكية التي مهدت لقيام الجمهورية الفرنسية الحديثة ، ورأى العالم مدى التناقض الصارخ بين شعارات الثوار ( الحرية المساواة الإخاء ) وبين ممارساتهم المشينة على أرض الواقع ، والموجهة ضد خصومهم .
واليوم يمكن إطلاق العبارة نفسها على قضية حقوق الإنسان ، والقول باطمئنان: (كم من المصائب ترتكب باسمك أيتها الحقوق المنسوبة للإنسان !!) ؛
فوراء ذلك الشعار البراق يقوم الغرب بعملية غزو فكري منظم تم التخطيط له بعناية لضرب منجزات البشرية في المجال الأخلاقي والاجتماعي ، ولمحو الثقافات المخالفة للثقافة الغربية بدعوى العولمة والقرية الكونية الواحدة، ويتخذ هذا الغزو من حقوق المرأة وحقوق الطفل ستاراً لفرض منظومة القيم الغربية الغازية. وتتخذ المنظمات النسائية الغربية ذات التوجه العلماني من الأمم المتحدة غطاءً لها في سعيها لفرض منظومتها الإباحية على العالم.
عالم جدير بالأطفال :
وفي إطار المحاولات لإصدار وثيقة دولية ملزمة في مجال الأطفال والمراهقين نقلت المنظمات النسائية الغربية الإباحية نشاطها إلى هذا الميدان لتستكمل دورها المشبوه المتمثل في فرض منظومتها الثقافية على دول العالم في كل المجالات ، وتحت عنوان: (عالم جدير بالأطفال) تم تضمين هذه المنظومة في عدد كبير من بنود مشروع الوثيقة المؤقت الخاص بالأطفال تمهيداً لإصدار الوثيقة النهائية في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة بقمة الطفولة [ التي كان مقررًاعقدها في سبتمبر الحالي ولكنها تأجلت بسبب التفجيرات التي حدثت في أمريكا ] .
وكما فعلت تلك المنظمات في الوثيقة الخاصة بالمرأة من إهمال للواجبات والتركيز على الحقوق تكرر الموقف نفسه تجاه حقوق الأطفال ؛ فهي تتوسع في تلك الحقوق وتهمل الواجبات المطلوبة من الأطفال والمراهقين تجاه الأسرة والمجتمع ، كما أنها أهملت تماماً الالتزامات المطلوبة من جانب الدول الغربية تجاه رفع الظلم الواقع على نساء العالم وكذلك الأطفال نتيجة الفقر والنزاعات المسلحة التي يقوم الغرب بدور بارز في تأجيجها وإثارتها تحقيقاً لمصالحه في مناطق العالم المختلفة خاصة إفريقيا.
السموم الواردة بوثيقة الأطفال
وللأسف تم نقل كل السموم الواردة بوثيقة المرأة إلى الوثيقة المؤقتة الخاصة بالأطفال :
- فالبند (58ج) والبند (65) من تلك الوثيقة يدعوان لتمكين الطفل والبالغ ولكن ليس داخل سياق الأسرة الطبيعية وإنما من داخل سياقات أخرى مختلفة، وكأن المطلوب قطع صلة الطفل والبالغ من إطاره الأسري وعلاقته بوالديه .
- وأعطت الوثيقة للأطفال القادمين من علاقات غير شرعية بين الرجال والنساء حقوق الأطفال الشرعيين نفسها، وكأنه تشجيع على الحمل السِّفاح.
- وجسدت المادة (36) من الوثيقة المؤقتة فكرة المساواة المطلقة مقررة التماثل بين الأولاد والبنات متجاهلة الفروق البيولوجية والنفسية والفسيولوجية بينهما ، كما أنها تنحاز للبنات ضد الأولاد ، ويتضح ذلك من المادتين (16، 65) حيث تقول المادة (65): "إن إمكانية الحصول على التعليم الأساسي يعد حقاً من حقوق الإنسان.. ويساعد على وضع أقدام الأطفال لا سيما الفتيات على طريق التمكين" .
- ومن بين ثنايا عشرات البنود لم يتم الإشارة إلى الدين بوصفه عاملاً فعالاً من عوامل تنمية الطفل إلا مرة واحدة في البند (62).
- وقامت الوثيقة بإدخال المراهقين ضمن مرحلة الطفولة رغم الاختلاف الكبير بين سمات وخصائص كل من الأطفال والمراهقين، وربطت بين قضايا النساء والأطفال ، واستبعدت الرجال تماماً رغم أنهم جميعاً يعانون نفس الظروف خاصة عند الحديث عن تحدي (الصراعات المسلحة).
- وأغفلت الوثيقة المآسي التي يعاني منها الأطفال في العالم الثالث من جراء الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الأمم المتحدة على بعض الدول مثل العراق وليبيا وأفغانستان وغيرها، وهو الحصار الذي يتسبب في حصد أرواح المئات من الأطفال بسبب عدم توفر الغذاء والدواء ، كما لم تشر الوثيقة إلى الالتزامات الواجبة على الدول الصناعية الكبرى تجاه دول الجنوب الفقيرة لرفع مستوى معيشة فئات المجتمع ومن بينهم الأطفال.
الالتزامات الغائبة :
- وتحرم المادة (41) من الوثيقة المؤقتة كل مظاهر وأشكال العنف الموجه ضد الأطفال، وتطالب بوضع قوانين على صعيد المجتمع المحلي لتعزيز نظم الوقاية من العنف والحماية منه. والمتأمل في هذه المادة يجد أنها يمكن أن تستخدم في منع الوالدين من حق تأديب أطفالهم باعتبار أن ذلك التأديب يدخل في باب العنف الموجه لهؤلاء الأطفال تمهيداً لإعطائهم حق طلب إنزال العقوبة بالوالدين أو توفير أسرة أخرى لهؤلاء الأطفال أسوة بما يجري حالياً في المجتمعات الغربية.
- وحين تتحدث المادة (45) عن "ضرورة إيجاد حلول شاملة لمعالجة المشكلات التي تدفع الأطفال إلى العمل وإلى العيش في الشوارع، وتنفيذ برامج وسياسات مناسبة لحماية أطفال الشوارع وتأهيلهم ودمجهم في المجتمع مرة أخرى"، لم تلزم هذه المادة الدول الصناعية الكبرى بالتزامات مالية محددة لمساعدة 250 مليون طفل على مستوى العالم يعانون من العيش في الشوارع والعمل في سن الطفولة.
فالدول الفقيرة التي تعاني من ظاهرة عمالة الأطفال وأطفال الشوارع لا تملك من الموارد ما يمكنها من تبني البرامج والسياسات التي تطالب بها تلك المادة من الوثيقة المقترحة مما يوجب على دول الشمال الغني القيام بمسؤوليتها تجاه دول الجنوب التي يتم استنزاف معظم ميزانياتها لسداد ديونها وفوائدها الباهظة المستحقة عليها لصالح دول الشمال.
- وحين تطالب المادة (46) بـ "تحسين السياسات والبرامج الموضوعة لحماية الأطفال اللاجئين والمشردين داخلياً ، ولرعايتهم ولتوفير الرخاء لهم " أهملت الحديث عن ضرورة الحفاظ على هوية هؤلاء الأطفال الثقافية والدينية، وما جرى من محاولات تنصير الأطفال اللاجئين في ألبانيا وكوسوفا والشيشان من جانب مؤسسات التنصير الغربية لم يعد خافياً على أحد، ولا تشير إليه الوثيقة باعتباره عدواناً على حق هؤلاء الأطفال في الحفاظ على عقيدتهم وهويتهم.
- وتشير المادة (50) إلى "ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع انتقال فيروس نقص المناعة الإيدز من الأمهات إلى أطفالهن وفيما بين المراهقين"، وتتغافل عن الدعوة إلى الالتزام بقيم العفة ، وعدم ممارسة العلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج الشرعي ؛ باعتبار ذلك الضمانة الأساسية لوقف الإصابة بالإيدز وانتشاره وانتقاله من الأمهات المصابات إلى أطفالهن ، خاصة وقد ثبت أن إجراءات الوقاية التي تعتمد على الأساليب الطبية وحدها عجزت عن وقف انتشار المرض .
- والوثيقة حين تتحدث عن دور المراهقين في الدعوة إلى السلام العالمي لم توضح كيف يتم ذلك تجاه الدول التي تقوم باحتلال أراضي الغير بالقوة كما هو الحال بالنسبة لـ " إسرائيل " ؟! وكيف يكون هناك سلام بين الجاني والمجني عليه؟! وأغفلت الوثيقة تماماً الإشارة إلى أن النضال من أجل تحرير الأراضي المحتلة هو حق مشروع للشعوب كما ينص على ذلك القانون الدولي.
- وتعتبر الوثيقة المقترحة الزواج المبكر نوعاً من أنواع العنف ضد الفتيات ، وضرورة منع هذا النوع من الزواج الذي يعتبره الإسلام أمراً مرغوباً فيه لتحصين الشباب ضد الانحراف. وفي الوقت الذي تعلن فيه المنظمات الغربية العلمانية الحرب على الزواج المبكر فإنها تدعو إلى حق المراهقين في ممارسة الجنس وتعتبر ذلك حقاً أساسياً من حقوقهم ، وهي بذلك ترفض ممارسة الجنس في إطار الزواج الشرعي الذي يحفظ حقوق الفتاة ، وتبيح هذه الممارسة ذاتها خارج النطاق الشرعي !!(49/10)
وتسعى تلك المنظمات الراديكالية إلى أن تكون الوثيقة المزمع التوصل إليها خلال القمة العالمية للطفولة إلى جعل تلك الوثيقة ملزمة لدول العالم عند وضع السياسات والاستراتيجيات المستقبلية حول الطفولة ، وبذلك تحقق هدفها البعيد في جعل أفكارها بمثابة المرجعية القانونية لكل الدول ، وهي مرجعية يراد لها أن تكون أعلى وأرسخ من الدساتير الوطنية.
ثم ماذا بعد ذلك؟
والسؤال الذي يفرض نفسه أمام هذا الاجتياح المنظم لثقافات وخصوصيات شعوب العالم تحت ستار دعم وإقرار حقوق الإنسان هو: ماذا بعد ؟ وما هو دور البلاد الإسلامية حكومات وشعوباً في وقف هذا الغزو والاجتياح ؟
والإجابة تتطلب تحركاً فاعلاً من جانب الحكومات والمنظمات الأهلية غير الحكومية داخل بلدان العالم الإسلامي من أجل التواجد المثمر داخل تلك المؤتمرات الدولية التي تتم تحت مظلة الأمم المتحدة حتى لا يتم السماح بتحويل القيم الإباحية إلى بنود ثابتة في مواثيق المنظمة الدولية .
وفي المرحلة المقبلة تقع مسؤوليات إضافية على المؤسسات والمنظمات الإسلامية وفي مقدمتها منظمة المؤتمر الإسلامي ، والمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة ، ورابطة العالم الإسلامي ، واللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل التابعة للمجلس الإسلامي العالمي. وفي مقدمة هذه المسؤوليات إعداد شخصيات مؤهلة شرعياً وعلمياً للمشاركة في هذه المؤتمرات لإجهاض كل محاولات تمرير البنود التي تدعو للإباحية وتتصادم مع الإسلام ، وحسناً فعلت اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل التي شاركت بفاعلية في مؤتمرات الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة ، واستطاعت بالتنسيق مع الوفود النسائية للدول الإسلامية والمنظمات النسائية المسيحية المحافظة إبطال عدد من البنود الإباحية التي تضمنتها الوثيقة العالمية حول المرأة ، ومن المأمول أن يستمر الدور الإسلامي من خلال اللجنة والمنظمات الإسلامية المماثلة في إسقاط مخططات المنظمات الغربية الإباحية خلال مؤتمر القمة العالمية للطفولة القادم.
وتتطلب المواجهة مع تيار الغزو الثقافي الغربي تفعيل دور القنوات الفضائية المملوكة للعرب والمسلمين في توعية المشاهدين بأخطار منظومة القيم الغربية على مسيرة الإنسان المعاصر عامة وعلى المسلم خاصة، وكشف الدور المشبوه للمنظمات النسوية الغربية التي تتستر خلف حقوق المرأة والطفل لفرض قيمها المنحرفة على شعوب العالم.
ــــــــــــــــــ
مليون عراقية يعانين من العزوبة !
... دمشق ـ نشرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية إحصاءات أفادت أن مليون امرأة تتراوح أعمارهن بين 35و45 عامًا لم تسنح لهن فرصة الزواج بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة نتيجة الحظر المفروض على العراق منذ أحد عشر عامًا.
وحذرت الوزارة من (( تزايد حالات الطلاق )) موضحة أن العام الماضي شهد ألفي حالة طلاق مقابل 1750 زواج.
هذا ويشهد المجتمع العراقي ظاهرة انتشار مكاتب الزواج ، ومهنة الخاطبات كما أوضحت صحيفة الرافدين العراقية أمس. وقد دعت لجنة الشؤون الدينية والأوقاف في أحد المجالس المحلية إلى إلغاء مكاتب الزواج غير المرخصة، بسبب ((السلبيات الحاصلة في تلك الزيجات ، وتبعاتها المختلفة على المجتمع)).
يذكر أن السلطات العراقية حضت في الشهور الماضية الشباب على الزواج المبكر ، مبدية استعدادها لتقديم تسهيلات لتخفيف الأعباء الاقتصادية للزواج.
ــــــــــــــــــ
كيف نربى أبناءنا?
كتاب يجيب عن السؤال المتحدى:
كيف نربى أبناءنا?
محمد حسن رقيط
دار ابن حزم .. بيروت 1997
المحب لمن يحب مطيع: قاعدة ذهبية فى التربية ينبغى على الوالدين والمربين استيعابها وتطبيقها.
الزواج المبكر للشباب واستثمار وقت فراغهم فى الأنشطة والهوايات النافعة والصحبة الصالحة مفاتيح ضرورية للتربية الصالحة
العقوبة الهادفة فى الإسلام تكون مصحوبة بالرحمة والشفقة وتضبطها ضوابط الشرع
التربية الأخلاقية ثمرة من ثمرات التربية السليمة الصالحة
كيف نربى أبناءنا تربية صالحة? سؤال يضع الآباء والمربين أمام مسؤوليتهم الكبرى التى ألزمهم الله بها فى قوله تعالى: يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة .
إذا كانت التربية الصالحة هى الأساس المتين فى بناء الفرد الصالح والأسرة السليمة والمجتمع الفاضل , وإذا كان المربون والآباء يواجهون حربا إعلامية ضارية ومؤثرات مجتمعية وفكرية داخلية وخارجية جديدة تعرقل مسيرة التربية الصحيحة, فإن هذا الكتاب يضع أيديهم على مفاتيح النجاح فى أداء هذه الأمانة, وبعيدا عن التقليد الأعمى للمناهج الغربية وما تبثه من سموم أخلاقية ودينية تبقى العودة إلى معين التربية الإسلامية المستقاة من المنهج الإسلامى الذى يتميز بالشمول والتوازن والواقعية ووحدة التلقى هى الخيار الأمثل أمام الآباء والمربين للوصول بأبنائهم إلى شاطئ السلامة والأمان.
التربية فى الإسلام
حول هذا المفهوم يتحدث الكاتب قائلا : التربية فى المفهوم الإسلامى هى عملية بناء ورعاية وإصلاح للنشء وتنمية لقواه الدينية والفكرية والخلقية تنمية متسقة متوازنة, وهى بهذا فريضة إسلامية وأمانة فى أعناق الآباء والمربين لايجوز التخلى عنها.
قال بعض أهل العلم: إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده, ووصية الله للآباء بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم.
صفات المربى
وقد أكد علماء التربية أن أكثر من 90% من تربية الطفل تتم فى البيئة الأولى التى تعيش فيها ( الأسرة ), وهذا يستلزم توافر بعض الصفات الجوهرية فيمن يتصدى لمسؤولية التربية والتعليم أهمها:
- اختيار الزوجة ومن ثم الأم الصالحة للولد, واتباع السنة فى المعاشرة الزوجية.
- اتباع السنة فى استقبال المولود والرضا بقسمة الله من الذكور أو الإناث, واختيار مرضعة صالحة له إن فقد أمه.
- أن تتعهد الأم طفلها بالرعاية والعطف والحنان خاصة فى مرحلة المهد والطفولة المبكرة.
- تعليمه كتاب الله وما يلزم من العلوم الدينية والدنيوية.
- تدريبه على أداء الفرائض والعبادات من صوم وصلاة وغيرها.
- العدل بين الأبناء مما يورث المحبة والثقة بين أفراد الأسرة.
- تعليمه آداب الاستئذان فى الدخول على الوالدين فى الأوقات التى حددها القرآن الكريم.
- تخير الصحبة الصالحة للأولاد حماية لهم من الانحراف, وتوفير أسباب اللهو المباح والأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية التى تفيدهم وتستثمر طاقاتهم ووقتهم بصورة إيجابية.
- تعويدهم الصدق وحسن الخلق وتدريبهم على الآداب الاجتماعية, كما وردت فى السنة (المجلس/ النوم/ معاملة الوالدين والأخوة والجيران..).
- تلقينهم كلمة التوحيد قولا وفهما وغرس محبة الله ورسوله فيهم منذ الصغر.
- تلقينهم أحكام المراهقة والبلوغ وأحكام الطهارة من غسل ووضوء, وهو جانب مهم فى التربية الشاملة, ومنها التربية الجنسية التى تستوعب الإنسان فى كل جزئيات حياته.
انحراف الأبناء
وقد يفاجأ الوالدان بجنوح أبنائهما وتمردهم على الطاعة وعلى القيم والأخلاق التى غرسها فيهم الوالدان, وبالبحث عن أسباب ذلك تبين أن منها:
- الفقر والحاجة إلى التقليد والأشباع بأية وسيلة.
- إهمال النفقة على الأولاد أو التقتير عليهم.
- النزاع والشقاق بين الوالدين أمام الأبناء.
- حالات الطلاق وما يصاحبها من ضياع الحقوق وتشرد الأبناء.
- الفراغ الذى يقتل الأطفال والمراهقين فيلجؤون إلى ملئه فى رفقة السوء بعيدا عن رقابة الوالدين.
- سوء معاملة الوالدين للابن وإهمال تربيته, وتفريطهم فى الأمانة.
إياكم والأخطاء التربوية
من الأخطاء التربوية الخطيرة التى يقع فيها بعض الآباء والمربين وتهدد استقامة أبنائهم وشخصيتهم وصلاحهم:
* تحقير الولد وتعنيفه أمام الرفقاء.
* التدليل الزائد والتعلق المفرط بالولد وإهمال تربيته فى الصغر.
* عدم السماح للولد بمزاولة الأعمال والأنشطة التى أصبح قادرا عليها.
* عدم العدل بين الأبناء واحتقارهم والسخرية من حديثهم.
* فعل المنكرات أمام الأولاد مما يجعل الوالدين والمربين قدوة سيئة.
التربية بالحب
ينصح الكاتب الآباء والمربين بالتربية من خلال الحب .. فتبادل الحب بين الطرفين يضمن للمربى الاستجابة لتوجيهاته دون ضغط على الولد أو إكراه ; لأن المحب لمن يحب مطيع .
ولكى يؤتى الحب ثماره التربوية لا بد أن يتحرك فى إطار ضوابط محددة حتى لا يميل إلى الإفراط أو التدليل.
فإذا توافر الحب بين الوالدين والأبناء استطاعا توجيه سلوكهم وتقويم اعوجاجهم أولا بأول وتحصينهم من الانحرافات الخلقية والمخاطر الصحية (الزنا/ اللواط/ العادة السرية) بالتربية الصحيحة علي قاعدتى الإيمان والأخلاق, وتيسير سبل الزواج للشباب وملء فراغهم بالأعمال النافعة التى تستثمر الوقت.
العقوبة الهادفة
إلا أن حب الوالدين لأبنائهما لا يمنع وجود الحزم وأحيانا الشدة فى مواجهة الأخطاء والسلوكيات المرفوضة من قبل الأبناء, وهنا تلعب العقوبة الهادفة الموجهة دورها فى الإصلاح بشرط أن تحاط بسياج من الرحمة والشفقة تكون منضبطة بضوابط مشروعة من التدرج بالعقوبة من الأخف إلى الأشد تبعا للخطأ وطبيعة الولد نفسه: النصح,الإرشاد,التنبيه, الإعراض, التعبيس, الزجر, الهجر, التوبيخ , الضرب, وهو المحطة الأخيرة فى مسلسل التربية والتقويم, ويستحب التلويح بالضرب وتعليق العصا على الجدار ليراها الأولاد فيتحقق الردع والزجر دون ضرب.
للبنات فقط
حث الرسول صلى الله عليه وسلم على تربية البنات بصفة خاصة فقال: ما من مسلم يكون له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه - أو صحبهما - إلا أدخلتاه الجنة.
فقد كرم الإسلام الأنثى وجعل اسمها مقدما على اسم الذكر, فقال تعالى: لله مافى السموات والأرض يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور . أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير [الشورى: 49 - 50] ووضع لها من الأحكام ما يحفظ لها كرامتها ومكانتها فى الأسرة والمجتمع, ومن ثم كان تشريع الحجاب للنساء, وتجنب الاختلاط بالأجانب, واستحباب تدريب البنات على الحجاب صيانة لهن وحفظا لعفتهن.
وطالب التشريع الإسلامى الوالدين بالعدل بين أولادهما فى العطاء والهبة والوصية, وفى المعاملة بغض النظر عن كونهم إناثا أو ذكورا.
ــــــــــــــــــ ...
المركز العالمي لأبحاث الإيمان ـ إختتام الندوة الدولية
... اختتمت الندوة الدولية الثالثة التي نظمها المركز العالمي لابحاث الإيمان اعمالها فى الخرطوم واصدرت عددا من التوصيات حيث أكدت على ضرورة الربط
بين العلوم الشرعية والعلوم التجريبية والمعارف الحديثة وتأصيل وتطوير المناهج العلمية في التعليم.
ونادت التوصيات بضرورة ان يكون الخطاب الإسلامي متنوعا في الموضوعات والمنهاج الدعوى والوسائل واعداد وتدريب وتأهيل الكوادر لاعداد الخطاب الاسلامي بالاضافة الى الاعتماد على القرآن الكريم والدعوة إلى تأصيل العلوم الطبيعية والبحث في الكيفيات والمقاصد.
وطالب المشاركون في الندوة بالتصدي لخطر العولمة ومواجهة تيارها الجارف وتطوير مجال التعليم حتى يتلاءم مع المتغيرات العالمية ودعوة الاجهزة الاعلامية المختلفة ، وعدم الترويج لمفاهيم مخالفة للشرع.
وحث المشاركون ـ العلماء والباحثين على البحث في اسرار ونواميس الكون و ضرورة الاهتمام بالاسرة ، وترشيد مشاركة المنظمات النسائية في مؤتمرات المرأة العالمية والسعي لحل قضايا الشباب وتيسير الزواج المبكر ، وتشجيع المقدمين عليه .
واوصت الندوة بضرورة الإلتزام بالجوانب الإخلاقية عند التعامل مع الهندسة الوراثية وربط مفهوم اصحاح البيئة بمفاهيم المنهاج الإسلامي والإهتمام برعاية الإطفال وان تعمل الدولة بكافة اجهزتها على محاربة التدخين وتعاطي التمباك ، وضرورة الوقوف عند اسهامات العرب والمسلمين في الطب الحديث
ــــــــــــــــــ
... أسرتي غير ملتزمة ووالدي السبب فكيف أتعامل معهم؟ ... 110319 ...
السؤال
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أعاني من أن أسرتي: لا تطبق الشريعة الإسلامية في جميع تصرفاتها، مثلاًَ: مشاهدة محطات الأغاني على التلفاز، و متابعة آخر أخبار الفنانين والفنانات، ومتابعة البرامج التافهة: كسوبر ستار، وستار أكاديمي.
وقد حاولت مراراًَ نصيحتهم ومنعهم من هذه التصرفات، ولكنني لم أفلح! تكلمت مع والدي في هذا الموضوع، إلا أنه لم يوافقني الرأي! و قال لي لا تشاهدها أنت ودع إخوتك وشأنهم، مع العلم أنني الشاب الوحيد في المنزل.
كما أن أختي التي تصغرني بأربع سنوات، تظهر في الطريق بدون حجاب، وتتبع الموضة في لباسها، وقد تكلمت مع والدي في هذا الموضوع أيضا، ولكنني لم أفلح!
وقد أصبحت أخواتي يحاولن غيظي عندما أكون جالسا معهم، كأن يضعوا محطة تعرض إحدى العاهرات و هي تغني وترقص، أو أن يضعوها على إحدى المنافقات التي تدعي التنبؤ بالمستقبل تحت اسم برجك اليوم.
وهأنا اليوم أقف عاجزا، لا أستطيع فعل أي شيء! فوالدي لا يستمع إلي؛ لأنه يحب الجلوس أمام التلفاز على قنوات الأغاني، و بخاصة الأجنبية منها، كما أن أمي و أخواتي يقفون بصف والدي.
رجاء أرشدوني ماذا أفعل؟ مع العلم أنني بينت لأسرتي أن تلك التصرفات حرام، إلا أنهم لم يرتدعوا، كما أريد أن أحيطكم علماًَ بأن والدي من النوع سريع الغضب، ولا يستطيع أحد مناقشته في أمر كهذا؛ إذ سرعان ما يغضب، فالرجاء أن ترشدوني، ما الحل برأيكم؟!
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ elar87 حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن من يتأمل هذه الكلمات التي ذكرت فيها حالك مع أهلك، تبين له المدى الذي تعانينه من أحوالهم، والألم الذي يعتصر قلبك مما هم عليه، ومع هذا أيضاً، فإننا نجدك -بحمد الله تعالى- صابراً ثابتاً على دينك، بل وداعياً إياهم لطاعة الرحمن جل جلاله.
فشدة ما تعانيه لم تجعلك بحمد الله مفرطاً في دينك، وقسوة ما تلاقيه لم تغير من صلابتك على طاعة الله، فهنيئاً لك الأجر والمثوبة من الله تعالى، فإن الله لا يضيع أجر المؤمنين الصابرين، كما قال تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} وثبت عن البني صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن من ورائكم أيام الصبر للعامل فيهن أجر خمسين منكم) قالوا: منهم؟ قال: منكم) ثلاث مرات، أخرجه الطبراني، فهذه هي أيام الصبر التي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيها: (يأتي على الناس زمان الصابر فيه على دينه كالقابض على الجمر) خرجه الترمذي.
والمقصود أن الحل في ما تراه وفي كل ما تجده هو الصبر، نعم الصبر الذي سوف يأتيك بكل خير، وبكل فلاح إن شاء الله تعالى، فلا بد من الصبر على الأذى الذي تجده من أهلك وأنت تدعوهم إلى الله، كما قال العبد الصالح: (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور).
فهذه الآية الكريمة، هي خير جواب لسؤالك، فلا بد من الصبر على دعوتهم إلى الله تعالى، ولا بد أيضاً من تحمل الأذى الذي قد ينالك، سواء كان أذى نفسياً أو غيره، بل إن صبرك أنت على طاعة الله، وإعطائهم المثال الطيب للشاب بالمؤمن هو من دعوتهم إلى الله تعالى، وهو أسلوب القدوة الذي يدل الناس على الهدى بعمله قبل فعله، وبثباته على دينه، وحسن تمسكه به .
وأما عن النصائح الخاصة بعد هذا الإجمال الذي أشرنا إليه، فإننا ننصحك بالآتي:-
1- أن تتجنب الصدام العنيف مع أهلك، بل حاول أن تدعوهم بالرفق والحسنى، وخاصة والديك، فحاول أن تكون دعوتك إياهم بأسلوب الابن الناصح الشفوق، الذي يحرص على هدى والديه دون أن يريهما منه كلمة سوء أو كلمة عقوق وظلم.
2- عليك أن تنتبه إلى ضرورة اختيار الأوقات المناسبة لدعوة أهلك، فمثلاً عندما تخلو بأمك لوحدكما في وقت ما، فحاول أن تعبر لها عن حبك ومشاعرك تجاهها، ثم بعد ذلك ادخل عليها مدخلاً لطيفاً، بأن تبين لها مدى حرصك على طاعة والديك، وأنك تود لو أنهما كانا أكثر حرصاً على الدين، وخاصة في الأمور التي تتعلق بالأثر السيء في تربية أخواتك، كمشاهدة الأفلام الهابطة والبرامج السخيفة التي تدعو للرذيلة، مع إيضاح أنك على ثقة بأخواتك، ولكن تود لو كنّ أكثر احتشاماً واحترازاً.
ومن المداخل اللطيفة أيضاً، أن تبين لها شعورك بالضياع داخل الأسرة، وأنك لا تجد أحداً يتفهمك، وحتى أمك نفسها، تقف في معارضتك دون أن تحاول مساعدتك فيما تدعو إليه من الخير، فمن العبارات المؤثر مثلاً (من يقف معي يا أمي إن لم تقفي معي؟!) (من يفهمني إن لم تفهميني) فنحو هذه العبارات لا بد من أن تترك أثرها البين في نفس والدتك إن شاء الله تعالى.
وأما أخواتك فإن طريق دعوتهن، إنما بمحاولة إهدائهن الأشرطة الإسلامية الجذابة، لا سيما أشرطة المحاضرات التي تذكر بالله، وبالجنة والنار، ونحو ذلك، أو عن طريق الكتيبات الإسلامية النافعة، وأما النقاش معهن، فهذا يحتاج منك أن تتخير من تصلح لذلك، ومن هي أقرب للاستجابة من غيرها .
3- عليك مع هذا كله، أن تحافظ على صحبة الأخيار من الإخوة الصالحين، فإذا كان وضع البيت على هذا النحو، فإن صحبة الأخوة الصالحين تعوضك شيئاً مما تفتقده داخل بيتك، وقد أخرج أبو داود في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) وقال تعالى: { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين }.
4- مما ينبغي أن تهتم به، هو محاولة بناء نفسك دراسياً ومادياً، حتى تصبح لديك القدرة على الزواج المبكر، الذي سيعينك على الخروج من كل هذه الأوضاع، فالسعي في إنشاء البيت المؤمن المبني على طاعة الله، يحتاج منك إلى تهيئة مبكرة لذلك، فلا بد من أن تضع ذلك نصب عينيك وأن تهتم به كثيراً .
5- وأخيراً فإننا نوصيك بالدوام التضرع إلى الله تعالى والاستعانة به، ودعائه ليثبتك ويهديك، وليشرح صدور أهلك جميعاً لطاعة الله تعالى، فإن الدعاء سلاح المؤمن، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الدعاء هو العبادة )ثم قرأ {وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}.
ونسأل الله لك الثبات على دينه، والعمل بكل ما يرضي الله تعالى، وأن يهدي أهلك جميعاً، وأن يردهم للحق رداً جميلاً .
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ــــــــــــــــــ
... هل أبادر بالزواج ... 2373
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أرسل لسيادتكم استشارة فى موعد زواجى حيث أنى خاطب ودائماأقع فى المحظور وقد ارسلت لسيادتكم من ذى قبل وتكرمت بالرد بأنى أسرع بالزواج وقد فكرت فى ذلك ولكن الشى الذى أخرنى هو أن خطيبتى تتدرس بالسنة الثانية بالجامعة فانى أخشى أن أقوم بالزواج وتهمل هى فى دراستها فانا فى حيرة هل من المعقول أن انتظر سنتين أم أتوكل على الله وأتزوج لكى أعف نفسى وموضوع تكملة الدراسة يجى براحته وأنا خايف من التجربة خاصة لو أكرمنى الله وأصبحت حامل.
فارجو ن سيادتكم نصيحتى وإفادتى فى هذا الامر
ولكم جزيل الشكر
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل / سامح حفظه الله .
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته وبعد ،،،
كل عام و أنتم بخير.
أخي السائل : اعلم أن حاجة الشباب إلى الزواج حاجة ملحة ، وإشباع الغريزة الجنسية مثل إشباع دافع الجوع والعطش ، والزواج المبكر فيه سكن نفسي ، وإشباعٌ غريزي ، وإحساسٌ بالنوع ، وشعور بالتكامل والنضج ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإن له وجاء) .
والزواج يعينك على الاستقامة ، وتأخير الزواج يترتب عليه آثار نفسية مدمرة ، ويعرضك للفتن .
واعلم -يا أخي- أنه لا يوجد تعارض بين زواجكما ومواصلة زوجتك للدراسة ، بل هذا يكون لها دافعاً للاجتهاد أكثر ، و حاول أن تتفاهم معها في موضوع الحمل على أن يتأخر سنة أو سنتين حسب موافقتها ، وفقك الله لما يحب ويرضى.
المجيب : ... د/ العربي عطاء الله
ــــــــــــــــــ ...
... أضرار التدخين والعادة السرية
... 3858
السؤال
أرجو إفادتى فى مضار العادة السرية، وهل مضارها مرتبط بالتكرار أم أنه موجود بغض النظر عن التكرار، كما أرجو الإفادة أيضاً فى مضار تدخين الشيشة حيث إنني قد تعودت عليها من فترة طويلة بشكل يومى.
يؤكد الكثير من الأصدقاء أن التدخين لا يضر إلا بالإكثار منه أما إن كان التدخين كعادة بشكل يومي حجر أو اثنين فلا مضار فى ذلك؟
أرجو الإفادة من صحة المعلومة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
مضار صحية ناتجة عنة الإدمان على العادة السرية:
هناك مضاعفات خطيرة تنشأ من التمادي في ممارستها، مثل احتقان وتضخم البرستات، وزيادة حساسية قناة مجرى البول، مما يؤدي إلى سرعة القذف عند مباشرة العملية الجنسية الطبيعية، وقد يصاب بإلتهابات مزمنة في البروستات وحرقان عند التبول، ونزول بعض الإفرازات المخاطية صباحاً، كما قد تسبب الإنهاك والآلام والضعف والشتات الذهني، وضعف الذاكرة والعجز الجنسي, وسرعة القذف، وضعف الانتصاب، وفقدان الشهوة.
يخطئ من يظن أنه بعد الزواج سيتمكن من الإقلاع عن هذه العادة بسهولة, فالواقع ومصارحة المعانين أنفسهم أثبتت أنه متى ما أدمن الممارس عليها فلن يستطيع تركها والخلاص منها إلا بالمعاناة حتى بعد الزواج، بل إن البعض قد صرّح بأنه لا يجد المتعة في سواها حيث يشعر كل من الزوجين بنقص معين ولا يتمكنا من تحقيق الإشباع الكامل، مما يؤدى إلى نفور بين الأزواج ومشاكل زوجية قد تصل إلى الطلاق، أو قد يتكيف كل منهما على ممارسة العادة السرية بعلم أو بدون علم الطرف الآخر حتى يكمل كل منهما الجزء الناقص في حياته الزوجية، فالعادة السرية تعود الألياف العصبية على الهياج اليدوي مما يصعب إرواءها بالهياج العادي خلال عملية الجماع بين الرجل والمرأة.
أما الوقاية من هذه العادة فإليك ما يلي:
1- معاشرة الرفقاء الأتقياء الصالحين والابتعاد عن رفقاء السوء.
2- الابتعاد عن كل المثيرات الجنسية من صور وأفلام وقصص وأشعار وغير ذلك.
3- عدم التعري والجلوس وحيداً.
4- الزواج المبكر.
أما علاج هذه العادة فإليك ما يلي:(49/11)
أولاً : يجب أن نعلم أن الممارس لها يعتاد عليها بل يدمن عليها، ويصعب عليه الخلاص منها، فالتخلص منها ليس بالأمر السهل، و لكنه ليس مستحيلاً، بل يحتاج إلى عزم و إرادة و تصميم.
لا بأس أن نتذكر مدمني التدخين، عندما يريد مدمن التدخين الإقلاع عن هذه العادة يعاني من ذلك فترة زمنية إلى أن يتمكن من الخلاص، كما نلاحظ أنه قد يترك الدخان يوماً كاملاً ثم يرجع إليه، ولكن في المحاولة الثانية للتخلص من الدخان قد يصبر ثلاثة أيام ويرجع، وفي المحاولة الثالثة للتخلص قد يصبر أسبوعاً كاملاً، وهكذا إلى أن ينجح.
إذن على مدمن العادة السرية أن لا يصاب بالإحباط و اليأس، بل يحاول الصبر أكبر مدة يستطيع عليها، فإذا غلبه الشيطان وأوقعه مرةً أخرى فعليه أن يجدد العزم والتوبة من جديد ويطلب من الله تعالى التوفيق ويحاول مرةً أخرى ، وسيرى نفسه قد صبر فترةً أكبر ، ولو أوقعه الشيطان في المعصية مرة ثالثة فعليه أن لا ييأس ويعاود الكرة إلى أن ينجح النجاح التام.
جميل أن نتعلم من الأطفال عدم اليأس ، ألا ترى الطفل كيف يحاول الوقوف فيقع على رأسه ويبكي، لكنه يعيد المحاولة ويقع ويتألم ويبكي، ومع ذلك يحاول مرةً أخرى وأخرى إلى أن ينجح ، فهل عزيمة الأطفال وإرادتهم وصبرهم أكبر من عزيمتك وإرادتك وصبرك ؟؟!!
ثانياً : الزواج ، فلا تفكر في المعصية ، وابحث عن الطريق الحلال ، وإذا تيسر لك الزواج فالحمد لله رب العالمين ، وإذا لم يتيسر لك فعليك بالحل الثالث :
ثالثاً : الإكثار من الصوم .
رابعاً: معاشرة الرفقاء الأتقياء الصالحين والابتعاد عن رفقاء السوء .
خامساً: الابتعاد عن كل المثيرات الجنسية من صور وأفلام وقصص وأشعار وغير ذلك.
سادساً: لا تلجأ إلى الفراش إلا وأنت متعب مرهق.
سابعاً : تجنب التعري و الوحدة .
ثامناً : تجنب الحمامات الساخنة وحاول الاستحمام وأنت على عجل ، مثلاً: قبل الذهاب إلى العمل.
تاسعاً : القضاء على وقت الفراغ بالأعمال المفيدة.
عاشراً: عدم الإكثار من الطعام الذي يزيد في القوة الجنسية.
الحادي عشر: كن على وضوء في كل الأوقات.
الثاني عشر: الابتعاد عن أماكن التجمعات المختلطة كالأسواق وغيرها إلا عند الحاجة ، فإذا أردت الذهاب فاختر الأوقات التي يقل فيها تواجد الزحام والاختلاط ، واختر الأسواق الأكثر حشمة.
الثالث عشر: عدم النوم على البطن ( الانبطاح ) والنوم عاريا أو شبه عارياً أو بملابس يسهل تعريّها .
الرابع عشر : تجنب احتضان الأشياء كالوسادة أو الدمى كبيرة الحجم وغير ذلك.
الخامس عشر : تجنب استخدام الأقمشة الحريرية أو الناعمة في الملابس والأغطية ، فكل ذلك قد يحرك الشهوة عند الاحتكاك.
أضرار التدخين:
إن التبغ يحتوي على 4000 مركب كيماوي ، وكلها ضارة ، منها 500 مركب ضار جداً، و43 مركب يسبب السرطان ، كما أن التدخين يؤدي إلى كثير من الأمراض :
1- 75% وفاة بدون سبب .
2- 78% من الإصابة بجلطات القلب.
3- 70% من الإصابة بالذبحة الصدرية.
4- 68% من سرطان الرئة.
5- 14% من سرطان الحنجرة .
16- 12% من سرطان الفم .
17- 5% من سرطان المثانة .
18- 1% من السرطانات الأخرى .
مزايا التخلي عن التدخين:
1- حياة أطول.
2- زيادة اللياقة الجسمانية.
3- جلد أحلى، وتجعدات وكرمشة أقل.
4- مظهر أفضل ( انعدام بقع النيكوتين ).
5- تصير رائحتك أفضل للآخرين.
6- تتذوق طعامك بطريقة أفضل.
7- نقود أكثر ، و فلوس زيادة ، وغيرها.
الأمور المعينة على ترك التدخين:
1- الاعتماد على الله سبحانه وتعالى والتوكل عليه .
2- الرغبة الصادقة والعزيمة الأكيدة والإرادة القوية في الإقلاع عنه.
3- خطط لطريقة تقلع فيها عن التدخين كأن يكون تدريجياً أو فورياً.
4- أخبر أصدقائك ومن حولك أنك ستقلع أو أقلعت عن التدخين .
6- لا تتردد على الأماكن التي يكثر فيها التدخين .
7- استعمل السواك أو اللبان " العلك " إذا وجدت حنيناً للتدخين .
8- أكثر من شرب الماء والعصير لتخفيف تركيز النيكوتين بالدم .
9- حاول زيارة طبيب مختص تستشيره .
10- غاز ثاني أكسيد الكربون سينخفض من جسمك بعد يومين من الإقلاع عن التدخين .
11- تذكر أنك الآن أقلعت عن التدخين وأضراره وانظر لنفسك أنك شخص غير مدخن.
والله الموفق .
المجيب : ... د. أسعد المصري
ــــــــــــــــــ ...
... مدى نجاح الزواج المبكر ... 24530
السؤال
أنا طالب بالفرقة الأولى لكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وأنا على قدر من التدين ولله الحمد، لكن مشكلتي هي شهوتي العالية جداً ، ولن تحل مشكلتي إلا بالزواج، والحمد لله فنحن عائلة ثرية لكن أحب أن أعرف هل الزواج في هذا السن زواج ناجح أم لا؟ وكيف أختار زوجتي بعقلي لا بشهوتي؟ وكيف أقنع أهلي وأصدقائي؟
أرجو الإفادة والرد سريعاً لأهمية الأمر بالنسبة لي.
وشكراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أسأل الله العظيم أن يطهر قلبك، وأن يحصن فرجك، وأن يحفظك من كل سوء ومكره، وأن ييسر لك الحلال، وأن يصلح لك النية والذرية.
هذه السن التي أنت فيها مناسبة للزواج، لأن الزواج المبكر هو الذي كان عليه سلف الأمة الأبرار الذين فهموا مراد الله في قوله سبحانه : (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ....) [النور:32] ورحم الله ابن مسعود الذي قال : التمسوا الغنى في النكاح، وحتى الفقر ليس عذراً في تأخير الزواج؛ لأن الأرزاق بيد الله، والزوجة تأتي برزقها، والمطلوب من الشباب هو الجدية والسعي في طلب الرزق والرغبة في العفاف، وقد كان لزواجهم المبكر أطيب الثمار، وكان الفرق بين عمرو بن العاص وابنه عبد الله إحدى عشر سنة، وقال الشافعي رأيت جدة عمرها إحدى وعشرين سنة.
ولكننا تخلينا عن هذا الخير في عصورنا المتأخرة، وتشبهنا -بكل أسف- بأعدائنا، وعنهم أخذنا موضة تأخير الزواج.
وعندما يؤخر أولئك القوم الزواج فعندهم أبواب للحرام ووسائل لتصريف الشهوات، وكلها مما يغضب الرحمن والعياذ بالله، وقد دفعوا ثمن ذلك أمراض وعلل لم تكن في الأسلاف السابقين، وكان نتيجة ذلك الفساد والتفكك والانحلال .
وديننا العظيم يحرم علينا السير على دربهم والتشبه بأفعالهم، ولا يملك الشاب المسلم إلا أن يسلك سبيل العفاف والطهر، ويجتهد في الصوم ويشغل نفسه ووقته بالمفيد؛ حتى ييسر الله له أمر الزواج، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يكاثر بنا الأمم يوم القيامة، فعلينا أن نكثر أعداد الموحدين.
وأنت ولله الحمد من أهل الغنى واليسار، فسارع إلى الزواج، واظفر بذات الدين، وسوف تكون أسعد الناس بذريتك، وسوف تجد الاستقرار في حياتك وفي طلبك للعلم أيضاً، واحرص على حسن الاختيار، ورحمة الله على الإمام أحمد الذي أرسل إحدى قريباته لتخطب له، فجاءت وقالت له: وجدت فتاتين إحداهما بارعة الجمال ضعيفة الدين، والثانية صاحبة دين ومتوسطة الجمال، فقال رحمة الله عليه: أريد صاحبة الدين متوسطة الجمال، فعاش معها ثلاثين سنة، وقال: والله ما اختلفنا في كلمة.
واعلم يا بني أن الجمال الظاهري عمره محدود بسنوات قليلة، لكن جمال الدين والأخلاق يلازم صاحبه في الحياة ويفيده بعد الممات، وعليك أن ترجح جانب العقل لأن رحلة الحياة الزوجية طويلة وتمتد بالأخيار إلى الدار الآخرة ((والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم)) [الطور:21].
وأرجو أن تطرح الأمر على والديك إما مباشرة أو عن طريق شخص مطاع في الأسرة، وقد يساعدك إمام المسجد أو من يثق فيه أهلك من الأفاضل، أما الأصدقاء فأرجو عدم الالتفات لتعليقاتهم، بل ونحن نرجو أن تكون لهم قدوة حسنة للسير على طريق العفاف، فسارع بطلب الحلال، وابتعد عن الخنا والحرام ، وتذكر أن الله قال في كتابه يمدح الأخيار : (( والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)).
أسأل الله لك دوام التوفيق والهدى والرشاد ، والله الموفق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ــــــــــــــــــ
...
... لقد ابتليت بمصيبة مشاهدة الصور والأفلام الخليعة ... 227227 ...
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
أما بعد:
فقد ابتليت بمصيبة، وهي مع أنني أقرأ القرآن، وأصلي، وأدعو الله أن يعصمني من الذنوب والمعاصي، وأن يثبث قلبي على دينه، إلا أن نفسي الأمارة بالسوء لا تتركني بخير حتى أرى صور وأفلام الخلاعة، ولكن مع الغواية، وأثناء المشاهدة أستغفر الله، وأسأل الله أن يجعل لي مخرجا! فما هو الحل- مع أنني أصارع نفسي، ولكنها تصرعني من حين إلى آخر - حتى لا أتصف بالنفاق، وخاصة أنني أنصح الناس بعدم متابعة المحرمات؟
كذلك أشك بأن سبب ذلك هو تلبس جني أو شيطان بي؛ فكيف أعالج نفسي من هذا البلاء؟ أرجو منكم الإجابة في أقرب وقت! وأسألكم الدعاء منكم، ومن العلماء الأجلاء!
وجزاكم الله خيرا!
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إلياس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فلا ريب أن أعظم المصائب هي المصيبة في الدين، فإن العبد وإن كانت دنياه موفورة، إلا أنه إن اختل نظام دينه فقد وقع في أعظم بلية، وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا تجعل مصيبتنا في ديننا) فإن المصيبة في الدنيا – وإن عظمت – فلا وجه للمقارنة بينها وبين التي في الدين، وقد أحسن من قال:
لكل شيء إذا ضيعته عوضٌ
وما من الدين إن ضيعته عوض
وأما ما أشرت إليه – أخي الكريم – من أنك تقترف مشاهدة الأفلام الساقطة الإباحية، فلا ريب أن هذه بلية عظيمة – والله – ونحن يا أخي نشير عليك بما يعينك على ترك هذا الأمر العظيم – أعاذنا الله وإياك منه:
أولاً: عندما تشاهد هذا الفجور وهذه الخلاعة وتنظر إليها بعينك، ويهتز لها وجدناك، فنسألك أخي: أين الله؟ أين الله؟
أين أنت من الله وهو يبصرك بعينه وأنت تطالع ما يغضبه؟ تنظر إلى غضب الله بعينيك، وعينُ الله تبصرك، وملائكته الذين عن يمينك وشمالك، وقد ضبطوا عليك كل حركة، وكل فعلة {وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون}.
أخي، أين حياؤك من الله وأنت ترى هذا الذي يستحي الإنسان من ذكره؟ استمع إلى كلام النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (استحيوا من الله حق الحياء).
أخي الكريم: إن مما يعينك على نبذ هذا البلاء، وحفظ نفسك من هذا الوباء، أن تسأل نفسك: هل تحبين أن يطلع عليك أحد وأنت تقترفين هذا الأمر؟ فالجواب (لا) فالسؤال بعد ذلك: فكيف جعلت الله أهون الناظرين إليك، حتى أنك تمتنعين من هذا أمام الناس، وتفعلينه أمام رب الناس؟! قال تعالى: {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطاً}.
فهذا هو دوائك العلمي -أخي الحبيب- وقد آثرنا أن نخاطبك به مواجهة؛ لعل الله أن ينفعنا وإياك به.
وأما ما يجب عليك اتخاذه، فهو جملة أمور:
آكدها هو الإقلاع فوراً وبدون مهلة وتريث عن هذا الأمر الفظيع، فإن التوبة من الذنب واجبة إجماعاً، وتأخيرها هو ذنبٌ آخر، كما هو معلوم عند أهل العلم، قال تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}.
وأيضاً ، فإن الواجب عليك قطع صلتك بكل ما يعين على ارتكاب هذا الأمر، سواءً عن طريق مشاهدة الأفلام أو عن طريق التلفاز، أو شبكة المعلومات الدولية ( الإنترنت)، أو عن طريق مخالطة رفقاء السوء الذين يعينون على معاصي الله -جل وعلا-.
وكذلك أخي الكريم البعد عن مواطن الإثارة، من الاختلاط بالنساء الأجنبيات والنظر إليهن، ونحو ذلك.
واعلم -حفظك الله تعالى- أن أعظم دواء لك بعد التضرع إلى ربك وسؤاله، هو الزواج المبكر.
بل إن حكم الزواج في حقك –عند القدرة من ذلك– هو الوجوب، وقد أجمع الفقهاء رحمة الله عليهم على أن الزواج يتعين على الإنسان ويجب عليه إذا كان يخشى الوقوع في الحرام، فكيف بمن وقع فيه ..؟ وهذا موضح مبسوط في محله.
فإن لم تستطع فحاول أن تشارك في بعض الأنشطة المفيدة، لا سيما حفظ القرآن، ومتابعة المحاضرات الدينية ونحو ذلك، وإن استطعت أن تصوم بعض أيام الأسبوع فهذا مما يُطلب ويُراد، كما ثبت بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم -وهو في الصحيحين- (يا معشر الشباب من استطاع منك الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه وله وجاء).
وقال الإمام القرطبي : (المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة لا يرتفع عنه ذلك إلا بالتزوج، لا يُختلف في وجوب التزويج عليه) أ هـ بلفظه .
ومما يعينك أخي الكريم في هذا الموطن أن تتذكر أنك بين أمرين، إما أن تكون مكتوباً عند الله من أهل العفة والصيانة، وإما -والعياذ بالله- أن تكون في ديوان الفجرة والسفلة، فاختر لنفسك، فإنها أمانة بين يديك.
وأما سؤالك أنك تشك في تلبس جني بك ونحو ذلك، فإن هذا مما لا يمكن الحكم عليه من خلال نحو هذا السؤال، والظن أخي الحبيب أن هذه حيلة من حيل الشيطان؛ ليوهمك أنك إنما تقوم بهذه الأعمال بالإكراه دون اختيار منك، ليزيدك غياً ويلبي أمرك، بل إن هذا إنما هو إحدى النتائج التي يوقع فيها حضورك مثل هذا الأفلام، فلا ريب أن الإنسان إذا اقترف ما أشرنا إليه من هذه الأفعال، لا ريب أن جلسائه هم أعوان إبليس وجنوده، وأما ملائكة الرحمن فمواطنهم مواطن الطاعات والخيرات.
نسأل الله تعالى أن يعينك على نبذ هذه الأفعال وطرحها وراء ظهرك، وأن يغض بصرك ويحصنك، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
{واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله تم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون}.
والله الموفق.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ــــــــــــــــــ
... أعيش في صراع فكل سبل الضلال مفتوحة وبشدة ... 227060 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
أولا - جزاكم الله كل الخير على هذه الخدمات المقدمة في هذا الموقع!
أما بالنسبة لسؤالي :
فأنا شاب أنعم علي الله بنعمة الالتزام - إن صح التعبير - منذ بداية حياتي، فنشأت في بيئة ملتزمة، وأنعم الله علي أيضا فكنت من الأوائل على مستوى مدينتي، حصلت على الشهادة الثانوية بتفوق، ودخلت كلية الطب وكلي أمل بالمثابرة والتفوق، ولكنني فوجئت بهذا المستوى الأخلاقي المنحط المنتشر بين الطلاب: من انفتاح يصل أحيانا إلى مستوى سيء جدا؛ فعزمت أن أتجنب النزول إلى الكلية قدر المستطاع، وفعلا مرت السنوات الأولى بشكل جيد، وتابعت الالتزام بالعلم الشرعي بجانب كليتي، والحمد لله قطعت شوطا كبيرا في هذا المضمار!
ولكن وضع الدراسة جعلني أحتك أكثر بالطلاب، وعندها بدأت قصتي مع فتاة تحمل صفات الالتزام، وبدأت أتقرب منها تدريجيا على نية أنني سأخطبها، لكن كان وضعي في ذلك الوقت لا يسمح لي؛ فأنا ما زلت أعتمد على والدي كل الاعتماد، فما كان لي إلا أن أنتظر حتى كانت بداية السنة الأخيرة، ففاتحت أهلي بالموضوع، وذهبوا لرؤية الفتاة، لكن لا أعلم ما الذي حدث! أخواتي لم يعجبهن شيء، بحجة أنني سأحصل على أفضل فتاة إن تخرجت! وعلمت أن أبي سمح لهن بالذهاب ريثما أتخرج، وبعدها يتفاهم معي.
وفي هذه الفترة بدأت علاقتي تشتد بشباب غير ملتزمين، لكنهم وضعوا خطوطا حمراء في المعاملة معي؛ فهم يعلمون أنني لا أقبل منهم أي صغيرة، ومرة ذهبت إلى بيتهم، وبالصدفة فتحت حهاز الكمبيتر؛ فوجدت صورا ومقاطع إباحية، لا أدري ما الذي جرى! فأنا بعمري لم أنظر إلى مثل هذه الصور، حتى إنني لم أفهمها، مع أنني طبيب؛ فأغلقت، ويدي ترجف! ولكن علق في ذهني أحد العناوين، وصرت بعدها كلما أدخل إلى الإنترنت، لا أمتلك نفسي، فأفتح هذا العنوان، والعنوان يجر آخر!
وبدأت أعيش صراعا حقيقيا مع نفسي، أعلم أن الله يراني، ولا أستحي، فعلمت أنني أصبحت بعيدا كل البعد عن الله، فأنا أكلم فتاة ملتزمة (ولكن لم أكلمها أبدا أي كلمة تخل بالأدب) دون أي رابط شرعي، وأنظر إلى ما حرم الله، وعزمت أن أصلح من نفسي، فكلمت الفتاة أننا نعصي الله إذا استمررنا على هذا الحال؛ فعزمنا أن نقطع كل شيء حتى نتخرج، ونتحاشى أن نرى بعضنا أبدا، وفعلا كان هذا، ومرت أشهر كثيرة دون أن أراها!
ولكن المشكلة الثانية أني لم أستطع التخلص منها، وعشت في صراع مع نفسي مرير، كل سبل الضلال مفتوحة وبشدة، حتى هبط مستواي الدراسي والشرعي هبوطا شديدا! ومرت السنة الأخيرة، والحمد لله تخرجت، لكن بصعوبة! وعدت وفتحت الموضوع مع أهلي؛ فكانت ردة فعل والدي عنيفة؛ فهو يريدني أن أنتظر حتى أكون نفسي، وأنه سيختار لي أجمل فتاة، وأصغر سنا، وطرقت معه كل باب دون فائدة! لا أدري ماذا أصنع معه! هل أحاول أن أتزوج وحدي؟ لكنني لا أملك شيئا، وإلى الله المشتكى!
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ zh حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
قال تعالى: {الله لطيفٌ بعباده}.
فالحمد لله على لطفه بك أخي الكريم، والحمد لله على رعايته إياك، وحفظه لك.
فمع أنك قد أخذت في هذه الطريق التي لم تعتد عليها أصلاً، ومع خطورة ما اقترفته، إلا أن الله -جل وعلا- لا زال يأخذ بيدك ويحفظك.
إننا نستطيع -أخي المكرم- أن نتصور مدى الأمواج العاتية التي اضطربت بك في ذلك الحين، وأنت الشاب الذي نشأ في عبادة الله تعالى -كما ذكرتم – ، وإن هذه الأحداث – مع مرارتها وألمها – إلا أن فيها بحمد الله دلالة قوية على نزوعك إلى ربك، ورجوعك إليه، وهو القائل: {ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين} فأنت بحمد الله قد قمت بخطوة هامة، بحيث أوقفت علاقتك مع تلك الفتاة – غفر الله لكما جميعاً – وهذا بحمد الله مؤشر قوي على إرادتك ورفضك لهذا الحال الطارئ الذي لا يرضي ربك، وبالتالي فإنه لا يرضيك.
أخي الحبيب، لقد كنت قد نشأت -كما وصفت حالك- في طاعة الله منذ نعومة أظافرك ، فكنت قد اندرجت في قول سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) وذكر منهم: (شابٌ نشأ في عبادة الله ). أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
فأراد الشيطان – عدو الله – أن يزيل عنك هذا المنصب، وأن يجردك من هذا المقام، فحاول إغوائك والتسلط عليك، كما فعل مع أبويك من قبل ( آدم وحواء ) عليهما السلام، قال تعالى: {فدلاهما بغرور} والمعنى أنزلهما عن رتبة الطاعة ( بغرور) أي بخداع وتحيل، والمقصود أن الله - جل وعلا - بين أن الشيطان ليس بتارك بني آدم وشأنهم حتى يوقعهم فيما يريد من الخسران والهلاك، والمعصوم من عصمه الله تعالى.
والظن بالأخ السائل الكريم أنه وبحمد الله ممن يتفطن لهذه المعاني، فلا يستسلم ولا يتوانى في البدار إلى التوبة النصوح، كيف وقد عود ربه منه الطاعة والإنابة والثبات على ذلك!
والمراد - حفظكم الله تعالى – أنكم قد أحسنتم صنعاً بقطع العلاقة مع الأخت المشار إليها ، وبقي عليكم الجانب الآخر، الذي ربما كان أخطر من الأول، ألا وهو الارتداع عن مقارفة هذه الكبائر العظام، من رؤية هذه المشاهد الساقطة الخليعة، ولا يخفى عليكم ما تتركه من دمار وبلاء على الإيمان والأخلاق؛ بل وعلى الدنيا أيضاً، وليس ببعيد عن تذكرك أخي الكريم مستواك الدارسي الذي تأخر كثيراً ، منذ أن باشرت هذه الأمور وعرفتها، ولو تأملت لوجدت أن شفائك من هذا الأمر مقرون بأمرين اثنين:
الأول: التوجه إلى الله، والاستعانة به، وسؤاله الإعانة على طاعته، والتعوذ من غضبه، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من دعائه: (اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم) وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم أيضاً: (يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك) أخرجه أيضاً مسلم في صحيحه.
الثاني: الزواج، نعم، الزواج المبكر والعاجل، فأنت أخي وإن وقع منك ما ذكرت، إلا أنك وبحمد الله قد عصمك الكريم المنان مما هو أعظم، ولا ريب أن الداء الذي عُرف سببه يسهل علاجه، ودوائك كما لا يخفى عليك هو الزواج، نعم -أخي الكريم- زوجة صالحة تغض بصرك، وتحصنك من الحرام، كما أمر بذلك سيد الأنام صلى الله عليه وسلم (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) أخرجاه في الصحيحين .
وهنا وقفة:
فقد ذكرت بحمد الله تعالى أنك تخرجت وحصلت على الشهادة، ولما طالبت والدك، واجهك بعنف شديد، وطلب منك الانتظار حتى تكوّن نفسك -على حد تعبير السؤال-.
فهذا المقام لا يمكن أن يستبين إلا بمجموع أمرين:
الأول: معرفة حكم الشرع في مثل حالك.
الثاني: معرفة ما ينبغي القيام به بعد ذلك.
فأما الحكم الشرعي، فقد اتفق السادة الفقهاء إجماعاً أن من خشي على نفسه الوقوع في الحرام، أنه يجب عليه أن يتزوج ويحرم عليه تأخير ذلك مع القدرة.
قال الإمام أبو عبد الله القرطبي: (المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة لا يرتفع عنه ذلك إلى بالتزوج، لا يُختلف في وجوب التزويج عليه) أ هـ بحروفه.
ويبقى بعد هذا موقف والدك الرافض أن تتزوج في هذا الحين، فنقول: لا بد من إقناعه من ذلك، والتوسل لذلك بالوسيلة الممكنة، بأن تبين له المدى الذي تعانيه، مع بيان حكم الشرع في مثل هذه الحال، فإن أبي الوالد وأصر إلى عدم الالتفات إلى كلامك، فلا بد من مواجهته من أنك سوف تتزوج لا محالة، لأن هذا مما يتعين عليك ويلزمك، فلا طاعة له في هذا الأمر، بل يجب عدم طاعته فيه، لأن الطاعة إنما هي في المعروف كما ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم .
أخي الكريم، إنك بحاجة إلى وقفة جادة وشجاعة لإتمام هذا الأمر، فإن أمكنك الزواج ولو بالدين فافعل، ولا تتوانى، وكفى ما قد اقترفته في الماضي، ولأن الله قد ستر الماضي، فهل تضمن دوام ستر الله ولطفه في المستقبل؟ تذكر أخي الكريم {ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم}.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ــــــــــــــــــ
... مصاحبة الفتيات ... 2738 ...
السؤال
أناشاب في مقتبل عمري ، سني 26 سنة ، أحاول قدر الإمكان الابتعاد عن الاختلاط مع الفتيات حتى لا اسقط في مشكلة الفساد ، لكن الفتيات يلبس لبسا مثيرا ، لا أقدر على تحمل ذلك ، مما يؤدي إلى مرافقتهن ، أمارس الرياضة حتى أتخلص من ذلك ، لكن بدون جدوى .(49/12)
ana chab fi moktabali alamor sini 26 ,ohawilo kadar alimkan al ibtiaad ani alkalat maa lafatayat ,hata la askota fi moshkili alfasad lakin al fatayat ya lbassna libasan motiran lichahwa la akdiro ala tahamoli dalika mima yoadi ila .ma a
morfakatrihin.
omariso ariyada hata atajanaba dalika lakin bidoni jadwa.mal hal.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ،،،
اعلم يا أخي أن الالتزام بالعفة أدب الإسلام ، وهو الذي دعا إليه القرآن الكريم والسنة المطهرة ، قال تعالى: (( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله )) وقال عليه الصلاة والسلام: ( يا معشر الشاب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) والوجاء هي الوقاية من الوقوع في الزنى .
وعليك يا أخي أن تلتزم بالخطوات التالية إذا أردت أن يصفو قلبك وتسمو نفسك عن المحرمات:
1- ابتعد عن أماكن الاختلاط ، وخاصةً الرحلات الجماعية للطلاب والطالبات ، واعلم أن النظرة الخاطئة والحركة المثيرة والزينة المتبرجة والجسم العاري كلها لا تصنع إلا تهييج الغريزة ذلك السعار الحيواني المجنون.
2- غض بصرك عن النظر إلى الفتيات ، فإنه أدبٌ نفسيٌ رفيع ، ومحاولة للاستعلاء على الرغبة في الإطلاع على محاسن ومفاتن النساء ، كما أن فيه إغلاقٌ للنافذة الأولى من نوافذ الفتنة ، ومحاولةٌ عملية للحيلولة دون وصول السهم المسموم وهو سهم إبليس عليه لعنة الله .
3- عليك الالتزام بالرفقة الصالحة ، وخاصةً جماعة المسجد ، والتي تذكرك بالله إذا نسيت .
4- اجعل لنفسك منهاجاً وبرنامجاً تدرس فيه القرآن الكريم والسنة النبوية ، مع حياة الصحابة والسلف الصالح ؛ حتى تتحلى بأخلاقهم .
5- اعتزال المحرمات كالغناء والأفلام الهابطة .
6- حاول أن تتزوج ، فإن الزواج المبكر سكن نفسي وإشباعٌ غريزي ، وإحساس بالنوع ، وشعور بالتكامل والنضج .
7- اجعل وقتاً لصيام النوافل كالاثنين والخميس ، وقيام الليل ؛ حتى تقوي علاقتك بالله.
8- حاول أن تحضر المحاضرات والندوات الإسلامية ، والحلقات العلمية التي تحي القلوب الميتة .
9- أكثر من سؤال الله الثبات والهداية ، وهداية القلب .
والله الموفق.
المجيب : ... د/ العربي عطاء الله
ــــــــــــــــــ
... كيف أختار شريكة الحياة المناسبة ... 245966 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب في الثانوية العامة وبإذن الله تعالى سوف أكمل الدراسة في باكستان بلدي وأنوي الزواج تحصينا لنفسي واستجابة لرغبة وإلحاح الأهل .
وبدأت أقرأ في الانترنت كيفية اختيار الشريك المناسب وذلك في المواقع الإسلامية مثل إسلام أولاين والنقطة التي توقفت عندها هي نصحهم بالتعرف على المخطوبة والتحدث معها بعد الخطبة ونحن في عادات بلدنا فإن التحدث حتى وإن كان بعد الخطبة غير مسموح به، ولكن تجري العادة بأن يختار الأهل للخاطب المخطوبة ويسألون عنها وبالزيارة أو بطلب الخاطب من أهله خطبة فتاة هو اختارها حيث المصدر الرئيسي لمعرفة أخبار المخطوبة هو عن طريق الناس وشهاداتهم، فهل هذا المصدر كاف لإجراء الخطبة؟ علما بأن فسخ الخطوبة أيضا يعتبر إساءة كبيرة جدا ويترتب عليها عداوات بين العائلات، وأستشير فضيلتكم إن كان الزواج المبكر (بالنسبة للبلدان العربية) جيد ومستحسن وأظن إن ذلك لن يؤثر على دراستي وإنما سيساعدني ويريحني نفسيا إن وفقت في الاختيار .
ولكم جزيل الشكر .
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته.
فإن في الزواج حفظٌ للنفس وعونٌ على الخير وتأسي بهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) ولم تعرف الشعوب الإسلامية تأخير الزواج إلا بعد مجيء الاستعمار إلى ديار الإسلام، وتأثر كثيرٌ من الناس بثقافته وعاداته -والعياذ بالله-، وقد شاهد الشافعي رحمه الله جدة عمرها إحدى وعشرين سنة، وكان الفرق بين عبد الله بن عمرو بن العاص وأبيه إحدى عشر سنة، وقد أسعدتني رغبتك في الزواج، وسرني سؤالك عن أسس الاختيار، وأفرحتني رغبة أهلك في أن تتزوج، فاحمد الله على كل ذلك، واشغل نفسك بطاعته، وأكثر من ذكره وشكره .
ولما كانت رحلة الحياة الزوجية طويلة قد تمتد بأهلها في الصلاح إلى الجنة، قال تعالى: { ألحقنا بهم ذريتهم} كان لا بد أن تُبنى على قواعد متينة من الرضا والقبول، وأن تؤسس على أساسٍ من التقوى والإيمان، وأن يكون منهاجها المودة والرحمة، وثمرتها الذرية الصالحة والسعادة الحقيقية.
وعندما أراد الإمام أحمد أن يتزوج أرسل قريباته لتختار له فتاة، فجاءته وقالت له: لقد وجدت فتاتين إحداهما بارعة الجمال متوسطة الدين، والثانية قوية الدين متوسطة الجمال، فقال رضي الله عنه ورحمه: (أريد صاحبة الدين) ولذا فلا مانع أن تكون الخطوة الأولى عن طريق شقيقاتك أو عماتك أو إحدى محارمك بعد أن تحدد لهم ما تريد، ثم تسأل عن الفتاة وأخلاقها، وقبل أن تحسم الأمر تصلي ركعتين استخارة، ثم تشاور من تثق به، ثم تطلب الرؤية الشرعية للفتاة، وقد كان بعض الأنصار يختبئ لمن يريد خطبتها إذا تعذر ذلك، فيمكن أن تطلب صورة فوتوغرافية من الفتاة تتحصل عليها عن طريق إحدى محارمك، فإذا وجدت في نفسك ميلاً فلا مانع بعد ذلك من الخطوبة الرسمية ثم الزواج، ولا يخفى عليك أن الشريعة أباحت لكلٍ من الخطيب ومخطوبته الرؤية الشرعية، وعللت ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) ويجوز للرجل أن ينظر من المرأة ما يدعوه إلى نكاحها، وقد تكون الفتاة جميلة والفتى مناسب، ولكن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، ويؤسفنا أن نقول: إن الناس في هذا الموضوع بين إفراطٍ وتفريط، ويخطئ من يمنع ذلك بالكلية ويخالف الهدى النبوي، ويخالف أحكام الدين، كذلك من يخلو بخطيبته أو يخرج معها ويتوسع معها في العواطف والكلام.
ومن مصلحتك أن ترضى بالمرأة التي ترتضيها والدتك ويقبل بأهلها والدك؛ لأن في ذلك عون لك على التوفيق بين حق الزوجة وحق الوالدين، كما أن رضى الوالدين من أسباب التوفيق والسداد بعد التوكل على خالق الأكوان، ونحن نتمنى أن يتمكن الشباب من مراعاة العادات الموجودة رعايةً لمشاعر الناس، مع الاجتهاد في تصحيح ما يُخالف ديننا من العادات والتقاليد.
وفي الختام ننصحك بما يلي:
1- تقوى الله، والحرص على طاعة، والإكثار من ذكره وشكره وتلاوة كتابه.
2- إقامة مراسيم الزواج بدون مخالفات شرعية، فإن للمعاصي شؤمها وآثارها.
3- التركيز على صاحبة الدين، والتي نشأت في بيت الدين والأخلاق.
4- أن يكون سنها مناسباً، وثقافتها وعاداتها مشابهة لك.
5- أن تتفق معها على الخطوط العريضة عند أول لقاء.
6- أن تتذكر أن الزوجة أختٌ لك في الإيمان والعقيدة.
7- أن تتذكر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء، فالمرأة ضعيفة، فاتق الله في نفسك وأهلك.
ولاشك أن في الزواج عونٌ على النجاح والفلاح والطاعة؛ لأنه يحقق الاستقرار النفسي، ويعود الشاب على تحمل المسئولية.
وأرجو أن تعلم أن الزوج هو الذي يحدد مسار زوجته بالتزامه وحرصه على صيانة حقها، وإذا أصلح الإنسان حاله مع الله أصلح الله له زوجته وبيته وولده ووفقه لكل خير.
نسأل الله لك التوفيق والسداد.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ــــــــــــــــــ
... تعرفت على فتاة عن طريق النت وهي تحبني فهل أتزوجها ... 249140 ...
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
في البداية أشكر العاملين بهذه الشبكة المباركة، وأدعو الله أن يجعل عملكم في ميزان حسناتكم بإذن الله.
أود أن أستشيركم في موضوع هام، أتردد فيه كثيراً، وهو موضوع الزواج حالياً، حيث أنني شاب عمري خمسة وعشرون عاما، وأنا بفضل الله ملتزم، وأعمل معد كتب كمبيوتر، ولكن ليس لديّ عمل ثابت بشركة حالياً، ومنذ فترة تعرفت إلى أختٍ عن طريق شبكة الإنترنت، وهي من نفس مدينتي، وكانت العلاقة بيننا لا تتعدى الحدود الشرعية، كانت تنحصر في الاستشارة في أمور الكمبيوتر وغيرها، إلى أن أصبحت تأخذ منعطفا آخر، حيث وجدتها تحبني بشدة، وتدعو لي في صلاتها بالتوفيق، وأشياء كثيرة تدل على تعلقها بي دون الخروج عن الإطار الشرعي بالتصريح.
المشكلة الآن أن لديّ طموحات كثيرة، أريد أن أحققها قبل التفكير في الزواج، ولذلك كنت مؤجِّلا موعد الزواج إلى ما بعد سن الثلاثين، ولكني حالياً في حيرة، هل أتزوجها، أم أنني بذلك أكون قد تسرعت وقضيت على أحلامي وطموحاتي بالوصول إلى مرتبة عالية فى العمل؟
بعض إخوانى يقولون إن الفرصة تأتي مرة واحدة، وقد يكون معهم الحق، ولكني أريد أن أحقق طموحاتي العملية والمادية، لكي أكون واثقا من نفسي مادياً، وأستطيع التقدم لأي أخت، دون القلق من الرفض من الناحية المادية، وأهلها يطبقون المقولة"خذوهم فقراء يغنكم الله"، وهي كانت قد سبق لها الزواج "عقد قران فقط" ولكن حدث طلاق بدون سبب منطقي من جهة العريس، غير أن والدته صممت على ذلك، وهي ليس لها ذنب، وقد أثر عليها شعورياً، وبقيت تنظر إلى كل الزيجات على أنها فاشلة.
بفضل الله استطعت أن أخفف عنها، وأجعلها تنظر للحياة بأمل وإشراق، وهي الآن تحضّر تمهيدي ماجستير، حيث أنها خريجة كلية أصول دين، قسم الحديث الشريف.
بالطبع لم أكن أفكر بالزواج منها، لأنني كنت مؤجِّلا موضوع الزواج لسنوات طويلة، ولكن لما وجدتها تحبني، أحسست أني أعذبها معي، وأريد اتخاذ قرار في ذلك.
هل أتزوجها، أم أنسى الأمر وأنتظر سنوات طويلة حتى أكوّن نفسي، وأدخر الآلاف لشراء الشقة الكبيرة والجهاز والمهر وغيره؟ ثم أنا لا أعرف هل سأجد أختا تحبني مثل ما كانت تحبني هي أم لا.
أنا حقاً في حيرة بين الانتظار سنوات - والعيش على تحقيق الطموحات والحصول على الشهادات الدولية في مجالي، التي تؤهلني لأن أكون مبرمجا أو مهندس كمبيوتر في إحدى الشركات الكبيرة - وبين الزواج منها الآن أو بعد شهور بسيطة، لا أعرف بالضبط ماذا أفعل، غير أني أحبها، وأتمنى لها كل الخير.
أفيدوني هل أقدم على قرار الزواج منها، أم أنتظر سنوات حتى أكون شخصا آخر، له مكانة كبيرة بالمجتمع، ثم أفكر في موضوع الزواج من أي أخت أخرى؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن الزواج المبكر يدفع للإبداع والنجاح في الحياة إذا أحسن الإنسان الاختيار، واتفق مع زوجته على تحديد المسار، وتوكل الإنسان على مكور الليل على النهار، وسعى في الأرض يبذل الأسباب ولم يجلس في الدار، وقد علم أن السماء لا تمطر الدرهم والدينار.
وليس للمتحابين مثل النكاح، وإذا وجد الإنسان صاحبة الدين دراسة الشريعة فماذا ينتظر؟ ولا يخفى على أمثالكم أن التأخر في مسألة الزواج بدعة غربية دخلت علينا مع جحافل الاستعمار، وبفعل شاشات الإفساد والدمار، وفيها تقليد لأعدائنا الكفار الذين يمارسون الزنا ويرتكبون العار، أما المسلم فإنه يسعى للعفاف ليعف نفسه وأهله، ينجي نفسه من الفواحش ويطلب الذرية الصالحة ليكثر أعداد الموحدين المصلين، فإن رسولنا صلى الله عليه وسلم يفاخر بنا الأمم يوم القيامة، وليس من المصلحة تأخير الزواج خاصة وقد تحركت في نفسك دوافع الشهوة، وقد يصعب على الإنسان أن يعف نفسه في عصر العولمة والانفتاح إلا بالارتباط بمؤمنة ذات صدق وصلاح.
ونحن ننصحك بأن تجعل العلاقة شرعية ولا تعطي الشيطان الفرصة، واحرص على أن تأتي البيوت من أبوابها، وابدأ مشوارك بصلاة الاستخارة، ثم بأخذ رأي أهل الخبرة والدراية .
واحرص على معرفة أسرة الفتاة واطلب منهم أن يتعرفوا عليك، فإن ذلك يزيد من مكانتك في نفوسهم، واجتهد في معرفة سبب طلاق الفتاة ولكن من دون تجرح مشاعرها أو تجدد آلامها، وانظر منها إلى ما يدعوك إلى نكاحها، ولا تخلو بها أو تخرج معها واجعل علاقتك بها في حضور محارمها فإن الموفق هو الذي يبدأ حياته بالطاعات ويراقب رب الأرض والسموات .
ويخطئ من يظن أن قلة المال عائق، فإن المال ظل زائل وعارية مسترده، والله تعالى يقول :
{إن يكونوا فقراء يغنهم الله فضله}، والمهم أن تكون للرجل همة وقدرة على تحمل المسئولية، وقد كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: (التمسوا الغنى في النكاح) يتأول قول الله: ( أن يكونوا فقراء يغنهم الله ).
والمرأة تأتي برزقها، وطعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، والعقلاء من الأولياء يخطبون في الرجال دينهم وأمانتهم وأخلاقهم، وهذا توجيه خاتم الأنبياء عليه صلاة الله رب الأرض والسماء .
ولا شك أن الزواج يزيد في همه الرجل ويدفعه للعمل والاجتهاد فيسعى في طلب الرزق.
ونحن نتمنى أن تكون أمور الزواج ميسرة، وأن نبتعد عن الإسراف طلباً للشهرة، فإنه لا خير في الإسراف، وغلاء المهور من أسباب خراب الدور، وقد قال عمر -رضي الله عنه -أن المبالغة في المهور يورث البغض في نفس الزوج على زوجته وأهلها، لو كان فيه منفعة لسبقنا إليه رسولنا وصحابته الأبرار، الذي تزوج باليسير وزوج أصحابه بخاتم الحديد، وربما بما حفظ أحدهم من كتاب الله المجيد.
وأرجو أن نعلن لك تحفظنا على كلمة أحبها، لأن الحب الشرعي الحلال هو ما كان بعد الرباط الشرعي، وهو الحب الحقيقي الذي يصمد بحول الله وقوته مع أمام الأزمات ويستمر ويشتد بمسارعتنا في الطاعات .
ونسأل الله أن يسهل أمرك وأن يغفر ذنبك .
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ــــــــــــــــــ
... ابن أخي يشعر بابنتي كأخت لا كزوجة ... 234547 ...
السؤال
لي ابنة خطبت مرة لابن عمتها، وفسخت الخطبة لأمور خارجة عن الخطبة، والآن خطبت لابن عمها لكنه يقول أنه لا يشعر بها إلا كأخت، ولن يستطيع الاقتراب منها إن تمم الزواج! أرشدونا للحل، والبنت في حالة نفسية سيئة والعائلة بأكملها، كيف يستطيع الإحساس بها كخطيبة وزوجة فيما بعد؟ أهو مس من الجن، أم حالة نفسية يعاني منها؟ علماً أن والده متزوج من اثنتين.
ولكم كل الشكر.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ العزيز/ محيي الدين حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فاعلم أن حاجة الشباب إلى الزواج حاجة ملحة، وإشباع الغريزة الجنسية مثل إشباع دافع الجوع والعطش، والزواج المبكر فيه سكن نفسي، وإشباعٌ غريزي، وإحساسٌ بالنوع، وشعور بالتكامل والنضج، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإن له وجاء".
والزواج يعين على الاستقامة، وتأخير الزواج يترتب عليه آثار نفسية مدمرة، ويعرض للفتن، واعلم أن الخطأ ليس في ابنتك، ولكن الخطأ في الذي يتقدم لخطبتها ثم يتردد في الزواج أو يفسخ الخطبة، فهذا الشاب الذي تقدم لابنتك وقال سأعتبرها مثل أختي فهذا أمر غير صحيح ولا يقبله لا الشرع ولا القانون، فالزوجة محتاجة إلى شاب عنده رجولة يسندها ويحافظ عليها ويعتني بها ويعطيها حقوقها كاملة سواءا في المأكل والمشرب والسكن وحتى الفراش، فهذا من تمام العدل، وليس مجرد أنك تأتي بها وتخرجها من بيت أبيها لتتفرج عليها، فجلوسها عند والديها وفي بيتها أفضل لها!
فالمرأة ـ أخي الفاضل ـ ليست بضاعة تباع وتشترى، بل الإسلام كرمها وحافظ عليها وجعلها درة مصونة وأوصى بالحفاظ عليها وتكريمها، والشاب ربما يعاني من قصور جنسي أو ما يسمى أيضا بالضعف الجنسي، لا يستطيع أن يجامع زوجته، وفي بعض الحالات يكون عنده خوف من الجماع والاقتراب من المرأة، وذلك بسبب عدم إثبات رجوليته أمام زوجته؛ فتجده يتهرب من الجماع ولا يستطيع أن يقترب من زوجته! ولكن هذا يحتاج إلى تحاليل طبية يجريها الشاب، أو قد يكون أيضا سحرا وضع له! وهذا يحتاج إلى رقية شرعية، فكلا الحاليتن يمكن توقعهما.
إذا استطعت أن تقنعه بأن يعمل تحاليل طبية لذلك، فهذا يكون أفضل وتتبين الأمور أكثر. أما بالنسبة لابنتك ـ أخي الفاضل ـ فحاول أن تهدئها وتطمئنها بأنها ستتزوج بإذن الله تعالى وأن أمور الزواج قضاء وقدر، وسوف يأتيها الزوج الذي مقدر لها لتعيش معه الحياة الزوجية السعيدة، وذكرها بآيات القضاء والقدر، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
وبالله التوفيق!
المجيب : ... د/ العربي عطاء الله
ــــــــــــــــــ
... هل الزواج في سن مبكرة فيه أضرار على المرأة ... 19428 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: أنا شاب أبلغ من العمر 28سنة وأريد الزواج من ابنة عمي، والبالغة من العمر 15 سنة، وتكلمت مع بعض الأصحاب في هذا الأمر، فقال لي:(مشوشا علي) إن هذا السن لاتصلح فيه البنت للزواج.
فقلت له: فماذا تقول في جدتي وجدتك، ونساء الأجيال الماضية، اللاتي كن يتزوجن في هذا السن وقبله، وكن ينجبن بشكل عادي، ولم نسمع أن واحدة منهن تضررت من هذا الزواج المبكر، الذي تزعم أنت أن البنت فيه لاتصلح للزواج؟
وقد نسب ما يقول إلى الطب فهل هذا الكلام صحيح؟ كما أنه يقول لي أنها غير ناضجة عقليا؟
أجيبونا مأجورين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فهناك وجهات نظر مختلفة في هذا الموضوع، وقد يختلف الأمر من فتاة إلى أخرى من ناحية النضج العقلي أو الفكري والجسدي, ولكن من الناحية الطبية وخاصة الحمل والولادة والأمومة، فالأم الحامل التي لم يتجاوز عمرها 18 سنة قد يكون لها مشاكل نفسية وعضوية أثناء فتر ة الحمل، وكذلك لحظة الولادة.
فالعمر المناسب للحمل لدى المرأة هو من 18 - 38 سنة، لأنه في هذه الفترة يكون لديها اكتمال في النضج، والغدد قد اكتمل نموها، ويكون جسمها مستعدا للحمل، ولهذا دور في نمو الجنين بشكل سليم.
ويعتبر الإنجاب في سن مبكر من العوامل التي قد تؤدي إلى ولادة طفل مشوه، وذلك نتيجة الولادة العسرة، أو صغر رحم الأم، و غيرها من العوامل الأخرى، ورغم ذلك قد تجد الكثير ممن تزوجن في سن مبكر ليس لديهن مشاكل صحية ولا إنجابية، ويعيشون حياة سعيدة.
والله الموفق.
المجيب : ... د. أسعد المصري
ــــــــــــــــــ
... كيف لي أن أقنع فتاة وأهلها بأن يقبلوا زواجي منها مع أنها صغيرة ... 254354 ...
السؤال
حدثونا جزاكم الله خيرا عن الزواج المبكر بالنسبة للمرأة وفوائده، وهل لو وقع اختياري على فتاة سنها 13 سنة من بيت جيد وعلى خلق أتقدم لها؟ وكيف أقنعها وأقنع أهلها أن زواجها الآن أفضل، وأن فارق السن ليس له تأثير، حيث أن سني 26 سنة.
أرجوكم لا تضحكوا مني، فإني أصف لكم واقعا أعيش فيه.
أرشدوني أرشدكم الله، ولا تقل لي إنها صغيرة، لأني أحببتها بسبب خلقها ودينها وللألفة التي وقعت بيننا، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام ( لم ير للمتحابين مثل النكاح ) وجزاكم الله خيرا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:-
فنسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
فإن الأصل في زواج المسلمين أن يكون مبكراً، وقد كان الفرق بين عبدالله بن عمرو بن العاص وأبيه إحدى عشرة سنة، وقال الشافعي رحمه الله " رأيت جدة عمرها إحدى وعشرون سنة " وتزوج النبى صلى الله عليه وسلم بعائشة ودخل بها وعمرها تسع سنوات، وكانت رضي الله عنها تقول " إذا بلغت المرأة تسع سنوات فهي امرأة " ولا شك أن البيئة، وبنية المرأة، وانتظام نموها له أثر في كل ذلك.
وأرجو أن يعلم الجميع أننا لم نعرف التأخير في موضوع الزواج إلا بعد فترة الاستعمار الذي شجع كل مايدعو للشر والخزي والعار، وفي تأخير الزواج تقليد للكافرين، وليس بعد الكفر ذنب، ولكن عار على الموحدين أن يتشبهوا بهم، ويسيروا على دربهم، كما أن أولئك الأشقياء يؤخرون الزواج، ويفتحون الأبواب للفحشاء، وليس في سؤالك ما يضحك، ونحن نشكرك على تواصلك، ونشاركك الهموم، ونتمنى أن يعود أهل الإسلام على قيمهم وثوابهم، وأن ييسروا الزواج، وأن يستجيبوا لقول الله " وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم ...".
ولا شك أن الزواج المبكر له فوائد عظيمة للمرأة وللرجل، وفيه حفظ للجميع من الوقوع في المعاصي والذنوب، ولست أدري كيف وقعت الألفة بينكما دون وجود رابط شرعي.
وهذه وصيتنا لك ولها بتقوى الله، وبتجنب العلاقات العاطفية قبل وجود العقد الشرعي، ونحن نخشى أن تتسبب تلك العلاقات في رفض (أهلها للزواج)، وحتى إذا وافقوا فإن كل علاقة مخالفة لأحكام الشرع خصم على سعادة الزوجين، ومهدد كبير لمستقبل العلاقة، مع مافيه من معصية لله، ومخالفة لشرعه، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم.
أما أهل الفتاة فنتمنى أن تجد من العقلاء والدعاة من يعاونك على الخير، ويشفع لك عند أهل الفتاة، ومع ضرورة التوجه إلى من يستجيب الدعاء.
والله الموفق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ــــــــــــــــــ
... التمسوا الغنى في النكاح
261811
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود السؤال عن أيهما أفضل بالنسبة للشباب، الزواج المبكر أم الزواج الذي يسمونه (عندما يكون نفسه)؟ أرجو الرد، وبسرعة! والسلام عليكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فأما عن سؤالك هذا، فقد نص على جوابه النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن الجواب إذا جاء من جهة الرسول الأمين صلوات الله وسلامه عليه، فقد حسم الأمر، وانقطع الخطاب، وعرف وجه الصواب بلا ريب، فقال صلوات الله وسلامه عليه:(يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) متفق على صحته.(49/13)
فبين صلوات الله وسلامه عليه أن أنفع شيء بعد تقوى الله تعالى هو الزواج ليعف الإنسان نفسه، بل الصواب أن الزواج هو نفسه من تقوى الله تعالى، فإن التقوى تشمل العمل بالواجبات وترك المحظورات والعمل بالأسباب التي تعين على ذلك كله، ولا ريب أن الزواج من أعظم ما يعف الإنسان ويغض بصره، ولذلك قال صلوات الله وسلامه عليه: (فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) والمقصود أن الرجل إذا كان قادراً على نفقة الزواج فإن عليه أن يبادر إلى تحصين نفسه، فإن كان يخشى على نفسه الحرام، ولم تندفع حاجته إلا بالزواج، فإنه يجب عليه أن يتزوج بلا خلاف بين أئمة الدين فإن (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).
وليس المقصود بالقدرة على الزواج ما قد يتوهمه كثير من الناس، من أن المعنى هو تحصيل المستوى العالي من العيشة، بل المقصود هو حصل قدر الكفاية المعتادة بين أوساط الناس، بل إن الزواج هو نفسه طريق للغنى وسبب من أٍسباب الرزق، كما قال تعالى في حق من يطلب الزواج وهو فقير: { إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} قال ابن مسعود رضي الله عنه:
(التمسوا الغنى في النكاح) يقول الله تعالى: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} رواه ابن جرير الطبري، وقد نص أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على هذا المعنى، بل قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: (أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز (أي يفي) لكم ما وعدكم من الغنى، ثم تلا هذه الآية،
وأصل هذا المعنى ثابت عنه صلى الله وسلم، كما أخرجه ابن ماجة في سننه:
(ثلاثة حق على الله عونهم، وذكر منهم الناكح يبتغي العفاف).
إذا علم هذا، فالصواب هو الحرص على تحصين النفس بالزواج والمبادرة إلى ذلك عند تمكن الإنسان من ذلك، ولا التفات إلى المبالغة في تحصيل المعاش المبالغ في تقديره، الذي قد يفوت زهرة الشباب دون تحصيله، بل ربما أفضى ذلك إلى فساد الدين واختلال العرض، كما هو واقع وكثير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ونسأل الله تعالى لك الزوجة الصالحة، وأن يكفيك بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه.
وبالله التوفيق والسداد.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ــــــــــــــــــ
تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم كان لأمور تشريعية وأسباب إنسانية ...
1570
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخي يكمل تعليمه في الولايات المتحدة، وله صديق نصراني يحاول أن يوقع أخي بحيرة ويشككه في مصداقية أعمال المصطفى صلى الله عليه وسلم، حيث يدعي بأن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام كان يطلب من بعض الرجال أن يطلقوا زوجاتهم ليتزوج بهن هو عليه الصلاة والسلام، فهل حصل هذا وإن حصل فمن هو الرجل الذي طلق زوجته ومن هي هذه المرأة؟
وكذلك يفترون على الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه كان مزواجا؟
الرجاء التكرم بإفادتنا حتى تكون حجتنا قوية، ونستطيع أن نتعاون في نصرة ديننا الحنيف، ورد أي ادعاء بحق الرسول عليه الصلاة والسلام.
وجزاكم الله خيراً، ووضع ردكم لنا في ميزان حسناتكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما يقوله صديقك محض افتراء، وزور وبهتان، ولعله يقصد قصة زواجه بزينب بنت جحش رضي الله عنها، ومن المعروف أنها كانت تحت زيد بن ثابت رضي الله عنه، وقد كان يدعى زيد بن محمد، وكان زواجه منها لحكمة تشريعية وهي:
إبطال عادة التبني التي كانت سائدة في الجاهلية، وقد كان زيد يأتي النبي صلى الله عليه وسلم يشكو إليه زوجه زينب، وقد أعلم الله نبيه بأن زيداً سيطلقها وسيتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، فيرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "أمسك عليك زوجك واتق الله". ولما حدثت الفرقة بين زينب وزيد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب للحكمة التشريعية وهي إبطال عادة التبني.
وأما كثرة زواج النبي صلى الله عليه وسلم، فالعجب كل العجب من أقوام ينكرون على النبي صلى الله عليه وسلم تزوجه باثنتي عشرة امرأة كانت تحته منهن عندما توفي تسع نسوة، لم يكن منهن بكر غير عائشة رضي الله عنها.
ذكر أحد العلماء أنه التقى بأحد المستشرقين فقال له المستشرق كيف تحترمون رجلا تزوج بتسع نسوة، فلم يشرح له العالم أسباب زواج النبي صلى الله عليه وسلم بهذا العدد، لأن هذا قد أعماه التعصب والحقد، فقال له وهل تحترمون أنبياء التوراة؟ قال: نعم. قال وهل تحترمون داود عليه السلام؟ قال: نعم. قال وهل تحترمون سليمان عليه السلام؟ قال: نعم. قال فإن داود كان له تسع وتسعون امرأة وأكملهن مائة، وسليمان كان له 300 زوجة و 700 جارية فلم يحر جوابا وسكت الحاقد.
وفي حياة النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة لزواجه ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: ما قبل الزواج.
فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم نشأ في بلاد حارة وهي بلاد العرب، والشباب والفتيان في هذه البلاد يبلغون الحلم مبكراً، وتكون عواطفهم فوارة وشهواتهم جامحة، فيبادرون إلى الزواج المبكر أو ينحرفون وراء شهواتهم المحرمة ينالون منها ما يطفئ ظمأهم.
ومع نشأة النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه البلاد وهذا المجتمع، فقد سلم صلى الله عليه وسلم من هذه الأوضاع، ومكث حتى الخامسة والعشرين من عمره دون زواج ولم يعرف عنه أي انحراف، كما يعترف المستشرق (موير) فيقول: "فإن جميع المراجع متفقة على أن النبي صلى الله عليه وسلم في شبابه كان مطبوعاً بالهدوء والدعة والابتعاد عن المعاصي التي كانت قريش تغترف منها".
المرحلة الثانية: مرحلة الزوجة الواحدة.
قبل زواجه صلى الله عليه وسلم عمل في التجارة للسيدة خديجة رضي الله عنها ذات الحسب والشرف، والتي كانت تكبره بخمسة عشر عاماً، ولمست منه الأمانة في التعامل، والعفة وطيب الشمائل، بعثت إليه تعرض الزواج منه، وتم هذا الزواج، وكان له منها الأولاد، إلا إبراهيم الذي كان من مارية المصرية. وعاش معها حتى توفيت رضي الله عنها، وقد تجاوز صلى الله عليه وسلم الخمسين من عمره، ولم يدر بخلده يوما أن يتزوج عليها وقد كان التعدد سائدا ومعروفاً، بل بقي وفيا لها ولذكراها يتحدث عنها وعن مكارمها، مما كانت تغار منه بعض نسائه.
المرحلة الثالثة:
حزن النبي صلى الله عليه وسلم على خديجة لما توفيت حتى سمى هذا العام عام الحزن حتى أشفق عليه أصحابه، فبعثوا إليه خولة بنت حكيم زوج عبد الله بن مظعون تحثه على الزواج، فقال لها من بعد خديجة؟ قالت: عائشة بنت أبي بكر وهو أحب الناس إليك. قال: ولكنها صغيرة، قالت: الصغيرة تنضج، قال: ومن لبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تنضج قالت: سودة بنت زمعة أرملة السكران بن عمرو توفي عنها بعدما عاد من الهجرة إلى الحبشة وتركها بين أهله المشركين، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما سمع الناس بأمر هذا الزواج أيقنوا أنه إنما ضمها رفقا بحالها وشفقة عليها وحفظا لإسلامها، لأنها كانت مسنة غير ذات جمال ولا مطمع للرجال فيها، وأبقى عليها زوجة واحدة مدة أربع سنوات حتى كبرت عائشة، وهذا دليل على أن التعدد الذي حدث بعد الرابعة والخمسين من عمره صلى الله عليه وسلم لم يكن لشهوة ولا للذة وإنما لأسباب إنسانية وسياسة حكيمة ولأمور تشريعية، وأما حفصة بنت عمر رضي الله عنه، فقد استشهد زوجها خنيس بن خذافة السهمي في غزوة بدر وهي في الثامنة عشرة فخاف عليها أبوها، فعرضها على أبي بكر فلم يجبه، فعرضها على عثمان وكان رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجة عثمان قد ماتت فأعرض عن عمر، فذهب عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو صاحبيه أن أحداً منهما لم يجبه بشيء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مداويا جراحه ومطيبا خاطره يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي عرض عمر رضي الله عنه حفصة دليل على حرص الصحابة على تزويج أرامل الشهداء جبرا لكسرهن وصونا لعفافهن.
والسيدة زينب بنت خزيمة الهلالية كانت أرملة عبيدة بنت الحارث ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأم سلمة هند بن زاد الراكب أرملة عبد الله بن عبد الأسد ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم استشهد في أعقاب أحد، وقد خطبها أبو بكر وعمر فأبت، فلما خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتذرت أنها غيورة، وأنها امرأة ذات عيال، وأنها مسنة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنك مسنة فأنا أسن منك، وأما الغيرة فسيذهبها الله عنك، وأما عيالك فإلى الله ورسوله، وتم الزواج، وكونه تقدم إليها بعد رفض صاحبيه دليل على انتفاء الشهوة في هذا الزواج أي كان المقصود منه حماية أرامل الشهداء، ورعاية أولادهن.
وأما زينب بنت جحش فقد تقدمت الحكمة من هذا الزواج. وهكذا كان سائر زواج النبي صلى الله عليه وسلم مواساة لمن تزوج بهن، أو لترغيب قومها في الإسلام، ولو كان للشهوة مكان في هذا الزواج لما رضي بالمسنات والأرامل، ولكان له في غيرهن طريق آخر، ولم يتزوج امرأة بكراً غير عائشة رضي الله عنها.
ولا يخفى أن قرب أبيها منه ، وبذله نفسه وماله لله ، وتعرضه في ذلك لكل أصناف المخاطر والتنكيل قد يكون هو السبب الأكبر في زواجه صلى الله عليه وسلم منها ، وقد عاشت معه عيشة كريمة ، ونقلت عنه كثيرا من أمور الدين لم يكن ليتسنى لها أن تنقل عنه ذلك لو لم تكن زوجة له صلى الله عليه وسلم ، ورضي الله عنها وعن أبيها وعن سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــ
الرد على النصارى الذين يزعمون أن دين الإسلام باطل ...
6828
السؤال
السلام عليكم ورحمة اللة وبركاتة وبعد
فضيلة يوجد لدي بعض الأسئلة التي حصلت عليها من خلال مناقشة تمت بيني وبعض الأشخاص الذين لا يعتنقون الإسلام (من ديانات أخرى) وأريد أن أطرحها عليك وأرجو منكم إرسال الإجابة بأسرع وقت ممكن وجزاكم الله خيرا..
1- كيف يمكن لي أن أقنع غير المسلمين بأن الدين الإسلامي هوالدين الحق وأنهم على باطل ؟ كيف يمكنيي ذلك مع العلم أنهم مسيحيون؟ وهل ترشدني إلى بعض أسماء الكتب لتساعدني على إقناعهم؟
2.هل صحيح بأن رسولنا الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) قام بالزواج من نسائه لكي يشفق ويعطف عليهن ولماذا قام الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالزواج من اكثر من اربع زوجات؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صدق الدين الإسلامي، وكونه من عند الله تعالى أرسل به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم خاتماً به الرسالات السماوية حقيقة لا تقبل التشكيك، ولا ينكرها بل لا يرتاب فيها ولا يشك من له أدنى ذوق سليم، وفكر خال من التعصب غير مغطى بحجب العناد والجحود، فالعاقل المفكر ذو البصيرة لا يحتاج في ذلك إلى دليل. (متى احتاج النهار إلى دليل)؟.
ومن أبى من أعداء الإسلام من نصارى ويهود إلا الاستكبار وكتمان الحقائق، والتغطية عليها جريا على عادتهم، وتمشياً مع طبائعهم الملتوية، فليرجع إلى "الكتاب المقدس" كتابه الذي يثق فيه، ويزعم سلامته من التغيير والتبديل، وليبحث فيه فسيجد البشارات المتكررة بمحمد صلى الله عليه وسلم، جاء ذلك في سفر التثنية، وورد في سفر التكوين، وهذه البشارات يجيء بعضها مشيراً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضها مشيراً إلى الكتاب الذي أنزل إليه، وبعضها إلى الجهاد، وبعضها يشير إلى مكة المكرمة، وبعض هذه البشارات أورده المسيح عليه السلام بأمثال مضروبة كما نقلتها الأناجيل.
فإن لم يقتنع هذا الخصم المعاند بما في الكتاب المقدس، فليرجع إلى القرآن العظيم، وليتأمل فيما انطوى عليه من الإخبار عن الحوادث الآتية في المستقبل، ثم وجدت في الأيام اللاحقة كما أخبر، كقوله تعالى: (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين) [الفتح: 27].
وقوله: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً) [النور: 55].
وقوله تعالى: (الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين) [الروم:1-4].
فإذا لم يفد فيه ذلك شيئاً فليقل لنا: من أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأخبار القرون السالفة، والأمم الهالكة؟ ومن أنبأه بما جرى بين الأنبياء وأممهم؟ وبين موسى عليه السلام وبني إسرائيل؟ ونوح وقومه؟ ويوسف وإخوته؟ ومن المعلوم أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، نشأ بين قوم أميين لا يعرفون إلا عبادة الأصنام، أو ركوب الخيل، ورعي الأغنام والإبل، ولم يشتغل بالمدارسة مع العلماء، ولا بالمجادلة والاحتكاك مع العلماء، ولم يغب عن قومه غيبة يمكن له فيها التعلم من غيرهم.
إن كل واحد من هذه الأمور سيكفي بمفرده في الدلالة على صدق الإسلام، وأنه من عند الله تعالى، وهذا قليل من كثير جداً، ومن أراد الإطلاع على المزيد من هذا الموضوع، والتوسع فيه، فليرجع إلى كتاب مختصر إظهار الحق للعلامة الشيخ رحمه الله ابن خليل الرحمن الكيرافوي الهندي، فقد أفاد وأجاد ـ رحمه الله- وذكر الأدلة الكافية الوافية لبطلان كل من خالف الإسلام، وأن جميع كتب أهل الكتاب مليئة بالاختلافات، والتناقضات، والأغلاط والتحريف ـ الشيء الذي يفقدها صفة الوحي والإلهام. وقد طبعت هذا الكتاب ونشرته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بولة قطر، والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية.
ثم إننا نحن المسلمين لو لم يكن عندنا من البراهين والأدلة على صدق ديننا، وبطلان ما خالفه، إلا اعتراف الخصم وإقراره ضمنا بصدقنا وكذبه هو، وانحرافه لكفانا ذلك.
وتوضيح ذلك أن النصارى يقولون: إن الحق والطريق المستقيم هو في اتباع عيسى عليه السلام والإيمان به، وكذلك يقول اليهود عن موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، ونحن نؤمن بموسى وبعيسى وبغيرهما من الأنبياء، ونشهد أن موسى رسول الله وكليمه، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، بذلك أمرنا ربنا عز وجل في كتابه الكريم فقال: (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم... إلى قوله : لانفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون) [البقرة: 136].
ونعتقد أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وديننا خاتم الأديان السماوية، وأن كتابنا جاء مصدقاً للكتب السماوية قبله ومهيمنا عليها.
وأما السؤال: لماذا قام النبي صلى الله عليه وسلم بالزواج بأكثر من أربعة؟
فالجواب: أن ذلك لأمور تشريعية وأسباب إنسانية، والعجب كل العجب من أقوام ينكرون على النبي صلى الله عليه وسلم تزوجه باثنتي عشرة امرأة كانت تحته منهن عندما توفي تسع نسوة، لم يكن منهن بكر غير عائشة رضي الله عنها.
ويكفي في الرد على مثل هذا ما ذكره أحد العلماء من أنه التقى بأحد المستشرقين فقال له المستشرق كيف تحترمون رجلا تزوج بتسع نسوة، فلم يشرح له العالم أسباب زواج النبي صلى الله عليه وسلم بهذا العدد، لأن هذا قد أعماه التعصب والحقد، فقال له وهل تحترمون أنبياء التوراة؟ قال: نعم. قال وهل تحترمون داود عليه السلام؟ قال: نعم. قال وهل تحترمون سليمان عليه السلام؟ قال: نعم. قال فإن داود كان له تسع وتسعون امرأة وأكملهن مائة، وسليمان كان له 300 زوجة و 700 جارية فلم يحر جوابا وسكت الحاقد.
وفي حياة النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة لزواجه ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: ما قبل الزواج.
فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم نشأ في بلاد حارة وهي بلاد العرب، والشباب والفتيان في هذه البلاد يبلغون الحلم مبكراً، وتكون عواطفهم فوارة وشهواتهم جامحة، فيبادرون إلى الزواج المبكر أو ينحرفون وراء شهواتهم المحرمة ينالون منها ما يطفئ ظمأهم.
ومع نشأة النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه البلاد وهذا المجتمع، فقد سلم صلى الله عليه وسلم من هذه الأوضاع، ومكث حتى الخامسة والعشرين من عمره دون زواج ولم يعرف عنه أي انحراف، كما يعترف المستشرق (موير) فيقول: "فإن جميع المراجع متفقة على أن النبي صلى الله عليه وسلم في شبابه كان مطبوعاً بالهدوء والدعة والابتعاد عن المعاصي التي كانت قريش تغترف منها".
المرحلة الثانية: مرحلة الزوجة الواحدة.
قبل زواجه صلى الله عليه وسلم عمل في التجارة للسيدة خديجة رضي الله عنها ذات الحسب والشرف، والتي كانت تكبره بخمسة عشر عاماً، ولمست منه الأمانة في التعامل، والعفة وطيب الشمائل، بعثت إليه تعرض الزواج منه، وتم هذا الزواج، وكان له منها الأولاد، إلا إبراهيم الذي كان من مارية المصرية. وعاش معها حتى توفيت رضي الله عنها، وقد تجاوز صلى الله عليه وسلم الخمسين من عمره، ولم يدر بخلده يوما أن يتزوج عليها وقد كان التعدد سائدا ومعروفاً، بل بقي وفيا لها ولذكراها يتحدث عنها وعن مكارمها، مما كانت تغار منه بعض نسائه.
المرحلة الثالثة:
حزن النبي صلى الله عليه وسلم على خديجة لما توفيت حتى سمى هذا العام عام الحزن حتى أشفق عليه أصحابه، فبعثوا إليه خولة بنت حكيم زوج عبد الله بن مظعون تحثه على الزواج، فقال لها من بعد خديجة؟ قالت: عائشة بنت أبي بكر وهو أحب الناس إليك. قال: ولكنها صغيرة، قالت: الصغيرة تنضج، قال: ومن لبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تنضج قالت: سودة بنت زمعة أرملة السكران بن عمرو توفي عنها بعدما عاد من الهجرة إلى الحبشة وتركها بين أهله المشركين، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما سمع الناس بأمر هذا الزواج أيقنوا أنه إنما ضمها رفقا بحالها وشفقة عليها وحفظا لإسلامها، لأنها كانت مسنة غير ذات جمال ولا مطمع للرجال فيها، وأبقى عليها زوجة واحدة مدة أربع سنوات حتى كبرت عائشة، وهذا دليل على أن التعدد الذي حدث بعد الرابعة والخمسين من عمره صلى الله عليه وسلم لم يكن لشهوة ولا للذة وإنما لأسباب إنسانية وسياسة حكيمة ولأمور تشريعية، وأما حفصة بنت عمر رضي الله عنه، فقد استشهد زوجها خنيس بن خذافة السهمي في غزوة بدر وهي في الثامنة عشرة معرضها أبوها على أبي بكر فلم يجبه، فعرضها على عثمان وكانت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجة عثمان قد ماتت فأعرض عن عمر، فذهب عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو صاحبيه أن أحداً منهما لم يجبه بشيء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مداويا جراحه ومطيبا خاطره يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي عرض عمر رضي الله عنه حفصة دليل على حرص الصحابة على تزويج أرامل الشهداء جبرا لكسرهن وصونا لعفافهن.
والسيدة زينب بنت خزيمة الهلالية كانت أرملة عبيدة ابن الحارث ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأم سلمة هند بنت زاد الركب أرملة عبد الله بن عبد الأسد ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم استشهد في أعقاب أحد، وقد خطبها أبو بكر وعمر فأبت، فلما خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتذرت أنها غيورة، وأنها امرأة ذات عيال، وأنها مسنة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنك مسنة فأنا أسن منك، وأما الغيرة فسيذهبها الله عنك، وأما عيالك فإلى الله ورسوله، وتم الزواج، وكونه تقدم إليها بعد رفض صاحبيه دليل على انتفاء الشهوة في هذا الزواج أي كان المقصود منه حماية أرامل الشهداء، ورعاية أولادهن.
وهكذا كان سائر زواج النبي صلى الله عليه وسلم مواساة لمن تزوج بهن، وترغيبا لعشائرهن في الإسلام، ولو كان للشهوة مكان في هذا الزواج لما رضي بالمسنات والأرامل، ولكان له في غيرهن طريق آخر، ولم يتزوج امرأة بكراً غير عائشة رضي الله عنها.
ولا يخفى أن قرب أبيها منه ، وبذله نفسه وماله لله ، وتعرضه في ذلك لكل أصناف المخاطر والتنكيل قد يكون هو السبب الأكبر في زواجه صلى الله عليه وسلم منها ، وقد عاشت معه عيشة كريمة ، ونقلت عنه كثيرا من أمور الدين لم يكن ليتسنى لها أن تنقل عنه ذلك لو لم تكن زوجة له صلى الله عليه وسلم ، ورضي الله عنها وعن أبيها وعن سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فتبين من هذا أن تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم كان لحكم عديدة اجتماعية وتعليمية وإنسانية وغير ذلك، لا كما يزعمه الحاقدون الأفاكون ـ والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــ
الزواج المبكر ...
8144
السؤال
ما هي نظرة الإسلام في زواج الشباب ذوي 16-18 سنة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزواج في مثل السن المذكورة في السؤال مرغب فيه، لأنها هي السن التي تثور فيها الشهوة، ويصعب كبح جماحها. ويراجع الجواب برقم 3659
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــ
شروط جواز الزواج المبكر ...
13907
السؤال
ما حكم الزواج مبكراً علماً بأنني متمن لذلك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزواج مبكراً مستحب لمن استطاع الباءة، وهي القدرة المالية، والقدرة البدنية على الوطء، لما في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء".
وقال صلى الله عليه وسلم: "تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم" رواه أحمد وأبو داود، وصححه الحافظ العراقي.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــ
الزواج المبكر... رؤية شرعية ...
25547
السؤال
أنا عمري 16 سنة مخطوبة هل من الممكن أن أتزوج بعد سنة ونصف ما رأيكم بالزواج المبكر عمره 21؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإسلام رغب في الزواج وجعله من سنن الأنبياء وهدي المرسلين، قال الله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّة [الرعد:38].
ولم يلتفت إلى الدعوات التي تحذر من ما يسمى بالزواج المبكر؛ بل شرع زواج الصغار وفق ضوابط نص عليها أهل العلم.(49/14)
أما من عمرها ستة عشر سنة وتعتزم الزواج بعد سنة ونصف، فهذه قد جاوزت سن البلوغ، فينبغي أن تتزوج لأنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ولا تلتفت إلى مثل هذه الدعايات المغرضة التي تروج لها جهات مشبوهة. فقد ثبت في البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة وهي بنت ست سنوات، وأدخلت عليه وهي بنت تسع.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رغب عن سنتي فليس مني. متفق عليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــ
الأدلة والبراهين على مشروعية الزواج المبكر ...
34483
السؤال
كنت في المسجد وحصلت مشادة كلامية مع أحد المحاضرين حيث إنه يدعو الناس إلى زواج بناتهم بأقصى ما يمكن اقتداء بأم المؤمنين عائشة حتى ولو عمرها 8-9 سنوات خشية الوقوع في أمور كثيرة وأنا لي أبنة ما زالت في الثامنة من العمر فلم أستطع قبول هذا الأمر فهل أنا على صواب أم لا؟ أرجو التوضيح.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكره أحد المحاضرين صحيح؛ إذ قد ثبتت مشروعية الزواج المبكر بالقرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع وعمل الصحابة، ثم عمل المسلمين من بعدهم، وتدل عليه مصالح الشريعة:
فالدليل من القرآن الكريم:
1- قوله تعالى: وَالْلآئِي يَئَسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتِهِنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَالْلآئِي لِمْ يَحِضْنَ[الطلاق:].
فجعل سبحانه للآئي لم يحضن - وهنَّ الصغيرات - زواجاً وطلاقًا وعدة؛ إذ العدة لا تكون إلا بعد فراق، والفراق لا يكون إلا بعد زواج.
2- ويقول الله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَاب لَكُمْ مِنْ الْنِّسَاءَ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ[النساء:3]. قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في تفسير هذه الآية عندما سألها عنها ابن أختها عروة بن الزبير : يا ابن أختي هي اليتيمة تكون في حجر وليها، تشاركه في ماله، فيعجبه مالها وجمالها، فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهنَّ إلا أن يقسطوا لهنَّ، ويبلغوا بهنَّ أعلى سنتهنَّ في الصداق. متفق عليه.
فقولها رضي الله عنها: فيريد أن يتزوجها..فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا يدل على مشروعية زواج الصغيرة التي لم تبلغ، إذ لا يتم بعد البلوغ، وإنما اليتم ما كان قبل البلوغ.
3- ويقول الله تعالى: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الْلآتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ [النساء:].
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: هي اليتيمة تكون في حجر الرجل قد شركته في ماله فيرغب عنها أن يتزوجها ويكره أن يزوجها غيره، فيدخل عليه في ماله فيحبسها، فنهاهم الله عن ذلك. متفق عليه.
وأما الدليل من السنة: فما ذكره المحاضر من زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها، وهي بنت ست سنين، وبناؤه بها وهي بنت تسع سنين، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة ست، وبنى بي وأنا ابنة تسع.
وأما الإجماع: فقد انعقد على جواز تزويج الصغيرة البالغة، وأن الذي يتولى تزويجها أبوها، وزاد الشافعي وآخرون الجد من جهة الأب أيضًا.
قال ابن قدامة في "المغني": أما البكر الصغيرة فلا خلاف فيها، قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة جائز إذا زوجها من كفءٍ، ويجوز له تزويجها مع كراهيتها وامتناعها.
وقال البغوي كما في "فتح الباري": أجمع العلماء أنه يجوز للآباء تزويج الصغار من بناتهم، وإن كُنَّ في المهد، إلا أنه لا يجوز لأزواجهن البناء بهنَّ إلا إذا صلحن للوطء واحتملن الرجال.
وأما أعمال الصحابة: فالآثار الدالة على اشتهار الزواج المبكر بينهم من غير نكير كثيرة، فلم يكن ذلك خاصًا بالنبي صلى الله عليه وسلم كما يتوهمه بعض الناس، بل هو عام له ولأمته، نذكر طرفًا منها:
1- زوج علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابنته أم كلثوم من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد ولدت له قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم، وتزوجها عمر رضي الله عنه وهي صغيرة لم تبلغ بعد. رواه عبد الرزاق في المصنف، و ابن سعد في "الطبقات".
2- عن عروة بن الزبير : أن الزبير رضي الله عنه زوج ابنة له صغيرة حين ولدت رواه سعيد بن منصور في سننه، وابن أبي شيبة في المصنف بإسناد صحيح.
وقال الشافعي في "كتاب الأم": وزوج غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته صغيرة.
ثم إن التأخير في تزويج البنات في كثير من بلاد المسلمين إنما هو حادث ومخالف لما درج عليه عمل المسلمين لقرون طويلة، بسبب التغريب، ودخول القوانين الوضعية عليهم، مما أدى إلى تغير في المفاهيم والأعراف لدى شريحة كبيرة من الناس، ولا يصح مطلقًا أن نجعل الأعراف والتقاليد في بلدٍ ما هي المقياس فنقيس بها، ونعطل ما قد ثبت بالأدلة القاطعة، بل لقد تأخر تزويج البنات بعد سن البلوغ كثيراً في بعض بلاد المسلمين، مما نتج عنه انتشار السفور والفواحش، وظهور الانحراف في الخلق والدين بين الشباب، وعدم الاستقرار النفسي لديهم، لفقدهم السكن والمودة والعفة والإحصان، كما أن في التأخير تقليلاً لنسل الأمة، وهو مخالف لأمره صلى الله عليه وسلم، ومعارض لمكاثرته بأمته الأمم والأنبياء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــ
هل يلزم الزوج التطليق إن طلبته الزوجة ...
50499
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة وبركاته شكرا جزيلا وجزاكم الله ألف خير لقد وصلتني إجاباتكم السابقة، أما الآن فعندي مشكلة كبيرة أتمنى أن تجدوا حلا لها، لقد زوجت ابنتي الكبيرة العام الماضي باختيارها من ابن عمتها وكانت مقتنعة به وسعيدة معه وتبلغ من العمر الآن 19 سنة ولم تنه دراستها بعد ووافق زوجها على إكمال دراستها فهو يعيش في بلد ونحن نعيش في بلد آخر ولم يمانع أن تعيش معي وبسافروا إلي بعض كلما سنحت لهم ظروفهم ولكن بعد مرر سنة تطلب الطلاق وتقول أنا لا أطيقه ولا أستطيع العيش معه لا أستطيع الدراسة وحبل الزواج ملفوف برقبتي أنا أكرهه لا أستطيع العيش معه ماذا أفعل يؤسفني أن تطلق ابنتي وهي صغيرة لم تفهم بعد معنى الحياة الزوجية ودائما أنصحها ولكن لا حياة لمن تنادي أنا قلقة عليها ومن المتسقبل نحن في الغرب يستغربون من الزواج المبكر ويقولون حرام البنت مازالت صغيرة لماذا استعجلت عليها ولكن كما تعلمون يحاربونا بكل طرق حتى نعيش مثلهم الزواج هو آخر يفكروابه فماذا أفعل وكيف أصرفها عن أفكارها السيئة أنا دائما في خوف من أن تنحرف وتجري وراء رغباتها وأعيش في حسرة أفيدوني جزيتم خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم طلب المرأة الطلاق من غير بأس في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 29948، 30519، 40543، فارجعي إليها واعرضيها على ابنتك وخوفيها من عقاب الله وذكريها بمضار الطلاق، واستعيني على ذلك بدعاء الله عز وجل لها بالهداية والصلاح، ثم بمن له تأثير عليها من أقاربها وصواحبها.
فإن تمكنت من إقناعها بالعدول عن الطلاق فحسن، وإلا فلا يلزم الزوج التطليق وإن طلبته الزوجة إلا في حال الشقاق بين الزوجين وثبت أن الزوج لا يعاشر بالمعروف فيُلزِم الحاكم الزوج عند بعض العلماء بالطلاق، فإن كانت القوانين في البلد الذي أنتم فيه تلزم الزوج بالطلاق وكان لا بد من حدوثه وحدث فعلا فننصحك أن تبحثي لابنتك عن رجل صالح يناسبها قبل أن يكون ما لا يحمد عقباه، وننصحكم أيضا بالهجرة إلى بلاد المسلمين صيانة لأنفسكم من فساد تلك المجتمعات.
وأما تزويجك لبنتك وهي صغيرة فمما تحمدين عليه، فالزواج المبكر علاج نافع في الحماية من الانحراف والفساد، وانظري الفتوى رقم: 34483.
ونصيحتنا لهذه البنت أن تتقي الله وأن تصبر على زوجها، فإن الحياة تصلح بحسن الخلق والتفاهم والكلمة الطيبة، فإن خافت أن لا تقيم حدود الله إن هي استمرت مع هذا الرجل جاز لها طلب الخلع ويسن له إجابتها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــ
المساواة في التكاليف والمثوبة والعقوبة ...
61577
السؤال
هناك كثير من الناس وخاصة النساء أو الفتيات يتساءلون لماذا إذا أخطأت المرأة تقوم الدنيا ولا تقعد بينا إذا أخطأ الرجل فيقال إنه رجل وهو أعلم بما يعمل والرجل لا يعيبه شيء بينما المرأة يعيبها كل شيء ؟ هل يعني هذا أن الرجل والمرأة
عقابهما مختلف أم هما سواء ؟ وإذا كانوا سواء في العقاب فلماذا ذنب الرجال يغتفر وذنب المرأة لا يغتفر عند الناس؟ إلى ما لذالك من مقارنات.
كأن تقول فتاة لماذا إذا جاء شاب يخطب وسألوا عنه يقولون إنه كان يغازل الفتيات وإذا تزوج يهتدي إن شاء الله ، بينما إذا سمع عن فتاة أنها كانت تتحدث إلى الشباب وتغازلهم قالوا إنها قليلة أدب ولا أمان لها وإلى ما لذالك من أقوال؟
وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل ما يتحدث عنه الأخ السائل هو نتيجة لعادات معينة، أما من ناحية الشرع فإن التكاليف الشرعية فعلا وتركا يستوي فيها الجنسان إلا ما ثبت في الشرع تخصيص أحدهما به.
ويستويان كذلك في المثوبة والعقوبة. ويدل لهذا قوله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً {النحل: 97} وقوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا {المائدة: 38}. وقوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ{النور: 2}.
وقد ذكر بعض المفسرين أنه تعالى قدم السارق لأن الذكر أقدر على السرقة، وقدم الزانية لأن وقوع الفاحشة منها أشنع، ولأن فضيحتها وهتك عرضها يؤثر على سمعة عائلتها وشرفها ومكانتها.
فالحاصل أن الجنسين مستويان في التكاليف والمثوبة والعقوبة شرعا، وعلى المجتمعات أن تحرص على هداية وتقويم أخلاق كل من الجنسين، وأن تعفهما وتيسر السبل المعينة لتحقيق ذلك مثل تشجيع الزواج المبكر وتخفيف المهور، وسعي أولياء أمور الشباب في مساعدتهم في التكاليف عملا بقوله: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ {النور: 32}.
هذا، وليعلم أن من تاب من الجنسين وظهرت عليه علامات الإنابة والاستقامة على الخير لا يحق للمجتمع إلا أن ينسى سوابقه الشيطانية، لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه وحسنه ابن حجر. إلا أن الناس بطبعهم لا تستوي عندهم الفتاة الناشئة على عبادة الله مع من كانت لها سوابق في المعاصي، وهذا ما أكده الشرع فحث على اختيار ذات الدين، ولا يعني هذا إعفاء الذكور، فإن الشرع حض على تزويج من يرتضى دينه وخلقه ورهب من رده، كما رهب الأولياء من إعطاء بناتهم للفاسق السيء الأخلاق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــ
تزوج بها وتوكل على الله ...
74318
السؤال
سني 28سنة أريد الزواج من ابنة عمي التي عمرها 15 سنة والتي آنست منها دينا وخلقا وألفة ولكن بعض الناس اعترض على ذلك بشيئين أرجو منكم أن تجيبوني عليهما وتوضحوا لي مدى صحة ما قالوا
الأول: قولهم إنها لا تصلح للزواج في هذا السن يعنون من ناحية الإنجاب حيث إنهم يرون أن الأسلم للمرأة أن تنجب فوق ال17(أنا شخصيا لا أرى ذلك لأن الواقع يكذبه وخير مثال على ذلك كما قلت له جدتي وجدتك ونساء الأجيال السابقة فإنهن كن يتزوجن كذلك بل وقبله ولم نسمع أن إحداهن أصابها ضرر بسبب هذا الزواج المبكر)
الثاني: إنهم يقولون إنها أيضا لا تصلح لأنها غير ناضجة عقليا وهل إن كانت كذلك فهل يمكن معالجة هذا الأمر؟
وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكر في السؤال لا يعد مانعا من الزواج وبنت عمك ما زالت في سن مبكر يمكنك توجيهها وتقويمها وإصلاح ما قد يكون عندها من عادات غير مرغوبة, فتزوج بها وتوكل على الله.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــ
الزواج المبكر
... ...
يقول المثل الشعبي : " أولاد الشارب للحية ، وأولاد اللحية للشيبة وأولاد الشيبة للخيبة "
والمعنى هو أن الزواج في سن الشباب يجعل الأولاد ينفعون أهلهم منذ فترة ظهور لحية الوالد حتى يحين شيبها وما بعده ، والأولاد المولودون في فترة ظهور اللحية ينفعون في سن المشيب ، والأولاد في سن المشيب للخيبة لا ينفعون لأنهم – والأعمار بيد الله – لا يصلون سن النفع إلا بعد أن يرحل الوالدان إلى الحياة الأبدية ، كما أن أولاد الشيبة لا يحظون برعاية وعناية وتربية كافية في غالب الأحيان .
وحديث " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ..... " جدير بأن يتبنى فكرته علماء الاجتماع والنفس ولو لم يكونوا إسلاميين .
ولكن الخطأ الذي تقع فيه بعض البنات والأهالي هو أنهم يريدون من الزوج أن يكافح ويحصل على الشهادة ويمتلك المنزل والسيارة والدخل ثم يأتي لخطبة البنت ، لكن أن تشاركه البنت كفاح الحياة ، وشظف العيش ،وصراع الوجود وتخطي العقبات فذلك ما لا تقدم عليه بعض الأسر ، وهذا سر البلاء ومنشأ الخطأ ودليل الأنانية ويحرم الزوجة من التفكير في الوفاء لها عندما يحلو العيش بعد مرارته، ويحرم الزوجين من النشوة بذكريات تخطي العقبات ، والتلذذ بفرات الماء بعد ملوحته .
إن عدم مشاركة المرأة زوجها حياة البناء وبناء الحياة من أول السلم يجعل المرأة وكأنها جائزة أو سلعة لا يشتريها إلا القادر على الثمن ، وليست شريكة حياة ومعاناة وآمال وآلام، يساعد فيها أحدهما الآخر مسرورا إن ساعد أو سوعد ، وعلى المرأة الصادقة في رغبتها في مصارعة الشدائد مع الرجل والد أولادها أن تقول زوجوني الشاب الفقير السكن في بيت الطين ، لنشق الطريق سويا ولا تزوجوني من جاءني مباهيا بماله وكأني قطعة كنب يدفع ثمنها لوالدي .
إن المرأة العاقلة الإنسانة المثقفة المناضلة هي التي تتزوج الشاب وتعاضدة ، وليست من تتزوجه بعد انتظار ليكون غنيا إثر فقر ، وكأنما تزوجت غناه لا إنسانيته وصدق رسول الهدى e القائل :" ليس الغنى من كثرة العرض ، ولكن الغنى غنى النفس "، والحقيقة أن كثيرا من البنات والعائلات ليرحبن بالرأي ويرين مشاركة الزوج في العناء قبل الغنى ، لكن بعض الشباب يعللون تهربهم من تحمل مسؤولية الزواج بهذه أو بمشكلة غلاء المهور وتكليف الزواج ومتطلباته، مع أنها مشكلة مبالغ فيها، وليست عامة، فهي عند البعض من الأهالي، أما البعض الآخر فمستعد لتزويج بناته بلا مهر ولا مصاريف مكلفة،ولا يهمه آلا وجود ابنته في عصمة رجل كفء، والعصامى أفضل.
وكيف نشكو من غلاء المهور ما دام غير موجود إلا عند البعض، لماذا لانتجه للبعض الآخر والذي يفضل غيره في الغالب وعيا وثقافة وخلقا ودينا وربما جمالا. إن الشكوى من غلاء المهور مقبولة إذا كانت عامة لا استثناءات فيها، ولكن الاستثناءات هي الغالبة والمغالون المغلون هم الأقلية نسبيا. إن الفتى الذي يتمنى لفتاة بلاده الخير، ولديه غيرة عليها مع مشاعر دينية ووطنية يعلو أن ذلك بيده بإذن الله لا بيد أحد سواه كأهلها إذ أن الشاب إذا استقام، وقرر الزواج، وبنى أسرة فإنما يبنى مجتمعا سليما، ووطنا منيعا تقويه المحبة، ويظلّه الصفاء والإخاء والنقاء والوفاء ويجعل الفتاة لا تنتظر الآتي الذي لا يأتي أو يأتي متأخرا أو يأتي على غير ما يؤمل فيه ومنه .
ــــــــــــــــــ
الزواج المبكر
دراسة موجزة
مقدمة لمؤتمر المرأة الفلسطينية وتحديات الأسرة المعاصرة
المنعقد في جامعة النجاح الوطنية 24-25/4/2000
أعدها
د. حسام الدين عفانه
الأستاذ المشارك في الفقه والأصول
كلية الدعوة وأصول الدين /جامعة القدس
*
المقدمة
*
مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية
*
سن الزواج في الشريعة الإسلامية
*
تعريف الزواج المبكّر
*
الردّ على شبهات الداعين إلى تأخير سن الزواج
*
إيجابيات الزواج المبكر
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) سورة آل عمران الآية 102 .
( يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) سورة النساء الآية 1 .
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) سورة الأحزاب الآيتان 70-71 .
وبعد ...
أشكر إدارة مركز جذور للثقافة والفنون على تنظيم هذا المؤتمر بعنوان ( المرأة الفلسطينية وتحديات الأسرة المعاصرة ) كما وأشكركم على دعوتي للمشاركة بورقة عمل بعنوان ( الزواج المبكر في المجتمع الفلسطيني بين رؤية الدين وممارسة المجتمع ) وأبدأ ورقتي بذكر بعض النصوص الشرعية التي تحض على الزواج :
قال تعالى :( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ) سورة النور الآية 32 .
وقال تعالى :( فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ) سورة النساء الآية 3 .
وقال تعالى :( فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ) سورة الآية 25 .
وقال تعالى :( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ) سورة النساء الآية 24 .
وقال رسول الله e :( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) رواه البخاري .
وقال e :( وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) رواه البخاري .
وقال e :( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ) رواه مسلم .
ثم أذكر مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية بإيجاز :
للزواج مقاصد عديدة منها :
1. المحافظة على النوع الإنساني .
2. سلامة المجتمع من الانحراف الخلقي .
3. المحافظة على الأنساب .
4. السكن الروحي والنفسي ، فقد قال تعالى :( وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) سورة الروم الآية 21
5. حماية المجتمع من الأمراض الجنسية المختلفة بغياب الزواج الشرعي .
6. تلبية حاجات النفس بالأمومة والأبوة .
سن الزواج في الشريعة الإسلامية :
لم تحدد الشريعة الإسلامية سناً معيناً بالسنوات لعقد الزواج بل أجاز جمهور الفقهاء المتقدمين زواج الصغير والصغيرة أي دون البلوغ ولكن قوانين الأحوال الشخصية في البلاد الإسلامية حددت سناً للزواج فقد نصّ القانون الأردني للأحوال الشخصية في المادة الخامسة منه على ما يلي :
[ يشترط في أهلية الزواج أن يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين ، وأن يتم الخاطب السن السادسة عشرة وأن تتم المخطوبة الخامسة عشرة من العمر ]
[ ونصّ قانون الأحوال الشخصية لدولة الإمارات العربية في الفقرة الأولى من المادة عشرين على أن سن الزواج للفتى ثمانية عشر عاماً وللفتاة ستة عشر ].
وأما قانون الأحوال الشخصية السوري فقد حدد سن الزواج للفتى بثمانية عشر عاماً وللفتاة بسبعة عشر عاماً وأجاز زواج الفتى بسن خمسة عشر عاماً وللفتاة بسن ثلاثة عشر عاماً بإذن القاضي وموافقة الولي .
ونصّ قانون الأحوال الشخصية التونسي على أن سن الفتى عشرون عاماً والفتاة سبعة عشر عاماً. وكذلك فإن القوانين الأوروبية قد حددت سن الزواج فالقانون الفرنسي قد جعل سن الثامنة عشرة للفتى والخامسة عشر للفتاة .
والقانون الألماني جعل سن الفتى إحدى وعشرين سنة والفتاة عشرين .
والقانون السويسري جعل سن العشرين للفتى وسن الثامنة عشرة للفتاة .
وكذلك فإن الديانات الأخرى حددت سناً للزواج ففي الشريعة اليهودية جعلت سن زواج الرجل الثالثة عشرة والمرأة الثانية عشرة .
وفي القانون الروماني جعل سن زواج الرجل الرابعة عشرة للرجل والمرأة الثانية عشرة .
تعريف الزواج المبكّر :
إن المعنى الحقيقي للزواج المبكر من الناحية الطبية والعلمية هو الزواج قبل البلوغ فبالنسبة للفتاة الزواج المبكر هو زواجها قبل الحيض .
وأما تسمية من تتزوج قبل الثامنة عشرة بأنه زواج مبكر فهذا لا يستند إلى قاعدة علمية أو قاعدة شرعية فأمر الزواج مربوط بالبلوغ والبلوغ عند الفتاة هو الفترة الزمنية التي تتحول فيها الفتاة من طفلة إلى بالغة وخلال هذه الفترة تحدث تغييرات فسيولوجية وسايكولوجية عديدة والبلوغ ليس بحدث طارئ وإنما هو فترة من الزمان قد تتراوح ما بين سنتين وست سنين ويرتبط بعوامل جينية أي وراثية وعوامل معيشية وصحية وفي آخر هذه الفترة يحدث الحيض وعندها تصبح الفتاة بالغة .
وأما سن البلوغ فيتراوح عالمياً ما بين 9-16 سنة وفي بلادنا ما بين 11-12 سنة حسب دراسة علمية صادرة عن الجامعة الأردنية .
الدعوة إلى تأخير سن الزواج وما ادعي فيه من المخاطر والأضرار :(49/15)
ورد في نشرة صادرة عن أحد المراكز النسوية التي تتبنى فكرة تأخير سن الزواج إلى أن تبلغ الفتاة الثامنة عشرة من عمرها أن للزواج المبكر مخاطر متعددة على الفتاة من النواحي الصحية والاجتماعية والنفسية فمن المخاطر الصحية بأنها إذا حملت في فترة مبكرة فإنها لا تتم حملها بمدته الكاملة لأن جسمها لم يكتمل نموه بعد وأنها قد تتعرض للإجهاض المتكرر .
وقد تتعرض الفتاة إلى فقر الدم وخاصة خلال فترة الحمل . وقد تزداد نسبة الوفيات بين الأمهات الصغيرات أي ما بين 15-19 عاماً عن الأمهات اللواتي تزيد أعمارهن عن العشرين عاماً بسبب الحمل . وقد تزداد وفيات أطفال الأمهات الصغيرات بنسبة أكبر من الأمهات الأكبر سناً وذلك لقلة الدراية والوعي بالتربية والتغذية .
وزعمت النشرة وجود مخاطر اجتماعية ونفسية لأن الفتاة تكون في مرحلة المراهقة ولا تستطيع أن تبدي رأيها في أمور حياتها الزوجية بثقة وارتياح وقد تقع تحت تأثير الأهل والأقارب في شؤون حياتها الشخصية .
وقد ينتج عن الزواج المبكر الحرمان من التعليم .
وكذلك فإن الزواج المبكر يزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الفتاة في هذه الفترة .
الردّ على شبهات الداعين إلى تأخير سن الزواج :
1. إن قانون الأحوال الشخصية قد منع زواج الصغار أخذاً بالرأي الفقهي الذي يمنع ذلك واشترط بلوغ الزوجة خمسة عشرة عاماً وأما الزوج فستة عشرة عاماً وهذا السن بالنسبة للرجل والمرأة هو سن يكون كل منهما قد بلغ ويدخل سن الأهلية والتكليف ، والدعوة إلى تأخير الزواج هو انتقاص لأهلية الرجل والمرأة وحجر على حريتهما التي تتبجح هذه المراكز بالمناداة بها .
2. اعتبار الفتى والفتاة في سن المراهقة ولا يقوى كل منهما على أخذ القرار المناسب هي حجة واهية جوفاء لأن الفتاة تأخذ رأي وليها وتستشيره في أمورها وخصوصاً موضوع الزواج إضافة لذلك فإن المجتمع الإسلامي هو مجتمع المحبة والمؤاخاة و التناصح .
3. إنهم قد اعتبروا زواج الصغار أمراً لا فائدة منه حسب ادعائهم ونقول فيه رداً عليهم بأن قانون الأحوال الشخصية لم يجز زواج من لم يبلغ واعتبر الأهلية والتكليف شرطا أساسياً في هذا الموضوع ولا نؤيد زواج الصغار الذين ما زالوا في مرحلة الطفولة لأن الطفل والطفلة لا طائل من زواجهما في هذا السن لعدم تحقق أهداف الزواج والمعاشرة الزوجية من زواجهما .
وكذلك فقد جاء في كتاب القانون ومستقبل المرأة الفلسطينية لمؤلفته أسمى خضر ص 131 الدعوة إلى تأخير سن الزواج إلى 18 عاماً للفتاة والفتى وذلك تمشياً مع تعريف الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل إذ أن نهاية سن الطفولة بلوغ 18 عاماً .
وأقول إنه لأمر عجيب حقاً تمديد سن الطفولة إلى بلوغ 18 عاماً ليتمشى ذلك مع الاتفاقيات الدولية ولماذا لا نسير وفق ما جاء في ديننا وتاريخنا وحضارتنا ، لقد دق محمد بن القاسم أبواب الصين وهو دون الثامنة عشرة وقاد أسامة بن زيد جيوش المسلمين وهو ابن ستة عشرة عاماً فهل تأخير سن الطفولة إلى ثمانية عشرة عاماً في مصلحة الأمة والمجتمع .
4. أما دعوى صغر حجم الأعضاء التناسلية عند الفتاة في تلك المرحلة هو ادعاء مخالف لرأي الطب الذي قال إن مرحلة بلوغ الفتاة يكون بين الثانية عشر والرابعة عشر والقانون لا يجيز زواج الفتاة إلا في الخامسة عشر مما يستدعي مرور سنة على بلوغها على الأقل قبل الزواج .
5. الادعاء بزيادة الوفيات للأمهات الصغار جراء الحمل وسوء التغذية هو ادعاء غير مسلم بالإضافة إلى أن الواقع يكذبه من خلال الحس والمشاهدة بالنسبة للوفيات .
أما ادعاء سوء التغذية فهو بحاجة إلى زيادة وعي من البيت والأسرة والمدرسة والجامعة ووسائل الإعلام ودور الرعاية الصحية التي لو تم استخدامها بطريقة سليمة ودقيقة لأحدثت نقلة نوعية فائقة في هذا الأمر .
6. نشرت صحيفة الحياة اليومية المحلية تقريراً صادراً عن مركز دراسات الزواج بجامعة روتشرز مفاده أن نسبة الزواج في الولايات المتحدة الأمريكية قد هبطت إلى أدنى من الرقم القياسي في نهاية القرن الحالي ويعزو هذا الانخفاض إلى الأسباب التالية :
أ. إن الأمريكيين يؤجلون سن الزواج إلى سن أكبر ففي عام 1960 كان متوسط العمر للزواج 20 سنة للفتاة و 23 سنة للرجل وفي عام 1997 ارتفع 25 للفتاة و27 للرجال .
ب. يقول التقرير إنه كلما تأخر سن الزواج كلما فكر الناس أكثر في عدم الزواج ونتيجة لذلك إن أمريكيات كثيرات يلدن ويربين أطفالاً دون زواج ففي الستينات ولد 25.3 % من إجمالي المواليد في الولايات المتحدة من أمهات غير متزوجات بينما ارتفعت هذه النسبة إلى رقم أكبر في عام 1997 لتصل إلى 32 % من الأمهات غير المتزوجات.
ج. تأخير سن الزواج أدى إلى ظاهرة تفشي المعاشرة دون زواج حيث يقيم رجل وامرأة تحت سقف واحد دون زواج الأمر الذي زاد من انتشار العلاقة الجنسية خارج نطاق شرعية الزواج.
وخلص التقرير إلى نتائج مهمة منها :
• الزواج مؤسسة اجتماعية حيوية لرعاية وتربية الأطفال .
• الزواج هو ( الغِراء ) الذي يلصق الأباء والأمهات بالأطفال ويسهم في الصحة البدنية والعاطفية والاقتصادية للرجال والنساء والأطفال والأمة ككل .
• انهيار الزواج وراء مشاكل اجتماعية كبيرة وعلى الحكومة التعامل مع هذا بقدر ما تستطيع .
• إن الزواج القوي والأسرة المكونة من والدين مصلحة من أهم مصالح البلاد .
7. إن قانون الأحوال الشخصية عندما حدد سن الأهلية بهذا العمر لم يفرض على الناس الزواج في هذا السن بالذات إنما اعتبر أن أقل سن يستطيع المرء الزواج فيها هو هذا السن .
وبالنظر إلى سجلات عقود الزواج في المحاكم الشرعية نجد أنه قلما تتزوج فتاة دون سن السابعة عشر أو دون سن العشرين للشباب .
إن أولياء الأمور يستطيعون تقدير أمور الزواج المتعلقة ببناتهم فإذا وجد في ابنته القدرة على ذلك زوجها ، وإذا لم يجد فيها القدرة على ذلك لم يزوجها .
8. إن البحوث العلمية والدراسات العالمية تثبت أنه لا يوجد زيادة في مضاعفات الحمل عند النساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 15-19 سنة . وإن المضاعفات التي تحصل عند الحوامل أقل من 15 سنة هي نسبياً قليلة . هذا ما أثبته العالم الأمريكي Satin من “Parkland Hospital- Texas
إن إيجابيات الزواج والحمل والإنجاب في سن مبكر عديدة منها :
1- الإخصاب : " إمكانية الحمل " إن نسبة الخصوبة" أي الحمل خلال فترة الزواج " عند الفتيات في سن مبكر تفوق الفتيات في الأعمار الأخرى .
2- الأورام الحميدة والخبيثة : إن أورام الثدي والرحم والمبايض هي أقل عند النساء اللواتي يبدأن الحمل والإنجاب في السنين المبكرة .
3- الحمل المهاجر" خارج الرحم " : يثبت العالم الأمريكي Rubin في أبحاثه عام 1983 أن حالات الحمل خارج الرحم هي 17,2 /1000 عند النساء اللواتي يزدن عن 35 سنة , وأن النسبة تقل إلى 4،5/1000 عند النساء اللواتي تتراوح أعمارهن 15-24 سنة .
4- الإجهاض : في بحث للعالم الأمريكي Hawen تزيد نسبة الإجهاض من 2-4 أضعاف عند النساء بعد 35 سنة من العمر .
5-إن العمليات القيصرية والولادة المبكرة و التشوهات الخلقية ووفاة الجنين داخل الرحم ووفاة الأطفال بعد الولادة جميعها تزداد نسبياً كلما زاد عمر الحامل .
9. إن الحمل والإنجاب هو عمل متكرر وإن المرأة بحاجة إلى فترة زمنية طويلة لإنجاب ما كتب الله لها من أطفال . فالمرأة التي تتزوج في سن متأخر فإنها سوف تنجب أطفالها وهي في سن متأخر ، ومن المثبت طبياً أن الأمراض المزمنة تبدأ بالظهور أو تزيد استفحالاً كلما تقدم الإنسان عمراً وهذه الأمراض المزمنة تزيد مخاطر الحمل والإنجاب وأحياناً تقف عائقاً للحمل والإنجاب .
ومن إيجابيات الزواج المبكر :
1- تحمل الزوجين للمسؤولية وعدم الاعتماد على الآخرين .
2- كما أنه يقلل من الوقوع في الرذيلة و الانحراف والشذوذ الجنسي .
3- وفيه المحافظة على النسل وتعمير الكون وازدهاره .
4-كما أن فيه التقارب في السن بين الآباء والأبناء بحيث يكون الفارق في السن بينهما قليلاً يستطيع الآباء من خلال ذلك رعاية أبنائهم والسهر على راحتهم وهم أقوياء كما يستفيدون من خدمة أبنائهم لهم .
دراسة حول زواج الفتيات لأقل من سن سبعة عشر عاماً من خلال سجلات عقود الزواج في إحدى المحاكم الشرعية في إحدى المدن الفلسطينية .
قام أحد الباحثين بإجراء الدراسة من خلال سجلات عقود زواج المحكمة الشرعية خلال عام 1999 م وكانت حسب التالي :
1- تم عمل الدراسة على ثلاثمائة عقد زواج تم إجراؤها في المحكمة الشرعية .
2- تبين من خلال الدراسة أن تسع وستين حالة زواج كان عمر الزوجة فيها أقل من سن 17 عاماً
3- الفتيات اللواتي تم إجراء عقود زواجهن فوق ستة عشر عاماً من الرقم تسع وستين بلغ سبع وثلاثون حالة .
4- الفتيات اللواتي تم إجراء عقود زواج لهن فوق سن خمسة عشر عاماً بلغ اثنتان وثلاثون حالة .
و من خلال الدراسة ظهرت النتائج التالية :
أ- نسبة الزواج لأقل من ستة عشر عاماً تساوي 10% من حالات الزواج فقط .
ب- لم يتبين أي حالة زواج أقل من سبعة عشر عاماً للرجال وإنما تزيد عن ذلك بكثير .
ج- الغالبية العظمى من الفتيات اللواتي تم إجراء عقود زواجهن في المحكمة وتقل أعمارهن عن ستة عشر عاماً هن من القرى .
وعليه فإننا نستطيع القول أن الصراخ العالي الذي تطلقه مراكز المرأة حول تأخير سن الزواج ليس له داع من الناحية العلمية من خلال البحث والإحصاء في سجلات المحكمة من حيث أن عشرة بالمائة من العقود فقط تقل أعمارهن عن السن المقترح من قبل تلك المراكز بالإضافة إلى أن هذه النسبة تقل إلى النصف أو أكثر إذا عرفنا أن إجراء العقد لا يعني الزواج من الناحية العملية ، بل إن عملية الزواج ربما لا تتم إلا بعد عام أو أكثر من تاريخ كتابة العقد .
لذلك نستطيع القول أن هذه الدعوة ما هي إلا أفكار ماكرة وأراء خبيثة تطلقها أبواق الحقد والمكر اتجاه مشروع الزواج في الشريعة الإسلامية .
وختاماً فإني أقول إنه لا يجوز شرعاً سن قانون يحظر الزواج قبل الثامنة عشرة لما يترتب على ذلك من مفاسد كثيرة . ومع أنني من أنصار التبكير في الزواج وأحث على ذلك ولكنني أرى أنه ينبغي أن يكون الزوجان قد أتما المرحلة الجامعية الأولى وهذا لا يعني منع حالات الزواج في أقل من ذلك وحسب ما حدده قانون الأحوال الشخصية .
والله الهادي إلى سواء السبيل
ــــــــــــــــــ
الزواج المبكر.. وقفة تأمل
أن من ضمن الحاجات البشرية الزواج وما يشمله ويحققه من استقرار وسَكَن، وما يشبعه من رغبات عاطفية ونفسية وجسدية وحسيّة، وما يضمنه من ضرورة التناسل واستمرار الحياة. والإسلام أقرّ هذه الأشياء مجتمعة، ولكن ضمن إطارها الصحيح، وهو إطار الأسرة السعيدة، حيث يسود جو الألفة والمودة والتقارب والرحمة.. فتنشأ "الخلية الأسرية" من خلال عقد شرعي صحيح، مقرون بالشروط العامة والخاصة للعقود. وبه تبدأ حياة الاستقرار والهناء على ضوء تحديد الحقوق والواجبات لكل من الزوجين، على أن تكون الولاية وإدارة شؤون الأسرة، والإنفاق بيد الزوج المسؤول عن كل ذلك.
ولقد حثّ الإسلام على الزواج وجعله من الأمور المستحبة، ورغّب فيه، وجعل عليه الأجر أن قُصد به التقرّب إلى الله، وأحسن التصرف فيه. كما اعتبره ضمانة لعدم انحراف الإنسان، فقد ورد في الحديث الشريف أن: "من تزوج فقد حفظ نصف دينه فليتق الله في النصف الآخر، (وفي رواية حفظ ثلثي دينه).
وهناك وجهات نظر عديدة في الوقت المناسب للزواج هل من الأفضل التبكير أم التأخير.. وطرح البعض دلالات معينة حول الزواج المبكر منها.
ـ أن الزواج المبكر هو جزء بارز من الزواج عموماً والذي حث عليه الإسلام ليعيش الإنسان سعيداً، وليكون الزواج وسيلة تعين الإنسان على بلوغ الهدف الأسمى وهو مرضاة الله، عبر التكامل النفسي والخلقي.
ـ أنه قد يكون التجربة الأولى للإنسان ـ وللمراهق خصوصاً ـ التي يخوضها في تحمل المسؤولية الخاصة والعامة. فبالزواج يصبح مسؤولاً عن أسرة تحضنه، ويعطيها من طاقاته وقدراته فيستقر وتطمئن نفسه.
ـ أن الزواج دافع لبناء حياة اجتماعية وعلاقات إنسانية متبلورة. إذ أن في الأسرة نوعاً من إنشاء العلاقات الاجتماعية بين أفرادها.. فالزوج مثلا، من بيئة وتربية تختلف عادة من بيئة أو تربية الزوجة، ولكي يضمنا زواجاً سعيداً، فلابد أن يلجأ إلى التعاون والتفاهم فيما بينهما، وهذا بحد ذاته أسلوب اجتماعي يلازم رحابة الصدر وحسن الخلق أو التخلّق، خاصة مع الاختلاف الطبيعي في طريقة التفكير، وفي وجهات النظر. ولتخطّي ذلك، وعدم التأثر به، فلابد من محاولات التقارب، والاتفاق على نقاط مشتركة.
ثم أن في مسألة تربية الأطفال، وتنويع أسلوب التعامل حسب مزاج وطبع وميل كل واحد منهم، وكذلك مسألة التزاور مع الأهل والأقارب: أهل وأقارب الزوج وأهل وأقارب الزوجة من قبل الزوجين والأطفال، أن في ذلك تحملاً مشتركاً للمسؤولية فيحتاج إلى جهود ورعاية وأصول وأساليب مشتركة.
ـ بالزواج المبكر تزداد أواصر الروابط والتضامن والمودة والعاطفة أكثر من الزوجين، وبمعزل عن الناس، وبه أيضاً يتحقق رضا الله سبحانه وتعالى.
ـ أن مسؤولية الإنفاق التي يتولاها الزوج، تدفعه إلى مضاعفة الجهود، والسعي اكثر لتحقيق الرزق والعيش الرغيد والرفاهية لعائلته و"مجتمعه المصغّر" الجديد.
ولا يخفي ما لهذا الأمر من إلغاء لكل مظاهر البطالة والخمول والكسل في المجتمع، وما فيه من دفع للحركة الاقتصادية، وملء الفراغ الناشئ مع المراهقة، ومنع اللهوث وراء الأحلام الزائفة، والضياع العاطفي والنفسي.
ـ أن الزوجين الجديدين (والصغيرين خاصة) تنمو لديهما الموهبة، والقدرة على تحمّل المسؤوليات الاجتماعية الكبيرة، بعد مرحلة الاستقرار والركون النفسي، وبعد التجربة التي خاضاها، مما يدفع صاحب الكفاءة للبروز تلقائياً في المجتمع أو في الحياة العامة بعيداً عن المتاهات والتسكع وصغائر الأمور.
ـ بالزواج المبكر أيضاً يستطيع الأبوان القيام بأعباء المسؤولية أحسن قيام، إذ أن السن المبكر يخفف من متاعب ومشقات الحياة الأسرية، وذلك بسبب من روح الشباب، والقوة الجسدية والعقلية المتوفرة والنامية، والتي تتفتح أكثر فاكثر بأساليب جديدة وأوضاع مستجدة. وبذلك تنشأ الأسرة في أجواء "الشباب"، وتنمو ويكبر الأبناء، والأبوان لمّا يبلغا سن الكهولة بعد.. ولا يخفي ما في ذلك من فوائد على الصعيد النفسي، وعلى صعيد التعاون بين الآباء والأبناء، وعلى صعيد دفع الحياة الاقتصادية والاجتماعية شوطاً كبيراً إلى الأمام، وذلك عندما يصبح اكثر أفراد الشعب المتحرك من عنصر الشباب أو ما يقرب منهم....
ـ وتؤكد أيضاً ما ذكرناه آنفا من تخفيف النسبة الكبيرة جداً من الانحراف والفساد والانحلال الخلقي في المجتمع، لأن العنصر الأساسي المساعد على ذلك قد خفف الزواج من وطأة تأثيره وتأثره، ويبقى الدور الآخر للتقوى والتربية الصالحة في البيوت، والتوجيهات العامة لأولياء الأمور في المجتمع للقضاء نهائياً على المعاصي. وهذا الأخير يتحقق عبر قيادة الأمة من علماء وفضلاء ودعاة وعدول المؤمنين، ومن خلال مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
ـ ثم بعملية الزواج ـ والتزويج ـ المبكر للذكور والإناث، تخف المسؤولية عن كاهل الأبوين اللذين قد بلغا ـ والحال تلك ـ مرحلة من النضج والرشد والوعي تدفعهما إلى التفرّغ للعبادة والعمل الاجتماعي. وفي ذلك أيضاً عون على تحقيق الهدف من الوجود الإنساني وهو التكامل ليكون أهلاً للخلافة في الأرض.
لقد شجع الإسلام على الزواج ـ والمبكّر بالخصوص ـ وجعله أمراً مستحباً، وسهل طرقه وسبله، من استحباب تخفيف المهر، إلى التشجيع على العمل والكّد، إلى صرف الحقوق الشرعية لتسهيله، إلى تخفيض واجبات النفقة إلى الحد الأدنى اللازم.
ــــــــــــــــــ
الزواج المبكر في بورصة النجاح والفشل!
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
أكثر من عشرين سنة مرت على زواجها، مع ذلك فهي لا تستطيع أن تقاوم هذا الشعور بالأسى الذي ينتابها في بداية كل موسم جامعي.
لم تعش هي روعة هذه التجربة لأنها بكل بساطة تزوجت باكراً كان عمري سبع عشرة سنة، تقول سنية، حين داهمني الحب ولم أتردد في الموافقة على الزواج بمن أحببت وأنا لم أكمل بعد دراستي الثانوية». «كان زواجاً ناجحاً، ولكن...».
هذا الشعور بأنها فوّتت عليها فرصاً وتجارب معينة كان يمكن أن تعيشها قبل الانغماس في مسؤوليات الزواج ينغّص عليها سعادتها الزوجية لأنها تشعر دائماً بأن نقصاً ما يعتري حياتها.
أما فارس الذي أقدم هو أيضاً على تجربة زواج مبكر يعيش أحاسيس مشابهة على رغم ان عمر زواجه لم يتجاوز السنة والنصف.
«في فترة الاستراحة وتناول القهوة، يسترجع زملائي في المكتب تفاصيل سهرة الأمس ويستحضرون المواقف الضاحكة والتصرفات الشقية في حين أنني أفرك عيني مقاوماً النعاس لأنني أمضيت ليلة بيضاء بسبب بكاء طفلي ابن الخمسة شهور لأن أسنانه قد بدأت تنبت!
«زملائي هم في عمر مماثل لعمري (23 سنة) لكنه لا يزالون في زهوة الشباب وعبثه. أشعر أنني غريب بينهم، لا أستطيع أن أتبادل معهم أحاديث ذات موضوعات مشتركة، فأنا ملتزم بمسؤوليات أكثر جدية.
«أحياناً أتذمّر خصوصاً أن زوجتي صغيرة السن أيضاً (19 سنة) وتجد نفسها وسط أعباء الزواج والطفل في حين أن رفيقاتها وصديقاتها لا زلن يمرحن وينعمن بحرية العزوبية ومشاريعها.
«هذا الواقع، يضيف فارس، يجعل حياتنا دائمة التوتر لا تشبه أبداً لحظات الزواج الأولى حين كان الحب هو كل شيء بالنسبة لنا».
سناء التي تزوجت في الثامنة عشرة من زميلها في الجامعة وكانا في سنتهما الأولى، لم يصمد زواجها أكثر من شهور عديدة، لقد كان أشبه بالنزوة اذ وجدت نفسها خلاله تعاني العوز المادي وعدم التفاهم مع زوجها «لقد اشتاق بسرعة الى رفاقه فلم يعد يسهر في المنزل ويرفض أن أرافقه كما كنا في أسابيع الزواج الأولى ويصرف كل ما يخصصه لنا والده... حتى انفجر الوضع بيننا وانتهى بالطلاق!».
تشير الاحصاءات الى ارتفاع مضطرد في حالات الطلاق ويتحدث علماء الاجتماع عن أسباب اقتصادية واجتماعية وعاطفية تكمن وراء فشل الزواج. وتفرد مساحة خاصة للزواج المبكر على أنه أحد الأسباب الرئيسة المؤدية الى هذا الفشل.
لكن هذا لا يعني ان فشل الزواج يؤدي حتماً الى الطلاق في حالات كثيرة يتعايش الزوجان مع وضعهما حرصاً على الأولاد الذين يعانون هم بدورهم من أجواء الوالدين المشحونة التي ترشح من خلال الانتقاد الدائم والتذمر الذي يسود في المنزل معبراً عن مرارة تنحت في الأعماق وتشعر كل واحد من طرفي الزواج أنه ظلم وأن جزءاً من شبابه قد انتزع منه حتى لو كان هو من اختار بنفسه هذا الزواج.
وسبب فشل الزواج المبكر هو أيضاً عدم الوعي لمفهوم هذه المسؤولية التي تفرض مشاركة شخصين في كل تفاصيل الحياة وتقليص مسافة «الأنا» الى الحد الأدنى وهنا بالتحديد بيت القصيد، لأن بعض المراهقين يهربون الى الزواج طمعاً بمزيد من الحرية الشخصية غير مدركين أن الزواج يرسم لهذه الحرية حدوداً ويقيدها بالواجبات تجاه الآخر وبالتزامات الاجتماعية وبالمسؤوليات المادية لبناء أسرة تتطلب تفرغاً نفسياً وتضحيات جمّة.
ان المراهق الذي يحتاج الى من يرعاه اقتصادياً وعاطفياً ويقود خطواته الحياتية القلقة لا يستطيع أن يكون هو مسؤولاً عن غيره وبالتالي فإن نظرته لكثير من الأمور خاضعة للتبدّل وكذلك عواطفه. فحبيب اليوم قد يبدو تافهاً غداً «حين التقيته للمرة الأولى بهرتني طلّته وأناقة ملابسه لكن بعد زواج سريع، لم يعمّر طويلاً، اكتشفت أنه لا يملك سوى هذه الطلّة!» تقول سعاد!
لكن هذا لا يعني أن جميع الذين تزوجوا في عمر مبكر كان زواجهم محكوماً بالفشل.
جمانة كانت في سنتها الجامعية الثانية تتخصص في حقل الصيدلة حين تعرّفت الى زوجها الطبيب وارتبطا بالزواج بعد مرور سنة على قصة حبهما. ودخلت سنتها الجامعية الرابعة وهي حامل بطفلها البكر. مع ذلك نجحت في دراستها وفي رعاية طفلها وفي الحفاظ على اشراق زواجها. «ساعدني زوجي مادياً ودعمني نفسياً فتجاوزت كل الصعاب! وبعد مرور خمس سنوات، أنا سعيدة بزواجي وبطفليّ وغير نادمة اطلاقاً انني تزوجت في العشرين من عمري!».
يقول علم النفس ان النضوج هو أحد أهم أسباب نجاح الزواج اضافة الى الاستقلال الاقتصادي والرغبة المشتركة لدى الزوجين في انجاح هذا الزواج بالحفاظ عليه واحترام الشريك والوفاء له.
«أنا فخور بعائلتي، يقول فؤاد الذي تزوج في الحادي والعشرين من العمر. حين أتجول في الشارع أنا وولديّ يعتقدنا الجميع أخوة. لقد اجتهدت وعملت كثيراً لكي أفي بالتزاماتي تجاه عائلتي وأجنبها شر العوز... أنا سعيد بها وأحب زوجتي... مع ذلك لا أنصح ولدي بالزواج المبكر... انه صعب ويعيش دائماً على حافة خطر الانهيار!».
ــــــــــــــــــ
لماذا تخلى المجتمع عن (الزواج المبكر)..
أليس هو الحل لمشاكل الشباب؟!
الفتيان: بسبب نظرة الأهل وتدني درجة الوعي شاع الزواج المتأخر
نحن ناضجون ومستعدون للزواج لكن الأهالي عقبة أمامنا!
الزواج المبكر يساعدنا على الهدوء والاطمئنان النفسي
الفتيات: الشباب عديمو المسؤولية غرضهم اللعب بعواطفنا!
المقياس لدينا الدين والأخلاق في اختيار شريك الحياة
نريد شباباً محترمين وعندها نوافق على الزواج المبكر
شارك في الإعداد: إيمان حياتي ويوسف مكي
(الزواج المبكر) عنوان من عناوين النظام الاجتماعي الإسلامي، حيث يقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (ما من شاب يتزوج في حداثة سنه (أي مطلع شبابه) إلا عجّ شيطانه (أي ثار وغضب) يقول: يا ويلاه! عصم هذا مني ثلثي دينه. ثم قال (صلى الله عليه وآله): فليتق الله في الثلث الآخر).
وعندما نتحدث عن الزواج المبكر فإننا نتحدث عن معالجة متكاملة للمشاكل والأزمات والضغوطات التي يعاني منها كل من الشباب والشابات في سنهم الحرج الذي يتراوح من بين 16 - 20 عاماً بالنسبة للشاب، و 12 - 18 عاماً بالنسبة للفتاة. غير أن غياب الوعي الاجتماعي حيال أهمية نظام الزواج المبكر حال دون شيوعه، حتى بات أمراً غير متعارف عليه في حين أنه بالأساس القاعدة وخلافه أي الزواج المتأخر هو الاستثناء!(49/16)
إن معدلات الطلاق المرتفعة، التي أحصتها وزارة التخطيط الكويتية وكشفت عن أن لكل زواج من بين ثلاث زيجات يبوء بالفشل، أي أن ثلثي الزيجات في الكويت تنتهي إلى الطلاق الذي هو أبغض الحلال عند الله تعالى، هي دليل واضح على أن ثمة خللاً في طبيعة وآليات التزويج، فمن المظاهر الكاذبة وعدم الالتفات إلى أهمية الوسطية فيها، إلى انتفاء معيارية التقوى في الاختيار، مروراً بالمهور الغالية ونقص الوعي الديني وما إلى ذلك، كلها عوامل تؤدي إلى مثل هذه الحالة المأساوية. ولعل ترك الزواج المبكر إحدى أهم تلك العوامل.
فترك الزواج المبكر - وهو الآلية الطبيعية التي شرعها الخالق جل وعلا - لا يكون أمام الشاب والشابة طريق لتعويض الحاجة النفسية والعاطفية إلا في ثلاث خيارات كلها ذات عقبى سيئة: أولها الكبت والحرمان العاطفي، حيث إن من طبيعة الإنسان أن يقترن بالجنس الآخر، وذلك - أي الكبت - يؤدي إلى نتائج وخيمة على الصعيد النفسي فتظهر الأمراض النفسية والاكتئاب الذي يخل بتوازن الإنسان ويجعله غير سوي.
وثانيها اللجوء - كنوع من أنواع التعويض - إلى الأفلام الإباحية وقنوات الإثارة والعادة السرية، ناهيك عن المواعيد الغرامية دون علم الأهل. وهي التي تزيد من معاناة الفتى والفتاة.
وثالثها - وهو الأخر - الانسياق إلى الفاحشة حيث الانحرافات الأخلاقية والشرعية، مثل الزنا واللواط والسحاق وإلى آخر ذيل هذه القائمة من مخدرات وإدمان على الكحول وما شاكل والتي تضيع حياة الإنسان وتغرقه في وحل الرذيلة والسقوط الاجتماعي.
ولاشك بأن مسألة الزواج المبكر تعد حلاً ناجحاً لكل هاتيك المشاكل والأزمات، لكن عدم التزام المجتمع به يعود إلى نقص شديد في الوعي تجاه أهميته. ومن هنا ارتأت (للشباب فقط!) تنظيم حلقتي نقاش حول هذا المطلب بغية استطلاع الآراء واستقرائها. كانت الحلقة الأولى مخصصة للشباب، وشارك فيها كل من: علي النقي ممثل قائمة (الحب والحياة) الجامعية، مصعب شمساه، فاضل المتروك ومحمد النقي، حسين العريان، عبد الله الأستاذ وعباس غلوم وهم من الشباب العامل في الحقل الإسلامي.
فيما كانت الحلقة النقاشية الثانية مخصصة للفتيات وشارك فيها كل من: فاطمة غريب، أبرار التميمي، إيمان إسماعيل، آمنة عبد الله، جنان علي، أمل عباس، مريم عبد الله.
وبطبيعة الحال فقد تفاوتت الآراء وتباينت حول أسباب العزوف عن الزواج المبكر، غير أن النتيجة المحصّلة كانت أهمية إعادة تطبيقه في المجتمع، وفي ما يلي تفاصيل حلقة النقاش الشبابية الأولى:
المحاور: ما هي إيجابيات الزواج المبكر وما هي معوقاته؟
مصعب: بعض الإشكالات التي تطرحها الأسر خاصة الأسر الكويتية تتمثل بالمشكلة المادية. ولهذا الإشكال حلول كثيرة، فنحن نرى الوالد يشتري لولده (التلفون النقال والبيجر) و (السيارة) وغيرها من الكماليات ولكن إذا تكلم في الزواج فإنه يرفض بحجة عدم المقدرة، بينما الزواج لا يكلف مبالغ كبيرة خاصة إذا كان على منهج الشريعة الإسلامية.
الإشكال المطروح وهو رفض الوالد أو المجتمع ليس هو الأصل في المشكلة فبغض النظر عن المادة، فإن ما يرصد في فئة الشباب اتصاف بعضهم بالمبالاة وعدم تحمل المسؤولية وغياب أي هدف واضح لديها فحياتها مجرد ترفيه ولعب فقط، وهذا كله يؤثر في اختيار الزوجة، والاختيار له دور مهم في مسألة الزواج، كما أن ذلك يشعر الأهالي بعدم كفاءة الشباب للزواج.
المحاور: ما هو مفهومك عن المسؤولية، ماذا تقصد بها؟
محمد: نقصد بالمسؤولية في الزواج ليس مجرد العلاقة الجنسية البحتة بل الحياة الزوجية معاشرة وتفاهم بين الرجل والمرأة (مودة ورحمة).
المحاور: إن المسؤولة والإحساس بها لا يرتبط بالعمر فكل شاب لديه إحساس بالمسؤولية، وباستطاعته الزواج بدليل أنه بمجرد البلوغ يصبح مكلفاً أي مسؤولاً عن تصرفاته.
محمد: هناك فرق بين الكبير والصغير وبين المتلزم بالشرع وغيره، هناك أخطاء كثيرة خاصة لمن هو في مقتبل العمر.
علي: كنت في زيارة للإمام الشيرازي (حفظه الله) فسألته: إنكم دائماًتدعون للزواج المبكر فلربما يكون الشاب طائش التفكير وغير ناضج فينتهي الزواج إلى (الطلاق)؟
فأجاب سماحة السيد: ما هو مقياس الزواج هل الشخص نفسه أم سن البلوغ؟
لنطبق قاعدة (الأهم والمهم) الشاب كغيره من الشباب له رغبات ويريد الزواج فما هو الحل المناسب له؟ إنه (الزواج) طبعاً (سواء الدائم أو المؤقت)، حيث يصعب أن يمسك نفسه، فإذا منعته من الزواج المبكر ربما تساعده بذلك على الحرام وبالإجمال، احفظه من الحرام بالزواج ثم بالتدريج هو يتعلم.
هناك حديث للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ما في معناه: (ركعتان يصليهما متزوج خير من قيام الأعزب ليله ونهاره). فلماذا هذا التركيز من العترة الطاهرة على الزواج؟ إنهم لا يريدون للشاب أن يقع في الحرام، ولعل هناك استغرابا من الآباء وقد ناقشت الكثيرين منهم فقلت لأحدثهم: لا نستغرب موقف الأم لأنها عاطفية، ولكنك كأب مررت بمرحلة البلوغ والمراهقة فالمفروض أن تقوم بنفسك بتزويج أبنائك. يقول النبي (صلى الله عليه وآله) ما في معناه: (إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه).
فاضل: نحن في الكويت أصحاب دخل متوسط وإذا تزوج أحدنا مبكراً لا يستطيع والده الصرف عليه.
مصعب: هذا غير واقعي، لأن الأب يصرف على تلفون وسيارة ولده ناهيك عن العشاء خارج المنزل فكم مرة يتناول الشاب عشاءه خارج المنزل في الأسبوع (4 - 5) مرات أليس هذا صرفاً عادياً غير مبرر وهو في الوقت ذاته من أموال الوالد؟
المحاور: لا أرى المشكلة في الجانب المادي، لأن المجتمع الكويتي مقتدر، المشكلة في عدم نضج العقول، فليس هناك جدية في العمل وبالنسبة للفتيات أكثر اعتمادهن على الخدم في أعمال البيت وهكذا.
فاضل: النبي (صلى الله عليه وآله) ركّزِ على القضايا المادية أيضاً فقال ما في معناه: (الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله). ومن غير المعقول أن يصرف الأب على ولده في الشهر من (300 - 400) دينار!
حسين: هناك دليل من القرآن الكريم قوله تعالى: (وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) إن الإنسان تبدأ مسؤوليته ببلوغه الخامسة عشرة ومتى ما تحمل المسؤولية في هذا السن فإن شخصيته ستتبلور وتنضج، لأن الشخصية أثر مكتسب.
محمد: ما هي شروط عقد الزواج؟ ما هو المطلوب من الرجل هل فقط أن يكون قادراً جنسياً؟ ما هو دور العقل إذن؟ هل من يدخل التجنيد العسكري قادر على خوض الحرب منذ البداية؟ إن المجتمع بحر أمواجه عالية جداً، وإذا ربتني الأسرة على مراعاة شعور الآخرين والمسؤولين فهذا جيد.
حسين: معوقات الزواج تكمن في طريقة تفكير الشاب وكذلك الوالدين، فالشاب يقول لم أكوّن نفسي وغيرها من أعذار، أما الآباء فعاطفتهم تنسيهم حاجات أبنائهم، وإذا وضع الإنسان المعوقات فإنه يعترض على الآية الكريمة: (قل لن يصيبنا إلاّ ما كتب الله لنا) فإذا قلت أنني إذا تزوجت يمكن أن يحدث خلاف أو غيره فلن تتزوج، فهذه أمور يمكن حلها بالتفاهم وكل بيت لا يخلو من المشاكل، وفي الحديث (إذا لم تزوج البنت وهي في عقر دارها وقع عبء الزنا على الأب).
عبد الله: النضج مطلوب وكماله (نضج جنسي ونضج عقلي).
المحاور: حول العمل والمادة، ليس شرطاً أن تعمل في وزارة يمكنك كسب خبرة من حرفة وهواية تحبها، هناك شباب كوّن خبرة في الميكانيكا وعمل من خلالها فصارت مصدر رزق وكسب له.
علي: أوجه سؤالاً للعائلات: ما هي الحكمة من غلاء المهور؟ إحدى الأسرة طلبت مهراً (1000) ألف دينار، البعض يعتقد أن غلاء مهر المرأة يزيد قيمتها في حين يقول الرسول (صلى الله عليه وآله): (أفضل نساء أمتي أصبحهن وجهاً وأقلهن مهراً) هناك بعض الشباب غير موظف لكنه يتقاضى من وزارة الشؤون (300) دينار شهرياً وسكن مع أهله في المنزل وهذا أحد الأمثلة.
المحاور: هل يمكن أن يؤثر الزواج المبكر على دراسة الإنسان ومستقبله العلمي؟
حسين: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله والكافل الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف). فإذا عرف الإنسان أن الله في عونه فلم القلق؟!
وحينًا سُئِل حسين:
- هل أنت متزوج؟
- حسين: لا.
- لماذا؟
حسين: صراحة لأن الوالد معارض لذلك!
مصعب: الزواج لا يعطل الدراسة بل يعمق المسؤولية ويزيد العمل.
محمد: هذا غير واقعي فإننا لا نرى ذلك في المجتمع، ألا ترى الشباب رغم عدم زواجهم هم غير ناجحين في الدراسة فكيف به إذا تزوج وحملناه المسؤولية الأسرية أيضاً؟!
علي: هناك فتوى عند جميع المراجع، إذا خاف الإنسان الوقوع في الحرام فالزواج يكون واجباً عليه، ثم الزواج عامل إيجابي للدراسة لأنه يشبع الغريزة والعاطفة فيدرس دون قلق أو اضطراب.
محمد: يمكن للشاب أن يزور الأصدقاء ويتنزه ويقرأ القرآن ويصلي صلاة الليل ويتعبد أو ينام حتى لا يكفر بعاطفته أو غريزته!
علي: لم يرد في كلام أهل البيت (عليهم السلام) ذلك بل ذكروا أن الحل هو (الزواج)، ثم هل يستطيع أحد أن يصرف تفكيره عن الجنس الآخر في هذا السن الحرج؟
المحاور: الإنسان الذي يملأ وقت فراغه ومهم بدراسته يصبح تركه للزواج مكروه لأنه أمر مستحب أما الإنسان الذي يخاف الوقوع في الحرام فإن الزواج عليه واجب وتركه حرام، إنكم ترون الأمراض الجنسية، وكثرة المغريات ومشاكل الأحداث كل ذلك لغياب الزواج المبكر.
محمد: هناك شباب تزوجوا وإلى الآن يرون الأفلآم الفاسدة وهم منحرفون.
علي: ذلك راجع للتربية والأجواء المحيطة والبيئة التي تربى فيها الإنسان.
محمد: ما رأيكم بمن ينظر إلى المرأة كشهوة فقط؟
المحرر: ذلك طبيعي بداية لأنه هاجس ولوجود المثيرات الكثيرة.
محمد: ذلك يعني أن الاختيار يكون على أساس الشهوة فإذا قضى حاجته تسقط المرأة من عينه وتفكيره!
المحاور: لا نفترض أن كل الشباب على هذه الشاكلة أو الصورة، ثم لا نهمل دور التوعية (التوجيه والإرشاد) فغياب الوعي يسبب ما يحدث الآن في أفريقيا من انتشار مرض نقص المناعة (الإيدز)، هناك عدة عوامل لنجاح الزواج منها دور الأهل والأسرة. وبعض الشباب كان يلح على والديه وربما يتضايق فيخرج من المنزل ويكرر المحاولة إلى أن يقنع والديه.
محمد: يعني بالتهيد؟ الضرر للوالدين حرام، ربما يرتفع الضغط أو السكري عندهما!
المحاور: ارتفاع الضغط السكري لحدة النقاش وهذا غير صحيح. فليكن الحوار هادئاً مع الوالدين وهذا لا يلغي أو يغير أصل الموضوع.
حسين: هل تقارن خسارة الدراسة والمتع المادية بخسارة الدين؟ الزواج طلب للآخرة كما هو في الدنيا أيضاً.
المحاور: بعد هذا التشخيص لمعوقات الزواج المبكر ما هي الآليات التي تكفل إعادة تطبيق الزواج المبكر؟
حسين: الأسلوب والطريقة مع الملتزم تختلف عنها مع غير الملتزم.
مصعب: الكتب والنشرات (توعية ثقافية)، ثانياً: التوجه نحو التجار وتشجيعهم على إتاحة فرص العمل للشباب الكويتي، ثالثاً: تشجيع الزواج الجماعي للتخلص من مصاريف الأعراس الباهظة.
محمد: لابد من الدعم من كل النواحي أعتقد هذا هو الحل فقط.
علي: توعية الوالدين وإقناعهم عبر الحوار الهادئ، حول أهمية الزواج المبكر وفوائده وأعتقد أن هذا الكلام يؤثر رغم المعارضة في أول الأمر وهذا الأمر يتطلب مدة ولا ننسى أهمية الدعاء والتضرع إلى الله في ذلك.
المحاور: يمكننا نشر تجارب الشباب غير المتزوج ومشاكله كنوع من توعية الناس بأهمية تزويج الأبناء مبكراً حفظاً لهم من الانحراف وركوب الحرام ويمكن تكوين لجنة منظمة عُليا تقود لجاناً صغرى توجه للعلماء أو التجار وتخاطب الأسر عبر الإعلان والنشر وإقامة زواج جماعي مثلاً في مناسبة زواج الإمام علي بالسيدة الزهراء (عليهما السلام) مثلاً.
علي: يمكننا توزيع نشرات أو أشرطة الكاسيت ولها أثر كبير إن شاء الله، وكذلك محاضرات لعلماء الدين حول الزواج المبكر وأهميته، وقد رأينا أثراً كبيراً وعميقاً لهذا العمل عندما بدأنا به رغم أن العمل على قدر حالنا وإمكانياتنا المتواضعة.
•• كان هذا الرأي الشبابي، ولنقف على رأي الفتيات في الحلقة النقاشية الثانية:
المحاورة: لماذا قلّ الزواج المبكر في مجتمعنا بعدما كان سائداً؟
آمنة: أصبح الزواج عقبة أمام طموحات الفتاة في الحصول على الشهادة والرغبة في الوظيفة.
أمل: يريد الشاب في هذا الزمن العيش على هواه بدون زواج لوجود الاختلاط بين الجنسين وفرصة تكوين صداقات مع فتيات من كل نوع وشكل ما جعله يفضل أن يعيش عازباً.
جنان: شباب اليوم يعتقد أنه غير قادر على تحمل مسؤولية الزواج مع قلة وعيه في أمور الزواج.
المحاورة: ما هي العقبات التي تحول دون شيوع (الزواج المبكر)؟
أبرار: صغر سن الفتاة وقلة خبرتها وعدم قدرتها على تحمل المسؤولية مبكراً.
فاطمة: أغلب الفتيات يرتعبن من فكرة الزواج المبكر، وهن يبحثن عن الحياة المرفهة السهلة التي ليس فيها تحمل مشاق إنجاب الأطفال، وتسلط الرجل عليها.
أمل: الشاب حديث التخرج غير مستعد للخطوبة وتلبية متطلبات الزواج التعجيزية من شبكة وذهب وغلاء المهر وعمل حفلة مكلفة وغيرها من الطلبات التعجيزية الأخرى.
المحاورة: هل يستطيع الزوجان التوفيق بين الزواج والدراسة؟
إيمان: الذين ينجحون في ذلك قليل.
فاطمة: نعم يمكنها التوفيق بين الدراسة والزواج وهناك كثير من الشباب تزوجوا في سن مبكرة وعاشوا حياة بسيطة وتابعوا دراستهم أيضاً. وهذا يتم باختيار الشريك الصالح.
المحاورة: هل يكفي ما تقدمه الحكومة من مهر وإعانة شهرية للطلبة المتزوجين؟
أمل: ما تقدمه الحكومة لا يغطي النفقات التي تطلبها بعض الأسر.
فاطمة: الفتاة وحدها هي صاحبة القرار في هذا الشأن، والقناعة كنز لا يفنى. مع العلم أن المبلغ الذي تقدمه الحكومة يساوي 375 ديناراً مع بدل الإيجار.
جنان: المبلغ لا يكفي لارتفاع المستوى المعيشي وارتفاع التكاليف.
المحاورة: ما هو الملاك في الزواج الدين والخلق أم الجنسية والعنصرية؟
أبرار: الدين والخلق بلاشك.
إيمان: المجتمع الذي نعيشه لا يبالي بقضية الدين بقدر اهتمامه بالجنسية والمال والعشيرة.
فاطمة: أساس الزواج الدين والخلق للرجل والمرأة.
المحاورة: كيف نعالج ظاهرة الحياء لدى الشاب والفتاة في مسألة الزواج المبكر رغم معاناتهم الشديدة؟
أمل: من واجب الأهل بث الجرأة في الفتاة منذ صغرها لتتعلم كيف تتخذ القرار بنفسها وتعبر عن رأيها من دون حياء أو خجل. فلا يجوز تحويل قضية الزواج إلى أمر عيب أو حرام ونضع الخط الأحمر عليه كموضوع لا يجوز الخوض فيه.
فاطمة: على الأهل محاورة البنت ومشاركتها في ما تخفيه بسبب حياؤها من الأسرار والطموحات وما تعاني منه.
المحاورة: هل هناك عدم ثقة بشباب اليوم
الأغلبية: لا ثقة أبداً!!
أمل: ما هذا الهجوم الشرس على الشباب؟!
فاطمة: ماذا نفعل؟ هؤلاء من نراهم في الأسواق والأماكن العامة؟
أمل: ماذا عن شباب الحسينيات؟
أبرار: لا ثقة حتى في شباب الحسينيات لأنهم في الحسينية شكل وبالسوق شكل آخر مختلفة.
فاطمة: ساعة للحسينية وساعة لسوق شرق!!
أمل: ليس كل شباب الحسينية هكذا فمنهم الشاب الصادق في إيمانه الملتزم بدينه ولا يأتي للحسينية إلا لاكتساب الوعي الديني والثقافي متزوداً من العلم والتقوى مع ما يتمتع به من الخلق الطيب.
فاطمة: نحن نحب المتدينين ومنهم السادة من نسل أهل البيت (عليهم السلام).
المحاورة: ما هي مواصفات فارس الأحلام لفتيات اليوم؟
جنان: جامعي يتصف بالأخلاق الحميدة ومقبول شكلاً ومظهراً.
آمنة: محترم وكريم وصاحب معاش جيد.
أبرار: لا يكون شديد الغيرة والشك فيمن حوله، متساهل في أفكاره.
فاطمة: متدين ذو أخلاق كريمة ويحترم زوجته.
إيمان: عنده شهادة ويعتمد على نفسه وذو أخلاق حسنة وملتزم بالدين.
المحاورة: كلمة أخيرة توجهونها للمجتمع؟
إيمان: نوجه عناية المجتمع للاهتمام بالشباب ومساعدتهم بكافة المجالات وشكر خاص لمجلة المنبر.
أبرار: من مسؤولية المجتمع بذل الجهود الجبارة لتنشئة جيل واع ينفع المجتمع في المستقبل. ونتمنى لـ (المنبر) المزيد من التقدم والنجاح.
آمنة: تعويد الشباب على تحمل المسؤولية. فإننا نريد منهم رجالاً ناضجين، وأشكر (المنبر) على هذه الجلسة الصريحة.
فاطمة: على المجتمع تهيئة الشباب لتحمل المسؤولية في تربية الأولاد على الأخلاق الفاضلة منذ الصغر مع الشكر والثناء لمجلة المنبر في صفحة إعدادها (للشباب فقط) والتي تتيح لنا فرصة المشاركة وإبداء آراءنا في المشاكل المعاصرة.
ــــــــــــــــــ
الزواج المبكر فوائد ومنافع
فهد بن عبدالعزيز الشويرخ
السعادة في هذه الحياة مطلب عظيم، ومقصد جليل، يسعى إليها كل حي، وينشدها بكل وسيلة، ويطلبها في كل سبيل، غير أن السعادة والطمأنينة في هذه الحياة لا تحصل إلا بما شرع الله عز وجل لعباده، وما أرشدهم إليه من طاعته ومرضاته، والأخذ بما وضع الحق من سنن، وما شرع من أسباب.
وإن مما شرع الله عز وجل من أسباب السعادة وجبل النفوس عليها الارتباط برباط الزوجية، فإنه من أعظم أسباب السعادة في هذه الحياة، وحصول الطمأنينة والسكينة، وهدوء البال وراحة النفس، متى ما تحقق الوئام بين الزوجين، وكُتب التوفيق لهما(1).
نعمة الزواج:
الزواج نعمة من رب العالمين على عباده، وقد أمتن الله تعالى على عباده بهذه النعمة، فقال عز وجل: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ( 21 ) {الروم: 21}، ويقول سبحانه وتعالى: والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا 72 {النحل: 72}[ ويقول جل وعلا: فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا 11 {الشورى: 11} وقال عزوجل: هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها189 {الأعراف: 189}.
والزواج من سنن الأنبياء والمرسلين، قال الله سبحانه: ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية 38 {الرعد: 38} كما أنه من هدى الصالحين وقد أمرنا به ربنا جل وعلا في كتابه بقوله: فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى" وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى" ألا تعولوا 3 {النساء: 3} كما رغب فيه سيد المرسلين بفعله، وحث عليه بقوله: "...وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" (2) ووجه { شباب الأمة إلى المبادرة بالزواج حين يجد أحدهم القدرة على تحمل المسؤولية، والقيام بشؤون الحياة الزوجية فقال {: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج"(3). فالمبادرة للزواج أفضل من نوافل العبادات.
حجم ظاهرة الزواج المتأخر:
تميزت المجتمعات الإسلامية بظاهرة الزواج المبكر، وقد جنت ثمار هذا عفافاً وصلاحاً والتزاماً وتكاثراً، إلا أنه في المتغيرات الفكرية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها العديد من الدول الإسلامية جعلت الكثير من الشباب يتأخر في الزواج؛ حيث ارتفع معدل سن الزواج في عالمنا الإسلامي إلى (36) سنة للشباب و(32) سنة للفتيات وفقاً لما جاء في تقارير نشرت في أكثر من بلد إسلامي"(4) ففي دولة الإمارات "تشير الإحصائيات إلى ارتفاع نسبة العزوبة بين الجنسين إذ تصل إلى (80%) " (5) وفي دولة مصر أظهرت الإحصائيات" أن هناك نسبة متزايدة لغير المتزوجين تصل إلى (37% ) وقد جاء في الدراسة أن عدد الشباب والشابات العوانس وصل إلى (9ملايين)، وفي دراسة في دولة الجزائر تبين أن (31% ) من الجزائريات عوانس لم يتزوجن، وتشير الإحصائيات في سوريا إلى أن نصف الشباب في سن الزواج قد تأخروا فيه"(6) وفي المملكة العربية السعودية تشير الإحصائيات " أن عدد النساء اللاتي فاتهن قطار الزواج بلغ نحواً من (مليون ونصف مليون امرأة) " (7) وقد أبرزت " الإحصائيات مؤخراً ارتفاع ظاهرة تأخر الزواج بين الشباب والشابات بالمملكة لتصل إلى (20%) " (8) وهذه الإحصائيات والأرقام مؤشر خطير يستحق البحث والمراجعة.
أضرار الزواج المتأخر:
إن تفشي ظاهرة تأخر الشباب في الزواج خطر يهدد مجتمعاتنا الإسلامية، وينذر بظهور العديد من المشكلات والأمراض الاجتماعية والنفسية والأمنية الخطيرة، ومن أهمها ما يلي:
1- وقوع الشباب من الجنسين فيما حرم الله تعالى من الفواحش إشباعاً للغريزة الفطرية الموجودة لديهم، التي لم تشبع عن طريق الزواج المبكر، وفي نفس الوقت قامت وسائل الإعلام من قنوات فضائية، وشبكة إنترنت، وقصص داعرة، وأشعار ماجنة، بإثارتها وتأجيجها؛ مما جعل العفة أمراً صعباً على كثير من الشباب، وهذا نذير بفوضى جنسية تهدد المجتمع كله.
2- الإصابة بالأمراض النفسية نتيجة انفراد الأعزب في حالات كثيرة بنفسه دون أن يجد من يشكو له همومه، ويبث له أحزانه، و يساعده في تفريج كروبه، فيصاب بالأمراض النفسية.
3- عدم التمتع بالصحة الكاملة فقد "ذكرت وكالة قدس برس أن الباحثين في الجامعات البريطانية وجدوا أن الرجال والنساء المتزوجين يتمتعون بصحة أفضل من نظرائهم الذين لم يتزوجوا ويعتقدون أن السبب في ذلك يرجع جزئياً إلى الدعم العاطفي والاجتماعي لوجود زوج أو زوجة...ولذا ينصحون بالزواج في أقرب وقت ممكن لإزالة خطر هذه الأمراض"(9) .
4- ضعف النسل؛ فإن الشاب إذا تزوج متأخراً لا تكون لديه القدرة الكافية للإنجاب مثل الذي يتزوج مبكراً.
5-عدم القدرة على تربية أولاده التربية التي ينشدها، ويطمح إليها؛ لأن الرجل إذا كبر صار أكثر انشغالاً في صحته ورزقه، فهناك الكثير من المشكلات التي تستحوذ على ذهنه، بحيث ينشغل عن مهنة مهمة جداً ألا وهي تربية أولاده التربية الصالحة(10).
فوائد الزواج المبكر:
1- إحصان الفرج: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه...وأحصن للفرج..." فإذا تزوج الشاب مبكراً فإن هذا أحفظ لفرجه من الفواحش، وحفظ الفرج له فوائد متعددة من أهمها: أنه من أسباب دخول الجنة كما قال النبي {: "من يضمن لي ما بين لحييه و ما بين فرجيه أضمن له الجنة" أخرجه البخاري. ويقول الله عزوجل: قد أفلح المؤمنون 1 {المؤمنون: 1} ثم ذكر سبحانه صفاتهم ومنها ما جاء في قوله تعالى: والذين هم لفروجهم حافظون 5 {المؤمنون: 5} ثم ذكر سبحانه جزاءهم فقال جل وعلا: أولئك هم الوارثون 10 الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون 11 {المؤمنون: 10، 11}.(49/17)
2- استقرار صحة المتزوج: إذا كان الزواج المبكر أحصن للفرج، وأبعد للإنسان عن ارتكاب الفواحش؛ فإنه يترتب على هذا الفائدة الثانية، وهي: استقرار صحة المتزوج مبكراً؛ فإنه يسلم غالباً من الأمراض التي تنتج عن الفواحش، ويسلم أيضاً من الأمراض النفسية.
3- غض البصر: المؤمن مطالب بغض بصره يقول الله عز وجل: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم 30 {النور: 30} ومن فوائد الزواج المبكر غض البصر يقول صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر.." متفق عليه.
4- كثرة الذرية: كلما تزوج الشاب ذكراً كان أو أنثى مبكراً كان ذلك سبباً في إنجاب الذرية الكثيرة، وفي ذلك فوائد: منها تكثير أمة محمد صلى الله عليه وسلم يقول عليه الصلاة والسلام: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم"(11) ومن الفوائد: أن هذه الذرية تعينه إذا بلغ من الكبر عتياً.
حواجز وهمية في طريق الزواج المبكر:
لقد وضع كثير من شبابنا من الجنسين أمام الزواج المبكر حواجز وهمية، ومطالب مثالية كالمال والدراسة والسن ساهمت في إقناعهم بها وسائل الإعلام في ظل غفلة أو تغافل من الوالدين عن المعالجة الحاسمة والمصارحة مع أبنائهم لإزالة هذه الحواجز من أذهانهم، ومن تلك الحواجز:
1- حاجز المال: يقال للشاب الذي يريد الزواج مبكراً: لا تجعل المال عقبة في طريقك، فقد تكفل رب البشر وليس البشر بإعانتك يقول النبي {: "ثلاثة حق على الله تعالى عونهم..." وذكر منهم: "والناكح الذي يريد العفاف"(12) بل أن الزواج من أسباب الغنى يقول الله عز وجل: وأنكحوا الأيامى" منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم 32 {النور: 32} .
2- حاجز الدراسة: يقول فضيلة الشيخ الدكتور - إبراهيم الخضيري: "ليست الدراسة عائقاً عن الزواج أبداً، ولم يقل بهذا عاقل مدرك، بل إن الشاب إذا تزوج هدأت نفسه، ووجد من تساعده، فإذا تحقق له الاستقرار النفسي، فإنه سيجد بإذن الله خيراً كثيراً مباركاً، وتكون له عوناً على طاعة الله عز وجل وعلى الدراسة" (13) والفتاة كذلك.
3- حاجز السن: قبل حوالي ثلاثين سنة تقريباً يندر أن تجد فتاة قد تعدت سن الثامنة عشرة ولم تتزوج، وهذه سنة مضت منذ بداية ظهور دين الإسلام فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ولها من العمر تسع سنوات، وكذلك تزوج الصحابة رضوان الله عليهم بزوجاتهم وهن صغار في السن، ولم يكن ذلك سبباً في فشل الحياة الزوجية كما تصور ذلك وسائل الإعلام؛ بل أن لزواج الفتاة وهي في سن مبكرة فوائد عدة منها:
1- إحصان الفتاة في سن مبكرة؛ لوقوع الزواج في فترة المراهقة، وعنفوان الشهوة.
2- القضاء على وقت الفراغ لديها؛ مما يحميها من الوقوع في شراك المعاكسات التي هي بوابة للوقوع في الفواحش.
3- القضاء على ظاهرة العنوسة، بل وأدها في مهدها.
4- يكون فارق السن بينها وبين بناتها قليلاً؛ مما يساعدها على تربيتهن وتوجيههن وتقويمهن، ومعرفة كيفية تفكيرهن وتطلعاتهن.
5- إن زواجها في سن مبكرة يعنى في الغالب: كثرة ذريتها؛ وفي هذا تحقيق لتوجيه الرسول الكريم بتكثير أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
هذا والله أسال أن يوفق المسلمين للعمل برضاه، واتباع سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الهوامش:
1- " يسيروا أمور الزواج " مقال لفضيلة الشيخ- عمر بن محمد السبيل رحمه الله بمجلة الدعوة في عددها ذي الرقم (1802) .
2- رواه البخاري (4776) ومسلم (1401) من حديث أنس رضي الله عنه.
3- رواه البخاري (4779) ومسلم (1400) من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.
4- ظاهرة التأخر في الزواج.. لماذا؟ تحقيق بمجلة الدعوة في عددها (1580).
5- " التأخر عن الزواج " تحقيق بمجلة البنات في عددها ذي الرقم (43)
6- " عزوف الشباب عن الزواج " تحقيق بمجلة المستقبل في عددها (138) .
7- " العضل والإجبار في تزويج النساء في ميزان الشريعة " دراسة لفضيلة الشيخ- خالد بن عبدالرحمن الشايع بمجلة الدعوة في عددها (1903) .
8- مجلة البنات العدد (43) .
9- مجلة المستقبل العدد (138).
10- مجلة الدعوة العدد (1739).
11- أخرجه أبو داود وصححه الألباني برقم: (2940) في صحيح الجامع.
12- رواه الترمذي وقال حديث حسن (1655) والنسائي (61/6) وعبدالرزاق (9542) وصححه الألباني في صحيح الجامع (3050).
13- مجلة الدعوة العدد (1739).
ــــــــــــــــــ
أضرار الزواج المبكر على حد زعمهم ؟؟؟!!
مخاطر الزواج المبكر.. ... طباعة ... أرسل لصديق
شكري عبد الرحمن
29- April- 2006
في تقرير لسكان العالم عام 1997 فيما يخص الزواج المبكر نجد ان اكثر من 585000 امرأة يلقين حتفهن كل عام بسبب الزواج المبكر ومضاعفات الحمل التي يحدث معظمها في البلدان النامية اضافة الى النزف والالتهاب الذي قد يحدث بعد الوضع وعسر المخاض والألم الشديد لساعات طويلة الذي لايطاق بسبب عدم اكتمال حوض الأم كفاية.
فالزواج المبكر هو سمة من سمات مجتمعنا العربي وهو مرتبط بمرحلة اجتماعية واقتصادية وبجملة من الظروف والعادات والتقاليد. هذا ويُعزى الزواج المبكر لعدة اسباب:
1- الدين الذي يحث على الزواج معتبرا الزواج نصف الدين.
2- انخفاض مستوى التعليم والجهل والأمية وعدم وعي الاهل بمخاطر الزواج المبكر.
3- العامل الاقتصادي، وذلك لانجاب عدد كبير من الاولاد ليعملوا بالارض لاسيما في الريف وللتخلص من مصاريف الاولاد (لاسيما الاناث) مبكرا وخوفا عليهن من العنوسة والانحراف.
كل هذه الاسباب شجعت انتشار ظاهرة الزواج المبكر على الرغم من وجود مادة /16/ في قانون الاحوال الشخصية تنص على انه لايسمح بزواج الفتاة قبل اتمام سن /17/ سنة والشاب قبل اتمام سن /18/ سنة من عمره، إلا انه هناك خروقات واستثناءات لهذه المادة بمادة اخرى اجازت للقاضي امكانية زواج الشاب عند بلوغه سن /15/ سنة والفتاة عند اتمام سن /13/ سنة.
أما لو أردنا ان نعرف ما هي المخاطر الناجمة عن الزواج المبكر فهي كثيرة: إن الأم التي مازالت في طور المراهقة قد تتعرض للوفاة بسبب الحمل الناجم عن زواج مبكر هذا وقد تتعرض للاجهاض ووفاة الأجنة فالمرأة في سن المراهقة ليست مهيأة للحمل والولادة نفسيا وجسديا فالحمل يجهد جسم الأم ويجعله عرضة للتعب والارهاق وفقر الدم فكيف اذا كان هذا الجسم لم يكتمل نموه بعد ولم يأخذ أبعاده اضافة الى ذلك فإن كثرة الولادات تجعل المرأة قريبة من مرحلة الشيخوخة في سن مبكرة والمولود لن تكون بنيته سليمة وقوية وسيتعرض لاعاقات في حياته بسبب عدم اكتمال نموه الطبيعي في رحم أمه.
يمكن اعتبار ما سبق ذكره من المخاطر الصحية للأم والجنين أما المخاطر الاجتماعية فإنها تتجلى في زيادة عدد أفراد الاسرة التي ترهق الأب والأم في المجالات كلها سواء في عملية التربية والتنشئة أو في تلبية احتياجات الاطفال المادية والضرورية وبالتالي يشكلون عبئا على المجتمع من حيث تأمين الخدمات الصحية والاجتماعية والاقتصادية.
فالفتاة التي تتزوج باكرا تمتد لديها فترة الخصوبة فترة طويلة وتكون معرضة لانجاب اطفال اكثر وهذا يؤدي الى دفع المرأة لتحمل اعباء كثيرة قبل نموها الجسدي والعقلي.
ولاننسى ان الزواج المبكر في اغلب الحالات يؤدي الى الطلاق، وذلك بسبب عدم معرفة الزوجة كيفية التعامل مع الزوج وعدم معرفتها عن حاجات الاطفال والعناية بهم، وهذه الحالات الفاشلة تؤدي الى تفكك الاسرة وضياعها واذا اعتبرنا ان الاسرة هي لبنة المجتمع الاولى والاساسية فبالتالي نجد ان المجتمع قد تفكك ايضا وكلنا يعلم ماذا يعني تفكك المجتمع؟؟
لا بد اذاً من وقفة امام هذه الظاهرة (الزواج المبكر) ودراستها مليا والمبادرة لوضع الاسس والضوابط وذلك بتعديل بعض المواد القانونية المتعلقة بالزواج ووضع الضوابط اللازمة لها اضافة الى نشر الوعي والمعرفة والعلم ومكافحة الجهل بشتى الوسائل الاعلامية والتربوية وتنوير الاهل بمخاطر الزواج المبكر وان الارتباط الزوجي يجب ان يقوم على تفاهم وانسجام بين الزوجين في المجالات كلها ولاسيما الاجتماعية منها.
كما يجب لفت نظر الاهل بأن قرار الزواج المبكر لايعد حصنا منيعا من الانحراف في حال كان المناخ ملائما للانحراف بل يجب تعليم الاولاد وتثقيفهم لسن ما بعد المراهقة وعدم تسريبهم من مرحلة التعليم الاساسي.
6/2/2005
جريدة تشرين
http://www.nesasy.org/index.php?optioncom_content&taskview&id1134&Itemid99
ــــــــــــــــــ
آراء مضادة للزواج المبكر :
آراء حول ظاهرة الزواج المبكر ومسبِّباتها
2006/11/30 - 10:45 - ياهلا
معطيات إحصائيّة:
المعطيات السّنويّة العامّة تشير إلى وجود نسب عالية لحالات تزويج للأطفال سنوياً في مجتمعنا, وهذه النسبة بارزة جداً لدى الفتيات من الطوائف الإسلاميّة والدّرزية. حيث تبلغ نسبة الفتيات المتزوِّجات دون جيل 19 من زيجات كل سنة، ما يقارب 44% من مجمل المتزوِّجات في المجتمع العربي إلا أنّ الزيادة مستمرة بشكل مقلق ضمن الفئة العمرية دون الـ 18 عاماً. . وبما أن غالب هذه الزيجات لا تسجل فلا يمكن أن تعبر هذه الأرقام بشكلٍ دقيق عن مدى إنتشارها, ونعتقد أن النسب الحقيقية أكبر من ذلك بكثير.
( نسبة المتزوِّجات دون جيل 18 عاماً خلال السنوات 1999 – 2000)
تقرير دائرة الإحصاء المركزية 2000, 2002
... 1999 ... 2000
مسلمات ... 18% ... 32%
مسيحيات ... 6% ... 7%
درزيات ... 28% ... 33%
إستطلاع لجنة العمل للمساواة في قضايا الأحوال الشّخصيّة:
أجري هذا الاستطلاع سنة 1999، وشملت عينة البحث 1200 فتاة عربيّة بأجيال 15-17عاماً, انتمين إلى حوالي 20 قرية ومدينة عربية في كافة أنحاء البلاد ضمن أطر المدارس الثّانويّة. وقد اظهر البحث أنَّ:
72 % من الفتيات يجهلن وجود قانون يتعلّق بسنّ الزّواج .
10 % من الفتيات كنّ "مخطوبات"
توزيع الأجيال بين المخطوبات من العينة:
الجيل ... النسبة
15 ... 5%
16 ... 38%
17 ... 46%
18 ... 11%
يظهر من هذا، أنّ الأجيال الأساسية للخطوبة المبكرة هي 16- 17 سنة، مما يؤكِّد الاعتقاد: أنّ معظمهنّ يتزوّجن قبل إنهاء الدراسة الثانوية.
92 % من الفتيات يفضِّلن الزَّواج بعد جيل 20 سنة على الأقل, فيما لو كان القرار لهنّ.
يُستَدَلّ من النتائج الأوّليّة للاستطلاع، أنَّ نسبة المخطوبات التي حصلنا عليها لا تمثِّل النسبة الحقيقية في المجتمع. إذ أنَّ عيِّنة البحث لم تشمل فتيات خارج الأطر التعليمية، وهن الأكثر عرضة لهذه الظاهرة. على سبيل المثال: في النقب حيث يُعرَف انتشار الظّاهرة بكثرة في المجتمع العربي البدوي، كانت نسبة المخطوبات قليلة جداً, بسبب نسبة التسرب العالية بين الفتيات. الأمر الذي يؤكد أن النتائج لا تعكس الواقع بشكل دقيق.
أما بالنسبة لتوزيع أجيال المخطوبات يستدَلُّ منها: أنّ الغالبية العظمى للمخطوبات (84% ) هنّ في جيل 16-17 عاماً، مما يؤكِّد زيادة نسبة تزويج الأطفال ضمن شريحة الأقل سناً من الفتيات .
من ناحية أخرى عند السؤال حول: الرغبة الخاصة للمشاركات أو الجيل الذي يحبِّذن الزواج به, تبيَّن أنَّ الغالبية الساحقة تفضَّل الزواج بعد بلوغ سن العشرين. هذا المعطى يُظهِر التناقض بين رغبة الفتاة والواقع القائم , ويؤكِّد أنَّ للضغط الإجتماعي وضغط المحيط دوراً مهماً في التّزويج.
آراء المشارِكات حول أسباب اللّجوء للزّواج في جيل مبكر:
أظهر الاستطلاع: أنَّ أسباب تزويج الأطفال تقع ضمن ثلاث مجموعات أساسية من القضايا، عبَّرت عنها المشاركات في الاستطلاع :
- أزمات جيل المراهقة واستعمال العائلة: تزويج الأطفال كحل لها من جهة, وهروب الفتيات من الضغوط العائلية إلى الزواج كحل لأزمتها من جهة أخرى.
• مشاكل الاتصال في العائلة، الكبت, عدم التّفاهم أو الإتفاق على تصرّفات الفتاة, وجود فارق في الأفكار والآراء بين الأهل والفتاة، ومن هنا الهروب إلى التزويج كحل.
• خوف الأهل من العلاقات بين الجنسين في هذا العمر، يدفعهم لتزويجها لتفادي الأقاويل، علماً أنَّ هذا هو الإطار الوحيد المقبول إجتماعياً لعلاقة بين شاب وفتاة. فإن وجدت علاقة كهذه يحاول الأهل إعطائها شرعية اجتماعيةً وبشكل سريع عن طريق الزواج.
• تأثير مجموعة الجيل، حيث إقبال العديد من الفتيات على الخطوبة المبكرة، وغالباً ما يتشاركن مقاعد الدراسة سوية.
• اختلاف تعامل المجتمع والأهل مع الفتاة ومنحها قدراً أكبر من الاحترام بمجرد خطوبتها.
• الخطوبة والزواج: هما فرصة للفتاة للخروج والترفيه، والحصول على حيِّز شخصي لا تحصل
عليه داخل البيت. وبهذا تعتبر الفتاة الزّواج منفذا للهروب من التقييد المفروضة عليها .
• الخوف من تأثّر الفتاة بقيم غربية ( بالذات عن طريق المجتمع الإسرائيلي).
- عوامل تخصُّ تدني مكانة المرأة في المجتمع بشكل عام:
• إعتقاد المجتمع بأن تأمين مستقبل الفتاة مرتبط بزواجها.
• الخوف من عدم الزّواج أبداً " العنوسة " لما فيه من مكانة متدنية في المجتمع.
• رغبة الشّبان بالزّواج من فتاة صغيرة السن بإمكانهم التأثير على تشكيل شخصيتها, أو كما درج استعمال مقولة "الشاب بدو بنت يربيها على إيديه".
• إمكانية أستغلال أكبر لسنوات الخصوبة لدى الفتاة بزواجها في جيل مبكر .
- عوامل اقتصادية :
• الأوضاع الإقتصاديّة السيِّئة للأهل تدفع بهم الى تزويج الفتاة للتخلص من عبئ إعالتها.
• عدد أفراد العائلة الكبير
• عدم توفر إمكانيات أخرى كالتّعليم والعمل.
يمكن اعتبار ظهور هذه القضايا كمسبِّبات لتزويج الأطفال حسب آراء المشاركات، تأكيداً لعلاقة هذه الظاهرة بالمكانة العامّة المتدنّية للمرأة في المجتمع العربي, حيث نجد أن المجتمع يربط بين كثرة البنات في العائلة والتزويج المبكر, عملياً هذه الفكرة لم تكن عفوية وبنيت على اعتبار الفتاة عبء على العائلة، فنجد أنَّ التزويج هو طريقة لتخفيف عدد أفراد العائلة.
من ناحية أخرى يطالَبُ الخاطب بالبلوغ والوعي وتأسيس نفسه قبل الإقدام على الزواج, ولا تطالَبُ الفتاة بالقدر نفسه من الوعي. وهذا بناءً على تحديد المجتمع لوظائفها داخل البيت, بشكل لا يتطلَّب منها التأهيل لأكثر من ذلك.
نجد أن المجتمع وضع معاييراً لسنّ الزّواج بناءً على: سنوات الخصوبة, أو وجود علاقات سابقة للفتاة، أو التخويف من "العنوسة". يجعل من التعامل مع المرأة للأسف " كشيء " له تاريخ صلاحية وتوضع عليه اعتبارات، مثل التجربة السابقة أو قدرته الإنتاجية كآلة لإنتاج الأطفال, وعدم " تزويجها " في صغرها يضعها ضمن فئة مهدَّدة بالكساد!! .
من هنا ندرك أنّ التغيير المجتمعيّ نحو رفع مكانة المرأة بشكل عام، من شأنه بالتأكيد التقليل من هذه الظاهرة للمدى البعيد .
من ناحية أخرى نرى بناءً على آراء المشاركات، أنَّ المشاكل التقليدية لجيل المراهقة, مثل: ضغط مجموعة الجيل, عدم التوافق مع الأهل والتمرّد, الرّغبة بالتَّعرف إلى الجنس الآخر .. تتم معالجتها عن طريق إعطاء حلّ سحريّ وهو نقل الفتاة إلى مسؤولية أخرى، كنوع من تفادي التعامل مع المشاكل الطبيعيّة الناشئة خلال فترة المراهقة. في حين يجب التعامل مع هذه الفترة كمرحلة ذات مميِّزات وإشكاليات, وعلى الأهل من جهة والمراهق/ة من جهة أخرى مواجهة هذه الإشكاليات, بناءً على أسس تربويّة تضمن البلوغ السليم, ومن ثم تضمن تحضير شخصية المراهقين لبناء أسرة عند البلوغ .
إن الواقع الإجتماعي الإقتصادي الصَّعب الذي نعيشه في ظل نقص إمكانيات العمل والتعليم للشبّان والفتيات العرب يضيف إلى إمكانية ازدياد هذه الظاهرة. ومن هنا نرى أنَّ الفتاة تدفع ثمن أوضاعنا هذه بشكل غير مباشر, حيث لا تجد أمامها أي إمكانيات للتطوّر والخروج من البيت كبديل للزّواج المبكر. لكن هذا لا يعتبر مبرِّراً لاستمرار هذا النمط من الزواج، لأنَّ النتائج النّهائيّة للتزويج المبكر تكرِّس هذه الأوضاع الاقتصادية، وكما ذكر سابقاً تتكرَّر المشاكل الحالية في العائلات الشّابّة الجديدة المبنيّة على تزويج الأطفال.
إن التخوف من التّأثّر من قيم غريبة على المجتمع العربي هو تخوّف قائم، إلاّ أنّ طرق معالجته يجب ان لا تكون بإتباع تقاليد تنتهك حقوق أفراده.
توصيات:
- العمل على تغيير القانون من اجل رفع جيل الزواج للفتاة إلى 18 عاماً.
- الضغط على المؤسَّسات القضائيّة والقانونيّة, من أجل زيادة تطبيق قانون جيل الزواج القائم على الأقل .
- تكثيف العمل التوعوي والإجتماعي من أجل تقليص الظاهرة, وذلك من خلال التَّركيز على مسبِّباتها الرئيسية: كضعف مكانة المرأة في المجتمع والأفكار التقليدية تجاهها, تعزيز الوعي القانوني والوعي الحقوقي وزيادة البرامج المخصّصة حول جيل المراهقة. وذلك على ضمن مجموعات الفتيات, الفتيان, الأهالي والمهنيين/ات.
- زيادة الوعي حول الآثار والإنعكاسات السلبيّة لزواج الأطفال، من خلال النَّشر والإعلام.
- تشجيع إجراء الأبحاث لفحص أبعاد تزويج الأطفال, على مستوى المرأة، الأطفال والعائلة.
تزويج الأطفال
بين القانون والمجتمع
إعداد:
العاملة الإجتماعيّة مقبولة نصّار
نشرة تثقيفيّة تُصدِرها
لجنة العمل للمساواة في قضايا الأحوال الشّخصيّة
تموز 2004
ــــــــــــــــــ
إنعكاسات وتأثيرات الزواج المبكر
2006/11/29 - 10:54 - ياهلا
من خلال العمل مع جمهور النّساء العربيّات, اتّضح وجود العديد من التأثيرات السلبيّة والمصيريّة لتزويج الأطفال.
- الزواج في جيل مبكر، يحدّ وفي أغلب الحالات قد يمنع الفتاة من إكمال تعليمها, بسبب التزامات الزواج والأطفال, الأمر الذي يَصْعُب تعويضه لاحقا,ً بالذات إذا لم تحصل الفتاة على شهادة المرحلة الثانوية.
- إزدياد إحتمال حدوث مشاكل زوجيّة وعائليّة, لها علاقة بعدم قدرة الفتاة على تحمّل أعباء هي غير جاهزة نفسياً واجتماعياً لها, في ظل توقّعات الزوّج والعائلة الموسَّعة منها- دون الأخذ بعين الإعتبار صغر سنها وقلّة خبرتها.
- إحتمال تعرّض ألفتاة لحالات نفسيّة صعبة, نتيجة لضغوط قد تتعرض لها خلال الحياة الزّوجيّة، حيث يعتبر عدم النضوج عاملاً أساسياً في تعاطيها مع الأزمات .
الجوانب الصحيّة:
إن تزويج الفتاة في جيل مبكر، يحمِّلها تبعات صحية جمّة، ناتجة بالأخص عن الإنجاب في جيل مبكر حيث أنه من المعروف أن الإنجاب في المراحل المبكرة والمتأخِّرة يهدِّد صحَّة المرأة. الإنجاب المبكر هو إنجاب قبل تكامل نمو المرأة الجسدي الذي من شأنه أن يؤدّي إلى:
1. عدم اكتمال نموّ الغدد المسؤولة عن الطّول، وكذلك الغدد المسؤولة عن تنظيم الدّورة الشّهريّة.
2. زيادة خطر التعرض للإجهاض المتكرر.
3. يخصِّص الجسم مخزون الطاقة للحمل ونمو الجنين بدلاً من تخصيصه لنمو جسم الفتاة التي لا زالت في جيل المراهقة.
4. التعرّض لمخاطر الولادة القيصرية بسبب عدم اكتمال نمو الحوض في فترة المراهقة.
5. زيادة خطر التّعرّض لفقر الدّم بسبب الحمل والولادة.
6. عدم الوعي الكافي في مجال تنظيم الحمل، مما يزيد من احتمالات الولادة المتكرِّرة بدون فاصل زمني بين الولادات, الذي من شأنه أن يشكِّل عبئً جسديّاً ونفسيّاً على الفتاة.
7. الترهّل المبكر للجسم، نتيجةً للولادات المتكرِّرة.
علاوةً على ذلك، يحمل الإنجاب المبكر إنعكاسات صحيّة على الطفل/ة, أهمّها:
1. ولادة أطفال قليلي الوزن وعرضةً للأمراض.
2. تعرّض الطفل/ة لمشاكل ناتجة عن قلّة الوعي لدى الأم حول العناية الصحيحة بالطفل/ة, التّغذية السليمة, عدم إتمام فترة رضاعة كافية, التعرّض لحوادث بيتية, وما إلى ذلك من مخاطر يمكن تلافيها.
موقف اللجنة من الزواج المبكر:
نؤمن بأنَّ الزواج المبكر لا يقتصر على زواج من هم دون الثامنة عشرة، وإنما هو تزويج كلّ من لم ُيتمّ بلوغه النفسيّ, الإجتماعي، التّعليمي، العقلي, العاطفي, الجسماني والجنسي. بموجب هذا التعريف لا يمكننا أن نحدِّد سناً محدداً بإمكانه أن يعبِّر عن سن الزواج المفضّل، لأنه يختلف من شخص إلى آخر تبعاً لاختلاف نموّه.
تزويج الأطفال
بين القانون والمجتمع
إعداد:
العاملة الإجتماعيّة مقبولة نصّار
نشرة تثقيفيّة تُصدِرها
لجنة العمل للمساواة في قضايا الأحوال الشّخصيّة
تموز 2004
ــــــــــــــــــ
التبكير في الزواج :
اذكر الله
.. يشير بحث الدكتورة سامية الساعتي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس بالقاهرة بعنوان ( اختيار الزوج والتغير الاجتماعي ) الى ان الكثير من الأسر الآن أصبحت تفضل أن تزوج بناتها في سن مبكرة حتى قبل ان تكمل دراستها الجامعية كرد فعل لما يشاهدونه من تجارب الأسر الأخرى التي انتظرت حتى أصبحت بناتها عوانس لانهم يرون ان الفتاة قبل أن تتم العشرين تفرح بالزواج أكثر مما تفكر في الزواج نفسه، وان الأهل هنا يختارون الزوج المناسب للفتاة من وجهة نظرهم. لكن هذا الوضع قد لا ينجح دائما، لأن وسائل الاعلام تزيد من نضوج الفتاة ومعرفتها بطبيعة مسؤولية الحياة الزوجية.
المرجع رقم : 132
B
...
L
...
0
...
0
...
2
...
صلي على محمد
.. ع. ( 30 عاما ) وهي متزوجة منذ كانت في العشرين، تقول : أؤيد بشدة الزواج المبكر، إذ يتاح للمرأة فرصة إنجاب عدد أكبر من الأطفال بمخاطر أقل، ويكون فارق السن بين الام وأبنائها بسيطا، مما يسهم في ايجاد فرص أكبر للتفاهم بينهم..
المرجع رقم : 138
B
...
L
...
0
...
0
...
3
...
اذكر الله
.. وحول تأخير سن الزواج وعدم التبكير يقول الدكتور احمد المجدوب مستشار المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: لأن المرأة أصبحت تعتمد على نفسها واخذت فرصتها الكافية في التعليم وتحررت وشطت في تقدميتها بشكل مرفوض ولهذا تعتقد انها حرة في عدم الزواج من 13 سنة الى 17 سنة بحجة ان الزواج المبكر خطر على صحة الفتاة، وهذه أكذوبة مثلها مثل أكذوبة خطورة الحمل المتكرر على صحة المرأة في حين انه من نعمة الله عليها، فقد أثبتت دراسات حديثة ان الحمل المتكرر يخلص جسم المرأة من السموم ويقي الرحم الإصابة بالسرطان.
المرجع رقم : 151
B
...
L
...
0
...
0
...
4
...
صلي على محمد
..(49/18)
هـ. م. ، موظفة ( غير متزوجة ) تقول : الزواج المبكر أفضل للمجتمع خاصة في هذا العصر الذي أصبح سهلا على الشباب أن يسلك طريق الحرام، ولتحصين الشباب وحمايتهم يجب التفكير في تزويجهم مبكرا.
.. وبالنسبة للفتاة من الأفضل تزويجها مبكرا لأسباب عده منها انتشار ظاهرة العنوسة والتي باتت تشكل هاجسا مخيفا لكل أسرة تخشى على بناتها من أن تفوتهن فرصة الزواج. كما أنني أؤمن بمقولة ( الفرصة تأتي في العمر مرة واحدة فقط )، فإذا تقدم شاب مناسب لأية فتاة للزواج منها فما المانع من إتمام الزواج ؟ ..
.. وتواصل صحيح أن هناك حالات كثيرة للزواج المبكر انتهت بالفشل لكن – في نظري – لها أسبابها الخاصة، وهناك حالات أخرى كثيرة مستمرة حتى الان تؤكد نجاح الزواج في هذه السن.
المرجع رقم : 225
B
...
L
...
0
...
0
...
5
...
اذكر الله
.. ع. ، ولي أمر لخمسة أبناء، يقول: أنا لا أعارض الزواج المبكر أبدا، بل أعتبره أمرا ضروريا ولابد أن نشجع الشباب عليه حفاظا عليهم وباعتبار الزواج ( ستر للبنت ). كما أؤيد رأيي بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ) ونجد في العصر الجاري انتشار الانحراف الأخلاقي من قبل الشباب وهو ما يوجب تزويجهم لحمايتهم قبل فوات الأوان. ولا أقصد هنا إجبارهم على الزواج بل نصحهم وإرشادهم الى أهمية الزواج وبعد الزواج لابد من متابعة أمورهم من دون التدخل المباشر في حياتهم، فيجب ألا نترك هذه الخلية الأسرية الصغيرة تنمو بمعزل عن الخلية الأسرية الكبيرة.
المرجع رقم : 140
B
...
L
...
0
...
0
...
6
...
صلي على محمد
.. تقول ام خليفة : .. كانت البنت زمان تتزوج في سن 14 سنة وحتى تصل هذه السن يتقدم اليها اكثر من 20 خاطبا، ولآن البنات فوق الثلاثين جالسات في البيوت ولا يتقدم أحد لخطوبتهن، وأصبحت الخطوبة بالهاتف، وقد صارت الفتاة ( الشاطرة ) التي ( تتحدث ) بالهاتف هي التي تتزوج بسرعة، رغم أن هذا الزواج ينتهي عادة بالفشل، وبنت الناس المهذبة التي تجلس في بيتها لا يسأل أحد عنها..
المرجع رقم : 106
B
...
L
...
0
...
0
...
7
...
اذكر الله
.. ف. م. ( ربة منزل ) تقول : رفض البنت لأكثر من عريس يثير حولها الشكوك، ويقلل من فرص زواجها، والبنت مهما تعلمت، ووصلت الى أعلى المناصب فإن مصيرها هو البيت وتكوين أسرة ! ..
.. أهلنا عموما يعتبرون أن الزواج مسألة ( قسمة ونصيب ) لذلك فإنه يبدو لنا بديهيا، تتابع ف. قائلة : كل البيوت لا تخلو من المشكلات، لذلك فزواج البنت بسرعة يعتبر ( سترة ) لها، كما أن الزوجين مع مرور الوقت يتعودان على الحياة معا وتذوب بينهما المشكلات.
المرجع رقم : 196
B
...
L
...
0
...
0
...
8
...
صلي على محمد
.. ويرى م. ع. ( 20 سنة – يدرس الإدارة في الولايات المتحدة الأمريكية ) أن العمر المثالي للزواج بالنسبة للشاب من 18 – 19 سنة، حيث يستطيع الأب أن يرى أولاده الى جانبه شبابا وهو في ذروة حيويته ونشاطه وعطائه، الأمر الذي ينعكس ايجابا على أسلوب وفعالية..
.. اما بالنسبة لعدد الأبناء فيتمنى أن يكون ثلاثة بحد أقصى، حيث إن العدد الكبير للأسرة يخرج من تحت سيطرة الوالد والوالدة، وبالتالي ينعكس ذلك على أسلوب التربية، كما أنه يضاعف المصاريف بحيث يؤثر على تلبية متطلبات الأولاد وتلبية رغباتهم في كافة المجالات..
.. ويتمنى م. أن يكون ولده الأول صبيا لكي يحمل اسمه، ويقوم ببعض الأعباء عنه عندما يصبح في سن الشباب.. وبالتالي يريحه من أمور عدة.
المرجع رقم : 190
B
...
L
...
0
...
0
...
9
...
اذكر الله
.. هـ. ع. ، أم لخمسة أبناء، تقول: كثير من الناس يعترضون على الزواج المبكر لكني أعارضهم. صحيح أن الزواج المبكر له سلبيات لكن إيجابياته أكثر،. وأنا أقول ذلك من واقع تجربة مررت بها حيث زوجني أهلي وأنا صغيرة، وتحملت مسؤولية البيت كما أنني واصلت دراستي، وفي الوقت نفسه أحاول توفير متطلبات زوجي من دون أن أقصر في شيء ...
.. والمسؤولية كانت كبيرة علي ولكني حاولت بقدر الإمكان التوفيق بين متطلبات الحياة الزوجية والدراسة والحمدلله أنا في أحسن حال.
المرجع رقم : 78
B
...
L
...
0
...
1
...
0
...
صلي على محمد
.. وترى س. ( 22 سنة ) أن السن المثالية لزواج الفتاة تقع ما بين 18 – 25 سنة، ففي هذه السن تكون الفتاة قادرة على مواجهة مسؤوليات الحياة عامة والزوجية بشكل خاص. أما أنسب سن لزواج الشاب فتكون بين 25 – 30 عاما، لأن الزوج يجب أن يكون قد وضع العلامات الأساسية لبناء حياته ومستقبله، و لا يتسنى ذلك، حسب رأيها، إلا في هذه السن، بحيث يكون قد أنهى دراسته وبدأ في مشوار حياته العملي، بل وقطع مسافة فيه.
المرجع رقم : 157
ــــــــــــــــــ
الزواج المبكر بين الكراهة والاستحباب ... العنوان
يطالب بعض الناس بتأخير سن الزواج ، ويرفضون الزواج المبكر ، فما قولكم في ذلك ؟ ... السؤال
20/06/2006 ... التاريخ
د.حسام الدين بن موسى عفانة ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فيستحب المسارعة بالزواج للذكر والأنثى على السواء، فهذا وقاية للنفس من الوقوع في براثن المعصية فمتى بلغ الشاب عاقلا وكان أهلا لتحمل تبعات الزواج فالأولى المسارعة بتزويجه ويزداد الأمر تأكيدا في هذه الأوقات التي أصبحت المغريات والفتن لا حصر لها ولا عدد وفي الحديث (من استطاع منكم الباءة فليتزوج) والباءة هي القدرة على تحمل مؤن النكاح وتبعاته.
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
حض الإسلام على الزواج ورغّب فيه، والزواج من سنة النبي، ومن طريقته، وهديه عليه الصلاة والسلام ، والزواج المبكر أفضل وأولى من تأخير سن الزواج في حق الذكر والأنثى على السواء ، يقول الله تعالى : ( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) سورة النور /32 .
قال الإمام القرطبي في تفسير هذه الآية:"هذه المخاطبة تدخل في باب الستر والصلاح أي زوجوا من لا زوج له منكم ، فإنه طريق التعفف ، والخطاب للأولياء .... وقوله ( الأيامى منكم) ، أي الذين لا أزواج لهم من النساء والرجال ".
وقد حض الرسول صلى الله عليه وسلم على التبكير في الزواج وعدم تأخيره فمن ذلك :
ما رواه مسلم بإسناده عن فاطمة بنت قيس ، وفيه أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- أمرها أن تتزوج أسامة بن زيد ، حيث قال لها: (أنكحي أسامة بن زيد ، فكرهته ، ثم قال أنكحي أسامة بن زيد ، فنكحته فجعل الله فيه خيراً كثيراً ، واغتبطت به ) ، وقد كان أسامة بن زيد يوم زوجه النبي –صلى الله عليه وسلم- فاطمة بنت قيس ، دون السادسة عشرة من عمره .
وعن عائشة رضي الله عنها ، أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال : ( لو كان أسامة جارية لكسوته وحليته حتى أُنفِقَهُ ) رواه ابن ماجة وأحمد ، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة 3/16 . والمراد أنه لو كان أسامة بن زيد بنتاً لزينه وألبسه الحلي حتى يتزوج .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ) رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم ، وهو حديث حسن ، كما قال الشيخ الألباني ، صحيح سنن الترمذي 1/315 . –
وعن علي رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ( يا علي ، ثلاثٌ لا تؤخرها ، الصلاة إذا آنت ، والجنازة إذا حضرت ، والأيم إذا وجدت لها كفؤاً ) رواه الترمذي وقال: غريب حسن. والأيم هي المرأة التي لا زوج لها.
وبناءً على ما تقدم ، نرى أن الأصل في الفتاة أن تتزوج إذا تقدم لها الخاطب الكفؤ ما دامت بالغة عاقلة ، ولا يجوز لوليها أن يتأخر في تزويجها إذا وجد الكفؤ وقد ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: " زوجوا أولادكم إذا بلغوا لا تحملوا آثامهم " ذكره ابن الجوزي في أحكام النساء ص304 . وهذا يشمل الذكور والإناث.
فينبغي للولي أن لا يتأخر في تزويج أولاده وبناته حتى لا يقعوا في المعاصي والآثام.
وورد عن الحسن البصري أنه قال: " بادروا نساءَكم التزويج " . وذكر ابن الجوزي عن بعض السلف أنه قال: " كان يقال العجلة من الشيطان إلا في خمس ، إطعام الطعام إذا حضر الضيف، وتجهيز الميت إذا مات، وتزويج البكر إذا أدركت ، وقضاء الدين إذا وجب ، والتوبة من الذنب إذا أذنب " أحكام النساء ص304 .
وقد أورد بعض أهل العلم أضرار تأخير زواج الفتاة فقال: "والواقع أن في تأخير زواج الأنثى إذا بلغت ، أضراراً كثيرة. منها: احتمال انزلاقها إلى الفاحشة.
ومنها: أن يفوتها الزوج الكفؤ.
ومنها: قد يفوتها قطار الزواج بالكلية.
ومنها: كدورة نفسها ، وكراهية وليها الذي أخر زواجها بعدم قبوله من تقدم إليها من الخطّاب الأكفاء وقد يصدر منها ما لا تحمد عقباه.
ومنها: قد يصيب نفسها شيء من التعقيد والسخط على كل من حولها ، ولا شك أن الولي يتحمل قسطه من هذه النتائج والآثام بسبب تأخيره تزويجها " المفصل في أحكام المرأة.
ــــــــــــــــــ
مخاطر الزواج المبكر
...
ديني ـ مسيحيات
مقالات
مواضيع ثقافية
مواضيع طبية
فوائد النباتات الطبية
حكم وطرائف
في تقرير لسكان العالم عام 1997 فيما يخص الزواج المبكر نجد ان اكثر من 585000 امرأة يلقين حتفهن كل عام بسبب الزواج المبكر ومضاعفات الحمل التي يحدث معظمها في البلدان النامية اضافة الى النزف والالتهاب الذي قد يحدث بعد الوضع وعسر المخاض والألم الشديد لساعات طويلة الذي لايطاق بسبب عدم اكتمال حوض الأم كفاية.
فالزواج المبكر هو سمة من سمات مجتمعنا العربي وهو مرتبط بمرحلة اجتماعية واقتصادية وبجملة من الظروف والعادات والتقاليد. هذا ويُعزى الزواج المبكر لعدة اسباب:
الدين الذي يحث على الزواج معتبرا الزواج نصف الدين.
انخفاض مستوى التعليم والجهل والأمية وعدم وعي الاهل بمخاطر الزواج المبكر.
العامل الاقتصادي، وذلك لانجاب عدد كبير من الاولاد ليعملوا بالارض لاسيما في الريف وللتخلص من مصاريف الاولاد (لاسيما الاناث) مبكرا وخوفا عليهن من العنوسة والانحراف كل هذه الاسباب شجعت انتشار ظاهرة الزواج المبكر على الرغم من وجود مادة /16/ في قانون الاحوال الشخصية تنص على انه لايسمح بزواج الفتاة قبل اتمام سن /17/ سنة والشاب قبل اتمام سن /18/ سنة من عمره، إلا انه هناك خروقات واستثناءات لهذه المادة بمادة اخرى اجازت للقاضي امكانية زواج الشاب عند بلوغه سن /15/ سنة والفتاة عند اتمام سن /13/ سنة.
أما لو أردنا ان نعرف ما هي المخاطر الناجمة عن الزواج المبكر فهي كثيرة: إن الأم التي مازالت في طور المراهقة قد تتعرض للوفاة بسبب الحمل الناجم عن زواج مبكر هذا وقد تتعرض للاجهاض ووفاة الأجنة. فالمرأة في سن المراهقة ليست مهيأة للحمل والولادة نفسيا وجسديا. فالحمل يجهد جسم الأم ويجعله عرضة للتعب والارهاق وفقر الدم فكيف اذا كان هذا الجسم لم يكتمل نموه بعد ولم يأخذ أبعاده اضافة الى ذلك فإن كثرة الولادات تجعل المرأة قريبة من مرحلة الشيخوخة في سن مبكرة والمولود لن تكون بنيته سليمة وقوية وسيتعرض لاعاقات في حياته بسبب عدم اكتمال نموه الطبيعي في رحم أمه.
يمكن اعتبار ما سبق ذكره من المخاطر الصحية للأم والجنين أما المخاطر الاجتماعية فإنها تتجلى في زيادة عدد أفراد الاسرة التي ترهق الأب والأم في المجالات كلها سواء في عملية التربية والتنشئة أو في تلبية احتياجات الاطفال المادية والضرورية وبالتالي يشكلون عبئا على المجتمع من حيث تأمين الخدمات الصحية والاجتماعية والاقتصادية. فالفتاة التي تتزوج باكرا تمتد لديها فترة الخصوبة فترة طويلة وتكون معرضة لانجاب اطفال اكثر وهذا يؤدي الى دفع المرأة لتحمل اعباء كثيرة قبل نموها الجسدي والعقلي.
ولاننسى ان الزواج المبكر في اغلب الحالات يؤدي الى الطلاق ، وذلك بسبب عدم معرفة الزوجة كيفية التعامل مع الزوج وعدم معرفتها عن حاجات الاطفال والعناية بهم، وهذه الحالات الفاشلة تؤدي الى تفكك الاسرة وضياعها. واذا اعتبرنا ان الاسرة هي لبنة المجتمع الاولى والاساسية فبالتالي نجد ان المجتمع قد تفكك ايضا وكلنا يعلم ماذا يعني تفكك المجتمع؟؟
لابد اذاً من وقفة امام هذه الظاهرة (الزواج المبكر) ودراستها مليا والمبادرة لوضع الاسس والضوابط وذلك بتعديل بعض المواد القانونية المتعلقة بالزواج ووضع الضوابط اللازمة لها اضافة الى نشر الوعي والمعرفة والعلم ومكافحة الجهل بشتى الوسائل الاعلامية والتربوية وتنوير الاهل بمخاطر الزواج المبكر وان الارتباط الزوجي يجب ان يقوم على تفاهم وانسجام بين الزوجين في المجالات كلها ولاسيما الاجتماعية منها.
كما يجب لفت نظر الاهل بأن قرار الزواج المبكر لايعد حصنا منيعا من الانحراف في حال كان المناخ ملائما للانحراف بل يجب تعليم الاولاد وتثقيفهم لسن ما بعد المراهقة وعدم تسريبهم من مرحلة التعليم الاساسي.
شكري عبد الرحمن
ــــــــــــــــــ
الزواج المبكر.. رؤية شرعية ... العنوان
شاع هذه الأيام ارتفاع صيحة من ينادي بتأخير سن الزواج وظهر من قال لا للزواج المبكر فما قولكم في ذلك ؟ ... السؤال
17/09/2003 ... التاريخ
د.حسام الدين بن موسى عفانة ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
لا يجوز شرعاً سن قانون يحظر الزواج قبل الثامنة عشرة لما يترتب على ذلك من مفاسد كثيرة، ولم تحدد الشريعة سنا معينا للزواج، و تسمية من تتزوج قبل الثامنة عشرة بأنه زواج مبكر فهذا لا يستند إلى قاعدة علمية أو قاعدة شرعية، وقد أوكل الله أولياء الأمور بتحديد مصالح بناتهم، بل شرع زواج الصغار وفق ضوابط نص عليها أهل العلم، ورغَّب في الإسراع بالزواج متى كان الرجل والمرأة أهل لتحمل المسئولية.
يقول فضيلة الدكتور حسام عفانة ـ بتصرف أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين- :
لقد كثُر الكلام حول قضية الزواج المبكر وكثر اللغط حول تأخير سن الزواج في هذه الأيام وأقدم قبل الجواب عن السؤال كلاماً موجزاً حول الزواج المبكر وأذكر بعض النصوص الشرعية التي تحض على الزواج : قال تعالى :( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ) سورة النور 32 . وقال تعالى :( فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ) سورة النساء الآية 3 .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج،ر ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) رواه البخاري .
وقال صلى الله عليه وسلم :( وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم :( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ) رواه مسلم. ويجب أن يعلم أن الشريعة الإسلامية لم تحدد سناً معيناً بالسنوات لعقد الزواج، بل أجاز جمهور الفقهاء المتقدمين زواج الصغير والصغيرة أي: دون البلوغ.
إن المعنى الحقيقي للزواج المبكر من الناحية الطبية والعلمية هو الزواج قبل البلوغ، فبالنسبة للفتاة الزواج المبكر هو زواجها قبل الحيض .
وأما تسمية من تتزوج قبل الثامنة عشرة بأنه زواج مبكر فهذا لا يستند إلى قاعدة علمية أو قاعدة شرعية، فأمر الزواج مربوط بالبلوغ، والبلوغ عند الفتاة هو الفترة الزمنية التي تتحول فيها الفتاة من طفلة إلى بالغة، وعندها تصبح الفتاة بالغة .
وأما سن البلوغ فيتراوح عالمياً ما بين 9-16 سنة، وفي بلادنا ما بين 11-12 سنة حسب دراسة علمية صادرة عن الجامعة الأردنية . ويقال لمعارضي الزواج المبكر ما يلي :
إن قانون الأحوال الشخصية قد منع زواج الصغار أخذاً بالرأي الفقهي الذي يمنع ذلك واشترط بلوغ الزوجة خمسة عشرة عاماً، وأما الزوج فستة عشرة عام، أو هذا السن بالنسبة للرجل والمرأة هو سن يكون كل منهما قد بلغ، ويدخل سن الأهلية والتكليف ، والدعوة إلى تأخير الزواج هو انتقاص لأهلية الرجل والمرأة، وحجر على حريتهما التي تتبجح هذه المراكز بالمناداة بها .
وقد ثبت عند المحققين من أهل العلم أن عائشة رضي الله عنها لما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت ابنة تسع سنين، ولم ينقل خلاف ذلك فيما اطلعت عليه من المصادر ، فقد روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت :( تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم - أي عقد عليّ - وأنا بنت ست سنين فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن خزرج فوعكت فتمزق شعري فأتتني أمي أم رومان، وإني لفي أرجوحة، ومعي صواحب لي فصرخت بي ،فأتيتها لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار، وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي ثم أخذت شيئاً من ماء فمسحت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدار، فإذا نسوة من الأنصار في البيت، فقلن على الخير والبركة، وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن، فأصلحن من شأني، فلم يرعني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى، فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين )
وفي حديث آخر روى البخاري عن عروة قال :( توفيت خديجة قبل مخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين فلبث سنتين أو قريباً من ذلك، ونكح عائشة وهي بنت ست سني،ن ثم بنى بها وهي بنت تسع سنين ).
وذكر الإمام النووي في ترجمة عائشة :[ أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت ست سنين، ودخل بها وهي بنت تسع ].
وذكر الحافظ ابن حجر في ترجمة عائشة أن قد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت ست، وقيل: سبع ودخل بها وهي بنت تسع، وكان دخوله بها في شوال في السنة الأولى، ثم ذكر الحافظ ابن حجر ما ثبت في الصحيح من رواية الأسود عن عائشة قال :( تزوجني الرسول صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع، وقبض وأنا بنت ثمان عشرة سنة ). ومثل ذلك ذكر الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية ومثله ذكر الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء .
وختاماً فإني أقول: إنه لا يجوز شرعاً سن قانون يحظر الزواج قبل الثامنة عشرة لما يترتب على ذلك من مفاسد كثيرة .
ومع أنني من أنصار التبكير في الزواج وأحث على ذلك، ولكنني أرى أنه ينبغي أن يكون الزوجان قد أتما المرحلة الجامعية الأولى، وهذا لا يعني منع حالات الزواج في أقل من ذلك .
والله أعلم.
ــــــــــــــــــ
الزواج المبكر وموقف الأولياء ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم لدي سؤال وهو: هل الزواج مبكرا (16-18 سنة )حرام؟؟؟!!!! ولماذا هو مكروه بين العرب في وقتنا الحالي؟! وماذا تنصوحون أولياء أمور الشباب والشابات؟
... السؤال
12/05/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالزواج المبكر ليس حراما ولا مكروها شرعا ، بل هو مستحب مندوب ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم الشباب فقال : ( يامعشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج . ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) أي : قاطع للشهوة.
ويقول الله تعالى: (وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)
وبالنسبة لقضية رغبتك في الزواج كحل لإحساسك بالرغبة فهو طبعًا الحل الأمثل، وله فوائد كثيرة . ولكن الأمور لا تؤخذ ببساطة؛ لأنه حتى في عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تحدث عن الاستطاعة كطريق للزواج ... وقال : (من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم).
إذن فعدم الاستطاعة أمر كان موجودًا ومعترفًا ووضع له النبي حلا هو الصيام، ولم يقفز النبي فوق الواقع أو الحقائق، ويقول: يجب أن يتزوج الشاب حتى ولو كان غير قادر أو مستطيع.
وقد اختلف العلماء فى حكم تزويج الآباء للأولاد ، والأكثرون على أنه لايجب ، وأن الأمر في الآية للندب.
قال ابن كثير فى تفسيره : اشتملت هذه الآيات الكريمات المبينة على جمل من الأحكام المحكمة والأوامر المبرمة فقوله تعالى "وأنكحوا الأيامي منكم" إلى آخره هذا أمر بالتزويج.
الأيامي جمع أيم ويقال ذلك للمرأة التي لا زوج لها وللرجل الذي لا زوجة له وسواء كان قد تزوج ثم فارق أو لم يتزوج واحد منهما حكاه الجوهري عن أهل اللغة يقال رجل أيم وامرأة أيم.(انتهى)
وقال القرطبي :
هذه المخاطبة تدخل في باب الستر والصلاح ، أي زوجوا من لا زوج له منكم فإنه طريق التعفف.
والخطاب للأولياء. وقيل للأزواج. والصحيح الأول ، إذ لو أراد الأزواج لقال "وانكَحوا" بغير همز, وكانت الألف للوصل.
اختلف العلماء في هذا الأمر على ثلاثة أقوال، فقال علماؤنا: يختلف الحكم في ذلك باختلاف حال المؤمن من خوف العنت، ومن عدم صبره، ومن قوته على الصبر وزوال خشية العنت عنه.
وإذا خاف الهلاك في الدين أو الدنيا أو فيهما فالنكاح حتم ).انتهى .
فهذا الأمر الموجه للأولياء بتزويج الأولاد ليس للوجوب عند كل العلماء ، فمنهم من قال بأنه للندب والاستحباب .
يقول الشيخ عطية صقر ، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا:
لا يجب على الوالد أن يزوج ولده أو يساعده في زواجه، فذلك مندوب فقط، والحج للقادر عليه لأول مرة واجب.
وعلى الولد أن يصبر حتى يغنيه الله ويستطيع الزواج، كما قال تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يغنيهم الله من فضله} [سورة النور: 33] وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" أي قاطع، رواه مسلم. والباءة هي تكاليف الزواج.
وإذا كان الولد محتاجًا إلى الزواج ليعف نفسه فعليه أن يتزوج من وسط يتناسب مع قدرته ومستواه المادي، وفي النساء كثيرات يوافقن على ذلك بدون مغالاة في المهور والجهاز. (انتهى)
ويمكن الجمع بين الرأيين بأن تزويج الأولاد يجب إذا تعين مانعا من الوقوع في الزنا ، ولم يقدر عليه الولد ، وكان الأب قادرا على التزويج ، وإلا فهو مستحب .(49/19)
وعليه : فإن كان تبكير الزواج مندوبا لما فيه من الفوائد ، إلا أنه لا يلزم الأولياء . وعلى الأولاد أن يصبروا ويتعففوا ويستعينوا بالصوم . وأن يقنعوا باليسير من السكن و تجهيزات الزواج ، فلقد أصبحت كثرة متطلبات الزواج الحديث مانعا منه وسببا في تأخيره.
والله أعلم.
ــــــــــــــــــ
الزواج المبكر وزواج الأقارب ... العنوان
ما حكم الإسلام في الزواج المبكر، زواج الأقارب؟
... السؤال
الدكتور محمد سعيد حوى ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الزواج المبكر مستحب إذا توافرت أسبابه والقدرة على أن يعفها وتعفه، ويقوم بالمسؤولية في حدها الأدنى اقتصاديا، ولا يوجد له سن محددة شرعا بعد أن يكوونا قادرين على ذلك.
أما زواج الأقارب، فلا يوجد إطلاقا نص صحصح ينهى عن ذلك، وحديث "غربوا النكاح" لا يصح، وقد تزوج النبي -عليه الصلاة والسلام- من ابنة عمته زينب، والآية القرآن صريحة: "يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي أتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك..." (الأحزاب: 50)، وبينت سورة النساء الآية 23-24 المحرمات حصرا؛ فما عدا ذلك من الأقارب فهو جائز قطعا، وهذا لا يمنع أن يفضل التقليل من زواج الأقارب حفظا على اتساع العلاقات والمصاهرة، وخشية أن تترسخ بعض الصفات الوراثية السلبية؛ فيكون من باب التفضيل وليس من باب التحريم.
وأحيانا قد نجد أقارب تزوجوا من بعضهم وهم في كمال الذكاء والعقل وسلامة الجسم مع الالتزام في الدين فيراعى كل شيء بحسبه، ولا مانع أيضا من أراد أن يتزوج من قريبة أن يجري فحصا طبيا ليتأكد من عدم وجود بعض الموانع الطبية.
والله أعلم.
ــــــــــــــــــ
ما رأيكم في تعجيل الزواج (الزواج المبكر)
ربما تغير الحال .ولكن لم يتغير الدين .والسنة النبويه..
من الملاحظ تأخر الزواج وربطه بالتخرج من الجامعه والحصول على وظيفه وتوفير المنزل ومن ثم يبدأ الشاب بالتفكير في الزواج..ولا تزال البنت منتظره لفارس أحلامها .. أو لخطيبها الذي يزيد شوقها له يوماً بعد يوم وهو كذلك..
يتأثر الشاب والشابه على العموم بتأخر الزواج ..فيزيد بهم الهم و تجأش بهم العطفه الى ان تحرقهم بلهيبها ... ويتقطعون حرقه على الأيام اللتي تمر وهم ينتظرون اليوم الذي تسكن فيه ارواحهم قبل ابدانهم و تستقر فيه انفسهم عن الخيالات والافكار الشيطانيه والعشق الذي لا يستطيع الانسان التحكم فيه ...ولا ينكر أحد ذلك...قد يصل الشاب الى سن يكتمل فيه عقله ويتزن فيه التفكير ويصبح رجلاً قادر على المضي في هذه الحياه بإتزان كامل ... الا ان اتزانه يتشوه بغريزته اللتي تحتوي على طاقه كامنه سواءاً كانت جنسيه او عاطفيه او انسانيه بجميع انواعها فتجده تاره كثير السرحان قليل النوم يقضي ليله في التفكير ... ويحاول ان يستمر في اعتداله واتزانه الذي بدأ بالاهتزاز نذيراً للتأثر .
ولا اتحدث عن الشاب فحسب بل والفتاة ايضاً.
وقد جبل الانسان على الميل للجنس الآخر بحب وعواطف وشوق ولهفه وطلب للحنان واستقرار للنفس وقد تجد من يرتبطان عاطفياً .. وعندهم جميع المقومات اللتي تمكنهم من الزواج والسكن الى بعضهم...ولكن يقف امامهم عادة هي وليدة الحاظر من اب غربي وام علمانيه غايتها تشتيت شباب الأمه وجعلهم يلهثون خلف شهواتهم في الشوارع او التلفزيونات او المجلات وغيها اللتي لم تدخر ايادي الدمار جدهداً في توفيرها للشباب والشابات المسلمين ... حتى ولو وجد الملتزم بدينه والمهتدي بهدي رسوله ..الا انهم يعانون من هذه المشكله وهي تأخر الزواج....
لماذا لا نقتدي برسولنا صلى الله عليه وسلم في قوله (يامعشر الشباب من استطاع منكم البائه فليتزوج فإنه اغض للبصر واحصن للفرج ..ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) وهو أيضاً سنة الحياة ونصف الدين .
وتعلمون ان الزواج يكون واجب على القدر على الباءه ومن يخاف عليه العنت (اي الوقوع في الزنا) وليس منا من ينكر اكتمال هذه الصفتان عند بعض الشباب واللتي تحتم عليه الزواج في مجتمعات يخاف فيها المتزوج على نفسه من الاثم فما بالك بالأعزب ... ولكن يصر المجتمع على تضييع شبابنا والحيلوله دونه ودون الزواج والاصرار على تخرجك من الجامعه او تعدي عمرك لأكثر من 23 كمثال.
سأضرب مثال واريدكم ان تعطوني رأيكم في امكانية زواجهم ام لا
شاب في السنه الثانيه في الجامعه ودخله 5000 ريال تقريباً غير استعداد والده بالمساعده..خاطب بنت عمه وهي ايضاً طالبه في اول سنه في الجامعه ويحبون بعض حب جنوني ويتأثرون ببعدها عن بعضهما لأنهما غير متزوجان ولا يستطيعان التقرب لبعضهما الا بالزواج وكلا العائلتان ليس لهما ادنى مانع من زواجهما سوى انهم متخوفون من مستقبل العريسان الجدد ويعتقدان ان زواجهما سيكون سبب في فشلهما دراسياً خاصة انهما لازالا في بداية مشوارهما الدراسي ويتوقون تأثرهما بالزواج ومسؤولياته من بيت وانجاب وخلاف ذلك .
سؤالي هو :
هل تتوقعون ان زواجهما سيكون سبب في فشلهم الدراسي خاصة انهما متفقان على تحمل المسؤليه وتحمل اختيارها ؟ وما رأيكم في زواجهما هل تتوقعون نجاحه ام فشله ؟ مع العلم ان الله قد وعد بالرزق والتوفيق لشاب تزوج ليعف نفسه.
هذا موضوع اود طرحه لكم وقد طرحته وأريد منكم عدم البخل بأرائكم مهما كانت
ووجهة نظركم للزواج المبكر وايجابياته وسلبياته
ــــــــــــــــــ
الزواج المبكر بين تساهل القانون وتفضيل الأمهات..
...
قضايا الشباب
الحمل قبل سن الـ /16/ يعرض الأم للوفاة أو ولادة أطفال معوقين.. ويزيد معدل النمو السكاني والأمية
جاء في المادة الأولى من قانون الأحوال الشخصية رقم /59/ ان (الزواج عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل). واشترط في المادة /16/ منه أن يكون الطرفان قد بلغا السن التي تؤهلهما للزواج وهي /18/ للفتى و/17/ للفتاة.. إلا ان المادة /18/ من القانون المذكور أجازت للقاضي الإذن بالزواج للمراهق الذي يدعي البلوغ بعد إكمال الـ /15/ سنة وللفتاة بعد اتمام الـ /13/ سنة إذا تبين له اكتمال جسمها..
وهنا نلاحظ ان في هذه المادة القانونية تشجيعاً وتسهيلاً للزواج المبكر الذي له العديد من المخاطر والنتائج السلبية ليس على الزوجين فحسب، وانما على أطفالهما بوجه خاص وعلى المجتمع عموماً.
رغبة الأمهات والفتيات
صحيح أن ظاهرة الزواج المبكر تتراجع ولاسيما بين الشابات حيث انخفضت نسبة الشباب المتزوجين في الفئة العمرية /15 ـ 19/ سنة من (1.6%) عام 1994 الى (0.4%) عام 2004، بينما انخفضت نسبة الشابات المتزوجات في الفئة العمرية نفسها من 17.5% الى 6.1% بين العامين المذكورين، وان سن زواج الاناث قد ارتفعت من 24.5 سنة عام 1993 الى 25.6 سنة عام 2004 نتيجة التعليم وارتفاع مستوى الوعي وتقدم المجتمع وتطوره.. إلا أنه لاتزال في القطر شريحة واسعة تفضل الزواج المبكر، فمن خلال استقصاء للآراء تبين ان هناك 24% من الأمهات يفضلن تزويج بناتهن دون سن /18/ وإن 46% من الامهات يفضلن تزويج بناتهن قبل سن العشرين ..
كما تبين نتائج الدراسة التي اعدتها منظمة اتحاد شبية الثورة بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان حول مشكلات الشباب النفسية والصحية الانجابية لعام 2000.. وشملت /14665/ شاباً وشابة اعمارهم ما بين /15 ـ 34/ عاماً ومن جميع المحافظات السورية مدناً وريفاً.. أن 6.9% من الذكور يعتبرون ان السن المناسبة للزواج دون 18 سنة بينما ترى 29.6% من الاناث ان هذه السن مناسبة.
وفي دراسة أخرى أعدتها المنظمة والصندوق أيضاً وشملت /2900/ شاب وشابة من /25/ منطقة في المحافظات السورية في العام 2004 بينت ان 5.2% من الذكور يعتبرون ان السن المناسبة للزواج هي في سن أقل من 20 سنة، بينما كانت نسبة الإناث الموافقات على هذه السن هي 46.3%.
وفي منطقة نوى (درعا) وعند إجراء مسح فيها عام 1994 تبين ان السيدات اللاتي تزوجن مابين سن /11 ـ 15/ سنة نسبتهن 30% وهذه نسبة كبيرة يجب الوقوف عندها طويلاً..
وانه مقابل كل شاب يفكر بالزواج المبكر هناك خمس شابات لديهن ذات التفكير.. وهنا لابد من طرح السؤال التالي: لماذا يلجأ البعض الى تزويج بناتهن في سن مبكرة..؟
أسباب الزواج المبكر
السيدة سلمى اللحام (الباحثة في شؤون الأسرة والمجتمع) تجيب عن هذا السؤال قائلة: هناك اسباب كثيرة للزواج المبكر منها: الجهل (آفة الآفات)، عدم وعي الأهل بمخاطر الزواج المبكر، ورغبة الأهل وفي ظل الظروف الحياتية الصعبة التخلص من الأعباء المادية لبناتهم.
عدم تضييع فرصة وجود زوج (بنظر الأهل) جيد مادياً واجتماعياً.
خوف الأهل من ان تتعرض بناتهم للحب أو أية مشكلة في حال اكتمال أنوثتهن وهذا مايفسر قولهم «الزواج سترة البنت».
رغبة أهل الشاب وتفضيلهم تزويج ابنهم بفتاة صغيرة تسهل السيطرة عليها..
تفضيل الرجل الزواج من فتاة صغيرة وجاهلة يمكنه التحكم بها والسيطرة الكاملة عليها.
جهل المرأة بحقوقها القانونية.
التساهل الواضح في المادة /40/ من قانون الاحوال الشخصية حيث أجازت تثبيت الزواج بطلب من أحد الطرفين أو بحدوث حمل ظاهر.
وأضراره الصحية والاجتماعية
وتشير السيدة اللحام الى مخاطر واضرار صحية عديدة يسببها الزواج المبكر للفتاة منها :
إن جسم المرأة بحسب رأي الاطباء غير مهيأ بشكل كامل للحمل والولادة ولاسيما عظام الحوض قبل سن الـ 18 سنة.
يعتبر الحمل في سن دون /16/ حملاً عالي الخطورة وليس حملاً طبيعياً، أي إنه حمل مرض تكون الأم فيه معرضة للإجهاض أو عسر الولادة، والوفاة اثناء الولادة حيث ثبت ان نسبة وفيات الامهات ترتفع في سن ماقبل /18/ وتنخفض مابين /18 ـ 35/سنة.
تزداد نسبة وضع طفل وزنه أقل من (2.5 كغ) وتكون معرضة للولادة قبل الأوان.
والام الصغيرة معرضة للنزف، وارتفاع التوتر الشرياني الحملي، والإرهاق وفقر الدم.
تكون المرأة في هذه السن غير قادرة على تحمل أعباء الحمل والولادة لعدم اكتمال نضجها النفسي والجسمي.
تكون أكثر عرضة للشيخوخة المبكرة.
تشعر بالظلم والغبن نتيجة ارغامها على ترك مقاعد الدراسة، وينعكس ذلك سلوكاً عدوانياً وحاقداً تجاه أهلها وأسرتها ما يؤثر على أدائها لواجباتها.
وتضيف: هناك ايضاً مخاطر اجتماعية للزواج المبكر تتمثل في انه يساهم في النمو السكاني ويحرم الامهات الصغيرات من المساهمة الفعالة في عمليات التنمية والبناء بسبب انقطاعهن عن الدراسة في سن مبكرة، وهذا ايضاً يؤدي الى زيادة نسبة الأمية.. كما ان الأم الصغيرة والجاهلة لاتستطيع تنشئة جيل صالح قوي وقادر على تنمية مجتمعه.
اضافة الى تعرض المجتمع لولادة اطفال معوقين أو مشوهين يكونون عالة عليه لاعوناً له.
حلول.. ولكن.. ؟!!
وللتخلص من هذه الظاهرة تدعو الباحثة الجهات المعنية الى التعاون والتنسيق فيما بينها من خلال خطة متفق عليها وملزمة التنفيذ للجميع وأهم بنودها:
توفير التعليم بصورة واسعة وشاملة ولاسيما في الأرياف والقرى النائية، فقد بينت الاحصائيات والدراسات أن نسبة الزواج المبكر تزداد عكساً مع نسبة التعليم.
رفع إلزامية التعليم لتصبح حتى المرحلة الثانوية والحد من ظاهرة التسرب والتي غالباً ماتكثر بين الإناث.
العمل على توعية المجتمع ولاسيما المرأة بمخاطر الزواج المبكر.
رفع سن الزواج والالتزام بالنصوص القانونية الناظمة له والعمل على منع تثبيت أي زواج لمن يقل عمرها عن الـ /18/سنة. تعديل المادة /18/ وذلك برفع سن الزواج الى /18/ سنة للفتاة و/20/ سنة للفتى.
الحد من عقود الزواج المبرمة خارج المحاكم الشرعية المختصة، ووضع عقوبات رادعة لمن يخالف مواد القانون الناظمة لذلك.
آخر الكلام
بعد عرض المخاطر الصحية والاجتماعية للزواج المبكر؛ هل نعي حجم المشكلة ونعمل على حلها قبل فوات الأوان..؟ خاصة اذا ماعلمنا ان نسبة ذوي الاحتياجات الخاصة في الشباب /15 ـ 34/ سنة قد تضاعفت بين العامين 1994 و2001 حيث كانت (7.1) بالألف واصبحت (15.2) بالألف..؟
http://www.syria-news.com/readnews.php?sy_seq12504
ــــــــــــــــــ
ماذا عن الزواج المبكر للفتيات؟.. آثاره سلبية اجتماعية وصحية
...
قضايا الشباب
نصيحة طالما اعتبرتها بعض الأمهات والجدات مهمة في تأسيس العائلة.. والغريب أننا في مجتمعنا الحالي نجد الكثير من الآباء مازالوا يفضلون تزويج ابنتهم صغيرة السن رغم التقدم الهائل في التفكير والادراك والوعي والتحصيل العلمي..
ومعرفة الآثار السلبية النفسية والاجتماعية والصحية وحتى الاقتصادية للزواج المبكر، وبعد ان أصبح من المتعارف عليه ان سن الزواج يتراوح ما بين 25 ـ 30 عاماً كمعدّل وسطي..
وبدأت تسجل حالات انجاب لأمهات قاربن الأربعين بسبب عدة عوامل منها مسألة تحديد النسل والتباعد في الولادات.. ومع ذلك نجد ان التزويج المبكر للفتيات ظاهرة واضحة تستحق ان نتحدث عنها.. واللقاءات التالية توضح سلبية هذا الاسلوب.. فتيات بعضهن عشن حياتهن غصباً، والبعض الآخر تمردن عليها، فماذا كانت النتيجة لنتابع معاً:
هل الزواج فرحة العمر؟
تباهت سلمى أمام زميلاتها وهي في الصف التاسع بخطبتها من شاب ثري.. لم تعد تخرج مع زميلاتها.. ولم يعد لها اهتمامات إلا التفكير بجهاز العروس القادمة.. وبالحفل الكبير الذي سيقام لها.. وبالحديث عن خطيبها.. أهملت الدراسة.. ولأن العريس «مستعجل» يريد الزواج.. لم تحصل على الشهادة (الاعدادية)..
تقول سلمى: نعم.. فرحت بحفل الزفاف وبالفستان الأبيض ولم أعد أعي ماذا ينتظر الفتاة بعد الزواج.. تزوجت في الخامسة عشرة وتم طلاقي وأنا بعد في الخامسة والعشرين.. كانت حصليتها أربعة أطفال..
وتتابع قائلة: لم استطع خلال هذه السنوات العشر ان أتفاهم مع زوجي.. ولم أعرف كيف أوجه أولادي.. كما أنني لم استطع أن أعيش كبيرة وأنا بعد صغيرة السن.. ظلت اهتماماتي اهتمامات فتاة مراهقة وحتى تفكيري.. الآن اولادي ليسوا معي وانما مع والدهم.. وكم أتمنى ان لايحصل لابنتي كما حصل معي..
وماذا بعد؟
أنا الآن حائرة اسمي مطلقة لكن ما العمل أحاول ان أتابع تحصيلي العلمي فهذا أفضل لي رغم أنني أجد صعوبة كبيرة في ذلك؟
وتشبه قصة نهاد قصة سلمى.. فقد تزوجت أيضاً صغيرة السن ولم تكن تهتم بالتعليم كما ان أهلها شجعوها على الزواج من شاب ثري.. فلم يكن يهم أهلها إلا أنه شاب ثري.. بعد سنوات قليلة انجبت خلالها طفلين.. لم يعد زوجها يؤمن لها الحياة التي تعودت عليها منه.. طلبت منه الطلاق.. أما أولادها فعند أم زوجها؟!
العلم ضروري
أما ميساء التي تزوجت أيضاً في سن مبكرة وأنجبت أربعة أطفال تضع كل ثقلها في تربية أطفالها تربية صالحة تحاول أن تقرأ.. تتعلم.. تثقف نفسها.. تشاهد برامج التلفزيون التوجيهية.
تقول: رغم أنني انجبت أولادي قبل أن ابلغ الثالثة والعشرين.. إلا أنني كنت أربيهم بالغريزة من دون تخطيط أو وعي أو تطبيق لمبادئ تربوية.. تعلمت بهم ومعهم ولكنني أرفض أن تعيش ابنتي تجربتي، لذا فإنني ألزمها وأخوتها على متابعة تحصيلهم العلمي رغم معارضة زوجي الشديدة لهذا الأمر..
وتتابع: أصر على هذا الأمر كي يصبح لأبنائي وبناتي شخصية قوية.. وثقة كبيرة بالنفس.. ويستطيعون اتخاذ قراراتهم بوعي وفهم واقتناع وادراك بالمسؤولية.
الزواج يغير الكثير من الأمور
وترى أماني انها اكتشفت فجأة انها لم تعد صغيرة وهي مازالت في السادسة عشرة من عمرها.. فقد أصبحت زوجة وأماً.. تصرفاتي محسوبة.. لباسي يجب ان يتغير.. لم أعد أعرف معنى للمرح.. أو الخروج من المنزل.. لم يكن العائق ابني.. انما الزواج بحد ذاته.. الذي يغير كثيراً من الأمور ويبدل كثيراً من العادات.. مازلت أشعر بسرور كبير وأنا أشاهد الرسوم المتحركة وبرامج الأطفال وحتى المسلسلات التي تحكي عن تصرفات المراهقين ومشاكساتهم لأهلهم..
وقد يقول لي البعض أنها تصرفات مزعجة.. ولكنني أراها ضرورية لاستمرار الحياة ولمعرفة أسرارها وتقول: العمر يجب ان يستمر بمراحله جميعها.. طفولة.. مراهقة.. شباب من ثم زواج وأسرة من أجل ايجاد مجتمع قوي متماسك واع مثقف ولكن للأسف فهمت ذلك متأخرة.. من هذه الفكرة عرفت معنى المجتمع المتقدم من المجتمع النامي..
الصحة الإنجابية
وحالة نيفين شبيهة لحالات كثيرة فهي أم لثلاثة أطفال.. لكنها لم تستطع اكمال فترة حملها لمرتين وولدلها طفل ميت في المرة الثالثة. عن هذا تقول نيفين:
لم يكن قد تهيأ جسمي بشكل كامل لاحتضان الجنين هذا ما أكده الطبيب لي ولأسرتي وسبب لي الاجهاض المتكرر نقصاً حاداً في الكريات الحمر..
أما هدى ذات الـ 19 عاماً فهي مهددة بزواج ثانٍ إن لم تنجب لاسيما أن عمر زواجها خمس سنوات؟!..
بين المسؤولية والواقع
أما نهاد ذات الثمانية عشر ربيعاً فقد تحدثت وفي فمها ألم وحزن شديد وقالت بأسى: أهلي هم السبب، وأضع أيضاً اللوم على أم الشاب التي تبحث له دوماً عن عروس صغيرة تستطيع أن تضعها «تحت ابطها» أي تحت إرادتها وسيطرتها.. فهي الفتاة الصغيرة التي جاءت إلى منزل لا تعرف عنه شيئاً ويجب عليها أن تؤمر فتطيع.. وكذلك على الشاب الذي يضع مصيره بين يدي والدته ولا يعرف ماذا يريد؟ ومن هي الفتاة التي ستكون شريكة حياته.. ينظر إليها فيعجب بها ويضعها في الميزان بين الكثيرات اللاتي تختارهن له والدته.. ثم يقبل بها زوجة.. ويبدأ بفرض سيطرته عليها.. أما هي في هذه السن الصغيرة فلا تعرف كيف تختار.. لا هم لها سوى الفرحة وفستان الزفاف. أما معرفتها عن مسؤولية الزواج فهي معدومة هنا إما أن تستكين وتقبل بالأمر الواقع الذي فرض عليها حتى ولو كان من نفسها (أي برغبتها) لأن والديها لم يقفا موقفاً حاسماً من هذا ا لوضع.. وإما أن تتمرد فيكون مصيرها الضياع إذا لم تعرف طريقها جيداً. وفي الحالتين الأمر سيئ على المجتمع.. الآن أنا مطلقة بعد زواج دام سنتين أنجبت خلالهما طفلاً!!..
ديما في الصف العاشر.. فرح والداها حين تقدم إلى خطبتها شاب هو أيضاً في مقتبل العمر وتزوجها.. بينما والد هدى الطالبة في المعهد التجاري رفض أن يتم زواجها إلا بعد حصولها على الشهادة.. وقال للعريس: كلما أضعت فرصة حصول هدى على الشهادة أطلت فترة الزفاف.. لن تتزوج هدى..
أما رانيا ابنة الطبيب فقد خضع والدها لرأي زوجته، وزوّج ابنته صغيرة السن وهي لم تتجاوز الخامسة عشرة بعد.. لكنها طلقت من زوجها في العشرين من عمرها...
كيف ينظر الاختصاصيون إلى الزواج المبكر؟
في أحد لقاءاتها وأحاديثها عن الزواج المبكر ترى الأستاذة غادة الجابي أن النساء اللواتي لم يحصلن على قسط ضئيل من التعليم يصعب عليهن التحكم في شؤونهن الخاصة، ويكون نصيبهن من الاستغلال الاقتصادي والمادي محدوداً.. من جهة أخرى فإن الزواج المبكر يرفع أخطار الحمل عند الأمهات الصغيرات، وبالتالي يرفع من الأخطار المتوقعة على صحة أطفالهن.. مؤكدة أن تعليم الإناث وتأهيلهن يشكلان المنطلق الأساسي لتحريرهن من التبعية الاقتصادية، والقيام برسالتهن في الاسهام بشكل فعال في تنمية مجتمعهن.. بالتالي فإن الاستقلال الاقتصادي الذي تتيحه العمالة للنساء يعزز مكانة ومركز المرأة.. في حين أن النظر إلى المرأة كوساطة للإنجاب فقط يفقدها إنسانيتها، كما أن تعليم المرأة يجعلها أكثر وعياً بأهمية توفير الظروف الملائمة لأفراد الأسرة.
وأما ما يتعلق بصحة الفتاة في هذا العمر فيؤكد الأطباء أن سن البلوغ لدى الفتاة يتراوح بين 9 ـ 16 عاماً إلا أن البلوغ الأول لا يعني أبداً أن رحم الفتاة جاهز لاستقبال الجنين لأنه يحتاج بين 5 ـ 8 سنوات لإتمام الدورة الإباضية في شكلها الكامل، وإذا ما تم الزواج قبل هذه الدورة قد يعتقد أنها غير قادرة على الإنجاب فتحصل المشكلات، التي منها الطلاق أو تعدد الزوجات.
ومن المشكلات الصحية التي قد تتعرض لها الفتيات أثناء المراهقة ما يسمى «تسمم الحمل» وتعرضها إلى الإصابة بسرطان عنق الرحم بسبب حساسية الأنسجة الداخلية إضافة إلى جهل الفتاة بكيفية حدوث الحمل والتعامل معه وكيفية التصرف مع آلام الولادة.. جميعها قد تسبب إشكالات مرضية عديدة..
http://www.syria-news.com/readnews.php?sy_seq17049
ــــــــــــــــــ
الزواج المبكر.. «سترة للولية» أم ظلم لها؟
الرأي
هلا العدوان - لربما تراه مناسبا أو غير مناسب، إلا ان ''الزواج المبكر'' ظاهرة قديمة جديدة في مجتمعنا وتتباين عند هذا المشهد ردود الافعال بين مؤيد ومعارض.
ومهما كانت الدوافع أوالاسباب الا ان عددا كبيرا من العائلات تجادل وتؤيد الزواج المبكر للاناث ما إن يبلغن الخامسة عشرة من عمرهن لأنه حل لظاهرة تأخر الزواج المعروفة ''بالعنوسة'' معتبرين إياه ''سترة للولية''.
فيما يرى آخرون انه أحد الحلول التي تضع حدا أمام مشاكل الزواج العرفي أو لانواع زيجات بدأت تطرق أبواب المجتمعات العربية الا ان السائد ان قانون أحوال الشخصية يحكم الجميع فيما يخص غالبية الزيجات. غير أن جمعيات ومنظمات حقوق المرأة لا تزال تصر على انه يحرم الفتيات إكمال تعليمهن وينطوي على مشاكل صحية، واحيانا يتضمن سوء المعاملة في العلاقة الزوجية.
إذ أن بعض الإناث اللواتي يرفضن الزواج أو يخترن الشريك خلافا لرغبات آبائهن كثيرا ما يتعرضن للعقاب أو القتل على ايدي اسرهم فيما اصطلح على تسميته بـ ''جرائم الشرف''.
وتنتقد تانيا أبو صالح، المتزوجة في سن الثانية والعشرين الزواج المبكر. وتقول انه يشكل ضررا كبيرا على طرفي العلاقة بما في ذلك حرمان الزوجة فرصة التعليم ''لان الفتيات يتوقفن عن الذهاب إلى المدرسة ويشغلهن الزواج ومتطلباته عن التحصيل الاكاديمي''.
وهي ترى أن الظاهرة انحسرت نسبيا بحسب مشاهداتها للعاملين معها في إحدى المؤسسات الحكومية الكبرى في عمان.
اذ أن ''غالبية الموظفات العاملات من القرى والأرياف ألغين مفهوم الزواج المبكر من قاموسهن وصرن يتزوجن في سن ''متقدم''، لأنهن، حسب ما لمست منهن ''يسعين الى تأمين أنفسهن بوظيفة ودخل ثابت لمواجهة الظروف المعيشية الصعبة (...) ومن ثم يفكرن بالزواج.
واللافت انه رغم توفر الارقام والاحصائيات حول الزواج عموما فانه يصعب الوقوف حقيقة على عدد الزيجات المبكرة خلال السنين الماضية فالكثير منها غير مسجل وغير رسمي.
** تجارب إيجابية(49/20)
وفي هذا السياق تقول ''هند عادل''، التي تزوجت وهي في الثالثة عشرة من عمرها ولها 23 حفيدا حاليا، ان والديها أبلغا القاضي في حينه أنها تبلغ السادسة عشرة.
غير أنها تؤكد انها سعيدة في حياتها الزوجية مع ابن عمومتها الذي لم تختلف مشاعره تجاهها منذ بداية زواجهم قبل 40 سنة تقريبا وهو أمر كان شائعا جدا في عائلتها.
من ناحيته يقر أبو محمد الذي تزوج في السادسة عشرة من عمره وارتبط بابنة عمه البالغة 14 عاما في حينها لانه أمر مألوف جدا في عائلته انه لا يؤيد الزواج المبكر ولا يريد لبناته ان يعشن هذه التجربة لانه يرغب في ان يحققن شيئا أفضل لحياتهن والحصول على شهادة جامعية والعمل قبل الزواج لأن ذلك يعني استقلالية حقيقية ويرفع من قدرهن أمام شركاء حياتهن.
وهو كذلك يعتقد أن للزواج المبكر مخاطر متعددة على الفتاة من النواحي الصحية والاجتماعية والنفسية ويزيد من الاعباء الملقاة على عاتق الفتاة في هذه الفترة وقد ينتج عنه الحرمان من التعليم.
** آراء علمية
ويرى اخصائيون أن ''تدني مستوى الدخل وارتفاع نسبة البطالة أديا إلى تفاقم ظاهرة العزوبية عند الشباب والشابات'' في الأردن.
الى ذلك، يشير استاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية الدكتور سليم القيسي ان المجتمع يعتبر الزواج قيمة مهمة بوصفه ''سترة'' للفتيات وبالتالي دأبت العائلات على الرغبة في تزويج بناتها بشكل عام ولو كان هذا في سن مبكر لانه يحقق اهدافا عديدة مثل الانجاب والالتزام بالعادات والتقاليد اضافة الى تحقيق اهداف اقتصادية تتمثل بالمشاركة في الاعباء المالية وتحمل المسؤولية.
وحول مدى نجاح الزواج المبكر على ارض الواقع يجادل القيسي ان الدراسات والنتائج العملية اثبتت ان نسبة الطلاق مرتفعة لدى الفتيات اللواتي تزوجن دون سن الثامنة عشرة، لذا ينصح بالتخلي عن مفهوم الزواج المبكر الذي ينتشر لدى الطبقات الفقيرة والاقل تعليما، مشددا على انه ''لا يمكن اعتباره ظاهرة''.
ويرى أن مشاكل الزواج في الاردن تتماثل من حيث الجهود المبذولة عليها وإبقاءها دون حلول عقلانية كما هو الحال في البلاد العربية الأخرى مما لا يشجع عليها الدين الإسلامي إذ يلعب ارتفاع المهور دورا في إقلال مساحة الزواج ووضع العراقيل أمام إتمام زيجات إيمانية ينبغي أن تحظى بالتأييد قلبا والتطبيق قالبا.
ويعتبر القيسي انه في ظل المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة اصبح هناك ارتفاع في معدل الاعمار للفتاة.
إذ صارت معظم الزيجات بين سن العشرين والثلاثين للانثى، في حين كانت حتى أواخر القرن الماضي دون سن العشرين.
ولفت الى أن التقدم في العمر بالنسبة للزواج يحقق توافقا اجتماعيا مع الزوج وتواصلا لفظيا وعمليا أفضل منه في الزواج المبكر.
ويفسر أن الاسباب وراء انتشار ظاهرة الزواج المبكر تعود إلى عدم وجود وعي كاف لدى المواطنين أو العادات والتقاليد او الحفاظ على الشرف والسترة، او في بعض الاحيان الخوف من العنوسة، لافتا الى ان الاوضاع الاقتصادية قد تلعب دورا في هذا الارتباط المقدس.
** القضاء الشرعي
ووفقا لمفتش المحاكم الشرعية في دائرة قاضي القضاة، القاضي سليم العلي فإن المقصود بالزواج المبكر هو الذي يتم قبل بلوغ سن الرشد أو بمجرد بلوغه وهو العمر الذي يبلغ به النمو البيولوجي للإنسان الدرجة التي تمكنه من ''ممارسة الجنس للإنجاب'' لافتا الى أن الشريعة الإسلامية تعتمد هذا العمر كحد أدنى للزواج. وقد حددته المحاكم الشرعية في الأردن بـ''15 سنة هجرية'' للبنت و''16 سنة هجرية'' للولد.
ويشير العلي الى أن الشرع ''لم يحدد سنا معينا لعقد الزواج(...) بل أجاز جمهور الفقهاء المتقدمين زواج الصغير والصغيرة، أي دون البلوغ''.
** القانون الأردني
لكن قوانين الأحوال الشخصية في البلاد الإسلامية حددت سنا للزواج، فقد اشترطت المادة الخامسة في قانون الأحوال الشخصية الأردني في اهلية الزواج ''ان يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين وان يكون كل منهما قد اتم الثامنة عشرة سنة شمسية(...) الا انه يجوز للقاضي ان يأذن بزواج من لم يتم منهما هذا السن اذا كان قد اكمل الخامسة عشرة من عمره وكان في مثل هذا الزواج مصلحة تحدد اسسها بمقتضى تعليمات يصدرها قاضي القضاة لهذه الغاية'' .
ويقول العلي أن هذه المادة هي معدلة بموجب القانون المعدل لسنة 2001 حيث كان النص السابق يشترط في اهلية الزواج ان يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين وان يتم الخاطب السنة السادسة عشرة وان تتم المخطوبة الخامسة عشرة من العمر.
في حين يوضح العلي ان المادة السادسة من قانون أهلية الزواج تبيح للقاضي عند الطلب حق تزويج البكر التي اتمت الخامسة عشرة من عمرها من الكفؤ في حال عطل الولي غير الاب او الجد من الاولياء بلا سبب مشروع.
ويلفت إلى أنه ''لا يحق للقاضي تزويج البكر التي لم تكمل الخامسة عشرة من عمرها ويعتبر فاسدا لعدم الاهلية''.
وبحسب المشاهدات، تقدم بعض العائلات على الالتفات عن هذا الشرط القانوني من خلال تزويج بناتهن في البلدان المجاورة والتحايل على المحاكم الشرعية في سن الفتاة في حالات معينة.
** أرقام ودلال
ويشير العلي الى ان العام الماضي شهد 652 حالة طلاق لفتيات اقل من 18 سنة شمسية من أصل 11307 حالة طلاق في المملكة وبنسبة 3,2 بالمئة في حين ان نتائج هيكل الزواج العادي والمكرر الخاص بالزوجة التي سجلت لدى المحاكم الشرعية العام الماضي تشير الى ان عدد الفتيات اللواتي تزوجن دون سن الثامنة عشرة بلغ 8198 بنسبة 14% من مجموع الزيجات لنفس الفترة.
ولاحظ ان محافظة العاصمة شكلت أعلى الارقام، إذ سجلت 3109 حالة زواج لمن هن اقل من الثامنة عشرة، تلتها محافظة الزرقاء فإربد فالبلقاء على التوالي.
في موازاة ذلك، أفادت دراسة اجتماعية أجريت على الفتيات الأردنيات المراهقات ممن تتراوح أعمارهن بين (15) و(18) سنة في عمان العاصمة ومحافظة الزرقاء، بأن نسبة (65%) منهن يفضلن الزواج بعد التعرف على الشباب، وأن نسبة (34%) من الفتيات يعانين من تقييد حريتهن ورقابة الأهل.
في حين قالت (52%) منهن من عينة الدراسة التي شملت (100) فتاة مراهقة عن إيمانهن بضرورة اتمام الدراسة الجامعية أسوة بالذكور.
وكشفت الدراسة وعيا كبيرا لدى الفتيات من ناحية تطلعهن المستقبلي للزواج في سن مبكرة.إذ كانت نسبة الراغبات به (13%).
أما عن تفضيل الزواج بعد معرفة الخاطب فبلغت لدى الفتيات نسبة (65%) ورفض الانصياع لأوامر الأهل بذلك بما نسبته (70%) وتعاني (10%) من عدم وجود معاملة عادلة معهن في حين وصلت نسبة اللائي يتحملن واجبات بيتية كثيرة ومتعبة (34%) .
في المقابل، جاءت نسبة اللواتي يتعرضن للعنف الأسري أكبر من المتوقع هي (2,38%) وأن ظاهرة مضايقات الشوارع تشكل نسبة (39%) كمصدر إزعاج ونسبة (59%) لا تعني لهن تلك المضايقات شيئا.
وحول مكان انتشار هذه الظاهرة بينت النتائج أن (2,72%) يعتقدون أن ظاهرة الزواج المبكر تنتشر بكثرة في القرى، في حين يرى (9,17%) أنها تنتشر بكثرة في المخيمات، مقابل 9,9% أشاروا أنها تنتشر بكثرة في المدن.
** في الاتجاه المعاكس
بدورها تدافع أمل ابو حيدر (42)عاما التي تعمل في احدى المؤسسات الحكومية منذ عشرين عاما تقريبا، عن الزواج المبكر.
وتقول أمل، التي لم تتزوج الزواج بعد، انها لو استطاعت ان تتحكم بقدرها استعادت ما مضى، لفضلت اختيار الزواج المبكر، على ان تصبح فجأة .. صدفة ودون سابق إنذار.. في صف العانسات، فلقب (عانس) في الأردن بالذات يلاحق عددا كبيرا من النساء ويرعبهن بصورة خصوصا عندما يعبرن بوابة الثلاثين.
وتعرب أمل عن ندمها لان قطار الزواج قد فاتها بعد ان حاولت تحقيق ذاتها وعدم قناعتها بالزواج المبكر في الماضي لأنها كانت ترى بأن زيجات هذه الايام غير مستقرة وخالية من الالتزام وليست مثل تلك التي في الماضي لافتة الى غلبة ظاهرة تأخر الزواج في مجتمعاتنا بسبب عدم قناعة الرجل بالزواج او الظروف الاقتصادية الصعبة.
ويصرح شاب جامعي بأنه يفضل الزواج المبكر وخصوصا سن السادسة عشرة للفتاة في ظل ''تفشي الرذيلة والانفتاح غير المبرر في مجتمعاتنا اضافة الى الزواج العرفي المنتشر بين فئة الشباب في الجامعات''.
هذا الشاب، الذي رفض نشر اسمه، يرى ان المرء يستطيع ان يضمن ان ''تصرفات الفتاة لم تخرج عن العادات والتقاليد بعد عندما تكون في سن صغيرة''.
ويرجح ان تعود هذه الظاهرة مجددا بين العائلات المحافظة بعد ان اختفت في الفترة الأخيرة، بسبب ما سماه ''مخاطر الاختلاط في الاماكن العامة الى حد لا يوصف''.
ويعتقد أن تأخير الزواج او عدم تحققه أصلا ادى الى ظاهرة تفشي المعاشرة دون الاطار التقليدي للزواج على حد قوله.
ويتابع ان المعروف بان المجتمعات الاسلامية لا تقبل بممارسة الجنس الا في إطار مؤسسة الزواج، لذلك فإن الزواج المبكر ''من ملامح تميز مجتمعاتنا العربية''.
وهو يؤمن ان تدني مستوى الدخل وارتفاع نسبة البطالة اديا الى تفاقم ظاهرة العزوبية وتأخر الزواج لدى الشباب والشابات في الاردن، الا أن مساحة الزواج المبكر في مجتمعاتنا تأخذ بالازدياد يوما بعد يوم.
وبعد.. بين المحاذير والمحاذير المضادة، هل سينحسر الزواج المبكر أكثر أم يأخذ في الصعود؟.
ــــــــــــــــــ
خدعوك فقالوا: الزواج المبكر يهدد مستقبل الشباب!!
إخوان أون لاين - 09/02/2007
- قصص واقعية لشباب تزوجوا مبكرًا وحققوا نجاحات باهرة
- جمعيات ومنظمات مشبوهة تقف وراء شائعات التخويف من الزواج المبكر
تحقيق- تسنيم محمد
شهدت الفترة الأخيرة تراجعًا كبيرًا في نسبة الزواج عند الشباب المصري وارتفعت معدلات العنوسة لدى الجنسين، كما كثرت معوقات الزواج، ورغم ذلك دشنت العديد من المنظمات والمراكز النسائية في مصر حملات لتأخير سن الزواج في محاولة متعسفة لإثبات أن هناك أضرارًا للزواج المبكر بشتى الطرق والوسائل، هذا في الوقت الذي انتشرت فيه العلاقات غير الشرعية بين الشباب تحت مسميات مختلفة كالزواج العرفي و"زواج الدم" .. الخ.
وفي الوقت نفسه هناك شبه عزوف عن الزواج لدى الشباب، ولكن لماذا انتشرت ثقافة تأخير الزواج بين الناس خلال السنوات الماضية؟ وهل حقًّا الزواج المبكر له أضراره كما تدعي هذه المنظمات؟ وما الهدف من تأخير سن الزواج رغم ارتفاع العنوسة في أوساط الشباب والفتيات؟
"شباب أون لاين" حاول في هذا التحقيق كشف مزاعم هذه المنظمات، بل والوقوف على تجارب حقيقية.
يقول ياسر مصطفى: "أحببت فتاة جارة لي في السكن وبادلتني هي نفس المشاعر ورغم استطاعتي والحمد الله على فتح بيت وتحمل المسئولية حيث ساعدني والدي بشراء شقة خاصة بي قمت أنا بتجهيزها إلا أنني عندما تقدمت لخطبة الفتاة التي أحبها رفض والدها بحجة استكمال تعليمها وللأسف مازلنا نلتقي وأخشى استمرار هذه العلاقة وأرى مستقبلنا مظلمًا.
أما خالد سعود- مدير إدارة بإحدى الشركات- فيقول: عندما تقدم لخطبة ابنتي الشخص المناسب وكانت ابنتي لاتزال في الدراسة الثانوية رحبت لأنني وجدت في هذا الشاب الخلق والدين ثم حددت معه موعد إتمام الزواج بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية على أن تستكمل باقي دراستها في بيت زوجها فأنا أفضل زواج البنت مبكرًا لأنه أفضل بالنسبة لها.
نجاح ثلاث مرات
وتقول وفاء محمد- أم لثلاثة بنات-: زوجت بناتي الثلاث بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية فتعلمن وهن متزوجات واستكملن تعليمهن وكانت حياتهن ناجحة.
الصورة غير متاحة
وتحكي ليلى مهدي- طبيبة علاج طبيعي- تجربتها فتقول: تزوجت وأنا بالفرقة الأولى بكلية الطب وكان ابن عمي بالفرقة الثالثة بكلية الصيدلة حيث ساعدنا أهلنا على الزواج وبعد ذلك تمكن زوجي من الحصول على عمل بإحدى الصيدليات في فترة الليل وكان يذهب للجامعة في الصباح، ونحمد الله كانت حياتنا ناجحة ومسار إعجاب من الآخرين ولا ننكر طبعًا مساهمة الأهل ووقوفهم بجانبنا.
نهى صابر- محامية- لا أنكر ندمي الشديد الآن، ولكنه بعد فوات الأوان كما يقولون فقد كنت أرفض الارتباط وأنا في مرحلة التعليم، وأنا الآن قد تعلمت وحققت حلمي وما كنت أصبو إليه، ولكن وصل عمري إلى 35 عامًا دون زواج، والآن فقط عرفت قيمة زواج البنت مبكرًا، بعد أن كنت أسخر من بعض زميلاتي في الجامعة عندما كان يتقدم لهن شخص ويوافقن عليه ويتزوجن وهن في الدراسة.
الحاجة هدى محمود تقول: تزوجت وكان عمري وقتها 14 عامًا وأنجبت خمسة أبناء جميعهم حصلوا على شهادات عليا وأنا لم أكن متعلمة، وتقول: إن الجيل الجديد يريد أن يتعلم ويعمل قبل التفكير في الزواج والنتيجة أننا نرى ما نراه من سلبيات منتشرة بين الشباب.
منظومة متكاملة
وحول الدور المشبوه لهذه المنظمات التي تعمل على نشر ثقافة الانحلال ومحاربة الزواج المبكر توضح الدكتورة منال أبو الحسن أستاذ الإعلام بجامعة 6 أكتوبر أن تأخير سن الزواج ومحاربة الزواج المبكر هي ضمن منظومة كاملة ومتكاملة لضرب الأسرة المسلمة وتقف وراءها وتنفذها بعض الجمعيات والمنظمات الأهلية والحكومية المدعومة بالتمويل الأجنبي.
د. منال أبو الحسن
وتؤكد الدكتورة منال أبو الحسن أن من أجل تحقيق هذا الهدف رفعت الأمم المتحدة سن الطفولة إلى 18 عامًا واعتبروا أن الزواج المبكر في هذه السن عنف ضد الفتاة التي يقل عمرها عن 18 عامًا، وهذا يتناقض مع تصنيفهم بأن هذا السن يحتاج للإشباع الجنسي وهو ما أطلقوا عليه الجنس الأمن والإجهاض الأمن وهو يدخل فيما بعد ضمن منظومة تعليم الثقافة الجنسية للأطفال في المدارس.
تضيف د. منال أبو الحسن أن هذه رؤية فاسدة للأمور؛ لأن هذه المنظمات الدولية والإقليمية لم تقم دراستها على الواقع ولم يروا نسبة العنوسة والطلاق ولم يراعوا خصوصية كل دولة وظروفها الاجتماعية، أما الجمعيات الأهلية كما توضح أبو الحسن فهي مدعمة بالأموال الخارجية وينفق عليها ببذخ من أجل تنفيذ هذه الأجندة فيقولون العنف ضد المرأة والعنف ضد الطفل، وتحذر في الوقت نفسه من أن هذا العام سيتحدثون في أجندتهم عن محور البنات ويشمل عمالة البنات والزواج المبكر وقد بدأت كثير من الجمعيات فتح هذا الموضوع وأيضًا البرامج الفضائية " التي تأتي ببنات يتحدثن عن إشباع احتياجاتهن الجنسية بطرق غير مشروعة.
تنظيم الأسرة
وتوضح سيدة محمود- عضو اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل- أن هذه الجمعيات التي تمولها وتدعمها الجهات الأجنبية كالاتحاد الأوروبي ومنظمات الأمم المتحدة تقوم باستخراج إصدارات وكتيبات تزعم بخطورة الزواج المبكر، ومن هنا يتضح لنا أن الهدف من ذلك أولاً تطابق مع الاتفاقيات التي أبرمتها الأمم المتحدة مع الدول، وثانيًا وهذا مطلب حكومي، وهو تنظيم الأسرة، فعندما يتأخر سن الزواج تقل فرصة إنجاب عدد كبير من الأطفال، وهذا ما يدعو إليه وزير الصحة المصري الآن، ومنذ عدة أيام من محاولة جعل طفل واحد لكل امرأة فقط بعد أن كان الشعار طفلين لكل امرأة.
هذا في الوقت الذي يسمحون فيه بالزنا باعتباره المتنفس الطبيعي للشباب من خلال الإباحية والغزو الإعلامي وتزين العلاقات غير الشرعية، وفي الوقت نفسه يحاولون أن يعطوا الطفل الذي نتج عن علاقات غير شرعية نفس الحقوق التي تعطى للطفل الذي نتج عن العلاقة الشرعية ومن خلال الزواج، مؤكدة في الوقت نفسه إلى وجود الكثير من الفتيات خاصة في الريف المصري الذين لا يستكملون تعليمهم، ويعتبر الأهل أن الزواج هو الحماية الطبيعية لهم، فلماذا يمنع الشباب من هذا الحق.
المشكلة
ومن جانبها تؤكد الدكتورة سحر طلعت- استشاري العلاقات الأسرية- أن المشكلة ليست في الزواج المبكر فهناك نماذج كثيرة ناجحة تعيش بيننا تزوجت في سن مبكرة، ولكن المشكلة الحقيقية أن منظومة المجتمع تغيرت وانتشرت الثقافة الاستهلاكية وثقافة التطلعات والرفاهية بين الناس، وهذه المنظومة تحتاج لأشياء كثيرة لتغيير السلبيات المنتشرة، حيث نرى التدليل الزائد من قِبل الأهل لأبنائهم وعدم تعويدهم على تحمل المسئولية، وأيضًا الإعلام الذي ساهم بشكل كبير في رسم صورة خاطئة عن الحموات في الدراما مما جعل كثيرًا من الفتيات ترفض العيش مع أهل الزوج، حيث كان يساهم هذا الأمر في عملية تيسير زواج الشباب.
وهنا تؤكد أنه لكي يتبنى المجتمع ثقافة الزواج المبكر وهذا شيء رائع، فلا بد من تغيير ثقافات سيئة أخرى انتشرت في المجتمع وأصبحت سائدة بين الناس وهذا ليس بالعملية البسيطة فهي منظومة تحتاج لتكاتف جميع المؤسسات في البيت والمدرسة، وإعداد برامج لتأهيل الشباب لتحمل مسئولياته وبعدها يكون الحديث عن الزواج المبكر قد وجد تربته الصالحة وبيئته الملائمة.
وتضيف د. سحر أن الكثير من المنظمات والمراكز الخارجية تنادي منذ سنوات ومازالت بمنع الزواج المبكر بحجة أنه يؤثر على الفتيات صحيًّا ونفسيًّا ويبررون ذلك بدراسات وأبحاث عارية تمامًا من الصحة لإثبات الضرر الواقع على الفتيات، في الوقت الذي يبيحون فيه العلاقات غير المشروعة بين أوساط المراهقين في الغرب ويعتبرونه شيئًا لا حرج فيه وكذلك يبيحون العلاقات خارج الزواج حيث تشهد بريطانيا مثلاً ارتفاعًا في نسبة الحمل عند المراهقات في أعمار 14 - 18 عامًا، إلى درجة أن الحكومة وبحسب الكثير من المراقبين لن تكون قادرةً على استيعاب هذه الأزمة خلال السنوات القليلة القادمة، وهذا ما اضطرها إلى مناشدة العائلات التدخل من أجل التركيز على التثقيف الجنسي لأبنائها ولم تفلح الحملة المكثفة للحكومة في تخفيض نسبة الحمل بين المراهقات التي أضحت أعلى نسبة في غرب أوروبا وهي 42 حالة حمل لكل ألف فتاة تحت الـ18 عامًا في العام 2003م، أي خمسة أضعاف الرقم في هولندا وثلاثة أضعافه في فرنسا.
زواج صحي
ومن الأسباب التي تشاع بين الناس أو التي أشاعتها بعض هذه المراكز هو المخاطر الصحية التي تواجه الفتاة التي تتزوج مبكرًا، ولكن في المقابل هناك العشرات بل المئات من الدراسات والأبحاث التي تكشف زيف ما يدعون عن المخاطر الصحية للزواج المبكر، اخترنا منها دراسة للدكتور حسام الدين عفانة أستاذ الفقه بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة القدس أشار فيها فيما يتعلق بالجانب الطبي إلى أن البحوث والدراسات العالمية تثبت أنه لا توجد زيادة في مضاعفات الحمل عند النساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 15-19 سنة وأن المضاعفات التي تحصل عند الحمل أقل من 15 سنة هي نسبيًّا قليلة وهذا ما أثبته العالم الأمريكي ساتين "satin" من مستشفى"بارالاند" بولاية تكساس الأمريكية حيث أوضح أن ايجابيات الزواج والحمل والإنجاب في سن مبكرة عديدة منها الإخصاب وإمكانية الحمل خلال فترة الزواج عند الفتيات في سن مبكرة تفوق الفتيات في الأعمار الأخرى.
كما أوضح أن أورام الثدي والرحم والمبايض هي أقل عند النساء اللواتي يبدأن الحمل والإنجاب في السن المبكرة، ويثبت العالم الأمريكي روبين Rubin"" في أبحاثه عام 1983 أن حالات الحمل خارج الرحم تزيد عند النساء الذين يزيد على 35 سنة بينما يقل في النساء اللواتي تتراوح أعمارهن من 15-24 عامًا، وفي بحث للعالم الأمريكي هاوين hawen"" أكد أن نسبة الإجهاض تزيد من 2-4 أضعاف عند النساء بعد 35 سنة من العمر، والعمليات القيصرية والولادة المبكرة والتشوهات الخلقية ووفاة الجنين داخل الرحم ووفاة الأطفال بعد الولادة جميعها تزداد نسبيًّا كلما زاد عمر الحامل.
كما يشير إلى أن الحمل والإنجاب هو عمل متكرر وأن المرأة بحاجة إلى فترة زمنية طويلة لإنجاب ما كتب الله لها من أطفال فالمرأة التي تتزوج في سن متأخرة فإنها سوف تنجب أطفالها وهي في سن متأخرة ومن المثبت طبيًّا أن الأمراض المزمنة تبدأ بالظهور أو تزيد استفحالاً كلما تقدم الإنسان عمرًا وهذه الأمراض المزمنة تزيد مخاطر الحمل والإنجاب وأحيانًا تقف عائقًا للحمل والإنجاب.
فوائد اجتماعية نفسية
وقد حض الإسلام على الزواج المبكر لما له من فوائد نفسية واجتماعية تعود على الأسرة المسلمة وبناء المجتمع وتماسكه ولعل هذا ما يميز المجتمعات الإسلامية وقد أكدت دراسة مصرية بجامعة المنصورة أن الشباب المتزوج لديه أمل في المستقبل بينما يصاب العزاب غالبًا بالاكتئاب وكشفت نتائج الاختبار التي أجريت على عينة من الشباب تتراوح أعمارهم بين 30 و40 عامًا ولم يتزوجوا بعد أن 70% من أفراد العينة ليست لديهم رغبة في الاستمرار في الحياة ومصابون غالبًا بالاكتئاب واللامبالاة وجاء ذلك على لسان الدكتور عبد الناصر توحيد أستاذ العلاج الطبيعي بكلية الطب.
وتأتي هذه الدراسة مع دراسة أمريكية جديدة تقول إن الزواج المبكر حل لمشكلة الاكتئاب وبعض الأمراض النفسية الأخرى وإن الزواج يحسن الصحة العقلية للإنسان خاصة إذا كان يعاني من الاكتئاب وكشفت الدراسة عن مزايا الزواج المبكر للمكتئبين وهو الاكتشاف الذي أدهش الفريق المكون من طلبة وأساتذة قاموا بالدراسة وقالت "أدريان فريتش" طالبة الدكتوراه بقسم الاجتماع في جامعة أوهايو التي قامت بالدراسة أنها وفريق الدراسة اكتشفوا عكس ما توقعوا إذ النظرة التقليدية تقول بأن الزواج المبكر يحمل معه الكثير من المشاكل وتأتي هذه الدراسة في الوقت الذي تقل فيه نسبة إقبال الأمريكيين على الزواج بسبب الإباحية المنتشرة في المجتمع الأمريكي.
الزواج والتعليم
إلا أن البعض يرى أن هناك تعارضًا بين الزواج والتعليم وهو ما يدفع الآباء إلى رفض تزويج فتياتهم بهذه الحجة، ونشير هنا إلى دراسة للدكتور فهد السنيدي أستاذ الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أكد أهمية الزواج المبكر وعدم تأخير الزواج بحجة الدراسة فالجمع بين الزواج والدراسة يحقق مطلبين شرعيين في آنٍ واحد فالزواج رغب فيه الشرع وحث عليه فهو حاجة فطرية للإنسان كما أن تحصيل العلم مطلب شرعي ولم يأت من الشرع ما يمنع الجمع بينهما.
كما يشير الدكتور فهد السنيدي إلى أن الزواج أمر فطري ومطلب شرعي يخشى بسبب تركه أو تأخيره حدوث الفتنة بخلاف الدراسة فلا ضرر في تأخيرها، ولا شك أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ولعل الجمع بين الدراسة والزواج استغلال لأفضل مراحل العمر في تحقيق ما لا بد منه على أفضل وجه ممكن، وكذلك توظيف لقدرات الشخص الجسمية والعقلية والفكرية في آن واحد وإشباع كل منهما في مجالاتها.
البلوغ والزواج(49/21)
وهو ما أكده الدكتور مصطفى إمام الأستاذ بجامعة الأزهر إلى أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قد حث على الزواج فقال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" ويبدأ سن الشباب بعد البلوغ مباشرة والبلوغ قد يبدأ من سن 12 أو 13 أو 14 عامًا والمغزى الحقيقي هو حماية الشباب من الانحراف والبعد عن موبقات العصر وطالما توفرت النية فقد توفرت الإمكانية والقدرة على الزواج وتحمل المسئولية فتأخير سن الزواج عبء على الشباب؛ لأنه لا يوجد الآن ما يحصن شبابنا، ومن جانب آخر على الآباء أن يتخذوا الإجراءات البسيطة التي تيسر تزويج أبنائهم قال تعالى ?لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا?.
ثم يشير الدكتور مصطفى إمام إلى أن القصد من هذه الدعوات الغربية بتأخير سن الزواج هو نشر الثقافة الجنسية في أوج قوة الشباب، وهذا هو الخطر الأكبر وهو أسوأ ما يتعرض له الشباب اليوم أن يكون لديه حرمان من إشباع حاجاته العاطفية، وهو ما حث الإسلام على إتباعه ورغب فيه دون تحديد لسن معينة فقال الله تعالى: ?وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ? وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا آتاكم من ترتضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عظيم".
وحول ما يدعيه البعض من أن تأخير سن الزواج يساعد في تنظيم النسل بعد الزواج لتقليل من الزيادة السكانية، فيرى الدكتور أن هذه مقولة خاطئة فهناك أعداد كبيرة من الأبناء الذين يأتون خارج العلاقات الشرعية، فلماذا إذا لا يتم تزويج الشباب مبكرًا ونحصل على أطفال شرعيين بدلاً من الأطفال غير الشرعيين التي يمتلئ بهم مجتمعنا، مشيرًا إلى أن الاعتقاد بأن تنظيم النسل يأتي بتأخير سن الزواج اعتقاد خاطئ ويفتح باب الفاحشة على مصراعيه، فقضية الإنجاب ليست مرتبطة بالزواج المبكر بل مرتبطة بتنظيم النسل بعد الزواج.
ــــــــــــــــــ
هل الزواج المبكر يسبب الطلاق؟!
أخبار لها
غزة (فلسطين المحتلة): في إطار دور المؤسسات الغربية في السعي لتغيير المفاهيم الاجتماعية في المجتمعات العربية إبعادها عن تعاليم الإسلام؛ عقد مركز البحوث الإنسانية والتنمية الاجتماعية وبالتنسيق مع المؤسسة الكندية غير الحكومية "أوكسفام كيبيك" والمؤسسة الأسترالية غير الحكومية "أوكسفام للمساعدات المجتمعية الخارجية" ندوة محلية بعنوان "الزواج المبكر وعلاقته بارتفاع نسبة الطلاق في غزة" وذلك بالتنسيق مع المركز العمالي للتدريب المهني الكائن في معسكر جباليا.
وقد شارك في هذه الندوة المرشدة النفسية في مركز البحوث الإنسانية "سائدة أبو عيدة" وحضر الندوة عشرات من نساء المنطقة.
وقد أشارت المرشدة النفسية "سائدة أبو عيدة" إلى ما أسمته "تفشي ظاهرة الزواج المبكر في المجتمع الفلسطيني" وذلك لعدة أسباب، ومن ضمنها معتقدات راسخة، منها أن الزواج سترة للفتاة وضمان لمستقبلها، وأن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المجتمع الفلسطيني، إضافة إلى الظروف السياسية الصعبة والاحتلال الصهيوني، وخوف الأهل من انخراط الفتيات في أعمال تؤثر على مستقبلهن.
وأشارت سائدة لما ترى أنها "سلبيات الزواج المبكر" والمتمثلة في حرمانه الفتاة من الرعاية والاهتمام والحنان الأسري في سن مبكر، وتحمل الفتاة مسئولية جسيمة وأعباء جسدية واجتماعية واقتصادية ونفسية وهي صغيرة على تحملها، كما أن الزواج المبكر بأعبائه الجسدية والاجتماعية صدمة ومسئولية كبيرة بالنسبة للفتيات؛ على حد قول سائدة أبو عيدة.
وتفسر سائدة ذلك بأنه يؤثر على الفتاه من ناحية جسدية، فقد يسبب تسمم الحمل والإجهاض المتكرر ومعاناتها من أمراض جسمية مثل فقر الدم، وآلام في المفاصل وتأخر الإنجاب، وهشاشة مبكرة في العظام، وكل هذه الأسباب بالطبع تؤدي إلى ارتفاع نسبة الطلاق.
وطالبت سائدة المشاركات بتحديد سن الزواج للفتاة، وادعت عدم حدوث أي تجاوزات تذكر، قائلة "إن الإسلام لم يحدد سن معين للزواج ولكنه اشترط اكتمال النضج الجسمي والعقلي والانفعالي"
ــــــــــــــــــ
حملة لمناهضة الزواج المبكر في اليمن
أخبار لها
حملة لمناهضة الزواج المبكر في اليمن
حملة لمناهضة الزواج المبكر في اليمن
صنعاء ـ لندن: أطلقت الشبكة اليمنية لمناهضة العنف ضد المرأة (شيما) بالتعاون مع اتحاد نساء اليمن ومنظمات مدنية أخرى مهتمة بالمرأة أول حملة توعوية من نوعها للتعريف بمخاطر الزواج المبكر وانعكاساته الصحية والنفسية والاجتماعية.
وتهدف الحملة التي يشارك في فعالياتها أطباء واختصاصيون نفسيون واجتماعيون وعلماء دين وشخصيات حقوقية ومدنية إلى إيجاد وعي اجتماعي بمخاطر الزواج المبكر وضرورة تأخير الزواج إلى سن الثامنة عشرة على الأقل بالإضافة إلى تبين أن تأخير سن الزواج نسبيا أمر لا يخالف تعاليم الدين الإسلامي ما دام ذلك يحقق المصالح ويدرأ المفاسد ويكفل المزيد من الاستقرار الأسري والاجتماعي.
وقال الدكتور عادل الشرجبي أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء إن ترسيخ الوعي الاجتماعي بأهمية تأخير سن الزواج أمر يحتاج لجهود مضاعفة وشاقة في مجتمع محافظ كالمجتمع اليمني موضحا أن الحملة الحالية سوف تستمر لثلاث سنوات على الأقل بمشاركة وسائل الإعلام والصحف والجامعات والمساجد وغيرها من المنابر.
وتأتي هذه الحملة بناء على دراسات علمية ميدانية أعدها مركز دراسات المرأة بجامعة صنعاء بالتعاون مع مؤسسة «اوكسفام» البريطانية وبينت أن الزواج المبكر يعد احد ابرز أسباب مشاكل الزواج وارتفاع معدلات وفيات الأمهات نتيجة الحمل المبكر وعدم نضج الزوجة الجسماني وضعف وعيهن بالعلاقات الجنسية ما يعرضهن لمعاناة صحية ونفسية تنعكس سلبا على حياتهن الزوجية. كما يعد سببا مباشرا لارتفاع نسبة العنوسة لأن الفتاة التي تتأخر في الزواج إلى ما بعد سن الثامنة عشرة تعد عانسا في نظر المجتمع.
وعزت الدراسات المشار إليها ارتفاع معدلات الزواج المبكر إلى تزايد مستويات الفقر والرغبة في التخلص من مسؤولية الفتاة التي تعتبر عبئا على موارد الأسرة بالإضافة إلى تسرب الفتيات من المدارس قبل إكمال مرحلة التعليم الأساسي، فنحو 52 في المائة من الفتيات اليمنيات تزوجن دون سن الخامسة عشرة خلال العامين الأخيرين مقابل 7 بالمائة من الذكور تزوجوا دون هذه السن. وترتفع نسبة الأمية بين المتزوجات مبكرا إلى أكثر من 43 في المائة.
وفي وقت سابق أظهرت دراسة تدحض نتائجها الأوهام الطبية السائدة حول الزواج والإنجاب المبكر، قال باحثون بجامعة سانت لويس الأميركية، إن الأمومة المبكرة، أو إنجاب الزوجات الصغيرات لطفلهن الأول في سن مبكرة، لا يضر بصحتهن لاحقا.
وقالت لي سميثباتيل، البروفيسورة في التمريض في كلية دويزي للعلوم الصحية في الجامعة، إن «الدراسات السابقة بالغت في النتائج السلبية المترتبة على إنجاب الفتيات في سن مبكرة».
وأضافت أن «هذه الدراسة وغيرها، تظهر أن الأمهات من الشابات في سن المراهقة يتمتعن، مع مرور الزمن، بصحة أفضل مما كان يتوقع»، وفقا للافتراضات الطبية السائدة حتى الآن.
وقضت الباحثة نحو 17 عاما في دراسة الأمهات الصغيرات، وأشرفت سميثباتيل على وضع دراسة لتحليل تجارب الأمهات صغيرات السن على مدى عشرات السنوات بعد إنجابهن لمولودهن الأول. ونفذ فريقها الدراسة على مدى أربعة أعوام، ونقل موقع «ميديكال نيوز» الإنترنت الطبي عنها، أنها وجدت أن أولئك الأمهات أصبحن وفي أعمار الثلاثينيات أكثر التزاما بأمومتهن، وبالزواج، ومخلصات في عملهن.
وأشارت إلى أنه «رغم التجربة الصعبة للولادة في سن مبكرة، فإن الأمومة لدى الفتيات الصغيرات منحتهن تجربة تصحيحية حقيقية في حياتهن اللاحق
ــــــــــــــــــ
من الفتيات يتزوجن مبكرا خوفا من العنوسه ومن البقاء بالمنزل
المبرزي الخجول احسا
ذكرت دراسة اجتماعيه عن الزواج ان 80%من الفتيلت يتزوجن في برنامج الزواج الجماعي خشية البقاء في المنزل او العنوسه وذكرت افتاة مريم حسين من احد القر انها ترغب في الزواج من أي شخص يتقدم لها فقط للتخلص من قسوة اخوتها الذين يتعرضون لها باقسي العبارات بل ويمدون اييهم عليها ممادفعها للقبول باي شخص وقالت مجموعه من الدراسه العشولئيه ان الخوف من العنوسه وان يفوتهن قطار الزواج حت لوكان الزواج لايقوم عل الحب اما 90%من الشباب فانه ينخرطون في قطار
الزواج الجماعي ليهربوا من اسعار صالاتالافراح الفخمه اوصالات الفنادق وكذلك التكاليف الباهضه في المهور ونفقات ليلة ويوم ثاني الزواج
وان98%من الاباء يزوجون ابناءهم في الزواج الجماعي بتزويج اكثر من ابن حتي لولم يكونوا مؤهلين للزواج هروبا من التكاليف الباهضه لانه كلمازاد عددالابناء الملتحقين بالزواج الجماعي وهم اخوة تكون التكلفه منخفضه الي اكثر من النصف بحيث قدتكون تكلفة الشاب الواحد اقل من ثثة الافريال
من جهة ثانيه بلغ عددالذين التحقوا بقطار الزواج الجماعي بالاحساء قبل اسبوعين اكثر من 1480شابا وشابه تم توفير اكثر من 30مليون ريال في هذا الزواج حيث بلغ متوسط حضور المدعويين 150الف مدعو وتطوع في الزواج اكثر من سبعة اف شخص
وتقول الشابه علياء محمد العمران من المبرز انها فعلا تتمنى الزواج من خلال برنامج الزواج الجماعي خشية العنوسه وانها تقبل باي شاب يعمل ولو بمهر بسيط
وتشاطرها ليلى حسين الاحمد من الدمام فتقول ان مشاكل البيت احيانا تجبر الفتاة على الزواج حتى ولولم تكن لديها رغبة في الزواج لان الاخ يفرض نقسه وحرية الفتاة داخل المنزل تكون محدوده وبخاصه في مجال اللبس فليس كل لباس لائق امام الاب والاخوان الذكور البالغين لهذا فمنزل الزوج اكثر حريه
اما مريم عبدالرحمن فتقول هناك سببين لرغبتي في الزواج مبكرا الاول زوجة ابي التي تنكد عيشتي باسلوب طيب فهي كثيرة المدح لي فتجعلني اخجل من كلامه واشتغل خادمه لها ولاولادها الصغار الثاني رغبتي في الهروب من منزل والدي حتى ااخذ حريتي في بيت الزوجيه
اما عائشه عبدالله المحمد من قرية الجفر فتقول الخوف من العنوسه فلدي اخوات ثمان اصبحن بالنسبه لاقرانهن البنات عانسات وبخاصة في القرى وانا اخاف من العنوسه لذا لن امانع في الزواج مبكرا على الاطلاق وتضحك قائلة:بس وينه العريس؟
ــــــــــــــــــ
الزواج المبكر والطلاق المبكر
عامر عبد الله الشهراني*
عندما يدور الحديث عن الزواج المبكر في المجتمع، يتبادر للأذهان الطلاق المبكر، وكأن هذين المفهومين متلازمان، أو مترابطان. فأصبح هناك اعتقاد أن الزواج المبكر يتبعه في الغالب طلاق مبكر، وهذا فيه مبالغة كبيرة، ويجب ألا يتم تعميمه. والمقصود هنا بالزواج المبكر هو الزواج الذي يتم قبل الاستعداد الكامل من الزوج لبناء أسرة، ويشمل هذا الاستعداد الجوانب الاقتصادية، والنفسية، والاجتماعية. فالزواج عملية مشاركة في الحياة، ويتطلب أن يكون لدى الزوج منزل مجهز ومؤثث، ويكون لديه المبالغ التي يحتاجها للقيام بمتطلبات حفلة الزواج، وما يتبعها من مصاريف قد يكون أغلبها غير ضروري وليس له داع، ولا يقتصر الأمر على ذلك بل يتعدى إلى أن يكون لدى الزوج دخل شهري ثابت، لكي يستمر مشوار الحياة الزوجية ويسير القطار، لتكوين الأسرة التي يريدها المجتمع، وما يحدث في كثير من الأوقات أن الأب يتحمس لزواج ابنه مبكراً بدافع الأبوة، ولكنه لا يدرك بالتحديد ما قد ينتج عن ذلك الشعور من عواقب قد تحول دون عملية استمرار الزواج لفترة طويلة، فقد يتعهد الأب بزواج ابنه من خلال دفعه جميع التكاليف اللازمة للزواج قبل أن يكون لدى الابن وظيفة، أو عمل يحصل منه على دخل ثابت، ويعتمد الأب على ما يملكه من قدرات مالية، ولا يدرك أن الابن يحتاج إلى أن يعتمد على نفسه في كثير من الأمور، ولن يستمر في الاعتماد على والده في تقديم المساعدة المالية التي قد يحتاجها في أي وقت. ونتيجة لذلك فقد تم ربط مفهوم الزواج المبكر بمفهوم الطلاق المبكر لحدوث الأخير كنتيجة للإقدام على الزواج المبكر دون الاستعداد من قبل الزوج من كافة الجوانب.
وحقيقة الأمر أنه عندما يتم الزواج المبكر في أغلب الأوقات يتبعه طلاق مبكر لعدم استطاعة الزوج (الابن) الاستمرار في تحمل مصاريف الزواج وتكوين أسرة وتلبية متطلباتها المستمرة، وفي بعض الحالات قد تكون الزوجة تعمل والزوج لا يعمل، ويعتمد على دخلها الشهري من عملها، وينتج عن ذلك مشكلات عديدة نتيجة للاختلافات حول الصرف، والحصول على المبالغ التي يحتاجها من مال زوجته، وقد تنتهي هذه الخلافات بالطلاق المبكر، ولا أعرف على وجه التحديد كم نسبة الطلاق المبكر الناتج عن الخلافات المالية بين الزوجين، وهذا يتطلب من علماء الاجتماع، وعلماء النفس دراسة هذه الظاهرة بشكل متعمق، وتقديم المقترحات والحلول المناسبة لها.
وفي حالة عدم معالجة هذه المشكلة الاجتماعية (الطلاق المبكر) قد يكون هناك تراكمات غير مرغوبة، ويصبح لدى البنين والبنات عزوف عن الزواج نظراً لما قد يلاحظونه من زيادة في عدد المطلقات في المجتمع، ومجتمعنا بشكل عام لا يرحم المطلقة، بل ينظر إليها نظرة دونية، غير منصفة، ومن ثم يبدأ في طرح العديد من التساؤلات (لماذا؟، أين؟، كيف؟، متى؟...) حول أسباب الطلاق. وهناك حالات عديدة يحدث فيها الطلاق المبكر، فقد يحدث الطلاق المبكر قبل حفل الزواج نظراً لخلافات بين أسرتي العروسين، أو لخلافات بين الخطيب وخطيبته، وأغلبها يدور حول العمل والراتب، كما قد يحدث الطلاق في ليلة الزواج، أو في أول يومين من الزواج، وهذا قد يثير تساؤلات عديدة عن الأسباب التي أدت إلى حدوثه، وهناك حالات أخرى يتم الطلاق في شهر العسل.
ونظراً لصغر سن الزوج وعدم قدرته على تحمل مسؤولية البيت، والزوجة، وما يترتب على ذلك من متطلبات فقد يوكل أمر زوجته لأمه أو لأبيه، فلا تخرج إلا بموافقة أحدهما، ودوره مفقود، وكأنه غير موجود، وهذا بدوره يؤدي إلى الخلافات بين الزوجين في وقت مبكر، وقد تنتهي بالطلاق المبكر لعدم قدرة الزوج على تحمل المسؤولية، لأن الزوجة تريد أن يكون زوجها هو المسؤول عنها مباشرة، وليس أحد آخر يتخذ القرارات عنه بالنيابة حتى ولو من أفراد أسرته المقربين.
وهنا ينبغي ألا يفهم من هذا المقال أنني لا أشجع على الزواج بشكل عام، والزواج المبكر على وجه الخصوص، فأنا ممن يشجع عليه اقتداء بما حثنا عليه ديننا الحنيف، ولكن لا نريد أن يكون هناك استعجال في الزواج وينتهي الأمر بعد فترة وجيزة من الزواج بالطلاق، ولذلك أرى أن يتريث الآباء في القرار بدفع أبنائهم إلى الزواج المبكر دون استعداد مبكر من أبنائهم، والعديد من النساء ممن قبلن بزواج المسيار هن من ضحايا الطلاق المبكر، وممن تقدمت بهن السن دون أن يتقدم لهن زوج آخر، لذلك رضين بزواج المسيار الذي لم يكن هو الخيار الأول لهن، كما أن الطلاق المبكر كنتيجة للزواج المبكر جعل البنات يقبلن بكبار السن أزواجاً نظراً للإمكانات المادية التي يمتلكها بعض كبار السن بما يضمن بناء أسرة سعيدة.
فإذا كان الزوج لم يدفع مهراً لزوجته ولم يتكلف بدفع مصروفات الزواج، أو مصروفات تأثيث المنزل، وإنما تكفل والده بهذه الأمور، فهو لا يدرك حجم المسؤولية، وقد يكون الطلاق هو أسهل السبل للتخلص من مسؤولية تكوين البيت والأسرة، وأعتقد في هذه الأيام أن الشخص إذا تزوج من دون أن يملك سكناً، ويبدأ حياته الزوجية في سكن مستأجر، وعليه ديون كثيرة فلن يستطيع أن يملك بيتاً لفترات طويلة نظراً للالتزامات المالية التي قد تواجهه وتظل ملازمة له لزمن طويل.
وهنا أوجه رسالة للأب ألا يتعجل في تزويج ابنه إلا إذا تأكد من أن هذا الابن قادر على أن يتحمل المسؤولية بمفهومها الشامل، الاجتماعي، الاقتصادي، وأن يكون لديه دخل ثابت ويعتمد على نفسه في هذا المجال، فلو تأخر الابن في الزواج عاماً، أو عامين، أو ثلاثة ويتبع ذلك التأخير زواج ناجح، وحياة زوجية سعيدة أفضل بكثير من أن يكون هناك زواج مبكر ويتبعه طلاق مبكر. والرسالة الأخرى أبعثها للابن فعليه أن يبحث عن الزوجة المناسبة بعد التأكد من استطاعته تحمل مسؤولية تكوين أسرة ومواجهة متطلباتها، وأن يدرك أن الزواج مسؤولية مشتركة بينه وبين شريكة حياته، وهذا يتطلب التفاهم والاتفاق حول كثير من الأمور الحياتية. والرسالة الأخيرة أوجهها للفتاة المقدمة على الزواج بأن الزواج يتطلب المشاركة، والتنازل عن بعض المتطلبات غير الضرورية التي قد تكون بداية للخلافات، والمشكلات التي قد تنتهي بالانفصال، بل بالطلاق المبكر.
* أكاديمي وكاتب سعودي
ــــــــــــــــــ
الزواج المبكر .. بين دعاة الإسلام و دعاة العلمانية
د. ست البنات خالد*
زواج مبكر تتناقض مؤتمرات السكان التي تدّعي أنها تدافع عن حقوق المرأة ضد (الإضطهاد الذكوري) تناقضا أخلاقيا واضحا ، ويظهر ذلك من خلال التنفير بشدة - في أكثر من مؤتمر- من العلاقات الجنسية في إطار الزوجية - بحجة أن هذا الزواج يعتبر مبكراً وسابقاً لأوانه - والصمت المطبق عن الحديث عن العلاقات الجنسية إذا كانت خارج إطار الزوجية، وفي سن مبكرة، فما أعظم هذا التناقض؟
ثم إنهم يتحدثون عما يعتبرونها أضرارا تصيب المرأة جراء هذا الزواج المبكر . أما بخصوص (الأضرار الصحية) بسبب الحمل المبكر، فإن الفتاة يمكنها أن تحمل منذ بلوغها سن الثانية عشرة – أي منذ بدء الحيض لديها -، وأحياناً يتأخر ذلك حتى بلوغها الرابعة عشرة. والحيض دلالة على استعداد المرأة للحمل، وهناك حالات يحدث الحمل فيها قبيل الحيض.
بل إن الزواج المبكر يقي من الأمراض -كما يقول ذلك أحد الأطباء -: (( إن على المرأة - من الناحية البيولوجية - أن تبدأ الحمل خلال سنوات قليلة بعد سن البلوغ، فقد تبين أن إنجاب المرأة لأول طفل من أطفالها في سن مبكرة تحت العشرين هو أحد أهم وسائل الوقاية من سرطان الثدي )) .
ومما يؤكد هذه الحقيقة ما قام به أخصائي في أمراض النساء والولادة حيث أجرى بحثاً قارن فيه حالات حمل وولادة في سن 12سنة إلى سن 17سنة – وهو يعتبر زواجاً مبكراً جداً، وحالات حمل وولادة في سن 20سنة إلى سن 25سنة – وهو يعتبر زواجاً مبكراً عادياً -، فوجد أن حالات الحمل المبكر جداً كانت مشاكلها أقل من حالات الحمل المبكر العادي.
واكتشف العلماء أن كل طفل ينجب يقوم بدور هام لاحقاً في تقليل احتمالات الإصابة بسرطان الثدي، ولكن يبدو أن إنجاب مزيد من الأطفال قبل أن تبلغ المرأة سن الثلاثين يوفر أكبر قدر من الحماية ضد خطر الإصابة. ومما أثار دهشة الباحثين أن الإنجاب بعد سن الثلاثين لم يكن له تأثير يذكر في تقليل احتمالات الإصابة خلال السنوات اللاحقة.
والأبحاث الطبية تثبت أن تأخير الزواج يسبب أمراضاً للأم، فمقارنة حالات الحمل والولادة من زواج متأخر – أي سن الثلاثين وما بعدها -، أثبتت أنه يؤدي إلى زيادة مضاعفات الحمل والولادة، حيث تتضاعف هذه المشاكل للمرأة التي تحمل لأول مرة في سن الثلاثين – وما بعدها -، كمرض تسمم الحمل الذي يؤدي إلى ارتفاع شديد في ضغط الدم يؤثر على الكلى، مما قد يعرض حياة الأم والطفل للخطر، أو التعرض للعملية القيصرية؛ لإخراج الجنين من بطن الأم. وهذه الأبحاث توضح – بجلاء – مدى الفارق الشاسع بين الزواج المبكر، والزواج المتأخر.
وإن تأخير سن الزواج لا يقتصر ضرره على الأم وحدها، بل يتعدى ذلك إلى أولادها، فالأمهات كبيرات السن قد يتعرض أولادهن للإصابة بأحد مرضين هما: تشوه العمود الفقري، ونقص تكون المخ وعظام الرأس، كذلك فإن الإصابة ب (مرض داون ) تزيد في حالات الأمهات المتقدمات في السن، ففي الأمهات فوق سن الأربعين يصل الاحتمال في الإصابة (1/25)، وينقص إلى النصف في الأمهات بين 35-40 سنة .
موقف الإسلام من الزواج المبكر
لقد نص القرآن الكريم والسنة النبوية على قيام الزواج المبكر في المجتمع الإسلامي ووجوده، فقد قال الله تعالى في عدة الصغيرة:{ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ } .
قال الإمام الطبري في قوله تعالى: {فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن}: (( وكذلك عدة اللائي لم يحضن من الجواري لصغر إذا طلقهن أزواجهن بعد الدخول)) .
وقال الشوكاني في تفسيره: (( لصغرهن وعدم بلوغهن سن المحيض، أي فعدتهن ثلاثة أشهر )). وفي هذا دلالة واضحة على أن الصغيرة تزوج.
وقال الإمام ابن جرير الطبري عند قول الله تعالى: { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } . ((قال: (بلغوا النكاح) أي عند الحلم )) , والحلم يكون بإنبات الشعر، وتغير الصوت، وغيرها من العلامات المعروفة.
فالكتاب والسنة قد وجها إلى الزواج المبكر للفتى والفتاة، وقد استنتج الإمام البخاري – رحمه الله – ذلك في تبويبه لكتاب النكاح، فجعل فيه باباً بعنوان (إنكاح الرجل ولده الصغار لقوله تعالى { وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ } فجعل عدتها ثلاثة أشهر قبل البلوغ ).
وقد تزوجت عائشة -رضي الله عنها- وهي بنت تسع سنين، كما جاء في صحيح مسلم: { عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ وَزُفَّتْ إِلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ وَلُعَبُهَا مَعَهَا وَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانَ عَشْرَةَ } .
كما أن فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوجت وسنها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر - وقيل أقل من ذلك -، وكان سن زوجها علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إحدى وعشرين سنة .
أهمية الزواج المبكر
إن حاجة الشاب إلى الزواج حاجة ملحة، وإشباع الغريزة الجنسية، مثل إشباع دافع الجوع والعطش. والزواج المبكر خير علاج لمشكلات المراهقين الجنسية إذا استطاعوا الباءة. وخير معين على استجابتهم لمتطلبات التربية الجادة، والبعد عن نزغات الشياطين هو الزواج.
فالزواج فيه سكن نفسي، وإشباع غريزي، وإحساس بالنوع، وشعور بالتكامل والنضج.(49/22)
فالشاب المراهق يكون عادة مشغول التفكير، مضطرب المشاعر حول موضوع الزواج.
ويظهر هذا الاضطراب - عادة – على نفسية المراهق، ويتعدى ذلك إلى الجوانب العملية في اتخاذ الهوايات وبرامج قضاء أوقات الفراغ.
والسكن والمودة والرحمة من مواصفات الزواج الناجح، كما قال تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } .
وقد دلت الدراسات النفسية على نزوع المتزوجين إلى الاستقرار، ومن ثم الاتجاه إلى النشاطات الثقافية، بينما دلت على نزوع غير المتزوجين إلى المسالك الانفعالية والعاطفية، وإلى الجنوح أحياناً .
ولذلك حث الإسلام على الزواج المبكر، فقد ثبت عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: { كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لاَ نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ } رواه البخاري ومسلم .
فالزواج يعين على الاستقامة، ويكسر حدة الشهوة عند هؤلاء المراهقين الذين يفيضون حيوية ونشاطاً، كما أنه يساعد على الاستقرار النفسي، والاتزان العاطفي، والإعفاف في الإطار المشروع .
وإن لم يحصل هذا الزواج، فقد وجه الإسلام إلى إعلاء الغريزة وتوجيهها إلى ميدان مرغوب فيه وهو الصوم، فبه ينضبط السلوك بإذن الله تعالى.
مضار تأخير الزواج
إن تأخير الزواج مخالف للشرع مصادم للسنة الكونية والفطرة الإنسانية، ولا يتناسب مع الوضع الطبعي الأصلي للمجتمع الإنساني؛ ولأجل ذلك ترتبت عليه آثار سيئة، ومدمرة للنفس والمجتمع، منها:
1 – إهدار الطاقة بإضاعة ماء الحياة في العادة السرية، أو المداعبات المحظورة، أو الوقوع في الزنى والشذوذ. وقد أمر الإسلام بحفظ الفرج، وعدم التعدي فيه. قال تعالى: { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ(7) } .
وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالزواج من الودود الولود، حيث يوجه الشباب المسلم طاقته للإكثار من الذرية المسلمة، {عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا قَالَ لَا ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ } رواه الإمام أحمد وأبو داود واللفظ له والنسائي، وصححه الألباني.
إن هناك اتجاهاً - في بعض الدول التي فيها الحرية الجنسية متاحة - إلى الاعتقاد بأن على الشباب أن يتجاهلوا نوازعهم الجنسية، وأن يعزفوا عن نشاطهم الجنسي إلى أن يتزوجوا، وهذا يشمل الشبان والفتيات .
إن القانون والعرف لا يملكان أن يغيرا سن البلوغ، ولا نمو الطاقة لدى أبناء العقد الثاني من العمر. وهما العاملان اللذان يؤديان إلى استثارة الشباب باستمرار، وإلى استجابتهم للنوازع الجنسية. ويقول العالم ( الفريد إلكنسي ): (( ولسنا نجد قرينة واحدة تؤكد أن من الممكن لأي ذكر بالغ غير مصاب بعجز بدني، أن يمضي في الحياة بغير تفريج منتظم لطاقته الجنسية إلى أن يوهنه كبر السن من استجابته وقدرته على أداء الوظيفة الجنسية. وإذا كانت كثيرات من الإناث يستطعن ذلك قبل بلوغهن العشرين من العمر، فإن البيانات الدقيقة تدل على أن هذا المسلك يوهن قدرتهن على التكيف، أو التوافق الجنسي بعد الزواج)) .
2 – إهدار الطاقة النفسية والمعنوية؛ بإضاعة الحيوية، والفتوة، والغزارة العاطفية، والتفكر والخيال، والشعور الجماعي، والشجاعة النفسية، والإقدام، والمبادرة، والحركية، وغيرها من الصفات النفسية – التي يتميز بها أغلب المراهقين -، إضاعتها وإهدارها بالمغامرات، والمغازلات، والمكاتبات والأدبيات المنحرفة، والانحرافات الخلقية. وأكثر هذه الأنشطة تعبر عن متابعة وملاحقة للجنس الآخر – الفتيان للفتيات، والفتيات للفتيان -. وهكذا تضيع سنوات عديدة من عمر الشباب، هي جزء من عمر الأمة المحتاجة إلى طاقة شبابها .
3 – تعريض الشباب للفتنة. ففي البيئات المعاصرة يتعرض الجنسان لشتى المغريات: المقروءة، والمسموعة، والمرئية، والمعيشة – على مستويات متعددة -، ثم ذلك الإغراء المتمثل في تبرج النساء، وزيهن، ومشيهن، وصوتهن، في الميادين المختلفة. وفي أشكال الرجال، وزيهم، وطريقة حديثهم؛ حتى يصير كل منهما متيماً بالآخر، أسيراً للشيطان وحبائله.
والزواج المبكر هو الذي يحصّن الشباب، ويدرأ عنهم – بإذن الله – كثيراً من هذه الشرور والفتن .
4 – العنوسة، وهي مشكلة الفتاة المسلمة في هذا العصر، التي تقدم الدراسة، أو الوظيفة، أو الثقافة، أو النضج – بزعمها – على الزواج، فتسعى للكماليات قبل الأوليات، وتؤثر السطحيات على الأساسيات، حتى إذا ما حصلت على ما تريد من وظيفة، أو شهادة، عادت أدراجها تفكر في الزواج، وتسعى إليه بعد أن تجاوزها الزمن، وعزف عنها الرجال؛ إذ وهبت فتوتها، وحيويتها، ونضارتها، وأنوثتها الشابة – للزوج الآخر -، للدراسة، أو الثقافة، أو الوظيفة.
وهكذا تكون عاقبة مخالفة الفطرة، ومعاكسة السنة الشرعية والحياتية، أعداداً هائلة من النساء اللواتي فاتهن سن الزواج المرغوب والمقبول.
5 – ومن المضار المحتملة لتأخير الزواج: وقوع جرائم الاغتصاب، وسبب ذلك ما حصل في كثير من المجتمعات من رفع لسن الزواج – سواء بموجب القوانين التي لا تبيح الزواج لمن لم يبلغوا سناً معينة، أو نتيجة للأوضاع الاقتصادية السيئة في بعض الدول -، وظهور بعض العادات والأفكار التي تتعارض مع زواج الشباب الصغار، مثل التعليم وغيره.
ومن العلماء الذين وجهوا الأنظار إلى هذا الأمر ( الفريد إلكنسي )، وذلك في بحثه عن السلوك الجنسي، الذي ألقى فيه بالتبعة على العرف السياسي، والقانون الوضعي، والأوضاع الاجتماعية التي تحول دون وجود مزيد من الإدراك العام للسلوك الجنسي للإنسان، فالذكر والأنثى يصلان مرحلة البلوغ – من الوجهة البيولوجية – في سن تسبق بسنوات تلك التي يعترف فيها القانون الوضعي والعرف السياسي ببلوغهما، وبالتالي يفرض عليهما قيوداً، ويضع أمامهما عراقيل تحول دون استجابتهما لدوافعهما الجنسية، فيضطران – وبخاصة الذكر – إلى اللجوء إلى أساليب غير مشروعة لتحقيق الإشباع الجنسي، مثل الاغتصاب.
وهذا أحد الباحثين (كينيث ووكر) يبين أثر رفع سن الزواج في المجتمعات الغربية فيقول: ((ومع تأخر سن الزواج – وهو ما يمكن أن نعتبره إغلاقاً لإحدى القنوات الهامة للتفريج الجنسي -، فإن المدنية الغربية تثير وتحفز الشهوة الجنسية، مما ينشأ عنه خلق حالة من التهيج والإثارة المتتابعة التي تجد كل سبل التفريج المشروع مغلقة أمامها. وهذا من شأنه أن يتسبب في كثير من أشكال الانحرافات الجنسية - كالاغتصاب -، التي ترجع - أساساً - إلى نوع الثقافة الجنسية التي صنعناها بأيدينا، فالانحرافات الجنسية جزء من ثقافتنا، كما أن البطالة جزء من نظامنا الصناعي. ويجب ألا يدهشنا هذا الوضع، ما دمنا قد أبدعنا شكلاً من المدنية، يضع الشباب، وأغلب الأنشطة، والقوى الجنسية في حالة من الإثارة المستمرة، فنحن الذين صنعنا هذه الأوضاع، ونحن – أيضاً – الذين ندفع الثمن. فيجب ألا نشكو من فداحة الثمن طالما أنه لا يزيد كثيراً عما حصلنا عليه مقابله.
ــــــــــــــــــ
لعزوف عن الزواج يهدد كيان الاسرة العراقية ويزيد كهولة المجتمع
المؤتمر - سحر عباس
يعتبر الزواج المبكر من اهم الاسس التي تساعد على بناء مجتمع متماسك ملتزم بالقيم الاسلامية والعربية الاصيلة المتجذرة في مجتمعنا بعيدا عن مهاوي الانحراف التي قد تجبر كثيرا من الشباب على السير في طريق الرذيلة والفساد المختلف مما يؤدي الى تفكيك لبنات المجتمع وتهدد بناءه خاصة في الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية السائدة التي ادت الى عزوف كثير من الشباب عن الزواج واعتباره من المشاريع المؤجلة بالنسبة للكثير منهم وبما ان المجتمع العراقي من المجتمعات العربية التي تسودها القيم الاسلامية وتحكمها التقاليد والاعراف الاجتماعية الاصيلة لذا فأن اغلب الاسر العراقية تسعى جاهدة للحفاظ على هذا الارث الديني والاجتماعي من خلال العمل على بناء اسرة في وقت مبكر من عمر الابناء وكان لصحيفة المؤتمر هذه الوقفة مع اصحاب الشأن من كلا الجنسين لنتعرف على اسباب عزوف البعض منهم عن الزواج.
العزوف عن الزواج مكروه في ديننا الحنيف
* الانسة هند علاء (ربة بيت) في سن الثانية العشرين قالت ان العزوف عن الزواج مكروه كراهية شديدة في الدين الاسلامي الحنيف لان تحقيقه اصلاح للفرد والمجتمع وقد وضع القرآن الكريم الضوابط والاسس التي تحكم هذه القضية الاجتماعية فيتم تناوله تنظيما وتشريعا وحقوقا وواجبات واضافت ان نجاح الزواج يعتمد على الاختيار الصائب وحرية اختيار المرأة لشريك حياتها وليس تقدم عمر الزوجين شرط في نجاح الزواج.
* المغالاة في طلبات المرأة قد تؤخر زواجها الانسة رشا علوان موظفة في سن الخامسة والعشرين قالت: ان طلبات المرأة المتقدمة بالسن تفوق طلبات الشابة وهذا سبب تأخرها بالزواج وانا افكر ان اتنازل ماديا اذا كان الشاب يحمل مؤهلات معنوية اخرى كالشخصية القوية والثقافة والمستوى العلمي . وحملت بيداء معادلة الزواج الاخرى مسؤولية تفاقم هذه الظاهرة في الوقت الراهن واستشهدت بعدة حالات لرجال تجاوزوا العقد الثالث او الرابع من العمر ولم يتزوجوا برغم تمكنهم ماديا .
* القصور المادي وراء تأخر الزواج
السيد خالد محمود موظف ومتزوج قال ان سبب تلكؤ الشاب في ا لزواج المبكر يعود الى ضيق ذات اليد واعتماد الاغلب منهم على عوائلهم الى درجة ان بعضهم يتسلم مصروفه اليومي من ذويه فكيف يستطيع ان (يفتح بيت) ويكون اسرة فالاسباب المادية هي اهم الاسباب في تأخر الزواج المبكر.
* اللوم يقع على اهل الفتاة
السيد احمد عبدالكريم موظف في الاربعين من عمره قال: انا القي باللوم على اهل بعض الفتيات الذين يعتمدون عليهن في مصروف البيت (الموظفات) وادارة شؤونه المادية فيمنعوا الخطاب المتقدمين خاصة بعد ارتفاع رواتب موظفي الدولة وهذه الحالة تفاجئت بها عدة مرات وليست مرة واحدة وكل مرة يتحجج اهل العروسة بطلب او بعذر ما ولجميع المتقدمين.
* النساء هن السبب في تأخرهن في الزواج
السيد جعفر علي يبلغ من العمر 35 عاما صاحب معمل قال ان النساء هن حجر عثرة الزواج وليس الشباب كونهم مستعدون لبناء عش الزوجية وفق متطلبات الظرف الراهن الذين يتوخون نزول حواء من برجها العاجي وتقديم التنازلات المادية وجعل تكوين الاسرة هو الهدف الاسمى لاجل خدمة مجتمعنا الاسلامي ذي القيم الدينية والروحية السامية.
* الزواج المبكر عدم الشعور بالمسؤولية
علياء عبدالعزيز طالبة جامعية قالت انا اعتقد ان الزواج بعمر مبكر معناه عدم شعور الطرفين بالمسؤولية لان الزواج لا يعني الاقتران فقط وانما هو تكوين اسرة واطفال وهي مسؤولية كبيرة ولا يمكن تحملها من قبل الازواج الذين لم يكتسبوا الخبرة في الحياة.
* الزواج المبكر ناجح ولكن بشروط
السيد سعد عبدالرزاق في الثلاثين من عمره يعمل كاسبا قال لا يمكن للشاب ان يقدم على الزواج مبكرا دون توفر الشروط اللازمة لنجاح الزواج كالدخل المادي والبيت والعمل فليس من الممكن ان يعيش الشاب عالة على والديه يصرفون عليه وعلى زوجته واولاده فيما بعد هذا من جانب الرجل اما من جانب المرأة فلا بد ان تكون بعمر يساعدها على الحمل والانجاب بصورة طبيعية اضافة الى قدرتها على تحمل الاعباء المتراكمة ومسؤولية الزواج من ادارة البيت وتربية الاطفال بشكل صحيح وعلى كل حال فالحياة العصرية في خضم الظروف السائدة معقدة جدا ولا يمكن ان تجعل من الزواج المبكر مشروعا ناجحا.
* الزواج المبكر والطب
وبعد ان اطلعنا على اراء بعض الشباب نرى ما يقوله العلم والطب في الزواج المبكر الذي جاء على لسان الدكتورة ميسون الخفاجي اخصائية نسائية وتوليد حيث بدأت حديثها بالقول ان البيوض تولد لتكون في قمة عطائها عند السنين الاولى من العمر وخلال فترة ما بين (15 - 25) عاما وهي افضل المراحل العمرية للانجاب كما ان الامر في هذه المرحلة اكثر التصاقا بوليدها اما بالنسبة الى الفترة ما بين (25 - 35) عاما فهي مرحلة متوسطة الخصوبة وبتقادم السنين يعني تناقص البيوض حتى تصل مرحلة التلاشي والاضمحلال واضافت ان الزواج بعد (35) عاما يكون محفوفا بالخطر والامراض وقلة الانجاب وان عمليات الولادة في هذا السن تكون اغلبها عمليات قيصرية نتيجة وضع الطفل بالاضافة الى كثرة تعرض الام في هذه المرحلة الى امراض السكر والزلال والضغط فالمرأة لا تتزوج مبكرا جدا مثل عمر (9) سنوات فهي بهذا العمر غير مكتملة الاعضاء وزواجها يكون محفوفا بالمخاطر اكثر من التي عمرها اربعين عاما وكلما كان عمر الزوجة مناسبا كانت فرصتها في الانجاب جيدة جدا .
* رأي علم النفس في الموضوع
وبعد معرفتنا لرأي الطب حاولنا التعرف على رأي علم النفس في معرفة اسباب عزوف الشباب عن الزواج والعلاج الوقائي لهذه الظاهرة فقال الدكتور فرج عبدالله دكتوراه في الطب النفسي هنالك عوامل عدة تقف وراء عزوف الشباب عن الزواج اولها نمو روح الاتكال على الاهل والمطالب التعجيزية للفتاة وذويها والصعوبات المعاشيةوشيوع ثقافة تنادي بالانفصال المبكر للعائلة حديثة التكوين والجهل بمزايا الزواج المبكر بالاضافة الى ضعف الحماس لدى العائلة العراقية بالتزويج المبكر نتيجة الشك والريبة التي تسيطر عليهم والخوف من المستقبل وما يترتب عليه.
-ــــــــــــــــــ
العازب.. حياته قلق وجيبه فلس!
مواقع أخرى*
الاستهلاك والإسراف..صفات لحياة كثير من العزاب
لماذا أعيش؟ ولأجل من أكد وأتعب؟... أسئلة تفرض نفسها على معظم العزاب الذين يأخذون من الزواج موقفا لسبب أو لآخر؛ ففي لحظة من اللحظات يجد العازب نفسه معزولا عن العالم، غارقا في مستنقع الوحدة.. ربما يخفف من حدتها شواغل الحياة أو البحث عن مجد مهني، لكنه ساعة المرض، حينما لا يجد من يربت على كتفه.. من يحزن لأجله.. من يدعو له بالشفاء.. يدرك أن قرار العزوبية لم يحالفه التوفيق فيه.. فليس على الدنيا أهنأ من ابتسامة طفل وهو يقول لك "بابا"، ولا أروع من نظرات الحب الدافئة من زوجة محبة ووفية لزوجها.
كل هذه المعطيات تجعل الكثير ممن يأخذون طريق العزوبية يندمون في النهاية، ويتعرضون لبعض المتاعب النفسية، فضلا عن الميل في الإسراف، ويقول بعض خبراء التنمية الاقتصادية إنها تقلل من معدلات التنمية لضياع وقت العازب وتشتت جهوده في الأدوار التي كان ينبغي للزوجة أن تلعبها في حياته كما في الأعمال المنزلية.
متاعب نفسية
"عمر" يبلغ من العمر 42 سنة، موظف، وفي نفس الوقت عازب، تجاعيد الزمن عرفت طريقها إلى وجهه مبكرا. يقول عن تجربته في العزوبية: "الإحساس بالوحدة لا يفهمه إلا العازب وحده؛ فمن الصعب جدا على أي رجل العيش بلا زوجة ولا أولاد. اضطرتني بعض الظروف إلى عدم الزواج، فكانت أيامي كلها رتيبة تتشابه فيما بينها؛ ففي النهار أنسى هذا الإحساس قليلا بسبب الانغماس في العمل، لكن في الليل -حين أقبع في البيت- ينتابني الشعور بالوحدة بقوة".
أما أحمد -40 سنة، معلم ابتدائي سابقا- فهو عازب آخر يرقد في مصحة نفسية ، بسبب ضغط القلق النفسي الذي يعاني منه طيلة سنوات عزوبيته الطويلة؛ وهو ما أدى إلى إصابته بعلامات الاكتئاب والانطوائية أيضا.
يقول أحمد عن هذه المرحلة الصعبة من حياته: "تسببت مشكلة خاصة بي في عزوفي عن الزواج وتفضيل حياة العزوبية، لكنني تجرعت المرارة؛ فقد كان هاجس موتي وحيدا منعزلا بلا زوجة ولا أولاد يسيطر على كياني، حتى أصبت بحالة خطيرة من الاكتئاب الحاد".
ويؤكد أساتذة علم النفس الاجتماعي، على أن العازب يعاني دائما من القلق، وشعوره المستمر بالاكتئاب يمكن أن يؤدي به إلى التفكير في الانتحار؛ ليتخلص من حياته التي يراها عبئا عليه، ويعمق هذا الأمر شعور الرجل العازب أحيانا بأنه أقل من الرجل المتزوج؛ حيث قد يعتريه إحساس وهمي بأنه غير مرغوب فيه اجتماعيا.
إن العازب غالبا ما يفسر تصرفات الغير على أنها رد فعل على عزوبيته أو أنها موقف سلبي منه، وهذا إحساس مضخم من طرفه، ينبغي عليه تجاوزه وإلا وقع في مشاكل نفسية عويصة، منها سلوكه نهج العنف ضد الآخر كتعويض نفسي داخلي على ما يختلج صدره من الشعور بأن شيئا ما ينقصه، أو نهجه حياة العزلة عن المجتمع، وكلها مصاعب نفسية جديرة بالعلاج الفوري حتى لا يتفاقم الوضع أكثر.
مضار اقتصادية
ترى بعض الآراء أن العزوبية قد تكون سببا من أسباب الفقر، ويسندون في ذلك على فرضية أن العازب يكون أكثر استهلاكا من المتزوج؛ نظرا لأنه لا يقيم -في مجمل الحالات- وزنا ولا قيمة للمال الذي يكسبه؛ فلا زوجة تنتظر راتبه في أول الشهر ولا أولاد يطالبونه بالكسوة والدواء والكتب وغيرها من المصاريف الكثيرة، فتجده ينفق يمنة ويسرة بلا رادع ولا حسيب.
ويزكي هذه إن الله تعالى جعل من الزواج طريقا إلى الغنى؛ لأنه يمد المتزوج بالأسباب التي تعينه على تجاوز الفقر، مصداقا لقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
وهناك من يقولون إن العزوبية لا تؤثر على الوضع الاقتصادي للفرد العازب فقط، بل تنعكس على برامج التنمية في المجتمع برمته، على خلفية أنه إذا كان الزواج عاملا من عوامل النشاط الاجتماعي، وبذل الجهد في تقوية ملكات ومواهب الرجل، بفضل انطلاقه الحيوي للقيام بمسئولياته حق القيام والإبداع فيها، فإن العزوبية قد تعطل من حماسة هذا الانطلاق.
وفي هذا يقول الباحثون في اقتصاديات التنمية: "من ثمار الزواج الذي هو شراكة نفسية واجتماعية واقتصادية بين الرجل والمرأة أن لكل واحد منهما وظيفة اقتصادية معينة، يقوم بها داخل المنزل وخارجه، لكن العازب يقوم بوظيفته كرجل، ثم بوظيفة المرأة داخل المنزل؛ وهو ما يشتت جهده ويضيع عليه التركيز في عمله أو وظيفته أو حرفته؛ فلا يجد الجو الصالح لتجديد نشاطه والنهوض بأعماله، وهذا يؤثر قطعا على العملية التنموية برمتها". ويبقى في النهاية أن هذه الأمور كلها نسبية وتختلف من شخص لآخر.
الزواج يكسب
توصل الباحثون في جامعة "وورويك" البريطانية إلى أن الرجال والنساء المتزوجين يتمتعون بصحة أفضل من نظرائهم العازبين. ويعتقد الباحثون أن السبب في ذلك يرجع جزئيا إلى الدعم الاجتماعي والعاطفي لوجود زوج أو زوجة، أو لأن العازبين من الجنسين يعيشون حياة غير صحية، ولا أحد يهتم بهم أو بصحتهم.
كما أكدوا على أن الزواج يزيد من استقرار الحياة، ويخفف التوتر والمشكلات المصاحبة له، كما أنه يشجع على اتباع أنماط الحياة الصحية المفيدة، وتجنب السلوكيات الضارة كشرب الخمر واستخدام المخدرات، وأن وجود شريك الحياة يؤمن الراحة والاطمئنان والعناية الصحية للشخص، وخاصة في أوقات المرض.
وأسفرت الدراسة عن وجود علاقة بين الزواج وطول عمر الرجل؛ فالرجل المتزوج يزيد عمره في المتوسط 3 أعوام عن قرينه الأعزب.
---
بقلم أبو رحاب السوسي عن موقع اسلام اونلاين
ــــــــــــــــــ
فكر في زواج مبكر
الجيلي حامد*
وضعت الظروف الاقتصادية، والتعقيدات الاجتماعية، والعادات الوافدة، والمتوارثة الفتاة العربية على وجه العموم، والسودانية على وجه الخصوص في ظروف محزنة؛ فهي كلما ودعت عاما ضعفت نسبتها في الدخول إلى القفص الذهبي؛ وبالتالي تزداد من الهموم والاحزان؛ مما ينعكس سلباً على الصحة (عنوان الجمال)..
والملاحظ بوضوح زيادة نسبة المواليد من الإناث، وطغيان الجنس اللطيف على الذكور في كافة الأصعدة.. باستثناء القليل منها.. والبنات قد سجلن اعترافا بذلك في المزاد العلني (أغاني البنات)!!.. بناءًا علي القاعدة الاقتصادية (كلما زاد العرض قل الثمن)؛ فقبل عشرات السنين كان النداء (المابجيب الألف الرجوع بالخلف).. (والمابجيب العالي الرجوع طوالي)، و(الشيلة بالهينو، وثلاث قدور صندلية)، ثم جاءت مرحلة ما بعد التعالي؛ يعني النِدِّيَّة؛ فكان النداء هو (القروش ما أهمية!؛ المهمة الشخصية)، ثم وصلنا أخيراً؛ وليس آخراً - على غرار الجايات أكثر من الرايحات - إلى مرحلة التنازلات الأكبر من نوعها؛ فكان النداء: (تعال بقميصك بيت أبوي بيعيشك)، و(وتعال بالعندك أبوي بيسندك)!!.. جرسة غير عادية؛ لا أذكرها احتراماً لرابحة الكنانية، والأخريات؛ من جيل البطلات!!.
تعاطفاً مع ما سبق أوجه رسالة للجميع - ونحن في الألفية الثالثة؛ ذات الأسنان الستة -؛ فأقول: كفوا عن الصرف بإسراف على مثل مناسبات الزواج؛ ولا تضعوا من الشروط ما يضيع مستقبل بناتكم؛ فينطبق عليكم المثل الدائر (واقفين تحننوا.. قاعدين تجننوا)؛ والبنت تبقي هي الضحية للبوبار، والعنجهية؛ منحصرة بين أربع حيطان؛ تحدث نفسها مع إشراقة كل يوم، ومرور كل عام؛ ومعها المرآة؛ صديقتها؛ التي لا تعرف المجاملة؛ فكلما حدقت النظر إلى وجهها في المرآة عاد النظر مليئاً بالدموع الجارفة؛ التي تذهب بخداع المكياج؛ إمعاناً في توضيح الحقيقة؛ والسبب كله الوالدة.. والوالدة رفعت التسعيرة!.(49/23)
عندكم مثل معلق بإيقاف التنفيذ؛ وما أكثر المعلقات والمعلقات.. المثل القائل (اخطب لبنتك ولا تخطب لولدك)؛ فهل فعلها أحدهم يوماً؛ وداس على كرامته؛ إكراماً لكريمته.. إلا أحداثا قليلة؛ وقعت في جنح الظلام، وبهمس السرية التام؛ وكأن الأمر عيب!!.. لا والله!؛ إن له في الدين خير مثال؛ فقد وقع من أقوى الرجال رجولة وإيمانا وهو سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حينما خطب لابنته حفصة رضي الله تعالى عنها.. افعلها يا ولي الأمر، أو علي الأقل لا تفرط في العريس - إذا دق بابك - بمبررات واهية.. يقول الحبيب المصطفي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض).
الأخوات الفضليات! إن الإنسان نبتة تمر بفصول العمر قصرا دون اختيار!! وتمر عليها أطوار النمو؛ فضعن ذلك في الحسبان؛ ولا تأخرن الزواج من أجل الشهادات.. ولك عبرة في تلك التي بلغت درجة الدكتوراة ولكنها حينما نظرت إلى نفسها وجدتها في الطور الأخير من أطوار النبات؛ فقالت وهي ترثي العمر المحنط: خذوا كل شهاداتي وأسمعنني كلمة ماما.. والجواب: (هيهات؛ والتسوي بإيدك يغلب أجاويدك).
إن الكلام في هذا الموضوع تصعب لملمته؛ لاتساعه، وتشعبه؛ فأرجو أن تقوم لجان متخصصة من علماء الدين، والمسؤولين، والتربويين، وكذلك تتاح فرصة لأصحاب الشأن (البنات)؛ ليقولوا ويقلن الكلمة الفصل في هذا الموضوع..
اختم؛ وأقولك إن البركة في قلة المؤونة، والزواج المبكر؛ استغلالا للعمر أطول ما يكمن في طاعة الله.. والله معك.. والله يجعل هذا العام عاماً للزواج.
ــــــــــــــــــ
نصيحة في موضوع العنوسة
السؤال:
يهولني كثرة النساء في المجتمع بغير زواج وأتساءل ما هو الحل ؟.
الجواب:
الحمد لله
ظاهرة العنوسة تعود إلى أسباب منها :
1- غلاء المهور ، وعدم قدرة الشباب على تحمل تكاليف الزواج .
2- اعتذار الفتاة عن الزواج المبكر بحجة إكمال التعليم .
3- رفض الفتاة الزواج من رجل متزوج بأخرى .
4- وضع الشروط التعجيزية من جهة أهل الزوجة أو العكس .
أما طرق حلول هذه المشكلة فهي كالتالي :
1- ينبغي على أهل الفتاة البحث عن الرجل المناسب الذي يستطيع أن يسعد ابنتهم ، وعدم النظر إلى غلاء المهر ، وإنما البحث عن رجل دين وأخلاق طيبة ، يحفظ على ابنتهم دينها ويصونها ويسعدها .
2- على الفتاة ألا تعتذر عن الزواج بحجة مواصلة التعليم ، فيضيع عمرها وتصل إلى مرحلة العنوسة ، فلا تجد من يتزوجها ، ولكن يمكن أن تنفق مع الزوج على مواصلة التعليم وهي متزوجة ، وذلك ميسر والحمد لله
3- ألا تنظر الفتاة إلى الرجل الذي تقدم لخطبتها وهو متزوج بأخرى أنه غير مناسب لها أو غير قادر على إسعادها ، فكثير من الفتيات لا يقبلن بالرجل المتزوج ، ثم يضيع العمر ولا يأتي من يتزوجها ، فالدين الإسلامي الحنيف والسنة النبوية أجاز للرجل المسلم التعدد في الزواج إلى أربع من النساء في ذمة الرجل بشرط أن يكون الرجل عادلاً بين زوجاته .
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ــــــــــــــــــ
حكمة زواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعائشة رُغم فارق السنّ
السؤال:
سألني زميل لي نصراني عن حكمة زواج الرسول صلي الله عليه وسلم من السيدة عائشة رضي الله عنها وهي بنت تسع سنين وقد كان قارب الستين . وهل عاشرها معاشرة الأزواج وهي في هذه السن أم ماذا ؟؟ وللحقيقة .. أنا لا أعرف الرد عن ذلك .
الجواب:
الحمد لله
إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة رضي الله عنها بعد زواجه من سودة بنت زمعة رضي الله عنها ، وهي – أي عائشة - البكر الوحيدة التي تزوجها صلى الله عليه وسلم . وقد دخل بها وهي بنت تسع سنين .
وكان من فضائلها رضي الله عنها أنه ما نزل الوحي في لحاف امرأة غيرها ، وكانت من أحب الخلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ونزلت براءتها من فوق سبع سماوات ، وكانت من أفقه نسائه وأعلمهن ، بل أفقه نساء الأمة وأعلمهن على الإطلاق ، وكان الأكابر من أصحاب النبي يرجعون إلى قولها ويستفتونها .
أما قصة زواجها ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حزن على وفاة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ، إذ كانت تؤويه وتنصره ، وتعينه وتقف إلى جنبه ، حتى سمي ذلك العام الذي توفيت فيه بعام الحزن ، ثم تزوج صلى الله عليه وسلم بعدها سودة ، وكانت مسنة ، ولم تكن ذات جمال ، وإنما تزوجها مواساة لها ، حيث توفي زوجها ، وبقيت بين قوم مشركين ، وبعد أربع سنوات تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها ، وكان عمره صلى الله عليه وسلم فوق الخمسين ، ولعل من الحكم في زواجه ما يلي :
أولا : أنه رأى رؤيا في زواجه صلى الله عليه وسلم منها ، فقد ثبت في البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : ( أُريتك في المنام مرتين أرى أنك في سرقة من حرير ويقال : هذه امرأتك ، فاكشف عنها فإذا هي أنت فأقول إن يك هذا من عند الله يمضه ) رواه البخاري برقم 3682 ، وهل هي رؤيا نبوة على ظاهرها ، أم لها تأويل ، فيه خلاف بين العلماء ذكره الحافظ في فتح الباري ( 9/181 )
ثانيا : ما رآه صلى الله عليه وسلم في عائشة رضي الله عنها من أمارات ومقدمات الذكاء والفطنة في صغرها ، فأحب الزواج بها لتكون أقدر من غيرها على نقل أحواله صلى الله عليه وسلم وأقواله ، وبالفعل فقد كانت رضي الله عنها – كما سبق – مرجعا للصحابة رضي الله عنهم في شؤونهم وأحكامهم .
ثالثا : محبة النبي صلى الله عليه وسلم لأبيها أبي بكر رضي الله عنه ، وما ناله رضي الله عنه في سبيل دعوة الحق من الأذى الذي صبر عليه ، فكان أقوى الناس إيمانا ، وأصدقهم يقينا على الإطلاق بعد الأنبياء .
ويلاحظ في مجموع زواجه صلى الله عليه وسلم أن من بين زوجاته الصغيرة ، والمسنة ، وابنة عدو لدود ، وابنة صديق حميم ، ومنهن من كانت تشغل نفسها بتربية الأيتام ، ومنهن من تميزت على غيرها بكثيرة الصيام والقيام .... إنهن نماذج لأفراد الإنسانية ، ومن خلالهن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين تشريعا فريدا في كيفية التعامل السليم مع كل نموذج من هذه النماذج البشرية . انظر السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية ص711
أما مسألة صغر سنها رضي الله عنها ، واستشكالك لهذا ، فاعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نشأ في بلاد حارة وهي أرض الجزيرة ، وغالب البلاد الحارة يكون فيها البلوغ مبكرا ، ويكون الزواج المبكر ، وهكذا كان الناس في أرض الجزيرة إلى عهد قريب ، كما أن النساء يختلفن من حيث البنية والاستعداد الجسمي لهذا الأمر وبينهن تفاوت كبير في ذلك .
وإذا تأمّلت ـ رعاك الله ـ في أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يتزوّج بكراً غير عائشة رضي الله عنها ، وكلّ زوجاته سبق لهنّ الزواج قبله زال عنك ما يشيعه أكثر الطاعنين من أن زواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مبعثه الأساسي هو الشهوة والتنعّم بالنساء ، إذ من كان هذا مقصده فإنّه لا يتخيّر في كلّ زوجاته أو معظمهن من توفرت فيها صفات الجمال والترغيب من كونها بكراً فائقة الجمال ، ونحو ذلك من المعايير الحسية الزائلة .
ومثل هذه المطاعن في نبي الرحمة صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الكفّار ونحوهم تدلّ على تمام عجزهم من أن يطعنوا في الشرع والدين الذي جاء به من عند الله تعالى ، فحاولوا أن يبحثوا عن مطاعن لهم في أمور خارجة ، ولكن يأبى الله إلا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون .
وبالله التوفيق
للمزيد انظر ( زاد المعاد 1 / 106 ).
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ــــــــــــــــــ(49/24)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
الزواج من الكتابية
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
نِكَاحُ نِسَاءِ أَهْل الْكِتَابِ
فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ مُتَّفِقُونَ عَلَى جَوَازِ نِكَاحِ الْمُسْلِمِ لِلْكِتَابِيَّةِ لِلآْيَةِ السَّابِقَةِ { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ } (1) وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ تَحْرِيمُ نِكَاحِ نِسَاءِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ . وَالصَّحِيحُ عَنْهُ : أَنَّهُمْ كَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ . وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ خَصَّ الْجَوَازَ بِنِسَاءِ أَهْل الْعَهْدِ دُونَ أَهْل الْحَرْبِ . وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْحَرْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا (2) .
--------------
(1) سورة المائدة / 5 .
(2) الجصاص 1 / 391 - 396 ، والشرح الكبير 2 / 367 ، ونهاية المحتاج 6 / 284 ، والمغني 8 / 17 ، والقرطبي 6 / 79 . الموسوعة الفقهية الكويتية - (7 / 143)
ــــــــــــــــ(50/1)
حكم الزواج من غير المسلمة ...
عنوان الفتوى
... يوسف القرضاوي ...
اسم المفتى
... 20892 ...
رقم الفتوى
... 05/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
هل يجوز للمسلم الزواج من مشركة أفيدونا مأجورين من القرآن والسنة؟
نص الفتوى
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:
سئل الشيخ د/ يوسف عبد الله القرضاوي عن زواج المسلم بغير المسلمة فقال:
قد قدر لي أن أزور عددًا من أقطار أوروبا وأمريكا الشمالية، وأن ألتقي بعدد من أبناء المسلمين الذين يدرسون أو يُعلمون هناك، ويقيمون بتلك الديار إقامة مؤقتة أو مستقرة.
وكان مما سأل عنه الكثيرون: حكم الشرع في زواج الرجل المسلم من غير المسلمة وبخاصة المسيحية أو اليهودية، التي يعترف الإسلام بأصل دينها، ويسمي المؤمنين به " أهل الكتاب " ويجعل لهم من الحقوق والحرمات ما ليس لغيرهم.
ولبيان الحكم الشرعي في هذه القضية، يلزمنا أن نبين أصناف غير المسلمات وموقف الشريعة من كل منها . فهناك المشركة، وهناك الملحدة، وهناك المرتدة، وهناك الكتابية.
تحريم الزواج من المشركة:
فأما المشركة - والمراد بها: الوثنية - فالزواج منها حرام بنص القرآن الكريم . قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن، ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم) وقال تعالى: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) وسياق الآية والسورة كلها - سورة الممتحنة - وسبب نزولها يدل على أن المراد بالكوافر: المشركات: أعني الوثنيات.
والحكمة في هذا التحريم ظاهرة، وهي عدم إمكان التلاقي بين الإسلام والوثنية، فعقيدة التوحيد الخالص، تناقض عقيدة الشرك المحض، ثم إن الوثنية ليس لها كتاب سماوي معتبر، ولا نبي معترف به، فهي والإسلام على طرفي نقيض . ولهذا علل القرآن النهي عن نكاح المشركات وإنكاح المشركين بقوله: (أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه) ولا تلاقي بين من يدعو إلى النار ومن يدعو إلى الجنة.
أيها المنكح الثريا سهيلاً عمرك الله كيف يلتقيان ؟ !
هي شامية إذا ما استقلت وسهيل إذا استقل يمان
وهذا الحكم - منع الزواج من المشركات الوثنيات - ثابت بالنص، وبالإجماع أيضًا، فقد اتفق علماء الأمة على هذا التحريم، كما ذكر ابن رشد في بداية المجتهد وغيره.
بطلان الزواج من الملحدة:
وأعني بالملحدة: التي لا تؤمن بدين، ولا تقر بألوهية ولا نبوة ولا كتاب ولا آخرة، فهي أولى من المشركة بالتحريم، لأن المشركة تؤمن بوجود الله، وإن أشركت معه أندادًا أو آلهة أخرى أتخذتهم شفعاء يقربونها إلى الله زلفى فيما زعموا.
وقد حكى القرآن عن المشركين هذا في آيات كثيرة مثل: (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن: الله)، (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى).
فإذا كانت هذه الوثنية المعترفة بالله في الجملة قد حرم نكاحها تحريما باتًا، فكيف بإنسانة مادية جاحدة، تنكر كل ما وراء المادة المتحيزة، وما بعد الطبيعة المحسوسة، ولا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر ولا بالملائكة ولا الكتاب ولا النبيين ؟.
إن الزواج من هذه حرام بل باطل يقينًا.
وأبرز مثل لها: الشيوعية التي تؤمن بالفلسفة المادية، وتزعم أن الدين أفيون الشعوب، وتفسر ظهور الأديان تفسيرًا ماديًا، على أنها إفراز المجتمع، ومن آثار ما يسوده من أحوال الاقتصاد وعلاقات الإنتاج.
وإنما قلت: الشيوعية المصرة على شيوعيتها، لأن بعض المسلمين والمسلمات قد يعتنق هذا المذهب المادي، دون أن يسبر غوره، ويعرفه على حقيقته، وقد يخدع به حين يعرضه بعض دعاته على أنه إصلاح اقتصادي لا علاقة له بالعقائد والأديان . . . إلخ . فمثل هؤلاء يجب أن يزال عنهم اللبس، وتزاح الشبه، وتقام الحجج، ويوضح الطريق حتى يتبين الفرق بين الإيمان والكفر، والظلمات والنور، فمن أصر بعد ذلك على شيوعيته فهذا كافر مارق ولا كرامة، ويجب أن تجري عليه أحكام الكفار في الحياة وبعد الممات.
المرتدة:
ومثل الملحدة: المرتدة عن الإسلام والعياذ بالله ونعني بالمرتدة والمرتد كل من كفر بعد إيمانه كفرًا مُخرجًا من الملة، سواء دخل في دين آخر أم لم يدخل في دين قط.
وسواء كان الدين الذي انتقل إليه كتابيًا أم غير كتابي . فيدخل في معنى المرتدين ترك الإسلام إلى الشيوعية، أو الوجودية، أو المسيحية، أو اليهودية، أو البوذية، أو البهائية، أو غيرها من الأديان والفلسفات، أو خرج من الإسلام ولم يدخل في شيء، بل ظل سائبًا بلا دين ولا مذهب.
والإسلام لا يُكره أحدًا على الدخول فيه، حتى إنه لا يعتبر إيمان المُكْرَه ولا يقبله، ولكن من دخل فيه بإرادته الحرة لم يجز له الخروج عنه.
وللردة أحكام بعضها يتعلق بالآخرة وبعضها بالدنيا.
فمما يتعلق بالآخرة: أن من مات على الردة فقد حبط كل ما قدمه من عمل صالح واستحق الخلود في النار، قال تعالى: (ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون).
ومن أحكام الدنيا: أن المرتد لا يستحق معونة المجتمع الإسلامي ونصرته بوجه من الوجوه، ولا يجوز أن تقوم حياة زوجية بين مسلم ومرتدة، أو بين مرتد ومسلمة، لا ابتداء ولا بقاء، فمن تزوج مرتدة فنكاحه باطل، وإذا ارتدت بعد الزواج فرق بينهما حتما، وهذا حكم متفق عليه بين الفقهاء، سواء من قال منهم بقتل المرتد رجلاً كان أو امرأة وهم الجمهور، أم من جعل عقوبة المرأة المرتدة الحبس لا القتل، وهم الحنفية.
ومما ينبغي التنبيه عليه هنا أن الحكم بالردة والكفر على مسلم هو غاية العقوبة . لهذا وجب التحري والاحتياط فيه، ما وجد إليه سبيل، حملاً لحال المسلم على الصلاح . وتحسينًا للظن به، والأصل هو الإسلام، فلا يخرج منه إلا بأمر قطعي، واليقين لا يزال بالشك.
بطلان الزواج من البهائية:
والزواج من امرأة بهائية باطل، وذلك لأن البهائية إما مسلمة في الأصل، تركت دين الله الحنيف إلى هذا الدين المصطنع، فهي في هذه الحال مرتدة بيقين، وقد عرفنا حكم الزواج من المرتدة.
وسواء ارتدت بنفسها أم ارتدت تبعًا لأسرتها، أو ورثت هذه الردة عن أبيها أو جدها، فإن حكم الردة لا تفارقها.
وإما أن تكون غير مسلمة الأصل، بأن كانت مسيحية أو يهودية أو وثنية أو غيرها، فحكمها حكم المشركة، إذ لا يعترف الإسلام بأصل دينها، وسماوية كتابها، إذ من المعلوم بالضرورة أن كل نبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم مرفوضة، وكل كتاب بعد القرآن باطل، وكل من زعم أنه صاحب دين جديد بعد الإسلام فهو دجال مفتر على الله تعالى . فقد ختم الله النبوة، وأكمل الدين، وأتم النعمة: (ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين).
وإذا كان زواج المسلم من بهائية باطلاً بلا شك، فإن زواج المسلمة من رجل بهائي باطل من باب أولى، إذ لم تجز الشريعة للمسلمة أن تتزوج الكتابي، فكيف بمن لا كتاب له ؟.
ولهذا لا يجوز أن تقوم حياة زوجية بين مسلم وبهائية أو بين مسلمة وبهائي، لا ابتداء ولا بقاء . وهو زواج باطل، ويجب التفريق بينهما حتمًا.
وهذا ما جرت عليه المحاكم الشرعية في مصر في أكثر من واقعة.
وللأستاذ المستشار علي علي منصور حكم في قضية من هذا النوع قضى فيه بالتفريق، بناء على حيثيات شرعية فقهية موثقة، وقد نشر في رسالة مستقلة، فجزاه الله خيرًا.
رأي جمهور المسلمين إباحة الزواج من الكتابية:
الأصل في الزواج من نساء أهل الكتاب عند جمهور المسلمين هو الإباحة.
فقد أحل الله لأهل الإسلام مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم في آية واحدة من سورة المائدة، وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم . قال تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان).
رأى ابن عمر وبعض المجتهدين:
وخالف في ذلك من الصحابة عبد الله بن عمر -رضى الله عنهما-، فلم ير الزواج من الكتابية مباحًا، فقد روى عنه البخاري: أنه كان إذا سُئل عن نكاح النصرانية واليهودية قال: إن الله حرم المشركات على المؤمنين، (يعني قوله تعالى: :. لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن") ولا أعلم من الإشراك شيئًا أكبر من أن تقول: " ربها عيسى، وهو عبد من عباد الله ! ".
ومن العلماء من يحمل قول ابن عمر على كراهية الزواج من الكتابية لا التحريم ولكن العبارات المروية عنه تدل على ما هو أكثر من الكراهية.
وقد أخذ جماعة من الشيعة الإمامية بما ذهب إليه ابن عمر استدلالاً بعموم قوله تعالى في سورة البقرة: (ولا تنكحوا المشركات) وبقوله في سورة الممتحنة: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر).
ترجيح رأي الجمهور:
والحق أن رأي الجمهور هو الصحيح، لوضوح آية المائدة في الدلالة على الزواج من الكتابيات . وهي من آخر ما نزل كما جاء في الحديث.
وأما قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات) وقوله: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) فإما أن يقال: هذا عام خصصته سورة المائدة، أو يقال: إن كلمة " المشركات " لا تتناول أهل الكتاب أصلاً في لغة القرآن، ولهذا يعطف أحدهما على الآخر كما في سورة البقرة: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين . .)، (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها . . . .).
وفي سورة الحج يقول تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين والمجوس والذين أشركوا، إن الله يفصل بينهم يوم القيامة...) فجعل الذين أشركوا صنفًا متميزًا عن باقي الأصناف، ويعني بهم الوثنيين . والمراد بـ " الكوافر " في آية الممتحنة: المشركات، كما يدل على ذلك سياق السورة.
قيود يجب مراعاتها عند الزواج من الكتابية:
وإذن يكون الراجح ما بيناه من أن الأصل هو إباحة زواج المسلم من الكتابية، ترغيبًا لها في الإسلام، وتقريبًا بين المسلمين وأهل الكتاب، وتوسيعًا لدائرة التسامح والألفة وحسن العشرة بين الفريقين.
ولكن هذا الأصل معتبر بعدة قيود، يجب ألا نغفلها:
القيد الأول:
الاستيثاق من كونها " كتابية " بمعنى أنها تؤمن بدين سماوي الأصل كاليهودية والنصرانية، فهي مؤمنة - في الجملة - بالله ورسالاته والدار الآخرة . وليست ملحدة أو مرتدة عن دينها، ولا مؤمنة بدين ليس له نسب معروف إلى السماء.
ومن المعلوم في الغرب الآن أنه ليست كل فتاة تولد من أبوين مسيحيين مثلاً مسيحية . ولا كل من نشأت في بيئة مسيحية تكون مسيحية بالضرورة . فقد تكون شيوعية مادية، وقد تكون على نحلة مرفوضة أساسًا في نظر الإسلام كالبهائية ونحوها.
القيد الثاني:
أن تكون عفيفة محصنة فإن الله لم يبح كل كتابية، بل قيد في آياته الإباحة نفسها بالإحصان، حيث قال: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) قال ابن كثير: والظاهر أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنى، كما في الآية الأخرى: (محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان) . وهذا ما أختاره . فلا يجوز للمسلم بحال أن يتزوج من فتاة تسلم زمامها لأي رجل، بل يجب أن تكون مستقيمة نظيفة بعيدة عن الشبهات.
وهذا ما اختاره ابن كثير، وذكر أنه رأى الجمهور، وقال " وهو الأشبه، لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية، وهي مع ذلك غير عفيفة، فيفسد حالها بالكلية، ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل: حشفًا وسوء كيله ! ". (تفسير ابن كثير، جـ 2، والله أعلم . 20 ط. الحلبي).
وقد جاء عن الإمام الحسن البصري أن رجلاً سأله: أيتزوج الرجل المرأة من أهل الكتاب ؟ فقال: ما له ولأهل الكتاب ؛ وقد أكثر الله المسلمات ؟ ! فإن كان ولابد فاعلاً . فليعمد إليها حصانًا (أي محصنة) غير مسافحة . قال الرجل: وما المسافحة ! ؟ قال: هي التي إذا لمح الرجل إليها بعينه اتبعته.
ولا ريب أن هذا الصنف من النساء في المجتمعات الغربية في عصرنا يعتبر شيئًا نادرًا بل شاذًا، كما تدل عليه كتابات الغربيين وتقاريرهم وإحصاءاتهم أنفسهم، وما نسميه نحن البكارة والعفة والإحصان والشرف ونحو ذلك، ليس له أية قيمة اجتماعية عندهم، والفتاة التي لا صديق لها تُعيَّر من أترابها، بل من أهلها وأقرب الناس إليها.
القيد الثالث:
ألا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم . ولهذا فرق جماعة من الفقهاء بين الذمية والحربية . فأباحوا الزواج من الأولى، ومنعوا الثانية . وقد جاء هذا عن ابن عباس فقال: من نساء أهل الكتاب من يحل لنا، ومنهم من لا يحل لنا . ثم قرأ: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية . . . .) فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤه، ومن لم يعط الجزية لم يحل لنا نساؤه.
وقد ذكر هذا القول لإبراهيم النخعي - أحد فقهاء الكوفة وأئمتها - فأعجبه (تفسير الطبري، جـ9، ص. 788 بتحقيق شاكر). وفي مصنف عبد الرزاق عن قتادة قال: لا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد . وعن علي رضي الله عنه بنحوه.
وعن ابن جريج قال: بلغني ألا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد.
وفي مجموع الإمام زيد عن علي: أنه كره نكاح أهل الحرب . قال الشارح في " الروض النضير ": والمراد بالكراهة: التحريم ؛ لأنهم ليسوا من أهل ذمة المسلمين . قال: وقال قوم بكراهته ولم يحرموه، لعموم قوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) فغلبوا الكتاب على الدار (الروض النضير، جـ 4، ص. 270 - 274). يعني: دار الإسلام . والذي من أهل دار الإسلام بخلاف غيره من أهل الكتاب.
ولا ريب أن لرأي ابن عباس وجاهته ورجحانه لمن يتأمل، فقد جعل الله المصاهرة من أقوى الروابط بين البشر، وهي تلي رابطة النسب والدم، ولهذا قال سبحانه: (وهو الذي خلق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرًا) (سورة الفرقان). فكيف تتحقق هذه الرابطة بين المسلمين وبين قوم يحادونهم ويحاربونهم وكيف يسوغ للمسلم أن يصهر إليهم، فيصبح منهم أجداد أولاده وجداتهم وأخوالهم وخالاتهم ؟ فضلاً عن أن تكون زوجه وربة داره وأم أولاد منهم ؟ وكيف يؤمن أن تطلع على عورات المسلمين وتخبر بها قومها ؟.
ولا غرو أن رأينا العلامة أبا بكر الرازي الحنفي يميل إلى تأييد رأي ابن عباس، محتجًا له بقوله تعالى: (لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) والزواج يوجب المودة، يقول تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة) (سورة الروم).
قال: فينبغي أن يكون نكاح الحربيات محظورًا ؛ لأن قوله تعالى: (يوادون من حاد الله ورسوله) إنما يقع على أهل الحرب، لأنهم في حد غير حدنا. (أحكام القرآن، جـ 2، ص. 397، 398).
يؤيد ذلك قوله تعالى: (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون). (سورة الممتحنة: 9).
وهل هناك تول لهؤلاء أكثر من أن يزوج إليهم، وتصبح الواحدة من نسائهم جزءا من أسرته بل العمود الفقري في الأسرة ؟
وبناء على هذا لا يجوز لمسلم في عصرنا أن يتزوج يهودية، ما دامت الحرب قائمة بيننا وبين إسرائيل، ولا قيمة لما يقال من التفرقة بين اليهودية والصهيونية، فالواقع أن كل يهودي صهيوني، لأن المكونات العقلية والنفسية للصهيونية إنما مصدرها التوراة وملحقاتها وشروحها والتلمود . . . وكل امرأة يهودية إنما هي جندية - بروحها - في جيش إسرائيل.
القيد الرابع:
ألا يكون من وراء الزواج من الكتابية فتنة ولا ضرر محقق أو مرجح، فإن استعمال المباحات كلها مقيد بعدم الضرر، فإذا تبين أن في إطلاق استعمالها ضررًا عامًا، منعت منعًا عامًا، أو ضررًا خاصًا منعت منعًا خاصًا، وكلما عظم الضرر تأكد المنع والتحريم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار ".
وهذا الحديث يمثل قاعدة شرعية قطعية من قواعد الشرع، لأنه - وإن كان بلفظه حديث آحاد - مأخوذ من حيث المعنى من نصوص وأحكام جزئية جمة من القرآن والسنة، تفيد اليقين والقطع.
ومن هنا كانت سلطة ولي الأمر الشرعي في تقييد بعض المباحات إذا خشي من إطلاق استخدامها أو تناولها ضررًا معينًا.
والضرر المخوف بزواج غير المسلمة يتحقق في صور كثيرة منها:
1 - أن ينتشر الزواج من غير المسلمات، بحيث يؤثر على الفتيات المسلمات الصالحات للزواج، وذلك أن عدد النساء غالبًا ما يكون مثل عدد الرجال أو أكثر، وعدد الصالحات للزواج منهن أكبر قطعًا من عدد القادرين على أعباء الزواج من الرجال.
فإذا أصبح التزوج بغير المسلمات ظاهرة اجتماعية مألوفة، فإن مثل عددهن من بنات المسلمين سيحرمن من الزواج، ولا سيما أن تعدد الزوجات في عصرنا أصبح أمرًا نادرًا، بل شاذًا، ومن المقرر المعلوم بالضرورة أن المسلمة لا يحل لها أن تتزوج إلا مسلمًا، فلا حل لهذه المعادلة إلا سد باب الزواج من غير المسلمات إذا خيف على المسلمات.
وإذا كان المسلمون في بلد ما، يمثلون أقلية محدودة، مثل بعض الجاليات في أوروبا وأمريكا، وبعض الأقليات في آسيا وأفريقية، فمنطق الشريعة وروحها يقتضي تحريم زواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، وإلا كانت النتيجة ألا يجد بنات المسلمين - أو عدد كبير منهن - رجلاً مسلما يتقدم للزواج منهن، وحينئذ تتعرض المرأة المسلمة لأحد أمور ثلاث:
( أ ) إما الزواج من غير مسلم، وهذا باطل في الإسلام.
( ب ) وإما الانحراف، والسير في طريق الرذيلة . وهذا من كبائر الإثم.
(جـ) وإما عيشة الحرمان الدائم من حياة الزوجية والأمومة.
وكل هذا مما لا يرضاه الإسلام . وهو نتيجة حتمية لزواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، مع منع المسلمة من التزوج بغير المسلم.
هذا الضرر الذي نبهنا عليه هو الذي خافه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - فيما رواه الإمام محمد بن الحسن - في كتابه " الآثار، حين بلغه أن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان تزوج - وهو بالمدائن - امرأة يهودية، فكتب إليه عمر مرة أخرى: أعزم عليك ألا تضع كتابي هذا حتى تخلي سبيلها، فإني أخاف أن يقتدي بك المسلمون، فيختاروا نساء أهل الذمة لجمالهن، وكفى بذلك فتنة لنساء المسلمين ". (انظر كتابنا: شريعة الإسلام: خلودها وصلاحها للتطبيق في كل زمان ومكان، ص39، ط. أولى).
2 - وقد ذكر الإمام سعيد بن منصور في سننه قصة زواج حذيفة هذه، ولكنه ذكر تعليلاً آخر لمنع عمر لحذيفة . فبعد أن نفى حرمة هذا الزواج قال: " ولكني خشيت أن تعاطوا المومسات منهن ". (المصدر السابق ص40، وكذلك ذكره الطبري، جـ 4، ص366، 367، ط. المعارف: وتكلم عنه ابن كثير، جـ 1، ص257 وصحح إسناده . وهناك علة ثالثة ذكرها عبد الرزاق في " المصنف " عن سعيد بن المسيب عن عمر: أنه عزم عليه أن يفارقها، خشية أن يقيس الناس المجوسية على الكتابية ويتزوجوا المجوس اقتداء بحذيفة، جاهلين الرخصة التي كانت من الله في الكتابيات خاصة . وانظر المصنف، جـ 7، ص178).
ولا مانع أن يكون كل من العلتين مقصودًا لعمر رضي الله عنه.
فهو يخشى - من ناحية - كساد سوق الفتيات المسلمات، أو كثير منهن . وفي ذلك فتنة أي فتنة.
ومن ناحية أخرى يخشى أن يتساهل بعض الناس في شرط الإحصان - العفاف - الذي قيد به القرآن حل الزواج منهن، حتى يتعاطوا زواج الفاجرات والمومسات، وكلتاهما مفسدة ينبغي أن تمنع قبل وقوعها، عملاً بسد الذرائع . ولعل هذا نفسه ما جعل عمر يعزم على طلحة بن عبيد الله إلا طلق امرأة كتابية تزوجها، وكانت بنت عظيم يهود، كما في مصنف عبد الرزاق. (المصنف، جـ 7 ص177 - 178).
3 - إن الزواج من غير المسلمة إذا كانت أجنبية غريبة عن الوطن واللغة والثقافة والتقاليد - مثل زواج العربي والشرقي من الأوروبيات والأمريكيات النصرانيات - يمثل خطرًا آخر يحس به كل من يدرس هذه الظاهرة بعمق وإنصاف، بل يراه مجسدًا ماثلاً للعيان . فكثيرًا ما يذهب بعض أبناء العرب المسلمين إلى أوروبا وأمريكا للدراسة في جامعاتها، أو للتدريب في مصانعها، أو للعمل في مؤسساتها، وقد يمتد به الزمن هناك إلى سنوات ثم يعود أحدهم يصحب زوجة أجنبية، دينها غير دينه، ولغتها غير لغته، وجنسها غير جنسه، وتقاليدها غير تقاليده، ومفاهيمها غير مفاهيمه، أو على الأقل غير تقاليد قومه ومفاهيمهم، فإذا رضيت أن تعيش في وطنه - وكثيرًا ما لا ترضى - وقدر لأحد من أبويه أو إخوانه أو أقاربه، أن يزوره في بيته، وجد نفسه غريبًا . فالبيت بمادياته ومعنوياته أمريكي الطابع أو أوربيه في كل شيء، وهو بيت " المدام " وليس بيت صاحبنا العربي المسلم، هي القوامة عليه، وليس هو القوام عليها . ويعود أهل الرجل إلى قريتهم أو مدينتهم بالأسى والمرارة، وقد أحسوا بأنهم فقدوا ابنهم وهو على قيد الحياة !!
وتشتد المصيبة حين يولد لهما أطفال، فهم يشبون - غالبًا - على ما تريد الأم، لا على ما يريد الأب إن كانت له إرادة، فهم أدنى إليها، ألصق بها، وأعمق تأثرًا بها، وخصوصًا إذا ولدوا في أرضها وبين قومها هي، وهنا ينشأ هؤلاء الأولاد على دين الأم وعلى احترام قيمها ومفاهيمها وتقاليدها . وحتى لو بقوا على دين الأب، فإنما يبقون عليه اسمًا وصورة، لا حقيقة وفعلاً . ومعنى هذا أننا نخسر هؤلاء الناشئة دينيًا وقوميًا إن لم نخسر آباءهم أيضًا.
وهذا الصنف أهون شرًا من صنف آخر يتزوج الأجنبية، ثم يستقر ويبقى معها في وطنها وبين قومها، بحيث يندمج فيهم شيئًا، ولا يكاد يذكر دينه وأهله ووطنه وأمته . أما أولاده فهم ينشأون أوروبيين أو أمريكيين، إن لم يكن في الوجوه والأسماء، ففي الفكر والخلق والسلوك، وربما في الاعتقاد أيضًا، وربما فقدوا الوجه والاسم كذلك، فلم يبق لهم شيء يذكرهم بأنهم انحدروا من أصول عربية أو إسلامية.
ومن أجل هذه المفسدة، نرى كثيرًا من الدول تحرم على سفرائها، وكذلك ضباط جيشها، أن يتزوجوا أجنبيات، بناء على مصالح واعتبارات وطنية وقومية.
تنبيه مهم:
وفي ختام هذا البحث، أرى لزامًا علي - في ضوء الظروف والملابسات التي تتغير الفتوى بتغيرها - أن أنبه على أمر لا يغيب عن ذوي البصائر، وهو في نظري على غاية من الأهمية، وهو:
إن الإسلام حين رخص في الزواج من الكتابيات راعى أمرين:(50/2)
1 - أن الكتابية ذات دين سماوي في الأصل، فهي تشترك مع المسلم في الإيمان وبرسالاته، وبالدار الآخرة وبالقيم الأخلاقية، والمثل الروحية التي توارثتها الإنسانية عن النبوات، وذلك في الجملة لا في التفصيل طبعًا . وهذا يجعل المسافة بينها وبين الإسلام قريبة، لأنه يعترف بأصل دينه، ويقر بأصوله في الجملة، ويزيد عليها ويتممها بكل نافع وجديد.
2 - إن المرأة الكتابية - وهذا شأنها - إذا عاشت في ظل زوج مسلم ملتزم بالإسلام، وتحت سلطان مجتمع مسلم مستمسك بشرائع الإسلام - تصبح في دور المتأثر لا المؤثر والقابل لا الفاعل - فالمتوقع منها والمرجو لها أن تدخل في الإسلام اعتقادًا وعملاً . فإذا لم تدخل في عقيدة الإسلام - وهذا حقها إذ لا إكراه في الدين - اعتقادًا وعملاً . فإنها تدخل في الإسلام من حيث هو تقاليد وآداب اجتماعية . ومعنى هذا أنها تذوب داخل المجتمع الإسلامي سلوكيًا، إن لم تذب فيه عقائديًا.
وبهذا لا يخشى منها أن تؤثر على الزوج أو على الأولاد، لأن سلطان المجتمع الإسلامي من حولها أقوى وأعظم من أي محاولة منها لو حدثت.
كما أن قوة الزوج عادة في تلك الأعصار، وغيرته على دينه، واعتزازه به اعتزازًا لا حد له، وحرصه على حسن تنشئة أولاده، وسلامة عقيدتهم، يفقد الزوجة القدرة على أن تؤثر في الأولاد تأثيرًا يتنافى مع خط الإسلام.
أما في عصرنا، فيجب أن نعترف بشجاعة وصراحة: إن سلطان الرجل على المرأة المثقفة قد ضعف، وإن شخصية المرأة قد قويت، وبخاصة المرأة الغربية، وهذا ما وضحناه فيما سبق.
أما سلطان المجتمع المسلم فأين هو ؟ إن المجتمع الإسلامي الحقيقي الذي يتبنى الإسلام عقيدة وشريعة ومفاهيم وتقاليد وأخلاقًا وحضارة شاملة، غير موجود اليوم.
وإذا كان المجتمع المسلم غير موجود بالصورة المنشودة، فيجب أن تبقى الأسرة المسلمة موجودة، عسى أن تعوض بعض النقص الناتج عن غياب المجتمع الإسلامي الكامل.
فإذا فرطنا في الأسرة هي الأخرى، فأصبحت تتكون من أم غير مسلمة، وأب لا يبالي ما يصنع أبناؤه وبناته، ولا ما تصنع زوجته، فقل على الإسلام وأهله السلام !
ومن هنا نعلم أن الزواج من غير المسلمات في عصرنا ينبغي أن يمنع سدًا للذريعة إلى ألوان شتى من الضرر والفساد . ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة . ولا يسوغ القول بجوازه إلا لضرورة قاهرة أو حاجة ملحة، وهو يقدر بقدرها.
ولا ننسى هنا أن نذكر أنه مهما ترخص المترخصون في الزواج من غير المسلمة، فإن مما لا خلاف عليه، أن الزواج من المسلمة أولى وأفضل من جهات عديدة، فلا شك أن توافق الزوجين من الناحية الدينية أعون على الحياة السعيدة . بل كلما توافقا فكريًا ومذهبيًا كان أفضل.
وأكثر من ذلك أن الإسلام لا يكتفي بمجرد الزواج من أية مسلمة، بل يرغب كل الترغيب في الزواج من المسلمة المتدينة، فهي أحرص على مرضاة الله، وأرعى لحق الزوج، وأقدر على حفظ نفسها وماله وولده . ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (فاظفر بذات الدين تربت يداك).
ضوابط الزواج من الكتابيات ...
عنوان الفتوى
... عبد الفتاح إدريس ...
اسم المفتى
... 21374 ...
رقم الفتوى
... 13/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
ماهى شروط الزواج من المرأة الكتابية
نص الفتوى
أخي السائل سلام الله عليك ورحمته وبركاته، وبعد
فمرحبا بك وأهلا في موقعك نداء الإيمان وإليكم هذه الفتوى المفصلة من فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الفتاح إدريس أحد علماء الأزهر الشريف يقول فيها:
"أباح الله سبحانه وتعالى الزواج من الكتابيات (اليهوديات والنصرانيات)، والدليل على هذا قول الله سبحانه وتعالى: "وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"،
والمقصود بالمحصنة هي المرأة العفيفة، فالزواج من المرأة الكتابية إذا كانت عفيفة، ليست لها تجارب سابقة على الزواج فإن هذا أمر مشروع، كما قال الحق سبحانه وتعالى.
وقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأة يهودية، ومن امرأة نصرانية، فأما اليهودية فهي: صفية بنت حيي بن أخطب، وأما النصرانية فهي: مارية القبطية، وكذلك فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت أن كانت الكتابيات عفيفات، لا خطورة منهن على المجتمع المسلم، ولا على الذرية.
أما الآن فإن الزواج من الكتابية (اليهودية والنصرانية) فيه محاذير إسلامية، سواء فيما يتعلق بالتربية أو بالسلوك أو نحو هذا.
وأما بالنسبة للمشركة التي لا تدين بدين سماوي، فإنه لا يحل لمسلم أن يتزوج منها بحال، والدليل على هذا قول الحق سبحانه وتعالى: "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ ولأمةٌ مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم"، وأكثر اليهوديات والنصرانيات في أيامنا هذه منحرفات، يعاقرن الخمر، ويتخذن أخلاء، وقد يمارسن المعاشرة الجنسية مع من لا يحل لهن. كل ذلك على سبيل اللهو والعبث وعدم الاكتراث بالمبادئ التي نزلت بها الشرائع السماوية؛ ولهذا فإنه لا يليق بالمسلم في أيامنا هذه أن يتزوج من واحدة منهن؛ لخطورتها على دينه وعلى ذريته وعلى مجتمعه أيضًا.
فالشيخ يلفت النظر إلى أن الله أباح للمسلم الزواج من الكتابية بشرط كونها عفيفة فإذا كانت غير عفيفة فلا يحل للمسلم أن يربط نفسه وذريته بامرأة لعوب لا تقيم وزنا للأخلاق ولا للقيم ولا المبادي الإنسانية فضلا عن المبادي الدينية أو الشرعية
والله تعالى أعلى وأعلم
ويسرنا تواصلك الدائم معنا
ــــــــــــــــ(50/3)
ضوابط الزواج من الكتابية ...
عنوان الفتوى
... يوسف القرضاوي ...
اسم المفتى
... 20886 ...
رقم الفتوى
... 05/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
أنا أعيش في روسيا وأريد الزواج لكي أحفظ نفسي من الضياع ولكن الفتاة مسيحية ولها عادات وتقاليد اكتسبتها من مجتمعها كشرب الخمر والاحتفال بعيد ميلادها. والسؤال: هل يجوزالزواج منها وهل يجوز تطليقها إذا لم تسلم ولم تترك هذه العادات وذلك خوفا على الذرية في حال أن رزقنا الله تعالى?
نص الفتوى
أخي المسلم سفير الإسلام في روسيا سلام الله عليك ورحمته وبركاته، وبعد
نعم أباح الله تعالى الزواج من أهل الكتاب وتكلم الفقهاء كثيرا في عدد من الضوابط التي تحكم هذه المسألة ولكن دعني أسألك أنت لماذا تتزوج المسيحية ثم تسأل عن طلاقها وعن خوفك على أبنائك هل لم تجد من المسلمات من تعفك وتعفها وتحفظ لك شرفك وبيتك وأموالك وترعى أبنائك من بعدك ماذا في غير المسلمات وهو غير موجود في المسلمات.
أنصحك بأن تستخير الله ثانية وتعدل عن هذا الذي تنويه ولا تشغل بالك بالطلاق ولا بغيره واختر امرأة تحيا معها في الدنيا ثم تكمل معها المسير في الآخرة في الجنة إن شاء الله.
وعلى أيه حال فقد اشترط الفقهاء شروطا أربعة لجواز الزواج من المرأة الكتابية يحدثك عنها فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي قائلا:
"يجوز الزواج من الكتابية بشروط:
أولها: أن يستوثق من كتابيتها فقد تكون مسيحية اسمًا؛ ولكنها ملحدة حقيقة أو بهائية أو نحو ذلك.
الشرط الثاني: أن تكون محصنة أي عفيفة لا تبيع جسدها لمن يريد، أو على الأقل تكون تائبة مما وقعت فيه من أخطاء.
الشرط الثالث: ألا تكون من قوم معادين للمسلمين كاليهودية في عصرنا.
الشرط الرابع: ألا يكون في ذلك مضرة على الزوج أو على أولاده منها أو على بنات المسلمين كأن تكون الجالية الإسلامية محدودة العدد فإذا تزوج غير مسلمة كسدت سوق مسلمة مقابلها.
بهذه الشروط الأربعة يجوز التزوج من الكتابيات. أما عن جواز الطلاق فالطلاق حق منحه الله للرجل يستخدمه حينما تستحيل العشرة بينه وبين زوجته ولا يحق له أن يفرط في استخدامه ظلما وعدوانا، وفي حالتك أنت ترى مساؤي المرأة قبل أ، تتزوجها فلماذا تتزوجها ثم تطلقها أظنك في حاجة إلى إعادة نظر في القضية مرة أخرى"
أسأل الله أن يهديك سواء السبيل
ــــــــــــــــ(50/4)
مضار الزواج من الأجنبيات
يقول الله تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [المائدة:5].
إن الزواج من الكتابية حلال بنص الكتاب، ولكنه ليس الأفضل والأكمل، فإذا كان الزواج من المسلمة قد نُدِبَ المسلم فيه إلى اختيار ذات الدين، فإن ذلك صريح في أن زواج اليهودية والنصرانية ليس هو الأمثل ولا الأفضل.
وقد علمنا توجيه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حض المسلمين على اختيار ذات الدين في قوله: "فاظفر بذات الدين تربت يداك".
مضار الزواج من غير المسلمات
وأحب أن أورد أهمّ المضار التي تنشأ عن الزواج من غير المسلمات، ونستطيع أن نصنفها في زمر ثلاث هي :
مضار للزوج - مضار للأولاد - مضار للمجتمع.
أولاً : مضار للزوج :
إن الزوج المسلم عندما يعاشر امرأة تخالفه في العقيدة والمثل العليا والقيم الكبرى يشعر بكثير من المرارة والتعاسة.. إنها لا تعظِّم ما يعظِّم، ولا تحرِّم ما يُحرِّم، وترى الشيء المعيب في نظره شيئًا عاديًا.
وهل أصعب على نفس المرء من أن يعاشر من يكون كذلك ؟ هذا بشكل عام؛ فإذا راعينا الاعتبارات التاريخية التي تبدلت، وحالتنا السياسية في الماضي، وكيف تغيرت الآن، والغزو الفكري العنيف الذي خضع له العالم الإسلامي تبدَّت صعوبة الحياة الزوجية مع غير المسلمة.
لقد كانت هناك جوانب إيجابية في الزواج من غير المسلمات؛ إذ كانت النتيجة الغالبة أن المرأة تدخل في الإسلام ويحسن إسلامها، وفي ذلك كسب للإسلام وإنفاذ لإنسانة من البشر من عذاب الله.
كان ذلك يوم أن كان المسلمون مسلمين، ويوم أن كانت الأوضاع الاجتماعية تتيح للرجل من التأثير أضعاف ما تتيحه اليوم، فلم يكن الناس يعرفون فتنة إنصاف المرأة.. إنها فتنة مصطنعة.. ولم يكن تسلط الشهوة على الناس في الماضي كما هو اليوم.. لقد استحكم سلطان الشهوة - مع الأسف الشديد - على النفوس، حتى أضعف ذلك من رجولة الرجل.. وخفف من قوامته.
هذه واحدة والثانية أن دولة الإسلام كانت أعظم دولة في الأرض، أو من أعظم دول الأرض.. واستمر هذا عبر القرون حتى آخر أيام الدولة العثمانية.. إن هذا الواقع السياسي الرفيع يعطي المسلم من القوة المعنوية والاعتزاز بالإسلام وبكيانه الشيء الكثير.. وهذا قد غاب مع الأسف الشديد في هذا العصر..
والثالثة هي قضية الغزو الفكري الأوروبي للمسلمين.. ذلك الغزو الذي نقل إلينا مفاهيم غريبة ومغلوطة في الزواج والطلاق والتعدد.. والنظرة إلى الحياة وإلى الغيبيات، وأتت بمثل جديدة لا نعرفها كالقوميات والوطنيات وما إلى ذلك. إن هذه الأمور الثلاثة تعطل كثيرًا من الجوانب الإيجابية للزواج من غير المسلمات وتجعل الزوج في تعاسة كبيرة، وهو بين أحد أمرين:
إما أن يحسّ بهذا الواقع المؤلم، وعندئذٍ ستكون التعاسة في أعماقه وبين جوانحه ويظهر الشقاء في حياته لكل من يراه .
وإما ألا يحسَّ بهذا الواقع فالمصيبة أعظم.. لأنه يكون قد فقد الإحساس بالنقص وذلك أدهى وأمر.. لأن من فقد الإحساس بنقصه يكون قد فقد ذاته.
ومن المضار التي تتعلق بالزوج أنه في حالة الإخفاق في الزواج من الكتابية قد يتعرض إلى تغلبها عليه في انتزاع الأولاد منه.. وهذا قد يحطمه تحطيمًا.
ثانياً : مضار للأولاد :
أما المضار التي تلحق بالأولاد فأهمها: التوزع في الولاء، فلا يدرون لمن يعطون الولاء، ألأبيهم المسلم أم لأمهم اليهودية أو النصرانية.. إنهم يفتحون أعينهم على اتجاهين مختلفين في وسط الأسرة والبيت. وفي ذلك ما فيه.
ومنها التأثر بالأم؛ لأن الولد ميَّال إلى أمه بطبيعة الحال، لما تغمره به الأم عادة من الحنان والحب والرعاية.
ومنها الآثار الوراثية؛ لأن العرق دساس، وقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة في حقل الوراثة أن الوليد تنحدر إليه صفات من أجداده من طرفي أبيه وأمه.
ومنها فقدان التوجيه من ألصق أبويه به، فالأمّ الكافرة بدين أبيه لا تذكره بعبادة ولا تأمره بواجب ديني ولا تنهاه عن حرام.
أضف إلى ذلك ما يحصل كثيرًا من انتزاع الأولاد من أبيهم والرجوع بهم إلى بلدها في أوروبا أو أمريكا وتنصير الأولاد وتنشئتهم على أوضاع أهلها وقومها.
ثالثاً : مضار للمجتمع :
أما المضار التي تلحق بالمجتمع فكثيرة ؛ أهمها كساد بنات المسلمين، وبقاؤهنَّ عوانس في البيوت، وهذا يلحق أعظم الأضرار بحياة الأفراد والأُسر.
إن كثيرًا من المشكلات العائلية والنفسية والاجتماعية التي تعانيها كثير من البيوت يعود إلى وجود عوانس فيها ؛ لأن المرأة العانس غير سوية تتصرف التصرفات التي تزعجها وتزعج الآخرين، فسنة الحياة التي فطر الله الناس عليها أن الرجل يكمل المرأة وأن المرأة تكمل الرجل، وأن لقاءهما في بيت الزوجية يقيمهما العقد النفسية، وما أكثر المآسي التي تخرب بيوتًا عدة بسبب هذا الاختلال المؤذي في بنية المجتمع.
أضف إلى ذلك ما يمكن أن تتعرض له الأمة من الفساد الخلقي الرهيب.
ومن هذه المضار نشر عادات اجتماعية بعيدة عن الإسلام، وذلك عندما تمارس الزوجة الكتابية عاداتها المستنكرة إسلاميًّا من نحو خروجها حاسرة متبرجة ملقية الحجاب الذي أوجبه الله على المرأة ، ومن نحو سباحتها على الشواطئ مع الرجال شبه عارية على الوضع المزري الذي يفعله الكفار.
إن الشرع عندما أباح للمسلم أن يتزوج الكتابية أباح ذلك والسلطان للرجل في مجتمع تغلب عليه الأعراف والآداب الإسلامية، فهي لا تقوى على أن تمارس عاداتها التي ألفتها.. والوضع الآن يختلف عن ذلك في أكثر بلاد المسلمين.
حتى ولو لم تعلن في المجتمع الإسلامي المنكرات التي ألفتها، فإن مخالطتها للنساء المسلمات يترك أثرًا كبيرًا فيهنَّ، لا سيما والمرأة كما هو معلوم ضعيفة سريعة التاثر.
ومن المضار التي تعود على المجتمع بالضرر البالغ أن هذه المرأة الكافرة ستطلع على أحوال زوجها وكثير من أسراره.. فإذا كان الزوج رجلاً كبيرًا أو مشتغلاً بقضية كبرى كان معرضًا إلى أن تسرق أسراره بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى أعداء أمته. وفي تاريخنا وتاريخ الأمم الأخرى قصص واقعية لكوارث تعرَّضت لها الأمة بسبب خيانة بعض الزوجات الأجنبيات.
إن ذلك كله ليجعل الإقدام على الزواج من الكتابية أمرًا مرجوحًا.
إن الأنفع للمسلم في ذاته وفي أولاده وفي أمته أن يتزوج امرأة من بني جلدته من ذوات الدين، ليسعد ويكون قادرًا على خدمة أمته وعلى نشر رسالتها.
ويبقى حكم الزواج من الكتابية على الحِلِّ، لكنه ليس الأفضل، وقد يصل بسبب ما ذكرنا إلى الكراهية.
وهذا وللموضوع جوانب أخرى لا بُدَّ من الإلمام بها ولو بذكرها، من أهمها الشروط التي لابد من توافرها وهي:
1- أن تكون كتابية؛ أما المشركة فلا يحِلُّ نكاحها.
2- أن تكون عفيفة؛ أما الزانية فلا يحلُّ نكاحها.
3- أن تُستوفى شروط العقد.
4- ألا يحمله الزواج منها على التفريط في حق دينه.
وإننا لننصح من يقدم بعد هذا كله على الزواج من كتابية؛ أن يتقي الله فيها، وأن تكون تصرفاته معها متقيدة بآداب الإسلام، ليكون سلوكه داعيًا إياها إلى الإسلام.
(من كتاب نظرات في الأسرة المسلمة بتصرف )
ــــــــــــــــ(50/5)
موضة الزواج من أجنبيات !
شهدت الفترة الأخيرة جدلاً واسعًا حول زواج الشباب المسلم من أجنبيات ، وظهر من يؤكد أن ما يحدث يمثل ظاهرة خطيرة ، خاصة وأن إحدى المدن السياحية في مصر أصبحت سوقًا لمثل هذا الأمر ، يخضع للعرض والطلب ، وانتشار مكاتب المحامين الذين يحررون ورقة الزواج العرفي ، ومع أن الورقة واحدة من حيث الشكل والصياغة ، لكن لكل منها سعرًا تبعًا لاسم المحامي الذي يحررها .
وأكدت بعض الفتيات الأجنبيات أن كثيرًا من الشباب المصري الذي يعمل في هذه المدينة يتقدم لإحدى الفتيات طالبًا منها الزواج بمجرد أن تقع عينه عليها ، والغريب أن بعض الشباب اعترف بذلك ، فهذا الزواج يحقق له أولاً المتعة الجنسية في إطار قانوني ، ويؤهله للسفر مع الفتاة إلى موطنها الأجنبي للعمل والكسب والإقامة ، بعد مغالاة الأسر المصرية في المهور وتكاليف الزواج .
تعاليم الإسلام
الزواج كما أشار الشيخ سيد سابق في "فقه السنة" من سنن الله في الخلق والتكوين ، فهو الأسلوب الذي اختاره للتوالد والتكاثر ، واستمرار الحياة ، بعد أن أعد كلا الزوجين وهيأهما ، بحيث يقوم كل منهما بدور إيجابي في تحقيق هذه الغاية ، ولم يشأ الله أن يجعل الإنسان كغيره من العوالم ، فيدع غرائزه تنطلق دون وعي ، ويترك اتصال الذكر بالأنثى فوضى لا ضابط له ، بل وضع النظام الملائم لسيادته ، والذي من شأنه أن يحفظ شرفه ويصون كرامته ، ووضع للغريزة سبيلها المأمونة ، وحمى النسل من الضياع ، وصان المرأة عن أن تكون كلأ مباحًا لكل مرتع ، ووضع نواة الأسرة التي تحوطها غريزة الأمومة ، وترعاها عاطفة الأبوة ، فتنبت نباتًا حسنًا وتثمر ثمارها اليافعة .
ومما قاله أيضًا : الزواج ضرورة لا غنى عنها ، وأنه لا يمنع منه إلا العجز أو الفجور ، كما قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ، وأن الرهبانية ليست من الإسلام في شيء ، وأن الإعراض عن الزواج يفوّت على الإنسان كثيرًا من المنافع والمزايا ، وكان هذا كافيًا في دفع الجماعة المسلمة إلى العمل على تهيئة أسبابه وتيسير وسائله ، حتى ينعم به الرجال والنساء على السواء ، ولكن على العكس من ذلك ، خرج كثير من الأسر عن سماحة الإسلام وسُمُو تعاليمه ، فعقَّدوا الزواج ووضعوا العقبات في طريقه ، وخلّفوا بذلك التعقيد أزمة تعرض بسببها الرجال والنساء لآلام العزوبية ، والاستجابة إلى العلاقات الطائشة ، ومعظم أسباب هذه الأزمة ترجع إلى التغالي في المهور وكثرة النفقات التي ترهق الزوج ، ولا بد من العودة إلى تعاليم الإسلام في هذا الشأن .
قيود
ولكن ماذا عن لفظ الأجنبيات "غير المسلمات "؟
يوضح الدكتور يوسف القرضاوي الأمر قائلاً : " لفظ الأجنبيات يشمل المشركة التي تجعل لله أندادًا أو شركاء ، فهذه يحرم الزواج منها على الإطلاق ، حيث يقول الله عز وجل : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَ ، ولأمة مؤمنة خيرٌ من مشركةٍ ولو أعجبتكم ، ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ، ولعبدٌ مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ، أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ، ويُبين آياته للناس لعلهم يتذكرون " (البقرة ، الآية : 221).
ويشمل أيضًا الملحدة ؛ وهي التي لا تؤمن بدين أو ألوهية أو نبوة أو كتاب ، كالشيوعية ، فيحرم الزواج منها إطلاقًا ، ويشمل كذلك المرتدة وهي التي تكفر بعد الإيمان ، فهي كافرة من أصحاب النار ، كما قال الله عز وجل في الآية 217 من سورة البقرة : ( ومن يرتد منكم عن دينه ، فيمت وهو كافر ، فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) ، وأيضًا (الكتابية وهي المسيحية أو اليهودية ) فهي أهل كتاب سماوي ، أباح الإسلام الزواج من الكتابية ، تشجيعًا على التقارب والمودة والأخوة الإنسانية ، وتشجيعًا لها على دخول الإسلام .
ويضع الدكتور القرضاوي قيودًا عند الزواج من كتابية ، ويؤكد ضرورة مراعاة التأكد من كونها كتابية أي تؤمن بدين سماوي الأصل كاليهودية والنصرانية ، وأن تكون عفيفة محصنة ، وألا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم ، وألا يكون من وراء الزواج من الكتابية فتنة ، ولا ضرر محقق أو مرجح ، بأن يزداد الزواج من الأجنبيات ، وتبقى الفتيات المسلمات دون زواج مما يترتب عليه الحرمان أو الانحراف .
مخاطر
وحول الزواج من الكتابية ، تشير الدكتورة آمال عبد الغني "مدرس الشريعة بجامعة المنيا " إلى أن التعبير القرآني دقيق وهو يحوي مجموعة شروط في الذين أوتوا الكتاب حيث تقول : تكرار لفظة "المحصنات" لكل من المؤمنات والذين أوتوا الكتاب فلم يقل : والمحصنات من المؤمنات ومن الذين أوتوا الكتاب ، إنما قال "والمحصنات من المؤمنات ، والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب " حتى يتبين ضرورة شرط العفة والإحصان ، وإضافة صفة " من قبلكم" للذين أوتوا الكتاب تحتاج إلى دراسة وتحديد .
وتضيف : " هذا الزواج حتى وإن استوفى شروطه الشرعية مشكوك في نجاحه واستمراره ، حيث هناك اختلافات جذرية بين البيئة العربية والبيئة الأوروبية ؛ حيث تقوم الفتاة الأوروبية بتزويج نفسها دون ولي ، وعدم وجود رغبة في الإنجاب من جانب تلك الزوجة ، فالمسألة بالنسبة لها مجرد متعة جنسية ، وانقطاع الكثير من العلاقات الأسرية ، حتى تكاد تنعدم ، فمعظم الأسر المصرية ترفض هذا الزواج لعدم فهم الزوجات الأجنبيات للشريعة الإسلامية ، من زي وطعام وشراب وسلوك ، ومخاطر أخرى كثيرة ، وإذا كانت تلك الزوجة جادة في الزواج فيجب عليها أولاً التعرف على أخلاق الإسلام وصفات المسلمين لتتمكن من التعامل مع زوجها المسلم على ما هو عليه من خلق وما يتصف به من آداب وليس العكس ، ويلزم على تلك الزوجة التعرف أيضًا على أساليب التربية الإسلامية للأطفال .
الخروج من المأزق
وخروجًا من هذا المأزق ، ومواجهة لهذه الظاهرة قبل أن تستفحل يقول الدكتور يوسف القرضاوي : ينبغي أن يمنع الزواج من غير المسلمات سدًا للذريعة ، وكما هو معلوم فدرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، ولا يسوغ القول بجوازه إلا لضرورة قاهرة أو حاجة ملحة ، فالزواج من المسلمة أولى وأفضل ، لتوافق الزوجين من الناحية الدينية ، وأعون على الحياة العتيدة ، حتى أن الإسلام يُرَّغب في الزواج بذات الدين .
ويرى الدكتور محفوظ عزام أستاذ الشريعة أن الحد من ظاهرة الزواج من أجنبيات أمر ضروري ، وذلك من خلال عدم المغالاة في المهور ، وتكاليف الزواج ، وعلينا أن نشجع إقامة حفلات الزواج الجماعية ، وتكثيف جهود رجال الإعلام لتوجيه العامة إلى عدم المغالات في المهور ، وتحقيق الولاء للوطن ، وهذا يتحقق من خلال المقررات الدراسية والمؤسسات الاجتماعية .< p>
اختيار الزوجة
...
...
الثلاثاء:01/01/2002
(الشبكة الإسلامية) د. محمد لطفي الصباغ
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> الأسرة >> زوج .. وزوجة
...
...
دعا الإسلام أتباعه إلى الزواج ، وحرّم الرهبانية ، وجعل التزوج سنة من سننه ، وأباح الزواج من الكتابية ، وسهل أمور الزواج ولم يعقّدها. ورغّب ترغيباً شديداً في حسن الاختيار ، وأن يكون التخير من المسلمات ، وجعل الأساس الأفضل والقياس المفضل هو التديُّن .
عن أبي هريرة ( رضي الله عنه ) عن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ أنه قال :
[ تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين . تربت يداك ] متفق عليه .
لقد ذكر رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ مرغباتِ الزواج من المرأة عادةً فقرر أنها أربعة : وهي المال والحسب والجمال والدين .
وحضَّ على أن يكون المقياس المرغِّب في الزواج هو الدين . ولعمري إن ذلك هو الحق الذي تعضِّده أحداث الحياة في واقع الناس .
• فالمال عَرَضٌ زائل ، وعارية موقوتة .. فكم من الأغنياء أصبحوا فقراء بين عشية وضحاها ، وكم من الفقراء أصبحوا أغنياء بين طرفة عين وانتباهتها ، إنّ المال يتهدده الزوال السريع .
هذا وما علاقة السعادة بالمال ؟ إن هناك وهماً كبيراً يسيطر على كثير من الناس ، يحسبون السعادة قائمة على الغِنى والمال .والحقيقة أن المال لا يوجد السعادة .. بل قد يعين على تحقق السعادة إن كانت هي موجودة .
إنها إن لم تكن نابعةً من أعماق النفس بسبب الرضى والقناعة والمعاشرة الحلوة فإنّ المال لا يوجدها أبداً .
• والجمال مهما كان رائعاً فهو موقوت بالصحة والشباب ، وسرعان ما يذبل ويذوي مع تقدم السن ، وطروء المرض ، وتكرار الحمل والولادة .
تصور يا سيدي أنك تزوجت ملكة جمال الكون ، وليس بينك وبينها تفاهم : فماذا أنت مستفيد من هذا الجمال ؟ إن الجمال ربما يعرض صاحبته إلى الغرور والفتنة والتعالي وشراسة الخلق .. ليس الجمال بحد ذاته عيباً ولا نقيصه ، وهو إن اجتمع مع الخلق والدين كان خيراً إلى خير ، ولكنه وحده لا يحقق السعادة بل ولا المتعة . ولله درّ القائل :
إذا أخو الحسن أضحى فعلُه سمِجاً رأيتَ صورتَه من أقبح الصورِ
وَهبْهُ كالشمس في حُسن ألم تَرَنا نفرّ منها إذا مالت إلى الضررِ؟!
والحسب أمر عرفي .. فالوجيه في قوم ربما كان في نظر آخرين وضيعاً ، وهو لا يغني عن العمل الصالح ولا الخلق شيئاً ، [ ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه ] . والحسب لا يتغير في ذاته كما يتغير المال والجمال ، ولكنه يتغير في نظر الآخرين
- كما أشرنا إلى ذلك آنفاً - فما كان مزيَّة في الحسب عند إنسان قد يكون نقيصه في نظر آخرين .
والحسب الرفيع إن اجتمع مع الخلق السمح ، والتدين الصادق ، كان خيراً وبركة . ورسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ يقول : [ الناس معادن: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ] .
أما التدين بالإسلام - التديّن الحق - فهو أمر لا يتغير ولا يختلف .
إن التدين الحق من الزوجة لا يعرض الزوج إلى الأزمات بكل أنواعها.. إنها تحفظه في عِرضها ، وفي ماله ، وفي أولاده ..
إنها تشجعه على كل أنواع البر والصلاح والتقوى .. إنها تكون عوناً له على بر والديه.. وعلى بذل النفقة للمحتاجين والمعوزين .. إنها تنظر إليه نظرة ملؤها الحب والرحمة والمودة والحنان .. إنها تطيعه في كل ما يأمر به -إلا أن يأمر بمعصية إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وتكون عوناً له على ما يلقى من الشدائد والصعوبات ، والأزمات والعقبات .. إنها تحسّ بأن الذي يتعرض له من الضيق أمر يهددها هي بالذات ، وتشعره بأنه ليس وحده يعاني ما يعاني .. وكم يخفف من وقع المصيبة أن يرى المصاب من يشاركه شعوره نحوها بصدق وأمانة ، وأن يرى أنّ معه من يقف موقفه تثبيتاً وتأييداً ودعماً ومشورة .
وتكاد تختفي من حياة زوج ذات الدين المشكلات تماماً ، ذلك لأنه ما من مشكلة إلا ولها حل في الإسلام ، فإذا كانت تقوم بواجبها بصدق وحماسة خيمت على البيت سحائب السعادة والسرور .
والناس يحيون بالمعاني .. ويلتذون بالعواطف .. ويسعدون بالمشاعر أكثر من الأمور المادية الحسية .
إن هذا كله يدعو العاقل من المسلمين ألاَّ يُقدِّم على الدين في المرأة عاملاً آخر
ــــــــــــــــ(50/6)
يجوز الزواج من الكتابية بنص الآية الصريحة ...
3731
السؤال
هل يجوز الزواج من الكتابية وهي على ديانتها دون أن تدخل قي الاسلام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: لقد أحل الله للمؤمن أن يتزوج المؤمنة المحصنة أي العفيفة وكذلك أحل له الزواج من عفيفات أهل الكتاب قال تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم..)[المائدة:5] والزواج من الكتابيات المحصنات العفيفات مستثنى من عموم الزواج من المشركات الذي قد حرمه الله على عباده قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يُؤْمِنَّ ولأَمَةٌ مؤمنةٌ خير من مشركة ولو أعجبتكم) [البقرة: 221]
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/7)
زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كلهن مسلمات مؤمنات ...
6955
السؤال
هل كانت زوجات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كلهن مسلمات قبل الزواج منهن؟ ألم تكن واحدة منهن كافرة ثم دخلت فى الإسلام على يد خاتم النبيين؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجميع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كن مسلمات مؤمنات، اختارهن الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، وجعلهن أمهات للمؤمنين، كما قال سبحانه: (وأزواجه أمهاتهم) [الأحزاب: 6].
ولا يُظن أنه صلى الله عليه وسلم تزوج صفية بنت حيي وهي على اليهودية، وإنما أسلمت قبل أن يتزوجها.
فقد ذكر ابن سعد من طريق عطاء بن يسار أنه لما قدمت صفية من خيبر أنزلت في بيت لحارثة بن النعمان، فسمع نساء الأنصار، فجئن ينظرن إلى جمالها، وجاءت عائشة متنقبة، فلما خرجت خرج النبي صلى الله عليه وسلم على إثرها، فقال: كيف رأيت يا عائشة؟ قالت: رأيت يهودية. فقال: "لا تقولي ذلك، فإنها أسلمت وحسن إسلامها" ذكره ابن حجر في الإصابة.
وقد اختلف الصحابة في الزواج من الكتابية، ولو كان هذا من نبينا صلى الله عليه وسلم، لما اختلف فيه أصحابه رضوان الله عليهم.
وأما خديجة رضي الله عنها فقد تزوجها صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، فلما أوحي إليه كانت أول المؤمنين به رضي الله عنها.
وقد سبق ذكر أسماء زوجاته صلى الله عليه وسلم، وذلك تحت الفتوى رقم: 1462. والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/8)
شروط صحة الزواج من الكتابية ...
7819
السؤال
أنا رجل مسلم أتيت إلى رومانيا من أجل العمل وتزوجت من امرأة رومانية وذلك كان قبل 9 سنوات، لم تسلم زوجتي وبقيت على دين النصرانية، منذ شهرين طلبت مني زوجتي الطلاق وتم ذلك في المحكمة الرومانية، علماً بأن العقد الأول أيضاً كان في المحكمة الرومانية و لم يتم عمل عقد إسلامي. الآن عادت المرأة حيث تطلب الزواج مرة أخرى. علمت من صديقتها أنها خلال الفترة التي قد طلقتها بها قد مارست الزنى مع رجلين أعرفهما، سألتها عن ذلك فلم تنكر و قالت إن هذه غلطة قد ارتكبتها، السؤال هو هل أستطيع أن أتزوج منها بعد هذا الفعل، و إذا جاز ذلك فمتى يمكن ذلك، علماً بأني أحبها كثيراً، وعندما تزوجتها لم تكن عذراء، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز الزواج بأي امرأة - مسلمة أو كتابية- إلا بموجب عقد شرعي يستوفي أركانه، كوجود المتعاقدين، وولي الأمر، والمهر، وتتوفر فيه الشروط الشرعية اللازمة. فإذا كان زواجك من المرأة المذكورة بموجب عقد لم تتوفر فيه الأركان أو الشروط الشرعية فإنه عقد باطل ومعاشرتك لها بموجب ذلك العقد تعتبر سفاحاً لا نكاحاً، ولا يعتبر العقد المدني الوضعي في عقود النكاح لأن الفروج لا تستحل إلا بكلمة الله، وتلك العقود ليست من كلمة الله في شيء، كما أنه يشترط أيضاً في الكتابية المراد الزواج منها بموجب عقد شرعي أن تكون محصنة -أي عفيفة- ولا يجوز الزواج بغير المحصنة. والمعروف الآن في دول الغرب أن وصف الإحصان يكاد يكون معدوماً، كما أن نساء الغرب أكثرهن لم يبق لهن من النصرانية إلا الاسم، والواحدة منهن في حقيقة الأمر: إما ملحدة شيوعية أو غيرها، وإما وثنية، إلى غير ذلك من العقائد التي تخرجها عن كونها كتابية. ومعلوم أن الزواج من المشركات محرم.
فعليك بالتوبة إلى الله على ما بدر منك، كما أنه لا يجوز لك الزاوج منها لما عرفت من فجورها وعدم إحصانها والله يقول: ( والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) [النور:3] وأنى لمسلم أن يرضى بمثل هذه زوجة؛ بل الأولى للمسلم حتى وإن وجد الكتابية المحصنة العفيفة أن يتزوج بالمسلمة، فإن ذلك خير له. وانظر أيضاً جواب رقم 5315.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/9)
هل تشترط موافقة الأب على زواج ابنه ...
8291
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أفتونا جزاكم الله خيرا: إنني تزوجت بنصرانية قبل عشرة أشهر وكان وليها هوالقاضي ثم هاجرت
معها إلى أوروبا ولم أعمل حفلا للزواج ووالدي لايعرف بأنها زوجتي لأنه كان معارضا لفكرة الزواج
منها حيث إنني استشرته قبل أن أتزوجها وكان غير موافق وبالنسبة لوالدتي فقد أخبرتها لأنها كانت موافقة والآن ربما والدي يشك بأنني متزوج بها وهنا في أوروبا أسكن أنا وهي ووالداها معا في منزل واحد ولم أعد أطيق العيشة معهم حيث إن والدها يشرب أغلب الأوقات البيرة والخمر ويوجد في المنزل كلبة وتأكل هذه الكلبة أحيانا في الصحون التي نأكل فيها.
فهل زواجي صحيح ؟ وماذا يجب عليا أن أعمل ؟
وجزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الزواج من الكتابية برقم: 5315 فانظره.
وليس من شروط نكاح الرجل من تحل له من النساء إذن والده، لكن إن عارض الوالد ولده في زواجه، وأبدى وجهاً مناسباً للاعتراض وجبت طاعته، وحرمت مخالفته، وليس معنى هذا أن الزواج إن وقع لم يصح، بل هو صحيح إن استوفى شروطه وأركانه، لكن مع إثم مخالفة الأب، والواجب عليك الآن إن كنت مقتنعاً بهذه الزيجة أن ترضي والدك، وتبين له أسباب زواجك، فإن امتنع وأبدى أسباباً وجيهة لامتناعه وجب عليك مفارقتها طاعةً لوالدك إذ أمر الله بطاعته في غير معصية، وليس من المعصية طلاق من ظهرت أسباب وجيهة لطلاقها، ووجب عليك أن تصلح ما بينك وبين والدك، ولو أن توسط قريباً صالحاً يصلح بينكما.
أما بقاؤك في بيت أهل زوجتك والحال على ما ذكرت، فالواجب تركه إن تعذر الإصلاح وانقطع رجاء إسلامهم، بعداً عن مواطن المنكرات وصوناً لنفسك أن تألف المنكر.
وأما الأكل في صحون أكلت فيها الكلاب، فلا يجوز حتى تطهر سبع مرات أولاهن بالتراب، كما أمر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وما ذكرته من ضيق ذرعك بهذه العيشة الكريهة يبين عظمة الإسلام الذي يحث على النظافة، ومكارم الأخلاق ومحاسنها فلله الحمد والمنة على ما منَّ به علينا من هذا الدين العظيم.
أما كون القاضي قد تولى تزويجها، فلا يصح ذلك إلا إذا تعذر وجود الولي الخاص، فإن لم يكن لها ولي خاص أو كان، ولكنه على وضع لا يصلح معه للولاية كالسكران أكثر الوقت، وتولى أمر زواجها قاضٍ مسلم صح زواجك، إذ قد نص فقهاؤنا على أن لا يلي الكافر تزويج مسلمةٍ، ولا مسلم تزويج كافرة واستثنوا تزويج الحر لأمته الكافرة، وتزويج القاضي للكافرة إذا لم يكن لها ولي خاص. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/10)
الزواج من الكتابية الزانية ...
13811
السؤال
1-السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
تزوج ابني من امرأة كتابية وهو يعلم أنها عاشرت رجلين بدون زواج وهي التي أخبرته بذلك
ما حكم الشرع في هذا الزواج؟
أنا ووالده رفضنا هذا الزواج وهو لم يخبرنا
بل أخبر أخته
نفعنا الله بعلمكم ولكم الشكر الجزيل
الفتوى
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما حكم الزواج بالكتابية وما يشترط لصحته، فسبق الجواب عنه في الفتاوى رقم:
5315 ورقم: 323 وهذه المرأة الكتابية زانية -كما ورد في السؤال- ولا يجوز الزواج بها ما دامت كذلك، وسبق بيان حكم الزواج بالزانية في الفتاوى رقم: 9644 ورقم: 11295
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/11)
زنا بنصرانية فما حكم الولد، وهل يتزوجها. ...
23819
السؤال
فتاة نصرانية حملت من شاب مسلم ووضعت طفلة هل يلزم الشاب المسلم بالزواج بها ونسب الطفله إليه علما أنه يوجد احتمال دخول الأم النصرانية في الإسلام وماذا عن نسب الطفله ؟ وجزاكم الله خيراً......
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى لما أباح للمسلم الزواج من الكتابية اشترط أن تكون محصنة، أي عفيفة، فقال تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [المائدة:5].
والمراد بالمحصنات هنا: العفيفات، يقول الشعبي : إحصان الذمية ألا تزني، وأن تغتسل من الجنابة. تفسير ابن عطية 4/321
وبلغ عمر أن حذيفة تزوج يهودية فكتب إليه عمر: خلّ سبيلها، فكتب إليه : أتزعم أنها حرام فأُخلي سبيلها ؟ فقال: لا أزعم أنها حرام، ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهنَّ. الطبري 2/378
وعلى هذا.. فلا يجوز لهذا الشاب نكاح هذه الفتاة النصرانية التي زنى بها، وهذه الطفلة التي ولدت عن طريق السفاح تنسب إلى أمها، ولا يحل أن ينسبها إلى نفسه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/12)
لا دخل للمكان بصحة عقد النكاح أو بطلانه ...
24157
السؤال
هل الزواج من فتاة نصرانية يجوز للمسلم أم لا يجوز مع التوضيح وإذا كان يجوز هل يعتبر عقد الزواج في الكنيسة عندهم باطلاً أم لا؟
وشكراً لكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الجواب عن حكم الزواج من الكتابية نصرانية كانت أو يهودية، وذلك تحت رقم: 323، والفتوى رقم: 10253 فراجعهما.
وأما عقد الزواج في الإسلام فإنه يصح بشروط تقدم ذكرها في الجواب رقم: 1766، فإذا خلا العقد من واحد منها أو كلها بالأحرى لم يصح، وإذا استوفى العقد هذه الشروط صح ولم يبطل، ولا دخل للمكان بصحة العقد أو بطلانه، فالعقد صحيح إذا استوفى الأركان والشروط التي ذكرها أهل العلم سواء كان في الكنيسة أو خارجها، ولكن لا يجوز للمسلم أن يذهب إلى الكنائس، ولا غيرها من معابد أهل الكفر، لأن في هذا إقراراً لأصحابها على كفرهم، وإعانة لهم على باطلهم.
والمسلم يجب عليه ألا يشاركهم في شيء من طقوسهم وشعائرهم المنحرفة الباطلة، وأن يعلن البراءة منهم، وفي الذهاب إلى الكنائس مفاسد عظيمة لا تخفى على من تأمل ذلك، وللفائدة يراجع الجواب رقم: 8327.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/13)
يجب على المسلم أن يلزم زوجته النصرانية بالاحتشام ...
24500
السؤال
هل يجوز للمسلم أن يترك زوجته النصرانية تلبس الثياب الخليعة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يتزوج امرأة مسلمة تلبس ثياباً خليعة فضلاً عن أن يتزوج نصرانية تفعل ذلك، والله سبحانه وتعالى إنما أباح الزواج من الكتابية إذا كانت عفيفة، كما قاله جمهور المفسرين في قوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [المائدة:5]. يعني: العفيفات.
وعلى هذا، فيجب على المسلم أن يلزم زوجته النصرانية بالاحتشام، فإن لم تلتزم فليفارقها، ولعل الله يرزقه امرأة مسلمة يأمن على عرضها ودينها.
ويجب التنبه إلى أنه ليس للمسلم المتزوج من الكتابية أن يمنعها من ممارسة شعائر دينها، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 323.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/14)
هل يتزوج من نصرانية أم ينتظر إسلامها ...
27175
السؤال
لي قريب تحبه فتاة مسيحية غير مقتنعة بدينها وما يحدث فيه من اعتراف للأب وتريد أن تتزوجه لكنه لا يريد ذلك إلا بعد أن تسلم برغم أنه لا يحبها إلا أنه على استعداد من الزواج بها والتضحية من أجل الدين على الرغم أيضاً من أنني أعتبر والله أعلم بأن الزواج من مسيحية حرام لأنهم لا يؤمنون بالله الواحد فما رأيكم في هذا الموضوع ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحسن أولاً تنبيه السائل الكريم إلى أنه لا يجوز له ولا لغيره القول على الله بغير علم حيث قال: "الزواج من مسيحية حرام..... إلخ" فإن المسيحية مع كفرها قد أباح الله الزواج منها، وقد تقدمت لنا أجوبة مفصلة بخصوص زواج المسلم من الكتابية، ومنها الفتاوى ذات الأرقام التالية:
5315 -
3648 -
8674 -
9894 -
15508.
وبالرجوع إلى هذه الفتاوى ستجد فيها أنه يجوز للمسلم الزواج من الكتابية "يهودية أو نصرانية" إذا كانت عفيفة "محصنة"، وانظر لمعرفة حكم أهل الكتاب، الفتوى رقم:
2924.
وأما بخصوص زواج قريبك من تلك الفتاة النصرانية أو عدم زواجه -إن كانت عفيفة- فهو أمر يرجع إليه، وإن أجل ذلك إلى حين إسلامها فحسن -خاصة وأنها تميل إليه- وعلى قريبك ألا يقدم على الزواج من هذه الفتاة إلا بعد الاستشارة والاستخارة، وأن لا يتعجل في ذلك حرصاً على إقامة أسرة مسلمة متماسكة، نسأل الله لك وله التوفيق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/15)
عقد الزواج عن طريق الهاتف ...
36937
السؤال
أنا متزوج من كتابية(مسيحية) بعد أخذ موافقة أبي الزوجة عن طريق الهاتف وسماع الشهود موافقة الأب عن طريق التسجيل من الهاتف، وتم الزواج عرفياً على سنة الله ورسوله، هل الزواج صحيح، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سبق أن بينا أن الظاهر عدم جواز عقد الزواج عن طريق الهاتف، لتعذر استيفاء شروط العقد فيه، وذلك في الفتوى رقم: 7548. وإذا كان الأمر كذلك، فالظاهر عدم صحة هذا الزواج، والواجب عليك مفارقة هذه المرأة، وما وجد من أولاد، فينسبون إليك لوجود الشبهة، هذا ما ظهر لنا، وإن كنا نرى أن الأولى في مثل هذه المسائل مراجعة المحكمة الشرعية في بلدكم إن وجدت، فهي أجدر بدراسة المسألة من جوانبها المختلفة، ولمعرفة حكم الزواج من الكتابية راجع الفتوى رقم: 8674، والفتوى رقم: 323. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/16)
الزواج من الكتابية وغيرها ...
38027
السؤال
ما حكم الشريعة في الزواج بامرأة غير مسلمة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد أباح الشرع الزواج من المرأة الكتابية، يهودية كانت أم نصرانية، بشرط أن تكون عفيفة، أما إن كانت هذه المرأة الكافرة من غير نساء أهل الكتاب، فلا يجوز الزواج منها مطلقا، فقد قال الله تعالى: بشأن أهل الكتاب: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ [المائدة: 5]. وقال بشأن غيرهن من الكافرات: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِن [البقرة: 221] والأولى بالمسلم الحرص على نكاح المرأة المسلمة، إذ قلما يخلو النكاح من الكتابيات من مفاسد، وخصوصا في هذا الزمن، ومن ذلك ما يتعلق بتنشئة الأولاد على الدين الصحيح ونحو ذلك. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/17)
الموافقة على تقديم الخمر في حفلة الزفاف أو خسارة الفتاة ...
42705
السؤال
أريد أن أتزوج نصرانية وأنا مسلم وأبوها يشترط أن في حفلة الزواج لا بد من الخمر للحضور وإلا لا أزوجك ابنتي, وأنا أحبها وأريد أن أتزوجها, فهل من الممكن أن أتجاوز هذا الأمر للحفلة مع إنكاري القلبي، وأنا أعيش في أوكرانيا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن كانت هذه الفتاة نصرانية حقاً على دين النصارى، وليست لها اعتقادات تخرجها من دائرة أهل الكتاب كالشيوعية والوجودية، فيجوز الزواج منها لأن الله تعالى أباح الزواج من الكتابيات، وراجع لمعرفة أدلة وضوابط الزواج من الكتابية الفتوى رقم: 8674. أما قبولك مبدأ عمل حفلة يشرب فيها الخمر فهو مخالفة شرعية كبيرة، والخمر أم الخبائث وشاربها وكل من أعان عليها ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز ولا يحل أن توافق على تقديم الخمر ولا على غيره من المنكرات التي تكون في حفل العرس، كالاختلاط والتبرج والغناء والموسيقى والرقص وغيرها، وللأهمية راجع الفتويين التاليتين: 38544، 5119. وكونك تحبها لا يسوغ لك فعل ما حرم الله من أجل الزواج منها، وإنما الواجب عليك هو طاعة الله ورسوله، ومخالفة أمر كل من خالف أمرهما، قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31]. فاتق الله واصبر، وقدم طاعة الله ورضاه على طاعة غيره ورضاه، ولو أدى بك الأمر إلى ترك الزواج بتلك الفتاة النصرانية، فهو خير لك من التفريط في دينك، واعلم أنه لا خير لك فيها إذا كان هذا هو مبدأ الزواج وفاتحته. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/18)
إنقاذ المسلم من الرذيلة لا يكون بالسحر والشعوذة ...
46275
السؤال
أولاً أشكركم جزيل الشكر على كل ما تقدمونه لنا من خدمات
لي أخ يعيش مع أجنبية في الحرام وأمه يقلقها الأمر كثيرا و فكرت بالذهاب إلى أحد الفقهاء ليكتب له كي تبتعد عنه وتريد أن تعرف هل هذا الأمر يدخل في باب الشعوذة مع العلم بأن نيتها صافية تريد فقط إنقاذه ليتزوج بمسلمة؟ وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصدين بقولك: لي أخ يعيش مع أجنبية في الحرام..... أن هذه المرأة من أهل الكتاب وهو متزوج بها زواجاً شرعياً فلا شيء عليه، وليس بالضرورة أن يتزوج بامرأة مسلمة، وإن كان يكره له الزواج من الكتابية، وإن كنت تقصدين أنه يعيش معها بغير نكاح شرعي، فهو واقع في الزنا وعليه التوبة إلى الله عز وجل من ذلك، وينبغي لك ولأمه ولكل مسلم علم بحاله انتشاله من هذا المستنقع الذي هو فيه، والرقي به إلى الهداية والأخلاق الفاضلة، والاستغناء بالحلال عن الحرام بالطرق والوسائل المباحة، أما استعمال السحر أو الكهانة لإنقاذه مما هو فيه لا يجوز، لأن السحرة والكهنة يستخدمون الجن ويسلطونهم على الشخص المراد، وفي ذلك من الضرر عليه والتعرض لسخط الله ما لا يخفى، فإتيان العرافين والسحرة من كبائر الذنوب فكيف يصح من مسلم أن يخلص مسلماً من ذنب بارتكابه هو ذنباً مثله أو أكبر، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 42017.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/19)
الفرق بين الزواج من تاركة الصلاة والزواج من الكتابية ...
46408
السؤال
بسم
الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد.
السؤال:-
فبالإجابة المرفقة المفهوم منها أن لا يجوز الإبقاء على مثل هذه الزوجة.
كيف ذلك وقد سمح للمسلم الزواج من الكتابية
نرجو الإيضاح
مع جزيل الشكر والامتنان
سمير
الفهرس » فقه العبادات » الصلاة » وجوب الصلاة وحكم تاركها (141)
رقم الفتوى : 10370
عنوان الفتوى : طريقة التعامل مع الزوجة التاركة للصلاة
تاريخ الفتوى : 02 رجب 1422
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا كانت امرأتي لا تصلي وأقول لها لا يجوز ترك الصلاة وأقول لها عن الأحاديث التي تحض على الصلاة
ولكن تقول لي سوف أصلي وعندما أسألها هل صليت؟ تقول لي نسيت ، وظللت على هذا الحال سنة ونصفا هل يجوز أن تظل زوجتي؟ وما الحكم في هذا الموضوع؟
وجزاكم الله كل خير عني.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المرأة على خطر عظيم بسبب تركها للصلاة، ولا يفيدها قولها بأنها سوف تصلي، والواجب إلزامها بالصلاة، فإن استقامت وصلت، فذلك خير، وإن أبت، فلا يجوز إبقاؤها زوجة لك، لعموم قوله تعالى: (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) [الممتحنة:10].
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة" رواه مسلم.
ولاتفاق الصحابة على أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر.
ومن هنا، فالواجب رفع أمرها إلى المحاكم الشرعية - إن وجدت - لإيقاع العقاب الرادع عليها، حيث لا يجوز التهاون معها بخصوص الصلاة، فمن ضيع الصلاة، فهو لما سواها أضيع، وعلى القول بأن ترك الصلاة كسلاً ليس مخرجاً من الملة، فلا أقل من أن يحكم عليها بأنها ناشز، ومخالفة لزوجها الذي يأمرها بالصلاة فتستحق التأديب على ذلك حتى تصلي، قال تعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) [النساء:34].
والله أعلم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتارك الصلاة له حالان:
الأول: أن يتركها جاحدا لوجوبها، وهذا كافر بإجماع أهل العلم، لأنه جحد ما هو معلوم من الدين بالضرورة.
الثانية: أن يتركها كسلا وتهاونا، وقد اختلف أهل العلم فيمن هذا حاله.
- فذهب الجمهور إلى أنه كافر كفرا أصغر لا يخرجه عن ملة الإسلام.
- وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكفر مطلقا كفرا أكبر مخرجا من الملة.
- وذهب بعضهم إلى أنه لا يكفر حتى يستتاب من قبل الحاكم فيصر بعد الاستتابة على الترك.
والفتوى التي أشار إليها السائل اعتمدت قول من يكفر تارك الصلاة مطلقا، ولا حرج في الأخذ بهذا القول، كما لا حرج في الأخذ بالأقوال الأخرى.
وأما عن الزواج بالكتابية، فإنه جائز، والفرق أن الكتابية على دينها بخلاف تاركة الصلاة على القول بكفرها، فإنها مرتدة، والمرتد أشد من الكافر الأصلي، ولذا لو أسلمت الكتابية ثم رجعت إلى دينها فلا يجوز الزواج بها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/20)
الزواج بالمسلمة ذات الدين أفضل من الزواج من الكتابية ...
54660
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أم لي ولد واحد و6 بنات، ابني في الولايات المتحدة يعمل هناك لقد التقى ببنت كتابية وأعجب بها ولكن مثل ما تعرفون نحن العرب لا نحبذ ذلك لكن الله عز وجل لا يمنع هذا، لكن أنا محتارة بهذا لذلك قمت فصليت لله عز وجل صلاة الاستخارة بدل المرة عدة مرات ولقد أعطيت ابني جوابا بانني لا أمانع إلا أنني نصحته كثيرا أن يتروى قبل أن يخطو هذة الخطوة، أن يدرس أبعادها ومع كل هذا ابني متمسك بها لكن أهل أبيه ليسوا راضين عن الموضوع، أما أبوه فلا يمانع لكنه متخوف من الأمر. أرجو منكم وبأسرع وقت ممكن أن تخبروني ماذا تعني لي الصلاة لأنني محتارة من الجواب الذي أعطيته لابني وبين أهل ابني.
وشكرا لكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما صلاة الاستخارة فسبق الكلام عنها وعن الشعور الذي يجده الإنسان بعدها في الفتوى رقم: 7235 والفتوى رقم: 51040.
ونصيحتنا لولدك أن يتزوج مسلمة صاحبة دين وخلق تربي أولاده على الخير وتعاليم الإسلام، ولا خير في زواج الكافرة الكتابية إلا إذا كان يغلب على ظنه أنها ستسلم بدعوته لها فإنه يؤجر على نية ذلك إن شاء الله.
وبما أنك ووالده موافقان على الزواج فلا مانع منه إلا أن الأفضل هو الزواج بمسلمة كما سبق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/21)
تزوج من امرأة ثم تبين له أنها ملحدة فماذا يصنع ...
55916
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
رجل تزوج من امرأة نصرانية, وبعد فترة من الوقت وبعد إنجاب أولاد منها تبين له أنها من الأصل غير المؤمنة بالله وبوجوده, ما حكم الزواج, وهل يبقى معها لهدايتها , وما مصير الأولاد , الحضانة , النفقة , النسب .. ؟ إلى غير ذلك ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزواج من امرأة نصرانية بالرغم من كونه جائزا إلا أن فيه محاذير منها:
- أنه لا يأمن أن تؤثر على الأولاد فينشؤوا متأثرين بعقيدتها وسلوكها.
- في حال المفارقة بموت أو طلاق فبقاء الأولاد معها يشكل خطرا على دينهم وأخلاقهم، ولذا صرح الفقهاء رحمهم الله بكراهية الزواج من الكتابية.
لذا لا ننصح بالزواج منهن إلا في أضيق نطاق، أما من كانت ملحدة لا تؤمن بوجود الله تعالى وربوبيته وألوهيته فلا يجوز الزواج بها ابتداء، فإن كان تزوجها وهو لا يعلم بحالها ثم تبين له حقيقة أمرها فيجب عليه مفارقتها في الحال، وأما الأولاد منها فينسبون إليه وتسقط حضانة الأم لهم على الراجح من قولي العلماء من اشتراط الإسلام لثبوت حق الحضانة. لقوله تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا {النساء: 141}.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه. متفق عليه.
أما نفقة الأولاد فهي على أبيهم على كل حال.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/22)
صورة واقعية للأخطار المترتبة على الزواج من الكتابية ...
58237
السؤال
رجل مسلم يصلي ويقوم بفروضه لله ويسعى ما استطاع لرضى ربه .
تزوج من أمراه كتابية عندما كان شابا حبا فيها ولطيبة قلبها وآملا في أن تكون مسلمة عندما تعيش معه وترى الإسلام على حقيقته أملا في الأجر من الله ولكن ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) وأنجب منها البنين. والآن بعد مرور السنين لازال الحال على ما هو عليه وباءت المحاولات بالفشل الذريع , وما زاد الطين بلة الأولاد الذين بدءوا يأخذون عن أمهم تعاليم خاطئة.
فهو اضطر للعيش في بلاد الغرب بعد ولادة الأولاد وخوفا عليهم من الشرك ولكنه عبثا يحاول , فالأم بما أوتيت تحاول جاهدة تعليم أبناءها المسيحية وهو يحاول جاهدا تعليمهم الإسلام ولكن الأطفال لصيقون بأمهم واستغلال الأم لكل محاولات بث المسيحية في عقولهم تجري على قدم وساق. والأب ضاق ذرعا بما جرى ويجري ولا حياة لمن تنادي فلا الحديث ينفع ولا الغضب يؤتي ثماره مع الأم, والساعة تدور والوقت يجري والأب لا يعلم ما يفعل لوقف ما يحصل لأبنائه والقصة طويلة والمغزى الأب يريد مشورة أهل العلم.
والسؤال-: هل يرحل إلى بلاده حيث الإسلام وأهل الإسلام ويطلق زوجته ويترك الأبناء لها؟
-: هل يبقى ويحارب الأم بما أوتي ويعتمد على الله في ذلك لعل الله يجد له مخرجا؟
-: هل يسرق أولاده ويرحل بهم إلى بلاده وينتظر مشاكل لا حصر لها ويكسر القلوب (قلوب أطفاله وزوجته)؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوضحنا في أكثر من فتوى أن زواج المسلم من امرأة كتابية فيه محاذير شرعية هذه إحداها، وهي تمسك المرأة الكتابية بدينها، ومحاولتها الدائمة أن تجعل أبناءها يتبعونها في دينها، وذلك من خلال جهدها في تربيتهم عليه، وتنفيرهم من دين الإسلام الذي هو دينهم ودين أبيهم والدين الحق.
ومن هنا، فإننا نقول لهذا الأخ: إذا أمكنك طلاق هذه المرأة والسفر بالأولاد إلى بلدك الإسلامي وتربيتهم هناك بعيدا عن هذه الأم والجو الفاسد الذي تعيش فيه فهذا واجب عليك، وإن لم تستطع ذلك وقدرت على تطليقها وأخذ الاولاد عنها في بيت مستقل فهذا أيضا طيب، وإن تعذر ذلك كله فليس لك إلا البقاء مع أبنائك والاجتهاد في تربيتهم على الإسلام، ومما يعينك على ذلك توجيههم إلى المواقع الإسلامية في الإنترنت والقنوات التلفزيونية التي تهتم بمسائل الدين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/23)
المبادرة إلى الزواج ...
58893
السؤال
هل يجوز لي أن أزوج نفسي تفاديا للوقوع في الزنا، مع العلم بأني أعيش في بلد غير إسلامى رغم أن المأذون موجود إلا أن الشروط المطلوبة لا أستطيع توفيرها، أفيدونا يرحمكم الله لا أستطيع البقاء هكذا رغم الصيام والابتعاد عن المحارم؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سؤالك عن الزواج، لا ندري ماذا تعني بقولك لا أستطيع توفير الشروط المطلوبة، فإن المطلوب هو القدرة على الباءة، والباءة سبق تعريفها في الفتوى رقم: 14223.
فإذا كنت مستطيعاً الباءة فبادر بالزواج فهو أحصن لفرجك وأغض لبصرك، وأما إذا لم تكن لديك الاستطاعة ولم تجد من ترضى بك على الحالة التي أنت عليها فعليك بالصوم كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. رواه مسلم.
مع العلم بأنه بإمكانك الزواج من الكتابية والنصرانية أو اليهودية العفيفة مع مراعاة الشروط التي سبق بيانها في الفتوى رقم: 28962.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/24)
شبهات وجوابها حول موقف الإسلام من النصرانية ...
74132
السؤال
أولا: أنا فتاة مسيحية وأعتز بكوني هكذا.. قرأت بعض الاستشارات التي تفتك بنا وتشبه المرأة المسيحية بالكافرة أو المسيحي بشكل عام، نحن نعبد الله ولسنا كفارا، وهناك آيات وأحاديث دالة على ذلك، فلماذا إذا كنتم تعتبروننا كفارا أباح الرسول الزواج بالمسيحية وحلل لها أن تبقى على دينها، هذا يعني أنها ليست كافرة، ثم أنا أعرف أنكم في الإسلام تحترمون بقية الأديان وأنكم تؤمنون بالأنبياء جميعا، فأظن أنه من غير الصحيح التشبيه هكذا، وأنه مضر للعلاقات الاجتماعية، وأنه غير صحيح، وهناك الله وحده الذي يحكم في هذا الشأن، ما ردكم أو تعليقكم على هذا، أرجو الرد بأسرع ما يمكن وشكراً. أرجو الرد بلغةEnglish لأنه ليس لدي كمبيوتر باللغة العربية ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها السائلة أننا نحن المسلمين نؤمن بأن الله تعالى واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدا ، كما نؤمن بأنبياء الله جميعا ورسله ولا نفرق بين أحد منهم، بل نعتقد أن من كفر برسول فقد كفر بالرسل جميعا وكفر بالله، ففي كتاب ربنا قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا {النساء: 150 ـ 151 } ونؤمن بأن عيسى عبد الله ورسوله ، ونعتقد أن من شهد بذلك منا فهذا مما يؤدي إلى دخوله الجنة كما أخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فعن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبد ه ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ــ أي من الأرواح التي خلقها ـ والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل . رواه البخاري ، ومن عقيدتنا أن عيسى ابن مريم ليس هو الله، وليس هو ابن الله، وليس هو وأمه مع الله آلهة ثلاثة ، ومن اعتقد ذلك فهو كافر بالله العظيم، وهكذا قال ربنا سبحانه وتعالى، ففي سورة المائدة المباركة يقول تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ {المائدة: 17 } وفيها أيضا قال تعالى : لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {المائدة: 73 } ونعتقد أن الله تعالى نزل على عبده ورسوله عيسى ابن مريم الإنجيل، وهو كتاب حق أوحاه الله تعالى إلى عيسى، فيه شرعه سبحانه، لكن هذا الكتاب مع الأسف الشديد كتبته أيدٍ كثيرة وطاله تحريف كثير ، ولهذا نحن نجزم أن كثيرا من الإنجيل الموجود الآن على اختلاف نسخه ليس من عند الله بل هو من عند من حرفوه، فقد جاء في سورة البقرة المباركة قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ {البقرة: 79 } .
وأما بخصوص كون الإسلام قد أباح نكاح الكتابيات فاعلمي أولا أن الإسلام لم يبح نكاح كل كتابية بل فقط العفيفات غير الزانيات كما قال تعالى : وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ {المائدة: 5 } ثم اعلمي أن الله تعالى إنما أباح للمسلم الزواج من الكتابيات تيسيرا على المسلمين فقد علم الله تعالى أن المسلم قد يرغب في نكاح غير المسلمة فأباح له ذلك واختار له الكتابية من بينهن لأن الكتابية ليست كغيرها من الكافرات لأن الأخريات وثنيات لا دين لهن ، أما الكتابية فذات دين وذات كتاب وإن كان محرفا وأصل دين أهل الكتاب الإيمان لكنهم ابتدعوا الكفر وكفروا ، وليس إباحة الزواج من الكتابية دليلا على أن الله ارتضى دينها بل إن الله تعالى نزل آخر الآية السابقة حتى لا يتوهم أحد ذلك، فقال تعالى : وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {المائدة: 5 } قال ابن الجوزي في زاد المسير في تفسير هذه الآية : سبب نزول هذا الكلام أن الله تعالى لما رخص في نكاح الكتابيات قلن بينهن لولا أن الله تعالى قد رضي علينا لم يبح للمؤمنين تزويجنا ، ثم قال: وقال مقاتل بن حيان نزلت فيما أحصن المسلمون من نساء أهل الكتاب يقول ليس إحصان المسلمين إياهن بالذي يخرجهن من الكفر، ونقول أخيرا لا يخفى عليك أنه ليس كل من عبد إلها يكون مؤمنا، فمن الناس من يعبد البقر ، ومنهم من يعبد الحجر ، ومنهم من يعبد الشجر أيكونوا مؤمنين بالطبع سيكون جوابنا وجوابك واحدا ، وهو لا يكونوا مؤمنين .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/25)
الزواج من الكتابية وممن تنتمي إلى فرقة منحرفة ...
76673
السؤال
قرأت في موقعكم عن الزواج من النساء اللاتي ينتمين إلى فرق إسلامية منحرفة ، وما فهمته أنه يجب أن تكون المرأة حقا مسلمة لصحة الزواج. أليس الزواج بالنساء المنتميات إلى هذه الفرق مثلا أولى من النصرانية لأنها أقرب للإسلام من النصرانية أو اليهودية ؟ وهل يبقى الزواج صحيحا إذا لم تخبر أهلها أنك تتبع المذهب السني؟
هذا، وجزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
فقد سبق التفريق بين نوعين من البدع كما في الفتوى رقم : 1449 ، وأن هناك بدعا مكفرة من اعتقد شيئا منها اعتبر كافرا مرتدا، ولا يجوز الزواج به مع استصحاب أصل مقرر عند العلماء في مسألة التكفير، وهو أن تكفير الشخص المعين لا بد فيه من تحقق شروط وانتفاء موانع. وأما النوع الثاني : فبدع غير مكفرة يجوز الزواج بصاحبها لأنه من جملة المسلمين ، وأما لماذا لا يصح الزواج من المرتد ويجوز الزواج بالكتابية الكافرة أصلا فالجواب هو : أن المرتد أشد من الكتابي لأنه لا ملة له ولا يقر على دين انتقل إليه حتى ولو كان دين أهل الكتاب ، ويفرق بينه وبين الكتابي في أحكام كثيرة منها هذا الحكم, ومنها: أنه لا تحل ذبيحته، ويقتل بعد استتابته .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/26)
شبهة وجوابها حول زواج المسلم من الكتابية ...
77422
السؤال
لقد ظهر مؤخرا في الساحة الإعلامية بما فيها المنتديات الأجنبية جدل حول تحريم زواج المسلمة من الكتابي وأن هذا التحريم ما هو إلا اجتهاد للعلماء ولا يوجد دليل على ذلك والآيات القرآنية التي تتحدث عن هذا الأمر إنما خصت المسلمين الأولين لكونهم كانوا في حالة حرب مع الكفار وأن هذه العلة تنتفي لانتفاء السبب وهو الحرب، ولما بحثت وجدت أن هذا الأمر محض افتراء وأنه يحرم زواج المسلمة من الكتابي لأنه كافر بنص الآيات الصريحة: لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة . وما إلى ذلك من الآيات المحكمة التي لا جدل فيها ولا نقاش. لكن تبقى مسألة أود استيضاحها منكم بارك الله فيكم , نعلم أن الله تعالى أباح للرجال المسلمين الزواج من الكتابية لكن بشروط منها أن تكون محصنة وعفيفة وغير متخذة لأخدان, لكنها رغم كونها كتابية فهي كافرة لأنها تنكر علينا ديننا وتعتقد أننا على باطل وأن دينها هو الحق, كما أنها لا تؤمن بنبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. في حين نجد أن الله تعالى حرم على المسلمات أن يتزوجن من الكتابيين على أساس أنهم كفار وأن المرأة بطبعها تتبع زوجها وربما يؤثرعليها وتنسلخ عن دينها والعياذ بالله. وفي نهاية المطاف فالكتابية والكتابي كلاهما كافران لأنه من يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين. إذن فالمسلم لا يجوز له أن يتزوج الكتابية حتى ولو كانت عفيفة لأنها كافرة ويترك بنات دينه عانسات. من فضلكم أحتاج الإجابة على هذا السؤال لمناقشة من يروج لهذا الكلام و ادعوا لي بالتوفيق لتفنيد شبههم ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى فرق في كتابه بين زواج المسلم بالكتابية فرخص فيه وأباحه مع الحكم عليها بالكفر، ومنع زواج المسلمة بالكتابي وغيره من الكفار، وحسم هذا الموضوع بالنص، فقال في زواج المحصنات الحرائر من أهل الكتاب : الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {المائدة: 5 } وقال في منع زواج المسلمة من الكتابي وغيره من الكفار: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ {الممتحنة: 10 } وقال تعالى : وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا {البقرة: 221 } وسبب إباحة الكتابيات للمسلمين ليس بسبب أنهن غير مشركات، وإنما هي رخصة من الله تعالى للمسلمين، والفرق بين زواج المسلم من الكتابية وزواج المسلمة من الكتابي ظاهر وقد أشارت الأخت السائلة إليه في السؤال ، ولا شك أن زواج المسلمة أولى لحضه صلى الله عليه وسلم على اختيار ذات الدين كما في حديث الصحيحين : فاظفر بذات الدين تربت يداك . بل قد ذهب كثير من أهل العلم إلى كراهة زواج المسلم بالكتابية ، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها : 9894 ،4114 ،31703 ،20203 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/27)
الزواج من كتابية عرفيا وحكم أخذ موافقة الولي بالهاتف ...
79260
السؤال
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، شيخنا الحبيب جزاكم الله خير الجزاء على مجهوداتكم القيمة التي تنتفع بها أمة الإسلام.
سؤالي هو: أنا شاب مقيم وأعمل بالإمارات وتعرفت على كتابية وأريد أن أتزوج بها زواجا غير موثق (أعني عرفيا)، ولكنه مستوفي الشروط من الشهود والولي وهي ليس لها ولي فى هذه البلاد فكيف أتم هذا ويكون الزواج صحيحاً، وهل يمكن أن يكون الاتصال بوليها فى بلدها وأخذ الموافقة منه تلفونياً كافياً أو يمكن أن تولي هي أحداً آخر سواء كان قريبا لها أو لا ليكون ولياً لها، فهل هذا يكون صحيحاً شرعاً، أفيدونا أفادكم الله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور أولها حكم الزواج من الكتابية وهو مباح إن كانت عفيفة لقول الله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {المائدة:5}، ولكن الزواج من الكتابيات اليوم قد تترتب عليه مفاسد كبيرة، فالأولى تركه والبعد عنه، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 5315.
والأمر الثاني مما تضمنه سؤالك هو حكم الزواج العرفي المستوفي لشروط النكاح وأركانه وهو صحيح إن كان كذلك إلا أن عدم توثيقه لدى المحكمة أو غيرها من الجهات المسؤولة قد تترتب عليه مفاسد كبيرة فننصح بعدمه، وقد فصلنا القول في ذلك في الفتوى رقم: 5962، والفتوى رقم: 2656.
والأمر الثالث هو حكم أخذ موافقة الولي عبر الهاتف والجواب أن ذلك لا يصح إذ لا بد من حضور الولي أو وكيله بمجلس العقد والهاتف لا يقوم مقام ذلك، لكن يصح توكيله لغيره عبر الهاتف فيلي وكيله العقد ويحضره، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 56665، والفتوى رقم: 44492، وللمزيد من الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 23317 عن من يلي عقد نكاح الكتابية.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــ(50/28)
ــــــــــــــــ
من هي الكتابية التي يجوز للمسلم الزواج بها
السؤال:
السؤال :
أود أن اعرف ما تعنيه بعبارة ( تزوج العفيفات ) من أهل الكتاب المسيحيات أو اليهوديات ؟ فهل اللمس والتقبيل يحول دون الزواج من الكتابية ؟ لقد قرأت في إجابتك أن المسلم يجب أن يتزوج المرأة العفيفة فهل ينطبق ذلك فقط على المرأة الكتابية أم يشمل أيضا الفتاة المسلمة ؟ وهل اللمس والتقبيل يدخل ضمن تعريف كلمة العفاف ؟ وما هي النصيحة التي يمكنك تقديمها إلى شاب مسلم يعتقد بأن اللمس ضروري قبل الزواج ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في " جامع البيان عن تأويل آي القرآن "(8/165) في تعريف المُحصنة :
حَصُنت هي فهي تَحصُن حَصَانة إذا عفَّت ، وهي حاصنٌ من النساء عفيفة ... ويقال أيضا ، إذا هي عفت وحفظت فرجها من الفجور : " قد أحصنت فرجها فهي محصنة كما قال جل ثناؤه " ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها " بمعنى حفظته من الرِّيبة ، ومنعته من الفجور . ثم ذكر الأقوال في تأويل قوله تعالى ( والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ... ) ومما ذكره :
وقال آخرون إنما عنى الله بقوله { والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } العفائف من الفريقين إماء كن أو حرائر فأجاز قائل هذه المقالة نكاح إماء أهل الكتاب الدائنات دينهم بهذه الآية وحرموا البغايا من المؤمنات وأهل الكتاب . " ثم ذكر رحمه الله الآثار على هذا القول .
وقال أيضا : " ثم اختلف أهل التأويل في حكم قوله " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " أعام أم خاص ؟ فقال بعضهم : هو عام في العفائف منهن لأن المحصنات العفائف وللمسلم أن يتزوج كل حرة وأمة كتابية ، حربية كانت أو ذمية . واعتلوا في ذلك بظاهر قوله تعالى " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم "، وأن المعنىَّ بهن العفائف ، كائنة من كانت منهن . وهذا قول من قال : عنى بـ "المحصنات " في هذا الموضع : العفائف ..
وقال آخرون : بل ذلك معنيّ به نساء أهل الكتاب الذين لهم من المسلمين ذمة وعهد . فأما أهل الحرب ، فإنَّ نساءهم حرام على المسلمين .
وذكر رحمه الله شرطا مهما لنكاح الكتابية ينبغي أن يتمعّن فيه ويقف عنده كلّ مسلم يريد أن يتزوج منهن في بلاد الكفر وهذا الشّرط هو : " أن تكون بموضع لا يخاف الناكح فيه على ولده أن يُجبر على الكفر " .ا.هـ ومن أوضح تطبيقات هذا الكلام في واقعنا أن لا يكون في بلاد الكفر ما يُجبر المسلم على تنشئة ولده على دين أهل الكفر بحيث يُدرّس الولد إجباريا شيئا من دين النصارى مثلا أو يُؤخذ إلى الكنيسة يوم الأحد أو يكون القانون في صفّ المرأة الكافرة بحيث تأخذ الولد إذا شاءت فتربيه على دين قومها ونحو ذلك نسأل الله العافية ونعوذ به من الخذلان .
وقال الشيخ السعدي في تفسيره (1/458) :
{و} أحل لكم { المحصنات } أي : الحرائر العفيفات { من المؤمنات } ، { والمحصنات} الحرائر العفيفات { من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } أي : من اليهود والنصارى وهذا مُخصِّص لقوله تعالى :{ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن } .
.. وأما الفاجرات ، غير العفيفات عن الزنا ، فلا يباح نكاحهن ، سواء كن مسلمات ، أو كتابيات ، حتى يتبن لقوله تعالى : ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة ) الآية .
والله تعالى أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ــــــــــــــــ(50/29)
نظرة واقعية للزواج من الكتابيات
السؤال:
هل يحق للرجل المسلم الزواج من امرأة نصرانية أو يهودية كما تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم بمارية القبطية ؟.
الجواب:
الحمد لله
لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم مارية القبطية ، بل كانت أمَة له ، وكان قد أهداها له المقوقس صاحب مصر ، وذلك بعد صلح الحديبية .
والأمة يجوز الاستمتاع بها ومعاشرتها حتى لو لم تكن مسلمة لأنها من ملك اليمين والله تعالى أباح ملك اليمين من غير شرط الإسلام قال تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُون* إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) سورة المؤمنون/5-6
أما الزواج من نصرانية أو يهودية فهو جائز بنص القرآن بقوله تعالى : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ) المائدة / 5 .
قال ابن القيم :
ويجوز نكاح الكتابية بنص القرآن ، قال تعالى : { والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } ، والمحصنات هنا هن العفائف ، وأما المحصنات المحرمات في سورة النساء فهن المزوجات ، وقيل : المحصنات اللاتي أُبحن هن الحرائر ، ولهذا لم تحل إماء أهل الكتاب ، والصحيح : الأول لوجوه – وذكرها - .
والمقصود : أن الله سبحانه أباح لنا المحصنات من أهل الكتاب ، وفعله أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم ، فتزوج عثمان نصرانية ، وتزوج طلحة بن عبيد الله نصرانية ، وتزوج حذيفة يهودية .
قال عبد الله بن أحمد : سألت أبي عن المسلم يتزوج النصرانية أو اليهودية ، فقال : ما أحب أن يفعل ذلك ، فإن فعل فقد فعل ذلك بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
" أحكام أهل الذمة " ( 2 / 794 ، 795 ) .
ونحن وإن قلنا بالجواز ، ولا نشك بذلك للنص الواضح فيه ، إلا أننا لا نرى أن يتزوج المسلم كتابية ، وذلك لأمور :
الأول : أن من شروط التزوج من الكتابية أن تكون عفيفة ، وقلَّ أن يوجد في تلك البيئات من هن عفيفات .
والثاني : أن من شروط التزوج من الكتابية أن تكون الولاية للمسلم ، والحاصل في هذا الزمان أن من يتزوج من بلد كافر فإنه يتزوجهن وفق قوانينها ، فيطبقون عليه نصوص قوانينهم وفيها من الظلم والجور الشيء الكثير ، ولا يعترفون بولاية المسلم على زوجته وأولاده ، وإذا ما غضبت المرأة من زوجها هدمت بيته وأخذت أولادها بقوة قانون بلدها ، وبإعانة سفاراتها في كافة البلاد ، ولا يخفى الضعف والعجز في مواجهة تلك البلاد وسفاراتها في بلدان المسلمين .
والثالث : أن النبي صلى الله عليه وسلم رغَّبنا بذات الدين من المسلمات ، فلو كانت مسلمة توحد الله لكنها ليست ذات دين وخلق فإنه لا يرغب بزواجها ، لأن الزواج ليس هو الاستمتاع بالجماع فقط ، بل هو رعاية لحق الله وحق الزوج ، وحفظ لبيته وعرضه وماله ، وتربية لأولاده ، فكيف يأمن من يتزوج كتابية على تربية أبنائه وبناته على الدين والطاعة ، وهو تارك لهم بين يدي تلك الأم التي تكفر بالله تعالى وتشرك معه آلهة ؟ .
لذا وإن قلنا بجواز التزوج من كتابية إلا أنه غير محبَّذٍ ولا يُنصح به ، لما يترتب عليه من عواقب ، فعلى الإنسان المسلم العاقل أن يتخيّر لنطفته أين يضعها . وأن ينظر نظراً مستقبلياً لحال أولاده ودينهم ، وألا يعميه عن النظر الواعي شهوة جارفة ، أو مصلحة دنيوية عاجلة أو جمال ظاهري خادع ، فإنما الجمال جمال الدين والأخلاق .
وليعلم أنه إن ترك مثل هذه الزيجات ابتغاء الأفضل لدينه ودين أبنائه فإن الله تعالى يعوِّضه خيراً ، إذ أن " من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه " كما أخبر بذلك الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى عليه صلوات الله وسلامه . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل . انظر جواب السؤال رقم : ( 2527 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ــــــــــــــــ(50/30)
نصرانية تسأل : لم لا يجوز تزوج المسلمة بالكتابي ويجوز العكس ؟
السؤال:
سؤال من زوجتي المسيحية : لماذا لا يحل للمرأة المسلمة الزواج من أهل الكتاب - المسيحيين واليهود - بينما هو محلَّل للرجل المسلم ؟.
الجواب:
الحمد لله
إن من أسماء الله تعالى التي نؤمن بها ، ولا نظن أن أحدا ممن يعتقد أن له ربا يشك فيها ، أنه سبحانه الحكيم ، وبهذا أثنت عليه الملائكة المكرمون ، لما علموا حكمته في أمره لهم بالسجود لآدم : ( قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) البقرة/32 وبهذا ـ أيضا ـ شهد لنفسه سبحانه ، وشهدت له ملائكته ، وشهد له أهل العلم به سبحانه : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) آل عمران/18.
وبذلك قامت حجته سبحانه على خلقه . قال الله تعالى : ( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) الأنعام/149 ومعلوم ـ من ذلك ـ أن الحكيم لا يفعل ما يفعل عبثا ، ولا يضع شيئا في غير موضعه ، ولا يأمر بأمر إلا وهو أحسن لخلقه من غيره ، كما قال سبحانه : ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) الزمر/23.
وهذا كما أنه مقتضى اسمه الحكيم ، فهو كذلك مقتضى تفرده بالخلق سبحانه ، فمنطقي أن من صنع شيئا هو أعلم بما يصلحه ويلائمه من غيره ؛ فكيف بالخالق العليم : ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الملك/14 . وأما عن هذه الحكمة التي تسألين عنها ، فعلك أيتها السائلة على علم بأن الإسلام هو آخر دين نزل من عند الله تعالى ، ولذلك نسخ كل دين سواه ، كما قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) التوبة/33 . وقال تعالى : ( وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا ) النساء/141 .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الإسلام يعلو ولا يُعلَى ) رواه الدارقطني وغيره ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (2778)
ومعلوم أن الزوج له القوامة على زوجته ، ومقامه من الأسرة أعلى من مقام زوجته ، وربما كان هذا العلو دافعا له لإكراه زوجته على ترك دينها واتباع دينه ، أو التأثير فيها بغية ذلك ، وهو ما لا يرضاه الإسلام .
وسوف يكون ذلك العلو الذي للزوج سببا ـ أيضا ـ في اتباع أبناء هذه المرأة لأبيهم على دينه ، وهي جناية عظيمة على تلك الذرية ، أن تتشأ ولم تهتد إلى دين الله الخاتم .
وهذه الحكمة العظيمة قد ذكرها ربنا تبارك وتعالى في سياق تحريم تزويج المسلمات لغير المسلمين فقال تعالى : ( وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة/221 .
ثم إن الكتابية حين تتزوج بمسلم ، تتزوج برجل يؤمن بنبيها ، بل وبسائر أنبياء الله ، ولا يكون مسلماً إلا بهذا ، ولا يحل له أن يفرِّق بين أحد منهم ، قال تعالى : ( آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ) البقرة/285 ، في حين أن الكتابي - من يهودي أو نصراني - لا يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم الأنبياء ، فكيف يستوي الأمران لتكون نساء المسلمين عند رجل يكفر بنبيها ولا يؤمن به ؟!
على أننا ننبه هنا إلى أن زواج المسلم بالكتابية ، وإن كان مباحا في الشرع ، لما يرجى من وراءه من المصلحة ، وما فيه من التخفيف على العباد ، فإنه " مستثقل مذموم " كما قال الإمام مالك رحمه الله [ تفسير القرطبي 3/67 ] .
وبعد ، فهذا دعوة هادئة لأهل الكتاب ، لعلهم ينتبهون إلى أن الإسلام قد استثنى أهل الكتاب في بعض الأحكام من دون باقي الكفار ، فأباح الله تعالى أن نأكل مما يذبحه أهل الكتاب ، كما أباح لنا التزوج من نسائهم ، تقديراً لأصل دينهم الذي جاء بالتوحيد ، وإكراماً لرسل تلك الأديان الذين أُمرنا بالإيمان بهم وتعظيمهم ، وليُنظر الفرق بين موقف أهل الديانتين اليهودية والنصرانية من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبين موقف ديننا من أنبيائهم .
وأخيرا ؛ فإن هذا الحكم ليس غريبا على الأديان الأخرى ، ولا شاذا تفرد به الإسلام ، لماذا يستغرب بعض الطاعنين في ديننا من منع الإسلام من تزويج نسائنا بغير المسلمين وهم بينهم لا يزوجون بعضهم بعضاً وهم أهل ديانة واحدة ؟! فالكاثوليكي لا يستطيع أن يتزوج بامرأة بروتستانتية ، وإن تجرأ على ذلك عوقب من قبل الكنيسة ، والعكس بالعكس !
وفي قانون الأقباط الأرثوذكس المصري الصادر عام 1938م تنص المادة السادسة على أن " اختلاف الدين مانع من الزواج " .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ــــــــــــــــ(50/31)
الزواج من الكتابية هل تنصحون به ؟
السؤال:
هل يجوز للمسلم السلفي أن يتزوج بامرأة نصرانية ؟ البعض يقول بأن هناك العديد من الشروط لهذا ، فأرجو ذكر هذه الشروط إن وجدت .
الجواب:
الحمد لله
في جواب السؤال رقم ( 45645 ) حكم الزواج من كتابية وأنه حلال بالنص ، وذكرنا الشروط الواجب توفرها في المرأة الكتابية ، ولم نحبذ الزواج منهن لما في ذلك من الضرر وعدم تحقق بعض الشروط في بعضهن .
وفي أجوبة الأسئلة : ( 12283 ) و ( 20227 ) و ( 44695 ) ذكرنا بعض مفاسد الزواج من الكتابية في هذا العصر ، ومنها ما قاله الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - :
لكن في هذا العصر يُخشى على من تزوجهن شر كثير ، وذلك لأنهن قد يدعونه إلى دينهن وقد يسبب ذلك تنصر أولاده ، فالخطر كبير ، والأحوط للمؤمن ألا يتزوجها ، ولأنها لا تؤمن في نفسها في الغالب من الوقوع في الفاحشة ، وأن تعلّق عليه أولاداً من غيره .
انتهى .
وتجد في جواب السؤال رقم ( 2527 ) شروط الزواج من الكتابية ، فانظره فهو مهم .
وليعلم أنه من ترك مثل هذه الزيجات ابتغاء الأفضل لدينه ودين أبنائه فإن الله تعالى يعوِّضه خيراً ، إذ أن " من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه " كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ــــــــــــــــ(50/32)
لا يجوز حرمان الولد المسلم من الميراث
السؤال:
سؤالي يتعلق بحرمان الأبناء من الميراث وعلى وجه الخصوص الابن ( أو البنت ) الذي لا يطيع والديه في قضايا الزواج . على سبيل المثال لو تزوج رجل من امرأة غير مسلمة . فمن المعروف أن المسلم يمكنه أن يتزوج من اليهود أو النصارى . في أيامنا هذه يصعب أن تجد شخصاً كهؤلاء في بلاد الغرب فالدين بعيد عن هؤلاء بعد الشمس عن الأرض .
هل يعتبر الكاثوليك والبروتستانت ومن على شاكلتهم اليوم من " أهل الكتاب " ؟
هل مؤكد أنه يحرم على المسلمة الزواج من غير المسلم ؟ فنحن لا زلنا نرى حدوث هذا وتحوله لعادة بين كثير من الفتيات المسلمات .
الجواب:
الحمد لله
يجوز للمسلم أن يتزوج الكتابية اليهودية أو النصرانية ما دامت محصنة عفيفة كما قال الله تعالى ( والمحصنات من أهل الكتاب ) ولكنّ هذا أمر لا يُنصح به خصوصا عند وجود المسلم في بلاد الكفار تحت طائلة قوانينهم وتشريعاتهم الكفريّة .
ولا يجوز لمسلمة بأيّ حال من الأحوال أن تتزوج كافرا لا كتابيا ولا غيره عفيفا أو غير عفيف لقوله تعالى : ( لا هنّ حلّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ ) .
والنّصارى المعاصرون ما داموا ينتسبون إلى عيسى ويعظّمونه ويدّعون اتّباعه فإنّهم من أهل الكتاب وتنطبق عليهم أحكام أهل الكتاب الواردة في القرآن والسنّة مع اعتقادنا بكفرهم وضلالهم .
وإذا تزوج الابن المسلم من كافرة فلا يحلّ لأيّ من أبويه حرمانه من الميراث ما دام مسلما لم يخرج عن دائرة الإسلام ولم يرتكب ما يوجب كفره وخروجه عن دينه ، ومن أقدم على عمل يسبب حرمان وارثه المسلم من تركته فقد تعدّى حدود الله وظلم نفسه وارتكب كبيرة عظيمة من الكبائر . والله يحكم ما يشاء ويفعل ما يُريد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ــــــــــــــــ(50/33)
هل اليهود والنصارى في هذا العصر مشركون وهل يجوز الزواج منهم؟
السؤال:
ما حكم الزواج باليهودية أو النصرانية ؟ وهل نعتبر نصراني و يهودي هذا العصر كتابيا أم مشركا .
الجواب:
الحمد لله
الزواج من اليهودية أو النصرانية جائز في قول جماهير أهل العلم ، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (7/99) : ( ليس بين أهل العلم , بحمد الله , اختلاف في حل حرائر نساء أهل الكتاب . وممن روي عنه ذلك عمر , وعثمان , وطلحة , وحذيفة وسلمان , وجابر , وغيرهم .
قال ابن المنذر : ولا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك . وروى الخلال , بإسناده , أن حذيفة , وطلحة , والجارود بن المعلى , وأذينة العبدي , تزوجوا نساء من أهل الكتاب . وبه قال سائر أهل العلم ) اهـ .
والأصل في ذلك قوله سبحانه : ) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين َ) المائدة/5
والمراد بالمحصنة هنا : الحرة العفيفة ، قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : ( وهو قول الجمهور ههنا ، وهو الأشبه ؛ لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية وهي مع ذلك غير عفيفة فيفسد حالها بالكلية ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل : حشف وسوء كيل ، والظاهر من الآية أن المراد بالمحصنات : العفيفات عن الزنا ، كما قال تعالى في الآية الأخرى : ( مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَان ٍ) النساء/25 . انتهى .
والنصارى واليهود كفار مشركون بنص القرآن ، لكن إباحة نسائهم مخصص لقوله سبحانه :
( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ) البقرة/221 وهذا أظهر الوجوه في الجمع بين الآيتين .
وقد وصفهم الله بالشرك في قوله : ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) التوبة/31
فهم كفار مشركون ، لكن الله تعالى أحل ذبائحهم ونساءهم إذا كن محصنات ، وهذا تخصيص لعموم آية البقرة .
لكن ينبغي أن يعلم أن الأولى والأسلم ترك نكاح الكتابيات ، لاسيما في هذا الزمن ، قال ابن قدامة رحمه الله : ( إذا ثبت هذا , فالأولى أن لا يتزوج كتابية ; لأن عمر قال للذين تزوجوا من نساء أهل الكتاب : طلقوهن . فطلقوهن إلا حذيفة , فقال له عمر : طلقها . قال : تشهد أنها حرام ؟ قال : هي جمرة , طلقها . قال : تشهد أنها حرام ؟ قال : هي جمرة . قال : قد علمت أنها جمرة , ولكنها لي حلال . فلما كان بعدُ طلقها , فقيل له : ألا طلقتها حين أمرك عمر ؟ قال : كرهت أن يرى الناس أني ركبت أمرا لا ينبغي لي . ولأنه ربما مال إليها قلبه ففتنته , وربما كان بينهما ولد فيميل إليها ) اهـ . المغني 7/99
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : ( فإذا كانت الكتابية معروفة بالعفة والبعد عن وسائل الفواحش جاز ؛ لأن الله أباح ذلك وأحل لنا نساءهم وطعامهم .
لكن في هذا العصر يُخشى على من تزوجهن شر كثير ، وذلك لأنهن قد يدعونه إلى دينهن وقد يسبب ذلك تنصر أولاده ، فالخطر كبير ، والأحوط للمؤمن ألا يتزوجها ، ولأنها لا تؤمن في نفسها في الغالب من الوقوع في الفاحشة ، وأن تعلّق عليه أولادا من غيره ... لكن إن احتاج إلى ذلك فلا بأس حتى يعف بها فرجه ويغض بها بصره ، ويجتهد في دعوتها إلى الإسلام ، والحذر من شرها وأن تجره هي إلى الكفر أو تجر الأولاد ) اهـ .
فتاوى إسلامية 3/172
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ــــــــــــــــ(50/34)
لا يصلي ويقيم مع عشيقته ويريد أن يتوب ويتزوجها ؟
السؤال:
شخص مسلم فرنسي ولكنه لا يصلي ولا يصوم ويقيم مع عشيقته المسيحية يرغب في التوبة والصيام ، ولكنه يتحجج بوجود هذه المرأة معه ، هل يجوز له أن يتزوجها الآن مع العلم بأن غداً هو أول أيام رمضان ؟ وإذا جاز ذلك فكيف هو السبيل والإجراء الشرعي المتبع ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ليعلم هذا الشخص وغيره أن ترك الصلاة كفر مخرج من الملَّة ، والإسلام لا يرضى لأحدٍ من أتباعه أن لا يصلي ولا يصوم ويقيم مع عشيقته .
فالواجب عليكم أن تنصحوه وتبينوا له حقيقة الإسلام ، وأنه استسلام لأحكام الشرع ، والمسلم ينبغي أن يكون قدوة للآخرين لاسيما في تلك البلاد ، وهو لا يمثل نفسه بل يمثل الإسلام الذي دخله والتزمه ، فالواجب عليه ترك ما هو فيه من معاصٍ ، والالتزام بأحكام الشرع وبخاصة الصلاة ، التي هي الفاصل بين الإسلام والكفر .
ثانياً :
وقد سَرَّنا كثيراً أنه يريد التوبة فما الذي يحول بينه وبين التوبة ؟ والله تعالى يفرح بتوبة عبده المؤمن ، وإذا أقبل العبد على الله أقبل الله عليه ، وغفر ذنبه , فعليه المبادرة بالتوبة ، وعدم تسويفها ، أو تعليقها بحصول أشياء خشية أن يموت ولم يتب ، فيلقى ربه بذنوبه ومعاصيه ، وقد يلقاه بالكفر .
وبيِّنوا له أن الله تعالى يبدِّل السيئات حسنات لمن تاب ، قال الله تعالى : ( إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/70 .
فعليه المبادرة بترك كل ما هو عليه مما يغضب الله تعالى من ترك الصلاة والإقامة مع عشيقته .
وانظر أجوبة الأسئلة : ( 624 ) و ( 13990 ) و ( 34905 ) و ( 22912 ) .
ثالثاً :
إذا تاب وأناب إلى الله : فليعلم أنه لا يجوز له الزواج من تلك العشيقة ، لا لأنها نصرانية ، بل لأنها " زانية " – على حسب وصفه وكلامه - ، ومن شروط نكاح الكتابية – اليهودية أو النصرانية – أن تكون محصنة ، أي : عفيفة غير زانية ولا لها عشيق ، قال الله تعالى : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ) النساء/5 . فاشترط الله تعالى لنكاحها أن تكون عفيفة ، ولا يجوز لمسلم أن ينكح كتابية وهي ليست كذلك ، بل لو كانت مسلمة لكنها زانية ما جاز لمسلم عفيف أن يتزوجها ، قال تعالى : ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) النور/3 .
وانظر تفصيل هذه المسألة في جواب السؤال رقم ( 11195 ) و ( 2527 ) .
فإذا أراد أن يتزوجها فلا بد أن يكون ذلك بعد توبته ورجوعه للإسلام بأداء الصلاة ، وبعد توبتهما معاً من الزنى .
هذا إذا أراد أن يتزوجها .
وواجب النصيحة يحتم علينا أن ندله على خير ما نعلم مما يصلح دينه ودنياه ، وهو أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة ، ويبادر إلى ترك هذه المرأة دون تردد ولا تسويف ، وأن يبحث عن غيرها من المسلمات المحصنات المؤمنات ، فهو إن تاب إلى الله عز وجل أحوج ما يكون إلى من تفهم دينها وتقف بجانبه وتحثه على طاعة الرحمن بعد ذلك الضياع ، وأما تلك المرأة فإنها لو تابت من الزنى فلن تكون عوناً له على طاعة الله عز وجل ، ولن تكون أمينة على بيته وماله وعرضه ، ولن تصلح لتربية أبنائه وبناته ، فلا نريد له بهذه النصيحة إلا الخير ، وليستعمل عقله ، ويبتعد عن العاطفة ليعلم أن هذا هو الصواب .
ولو قَلَّب نظره يميناً وشمالاً لرأى كثيراً من إخوانه المسلمين الذين تزوجوا من غير المسلمات قد ساءت أحوالهم ، وندموا على ذلك ، وتمنوا أنهم لم يتزوجوا من غير مسلمة .
وانظر جواب السؤال رقم ( 20227 ) و ( 45645 ) فهما مهمان .
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ــــــــــــــــ(50/35)
الفرق بين الزوجة الكتابية والزوجة تاركة الصلاة
السؤال:
قرأت فتوى لكم لرجل مسلم امرأته مسلمة لا تصلي ، قلتم له إنه يجب أن يطلقها . وأعلم أن المسلم يجوز له الزواج من كتابية ، والكتابية لا تصلي . أليس هناك خلل... ؟ !.
الجواب:
الحمد لله
ليس في الفتوى المشار إليها خلل ، وإنما جاء الخلل من إرادة السائل أن يسوي بين المرأة التي تنتسب إلى الإسلام وتترك الصلاة ، والمرأة اليهودية أو النصرانية ، بحجة أن كلتاهما لا تصلي !
وهذه التسوية غير صحيحة لأن بينهما فرقاً ، وهو أن ترك الصلاة كفر أكبر ، وردة وخروج من دين الإسلام ، وقد سبق بيان ذلك في كثير من الأجوبة بالموقع ، منها جواب السؤال رقم (9400) ، (5208) .
وبناء على هذا القول فإن المرأة التي لا تصلي تكون كافرة ومرتدة عن الإسلام .
والمرتد عن الإسلام حكمه أشد من حكم اليهود أو النصارى .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" والمرتد شرٌّ من الكافر الأصلي من وجوه كثيرة " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 2 / 193 ) .
ولذلك لا تؤكل ذبيحة المرتد ، وإن كانت تؤكل ذبيحة اليهودي والنصراني ، ولا يجوز للمسلم أن يتزوج مرتدة ، بل إذا ارتدت زوجته انفسخ النكاح ، وإن كان يجوز للمسلم أن يتزوج يهودية أو نصرانية .
فأصل المسألة هو الحكم بكفر تارك الصلاة ، فمن ذهب إلى ذلك منع من الزواج ممن لا تصلي ، وأوجب فراقها إن تركت الصلاة ، وهذا مذهب الإمام أحمد رحمه الله وأفتى به جماعة من أهل العلم ، كالشيخ ابن باز رحمه الله ، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، والشيخ صالح الفوزان حفظه الله ، وهو ما سرنا عليه في الفتاوى ذات الصلة .
وهكذا إذا ارتكبت المرأة أمرا مكفرا ، كَسَبِّ الله تعالى أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأصرت على كفرها ولم تتب ، فإنه لا يحل أن تبقى زوجةً لمسلم ، وكذلك الحال بالنسبة للزوج لو حُكم بردته فإنه يجب التفريق بينه وبين زوجته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ــــــــــــــــ(50/36)
الآراء المطروحة فى زواج الكتابية :
رأى الحرمة وقال به عبد الله بن عمر : لا يباح زواج النصرانية ، لأنها تعتقد أن عيسى إله ، حيث مبدأ التثليث ولهذا فهو شرك .
1. ويرى العلماء الذين حرموا الكتابيات رأياً غريباً ، أن آية البقرة فى قوله تعالى "وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ" (سورة البقرة : 221) نسخت آية المائدة "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَه ُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" (سورة المائدة : 5)
هذا الرأى خطأ غير صحيح ، لأنه من المعلوم أن سورة البقرة من أوائل ما نزل على رسول الله e فى المدينة ، وسورة المائدة هى من آخر ما نزل عليه فى المدينة فالمائدة تنسخ البقرة ، وليس العكس .
رأى الكراهة قال به عمر بن الخطاب رضى الله عنه : كان له رأى يشابه رأى ابنه ولكن عمراً له توجهات مختلفة فى فهم النص فقد أرسل إلى أحد ولاته على المدائن وهو حذيفة بن اليمان وقد تزوج نصرانية فقال له عمر طلقها ، فقال الرجل : أحلال هى أم حرام ؟ فقال عمر بل حلال ، ولكن نساء أهل الكتاب فيهن خلابة ، وأخشى أن تنفرك من باقى أزواجك فطلقها الرجل ، هنا عمر ابن الخطاب يستند إلى أمر عقلى وليس دييني ، وهو خشية وقوع الفتنة .
رأى التحليل الشىء الذى تؤكده الآيات هو أن ما دون المشركات نكاحهن جائز فقوله تعالى :
"الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَه ُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين " (سورة المائدة : 5)
فكل كتابية نكاحها جائز ، لأن القرآن الكريم عندما نزل كان يعلم بعقيدتهم . وتأكيدا لهذه الآية نجد أن بعض الصحابة قد مالوا إلى تطبيق هذه الآية ، فعثمان بن عفان ، وهو أمير المؤمنين تزوج نصرانية ، والإسلام لا يطالب النصرانية أن تترك دينها طالما أن الإسلام أباح للمسلم أن يتزوج كتابية فمن المفترض أنه أباح للكتابى أن يتزوج مسلمة ، وهذا لم يحدث فالإسلام لم يبح زواج المسلمة من الكتابى ، لأنه قد يحولها عن دينها . فأمر الكراهة فى الزواج من الكتابية راجع إلى :
1- رغم أن الإسلام أباح الزواج من الكتابية فإن هناك مخاطراً تنشأ من ذلك منها أنها قد تجعل أولاده يتبعون ملتها .
2- اليهودية : رأى بعض العلماء حديثاً ان نكاحها حرام خاصة ، بعد أن تأكدت توجهات اليهود نحو المسلمين .
أباح الجمهور رحمهم الله زواج الكتابية المسلم جائز على عكس عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما .
لكن ما الحكمة من إباحة الزواج من الكتابية ؟
الإسلام يعتبر الكتابية تؤمن باليوم الأخر والقدر ، ولذلك فهى مؤمنة ،
والأصل الإيمان فيها فهذا يدعو أنه يباح لكلاهما ، فضلا عن الدين الإسلامى يرى أن الرجل أكثر غلبة فى الناحية التوجيهية من المرأة ، ومن الممكن أن يكون زواجها من المسلم سبيلاً لإسلامها . فالتحريم مؤقت لأن أى مشركة أو
مشرك فإنهما محرمان ، وعندما يسلمان تزول الحرمة ، فلو ارتد الزواج عن الإسلام فإنه يفرق بينه وبين زوجته بحكم الفسخ ، وليس القاضى .
والحاكم له حق فى منع الزواج من الكتابية إلا فى حالة واحدة كانتشار الفساد أو الفتنة فى المجتمع كما فعل عمر رضى الله عنه .
ماذا إذا أسلمت كتابية وزوجها نصرانى مثلا ؟ يفرق بينهما على سبيل الفسخ.
النوع الثانى : التحريم بسبب علاقات زوجية سابقة :
أولاً : الزواج من مطلقة طلاقاً بائناً ، أى التى لازالت فى طور العدة ، وذلك فى قوله تعالى : "وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ "(سورة البقرة : 234) 0
وقوله :" وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ "( سورة البقرة : 228 )
فى هذه العدة تكون محرمة تحريماً مؤقتاً على كل الناس ، وإن كانت حاملاً ينتظر حتى تضع حملها كقوله تعالى :
"أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى"( سورة الطلاق :6) فلايباح الزواج منها إلا بعد أربعة أشهر وعشراً . فماذا لو تزوجها وهى فى
عدتها ؟. عمر بن الخطاب عرضت عليه قضية من هذا النوع ماذا فعل فيها ؟ لم يقم عليها الحد ، وإنما فعل ما يسمى فى العرف الإسلامى "التعزير" والتعزير ، أى الضرب ولم يقم الحد لأنهما تزوجا ، بعقد ، والعقد يسقط عنهما أمر الزنا ، وفرق بينهما ، وهنا يقول الشافعى إن ذلك راجع إلى أنهما تزوجا بعقد .
لماذا حرم الإسلام نكاح المعتدة ؟
1- لتبرأ الرحم ، للتأكد أن الرحم ليس به جنين .
2- لعدم اختلاط الأنساب ، لأن الشريعة تقرر أنه لا يبيح الإسلام للرجل أن يسقى زرع غيره ، ولذلك لا يباح نكاح المطلقة وإن كانت حاملاً ينتظر حتى تضع حملها.
الزواج بالمعتدة : وهى لا زالت فى عدتها يؤدى إلى إفساد العلاقات الاجتماعية ، من الممكن أن يردها زوجها . عمر بن الخطاب قال كلمة " أيما امرأة نكحت فى عدتها فإن كان زوجها الذى زوجها لم يدخل بها فرق بينهما ، ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول ، والثانى يعد خاطبا"
أن تقضى عدتها ويفرق بينهما كحكم شرعى ، لأن النكاح هنا حرام يقول : أبو يوسف "الحنفية" يقول لأحد الأمراء ، ومن رفع إليك وقد تزوج امرأة فى عدتها فلا حد عليه .
ثانياً : المطلقة ثلاثاً محرمة على من طلقها ، ولكن هذه الحرمة تزول إن
تزوجت رجلاً غيره فيموت عنها ، أو يطلقها فى هذه الحالة يباح لها أن تنكح زوجاً غيره ، فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا ان يقيما حدود الله
ولو أنها طلقت ثلاثاً ، وأراد أن يتراجعا فيأتون برجل ثالث ، يسمى "المحلل" ثم يطلقها بعد أسبوع ويتراجعا فهذا حرام !! لأن العقد فى الإسلام ينبغى أن يكون مؤبداً وليس مؤقتاً ، والرسول صلي الله عليه وسلم يقول عن هذا الزواج "لعن الله المحلل والمحلل له" واشترط الرسول صلي الله عليه وسلم فى هذا البرنامج – الذى يترتب عليه العودة . أن تذوق عسيلته ويذوق عسيلتها .
من كتاب الزواج والطب للدكتور أحمد عبده عوض
ــــــــــــــــ(50/37)
زواج المسلم من الكتابية
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. أحمد الوائلي
أصبحت هذه المسألة ـ زواج المسلم من كتابية ـ مما يعرض لكثير من المسلمين، ومن موارد الابتلاء في هذه الأيام نظراً لهجرة كثير من المسلمين إلى بلاد الكتابيين، والارتباط التجاري، والاختلاط في الجامعات، وسائر موارد الامتزاج والاجتماع الذي يؤدي بدوره إلى الميل وبالتالي الارتباط. ونظراً لذلك فلا بد من الإشارة ولو على الإجماع لهذا الموضوع لعل فيه انتفاعاً في أمثال هذه الموارد.
وقد اختلف خلفاء المسلمين من كافة المذاهب في جواز أن يتزوج المسلم من الكتابية، وهم: اليهود والنصارى، أم المجوس فالأغلب من الفقهاء على القول بحرمة الزواج منهم وإخراجهم من الكتابيين. وقليل جداً هم القائلون بأن لهم شبهة كتاب فيلتحقون بالكتابيين، والرأي السائل عند الإمامية المنع من الزواج منهم.
أما اليهود والنصارى ففي الزواج منهم أقوال ستة، وأبرز الأقوال:
1 ـ قول بعدم الجواز مطلقاً.
2 ـ قول بالجواز متعة لا دواماً، وبملك اليمين.
3 ـ قول بالجواز في حالة الاضطرار وعدم وجود المسلمة.
4 ـ قول بالجواز مطلقاً على كراهية.
5 ـ قول بالجواز مطلقاً بدون كراهية.
وقد توزع الفقهاء على هذه الأقوال في اختياراتهم، وهذا التفصيل الذي ذكرته لك هو عند الإمامية. أما المذاهب الإسلامية الأخرى فقد أجمعوا على الجواز من النصرانية واليهودية دون المجوسية، واستعرض لك بإيجاز أدلة الإمامية:
القائلون بالجواز: أدلتهم هي:
قوله تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حلّ لكم وطعامكم حلّ لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) المائدة: 6.
والآية ظاهرة في حلّ الزواج من الكتابية دواماً ومتعة وملك يمين، والمحصنات هنا المراد بهن: العفيفات، أي النجيبات.
2 ـ الدليل الثاني على الإباحة: هو إباحة الزواج بوجه عام فهو على عمومه ويخرج منه زواج المسلم بالمشركة، والمسلمة بالمشرك وبالكتابي، ويبقى ما عدا ذلك مشمولاً للعمومات والاطلاقات.
3 ـ الدليل الثالث: الروايات الكثيرة الواردة عن أهل البيت (ع)، وقد أورد الكثير منها الشيخ في الجواهر، والحر العاملي في الوسائل، وقد وصفت بالاستفاضة ـ يعني بلغت حداً من الكثرة يقرب من التواتر ـ :
ومن تلك الروايات: ((أن رجلاً سأل الإمام الصادق (ع) عن المؤمن يتزوج اليهودية والنصرانية؟ فقال الإمام (ع): إذا أصاب المسلمة فماذا يصنع باليهودية والنصرانية؟ فقال السائل: يكون له فيها الهوى. فقال الإمام (ع): إن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير وأعلم أن عليه في دينه غضاضة)).
وقد ناقش الفقهاء ـ ومنهم صاحب المسالك ـ هذه الرواية وقالوا عنها: إنها أوضح ما في هذا الباب سنداً، لأن سندها صحيح، وفيها إشارة إلى الجواز على كراهة.
وممن نص على الجواز المقداد السيوري في آيات الأحكام، والسيد الطباطبائي محمد حسين في تفسيره وجملة من المحققين.
القائلون بالمنع: أدلتهم:
1 ـ قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار) إلى آخر الآية 221، من سورة البقرة.
قالوا: إن هذه الآية حرمت الزواج من الكتابيين لأنهم مشركون لقوله تعالى في الآيتين 29 و 30 من سورة التوبة: (وقالت اليهود عزيز ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ـ إلى قوله سبحانه ـ عما يشركون) وقال تعالى: (وهو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهر على الدين كله ولو كره المشركون) التوبة 33، ولا شك أن الكتابيين من الكارهين لذلك.
إلى غير ذلك من الآيات التي تنعتهم بالشرك. وقد أجابوا بأن قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات مختص بغير الكتابيين من الكفار)، لأن الله تعالى يفرق بينهم في التسمية مثل قوله تعالى: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين) البينة 1. والعطف يقتضي المغايرة.
هذا أولاً، وثانياً ـ إن متعلق الإثنين مختلف ففي قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات) المراد به غير أهل الكتاب، وفي قوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) المقصود به الكتابيات، فلا تنافي بين الآيتين حتى يدعي النسخ.
وثالثاً ـ إن قوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) إلى آخر الآية نزلت في سورة المائدة، وهي آخر ما نزل على النبي (ص) فهي ناسخة وليست منسوخة، ولأن لسان الآية لسان امتنان من حيث امتن الله على عباده بهذه الإباحة، ولسان الامتنان يأبى النسخ، وقد نص أصحاب أسباب النزول على أن قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) إلى آخر الآية نزلت في ابن أبي مرثد الغنوي حين استأذن النبي (ص) في عناق أن يتزوجها وهي مشركة فنزلت الآية المذكورة. وهذا مما يؤكد أنها خاصة بالمشركين ولا تتناول الكتابيين.
2 ـ الدليل الثاني ـ قوله تعالى: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) الممتحنة 10، قالوا: إن الآية نهت عن التزوج من الكتابيات، لأنهن كافرات لقوله تعالى: (ألم يكف الذين كفروا من أهل الكتاب) الخ.
والجواب أولاً ـ : إن الإمساك بالعصم كما يكنى به عن الزواج فإنه يكنى به عن غير الزواج أيضاً، فهو ليس صريحاً بالزواج، ولذا قال صاحب المسالك: إن الآية ليست صريحة في إرادة النكاح، ولا فيما هو أعم منه.
وثانياً ـ : إن مفاد الآية ليس هو النكاح الابتدائي كما يستفيد ذلك منها بعض المحققين ـ ومنهم الطباطبائي في الميزان ـ بل إن المراد منها: أن مَن آمن من الرجال وتحته زوجة كافرة يحرم عليه الإمساك بعصمتها، أي إبقاءها على الزوجية السابقة.
وبتعبير آخر: إن النهي واقع على عصمة موجودة، أي زواج سابق، فليس له صلة بالنكاح الابتدائي إلا أن تؤمن فيمسك بعصمتها، فلا دلالة لها على نكاح الكتابية ابتداءً. يضاف لذلك أن سورة الممتحنة نزلت بالمدينة قبل فتح مكة، وسورة المائدة آخر سورة نزلت على النبي (ص) كما ينص على ذلك مفسروا المسلمين ولا معنى لأن ينسخ اللاحق السابق.
القائلون بالجواز على كراهة:
قالوا: وردت روايات تمنع م الزواج بالكتابية، وروايات تبيح ذلك، ومنها هذه الرواية التي ذكرناها عن الإمام الصادق (ع) والتي قال في آخرها: ((واعلم أن عليه في دينه غضاضة)) فإنها جامعة بين الروايات، وذلك بأن يجمل المانع من الروايات على الكراهة، والمبيح على إباحته فتكون النتيجة الإباحة على كراهة.
الكتابية الحربية:
كما نص الفقهاء على أن الجواز في نكاح الكتابية سواء كانت ذمية أم حربية، وقد استفادوا ذلك من الاطلاقات في الأدلة، فتلخص مما مر جواز الزواج من الكتابية سواء كانت ذمية أو حربية، سواء كان الزواج دائماً، أو متعة، أو ملك يمين.
أما التفصيلات في ذلك من إباحة المتعة دون الدوام، أو التفصيل بين الجواز وغيره، أو الاختصاص بملك اليمين فقد استضعفه الفقهاء ـ ومنهم صاحب الجواهر.
ــــــــــــــــ(50/38)
زواج المسلم من الكتابيات.. حقائق وضوابط ... العنوان
هذا موضوع أرجو أن يتسع وقتكم لتحريره وتحقيقه، وهو موضوع الزواج من غير المسلمات . وأعني بالذات " الكتابيات " مسيحيات أو يهوديات - ممن نعتبرهم نحن المسلمين " أهل كتاب " ولهم حكم خاص يميزهم عن غيرهم من الوثنيين وأمثالهم.
وقد رأيت ورأى الكثيرون غيري مفاسد جمة من وراء هذا النوع من الزواج، وخصوصًا على الأولاد من هذه الزوجة، التي كثيرًا ما تصبغ البيت كله بصبغتها، وتربي الأبناء والبنات على طريقتها، والزوج لا يقدم ولا يؤخر، فهو في الأسرة مثل " شرابة الخرج " كما يقول العامة.
ولما كان اعتقادي أن الإسلام لا يبيح ما فيه ضرر أو مفسدة كتبت إليكم مستوضحًا رأيكم في هذه القضية ؛ لما علمته من نظرتكم الشاملة إلى مثل هذه القضايا، ومعالجتها في ضوء النصوص الأصلية للشريعة، وفي ضوء مقاصدها ومبادئها العامة وأصولها الكلية.
... السؤال
17/01/2006 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالأصل في الزواج من أهل الكتاب الإباحة، لكن هناك شروط وقيود وضعها الفقهاء في القديم والحديث لا بد لمن أراد أن يقدم على الزواج من أهل الكتاب أن يراعيها، وإلا اختلف الحكم ، فكما قرر الفقهاء أن المباح مقيد بشرط السلامة، أي سلامة المسلم في دينه وعرضه وذريته وغير ذلك، وللحاكم أو من يقوم مقامه أن يقيد المباح، بالإضافة لاختلاف الزمان والمكان ، واختلاف شخصية المرأة وشخصية الرجل في هذا العصر عنه في العصر الماضي، ولا ننس أثر المجتمع ومدي قوته أو ضعفه في تربية النشء والحرص عليه، ومن هنا نعلم أن الزواج من غير المسلمات في عصرنا ينبغي أن يمنع سدًا للذريعة إلى ألوان شتى من الضرر والفساد . ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة . ولا يسوغ القول بجوازه إلا لضرورة قاهرة أو حاجة ملحة، وتقدر بقدرها. .
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في مسألة الزواج من أهل الكتاب :
رأي جمهور المسلمين إباحة الزواج من الكتابية:
الأصل في الزواج من نساء أهل الكتاب عند جمهور المسلمين هو الإباحة.
فقد أحل الله لأهل الإسلام مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم في آية واحدة من سورة المائدة، وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم . قال تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان).
رأى ابن عمر وبعض المجتهدين:
وخالف في ذلك من الصحابة عبد الله بن عمر -رضى الله عنهما-، فلم ير الزواج من الكتابية مباحًا، فقد روى عنه البخاري: أنه كان إذا سُئل عن نكاح النصرانية واليهودية قال: إن الله حرم المشركات على المؤمنين، (يعني قوله تعالى: :. لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن") ولا أعلم من الإشراك شيئًا أكبر من أن تقول: " ربها عيسى، وهو عبد من عباد الله ! ".
ومن العلماء من يحمل قول ابن عمر على كراهية الزواج من الكتابية لا التحريم ولكن العبارات المروية عنه تدل على ما هو أكثر من الكراهية.
وقد أخذ جماعة من الشيعة الإمامية بما ذهب إليه ابن عمر استدلالاً بعموم قوله تعالى في سورة البقرة: (ولا تنكحوا المشركات) وبقوله في سورة الممتحنة: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر).
ترجيح رأي الجمهور: والحق أن رأي الجمهور هو الصحيح، لوضوح آية المائدة في الدلالة على الزواج من الكتابيات . وهي من آخر ما نزل كما جاء في الحديث.
وأما قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات) وقوله: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) فإما أن يقال: هذا عام خصصته سورة المائدة، أو يقال: إن كلمة " المشركات " لا تتناول أهل الكتاب أصلاً في لغة القرآن، ولهذا يعطف أحدهما على الآخر كما في سورة البقرة: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين . .)، (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها . . . .).
وفي سورة الحج يقول تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين والمجوس والذين أشركوا، إن الله يفصل بينهم يوم القيامة...) فجعل الذين أشركوا صنفًا متميزًا عن باقي الأصناف، ويعني بهم الوثنيين . والمراد بـ " الكوافر " في آية الممتحنة: المشركات، كما يدل على ذلك سياق السورة.
قيود يجب مراعاتها عند الزواج من الكتابية: وإذن يكون الراجح ما بيناه من أن الأصل هو إباحة زواج المسلم من الكتابية، ترغيبًا لها في الإسلام، وتقريبًا بين المسلمين وأهل الكتاب، وتوسيعًا لدائرة التسامح والألفة وحسن العشرة بين الفريقين.
ولكن هذا الأصل معتبر بعدة قيود، يجب ألا نغفلها:
القيد الأول:
الاستيثاق من كونها " كتابية " بمعنى أنها تؤمن بدين سماوي الأصل كاليهودية والنصرانية، فهي مؤمنة - في الجملة - بالله ورسالاته والدار الآخرة . وليست ملحدة أو مرتدة عن دينها، ولا مؤمنة بدين ليس له نسب معروف إلى السماء.
ومن المعلوم في الغرب الآن أنه ليست كل فتاة تولد من أبوين مسيحيين مثلاً مسيحية . ولا كل من نشأت في بيئة مسيحية تكون مسيحية بالضرورة . فقد تكون شيوعية مادية، وقد تكون على نحلة مرفوضة أساسًا في نظر الإسلام كالبهائية ونحوها.
القيد الثاني:
أن تكون عفيفة محصنة فإن الله لم يبح كل كتابية، بل قيد في آياته الإباحة نفسها بالإحصان، حيث قال: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) قال ابن كثير: والظاهر أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنى، كما في الآية الأخرى: (محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان) . وهذا ما أختاره . فلا يجوز للمسلم بحال أن يتزوج من فتاة تسلم زمامها لأي رجل، بل يجب أن تكون مستقيمة نظيفة بعيدة عن الشبهات.
وهذا ما اختاره ابن كثير، وذكر أنه رأى الجمهور، وقال " وهو الأشبه، لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية، وهي مع ذلك غير عفيفة، فيفسد حالها بالكلية، ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل: حشفًا وسوء كيله ! ". (تفسير ابن كثير، جـ 2، والله أعلم . 20 ط. الحلبي).
وقد جاء عن الإمام الحسن البصري أن رجلاً سأله: أيتزوج الرجل المرأة من أهل الكتاب ؟ فقال: ما له ولأهل الكتاب ؛ وقد أكثر الله المسلمات ؟ ! فإن كان ولابد فاعلاً . فليعمد إليها حصانًا (أي محصنة) غير مسافحة . قال الرجل: وما المسافحة ! ؟ قال: هي التي إذا لمح الرجل إليها بعينه اتبعته.
ولا ريب أن هذا الصنف من النساء في المجتمعات الغربية في عصرنا يعتبر شيئًا نادرًا بل شاذًا، كما تدل عليه كتابات الغربيين وتقاريرهم وإحصاءاتهم أنفسهم، وما نسميه نحن البكارة والعفة والإحصان والشرف ونحو ذلك، ليس له أية قيمة اجتماعية عندهم، والفتاة التي لا صديق لها تُعيَّر من أترابها، بل من أهلها وأقرب الناس إليها.
القيد الثالث:
ألا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم . ولهذا فرق جماعة من الفقهاء بين الذمية والحربية . فأباحوا الزواج من الأولى، ومنعوا الثانية . وقد جاء هذا عن ابن عباس فقال: من نساء أهل الكتاب من يحل لنا، ومنهم من لا يحل لنا . ثم قرأ: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية . . . .) فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤه، ومن لم يعط الجزية لم يحل لنا نساؤه.
وقد ذكر هذا القول لإبراهيم النخعي - أحد فقهاء الكوفة وأئمتها - فأعجبه (تفسير الطبري، جـ9، ص. 788 بتحقيق شاكر). وفي مصنف عبد الرزاق عن قتادة قال: لا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد . وعن علي رضي الله عنه بنحوه.
وعن ابن جريج قال: بلغني ألا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد.
وفي مجموع الإمام زيد عن علي: أنه كره نكاح أهل الحرب . قال الشارح في " الروض النضير ": والمراد بالكراهة: التحريم ؛ لأنهم ليسوا من أهل ذمة المسلمين . قال: وقال قوم بكراهته ولم يحرموه، لعموم قوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) فغلبوا الكتاب على الدار (الروض النضير، جـ 4، ص. 270 - 274). يعني: دار الإسلام . والذي من أهل دار الإسلام بخلاف غيره من أهل الكتاب.
ولا ريب أن لرأي ابن عباس وجاهته ورجحانه لمن يتأمل، فقد جعل الله المصاهرة من أقوى الروابط بين البشر، وهي تلي رابطة النسب والدم، ولهذا قال سبحانه: (وهو الذي خلق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرًا) (سورة الفرقان). فكيف تتحقق هذه الرابطة بين المسلمين وبين قوم يحادونهم ويحاربونهم وكيف يسوغ للمسلم أن يصهر إليهم، فيصبح منهم أجداد أولاده وجداتهم وأخوالهم وخالاتهم ؟ فضلاً عن أن تكون زوجه وربة داره وأم أولاد منهم ؟ وكيف يؤمن أن تطلع على عورات المسلمين وتخبر بها قومها ؟.
ولا غرو أن رأينا العلامة أبا بكر الرازي الحنفي يميل إلى تأييد رأي ابن عباس، محتجًا له بقوله تعالى: (لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) والزواج يوجب المودة، يقول تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة) (سورة الروم).
قال: فينبغي أن يكون نكاح الحربيات محظورًا ؛ لأن قوله تعالى: (يوادون من حاد الله ورسوله) إنما يقع على أهل الحرب، لأنهم في حد غير حدنا. (أحكام القرآن، جـ 2، ص. 397، 398).
يؤيد ذلك قوله تعالى: (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون). (سورة الممتحنة: 9).
وهل هناك تول لهؤلاء أكثر من أن يزوج إليهم، وتصبح الواحدة من نسائهم جزءا من أسرته بل العمود الفقري في الأسرة ؟
وبناء على هذا لا يجوز لمسلم في عصرنا أن يتزوج يهودية، ما دامت الحرب قائمة بيننا وبين إسرائيل، ولا قيمة لما يقال من التفرقة بين اليهودية والصهيونية، فالواقع أن كل يهودي صهيوني، لأن المكونات العقلية والنفسية للصهيونية إنما مصدرها التوراة وملحقاتها وشروحها والتلمود . . . وكل امرأة يهودية إنما هي جندية - بروحها - في جيش إسرائيل.
القيد الرابع:
ألا يكون من وراء الزواج من الكتابية فتنة ولا ضرر محقق أو مرجح، فإن استعمال المباحات كلها مقيد بعدم الضرر، فإذا تبين أن في إطلاق استعمالها ضررًا عامًا، منعت منعًا عامًا، أو ضررًا خاصًا منعت منعًا خاصًا، وكلما عظم الضرر تأكد المنع والتحريم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار ".
وهذا الحديث يمثل قاعدة شرعية قطعية من قواعد الشرع، لأنه - وإن كان بلفظه حديث آحاد - مأخوذ من حيث المعنى من نصوص وأحكام جزئية جمة من القرآن والسنة، تفيد اليقين والقطع.
ومن هنا كانت سلطة ولي الأمر الشرعي في تقييد بعض المباحات إذا خشي من إطلاق استخدامها أو تناولها ضررًا معينًا.
والضرر المخوف بزواج غير المسلمة يتحقق في صور كثيرة منها:
1 - أن ينتشر الزواج من غير المسلمات، بحيث يؤثر على الفتيات المسلمات الصالحات للزواج، وذلك أن عدد النساء غالبًا ما يكون مثل عدد الرجال أو أكثر، وعدد الصالحات للزواج منهن أكبر قطعًا من عدد القادرين على أعباء الزواج من الرجال.
فإذا أصبح التزوج بغير المسلمات ظاهرة اجتماعية مألوفة، فإن مثل عددهن من بنات المسلمين سيحرمن من الزواج، ولا سيما أن تعدد الزوجات في عصرنا أصبح أمرًا نادرًا، بل شاذًا، ومن المقرر المعلوم بالضرورة أن المسلمة لا يحل لها أن تتزوج إلا مسلمًا، فلا حل لهذه المعادلة إلا سد باب الزواج من غير المسلمات إذا خيف على المسلمات.
وإذا كان المسلمون في بلد ما، يمثلون أقلية محدودة، مثل بعض الجاليات في أوروبا وأمريكا، وبعض الأقليات في آسيا وأفريقية، فمنطق الشريعة وروحها يقتضي تحريم زواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، وإلا كانت النتيجة ألا يجد بنات المسلمين - أو عدد كبير منهن - رجلاً مسلما يتقدم للزواج منهن، وحينئذ تتعرض المرأة المسلمة لأحد أمور ثلاث:
( أ ) إما الزواج من غير مسلم، وهذا باطل في الإسلام.
( ب ) وإما الانحراف، والسير في طريق الرذيلة . وهذا من كبائر الإثم.
(جـ) وإما عيشة الحرمان الدائم من حياة الزوجية والأمومة.
وكل هذا مما لا يرضاه الإسلام . وهو نتيجة حتمية لزواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، مع منع المسلمة من التزوج بغير المسلم.
هذا الضرر الذي نبهنا عليه هو الذي خافه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - فيما رواه الإمام محمد بن الحسن - في كتابه " الآثار، حين بلغه أن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان تزوج - وهو بالمدائن - امرأة يهودية، فكتب إليه عمر مرة أخرى: أعزم عليك ألا تضع كتابي هذا حتى تخلي سبيلها، فإني أخاف أن يقتدي بك المسلمون، فيختاروا نساء أهل الذمة لجمالهن، وكفى بذلك فتنة لنساء المسلمين ". (انظر كتابنا: شريعة الإسلام: خلودها وصلاحها للتطبيق في كل زمان ومكان، ص39، ط. أولى).
2 - وقد ذكر الإمام سعيد بن منصور في سننه قصة زواج حذيفة هذه، ولكنه ذكر تعليلاً آخر لمنع عمر لحذيفة . فبعد أن نفى حرمة هذا الزواج قال: " ولكني خشيت أن تعاطوا المومسات منهن ". (المصدر السابق ص40، وكذلك ذكره الطبري، جـ 4، ص366، 367، ط. المعارف: وتكلم عنه ابن كثير، جـ 1، ص257 وصحح إسناده . وهناك علة ثالثة ذكرها عبد الرزاق في " المصنف " عن سعيد بن المسيب عن عمر: أنه عزم عليه أن يفارقها، خشية أن يقيس الناس المجوسية على الكتابية ويتزوجوا المجوس اقتداء بحذيفة، جاهلين الرخصة التي كانت من الله في الكتابيات خاصة . وانظر المصنف، جـ 7، ص178).
ولا مانع أن يكون كل من العلتين مقصودًا لعمر رضي الله عنه.
فهو يخشى - من ناحية - كساد سوق الفتيات المسلمات، أو كثير منهن . وفي ذلك فتنة أي فتنة.
ومن ناحية أخرى يخشى أن يتساهل بعض الناس في شرط الإحصان - العفاف - الذي قيد به القرآن حل الزواج منهن، حتى يتعاطوا زواج الفاجرات والمومسات، وكلتاهما مفسدة ينبغي أن تمنع قبل وقوعها، عملاً بسد الذرائع . ولعل هذا نفسه ما جعل عمر يعزم على طلحة بن عبيد الله إلا طلق امرأة كتابية تزوجها، وكانت بنت عظيم يهود، كما في مصنف عبد الرزاق. (المصنف، جـ 7 ص177 - 178).
3 - إن الزواج من غير المسلمة إذا كانت أجنبية غريبة عن الوطن واللغة والثقافة والتقاليد - مثل زواج العربي والشرقي من الأوروبيات والأمريكيات النصرانيات - يمثل خطرًا آخر يحس به كل من يدرس هذه الظاهرة بعمق وإنصاف، بل يراه مجسدًا ماثلاً للعيان . فكثيرًا ما يذهب بعض أبناء العرب المسلمين إلى أوروبا وأمريكا للدراسة في جامعاتها، أو للتدريب في مصانعها، أو للعمل في مؤسساتها، وقد يمتد به الزمن هناك إلى سنوات ثم يعود أحدهم يصحب زوجة أجنبية، دينها غير دينه، ولغتها غير لغته، وجنسها غير جنسه، وتقاليدها غير تقاليده، ومفاهيمها غير مفاهيمه، أو على الأقل غير تقاليد قومه ومفاهيمهم، فإذا رضيت أن تعيش في وطنه - وكثيرًا ما لا ترضى - وقدر لأحد من أبويه أو إخوانه أو أقاربه، أن يزوره في بيته، وجد نفسه غريبًا . فالبيت بمادياته ومعنوياته أمريكي الطابع أو أوربيه في كل شيء، وهو بيت " المدام " وليس بيت صاحبنا العربي المسلم، هي القوامة عليه، وليس هو القوام عليها . ويعود أهل الرجل إلى قريتهم أو مدينتهم بالأسى والمرارة، وقد أحسوا بأنهم فقدوا ابنهم وهو على قيد الحياة !!
وتشتد المصيبة حين يولد لهما أطفال، فهم يشبون - غالبًا - على ما تريد الأم، لا على ما يريد الأب إن كانت له إرادة، فهم أدنى إليها، ألصق بها، وأعمق تأثرًا بها، وخصوصًا إذا ولدوا في أرضها وبين قومها هي، وهنا ينشأ هؤلاء الأولاد على دين الأم وعلى احترام قيمها ومفاهيمها وتقاليدها . وحتى لو بقوا على دين الأب، فإنما يبقون عليه اسمًا وصورة، لا حقيقة وفعلاً . ومعنى هذا أننا نخسر هؤلاء الناشئة دينيًا وقوميًا إن لم نخسر آباءهم أيضًا.
وهذا الصنف أهون شرًا من صنف آخر يتزوج الأجنبية، ثم يستقر ويبقى معها في وطنها وبين قومها، بحيث يندمج فيهم ، ولا يكاد يذكر دينه وأهله ووطنه وأمته . أما أولاده فهم ينشأون أوروبيين أو أمريكيين، إن لم يكن في الوجوه والأسماء، ففي الفكر والخلق والسلوك، وربما في الاعتقاد أيضًا، وربما فقدوا الوجه والاسم كذلك، فلم يبق لهم شيء يذكرهم بأنهم انحدروا من أصول عربية أو إسلامية.
ومن أجل هذه المفسدة، نرى كثيرًا من الدول تحرم على سفرائها، وكذلك ضباط جيشها، أن يتزوجوا أجنبيات، بناء على مصالح واعتبارات وطنية وقومية.
تنبيه مهم: وفي ختام هذا البحث، أرى لزامًا علي - في ضوء الظروف والملابسات التي تتغير الفتوى بتغيرها - أن أنبه على أمر لا يغيب عن ذوي البصائر، وهو في نظري على غاية من الأهمية، وهو:
إن الإسلام حين رخص في الزواج من الكتابيات راعى أمرين:
1 - أن الكتابية ذات دين سماوي في الأصل، فهي تشترك مع المسلم في الإيمان وبرسالاته، وبالدار الآخرة وبالقيم الأخلاقية، والمثل الروحية التي توارثتها الإنسانية عن النبوات، وذلك في الجملة لا في التفصيل طبعًا . وهذا يجعل المسافة بينها وبين الإسلام قريبة، لأنه يعترف بأصل دينه، ويقر بأصوله في الجملة، ويزيد عليها ويتممها بكل نافع وجديد.
2 - إن المرأة الكتابية - وهذا شأنها - إذا عاشت في ظل زوج مسلم ملتزم بالإسلام، وتحت سلطان مجتمع مسلم مستمسك بشرائع الإسلام - تصبح في دور المتأثر لا المؤثر والقابل لا الفاعل - فالمتوقع منها والمرجو لها أن تدخل في الإسلام اعتقادًا وعملاً . فإذا لم تدخل في عقيدة الإسلام - وهذا حقها إذ لا إكراه في الدين - اعتقادًا وعملاً . فإنها تدخل في الإسلام من حيث هو تقاليد وآداب اجتماعية . ومعنى هذا أنها تذوب داخل المجتمع الإسلامي سلوكيًا، إن لم تذب فيه عقائديًا.
وبهذا لا يخشى منها أن تؤثر على الزوج أو على الأولاد، لأن سلطان المجتمع الإسلامي من حولها أقوى وأعظم من أي محاولة منها لو حدثت.
كما أن قوة الزوج عادة في تلك الأعصار، وغيرته على دينه، واعتزازه به اعتزازًا لا حد له، وحرصه على حسن تنشئة أولاده، وسلامة عقيدتهم، يفقد الزوجة القدرة على أن تؤثر في الأولاد تأثيرًا يتنافى مع خط الإسلام.
أما في عصرنا، فيجب أن نعترف بشجاعة وصراحة: إن سلطان الرجل على المرأة المثقفة قد ضعف، وإن شخصية المرأة قد قويت، وبخاصة المرأة الغربية.
أما سلطان المجتمع المسلم فأين هو ؟ إن المجتمع الإسلامي الحقيقي الذي يتبنى الإسلام عقيدة وشريعة ومفاهيم وتقاليد وأخلاقًا وحضارة شاملة، غير موجود اليوم.
وإذا كان المجتمع المسلم غير موجود بالصورة المنشودة، فيجب أن تبقى الأسرة المسلمة موجودة، عسى أن تعوض بعض النقص الناتج عن غياب المجتمع الإسلامي الكامل.
فإذا فرطنا في الأسرة هي الأخرى، فأصبحت تتكون من أم غير مسلمة، وأب لا يبالي ما يصنع أبناؤه وبناته، ولا ما تصنع زوجته، فقل على الإسلام وأهله السلام !
ومن هنا نعلم أن الزواج من غير المسلمات في عصرنا ينبغي أن يمنع سدًا للذريعة إلى ألوان شتى من الضرر والفساد . ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة . ولا يسوغ القول بجوازه إلا لضرورة قاهرة أو حاجة ملحة، وهو يقدر بقدرها.
ولا ننسى هنا أن نذكر أنه مهما ترخص المترخصون في الزواج من غير المسلمة، فإن مما لا خلاف عليه، أن الزواج من المسلمة أولى وأفضل من جهات عديدة، فلا شك أن توافق الزوجين من الناحية الدينية أعون على الحياة السعيدة . بل كلما توافقا فكريًا ومذهبيًا كان أفضل.
وأكثر من ذلك أن الإسلام لا يكتفي بمجرد الزواج من أية مسلمة، بل يرغب كل الترغيب في الزواج من المسلمة المتدينة، فهي أحرص على مرضاة الله، وأرعى لحق الزوج، وأقدر على حفظ نفسها وماله وولده . ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " فاظفر بذات الدين تربت يداك ".
والله أعلم
ــــــــــــــــ(50/39)
ما حكم الزواج من غير المسلمة خاصة في دول الغرب؟
... السؤال
03/03/2005 ... التاريخ
المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
استعرض المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث موضوع "الزواج من غير المسلمة" والأبحاث التي تناولته، وبعد المداولة والنظر قرر ما يلي:-
أولاً: الكتابية، هي: من تؤمن بدين سماوي الأصل كاليهودية والنصرانية، فهي مؤمنة - في الجملة - بالله ورسالاته والدار الآخرة. وليست ملحدة أو مرتدة عن دينها، ولا مؤمنة بدين ليس له نسب معروف إلى السماء.
وقد ذهب جمهور علماء المسلمين إلى إباحة الزواج من الكتابية، لقوله تعالى في سورة المائدة، وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم: (اليوم أحل لكم الطيبات، وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان)[المائدة: 5].
وذهب بعض السلف إلى كراهة أو منع الزواج من الكتابية كعبدالله بن عمر من الصحابة، والصواب رأي الجمهور لصراحة الآية.
ثانياً: ضوابط يجب مراعاتها عند الزواج من الكتابية:
الأول: الاستيثاق من كونها "كتابية" على المعنى المتقدم ذكره.
ومن المعلوم في الغرب الآن أنه ليست كل فتاة تولد من أبوين مسيحيين مثلاً مسيحية. ولا كل من نشأت في بيئة مسيحية تكون مسيحية بالضرورة. فقد تكون شيوعية مادية، وقد تكون على نحلة مرفوضة أساسًا في نظر الإسلام كالبهائية ونحوها.
الثاني: أن تكون عفيفة محصنة، فإن الله لم يبح كل كتابية، بل قيد في آياته الإباحة نفسها بالإحصان. والإحصان هو العفة عن الزنا كان ذلك أصالة أو بتوبة.
الثالث: ألا تكون من قوم معادين للإسلام وأهله ما لم يثبت أنها ليست على موقف قومها. قال تعالى: (لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) [المجادلة: 22]، والزواج يوجب المودة كما قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة) [الروم: 21].
الرابع: ألا يكون من وراء الزواج من الكتابية فتنة ولا ضرر محقق أو مرجح، فإن استعمال المباحات كلها مقيد بعدم الضرر، فإذا تبين أن في إطلاق استعمالها ضررًا عامًا منعت منعًا عامًا، أو ضررًا خاصًا منعت منعًا خاصًا، وكلما عظم الضرر تأكد المنع والتحريم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" .
والضرر المخوف بزواج غير المسلمة يتحقق في صور كثيرة منها: أن ينتشر الزواج من غير المسلمات، بحيث يؤثر على الفتيات المسلمات الصالحات للزواج. ومنها: أن يتساهل بعض الناس في مراعاة شرط الإحصان - العفاف - الذي قيد به القرآن حل الزواج منهن، ومنها: الخوف على الذرية من الانحراف، وما يلحق من عواقب في حق الزوج في حياته بتأثره بما عليه زوجته غير المسلمة، والتصرف ببدنه وتركته بعد موته.
والله أعلم .
ــــــــــــــــ(50/40)
الزواج من الكتابية بلا ولي
أجاب عليه ... فضيلة الشيخ د. سعد العتيبي
التصنيف ... الفهرسة/الركن العلمي/الفقه/أحكام النكاح وشروطه وأنواعه
التاريخ ... الاثنين 9 / جمادى الاول / 1427 هـ
رقم السؤال ... 12583
السؤال
كثير من الأئمة هنا في أوروبا يعقدون عقد النكاح بالكتابيات، وهذا دون وقوع الإذن من أبيها، بل ربما دون علمه أيضا، ويتم هذا الأمر فقط بخطبة الحاجة، وشيء من إيضاح الإسلام للكتابية المنوي الزواج بها وسؤال الطرفين إن كانا راضيين ببعضهما البعض، وكذلك ذكر المهر وحضور شاهدين، ويكون الإمام هو من يتولى أمر الطرفين، هل يكون هذا النوع من العقد صحيحاً في الإسلام؟
الاجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه .. أما بعد ..
فإذا كان للمرأة الكتابية ولي ، فإنَّ له الولاية في تزويجها ؛ لأنَّ الولاية في النكاح تثبت لغير المسلم على غير المسلمة ، سواء أرادت الزواج بمسلم أو غيره ؛ فإذا تزوج المسلم كتابية فوليها غير المسلم هو وليها في تزويج المسلم . وهذا رأي أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة والظاهرية .
والعقد بالصورة التي ذكرت قال بها بعض الفقهاء في المرأة البالغة العاقلة مع عدم استحبابهم لذلك ، ومع حق الولي في الاعتراض والتفريق بينهما إن عقدت مع غير كفء في رواية عند الحنفية ؛ لكن الدليل الشرعي على خلاف ما قالوا ، ولذلك رأى جمهور الفقهاء اشتراط الولي في النكاح ، ومما احتج به الجمهور الآيات الواردة في مخاطبة الأولياء بتزويج مولياتهم ، من مثل قول الله _عز وجل_ : "وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ " (البقرة232) ؛ وقول النبي _صلى الله عليه وسلم_ : " لا نكاح إلا بولي " رواه أحمد وغيره ، وقوله _صلى الله عليه وسلم_ : " لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها " رواه ابن ماجه وغيره . وقوله _صلى الله عليه وسلم_ من حديث عائشة _رضي الله عنها_ : "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل " ثلاث مرات . رواه أبو داود وغيره وصححه جمع من أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين.
ولكن هذا لا يعني التعجل في إبطال ما وقع من ذلك دون معرفة بالحال والآثار المترتبة بعد العقد من دخول وحمل وذرية ، ففي آخر حديث عائشة _رضي الله عنها_ ، تتمة جاء فيها : " فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها ، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له " والسلطان في ديار الغرب في مثل هذه الأحوال لقادة المراكز الإسلامية . كما أن من أهل العلم من صحح العقد بعد معرفة إذن الولي ولو لم يكن حاضراً حين العقد . فالأمر في معالجة هذه المسائل إلى الموثوقين من أهل العلم في تلك الديار ؛ و ينبغي تصحيح العقد وفق الأصول الشرعية ومنها استيفاء شرط الولاية تحقيقاً لشرعية العقد من جهة ، وخروجاً من الخلاف من جهة أخرى ، ولا سيما أن الأصل في الأبضاع التحريم .
ونصيحتي لشبابنا في ديار الغرب ألا يتزوجوا بالكتابيات ما لم يجدوا منهن ميلاً أكيداً إلى الإسلام ، وذلك لما في الزواج منهن في تلك الديار من المخاطر على الدين والذرية والوطن الإسلامي ، وهو أمر يطول المقام بشرحه لو أردنا ؛ ولكثرة الأيامى من المسلمات الصالحات ، وهو شرط عند بعض الفقهاء في مشروعية الزواج بالكتابيات .
ومن أجود ما كتب في هذه الموضوعات – إضافة إلى الكتب التراثية - :
1- أحكام الأحوال الشخصية للمسلمين في الغرب ، للدكتور / سالم بن عبد الغني الرافعي ، وهي رسالة دكتوراه ، طبعتها دار الوطن بالرياض عام 1422هـ 2001م.
2- المفصّل في أحكام المرأة ، للشيخ العلامة د. عبد الكريم زيدان – المجلد السابع . طبعته مؤسسة الرسالة بيروت ، عام 1413هـ 1993م .
هذا والله _تعالى_ أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
ــــــــــــــــ(50/41)
الزواج من امرأة كتابية
أجاب عليه ... اللجنة العلمية
التصنيف ... الفهرسة/الركن العلمي/الفقه/أحكام النكاح وشروطه وأنواعه
التاريخ ... 9/11/1425
رقم السؤال ... 4114
السؤال
alzoag mn agnabae rd balag alarabe
الترجمة: ماحكم الزواج من امرأة أجنبية؟
يعني ( نصرانية أو يهودية)؛ لأن السؤال جاء من ألمانيا.
الاجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لا شك أن الله _تعالى_ أباح للمسلم الزواج من الكتابية (نصرانية أو يهودية) بشرط أن تكون من العفيفات عن الزنا؛ لقول الله _تعالى_: "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ"(المائدة:5) ، لكن المطلع على أحوال المسلمين اليوم، وخاصة المقيمين في البلاد الكافرة يعلم أن قوانين هذه البلاد يترتب عليه حرمان المسلم من حقوق كثيرة، كحقه في تربية أولاده بعد بلوغهم سن الرشد، فمثلاً الرجل في هذه الدول إذا بلغت ابنته أو ابنه سن ( 16أو 18 سنة )، لا يحق له الاعتراض على سلوكهم، فالفتاة مثلاً تأتي بعشيقها - ويسمونه صديقها- وتروح معه حيث شاءت، بل وتحمل منه سفاحاً ، ولا يحق للأب الاعتراض !! و إلا فالقانون هناك يحميها؛لأن تلك حريتها الشخصية، طالما أن ذلك تم بمحض رضاها!! فمن من المسلمين يرضى بهذا الذل والمهانة؟!
وكذلك يحرم الأب من بقاء أولاده معه إذا ترك هذه الزوجة، كذلك دين هذه الزوجة في حد ذاته فتنة للمسلم، خاصة إذا لم يكن الزوج على دراية بأحكام دينه، فربما تكون هذه الزوجة سبباً لفتنة زوجها عن دينه، وكذلك هي فتنة على أولاده؛ لأنها في الغالب تربي أولادها على تعاليم النصرانية أو اليهودية، بل وعلى العادات والتقاليد الموروثة لديها، وحتى لو أسلمت الزوجة فليس من السهولة تغير أخلاقها ولا عاداتها التي تخالف الإسلام وآدابه، فالزواج من هذه الكتابية فتنة عظيمة يجب على المسلم أن يربأ بنفسه من الوقوع فيها، والله _تعالى_ أعلم.
ــــــــــــــــ(50/42)
هل يجوز للطالب الذي يدرس في الخارج الزواج من الكتابية بنية الطلاق ؟
بتاريخ 16/11/05 06:47 AM
السؤال هل يحقُّ للطالب المسلم الذي خرج طلبًا للعلم في بلاد الكفر أن يتزوج من نصرانية ؟ وفي نفسه تبيت تأكيدٍ على أن يتركَها ويطلقها بعد فترة معينة محددة ، دون الاتفاق معها مسبقاً على ذلك ، ولكن الأمر بينه وبين نفسه لِمَا خشيَ على نفسه مِنَ الفتنة ؟
الجواب أولاً : لا ننصح شابًا أن يتزوجَ كتابية اليوم . والسبب في ذلك : هو أنَّ كثيراً مِنَ الشباب المسلم حينما يتزوجون بمسلمات فتكفهر حياتُهم وتسوء ؛ بسبب سوءِ أخلاق البنت المسلمة , وقد ينضم إلى ذلك : سوءُ أخلاقِ أهلها من أمِّها وأبيها وأخيها وأخواتها وإلى آخر ذلك ؛ فماذا يكون المسلم إذا تزوج بنصرانية ؟! أخلاقها وعاداتُها وغيْرتها – ونحو ذلك – ونخوتها تختلف - إن كان للغَيْرة والنخوة لها ذِكر عندهم - تختلف تماماً عما عندنا نحن - معشرَ المسلمين - .
لذلك لا ننصح بمثل هذا الزواج ، وإن كان القرآن صريح الدلالة في إباحة ذلك , ولكن إنما أباح الله للمسلم أنْ يتزوجَ الكتابية في حالة كونِ المسلمين أعزاء أقوياء في دينِهم ، في أخلاقهم ، في دنياهم ، تخشى رهبتهم الدول .
ولذلك فالمسألة تختلف من زمن إلى زمن ، في الزمن الأول كان المسلمون يجاهدون الكفار ، و يستأسِرون المئات منهم ، ويستَرِقُّونهم , و يستعبدونهم ؛ فيكون استعبادهم إياهم سببَ سعادتهم في دنياهم و آخرتهم ، سبب سعادة المستأسَرين و المسترَقين والمستعبَدين ، يصبحون سُعداء في الدنيا والآخرة ؛ وذلك لأن أسيادَهم المسلمين كانوا يعاملونهم معاملةً لا يجدونها في بلادهم بعضهم مع بعض وهم أحرار ؛ بسبب التعليماتِ التي كان الرسولُ - عليه السلام - يوجهها إلى أصحابه ، من ذلك : قوله - عليه السلام - : (( أطعموهم مما تأكلون ، وألبِسُوهم مما تلبسون )) إلى آخر ما هنالك من أحاديث كثيرة ، لا أستحضر الآن سوى هذا .
وقد أشار الرسول - عليه السلام - إلى هذه الحقيقة التي وقعت فيما بعد في قوله في الحديث الصحيح : (( إنَّ ربَّك لَيعْجَبُ مِنْ أقوام يُجرُّون إلى الجنةِ في السلاسِل ))! . (( إنَّ ربَّكَ لَيَعْجَبُ مِن أقوام )) أي : مِن النصارى ، مِن الكفار . يُجرُّون إلى الإسلام الذي يؤدي بهم إلى الجنة في السلاسل . اليوم القضية معكوسة تماماً ، القوة والعزة للمسلمين ذهبت ، حيث استُذِلُّوا مِن أذلِّ الناس كما هو الواقع - مع الأسف الشديد - .
فإذا فرضنا أن شاباً تزوج نصرانية وجاء بها إلى هنا ، فستبقى هذه النصرانية في الغالب على دينها وعلى تبرجها ، وسوف لا يجرفها التيارُ الإسلامي كما كان يجرف الأسرى فيطبعهم بطابع الإسلام ؛ لأن هذا المجتمع هو مِن حيث الاسم إسلامي ، لكن من حيث واقعه ليس كذلك . فالتعري الموجود – مثلاً – في البيوت الإسلامية اليوم – إلا ما شاء الله منها – كالتعري الموجود في أوروبا ، وربما يكون أفسد من ذلك ! فإذن : هذه الزوجة النصرانية حينما يأتي بها سوف لا تجد الجوَّ الذي يجرُّها ويسحبُها إلى الإسلام سحبًا .
رجل من الحضور : بتسحبه هي .
الشيخ الألباني رحمه الله : نعم ؟
السائل : بتسحبه هي .
الشيخ الألباني رحمه الله : أو كما قلت ، قد يكون العكس . هذا أولاً .
ثانياً : إن تزوَّج مِن هؤلاء الشباب زوجةً ؛ فليس هو بحاجة إلى أن ينويَ تلك النية ، وهي : أنه سيبقى – مثلاً – في الدراسة هناك أربع سنوات , فهو ليحصِّنَ نفسه وليمنَعَها مِن أن تقعَ في الزنا يتزوج نصرانية من هناك ، وينوي في نفسه أنْ يطلقَها إذا ما عزم على الرجوع إلى بلده . نقول له : هذه النية - أولاً - : لا تُشرع ، لأن نكاح المتعة وإن كان صورته في الاشتراط اللفظي بين المتناكحين الرجل والمرأة ، وهذا طبعاً نُسِخَ إلى يوم القيامة ، حُرِّم إلى يوم القيامة ، فالقاعدة الإسلامية التي يتضمنها الحديث المشهور : (( إنَّما الأعمال بالنيات وإنما لكلٍّ ما نوى )) ؛ تحول بين المسلم وبين أن يتزوجَ امرأة وهو ينوي أن يطلقها بعد أربع سنوات . هذا لو كان بهذه الناحية فائدة له ، أو فيه ضرورة تضطره إليها , لكن الحقيقة لا ضرورة لهذا الشاب إذا ما رأى نفسَه بحاجة ليتزوجَ بنصرانية أن ينويَ هذه النية السيئة ؛ لأنه هو لماذا ينوي هذه النية ؟ وهو قد أعطاه الشرعُ - سلفًا - جواز التطليق حينما يشاء الرجل , هذا من ناحية . مِن ناحية أخرى : هذه النية إذا نواها وكان لها تأثير شرعاً ؛ معنى ذلك أنه ملزم بعد أربع سنوات أنه يطلقَها ، وإلا : لماذا هو نوى هذه النية ! يعني : هذه النية إما أن يكون لها تأثير ، وإما أن لا يكون لها تأثير . نحن نعتقد أن لا تأثير لها , فإن كان هو معنا في ذلك ؛ فلماذا ينوي هذه النية ما دام ليس لها تأثير . وإن كان لها تأثير - كما نظن من مثل هذا السؤال - ؛ فحينئذ لماذا يقيد نفسه بالأغلال ؟! أليس له حرية تطليق إذا ما بدا له بعد سنة ، مش بعد أربع سنوات ؟! يعني : قد يتزوج الرجل هذه الفتاة النصرانية ويجدها فتاة لا ترد يد لامس , بالمعنى الحقيقي وليس المعنى المجازي , فحينئذٍ إن كان عنده غيرة إسلامية سيضطر إلى تطليقها قبل مضي المدة التي فرضها على نفسه .
إذن لا فائدة - لا شرعاً ولا وضعاً - : أن ينوى الشاب هذه النية ، وإنما يتزوج هذه الفتاة وهو عارف أن الشرع يبيح له أن يطلقها إذا وجد المصلحة الشرعية أو الاجتماعية أن يطلقها , وقد يتمتع بها أربع سنوات ـ هذا يقع ووقع مراراً وإن كان هذا نادر ـ فيجدها أحسن مِن كثير من الزوجات المسلمات ؛ فحينئذ لماذا ربط نفسَه سلفاً أنه بعد أربع سنوات يطلقها !! ليفك نفسه من هذا القيد ، أو لا يقيد نفسه بهذا القيد , فإذا انتهت دراسته نظر بعلاقته مع هذه المرأة طبيعية وصالحة أن تعودَ معه إلى بلاد الإسلام ؛ فحينئذ يعود بها ؛ لأنه ذلك خير . لا والله ؛ هذه ما تصلح هناك لسبب أو أكثر من سبب يطلقها . عندنا ليس الزواج كالزواج الموجود عند النصارى , لا ؛ {الطلاقُ مَرَّتانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْروفٍ أوْ تَسْريحٌ بإحْسَان} . فإذًا الأمر كذلك فأي شاب ننصحه أن لا يتزوج من كتابية , فإن أبى إلا أن يتزوج ؛ تأتي النصيحة الثانية : لا يقيِّد نفسه بأنه يطلقها بعد ما تنتهي السنوات الدراسية ؛ لأن له أن يطلقها متى شاء ، فقد يعجل التطليق ، وقد يبطئ بالتطليق ، وقد لا يطلق مطلقاً .
[سلسلة الهدى والنور: الشريط الثاني على واحد (00:35:12)].
المفتي : الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
ــــــــــــــــ(50/43)
الزواج من غربيات تهديد لأمن بلادنا القومي
الأربعاء9جمادى الآخرة 1427هـ –5 يوليو 2006م
الصفحة الرئيسة
علماء الشريعة: حلال ولكن يفضل الابتعاد عنه.
د. محمد يحيي: الباحث عنه كمن يجري وراء السراب ومن يتاجر في الخسارة.
إيمان زغلول: سقوط الأندلس كان بسبب خيانة الحريم المسيحي.
منى محروس
مفكرة الإسلام : الزواج من غربيات، قضية مطروحة ومتجددة ومرتبطة بواقعنا ونسيجنا الاجتماعي، ولها تأثيرات سياسية واجتماعية قد تصل إلى التأثير على أمننا القومي. فما هي أبعاد هذه الظاهرة، خصوصاً في ضوء الهجرة المتزايدة للشباب المسلم إلى البلدان الأجنبية؟ وما هي معايير الزواج من أجنبيات وضوابطه الشرعية؟ وهل هناك مكاسب ولو بعيدة لهذا النوع من الزواج، وكيف يعيش أطفالنا بين أمهات غربيات؟
بداية الظاهرة
تشير الدراسات التاريخية إلى أن ظاهرة الزواج من غربيات في العصر الحديث بدأت تتنامى منذ بداية القرن التاسع عشر ومع البعثات العلمية وسفر أبناء المسلمين للدراسة في الخارج. وفي الآونة الأخيرة ومع انتشار البطالة في معظم البلاد العربية تزايدت أعداد الشباب المهاجر إلى أمريكا وأوروبا مما زاد من عدد المتزوجين من غربيات. هذا إلى جانب أن الزواج من غربيات ناتج أيضاً عن الهجرة الداخلية، مع محاولات تسلل السائحات الأجنبيات والزواج من شبابنا العربي.
وتشير التقارير الرسمية إلى وجود عدد كبير من الشركات المتورطة في تهجير الشباب العربي إلى بعض الدول الأوروبية، ودول أمريكا اللاتينية. ويضطر هؤلاء الشباب- للتحايل على أمر الإقامة - إلى الزواج من الأجنبيات.
تجارب واقعية
* يقول عادل محمود [بكالوريوس تجارة- 45 سنة]: لقد سافرت إلى الولايات المتحدة بعد إفلاس الشركة التي كنت أعمل بها، وتركت زوجتي وأولادي بمصر، وتزوجت عدة مرات من أمريكيات للحصول على الجرين كارد والإقامة ليتسنى لي العمل والحركة.
في المرة الأولى تزوجت فتاة نظير مبلغ من المال ولم ألتق بها سوى مرات بسيطة. أما الأخيرة فقد تزوجتها زواجاً رسمياً لكي أستقر معها وتقوم على رعايتي في الغربة، واشترطت عليها عدم الإنجاب لأنني أخاف أن ينشأ أولادي في تلك البلاد وبين هؤلاء النساء المتحررات. وقد عدت من الولايات المتحدة لزيارة أهلي وأولادي وحدثت أحداث 11 سبتمبر عام 2001 ولم أستطع السفر مرة أخرى، وزوجتي الأمريكية لا تريد المجيء والإقامة في مصر، وفي نفس الوقت لم أطلقها لأنني آمل أن أعود لكي أجد فرصة عمل من خلالها.
* صالح الجابري [دبلوم تجارة- 35 سنة] يقول: سافرت إلى فرنسا عبر إيطاليا، وتزوجت من فرنسية للحصول على الإقامة، وعندما اختلفت معها لكثرة احتسائها للخمر ولطلباتها المادية المتزايدة أبلغت الشرطة عني وأدخلتني السجن بالتحايل. وعندما خرجت من السجن عدت إلى مصر، ولكن للأسف لي ابن من زوجتي الفرنسية لا أعلم عنه شيئاً.
* سامح عبد العال [مرشد سياحي- 37 سنة] يقول: تزوجت من إنجليزية كانت لطيفة جداً في بداية زواجنا وجئت بها إلى مصر بعد أن أنجبنا بنتين وولداً، ومكثت معي عاماً واحداً ثم هربت بالأولاد.
* رضا مهدي [أستاذ بكلية الطب] يقول: تزوجت من ألمانية منذ عشرين عاماً وجاءت معي إلى مصر، وبعد هذا العمر صممت أن تعود إلى بلدها.
مقارنة لابد منها
د. السيد سليمان الخبير الاجتماعي بجامعة عين شمس يقول: من المعروف اجتماعياً وتأسيساً على قواعد الفقه الإسلامي اعتبار الكفاءة في الزواج بين المسلمين، لأن في هذا مظنة إدامة العلاقة الزوجية بين الزوجين المسلمين، لأن الأسس الاجتماعية الني تربى عليها الفتى والفتاة كلما كانت متقاربة فإنه يتأسس عليها بنيان نفسي وسلوكي وتربوي متقارب. وتتضح أهمية هذه المعايير بعد الزواج، فالنظرة إلى الأشياء والأمور وتقييمها، ومنظومة القيم، والأساليب التربوية، والنظرة للحياة، والعلاقات بين الأفراد، وكيفية التعامل مع المجتمع،.... كل هذه الأمور تكون متقاربة ومتشابهة بل وواحدة إذا كانت هناك الكفاءة، أو إذا تم الزواج من نفس الوطن ومن نفس الدين. وهذا يسهم بشدة في نجاح الزواج وفي بناء أسرة قوية وفي تنشئة الأطفال تنشئة سليمة داخل هذا البنيان الاجتماعي.
لكن عكس ذلك تماماً يحدث حينما يتزوج أبناء العرب والمسلمين من الأجنبيات، فليس هناك أي اعتبار لمعايير الكفاءة وأنماط القيم والسلوك والمرجعية الأخلاقية والاجتماعية والدينية في الحكم على الأشياء وفي التعامل مع المجتمع. كما أن حاجز اللغة موجود، وهو يحول دون التفاعل السليم والكامل بين الزوجين، ثم تضاف مشكلة الأولاد فتزداد الأمور تعقيداً. فالأطفال عادة ما يتعلمون لغة أمهم وتصبح لغة أبيهم غريبة عليهم أو ثقيلة على ألسنتهم.
ويجد هؤلاء الأطفال مشاكل لا حصر لها في التعامل مع مجتمعهم الجديد إذا ما قرر الزوج العودة إلى بلده، كما تقابل الزوجة مجتمعاً آخر لم تتعود عليه، وتظهر مشكلات جمة تحول بينها وبين الاندماج الكامل في هذا المجتمع. وعادة ما تتخاطب الأم مع أبنائها بلغتها هي، وهذا يزيد من غربتهم وعزلتهم وتصل الأمور إلى ذروة تعقيدها في حالة الخلاف بين الزوجين وحدوث الطلاق وهو وراد في الغالبية من حالات الزواج من أجنبيات، وخاصة إذا نتج عن هذا الزواج أطفال، فيحدث النزاع بين الطرفين، كل منهما يريد السيطرة على الأطفال أو خطفهم، وتتسع المشكلة لتصبح مشكلة دولية بعد أن كانت مشكلة اجتماعية شديدة الخصوصية.
زواج مصلحة لا يستمر
تقول إيمان زغلول الباحثة في العلوم السياسية: يتورط كثير من الشباب العربي في الزواج من أجنبيات تحت الحاجة الشديدة للحصول على الإقامة الشرعية أو الجنسية، وهذا الزواج المصلحي وقتي ينتهي بزوال المصلحة، وعادة ما يتفق الطرفان على المصلحة المادية التي ستعود على كل طرف، ويتفقون أيضا على ألا ينتج عن هذا الزواج أولاد.... وفى بعض الحالات يحدث الزواج نتيجة انبهار الشاب العربي أو الشرقي بهذه الفتاة الأجنبية الجميلة المتحررة والتي عادة لا ترهقه ماديا في البداية لإتمام الزواج.... وهناك نوع من الشباب العربي النابه عادة ما يكونون أطباء ومهندسين وأساتذة جامعة وباحثين ويبحثون عن الاستقرار في بلاد المهجر.... وبعدما يحدث الزواج يفاجأون بأنماط سلوكية بشعة خاصة، التحرر الذي يعيشه الأطفال والمراهقون، وبعد السكرة تأتى الفكرة، واستحالة التآلف مع هؤلاء الغربيات اللواتي غالبا ما يفسدن أولادهن .
الخيانة التاريخية
وتضيف إيمان زغلول إنه إذا كان الزواج من الكتابية أمر جائز شرعا فهو مقيد بعدة أشياء يحددها الشرع، لكن عموما نحن الآن في حالة استضعاف مقارنة بالغرب المتقدم علينا والمحارب لنا في كثير من الأحيان......وفى هذه الحالة سيكون الأبناء تابعين للأم بنت الدولة الأقوى والأكثر تفوقا من الناحية المادية. وعلى امتداد التاريخ الإسلامي الذي يجب أن نقرأه جيدا، فإنه في أثناء السيادة الإسلامية على العالم منذ الدولة الأموية والعباسية حتى الحكم العثماني فإن بداية الخيانة والتجسس جاءت من قبل زواج المسلمين بكتابيات كن على علاقة وولاء بأسرهن وأممهن وأثرن على أبنائهن، وأقوى دليل على ذلك أن سقوط الأندلس كان أحد أسبابه خيانة الحريم المسيحي وفسادهن في تربية أبنائهن... والتاريخ يؤكد أن هؤلاء النساء كن دائما يعملن لصالح أهلهن حتى لو أشهرن إسلامهن ... ومن ناحية أخرى إذا اتجه الشباب للأجنبيات فمن يتزوج بنات المسلمين؟ هل يتحولن إلى العنوسة؟.
طريق مسدود
د. محمد أبو السعود أستاذ الاجتماع يقول: هناك من يتصور أن الزواج من أجنبيات له مكاسب معينة أولها الحصول على جنسية الدولة الغربية التي تنتمي لها الزوجة، مع ما يترتب على هذه الجنسية من مزايا مادية ومعنوية. وثانيها تسهيل التعامل التجاري مع هذا البلد لاسيما إذا كان الزوج من رجال الأعمال أو المهنيين أو أساتذة الجامعات. ثالثا تصور أن الزوجة الغربية سوف تكون امرأة ناضجة أو جميلة أو عالية الثقافة ... ولكن هذه المزايا المزعومة غير حقيقة، ووهمية، لأن النساء في الغرب واقعيا غير جميلات ونسبة ثقافتهن ووعيهن منخفضة ... أما مسألة الحصول على الجنسية فقد أصبحت هناك قوانين تتشدد في هذا الأمر ... أما من ناحية العمل فهذا وهم لأن هذه الأمور تخضع للسوق والسياسات التجارية والاقتصادية وكلها الآن ليست في مصلحة الأطراف العربية والإسلامية.
وكثير من النساء الغربيات يعتنقن الإسلام لإرضاء الزوج فقط ويكون ذلك أمر مؤقت تتراجع عنه بعد فترة .. وقد ينتهي الزواج بهروبها إلى بلدها..أما إذا كان الزواج عندها في بلدها فإنها تنفصل عنه وتأخذ الأولاد وتوقع عليه غرامات كبيرة تنتهي به إلى الإفلاس أو السجن .. ومع الاختلاف في العادات والتقاليد يستحيل بالفعل أن تكون هناك زيجات ناجحة بين عرب مسلمين وسيدات أجنبيات ..أما تزايد هذه الزيجات في هذه الآونة فيشير إلى انخلاع الشباب من بيئاتهم وأوطانهم وولائهم ليتحول هذا الولاء بشكل غير واع وغير مبرر وبالتدريج إلى ولاء للدولة التي تنتمي إليها الزوجة. ويمكن بعد ذلك أن يصبح هذا الزوج مدافعا عن سياسات تلك الدولة بل قد يسهل تجنيده لتنفيذ أية سياسات لها في البلاد العربية سواء على المستوى الأمني والاقتصادي أو السياسي، وهنا تزداد الخطورة لأنه يصبح عميلا والأمثلة الواقعية عبر التاريخ تشهد بذلك0
الحكم الشرعي ولماذا يفضل الابتعاد؟
د.محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه بجامعة الأزهر يرى أن الابتعاد عن نكاح الكتابيات أفضل لعدة أمور .. وقد أحل الله تعالى للمؤمن نكاح المؤمنة المحصنة العفيفة وحرم نكاح المشركات أيا كانت ديانتهن. وبين الله تعالى أن المؤمنة ولو كانت أمة خير من المشركة ولو أعجبت الناس [ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن، ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم] و استثنى الله تعالى من المشركات الكتابيات حيث إنهن يشتركن مع المسلمات في بعض العقائد كالإيمان بالله واليوم الآخر والحساب وغيرذلك0
و قيّد سبحانه وتعالى نكاح الكتابية بأن تكون محصنة[عفيفة] قال تعالى:
[اليوم احل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم].
فأن كانت غير محصنة [غير عفيفة] فلا يحل نكاحها... ولذلك كان عمر رضي الله عنه يمنع من ذلك ونهى الصحابة عنه. والأولى للمسلم أن يتزوج بمسلمة لعدة أمور منها: أن المسلمة تربى أولادها على الإسلام وليس هناك خلاف بينهما لاشتراكها في دين واحد، فلا يضر بقاء الأولاد معها في حال المفارقة بموت أو طلاق، وأنه لا يأمن المسلم أن تؤثر الكتابية على أولاده فينشئوا متأثرين بعقيدتها وسلوكها. والغالب على هؤلاء الأوربيات تركهن لدينهن إلى عقائد وثنية، والغالب عليهن عدم العفة وهو شرط معتبر في جواز نكاحهن0
ومع ذلك فإن وثق من الكتابية في عفتها وأنها باقية على دينها فالأفضل جواز نكاحها، لكن ينصح بعدم اللجوء إلى الزواج منهن إلا في أضيق نطاق... وتزداد الأمور خطورة تدريجيا الآن بالنسبة للزواج من اليهوديات خاصة وأن اليهود غالبا ما يستخدمون نساءهم لصالح حربهم المعلنة على المسلمين ويستغلونهن في جلب الشر لبلادنا والتجسس وهذا أسلوب معلوم عندهم وثابت تاريخيا ... فالخيانة جزء من تكوينهم قاتلهم الله0
ــــــــــــــــ(50/44)
زواج المسلم من الكتابيات.. حقائق وضوابط ... PDF تصدير لهيئة ... طباعة ... ارسال لصديق
كتب مشرف الموقع
Thursday, 05 October 2006
موضوع الزواج من غير المسلمات . وأعني بالذات " الكتابيات " مسيحيات أو يهوديات - ممن نعتبرهم نحن المسلمين " أهل كتاب " ولهم حكم خاص يميزهم عن غيرهم من الوثنيين وأمثالهم.
وقد رأيت ورأى الكثيرون غيري مفاسد جمة من وراء هذا النوع من الزواج، وخصوصًا على الأولاد من هذه الزوجة، التي كثيرًا ما تصبغ البيت كله بصبغتها، وتربي الأبناء والبنات على طريقتها، والزوج لا يقدم ولا يؤخر، فهو في الأسرة مثل " شرابة الخرج " كما يقول العامة.
ولما كان اعتقادي أن الإسلام لا يبيح ما فيه ضرر أو مفسدة كتبت إليكم مستوضحًا رأيكم في هذه القضية ؛ لما علمته من نظرتكم الشاملة إلى مثل هذه القضايا، ومعالجتها في ضوء النصوص الأصلية للشريعة، وفي ضوء مقاصدها ومبادئها العامة وأصولها الكلية. بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فالأصل في الزواج من أهل الكتاب الإباحة، لكن هناك شروط وقيود وضعها الفقهاء في القديم والحديث لا بد لمن أراد أن يقدم على الزواج من أهل الكتاب أن يراعيها، وإلا اختلف الحكم ، فكما قرر الفقهاء أن المباح مقيد بشرط السلامة، أي سلامة المسلم في دينه وعرضه وذريته وغير ذلك، وللحاكم أو من يقوم مقامه أن يقيد المباح، بالإضافة لاختلاف الزمان والمكان ، واختلاف شخصية المرأة وشخصية الرجل في هذا العصر عنه في العصر الماضي، ولا ننس أثر المجتمع ومدي قوته أو ضعفه في تربية النشء والحرص عليه، ومن هنا نعلم أن الزواج من غير المسلمات في عصرنا ينبغي أن يمنع سدًا للذريعة إلى ألوان شتى من الضرر والفساد . ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة . ولا يسوغ القول بجوازه إلا لضرورة قاهرة أو حاجة ملحة، وتقدر بقدرها. .
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في مسألة الزواج من أهل الكتاب : رأي جمهور المسلمين إباحة الزواج من الكتابية: الأصل في الزواج من نساء أهل الكتاب عند جمهور المسلمين هو الإباحة. فقد أحل الله لأهل الإسلام مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم في آية واحدة من سورة المائدة، وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم قال تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان).
رأى ابن عمر وبعض المجتهدين: وخالف في ذلك من الصحابة عبد الله بن عمر -رضى الله عنهما-، فلم ير الزواج من الكتابية مباحًا، فقد روى عنه البخاري: أنه كان إذا سُئل عن نكاح النصرانية واليهودية قال: إن الله حرم المشركات على المؤمنين، (يعني قوله تعالى: :. "لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن") ولا أعلم من الإشراك شيئًا أكبر من أن تقول: " ربها عيسى، وهو عبد من عباد الله ! ".
ومن العلماء من يحمل قول ابن عمر على كراهية الزواج من الكتابية لا التحريم ولكن العبارات المروية عنه تدل على ما هو أكثر من الكراهية. وقد أخذ جماعة من الشيعة الإمامية بما ذهب إليه ابن عمر استدلالاً بعموم قوله تعالى في سورة البقرة: (ولا تنكحوا المشركات) وبقوله في سورة الممتحنة: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر).
ترجيح رأي الجمهور: والحق أن رأي الجمهور هو الصحيح، لوضوح آية المائدة في الدلالة على الزواج من الكتابيات . وهي من آخر ما نزل كما جاء في الحديث.
وأما قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات) وقوله: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) فإما أن يقال: هذا عام خصصته سورة المائدة، أو يقال: إن كلمة " المشركات " لا تتناول أهل الكتاب أصلاً في لغة القرآن، ولهذا يعطف أحدهما على الآخر كما في سورة البقرة: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين . .)، (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها . . . .).
وفي سورة الحج يقول تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين والمجوس والذين أشركوا، إن الله يفصل بينهم يوم القيامة...) فجعل الذين أشركوا صنفًا متميزًا عن باقي الأصناف، ويعني بهم الوثنيين . والمراد بـ " الكوافر " في آية الممتحنة: المشركات، كما يدل على ذلك سياق السورة.
قيود يجب مراعاتها عند الزواج من الكتابية: وإذن يكون الراجح ما بيناه من أن الأصل هو إباحة زواج المسلم من الكتابية، ترغيبًا لها في الإسلام، وتقريبًا بين المسلمين وأهل الكتاب، وتوسيعًا لدائرة التسامح والألفة وحسن العشرة بين الفريقين.
ولكن هذا الأصل معتبر بعدة قيود، يجب ألا نغفلها: القيد الأول: الاستيثاق من كونها " كتابية " بمعنى أنها تؤمن بدين سماوي الأصل كاليهودية والنصرانية، فهي مؤمنة - في الجملة - بالله ورسالاته والدار الآخرة . وليست ملحدة أو مرتدة عن دينها، ولا مؤمنة بدين ليس له نسب معروف إلى السماء.
ومن المعلوم في الغرب الآن أنه ليست كل فتاة تولد من أبوين مسيحيين مثلاً مسيحية . ولا كل من نشأت في بيئة مسيحية تكون مسيحية بالضرورة . فقد تكون شيوعية مادية، وقد تكون على نحلة مرفوضة أساسًا في نظر الإسلام كالبهائية ونحوها.
القيد الثاني: أن تكون عفيفة محصنة فإن الله لم يبح كل كتابية، بل قيد في آياته الإباحة نفسها بالإحصان، حيث قال: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) قال ابن كثير: والظاهر أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنى، كما في الآية الأخرى: (محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان) . وهذا ما أختاره . فلا يجوز للمسلم بحال أن يتزوج من فتاة تسلم زمامها لأي رجل، بل يجب أن تكون مستقيمة نظيفة بعيدة عن الشبهات. وهذا ما اختاره ابن كثير، وذكر أنه رأى الجمهور، وقال " وهو الأشبه، لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية، وهي مع ذلك غير عفيفة، فيفسد حالها بالكلية، ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل: حشفًا وسوء كيله ! ". (تفسير ابن كثير، جـ 2، والله أعلم . 20 ط. الحلبي). وقد جاء عن الإمام الحسن البصري أن رجلاً سأله: أيتزوج الرجل المرأة من أهل الكتاب ؟ فقال: ما له ولأهل الكتاب ؛ وقد أكثر الله المسلمات ؟ ! فإن كان ولابد فاعلاً . فليعمد إليها حصانًا (أي محصنة) غير مسافحة . قال الرجل: وما المسافحة ! ؟ قال: هي التي إذا لمح الرجل إليها بعينه اتبعته.
ولا ريب أن هذا الصنف من النساء في المجتمعات الغربية في عصرنا يعتبر شيئًا نادرًا بل شاذًا، كما تدل عليه كتابات الغربيين وتقاريرهم وإحصاءاتهم أنفسهم، وما نسميه نحن البكارة والعفة والإحصان والشرف ونحو ذلك، ليس له أية قيمة اجتماعية عندهم، والفتاة التي لا صديق لها تُعيَّر من أترابها، بل من أهلها وأقرب الناس إليها.
القيد الثالث: ألا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم . ولهذا فرق جماعة من الفقهاء بين الذمية والحربية . فأباحوا الزواج من الأولى، ومنعوا الثانية . وقد جاء هذا عن ابن عباس فقال: من نساء أهل الكتاب من يحل لنا، ومنهم من لا يحل لنا . ثم قرأ: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية . . . .) فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤه، ومن لم يعط الجزية لم يحل لنا نساؤه. وقد ذكر هذا القول لإبراهيم النخعي - أحد فقهاء الكوفة وأئمتها - فأعجبه (تفسير الطبري، جـ9، ص. 788 بتحقيق شاكر). وفي مصنف عبد الرزاق عن قتادة قال: لا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد . وعن علي رضي الله عنه بنحوه. وعن ابن جريج قال: بلغني ألا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد. وفي مجموع الإمام زيد عن علي: أنه كره نكاح أهل الحرب . قال الشارح في " الروض النضير ": والمراد بالكراهة: التحريم ؛ لأنهم ليسوا من أهل ذمة المسلمين . قال: وقال قوم بكراهته ولم يحرموه، لعموم قوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) فغلبوا الكتاب على الدار (الروض النضير، جـ 4، ص. 270 - 274). يعني: دار الإسلام . والذي من أهل دار الإسلام بخلاف غيره من أهل الكتاب.
ولا ريب أن لرأي ابن عباس وجاهته ورجحانه لمن يتأمل، فقد جعل الله المصاهرة من أقوى الروابط بين البشر، وهي تلي رابطة النسب والدم، ولهذا قال سبحانه: (وهو الذي خلق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرًا) (سورة الفرقان). فكيف تتحقق هذه الرابطة بين المسلمين وبين قوم يحادونهم ويحاربونهم وكيف يسوغ للمسلم أن يصهر إليهم، فيصبح منهم أجداد أولاده وجداتهم وأخوالهم وخالاتهم ؟ فضلاً عن أن تكون زوجه وربة داره وأم أولاد منهم ؟ وكيف يؤمن أن تطلع على عورات المسلمين وتخبر بها قومها ؟.
ولا غرو أن رأينا العلامة أبا بكر الرازي الحنفي يميل إلى تأييد رأي ابن عباس، محتجًا له بقوله تعالى: (لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) والزواج يوجب المودة، يقول تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة) (سورة الروم). قال: فينبغي أن يكون نكاح الحربيات محظورًا ؛ لأن قوله تعالى: (يوادون من حاد الله ورسوله) إنما يقع على أهل الحرب، لأنهم في حد غير حدنا. (أحكام القرآن، جـ 2، ص. 397، 398). يؤيد ذلك قوله تعالى: (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون). (سورة الممتحنة: 9). وهل هناك تول لهؤلاء أكثر من أن يزوج إليهم، وتصبح الواحدة من نسائهم جزءا من أسرته بل العمود الفقري في الأسرة ؟ وبناء على هذا لا يجوز لمسلم في عصرنا أن يتزوج يهودية، ما دامت الحرب قائمة بيننا وبين إسرائيل، ولا قيمة لما يقال من التفرقة بين اليهودية والصهيونية، فالواقع أن كل يهودي صهيوني، لأن المكونات العقلية والنفسية للصهيونية إنما مصدرها التوراة وملحقاتها وشروحها والتلمود . . . وكل امرأة يهودية إنما هي جندية - بروحها - في جيش إسرائيل.
القيد الرابع: ألا يكون من وراء الزواج من الكتابية فتنة ولا ضرر محقق أو مرجح، فإن استعمال المباحات كلها مقيد بعدم الضرر، فإذا تبين أن في إطلاق استعمالها ضررًا عامًا، منعت منعًا عامًا، أو ضررًا خاصًا منعت منعًا خاصًا، وكلما عظم الضرر تأكد المنع والتحريم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار ". وهذا الحديث يمثل قاعدة شرعية قطعية من قواعد الشرع، لأنه - وإن كان بلفظه حديث آحاد - مأخوذ من حيث المعنى من نصوص وأحكام جزئية جمة من القرآن والسنة، تفيد اليقين والقطع. ومن هنا كانت سلطة ولي الأمر الشرعي في تقييد بعض المباحات إذا خشي من إطلاق استخدامها أو تناولها ضررًا معينًا. والضرر المخوف بزواج غير المسلمة يتحقق في صور كثيرة منها: 1 - أن ينتشر الزواج من غير المسلمات، بحيث يؤثر على الفتيات المسلمات الصالحات للزواج، وذلك أن عدد النساء غالبًا ما يكون مثل عدد الرجال أو أكثر، وعدد الصالحات للزواج منهن أكبر قطعًا من عدد القادرين على أعباء الزواج من الرجال.
فإذا أصبح التزوج بغير المسلمات ظاهرة اجتماعية مألوفة، فإن مثل عددهن من بنات المسلمين سيحرمن من الزواج، ولا سيما أن تعدد الزوجات في عصرنا أصبح أمرًا نادرًا، بل شاذًا، ومن المقرر المعلوم بالضرورة أن المسلمة لا يحل لها أن تتزوج إلا مسلمًا، فلا حل لهذه المعادلة إلا سد باب الزواج من غير المسلمات إذا خيف على المسلمات.
وإذا كان المسلمون في بلد ما، يمثلون أقلية محدودة، مثل بعض الجاليات في أوروبا وأمريكا، وبعض الأقليات في آسيا وأفريقية، فمنطق الشريعة وروحها يقتضي تحريم زواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، وإلا كانت النتيجة ألا يجد بنات المسلمين - أو عدد كبير منهن - رجلاً مسلما يتقدم للزواج منهن، وحينئذ تتعرض المرأة المسلمة لأحد أمور ثلاث: ( أ ) إما الزواج من غير مسلم، وهذا باطل في الإسلام. ( ب ) وإما الانحراف، والسير في طريق الرذيلة . وهذا من كبائر الإثم. (جـ) وإما عيشة الحرمان الدائم من حياة الزوجية والأمومة. وكل هذا مما لا يرضاه الإسلام . وهو نتيجة حتمية لزواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، مع منع المسلمة من التزوج بغير المسلم. هذا الضرر الذي نبهنا عليه هو الذي خافه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - فيما رواه الإمام محمد بن الحسن - في كتابه " الآثار، حين بلغه أن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان تزوج - وهو بالمدائن - امرأة يهودية، فكتب إليه عمر مرة أخرى: أعزم عليك ألا تضع كتابي هذا حتى تخلي سبيلها، فإني أخاف أن يقتدي بك المسلمون، فيختاروا نساء أهل الذمة لجمالهن، وكفى بذلك فتنة لنساء المسلمين ". (انظر كتابنا: شريعة الإسلام: خلودها وصلاحها للتطبيق في كل زمان ومكان، ص39، ط. أولى).
2 - وقد ذكر الإمام سعيد بن منصور في سننه قصة زواج حذيفة هذه، ولكنه ذكر تعليلاً آخر لمنع عمر لحذيفة . فبعد أن نفى حرمة هذا الزواج قال: " ولكني خشيت أن تعاطوا المومسات منهن ". (المصدر السابق ص40، وكذلك ذكره الطبري، جـ 4، ص366، 367، ط. المعارف: وتكلم عنه ابن كثير، جـ 1، ص257 وصحح إسناده . وهناك علة ثالثة ذكرها عبد الرزاق في " المصنف " عن سعيد بن المسيب عن عمر: أنه عزم عليه أن يفارقها، خشية أن يقيس الناس المجوسية على الكتابية ويتزوجوا المجوس اقتداء بحذيفة، جاهلين الرخصة التي كانت من الله في الكتابيات خاصة . وانظر المصنف، جـ 7، ص178).
ولا مانع أن يكون كل من العلتين مقصودًا لعمر رضي الله عنه. فهو يخشى - من ناحية - كساد سوق الفتيات المسلمات، أو كثير منهن . وفي ذلك فتنة أي فتنة.
ومن ناحية أخرى يخشى أن يتساهل بعض الناس في شرط الإحصان - العفاف - الذي قيد به القرآن حل الزواج منهن، حتى يتعاطوا زواج الفاجرات والمومسات، وكلتاهما مفسدة ينبغي أن تمنع قبل وقوعها، عملاً بسد الذرائع . ولعل هذا نفسه ما جعل عمر يعزم على طلحة بن عبيد الله إلا طلق امرأة كتابية تزوجها، وكانت بنت عظيم يهود، كما في مصنف عبد الرزاق. (المصنف، جـ 7 ص177 - 178).
3 - إن الزواج من غير المسلمة إذا كانت أجنبية غريبة عن الوطن واللغة والثقافة والتقاليد - مثل زواج العربي والشرقي من الأوروبيات والأمريكيات النصرانيات - يمثل خطرًا آخر يحس به كل من يدرس هذه الظاهرة بعمق وإنصاف، بل يراه مجسدًا ماثلاً للعيان . فكثيرًا ما يذهب بعض أبناء العرب المسلمين إلى أوروبا وأمريكا للدراسة في جامعاتها، أو للتدريب في مصانعها، أو للعمل في مؤسساتها، وقد يمتد به الزمن هناك إلى سنوات ثم يعود أحدهم يصحب زوجة أجنبية، دينها غير دينه، ولغتها غير لغته، وجنسها غير جنسه، وتقاليدها غير تقاليده، ومفاهيمها غير مفاهيمه، أو على الأقل غير تقاليد قومه ومفاهيمهم، فإذا رضيت أن تعيش في وطنه - وكثيرًا ما لا ترضى - وقدر لأحد من أبويه أو إخوانه أو أقاربه، أن يزوره في بيته، وجد نفسه غريبًا . فالبيت بمادياته ومعنوياته أمريكي الطابع أو أوربيه في كل شيء، وهو بيت " المدام " وليس بيت صاحبنا العربي المسلم، هي القوامة عليه، وليس هو القوام عليها . ويعود أهل الرجل إلى قريتهم أو مدينتهم بالأسى والمرارة، وقد أحسوا بأنهم فقدوا ابنهم وهو على قيد الحياة !!
وتشتد المصيبة حين يولد لهما أطفال، فهم يشبون - غالبًا - على ما تريد الأم، لا على ما يريد الأب إن كانت له إرادة، فهم أدنى إليها، ألصق بها، وأعمق تأثرًا بها، وخصوصًا إذا ولدوا في أرضها وبين قومها هي، وهنا ينشأ هؤلاء الأولاد على دين الأم وعلى احترام قيمها ومفاهيمها وتقاليدها . وحتى لو بقوا على دين الأب، فإنما يبقون عليه اسمًا وصورة، لا حقيقة وفعلاً . ومعنى هذا أننا نخسر هؤلاء الناشئة دينيًا وقوميًا إن لم نخسر آباءهم أيضًا.
وهذا الصنف أهون شرًا من صنف آخر يتزوج الأجنبية، ثم يستقر ويبقى معها في وطنها وبين قومها، بحيث يندمج فيهم ، ولا يكاد يذكر دينه وأهله ووطنه وأمته . أما أولاده فهم ينشأون أوروبيين أو أمريكيين، إن لم يكن في الوجوه والأسماء، ففي الفكر والخلق والسلوك، وربما في الاعتقاد أيضًا، وربما فقدوا الوجه والاسم كذلك، فلم يبق لهم شيء يذكرهم بأنهم انحدروا من أصول عربية أو إسلامية. ومن أجل هذه المفسدة، نرى كثيرًا من الدول تحرم على سفرائها، وكذلك ضباط جيشها، أن يتزوجوا أجنبيات، بناء على مصالح واعتبارات وطنية وقومية.
تنبيه مهم: وفي ختام هذا البحث، أرى لزامًا علي - في ضوء الظروف والملابسات التي تتغير الفتوى بتغيرها - أن أنبه على أمر لا يغيب عن ذوي البصائر، وهو في نظري على غاية من الأهمية، وهو: إن الإسلام حين رخص في الزواج من الكتابيات راعى أمرين: 1 - أن الكتابية ذات دين سماوي في الأصل، فهي تشترك مع المسلم في الإيمان وبرسالاته، وبالدار الآخرة وبالقيم الأخلاقية، والمثل الروحية التي توارثتها الإنسانية عن النبوات، وذلك في الجملة لا في التفصيل طبعًا . وهذا يجعل المسافة بينها وبين الإسلام قريبة، لأنه يعترف بأصل دينه، ويقر بأصوله في الجملة، ويزيد عليها ويتممها بكل نافع وجديد.
2 -إن المرأة الكتابية - وهذا شأنها - إذا عاشت في ظل زوج مسلم ملتزم بالإسلام، وتحت سلطان مجتمع مسلم مستمسك بشرائع الإسلام - تصبح في دور المتأثر لا المؤثر والقابل لا الفاعل - فالمتوقع منها والمرجو لها أن تدخل في الإسلام اعتقادًا وعملاً . فإذا لم تدخل في عقيدة الإسلام - وهذا حقها إذ لا إكراه في الدين - اعتقادًا وعملاً . فإنها تدخل في الإسلام من حيث هو تقاليد وآداب اجتماعية . ومعنى هذا أنها تذوب داخل المجتمع الإسلامي سلوكيًا، إن لم تذب فيه عقائديًا. وبهذا لا يخشى منها أن تؤثر على الزوج أو على الأولاد، لأن سلطان المجتمع الإسلامي من حولها أقوى وأعظم من أي محاولة منها لو حدثت. كما أن قوة الزوج عادة في تلك الأعصار، وغيرته على دينه، واعتزازه به اعتزازًا لا حد له، وحرصه على حسن تنشئة أولاده، وسلامة عقيدتهم، يفقد الزوجة القدرة على أن تؤثر في الأولاد تأثيرًا يتنافى مع خط الإسلام. أما في عصرنا، فيجب أن نعترف بشجاعة وصراحة: إن سلطان الرجل على المرأة المثقفة قد ضعف، وإن شخصية المرأة قد قويت، وبخاصة المرأة الغربية. أما سلطان المجتمع المسلم فأين هو ؟ إن المجتمع الإسلامي الحقيقي الذي يتبنى الإسلام عقيدة وشريعة ومفاهيم وتقاليد وأخلاقًا وحضارة شاملة، غير موجود اليوم. وإذا كان المجتمع المسلم غير موجود بالصورة المنشودة، فيجب أن تبقى الأسرة المسلمة موجودة، عسى أن تعوض بعض النقص الناتج عن غياب المجتمع الإسلامي الكامل.
فإذا فرطنا في الأسرة هي الأخرى، فأصبحت تتكون من أم غير مسلمة، وأب لا يبالي ما يصنع أبناؤه وبناته، ولا ما تصنع زوجته، فقل على الإسلام وأهله السلام !
ومن هنا نعلم أن الزواج من غير المسلمات في عصرنا ينبغي أن يمنع سدًا للذريعة إلى ألوان شتى من الضرر والفساد . ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة . ولا يسوغ القول بجوازه إلا لضرورة قاهرة أو حاجة ملحة، وهو يقدر بقدرها.
ولا ننسى هنا أن نذكر أنه مهما ترخص المترخصون في الزواج من غير المسلمة، فإن مما لا خلاف عليه، أن الزواج من المسلمة أولى وأفضل من جهات عديدة، فلا شك أن توافق الزوجين من الناحية الدينية أعون على الحياة السعيدة . بل كلما توافقا فكريًا ومذهبيًا كان أفضل. وأكثر من ذلك أن الإسلام لا يكتفي بمجرد الزواج من أية مسلمة، بل يرغب كل الترغيب في الزواج من المسلمة المتدينة، فهي أحرص على مرضاة الله، وأرعى لحق الزوج، وأقدر على حفظ نفسها وماله وولده . ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " فاظفر بذات الدين تربت يداك ".
والله أعلم
المصدر إسلام أون لاين
ــــــــــــــــ(50/45)
زواج المسلمة بغير المسلم... اجتهاد أم إفساد؟
أحلام علي
مقالات للكاتب
تاريخ الإضافة: 04/01/2007 ميلادي - 14/12/1427 هجري
زيارة: 586
التقييم: 8.6/10 (عدد المصوتين: 10)
وسط دهشة أهالي ثالث أكبر مدينة في شرق السودان (القضارف) عقدت مراسم زواج امرأة مسلمة من مسيحي في العلن، وهذه الواقعة هي أول رد فعل لفتوى الدكتور حسن الترابي- الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي السوداني المعارض- بجواز زواج المرأة المسلمة من رجل مسيحي، وجرت مراسم زواج الفتاة السودانية من الرجل الأثيوبي الجنسية على مدى ساعات في إحدى كنائس مدينة القضارف حيث منزل أهل الفتاة، ونقل شهود عيان عن الفتاة قولها: "إنها سعيدة بزواجها من عريسها المسيحي ومقتنعة بالفكرة وأنها تستند إلى فتوى الدكتور الترابي في هذا الخصوص " وذكر هؤلاء الشهود أن أهل الفتاة منقسمون على الخطوة التي أقدمت عليها العروس، فهناك من أيد وهناك من عارض، وتباينت ردود الفعل داخل وخارج السودان عن الآراء الفقهية المثيرة للجدل التي كان قد أطلقها لدى مشاركته في ندوة سياسية في مقر حزب الأمة: ( الإصلاح والتجديد) الذي يقوده مبارك الفاضل في أم درمان وكان قد أفتى من قبل بجواز إمامة المرأة للرجال في الصلاة إذا كانت أكثر علماً وفقهاً في الدين من الرجل وبأن شهادة المرأة تساوي شهادة الرجل تماماً وتوازيه بناءً على هذا الأمر ونفى أن شهادة امرأتين تساوي شهادة رجل واحد وقال: " ليس ذلك من الدين أو الإسلام بل هي مجرد أوهام وأباطيل وتدليس أريد بها تغييب وسجن العقول في الأفكار الظلامية التي لا تمت للإسلام في شيء، ووصف من يحرم ذلك بأن مثل هذه الأقاويل هي تخرصات وتضليل الهدف منها جر المرأة إلى الوراء وأن منع زواج المرأة المسلمة من الكتابي لا أساس لها من الدين ولا تقوم على ساق من الشرع الحنيف".
ويرى جمهور الفقهاء إباحة زواج المسلم من نساء أهل الكتاب، وأجمعوا على حرمة زواج المسلمة من غير المسلم، وهذا أمر تعبدي، وإذا أردنا أن نلتمس حكمة لذلك فيمكن أن يقال: إن الإسلام عندما أباح للرجل الزواج من الكتابية فإنه أمر الزوج أن يحترم دينها لأن المسلم يؤمن بجميع الأنبياء، أما غير المسلم إذا تزوج من مسلمة فإنه لا يحترم عقيدتها، ولا يؤمن بنبيها مما يوقد النار في المنزل ويمنع السكينة والرحمة التي عليها قوام البيوت، فلهذا منع الإسلام مثل هذا الزواج.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: المسلمة لا تتزوج إلا مسلماً، والله تعالى يقول: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: من الآية221]، وقال: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: من الآية221]، ثم استثنى فقال: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: من الآية5]، فأباح زواج المحصنات من أهل الكتاب ولم يجز زواج الرجال من نساء المسلمين.
وحكمة ذلك: أن المسلم يؤمن بكل الرسل بما فيهم موسى وعيسى عليهم السلام، وبكل الكتب بما فيها التوراة والإنجيل، في حين لا يؤمن أهل الكتاب إلا برسولهم وكتابهم، وقد أجاز الإسلام لزوجة المسلم الكتابية أن تذهب إلى أماكن عبادتها كالكنيسة والمعبد، في حين لا يجيز هؤلاء الكتابيون للمسلمة- لو تزوجها أحدهم- أن تذهب للمسجد وتظهر شعائر الإسلام.
والأهم من ذلك: أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، والزواج ولاية وقوامة، فيمكن أن يكون المسلم ولياً وقواماً على زوجته الكتابية، في حين لا يمكن أن يكون غير المسلم ولياً أو قواماً على المسلمة، فالله تعالى يقول: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء: من الآية141]، والزوجة عليها طاعة زوجها، فلو تزوجت المسلمة غير المسلم لتعارضت طاعتها له مع طاعتها لله تعالى ولرسوله- صلى الله عليه وسلم- ولعل هناك حكماً أخرى كامنة في منع زواج المسلمة من غير المسلم، يعلمها الله تعالى، العليم بما يصلح العباد {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}؟
وما على المؤمن بالله تعالى وبحكمته وعلمه؛ إلا أن يقول: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: من الآية285]، ويقول الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله - رب البيت المسلم يستحيل أن يمر بخاطره أن يهين موسى أو عيسى، إنه يحترمهما كما يحترم نبيه محمداً، ويصفهما بالوجاهة والرسالة وقوة العزم وصدق البلاغ، وهذا معنى يلقي السكينة في نفوس أتباعهما،أما اليهود والنصارى فإن ضغائنهم على محمد- صلى الله عليه وسلم- أعيت الأولين والآخرين، وقد استباحوا قذفه بكل نقيصة.
وفي عصرنا هذا منحت إنجلترا أعظم جائزة أدبية لكاتب نكرة، كل بضاعته شتم محمد- صلى الله عليه وسلم- والولوغ في عرضه والتهجم عل حرمه، فكيف تعيش مسلمة في بيت تلك بعض معالمه؟
إن الزواج ليس عشق ذكر لمفاتن أنثى، إنه إقامة بيت على السكينة النفسية والآداب الاجتماعية، في إطار محكم من الإيمان بالله، والعيش وفق هداياته، والعمل على إعلاء كلمته، وإبلاغ رسالاته وهذا الذي ذكر ما هو إلا محاولات لاستنباط الحكمة من المنع، ويبقى الكثير الذي لا يدركه إلا الله، على أن الفيصل في المسألة أنه أمر تعبدي محض.
وجاء في فتاوى الأزهر الشريف: صحيح أن الإسلام يجيز زواج المسلم من غير المسلمة - مسيحية أو يهودية - ولا يجيز زواج المسلمة من غير المسلم، وللوهلة الأولى يُعد ذلك من قبيل عدم المساواة، ولكن إذا عرف السبب الحقيقي لذلك انتفى العجب، وزال وَهْمُ انعدام المساواة، فهناك وجهة نظر إسلامية في هذا الصدد توضح الحكمة في ذلك، وكل تشريعات الإسلام مبنية على حكمة معينة ومصلحة حقيقية لكل الأطراف.
الزواج في الإسلام يقوم على " المودة والرحمة " والسكن النفسي، ويحرص الإسلام على أن تُبنى الأسرة على أسس سليمة تضمن الاستمرار للعلاقة الزوجية، والإسلام دين يحترم كل الأديان السماوية السابقة، ويجعل الإيمان بالأنبياء السابقين جميعاً جزءاً لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية، وإذا تزوج مسلم من مسيحية أو يهودية فإن المسلم مأمور باحترام عقيدتها، ولا يجوز له - من وجهة النظر الإسلامية - أن يمنعها من ممارسة شعائر دينها، والذهاب من أجل ذلك إلى الكنيسة أو المعبد.
وهكذا يحرص الإسلام على توفير عنصر الاحترام من جانب الزوج لعقيدة زوجته وعبادتها، وفى ذلك ضمان وحماية للأسرة من الانهيار، أما إذا تزوج غير مسلم من مسلمة فإن عنصر الاحترام لعقيدة الزوجة يكون مفقودًا؛ فالمسلم يؤمن بالأديان السابقة، وبأنبياء الله السابقين، ويحترمهم ويوقرهم، ولكن غير المسلم لا يؤمن بنبي الإسلام، ولا يعترف به، بل يعتبره نبيّاً زائفاً وَيُصَدِّق - في العادة - كل ما يشاع ضد الإسلام وضد نبي الإسلام من افتراءات وأكاذيب، وما أكثر ما يشاع.
وحتى إذا لم يصرح الزوج غير المسلم بذلك أمام زوجته فإنها ستظل تعيش تحت وطأة شعور عدم الاحترام من جانب زوجها لعقيدتها. وهذا أمر لا تجدي فيه كلمات الترضية والمجاملة، فالقضية قضية مبدأ، وعنصر الاحترام المتبادل بين الزوج والزوجة أساس لاستمرار العلاقة الزوجية، وقد كان الإسلام منطقيّاً مع نفسه حين حرّم زواج المسلم من غير المسلمة التي تدين بدين غير المسيحية واليهودية، وذلك لنفس السبب الذي من أجله حرّم زواج المسلمة بغير المسلم، فالمسلم لا يؤمن إلا بالأديان السماوية وما عداها تُعد أدياناً بشرية، فعنصر التوقير والاحترام لعقيدة الزوجة في هذه الحالة - بعيداً عن المجاملات - يكون مفقودًا، وهذا يؤثر سلباً على العلاقة الزوجية، ولا يحقق " المودة والرحمة" المطلوبة في العلاقة الزوجية.
* قصص زيجات لمسلمات تزوجن من نصارى:
رغم إجماع المذاهب الفقهية الإسلامية على تحريم زواج المسلمة من غير المسلم.. إلا أن الوضع بالنسبة للمسلمات اللاتي يعشن في الغرب مختلف، ومن العربيات المسلمات المهاجرات - سواء من الجيل الأول أو الثاني - من تدير ظهرها لتلك الفتاوى وتقبل الزواج من غير دينها متحملة بذلك صعاباً اجتماعية شديدة.
تقول ز.أ - سودانية مقيمة بأسبانيا-: تزوجت من نصراني بعد أن أسلم بناءً على رغبتي وأنجبت منه ثلاثة أبناء وبعد سنوات اكتشفت أنه مازال على دينه ويذهب إلى الكنيسة مصطحباً ابني الكبير معه وأنا الآن أندم ندم شديد ولا أدري ماذا أفعل؟
* عظة في زيجة:
هذه القصة ترويها أم حازم صلاح فتقول: عندما كنا في أمريكا كان لنا جيران ينحدرون من أصل عربي وتعلقت ابنتهم بشاب أمريكي نصراني وجن جنون أبيها فماذا يقول لذويه ومعارفه ؟ وحاول إقناعها بشتى الطرق ولكن دون جدوى، وفي النهاية رضخ لرغبة ابنته - بعد أن هددته بترك البيت - وطلب مقابلة هذا الشاب وأقنعه بأن يعلن إسلامه صورياً حتى لا يتعرض للانتقادات واللوم ووافق الشاب وفي أثناء هذه المقابلة أعطاه الأب كتيب عن التعريف بالإسلام باللغة الإنجليزية وتزوجت الفتاة ومر عامين على زواجها وذات مرة وزوجها النصراني جالس يحتسي كوبا من الشاي وجد على الطاولة بجانبه هذا الكتيب الذي كان قد أعطاه له والد زوجته فأخذ يتصفحه بلا مبالاة فجذبته كلمات الكتاب وأعجب بعظمة هذا الدين وذهب إلى صهره ليسأله المزيد من المعلومات عن هذا الدين وبعد مدة وجيزة ذهب إلى المركز الإسلامي وأعلن إسلامه، ثم تعلم الصلاة وبدأ يصلي ووجد زوجته لا تصلى فطلب منها أن تصلي كما يأمرها دينها فرفضت ثم طلب منها أن تتحجب كما يأمرها دينها فلم ترضخ لذلك فقال لها أنت عاصية لربك لا تقيمين فرائض دينك كما أراد الله لذا فأنا لا أستطيع العيش معك وطلقها وتزوج من مسلمة محجبة.
وقد التقت جريدة "الحياة" اللندنية بنماذج من عربيات تزوجن من غير مسلمين، ورصدت عن قرب الصعوبات والمشاكل اللاتي تعرضن لها، كما رصدت حالات أخريات يواجهن صعوبات من نوع مختلف لأنهن لا يقبلن بهذا الزواج، "ربما أكون رسمت لنفسي مستقبلاً مع شخص رفضه أهلي لدينه، وبقيت أتجرع مرارة هذا الرفض"، هكذا تبدأ نهاد خالد حديثها عن نفسها، فهي فتاة مسلمة عربية رغبت في الزواج من شخص عربي (غير مسلم).
ما زالت نهاد تحب زوجها الذي اختارته، وهو يحبها على رغم اختلاف ديانتهما، وترى أنها لا تختلف معه في شيء، فهي تحترم مشاعره ومعتقداته الدينية، وهو كذلك.
السيدة نهاد تجيب بتحفظ بعد سؤالها عن المستقبل الديني لأطفالها لمن سيؤول: "تلك مسألة سابقة لأوانها، كوننا لم ننجب بعد، ولم نناقشها حتى هذا الوقت"، وتورد الصحيفة نموذجاً آخر هو حالة مريم.ف - 26عاما - التي تعتقد أن رفض والديها سفرها وحدها لاستكمال دراستها ما كان إلا لحدسهما بما قد يحدث نتيجة الوحدة التي ستعيشها، تعلق قلب مريم بشاب أميركي الجنسية عربي الأصل مسيحي الديانة، وعلى رغم اختلاف ديانتيهما، لم يمنعه ذلك من مصارحتها برغبته في الزواج منها، ولم يمنعها من قبوله زوجاً، بدأت معاناتها في كيفية مصارحتها أهلها، وكيف تقدم لهم زوج المستقبل، لم تخش جنسيته ولا أصوله العربية، التي هي سبب في كثير من الأحيان لرفض الأهل، كل ما تخوفت منه مصارحتهم بدينه، استجمعت قواها وتحدثت مع والدتها التي طلبت منها العودة في أسرع وقت ممكن، رفضت مريم طلب والدتها، ما اضطرها لوضع والدها في الصورة، فطالبها بالاستعجال في العودة، فأخبرته بأنها وخطيبها قد تزوجا فعلاً.
تقول مريم: ((إن ما ساعدني في الاستعجال بالزواج هو أنني من حاملي الجواز الأميركي حيث إنني من مواليد أميركا)). ولم تخجل من ذكر أنها عانت كثيراً نظرات زملائها وزميلاتها من المسلمين في الجامعة التي تدرس بها، وأنها كثيراً ما خجلت من أسلوب النصح المحمل باللوم لها ولاختيارها. وباتت تشعر الآن بالخوف على مستقبلها - كما تقول - ((بعد ما تعرضت زميلتها من دولة خليجية لسوء معاملة عائلتها ورفضها لها، إثر زواجها من أميركي غير مسلم كان زميلاً لها في الجامعة، وبعد خلاف معه تركته وهي حامل لتعود لأهلها وتلاقي منهم الرفض واللوم والعتب المستمر لمخالفتها رأيهم)).
ويعلق الدكتور عطية فياض- أستاذ الفقه بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة الملك خالد بمدينة أبها- على مثل هذه الزيجات قائلاً:يقول الله عز وجل: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: من الآية221]، وأن مثل هذه المرأة تكون قد ارتكبت إثماً وذنباً وزواجها غير صحيح ولا يمكن أن يصح هذا الزواج إلا إذا أسلم هذا الرجل وصح إسلامه وأكرر "صح إسلامه"، فقد منع الإسلام عبر القرآن والسنة زواج المسلمة بغير المسلم ولتعلم المرأة التي تُقدم على مثل هذه الزيجة أن الحب والغرام يجب أن يحتكم إلى الشرع ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به"، والأطفال الذين يأتون نتاج هذه الزيجة ينسبون إلى أبيهم بالإلحاق وليس بالزواج لأن الزواج باطل..باطل.
اطبع هذه الصفحة أرسل إلى صديق
تقييم المقالة:
مقالات للكاتب
* حلول عملية لمشكلة العنوسة
تعليقات الزوار:
1- azawaj bighayri moslim batilan
fatima khairi - italiya - 12/01/2007 07:52 PM
okhti al3aziza qala allah sobhanaho wa ta3ala wala tunkiho almochrikin hata yuiaminuwa llahi ya okhti alhobo howa hobo allahi faqat min tajribatin waqi3iya arjoukan la takhtai fi haqi nafsik wa haq atfalik la tatajawaji min ghayri mosliminwa ila satakon hayatuk ta3isa...wa malia bimachakil...
2- ماذا يستفيد الترابي
ابو رعد - السعودية - 18/01/2007 08:17 PM
ماذا يستفيد الترابي وماذا يستفيد المسلمون من فتواه؟
أعتقد بأن الرجل قد وصل مرحلة الخرف.
3- اختاه فكري في مستقبلك قبل زواجك من غير مسلم
امالي - فرنسا - 28/01/2007 01:04 AM
السلام عليكم يعطيكن العافيه ع الموضوع انا مسلمه متزوجه بمسيحي عربي يقدر ديني وعاطيني حريتي حتى انو يصوم معي ويزكي بس لما يكون مع اهلو بياكل لحم الخنزير ويرفض اني اتناقش مع اهلو عن ديني صايرلي4سنين وانا معه ووالله مابنام مثل كل الناس ومني سعيده بحياتي ونادمه علي عملتو 4سنين وماقدره اخلف منه لاني خايفه ع مستقبلي ومستقبل ولادي وبراسي زواجي باطل وانا زانيه مو متزوجه خايفه من الله وجهنم الي ناطرتني مع العلم اني تزوجت وعمري اقل من 18 وكان في امام يوم العرس قرأ الفاتحه وزوجي نطق بالشهادتين الا ان شهادتو باطله كان عاملها بس ليقبلو اهلي زواجنا والله اني نادمه وكل يوم ابكي ع لي عملته بحالي وبصلي لا الله يفرجها علي اختاه زواج مع غير مسلم جحييييييييييييييييم
4- لا تقنطي من رحمة الله
إدارة تحرير الموقع - 28/01/2007 09:43 AM
الأخت/ أمالي – من فرنسا حفظها الله ووفقها لكل خير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد قرأنا رسالتك التي تتحدثين فيها عن وضعك الذي هو واحد من حالات عديدة من إفرازات قبول المسلمين بالعيش في البلدان غير المسلمة، والغربية منها على وجه الخصوص، ولا نكتمك كم آلمتنا هذه الرسالة، ونحن نشعر أن أختًا لنا كريمة مصونة كالجوهرة تقبل أن يدنسها رجل نصراني، بعيد عن ديننا وعاداتنا وثقافتنا.
ومن الواضح من رسالتك أنك عالمة بالحكم، وتعلمين قوله تعالى: (ولاتُنْكِحُوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم)، فهو إذًا فجور وليس بزواج، فتنبَّهي.
ولكننا لا نريدك أن تصلي إلى حالة من اليأس والقنوط، بل لا بد أن تثقي بعفو الله ورحمته ومغفرته.
أختاه إننا نناشدك ونسألك بالله أن تتوبي وتحسمي هذا الموضوع، فسارعي إلى التوبة الصادقة، والحمد لله أنك لم يولد لك منه، وهذا من فضل الله عليك، فالخلاص الآن سهل وميسور، ولكنه يحتاج إلى عزيمة صادقة منك، نسأله تعالى أن يعينك ويوفقك ويسددك، واعلمي أنك إذا كنت صادقة في طلب الخلاص من هذا الوضع فإن الله سبحانه سيعينك وييسر لك الأمر، وسيبدلك زوجاً صالحاً خيراً منه، واعلمي أن من ترك شيئاً لله عوضه الله بخيرٍ منه، نرجو أن تثلجي صدورنا عما قريب بخبر مفرح، والسلام عليكم.
5- خطء
فراس - syria - 28/01/2007 08:43 PM
اشكر السيدة فاطمة من ايطاليا وجميع من شاركو بهذا الموضوع من هذا الترابي وما له ولدين الاسلامي الدين واضح في جميع كتبه ومزاهبه الاربع وجميع العلماء لن يتجراو على أي فتوى في مثل هذه الفتاوى وكل من يفتي في هذه الامور يتحمل التبعية ويجب معاقبته بل ويهدر دمه لان شرع الله واضح وانا انصح اخواتي المسلمات ان لا يتورطن بهذه المواضيع وان يصبرن ويتزوجن من المسلم المؤمن الطاهر ولو كان فقير وبل شرط ان يكون مقيم للصلات وللدين وان كان حافظ قران افضل والسلام عليكم جميعا
ــــــــــــــــ(50/46)
حول نكاح الكتابية
د. محمد بن سليمان المنيعي 16/11/1424
08/01/2004
سبق وأن نشرنا في النافذة حول (نكاح الكتابية) و (الزواج من النصرانية) ثم وردنا تعقيب من أحد الإخوة يشير إلى أن منع الحاكم الزواج من الكتابية - إن رأى ذلك - هو تحريم لما أحله الله - تعالى - إلى آخر ما ذكر- .فعرضنا هذا التعقيب على فضيلة الشيخ المفتي، فتكرَّم بالتوضيح والبيان، فإليكم فإليكم التعقيب والتوضيح.
التعقيب:
السلام عليكم.
بالإشارة إلى جواب الشيخ محمد المنيعي، والذي قال فيه إنه يجوز للحاكم المسلم منع الزواج من نساء أهل الكتاب مع كون ذلك حلالاً في القرآن الكريم، لكن الحاكم المسلم يكون بعمله هذا قد حرم ما أحل الله بآية صريحة في القرآن، فكيف نطيع الحاكم في ذلك؟ إذا جاز للحاكم أن يمنع زواج المسلم بامرأة نصرانية فهل يجوز أن يمنع تعدد الزوجات وأموراً أخرى صرَّح القرآن بإباحتها؟.
*****
التوضيح
فَرْقٌ يا أخي بين المنع والتحريم، خذ مثالاً على ذلك، لو منعت ولدك من أكل نوع من الطعام في الليل لمصلحة تراها فهل يعني هذا أنك حرمت أكل هذا النوع من الطعام على ابنك؟ وهل يجوز لولدك أن يقول: لم تحرم ما أحل الله لي؟ وعلى ذلك أقول: لولي الأمر أن يمنع شيئاً من المباحات أو يحرم العمل بها؛ لمصلحة يراها، تعود بالنفع على المسلمين.
وهذا له شواهد كثيرة.
فمنها أن عمرو بن العاص – رضي الله عنه- كان أميراً على جيش رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في إحدى المغاري، فنهاهم عن إيقاد النار في الشتاء مع حاجتهم لذلك، ونهاهم عن أخذ الغنائم لمصلحة يراها، فالتزم صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ذلك وأقرهم الرسول –صلى الله عليه وسلم- ولم يعترض عليهم
ومن ذلك منع عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- النكاح بنساء أهل الكتاب لمصلحة يراها، وامتثل ذلك صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم-.
ومن ذلك أمر عثمان بن عفان زيد بن صوحان – رضي الله عنهما- أن يترك المدينة، ويرحل إلى الشام لخطأ ارتكبه، فامتثل ذلك، وسافر إلى الشام، وغير ذلك من الأمثلة الكثير،. انظر مصنف عبد الرزاق (7/176 – 179)، ومصنف ابن أبي شيبة (33656)، وتفسير ابن جرير (2/390)، وسنن البيهقي (7/172)، وتاريخ دمشق (46 / 144 – 145) وسير أعلام النبلاء (3/66) وتفسير ابن كثير (2/540)، والدر المنثور (1/576)، ويكفيك من ذلك كله قوله – تعالى -: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" [النساء:59].
ــــــــــــــــ(50/47)
تحريم زواج المسلمة من غير المسلم.. إنصاف إلهي
الدين الحنيف لا يعرف العنصرية
الاتهامات التي يوجهها بعض المستشرقين وخصوم الإسلام في الغرب لشريعتنا الإسلامية لا تتوقف عند حد، وليس بالضرورة أن تحمل جديدا من الأكاذيب والأباطيل التي يوجهونها للإسلام أحيانا بقصد تشويه صورته، وأحيانا عن جهل وحماقة، سيرا على نهج بعض السابقين من الكتاب والباحثين والمستشرقين. ومنذ أيام نشرت بعض وسائل الإعلام الغربية تقريرا عن كتاب جديد لمستشرق أمريكي يدعى “م.ل جيفري” ردد فيه مغالطات قديمة واتهم الإسلام بالعنصرية، واستند في أكذوبته إلى تحريم الإسلام لزواج المسلمة من مسيحي أو يهودي.. في الوقت الذي يعطي للمسلم حق الزواج من مسيحية أو يهودية. عرضنا هذه الأكذوبة التي كثيرا ما ترددت على ألسنة المستشرقين والكتاب الغربيين على عدد من كبار العلماء والمفكرين الإسلاميين. فماذا قالوا في الرد عليها؟
بداية يؤكد المفكر الإسلامي الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف ورئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية المصري أن الإسلام لا يعرف العنصرية في تشريعاته ومواقفه، بل لكل تشريع حكمة، مَنْ يجهلها يسيء إلى الإسلام ويتهمه بما ليس فيه. ويقول: صحيح أن الإسلام يجيز زواج المسلم من غير المسلمة (مسيحية أو يهودية) ولا يجيز زواج المسلمة من غير المسلم. وللوهلة الأولى يفهم البعض ذلك على أنه عدم مساواة، ولكن إذا عرف السبب الحقيقي لذلك انتفى العجب، وزال وهم انعدام المساواة، فهناك وجهة نظر إسلامية في هذا الصدد توضح الحكمة في ذلك، وكل تشريعات الإسلام مبنية على حكمة معينة ومصلحة حقيقية لكل الأطراف.
ويضيف الدكتور زقزوق: إن الزواج في الإسلام يقوم على “المودة والرحمة” والسكن النفسي، ويحرص الإسلام على أن تبنى الأسرة على أسس سليمة تضمن الاستمرار للعلاقة الزوجية. والإسلام دين يحترم كل الأديان السماوية السابقة ويجعل الإيمان بالأنبياء السابقين جميعا جزءا لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية. وإذا تزوج مسلم من مسيحية أو يهودية فإن المسلم مأمور باحترام عقيدتها، ولا يجوز له من وجهة النظر الإسلامية أن يمنعها من ممارسة شعائر دينها والذهاب من أجل ذلك إلى الكنيسة أو المعبد.
عنصر الاحترام
الدكتور نصر فريد واصل أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر ومفتي الديار المصرية الأسبق، يقول: الإسلام حريص كل الحرص على توفير عنصر الاحترام من الزوج لعقيدة زوجته وعبادتها، وفي ذلك ضمان وحماية للأسرة من الانهيار. وكما نعرف أن للرجل حق القوامة على زوجته وأن عليها طاعته في ما يأمرها به من معروف، ومن هذا معنى الولاية والسلطان عليها. والزوج غير المسلم لا يعترف بدين المسلمة ولا يؤمن بكتابها ويجحد رسالة نبيها ولا يمكن لبيت أن يستقر ولا لحياة أن تستمر مع هذا الخلاف العقائدي بين المسلمة وزوجها غير المسلم الذي ينكر عليها دينها ولا يقرها عليه ولا يؤمن بدينها ولا بنبيها ولا بكتابها.
أما في إباحة زواج المسلم بالكتابية فليس في هذا تأثير في الكتابية، فالمسلم يعترف بدين المسيحية واليهودية ويؤمن بكتابها ويصدق بنبيها ويجعل الإيمان بذلك جزءا لا يتجزأ لا يتم إيمانه إلا به، ولذا يقول الله تبارك وتعالى في عقيدة المسلم: “آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير”.
ولاية وقوامة
الداعية الدكتور يوسف القرضاوي يؤكد أن هذه الشبهة التي تتردد على ألسنة كثير من خصوم الإسلام في الغرب لن تنال من الإسلام وعدالته وحرصه على المساواة بين الناس جميعا.. فالأفضلية في الإسلام لمن هو أكثر إيمانا وتقوى.. ويقول: المسلم يؤمن بكل الرسل بمن فيهم موسى وعيسى عليهما السلام، وبكل الكتب بما فيها التوراة والإنجيل وبينما لا يؤمن أهل الكتاب إلا برسلهم وكتبهم. وقد أجاز الإسلام للزوجة الكتابية للمسلم أن تذهب إلى أماكن عبادتها كالكنيسة والمعبد. بينما لا يجيز هؤلاء الكتابيون للمسلمة -لو تزوجوها- أن تذهب للمسجد وتظهر شعائر الإسلام. والأهم من ذلك أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، والزواج ولاية وقوامة، فيمكن أن يكون المسلم وليا وقواما على زوجته الكتابية. بينما لا يمكن أن يكون غير المسلم وليا أو قواما على المسلمة، والزوجة عليها طاعة زوجها فلو تزوجت المسلمة غير المسلم لتعارضت طاعتها له مع طاعتها لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم. ولعل هناك حكما أخرى كامنة في منع زواج المسلمة من غير المسلم يعلمها الله تعالى، العليم بما يصلح العباد “ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير”. وما على المؤمن بالله تعالى مسلما أو غير مسلم إلا أن يقول “سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير”.
الداعية الراحل الشيخ محمد الغزالي سبق أن فند هذه الشبهة برد قصير بليغ قال فيه: “رب البيت المسلم يستحيل أن يمر بخاطره أن يهين موسى أو عيسى، إنه يحترمهما كما يحترم نبيه محمدا، ويصفهما بالوجاهة والرسالة وقوة العزم وصدق البلاغ، وهذا معنى يلقي السكينة في نفوس أتباعهما. أما اليهود والنصارى فإن ضغائنهم على محمد أعيت الأولين والآخرين، وقد استباحوا قذفه بكل نقيصة. وفي عصرنا هذا منحت إنجلترا أعظم جائزة أدبية لكاتب نكرة كل بضاعته شتم محمد، (يقصد سلمان رشدي) والولوع في عرضه والتهجم على حرمه.. فكيف تعيش مسلمة في بيت تلك بعض معالمه؟ إن الزواج ليس عشق ذكر لمفاتن أنثى.. إنه إقامة بيت على السكينة النفسية والآداب الاجتماعية في إطار محكم من الإيمان بالله، والعيش وفق هداياته والعمل على إعلاء كلمته، وإبلاغ رسالاته”.
عدل وإنصاف
الدكتور محمد رأفت عثمان العميد السابق لكلية الشريعة والقانون في الأزهر، وعضو مجمع البحوث الإسلامية يرى أن عدم إباحة زواج غير المسلم من المسلمة قمة العدل والإنصاف الإلهي. فالإسلام هو الدين الخاتم ويجب أن يؤمن به أتباع الأديان السماوية السابقة. لكن للأسف لا نجد منهم إلا الإنكار.. فكيف تعيش زوجة تحت رعاية وسلطان زوج لا يؤمن بدينها، بل يحتقره؟! فالمسلم يؤمن بالأديان السابقة، وبأنبياء الله السابقين، ويحترمهم ويوقرهم، ولكن غير المسلم لا يؤمن بنبي الإسلام ولا يعترف به، بل يعتبره نبيا زائفا، ويصدق كل ما يشاع عن الإسلام وعن نبي الإسلام من افتراءات وأكاذيب.
سجلات قديمة
المفكر الإسلامي الدكتور محمد سليم العوا لا يرى غرابة في إثارة مثل هذه الشبهات الآن، فالحاقدون على الإسلام في الغرب يفتشون في سجلاتهم القديمة لكي يواصلوا حملاتهم البغيضة على الإسلام والمسلمين. ويقول: قضية عدم إباحة زواج المسيحي أو اليهودي من مسلمة في الوقت الذي يتزوج فيه المسلم من مسيحية أو يهودية هي بالفعل شبهة تتردد على ألسنة الكثيرين في الغرب، وقد أفاض علماء الإسلام في توضيح الحكمة من ذلك ولكنهم لا يفهمون ولا يريدون أن يفهموا هذه الحكمة لأنهم يبحثون عن ثغرات يهاجمون من خلالها الإسلام. وهذه النقطة بالذات ليست ثغرة وليست مأخذا يمكن أن يدان به الإسلام.
ويوضح الدكتور العوا الحكمة من إباحة زواج المسلم من كتابية (يهودية أو مسيحية) وعدم إباحة زواج الكتابي من مسلمة في كلمات بسيطة ومباشرة، فيقول: الزوج مكلف رعاية دين زوجته واحترام واجباته ومنهياته، وغير المسلم لا يؤمن بالإسلام، وبعض أحكام الإسلام تتصل أوثق اتصال بأخص خصائص الحياة الزوجية.. فكيف يطالب الزوج غير المسلم باحترامها؟
ويضيف: أبيح للمسلم الزواج من الكتابية لأنه يؤمن بدينها وكتابها إيمانا لا يتم إيمانه هو إلا به، فليس في تكليفه احترام واجبات دينها ومنهياته بأس عليه من أي نوع والزوج المسلم مكلف تمكين زوجته الكتابية من الصلاة في كنيستها واصطحابها إليها دون أن يدخلها، ومكلف أن يمكنها من الاحتفال بأعيادها الدينية وأن يبرها فيها كما يبر المسلم الزوجة المسلمة في عيدها.
منقول من جريدة الخليج الإمارات
ــــــــــــــــ(50/48)
في ظل إجماع الفقهاء قديما وحديثا على حكمه: زواج المسلمة بغير المسلم.. حرام
...
إعداد/ عبد القادر علي ورسمة ...
في ظل إجماع الفقهاء قديما وحديثا على حكمه: زواج المسلمة بغير المسلم.. حرام
إعداد/ عبد القادر علي ورسمة
إن زواج المسلمة بغير المسلم يعد من المسائل التي لم يختلف عليها الفقهاء، ومن المسائل التي قد أجمعوا على حرمتها، ولكن للأسف بدأنا نسمع أصواتاً ونقرأ لأناس لا دخل لهم بالعلم الشرعي يهرفون بما لا يعرفون ويفتون بغير علم ولا هدي ولا كتاب منير حول زواج المسلمة من غير المسلم كتابياً كان أم مشركاً داخل البلاد الإسلامية أو خارجها فالحكم واحد، وقد حاول بعض المستشرقين ومن لف لفهم من العلمانيين سابقا ويحاولون الآن إثارة بعض الزوابع في كثير من المسائل الشرعية، ومنها قضية زواج المسلمة بغير المسلم، ونصوص الكتاب والسنة واضحة كل الوضوح في هذه المسألة حيث قال تعالى: -وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ، وَلأمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ. وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا، وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ. أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ، وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِه،ِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ- -البقرة/221.
ودلّت الآية بوضوح على تحريم زواج المسلمة من المشرك وحتى لو كان كتابياً، ولو أعجبها وأعجب أهلها، طالما بقي على شركه، وعلّة التحريم هي الشرك.
وزواج المسلمة من المشرك، محرم بنص الآية، ويشمل غير المسلمين جميعاً سواء كانوا كتابيين أم غير كتابيين.
قال الإمام الطبري في تفسير هذه الآية: -والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم- يعني : والحرائر من الذين أعطوا الكتاب وهم اليهود والنصارى الذين دانوا بما في التوراة والإنجيل من قبلكم أيها المؤمنون بمحمد من العرب وسائر الناس أن تنكحوهن أيضاً ، -إذا آتيتموهن أجورهن- يعني : إذا أعطيتم من نكحتم من محصناتكم ومحصناتهم أجورهن؛ وهي: مهورهن -تفسير الطبري 6/104-.
وقال الإمام الطبري أيضاً: القول في تأويل قوله تعالى : -ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم- يعني تعالى ذكره بذلك : أن الله قد حرم على المؤمنات أن ينكحن مشركاً كائناً من كان المشرك، ومن أي أصناف الشرك كان ، فلا تنكحوهن أيها المؤمنون منهم فإن ذلك حرام عليكم ، ولأنْ تُزَوّجُوهنّ من عبد مؤمن مصدق بالله وبرسوله وبما جاء به من عند الله خير لكم من أن تُزَوّجُوهنّ من حر مشرك ولو شرف نسبه وكرم أصله، وإن أعجبكم حسبه ونسبه.
عن قتادة والزهري في قوله تعالى: -ولا تنكحوا المشركين- قال : لا يحل لك أن تنكح يهودياً أو نصرانياً ولا مشركاً من غير أهل دينك . - تفسير الطبري 2/379
وأشار القرطبي في تفسيره إلى الإجماع على حرمة زواج المسلمة بكافر حيث قال في تفسير قوله تعالى -ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا- وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه، لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام ويقول الدكتور عبد الكريم زيدان: لا يجوز زواج المسلمة بغير المسلم عند جميع الفقهاء.
نساء أهل الكتاب
ويرى جمهور الفقهاء إباحة زواج المسلم من نساء أهل الكتاب، وأجمعوا على حرمة زواج المسلمة من غير المسلم ،وهذا أمر تعبدي ، وإذا أردنا أن نلتمس حكمة لذلك فيمكن أن يقال: إن الإسلام عندما أباح للرجل الزواج من الكتابية، فإنه أمر الزوج أن يحترم دينها لأن المسلم يؤمن بجميع الأنبياء، أما غير المسلم إذا تزوج من مسلمة فإنه لا يحترم عقيدتها، و لا يؤمن بنبيها مما يوقد النار في المنزل ويمنع السكينة والرحمة التي قوام البيوت عليها، ويمكن أن يخرجها عن دينها لما عنده من الكره والبغض للإسلام والمسلمين؛ فلهذا منع الإسلام مثل هذا الزواج، وقال تعالي : -ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم-.
المسلمة والكتابي
إن زواج المسلمة من الكتابي سواء كان يهودياً أم نصرانياً أم مشركاً غير كتابي لا يجوز شرعا، وذلك بإجماع كل المذاهب الإسلامية على اختلافها، ولا يوجد رأي فقهي واحد يؤيد هذه المسألة، لا في كتب المتأخرين ولا المتقدمين ولا في أقوالهم، ونطالب من أهل الأهواء الذين يدعون بجواز هذا الأمر بداعي العولمة ومساواة الجميع أن يأتوا بأي عالم من علماء المسلمين أفتى بجواز هذا الأمر، وإلا فليسكتوا عن إلقاء الشبهات التي لا تستند إلى شيء؛ لأن ديننا الإسلامي الحنيف لا يعتمد على الأهواء بل يعتمد على نصوص شرعية من الكتاب والسنة، وأقوال أهل العلم البعيدة عن الأهواء والبدع.
فتوى المجمع
وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي فتوى عن استفسار ورد إليهم من قبل بعض المسلمين في الغرب، وكان كالتالي: ما حكم زواج المسلمة بغير المسلم خصوصاً إذا طمعت في إسلامه بعد الزواج حيث تدعي مسلمات كثيرات أنه لا يتوافر لهن الأكفاء من المسلمين في غالب الأحيان، وأنهن مهددات بالانحراف أو يعشن في وضع شديد الحرج؟ الجواب : زواج المسلمة بغير المسلم ممنوع شرعاً بالكتاب والسنة والإجماع. وإذا وقع فهو باطل، ولا تترتب عليه الآثار الشرعية المترتبة على النكاح، والأولاد المولودون عن هذا الزواج أولاد غير شرعيين، ورجاء إسلام الأزواج لا يغير من هذا الحكم شيئاً .
- وعليه فإن زواج المسلمة بغير المسلم محرم بإجماع المسلمين، بل وقد يؤكد العلماء بأن استحلال هذا الأمر قد يؤدي إلى الكفر والخروج من الإسلام.
وإلى حرمة نكاح المسلمة بغير المسلم وبطلان هذا النكاح يشير قول الله جل وعلا: -ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه- البقرة:/221.
وقول الله تعالى : -يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن- الممتحنة/10.
- وقد حرمت هذه الآية المسلمات على المشركين، وقد كان جائزا في ابتداء الإسلام أن يتزوج المشرك المؤمنة ثم نسخ بعد ذلك.
يقول الشافعي رحمه الله : فإن أسلمت المرأة، أو ولدت على الإسلام، أو أسلم أحد أبويها وهي صبية لم تبلغ حرم على كل مشرك كتابي ووثني نكاحها بكل حال.
مثل أولاد الزنا
وقد قرر فقهاؤنا السابقون أن من ينشأ عن هذه العلاقة المحرمة من أولاد فإن مثلهم مثل أولاد الزنا لا يثبت لهم نسب، ولا يتقرر لهم ميراث من الزاني، فإن ماء الزنا هدر لا يثبت به نسب ولا يتقرر به ميراث لقوله صلى الله عليه وسلم : -الولد للفراش وللعاهر الحجر- فالولد ينسب لصاحب الفراش الشرعي وهو الزوج ، وحيث لايوجد مثل هذا الفراش في هذه الواقعة لبطلان عقد النكاح فلا يثبت نسب، ولا يتقرر ميراث إلا بين الولد وبين أمه، أما بينه وبين الزاني فلا توارث وذلك لسببين : لاختلاف الدين من ناحية؛ لأن الولد مسلم بالتبعية لأمه، والزاني من أهل الكتاب، وقد قررت الشريعة المطهرة عدم التوارث عند اختلاف الدين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: -لا يتوارث أهل ملتين شتى-.
- وعلىه نرى أن حكم الشرع في هذه المسألة واضح جداً، وأنه لا يوجد دليل واحد يدل على جواز هذا الأمر، وإن كان بعض أهل الأهواء من العلمانيين وغيرهم يحاولون إثارة الشبهات، حتى يتمكنوا من تغيير بعض ثوابت الدين عند المسلمين، وذلك لتكوين ثقافة عالمية واحدة،ودور الأمم المتحدة وتدخلها في شؤون المرأة ومحاولاتها إقناع العالم بالمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة وتدخلاتها السافرة في شؤون الدول واضح لكل ذي نظر، مما يدل على أن إثارة مثل هذه المواضيع في هذه الأيام يخدم أجندة خارجية تسعى إلى طمس ثوابت الأمة وهويتها وثقافتها، وهذا مخالف لمبادئ حقوق الإنسان التي يتبجح بها الغرب وأذنابه من العلمانيين، والتي تنص على وجوب احترام الثقافات والأديان.
- وعلى المسلم أن يكون حذراً من هذه الأفكار الهدامة وينبغي أن يلتزم بكتاب الله وسنة رسوله، وعلى فهم سلف الأمة خير القرون قاطبة؛ قال تعالى: -وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله، ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا- -الأحزاب-26-.
ــــــــــــــــ(50/49)
دائرة معارف الأسرة المسلمة - الزواج من غير المسلمات(51/1)
شروط جواز نكاح الكتابية
تاريخ الفتوى : ... 26 ذو الحجة 1427 / 16-01-2007
السؤال
أنا أريد الزواج من فتاة مسيحية وكلانا نعيش في بلد عربي مسلم. ولكنها تخاف على نفسها من أهلها! أرجوكم ما العمل؟ كما وأرجوكم أن تدعوا لي ولها! أرجوكم ادعو الله القوي العزيز المتين معجز من في السماوات والأراضين أن يجعل لنا من أمرنا مخرجا ويسرا ورحمة ؟
جزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحل الله تعالى للمؤمن نكاح المؤمنة المحصنة العفيفة، وحرم نكاح المشركات أيا كانت ديانتهن، وبين تعالى أن المؤمنة ولو كانت أمة خير من المشركة ولو أعجبت الناس. قال تعالى: وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ {البقرة:221}. والعلة في ذلك ذكرها الله تعالى بقوله: أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ {البقرة:221}.
واستثنى الله تعالى من المشركات الكتابيات (النصرانيات واليهوديات)، حيث إن الكتابيات يشتركن مع المسلمات في بعض العقائد، كالإيمان بالله واليوم الآخر والحساب والعقاب ونحو ذلك، مما عساه يكون مساعدا في هدايتهن إلى الإسلام، وقد يحجزهن دينهن عن ارتكاب الفواحش .
وقيد سبحانه جواز نكاح الكتابية بأن تكون محصنة (أي عفيفة)، قال تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ {المائدة: 5}. فإن كانت غير محصنة (غير عفيفة) فلا يحل نكاحها. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 7819.
وعلى أية حال، فإن كنت مصرا على التزوج من تلك المرأة التي ذكرت أنها نصرانية، فاعلم أن ذلك لا يصح إلا بشرطين:
1. أن تكون عفيفة، وهو أمر مستبعد جدا.
2. أن تكون نصرانية في الواقع بخلاف الملحدة .
وإذا توفر هذان الشرطان فلا بد بعد ذلك من توفر شروط صحة النكاح الأخرى التي من بينها الولي، ويشترط أن يكون نصرانيا مثلها، قال الشيخ(51/2)
خليل بن إسحاق -رحمه الله تعالى-: ومنع إحرام من أحد الثلاثة ككفر لمسلمة وعكسه... قال الدردير: (وعكسه) فلا يكون المسلم وليا لقريبته الكافرة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
يخشى أن يفاتح صديقه بخطبة أخته
سؤال:
السؤال :
أدرس في الجامعة وسأنتهي قريباً إن شاء الله ! تعرفت على أخ قبل عدة سنوات ونحب بعضنا في الله .
صديقي له أخت وأود أن أتقدم لخطبتها فما هي أصول التقدم للخطبة من أخت صديقي لأنه وليها ؟ أشعر بأنه سيغضب لأنها غالية عنده جداً. جزاك الله خيراً .
الجواب:
الجواب :
لا أعلم في الشريعة أصولاً متعارفاً عليها في الخطبة يجب أن يسير عليها الإنسان غير الآداب المعروفة وغير العرف ، وهو عرف كل بلد إذا كان يوافق الشريعة .
وكونك تريد خطبة أخت صديقك ، ولا تدري بماذا يواجهك وتخشى من غضبه ، فإنك لم تذكر مبررات غضبه الذي تخشاه .
هل مجرد أنه يحب أخته وهي عنده غالية فهذا ليس بمانع بل من كانت أخته أو بنته عنده غالية فإنه يطلب لها الكفء وهذا من النصح لها .
وأما إن كانت هناك اعتبارات أخرى عرفية أو واقعية فلا يمكن النصح لك إلا بعد معرفتها .
ويمكن أن تستشير طالب علم من بلد صديقك يعرفك ويعرفه فهو الذي يستطيع أن يوجهك .
وفي الجملة ، يمكن أن تُعَرِّض لصديقك من غير تصريح بأنّ لك رغبة في الزواج وتستشيره فيمن يشير عليك من النساء ، ولو طلبت منه أن يدلك على من يعرف هو ممن له بهن معرفة من المسلمات فربما بان لك شيء من موقفه ، وكذلك لو أظهرتَ له محبتك له في الله تعالى ، وأبديت رغبتك فيما يوثق هذه المحبة ويديم الصلة كالمصاهرة ، فتقول مثلاً ليت لدي أخت أزّوجها لك أو لك(51/3)
قريبة تزوجها لي لتدوم الصلة وتنظر في ردود فعله وتبني عليها الإقدام أو الإحجام ، وإذا خشيت من ردة فعله يمكنك أن تجعل من يفاتحه شخص آخر غيرك حتى لا تتعرض أنت للإحراج ، وتذكر أن الدعاء من أهم أسباب حصول المطالب ، وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ عبد الله الحيدري .
ــــــــــــــ
شروط جواز نكاح نساء الكفار
تاريخ الفتوى : ... 22 رجب 1427 / 17-08-2006
السؤال
مقيم في usa ولا أملك أوراقا ومن تونس حيث لا تضمن حرية العبادة تعرفت على أرملة 50 سنة وليست تملك أي جمال ووقعت معها في الزنا كما أني أوجد في هذا البلد منذ 7 سنوات فهل أتزوجها؟ مع العلم أنها تريد أن تسلم ؟ ولا أظن أنها إلا بسبب أن تكون معي ، كما لا أخفي أني أخجل من هذا الوضع وأكره أن أجرحها أو أكون أضحوكة ، وأهم الأسباب أني أصبحت أقوم بفعل الحرام من الزنا ، كما أن حياتي أصبحت أصعب بعد كل العقبات في usa ويجب أن أصحح وضعي وذلك بالزواج فأرجو النصيحة وإن كانت صفعة ترد إلي رشدي ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من كان في بلد لا يستطيع فيه إظهار شعائر دينه والقيام بأوامر ربه فإنه يتعين عليه الهجرة منه إلى مكان يعبد فيه ربه. ويدل لذلك قول الله تعالى: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ {العنكبوت : 56}.
وقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا * وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {النساء: 97 ـ 100 }.
وإذا أراد المسلم الهجرة فينبغي أن يختار أفضل البلاد وأرفعها مستوى في الدين حتى يجد بيئة صالحة وصحبة صالحة تعينه على الطاعة، ويدل لذلك ما(51/4)
في صحيح مسلم أن العالم لما سأله التائب عن التوبة قال له: انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء.
فكان من المتعين عليك أولاً البحث عن دولة مسلمة تتوفر فيها حرية الدين، فإن لم تتيسر وكانت هناك بعض دول الكفر تعطي حرية للمسلم في عبادة الله تعالى, فلا شك أن الهجرة إليها أولى من البقاء في الدولة التي لا تعطي الحرية للمسلم في العبادة.
وعلى المسلم المهاجر إلى دول الكفر أن يتحفظ من مخاطر بلاد الكفر ويتفقه في أمور دينه, ويرتبط بالمساجد وأهلها, ويكثر من حضور مجالس العلم التي تصله بالله، ويحافظ على الأذكار المأثورة وصلوات الفرض والنفل, ويبتعد عن أجواء السوء والرذيلة ورفاق الشر والفجور.
فعليك أن تبادر إلى التوبة مما اقترفته وتتقي الله, وتقلع عن أماكن اقتراف المعاصي والفواحش. واعلم أن الزنا كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، وقرن الله جل وعلا الوعيد عليه بالوعيد على الشرك وقتل النفس، فقال سبحانه في صفات عباد الرحمن: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:68-70}.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن الله قد أباح نكاح نساء الكفار بشرط أن يكنَّ من أهل الكتاب (اليهود أو النصارى)، وبشرط أن يكنَّ عفيفات. قال الله تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ {المائدة:5}.
وما ذكرته من الممارسة مع هذه المرأة يدل بوضوح على أنها ليست عفيفة . وعليه فلا يجوز لك أن تتزوج بها, وننصحك بالابتعاد عنها, والبحث عن زوجة صالحة تعينك على التمسك بدينك.
كما ننصحك بالارتباط بالمراكز الإسلامية، فإن أهلها سيدلونك على الصواب، وقد تجد عندهم ضالتك.
ونسأل الله أن يعينك على الاستقامة والعمل بما يرضيه، إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
-ــــــــــــــــــــــــــــ(51/5)
وجه الحكمة في تحريم زواج المسلمة من الكافر
تاريخ الفتوى : ... 23 ربيع الثاني 1427 / 22-05-2006
السؤال
لماذا يجب على غير المسلم الدخول في الإسلام حتى يمكنه الزواج من المسلمة؟ وشكراً لكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسبب في منع غير المسلم من الزواج بالمسلمة أن الله تعالى قد حكم بذلك وشرعه، فقال سبحانه: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ {الممتحنة:10}، وقال سبحانه: وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ {البقرة:221}. وقد أشارت الآية الأخيرة إلى وجه الحكمة في تحريم زواج المسلمة من الكافر حتى يسلم.
قال الكاساني في كتابه بدائع الصنائع: فلا يجوز إنكاح المؤمنة الكافر؛ لقوله تعالى: وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ. ولأن في إنكاح المؤمنة الكافر خوف وقوع المؤمنة في الكفر، لأن الزوج يدعوها إلى دينه، والنساء في العادات يتبعن الرجال فيما يؤثرون من الأفعال ويقلدونهم في الدين، وإليه وقعت الإشارة في آخر الآية بقوله عز وجل: أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ، لأنهم يدعون المؤمنات إلى الكفر، والدعاء إلى الكفر دعاء إلى النار، لأن الكفر يوجب النار، فكان نكاح الكافر المسلمة سبباً داعياً إلى الحرام، فكان حراماً. انتهى، وتراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 31025، والفتوى رقم: 62835.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
المحافظة على الأبناء وأفكارهم في الغرب
سؤال:
نواجه - نحن المسلمين في الغرب - صعوبات في المحافظة على أبنائنا من الضياع والانخراط في المجتمع الغربي المنحل ، ونريد بعض الخطوات(51/6)
العملية التي نستطيع بها الحفاظ على أبنائنا من الانحراف والضياع . وجزاكم الله خيرا .
الجواب:
الحمد لله
للمحافظة على كيان الأسر المسلمة في بلاد الكفر ينبغي توفير عدد من الشروط والمتطلبات داخل المنزل وخارجه :
أ - داخل المنزل :
1- لابد من محافظة الآباء على الصلاة في المسجد مع أولادهم وإن لم يكن ثَمَ مسجد قريب فالصلاة جماعة في البيت .
2- ولابد لهم من قراءة القرآن والاستماع للتلاوة يوميا .
3- ولابد لهم من الاجتماع على الطعام بعضهم مع بعض .
4- ولابد لهم من التحدث بلغة القرآن بقدر الإمكان .
5- ولابد لهم من المحافظة على الآداب الأسرية والاجتماعية التي نص عليها رب العالمين في كتابه ومنها ما ورد في سورة النور .
6- وعليهم عدم السماح لأنفسهم أو لأولادهم بمشاهدة الأفلام الخليعة والفاجرة والفاسقة .
7- ولابد للأولاد من المبيت داخل المنزل والعيش فيه أطول وقت ممكن حماية لهم من تأثير البيئة الخارجية السيئة ، والتشديد على عدم السماح لهم بالبقاء خارج المنزل للنوم .
8- تجنّب إرسال الأولاد إلى الجامعات البعيدة لكي يسكنوا في سكن الجامعة ، وإلا سنفقد أولادنا ، الذين سينصهرون في المجتمع الكافر .
9- لا بد من الحرص التام على الطعام الحلال وأن يتجنّب الأبوان تماما تعاطي أيّ نوع من المحرّمات كالسجائر والماريوانا وغيرها مما ينتشر في بلاد الكفر.
ب - خارج المنزل :
1- لابد من إرسال الأطفال إلى مدارس إسلامية منذ الطفولة إلى نهاية الثانوية .
2- ولا بد من إرسالهم أيضا إلى المسجد بقدر الإمكان وذلك لصلاة الجمعة والجماعة ، وحضور الحلقات العلمية والدعوية والوعظية وغيرها .
3- لا بد من إيجاد النشاطات التربوية والرياضية بين الأطفال والشباب في أماكن يُشرف عليها المسلمون .(51/7)
4- إقامة مخيمات تربوية يذهب إليها أفراد العائلة بكاملها .
5- أن يسعى الآباء والأمهات إلى الذهاب إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك العمرة وفريضة الحج مصطحبين معهم أولادهم .
6- تدريب الأولاد على التحدث عن الإسلام بلغة مبسطة يفهمها الكبير والصغير ، المسلم وغير المسلم .
7- تدريب الأولاد على حفظ القرآن وإرسال بعضهم - إن أمكن - إلى بلد عربي مسلم لكي يتفقهوا في الدين ، ثم يعودوا بعد ذلك ليكونوا دعاة مزودين بالعلم والدين ولغة القرآن الكريم .
8- تدريب بعض الأبناء على إلقاء خطب الجمعة ، وإمامة المسلمين لكي يصبحوا قادة للجاليات الإسلامية .
9- تشجيع الأبناء على الزواج مبكرا لكي نحفظ لهم دينهم ودنياهم .
01- ولا بد من تشجيعهم على الزواج من المسلمات والعائلات والمعروفة بدينها وخلقها .
11- ترك استعمال رقم ( 911 ) ومطالبة الشرطة بالمجيء إلى المنزل لحل الخلاف ، فإن حصل خلاف فلا بد من الاتصال بأحد المسؤولين في الجالية الإسلامية أو العقلاء المسلمين للمساعدة على حل الخلاف .
21- عدم حضور حفلات الرقص والموسيقى والغناء ومهرجانات الفسق ومشاهد أعياد الكفر ومنع الأولاد بالحكمة من الذّهاب مع طلاب المدرسة النصارى إلى الكنيسة يوم الأحد .
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــــــــــــــــ
أحب نصرانية على حساب زوجته
سؤال:
شاب أحب فتاة نصرانية وهو يوليها عنايته وشعر بالذنب ، فيريد أن يهجر زوجته الأولي (أم أولاده) ثم يدعو الفتاة النصرانية للإسلام وبعد إسلامها يتزوجها.
وهجره لزوجته الأولي لا يعني الطلاق لئلا يظلم ولديه الصغيرين ، وزوجته الأولى غضبت غضبا شديدا .
الجواب:
الحمد لله(51/8)
أولا :
أحسن السائل كل الإحسان بعنايته بإرشاد صديقه في ضوء تعاليم الإسلام وهذا من كمال المحبة والأخوة الإسلامية ، فقد قال صلى الله عليه وسلم (الدين نصيحة) رواه الإمام مسلم , ولو انتشر بين المسلمين مثل هذه المعاني الطيبة لكان حالهم أفضل بكثير مما نحن عليه ، خاصة في بلاد غربة الدين وأهله . فالمسلم أشد ما يكون حاجة لأخيه المسلم يبذل له النصح ويحب لأخيه ما يحب لنفسه ، ورب كلمة طيبة أو
نصيحة خالصة يتكلم بها المرء لا يلقي لها بالاً ينال بها من رضوان الله ما لا يشقى بعده أبداً.
ولابد لصديقك إذا أراد معرفة الحق أن يكون صريحاً مع نفسه ويتجرد من ضغوط النفس خاصة في مثل هذه المواضيع .
ثم إن في نص السؤال اعترافاً بأن محبته للفتاة النصرانية ذنب إذ كيف يصح للمسلم أن يحب امرأة بهذه الطريقة وهي امرأةٌ أجنبية عنه وليست زوجة له، ويقال له :هذه المرأة عرض الغير فكما أنك لا ترضى أن يحب رجل غريب ابنتك أو أختك وليس زوجاً لها فكذلك نساء الآخرين .
فلا يسمح بمثل هذه المحبة إلا بزواج مبني على المقاصد الشرعية الصحيحة لا مجرد محبة يصرح السؤال بأنها ذنب، وديننا الحنيف عندما نظم العلاقات بين الرجل والمرأة جعل هناك طريقاً صحيحاً لصرف هذه العلاقات ، فكان الزواج فاتحة هذه العلاقات لا نتيجة لها فليس الزواج نتيجة لمحبة هي ذنب ربما كان الزواج مجرد تبرير لها ،ثم إن تنظيم هذه العلاقات إنما هو لمصلحة المجتمع المسلم واستقراره وسلامته ، إذ أن مخالفة هدي الشرع في ذلك يؤدي إلى مفاسد كثيرة لعل من أمثلتها ما ورد في السؤال من اضطراب في زواجه الأول.
والخطأ يجر إلى خطأ آخر وثالث وهكذا فهذا الشاب – أسعده الله في الدنيا والآخرة – أراد أن يصلح هذا الذنب بهجران زوجته الأولى وهذا ذنب آخر لعله لا يقل عن الأول ، والخطأ لا يُصلح بخطأ آخر.
فإن الإسلام حينما أباح التعدد ضمن العدل للزوجات فأوجب العدل بينهن قال تعالى : ( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ( النساء / 3 ، ولا شك أنه ليس من العدل هجران الزوجة الأولى للتزوج بالثانية ، حتى لو فرضنا أن القصد بهذا حسن وهو اعتناق النصرانية للإسلام فإن إسلام الثانية(51/9)
لا يدعو إلى ظلم الأولى ، والغاية لا تبرر الوسيلة ، ثم إن دعوة النصرانية للإسلام له وسائل كثيرة جداً يمكن استعمالها .
وكم من شخص دُعي إلى الإسلام دون ظلم أو ارتكاب ذنب .
وبناء على هذا فلا شك أن زوجته الأولى ستغضب ولو أنه في موقف مشابه لموقفها لغضب غضباً شديداً.
أخي : تأمل معي هذا الحديث النبوي الشريف : ( من كان له امرأتان فمال إلى أحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل ) . رواه الترمذي 1141 والنسائي 3942 وأبو داود 2133 وهو صحيح في أرواء الغليل 7/80 رقم 2017
فهل تحب أن تأتي يوم القيامة وشقك مائل ؟ لاشك أنك لا تحب ذلك.
كل ما مضى فيما لو أراد هجران زوجته الأولى لفترة مؤقتة . أما لو أراد هجرانها إلى الأبد فالأمر أشد ولا أدري أيهما يُراد في السؤال ؟
وإذا فرضنا أنك تزوجت هذه المرأة بعد إسلامها ثم علمت بامرأة أخرى ربما يكون زواجك بها ثالثة سبباً في إسلامها ولكنك لم تعرفها ولا تحبها فهل ستهجر الثانية لتعتنق تلك الإسلام وان كنت لا تحبها ؟ أجب نفسك بصراحة.
ختاماً : لا أنصحك بالزواج من هذه الفتاة النصرانية في مثل هذه الحال حيث أنه مبني على خطأ سابق وهو محبتها بلا حق . نعم تُشكر على حرصك على هداية غيرك إلى الإسلام، ويمكن إهداؤها بعض الكتب والنشرات والأشرطة الإسلامية عن الإسلام ودلالتها على المراكز الإسلامية والداعيات المسلمات ، أو السعي لأن يتزوجها أحد المتمسكين بدينهم ممن يكون لها عونا على ثباتها لكن بلا ظلم لزوجة سابقة ولا غير ذلك .
ثانيا : يجب العدل بين الزوجات في المبيت والنفقة ولا يجوز هجران الزوجة الأولى بلا حق ولو لمقصد نبيل.
ثالثا : المسلم الحريص على سلامة دينه يبتعد عن المحبة غير المبنية على أساس صحيح . وإن كان ذلك شديداً على النفس في أول الأمر ولكن كما قال تعالى : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) العنكبوت / 69 ، وقال صلى الله عليه وسلم ( إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا أبدلك الله به ما هو خير لك منه) . رواه الإمام أحمد 20222 ، وصححه الألباني ( السلسة الضعيفة /5)
وما أحراك أن تشتري رحمة الله والجنة بأن تحسن إلى أم أبنائك وترضيها كما أغضبتها ، وتسرها بعد أن أحزنتها بعد أن عاشت معك أكثر من سبع سنين .
والله يوفقك لكل خير .
الإسلام سؤال وجواب(51/10)
ــــــــــــــــــــــــــــ
هل يتزوج نصرانية ويرغمها على الإسلام
سؤال:
أنا معجب بفتاة وسنتزوج في المستقبل ... وأبواي موافقان تماماً على قراري ، وأيضا أبواها ، وكل شئ على ما يرام ... المشكلة التي تواجهني هي أنها مسيحية ، وأثناء مناقشتنا معا سألتها أن تعتنق الإسلام وأعطيتها الكثير من المعلومات عن الإسلام حتى تفهم كل شيء ، ولكن يبدو أنها لا تريد أن تعتنق الإسلام فكما قالت "أنا مسيحية قويَّة جدّاً جدّاً ولا أستطيع أن أقبل أي دين آخر غير المسيحية ولا يمكن أن أصير مسلمة " ، وهي لا تأكل الخنزير ولا تشرب الخمر ، فهي امرأة طاهرة في مشاعرها الحقيقية ولها قلب نقى ، وفي الحقيقة هي لا تعترض على ديني وتوافق أن تتقبلني كما أنا وتريدني أن أتقبلها بدينها والأطفال سيكونون مسلمين ، هذا ما قررناه حتى الآن .
بعض أصدقائي نصحوني أن أرغمها على دخول الإسلام أي : أهددها " لن أتزوجك إن لم تعتنقي الإسلام " هذا ما نصحني به أصدقائي ولكن على قدر علمي هذا لن يكون عدلا لها على الإطلاق ، أرجوك أخبرني هل يجب أن أجبرها على الإسلام ؟ أعتقد أنه لتكون مسلمة يجب أن يكون لديها الإحساس بأن الله واحد ويجب أن يكون لديها مشاعر حقيقية وليست مزيفة ، وأنا لا أريد أن أرغمها لأني أخاف أنها إذا أصبحت مسلمة لتريني وتتزوجني فقط فإن هذه ستكون خطيئة على ... أريدها أن تصبح مسلمة بمشاعرها الحقيقية وإحساس حقيقي بوحدانية الله وأنا أبذل قصارى جهدي لأمدها بمعلومات عن الإسلام وأريها الطريق الصحيح ... أرجوك أخبرني هل يجب أن أرغمها ؟ وإذا رفضت أن تعتنق الإسلام هل من الممكن أن أتزوجها ؟ هل من الممكن أن نتزوج و نعيش كزوج وزوجة ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
أباح الله تعالى الزواج من اليهودية والنصرانية ، بشرط أن تكون محصنة – أي : عفيفة عن الزنا - ، وأن تكون الولاية للمسلم عليها .
قال تعالى : { الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي(51/11)
أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ } المائدة / 5 .
والمراد بالإحصان العفة من الزنا .
قال ابن كثير :
وهو قول الجمهور ها هنا ، وهو الأشبه ، لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية وهي مع ذلك غير عفيفة ، فيفسد حالها بالكلية ، ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل : " حشفا وسوء كيلة " والظاهر من الآية أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنا .ا.هـ.
" تفسير ابن كثير " ( 3 / 55 ) .
وأما شرط الولاية فيدل عليه قوله تعالى : { وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً } النساء / 141 .
ومع هذا فإننا لا ننصحك – أخي الفاضل – بالتزوج من غير مسلمة ، بل لا ننصحك بالتزوج من أي مسلمة ، فليست الحياة الزوجية قائمة – فقط – على الجمال والإعجاب ، بل لا بدَّ للمسلم العاقل أن ينظر بعين بصيرته إلى ما هو أبعد من ذلك ، فهو محتاج إلى حفظ بيته في غيابه ، وهو محتاج إلى تربية أولاده ، وهو لن يجد هذا ولا غيره مما ينشده كل زوج عاقل إلا في ذات الدين من المسلمات ، وهي وصيَّة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تُنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك .
رواه البخاري ( 4802 ) ومسلم ( 1466 ) .
قال النووي :
الصحيح في معنى هذا الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بما يفعله الناس في العادة فإنهم يقصدون هذه الخصال الأربع وآخرها عندهم ذات الدين ، فاظفر أنت أيها المسترشد بذات الدين ، لا أنه أمر بذلك .
وفي هذا الحديث : الحث على مصاحبة أهل الدين في كل شيء لأن صاحبهم يستفيد من أخلاقهم وبركتهم وحسن طرائقهم ويأمن المفسدة من جهتهم .
" شرح مسلم " ( 10 / 52 ) .
وفي الزواج من الكتابيات مفاسد كثيرة ومنها :
1. مجاملته – على حساب دينه – لزوجته هذه ، خاصة وأنها " ملتزمة جدّاً " بدينها ، وهذا سيترتب عليه تعليقها للصليب وذهابها للكنيسة ، ولا يؤمن الأولاد عندها والحالة هذه .(51/12)
2. وهي لن تحافظ على اغتسالها من الحيض ولن تمانع من إتيانه لها في حيضها ، وهو ما سيسبب له حرجاً شرعيّاً وأذىً جسديّاً .
3. وقوعه في الإحراج نتيجة لتساهلها في لباسها واختلاطها بالرجال ومخاطبتهم .
4. وقوف دول وحكومات هؤلاء الكتابيات معهن في ضم الأولاد إليهن عند الاختلاف ووقوع الطلاق ، وهو ما يسبب ضياعاً لأولاده ووقوعهم في الكفر ، والقضايا في هذا أشهر من أن تذكر وأكثر من أن تُعد .
وقال بعض الشعراء :
زواجُ النَّصَارى قبحُهُ متزايدٌ *** يؤدِي إلى كُفرِ البنينَ مؤكَّدا
ومَنْ يرضَ كُفرَ ابنٍ له فهو كَافرٌ *** وإنْ زعَمَ الإسْلامَ قَولاً مفنَّدا
وقد يكفر الزوج اتباعاً لزوجهِ *** فيدخلَ في نارِ الجَحيمِ مخلَّدا
عليكَ بذاتِ الدين إن كنتَ راغباً *** زواجاً صحيحاً تبدُ فيه مسدَّدا
وذَرْ عنكَ أهلَ الكفر واحذرْ زواجهمُ *** فشَرهموا يبدوا كثيراً مُندَّدا
وأولادُ هذا العقدِ ليسوا لرشدةٍ *** فيكثرُ جيلُ الخبثِ فَرعَاً ومَحتَدا
ثانياً :
لا يجوز لك أن ترغم زوجتك النصرانية – إذا تزوجتها – على الإسلام ، قال الله تعالى : { لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } البقرة / 256 .
قال ابن كثير :
يقول تعالى : { لا إكراه في الدين } أي : لا تكرهوا أحداً على الدخول في دين الإسلام فإنه بيِّن واضح جليٌّ دلائله وبراهينه لا يحتاج إلى أن يُكره أحدٌ على الدخول فيه ، بل مَن هداه الله للإسلام وشرح صدره ونوَّر بصيرته دخل فيه على بيِّنة ، ومَن أعمى الله قلبَه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسوراً ، وقد ذكروا أن سبب نزول هذه الآية في قوم من الأنصار وإن كان حكمها عامّاً .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 311 ) .
ونوصيك – مرة أخرى – بتركها ودعاء الله سبحانه وتعالى أن يصرف قلبك إلى ما هو أصلح لدينك ، وما دام هذا الترك لله فقوِّ يقينك بأن الله سيبدلك خيراً منها ، إذ من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه .
والله أعلم .(51/13)
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــــــــــــــــ
نظرة واقعية للزواج من الكتابيات
سؤال:
هل يحق للرجل المسلم الزواج من امرأة نصرانية أو يهودية كما تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم بمارية القبطية ؟.
الجواب:
الحمد لله
لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم مارية القبطية ، بل كانت أمَة له ، وكان قد أهداها له المقوقس صاحب مصر ، وذلك بعد صلح الحديبية .
والأمة يجوز الاستمتاع بها ومعاشرتها حتى لو لم تكن مسلمة لأنها من ملك اليمين والله تعالى أباح ملك اليمين من غير شرط الإسلام قال تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُون* إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) سورة المؤمنون/5-6
أما الزواج من نصرانية أو يهودية فهو جائز بنص القرآن بقوله تعالى : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ) المائدة / 5 .
قال ابن القيم :
ويجوز نكاح الكتابية بنص القرآن ، قال تعالى : { والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } ، والمحصنات هنا هن العفائف ، وأما المحصنات المحرمات في سورة النساء فهن المزوجات ، وقيل : المحصنات اللاتي أُبحن هن الحرائر ، ولهذا لم تحل إماء أهل الكتاب ، والصحيح : الأول لوجوه – وذكرها - .
والمقصود : أن الله سبحانه أباح لنا المحصنات من أهل الكتاب ، وفعله أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم ، فتزوج عثمان نصرانية ، وتزوج طلحة بن عبيد الله نصرانية ، وتزوج حذيفة يهودية .
قال عبد الله بن أحمد : سألت أبي عن المسلم يتزوج النصرانية أو اليهودية ، فقال : ما أحب أن يفعل ذلك ، فإن فعل فقد فعل ذلك بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
" أحكام أهل الذمة " ( 2 / 794 ، 795 ) .(51/14)
ونحن وإن قلنا بالجواز ، ولا نشك بذلك للنص الواضح فيه ، إلا أننا لا نرى أن يتزوج المسلم كتابية ، وذلك لأمور :
الأول : أن من شروط التزوج من الكتابية أن تكون عفيفة ، وقلَّ أن يوجد في تلك البيئات من هن عفيفات .
والثاني : أن من شروط التزوج من الكتابية أن تكون الولاية للمسلم ، والحاصل في هذا الزمان أن من يتزوج من بلد كافر فإنه يتزوجهن وفق قوانينها ، فيطبقون عليه نصوص قوانينهم وفيها من الظلم والجور الشيء الكثير ، ولا يعترفون بولاية المسلم على زوجته وأولاده ، وإذا ما غضبت المرأة من زوجها هدمت بيته وأخذت أولادها بقوة قانون بلدها ، وبإعانة سفاراتها في كافة البلاد ، ولا يخفى الضعف والعجز في مواجهة تلك البلاد وسفاراتها في بلدان المسلمين .
والثالث : أن النبي صلى الله عليه وسلم رغَّبنا بذات الدين من المسلمات ، فلو كانت مسلمة توحد الله لكنها ليست ذات دين وخلق فإنه لا يرغب بزواجها ، لأن الزواج ليس هو الاستمتاع بالجماع فقط ، بل هو رعاية لحق الله وحق الزوج ، وحفظ لبيته وعرضه وماله ، وتربية لأولاده ، فكيف يأمن من يتزوج كتابية على تربية أبنائه وبناته على الدين والطاعة ، وهو تارك لهم بين يدي تلك الأم التي تكفر بالله تعالى وتشرك معه آلهة ؟ .
لذا وإن قلنا بجواز التزوج من كتابية إلا أنه غير محبَّذٍ ولا يُنصح به ، لما يترتب عليه من عواقب ، فعلى الإنسان المسلم العاقل أن يتخيّر لنطفته أين يضعها . وأن ينظر نظراً مستقبلياً لحال أولاده ودينهم ، وألا يعميه عن النظر الواعي شهوة جارفة ، أو مصلحة دنيوية عاجلة أو جمال ظاهري خادع ، فإنما الجمال جمال الدين والأخلاق .
وليعلم أنه إن ترك مثل هذه الزيجات ابتغاء الأفضل لدينه ودين أبنائه فإن الله تعالى يعوِّضه خيراً ، إذ أن " من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه " كما أخبر بذلك الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى عليه صلوات الله وسلامه . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل . انظر جواب السؤال رقم : ( 2527 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
عوائق في زواج نصرانية من مسلم(51/15)
سؤال:
صديقي مسلم وهو يواجه مشاكل مع والديه حتى يقبلوا بي . هما لم يقابلاني مطلقا ، لكن والدته أخبرته مرارا بأنه إن لم يتركني ، فإنه لن يدخل البيت أبدا ، وقد هددته بأنهما سيتوقفان عن الحديث معه . وأنا لا أعرف موقف والده، وهو يتحدث إلى والدته في أغلب الأحيان . ( ومما أفهمه أن التحدث إلى الوالد غالبا ما يكون صعبا عند المسلمين ).
وأعلم أيضا أنه يجوز للمسلم الزواج من النصرانيات أو اليهوديات إذا كن عفيفات ، وأعلم أيضا أنه لا يجوز لوالديه أن يهجراه لمجرد أنهما لا يوافقانه على علاقته بي ، لكن كيف نتصرف وهما لا يسمحان حتى بمناقشة هذا الموضوع ؟ ماذا أفعل وهما قد حكما عليّ حتى قبل أن يتعرفا عليّ ؟ أنا وهو صديقان ، والإسلام لا يقبل بهذه العلاقة ، لكننا نرغب في الزواج . ( وسوف ينشأ أطفالنا على الإسلام ، كما أني عازمة أن أتعرف على الإسلام ، ولذلك فلا تعارض في المسألة ).
صديقي لا يريد أن يجرح أي شخص ، خصوصا والده ووالدته ، فهو يكن لهما الاحترام الشديد . لقد أخفق في أن يظهر لوالديه أنه يحبني كثيرا وأني فتاة جيدة . وأنا لا أستطيع مساعدته بالتحدث إليهما ، حيث أخبرني أنه من غير المقبول أن يأتي الشاب بفتاة إلى منزل والديه . فكيف أساعده في هذا الموضوع ؟ لماذا يُمنع التحدث في موضوع كهذا ؟ كيف يمكن حل المشاكل إذا كان حتى مجرد النقاش غير ممكن ؟ ألم يخلق الله الناس ليعرف بعضهم بعضا ؟ أنا أؤمن بالله ، وأحاول أن أكون امرأة صالحة ، وأدعو لذلك كل يوم .
والداي نشآني على النصرانية ، لكني منذ أن أخذت أتعرف بعض الشيء على الإسلام وأنا لا أستطيع الإيمان بالطرق النصرانية أبدا . أظن أن الإسلام (هو الدين المناسب لي) لكني اتفقت مع صديقي أن نركز على هذا بعد أن تحل مشكلتنا – وهي قبول والديه بنا . أريد أن تكون علاقتي بالله صافية وألا تؤثر عليها أمور أخرى ؛ فالصديق لا يمكن أن يكون السبب في قبولي للإسلام ، أليس كذلك ؟
هل أكون مستحقة للملامة إن أنا قبلت الإسلام - وأستمر في إيماني بالله حسب اعتقادي فيه الآن - لا لشيء إلا لتسهيل الأمور بالنسبة لنا، حيث أن الوالدان يريدان ذلك؟ أعلم أن المسلم الحقيقي لا يفكر في نفسه فحسب بل عليه أن يفكر في جميع الناس حوله ، لكني لا أستطيع أن أقبل بأن حبنا يجب أن يتوقف ، لمجرد أن والديه يريدان ذلك . أهذه مشيئة الله ؟ أرجو أن تنصحنا حول هذا .(51/16)
لماذا لا يتحدثان معي ؟ كيف يمكن أن نفهمها أنهما لا يمكنها الحكم عليّ قبل أن يتعرفا عليّ ؟ وهل لديك أي نصائح له، وهل سيكون القرار قرارا شديد الصعوبة ؟.
الجواب:
الحمد لله
نسأل الله عز وجل أن يمن عليك بالهداية ، وسلوك طريق الرشاد ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
أولاً : نشكرك على طرح السؤال وتوجيهه إلى هذا الموقع الإسلامي مما يدلّ على ثقتك ورغبتك في معرفة الجواب الصحيح .
ثانياً :
إن عدداً من الاستغرابات التي أوردتيها في سؤالك تعتبر عندنا معشر المسلمين أموراً مسلّمة ، بينما تعتبر عند غيرنا مستنكرة.
ومعرفة السبب معهم ، وهو أن المسلم ينطلق في مواقفه وآرائه من التسليم لحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن الطاعة المطلقة للخالق الرازق المحيي المميت ، لأنه أوجب علينا ذلك وهو أعلم بما يصلحنا .
فعلى سبيل المثال : أنت تستغربين جداً استنكار والدي عشيقك للعلاقة بينكما لأنك ترين بما تربيت عليه واعتدتيه وألفتيه في الواقع غير الإسلامي الذي تعيشين فيه أن هذه العلاقة أمر طبيعي وعادي ومألوف وتقارب بين نفسيات البشر وارتياح عاطفي أو غريزي ، وقد يؤدي لك خدمات وتؤدين له خدمات في المقابل ، ويلين معك بالكلام ، وأنت تلاطفينه أيضاً وبينكما هداياً .. إلخ
والإسلام لا يحرّم حسن الكلام وطيب المعاملة والهدايا ولكن ليس لرجل مسلم أن يخلو بامرأة أجنبية ويستمتع بها خارج إطار الزواج لأن مفسدة هذا ومضرّته في الإسلام من فقدان العفّة والوقوع في الزنا ، وانتهاك العرض والحمل بالولد الحرام وإضاعة النسب أخطر بكثير وأسوأ من تعاملات لطيفة وتبادل للهدايا .
ولولا استمتاع كل منكما بالآخر ربما لم يحصل مثل هذا التعامل .
وكذلك فإن وجود نيّة أكيدة وعزم على الزواج في المستقبل وإنجاب أولاد يعيشون مسلمين لا يبرر أبداً إقامة مثل هذه العلاقة المحرّمة التي تحدث فيها كثير من المحظورات الشرعية إسلامياً .(51/17)
ولنا أن نتساءل إذا كانت العلاقة حميمة وقويّة إلى هذه الدرجة والنيّة صادقة في الزواج لماذا لا تتم توبة كلّ منكما من هذه العلاقة المحرّمة والدخول مباشرة في علاقة شرعية إسلامية قائمة على الزواج الذي شرعه الله .
أما العقد الشرعي في الإسلام فليس أمراً صعباً ومعقداً بل يسير وسهل وراجعي سؤال رقم ( 2127 ) و ( 813 ) للتعرف على المزيد من صفة عقد النكاح في الإسلام .
ثالثاً : ليس صحيحا أن التحدث إلى الوالد صعب عند المسلمين ، فإنه ليس هناك مجتمع يتميز بالتماسك الأسرى ، والترابط فيما بين أفراده مثل المجتمعات الإسلامية ، بل نظرة سريعة في حال الأسرة في الغرب ، يجد الإنسان فيها أن الولد بعيد عن أبويه كل البعد ، وأن الوالدين لا يقوم أحد بحقوقهما ، فضلا عما يسببه ذلك من تشرد الأولاد ، وضياع البنات ، والإسلام يفرض على الأولاد نوعاً من الاحترام والتوقير للوالدين ، يعلم هذا جيّداً من يفتقده من غير المسلمين ، ونظراً لما تتمتع به الأم من اللين والعطف والحنان على أولادها ، وما يتمتع به الأب من الحزم والنظر إلى الأمور بتعقّل بعيداً عن العواطف ، فإن كثيراً من الأولاد يجدون أن الحديث مع الأم أسهل من الحديث مع الأب لاسيما في المشاكل التي تتعلق بعواطف الأولاد ومشاعرهم ، وليس معنى ذلك أن الحديث مع الأب صعب عند المسلمين .
ولكن قد يكون بعض الناس تربى تربية فيها بعض الأخطاء ، فأثرت بالتالي على بعض سلوكياته ، ولكن بشكل عام ، فإن المسلم يحب أخاه المسلم الغريب ، فكيف بالقريب ، فكيف بالابن والأب ، فالكل يحرص على مصلحة الآخر ، ويراعي أموره ، ويحب له الأفضل ، وهذا ما ينقلنا إلى النقطة الثانية ، ألا وهي :
ثانياً : أن رفض والديه لهذا الزواج ليس من باب التحكم ، أو أنهم قد حكموا عليك ولم يروك ، بل كل أب ( خاصة المجتمع المسلم ) يحب لابنه أن يعيش أفضل عيشة ، وبحكم خبرة الأب الكبيرة في الحياة ، وبحكم كبر سنه ، وعلمه بالأمور كيف تسير ، فإنه لا يحب أن يقع ابنه في مغامرة ، بحيث يتعجل أمرا ، ثم يندم عليه .
إن الأب يحاول أن يبعد ابنه عن كل شيء اسمه " فشل " ، لذلك هو لا يحبه أن يخوض غمار مثل هذا الزواج ، خاصة أن الزواج في الإسلام علاقة قوية ، لا تدوم لفترة محددة كحب العاشقين المحرم ، بل هو علاقة بين الزوجين المقصود منها الاستقرار والدوام ، فالاختيار لا بد أن يكون عن دراسة جادة ،(51/18)
وتأن واضح ، واستشارة لمن هم أعلم منا في هذه الحياة ، ومن الطبيعي أن يكون اختلاف الدين –سببا في الشقاق بين الزوجين ، أو حدوث مشاكل في المستقبل خاصة بعد وجود الأبناء ، وقد مر علينا في هذا الموقع العديد من تلك المشاكل .
نعم ، الإسلام لا يمنع المسلم من تزوّج النصرانية أو اليهودية العفيفة فإن الإسلام يبيح هذا ، ومع هذه الإباحة فإن الإسلام لا يحبّذه ولا يدعو إليه ، فقد حثّنا نبيّنا صلى الله عليه وسلم على اختيار الزوجة الصالحة صاحبة الدين والخلق .
لذلك كان حكم أبويه على هذا الزواج بالرفض ، ليس من باب استعجال الحكم ، بل من باب المعرفة بالأمور كيف تسير .
قد تقولين : إن زواجي بهذا الشاب مختلف ، لكنهم لا يدركون ذلك ؟
فأعود وأقول : وإن كان مختلفا ، لكن كل أب لا يحب لابنه أن يخوض تجربة هو في غنى عنها ، خاصة وأن العلاقة الآن بينكما محرمة في دين الإسلام الطاهر النقي .
رابعاً : قولك : هل علي ملامة إن قبلت بالإسلام – يعني صوريا – وبقيت على اعتقادك في الله كما أنت ؟
فالجواب أن هذا أمر عظيم ، فإن ديننا الحنيف لا يقبل من إنسان أن يدخله متلاعبا ، أو مستغلا له لأغراض شخصية ، ولهذا كان من أسس هذا الدين { لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها } ، وإذا دخل الإنسان فيه دين الله متلاعبا ، حقت عليه لعنة الله ، وكان مع القوم الكافرين ، كما قال تعالى { إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار } .
خامساً :
أما حل المشكلة فإنه يمكن أن يكون بعدة أمور ، أولاها وأفضلها وأسرعها أن تبدئي التعرف الحقيقي على الإسلام ، وشمولية هذا الدين ، وموافقته للفطر السليمة ، والطبائع المستقيمة ، فتعرفي على دين الإسلام ، لا لشيء ، إلا لرغبة الوصول إلى الحق ، والخروج من دوامة الآراء المتخبطة ، والأفكار المنافية للفطر والعقول السليمة .
حينئذ – وبالمثابرة والاجتهاد – ستعلمين الحق المبين ، وسيلوح لك نور اليقين الساطع ، وسيتيسر لك – بإذن الله – أمر الزواج ، ولا حرج في أن يكون أمر زواجك من ذلك الرجل سببا في تعرفك على دين الإسلام .(51/19)
لكن أن تبدئي بهذه الخطوة أولى وأوجب من أن تتزوجي ثم تفكري في الإسلام .
إن الأسرة إذا تكونت من بدايتها من زوجين مسلمين ، فإن الله تعالى يبارك فيها ، ويرعاها بعنايته ، فكلا عمودي الأسرة محبوب لله ، لأنه مسلم .
ولعل إعلان توبتك أنت وهذا العشيق وعقد القران حسب الشريعة الإسلامية يخفف من هجوم والدي زوجك وموقفهما السلبي .
وإذا أعلنت دخولك في الإسلام فسيرضى أيضاً عن ذلك من هو أهم من الجميع ، وهو الله عز وجلّ ، وإذا أرضيت الله ولو سخط من سخط من أهلك فسيرضى الله عليك ويُرضي عنك الناس
وقد يكون من المناسب ـ وهذا يحتاج إلى تفكير وتوقيت سليم أن تقومي بزيارة والدته أنت شخصياً دون أن يكون عشيقك هذا مرافقاً لك ولا موجوداً معك ، وتعربين لها عن رغبتك في الإسلام والتوبة من العلاقة المحرّمة والزواج من ابنها على شرع الله وحكمه.
وإذا كنت تقرين أن الإسلام يبيح الزواج من غير المسلمات العفيفات فلماذا لا تنتقلين إلى حياة العفّة والطهر وتمتنعين عن أي علاقة تخالف ذلك .
وقولك الصديق لا يمكن أن يكون السبب في قبول الإسلام له معنى صحيح ، وهو أنك ستسلمين ليس محبة في هذا الشخص ولكن محبة في الحقّ ومحبة لله الذي رضي الإسلام ديناً للبشر ، وأدلّة هذا واضحة وبيّنة ولا تحتاج إلى قوة عاطفية تدفع . لأن الأدلة والبراهين على الحق كافية جداً .
ولا ننسى قبل أن نفارق هذا الجواب أن نثني على تلك العبارة التي وردت في سؤالك وهي قولك : " أخذت أتعرف بعض الشيء على الإسلام وأنا لا أستطيع الإيمان بالطرق النصرانية أبدا " . وهذا يدل على قربك من الحق جداً وأن قناعاتك تتكون بشكل سليم وعلى أن الحقّ والباطل لا يلتقيان عندك وهذه بشائر خير .
فاسألي الله الهداية إلى طريق الحق ، وافتحي بصرك وبصيرتك للنور القادم ، وفقك الله لسلوك طريق الهداية ، والله أعلم .
للمزيد ( 33656 ، 20884 ، 2527 ) .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
تاب من علاقة محرمة فهل يتزوج من صديقته بعد إسلامها ؟
سؤال:(51/20)
أنا مسلم طوال عمري ، وقد فعلت ذنوباً عظيمة في حياتي ، كنت مع فتاة نصرانية لمدة سنتين ، ثم تركتها لأنني أصبحت قريباً من الإسلام ، هي تعلم بأننا لا يجب أن نكون سويّاً الآن ، أعلم بأنني كنت مسلماً عاصياً ، ولكنني الآن أريد أن أفعل أي شيء ليغفر الله ذنبي ، قمنا بفعل بعض الأفعال الجنسية إلا فاحشة الزنا .
أعلم بأن هذه أمور عظيمة وأطلب المغفرة من الله وندمت على ما فعلت ، وقد كان هذا بسبب جهلي ، وقد تبت الآن ، وأقوم الآن بأداء الصلوات الخمس ، وأذهب للمسجد وأقرأ القرآن ، ولا أنوي العودة أبداً لما كنت أفعل في السابق .
أشعر بأنني يجب أن أتزوج مسلمة من إحدى البلاد الإسلامية وأغيِّر حياتي ، ولكنني أشعر كذلك بأنني يجب أن أخبر تلك الفتاة عن الإسلام أملاً أن تسلم ولي أسئلة :
1- هل أتزوجها إذا أسلمت ؟
2- هل أبحث عن مسلمة وأبدأ حياة جديدة ؟
3- هل سيُغفر لي ما قد فعلت ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الشعور بالذنب والندم على فعله هما علامة توفيق الله لصاحب الذنب أنه يسير في الطريق الصحيح الذي يعقب اقترافه وفعله ، ولا نريد التهوين مما فعلت ، ويكفي أنك تعلم أن ما فعلتَه يغضب ربك تبارك وتعالى ، وأنه من كبائر الذنوب ، لكن نريد أن نفتح لك طريق التوبة ، ونعلمك أن الله سبحانه وتعالى مع أنه لم تضره معصيتك ، وهو غني عن توبتك إلا أنه تعالى وفقك لها وهو يفرح بها عز وجل .
فلا بدَّ أن يكون منك إقلاع عن معاصيك السابقة ، ولا بدَّ لك من ندم خالص من قلبك ، ولا بدَّ من عهدٍ وعزمٍ أن لا تعود لمثل هذه الذنوب مرة أخرى .
ولا ينبغي لك اليأس من رحمة الله تعالى ، فالله تعالى يغفر الذنوب جميعاً ، وما عليك سوى الصدق في التوبة ، وسترى ما يسرك بعد توبتك من انشراح صدرك ، وتحمسك للطاعة ، والبحث عن رضى الله عز وجل .
انظر ( 624 ) و ( 13990 ) و ( 34905 ) و ( 22912 ) .
ثانياً :(51/21)
ولا بدَّ لك كذلك من قطع علاقتك بتلك المرأة خشية أن تعود للذنب ، والأصل في المسلم التائب هو الابتعاد عن البيئة التي كان يعصي الله تعالى فيها ، ولا بدَّ له من هجر وترك كل الوسائل التي يمكن أن تؤدي به للوقوع في المعصية .
ولذلك لا نرى أن تعاود الاتصال بتلك المرأة ، ولو كان بحجة دعوتها للإسلام ، فعليك – أولاً – النجاة بنفسك ، ومن يضمن لك لو رجعت إلى ذنبك – لا قدَّر الله – أن توفق إلى التوبة ؟ .
ويمكنك أن توصي بعض النساء المسلمات الثقات بها لأجل دعوتها للإسلام ، ولا نرى أن تكون أنت من يقوم بذلك .
ثالثاً :
ولا نرى جواز الزواج منها وهي على حالها الذي وصفتَ ، لا لأنها نصرانية ، بل لأنها غير عفيفة – على حسب ما قلتَ – ، وقد أباح الله تعالى لنا الزواج من أهل الكتاب لكنه – تعالى – اشترط وصف " الإحصان " فيهن ، وهو العفة عن الزنا واتخاذ العشاق .
انظر ( 22302 ) و ( 2527 ) .
فالذي ننصحك به هو التزوج من مسلمة متدينة تحفظ لك دينك ، وتدلك على الخير ، وتعينك على الطاعة ، فبمثل هذا يكون الظفر .
انظر ( 20227 ) و ( 8391 ) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
لا يصلي ويقيم مع عشيقته ويريد أن يتوب ويتزوجها ؟
سؤال:
شخص مسلم فرنسي ولكنه لا يصلي ولا يصوم ويقيم مع عشيقته المسيحية يرغب في التوبة والصيام ، ولكنه يتحجج بوجود هذه المرأة معه ، هل يجوز له أن يتزوجها الآن مع العلم بأن غداً هو أول أيام رمضان ؟ وإذا جاز ذلك فكيف هو السبيل والإجراء الشرعي المتبع ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ليعلم هذا الشخص وغيره أن ترك الصلاة كفر مخرج من الملَّة ، والإسلام لا يرضى لأحدٍ من أتباعه أن لا يصلي ولا يصوم ويقيم مع عشيقته .(51/22)
فالواجب عليكم أن تنصحوه وتبينوا له حقيقة الإسلام ، وأنه استسلام لأحكام الشرع ، والمسلم ينبغي أن يكون قدوة للآخرين لاسيما في تلك البلاد ، وهو لا يمثل نفسه بل يمثل الإسلام الذي دخله والتزمه ، فالواجب عليه ترك ما هو فيه من معاصٍ ، والالتزام بأحكام الشرع وبخاصة الصلاة ، التي هي الفاصل بين الإسلام والكفر .
ثانياً :
وقد سَرَّنا كثيراً أنه يريد التوبة فما الذي يحول بينه وبين التوبة ؟ والله تعالى يفرح بتوبة عبده المؤمن ، وإذا أقبل العبد على الله أقبل الله عليه ، وغفر ذنبه , فعليه المبادرة بالتوبة ، وعدم تسويفها ، أو تعليقها بحصول أشياء خشية أن يموت ولم يتب ، فيلقى ربه بذنوبه ومعاصيه ، وقد يلقاه بالكفر .
وبيِّنوا له أن الله تعالى يبدِّل السيئات حسنات لمن تاب ، قال الله تعالى : ( إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/70 .
فعليه المبادرة بترك كل ما هو عليه مما يغضب الله تعالى من ترك الصلاة والإقامة مع عشيقته .
وانظر أجوبة الأسئلة : ( 624 ) و ( 13990 ) و ( 34905 ) و ( 22912 ) .
ثالثاً :
إذا تاب وأناب إلى الله : فليعلم أنه لا يجوز له الزواج من تلك العشيقة ، لا لأنها نصرانية ، بل لأنها " زانية " – على حسب وصفه وكلامه - ، ومن شروط نكاح الكتابية – اليهودية أو النصرانية – أن تكون محصنة ، أي : عفيفة غير زانية ولا لها عشيق ، قال الله تعالى : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ) النساء/5 . فاشترط الله تعالى لنكاحها أن تكون عفيفة ، ولا يجوز لمسلم أن ينكح كتابية وهي ليست كذلك ، بل لو كانت مسلمة لكنها زانية ما جاز لمسلم عفيف أن يتزوجها ، قال تعالى : ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) النور/3 .
وانظر تفصيل هذه المسألة في جواب السؤال رقم ( 11195 ) و ( 2527 ) .(51/23)
فإذا أراد أن يتزوجها فلا بد أن يكون ذلك بعد توبته ورجوعه للإسلام بأداء الصلاة ، وبعد توبتهما معاً من الزنى .
هذا إذا أراد أن يتزوجها .
وواجب النصيحة يحتم علينا أن ندله على خير ما نعلم مما يصلح دينه ودنياه ، وهو أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة ، ويبادر إلى ترك هذه المرأة دون تردد ولا تسويف ، وأن يبحث عن غيرها من المسلمات المحصنات المؤمنات ، فهو إن تاب إلى الله عز وجل أحوج ما يكون إلى من تفهم دينها وتقف بجانبه وتحثه على طاعة الرحمن بعد ذلك الضياع ، وأما تلك المرأة فإنها لو تابت من الزنى فلن تكون عوناً له على طاعة الله عز وجل ، ولن تكون أمينة على بيته وماله وعرضه ، ولن تصلح لتربية أبنائه وبناته ، فلا نريد له بهذه النصيحة إلا الخير ، وليستعمل عقله ، ويبتعد عن العاطفة ليعلم أن هذا هو الصواب .
ولو قَلَّب نظره يميناً وشمالاً لرأى كثيراً من إخوانه المسلمين الذين تزوجوا من غير المسلمات قد ساءت أحوالهم ، وندموا على ذلك ، وتمنوا أنهم لم يتزوجوا من غير مسلمة .
وانظر جواب السؤال رقم ( 20227 ) و ( 45645 ) فهما مهمان .
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
نصرانية تسأل : لم لا يجوز تزوج المسلمة بالكتابي ويجوز العكس ؟
سؤال:
سؤال من زوجتي المسيحية : لماذا لا يحل للمرأة المسلمة الزواج من أهل الكتاب - المسيحيين واليهود - بينما هو محلَّل للرجل المسلم ؟.
الجواب:
الحمد لله
إن من أسماء الله تعالى التي نؤمن بها ، ولا نظن أن أحدا ممن يعتقد أن له ربا يشك فيها ، أنه سبحانه الحكيم ، وبهذا أثنت عليه الملائكة المكرمون ، لما علموا حكمته في أمره لهم بالسجود لآدم : ( قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) البقرة/32 وبهذا ـ أيضا ـ شهد لنفسه سبحانه ، وشهدت له ملائكته ، وشهد له أهل العلم به سبحانه : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) آل عمران/18.(51/24)
وبذلك قامت حجته سبحانه على خلقه . قال الله تعالى : ( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) الأنعام/149 ومعلوم ـ من ذلك ـ أن الحكيم لا يفعل ما يفعل عبثا ، ولا يضع شيئا في غير موضعه ، ولا يأمر بأمر إلا وهو أحسن لخلقه من غيره ، كما قال سبحانه : ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) الزمر/23.
وهذا كما أنه مقتضى اسمه الحكيم ، فهو كذلك مقتضى تفرده بالخلق سبحانه ، فمنطقي أن من صنع شيئا هو أعلم بما يصلحه ويلائمه من غيره ؛ فكيف بالخالق العليم : ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الملك/14 . وأما عن هذه الحكمة التي تسألين عنها ، فعلك أيتها السائلة على علم بأن الإسلام هو آخر دين نزل من عند الله تعالى ، ولذلك نسخ كل دين سواه ، كما قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) التوبة/33 . وقال تعالى : ( وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا ) النساء/141 .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الإسلام يعلو ولا يُعلَى ) رواه الدارقطني وغيره ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (2778)
ومعلوم أن الزوج له القوامة على زوجته ، ومقامه من الأسرة أعلى من مقام زوجته ، وربما كان هذا العلو دافعا له لإكراه زوجته على ترك دينها واتباع دينه ، أو التأثير فيها بغية ذلك ، وهو ما لا يرضاه الإسلام .
وسوف يكون ذلك العلو الذي للزوج سببا ـ أيضا ـ في اتباع أبناء هذه المرأة لأبيهم على دينه ، وهي جناية عظيمة على تلك الذرية ، أن تتشأ ولم تهتد إلى دين الله الخاتم .
وهذه الحكمة العظيمة قد ذكرها ربنا تبارك وتعالى في سياق تحريم تزويج المسلمات لغير المسلمين فقال تعالى : ( وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة/221 .
ثم إن الكتابية حين تتزوج بمسلم ، تتزوج برجل يؤمن بنبيها ، بل وبسائر أنبياء الله ، ولا يكون مسلماً إلا بهذا ، ولا يحل له أن يفرِّق بين أحد منهم ، قال تعالى : ( آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ) البقرة/285 ، في حين أن الكتابي -(51/25)
من يهودي أو نصراني - لا يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم الأنبياء ، فكيف يستوي الأمران لتكون نساء المسلمين عند رجل يكفر بنبيها ولا يؤمن به ؟!
على أننا ننبه هنا إلى أن زواج المسلم بالكتابية ، وإن كان مباحا في الشرع ، لما يرجى من وراءه من المصلحة ، وما فيه من التخفيف على العباد ، فإنه " مستثقل مذموم " كما قال الإمام مالك رحمه الله [ تفسير القرطبي 3/67 ] .
وبعد ، فهذا دعوة هادئة لأهل الكتاب ، لعلهم ينتبهون إلى أن الإسلام قد استثنى أهل الكتاب في بعض الأحكام من دون باقي الكفار ، فأباح الله تعالى أن نأكل مما يذبحه أهل الكتاب ، كما أباح لنا التزوج من نسائهم ، تقديراً لأصل دينهم الذي جاء بالتوحيد ، وإكراماً لرسل تلك الأديان الذين أُمرنا بالإيمان بهم وتعظيمهم ، وليُنظر الفرق بين موقف أهل الديانتين اليهودية والنصرانية من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبين موقف ديننا من أنبيائهم .
وأخيرا ؛ فإن هذا الحكم ليس غريبا على الأديان الأخرى ، ولا شاذا تفرد به الإسلام ، لماذا يستغرب بعض الطاعنين في ديننا من منع الإسلام من تزويج نسائنا بغير المسلمين وهم بينهم لا يزوجون بعضهم بعضاً وهم أهل ديانة واحدة ؟! فالكاثوليكي لا يستطيع أن يتزوج بامرأة بروتستانتية ، وإن تجرأ على ذلك عوقب من قبل الكنيسة ، والعكس بالعكس !
وفي قانون الأقباط الأرثوذكس المصري الصادر عام 1938م تنص المادة السادسة على أن " اختلاف الدين مانع من الزواج " .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
تمنع من لبس الحجاب فكيف تخرج للعمل وقضاء الحوائج؟
سؤال:
سؤالي حول الحجاب فالمرأة عندنا ممنوع عليها لبس الحجاب وتعامل معاملة سيئة إضافة إلى أنه مرفوض دخولها إلى شغلها وإلى عديد الأماكن مثل مركز الشرطة ...إلا ولا بد أن تخلع حجابها فما الحل وخاصة عندما نكون مجبرات لقضاء مصلحتنا وخاصة في العمل ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :(51/26)
لبس المرأة للحجاب أمام الرجال الأجانب فريضة محكمة دل عليه الكتاب والسنة والإجماع ، فلا يجوز لأحد أن يأمر بخلاف ذلك ، ولا أن يمنع من أرادت امتثال ذلك ، وإلا كان مضادا لله تعالى في أمره ، محادا له في شرعه ، قال الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ) الأحزاب/36 ، وقال سبحانه : ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) النساء/115، وقال عز وجل : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء/65 .
ثانيا :
لا يجوز للمرأة أن تتهاون في هذه الفريضة ، ولا أن تخرج من بيتها كاشفة عن شيء من بدنها ، إلا أن تضطر لذلك اضطرارا يبيح الحرام ، كأن تُستدعى لمقر الشرطة ، ولا يمكنها التخلف عن الحضور لما يترتب على ذلك من مفسدة معتبرة في نفسها أو مالها .
وأما الخروج للعمل ، فإذا كانت غير مضطرة إليه ؛ لوجود الكفاية بنفقة زوجها أو والدها أو من تلزمه نفقته من قريب غيره ، فلا يجوز له الخروج للعمل إذا كان سيترتب عليه خلع الحجاب .
وعلى المسلمين أن يتعاونوا في هذا الأمر ، وأن يغنوا المسلمات عن الاضطرار لهذا الخروج المشتمل على المعصية ، وذلك بدعوة الآباء والأقارب للإنفاق والبذل ، وتوفير بعض الأعمال النافعة التي يقوم بها النساء من داخل بيوتهن ، وإغناؤهن عن الخروج لأي مطلب يترتب عليه نزع حجابهن وتعرضهن للأذى بلبسه .
وهذا يتوقف على اقتناع الرجال بفريضة الحجاب ، وإلا فكثير منهم لا يبالي بذلك ، ولا يهتم به ، ومنهم من يحرص على إخراج زوجته وبنته للعمل ، ومنهم لا يقبل الزواج إلا ممن تعمل ، ولو كان عملها يقتضي ترك الحجاب ، وهذا الجهل والتقصير من الرجال يعتبر من أكبر أسباب المشكلة ، وأسباب التقصير في علاجها ، فينبغي السعي في نشر هذا العلم ، والتذكير به ، والتربية عليه ، حتى يحرص كل رجل على صيانة أهله ومن يعول ، ويعلم أنه مسئول غدا عن هذه الأمانة ، أحفظ أم ضيّع ؟ قال صلى الله عليه وسلم : ( مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ) رواه البخاري (7150) ومسلم (142).(51/27)
بل يتعين على المسلمين السعي في إزالة هذا المنكر ، واتخاذ كافة الوسائل المتاحة في ذلك ، عن طريق الهيئات والمجامع والنقابات وغيرها ، لترفع الفتنة والمحنة عن نسائهم ، وتتمكن كل مسلمة من ارتداء حجابها ، ولا ينبغي اليأس أو التقاعس عن هذا الواجب ، فكم من حقوق مسلوبة عادت لأهلها بالصبر والمجاهدة والمثابرة .
ثالثا :
من ضاقت عليها السبل ، ولم تجد بدا من الخروج للعمل لكونها لا تجد من ينفق عليها ، وتضطر مع ذلك لخلع الحجاب ، فإن قدرت على الهجرة إلى بلد تتمكن فيه من إظهار دينها ، والتزام أمر ربها ، وجب عليها ذلك .
فقد ذكر ابن العربي في "أحكام القرآن" (1/612) :
"أن الهجرة واجبة من دار الكفر إلى دار الإسلام .
ومن الأرض التي انتشرت بها البدعة ، قال الإمام مالك رحمه الله : "لا يحل لأحد أن يقيم ببلد يُسب فيها السلف" .
ومن الأرض التي غلب عليها الحرام ، فإن طلب الحلال فريضة على كل مسلم".
والهجرة قد لا يستطيعها كل أحد ، ولا تعتبر حَلاًّ لجميع المسلمات .
فمن كانت في حاجة ملحة للخروج من بيتها للعمل أو إنهاء بعض الإجراءات ونحو ذلك وكان الأمر مقصورا على كشف الوجه فقط ، فنرجو أن لا يكون عليها في ذلك حرج .
والواجب السعي الجاد لحل هذه المشكلة حلا كاملا ، كما سبق ، وذلك بمناصحة المسئولين ، ومطالبتهم بهذا الحق الديني والشخصي ، وعلى الدعاة إلى الله وأهل العلم أن يبينوا للناس أن الحجاب فريضة محكمة فرضها الله تعالى على نساء المسلمات .
والعجب كل العجب أننا نرى تلك الحرب الضروس على الحجاب ، رمز العفة والطهارة ، وفي الوقت ذاته نرى فتح الباب على مصراعيه أمام الماجنات والعاهرات .
فصبراً أيتها المؤمنات ، فإن سلعة الله غالية ، وليأتين اليوم الذي يظهر فيه دين الله على سائر الأديان (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون) التوبة/33 ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .(51/28)
نسأل الله تعالى أن يبرم لأمته أمرا رشدا يعز فيه أهل الطاعة ، ويذل فيه أهل المعصية ، وأن يوفقك وسائر المسلمات إلى التمسك بالحجاب ، وترك التبرج والسفور .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الزواج من الكتابية هل تنصحون به ؟
سؤال:
هل يجوز للمسلم السلفي أن يتزوج بامرأة نصرانية ؟ البعض يقول بأن هناك العديد من الشروط لهذا ، فأرجو ذكر هذه الشروط إن وجدت .
الجواب:
الحمد لله
في جواب السؤال رقم ( 45645 ) حكم الزواج من كتابية وأنه حلال بالنص ، وذكرنا الشروط الواجب توفرها في المرأة الكتابية ، ولم نحبذ الزواج منهن لما في ذلك من الضرر وعدم تحقق بعض الشروط في بعضهن .
وفي أجوبة الأسئلة : ( 12283 ) و ( 20227 ) و ( 44695 ) ذكرنا بعض مفاسد الزواج من الكتابية في هذا العصر ، ومنها ما قاله الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - :
لكن في هذا العصر يُخشى على من تزوجهن شر كثير ، وذلك لأنهن قد يدعونه إلى دينهن وقد يسبب ذلك تنصر أولاده ، فالخطر كبير ، والأحوط للمؤمن ألا يتزوجها ، ولأنها لا تؤمن في نفسها في الغالب من الوقوع في الفاحشة ، وأن تعلّق عليه أولاداً من غيره .
انتهى .
وتجد في جواب السؤال رقم ( 2527 ) شروط الزواج من الكتابية ، فانظره فهو مهم .
وليعلم أنه من ترك مثل هذه الزيجات ابتغاء الأفضل لدينه ودين أبنائه فإن الله تعالى يعوِّضه خيراً ، إذ أن " من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه " كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ(51/29)
من هي الكتابية التي يجوز للمسلم الزواج بها
سؤال:
السؤال :
أود أن اعرف ما تعنيه بعبارة ( تزوج العفيفات ) من أهل الكتاب المسيحيات أو اليهوديات ؟ فهل اللمس والتقبيل يحول دون الزواج من الكتابية ؟ لقد قرأت في إجابتك أن المسلم يجب أن يتزوج المرأة العفيفة فهل ينطبق ذلك فقط على المرأة الكتابية أم يشمل أيضا الفتاة المسلمة ؟ وهل اللمس والتقبيل يدخل ضمن تعريف كلمة العفاف ؟ وما هي النصيحة التي يمكنك تقديمها إلى شاب مسلم يعتقد بأن اللمس ضروري قبل الزواج ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في " جامع البيان عن تأويل آي القرآن "(8/165) في تعريف المُحصنة :
حَصُنت هي فهي تَحصُن حَصَانة إذا عفَّت ، وهي حاصنٌ من النساء عفيفة ... ويقال أيضا ، إذا هي عفت وحفظت فرجها من الفجور : " قد أحصنت فرجها فهي محصنة كما قال جل ثناؤه " ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها " بمعنى حفظته من الرِّيبة ، ومنعته من الفجور . ثم ذكر الأقوال في تأويل قوله تعالى ( والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ... ) ومما ذكره :
وقال آخرون إنما عنى الله بقوله { والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } العفائف من الفريقين إماء كن أو حرائر فأجاز قائل هذه المقالة نكاح إماء أهل الكتاب الدائنات دينهم بهذه الآية وحرموا البغايا من المؤمنات وأهل الكتاب . " ثم ذكر رحمه الله الآثار على هذا القول .
وقال أيضا : " ثم اختلف أهل التأويل في حكم قوله " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " أعام أم خاص ؟ فقال بعضهم : هو عام في العفائف منهن لأن المحصنات العفائف وللمسلم أن يتزوج كل حرة وأمة كتابية ، حربية كانت أو ذمية . واعتلوا في ذلك بظاهر قوله تعالى " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم "، وأن المعنىَّ بهن العفائف ، كائنة من كانت منهن . وهذا قول من قال : عنى بـ "المحصنات " في هذا الموضع : العفائف ..(51/30)
وقال آخرون : بل ذلك معنيّ به نساء أهل الكتاب الذين لهم من المسلمين ذمة وعهد . فأما أهل الحرب ، فإنَّ نساءهم حرام على المسلمين .
وذكر رحمه الله شرطا مهما لنكاح الكتابية ينبغي أن يتمعّن فيه ويقف عنده كلّ مسلم يريد أن يتزوج منهن في بلاد الكفر وهذا الشّرط هو : " أن تكون بموضع لا يخاف الناكح فيه على ولده أن يُجبر على الكفر " .ا.هـ ومن أوضح تطبيقات هذا الكلام في واقعنا أن لا يكون في بلاد الكفر ما يُجبر المسلم على تنشئة ولده على دين أهل الكفر بحيث يُدرّس الولد إجباريا شيئا من دين النصارى مثلا أو يُؤخذ إلى الكنيسة يوم الأحد أو يكون القانون في صفّ المرأة الكافرة بحيث تأخذ الولد إذا شاءت فتربيه على دين قومها ونحو ذلك نسأل الله العافية ونعوذ به من الخذلان .
وقال الشيخ السعدي في تفسيره (1/458) :
{و} أحل لكم { المحصنات } أي : الحرائر العفيفات { من المؤمنات } ، { والمحصنات} الحرائر العفيفات { من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } أي : من اليهود والنصارى وهذا مُخصِّص لقوله تعالى :{ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن } .
.. وأما الفاجرات ، غير العفيفات عن الزنا ، فلا يباح نكاحهن ، سواء كن مسلمات ، أو كتابيات ، حتى يتبن لقوله تعالى : ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة ) الآية .
والله تعالى أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
نكاح المرتدة
تاريخ الفتوى : ... 08 ربيع الثاني 1427 / 07-05-2006
السؤال
ما حكم المسلمة التي تتزوج من نصراني؟ وما الحكم إذا تنصرت؟
ما حكم الأب الذي يقبل هذا الزواج ويباركه ويفتخر به من خلال إعلانه أمام الملأ.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم زواج المسلمة من غير المسلم في الفتوى رقم: 62835.(51/31)
ومن ارتبطت بكافر فهي زانية، وإن سمت زناها نكاحا، لقول الله تعالى: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ {الممتحنة: 10}
وإذا تنصرت فقد ارتكبت ما هو أعظم من الزنا، وهو الردة والعياذ بالله، وسبق حكم المرتد في الفتوى رقم: 73924.
ولا يصح نكاحها في حال الردة لا من مسلم ولا من كافر، قال في أسنى المطالب: (و لا يحل) لأحد (نكاح المرتدة) لا من المسلمين ; لأنها كافرة لا تقر كالوثنية، ولا من الكفار لبقاء علقة الإسلام، فيها ولا من المرتدين ; لأن القصد من النكاح الدوام وهي ليست مبقاة انتهى
قال الزيلعي الحنفي في نصب الراية: (ولا يجوز أن يتزوج المرتد مسلمة ولا كافرة ولا مرتدة) ; لأنه مستحق للقتل والإمهال ضرورة التأمل، والنكاح يشغله عنه فلا يشرع في حقه (وكذا المرتدة لا يتزوجها مسلم ولا كافر) ; لأنها محبوسة للتأمل وخدمة الزوج تشغلها عنه، ولأنه لا ينتظم بينهما المصالح، والنكاح ما شرع لعينه بل لمصالحه. انتهى.
وأما الأب الذي يقبل هذا الزواج ويباركه ويفتخر به، فإنه قد ارتكب إثما كبيرا، من عدة وجوه:
أولها: أنه قد غش رعيته، وخان أمانته، فإن ابنته أمانة في عنقه، وهي من رعيته التي استرعاه الله إياها، والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته.
ثانيها: أنه قد عرض ابنته لعذاب الله وسخطه، والله قد أمره أن يقيها هذا العذاب، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً... الآية {التحريم: 6}
كما أن افتخاره بهذا الزواج دليل على ضعف إيمانه أو انعدامه، فالمسلم لا يكون فخورا أو معتزا بأن يكون نصراني زوجا لابنته.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نكاح الكتابية.. الثمار المرة
تاريخ الفتوى : ... 13 صفر 1427 / 14-03-2006
السؤال
ذهبت للدراسة في إحدى الدول الأوروبية وتزوجت من إحدى فتياتها ورزقنا بطفلة وبعد عدة سنوات تم الطلاق بيني وبين زوجتي وعلى إثرها رجعت إلى بلدي الأردن والطفلة بقيت مع أمها .(51/32)
السؤال هو:
أن ابنتي ستعيش هناك وأكيد أن أمها ستحاول إدخالها إلى الدين المسيحي وأنا لا أستطيع فعل شيء مع العلم أنني حاولت أن أهربها ولكن ذلك اصطدم بالعائق المادي .
ما هو الحكم الشرعي في وما هو حسابي عند الغفور الله عز وجل وكيف سأعاقب لأنني سأسأل عن ابنتي يوم القيامة . مع العلم أنني أرغب في العيش مع ابنتي وطلبت منها العيش معي هنا في الأردن والزواج منها مرة أخرى ولكنها رفضت.
ماذا أعمل . وكيف سيحاسبني الله يوم القيامة
ولكم مني جزيل الشكر والعرفان
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تسعى باستنفاد جميع الوسائل في سبيل إنقاذ ابنتك من الكفر بأن تستقدمها إليك وتفعل ما يمكنك فعله، فإن عجزت بعد ذلك فلا يكلف اله نفسا إلا وسعها، ولا إثم عليك في حالة العجز.
ولهذا ينصح العلماء بأن يصرف الإنسان النظر عن الزواج بنساء أهل الكتاب لما قد يترتب على ذلك من مفاسد وبلايا، وأي بلية أعظم من أن يرى المسلم ولده وهو كافر بالله تعالى على غير ملة الإسلام، فنسأل الله أن يحفظ المسلمين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم نكاح امرأة والداها أو أحدهما غير كتابي
تاريخ الفتوى : ... 04 صفر 1427 / 05-03-2006
السؤال
أريد أن أعرف ما حكم الزواج من فتاة أمها مسلمة وأبوها نصراني وما حكم الزواج من فتاة نصرانية أبواها ليس بينهما عقد زواج.
جزاكم الله كل خير.
الفتوى
فقد اختلف أهل العلم في حكم نكاح الكتابية إذا كان والداها أو أحدهما على غير ملة أهل الكتاب، وسبب الاختلاف هو ، هل لحال أبويها اعتبار أم لا؟(51/33)
فذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الكتابية إذا كان أحد أبويها على غير ملة أهل الكتاب لم يحل نكاحها، بل اشترط الشافعية أن يكون آباؤها دخلوا في دين أهل الكتاب قبل نسخة برسالة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وذهب الحنفية والمالكية إلى الجواز اعتبارا بحال نفسها ، بل نص المالكية على أن المجوسية إذا تهودت أو تنصرت حل نكاحها اعتبارا بحالها الراهن عند عقد النكاح.
والذي نراه راجحا هو أنه لا مانع من نكاح هذه المرأة إن كانت نصرانية أو يهودية ولو لم يكن لها أب شرعي معروف، وهذا حيث كانت عفيفة، ولا يخفى عليك أن العفة شرط لجواز نكاح الكتابية ،وهو شرط يكاد يكون معدوما عند القوم الآن، فتنبه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
قصص لنساء أسلمن وفارقن أزواجهن الكفار
سؤال:
السؤال :
أعرف أن المرأة المسلمة لا يجوز لها أن تتزوج رجلاً غير مسلم وهناك أخت على قائمة التحول إلى الإسلام وأسلمت وتسأل ماذا تفعل بخصوص زوجها غير المسلم الذي قبل أن تكون مسلمة بدون مشاكل وسمح لها أن تعلم أبنائها بالطريقة الإسلامية وعندما سألتنا قلنا لها أنه يجب أن يشهد الزوج شهادة الإسلام أو أنها تنفصل عنه ولكن للأسف لا يؤمن بعض الناس بذلك أرجوا أن ترسل لي حالات واقعية من عصر الرسول عليه السلام فيها مسلمات تركن أزواجهن المشركين وأعتقد أن ذلك الوسيلة الوحيدة لإقناع أولئك بهذا الأمر وهو أنه لا يحل لمسلمة أن تبقى في عصمة رجل غير مسلم حتى لو لم يعارض إسلامها .
الجواب:
الجواب :
1. ما قيل في السؤال من تحريم نكاح المسلمة للكافر صحيح لا غبار عليه .
أ. قال الله تعالى { ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا } ( البقرة / 221 ) .
قال القرطبي :(51/34)
قوله تعالى { ولا تنكحوا } أي : لا تُزوجوا المسلمة من المشرك ، وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة أبدا لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام . " تفسير القرطبي " ( 3 / 72 ) .
ب. وقال تعالى { لا هنَّ حلٌّ لهم ولا هم يحلون لهن } ( الممتحنة / 10 ) .
قال البخاري رحمه الله :
باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي أو الحربي وقال عبد الوارث عن خالد عن عكرمة عن بن عباس إذا أسلمت النصرانية قبل زوجها بساعة حرمت عليه ... وقال مجاهد إذا أسلم في العدة يتزوجها وقال الله تعالى { لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن } وقال الحسن وقتادة في مجوسيين أسلما هما على نكاحهما وإذا سبق أحدهما صاحبه وأبى الآخر بانت ، لا سبيل له عليها .. " صحيح البخاري " وانظر : " الفتح " ( 9 / 421 )
2. أما الأمثلة ، فمنها :
1. ابنة النبي صلى الله عليه وسلم زينب ، وقد كانت متزوجة من أبي العاص بن الربيع في الجاهلية ، فلما أسلمت : فسخ النكاح بينهما ، ولحقت بأبيها صلى الله عليه وسلم ، فلما أسلم ( زوجها ) : ردَّها النبي صلى الله عليه وسلم إليه .
رواه الترمذي ( 1143 ) وأبو داود ( 2240 ) وابن ماجه ( 2009 ) .
وصححه الإمام أحمد ( 1879 ) ، وقال الترمذي : ليس بإسناده بأس .
والصحيح : أنه يرجع إليها الزوج من غير حاجة إلى عقد جديد .
فإن كانت لا تزال في العدة فهو أحق بها ، وإن انتهت عدتها : فهي حرّةُ نفسها في الرجوع إليه أو عدم الرجوع .
قال الترمذي :
والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن المرأة إذا أسلمت قبل زوجها ثم أسلم زوجها وهي في العدة أن زوجها أحق بها ما كانت في العدة وهو قول مالك بن أنس والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحق . " سنن الترمذي " ( حديث 1142 ) .
وقال ابن عبد البر :
لم يختلف العلماء أن الكافرة إذا أسلمت ثم انقضت عدتها أنه لا سبيل لزوجها إليها إذا كان لم يسلم في عدتها . " التمهيد " ( 12 / 23 ) .
وقال ابن القيم :
ولكن الذي دل عليه حكمه صلى الله عليه وآله وسلم أن النكاح موقوف فإن أسلم قبل انقضاء عدتها فهي زوجته ، وإن انقضت عدتها : فلها أن تنكح من(51/35)
شاءت ، وإن أحبت انتظرته فإن أسلم كانت زوجته من غير حاجة إلى تجديد نكاح . " زاد المعاد " ( 5 / 137 ، 138 ) .
2. قال القرطبي :
وكانت عند طلحة بن عبيد الله : أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ففرق الإسلام بينهما ثم تزوجها في الإسلام خالد بن سعيد بن العاص وكانت ممن فر إلى النبي صلى الله عليه وسلم من نساء الكفار فحبسها وزوّجها خالداً . " تفسير القرطبي " ( 18 / 65 ، 66 ) .
3. عن أنس قال : تزوج أبو طلحة أم سليم فكان صداق ما بينهما الإسلام أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة فخطبها فقالت : إني قد أسلمت فإن أسلمت نكحتك فأسلم فكان صداق ما بينهما " .
رواه النسائي ( 3340 ) .
4. وكذا أسلمت ابنة الوليد بن المغيرة امرأة " صفوان بن أمية " قبله ، وفسخ نكاحه ، ثم أسلم بعدها ورجع إليها . رواه مالك في " الموطأ " ( 1132 ) .
قال ابن عبد البر :
هذا الحديث لا أعلمه يتصل من وجه صحيح وهو حديث مشهور معلوم عند أهل السير وابن شهاب إمام أهل السير وعالمهم وكذلك الشعبي وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده إن شاء الله.
" التمهيد " ( 12 / 19 ) .
5. و أم حكيم بنت الحارث بن هشام امرأة " عكرمة بن أبي جهل " ، وفسخ نكاحها ، ثم أسلم في العدة ، فرجعت إلى زوجهما . رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 4 / 107 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
مأساة امرأة أسلمت لها ولدان أبوهما هندوسي
سؤال:
السؤال :
قرأت السؤال رقم 2803 والذي نصحت فيه الأخت السائلة بإعلان زواجها لأنه من السنة كما قرأت سؤالاً آخر عن رفض الوالدين لرغبة ابنهما أو ابنتهما في الزواج لأسباب مختلفة فما هي نصيحتكم لأخت في مثل هذه الحالة :(51/36)
امرأة تطلقت من زوجها الهندوسي ثم اعتنقت الإسلام لأنها عرفت أنه الحق واهتدت إلى الطريق المستقيم والحمد لله
بقي إسلامها سراً عن أهلها لسبب معروف وطفلاها اللذان في حضانتها مازالا هندوسيين لأن زوجها السابق يفضل قتلها على أن يرى طفليه يعتنقان الإسلام لأنه عدو لدود للإسلام وقد سب الدين وسب الله في أوقات متعددة .
هذه الأخت تحب الآن شخص مسلم متدين وعلى أخلاق عالية ولكن المشكلة أن والديه يرفضان هذا الزواج وتعتقد أمه أن الذين يسلمون جديداً لا يمكن في يوم من الأيام أن يصبحوا مسلمين جيدين وقد قالت بالحرف" لا يمكن أن يكونوا منا يوماً من الأيام "
فإذا قررا الزواج هل يجوز لهما إبقاء هذا الأمر سراً لهذه الأسباب ؟
الرجل الذي يريد الزواج بها وافق على إبقاء الطفلين معهما وأن يدعوهما للإسلام وقال إنه يجب أن لا يكون هناك دينان يطبّقان في بيت واحد .
فكيف لهذين أن يعيشا حياتهما وأمامهما هاتان المشكلتان ؟ أهله من جهة وزوجها السابق من جهة أخرى فهو يرفض أن يعتنق ولديه الإسلام ، وصديقتي لا تريد أن تفقد حقها في الحضانة للطفلين لأن أباهما سيء الأخلاق ويعتدي عليهما .
فأرجو أن تنصح هذه الأخت بما تفعل في أسرع وقت ممكن لأنها تعاني من الحزن الشديد والكآبة كما أنها لا تستطيع النوم في الليل.
وصلى الله على نبينا محمد والسلام .
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
1- أولا نهنىء الأخت السائلة على اعتناق الإسلام ، وهي السعادة التي تبذل لأجلها الأموال والأرواح ، فكل هم وكل غم لا يسوى شيئا مع نعمة الإسلام .
2- وقول الأخت السائلة إنها تحب شخصا مسلما : نقول : لا ينبغي للمسلمة أن تقع في ما وقع فيه غيرها من أمثال هذه الترّهات والسفاسف والعلاقات المحرمة ، والحب الذي يُسمع عنه ويقرأ عنه : هو من تزيين الشيطان وتلبيسه ، وهو يوقع في الغالب فيما حرَّم الله تعالى ، ومن وقع في قلبه الإعجاب بفتاة فليس له إلا طلبها من وليها ليرتبط معها بعقد الزواج .
3- أما قول والدة الرجل أن المسلمين الجدد لا يمكن أن يكونوا مسلمين جيدين : فقول باطل ، وهل الصحابة رضي الله عنهم إلا مسلمين جدد باعتبار ما كانوا(51/37)
عليه من الشرك ؟! وهل يشك مسلم في دينهم وخلقهم ؟ وكذلك رأينا كثيراً من المسلمين الجدد خيراً من كثير من المسلمين ( بالوراثة ) بأضعاف مضاعفة ! فلا كون المسلم جديداً يعني أن لن يصير جيداً ، ولا كون المسلم قديما يعني أنه جيد ، والعبرة بالتقوى والعمل الصالح ، مع بقاء فضل السّبق إلى الإسلام والقِدم في عبادة الله .
4- ولا مانع من عدم معرفة والدَيْ الرجل بزواجه ، وخاصة إذا كان في زواجه من الأخت مصلحة لها وقلّما يوجد من يساعدها في تخطّي المصاعب ، والولي يعتبر شرعاً للمرأة لا للرجل ، وإن كنا نحبذ أن يوافق أهله على المرأة بعد إقناعهما لما فيه من المصلحة العظيمة التي قد تفتقد كثيراً فيما لو عرفوا بإخفاء ولدهم أمر زواجه .
5- وقول الزوج إنه يريد دعوة الولدين إلى الإسلام قول طيب وعمل موفق ، ونسأل الله له الإعانة عليه ، وأن يكفيه شر والدهم الهندوسي المجرم ، ونوصيهما - إذا حصل الزواج - أن لا يُظهرا قضية دعوة الولدين للإسلام إذا كان ذلك يُؤدّي إلى انتزاع الكافر لولديه عبر المحاكم الكافرة وعليكما العمل بحكمة .
6- وعلى المرأة السائلة أن لا تزوّج نفسها بنفسها ولو كانت ثيباً فإن الشرع لا يجيز لها ذلك ، وإن لم يكن لها وليٌّ معتبر شرعاً ، فوليها القاضي أو من يقوم بأمر المسلمين في بلدها مثل رئيس المركز الإسلامي أو من ينوب عنه .
7- وعليهما الاستعانة بالله تعالى على المشكلتين اللتين تؤرقهما - وخاصة الأخت السائلة - وليعلم كل أحد أنه من توكل على الله ، فإنه يجعل له من أمره يسراً ، ويجعل له مخرجاً ، وعليها بالدعاء بصدق ، وأن يحاول قدر الاستطاعة نصح أهله وتغيير فكرتهما عن المسلمين الجدد بضرب الأمثلة الحية على عكس ما يقولون ، والمأساة التي سبّبها الزوج القديم كذلك ، ونوصيهما مرة أخرى بعدم إظهار قضية دعوة الولدين إلى الإسلام لئلا يسبب ذلك للوالد القيام بعمل شيء لا تحمد عقباه ، ولا مانع إذا ما أحسا بريبة منه أن يبلغا الشرطة ليتخذوا معه الإجراء اللازم .
8- وإذا كان الزواج سيفقد السائلة حق حضانتها لولديها فلا ننصحها بالزواج الآن خشية على نفسين أن يكونا من وقود النار في الآخرة ، اللهم إلا إن خشيت على نفسها الوقوع في الفاحشة ، فإنها تتزوج من المسلم الذي أخبرت عنه ، بشهود ووليٍّ كما سبق وذكرنا لها ، وإشهار النكاح من السنة ولا يلزم إعلانه رسميا وورقيا ولكن على هذه الأخت أن تعيش في بيئة مسلمة محافظة يعلمون(51/38)
بأمر زواجها لئلا تجلب على نفسها كلاما في عرضها ، وإذا كان مما يحسّن الحال أن تغادر البلد الذي فيه زوجها إلى بلد آخر تأخذ فيه حريتها وتحتضن ولديها ويمكنها الزواج من أي مسلم موحّد يحافظ عليها وعلى ولديها فلتفعل ذلك .
9- ولا بد من الدعاء واللجوء إلى الله ليكشف الكرب ويفرج الهم ، ونحن ندعو لها بأن يوفقها الله لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
حكم من أقدمت على الزواج بنصراني
تاريخ الفتوى : ... 06 محرم 1427 / 05-02-2006
السؤال
امرأة مسلمة تزوجت بنصراني
والسؤال الأول: ما حكم هذه المرأة من وجهة نظر الشريعة في حال كانت منكرة لعدم جواز مثل هذا الزواج؟
وفي حال كانت معترفة بعدم الجواز ولكنها مع ذلك تزوجت به وتقول إنها تحبه ولا تستطيع تركه ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على أنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج من كافر نصرانيا كان أو يهوديا أو غير ذلك ، لقوله تعالى : وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا {البقرة: 221 } وقوله تعالى : وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا {النساء: 141 } وتقدم بيانه في الفتوى رقم : 20203 .
وعليه.. فهذا الزواج باطل ، وهذه المرأة التي أقدمت عليه إما أن تكون عالمة بحرمته ، أو جاهلة لحكمه ، فإذا كانت عالمة فإما أن تكون أقدمت عليه جاحدة للحكم مستحلة له ، فتكون بذلك قد ارتدت عن دين الإسلام ، وتراجع الفتوى رقم : 55851 ، وإما أن تكون فعلته من غير استحلال ولا جحود فتكون عاصية ومرتكبة لكبيرة من الكبائر ، وأما إذا كانت جاهلة بالحكم فلا إثم عليها حينئذ ، ويكون نكاحها نكاح شبهة ، وإذا كانت عالمة بالتحريم فيجب عليها أن(51/39)
تتوب إلى الله تعالى بالندم على ما صنعت والعزم على عدم العودة إليه أبدا ، وعلى كل حال يجب عليها قطع العلاقة بهذا الرجل فوراً .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــــــ
حكم بقاء الزوجة مع زوجها الذي تزوج كافرة
تاريخ الفتوى : ... 01 ذو الحجة 1426 / 01-01-2006
السؤال
زوجي متزوج بامراة كافرة ليست بكتابية منذ 26سنة في روسيا .لم يطلقها ولما عاد إلى البلد بعد8 سنوات من زواجهما تزوج بي ولم يعد إليها (إلى روسيا) حتى هذا العام وتعامل معها كما يتعامل الرجل مع زوجته مع العلم أنها رزقت منه ببنت الآن هي متزوجة بكافر ثم أحضرها عندي وأجبرني على استقبالها لم يتزوج بها حسب الشرع فما حكم بقائي مع رجل يعصي الله وحكم إدخال الكافرة إلى البيت وصرفه المال بطريقة غير معقولة على هذه المرأة وابنتها وترك أبنائه وأنا نتخبط في الديون ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمقام هذا الرجل مع هذه المرأة إن كانت غير كتابية سفاح لا نكاح ، ويجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى ويفارق هذه المرأة فوراً ، وبنته منها إن كان يعتقد صحة نكاحه السابق فإنها تنسب إليه ، وإلا بأن كان يعلم حرمة زواجه بهذه المرأة فلا يجوز أن تنسب هذه البنت إليه ، وأما بقاؤك معه فجائز. ولكن عليك نصحه وتذكيره بالله تعالى ، وطالبيه ببيت مستقل ، وبيني له أن ما هو عليه من العيش مع هذه المرأة سفاح وزنا ، وأنك لا يمكن أن تسمحي له بمقارفة هذا الذنب في منزلك ، وأكثري له من الدعاء بالصلاح والهداية ، واستعيني على نصحه ببعض الأهل والأقارب وفقك الله لمرضاته .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــــــ
من نكح امرأة نطقت بالشهادتين ولم تلتزم بالشرع
تاريخ الفتوى : ... 13 شوال 1426 / 15-11-2005
السؤال(51/40)
-في بعض البلاد غير المسلمة يلزم نظام الطلاق الزوجين بالتوقيع على وثيقة الطلاق، فما هو الحكم إذا وقع الزوج على الوثيقة ولم توقع الزوجة هل تعتبر هذه طلقة واحدة أم أنه يعتبر طلاقا بائنا؟
- يقوم بعض المسلمين بالتعرف على غير المسلمات لغرض الزواج، ويذهبون لأي جمعية إسلامية وتسجل هي إسلامها ثم يعقدون الزواج، لكن بعد الزواج نكتشف أنها أسلمت من غير علم بتشريعات الدين كما أن بعضهن أصلا لا تلتزم بالصلاة والصيام وباقي أحكام الشرع . فهل تعتبر مثل تلك المرأة غير مسلمة ويعتبر عقد نكاحها فاسدا؟ وما الحل إذا كانت أنجبت من ذلك الزواج.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك هذا على الأمور التالية:
• كون بعض البلاد غير المسلمة تلزم الزوجين بالتوقيع على وثيقة الطلاق.
• تعريف الطلاق البائن.
0 تعرُّف بعض المسلمين على غير المسلمات لغرض الزواج.
• إسلام من لم يلتزم بالصلاة والصيام وباقي أحكام الشرع.
• حكم نكاح من أسلمت ولم تلتزم بالصلاة والصيام وباقي أحكام الشرع، وما الحكم إذا حصل إنجاب في مثل تلك الأنكحة؟
فبالنسبة للنقطة الأولى فقد جعل الله الطلاق بيد الرجل لقوامته ولأنه أضبط لتصرفاته وانفعالاته من المرأة، ولا عبرة بما يوجد عند بعض البلاد غير المسلمة من قوانين تلزم الزوجين بالتوقيع على وثيقة الطلاق. فمن رغب في أن يطلق زوجته كفاه أن يتلفظ بالطلاق، سواء وقعت الزوجة على الوثيقة أو لم توقع، وهي طلقة واحدة إذا لم تكن مسبوقة بغيرها.
وأما الطلاق البائن فلك أن تراجع في تعريفه فتوانا رقم: 2550.
ولا بأس بتعرُّف بعض المسلمين على غير المسلمات لغرض الزواج إذا كن كتابيات عفيفات، وتقيد أولئك بالضوابط الشرعية. فقد أباح الشرع النظر إلى المرأة لمن أراد نكاحها، لما رواه أبو داود وأحمد عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل.
ولكن لا يجوز له أن ينظر إليها نظرة تلذذ وشهوة وريبة، وإنما ينظر إليها، ويتأمل محاسنها، لعزمه على نكاحها. ولا يجوز أن يختلي بها ولا أن يلمس شيئا من بدنها.(51/41)
وإذا لم يلتزم المرء بالصلاة والصيام وباقي أحكام الشرع، وقد نطق بالشهادتين، مع تمكنه من العمل بشرائع الإسلام، فإنه لا يحكم بإسلامه، لتخلف شرط من شروط صحة إسلامه، وهو العمل الصالح. ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 10280.
ولا يعتبر مرتدا لأنه لم يحكم بإسلامه أصلا، قال خليل: وأدب من تشهد, ولم يوقف على الدعائم.
ومن نكح امرأة قد نطقت بالشهادتين ولم تلتزم بأحكام الشرع، فإن كانت من عفيفات أهل الكتاب، فلا حرج في ذلك، لأن الله تعالى قد أحل للمسلم نكاح الكتابيات العفيفات، قال تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ... {المائدة: 5}.
وإذا لم تكن على دين أهل الكتاب، فلا يجوز الزواج منها ويعتبر العقد عليها باطلا، ويجب مفارقتها، ولكن الأولاد منها ينسبون إلى أبيهم إذا كان يجهل تحريم هذا الأمر.
وأما إن كان يعلم حرمة الزواج منها، وفَعَله منتهكا الحرمة، فإن ذلك يعتبر زنا والعياذ بالله، ولا يلحق الأولاد به، وإنما ينسبون إلى أمهم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا ينسب ابن الزنا إلى الزاني
تاريخ الفتوى : ... 19 رجب 1426 / 24-08-2005
السؤال
ما الحكم في من تزوج بمشركة بدون عقد شرعي وحملت منه ولكن قبل الوضع أسلمت الزوجة وكتب عقد النكاح الشرعي فهل هذا الابن ينسب إليه شرعا أم أن هناك شكا في ذلك أي أنه يعتبر ابن زنى.
بارك الله فيكم وجزاكم .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يكون زواج إلا بعقد شرعي وما عداه فاسمه الزنا فينبغي تسمية الأشياء بأسمائها، وعليه، فالحمل الذي تم قبل العقد لا ينسب إلى الزاني، ولا أثر لإسلام أمه قبل وضعه في نسبه إلى أبيه من الزنا.(51/42)
أما الآن وقد أسلمت فلا حرج في الزواج منها من جديد، ولا بد من استبرائها من الزنا، كما في الفتوى رقم: 11427.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
العبرة في صحة النكاح بتوفر شروطه
تاريخ الفتوى : ... 18 رجب 1426 / 23-08-2005
السؤال
لدي قريب مهاجر في بلاد الغرب وتزوج فتاة من تلك البلاد، وله الآن ولد وبنت ونظرا لعدم درايته بالدين الإسلامي لأنه هاجر وهو صغير نسبيا فقد تم عقد قرانه بالكنيسة وعلى الطريقة المسيحية، ونظرا لأنه عربي فقد اكتفى بتسجيل عقد الزواج بسفارة بلده لإثبات الحقوق معتقدا أن ذلك يكفي كمسلم. وحتى الآن لم تتم مراسم الزواج حسب الشريعة الإسلامية، علما بأنه يحمل الجنسيتين ، جنسية بلده وجنسية الزوجة. أرجو الفتوى في صحة هذا الزواج وما المفترض أن يعمل حاليا حيث إنه مسلم وكما علم حاليا أن زواجه ربما يكون غير صحيح ، وإذا كان كذلك كيف يتم تصحيح الوضع، ( هو يعلم الآن أنه مخطئ ويرغب في التصحيح مع التذكير مرة ثانية أن لديه ولدا واسمه عبد الكريم وبنت واسمها مريم).
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج الشرعي له شروط لا يصح إلا بها، منها الولي وشاهدا عدل، وتقدم تفصيلها في الفتوى رقم: 1766، والكتابية في ذلك كالمسلمة، وانظر الفتوى رقم: 51167، فإذا كان زواج القريب المذكور توفر فيه شروط الزواج الشرعي المذكورة في الفتوى المحال عليها فهو صحيح، وكونه تم في الكنيسة لا يؤثر على صحة النكاح، وانظر الفتوى رقم: 24157، وأما إذا اختل فيه شرط من هذه الشروط فيكون باطلا، وعليه أن يفارق المرأة وله أن يجري عقدا جديدا بالشروط السابقة، بعد الاستبراء بحيضة أو وضع حمل إن كان. أما الأولاد فينسبون إليه لوجود الشبهة باعتقاده جواز هذا النكاح.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(51/43)
الفتوى : ... الزواج الأول باطل فلا بد من تجديد العقد بالشروط الشرعية
تاريخ الفتوى : ... 16 رجب 1426 / 21-08-2005
السؤال
عندي أخ يعمل في بريطانيا ومتزوج من بريطانية على الطريقة النصرانية، ولقد أسلمت سؤالي هو: ماذا عليه أن يفعل لتوثيق زواجهما إسلامياً وكذلك إسلام زوجته؟ جزاكم الله الخير كله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زواج أخيك من هذه المرأة على وفق الدين المسيحي يعد زواجاً باطلاً لمخالفته للدين الإسلامي، وذلك من أوجه منها أنه يشترط لصحة الزواج الإسلامي عدلان مسلمان، ومنها غير ذلك مما لا يتوفر في النكاح عند النصارى، لكن لا مانع من أن يقوم بالزواج من جديد من هذه المرأة بعد استبرائها بحيضة.
وبما أن هذه المرأة أسلمت فإنه لا يتولى الولاية عليها في النكاح إلا رجل مسلم، فإن وجد من أهلها من هو مسلم فهو أحق بالولاية عليها وإلا فأي مسلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
كافر تزوج مسلمة ثم أسلم
سؤال:
هندوسي تزوج مسلمة أرملة وبعد عدة سنين أسلم الرجل نظراً لحسن تعامل زوجته فهل يجب أن يعيدا الزواج أم أن زواجهما الأول لازال قائماً ؟
المسلمون في الهند يقرءون الصلوات النارية 4444 مرة لكي يحصلوا على الأجر ويتجنبوا الفواجع ، مع أننا شرحنا لهم بأنه يكفي الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما قال هو وأن لا نتلو الصلوات النارية فإنهم لا زالوا يتلونها وقالوا بأنه لا بأس بها .
هل يجوز قراءتها وأرجو التوضيح إذا كان هناك أي شرك مقرون بمعنى الصلوات النارية ؟.
الجواب:
الحمد لله(51/44)
1. زواج المسلمة من الكافر أياً كان ديانته باطل شرعاً ولقاؤهما سفاح ، ويجب التفريق بينهما لقول الله عز وجل : ( ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ) . البقرة / 221 .
وقال تعالى في بيان عدم حل نساء المسلمين للكفار ( لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ) الممتحنة / 10
قال القرطبي رحمه الله تعالى في كتابه الجامع لأحكام القرآن ( 3/72 ) : وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام . أ.هـ
وإذا أسلم الرجل – كما في السؤال – فإنه يجب أن يعقد على المرأة عقداً جديداً ، لأن العقد الأول باطل ولا عبرة به شرعاً .
وقال الشيخ عطية محمد سالم في إكماله لأضواء البيان (8/164-165):
لماذا حلت الكافرة من أهل الكتاب للمسلم ، ولم تحل المسلمة للكافر من أهل الكتاب ؟
والجواب من جانبين :
الأول : أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه والقوامة في الزواج للزوج قطعا لجانب الرجولة ، فقد يؤثر الرجل على امرأته فلا تستطيع القيام بدينها كما يجب ، وقد تترك دينها بالكلية . وكذلك الأولاد سيكونون تابعين لأبيهم في الدين .
والجانب الثاني : شمول الإسلام وقصور غيره ، وينبني عليه أمر اجتماعي له مساس بكيان الأسرة وحسن العشرة ، وذلك أن المسلم إذا تزوج كتابية ، فهو يؤمن بكتابها ورسولها ، فسيكون معها على مبدأ من يحترم دينها لإيمانه به في الجملة ، فسيكون هناك مجال للتفاهم ، وقد يحصل التوصل إلى إسلامها بموجب كتابها ، أما الكتابي إذا تزوج مسلمة ، فهو لا يؤمن بدينها ، فلا تجد منه احتراما لمبدئها ودينها ، ولا مجال للمفاهمة معه في أمر لا يؤمن به كلية ، وبالتالي فلا مجال للتفاهم ولا للوئام ، وإذاً فلا جدوى من هذا الزواج بالكلية ، فمنع منه ابتداءً . اهـ بتصرف .
وعليه فيجب إنشاء عقد جديد والله تعالى أعلم .
وبالنسبة للسؤال عن الصلاة النارية فيراجع السؤال رقم ( 7505 ) .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل المسلم الذي لا ينفذ تعاليم الإسلام أسوأ من الملحد ؟!(51/45)
سؤال:
هل يجوز أن يكون المسلم "غير ممارس تعاليم الدين" ؟
أطرح سؤالي هذا لأن لي صديقة تزوجت من مسلم "لا يمارس تعاليم الدين". ومع أنه يشرب الخمر والمشروبات الروحية ، وتزوج بكافرة ، لكنه لا يأكل لحم الخنزير . انطباعي هو أن النصراني "غير الممارس لدينه" يعتبر مرتدا أو أسوأ من الملحد .
الجواب:
الحمد لله
يجب على المسلم أن يتمسك بتعاليم دينه ، فيفعل الواجبات ، من الصلاة والصيام وبر الوالدين وصلة الأرحام ، وصدق الحديث وغير ذلك مما أوجبه الله تعالى عليه .
وعليه أن يترك المحرمات ، من الزنا والربا وشرب الخمر وعقوق الوالدين ، والكذب ، والخيانة ، وأكل أموال الناس بالباطل ، وغير ذلك من المحرمات .
هذا هو الواجب على كل مسلم ، ومن امتثل لذلك كان قريبا محبوبا من الله تعالى ، موعودا بدخول جنته ، ونيل كرامته .
وأما من ترك الواجبات أو اقترف المحرمات ، فهذا على قسمين :
الأول : أن تصل به معصيته إلى حد الكفر والشرك بالله ، كالاستهزاء بالدين أو سب الله أو سب رسوله أو جحد شيء من أمور الدين المعلومة ، أو استحلال شيء مما حرم الله ، كأن يستحل الخمر أو الزنا أو أكل لحم الخنزير ، فمن فعل ذلك كان مرتداً عن الإسلام ، لكن إن كان ذلك عن جهل وغفلة فإنه يُعلّم وينصح ويذكّر ، ليتوب إلى الله تعالى ، فإن أصر على ذلك بعد تعليمه ، كان مرتدا خارجا عن الإسلام .
الثاني : أن يرتكب بعض الذنوب التي لا تعد كفرا وشركا ، كالزنا وشرب الخمر من غير استحلال لها ، فهذا إن تاب تاب الله عليه وبدّل سيئاته حسنات ، وإن استمر في عصيانه فإن الله تعالى توعده بعذاب أليم يوم القيامة ، وبعقوبات في الدنيا ، كالفقر والمرض والذل والهزيمة ، مع إقامة الحد عليه ، عند ارتكابه بعض الجرائم كشرب الخمر والزنى ، إذا ثبتت عليه الجريمة ، بشروط لا مجال لذكرها هنا .
والواجب على المسلمين تجاه أصحاب المعاصي هو نصحهم ودعوتهم للتوبة ، وتذكيرهم بخطر المعصية وسوء عاقبتها ، مع بغضهم وكراهيتهم لأجل معاصيهم .(51/46)
فالمطيع والعاصي لا يستويان عند الله تعالى ، ولا عند عباده المؤمنين ، كما قال سبحانه : ( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) ص/28 .
ولكن لما كان العاصي يجمع بين الخير والشر ، والطاعة والمعصية - ورأسُ الخير إيمانُه بالله تعالى - كان من عدل الشريعة ورحمتها أن لا تُهدر حسناته ، ولا تضيع طاعاته ، ولا يُسوى بينه وبين من كفر بالله وألحد وتمرد .
وأما زواج المسلم بالكافرة ، فإنه محرم ، إلا أن تكون الكافرة يهودية أو نصرانية ، فإن الله أباح الزواج منها ، لما في ذلك من احتمال هدايتها وإسلامها ، واتفاقها مع المسلم في مبدأ الإيمان بالله وبالنبوة والرسالة واليوم الآخر ، فزواجها من المسلم ، يدعوها إلى البحث عن الحق ، ويرغبها في ترك ما هي عليه من الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم وبرسالته .
وخلاصة الجواب :
أن المسلم الذي خرج عن دينه بالكلية مساوٍ للملحد ، أو أسوأ منه .
أما المسلم الذي معه أصل التوحيد والإسلام ، ولكنه يفعل كبائر الذنوب ، وقبائح الأعمال فإنه خير بلا شك من الكافر الملحد ـ مع ما فيه من تقصير ونقص ـ وذلك لأن حسنة التوحيد هي أعظم الحسنات على الإطلاق ، وقد أتى بها ، وما يعمله من الذنوب والمعاصي فهو متوعد عليها بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة إن لم يتداركه الله تعالى برحمته ويعفو عنه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
شروط نكاح الكتابية
تاريخ الفتوى : ... 16 رجب 1426 / 21-08-2005
السؤال
السؤال:
ما حكم زواج أهل الكتاب كالمسيحية وغيرها من الأديان الأخرى بالنسبة للمسلمين؟
وهل هناك فرق بين أهل الكتاب في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام وفي زمننا هذا ؟
وأرجو أن تكون الإجابة دقيقة واضحة مفصلة موثقة
أثابكم الله وسدد خطاكم .(51/47)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق العلماء على جواز نكاح الكتابية في الجملة، ولهم في ذلك شروط وتفصيلات، قال الإمام النووي
رحمه الله تعالى في روضة الطالبين: فصل في صفة الكتابية التي ينكحها المسلم وهي ضربان إسرائيلية وغيرها :
الضرب الأول: التي ليست من بني إسرائيل ولها أحوال:
أحدها: أن تكون من قوم يعلم دخولهم في ذلك الدين قبل تحريفه ونسخه فيحل نكاحها على الأظهر وقيل قطعا ...
الحال الثاني: أن يكون ممن يعلم دخولهم بعد التحريف وقبل النسخ فإن تمسكوا بالحق منه وتجنبوا المحرف منه فكالحال الأول - أي فيحل نكاحها -
وإن دخلوا في المحرف لم تحل مناكحتهم على المذهب ويقرون بالجزية على الأصح كالمجوس وأولى للشبهة.
الحال الثالث: أن تكون ممن يعلم دخولهم بعد التحريف والنسخ فلا تحل مناكحتهم قطعا.
فالذين تهودوا أو تنصروا بعد بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم لا يناكحون، وفي المتهودين بين نبينا وبين عيسى عليهما السلام وجهان:
أصحهما المنع ...
الرابع أن تكون من قوم لا يعلم متى دخلوا فلا تحل مناكحتهم ويقرون بالجزية وبذلك حكمت الصحابة رضي الله عنهم في نصارى العرب ...
الضرب الثاني: الكتابية الإسرائيلية
والذي ذكره الأصحاب في طرقهم جواز نكاحها على الإطلاق من غير نظر إلى آبائها أدخلوا في ذلك الدين قبل التحريف أم بعده وليس كذلك لأن ليس كل إسرائيلية يلزم دخول آبائها قبل التحريف ...ولكن كأن الأصحاب اكتفوا بشرف النسب وجعلوه جابرا لنقص دخول الآباء في الدين بعد التحريف حتى فارق حكمهن حكم غير الإسرائيليات إذا دخل آباؤهن بعد التحريف
وأما الدخول فيه بعد بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم فلا تفارق فيه الإسرائيلية غيرها .اهـ
ولغير الشافعية تفصيلات أيضا، يعسر استقصاؤها ومن أرادها طالعها في مكانها من كتب العلماء ، وخلاصة القول أن من توفرت فيها الشروط السالفة حل نكاحها في زماننا كما هو في الزمن السالف ، وأما وجود التحريف عند(51/48)
اليهود والنصاري فكان قبل بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعده ، وجاء القرآن بحل نكاحهم مع ما هم عليه من تحريف كتبهم، وأما غير الكتابية فلا يحل نكاحها ، وننصح بمطالعة الفتوى رقم 48548 والفتوى رقم 58237 .
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... هل يمنع المسلم زوجته الكتابية من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير؟
تاريخ الفتوى : ... 10 رجب 1426 / 15-08-2005
السؤال
أنا متزوج من امرأة كتابية وبقيت على دينها ومن واجبي أن أتحمل مصاريف زوجي وأولادي، زوجتي تأكل لحم الخنزير وتشرب الخمر في المنزل فما الحكم في ذلك وما الذي يجب أن أفعله؟
أعلمكم أني أقيم في بلد غير مسلم.
أناشدكم الله أن لا تحيلوني إلى فتوى أخرى وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوج أن يعين زوجته على شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، وإن فعلت ذلك من تلقاء نفسها فليس له منعها من ذلك على خلاف بين أهل العلم.
قال المواق في التاج والإكليل: ابن عرفة المذهب كراهة نكاح الحرة الكتابية في المدونة، وإنما كرهه مالك ولم يحرمه لما تتغذى به من خمر وخنزير وتغذى به ولده وهو يقبل ويضاجع وليس له منعها من ذلك ولا من الذهاب إلى الكنيسة.
وعلى هذا، فلا يجب عليك منع زوجتك من شرب الخمر وأكل الخنزير ولا تأثم أنت به، ولكن لا تعنها بمالك على ذلك .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ــــــــــــــــــــــــــــ
من قضايا الشباب المهاجرين إلى غير بلاد المسلمين
تاريخ الفتوى : ... 08 رجب 1426 / 13-08-2005
السؤال(51/49)
إخواتي في الله... أما بعد:
إخوتي في الله، فنحن طلاب ندرس في دولة أوروبية وهي تقوم بدفع مساعده لجميع الطلاب وما علينا سوى تقديم طلب مرفق بختم الجامعه لنحصل على هذا الدعم، فهل يجوز لنا أخذ هذه النقود على أساس أنها مقدمة من دولة أجنبية، كما أن هناك طلابا يتزوجون من أهل هذه البلاد فيحصلون على إقامه دائمة وعلى إثرها يحق لهم الحصول على معونه من أجل السكن والمعيشة وتأمين صحي من الدولة حتى إنهاء الفترة الدراسية أو سن 25، فهل يجوز ذلك وهل تعتبر هذه من الباءة التي يعتمد عليها للزواج، وأخيراً، هناك بعض الطلبه قد تزوجوا في البداية دون علم ذويهم لمعارضة الأهل أن يتزوج أبناؤهم في سن مبكرة أو من زوجة أجنبية ولو كانت مسلمة مع أن كثيرا منهن أكثر التزاماً من العربيات, وأن بالزواج من هؤلاء الأخوات عون وتثبيت لهن وحفظ لنا أيضا فكثير من الشباب المسلم وللأسف وقعوا من بداية الطريق والعياذ بالله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما أخذكم لتلك المساعدات فلا حرج فيه وإن كان الأولى التنزه عنه لما فيه من منة الكافر على المسلم، وانظر الفتوى رقم: 15384.
وأما زواج الشباب من نساء تلك البلاد دون إذن الآباء والأمهات فهو وإن كان صحيحاً إلا أن الأفضل تركه وعدم الإقدام عليه إلا بعد إذن الوالدين لما في ذلك من برهما والإحسان إليهما لشدة تعلقهما بالولد وحرصهما على مصلحته وهذا ما لم يخش الوقوع في الفتنة وإلا فليبادر إلى الزواج.
وأما نساء تلك البلاد فإن كن مسلمات فلا حرج في الزواج منهن بل قد يندب إليه إن كان القصد إعفافهن وتأليف قلوبهن سيما إذا كن من ذوات الخلق والدين كما ذكرت، وأما إن كن غير مسلمات فلذلك حالتان أن يكن كتابيات، وقد بينا حكم نكاحهن في الفتوى رقم: 323، والفتوى رقم: 7787.
والحالة الثانية أن يكن وثنيات أو لا دين لهن فلا يجوز الزواج منهن لقول الله تعالى: وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ {البقرة:221}، وانظر الفتوى رقم: 2779.
وأما نية الشاب في الزواج وقصده للمال من وراء ذلك أو غيره من الأمور المباحة فلا حرج فيه لما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: تنكح المرأة(51/50)
لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.
والأولى أن يقصد بالزواج إعفاف نفسه وزوجته عن الحرام وتكثير سواد الأمة بالنسل، كما قال الله تعالى: فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ {البقرة:187}، أي من الولد والإعفاف كما قال أهل العلم.
وننصح شباب المسلمين بالمبادرة إلى الزواج كما أمرهم بذلك نبيهم عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم، إذا استطاعوا فإن لم يسطيعوا فعليهم بالصوم وغض البصر ونحو ذلك من السبل المعينة على عفاف النفس وطهارة القلب، وانظر الفتوى رقم: 3659.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تزوجها بعد ما أسلمت ثم ارتدت
تاريخ الفتوى : ... 06 رجب 1426 / 11-08-2005
السؤال
أنا شاب من مواليد 1977 من إحدى البلدان العربية .ذهبت إلى أوروبا للعمل بسبب قلة المال والعيش
وعندما وصلت إلى المكان المطلوب. وبعد سنتين ونصف وقعت في الفساد والفحشاء وبعدها تعرفت على فتاة وجامعتها لمدة 4 أشهر وكانت تسكن معي أقصد الزنا لمدة 4 أشهر وبعدها فكرت في زواجها حسب الشريعة الإسلامية؟ وذات يوم سألتها لعلها أن تصبح مسلمة لكي أقدر على النكاح منها...وقالت لا بأس بذلك سوف أكون مسلمة وبعد مدة قصيرة قالت نعم أنا مسلمة ..وتزوجتها حسب الشريعة الإسلامية وبعد مرور سنة كاملة من زواجنا ؟ لم يتغير أي شيء كالحجاب والصلاة وعدم الخروج لوحدها إلى آخره ....عدا الشهادة فقط وأنها تؤمن بوحدانية الخالق وبرسول الله {صلى الله عليه وسلم}وفي يوم حصل بيننا التشاجر وضربتها وقالت سوف أخبر الجهات المختصة عليك ?وأقسمت بالله في نفسي وقلت إذا اشتكت علي سوف أطلقها وبعد ساعات لقيت رسالة من الشرطة لإلقاء القبض علي ?وبعد يوم من السجن خرجت ورجعت إلى البيت وتشاجرنا من جديد وقلت لها وأنا كنت غاضبا جدا أنت كذا كذا كذا ثلاث مرات وكان هذا قبل عشرة أيام من ولادة ابني وعند يوم الولادة اتصلت بإمام جامع لدينا هنا وشرحت له الموضوع وأجابني على أن لا أكرر هذا(51/51)
الكلام قط وأن أنسى كل ما حصل بيننا وقال لي يحسب طلقة واحدةـ؟؟؟؟قبل شهر أو شهرين حصل بيننا التشاجر من جديد وكنت أرفع صوتي عليها وضربتها على وجهها وأخبرت علي الشرطة من جديد وقالت لا أريد زوجي وطردوني من بيتي لمدة بضعة أيام لكي تهدأ من غضبها وبعد يوم واحد رجعت إلى البيت فلم أجدها وفي المساء رجعت لتأخذ بعض الحاجات للطفل وعندما رأتني وأنا في البيت خافت قلت لها لا تخافي وبدأنا المناقشة والشيء الذي كنت أطلب منها كالحجاب وان تسمع كل ما أقول ?ولكن رفضت وذلك الوقت كنت غاضبا ?عندما أكتب كلمة غاضب هذا لا يعني كنت سعيدا من قبل لم أر أي سعادة بيننا حتى ألآن وعند غضبي كما ذكرت .قلت لها باللغة الانكليزية أنت كذا أنت كذا أنت كذا وكنت أعرف ماذا أقول وأنطق ......وراجعتها
من جديد والآن تقول لي أنا لست مسلمة لأنني لا أقدر على ما هو المطلوب مني في الإسلام .....مع العلم أن ابني 9 أشهر وزوجتي ما زالت معي أفتوني على سؤالي جزاكم الله خيرا ?ملاحظة صغيرة لو سمحتم أرجو من سيادتكم الإجابة بأسرع وقت ممكن وإرسالها إلى البريدي الإلكتروني
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية يجب عليك التوبة والاستغفار لإقدامك على ارتكاب فاحشة الزنا التي تعد من أعظم الكبائر وأقبحها، وقد توعد الله مرتكبها بالعقوبة في الدنيا والعذاب الأليم يوم القيامة إذا لم يبادر العاصي بالإنابة إلى ربه ويكثر من الأعمال الصالحة، فإن فعل ذلك فإن الله سبحانه وعد التائب من الذنب بالعفو في قوله:
وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه 82} وقال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}
وبخصوص زواجك من هذه المرأة بعد أن أظهرت إسلامها فيعد زواجا صحيحا إذا توفرت فيه شروط النكاح الصحيح من ولي وهو هنا كل مسلم إذا لم يكن لها قريب مسلم وشاهدي عدل وصداق، وبما أنك طلقتها ثلاثا فقد بانت منك بينونة كبرى، لا فرق في ذلك بين أن يكون في لفظ واحد أو غيره إذا لم يقصد به التأكيد على ما ذهب إليه الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة وأتباعهم،(51/52)
وخالف الجميع شيخ الإسلام ابن تيمية وقال إنه لا يلزم من ذلك إلا طلقة واحدة.
فعلى مذهب الجمهور فلا يصح ارتجاع هذه المرأة بل ولا نكاحها حتى تنكح زوجا آخر، وعلى قول شيخ الإسلام ابن تيمية فيصح ارتجاعها، لكنها الآن صرحت أنها ليست مسلمة وتكون بذلك مرتدة عن الإسلام، وبالتالي، فإن نكاحها أصبح باطلا، وتراجع الفتوى رقم: 9644. لموضوع ردة أحد الزوجين.
هذا وننبهك إلى أمرين : 1- أنه لا يجوز الزواج من الزانية حتى تتوب، وراجع في ذلك الفتوى رقم : 9644
2- أنه ينبغي للمسلم إذا أراد الزواج أن يختار ذات الدين والخلق كما أرشد إلى ذلك الناصح الأمين صلوات الله وسلامه عليه بقوله: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
العفة شرط للزواج من الكتابية
تاريخ الفتوى : ... 04 رجب 1426 / 09-08-2005
السؤال
أربد الزواج من فتاة روسية مسيحية وهى ستعتنق الإسلام
أهدتيها القرآن هي تقرأ العربية وهي فتاة جدجيدة بالنسبة لي المشكلة أنها كانت قبل أن ألتقي بها كانت مع شباب آخرين لكنها الآن تابت بصفة نهائية أفتوني من فضلكم في حالتي بصفة خاصة وليس بصفة عامة بإرسال أجوبة لا علاقة لي بها أو أنها عامة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز الزواج بالمرأة المسيحية ، فقد أباح الله عز وجل نكاح المحصنات من أهل الكتاب قال تعالى :
أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ {المائدة:5}(51/53)
ومعنى المحصنات أي العفيفات عن الزنا ، فإذا كانت كذلك ، أو تابت من علاقات سابقة فلا حرج في الزواج بها، والأولى الزواج بمسلمة يأمن الرجل معها على أولاده بأن ينشؤوا على الإسلام وآدابه.
مع التذكير بأن هداية نفس إلى الإسلام خير من الدنيا وما فيها، فقد جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. وفي رواية: خير لك من الدنيا وما فيها".
مع التنبه إلى أن الكافر لا يمكن من المصحف وسبق بيانه في الفتوى رقم 58919
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... تزوج بمشركة وحملت منه وترفض الدخول في الإسلام
تاريخ الفتوى : ... 28 جمادي الثانية 1426 / 04-08-2005
السؤال
لي صديق متزوج بمشركة وكانت عيناه في غطاء عن ذكر الله ، إلى أن قررالتوبة و عاد إلى الله نادما على كل الذنوب التي فعلها في حق الدين، فلا زال إلى اليوم صابرا على دعوة زوجته التي لم تسلم بعد وكانت تعده تارة بالذهاب معه لكتب عقد نكاح في المسجد ولكنها سرعان ما ترفض و تتراجع بسبب عدم الإيمان. ولكن قبل هذا لما عاد هذا الأخ إلى الصلاة وترك أصحاب السوء وطريق المعصية وقرر إما أن تسلم زوجته وإما أن يطلقها، ابتلي ابتلاء عظيما، وجد أن زوجته قد صارت حاملا ومنذ ذلك الوقت وإلى هذا اليوم وهو يسعى ليلا نهارا على أن تسلم زوجته قبل أن تضع حملها وهو في حيرة كبيرة أمام هذه المظلمة التي فعلها في حق دينه، وكان دائم السؤال هل إن لم تسلم هذه الزوجة فهل هو من يحمل ذنبها مع أنه يدعوها منذ ما يزيد عن7 أشهر ، وهل أن هذا الطفل يصبح ابن زنى؟ لا حول ولا قوة إلا بالله. وقد كان أخبرني عن رؤية رآها يقول إنه قبيل قيامه لصلاة الفجر، رأى وكأن زوجته قد وضعت ذهب لرؤيتها في المستشفى وجد أنها قد وضعت غلاما جميلا، ولكن الزوجة كانت على صورة أخته ثم إذا بثلاث ممرضات يسلمن عليه ويبشرنه ويهدينه إطارا كتب فيه بحروف من ذهب ـ عبد السلام ـ قال فاستيقظت من النوم فوالله يقول شعرت وكأن أناسا كانواعندي حقا وكأنه ليس بحلم. وأما اليوم فقد حدثني في الهاتف يقول لي بأنه قد رأى في المنام يدا تسقي زوجته(51/54)
وابنه فهم بأن يشرب أيضا ولكنه لما هم بالشرب وكأن أحدا قد همس في أذنه إن هذه اليد هي تلك اليد الكريمة يد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم . يقول فاستيقظت ولم أشرب . فبالله أفتوني في صديقي على أبشره خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم الزواج بالمشركة في الفتوى رقم: 63854، وبيان أنه باطل وأن العلاقة القائمة على أساسه علاقة غير شرعية ومحرمة، فإذا أسلمت المرأة فللرجل أن يعقد عليها عقدا شرعيا بشروطه المعروفة، وأما حكم الحمل من هذا النكاح، فإذا كان يعتقد صحته فيلحق به الولد لأنه نكاح شبهة، وتراجع الفتوى رقم: 50304، وأما عن الرؤيا التي رآها الزوج فهي رؤيا خير إن شاء الله، ولكننا نعتذر عن تأويلها، فلسنا من أهل الاختصاص في تأويل الرؤى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم نكاح كتابية تؤمن بالوحدانية وبنبوة محمد
تاريخ الفتوى : ... 06 جمادي الثانية 1426 / 13-07-2005
السؤال
الزواج من مسيحية لا تؤمن بالثلاثية وتؤمن بالوحدانية وأن محمدا رسول الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج من الكتابية جائز بنص الكتاب قال تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُم {المائدة: 5}. فعلق جواز الزواج بها بكونها كتابية فحسب، وإن كانت تعتقد بعقيدة التثليث وتنكر رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا كانت تؤمن بإله واحد، وبرسالة محمد صلى الله عليه وسلم فيجوز الزواج بها من باب أولى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم الزواج من غير كتابية تؤمن بوجود الله(51/55)
تاريخ الفتوى : ... 16 جمادي الأولى 1426 / 23-06-2005
السؤال
أنا شاب مقيم بأوربا وتزوجت من أجنبية ليست من أهل الكتاب ولكنها تؤمن بوجود الله فقط أريد أن أعرف فضيلة الشيخ هل يجوز لي أن أعقد عقدا شرعيا أم لا؟ علماً بأني تزوجت منها على الطريقة الأوربية.
بارك الله في علمكم وأطال في عمركم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حرم الإسلام على المسلم أن يتزوج بكافرة غير كتابية، ويدخل في ذلك جميع ملل الكفر، ودليل التحريم قول الله تعالى: وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ {البقرة: 221}.
وعلى هذا، فالواجب عليك مفارقة هذه المرأة في الحال وإلا كنت زانياً، وما ذكرته من كونها تؤمن بوجود الله، فهذا لا يعد وحده كافياً لإباحة الزواج منها، وإن كنت قد رزقت منها بأولاد على أساس ذلك العقد معتقداً صحته، فإنهم ينسبون إليك، وراجع الفتوى رقم: 2779.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تحريم زواج المسلمة من غير المسلم مطلقاً
تاريخ الفتوى : ... 24 ربيع الثاني 1426 / 02-06-2005
السؤال
لدي سؤال مهم أود لو أجد له إجابة عندكم ، الأمر هو أن أختي الكبرى تعيش في فرنسا وهناك تعرفت على شاب إيطالي يريد الزواج بها ، هو مسيحي لكنه لا يقول بأن عيسى هو ابن الله فهل هذا كاف كي يكون زواجهما حلالا أرجو أن أجد لسؤالي جوابا عندكم وأشكر لكم مساعدتكم مسبقا فالأمر مهم جدا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع علماء الأمة على تحريم زواج المسلمة من غير المسلم مهما كانت ديانته، وذلك لقوله تعالى:
وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ(51/56)
لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ {البقرة: 221} ولقوله تعالى: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ {الممتحنة: 10}
قال ابن قدامة في المغني في شرح قول الخرقي: ولا يزوج كافر مسلمة بحال. قال: أما الكافر فلا ولاية له على مسلمة بحال، بإجماع أهل العلم، منهم: مالك، والشافعي، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي. وقال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم.
وكون هذا النصراني يعتقد أن عيسى ليس ابن الله لا يجعله مسلما، بل لا يكون مسلما إلا إذا نطق بالشهادتين بنية الدخول في الإسلام مع الإقرار بمقتضاهما والعمل به. وما لم يفعل ذلك فهو كافر غير مسلم، ولا يجوز زواج المسلمة منه بحال.
وراجعي الفتوى رقم: 50911 والفتوى رقم: 57749.
وعلى هذا يجب عليك إنكار هذا الزواج وبذل جهدك في منع وقوعه.
وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 24961 والفتوى رقم: 20203.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
... حكم نكاح الكتابية
تاريخ الفتوى : ... 22 محرم 1426 / 03-03-2005
السؤال
أنا شاب مسلم ومنذ 3 سنوات لي علافة حب مع فتاة مسيحية هي عربية ، كثيرا ما بينت لها تعاليم الإسلام وأقنعتها بالدليل الشرعي والمنطقي والعقلاني لعدد من الأمور الخلافية مثل وحدانية الخالق وأنه ليس المسيح عليه السلام، وما المسيح إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، بالإضافة إلى الكثير من الأمور،
وهي مازالت مصرة على نصرانيتها ، فهل لي أن أستمر في علاقتي معها مع العلم أنني أحبها وأحترمها جدا، وخاصة أنني أريد الزواج منها وأن أكون معها أسرة إسلامية صالحة. مع العلم أنها غير معترضة على الدين الإسلامي وذلك لأنها غير مثقفة دينيا أصلا.
وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(51/57)
فإنك أخي الحبيب في غنىً أن نذكرك بأن هذه المرأة أجنبية عنك يحرم عليك أن تنظر إليها أو تنبسط معها في الكلام إلا بقدر الحاجة، وغير ذلك استدراج من الشيطان.
ثم الذي ننصح به أن تبحث لك عن مسلمة وستجد من المسلمات من تفوق تلك النصرانية في جمالها وحسبها ، وتكون قبل ذلك قد ظفرت بذات الدين، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه .
فإن أبيت إلا الزواج بهذه المرأة فاعلم أنه لا مانع من ذلك بشرط أن تكون عفيفة، ولكن إن رزقك الله منها أولادا فأحسن تربيتهم، واحذر أن يكون لأمهم تأثير عليهم . وفقك الله لطاعته .
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نكاح الكتابية على المسلمة ...
عنوان الفتوى
... حسنين محمد مخلوف ...
اسم المفتى
... 20959 ...
رقم الفتوى
... 05/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
سئل: يرغب شخص في عقد زواجه على سيدة مسيحية يونانية كاثوليكية وله زوجة أخرى مسلمة أنجبت منه ذرية ولا تزال تعيش معه في وفاق تام وله ثروة كبيرة. فهل الدين الإسلامى يسمح بالزواج الجديد
نص الفتوى
المبدأ الذي يُستند إليه: يجوز شرعا زواج الكتابية على المسلمة والأولى ألا يقدم على ذلك إلا للضرورة منعا لما يتعرض له الولد من التأثر بعادات أمه الدينية. أجاب: اطلعنا على هذا السؤال والجواب أنه يجوز للمسلم أن يتزوج بمسيحية ولو كانت له زوجة مسلمة إلا أن الأولى أن لا يقدم على ذلك إلا(51/58)
للضرورة منعا لما يتعرض له الولد من التأثر بعبادات أمه الدينية. ففي المبسوط للإمام السرخسى "وكذلك إن تزوج الكتابية على المسلمة أو المسلمة على الكتابية جاز" انتهى. وفي الهداية ويجوز تزوج الكتابيات لقوله تعالى {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب} (المائدة: 5) والمحصنات هن العفائف، قال في الفتح (والأولى أن لا يفعل إلا للضرورة) ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به، واللّه تعالى أعلم
ــــــــــــــ
زواج المسلم من كتابية ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 15484 ...
رقم الفتوى
... 27/05/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
من ز ح م وكيل صاحب السمو الأمير م ع ح بما صورته أن الأمير س ح نجل سمو الأمير م ع ح قد بلغ الآن واحدا وعشرين سنة وقد بلغ رشيدا ولم يحجر عليه بأى سبب من أسباب الحجر وهو بالغ عاقل راشد يحسن التصرف فى الأموال ويريد الآن أن يتزوج بامرأة كتابية ويتعذر الحصول على رضا والدته بالزواج المذكور .
فهل إذا تزوج بتلك الكتابية يكون زواجه صحيحا طبقا للشريعة الإسلامية الغراء
نص الفتوى
الحمد لله
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن المنصوص عليه شرعا أنه يجوز للمسلم أن يتزوج بكتابية مطلقا سواء كانت ذمية أو حربية وسواء كانت حرة أو أمة .
وإن كان ذلك مكروها كراهة تنزيهية إذا كانت الكتابية بدار الإسلام وكراهة تحريمية فيما لو كانت الكتابية تابعة لدار غير دار الإسلام كما استظهر ذلك العلامة ابن عابدين فى رد المحتار أخذا من تعليل صاحب الفتح فى كراهة(51/59)
نكاح الكتابية التابعة لغير دار الإسلام بقوله ( وتكره الكتابية الحربية إجماعا لافتتاح باب الفتنة من إمكان التعلق المستدعى للمقام معها فى دار الحرب وتعريض الولد على التخلق بأخلاق أهل الكفر وعلى الرق بأن تسبى وهى حبلى فيئول رقيقا وإن كان مسلما ) .
واللّه أعلم .
ــــــــــــــ
نكاح الكتابية على المسلمة ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 15533 ...
رقم الفتوى
... 27/05/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
يرغب شخص فى عقد زواجه على سيدة مسيحية يونانية كاثوليكية وله زوجة أخرى مسلمة أنجبت منه ذرية ولا تزال تعيش معه فى وفاق تام وله ثروة كبيرة .
فهل الدين الإسلامى يسمح بالزواج الجديد .
نص الفتوى
الحمد لله
اطلعنا على هذا السؤال والجواب أنه يجوز للمسلم أن يتزوج بمسيحية ولو كانت له زوجة مسلمة إلا أن الأولى أن لا يقدم على ذلك إلا للضرورة منعا لما يتعرض له الولد من التأثر بعبادات أمه الدينية .
ففى المبسوط للإمام السرخسى ( وكذلك إن تزوج الكتابية على المسلمة أو المسلمة على الكتابية جاز ) انتهى .
وفى الهداية ويجوز تزوج الكتابيات لقوله تعالى { والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب } المائدة 5 ، المحصنات هى العفائف ، قال فى الفتح ( والأولى أن لا يفعل إلا للضرورة ) ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به .(51/60)
واللّه تعالى أعلم .
ــــــــــــــ
صورة واقعية للأخطار المترتبة على الزواج من الكتابية
تاريخ الفتوى : ... 11 ذو الحجة 1425 / 22-01-2005
السؤال
رجل مسلم يصلي ويقوم بفروضه لله ويسعى ما استطاع لرضى ربه .
تزوج من أمراه كتابية عندما كان شابا حبا فيها ولطيبة قلبها وآملا في أن تكون مسلمة عندما تعيش معه وترى الإسلام على حقيقته أملا في الأجر من الله ولكن ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) وأنجب منها البنين. والآن بعد مرور السنين لازال الحال على ما هو عليه وباءت المحاولات بالفشل الذريع , وما زاد الطين بلة الأولاد الذين بدءوا يأخذون عن أمهم تعاليم خاطئة.
فهو اضطر للعيش في بلاد الغرب بعد ولادة الأولاد وخوفا عليهم من الشرك ولكنه عبثا يحاول , فالأم بما أوتيت تحاول جاهدة تعليم أبناءها المسيحية وهو يحاول جاهدا تعليمهم الإسلام ولكن الأطفال لصيقون بأمهم واستغلال الأم لكل محاولات بث المسيحية في عقولهم تجري على قدم وساق. والأب ضاق ذرعا بما جرى ويجري ولا حياة لمن تنادي فلا الحديث ينفع ولا الغضب يؤتي ثماره مع الأم, والساعة تدور والوقت يجري والأب لا يعلم ما يفعل لوقف ما يحصل لأبنائه والقصة طويلة والمغزى الأب يريد مشورة أهل العلم.
والسؤال-: هل يرحل إلى بلاده حيث الإسلام وأهل الإسلام ويطلق زوجته ويترك الأبناء لها؟
-: هل يبقى ويحارب الأم بما أوتي ويعتمد على الله في ذلك لعل الله يجد له مخرجا؟
-: هل يسرق أولاده ويرحل بهم إلى بلاده وينتظر مشاكل لا حصر لها ويكسر القلوب (قلوب أطفاله وزوجته)؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوضحنا في أكثر من فتوى أن زواج المسلم من امرأة كتابية فيه محاذير شرعية هذه إحداها، وهي تمسك المرأة الكتابية بدينها، ومحاولتها الدائمة أن تجعل أبناءها يتبعونها في دينها، وذلك من خلال جهدها في تربيتهم عليه، وتنفيرهم من دين الإسلام الذي هو دينهم ودين أبيهم والدين الحق.(51/61)
ومن هنا، فإننا نقول لهذا الأخ: إذا أمكنك طلاق هذه المرأة والسفر بالأولاد إلى بلدك الإسلامي وتربيتهم هناك بعيدا عن هذه الأم والجو الفاسد الذي تعيش فيه فهذا واجب عليك، وإن لم تستطع ذلك وقدرت على تطليقها وأخذ الاولاد عنها في بيت مستقل فهذا أيضا طيب، وإن تعذر ذلك كله فليس لك إلا البقاء مع أبنائك والاجتهاد في تربيتهم على الإسلام، ومما يعينك على ذلك توجيههم إلى المواقع الإسلامية في الإنترنت والقنوات التلفزيونية التي تهتم بمسائل الدين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــــــ
صورة لبعض المشاكل التي تنتج من الزواج بغير المسلمات
تاريخ الفتوى : ... 24 رمضان 1425 / 07-11-2004
السؤال
فضيلة الشيخ: المشائخ، شهر مبارك وكل عام وأنتم وجميع الأمة الإسلامية بخير بعد:
سافرت إلى روسيا في 1990 وهناك أسأل الله المغفرة عاشرت فتاة فحملت، فأجهض الحمل فأخبرتها الطبيبة أنها لن تحمل بعد ذلك مما أدى إلى أنها تحرص على أن تحمل ثانية، ففعلت ذلك بعد فترة وجيزة فخشيت الله في قتل جنين آخر بالإجهاض فتزوجتها على الطريقة الروسية وهي حامل، ثم دعوتها للإسلام فأسملت فتزوجتها على الطريقة الإسلامية وعقد لنا نكاحنا طالب عربي بحضور آخرين عرب أيضا وذلك دون موافقة ولي أمرها المسيحي الديانة وأمها الملحدة، ورغبة مني في إخراج تلك الطفلة التي وضعتها إلى بلاد الإسلام بلدي أقنعتها بالسفر معي على أن تعود إلى بلدها مع الطفلة إن لم يعجبها وطني واشتريت لهما تذاكر سفر وعودة مبيتا الاحتفاظ بالطفلة إن هي طلبت العودة، بدأت المشاكل منذ أن كنا في روسيا ولم أحبها أو أرغب فيها كزوجة وما فعلت ذلك إلا من أجل الطفلة وحتى لا أكرر الإجهاض، عدنا معا إلى وطني في 1997 بعد إنهاء دراستي الجامعية ولم يكن راتبي يكفي للمعيشة والسكن المناسب فاستمرت المشاكل وزادت يوما بعد يوم... خلال ست سنوات مررت بكبار المفتين ووصلت بها إلى العلاج النفسي والعلاج بالقرآن الكريم حيث اتضح لي أن بها مسا من الجن فقد نطق الجني عند قراءة القرآن عليها من قبل الشيخ، خلال هذه الفترة طلقتها أربعا وبيان ذلك كما يلي: أعتقد أن الأول والثاني نافذان ولا أذكر تفاصيلهما، أما الثالث فقد كان بحضور(51/62)
قاضي محكمة ابتدائية كان جارا لي حيث طلبت منها أن تسافر معي إلى قريتي لتبقى فيها وإلا فهي طالق فأجاب القاضي بأنه ليس القول قولي وأنه قد يسجنني ولكونها أجنبية، فاعتبرت ذلك فتوى بعدم نفوذ الطلاق ولا أذكر أني أصررت على سفرها بعد ذلك وإلا لكان الطلاق نافذا رغم قول القاضي، ثم بعد ذلك انتقلت إلى منطقة أخرى وسألت قاضيا آخر عن الطلاق الثالث فأجاب أنه لم ينفذ ويتحمله القاضي الأول، وأما الرابع: فكان ذلك عندما كتبنا اتفاقا بيننا بحضور شهود على أن
يوثق في المحكمة ما لم فسوف أطلقها وفي المحكمة طلبت من القاضي أن يعتمد الاتفاق وإلا أطلقها ولعل القاضي كان قد أثير من أحد الكتاب أنه لا يجوز تعميد العقد لبعض ما ورد فيه من بنود وذلك لخلاف وقع بيني وبينه حول نفس الموضوع وعندما اطلع القاضي على الورقة قال إنه لن يعمدها فقلت إذا فهي طالق وهذه تذكرة عودة لها كانت معي وأنا مستعد لأي تكليف شرعي تفرضه علي، فقد كنت وقتها أمتلك مبلغا ماليا جيدا، ولكن القاضي أمر باحتجازي دون أن يستمع لشيء مني وبعد أسبوعين من المراجعة طلبني القاضي وقد وافق على التوثيق بشرط أن تبقى الوثيقة عنده كمحل للموضوع فاعتبرت ذلك فتوى بعدم نفوذ الطلاق، ولكن نفسي لم تطمئن فذهبت إلى مفتي الدولة السابق فأجابني بأن لا شيء في ذلك فخرجت من المسجد حيث قابلت المفتي غير مطمئن البال مما جعلني أعود إليه للتو مبديا رغبتي في تكرار السؤال لعله لم يفهمني، فقاطعني قائلا في ذمة القاضي يدخل بها الجنة أو ناراً، أي أنه لم ينفذ الطلاق وأن الإثم على القاضي، من جهة أخرى وحول موضوع عودتها إلى وطنها فقد كان أول طلب وهي ما زالت بطفلة واحدة التي ولدت في روسيا فوافقت ولكن حدث تدخل أسري فمنعت من السفر مع الطفلة ورفضته بدونها، تكرر الطلب وهي حاملة بالثانية فوافقت وتكرر التدخل وسألنا شيخا فقال تبقى ولو قهراً حتى تضع حملها، فأتقيتها ثم كانت موافقتي على سفرها وهي حامل بالثالث ودارت هذه الأحداث الأخيرة في المحكمة كما ذكرت آنفا، مما تقدم يتضح أن لدينا ثلاثة أطفال هم 1- هبة الله ثمان سنين، 2- أمة الخالق ست سنوات، 3- علاء الدين سنتان؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب سؤالك على النحو التالي:(51/63)
أما بشأن الزواج على الطريقة الروسية فإنه غير معتبر لعدم وجود الولي الكافر لهذه المرأة التي كانت على الكفر وقيام قاضي الكفار في المحكمة الروسية بعقد النكاح لك لا يصح، قال الإمام الرملي في نهاية المحتاج: لكن لا يزوج المسلم قاضيهم، بخلاف الزوج الكافر لأن نكاح الكفار محكوم بصحته وإن صدر من قاضيهم. انتهى.
وأما النكاح الثاني فإن كانت المرأة بعد إسلامها قد ولت أمرها رجلا من المسلمين ليعقد لها وهي في بلاد الكفر، ولم يكن لها ولي مسلم وكان ذلك بحضور شاهدي عدل ولم يكن بالزوجين مانع من موانع النكاح فإن هذا النكاح صحيح، وقد أفتى العلامة ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى بأن المسلمة في مكان ليس فيه ولي مسلم لها ولا قاضي للمسلمين فإنها تولي أمرها رجلا من المسلمين، قال رحمه الله تعالى: لنا أن نتوسط ونقول إن سهلت مراجعة أحدهما أعني الولي أو الحاكم إذا غابا إلى مرحلتين فأكثر تعينت ولم يجز لها أن تولي عدلا يزوجها لأنه إنما جاز لها ذلك للضرورة وعند مراجعة الولي أو الحاكم إن لم يوجد الولي لا ضرورة وإن لم تسهل مراجعة أحدهما بأن فحش بعد محلهما وحقت حاجتها إلى النكاح جاز لها أن تولي مع الزوج أمرها عدلا يزوجها لوجود الضرورة حينئذ، أما إذا قرب محل أحدهما بأن كان دون مرحلتين فلا يجوز لها ذلك مطلقاً. انتهى.
وأما بشأن الطلقة الثالثة فإنك قد علقت طلاق زوجتك على عدم السفر معك إلى قريتك فإن كنت قد سافرت وحدك فقد وقع الطلاق، لأن هذا من الطلاق المعلق الذي يقع بوقوع ما علق عليه وعلى هذا اتفاق المذاهب الأربعة، وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن الطلاق المعلق لا يعد طلاقاً إذا قصد به المنع من أمر أو الحث عليه وإنما يعتبر يمينا تلزم فيه كفارة يمين بالله ؛ وعلى كل حال فقولك المرة الرابعة طلاق صريح نافذ تتم به الثلاث إن قلنا بأن الثالث غير واقع، وعليه فهذه المرأة لا يحل لك البقاء معها فهي أجنبية عنك لا تحل لك حتى تنكح هذه المرأة زوجا غيرك ، فإذا طلقها الزوج الثاني واعتدت منه جاز لك أن تعقد عليها عقدا جديداً بمهر جديد.
وأما الأولاد فهم أولادك لأنهم إما أن يكونوا عن وطء بشبهة، وانظر الفتوى رقم: 17568 كالبنت الأولى أو يكونوا عن وطء مباح كالولدين الأخيرين إن كانا ولدا قبل طلاق الثلاث.
وأما ما الذي يلزمك اتجاه الأولاد فتربيتهم وتعليمهم والاعتناء بهم والإنفاق عليهم وضمهم إليك وعدم إبقائهم عند أمهم لكونها في بلاد الكفر التي يغلب(51/64)
فيها الفساد والانحراف ولأن أمهم ليست أهلا لحضانتهم، وأما اتجاه الأم فلا يلزمك اتجاهها شيء لأنها لم تعد زوجتك منذ أن طلقتها الطلقة الثالثة إلا أن يكون لها حقوق عليك قبل الطلقة الثالثة، وكذا يجب عليك أن تعيد إليها ما أنفقته على أولادك إن كان قصدها الرجوع عليك بالنفقة، وأما قولك هل أطلقها فنقول لا حاجة إلى تطليقها لأنها لم تعد زوجتك.
وعموماً فنذكرك بالتوبة من الزنا الذي وقعت فيه والندم على ذلك الفعل، واختيار الزوجة الصالحة التي تعينك على طاعة ربك وإصلاح حالك وتربية أبنائك منها أو من الزوجة الأولى، والله نسأل أن يوفقك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
... إذا تزوج مسلم غير مسلمة فمن يتولى العقد وما مقدار المهر؟
تاريخ الفتوى : ... 20 رمضان 1425 / 03-11-2004
السؤال
أنا شاب مسلم أعمل في بلد أوروبي أعجبت بامرأة نصرانية وأريد أن أتزوجها، ما حكم الشرع بهذا الموضوع وهل أنا بحاجة إلى موافقة ولي أمرها أم أن موافقتها كافية وما قيمة المهر الذي يجب أن أحدده في العقد، هل يجب أن أخبرها عن قيمة المهر في بلدي أم أن هناك حد أدنى يمكن أن أحدده بنفسي؟ وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم ينبغي له إذا أراد الزواج أن يختار ذات الدين، لأنها المأمونة حقيقة على نفسها وولدها. أما غيرها وخاصة إذا كانت نصرانية أو يهودية، فهذه وإن كان الزواج بها مشروعاً إلا أن في الزواج بها مفاسد بيناها في الفتوى رقم: 10748.
وولي النصرانية أو اليهودية هو والدها الكافر، قال ابن قدامة في المغني: إذا تزوج المسلم ذمية فوليها الكافر يزوجها إياه ذكره أبو الخطاب وهو قول أبو حنيفة والشافعي لأنه وليها فصح تزويجه لها كما لو زوجها كافراً. انتهى.
أما بخصوص المهر فلا حد لأقله على الراجح من أقوال أهل العلم كما بينا في الفتوى رقم: 30721 فما تراضيتما عليه من مباح يصح أن يكون مهراً.
والله أعلم.(51/65)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نطق بالشهادتين ولم يأت بأركان الإسلام فهل تبقى معه زوجته المسلمة أم تطلق
تاريخ الفتوى : ... 18 رمضان 1425 / 01-11-2004
السؤال
أرجو من سيادتكم الاهتمام برسالتي وسرعة الرد عليها لما لها من أهميه في سرعة اتخاذ قرار مصيري ..
أنا سيدة مصرية أبلغ من العمر 26 سنة تزوجت منذ ثلاث سنوات من رجل أجنبي- ألماني الجنسية وأقيم معه في ألمانيا الآن – ولقد أشهرزوجي إسلامه لكي يتزوج مني .. وهو رجل فاضل وكريم معي ويعاملني معاملة كريمة ولكنه لا يفقه شيئا عن أمور ديننا الحنيف وخلال سنوات زواجي الأولى حاولت معه لكي يتعلم ويتفقه في أمور الدين الإسلامى ولكن للأسف لم أستطع أن أجعله يهتم الاهتمام الكافي وهو مع ذلك لا يشرب الخمر ولا يأكل لحم الخنزير وما إلى ذلك, وللعلم أنا أصلي وأصوم ولكني لا أرتدي الحجاب رغبة منه في عدم ارتدائي له ولهذا السبب اختلفنا وقررت الانفصال عنه وقررت الرجوع إلى مصر .. وفي طريق العودة تعرفت بالطائرة على شاب مصري رفيع الخلق وتحدثنا كثيراً في أمور حياتنا وشعرت بالارتياح الشديد له والانسجام التام ولقد علمت منه خلال الرحله أنه يمر بظروف عصيبة في حياته الزوجية وأنه على وشك الطلاق .. ولقد اتفقنا على أن أحادثه تليفونياً كي أطمئنه على ما وصلت إليه مع زوجي وعلى أن أطمئن كذلك عليه .. ولقد تحدثنا تليفونياً ثم تقابلنا بعد ذلك وشعرنا أن هناك ما يربطنا ببعضنا .. وخلال تلك الفترة كنت في انتظار أن يطلقني زوجي ولكن بعد فترة تحدثنا أنا وزجي تليفونياً وطلب مني العوده مرة أخرى على أن أخلع الحجاب وقد وعدني أنه سوف يهتم بالدين الحنيف ولأنى أعلم أن أبغض الحلال عند الله الطلاق وافقت على الرجوع مرة أخرى لزوجي .. وفي تلك الأثناء كنت قد قمت بقطع كل صلتي بالشاب الذي كنت قد تعرفت عليه بالطائرة .. ومر حتى الآن سنتان ولم يخطو حتى الآن زوجى خطوة واحدة لتعلم أي شيء في الدين وتحدثت معه منذ فترة قصيرة وأفهمته أن الإسلام ليس فقط نطق الشهادتين .. ولكن هناك عبادات أخرى ولكنه لم يأخذ بكلامي وقال لي إنني مسلم فلماذا تقولي أني غير(51/66)
مسلم .. ومنذ ثلاث شهور اتصل بي الشاب الذي ذكرته في رسالتي كي يطمئن على أحوالي ويخبرني أنه قد طلق زوجته
منذ 10 أشهر، فأخبرته أنني بخير ولكنني في حيرة من أمري بشأن زوجي.. فدعا لي بالخير وأوصاني أن أستخير الله في أمري .. وقد أخبرني أنه لن يحادثني مرة أخرى لأن ذلك يغضب الله .. و أوصاني أن أحادثه حينما أتخذ قراري النهائي في حياتي .. وأنا يا سيدى الفاضل لا أخفى عليك أننى متعلقه بهذا الشاب لما فيه ما كنت أتمناه في زوج صالح يخشى حدود الله .. وأريد أن أعلمك أنني حتى الآن لم أفكر في إنجاب أطفال من زوجي لخوفى الشديد أن ينشأ أبنائي في مجتمع غربى في ظل أب لا يفقه من ديننا شيئا ولا يستطيع إرشادهم إلى الحلال والحرام لأنه هو نفسه لا يقوم بأداء فروضه .. وأنا الآن في حيرة هل أصبر على زوجي لأنه مع كل ذلك يعاملنى بالحسنى .. أم أتركه إلى من أرضى دينه ويخفق قلبى له وذلك يشعرنى أني أرتكب ذنبا (لأنى أفكر في رجل آخر غير زوجى) وأنا الآن أرجو منك أن ترشدني إلى الطريق الصحيح الذى يرضي الله ورسوله .. لأني حائرة ولا أستطيع اتخاذ قرار صائب في هذا الشأن .. وأنا خائفة أن أتخذ قرار طلاقي ويكون ذلك فيه ظلم لزوجى ويحاسبنى الله على ذلك ..
لا يسعنى بعد ذلك إلا أن اشكر ك على سعة صدرك لي .. جزاك الله عني كل الخير
واسأل الله لي ولكم العفوالعافية.
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته..,
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد إعلان الإسلام ليس معناه أن الشخص قد صار بموجبه مؤمناً، بل لا بد مع النطق بالشهادتين من العمل بمقتضاهما، وانظري بيان ذلك في الفتوى رقم:
54607. وإن كان الرجل الذي تزوجتيه قد اكتفى بالنطق بالشهادتين، وامتنع عن أداء فروض الإسلام، فإنه لا يحكم بإسلامه والحالة هذه، فالواجب عليك فراقه فوراً، ولا تمكنيه من نفسك، فليس له سبيل عليك قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ(51/67)
{الممتحنة: 10}. قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: وقوله تعالى لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن، هذه الآية هي التي حرمت المسلمات على المشركين. اهـ.
وقال سبحانه وتعالى أيضاً: وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ {البقرة: 221}. هذا، وينبغي أن ترجعي إلى الجهة الرسمية التي وثقت عقد زواجك من هذا الرجل فتذكري لهم حال هذا الرجل وأنه لم يسلم حقيقة حتى يعلموا أن زواجك منه أصلا غير صحيح ويتخذوا الإجراء اللازم ليفرقوا بينك وبينه رسمياً وذلك تجنباً لأي مشاكل قانونية قد تحدث بعد ذلك. ولقد أحسنت صنعاً عندما امتنعت عن الإنجاب منه، فإن اختيارك لزوج هذا حاله من الغش لأولادك منه، قال صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه مسلم. ولقد أسأت عندما أطعته ونزعت حجابك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه الإمام أحمد. فالواجب عليك المبادرة بلبس الحجاب الشرعي، والتوبة إلى الله تعالى والندم على ما فرطت في جنبه تعالى وتضييعك لأمره. هذا، وإن كان هذا الرجل الذي تعرفت عليه يريد الزواج منك، فليتقدم إلى أوليائك، فإن وجدتيه مؤمناً متمسكاً بشعائر الدين وملتزماً بأخلاق أهل الإيمان، فلك أن تقبليه، قال صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. روه الترمذي بإسناد حسن. ومما ينبغي التنبيه إليه أنه لايجوز للمرأة أن تنشيء علاقة مع رجل أجنبي، فتتصل به، وتقابله، وتكلمه في أمور خاصة، ويزيد الأمر حرمة إن تبع ذلك إطلاق للبصر أو مصافحة باليد. وعلى من ألمت ببعض ذلك أن تقلع عنه وتتوب إلى الله وتندم على ما بدر منها، وتعقد العزم على عدم العودة لمثل ذلك أبداً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا إثم على أهل البنت المتزوجة من كافر إذا لم يستطيعوا صرفها عنه
تاريخ الفتوى : ... 17 شعبان 1425 / 02-10-2004
السؤال(51/68)
أختي تزوجت بفرنسا من شخص غير مسلم. منذ سنوات وهي معه وفي صيف كل سنة تعود معه إلى المغرب ونحن لا نستطيع أن نمنعهما من النزول عندنا لسبب أن البيت الذي نسكن فيه هو ملكها. وهي تعرف أن زواجها منه حرام لكن لا يهمها وحتى لو عارضناها فإنها سترمي بي وبأمها العجوز المريضة إلى الشارع وأنا ليس لي مهنة كي أترك لها منزلها.
فهل نحن شركاؤها في الإثم.علما بأن عمر الأخت تجاوز45سنة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزواج أختك بكافر حرام، وهذا النكاح باطل، وعليكم صرفها عنه بكل طريقة ممكنة، ذكروها بالله تعالى، وأن إقامتها مع هذا الرجل وقوع في الفاحشة والزنا والعياذ بالله تعالى، ووسطوا من له تأثير عليها من أقاربكم، أو رفع الأمر للقضاء إن أمكن ذلك. فإن فعلتم ذلك ولم ترجع ولم يكن ثم وسيلة تغيرون المنكر بها فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولا تزر وازرة وزر أخرى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زنى بنصرانية ويريد إصلاح خطئه بتزوجها وأهلها رافضون
تاريخ الفتوى : ... 22 رجب 1425 / 07-09-2004
السؤال
لقد حدثت لي قصة غريبة إذ تعرفت بفتاة غربية نصرانية بعد سنة غرام وحب قررت مساعدتي لترك بلدي الفقير والعيش معها ومع والديها لصغر سنها (18سنة ولكن حدث ما لم يجب أن يفعل لقد زنيت بها والآن تبت وأريد أن أصلح ذنبي لكن عندما أخبرت والديها عن ذلك قالوا لي إن هذا الشيء عادي بالنسبة لهم لكني أخبرتهم إن هذا الشيء غير عادي وإني عليّ الزواج بها لأصلح خطيئتي لكنهم رفضوا لصغر سنها وأنها لن تدخل دين الإسلام أبدا دلوني أيها الإخوة الكرام قلبي يحترق وأشكو بثي وحزني لله؟ بارك الله فيكم إخوتي الكرام.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك أخطأت أخطاء شنيعة بعلاقتك بامرأة لا تحل لك طيلة الفترة التي ذكرت، ثم بالسفر إلى دولة كافرة لا لشيء سوى حب تلك الفتاة، وبالسكن معها ومع(51/69)
والديها، وأكبر تلك الكبائر أنك زنيت بها، وقد حرم شرع الإسلام الزنا أشد تحريم، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32}، وفي الحديث الشريف: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. رواه البخاري ومسلم.
فبادر إلى التوبة قبل أن يحال بينك وبينها بالابتعاد عن هذه الفتاة أولاً، ثم بالندم الشديد على ما صدر منك، والعزم أن لا تعود إلى مثله، وأما التزويج من الفتاة، فإنه يجوز بشروط:
الأول: أن تكون من أهل الكتاب.
والثاني: أن تكون عفيفة. قال الله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {المائدة:5}.
والثالث: وجود الولي وموافقته.
وعليه؛ فإذا كانت هذه الفتاة نصرانية كما ذكرت، وأقلعت عن الزنا وندمت، فلا مانع من الزواج منها، مع أن الأفضل تركها والبحث عن مسلمة صالحة، واعلم أن التزوج من تلك الفتاة ليس شرطاً في صحة توبتك، وطالما أن أهلها لا يقبلون تزويجها في تلك السن فلم يبق أمامك إلا تجنبها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ما يفعله الأب تجاه ابنته التي ترغب بنكاح كافر
تاريخ الفتوى : ... 23 صفر 1425 / 14-04-2004
السؤال
في سؤالي رقم127633 كيف أتعامل حاليا مع ابنتي وهي تعتبر نفسها مخطوبة لهذا الشخص الذي ليس على دينها وكذلك مع هذا الشخص وإذا تزوجا كيف أتعامل معهما هل أقطع بهم أي علاقة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعاملك مع ابنتك هذه يكون كالآتي:
أولاً: عليك أن تذكرها بالله واليوم الآخر، وتشرح لها خطورة ما تقوم به، وأن ذلك لا يجوز بحال، وأن ذلك من الزنا الصريح.
ثانياً: إذا لم تستجب لذلك فهددها وشدد عليها بالكلام.(51/70)
ثالثاً: إذا لم ينفع ذلك فامنعها بالقوة من أن تلتقي مع هذا الشخص أو تتزوج به.
رابعاً: إذا لم تستطع ذلك فعليك بالهجرة من هذا البلد، وخذ ابنتك معك إلى أي بلد من بلاد الإسلام.
ولمزيد فائدة راجع الفتاوى التالية: 16957/11419/13526.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
شروط جواز نكاح امرأة من بلاد الغرب
تاريخ الفتوى : ... 29 محرم 1425 / 21-03-2004
السؤال
أنا شاب مسلم أقطن في بلد غربي جئت لأجل الدراسة هنا في بادئ الأمر إلا أن الظروف لم تساعدني فأصبحت مهدداً بالرجوع إلى بلدي، لكني التقيت بشابة غربية لا أستطيع الجزم بأنها كتابية إلا أنها تقر بوجود الله، وهذه الأخيرة ترغب في الزواج مني، فسؤالي هو: هل يجوز لي الزواج بها، علما بأنني إذا تزوجت بها يتسنى لي البقاء هنا للعمل مع الدراسة؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك الزواج بهذه المرأة إلا إذا تحققت من شيئين:
الأول: أنها كتابية، ولا يكفي اعترافها بوجود الله، وراجع الفتوى رقم: 2779.
والثاني: أنها محصنة أي عفيفة، وراجع الفتوى رقم: 10253، ومع هذا فإننا ننصح الأخ بعدم الإقدام على هذا الزواج لما يترتب عليه من أضرار في المستقبل، خصوصاً على الأولاد، كما ننصحه بعدم الاستقرار في تلك البلاد وذلك لما يترتب على الإقامة فيها من مفاسد على الدين والأخلاق، وراجع الفتوى رقم: 16686، والفتوى رقم: 8614.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نكاح المسلمة للكافر.. حكمه.. وما يلزم منه
تاريخ الفتوى : ... 23 شوال 1424 / 18-12-2003
السؤال(51/71)
عندي أخت تقطن في فرنسا ومتزوجة من فرنسي كافر، لقد أغضبت أمي وليست راضية عنها، ولكننا نحن كأخوات لم نقطع الصلة بها، وهي تكلمنا وأمي تعلم ذلك. هل يجوز لنا أن نقبل هداياها؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فحرمة نكاح المسلمة لغير المسلم محل إجماع لورود النص القطعي بها، قال تعالى: وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا [البقرة: 221]. ومن فعلت ذلك عالمة بحرمته مستحلة له، فقد ارتدت عن دين الإسلام، والواجب على من وقعت في ذلك أن تبادر بمفارقة زوجها فورا، لأن نكاحها له غير صحيح، بل هو الزنا بعينه، ويجب عليها بعد فراقه أن تتوب إلى الله تعالى بالندم على ما صنعت والعزم على عدم العودة إليه أبدا، فإن أسلم زوجها، فهو أحق بها ما دامت في العدة، على الراجح من قولي العلماء. أما عن علاقتكم بها مع إصرارها على هذا المنكر العظيم، فإنه خاضع للمصلحة، فإذا وجدتم المصلحة في صلتها وقبول هديتها، وتبادل الزيارات معها، كان ذلك هو الصواب، وإن كانت المصلحة في هجرها ومقاطعتها، كان هجرها هو الصواب، ولتراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20203، 16957، 13526، 1800. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نكاح الأجنبيات
تاريخ الفتوى : ... 09 شعبان 1424 / 06-10-2003
السؤال
ماهو حكم الزواج من الأجنبيات؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن قصدت بالأجنبيات النساء المخالفات لك في الدين -وهذا هو المتبادر- فاعلم أنه لا يجوز لك ذلك إلا مع نساء أهل الكتاب (اليهود والنصارى)، بشرط كونهن محصنات، وانظر الفتوى رقم: 2779. أما إن قصدت بالأجنبيات المسلمات اللاتي لا يحملن جنسية بلدك، فلا حرج عليك في ذلك إن شاء الله تعالى. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(51/72)
صرف الفكر عن التفكير في أمر الزواج من الكافر هو الحل
تاريخ الفتوى : ... 27 رجب 1424 / 24-09-2003
السؤال
هل يجوز للمسلمة أن تتزوج من نصراني، وماذا تفعل إذا كانت تحبه إلى حد العشق؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سبق أن بينا أنه لا يجوز مطلقا زواج الكافر من امرأة مسلمة، وذلك في الفتوى رقم: 24961، إذا ثبت هذا، فإن الواجب على هذه المرأة أن تصرف قلبها عن التفكير في أمر الزواج منه، ولتسأل الله تعالى أن ييسر لها زوجا صاحب دين وخلق، يكون سببا لسعادتها في الدنيا والآخرة. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــــــ
حرمة زواج الكافر من المسلمة محل إجماع
تاريخ الفتوى : ... 05 رجب 1424 / 02-09-2003
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم أخت مسلمة كانت قد تزوجت من شخص غير مسلم وهي الآن حامل منه. تسأل: هل تفارقه؟ وكيف تفعل في هذا الوضع؟ وما يجب عليها عمله؟ علما أنها قد اجتهدت في المدة الأخيرة لتجعله يسلم لكنه لا يزال بعيدا فيما يبدو من حاله وأفكاره. أرجو إرسال الرد على البريد الإلكتروني:abuyassin_it@hotmail.com وجزاكم الله خيرا!
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد انعقد إجماع المسلمين على حرمة زواج الكافر من المسلمة، كما سبق بيانه في الفتوى: 20203 والفتوى رقم: 8832. وعلى هذا، فإن زواج هذه المرأة من غير المسلم معصية عظيمة، وتجب عليها المبادرة إلى مفارقته في الحال والتوبة إلى الله تعالى كما سبق، لكن إذا أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، فلا مانع من أن يتزوجها من جديد. أما بخصوص الجنين الذي جاء نتيجة لهذا النكاح الباطل، فإنه من الناحية الشرعية يلحق بصاحبه. قال في المبسوط وهو حنفي: ^وإذا تزوج المرتد مسلمة أو تزوجت المرتدة مسلما فولدت منه يثبت نسبه(51/73)
منهما، لأن النكاح الفاسد إذا اتصل به الدخول فهو بمنزلة الصحيح في إثبات النسب.^^ والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
شرط إباحة الزواج بالكتابيات
تاريخ الفتوى : ... 29 جمادي الثانية 1424 / 28-08-2003
السؤال
بسم الله الرحمان الرحيم. شاب أقام علاقة مع امرأة فرنسية مطلقة وانتهت بحملها منه. فما الحكم في ذلك؟ مع العلم بأنه يحبها ومصمم على الزواج منها رغم معارضة والده. والسلام
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن جريمة الزنا من أكبر الجرائم وأبشعها وأكثرها ضررا على الفرد والمجتمع، ويجب على من ابتلي بها أن يتوب إلى الله تعالى قبل كل شيء، حتى لا يهجم عليه الموت وهو مصرٌّ على هذه الكبيرة العظيمة. أما عن الزواج بالمرأة المذكورة، فالجواب أن الزواج بالزانية لا يجوز، لا لمن زنى بها ولا لغيره حتى تتوب إلى الله تعالى، لما سبق في الفتوى رقم: 4115. هذا إذا كانت مسلمة، أما إذا كانت غير مسلمة، بأن كانت كتابية نصرانية أو يهودية، فلا يجوز الزواج بها، لأن شرط الزواج بالكتابيات أن يكن عفائف كما سبق في الفتوى رقم:8674 وإذا ترتب على الزواج من امرأة معينة سخط الوالدين ومخالفة أوامرهما حرم كما سبق في الفتوى رقم: 6563. هذا إذا كانت مرضية في الدين والخلق، فأحرى إن لم تكن كذلك. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
دلالة الواقع على كراهة نكاح الكتابية
تاريخ الفتوى : ... 20 جمادي الثانية 1424 / 19-08-2003
السؤال
أنا متزوج من أوكرانية غير مسلمة، وقد اشترطت علها أن يتبع الأبناء لي دينا ووافقت، والآن بعد أن أنعم الله علينا بولد عمره 5 سنوات تقول إنه نصراني وتمنعني من تعليمه الإسلام، وتقول لي إنها تريدني ولكن دون أن يكون الولد(51/74)
مسلما، علما بأني أقيم في أوكرانيا والقانون معها، فلا أدري ماذا أفعل؟ أجيبوني بارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن يتزوج المسلم بامرأة مسلمة ليحصل الوفاق والانسجام، ويتربى الأبناء تربية إسلامية سوية، ويجوز للمسلم أن يتزوج امرأة كتابية (يهودية أو نصرانية) إذا كانت عفيفة، ولكن نص العلماء على كراهة ذلك.
قال النووي رحمه الله في منهاج الطالبين: وتحل كتابية لكن تكره حربية، وكذا ذمية على الصحيح.
وقال الشربيني في مغني المحتاج شارحاً للعبارة السابقة: ولكن تكره حربية ليست بدار الإسلام، لما في الإقامة في دار الحرب من تكثير سوادهم، ولأنها ليست تحت قهرنا، ولما في الميل إليها من خوف الفتنة، وكذا تكره ذمية على الصحيح لما مر من خوف الفتنة. ا.هـ
وفي مثل حال السائل تظهر جلياً صحة أقوال فقهاء المسلمين في التنفير من زواج الكتابية في بلادهم.
أما الولد بين الزوجين، فإنه يتبع أشرفهما ديناً، فالولد في هذه الصورة مسلمٌ قطعاً، سواء شرط على أمه ذلك أم لم يشرط، وإذا بلغ واختار دين أمه والعياذ بالله من ذلك، فإنه يكون مرتداً وليس كافراً أصلياً، وبهذا يظهر عظم الخطر الذي يتعرض له هذا الولد، وهذه أمانة ومسؤولية في عنق أبيه، والله عز وجل يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما من راعٍ يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة.
فنوصي الأخ السائل بأن يتقي الله عز وجل في ولده، ويجتهد في تخليصه من هذه الأم بأي سبيل، ويطلقها بعد ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نكاح الكتابية شرطه العفاف.
تاريخ الفتوى : ... 20 جمادي الثانية 1424 / 19-08-2003
السؤال(51/75)
هل يجوز أن أتزوج امرأة من أهل الكتاب؟ كم عدد الدول العربية المستقلة اذكر أسماءهم لا أستطيع أن أقرأ ماذا تكتبون فضلا اكتبوا بلغتكم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن زواج المسلم للمرأة من اليهود أو النصارى جائز من حيث الأصل، وهو مقيد بكونها عفيفة، وهو المقصود بالإحصان في قول الله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ[المائدة:5]. لكن زواج المسلم من المسلمة أولى لأمور سبق أن بيَّنَّاها في الفتوى رقم: 5315. وهذا هو جوابنا على السؤال الأول. وأما السؤالان الثاني والثالث، فنعتذر عن الإجابة عليهما، لكون الإجابة على الثاني ليست من اختصاص الموقع، ولكون السؤال الثالث المقصود منه غير واضح. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يجوز للمسلمة الزواج من إسماعيلي
تاريخ الفتوى : ... 16 جمادي الأولى 1424 / 16-07-2003
السؤال
هل يجوز للمرأة السنية الزواج من إسماعيلي؟...أفتوني جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا يجوز للمرأة المسلمة الزواج من إسماعيلي، ولمعرفة شيء من عقائد الإسماعلية، تنظر الفتوى رقم: 29279. والموسوعة المسيرة في الأديان والمذاهب المعاصرة 1 386-392. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نكاح الكافرات
تاريخ الفتوى : ... 27 ربيع الثاني 1424 / 28-06-2003
السؤال
ما حدود المسلم من نكاحه مع كافرة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الله حرم نكاح الكافرات فقال: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ(51/76)
مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221]. ثم استثنى سبحانه وتعالى نكاح الكتابيات من اليهود والنصارى، فقال: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُم [المائدة:5]. فإذا كانت الكافرة كتابية، أي يهودية أو نصرانية، فيجوز نكاحها. وأما إذا كانت غير كتابية، كأن تكون بوذية أو هندوسية أو شيوعية أو غيرها من ملل الكفر، فلا يجوز نكاحها مطلقا. وحتى الكتابية، فالأولى للمسلم أن يجتنب الزواج بها خصوصا في هذا الزمن، لما قد يترتب على ذلك من تضييع للأولاد. ولمزيد من الفائدة في هذا الموضوع تراجع الفتوى رقم: 5315. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الحكمة من منع زواج المسلمة من كتابي
تاريخ الفتوى : ... 20 صفر 1424 / 23-04-2003
السؤال
السلام عليكم.
ما هي الحكمة من منع المسلمة من الزواج من كتابي بينما العكس مباح. و شكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحكمة من منع زواج المسلمة من كتابي أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، فالزوج له قوامة على زوجته وهذا ممنوع في حق الكافر، قال تعالى: ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً ) ثم إنه لا يُؤمَن على المرأة - وهي تميل إلى العاطفة أكثر من الرجل - أن تتأثر بزوجها إذا دعاها لدينه، وكذلك لا يؤمن على الأولاد أن يتابعوا أباهم على كفره، فهذه بعض الحكم من منع زواج المسلمة بالكتابي، أما زواج المسلم بالكتابية فليست فيه هذه المفاسد فالقوامة للمسلم، وقد يؤثر عليها فيهديها الله تعالى على يديه، كما أنه مكلف بتنشئة أولاده تنشئة إسلامية تقيهم متابعة أمهم في دينها، وإذا قصر في ذلك فهو محاسب أمام الله، كما أن المسلم إذا تزوج كتابية فهو يؤمن بكتابها - غير المبدل - ورسولها، فيكوَّن معها أساساً للتفاهم في الجملة يمكن معه للحياة أن تستمر، أما الكتابي فإذا تزوج بمسلمة فهو لا يؤمن بدينها ولا أحكامه إطلاقاً ولا مجال للتفاهم معه في أمر لا يؤمن به كلية، وبالتالي فلا مجال للتفاهم والوئام، ولهذا منع هذا الزوج ابتداء.(51/77)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يلزم التحري عن سبب إسلام الخاطب
تاريخ الفتوى : ... 20 صفر 1424 / 23-04-2003
السؤال
ما حكم الإسلام في فتاة مسلمة تقيم علاقة غرامية مع رجل مشرك إذا طلب منها الزواج تشترط عليه اعتناق الإسلام وإذا اعتنق الإسلام هل يحل لهذه المسلمة الزواج به وكيف تتأكد من أنه قد أسلم لوجه الله وليس من أجل الزواج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تعقد علاقة مع رجل ولو كان مسلماً، إذا كانت هذه العلاقة تفضي إلى الخلوة بها أو ملامستها أو النظر إلى عورتها أو التلذذ بصوتها أو شيء من هذا القبيل.
وليس يبيح لهما ذلك ما ينويانه من إقامة زوجية بينهما، يقول الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:30-31].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخلونّ رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه، وفي رواية: ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما.
لذا فإن على الأخت السائلة أن تبتعد عن هذا الكافر، وتقطع العلاقة به فوراً، ثم إذا اعتنق الإسلام -والإسلام كما هو معروف قول باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح- فلا حرج عليها عندئذ في الزواج منه، ولا يلزم البحث عن سبب إسلامه.(51/78)
لكن ننصح بالتريث والتأكد من إسلام هذا الرجل وحسن سلوكه واستقامته لاسيما إذا كان هناك ريب في عدم اقتناعه بدين الإسلام، أما حكم الزواج من الكافر مسيحياً كان أو يهودياً أو غير ذلك فقد سبق في الفتوى رقم: 11716.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
شروط إباحة نكاح نساء بلاد الغرب
تاريخ الفتوى : ... 16 ذو الحجة 1423 / 18-02-2003
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
أنا عربي مسلم وأعيش في بلد لا يعترف بالأديان وتعرفت على فتاة نصرانية وأنوي الزواج منها وهي تريد أن تسلم ولكن المشكلة أنه لا يوجد شخص ذو مرتبة دينية أو شرعية يستطيع أن يعقد قراني عليها ولا أستطيع العودة إلى بلد مسلم لأتم الأمر وأنا لا أريد أن أقع في الحرام ولكن النفس أمارة بالسوء، ماذا أفعل، مع العلم أن لدي هنا بعض الأصدقاء الملتزمين دينيا فهل يستطيع أحدهم القيام بذلك وكيف، أرجو الإسراع في الرد وجزاكم الله كل الخير...
والسلام عليكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمسلم أن يتزوج من نساء أهل الكتاب (اليهود والنصارى) بشرط أن تكون المرأة عفيفة، وعلى الأخ السائل أن يتأكد من وجود عدة شروط في تلك المرأة التي يريد الزواج بها:
الشرط الأول: أن تكون كتابية، ومعلوم أن كثيراً من الغربيات اليوم ملحدات لا يؤمن بدين، وهؤلاء يحرم الزواج بهنَّ، حيث يقول الله عز وجل: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221].
وهذا النهي يشمل الملحدة، فيحرم الزواج منها إطلاقًا، ولم يبح الله للمسلم أن يتزوج من غير المسلمات إلا الكتابيات، وهنَّ وإن كنَّ مشركات إلا أن كونهنَّ يؤمن بدين سماوي كان سبباً لإباحة الزواج بهنَّ، قال تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ(51/79)
الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [المائدة:5] ولكون زواجها من مسلم قد يكون سبباً في هدايتها.
الشرط الثاني: أن تكون عفيفة، والمعروف في بلاد الغرب أن هذا الوصف من الصعب تحققه، وتأمل التعبير القرآني، حيث كرر لفظ المحصنات لكل من المؤمنات والذين أوتو الكتاب، فلم يقل: والمحصنات من المؤمنات ومن الذين أوتوا الكتاب. إنما قال: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حتى بين ضرورة شرط العفة؛ لأنها إذا لم تكن عفيفة لم تؤمَن أن تدنس عرض زوجها، وأن تلحق به ما ليس منه من الأولاد.
الشرط الثالث: أن لا تكون هذه المرأة ممن يعادون الإسلام ويحاربون المسلمين؛ لأن الواجب حينئذ معاداتها لا الزواج بها.
الشرط الرابع: ألاَّ يكون في الزواج بها فتنة للمسلم عن دينه، بأن تجره إلى اتباع دينها، ولهذا ختم الله آية إباحة الزواج من الكتابيات بقوله جل وعلا: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [المائدة:5]. أي احذر أن يجرك الزواج بالكتابية أن توافقها في دينها فتكون من الخاسرين.
وإذا تم الزواج في حال كونها نصرانية فإنه يلي زواجها وليها الكافر، فإن اعترض على زواجها من مسلم لكونه مسلماً، انتقلت الولاية عنه إلى غيره من الكفار، وإذا تم الزواج بعد إسلامها، فيجب أن توكل المرأة رجلاً مسلماً يعقد لك عليها، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي. رواه أبو داود وغيره. قال الإمام أحمد هذا حديث صحيح.
ويكون ذلك في حضور شاهدين، ولا يجوز أن يزوجها وليها الكافر، لقوله تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً [النساء:141].
قال في البدائع: فلو جاز إنكاح كافر مؤمنة لثبت له عليها سبيل، وهذا لا يجوز، ونقل ابن المنذر الإجماع على ذلك.
وأنصح الأخ السائل -وفقه الله- أن يؤخر الزواج حتى تسلم المرأة، ويتبين حسن إسلامها، فهذا أحرى أن يُنْشىء أسرة متماسكة.
وللفائدة انظر فتوى رقم:
5315، والفتوى رقم: 10748.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يتزوج من نصرانية أم ينتظر إسلامها(51/80)
تاريخ الفتوى : ... 05 ذو القعدة 1423 / 08-01-2003
السؤال
لي قريب تحبه فتاة مسيحية غير مقتنعة بدينها وما يحدث فيه من اعتراف للأب وتريد أن تتزوجه لكنه لا يريد ذلك إلا بعد أن تسلم برغم أنه لا يحبها إلا أنه على استعداد من الزواج بها والتضحية من أجل الدين على الرغم أيضاً من أنني أعتبر والله أعلم بأن الزواج من مسيحية حرام لأنهم لا يؤمنون بالله الواحد فما رأيكم في هذا الموضوع ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحسن أولاً تنبيه السائل الكريم إلى أنه لا يجوز له ولا لغيره القول على الله بغير علم حيث قال: "الزواج من مسيحية حرام..... إلخ" فإن المسيحية مع كفرها قد أباح الله الزواج منها، وقد تقدمت لنا أجوبة مفصلة بخصوص زواج المسلم من الكتابية، ومنها الفتاوى ذات الأرقام التالية:
5315 -
3648 -
8674 -
9894 -
15508.
وبالرجوع إلى هذه الفتاوى ستجد فيها أنه يجوز للمسلم الزواج من الكتابية "يهودية أو نصرانية" إذا كانت عفيفة "محصنة"، وانظر لمعرفة حكم أهل الكتاب، الفتوى رقم:
2924.
وأما بخصوص زواج قريبك من تلك الفتاة النصرانية أو عدم زواجه -إن كانت عفيفة- فهو أمر يرجع إليه، وإن أجل ذلك إلى حين إسلامها فحسن -خاصة وأنها تميل إليه- وعلى قريبك ألا يقدم على الزواج من هذه الفتاة إلا بعد الاستشارة والاستخارة، وأن لا يتعجل في ذلك حرصاً على إقامة أسرة مسلمة متماسكة، نسأل الله لك وله التوفيق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الكتابية التي يصح نكاحها(51/81)
تاريخ الفتوى : ... 13 شوال 1423 / 18-12-2002
السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 29عاما لم أستطع الزواج من أهلي ولا من جانب أهل برغم أني خطبت عدة مرات ولم أوفق ، عندي عاهة مستديمة لا أخفي عليكم لا يعرفها سوى أهلي ، صدفه تعرفت على شابة مسيحية ليست عربية تتحدث الأنجليزية ومر على معرفتي بها سنتان وهي شابة خلوقة وأنا أعرف جميع أسرارها عرضت عليها دخول الإسلام واشتريت لها بعض الكتب لتعليمي مثل الوضوء والصلاة وفي الوقت الراهن تتعلم كيف تصوم وما الحكمة من ذلك. وعرضت عليها الزواج وهي موافقة وأنا أعمل حسب وعدي لها هل يمكن أن أتزوج هذه الطيبة برغم من ديانتها وعاداتها. وشكراً أعطاكم الله خيراً إن شاء الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أن يتزوج المسلم من مسلمة لما في ذلك من الوفاق والانسجام والمصلحة المشتركة بينهما فينشأ عن ذلك بناء أسرة متماسكة تكون لبنة في بناء المجتمع المسلم المتماسك، ويتربى في أحضانها الأبناء تربية سوية صالحة.
وإذا لم يتيسر ذلك فقد أحل الله تعالى للمسلم أن يتزوج من كتابية ( يهودية أو نصرانية ) لكن بشرط أن تكون عفيفة، وينبغي أن يكون ذلك في بلد إسلامي حتى يتمكن الزوج من تربية أبنائه تربية إسلامية، ويأمن فيه عليهم أن تأخذهم الزوجة إلى دينها، أو تحرمه من رؤيتهم في حال اختلافها معه وفراقها له، وهذا ما ابتلي به كثير ممن تزوج من هؤلاء وأقام معهم في بلادهم.
قال تعالى ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) (المائدة: من الآية5)
وعلى هذا؛ فإن كانت هذه الفتاة عفيفة فإنه يجوز لك الزواج منها.
ثم إن هذه العاهة المستديمة إن كانت مما تنفر منه الزوجة ويمنعها كمال الاستمتاع فإنه يجب بيانها، ويحرم كتمانها، ولا فرق في ذلك بين أن تكون الزوجة مسلمة أو كتابية.
وانظر الفتوى رقم 6559(51/82)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... ما يشترط في نكاح الكتابية
تاريخ الفتوى : ... 04 شوال 1423 / 09-12-2002
السؤال
كيف يتم عقد الزواج بين رجل مسلم وامراة من أهل الكتاب?
شكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المسلم أن لا يقدم على الزواج من كتابية إلا بعد أن يتأكد من توافر شروط معينة هي:
-التحقق من كونها كتابية تؤمن بدين سماوي.
-أن تكون عفيفة محصنة.
-ألا يكون في الزواج منها فتنة له في دينه أو خلقه.
-أن يتم عقد الزواج مستكملاً الشروط والأركان من ولي وشهود ومهر وتراض بين الطرفين... إلخ .
وراجع في الزواج من الكتابيات الفتاوى التالية 5315 10748 7819والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا فرق بين زواج المسلمة ابتداء بالكافر وبين الاستمرار عليه إذا أسلمت
تاريخ الفتوى : ... 22 رمضان 1423 / 27-11-2002
السؤال
هل دخول المرأة المسيحية في الإسلام يلغي زواجها من زوجها المسيحي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم زواج الكافر بالمسلمة في الفتوى رقم: 24929، والفتوى رقم: 1800.
ولا فرق بين زواج المسلمة ابتداء بالكافر وبين الاستمرار عليه إذا أسلمت بعد أن كانت كافرة.(51/83)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الأدلة متظاهرة على منع إنكاح الكافر
تاريخ الفتوى : ... 22 رمضان 1423 / 27-11-2002
السؤال
السلام عليكم
قرأت في أحد الكتب أنه ليس هناك دليل يثبت عدم جواز الزواج من الكتابيين بالنسبة للمرأة وجوازه بالنسبة للرجل وأن الآية تحرم ذلك للاثنين فما هو ردكم؟
جزاكم الله .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكره صاحب الكتاب من نفي وجود دليل يمنع من زواج الكافر أو المشرك يهوديًا كان أو نصرانيًّا أو وثنيًّا أو غير ذلك بالمسلمة باطل لا يصح، وهو مناقض لإجماع أمة الإسلام، ولمعرفة أدلة ما نقول تراجع الفتاوى التالية: 20203، 10147، 24929.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الحفاظ على الذرية قد يوجب عدم طلاق النصرانية
تاريخ الفتوى : ... 28 رمضان 1423 / 03-12-2002
السؤال
باختصار تزوجت من إنسانة نصرانية وقد اقتنعت بالإسلام وقرأت القرآن بلغتها وبعد أذن بدأت تسوف نطق الشهادتين، وقد أنجبت منها طفلة وعمرها الآن سنة وثلاثة شهور، والآن أفكر بطلاقها ولكني قلق على ابنتي حين تعود إلى بلد أمها وأخاف عليها أن تتنصر هناك أرجو إفادتي هل آثم إذا عشت معها وأنا على ديني وهي على دينها وخاصة أنني أشعر بأنني لا أستطيع العيش معها وهي على دينها ؟ وجزاكم الله كل خير...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(51/84)
فما دمت قد تزوجت بها فإن الأفضل هو إمساكها ومحاولة عرض الإسلام عليها لعل الله أن يهديها على يديك، وانظر في جواز الزواج بالكتابية الفتوى رقم:
5315 - والفتوى رقم: 24719.
وفي إبقاء هذه الزوجة حفظ لبنتك لأنها ستبقى قريبة منك، أما في حال طلاق هذه المرأة فالحضانة لك، ولكن قد لا تمكنك بعض القوانين الجائرة من ذلك، وانظر الفتوى رقم:
23294.
وإذا كان الأمر كذلك فلا ينبغي طلاقها لأن حفظ ابنتك واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خطوات تنتهج في حق من تزوجت غير مسلم
تاريخ الفتوى : ... 16 رمضان 1423 / 21-11-2002
السؤال
صديق لي له أقارب خارج البلاد بإحدى البلاد الأجنبية التي ليست بإسلامية النظام يعيشون منذ فترة طويلة ، لهم ابنة أصرت على الزواج بأجنبي حاولوا كثيراً إقناعها بعدم الزواج إلا أنها أصرت وتزوجته، يريد أن يعرف هل حكم هذا أنه ردة أم ماذا، إذا كان ردة ماذا يجب على أبيها حيث أنه في بلدة لا تطبق الشريعة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزواج المسلمة من كافر -نصرانيًّا كان أم يهوديًّا أم غير ذلك- محرم تحريمًا قطعيًا، ولا يجوز بحال لقوله سبحانه: وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا [البقرة:221].
وقال سبحانه: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10].
وحرمة ذلك لا خلاف فيه بين المسلمين، وزواج تلك المرأة من الكافر يعتبر باطلاً، لكنها لا تعتبر مرتدة بذلك إلا إذا استحلته.
وعلى أهلها أن يفرقوا بينهما في الحال، ويبينوا لها أن زواجها منه لا يصح، وإنما هو علاقة محرمة آثمة، فإن عادت إلى رشدها وفارقته فلا يجب عليها(51/85)
حد، وإنما يجب عليها التوبة والاستغفار، ولأهلها أو لمن له سلطان عليها أن يؤدبها على فعلها هذا.
قال الشافعي رحمه الله: وإذا تزوجت المسلمة ذميًّا فالنكاح مفسوخ، ويؤدبان ولا يبلغ بهما حد، وإن أصابها فلها مهر مثلها. ا.هـ.
فإن تعذر ذلك؛ فعلى أبيها أن يحتال في إخراجها من ذلك البلد، ويرجع بها إلى البلد الذي يستطيع أن يمنعها فيه من ارتكاب المحرمات، وعليه أن يمنعها من السفر بأي صورة، وليعلموا أن هذا المنكر الفظيع من ثمار العيش في بلاد الكفر، والتي يفقد فيها الرجل القوامة والولاية على زوجته وأبنائه، وينعدم فيها سلطان الشرع، ويظهر فيها سلطان الكفر، فبينوا لهم أن عليهم ترك الإقامة في تلك البلاد ما لم تدع حاجة ماسة إلى ذلك كالإقامة للدعوة إلى الله أو للعلاج أو للحفاظ على النفس ممن أراد الفتك بها، مع ضرورة الاهتمام بالأبناء وتعليمهم أحكام وتعاليم الإسلام ومنعهم من أخلاق وعادات الكفار.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زواج المسلمة من الكافر يعد من الزنا
تاريخ الفتوى : ... 22 رمضان 1423 / 27-11-2002
السؤال
هل يجوز زواج مسلمة من كافر؟ يرى بعض الناس أن الجاهلية هي التي حرمته هل هذا صحيح؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزواج المسلمة من كافر، محرم بالكتاب والسنة والإجماع، سواء كان الكافر وثنياً أو يهودياً أو نصرانياً. وهذا التحريم لم تعرفه الجاهلية ولم تسمع به، بل إن المسلمين في صدر الإسلام لم يكن قد نزل عليهم هذا التحريم.
وكان بعض المسلمات تحت أزواج كافرين، حتى نزل قوله تعالى: ( فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ) [الممتحنة:10].
وحرم الله نكاح أهل الشرك بقوله: ( ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ) وقد أجمع المسلمون على تحريم زواج المسلمة ممن ليس على دينها.(51/86)
فلا التفات لمن خالف ذلك، ومن ارتبطت بكافر فهي زانية، وإن سمت زناها نكاحاً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زواج المسلم من الكتابيات.. حقائق وضوابط ... العنوان
هذا موضوع أرجو أن يتسع وقتكم لتحريره وتحقيقه، وهو موضوع الزواج من غير المسلمات . وأعني بالذات " الكتابيات " مسيحيات أو يهوديات - ممن نعتبرهم نحن المسلمين " أهل كتاب " ولهم حكم خاص يميزهم عن غيرهم من الوثنيين وأمثالهم.
وقد رأيت ورأى الكثيرون غيري مفاسد جمة من وراء هذا النوع من الزواج، وخصوصًا على الأولاد من هذه الزوجة، التي كثيرًا ما تصبغ البيت كله بصبغتها، وتربي الأبناء والبنات على طريقتها، والزوج لا يقدم ولا يؤخر، فهو في الأسرة مثل " شرابة الخرج " كما يقول العامة.
ولما كان اعتقادي أن الإسلام لا يبيح ما فيه ضرر أو مفسدة كتبت إليكم مستوضحًا رأيكم في هذه القضية ؛ لما علمته من نظرتكم الشاملة إلى مثل هذه القضايا، ومعالجتها في ضوء النصوص الأصلية للشريعة، وفي ضوء مقاصدها ومبادئها العامة وأصولها الكلية.
... السؤال
17/01/2006 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالأصل في الزواج من أهل الكتاب الإباحة، لكن هناك شروط وقيود وضعها الفقهاء في القديم والحديث لا بد لمن أراد أن يقدم على الزواج من أهل الكتاب أن يراعيها، وإلا اختلف الحكم ، فكما قرر الفقهاء أن المباح مقيد بشرط السلامة، أي سلامة المسلم في دينه وعرضه وذريته وغير ذلك، وللحاكم أو من يقوم مقامه أن يقيد المباح، بالإضافة لاختلاف الزمان والمكان ، واختلاف شخصية المرأة وشخصية الرجل في هذا العصر عنه في العصر الماضي، ولا ننس أثر المجتمع ومدي قوته أو ضعفه في تربية النشء والحرص عليه، ومن(51/87)
هنا نعلم أن الزواج من غير المسلمات في عصرنا ينبغي أن يمنع سدًا للذريعة إلى ألوان شتى من الضرر والفساد . ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة . ولا يسوغ القول بجوازه إلا لضرورة قاهرة أو حاجة ملحة، وتقدر بقدرها. .
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في مسألة الزواج من أهل الكتاب :
رأي جمهور المسلمين إباحة الزواج من الكتابية:
الأصل في الزواج من نساء أهل الكتاب عند جمهور المسلمين هو الإباحة.
فقد أحل الله لأهل الإسلام مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم في آية واحدة من سورة المائدة، وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم . قال تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان).
رأى ابن عمر وبعض المجتهدين:
وخالف في ذلك من الصحابة عبد الله بن عمر -رضى الله عنهما-، فلم ير الزواج من الكتابية مباحًا، فقد روى عنه البخاري: أنه كان إذا سُئل عن نكاح النصرانية واليهودية قال: إن الله حرم المشركات على المؤمنين، (يعني قوله تعالى: :. لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن") ولا أعلم من الإشراك شيئًا أكبر من أن تقول: " ربها عيسى، وهو عبد من عباد الله ! ".
ومن العلماء من يحمل قول ابن عمر على كراهية الزواج من الكتابية لا التحريم ولكن العبارات المروية عنه تدل على ما هو أكثر من الكراهية.
وقد أخذ جماعة من الشيعة الإمامية بما ذهب إليه ابن عمر استدلالاً بعموم قوله تعالى في سورة البقرة: (ولا تنكحوا المشركات) وبقوله في سورة الممتحنة: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر).
ترجيح رأي الجمهور: والحق أن رأي الجمهور هو الصحيح، لوضوح آية المائدة في الدلالة على الزواج من الكتابيات . وهي من آخر ما نزل كما جاء في الحديث.
وأما قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات) وقوله: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) فإما أن يقال: هذا عام خصصته سورة المائدة، أو يقال: إن كلمة " المشركات " لا تتناول أهل الكتاب أصلاً في لغة القرآن، ولهذا يعطف أحدهما على الآخر كما في سورة البقرة: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين .(51/88)
.)، (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها . . . .).
وفي سورة الحج يقول تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين والمجوس والذين أشركوا، إن الله يفصل بينهم يوم القيامة...) فجعل الذين أشركوا صنفًا متميزًا عن باقي الأصناف، ويعني بهم الوثنيين . والمراد بـ " الكوافر " في آية الممتحنة: المشركات، كما يدل على ذلك سياق السورة.
قيود يجب مراعاتها عند الزواج من الكتابية: وإذن يكون الراجح ما بيناه من أن الأصل هو إباحة زواج المسلم من الكتابية، ترغيبًا لها في الإسلام، وتقريبًا بين المسلمين وأهل الكتاب، وتوسيعًا لدائرة التسامح والألفة وحسن العشرة بين الفريقين.
ولكن هذا الأصل معتبر بعدة قيود، يجب ألا نغفلها:
القيد الأول:
الاستيثاق من كونها " كتابية " بمعنى أنها تؤمن بدين سماوي الأصل كاليهودية والنصرانية، فهي مؤمنة - في الجملة - بالله ورسالاته والدار الآخرة . وليست ملحدة أو مرتدة عن دينها، ولا مؤمنة بدين ليس له نسب معروف إلى السماء.
ومن المعلوم في الغرب الآن أنه ليست كل فتاة تولد من أبوين مسيحيين مثلاً مسيحية . ولا كل من نشأت في بيئة مسيحية تكون مسيحية بالضرورة . فقد تكون شيوعية مادية، وقد تكون على نحلة مرفوضة أساسًا في نظر الإسلام كالبهائية ونحوها.
القيد الثاني:
أن تكون عفيفة محصنة فإن الله لم يبح كل كتابية، بل قيد في آياته الإباحة نفسها بالإحصان، حيث قال: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) قال ابن كثير: والظاهر أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنى، كما في الآية الأخرى: (محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان) . وهذا ما أختاره . فلا يجوز للمسلم بحال أن يتزوج من فتاة تسلم زمامها لأي رجل، بل يجب أن تكون مستقيمة نظيفة بعيدة عن الشبهات.
وهذا ما اختاره ابن كثير، وذكر أنه رأى الجمهور، وقال " وهو الأشبه، لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية، وهي مع ذلك غير عفيفة، فيفسد حالها بالكلية، ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل: حشفًا وسوء كيله ! ". (تفسير ابن كثير، جـ 2، والله أعلم . 20 ط. الحلبي).(51/89)
وقد جاء عن الإمام الحسن البصري أن رجلاً سأله: أيتزوج الرجل المرأة من أهل الكتاب ؟ فقال: ما له ولأهل الكتاب ؛ وقد أكثر الله المسلمات ؟ ! فإن كان ولابد فاعلاً . فليعمد إليها حصانًا (أي محصنة) غير مسافحة . قال الرجل: وما المسافحة ! ؟ قال: هي التي إذا لمح الرجل إليها بعينه اتبعته.
ولا ريب أن هذا الصنف من النساء في المجتمعات الغربية في عصرنا يعتبر شيئًا نادرًا بل شاذًا، كما تدل عليه كتابات الغربيين وتقاريرهم وإحصاءاتهم أنفسهم، وما نسميه نحن البكارة والعفة والإحصان والشرف ونحو ذلك، ليس له أية قيمة اجتماعية عندهم، والفتاة التي لا صديق لها تُعيَّر من أترابها، بل من أهلها وأقرب الناس إليها.
القيد الثالث:
ألا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم . ولهذا فرق جماعة من الفقهاء بين الذمية والحربية . فأباحوا الزواج من الأولى، ومنعوا الثانية . وقد جاء هذا عن ابن عباس فقال: من نساء أهل الكتاب من يحل لنا، ومنهم من لا يحل لنا . ثم قرأ: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية . . . .) فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤه، ومن لم يعط الجزية لم يحل لنا نساؤه.
وقد ذكر هذا القول لإبراهيم النخعي - أحد فقهاء الكوفة وأئمتها - فأعجبه (تفسير الطبري، جـ9، ص. 788 بتحقيق شاكر). وفي مصنف عبد الرزاق عن قتادة قال: لا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد . وعن علي رضي الله عنه بنحوه.
وعن ابن جريج قال: بلغني ألا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد.
وفي مجموع الإمام زيد عن علي: أنه كره نكاح أهل الحرب . قال الشارح في " الروض النضير ": والمراد بالكراهة: التحريم ؛ لأنهم ليسوا من أهل ذمة المسلمين . قال: وقال قوم بكراهته ولم يحرموه، لعموم قوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) فغلبوا الكتاب على الدار (الروض النضير، جـ 4، ص. 270 - 274). يعني: دار الإسلام . والذي من أهل دار الإسلام بخلاف غيره من أهل الكتاب.
ولا ريب أن لرأي ابن عباس وجاهته ورجحانه لمن يتأمل، فقد جعل الله المصاهرة من أقوى الروابط بين البشر، وهي تلي رابطة النسب والدم، ولهذا قال سبحانه: (وهو الذي خلق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرًا) (سورة الفرقان). فكيف تتحقق هذه الرابطة بين المسلمين وبين قوم يحادونهم(51/90)
ويحاربونهم وكيف يسوغ للمسلم أن يصهر إليهم، فيصبح منهم أجداد أولاده وجداتهم وأخوالهم وخالاتهم ؟ فضلاً عن أن تكون زوجه وربة داره وأم أولاد منهم ؟ وكيف يؤمن أن تطلع على عورات المسلمين وتخبر بها قومها ؟.
ولا غرو أن رأينا العلامة أبا بكر الرازي الحنفي يميل إلى تأييد رأي ابن عباس، محتجًا له بقوله تعالى: (لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) والزواج يوجب المودة، يقول تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة) (سورة الروم).
قال: فينبغي أن يكون نكاح الحربيات محظورًا ؛ لأن قوله تعالى: (يوادون من حاد الله ورسوله) إنما يقع على أهل الحرب، لأنهم في حد غير حدنا. (أحكام القرآن، جـ 2، ص. 397، 398).
يؤيد ذلك قوله تعالى: (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون). (سورة الممتحنة: 9).
وهل هناك تول لهؤلاء أكثر من أن يزوج إليهم، وتصبح الواحدة من نسائهم جزءا من أسرته بل العمود الفقري في الأسرة ؟
وبناء على هذا لا يجوز لمسلم في عصرنا أن يتزوج يهودية، ما دامت الحرب قائمة بيننا وبين إسرائيل، ولا قيمة لما يقال من التفرقة بين اليهودية والصهيونية، فالواقع أن كل يهودي صهيوني، لأن المكونات العقلية والنفسية للصهيونية إنما مصدرها التوراة وملحقاتها وشروحها والتلمود . . . وكل امرأة يهودية إنما هي جندية - بروحها - في جيش إسرائيل.
القيد الرابع:
ألا يكون من وراء الزواج من الكتابية فتنة ولا ضرر محقق أو مرجح، فإن استعمال المباحات كلها مقيد بعدم الضرر، فإذا تبين أن في إطلاق استعمالها ضررًا عامًا، منعت منعًا عامًا، أو ضررًا خاصًا منعت منعًا خاصًا، وكلما عظم الضرر تأكد المنع والتحريم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار ".
وهذا الحديث يمثل قاعدة شرعية قطعية من قواعد الشرع، لأنه - وإن كان بلفظه حديث آحاد - مأخوذ من حيث المعنى من نصوص وأحكام جزئية جمة من القرآن والسنة، تفيد اليقين والقطع.(51/91)
ومن هنا كانت سلطة ولي الأمر الشرعي في تقييد بعض المباحات إذا خشي من إطلاق استخدامها أو تناولها ضررًا معينًا.
والضرر المخوف بزواج غير المسلمة يتحقق في صور كثيرة منها:
1 - أن ينتشر الزواج من غير المسلمات، بحيث يؤثر على الفتيات المسلمات الصالحات للزواج، وذلك أن عدد النساء غالبًا ما يكون مثل عدد الرجال أو أكثر، وعدد الصالحات للزواج منهن أكبر قطعًا من عدد القادرين على أعباء الزواج من الرجال.
فإذا أصبح التزوج بغير المسلمات ظاهرة اجتماعية مألوفة، فإن مثل عددهن من بنات المسلمين سيحرمن من الزواج، ولا سيما أن تعدد الزوجات في عصرنا أصبح أمرًا نادرًا، بل شاذًا، ومن المقرر المعلوم بالضرورة أن المسلمة لا يحل لها أن تتزوج إلا مسلمًا، فلا حل لهذه المعادلة إلا سد باب الزواج من غير المسلمات إذا خيف على المسلمات.
وإذا كان المسلمون في بلد ما، يمثلون أقلية محدودة، مثل بعض الجاليات في أوروبا وأمريكا، وبعض الأقليات في آسيا وأفريقية، فمنطق الشريعة وروحها يقتضي تحريم زواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، وإلا كانت النتيجة ألا يجد بنات المسلمين - أو عدد كبير منهن - رجلاً مسلما يتقدم للزواج منهن، وحينئذ تتعرض المرأة المسلمة لأحد أمور ثلاث:
( أ ) إما الزواج من غير مسلم، وهذا باطل في الإسلام.
( ب ) وإما الانحراف، والسير في طريق الرذيلة . وهذا من كبائر الإثم.
(جـ) وإما عيشة الحرمان الدائم من حياة الزوجية والأمومة.
وكل هذا مما لا يرضاه الإسلام . وهو نتيجة حتمية لزواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، مع منع المسلمة من التزوج بغير المسلم.
هذا الضرر الذي نبهنا عليه هو الذي خافه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - فيما رواه الإمام محمد بن الحسن - في كتابه " الآثار، حين بلغه أن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان تزوج - وهو بالمدائن - امرأة يهودية، فكتب إليه عمر مرة أخرى: أعزم عليك ألا تضع كتابي هذا حتى تخلي سبيلها، فإني أخاف أن يقتدي بك المسلمون، فيختاروا نساء أهل الذمة لجمالهن، وكفى بذلك فتنة لنساء المسلمين ". (انظر كتابنا: شريعة الإسلام: خلودها وصلاحها للتطبيق في كل زمان ومكان، ص39، ط. أولى).
2 - وقد ذكر الإمام سعيد بن منصور في سننه قصة زواج حذيفة هذه، ولكنه ذكر تعليلاً آخر لمنع عمر لحذيفة . فبعد أن نفى حرمة هذا الزواج قال: "(51/92)
ولكني خشيت أن تعاطوا المومسات منهن ". (المصدر السابق ص40، وكذلك ذكره الطبري، جـ 4، ص366، 367، ط. المعارف: وتكلم عنه ابن كثير، جـ 1، ص257 وصحح إسناده . وهناك علة ثالثة ذكرها عبد الرزاق في " المصنف " عن سعيد بن المسيب عن عمر: أنه عزم عليه أن يفارقها، خشية أن يقيس الناس المجوسية على الكتابية ويتزوجوا المجوس اقتداء بحذيفة، جاهلين الرخصة التي كانت من الله في الكتابيات خاصة . وانظر المصنف، جـ 7، ص178).
ولا مانع أن يكون كل من العلتين مقصودًا لعمر رضي الله عنه.
فهو يخشى - من ناحية - كساد سوق الفتيات المسلمات، أو كثير منهن . وفي ذلك فتنة أي فتنة.
ومن ناحية أخرى يخشى أن يتساهل بعض الناس في شرط الإحصان - العفاف - الذي قيد به القرآن حل الزواج منهن، حتى يتعاطوا زواج الفاجرات والمومسات، وكلتاهما مفسدة ينبغي أن تمنع قبل وقوعها، عملاً بسد الذرائع . ولعل هذا نفسه ما جعل عمر يعزم على طلحة بن عبيد الله إلا طلق امرأة كتابية تزوجها، وكانت بنت عظيم يهود، كما في مصنف عبد الرزاق. (المصنف، جـ 7 ص177 - 178).
3 - إن الزواج من غير المسلمة إذا كانت أجنبية غريبة عن الوطن واللغة والثقافة والتقاليد - مثل زواج العربي والشرقي من الأوروبيات والأمريكيات النصرانيات - يمثل خطرًا آخر يحس به كل من يدرس هذه الظاهرة بعمق وإنصاف، بل يراه مجسدًا ماثلاً للعيان . فكثيرًا ما يذهب بعض أبناء العرب المسلمين إلى أوروبا وأمريكا للدراسة في جامعاتها، أو للتدريب في مصانعها، أو للعمل في مؤسساتها، وقد يمتد به الزمن هناك إلى سنوات ثم يعود أحدهم يصحب زوجة أجنبية، دينها غير دينه، ولغتها غير لغته، وجنسها غير جنسه، وتقاليدها غير تقاليده، ومفاهيمها غير مفاهيمه، أو على الأقل غير تقاليد قومه ومفاهيمهم، فإذا رضيت أن تعيش في وطنه - وكثيرًا ما لا ترضى - وقدر لأحد من أبويه أو إخوانه أو أقاربه، أن يزوره في بيته، وجد نفسه غريبًا . فالبيت بمادياته ومعنوياته أمريكي الطابع أو أوربيه في كل شيء، وهو بيت " المدام " وليس بيت صاحبنا العربي المسلم، هي القوامة عليه، وليس هو القوام عليها . ويعود أهل الرجل إلى قريتهم أو مدينتهم بالأسى والمرارة، وقد أحسوا بأنهم فقدوا ابنهم وهو على قيد الحياة !!(51/93)
وتشتد المصيبة حين يولد لهما أطفال، فهم يشبون - غالبًا - على ما تريد الأم، لا على ما يريد الأب إن كانت له إرادة، فهم أدنى إليها، ألصق بها، وأعمق تأثرًا بها، وخصوصًا إذا ولدوا في أرضها وبين قومها هي، وهنا ينشأ هؤلاء الأولاد على دين الأم وعلى احترام قيمها ومفاهيمها وتقاليدها . وحتى لو بقوا على دين الأب، فإنما يبقون عليه اسمًا وصورة، لا حقيقة وفعلاً . ومعنى هذا أننا نخسر هؤلاء الناشئة دينيًا وقوميًا إن لم نخسر آباءهم أيضًا.
وهذا الصنف أهون شرًا من صنف آخر يتزوج الأجنبية، ثم يستقر ويبقى معها في وطنها وبين قومها، بحيث يندمج فيهم ، ولا يكاد يذكر دينه وأهله ووطنه وأمته . أما أولاده فهم ينشأون أوروبيين أو أمريكيين، إن لم يكن في الوجوه والأسماء، ففي الفكر والخلق والسلوك، وربما في الاعتقاد أيضًا، وربما فقدوا الوجه والاسم كذلك، فلم يبق لهم شيء يذكرهم بأنهم انحدروا من أصول عربية أو إسلامية.
ومن أجل هذه المفسدة، نرى كثيرًا من الدول تحرم على سفرائها، وكذلك ضباط جيشها، أن يتزوجوا أجنبيات، بناء على مصالح واعتبارات وطنية وقومية.
تنبيه مهم: وفي ختام هذا البحث، أرى لزامًا علي - في ضوء الظروف والملابسات التي تتغير الفتوى بتغيرها - أن أنبه على أمر لا يغيب عن ذوي البصائر، وهو في نظري على غاية من الأهمية، وهو:
إن الإسلام حين رخص في الزواج من الكتابيات راعى أمرين:
1 - أن الكتابية ذات دين سماوي في الأصل، فهي تشترك مع المسلم في الإيمان وبرسالاته، وبالدار الآخرة وبالقيم الأخلاقية، والمثل الروحية التي توارثتها الإنسانية عن النبوات، وذلك في الجملة لا في التفصيل طبعًا . وهذا يجعل المسافة بينها وبين الإسلام قريبة، لأنه يعترف بأصل دينه، ويقر بأصوله في الجملة، ويزيد عليها ويتممها بكل نافع وجديد.
2 - إن المرأة الكتابية - وهذا شأنها - إذا عاشت في ظل زوج مسلم ملتزم بالإسلام، وتحت سلطان مجتمع مسلم مستمسك بشرائع الإسلام - تصبح في دور المتأثر لا المؤثر والقابل لا الفاعل - فالمتوقع منها والمرجو لها أن تدخل في الإسلام اعتقادًا وعملاً . فإذا لم تدخل في عقيدة الإسلام - وهذا حقها إذ لا إكراه في الدين - اعتقادًا وعملاً . فإنها تدخل في الإسلام من حيث هو تقاليد وآداب اجتماعية . ومعنى هذا أنها تذوب داخل المجتمع الإسلامي سلوكيًا، إن لم تذب فيه عقائديًا.(51/94)
وبهذا لا يخشى منها أن تؤثر على الزوج أو على الأولاد، لأن سلطان المجتمع الإسلامي من حولها أقوى وأعظم من أي محاولة منها لو حدثت.
كما أن قوة الزوج عادة في تلك الأعصار، وغيرته على دينه، واعتزازه به اعتزازًا لا حد له، وحرصه على حسن تنشئة أولاده، وسلامة عقيدتهم، يفقد الزوجة القدرة على أن تؤثر في الأولاد تأثيرًا يتنافى مع خط الإسلام.
أما في عصرنا، فيجب أن نعترف بشجاعة وصراحة: إن سلطان الرجل على المرأة المثقفة قد ضعف، وإن شخصية المرأة قد قويت، وبخاصة المرأة الغربية.
أما سلطان المجتمع المسلم فأين هو ؟ إن المجتمع الإسلامي الحقيقي الذي يتبنى الإسلام عقيدة وشريعة ومفاهيم وتقاليد وأخلاقًا وحضارة شاملة، غير موجود اليوم.
وإذا كان المجتمع المسلم غير موجود بالصورة المنشودة، فيجب أن تبقى الأسرة المسلمة موجودة، عسى أن تعوض بعض النقص الناتج عن غياب المجتمع الإسلامي الكامل.
فإذا فرطنا في الأسرة هي الأخرى، فأصبحت تتكون من أم غير مسلمة، وأب لا يبالي ما يصنع أبناؤه وبناته، ولا ما تصنع زوجته، فقل على الإسلام وأهله السلام !
ومن هنا نعلم أن الزواج من غير المسلمات في عصرنا ينبغي أن يمنع سدًا للذريعة إلى ألوان شتى من الضرر والفساد . ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة . ولا يسوغ القول بجوازه إلا لضرورة قاهرة أو حاجة ملحة، وهو يقدر بقدرها.
ولا ننسى هنا أن نذكر أنه مهما ترخص المترخصون في الزواج من غير المسلمة، فإن مما لا خلاف عليه، أن الزواج من المسلمة أولى وأفضل من جهات عديدة، فلا شك أن توافق الزوجين من الناحية الدينية أعون على الحياة السعيدة . بل كلما توافقا فكريًا ومذهبيًا كان أفضل.
وأكثر من ذلك أن الإسلام لا يكتفي بمجرد الزواج من أية مسلمة، بل يرغب كل الترغيب في الزواج من المسلمة المتدينة، فهي أحرص على مرضاة الله، وأرعى لحق الزوج، وأقدر على حفظ نفسها وماله وولده . ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " فاظفر بذات الدين تربت يداك ".
والله أعلم
ــــــــــــــ(51/95)
إسلام المرأة دون زوجها.. اجتهادات متعددة !
...
أرسلت سائلة تطلب الإفتاء في زميلة أجنبية أسلمت ولما يسلم زوجها بعد، وهي تحبه وترجو إسلامه. وتخشى السائلة أن الإطار التقليدي للإفتاء في مثل هذه الأمور قد يقود إلى ارتكاسات وارتدادات لا يحتاج إليها واقع الإسلام والمسلمين في هذه الآونة. فقد تقع المسلمة حديثاً في أزمة نفسية أو مجتمعية تفتنها عن دين الحق.
تقدم الدكتور يوسف القرضاوي بإطار اجتهادي أثار خلافاً بين العلماء. فمنهم من قبله، ومنهم من رفضه. تُرى أي الاجتهادين أقوم في إطار الشرع؟ وأي الطرفين اجتهد فأصاب؟ وأيهما اجتهد فأخطأ؟؟..
القرضاوي: البقاء.. سند شرعي ومصلحة معتبرة
...
د. يوسف القرضاوي
خلال اجتماع المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ورد لفضيلة الدكتور يوسف القرضاوي سؤال حول سبق المرأة بالإسلام دون زوجها وكان نص السؤال كالآتي:
من الملاحظ في الغرب أن النساء أكثر إقبالا على الدخول في الإسلام من الرجال، وهي ظاهرة معروفة، فإذا كانت المرأة غير متزوجة فلا إشكال، إلا من حيث حاجتها إلى الزواج من رجل مسلم.
ولكن الإشكال يكمن فيما إذا كانت المرأة متزوجة ودخلت في الإسلام قبل زوجها، أو دون زوجها، وهي تحبه وهو يحبها، وبينهما عشرة طبية طويلة، وربما كان بينهما أولاد وذرية. ماذا تفعل المرأة هنا؟ وهي حريصة على الإسلام، وفي الوقت نفسه حريصة على زوجها وأولادها وبيتها؟
إن عامة المفتين هنا يفتونها بوجوب فراقها لزوجها بمجرد إسلامها، أو بعد انقضاء عدتها منه على الأكثر. وهذا يشق على المسلمة الحديثة العهد بالإسلام أن تفعله، فتضحي بزوجها وأسرتها.
وبعضهن يرغبن في الدخول في الإسلام بالفعل، ولكن عقبة فراق الزوج تقف في طريق إسلامها.
هل من حل شرعي لهذه المشكلة العويصة في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة؟(51/96)
أفيدونا أفادكم الله، وجزاكم عن الإسلام وأهله خيراً.
وقد تفضل الدكتور يوسف القرضاوي بالإجابة على هذه الفتوى اجتهادًا في إطار اعتباره مصلحة الجماعة المسلمة في الدول الغربية، وكان نص فتواه كالتالي:
فتوى الدكتور يوسف القرضاوي:
الحمد لله، والصلاة والسلام على إمامنا وحبيبنا وأسوتنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه (أما بعد)..
فقد كنت لسنوات طويلة أفتي بما يفتي به العلماء الذين ذكرهم السائل في سؤاله. وهو أن المرأة إذا أسلمت يجب أن تفارق زوجها في الحال أو بعد انتهاء عدتها، لأن الإسلام فرق بينهما، ولا بقاء لمسلمة في عصمة كافر. وكما لا يجوز لها أن تتزوج غير المسلم ابتداء، فكذلك لا يجوز لها الاستمرار معه بقاء.
هذا هو الرأي السائد والمشهور والمتعالم عند الناس عامة، والعلماء خاصة. وأذكر منذ نحو ربع قرن: كنا في أمريكا، وفي مؤتمر اتحاد الطلبة المسلمين هناك، وعُرضت قضية من هذا النوع، وكان الدكتور حسن الترابي حاضراً، فلم ير بأساً بأن تبقى المرأة إذا أسلمت مع زوجها الذي لم يسلم، وثارت عليه الثائرة، ورد عليه عدد من الحاضرين من علماء الشريعة، وكنت منهم، وقد اعتمد الرادون عليه: أنه خرج على الإجماع المقطوع به، المتصل بعمل الأمة.
وثمة تسعة أقوال ذكرها ابن القيم في المسألة:
ثم إن المسلم يظل بطلب العلم من المهد إلى اللحد، وليس هناك أحد أحاط بالعلم كله. وقد قال الله لرسوله: "وقل رب زدني علماً" (طه:114)، وقال تعالى: "وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً" (الإسراء: 85).
ولا غرو أن اطلعت على ما ذكره الإمام ابن القيم في هذه المسألة المهمة،وذلك في كتابه(أحكام أهل الذمة)، فقد ذكر ـ رحمه الله ـ فيها تسعة أقوال، لأئمة وعلماء معتبرين، ذكرها كلها، واختار سادسها، وهو اختيار شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا.
ذكر العلامة ابن القيم المسألة ثم قال: اختلف السلف والخلف في ذلك اختلافاً كثيراً.
القول الأول: انفساخ النكاح بمجرد إسلامها:
قالت طائفة: متى أسلمت المرأة انفسخ نكاحها منه، سواء كانت كتابية أو غير كتابية، وسواء أسلم بعدها بطرفة عين أو أكثر. ولا سبيل له عليها إلا بأن(51/97)
يسلما معاً في آن واحد؛ فإن أسلم هو قبلها انفسخ نكاحها ساعة إسلامه ولو أسلمت بعده بطرفة عين. والكلام هنا هو عن الزوجة المشركة، كما كان حال أهل مكة وجزيرة العرب عند ظهور الإسلام. أما الزوجة الكتابية، فإن إسلام زوجها لا يضرها، إذ له أن يتزوجها ابتداء، فلا حرج في استمرارها معه بقاء.
هذا قول جماعة من التابعين وجماعة من أهل الظاهر، وحكاه أبو محمد بن حزم عن عمر بن الخطاب وجابر بن عبدالله وعبدالله بن عباس وحماد بن زيد والحكم بن عيينة وسعيد بن جبير وعمر بن عبدالعزيز والحسن البصري وعدي بن عدي وقتادة والشعبي.
قال ابن القيم: قلت: وحكاية ذلك عن عمر بن الخطاب غلط عليه؛ أو يكون رواية عنه؛ فسنذكر من آثار عمر بن الخطاب رضي الله عنه خلاف ذلك مما ذكره أبو محمد وغيره.
القول الثاني: الانفساخ إذا أبي الزوج الإسلام:
وقال أبو حنيفة: أيهما أسلم قبل الآخر، فإن كان في دار الإسلام عرض الإسلام على الذي لم يسلم، فإن أسلم بقيا على نكاحهما، وإن أبى فحينئذ تقع الفرقة. ولا تراعى العدة في ذلك.
القول الثالث: انفساخ النكاح عند انقضاء عدة المدخول بها:
وقال مالك: إن أسلمت المرأة ولم يسلم الرجل، فإن كان قبل الدخول وقعت الفرقة؛ وإن كان بعده، فإن أسلم في عدتها فهما على نكاحهما، وإن لم يسلم حتى انقضت عدتها فقد بانت منه؛ فإن أسلم هو ولم تسلم هي عُرِضَ عليها الإسلام، فإن أسلمت بقيا على نكاحهما وإن أبت انفسخ النكاح ساعة إبائها، سواء كان قبل الدخول أو بعده.
القول الرابع: عكس القول الثالث:
وقال ابن شبرمة عكس هذا، وأنها إن أسلمت قبله وقعت الفرقة في الحين، وإن أسلم قبلها فأسلمت في العدة فهي امرأته، وإلا وقعت الفرقة بانقضاء العدة.
القول الخامس: اعتبار العدة لكل من الرجل والمرأة:
وقال الأوزاعي والزهري والليث والإمام أحمد والشافعي وإسحاق: إذا سبق أحدهما بالإسلام فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح،وإن كان بعده فأسلم الآخر في العدة فهما على نكاحهما، وإن انقضت العدة قبل إسلامه انفسخ النكاح.
القول السادس: تنتظر المرأة وتتربص:
ولو مكثت سنين إن اختارت ذلك. وقال حماد بن سلمة عن أيوب السختياني وقتادة، كلاهما عن محمد بن سيرين عن عبدالله بن يزيد الخطمي: أن نصرانياً(51/98)
أسلمت امرأته، فخيرها عمر بن الخطاب رضي الله عنه إن شاءت فارقته وإن شاءت أقامت عليه: (وعبد الله بن يزيد الخطمي هذا له صحبة). قال ابن القيم: وليس معناه أنها تقيم تحته وهو نصراني، بل تنتظر وتتربص، فمتى أسلم فهي امرأته، ولو مكثت سنين، وهو أصح المذاهب في هذه المسألة، وعليه تدل السنة كما سيأتي بيانه، وهو اختيار شيخ الإسلام (ابن تيمية).
القول السابع: هو أحق بها ما لم تخرج من مصرها:
وقال حماد بن سلمة عن قتادة عن سعيد بن المسيب: أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال في الزوجين الكافرين يسلم أحدهما: هو أملك ببضعها ما دامت في دار هجرتها. وقال سفيان بن عيينة عن مطرف بن طريف عن الشعبي عن علي: هو أحق بها مالم تخرج من مصرها.
القول الثامن: هما على نكاحهما ما لم يفرق بينهما سلطان:
وقال ابن أبي شيبة: ثنا معتمر بن سليمان عن معمر عن الزهري:إن أسلمت ولم يسلم زوجها فهما على نكاحهما ما لم يفرق بينهما سلطان.
القول التاسع: تقر عنده ويمنع من وطئها:
وقال داوود بن علي: إذا أسلمت زوجة الذمي ولم يسلم فإنها تَقَرُّ عنده، ولكن يُمنَعُ من وطئها. وقال شعبة: ثنا حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي في ذمية أسلمت تحت ذمي، فقال تقر عنده، وبه أفتى حماد بن أبي سليمان.
قلت: ومرادهم أن العصمة باقية، فتجب لها النفقة والسكنى، ولكن لا سبيل له إلى وطئها، كما يقوله الجمهور في أم ولد الذمي إذا أسلمت سواء.
تحقيق ابن القيم في المسألة:
قال ابن القيم: ونحن نذكر مآخذ هذه المذاهب وما في تلك المآخذ من قوي وضعيف وما هو الأولى بالصواب.
فأما أصحاب القول الأول ـ وهم الذين يوقعون الفرقة بمجرد الإسلام ـ فلا نعلم أحداً من الصحابة قال به ألبتة. وما حكاه أبو محمد بن حزم عن عمر وجابر وابن عباس فبحسب ما فهمه من آثار رويت عنهم مطلقة، ونحن نذكرها. قال شعبة: أخبرني أبو إسحاق الشيباني قال: سمعت يزيد بن علقمة يقول: إن جده وجدته كانا نصرانيين، فأسلمت جدته، ففرق عمر بن الخطاب بينهما. وليس في هذا دليل على تعجيل الفرقة مطلقا بنفس الإسلام، فلعله لم يكن دخل بها، أو لعله فرق بعد انقضاء العدة، أو لعلها اختارت الفسخ دون انتظار إسلامه، أو لعل هذا مذهب من يرى أن النكاح باق حتى يفسخ السلطان.(51/99)
وقد روي عن عمر في هذا آثار يظن أنها متعارضة، ولا تعارض بينها، بل هي موافقة للسنة، فمنها هذا، ومنها ما تقدم حكايته عنه أنه خير المرأة، إن شاءت أقامت عليه، وإن شاءت فارقته.ومنها ما رواه ابن أبي شيبة عن عباد بن العوام عن أبي إسحاق الشيباني عن يزيد بن علقمة أن عبادة بن النعمان التغلبي، كان ناكحا امرأة من بني تميم، فأسلمت، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إما أن تسلم وإما أن ننزعها منك؛ فأبى فنزعها عمر رضي الله عنه، وقد تمسك بها من يرى عرض الإسلام على الثاني، فإن أبي فرق بينهما. (وهو القول الثاني: قول أبي حنيفة).
قال ابن القيم: وهذه الآثار عن أمير المؤمنين لا تعارض بينها، فإن النكاح بالإسلام يصير جائزا بعد أن كان لازماً، فيجوز للإمام أن يعجل الفرقة، ويجوز له أن يعرض الإسلام على الثاني، ويجوز إبقاؤه إلى انقضاء العدة، ويجوز للمرأة التربص به إلى أن يسلم ولو مكثت سنين. كل هذا جائز لا محذور فيه، والنكاح له ثلاثة أحوال:
حال لزوم، وحال تحريم وفسخ ليس إلا، كمن أسلم وتحته من لا يجوز ابتداء العقد عليها، وحال جواز ووقف، وهي مرتبة بين المرتبتين لا يحكم فيها بلزوم النكاح ولا بانقطاعه بالكلية. وفي هذه الحال تكون الزوجة بائنة من وجه دون وجه. ولما قدم أبو العاص بن الربيع المدينة في زمن الهدنة، وهو مشرك، سألت امرأته زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل ينزل في دارها؟ فقال: "إنه زوجك، ولكن لا يصل إليك".
فالنكاح في هذه المدة لا يحكم ببطلانه، ولا بلزومه وبقائه من كل وجه، ولهذا خير أمير المؤمنين المرأة تارة، وفرق تارة، وعرض الإسلام على الثاني تارة، فلما أبى فرق بينهما. ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجل وامرأته أسلم أحدهما قبل الآخر أصلا، ولا في موضع واحد.
قال مالك: قال ابن شهاب: كان بين إسلام صفوان بن أمية وامرأته بنت الوليد بن المغيرة نحو من شهر، أسلمت يوم الفتح وبقي صفوان حتى شهد"حنيناً" و"الطائف"وهو كافر، ثم أسلم، فلم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما، واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح.
قال ابن عبد البر: وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده.
وقال الزهري: أسلمت أم حكيم يوم الفتح، وهرب زوجها عكرمة حتى أتى اليمن فارتحلت حتى قدمت عليه اليمن، فدعته إلى الإسلام فأسلم، وقدم فبايع النبي صلى الله عليه وسلم، فثبتا على نكاحهما.(51/100)
وقال ابن شبرمة: كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم الرجل قبل المرأة، والمرأة قبل الرجل، فأيهما أسلم قبل انقضاء عدة المرأة فهي امرأته، فإن أسلم بعد العدة فلا نكاح بينهما.
وأسلم أبو سفيان عام الفتح قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة، ولم تسلم امرأته هند حتى فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة، فثبتا على نكاحهما.
وخرج أبو سفيان بن الحارث وعبد الله بن أمية فلقيا النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح "بالأبواء" فاسلما قبل نسائهما.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رد زينب ابنته على أبي العاص (زوجها الذي تأخر إسلامه) بالنكاح الأول بعد ست سنين. قال أبو داوود حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن داوود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد زينب على أبي العاص بالنكاح الأول،لم يحدث شيئا. وفي لفظ له: بعد ست سنين. وفي لفظ: بعد سنتين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هذا هو الثابت عند أهل العلم بالحديث؛ والذي روى أنه جدد النكاح ضعيف".
قال: وكذلك كانت المرأة تسلم، ثم يسلم زوجها بعدها، والنكاح بحاله، مثل أم الفضل امرأة العباس بن عبد المطلب، فإنها أسلمت قبل العباس بمدة. قال عبد الله بن عباس:كنت أنا وأمي ممن عذر الله بقوله: "إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان" (النساء: 98).
ولما فتح النبي مكة أسلم نساء الطلقاء، وتأخر إسلام جماعة منهم، مثل صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وغيرهما الشهرين والثلاثة وأكثر، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم فرقا بين ما قبل انقضاء العدة وما بعدها، وقد أفتى علي بن أبي طالب رضي الله عنه بأنها ترد إليه وإن طال الزمان. وعكرمة بن أبي جهل قدم على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بعد رجوعه من حصار الطائف وقسم غنائم حنين في ذي القعدة، وكان فتح مكة في رمضان، فهذا نحو ثلاثة أشهر يمكن انقضاء العدة فيها وفيما دونها،فأبقاه على نكاحه ولم يسأل امرأته: هل انقضت عدتك أم لا؟ ولا سأل عن ذلك امرأة واحدة، مع أن كثيرا منهن أسلم بعد مدة يجوز انقضاء العدة فيها، وصفوان بن أمية شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم"حنينا"وهو مشرك، وشهد معه" الطائف"كذلك إلى أن قسم غنائم"حنين" بعد الفتح بقريب من شهرين، فإن مكة فتحت لعشر بقين من(51/101)
رمضان، وغنائم(حنين) قسمت في ذي القعدة، ويجوز انقضاء العدة في مثل هذه المدة.
قال: وبالجملة، فتحديد رد المرأة على زوجها بانقضاء العدة لو كان هو شرعه الذي جاء به، لكان هذا مما يجب بيانه للناس من قبل ذلك الوقت، فإنهم أحوج ما كانوا إلى بيانه، وهذا كله ـ مع حديث زينب ـ يدل على أن المرأة إذا أسلمت وامتنع زوجها من الإسلام، فلها أن تتربص وتنتظر إسلامه، فإذا اختارت أن تقيم منتظرة لإسلامه، فإذا أسلم أقامت معه، فلها ذلك، كما كان النساء يفعلن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كزينب ابنته وغيرها، ولكن لا تمكنه من وطئها، ولا حكم له عليها ولا نفقة ولا قسم؛ والأمر في ذلك إليها لا إليه، فليس هو في هذه الحال زوجا مالكا لعصمتها من كل وجه، ولا يحتاج إذا أسلم إلى ابتداء عقد يحتاج فيه إلى ولي وشهود ومهر وعقد، بل إسلامه بمنزلة قبوله للنكاح، وانتظارها بمنزلة الإيجاب.
وسر المسألة أن العقد في هذه المدة جائز لا لازم؛ ولا محذور في ذلك،ولا ضرر على الزوجة فيه، ولا يناقض ذلك شيئا من قواعد الشرع. وأما الرجل إذا أسلم،وامتنعت المشركة أن تسلم، فإمساكه لها يضر بها، ولا مصلحة لها فيه، فإنه إذا لم يقم لها بما تستحقه كان ظالما. فلهذا قال تعالى"ولا تمسكوا بعصم الكوافر" فنهى الرجال أن يستديموا نكاح الكافرة، فإذا أسلم الرجل أمرت امرأته بالإسلام، فإن لم تسلم فرق بينهما.
من أدلة المعجلين للفرقة:
ومما ذكره العلامة ابن القيم من أدلة للقائلين بتعجيل الفرقة إذا أسلمت المرأة قبل زوجها، أنهم قالوا: قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن، الله أعلم بإيمانهن، فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار، لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن، وآتوهم ما أنفقوا، ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن، ولا تمسكوا بعصم الكوافر، واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا، ذلكم حكم الله يحكم بينكم، والله عليم حكيم" الممتحنة:10.
قالوا: فهذا حكم الله الذي لا يحل لأحد أن يخرج عنه، وقد حرم فيه رجوع المؤمنة إلى الكافر، وصرح سبحانه بإباحة نكاحها؛ولو كانت في عصمة الزوج حتى يسلم في العدة أو بعدها لم يجز نكاحها،لا سيما والمهاجرة تستبرأ بحيضة. وهذا صريح في انقطاع العصمة بالهجرة. وقوله "ولا تمسكوا بعصم الكوفر" صريح في أن المسلم مأمور ألا يمسك عصمة امرأة إذا لم تسلم، فصح(51/102)
أن ساعة وقوع الإسلام منه تنقطع عصمة الكافرة منه. وقوله تعالى: "لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن" صريح في تحريم أحدهما على الآخر في كل وقت. فهذه أربعة أدلة من الآية؛ ودعونا من تلك المنقطعات والمراسيل والآثار المختلفة، ففي كتاب الله الشفاء والعصمة.
رد الآخرين عليهم:
قال الآخرون: مرحبًا وأهلاً وسهلاً بكتاب الله، وسمعًا وطاعة لقول ربنا، ولكن تأولتم الآية على غير تأويلها، ووضعتموها على غير مواضعها، وليس فيها ما يقتضي تعجيل الفرقة إذا سبق أحدهما الآخر، ولا فهم هذا منها أحد قط من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من التابعين، ولا يدل على ما ذهبتم إليه أصلاً. أما قوله تعالى: "فلا ترجعوهن إلى الكفار" فإنما يدل على النهي عن رد النساء المهاجرات إلى الله ورسوله إلى الكفار، فأين في هذا ما يقتضي أنها لا تنتظر زوجها حتى يصير مسلمًا مهاجرًا إلى الله ورسوله، ثم ترد إليه؟ ولقد أبعد النجعة كل الإبعاد من فهم هذا من الآية. وكذلك قوله: "لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن" إنما فيه إثبات التحريم بين المسلمين والكفار، وأن أحدهما لا يحل للآخر،وليس فيه أن أحدهما لا يتربص بصاحبه الإسلام فيحل له إذا أسلما. وأما قوله: "ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن"، فهذا خطاب للمسلمين ورفع للحرج عنهم أن ينكحوا المؤمنات المهاجرات إذا بِنّ من أزواجهن وتخلين عنهم. وهذا إنما يكون بعد انقضاء عدة المرأة واختيارها لنفسها. ولا ريب أن المرأة إذا انقضت عدتها تخيّر بين أن تتزوج من شاءت وبين أن تقيم حتى يسلم زوجها، فترجع إليه إما بالعقد الأول على ما نصرناه، وإما بعقد جديد على قول من يرى انفساخ النكاح بمجرد انقضاء العدة. فلو أنا قلنا: إن المرأة تبقى محبوسة على الزوج، لا نمكنّها أن تتزوج بعد انقضاء العدة، شاءت أم أبت، لكان في الآية حجة علينا، ونحن لم نقل ذلك ولا غيرنا من أهل الإسلام، بل هي أحقّ بنفسها إن شاءت تزوجت وإن شاءت تربصت. فأما قوله تعالى: "ولا تمسكوا بعصم الكوافر"، فإنما تضمّن النهي عن استدامة نكاح المشركة والتمسك بها، وهي مقيمة على شركها وكفرها، وليس فيه النهي عن الانتظار بها أن تسلم ثم يمسك بعصمتها.
فإن قيل: فهو في التربص ممسك بعصمتها، قلنا: ليس كذلك، بل هي متمكنة بعد انقضاء عدتها من مفارقته والتزوج بغيره؛ ولو كانت العصمة بيده لما أمكنها ذلك.(51/103)
وأيضًا فالآية إنما دلت على أنّ الرجل إذا أسلم ولم تسلم المرأة، أنه لا يمسكها بل يفارقها، فإذا أسلمت بعده فله أن يمسك بعصمتها، وهو إنما أمسك بعصمة مسلمة لا كافرة.
وأيضًا فإن تحريم النساء المشركات على المؤمنين لم يستفد بهذه الآية، بل كان ثابتًا قبل ذلك بقوله:{ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن}البقرة:221 وإنما اقتضت هذه الآية حكمه سبحانه بين المؤمنين والكفار في النساء اللاتي يرتدِدْن إلى الكفار واللاتي يهاجرن إلى المسلمين، فإن الشرط كان قد وقع على أنّ من شاء أن يدخل في دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده دخل، ومن شاء أن يدخل في دين قريش وعهدهم دخل، فهاجر نسوة اخترن الإسلام وارتدّ نسوة اخترن الشرك، فحكم الله أحسن حكم بين الفريقين في هذه الآية، ونهي المسلمين فيها أن يمسكوا بعصمة المرأة التي اختارت الكفر والشرك، فإن ذلك منع لها من التزوج بمن شاءت وهي في عصمة المسلم، والعهد اقتضى أنّ من جاء من المسلمين، رجالهم ونسائهم، إلى الكفار يقرّ على ذلك، ومن جاء من الكفار إلى المسلمين يردّ إليهم، فإذا جاءت امرأة كافرة إلى المسلمين زالت عصمة نكاحها، وأبيح للمسلمين أن يزوجوها، فإذا فاتت امرأة من المسلمين إلى الكفار فلو بقيت في عصمته ممسكًا لها لكان في ذلك ضرر بها إن لم يمكنها أن تزوَّج، وضرر به إن أمكنها أن تتزوج وهي في عصمته، فاقتضى حكمه العدل الذي لا أحسن منه تعجيل التفريق بينه وبين المرأة المرتدة أو الكافرة عندهم لتتمكن من التزويج، كما تتمكن المسلمة من التزويج إذا هاجرت، فهذا مقتضى الآية،وهي لا تقتضي أنّ المرأة إذا أسلمت وقعت الفرقة بمجرد إسلامها بينها وبين زوجها، فلو أسلم بعد ذلك لم يكن له عليها سبيل، فينبغي أن تعطى النصوص حقها، والسنة حقها، فلا
تعارض بين هذه الآية وبين ما جاءت به السنة بوجه ما، والكل من مشكاة واحدة، يصدق بعضها بعضًا.
قال شيخ الإسلام: "وأما القول بأنه بمجرد إسلام أحد الزوجين المشركين تحصل الفرقة قبل الدخول أو بعده، فهذا قول في غاية الضعف، فإنه خلاف المعلوم المتواتر من شريعة الإسلام، فإنه قد علم أن المسلمين الذين دخلوا في الإسلام كان يسبق بعضهم بعضًا بالتكلم بالشهادتين،فتارة يسلم الرجل وتبقى المرأة مدة ثم تسلم، كما أسلم كثير من نساء قريش وغيرهم قبل الرجال. وروي أن أم سليم امرأة أبي طلحة أسلمت قبل أبي طلحة؛ وتارة يسلم الرجل قبل المرأة ثم تسلم بعده بمدة قريبة أو بعيدة؛ وليس لقائل أن يقول: هذا كان قبل(51/104)
تحريم نكاح المشركين، لوجهين أحدهما أنه لو قدّر تقدّم ذلك فدعوى المدّعي أنّ هذا منسوخ تحتاج إلى دليل؛ الوجه الثاني أن يقال: لقد أسلم الناس ودخلوا في دين الله أفواجًا بعد نزول تحريم المشركات، ونزول النهي عن التمسك بعصم الكوافر، فأسلم الطلقاء بمكة وهم خلق كثير،وأسلم أهل الطائف وهم أهل مدينة، وكان إسلامهم بعد أن حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم ونصب عليهم المنجنيق ولم يفتحها، ثم قسم غنائم حنين بالجعرانة، واعتمر عمرة الجعرانة ثم رجع بالمسلمين إلى المدينة، ثم وفد وفد الطائف فأسلموا، ونساؤهم بالبلد لم يسلمن، ثم رجعوا وأسلم نساؤهم بعد ذلك. فمن قال: إن إسلام أحد الزوجين قبل الآخر يوجب تعجيل الفرقة قبل الدخول أو بعده، فقوله مقطوع بخطئه ولم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا ممن أسلم: هل دخلت بامرأتك أم لا؟ بل كل من أسلم وأسلمت امرأته بعده فهي امرأته من غير تجديد نكاح، وقد قدم عليه وفود العرب، وكانوا يسلمون ثم يرجعون إلى أهليهم، فيسلم نساؤهم على أيديهم بعد إسلام أزواجهنّ، وبعث عليًا ومعاذًا وأبا موسى إلى اليمن فأسلم على أيديهم من لا يحصيهم إلا الله من الرجال والنساء؛ ومعلوم قطعا أن الرجل كان يأتيهم فيسلم قبل
امرأته، والمرأة تأتيهم فتسلم قبل الرجل، ولم يقولوا لأحد: ليكن تلفظك وتلفظ امرأتك بالإسلام في آن واحد، لئلا ينفسخ النكاح، ولم يفرقوا بين من دخل بامرأته وبين من لم يدخل، ولا حدُّوا ذلك بثلاثة قروء، ثم يقع الفسخ بعدها، بل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ـ وقد باشر ذلك بنفسه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي غيبته عنه ـ قد قال:" هو أحق بها ما لم تخرج من مصرها"؛ وفي رواية عنه: " ما لم تخرج من دار هجرتها"،ولم يعجل الفرقة، ولا حدها بثلاثة قروء؛ وفي قضية زينب الشفاء والعصمة.
وكانت سنّته صلى الله عليه وسلم أنه يجمع بين الزوجين إذا أسلم أحدهما قبل الآخر وتراضيا ببقائهما على النكاح، لا يفرق بينهما ولا يحوجهما إلى عقد جديد؛ فإذا أسلمت المرأة أولاً فلها أن تتربص بإسلام زوجها، أي وقت أسلم فهي امرأته، وإذا أسلم الرجل فليس له أن يحبس المرأة على نفسه ويمسك بعصمتها، فلا يكرهها على الإسلام ولا يحبسها على نفسه، فلا يظلمها في الدين ولا في النكاح، بل إن اختارت هي أن تتربص بإسلامه تربصت، طالت المدة أو قصرت؛ وإن اختارت أن تتزوج غيره بعد انقضاء عدتها فلها ذلك، والعدة ههنا لحفظ ماء الزوج الأول، وأيهما أسلم في العدة أو بعدها فالنكاح بحاله، إلا أن يختار الرجل الطلاق فيطلق كما طلق عمر رضي الله عنه(51/105)
امرأتين له مشركتين لما أنزل الله تعالى:{ولا تمسكوا بعصم الكوافر}؛ أو تختار المرأة أن تزوّج بعد استبرائها، فلها ذلك.
وأيضًا فإن في هذا تنفيرًا عن الإسلام، فإن المرأة إذا علمت أو الزوج أنه بمجرد الإسلام يزول النكاح ويفارق من يحب، ولم يبق له عليها سبيل إلا برضاها ورضا وليّها ومهر جديد، نفر عن الدخول في الإسلام، بخلاف ما إذا علم كل منهما أنه متى أسلم فالنكاح بحاله، ولا فراق بينهما إلا أن يختار هو المفارقة، كان في ذلك من الترغيب في الإسلام ومحبته ما هو أدعى إلى الدخول فيه.
وأيضا فبقاء مجرد العقد جائزًا غير لازم من غير تمكين من الوطء خير محض ومصلحة بلا مفسدة، فإن المفسدة إما بابتداء استيلاء الكافر على المسلمة، فهذا لا يجوز كابتداء نكاحه للمسلمة، وإن لم يكن فيه وطء، كما لا يجوز استيلاؤه بالاسترقاق؛ وإما بالوطء بعد إسلامها، وهذا لا يجوز أيضًا فصار إبقاء النكاح جائزًا فيه مصلحة راجحة للزوجين في الدين والدنيا من غير مفسدة، وما كان هكذا فإن الشريعة لا تاتي بتحريمه. انتهى.
تعقيب على تحقيق الإمام ابن القيم:
كان ما ذكره ابن القيم (فتحا) في المسألة، التي كنا نحسبها من مسائل الإجماع، بل نعتبره إجماعا نظريا من أئمة المذاهب الفقهية، مقترنا بالعمل المستمر من جانب الأمة الإسلامية، والإجماع إذا اقترن بالعمل ازداد قوة ورسوخا.
ثم تبين لي أن هذا الإجماع صحيح وثابت بالنظر إلى تزويج المسلمة بغير المسلم ابتداء، فهذا حرام مقطوع به، ولم يقل به فقيه قط، لا من المذاهب الأربعة، أو الثمانية، أو من خارج المذاهب، فهو إجماع نظري وعملي منا، وهو ثابت ومستقر بيقين.
أما الذي ذكر المحقق ابن القيم فيه الخلاف، فهو فيما إذا كانت المرأة غير المسلمة متزوجة أصلا من غير مسلم، وشرح الله صدرها للإسلام، فأسلمت، ولم يسلم زوجها، فهذه هي التي حدث فيها الخلاف، وذكر ابن القيم هذه الأقوال التسعة.
وهذا ما دفعني إلى أن أرجع إلى المصادر الأساسية التي استمد منها ابن القيم هذه الأقوال، وهي الأصول و المصنفات التي عنيت بنقل أقوال الصحابة رضي الله عنهم وتابعيهم بإحسان، وتلاميذهم من سلف الأمة، في خير القرون، المفضلة بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خير القرون قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".(51/106)
وهذه الأصول مثل مصنف عبد الرزاق الصنعاني (ت211هـ) ومصنف ابن أبي شيبة (ت235هـ) ومؤلفات أبي جعفر الطحاوي(321هـ) والسنن الكبرى للبيهقي (ت456هـ).
روى ابن أبي شيبة في مصنفه بسنده عن علي رضي الله عنه في شأن امرأة اليهودي أو النصراني إذا أسلمت، كان أحق ببضعها، لأن له عهدا.
وفي رواية أخرى عند ابن أبي شيبة عنه: هو أحق بها ما داما في دار الهجرة. يعني في دار هجرتها.
وروى عبد الرزاق بسنده عنه قال: هو أحق بها لم يخرجها من مصرها.
وروى بسنده عن الحكم: أن هانئ بن قبيصة الشيباني ـ وكان نصرانيا ـ كان عنده أربع نسوة، فأسلمن، فكتب عمر بن الخطاب: أن يقررن عنده.
وهذا واضح في أن عمر رضي الله عنه يجيز للمرأة أن تقر عند زوجها.
وروى أيضا بسنده عن عبد الله بن يزيد الخطمي، أن عمر كتب: يخيرن.
وروى هذه القصة عبد الرزاق عن الخطمي قال: أسلمت امرأة من أهل الحيرة، ولم يسلم زوجها، فكتب فيها عمر بن الخطاب: أن خيروها، فإن شاءت فارقته، وإن شاءت قرت عنده.
ومعناها:أ،ه وكل الأمر إلى اختيار المرأة، إن شاءت بقيت عند زوجها، وإن شاءت انفصلت عنه.
ومثله ما رواه ابن أبي شيبة بسنده عن الحسن: أن نصرانية أسلمت تحت نصراني، فأرادوا أن ينزعوها منه، فرجعوا إلى عمر فخيرها.
وروى ابن أبي شيبة بسنده أيضا عن إبراهيم (النخعي) قال: يقران على نكاحهما.
وروى عنه عبد الرزاق بسنده قال: هو أحق بها ما لم يخرجها من دار هجرتها.
وهذا هو نفس ما روي عن علي رضي الله عنه.
وروي عن الشعبي قال: هو أحق بها ماكانت في المصر ( أي في مصرها).
فهذا قول علي رضي الله عنه لم يختلف عنه: أن الرجل الكتابي (من يهودي أو نصراني) أحق بزجته إذا أسلمت، ما لم يخرجها من مصرها، أو من دار هجرتها، وجاء في بعض الروايات: لأن له عهدا. يقصد: عهد الذمة.
وقول عمر رضي الله عنه في أكثر من رواية: أن المرأة تقر عند زوجها، أو تخير بين بقائها وبين تركه ومفارقته.(51/107)
ولم يخالف ذلك إلا رواية عن عمر في قصة الرجل التغلبي الذي عرض عليه الإسلام، فأبى، وانتزع منه امرأته. وفي بعض الروايات: أنه قال لعمر: لم أدَعْ هذا إلا استحياء من العرب أن يقولوا: إنما أسلم على بضع امرأة! ففرق عمر بينهما.
ولعل هذا من عمر رضي الله عنه يدلنا على أن الإمام أو القاضي لديه فسحة في مثل هذا الأمر، فيمكنه أن يقر المرأة عند زوجها أو يخيرها، أو يفرق بينهما إن رأى في ذلك المصلحة. وخصوصا إذا رفعت إليه القضية، كما في هذه الواقعة.
ولعل هذا من عمر أيضا يؤيد قول ابن شهاب الزهري: هما على نكاحهما، ما لم يفرق بينهما سلطان.
وقد أكد قول علي ما جاء عن الشعبي وإبراهيم، من أئمة التابعين.
وقفة ابن القيم:
ورغم أن المحقق ابن القيم رحمه الله وعد بأن ينظر في مآخذ هذه الأقوال أو المذاهب التسعة التي ذكرها وما فيها من قوي وضعيف، فإنه لم يف بوعده، ولم ينظر فيها كلها، بل ركز على القول السادس الذي نصره ـ ونصره شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية،وهي أن المرأة تقيم مع زوجها، وتنتظر إسلامه، ولا تمكنه من نفسها، ولو مكثت معه سنين، وأطال في تأييد هذا القول، ونسي الأقوال الثلاثة الأخرى.
واختيار ابن القيم وشيخه: له وزنه ووجهته وأدلته، ولكن تظل منه مشكلة عملية، وهي أن تبقى المرأة مع زوجها تنتظر إسلامه، ولو مكثت سنين، ولكن لا تمكنه من نفسها، فهل يصبر كل منهما على هذه الحالة، وخصوصا إذا كانا شابين؟
قول الإمام على رضي الله عنه:
وكنت أود أن يعرض العلامة ابن القيم لرأي الإمام علي كرم الله وجهه، الذي ذكره عنه، وهو قوله عن المرأة تسلم قبل زوجها: هو أملك ببضعها ما دامت في دار هجرتها. وفي رواية أخرى: هو أحق بها ما لم تخرج من مصرها.
وعلي رضي الله عنه قد بعثه رسول الله إلى اليمن في حياته، وتولى الخلافة بعد عثمان، ولا بد أن يكون قد باشر ذلك بنفسه. فحكمه في هذه القضية، فيه معنى الفتوى ومعنى القضاء معا.
وكأني ألمح في حكمه رضي الله عنه استنادا إلى الآية الكريمة من سورة (الممتحنة) حيث قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات(51/108)
فامتحنوهن، الله أعلم بإيمانهن، فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار، لا هن حل لهم، ولا هم يحلون لهن}[الممتحنة:10]
والمؤمنون مطالبون ـ وفق هذه الآية ـ إذا جاءهم المؤمنات مهاجرات، وعلموا صدق إيمانهن: ألا يرجعوهن إلى الكفار، فيعرضوهن للفتنة في دينهن، ولكن إذا بقيت المرأة في دارها لم تغادرها إلى دار الإسلام، وأقامت مع زوجها، فهي امرأته. وكأن هذا ما استند إليه علي كرم الله وجهه.
وفي رأيي أن هذا قول وجيه، ترجحه حاجة المسلمات الجديدات إلى بقائهن مع أزواجهن، ولا سيما إذا كن يرتجين إسلامهم، وخصوصا إذا كان لهن منهم أولاد يخشى تشتيتهم وضياعهم.
ومما نذكره هنا: أن القضية التي اعتمد عليها ابن القيم وشيخه ابن تيمية فيما روي عن عمر، ظاهرها ليس معهما، فما رواه عبد الله بن يزيد الحطمي رضي الله عنه: أن نصرانيا أسلمت امرأته، فخيرها عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن شاءت فارقته، وإن شاءت أقامت عليه.
ظاهر هذه الرواية أنه أجاز لها أن تقيم عليه، وهذا يقتضي أن تجوز معاشرته لها، ولكن الإمام ابن القيم رحمه الله أوَّل هذا الظاهر، وقال: وليس معناه أنها تقيم تحته، وهو نصراني، بل تنتظر وتتربص.فلو أن مجتهدًا أخذ بظاهر قول عمر،لم يكن عليه من حرج. ولعل هذا أصل ما ورد عن الزهري ـ وهو القول الثامن ـ أنه قال: إن أسلمت ولم يسلم زوجها، فهما على نكاحهما ما لم يفرق بينهما سلطان.
وهذا تيسير عظيم للمسلمات الجدد، وإن كان يشق على الكثيرين، لأنه خلاف ما ألفوه وتوارثوه، ولكن من المقرر المعلوم: أنه يغتفر في البقاء، ما لا يغتفر في الابتداء.
فنحن منهيون ابتداء أن نزوج المرأة لكافر،كما قال تعالى:{ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا، ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم} [البقرة:221].
وهذا مما لا يجوز التهاون فيه، فلا نزوج مسلمة ابتداء لغير مسلم.
ولكن نحن هنا لم نزوجها، بل وجدناها متزوجة قبل أن تدخل في ديننا، ويحكم عليها شرعنا، وهنا يختلف الأمر في البقاء عنه في الابتداء.
فلدينا إذن قولان معتبران يمكن لأهل الفتوى الاستناد إليهما لعلاج هذه المشكلة التي قد تقف عقبة في سبيل دخول الكثيرات في الإسلام.(51/109)
القول الأول: هو قول سيدنا علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه، وهو: أن زوجها أحق بها ما لم تخرج من مصرها. وهنا نجد المرأة باقية في وطنها ومصرها ولم تهاجر منه، لا إلى دار الإسلام ولا غيرها.
والقول الثاني: هو قول الزهري: إنهما على نكاحهما ما لم يفرق بينهما سلطان، أي ما لم يصدر حكم قضائي بالتفريق بينهما.
ويسند هذا القول ظاهر ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه خير زوجة النصراني حين أسلمت بين فراقه وإقامتها عليه.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا اجتنابه، آمين.
ــــــــــــــ
وجوب فسخ العقد مراعاة لمصلحة المسلمة
...
المستشار فيصل مولوي
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
هذه الدراسة تقتصر على موضوع إسلام المرأة وبقاء زوجها على دينه، ولا تتعرّض لإسلام الرجل وبقاء زوجته على دينها، لأنّ الموضوع المطروح على المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث يختصّ بالمرأة دون الرجل.
والنتيجة التي وصلت إليها بعد التدقيق، والرجوع إلى كثير من المصادر الشرعية فهي التأكيد على أنّ المرأة إذا أسلمت وبقي زوجها على دينه، يحرم عليها الوطء فور انتهاء عدّتها، ويجوز لها عند ذلك أن تنكح زوجاً غيره، كما يجوز لها أن تنتظره حتّى يسلم فتعود الحياة الزوجية بينهما. أمّا فسخ العقد فلا يكون إلاّ إذا تراضيا عليه، أو إذا حكم به القضاء سواء في دار الإسلام أو خارجه. ويجب عليها أن تطلب فسخ العقد بعد انتهاء عدّتها إذا لم يسلم.
أولاً: هل يوجد في المسألة نص قاطع:
أقول: في المسألة نصّان واضحان كلّ الوضوح وهما: آية البقرة وآية الممتحنة، وإن حاول البعض إخراج المسألة المطروحة من حكم هذين النصّين بالتأويل، وسأذكر فيما يلي مرتكزات هذا التأويل الفاسد.
النصّ الأول: آية سورة البقرة:
قال تعالى: "وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ، وَلأمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ. وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا، وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ(51/110)
وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ. أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ، وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِه،ِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ" (البقرة: 221).
دلّت هذه الآية على حكمين:
الأول: تحريم زواج المسلم من المشركة حتّى ولو أعجبته، طالما بقيت على شركها.
الثاني: تحريم زواج المسلمة من المشرك حتّى ولو أعجبها وأعجب أهلها، طالما بقي على شركه.
وعلّة التحريم في الحالتين هي الشرك باعتباره الوصف المؤثّر.
أمّا الحكم الأول فقد ورد تخصيصه بآية المائدة ".. وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ .." (المائدة: 5). فقد أباح الله تعالى بموجب هذه الآية للمسلم الزواج من الكتابية، واتفق على ذلك العلماء، فبقي الزواج من سائر المشركات محرّماً بنصّ الآية الأولى، وقد أجمع العلماء على ذلك فيما نعلم.
أمّا الحكم الثاني وهو زواج المسلمة من المشرك، فبقي محرّماً على إطلاقه، شاملاً غير المسلمين جميعاً سواء كانوا كتابيين أو غير كتابيين، ويظهر أنّ الإجماع منعقد على ذلك أيضاً.
لكن المقولة التي يطرحها أستاذنا الشيخ القرضاوي: (نحن منهيّون ابتداءً أن نزوّج المرأة المسلمة لكافر، كما قال تعالى: ".. وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا .." وهذا ممّا لا يجوز التهاون فيه، فلا تزوج المسلمة ابتداءً لغير مسلم. ولكن نحن هنا لم نزوّجها بل وجدناها متزوّجة قبل أن تدخل في ديننا ويحكم عليها شرعنا، وهنا يختلف الأمر في البقاء عنه في الابتداء، إذ من المقرّر المعلوم: أنّه يغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء، وهذه قاعدة فقهية مقرّرة، ولها تطبيقات فروعية كثيرة).
ويمكن مناقشة المعنى من خلال الشرح التالي:
أولاً: حول معنى النكاح:
منعت الآية الكريمة نكاح المسلمة من غير المسلم. والنكاح لغة يعني العقد ويعني الوطء، كما جاء في لسان العرب. وقد وردت لفظة النكاح في المصطلح الشرعي بالمعنيين أيضاً، قال تعالى: "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ.." (الأحزاب: 49). فأراد بالنكاح هنا العقد بدليل "مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يجوز للرجل أن يتمتّع به من زوجته الحائض: "افعلوا كلّ شيء إلاّ النكاح" (رواه(51/111)
مسلم)، فأراد بالنكاح هنا الوطء. وهذان المعنيان متلازمان. إذ لا يجوز الوطء إلاّ بعقد شرعي، ومجرّد العقد يبيح الوطء ضمن الضوابط الشرعية.
فالآية الكريمة عندما تمنع نكاح المسلمة من غير المسلم، تمنع العقد والوطء معاً. فإذا أسلمت المرأة وكانت مرتبطة بعقد زواج سابق صحيح، لم يعد الأمر في الآية متعلّقاً بمنع إجراء العقد، لأنهّ قائم والبحث يدور حول شرعية استمراره أو وجوب إبطاله. فإذا كان استمراره مشروعاً بقي الوطء مباحاً. وإذا كان استمراره غير مشروع صار الوطء حراماً، حتّى ولو ظلّ العقد قائماً ولم يكن بالإمكان فسخه.
ثانياً: حول أثر التحريم:
التحريم يعني منع القيام بعمل في المستقبل. أمّا ما وقع المسلم فيه من حرام قبل ورود التحريم، أو قبل إسلام المسلم فهو معفوّ عنه.
لكن إذا كان الحرام السابق من الأعمال أو العقود المستمرّة، فهل يجوز استمراره بحجّة أنّه نتيجة لعمل أو عقد سابق، أو يجب منع استمراره؟
*
الظاهر القاطع أنّ التحريم والمنع يتناول المستقبل بلا جدال. ومقتضى ذلك أيضاً أنّه يشمل ما يقع في المستقبل ولو كان استمراراً لعمل أو عقد سابق، لأنّ إباحة الاستمرار تعني هنا مناقضة النصّ. ولأنّ التحريم هنا حُدّد إلى غاية وهي الإيمان "..وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا.." فلا يجوز النكاح بين المسلمة وغير المسلم حتّى يدخل في الإسلام. فحين يستمرّ النكاح السابق دون إسلام المشرك نكون قد وقعنا في مخالفة صريحة للنصّ القاطع (إلاّ أن يكون هناك دليل على تخصيص هذا النصّ أو تقييده).
*
يقول الأصوليون: إنّ النهي يقتضي الانتهاء على الفور والتكرار والدوام. والانتهاء على الفور يقتضي التوقّف عن العمل أو العقد السابق المحرّم.
*
عندما حرّم الله الربا، وكان بعض المسلمين قد وقعوا في عقود ربوية سابقة واستحقّوا الفوائد الربوية، مُنعوا من استيفائها لأنّها أصبحت حراماً، ولو كانت مبنية على عقود سابقة للتحريم، لكن ما قبضوه قبل التحريم لم يؤمروا بإرجاعه، بل شُرع لهم استيفاؤه لقوله تعالى: ".. فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ .. (سورة البقرة: 275)، أمّا بعد التحريم فلا يجوز قبض الربا المحرّم. قال تعالى: "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا(51/112)
إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ" (سورة البقرة: 278 – 279). وقال عليه الصلاة والسلام: "ربا الجاهلية موضوع. وأول ربا أضع ربانا: ربا عباس بن عبد المطلب فإنّه موضوع كلّه". وقال النووي في شرحه: (المراد بالوضع الرد والإبطال) أي أنّ العقد الربوي المعقود قبل التحريم يجب إبطاله بعد التحريم. واتفقت المذاهب الثلاثة وجمهور الفقهاء أنّه يجب فسخ عقد الربا فوراً. بينما يرى الأحناف أنّه يجب إلغاء الربا منه فيصبح عقد بيع جائزاً. فعندما نزل تحريم الربا، لم تُمنع العقود الجديدة فقط، وإنّما أيضاً أُبطلت العقود القديمة، وأُمِر الدائنون باسترجاع رؤوس أموالهم فقط.
*
إنّ علّة التحريم لنكاح المسلمة بغير المسلم هي اختلاف الدين بدليل قوله تعالى: "أولئك يدعون إلى النّار .."، وهذه العلّة المشار إليها في آخر الآية، موجودة في عقود الزواج السابقة إذا أسلمت المرأة وبقي زوجها على دينه. والحكم كما هو معروف، يدور مع علّته وجوداً وعدماً، فيقتضي لذلك إبطال العقود السابقة لهذا السبب، كما يجب منع العقود الجديدة.
*
من المعلوم أنّ الشريعة صحّحت من حيث الأصل عقود الزواج المعقودة بين الكفّار، ولكن إذا أسلم الزوجان يصبح العقد خاضعاً للأحكام الشرعية، وإذا أسلم أحدهما فقط يصبح العقد خاضعاً للأحكام الشرعية بالنسبة له، وعليه أن يسعى لتصحيح العقد أو إبطاله بحسب هذه الأحكام.
وقد اتفق العلماء على تصحيح العقد السابق إذا كان فساده مبنياً على انتفاء أحد شروطه كالولي أو الشاهدين، وأجمعوا على إبطال عقود الزواج السابقة إذا كان سبب فساده راجعاً لحرمة المحل، كما لو كانت الزوجة من أقرباء الزوج بالنسب أو بالمصاهرة قرابة تجعلها محرّمة عليه، أو كان للزوج أكثر من أربع زوجات فيجب عليه أن يستبقي أربعة منهنّ ويفارق الباقي، أو كان يجمع بين زوجتين لا يحلّ له الجمع بينهما فيخيّر في استبقاء إحداهنّ .. وقد وردت في أكثر هذه المسائل نصوص نبوية صحيحة. ولا أظنّ أنّ شيخنا القرضاوي يعارض في أيّ من هذه المسائل.
وكان من الطبيعي أن يلحق علماؤنا مسألة المرأة إذا أسلمت وبقي زوجها على دينه، بالعقود التي ينبغي إبطالها لحرمة المحلّ أسوة بسائر العقود المطلوب إبطالها لنفس السبب. وقد أجمع على ذلك الجمهور الأكبر منهم، وخالف العدد(51/113)
القليل. ومال الشيخ القرضاوي إلى هذا الرأي المخالف لأسباب سنناقشها فيما بعد، لكن ما أردت هنا أن أقوله هو:
إنّ آية البقرة تحرّم نكاح المسلمة من غير المسلم.
وهذا التحريم كما هو للمستقبل يقتضي أن يتناول العقود الماضية.
وأنّ السنّة الصحيحة لم تصحّح من عقود الزواج بين الكفّار إذا أسلموا ما كان سبب فساده راجعاً لحرمة المحل، واختلاف الدين يدخل في هذه الأسباب.
ثالثاً: التحريم يشمل إنشاء العقود الجديدة ومنع استمرار العقود القديمة:
وذلك للأسباب التالية:
1 - إنّ عموم الآية يقتضي شمول حكمها للعقود السابقة، لأنّ المطلق يجري على إطلاقه ما لم يأت تخصيص لذلك، ولم يأت مثل هذا التخصيص إطلاقاً، وسنرى فيما بعد أنّ آية الممتحنة تأكيد للحكم في إحدى حالاته، وليست تخصيصاً. وسنرى أيضاً أنّ كلّ ما ورد في السنّة الصحيحة هو تأكيد لهذا الحكم وليس تخصيصاً.
2 - أمّا القاعدة الفقهية المعروفة (البقاء أسهل من الابتداء) و(يُغْتَفَر في البقاء ما لا يُغْتَفَر في الابتداء). فقد ذكرها الفقهاء في أنواع التصرّفات المالية، وقد راجعت ما ورد من شروح لهاتين المادّتين في (شرح أحكام المجلّة لعلي حيدر، وشرح سليم باز)، وشرح القواعد الفقهية للشيخ أحمد الزرقا، فوجدتها جميعاً تضرب الأمثلة لهذه القاعدة حول (هبة الحصّة الشائعة وأنّها لا تصحّ ابتداءً، ولا تبطل إذا كانت صحيحة ثمّ طرأ عليها الشيوع، وحول عدم جواز توكيل الوكيل لشخص آخر بالبيع إذا لم يكن مفوضاً بذلك، وإذا فعل لا يصحّ بيعه. لكن لو أنّ فضولياً باع فأجاز الوكيل ذلك صحّت الإجازة ونفذ البيع). إلى غير ذلك من الأمثلة التي تتناول البيع والثمن والخيارات.
وقد ضرب الشيخ أحمد الزرقا بعض الأمثلة على هذه القاعدة في مجال الأنكحة مثل:
*
لو اعترفت المرأة بالعدّة تُمنع من التزوّج. لكن لو تزوّجت ثمّ ادعت العدّة لا يُلتفت إليها.
*
لو عقدت المرأة النكاح على أنّه لا مهر لها لم يصحّ تنازلها عن المهر ووجب لها مهر المثل. لكن لو تنازلت عن المهر بعد العقد صحّ وبرئ الزوج من المهر.(51/114)
3 - وقد أعمل الفقهاء هذه القاعدة في عقود الكفّار إذا أسلم أحد الزوجين فيما إذا كان سبب إبطال الزواج يعود إلى أمور لا تتعلّق بصلب العقد، وذلك لعدم وجود النصّ الذي يمنع إعمال هذه القاعدة، كما لو تمّ عقد الزواج في زمن الكفر بلا ولي أو بلا شاهدين أو في فترة العدّة.. فأجازوا استمرار هذه العقود إذا أسلم الزوج وظلّت الزوجة على دينها الكتابي، أو أسلمت الزوجة بعد إسلام الزوج.
أمّا إذا كان سبب البطلان يعود إلى صلب العقد، كأن تكون المرأة غير صالحة لتكون محلاً للزواج من هذا الرجل، كما لو كانت محرّمة عليه بسبب القرابة أو الرضاعة أو الزيادة عن أربع زوجات أو الجمع بين زوجتين لا يجوز الجمع بينهما، فقد اتفق جمهور الفقهاء على إبطال مثل هذه الزيجات إذا أسلم أحد الزوجين.
وبالنسبة لموضوعنا، فإنّ منع نكاح المسلمة من مشرك يتعلّق بصلب العقد، وبأهلية المرأة لأن تكون محلاً للزواج من رجل غير مسلم. فإذا أعملنا هنا قاعدة "البقاء أسهل من الابتداء" فقد وقعنا في مخالفة النصّ الصريح الذي يمنع نكاح المسلمة من غير المسلم وهو آية البقرة. لكن حتّى لو سلّمنا أنّه لم يرد نصّ في هذه الحالة بعينها، أو أنّ النصوص الواردة قابلة للتأويل، فإنّ قياس هذه الحالة على حالات منع استمرار العقود الزوجية لحرمة المحلّ، أولى من قياسها على حالة إباحة استمرار هذه العقود إذا كانت أسباب فسادها لا تتعلّق بصلب العقد.
النصّ الثاني: آية الممتحنة:
قال تعالى: "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ، فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ، لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ، وَآتُوهُمْ مَا أَنفَقُوا، وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ، وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر،ِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا، ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (الممتحنة: 10).
أولاً: حول سبب النزول:
اتفقت الروايات أنّ هذه الآية الكريمة نزلت بعد صلح الحديبية بين النبيّ * ومشركي قريش. وقد جرى في هذا الصلح الاتفاق على أنّ من لحق بالكفّار من المسلمين لم يردّوه، ومن لحق من الكفّار بالمسلمين رُدّ إليهم. وهو نصّ عام يشمل الرجال والنساء. فكلّ من لحق بالمسلمين من الرجال ردّه رسول الله * إلى قريش التزاماً بالعهد كأبي جندل وأبي بصير. لكن عندما لحقت بعض(51/115)
النساء بالمسلمين نزلت هذه الآية فأبى رسول الله * أن يردّهنّ إلى المشركين، وكان منهنّ أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وهي غير متزوّجة، وسبيعة بنت الحارث الأسلمية وكانت متزوّجة، وبذلك اعتبر صلح الحديبية خاصّاً بالرجال دون النساء.
ثانياً: ما تضمّنته الآية من أحكام:
1 - أنّ المرأة المسلمة إذا جاءت مهاجرة فيجب امتحان إيمانها، فإذا علمناها مؤمنة فلا يجوز إرجاعها إلى الكفّار. "فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ".
2 - علّة هذا الحكم "لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ" أي عدم جواز التناكح بإطلاق.
3 - وبما أنّ سبب التفريق هذا يعود للمرأة، فيجب على المسلمين أن يعيدوا إلى زوجها ما أنفق عليها من مهر.
4 - وإعادة المهر تعني فسخ عقد الزواج، وهكذا أباحت الآية لهذه المرأة أن تتزوّج من أيّ مسلم تريد على أن يدفع لها مهرها.
5 - وفي المقابل لا يحوز للمسلمين أن يتمسّكوا بزوجاتهم الكافرات – غير الكتابيات – ولذلك لمّا نزلت هذه الآية طلّق عمر زوجتين له بمكّة.
6 - وإقراراً للعدالة يجب تبادل المهور بين المسلمين والكفّار. فالمرأة الكافرة التي طلّقها زوجها المسلم، عليها أن تعيد إليه المهر. والمرأة المسلمة التي هاجرت إلى دار الإسلام فانفسخ زواجها (بالإسلام أو بمرور العدّة أو بزواجها من آخر) عليها أن تعيد مهرها لزوجها الكافر.
ثالثاً: موقع آية الممتحنة من آية البقرة:
آية البقرة تمنع النكاح إطلاقاً بين المسلمين والمشركات، وبين المشركين والمسلمات، وقد جاء الإذن بعد ذلك (بآية المائدة) بزواج المسلمين من الكتابيات، وبقي المنع يشمل الباقي من النساء الكافرات أو المشركات. أمّا زواج المسلمة من غير المسلم فقد بقي ممنوعاً عملاً بعموم آية البقرة. وانعقد على ذلك الإجماع كما هو معروف، ولم تخرج الدراسات المقدّمة إلى هذا المجلس عن هذا الرأي.
وجاءت آية الممتحنة تتناول عقود الزواج السابقة على الإسلام، ويهمّنا في هذا البحث المرأة إذا أسلمت وبقي زوجها على دينه، وتركت بلادها – دار الكفر – والتحقت بدار الإسلام والهجرة. لقد نصّت الآية بوضوح "فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ". وبيّنت علّة ذلك وهي عدم الحلّية بين المؤمنات والكافرين.
إذاً: آية البقرة منعت ابتداء النكاح بين المسلمة والكافر.(51/116)
وآية الممتحنة أكّدت هذا المنع بالنسبة للعقود السابقة، وللعقود الجديدة "لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ"، ولو بموجب عقود سابقة: "وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ" بموجب عقود جديدة.
وإذا كانت آية الممتحنة نزلت بمناسبة هجرة بعض المسلمات إلى المدينة، وجاء النهي عن إرجاعهنّ إلى الكفّار، فإنّ تعليل هذا النهي لم يأت مبنياً على ظرف معيّن يقع فيه الإيذاء أو التعذيب أو الضغط على المرأة المسلمة من زوجها الكافر، وإنّما جاء النهي معلّلاً (بعدم الحلّية) وهذا أمر لا علاقة له باختلاف الدار ولا بالتعرّض للأذى المحتمل.
فآية البقرة تمنع إنشاء عقود جديدة. وآية الممتحنة تمنع استمرار العقود القديمة بإطلاق، ولو نزلت بخصوص المهاجرات.
رابعاً: دلالات آية الممتحنة:
أتناول في هذه المسألة أربعة أمور:
الأول: أنّ لفظ "فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ" لا يصحّ حمله على إطلاقه بل لا بدّ من تقييده بالكافر المحارب. والحجّة في ذلك:
اعتبار الوحدة الموضوعية في السورة ومراعاة الترابط في السياق، فالآيتان السابقتان لهذه الآية ميّزت بين الكفّار المحاربين فمنعت تولّيهم، وبين الكفّار غير المحاربين فأمرت ببرّهم والإقساط إليهم، ولذلك كان يقتضي في هذه الآية أيضاً إخراج الزوج الكافر أو الزوجة الكافرة غير المحاربين من أن يكونا مُرادَيْن بهذه الآية. قال تعالى: {لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ. يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ .." إلخ.
وأجيب على هذا الأمر فأقول:
تنصّ المادّة (64) من القواعد الفقهية المقرّرة في مقدّمة مجلّة الأحكام العدلية على أنّ: "المطلق يجري على إطلاقه، إذا لم يقم دليل التقييد نصاً أو دلالة". واتفق على ذلك جمهور الأصوليين. ولفظ الكفّار لم يرد تقييده بالنصّ. ولا يصحّ الاستدلال على تقييده بالنصّ السابق له. فالآيتان السابقتان تتناولان العلاقات الاجتماعية العامّة بين الناس فتميّز بين الكافر المحارب فتنهى عن تولّيه، وبين الكافر غير المحارب فتسمح ببرّه والإقساط إليه. أمّا الآية الثالثة فتتناول العلاقات الزوجية، والفرق كبير في الأحكام الشرعية بين العلاقات(51/117)
الاجتماعية الإنسانية التي تُبنى في الأصل على التعارف والتعايش والتسامح والقسط كما تؤكّد ذلك كثير من الآيات، وبين العلاقات الزوجية التي تُبنى في الأصل على منع التزاوج مع الاختلاف في الدين إلاّ زواج المسلم من الكتابية، فقد أُبيح استثناءً من الأصل المقرّر لأنّ تأثيره في مناقضة مقاصد الزواج أقلّ، وربّما أدّى إلى دخول الكتابيات في الإسلام عن طريق هذا الزواج. ومن الأمور اليقينية التي لا يجوز الاختلاف فيها: أنّ مقاصد الشريعة من إباحة الاجتماع الإنساني في صوره المختلفة، ومن تشريع العلاقات الإنسانية رغم اختلاف الدين، ومن إباحة اللقاء والتزاور، والأمر بالحوار، وإباحة التعاون والمتاجرة وغير ذلك. كلّ ذلك يختلف تماماً عن مقاصد الشريعة في الزواج، وهي كما نعلم التناسل والتكاثر وإقامة الأحكام الشرعية في البيت، وتربية الأولاد على ذلك، وهذه لا تتحقّق بشكل معقول إلاّ أن يختار الزوج شريك حياته على أساس الالتزام الحقيقي بالإسلام، وليس مجرّد الانتماء الاسمي، وهذا ما أكّد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أمر الرجل بالزواج بذات الدين وأمر المرأة وأهلها أن يقبلوا صاحب الدين.
الثاني: إنّ الحكم الأصلي المنصوص عليه في آية البقرة منع زواج المسلمة من غير المسلم بإطلاق. وآية الممتحنة ألحقت الكافر المحارب صاحب العقد السابق بهذا الحكم ومنعت استمرار عقد زواجه، وعلّلت ذلك بكفره لا بحربيّته، فهي لم تنشئ حكماً جديداً وإنّما طبّقت الحكم الأصلي. ولذلك كان من الطبيعي أن يبقى الكافر غير المحارب ملحقاً بحكم الآية الأولى بالتزام النصّ وليس بالقياس، ومن الخطأ الفادح إلحاقه بآية الممتحنة، لأنّ هذا الإلحاق لا يتمّ إلاّ بعد تحقّق أمرين:
الأول: تقييد لفظ الكفّار الوارد في الآية: "فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ" بالمحاربين، وهذا موضع خلاف.
والثاني: استعمال مفهوم المخالفة مع وجود النصّ وهو أن تقول: إنّ الله تعالى منع إرجاع المسلمة المهاجرة إلى الكفّار المحاربين، فإذا لم يكونوا محاربين يصبح من الجائز إرجاعهم. ومن المعروف أنّ كثيراً من الفقهاء لا يأخذون أصلاً بمفهوم المخالفة، وأنّ الذين يعتدّون بذلك يشترطون أن لا يكون في الأمر نصّ آخر يتناول الحالة المخالفة. وفي هذا الموضوع فإنّ النصّ الآخر المعارض لما يُفهم من الآية حسب مفهوم المخالفة موجود، وهو آية البقرة. ممّا يجعل الأخذ بمفهوم المخالفة مرفوضاً عند جميع الأصوليين.(51/118)
نحن إذاً لم نقس الأدنى – وهو الكافر غير المحارب – على الأعلى وهو الكافر المحارب. إنّما ألحقنا الاثنين بحكم التحريم الأصلي الوارد في آية البقرة. واعتبرنا آية الممتحنة تأكيداً وتنفيذاً لهذا الحكم في إحدى حالاته. وهي لا تمنع وجوب تنفيذه في سائر الحالات لا نصّاً ولا دلالة.
الثالث: ما هو سبب المنع عن إرجاع المهاجرات إلى الكفّار في قوله تعالى: "فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّار"؟ هل هو إبطال النكاح بينهنّ وبين أزواجهنّ؟ أو هو إبطال هجرتها، وتمكين العدوّ المحارب منها، وتعريضها للفتنة في دينها ممّا يجعل استمرار العلاقة الزوجية متعذّراً؟
أقول: إنّ سبب منع إرجاع المهاجرات إلى الكفّار ذكره الله تعالى بالنصّ الواضح وفي أعقاب المنع مباشرة حيث يقول: ".. فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ، لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ..". يقول الإمام الشوكاني في فتح القدير: "إنّ عبارة "لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ" تعليل للنهي عن إرجاعهنّ، وفيه دليل على أنّ المؤمنة لا تحلّ لكافر، وأنّ إسلام المرأة يوجب فرقتها من زوجها لا مجرّد هجرتها، والتكرير لتأكيد الحرمة، أو الأول لبيان زوال النكاح، والثاني لامتناع النكاح الجديد".
إنّ اعتبار عدم الحلّية بين المسلمة وغير المسلم هي علّة المنع من إرجاعهنّ إلى الكفّار إذا خرجن مهاجرات إلى بلاد المسلمين، أو هي سبب هذا المنع، لا يصحّ أن يكون موضع خلاف، لأنّ من له إلمام بالعربية يفهم هذا الأمر من النصّ. أمّا الخلاف الذي وقع بين العلماء فهو يدور حول:
1 - هل عدم الحلّية يؤدّي إلى اعتبار النكاح باطلاً فور إعلان الزوجة إسلامها؟
2 - أو يؤدّي إلى اعتبار النكاح باطلاً من حين هجرتها؟
3 - أو يؤدّي لاعتباره باطلاً فور انتهاء عدّتها دون أن يسلم زوجها؟
4 - أو يؤدّي لطلب إبطاله من السلطان؟
5 - أو يؤدّي لاعتباره عقداً موقوفاً حتّى يدخل الزوج في الإسلام أو تتزوّج المرأة غيره (بعد انتهاء عدّتها)؟
وسنعرض فيما بعد رأينا في هذا الموضوع. لكنّنا هنا نؤكّد، أنّ عدم اعتبار النكاح باطلاً لا بالإسلام ولا بالهجرة لا ينفي القول بوجوب العمل على إبطاله، وهو الرأي الذي نختاره، ولا جواز العمل على إبطاله، وهو مقتضى رأي من يقول ببقاء الزوجيّة حتّى يحكم بإبطالها ذو سلطان.(51/119)
أمّا القول بأنّ سبب المنع عن إرجاع المهاجرات إلى الكفّار ما في ذلك من إبطال لهجرتها وقد أتت هاربة بدينها، وتمكين للعدوّ المحارب منها، إذ ستنال منه ما لا تطيق، ممّا قد يصير بها إلى الفتنة في دينها، فكان من المتعذّر أن تستمرّ بينه وبينها علاقة زوجيّة مع هذا الاعتبار.
فأقول: هذا الكلام وإن كان واقعاً لكنّه لا يمكن أن يكون سبب المنع في إرجاع المهاجرات إلى الكفّار. لأنّه إذا أخذنا بهذا التفسير أصبح قوله تعالى: "لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ" زيادة لا فائدة منها ولا معنى لها (تعالى الله عن ذلك). إذ لو اكتفى النصّ القرآني الكريم بالقول: "فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ" لفهم الناس من هذا أنّ الإرجاع لا يجوز لأنّه يبطل هجرة المهاجرة، ويمكّن العدوّ المحارب منها، وستنال منه ما لا تطيق، وقد يفتنها عن دينها، وأنهّ من المتعذّر أن تستمرّ بينهما علاقة زوجيّة، فلماذا عقّب الله بعبارة: "لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ" إن لم يكن يقصد معنى إضافياً آخر؟ وهل يجوز أن يكون معنى هذه العبارة هو نفس المعنى الواضح من سياق العبارة السابقة؟
كما أنّ هذا التفسير يناقض صراحة النصّ القرآني، إذ أنّه يعتبر أنّ العلاقة الزوجيّة أصبحت متعذّرة بين الزوجين، بسبب تعرّض الزوجة للإيذاء من زوجها وفتنتها عن دينها، ولذلك فهو يمنع إرجاعها. بينما النصّ القرآني يحدّد السبب بأنّه: "لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ".
هل نأخذ بالسبب المستنتج من أول العبارة، والذي تنقضه العبارة الثانية؟ أم نأخذ بالسبب المنصوص عليه بوضوح قاطع في العبارة الثانية؟ بل هل يجوز أصلاً أن نستنتج سبب الحكم الشرعي إذا كان النصّ يحدّد بوضوح هذا السبب؟ ومن المعروف عند الأصوليين أنّ علّة الحكم الشرعي إذا كانت ثابتة بالنصّ فإنّه لا يصحّ استنباطها بالقرائن.
أمّا الجواب على هذه التساؤلات فهذه خلاصته:
1 - العلاقة الزوجية التي كانت قبل نزول آية المهاجرات، وكان اختلاف الدين موجوداً.
الجواب: كان اختلاف الدين موجوداً، ولكن لم يكن قد نزل حكم منع زواج المسلمة من غير المسلم، ثمّ نزل هذا الحكم بعد ذلك، كما هو شأن كثير من الأحكام الشرعية. فهل هناك مشكلة إذا قلنا: إنّ هذا الأمر لم يكن ممنوعاً ثمّ منع؟ ألا يمكن اعتبار هذا الأمر من نوع التدرّج في التشريع الذي كان سمة هذا الدين.(51/120)
2 - كيف تُوصف علاقة النساء المسلمات المستضعفات اللواتي تعذّر عليهنّ الهجرة من مكّة، وبقين مع أزواجهنّ الكفّار؟
الجواب: أنّهنّ معذورات لأنّهنّ مستضعفات كما وصفهنّ الله في سورة النساء. وقد عذرهنّ بنصّ الآية الكريمة: "..إِلاًَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً. فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ، وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا". ومن المعروف عند الفقهاء أنّ (الضرورات تبيح المحظورات).
وهل يُعقل أن نقول: طالما أنّ العلاقة الزوجية بالنسبة للنساء المستضعفات مع أزواجهنّ الكفّار كانت مباحة لأنّهنّ مضطرّات، فلنجعل الإباحة حكماً دائماً حتّى في غير ضرورة؟ هل يمكن أن يصبح الحكم الاستثنائي قاعدة أصلية يُقاس عليها؟
الرابع: سبب النزول:
قد يقول بعض العلماء: إنّ الآية تحدّثت عن وضع خاص: مسلمة هربت بدينها ممّن يسعون إلى فتنتها فيه وهم الكفّار المحاربون، إلى من اعتقدت أنّهم ينصرونها فيها وهم مسلمون ... هذا الوضع اقتضى شرائع مناسبة، فأوجب إيواء المؤمنة الهاربة بدينها، ومنع من تمكين العدوّ منها بإرجاعها إليه.
فحاصل النظر في سبب نزول الآية وما احتفّ بها من حيثيّات: عدم قطعيّة سبب المنع من إرجاع المهاجرات إلى الكفّار. وإذا كان الاحتمال على دلالة هذه الآية وارداً، فإنّ ذلك يدلّ على أنّ للاجتهاد فيها مجالاً.
وأقول: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما يقول الأصوليون. أي أنّ العام يبقى على عمومه وإن كان وروده بسبب خاص. فالعبرة بالنصوص وما اشتملت عليه من أحكام، وليست العبرة بالأسباب التي دعت إلى مجيء هذه النصوص. يقول الإمام الشافعي: (السبب لا يصنع شيئاً، إنّما تصنع الألفاظ). وأكثر عمومات القرآن والسُنّة جاءت بسبب وقائع تحدث أو جواباً على سؤال.
على أنّنا أمام آية الممتحنة نجد النصّ القرآني يعطي علاجاً للواقعة الحادثة وهي (مسلمة هاجرت بدينها من مكّة إلى المدينة، فيطلب امتحانها، ويمنع إرجاعها للكفّار، ويأمر بردّ مهرها إليهم. وكافرة بقيت في مكّة ولم تلحق بزوجها المسلم، أو ارتدّت عن الإسلام ولحقت بمكّة، فينهى عن إمساك عصمتها). ولكنّه عندما أراد بيان العلّة في هذا الحكم، لم يلجأ إلى التعليل بالظروف القائمة، وإنّما رجع إلى التعليل بالحكم الشرعي الأساسي، وهو عدم جواز التناكح أصلاً بين المسلمات وغير المسلمين الثابت بآية البقرة. ومن(51/121)
البديهي القول: إنّ هذا الحكم الأساسي لم يتنزّل بسبب الواقعة الحادثة، إنّما أمر الله تعالى بتطبيقه فيها. لذلك فإنّه حتّى لو لم نأخذ بقاعدة (العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب) فإنّ اللفظ هنا "لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ" يتضمّن حكماً عامّاً ثبت بآية البقرة وليس ناشئاً عن سبب النزول.
ثانياً: ما هي حقيقة الإجماع في هذه المسألة؟
1 - إذا صحّت نسبة القول (إذا أسلمت النصرانية، كان زوجها أحقّ ببضعها لأنّ له عهداً) إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من حيث السند، فإنّه غير مقبول من حيث المتن:
- لأنّ عهد الذمّة لا يصلح تعليلاً لمخالفة حكم شرعي، وهو لا يُعقد أصلاً إلاّ على شرط خضوعهم لأحكامنا الشرعية في غير العبادات.
- ولأنّ آية الممتحنة نزلت بمناسبة صلح الحديبية لتبيّن عدم جواز تنفيذ العهد في هذه المسألة.
- ولأنّ الشيعة بكلّ مذاهبهم – فضلاً عن السُنّة – لم يأخذوا بهذا القول، ووافقوا المذاهب السنّية على تحريم بقاء المسلمة عند غير مسلم، وهم الذين يقيمون الكثير من آرائهم على مخالفة أهل السُنّة.
2 - الروايات المنسوبة لأمير المؤمنين عمر بن الخطّاب متناقضة، فبعضها يخيّر المرأة المسلمة بين مفارقة زوجها أو القرار عنده. والبعض الآخر يحكم بالتفريق إذا أبى الزوج أن يسلم. والروايتان لا يمكن التوفيق بينهما. وإذا كان الترجيح من حيث السند قد انتهى إلى صحّة رواية التخيير وضعف رواية التفريق، فإنّنا نرى من حيث المتن ترجيح رواية التفريق، لانسجامها مع النصوص، ولقبولها من جمهور العلماء والمذاهب، ولأنّ رواية التخيير نفسها تختلف ألفاظها بين (قرّت عنده) و (أقامت عليه). وقد فسّر العلماء ومنهم ابن القيّم (أقامت عليه) بأنّها تبقى زوجته بالعقد ولا يحلّ لها أن تقربه.
3 - الرواية الصحيحة والأكثر شهرة عن ابن عبّاس التفريق.
4 - أمّا التابعون فقد أخذ جمهورهم برواية ابن عبّاس، ولم يأخذ برواية التخيير المنسوبة إلى عمر وعلي إلاّ النخعي والشعبي وحمّاد.
5 - حتّى إذا انقضى عصر التابعين، لم نعلم لدى جميع العلماء والمذاهب السُنّية والجعفرية والزيدية والظاهرية من قال بجواز حِلّ المعاشرة الزوجيّة بينها وبين زوجها غير المسلم. لذلك يصحّ أن نقول: إنّ الإجماع انعقد بعد عصر التابعين على هذه المسألة، لم نعلم في ذلك خلافاً، وعلى من يدّعي غير ذلك أن يأتينا بقول واحد يؤيّد رأيه.(51/122)
ومن المعروف عند الأصوليين أنّ الإجماع لا يُشترط فيه أن يكون في جميع العصور، بل يكفي أن يكون في عصر واحد.
ثالثاً: وجوب فسخ عقد النكاح السابق إذا أسلمت الزوجة:
أولاً: كيفية فسخ العقد:
إنّ عقد النكاح السابق لإسلام الزوجة كان صحيحاً، ولكنّه بعد الإسلام يُصبح واجب الفسخ. ولا يجوز لها أن تقرّ عنده، ولو لم يكن محارباً لدينها، ولو كانت ترغب في إسلامه، لأنّ النصّ جاء مطلقاً "لا هنّ حِلٌّ لهم ولا هُم يَحِلّونَ لَهُنَّ". وإذا قرّت عنده – بعذر أو بدون عذر – فلا يجوز لها أن تمكّنه من نفسها لأنّها لا تحلّ له.
أمّا طريقة فسخ العقد فهي رفع الأمر إلى القضاء في جميع الحالات.
- ففي دار الإسلام يُعرض الإسلام على الزوج فإن أبى يفرّق القاضي بينه وبين زوجته.
- وفي دار الحرب تطلب الزوجة التفريق لأيّ سبب ينسجم مع قوانين بلادها، وعادة تحكم المحاكم بالتفريق ولو بعد زمن طويل.
- في الفترة الممتدّة بين إسلام الزوجة وبين صدور حكم التفريق عن زوجها، تُعتبر الزوجيّة قائمة، وقد نصّت المادة: 126 من الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية على مذهب أبي حنيفة أنّه (ما لم يفرّق القاضي بينهما فالزوجية باقية) وأيّد هذا الرأي الأبياني في شرحه لهذه الأحكام وهو الرأي المعمول به في المذهب الحنفي. إلاّ أنّ هذه المادّة تشير إلى بقاء الزوجيّة في دار الإسلام باعتبار أنّ القضاء لم يكن يتأخّر في إصدار حكم التفريق. إلاّ أنّه الآن من المرجّح أن يتأخّر الحكم إلى ما بعد انتهاء فترة العدّة بسبب طول الإجراءات القضائية الحديثة، فهل تبقى الزوجيّة قائمة بكلّ مفاعيلها بما فيها حقّ الوطء؟ لم أجد فيما قرأت جواباً على هذا السؤال. لكن في مذهب الأحناف (أنّ الزوجة إذا أسلمت في دار الحرب أو في دار الإسلام تبين عن زوجها إذا لم يسلم عند انتهاء فترة العدّة) . ولكن لا بدّ أن تكرّس البينونة بحكم القضاء، فمقتضى مذهب الأحناف أنّ القاضي المسلم لو تأخّر في التفريق إلى ما بعد انتهاء فترة العدّة، فإنّ الزوجيّة باقية كعقد، لكن بدون أن يكون له حقّ الوطء.
- أمّا خارج دار الإسلام فإنّ تفريق المرأة المسلمة عن زوجها غير المسلم يستغرق سنوات طويلة قد تصل أحياناً إلى عشر سنوات. فالقوانين المدنية الحاكمة في أكثر البلاد المسيحية تشترط أن يسبق التفريق الرسمي هجر بين الزوجين لمدّة خمس سنوات، ولا يمكن رفع طلب التفريق إلاّ بعد مرور هذه(51/123)
المدّة، وإذا رفض الزوج التفريق فقد يتأخّر حكم البداية ثمّ الاستئناف إلى سنوات، وإذا صدر حكم التفريق فإنّ كثيراً من قوانين تلك البلاد يحدّد فترة العدّة بسنة كاملة.
فهل يصحّ أن تبقى المرأة حين تسلم معلّقة مع زوجها غير المسلم، لا تستطيع الافتراق عنه سنوات طويلة؟ وبالتالي لا تستطيع نكاح زوج آخر – ولو كان ذلك مباحاً لها شرعاً بعد انتهاء العدّة – ولا تستطيع مقاربة زوجها غير المسلم؟ إنّ الله تعالى نهى الرجل المسلم أن يميل إلى إحدى زوجتيه ميلاً كلّياً ويذر الأخرى كالمعلّقة، أي ليست بذات زوج ولا مطلّقة كما يقول العلماء. والرسول e أباح زواج المتعة لعدم قدرة الرجال في الحروب على البعد عن زوجاتهم بضعة شهور. وعمر y حدّد للمجاهدين أربعة أشهر حتّى يعودوا لزوجاتهم، لأنّ المرأة لا تصبر في العادة أكثر من ذلك.
هذا بلا شكّ حرج حقيقي كبير ينبغي معالجته. لكن لا تكون معالجته بإباحة الحرام ابتداءً، ومخالفة النصوص الواضحة. وإنّما يمكن أن يُباح من قبيل الضرورة الشرعية. والضرورات تُبيح المحظورات. وإشباع الغريزة الجنسية قد يكون ضرورة تفوق ضرورة الأكل عند بعض الناس، وقد يستطيع البعض الآخر أن يصبر عليها.
فإذا قلنا إنّ الحكم الشرعي الأصلي تحريم الوطء بين المسلمة وغير المسلم.
فإنّنا يمكن أن نقول: إنّه إذا طال الوقت ولم يصدر حكم التفريق، ولم تستطع المرأة الصبر على الانتظار، وتعرّضت بذلك للوقوع في الحرام، فإنّ معاشرتها الزوجيّة لزوجها غير المسلم تصبح من قبيل الضرورة. هذه قد تكون فتوى فردية لظروف يقدّرها المفتي، ولا يمكن أن تكون حكماً عامّاً.
وهنا فإنّنا نرى أنّ معاشرة المرأة المسلمة لزوجها غير المسلم في مثل هذه الظروف ليست من الزنا لوجود شبهة العقد السابق، وبقائه نافذاً، أو تحوّله إلى عقد جائز موقوف، يؤيّد ذلك قول الإمام الشافعي: (ولو أسلم الرجل ولم تسلم امرأته في العدّة، فأصابها. كانت الإصابة محرّمة عليه لاختلاف الدينين ... لأنّنا علمنا أنّه أصابها وهي امرأته، وإن كان جماعها محرّماً ... وهكذا لو كانت هي المسلمة وهو الثابت على الكفر ... ) .
ثانياً: أسباب فسخ العقد:
ونحن نرى بناءً على ما سبق أنّ سعي المرأة المسلمة لفسخ عقد زواجها القائم مع غير مسلم، واجب عليها، وليس مجرّد خيار لها وذلك للأسباب التالية:(51/124)
1 - الالتزام بالنصّ الشرعي الواضح القاطع "لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ". إذا لا معنى لعدم الحلّية هنا، إلاّ عدم حلّية التناكح. فالعقد قائم، ومقتضاه أنّ النكاح مباح. لذلك لا بدّ من فسخ هذا العقد حتّى يتمّ تنفيذ حكم الله بعدم التناكح.
2 - إنّ المسلمة مطالبة بتنفيذ حكم الله – وهو هنا عدم الحلّية لغير المسلم – وهي مطالبة أيضاً بالوفاء بالعقود، وبموجب عقد الزواج عليها تلبية طلب زوجها للمعاشرة الجنسية. ولا يمكن التوفيق بين الأمرين إلاّ بمخالفة أحدهما، أو بإلغائه. وبما أنّ حكم الله لا يقبل التغيير أو الإلغاء، فلم يعد هناك خيار أمام المسلمة إلاّ فسخ العقد لتتحرّر من واجب الوفاء به.
3 - تطبيقاً لمبدأ عدم الحلّية، أمر الله تعالى الرجال المسلمين بطلاق زوجاتهم المشركات من غير الكتابيّات، فقال: "وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر" وكان لعُمَر امرأتين مشركتين فطلّقهما امتثالاً لأمر الله، ولم يكن طلاقهما سبباً لنزول الآية بل كان تنفيذاً لها. وأجمع العلماء فيما نعلم على إطلاق هذا الحكم.
ونقول: إنّه حتّى لو لم يوجد مثل هذا النصّ في حقّ النساء المسلمات وهو قوله تعالى: "لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ" فإنّ قياس النساء على الرجال يكون هنا من باب أولى، ولذلك قلنا إنّه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتمسّك بزوج كافر، وعليها أن تبادر إلى طلب فسخ زواجها منه وتفريقها عنه.
4 - إنّ رأي الإمام ابن القيّم وشيخه ابن تيميه، وهو أنّ الزواج موقوف حتّى تنكح زوجاً غيره، على وجاهته غير ممكن التطبيق في العصر الحاضر. إذ لا يُسمح للمرأة الزواج من رجل آخر إلاّ بعد فسخ عقد زواجها السابق. وليس مقبولاً في قوانين جميع الدول، ومنها قوانين الدول الإسلامية المستمدّة من الأحكام الشرعية، أن يُباح للمرأة عقد زواج ثانٍ وهي لا تزال على عصمة زوجها الأول بحجّة أنّ الزواج الأول ينحلّ حين يُعقد الزواج الثاني. فإذا كان من حقّها بعد انتهاء العدّة أن تنكح زوجاً آخر، فإنّ هذا الحقّ لا تستطيع ممارسته قانونياً إلاّ بعد فسخ عقدها السابق. فيكون هذا الفسخ واجباً على أقلّ تقدير لتمكينها من ممارسة حقّها الشرعي بالزواج من آخر.
ونحن نقول بالوجوب وليس فقط الجواز، مراعاة لمصلحة المرأة المسلمة نفسها إذ أنّها لو انتظرت إسلام زوجها سنوات، ثمّ قطعت الأمل من ذلك وأرادت الزواج بغيره، وأرادت أن تبدأ إجراءات فسخ العقد بعد ذلك، فإنّ هذا التأخّر يزيد فترة بقائها غير ذات زوج سنوات أخرى. هذا الضرر عليها قد لا(51/125)
تنتبه له عند إسلامها، لأنّها تكون قادرة على انتظار زوجها حتّى يُسلم، ثمّ تنتبه له بعد انتظار سنوات، فتندم على تأخّرها بإجراءات فسخ العقد.
ــــــــــــــــــــــــــــ
المسألة خارج نطاق الاجتهاد المعاصر
...
د. عبد العظيم المطعني
الأستاذ الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي، عالم لا يُشق له غبار، وثقة لا يرقى إليه شك، ومجاهد كبير يُضرب بجهاده المثل، وصوته في مجال الدعوة محليًا وعالميًا عالٍ لا يخفت. ونتاجه العلمي المستنير افترش مساحات واسعة المدى على مسرح الدعوة وبخاصة في مستجدات الحياة، وما عهدنا لعالم معاصر ما عهدناه له من غزارة العلم، وكثرة المؤلفات. ونحن -منذ كنا طلابًا للعلم في ساحة الأزهر، وحتى الآن- نحبه، ونقدره، ونُكنُّ له كل احترام، وهو أهل لهذا كله. سدد الله خطانا وخطاه في خدمة الدعوة، والذود عن حياض الإسلام، في زمن كثر فيه خصوم الإسلام، وقل ناصروه.
وقد قرأت مؤخرًا بحثًا علميًا فقهيًا ألقاه في أحد المؤتمرات الإسلامية، وقد كتب سعادته هذا البحث، إجابة على سؤال كان قد عُرض عليه، وهو السؤال الذي أورده هذا الملف في الورقة الأولى الخاصة بالدكتور يوسف القرضاوي.
وقد نهج فضيلة الأستاذ الدكتور القرضاوي في الإجابة على هذا السؤال المنهج الآتي:
- مقدمة وجيزة لم يبين فيها رأيه، ولكن أشار إلى أنه كان يُفتَى من قبل بوجوب فورية فراق المرأة إذا أسلمت ولم يُسلم زوجها.
- نقل تسعة أقوال ذكرها الإمام ابن قيم الجوزية في هذه المسألة، في كتابه "أحكام أهل الذمة".
- خاتمة بيّن فيها رأيه الخاص اعتمادًا على بعض الآراء التي ذكرها ابن القيم.
تحليل محتوى الفتوى:
من خلال فحص نص فتوى الدكتور يوسف القرضاوي نجد أن سبعة من الأقوال التي ذكرها الإمام ابن القيم لا تنصر فتوى الشيخ الجليل يوسف القرضاوي، ولم نقل هذا الكلام من فراغ، بل من النظر الدقيق في تلك الأقوال.
ويؤيده ما قلناه أن فضيلة الشيخ القرضاوي لم يستند في فتواه إلا على القولين الباقيين من الأقوال التسعة المتقدم ذكرها، وهما ما نسب إلى الإمام علي رضي الله عنه، وما نسب إلى الإمام المحدث الزهري، وقد علمنا من خلال عرض(51/126)
ورقة د. يوسف القرضاوي ما في هذين القولين اللذين اعتمدها العلامة يوسف القرضاوي في فتواه، وها نحن نذكر نص الفتوى كما ورد في البحث الصادر عنه:
فلدينا –إذن– قولان معتبران يمكن لأهل الفتوى الاستناد إليهما لعلاج هذه المشكلة التي قد تقف عقبة في سبيل دخول الكثيرات من النساء الغربيات في الإسلام:
القول الأول: هو قول سيدنا علي رضي الله عنه، وهو أن زوجها أحق بها ما لم تخرج من مصرها، وهنا نجد المرأة الباقية في وطنها ومصرها ولم تهاجر منه لا إلى دار الإسلام ولا غيرها.
القول الثاني: هو قول ظاهر ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه خيَّر زوجة النصراني حين أسلمت بين فراقه وإقامتها عليه.
هذا هو نص الفتوى نقلناه عن الشيخ القرضاوي.
منهج النظر إلى فتوى الدكتور القرضاوي
ولنا -إضافة إلى ما تقدم- تعقيب مهم على هذه الفتوى ذو شقين.
الشق الأول تجاهل غالبية أقوال ابن القيم:
فالفتوى لم تأخذ في اعتبارها دلالات الأقوال السبعة الأولى التي أوردها ابن القيم، وهي معزوة إلى جمع عظيم من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة الكبار: (أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد) -رضي الله عنهم أجمعين-، ومخالفة هؤلاء من العسير جدا قبولها.
الشق الثاني: عرض الفتوى على كتاب الله:
إذا عرضنا هذه الفتوى على كتاب الله وجدناها مخالفة لنصيْن محكميْن وردا في كتاب الله العزيز الذي هو المصدر الأول للتشريع في الإسلام.
النص الأول قوله تعالى: "وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ" (البقرة: 221).
في هذه الآية حكم باتٌّ بتحريم نكاح المسلم لغير المسلمة، وتحريم نكاح غير المسلم للمسلمة، والدلالة على التحريم في الموضعين قطعية لا ظنية مثل النصوص الدالة عليها.
إلا أن الله عز وجل استثنى الكتابيات (اليهوديات والنصرانيات) فأباح للمسلم نكاحهن.(51/127)
أما نكاح غير المسلم للمسلمة فهذا باق على إطلاقه أبد الآبدين، واستثناء الكتابيات ورد في المائدة الآية 5 قال تعالى: "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ".
وقد حكى المفسرون أن الإجماع قائم بين الأمة على تحريم نكاح المشرك للمسلمة؛ منهم الإمام القرطبي في تفسيره "أحكام القرآن"، وابن عطية في تفسيره "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" جـ 2 ص 2179 وعبارته في ذلك: "أجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه؛ لما في ذلك من الغضاضة على دين الإسلام"، ومنهم الإمام أبو حيان في تفسير "البحر المحيط" جـ 2 ص 164 وما بعدها.
وقد أسهب القول في موجبات هذا التحريم لما يمكن أن تتأثر المرأة من طباع زوجها غير المسلم وإخراجها من بيئتها الإسلامية إلى بيئته غير الإسلامية، وانتقالاتها إلى قوم زوجها غير المسلم وانتساب أبنائها إليه وإلى دينه لقوة تأثير الرجل عليها ودعوته إياها إلى الكفر إما بالقول وإما بالفعل.
وشاركه في هذا الإمام الشهيد سيد قطب في تفسيره "في ظلال القرآن"، ومنهم الإمام الشوكاني في تفسيره فتح القدير، وخاتم المفسرين حتى الآن العلامة الطاهر بن عاشور في تفسيره الموسوعي بحق (التحرير والتنوير) وهو عالم أصولي فقيه. لم نرَ أحدًا من مفسري كتاب الله -لا قديمًا ولا حديثًا- ترخص في هذه الأحكام القطعية الدلالة والثبوت، كما نرى القرآن نفسه يسد كل الطرق المؤدية إلى هذا الترخص، حيث يقول في الجزم بإلزام الأمة بهذا الحكم: "وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ" هكذا أوصد القرآن الباب، وأحكم إغلاقه؛ فما على الأمة إذن إلا أن تقول: "سمعنا وأطعنا"
ثم زاد المسألة وضوحًا فقال: "أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ" وقد أفاض جميع المفسرين في بيان هذه الجملة، وهي صالحة لأن تكون "علة الحكم بالتحريم" كما تصلح أن تكون حكمة التشريع فيه. وإن كنا نرجح أنها حكمة تشريع لا علة حكم. وسيأتي قريبًا بيان هذا.
أما النص المحكم الثاني الذي ورد في كتاب الله وخالفته الفتوى موضوع الدراسة، فهو قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنْفَقُوا وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن(51/128)
تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (الممتحنة: 10).
هذه الآية بعد التفصيلات الدقيقة الفقهية التي وردت فيها اشتركت مع آية البقرة السابقة "ولا تنكحوا" في حكمين شرعيين واجبي الامتثال:
الأول: تحريم نكاح المشركات على الرجال المسلمين.
الثاني: تحريم نكاح المسلمات على الرجال غير المسلمين، فالآيتان يعضد بعضهما بعضًا؛ لأن قوله تعالى "فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ"، معناه معنى قوله تعالى "وَلاَ تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا"، وقوله تعالى: "وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ" معناه معنى قوله تعالى: "وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ" وقد بين الله تعالى في هذه الآية علة حكم تحريم نكاح المسلمات لغير المسلم فقال: "لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ" أي هن محرمات على الكفار، والكفار محرمون عليهن. هذه هي علة الحكم قطعًا، ولذلك – قلنا من قبل: إن قوله تعالى "أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ" حكمة تشريع لا علة حكم، ومعلوم أن علة الحكم تكون سابقة عليه في الوجود، ومنشئة له، ولولاها ما كان الحكم. أما حكمة تشريع الحكم، فهي لاحقة لعلته في الوجود، وثمرة طيبة لتطبيقه عمليًا. فالسفر علة حكم قصر الصلاة الرباعية ركعتين، وعلة حكم إباحة الفطر في نهار شهر رمضان، أما حكمة التشريع فيهما معًا فهي رفع المشقة عن المسافر.
وكذلك تحريم نكاح المسلمة على غير المسلمة. هي علة ذلك الحكم، أما وقاية المسلمة من الفتنة في دينها إذا تزوجت غير مسلم، فهي حكمة تشريع ذلك الحكم، وثمرة طيبة لتطبيقه عمليًا.
وقد نص فريق من المفسرين على أن "عدم الحلية" هي علة حكم نهي الله للمؤمنين عن إرجاع المؤمنات إلى الكفار، أي إلى من كانوا أزواجًا لهن قبل إسلامهن وليس المراد من هذا النهي عدم إرجاعهن إلى عموم معنى الكفار، أي بيئات الكفر، بل المراد عدم إرجاعهن إلى أزواجهن منكم خاصة، بدليل قوله تعالى: "لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ" وإن كان النهي العام مرادًا، فهو مراد بالتبعية، لا أصالة؛ لأن سلطان الزوج على زوجته أشهر خطرًا.
يقول صاحب المحرر الوجيز (ابن عطية) في تفسيره: "أمر الله تعالى أن يُؤتى الكفار مهور نسائهم اللاتي هاجرن مؤمنات، ورفع الجناح من أن يتزوجن بصدقات هي أجورهن" (جـ 15 ص493).(51/129)
وقال: "وحكم الله أن المهاجرة لا تُرد إلى الكفار بل تبقى تستبرئ وتتزوج ويُعطى زوجها الكافر الصداق الذي أنفقه" المصدر نفسه (ص492)
ونص صاحب البحر المحيط (أبو حيان) في تفسيره هذا على أن "لا هن حل لهم.." هي علة الحكم، ولا نريد أن نطيل بذكر أقوال المفسرين، سواء كانوا مفسرين لكل القرآن، أم لآيات الأحكام فيه، مثل ابن العربي والجصاص، وإنما نتودد إلى القارئ أن يرجع إلى ما شاء منها في تفسير آيتي البقرة والممتحنة؛ لأن ما ذكروه تصعب الإحاطة به هنا.
ومضات مضيئة من سورة الممتحنة:
وفي آية سورة الممتحنة ومضات مضيئة نذكرها وكلنا أمل في أن تقع في نفس شيخنا القرضاوي وفي علمه موقعها من حيث التقدير الجديرة به.
الومضة الأولى: "وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنْكِحُوهُنَّ" أليس في هذه العبارة إشارة واضحة على أن المؤمنات المهاجرات، عقب نهي الله المؤمنين عن إرجاعهن إلى أزواجهن الكفار أصبحن خاليات من موانع الزواج بهن من المؤمنين؟ هذا حق لا ريب فيه، معناه أن العصمة الزوجية التي كانت بينهن وبين أزواجهن الكفار قد زالت في الحال، وإلا لما أباح الله للمؤمنين أن يتزوجوهن لو كن في عصمة أزواجهن السابقين؛ فما هو رأي شيخنا الجليل في هذا البيان الإلهي المتضمن حكمًا شرعيًا نص الله عليه في عبارة محكمة لا تتحمل التأويل؟
الومضة الثانية: "لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ" حيث آثر القرآن التعبير بالاسم "حل" دون الفعل "يحللن"، والتعبير بالاسم –كما يعلم الشيخ الجليل- يفيد الثبوت والدوام والقطع؛ لذلك قال علماؤنا: "لا يطأ الكافر المسلمة بوجه" يريدون تحريم وطئها عليه تحريمًا جازمًا صارمًا مطلقًا، وقال في الحديث عن الكفار: "وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ" فعبر بالفعل دون الاسم؛ لأن الكافر إذا أسلم يحل لهم نكاح المسلمة. وفي هذا ترغيب لهم في الإسلام.
ومرة أخرى: ما هو رأي شيخنا القرضاوي في هذه اللمحات الإلهية الموحية؟
الومضة الثالثة: بعد أن فصل الله هذه الأحكام قال: "ذَلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" وهذا نص محكم مفخم بـ "ذلكم" دون "ذلك" يرسخ في وجدان الأمة أن ما تقدم هو حكم الله لا حكم غيره. والمشار إليه بـ"ذلكم" في هذه الآية الحكيمة هو الآتي:
أ - منع إرجاع المؤمنات إلى أزواجهن الكفار منعًا باتًا.
ب - تحريم نكاح المؤمنات على الكفار ما لم يؤمنوا.
جـ – إباحة التزوج بهن من المؤمنين عقب منعهن من العودة إلى الكفار.(51/130)
د - نهي المؤمنين عن نكاح "الكوافر" من غير أهل الكتاب.
هـ - تعويض الأزواج الكفار عما أنفقوه من مهور على زوجاتهم اللاتي أسلمن، وحرم الله عودتهن إليهم.
و - مطالبة الكفار بمهور اللاتي رجعن عن الإسلام إلى دار الكفر بالمهور التي كنَّ قد تقاضينها من أزواجهن الذين آمنوا، وهن أربع نساء: أم الحكم بنت أبي سفيان كانت تحت عياض بن شداد، وفاطمة بن أبي أمية كانت تحت عمر بن الخطاب، وعبدة بنت عبد العزى كانت تحت هشام بن العاص، وأم كلثوم بنت جرول، كانت تحت عمر كذلك. (المحرر الوجيز لابن عطية: 15 ص 493).
هذه أحكام الله -عز وجل- التي تضمنتها هذه الآية الحكيمة؛ فهل يرى شيخنا الجليل جواز مخالفة حكم الله عز وجل؟ كلا، لم يرَ، ولن يرى جواز هذه المخالفة. وجل من لا يسهو ولا ينسى.
إن من أظهر أحكام الله في هذه الآية هو أن إسلام المرأة مع بقاء زوجها على ملته أن عرى النكاح تنحل بينهما في الحال دون انتظار أي شيء آخر، وإذا أسلم في زمن -طال أو قصر بعد إسلامها-، وأراد العودة إليها؛ فعليه أن يعقد عليها عقدًا جديدًا، ما لم تكن قد تزوجت بغيره، فإن نازعه فيها منازع فهو أحق بها، لما كان بينهما من عشرة، أو أولاد.
ولذا، كان حريًا بعلمائنا أن يخرجوا هذه المسألة من دائرة الاجتهاد؛ لأنها لها حكم معلوم مقرر في كتاب الله العزيز.
بيد أننا وجدنا شيخنا القرضاوي يلتمس لها مدخلاً في دائرة الاجتهاد، فقد قال: إن النهي الوارد في سورة البقرة: "وَلاَ تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا" مقصور على تزويج المسلمة بغير مسلم ابتداء؛ فهذا حرام بالإجماع. أما النساء الغربيات اللاتي يسلمن دون أزواجهن فنحن لم نزوجهن ابتداء، وإنما وجدناهن متزوجات، والفرق كبير بين الحالتين؛ لذلك أدخلها في دائرة الاجتهاد، وأصدر فيها فتواه المذكورة.
استدراك على الدكتور القرضاوي:
ذاك هو اجتهاد الشيخ الجليل في التفرقة بين أن تزوج مسلمة لغير مسلم ابتداء، وبين من نجدهما متزوجيْن وقت لم يكونا فيه مسلمين، ثم أسلمت الزوجة دون زوجها، ونحن نختلف مع فضيلة الشيخ القرضاوي في هذا الاجتهاد الذي أثمر تلك التفرقة في الحكم الشرعي، ونحتكم إلى القرآن الحكيم، وننظر فيه: هل فرَّق بين الحالتين أم سوَّى بينهما؟ ولا أرانا محتاجين إلى طول كلام؛ فالمسألة(51/131)
محسومة في كتاب الله العزيز. فتزويج المسلمة لغير مسلم –ابتداء- لا يجوز بأي وجه، وقوله تعالى في سورة البقرة: "وَلاَ تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا" دليل قطعي الثبوت، قطعي الدلالة، في تحريم نكاح المسلمات على غير المسلمين.
وقوله تعالى في سورة الممتحنة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنْفَقُوا وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ" تقدم الحديث عن هذه الآية، والجديد الذي نقوله فيها ـ هنا ـ هو أن القرآن وجد نساء الكفار اللاتي هاجرن مؤمنات، وجدهن متزوجات بالكفار فأسلمن هن ولم يسلموا هم، ومع ذلك حكم الله في هذه الآية بما يأتي:
أولاً: التفرقة الفورية بينهن وبين أزواجهن الكفار "فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ".
ثانيًا: إباحة نكاحهن للمسلمين ومعنى هذا:
1.
أنهن أصبحن -بمجرد إعلانهن إسلامهن- خاليات من الموانع الشرعية من زواج جديد.
2.
لم تترك الآية أي احتمال بجواز أن تنتظر هؤلاء الزوجات اللاتي أسلمن إسلام أزواجهن، وهو أمر -أعني حدوث إسلام أزواجهن- محتمل.
3.
إذن فالعلاقات الزوجية التي كانت قائمة بين هؤلاء اللاتي أسلمن، وبين أزواجهن قبل إسلامهن قد قضى القرآن بالفرقة فيها قولاً واحدًا.
4.
وهنا نقول للشيخ الجليل يوسف القرضاوي: هل ترى فرقًا بعد هذا بين حالة نساء الكفار اللاتي أسلمن دون أزواجهن، وبين النساء اللاتي يسلمن الآن -في الغرب أو في الشرق- دون أزواجهن؟ لقد علمناك غيورًا على الحق، ولذلك فإننا نطمع أن تجد هذه الدراسة لديك صدرًا رحبًا، ورأيا شجاعًا.
وإن كنت لا تزال ترى فرقًا بين هاتين الحالتين فإننا نطمع أن نجد لديك ما يفقهنا بذلك الفرق؛ فنحن وأنت طلاب حق، ولن يفرق بيننا باطل أبدًا بإذن الله.
تعقيبات على كلام ابن القيم:(51/132)
نقل الشيخ الجليل يوسف القرضاوي في البحث الذي مهد به للفتوى -موضوع الدراسة- تعليقات للإمام ابن قيم الجوزية على بعض الأقوال التسعة التي ذكرها في مسألة المرأة التي تُسلم دون زوجها وبعد قراءتنا لتلك التعليقات بتأنٍ بدا لنا أنها تستحق وقفة ناقدة تبين ما فيها من قوة أو ضعف.
والجدير بالاهتمام ما كتبه الإمام ابن القيم حول القول بأن القاضي يوجب التفريق الفوري بين المرأة التي تُسلم دون زوجها، بمجرد إعلان إسلامها، وأن الزوج صار أجنبيا عنها سواء ظل على عقيدته المخالفة للإسلام، أم أسلم بعدها ولو بزمن قصير.
ووجَّه ابن القيم إلى هذا المذهب عدة طعون؛ أولها قوله: "لا تعلم أحدًا من الصحابة قال به ألبتة" قال هذا مع أنه ذكر عند حكاية هذا القول –المذهب الأول من المذاهب التسعة – أن أبا محمد بن حزم نسبه إلى عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم جميعاً. لكنه عاد هنا وقال: "لا نعلم أحدًا من الصحابة قال به ألبتة". واتهم ابن حزم بالقصور في الفهم فقال: "وما حكاه أبو محمد بن حزم عن عمر وجابر وابن عباس، فبحسب ما فهمه من آثار رويت عنهم مطلقة ونحن نذكرها". وقال شعبة: "أخبرني أبو إسحق الشيباني قال: سمعت يزيد بن علقمة يقول: "إن جده وجدته كانا نصرانييْن، فأسلمت جدته، ففرق عمر بن الخطاب بينهما". ولم يطعن ابن القيم في هذه الرواية بالتزوير، وإنما لجأ إلى تأويلها فقال: "وليس في هذا دليل على تعجيل الفرقة مطلقًا بنفس الإسلام؛ فلعله لم يكن دخل بها؟ ولعله فرَّق بعد انقضاء العدة، أو لعلها اختارت الفسخ دون انتظار إسلامه، أو لعل هذا مذهب من يرى أن النكاح باقٍ حتى يفسخه السلطان"؟
فانظر كم تردد الإمام في الاحتمالات التي أراد أن يرد بها هذه الرواية، مع ملاحظة مهمة -نركز على أخذها في الاعتبار-، وهي أن هذه المحاولات التي تردد في تصورها لم يوجهها لأصل الرواية، وإنما سلَّطها على "المتن"، ومعنى هذا أن الإمام ابن القيم قد سلم بصحة الرواية، واجتهد في فهم المراد من النص.
وذكر ابن القيم روايتين أُخرييْن عن عمر بن الخطاب؛ في إحداهما أن عمر خيّر المرأة التي أسلمت دون زوجها بين أن تقوم عليه وبين أن تفارقه.
ومن الثانية أنه قال للزوج الذي لم يُسلم: إما أن تسلم، وإما أن ننزعها منك. فأبى الزوج أن يسلم؛ فنزعها منه.(51/133)
ثم رجح ابن القيم رواية التخيير على رواية الانتزاع والتفريق، وقال: إن رواية التفريق غلط على عمر بن الخطاب؟
وكان المتوقع من الإمام ابن القيم أن يقول: إن رواية التخيير هي الغلط على عمر بن الخطاب، لا رواية التفريق؛ لأن رواية التفريق هي الموافقة لكتاب الله -عز وجل- بصريح ما ورد فيه: "فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ" هذا وجه.
والوجه الثاني رواية التخيير تجعل الأمر أمر المرأة لا حكم الله وشرعه، ويلزم عليه أن المرأة التي أسلمت دون زوجها إن اختارت المقام عنده كان المقام حلالاً وإن اختارت الفرقة كانت الفرقة هي الحلال؟
وفي نفس الوقت لا نقيم وزنا للحكم الذي قضى به الله – عز وجل – في قوله تعالى: "لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ".. وهل كان هذا الحكم غائبًا عن عمر – رضي الله عنه – حتى يجعل الحل والحرمة بيد المرأة التي أسلمت دون زوجها لا بيد الله عز وجل؟! كيف يجعل عمر بن الخطاب الشديد النصرة للحق لأحد اختيارًا مع قضاء الله ورسوله، وهو لا يغيب عنه قوله تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِينًا" (الأحزاب: 36).
واستدل ابن القيم على توهين المذهب الأول بما يأتي: " قال مالك: قال ابن شهاب: كان بين إسلام صفوان بن أمية، وامرأته بنت الوليد بن المغيرة نحو من شهر، أسلمت يوم الفتح، وبقي صفوان حتى شهد حنينًا والطائف وهو كافر، ثم أسلم، فلم يفرق النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهما، واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح".
وهذا الأثر لا يصح دليلا على موضوع الفتوى ببقاء المرأة إذا أسلمت دون زوجها، في حوزة الزوج غير المسلم، ولكنه إذا صح يُستدل به على سريان عقد النكاح القديم إذا أسلم الزوج في وقت قريب بعد إسلام الزوجة.
كما يرد هذا الأثر من وجهين آخرين:
أحدهما: أن عدم تفريق النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهما قبل إسلام زوجها صفوان؛ لأنها كانت في دار الكفر، ولم تكن في دار الإسلام، فلم يكن لغير زوجها سلطان عليها.
الثاني: أن ابن القيم نفسه نقل تعليقًا للإمام المحدث ابن عبد البر على هذا الأثر قال فيه: "قال ابن عبد البر: وشهرة هذا الحديث أقوى من سنده".
وهذه العبارة من خبير بعلوم الحديث توحي بأن هذا الأثر "معلول" لأن الشهرة قد ينالها الحديث الموضوع فهي -مع نزول السند وضعفه- من العلل(51/134)