دائرة معارف الأسرة المسلمة
الأنكحة المحرمة
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(44/1)
تحريم نكاح أخت الزوجة ما دامت الأخت الأولى في العدة
تاريخ الفتوى : ... 24 رمضان 1427 / 17-10-2006
السؤال
حدثت قصة غريبة منذ فترة..... وبصراحه هذه المرة الأولى التي تمر علّي قصة مثلها.... وأريد معرفة حكم الشرع والدين بما حدث، وهل هو حرام أم حلال.... القصة باختصار ذهبت عائلة مكونة من أم وأولادها المتزوجين وبناتها المتزوجات في رحلة إلى سوريا.... العائلة عندهم بنت تبلغ من العمر 21 سنة ولديهم أخت متزوجة ولها ولدان زوجها كان في الكويت وبعد أيام التحق بالرحلة... في يوم خرج زوج الأخت وأخت الزوجة على أساس أنهم ذهبوا لشراء فطور للعائلة كاملة... طبعا برضا من جميع العائلة وعدم وجود أي شك أو استهجان من خروجهم (فهو زوج أختها يعني مثل أخيها) خرجوا ولم يعودوا.... طبعا الأهل أبلغوا الشرطة والحدود وفتشوا، ولكن لم يجدوهم فنظنوأ أنهم خُطفوا أو وقع لهم حادث ما..... وصار بيتهم عبارة عن عزاء.... بعد فترة 3 أو أربع أسابيع..... وبعد ما رجعوا على بلدهم رجع زوج الأخت متزوجا أخت زوجته ومطلقا زوجته التي هي أختها والظاهر أنهم كانوا بشهر عسل... طبعا وضع العائلة صار يرثى له، السؤال: هل زواجهم حلال أم حرام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قام به هذا الرجل والمرأة منكر من أعظم المنكرات ينبئ عن جهل عظيم أو استخفاف بحدود الله تعالى، فلا يحل له نكاح أخت زوجته ولا يحل لها نكاحه وإن طلق أختها كما زعم، لأنها باقية في عدته، ولا يجوز له أن ينكح أختها ما لم تخرج من عدته، وكذلك على افتراض أنه طلقها طلاقاً بائناً فقد منع كثير من أهل العلم أن يتزوج أختها أو خالتها أو عمتها وهي لا تزال في عدته، أضف إلى ذلك عدم وجود ولي، وسبب كل هذا إهمال شرع الله والإعراض عنه، فقد منع الإسلام خلوة الرجل بمن لا تحل له ولو كانت أخت زوجته أو بنت خالته أو غيرهما من أقرب الناس إليه ما لم يكن محرماً، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله اكتتبت في غزوة كذا وكذا وخرجت امرأتي حاجة، قال: اذهب فحج مع امرأتك. متفق عليه.
ولا غرابة فيما حصل والناس معرضون عن شرع الله، فما حرم سبحانه شيئاً إلا لضرره وخطره علم ذلك من عمله وجهله من جهله، ولا يغير حكمه سبحانه انتكاس الفطر وانعدام الإحساس لدى الناس، ومما حرم سبحانه وحذر منه ومن قربانه الزنى، كما في قوله: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32}، ومن قربانه معاطاة الأسباب المفضية إليه كالخلوة والحديث والابتسامة والنظر وغيرها مما لا يحل شرعاً، وينبغي لأهل تلك الفتاة وغيرهم أن يتعظوا بما حصل فيعودوا إلى دينهم وتطبيق شريعة ربهم فيأتمروا بأوامرها، ويزدجروا بزواجرها، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 4091، والفتوى رقم: 10690.
والله أعلم.(44/2)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم نكاح الشغار وآثاره
تاريخ الفتوى : ... 03 ربيع الأول 1427 / 02-04-2006
السؤال
ما حكم زواج البدل (الشغار) وما أثر ذلك على الأبناء والأحفاد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم حكم نكاح الشغار وصوره وعلة تحريمه في الفتوى رقم: 70839، والفتوى رقم: 6903.
قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن نكاح الشغار لا يجوز، ولكن اختلفوا في صحته، فالجمهور على البطلان، وفي رواية عن مالك: يفسخ قبل الدخول لا بعده. انتهى. نقلاً عن نيل الأوطار للشوكاني رحمه الله.
ولا شك أن الزواج المعرض للفسخ، يهدد مستقبل الأبناء، ويعرضهم للضياع، وبالتالي فتترتب جميع الآثار السيئة المترتبة على تفكيك الأسر على نكاح الشغار، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 2358.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
نكاح الشغار.. حكمه.. وعلة فساده
تاريخ الفتوى : ... 07 ذو الحجة 1426 / 07-01-2006
السؤال
ما هي علة فساد نكاح الشغار؟ هل هو الشرط الذي يضعه الولي بأن يزوج كل واحد منهما موليته للآخر، أم بسبب عدم جعل الصداق لكل امرأة؟ وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشغار في الاصطلاح: أن يزوج الرجلُ موليته على أن يزوجه الآخر موليته على أن مهر كل منهما بضع الأخرى. وهذا تعريفه عند الحنفية والمالكية والشافعية. وقال الحنابلة: الشغار أن يزوجه موليته على أن يزوجه الآخر موليته، سواء جعلا مهر كل منهما بضع الأخرى، أو سكت عن المهر، أو شرطا نفيه.
أما حكمه:
قال ابن عبد البر : أجمع العلماء على أن نكاح الشغار لا يجوز، ولكن اختلفوا في صحته، فالجمهور على البطلان، وفي رواية عن مالك: يفسخ قبل الدخول لا بعده، وحكاه ابن المنذر عن الأوزاعي، وذهبت الحنفية إلى صحته، ووجوب المهر؛ وهو قول الزهري ومكحول والثوري والليث ورواية عن أحمد وإسحاق وأبي ثور، هكذا في الفتح قال: وهو قوي على مذهب الشافعي لاختلاف الجهة، لكن قال الشافعي:(44/3)
النساء محرمات إلا ما أحل الله أو ملك يمين، فإذا ورد النهي عن نكاح تأكد التحريم. انتهى. نقلا من نيل الأوطار للشوكاني رحمه الله.
وأما علة فساده: فأمران؛ ذكرهما جمع من العلماء، ومنهم الشوكاني في نيل الأوطار :
الأول: هي خلو بضع كل منهما من الصداق - وليس المقتضي للبطلان عندهم مجرد ترك ذكر الصداق؛ لأن النكاح يصح بدون تسميته، بل المقتضي لذلك جعل البضع صداقا -.
ثانيا: التعليق والتوقيف؛ وكأنه يقول: لا ينعقد لك نكاح ابنتي حتى ينعقد لي نكاح ابنتك . قال الخطابي: كان ابن أبي هريرة يشبهه برجل تزوج امرأة ويستثني عضوا منها، وهذا مما لا خلاف في فساده. قال الحافظ : وتقرير ذلك أنه يزوج وليته ويستثني بضعه، حيث يجعله صداقا للأخرى. وقال المؤيد بالله وأبو طالب: العلة كون البضع صار ملكا للأخرى. انتهى
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
نكاح المحارم في التاريخ البشري
تاريخ الفتوى : ... 20 ذو القعدة 1426 / 21-12-2005
السؤال
ما هي الحضارات القديمة أو الحديثة التي تبيح زواج المحارم ؟ و إيراد أمثلة مع ذلك ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزواج المحارم ممنوع شرعاً وطبعاً، ولم يبح في شريعة من الشرائع، ولا حضارة من الحضارات السوية؛ إلا ما كان في عهد آدم، وسببه عدم وجود نساء غير محارم فأبيح نكاح الأخوات ما لم يكن توائم، قال ابن عدي: وكان الولد منهم أي أخواته شاء تزوجها إلا توأمته التي تولد معه فإنها لا تحل له، وذلك أنه لم يكن يومئذ نساء إلا أخواتهم وأمهم .. ومما يذكر هنا قصة هابيل وقابيل لما أمر آدم ابنه قابيل بنكاح توأمة هابيل، وهابيل بنكاح توأمة قابيل فرضي هابيل ورفض قابيل، ورغب بأخته عن قابيل .. الخ القصة. انتهى منه بتصرف يسير. والقصة ذكرها المقدسي أيضاً في البدء والتاريخ، والطبري وغيرهما.
ثم نسخ ذلك في شريعة موسى وبقي نكاح ابن الأخت، ونسخ في شريعة عيسى، قال ابن عدي: وبعث الله عيسى رسولاً ينسخ بعض أحكام التوراة فكان مما نسخه أنه حرم نكاح بنت الأخ. فكان نكاح المحارم ممنوعاً جملة وتفصيلاً ، ولم يخرج عن ذلك سوى المجوس الذين أباحوه، قال المقدسي: وهم يستدلون بفعل آدم عليه السلام فقد كان مباحاً في شريعته. وكذا من سلك نهجهم من القرامطة فقد تعصبوا للمجوس واتبعوهم في ذلك وغيره كما قال الشهرستاني في الملل والنحل، والذهبي في تاريخ الإسلام، والطبري وغيرهم ، هذا ما وقفنا عليه في هذا الشأن .(44/4)
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
نكاح المتعة كان مشروعاً في ابتداء الإسلام ثم نسخ
تاريخ الفتوى : ... 07 ذو القعدة 1426 / 08-12-2005
السؤال
من السيد الشريف محمد سميح الحمزاوي السلام على من اتبع الهدى
من الظاهر أني في واد وأنتم في واد!
أقول لكم بأن نكاح المتعة لا يمكن أن يسمح به رسول الله صلوات الله وسلامه عليه لأنه نبي مرسل لا ينطق عن الهوى معصوم وأنتم تدعون أن هذه الأحاديث رواتها ثقة وتم بيان صحتها.
نحن لا نناقش موضوعا صغيرا في الإسلام. نحن نبحث عن ما أنزل الله تعالى على عبده أشرف الخلق صلوات الله وسلامه عليه وهل يخالف هذا النبي المرسل شرع ربه.
هل برأيكم الرواة والذين بحثوا صدق الرواة أصدق أم القرآن الكريم ورسول الله صلوات الله وسلامه عليه؟
لمعلوماتكم: جرى بحث هذا الموضوع مع سيد شيعي وأقر بأن موضوع نكاح المتعة هو بحث فقهي.
وأنتم تصدقون الرواة ومن نقل عنهم بغض النظر عن الموضوع بحد ذاته. وا إسلاماه.
وردني صورة فتوى من دائرة الإفتاء عندكم بأن تقديم الورد (الأزهار) إلى المريض هي بدعة منقولة عن الكفار ولا تجوز في الإسلام. أمر الإسلام بالدعاء للمريض فقط دون تقديم هدية له كائنة ما كانت.
بناء على هذه الفتوى، كل ما يردنا عن الكفار هو غير جائز بما فيها العلوم (لن أتطرق لأشياء أخرى)، فلماذا وأنتم مركز الفتوى تتبعون الكفار؟
مما يؤسف له أن هكذا فتاوى هي ما تدع المسلمين في أسفل سافلين والإسلام منها براء. ألم تسمعوا بالعهدة العمرية مع الكفار؟
وا إسلاماه !
لا عجب مما نراه الآن من تطاول على الإسلام ( لا يهمني المسلمين فهم الآن نكرة كما قال سيد الخلق والمرسلين " كغثاء السيل " ) ولا من مدافع. سبحان الله على ما يريد.
نحن في الألفية الواحدة والعشرين والعلم وصل إلى أقصاه والبحث والتدقيق وأنتم تتبعون مبدأ مجمع قينية " كما ذكر في الكتب ".
يوجد أحاديث مدسوسة في الصحاح وعليكم إعادة الدراسة والبحث والبيان ومن ثم إلغاؤها. كل ما لا يمكن أن يصدر عن هذا النبي المرسل ويخالف شرع الله جل وعلا فهو مدسوس بغض النظر عن الرواة وصدقهم. هل الرواة أصدق&nb
الفتوى(44/5)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ندري ما سبب إصرارك على ترك تحية الإسلام للمسلمين وهي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، واستبدالها بقولك: السلام على من اتبع الهدى التي كان يكتبها النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أهل الكتاب.
ولا ندري ما هو الذي دعاك أن تقول (هل برأيكم الرواة والذين بحثوا صدق الرواة أصدق أم القرآن الكريم ورسول الله صلوات الله وسلامه عليه) فما هو الذي في القرآن الكريم ينافي ويعارض أن يكون نكاح المتعة حلالا في زمن ثم نسخ ، بل في كتاب الله ما يدل على أن نكاح المتعة كان حلالا في زمن من الأزمان على قول ذهب إليه مجاهد، وذلك في قوله تعالى : وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء: 24}.
قال العلامة ابن كثير في تفسيرها: وقد استُدل بعموم هذه الآية على نكاح المتعة، ولا شك أنه كان مشروعاً في ابتداء الإسلام، ثم نسخ بعد ذلك، وقد ذهب الشافعي وطائفة من العلماء إلى أنه أبيح ثم نسخ مرتين. وقال آخرون: أكثر من ذلك. وقال آخرون: إنما أبيح مرة، ثم نسخ مرة، ثم نسخ، ولم يبح بعد ذلك. وقد روي عن ابن عباس وطائفة من الصحابة القول بإباحتها للضرورة، وهو رواية عن الإمام أحمد، وكان ابن عباس وأبي بن كعب وسعيد بن جبير والسدي يقرؤون: فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة، وقال مجاهد: نزلت في نكاح المتعة، ولكن الجمهور على خلاف ذلك.اهـ
ثم نسألك يا أخي: مَنْ مِنَ العلماء أنكر أن نكاح المتعة كان حلالا ثم حرمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى؟ فالصحابة والتابعون لهم بإحسان وأئمة العلم من المحدثين والفقهاء والمفسرين والأصوليين، والمذاهب الإسلامية كلها تثبت أن المتعة كانت حلالا ثم حرمت، فهذه كتب فقهاء الحنفية التي عمت طباق الأرض وكذا كتب المالكية والشافعية والحنبلية وغيرهم، كلها تثبت أن المتعة كانت حلالا، ثم حرمت، فهل كل الأمة كانت غافلة ضالة بفقهائها وعلمائها الذين هم ورثة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم كانوا لا يعلمون ما يصح وما لا يصح.
ثم إنك يا أخي تكتب عبارات لا معنى لها كقولك (وهل يخالف هذا النبي المرسل شرع ربه).
فنقول: معاذ الله أن يخالف النبي صلى الله عليه وآله وسلم شرع ربه ، بل هو معصوم عن ذلك قال تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ. ولكن أن تتصور أنت أن في الأمر الفلاني مخالفة لأمر الله دون أن يكون تصورك هذا مبنياً على حقائق علمية ليس مقبولا، بل عليك أن تستند في نقدك إلى قانون علمي صحيح، ولما كثر المخبطون في شريعة الله تعالى ، وكل منهم يدعي أن ما فهمه هو الشرع، وضع(44/6)
العلماء قواعد وأصولا للفهم والفقه، فصنفوا علماً كاملا اسمه علم (أصول الفقه) فمن أراد أن يفقه ويفهم فعليه أن يسلك تلك الأصول.
وأما ذكرك في السؤال بأنك قد ناقشت شيعيا فأقر لك بأن موضوع نكاح المتعة هو بحث فقهي، فلا ندري لماذا أوردت هذا الكلام، وهل قلنا نحن أو غيرنا بأن نكاح المتعة ليس من البحوث الفقهية ، فأهل الأرض قاطبة يسلمون بأن موضوع نكاح المتعة بحث فقهي، وليس بحثا سياسيا ولا بحثا اقتصاديا ولا بحثا عقديا.
إلا أن أهل السنة أجمعوا قاطبة بلا خلاف معتبر على أن نكاح المتعة نسخ جوازه وأنه حرِّم أبدا إلى يوم القيامة.
وأما ما يتعلق بإهداء الزهور للمريض أو الصحيح فأمر حسن، ولا إشكال فيه، إلا أن يقصد بفعله هذا التشبه بالكفار فيكره له ذلك وقيل يحرم ، وانظر تفصيل الأمر في الفتوى رقم 35977 والفتوى رقم 17961 .
ونحن نقول: وا إسلاماه، حتى صار يتكلم في شرع الله تعالى كل من هب ودب، فاتق الله تعالى واحذر من القول على الله تعالى بغير علم فإن ذلك صنو الشرك وعديله. قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ {الأعراف:33}
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
جواز نكاح المتعة ومنعه حكم شرعي
تاريخ الفتوى : ... 11 شوال 1426 / 13-11-2005
السؤال
السلام على من اتبع الهدى،أما بعد:
وجدت على الإنترنت مقالا عن زواج المتعة، ورد عليه مختصرًا بأن زواج المتعة هو زنى كاملاً مكملاً، وأن الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - لم يأمر بهذا العمل الفاحش على الإطلاق، وأن ما جاء في صحاح السنة هو حديث مدسوس مثله مثل غيره. ما دعاني لهذا الرد هو ما قرأته في صحيح مسلم عن زواج المتعة، وأن الرسول الأعظم أمر به في إحدى الغزوات (ولم يذكر أي غزوة) ومن ثم منعه ومن ثم أحله في فتح مكة ثلاثة أيام ثم منعه!
رأيي الخاص: أنا لا أعترف بهذا الحديث على الإطلاق بأنه قد صدر عن رسول الله - صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله - لمعارضته للقرآن الكريم قولاً وفعلا.
* أول غزوة هي غزوة بدر بعد الهجرة بثلاث سنين. فليست هي غزوة بدر.
* الأحكام الاجتماعية لم تتأخر ثلاث سنين بالنزول وإلا لكانت الحالة الاجتماعية في ضياع بعد الهجرة. هاجر مع الرسول الأعظم الى المدينة المنورة رجال متزوجون ونساء متزوجات أسلموا، ولكن أزواجهم لم يسلموا بعد، وكذلك من كان منهم له ولد. فالمنطق يقول بأن الأحكام الشرعية الاجتماعية (إذا سميناها) من أوائل الأحكام(44/7)
المنزلة بعد الهجرة مباشرة لتثبيت الأحوال الاجتماعية للرجال والنساء على حد سواء وكذلك لذريتهم.
* فهل يعقل أن يأمر أو يحلل الرسول الأعظم ما يسمى بزواج المتعة (الذي هو قضاء حاجة جنسية مقابل بدل معلوم ولمدة معلومة)، أي التمتع الجنسي فقط لا غير، والعرب مشهورون بأنسابهم وأنساب خيلهم أيضا؟
* طبعا الذي لا يقبله العقل والمنطق هو أن الرسول الأعظم - صلوات الله وسلامه عليه - قد أحل زواج المتعة ثلاثة أيام في فتح مكة! هل يقبل عاقل بهذا بعد أن نزلت الأحكام القرآنية كلها كاملة بأن يحلل الرسول الأعظم - صلوات الله وسلامه عليه - زواج المتعة في فتح مكة؟ أو لم يكن يهم المسلمين في فتح مكة إلا إشباع وإفراغ شهواتهم الجنسية؟
* كما نسمع من الشيعة، لقد وضعوا قوانين وشروطا وأحكاما لزواج المتعة أضعافا مضاعفة عما نزل من آيات في كتاب الله القرآن العظيم عن الزواج والطلاق. وكما أجابني أحد أسيادهم بالإيميل عندما كتبت له رأيي، قال بأن زواج المتعة هو موضوع بحث فقهي.
* ألم يحن الوقت لأن نغربل الأحاديث الشريفة ونلغي إلغاء تاما الأحاديث التي تنافي الشرع الإلهي والتي لا تصدر عن خاتم الأنبياء والرسل الموحى إليه، والذي لا ينطق عن الهوى المعصوم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حان الوقت لغربلة الأفكار المنافية للقواعد العلمية الرصينة والمنافية للدراسة النقدية الدقيقة، فحين يتكلم شخص عن الحديث مع من يوافقه أو يخالفه ينبغي أن يعلم الأساس الذي بني عليه علم الحديث وقانون التصحيح والتضعيف، وهذا ما نراك أيها الأخ السائل قد جانبته تمامًا، فلم تلتفت إلى الأحاديث الواردة في إباحة المتعة ولم تنظر إليها وقد ثبتت في الصحيحين فمن ذلك:
ما رواه البخاري في صحيحه قال: حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا ابن عيينة أنه سمع الزهري يقول: أخبرني الحسن بن محمد بن علي وأخوه عبد الله عن أبيهما أن عليًّا رضي الله عنه قال لابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر. وهذا حديث إسناده كالشمس، رواته كلهم ثقات أئمة لا يشق لهم غبار.
وما رواه الإمام مسلم في صحيحه قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني حدثنا أبي ووكيع وابن بشر عن إسماعيل عن قيس قال: سمعت عبد الله يقول: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا نساء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل، ثم قرأ عبد الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {المائدة:87}. وهذا حديث رواته أئمة ثقات جبال من العلم والتحقيق.(44/8)
وما رواه مسلم في صحيحه قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يونس بن محمد حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا أبو عميس عن إياس بن سلمة عن أبيه قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أوطاس في المتعة ثلاثًا ثم نهى عنها.
وهذه أحاديث رواتها ثقات، والطعن في هذه الأحاديث طعن في الشريعة؛ لأن نقلة هذه الأحاديث هم نقلة أحاديث الصلاة والصيام وبقية أمور الإسلام. وانظر الفتوى رقم: 68402. والفتوى رقم: 24142 ففيها بيان إباحة المتعة ثم نسخ ذلك.
واعلم أن العقل لا يمنع جواز نكاح المتعة، فجوازه ومنعه حكم شرعي لا عقلي، قال أبو بكر الجصاص: وقد روي عن جماعة من السلف أنها زنا؛ حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح بن الليث عن عقيل ويونس عن ابن شهاب عن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل عن ابن عمر أنه سئل عن المتعة؟ فقال: ذلك السفاح. وروي عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان نكاح المتعة بمنزلة الزنا.
فإن قيل: لا يجوز أن تكون المتعة زنًا؛ لأنه لم يختلف أهل النقل أن المتعة قد كانت مباحة في بعض الأوقات أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يبح الله تعالى الزنا قط.
قيل له: لم تكن زنًا في وقت الإباحة، فلما حرمها الله تعالى جاز إطلاق اسم الزنا عليها، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الزانية هي التي تنكح نفسها بغير بينة، وأيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر. وإنما معناه التحريم لا حقيقة الزنا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: العينان تزنيان، والرجلان تزنيان، فزنا العين النظر، وزنا الرجلين المشي، ويصدق ذلك كله الفرج أو يكذبه. فأطلق اسم الزنا في هذه الوجوه على وجه المجاز، إذ كان محرمًا، فكذلك من أطلق اسم الزنا على المتعة فإنما أطلقه على وجه المجاز وتأكيد التحريم. اهـ
وننبهك إلى أمرين: الأول: أن تحذر أشد الحذر من الكلام في الشرع إلا بعلم وفهم ومعرفة بكلام العلماء وقواعد الاستنباط.
الثاني: أن تحية أهل الإسلام هي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وقد نص الفقهاء رحمهم الله تعالى أن من قال: السلام على من اتبع الهدى لم يستحق جوابًا لأنه لم يأت بتحية الإسلام.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... العدة من موانع النكاح
تاريخ الفتوى : ... 26 رجب 1426 / 31-08-2005
السؤال
إذا تبين لرجل أنه تزوج امرأة في عدتها فيجب عليه أن يفارقها لتستكمل عدة الأول ثم تعتد من الثاني فما جواب هذه الأسئلة.
1- كيف تكون المفارقة (نية أم بدون نية للزوج فقط أم لهما)؟
2- هل يجب إعلام الزوج الأول أم لا؟(44/9)
3- كيف تحسب هذه المدة أرجو ضرب مثال بتاريخ أو طهر أو حيض ليفهم (لو تزوجها الثاني قبل الحيضة الثالثة مثلا ماذا يجب عليه)؟
4- لو كانا يعيشان في مكان واحد هل يصح الانفصال (كل واحد في غرفته) حسب حدود الشرع؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العدة مانع من موانع النكاح، فلا يجوز أن تزوج المعتدة لغير زوجها بحال من الأحوال، سواء كانت في عدة حيض أو حمل أو أشهر، وهذه المسألة معلومة ومتفق عليها.
ومن تزوج امرأة في عدتها، سواء كان جاهلاً بحالها أو عالماً وجب عليه فراقها في الحال، وهذا الفراق يكون بترك هذه المرأة بالنية مع الانفصال العملي ولا يحتاج إلى علم الزوج الأول، ولا يحتاج أيضاً إلى حكم قاض لأن العقد أصلاً غير منبرم، وإذا دخل بها فهل تعتد مرتين عدة من الزوج الأول وعدة للثاني، أو يكفيها أن تعتد مرة واحدة وهذا هو ما يسمى بالتداخل، ذهب إلى الأول الشافعية والحنابلة، وذهب إلى القول الثاني وهو التداخل الأحناف والمالكية، ووجه القول الأول وهو وجوب العدتين هو أن العدة عبادة فوجب أن تتعدد بتعدد الوطء الذي له حرمة، ووجه القول الثاني وهو التداخل اعتبار براءة الرحم.
وعلى القول بوجوب العدتين، فإن المرأة عندما بفارقها الزوج الثاني تكمل بقية العدة الأولى، ولا تحسب منها الزمن الذي أمضاه الزوج الثاني معها، فإذا أكملت عدة الأول استأنفت عدة الثاني، فلو تزوجها الثاني وقد بقيت لها حيضة انتظرت حيضة ثالثة بعد الفراق ثم استأنفت عدة الثاني.
ولا فرق في هاتين العدتين وبين كونهما بالحيض أو بالأشهر، أما إن ظهر بها حمل من الثاني فإنها تعتد به أولاً وبعد وضع الحمل تعتد للثاني، والمرأة تعتبر أجنبية من الزوج الثاني فلا يجوز له منها إلا ما يجوز للأجنبي من الأجنبية، لأن عقده عليها كما قدمنا لا أثر له لأن المعتدة ليست محلاً للعقد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
نكاح المتعة والزواج بنية الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 04 رجب 1426 / 09-08-2005
السؤال
شاب متدين والحمد لله. تعرفت على فتاة أوروبية تكبرني بسبع سنوات. يهودية وبتوفيق من الله أقنعتها بالإسلام وتعاليمه ووجدت في مبتغاها وقررت الإسلام وقد أرادت الفتاة السفر لمصر لمقابلتي وللسياحة وقد اتفقنا أنه لكي أظل معها لا بد من زواج رسمي مكتوب خوفا من الفتنة وقد وافقت .السؤال هل يحل ذلك النوع من الزواج مع العلم أن مدة زيارتها أسبوعان ولا أعلم إن كان زواجنا سيستمر بسفرى معها أو بالانفصال.. أرجو سرعة الرد لاتخاذ القرار الصحيح إما بالانقطاع عنها(44/10)
أوبإتمام الزواج المؤقت هذا. ولفضيلتك جزيل الشكر جعلنا الله وإياكم من الهداة المهتدين..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج باليهودية جائز لأنها من أهل الكتاب، وقد أباح الله عز وجل نكاح المحصنات من أهل الكتاب كما تقدم في الفتوى رقم: 2974، ولا شك أن الاشتراط في العقد على أن يكون الزواج مؤقتا بمدة معينة أنه نكاح متعة باطل كما سبق في الفتوى رقم: 1123، وأما نية الرجل ـ ومن باب أولى المرأة ـ أن يكون النكاح لمدة معينة دون الاتفاق على ذلك، فلا تضر في صحة العقد على قول جماهير العلماء، قال ابن قدامة في المغني: وإن تزوجها بغير شرط إلا أن نيته طلاقها بعد شهر، أو إذا انقضت حاجته في هذا البلد، فالنكاح صحيح في قول عامة أهل العلم إلا الأوزاعي،، قال: هو نكاح متعة. والصحيح أنه لا بأس به، ولا تضر نيته، وليس على الرجل أن ينوي حبس امرأته، وحسبه إن وافقته وإلا طلقها. انتهى. مع التذكير بأن هداية نفس إلى الإسلام خير من الدنيا وما فيها، فقد جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خيرا لك من حمر النعم. وفي رواية: خير لك من الدنيا وما فيها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... أحكام من جمع بين المرأة وخالتها
تاريخ الفتوى : ... 03 جمادي الثانية 1426 / 10-07-2005
السؤال
رجل تزوج من امرأة وأنجب منها بنتا وولدا ثم تزوج عليها بنت أختها وأنجب منها أولادا . ما هو حكم الشرع في كلتا الزوجتين
؟ وما هو حكم الشرع في إرث الأولاد ؟ مع العلم بأن الزوجة الأولى هي الخالة ؟ جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فهمناه من هذا السؤال أن هذا الرجل جمع بين المرأة وخالتها، ولا خلاف بين العلماء في حرمة الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها. قال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على القول به، وليس فيه بحمد الله اختلاف، والحجة في هذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها.
وإذا وقع ذلك فإن كان في عقد واحد فسخ نكاح المرأتين جميعا، وإذا عقد على إحداهما بعد الأخرى فسخ نكاح الثانية دون الأولى. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: والجمع بين المرأة وخالة أبيها وخالة أمها، أو عمة أبيها أو عمة أمها،(44/11)
كالجمع بين المرأة وعمتها وخالتها عند أئمة المسلمين وذلك حرام باتفاقهم، وإذا تزوج إحداهما بعد الأخرى كان نكاح الثانية باطلا لا يحتاج إلى طلاق. اهـ.
وعلى هذا، فإن زواج هذا الرجل من هذه المرأة على خالتها يعد باطلا، لكن إن قدم على ذلك جاهلا بالحرمة فلا يلحقه إثم وأولاده من هذا النكاح لاحقون به؛ لاتفاق المسلمين على أن كل نكاح اعتقد الزوج فيه الحلية لحقه فيه الولد، وإن كان النكاح باطلا في نفس الأمر كما نص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه يلحقه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين، وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين إلى إن قال: فثبوت النسب لا يفتقر إلى صحة النكاح في نفس الأمر بل الولد للفراش؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم النكاح المؤقت للمقيم في بلاد الكفر
تاريخ الفتوى : ... 07 ذو القعدة 1425 / 19-12-2004
السؤال
أنا شاب مسلم سني مقيم في بريطانيا وليس لدي أوراق والفتيات المسلمات لا يرضين بالزواج بي ما لم أحصل على أوراق والآن أنا أفكر بزواج المتعة أريد أن ترشدني هل في هذا الوقت حرام أو لا؟ جزاك لله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنكاح المتعة باطل بالإجماع وقد تقدم في الفتاوى التالية أرقامها 485 ، 1123
التفصيل في ذلك، ولا يبيحه كونك في بلد لا يرضى البنات فيه بالزواج منك لسبب من الأسباب، فيمكنك ترك هذا البلد أو الاستعفاف حتى ييسر الله لك الزواج والنكاح الصحيح؛ لقوله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ {النور: 33}.
وزواج المتعة هو ما يتم فيه تحديد المدة في العقد، أما الزواج بنية الطلاق دون إعلام وإخبار بذلك في العقد، فمذهب الجمهور جوازه، لأن النية أمرها في القلب، وقد تتبدل، والأولى ترك ذلك، لما فيه من الغش الذي لا يرضاه الإنسان لنفسه ولا لبناته وأهله
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من تزوج وفي نيته الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 18 شعبان 1425 / 03-10-2004
السؤال(44/12)
إخوتي في الله هناك أخت طلبت مني أن أستفتي لها عن مسألة، وأرجو أن تفتونا وجزاكم الله خير الجزاء.
المسألة كالتالي: هذه الأخت تعيش بالمغرب وهي على قدر لا بأس به من الالتزام أحسبها كذلك والله حسيبها ولا أزكي على الله أحدا، لها أخ يعيش بأمريكا وهي تريد أن تذهب إلى أمريكا لكنها وجدت صعوبات في الحصول على التأشيرة، وأخوها لا يستطيع أن يأتي إلى المغرب لاصطحابها لمشاكل عنده، لذلك قرر أن يبعث أحد أصدقائه وهو يعيش بأمريكا لكي يتزوج بأخته ويصطحبها معه وبعد ذلك يطلقها، فهذه الأخت تسأل هل يجوز لها هذا الفعل أم لا وخصوصا فيما يتعلق بمسألة الزواج هذه؟ جزاكم الله خير الجزاء، وبارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإقدام على الزواج بصورة مؤقتة متفق عليها بين الطرفين لا يجوز سواء طالت المدة أو قصرت، وسواء أكانت معلومة أو مجهولة؛ لأنه يشبه نكاح المتعة وهو محرم بإجماع أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم:1123، والفتوى رقم: 19835.
قال الخرقي: ولو تزوج على أن يطلقها في وقت معين لم ينعقد، قال شارحه ابن قدامة في المغني: يعني إذا تزوجها بشرط أن يطلقها في وقت معين لم يصح النكاح سواء كان معلوما أو مجهولا. إلى أن قال: لأن هذا شرط مانع من بقاء النكاح فأشبه نكاح المتعة. انتهى.
ويستثنى من هذا من تزوج وفي نيته الطلاق من غير أن يذكر ذلك للمرأة ولا وليها، فيباح له ذلك عند أكثر أهل العلم، قال ابن قدامة: وإن تزوجها بغير شرط إلا أن في نيته طلاقها بعد شهر أو إذا انقضت حاجته في هذا البلد فالنكاح صحيح في قول عامة أهل العلم؛ إلا الأوزاعي قال: هو نكاح متعة. والصحيح أنه لا بأس به. انتهى.
وبما أن المرأة المسؤول عنها قد اتفق وليها وطالب الزواج منها على توقيت الزواج فلا يجوز القيام بهذا النكاح على هذه الصورة لأنه شبيه بنكاح المتعة كما قدمنا.
وننبه هنا إلى أمر مهم وهو أن سفر المسلم وإقامته في بلاد الكفر من غير ضرورة فيه من المفاسد والمضار والفتن ما لا يعلمه إلا الله سبحانه وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك بقوله: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. رواه أبو داود.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
نكاح المحلل لا يحل المطلقة المبتوتة لمن حرمت عليه
تاريخ الفتوى : ... 14 رجب 1425 / 30-08-2004
السؤال
الزواج المحلل حرام، كم نصيب الزوجة في ميراث زوجها، هل جهاد المسلمين لبعضهم حرام؟(44/13)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نكاح المحلل يحرم القدوم عليه أصلاً، ولا يُحل المطلقة المبتوتة لمن حرمت عليه، فقد روى أصحاب السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن المحلل والمحلل له. قال الشيخ الألباني: صحيح، ولمزيد من التفصيل عن نكاح المحلل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 17283.
وأما بخصوص نصيب الزوجة من تركة زوجها المتوفى، فيختلف باختلاف حال الزوج، فإن لم يكن له فرع وارث فلها من تركته الربع فرضاً لقول الله تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ {النساء:12}، وأما إن كان له فرع وارث فلها الثمن، لقول الله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم {النساء:12}، وبالنسبة للفقرة الأخيرة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 47035.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
النكاح بغير ولي ولا شاهدين باطل
تاريخ الفتوى : ... 08 رجب 1425 / 24-08-2004
السؤال
إلى فضيلة الشيخ وفقكم الله لما يحبه ويرضاه.
سؤالي حول قضية الزواج، ولكنه زواج خارج الوطن وقع بين شخص قريب منى كل القرب، القريب الذي أتكلم عنه شاب سافر من أجل الكسب إلى إيران، بقي في إيران عدة سنوات فكان يشتغل وينتظر فرصة السفر إلى أوروبا، مكث في إيران ثمان سنوات، لكن في أواخر السنتين تعرف علي امرأة كانت أيضا من أهل العراق جاءت بصحبة أبيها، وكانت تحاول أن تسافر إلى أوروبا عن طريق السفارة الألمانية، وبعد أن أوصلها أبوها إلى إيران رجع أبوها إلى العراق، فأراد من هذا الشاب أن يساعدها في ترتيبات جواز سفرها وذلك لأن الشاب كان يعرف أن يتكلم الفارسية، وبعد أن رتب لها الشاب الترتيبات اللازمة، ومع هذه المدة القصيرة قال لها الشاب: وأنا منذ مدة أود السفر إلى أوروبا ولكن لم تتح لي فرصة، فقالت له المرأة: أنا أساعدك لأني أريد أن أرد لك الجميل، وقال الشاب: كيف؟ قالت: عندما أصل إلى ألمانيا أرسل لك رسالة الدعوة وأقول بأنك زوج أختي ونرتب لك تزويرا وبدورك أنت أيضا ترتب تزويرا لنفسك، فقال لها الشاب: ولماذا لا تتزوجيني؟ فقالت: ماذا أقول لك؟ إنني متزوجة ولي عدة أولاد وبنات ولكن زوجي لا أستطيع أن أعيش معه فقد طلقني عدة مرات وكل مرة ثلاث طلقات ثم خلا ل شهر أو أقل أو أكثر يأتي إلى أبي ليراجعني ويوافق أبي لأنه يحب أن أكون له لا لغيره ذلك لأن زوجي ابن خالي، فأنا لا أحب زوجي فأنا مطلقة فإذا أنت تتقبلني زوجة لك أتزوجك. فكل هذا الكلام حسب زعمها ونحن لا نعلم أصدقت أم كذبت. فقال: أنا أتزوجك فقالا: ومن يزوجنا؟ فبحثا حتى وجدا صديقا للشاب وكان من أهل العراق أيضا فكان قد قرأ هذا الشخص بعض كتب الفقه، فقال: أنا أزوجكما فهذا سهل، فقالا(44/14)
له: نريد أن يكون الزواج سريا، قال لا بأس به أقول أثناء العقد بشهادة شخصين معينين ولا أخبر الشاهدين بالعقد. فزوجهما بهذه الطريقة وبعد العقد جامعا، ثم بعد أسبوع انكشف جواز سفر المرأة في مكتب الجوازات والسفارة الإيرانية أن هذا
الجواز مزور ففشل السفر إلى ألمانيا، فقالت المرأة: أنا لا أرجع إلى العراق أبدا، لأن أبي سوف يرجعني إلى زوجي، لكن الشاب أرجعها إلى العراق وهي كارهة، وبعد أن رجعا إلى العراق أرسلت المرأة من قبل أبيها إلى زوجها السابق، وبعد أن بقيت معه أسبوعا وبعد هذا الأسبوع رفعت المرأة دعوة إلى القاضي ليطلقها زوجها السابق، فطلقها ثم قالت لزوجها الجديد الشاب: تعال واطلب يدي من أبي، يعني بزواج جديد.
فسؤالي هو: ما حكم هذا الزواج الذي عقدوه في إيران، الذي كان زواجا سريا.
كيف تنظرون إلى هذه القضية، وبماذا تنصحون.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي وقع بين هذا الشاب وتلك المرأة لا يعد نكاحا، وإنما هو محض زنا والعياذ بالله، وذلك لعدة أمور:
الأول: أنه وقع بدون ولي، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل. رواه أحمد وأبو داود وصححه السيوطي والألباني.
الثاني: أنه وقع دون شهود، لأن العاقد صرح بأنه سيقول أثناء العقد إنه وقع بشهادة شخصين معينين دون أن يكون أخبرهما به، وقد روى ابن حبان والبيهقي وصححه الذهبي من حديث عمران بن حصين مرفوعاً: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل.
الثالث: أن السؤال لم يتضح فيه ما إذا كانت هذه المرأة متزوجة وقت العقد عليها أم لا، لكثرة ما ذكرت من طلاق زوجها لها، ثم هي بعد عودتها إلى العراق ترفع أمرها إلى القضاء طلبا للطلاق من زوجها السابق كما ذكرت، مما يدل على عدم وضوح المسألة.
فعليها -إذا- وعلى الشاب الذي يريد الزواج منها أن يتوبا مما ارتكباه من الآثام، ويتعلما من أحكام شرع الله ما يقومان معه بأمر دينهما، ولا مانع من أن يتزوجا من جديد بعد التوبة والاستبراء من الماء الفاسد، وعلى هذا الأب -هو الآخر- أن يتوب مما كان يريده من إرسال ابنته إلى أوروبا من غير مبرر شرعي لذلك ومن دون أن يكون معها زوج أو محرم، ونسأل الله أن يرد نساء الأمة وشبابها وشيوخها إلى التمسك بالدين والقيم والأخلاق إنه سميع مجيد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... استقر الإجماع على تحريم نكاح المتعة
تاريخ الفتوى : ... 30 جمادي الأولى 1425 / 18-07-2004
السؤال(44/15)
قال ابن حزم في المحلى في كتاب النكاح : قال أبو محمد : ولا يجوز نكاح المتعة، وهو النكاح إلى أجل، وكان حلالا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نسخها الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم نسخا باتا إلى يوم القيامة، وقد ثبت على تحليلها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من السلف، رضي الله عنهم، منهم من الصحابة، رضي الله عنهم، أسماء بنت أبي بكر الصديق، وجابر بن عبد الله، وابن مسعود . وابن عباس، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن حريث، وأبو سعيد الخدري، وسلمة، ومعبد ابنا أمية بن خلف ورواه جابر بن عبد الله عن جميع الصحابة مدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدة أبي بكر، وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر ، واختلف في إباحتها، عن ابن الزبير، وعن علي فيها توقف ، وعن عمر بن الخطاب أنه إنما أنكرها إذا لم يشهد عليها عدلان فقط، وأباحها بشهادة عدلين ، ومن التابعين : طاووس، وعطاء، وسعيد بن جبير، وسائر فقهاء مكة أعزها الله .
وقد تقصينا الآثار المذكورة في كتابنا الموسوم ب " الإيصال " وصح تحريمها، عن ابن عمر، وعن ابن أبي عمرة الأنصاري ، واختلف فيها : عن علي، وعمر، وابن عباس، وابن الزبير . وممن قال بتحريمها وفسخ عقدها من المتأخرين : أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأبو سليمان . وقال زفر : يصح العقد ويبطل الشرط . انتهى، إن هذا القول يضرب بصحة الإجماع على ظاهره، والسؤال هو: ما توجيهه، ثم هل طاووس، وعطاء، وسعيد بن جبير، وسائر فقهاء مكة أعزها الله ، يقولون بجوازه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد استقر الإجماع على تحريم نكاح المتعة بعد أن كان هنالك خلاف في هذه المسألة بين السلف، وقد نقل هذا الإجماع جماعة من العلماء أوردنا كلامهم في الفتوى رقم: 485 وذكرنا هناك أدلة التحريم فلتراجع.
وقد أورد الحافظ ابن حجر في فتح الباري كلام ابن حزم المذكور بهذا السؤال وقال بعده: قلت: وفي جميع ما أطلقه نظر. انتهى، ثم أخذ في توضيح ذلك في كلام طويل فليراجعه من أراد المزيد من الفائدة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا تنكح الجنية
تاريخ الفتوى : ... 22 ربيع الأول 1425 / 12-05-2004
السؤال
أنا صاحب السؤال رقم125766 وأريد أن أعلمكم بأن الأمر ازداد سوءا فلقد رأيت في المنام أنني تقدمت لخطبة الجنية العاشقة لي ثم رأيت بعدها أنني أعقد عليها في الكنيسة والعياذ بالله في وسط أهلها الكثيري العدد وأخبرني الأخ الذي يعالجني بأنها تزوجتني بالفعل في وجهة نظرها وأهلها وأن الباقي أن يتم الزفاف بالدخول عليها وهي تسعى لذلك بشتى الطرق وأخبرني الأخ بأن الزواج إذا تم والعياذ بالله فستكون(44/16)
هذه هي النهاية غير السعيدة ولن أستطيع بعدها الزواج من إنسانة ؛ فهل إذا حدث الزواج ستكون هذه هي النهاية أم ماذا سيحدث مع العلم بأنني كنت أخاف جدا من الأحداث السالفة الذكر لكن الله أنزل سكينته على قلبي فأصبحت لا أخشى إلا الله وحده والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ أفيدوني جزاكم الله عني خير الجزاء
إني أناشد كل مسلم ومسلمة خالص الدعاء بأن يرفع الله مقته وغضبه عني وعن أمة الإسلام
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به هو الاستمرار في اللجوء إلى الله بصدق وإخلاص، والمداومة على قراءة القرآن والأذكار، وننصحك بمجالسة الصالحين وعرض موضوعك على أحد المشايخ الأخيار ليأخذ ويعطي معك حتى يشخص حالتك ويرشدك إلى ما هو الأصلح لك، وننصحك بالبعد عن نكاح هذه الجنية لما بيناه في الفتوى رقم: 7607.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تريد منه أن يتزوجها سنة ثم يطلقها
تاريخ الفتوى : ... 21 صفر 1425 / 12-04-2004
السؤال
طلبت مني بنت في ليبيا أن أتزوج منها لغرض الستر وهي كانت مع والديها في ألمانيا وهم ليبيون الأب والأم؛ تدرس في المانيا كانت علاقتها بشخص ليبي في ألمانيا في يوم من الأيام اغتصبها هذا الشخص بقوة وزنى بها والعياذ بالله . ففتحها أي يعني فتح الغشاء وهذه البنت الآن في حيرة لها أكثر من ثلات سنوات جاءها أكثر من خاطب وترفض خوفا من الفضيحة لأن أهلها لا يعلمون ما بها ولا يعرفون القصة وطلبت مني أن أسترها أتزوجها وأسترها لمدة سنة وبعدين أطلقها طلاقاً نهائياً وهي راضية .مع العلم بأني أنا عندي ديون مادية ولا يوجد لدي بيت ووعدتني بأن تسدد جميع ديوني وهذا هو شرطها وهي تريد الستر حتى لا تحدت فضيحة بين الناس. والله أعلم هذا ماحكت لي
أفديونا أفادكم الله
في أسرع وقت لأن البنت أتى لها شخص يريد أن يخطب وأهلها فارضون عليها أن تتزوج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة على السؤال لا بد من العلم بأنه لا يجوز للرجل والمرأة أن تكون بينهما علاقة إلا في إطار الزوجية، لأن ذلك يفضي إلى الفجور كما هو الحال في مسألتنا.
أما عن السؤال فإنه ذو شقين:
الشق الأول: حكم الزواج بمن حالها هو ما ذكرت، والجواب عن ذلك أنه يجوز الزواج بها خصوصاً إذا علمت صدقها فيما قالت، وراجع الفتوى رقم: 7994.(44/17)
والشق الثاني: حكم الزواج المحدد بفترة معينة والاتفاق على ذلك بين الطرفين وهذا حرام، وهو نكاح المتعة الذي أجمع العلماء على حرمته، وراجع الفتوى رقم: 17083، والذي ننصحك به هو أن تتزوجها زواجاً دائماً -أي غير نكاح متعة- إذا علمت صدقها وحسن حالها وتوبتها مما فعلت، ولك أن تطلقها بعد ذلك إذا أردت.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إذا انتهت العدة فلا بد من عقد جديد ومهر وولي وشاهدين
تاريخ الفتوى : ... 23 محرم 1425 / 15-03-2004
السؤال
لقد تزوجت مرة أخرى أثناء وجود زوجتي الأولى في عصمتي، وعندما عرفت زوجتي الأولى الخبر عملت لي مشاكل كثيرة وكبيرة وطلبت الانفصال عني أو الانفصال عن الزوجة الأخيرة، ولأني لدي أطفال من زوجتي الأولى وخوفاً على أولادي لم أقم بطلاقها وهي أصرت على ذلك، ولجأت إلى المحاكم لكي تطلب الطلاق وأثناء التفاوض معها اتفقنا على أن أطلق الزوجة الأخيرة بشرط أن تبقى هي مع أولادها، ولكن الزوجة الأخيرة ممتازة في الأخلاق ومريحة وطيبة وليس لها ذنب ولكني فوق هذا وخوفاً من ضياع أطفالي قمت بطلاق الأخيرة، وبعد مدة اتضح لي أن الزوجة الأخيرة لا زالت تحبني وتتمسك بي، أحسست أني ظلمتها، وبعد التشاور معها تم الاتفاق على أن نرجع لبعض دون أن يعرف أحد بمعاودتنا لبعض، هنا السؤال: هل يصح أن نرجع لبعض سراً علماً بأن من وقت طلاقها إلى الآن مرت تقريباً سنة، وإذا يصح أن نرجع فهل علي التوبة والكفارة أو ضروري أن نعقد القران، وإذا كان ضرورياً أن نعقد القران فلا بد من مسألة الشهود هي العائق الوحيد خوفاً من انكشاف السر، أفتونا جزاكم الله خيراً؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يمكنك الرجوع إلى هذه المرأة المذكورة إلا بعقد جديد وولي وشاهدين، وذلك لانقضاء عدتها، وأن أعدت العقد عليها بحضور وليها وشاهدين فقد أصبحت زوجتك شرعاً ولو لم يعلم بذلك إلا الشهود والولي، على ما سبق بيانه في الفتوى رقم: 13671، وذلك لاكتمال شروط النكاح فيه.
أما إن عدت إليها بغير شهود ولا ولي فالنكاح باطل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي وشاهدين. رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير، وانظر الفتوى رقم: 13671.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
النكاح قبل انقضاء العدة باطل
تاريخ الفتوى : ... 03 ذو الحجة 1424 / 26-01-2004(44/18)
السؤال
أنا فتاة في الثامنة والعشرين من العمر تزوجت من رجل بعقد شيخ بدون تثبيت في المحكمة، وبعد سنتين افترقنا بالحسنى لعدم رغبته بإنجاب الأطفال، تزوجت بعد الطلاق بشهرين لكنني سمعت أن هذا الزواج وهذا الحمل حرام لأنني لم أكمل العدة فتطلقت من زوجي الثاني وتم اجهاض الحمل، هل زواجي الأول خاطئ لأنه بكتاب شيخ؟ هل زواجي الثاني حرام لأنني لم أكمل العدة؟ هل حملي هو حمل حرام كذلك، أفيدوني؟ جزاكم الله عن إرشادي إلى الطريق الصحيح كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان النكاح الأول قد استوفى أركانه وشروط صحته المذكورة في الفتوى رقم: 964، فهو نكاح صحيح وإن لم يوثق في المحكمة، والنكاح الثاني باطل لوقوعه قبل انقضاء العدة، وإن كان النكاح الأول لم يستوف أركانه وشروط صحته فهو نكاح باطل، والنكاح الثاني أيضاً باطل لوقوعه قبل انقضاء العدة من النكاح الأول.
أما الحمل فلا ندري هل هو من الزوج الأول أو الزوج الثاني، وعلى كل فالحمل في أي من النكاحين ليس زنا، ما دمت لم تقدمي على النكاح وأنت تعلمين حرمته، وأما الإجهاض، فراجعي لمعرفة ما يترتب عليه الفتوى رقم: 25817.
وعليك أن تتوبي إلى الله وتكثري من الأعمال الصالحة، قال الله تعالى: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [المائدة:39]، وراجعي الفتوى رقم: 28748.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إقدام المتزوجة على الزواج بآخر
تاريخ الفتوى : ... 28 ذو القعدة 1424 / 21-01-2004
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
رجل حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات وطلبتْ زوجتُه منه الطلاق, فقال الرجل أكملي الأوراق الرسمية من الحكومة وأتيني بها ثم أطلقك، ذهبت المرأة وتزوجت بآخر ,هل نكاحها صحيح؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى المرأة المذكورة أن تنتظر حتى يحصل طلاقها من زوجها، فإن لم يقم بطلاقها وحصل لها ضرر نتيجة بعد زوجها عنها، فلترفع أمرها إلى القاضي لرفع الضرر عنها.
ومادامت قد أقدمت على الزواج المذكور فقد ارتكبت معصية عظيمة وزواجها باطل، قال ابن قدامة في المغني: فأما الأنكحة الباطلة كنكاح المرأة المزوجة أو(44/19)
المعتدة أو شبهه، فإذا علما الحل والتحريم فهما زانيان وعليهما الحد ولا يلحق النسب به. انتهى.
والمسألة المذكورة ينبغي رفعها للمحاكم الشرعية للبت فيها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
نكاح المحلل حرام باطل لا يفيد الحل
تاريخ الفتوى : ... 10 شعبان 1424 / 07-10-2003
السؤال
المعروف أن المطلقة لكي ترجع لزوجها وأولادها يجب أن تنكح رجلاً آخر بعد العدة، ولكن إذا حملت من الزوج الثاني ماذا يفعل كل الأطراف؟ وكيف ترجع إلى الزوج الآخر وهي حامل، فيصبح ابن من؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المطلقة التي طلقها زوجها ثلاثاً هي التي تحرم عليه حتى تنكح زوجاً غيره.
وأما من طلقها زوجها مرة واحدة أو مرتين، فله أن يراجعها في فترة عدتها أو يتزوجها زواجاً جديداً، حتى ولو لم تنكح زوجاً غيره.
ولكن ينبغي أن يُعلم أن المطلقة ثلاثاً لا تحل لزوجها الأول حتى يتزوجها رجل آخر ويطأها رغبة في النكاح، وليس لأجل أن يُحلها لزوجها الأول.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لعن الله المحَلِّلَ والمُحَلَّلَ له " رواه أبو داود من حديث علي رضي الله عنه، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (3/100): (نكاح المحلل حرام باطل لا يفيد الحل، وصورته أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثاً فإنها تحرم عليه حتى تنكح زوجاً غيره، كما ذكر الله تعالى في كتابه، وكما جاءت به سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأجمعت عليه أمته، فإذا تزوجها رجل بنية أن يطلقها لتحل لزوجها الأول، كان هذا النكاح حراماً باطلاً، سواء عزم بعد ذلك على إمساكها أو فراقها، وسواء شرط عليه ذلك في عقد النكاح أو شرط عليه قبل العقد...) انتهى.
وأما إذا تزوجها الرجل الثاني بعد انقضاء عدتها من الأول راغباً في النكاح عازماً على إبقائها، فالنكاح صحيح، وإذا حملت منه فالولد له، وهذا واضح، والحاصل أن المطلقة ثلاثاً لا تحل لمطلقها الأول إلا بشرطين:
الأول منهما: أن يدخل بها زوج آخر في نكاح رغبة، وثانيهما: انقضاء عدتها من الزواج الثاني، وعدة الحامل وضع الحمل، قال تعالى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) [الطلاق:4]
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا فرق في حرمة نكاح المتعة بين بكر أو ثيب(44/20)
تاريخ الفتوى : ... 21 رجب 1424 / 18-09-2003
السؤال
السلام عليكم أريد أن أسأل عن عقد المتعة، هل هو محلل للفتاة أن لم تكن مطلقة أو حتى أرملة أي مازالت عذراء وعمرها من الـ 20 إلى 25 سنة؟ و شكراً على تعاونكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد أجمع العلماء على حرمة نكاح المتعة، ولا فرق في ذلك بين أن تكون المعقود عليها بكراً أو ثيباً، كبيرة في السن أو صغيرة، وقد بينا أدلة حرمة ذلك وكلام أهل العلم في الفتوى رقم: 1123، والفتوى رقم: 24142. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِىءٍ فَلَيْسَ مِنَّا
تاريخ الفتوى : ... 04 رجب 1424 / 01-09-2003
السؤال
أحببت فتاة واتفقنا على الزواج، لكنها سافرت إلى أهلها في زنجبار وقام أهلها هناك بالضغط عليها لتزويجها من ابن عمها فوافقت عليه كارهة بسبب ضغوط الأهل هناك. وتزوجت منه لكني ما زلت أريدها . فأسألكم هل جائز لي أن أخلعها منه على أن أدفع له ما أنفقه من مهر وتكاليف على أن يخلي سبيلها. فأتزوجها.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لمسلم أن يفسد على مسلم زوجته لما رواه أحمد وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِىءٍ أوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا. وصححه الحاكم والمنذري و الألباني.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن خطبة المسلم على خطبة أخيه، كما في الصحيح، فكيف بامرأة قد زوجت.
فنوصي الأخ السائل بتقوى الله عز وجل، وعليه أن يجاهد نفسه لصرفها عن هذه المرأة قبل أن يجره الشيطان إلى ما لا يحمد، والنساء سواها كثير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... القول الراجح بشأن الزواج من الجن
تاريخ الفتوى : ... 08 جمادي الثانية 1424 / 07-08-2003
السؤال
الحمد لله وبعد بارك الله في علمكم وعملكم .. وسؤالي هو عن الزواج من الجنية ، ماهي أقوال العلماء المجيزين لذلك .. وأقوال المخالفين ، مع ذكر الترجيح وكيف يكون الزواج منها .. وبالله التوفيق(44/21)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقول الراجح من أقوال أهل العلم أنه لا يجوز للإنسي الزواج بالجنية أو العكس، وقد مضى تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 7607.
وقد ذكر صاحب الفواكه الدواني، أن مالكًا لما سئل عن نكاح الجن قال: لا أرى به بأسًا في الدين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الفرق بين الزواج العرفي وزواج المتعة
تاريخ الفتوى : ... 22 ربيع الثاني 1424 / 23-06-2003
السؤال
ما مدى شرعية الزواج العرفي؟ ماهو الفرق بين زواج المتعة و الزواج العرفي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سبق بيان حكم الزواج العرفي وتفصيل القول فيه بالفتوى رقم: 5962، . وأما نكاح المتعة، فصورته أن يقول للمرأة: أتمتع بك مدة كذا، بكذا من المال. وهو نكاح محرم بالإجماع كما سبق بيان أدلة تحريمه بالفتوى رقم: 485، ، ويتضح الفرق بين الزواج العرفي وزواج المتعة بمعرفة صورة كل واحد منهما. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... نهي عمر بن الخطاب عن المتعة هل هو اجتهاد منه
تاريخ الفتوى : ... 16 ربيع الثاني 1424 / 17-06-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله ما مدى صحة الحديث المروي على لسان عمر بن الخطاب بخصوص المتعتين اللتين كانتا على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ونهى عنهما -متعة الحج والزواج- وما أسباب تحريم زواج المتعة في المذهب السني؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم من حديث جابر قال: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث.
قال النووي: هذا محمول على أن الذي استمتع في عهد أبي بكر وعمر لم يبلغه النسخ.
وقال الحافظ: ومما يستفاد أيضاً أن عمر لم ينه عنه اجتهاداً، وإنما نهى عنها مستنداً إلى نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم.....(44/22)
وبهذا تعلم أن نهي عمر عن المتعة -لمن لم يكن بلغه نسخ الإباحة فيها- لم يكن اجتهاداً منه؛ بل كان امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم:
485.
وأما متعة الحج فقد صح عن عمر أنه نهى عنها، ولكن لم يكن نهي تحريم وإنما أراد أن يختار للناس الأفضل، وهو أن يفردوا العمرة بسفر والحج بسفر، وكان يرى أن ذلك الإتمام المأمور به في قوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196].
وإلا فقد صح عنه أنه قال: لو حججت لتمتعت ولو حججت لتمتعت. رواه الأثرم في سننه، وقال لرجل: أحرم بالحج والعمرة معاً، هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم. رواه النسائي.
ويدل على ذلك أن ابن عمر كان يأمر بالمتعة فيقولون له: إن أباك نهى عنها، فيقول: إ ن أبي لم يرد ما تقولون....
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مصالح تحليل الزوجة المطلقة غير معتبرة
تاريخ الفتوى : ... 17 ربيع الأول 1424 / 19-05-2003
السؤال
السلام عليكم نشكركم على هذا الموقع الرائع ونرجو أن تجيبوا على أسئلتنا أخي العزيز أحب أن توضح لي إذا حدث الطلاق الثالث للزوجين ماذا يحدث بعدها أعلم أنه يجب أن تتزوج المرأة لكن إن كانت المرأة لا تريد الزواج بآخر لأن لها أولاداً تريد تربيتهم هل يمكن أن تتخذ ما يسمونه المحلل أي زواج من شخص يعلم أنه سيتم الزواج الحقيقي بينهما أي الدخول ولكن لفترة ثم يحدث الطلاق بهدف أن تعود المرأة لزوجها لأنه يوجد أولاد بينهما، ولا تريد البعد وتشريد الأولاد وخصوصا أنهم في سن دراسي خطير وهام علما بأن مرات الطلاق حدثت بكلمات غير مقصودة وهم يحبون بعضاً ولا يريدون الانفصال، أفيدونا؟ جزاكم الله كل الخير. ولا تتأخروا علينا بالرد رحمكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزواج الذي يراد منه مجرد التحليل للزوج السابق حرام، بل كبيرة من الكبائر وفاعله ملعون؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله المحلل، والمحلل له. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.
وما ذكر في السؤال من مصالح إرجاع المطلقة بعقد جديد، تعتبر مصالح ملغاة شرعاً لمعارضتها للنصوص الصريحة من الكتاب والسنة، وقد تقدم الجواب عن مثل هذه الحالة في فتاوى سبقت تمكنكم مراجعتها ومنها الفتاوى ذات الأرقام التالية:
4093، 14778.(44/23)
أما كون الطلقات التي وقعت كانت ألفاظها غير مقصودة فلا عبرة به إذا كانت هذه الألفاظ صريحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.
إلا إذا كانت الألفاظ التي استعملها الزوج غير صريحة فحينئذ لا يقع الطلاق إلا إذا اقترن اللفظ بالنية، وحكى ابن قدامة وغيره الإجماع على هذا، ولكم مراجعة قاضٍ شرعي لينظر هل وقع الطلاق في المرات الثلاث؟ أم أنها غير معتبرة هي أو بعضها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تحديد فترة النكاح سرا بين الزوجين
تاريخ الفتوى : ... 25 محرم 1424 / 29-03-2003
السؤال
رجل وامرأة اتفقا على الزواج لمدة محددة ولكن هذه المدة لم تحدد في العقد وبقيت سراً بينهما هل العقد صحيح أم لا وما حكم زواج الثيب بدون ولي ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أي زواج اتفقت أطرافه على تحديد فترة له ينحل بانتهائها يعتبر باطلاً بإجماع أهل السنة؛ لأن ذلك هو زواج المتعة بعينه، وراجع الفتوى رقم: 1123.
وأما حكم الزواج بدون ولي فقد تقدم في الفتوى: 5916. والفتوى: 4632.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ليس منَّا من خبب امرأة على زوجها
تاريخ الفتوى : ... 05 شوال 1423 / 10-12-2002
السؤال
السلام عليكم والصلاة والسلام على رسول الله...
رأيت فتاة صدفة فأعجبتني لكن بقيت فترة لم أتكلم معها بسبب مراقبتي لها في طاعة الله وتصرفاتها ولكن في هذه الفترة أحببنا بعضنا على الرغم بأننا لم نتكلم مع بعض وفي هذه الفترة أيضاً تقدم لها عدة شباب ولم تقبل وأخيراً جاء شاب فقبلت به بعد إلحاح وضغط من أهلها وعلى الرغم من ذلك بقينا نحب بعضنا دون أن نتكلم مع بعض وكان خطيبها يعرف ذلك فلذلك قد أسرع على كتب الكتاب ولكن لم يمسسها. وبعد شهرين من كتب الكتاب تمكنا من التكلم مع بعض بوقت قصير واعترفنا أننا نحب بعضنا وتفاهمنا على ذلك وأيضاً اعترفت بأنها لا تحب خطيبها ويوجد بينها وبينه مشاكل عدة لذلك هل يجوز إذا سمحت الفرصة لها أن تترك خطيبها وهل هذا يجوز في سنة الله ورسوله( ملاحظة كما قلت لم يممسسها بأي شيء ) الرجاء أريد الجواب بأسرع وقت ؟(44/24)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلقاؤك مع هذه الفتاة على الوجه المذكور في السؤال أمر محرم - ولو لم يكن لها زوج - فكيف وهي متزوجة قد عقد عليها زوجها؟! ولو مات ورثته واعتدت منه عدة، ولو ماتت ورثها، فهذا الذي قمت به تدخل بسببه في الوعيد المراد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منَّا من خبب امرأة على زوجها أو عبدًا على سيده. رواه أبو داود وغيره
ومعنى خبب: أي أفسد. ومن لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه فممن يكون ؟؟
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، فكيف بمن يريد تطليق امرأة من زوجها ليتزوجها؟! فلا شك أن هذا الفعل من أعظم المحرمات، بل ومن أعظم أفعال الشياطين، كما في صحيح مسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرَّقت بينه وبين امرأته، فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت، فيلتزمه.
فعليك أن تقطع صلتك نهائيًّا بهذه الفتاة فهي امرأة غيرك، وأن تتوب إلى الله، وثق أن الله سيعوضك خيرًا منها، كما قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً [الطلاق:2].
وإذا كان بينها وبين زوجها مشاكل ثم طلقت منه بسبب المشاكل لا بسببك أنت، ورغبت في التقدم لها فعليك أن تتقدم لوليها وتطلب منه أن يزوجك منها، لا أن تأتي البيوت من ظهورها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... كراهة التزوج بين العيدين باطل لا أصل له
تاريخ الفتوى : ... 05 شوال 1423 / 10-12-2002
السؤال
هل صحيح أنه لا يستحب عقد القران بين العيدين؟؟؟ .... وهل يوجد أيام لا يستحب عقد القران فيها ؟؟
وجزاكم الله خير الجزاء....
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما تزعمه العوام من كراهة عقد الزواج بين العيدين لا أصل له في الشرع، بل هو من اعتقادات الجاهلية، بل استحب جمهور الفقهاء كالمالكية والشافعية وبعض الحنابلة الزواج في شوال، وهو بين العيدين، لما رواه مسلم عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: تزوجني صلى الله عليه وسلم في شوال ودخل بي فيه، وأي نسائة كان أحظى عنده مني.(44/25)
قال: وكانت عائشة تستحب أن تُدِخل نِساءها في شوال.
قال النووي في شرح الحديث: فيه استحباب التزويج والتزوج والدخول في شوال، وقد نص أصحابنا على استحبابه واستدلوا بهذا الحديث وقصدت عائشة بهذا الكلام رد ما كانت الجاهلية عليه وما يتخيله بعض العوام اليوم من كراهة التزوج والتزويج والدخول في شوال، وهذا باطل لا أصل له وهو من آثار الجاهلية كانوا يتطيرون بذلك لما في اسم شوال من الإشالة والرفع. انتهى
وقال القاري : قيل إنما قالت هذا ردًّا على أهل الجاهلية فإنهم كانوا لا يرون يمنًا في التزوج والعرش في أشهر الحج. انتهى
ولا نعلم وقتًا جاء الشرع بالنهي عن الدخول أو عقد القران فيه، إلا الوقت الذي يكون الشخص فيه متلبساً بإحرام بعمرة أو حجة، أو تكون المرأة فيه معتدة، ونحو ذلك من موانع الزواج الشرعية.
والحاصل أن شوال كغيره من الأشهر وليس له فضل عليها، وزواج النبي صلى الله عليه وسلم فيه لم يكن قصدًا، وإنما كان اتفاقًا، قال الشوكاني في نيل الأوطار معلقًا على الحديث: استدل المصنف -يعني أبا البركات صاحب المنتقى- بحديث عائشة على استحباب البناء بالمرأة في شوال، وهو إنما يدل على ذلك إذا تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم قصد ذلك الوقت لخصوصيةٍ له لا توجد في غيره، لا إذا كان وقوع ذلك منه صلى الله عليه وسلم على طريق الاتفاق، وكونه بعض أجزاء الزمان فإنه لا يدل على الاستحباب؛ لأنه حكم شرعي يحتاج إلى دليل، وقد تزوج صلى الله عليه وسلم بنسائه في أوقات مختلفة على حسب الاتفاق ولم يتحرَّ وقتًا مخصوصًا، ولو كان مجرد الوقوع يفيد الاستحباب لكان كل وقتٍ من الأوقات التي تزوج فيها النبي صلى الله عليه وسلم يُستحب البناء فيه، وهو غير مُسَلَّم. انتهى
وإذا وجد بين الناس من يتطير بالزواج في شوال أو في غيره فيستحب لأهل الفضل والعلم فعل ذلك وإظهاره لبيان بطلان هذه العادة وهذا الاعتقاد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... تحريم المتعة تمَّ بوحي من الله
تاريخ الفتوى : ... 17 شعبان 1423 / 24-10-2002
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد وجدت في كتاب الاأستاذ الشيخ القرضاوي الحلال بين والحرام بين من فصل زواج المتعة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أباح زواج المتعة لظروف معينة في الغزوات والسفر ثم حرمه بالتأكيد فكيف رسول الله يحلل شيئا ثم يحرمه أليس هو الذي نزل عليه القرآن الكريم والذي قال عنه المولى عز وجل: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) فكيف يمكن لنا أن نناقض ذلك بهذا الشكل من التفسير؟
ووفقكم الله وإيانا في معرفة حدوده.(44/26)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمعت الأمة على جواز النسخ، ومن المواطن التي شملها الإجماع مسألة المتعة فهي من نسخ السنة بالسنة، والنسخ معناه: إزالة حكم شرعي بآخر شرعي متأخر عنه، ومن جملة ذلك نسخ إباحة المتعة في بداية الإسلام وتحريمه بعد ذلك نهائياً، وقد نص أهل العلم على أنها أبيحت مرتين على وجه الرخصة، ثم حرمت مرتين، واستقر النهي في الثانية إلى وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك لحديث علي رضي الله عنه المتفق عليه وهو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر.
وفي رواية: نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الإنسية.
ولما أخرج مسلم في صحيحه عن الربيع بن سبرة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم الفتح -فتح مكة- عن متعة النساء.
وفي رواية أخرى له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أيها الناس: إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً".
قال النووي في شرحه لهذه الأحاديث: والصواب المختار أن التحريم والإباحة للمتعة كانا مرتين، فكانت المتعة حلالا قبل غزوة خيبر، ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت يوم فتح مكة، ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريماً مؤبداً إلى يوم القيامة، واستقر تحريمها.
أما من فعل المتعة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي خلافة أبي بكر الصديق، وفترة من خلافة عمر بن الخطاب، فذلك محمول على عدم علمهم بنسخ المتعة.
وقولنا: إن النبي صلى الله عليه وسلم حرم أو أباح المتعة.. المقصود به:أنه فعل ذلك بوحي من الله تعالى لا من تلقاء نفسه، فالمحلل والمحرم هو الله تعالى لا راد لأمره، ولا معقب لحكمه جل وعلا.
وبناء على ما تقدم تعلم أن ما ذكره الشيخ صحيح لا مطعن فيه للأدلة الكثيرة التي ذكرنا بعضها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
فتاوى في بطلان زواج المتعة والنكاح بدون ولي وشهود
تاريخ الفتوى : ... 15 جمادي الثانية 1423 / 24-08-2002
السؤال
ما حكم من يتزوج بامرأة ثيب( مطلقة) زواجا مؤقتاً بدون شهود أو ولي أو تسجيل للعقد( زواج متعة مؤقت) مع العلم بأن اللقاء بينهما يتم على الهاتف فقط ( بمعنى لا توجد ملامسة فعلية) ؟
الفتوى(44/27)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزواج المتعة حرام سواء كانت المرأة بكراً أم ثيباً. وقد سبق بيان ذلك بالأدلة في الفتوى رقم:
1123 فلتراجع.
والزواج بدون ولي ولا شهود باطل ولو لم يكن متعة، كما دلت على ذلك النصوص الشرعية.
وسبق أن بينا ذلك في فتاوى سابقة، فلتراجع منها الفتاوى التالية:
5916
2843
4832.
وننبه السائل إلى أن هذه المرأة لا تزال أجنبية عنه فلا يجوز له النظر إليها ولا الخلوة بها ولا محادثتها لغير حاجة حديثاً فيه لين وخضوع، فإن ذلك يجر إلى ما هو أعظم منه، فعلى المسلم أن يتقي الله عز وجل، ويقف عند حدوده، قبل أن يندم فلا ينفع الندم.
وعلى الأخ الذي وقع في شيء من هذه المحرمات أن يسارع بالتوبة إلى الله عز وجل، والندم على ما صدر منه، وتركه في الحال، والعزم على أن لا يرجع إليه في المستقبل، والله عز وجل يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
عمر بن الخطاب لا شأن له بتحريم نكاح المتعة
تاريخ الفتوى : ... 16 جمادي الأولى 1423 / 26-07-2002
السؤال
إذا كان زواج المتعة نزل بالقرآن وكان مسموحاً على عهد الرسول وحرم بعهد سيدنا عمر كيف يحق لسيدنا عمر تحريم ما أحله الله ورسوله ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نكاح المتعة قد حرمه الرسول صلى الله عليه وسلم وليس سيدنا عمر رضي الله عنه، ولتفصيل ذلك راجع الجوابين التاليين:
485.
9243.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
نكاح المتعة...تحريمه.. والمفاسد المترتبة عليه
تاريخ الفتوى : ... 14 جمادي الأولى 1423 / 24-07-2002
السؤال(44/28)
لقد قرأت في زاد المعاد لابن قيم الجوزية عن موضوع زواج المتعة وأن بعض الفقهاء أجازه إذا كانت هناك ضرورة كما جاء في فتاوى ابن تيمية أن من أجازه من الفقهاء جعل حكمه يتراوح بين الكراهة التنزيهية والتحريمية على حسب الضرورة الداعية لذلك وأنا أعيش في بلد أجنبي لا يحق لي فيه تعدد الزوجات وأشعر بالحرج الكبير عند غياب زوجتي عني لزيارة أهلها في بلدها حيث لا أستطيع مرافقتها لأسباب قاهرة وقد وجدت في هذه الرخصة مخرجا يجنبني مزالق الشيطان ولكني أود الاستئناس برأيكم فوق ما قرأته في كتب الأئمة الكبار.
وجزاكم الله كل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نكاح المتعة من الأنكحة المحرمة بإجماع المسلمين إلا من شذ، فلا يجوز لأحد الإقدام عليه بعدما نسخ حكم جوازه، وأجمع المسلمون على ذلك، وقد نقل الإجماع على حرمته وبطلانه الإمام ابن المنذر والقاضي عياض والخطابي والقرطبي.
وفي الصحيحين من حديث الحسن وعبد الله ابني محمد بن الحنفية عن أبيهما أنه سمع علي بن أبي طالب (وهو أبوه) يقول لابن عباس: نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الأهلية.
وفي صحيح مسلم عن سبرة الجهني رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا أيها الناس، إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً".
وزواج المتعة هو: ما يتم في عقده تحديد المدة، وكما رأينا فهو حرام إلى الأبد دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع من يعتبر إجماعهم.
وكذلك النظر الصحيح يدل على تحريمه، لما يترتب عليه من مفاسد، وقد جاءت الشريعة الإسلامية لمصلحة العباد، وإسعادهم في الدنيا والآخرة.
فمن المفاسد المترتبة على نكاح المتعة: ضياع الأولاد، وتفرقهم في كل مكان، واحتمال أن يتزوج الرجل زوجة أبيه أو ابنه، بل واحتمال أن يتزوج بنته أو محرمته لصعوبة العلم بذلك، وخاصة إذا عمل به وكثر في الناس، ومن مفاسده أنه ربما يحرم بعض الأولاد من تركة أبيهم، إلى غير ذلك من المفاسد.
أما الزواج بنية الطلاق دون اشتراط ذلك في العقد، فقد اختلف فيه العلماء، فأجازه قوم، ومنعه قوم آخرون، والجمهور على جوازه، لأن النية ربما تتغير، لكن الأولى ترك ذلك، لما فيه من شبهة الغش، فربما لا ترضى المرأة ولا أولياؤها إذا علموا بذلك، والمسلم من شأنه أنه يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فهو لا يرضى هذا لبناته ولا لأخواته، فينبغي ألا يرضاه لبنات الآخرين أو لأخواتهم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الإمام الطبري لا يقر نكاح المتعة(44/29)
تاريخ الفتوى : ... 29 ربيع الثاني 1423 / 10-07-2002
السؤال
ماهو حكم زواج المتعة؟ وهل صحيح أن عمر هوالذي حرم زواج المتعة وليس رسول الله صلى الله عليه و سلم .وقرأت في تفسير الطبري جملة تقول :لو لا عمر بن الخطاب ما زنى إلا شقي ؟؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزواج المتعة باطل بإجماع أهل العلم، وعليك أن تقرأ كلام الطبري بأكمله ليتبين لك أنما نقلته عنه ليس حجة، وإنما الحجة قائمة على تحريمة، وراجع الفتوى رقم:
1123 والفتوى رقم:
1802.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
نكاح التحليل باطل باطل باطل
تاريخ الفتوى : ... 23 ربيع الأول 1423 / 04-06-2002
السؤال
لو تزوج رجل امرأة مطلقة ثلاث طلقات طلاقا نهائيا وقد نوى بذلك تحليلها لزوجها الأول دون علم زوجها الأول بذلك فما حكم هذا الزواج وهل تحل المرأة لزوجها الأول ؟ وهل تدخل هذه المسألة في زواج المحلِّل و المحلَل له ؟؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لرجل أن يتزوج امرأة ليحلها لزوجها ولو كان زوجها غير عالم، وهذا يدخل على الراجح من أقوال أهل العلم، في نكاح التحليل المحرم.
فقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن جابر بن زيد أنه قال: في رجل تزوج امرأة ليحلها لزوجها وهو لا يعلم، قال: لا يصلح ذلك إذا كان تزوجها ليحلها
وروى أيضاً عن عمرو بن دينار أنه سئل عن رجل طلق امرأته فجاء رجل من أهل القرية بغير علمه ولا علمها فأخرج شيئاً من ماله فتزوجها ليحلها له، فقال: لا.
وروى أيضاً أن رجلاً جاء إلى الحسن فقال: إن رجلاً من قومي طلق امرأته ثلاثاً فندم وندمت، فأردت أن أنطلق فاتزوجها وأصدقها صداقاً ثم أدخل بها كما يدخل الرجل بامرأته ثم أطلقها حتى تحل لزوجها. فقال له الحسن: اتق الله يافتى، ولا تكونن مسمار نار لحدود الله.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : نكاح المحلل حرام باطل لايفيد الحل، وصورته: أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثاً فإنها تحرم عليه حتى تنكح زوجاً غيره، كما ذكره الله تعالى في كتابه وكما جاءت به سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأجمعت عليه أمته، فإذا تزوجها رجل بنية أن يطلقها لتحل لزوجها الأول كان هذا النكاح حراماً باطلاً، سواء عزم بعد ذلك على إمساكها أو فارقها، وسواء شُرط عليه ذلك في عقد النكاح(44/30)
أو شرط عليه قبل العقد أو لم يشرط عليه لفظاً، بل كان ما بينهما من الخطبة وحال الرجل والمرأة والمهر نازلاً بينهم منزلة اللفظ بالشروط، أو لم يكن شيء من ذلك، بل أراد الرجل أن يتزوجها ثم يطلقها لتحل للمطلق ثلاثاً من غير أن تعلم المرأة ولا وليها شيئاً من ذلك، سواء علم الزوج المطلق ثلاثاً أو لم يعلم، مثل أن يظن المحلل أن هذا فعل خير ومعروف مع المطلق وامرأته بإعادتها إليه، لما أن الطلاق أضر بها وبأولادها وعشيرتها ونحو ذلك.
بل لا يحل للمطلق ثلاثاً أن يتزوجها حتى ينكحها رجل مرتغباً لنفسه نكاح رغبة لانكاح دُلسة ويدخل بها بحيث تذوق عسيلته ويذوق عسيلتها، ثم بعد هذا إذا حدث بينهما فرقة بموت أو طلاق أو فسخ جاز للأول أن يتزوجها انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الزواج المؤقت حرام وباطل
تاريخ الفتوى : ... 18 ربيع الأول 1423 / 30-05-2002
السؤال
أزواج وزوجات الليلة الواحدة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان السائل يقصد الزواج المؤقت فإنه حرام وباطل، سواء أطالت المدة أم قصرت وهذا النوع من الزواج هو نكاح المتعة الذي أجمع العلماء على تحريمه، وممن نقل الاجماع على ذلك، ابن المنذر والقاضي عياض وغيرهما، وللاطلاع على أدلة التحريم، وتفصيل القول فيه راجع الفتوى رقم:
1123.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تجويز نكاح المحلل لمصلحة الحفاظ على الأسرة ملغاة شرعا
تاريخ الفتوى : ... 17 محرم 1423 / 31-03-2002
السؤال
هل المحلل حرام قطعا أم ان هناك حالات خاصة يباح فيها اللجوء الى هذا الحل كالحفاظ مثلا على كيان الأسرة من التفكك والحفاظ على الأولاد من التشرد حيث إن الزوجة لا ذنب لها في أفعال زوجها وهي الآن بعد اليمين الثالث يتحتم عليها ترك المنزل وترك ابنتها التي هي في سن يخشى من تركها وحدها .
الفتوى
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى حد لعباده حدوداً وأمرهم أن لا يعتدوها ومن ذلك الطلاق، فقد جعل الله للزوج فرصتين ليراجع أمره وينظر ما هو الأصلح، فمن تعدى ذلك فقد حرم(44/31)
نفسه فرص مراجعته النفس، وتصبح زوجته بائناً منه بينونة كبرى، لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل. وقد نص العلماء على أن الحكمة من حد الطلاق بثلاث هي: إنقاذ المرأة من أن تصبح لعبة بيد من لا عقل له من الرجال، كما كان حال المرأة في الجاهلية، ومصلحة الحفاظ على الأسرة واجتماعها مصلحة معتبرة شرعاً. ولذا شرع مراجعة الزوجة بعد الطلقة الأولى، وكذا بعد الثانية وأحل الإسلام للزوج الزواج بمن طلقها ثلاثاً إن كانت قد تزوجت وطلقت. وانظر الفتوى رقم 4093ورقم الفتوى 2665 أما مصلحة الحفاظ على الأسرة بتجويز نكاح المحلل فهي مصلحة ملغاة لا اعتبار لها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفرق بين زواج المتعة والمسيار
تاريخ الفتوى : ... 14 ذو القعدة 1422 / 28-01-2002
السؤال
ما هو زواج المسيار؟ وما هي شروطه؟ وما الفرق بين زواج المسيار وزواج المتعة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهناك فرق بين زواج المسيار وزواج المتعة، فزواج المتعة زواج مؤقت منصوص على توقيته، كأن يتزوج الرجل المرأة لمدة شهر أو سنة، أو أقل أو أكثر، وهو محرم. وانظر الجواب رقم : 485.
أما زواج المسيار، فهو بقصد استمرار النكاح، وإنما تتنازل فيه المرأة عن بعض حقوقها برضاها.
انظر جواب رقم: 3329.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
انتشار الفساد هل يجيز نكاح المتعة؟!
تاريخ الفتوى : ... 06 رمضان 1422 / 22-11-2001
السؤال
1-السلام عليكم وبعد: ماذا عن زواج المتعة لمن لا يستطيع الزواج ولماذا قديما في الاسلام وحرم الان علما ان كثيرا من الشباب الان بحاجة اليه بسبب شدة الفسق اللتي وصل اليها المجتمع،علما انه قد عرض علي وبسهولة وانا قاب قةسين او ادنى من الزنا والله هلى ما اقول شهيد. الاجابة الشافية
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم بيان حكم زواج المتعة في إجابة سؤال رقم:(44/32)
485 ونزيد هنا فنقول للأخ السائل: إن حاجة الشباب إلى المتعة -كما يقول- وشدة الفسق، كل ذلك لا يصلح مبرراً لارتكاب ما حرم الله، فإن الذي حرم المتعة هو الله العليم الخبير، الذي قال عن نفسه سبحانه: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)[الملك: 14] وقد شرع الله عز وجل البدائل عن ما حرمه، ولم يجعل علينا في الدين من حرج، فمن كان محتاجاً إلى الزواج وهو قادر عليه فقد شرع الله له الزواج الشرعي، ووعده بأن يكون في عونه، كما قال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة حق على الله عونهم ... " ومنهم "ناكح يريد العفاف" رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد حسن. فإن لم يكن قادراً عليه وجب عليه الصبر، واتخاذ الأسباب التي تعينه على ذلك، كما قال سبحانه: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله)[النور: 33] وفي ذلك إشارة إلى أن الله عز وجل سيغنيهم، وسيجعل بعد العسر يسراً، ومن الأسباب التي تعينه على الصبر الصيام، كما قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء" متفق عليه.
وأما لماذا كان حلالاً في أول الإسلام ثم حرم؟ فذلك جار على التدريج الذي اتبعته الشريعة في إيجاب الواجبات، وتحريم المحرمات، رفقاً بالناس، إذ يصعب نقلهم جملة واحدة من واقع يشرب فيه الخمر، ويمارس فيه الزنا، ويؤكل فيه الربا، إلى غير ذلك من المحرمات، إلى واقع يحرم ذلك كله، فحرمت المحرمات، ووجبت الواجبات على التدريج، حتى استقرت الأحكام على ما نحن عليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الرد على من زعم أن عمر بن الخطاب هو الذي حرم المتعة
تاريخ الفتوى : ... 27 ربيع الثاني 1422 / 19-07-2001
السؤال
هل الحديث المنسوب لعلي بن أبي طالب والذي يقول فيه ( لولا أن نهى عن المتعة عمر ما زنى إلا شقي ) هل هو صحيح أم ضعيف، وإذا كان ضعيفا أرجو أن تبينوا مشكورين سبب ضعفه .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الحديث المنسوب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه حديث باطل لا يصح عند أهل السنة، ولا يصح أيضاً من طرق الشيعة، لأنه من رواية المفضل بن عمر، وهو عندهم: فاسد المذهب، مضطرب الرواية لا يعبأ به، ضعيف متهافت، ولا يجوز أن يكتب حديثه، بل أخرج الكشي في رجاله ص 322 عن أبي عبد الله ( جعفر الصادق ) أنه قال لإسماعيل بن جابر: أنت المفضل وقل له: يا كافر يا مشرك ما تريد إلى ابني؟ تريد أن تقتله؟.
وروى الكشي أيضاً أن أبا عبد الله قال لحجر بن زايدة وعامر بن جذاعة: نعم فالعناه وابرءا منه، برئ الله ورسوله منه.(44/33)
ومع بطلان هذا الحديث وكذبه، فهو - أيضاً - مخالف لما صح عن علي رضي الله في كتب السنة والشيعة من أن تحريم المتعة كان يوم خيبر.
فقد روى الطوسي في كتابيه الاستبصار والتهذيب بإسناده عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي قال: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة.
وهذا هو الحق، فإن نكاح المتعة حرم يوم خيبر على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا أن عمر هو الذي حرمه!! وهذا موافق لما في كتب أهل السنة، ففي الصحيحين عن علي أنه قال لابن عباس: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية. وانظر الفتوى رقم: 485
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم من تزوج امرأة وهي في العدة وأنجب منها
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1422 / 10-05-2001
السؤال
ما حكم الشرع في رجل تزوج امرأة طلقها زوجها وهي حامل في الأشهر الأولى ، ثم تزوجها رجل آخر قبل الولادة وولدت وهي على ذمته. هل يجب على الرجل الآخر أن يعيد عقد الزواج مرة أخرى ، أم يعتبر العقد الأول صحيحا شرعاً. بعض الصالحين الذين شهدوا على الزواج اقترحوا عليه أن يعيد عقد الزواج مرة أخرى لعدم علمهم بحمل المرأة من الرجل الأول ، ولكنه رفض.
أفيدونا في هذا الموضوع علما بأن كلا الرجلين قد ماتا، وأن المرأة قد أنجبت العديد من الأبناء للرجل الآخر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعدة الحامل المطلقة تمتد حتى تضع حملها باتفاق الفقهاء، لقوله تعالى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) [الطلاق: 4].
ويحرم على الغير نكاحها قبل وضع حملها باتفاق الفقهاء أيضاً لما رواه أبو داود من حديث رُويفع بن ثابت الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره" يعني إتيان الحبالى.
ولأن الحامل لا تنتهي عدتها إلا بوضع حملها، ونكاح المرأة أثناء عدتها محرم بالإجماع، لقوله تعالى: (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) [البقرة: 235] أي ما كتب الله عليهن من التربص، فلا يجوز نكاح المعتدة قبل انقضاء عدتها.
لأن من شروط صحة الزواج بالمرأة خلوها من الموانع كالعدة ونحوها، وهذا من الأنكحة المجمع على فسادها، وهو نكاح باطل يجب فسخه، والتفريق بينهما، والاستمرار على المعاشرة استناداً لهذا العقد يعتبر استمراراً في الزنى، فيجب به الحد إذا علم الزوجان الحكم. هذا بالنسبة لحكم المعاشرة، وعليه ينبني نسب الأبناء،(44/34)
فما أنجبه منهم بعد علمه بالحكم، فهو ابن زنى لا نسب بينه وبينه، ولا إرث، وما أنجبه قبل معرفة الحكم فهو ابنه ينسب إليه ويتوارثان.
قال ابن قدامة في المغني: وإذا تزوج معتدة، وهما عالمان بالعدة، وتحريم النكاح فيها، ووطئها فهما زانيان عليهما حد الزنا، ولا مهر لهما، ولا يلحقه النسب، وإن كانا جاهلين بالعدة، أو بالتحريم ثبت النسب وانتفى الحد، ووجب المهر، وإن علم هو دونها، فعليه الحد والمهر، ولا نسب له، وإن علمت هي دونه فعليها الحد، ولا مهر لها، والنسب لا حق له به، وإنما كان كذلك لأن هذا نكاح متفق على بطلانه، فأشبه نكاح ذوات محارمه. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم نكاح المخبب بمن خبب بها
تاريخ الفتوى : ... 08 صفر 1422 / 02-05-2001
السؤال
هل صحيح أنه عندما يتفق رجل وامرأة على الزواج بعد طلاقها فإن زواجهما يكون باطلا وما هو الحكم إذا لم يكونا على علم بهذا الأمر وما هو المخرج حتى يتزوجا وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اتفاق رجل مع امرأة ذات زوج على الزواج منها بعد طلاقها من زوجها، هذا الفعل هو ما يسمى ب(التخبيب)، وهو إفساد الرجل زوجة غيره عليه، وهو من الذنوب العظيمة، وهو من فعل السحرة، ومن أعظم أفعال الشياطين، كما في صحيح مسلم " إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلةً أعظمهم فتنةً، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئاً، ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، فيدنيه منه، ويقول: نِعْمَ أنت، فليتزمه".
وقال صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من خبب امرأة على زوجها" أخرجه أحمد واللفظ له والبزار وابن حبان في صحيحه.
واختلف الفقهاء في حكم نكاح المخِّبب بمن خبب بها على قولين: مذهب جماهير أهل العلم على جواز نكاحه، وإن كانوا يرون تحريم التخبيب، إلا أن النكاح صحيح عندهم.
ويرى المالكية وهو قول بعض أصحاب أحمد: أن نكاحه باطل عقوبة له لارتكابه تلك المعصية، ويجب التفريق بينهما معاملةً له بنقيض قصده، والراجح هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من صحة نكاحه، فالتخبيب وإن كان حراماً وكبيرة من الكبائر إلا أن النكاح إذا وقع بشروطه الشرعية كان نكاحاً صحيحاً، وما سبقه من تخبيب لا يعود عليه بالإبطال. أما ما ذكره المالكية من تحريمها عليه عقوبة له، فالواجب هو تعزيره على هذه المعصية على ما يقرره القاضي الشرعي، وأن تعرَّف المرأة على(44/35)
جلية الحال، فإن أرادت الرجوع إلى زوجها وكان الطلاق رجعياً فلها ذلك، وإن أرادت الزواج بغيره فلها ذلك أيضاً.
ونقول: كفى بالتحريم رادعاً، وكفى بالوعيد المنصوص عليه في الأحاديث السابقة زاجراً عن الإقدام على هذا الفعل الذي حمل عليه طغيان الشهوة، وإهدار حقوق المسلم على أخيه، وما أقرب الندم وفساد ذات البين ممن يفعل ذلك ويجترئ عليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
زواج الإنسي من جنية
تاريخ الفتوى : ... 22 محرم 1422 / 16-04-2001
السؤال
هل يتزوج الإنسي من جنية أو يجامعها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى افتراض إمكان زواج الأنسي بجنية فإن ذلك لا يجوز شرعا، لمفهوم قوله تعالى: ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ) [النحل:72] وقوله سبحانه: ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً) [الروم: 21] قال المفسرون في معنى الآيتين: ( جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ) أي من جنسكم ونوعكم وعلى خلقكم. قال الإمام السيوطي في الأشباه والنظائر: ( فإن قلت: ما عندك من ذلك؟ قلت: الذي أعتقده التحريم، واستدل بالآيتين المتقدمتين: ثم قال: فروي المنع منه عن الحسن البصري، وقتادة، والحكم بن عيينة، وإسحاق بن راهويه. وقال الجمال السجستاني من الحنفية في كتاب ( منية المغني عن الفتاوى السراجية) لا يجوز المناكحة بين الإنس والجن، وإنسان الماء لاختلاف الجنس. وذكر وجوهاً أخرى للمنع منها: أن النكاح شرع للألفة، والسكون، والاستئناس، والمودة، وذلك مفقود في الجن.
ومنها: أنه لم يرد الإذن من الشرع في ذلك، فإن الله تعالى قال: ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) [النساء:3] والنساء اسم لإناث بني آدم خاصة، فبقي ما عداهن على التحريم، لأن الأصل في الأبضاع الحرمة حتى يرد دليل على الحل. ومنها: أنه قد منع من نكاح الحر للأمة، لما يحصل للولد من الضرر بالإرقاق، ولا شك أن الضرر بكونه من جنية وفيه شائبة من الجن خَلقاً وخُلقاً، وله بهم اتصال ومخالطة أشد من ضرر الإرقاق الذي هو مرجو الزوال بكثير، ثم قال: وإذا تقرر المنع، فالمنع من نكاح الجني الأنسية أولى وأحرى) انتهى ملخصاً.
وإنما منع زواج الجني من الإنسية لما تقدم، ولئلا تقول المرأة إذا وجدت حاملاً إنها حامل من زوجها الجني فيكثر الفساد. وقال الماوردي بخصوص المناكحة بين بني آدم والجن:
( وهذا مستنكر للعقول، لتباين الجنسين، واختلاف الطبعين، إذ الآدمي جسماني، والجني روحاني. وهذا من صلصال كالفخار، وذلك من مارج من نار، والامتزاج(44/36)
مع هذا التباين مدفوع، والتناسل مع الاختلاف ممنوع ( نقله عنه صاحب أضواء البيان ) (3/241).
وأخيراً نقول: إن زواج الإنسي بالجنية على فرض إمكانية وقوعه - وهو مستبعد جداً - يترتب عليه مفاسد كثيرة، لقدرة الجنية على التشكل بصورة أخرى، وكيف يثق أن التي تخالطه هي زوجته حقاً، ربما كانت غيرها، ولأن الزواج لا بد فيه من ولي وشاهدي عدل كشرط صحة للنكاح، ولا بد من خلو المرأة من الموانع، وربما تعذر تحقق كل ذلك لاختلاف طبيعة الجن عن الإنس، إلى غير ذلك من الأمور.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
نكاح الشغار صوره - أحكامه
تاريخ الفتوى : ... 14 ذو القعدة 1421 / 08-02-2001
السؤال
هناك صديقان اتفق كل واحد منهما أن يزوج صديقه أخته هل هذا الزواج صحيح ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما سألت عنه هو ما يعرف بنكاح الشغار وله ثلاث صور، الأولى وتسمى بصريح الشغار: وصورتها أن يقول الرجل لآخر: زوجتك موليتي على أن تزوجني موليتك وبضع كل واحدة منهما مهر للأخرى، والنكاح بهذه الصورة باطل عند جميع العلماء من المالكية والحنفية والشافعية والحنابلة، واحتجوا بما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار، والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته ليس بينهما مهر " ، غير أن الحنابلة لم يفرقوا بين أن يقول:إن صداق كل واحدة منهما بضع الأخرى ،وبين أن يسكت عنه أويشرط نفيه، وكذلك لو جعل بضع كل واحدة منهما ودراهم معلومة مهراً للأخرى.
ثم اختلفوا - بعد اتفاقهم على حرمه الصورة الأولى - في صحتها لو وقعت على قولين: الأول: أن النكاح فاسد، ويلزم الفسخ سواء قبل العقد أم بعده، غير أنه إن دخل بها لزمه مهر المثل، وذهب الحنفية - وهو قول الزهري والأوزاعي ومكحول والثوري والليث ورواية عن أحمد وإسحاق وأبي ثور وهو قول في مذهب الشافعي -إلى أن النكاح صحيح مع الإثم، ويلزم فيه مهر المثل يدفع لكل زوجة.
والصورة الثانية من صور نكاح الشغار ما يسمى ب(وجه الشغار) وهو أن يقول :زوجتك موليتى بكذا على أن تزوجني موليتك بكذا ويسمى وجه الشغار، لأنه شغار من وجه، دون وجه فمن حيث سمي لكل واحدة مهر فليس شغاراً ، ومن حيث إنه تزوج إحداهما بشرط الزواج بالأخرى فهو شغار، وهو نكاح فاسد عند المالكية خلافاً لجمهور الفقهاء، ويفسخ عند المالكية قبل البناء (الوطء) ويمضي بعد البناء بالأكثر من المسمى وصداق المثل.(44/37)
والصورة الثالثة من نكاح الشغار عند المالكية هي مركب الشغار وصورته أن يقول : زوجني بنتك بمائة من الدنانير - مثلاً - على أن أزوجك بنتي، والنكاح بهذه الصورة فاسد أيضاً. ويفسخ نكاح من لم يسم لها مهر قبل البناء وبعده، ولها بعد البناء صداق مثلها، وأما من سمي لها مهر فيفسخ نكاحها قبل البناء، ويمضي بعد البناء بالأكثر من الصداق المسمى أومهر المثل. وينبغي عدم اللجوء إلى مثل هذه الصور المختلف فيها، لما في ذلك من الإضرار بالنساء المنكوحات، وتقديم مصلحة الأزواج وشهواتهم على مصالح مولياتهم. وفي هذا ما فيه من الإخلال بالأمانة. ولكن ليعقد على كل امرأة على حدة، حسبما تقتضيه مصلحتها هي، كما أرشد الشارع إلى ذلك. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... زواج المطلقة بآخر لأجل الرجوع إلى الزوج السابق حرام
تاريخ الفتوى : ... 27 ربيع الأول 1422 / 19-06-2001
السؤال
إذا طلب الزوج من زوجته المطلقة التزوج بمحلل لتحل له فما حكم ذلك؟ مع العلم أنها ترفض ذلك تماما.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن الزواج بالمحلل حرام باطل في قول عامة أهل العلم، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله المحلل والمحلل له" رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة. وسماه النبي صلى الله عليه وسلم تيسا مستعاراً، فقد روى ابن ماجة عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: هو المحلل. لعن الله المحلل والمحلل له". ولا أثر شرعاً لنكاح المحلل، فلا تحل به المطلقة طلاقا بائناً ولا ترجع لزوجها، وبناء على ذلك فلا ينبغي لهذه الزوجة المطلقة أن تستجيب لرغبات زوجها السابق، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أبيح زواج المتعة مدةً ثم حرّم إلى يوم القيامة
تاريخ الفتوى : ... 07 جمادي الثانية 1422 / 27-08-2001
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى
كيف أحل نكاح المتعة وكيف حرم؟ وهل الآية: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة) هى الآية التي أحلت المتعة؟ وما سبب نزول الآية؟
أعينوني فأنا لم أعد أجد رقم أسئلتي وكيف علي أن أفعل.(44/38)
وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أحلت المتعة في صدر الإسلام لما كان الصحابة رضوان الله عليهم يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليست نساؤهم معهم لما في الصحيحين وغيرهما من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (كنا نغزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس معنا نساء فقلنا ألا نستخصي فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل..).
ثم بعد هذا الترخيص فيها نهاهم عنها نهياً سرمدياً إلى يوم القيامة، لما ثبت في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً".
فهذا الحديث صريح في أن الرخصة في متعة النساء قد نسخت بالتحريم وأن ذلك التحريم مستمر إلى يوم القيامة. وقد نقل جمع من العلماء إجماع المسلمين على هذا في القرون المفضلة وقالوا إن ابن عباس رضي الله عنهما قد رجع عن فتواه بجواز المتعة وصار يفتى بالتحريم. وأما الآية فقد قال القرطبي إن الجمهور على أنها مراد بها المتعة وأنها نسخت. ومما نسخت به قول الله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ) [سورة المؤمنون:5-6]، فهذا يدل على أن أي امرأة غير الزوجة والأمة يجب حفظ الفرج عنها، والمتمتع بغيرالزوجة وغير ملك يمينه (أي أمته) يعد من الملومين العادين، ويدخل في ذلك الناكح نكاح المتعة.
والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... زواج المتعة حرام إلى يوم القيامة
تاريخ الفتوى : ... 20 رجب 1422 / 08-10-2001
السؤال
هل صحيح أن زواج المتعة كان حلالا في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم حرمه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أم أنه كان حراما ثم حلله سيدنا علي رضي الله عنه وما هو حكم زواج المتعة وهل يصح في حال الاغتراب والعمل في الخارج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فزواج المتعة كان مباحاً في أول الإسلام ثم حُرِّم ثم أبيح ثم حُرم إلى يوم القيامة، والذي حرمه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحرمه عمر ولا علي رضي الله عنهما، إنما شدد عمر في النكير على من لم يبلغه التحريم والذي روى حديث التحريم المؤبد هو علي رضي الله عنه.(44/39)
وقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما: أن عليا رضي الله عنه قال لابن عباس رضي الله عنهما: "إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر". وفي رواية: "عن متعة النساء زمن خيبر" ولا يصح زواج المتعة حضرا ولا سفرا فإنها حرام إلى يوم القيامة.
وأخرج البيهقي من حديث أبي ذر قال: "إنما أحلت لنا أصحاب محمد متعة النساء ثلاثة أيام ثم نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم". وجاء النسخ المؤبد بقوله صلى الله عليه وسلم: "إنها حرام إلى يوم القيامة .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... نكاح المتعة محرم وباطل
تاريخ الفتوى : ... 11 ربيع الأول 1422 / 03-06-2001
السؤال
ما هو حكم الشرع في زواج المتعة إذا كان فيه مصلحة مثل الإقامة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فنكاح المتعة من الأنكحة الباطلة المحرمة، بإجماع المسلمين، فلا يجوز لأحد الإقدام عليه .
وقد نقل الإجماع على حرمته وبطلانه الإمام ابن المنذر، والقاضي عياض والخطابي والقرطبي وغيرهم. وروى البخاري ومسلم من حديث الحسن وعبد الله ابني محمد ابن الحنفية عن أبيهما أنه سمع علي بن أبي طالب يقول لابن عباس : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية".
وروى مسلم في صحيحه عن سبرة الجهني أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة،فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا".
وزواج المتعة هو ما يتم في عقده تحديد المدة أما الزواج بنية الطلاق دون إعلام وإخبار بذلك في العقد،فقد اختلف فيه العلماء، ومذهب الجمهور جوازه، لأن النية أمرها في القلب، وقد تتبدل،والأولى ترك ذلك،لما فيه من الغش الذي لا يرضاه الإنسان لنفسه ولا لبناته وأهله.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يكون الزواج شغاراً ما لم يرتبط زواج أحد الخاطبين بالآخر
تاريخ الفتوى : ... 13 ربيع الثاني 1422 / 05-07-2001
السؤال(44/40)
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة...أيها الشيوخ الأفاضل أنا شاب أرغب بالزواج من ابنة عمي وأخوها يرغب بالزواج من أختي. في هذه الحالة كيف يمكننا تجنب زواج الشغار؟ وكيف يكون الفصل في موضوع المهر؟. وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
إذا لم يكن هنالك ربط بين الزواجين ودفع كل من الزوجين مهر البنت التي تزوجها كان ذلك زواجاً صحيحاً وخرج عن الشغار المنهي عنه. والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
زواج المتعة منسوخ وباطل
تاريخ الفتوى : ... 14 شوال 1421 / 10-01-2001
السؤال
ما حكم الشرع في زواج المتعة؟ وإذا كانت زنا فكيف يبيحها الرسول صلى الله عليه وسلم فترة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنكاح المتعة من الأنكحة الباطلة المحرمة بالإجماع فلا يجوز لأحد الإقدام عليه ولا التفكير فيه ولا الاستماع إلى شبهات من يبيحه.
وقد نقل أئمة المسلمين الإجماع على تحريم المتعة.
قال الإمام ابن المنذر:(جاء عن الأوائل الرخصة فيها ولا أعلم اليوم أحدا يجيزها إلا بعض الرافضة، ولا معنى لقولٍ يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم) أ.هـ.
وقال القاضي عياض: (ثم وقع الإجماع من جميع العلماء على تحريمها إلا الروافض).
وقال الإمام الخطابي: (تحريم المتعة كالإجماع إلا من بعض الشيعة ولا يصح على قاعدتهم في الرجوع في المختلفات إلى علي رضي الله عنه وآل بيته، فقد صح عن علي أنها نسخت، ونقل البيهقي عن جعفر بن محمد أنه سئل عن المتعة فقال: هي الزنا بعينه). أ هـ.
وقال الإمام القرطبي: (الروايات كلها متفقة على أن زمن إباحة المتعة لم يطل وأنه حرم، ثم أجمع السلف والخلف على تحريمها إلا من لا يلتفت إليه من الروافض). أهـ.
وهذا الإجماع القطعي في التحريم، مستنده الكتاب والسنة، كما يدل عليه النظر الصحيح أيضاً.
أما الكتاب:
(1) ففي قوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون). والمرأة المتمتع(44/41)
بها ليست زوجة، لأن علاقة الزوجية توجب التوارث بين الطرفين، كما توجب على الزوجة العدة في الوفاة والطلاق الثلاث، وهذه أحكام الزوجية في كتاب الله تعالى، والقائلون بالمتعة من الروافض يرون أنه لا توارث بينهما ولا عدة. وهي ليست بملك يمين، وإلا لجاز بيعها وهبتها وإعتاقها، فثبت أن نكاح المتعة من الاعتداء المذموم.
(2) ومن دلالة القرآن على ذلك أيضاً قوله تعالى: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله) [النور: 33]. ولو كانت المتعة جائزة لم يأمر بالاستعفاف ولأرشد إلى هذا الأمر اليسير، وقد تحققنا قيام أمر الشريعة على اليسر ونفي الحرج.
(3) وكذلك قوله تعالى: (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم ... ... ) إلى قوله: (ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم) [النساء: 25] فلو جازت المتعة لما كانت حاجة إلى نكاح الأمة بهذين الشرطين. عدم الاستطاعة وخوف العنت.
وأما استشهادهم بقوله تعالى: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة) [النساء: 24] فهذا لا حجة لهم فيه، بل الاستدلال بذلك على المتعة نوع من تحريف الكلام عن مواضعه ، فسياق الآيات كلها في عقد النكاح الصحيح، فإنه لما ذكر الله تعالى المحرمات من النساء قال: (وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة) إلى أن قال: (ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات ... ... ) [النساء: 25]، فالسياق كله في النكاح.
والآية دالة على أن من تمتع بزوجته بالوطء والدخول لزمه إتمام المهر وإلا فنصفه.
وأما قراءة {إلى أجل مسمى} فليست قراءة متواترة، ولو سلم صحتها فهي منسوخة كما سيأتي، على أنه ليس فيها دلالة على المتعة، وإلا لكانت المتعة لا تجوز مدة العمر كله وأبدا، وإنما إلى أجل مسمى، وهذا لا تقول به الشيعة، نعني اشتراط كون المتعة إلى أجل وأنها لا تجوز مدة العمر، فبطل استدلالهم بهذه القراءة.
وأما السنة النبوية:
(1) فما رواه مسلم في صحيحه من حديث سَبُرة الجهني أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً".
(2) وما رواه البخاري ومسلم من حديث الحسن وعبد الله ابني محمد ابن الحنفية عن أبيهما أنه سمع علي بن أبي طالب يقول لابن عباس: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية".
(3) وعن سَبُرة الجهني قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة ثم لم نخرج منها حتى نهانا عنها" رواه مسلم.(44/42)
(4) وعن سَبُرة الجهني أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة وقال: (ألا إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة، ومن كان أعطى شيئاً فلا يأخذه) رواه مسلم.
فهذه الأحاديث تدل على أن تحريم المتعة هو آخر الأمرين، وأنه محرم إلى يوم القيامة.
وأما النظر الصحيح:
فإن النظر الصحيح يدل على تحريم المتعة، وذلك لكونها مشتملة على مفاسد متنوعة كلها تعارض الشرع: منها كما أفاد صاحب التحفة الاثناعشرية أنها تضييع الأولاد، فإن أولاد الرجل إذا كانوا متشردين في كل بلدة ولا يكونون عنده فلا يمكنه أن يقوم بتربيتهم فينشأون من غير تربية كأولاد الزنا، ولو فرضنا أولئك الأولاد إناثا كان الخزي أزيد، لأن نكاحهن لا يمكن بالأكفاء أصلا. ومنها احتمال وطء موطوءة الأب للابن، بالمتعة أو بالنكاح أو بالعكس، بل وطء البنت وبنت البنت وبنت الابن، والأخت وبنت الأخت وغيرهن من المحارم في بعض الصور، لأن العلم بحمل المرأة المتمتع بها في مدة شهر واحد أو أزيد ربما تعذر، لاسيما إن وقعت المتعة في سفر، فإذا تكرر هذا في مجموعة أسفار، وولدت كل واحدة منهن بنتاً، فربما رجع هذا الرجل إلى هذا المكان بعد خمسة عشر عاماً مثلاً، أو مر إخوته أو بنوه بتلك المنازل، فيفعلون مع تلك البنات متعة أو ينكحوهن. ومن المفاسد: تعطيل ميراث من ولد بالمتعة، فإن آباءهم وإخوتهم مجهولون ولا يمكن تقسيم الميراث ما لم يعلم حصر الورثة في العدد.
ومنها اختلاط الماء في الرحم وخاصة في المتعة الدورية، وهي موجودة في كتب الشيعة، وصورتها: أن يستمتع جماعة من امرأة واحدة ويقروا النوبة لكل منهم فيختلط ماؤهم، وهذا من أعظم المحرمات لما فيه من اختلاط الأنساب.
قال الإمام النووي : (والصواب المختار أن التحريم والإباحة كانا مرتين، وكانت حلالا قبل خيبر ثم أبيحت يوم فتح مكة، وهو يوم أوطاس لاتصالهما، ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريماً مؤبداً إلى يوم القيامة واستمر التحريم) أهـ. شرح مسلم 3/553.
وهذه بعض الأحاديث الدالة على الإباحة ثم التحريم:
1. عن إياس بن سلمة عن أبيه قال : (رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أوطاس في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها). رواه مسلم.
2. وعن سَبُرة الجهني انه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة، قال : (فأقمنا بها خمس عشرة، فأذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء ... ... . فلم نخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله علي وسلم) رواه مسلم.
و قد جاء عن بعض الصحابة إباحة المتعة، كابن عباس رضي الله عنه، وخصها بحالة الاضطرار، لكن جاء رجوعه عن المسألة، وسبق ذكر إنكار علي رضي الله عنه عليه.(44/43)
أما قول جابر رضي الله عنه : (كنا نستمتع على عهد رسول الله وأبي بكر، حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث). وقوله : (ثم نهانا عمر فلم نعد لها) رواهما مسلم.
قال النووي : (هذا محمول على أن الذي استمتع في عهد أبي بكر وعمر لم يبلغه النسخ) أهـ.
قال الحافظ في الفتح ( ومما يستفاد أيضاً أن عمر لم ينه عنها اجتهاداً، وإنما نهى عنها مستنداً إلى نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وقع التصريح بذلك فيما أخرجه ابن ماجة من طريق أبي بكر بن حفص عن ابن عمر قال : (لما ولي عمر خطب فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثا ثم حرمها). وأخرج ابن المنذر والبيهقي من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: (صعد عمر المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ما بال رجال ينكحون هذه المتعة بعد نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم) أهـ من الفتح 9/77.
وتسليم الصحابة لعمر رضي الله عنه وموافقتهم له دليل على صحة حجته رضي الله عنه، كما قال الإمام الطحاوي: (خطب عمر فنهى عن المتعة ونقل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه ذلك منكر، وفى هذا دليل على متابعتهم له على ما نهى عنه) انتهى .
وأيضا لايجوزأن يقال: ( المتعة زنا كيف يحلل الرسول صلى الله عليه وسلم الزنا لفترة ؟ ) لوجود الفرق بين الأحكام في بداية التشريع وبعد نهايته حيث كان البعض منها ينسخ وبعضها يبقى وفق مراد الله سبحانه وتعالى حيث يقول : (ماننسخ من آيةٍ أوننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير) [ البقرة : 106]، فالنسخ أوالإباحة لحكم ما في فترة ثم تحريمه لايجوز الاعتراض عليه، لأنه من لدن حكيم خبير سبحانه وتعالى، ولما أبيحت المتعة في أول الإسلام لم تكن ( زنا ) حال إباحتها ، وإنما تأخذ حكم الزنا بعد التحريم واستقرار الأحكام كما هو معلوم.
والله علم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
نصرانية تسأل : لم لا يجوز تزوج المسلمة بالكتابي ويجوز العكس ؟
سؤال:
سؤال من زوجتي المسيحية : لماذا لا يحل للمرأة المسلمة الزواج من أهل الكتاب - المسيحيين واليهود - بينما هو محلَّل للرجل المسلم ؟.
الجواب:
الحمد لله
إن من أسماء الله تعالى التي نؤمن بها ، ولا نظن أن أحدا ممن يعتقد أن له ربا يشك فيها ، أنه سبحانه الحكيم ، وبهذا أثنت عليه الملائكة المكرمون ، لما علموا حكمته في أمره لهم بالسجود لآدم : ( قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) البقرة/32 وبهذا ـ أيضا ـ شهد لنفسه سبحانه ، وشهدت له ملائكته ، وشهد(44/44)
له أهل العلم به سبحانه : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) آل عمران/18.
وبذلك قامت حجته سبحانه على خلقه . قال الله تعالى : ( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) الأنعام/149 ومعلوم ـ من ذلك ـ أن الحكيم لا يفعل ما يفعل عبثا ، ولا يضع شيئا في غير موضعه ، ولا يأمر بأمر إلا وهو أحسن لخلقه من غيره ، كما قال سبحانه : ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) الزمر/23.
وهذا كما أنه مقتضى اسمه الحكيم ، فهو كذلك مقتضى تفرده بالخلق سبحانه ، فمنطقي أن من صنع شيئا هو أعلم بما يصلحه ويلائمه من غيره ؛ فكيف بالخالق العليم : ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الملك/14 . وأما عن هذه الحكمة التي تسألين عنها ، فعلك أيتها السائلة على علم بأن الإسلام هو آخر دين نزل من عند الله تعالى ، ولذلك نسخ كل دين سواه ، كما قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) التوبة/33 . وقال تعالى : ( وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا ) النساء/141 .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الإسلام يعلو ولا يُعلَى ) رواه الدارقطني وغيره ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (2778)
ومعلوم أن الزوج له القوامة على زوجته ، ومقامه من الأسرة أعلى من مقام زوجته ، وربما كان هذا العلو دافعا له لإكراه زوجته على ترك دينها واتباع دينه ، أو التأثير فيها بغية ذلك ، وهو ما لا يرضاه الإسلام .
وسوف يكون ذلك العلو الذي للزوج سببا ـ أيضا ـ في اتباع أبناء هذه المرأة لأبيهم على دينه ، وهي جناية عظيمة على تلك الذرية ، أن تتشأ ولم تهتد إلى دين الله الخاتم .
وهذه الحكمة العظيمة قد ذكرها ربنا تبارك وتعالى في سياق تحريم تزويج المسلمات لغير المسلمين فقال تعالى : ( وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة/221 .
ثم إن الكتابية حين تتزوج بمسلم ، تتزوج برجل يؤمن بنبيها ، بل وبسائر أنبياء الله ، ولا يكون مسلماً إلا بهذا ، ولا يحل له أن يفرِّق بين أحد منهم ، قال تعالى : ( آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ) البقرة/285 ، في حين أن الكتابي - من يهودي أو نصراني - لا يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم الأنبياء ، فكيف يستوي الأمران لتكون نساء المسلمين عند رجل يكفر بنبيها ولا يؤمن به ؟!
على أننا ننبه هنا إلى أن زواج المسلم بالكتابية ، وإن كان مباحا في الشرع ، لما يرجى من وراءه من المصلحة ، وما فيه من التخفيف على العباد ، فإنه " مستثقل مذموم " كما قال الإمام مالك رحمه الله [ تفسير القرطبي 3/67 ] .(44/45)
وبعد ، فهذا دعوة هادئة لأهل الكتاب ، لعلهم ينتبهون إلى أن الإسلام قد استثنى أهل الكتاب في بعض الأحكام من دون باقي الكفار ، فأباح الله تعالى أن نأكل مما يذبحه أهل الكتاب ، كما أباح لنا التزوج من نسائهم ، تقديراً لأصل دينهم الذي جاء بالتوحيد ، وإكراماً لرسل تلك الأديان الذين أُمرنا بالإيمان بهم وتعظيمهم ، وليُنظر الفرق بين موقف أهل الديانتين اليهودية والنصرانية من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبين موقف ديننا من أنبيائهم .
وأخيرا ؛ فإن هذا الحكم ليس غريبا على الأديان الأخرى ، ولا شاذا تفرد به الإسلام ، لماذا يستغرب بعض الطاعنين في ديننا من منع الإسلام من تزويج نسائنا بغير المسلمين وهم بينهم لا يزوجون بعضهم بعضاً وهم أهل ديانة واحدة ؟! فالكاثوليكي لا يستطيع أن يتزوج بامرأة بروتستانتية ، وإن تجرأ على ذلك عوقب من قبل الكنيسة ، والعكس بالعكس !
وفي قانون الأقباط الأرثوذكس المصري الصادر عام 1938م تنص المادة السادسة على أن " اختلاف الدين مانع من الزواج " .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
اشترط عليه أبوها أن يطلقها إذا جاء وقت سفرها
سؤال:
لي صديق تزوج من امرأة مقيمة بالرياض مع أهلها بدون توثيق العقد وبدون شيخ ، فقط أصدقاء العريس وهم ثلاثة واحد نصب نفسه شيخاً والآخران شهود بوجود أبي العروس ، وتم الزواج بدون حتى كتابة أي عقد ، مع العلم أن هذه العروس ستغادر البلاد بعد سنة ونصف خروجا نهائيا إلى بلدها ، وسوف يطلق العريس عروسه عند ذلك ، فقد شرط والد العروس أن مدة العقد فقط ما داموا بالرياض ، وعند سفرهم سوف تطلق هذه العروس من عريسها .
س1 : ما حكم هذا الزواج ؟
س2 : ما رأيكم فيما فعله أصدقاء العريس ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً : إذا كان الزواج مؤقتا بمدة معينة ، كشهر أو سنة ، أو إلى انقضاء الدراسة أو الإقامة ونحو ذلك ، فهذا نكاح المتعة ، وهو محرم باطل عند جماهير أهل العلم ، وحُكي الإجماع على تحريمه .
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني 7/136 :
(( ولا يجوز نكاح المتعة ) معنى نكاح المتعة أن يتزوج المرأة مدة , مثل أن يقول : زوجتك ابنتي شهرا , أو سنة , أو إلى انقضاء الموسم , أو قدوم الحاج . وشبهه , سواء كانت المدة معلومة أو مجهولة . فهذا نكاح باطل . نص عليه أحمد , فقال : نكاح المتعة حرام ... وهذا قول عامة الصحابة والفقهاء . وممن روي عنه تحريمها عمر , وعلي , وابن عمر , وابن مسعود , وابن الزبير قال ابن عبد البر : وعلى(44/46)
تحريم المتعة مالك , وأهل المدينة , وأبو حنيفة في أهل العراق , والأوزاعي في أهل الشام , والليث في أهل مصر , والشافعي , وسائر أصحاب الآثار ) انتهى.
وهذا النكاح المحرم لا يجوز لأحد الإقدام عليه ، ولا عقده ، ولا الشهادة فيه .
وعلى من فعل ذلك أن يتوب الله تعالى ، كما يجب التفريق بين الرجل والمرأة .
ثانيا : هناك صورة أخرى لنكاح المتعة ، وهي ما لو تزوجها بشرط أن يطلقها في وقت معين .
والفرق بين الصورتين ، أن الصورة الأولى يُتفق فيها على توقيت الزواج بمدة ، بحيث إذا انتهت ، انتهى النكاح من غير حاجة إلى طلاق .
أما في هذه الصورة ، فلا يؤقت الزواج بمدة ، لكن يتم اشتراط إيقاع الطلاق في وقت معين .
قال ابن قدامة رحمه الله في " المغني " (7/137) :
(( ولو تزوجها على أن يطلقها في وقت بعينه , لم ينعقد النكاح ) . يعني إذا تزوجها بشرط أن يطلقها في وقت معين , لم يصح النكاح سواء كان معلوما أو مجهولا , مثل أن يشترط عليه طلاقها إن قدم أبوها أو أخوها .
لأن هذا شرط مانع من بقاء النكاح , فأشبه نكاح المتعة . انتهى باختصار .
وسئلت اللجنة الدائمة عن رجل مسافر بعيد عن بلده يريد أن يتزوج امرأة واتفقا على أن يطلقها عند سفره إلى بلده . فأجابت :
"النكاح إلى سفر الزوج لا يجوز ، لأنه من نكاح المتعة ، لتحديد زمن النكاح بسفر الزوج " اهـ .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (18/444) .
ثالثاً : إذا استوفى عقد النكاح شروطه وأركانه ، من الإيجاب والقبول ورضا الزوجين ، وحضور الولي والشاهدين ، صح ، ولو كان بدون توثيق ، إلا أن التوثيق مهم لحفظ حقِّ كلٍّ من الزوجين وأولادهما ، ولا يضر عدم وجود مأذون أو قاض ، أو كون أحد الأصدقاء تولى العقد .
ولمعرفة أركان عقد النكاح وشروطه راجع السؤال رقم (2127) .
ولكن العقد بالصورة المسئول عنها محرم ولا يصح ، كما سبق ، فعلى من تولى العقد والشهود التوبة إلى الله تعالى من هذا الفعل المحرم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
-ـــــــــــــــــــ
تريد أن تتزوج من كافر على الأوراق فقط !!
سؤال:
أنا آنسة أسكن وحدي ، أعمل في نزل في الاستقبال ، هل عملي حرام مع العلم أنّي لست متحجّبة وأخاف أن أطرد إن تحجّبت ولا أجد مورد رزق آخر مع العلم أنّي أبلغ من العمر 34 سنة. وهل أستطيع الزّواج على الأوراق بغير مسلم لكي أتمكّن من الهجرة والعيش في الخارج لأنّي بتّ أخشى العنوسة والنّاس كلامهم كثير ولم أعد أتحمّل ملاحظاتهم ومراقبتهم لي .(44/47)
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد والرشاد ، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه ، وبفضله عمن سواه .
ثانيا :
تضمَّن سؤالك أنك الآن لا ترتدين الحجاب ، خوفا من أن تطردي من عملك ، ونحن لن نشير عليك إلا بما نرضاه لزوجاتنا ولأخواتنا وبناتنا ، فمهما كان الأمر كما ذكرت فإن الحجاب شأنه عظيم ، وهو شعار المؤمنة ، ورمز حيائها وعفتها ، ولا يجوز التفريط فيه احتجاجا بالرزق الذي كفله الله تعالى لكل أحد ، ووعد بالمزيد منه أهل طاعته ومرضاته ، قال تعالى : ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) الذاريات/22، 23. وقال سبحانه : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 ،3.
فكوني على يقين وثقة بالله تعالى ، وأن رزقك لن ينقطع لو لبست الحجاب ، بل نرجو أن يعقب ذلك فرج عظيم ورزق كبير كما وعد الله ، وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ) صححه الألباني في حجاب المرأة المسلمة .
فالبسي حجابك ، وابحثي عن عمل مباح لا تختلطين فيه بالرجال ، ويعوضك الله خيرا ، فإن الأمر كله بيده ، وخزائنه ملأى سبحانه وتعالى وتقدس .
وراجعي السؤال رقم (6666) .
ثالثا :
لا يجوز للمسلمة أن تتزوج من غير المسلم ، مهما كانت الأسباب ، ولو كان ذلك على الورق كما قلت ، فإن النكاح جده جد ، وهزله جد ، وليس هناك نكاح صوري كما يظن البعض ، بل هناك نكاح لازم ، إن كان مستوفي الشروط فهو مباح ، وإن كان مختل الشروط فهو نكاح محرم لا يجوز لأحد أن يقدم عليه .
قال تعالى : ( وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة/221.
وقال : ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) الممتحنة/10.
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وقد اتفق المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم , ولا يتزوج الكافر المسلمة " (انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/130) ).
ومرة أخرى نعود إلى مسألة الرزق – والزواج من جملة الرزق – فإن أعظم أسباب الرزق : طاعة الله تعالى ، والعجب ممن يسعى للرزق بمعصية الله ، فهذا حري أن تسد في وجه الأبواب ، وإن فتحت له كان ذلك استدراجا له ، نسأل الله العافية .(44/48)
وإليك هذا الحديث العظيم لتزدادي إيمانا ويقينا بأن الرزق مصاحب لطاعة الله : قال صلى الله عليه وسلم : ( إن روح القدس نفث في رُوعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها ، وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله ، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته ) رواه أبو نعيم في الحلية ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: (2085) .
ولا تهتمي بنظر الآخرين وتعليقاتهم ، فإن كلامهم لا يضر ولا ينفع في الحقيقة ، وتأخير الزواج قد يكون لخير أراده الله لك ، ونحن لا نعلم أين يكون الخير ، ففوضي أمرك إلى الله تعالى ، وابذلي وقتك في تحصيل الحسنات وتكفير السيئات ، فإن الموعد غدا ، يوم يفوز الفائزون ، ويخسر الخاسرون ( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) آل عمران/185.
فيا لله كم من امرأة متزوجة ، متعها الله بالذرية والمال ، تساق غدا إلى النار !
وكم من امرأة لم تنل مالا ، ولم تسعد بزوج ، هي في أعلا جنان الخلد !
فالله الله في الإيمان ، والطاعة ، والعفة ، فإن الدنيا عرض زائل ، ومتعة فانية ، ولذة منقضية ( وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) العنكبوت/64.
وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
هل يحرم الزواج بامرأة لا تنجب ؟
سؤال:
قد مضى على زواج والدتي ووالدي 25 عاما ، وقبل 3 أعوام تزوج والدي من أرملة هندوسية وجعلها تسلم ، ومنذ ذلك الحين ونحن نعاني المشاكل في البيت ، المذكورة لها طفلان من زوجها الأول المتوفى ، والمسألة أن الزوجة الثانية كانت تعمل في نفس المكان الذي عمل فيه والدي ، وكانت الشائعات تتحدث عن أن والدي كان على علاقة معها ثم تزوجها لاحقا ، ولا يعلم صحة ذلك إلا الله ، المذكورة كانت تعرف بأنها امرأة ذات سمعة ليست إلى تلك الدرجة كما أنها ترتدي ملابس مثيرة ، حتى بعد مضي ثلاث سنوات على زواجها فلا تزال السمات الإسلامية لا تظهر عليها وهي لا تزال ترتدي ملابس مثيرة جدّاً ، وقد أجرت عملية تعقيم بعد أن وضعت طفليها من زوجها الأول ، وعليه : فإن والدي قد تزوج - على علم - من امرأة لا تنجب ، والموضوع هو : هل الزواج صحيح حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الزواج بالمرأة التي لا يمكنها الإنجاب ؟ وإذا كان الجواب بنعم : فما الحكم في طفليها اللذين منحا اسمين إسلاميين وهما يدرسان في مدرسة إسلامية داخلية ؟ وكيف يجب أن يكون موقفي تجاه والدتي ، وأيضا تجاه هذه المسألة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :(44/49)
جاء في سؤالك أن والدك تزوج من أرملة هندوسية وجعلها تسلم , فإن كان العقد قد تم عليها وهي هندوسية ثم أسلمت بعد ذلك فنكاحها باطل , وعلى والدك أن يعيد العقد مرة أخرى لأن الله تعالى حرم على المسلم أن يتزوج مشركة حتى تسلم , قال تعالى : ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ) البقرة/221 , وإن كان العقد قد تم عليها بعد إسلامها فالعقد صحيح .
ثانياً :
ولا يجوز لوالدك أن يتزوج امرأة على تلك الصفات التي ذكرتِ ، وقد رغَّب الشرع المطهَّر باختيار ذات الدِّين ، ولبسها الملابس المثيرة يمنع المسلم من هذا الاختيار ، فالواجب عليكم نصح والدكم بالتي هي أحسن أن يوجهها نحو الالتزام بأحكام الإسلام ، ومن ذلك : أمرها بالحجاب ، والالتزام بالأخلاق الفاضلة .
ثالثاً :
رغَّب الرسول صلى الله عليه وسلم بنكاح المرأة الولود ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ , إِنِّي مُكَاثِرٌ الأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه أحمد ( 12202 ) .
وصححه ابن حبان ( 3 / 338 ) والهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 4 / 474 ) .
وقال شمس الدين آبادي رحمه الله :
" ( الودود ) أي : التي تحب زوجها .
( الولود ) أي : التي تكثر ولادتها ، وقيد بهذين لأن الولود إذا لم تكن ودوداً لم يرغب الزوج فيها ، والودود إذا لم تكن ولودا لم يحصل المطلوب وهو تكثير الأمة بكثرة التوالد ، ويعرف هذان الوصفان في الأبكار من أقاربهن ، إذ الغالب سراية طباع الأقارب بعضهن إلى بعض " انتهى .
" عون المعبود " ( 6 / 33 ، 34 ) .
وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التزوج من العقيم ، فعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ وَإِنَّهَا لا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا ؟ قَالَ : لا ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ : ( تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الأُمَمَ ) رواه النسائي ( 3227 ) وأبو داود ( 2050 ) .
وصححه ابن حبان ( 9 / 363 ) والألباني في " صحيح الترغيب " ( 1921 ) .
وهذا النهي ليس للتحريم ، وإنما على سبيل الكراهة فقط ، فقد ذكر العلماء أن اختيار الولود مستحب وليس واجباً .
قال ابن قدامة في "المغني" :
" ويستحب أن تكون من نساء يعرفن بكثرة الولادة " انتهى .
وقال المناوي في "فيض القدير" (6/حديث 9775) :
" تزوج غير الولود مكروه تنزيهاً " انتهى .
وكما يجوز للمرأة أن تتزوج من الرجل العقيم ، فكذلك يجوز للرجل أن يتزوج من المرأة العقيم .
قال الحافظ في "الفتح" :(44/50)
" أما من لا ينسل ولا أرب له في النساء ولا في الاستمتاع فهذا مباح في حقه ( يعني النكاح ) إذا علمت المرأة بذلك ورضيت " انتهى .
رابعاً :
وأما تسجيل أسماء زوجة أبيك بأسماء إسلامية ، وإدخالهم في مدارس إسلامية : فهما أمران طيبان يُشكر عليهما والدك ، وتغيير الأسماء القبيحة أو الأعجمية إلى أسماء عربية وإسلامية أمر محمود حسَن ، وانظري جواب الأسئلة ( 23273 ) و ( 14622 ) و ( 12617 ) .
وإدخالهم في مدارس إسلامية وسيلة لتعرفهم على الإسلام الصحيح والاقتناع به ، ونرجو أن يكونوا مسلمين صالحين .
خامساً :
ويجب عليك برَّ أمكِ ورعايتها والعناية بها ، وانصحيها بأن تعطي والدكِ حقه ، ولا يجوز لها مخالفة أمره إلا أن يأمرها بمعصية الله تعالى ، وعليك أيضاً بنصيحة زوجة والدكِ ودلالتها على الخير ، وكذا أولادها احرصي عليهم وأعينيهم على التعرف على الإسلام والقيام بأحكامه .
ونسأل الله تعالى أن يصلح أسرتكم ، وأن يهديكم لطاعته ، ويعينكم على حسن عبادته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
أسلمت وأهلها لا يدرون ويريدون تزويجها لغير مسلم
سؤال:
أسلمت من سنتين أو ثلاث ، والحمد لله ، فقد تأثرت بأحد الشباب في الجامعة حيث كنا ندرس سويّاً ، ثم بدأ كل واحد منا يعجب بالآخر ، ونحن نرغب الآن في الزواج ، وبما أن عائلتي كافرة فهي تعارض تماماً هذه العلاقة ، وكذلك الحال مع والدَي الشاب .
والداي لا يعلمان بأمر إسلامي ، فأنا أمارسه في السر ، وأفيدكم أني راغبة في الزواج من المذكور وأن أعيش حياة إسلامية بعد ذلك ، أنا لا أريد أن أتزوج شخصاً كافراً ، ووالداي يريدان مني أن أرجع لبلدي لأتزوج من شخص يدين بدينهما ، فهل من الضروري أن يوافق والدانا - أنا وهو - على الزواج ؟ وهل يمكننا الزواج بدون علمهم ، أو تأجيل استئذانهم ؟ أخشى أن يموت والداي إن هما سمعا أني أسلمت أيضاً ، فهما يكرهان المسلمين ، وأنا لا أعرف كيف أقنعهما ، هل يجب علي إقناعهما بزواجي ، أم يجوز أن أخالف رغبتهما ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
قبل الإجابة يسرنا أن نهنئك على الدخول في الإسلام ، وهو الدين الخاتم للأديان ، وقد رضيه الله تعالى للخليقة كلها ، وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم ليكون(44/51)
للعالَمين بشيراً ونذيراً ، وقد سبقكِ كثير ممن هدى الله تعالى قلوبهم لهذا الدين العظيم ، وقد حُرمه كثيرون بسبب عنادهم ومكابرتهم ، فيجب عليكِ أن تديمي الشكر لربكِ تعالى أن أخرجك من ظلمات الكفر والجهل إلى نور التوحيد والعلم ، ويجب عليكِ أن تتعلمي أحكام الدين لتزدادي طمأنينة بحسن اختيارك وليثبت الله به قلبكِ .
ثانياً :
ولا يمنعنا إسلامكِ الجديد من أن نخبركِ بأن هذا الدين جاء بأحكامٍ عظيمة ، يحفظ بها للمسلم دينه وعقله وماله وعِرضه ونسبه ، لذا ففيه ما هو حرام ممنوع من أجل المحافظة على ذلك ، وفيه ما هو ما واجب لأجل الأمر نفسه ، ومما يتعلق بسؤالكِ هنا أمران :
فمن باب الحفاظ على العِرض والنسب حرَّم الإسلامُ الاختلاط بين الجنسين ، وخلوة الرجل بالمرأة ، ولمسها بيده ، فضلاً عما هو أكبر من ذلك من فاحشة الزنا ، لذا فإننا نرى أن المرأة جوهرة لا يصح أن تكون سلعة رخيصة – كما هو الحال في دول الكفر ومن تبعهم من سفهاء المسلمين – في الدعايات والصحف والمجلات ، وإن لها دوراً عظيماً ينتظرها بصفتها زوجة وأمّاً .
والأمر الثاني : حفاظاً على دين المرأة فإن الله تعالى قد حرَّم زواج المسلمة بالكافر ، وهو أمر ثابت بالقرآن والسنة والإجماع .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" والكافر لا تحل له المرأة المسلمة بالنص والإجماع قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّار لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) . . .
المسلمة لا تحل للكافر بالنص والإجماع - كما سبق - ولو كان الكافر أصليّاً غير مرتد ، ولهذا لو تزوج كافرٌ مسلمةً : فالنكاح باطل ، ويجب التفريق بينهما ، فلو أسلم وأراد أن يتزوجها لم يكن له ذلك إلا بعقدٍ جديدٍ " انتهى باختصار .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / 138 - 140 ) .
ثالثاً :
ويشترط في عقد الزواج حتى يكون صحيحاً وجود وليٍّ للمرأة ، ولا يجوز أن يكون الكافرُ وليّاً للمسلمة بلا خلافٍ بين العلماء .
قال ابن قدامة :
أما الكافر : فلا ولاية له على مسلمةٍ بحال , بإجماع أهل العلم , منهم : مالك , والشافعي , وأبو عبيد , وأصحاب الرأي ، وقال ابن المنذر : أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم .
" المغني " ( 7 / 21 ) .
وحتى في مثل حالكِ فإنه لا بدَّ من وليٍّ في الزواج ، فإن لم يكن أحد أوليائك مسلماً : فيزوجكِ من يقوم مقام السلطان وهو القاضي الشرعي أو المفتي أو شيخ المركز الإسلامي ، أو إمام المسجد .(44/52)
ولا يجب عليك استئذان والدك في زواجك لأنه لا ولاية له عليه ، وإذا تمَّ هذا الزواج فإنه يجوز أن يبقى خبره بعيداً عن والديك ، ولا يجب عليكِ إخبارهما به .
رابعاً :
ولو كان الوليُّ مسلماً فإنه لا يجوز له إجبار ابنته على الزواج بمن لا ترغب ، وقد جعلت الشريعة الإسلامية المطهرة رضاها أحد أركان العقد ، ولا يكون العقد صحيحاً إذا كانت مكرهة عليه ، وإن ثبت إكراهها على الزواج : فإن القاضي المسلم يخيرها بين إمضاء العقد أو فسخه .
كما لا يجوز للوالدين أو أحدهما أن يجبر ابنه على نكاح من لا يرغب ، ولم يجعل الله تعالى رضا الوالدين أو أحدهما شرطاً من شروط صحة نكاح الابن ، لكن ينبغي للابن أن يترفق بوالديه عندما يرفض الاستجابة لرغبتهما ، وعليه أن يبذل وسعه لكسب رضاهما عنه وعن زواجه بمن يرغب .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" لا يجوز أن يجبر الوالد ابنه على أن يتزوج امرأة لا يرضاها سواء كان لعيب فيها ديني أو خلقي ، وما أكثر الذين ندموا حين أجبروا أولادهم أن يتزوجوا بنساء لا يريدونهن ، يقول : تزوجها لأنها بنت أخي ، أو لأنها من قبيلتك ، وغير ذلك ، فلا يلزم الابن أن يقبل ، ولا يجوز لوالده أن يجبره عليها . وكذلك لو أراد أن يتزوج بامرأة صالحة ، ولكن الأب منعه ، فلا يلزم الابن طاعته ، فإذا رضى الابن زوجة صالحة ، وقال أبوه : لا تتزوج بها ، فله أن يتزوج بها ولو منعه أبوه ، لأن الابن لا يلزمه طاعة أبيه في شي لا ضرر علي أبيه فيه ، وللولد فيه منفعة ، ولو قلنا : إنه يلزم الابن أن يطيع والده في كل شي حتى في ما فيه منفعة للولد ولا مضرة فيه على الأب لحصل في هذا مفاسد ، ولكن في مثل هذه الحال ينبغي للابن أن يكون لَبِقاً مع أبيه ، وأن يداريه ما استطاع وأن يقنعه ما استطاع " انتهى .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 640 ، 641 ) .
خامساً :
عليك بذل ما تستطيعين من أجل إنقاذ والديكِ وإدخالهما في الإسلام ، حتى تتم لكِ ولهما السعادة الدنيوية والأخروية ، ويمكنك أن تسلكي طرقاً كثيرة متعددة لدعوتهم إلى الإسلام ، ومنها : أن تراسليهم بالبريد الإلكتروني – مثلاً – دون أن يعلموا أن الرسائل منكِ ، ويمكنك تزويد عنوانهم لبعض المختصين بالعلوم الشرعية والدعوة ليقوموا بالمهمة عنكِ ، كما يمكنك الاستعانة بالمركز الإسلامي القريب منهم ليقوم بعض الدعاة بزيارتهم ودعوتهم ، ويمكنك مراسلتهم بالبريد العادي وتزويدهم بأشرطة وكتيبات تعرِّف بدين الإسلام .
وأنتِ أعلم بحالهم من غيرك ، وقد يكون إخبارهم بإسلامك فتح باب أمامهم للدخول في الإسلام ، فإن كان هذا واقعاً فأخبريهم ، وإن رأيتِ أن لا نفع من هذا ، وأنه يؤثر فيهم سلباً أو قد يتسبب في التضييق عليك فلا تخبريهم ، ويمكن تأجيل ذلك فترة حتى يفتح الله عليهم ، واستعيني بالله تعالى وتضرعي إليه بالدعاء الصادق أن يهديهم .
نسأل الله تعالى لك الثبات على هذا الدين ، ونسأله تعالى أن يهدي والديك للإسلام .(44/53)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
حكم الزواج العرفي ، وهل يجوز للزوجة أن تنتقل لولي آخر بإرادتها؟
سؤال:
تعج بلدنا ببؤر الشر والفساد ، ويزداد الأمر سوءاً في الجامعات ، ولهذا السبب فإن الطلاب يتطلعون للزواج قبل تخرجهم ، لكن الأهل يمثلون أكبر عائق أمامهم ، وفيما يتعلق بالشاب فإننا نسمع أنهم لا يحتاجون لإذن من أوليائهم ، لكن بالنسبة للفتيات فنحن نروغ من هذا عن طريق التقدم بالخطبة ، وإذا تحجج والد إحداهن بسبب غير إسلامي ، مثلا : أنا لا أريدك أن تتزوجي الآن ، أنا لا تعجبني قبيلته ، أنا غير مسرور من بنطاله الوسيع أو لحيته أو دينه ، إذا كان الشاب سنيّاً صالحاً وكان ولي الفتاة على خلاف ذلك : فإننا نتركه ونذهب للجد أو الأخ ، وإذا رفض أي منهما فإننا نتمم الزواج بإذن أمير جماعتنا - جماعة الطلاب المسلمين - هل فعلنا هذا صحيح ؟ وكيف يتم ذلك بطريقة صحيحة ؟ أرجو أن توضح كل شيء حول هذه المسألة ؛ لأنها الطريقة الوحيدة ، وهذا الإجراء منتشر الآن بشكل واسع حولنا ، وإذا كان خطأ فكيف يتصرف أولئك الذين تزوجوا بهذه الطريقة وبعضهم له أبناء الآن ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز للمسلمة أن تتزوج بغير إذن وليِّها ، بل لا بد لها من ولي لها يزوجها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي ) رواه أبو داود (2085) وصححه الشيخ الألباني ؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل ) رواه الترمذي وحسَّنه ( 1102 ) وأبو داود ( 2083 ) ابن ماجه ( 1879 ) من حديث عائشة ، صححه الألباني في "إرواء الغليل" (1840) .
وقال الترمذي تعليقا عليه :
" والعمل على هذا عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وأبو هريرة وغيرهم وهكذا روي عن بعض فقهاء التابعين أنهم قالوا : لا نكاح إلا بولي ، منهم سعيد بن المسيب والحسن البصري وشريح وإبراهيم النخعي وعمر بن عبد العزيز وغيرهم ، وبهذا يقول سفيان الثوري والأوزاعي وعبد الله بن المبارك ومالك والشافعي وأحمد وإسحق . انتهى .
وفي جواب السؤال ( 2127 ) تجد تلخيصا مهمّاً لشروط النكاح وأركانه ، وشروط الولي .
وفي جواب السؤال ( 7989 ) تفصيل آخر مهم خاص باشتراط الولي لصحة النكاح .(44/54)
ثانياً :
وقد أمر الله تعالى الأولياء أن يزوِّجوا من تحت ولايتهم من النساء ، وأن لا يعضلوهن بمنعهن من النكاح لغير سبب شرعي ، قال سبحانه : ( وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) النور/32 .
وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأولياء ألا يمتنعوا من تزويج من ولاهم الله عليهن من النساء في حال تقدم الخاطب الصالح في دينه وخلقه فقال : ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ) رواه الترمذي ( 1084 ) وحسَّنه ، حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (1868) .
وفي كل من الآية والحديث المذكورين دلالتان واضحتان وهما :
1. أن الشرع خاطبَ الوليَّ بالتزويج ، وهذا يدل على أن الأمر متعلق به لا يتم النكاح إلا بأن يباشر هو تزويج موليته لخاطبها ، وما ذكرناه من الأحاديث يوضح هذا ويؤكده .
2. أنه لا يحل للولي عضل موليته ومنعها حقها في النكاح وأن ذلك من الظلم الذي يؤدي إلى الفساد الكبير في الدين والدنيا .
وإذا عمل كلٌّ من النساء وأوليائهن بمقتضى ذلك حصل الأمن الأسري ، وارتفع كثير من الشر والفساد في الدين والأخلاق .
فإن امتنع الولي من إعطائها حقها في الزواج بغير عذر شرعي : جاز أن تتجاوزه إلى الولي الأبعد كأخيها الأكبر أو عمها أو جدها ، على أن يكون ذلك من قبَل القاضي الشرعي ، لا من قبَلها هي ولا من قبَل أوليائها ، فإن تعذر الولي من أهلها جاز أن يتولى تزويجها القاضي أو من في حكمه ؛ لما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ) وسبق تخريجه وتصحيحه .
وبناء عليه فلا حرج على المرأة إن منعها وليها حقها في الزواج أن ترفع الأمر إلى القاضي الشرعي فيجعل الولاية لجدها أو عمها أو أخيها الأكبر .
وقد سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان عن مسألة قريبة من هذه فأجاب :
" لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها ، فإن زوجت نفسها فنكاحها باطل عند جمهور أهل العلم سلفاً وخلفاً ؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى خاطب بالتزويج أولياء أمور النساء قال : ( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ) .
أما ما ذكرت السائلة من أنها قرأت في بعض كتب الفقه أن المرأة تزوج نفسها : فهذا قول مرجوح ، والصحيح الذي يقوم عليه الدليل خلافه .
وأما ما ذكرتْ من واقعتها وأن لها رأياً يخالف رأي أبيها لأن أباها يريد لها زوجاً ذا حسب ونسب يكافئها ، وهي لا ترى ذلك ، وإنما تميل إلى أن تتزوج شخصاً ترى أنه ذو دين وإن لم يكن ذا حسب ونسب ، فالحق مع أبيها في هذا ، وأبوها أبعد(44/55)
منها نظراً ، فقد يخيل إليها أن هذا الشخص يصلح لها في حين أنه لا يصلح ، فليس لها أن تخالف أباها ما دام أنه ينظر في مصلحتها ، وإذا تحقق أن شخصاً غيره يصلح لها ويكافئها في مقامه وحسبه ودينه وأبى أبوها أن يزوجها به : فإنه حينئذ يكون عاضلاً وتنتقل الولاية إلى من بعده من بقية الأولياء ، ولكن هنا لابد فيه من مراجعة القاضي لينقل الولاية من الأب العاضل إلى من بعده من بقية الأولياء ، وليس لها هي أن تتصرف أو يتصرف أحد أوليائها بدون رضى أبيها ، لا بد من الرجوع إلى القاضي الشرعي وهو ينظر في الموضوع وملابسات الواقعة ، وإذا رأى نقل الولاية إلى آخر نقلها حسب المصلحة : فلا بدَّ من ضبط الأمور في الزواج . . . " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 5 / 242 ، 243 ) .
ثالثاً :
ومن تزوجت بطريقة غير شرعية ، كأن تتزوج المرأة من غير ولي : فنكاحها فاسد ، ويجب التفريق بينهما فوراً ، والأبناء ينسبون إلى من تزوجها إن كانوا يظنون أن ما فعلوه جائزاً ، فإن كانوا يعلمون بطلان نكاحهم فلا ينسب الأبناء إلا إلى أمهم .
ولهذا النكاح الباطل مفاسد كثيرة تترتب عليه ، منها : ضياع حقوق المرأة ؛ لعدم وجود ما يثبت هذا النكاح ، فلا يثبت لها مهر ، ولا نفقة به . ومنها : انتشار الرذائل والفساد في المجتمعات ، وخاصة الطلابية منها ؛ إذ يمكن من خلال هذه العقود الفاسدة أن تدَّعي كل امرأة حامل ، أو رجل وامرأة وُجدا في وضع مشين ، أنهما متزوجان زواجاً عرفيّاً . ومنها : أنه لا يمكن من خلال هذا الزواج إثبات نسب الأولاد حال وجودهم - كما ذكرنا - ؛ وهو ما يعني ضياعهم وضياع نسبهم .
والسبيل إلى تصحيح هذا الوضع : هو بالذهاب إلى الولي ومصارحته بما حصل ، ثم يتم العقد مرة أخرى بموافقته ، فإن لم يوافق فُرِّق بينهما .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
ما هي الفرقة القاديانية ؟ وهل يجوز للمسلم التزوج منهم ؟
سؤال:
أريد أن أعرف معلومات عن " الفقه الأحمدي " ؛ لأن أحد أصدقائي أخذ يحب فتاة أحمدية ، مع أني أخبرته أن فعله خطأ لكنه أصبح يحبها حبّاً شديداً الآن . أنا أريد الجواب لأقدمه إليه .
الجواب:
الحمد لله
سبق في جواب السؤال ( 4060 ) بيان كفر هذه الطائفة المسماة " الأحمدية " أو " القاديانية " أتباع الميرزا غلام أحمد ، وفي الجواب تجد ذِكر عقائدهم الكفرية وأقوال العلماء فيهم .
وعليه : لا يجوز لمسلم أن يتزوج منهم ، ولا أن يزوِّجهم ؛ لأنهم كفار مرتدون ، وقد قال الله تعالى : ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ(44/56)
مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة/221 .
قال السعدي رحمه الله في تفسيره (ص 99) :
" أي ( وَلا تَنْكِحُوا ) النساء ( الْمُشْرِكَاتِ ) ما دمن على شركهن ( حَتَّى يُؤْمِنَّ ) لأن المؤمنة - ولو بلغت من الدمامة ما بلغت - خير من المشركة , ولو بلغت من الحسن ما بلغت , وهذه عامة في جميع النساء المشركات ، وخصصتها آية المائدة في إباحة نساء أهل الكتاب ، كما قال تعالى : ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) . . . ثم ذكر تعالى الحكمة في تحريم نكاح المسلم أو المسلمة , لمن خالفهما في الدين فقال : ( أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) أي : في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم , فمخالطهم على خطر منهم , والخطر ليس من الأخطار الدنيوية , إنما هو الشقاء الأبدي " انتهى .
وإذا كان صديقك هذا على علاقة محرمة فعليك أن تبين له حرمة هذه العلاقة ، وأنه لا يجوز لمسلم أن يختلي بأجنبية ولا أن يصافحها ولا أن يراسلها ، وأنه لا يستطيع أن ينهي هذه العلاقة بالزواج بسبب حرمة التزوج من المرتدات ، وليبحث عن صاحبة الدين التي تحفظ له دينه ، وتعينه على طاعة ربه ، ويأمنها على ولده وذريته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
لا يصلي ويقيم مع عشيقته ويريد أن يتوب ويتزوجها ؟
سؤال:
شخص مسلم فرنسي ولكنه لا يصلي ولا يصوم ويقيم مع عشيقته المسيحية يرغب في التوبة والصيام ، ولكنه يتحجج بوجود هذه المرأة معه ، هل يجوز له أن يتزوجها الآن مع العلم بأن غداً هو أول أيام رمضان ؟ وإذا جاز ذلك فكيف هو السبيل والإجراء الشرعي المتبع ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ليعلم هذا الشخص وغيره أن ترك الصلاة كفر مخرج من الملَّة ، والإسلام لا يرضى لأحدٍ من أتباعه أن لا يصلي ولا يصوم ويقيم مع عشيقته .
فالواجب عليكم أن تنصحوه وتبينوا له حقيقة الإسلام ، وأنه استسلام لأحكام الشرع ، والمسلم ينبغي أن يكون قدوة للآخرين لاسيما في تلك البلاد ، وهو لا يمثل نفسه بل يمثل الإسلام الذي دخله والتزمه ، فالواجب عليه ترك ما هو فيه من معاصٍ ، والالتزام بأحكام الشرع وبخاصة الصلاة ، التي هي الفاصل بين الإسلام والكفر .
ثانياً :
وقد سَرَّنا كثيراً أنه يريد التوبة فما الذي يحول بينه وبين التوبة ؟ والله تعالى يفرح بتوبة عبده المؤمن ، وإذا أقبل العبد على الله أقبل الله عليه ، وغفر ذنبه , فعليه(44/57)
المبادرة بالتوبة ، وعدم تسويفها ، أو تعليقها بحصول أشياء خشية أن يموت ولم يتب ، فيلقى ربه بذنوبه ومعاصيه ، وقد يلقاه بالكفر .
وبيِّنوا له أن الله تعالى يبدِّل السيئات حسنات لمن تاب ، قال الله تعالى : ( إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/70 .
فعليه المبادرة بترك كل ما هو عليه مما يغضب الله تعالى من ترك الصلاة والإقامة مع عشيقته .
وانظر أجوبة الأسئلة : ( 624 ) و ( 13990 ) و ( 34905 ) و ( 22912 ) .
ثالثاً :
إذا تاب وأناب إلى الله : فليعلم أنه لا يجوز له الزواج من تلك العشيقة ، لا لأنها نصرانية ، بل لأنها " زانية " – على حسب وصفه وكلامه - ، ومن شروط نكاح الكتابية – اليهودية أو النصرانية – أن تكون محصنة ، أي : عفيفة غير زانية ولا لها عشيق ، قال الله تعالى : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ) النساء/5 . فاشترط الله تعالى لنكاحها أن تكون عفيفة ، ولا يجوز لمسلم أن ينكح كتابية وهي ليست كذلك ، بل لو كانت مسلمة لكنها زانية ما جاز لمسلم عفيف أن يتزوجها ، قال تعالى : ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) النور/3 .
وانظر تفصيل هذه المسألة في جواب السؤال رقم ( 11195 ) و ( 2527 ) .
فإذا أراد أن يتزوجها فلا بد أن يكون ذلك بعد توبته ورجوعه للإسلام بأداء الصلاة ، وبعد توبتهما معاً من الزنى .
هذا إذا أراد أن يتزوجها .
وواجب النصيحة يحتم علينا أن ندله على خير ما نعلم مما يصلح دينه ودنياه ، وهو أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة ، ويبادر إلى ترك هذه المرأة دون تردد ولا تسويف ، وأن يبحث عن غيرها من المسلمات المحصنات المؤمنات ، فهو إن تاب إلى الله عز وجل أحوج ما يكون إلى من تفهم دينها وتقف بجانبه وتحثه على طاعة الرحمن بعد ذلك الضياع ، وأما تلك المرأة فإنها لو تابت من الزنى فلن تكون عوناً له على طاعة الله عز وجل ، ولن تكون أمينة على بيته وماله وعرضه ، ولن تصلح لتربية أبنائه وبناته ، فلا نريد له بهذه النصيحة إلا الخير ، وليستعمل عقله ، ويبتعد عن العاطفة ليعلم أن هذا هو الصواب .
ولو قَلَّب نظره يميناً وشمالاً لرأى كثيراً من إخوانه المسلمين الذين تزوجوا من غير المسلمات قد ساءت أحوالهم ، وندموا على ذلك ، وتمنوا أنهم لم يتزوجوا من غير مسلمة .
وانظر جواب السؤال رقم ( 20227 ) و ( 45645 ) فهما مهمان .
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب(44/58)
ـــــــــــــــــــ
تعرَّف على فتاة في الانترنت ويرغب بالزواج منها وأبوها رافض
سؤال:
أنا شاب مسلم عربي ، تعرفت على فتاة مسلمة من أصل عربي تقيم في الخارج ، وذلك عن طريق الإنترنت ، وكانت ولا تزال علاقة في حدود شرع الله ؛ لأنني والحمد لله أخاف الله كثيراً ، ولقد أحببتها وأحبتني لكونها مسلمة ملتزمة ، وتخاف الله أيضاً ، فكان حبنا في الله إن شاء الله .
ولقد عرضتُ عليها الزواج ، فقبلت ووافقت ، فحمدت الله أن استجاب لدعائي بأن رزقني بزوجة صالحة تقية ، خصوصا أنني عازم على الزواج والاستقرار منذ عدة سنوات وقد أخبرتْ هي أمها الأجنبية ، ووافقت بشكل مبدئي ، حيث كان أبوها مختفياً عنهم لمدة ، وأخيراً رجع أبوها ، وفرحت بالأمر ، إلا انه جاء ليقول لابنته أن تستعد للزواج من رجل من بلد أبيها ، دون أن يأخذ رأي ابنته في العريس ، وهي خائفة منه ، لأنه يتعامل معها بالضرب أحيانا ، وهي تقول عنه أحياناً إنه مجنون هدانا الله وهداه .
وقالت لي بأنها لا تريد هذا العريس وأنها تريد الزواج مني ، وأنا قلت لها نفس الشيء ، فقالت لي : ما رأيك لو نتزوج في السر ، ثم نضع أباها في الواقع علماً بأنها فوق 18 عاما ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
اعلم أيها الأخ الكريم ، سترنا الله وإياكما أن الله يراكما ويطلع عليكما : ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) غافر/19 ، واعلم أيضاً أنكما فعلتما ما لا يحل لكما شرعاً ، وهو المراسلة والحديث بينكما ، وقد رأيتَ كيف تطورت العلاقات بينكما إلى أن أزلكما الشيطان وزيَّن لكما علاقتكما أنها " حب في الله "
ثانياً :
نعلم أن الحب أمر قلبي ، وأن الإنسان لا يلام على ما لا يملكه ، لكنه يلام كل اللوم على الأسباب التي أدت به إلى الوقوع في هذه العلاقة : من نظرة محرمة ، أو كلمة في السر خائنة ، عبر الهاتف أو الإنترنت ، أو غير ذلك من خطوات الشيطان التي يريد من العباد أن يتبعوها ، ليقع بهم في الفحشاء والمنكر ، كما قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور/21 ، ثم يلام أيضاً على الاسترسال في هذه الخطوات والتمادي في أمر أوله محرم ونهايته نكاح باطل .
أما وقد بلغتما هذا المبلغ ، وانتهت العلاقة بينكما إلى ما ذكرت ، فالأمر الآن عند الفتاة وأهلها ، فإذا استطاعت المرأة إقناع والدها بعدم تزويجها ممن تكره ، واستطاعت هي وأمها إقناعه بالزواج منك ، وكانت – كما ذكرت - أهلاً للزواج ، فلتسلك الطريق الشرعية بطلبها من والدها ، أو من يوكله للتزوج منها ، فإن رأيتما(44/59)
الطريق مغلقة عليكما فلا يحل لكما الاستمرار في هذه العلاقة ، ومن ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه ، فقد يكون الخير لها الزواج من غيرك ، وقد يكون الخير لك الزواج من غيرها ، ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) البقرة/216
ولو قدّر أن هذه الفتاة صادقة فيما اتهمت به أباها من الجنون ، ولا نظنها كذلك (؟!) ونعني به الجنون الذي يسقط به حقه في الولاية الشرعية عليها ولا يجعله أهلاً لتولي شؤون موليته ، أو كان حابساً لها عن الزواج بالأكفاء ، وليس له عذر شرعي : انتقلت الولاية إلى الوليِّ الذي يليه ، فتنتقل من الأب إلى الجد مثلاً ، وتفاصيل هذه المسألة في جواب السؤال رقم (7193)
وأما التفكير في إتمام النكاح سراً ، بغير إذن وليها ، فتلك مصيبات بعضها فوق بعض ، عصمنا الله وإياكم من أسباب غضبه وعذابه .
ألم تعلما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ) رواه أبو داود (2083) وصححه الألباني في صحيح أبي داود ، فكيف تفكران في هذا الباطل الذي لا يرضاه الله ورسوله ، ثم تزعمان أن حبكما في الله ؟
ألم تعلما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بإعلان النكاح ، فقال : " ( أعلنوا النكاح ) رواه أحمد من حديث عبد الله بن الزبير وقال الألباني حسن .
وجعل هذا الإعلان علامة تميز النكاح الحلال من السِّفاح الحرام فقال : فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَرَامِ وَالْحَلَالِ الدُّفُّ وَالصَّوْتُ ) رواه الترمذي (1088) وحسنه الألباني في صحيح أبي الترمذي .
قال الإمام الباجي رحمه الله في شرح الموطا : " لا خلاف أن الاستسرار بالنكاح ممنوع ، لمشابهة الزنا الذي يُتواطأ عليه سراً . .. , ولذلك شُرِع فيه ضرب من اللهو والوليمة ، لما في ذلك من الإعلان فيه "
وقال أيضاً : " وكل نكاح استكتمه شهوده ، فهو من نكاح السر ، وإن كثر الشهود "
فانظر يا عبد الله على أي شيء تعزمان ، أعلى النكاح الحلال ، كما شرع الله ورسوله ، أم هو الهوى والسفاح ، وخطوات الشيطان ؟؟
واحذرا قبل أن تزل بكما الأقدام ، وتبنيا حياتكما على شفا جرف هار ، أعاذنا الله وإياكما من نار جهنم .
وأما أن أبا الفتاة يريد أن يزوجها رغماً عنها ، فمع أنه لا يحق للأب ، ولا لغيره من الأولياء من باب أولى ، أن يجبر ابنته على الزواج ممن تكرهه ، كما بينا ذلك في السؤال رقم (26852) ، (7193) ، (22760) ، إلا أن هذا الأمر ليس لك منه شيء ، ولست مسؤولاً عنه ، فدعها وأولياءها فيه ، ولعلها إن لم يقدر بينكما زواج ؛ وانسحبت أنت من حياتها ، كما هو الواجب عليك حينئذ لعلها أن ترى في هذا الخاطب أو غيره من يصلح لها ، والله يغنينا وإياكما من فضله .
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ(44/60)
حكم زواج المسلمة من شيعي
سؤال:
ابنة عمي سوف تتزوج من شيعي . ما هو حكم الشرع في ذلك؟ كيف لي أن أعدلها عن هذا الزواج ؟ علما أن والدها موافق.
الجواب:
الحمد لله
سئلت اللجنة الدائمة ، ما نصه :
أنا من قبيلة تسكن في الحدود الشمالية ومختلطين نحن وقبائل من العراق ومذهبهم شيعة وثنية يعبدون قببا ويسمونها بالحسن والحسين وعلي ، وإذا قام أحدهم قال : يا علي يا حسين ، وقد خالطهم البعض من قبائلنا في النكاح وفي كل الأحوال ، وقد وعظتهم ولم يسمعوا ، وأنا ما عندي علم أعظهم به ولكني أكره ذلك ولا أخالطهم ، وقد سمعت أن ذبحهم لا يؤكل ، وهؤلاء يأكلون ذبحهم ولم يتقيدوا ، ونطلب من سماحتكم توضيح الواجب نحو ما ذكرنا ؟
فأجابت اللجنة :
إذا كان الواقع كما ذكرت من دعائهم عليا والحسن والحسين ونحوهم فهم مشركون شركا أكبر يخرج من ملة الإسلام ، فلا يحل أن نزوجهم المسلمات ، ولا يحل لنا أن نتزوج من نسائهم ، ولا يحل لنا أن نأكل من ذبائحهم ، قال الله تعالى : ) وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة/221 وبالله التوفيق .
انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة (2/264) .
فعليك أن تنصح لعمك وابنة عمك ، وأن توقفهم على فتوى أهل العلم في ذلك ، فإن أصر عمك على تزويج ابنته من الشيعي فارفع الأمر إلى المحكمة الشرعية ليمنعوا هذا المنكر.
والله أعلم .
ويراجع سؤال رقم (4569) .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
زواج المتعة والزواج العرفي
سؤال:
أنا أريد أن أتزوج من بنت مسلمة ، ولكن بعد ثلاثة أعوام ، ولا أريد في أن أرتكب الخطأ معها ، فأردت أن أتزوجها عرفيًّا ، أو زاوج متعة حتى أستطيع الزواج بها فيما بعد على الطريقة الشرعية ، فماذا عليَّ أن أفعل عندما أريد زاوجها شرعيّاً من بعد هذا الزواج ؛ لأني أخاف الله ، ولا أريد الوقوع في الخطأ ، فهذه هي أفضل وأحل طريقة ، والله أعلم ، فماذا أفعل ؟.
الجواب:(44/61)
الحمد لله
لم يكن السؤال واضحاً ، وقد احتمل كلام الأخ السائل أكثر من شيء فيما يتعلق بنيته في العقد الذي يسأل عن حكمه ، فهو يقول مرة إنه " زواج عرفي " وأخرى يقول إنه " متعة " ، فإذا عُلم أن " الزواج العرفي " له صورتان مشهورتان : احتمل السؤال ثلاث صور ، وسنجيب على احتمالات السؤال كلها .
أما زواج المتعة : فهو التزوج على مدة معينة بمعرفة الطرفين ، بمهر مقدَّر ، وينفسخ العقد بانتهاء المدة .
وهو عقد محرَّم ، ولا يصحّ وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 1373 ) و ( 2377 ) و ( 6595 ).
وأما " الزواج العرفي " فله صورتان :
الصورة الأولى : تزوج المرأة في السر ، ودون موافقة وليها ، وإذا كان كذلك : فهو عقد محرّم ولا يصح أيضاً ؛ لأن موافقة الولي من شروط صحة عقد النكاح .
وفي جواب السؤال : ( 2127 ) تجد تلخيصا مهمّاً لشروط النكاح وأركانه ، وشروط الولي ، وفي جواب السؤال : ( 7989 ) تفصيل آخر مهم خاص باشتراط الولي لصحة النكاح .
والصورة الثانية : التزوج بموافقة المرأة ووليها ، لكن دون إعلان أو إشهار ، أو دون توثيقه في المحاكم الشرعية أو النظامية ، بشرط الإشهاد عليه ، وإذا كان كذلك : فهو عقد صحيح من حيث شروطه وأركانه ، لكنه مخالف للأمر الشرعي بوجوب الإعلان ، ويترتب على عدم توثيقه ضياع لحقوق الزوجة من حيث المهر والميراث ، وقد يحصل حمل وإنجاب فكيف سيثبت هذا الولد في الأوراق الرسمية ؟ وكيف ستدفع المرأة عن عِرْضها أمام الناس ؟ .
هذا مع العلم أنه قد قال بعض الفقهاء بأن إعلان النكاح من شروط صحته ، وهو قول ليس بعيداً عن الصواب ، وقد عللوا ذلك بكون الإعلان يُعلم به الفرق بين النكاح والسفاح ، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم " فصْل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح " رواه الترمذي ( 1088 ) والنسائي ( 3369 ) وابن ماجه ( 1896 ) . وحسَّنه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " ( 1994 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
فالذي لا ريب فيه أن النكاح مع الإعلان : يصح , وإن لم يشهد شاهدان ، وأما مع الكتمان والإشهاد : فهذا مما ينظر فيه ، وإذا اجتمع الإشهاد والإعلان : فهذا الذي لا نزاع في صحته ، وإن خلا عن الإشهاد والإعلان : فهو باطل عند العامة ، فإن قدِّر فيه خلاف فهو قليل . اهـ.
" الفتاوى الكبرى " ( 3 / 191 ) .
وقال ابن القيم :
إن الشارع اشترط للنكاح أربعة شروط زائدة عن العقد تقطع عنه شبهة السفاح : كالإعلان ، والولي ، ومنع المرأة أن تليه بنفسها ، وندب إلى إظهاره حتى استحب فيه الدف والصوت والوليمة ؛ لأن في الإخلال بذلك ذريعة إلى وقوع السفاح(44/62)
بصورة النكاح ، وزوال بعض مقاصده من جحد الفراش . اهـ . " إعلام الموقعين " ( 3 / 113 ) .
يعني أنه إذا كان النكاح سراً فيمكن أن تحمل المرأة وتلد ثم يُنكر الرجل نسبة هذا الولد إليه لأنه ليس هناك ما يُثبت أن هذه المرأة زوجته ، فلو تمّ الإشهاد والإعلان انتفى هذا المحذور .
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
تحريم نكاح الشغار وفساده
سؤال:
اتفق رجلان على أن يزوج كلٌّ منهما أخته للآخر ، فما حكم هذا النكاح ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذا النكاح يسمى نكاح الشغار ، وهو محرم ، نهى عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
و "نكاح الشغار هو : أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو غيرهما ممن له الولاية عليه على أن يزوجه الآخر ، أو يزوج ابنه أو ابن أخيه ابنته أو أخته أو بنت أخيه أو نحو ذلك ، وهذا العقد على هذا الوجه فاسد ، سواء ذكر فيه مهر أم لا ، لأن الرسول صلي الله عليه وسلم نهى عن ذلك وحذر منه . وقد قال الله تعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) الحشر /7.
وفي الصحيحين عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الشِّغَارِ .
وفي صحيح مسلم (1416) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشِّغَارِ . زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ : ( وَالشِّغَارُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ وَأُزَوِّجُكَ ابْنَتِي ، أَوْ زَوِّجْنِي أُخْتَكَ وَأُزَوِّجُكَ أُخْتِي ) .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا شِغَارَ فِي الإِسْلامِ ) رواه مسلم (1415) .
فهذه الأحاديث الصحيحة تدل على تحريم نكاح الشغار وفساده ، وأنه مخالف لشرع الله ، ولم يفرق النبي صلي الله عليه وسلم بين ما سُمِّي فيه مهر وما لم يسم فيه شيء ، وأما ما ورد في حديث ابن عمر من تفسير الشغار بـ ( أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ ابْنَتَهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ ) .
فهذا التفسير قد ذكر أهل العلم أنه من كلام نافع الراوي ، عن ابن عمر ، وليس هو من كلام النبي صلي الله عليه وسلم ، وقد فسره النبي صلي الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة بما تقدم ، وهو : أن يزوج الرجل ابنته أو أخته على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته ، ولم يقل : ( وليس بينهما صداق ) ، فدل ذلك على أن تسمية الصداق أو عدمها لا أثر لها في ذلك ، وإنما المقتضي للفساد هو اشتراط المبادلة ، وفي ذلك فساد كبير ؛ لأنه يفضي إلى إجبار النساء على نكاح من لا يرغبن فيه ؛ إيثاراً لمصلحة الأولياء على مصلحة النساء ، وذلك منكر وظلم للنساء ؛ ولأن ذلك أيضاً يفضي إلى حرمان النساء من مهور أمثالهن ، كما هو الواقع بين الناس المتعاطين(44/63)
لهذا العقد المنكر إلا من شاء الله ، كما أنه كثيرا ما يفضي إلى النزاع والخصومات بعد الزواج ، وهذا من العقوبات العاجلة لمن خالف الشرع .
وروى أحمد (16414) وأبو داود (2075) بإسناد صحيح عن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن هُرْمُزَ أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنْكَحَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ ابْنَتَهُ وَأَنْكَحَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنَتَهُ ، وَقَدْ كَانَا جَعَلا صَدَاقًا ، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ خَلِيفَةٌ إِلَى مَرْوَانَ يَأْمُرُهُ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا ، وَقَالَ فِي كِتَابِهِ : هَذَا الشِّغَارُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فهذه الحادثة التي وقعت في عهد أمير المؤمنين معاوية توضح لنا معنى الشغار الذي نهى عنه الرسول صلي الله عليه وسلم في الأحاديث المتقدمة ، وأن تسمية الصداق لا تصحح النكاح ولا تخرجه عن كونه شغاراً ؛ لأن العباس بن عبد الله ، وعبد الرحمن بن الحكم قد سميا صداقا ، ولكن لم يلتفت معاوية رضي الله عنه إلى هذه التسمية وأمر بالتفريق بينهما ، وقال : ( هَذَا الشِّغَارُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) . ومعاوية رضي الله عنه أعلم باللغة العربية وبمعاني أحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم من نافع مولى ابن عمر رضي الله عن الجميع .
أما العلاج لمن وقع في نكاح الشغار وهو يرغب في زوجته وهي ترغب فيه : فهو تجديد النكاح بولي ، ومهر جديد ، وشاهدي عدل ؛ وبذلك تبرأ الذمة وتحل الزوجة ، مع التوبة إلى الله سبحانه مما سلف ، وإن كان بينهما أولاد فهم لاحقون بالزوج من أجل اعتقادهما صحة النكاح ، فإن كان الزوج لا يرغب فيها أو هي لا ترغب فيه فإن الواجب عليه أن يطلقها طلقة واحدة ، وبذلك تبين منه بينونة صغرى ، ولها أن تنكح غيره بعد خروجها من العدة ، ومتى أراد الرجوع إليها فله ذلك بنكاح جديد ، إذا رغبت مطلقته في ذلك ، ويبقى لها طلقتان ، ولا حرج أن يتزوجها في عدتها منه " اهـ .
من رسالة "حكم نكاح الشغار" للشيخ عبد العزيز بن باز .
ـــــــــــــــــــ
هل تجب طاعة أبي في اختيار الزوج وكيف أعدّل من أخلاقه
سؤال:
يظن والدي إن من سيتزوج ابنته يجب أن يكون من نفس جنسيتنا ، يحب والدي التحكم في جميع تصرفاتنا ، هل يمكن أن تعطيني دليلاً على أن الفتاة لها حق اختيار زوجها بغض النظر عن جنسيته ، ما دام متديناً ووضعه جيد ، يعتقد والدي بأن الفتاة ليس لها حق الاختيار وهذا الحق له هو وحده ، ولكنني أظن بأنه سيختار شخصاً لمركزه ولجنسيته ، فهل يجوز للفتاة أن تختار بنفسها إذا وجدت الشخص الكفء حتى لو كان والدها غير موافق عليه بسبب جنسيته ؟
كما أن والدي يختار من الدين ما يوافق هواه ، فهو يحب أن يري الناس ثروته وسلطته وقوة اسمه ، هل يمكن أن تعطيني أي دعاء أدعو به لتتحسن أخلاقه ويصبح شخصاً سهل المعاملة ؟ أرجو المساعدة .
الجواب:(44/64)
الحمد لله
أولاً :
اشتراط الولي شرط من شروط النكاح ، ولا يصح زواج المرأة بدون هذا الشرط ، وهذا هو الصحيح وهو قول جمهور العلماء . راجع سؤال رقم ( 2127 )
وأحق الناس بالولاية هو الأب ، لكن إن ثبتت عدم أهليته انتقلت الولاية إلى من يليه ، كالجد مثلا .
ويراجع في تفاصيل هذه المسألة وأدلتها السؤال رقم ( 7193 ) ورقم ( 31119 ) .
ثانيا :
أما الشروط والموصفات الشرعية التي ينبغي اعتبارها في الزوج ، فأهمها الدين ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) أخرجه الترمذي (1005) وصححه الألباني في صحيح الترمذي ( 1084 ) .
وراجع السؤال رقم ( 6942 ) و ( 5202 ) .
ثالثا :
أن من الشروط الشرعية رضا الزوجة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن ، قالوا : يا رسول الله ، وكيف إذنها ؟ قال : أن تسكت " أخرجه البخاري (4741) ، ومسلم (2543) .
فليس لأحد إجبارها على الزواج من شخص ما ، وفي الحين نفسه ليس لها أن تزوج نفسها بغير إذن وليها .
فوجود الولي شرط مهم لصحة النكاح ، وهي لا تُجبر على الزواج ممن لا ترغب في الزواج منه ، ولا تعتبر عاقةً بذلك ، قال شيخ الإسلام : " وليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد ، فإن امتنع لا يكون عاقاً ، كأكل ما لا يريد " الاختيارات ص 344 .
رابعا :
بالنسبة لوالدك وما هو عليه ، فننصحك بالتالي :
الأول : الدعاء له بظهر الغيب ، وليس هناك دعاء معين ، فادعي الله أن يصلحه ، وأن يفتح على قلبه .
ثانيا : الاستعانة ببعض زملاء الوالد أو الأقارب ممن يثق فيهم في محاولة إصلاحه .
ثالثاً : توفير ما تستطيعين من كتيبات وأشرطة بلغتك يكون فيها ترغيب في حسن الخلق ، وترهيب من ضده وإهداؤها له بأسلوب لطيف عسى الله أن يجعله سبباً في صلاحه .
نسأل الله أن يوفقكم لما يحبه ويرضاه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ(44/65)
زواج المتعة والرد على من يبيحه من الروافض
سؤال:
هل يوجد في الإسلام مصطلح الزواج المؤقت ؟
قرأ صديق لي كتاب للبروفيسور أبو القاسم جورجي وتأثر صديقي بقول أنه إذا كان متزوجاً فلا بأس لهما بأن يتمتعا ( وهو المصطلح الشرعي للزواج المؤقت في الإسلام ) .
تعريفه للزواج المؤقت هو : إذا أُعجبت بأحد فلا بأس أن تتزوج لفترة قصيرة من الزمن .
هل يمكن أن تخبرني بالمزيد عن المتعة ، وأي مذهب يؤمن بهذا الفكر ؟ أرجو ذكر الأدلة من القرآن والحديث .
الجواب:
الحمد لله
" المتعة " - أو " الزواج المؤقت " – هو أن يتزوج الرجل المرأةَ إلى أجل معيَّن بقدر معلوم من المال .
والأصل في الزواج الاستمرار والدوام ، والزواج المؤقت – وهو زواج المتعة – كان مباحاً في أول الإسلام ثم نُسخت الإباحة ، وصار محرَّماً إلى يوم الدين .
عن علي رضي الله عنه : " أن رسول الله صلى الله وسلم نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر ." وفي رواية : " نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية ."
رواه البخاري ( 3979 ) ومسلم ( 1407 ) .
وعن الربيع بن سبرة الجهني أن أباه حدثه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً " .
رواه مسلم ( 1406 ) .
وقد جعل الله تعالى الزواج من آياته التي تدعو إلى التفكر والتأمل ، وجعل تعالى بين الزوجين المودة والرحمة ، وجعل الزوجة سكناً للزوج ، ورغَّب في إنجاب الذرية ، وجعل للمرأة عدة وميراثاً ، وكل ذلك منتفٍ في هذا النكاح المحرَّم .
والمرأة المتمتع بها عند الرافضة – الشيعة وهم الذين يقولون بجوازه – ليست زوجة ولا أمَة ، وقد قال تعالى : { والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين } المؤمنين / 5 – 7 .
وقد استدل الرافضة لإباحة المتعة بما لا يصلح دليلاً ومنه :
أ . قول الله تعالى : { فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة } النساء / 24 .
فقالوا : إن في الآية دليلاً على إباحة المتعة ، وقد جعلوا قوله تعالى { أجورهن } قرينة على أن المراد بقوله { استمتعتم } هو المتعة .(44/66)
والرد على هذا : أن الله تعالى ذكر قبلها ما يحرم على الرجل نكاحه من النساء ، ثم ذكر ما يحل له في هذه الآية ، وأمر بإعطاء المرأة المزوَّجة مهرها .
وقد عبَّر عن لذة الزواج هنا بالاستمتاع ، ومثله ما جاء في السنَّة من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المرأة كالضِّلَع إن أقمتَها كسرتَها ، وإن استمتعتَ بها استمتعتَ بها وفيها عوج " رواه البخاري ( 4889 ) ومسلم ( 1468 ) .
وقد عبَّر عن المهر هنا بالأجر ، وليس المراد به المال الذي يُدفع للمتمتَّع بها في عقد المتعة ، وقد جاء في كتاب الله تعالى تسمية المهر أجراً في موضع آخر وهو قوله : { يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن } ، فتبيَّن أنه ليس في الآية دليل ولا قرينة على إباحة المتعة .
ولو قلنا تنزلاًّ بدلالة الآية على إباحة المتعة فإننا نقول إنها منسوخة بما ثبت في السنة الصحيحة من تحريم المتعة إلى يوم القيامة .
ب . ما روي عن بعض الصحابة من تجويزها وخاصة ابن عباس .
والرد وهذا من اتباع الرافضة لأهوائهم فإنهم يكفرون أصحاب النبي رضي الله عنهم ثم تراهم يستدلون بفعلهم هنا ، وفي غيره من المواضع .
فأما من ثبت عنه القول بالجواز فهم ممن لم يبلغهم نص التحريم ، وقد رد الصحابة رضي الله عنهم ( ومنهم علي بن أبي طالب وعبد الله بن الزبير ) على ابن عباس في قوله بإباحة المتعة .
فعن علي أنه سمع ابن عباس يليِّن في متعة النساء فقال : مهلا يا ابن عباس فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية .
رواه مسلم ( 1407 ) .
وللمزيد يرجى مراجعة أجوبة الأسئلة و ( 1373 ) و ( 2377 ) و ( 6595 ) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
مسلم أحب فتاة هنوكية ويريد الزواج بها
سؤال:
لي صديق مسلم يحب فتاة هندوكية ولأن أهله ارثوذكس ( أو متمسكين ) يعارضون فهل علي إثم إن ساعدته في الزواج من هذه الفتاة ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يحل للمسلم أن يتزوج من غير المسلمة إلا أن تكون من أهل الكتاب يهودية أو نصرانية وإن فعل فنكاحه باطل بل ذلك من السفاح وليس من النكاح وهو آثم مرتكب لكبيرة من الكبائر.
والدليل على ذلك قوله تعالى : { اليوم أحل لكم الطيبات و طعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا(44/67)
الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان } المائدة / 4 .
فأحل الله تعالى للمؤمنين المحصنات من المؤمنات والمحصنات من أهل الكتاب .
قال الإمام الطبري في تأويل هذه الآية :
{ والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } يعني : والحرائر من الذين أعطوا الكتاب وهم اليهود والنصارى الذين دانوا بما في التوراة والإنجيل { من قبلكم } أيها المؤمنون بمحمد من العرب وسائر الناس أن تنكحوهن أيضا { إذا آتيتموهن أجورهن } يعني إذا أعطيتم من نكحتم من محصناتكم ومحصناتهم أجورهن وهي مهورهن .
" تفسير الطبري " ( 6 / 104 ) .
ولا يحل له أن ينكح المجوسية ولا الهندوكية ولا الشيوعية ولا الوثنية ومن يشبههم . والدليل على ذلك قوله تعالى : { ولا تَنكحوا المشركات حتى يؤمنَّ ولأمَة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ..} البقرة / 221 .
وعلى هذا فلا يجوز لك أن تساعده على معصية الله ، قال تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } المائدة / 2 ، وعليك أن تنصحه بأن يدعوها إلى الإسلام ويبين لها أن الله تعالى حرم عليه نكاحها ما لم تسلم ، فإن أسلمت تزوجها ، وإن أصرت على البقاء على دينها فليتق الله تعالى ولا يتزوجها ، وليصبر على ذلك فإن الله تعالى سيعوضه ما هو خير له ، فإنه ( من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه )
نسأل الله أن يهدينا الصراط المستقيم ، ويعصمنا من الزلل .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
سيخية تريد الزواج من مسلم
سؤال:
مرحبا . أنا لست مسلمة ، لكني أحب شخصا مسلما، وقد أخبرني أنه سيتزوج بي ، إلا أنه لم يفعل ذلك لسبب ما. لكن عندي سؤال لك ، لماذا لا يمكن للفتاة السيخية أن تتزوج بالمسلم ؟ وهل يجوز لهما الزواج ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا نشكر لك ثقتك في هذا الموقع ، ونلمس من وراء إرسال هذه الرسالة قابليتك للبحث من أجل الوصول إلى الحق وعدم تعصبك لما نشأتِ عليه ، وهذا في حد ذاته نعمة نسأل الله تعالى أن يتممها عليك بالوصول إلى الحق الذي يوجب لك حقيقة السعادة في الدارين ، ومن أجل الوصول إلى هذا الأمر فإننا ننصحك بالقراءة عن الإسلام في هذا الموقع بتأمل وصدق في البحث عن الحق وأن تسألي الذي خلقك من العدم أن يرشدك إلى الطريق الصحيح والدين القويم . واعلمي بأن حياة الإنسان لا تستقيم بدون دين صحيح يحيى عليه ولا تستقر هذه النفس إلا بصلة صحيحة بخالقها(44/68)
وفاطرها الله عز وجل . وعبادته هي روح الحياة وبدونها لا يكون إلا التعاسة والشقاء .
أما عن سؤالك عن زواج المسلم منك فإنك إن اقتنعت بالإسلام وارتضيتِه دينا لكِ ـ وهذا ما نسأل الله أن يوفقك إليه ـ فليس هناك ما يمنع من زواجك منه ، ويتولى تزويجك منه أقرب أهلك إليك من المسلمين ، فإن لم يكن فيهم مسلمون فيتولى تزويجك القاضي المسلم في البلد التي أنت فيه أو المسئول عن الجالية الإسلامية فيها إن لم يكن هناك قاض مسلم أو محكمة شرعية .
واعلمي أن الشريعة الإسلامية تحرِّم زواج المسلمة من غير المسلم أيا كانت ديانته ، وتحرِّم على المسلم الزواج من غير المسلمة إلا أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى دون غيرهم ، قال تعالى : ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة/221 ، وقد أوضحت الآية الحكمة العظيمة من التحريم وهي حماية المسلم والمسلمة من التأثر في دينه ، لكن لما كان الرجل هو الذي له الكلمة كان تأثره بالزوجة أقل من العكس ولذلك أبيح له الزواج من أهل الكتاب فقط لأن كفرهم أخف من كفر غيرهم من حيث العموم ولأنهم أصحاب رسالة سابقة وإن أصابها من التحريف ما أصابها فيبقى لهم ميزة على غيرهم ، وعليه فلا يجوز للمسلم الزواج من سيخية إلا أن تسلم .
ونصيحتنا التي نرجو أن يشرح الله صدرك لها مادام قد وُجد هذا الأمر أن تغتنميه من أجل أن يكون محفزاً لك على الإسلام ، لا سيما إذا كان هذا المسلم محافظاً على دينه ، ونرجو إن أسلمت أن يكون لك وأن تكوني له نعم العون على الصبر والثبات ؛ لأنك ستحتاجين بعد إسلامك إلى من يقف إلى جانبك ويحميك من أذى بعض من قد لا يعجبهم إسلامك ومفارقتك لدين الأباء والأجداد ، وهذه هي سنة الله في ابتلاء الكثير ممن يدخل في هذا الدين الحنيف ليكون سبباً لهم في قوة ثباتهم عليه ، وليظهر في الواقع هل هم مستحقون لهذه النعمة أم غير مستحقين لها ، ونسأل الله لك العون على معرفة طريق السعادة الحقة والإيمان به والثبات عليه ، حتى يكون آخره جنة عرضها السماوات والأرض . ويمكنك الاستفادة من السؤال 3023 ، والسلام على من اتبع الهدى .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
أراد أن يسلم ليتزوج مسلمة
سؤال:
نمى إلى علمي أن الرجل إذا أراد الإسلام، بقصد الزواج من فتاة مسلمة مثلا، حتى وإن لم يكن إسلامه بدافع الإيمان الحقيقي، فإن الله يقبل ذلك منه (إسلامه)، حيث إن هذه الطريقة تزيد شخصا إلى تعداد المسلمين، وخصوصاً أن أطفاله سيكونون مسلمين بدل أن يكونوا نصارى. ما قولك في هذا؟.(44/69)
الجواب:
الحمد لله
أصل الإيمان يكون في القلب ومن أجل هذا فإن النية لها أكبر الاعتبار في الشريعة الإسلامية وإلى هذا جاءت الإشارة في الحديث الذي يعده العلماء نصف دين الإسلام وابتدأ به كثير من العلماء كتبهم كالبخاري رحمه الله في صحيحه فيما أخرجه عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ البخاري ( 1) وفي رواية مسلم : ( فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ) مسلم 3530 ، وبناءً على هذا فإن للمسألة شقين :
أما الأول فهو ما يتعلق بقبول هذا الإسلام عند الله تعالى فالحديث يدل على عدم قبوله إن لم تكن له نية إلا هذا الأمر ولم يدخل الإيمان إلى قلبه .
وأما الثاني فهو ما يتعلق بإجراء أحكام الإسلام الظاهرة عليه ، فهذا الشخص لو نطق بالشهادتين وأتى بشعائر الإسلام ولم يأتِ بناقض من نواقضه فإنه يُعامل معاملة المسلمين ، ويمكن قبول زواجه من هذه المسلمة ؛ وذلك لأننا مأمورون شرعا بمعاملة الناس بما يظهر من حالهم ولم نؤمر بالتنقيب عما في قلوبهم كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنِّي لَمْ أُؤمَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ " البخاري 4004 مسلم 1763 .
ولعل هذا الشخص إن دخل في الإسلام ولو بهذه النية أن يَطَّلِعَ على ما في الإسلام من كمال وما فيه من ترغيب في صدق النية فيصدق مع الله تعالى ويَحسُن إسلامه ويقبله الله منه ، و يمكن لمن له علاقة بهذا الشخص أن ينصحه بأن يكون قصده الأول إرادة وجه الله والدخول في حقيقة الإسلام ، ويكون الزواج تابعاً وسبباً للدخول في هذه النعمة لا مقصداً وغاية ، ويمكن لهذه الفتاة أن تجعل الزواج منها مُرَغِّباً لهذا في إسلامه كما وقع من أم سليم رضي الله عنها في زواجها من أبي طلحة رضي الله عنه فعَنْ أَنَسٍ قَالَ تَزَوَّجَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ فَكَانَ صَدَاقُ مَا بَيْنَهُمَا الإِسْلامَ أَسْلَمَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ قَبْلَ أَبِي طَلْحَةَ فَخَطَبَهَا فَقَالَتْ إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ فَإِنْ أَسْلَمْتَ نَكَحْتُكَ فَأَسْلَمَ فَكَانَ صَدَاقَ مَا بَيْنَهُمَا. النسائي3288 وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 3133 .
وأما تعليل القبول ـ الذي ورد في السؤال ـ بزيادة عدد المسلمين فغير صحيح ، لأن زيادة عدد المسلمين ، وإن كانت أمراً حسناً و مقصوداً إلا أنه ليس من أسباب قبول من ادعى الإسلام ولم يؤمن به حقيقة ، لأن الإسلام يهتم بالكيف والكم لا بالكم فقط ، والصادق في دينه خير من ألف من الكاذبين فيه .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ(44/70)
زنى بامرأة وتزوجت بغيره ويريد الزاني الزواج منها
سؤال:
اتصل بي أحد الاخوة من نفس مدينتي المسلمة وهو على علاقة بإحدى قريباتي ( لقد أخبرني الآن ولم يكن لدي علم من قبل) ويدعي أنهما ارتكبا الزنا وأنها ربما تكون في انتظار ابنه قريبا. كان يفترض أن يتزوج بها في أقرب وقت. مؤخرا تزوجت شخصا آخر وهي الآن هنا . الأخ الذي اتصل بي ذهل عندما عاد من رحلة عمل وعلم بالأمر. يريدني أن أسمح له بالاتصال بها وأود أن أنصحه بأن ينساها وأن يتوب إلى الله حيث أنها كانت تعبث معه خلال السنتين الماضيتين. لقد عبثت معي أيضا ولكن الله هداني. لا أظن أن أحدا ممن ذكرتهم يطبق الشريعة أو يصلي أيضا. ما هي المسؤولية الواجبة علي من ناحية إسلامية؟ وهل علي أن أستشير أحدا آخر؟ أرجوك أيها الشيخ انصحني فأنا لا أعلم ما يجب علي فعله.
الجواب:
الحمد لله
سؤالك أيها المسلم يحتوي على معضلات وليس معضلة واحدة فحسب ، وإليك بيانها :
1- ترك الصلاة من قبل صديقك وقريبتك اللذان ينتسبان إلى الإسلام ، وهذا العمل كفر أنظر للضرورة السؤال (5208) و(2182) ، بل إنك تقول بأنهم لا يُطبقون الشريعة الإسلامية وهذه رزية فوق رزية ، وكفر على كفر نعوذ بالله من ذلك .
2- الوقوع في الزنا والمعلوم تحريمه بالضرورة من دين الإسلام ، بل هو محرم حتى في الأديان السماوية الأخرى .
3- زواج المرأة الزانية وهي حامل من الزنا .
4- طلب الزاني الزواج من الزانية بعد زواجها من غيره .
فبأي رزية نبدأ ، وعلى أي سؤالٍ نجيب فلا حول ولا قوة إلا بالله .
فلنبدأ بالأهم فالأهم :
1- الكفر بترك الصلاة وسائر شعائر الدين ..
مما لا شك فيه أن الكفر موجب لدخول النار قال تعالى عن المشركين في جوابهم عن سبب دخولهم النار{ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ(43)وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ(44)وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ(45)وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ(46)حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ(47) } المدثر.
قال ابن كثير في تفسير هذا المقطع:
" { لم نك من المصلين } أي ما عبدنا ربنا.
{ ولم نك نطعم المسكين } أي : ولا أحسنا إلى خلقه من جنسنا.
{ وكنا نخوض مع الخائضين } أي نتكلم فيما لا نعلم وقال قتادة: كلما غوى غاوٍ غوينا معه.
{وكنا نكذب بيوم الدين} قال ابن جرير : قالوا: وكنا نكذب بيوم المجازاة والثواب والعذاب, ولا نصدق بثواب ولا عقاب ولا حساب .
{ حتى أتانا اليقين } يعني الموت كقوله تعالى " واعبد ربك حتى يأتيك اليقين " .(44/71)
أما بالنسبة لك أيها السائل فالواجب عليك نصحهم وإقامة الحجة عليهم وأن تبين لهم أنَّ ماهم عليه هدم لعمود الدين والركن الركين من أركان الإسلام ، فعليهم المبادرة بالتوبة من ترك الصلاة وسائر شعائر الإسلام ، ولا يجوز لك التهاون مع تارك الصلاة بأي حال وتبدأ بنصحه وتوجيهه ثم بهجره والإعراض عنه وترك السلام عليه ، وعدم مؤاكلته والجلوس معه إذا كان ذلك يفيده ، وإشعاره بعظم ذنبه لعله يرجع إلى ربه ويتوب .
2- الوقوع في الزنا ذنبٌ عظيم قال الله تعالى:( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) الإسراء/32 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ولا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) رواه البخاري رقم (2475).
وهو من كبائر الذنوب ، ومرتكبه متوعد بعقاب أليم فقد جاء في الحديث العظيم - حديث المعراج - والذي فيه : ( ... فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ قَالَ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ قَالَ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلاءِ ... قَالَ قَالا لِي أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ ... َأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي ) رواه البخاري في باب إثم الزناة رقم (7047) راجع للأهمية سؤال (11195) .
3- وأما المسألة الثالثة وهي زواج الزانية وهي حامل فاعلم أنه " لا يجوز الزواج من الزانية حتى تتوب ... وإذا أراد رجلٌ أن يتزوجها وجب عليه أن يستبرأها بحيضة قبل أن يعقد عليها النكاح وإن تبين حملها لم يجز له العقد عليها إلا بعد أن تضع حملها ... " انتهى من فتوى للشيخ محمد بن ابراهيم –رحمه الله - انظر الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة 2/ 584
وبناءً عليه فإن زواج هذه المرأة وهي حامل من الزنى زواجٌ باطل ، ويجب على من تزوجها أن يُفارقها حالاً ، وإلا فهو زانٍ يُقام عليه حد الزنى .
ثم إذا فارقها ووضعت حملها وصار رحمها بريئاً ، وتابت توبةً صادقة فيجوز له أن يتزوجها بعد توبته هو أيضاً .
4- وأما الرجل الأول – الزاني – فيجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى ولا يجوز له أن يتزوجها مطلقاً لأمرين :
أولاً : لأنهما زانيان ، ونكاح الزناة محرم على المؤمنين .أنظر سؤال (11195) .
ثانياً : لارتباطها برجل آخر غيره .
فعليه أن يصرف النظر عنها البتة ، وأن يتوب إلى الله من عظيم جرمه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
اللهم اهد ضال المسلمين ، وردنا إليك رداً جميلاً يا أرحم الراحمين والحمد لله رب العالمين .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(44/72)
ـــــــــــــــــــ
مسلمة تريد أن تتزوج كافراً
سؤال:
سألتني فتاة مسلمة أمريكية مطلقة أكثر من مرة ، وهي منعزلة/بعيدة عن الجالية المسلمة . تريد أن تتزوج من رجل غير مسلم ولكنه يؤمن بالله . كيف أمنعها حيث أني أعلم أنه لا يجوز . هي تقول بأنه إن كان جائزا للرجال ، فلماذا لا يجوز للنساء ؟
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز للمسلم أن يتزوج مشركة ، ولا يجوز للمسلمة ان تتزوج مشركا ، ولم يستثن من ذلك إلا الزواج من الكتابيات ( اليهود والنصارى ) إذا كنّ عفيفات ، هذا ما دلّ عليه الدليل من كتاب الله أو سنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وأجمعت عليه الأمة . ولا يجوز أن نعترض على حكم الله بعقولنا ، قال تعالى : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيَرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلّ ضلالا مبينا ) . فعلى هذه المرأة أن تتقي الله ، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ، ولتعلم أن زواجها من رجل غير مسلم ولو كان من أهل الكتاب انه لا أثر له ، بل هو في حكم الزنا لأنه عقد باطل .
الشيخ عبد الكريم الخضير
ـــــــــــــــــــ
حكم عقد نكاح من كان لا يصلي ثم هداه الله
سؤال:
زوجي لايصلي منذ أن تزوجنا حيث مضى على زواجنا ثلاث سنوات . وبعد الزواج بوقت قصير أقنعته بذلك واقتنع . فهل هذا الزواج باطل ... لأنه في وقت النكاح لم يكن يصلي ... ..... ماذا أفعل الآن ؟.
الجواب:
الحمد لله
سئل الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله عن حكم عقد نكاح من لم يكن يصلي ثم هداه الله فقال :
إذا كانت الزوجة لا تصلي مثل الزوج حين العقد فالعقد صحيح ، أما إن كانت تصلي فالواجب تجديد النكاح ، لأنه لا يجوز للمسلمة أن تُنكح لكافر لقول الله عز وجل : ( ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ) والمعنى لا تزوجوهم المسلمات حتى يسلموا ، ولقوله سبحانه في سورة الممتحنة : ( فإن علمتوهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لاهن حل لهم ولا هم يحلون لهن ) ....
فتاوى إسلامية 3/242-243
ـــــــــــــــــــ
حكم نِكَاح السُّنِّية من الإسْمَاعِيلي
سؤال:(44/73)
أعرف صديقة لي تحب شاباً حباً كبيراً . والمشكلة تكمن في أن الشابة سنية والشاب إسماعيلي. أريد أن أعرف هل يجوز لهما أن يتزوجا ؟ وهل ستعترض طائفتاهما على هذا الزواج على الرغم من أنهما مسلمان ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز لهذه المرأة الزَّواج من هذا الشّاب الإسماعيلي ، وذلك لأن الإسماعيلية مرتدُّون عن ملة الإسلام .
كما قال العلماء في مُجْمَلِ مذْهَبِهم ، قال : " إنَّه مذهَبٌ ظاهره الرَفْضُ وباطِنُهُ الكفر المَحْضُ ... "
قال ابن الجوزي : " فمَحْصُولُ قولهم تعطِيل الصَّانِع وإبْطَال النبوة والعبادات ، وإنكار البعث ، ولكنهم لا يظْهِرُون هذا في أول أمرهم ، بل يَزْعُمون أن الله حقٌ ، وأن محمداً رسول الله ، والدين الصحيح ، لكنهم يقولون لذلك سِرٌّ غير ظاهر ، وقد تلاعب بهم إبليس فبالغ وحَسَّنَ لهم مذاهبهم .."
وكذلك حكم غير الاسماعيلية من أهل البدع التي حكم بكفرها كالنصيرية ، والرافضة ، فلا يجوز النكاح منهم ، ولا أن ينكحوا هم من المسلمين .
عن طلحة بن مصرف رحمه الله قال : الرافضة لا تنكح نساؤهم ... لأنهم أهل رِدَّة .
ويقول شيخ الإسلام في معرض كلامه عن غلاة الرافضة وبعض الطوائف الغالية في عليّ ، من النصيرية والاسماعيلية : فإن جميع هؤلاء الكفار أكفر من اليهود والنصارى ، فإن لم يظهر على أحدهم ذلك ، كان من المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل من النار ، ومن أظهر ذلك كان أشد الكافرين كفراً .. قال : ولا يحل نكاح نسائهم ، لأنهم مرتدون من شرِّ المرتدين .أهـ
وقال عن النصيرية : اتفق العلماء على أن هؤلاء لا تجوز مناكحتهم ، ولا يجوز أن يُنْكِحَ الرجل مولاته منهم ، ولا يتزوج منهم امرأة .أهـ
وتواتر النقل عن نصوص السلف الصالح بتحريم إنكاح المرأة المسلمة من أهل السنة للمحكوم بكفره من أهل البدع ، وفساد ذلك .
يراجع كتاب موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع للدكتور إبراهيم الرحيلي 1/377-380
و كتاب التقريب بين أهل السنة والشيعة للدكتور القفاري 1/152 .
وعلى هذا فلا يجوز لهذه المرأة المسلمة الزواج من هذا الرجل لأنه ليس على ملة الإسلام ، وإن ادعى ذلك كما ذكر في مذهبهم ، ولا تتمادى في هذا الأمر المُحَرَّم . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
حكم عقد الزواج لزوجين أحدهما لا يصلي
سؤال:(44/74)
السؤال : أعمل مأذون أنكحة ، وقد سمعت من بعض المنتسبين للعلم أن عقد الزواج لزوجين أحدهما لا يصلي باطل ولا يجوز العقد لهما ، فهل هذا صحيح ؟ وماذا أعمل إذا طلب مني عقد قران ؟ أفتونا مأجورين.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
إذا علمت أن أحد الزوجين لا يصلي فلا تعقد له على الآخر ؛ لأن ترك الصلاة كفر ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) خرجه مسلم في صحيحه ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) أخرجه الإمام أحمد ، وأهل السنن الأربعة بإسناد صحيح ، نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين ، وأن يهدي ضالّهم إنه سميع قريب .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/8 ص / 396
ـــــــــــــــــــ
ما هي عقوبة المرأة المسلمة التي تتزوج من نصراني
سؤال:
ما عقوبة المرأة التي تتزوج نصرانيا ؟ وكم مرة حدثت وفي أي البلاد ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يحلّ للمسلمة الزواج من كافرٍ يهوديٍ أو نصراني أو وثنيّ ، لأنّ للرجل سيادةً على المرأة ، ولا يجوز أن يكون للكافر سيادةٌ على المسلمة ، لأنّ الإسلام دين الحق وكلّ ما سواه من الأديان باطل ، قال تعالى : ( ولا تُنْكحوا المشركين حتى يؤمنوا ) ، وقال تعالى : ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم " الإسلام يعلو ولا يعلى عليه " .
والمرأة المسلمة إذا تزوجت من كافر وهي عالمة بالحكم فهي زانية ، وعقوبتها حدُّ الزنا ، وإن كانت جاهلة فهي معذورة ويجب التفريق بينهما من غير حاجةٍ إلى طلاق ، لأن النكاح باطل ، وعلى هذا فيجب على المسلمة التي أكرمها الله بالإسلام وعلى وليِّها الحذر من ذلك وقوفاً عند حدود الله واعتزازاً بالإسلام ، قال الله تعالى : ( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ) .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
عقد على امرأة متزوجة ليحصل على الجنسية
سؤال:
السؤال :(44/75)
: تزوجت بزوجتي إسلاميا وتزوجها أخي عرفيا حتى يحصل على حق الجنسية وزوجتي تخشى أن يكون هذا حراماً ودائما نتناقش في هذا الأمر وهي قلقة جدا فأرجو أن توضح لنا الأمر.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
إذا كان نكاحك قد تم أولاً بالشروط الشرعية فإن الزوجة زوجتك وعقد أخيك عليها عقد باطل لا عبرة به ، ويجب عليه التوبة إلى الله مما فعل ، ويجب عليك أنت وزوجتك أن تتوبا إلى الله إن كنتما عاونتما على ذلك ، ولتطمئن زوجتك إلى صحة عقدك عليها مادام قد استكمل الشروط المعتبرة شرعاً ، والله الهادي إلى سواء السبيل .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
تزوجت من غير ولي وزوجها يرفض إعادة العقد
سؤال:
السؤال :
تزوجت بعد إسلامي بشهرين من رجل مسلم ولم أكن أعرف شروط الزواج ، فتزوجت في دار العدل ولم يكن لي ولي ، فهل العقد صحيح ، زوجي لا يريد إعادة العقد فماذا أعمل ؟ .
الجواب:
الجواب :
لا بد من إقناعه بإعادة العقد بإيجاب من الولي وقبول من الزوج ، وتحملي تجنبه وابتعدي عنه حتى يعاد العقد ، والله مع الصابرين . ويراجع السؤال رقم 2127و6122 .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
حكم نكاح المتعة
سؤال:
السؤال :
ما حكم نكاح المتعة ؟.
الجواب:
الجواب :
نكاح المتعة ، وصورته أن يتزوج الرجل امرأة مسلمة أو كتابية ، ويحدد المدة ، بأن يشترط أن مدة الزواج خمسة أيام ، أو شهران أو نصف سنة ، أو عدة سنين معلومة المبدأ والمنتهى ، ويدفع لها مهرا قليلا ، وبعد انتهاء المدة تخرج منه ، وهذا(44/76)
النوع رُخَّص فيه في سنة فتح مكة ثلاثة أيام ، ثم نهى عنه وحرِّم إلى يوم القيامة - وذلك فيما أخرجه مسلم ( 1406 ) - وذلك أن الزوجة هي التي تطول عشرتها ، كما قال تعالى : " وعاشروهن بالمعروف " سورة النساء 19 وهذه لا تطول عشرتها ، وأيضا فالزوجة هي التي تسمى زوجة شرعية ، وتدوم صحبتها ، وذكرت في قوله تعالى : " إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم " سورة المؤمنون 6 وهذه ليست زوجة شرعية ، لأن بقاءها مؤقت زمنا يسيرا ، وأيضا فالزوجة هي التي ترث زوجها ويرثها ، لقوله تعالى : " ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد " سورة النساء 12 ، وهذه لا ترث لأنها ليست زوجة لقصر مدتها مع الرجل ، وعلى هذا فنكاح المتعة يعتبر من الزنا ، ولو حصل التراضي بينهما ، ولو طالت المدة ، ولو دفع لها مهرا ، ولم يرد في الشرع ما يبيحه سوى إباحته في زمن الفتح ، حيث حضره عدد كبير من الذين أسلموا حديثا ، وخيف من ردتهم ، لأنهم اعتادوا على الزنا في الجاهلية ، فأبيح لهم هذا النكاح ثلاثة أيام ، ثم حرم إلى يوم القيامة - رواه مسلم 1406 -.
من اللؤلؤ المكين من فتاوى فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن جبرين ص41 .
ـــــــــــــــــــ
الزّواج المؤقّت
سؤال:
السؤال :
قبل حوالي أربعة أسابيع قابلت عربيا مسلما أخبرني بأنه مهتم بي بشكل خاص ويرغب في أن يبقى معي . ولتحقيق شرعية هذه "المقابلات" فقد طلب أن "نتزوج زواجا مؤقتا". وقد بحثت عن شرح لمعنى هذا الزواج المؤقت. إنني أحب هذا الرجل حقا وأرغب في الزواج منه، ولكن مما اطلعت عليه يبدو لي أننا ربما نكون متزوجين فعلا . إنني أشعر بعدم المعرفة بهذا الموضوع وأرجو منكم أن توضحوه لي .
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
ليس هناك فيما استقرّت عليه شريعة الإسلام شيء يُسمّى بالزواج المؤقّت فمن وجد منه ذلك فإنه يقام عليه حد الزنا ، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " لا يأتيني بواحد منهم إلا جلدته الحد .. ) ، ولكنّ بعض أهل البدع من الضّالّين لا يزالون يرون صحّة زواج المتعة وهو نوع من الزّواج المؤقت مع أنّ ذلك منسوخ في شريعة الإسلام ، فالواجب عليك الحذر منهم وأن لا تغلبك العواطف فتمنعك من اتّباع الحقّ ، والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
امرأة نصرانية وقعت ضحية في نكاح المتعة المحرّم(44/77)
سؤال:
السؤال :
أنا نصرانية ومتزوجة زواج متعة برجل مسلم ، وعندما تناقشنا في موضوع زواج المتعة قال لي بأنه يجوز له الجماع إذا كان ذلك مكتوباً في العقد وأريد أن أعرف هل هذا صحيح أم لا ؟
إذا كان لا يجوز لأحد أن يلمس المرأة فلماذا يجوز لهذا الرجل أن يجامع ؟ لا أستطيع أن أفهم هذا ،
ما هي الأشياء الأخرى التي تجوز والتي لا تجوز في زواج المتعة ؟
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
لقد تألمنا في الحقيقة لهذا السؤال المتضمن لواقعة تعرضت فيها أيتها السائلة للخديعة والكذب أو وقعت ضحية لجهل هذا الرجل الشرير ، فإن نكاح المتعة قد استقر حكمه على التحريم في الشريعة الإسلامية وكان النهي عنه آخر ما صدر من النبي صلى الله عليه وسلم بشأن هذا النكاح
قال الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه :
بَاب نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَبَيَانِ أَنَّهُ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ ثُمَّ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ وَاسْتَقَرَّ تَحْرِيمُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ أَوْطَاسٍ فِي الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ نَهَى عَنْهَا 2499
وعَنْ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْمَ الْفَتْحِ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ صحيح مسلم 2506
وعنه رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُتْعَةِ وَقَالَ أَلا إِنَّهَا حَرَامٌ مِنْ يَوْمِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ كَانَ أَعْطَى شَيْئًا فَلا يَأْخُذْهُ صحيح مسلم 2509
وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ رواه الترمذي وقَالَ : حَدِيثُ عَلِيٍّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْعَمَلُ علَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ .. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإسحاق . سنن الترمذي َ1040
فإمّا أن يكون هذا الرّجل الذي خدعك رافضيا خبيثا يمشي على دين أهل ملّته الذين يُبيحون نكاح المُتعة الذي حرّمه الإسلام أو يكون مسلما فاسقا يريد استغلال القضيّة في قضاء وطره أو يكون جاهلا لابدّ من تعليمه ووعظه .
ونحن إذ نشكرك على هذا السؤال فإننا ننتهز الفرصة لدعوتك إلى الإسلام وهو دين الحقّ الذي جاء بحفظ الأنفس والأعراض والأموال وستجدين ما يتعلّق بالدخول في الإسلام في أول عناوين هذه الصفحة وندعو الله بأن يوفّقك للخير ويحفظك من السوء ومن كل الأشرار وصلى الله على النبي المختار .(44/78)
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
زواج المسلم من قاديانية شخصيتها جيدة
سؤال:
السؤال :
أعلم بأن المسلم يجوز له أن يتزوج بامرأة من أهل الكتاب ، فهل يجوز له أن يتزوج امرأة قاديانية ( أخلاقها وشخصيتها جيدة ) ؟
الجواب :
الحمد لله
حيث أن مذهب القاديانية من الكفر الأكبر المخرج عن الملة ( أنظر سؤال رقم 4060 ) فلا يجوز الزواج بهذه المرأة ، قال الله تعالى : ( لا هنّ حلّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ ) . والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
تزوجها عرفيا ثم تركها وذهب إلى بلده
سؤال:
السؤال :
قال تعالى "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً " (4-1)
وقال أيضاً " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً (4-135) .
عزيزي الشيخ
أكتب لك وأملي أن تساعدني في مشكلتي الخاصة التي أواجهها مع أخ مسلم من السعودية .
هذا الأخ تزوجني قبل سنة وتركني بعد شهرين من الزواج ، لم يطلقني بشكل صحيح ولكنني تلقيت مكالمة من شخص مجهول وأبلغني برسالة من زوجي وقال بأن زوجي طلقني ... هذا كل ما حدث .
عندما تزوجت ، كان زواجاً عرفياً وكان هناك شاهدان ، وحسب علمي كان زواجاً إسلامياً ومع هذا فلم يُوثق الزواج في أي مصلحة حكومية . أراد محمد أن يبقى الزواج سراً حتى يعود من زيارته للسعودية مع أهله .
لم يسمح لي بأن أخبر أهلي أو أصدقائي أو حتى الجالية هنا . كوني مسلمة جديدة فقد وثقت به وصدقت بأنه سيسوي جميع الأمور بعد عودته ، أنا أعيش في أمريكا
الجواب:(44/79)
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز العقد في الإسلام إلا بولي يراجع سؤال رقم 2127 .
فإذا تزوجت بغير ولي ولا سلطان يقوم مقامه إذا عدم الولي فالزواج غير صحيح وبالتالي لا تحتاجين إلى طلاق وإننا نتعجب من تصرف هذا الشخص الذي لم يراع الشرع ولم يراع حالتك عندما تركك وذهب دون أن يوضح الأمر والله حسيبه والله سريع الحساب .
إن من المؤلم أن يجد الشخص حديث الإسلام أمامه مسلماً قديماً لا يصلح أن يكون قدوة له ويفاجئ بمثل هذه الشخصية التي لا تُطبق أحكام الشريعة في هذا العقد المقدس شرعا والواجب التوبة مما حصل من إقامة علاقة دون زواج صحيح ولعل هذه الحادثة تدعو للمزيد من الحرص على تعلم الشريعة وأحكام الدين ونسأل الله لك الثبات على الإسلام والفقه فيه وأن يزيدك من فضله ويرزقك زوجاً مسلماً صالحاً والله المستعان .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
زواج المسلمة من غير المسلم المرجو إسلامه
سؤال:
السؤال :
ما حكم زواج المسلمة بغير المسلم خاصة إذا طمعت في إسلامه بعد الزواج حيث تدعي مسلمات كثيرات أنه لا يتوافر لهن الأكفاء من المسلمين في غالب الأحيان ، وأنهن مهددات بالانحراف أو يعشن في وضع شديد الحرج ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
زواج المسلمة بغير المسلم ممنوع شرعاً بالكتاب والسنة والإجماع ، ( ينظر سؤال رقم 689 ) وإذا وقع فهو باطل ، ولا يترتب عليه الآثار الشرعية المترتبة على النكاح ، والأولاد المولودون من هذا الزواج أولاد غير شرعيين ، ورجاء إسلام الأزواج لا يغير من هذا الحكم شيئاً
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
أخوها سيتزوج من فاسقة وأهله سيحرمونه من الميراث
سؤال:
السؤال:(44/80)
أخي الكبير كان يدرس في أمريكا منذ 7 سنوات تقريبا ، ونحن من عائلة محافظة جدا وفي الفترة الأخيرة تعرف على فتاة مسلمة من بلدنا ولكن الغرب أثر بها ، وقررا الزواج ولكن أهلي رفضوا الزواج لأنها ليست امرأة ملتزمة بالدين فهي لا تلبس ملابس محتشمة وتشرب الخمر.
أهلي حاولوا الكثير لكي يثنوه عن الزواج بها ولكنه ازداد إصرارا ويهدد انه سيمضي قدما في الزواج سواء ساعدوه أو لا ، وبناء على ذلك هدده أهلي بأنهم سيقطعون أي علاقة به إن تزوجها وسيحرمونه من الميراث.
وسؤالي : هل لأخي الحق في الزواج من تلك الفتاة وأن لا ينفذ رغبة والديه ؟
وهل لأهلي أن يرفضوا هذا الزواج ويقطعوا علاقتهم به ويحرموه من الميراث ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
أما الزواج فإن كان لك سلطة على أخيك لثنيه أو إقناعه بالعدول عن فكرة الزواج من هذه المرأة فاعلمي أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالزواج من ذات الدين وهذه المرأة عاصية ومخالفة للدين كيف وهي لا تحتشم في لباسها وتشرب الخمر ، فهذه امرأة لا ينبغي الزواج منها .
أما عصيان الوالدين فهو ذنب أعظم من سابقه وهما قد أمرا بطاعة والبعد عن المعصية فيجب عليه طاعتهما ، والحذر من مخالفتهما ، أما رفض أهلك للزواج فهو صحيح شرعا ، لأنه أمر بالمعروف ونهي عن منكر ، وأخذ على يد السفيه .
ويجوز بل ينبغي هجره إذا كان الهجر سيؤثر في ردعه لأن زواجه بهذه المرأة سيبعده عن دينه ، وفي أمريكا وغيرها من بلدان الكفر كثير من أفراد الجاليات الهندية والباكستانية والعربية قد انسلخوا من دينهم ، ولم يبق لهم من الإسلام إلا الاسم .
أما الحرمان من الميراث فلا يُحرم منه إلا إذا ارتد عن الدين ، أما ما دام داخل دائرة الإسلام ولم يرتكب ناقضا من نواقض الدّين ومكفّرا من المكفّرات فلا يجوز حرمانه من الميراث ، لأنه من حدود الله ، وحدود الله لا يجوز تغييرها ، والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
يريد أن يتزوج من فتاة كان على علاقة بها
سؤال:
أرجو من سماحتكم أن تساعدوني لأني في ورطة ، أنا تعرفت على بنت تعمل في منطقة بعيده عن أهلها ، واستمرت علاقتنا لمدة سنتين في حب وغرام ومقابلات وزنى ، لكن اتفقت معها على الزواج لأني لا أستطيع نسيانها ، وهي كذلك ، المهم من أول ما دخلت حياتها وهي تغيرت عن الأول ، واستقامت ؛ ويعلم الله أني(44/81)
أحببتها ولا أستطيع نسيانها ، فهل تنصحني بالارتباط بها ؟ لأني أعيش حالة عصبيّة جدّاً .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
قبل الإجابة على سؤالك لا بدَّ لنا من تذكيرك بوجوب التوبة والندم على ما فعلتَ مع تلك المرأة ، وغير خافٍ عليك أنك وقعتَ في كبائر من الذنوب ، وأعظمها الزنا الذي نُصَّ على تحريمه في الكتاب والسنَّة ، وأجمع العلماء على تحريمه ، وأجمع العقلاء على قبحه وسوئه .
قال الله تعالى : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) الإسراء / 32 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) رواه البخاري ( 2475 ) ومسلم ( 57 ) .
وللزناة عذاب عظيم في البرزخ قبل عذابه في الآخرة ، فقد جاء في حديث الرؤيا المشهور – حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه : ( ... فَانْطَلَقْنَا – أي : النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل وميكائيل - فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ ، فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا (أي صاحوا) قَالَ : قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَؤُلاءِ ؟ ... قَالَ : قَالا لِي : أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ ... َأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي ) رواه البخاري ( 6640 ) .
وقد أوجب الله تعالى في الزنا الحدّ ، فقال تعالى في بيان حدِّ الزاني البكر : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) النور/2 .
أما المحصن - وهو الذي قد سبق له الزواج - فجعل حدّه القتل فقد جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه ( 3199 ) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائة وَالرَّجْمُ ) .
وما قلناه لكَ فهو موجه للمرأة كذلك ، ولتعلم أن ذنبها أقبح ، وبما أنها – كما تقول – قد استقامت فنرجو أن تكون توبتها صادقة ، وأن يعفو الله عنها بمنِّه وكرمه .
ثانياً :
اعلم أنكما إذا لم تتوبا من ذنب الزنا : فإنه لا يحل لك الزواج بها ؛ لأن الله تعالى حرَّم نكاح الزاني والزانية حتى يتوبا ، قال تعالى : ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) النور/3 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
" هذا بيان لرذيلة الزنا ، وأنه يدنس عرض صاحبه ، وعرض من قارنه ومازجه ، ما لا يفعله بقية الذنوب ، فأخبر أن الزاني لا يقدم على نكاحه من النساء إلا أنثى زانية ، تناسب حاله حالها ، أو مشركة بالله لا تؤمن ببعث ولا جزاء ، ولا تلتزم أمر الله ، والزانية كذلك ، لا ينكحها إلا زان أو مشرك ( وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) أي : حرِّم عليهم أن يُنْكحوا زانياً ، أو يَنكحوا زانية .(44/82)
ومعنى الآية : أن من اتصف بالزنا من رجل أو امرأة ، ولم يتب من ذلك : أن المقدم على نكاحه مع تحريم الله لذلك لا يخلو إما أن لا يكون ملتزماً لحكم الله ورسوله : فذاك لا يكون إلا مشركاً ، وإما أن يكون ملتزماً لحكم الله ورسوله ، فأقدم على نكاحه مع علمه بزناه : فإن هذا النكاح زنا ، والناكح زانٍ مسافحٍ ، فلو كان مؤمناً بالله حقّاً : لم يقدم على ذلك ، وهذا دليل صريح على تحريم نكاح الزانية حتى تتوب ، وكذلك إنكاح الزاني حتى يتوب ، فإن مقارنة الزوج لزوجته ، والزوجة لزوجها ، أشد الاقترانات والازدواجات ، وقد قال تعالى : ( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ ) أي : قرناءهم ، فحرَّم الله ذلك ؛ لما فيه من الشر العظيم ، وفيه من قلة الغيرة ، وإلحاق الأولاد الذين ليسوا من الزوج ، وكون الزاني لا يعفها بسبب اشتغاله بغيرها ، مما بعضه كاف للتحريم " انتهى .
" تفسير السعدي " ( ص 561 ) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
زنى رجل ببكرٍ ويريد أن يتزوجها فهل يجوز له ذلك ؟
فأجابوا :
" إذا كان الواقع كما ذكر : وجب على كلٍّ منهما أن يتوب إلى الله فيقلع عن هذه الجريمة ، ويندم على ما حصل منه من فعل الفاحشة ، ويعزم على ألا يعود إليها ، ويكثر من الأعمال الصالحة ، عسى الله أن يتوب عليه ويبدل سيئائه حسنات ، قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً . إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً . وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً ) الفرقان/68 – 71 . وإذا أراد أن يتزوجها : وجب عليه أن يستبرئها بحيضة قبل أن يعقد عليها النكاح ، وإن تبين حملها : لم يجز له العقد عليها إلا بعد أن تضع حملها ، عملاً بحديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يسقي الإنسان ماءه زرع غيره " انتهى .
" فتاوى إسلامية " ( 3 / 247 ) .
فتوبا إلى الله تعالى ، وأصلِحا حاليكما ، وأكثرا من الأعمال الصالحة ، ويجوز لكم بعد ذلك التزوج ، ونسأل الله تعالى أن يقبل توبتكما ويعفو عنكما بفضله ورحمته .
وانظر السؤال رقم (85335)
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
ترغب بالزواج من شخص ووالدها غير موافق فهل تخالفه وتتزوج ؟
سؤال:
أنا فتاة عربية مسلمة أبلغ من العمر 28 سنة ، بدأت العمل في إحدى الإدارات الحكومية منذ 6 أشهر ، تعرفت على شاب في أوروبا وهو على خلق كبير ويريد الزواج مني بشرط أن أذهب معه إلى مكان إقامته ، لكن أبي يقول بأن لدي مستقبلا(44/83)
كبيراً في عملي ، وأنا أرى أن المرأة عملها في البيت أن تهتم بأطفالها ، ما حكم الشرع إذا خالفتُ رأي أبي ، وأنا متأكدة أن الشاب مسلم وعلى خلق ، وهو أيضا من نفس البلد الذي أعيش فيه ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
إن من أعظم نعَم الله على الفتاة في هذا الزمان المليء بالفتن أن تُرزق بزوج صالح مستقيم في دينه ، يرعى حقوق ربه وحقوق زوجته ، والمرأة العاقلة المستقيمة إن تقدَّم لها من يرتضى دينه وخلقه لا ترفضه بحجة دراستها أو وظيفتها ؛ لأنها إن رفضت الزواج في هذا السن وتقدم بها العمر ، فسوف تتنازل عند الزواج عن كثير مما كانت تحرص عليه ، حينما كانت صغيرة مرغوبة لكل خاطب .
ثانياً :
أما عن مخالفة الوالد في شأن الزواج أو عدمه أو في اختيار الزوج : ففيه تفصيل :
فإن كان للأب في معارضته سبب شرعي : فإنه يجب أن يطاع ولا يعصى وتكون معصيته ومخالفة أمره من العقوق الذي هو من كبائر الذنوب .
وإن كان السبب في المعارضة دنيويّاً أو اجتماعيّاً مخالفاً للدين ولمقاصد الشرع : فإنه لا إثم في مخالفته مع الحرص الشديد على رضاه وإقناعه .
مع التنبيه الشديد على ضرورة الاستجابة لرغبة الأب العاقل ؛ لأنه أدرى بمصلحة ابنته منها ، وأنت إن يسَّر الله لك الزواج ستكونين أمّاً ، فكيف سيكون شعورك لو أن رجلاً تقدَّم لابنتك راغبا الزواج بها ورأيتِ أنت وزوجك عدم صلاحيته للزواج من ابنتك ؟ وهل سترضين بمخالفة ابنتكِ لكِ ولأبيها ؟!
وقد يرى الأب لابنته أحياناً ألاّ تتغرب بعد زواجها وأن تبقى قريبة منه ، وذلك لمظنة أن تظلم أو يهضم حقها في حال بعدها عن أهلها وعيشها مع الزوج في الغربة ، وهذا الحكم مبني على واقع وخبرة في الحياة ولا شك .
قال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
فقد يخيل إليها أن هذا الشخص يصلح لها في حين أنه لا يصلح ، فليس لها أن تخالف أباها ما دام أنه ينظر في مصلحتها .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 5 / 242 ) .
وقلنا في جواب السؤال ( 6398 ) :
الأهل هم الأقدر – عادة وغالباً – على تحديد الأفضل لابنتهم ومن يصلح للزواج منها ؛ لأن الغالب على البنت هو قلة العلم وقلة الخبرة بالحياة وما يصلح فيها وقد تخدع ببعض الكلمات فتحكم عاطفتها دون عقلها .
لذلك فإن على البنت أن لا تخرج عن رأي أهلها إن عُرف عنهم الدين والعقل .
انتهى
وانظري جواب السؤال رقم ( 20162 ) لتقفي على قصة بعض النساء اللاتي خالفن رأي أهلهن وتزوجن بمن يرغبن .
ثالثاً :(44/84)
: لا بد للمرأة من ولي يزوجها ويباشر عقد النكاح ، وهو من أركان العقد الشرعي ، ولا يحل للمرأة أن تزوِّج نفسها بغير ولي شرعي ، فإن خالفت فالعقد باطل ولا يأخذ صفة عقد النكاح الشرعي الحلال ؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : ( أًيُّمَا امْرَأةٍ نَكَحَت بِغَيْرِ إِذْنِ وَليِّهَا فَنِكاحُها بَاطِلٌ فَنكاحُها بَاطِل فنكاحها باطل ... " الحديث ، رواه الترمذي ( 1102 ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
وانظري جواب الأسئلة : و ( 7989 ) .
رابعاً :
لا يجوز العيش والسكنى في بلاد الشرك والكفر إلا لعذر شرعي ليس فيه إقامة ، كعلاج ، وتجارة ، ودعوة ، وما شابه ذلك من الأمور التي لا بد منها ، أما أن يعيش في بلادهم ويستقر بينهم فذلك لا يحل لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُر المُشْرِكِينَ " رواه أبو داود ( 2645 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
خامساً :
وننبه على شيئين وردا في سؤالك ، وهما : عملكِ ، وتعرفكِ على الشاب الذي يرغب بالزواج منكِ :
أما عمل المرأة فلا شك أن ما ذكرتيه من كون الأصل في عمل المرأة هو أن يكون في بيتها لرعاية حق زوجها وأبنائها ، ولكن إن كانت المرأة تعمل خارج بيتها : فلا بدَّ أن يخلو عملها من طبيعة محرَّمة ومن بيئة غير شرعية ، فإن كان عملها في بنك ربوي أو مؤسسة تأمين أو محل يقدم المنكرات أو يبيعها : فلا يحل لها العمل فيه .
وإن كانت طبيعة العمل مباحة لكن بيئته ليست كذلك كأن يكون فيه اختلاط غير منضبط مع الرجال ، ويفتح باب التعامل معهم ، والتعارف عليهم : فلا يجوز لها العمل فيه .
وأما تعرفكِ على الشاب : فإن كان عن طريق محرَّم كالمراسلة أو المحادثة أو ما يسمى برامج التعارف بين الجنسين : فإن هذا يستوجب عليك التوبة والاستغفار ؛ لأن محادثة الأجنبي ومراسلته لا تحل لامرأة أجنبية عنه ، وهذا سبب موجب لمنعه من التزوج بك .
وقد بيَّنا حكم هذا الفعل في فتاوى متعددة ، فانظري أجوبة الأسئلة : ( 78375 )
والخلاصة فيما يتعلق بمشكلتك هذه أنه لا ينبغي لك التعجل في أمر هذا الزواج الذي لا يريده وليك ، فإن رأيت أنه ليس لرفض والدك سبب شرعي مقبول ، فاجتهدي في إقناعه بالقبول ، عن طريق والدتك أو من له رأي عند أبيك من أهلك وأقاربك ، لا سيما وأن سنك قد بدأت في الزحف نحو الثلاثين ، وهو أمر يوجب على وليك أن يكون همه الأول اختيار الزوج المناسب لك ، وليس الوظيفة المناسبة .
وأسأل الله العلي القدير أن يختار لك الخير في أمر دينك ودنياك .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ(44/85)
أرجع زوجته في عدتها بفتوى وجاءت بفتوى مضادة وتزوجت غيره !
سؤال:
كنت متزوجاً بامرأة ، ولي منها ابن ، وحصل بيني وبينها خلاف ، فطلقتها ، وأثناء فترة العدة حصلتْ مشادة كلامية بيني وبين أخيها ، فأقسمت وقلت " إن لم تعد فلانة إلى بيتي قبل الفجر فهي طالق بالثلاثة " ، فمنعها أخوها ، ولم تعد ، ولم أكن حينها قد راجعتها ، وبعد فترة قليلة استفتيتُ فأُخبرت أني يجوز أن أراجعها ، ولم أستقص هل وقعت الطلقة الثانية أم لا ، وبعد فترة سنتين وقعت إشكالية كبيرة كان للأهل دور كبير فيها ، فطلقتها ، إلا أني وأثناء فترة العدة التقيت بطليقتي ، ووقع بيننا ما يقع بين الأزواج ، فاستفتيت أحد العلماء العاملين في القضاء في بلدي فأفتاني كتابيّاً أن الطلقة التي لم أستقص عنها لا تقع حيث إن طلاق المطلقة لا يقع ، وأن الرجعة بمواقعتي لها صحيحة ، وأشهدت بذلك اثنين من الزملاء ، وأعلمت بذلك زوجتي ، ولم أُعلم أهلها بسبب حدة الخلاف العائلي ، وغضب أهلي مني إن علموا أني أرجعتها ، إلا أني طلبت منها أن تصبر على ذلك ويستمر أمر الرجعة سرّاً حتى أتمكن من الاستقلال عن أهلي ، وبعد مرور عام كنت ألتقي فيه بها سرّاً ويحصل بيننا أحيانا ما يكون بين الأزواج ، أنعم الله عليَّ بفرصة السفر إلى الخارج لإكمال الدراسة ، فاتصلت بها قبل سفري ب 10 أيام وأخبرتها أن مشكلتنا جعل الله لها حلاًّ ، وطلبت منها الانتظار شهراً أو شهرين ، وسأخبرها كيف فتح الله عليَّ ، وسافرت ولم أخبرها ، وبعد سفري بأسبوع تفاجأت بأهلي يخبرونني أن طليقتي ( كما يظنون ) تزوجت ! فأسقط عليَّ ولم أدر كيف أتصرف وأنا في الغربة ، ولم أصدِّق ، فحاولت الاتصال بزوجتي فأخبرتني أنها ظنت أنني كنت أخدعها طول الفترة ، وأني غدرت بها ؛ لأنها علمت أن فترة السفر لن تقل عن 5 سنوات ،
وادَّعت أنها استفتت عالماً في الراديو هل تعتبر مواقعة الزوجة بغير نية الرجعة رجعة أم لا فأفتاها بوجوب النية . فاستفتيت وأُخبرتُ أنه من حقي أن أرفع قضية التفريق ، أو أن أطلقها ، على أن أبلغهم لكي تعتد من الطلاق ، مع العلم أنهم زوجوها من غير أن يأخذوا مني ورقة الطلاق ، وهو الشيء الذي كنت أعتمد عليه أن أبلغهم حين يطلبون ورقة الطلاق .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
إن أحب أعمال جنود إبليس عنده هي التفريق بين الزوجين ، ولا تزال الشياطين تتنافس بينها للحصول على شرف التقرب من إبليس والحوز على المكانة العالية عنده .
فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً ، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا ، فَيَقُولُ : مَا صَنَعْتَ شَيْئًا ، قَالَ : ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ ، قَالَ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ - وَيَلْتَزِمُهُ - وَيَقُولُ : نِعْمَ أَنْتَ ) رواه مسلم ( 2813 ) .(44/86)
وما نراه ونسمعه ونقرؤه من أفعال الأزواج يدل على نجاح الشياطين في مهامها ، فنِسَب الطلاق في البلدان الإسلامية مهولة ، ولو رجعت إلى أسبابها لرأيت القليل منها بسبب الدين ! وأكثرها على أشياء تافهة من الدنيا ، فيتعجل الزوج ويغضب ويطلق ، ثم يكون تفريق الأسرة وتشتيتها ، وضياع الأولاد ودمارهم .
فلعلَّ من يقرأ هذا أن يتأنى في طلاقه ، وأن يحرص على لم شمل أسرته وإسعادهم ، وأن يتجنب الطلاق ، حتى لا يُدخل الشقاء على نفسه وأسرته .
ثانياً :
ومن حيث العموم : فكثير من مسائل الطلاق فيها خلاف بين العلماء ، وما يعلمه الزوج من الأحكام قبل تلفظه بالطلاق : فإنه يلزمه العمل بما يعلم ، وما كان جاهلاً به : فإنه إن سأل من يثق بدينه وعلمه وأفتاه بشيء : فإنه يلزمه الأخذ به ، ولا يحل له التنقل بين العلماء للحصول على فتوى أخرى ، ولا ينبغي له التشكك في أثرها ، فهو قد أدى ما أمره الله تعالى به من سؤال أهل الذِّكر ، وأوجب عليه الاستجابة للحكم ، وبخاصة إن كان ذلك الحكم صادراً من قاضٍ شرعي ، فحكم القضاء يفصل في مسائل الخلاف ، وجواب العالم الموثوق للسائل يلزمه الأخذ به .
ثالثاً :
وما قاله له ذلك العالم من أن الطلاق لا يقع على المطلقة ، قد اختاره جماعة من العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية ، واختاره من المعاصرين الشيخ ابن عثيمين .
رابعاً :
وما قاله لك العالِم من أن جماعك لزوجتك يُعتبر إرجاعاً لها هو مذهب الحنفية والحنابلة ، ولا حرج عليك من الأخذ بهذا القول لأنك فعلت ما أمرت به وهو سؤال أهل العلم ، والمسألة من مسائل الاجتهاد التي اختلف فيها العلماء .
قال ابن قدامة رحمه الله :
"وظاهر كلام الخرقي أن الرجعة لا تحصل إلا بالقول وهذا مذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد .
والرواية الثانية : تحصل الرجعة بالوطء سواء نوى به الرجعة أو لم ينو ، اختارها ابن حامد والقاضي ، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن وابن سيرين وعطاء وطاوس والزهري والثوري والأوزاعي وابن أبي ليلى وأصحاب الرأي" انتهى .
" المغني " ( 8 / 482 ) .
ونرى أن إعلامك زوجتك بالفتوى وإرجاعك لها ، وإشهادك شاهدين على الإرجاع : قد يكون طريقاً منفصلاً عن الجماع في كونه إرجاعاً ، فإعلامك لها وللشاهدين هو تصريح منك بإرجاعها .
وعلى كل حال فأنتَ قد استفيتَ وأُفتيت بكونها راجعة ، وإعلامك لها وإشهادك مقوٍّ للإرجاع إن لم يكن مستقلاًّ .
وعليه : فلا عبرة بما ادعته زوجتك من كونها استفتت أحداً من أهل العلم فأفتاها بعدم الرجعة لكون الجماع كان بغير نية الإرجاع ، لأنك قد استفتيت وأعلمتها بالفتوى وأشهدت على ذلك ، وبهذا تكون قد تمت الرجعة في كامل صورتها ، وليس من سبيل للزوجة لمخالفة هذا .(44/87)
خامساً :
إخبار أهلك أو أهل زوجتك ليس شرطاً في الإرجاع ، بل إن إخبار الزوجة نفسها ليس شرطاً ، فقد يُرجع الزوج زوجته الرجعية وهي بعيدة عنه ، فلا يشترط إخبارها ولا رضاها .
قال تعالى : ( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً ) البقرة/228 .
قال القرطبي رحمه الله :
وأجمع العلماء على أن الحُرَّ إذا طلق زوجته الحرة ، وكانت مدخولاً بها ، تطليقة ، أو تطليقتنين : أنه أحق برجعتها ما لم تنقض عدتها ، وإن كرهت المرأة .
" تفسير القرطبي " ( 3 / 120 ) .
وكان الأولى إخبار أهلها بكونك أرجعتَ زوجتك لعصمتك ، وعدم إعلامك قد تسبب في فعل منكر شنيع ، وهو قيامهم بتزويجها ، ظانين أن طلاقك وغيابك يجعل ابنتهم مطلقة طلاقاً تملك فيه النكاح .
وقد أمر الله تعالى بالإشهاد على الرجعة بقوله : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) الطلاق/2 ، من أجل قطع النزاع وتذكير الناسي ، وتنبيه الغافل عن عدد الطلقات .
وقد أشار الفقهاء في حالة عدم الإشهاد على الرجعة أنه قد يحصل نزاع وشقاق بحصول الرجعة من عدمها ، وأن المرأة قد تتزوج من آخر مدعية أنه لم تحصل رجعة .
ففي " الموسوعة الفقهية " ( 22 / 114 ) :
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ إعلام الزّوجة بالرّجعة مستحبّ ، لما فيه من قطع المنازعة الّتي قد تنشأ بين الرّجل والمرأة .
قال العينيّ ما نصّه : " ويستحبّ أن يعلمها " أي يعلم المرأة بالرّجعة ، فربّما تتزوّج على زعمها أنّ زوجها لم يراجعها وقد انقضت عدّتها ويطؤها الزّوج ، فكانت عاصيةً بترك سؤال زوجها وهو يكون مسيئاً بترك الإعلام ، ولكن مع هذا لو لم يعلمها صحّت الرّجعة ، لأنّها استدامة النّكاح القائم وليست بإنشاءٍ ، فكان الزّوج متصرّفاً في خالص حقّه ، وتصرّف الإنسان في خالص حقّه لا يتوقّف على علم الغير " انتهى .
وعليك الآن : رفع قضيتك للمحكمة الشرعية ، مع إبراز الفتوى الكتابية من ذلك العالم ، وإحضار الشاهدين ، لتثبت من خلال ذلك إرجاع زوجتك لعصمتك .
وإن استطعت إفهام الجميع هذا الأمر ، دون اللجوء للمحكمة الشرعية : فحسنٌ .
وننبهك إلى أنك لو لم تكن تريد الرجوع إليها فإنه لا يحل لك السكوت عن الأمر ، فيمكنك بعد تسوية الأمر تطليقها إن أردت ، لكن اعلم أن سكوتك يعني بقاء نكاحها الثاني غير الشرعي مستمرّاً ، وهذا أمر منكر شنيع .
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه رضاه ، وأن ييسر لك الخير .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
يعاني من أخلاق زوجته وتقصيرها في دينها(44/88)
سؤال:
اعتنقت الإسلام منذ سنتين تقريبا ، وتزوجت منذ ذلك الوقت ، وقد تزوجت صغيراً لعلمي بأن الإسلام يحرم المواعدة ، وللأسف لم أكن أعلم بمسؤوليات كلٍّ من الزوجين في الزواج ، والمشكلة الآن أن زوجتي - وهي حامل بطفلنا الأول - نادراً ما تصلي ، وتسخر من حبي للملابس الإسلامية قائلة : إنه ينبغي أن ألبس تلك الملابس عندما أكون في بلد إسلامي وليس في الغرب ، وتحثني على ارتداء الملابس الغربية ، والاندماج في المجتمع الأمريكي ، وهي تضايق الأخوات اللاتي يرتدين الملابس المحتشمة ، وخاصة النقاب ، وكلما حاولت أن أحثها على الصلاة تقول : إن الصلاة بينها وبين الله ، وتغضب مني بشدة ، وكل ذلك يزيد من ألمي ، ولكن أكثر ما يؤلمني هو أن زوجتي ليست جاهلة بالدين ، فقد كانت في وقت من الأوقات ترتدي النقاب ، وتحفظ نصف القرآن مع التفسير أيضاً . أرجو من فضيلة الشيخ النصح والمشورة ، وجزاك الله خيراً .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يجب أن تعلم أخي السائل حرمة الإقامة في بلاد الكفر ، وأن تعلم ما تسببه الإقامة من تأثير سيء على دين وأخلاق وأفكار من يعيش بين أولئك الكفرة ، والذين تفسخت مجتمعاتهم ، وتخلت عن الأخلاق الفاضلة ، وانظر لحال زوجتك كيف صارت بعد أن كانت مستقيمة تطلب العلم وتحفظ من القرآن ، وانظر لسلوكها كيف تريدك أن تلبس ، وكيف تنكر على الأخوات المستقيمات عفافهن ولباسهن الشرعي ؛ وما ذاك إلا من تأثرها بتلك البيئة .
ومن نفيس كلام الشيخ العثيمين - رحمه الله – بعد أن بيَّن حرمة الإقامة بين أظهر الكفار - :
وكيف تطيب نفس مؤمن أن يسكن في بلاد كفار تعلن فيها شعائر الكفر ويكون الحكم فيها لغير الله ورسوله ، وهو يشاهد ذلك بعينه ويسمعه بأذنيه ويرضى به ، بل ينتسب إلى تلك البلاد ، ويسكن فيها بأهله وأولاده ، ويطمئن إليها كما يطمئن إلى بلاد المسلمين ، مع ما في ذلك من الخطر العظيم عليه وعلى أهله وأولاده في دينهم وأخلاقهم .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 3 / 30 ) .
وانظر في تفصيل هذه المسألة : جوابي السؤالين ( 14235 ) و ( 3225 ) .
ثانياً :
وأما كونها لا تصلِّي إلا نادراً فهي في حكم التاركة للصلاة ، وتارك الصلاة من الكفار ، وغضبها منك بعد نصحها بالصلاة يدل على استهانتها بهذه الشعيرة العظيمة ، ويدل على إصرارها على تركها ، وعليه : فلا يحل لك البقاء معها ، وعليك أن تفارقها إن بقيت مصرة على ترك الصلاة ولم ينفع فيها الوعظ والتذكير والهجر والتأديب .(44/89)
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
عمن له زوجة لا تصلي هل يجب عليه أن يأمرها بالصلاة وإذا لم تفعل هل يجب عليه أن يفارقها أم لا ؟ .
فأجاب :
نعم ، عليه أن يأمرها بالصلاة ، ويجب عليه ذلك ، بل يجب عليه أن يأمر بذلك كل من يقدر على أمره به إذا لم يقم غيره بذلك ، وقد قال تعالى : ( وأْمُر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ) الآية ، وقال تعالى : ( يا أيها الذي آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ) الآية ، وقال عليه الصلاة والسلام ( علِّموهم وأدبوهم ) – [ لا يصح مرفوعاً ، وروي عن علي بن أبي طالب ] - وينبغي مع ذلك الأمر أن يحضها على ذلك بالرغبة ، كما يحضها على ما يحتاج إليها ، فإن أصرت على ترك الصلاة : فعليه أن يطلقها ، وذلك واجب في الصحيح ، وتارك الصلاة مستحق للعقوبة حتى يصلي باتفاق المسلمين ، بل إذا لم يصل قتل ، وهو يقتل كافراً مرتداً ، على قولين مشهورين ، والله أعلم .
" مجموع الفتاوى " ( 32 / 276 ، 277 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
..
وقال تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) ، نسأل الله للجميع الهداية .
" فتاوى إسلامية " ( 3 / 243 ، 244 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
وأما جواب الشق الثاني ، وهو أن الزوجة لا تصلي : فإن الواجب على زوجها أن يأمرها بالصلاة ، ويؤدبها عليها ، فإن أصرت إلا أن تدع الصلاة : فإنها بذلك تكون كافرة - والعياذ بالله - ، وحينئذ ينفسخ النكاح ، ولا تحل له مادامت قد تركت الصلاة ؛ لقول الله تعالى في المهاجرات : ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُن ) ، فالمسلم لا يحل له أن يتزوج بكافرة مرتدة عن الإسلام ، وإذا وقعت منها هذه الردة بعد النكاح : فإن النكاح ينفسخ ، ثم إن عادت إلى الإسلام قبل انتهاء العدة : فهي زوجته ، وإلا فإنها تَبين منه .
وسوء أخلاقها في كلامها معك عن لباسك ، ونقدها للباس الأخوات المسلمات المستقيمات يوجب عليك نصحها وتذكيرها بالله تعالى ، فإن أصرَّت : فما تفعله موجب لتطليقها ..
ويمكنك النظر في جواب السؤال رقم (13243) ففيه بعض أسباب الطلاق ، ومنها ما ينطبق على زوجتك .
وانظر جوابي السؤالين (12828) و (72245) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
تزوجت من غير ولي وتم إجراء العقد بدون حضورها(44/90)
سؤال:
تزوجت منذ فترة من رجل بعقد زواج عند محامى لظروف معينة على أننا بعد انتهاء تلك الظروف سوف نتزوج لدى مأذون بإذن الله .. وفي العقد جميع البيانات صحيحة والشهود كانوا المحامى نفسه وشقيقه .. ولكن أنا لم أحضر لأن الظروف حالت دون ذلك وكان لابد من إتمام الأمر لذا فقد تم الأمر والعقد بدون حضوري .. لأن المحامى على ثقة منا ونحن أيضاً على ثقة منه .. وعندما أحضر زوجي العقد وضعنا أيدينا على المصحف الشريف وتبادلنا بالقول التزويج على سنة الله ورسوله وعلى مذهب الإمام أبي حنيفة .. وعاشرني زوجي معاشرة الأزواج حتى سفره .. سؤالي : هل ما حدث حلال أم حرام لأني بداخلي قلق وخوف من أن ما حدث ليس مكتملاً لأني لم أحضر ولم يسمعني الشهود .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
نحن نأسف جدا لتلاعب المسلمين بعقد الزواج الذي سماه الله تعالى "ميثاقا غليظا" إلى هذا الحد .
ونتعجب من هذه الجرأة على محارم الله .
فهذا المحامي والزوج والشهود هل يرضى واحد من هؤلاء لابنته أو أخته أن تتزوج بهذه الطريقة ، وبدون علمه أو موافقته .
لا نظن أن أحدا عنده شيء من الرجولة أو الشهامة يرضى ذلك لابنته أو أخته ، فلماذا رضوا ذلك لبنات الناس .
ثم هؤلاء الشهود ، على أي شيء شهدوا ، والزوجة لم تحضر ، ولم يسمعوا منها أو من وليها أنها موافقة على هذا الزواج ، ولا يحل للشاهد أن يشهد إلا على ما يعلمه ، أما مجرد الثقة في المحامي أو غيره فلا تجيز لهم الشهادة على شيء لا يعلمونه .
ثانياً :
عقد النكاح بهذه الكيفية لا يصح ، لأنه لا يصح للمرأة أن تزوج نفسها ، بل يشترط حضور وليها وموافقته ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) رواه الترمذي (1101) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1893) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ) رواه الترمذي (1102) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1840).
وقولكم إن الزواج تم على مذهب أبي حنيفة ، هذا لا يغير من الحكم شيئا ، فإنه لا قول لأحد مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد حكم الرسول صلى الله عليه وسلم كما علمت بأن المرأة لا تزوج نفسها ، وأن التي تزوج نفسها فنكاحها باطل .
وللشيخ أحمد شاكر رحمه الله كلام نفيس جدا في هذه المسألة فيقول :
"الذي لا يشك فيه أحد من أهل العلم بالحديث ـ أن حديث ( لا نكاح إلا بولي ) : حديث صحيح ، ثابت بأسانيد تكاد تبلغ مبلغ التواتر المعنوي الموجب للقطع بمعناه ، وهو قول الكافة من أهل العلم ، الذي يؤيده الفقه في القرآن ، ولم يخالف في ذلك ـ(44/91)
فيما نعلم ـ إلا فقهاء الحنفية ومن تابعهم وقلدهم ، وقد كان لمتقدميهم بعض العذر ، لعله لم يصل إليهم إذ ذاك بإسناد صحيح ، أما متأخروهم ، فقد ركبوا رؤوسهم وجرفتهم العصبية ، فذهبوا يذهبون كل مذهب في تضعيف الروايات أو تأويلها ، دون حجة أو دون إنصاف .
وها نحن أولاء ـ في كثير من بلاد الإسلام ، التي أخذت بمذهب الحنفية في هذه المسألة ـ ترى آثار تدمير ما أخذوا به للأخلاق والآداب والأعراض ، مما جعل أكثر أنكحة النساء اللاتي ينكحن دون أوليائهن ، أو على الرغم منهم ـ أنكحة باطلة شرعا ، تضيع معها الأنساب الصحيحة .
وأنا أهيب بعلماء الإسلام وزعمائه ، في كل بلد وكل قطر ، أن يعيدوا النظر في هذه المسألة الخطيرة ، وأن يرجعوا إلى ما أمر الله به ورسوله ، من شرط الولي المرشد في النكاح ، حتى نتفادى كثيرا من الأخطار الخلقية والأدبية ، التي يتعرض لها النساء ، بجهلهن وتهورهن ، وباصطناعهن الحرية الكاذبة ، وباتباعهن للأهواء ، وخاصة الطبقة المنهارة منهم ، طبقة المتعلمات ، مما يملأ القلب أسفا وحزنا ، هدانا الله لشرعه الإسلام ووقانا سوء المنقلب " انتهى .
"مختصر تفسير ابن كثير" (1/286) .
وعلى هذا ، فهذا النكاح الذي بينكما لا يصح ، والطريقة إلى تصحيحه أن يعاد النكاح مرة أخرى بحضور وليك والشهود .
ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوالكما .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
إذا طلب منها أن تقول قبلت فلانا زوجا أمام الله فهل تصبح زوجة له ؟
سؤال:
مشكلتي هي أني تعرفت على شخص في النت وحبينا بعضنا لكن بعدها طلب مني أن نتزوج لكي لا يكون كلامنا حراما والطريقة هي أن أقول أنا فلانة قبلت فلانا زوجا أمام الله وبعدها طلب أن أزيل الحجاب أمامه لكني رفضت لأني لم أقتنع بهذا الزواج فيما يخص شروطه قال: القبول موجود والمهر . قلت : أعفيك منه ، والشهود قال : بأنه هناك شهود لكني لم أشفهم بعيني ، لكنه يلح بأنه زواج صحيح وأنا غير مقتنعة بذلك ، من فضلكم أريد أن أعرف هل أنا أعتبر زوجته أو لا ؟ لا أريد أن أقع في الحرام بحديثي معه .
الجواب:
الحمد لله
هذا ليس زواجا ، بل انحراف ، وتسميته زواجا : كذب وزور وخداع ، والواجب عليك هو قطع هذه العلاقة مع هذا الرجل الذي يتلاعب بأحكام الله تعالى ، ويستحل ما حرم الله ، فإن زعمه أن هذا زواج يعني أنه يستبيح منك ما يستبيحه الزوج من زوجته ، وهل يعجز أي زان على وجه الأرض أن يجري هذا الزواج مع الزانية الفاجرة التي تشاركه الإثم ، فتكون بذلك زوجته ، ولا يكونان زانيين ؟!(44/92)
ونحن نخشى عليك أن يتم استدراجك إلى خلع الحجاب أمامه أو ما هو أعظم ، ويتم تصويرك وابتزازك بهذه الصور ، وقد صار من السهل الآن تركيب الصور بعضها على بعض ، ويتم تهديدك بهذه الصور إن لم تستجيبي له ، وقد حدث مثل هذا كثير ، وراجعي السؤال رقم (91868) لتأخذي منه العبرة .
وكم من امرأة غافلة استدرجها الذئب الماكر بمثل هذه الحيل ، حتى فقدت شرفها وعفتها ، ثم تركها ، ناسيا زواجه المزعوم ، فلا نفقة ولا حقوق ، بل ولا طلاق !
إن الزواج الصحيح لابد فيه من وجود ولي المرأة وشاهدي عدل من المسلمين ، وأي نكاح بدون ولي فهو باطل ، ومن زوجت نفسها بدون وليها فهي زانية ، كما قال أبو هريرة رضي الله عنه : (إن التي تزوج نفسها هي الزانية ) رواه الدارقطني .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ) رواه البيهقي ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (7557) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ) رواه أحمد ( 24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2709) .
والذي يظهر لنا من سؤالك أنك تخافين الله تعالى ، ولا تحبين لنفسك الوقوع في الحرام ، والتعرض لسخط الجبار سبحانه ، ولهذا ننصحك نصيحة المشفق عليك أن تتناسي هذا الرجل، وأن تقطعي كل علاقة معه ، على الإنترنت أو غيره ، فإن كل كلمة وابتسامة ولحظة شهوة ، تسجل عليك ، وغدا تسألين عنها أمام ربك ، فبادري بالتوبة لتمحى عنك هذه السيئات ، نسأل الله أن يعفو ويتجاوز عنك ، وأن يصرفك عن هذا الفاجر ، وأن يحفظ بنات المسلمين .
وراجعي للأهمية الأجوبة التالية: (21933 & 84089 ).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
هذا نكاح شغار لا يجوز
سؤال:
أنا شاب وعقدت على بنت خالتي ، ولكن أنا لا أحبها ، وأحب أختها ، ولكن أجبرت على ذلك ؛ لأن أخاها لا يتزوج أختي إلا إذا تزوجت التي لا أحبها ، والبنت تعرف أني لا أطيقها ، لكن أهلها أصروا على أن تتزوجني ، والآن ، أنا لا أعرف ماذا أعمل ؟.
الجواب:
الحمد لله
لقد أكرم الله تعالى الإنسان بالعقل ووهبه الإرادة الحرة ليختار بها ما يُمليه عليه دينه وعقله وخلقه ، وليرتفع بها عن استقبال إملاءات الهوى والشيطان ، فلا ينبغي لمن مُنِح هذه الكرامة أن يُفَرِّطَ فيها فيستجيب لرغبات مَن حوله المحرمةِ وعاداتِهم البغيضةِ .(44/93)
أخي الكريم
لقد جاء في السنة المطهرة النهيُ عن عقد الزواج الذي تم بينكم ، وهو ما يسمى بنكاح " الشِّغَار " .
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الشِّغار ) رواه البخاري ( 5112 ) ومسلم ( 1415 ) .
ونكاح الشغار : أن يشترط تزويج كل واحد منهما بنت الآخر أو أخته أو موليته ، سواء كان هناك مهر أم لا .
جاء في " المدونة " ( 2 / 98 ) :
" أرأيت إن قال : زوِّجني ابنتَك بمائة دينار على أن أزوجك ابنتي بمائة دينار ؟ .
فكرهه مالك ، ورآه من وجه الشغار " انتهى .
ومما يدل على ذلك ما رواه أبو داود وغيره ( 2075 ) عن عبد الرحمن بن هرمز أن العباس بن عبد الله بن عباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته ، وأنكحه عبد الرحمن ابنته ، وقد كانا جعلا صداقاً ، فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما ، وقال في كتابه : هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وعدَّ بعض أهل العلم نكاح الشغار نكاحاً فاسداً لا يجوز إمضاؤه .
جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 18 / 427 ) :
" إذا زوَّج الرجل موليته لرجل على أن يزوجه الآخر موليته : فهذا هو نكاح الشغار الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو الذي يسميه بعض الناس نكاح " البدل " ، وهو نكاح فاسد ، سواء سمِّي فيه مهر أم لا ، وسواء حصل التراضي أم لا .
أما إن خطب هذا مولية هذا ، وخطب الآخر موليته من دون مشارطة وتم النكاح بينهما برضى المرأتين مع وجود بقية شروط النكاح : فلا خلاف في ذلك ، ولا يكون حينئذ من نكاح الشغار " انتهى .
وانظر جواب السؤال رقم ( 11515 ) .
وبهذا يتبين أنكم قد ارتكبتم محذوراً شرعيّاً عظيماً ، فضلاً عن كونه محذوراً اجتماعيّاً ونفسيّاً كبيراً .
وذلك أن الزواج يجب أن يبدأ بالرضى ويكون بالاختيار ، وقد حرصت الشريعة على توفر الرضى في كل زواج ، حتى قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تُنكَحُ البِكرُ حَتَّى تُستَأذَنَ ) رواه البخاري ( 5136 ) ومسلم ( 1419 ) .
والزواج إذا لم يكن عن رضا وارتياح : فغالباً ما يكون مصيره الفشل ، فكيف إذا كان الزوج يَكرَهُ زوجته كما هو حال السائل .
وأخطر من ذلك ما ذكرت من تعلقكَ بأخت مَن عقدتَ عليها ، فإن كرهك للتي خطبتَها وتعلقك بأختها يعني أن نفسك ستدعوك إلى التطلع للمحرمات ، وأن الشيطان سيجد فرصة كبيرة ليسول لك المعصية ويزين لك الخطيئة ، وهو مع ذلك سيحرمك سعادة الزواج وأنس السكن والمودة بينك وبين زوجتك .
وسبب ذلك مخالفة شريعة الله تعالى والوقوع في نكاح الشغار !(44/94)
فالنصيحة لك أن تحذر من إتمام هذا الزواج ، ولا تستجب لأي محاولة لخلق الأعذار ، وعليك أن تبين لزوج أختك أن اشتراط العقدين معاً أمر محرم ، ويفسد العقدين جميعا ، فعليه أن يتمسك بزوجته ، ولكن في الوقت ذاته عليه أن يعيد عقد النكاح مرة أخرى ، لأن العقد فاسد بسبب الشغار ، فإن رفض ذلك وأصر على مفارقتها ، فقد قال الله سبحانه وتعالى : ( وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعاً حَكِيماً ) النساء/130 .
وأذكرك اللَّهَ – أخي السائل – ألا تقتحم حرماته بمحاولة الاتصال بتلك الفتاة التي ترغب بها ، فإنه إن لم يتيسر لك الزواج بها بالحسنى : فالواجب عليك قطع صلتك بها تماما .
نسأل الله لك الهداية والتوفيق .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
تزوجت زواجا عرفيا دون علم أهلها وهم يريدون تزويجها الآن
سؤال:
ماذا تفعل فتاة عذراء قد زوجت نفسها عرفيا من رجل متزوج على يد شيخ وشاهدين وعائلة الشيخ في بيته بمهر بسيط قبضته لكن دون أي ورقة ( شفهي بالصيغة فقط ) حيث إن والدها متوفى وهى بالغة وليس لديها إخوة من الرجال . ودخل عليها الرجل وجامعها وعاشا فترة سويا في السر كأزواج دون علم أهلهما واكتشفت بعد ذلك أن هذا الزواج لا يجب أن يستمر خوفا من رفض أهلها الدائم للفكرة كلها....وتصميم أهلها على تزويجها من رجل آخر يرضونه وتصميمهم على هذه الزيجة دون علمهم بسرها . فماذا تفعل الفتاة مع الأول ؟ هل الزواج صحيح ويستوجب الطلاق منه ؟ وكيف يكون الطلاق ؟ يكون بكلمة أمام نفس الشهود أم ماذا ؟ أيضا هل عند زواجها من آخر يجب عليها أن تخبره أنها تزوجت رغم أنها سوف تقوم بعملية إصلاح لغشاء بكارتها منعا للفضيحة تزوجت منه أم لم تتزوج ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
يشترط لصحة النكاح عند جمهور الفقهاء : وجود ولي المرأة ، وهو الأب ، ثم الابن –إن كان لها ابن – ثم الإخوة – ثم أبناء الإخوة ، ثم الأعمام ، ثم أبناء الأعمام ، وهكذا الأقرب فالأقرب من عصابتها ، فإن لم يوجد ، فالحاكم أو القاضي ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي ) رواه أبو داود (2085) والترمذي (1101) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل . . . فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له )(44/95)
رواه أحمد (24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2709) .
فعلى هذا ، زواج هذه الفتاة بهذه الطريقة لا يصح ، لأنه تم من غير وجود الولي وموافقته . والأصل أنه يجب التفريق بينهما ولا يحتاج إلى طلاق لأن النكاح غير صحيح من الأصل ، ولكن نظرا لأن بعض العلماء (وقولهم ضعيف) يصحح النكاح بلا ولي ، فلابد من الطلاق ، ويكفي أن يتلفظ الزوج به ، ولا يشترط حضور الشاهدين اللذين شهدوا على عقد النكاح .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وإذا تزوجت المرأة تزويجا فاسدا , لم يجز تزويجها لغير من تزوجها حتى يطلقها أو يفسخ نكاحها " انتهى من "المغني" (7/9) .
فإذا طلقها ، وانقضت عدتها ، جاز لها أن تنكح غيره .
ثانيا :
يجب على هذه الفتاة إخبار الزوج المتقدم لها بزواجها الأول ، ولا يجوز لها إجراء عملية لإصلاح غشاء البكارة ؛ لأنه غش للزوج ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي ) رواه مسلم (101).
ويتأكد هذا إذا كان عقد النكاح يُنص فيه على أن العروس بكر ، كما هو الحال في بلد السائلة .
ومهما سبب لها ذلك من حرج ، فهي التي جنت على نفسها ، وأقدمت على هذا الزواج المحرم ، والمعيب في نظر الناس ، فعليها أن تتحمل تبعته .
لكن إن تابت إلى الله تعالى ، وأقبلت عليه فإن الله جاعل لها فرجا ومخرجا .
نسأل الله أن يوفق الجميع لطاعته ومرضاته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
عندما يصبح الميثاق الغليظ مجرد ورقة
2006/02/13
...
** ليلى أحمد الأحدب
الزواج رباط مقدس وعلى الطرفين احترامه
لم يكن حال المرأة في الجاهلية قبل الإسلام يمت للإنسانية بكبير صلة، فكثيرًا ما شملت المهانة كل جوانب حياتها كأنثى، ومن تلك المهانات أنواع الزواج المنتشرة في ذلك الزمان والتي ذكرتها السيدة عائشة رضي الله عنها في حديث معروف، فمنها نكاح الاستبضاع: يرسل الرجل زوجته إلى رجل آخر رغبة في نجابة الولد، ونكاح السفاح: يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها فإذا حملت أرسلت إلى أحدهم فتسمي ابنها باسمه فيلحق به ولدها، ونكاح البغايا: يجتمع الكثيرون فيدخلون على المرأة فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها دعوا لهم كافة ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتحق به؛ إضافة إلى أنواع أخرى كنكاح الشغار وهو أن يقول الرجل زوجني ابنتك أو أختك وأزوجك ابنتي أو أختي دون مهر سوى هذه(44/96)
المبادلة، ونكاح المتعة إلى أجل معلوم، ونكاح المخادنة وهي المصاحبة لرجل واحد، ونكاح المقت وهو أن يخلف ابن الرجل امرأة أبيه فيتزوجها بعد وفاته، وقد حرّم الإسلام كل هذه الأنواع وأبقى نكاح الإحصان.
نظرة دونية
خلال المسيرة الزمنية للمجتمعات العربية المسلمة فقدت هذه المجتمعات كثيرًا من خصائصها الأخلاقية؛ لأسباب وعوامل عديدة منها أن كثيرًا من الرجال لم يتخلوا عن نظرتهم الدونية للمرأة من حيث إنها أداة للاستمتاع فحسب، يُستنتج ذلك من الاستغراق في التمتع بالجواري والسرائر وحتى الحرائر بطلاق واحدة وزواج أخرى؛ وإذا كان الإسلام لم يحرم استرقاق الأسرى؛ لأنه كان مناسبًا لمرحلة زمنية معينة ومتعارفًا عليه بين الدول المتحاربة، فإن كثيرًا من الآيات والأحاديث حضت على العتق، والقصد من وضع هذا العامل في المرتبة الأولى بين عوامل انهيار الأخلاق الإسلامية هو الإشارة إلى خطأ الذات قبل اتهام الغير؛ لأنه من عادة الذات أن تبرئ نفسها من التهم وتسقطها على غيرها، سواء كانت ذاتًا فردية أم مجتمعية، والحقيقة التي لا ينكرها عاقل أن العامل الذاتي في بقاء الأمم واستمرار الحضارات هو العامل الأهم، ولقد تميزت الحضارة الإسلامية بقيامها على العدل والإحسان في كل المستويات - ومنه العدل بين الزوجات والرفق بالقوارير.
وعندما تخلى المسلمون عن هذه الميزة الحضارية فقد سمحوا للعوامل الغيرية بالتكاثر ونخر الجسد الواحد، ولقد كان من الأفكار الثقافية الغازية التي جاءت مع الاستعمار فكرة اقتصار الرجل على امرأة واحدة داخل مؤسسة الزواج، وهي فكرة مثالية لكنها ليست واقعية؛ لأن الرجل ليس كالمرأة في الموضوع الجنسي، وهذا حكم عام قد يكون له استثناءات، ولكن الاستثناء لا يقاس عليه، وأحكام الإسلام لم تأتِ من أجل بعض الرجال ولا من أجل بعض النساء، بل أتت مناسبة للأغلبية، أما في الغرب فالحرية الجنسية الموجودة حاليًّا هي الدليل الأقوى على خطأ فرْض الطبيعة المثالية على جميع الرجال داخل الحياة الزوجية.
ويكفي أن نذكر فرانسوا متيران -لكنه ليس المثال الوحيد أبدًا- وكيف عذرته زوجته في حبه للفتيات الصغيرات ومغازلته لهن فقالت: (ليس من عادة الرجل الفرنسي أن يكتفي بامرأة واحدة)، والمهم في الأمر أنه بمجرد انفلات الرجال من قيود الزواج انفلتت النساء، وكان لهذا آثاره المدمرة في ازدياد عدد أطفال الشوارع وانتشار ظاهرة الأمهات العازبات (اللائي أنْجَبْنَ من الزنا)، وتهدم مؤسسة الزواج، واستغناء الرجل والمرأة عن الأولاد بالقطط والكلاب، واستغناء كل منهما عن الجنس الآخر بالجنس المماثل ووضوح ظاهرة الزواج المثلي.
وقد قرأنا مؤخرًا أن كنيسة الفاتيكان في حيرة: هل تجيز الكنائس التي تبرم عقود زواج المثليين أم لا؟ والسبب الأساسي لكل هذا الانحدار هو التعالي على الفطرة التي خلق الله الناس عليها "وليس الذكر كالأنثى"، وقد سارت بعض البلاد العربية على هذا النهج الغربي في تحريم تعدد الزوجات فمن وجده رجال الشرطة مع امرأة غير زوجته اعتقلوه بسبب مخالفته للقوانين إلا إذا أخبرهم بأنها خليلة وليست حليلة.(44/97)
ليس هذا الكلام تشجيعًا على تعدد الزوجات، خاصة أن القليل من الرجال من يتقي الله في زوجاته ويعدل بينهن، وقد أوردت جريدة الوطن السعودية "خبرًا عن امرأة ترصدت لزوجها وطعنته بالسكين في ليلة زفافه على أخرى"، فالغيرة أمر طبيعي في النساء، لكن ليس كل النساء مجرمات، كما أن حلول المشكلات الأسرية لا تكون بمشكلة أخرى.
الحلال والواجب
والمشكلة الأساسية برأيي هو الخلل في فهم درجة الأحكام الشرعية بين المباح والحلال من جهة وبين المندوب والواجب من جهة أخرى، فيُفهم تعدد الزوجات في بعض البيئات على أنه أمر دعت إليه الشريعة وحثت عليه وأوجبته ونصت عليه، مع أن الإسلام لم يحض على التعدد بل حدده بأربع نسوة وجعل شرطه العدل، وعلى النقيض من الإفراط نجد من يفرِّط في تعدد الزوجات فيعتبره ملغى، وذلك نتيجة الفهم المغلوط لبعض الآيات مثل: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم"، "فإن لم تعدلوا فواحدة"، فيُستنتج أن شرط العدل غائب في كل الأحوال، وبالتالي فإن التعدد يجب أن يُلغى، وهذا التفريط أدى إلى انتشار الزواج العرفي في الدول التي منعت تعدد الزوجات وإلى انتشار زواج المسيار في دول الخليج ومنها السعودية، وابتكار أشكال أخرى لزواج المتعة مثل الزواج السياحي.
وقد ساقت "جريدة الوطن السعودية" مؤخرًا، خبرًا عن بعض الرجال السعوديين الذين وقعوا ضحية الاحتيال في إندونيسيا بعد أن جذبهم الإعلان عن زواج المسيار من إندونيسية بكر فائقة الجمال بسعر "منافس"، فإذا بالعروس تتبخر بمجرد الخروج من المكتب الذي تم فيه العقد، وتتبخر معها فلوس السعودي الذي أفتى لنفسه أو أفتاه غيره بأن هذا الشكل من الزواج هو زواج حلال، وكأن الميثاق الغليظ -كما وصف الله رباط الزواج المقدس- ليس أكثر من ورقة وبضعة ريالات.
الزواج بين المسيار والعرفي
كان رأي بعض الفقهاء في زواج المسيار أنه حلال ما دامت قد توافرت أركان النكاح الشرعية مثل تراضي الطرفين ووجود ولي للمرأة وشهادة الشهود والمهر والصيغة الدالة على النكاح، وتغاضى أغلب هؤلاء الفقهاء عن شرط أساسي في صحة الزواج وهو الإشهار، وأسباب المسيار إما خوف الرجل من الزوجة الأولى، أو خوف المطلقة من طليقها أن يسلبها أولادها إذا تزوجت بغيره فتلجأ إلى الزواج السري، وقد يكون لا هذا ولا ذاك، بل هو رغبة الرجل والمرأة في الاستمتاع بحياة زوجية دون قيود القوامة وفروض المسئولية؛ ولكن هذا الزواج كثيرًا ما ينكشف بمجرد وجود الأولاد؛ لذا يتأخر بعض الرجال في تسجيل أبنائهم خشية افتضاح أمرهم، كما حصل لأحد الرجال المشغولين بأعمالهم عندما نقلت إحدى الزوجتين ابنها إلى مدرسة أخرى فالتقى بأخيه الذي يحمل نفس اسم أبيه، وتابعت الزوجة الذكية الموضوع، واكتشفت السر بعد أكثر من عشر سنوات، وكما تقول الحكمة: "كل خفي لا بد أن يظهر".
مع ذلك فإن المسيار الذي يسجل في المحاكم أفضل من الزواج العرفي الذي ينتشر في مصر خاصة بين طلاب وطالبات الجامعات، وقد دافعت عنه الكاتبة صافيناز(44/98)
كاظم -وهي من اللواتي توجّهن توجهًا إسلاميًّا بعد كبر السن- في إحدى حلقات برنامج الحياة على قناة دريم بأنه زواج شرعي فمن ناحية ولي الأمر لا يشترط المذهب الحنفي ذلك، واستشهدت بما كان يحدث بين زملائها وزميلاتها في منتصف القرن الميلادي الماضي؛ إذ كانوا يعلمون أن هذه الطالبة زوجة ذلك الطالب بإغمائها أثناء المحاضرة، وكيف كان الطالب الشهم أول الراكضين باتجاه تلك الطالبة لمساعدتها ومساندتها، لكن السيدة كاظم نسيت أن الشهامة التي تتكلم عنها انتهت في مجتمعاتنا بعد غزو القنوات الفضائية، وما تشعله من رغبات جنسية محمومة في الشباب والشابات على السواء.
حالات واقعية
وساعدت هواتف الصداقة التي عُرفت قبل الإنترنت، على إرضاء الغريزة سماعيًّا، ثم انتقل ذلك إلى الواقع الافتراضي على الإنترنت، ثم إلى الواقع الحقيقي فلا شهامة ولا يحزنون، وأكبر دليل ذلك الشاب المصري الذي كان يتلبّس الزي الدعوي وكيف أنكر أبوته لطفلة كانت ثمرة زواجه العرفي من شابة مثقفة، وهذا مثال معروف.
أما المثال المتكرر فهو عندما تنتهي العلاقة بين الاثنين لسبب ما، وتبقى الفتاة معلقة لا تعرف أهي زوجته أم لا، فكل ما بينهما ورقة وشهادة زميلين، وقد حدثتني أخت مصرية عن الأزمة التي مرت بها بسبب ذلك؛ إذ تم عقدها على رجل آخر دون أن يطلقها الأول، ولم تستطع أن تدع زوجها يقربها قبل أن تعترف له بماضيها، وكان الرجل متفهمًا -على حد تعبيرها- فبحث معها عن الشاب الأول حتى طلقها ومزق كلاهما الورقة التي ربطت بينهما.
وأما الحادثة الأشد ألمًا فهي حالة رجل عربي تزوج عرفيًّا؛ لأن زوجته لم تنجب له أكثر من ولدين، وهو يرغب بالمزيد من الأولاد، وعندما حاول أن يصارحها بزواجه هددته بطلب الطلاق لمجرد الفكرة، فلم يجرؤ على إخبارها بأن الفأس وقع في الرأس، كي لا يكون سببًا في خراب بيته وخسارة أولاده ولا في طلاق الجديدة التي لا ذنب لها سوى أنها بلغت الثلاثين دون زواج فقفزت في القطار قبل أن يفوتها، لكن المفارقة أنه كان يدفع نقودًا للأولى من أجل أن تحمل، بينما يدفع نقودًا للأخرى من أجل أن تسقط حملها، وهي قصة تصلح فيلمًا سينمائيًّا، لكنها حقيقة من حقائق مجتمعاتنا العربية الضائعة بين التقليد والتغريب إلى أجل غير مسمى.
ـــــــــــــــــــ
نكاح الشغار ... العنوان
ما المقصود بنكاح الشغار؟
... السؤال
05/12/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... نكاح الشغار هو: أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو غيرهما ممن له الولاية عليه على أن يزوجه الآخر، أو يزوج ابنه أو ابن أخيه ابنته أو أخته أو بنت أخيه أو نحو(44/99)
ذلك، وهذا العقد على هذا الوجه فاسد، سواء ذكر فيه مهر أم لا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وحذر منه.
وقد قال الله تعالى: " وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا "
وفي الصحيحين، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار، وفي صحيح مسلم، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار وزاد ابن نمير (والشغار: أن يقول الرجل للرجل: زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي)، وقال صلى الله عليه وسلم: لا شغار في الإسلام
فهذه الأحاديث الصحيحة تدل على تحريم نكاح الشغار وفساده، وأنه مخالف لشرع الله، ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين ما سمي فيه مهر وما لم يسم فيه شيء، وأما ما ورد في حديث ابن عمر من تفسير الشغار بـ: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق، فهذا التفسير قد ذكر أهل العلم أنه من كلام نافع الراوي، عن ابن عمر، وليس هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم،
وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة بما تقدم، وهو: أن يزوج الرجل ابنته أو أخته على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته، ولم يقل: (وليس بينهما صداق)، فدل ذلك على أن تسمية الصداق أو عدمها لا أثر لها في ذلك، وإنما المقتضي للفساد هو اشتراط المبادلة، وفي ذلك فساد كبير؛ لأنه يفضي إلى إجبار النساء على نكاح من لا يرغبن فيه؛ إيثارا لمصلحة الأولياء على مصلحة النساء، وذلك منكر وظلم للنساء؛ ولأن ذلك أيضا يفضي إلى حرمان النساء من مهور أمثالهن، كما هو الواقع بين الناس المتعاطين لهذا العقد المنكر إلا من شاء الله، كما أنه كثيرا ما يفضي إلى النزاع والخصومات بعد الزواج، وهذا من العقوبات العاجلة لمن خالف الشرع.
وروى أحمد، وأبو داود بإسناد صحيح، عن عبد الرحمن بن هرمز: أن العباس بن عبد الله بن عباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته، وأنكحه عبد الرحمن ابنته، وقد كانا جعلا صداقا، فكتب أمير المؤمنين معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه إلى أمير المدينة مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما، وقال في كتابه: (هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم).
فهذه الحادثة التي وقعت في عهد أمير المؤمنين معاوية توضح لنا معنى الشغار الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في الأحاديث المتقدمة، وأن تسمية الصداق لا تصحح النكاح ولا تخرجه عن كونه شغارا، لأن العباس بن عبد الله، وعبد الرحمن بن الحكم قد سميا صداقا، ولكن لم يلتفت معاوية رضي الله عنه إلى هذه التسمية وأمر بالتفريق بينهما، وقال: (هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم)، ومعاوية رضي الله عنه أعلم باللغة العربية وبمعاني أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم من نافع مولى ابن عمر، رضي الله عن الجميع.
أما العلاج لمن وقع في نكاح الشغار وهو يرغب في زوجته وهي ترغب فيه: فهو تجديد النكاح بولي، ومهر جديد، وشاهدي عدل؛ وبذلك تبرأ الذمة وتحل الزوجة، مع التوبة إلى الله سبحانه مما سلف، وإن كان بينهما أولاد فهم لاحقون بالزوج من(44/100)
أجل اعتقادهما صحة النكاح، فإن كان الزوج لا يرغب فيها أو هي لا ترغب فيه فإن الواجب عليه أن يطلقها طلقة واحدة، وبذلك تبين منه بينونة صغرى، ولها أن تنكح غيره بعد خروجها من العدة، ومتى أراد الرجوع إليها فله ذلك بنكاح جديد، إذا رغبت مطلقته في ذلك، ويبقى لها طلقتان، ولا حرج أن يتزوجها في عدتها منه.
ـــــــــــــــــــ
نكاح الشغار ... العنوان
شابٌّ له أخت يريد أن يتزوَّج أخت شاب آخر، على أن يتزوّج هذا الشاب أخته "تبادل" فهل هذا جائز؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... روى مسلم أن النبيَّ ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ قال: "لا شِغار في الإسلام" وصورته أن يزوِّج الرَّجُل ابنتَه، أو قريبته إلى رجل على أن يزوِّجه هو ابنته أو قريبته وليس بينهما صداق.
وسمِّى بذلك لخلوه من المَهر وعدم مُعاوضة البضع، مأخوذ شَغَر البلد إذا خلا من الناس، وليس في هذا النوع عيب إلا خلوّه من الصَّدَاق، فهو لا يمسّ العرض والشرف.
وقد أبطله الإسلام؛ لأن البضع جعل مقابل البضع فلم تستفد منه المرأة شيئًا، وقال ببُطلانه الإمام الشافعي، أما أبو حنيفة فقد أجازه وألزم كلاًّ بمهر المثل، وحُكِي ذلك عن عطاء والزهري والليث بن سعد وغيرهم.
لكن لو جعل كل رجل مهرًا لمن يريد أن يتزوَّجها فالزّواج صحيح لا غُبار عليه. وهناك نوع من الزّواج كانت العرب في الجاهلية تُمارِسه أيضًا، هو نِكاح البدل أو المبادلة وصورته أن يقول رجل لآخر: خذ زوِّجتي وأعطني زوجتك. روى الدارقطني عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: كان البدل في الجاهليّة أن يقول الرجل للرجل: انزل لي عن امرأتك وأَنزلُ لك عن امرأتي وأزيدك فأنزل الله عز وجل (ولا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ ولَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ) (سورة الأحزاب : 52).
وذكر دخول عُيينة بن حِصن الفَزاري على الرسول وعرَض عليه أن يَنزِل له عن أحسن من عائشة ، فقال له "إن الله قد حرَّم هذا" وأنكر الطبري أن يكون هذا النوع قد حدَث عند العرب لكن القرطبي قال: إن هذه الحادثة تدلُّ على أنه كان موجودًا "تفسير القرطبي ج 14 ص 221".
ـــــــــــــــــــ
قرار المجمع الفقهي في أبرز الأنكحة المستحدثة ... العنوان
سمعنا أن المجمع الفقهي بمكة ناقش مؤخرا أنواع الأنكحة المعاصرة ، وخرج فيها بقرار حاسم ، فما هو هذا القرار ؟ ... السؤال
03/08/2006 ... التاريخ
المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة ... المفتي
... ... الحل ...
...(44/101)
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :-
فقد ناقش المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي أبرز أنواع الأنكحة المستحدثة( زواج المسيار، والزواج مع إضمار نية الطلاق، والزواج بنية الطلاق إذا حدث إنجاب) وخرج المجمع بجواز النوع الأول إذا استكمل أركان النكاح، وبمنع النوعين الآخرين لاشتمال الأول على التأقيت ، والثاني على التدليس.
وإليك نص قرار المجمع في ذلك :-
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: -
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الثامنة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من 10-14/3/1427هـ الذي يوافقه 8-12/4/2006م قد نظر في موضوع: (عقود النكاح المستحدثة).
وبعد الاستماع إلى البحوث المقدمة، والمناقشات المستفيضة. قرر ما يأتي:
يؤكد المجمع أن عقود الزواج المستحدثة وإن اختلفت أسماؤها، وأوصافها، وصورها، لابد أن تخضع لقواعد الشريعة المقررة وضوابطها، من توافر الأركان، والشروط، وانتفاء الموانع.
وقد أحدث الناس في عصرنا الحاضر بعض تلك العقود المبينة أحكامها فيما يأتي:
1- إبرام عقد زواج تتنازل فيه المرأة عن السكن والنفقة والقَسْم أو بعض منها، وترضى بأن يأتي الرجل إلى دارها في أي وقت شاء من ليل أو نهار.
ويتناول ذلك أيضاً: إبرام عقد زواج على أن تظل الفتاة في بيت أهلها، ثم يلتقيان متى رغبا في بيت أهلها أو في أي مكان آخر، حيث لا يتوافر سكن لهما ولا نفقة.
هذان العقدان وأمثالهما صحيحان إذا توافرت فيهما أركان الزواج وشروطه وخلوه من الموانع، ولكن ذلك خلاف الأولى.
2- الزواج المؤقت بالإنجاب وهو: عقد مكتمل الأركان والشروط إلا أن أحد العاقدين يشترط في العقد أنه إذا أنجبت المرأة فلا نكاح بينهما، أو أن يطلقها.
وهذا الزواج فاسد لوجود معنى المتعة فيه ؛ لأن التوقيت بمدة معلومة كشهر أو مجهولة كالإنجاب يصيره متعة، ونكاح المتعة مجمع على تحريمه.
3- الزواج بنية الطلاق وهو: زواج توافرت فيه أركان النكاح وشروطه وأضمر الزوج في نفسه طلاق المرأة بعد مدة معلومة كعشرة أيام، أو مجهولة ؛ كتعليق الزواج على إتمام دراسته أو تحقيق الغرض الذي قدم من أجله.
وهذا النوع من النكاح على الرغم من أن جماعة من العلماء أجازوه، إلا أن المجمع يرى منعه ؛ لاشتماله على الغش والتدليس. إذ لو علمت المرأة أو وليها بذلك لم يقبلا هذا العقد.
ولأنه يؤدي إلى مفاسد عظيمة وأضرار جسيمة تسيء إلى سمعة المسلمين.
والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
الفرق بين زواج المتعة والزواج بنية الطلاق ... العنوان(44/102)
بعض المسلمين يسافرون للدراسة وغيرها إلى الخارج ، فهل يجوز له أن يتزوج بنية الطلاق؟ وما الفرق بينه وبين زواج المتعة؟ أرجو توضيح هذا الأمر وفقكم الله.
... السؤال
29/06/2006 ... التاريخ
أ.د صلاح الصاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد..
فالزواج بنية الطلاق إذا لم تعلم الزوجة بهذه النية من أي طريق هو عقد زواج صحيح تترتب عليه كل آثار عقد النكاح ، ولكن كونه صحيحا لا ينفي الإثم عن الزوج الذي أضمر هذه النية ، فكتمانه نية الطلاق عن الزوجة وأهلها هو نوع من الكذب والغش والخداع والظلم.
يقول فضيلة الدكتور صلاح الصاوي –الأمين العام لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الشمالية-:
الزواج بينة الطلاق هو الزواج الذي بيَّت فيه الزوج نية تطليق زوجته إذا قضى منها وطراً بعد زمن محدد أو غير محدد من طرفه ، دون إشعار الزوجة بذلك، ولا الاتفاق معها عليه، وهو من حيث أحكام الصحة والبطلان عقد شرعي صحيح، وإن تلبس بالحرمة بسبب ما ينطوي عليه من كذب وغش وخداع وظلم محرم.
ومعنى كونه عقد صحيحا أي تترتب عليه آثار عقد النكاح ديانةً و قضاء ، ويلزم الزوج بها ومن أهمها:
• ثبوت النسب لما ينشا عن هذا النكاح من أولاد .
• إلزام الزوج بالنفقة و السكنى و سائر ما أوجبه عليه الشارع تجاه أبنائه ، و تجاه زوجته ما دامت في عصمته، أو عدَّةِ طلاقها منه .
• لزوجته النفقة وعليها العدة إذا طلقها ، و لها مع ذلك حقها من إرثه إن مات قبل أن يطلقها.
و هذه الأمور وغيرها مما أوجبه الشارع الحكيم سبحانه لا تجب إلا من عقد صحيح.
أما وجه تحريمه فلما ينطوي عليه من غش وتغرير بالمرأة، وحقيقة الغش إضمار أمر لو علمه شريكك ما قبل بالتعاقد معك، والأصل أن المرأة وأولياؤها لو علموا بهذه النية ما قبلوا بهذا الزواج مهما كانت المغريات والدوافع اللهم إلا في النذر اليسير من الحالات التي لا ينبني على مثلها حكم ولا تتغير لمثلها قواعد
والفرق بينه وبين زواج المتعة من عدة أوجه:
•إن نكاح المتعة يتم بالاتفاق بين الزوجين (على فرض صحة تسميتهما زوجين) على الأجل المضروب بينهما للنكاح ، وتقع الفرقة بينهما بمجرد انقضاء الأجل ، أما الزواج بنية الطلاق فلا يفرق فيه بين الزوجين إلا بطلاق بائن وعدة واجبة .(44/103)
• إن المرأة في نكاح المتعة لا حق لها سوى الأجر (المسمى صداقاً) ، بخلاف المتزوجة ممن ينوي طلاقها ، فلها الحق في الميراث والمتعة في العدة و سائر حقوق الزوجة على زوجها .
• عدة المطلقة من نكاح من يضمر نية الطلاق كعدة مثيلاتها، أما في المتعة فللمرأة بعد انقضاء متعتها عدة خاصة تخالف عدة المطلقة و من مات عنها زوجها من المسلمات .
• إن الزواج بنية الطلاق قابل للاستمرار و الديمومة إذا أراد الزوج ذلك ، و غير من نيته ، أما في المتعة فلا حق للزوج في الاستمرار مع زوجته ، و لا حق لها في ذلك بعد انقضاء الأجل المضروب بينهما ، بل تجب الفرقة فوراً
وعليه فلا ننصحك بمثل هذا الزواج المؤقت بل تمهل وتزوج زواجا مستقرا تبنى عليه دعائم الاستقرار في حياتك الزوجية.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
فتوى مجمع الفقه حول تحديد النسل بقانون عام ... العنوان
فشلت بعض الأنظمة في الدعاية إلى تنظيم النسل فوجدنا من يقدم اقتراحاً بأن يكون هناك قانون يحدد عدد الذرية لكل أسرة فهل هذا جائز شرعاً؟
... السؤال
24/05/2006 ... التاريخ
مجمع الفقه الإسلامي ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأولى 1409هـ/ 10-15 كانون الأول (ديسمبر) 1988م.
بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع (تنظيم النسل) واستماعه للمناقشات التي دارت حوله.
وبناء على أن من مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية الإنجاب والحفاظ على النوع الإنساني وأنه لا يجوز إهدار هذا المقصد، لأن إهداره يتنافى مع نصوص الشريعة وتوجيهاتها الداعية إلى تكثير النسل والحفاظ عليه والعناية به باعتبار حفظ النسل أحد الكليات الخمس التي جاءت الشرائع برعايتها.
قرر ما يلي:
أولاً:لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب.
ثانيًا:يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة، وهو ما يعرف بـ (الإعقام) أو (التعقيم)، ما لم تدع إلى ذلك ضرورة بمعاييرها الشرعية.
ثالثًا:يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل، أو إيقافه لمدة معينة من الزمن، إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعًا بحسب تقدير الزوجين عن(44/104)
تشاور بينهما وتراض، بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة، وأن لا يكون فيها عدوان على حمل قائم.
الفرق بين تحديد النسل وتنظيم الأسرة
تنظيم النسل: حكمه ومسوغاته
موقف الإسلام من تحديد النسل
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
الفرق بين تحديد النسل وتنظيم الأسرة ... العنوان
ما الفرق بين تنظيم الأسرة وتحديد النسل وما حكم الشرع فيهما، وجزاكم الله خيراً.
... السؤال
17/05/2006 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
تنظيم الأسرة هو المباعدة بين فترات الحمل، وهو أمر جائز بشرط رضا الزوجين عند وجود الحاجة إلى ذلك بشرط أن لا يكون السبب مخافة الفقر، وسوء الظن بالله.
أما تحديد النسل، فهو تحديد عدد معين للإنجاب، وهذا أمر ليس مرغبا فيه؛ لأن فيه إيقافا لنمو الأمة الإسلامية، وهو إن لم يصل للتحريم فلن يقل عن الكراهة الشديدة.
وليس من سلطة الدولة أن تتخذ قرارا تحدد فيه عدد الأولاد. وهذا ما أفتى به الدكتور محمد العمير عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
وإليك نصفتواه :-
تحديد النسل يراد به وضع حد أعلى لعدد الأولاد الذين ينجبهم الزوجان، فإن كان هذا التحديد بقرار عام من جهة رسمية فلا يجوز؛ لأنه يعارض توجيه الإسلام إلى تكثير النسل؛ ولأنه في الغالب يبنى على مقاصد اقتصادية، وأن كثرة النسل تؤثر على المستوى الاقتصادي للبلاد، وأن الموارد لا تكفي إلا لعدد محدود، وهذا مخالف لحسن الظن بالله والتوكل عليه، وأنه ما من نفس منفوسة إلا على الله رزقها. أما إن كان القرار خاصا بزوجين معينين فينظر سببه، فإن كان السبب طبيا كتضرر المرأة من الحمل وخطره عليها، وثبت ذلك من قبل طبيب حاذق أمين أو من لجنة طبية موثوقة فلا بأس بذلك، وأما إذا لم توجد حاجة حقيقية ولا ضرورة، وإنما قصد الزوجان الاكتفاء بعدد محدد من الأولاد وكان هذا عن تراض منهما فهذا لا يخلو من كراهة شديدة؛ لمخالفته مقصد من أهم مقاصد الزواج، لكن لا أقول بتحريمه؛ لأن ترك الزواج وإيثار العزوبة ليس بمحرم، فلأن لا يحرم عليه الإنجاب بعد الزواج من باب الأولى. أما تنظيم النسل فيقصد به المباعدة بين فترات الحمل، والأخذ بأسباب منع الحمل حتى لا يكون الإنجاب متتابعا، وقد يرى الزوجان في ذلك مصلحة كراحة الأم من أتعاب الحمل مدة قبل أن تحمل بآخر، أو لمزيد من التفرغ للعناية بالطفل قبل أن يأتي له أخ جديد، فلا بأس بذلك، وقد كان العزل(44/105)
معروفا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول جابر رضي الله عنه: (كنا نعزل والقرآن ينزل) والعزل سبب من أسباب منع الحمل. والله أعلم وأحكم.
وأنقل لك قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وقرار مجمع الفقه الإسلامي بهذا الشأن:
أولا :قرار هيئة كبار العلماء رقم 42 وتاريخ 13/4/1396هـ:
نظراً لأن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره وتعتبر النسل نعمة كبرى ومِنة عظيمة منَّ الله بها على عباده، فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله مما أوردته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بحثه المعد للهيئة والمقدم إليها، ونظراً إلى أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها، وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الرب تعالى لعبادة، ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين عامة وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة؛ حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعمار أهلها، وحيث إن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وربطها، لذلك كله فإن المجلس قرر بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية إملاق؛ لأن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها، أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضار معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، أو كان تأخيره لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره، عملاً بما جاء في الأحاديث الصحيحة وما روي عن جمع من الصحابة رضوان الله عليهم من جواز العزل، وتمشياً مع ما صرح به بعض الفقهاء من جواز شرب دواء لإلغاء النطفة قبل الأربعين، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثانيا: قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: 39 (1/5):
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1 إلى 6 جمادى الآخر 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر)1988م بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع تنظيم النسل، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، وبناءً على أن من مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية الإنجاب، والحفاظ على النوع الإنساني، وأنه لا يجوز إهدار هذا المقصد، لأن إهداره يتنافى مع نصوص الشريعة وتوجيهاتها الداعية إلى تكثير النسل والحفاظ عليه والعناية به، باعتبار حفظ النسل أحد الكليات الخمس التي جاءت الشرائع برعايتها قرر ما يلي:
أولاً :لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب.
ثانيا :يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة، وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم، ما لم تدعُ إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية.(44/106)
ثالثا :يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان، إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً، بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراضٍ، بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة، وأن لا يكون فيها عدوان على حملٍ قائم.
انتهى نقلا عن موقع الإسلام اليوم.
ويمكنك مطالعة هذه الفتاوى في نفس الموضوع
تنظيم النسل: حكمه ومسوغاته
تحديد النسل خوف الفقر
تحديد النسل بقانون عام
موقف الإسلام من تحديد النسل
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
زواج المرأة من زوج خالتها متى يجوز؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أود استشارتكم فيما يخصني وبصراحة أرغب في الزواج من زوج خالتي المتوفية وهو يكبرني في العمر خمسة وعشرين سنة أي عمره أربعة وخمسين سنة فهل تفكيري فيه نوع من الصواب أما أنا على خطا مع العلم إني عندما أراه يأتني شعور بالراحة والاستقرار لم أحس به من قبل أود منكم النصيحة أمي معارضة جداً كيف السبيل لإقناعها. ... السؤال
19/02/2005 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فمن حيث الشرع يجوز لزوج الخالة ـ التي ماتت ـ بالزواج منك؛ لأن المحرم هو الجمع بين المرأة وعمتها، وإن علت، ولا بين المرأة وخالتها، وإن علت، ولا يجوز نكاح المرأة على بنت أختها، ولا على بنت أخيها، وإن سفلت.
فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها".
فالمحرم هو أن يجمع الرجل بين الخالة وابنة أختها، أما إذا طلق الرجل الخالة، أو ماتت هي جاز له أن يتزوج ابنة أختها، وذلك يشبه تحريم الزواج بأخت الزوجة ، ما دامت الزوجة في عصمة الرجل، فإذا طلق الرجل الزوجة جاز له أن يتزوج أختها ، فالمحرم هو الجمع فقط ، وحرمة النكاح هنا حرمة وقتية ، تزول بطلاق الرجل للمرأة التي في عصمته، أو موتها ، فإذا حدث أيهما جاز للرجل أن يتزوج حينئذ جميع النساء ذوات الحرمة المؤقتة مثل خالة الزوجة ، عمتها ، ابنة أختها ، ابنة أخيها، أختها.(44/107)
هذا هو الحكم الشرعي في المسألة ، أما عن مدى استفادة الأخت السائلة بهذا الزواج فننصح الأخت السائلة بأن تصلي صلاة استخارة تسأل الله فيها الخير ، كما ننصحها أن تستشير أهل الخبرة وأهل العقول الراجحة ، نسأل الله لها ولنا التوفيق .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الزواج الصوري لفقدان المحرم في الحج ... العنوان
أنا أرملة ارغب بالحج هذا العام عرض علي أحد الإخوة بمنحة للحج مع العلم أنني قادرة ماديا على الحج فهل يصح هذا الحج هذا أولا أما ثانيا بالنسبة للمحرم ليس لدي محرم عرض علي نفس الشخص أن يعقد علي في المحكمة صوريا دون الزواج فقط كي يكون بالاسم محرما علي فما الحكم؟ ... السؤال
04/10/2003 ... التاريخ
أ.د. عبد الفتاح إدريس ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
يُشترط في المرأة التي تخرج للحج أن تكون مع ذي محرم أو نسوة ثقات ، وإلا فإن الحج لا يجب عليها لفقدانها شرط الاستطاعة، وهذا الزواج الصوري قد اتفق الفقهاء على حرمته لافتقاده مقصود الزواج.
والحج عن طريق المنحة لا شيء فيه أما في هذا السؤال فإننا نخشى أن المنحة حيلة لكي يتزوجك الرجل ويعقد عليك وعلى هذا فعليك إما أن تقبليه زوجا أبديا أو رفض منحته، وأن تدبري لك محرما يخرج بك للحج.
يقول فضيلة الدكتور عبد الفتاح إدريس ـ أستاذ الفقه بجامعة الأزهر :
أراد الله تعالى بالزواج أن يكون علاقة دائمة، ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة " انظر إليها عسى أن يؤدم بينكما" أي: تدوم المودة والألفة، ولأن مقصود الشارع من الزواج هو إنجاب النسل، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " تزوجوا تناسلوا تكثروا فإني مباه بكم الأنبياء يوم القيامة"، والزواج الصوري هذا أشبه إلى حد كبير بالزواج المؤقت، الذي اتفق الفقهاء على حرمته.
ولذا فلا يجوز هذا الزواج حتى ولو كان لغرض الرفقة في الحج، كما أن الحج فريضة تتعلق ببدن المكلف وماله، فإذا كان للمكلف مال فينبغي أن يحج من ماله، إلا إذا كان غير واجد للمال، وبذل له بعض الناس مالا ليحج به من غير منة عليه، فله أن يحج به في هذه الحالة عند الشافعية والظاهرية، وإن منعه المالكية والحنفية والحنابلة، وصاحبة السؤال لديها مال، إلا أنها لا تجد رفقة مأمونة تحج معها، فلا يجب عليها الحج عند الحنفية والحنابلة، لعدم وجود زوج أو محرم يطيعها في الحج معها، ولذا فلا حج عليها حتى تجد محرما أو زوجا يرافقها في رحلة الحج هذه . أ.هـ(44/108)
ويقول محمد سعدي الباحث الشرعي بالموقع:
إذا كانت المرأة ممن تحتاج إلي وجود المحرم لعدم وجود نساء ثقات مثلا أو أن السلطات المنظمة للحج تشترط عليها وجود محرم، فإن المحرم يكون لها حينئذ بمنزلة الزاد والراحلة ، فإن كانت واجدة له، وكان متمكنا من الخروج على نفقته أو كانت تقدر على أداء نفقته فإن الحج في هذه الحال يجب عليها، وإلاّ فلا يجب لعدم الاستطاعة، ومن لم يوجب المحرم من الفقهاء فإنه قد أوجب وجود رفقة آمنة مأمونة ثقات.
والزواج الصوري الخالي من مضمون الزواج لا يكون طريقا للحج؛ والمرأة إذا فقدت المحرم والنساء الثقات فلا حج عليها ولم يكلفها الله بالحج لأنها غير مستطيعة.
قال الجصاص في أحكام القرآن:
وعندنا [أي الحنفية]أن وجود المحرم للمرأة من شرائط الحج ؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا فوق ثلاث إلا مع ذي محرم أو زوج .. فثبت بذلك أن وجود المحرم للمرأة من شرائط الاستطاعة ، ولا خلاف أن من شرط استطاعتها أن لا تكون معتدة ؛ لقوله تعالى : { لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة } فلما كان ذلك معتبرا في الاستطاعة وجب أن يكون نهيه للمرأة أن تسافر بغير محرم معتبرا فيها.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: : لا يجب الحج على المرأة إلا إذا كان لها محرم.
وقال الشافعية :
لا يجب الحج على المرأة إلا إذا وجدت من يخرج معها للحج من محرم لها أو زوج أو نسوة ثقات، فأي هذه الثلاثة وجد لزمها الحج، وإن لم يكن شيء من الثلاثة لم يلزمها الحج، لأن الشرط عند الشافعية لوجوب الحج على المرأة حصول الأمن لها على نفسها، وهذا الأمن يحصل لها بمصاحبة الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات الجامعات لصفات العدالة.
وقال ابن دقيق العيد : هذه المسألة تتعلق بالعامين إذا تعارضا ، فإن قوله تعالى : { ولله على الناس حج البيت } الآية ، عام في الرجال والنساء ، فمقتضاه أن الاستطاعة على السفر إذا وجدت وجب الحج على الجميع . وقوله صلى الله عليه وسلم : { لا تسافر المرأة إلا مع محرم } عام في كل سفر فيدخل فيه الحج ، فمن أخرجه عنه خص الحديث بعموم الآية ، ومن أدخله فيه خص الآية بعموم الحديث فيحتاج إلى الترجيح من خارج انتهى . ويمكن أن يقال : إن أحاديث الباب لا تعارض الآية لأنها تضمنت أن المحرم في حق المرأة من جملة الاستطاعة على السفر التي أطلقها القرآن.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الزواج من زوجة العم ... العنوان(44/109)
انتقل عمي الشقيق إلى رحمة الله، وترك زوجة له، وانقضت عدتها كمتوفى عنها زوجها. فلما أبديت رغبتي في الزواج بها قيل لي إنها لا تحل لك لأنها زوجة عمك، فلها حرمة زوجة أبيك، فالعم والد فهل هذا صحيح، وإذا كانت تحل لي فما الحكمة في حرمة زوجة الأب بأبنة على وجه الخصوص؟ ... السؤال
18/03/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
الزواج من زوجة العم جائز لأن زوجة العم ليست من المحارم المؤقتة ولا المؤبدة
يقول فضيلة الشيخ إبراهيم جلهوم شيخ المسجد الزينبي بالقاهرة
إن الله تبارك وتعالى يقول: (ولا تنكحوا ما نكح أباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلاً) [الآية 22 من سورة النساء] فمن هذه الآية الكريمة كان الاستدلال التام على منع نكاح الأبناء حلائل الآباء، فالله تعالى حرم زوجات الآباء على الأبناء تكرمة للآباء وإعظامًا واحترامًا أن توطأ زوجة الأب من بعده حتى أنها لتحرم على ولده بمجرد العقد عليها، وهذا أمر مجمع عليه وروى ابن أبي حاتم بسنده (عن عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار قال: لما توفى أبو قيس – يعني ابن السلت وكان من صالحي الأنصار، فخطب ابنه قيس امرأته، فقالت: إنما أعدك ولدًا، وأنت من صالحي قومك ولكني أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أبا قيس توفى، فقال خيرًا، ثم قالت: إن ابنه قيسًا خطبني وهو من صالحي قومه. وإنما كنت أعده ولدًا فما ترى، فقال لها ارجعي إلى بيتك قال "فنزلت (ولا تنكحوا ما نكح أباؤكم من النساء) [الآية] وعليه فالآية الكريمة نصت على تحرم زوجة الأب أن يتزوجها ابنه، فخرج من هذه الحرمة زوجة العم، فإن لها بعد إنقضاء عدتها من وفاته، أو من طلاقها منه حال حياته أن تتزوج من ابن أخيه، والقول بأن العم والد، فذاك من باب توقيره كالأب وإجلاله واحترامه وإعظامه لا من باب تحريم زوجته على ولد أخيه بعد وفاته أو تطليقه لها.
وحكمة تحريم زوجات الآباء على الأبناء حتى بمجرد العقد عليهن ولو لم يدخلوا بهن، أن ذاك الزواج جمع ألوانًا من القبح ثلاثة، صرحت بها آية التحريم فقالت (إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلاً) يقول الإمام الفخر الرازي رحمه الله تعالى مراتب القبح ثلاث: القبح العقلي. والقبح الشرعي، والقبح العادي، وقد وصف الله هذا الزواج بكل ذلك، فقوله سبحانه: "وفاحشة". إشارة إلى مرتبة قبحه العقلي، وقوله سبحانه (ومقتًا) إشارة إلى مرتبة قبحه الشرعي. وقوله تعالى (وساء سبيلاً) إشارة إلى مرتبة قبحه العادي "وعليه فزواج جمع تلك المراتب من القبح زواج محرم، ينفر منه الطبع السليم والفطرة الإنسانية السوية. وليس الأمر كذلك بالنسبة للزواج من نساء الأعمام بعد الموت عنهن أو تطليقهن وانقضاء عدتهم فتزوج أيها السائل – إن شئت – بزوجة عمك. الذي مات عنها وانقضت عدتها فإنه زواج أحله الله ورسوله.
والله أعلم(44/110)
ـــــــــــــــــــ
الإسلام وزواج المتعة ... العنوان
ما حكم زواج المتعة في الإسلام ؟ وما تقولون في من ألف كتابا يبيح فيه نكاح المتعة ؛ بحجة أنه محدد الهدف بخلاف الزواج العادي؟ ... السؤال
11/07/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فزواج المُتْعَة حرام باتفاق علماء المسلمين وإجماعهم، وهو يُعتبر زنا ـ والعياذ بالله ـ وليس نِكاحًا صحيحًا تترتب عليه آثاره ، ومن قال غير ذلك لا يلتفت لقوله.
يقول الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر :
قمنا بدراسة وفحص ما في زواج المتعة دراسةً كاملة ومستفيضة، وقد تبين لنا بوضوح ما فيه من مغالطات ومخالفاتٍ الدينُ منها بَرَاءٌ، والسكوتُ عنها يُعتبر في حكم الكبيرة، يُعَرِّض صاحبَها لعقاب الله وغضبه " مَن رأى منكم مُنْكَرًا فليغيّرْه ".
كما أن قائلها يأخذ حكمَ المُبْتَدِع لسنة سيئة " مَن سَنَّ سُنَّةً سيئةً فعليه وزرها ووزر مَن عمل بها إلى يوم القيامة ".
فمؤلف الكتاب يَدَّعي مغالطةً أن زواج المُتْعَة يقوم على وضوح الرؤية والهدف من البداية، بينما الزواج الدائم لا يضع في حسابه شيئًا من ذلك.
كيف يتأتى هذا المنطق الذي فيه قَلْبٌ للحقائق؟ فما الذي تتضح الرؤية فيه، الدائم أم المؤقت!
فالدائم يُطْلِع فيه كلٌّ من الزوجين شريكَ حياته على جميع مكنوناته وأسراره والأحلام التي يتمناها له ولأولاده في مستقبل حياته ، كما أن الغرض الأساسيّ منه تكوينُ الأسرة السعيدة التي تَنْفَع دينَها ودنياها.
عكس الزواج المؤقت فهدفه أولاً وقبل كل شيء قضاء الشهوة فترةً من الوقت وليس تكوين الأسرة، وكيف يتأتّى التكوين وهو مُحَدَّد بزمن مُعَيَّن بعد انتهائه يَفترق كلٌّ منهما عن الآخر ليلتقيَ مع شريك جديد يَقضي معه وَطَرَه فترةً من الوقت أيضًا، وهكذا تتكرر المأساة عدة مرات ومرات!
كما أن الزوجين كل منهما يَكْتُم عيوبَه عن الآخر بُغْيَةَ كمال السعادة المؤقتة المتمثلة في قضاء الشهوة، ومن أين يتأتّى فيه السكن الذي قال الله عنه في كتابه الكريم: (ومِن آياتِه أنْ خَلَقَ لكم مِن أنفسِكم أزواجًا لتَسْكنوا إليها وجَعَلَ بينَكم مودةً ورحمة) (الروم: 21).
وكيف يكون مصير الأولاد في هذه اللحظة المشغولِ فيها كلٌّ من الأبوين بقضاء سعادته المؤقتة، والتَّنَحِّي عن مسؤوليته تجاه أولاده التي فرضها الله عليه من إنفاق وتربية وتعليم وإصلاح وتهذيب.
ما أشبه هذا المجتمع الذي يَشيع فيه مثلُ هذه السموم (الزواج المُؤَقَّت) بمجتمع الحيوانات التي شرَّفنا الله بالبُعْد عنها.(44/111)
وإذا شاعت في المجتمعات الأوربية فلا يَصِحُّ لها أن ترى نورَ الحياة في المجتمعات الإسلامية لقوله تعالى: (كنتم خيرَ أمةٍ أُخْرِجَتْ للناسِ تأمرونَ بالمعروفِ وتَنْهَوْنَ عن المنكر) (آل عمران: 110).
ومن النصوص القرآنية التي تُحَرِّم زواجَ المُتْعَة قوله تعالى: (فما اسْتَمْتَعْتُمْ به منهنَّ فآتوهنَّ أجورَهنَّ) أي فما نكحتموه على الشريطة التي جرَت، وهي قوله: (مُحْصِنينَ غيرَ مُسافحين) أي عاقدين للتزويج (فآتوهنَّ أجورَهنَّ) أي مهورَهنَّ.
ومَن ذهب في الآية غيرَ هذا فقد أخطأ وجَهِل اللغة.
قال الألوسيّ: وهذه الآية لا تدل على الحِلّ، والقول بأنها نزلت في المُتْعَة غَلَط، وتفسير البعض لها بذلك غيرُ مقبول؛ لأن نَظْمَ القرآن يأباه حيث قال جل وعلا: (مُحْصنين غيرَ مُسافِحين) ففيه إشارة إلى النهي عن كون القصد مجردَ قضاء الشهوة وصَبّ الماء، فبطلَت المُتْعَة بهذا القيد؛ لأن مقصود التمتع ليس إلا ذاك، فهو يدل على أن المراد بالاستمتاع هو الوطء والدخول لا الاستمتاع بمعنى المُتْعَة التي يقول بها الشيعة.
وينفي أهلُ السنة بشدة ما جاء من روايات عن طريق بعض الصحابة بقراءة قوله تعالى: "فما اسْتَمْتَعْتُمْ به منهنَّ إلى أجل مسمّى فآتُوهُنَّ أجورَهنّ" فقد اعتبر أهلُ السُّنَّة هذه القراءة من القراءات الشاذة التي لا يُعتدّ بها لكونها تُخالِف القراءات المُتواتِرة المُجْمَع عليها عندهم.
وأما دليلهم من السنة على التحريم فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناسُ قد كنت آذنتُ لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرَّم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهنّ شيء فليُخْلِ سبيلَه، ولا تأخذوا مما آتيتموهنّ شيئًا".
وقول عمر: إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أَذِنَ لنا في المُتْعَة ثلاثًا ثم حرَّمها، والله لا أعلم أحدًا يتمتع وهو مُحْصَن إلا رجمته بالحجارة حتى يأتيَني بأربعة يَشهدون أن رسولَ الله أحلَّها بعد أن حرَّمها.
ولقد حَرَّم عمر زواجَ المُتْعَة وبجانبه عظماءُ الصحابة فأقروه على ذلك، وليس منطقيًّا أن يقروه على باطل، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، والرأي مَكفول لصاحبه، وهم الذين قالوا: لو وجدنا فيك اعوجاجًا لقَوَّمْناك بسيوفنا.
فكان رده عليهم: لا خيرَ فيكم إذا لم تقولوها، ولا خيرَ فيَّ إذا لم أسمعها منكم.
ويُروى أن عليًّا قال لابن عباس، وكان يُبيح المُتْعَة: مهلاً يا بن عباس فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عنها يومَ خيبر، وعن لحوم الحُمُر الإنسية.
ويَروي الدارقطنيّ عن أبي هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "حَرَّم أو هَدَمَ المُتْعَةَ النكاحُ والطلاقُ والعِدَّةُ والميراث".
إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي وردت في هذا الباب، وما اشْتُهِرَ عن ابن عباس من حِلّه لزواج المُتْعَة فقد ثَبَتَ رجوعه عنه وعن الفُتْيا بذلك.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
زواج المتعة بين الشيعة وأهل السنة ... العنوان(44/112)
ماذا تقولون في إخواننا الشيعة في إباحة زواج المتعة على الرغم من أن هذا الأمر قد أفتاه علماؤهم في الدين؟
... السؤال
11/03/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخانا الفاضل أكرمك الله وهداك إلى مايحبه ويرضاه وبعد أجمع فقهاء أهل السنة على تحريم زواج المتعة وإليك المسألة بالتفصيل من كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للأستاذ الدكتور وهبة الزحيلى يتناول فيها كل الآراء مع الترجيح
اتفقت المذاهب الأربعة وجماهير الصحابة على أن زواج المتعة ونحوه حرام باطل، وكونه باطلاً عند الحنفية بالرغم من أن هذا الشرط من شروط الصحة؛ لأنه منصوص على حكمه في السنة، إلا أن الإمام زفر اعتبر الزواج المؤقت صحيحًا وشرط التأقيت فاسدًا أو باطلاً، أي لا عبرة بالتأقيت ويكون الزواج صحيحًا مؤبدًا؛ لأن النكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة، ورد عليه بأن العقد المؤقت في معنى المتعة، والعبرة في العقود للمعاني لا للألفاظ.
وقال الشيعة الإمامية : يجوز زواج المتعة أو النكاح المنقطع بالمرأة المسلمة أو الكتابية، ويكره بالزانية، بشرط ذكر المهر، وتحديد الأجل أي المدة، وينعقد بأحد الألفاظ الثلاثة: وهي زوّجتك، وأنكحتك، ومتعتك، ولا يشترط الشهود ولا الولي لهذا العقد، وأحكامه هي:
1- الإخلال بذكر المهر مع ذكر الأجل يبطل العقد، وذكر المهر من دون الأجل يقلبه دائمًا.
2- لا حكم للشروط قبل العقد، ويلزم لو ذكرت فيه.
3- يجوز اشتراط إتيانها ليلاً أو نهارًا وألا يطأها في الفرج، والعزل من دون إذنها، ويلحق الولد بالأب وإن عزل، لكن لو نفاه لم يحتج إلى اللعان.
4- لا يقع بالمتعة طلاق بإجماع الشيعة، ولا لعان على الأظهر، ويقع الظهار على تردد.
5- لا يثبت بالمتعة ميراث بين الزوجين، وأما الولد فإنه يرثهما ويرثانه من غير خلاف.
6- إذا انقضى الأجل المتفق عليه، فالعدة حيضتان على الأشهر. وعدة غير الحائض خمسة وأربعون يومًا، وعدة الوفاة لو مات عنها في أشبه الروايتين أربعة أشهر وعشرة أيام.
7- لا يصح تجديد العقد قبل انقضاء الأجل، ولو أراده وهبها ما بقي من المدة واستأنف.
الأدلة:
أدلة الإمامية: استدل الإمامية على مشروعية النكاح المنقطع أو المتعة بما يلي:(44/113)
1- بقول الله تعالى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَة) [النساء : 4/24] فإنه عبَّر بالاستمتاع دون الزواج، وبالأجور دون المهور، مما يدل على جواز المتعة، فالاستمتاع والتمتع بمعنى واحد، وإيتاء الأجر بعد الاستمتاع يكون في عقد الإجارة، والمتعة هو عقد الإجارة على منفعة البضع، أما المهر فإنه يجب بنفس عقد النكاح قبل الاستمتاع.
2- ثبت في السنة جواز المتعة في بعض الغزوات منها عام أوطاس، وفي عمرة القضاء، وفي خيبر، وعام الفتح، وفي تبوك ، قال ابن مسعود: "كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس معنا نساء، فقلنا" ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل، ثم قرأ عبد الله (أي ابن مسعود): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُم) [ المائدة: 5/87] ، الآية.
وفي صحيح مسلم عن جابر: "كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم .. وأبي بكر، حتى نهى عمر في شأن عمرو بن حريث" .
وكان يقول بجواز المتعة ابن عباس وجماعة من السلف، منهم بعض الصحابة (أسماء بنت أبي بكر، وجابر وابن مسعود، ومعاوية وعمرو بن حريث، وأبو سعيد وسلمة ابنا أمية بن خلف)، ومنهم بعض التابعين (طاووس وعطاء، وسعيد بن جبير، وسائر فقهاء مكة ومنهم ابن جريج).
وأجاز المتعة الإمام المهدي، وحكاه عن الباقر والصادق والإمامية ، وأما الشيعة الزيدية فيقولون كالجمهور بتحريم نكاح المتعة، ويؤكدون أن ابن عباس رجع عن تحليله .
وأجيب عن هذه الأدلة بما يأتي :
1 - إن المراد بالاستمتاع في آية (فما استمتعتم) [النساء: 4/24]: النكاح؛ لأنه هو المذكور في أول الآية وآخرها، حيث بُدِئت بقوله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم)
[النساء: 4/22] وختمت بقوله سبحانه: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَات) [النساء 4/25]، فدل على أن المراد بالاستمتاع هنا ما كان عن طريق النكاح، وليس المراد به المتعة المحرمة شرعًا.
أما التعبير بالأجر: فإن المهر في النكاح يُسمَّى في اللغة أجرًا، لقوله تعالى:
(فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوف) [النساء: 4/25] أي مهورهن، وقوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ) [الأحزاب: 33/50] أي مهورهن.
وأما الأمر بإيتاء الأجر بعد الاستمتاع، والمهر يؤخذ قبل الاستمتاع، فهذا على طريقة في اللغة من تقديم وتأخير، والتقدير: فآتوهن أجورهن إذا استمتعتم بهن، أي إذا أردتم الاستمتاع بهن، مثل قوله تعالى: (إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ) [الطلاق 65/1] أي إذا أردتم الطلاق، ومثل: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاة) [المائدة: 5/6] أي إذا أردتم القيام إلى الصلاة.(44/114)
2 - وأما الإذن بالمتعة في السنة النبوية في بعض الغزوات، فكان للضرورة القاهرة في الحرب، وبسبب العُزْبة في حال السفر، ثم حرّمها الرسول - صلى الله عليه وسلم - تحريمًا أبديًّا إلى يوم القيامة، بدليل الأحاديث الكثيرة، منها:
1- "يا أيها الناس، إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرّم ذلك يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء، فليخلّ سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا" .
2- قال سلمة بن الأكوع: "رخّص لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام، ثم نهى عنها" .
3 - قال سبرة بن معبد: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع نهى عن نكاح المتعة" .
4 - عن علي رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر .
وأما ابن عباس: فكان يجيز المتعة للمضطر فقط، روى عنه سعيد بن جبير أنه قال: سبحان الله، ما بهذا أفتيت، وإنما هي كالميتة لا تحل إلا للمضطر. وأما الشيعة فقد توسعوا فيها وجعلوا الحكم عامًّا للمضطر وغيره، وللمقيم والمسافر.
ومع ذلك فقد أنكر عليه الصحابة، مما يجعل رأيه شاذًّا تفرد به، فقد أنكر عليه علي رضي الله عنه قائلاً له: إنك امرؤ تائه ؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية، وأنكر عليه عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، روى مسلم عنه أنه قام بمكة فقال: "إن أناسًا أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة – يعرِّض برجل هو عبد الله بن عباس – فناداه ابن عباس، فقال له: إنك لجلف جاف، فلعمري، لقد كانت المتعة تفعل في عهد أمير المتقين – أي رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فقال له ابن الزبير: فجرب نفسك، فوالله لو فعلتها لأرجمنك بأحجارك".
ثم نقل المحدثون عن ابن عباس أنه رجع عن قوله، روى الترمذي عنه أنه قال: "إنما كانت المتعة في أول الإسلام، كان الرجل يقدم البلدة ليس له فيها معرفة، فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم، فتحفظ له متاعه، وتصلح له شأنه، حتى نزلت هذه الآية: "إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) [المؤمنون: 23/6] قال ابن عباس: فكل فرج سواهما حرام". وروى البيهقي أيضًا وأبو عوانة في صحيحه رجوع ابن عباس .
والقول برجوعه هو الأصح لدى كثير من العلماء، ويؤكده إجماع الصحابة على التحريم المؤبد، ومن المستبعد أن يخالفهم، روى الحازمي في الناسخ والمنسوخ من حديث جابر بن عبد الله قال: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى غزوة تبوك، حتى إذا كنا عند العقبة مما يلي الشام، جاءت نسوة فذكرنا تمتعنا، وهن تطفن في رحالنا، فجاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظر إليهن، وقال: من هؤلاء النسوة؟ فقلنا: يا رسول الله، نسوة تمتَّعنا منهن، قال: فغضب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حتى احمرَّت وجنتاه، وتمعَّر وجهه، وقام فينا خطيبًا، فحمد(44/115)
لله وأثنى عليه، ثم نهى عن المتعة، فتوادعنا يومئذ الرجال والنساء، ولم نَعُد، ولا نعود لها أبدًا، فبها سُمِّيت يومئذ: ثنية الوداع" .
وروى أبو عوانة عن ابن جريج أنه قال في البصرة، اشهدوا أني قد رجعت عن المتعة، بعد أن حدّثهم فيها ثمانية عشر حديثًا أنه لا بأس بها .
كل هذا يدل على نسخ إباحة المتعة، ولعل ابن عباس ومن وافقه من الصحابة والتابعين لم يبلغه الدليل الناسخ، فإذا ثبت النسخ وجب المصير إليه، أو يقال: إن إباحة المتعة كانت في مرتبة العفو التي لم يتعلق بها الحكم كالخمر قبل تحريمها، ثم ورد النص القاطع بالتحريم.
أدلة الجمهور:
استدل الجمهور على تحريم نكاح المتعة بالقرآن والسنة والإجماع والمعقول:
1 - أما القرآن: فقوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَهَّمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُون) [سورة المؤمنون: 23/5-7]، هذه الآية حرمت الاستمتاع بالنساء إلا من طريقين: "الزواج وملك اليمين، وليست المتعة زواجًا صحيحًا، ولا ملك يمين، فتكون محرمة، ودليل أنها ليست زواجًا أنها ترتفع من غير طلاق، ولا نفقة فيها، ولا يثبت بها التوارث.
2 - وأما السنة: فالأحاديث الكثيرة السابقة المتفق عليها التي ذكرتها عن علي وسَبْرة الجهني وسلمة بن الأكوع، وغيرعم رضي الله عنهم، والمتضمنة النهي الصريح عن نكاح المتعة عام خيبر، وبعد فتح مكة بخمسة عشر يومًا، وفي حجة الوداع.
3 - وأما الإجماع: فقد أجمعت الأمة إلا الإمامية على الامتناع عن زواج المتعة، ولو كان جائزًا لأفتوا به، قال ابن المنذر: جاء عن الأوائل الرخصة فيها، أي في المتعة، ولا أعلم اليوم أحدًا يجيزها، إلا بعض الرافضة، ولا معنى لقول يخالف كتاب الله، وسنة رسوله، وقال القاضي عياض: ثم وقع الإجماع من جميع العلماء على تحريمها، إلا الروافض .
4 - أما المعقول: فإن الزواج إنما شرع مؤبدًا لأغراض ومقاصد اجتماعية، مثل سكن النفس وإنجاب الأولاد وتكوين الأسرة، وليس في المتعة إلا قضاء الشهوة، بنحو مؤقت، فهو كالزنى تمامًا، فلا معنى لتحريمه مع إباحة المتعة.
وبه يتبين رجحان أدلة الجمهور، والقول بتحريم المتعة وبطلان زواجها وبطلان الزواج المؤقت، وهذا ما يتقبله المنطق وروح الشريعة، ولا يمكن لأي إنسان متجرد محايد إلا إنكار المتعة والامتناع عنها نهائيا.والله تعالى أعل
ـــــــــــــــــــ
حكم زواج المتعة ... العنوان
ما الحكم الشرعي لزواج المتعة؟ ... السؤال
الشيخ فيصل مولوي ... المفتي
... ... الحل ...
...(44/116)
... بسم الله الرحمن الرحيم
زواج المتعة هو الزواج المؤقت، أي الذي يتم تحديد مدة له كأسبوع أو شهر أو سنة أو ما إلى ذلك. وقد حرّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدد من الأحاديث الصحيحة، بعد أن أباحه قبل ذلك في بعض الغزوات، وقال بالنص الصريح ما رواه مسلم: "كنت قد أبحت لكم زواج المتعة، وإن الله قد حرّمه إلى يوم القيامة". وليس صحيحًا ما يقال من أن عمر رضي الله عنه هو الذي حرّم زواج المتعة، بعد أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أباحه. وكل ما فعله عمر هو أنه أعلن أمام الصحابة المنع النبوي، ووعد بتنفيذه باعتباره الإمام
وفي الحقيقة فإن زواج المتعة لا حاجة له في شريعتنا الإسلامية؛ لأن الأصل في الزواج التأبيد، ولأن إمكانية الطلاق سهلة في أحكامنا الشرعية، فلو تزوج المسلم فتاة لمدة معينة ثم وجدها مناسبة له يمكنه أن يجعل هذا الزواج دائماً. ولو أنه تزوج زواجاً دائماً ثم شعر بعد أيام أنه لا يستطيع العيش مع زوجته فبإمكانه طلاقها.. فما هي الحاجة إذن إلى تعيين مدة للزواج طالما أن إمكانية الطلاق موجودة حتى قبل انقضاء هذه المدة؟
هذا بالإضافة إلى أن الغاية الأساسية من الزواج هي بناء العائلة التي تكون سكناً للزوجين ومجالاً صالحاً لتربية الأولاد، ومثل ذلك لا يتمّ إلاّ في ظل الزواج ا
ـــــــــــــــــــ
حقيقة الخلاف بين السنة والشيعة ... العنوان
مالذي يجب أن يركز عليه السنة والشيعة عند التحاور؟ وإلى أي حد وصلت نقاط الافتراق بين السنة والشيعة؟ وهل هذا الخلاف مما يمكن التغاضي عنه؟
... السؤال
17/07/2006 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:-
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:-
من المبادئ المهمة في حوارنا مع الشيعة أن نركز على مواضع الاتفاق، لا على نقاط التمايز والاختلاف.وخاصة أن معظم نقاط الاتفاق في الأمور الأساسية التي لا يقوم الدين إلا بها، بخلاف نقاط التمايز، فجلها في الفرعيات.
ومن نقاط الاتفاق بين السنة والشيعة:-
1- الإيمان بالله تعالى، والإيمان باليوم الآخر، والإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه خاتم النبيين، وأنه جاء ليتمم رسالات السماء جميعا، والإيمان بكل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الإيمان بجميع كتب الله، وجميع رسل الله، كما قال تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَاوَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا(44/117)
وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) البقرة: 285، فهذه قواعد الإيمان الأساسية نتفق جميعا على الإيمان بها، وهي أسس الدين وركائزه.
2- الاتفاق على الإيمان بالقرآن الكريم، وأنه كتاب الله المبين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ {)هود: 1 وأنه محفوظ من التحريف والتبديل بضمانة الله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر:9.
وأنه لا يخالف مسلم –سني أو شيعي – في أن ما بين الدفتين كلام الله.
وبهذا المصحف وآياته وكلماته يستدل المناظرون في العقائد، ويحتج بها المستنبطون للأحكام، ويرجع إليها أهل الدعوة والتربية والتوجيه، فينهلون من معينها العذب، ويقتبسون من سناها المضيء.
أما هل هناك زيادة على هذا القرآن –وهو ما زعمه قوم- فهذا لا نثيره، لأنه استطراد لا نحتاج إليه، فهذا القدر الذي اتفقنا عليه هو الذي يلزمنا، وهو المفروض علينا اتباعه والعمل به، وعدم الإخلال بأي جزء منه: - (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ {49} أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) المائدة: 50،49.
فهنا نجد النص القرآني يحذر الرسول من اتباع أهواء أهل الكتاب وأمثالهم، وأن يفتنوه عن (بعض ما أنزل الله إليه) إشارة إلى أن كل ما أنزل الله واجب الاتباع.
3- ومن نقاط الاتفاق: الالتزام بأركان الإسلام العملية: من الشهادتين، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت.
فالفريقان – سنة وشيعة- يؤمنون بهذه الأركان أو الفرائض، وإن وجد خلاف بينهم في بعض الأحكام، فهو كما يحدث بين مذاهب السنة بعضها وبعض، فكم من فرق بين المذهب الحنبلي مثلا والمذهب الحنفي أو المالكي، وكم من مسائل انفرد بها المذهب الحنبلي عن المذاهب الأربعة، عرفت باسم (مفردات المذهب) ونظمها بعضهم في منظومة معروفة.
ومن يقرأ كتابا يهتم بفقه الاختلاف مثل (نيل الأوطار) للإمام الشوكاني رحمه الله: يجد أنه يذكر علماء الأمصار وأئمة الفقه من أهل السنة ومن الشيعة، أو كما يسميهم هو وغيره: فقهاء (العترة) أو (آل البيت) مثل الباقر والصادق والناصر والهادي وغيرهم، فلا يكاد القارئ أو الدارس يحس بفرق معتبر بين هذه المذاهب ومذاهب السنة، إلا كما يحس الفرق بين مذاهب السنة بعضها وبعض.
وإذا كان هذا واضحا بينا في العبادات، فهو أبين وأوضح في المعاملات.
وإذا كانوا هم لا يعترفون بكتب أهل السنة التي تعد مراجعهم في الحديث النبوي، مثل الكتب التسعة: الموطأ ومسند أحمد وصحيحي البخاري ومسلم، وسنن أبي داود والترمذي وابن ماجة والدارمي، وغيرها من الكتب، فإن معظم ما ثبت عندنا بالسنة ثبت عندهم من طريق رواتهم، إما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، وإما عن طريق إمام من أئمتهم الذين يعتبرونهم معصومين.(44/118)
والمهم: أن الفقهين في النهاية –فقه السنة وفقه الشيعة- يتقاربان إلى حد كبير، لأن المصدر الأصلي واحد، وهو والوحي الإلهي المتمثل في القرآن والسنة، والأهداف الأساسية والمقاصد الكلية للدين واحدة عند الفريقين، وهي: إقامة عدل الله ورحمته بين عباده.
وكثير من الآراء التي تعتبر شاذة عندنا من أحكامهم، نجد بين أهل السنة من قال بها: إذا أجدنا البحث والتنقيب.
خذ أشهر مسألة في الفقه حدث فيها الاختلاف بين المذهبين، وهو: زواج المتعة، فقد قال بها حبر الأمة ابن عباس، وإن قيل: إنه رجع عنها، ولكن ظل عدد من أصحابه في مكة وفي اليمن يفتون بها، مثل: عطاء وسعيد بن جبير وطاوس رضي الله عنهم جميعا.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
زواج المسيار .. مفهومه وحكمه ... العنوان
سمعت لأول مرة خلال هذه السنة من بعض وسائل الإعلام الوطنية والخارجية مصطلح (زواج المسيار) وقد درسنا الأحوال الشخصية بكلية الشريعة ولم نعرف هذا المصطلح، وزيادة على ذلك لم يتعرض له الفقهاء، القدامى والمعاصرون في مؤلفاتهم، فما هو زواج المسيار؟ وهل كان في عهد الرسول والصحابة والتابعين؟ وهل زواج المسيار هو زواج المتعة؟ وما مصير أبناء هذا النوع من الزواج؟ ... السؤال
26/05/2006 ... التاريخ
أ.د عبد الباري الزمزمي ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
زواج المسيار هو زواج اكتملت جميع شروطه، غير أن الزوجة فيه تتنازل عن بعض حقوقها كالنفقة والسكن، وهو زواج صحيح مشروع، ما دامت الزوجة قد تنازلت عن حقوقها بمحض إرادتها دون إكراه.
يقول الشيخ عبد الباري الزمزمي عضو رابطة علماء المغرب:
زواج (المسيار) مصطلح حديث وأسلوب جديد في العلاقة بين الزوجين لم يكن معروفا على هذه الشاكلة من قبل، وإن كان له أصل في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويراد به أن يتزوج رجل امرأة دون أن يكون لها حق عليه، فلا تطالبه بالنفقة ولا بالإقامة عندها ولا بالسكنى وإنما يأتيها متى شاء ويعطيها إذا شاء لا تلزمه بشيء من ذلك، وهذا التنازل يتم باختيار المرأة ورضاها وطيب نفس منها لرغبتها في الزواج وحاجتها إلى رجل يقوم برعايتها ويكون مسئولا عنها، وهو زواج صحيح لأنه يتم بعقد شرعي مستوف لشروط صحته ويتميز بتنازل المرأة عن حقوقها بطيب نفس منها لزوجها، وهو أمر مشروع في الإسلام إذ يجوز لكل من(44/119)
الزوجين أن يتنازل عن بعض حقه وعن حقه كله لصاحبه وليس في الإسلام ما يمنع أحدهما من ذلك، بل في القرآن والسنة ما يجعل ذلك مشروعا لهما، كقوله عز وجل:" وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً ".
فجعل سبحانه للمرأة حق التنازل عن بعض الصداق لزوجها، وقال عز وجل:" وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ"، قالت عائشة في هذه الآية: الرجل تكون عنده المرأة المسنة ليس بمستكثر فيها يريد أن يفارقها فتقول: أجعلك من شأني في حل فنزلت هذه الآية (رواه البخاري)، وقد تنازلت سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن يومها لعائشة وذلك لما كبرت فقبل النبي صلى الله عليه وسلم منها ذلك(رواه الشيخان)، وقال السيوطي في الإكليل: الآية أصل في هبة الزوجة حقها من القسمة وغيرها، يعني لزوجها.
وزواج المسيار ليس هو زواج المتعة الذي كان معروفا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان معروفا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان مباحا في أول الإسلام ثم حرمه النبي صلى الله عليه وسلم وهو مذكور في كتب السنة والفقه، وحقيقته أنه زواج إلى أجل معلوم متفق عليه بين الزوجين، وتفاصيله مبسوطة في محلها، أما زواج المسيار فليس كذلك، فإنه يقوم ـ فقط ـ على تنازل المرأة عن حقها كما مضى ذكره.أ.هـ
ـــــــــــــــــــ
الردة وما يتعلق بها ... العنوان
ما العلامات القولية والفعلية للرِّدَّة والكفر ، وما ضابط الرِّدَّة ؟ وما آثار الرِّدَّة على الزواج قبل الدخول وبعده ؟ وما طريقة العودة إلى الإسلام ، وإلى الزوجة ؟
... السؤال
05/03/2006 ... التاريخ
الشيخ جاد الحق على جاد الحق رحمه الله ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
عُنِيَت الشريعة الإسلامية بالمحافظة على العقيدة ، فوضعت العقوبات لمن يدخل في الإسلام ثم يرتد عنه ، وتتحقق الردة : بإنكار الله أو صفاته أو جحد النبوات ، أو صدورُ ما لا يقع إلا من كافر ، أو إنكارُ ما عُلم من الدين بالضرورة ، وإذا ثبتت الردة وقعت الفرقة بين الزوجين ؛ لأن الردة تُبطل عقد الزواج ، فإذا تاب المرتد قبلت توبته بإشهار إسلامه ، ويرجع لزوجته بعقد ومهر جديد .
يقول الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق- رحمه الله- إجابة عن سؤال مشابه :
الإسلام وواجب حفظ الدين(44/120)
أولا :يقرر كل من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أن الإسلام هو الدين الذي أُوحِيَ به إلى سيدنا محمد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنه الدين العام الذي لا يَخُصُّ أقوامًا بأعيانهم، وأنه الدين الذي لا تَنسَخه رسالة أخرى، فهو خاتَم الرسالات إلى يوم القيامة، ورسوله خاتَم النبيين والمرسلين. قال تعالى: (قل يا أيها الناسُ إني رسولُ اللهِ إليكم جميعًا) (من الآية رقم 158 من سورة الأعراف) وقال: (ما كان محمدٌ أبَا أحدٍ من رجالِكم ولكنْ رسولَ اللهِ وخاتَمَ النبيِّين) (من الآية رقم 40 من سورة الأحزاب).
وقد أكمل الله دين الإسلام وأتمَّه ورَضِيَه للناس جميعًا، ولن يَقبَلَ منهم غيرَ الإسلام دينًا، فقال تعالى: (إن الدينَ عندَ اللهِ الإسلامُ) (من الآية رقم 19 من سورة آل عمران) وقال: (اليومَ أَكمَلْتُ لكم دِينَكم وأَتمَمْتُ عليكم نعمتي ورَضِيتُ لكم الإسلامَ دينًا) (من الآية رقم 3 من سورة المائدة) وقال: (ومَن يَبتَغِ غيرَ الإسلامِ دِينًا فلن يُقبَلَ منه وهو في الآخرةِ من الخاسرين) (من الآية رقم 85 من سورة آل عمران).
وقد روى الإمامان مسلم والترمذي عن العباس بن عبد المطلب، رضي الله عنه، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "ذاق طعمَ الإيمانِ من رضِيَ باللهِ ربًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبمحمدٍ رسولاً" (صحيح مسلم بشرح النووي جـ 2 ص 2 ط. دار الكتب العلمية، بيروت. والجامع الصحيح "سنن الترمذي" جـ 5 ص 16 ط. دار الكتب العلمية بيروت).
ثانيًا :المسلم المتمتِّع بنعمة الإسلام ـ وكفى بها نعمةً ـ واجب عليه أن يحافظ عليها، فلا ينقُض إسلامَه ولا يفقِد إيمانَه بقول أو فعل يردُّه إلى الكفر بعد إذ هداه الله للإسلام.
ومن المعلوم أن الدين أحدُ الأصول الخمسة التي يحافظ الإسلام عليها؛ وهي الدين والنفس والعقل والمال والنسل، وقد ذكر فقهاء الشريعة وعلماء الإسلام أن من القول المكفِّر سبَّ الدين، والطعنَ في نزول القرآن وفي السنة النبوية الثابتة، وسبَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو أحدِ الأنبياء.
كما ذكروا أن من الفعل المكفِّر السجودَ لصنم، وإهانةَ المصحف، بمثل إلقائه في القاذورات أو وَطْئِه بالأرجل، والاستخفافَ بشخصية الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو أحد الرسل، عليهم السلام، والاستخفافَ باسمٍ من أسماء الله، تعالى أو أمره أو نهيه أو وعده أو وعيده، والاستخفافَ بالأحكام القطعية التي بيَّنها القرآن.
قال العز بن عبد السلام: ضابط ما يُكفَّر به ثلاثةٌ:
1.ما يكونُ نفيُ اعتقاده كفرًا. كإنكار الله أو صفاته أو جحد النبوات.
2.صدورُ ما لا يقع إلا من كافر. كَرَمْي المصحف في القاذورات والتردد على الكنائس في أعيادهم ومباشرة أحوالهم.
3.إنكارُ ما عُلم من الدين بالضرورة. كإنكار حرمة القتل والسرقة والزنا وشرب الخمر والربا، أو إنكار فرضية الصلاة والصوم والزكاة والحج.
ثالثًا :أرسل الله رسلاً مبشِّرين ومنذِرين ومبيِّنِين للناس أمورَ الدين والدنيا، ومؤيَّدين بالمعجزات، وهؤلاء الرسل اصطفاهم الله من خِيرة عباده، لأنه أعلَمُ حيث يجعل رسالته، فهو القوي القادر، يفعل ما يشاء ويختار، قال الله تعالى: (اللهُ يَصطفِي من(44/121)
الملائكة رسلاً ومن الناسِ إن اللهَ سميعٌ بصيرٌ) (الآية رقم 75 من سورة الحج) وقال: (رسلاً مبشِّرين ومنذِرين لئلاّ يكونَ للناسِ على اللهِ حُجةٌ بعد الرسلِ وكان اللهُ عزيزًا حكيمًا) (الآية رقم 165 من سورة النساء) وقال: (اللهُ أعلمُ حيثُ يَجعَلُ رسالتَه) (من الآية رقم 124 من سورة الأنعام).
فالرسل والأنبياء محفوظون قبل بعثتهم من الدنايا وما يُخِلُّ بالشرف أو المروءة، وقد حَفِظ الله فطرتَهم من الشرك، فلم يَثبُتْ أن نبيًّا قبل بعثته كان مشركًا أو فاسقًا ؛ لأن ذلك يَنفي اصطفاءَ الله لهم ، فهم صفوة الخلق في كل شيء وفي كل عصر.
رابعًا :المرتد في اصطلاح فقهاء الشريعة هو: البالغ العاقل الراجع عن دين الإسلام طوعًا؛ إما بتصريحٍ بالكفر، وإما بلفظٍ يَقتضيه أو بفعلٍ يَتضمنه. كما سبق بيانه.
وقد عُنِيَت الشريعة الإسلامية بالمحافظة على العقيدة الإسلامية، فوضعت العقوبات الشديدة لمن يدخل في الإسلام ثم يرتد عنه.
أثر الردة على الزواج
اتفق الفقهاء على أنه إذا ارتد أحد الزوجين حِيلَ بينهما؛ فلا يَختليان خَلوةَ الأزواج، ولا يلتقيان في فراش، ولا يَمَسُّها، وتَستُرُ كافةَ جسدها عدا الوجه واليدين عنه.
وقد قال فقهاء الحنفية: إذا ارتد أحد الزوجين المسلِمَين بانت منه امرأته مسلِمةً كانت أو كتابيةً، دخل بها أو لم يدخل؛ لأن الردة تنافي النكاح، ويكون ذلك فسخًا عاجلاً لا طلاقًا، ولا يتوقف على قضاء. ثم إن كانت الردة قبل الدخول وكان المرتدُّ هو الزوج فلها نصفُ المسمَّى أو المتعة. وإن كانت هي المرتدة فلا شيء لها. وإن كان بعد الدخول فلها المهرُ كله، سواء كان المرتد الزوج أو الزوجة. (المبسوط للسرخسي، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار جـ 1 ص 392 وبدائع الصنائع جـ 7 ص 136).
وقال المالكية في المشهور: إذا ارتد أحد الزوجين المسلِمَين كان ذلك طلقة بائنة، فإن رجع إلى الإسلام لم تَرجِعْ له إلا بعقد جديد، ما لم تَقصِد المرأة برِدَّتها فسخَ النكاح، فلا ينفسخُ، معاملةً لها بنقيض قصدها. وقيل: إن الردة فسخ بغير طلاق (حاشية الدسوقي على الشرح الكبير جـ 2 ص 270).
وقال الشافعية: إذا ارتد أحد الزوجين المسلِمَين فلا تقعُ الفرقة بينهما حتى تنقضيَ عدة الزوجة قبل أن يتوب ويرجع إلى الإسلام، فإذا انقضت بانت منه، وبَيْنُونتُها منه فسخٌ لا طلاقٌ، وإن عاد إلى الإسلام قبل انقضائها فهي امرأته (الأم جـ 6 ص 149، 150).
وقال الحنابلة: إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ النكاح فورًا، وتَنَصَّفَ مهرُها إن كان الزوج هو المرتد، ويسقُط مهرُها إن كانت هي المرتدة. ولو كانت الردة بعد الدخول ففي رواية: تُنَجَّزُ الفرقة. وفي أخرى: تتوقف الفرقة على انقضاء العدة (المغني لابن قدامة مع الشرح الكبير جـ 2 ص 198).
والردة المعتبَرة هي الصادرة عن ذات المسلم نطقًا أو كتابة أو تصديقًا لمن أخبَر بها عنه. وإذا ثبتت الردة وقعت الفرقة بين الزوجين ؛ لأن الردة تُبطل عقد الزواج .
ولما كان المرتد عن الإسلام تُقبَلُ توبته ؛ لأن الردة من كبائر المعاصي ، حيث قال الله سبحانه: (إن اللهَ لا يَغفرُ أن يُشرَكَ به ويَغفرُ ما دون ذلك لمن يشاءُ ومن يُشرِكْ(44/122)
باللهِ فقد افتَرى إثمًا عظيمًا) (الآية رقم 48 من سورة النساء) وقال جل شأنه: (قل يا عباديَ الذين أسرَفوا على أنفسِهم لا تَقنَطوا من رحمةِ اللهِ إن اللهَ يَغفرُ الذنوبَ جميعًا إنه هو الغفورُ الرحيم) (الآية رقم 53 من سورة الزمر) .
فإذا هداه الله وغَدَا قلبُه عامرًا بالإيمان موقنًا بالإسلام، واعتذَر بأنه قد غامَر بما قال وما فعل ـ فإنه تصحيحًا لموقفِه وتعامُلِه شرعًا وقانونًا يَتبَعُ الآتي:
أولاً:يُشهِر توبته بإعلام رسمي ، ويُثبِت في الإشهار وبعد نطقه بأنه تاب إلى الله، سبحانه، عما فعل وعما قال، وأنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ رسول الله إلى الناس كافة، وأنه بريء من كل دين يخالف دين الإسلام، ويستغفر الله، سبحانه، من كل قول أو فعل صدر منه مخالفًا لعقيدة الإسلام وشريعته، وذلك بعد التثبت من شخصيته.
ثانيًا:يَعقِد زواجه من جديد مع زوجته، ويكون تجديد عقد الزواج وَفْقًا لحكم الإسلام، أي بإيجاب وقبول، بأن تقول المرأة للرجل: زوَّجتُك نفسي على كتاب الله القرآن الكريم وعلى سنة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأن يُجيبَها الرجل فورًا: قَبِلتُ زواجَكِ لنفسي على ذلك. في حضور شاهدَين مسلمَين ، فإذا لم يتيسر هذا الإجراء فإنه يُطلَب منه أن يتوب، ويُنصَحُ بمعرفة أحد علماء المسلمين، فإن تاب في حدود ثلاثة أيام فبها ونِعمَتْ، وإلا رُفع أمرُه لقاضٍ مسلمٍ ليحكم بردته، وما يترتب على هذا من آثار شرعية يُبيِّنها القاضي في حكمه، فإذا لم يوجد قاضٍ مسلمٌ اكتُفيَ بنصحه بمعرفة أهل العلم، حتى يتوب ويجدد إسلامه وإيمانه.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
حكم زواج المتعة ... العنوان
ما زواج المتعة؟ وهل هو مباح الآن، كما يُشِيعُ بعضُ الكاتِبِينَ؟
... السؤال
28/02/2006 ... التاريخ
شيخ الأزهر الأسبق محمود شلتوت ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتَّخِذُ قُرْب عهد الناس بالإسلام في أوقات الضرورة سبيلًا للترخيص فيما يُخَفِّفُ عنهم تلك الضرورة، حتى إذا ما أنِسُوا أحكامه عاد فحرَّمه التحريم الذي يُريده الله ، ولا ريب في أن هذا الزواج ليس هو الزواج الذي شرَعه الإسلام ونزل به القرآن.
يقول الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق-رحمه الله-إجابة عن مثل هذا السؤال :
زواج المتعة ـ ومنه الزواج إلى أجلٍ ـ هو أن يَتَّفِقَ رجلٌ مع امرأة خاليةٍ من الأزواج على أن تُقيم معه مدةً ما، مُعيَّنة أو غير معينة، في مُقابَلَةِ مالٍ معلوم.(44/123)
وهذا زواج لا يُقصد به سوى قضاء الحاجة، وينتهي دون طلاقٍ بمُضيِّ مدته، أو بالمُفارقة إن لم تضرب له مدة. ولا ريب في أن هذا الزواج ليس هو الزواج الذي شرَعه الإسلام ونزل به القرآن.
أساس الزواج في القرآن:
فالقرآن يُرشد إلى أن أساس الزواج السكن والمَودة والرحمة المُتبادَلة بين الزوجينِ، وإلى أن ثمراته تكوين الأُسَرِ وتحصيلُ الأبناء والأحفاد والتعاون على تربيتهم، وما أبعدَ زواج المتعة عن هذا الأساس وهذه الثمرات.
والقرآن قد ربط بعنوان الزوجية أحكامًا كثيرةً كالتوارث، وثُبوت النسب، والنَّفَقة، والطلاق، والعِدَّة، والإيلاء، والظَّهار، واللّعَان، وحُرمة التزوُّج بالخامسة وغير ذلك مما يعرفه الناس جميعًا، وليس شيء من هذه الأحكام بثابت فيما يُعرف بزواج المُتعة.
والقرآن قد عرَض للزواج بلَفْظه تارةً وبلفظ النِّكاح أُخرى في آيات كثيرة، ولا يَفهَمُ منها ناطقٌ بالضاد سِوى الزواج الذي جعل أساسه الدوام، وتكوين الأُسَر، وربطت به تلك الأحكام التي أشرنا إليها، واقرأ في ذلك مثل قوله ـ تعالى ـ: (وبُعُولَتُهُنَّ أحَقُّ بِرَدِّهِنَّ). (الآية: 228 من سورة البقرة). (ولَهُنَّ مثلُ الذي علَيْهِنَّ بالمَعْرُوفِ). (الآية: 228 من سورة البقرة) (حتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ). (الآية: 230 من سورة البقرة). (وأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ والصَّالِحِينَ مِن عِبادِكُمْ وإمَائكمْ). (الآية: 32 من سورة النور). (وكَيفَ تَأْخُذُونَهُ وقدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إلَى بَعْضٍ وأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا). (الآية: 21 من سورة النساء).
اقرأْ هذه الآيات وأمثالها لتعلم أنها ـ على رغم ما يُحاول المَفتونون بمشروعية زواج المتعة من تحريفها عن مواضعها ـ بعيدة كل البُعد عن زواجهم الذي يُعلنون أنه مشروع لغاية في نفوسهم، أو تَعَصُّبًا لآراء لا تعرفها حُجة.
أُبِيحتِ المتعة لحِكْمة ثم حُرِّمَتْ:
نعم ثبُت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أباحه للمُحاربين في بعض الغزوات.
وثبت ـ أيضًا ـ بما لا شكَّ فيه أنه نهَى عنه نهْيًا عامًّا وحرَّمه تحريمًا مُؤَبَّدًا.
وقد جمع مسلم في صحيحه، والحافظ ابن حجر في شرح البُخاري أحاديثَ النهْي، فلْيرجع إليها مَن شاء.
وما كان نهْيُ عمر عنها ـ وتوَعُّدُه فاعلَها أمام جمْع من الصحابة، وإقرارهم
إياه ـ إلا عملًا بهذه الأحاديث الصحيحة، واقتلاعًا لفكرة مشروعيته من بعض الأذهان. وقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتَّخِذُ قُرْب عهد الناس بالإسلام في أوقات الضرورة سبيلًا للترخيص فيما يُخَفِّفُ عنهم تلك الضرورة، حتى إذا ما أنِسُوا أحكامه عاد فحرَّمه التحريم الذي يُريده الله، وهو التحريم العام المُؤَبَّدِ.
وبهذا القدْر من البيان يتضح أن الرأييْنِ في زواج المتعة لا يُمكن أن يُوضعَا في ميزان واحد فضلًا عن تساوي كفَّتيْهما. وأن الترخيص في زواج المتعة لم يخرج عن أن يكون ترخيصًا بأخفِّ المُحرمينِ في وقت الضرورة، وحداثة عهد الناس بالإسلام، ومثل هذا الترخيص لا يصلح دليلًا على المشروعية.(44/124)
وإنَّ الشريعة التي تُبيح للمرأة أن تتزوَّج في السَّنة الواحدة أحدَ عشرَ رجلًا، وتُبيح لرجل أن يتزوج كل يوم ما تمكَّن من النساء، دون تحميله شيئًا من تبِعات الزواج، إن شريعةً تُبيح هذا لا يُمكن أن تكون هي شريعة الله رب العالمين، ولا شريعة الإحْصان والإعْفاف.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
الجنس الإلكتروني: حكمه وعواقبه ... العنوان
نسمع عن انتشار الكلام الجنسي عبر الشات، أو ما يعرف بالجنس الالكتروني، أو السيبرسكس شات، وأنه يلجأ إليه بدلا من الزنى أو العلاقة الجنسية الفعلية المحرمة ،فما حكم هذا الأمر، وأليس هو أخف ضررا على المجتمع من العلاقات الجنسية المباشرة ؟ ... السؤال
04/02/2006 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الجنس الالكتروني من الأمور التي انتشرت مع انتشار الإنترنت، وخاصة في أوساط الشباب غير القادرين على الزواج، كما أنه تعدى إلى المتزوجين الذين قد لا يجدون المتعة مع أزواجهم، بل يسعى البعض إليه من باب الترفيه عن النفس وإشباع الغريزة الجنسية، ظنا أن فيه استمتاعا بلا مشاكل حقيقة كالزنى، أو الارتباط الحقيقي بين شاب وفتاة، أو ما قد ينجم عن العلاقة المباشرة من حالات الإجهاض أو فقد عذرية الفتاة، أو انتقال بعض الأمراض كالإيدز أو السيلان أو غيرهما من الأخطار التي تنجم عن العلاقة الجنسية المباشرة بين الجنسين .
وقد نظم الإسلام العلاقة بين الجنسين، وجعل العلاقة الجنسية مصونة بسياج الزواج، فكل علاقة جنسية بين الجنسين محرمة إلا الزواج.
كما أمر الإسلام الجنسين بالابتعاد عن كل ما يثير الغرائز، بل جاء الأمر لأمهات المؤمنين:"فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض " فلا يجوز الحديث بلين الكلام ولو كان بعيدا عن الكلام الجنسي، فكان الكلام الجنسي محرما من باب أولى، لما قد يترتب عليه من أضرار جسيمة .
يقول الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى : " فلا تخضعن بالقول " قال السدي وغيره يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال ولهذا قال تعالى : " فيطمع الذي في قلبه مرض " أي دغل " وقلن قولا معروفا " قال ابن زيد قولا حسنا جميلا معروفا في الخير ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم أي لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها. انتهى
وقال الإمام القرطبي :
أمرهن الله أن يكون قولهن جزلا وكلامهن فصلا، ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين، كما كانت الحال عليه في نساء العرب من(44/125)
مكالمة الرجال بترخيم الصوت ولينه، مثل كلام المريبات والمومسات . فنهاهن عن مثل هذا .
وعلى الجملة فالقول المعروف : هو الصواب الذي لا تنكره الشريعة ولا النفوس .انتهى
وفسر البعض قوله تعالى :"فيطمع الذي في قلبه مرض"، : أي يحدث تشوف للفجور، وهو الفسق والغزل لمن تتحدث إليه النساء.
إن الالتجاء إلى الجنس الالكتروني قد يفضي إلى ما يخشاه من يلجأ إليه،لأن إثارة الشهوة قد تفضي إلى العادة السرية، أو السحاق أو اللواط، أو الزنى، فتأثيره لا يقف عند حد الخيال،وإنما قد يترجم إلى الواقع بما هو محرم شرعا .
إن المجتمع المسلم يقوم على العفة وصيانة المحارم،والبعد عن الرذائل، بل قد جاء الإسلام ليحارب تلك الرذائل،فكل ما أفضى إليه،حرم شرعا .
كما أن كل ما أفضى إلى الحرام فهو حرام، وقد حرم الله تعالى كل الوسائل المفضية إلى الزنى، ولم يجعل الزنى وحده محرما،فقال تعالى :"ولا تقربوا الزنى " فحرم أسبابه والدواعي التي تؤدي إليه، من النظرة والكلام وغير ذلك.
كما أن الكلام الجنسي قد يفضي إلى خراب البيوت، وطلاق بعض النساء من أزواجهن، كما هو الحال المشاهد، ولا يجوز تخبيب المرأة على زوجها، ولو بحجة أنه يريد طلاقها من زوجها،ويتزوجها، فمثل هذا يحرم أيضا .
ويقول الشيخ القرضاوي حفظه الله في الحديث بين الجنسين:
الكلام بالمعروف لا ينكر شرعًا، والله تعالى قد قال: "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَض ... "، فما دام الكلام مشروعًا، وليست هناك خلوة، وكان الكلام في موضوعات نافعة مما يهم الطرفين، كأن يكونا مشغولين في الأدب فيتحدثا فيها أو في شؤون المسلمين، وغيرها إذا لم يُخْشَ من وراء ذلك فتنة، وكل إنسان أدرى بنفسه، لا ينبغي أن يكون همُّ الشاب الحديث مع الفتيات فقط، ولا يتحدث مع مثله من الشباب، وكذلك لا يكون همُّ الفتاة أن تتحدث مع الشباب، ولا تتحدث مع مثيلاتها من الفتيات، فهنا ينبغي التفتيش في دخائل النفس؛ ليعرف الإنسان حقيقة اتجاهاتها، ولا يخدع نفسه بما يعلم أنه يخالف الحقيقة، وإذا انتهت هذه العلاقة بالزواج فلا بأس بذلك .انتهى
وعلى الأمة أن تسعى لتوعية الشباب والفتيات والرجال والنساء لخطر هذا الأمر، وأن يقوم علماء النفس وعلماء الاجتماع مع علماء الشريعة ببيان خطره وأضراره .
ويجوز للحاكم المسلم أن يعزر كل من قام بمثل هذا الفعل بعد معرفة خطرها وضررها، لأنه هدم لأخلاق المجتمع بما يعود بالضرر على المسلمين جميعا، بل على الإنسانية كلها، لأن الإنسانية في حاجة إلى حياة نظيفة لا يشوبها التفكك الاجتماعي.
وما توصل أعداء الإنسانية والإسلام إلى درجة تفكك المجتمعات وانحلالها إلا من خلال العلاقة الجنسية المحرمة
ـــــــــــــــــــ
القول الفصل في نكاح المتعة ... العنوان(44/126)
نريد القول الفصل في حكم نكاح المتعة؟ ... السؤال
16/12/2004 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
زواج المتعة هو الزواج الذي يقصد به الطرفان الاستمتاع الجسدي بينهما فترة محددة من الزمان، وهذا النوع من النكاح قد كان موجودا في الجاهلية.
فلما جاء الإسلام تدرج في إلغائه كعادته في فطام النفس عن مألوفاتها كالخمر، فجلعله الإسلام جائزا في نطاق ضيق يصل إلى حد الضرورة، وذلك أثناء سفر الرجال في الغزوات الطويلة، وعدم صبرهم عن النساء فأباح لهم المتعة في هذا الظرف الطاريء.
ثم أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم الكلمة الأخيرة فيه فحرمه في كل الأحوال.
وظل سيدنا عبدالله بن عباس يجيزه في حالات الضرورة فلما رأى أن الناس أساؤوا تطبيق فتواه تابع بقية الصحابة على تحريمه في كل الأحوال، فغدا نكاح المتعة حراما إلى الأبد.
وهذا ما أفتى به الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، وإليك نص فتواه :-
الزواج في الإسلام عقد متين وميثاق غليظ، يقوم على نية العشرة المؤبدة من الطرفين لتتحقق ثمرته النفسية التي ذكرها القرآن -من السكن النفسي والمودة والرحمة- وغايته النوعية العمرانية من استمرار التناسل وامتداد بقاء النوع الإنساني (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) سورة النحل:72.
أما زواج المتعة، وهو ارتباط الرجل بامرأة لمدة يحددانها لقاء أجر معين، فلا يتحقق فيه المعنى الذي أشرنا إليه. وقد أجازه الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يستقر التشريع في الإسلام. أجازه في السفر والغزوات، ثم نهى عنه وحرمه على التأبيد.
وكان السر في إباحته أولا أن القوم كانوا في مرحلة يصح أن نسميها (فترة انتقال) من الجاهلية إلى الإسلام؛ وكان الزنى في الجاهلية ميسرا منتشرا. فلما كان الإسلام، واقتضاهم أن يسافروا للغزو والجهاد شق عليهم البعد عن نسائهم مشقة شديدة، وكانوا بين أقوياء الإيمان وضعفاء؛ فأما الضعفاء، فخيف عليهم أن يتورطوا في الزنى، أقبح به فاحشة وساء سبيلا.
وأما الأقوياء فعزموا على أن يخصوا أنفسهم، أو يجبوا مذاكيرهم كما قال ابن مسعود: "كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساء فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ورخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل".
وبهذا كانت إباحة المتعة رخصة لحل مشكلة الفريقين من الضعفاء والأقوياء، وخطوة في سير التشريع إلى الحياة الزوجية الكاملة، التي تتحقق فيها كل أغراض(44/127)
الزواج من إحصان واستقرار وتناسل، ومودة ورحمة، واتساع دائرة العشيرة بالمصاهرة.
وكما تدرج القرآن بهم في تحريم الخمر وتحريم الربا -وقد كان لهما انتشار وسلطان في الجاهلية- تدرج النبي صلى الله عليه وسلم بهم كذلك في تحريم الفروج. فأجاز عند الضرورة المتعة ثم حرم النبي صلى الله عليه وسلم هذا النوع من الزواج. كما روى ذلك عنه علي، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم. ومن ذلك ما أخرجه مسلم في (صحيحه) عن سبرة الجهني "أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة، فأذن لهم في متعة النساء. قال: فلم يخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وفي لفظ من حديثه: "وإن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة".
ولكن هل هذا التحريم بات كزواج الأمهات والبنات أو هو تحريم مثل تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير، فيباح عند الضرورة وخوف العنت؟
الذي رآه عامة الصحابة أنه تحريم بات حاسما لا رخصة فيه بعد استقرار التشريع. وخالفهم ابن عباس فرأى أنها تباح للضرورة. فقد سأله سائل عن متعة النساء فرخص له فقال له مولى له: إنما ذلك في الحال الشديد، وفي النساء قلة أو نحوه؟ قال ابن عباس: نعم.
ثم لما تبين لابن عباس رضي الله عنه أن الناس توسعوا فيها ولم يقتصروا على موضع الضرورة، أمسك عن فتياه ورجع عنها
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
زواج الإنس من الجن.. رؤية فقهية ... العنوان
هل من الممكن أن يتزوج الإنسي من جنية؟ ... السؤال
06/03/2004 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
مسألة زواج الإنس من الجن لم تثبت ، ولا يوجد دليل صحيح عليها ، ولذلك اختلف فيها الفقهاء ، وجمهور الفقهاء يرون عدم جوازه وأنه حرام ، ولكن روي عن البعض جوازه، ورأي الجمهور هو الأصح والراحج ، ويؤيده قول الله تعالى: ( خلق لكم من أنفسكم أزواجا ) وقوله تعالى : ( خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ) ،أي خلق من النفس الإنسانية زوجها، كما أن الذرية لا تتأتى بين الجن والإنس .
جاء في مغني المحتاج ، للخطيب الشربيني ـ الشافعي :
موانع النكاح كما عبر بها في الروضة ، وهي قسمان : مؤبد ، وغير مؤبد ، ومن الأول اختلاف الجنس ، فلا يجوز للآدمي نكاح جنية كما قاله العماد بن يونس ، وأفتى به ابن عبد السلام خلافا للقمولي . قال تعالى : { هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها } [ الأعراف ] وقال تعالى : { يا أيها الناس اتقوا ربكم(44/128)
الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها } [ النساء ] . وروى ابن أبي الدنيا مرفوعا : { نهى عن نكاح الجن }
وفي رد المحتار على الدر المختار ، لابن عابدين ـ الحنفي :
نكاح عند الفقهاء : عقد يفيد ملك المتعة ، أي حل استمتاع الرجل من امرأة لم يمنع من نكاحها مانع شرعي . فخرج الذكر والخنثى المشكل لجواز ذكورته والوثنية والمحارم والجنية لاختلاف الجنس ، لأن قوله تعالى { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا } بين المراد من قوله { فانكحوا ما طاب لكم من النساء } وهو الأنثى من بنات آدم، فلا يثبت حل غيرها بلا دليل ولأن الجن يتشكلون بصور شتى فقد يكون ذكرا تشكل بشكل أنثى . وفي الأشباه ـ وهو كتاب قواعد فقهية لابن نجيم ـ: لا تجوز المناكحة بين بني آدم والجن ، لاختلاف الجنس . ا هـ . ومفاد المفاعلة ـ كلمة: مناكحة ـ أنه لا يجوز للجني أن يتزوج إنسية أيضا لنفس التعليل أيضا .
وأجاز الحسن البصري رضي الله عنه نكاح الجنية بشهود ، وروي عنه أنه منعه .
والأصح أنه لا يصح نكاح آدمي جنية كعكسه لاختلاف الجنس فكانوا كبقية الحيوانات . ا هـ
وفي كتاب الأشباه والنظائر ، للإمام السيوطي ـ الشافعي :
وهذه فروع : الأول : هل يجوز للإنسي نكاح الجنية ؟ قال العماد بن يونس: نعم .
وفي المسائل التي سأل الشيخ جمال الدين الإسنوي عنها قاضي القضاة شرف الدين البارزي :
إذا أراد أن يتزوج بامرأة من الجن - عند فرض إمكانه - فهل يجوز ذلك أو يمتنع فإن الله تعالى قال { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا } فامتن الباري تعالى بأن جعل ذلك من جنس ما يؤلف . فإن جوزنا ذلك - وهو المذكور في شرح الوجيز لابن يونس - فهل يجبرها على ملازمة المسكن أو لا ؟ وهل له منعها من التشكل في غير صور الآدميين عند القدرة عليه ، لأنه قد تحصل النفرة أو لا ، وهل يعتمد عليها فيما يتعلق بشروط صحة النكاح من أمر وليها وخلوها عن الموانع أو لا ، وهل يجوز قبول ذلك من قاضيهم أو لا ، وهل إذا رآها في صورة غير التي ألفها وادعت أنها هي ، فهل يعتمد عليها ويجوز له وطؤها أو لا ، وهل يكلف الإتيان بما يألفونه من قوتهم ، كالعظم وغيره إذا أمكن الاقتيات بغيره أو لا .
فأجاب : ـ لا يجوز له أن يتزوج بامرأة من الجن ، لمفهوم الآيتين الكريمتين ، قوله تعالى في سورة النحل { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا } وقوله في سورة الروم { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا } قال المفسرون في معنى الآيتين { جعل لكم من أنفسكم } أي من جنسكم ونوعكم وعلى خلقكم ، كما قال تعالى { لقد جاءكم رسول من أنفسكم } أي من الآدميين ؛ ولأن اللاتي يحل نكاحهن : بنات العمومة وبنات الخؤولة ، فدخل في ذلك من هي في نهاية البعد كما هو المفهوم من آية الأحزاب { وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك } والمحرمات غيرهن ، وهن الأصول والفروع ، وفروع أول الأصول وأول الفروع من باقي الأصول ، كما في آية التحريم في النساء ، فهذا كله في النسب ، وليس بين الآدميين والجن نسب .(44/129)
هذا جواب البارزي . فإن قلت: ما عندك من ذلك ؟
قلت : الذي أعتقده التحريم ، لوجوه :
منها : ما تقدم من الآيتين .
ومنها : ما روى حرب الكرماني في مسائله عن أحمد وإسحاق قالا : حدثنا محمد بن يحيى القطيعي حدثنا بشر بن عمر حدثنا ابن لهيعة عن يونس بن يزيد عن الزهري قال { : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح الجن } والحديث وإن كان مرسلا فقد اعتضد بأقوال العلماء .
وروي المنع منه عن الحسن البصري ، وقتادة ، والحكم بن عيينة وإسحاق بن راهويه ، وعقبة الأصم .
وقال الجمال السجستاني من الحنفية . في كتاب " منية المفتي عن الفتاوى السراجية " لا يجوز المناكحة بين الإنس والجن ، لاختلاف الجنس .
ومنها : أن النكاح شرع للألفة ، والسكون ، والاستئناس ، والمودة ، وذلك مفقود في الجن ، بل الموجود فيهم ضد ذلك ، وهو العداوة التي لا تزول .
ومنها : أنه لم يرد الإذن من الشرع في ذلك ، فإن الله تعالى قال { فانكحوا ما طاب لكم من النساء } والنساء : اسم لإناث بني آدم خاصة ، فبقي ما عداهن على التحريم ؛ لأن الأصل في الأبضاع الحرمة حتى يرد دليل على الحل .
ومنها :
أنه قد منع من نكاح الحر للأمة ؛ لما يحصل للولد من الضرر بالإرقاق ، ولا شك أن الضرر بكونه من جنية وفيه شائبة من الجن خلقا وخلقا ، وله بهم اتصال ومخالطة أشد من ضرر الإرقاق الذي هو مرجو الزوال بكثير ، فإذا منع من نكاح الأمة مع الاتحاد في الجنس للاختلاف في النوع ، فلأن يمنع من نكاح ما ليس من الجنس من باب أولى . وهذا تخريج قوي ، لم أر من تنبه له .
ويقويه أيضا أنه نهى عن إنزاء الحمر على الخيل ، وعلة ذلك : اختلاف الجنس وكون المتولد منها يخرج عن جنس الخيل ، فيلزم منه قلتها ، وفي حديث النهي { إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون } فالمنع من ذلك فيما نحن فيه أولى . وإذا تقرر المنع ، فالمنع من نكاح الجني الإنسية أولى وأحرى .
لكن روى أبو عثمان سعيد بن العباس الرازي ، في كتاب : الإلهام والوسوسة ، فقال : حدثنا مقاتل ، حدثني سعيد بن داود الزبيدي قال : كتب قوم من أهل اليمن إلى مالك يسألونه عن نكاح الجن ، وقالوا: إن ههنا رجلا من الجن يخطب إلينا جارية يزعم أنه يريد الحلال ، فقال " ما أرى بذلك بأسا في الدين ولكن أكره إذا وجدت امرأة حامل ، قيل لها : من زوجك ؟ قالت : من الجن ، فيكثر الفساد في الإسلام بذلك " (انتهى كلام الإمام السيوطي ).
كما ذكر المحدث الشبلي الحنفي المتوفى سنة 769هـ في كتابه " آكام المرجان" أن للعلماء في ذلك رأيين:
الأول: المنع، ونص عليه جماعة من أئمة الحنابلة، وينقل عن الفتاوى السراجية النهى عنه، واستدلوا بقوله تعالى: (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجًا) (سورة النحل: 72) وقوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل(44/130)
بينكم مودة ورحمة) (سورة الروم :21) ، كما يستدلون بما روى أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عنه.
والرأي الثاني الجواز، ونقل عن الحسن البصري وقتادة وغيرهما.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
زواج المسيار ومقاصد الزواج ... العنوان
نسمع عن زواج المسيار،فهل يجوز مثل هذا الزواج ،مع أنه لا يحقق كثيرا من مقاصد الزواج؟
... السؤال
13/09/2003 ... التاريخ
أ.د. وهبة الزحيلى ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
زواج المسيار تتنازل فيه المرأة عن بعض حقوقها، وهذا الزواج وإن لم يحقق كثيرا من مقصود الزواج ،لكنه مباح مع الكراهة ،ولا يلجئ إليه إلا في بعض الحالات الخاصة.
يقول الدكتور وهبة الزحيلي أستاذ الشريعة بالجامعات السورية :
شرع الله الزواج لأهداف متعددة، منها تكاثر النسل والحفاظ على النوع الإنساني وإنجاب الذرية، ومنها تحقيق العفاف وصون الإنسان عن التورط في الفواحش والمحرّمات، ومنها التعاون بين الرجل ولامرأة على شؤون العيش وظروف الحياة والمؤانسة، ومنها إيجاد الود والسكينة والطمأنينة بين الزوجين، ومنها تربية الأولاد تربية قويمة في مظلة من الحنان والعطف.
وزواج المسيار يحقق بعض هذه الأهداف لا كلها، فالزوجة تتنازل عن حقها في النفقة وفي المبيت إن كان للزوج امرأة أخرى، والغرض الظاهر منه هو الاستمتاع إما بسبب واضح من الرجل لزيادة رغبته في المتعة، وإما من المرأة التي فاتها قطار الزواج لأسباب عديدة.
وحكم هذا الزواج في تقديري أنه صحيح لاستكمال أركانه وشرائطه المطلوبة شرعاً من رضا الولي والشهادة والإعلان. فإن فقد أحد هذه الشروط لم يصح عند جماعة من الفقهاء.
ولكن ضماناً لمصلحة الزوجة وحقوقها على المدى البعيد ينبغي أن تحرص المرأة على تسجيله في سجلات الدولة الرسمية. إذ أنه قد يموت الزوج فيطلب منها العدّة، وتستحق الميراث. وقد تغيِّر رأيها فتطالب بحقها في النفقة أو القَسْم الواجب. ومادام كون هذا الزواج لايحقق جميع مقاصد الزواج الشرعية والإنسانية والاجتماعية على النحو الصحيح أو الأفضل، فإني أحذِّر منه ولا أرغِّب فيه، وأكرهه، فإن التزام أهداف الزواج الذي هو ميثاق غليظ، أي شديد الحرمة ومؤكد التعظيم والمبرة، لاتظهر فيه بنحو واضح. فإن أصرّ الزوجان عليه جاز وتحملا آثاره، وربما وقع(44/131)
أحد الزوجين بظلم في رعاية الحقوق والقيام بالواجبات وأخصها العشرة الزوجية التي قد تحتجب أو تغيب فترة بعيدة، فيصبح ذلك حراماً وإن كان العقد صحيحاً.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
زواج "فريند" رؤى متعددة ... العنوان
نشرت الصحف والمجلات دعوة الشيخ الزنداني إلى زواج "فريند" بدلا من "بوي فريند "، و"جيرل فريند
" وهو شكل جديد لم يعرف في الفقه الإسلامي، فما حكم فقهاء الشريعة في هذا النوع من الزواج؟ من حيث كونه حلا لعلاقات الانحراف؟ ... السؤال
24/07/2003 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فزواج الأصدقاء، أو ما يعرف بـ"زواج فريند"؛ وهي الدعوة التي أطلقها الشيخ عبد المجيد الزنداني من كبار علماء اليمن، اختلف الفقهاء المعاصرون فيها، بين مبيح لها ومحرِّم، حيث نظر المبيحون إلى توافر أركان الزواج من الإيجاب والقبول والمهر والولي والإشهاد، بينما ارتكز المحرمون على أن هيئة الزواج تتناقض مع مقصود الشارع من تشريع الزواج في الإسلام، من السكن والمودة، وقيام الأسرة على أسس من الاستقرار الاجتماعي، وهذا ما يغيب عن هذه الصورة من صور الزواج. وهذا النوع من الزواج يحتاج إلى رؤية متأنية
وإليك بيان آراء العلماء:
آراء المبيحين :
يقول الشيخ عبد المحسن العبيكان من علماء السعودية:
إذا كان الزواج مستكملا لشروط النكاح المعتبرة شرعا (الولي والشاهدان، والإيجاب والقبول) فإن النكاح صحيح بغض النظر عن كونه يتم تحت سقف منزل واحد يجمع الأسرة أو لا يتم.
وإن المرأة من حقها أن تتنازل عن حقها في المبيت والنفقة، وكذلك عن المأوى ما دامت تستطيع أن تلبث إلى جانب أبيها وأسرتها، ولكن يشترط لجواز ذلك ألا يكون مؤقتا ولا بنية الطلاق. انتهى
ويقول الدكتور سليمان عبد الله الماجد القاضي في محكمة الإحساء بالسعودية:
إن الفكرة التي دعا إليها الزنداني ستكون بمثابة (فتح) في علاج مشكلة كبيرة وهي: تجاوز تكاليف الزواج قدرة الشباب والفتيات، مع أنه يحقق مقصد من مقاصد النكاح وهو (العفة).
و(صورة الزواج) جائزة شرعا، ولا تحمل أي محظور شرعي بالصفة التي دعا إليها العالم اليمني (الزنداني).(44/132)
ولكن يجب دراسة الفكرة من جوانب (اجتماعية) فربما يكون الزواج جائزا من الناحية الشرعية، ويكون مضرا على الصعيد الاجتماعي.
والفكرة ليست جديدة حيث دعا إليها من قبل شيخ في جامعة الأزهر، فطالب المجتمع ـ في حينه ـ بتيسير أمور الزواج، والإذن بزواج الفتى للفتاة، يلتقيان في الجامعة، وفي الأماكن العامة، ويستأجرون شقة حين يرغبان ذلك، ويكون مقرهما للإقامة الدائمة بيت والديهما.
ويمكن أن تطبق في كل مكان، فالفكرة جيدة على اعتبارها مسعى جديدا للحد كثيرا من المخالفات الشرعية في جانب العلاقات بين الجنسين. انتهى نقلا عن موقع "باب".
ويقول الشيخ علي أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى في الأزهر الشريف السابق:
إن الفكرة التي دعا إليها الزنداني هي الحل الأمثل لاختفاء الرقم الأخير من الملايين التسعة الذين بلغوا سن الثلاثين، ولم يتزوجوا بعد في مصر وحدها ، فضلا عن قوائم شبيهة من الشباب والفتيات الذين فاتهم القطار في جميع الدول العربية والإسلامية بسبب البطالة وارتفاع تكاليف الزواج وفشل الشباب في توفير بيت الزوجية .
وما دام هناك عقد زواج صحيح وبشهود وولي ، وتم الإعلان عنه ، فما المانع في أن يأوي كل منهما إلى بيت أبيه، ويكون اللقاء في أي مكان ، أليس في ذلك حل لمشكلة الصداقات وانحراف الشباب والفتيات ، واختلاط الأنساب ، والزواج العرفي ، وغيره مما نسمع عنه هذه الأيام؟ وإذا تنازلت الزوجة عن حق السكن فهل يعني ذلك أن الزواج باطل؟ هذا غير صحيح والفتوى صحيحة وهي كزواج المسيار ، وإذا ما تنازلت الزوجة عن حقوقها في السكن والملبس والمأكل والمشرب، وأقامت مع أهلها . ثم كان اللقاء بينهما بعد عقد صحيح مكتمل الشروط فلا حرمة في ذلك.
والسكن لا يعني الإقامة ، لكنه بمعنى السكون والراحة والمودة ، بمعنى أن الزوج يسكن إلى زوجته، ولا يفكر في غيرها ، ولا يمكن الاعتداد بعدم توافر منزل الزوجية شرطا من شروط صحة الزواج ، فالآية الكريمة وهي قوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم: 21) تخضع للاجتهاد ، وهذا ليس نصا صريحا ينقض أو يبطل فتوى الزنداني ، والأمر هنا مثله مثل زواج المسيار الذي أباحه الشيخ القرضاوي وغيره من علماء المسلمين . انتهى
آراء المانعين :
يقول الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق:
شرع الله الزواج ليكون رباطا وثيقا بين الرجل والمرأة يقوم على المودة والرحمة ، ويراد به الدوام والاستقرار ، ومن مقاصد الزواج الأساسية السكن والمودة بين الزوجين ، فإذا لم تتحقق هذه المقاصد فقد الزواج قيمته الأساسية ، وأصبح مجرد شهوة يتساوى فيها الإنسان والحيوان .
فالشريعة الإسلامية إذن كاملة ومتكاملة في أوامرها وأحكامها ، فلا يصح أن يؤخذ من هذه الأحكام الشرعية جانب ويترك الآخر ، وليس فيها استثناء، حيث جاءت(44/133)
صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان ، وقد نظمت الشريعة الإسلامية العلاقة الزوجية نظاما دقيقا فبينت ما يجب على كل منهما نحو الآخر ، فالمرأة متى تزوجت أصبحت شريكة لزوجها في الحياة . وصار لزوجها عليها حقوق يجب أن تؤديها ولا تقصر فيها ، وإلا كانت آثمة ومسئولة عنه شرعا أمام الله ، وفي ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها .. وللزوجة أيضا حقوق على زوجها نظمها الإسلام وأوضحتها الشريعة الإسلامية ، وفي ذلك أيضا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ".
ولا يجوز للمسلم أو المسلمة التخلي عن فرائض ديننا الإسلامي الحنيف حتى ولو كانوا يقيمون ببلد غير إسلامي إلا في حالة الإكراه على ذلك ، خاصة إذا كان التمسك بها سيعرض حياتهم للخطر أو إلى الضرر ، قال تعالى "فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه "، أما ترك فرائض وتعاليم الدين الإسلامي بالاختيار فهذا لا يجوز شرعا؛ لأن أركان الإسلام يجب علي المسلم الالتزام بها أينما كان ، وما يعرف بـ "فقه الأقليات" فهو يتوقف عند حدود المعاملات الإسلامية كالبنوك وأكل الذبائح التي لم يُذكر اسم الله عليها أو خلع الحجاب إذا كانت قوانين تلك الدول تمنع ذلك ، وكل ذلك جائز بشرط أن يفعل المسلم ذلك وقلبه منكر لهذا الفعل !
أما مثل هذا الزواج الذي تدعو إليه الفتوى فهو لا يحقق المقاصد الشرعية من الزواج ويؤدي إلى الإفساد وخلط الأنساب . ومخالفة الشرع وارتكاب الفواحش وكثير من الجرائم والمفاسد الاجتماعية والأخلاقية . انتهى
وتقول الدكتورة سعاد صالح ـ أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف :
لا يوجد في الإسلام ما يسمى بزواج موصوف بصفة خاصة ، وإنما ورد لفظ الزواج في القرآن الكريم وفي السنة النبوية غير مقيد بأي صفة كقوله تعالي: "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا" (النساء: 3)، وقوله تعالى: " وَأَنْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ" (النور: 32).
وقد اهتم الإسلام بعقد الزواج أكثر من اهتمامه بأي عقد آخر؛ لأنه أقرب إلى العبادة منه إلى العادة . وما يطالب به من زواج الأصدقاء مع وقف آثار الزواج من حيث الإنجاب والنفقة والسكنى ، فهو يتعارض مع المقصد الأصلي للزواج وهو بقاء النسل والمحافظة على النفس وإعفافها ، ويتعارض كذلك مع التشريع الإلهي لعقد الزواج والأهداف والمقاصد المرجوة منه، ويعرض هذا الميثاق الغليظ للامتهان والاستهتار.
وهذه الأنكحة المستحدثة بكافة صورها ، تشبه نكاح المتعة الذي نهى عنه الرسول نهيا قطعيا ، حيث المقصود الأصلي منها هو مجرد قضاء الوطر دون الاستمرار في السكنى والمودة والرحمة.
وعقد الزواج الأصل فيه الاستمرارية والاستقرار ، ولذلك ،فإن كل عقد مقيد بمدة معينة ، هو عقد باطل ، والعقد الصحيح مطلوب فيه تحقيق الآثار الشرعية المترتبة(44/134)
عليه في الحال، فلا يوجد في الإسلام زواج موقوف ،ولكن زواج نافذ وجائز مستمر.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
رأي ابن عمر في نكاح المتعة ... العنوان
وجدت هذا الحديث في موقع للشيعة فما هو تفسيره و هل هو صحيح :.وفي صحيح الترمذي أن رجلاً من أهل الشام سأل ابن عمر عن متعة النساء فقال : هي حلال فقال : إن أباك نهى عنها فقال ابن عمر : أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" أنترك السنة ونتبع قول أبي . و جزاكم الله خيرا
... السؤال
29/09/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
ليس في سنن الترمذي هذا الكلام ، ولا روى الترمذي ولا غيره من أصحاب المصنفات الحديثية جواز المتعة عن ابن عمر ، ولا حكى أحد ممن يعنى بجمع أقوال الفقهاء عن ابن عمر جواز المتعة .
وابن حزم الذي نسب جواز المتعة إلى نفر من الصحابة ، لم يذكر من بينهم ابن عمر .
بل صرح الترمذي في سننه أن الصحابة قالوا بتحريم نكاح المتعة سوى ابن عباس ، ولم يستثن ابن عمر ، فكيف يقال : إنه روى عنه في سننه القول بالجواز ؟
جاء في سنن الترمذي ما نصه :-
حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن الزهري عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي بن أبي طالب
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر .
وفي الباب عن سبرة الجهني وأبي هريرة
ثم قال الترمذي بعد هذا الحديث :-
حديث علي : حديث حسن صحيح ، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم .
وإنما روي عن ابن عباس شيء من الرخصة في المتعة ، ثم رجع عن قوله حيث أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وأمر أكثر أهل العلم على تحريم المتعة وهو قول الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق .
انتهى كلام الترمذي .(44/135)
وقد سجل الحافظ ابن أبي شيبة مذهب عبد الله بن عمر بوضوح في حكم نكاح المتعة بسنده فقال :-
حدثنا عبيدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر سئل عن المتعة فقال : حرام . فقيل له : إن ابن عباس يفتي بها فقال : فهلا تزمزم - أي نطق - بها في زمان عمر .
فكيف ينكر على ابن عباس ما نسب إليه من الجواز هذا الإنكار الشديد ، ثم يقول به .
وقد روى عبد الله بن عمر عن أبيه مذهبه ، جاء ذلك في مصنف ابن أبي شيبة قال :-
حدثنا ابن إدريس عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر قال : قال عمر : لو تقدمت فيها لرجمت يعني المتعة .انتهى
ـــــــــــــــــــ
إضمار نية الطلاق عند الزواج ... العنوان
رجلاً تغرّب عن دياره ولم ينو إقامة طويلة في تلك الدار،وفي الوقت ذاته خاف على نفسه من المغريات الجنسية، فنكح امرأة بنية الأجل، ولم يصرح لها بذلك، فما حكم هذا النكاح؟
... السؤال
09/07/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الزواج بنية الطلاق ليس من مكارم الأخلاق،وقد اختلف الفقهاء فيه بين محرم ومبيح ،وكاره،ومن حرمه جعله قرينًا لزواج المتعة ،ومن أباحه نظر إلى استيفاء شروطه ، ومن كره نظر إلى الأمرين ،وعلى كل فمثل هذا الزواج لاينصح به ،والأولى أن يتزوج المرء ثم يترك الأمر لما يقدره الله ،فلا يضع في نيته التأقيت، وإن رأى أن الفراق بعد ذلك أولى ،وهو في حاجة إليه ،فله ذلك .
يقول الدكتور خالد محمد عبد القادر أستاذ الشريعة بالجامعات اللبنانية :
جاء في شرح الموطأ للزرقاني : (وأجمعوا على أن من نكح نكاحًا مطلقًا، ونيته أن لا يمكث معها إلا مدة نواها، أنه جائز ليس بنكاح متعة). وقال الأوزاعي : (هو نكاح متعة ولا خير فيه.. قاله عياض) .
وقول الجماهير فيما إذا لم تفهم المرأة المراد نكاحها مقصود الرجل، فإن فهمت مراده فعند المالكية قول بالبطلان.
قلت : لا يضر علمها بالنية، سواء كان قبل النكاح أم بعده، بشرط ألا يصرح لها، لأن الرجل قد ينكح ونيته أن يفارقها، ثم يبدو له فلا يفارقها.
وعند الشافعية : (وإن قدم رجل بلدًا، وأحب أن ينكح امرأة ونيته ونيتها أن لا يمسكها إلا مقامه بالبلد، أو يومًا أو اثنين أو ثلاثة، كانت على هذا نيته دون نيتها، أو نيتها دون نيته، أو نيتهما معًا دون نية الولي، غير أنهما إذا عقدا النكاح مطلقًا لا(44/136)
شرط فيه، فالنكاح ثابت ولا تُفسد النية من النكاح شيئًا، لأن النية حديثُ نفسٍ، وقد وُضع عن الناس ما حدّثوا به أنفسهم) .
وفي المذهب عند الشافعية : كراهة ذلك، لأنه لو صرح لبطل النكاح.
وفي المغني : (وإن تزوجها بغير شرط إلا أن في نيته طلاقها بعد شهر، أو إذا انقضت حاجته في هذا البلد، فالنكاح صحيح في قول عامة أهل العلم وأنه لا بأس به، ولا تضر نيته)(282).
وقد ذهب إلى القول بالكراهة المالكية والشافعية.
قال مالك : (ليس هذا من الجميل ولا من أخلاق الناس) .
قلتُ : ويؤكد هذه الكراهة ما يترتب على العقد من غش للمرأة التي جهلت نية الرجل، وخداعها، ونبينا عليه الصلاة والسلام يقول : (من غش فليس مني) ، وكان سفيان بن عُيينة يكره تفسير الحديث، ويقول : (نمسك عن تأويله ليكون أوقع في النفوس، وأبلغ في الزجر) .
فهل يرضى هذا العمل أحدٌ لبناته أو أخواته أو... فإذا كنا لا نقبله لأنفسنا فكيف نقبله لغيرنا، وقد جاء لفظ النبي صلى الله عليه و سلم : (من غش) على سبيل العموم، فشمل كل غش، وقد أجمع العلماء على تحريم الغش.
ثم إن عملاً كهذا يضر بسمعة الإسلام في مجتمعات مخالفيه، فيُشاع عن المسلمين أنهم قوم لا أخلاق لهم، وفي هذا من الضرر بالدعوة ما لا يخفى على كل ذي لب.
وإذا خشي المرء على نفسه الضياع، فلينو الدوام وهذا الأصل، فإن طرأ بعد ذلك طارئ شرعي فليلجأ إلى التسريح بإحسان.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
زواج المحرمات ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم :
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، نحييكم على نشاط موقعكم المتميز ، و سؤالي لكم : لي أختٌ من ناحية الأب ، و هذه الأخت قد أنجبت بنتًا، وهذه البنت أنجَبَت ولدًا، فهل يجوز لهذا الولد وهو ابنُ بنت أختي من جهة الأب الزواجُ مني أم لا يجوز ؟ أفيدونا مأجورين ...
... السؤال
16/05/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
لا يجوز لك أيتها الأخت الكريمة الزواج من ابن بنت أختك هذا ؛ لأن الله سبحانه وتعالى شرع الزواج لتتكون الأسرة ، وهى أساس المجتمع، واللبنة الأولى فى بنائه الراسخ، وليستقيم نظام العالم ، ويبقى الإنسان فى عمارة الكون إلى ما شاء الله له من مدى، وجعل الله ـ جلت حكمته ـ صلة الزوجية مبعث مودة ورحمة وسكن قال(44/137)
تعالى : { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة }
ووضعت الشريعة الإسلامية السمحة الأسس القوية ليتم هذا النظام على الوجه الأكمل حتى لا يكون الزواج مبعث قلق وشحناء فتنهار دعائم الأسرة ويؤتى بنيانها من القواعد من حيث يراد تدعيمها وتقويتها والمحافظة عليها .
والقرابة فى جملتها رابطة تستدعى التكريم والاحترام . وإحلال عاطفة المتعة والشهوة الجنسية محل التكريم والاحترام يسبب انتكاساً فى فهم معانى الإنسانية ، و لذلك حرم الله على الرجل مجموعة من النساء في الزواج منهن فساد للأوضاع .
يقول فضيلة الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر :
من المُقَرَّر شرعًا أنه يَحْرُم على الرجل بسبب النسب أو القرابة أربعةُ أنواع من النساء، ودليل حُرْمَة هذه الأنواع الأربعة قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عليكم أمهاتُكم وبناتُكم وأخواتُكم وعَمَّاتُكم وخالاتُكم وبناتُ الأخِ وبناتُ الأخت.. ) (النساء: 23).
وهذه الأنواع هي:
الأول: أصول الرجل من النساء ، وأصول أصوله وإن تراخت الوسائط بينه وبينهنَّ، فأمه وأم أبيه وأم أمه وجدة أبيه وجدة أمه حرام عليه لقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عليكم أمهاتُكم).
الثاني: فروعه ، وفروع فروعه ، وإن تراخت الوسائط بينه وبينهنَّ، فبنته وبنت ابنه وبنت ابنته وبنت ابن ابنه وبنت ابن ابنته وبنت بنت ابنه مهما يَطُلْ حبل النسب حرام عليه لقوله تعالى: (وبناتُكم).
الثالث: فروع أبوَيه ، وفروع فروعهما وإن تراخت الوسائط بينه وبينهنَّ، فأخته وبنت أخته وبنت أخيه وبنت بنت أخته وبنت ابن أخته وبنت ابن أخيه، سواء أكانت الأختُ أو الأخُ الشقيقَ أو لأبٍ أو لأمّ، لقوله تعالى: (وأخواتُكم وعماتُكم وخالاتُكم وبناتُ الأخِ وبناتُ الأخت).
الرابع: فروع أجداده وجداته بشرط أن ينفصلن بدرجة واحدة، فعماته حرام عليه لأنهنَّ انفصَلنَ عن جده لأبيه بدرجة واحدة، وخالاته حرام عليه لأنهنَّ انفصَلنَ عن جده لأمه بدرجة واحدة، وعمات أبيه حرام عليه لأنهنَّ انفصَلنَ عن جد أبيه بدرجة واحدة، وعمات أمه حرام عليه لأنهنَّ انفصَلنَ عن جد أمه بدرجة واحدة، وخالات أمه حرام عليه لأنهنَّ انفصَلنَ عن جد أمه لأمها بدرجة واحدة. (انتهى)
وبناء على ما تقدم، وفي واقعة السؤال، وحيث إن من تريد السائلة الزواجَ منه يُعتبر ابنَ بنت أختها، وتُعتبر هي خالةُ أمه نسبًا؛ ومن ثم تكون من المُحَرَّمات عليه ، ويكون هو من المُحَرَّمين عليها شرعًا.
هذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الاتفاق على الطلاق قبل الزواج ... العنوان
هل يجوز أن يتزوج الرجل مع نية الطلاق،وهل علىالمرأة من ذنب إذا هي قبلت؟
... السؤال
23/01/2001 ... التاريخ(44/138)
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاةوالسلام على رسول الله،وبعد
إذا كان الزواج بنية الطلاق وكانت عند الزوجين هذه النية واشترطا ذلك واتفقا عليه فالزواج باطل ، لأنه هو النكاح الذي حرمه الرسول صلى الله عليه وسلم . فهو نكاح المتعة . وجاء في الحديث الصحيح قول الرسول صلى الله عليه وسلم إن الله ورسوله ينهياكم عن نكاح المتعة .
أما إذا عقد عَقْد الزوج وأضمر الزوج في نفسه أن يطلق زوجته بعد مدة من الحياة الزوجية فالعقد صحيح وليس باطلاً .
ولكننا ننصح من يخطر بباله هذا أن يكف عنه ، لأن هذا العمل إضرار بالمرأة أيما إضرار ، والرسول صلى الله عليه وسلم قال : (لا ضرر ولا ضرار) ، فالحديث يمنع الإضرار بالغير ، و الطلاق لغير سبب كما هو موجود في السؤال .
والطلاق إضرار ،بل هو كسر للمرأة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في طلاق المرأة : (إن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وكسرها طلاقها . وإن استمتعت بها استمتعت بها على عوج .)انتهى
والخلاصة أن الزواج بنية الطلاق يحرم ديانة مع صحةالعقد، هذا إن كان الزوج قد أسر هذا في نيته ،ولم يخبر الزوجة به،فإن أخبرهاورضيت كان باطلا،
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
شبهة زواج المتعة ... العنوان
السلام عليكم جزاكم الله خيرا، أرجو أن يتسع صدركم، أنا لدي سؤال عن زواج المتعة، فأنا أعلم أنه الزنا بعينه، وأن زواج المتعة من الفواحش، ولكن لماذا سمح الرسول بممارسة الزنا أو الفاحشة في البداية؟ نعم أنا أعلم بتحريمه، ولكن سؤالي يقول لي: كيف يأمر الرسول بممارسة الفاحشة؟ هل أخطأ أم ماذا؟ فكيف يوافق الرسول ويسمح لبعض المسلمين بممارسة الزنا قبل نهيه عنه؟ والله أنا لا أتهكم، ولكن هذا شيء يدعوني للشك؛ أرجو الرد المنطقي المخاطب للعقل، وآسف على طريقة كتابة السؤال، ولكنه ما يدور بداخلي
... السؤال
16/01/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل شيئاً ولا يحرمه إلا بوحي من الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا يقول الحق سبحانه في هذا الصدد: "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يُوحى" وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أما ما أخبركم به عن ربي فلست أكذب عليه" وأمر نكاح(44/139)
المتعة لم يكن مباحاً بوجه عام، وإنما كان يباح في حال الغزو عند شدة العزوبة على المجاهدين الغازين في سبيل الله؛ لأنهم تركوا زوجاتهم خلفهم، وكان الجهاد يستمر عدة أشهر فكان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بإباحة هذه المتعة، ثم بعد أن ينتهي سبب تشريعها ترتفع الإباحة ويكون الحرمة، وقد تعدد هذا عدة مرات، واقتصر أمر إباحته على الغزو وعلى المجاهدين الغازين في سبيل الله، وكان هذا بتشريع من الله سبحانه وتعالى إلى أن جاء التحريم القاطع بنكاح المتعة، وأثر هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر أيامه، وعلم هذا عنه وأصبح أمر المتعة عند أهل السنة وغيرهم من المحرمات، ولم يقل بإباحته في أيامنا هذه إلا الشيعة الأمامية لتأويل عندهم بإباحته، ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم بإباحته ثم عدل عنه حتى نقول بأنه غير تفكيره؛ لأن هذا كله وحي من عند الله سبحانه وتعالى، وليس هذا عند تشريعه من قبيل الزنا وإنما هو أمر أباحه الله سبحانه وتعالى في حينه، وعند إباحته لا يسمى زنا، وإنما يعد أمراً مشروعا مثل سائر الأمور المباحة إلى أن تأتي حرمته فحينئذ يكون أمراً محرما بدون تدخل من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحل أو الحرمة وإنما هو مجرد مبلغ عن الله سبحانه وتعالى .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
الزواج بنية الطلاق ... العنوان
هل يجوزالزواج مع كتم نيةالطلاق بعد مدة وعدم إخبار الزوجة أو وليها؟
... السؤال
03/05/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الزواج بنية الطلاق لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يعلمها وأهلها بنيته فهذا هو نكاح المتعة المحرم شرعا ؛ وإما أن يكتم نيته عنهم وهذا فيه غش للناس ولا يجوز.
هذاهو الصحيح من أقوال العلماء، والشباب المقيم في الغرب إما أن يتزوج بنية الدوام أو يصبر وعليه بالصوم ولزوم الصالحين وغض البصر قال تعالى {وليستعفف الذين لايجدون نكاحاًحتى يغنيهم الله من فضله و الله واسع عليم } والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
حكم فسخ عقدالزواج بسبب ظهور عيب فى الزوجة ... العنوان
ما حكم فسخ عقدالزواج بسبب ظهور عيب فى الزوجة لم تخبر به الزوج؟ ... السؤال
08/12/1999 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... إن الزواج فى الإسلام مودة ورحمة ومعاشرة بالمعروف .(44/140)
فإذا ظهرت عيوب مرضية مستقرة غير قابلة للعلاج والشفاء بأحد الزوجين .
فهل يجوز لأحدهما طلب فسخ الزواج قضاء أم لا يجوز اختلف فقهاء الشريعة فى هذا إلى ثلاثة أراء : الأول - أنه لا خيار لأحد الزوجين إذا ما وجد بصاحبه عيبا .
فلا يجوز له طلب فسخ عقد الزواج سواء كان هذا العيب قبل العقد أو حدث بعده .
وسواء كان بالزوج أو بالزوجة .
وبهذا يقول الظاهرية . الثانى - أنه يجوز طلب التفريق بعيوب محددة
ويقول بهذا فقهاء مذاهب الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى وأحمد - غير أن فقهاء المذهب الحنفى يرون أن التفريق يكون بسبب العيوب المرضية التى توجد فى الرجل خاصة على خلاف بينهم فى عدد هذه العيوب
بينهما يرى فقهاء مذاهب المالكية والشافعية والحنابلة والزيدية والجعفرية جواز طلب التفريق بسبب العيوب المرضية سواء للرجل والمرأة .
وإن اختلف هؤلاء أيضا فى عدد العيوب المجيزة لهذا الطلب ونوعيته .
الرأى الثالث - يجيز طلب التفريق مطلقا بأى عيب جسدى أو مرضى .
ولأى من الزوجين هذا الحق وبهذا يقول شريح وابن شهاب والزهرى وأبو ثور وقد انتصر لهذا الرأى العلامة ابن القيم فى زاد المعاد ج 4 ص 58، 59 هذا والصحيح فى مذهب الامام أحمد بن حنبل كما جاء فى المغنى لابن قدامة ص 587 ج 7 أن الزوج إذا وجد بزوجته بعد الدخول بها عيبا لم يكن يعلمه قبل العقد ولم يرض به - أنه يرجع بالمهر على من غره - وأن ولى الزوجة ضامن للصداق .
وبهذا قال الامام مالك والامام الشافعى فى القديم والزهرى وقتادة .
اعتدادا بأثر مروى عن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقال أبو حنيفة والشافعى فى الجديد .
لا يرجع الزوج بشىء على أحد .
لأنه بالدخول بها قد استوفى حقه - استنادا الى قول سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه فى هذه الواقعة ولما كان القضاء فى مصر قد جرى فى هذا الموضع على أرجح الأقوال فى فقه مذهب الامام أبى حنيفة عملا بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931م .
وكان فقه هذا المذهب يقضى بأنه لا حق للزوج فى طلب فسخ الزواج إذا وجد بزوجته عيبا اكتفاء بما يملكه من حق الطلاق اذا يئس من علاجها .
لأن الزوجية قائمة على حق تبادل المتعة .
ففى فتح القدير ج 3 ص 268 وما بعدها . واذا كان بالزوجة عيب .
أى عيب كان . فلا خيار للزوج فى فسخ النكاح .
وذلك لأن فوت الاستيفاء بالكلية بالموت لا يوجب الفسخ حتى لا يسقط شىء من مهرها فاختلاله بهذه العيوب أولى .
وهذا لأن الاستيفاء من الثمرات .
وفوت الثمرة لا يؤثر فى العقد ألا ترى أنه لو لم يستوف لبخر أو ذفر أو قروح فاحشة لم يكن له حق الفسخ .
وإنما المستحق هو التمكن . وهو حاصل بالشق أو الفتق - انتهى .(44/141)
وفى فقه المذاهب الأربعة ج 4 ص 189 طبعة ثانية ( لا خيار للرجل بوجود عيب فى بضع المرأة من رتق أو نحوه .
ولكن له الحق فى إجبارها على إزالته بجراحة وعلاج كما أنه إذا يئس من علاجها فله مفارقتها بالطلاق فى هذه الحالة .
لأن الزوجية قائمة على الاستمتاع . وفى فراقها عند اليأس من العلاج بدون تشهير فيه رحمة بها ) - انتهى - لما كان ذلك وكان المنصوص عليه شرعا أن عقد الزواج متى صدر مستوفيا أركانه وشروطه الشرعية المبسوطة فى كتب الفقه انعقد صحيحا شرعا مستتبعا آثاره ونتائجه من حقوق وواجبات لكل من الزوجين قبل الآخر ولا تتوقف صحته على صلاحية الزوجة للوطء .
كان عقد الزواج المسئول عنه قد انعقد صحيحا .
وترتبت عليه كل الآثار وإنما اكتشفه الزوج بزوجته من رتق وليس له إلا أن يعاشرها بمعروف أو يفارقها بطلاق اذا يئس من علاجها .
وبالتالى يكون لها جميع الحقوق الشرعية التى تترتب على هذا الطلاق ومنها مؤخر الصداق .
وبذا يكون قد علم الجواب عن السؤال . والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
النسب والتوارث في نكاح المتعة ... العنوان
: هل نِكاح المُتعة يثبُتْ به النَّسب للمولود، وهل فيه توارث، وهل يحتاج إلى طلاق؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... زواج المُتْعَة هو زواج مُؤقت لمُدة مُعينة، وقد أُبيح في أيام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقتًا ما لحاجة الغزاة إليه ثم حُرِّم بعد ذلك ـ ولم يخالف في تحريمه إلا بعض الشيعة، مُدَّعين أن حِلَّه لم ينسخ بالتحريم، وتوضيح ذلك موجود في الجزء الأول من موسوعة "الأسرة تحت رعاية الإسلام".
وأكثر المسلمين على حُرمة هذا الزواج ورأى ابن مسعود وابن عباس أن الحُرْمَة مَشْروطة بعدم الاضطرار، فذلك كأكل المَيْتة يُباح للمُضطر فقط، ولكن أدلتهم في ذلك غير سليمة، وجاء في كتاب النهاية، والفتاوى لأبي جعفر محمد بن الحسن أبي علي الطوسي المُتوفى سنة 460هـ وهو من كُتَّاب الشيعة، ونُشِرَ بكتابه في طهران سنة 1342هـ ما يأتي:
"وليْس في نِكاح المُتْعَة تَوَارث، شرط نَفي الميراث أولم يشترط، اللهم إلا إن شُرِطَ أن بينهما التوارث، فإن شرط ذلك ثبتت بينهما الموارثة..ويجوز للرجل العَزْل ـ لمنع الحمل ـ وإن لم يكن شرط، ومتى جاءت بولد كان لاحقًا به ، سواء عَزَلَ أو لم يَعْزِل.
وجاء في هذا الكتاب أيضًا: وعِدة المُتَمتعة إذا انقضى أجلها أو وهب لها زوجها أيامها حيضتان أو خمسة وأربعون يومًا إذا كانت لا تحيض وفي سِنها من تحيض "من ص 497ـ 502).(44/142)
كما جاء في "ص 182" من كتاب المُخْتَصر النافع لأبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي المُتوفى سنة 676هـ والذي طبعته وزارة الأوقاف المصرية سنة 1376هـ عند الحديث عن أحكام النِّكاح المُنْقَطِع "نكاح المتعة" ما يلي:
يجوز العَزل من دون إذنها، ويلحق الولد، وإن عزل، ولكن لو نفاه لم يحتج إلى اللِّعان ولا يقع بالمُتعة طلاق إجماعًا ولا لِعَان عَلَى الأظهر، ولا يثبُتْ بالْمُتْعَة ميراث بين زوجين.
وقال المُرْتَضي: يثبت ما لم يشترط، السقوط نعم لو شرط الميراث لزم، وإذا انقضى أجلها فالعدة حيضتان على الأشهر، وإن كانت ممن تحيض ولم تحض فخمسة وأربعون يومًا.
وزواج المُتعة يترفع عنه كبار القوم الذين يرون حِله، ولا يرغبون بديلاً عن الزواج الدائم؛ لأنه الجدير بقيام الأسرة المُسْتَقِرة، ولا عِبْرَة بما يقال من أن الأطفال يوضعون تحت رعاية المسئولين، فإن الأسرة المُسْتَقرة لا يُنْكَرُ أثرها في تنشئة الجيل الصالح.
ـــــــــــــــــــ
الزواج بينة الطلاق ... العنوان
أنا شاب أعيش في تركيا وسط مجموعة من العلويين الشيعة، ولا أستطيع الزواج؛ نظرًا لظروف معينة.. فهل يجوز لي نكاح المتعة أو الزواج بنية الطلاق من هؤلاء العلويين وهم لا مانع لديهم لو أقدمت على هذا الأمر؟ ... السؤال
أ .د مصطفى ديب البُغآ ... المفتي
... ... الحل ...
...
... أولا: نكاح المتعة غير جائز عند أئمة الفقه، أما أن يتزوج الإنسان دون أن يذكر في العقد تأقيتًا له، فالعقد صحيح وجائز ولو كان في نيته أن يطلق بعد حين، وإن كان الأوْلى ألا تكون عنده هذه النية وهو يستطيع أن يطلق متى شاء.. وهنا أريد أن أشير إلى شيء وهو أن الزواج من أية مسلمة هو زواج صحيح ولا يعنينا انتماء هذه المسلمة لأية طائفة كانت لها معتقدات خاصة بالزمن الماضي، وإنما يعنينا صحة عقيدتها وإيمانها ومدى التزامها للإسلام.. فالعلويون مسلمون ولا ينبغي أن ينظر إليهم بناء على ما مضى في التاريخ، فهم الآن يلتزمون شعائر الإسلام ولا يرضون بغيره بد
ـــــــــــــــــــ
حكم معاشرة امرأة بعلاقة صداقة في بلد أجنبي ... العنوان
سؤال من بعض الشباب المُقيمين في أمريكا:
العثور على الزوجة المسلمة المؤمنة في أمريكا أمْرٌ في غاية الصعوبة، خاصة أمام الشباب الذين لا يَمْتلكون الشهادات العالية أو الأرْصدة المالية الكبيرة، علاوة على أن نسبة سن الفتيات المسلمات هناك ينْحصر غالبًا تحت العشرينات مقابل نسبة كبيرة من الشباب جاوزوا الثلاثينات، وهم يبحثون عن الزوجة المسلمة ولم يوفَّقوا بعد..(44/143)
هؤلاء الشباب يعيش غالبهم تحت وطأة المُغْريات الجنسية غير الاعتيادية، ويُحسُّون في الوقت نفسه بالإحباط من مواقف عدد من آباء الفتيات الذين إذا أرادوا التقدُّم لهن سألوا أول ما سألوا عن الشهادات والأرصدة البنكية والمنزلة الاجتماعية. وما أسهل أن يجد أولياء الأمور أولئك عشرات الأطباء يتقدَّمون لخِطبة بناتهم، وهم على أحسن ما يُرام ماليًا واجتماعيًّا. وتزداد معاناة الشاب المِسكين وهو لا يمتلك الوسيلة لخِطبة فتاة من بلده؛ لاعتبارات عديدة قد يكون المنْع من عودته لوطنه أحدها، أو عدم امتلاكه ثمن التذكرة من بينها، أو استحالة أن ينال تأشيرة قدوم لزوجته سببًا آخر لا أخيرًا.
وفي المقابل يتعرَّف الشاب على فتيات من الأمريكيات، ربما أحبَّ من بينهن واحدة أو أنس لها، لكنه إذا تزوجها فلسوف تكون ورطة محتملة إذا حدث الاختلاف في المُستقبل، فالقانون هناك يعطي الزوجة عند الطَّلاق حقًّا في الاستيلاء على نصْف أموال الرجل ومُمْتلَكاته على أقلِّ تقدير. ومهْما جَهِد العربيُّ في إبداء النوايا الحسنة، ومحاولة التَّأقْلم مع الزوجة الأمريكية، فإنه لا يوفَّق أغلب الأحيان. ولسوف تنْقضي فترة العسل بعد حين، وتبدأ الخلافات كما يحدث أغلب الأحيان هناك. فإذا كان هناك عقْد قانوني بينهما فالمرأة ستقود الرجل إلى سلسلة من المشاكل القانونية هو الطرف الضعيف والخاسر فيها، أما لو عاش مع نفس المرأة بما تعارف عليه المجتمع هناك وتحت مسمَّى علاقة الصَّداقة، والتي تَعني في مؤدَّاها الحياة الزوجية نفسها، ولكن من غير عقْد شرعيٍّ أو قانوني، وجعل نيَّته صادقة في عدم التلاعب بهذه المرأة أو خداعها، والاستمرار معها على هذه الحالة بنيَّة الاستمرار. فإذا وصل إلى نتيجة مؤدَّاها التفاهُم الكامل والشعور بالأمان تزوجها، وإلا تركها بإحسان، فحلَّ بذلك مشكلة العنَت، وارتاحت نفسه من الضغوط الهائلة، وأمِنَ ما لا يحمد عقباه. هل هناك مشروعية لمثل هذا التصرف تحت تلك الظروف؟
... السؤال
الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا _ رحمه الله.ـ ... المفتي
... ... الحل ...
...
... جواب السؤال فيمَن يريد أن يُعاشر امرأة من أهل البلد الأجنبي، ويعيش معها إلى أساس الصداقة كزوجين دون زواج.
هذا لا أرى له مَساغًا بوجْه من الوجوه، ومحْذورُه كبير، وهو نظير ما يُجيزه الشيعة الإمامية بطريق نكاح المتعة؛ الذي ليس زواجًا، وهو أقرب شبهًا إلى الزِّني المُقنَّع(13)، وأهل السنة مُجمعون على حُرمته الثابتة بالأحاديث النبوية الصحيحة التي نَسَختْ نِكاح المتعة فيما نسخت من عادات جاهلية العرب، بعد أن مورِس فترةً في صدْر الإسلام. فرأي الشيعة في نكاح المُتعة مرفوض بإجماع أهل السنة، وممارسته في صدر الإسلام في بعض الغزوات نظير شرب الخمر في صدر الإسلام إلى أن حرِّمت، فإن الأحكام الإسلامية إنما نزلت بالتدرج.
ثم يا أخي! أعود فأقول لك: أيُّ فرق يَبقى بين المسلم والكافر إذا كان المسلم الذي يعيش في بلاد الكُفار يعيش مثْلهم ويمارس ما يمارسونه؟ بل عليه أن يلتزم بأحكام(44/144)
الإسلام، ويكون سلوكه دعاية إسلامية. فأما إذا كان لا يستطيع ذلك فعليه أن يُهاجر إلى بلد إسلامي، لا يجد فيه حرَجًا في سلوكه وَفقًا للأسس الإسلامية. وإلا فلماذا شُرعَت الهجرة من بلاد الكفْر؟(14)
لقد قال الله ـ تعالى ـ في نظير حالكم: (قَالوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُم جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) (سورة النساء: 97).
هوامش
(12) من مجموعة الأسئلة الموجَّهة من الولايات المتحدة الأمريكية.
(13) لا أوافق شيخنا الكبير على هذا التعبير؛ لأن اعتبار نكاح المتعة زنى: مُقْتضاه أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أباح الزِّنى لأصحابه في بعض الأوقات، ومعْلوم أن الزِّنى لا يُباح لحاجة ولا ضرورة، فالأوْلى أن يقال: أنه (نكاح ناقص) أُجِيزَ للضرورة قبل استقرار التشريع (يوسف القرضاوي).
(14) بَقِيَ أن يُقال: إذا أمكن إنشاء هذه العلاقة عن طريق الزواج العُرْفي، بمهْر وشهود، دون تَسْجيل، إذا لم يكُن في ذلك مؤاخَذة قانونية، فلا حرج في ذلك (يوسف القرضاوي).
ـــــــــــــــــــ
الزواج بنية الطلاق ... العنوان
أرجو الإجابة على السؤال التالي: وهو عن الزواج بنية الطلاق، بمعنى أنه في حالة وجود مغترب قام بالزواج من أجنبية لإحصان نفسه من الزنا، ضامرًا في نفسه أن يطلقها بمجرد انتهاء فترة الغربة، ما رأي الشرع في هذا الأمر؟ وما الحكم الواقع عليه؟ وللعلم فإن ذلك دون علم الزوجة. ... السؤال
الشيخ عبد الخالق الشريف ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد..
الأصل في الإسلام أن الزواج يقصد من أجل استمرار الحياة الزوجية بين الزوجين، وأن النية بتحديد مدة للزواج يجعل الزواج صحيحًا إذا لم تتفق معه الزوجة والذنب على فاعل ذلك، وهنا يصبح الزواج أشبه بزواج المتعة، ولا نقول إنه زواج متعة؛ لأن الزوج لم يُظهر تحديد المدة، ولم تتفق معه الزوجة على ذلك. وأما حال الاغتراب ورغبة الرجل الزواج لإحصان نفسه مخافة الفتنة فهو أمر مشروع إذا كان إضمار الطلاق في نفسه فلا يؤثر في صحة العقد، واختلف في جواز هذا الأمر بهذه النية ومراعاة لهذه الظروف، والأولى أن المسلم عليه أن يتزوج لاستمرار الحياة الزوجية، وأن يختار الزوجة الصالحة التي تعينه على ذلك، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
نكاح المتعة والمسيار ... العنوان
هل ترون كما يرى فضيلة الشيخ القرضاوي أن نكاح المتعة والمسيار هما من الأنكحة الصحيحة؟ وإذا كانا كذلك فلماذا لا يوجدان في مجتمعاتنا؟(44/145)
... السؤال
ا.د رفعت فوزي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نكاح المتعة حرام، حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو محرم في القرآن الكريم في قوله تعالى وهو يصف المؤمنين: "والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون"، ونكاح المتعة خارج عن هذين الأمرين، فهو من التعدي على حدود الله تعالى، وتحريمه في السنة واضح لا شك فيه عند علماء الحديث والفقه.
ولا أظن أن الشيخ القرضاوي يبيح هذا النكاح.
أما نكاح المسيار وهو أن يتزوج الرجل المرأة زواجًا شرعيًا مستوفيًا شروطه وأركانه، إلا أنه يشترط ألا ينفق على المرأة وألا يلتزم بتوفير مسكن لها.. فهو زواج شرعي مستكمل الحدود الشرعية، فهو نكاح صحيح، ولا بأس بما اتفق عليه بعد أن صح هذا العقد، فلا يجب عليه نفقة على الزوجة ولا يجب عليه مسكن لها. والله تعالى أعلم.
-ـــــــــــــــــــ
الزواج مسياراً بأجنبية ... العنوان
ما حكم من تزوج مسيارًا من أمريكية ليست مسلمة ليحصن نفسه الفتن، مع العلم أن المتزوج مسيارًا ذهب لدراسة في دولة غربية؟
... السؤال
الدكتور يونس محيي الدين الأسطل ... المفتي
... ... الحل ...
...
... ابتداء ينبغي معرفة معنى زواج المسيار، وهو زواج شرعي تتنازل فيه المرأة عن بعض حقوقها كالنفقة أو السكنى أو القسمة مع الزوجة الأخرى، بحيث تكتفي من زوجها ببعض الحقوقـ وتسامحه في بقيتها.
والظاهر أن زواج المسيار للطالب الذاهب للدراسة غير متحقق؛ لأن الأعزب الذي يتزوج من واحدة يُخشى أن يكون زواج متعة لا زواج مسيار؛ لذا ننصح هذا الشاب إذا خشي على نفسه الفتنة أن يصارح أهله بذلك، وأن يتزوج من مسلمة، سواء كانت من قطر أو أمريكا أو أي مكان؛ لأن الزواج من غير المسلمات يوقع في محاذير كثيرة، منها احتمال تأثيرها على عقيدة الأولاد، ومنها الخوف من أن تكون مرتبطة بشبكات التجسس، أو أن تكون حاملة لأمراض خبيثة أو غير ذلك.. ومن هنا فزواج المسيار للطلبة في الدول الأجنبية مستبعد. والغالب أن يكون زواج متعة، وزواج المتعة منهي عنه. والله تعالى أعلم.
ـــــــــــــــــــ
نكاح الشغار ...(44/146)
عنوان الفتوى
... حسنين محمد مخلوف ...
اسم المفتى
... 20958 ...
رقم الفتوى
... 05/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
سئل: اتفق رجل مع آخر على أن يزوج الأول أخته بابن الثانى على أن يزوج الثانى بنته من الأول بلا مهر، وقد تم العقدان على هذه الصورة معاوضة.، فما حكمهما شرعا وهل يصح إبطالهما
نص الفتوى
المبدأ الذي يُستند إليه: نكاح الشغار صحيح ويجب فيه مهر المثل لكل واحدة من الزوجتين على زوجها لأن النكاح من العقود التى لا تبطلها الشروط الفاسدة وإنما يبطل الشرط ويصح العقد. أجاب: اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن هذين العقدين على الوجه الوارد بالسؤال من النكاح المعروف عند الفقهاء بنكاح الشغار،وهو أن يزوجه بنته أو أخته على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته مثلا معاوضة بالعقدين، وحكمه عند الحنفية أنه نكاح صحيح ويجب فيه مهر المثل لكل واحدة من الزوجتين على زوجها؛ لأن النكاح من العقود الشرعية التى لا تبطلها الشروط الفاسدة وإنما يبطل الشرط ويصح العقد، وهنا قد شرط العاقدان قيام أحد العقدين مقام الآخر معاوضة بلا مهر وهو شرط فاسد لأنه يترتب عليه خلو عقد النكاح مما يصلح مهرا إذ المسمى ليس بمال فيلغو هذا الشرط ويجب مهر المثل فقد جاء في شرح الزيلعى على كنز الدقائق في باب المهر ما نصه "أما نكاح الشغار وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو أمته على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته أو أمته ليكون أحد العقدين عوضا عن الآخر فلأنه سمى ما لا يصلح مهرا إذا المسمى ليس بمال فوجب مهر المثل كما إذا تزوجها على خمر أو ميتة" وبذلك يعلم الجواب عن السؤال إذا كان الحال كما ذكر به،واللّه أعلم
ـــــــــــــــــــ
نكاح الشغار ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 19584 ...
رقم الفتوى
... 14/07/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع(44/147)
... ...
نص السؤال
سئل : شاب له أخت يريد أن يتزوج أخت شاب آخر على أن يتزوج هذا الشاب أخته "تبادل " فهل هذا جائز ؟ .
نص الفتوى
أجاب : روى مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " لا شغار فى الإسلام " وصورته أن يزوج الرجل ابنته أو قريبته إلى رجل على أن يزوجه هو ابنته أو قريبته وليس بينهما صداق .
وسمى بذلك لخلوه من المهر وعدم معاوضة البضع ، مأخوذ من شغر البلد إذا خلا من الناس ، وليس فى هذا النوع عيب إلا خلوه من الصداق ، فهو لا يمس العرض والشرف .
وقد أبطله الإسلام لأن البضع جعل مقابل البضع فلم تستفد منه المرأة شيئا ، وقال ببطلانه الإمام الشافعى ، أما أبو حنيفة فقد أجازه وألزم كلاًّ بمهر المثل ، . وحكى ذلك عن عطاء والزهرى والليث بن سعد وغيرهم .
لكن لو جعل كل رجل مهرًا لمن يريد أن يتزوجها فالزواج صحيح لا غبار عليه . وهناك نوع من الزواج كانت العرب فى الجاهلية تمارسه أيضا وهو نكاح البدل أو المبادلة وصورته أن يقول رجل لآخر: خذ زوجتى وأعطنى زوجتك . روى الدارقطنى عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : كان البدل فى الجاهلية أن يقول الرجل للرجل : انزل لى عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتى أزيدك فأنزل الله عز وجل {ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن } الأحزاب : 152 .
وذكر دخول عيينة بن حصن الفزارى على الرسول وعرض عليه أن ينزل له عن أحسن من عائشة، فقال له "إن الله قد حرم هذا" وأنكر الطبرانى أن يكون هذا النوع قد حدث عند العربى لكن القرطبى قال : إن هذه الحادثة تدل على أنه كان موجودا "تفسير القرطبى ج 14 ص 221" .
ـــــــــــــــــــ
حكم اشتراط ولي المرأة أن يزوج كل منهما أخته للآخر ...
عنوان الفتوى
... فضيلة الشيخ صالح الفوزان ...
اسم المفتى
... 16439 ...
رقم الفتوى
... 27/05/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
أنا شاب أبلغ العشرين من عمري وقد تقدمت لخطبة فتاة هي ابنة عمي وبما أن لي أختًا في سن الزواج فقد رفض عمي تزوجي بابنته إلا بعد موافقتي على تزويج ابنه(44/148)
بأختي بطريقة البدل، وقد حاولت كثيرًا بإقناعه بأن ذلك لا يجوز ولكن دون جدوى فهو مصر على ذلك وتحت هذا الإصرار ولرغبتي الشديدة في التزوج من ابنته فقد وافقت أن يتزوج ابنه من أختي وأتزوج ابنته ولكن إلى الآن لم يتم الزواج فما الحكم لو تم بهذه الصورة فإن كان ذلك لا يجوز فماذا علينا أن نفعل لكي يتم عقد الزواج لي ولابنه دون ارتكاب محظور؟
نص الفتوى
الحمد لله
مثل هذا الزواج الذي سألت عنه بأنه رفض وليّ المرأة أن يزوجك بها حتى تزوجه أختك هذا الزواج لا يجوز لأنه شغار ونكاح باطل أي إذا كان تزويج المرأة مشروطًا بتزويج الأخرى فهذا هو نكاح الشغار فإن كان بدون مهر فهو شغار بإجماع أهل العلم وباطل وإن كان معه مهر فالصحيح أنه لا يجوز لأن في ذلك إضرارًا بالمرأتين في صالح الرجال والإضرار بالنساء لا يجوز لأن ولي المرأة يجب عليه أن ينظر في مصلحتها هي لا في مصلحته هو لأنه ولي عليها وراع لمصلحتها فلا يجوز له أن يستغل ضعفها وولايته عليها في صالحه هو ولو أضر ذلك بها فمثل ما سألت عنه لا يجوز الإقدام عليه والذي أراه لك أن تلتمس زوجة أخرى ليس فيها اشتراط أن تزوج وليها بأختك {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [سورة الطلاق: آية 2، 3]. والنساء كثير وما جعل الله سبحانه وتعالى في ذلك من ضيق وحرج فعليك أن تلتمس زوجة أخرى بدون أن تضر بأختك.
ـــــــــــــــــــ
حكم نكاح الشغار ...
عنوان الفتوى
... فضيلة الشيخ صالح الفوزان ...
اسم المفتى
... 17365 ...
رقم الفتوى
... 27/05/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
عندما يزوج الرجل ابنته لرجل آخر على أن يزوجه أخته فهل يسمى هذا شغارًا؟ وهل هو محرم؟ وهل ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بشأنه؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا؟
نص الفتوى
الحمد لله
إذا زوج الرجل موليته لرجل آخر على أن يزوجه الآخر موليته ولم يكن بينهما مهر فهو نكاح الشغار حيث جعلت أنثى في مقابل أنثى، وقد نهى عنه رسول الله صلى(44/149)
الله عليه وسلم [كما في "صحيح البخاري" (6/128) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.] وهو نكاح باطل يجب أن يفرق بينهما. أما إذا زوج كل واحد منهما الآخر موليته من غير اشتراط وإنما تم عن طريق التراضي ورغبة كل من المرأتين في زوجها، وكان هناك صداق تام فليس هذا من الشغار لانتفاء الضرر.
ـــــــــــــــــــ
نكاح الشغار ...
عنوان الفتوى
... فضيلة الشيخ صالح الفوزان ...
اسم المفتى
... 17367 ...
رقم الفتوى
... 27/05/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
أراد أخي الزواج من إحدى الفتيات من قريتنا فاشترط أخوها أن يزوجه أخي أخته، واتفقا على ذلك، وبعد ذلك وبعد مدة وقبل العقد لأي منهما سمعنا أن مثل هذا النكاح محرم وأنه شغار، فأخبرناهم بذلك فقال أخو الفتاة التي خطبها أخي: مادام الأمر كذلك فتزوجني أختك وبعد سنة أزوجك أختي، فوافق أخي على أن يعطيه أخته مقابل مهر قدره ستون ألف ريال على أن يتزوج أخت صهره بعد سنة بمثل ذلك المهر أو أكثر أو أقل، فهل هذا النكاح على مثل هذه الصورة جائز أم لا؟
نص الفتوى
الحمد لله
إن الأمر كما سمعتم مثل هذا التصرف من المذكورين هو نكاح شغار، وذلك بأن يزوجه موليته بشرط أن يزوجه الآخر موليته، وهذا إذا كان بدون مهر بأن جعلت إحدى المرأتين في مقابل الأخرى وهذا شغار بلا إشكال، وهو محرم، والنكاح باطل وكذلك على الصحيح يكون شغارًا حتى ولو سمي لكل واحدة منهما مهر، لأن الضرر واقع على المرأتين بكل حال، ولعموم الأحاديث التي تنهى عن نكاح الشغار وهو كما ذكرنا أن يكون زواج إحدى المرأتين مشروطًا بزواج الأخرى ولا يفيد ما ذكرتم من تأخير زواج إحداهما عن زواج الأخرى إلى سنة، فإن هذا من التحايل وهذا لا يرفع الحرمة ولا يفيد بجواز مثل هذا التصرف، فعليكم بالابتعاد عن هذا وكلٌّ يزوج موليته زواجًا صحيحًا لها فيه منفعة ولها فيه اختيار ولها فيه مهر المثل بدون أن يربط زواجها بزواج امرأة أخرى تقابلها.
ـــــــــــــــــــ
ما هو الحل فيمن وقع في نكاح الشغار؟ ...
عنوان الفتوى
... فضيلة الشيخ صالح الفوزان ...(44/150)
اسم المفتى
... 17649 ...
رقم الفتوى
... 27/05/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
أرجو الإفادة عمن وقع في نكاح الشغار كيف يتخلَّص من ذلك؛ علمًا بأن كلاً من الزوجين قد رزقا بأطفال؟ نرجو التوضيح.
نص الفتوى
الحمد لله
هذه القضية من شأنها أن تعرض على قاضي المحكمة الشرعية لينظر فيها، أو بأن يكتب لرئاسة الإفتاء والبحوث العلمية والدعوة والإرشاد في الرياض: إما عن طريق الشخص السائل، وإما عن طريق القاضي؛ بأن يأتي إليه، والقاضي يكتب إلى الإفتاء إذا لم ينته القاضي فيها إلى حكم.
أما الشغار من حيث العموم؛ فلا يجوز الإقدام عليه، والشغار معناه: أن تجعل المرأة بدل امرأة، فيزوج شخص موليته لشخص آخر؛ بشرط أن يزوجه الآخر موليته، وهذا إذا كان بدون مهر، بأن جعلت المرأة مقابل المرأة بلا مهر؛ فهذا شغار بإجماع أهل العلم، والنكاح فيه باطل، لا يجوز البقاء عليه، ويجب التفريق بينهما.
أما إذا كان فيه مهر؛ بأن يجعل لكل امرأة مهر؛ فهذا محل خلاف بين أهل العلم، والصحيح أنه أيضًا باطل؛ لأن المدار على مضرة المرأة؛ لأنه إذا شرط في التزويج أن يزوج كل منهما الآخر؛ فهذا يضر بالنساء، وتصبح الرغبة فيه للأولياء دون النساء، حتى لو سمي فيه مهر؛ فهذا لا يزيل الضرر الذي يحصل على النساء؛ لأنه قد يزوجها بمن لا يصلح لها من أجل رغبته هو وفائدته هو. هذا حكم الشغار من حيث العموم.
أما حكم الشغار في هذه الواقعة المسؤول عنها؛ فالواجب على صاحبها أن يتقدم للجهات المختصة التي هي قاضي المحكمة الشرعية القريب منه، أو إلى رئاسة البحوث العلمية والدعوة والإرشاد بالرياض؛ للنظر فيها
ـــــــــــــــــــ
حكم زواج البدل ...
عنوان الفتوى
... فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين ...
اسم المفتى
... 10795 ...
رقم الفتوى
... 27/05/2004 ...(44/151)
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
ما حكم زواج البدل، وذلك كاستبدال الأخوان كل واحد بأخته أو الآباء كل واحد بابنته؟ وما حكم من أنجب أطفالاً على هذه الطريقة؟
نص الفتوى
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
هذا نكاح الشغار، ولا يجوز إذا كان هناك شرط، كأن يقول: لا أزوج ابنك إلا إذا زوجت ابني؛ حيث أنه لابد من إكراه المرأتين أو إحداهما، فإذا رضيت المرأتان، وكان الرجلان كفئين، وأعطيت كل منهما حقها ولم يكن هناك شرط جاز ذلك.
ـــــــــــــــــــ
النكاح المؤقت فى الغربة ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 19560 ...
رقم الفتوى
... 14/07/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
سئل : هل يجوز خلال بعثة تعليمية خارج البلاد أن يتزوج الإنسان لمدة زمنية محددة ينتهى بعدها العقد أو يتم تجديده ؟ .
نص الفتوى
أجاب : نكاح المتعة نكاح مؤقت ينتهى بانتهاء المدة المتعاقد عليها بدون طلاق ، ولا توارث عند الموت وقد أحله النبي صلى الله عليه وسلم لظرف طارىء ثم أبطله بعد زوال هذا الطرف واستمر باطلا إلى يوم القيامة ، وعلى نسخه جمهور أهل السنة ، وقالوا : إن المقصود من الزواج هو الدوام والاستمرار حتى يكون هناك استقرار في الأسرة لتؤدي رسالتها من الرحمة والمودة والسكن وتربية النسل تربية منظفة .
والإمام أبو حنيفة قال : إن عقد الزواج إذا كان محدودا بمدة معينة عقد صحيح ولكن يلغى التحديد ولا يلتزم به ، وفي "المغنى " لابن قدامة الحنبلى :
لو تزوجها بغير شرط المدة إلا أن في نيته طلاقها بعد شهر، أو إذا انقضت حاجته في هذا البلد فالنكاح صحيح ، وذلك لعدم الشرط في العقد . وإن تزوجها بشرط أن يطلقها في وقت معين لم يصح النكاح .
ومن هذا ترى أن الزواج المؤقت بمدة مشروطة صحيح عند أبي حنيفة ويقع مؤبدا وبلغى الشرط ، وصحيح عند الحنابلة إذا لم يذكر الشرط وكان في نية الزوج أن(44/152)
يطلقها بعد مدة ، ولا ينتهي بمضي المدة كما هو في المتعة، لكن لابد فيه من الطلاق وله حكم الزواج العادي من حيث الميراث والنسب وسائر الحقوق .
وتمكن الاستفادة بهذين الرأيين ، ولكن عند الضرورة القصوى ، وليس في كل حال وعدمه أولى، والصبر والتفرغ للعمل أفصل .
ـــــــــــــــــــ
النسب والتوارث فى نكاح المتعة ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 19673 ...
رقم الفتوى
... 14/07/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
هل نكاح المتعة يثبت به النسب للمولود ، وهل فيه توارث ، وهل يحتاج إلى طلاق ؟
نص الفتوى
زواج المتعة هو زواج مؤقت لمدة معينة، وقد أبيح فى أيام النبى صلى الله عليه وسلم وقتا ما لحاجة الغزاة إليه ثم حرم بعد ذلك -ولم يخالف فى تحريمه إلا بعض الشيعة ، مدَّعين أن حله لم ينسخ بالتحريم ، وتوضيح ذلك موجود فى الجزء الأول من موسوعة "الأسرة تحت رعاية الإسلام " .
وأكثر المسلمين على حرمة هذا الزواج ورأى ابن مسعود وابن عباس أن الحرمة مشروطة بعدم الاضطرار ، فذلك كأكل الميتة يباح للمضطر فقط ، ولكن أدلتهم فى ذلك غير سليمة وجاء فى كتاب النهاية، والفتاوى لأبى جعفر محمد بن الحسن أبى على الطوسى المتوفى سنة 460 هجرية ، وهو من كُتَاب الشيعة، ونشر كتابه فى طهران سنة 1342 هجرية ما يأتى :
"وليس فى نكاح المتعة توارث ، شرط نفى الميراث أو لم يشترط ، اللهم إلا إن شرط أن بينهما التوارث ، فإن شرط ذلك ثبتت بينهما الموارثة . . .
ويجوز للرجل العزل -لمنع الحمل -وإن لم يكن شرط ، ومتى جاءت بولد كان لاحقا به ، سواء عزل أولم يعزل .
وجاء فى هذا الكتاب أيضا : وعدة المتمتعة إذا انقض أجلها أو وهب لها زوجها أيامها حيضتان أو خمسة وأربعون يوما إذا كانت لا تحيض وفى سنها من تحيض "من ص 497 – 502 " .
كما جاء فى "ص 182 " من كتاب المختصر النافع لأبى القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلى المتوفى سنة 676 هـ والذى طبعته وزارة الأوقاف المصرية سنة 1376 هـ عند الحديث عن أحكام النكاح المنقطع "نكاح المتعة" ما يلى :(44/153)
يجوز العزل من دون إذنها ، ويلحق الولد وإن عزل ، ولكن لو نفاه لم يحتج إلى اللعان ولا يقع بالمتعة طلاق إجماعا ولا لعان على الأظهر، ولا يثبت بالمتعة ميراث بين الزوجين .
وقال المرتضى : يثبت ما لم يشترط ، السقوط نعم لو شرط الميراث لزم ، وإذا انقضى أجلها فالعدة حيضتان على الأشهر، وإن كانت ممن تحيض ولم تحض فخمسة وأربعون يوما .
وزواج المتعة يترفع عنه كبار القوم الذين يرون حله ، ولا يرغبون بديلا عن الزواج الدائم ، لأنه الجدير بقيام الأسرة المستقرة ، ولا عبرة بما يقال من أن الأطفال يوضعون تحت رعاية المسئولين ، فإن الأسرة المستقرة لا ينكر أثرها فى تنشئة الجيل الصالح .
ـــــــــــــــــــ
ما هي العلة الشرعية في تحريم نكاح المتعة ؟ ...
عنوان الفتوى
... فضيلة الشيخ صالح الفوزان ...
اسم المفتى
... 17364 ...
رقم الفتوى
... 27/05/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
ما هي العلة الشرعية في تحريم نكاح المتعة وما الحكم في شخص كان يجهل هذا الحكم وقد تزوج امرأة زواج متعة وطلقها بعد أن حملت بمولود. وما الحكم في هذا المولود أهو شرعي وينسب إليَّ ويرث ويورث منه؟
نص الفتوى
الحمد لله
نكاح المتعة باطل محرم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه عام الفتح [انظر "صحيح الإمام البخاري" (6/129) من حديث علي بن أبي طالب وابن عباس وجابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع رضي الله عنهم.] نهيًا صريحًا وناسخًا لما سبق من الإذن بالمتعة، وأجمع على ذلك علماء المسلمين لم يخالف منهم أحد إلا من شذ من الفرق الضالة ولا عبرة بخلافهم. فالمتعة حرام ونكاح باطل بإجماع العلماء والخلاف الذي فيها خلاف شاذ لا عبرة به ولا ينقض الإجماع مع النصوص الصريحة الصحيحة في تحريم المتعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تواتر بذلك وتضافرت ودلت على بطلان نكاح المتعة، والحكمة في ذلك – والله أعلم – أن المطلوب في النكاح أن يكون لرغبة واستدامة بين الزوجين، والنكاح المؤقت – وهو نكاح المتعة – لا يحصل به المطلوب، وإنما هو لفترة معينة ثم يزول، ولا يكون بذلك عشرة ولا يكون بذلك بقاء للتزاوج والتوالد، والإسلام حريص على(44/154)
الزواج وحريص على إنجاب الذرية، وحريص على بقاء الزوجية، فالمتعة تخالف هذا كله، لأنها عبارة عن رغبة مؤقتة ونكاح مؤقت لا تحصل به المصالح الزوجية فلذلك أبطله الإسلام.
أما حكم من فعل ذلك وجاءه ولد بهذا النكاح. هل يلحق به أو لا فهذا إن كان فعله مع معرفته بالحكم وأن نكاح المتعة بطل، فإن هذا الولد لا يلحق به، لأن النكاح في حقه يكون سفاحًا أما إذا كان فعل هذا عن جهل وتقليد لمن يقول بذلك ظنًّا منه أن هذا صحيح فهذا يعتبر شبهة ويلحق به الولد.
ـــــــــــــــــــ
حكم نكاح المتعة؟ ...
عنوان الفتوى
... فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين ...
اسم المفتى
... 9935 ...
رقم الفتوى
... 27/05/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
ما حكم نكاح المتعة؟
نص الفتوى
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
نكاح المتعة، وصورته أن يتزوج الرجل امرأة مسلمة أو كتابية، ويحدد المدة، بأن يشترط أن مدة الزواج خمسة أيام، أو شهران، أو نصف سنة، أو عدة سنين معلومة المبدأ والمنتهى، ويدفع لها مهراً قليلاً، وبعد انتهاء المدة تخرج منه، وهذا النوع رخص فيه في سنة فتح مكة ثلاثة أيام، ثم نهى عنه وحرم إلى يوم القيامة وذلك أن الزوجة هي التي تطول عشرتها، كما قال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف)(النساء:19) وهذه لا تطول عشرتها، وأيضا فالزوجة هي التي تسمى زوجة شرعية، وتدوم صحبتها، وذكرت في قوله تعالى: (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم)(المؤمنون:6) وهذه ليست زوجة شرعية، لأن بقاءها مؤقت زمنا يسيرا، وأيضا فالزوجة هي التي ترث زوجها ويرثها، لقوله تعالى: (ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد)(النساء:12) الآية، وهذه لا ترث، لأنها ليست زوجة، لقصر مدتها مع الرجل، وعلى هذا فنكاح المتعة يعتبر من الزنا، ولو حصل التراضي بينهما، ولو طالت المدة، ولو دفع لها مهراً ولم يرد في الشرع ما يبيحه سوى إباحته في زمن الفتح، حيث حضره عدد كبير من الذي أسلموا حديثا، وخيف من ردتهم، لأنهم اعتادوا على الزنا في الجاهلية، فأبيح لهم هذا النكاح ثلاثة أيام، ثم حرم إلى يوم القيامة.
ـــــــــــــــــــ(44/155)
نكاح المتعة ...
عنوان الفتوى
... فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين ...
اسم المفتى
... 11190 ...
رقم الفتوى
... 27/05/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
ما زواج المتعة؟ وما حكمه في الإسلام؟
نص الفتوى
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
نكاح المتعة هو أن يتزوجها ويحدد المدة كشهر أو شهرين كل يوم بكذا أو كل شهر بكذا فإذا انتهت المدة فارقها، وقد شرع هذا النكاح في غزوة الفتح لضرورة المسلمين الجدد ثم حرم إلى يوم القيامة.
ـــــــــــــــــــ
هل يجوز للوالد منع ابنه من الزواج ...
عنوان الفتوى
... أحمد نجيب ...
اسم المفتى
... 20758 ...
رقم الفتوى
... 04/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
والدي حرم علي الزواج كوني حسب رأيه غير قادر على مسؤولية الزواج ولا أتوفر على المال اللازم للزواج لغلاء كل شيء
ونتيجة لقلة الإيمان وكثرة البنات أصبحت أعاني معاناة رهيبة فأصبت بالشبق الجنسي وهو مايجعلني أخاف على نفسي أكثر من أي وقت مضى من الزنا "عمري28 سنة"
رجاءا ماهو الحل؟ ما لعمل هل يمكنني الزواج عرفيا أو الزواج بالمتعة رغم حرمته؟
نص الفتوى
الأخ الكريم سلام الله عليك ورحمته وبركاته، وبعد
أقول مستعيناً بالله تعالى :(44/156)
يختلف حكم الزواج باختلاف حال من عَرَض له ، فقد يكون واجباً على من خشي على نفسه الفتنة ، و قد يكون حراماً على المرأة في عدّتها ، و قد يكون بين هذا و ذاك بحسب حال المُقدِم عليه .
قال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في المغني : ( من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح ، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء ، لأنه يلزمه إعفاف نفسه ، و صونها عن الحرام ، و طريقُهُ النكاح ... و يستحب لمن له شهوة يأمن معها الوقوع في محظور ، فهذا الاشتغال له به أولى من التخلي لنوافل العبادة، وهو قول أصحاب الرأي . و هو ظاهر قول الصحابة رضي الله عنهم ، و فعلهم ... وساق بعض الآثار التي أوردنا طرفاً منها ) .
وقال الإمام القرطبي في تفسيره : ( المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه و دينه من العزوبة لا يُختلف في وجوب التزويج عليه ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله : ( إن احتاج الإنسان إلى النكاح و خشي العنت بتركه قدّمه على الحج الواجب و إن لم يخف قدم الحج ) .
وقال ابن رشد : ( فأما النكاح فإنه في الجملة مرغب فيه و مندوب إليه ... و أما من احتاج إلى النكاح و لم يقدر على الصبر دون النساء ، و لا كان عنده ما يتسرى به و خشي على نفسه العَنَت إن لم يتزوج ، فالنكاح عليه واجب ) .
هذا عن حُكم النكاح بشكلٍ عام ، و الذي يظهر من حال السائل أنّه يعاني عنتاً شديداً بسبب منعه من الزواج ، و ربّما خشي على نفسه الوقوع في الفاحشة تحت تأثير الشبَق الجنسي الذي يُعاني منه ، و لذلك فالزواج في حقّه واجب ، و يجب على والده أن يُعينه عليه إن كان قادراً .
لذلك نوصي الأب بتيسير سُبُل الزواج أمام ابنه ، فإن لم يستطع أن يُعينه عليه فعلى أقل تقدير يجب عليه الكفّ عن منعه عنه ، كي لا يتسبب في انحراف ولده ، فيحمل مثل وِزره .
وعلى الابن أن يتلطّف لأبيه في عَرض حاجته ، لعلّ الله تعالى أن يقذف في قلبه من الرحمة والشفقة ما يُغيّر موقفه ، فإن أبى و أصرّ على منعه ، و وَجد الابن في نفسه الباءة ( القدرة الماديّة و الجسميّة ) على الزواج فليُقدِم عليه ، و لا بأسَ في أن يكون زواجاً عُرفياً إذا استوفى الشروط الشرعيّة ( و هي الإيجاب و القبول ، و موافقة وليّ أمر الزوجة ، و تسمية المهر ، و إشهاد ذَوَي عدلٍ على العقد ) ، لأنّ العقد إذا استوفى شروطه صحّ شرعاً ، و إن لم يُوثَّق رسمياً.
أمّا زواج المتعة فهو حرام ، و لا عبرة بما يروّج له بعض المبتدعة من أنّه مباح ، لأنّ أدلّة الإباحة منسوخة ، و قد حرّمه النبي صلى الله عليه و سلّم في حجّة الوداع ، و عليه فإنّ التلبّس به ضربٌ من الزنا في الحُكم و الأثر .
هذا و بالله التوفيق .
ـــــــــــــــــــ
حكم زواج المتعة ...
عنوان الفتوى
... نصر فريد واصل ...(44/157)
اسم المفتى
... 21047 ...
رقم الفتوى
... 06/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
يقول بعض الشيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز زواج المتعة وأن عمر رضي الله عنه هو الذي منعه فهل هذا الكلام صحيح؟ وإن كان صحيحا فهل نطيع عمر رضي الله عنه؟ وما هي حدود اتباع الخلفاء الراشدين بصفة عامة؟
نص الفتوى
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فزواج المُتْعَة حرام باتفاق علماء المسلمين وإجماعهم، وهو يُعتبر زنا ـ والعياذ بالله ـ وليس نِكاحًا صحيحًا تترتب عليه آثاره ، ومن قال غير ذلك لا يلتفت لقوله.
يقول الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر:
قمنا بدراسة وفحص ما في زواج المتعة دراسةً كاملة ومستفيضة، وقد تبين لنا بوضوح ما فيه من مغالطات ومخالفاتٍ الدينُ منها بَرَاءٌ، والسكوتُ عنها يُعتبر في حكم الكبيرة، يُعَرِّض صاحبَها لعقاب الله وغضبه " مَن رأى منكم مُنْكَرًا فليغيّرْه ".
كما أن قائلها يأخذ حكمَ المُبْتَدِع لسنة سيئة " مَن سَنَّ سُنَّةً سيئةً فعليه وزرها ووزر مَن عمل بها إلى يوم القيامة ".
ومن النصوص القرآنية التي تُحَرِّم زواجَ المُتْعَة قوله تعالى: (فما اسْتَمْتَعْتُمْ به منهنَّ فآتوهنَّ أجورَهنَّ) أي فما نكحتموه على الشريطة التي جرَت، وهي قوله: (مُحْصِنينَ غيرَ مُسافحين) أي عاقدين للتزويج (فآتوهنَّ أجورَهنَّ) أي مهورَهنَّ.
ومَن ذهب في الآية غيرَ هذا فقد أخطأ وجَهِل اللغة.
قال الألوسيّ: وهذه الآية لا تدل على الحِلّ، والقول بأنها نزلت في المُتْعَة غَلَط، وتفسير البعض لها بذلك غيرُ مقبول؛ لأن نَظْمَ القرآن يأباه حيث قال جل وعلا: (مُحْصنين غيرَ مُسافِحين) ففيه إشارة إلى النهي عن كون القصد مجردَ قضاء الشهوة وصَبّ الماء، فبطلَت المُتْعَة بهذا القيد؛ لأن مقصود التمتع ليس إلا ذاك، فهو يدل على أن المراد بالاستمتاع هو الوطء والدخول لا الاستمتاع بمعنى المُتْعَة التي يقول بها الشيعة.
وينفي أهلُ السنة بشدة ما جاء من روايات عن طريق بعض الصحابة بقراءة قوله تعالى: "فما اسْتَمْتَعْتُمْ به منهنَّ إلى أجل مسمّى فآتُوهُنَّ أجورَهنّ" فقد اعتبر أهلُ السُّنَّة هذه القراءة من القراءات الشاذة التي لا يُعتدّ بها لكونها تُخالِف القراءات المُتواتِرة المُجْمَع عليها عندهم.(44/158)
وأما دليلهم من السنة على التحريم فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناسُ قد كنت آذنتُ لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرَّم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهنّ شيء فليُخْلِ سبيلَه، ولا تأخذوا مما آتيتموهنّ شيئًا".
وقول عمر: إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أَذِنَ لنا في المُتْعَة ثلاثًا ثم حرَّمها، والله لا أعلم أحدًا يتمتع وهو مُحْصَن إلا رجمته بالحجارة حتى يأتيَني بأربعة يَشهدون أن رسولَ الله أحلَّها بعد أن حرَّمها.
ولقد حَرَّم عمر زواجَ المُتْعَة وبجانبه عظماءُ الصحابة فأقروه على ذلك، وليس منطقيًّا أن يقروه على باطل، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، والرأي مَكفول لصاحبه، وهم الذين قالوا: لو وجدنا فيك اعوجاجًا لقَوَّمْناك بسيوفنا.
فكان رده عليهم لا خيرَ فيكم إذا لم تقولوها، ولا خيرَ فيَّ إذا لم أسمعها منكم.
ويُروى أن عليًّا قال لابن عباس، وكان يُبيح المُتْعَة: مهلاً يا بن عباس فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عنها يومَ خيبر، وعن لحوم الحُمُر الإنسية.
ويَروي الدارقطنيّ عن أبي هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "حَرَّم أو هَدَمَ المُتْعَةَ النكاحُ والطلاقُ والعِدَّةُ والميراث".
إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي وردت في هذا الباب، وما اشْتُهِرَ عن ابن عباس من حِلّه لزواج المُتْعَة فقد ثَبَتَ رجوعه عنه وعن الفُتْيا بذلك.
والله أعلم.
ويقول الدكتور الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي عن زواج المتعة.
الزواج في الإسلام عقد متين وميثاق غليظ، يقوم على نية العشرة المؤبدة من الطرفين لتتحقق ثمرته النفسية التي ذكرها القرآن -من السكن النفسي والمودة والرحمة- وغايته النوعية العمرانية من استمرار التناسل وامتداد بقاء النوع الإنساني (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) سورة النحل:72.
أما زواج المتعة، وهو ارتباط الرجل بامرأة لمدة يحددانها لقاء أجر معين، فلا يتحقق فيه المعنى الذي أشرنا إليه. وقد أجازه الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يستقر التشريع في الإسلام. أجازه في السفر والغزوات، ثم نهى عنه وحرمه على التأبيد.
وكان السر في إباحته أولا أن القوم كانوا في مرحلة يصح أن نسميها (فترة انتقال) من الجاهلية إلى الإسلام؛ وكان الزنى في الجاهلية ميسرا منتشرا. فلما كان الإسلام، واقتضاهم أن يسافروا للغزو والجهاد شق عليهم البعد عن نسائهم مشقة شديدة، وكانوا بين أقوياء الإيمان وضعفاء؛ فأما الضعفاء، فخيف عليهم أن يتورطوا في الزنى، أقبح به فاحشة وساء سبيلا.
وأما الأقوياء فعزموا على أن يخصوا أنفسهم أو يجبوا مذاكيرهم كما قال ابن مسعود: "كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساء فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ورخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل".(44/159)
وبهذا كانت إباحة المتعة رخصة لحل مشكلة الفريقين من الضعفاء والأقوياء، وخطوة في سير التشريع إلى الحياة الزوجية الكاملة، التي تتحقق فيها كل أغراض الزواج من إحصان واستقرار وتناسل، ومودة ورحمة، واتساع دائرة العشيرة بالمصاهرة.
وكما تدرج القرآن بهم في تحريم الخمر وتحريم الربا -وقد كان لهما انتشار وسلطان في الجاهلية- تدرج النبي صلى الله عليه وسلم بهم كذلك في تحريم الفروج. فأجاز عند الضرورة المتعة ثم حرم النبي صلى الله عليه وسلم هذا النوع من الزواج. كما روى ذلك عنه علي، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم. ومن ذلك ما أخرجه مسلم في (صحيحه) عن سبرة الجهني "أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة، فأذن لهم في متعة النساء. قال: فلم يخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وفي لفظ من حديثه: "وإن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة".
ولكن هل هذا التحريم بات كزواج الأمهات والبنات أو هو تحريم مثل تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير، فيباح عند الضرورة وخوف العنت؟
الذي رآه عامة الصحابة أنه تحريم بات حاسما لا رخصة فيه بعد استقرار التشريع. وخالفهم ابن عباس فرأى أنها تباح للضرورة. فقد سأله سائل عن متعة النساء فرخص له فقال له مولى له: إنما ذلك في الحال الشديد، وفي النساء قلة أو نحوه؟ قال ابن عباس: نعم.
ثم لما تبين لابن عباس رضي الله عنه أن الناس توسعوا فيها ولم يقتصروا على موضع الضرورة، أمسك عن فتياه ورجع عنها
ومن هنا أختي السائلة تعلمين أنه ليس تحريم عمر من عند نفسه وإنما بناء على الأحاديث التي ثبتت عنده وقد أقره الصحابة على فعله وهم الذين كانوا لا يخشون في الله لومة لائم وهذا هو الضابط الذي يبيح لنا الأخذ برأي الصحابي فلابد ألا يعارض نصا صريحا من كتاب ولا سنة وألا يخرق الإجماع المتفق عليه.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
حكم الزواج بنية الطلاق ...
عنوان الفتوى
... فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين ...
اسم المفتى
... 10735 ...
رقم الفتوى
... 03/06/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
أنا شاب لا استطيع الزواج لعدم مقدرتي على ذلك، وأخاف الله جل جلاله، وأرغب الزواج من خارج المملكة بنية الطلاق؛ وذلك حفاظاً على نفسي من الوقوع في(44/160)
الحرام، حتى ييسر الله أمر الزواج، آمل من صاحب الفضيلة الإجابة الشافية، أطال الله في عمرك.
نص الفتوى
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يشترط في النكاح تعيين الزوجين، ورضاهما، والإيجاب من الولي المرشد، والقبول من الزوج، وحضور شاهدي عدل، ولابد من المهر الذي يفرض لأمثالها، ولا تحدد مدة البقاء معها، بل يتزوجها على أنها زوجة مستمرة، فإن أضمر الزوج التجربة أو الطلاق بعد مدة، وكان ذلك في نفسه، ولم ينقصها من صداقها المعتاد، فلا يفسد ذلك النكاح في الظاهر، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الزواج بنية الطلاق ...
عنوان الفتوى
... فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين ...
اسم المفتى
... 11191 ...
رقم الفتوى
... 27/05/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
شخص سافر إلى أمريكا بغرض الدراسة هل يجوز له أن يتزوج وهو بنيته الطلاق بعدما ينهي دراسته؟ علماً بأن المرأة غير مسلمة.
نص الفتوى
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الزواج في أمريكا يجوز ولو لكتابية كالنصرانية، وإذا أضمر أنه يطلقها بعد أنتهاء الدراسة جاز له ذلك، لكن لا يشترط في العقد ولا يحدد المدة ولا ينقص من المهر لأجل هذا الغرض ولا يضره كونه يضمر الطلاق في قلبه فربما تتغير نيته، فإن طلق فهو الخاسر والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
حكم الزواج بنية الطلاق ...
عنوان الفتوى
... فيصل مولوي ...
اسم المفتى
... 21354 ...
رقم الفتوى
... 13/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع(44/161)
... ...
نص السؤال
ما حكم الزواج بنية الطلاق لطلب العفة وذلك لمن يدرس في بلاد الغرب؟
نص الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
الزواج بنية الطلاق لا يجوز. لكنه إذا حصل يكون الزواج صحيحا ونية الطلاق باطلة، ويجب الرجوع عنها، كما أنني لا أجد أي مبرر لنية الطلاق طالما أن المسلم يمكنه أن يطلق عند حصول أي سبب سواء كان ناوياً ذلك من قبل أو لم يكن ناويًا. فإذا تزوج المسلم في روسيا امرأة روسية حتى لا يقع في الحرام فما هي حاجته إلى نية الطلاق؟ إنه لو أنهى دراسته ورغب أن يعود إلى بلده وكانت زوجته منسجمة معه فيمكنه أن لا ينفذ نية الطلاق، وأن يعيدها معه إلى بلده ولا حرج في ذلك. كما أنه لو تزوجها بنية الطلاق بعد سنة أو عندما ينهي دراسته، ثم تبيّن له بعد أيام أنه لا يستطيع الحياة معها لأسباب معينة فإنه يمكنه أن يطلقها، ولو لم تمض المدة التي كان ينوي الطلاق عندها. فما هي إذًا فائدة نية الطلاق إذا كان بإمكانه أن يطلق قبل انقضاء المدة التي في نيته، وبإمكانه أن يبطل هذه النية، وأن يبقي الحياة الزوجية إلى الوفاة؟
إنني لا أجد أي فائدة أو حاجة أو ضرورة لنية الطلاق عند الزواج، ولذلك فإني أنصح كل مسلم يقدم على الزواج في بلاد الغرب أن يلتزم بالحكم الشرعي، وأن لا يعقد النية على الطلاق أصلا طالما أن بإمكانه أن يطلق إذا وجد أي سبب يدعو إلى ذلك وفي أي وقت من الأوقات
ـــــــــــــــــــ
تصدر غير المتمكن للفتيا ...
عنوان الفتوى
... أحمد نجيب ...
اسم المفتى
... 20749 ...
رقم الفتوى
... 04/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
أنا أحد أفراد الجاليةِ المسلمة المقيمة في إيرلندا منذ بِضعِ سنوات ، و بحكم إقامتنا في الغَرب تَعرِض لنا بعض الإشكالات الشرعيّة ، و نحتاج إلى معرِفة حُكم الشرع فيها ، و لكن ليس لدينا من نستفتيه من أهل العلم سوى إمامَي المسجدين الموجودَين في دَبلن ، و لا ثالث لهما ، عِلماً بأنّ أحدَهما مهندس زراعي في الأصل ، و ليس من العلماء بالشريعة و لا أهل الاختصاص ، و هو يُقرّ بذلك ، و لكنّه من حملة القرآن الكريم ، و له مطالعات في العلوم الشرعيّة ، و الآخر أزهري معروف بتبنّيه(44/162)
منهج التيسير في الفتوى على نحو لم نعُد نطمئن معه إلى أنّ ما يُفتينا به هو الحكم الشرعي الفصل فيما يُعرَض عليه . فما هي نصيحتكم لنا في هذه الحال ، هل نأخُذ ديننا عن هؤلاء ، أم نرجع إلى الكتب القديمة رُغمَ ندرتها و عدم قُدرتنا على الاستنباط منها مباشرةً ، أم نلجأ إلى مفتين في بلاد أخرى إذا احتجنا لفتوى في أمور معيشتنا اليوميّة ؟
نص الفتوى
الأخ الكريم سلام الله عليك ورحمته وبركاته، وبعد من حيث المبدأ لا أحبّذ وجود مرجعيّة وحيدة للفتوى في أيّ زمان أو مكان ، لأنّ حصر الإفتاء في فردٍ أو فئة معيّنة ( سواءً كانت مجلساً أو مجمعاً أو لجنةً أو غير ذلك ) ذريعةٌ إلى إغلاق باب الاجتهاد الفسيح في الفقه الإسلامي ، و قد تعيدنا إلى عصر الجمود الذي قيّد الأمّة لقرون عديدة من الزَمَن . و لا يعني هذا أننا نؤيّد فتح باب الاجتهاد على مصراعيه أمام من هبّ و دبّ ، من حاز ملكته و استوفى شروطه ، و من لم يتأهّل له من حُدثاء الأسنان ، و صغار طلبة العلم ، و قليلي الخبرة ، ممّن حالُهم يُبكي المتأخّرين كما أبكى المتقدّمين . روى ابن عبد البرّ عن الإمام مالك أنّه دَخل على شيخه ربيعة الرأي فوجده يبكي فقال له : ما يبكيك ، أمصيبة نزلت بك ؟ قال : لا ، و لكن استُفتي من لا علم له ، و وقع في الإسلام أمر عظيم ، و لَبعض من يُفتي هاهنا أحق بالسجن من السُرَّاق ) [ أدب المفتي و المستفتي ، للنووي ، ص : 85 ] . و الناس في باب الاجتهاد طرَفان و وسط ، و خير الأمور أواسطها ، و من التوسّط أن يتبوّأ كلٌّ مكانه ، فللاجتهاد أهله من العلماء الراسخين ، و للتقليد أهلوه الذين لا يَسعُهم غيرُه ، و لا يَصدُرون إلاّ عنه . و ما ذَكره السائل من أنّ أحد الإمامَين في بلد إقامته غير مختصٍّ في العلوم الشرعيّة ليس حجّة في الانصراف عن سؤاله عمّا يعلمه بدليله ، و لا يُبرّر ردّ كلّ ما عنده ، لأنّ العلم ليس بالشهادات و لا الدَرَجات الأكاديميّة المعروفة في هذا العصر ، و إنّما هو بالطَلب و الحِرص و التحصيل ، فمن أخذه فقد أخَذ بحظّ وافر . بل يتعيّن على المُستَفتَى أن يُفتي باجتهاده فيما عَرَف فيه الحقّ بدليله ، و لو كان ذلك في مسائل أو حالات معدودة . قال شمس الدين ابن القيّم رحمه الله : ( الاجتهاد حالة تقبل التجزؤ والانقسام فيكون الرجل مجتهدا في نوع من العلم مقلدا في غيره أوفي باب
من أبوابه كمن استفرغ وسعه في نوع العلم بالفرائض وأدلتها واستنباطها من الكتاب والسنة دون غيرها من العلوم أوفي باب الجهاد أو الحج أو غير ذلك فهذا ليس له الفتوى فيما لم يجتهد فيه و لا تكون معرفته بما اجتهد فيه مسوغة له للإفتاء بما لا يعلم في غيره . ... فإن قيل : ما تقولون فيمن بذل جهده في معرفة مسألة أو مسألتين هل له أن يفتي بهما ؟ قيل نعم يجوز في أصح القولين وهما وجهان لأصحاب الإمام أحمد ، و هل هذا إلا من التبليغ عن الله و عن رسوله ؟ و جزى الله من أعان الإسلام و لو بشطر كلمة خيراً ، و منعُ هذا من الإفتاء بما عَلِمَ خطأ محض ) [ إعلام الموقعين : 4 / 216 و 217 ] . و إذا فُرِضَ جَدَلاً صحّة ما ذَكره السائل من عَدَم وُجود مفتٍ مؤَهّل موثوقٍ في دينه و منهجه يُرجَعُ إليه في بَلدٍ ما وجبَ على أهل ذلك البلد أن ينتدبوا منهم من يطلُب العلم ، و ذلك في حقّهم واجبٌ(44/163)
على الكفاية ؛ إن قام به من يكفي فبها و نِعمَت ، و إلا لَحِقَهُم الإثم جميعاً ، قال تعالى : ( فَلَولا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) [ التوبة : 122 ] . و إلى أن يقوم بينَ ظهرانيهم من تقوم به الحجّة ، و تتضح بفتاواه معالمُ المَحَجَّة يَجب عليهم ردُّ ما وقع فيه الخلاف بينهم إلى من عُرِف بذلك من أهل العلم و لو كان مُقيماً في ديارٍ غير ديارهم . و ينبغي لمن يُتَّخذُ مفتِياً أن يكون معروفاً إلى جانبِ علمِه بتزكيةِ العلماء له ، و ثنائهم عليه ، و شهادَتهم بكفاءته . قال الإمام مالك رحمه الله : ما أفتيت حتى شهِدَ لي سبعون أني أهلٌ لذلك ) ، و في روايةٍ : ( ما أفتيتُ حتى سألتُ من هو أعلم مني : هل يراني موضعاً لذلك ؟ ) ، و قال أيضاً : ( لا ينبغي لرجُلٍ أن يرى نفسَه أهلا لشيءٍ ، حتى يَسألَ من هو أعلم منه ) [ آداب الفتوى
للنووي ص : 18 ] . أمّا اتّخاذ التيسير منهجاً في الفتوى ، على النحو الذي نراه اليَوم من بعض المشائخ ، فهو ممّا عمّت به البلوى ، و ابتلي به كثير من المسلمين ، و بخاصةٍ أولئك الذين اجتمعت عليهم غربةُ الزمان و المكان في الغرب ، و في النفس من هذا المنهج أشياءٌ و أشياءٌ . و هاهُنا جُملة مسائل ذات صلةٍ بموضوع التساهل و التيسير في الفُتيا أرى لزاماً عليّ بيانُها في هذا المقام ، إذ إنّ تأخير البيان عن وقتِ الحاجة لا يجوز شرعاً ، و لا يسوغ عقلاً ، و من أراد الاستزادة أحَلنَاهُ إلى كُتُب الأقدمين ، و إن أرادَ خُلاصتها فعليه برسالتنا المسمّاة ( الفتاوى المُعاصرة .. بين التيسير و المسايرة ) ففيها مزيد بيان للمسائل التالية و غيرها : المسألة الأولى : الإفتاء منصب خطير ، و لذلك كان أورَعُ الناس أزهدَهم فيه ، و إذا كان الأجرؤ على الفتوى الأجرأَ على النار ، فلا غَروَ في أن يعزُفَ عنها خيار السلفِ و الخَلَف ، ما لم تصير عليهم مُتعيّنةً ، خشيةً أن يشملهم عموم قول الله عز و جلَّ : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَ حَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ) [ يونس : 59 ] . قال أبو القاسم الزمخشري رحمه الله : ( كفى بهذه الآية زاجرة زجراً بليغاً عن التجوُّز فيما يُسأل عنه من الأحكام ، و باعثةً على وجوب الاحتياط فيه ، و أن لا يقول أحد في شيءٍ جائزٍ أو غيرَ جائزٍ ؛ إلا بعد إيقانٍ و إتقانٍ ، و من لم يوقِن فليتَّق الله ، و ليصمِت ، و إلا فهو مفترٍ على الله ) [ الكشّاف : 2 / 242 ]. و أخرج الدار مي في مقدّمة سننه عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ مرسلاً أنّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : « أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَأُكُمْ عَلَى النَّارِ » . و قال الإمام النووي رحمه الله : اعلم أن الإفتاء عظيم
الخطر كبير المَوقِع ، كثيرُ الفضلِ ؛ لأن المفتي وارثُ الأنبياءِ صلوات الله و سلامه عليهم و قائم بفرض الكفاية لكنه معرض للخطأ . و لهذا قالوا : المفتي مُوقِّعٌ عن الله تعالى ، و رُوِّينا عن ابنِ المُنكدِر قال : العالمُ بينَ اللهِ تعالى و خَلْقِهِ ، فلينظُر كيف يدخُل بينَهم ، و رُوِّينا عن السلف و فضلاء الخَلَف مِنَ التوقُّف عن الفُتيا أشياء كثيرة معروفة نذكر منها أحرُفا تبركاً و رُوّينا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال أدركت مائةً و عشرين من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يُسأل أحدهم عن المسألة ؛ فيردها هذا إلى هذا و هذا إلى هذا حتى ترجِعَ إلى الأول ، و في روايةٍ : ما مِنهُم من يُحدِّث بحديث إلا وَدَّ أن أخاهُ كفاهُ إيَّاهُ ، و لا يُستفتَى عن(44/164)
شيءٍ إلا ودَّ أن أخاه كفاه الفُتيا ، و عن ابن مسعود و ابن عباس رضي الله عنهم : من أَفْتَى في كُلِّ ما يُسأل فهو مجنون ، و عن الشَّعبي ، و الحَسَن ، و أبي حُصَين التابعِيَّيْن قالوا : إنَّ أحدكم ليُفتي في المسألة ، و لَو وَرَدَت على عُمَر بنِ الخطاب رضي الله عنه ؛ لجمع لها أهل بدر ، و عن عطاءِ بنِ السائب التابعيِّ : أدركتُ أقواماً يُسأل أحدهم عن الشيء فيتكلم و هو يَرْعَدُ ، و عن ابن عباسٍ ، و محمد بن عجلان : إذا أَغْفَلَ العالِمُ لا أدري أُصيبَتْ مَقَاتِلُه ، و عن سُفيَان بن عيينة ، و سَحنُون : أَجسَرُ النّّاسِ على الفُتيا أقَلُّهم عِلماً ، و عن الشافعي ، و قد سُئِل عن مسألةٍ فلم يُجِب ، فَقِيلَ له ، فقال : حتى أدري أنَّ الفضلَ في السكوتِ أو في الجواب . و عن الأثرَمِ : سمعتُ أحمدَ بنَ حنبل يُكثِر أن يقول : لا أدري ، و ذلك فيما عَرَفَ الأقاويلَ فيه ، و عن الهيثم بنِ جميلٍ : شهدتُ مالكاً سُئِلَ عن ثمانٍ و أربعينَ مسألةٍ ، فقال : في ثِنتَين و ثَلاثين منها : لا أدري ، و عن مالكٍ أيضاً أنَّهُ رُبَّما كان يُسأل عن خمسين مسألة فلا
يُجيب في واحدةٍ منها ، و كان يقول : مَن أجاب في مسألةٍ فينبغي قبلَ الجواب أن يعرِضَ نفسَه على الجنَّةِ و النّار ، و كيفَ خَلاصُهُ ، ثُمّ يُجيب ، و سُئِل عن مسألة ، فقال : لا أدري ، فقيل : هي مسألةٌ خفيفة سهلة ، فغضب و قال : ليس في العلم شيءٌ خفيفٌ ، و قال الشافعي : ما رأيتُ أحداً جمعَ الله تعالى فيه من آلةِ الفُتيا ما جَمَع في ابن عُيَيْنَة أسكتَ منهُ على الفُتيا ، و قال أبو حنيفة : لولا الفَرَق ( و هو الخوف ) مِن الله تعالى أن يَضيعَ العلم ؛ ما أفتيت ، يكون لهم المَهْنأ و علَيَّ الوِزرُ ، و أقوالُهُم في هذا كثيرة معروفة .اهـ. [ آداب الفتوى ، للإمام النووي ، ص : 13 و ما بعدها ] . و لعلّ من المناسب في هذا المقام أن أذكّر نفسي و إخواني بما أورده الشيخ منصور بن يونس البهوتي [ في كشاف القناع في الفقه الحنبلي : 6 / 299 ] من توجيه سديد يُزهّد في التصدّر للفتوى لمن لا قبل له بها ، و من لم يستوفِ شروطها ، و ترشد من تبوّأها إلى ما ينبغي أن تكون عليه حاله فيها ، بعدَ أن ذَكرَ بعضَ ما أورَده الإمام النووي فيما نقلناه آنِِفاً ، إذ قال : و أنكر الإمام أحمد و غيره على من يهجُمَ على الجواب لخَبَرِ : ( أجرؤُكم على الفتيا أجرؤكم على النار ) . و قال أحمد : ( لا ينبغي أن يجيب في كل ما يُستَفْتَى فيه ) . و قال : ( إذا هابَ الرجلُ شيئاً لا ينبغي أن يُحمَل على أن يقول ) . و قال : ( لا ينبغي للرجل أن يُعَرِّضَ نفسَهُ للفُتيا حتى يكون فيه خمس خصال : • إحداها : أن تكون له نيّةٌ ، أي : أن يُخلص في ذلك لله تعالى ، و لا يقصد رياسةً ، و لا نحوَها ، فإن لم يكن له نيّةٌ لم يكن عليه نُورٌ ، و لا على كلامه نور ، إذ الأعمالُ بالنيّات ، و لكل امرئ ما نوى . • الثانية : أن يكون له حِلمٌ و وَقار و سكينة ، و إلا لم يتمكن من فعل ما تصدى له ؛ من بيان الأحكام الشرعية . • الثالثة : أن يكون قويّاً على ما هو فيه ، و
على معرفَتِهِ ، و إلا فقد عرَّض نفسه لعظيم . • الرابعة : الكفايةُ ، و إلا أبغَضَهُ الناسُ ، فإنّه إذا لم تكن له كفايةٌ احتاج إلى الناس ، و إلى الأخذِ ممّا في أيديهم ؛ فيتضررون منه . • الخامسة : معرفةُ الناس ؛ أي : ينبغي له أي للمفتي أن يكون بصيرا بمكر الناس و خِداعِهِم ، و لا ينبغي له أن يُحسِن الظن بهم ، بل يكون حذِراً فَطِناً مما يصورونه في سؤالاتهم ، لِئَلا يوقِعُوه في المكروه .اهـ من كشّاف القناع .(44/165)
و ممّا جاء في تحرّز السلف من الإفتاء ما أورده الحافظ المناوي رحمه الله [ في فتح القدير : 1 / 158 ] ، و منه بعض ما تقدّمَ ، و زاد عليه : و كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إذا سُئِل قال : ( اذهب إلى هذا الأمير الذي تقلَّد أمرَ الناس فضعها في عنقه ) ، و قال أيضاً : ( يُريدون أن يجعلونا جسراً يمُرُّونَ علينا إلى جهنم ) . فرضي الله عنهم ما أورَعهم و ما أبعَدَهم عن التكلّف و التطلّع و استشراف النفس إلى ما تُخشى عواقبه في الدين و الدنيا ، و ما أحسن تعليق الإمام المناوي على ما أورَد من أخبارهم بقوله : ( و بما تقرّر يُعلَمُ أنّه يَحرُم على المُفتي التساهل ) . قلتُُُُ : و يوافق قولَ النووي : ( قالوا : المفتي مُوقِّعٌ عن الله تعالى ) المتقدّمَ فِعلُ ابنِ القيّم حيث سمّى كتابه الشهير إِعلام ( و ضُبِطَ : أَعلام ) الموقّعين عن ربّ العالمين . و كذا قول الإمام الشاطبي رحمه الله : ( المفتي قائمٌ في الأمّة مقام النبيّ صلى الله عليه و سلّم ) [ الموافقات : 4 /140 ] . المسألة الثانية : يحرُم التساهل في الفتوى بدعوى التيسير ، كما يَحرُمُ استفتاء من عُرِف بالتساهل ، ما لم يَكُن المفتي صادراً عن دليلٍ شرعيٍّ ( من الكتاب أو السنّة أو الإجماع أو القياس ) منضبط . قال الإمام الشافعي رحمه الله: ( لا يجوز لمن استأهل أن يكون حاكماً أو مفتياً أن يحكم و لا أن يفتي إلا من جهةِ خبرٍ لازمٍ ... و ذلك الكتاب
و السنة ، أو ما قاله أهل العلم لا يختلفون فيه ، أو قياس على بعض هذا ، و لا يجوز له أن يحكم و لا يُفتي بالاستحسان ) [ الأم : 7 / 298 ] . وقال النووي رحمه الله : ( يحرم التساهل في الفتوى و من عُرِف به حرم استفتاؤه ) [ آداب الفتوى و المفتي ، ص : 37 ] . و قال ابن الصلاح رحمه الله : ( لا يجوز للمفتي أن يتساهل في الفتوى , و من عرف بذلك لم يجز أن يُستفتى , و ذلك قد يكون بأن لا يَتثبَّت و يسرع بالفتوى قبل استيفاء حقها من النظر و الفِكر, و ربّما يحمله على ذلك توهمه أن الإسراع براعةٌ , و الإبطاءَ عجزٌ و منقصة ، و ذلك جهلٌ ، و لأن يُبطئ و لا يخطئ , أجمل به من أن يَعْجَلَ فيضلَّ و يَضِلَّ ) [ فتاوى ابن الصلاح : 1 / 46 ، و انظره في أدب المفتي و المستفتي 1 / 111 ] . و قال ابن مفلح الحنبلي رحمه الله : ( يحرم تساهل مُفتٍ في الفتيا ، و تقليد معروفٍ به ) [ الفروع : 6 / 379 ] . و قال في موضع آخر : ( يحرم التساهل في الفتيا ، و استفتاء من عُرف بذلك ) [ المبدع : 10 / 25 ، و نقله عنه البهوتي في كشاف القناع : 6 / 300 ] . المسألة الثالثة : إن السلَف الصالح ( و منهم من بَلَغَنا خبَرُهم من الصحابة و الأئمّة الأربعة و غيرهم ) رضوان الله عليهم أجمعين دأبوا على التحذير من تتَبّع الرخَص في الفتوى ، و اعتبروا ذلك من علامات فساد دين فاعله ، و حذَّروا منه أشدّ التحذير ، و من ذلك قول الإمام النووي المتقدّم : ( لو جاز اتّباع أي مذهب شاء لأفضى إلى أن يلتقط رُخَص المذاهب متبعاً لهواه ، و يتخير بين التحليل ، و التحريم ، و الوجوب ، و الجواز ، و ذلك يؤدي إلى الانحلال من ربقة التكليف ) . [ المهذّب شرح المجموع : 1 / 5 ] . و ذكر الإمام الشاطبي رحمه الله التلفيق بين المذاهب ، فذمّه بقوله : ( يُفضي إلى تتبّع رُخَص المذاهب من غير استنادٍ إلى دليلٍ شرعيٍ ) [ الموافقات : 4 / 72 ] ، ثمّ روى عن ابن حزم حكاية الإجماع على ((44/166)
أنّ ذلك فِسقٌ لا يَحِلّ ) . [ الموافقات : 4 / 74 ] . و قال الحافظ الذهبي : ( من تتبع رخص المذاهب و زلات المجتهدين ؛ فقد رَقَََّ دينُه كما قال الأوزاعي و غيره : من أخذ بقول المكيين في المتعة ، و الكوفيين في النبيذ ، و المدنيين في الغناء ، و الشاميين في عِصمة الخلفاء ؛ فقد جمع الشر . و كذا من أخذ في البيوع الربوية بمن يتحيل عليها ، و في الطلاق و نكاح التحليل بمن توسع فيه ، و شِِبه ذلك ، فقد تعرض للانحلال فنسأل الله العافية و التوفيق ) [ سير أعلام النبلاء : 8 / 90 ] . روى الحافظ ابن عبد البر عن سليمان التيمي قال: ( لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع في الشر كله ) ، ثمّ قال ابن عبد البر : و هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً . اهـ . [ جامع بيان العلم و فضله : 2 / 112 ] . المسألة الرابعة : إنَّ في تتبّع التخفيفات ، و العزوف عن العزائم إلى الرخَص ، مذمومٌ لما فيه من مجاراة اليهود الذين غَضِبَ الله عليهم و لعنهم ، و جَعلَ منهم القردة و الخنازير . روى القرطبي في تفسير قول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَ إِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ) [ المائدة : 41 ] عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، قال : زنى رجل من أهل فَدَك ، فكتب أهل فدك إلى ناسٍ من اليهود بالمدينة ؛ أن سلوا محمداً عن ذلك فإن أمركم بالجلد فخذوه وإن أمركم بالرجم فلا تأخذوه ... فنزلت . [ تفسير القرطبي : 6 / 177 ] و في سنن أبي داود عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : زَنَى رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ وَ امْرَأَةٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ : اذْهَبُوا بِنَا إِلَى هَذَا النَّبيِّ فَإِنَّهُ نَبِيٌّ بُعِثَ بِالتَّخْفِيفِ فَإِنْ أَفْتَانَا بِفُتْيَا دُونَ الرَّجْمِ قَبِلْنَاهَا وَاحْتَجَجْنَا بِهَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْنَا فُتْيَا نَبيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِكَ . المسألة الخامسة : تشبّثَ دُعاة التيسير من المفتين المُعاصِرين بجملة من الشُبَه ، انتصاراً لمذهبهم ، و من ذلك : شبهتهم الأولى و ردُّها : استدلالهم بعموم النصوص الدالّة على أنّ التيسير و رَفع المشقّة مقصد من مقاصَد التشريع الإسلامي ، كقوله تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) [ البقرة : 185 ] . و يغفلون عن صدر هذه الآية الذي فيه رَفعُ رُخصة الفطر في رَمضان مع الكفّارة لمن قدِرَ على الصوم ، و هو ما ثبتَ بقوله تعالى في الآية السابقة لها : ( وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) . رَوَى الْبُخَارِيّ عَنْ سَلَمَة بْن الأَكْوَع أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ ( وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) ، كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطِر و يَفْتَدِي حَتَّى نَزَلَتْ الآيَة الَّتِي بَعْدهَا فَنَسَخَتْهَا. قلتُ : و هذا من قبيل النسخ بالأشد ، و هو من التشديد و ليس من التيسير ، في شيءٍ ، فتأمّل ! و مثل ذلك استدلالهم بقوله تعالى : ( وَ مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) [ الحج : 78 ] ، متغافلين عن صدر الآية ذاتها ، و هو قوله تعالى : ( وَ جَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ ) مع أنّه لا مشقّة تفوق مشقّة الجهاد و التكليف به ، فبقي أن يُحمل رَفع الحرج على ما رُفِعَ بنصّ الشارع الحكيم سبحانه ، لا بآراء المُيَسّرين . و من هذا القبيل ما رواه الشيخان في صحيحيهما ، و أبو داود في سننه , و أحمد في مسنده ، عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضى الله عنها ، قَالَتْ : ( مَا(44/167)
خُيِّرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا ، مَا لَمْ يَأْثَمْ ، فَإِذَا كَانَ الإِثْمُ كَانَ أَبْعَدَهُمَا مِنْهُ ) . و ما رواه البخاري في كتاب العلم من صحيحه ، و مسلم في الجهاد و السير عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه , عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : « يَسِّرُوا و لاَ تُعَسِّرُوا ، و بَشِّرُوا و لاَ تُنَفِّرُوا » . و في روايةٍ للبخاري في كتاب الأدب : « يَسِّرُوا و لاَ تُعَسِّرُوا ، و سَكِّنُوا و لاَ تُنَفِّرُوا » . و روى مسلم و أبو داود عَنْ أَبِى مُوسَى رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا بَعَثَ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ قَالَ : « بَشِّرُوا و لاَ تُنَفِّرُوا و يَسِّرُوا و لاَ تُعَسِّرُوا » . قلتُ : جميع ما تقدّم من نصوص الوحيَين ، و كثيرٌ غيره ممّا يقرّر قيام الشريعة الغرّاء على اليُسر و نفي الضرر ، و رفع الحَرَج ، فهِمَه الميسّرون على غير وجهه ، و حمّلوه ما لا يحتمل ، متعنّتين في توجيهه لنُصرة شُبهَتهم القاضيةَ بجَعل التيسير في الفتوى منهاجاً رَشَداً ، و فيما يلي نقضُ غَزلهم ، و كشف شبههم إن شاء الله : أوّلاً : ثمّة فرقٌ لغويٌ بين اليُسر و التيسير ، فاليُسر صفةٌ لازمةٌ للشريعة الإسلاميّة ، و مقصدٌ من مقاصدها التشريعيّة جاء به الكتاب و السنّة ، و أنزله النبيّ صلّى الله عليه و سلّم و السلفُ الصالحُ منزلَتَه ، أمّا التيسير فهو من فِعل البشر ، و يعني جَعلَ ما ليس بميسَّرٍ في الأصل يسيراً ، و هذا مَوطِنُ الخَلل . ثانياً : إن اختيار النبيّ صلّى الله عليه و سلّم للأيسر في كلّ أمرين خُيِّرَ بينهما ، كما في حديث عائشة رضي الله عنها المتقدّم فيه أربع نكات لطيفةٍ : الأولى : أنَّ الاختيار واقع منه صلّى الله عليه و سلّم فيما خُيّر فيه ، و ليس في كلّ ما أوحيَ إليه أو كُلّف به ، هو أو
أمّته ، و مثال ذلك الاختلاف في صيَغ الأذان ، و تكبيرات العيد ، و ما إليه حيث لا يعيبُ من أخَذ بهذا على من أخذَ بذاك من العلماء ، لثبوت الروايات بالأمرين كليهما . و الثانيّة : تقييد التخيير بما لم يكُن إثماً ، و لا شكّ أنّ العدول عن الراجح إلى المرجوح ، أو تعطيل ( و من باب أولى رد ) ما ثبت من الأدلّة الشرعيّة إثمٌ يُخشى على صاحبه من الضلال ، فلا وَجه لاعتباره من التيسير المشروع في شيء . و الثالثةُ : أنّ التخيير المذكور في الحديث يُحمل على أمور الدنيا لا الدِّين ، و هذا ما فهمه أهل العِلم قَبلَنا ، و منهم الحافظ ابن حجر ، حيث قال رحمه الله في الفتح : ( قولُه بين أمرين : أي من أمور الدنيا. لأن أمور الدين لا إثم فيها ... و وقوع التخيير بين ما فيه إثم و ما لا إثم فيه من قِبَل المخلوقين واضح ، و أمَّا من قبل الله ففيه إشكال ؛ لأن التخيير إنما يكون بين جائِزَين ) [ فتح الباري : 6 / 713 ] . و الرابعة : أنّ هذا الخبر ما لم يُقيّد بما سبق سيكون معارضاً باختيار النبيّ صلّى الله عليه و سلّم الأشقَّ على نفسه ، كقيامه الليل حتّى تتشقق قدَماه مع أنّ الله تعالى قد غَفَر له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر . قال الحافظ في الفتح : ( لكن إذا حملناه على ما يفضي إلى الإثم أمكن ذلك بأن يخيره بين أن يفتح عليه من كنوز الأرض ما يخشى مع الاشتغال به أن لا يتفرغ للعبادة مثلاً ، و بين أن لا يُؤتِيَه من الدنيا إلا الكفاف ، و إن كانت السعة أسهل منه ، و الإثم على هذا أمر نسبي ، لا يراد منه معنى الخطيئة لثبوت العصمة له ) [ فتح الباري : 6 / 713 ]. ثالثاً : لا تكليف بدون مشقّة ، و أن كانت المشقّة الحاصلة بكلِّ تكليفٍ بحَسَبه ، و هي متفاوتة ، فإذا جاز(44/168)
لنا تخيّر أيسر المذاهب دفعاً لكلّ مشقّةٍ ، ترتّبَ على ذلك إسقاط كثيرٍ من التكاليف الشرعيّة ... قال الإمام شمس الدين ابن القيّم رحمه الله : ( لو جاز لكل مشغول وكل
مشقوق عليه الترخيص ضاع الواجب واضمحل بالكلية ) [ إعلام الموقعين 2 / 130 ]. و قال أيضاً في مَعرض كلامه عن رُخَص السفَر : ( إنَّ المشقة قد عُلِّقَ بها من التخفيف ما يناسبها ، فإن كانت مشقة مرض و ألم يُضِرُّ به جاز معها الفطر و الصلاة قاعداً أو على جنب ، و ذلك نظير قصر العدد ، و إن كانت مشقّةَ تعبٍ فمصالح الدنيا و الآخرة منوطةٌ بالتعب ، و لا راحة لمن لا تعب له بل على قدر التعب تكون الراحة فتناسبت الشريعة في أحكامها و مصالحها بحمد الله و مَنِّه ) [ إعلام الموقعين 2 / 131 ]. شبهتهم الثانية و ردُّها : زعموا أنّهم مُقلّدون في اختيارهم للأيسر ، و اعتمادهم إيّاه في الفتوى ، و أنّ لهم سَلفٌ فيما أفتوا به ، و لو كان قولاً ضعيفاً ، أو شاذّاً ، أو مَرجوحاً ، بل صاروا ينكِرون على من خالَفهم بغير دليل ، لا لشيءٍ سوى لأنّه لم يذهَب مَذهبَهُم ، و لم يَصِر إلى ما صاروا إليه من الإفراط في التيسير ، و لو بتعطيل أو إغفال أدلّة مخالفيهم . و هُم في هذا مَحجوجون بانعقاد الإجماع على خلاف منهجهم ، فقد قال الإمام القرّافي رحمه الله ( أمّا الحُكم و الفتيا بالمرجوح فهو خلاف الإجماع ) [ مواهب الجليل : 6 / 91 ] . و قال الإمام النووي : ( لو جاز اتّباع أي مذهب شاء لأفضى إلى أن يلتقط رخص المذاهب متَّبِعاً لهواه ، و يَتخيَّرَ بين التحليل و التحريم و الوجوب و الجواز ، و ذلك يؤدي إلى الانحلال من رِبقة التكليف ) [ المهذّب : 1 / 5 ] . و قال الإمام الشاطبي رحمه الله : ( رُبَّما وقع الإفتاء في المسألة , فيقال : لِمَ تمنع و المسألة مختلف فيها ؟ فيجعل الخلاف حجة في الجواز لمجرد كونها مختلفا فيها , لا لدليل يدل على صحة الجواز, ولا لتقليد من هو أولى بالتقليد من القائل بالمنع ، و هو عين الخطأ على الشريعة حيث جعل ما ليس بمعتمد معتمداً , و ما ليس بحجة حجة ) [ الموافقات : 4 / 78 ] . و قال السيخ منصور البهوتي الحنبلي : (
و ليس لمن انتسب إلى مذهب إمام إذا استفتى في مسألة ذات قولين أو وجهين ، بأن يتخير و يعمل بأيّهما شاء ، بل يُراعي ألفاظَ الأئمة و متأخرهما و أقربهما من الكتاب و السنة ) [ كشاف القناع : 6 / 300 ] . شبهتهم الثالثة و ردُّها : تذرّعوا بما روي عن السلف و الأئمة المتّبعين بإحسان ، من استحباب الأخذ بالرُخص ، و من ذلك ، قول قتادة رحمه الله : ( ابتغوا الرخصة التي كَتَب الله لكم ) [ انظره في : تحفة المولود ، ص : 8 ] . و قول سفيان الثوري رحمه الله : ( إنَّما العلم عندنا الرخصة من ثقة , فأما التشديد فيُحسنه كل أحد ) [ آداب الفتوى للنووي ، ص : 37 ] . و قول شيخ الإسلام ابن تيميّة : ( إذا فعل المؤمن ما أُبيح له قاصداً العدول عن الحرام لحاجته إليه فإنّه يثاب على ذلك ) [ مجموع الفتاوى : 7 / 48 ] . و قول ابن القيّم : ( الرخص في العبادات أفضل من الشدائد ) [ شرح العمدة : 2 / 541 ] . إلى غير ذلك ممّا وقفوا عليه فاحتجّوا به ، أو غاب عنهم فأغفلوه . و لو تأمّلنا ما أوردناه ( و لا أعلَم لهم استدلالاً بغيره من أقوال الأئمّة ) لما رأينا فيه دليلاً على التيسير الذي يُدندنُ حَوله المعاصرون ، فقتادةُ يدعوا إلى الترخّص حيث شرع الله الرخصة ، و لا يقول : رخِّصوا باستحسانكم ، أو لمجرّد التخفيف عن العباد أو(44/169)
مسايرتهم . و ابن تيميّة يذكر الاستغناء بالحلال عن الحرام ، و ليس الإفتاء بعدَم حُرمةِ الحرَام أصلاً ، أو اختيار قول من يعدل عن التحريم إلى التحليل أو مجرّد الكراهة ، و إن ضَعُفَت حُجّته ، و وَهت شُبهته . أمّا ابن القيّم فكلامه في الرخص في العبادات ، و هذا لا خلاف فيه ، أمّا دُعاة التيسير فقد وقعوا في تحليل الحرام ، و تفي الكراهة عن المكروه ، و شتّان ما بين المذهبين . و ما يُروى عن سفيان رَحمه الله لا يؤخذ منه الترخيص بإسقاط الواجب ، أو تحليل المحرّم ، و لكنّه موجّه إلى ما ينبغي أن يفتيَ به العالم من وَقع
في حرَج متيقّن ليعينه على القيام بما وَجَبَ عليه ، لا ليُسقِطه عنه . قال النووي : ( و أما من صحَّ قصدُه , فاحتَسَبَ في طلب حيلةٍ لا شُبهةَ فيها , لتخليصٍ من ورطة يمينٍ و نحوها , فذلك حسن جميل ، و عليه يُحمل ما جاء عن بعض السلف من نحو هذا , كقول سفيان : إنَّما العلم عندنا الرخصة من ثقة , فأما التشديد فيُحسنه كل أحد ) [ آداب الفتوى للنووي ، ص : 37 ] . و الله أعلم . المسألة السادسة : التساهل في الفتيا بغير مستندٍ شرعيٍ مذمومٌ كُلُّه ، و إن كانت بَعضُ صوره أشنع من بعض ، و ذلك بحسب الباعث على التيسير ، و قد ذكر بعض أهل العلمِ صوراً من التيسير المذموم ، و من ذلك قول الإمام النووي رحمه الله : ( و من التساهل أن تحمله الأغراض الفاسدة على تتبع الحيل المحرمة أو المكروهة , و التمسُّكِ بالشبه طلباً للترخيص لمن يروم نفعَه أو التغليظَ على من يريد ضُرَّه ) [ آداب الفتوى للنووي ، ص : 37 ] . و أشنع أنواع التيسير ما يفتي به المتزلّفون المتملّقون للحكّام من تبرير المنكرات ، أو التهوين من شأن الواجبات ، تبعاً للأغراض و الشهوات . قال محدّث المغرب أبو الفضل عبد الله بن الصديق الغماري رحمه الله : ( أمَّا الذين يُسارعون إلى إباحة بعض المحرمات , و يصدرون فتاوى يُرضون بها رؤساء بعض الحكومات ، و قد تختلف فتاواهم بالتحليل و التحريم حسب اختلاف الأغراض و الشهوات , فهؤلاء مجتهدون في محو الدين , مُجدّون في تغيير أحكامه ، و لن يُفلتوا من عقاب الله تعالى ، و لا من شديد انتقامه ، و ما الله بغافل عما يعملون ) [ خواطر دينيّة و بحوث غالية لابن الصديق الغماري ، ص : 161 ]. المسألة السابعة : بقيَ أنّ نبيّن المنهج الحق في الإفتاء و الترجيح و العمل ، و هو الذي نوصي به أنفسنا و إخواننا ، و ليسَ إلا اتباع الكتاب و السنّة ، و ما شهدا بصحّته من الأدلّة الشرعيّة ( الإجماع و القياس المنضبط ) ، و تقرير ذلك مبسوطٌ في كتب
الأئمّة ، و لا حاجة لتقصّيه في هذه العُجالة ، بل نكتفي منه بقول الحافظ الذهبي : ( من بلغ رتبة الاجتهاد ، وشهد له بذلك عدة من الأئمة، لم يسغ له أن يقلد ، كما أن الفقيه المبتدئ و العامي الذي يحفظ القرآن أو كثيراً منه لا يسوغ له الاجتهاد أبداً ، فكيف يجتهد و ما الذي يقول ؟ وعلام يبني ؟ و كيف يطير ولما يُريِّش ؟ و القسم الثالث: الفقيه المنتهي اليقظ الفهم المحدث ، الذي قد حفظ مختصراً في الفروع ، و كتاباً في قواعد الأصول و قرأ النحو ، و شارك في الفضائل ، مع حفظه لكتاب الله و تشاغله بتفسيره و قوة مناظرته ، فهذه رتبة من بلغ الاجتهاد المقيَّد ، و تأهل للنظر في دلائل الأئمة ، فمتى وضح له الحق في مسالة و ثبت فيها النص و عمل(44/170)
بها أحد الأئمة الأعلام ... فليتبع فيها الحق و لا يسلك سبيل الرخص ، و ليتورع ، و لا يسعه فيها بعد قيام الحجة عليه تقليد ) . [ سير أعلام النبلاء : 18 / 191 ] . و الله نسأل أن يوفّقنا ، و الأخ السائل ، و سائر من بلغه كتابُنا هذا إلى خير القول و العمَل ، و أن يعصمنا بمنّه و فضله من الضلالة و الزلل . و الحمد لله ربّ العالمين
ـــــــــــــــــــ
زواج بقصد التحليل ...
عنوان الفتوى
... اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ...
اسم المفتى
... 20202 ...
رقم الفتوى
... 19/08/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
بالطلب المتضمن أن السائل طلق زوجته ثلاث مرات لدى مأذون بإشهاد رسمى، وأنها تزوجت بزوج آخر بقصد تحليلها للزوج الأول وكان ذلك بعلمها، ثم طلقها الزوج الآخر بعد أن دخل بها دخولا حقيقيا لمدة 25 يوما .
فهل تحل له بعد انقضاء عدتها من الزوج الثانى .
وطلب بيان الحكم الشرعى فيما ذكره .
نص الفتوى
اختلف علماء الحنفية فيما إذا شرطت المرأة على الزوج الثانى أن يكون زواجها به زواج تحليل الغرض منه تمكنها من العودة إلى الزوج الأول فقال أبو حنيفة وزفر إن هذا الزواج صحيح متى كان العقد مستوفيا لأركانه وشروط صحته، وشرط التحليل شرط فاسد لا تأثير له، لأن النكاح لا يفسد بالشروط الفاسدة، فيلغو الشرط ويبقى النكاح على الصحة، فإذا طلقها الزوج الثانى وانقضت عدتها منه فإنها تحل للأول، ولكنه يكون مكروها كراهة تحريمية بسبب ذلك الشرط، لأنه ينافى المقصود من الزواج فى نظر الشريعة .
فاشتمال العقد على ذلك الشرط يورثه الكراهة، ويجعل زواج الأول بالمرأة بعد فراقها من الثانى مكروها أيضا ، وعلى هذه الكراهة يحمل قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لعن الله المحلل والمحلل له ) .
فإن الكراهة التحريمية تستوجب العقوبة . وقال أبو يوسف إن نكاح التحليل فاسد ولو حصل فيه دخول، لأنه فى معنى النكاح المؤقت الذى اتفق على فساده أئمة المذهب ماعدا زفر، فلا فرق عنده بين النكاح المؤقت والنكاح بقصد التحليل .
وقال محمد إن زواج التحليل فى ذاته زواج صحيح، ولكنه لا يحل المرأة لزوجها الأول معاملة لها بنقيض مقصودها .(44/171)
وبما أن السائل يقرر فى طلبه أن زوجته تزوجت بزوج آخر بقصد تحليلها، وكان ذلك بعلمها، وأن الزوج الآخر دخل بها دخولا حقيقيا ثم طلقها، فإنه يصح له أن يتزوجها بعد انقضاء عدتها من الزوج الآخر ولكن يكون هذا الزواج مكروها، وهذا ماذهب إليه أبو حنيفة وزفر وهو ما نختاره للفتوى .
والله سبحانه وتعالى أعلم .
ـــــــــــــــــــ
الحيل ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 19837 ...
رقم الفتوى
... 22/07/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
سئل : قد يصعب فى بعض الأحيان تنفيذ حكم من الأحكام ، فيفكر بعضى الناس فى حيلة تعفى من تنفيذ هذا الحكم دون مؤاخذة عليه فهل الحيل مشروعة أو ممنوعة ؟
نص الفتوى
أجاب : عقد البخارى فى صحيحه كتابا عن الحيل وأورد صورا منها فى العبادات وغيرها ، وابن حجر فى كتابه فتح البارى " ج 12 ص 342 " ذكر أن الحيلة هى ما يتوصل به إلى مقصود بطريق خفى . وحكم عليها بقوله : وهى عند العلماء على أقسام بحسب الحامل عليها-أى الداعى إليها -فإن توصل بها بطريق مباح إلى إبطال حق أو إثبات باطل فهى حرام ، أو إلى إثبات حق أو دفع باطل فهى واجبة أو مستحبة ، وإن توصل بها بطريق مباح إلى سلامة من وقوع فى مكروه فهى مستحبة أو مباحة، أو إلى ترك مندوب فهى مكروهة . ثم قال : ووقع الخلاف بين الأئمة فى القسم الأول : هل يصح مطلقا وينفذ ظاهرا وباطنا ، أو يبطل مطلقا ، أو يصح مع الإثم . ولمن أجازها مطلقا أو أبطلها مطلقا أدلة كثيرة .
فمن الأول قوله تعالى { وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث } ص : 44 ، وهو فى حق أيوب حين حلف أن يضرب زوجته مائة جلدة-وقد عمل به النبى صلى الله عليه وسلم فى حق الضعيف الذى زنى - هو من حديث أبى أمامة بن سهل فى السنن . ومنه قوله تعالى { ومن يتق الله يجعل له مخرجا} الطلاق : 2 ، والحيل فيها مخارج من المضايق فتكون جائزة . ومن الثانى قصة أصحاب السبت وحديث " حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها وأكلوا ثمنها " وحديث لعن المحلل والمحلل له .
والأصل فى اختلاف العلماء فى ذلك اختلافهم : هل المعتبر فى صيغ العقود ألفاظها أو معانيها؟ فمن قال بالأول أجاز الحيل. ثم اختلفوا فمنهم من جعلها تنفذ ظاهرا(44/172)
وباطنا فى جميع الصور أو فى بعضها، ومنهم من قال : تنفذ ظاهرًا لا باطنا ، ومن قال بالثانى أبطلها ولم يجز منها إلا ما وافق فيه اللفظ المعنى الذى تدل عليه القرائن الحالية . وقد اشتهر القول بالحيل عن الحنفية، لكون أبى يوسف صنف فيها كتابا، لكن المعروف عنه وعن كثير من أئمتهم تقييد أعمالها بقصد الحق . قال صاحب المحيط : أصل الحيل قوله تعالى { وخذ بيدك ضغثا} الآية، وضابطها إن كانت للفرار من الحرام والتباعد عن الإثم فحسن ، وإن كانت لإبطال حق مسلم فلا، بل هى إثم وعدوان .
ثم قال ابن حجر: نص الشافعى على كراهة تعاطى- الحيل فى تفويت الحقوق ، فقال بعض أصحابه : هى كراهة تنزيه - أى لا عقوبة فيها - وقال كثير من محققيهم كالغزالى : هى كراهة تحريم - أى فيها عقوبة - ويأثم بقصده ، ويدل عليه قول " وإنما لكل امرائ ما نوى " فمن نوى بعقد النكاح التحليل كان محللا ودخل فى الوعيد على ذلك باللعن ، ولا يخلصه من ذلك صورة النكاح . وكل شىء قصد به تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله كان إثما ، ثم قال : وفى الجملة فلا يلزم من صحة العقد فى الظاهر رفع الحرج عمن يتعاطى الحيلة الباطلة فى الباطن . وقد نقل النسفى الحنفى فى "الكافى " عن محمد بن الحسن قال :
ليس من أخلاق المؤمنين الفرار من أحكام الله بالحيل الموصِّلة إلى إبطال الحق .
والقرطبى فى تفسيره "ج 9 ص 236 " عند قوله تعالى{ فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف } يوسف : 76 ، قال فى قوله : {كذلك كدنا ليوسف } جواز التوصل إلى الأغراض بالحيل إذا لم تخالف شريعة ولا هدمت أصلا، خلافا لأبى حنيفة فى تجويزه الحيل وإن خالفت الأصول وحرمت التحليل . وذكر أن العلماء أجمعوا على أن للرجل قبل حلول الحول التصرف فى ماله بالبيع والهبة إذا لم ينو الفرار من الصدقة . وقال : من رام أن ينقض شيئا من فرائض الله بحيلة يحتالها لا يفلح ولا يقوم بذلك عذره عند الله ، وما أجازه الفقهاء من تصرف صاحب المال فى ماله قرب حلول الحول إنما هو ما لم يرد بذلك الهرب من الزكاة . ومن نوى ذلك فالإثم عنه غير ساقط ، والله حسيبه .
ولم يرتض القرطبى-ومذهبه مالكى-ما رآه الشافعية أو بعضهم من جواز الحيلة للوصول إلى المباح واستخراج الحقوق .
هذه نبذة عن الحيل واختلاف العلماء فى جوازها ومنعها، وفى اختلافهم رحمة ، وفى رأى أن ربطها بالنية مطلوب ، وما ذكره ابن حجر فى ذلك جميل .
ـــــــــــــــــــ
حكم الطلاق ثلاثا ...
عنوان الفتوى
... سيد سابق ...
اسم المفتى
... 21194 ...
رقم الفتوى
... 11/10/2004 ...(44/173)
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
ما حكم من طلق زوجته ثلاث طلقات مرة واحدة؟ هل تحسب طلقة واحدة أم ثلاثة؟
نص الفتوى
أخي الفاضل جمعت لك أقوال عدد من العلماء لعلها تكون نافعة لك إن شاء الله تعالى فنقول ومن اله نستمد العون "إذا دخل الزوج بزوجته ملك عليها ثلاث طلقات، واتفق العلماء على أنه يحرم على الزوج أن يطلقها ثلاثًا بلفظ واحد. أو بألفاظ متتابعة في طهر واحد. وعللوا ذلك بأنه إذا أوقع الطلقات الثلاث، فقد سد باب التلاقي والتدارك عند الندم، وعارض الشارع، لأنه جعل الطلاق متعددًا لمعنى التدارك عند الندم، وفضلاً عن ذلك، فإن المطلق ثلاثًا قد أضر بالمرأة من حيث أبطل محليتها بطلاقه هذا.
وقد روي النسائي من حديث محمود بن لبيد قال: "أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا. فقام غضبانا". وقال: "أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم، حتى قام رجل فقال: يا رسول الله، أفلا أقتله".
قال ابن القيم في إغاثة اللهفان: "فجعله لاعبًا بكتاب الله" لكونه خالف وجه الطلاق وأراد به غير ما أراد الله به، فإنه تعالى أراد أن يطلق طلاقًا يملك فيه رد المرأة إذا شاء، فطلق طلاقًا يريد به ألا يملك فيه ردها.
وأيضًا فإن إيقاع الثلاث دفعة مخالف لقول الله تعالى: (الطلاق مرتان).
والمرتان والمرات في لغة القرآن والسنة، بل ولغة العرب، بل ولغة سائر الأمم، لما كان مرة بعد مرة، فإذا جمع المرتين والمرات في مرة واحدة فقد تعدى حدود الله تعالى، وما دل عليه كتابه. فكيف إذا أراد باللفظ الذي رتب عليه الشارع حكمًا ضد ما قصده الشارع؟! أ. هـ.
وإذا كانوا قد اتفقوا على الحرمة، فإنهم اختلفوا فيما إذا طلقها ثلاثًا بلفظ واحد. هل يقع أم لا؟ فإذا كان يقع فهل واحدة أم ثلاثًا؟ فذهب جمهور العلماء إلى أنه يقع. ويرى بعضهم عدم وقوعه.
والذين رأوا وقوعه، اختلفوا. فقال بعضهم: إنه يقع ثلاثًا. وقال بعضهم: يقع واحدة فقط.
وفرق بعضهم فقال: إن كانت المطلقة مدخولاً بها تقع الثلاث،
وإن لم تكن مدخولاً بها فواحدة استدل القائلون بأنه يقع ثلاثًا بالأدلة الآتية:
1 - قول الله تعالى: (فإن طلقها، فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره).
2 - قول الله تعالى: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن، وقد فرضتم لهن فريضة) الآية.
3 - وقول الله تعالى: (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء).
فظواهر هذه الآيات تبين صحة إيقاع الواحدة والثنتين والثلاث. لأنها لم تفرق بين إيقاعه واحدة أو اثنتين. أو ثلاثًا.(44/174)
4 - وقول الله تعالى: (الطلاق مرتان، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان). فظاهر هذه الآية جواز إطلاق الثلاث، أو الثنتين، دفعة أو مفرقة، ووقوعه.
5 - حديث سهل بن سعد، قال: "لما لاعن أخو بني عجلان امرأته، قال: يا رسول الله ظلمتها إن أمسكتها: هي الطلاق، هي الطلاق، هي الطلاق". رواه أحمد.
6 - وعن الحسن قال: "حدثنا عبد الله بن عمر، أنه طلق امرأته تطليقة، وهي حائض، ثم أراد أن يتبعها بتطليقتين أخريين عند القرأين فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا ابن عمر: ما هكذا أمرك الله تعالى! إنك قد أخطأت السنة والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء. وقال: فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فراجعتها. ثم قال إذا هي طهرت فطلق عند ذلك أو أمسك. فقلت يا رسول الله: أرأيت لو طلقتها ثلاثًا، أكان يحل لي أن أراجعها؟ قال: لا.. كانت تبين منك وتكون معصية". رواه الدارقطني.
7 - وأخرج عبد الرازق في مصنفه عن عبادة بن الصامت، قال: "طلق جدي امرأة له ألف تطليقة، فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال النبي: ما اتقي الله جدك، أما ثلاث فله، وأما تسعمائة وسبع وتسعون فعدوان وظلم. إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له".
وفي رواية: إن أباك لم يتق الله فيجعل له مخرجًا. بانت منه بثلاث على غير السنة وتسعمائة وسبع وتسعون، إثم في عنقه.
8 - وفي حديث ركانة: أن النبي صلى الله عليه وسلم استحلفه أنه أراد إلا واحدة، وذلك يدل على أنه لو أراد الثلاث لوقع. هذا مذهب جمهور التابعين وكثير من الصحابة، وأئمة المذاهب الأربعة. أما الذين قالوا بأنه يقع واحدة. فقد استدلوا بالأدلة الآتية:
أولاً: ما رواه مسلم.
أن أبا الصهباء قال لابن عباس: "ألم تعلم أن الثلاث كانت تجعل واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر؟ قال نعم".
وروي عنه أيضًا قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة. فقال عمر بن الخطاب. إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة. فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم. أي أنهم كانوا يوقعون طلقة بدل إيقاع الناس الآن ثلاث تطليقات.
ثانيًا: عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "طلق ركانة امرأته ثلاثًا في مجلس واحد. فحزن عليها حزنًا شديدًا.. فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف طلقتها؟ قال: ثلاثًا. فقال: في مجلس واحد؟ قال: نعم. قال: فإنما تلك واحدة، فأرجعها إن شئت. فراجعها". رواه أحمد وأبو داود.
وقال ابن تيمية ج 3 ص 22 فتاوى: وليس في الأدلة الشرعية "الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس" ما يوجب لزوم الثلاثة له، ونكاحه ثابت بيقين، وامرأته محرمة على الغير بيقين، وفي إلزامه بالثلاث إباحتها للغير مع تحريمها عليه، وذريعة إلى نكاح التحليل الذي حرمه الله ورسوله ونكاح التحليل لم يكن ظاهرًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، ولم ينقل قط أن امرأة أعيدت بعد الطلقة الثالثة على(44/175)
عهدهم إلى زوجها بنكاح تحليل. بل لعن النبي صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له –إلى أن قال: وبالجملة فما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته شرعًا لازمًا، لا يمكن تغييره، فإنه لا يمكن نسخ بعد رسول الله.
قال تلميذه ابن القيم قد صح عنه صلى الله عليه وسلم، أن الثلاث كانت واحدة في عهده، وعهد أبي بكر، رضي الله عنه، وصدرًا من خلافة عمر، رضي الله عنه، وغاية ما يقدر مع بعده أن الصحابة كانوا على ذلك، ولم يبلغه، وهذا وإن كان كالمستحيل، فإنه يدل على أنهم كانوا يفتون في حياته وحياة الصديق بذلك، وقد أفتى هو صلى الله عليه وسلم. فهذه فتواه، وعمل أصحابه كأنه أخذ باليد، ولا معارض لذلك.
ورأى عمر رضي الله تعالى عنه، أن يحمل الناس على إنفاذ الثلاث عقوبة وزجرًا لهم –لئلا يرسلوها جملة- وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه. غايته أن يكون سائغًا لمصلحة رآها. ولا يجوز ترك ما أفتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عليه أصحابه في عهده وعهد خليفته فإذا ظهرت الحقائق. فليقل امرؤ ما شاء. وبالله التوفيق. وهذا هو المذهب الذي جرى عليه العمل أخيرًا في المحاكم.
فقد جاء في المادة 2 من القانون رقم 25 لسنة 1929 ما يلي: "الطلاق المقترن بعدد –لفظًا، أو إشارة- يقع واحدة".
هذا هو الرأى الراجح فى مسألة الطلاق الثلاث بلفظ واحد أو فى وقت واحد وخلاصته أنه يقع طلقة واحدة أما كيفية المراجعة فيستطيع أن يعيدها مرة أخرى دون مهر أو عقد جديد مادام هو يريد ذلك وتحسب عليه طلقة واحدة والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
شبهة حول زواج التحليل ... العنوان
هل تُوجد في القرآن الكريمة آيةٌ تأمر بالتحليل؟ أي أن المُطلَّقة ثلاثًا تَحِلُّ لزوجها الأول بواسطة المُحلِّل، ويَشترطون أن يذوق المُحلِّل عُسَيْلَتَهَا كما تذوقُ عُسيلته، ثم يُطلقها المُحلِّل ليتزوجها زوجُها الذي طلَّقها.. هذه المسألة سببتْ عند زملائنا الاشمئزاز، والحيرة من وجود هذه المسألة في الشريعة الإسلامية ونطلب بيان الحق في هذه المسألة . ... السؤال
27/02/2007 ... التاريخ
شيخ الأزهر الأسبق محمود شلتوت ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
فإن الإسلام قد منع من طلق زوجته ثلاثا أن يُراجعها ، إلا إذا تزوجت غيره زوَاجًا شرعيًّا مقصودًا منه الدوام والاستمرار ، ثم طلَّقها زوجها الثاني بغير قصد التحليل، حلَّ لزوجها الأول أن يتزوجها، ويكون زواجًا مبتدأ بعقد ومهرٍ جديدينِ، وهذا هو المشروع في الإسلام، أما الزواج بقصد التحليل فحرام بالإجماع، لأنه من الحيل المحرمة .
يقول الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق-رحمه الله-ردا على سؤال مماثل :(44/176)
إن الإسلام أباح الطلاق عندما تَسُوءُ العشرة بين الزوجين ويتحكم الشرُّ في نُفوسهما، بحيث تذهب الثمرات المَطلوبة من الزواج من السكن والمودة والرحمة، في تلك الحالة أباح للرجل أن يُعالج الأمر بإيقاع طلقةٍ واحدة، وله قبل أن تمضي العِدَّةُ أن يُراجع زوجته إليه بدون عقدٍ، فإذا ما عاد سوء العشرة إليهما أُبيح له أيضًا أن يُطلِّق مرة ثانية طلقةً رجعية، يُباح له أن يُراجعها أيضًا في أثناء العدة، فإن استقام أمرُهما وحسُنَتِ العِشْرة بينهما فبها ونعمتْ.
وإنْ ساءت ولم ينفع العلاج بالطلقتينِ الماضيتينِ أُبيح له أن يُطلق المرة الثالثة وفي هذه المرة تَبِينُ منْهُ بَيْنُونَةً كُبْرَى. لا يَحِلُّ له أن يُراجعها كما راجعها في المرتين السابقتين، وإنما تحلُّ له بشيء واحد هو أن يُصادف أنها تتزوج غيره زوَاجًا شرعيًّا، لم يُقصد منه تحليلها للأول وإنَّما قُصد منه ما يُقصد من كل زواج: عيشةً دائمةً وتكوين أُسرة، فإذا اتَّفق ولم يُصاحب زواجها الثاني التوفيق وحُسن العشرة، بل ساءت العشرة بينهما، وطلَّقها زوجها الثاني ـ لسوء العشرة مثلًا ـ حلَّ لزوجها الأول بعد مُضِيِّ عدَّتُها من الثاني أن يتزوجها، ويكون زواجًا مبتدأ بعقد ومهرٍ جديدينِ.
وهذا هو المشروع في الإسلام، والذي ورَد به نصُّ القرآن، ففي الطلقتينِ الرجعيتينِ، أيْ اللتينِ يملك فيهما الرجل مُراجعةَ زوجته، يقول الله ـ تعالى ـ: (الطلاقُ مرَّتانِ فإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ). (الآية: 229 من سورة البقرة)، وفي الطلْقة الثالثة يقول: (فإنْ طلَّقَها فلا تَحِلُّ لهُ مِن بعدُ حتَّى تَنْكِحُ زوْجًا غيْرَهُ). (الآية: 230 من سورة البقرة)، والمقصود أنه إذا طلَّقها طلقةً ثالثةً بعد السابقتينِ لا تحلُّ حتى تتزوَّج غيره زواجًا شرعيًّا مقصودًا منه الدوام والاستمرار.
الزواج بقَصْد التحليل حرام بالإجْماع:
ومن هنا يَتَبَيَّنُ أن الزواج بقصد التحليل لم يكن مُرادًا من الآية. وقد جاء النهْي عن زواج التحليل بقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ: "لعَن الله المُحلِّل والمُحلَّل له" وبقوله: "ألَا أُخبركم بالتَّيْسِ المُستَعار، قالوا بلى يا رسول الله، قال هو المُحلِّل، لعَن الله المُحلِّل والمُحلَّل له" وصحَّ عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: "لا أُوتَى بمُحلِّل ولا مُحلَّل له إلا رجمتهما".
وقال الإمام ابن تيمية:"نِكاح المحلل حرام بالإجماع"،وقال الشيخ محمد عبده:"إن نكاح التحليل شَرٌّ مِن نِكاحِ المُتْعة وأشدُّ فسادًا وعارًا"،وكيف لا يكون كذلك وهو زواج لم يُقصد فيه المُحلِّل إلى تكوين أُسرة، ولم يقصد منه دوامًا ولا استمرارًا، ولا سكنًا ولا مودةً؟ وكيف لا يكون حرامًا وهو زواج يفعله أصحابه مع التستُّر والكتمان، خوْف الفضيحة والعار إذا عُلم واشتهر ، فهذا يدلُّ على أنه لا يقل عن اختلاط المَقْتٍ والفاحشة والمُنْكر لا تتقبله النفوس، فكيف يكون مشروعًا، ويفعل باسم الدين؟؟
احتيالٌ آخر أبْشَعُ من التحليل:
ومن الفتاوَى الماجنة هذه الفتوى الأخرى التي أُشيرَ بها على رجلٍ طلَّق زوجته ثلاث مرات مُتفرقات اتقاءً لهذا التحليل المُنكَر وبُعدًا عن التُّيُوسَة المُستعارة، هذه الفتاوى هي اعتبار أن الزواج الذي انتهى بهذا الطلاق كان زواجًا باطلًا؛ لأنه كان(44/177)
بغيرِ وَلِيٍّ، أو كان في شُهوده مَن يترك الصلاة، أو يُؤَخِّرُها عن وقتها، وبذلك يكون الطلاق قد وقع على غير زوجة! فيَصحَّ للرجلِ الذي كان معها أن يُعقد عليها عقْدًا جديدًا مبتدءًا غير العقد الأول الذي وقع باطلًا، وهذه مسألة يُسميها بعض الناس "إسقاط التحليل" وهو نوع من الاحتيال أبشع من الاحتيال بالتحليل نفسه، واتَّقاء التحليلِ به ـ اتقاء الرِّجْس بالرِّجْس، بل بِرِجْسٍ أشد!
وفيه يقول ابن تيمية:"مَن أخذ ينظر بعد الطلاق في صِفَةِ عقْد الزواج ولم ينظر في صفتِه قبل ذلك، ويقول: أنا تزوجتُ بوليٍّ وشُهود فُسَّاقٍ، فلا يقع طلاقي؛ لأن زواجي كان باطلًا، كان من المُتعدينَ لحُدود الله، وهو يُريد أن يستحلَّ محارم الله قبل الطلاق وبَعْدَهُ"!
أَلَا فلْيَتَّقِ اللهَ هؤلاء المُفتون، وليتَّقِ اللهَ الناسُ في دينهم وأعراضهم. ولْيَخْشَ الجميع يومًا لا تنفعهم فيه زوجةٌ ولا دِرْهمٌ ولا دينار.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
الطلاق الثلاث بلفظ واحد ... العنوان
ما الحكم فيمن طلق زوجته في لحظة غضب شديد؟؟ قائلا (طالق طالق طالق) ؟؟وكيف يردها إلى عصمته ثانية؟؟
... السؤال
03/04/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
إذا دخل الزوج بزوجته ملك عليها ثلاث طلقات، واتفق العلماء على أنه يحرم على الزوج أن يطلقها ثلاثًا بلفظ واحد. أو بألفاظ متتابعة في طهر واحد. وعللوا ذلك بأنه إذا أوقع الطلقات الثلاث، فقد سد باب التلاقي والتدارك عند الندم، وعارض الشارع، لأنه جعل الطلاق متعددًا لمعنى التدارك عند الندم، وفضلاً عن ذلك، فإن المطلق ثلاثًا قد أضر بالمرأة من حيث أبطل محليتها بطلاقه هذا.
وقد روي النسائي من حديث محمود بن لبيد قال: "أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جيمعًا. فقام غضبان". فقال: "أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم، حتى قام رجل فقال: يا رسول الله، أفلا أقتله".
قال ابن القيم في إغاثة اللهفان: "فجعله لاعبًا بكتاب الله" لكونه خالف وجه الطلاق وأراد به غير ما أراد الله به، فإنه تعالى أراد أن يطلق طلاقًا يملك فيه رد المرأة إذا شاء، فطلق طلاقًا يريد به ألا يملك فيه ردها.
وأيضًا فإن إيقاع الثلاث دفعة مخالف لقول الله تعالى: (الطلاق مرتان).
والمرتان والمرات في لغة القرآن والسنة، بل ولغة العرب، بل ولغة سائر الأمم، لما كان مرة بعد مرة، فإذا جمع المرتين والمرات في مرة واحدة فقد تعدى حدود الله تعالى، وما دل عليه كتابه. فكيف إذا أراد باللفظ الذي رتب عليه الشارع حكمًا ضد ما قصده الشارع؟! أ. هـ.(44/178)
وإذا كانوا قد اتفقوا على الحرمة، فإنهم اختلفوا فيما إذا طلقها ثلاثًا بلفظ واحد. هل يقع أم لا؟ فإذا كان يقع فهل واحدة أم ثلاثًا؟ فذهب جمهور العلماء إلى أنه يقع. ويرى بعضهم عدم وقوعه. والذين رأوا وقوعه، اختلفوا. فقال بعضهم: إنه يقع ثلاثًا. وقال بعضهم: يقع واحدة فقط.
وفرق بعضهم فقال: إن كانت المطلقة مدخولاً بها تقع الثلاث،
وإ ن لم تكن مدخولاً بها فواحدة استدل القائلون بأنه يقع ثلاثًا بالأدلة الآتية:
1 - قول الله تعالى: (فإن طلقها، فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره).
2 - قول الله تعالى:
(وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن، وقد فرضتم لهن فريضة) الآية.
3 - وقول الله تعالى: (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء).
فظواهر هذه الآيات تبين صحة إيقاع الواحدة والثنتين والثلاث. لأنها لم تفرق بين إيقاعه واحدة أو اثنتين. أو ثلاثًا.
4 - وقول الله تعالى: (الطلاق مرتان، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان). فظاهر هذه الآية جواز إطلاق الثلاث، أو الثنتين، دفعة أو مفرقة، ووقوعه.
5 - حديث سهل بن سعد، قال: "لما لاعن أخو بني عجلان امرأته، قال: يا رسول الله ظلمتها إن أمسكتها: هي الطلاق، هي الطلاق، هي الطلاق". رواه أحمد.
6 - وعن الحسن قال: "حدثنا عبد الله بن عمر، أنه طلق امرأته تطليقة، وهي حائض، ثم أراد أن يتبعها بتطليقتين أخريين عند القرأين فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا ابن عمر: ما هكذا أمرك الله تعالى! إنك قد أخطأت السنة والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء. وقال: فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فراجعتها. ثم قال إذا هي طهرت فطلق عند ذلك أو أمسك. فقلت يا رسول الله: أرأيت لو طلقتها ثلاثًا، أكان يحل لي أن أراجعها؟ قال: لا.. كانت تبين منك وتكون معصية". رواه الدارقطني.
7 - وأخرج عبد الرازق في مصنفه عن عبادة بن الصامت، قال: "طلق جدي امرأة له ألف تطليقة، فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال النبي: ما اتقي الله جدك، أما ثلاث فله، وأما تسعمائة وسبع وتسعون فعدوان وظلم. إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له".
وفي رواية: إن أباك لم يتق الله فيجعل له مخرجًا. بانت منه بثلاث على غير السنة وتسعمائة وسبع وتسعون، إثم في عنقه.
8 - وفي حديث ركانة: أن النبي صلى الله عليه وسلم استحلفه أنه أراد إلا واحدة، وذلك يدل على أنه لو أراد الثلاث لوقع. هذا مذهب جمهور التابعين وكثير من الصحابة، وأئمة المذاهب الأربعة. أما الذين قالوا بأنه يقع واحدة. فقد استدلوا بالأدلة الآتية:
أولاً: ما رواه مسلم.
أن أبا الصهباء قال لابن عباس: "ألم تعلم أن الثلاث كانت تجعل واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر؟ قال نعم".(44/179)
وروي عنه أيضًا قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة. فقال عمر بن الخطاب. إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة. فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم. أي أنهم كانوا يوقعون طلقة بدل إيقاع الناس الآن ثلاث تطليقات.
ثانيًا: عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "طلق ركانة امرأته ثلاثًا في مجلس واحد. فحزن عليها حزنًا شديدًا.. فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف طلقتها؟ قال: ثلاثًا. فقال: في مجلس واحد؟ قال: نعم. قال: فإنما تلك واحدة، فأرجعها إن شئت. فراجعها". رواه أحمد وأبو داود.
وقال ابن تيمية ج 3 ص 22 فتاوى: وليس في الأدلة الشرعية "الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس" ما يوجب لزوم الثلاثة له، ونكاحه ثابت بيقين، وامرأته محرمة على الغير بيقين، وفي إلزامه بالثلاث إباحتها للغير مع تحريمها عليه، وذريعة إلى نكاح التحليل الذي حرمه الله ورسوله ونكاح التحليل لم يكن ظاهرًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، ولم ينقل قط أن امرأة أعيدت بعد الطلقة الثالثة على عهدهم إلى زوجها بنكاح تحليل. بل لعن النبي صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له –إلى أن قال: وبالجملة فما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته شرعًا لازمًا، لا يمكن تغييره، فإنه لا يمكن نسخ بعد رسول الله.
قال تلميذه ابن القيم قد صح عنه صلى الله عليه وسلم، أن الثلاث كانت واحدة في عهده، وعهد أبي بكر، رضي الله عنه، وصدرًا من خلافة عمر، رضي الله عنه، وغاية ما يقدر مع بعده أن الصحابة كانوا على ذلك، ولم يبلغه، وهذا وإن كان كالمستحيل، فإنه يدل على أنهم كانوا يفتون في حياته وحياة الصديق بذلك، وقد أفتى هو صلى الله عليه وسلم. فهذه فتواه، وعمل أصحابه كأنه أخذ باليد، ولا معارض لذلك.
ورأى عمر رضي الله تعالى عنه، أن يحمل الناس على إنفاذ الثلاث عقوبة وزجرًا لهم –لئلا يرسلوها جملة- وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه. غايته أن يكون سائغًا لمصلحة رآها. ولا يجوز ترك ما أفتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عليه أصحابه في عهده وعهد خليفته فإذا ظهرت الحقائق. فليقل امرؤ ما شاء. وبالله التوفيق. وقال الشوكاني: وقد حكى ذلك صاحب البحر عن أبي موسى، ورواية عن علي عليه السلام، وابن عباس، وطاووس، وعطاء، وجابر، وابن زيد، والهادي، والقاسم، والباقر، وأحمد بن عيسى، وعبد الله بن موسى بن عبد الله، ورواية عن زيد بن علي.
وإليه ذهب جماعة من المتأخرين. منهم: ابن تيمية، وابن القيم، وجماعة من المحققين، وقد نقله ابن مغيث في كتاب الوثائق عن محمد بن وضاح، ونقل الفتوى بذلك عن جماعة من مشايخ قرطبة كمحمد بن بقي ومحمد بن عبد السلام وغيرهما. نقله ابن المنذر عن أصحاب ابن عيسى، كعطاء، وطاووس، وعمر، وابن دينار، وحكاه ابن مغيث أيضًا في ذلك الكتاب عن علي رضي الله عنه، وابن مسعود وعبد الرحمن بن عوف والزبير وهذا هو المذهب الذي جرى عليه العمل أخيرًا في المحاكم.(44/180)
فقد جاء في المادة 2 من القانون رقم 25 لسنة 1929 ما يلي: "الطلاق المقترن بعدد –لفظًا، أو إشارة- يقع واحدة". أما حجة القائلين بعدم وقوع الطلاق مطلقًا. أنه طلاق بدعي، والطلاق البدعي لا يقع عند هؤلاء، ويعتبر لغوًا.
وهذا المذهب يحكي عن بعض التابعين. وهو مروي عن ابن علية، وهشام بن الحكم، وبه قال أبو عبيدة، وبعض أهل الظاهر، وهو مذهب الباقر، والصادق، والناصر، وسائر من يقول بأن الطلاق البدعي لا يقع. لأن الثلاث بلفظ واحد أو ألفاظ متتابعة من جملته. أما الذين فرقوا بين المطلقة المدخول بها وغير المدخول بها، فهم جماعة من أصحاب ابن عباس وإسحاق بن راهوية.
هذا هو الرأى الراجح فى مسألة الطلاق الثلاث بلفظ واحد أو فى وقت واحد وخلاصته أنه يقع طلقة واحدة أماكيفية المراجعة فيستطيع أن يعيدها مرة أخرى دون مهر أو عقد جديد مادام هو يريد ذلك وتحسب عليه طلقة واحدة والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
زواج التحليل ... العنوان
كثر الكلام في ذم زواج التحليل وأن المُحَلِّلَ والمحلَّلَ له ملعونان، فهل معنى ذلك أنه حرام؟ وكيف تعود المطلقة طلاقًا بائنًا بينونة كبرى إلى زوجها الأول؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... المقصود بزواج التحليل هو زواج المطلقة ثلاثًا لِتَحلَّ لزوجها الأول، وهو أمر مشروع دَلَّ عليه الكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) ثم قال في الآية التي تليها (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًاغَيْرَهُ) (سورة البقرة : 229، 230) قال العلماء: المعنى فإن طلقها للمرة الثالثة. قال القرطبي: وهذا مُجمع عليه لا خلاف فيه. وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "إذا طَلَّقَ الرجل امرأته ثلاثًا لاتَحِلُّ له حتى تنكح زوجًا غيره ويذوق كل واحد منهما عسيلة صاحبه" رواه الأئمة واللفظ للدارقطني عن عائشة.
وحتى يكون زواج التحليل مُحَقِّقًا للغرض منه لابد فيه من أمرين أساسين، أولهما أن يكون العقد صحيحًا، والثاني أن يكون معه دخول صحيح ، فإذا اختل واحد منهما لم يكن مشروعًا، ولتوضيح ذلك نقول:
1 ـ حتى يكون العقد صحيحًا لابد من استيفاء الأركان والشروط المعروفة في كل زواج، وزاد العلماء عليه أن يكون خاليًا من نِيَّةِ التحليل، ونية التحليل لها حالتان.
أ ـ الحالة الأولى أن يُصرح بها في العقد، كأن يقول: تزوجتك على أن أُحللك لزوجك، وهو باطل لا تترتب عليه آثاره عند جمهور الفقهاء: مالك والشافعي وأحمد وعده ابن القيم من الكبائر لا فرق بين أن يكون اشتراط ذلك بالقول أو التواطؤ "زاد المعاد ج 4 ص 6" وذلك لأحاديث ، منها ما رواه الترمذي عن ابن مسعود وقال: حديث حسن صحيح، ورواه ابن ماجة وأحمد عن ابن عباس، والحاكم وصححه "لَعَنَ رسول الله المُحَلِّلَ والمحلَّلَ له" وما رواه ابن ماجة والحاكم من حديث عقبة بن عامر أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "ألا أُخبركم بالتَّيْسِ المعار" ؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال "هو المحلِّل ، لعن الله المحلِّل والمحلَّل له".(44/181)
وأما أهل الرأى "أبو حنيفة وأصحابه" فقال أبو حنيفة وزفر: يَصِحُّ العقد ويُحلها للأول، لأن الشرط الفاسد يُلغي ويَصح العقد، وقال محمد: إن العقد صحيح مع هذا الشرط، لأن الشرط يلغى ولكن هذا العقد لا يُحلها للأول، وقال أبو يوسف: العقد باطل ـ كرأي الجمهور ـ ولا يُحلها للأول.
هذا، وحكى الماوردي عن الشافعي أنه إن شَرَطَ التحليل قبل العقد صَحَّ النكاح وأحلها للأول، وإن شرطاه في العقد بطل النكاح ولم يُحلها للأول، وها قول الشافعي " تفسير القرطبي ج 3 ص 150".
ب ـ الحالة الثانية ألا يصرح بِنِيَّةِ التحليل في العقد وإن كان أمرًا معروفًا بين الناس أو على الأقل بين الأطراف الثلاثة، المطلِّق والمطلقة والمحلِّل، قال مالك: العقد غير صحيح ولا تحل للأول، لأن العبرة في الأحكام بالنيات، وكذلك قال أحمد بن حنبل ، جاء في "المغني" لابن قدامة الحنبلي أن نكاح المحلل باطل إنْ شَرَطَ أنه إذا أَحَلَّهَا فلا نكاح بينهما، وإن نَوَي التحليل من غير شرط فالنكاح باطل، وفي قولٍ: إنْ شَرَطَ عليه التطليق قبل العقد ولم يذكره في العقد ولم يَنْوِهِ فالعقد صحيح.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: ينعقد صحيحًا مع الإثم، ويترتب عليه حِلُّهَا للأول بعد الدخول والطلاق وانتهاء العِدَّةِ، لأن العبرة في الأحكام بالظاهر، وأما الشافعي فله قولان، القول الأول هو القديم كقول مالك وأحمد، والقول الثاني وهو الجديد كقول أبي حنيفة وأصحابه.
2 ـ أما الشرط الثاني وهو الدخول الصحيح، فهو أمر متفق عليه بين الأئمة الأربعة وجمهور العلماء، ولا يكتفي فيه بمجرد الخلوة حتى لو كانت صحيحة، بل لابد فيه من اللقاء الجنسيِّ، والدليل على ذلك ما رواه البخاري وغيره عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ لما طَلَّقَ رفاعة القرظي امرأته فثبت طلاقها تزوجها بعده عبد الرحمن بن الزبير، فجاءت إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تشكو إليه أن عبد الرحمن ضعيف في الناحية الجنسية، فتبسم الرسول وقال: "لَعَلَّكِ تُريدين أن تَرجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تَذُوقي عُسيلته ويَذوق عُسيلتك".
وجاء في سنن النسائي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "العُسيلة: الجِماع ولو لم يُنزل". وجاء في سنن النسائي عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : سُئل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الرجل يطلق امرأته ثلاثًا، فيتزوجها الرجل فَيَغْلِقَ الباب ويُرخي الستر، ثم يُطلقها قبل أن يدخل بها، فقال : "لا تَحِلُّ للأول حتى يُجامعها الآخر".
وتَشَدَّدَ الحسن البصري فلم يكتفِ بمجرد الجماع، بل اشترط أن يكون معه إنزال للنص في الحديث على ذَوْقِ العسيلة، ولكن الجمهور اكتفوا بمجرد الجماع، بناء على تفسير الرسول للعسيلة، بالجماع ولو لم ينزل.
ولم يخالف في شرط الدخول بالزوجة إلا سعيد بن المسيب من كبار التابعين وسعيد بن جبير وبعض الخوارج، وقولهم مرفوض بدليل الأحاديث السابقة. وعدم تحقيقه لحكمة التشريع.
والحكمة من اشتراط المحلِّل وتأكيد دخوله بالمرأة باللقاء الجنسي، التنفير من الطلاق الثلاث، وتنبيه الزوج إلى التَّرَيُّثِ في استعمال حق الطلاق الذي جعله الله(44/182)
على مرات، ومراعاة للشعور بالغيرة على أن يَحِلَّ محله رجل آخر في التمتع بزوجته.
هذه هي الآراء في زواج التحليل وما شرط فيه لتترتب عليه آثاره، وقد حَمَلَ بعض العلماء عليه حملة عنيفة بصورة تجعله كأنه غير مشروع، دون مراعاة لبعض الظروف الضاغطة التي يتحقق بها يُسْرُ الإسلام، والحق هو التمسك بما اتفق عليه العلماء، مع ترك الحرية للاختيار فيما اختلفوا فيه.
وقد رأينا بعد هذا العرض الاتفاق على وجوب صحة الزواج، ووجوب المعاشرة الجنسية، ورأينا الاختلاف في نِيَّةِ التحليل أو التصريح به واشتراطه في العقد، فعند أبي حنيفة أن نية التحليل ـ شُرِطَتْ أم لم تُشرط ـ لا تمنع من صحة العقد ولا حِلَّ المرأة لزوجها الأول، وعند الشافعي قولان في عدم الاشتراط، قول كمالك وأحمد بالمنع، وقول كأبي حنيفة بالجواز، وتُحمل الأثار الواردة في التنفير منه على الكراهة ، وفي المسائل الخلافية لا يُفرض رَأْيٌ من الآراء، إلا باختيار وَلِيِّ الأمر، والعمل في مصر على رأي أبي حنيفة وهو الجواز، لأنه الراجح في المذهب، ولا مانع من اختيار أي رأي من الآراء وبخاصة عند اقتضاء المصلحة.
ـــــــــــــــــــ
الحيل ... العنوان
قد يصعب في بعض الأحيان تنفيذ حكم من الأحكام، فيفكر بعض الناس في حيلة تعفي من تنفيذ هذا الحكم دون مُؤاخذة عليه فهل الحِيل مشروعة أو ممنوعة؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... عقد البخاري في صحيحه كتابًا عن الحيل وأورد صورًا منها في العبادات وغيرها، وابن حجر في كتابه فتح الباري " ج 12 ص 342" ذكر أن الحيلة هي ما يتوصل به إلى مقصود بطريق خفي.وحكم عليها بقوله: وهي عند العلماء على أقسام بحسب الحامل عليها ـ أي الداعي إليها ـ فإن توصل بها بطريق مُباح إلى إبطال حقٍّ أو إثبات باطل فهي حرام، أو إلى إثبات حق أو دفع باطل فهي واجبة أو مُستحبة، وإن توصل بها بطريق مُباح إلى سلامة من وقوع في مكروه فهي مُستحبة أو مُباحة، أو إلى ترك مندوب فهي مكروهة. ثم قال: ووقع الخلاف بين الأئمة في القسم الأول: هل يصح مُطْلقًا وينفذ ظاهرًا وباطنًا، أو يبطل مطلقًا، أو يصح مع الإثم. ولمن أجازها مطلقًا أو أبطلها مطلقًا أدلة كثيرة.
فمن الأول قوله تعالى: (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ) (سورة ص : 44) ـ وهو في حق أيوب حين حلف أن يضرب زوجته مائة جلدة ـ وقد عمل به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حق الضعيف الذي زنى ـ وهو من حديث أبي أمامة بن سهل في السنن. ومنه قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) (سورة الطلاق: 2) والحيل فيها مخارج من المضايق فتكون جائزة.
ومن الثاني قصة أصحاب السبت وحديث "حُرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها وأكلوا ثمنها" وحديث لُعِن المحلل والمحلل له.(44/183)
والأصل في اختلاف العلماء في ذلك اختلافهم: هل المُعتبر في صيغ العقود ألفاظها أو معانيها؟ فمن قال بالأول أجاز الحيل. ثم اختلفوا فمنهم من جعلها تنفذ ظاهرًا وباطنًا في جميع الصور أو في بعضها، ومنهم من قال : تنفذ ظاهرًا لا باطنا، ومن قال بالثاني أبطلها ولم يجز منها إلا ما وافق فيه اللفظ المعنى الذي تدُل عليه القرائن الحالية. وقد اشتهر القول بالحيل عن الحنفية، لكون أبي يوسف صنَّفَ فيها كِتابًا، لكن المعروف عنه وعن كثير من أئمتهم تقييد أعمالها بقصد الحق. قال صاحب المحيط: أصل الحيل قوله تعالى: (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا) الآية، وضابطها إن كانت للفرار من الحرام والتباعد عن الإثم فحسن، وإن كانت لإبطال حق مسلم فلا، بل هي إثم وعدوان.
ثم قال ابن حجر: نص الشافعي على كراهة تعاطي الحيل في تفويت الحقوق، فقال بعض أصحابه: هي كراهة تنزيه ـ أي لا عقوبة فيها ـ وقال كثير من مُحققيهم كالغزالي: هي كراهة تحريم ـ أي فيها عقوبة ـ ويأثم بقصده، ويدُل عليه قول: "وإنما لكل امرئ ما نوى" فمن نوى بعقد النكاح التحليل كان مُحللاً ودخل في الوعيد على ذلك باللعن، ولا يخلصه من ذلك صورة النكاح، وكل شيء قُصد به تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله كان إثمًا، ثم قال: وفي الجُملة فلا يلزم من صحة العقد في الظاهر رفع الحرج عمن يتعاطى الحيلة الباطلة في الباطن. وقد نقل النسفي الحنفي في "الكافي" عن محمد بن الحسن قال: ليس من أخلاق المؤمنين الفرار من أحكام الله بالحيل الموصلة إلى إبطال الحق.
والقرطبي في تفسيره "ج 9 ص 236" عند قوله تعالى: (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مَنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ) (سورة يوسف : 76) قال في قوله: (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ) جواز التوصل إلى الأغراض بالحيل إذا لم تُخالف شريعة ولا هدمت أصلاً، خلافًا لأبي حنيفة في تجويزه الحيل وإن خالفت الأصول وحرمت التحليل. وذكر أن العلماء أجمعوا على أن للرجل قبل حلول الحول التصرف في ماله بالبيع والهبة إذا لم ينو الفرار من الصدقة. وقال: من رام أن ينقض شيئًا من فرائض الله بحيلة يحتالها لا يفلح ولا يقوم بذلك عذره عند الله، وما أجازه الفقهاء من تصرف صاحب المال في ماله قُرب حلول الحوْل إنما هو ما لم يرد بذلك الهرب من الزكاة. ومن نوى ذلك فالإثم عنه غير ساقط، والله حسيبه، ولم يرتض القرطبي ـ ومذهبه مالكي ـ ما رآه الشافعية أو بعضهم من جواز الحيلة للوصول إلى المُباح واستخراج الحقوق.
هذه نُبذة عن الحيل واختلاف العلماء في جوازها ومنعها، وفي اختلافهم رحمة، وفي رأيي أن ربطها بالنية مطلوب، وما ذكره ابن حجر في ذلك جميل.
ـــــــــــــــــــ
زواج التحليل ... العنوان
سعادة الشيخ، اسمح لي أن أثقل عليك بهذا السؤال.. وأرجو أن يتسع قلبك له: نعلم أن الإسلام قد حرم زواج التحليل.. وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من يتزوج بهذه الطريقة.. وأيضاً من يتزوج ليحلل لزوج سابق زوجته التي طلقها.. ولكن يا فضيلة الشيخ، لو أن رجلاً طلق زوجته.. ثم تزوجت بغيره ثم أرادت أن(44/184)
تعود لزوجها الأول، فقامت بمضايقة زوجها الحالي عمداً لا لشيء إلا لكي يطلقها ثم تعود لزوجها الأول ( علماً بأن زوجها الثاني قد جامعها ).. وبعد أن طلقها الثاني تزوجت من زوجها الأول. فهل يصح زواجها من زوجها الأول؟
... السؤال
الدكتور يونس محيي الدين الأسطل ... المفتي
... ... الحل ...
...
... لا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح التحليل، كما ورد النهي عن نشوز المرأة الذي يعني عدم قيامها بكامل حقوق زوجها، وإن هذه المرأة التي قامت بمضايقة زوجها الثاني لتحمله على تطليقها من أجل أن تعود لزوجها الأول مخطئة في ذلك، وآثمة بتلك المضايقة ولا يجوز لها أن تقصر في واجباتها تجاهه لغرض حمله على تطليقها
فإذا فعلت وطلقها جاز لها أن تتزوج بزوجها الأول إذا عاد لخطبتها
ولكن لا يجوز أن تتفق مع زوجها الأول على مضايقة زوجها الثاني لتتاح لهما فرصة الرجوع إلى الحياة الزوجية ثانية؛ لأن هذا احتيال على الشريعة وإضاعة لحق الزوج الثاني في دوام العشرة بالمعروف
والله تعالى أعلم
ـــــــــــــــــــ(44/185)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
البيت الكبير مشاكل وحلول
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(45/1)
العمل الأهلي يخوض الحرب ضد التحرش الجنسي
علي عليوة
Image
حين تتعرض المرأة للتحرش الجنسي تظلم الدنيا في وجهها وتنتابها حالة من القلق والخوف الممتزج بالإحساس بالإهانة بسبب انتهاك آدميتها وكرامتها.
وتتلفت الضحية حولها تبحث عمن تلجا إليه ليساعدها في محنتها، ويلاحق الجاني ليقتص منه بالعقوبة المناسبة لما اقترفه من جرم ليسود العدل الذي هو أساس بقاء المجتمعات قوية متماسكة.
ورغم القصور الذي يواجه به المجتمع المدني هذه الظاهرة، وخاصة الجمعيات والهيئات العاملة في المجال الحقوقي، إلا أن هناك من انتبه لضرورة إعداد برامج لمواجهة الظاهرة وتأهيل ضحاياها، وسط غابة من المعوقات والانتقادات.
وقد آل عدد من الجمعيات على نفسها أن تكون اليد الممدودة لتقديم العون والمساندة النفسية والقانونية للنساء ضحايا التحرش الجنسي، اخترنا منها ثلاث جمعيات هي، مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، ورابطة المرأة العربية، والمركز المصري لحقوق المرأة.. وفي السطور التالية جولة داخل هذه الجمعيات وأهم البرامج وألوان الدعم والمساندة التي تقدمها.
علاج نفسي
تقول مديرة مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، الدكتورة ماجدة عدلي، إن المركز يقدم المساندة لمن يتعرضن للتحرش الجنسي من الإناث من خلال برنامج العلاج النفسي على يد عدد من الإخصائيين والمعالجين النفسيين، حتى يصبح هؤلاء الفتيات والنسوة قادرات على الاندماج داخل المجتمع والتخلص من الآثار النفسية للعدوان الذي تعرضن له.
وتضيف: أن وحدة المساندة القانونية تقوم برفع دعاوى قضائية للمجني عليهن أمام المحاكم المختصة، لمعاقبة الجناة والحصول على التعويضات المناسبة للمجني عليهن، مثلما حدث بعد الانتهاكات الجنسية التي تعرضت لها عدد من الناشطات خلال الاستفتاء على تعديل المادة 76 من الدستور في شهر مايو الماضي.
كما يتبنى المركز إلى جانب ذلك برامج وحملات للتوعية من خلال الندوات والحلقات النقاشية التي ينظمها في مدارس البنات والنقابات والجامعات، وذلك لتركيز الضوء على تلك الظاهرة وتوعية الإناث بما يجب عليهن فعله حتى يتجنبن التعرض لها، بالإضافة لتلقينهم الإجراءات اللازم اتخاذها إذا تعرضن لذلك.
وتعتبر الدكتورة ماجدة عدلي أن أهم المعوقات التي تواجه نشاط تتمثل في قلة وضعف التمويل اللازم للإنفاق على الأنشطة المختلفة، وعدم الوعي لدي النساء بأماكن الجمعيات الأهلية العاملة في مجال مساندة ضحايا التحرش الجنسي وأنشطتها، بالإضافة لغياب الوجود الأمني في أماكن تجمع البنات مثل المدارس والجامعات والأسواق.
ومن المعوقات أيضًا، هناك بطء إجراءات التقاضي والحصول على التعويضات من الجناة، وعدم اهتمام الإعلام بعرض قضايا العنف ضد النساء بالشكل الملائم من أجل تقديم الحلول وحشد المجتمع ضد هذه الممارسات البغيضة.
عنوان المركز: مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف :(45/2)
- 3 أ شارع سليمان الحلبي من شارع رمسيس – القاهرة .
الخط الساخن : 0106662404.
الموقع على الإنترنت: .
بريد إلكتروني: nadeem@link.net .
الدعم بالتوعية
ومن الجمعيات النشطة في مجال دعم ومساندة المرأة جمعية رابطة المرأة العربية التي تقول رئيستها الدكتورة هدى بدران: إن الجمعية تهتم بعمل الدراسات المتعلقة بالعنف الذي تتعرض له المرأة بشكل عام، والتحرش الجنسي بشكل خاص، من خلال وحدة البحوث والدراسات، وهي وحدة تضم عدد من الخبراء والأكاديميين في التخصصات العلمية المختلفة منها علم النفس والاجتماع.
ويتم عمل حلقات نقاشية حول دراسات الوحدة بهدف إحداث توعية قانونية لفئات المجتمع المختلفة، خاصة القضاة ورجال النيابة، من أجل اقتراح التعديلات القانونية اللازمة لمواجهة أشكال العنف ضد المرأة وفي مقدمتها التحرش الجنسي، والعمل على تغليظ العقوبات بحق الجناة لتحقق مبدأ الردع لهواة التحرش.
كما تسعى تلك الحلقات إلى إيجاد وعي مجتمعي يسهم في التعريف بالظاهرة وبالتالي الحد منها.
وتتبنى الجمعية عددا من البرامج التي تستهدف الاتصال بالقضاة ورجال النيابة والبرلمانيين لتعديل اللوائح والقوانين من أجل تشجيع النساء علي ممارسة حقوقهن السياسية وتحديد "كوتا" نسائية داخل مجلسي الشعب والشورى، وفتح المجال أمام المرأة لتولي المناصب القضائية، بهدف إيجاد حضور برلماني وتشريعي نسائي داخل البرلمان يسهم في دعم الجهود الموجهة لمنع التحرش ومعاقبة مرتكبيه ودعم قضايا المرأة الأخرى.
ومن أنشطة الجمعية كذلك، عقد الندوات والمؤتمرات العامة والمتخصصة المقصورة على الإعلاميين والصحفيين والبرلمانيين لصناعة رأي عام يهتم بمخاطر ظاهرة العنف الجنسي والجسدي الموجه ضد النساء والسعي لإبقاء القضية حية وساخنة.
كما تقوم الجمعية بإصدار نشرات دورية تلقي الضوء على الظاهرة إلى جانب البوسترات والمطويات التي تتضمن النصائح النفسية والقانونية لمن تتعرض للتحرش أو العنف.
ومن خلال وحدة المساندة المجتمعية يتم عمل لقاءات تشاوريه مع منظمات المجتمع المدني الأخرى من أجل إيجاد نوع من المناصرة والضغط المجتمعي، والضغط علي أعضاء مجلسي الشعب والشورى لإصدار القوانين التي تكفل الحد من تلك الظاهرة.
وتتابع الدكتورة هدى بدران: أن وحدة النشر والإعلام بالجمعية تقوم بتنفيذ عدد من البرامج تستهدف إقناع راسمي السياسات الإعلامية بعرض صورة إيجابية للمرأة بدلا من الصورة التي تركز على جسد المرأة.
ومن المعوقات التي تواجهها الجمعية في أثناء عملها في تلك البرامج عدم وجود محاكم خاصة لقضايا العنف ضد النساء، وعدم فاعلية مواد القانون الحالي في ردع الجناة؛ وهو ما يجعل الظاهرة تتفاقم وتتزايد في ظل عدم وجود رادع يجعل الجاني يفكر ألف مرة قبل الإقدام على التحرش الجنسي أو التعدي علي النساء.
عنوان رابطة المرأة العربية :
- 28 شارع عدلي – الدور السابع – شقة 74 القاهرة .(45/3)
هاتف: 3928012.
المساندة القانونية
أما الجمعية الثالثة فهي المركز المصري لحقوق المرأة وعن أنشطة المركز تقول مديرته نهاد أبو القمصان المحامية: يتم تقديم خدمة رفع الدعاوى القضائية أمام المحاكم المختصة لضحايا التحرش والعنف من النساء مجانا من خلال وحدة الاستشارات القانونية، وكذلك تقديم شكاوى المجني عليهن لأقسام الشرطة والنيابة.
تتبنى وحدة المساندة السياسية للمرأة بالمركز عدة برامج لإقناع النساء بضرورة المشاركة السياسية في الانتخابات العامة وتبصيرهن بحقوقهن السياسية، واستخراج البطاقات الانتخابية، والأوراق الشخصية لتتحقق لهن فرص المشاركة وبالتالي القوة السياسية والبرلمانية المؤهلة للدفاع عن حقوقهن وقضاياهن ومنها التحرش.
يصدر المركز العديد من الكتيبات والبوسترات التي تلخص سبل التعامل القانوني مع أي حادثة تحرش، وتبين حقوق المرأة السياسية والأسرية والنصائح القانونية والنفسية وأساليب مواجهة المتحرش.
وتضيف: أن المركز يقوم إلى جانب ذلك بعقد حلقات النقاش والندوات حول قضايا المرأة المختلفة، وإعداد الدراسات والبحوث الميدانية حول هذه القضايا وعلى رأسها التحرش الجنسي والعنف الجسدي.
يقوم المركز بتنظيم الحملات القومية التي تستهدف حشد جهود الإعلاميين والأكاديميين والعاملين في سلك الشرطة للحد من ظاهرة العنف داخل أقسام الشرطة والعنف ضد المرأة ومحاولة تعديل قانون العقوبات لتغليظ العقوبة في تلك الجرائم للحد منها.
وترى نهاد أبو القمصان، أن هناك عددًا من العقبات التي تعوق المركز عن إتمام برامجه بنجاح من بينها قلة التمويل، وعدم تعاون بعض ضباط الشرطة مع محامي المركز الذين يصطحبون الضحايا لعمل محاضر تعدٍّ أو تحرش ببعض النساء وتكاسلهم بحجة الخوف على مستقبل الجاني إذا كان طالبا أو شابًّا في مقتبل حياته.
وهذا في رأيها يشكل نوعا من التشجيع لهؤلاء الجناة إلى جانب أنه دليل على عدم الإحساس بخطورة التحرش والعنف ضد المرأة على صحتها النفسية والبدنية من جانب جهات الأمن والمسئولين.
وتطالب بمنع الفيديو كليبات الخليعة والأفلام التجارية التي تستهدف الربح على حساب الأخلاق العامة وتثير الغرائز الجنسية لدى الشباب وأن تكون هناك رقابة أسرية داخل المنزل على ما يشاهده أبناؤهم من برامج التليفزيون والإنترنت وكذا على من يصادقونهم من زملاء الدراسة أو العمل وتقوية الوازع الديني في نفوس الشباب فتيانا وفتيات من خلال الأسرة والإعلام ومؤسسات التثقيف المختلفة.
عنوان المركز المصري لحقوق المرأة :
135 طريق مصر حلوان الزراعي خلف المحكمة الدستورية العليا المعادي – مصر .
- هاتف : 5271397 _ 5282176.
- فاكس: 5282175.
صحفي مهتم بالشأن الاجتماعي، يمكنكم التواصل معه عبر البريد الخاص بالصفحة holol@iolteam.com.
-ـــــــــــــــــــ
مواجهة الإدمان .. مسئولية المجتمع
محمد فاروق عجم(45/4)
مواجهة الإدمان .. مسئولية المجتمع
يعد الإدمان حالة نفسية وعضوية تنشأ من تكرار تعاطي الفرد للمادة المخدرة؛ فيصبح الاستمرار عليها وتعاطيها لازما وضروريا، ويترتب على التوقف عنها أو تقليل جرعاتها اضطرابات بدنية أو عقلية، وكذلك أضرار اجتماعية ونفسية؛ لذا تعد مشكلة المخدرات من أهم المشكلات التي تواجه الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والأمني والنفسي للمجتمع العربي، وعلى هذا الأساس فهي تحتاج منا إلى العمل بجدية في سبيل إعداد الخطط الفاعلة لمواجهتها والقضاء عليها.
وهناك طرق ووسائل عدة لمواجهة الإدمان، منها الاكتشاف المبكر كخطوة مهمة لعلاج المدمنين، والتعرف على الاتجاهات والإستراتجيات الحديثة لمحاربة الظاهرة، وتدعيم العمل الأهلي التطوعي، وذلك بالإضافة إلى الدور المهم لوسائل الإعلام في مواجهة هذه المشكلة.
أهداف العمل التطوعي
يحدد الدكتور، أحمد جمال أبو العزايم، رئيس الاتحادين المصري والعربي للوقاية من الإدمان، أهداف العمل التطوعي في وقاية المجتمع العربي من الإدمان والمخدرات، في اثني عشر هدفا، من شأنها المشاركة في تعزيز ذلك الدور.
يتمثل الهدف الأول في توحيد الجهود المدنية محليا وعربيا، بهدف تحسين أداء الجمعيات الأهلية من خلال التخطيط وتوحيد السياسات وإنشاء أنظمة عمل وإدارة موحدة. أما الهدف الثاني فيتأتى من خلال التخطيط الإستراتيجي لمواجهة المشكلة، ووضع الرؤية والاتجاهات المستقبلية للعمل الذي تقوم به الجمعيات الأهلية في هذا الصدد؛ وهو ما يشجع روح المبادرة والابتكار.
الهدف الثالث يتجسد في إنشاء برامج للوقاية من الإدمان، على مستويات مختلفة مثل الأسرة والمدرسة والأصدقاء وأجهزة المجتمع والإعلام، فيما يتحقق الهدف الرابع بإنشاء مركز أهلي للتخطيط الإستراتيجي، بهدف التقييم المستمر لأداء الجمعيات الأهلية والسعي لزيادة كفاءة برامج مكافحة وعلاج الإدمان التي تتبناها.
أما الهدف الخامس، وفقًا لما يراه الدكتور أبو العزايم، فهو التعامل مع القضايا المؤدية إلى هشاشة المناعة والمقاومة الذاتية في مواجهة التعاطي، ومنها الأمية وعمل الأطفال المبكر والعنف ضد الأطفال. بينما يكون إعداد البرامج الإعلامية المتخصصة هو الهدف السادس الذي يجب أن تقوم به الجمعيات الأهلية عن طريق شخصيات المجتمع المحبوبة والتي تشكل قيما أخلاقية مثل الفنانين والرياضيين والإعلاميين.
الهدف السابع يمكن تحديده في العمل والتواصل مع شباب المدارس وتدريبهم على فنون قيادة المجتمع. أما الهدف الثامن فهو التنمية البشرية للعاملين في مجال العمل الأهلي مثل رجال الدين والأطباء والأخصائيين الاجتماعيين بالمدارس والأندية الرياضية. كما يمكن اعتبار تنفيذ بحوث متعددة عن انتشار المخدرات في قطاعات المجتمع وسبل الوقاية منها بمثابة الهدف التاسع.
أما الأهداف الثلاثة الباقية فتتحقق من خلال تنظيم مؤتمرات عربية وجماهيرية، والتعاون مع المنظمات الدولية المعنية والمهتمة والتشبيك معها، ودعم إنشاء جماعات مساعدة الذات والمدمن المجهول في الدول العربية، بما يساهم في النهاية بشكل إيجابي في تحسين قدرة الجمعيات المشاركة وتأهيلها للتعامل مع مشكلة المخدرات.
سلبيات الإعلام العربي(45/5)
بات الإعلام لاعبًا أساسيا ومؤثرًا في المجتمعات المعاصرة، خاصة أنه بات مضمار التسابق لكسب الأذهان، وعن دور الإعلام في مواجهة الإدمان، يقول الدكتور أديب محمد خضور، أستاذ الإعلام بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية: إن الدور الذي يلعبه الإعلام في حياة الفرد والمجتمع مع هذا التنوع الهائل وغير المسبوق كمًّا وكيفًا في مصادر الإعلام ووسائله ومضامينه، أدى إلى عدم إمكانية ترك الممارسة الإعلامية للمصادفة، بل يجب توجيهها لتكوين الوعي والمعرفة وبالتالي التأثير.
ويشير إلى السلبيات التي تطغى على الإعلام العربي في تناول مشكلة الإدمان، قائلا: إن التناول العربي للإدمان هو تناول سطحي تطغى عليه التغطية السريعة للخبر بعيدا عن التحليل والتفسير، والسبب في ذلك هو الجهات الأمنية نفسها التي لا تزال تتبع إستراتيجية التحفظ في تقديم المعلومة، فبقينا كمتلقين على سطح الحدث ولم ندخل إلى أعماقه.
وكذلك هناك تناول فردي للظاهرة دون التركيز على السياق العام لها، بمعنى أننا نركز فقط على الشخص المدمن دون تحليل الأسباب التي أدت به إلى ذلك؛ وهو ما يجعل الإعلام العربي يخسر الرهان لو استمر في تلك السياسة ولا يؤدي دوره، بل قد يؤدي إلى نتائج سلبية أحيانا، مثل تعلم بعض الأفراد طرق الإدمان من خلال المسلسلات والأفلام، وهو بالطبع ليس مقصودا.
أيضا وسائل الإعلام لا تتفق في كثير من الأحيان على إستراتيجية المواجهة، وتخطئ أحيانا في استخدام نظرية التأثير، وتتعثر كثيرا في استخدام آليات الإقناع وتغيير الاتجاهات، والمشكلة أنها تعمل بدون بحوث وخطط؛ لذا وجب عليها تحديد الاتجاهات قبل التعامل مع المشكلة ثم ترسم الخطة المناسبة للعلاج.
كذلك فبعض رجال الأمن ليس لديهم الخبرة في التعامل مع الإعلام؛ لذا يجب أن يكون المسئول الأمني مؤهلا لذلك حتى لا تترجم الممارسات الأمنية إلى الإعلام بصورة خاطئة،
ويرى دكتور خضور مثالب كثيرة في آليات وخطط المؤسسات الإعلامية في مواجهة الإعلام، منها عدم وجود الصحفي أو الإعلامي المحترف المتمكن من الثقافة القانونية والأمنية، بالإضافة إلى قلة الخبرة والكفاءة المهنية في التعامل مع مشكلة الإدمان، وسواء كان هذا أو ذاك فإنه في النهاية تحدث فجوة بين الإعلام والأمن.
فلسفة جديدة
يرعى المجلس القومي للأمومة والطفولة بجمهورية مصر العربية مشروع إعداد النشء لمناهضة المخدرات وينفذه بالتعاون مع الجانب الإيطالي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وحول هذا المشروع بقول عمرو حسن عثمان مدير المشروع: إن هذا المشروع يتبنى فلسفة جديدة من نوعها تعتمد بالأساس على المشاركة الفعالة للنشء، من خلال إعداد قادة منهم في كافة التجمعات الشبابية، ليشكلوا مجموعات ضغط إيجابية تعمل على رفع الوعي بأخطار المخدرات بين أقرانهم، وذلك من خلال أساليب تدريبية جذابة وغير مباشرة تتماشى مع اتجاهات وأفكار النشء وتتلاءم مع أنماط حياتهم.
وأهم الأسس العلمية التي تعتمد عليها إستراتيجية المشروع، هي قابلية العقل الإنساني للنمو والتعديل الذاتي إذا ما توفرت له البيئة المناسبة، وفي نفس الوقت يمدنا العلم الحديث ببرامج تنمية الشخصية، وتنمية التفكير وتنمية الذكاء، وتنمية المهارات الاجتماعية، وتنمية القدرة على اتخاذ القرار، وتنمية الاتجاه الإيجابي نحو الذات ويتمثل(45/6)
في احترام الذات والمحافظة عليها، كل هذه برامج إيجابية تسهم في تحقيق بناء شخصي متكامل للنشء بحيث يتحدى الضغوط الخارجية ويضع لنفسه مسارًا إيجابيا صحيا.
ويضيف أن الإستراتيجية قد استفادت من نتائج البحوث والدراسات المصرية والأجنبية التي تناولت الأسباب المؤدية للإدمان، وفرضية أن التعاطي عرض يكشف عن اضطراب شامل في الشخصية، ومن هنا يكون التصدي لمسببات الاضطراب أكثر فاعلية من التصدي للعرض نفسه.
الاكتشاف المبكر والاتجاهات الحديثة
يعد الاكتشاف المبكر للإدمان مرحلة مهمة من مراحل العلاج؛ حيث إن لها دورا كبيرا في تقليل تأثير المواد المخدرة على المتعاطين، ومقاومة المفاهيم الخاطئة التي يعتقدها بعضهم عن الإدمان كعملية إيجابية لها فوائدها، إلى جانب زيادة فاعلية العلاج والتقليل من حالات الانتكاس والآثار النفسية والمشاكل الاجتماعية.
وفي ذلك تقول دكتورة نادية جمال الدين الباحثة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية إنه يمكن تحديد جهود مكافحة ظاهرة إدمان المخدرات مبكرا في طريقتين، الأولى من خلال مكافحة العرض عن طريق الجهود الأمنية والتشريعات والاتفاقيات الدولية، والثانية خفض الطلب عن طريق الوقاية والعلاج وإعادة التأهيل.. والوقاية بدورها لها عدة درجات، الدرجة الأولى منع سلوك التعاطي عن طريق دور المؤسسات التنموية والأهلية ووسائل الإعلام، والدرجة الثانية عن طريق الكشف الدوري، والثالثة عن طريق المؤسسات العلاجية والإرشاد المهني.
أما الدكتورة مها وصفي مباشر، الأستاذ بوحدة الإدمان بكلية الطب جامعة القاهرة، فتشير إلى دور الاتجاهات الحديثة في مواجهة الإدمان، مؤكدة أن العلاج التكميلي من شأنه أن يقوم بتوظيف أساليب مختلفة من العلاج وفق المرحلة العلاجية المناسبة للمدمن، خاصة أن التوجه العالمي المعاصر لمواجهة الإدمان يتطلب وضع وتنفيذ برامج وقائية مناسبة تستهدف النشء، ويكون المجتمع الأمثل لها هو مجتمع المدرسة.
توصيات مهمة
وفي محاولة منه للبحث عن تدعيم الجهود العربية لمكافحة الإدمان يشير الدكتور محمد جمال أبو العزايم، الأمين العام للجمعية العالمية الإسلامية للصحة النفسية، إلى عدد من التوصيات أهمها:
- تكثيف الجهود العربية المشتركة بين الجهات الحكومية والجمعيات الأهلية والجهات والمراكز البحثية لمواجهة مشكلة الإدمان في المجتمع العربي.
- المطالبة بالتوسع في إنشاء مستشفيات متخصصة لعلاج الإدمان في مختلف الدول العربية؛ حيث إن معظم أقسام علاج الإدمان ملحقة بمستشفيات لعلاج الأمراض العقلية والنفسية، كما أن الطاقة الاستيعابية المتاحة حاليا لا تلبي أعداد المدمنين واحتياجاتهم.
- تدعيم الجهود الأمنية المبذولة من مختلف الدول العربية للحد من عرض المخدرات في المجتمع العربي.
- التركيز على البرامج المستهدفة لوقاية النشء من المخدرات، حيث تشكل فئة الشباب الجزء الأكبر من المدمنين.
- تشجيع الجهود المبذولة لإيجاد فرص عمل للشباب، حيث تعتبر البطالة عاملا رئيسيا للمشكلات الاجتماعية والنفسية التي يعاني منها أبناء المجتمع العربي.(45/7)
- الاهتمام بإجراء تحاليل دورية لاكتشاف المدمنين خاصة بين السائقين للحد من ظاهرة الحوادث المرورية المتكررة والناتجة عن مشكلة التعاطي والإدمان.
- ضرورة التعاون المستمر بين مختلف المراكز البحثية العربية للوصول إلى أساليب حديثة في علاج الإدمان.
- الاهتمام بتبادل الخبرات العملية والتطبيقية في طرق المكافحة بين مختلف الدول العربية.
- تكثيف المؤتمرات والندوات المعنية بالوقاية من الإدمان لوقاية الأسرة العربية من هذه المشكلة وآثارها المدمرة على الفرد والأسرة والمجتمع العربي.
- التركيز على الجانب الديني في السياسات المعنية بالعلاج أو الوقاية من الإدمان.
- المطالبة بتعديل القوانين المنظمة لعمل الصيدليات وتغليظ العقوبة على الصيدليات التي لا تلتزم بتعليمات الجهة الصحية المسئولة فيما يخص العقاقير المحظور بيعها دون أن يكون ذلك تحت إشراف طبي، بحيث تواجه بعقوبات رادعة قد تصل للغلق.
- الاهتمام بالجانب الإعلامي في البرامج المستهدفة لعلاج الإدمان باستخدام أساليب فعالة تساهم في إقناع المتلقي بأهمية المشكلة وخطورتها.
ـــــــــــــــــــ
مجتمعاتنا.. بيئة خصبة للتحرش!!
علي عليوه**
ماذا حدث لمجتمعاتنا؟!!
فجَّرت حادثة التحرش الجنسي الجماعي التي شهدتها شوارع وسط القاهرة في شهر أكتوبر الماضي، وقبلها حادثة نفق النهضة في المملكة السعودية مشاعر الصدمة والذهول، وأثارت العديد من التساؤلات حول المسئول عن هذا السعار الجنسي الذي طفا بشكل مفاجئ وصادم على سطح مجتمعاتنا التي يفترض فيها أنها محافظة بطبعها.
البعض ألقى مسئولية ما حدث على وسائل الإعلام والبعض الآخر على الظروف الاقتصادية والبطالة وغياب الدور التربوي للأسرة وغياب خطاب ديني يخاطب الشباب ويؤثر فيهم.. غير أن الجميع اتفقوا على أن كل ما سبق يمثل بيئة خصبة لنمو تلك الحوادث المخزية.
وقد طرحنا القضية على عدد من الخبراء والأكاديميين لإلقاء الضوء عليها فماذا قالوا؟؟.
دراسة مخيفة
في البداية، تؤكد نهاد أبو القمصان، المحامية مديرة المركز المصري لحقوق المرأة، أن التحرش الجنسي في الشارع والمواصلات وأماكن العمل تحول إلى ظاهرة تتزايد يوما بعد يوم، مشيرة إلى أن دراسة ميدانية أجراها المركز أظهرت زيادة في حجم تلك الحوادث بنسبة تصل إلى 40% خلال العام المنقضي عن السنوات الخمس السابقة عليه.
حيث زادت حالات التحرش ولم يعد مقتصرا على الألفاظ الخارجة والجارحة، بل بدأ يأخذ أشكالا متعددة تشترك كلها في سمة أساسية هي الإيذاء البدني والتسبب في الشعور بالانتهاك وعدم الأمان وللأسف أصبح التحرش يطال البنات المحجبات بنسبة تصل إلى 60% ممن تم التحرش بهن.(45/8)
وأوضحت أن المركز المصري لحقوق المرأة تلقى كمية ضخمة من الشكاوى من نساء يواجهن مشكلات يومية، متعددة من التهديد والانتهاك العلني أو الأفعال العنيفة الأخرى في كل مرة يغادرن فيها منازلهن، تتضمن إما ألفاظا أو إشارات بذيئة أو اللمس غير اللائق للجسد، أو المغازلة والملاحقة في الشارع، وكشف المتحرش عن أجزاء من جسده أمامهن وامتد التحرش إلى التحرش من خلال التليفون والإيميل.
وانتقدت تجاهل المسئولين والأمن لقضايا التحرش زاعمين أنها قضية غير ذات أولوية؛ وهو ما دفع المركز المصري لحقوق المرأة لإطلاق حملة قومية لمحاربة التحرش الجنسي تستهدف الإعلام، والرأي العام ووزارتي الداخلية والتربية والتعليم.
ويقوم المركز حاليا بجمع الشكاوى والقصص المتعلقة بالتحرش من أكبر عدد ممكن من النساء لضمها في تقرير سيستخدمه للضغط على الحكومة والإعلام بهدف طرح هذه المشكلة علنا للتوعية بالمخاطر الأمنية والسياحية للتحرش لتعود شوارعنا آمنة مرة أخرى.
كما يعمل المركز على تقديم الاستشارات القانونية لضحايا التحرش ورفع الدعاوي القضائية مجانا.
سد الفجوة التشريعية
وعن الجانب القانوني أوضحت نهاد أبو القمصان أن قانون العقوبات في مصر وعدد كبير من البلدان العربية يعتبر التحرش نوعا من السب والقذف وخدش الحياء، أما إذا كان باليد فيعد هتكا للعرض وفعلاً فاضحًا في الطريق العام.. والعقوبات تتراوح بين الحبس شهر مع الغرامة وتصل إلى الحبس 3 سنوات أو الغرامة.
كما أنه على المستوى الشعبي هناك تصور خاطئ بأن هتك العرض يعني الاغتصاب، مع أنه مجرد لمس أجزاء حساسة من جسد المرأة وتصل عقوبته إلى 7 سنوات سجنا.
وعلى ذلك فشريحة كبيرة من الضحايا لا يعرفون حقوقهم وأن ما يتعرضون له من تحرش هو جرائم يعاقب عليها القانون، خاصة أنها تسبب لهن أضرارًا نفسية وعصبية قد تمتد آثارها لفترات طويلة من حياتهن.
وطالبت بالتحقيق الفوري في هذه الوقائع ومساءلة المسئولين عن بسط الأمن في المناطق التي يحدث فيها التحرش وعدم التعامل مع الموقف كواقعة عرضية، مع ضرورة دراسة مسببات ودوافع مثل هذا الهوس الجماعي، ولحظة انفجاره.
كما دعت للبحث في كيفية تفادي مثل هذه الوقائع الغريبة والتصدي للتحرش، مع أهمية سد الفجوة التشريعية في قانون العقوبات واستحداث قوانين خاصة بالتحرش الجنسي لحماية النساء والفتيات في الشارع وفى كافة الأماكن.
الانحياز للجاني
هل خرج التحرش من الفردية للجماعية؟
ومن جانبها تقول الدكتورة ماجدة عدلي الطبيبة النفسية مديرة مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف إن التحرش الجنسي بات يمثل هستيريا جماعية، خرجت من حالة الفردية إلى الحالة الجماعية.
وأشارت الدكتورة ماجدة إلى أن المجتمع والإعلام يلقي باللوم دائما على المجني عليها، فنجد من يقول لماذا خرجت إلى الشارع في هذا الوقت، ولماذا تلبس هذه الملابس.. وجميع تلك الأقاويل تصب في خانة إعطاء المبررات للجاني على الرغم من أن الكثير من أفعال التحرش تتم في وضح النهار وأن عددا من الضحايا يكن من المحجبات، ولم يقل أحد أن ما أقدم عليه الجاني هو جريمة تستحق أن يتم إنزال العقاب اللازم عليها.(45/9)
ورفضت القبول بالتحليلات التي تلقي مسئولية تزايد التحرش الجنسي على البطالة والعنوسة والأزمة الاقتصادية والإعلام، مؤكدة أن التحرش قضية عنف وليست قضية جنسية وأنه جريمة مثلها مثل السرقة والقتل؛ لأنه لا يتصور أن يحاول شخص ما أن يمارس العلاقة الجنسية مع فتاة بالإكراه وفي وضح النهار، وأمام الناس.
واعتبرت هذه الجريمة تنفيس عن رغبات عنيفة تجاه الطرف الأضعف داخل المجتمع، موضحةً أن غياب الشعور بالأمن يعد عاملا مساعدا يشجع المتحرشين على ارتكاب جرائمهم وهم في مأمن من الملاحقة والعقاب.
وتختلف الدكتورة أماني أبو الفضل المديرة التنفيذية للمركز المصري لرصد أولويات المرأة (مرام) مع الرأي السابق، وتلقي بالجزء الأكبر من المسئولية على وسائل الإعلام، مشددة على أن قضية التحرش لم تظهر فجأة بل هي قضية تراكمية لها جذور عميقة بدأت منذ بداية الانفتاح الاقتصادي وما صاحبه من انحلال أخلاقي وانهيار للقيم، وأن هذه النتيجة كانت متوقعة حين أخذ السوس ينخر في البنية الأخلاقية للمجتمع التي تمثل حائط الصد أمام القيم الإباحية الوافدة والسلوكيات الشاذة؛ فبدأ أن الإعلام الفاسد والفن الهابط مرضي عنه ولا يجد من يوقفه أو يتصدى له.
وتساءلت: ماذا ننتظر من الشباب أن يفعلوا مثلا حيال قيام إحدى الفنانات وهي شبه عارية أمام إحدى دور السينما، بينما الإعلام المرئي والمسموع "المسلط" عليهم لا يبث سوى ما يثير الشهوة لديهم؟.
واعتبرت أن الإعلام المدعوم بقوى دولية ومحلية هو المسئول الأول وعليه أن يكف شروره عنا.. وينبغي ألا نلقي باللوم على الخطاب الإسلامي؛ لأن الدعاة يقومون بدورهم ولكن الإعلام الهابط يجعل هذا الخطاب بلا مردود إيجابي بسبب قوة ما يملكه من وسائل التأثير ومطاردته للناس طوال ساعات اليوم .
ومن جانبها تتفق هالة عبد القادر المحامية المديرة التنفيذية للمؤسسة المصرية لتنمية الأسرة مع الرأي الذي يدين الإعلام، قائلة: إن الإعلام متهم بأنه يركز على عرض المرأة كجسد من خلال الفيديو كليبات والأفلام، ولكن الحقيقة أن التحرش هو محصلة عدة أسباب يأتي في مقدمتها الردة الأخلاقية والثقافية والبطالة وعدم القدرة على الزواج والعنوسة، بحيث أصبح المجتمع بظروفه الحالية يشكل بيئة مواتية لمثل تلك السلوكيات الشاذة.
عولمة الإباحية
ومن ناحيتها، تلفت الدكتورة منال أبو الحسن المسئولة الإعلامية باللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل مدرسة الإعلام بجامعة الأزهر الانتباه إلى عامل آخر يسهم في توفير بيئة التحرش وتسلب الشباب القيم التي تعصمهم من الانحراف والزلل وهو محاولات الأمم المتحدة عولمة القضايا الجنسية.
حيث غلفت كل ما يخص هذه القضايا بإطار من الحرية والتمكين وأصبح من متطلبات العولمة فرض تلك الأجندة التي هي في الأصل منظومة الغرب الإباحية من خلال مواثيق الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة والطفل.
وتضيف أن المنظمة الدولية تقوم بإلزام الدول الأعضاء بتنفيذ بنود تلك المواثيق وتطبيقها على مستوى كافة مؤسسات هذه الدول دون اعتبار للدين ولا للقيم المجتمعية، والتي تمثل من وجهة نظرهم العائق الأساس للتطبيق، مشيرة إلى أن هذه المواثيق تركز على المطالبة بتغيير المناهج الدراسية للأطفال والمراهقين لتلبية هذه المتطلبات والتي من بينها توفير وسائل الجنس الآمن وموانع الحمل والتثقيف الجنسي في المدارس والحق في الإجهاض للمراهقات اللاتي يحملن خارج نطاق الزواج والمساواة التامة بين الرجل والمرأة والحق في التطليق والإقامة(45/10)
خارج بيت الزوجية.. وغيرها من المطالب المهددة لمؤسسة الأسرة إلى جانب تبني نموذج الأسرة غير النمطية التي لا تتكون من الزوج والزوجة.
الإعلام متهمًا
قوانين الغابة هل باتت تحكم مجتمعاتنا؟
وتؤكد على أن بعض وسائل الإعلام العربية الموالية للمنظمات الغربية تقوم بدور أساس في إيجاد حالة من الإلحاح والضجيج لشد الجمهور نحو الأساليب الغربية للمعالجات الجنسية، سواء من النواحي الثقافية أو التعليمية أو القانونية أو السياسية لكي يتبعها المناقشات والحوارات الثنائية والجماعية لإيجاد رأي عام داعم لتلك المنظومة الإباحية.
وتوضح الدكتورة منال أبو الحسن أن هذا النمط من الإعلام يقوم بدور آخر يتمثل في إنتاج مواد إعلامية مختلفة ومتعددة على مستوى جميع الوسائل الإعلامية وباستخدام كافة الفنون الإخراجية والتكنولوجية للاتصال تصب في هذا الاتجاه المدمر للقيم.
وتستشهد الدكتورة منال أبو الحسن بما تم عرضه في الإعلام العربي "المتعولم" من أشكال جديدة من الأسرة لم يمارسها المجتمع العربي بكافة طوائفه الدينية في برامج مثل " BIG BROTHER " أو الرئيس الذي يسمح للفتيات والفتيان المشاركين بالعيش معا في منزل واحد على مشهد ومسمع الناس في أنحاء العالم دون خجل، حيث يمارسون حياتهم الطبيعية من وجهة النظر الإعلامية!!.
وعندما رفض المجتمع العربي التجربة لم ييئس الإعلام فذهب لوضع نموذج آخر للعلاقات بين الجنسين، والمتمثل في أكاديمية للفنون يعيش فيها الشباب والشابات في تبات ونبات و..... صبيان وبنات!.. هذه المرة نجح الإعلام في صنع بعض النجوم مع استنفاد وقت ومال الجمهور واقتنع العديد من الشباب بالفكرة وساندوها نفسيا وماديا فأنفقوا في سبيلها الملايين من خلال رسائل المحمول.
وتشير إلى أن الفضائيات في إطار عولمة القضايا الجنسية والإباحية قامت بعرض نموذج آخر للأسرة حيث يعيش عدد من المشاهير من المغنيات والمغنيين في واد من الوديان ليرى المشاهد حياة كاملة بين ذكور وإناث لا تربطهم صلة غير الفن وصانعيه، وعلى مدار أشهر محددة يفوز بعدها أحدهم بالجائزة الكبرى التي تم تحصيلها من الشباب المشاهدين العرب والمسلمين في صورة رسائل هاتفية للتصويت على الفائز.
ولم يعد المذيع في حرج عندما يسأل الضيف على الهواء عن أماكن الاستثارة الجنسية لدى المرأة!.
ولم تكن كذلك إحدى كاتبات المقال الشابات في حرج عندما شرحت طرق الإشباع الجنسي في العلاقات المثلية ونشرها في مجلة مطبوعة طباعة فاخرة توزع مجانا! وتجد من يدعمها ومن يقرؤها من الشباب.. وكذلك ظهرت أغنية في فيلم سينمائي تتغنى بزواج المحارم، ورغبات النساء المكبوتة وأن النساء "ملهمش غير بعضهن"! دون خوف من المواجهة أو المساءلة أو الاعتراض.
الخطاب الديني
وتتطرق الدكتورة عفاف النجار أستاذة ورئيسة قسم التفسير بجامعة الأزهر، إلى سبب آخر تراه دافعًا لاستشراء ظاهرة التحرش الجنسي يتمثل في نمط الخطاب الديني السائد.(45/11)
وتعتبر أن هناك ضرورة لتطوير الخطاب الديني والوعظي الموجه للشباب؛ لأن هذا الخطاب يواجه منافسة شديدة من جانب الفضائيات والإنترنت الذي نجح في الاستيلاء على اهتمامات الشباب وصرفهم عن دروس المساجد.
فحقل الدعوة يحتاج لنوع من الدعاة على غرار المرحوم الشيخ متولي الشعراوي والداعية عمرو خالد يستطيعون مخاطبة هذه الفئة العمرية بلغتهم ويقتحمون عالمهم للتأثير فيهم.
وأشارت إلى أن الخطاب الوعظي الحالي يعاني من الجمود والاعتماد على الترهيب أكثر من الترغيب مما ينفر الشباب، كما أنه بعيد عن اهتماماتهم ومشاكلهم وقضاياهم والتي في مقدمتها البطالة والعنوسة وتردي الأحوال الاقتصادية التي تحول بينهم وبين الزواج، بالإضافة إلى هيمنة ثقافة الفيديو كليبات والشات وغيرهما من الوسائل التي تسهم في تراجع الأخلاق والقيم لدى شبابنا وتجعلهم يقدمون على السلوكيات البعيدة عن قيم وأخلاقيات الإسلام.
ودعت إلى البحث عن الوسائل الفعالة للوصول إلى الشباب وتعميق القيم الإسلامية في نفوسهم إلى جانب الاهتمام بالمقررات الدراسية الإسلامية وتدريسها في كل مراحل التعليم، على أن يتم تضمين تلك المقررات سير الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وصحابته والتاريخ الإسلامي المشرق والتوعية بالمخاطر التي تجلبها العولمة خاصة في جانبها الثقافي الذي يستهدف فرض "منظومة الغرب الإباحية" على المسلمين من خلال الفضائيات والإنترنت وغيرها من وسائل الاتصال.
غياب دور الأسرة
وفي ذات السياق، يؤكد الدكتور أحمد المجدوب، الخبير بالمركز القومي المصري للبحوث الاجتماعية والجنائية على خطورة غياب دور الأسرة في تربية الأبناء وغرس القيم الخلقية والدينية التي تعصمهم من الزلل وارتكاب المعاصي، ومن هنا وجدت حالة من الانفلات الأخلاقي تبدو مظاهرها في ميوعة البنات ورقصهن وتصرفاتهن السيئة أمام الآباء والأمهات بل وفي الشارع؛ وهو ما يشكل عاملا مساعدا للشباب على التجرؤ عليهن .
ويضيف أنه إذا تلاقى الشكل المثير الذي تبدو عليه الفتاة مع الميول العدوانية لدى هؤلاء الشباب نتيجة تعاطي المواد المخدرة وما شابها والتي تزيد من نسبة الأدرينالين في الدم وهو المحفز للعدوانية يحدث التحرش الجنسي، ملمحًا كذلك إلى عنصر محفز آخر للظاهرة يتجسد في عدم انضباط الشارع نتيجة الغياب الأمني وغياب القدوة الحسنة، فلا يجد الشباب أمامه إلا تقليد الفنانين ومن يوصفون بأنهم نجوم المجتمع
ـــــــــــــــــــ
"مشاكل وحلول" تحتفل معكم بالعام الهجري الجديد
هشام عبد العزيز**
في إطار احتفالية شبكة إسلام أون لاين. نت بالعام الهجري الجديد يقوم نطاق مشاكل وحلول بإعداد برنامج خاص بهذه المناسبة خلال الفترة من 16 إلى 23-1-2007 تتضمن استقبال يومي لمشاكل واستشارات الزوار والرد عليها خلال 24 ساعة، مع سلسلة من الحوارات الحية العامة والمتخصصة التي يستضيف فيها النطاق نخبة منتقاة من نجوم المجتمع والمتخصصين.
عام بلا مشاكل(45/12)
تحت شعار "عام جديد بلا مشاكل" سيقوم نطاق مشاكل وحلول خلال الفترة من 16 إلى 22-1-2007 باستقبال مشاكل واستشارات القراء بشكل يومي بواقع 4 مشكلات يوميًا، على أن يتم الرد عليها خلال 24 ساعة من خلال نخبة من أبرز المتخصصين في الشأن الاجتماعي والنفسي.
حيث سيتم على مدار أيام الاحتفالية فتح عداد استقبال الأسئلة في تمام الساعة الثانية عشرة ظهرًا بتوقيت مكة المكرمة.
وبالإضافة إلى ذلك، سيقوم النطاق بإجراء حوارات يومية مباشرة مع نخبة من المستشارين الاجتماعيين والأطباء النفسيين للإجابة على استشارات الزوار النفسية والاجتماعية، فيما سيستضيف كلا من عالم الطب النفسي الدكتور يحيى الرخاوي، عصر الأربعاء 17-1-2007 في حوار مفتوح حول التطورات والتغيرات التي حدثت للشخصية المصرية، تحت عنوان "ماذا حدث للمصريين"، وذلك على خلفية الأحداث التي شهدتها الساحة المصرية خلال العام الهجري المنصرم.
وحول "التأثيرات الاجتماعية للفيديو كليب" يلتقي زوار شبكة إسلام أون لاين يوم الإثنين 22-1-2007 في حوار حي مع فوزية سلامة، إحدى مقدمات برنامج "كلام نواعم" على فضائية mbc، حيث يمكنهم طرح أسئلتهم حول التأثيرات السلبية التي تفرزها ظاهرة الفيديو كليب على مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وانعكاسات ذلك على أحوال الشباب.
"نجوم العام الهجري"
وتطلق شبكة إسلام أون لاين الثلاثاء 16-1-2007 احتفالية بالعام الهجري الجديد تحت عنوان: "نجوم العام الهجري".
وتستضيف الشبكة في إطار هذه الاحتفالية التي تستمر أسبوعا مجموعة من الشخصيات التي كان لها دور بارز في صنع الأحداث خلال العام الهجري الماضي في مختلف المجالات، سواء بالمشاركة في الحدث أو تقديم الرأي والتحليل.
ومن المقرر أن تستضيف الشبكة في حوارات حية عددا من الشخصيات الهامة من مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي منها: إسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني ليتحدث عن مستقبل الدولة الفلسطينية، وفتح الله أرسلان المتحدث الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان المغربية والذي يتحدث عن مستقبل العلاقة بين "العدل والإحسان" والسلطة، والشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين، والذي يتحدث عن مستقبل القدس في ظل التهديدات.
كما تستضيف الشبكة الدكتور عبد الوهاب المسيري الذي يتحدث عن الحجاب وعلمنة المجتمع، والدكتور علي العُمري الأمين العام لرابطة الفن الإسلامي والذي يتحدث عن العلاقة الشائكة بين الفن والملتزم، والدكتور أحمد عمر هاشم عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية حيث يتحدث عن مستقبل الصوفية في ضوء المتغيرات الدولية، وفضيلة الشيخ أحمد القطان الداعية الإسلامي الكويتي المعروف حيث يتحدث عن أخلاق الملتزمين، والشيخ عكرمة صبري مفتي القدس، والأستاذ الدكتور علي محيي الدين القره داغي أستاذ الفقه بجامعة قطر.
وتستضيف الشبكة أيضا الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والذي يتحدث عن مستقبل العلاقة بين الإخوان والسلطة، وبحكم كونها إحدى ظواهر العام الهجري المنقضي.(45/13)
وستستضيف الشبكة وائل عباس صاحب مدونة الوعي المصري للحديث عن المدونات وتأثيرها في رفع مستوى المواطنين بالأحداث، والكشف عن الظواهر المختلفة التي تحدث بالمجتمع، وكذلك تستضيف حارس المرمى المصري نادر السيد في حوار إذاعي.
كما يجري حاليا الاتفاق مع عدد من الشخصيات وتحديد مواعيد مناسبة معهم، ومن هذه الشخصيات العقيد القذافي قائد الثورة الليبية، ونيكولا ساركوزي وزير الداخلية مرشح الرئاسة بفرنسا، والشاعر المصري فاروق جويدة وغيرهم.
استشارات مكثفة
وتقول سمر عبده، مدير تحرير وحدة الاستشارات في إسلام أون لاين: إنه تزامنا مع هذه الاحتفالية قررت الشبكة زيادة مساحة الاستشارات في المجالات الاجتماعية والصحية، ومن المقرر أن تستضيف الشبكة كبار الخبراء في هذه المجالات ومنهم: الدكتور نبيل موصوف أستاذ بقسم التخدير والإنعاش وعلاج الألم بالمعهد القومي للأورام جامعة القاهرة، والدكتور عيسى الخثيمي استشاري أمراض النساء والتوليد بالمستشفى العسكري في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، والدكتور محمد فوزي أبو ضهير استشاري المسالك البولية والتناسلية والعجز الجنسي وعقم الرجال بفلسطين، والدكتورة سلوى فقير إخصائية أمراض الغدد والتغذية والسكري بالمغرب، ودينا الجارم خبيرة التجميل الصحي والمعالجات العطرية، والدكتور طارق رشدي استشاري التغذية الإكلينيكية والعلاج البديل بمستشفى مصر الدولي ومستشفى قصر العيني الجديد، والدكتور حمدي شعيب استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة والأمراض المعدية وحميات الأطفال بمستشفى حميات دمنهور بمصر.
ـــــــــــــــــــ
الاحتواء لا المقاطعة.. لترك الخمر ... العنوان
مشاكل وحلول, علاقات أسرية ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أحب أن أشكركم على ما تقومون به من مجهودات في مساعده كل إنسان وجعله الله في ميزان حسناتكم..
أنا مشكلتي تتعلق بأخي الأكبر مني وأريد أن أطرح مشكلته راجية من الله تعالى أن تجدوا لي حلا فيها نحن عائلتنا تتكون من أربع بنات وأربع أولاد وأبي متوفى من قبل ولادتي أي عندما أمي كانت حامل بي وتحملت أمي مسؤولية تربيتنا ولم تتزوج لأجلنا وأخواتي البنات متزوجات إلا واحدة وإخواني ثلاثة متزوجون إلا واحد ولهم بيوت مستقلة ولكن يسكنون بجانب أمي وأخي عمره 28 سنة وهو طيب جدًّا ومؤدب وعلاقتي به أكثر من أخ فنحب بعض كثيرا ودائما يحكي لي عن كل شيء يحصل معه ولا يرفض لي طلب وأنا الآن متزوجة ولكن قبل الزواج بسنتين تقريبا.
أعترف لي بشيء لم يحس به أي أحد داخل البيت وهو أنه يشرب الخمر وعندما سألته لماذا قال لي أسباب خاصة تجعلني أفعل هذا وحاولت معرفه الأسباب ولكن لم يقول بالرغم إنه لا يخبئ عني شيئا إلا هذا الموضوع.
وفي يوم من الأيام جاء إلى البيت شارب الخمر فعرفت أمي وأختي بذلك وحاولنا أن نتناقش معه ولكن دون جدوى مع العلم أنه عندما يأتي إلى البيت سكران لا يقول أي شيء أو أي ألفاظ سيئة فهو يتكلم وكأنه في كامل(45/14)
وعيه، الدليل الوحيد على سكره رائحته وبطء كلامه المهم في الصباح تكلمت معه أمي وإخواني لم يعرفوا في بداية الأمر.
ولكنه وعد أمي أنه لن يرجع للسكر وفعلا تركه مده طويلة ورجع مرة أخرى وفي يوم من الأيام عمل حادث بالسيارة وإخوتي اكتشفوا الأمر وحاولوا التكلم معه بالأسلوب الهادي والمسايسة وكذلك وعدهم أن يتركه وبعد مده طويلة رجع للسكرمرة أخرى وأنا كنت دائما أتكلم معه بخصوص هذا الموضوع ويقول إنه شيء خاص لا يسألني أحد فيه وفي كل مرة يعد ويخلف وعده ومرة أخي الكبير عندما رآه عائدا إلى البيت سكران وقد وعده أن يتركه من شدة غضبه ضربه ضربا شديدا وتكلم معه، ندم كثيرا وكان يبكي بشده ويقول لي أريد أن أتركه ولا أستطيع.
المهم بعد مده قرر أن يذهب إلى العمرة وفرحنا جدا وأخذ أمي معه وعندما رجع تغير كثيرا كل صلواته في المسجد وترك صحبة السوء ولا يخرج كثيرا من البيت واستمر على هذا الوضع لمدة سنة تقريبا حتى تأكدنا أنه لم يعد يشرب الخمر وبعدها تزوجت أنا وسافرت إلى بلد أوروبي وبعد زواجي كنت دائما أسأل أمي وأختي عن أوضاعه يقولان لي إنه ترك الشرب.
وفي يوم من الأيام اتصلت بي أختي تقول لي إنه رجع يشرب الخمر ومثل ما قلت سابقا عندما يأتي سكران لا يلفظ أي ألفاظ بذيئة ولا يعمل ضجة ولا أي شيء يدخل ينام على طول المهم أمي تكلمت معه وكالعادة وعدها ورجع ثانية وآخر مرة أمي طردته من البيت وقالت له إما أن تترك الخمر أو لا ترجع أبدا وبقي بخارج المنزل ثم رجع يستسمح أمي ويبكي وأمي سامحته.
هذا كل شيء مهم في المشكلة أنا أريد منكم أن تساعدوني في إيجاد طريقة تجعله يتركه لأننا فعلنا كل الأساليب معه، ولم تأتي بنتيجة أسلوب الضرب والمسايسة والحوار كله لا يأتي بنتيجة يعد ثم يخلف وعده مع العلم أنه إلى الآن لا يترك الصلاة والذهاب إلى المسجد بالرغم أنه ما زال يشرب الخمر وهو لا يشرب كل يوم، بل في الشهر مرة تقريبا ولا توجد أي مشاكل في البيت تجعله يشرب الخمر ووضعه المادي ممتاز فهو يعمل والآن يعمر البيت للزواج، ومع ذلك أنا أشعر أن هناك شيئا يجعله يشرب الخمر، وهذا الشيء ليس داخل المنزل وإنما خارجه وحاولت بكل الطرق لمعرفه هذا السبب لم أستطع ومؤخرا هو لا يعلم أني علمت برجوعه لشرب الخمر ولم يعد يتصل بي حتى لا أحرجه بمعرفتي لشربه الخمر وأكلمه وهو يحبني كثيرا وأنا الوحيدة التي أقدر أن أتناقش معه في هذا الموضوع والآن لا أعرف ما أفعل هل أكلمه؟
وأنا أعلم ومتأكدة أن الكلام لن يأتي بنتيجة وسيقول نفس الرد لا أحد يكلمني في الموضوع. وأنا بصراحة سئمت من هذا الوضع لأنه يغضب الله تعالى ولا أريد أن يكون من الذين غضب الله عليهم وأفكر أن أقاطعه ولا أكلمه أبدا لأنه... وفي نفس الوقت لا يهون علي مقاطعته لأني أحبه جدا وهو بالفعل طيب فأرجوكم دلونا على الحل لأننا احترنا والله.
ماذا علينا أن نفعل؟ وكيف نجعله يترك الخمر هل نقاطعه كلنا ولا نكلمه أبدا أم ماذا؟
أنتظر الرد بسرعة وأي سؤال أو استفسار أنا جاهزة وأتمنى أن أكون وضحت المشكلة لأني أول مرة أكتب ولا أعرف كيف أكتب كل شيء جزاكم الله خيرا.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير(45/15)
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لك اهتمامك بأخيك وحرصك عليه.. ولذا فإننا نرى أنه لا داعي لأن تفقدي الأمل فيه وتقولي إن الكلام لن يجدي معه..
ليس معنى أنه تاب وعاد أن نفقد الأمل فيه فالله عز وجل وهو الخالق سبحانه وتعالى علمنا ذلك وترك باب التوبة مفتوحا للعبد طالما رجع وأناب..
وأخوك تاب عدة مرات ويبكي ويعلن رغبته في ترك هذه المعصية وهو كما تصفين شخص طيب وهو الآن يستعد للزواج أي أن هناك عاملا جديدا سيدخل حياته.. وهو كونه سيصبح زوجا ومسئولا عن أسرة وهو ما قد يساعده هذه المرة على الخروج النهائي من أزمته..
لا تيأسي من أخيك.. عاودي الحديث معه حتى ولو تجنب هو هذا الأمر.. فاتحيه وصارحيه واستجمعي كل الحب الذي في قلبك له وأنت تحدثيه وسيكون لحديثك أثر في نفسه حتى ولو لم يظهر هذا الأثر في التو واللحظة، رب كلمة صادقة تخرج من قلبك المحب له تحدث فيه أثرا لا تتصوريه.. ليست المقاطعة حلا.. فأنت تتركيه في هذه الحالة مع شيطانه.. في حين أن استمرار التذكير والتفكير في مداخل جديدة للوصول إلى قلبه سيجدي بإذن الله إن الإصرار على دعوة العاصي ورؤيته لحبنا له وحرصنا عليه رغم معصيته وإننا إن نرفض فإننا نرفض مصيبته فقط ولا نرفضه هو..
إن أخاكِ نفسه هو أحد العوامل الهامة في نجاح مهمتنا في تغيير هذا الشخص..
إنني لن أنسى أحد الشباب المدخنين والذي قضى في إدمانه مدة تجاوزت السنوات وقد هداه الله بعد مجهود مضنٍ من أبيه.. جاء مكانه في صلاة القيام بجانبي فسألته ما هو الشيء الذي فعله أبوك وتظن أنه كان له أكبر الأثر في تخلصك من الإدمان؟
أجاب الشاب.. إنني كنت متأكدا أنه لن يتخلى عني وأنني سأجده دائما عندما أحتاجه فتوجهت للسؤال نفسه إلى الأب وكان معنا في المسجد بعيد عن ابنه فكانت الإجابة على غير اتفاق بينهما وهو أنه دائما يوصل له رسالة أن يكره فعله ويرفضه، ولكنه أبدا لن يتخلى عنه لأنه يحبه وظل صابرا صامدا لا يفقد الأمل حتى فتح الله قلب ها الشاب واستطاع أن يقلع نهائيا بعد محاولات متعددة فاشلة أيضا ولكنه بعد كل محاولة فاشلة كان يجد أن أباه ما زال موجودا بجانبه ينتظر عودته ليصبح شابا ناجحا في حياته على كل المستويات وليصبح صديقا لي أعتز بصداقته بعد أن كنت معالجا له وليكون مساعدا لي في إرشاد الشباب المدمن للتخلص من إدمانه.. لأنه يعتبر قصته قصة نجاح تستحق أن يعلمها للآخرين لا أن يخفيها عنهم خجلا أو خوفا.
هدى الله أخاك إلى الخير وأعناك على الصبر عليه
ـــــــــــــــــــ
لخمر والقات والرعب مما هو آت ... العنوان
اضطرابات أخرى ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله، لجأت لعرض مشكلتي من خلال هذه النافذة، لأنني أحاول منذ شهر ولكن دون جدوى فأرجو تحملي، فلقد لجأت إليكم بعد الله سبحانه وتعالى.(45/16)
والمشكلة أن لي أخا متزوجا ولديه طفلة، وهو يعاني من حالة نفسية وأصبح سلوكه عدوانيا لدرجة أنه البارحة أطلق رصاصتين من المسدس، ولكن الحمد لله لم يصب أحدا بأذى، فلقد عانى في طفولته بسبب معاملة والدي السيئة لنا منذ صغرنا وإهماله لنا وكأننا لسنا أولاده، وعندما كبرنا تغير كثيرا فأصبحت معاملته أفضل، ولكنه فعل ما لم يكن بالحسبان، حيث اكتشفنا أنه كان يمارس حركات جنسية مع أختي البالغة من العمر 9 سنوات.
ومن يومها أصبح أخي يشرب الخمر، وتأتيه أحيانا حالات تشنج في الليل فقط، ومؤخرا أصبح عدوانيا يكسر أي شيء أمامه، وقد حاول في إحدى المرات الانتحار.
عرضنا عليه الذهاب إلى طبيب نفسي ولكنه رفض مدعيا أنه ليس بمريض. فما الحل؟ أرجوكم ساعدوني ولا تهملوا رسالتي، علما بأنه لا تأتيه هذه الحالة إلا في المساء، فهو أيضا يتناول القات، وهي مادة تشبه الـ"إمفيتامين" EMVITAMINE في تأثيرها ويستخدمها الناس في بلدنا. أرجوكم ساعدوني، وأرجو إفادتي سريعا لأنني أصبحت أنام وأنا مرعوبة، وجزاكم الله خيرا.
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت السائلة، أهلا بك، الحقيقة أن مشكلة أخيك مشكلة تستلزم التدخل الطبي النفسي السريع والحازم، حتى لو اضطررتم لاستخدام القوة معه، لأن سلوكه العدواني الذي ذكرته لنا عنه مرعب بحق، ويستدعي في حد ذاته أن نتصرف فورًا، ويمكنك -إن أصر على رفضه العرض على طبيب نفسي- أن تسألي عن أقرب مستشفى نفسي من مكان إقامتكم، ومن خلال الاتصال بهم سيتصرفون، عليك أن تفعلي هذا بسرعة، لأن ما حدث يمكنُ أن يتكررَ، وقد ينتج عنه ما لا تحمد عقباه، لا قدر الله.
بعد ذلك عليك الانتباه إلى أن معاناة أخيك -فيما يبدو- قديمة وطويلة مع المرض النفسي، لأن لجوءه للخمر إشارةٌ -كما نرى في كثير من الأحيان- إلى معاناته من اضطراب نفسي قد يكونُ اكتئابًا جسيمًا، كما أن إرجاعك ذلك كله إلى سوء المعاملة التي لقيتموها من والدكم -سامحه الله- يعتبرُ ظلمًا لأبيك، والرد عليه ببساطة شديدة هو: لماذا تأثر أخوك بالذات بهذا الشكل، ولم يتأثر غيره بنفس الشكل؟!
وأما حكاية الحركات الجنسية فلا ندري ماذا تقصدين بالحركات الجنسية، فهذا المسمى لا يعني شيئًا! هل كان الرجل يمارس الجنس مع ابنته؟ هل كان يقبلها مثلاً من فمها؟ هل كان يتحسس مناطق معينة من جسدها؟.. وعلى أي الأحوال ليس هذا مبررًا لأن يشرب أخوك الخمر.
وأغلب الظن أن اكتئابه هو الذي دفعه لذلك، كما يجب أن تنتبهي إلى أن الاكتئاب الذي تصل شدته إلى دفع المريض إلى الانتحار هو أيضًا اكتئابٌ يستلزم التدخل العلاجي السريع من الطبيب النفسي، ويمكنك أن تقرئي إجابة سابقة على صفحتنا بعنوان:
- متى يعالج الاكتئاب بالصدمات الكهربية؟
لكي تعرفي مدى معاناة أخيك التي أفقدته استبصاره بنفسه وحاله، كما أفقدته استبصاره بأفعاله!(45/17)
وأما استخدامه للقات الذي لم توضحي لنا منذ متى بدأ فيه، وهل هو -مثل كثيرين في بلادكم- يستخدمه في يوم معين من الأسبوع أم أنه يتجاوز ذلك بحيث يعتبرُ مدمنا أيضًا للقات، وتصحيح اسم المركب الذي يشبهه بالمناسبة هو الـ"أمفيتامين" AMPHITAMINE، المهم أن هذا المركب له تأثير إيجابي على المزاج، ويلجأ له بعض المكتئبين أيضًا لأنه يعطيهم شعورًا مؤقتًا بتحسن مزاجهم، بل إن الـ”أمفيتامين” استخدم قديمًا في علاج الاكتئاب، لكنه عندما ظهر أنه يسبب الإدمان منع استخدامه، إضافةً إلى أن تأثيره العابر ذلك يتلوه اكتئابٌ أشد.
المهم أن استخدام القات يمكنُ أن يتسبب في مشاكل لا حصر لها، منها أن يؤدي إلى حالات هياج كالتي حدثت، والتي كما قلت لك من قبل تستلزم التصرف الحازم السريع قبل أن تستوجب البكاء والندم الذي لا يفيد، وقبل أن يصبح دخول المستشفى النفسي لازما، ولكن من خلال قسم البوليس الذي سيحقق في عواقب عدوانيته. وأرجو أن تقرئي إجابةً سابقةً لنا على صفحة مشاكل وحلول للشباب بعنوان:
- عند شعوبنا.. الشرطي أفضل من الطبيب النفسي؟
بقيت نقطةٌ أخيرةٌ في إفادتك وهي ما يحدثُ له من حالات التشنج الليلي، فهذه لا ندري إن كانت مرضًا عصبيا نفسيا قائمًا بذاته أم هي ناتجة عن إسرافه في تناول القات؟ لا ندري ما الحقيقة، ولكن كل هذه الأمور المتداخلة يستطيع الطبيب النفسي المتخصص التعامل معها، فإن لم يلن رأس أخيك للقبول بزيارة الطبيب النفسي ومتابعة العلاج معه فإن عليك -كما قلت- أن تلجئي بعد الله سبحانه إلى أقرب المستشفيات النفسية لكي يتمكنوا من التصرف في الحال.
ـــــــــــــــــــ
الخمر والقات والرعب مما هو آت (متابعة) ... العنوان
اضطرابات أخرى ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أشكركم في البداية على الاهتمام..
لقد انقطعت فترة عن موافاتكم بآخر ما حصل لأخي، وهو صاحب مشكلة " الخمر والقات والرعب مما هو آت ". ففي هذه الفترة لم يحدث مستجد، ولكن حصل خلاف بينه وبين والدي بسبب نقود كان قد أخذها منه والدي ولم يردها إليه، وعادت إليه تلك الحالة، وحاول تهديد والدي بالسلاح.
وعندما لُمناه أخبرنا أنه يخفي سرا يعذبه منذ سنين، وبعدها اعترف أن والدي اغتصبه عدة مرات بعد أن أسكره!
وطلبت والدتي أن يخرج والدي من البيت، ويدعنا نعيش بسلام، ولكنه يرفض علما أنه يستطيع الزواج وفتح بيت آخر؛ فهو غني.
ولكنه للأسف يفضل الحرام، وهو في هذه الأيام يقيم علاقات محرمة، ولا يأسف إن كنا نعلم بهذا، ونحن نحاول كتم الموضوع؛ حتى نتجنب الفضائح؛ فالناس لا يرحمون.
أمي والحمد لله امرأة ملتزمة ومتدينة وقد ربتنا على الدين، ولكنا لم نعد نستطيع السيطرة على أخي ؛ فنحن نخشى على أخي الثاني أن يتربى مع هذا الأب الفاسد.
فدلوني على الحل، وهل باعتراف أخي بالسر الذي يؤرقه فيه حل لمشكلته النفسية أم ستستمر معه؟ وإذا رفض الذهاب إلى طبيب نفسي فما الحل؟
ولكم جزيل الشكر، وجزاكم الله خيرا.. فليس لي بعد الله إلا أنتم.(45/18)
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت العزيزة السائلة أهلا وسهلا بك، غابت علينا متابعتك كثيرًا كما قلت؛ وهو ما جعلني أبحثُ في ملف الإجابات القديمة لديَّ، لكي أسترجع تفاصيل مشكلة " الخمر والقات والرعب مما هو آت
"! وعندما قرأت إفادتك الأولى وجدتك تقولين فيها بعد عرضك لعدوانية أخيك وفي إطار تبريرها :
"فلقد عانى في طفولته بسبب معاملة والدي السيئة لنا منذ صغرنا وإهماله لنا وكأننا لسنا أولاده"، ولكنك بعد ذلك أشرت إلى تحسن معاملة الأب لكم عندما كبرتم، وبقائه موضع شك وعدم احترام منكم برغم ذلك؛ لأنه منحرفٌ جنسيا بشكل ما فقلت:
"وعندما كبرنا تغير كثيرا؛ فأصبحت معاملته أفضل، ولكنه فعل ما لم يكن بالحسبان؛ حيث اكتشفنا أنه كان يمارس حركات جنسية مع أختي البالغة من العمر 9 سنوات".
ثم تحدثت بعد ذلك عن شرب أخيك للخمر وتشنجه أحيانا بالليل، واعتياده تناول القات وعدوانيته، ومحاولته الانتحار مرةً، وأرجعت ذلك كله إلى معرفته بأن أباه مارس حركات جنسية مع أختكما البالغة من العمر 9 سنوات!
المهم أنني عند هذه النقطة عرفتُ أن إفادتك الأولى هي هي الثانية فيما يتعلق بأخيك (من ناحيتك أنت؛ فهو نفس من وصفته في المرة الأولى: عدواني، وفاسد السلوكيات، ولكنك تبررين له وتجدين ما شاء الله لك من أعذار).
وأما الأوضح من ناحية إفادتك فهي حالة الأب الذي يتصرف تصرفاتٍ جنسية غير لائقة، كانت في المرة الأولى في إطار أسرته، وأصبحت هذه المرة في إطار الأسرة وخارجها! وظهرت أمك فجأةً لكي تطلب من رجلها أن يترك لها البيت والأولاد؛ لأنها كما قلت "امرأة ملتزمة ومتدينة، وقد ربتنا على الدين، ولكن أخي لم نعد نستطيع السيطرة عليه؛ فنحن نخشى على أخي الثاني أن يتربى مع هذا الأب الفاسد".
نحن إذن في حضرة أسرةٍ، فيها اثنان على الأقل شخصياتهما مضطربة بحسب ما ورد في إفادتك في المرتين، وأخشى ما أخشاهُ هو أن يكونَ اضطراب شخصية أخيك أكبر وأعمق، إننا نتكلم لا عن انحراف جنسي فقط، ولا عن شرب الخمر وتناول القات فقط، ولا عن العدوانية فقط، ولا عن اختلال العلاقات داخل الأسرة وخارجها فحسب، وإنما نتكلم عن اضطراب شخصية، يسمى باضطراب الشخصية المستهينة بالمجتمع Dyssocial Personality Disorder، وهذا ما يجعلني أرثي لحالك وأنت تحاولين التبرير لأخيك الذي تحبين، وتلقين باللوم على أبيك الذي يبدو أنه لم يعد يبالي بلومكم له ولا برأيكم فيه.
وأنا هنا أحيلك إلى إجابتين لأخي الدكتور أحمد عبد الله على صفحة استشارات مجانين تحت عنوان:
الشخصية المستهينة بالمجتمع النموذج و طقوس الإفساد
الشخصية المستهينة بالمجتمع "طقوس الإفساد" متابعة
وأما حكاية السر الخطير الذي حكاه أخوك في آخر مرة، ونحن هنا لا نناقش صحته من عدمها؛ لأننا لا نعرف حتى رأي الأب فيما يدعيه ولده، لكن ما نستطيع استنتاجه ببساطة هو أن أخاك ينجح دائما في تبرير ثوراته(45/19)
وعدوانيته، مثلما ينجح في تبرير انحرافاته التي لا نعرفُ منها إلا الخمر والقات اللذين ظهر أن الأب شريكه فيهما أيضًا في هذه الإفادة، أو على الأقل في الخمر، وهو بالمناسبة أحد الشركاء كثيري التواجد في حوادث الضرار الجنسي للأطفال.
وسأكتفي بهذا القدر من تحليل إفادتك؛ لأنني فوجئت بأن أول نصائحنا لك في ردنا السابق عليك كانت:
"الحقيقة أن مشكلة أخيك مشكلة تستلزم التدخل الطبي النفسي السريع والحازم، حتى لو اضطررتم لاستخدام القوة معه؛ لأن سلوكه العدواني الذي ذكرته لنا عنه مرعب بحق، ويستدعي في حد ذاته أن نتصرف فورًا".
وهذه النصيحة مع الأسف كأن لم تكن، ويبدو أن نصيحتنا هذه المرة أيضًا ستذهب أدراج الرياح؛ فأنت لم تغيري شيئا أو لم يتغير فيك شيء بعد قراءة الإفادة الأولى، وكان عجيبا منك أن تقولي في هذه المرة:
(ففي هذه الفترة لم يحدث مستجد)، فهل بقاء الوضع على ما هو عليه هو المطلوب؟ هل يا عزيزتي أرسلت تطلبين ردنا لكي تفرحي بظهور مشكلتك والرد عليها على صفحة مشاكل وحلول؟!
إن إفادتك الأولى: "عدوانية وجنس وإدمان واضطراب.. علاقات وشيء من التبرير"، وإفادتك الثانية: "عدوانية وجنس وإدمان واضطراب.. علاقات وشيء من التبرير" ، وما بينهما "لم يحدث مستجد".. كيف يكونُ ذلك؟! لا أدري.
ثم إنك تسألين في آخر إفادتك هذه المرة سؤالا غريبا؛ إذ تقولين:
"فدلوني على الحل، وهل باعتراف أخي بالسر الذي يؤرقه فيه حل لمشكلته النفسية أم ستستمر معه؟"؛ فأي تسطيح هذا للأمور يا أختي؟ إننا منذ ردنا الأول عليك أكدنا لك أن إرجاع تصرفات أخيك المنحرفة كليةً إلى سلوكيات أبيه المنحرفة ليس هو الحل.
ماذا أقول لك؟ إن أخاك إنما يستخف بعقل من يصدق هذا التبرير، وهو نفسه لا يصدقه؛ فلا تخدعي نفسك أنت من فضلك؛ لأن الاضطراب النفسي والسلوكي لأخيك فضلا عن أبيك أعمق من ذلك بكثير، وفي نهاية إفادتك تسألين سؤالا مكررًا، منذ المرة الأولى أيضًا إذ تقولين:
"وإذا رفض الذهاب إلى طبيب نفسي فما الحل؟"، مع أننا قلنا في ردنا السابق كما هو الآن على صفحتنا "ويمكنك -إن أصر على رفضه العرض على طبيب نفسي- أن تسألي عن أقرب مستشفى نفسي من مكان إقامتكم، ومن خلال الاتصال بهم سيتصرفون، عليك أن تفعلي هذا بسرعة؛ لأن ما حدث يمكنُ أن يتكررَ، وقد ينتج عنه ما لا تحمد عقباه، لا قدر الله".
أعرف أنني قسوت عليك، ولكن لذلك ما يبرره؛ فما دمت ارتضيتنا حكما؛ فإن المفترض أن تأخذي باستشارتنا أو تقولي لنا على الأقل إنك حاولت، أو على أقل من ذلك أن تناقشينا فيما اقترحناه عليك من حلول، لكن شيئًا من ذلك لم يحدث، وأصبحت لا تختلفين عمن أرسلت لنا مشكلتها، وضاع منها رقم المراجعة، أو لم تستطع الوصول إلى الرد على الصفحة، فأرسلت مشكلتها لنا مرةً أخرى، وإن بكلمات مختلفة بعض الشيء!!
لكنك مع الأسف تسأليننا ونجيبك على صفحة مشاكل وحلول للشباب، مع كل ما يعنيه ذلك من جهد أفرادٍ؛ هم: سكرتير الصفحة، ومحررها، ومستشارها، ومديرها ومراجعوها، وذلك على الأقل، دون أن يكونَ لذلك أي مردود خارج الإنترنت على ما يبدو؛ وهذا ما يجعل جهدنا يضيع هباء -على الأقل بالنسبة لك وأنت صاحبة المشكلة- وهذا ما لا معنى له في الحقيقة ولا معنى لمتابعته!(45/20)
لكنني بالرغم من كل هذه القسوة أقول لك:
إن أباك مريض وأخاك مريض، وهما من عرفنا من هذه الأسرة المسلمة، وكلاهما يحتاج للعون والدعم قبل إلقاء اللوم، لكن تركهما خوفًا على مشاعرهما أو خوفا منهما يعني مشاركتهما في الإفساد؛ فلا بد إذن من الاستعانة بمن يستطيعون تقديم العون لأسرتك من الرجال أهلكم، وذلك من أجل تحسين سلوكيات أخيك وأبيك
ـــــــــــــــــــ
تقبل "شارب الخمر " وتشكك في التكافؤ ... العنوان
معوقات الاختيار, اختيار شريك الحياة, الطريق إلى الزواج ... الموضوع
أرجوكم أرجوكم ردوا عليَّ... أرسلت من قبل بخصوص نفس الموضوع ولم تجيبوني... والآن أنا أحتاجكم من جديد وفي نفس الموضوع.
أنا فتاة على مشارف الرابعة والثلاثين عاما، متعلمة ومثقفة جدا ومن عائلة مرموقة كل أفرادها على مستوى عال من التعليم والثقافة، أعاني مشاكل خلقية في شكلي لكنني أخفيها جيدا، ولا يعلم بها إلا صديقة مقربة مني لم أخبرها إلا منذ مدة قريبة، وقد زاد الأمر سوءا خجلي؛ فأنا جدا خجولة ولم أحاول حتى البحث عن حل طبي لمشكلتي بسبب حيائي.
خطبت مرتين ولم تنجحا، وكنت أنا السبب في فشل الموضوعين؛ فالشابان كانا جيدين جدا، وبمواصفات جيدة ولكنني بالإضافة إلى خوفي من عيوبي كنت أعاني من النفور الشديد تجاههما، وهذا لم يتحسن أو يتغير أبدا بل بالعكس كان يزيد مع الوقت.
لم أجد أي انجذاب تجاههما وكنت كمن يبلع دواء شديد المرارة. حاولت إخفاء ما أحس به فزادتني محاولة الإخفاء مرارة ومعاناة، عموما ودون إطالة بحثت عن علل تذرعت بها لأنهي الخطبتين، وكانت الأسباب موجودة حقيقية، ولكني أعترف أن النفور منهما والخوف من عيوبي، بالإضافة إلى سبب آخر سأخبركم به لاحقا هو ما أجبرني على التملص، وبشكل حاولت فيه ألا أكسر بخاطر أحد.
السبب الآخر يخجلني أن أقوله، فقد تعرفت صدفة على شخص أحببته وأحبني وبصدق -كما حسبت آنذاك- قبولي وارتياحي له ساعداني على أن أخبره عن عيوبي، وكان رائعا متفهما جدا، كما حسبته آنذاك أيضا.
المشكلة أنه يصغرني بسنتين، ولكنه كان مصرا مجرد أن تتحسن ظروفه المادية على فتح الموضوع مع أهله وسيقنعهم، وفارق العمر لن يكون إشكالا أبدا، تكونت بيننا علاقة استمرت 4 سنوات متقطعة، حيث كنا بين الحين والآخر نحاول الابتعاد عن بعضنا وخصوصا عندما حدث موضوع الخطبة الثانية، حيث أنهينا علاقتنا تماما قبلها، وحتى عندما كنا على اتصال كنا نادرا ما نلتقي، وكان أكثر ما يجمعنا هو الهاتف، وكنا نتجرأ في مكالماتنا أحيانا.
لم أكن راضية على تجرؤنا، وعلى علاقتنا أساسا، وكنت أندم ندما شديدا وأحاول أن أتوب دون جدوى، مع أن كلانا كان ميالا للالتزام وإن كان يختلف عني في أنه متطرفا بعض الشيء في آرائه وأحكامه. كان كثيرا ما ينتقد لبسي وعائلتي مع أنني محجبة ولا أرتدي ما ينافي الحجاب، كما أنني معروف جدا عني أنني محترمة جدا ومؤدبة جدا، لكنه كثيرا ما يعلق على تعاملي مع الجنس الآخر الذي يحتم عملي عليّ التعامل معهم، حيث كان غيورا جدا.(45/21)
المهم مرت السنوات ووصلنا مرحلة بدأنا نرى إمكانية الارتباط ممكنة فأموره تحسنت بشكل كبير، وكنت أحيانا أقلق من بعض طلباته كعدم التحدث إطلاقا مع أقاربي من الجنس الآخر، وأشياء من هذا القبيل، ولكنني سرعان ما انفضت عني هذه الأفكار، واطمأنت نفسي بأنه سيخاف الله فيّ ويرعاني.
إلى أن حدث ذات مرة قبل أن تنتهي علاقتنا بقليل نقاش بيننا قلت فيه شيئا عن الإنجاب والعمر.. كانت كلمة عابرة ولكنني فوجئت به بفتح الموضوع من جديد بعدها بأيام ويثير أيضا موضوع عيوبي الخلقية وبقلق واضح. شعرت بشيء من التراجع في صوته وعندما واجهته اعترف بالتردد، ولكنه كما قال لا يمكن أن يقبل بإنهاء العلاقة بيننا وأرضاني، عموما فتح الموضوع في بيتهم وقوبل بمعارضة، وانتهى الأمر برفض والده للموضوع.
هذه النهاية أثرّت فيَّ سلبا، فبالإضافة لإحساسي بتراجعه هو الذي بان لي في معالجته للأمر مع أهله؛ فإن رفض أهله لي مع عدم معرفتهم بي أو بعائلتي كان مؤلما جدا، تمنيت لو لم أعرّض نفسي أو عائلتي لموقف كهذا، دائما كنت أتوقع أن تكون العائلة المتقدمة لنا سعيدة جدا بي وبعائلتي لا رافضة لنا.
رضيت بقدري وحمدت الله، أنا استخرته، وما خاب من استخار، ولا يمكن أن يكون هذا إلا لخير أراده الله بي.
بعدها بأشهر تقدم لخطبتي شاب آخر عن طريق قريبي لكنه تراجع عند معرفته أن عمري 33 عاما، انزعجت قليلا لأن سبب الرفض آلمني، ولكنه كان انزعاجا خفيفا سرعان ما ذهب؛ لأني استخرت الله ربي وتوكلت عليه. كما أني لم أجد ميلا في نفسي تجاهه.
وأخيرا تقدم إليَّ شاب، لم أتشجع كثيرا عند سماعي للمواصفات فهي مختلفة عن كل ما كنت أريده في زوج المستقبل؛ فأنا أحمل شهادة جامعية وأجيد اللغة الإنجليزية وواسعة الاطلاع، أما هو فهو مقاول لم يكمل تعليمه لكن عائلته ممتازة ويوجد تقارب في المستوى الاجتماعي فرضيت أن أقابله، وسبحان الله عند أول لقاء شعرت براحة لا يمكنني وصفها، ورغم أسلوبه الذي يتسم بالجفاء والخشونة، والذي ليس غريبا على شخص بعمله وطبيعة حياته التي تحمل فيها المسئولية صغيرا عند وفاة والده فإنني شعرت براحة تجاهه، شخصيته كانت فيها قوة وثقة ملأتني بالراحة، تعرفت عليه فوجدته شخصا كريم الخلق ذا معدن أصيل، قدم تضحيات جبارة وهو جدا خدوم ويحب فعل الخير. تعلم كما يقول هو من مدرسة الحياة الكثير وهو كثير السفر والترحال، ناجح في عمله ومهووس به، يحترم المرأة ويقدرها جدا.
كما أنه لا يخفي فرحه بي وبكل إمكانياتي حيث يراني أمًّا فاضلة لأولاده، ليس متدينا بشكل كبير ولا يقوم إلا بالفرائض ولكنني أتفاجأ عندما أسمع أنه كان مثلا لا يتوانى عن تنظيف حمامات الجامع في أول رمضان وغيره من الأعمال التي زادت رصيده عندي، وهو لا يمانع ميولي للتدين...
كما أنه وإن لم يحظ بتعليم عال وأنا ربما أكثر ثقافة منه فإنه يمتلك حكمة ورجاحة عقل كبيرتين، استخرت الله كثيرا وشعرت برضا كبير، إلى أن صارحني بشيء لم يكن في الحسبان أبدا "أنه يشرب الخمر" أحيانا وبشكل متقطع.
كدت أموت وكان أول ردة فعل أن أرفض ولكنه أصر، طلب مني أن أفكر وأزن الأمور، حسناته وسيئاته، وأن أضع في بالي أنه لن يظل طوال عمره على هذه المعصية.
لم يعدني بوقف شرب الخمر ولكنه أبدى استعدادا مع الوقت للتخلي عنه، خطر عليَّ أن أضعه هو في موضع الاختيار فأخبرته عن عيوبي فرد في كلمتين ردا زاد من تمسكي به "أنا لست تافها أو سطحيا وأنا اخترتك لروحك(45/22)
ولشخصيتك لا لجسدك، ستكونين رفيقة عمري وأمًّا أولادي إن شاء الله، وأنا أبدا لا أنظر إلى موضع أقدامي فقط".. أحببته رغم كل شيء.. رغم معصيته، ورغم فارق المستوى التعليمي والثقافي.
وافقت الآن، وأنا مخطوبة له والعرس قريب، وهو وأهله جميعا سعداء جدا بي وبعائلتي، هو لا يمكن أن يصف فرحته، أسلوبه الجاف الخشن الذي كان عليه في البداية تغير ليحل محله إنسان مليء بالمشاعر والأحاسيس، يقوم بأشياء من أجلي لم أكن لأتخيلها من أحد.
قلل من الشرب ولكنه لم يتوقف تماما، وأنا أحاول ألا أضغط عليه كثيرا كي لا تأتي بنتيجة عكسية، أحيانا أكون أسعد إنسانة على وجه الأرض، وأحيانا أكون خائفة جدا، خائفة من ذنبه، ومن الفوارق التي بيننا، لا أفكر في التراجع، لكنني حائرة وقلقة وما يحيرني ويقلقني جدا هو خوفي.
هل أنا أغضب ربي بموافقتي؟ كنت طوال عمري أتمنى رجلا يكون هو من يدفع بي لأكون أحسن دينيا، ووالله دعوت بهذا كثيرا كثيرا، صليت قضاء الحاجة مرارا وتكرارا.
أرجو من الله زوجا أكون له كما يحب ويكون لي كما أحب ونكون معا لله عز وجل كما يحب، لكنني ولحكمة أرادها الله لم أظفر بمثل هذا الرجل، أتساءل أحيانا هل هذا لأني رفضت أناسا جيدين حتى من الناحية الدينية؛ ولذا لم أعد أستحق رجلا متدينا، لكن بداخله الكثير من الخير وأهله جميعا يحبونه جدا، أمه تفضله على كل أولادها... ألا يمكن أن أكون سببا في إصلاحه؟.
كما أنني أشعر براحة كبيرة معه ولم أعد مهمومة بعيوبي؛ فهو يؤكد أنه يحبني بغض النظر عن أي عيب... الفارق بيننا في المستوى التعليمي هل سيكون سببا في المشاكل؟ مع العلم أن ثقافته جيدة، وأنا لا أملّ الحديث معه أبدا بل أستمتع به جدا، كما أننا نتفق في أشياء كثيرة كحبنا للمرح ولأشياء أخرى قد تبدو للبعض بسيطة ولكن أنا تعجبني جدا، في أسوأ الاحتمالات لو فشلت في تغيير زوجي... فهل أنا آثمة لموافقتي رغم ما عرفته؟.
قرأت كثيرا على صفحاتكم عن مواضيع التكافؤ وأثره في الزواج، ولكن هل هذا التكافؤ الذي تنادون به واقعي؟ أظنه أمرا بات نادرا فكل من عرفت من الرجال وأعجبني من ناحية الدين والثقافة والتعليم، إما أنه كان يبحث عن الجمال وصغر السن -هذا هو حال غالبيتهم- أو أنه كان لا يتمتع بشخصية قوية تشعرني بالأمان والراحة الأمر الذي يجعلني أنفر منه.
ناهيك عن الموقف المؤلم الذي تعرضت له من شخص ظننته في قمة التوافق معي! كما أن الكثير من الزيجات التي نرى فيها تكافؤا من وجهة نظرنا لا يكون فيها الزوجان سعيدين وراضيين 100%. أليس عناصر الزواج الناجح كثيرة ومتشابكة، وترتيبها يختلف باختلاف الزوجين، وألا يظل مرجع الأمر في الآخر هو التوفيق من الله سبحانه؟ أفيدوني برأيكم أفادكم الله فرأيكم يهمني جدا.
... المشكلة
أ.نجلاء محفوظ ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...(45/23)
قرأت رسالتك عدة مرات وخرجت منها بانطباع تكرر في كل مرة، فقد تخيلتك في ثوب المحامي الذي يترافع أمام القضاء، وبدلا أن يتحدث في موضوع الجريمة التي ارتكبها موكله إذا به يستنزف كل طاقاته الإبداعية ليوضح للقضاة كيف أن موكله شخص رائع وبه كل المواصفات الطيبة وكأنه "يستعطفهم" ألا يعاقبوا موكله من قبيل الرأفة لغلبة حسناته على سيئاته. ولعل هذا أيضا ما أخبرك به خطيبك عندما قال لك وازني بين حسناتي وسيئاتي.
والحقيقة أن الخمر إذا ما وضعت في ميزان مع كل حسنات الكون فإنها ستهبط بالميزان إلى ما دون القاع بمراحل رهيبة؛ لأنها أم الكبائر كما أخبرنا رسولنا الحبيب صلوات الله وسلامه عليه، ولأن من يشرب الخمر يمكن أن يكذب ويسرق بل ويزني وهو تحت تأثير الخمر؛ لأنها تفقده سيطرته على عقله وقد كان بعض الشرفاء في الجاهلية لا يشربون الخمر رغم إباحتها عندئذ لأنها تذهب بالمروءة.
فكيف يقبل خطيبك على نفسه ما يذهب مروءته؟ وكيف تتعاملين معه وهو الذي يقبل التضحية بدينه مقابل بعض لحظات "متعة" متوهمة؟ وكيف لم تتوقفي معه لتناقشيه بهدوء عن الأسباب التي تدفعه إلى تعاطيها؟.
وكيف يقبل على نفسه وهو صاحب الشخصية القوية والناجحة أن يمتهن نفسه ويتناول الخمر التي تصيبه في "مقتل" دينيا ودنيويا وصحيا أيضا؟ ولماذا لا يوازن هو بين مكاسبه التي يتوهمها من شرب الخمر وبين خسائره الفادحة من تناولها؟ ثم ألا يخاف أن يلقى ربه وهو سكران ومن منا يستطيع أن يؤجل هذا اللقاء أو يعرف متى يكون وكيف لم يتعظ بكثرة الوفيات بين الشباب التي انتشرت مؤخرا؟ كتب الله لك وله العمر الطويل المليء بالخير في الدين والدنيا.
لقد أرسلت من قبل رسالة ولم يرد عليك أحد فأقدمت على الخطوبة وقلت توكلت على الله، والحقيقة أنك قمت بالمقايضة معه فقد قبلت بتناوله للخمر مقابل قبوله بعيوبك الخلقية وفي هذا أبشع ألوان الظلم الفادح لنفسك؛ فعيوبك الخلقية لا ذنب لك فيها، ولا توجد فتاة كاملة بلا أي عيب جمالي.
وقد أخطأت بالمبالغة في الخجل منها حتى إنك لم تذكريها لنا، وهذا دليل على شدة استغراقك فيها بصورة زائدة منعتك بالتأكيد من حسن تقدير باقي صفاتك الإيجابية، وكان الأولى بك أن تقومي بعلاجها قدر الإمكان وتخفيف حدتها وإصلاحها نهائيا أيضا إن أمكنك ذلك، فهذا أفضل بمراحل لا تقدر من كتمانها والشعور بالخجل منها؛ فما نخجل منه فقط هو معصيتنا للرحمن، وما عدا ذلك من أمور شكلية يجب ألا نخجل منها بل علينا حصارها ما أمكننا ذلك والتعامل مع ما تبقى منها برأس مرفوعة وثقة بالنفس مع تنمية جوانب جمالنا الأخرى ومضاعفاتها أيضا.
لقد أرسلت إلينا هذه الرسالة وتقولين فيها إنك لا تفكرين في التراجع، فكأنك تريدين وضعنا أمام الأمر الواقع، كما فعل خطيبك؛ فالحقيقة أنه صارحك بأنه يشرب الخمر ليس من قبيل الأمانة كما توهمت، ولكن لكي تقومي بالتكيف مع هذا الأمر ولا تندهشي إذا طالبك بإعداد الخمر له بعد الزواج ومجالسته في أثناء تناولها أيضا، ونتمنى أن تغمضي عينيك وتتخيلي كيف ستتصرفين عندئذ، وماذا ستقولين لأولادك عندما يسألونك لماذا يشرب والدهم الخمر، وكيف ستقومين بتربيتهم وتنشئتهم دينيا؟.
ذكرت أنك كنت تودين إنسانا متدينا يزيدك قربا من الخالق، فما الذي جعلك تتراجعين وتقبلين بمن يعترف جهارا بأنه يشرب الخمر؟ ألا تعرفين أن رسولنا الحبيب صلوات الله وسلامه عليه قال: "يغفر لأمتي إلا المجاهرون"؛ فمن يجاهر بالمعصية يستهين بها بل ويحرض غيره عليها أيضا؟.(45/24)
وكيف تطلبين من الرحمن أن يبارك لك زواجك وأن يرزقك الذرية الصالحة وأنت تتزوجين رجلا يصر على ارتكاب أم الكبائر؟. وكيف تثقين أنه لن يخونك وقد خان نفسه بإصراره على هذه المعصية وبإصراره عليها؟.
نرجو ألا يدفعك الإحساس بعيوبك الخلقية إلى الاندفاع نحو إتمام هذه الزيجة فضلا عن شعورك بأنك أصبحت في الثلاثينيات ورغبتك في الإنجاب.
أما إذا اخترت إتمام الزواج فهذا من شأنك وحدك فأنت صاحبة القرار في حياتك ولكن لا تلومي أحدا غير نفسك، ولا تتوقعي أن تنجحي في إصلاحه كما ذكرت؛ فرجل بمثل هذه المواصفات التي ذكرتها يدرك جيدا ماذا يفعل في الحياة، ولن يتغير إلا إذا أراد هو وحده التغيير، وعليك البحث عن وسائل تدفعه إلى هذا التغيير ولإقناعه بأنه شخصية رائعة وينبغي له ألا ينقص من شانه بارتكاب هذه الكبيرة وبأن عليه أن يضن بنفسه أن يكون رهينة في يد إبليس اللعين.
وذكريه بأن الرحمن سيبارك له في عمله وصحته وأمواله متى كف عن هذه الخطيئة المشينة، وأن ما ترك لله سيعوضه الرحمن بأفضل منه كثيرا.
واسمحي لنا أن نناقشك في الخطبتين السابقتين، فقد ذكرت أن الخوف من عيوبك ونفورك منهما كان السبب إلى فسخهما بالإضافة إلى ارتباطك العاطفي بمن يصغرك سنا، والحقيقة أن هذه التجربة قد أساءت لك كثيرا، وكان يجب أن تدركي أن الجرأة في المكالمات الهاتفية بينكما تعني أن هذا الشاب كان يتسلى بك ولم يفكر في الزواج منك.
كما أنه ليس من الحكمة للارتباط بشاب "وإهدار" سنوات غالية من العمر حتى يستطيع الاستعداد المادي للزواج ومنحه تنازلات عاطفية في أثناء هذه الفترة، وكان يجب أن تتوقفي لإشارات سيئة صدرت منه مثل انتقاداته لعائلتك وغيرته عليك في الوقت الذي يطالبك ويحرضك فيه على التنازلات الأخلاقية.
وكيف تتوقعين أن يخاف الله فيك وهو الذي لم يخاف من الرحمن الرحيم وهو يتجرأ معك في هذه المكالمات؟ فالتدين لا يتجزأ، وقد استهان بك وفعل معك ما لا يقبله لأخته بدون تأكيد، وتعرفين أن الإيمان يقتضي أن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك، كما أن شدة تخوفك وخجلك الزائد من عيوبك الشكلية هي التي جعلتك تنتظرين هذا الشاب بعد أن عرفها وقبل بها ودفعت الثمن فيما بعد؛ فلا تكرري هذا الخطأ مع خطيبك.
أعيدي النظر في الأمر كله، وتذكري وذكري خطيبك أن الأهم من تنظيف حمامات المساجد في رمضان أن يكف عن أم الكبائر طوال العام؛ فرب رمضان هو رب العام كله.وأحسني لنفسك وتذكري الحديث الشريف بأن الإثم هو ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه غيرك، ولا شك أنك لا تحبين إخبار أحد بما يفعله خطيبك، فلا تجعلي الله أهون الناظرين.
وأمهلي نفسك وأمهليه فترة توقفين فيها الاستعداد للعرس لكي يتوقف مع نفسه ويعيد حساباته في الدنيا والآخرة معا، وأن يسعى للنجاح فيهما معا بالاغتسال وصلاة ركعتي التوبة؛ وبذا نأمل أن يتقبل الرحمن توبته ويقبل على حياته الزوجية بنفس راضية وقلب مطمئن إلى رضا الرحمن، وليكون فعلا نعم الزوج والأب الصالح والذي تطمئنين نفسيا إلى حسن رعايته لك.
وذكريه بأن لمن خاف مقام ربه جنتين وأن الذكاء يدفعه إلى الحرص على الفوز بهما، وأنه يمتلك من الوعي والحكمة والذكاء وقوة الشخصية ما يمكنه بمشيئة الرحمن من الفوز في معركته ضد أم الكبائر، شريطة أن تتوافر(45/25)
لديه الرغبة الصادقة وهي المحرك الرئيسي للعزيمة التي تثق أنه يمتلكها فشجعيه بلطف وحزم أيضا وأخبرينا بالتطورات -إن شئت- مع أمنياتنا لك بكل الخير والسعادة.
ـــــــــــــــــــ
مدمن الخمر.. هل يفيق؟ ... العنوان
الوسواس القهري والإدمان ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا امرأة متزوجة منذ خمس سنوات، متمسكة بديني وأخلاقي ومبادئي، اكتشفت أن زوجي يعاقر الخمر وأنا حامل بابنتي، ولم يمض على زواجي شهران وغضبت وثرت وطلبت الطلاق، ولكن حلف على القرآن أن تكون آخر مرة، ولكن أعتقد أنها كانت البداية لمعاناتي التي لا يعلمها إلا الله وأنتم الآن.
وفي كل مرة يطلب السماح ويعلن التوبة، ولكن للأسف كذب وهراء، وبما أنني أسكن الكويت وهو في السعودية لظرف العمل والجنسية كذب علي وقال إنه تاب، وأنجبت ابني الثاني وهذه المرة كنت أكثر وعيا بأكاذيبه فلم أعد أصدقه وأصبحت أكثر حذرا في مسألة الإنجاب لأنه اعترف لي في أول سنوات الزواج أنه يشرب منذ تسع سنوات.
والآن مرت خمس سنوات وهو ما زال على حاله، فأقول له إنك أصبحت مدمنا لكنه ينكر لأنه يستطيع الاستغناء عنها، ولكني أرى غير ذلك؛ فعندما آخذ إجازة من عملي لنجلس في كنفه أنا وأولادي وأعوضهم عن غيابة يظل غائبا عن البيت بحجة الشغل أو غائبا عن الوعي وهو معنا في البيت.
احترت ماذا أفعل؟ فأنا أحرص على رضاه بشتى الوسائل في المنزل أو الأولاد أو الفراش، وأنا إنسانة أحب أن أطور من نفسي في كل المجالات ولكنه لا يجلس معنا حتى ولا يبوح بأي شكل أو مشكلة؟ أنالا أريد الطلاق؛ فأولادي عندي بالدرجة الأولى، ولكني لن أجلس مع شخص يدمن.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الحقيقة هي أن زوجك يهرب من مواجهة الحقيقة وهي أنه مدمن خمر، وهذا أول العلاج؛ لأن المدمن ليس من لا يستطيع الاستغناء عن المخدر فقط؛ فهذا أحد محكات التشخيص له، ولكن توجد صفات أخرى تجعله مدمنا؛ فهو يتعاطى الخمر ويعرف ضررها، ولكنه يصر على تعاطيها، وهي تسبب له مشاكل اجتماعية وقانونية، ومع ذلك يتعاطاها، وهو يحتاج لزيادة الكميات للحصول على نفس الأثر، وهو يتعرض للأعراض الانسحابية إذا توقف عنها حتى ولو أنكر ذلك أو ادعى غيره.
الخلاصة أن هذا المدمن يحتاج إلى أن يفيق، ولن يجعله يفيق إلا إذا تأكد تماما أن الأمور قد خرجت من يده وأنها لم تعد تحت السيطرة؛ لأنهما دام يرى أن الأمر ينتهي في كل مرة ببعض الوعود الكاذبة والحلف فلن يتغير بصدق.(45/26)
عليك أن تتخذي إجراءات عملية في هذا الاتجاه ويكون شرطك الوحيد لوقف الإجراءات والعودة فيها هو أن يدخل مصحة لعلاج الإدمان، هكذا بوضوح وصراحة، وأنه بغير اتخاذه خطوات حقيقية في العلاج والتي أول خطوة فيها هي دخوله المصحة فإنك ستسيرين في إجراءات الطلاق حتى ولو وصل الأمر للطلاق، بمعنى أن تصله الرسالة أنك جادة فعلا في رفض هذا السلوك، وأنك مصرة على أن يعالج، وأن العلاج لا يكون بالوعود والحلف؛ لأن علاج إدمان الخمر يحتاج إلى مساعدة طبية نفسية.
لذا فعليه أن يواجه نفسه بالحقيقة، ولن يفعل ذلك إلا إذا أحس أن الأرض تهتز من تحته، ولن يشعر بذلك إلا إذا رأى منك جدية ووضوحا في طلباتك وحسما في عدم التراجع عنها. ومطلوب منك صبر وحسم لأن هؤلاء الأولاد الذين تحرصين عليهم سيكون أبوهم المدمن أخطر عليهم من حياتهم بعيدا عنه... وسيكون الاختيار في يد الأب فإن أراد أن ينقذ أسرته فعليه أن ينصاع للعلاج ويتراجع عما هو فيه.
ونقصد بالطلاق التأديبي الذي تعلمين أنك تفعلينه من أجل إصلاح حال الزوج وعودته إلى رشده... وتتراجعين عنه بمجرد أن ينصلح حاله بإذن الله.
ـــــــــــــــــــ
العائلة المنحوسة: توارثنا الفقر والشقاء!! ... العنوان
للشباب فقط, علاقات أسرية ... الموضوع
إخواني في الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الرجاء الحار أن تفتوني في أمري ولكم جزيل الخير من الله عز وجل ألخص مشكلتي بما يلي مع إلمامي الأكيد بأن الأكثرية يعانون مثلها وإن كانت مشكلتي غير ذلك:
منذ أن وعينا أنا وعائلتي على هذه الدنيا ونحن نعاني من مشاكل داخلية فنحن متذبذبين بين جهتين أبي بالمعاملة والتفكير وطريقة العيش ومن جهة أخرى الطريقة الإسلامية والمثالية جدا التي زرعتها والدتي في نفوسنا وبهذا انقسمت طريقة عيشنا وتميزت بأنها تجمع أقصى اليسار (عافانا الله وإياكم) وأقصى اليمين (جعلنا الله منهم وإياكم).
الأمر الآخر هو ملازمة الحظ العاثر لجميع أفراد الأسرة بشكل عنيف جدا كبارا وصغارا، عزابا ومتزوجين، ذكورا وإناثا على حد سواء والقاسم الأكبر في هذا كله الفقر الذي لا يسمى فقرا أو لعله كذلك؟ حيث يتوفر لنا الطعام الجيد في جميع الأوقات –حتى وان كان صدقة- واللباس الجيد كذلك لكن قلة ذات اليد من النقود وكثرة الديون ومعظمها من البنوك –بحكم أنه لا أحد يقرضك ولا قرض بسيط يكفي للمصائب.
وفوق هذا وذاك عدم توفر العمل –اللهم إلا لشخص واحد في كل مرة وكأنه لينفق على باقي الأفراد- وإن توفر العمل فلا يدوم لأكثر من عام على أبعد تقدير حتى وإن كان عملا جيدا جدا، وفي نفس الوقت لا يفي إلا بالأساسيات للعيش ودفع أجرة البيت الذي نعيش فيه؟ عشنا لسنوات كثيرة نحاول فك هذا الشؤم أو على الأقل فهمه ليتسنى لنا العيش الكريم أولا وآخرا... وتحملنا وصبرنا وأمضينا أيامنا جميعا محاولين العيش على كل حال منتظرين بأمل صعب جدا الفرج.(45/27)
السنوات الست الماضية أهدتنا موت العزيزة الغالية والتي انتظرت الفرج 30 سنة صابرة محتسبة قائمة بواجباتها الدينية عند زوجها وقبل ذلك نفس الصبر في بيت أبيها ليفاجئها الموت راضية عن جميع أبنائها بعمر 52 هذا هز إيمان كثير منا لفترة ولا أقول غير الصدق.
الست سنوات الماضية لم تحمل لنا سوى المزيد من الشقاء والفقر والدين والمشاكل والتي من شدة وقعها علينا جعلتنا نفكر بمن سبب كل هذا؟ ولماذا؟ وما الذي يجب فعله؟ صدقا وصلنا لمرحلة صعبة جدا حتى على البنات المتزوجات منا.
كلنا نعلم بأن الله هو المتصرف بكل شيء لكن بدأنا نبحث عن سبب ما لعل الله يفتح بصيرتنا عليه! كل ما نعرفه من صلاة وصيام وصبر ودعاء وقيام الليل وقراءة القرآن والصدقة ونحن بالكاد نجد شيئا لأنفسنا حتى فكرنا بأن أحدهم يسحرنا أو يحسدنا لأن الوضع أصبح لا يطاق فكل أمورنا مغلقة، غير ميسرة ولا شيء واقعي أبدا .
ثم أنحينا باللائمة على والدنا الذي توفي قبل 6 أشهر حملناه المسئولية لجميع مراحل حياتنا، خاصة أن شقاءنا بدأ معه منذ نعومة أظفارنا كما يقال وعققناه في آخر سنة من عمره حتى آخر أيام حياته بعد أن صبرنا وبررنا أكثر من 30 سنة متصور أكثرنا بأن هذا كله سينفرج بموته وكان أن غضب علينا في آخر لحظات حياته كما كان دائما يفعل لأي شيء مهما صغر إذا أساءه لن أخوض أكثر فكل ما نقوله رحمه الله وغفر لنا.
نحن الآن كما كنا سابقا ونتجه دائما للأسوأ بلا مأوى ملك لنا، بلا عمل، بلا نقود وكثيرا من الديون المتراكمة وتتراكم بسبب البنوك والتي لم تنتهِ أصلا وكثير من المسئوليات التي لا تطاق لا أدري إن كان هنالك كلمات تستطيع وصف ماضينا أو حاضرنا وأخطر شيء في هذا الأمر كله "وهو ما دفعني للكتابة لكم في المقام الأول" أننا جميعا بدأنا نفقد الكثير من الإيمان الذي كان في قلوبنا أو أنه لم يكن أصلا؟ بدأنا نهمل فروضنا من الصلاة ثم إيماننا بكل شيء... كل شيء وكأن ما نعرفه عن ديننا انقلب ضدنا وأصبح يناقض إيماننا مع العلم بأننا علمنا وفقهنا أنفسنا ولهثنا خلف التعلم في كل مكان متاح ولا أدري أين النهاية أو أين المفر.
أناشدكم بالله رب السماوات والأرض أن تفتوني بأمري وتوجهوني لما يجب علينا فعله حتى وإن كان صعبًا حتى لا نفقد ما عشنا كل حياتنا عليه هذا إن كنتم تعلمون. أخوكم في الإسلام مجد أبو زيد..
... المشكلة
أ.سلمى عبده ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أخي هل تظن فعلاً أن النجاح في الحياة العملية والثراء المادي هي وحدها مفاتيح أبواب النعيم ؟هل الثراء والوجاهة الاجتماعية هي من تكسب الإنسان كرامته الإنسانية؟ لا والله فالإنسان هو من يكسب الماديات قيمة وليس العكس وهل تحب أن تتبادل مكانك مع صاحب ملايين إذا عرفت أنه مريض نتيجة توتره وخوفه على أعماله فحرم النوم وطعم الذات .
أتتبادل مكانك مع زوج تراه يتمتع بكل شيء في الحياة باستثناء التفاهم والحب والرحمة بينه وبين زوجته وأولاده؟؟(45/28)
يا أخي إن مشكلتك الحقيقية ليست الفقر ولكن الرضا فليست هناك مشكلة في أن يظل الإنسان متطلعا للأفضل في حياته، ولكن المشكلة الحقيقة تكمن في فهمه الخاطئ لكيفية الوصول لأهدافه وإهداره طاقته في الرثاء لنفسه..
وقد سمعت عن سيدة عجوز بلغت الثمانين من عمرها وكانت قد ترملت وهي في السادسة والعشرين وتركت وحيدة مع خمسة أولاد دون أي سند مادي فعكفت على العمل واستطاعت بالمثابرة والجهد المضني والتضحية أن تربيهم وتعلمهم في الجامعات وتجعل منهم شباباً ناجحين وعندما سألت كيف تسنى لها أن تقوم بهذا النجاح قالت في بساطة: "أنا لم أجلس يوماً وأرثي لحالي"!
يا أخي الكريم أنت لا تحتاج إلى المال لتبدأ سيرك على الطريق المؤدي إلى النجاح بل ما تحتاج إليه فعلاً هو أن تبدل حالتك الذهنية، وتغير أفكارك فأفكارنا لها القوة على صنعنا أو هدمنا. وعندما تتوقف عن التذمر من الظروف وتبدأ باستخدامها لصالحك عندها ستكتشف أن لديك قوى وإمكانات مخبوءة لم تتح لها الفرصة للظهور والعمل.
فلم يخلق بعد الإنسان الذي لا يتمتع بنوع ما من الموهبة ونوع من القدرة الكامنة للقيام ولو بشيء واحد بإتقان ونجاح. وعندما تعطي نفسك الفرصة لتهدأ سيصفو ذهنك وستتمكن من تحديد موهبتك والميدان الذي تميل إلى العمل والنجاح عنه ولكي تهدأ نفسك لا بد من أن أوضح أمامك بعض الحقائق في الحياة:
أولاً: حقيقة ما قاله جمال الدين الأفغاني في حديثه عن أهداف الحياة: "على المرء أن ينظر لأهدافه في الحياة بطريقة صحيحة، فما ناله منها لن يبلغ به الجبال طولاً مهما عظم شأنه، وما فاته منها لم يكن ليستحق أن يقتل نفسه حزناً عليه".
ولكن من واجب الإنسان تجاه نفسه أن يسعي ويجتهد ليحقق أمانيه وطموحاته خطوة خطوة وهدف بعد هدف ويشترط لتحقيق الأهداف :
-أن تكون بسيطة ومتدرجة .
-ألا تكون من قبيل أحلام اليقظة أو طلب المستحيل .
-أن تكون مشروعة.
ثانيا: أن معالي الأمور لا تتحقق باللمسات السحرية ولا بالقفزات والطفرات المفاجئة إنما تتحقق بالكفاح المتدرج عبر الأيام فلا تضيع وقتك في السخط والتشكي.
ثالثاً: اعلم أن الصبر من عناصر الرجولة الناضجة، وأن الحياة لا ينهض برسالتها الكبرى إلا الصابرون الأقوياء . ولهذا كان نصيب الأنبياء والقادة من البلاء عظيماً، ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي الناس أشد بلاء؟" قال: "الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الناس على قدر دينهم فمن ثخن دينه اشتد بلاؤه ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه، وإن الرجل ليصيبه البلاء حتى يمشي على الأرض ما عليه خطيئة".
ورحم الله من قال :"لا تسأل الله أن يخفف حملك، ولكن اسأل الله أن يقوي ظهرك"، فاستدامة السعي ومرارة الكفاح هي من صفات صناع الحياة الناجحين المجاهدين.
أخي الكريم.. انظر لغدك بتفاؤل وتذكر أن مع العسر يسرا هذا وعد الله وتأكد أن الابتلاء ينزل ومعه الصبر والعون من الله سبحانه وتعالى ومعه أيضا الفرج.(45/29)
فاملأ قلبك رضا لربك وادعوه بتضرع وافتقار أن يكفيك بحلاله عن حرامه ويغنيك بفضله عن من سواه وأكثر من الاستغفار فبه يكثر الرزق وتفرج الكروب قال تعالى:
{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}.
ـــــــــــــــــــ
الفقر ليس عيبًا.. والعمل كذلك ... العنوان
عدم الرضا و التفاهم ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، سيدي الشيخ الفاضل، أنا سيدة متحجبة وملتزمة بكل ما أمرني به الله تعالى والحمد لله، إنني يا سيدي متزوجة مند ثلاث سنوات من رجل يعمل "سائق تاكسي"، وهو رجل متدين، والحمد لله، إلا أنه يطلب مني دائمًا أن أجد عملاً، ولكنني لا أجد عملاً بسبب كثرة المتعلمين وأصحاب الشهادات العاطلين في بلادي، وهذا ما يسبب لي مشاكل كثيرة، ويقول زوجي: إنه لا يستطيع تحمل مسئولية البيت وحده، مع العلم أنني أساعده؛ فأنا أشتري ملابس نسائية، وأعيد بيعها وأكسب بعض المال الذي أساعد به في أمور البيت، وأنا لا ألزمه بالإنفاق عليّ؛ حتى لا أثقل كاهله، فإذا أردت شراء شيء؛ اعتمدت على نفسي، مع أن المبلغ الذي أتاجر به مبلغ ضئيل، لكن الحمد لله على كل حال، وأنا أضحي مع زوجي بكل ما أملك؛ فمثلاً عندما دفع لي المهر عند زواجه بي، أعدته إليه دون علم أهلي؛ لأنه كان يبني منزلاً، وأردت مساعدته، ولم أطالبه بالمستلزمات التي يجهزها الرجل لعروسه، حتى إنني لم آخذ منه مالاً ولا متاعًا؛ لضيق حالته المادية، وزوجي لا يريد الإنجاب مع مرور ثلاث سنوات من زواجنا، ويقول: إنه لا يريد أن ينجب أطفالاً، يعانون الفقر الذي نعيشه. وأنا دائمًا أقول له: إن الله هو الرزاق، لكنه مُصِرٌّ على أن لا ننجب حتى أعمل، وأنا أخاف أن لا أحصل على وظيفة فأظل محرومة من الأمومة، وهو يفتعل المشاكل والنزاعات، ويخاصمني ويهجرني بدون سبب؛ فقط لأنني عاطلة لا أعمل، وهذا ليس ذنبي، وكان عليه أن يحمد الله على زوجة متحجبة، تحضر جلسات الذكر، وتتعلم ترتيل القرآن، وتصلي الفجر في وقته، وتقرأ قرآن الفجر، وتؤدي أذكار الصباح والمساء. وأنا والحمد لله يا شيخنا امرأة قنوعة، أرضى بما قسمه الله لي، وأحمده كثيرًا بالرغم من أنني فقيرة، وتأتي أوقات لا أجد فيها قطعة خبز كي آكلها؛ حيث إن زوجي في بعض الأوقات لا يجد عملاً لمدة شهور، فهو يعمل ويتوقف، وعندها
تتأزم حالتنا كثيرًا، مما يؤثر عليه سلبًا؛ فيلومني لجلوسي في البيت عاطلة، ويخاصمني، ويأكل وحده أو مع إخوته، ويتركني بدون نفقة أبكي، وأدعو الله أن ييسر أمورنا ويفرج كربنا، وهو كلما خاصمني يهددني بالطلاق بحجة أنه لا يستطيع الإنفاق علي، وفي بعض الأحيان يخاصمني، وهو يعمل؛ أي لديه مال. وقد أخبرتك ـ شيخنا ـ أنه متدين إلا أن هذا عيبه الوحيد، وهو لم يقدر تضحيتي مع أنني لست امرأة طماعة.
فما هو الحل؟ وجزاكم الله عنّا كل خير، مع العلم أنني أحب زوجي كثيرًا، وأتمنى أن تقدم لنا النصيحة التي نحن في أشد الحاجة إليها، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...(45/30)
...
... الأخت الكريمة، شاء الله أن تكون المرأة هي السكن لزوجها؛ يجد عندها راحته، ويحن لدفء جوارها، وهي في سبيل هذا تواسيه بمالها ونفسها وعواطفها، وبالرغم من أن الإنفاق واجب على الرجل، فإن الضرب والسعي في الأرض ليس حكرًا على الرجال، والعمل الشريف المناسب أفق مفتوح أمام النساء؛ للتعاون على صعوبة العيش، ومساندة الرجل، وبخاصة إذا كانت موارده محدودة؛ ولتأمين استقرار الحياة المشتركة.
والدور الذي ينبغي أن تقومي به كزوجة مؤمنة يتجاوز مجرد العمل لمساعدة زوجك؛ فعليك أن تزرعي فيه ثقته بنفسه، وأن نقص دخله ليس عيبًا، ولكن التكاسل عن تحسين أموركما مرفوض، وينبغي التعاون على تجاوزه، وأبواب الرزق كثيرة، منها التجارة، وغيرها من الأنشطة التي ربما تتيح وضعًا أفضل، ودخلاً أعلى، وقد يقتضي الأمر أن يتعلم زوجك صناعة أو حرفة أو مهارة تُدِرُّ عليه ربحًا أكبر من مهنته الحالية، وينتظر منك أن تساعديه على ذلك بحكمتك وعزيمتك وتشجيعك.
ومن خلال علاقتك الطيبة به سيستجيب لك، ولا بأس أن تبحثي أنت أيضًا عن نشاط تتكسبين منه؛ فتساعدي زوجك، وربما تدخرين منه شيئًا للقادم من الأيام، ولا يعيبك العمل بل يزيدك خبرة ونضجًا.
وحين تتوصلين إلى مفاتيح شخصية زوجك، سيسهل عليك إقناعه بالإنجاب، وإشراكه في مسئوليات البيت؛ ليعلم أن عليه واجبًا يقتضي الاجتهاد في تحصيل الرزق والسعي على مَنْ هم تحت رعايته.
والتمسي دائمًا الوقت المناسب والأسلوب المناسب للحديث معه حول ما تريدين منه، ولا تتوقفي أبدًا عن مدح خصاله وأعماله وأقواله، فإنه إن رأى منك ذلك أَكْثَرَ من الطيب، وابْتعدَ عن الخبيث النكد، وحاولي بلطف أن يزداد إيمانه وتقواه؛ فإن هذا من شأنه تهدئة مخاوفه فيما يخص الرزق والمعيشة والمستقبل، ومن شأنه أن يُشيع جوًّا من التفاهم المشترك حول اهتمام مشترك بينكما. والناس تختلف؛ فمنهم من يتأثر أكثر بالصحبة الطيبة، ومنهم من يتأثر بالعبادات والإكثار من الطاعات، ومنهم من يتأثر بسلوك زوجته المحبة له حين يرى منها كل خير وإحسان، وحسن معاشرة، وعون ومواساة، والتماس للعذر مع رقة في النصح، ولطف في الطلب، وهو يتأثر حين تعلن هي دائمًا أنها تفعل ذلك بسبب أنها تخاف الله في زوجها وبيتها، فيرتبط الإيمان عنده بكل جميل، بدلا من ارتباطه بنفور الطباع أو كثرة الخروج أو الاستعلاء الأجوف، أو إهمال نفسها أو شئون البيت، وهي أمور تتورط فيها الكثيرات من أخواتنا الملتزمات دينيًّا للأسف، وكوني على صلة بنا نطمئن على أخبارك، ونتشارك في مناقشة أمورك.
ـــــــــــــــــــ
عقدة الفقر ... العنوان
إضطرابات نفسية ... الموضوع
إنني نشيط جدا في عملي، وأحب عملي جدا، وأعمل بكل حماس واندفاع وطموح زائد عن اللزوم.
المشكلة أنني لا أرحم نفسي ولا أرحم أحدا من زملائي، فإذا أخطأ أحد منهم فلا أتردد في الإبلاغ عنه فورا؛ فهذه مشكلتي: الطموح الزائد عن الحد والإبلاغ عن زملائي..(45/31)
وعندي قدرة على التحليل، وتبين لي أن هناك أسبابا نفسية وراء الموضوع؛ ففي الماضي كان بيتنا حقيرا متواضعا، وهو ما كان يسبب لي الألم، وهذا الألم أثر على العقل الباطن لدي، والعقل الباطن أثر على سلوكي؛ بحيث أريد أن أصبح غنيا عن طريق العمل، علما أنه بعد ذلك تغير بيتنا وأصبح عاديا، ولم أعد أتألم من منظره.
أرجوكم دلوني كيف أستطيع أن أتخلص من عقدة الفقر المتأصلة في نفسي ؟ علما بأنني سعيد جدا في حياتي الزوجية، ولكن هاجس الغنى يراودني دائما، مع إيماني أن الغنى لا يحقق السعادة، والقناعة كنز لا يفنى. وشكرا لكم على جهودكم الرائعة .
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
يتصور البعض أن التحليل النفسي أمر بسيط للغاية لا يحتاج من الإنسان إلا أن يضمِّن كلامه كلمة "العقدة" و"العقل الباطن"، وبذلك يصبح محللا نفسيا متفهما ما وراء الأمور، وتجد أن بعضهم يمعن في التحليل، ويتحدث فيما يسمى بالديناميات النفسية Sychodynamics، وهي من الأمور التي تحتاج إلى خبرة وفهم عميقين من المحلل النفسي الحقيقي المتدرب في هذا المجال.
تجده أيضا يتحدث بسلاسة وسهولة؛ فالبيت الحقير أدى إلى الألم، والألم أثر على العقل الباطن، والعقل الباطن أثر على السلوك؛ بحيث "أريد أن أكون غنيا" ... وهكذا؛ وبذلك تصبح هناك عقدة هي عقدة الفقر.
وتسير الأمور على هذا المنوال والشخص سعيد بنفسه وبتحليله النفسي، والأمر ليس كذلك على الإطلاق ولا يحتاج إلى كل هذا التحليل. وتعال نعُد إلى مشكلتك التي تطرحها في رسالتك المشكلة كما هي بدون تحليل.. إنك طموح وتريد أن تصبح غنيا عن طريق العمل، ولكنك تصف طموحك الزائد عن الحد، وتضيف إلى ذلك أنك تبلغ عن زملائك في العمل، ولا ترحمهم إذا أخطأ أحدهم.
وتعالَ نحلل ما ذكرته بعيدا عن العقل الباطن وعقدة الفقر.. أن يكون الإنسان طموحا هذه ليست مشكلة؛ فالطموح هو الذي يدفع الإنسان إلى العمل والحركة، ويجعل لديه الدافع من أجل الإنجاز وتحقيق ما يصبو له. المهم أن يكون ما يطمح له مشروعا ووسائله مشروعة، والمشروعية عندنا في مجتمعنا تُستمد من الدين أو من الأعراف الصحيحة السائدة إذا لم يكن للدين رأي فيما تطمح إليه.
وتقول بأن ما تطمح إليه هو الغنى؛ فالإسلام لم يدعُ إلى الفقر ولم يحبذه، وقال الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم): "نعم المال الصالح للرجل الصالح"، وكان الصحابة أمثال عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان ممن ينطبق عليهم وصف المليونيرات بلغة هذه الأيام، ولم يقلل ذلك من مكانتهم بل العكس؛ فسيدنا عثمان عندما جاء بالذهب ووضعه في حجر النبي (صلى الله عليه وسلم) لتجهيز الجيش والرسول يضع يده عليه ويقول: "ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم"، وتبرع سيدنا عبد الرحمن بن عوف بماله كله مرتين، وبدأ التجارة من أول السلم -كما يقولون- في كل مرة.(45/32)
والعمل هو الوسيلة المشروعة المجمع عليها في كل الشرائع والقوانين من أجل الوصول للغنى؛ إذن فالأمر لا علاقة له بعقدة الفقر أو العقل الباطني، الأمر متعلق بحديثك عن الطموح الزائد عن الحد الذي لم تذكر لنا مظاهره.
وحديثك عن إبلاغك عن زملائك الذي ذكرت أنه عند وقوع الخطأ، وهو لا يسمى هنا إبلاغا.. وهل ذلك إشارة مثلا لكونك تريد الصعود على أكتاف زملائك؟ لم يتضح لنا من رسالتك ذلك.
وهذا أمر أيضا يجب أن تنتبه له، وهو أنه عند وقوع الخطأ لا تكون أول خطوة هي الإبلاغ، فلتكن النصيحة والتنبيه والتحذير، ثم ليأت الإبلاغ بعد فشل الخطوات الثلاث السابقة، وليكن ذلك أيضا بإنذار واضح للقيام بهذه الخطوة.
الطموح الزائد عن الحد هو الذي يكون على حساب إنسانية الإنسان.. على حساب علاقاته بالآخرين.. على حساب بيته وأولاده.. على حساب قيمه ومبادئه.. طموح لا يرحم أحدا بمعنى أنه لا يبالي أنه يصعد على جثث الآخرين، ويصل إلى المال بأي صورة وبأي وسيلة.
أما الطموح الشريف من أجل الاكتفاء، وذلك من خلال بذل المزيد من الجهد والعمل مع الحفاظ على العلاقات الإنسانية والمبادئ الأساسية للأخلاق؛ فهذا أمر محمود إن كانت نية الإنسان فيه متجهة إلى الله بأن يعطي الله حقه في هذا المال ولا يطغى ولا يسرف ولا يتكبر ولا يتجبر.. وإنما يكون عبد الله الشاكر لأنعمه.
ـــــــــــــــــــ
الواقع يقنع دائما.. والفقر يعيب أحيانا ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بداية أحب أن أشكركم على هذا الباب الجميل، والمهم فعلا لشباب المسلمين، وأوجه احترامي وتقديري لجهودكم المخلصة .
أنا شاب عمري 25 عاما، وقد أُصبت بالفشل الكلوي في عام 1996، وفي عام 2000 تمت زراعة كلية لي وكانت من والدتي، والحمد لله فأنا الآن وهي بأحسن حال، وأتناول أدوية مهبطة للمناعة مدى الحياة هي: بروجراف، وأميوران، وبريدزلون.
ومشكلتي هي أنني قبل شهر تقريبا قمت بخطبة ابنة خالي، وهي تعرف الوضع الصحي لي وأهلها كذلك؛ فوالدها موافق، لكن أمها غير موافقة لسببين: الأول أنني فقير، والآخر هو المرض. وتقول لي بأن جسمي أصبح كيماويا بسبب هذه الأدوية، وأيضا يؤثر على الجنين وعلى ابنتها أثناء عملية الجماع، وأنا أحب الفتاة وهي تحبني وتريدني زوجا لها، لكن والدتها هي المسيطرة على الجميع في المنزل بما فيهم خالي.
والحقيقة أنني متعب ومرهق جدا بسبب هذا الموضوع، فماذا أفعل لكي أقنعها أن الفقر ليس عيبا، هل هناك أسلوب لإقناعها أو بعض المواعظ لكي تتعظ؟
وهل هذه الأدوية فعلا تؤثر على صحة الجنين والزوجة؟ راجيا منكم أن تجيبوني بسرعة قبل فوات الأوان، ولكم جزيل الشكر، وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير(45/33)
... ... الحل ...
...
...
الأخ السائل، ابنة خالك تحبك وأنت تحبها وهي تريدك زوجا لها والوالد موافق، وتقول في رسالتك إنك قمت بخطبتها، ولم نفهم هل معنى ذلك أن الخطوبة تم إعلانها رسميا ؟ أم أن عدم موافقة الأم قد وقفت حائلا دون ذلك ؟ .
في كل الأحوال طالما أن الأمور كما وصفت.. فكل ما تحتاجه هو الإصرار والاستمرار وعدم الملل أو الانهزام؛ لأن ما تقدمه الأم من مبررات لن يستقيم مع الواقع؛ فالفقر ترد عليه بإيجابيتك في عملك وسعيك لتحسين وضعك المالي والاقتصادي وطموحك المخطط له في المستقبل... وعندها لن تجد أن الفقر هو الوضع المستمر فستجد في عملك وطموحك ما يجعلك قادرا على أن تجعل ابنتها تعيش في مستوى ترضاه الأم قدر الإمكان.
أما بالنسبة لوضعك الصحي فالحقيقة العلمية ترد عليها وهي أن هذا الدواء لا يؤثر على الحيوانات المنوية أو الجينات بأي صورة من الصور، وأيضا هذه الأدوية لا تؤثر على القدرة الجنسية لك، وبالتالي فلن تتأثر ابنتها أثناء الجماع.. وهذه حقائق معروفة ترد على أخطاء شائعة في تفكير بعض الناس وهو أن الدواء الذي يتعاطاه الأب يؤثر على الجنين مثلما يؤثر الدواء الذي تتعاطاه الأم، وهذا غير صحيح.. ولمزيد من التفاصيل يمكنك التوجه إلي قسم استشارات صحية بموقعنا.
ثم بعد ذلك سيكون حسن معاملتك للأم رغم رفضها وحسن معاملتك للابنة وكونك زوجا مثاليا لها يسعد ابنتها، وسترى هذه السعادة في ملامح وجهها؛ كل ذلك سيجعلها تغير من موقفها.
الخلاصة.. أن الفعل العملي والواقعي هو الذي يستطيع أن يغير موقف هذه الأم، وليس المواعظ أو الوعود المعسولة أو دعوتها للرضاء بالواقع كما هو تحت ادعاء أن الفقر ليس عيبا؛ لأن الحقيقة أن الفقر يكون عيبا إذا رضي الإنسان بحاله، ولم يطمح ويسعَ إلى تغييره.
ـــــــــــــــــــ
رسوب وخجل وأنانية: وصفة لأمراض الفقر ... العنوان
علاقات أسرية, الشهوة ... الموضوع
أعاني من مشكلات نفسية واجتماعية ومادية ودينية، وتبدأ هذه المشاكل من المشكلة المادية حيث إني من أسرة فقيرة جدا، توفي أبي وأنا في الخامسة من عمري، وأنا أكبر إخوتي، وتزوجت أمي بعد ذلك من أحد أقارب أبي كان يسيء معاملتي أنا وإخوتي بالضرب والشتائم.
تبدأ المشكلة النفسية مع نهاية المرحلة الثانوية وعادت لتظهر بشدة منذ دخولي كلية الهندسة -وهي الكلية التي أرغبها منذ الصغر- و اشتد تعبي النفسي عند رسوبي في الفرقة الإعدادية، صدمة مازلت أعاني آثارها حتى الآن مع وصولي للفرقة الرابعة هذا العام، فلم يحزنني أي شيء سوى تأخري الدراسي عامين؛ رسوب في إعدادي، وعذر في ثالثة، منقول بمادة في أولى ومادتين في ثالثة، ومقبول في إعدادي وثانية، وأنا في السنة السابعة لي في الكلية، وأدعو الله أن تكون الأخيرة بعد اجتيازها بنجاح.(45/34)
أشعر بإحباط ويأس يلازمني دائما وعدم ثقة في نفسي مطلقا ، ورهبة عند مواجهة من لا أعرفهم ، وخجل في مواقف اجتماعية معينة ، والميل للانطواء والعزلة والبعد عن الناس ، ورهاب اجتماعي أحيانا، وأشعر بالعجز دائما، وضعف الإرادة ، وأشعر أنني ضعيف الشخصية وجبان وبخيل وأناني ، وليس لي ولاء للآخرين، ومن الممكن أن أكون مرائيا ومنافقا وكل الصفات المكروهة فيّ..
أصلي أحيانا الفروض خلف الأمام ، وأحيانا أخرى أتثاقل عن الصلاة ، كما أمارس العادة السرية مرتين أسبوعيا، وحاولت كثيرا الإقلاع عنها ولم أتمكن مما أصابني باليأس. أتمنى أن يرزقني الله بالزوجة الصالحة ولكني لا أستطيع ذلك لظروفي المادية -أنظر إلى الجنس الآخر بشهوة- ، وما أذكره هو أني أحب الجنس الآخر جدا، وأصبر على الجوع ولا أصبر عن رؤيتهن وكلامهن.
أما عن مشكلتي الاجتماعية فهي أني لا أحب وجود زوج أمي في البيت معي، لا أرغب فيه، أكون سعيدا ومرتاحا عندما يكون بعيدا، لا أعرف ماذا أفعل في ذلك؟ آسف للإطالة، وجزاكم الله كل خير.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ السائل..
هناك باب كبير في الأبحاث العلمية عن "الفقر"، ويذهب بعض علماء الاجتماع إلى دراسة الفقر بوصفة منظومة متكاملة لها آثار على كل نواحي الحياة ومنها الصحة والمرض حتى نشأ مصطلح "أمراض الفقر"، وتنعقد الندوات "والمؤتمرات" للتعامل مع الفقر ومشكلاته حتى انعقدت قمة عالمية برعاية الأمم المتحدة، وكان لي حظ المشاركة فيها، عام 1995 في كوبنهاجن عاصمة الدانمارك، وكان اسمها قمة التنمية الاجتماعية، وأطلق عليها البعض "قمة محاربة الفقر"، وانعقدت من ثلاث سنوات اجتماعات لمتابعة توصيات كوبنهاجن، وذلك بعد مضي خمس سنوات على "قمة الفقر".
وفي الأثر: "لو كان الفقر رجلا لقتلته"..
ويمكن أن ترى الصراعات والجهود الإنسانية الداخلية والدولية من منظور الفقر ومحاولة التغلب عليه بأساليب اقتصادية وأنظمة سياسية وخطط اجتماعية وثقافية تساهم في التخفيف من آثاره فضلا عن محاولة استئصال جذوره.
لا تبتعد هذه المقدمة عن حالتك الشخصية ففي نشأتك الفقيرة معاناة، وكان فيها أيضا دافع المحاولة والانعتاق، ومثل أية محاولة فيه يمكن أن تتعثر وتفشل أحيانًا، ولكن فشل مرة لا يعني نهاية المطاف، إنما الاستسلام للحزن واليأس والإحباط يؤدي إلى مزيد من الفشل.
ومما يعين على تجاوز أمراض الفقر أن يرتبط الإنسان بصحبة طيبة تعينه على الفضائل، وتذكره إذا نسي، وصدق من قال: "المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه"، وأنت لم تذكر لنا شيئا عن زمالة أو صداقات، أو علاقة اجتماعية تعقدها مع آخرين!!(45/35)
ومما يعينك ويعين كل إنسان، أن يكون لك مجال هواية أو إبداع أدبي أو علمي أو فني، وأهمية هذه الهواية القابلة للتطوير أنها سبيل فعال ومحمود للتواصل مع الآخرين وتجاوز الخجل تدريجيًّا، وأنها كذلك سبيل للشعور بالتحقق، وأن الإنسان كيانًا وذاتًا متميزة، وأنه شيئا مذكورًا، وهو طموح إنساني عام لا يقتصر على طبقة ولا على قطر.
والأخلاق السيئة تتغير بالاحتكاك واكتساب خبرات إيجابية، والتدريب على سلوكيات حميدة ورشيدة، ولا بد لهذا من بيئة، ومجال أو دائرة حركة، والجامعة بأنشطتها، والجماعة الاجتماعية بأفرادها، وجماعات الاهتمام المشترك كلها دوائر تصلح لممارسة خطة تغيير الذات وتطويرها، وقد استنفضنا من قبل في شرح تركيبة، وأدوار هذه الدوائر.
والميل لرؤية الجنس الآخر والتفكير بالبنات هو شيء فطري، وقد تتجاوز الحاجة إلى الجنس والدافع الجنسي الحاجة إلى الطعام والشراب؛ لأنه دافع قوي وبخاصة في مثل سنك، والمعدل الذي تمارس به العادة السرية يبدو معقولا مقارنة بآخرين، وإن كنا ننصح بالتخفيف أو الامتناع عنها ما أمكن ذلك، ولدينا في هذا الأمر تفاصيل أرجو أن تراجعها ففيها ما يفيد.
وقد تحتاج إلى عون طبي نفسي متخصص إذا لم تفلح كل هذه الخطوط والخطوات في تجاوز ما أنت فيه، وما ترفضه من أحوالك.
وأنت مقياس نفسك في الحكم على ما تراه قابلا للتغيير بمجرد الاحتكاك والتفاعل الاجتماعي، وما تشعر أنه يحتاج إلى تداخل علاجي أرجو ألا تتردد في طلبه عبر قنواته "الطبيعية"، وبعضها منخفض التكاليف، ويناسب ظروفك.
وبمجرد أن تتخرج وتنتهي من خدمة التجنيد -إن كنت مطالبًا بها- ستكون فرصتك أكبر في الحصول على عمل بأجر، وعندما تقبض أول مرتب من عملك ستشعر أن صفحة جديدة قد انفتحت في كتاب حياتك، وستكون فرصتك أكبر في البحث عن الزوجة التي ترضي بك وتناسبها ظروفك.
أرجو أن تظل على صلة مستمرة بصفحتنا قارئا للقديم والجديد فيها مشاركًا فيها بالرأي والنقد، معاونا لنا في تطوير خدمتنا فنحن نعتز بكل من يتصل بنا، ومرة أخرى أشكرك على ثقتك، وأدعو الله أن يوفقك لما فيها الخير،
ـــــــــــــــــــ
وصفة لأمراض الفقر.. وصفة للنجاح"متابعة" ... العنوان
علاقات أسرية, الشهوة ... الموضوع
السيد الدكتور أحمد عبد الله، تحية طيبة..
أود أن أشكركم على اهتمامكم وردكم على رسالتي السابقة التي كانت بعنوان " رسوب وخجل وأنانية: وصفة لأمراض الفقر "، إلا أنكم لم تردوا على مشكلتي الاجتماعية التي ذكرتها مع المشكلة، كما أنني أود أن أتكلم عن مشكلة أخرى ربما سببت لي مشاكل كثيرة، من بينها ما ذكرت سابقا.
وما هو الأسلوب الأمثل لتنظيم وإدارة الوقت، وكيفية استغلال وقت الفراغ الذي قد يسبب بدوره هو الآخر مشاكل أخرى، وما يؤلمني أني لا أستطيع تنفيذ برنامجٍ زمنيٍّ ولو لفترة زمنية قصيرة، وما يؤلمني جدا أني أفكر في الشهوة كثيرا؛ وهو ما يقلل من تركيزي واستيعابي، حتى إنني أفكر في ذلك أثناء المحاضرات، وهذا يضايقني جدا.(45/36)
ما هو المخرج من هذه الخيالات الجنسية التي تتمثل في أحلام اليقظة؟ وما هو الأسلوب الأمثل لاستغلال هذه الطاقة الذهنية والجسمانية فيما يفيد؟ علما بأني لدي طاقة كبيرة أرى أنها لم تستغل بعد، وإن كانت تستغل أحيانا فيما لا يفيد، وما أذكره أني لدي طموح كبير، وهدفي هو النجاح والسعادة في الدنيا والفوز بالجنة في الآخرة، وأريد معرفة كيف تتحقق هذه الأهداف؟ أبحث عن السعادة والنجاح، أحلامي هي أن أكون مهندسا ناجحا ثم زوجا وأبا ناجحا، كيف أكون ناجحا خلقيا واجتماعيا؟
شكرا لسعة صدركم، وجزاكم الله كل خير.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخ الكريم،،
كلنا يريد النجاح في الدنيا، والفوز بالجنة، وهناك العديد من التوجيهات والنصائح، والبرامج والإرشادات التي تفيد في هذا من نواح متعددة، وربما يفيدك ويناسبك أن تطلع على محتويات موقع الأستاذ عمرو خالد، فالكثير من مواده يتناول ما تتحدث عنه، وتطمح إليه:
كما أن هناك مواقع وجهات كثيرة تهتم بتفاصيل مهارات إدارة الوقت، وغيرها من برامج ترقية الذات بأساليب عملية وتفصيلية، وعلى موقعنا، صفحة معا نتطور، وفيها ما قد يجيب لي بعض على تساؤلاتك.
ويبقى أن أتحدث معك في مسألة وقت الفراغ، وفي حالتك يهمني أولا أن أنبهك، وأطمئنك على سير دراستك على النحو الذي يكفل لك التفوق والرضا عن الذات وتحقيق الثقة بالنفس فضلا عن النجاح، والدرجات المرتفعة، وأحسب أن ما يفيد في هذا الصدد أن تتجاوز الحواجز النفسية بينك وبين أساتذتك من معيدين، وحتى الأساتذة، وكليتك من الكليات التي تعطي فرصة جيدة للاحتكاك بين الطالب وأعضاء هيئة التدريس "لمن يغتنمها"، فلا تتردد في الاتصال بمن تتوسم فيه الرغبة والقدرة على مساعدتك دراسيا فيما تحتاجه، وكذلك يعينك أن ترتبط بمجموعة مذاكرة ممن يهتمون بالتحصيل العلمي والدراسي، وأن تكون الساعات التي تقضيها بالكلية مستثمرة في التحصيل أولا وأخيرا، وإن بقي شيء فليكن لمتابعة نشاط هادف أو اهتمام نافع أو ممتع يتصل بالدراسة أو لا يتصل بها، وهذا ينقلنا إلى وقت الفراغ، وأحسب أن الاستثمار الأمثل لوقت الفراغ -وهو غائب غالبا في حالتنا- يتضمن الترويح بأنواعه، وقضاء وقت الفراغ وهو فن نفتقده، وكنت أحضر مؤتمرا عربيا منذ أيام وفوجئت بأستاذة تقدمت بورقة متخصصة عن "الترويح في الإسلام"، وفوجئت أكثر بتعريفها بنفسها بأنها أستاذة في علم "الترويح"!!
إذن الترويح علم وفن ، ولا يتسع المقام للتفصيل فيما قالته، وربما ننشر ورقتها هذه، ونشير قريبا إلى كتابها الذي هو في المطابع الآن، ويحمل نفس العنوان.
خلاصة القول أن أساليب قضاء وقت الفراغ متنوعة ومختلفة من شخص إلى شخص، وإن كنت -طبقا لحالتك- أوصيك بالرياضة، ثم الرياضة، ثم الرياضة؛ فهي مهمة لاستثمار الطاقة الجسمانية والصفاء الذهني والعلاقة بينهما كبيرة، وأغلبية الشباب والبنات في عزوف وانصراف وغفلة عن الرياضة، بينما تحمل للجميع دواءً فعالا(45/37)
للشهوة الثائرة، وهي خير تمهيد وإعداد لمهام الأمومة والأبوة بما تحمله هذه من مسئوليات تحتاج إلى خبرة ودراية كما تحتاج إلى صحة ولياقة.. فهل ستفعل؟!
وإذا كنت من محبي التعبير الأدبي والفني فإن استثمار الخيالات الجنسية والتعبير الإبداعي عنها شعرا أو نثرا رسما بالرمز أو رمزا بالحرف يبدو من أنفع السبل للتعامل مع ما تسميه "أحلام اليقظة".
إن الرغبة والشهوة الجنسية مثل تيارات الهواء وأنهار الماء لا يفيدها ولا يفيد أصحابها أن تنحبس بل يؤذي الحبس ويضر، ولكن استثمارها في توليد الطاقة وإعمار الحياة عبر المسارات المختلفة هو الاختيار الأمثل الذي نتحاور معكم فيه لنصل معا إلى المناسب والمتاح أو الممكن لك حالة.
ـــــــــــــــــــ
أخاف على أخويّ..حصاد التحيز ... العنوان
البيت الكبير, علاقات أسرية ... الموضوع
السلام عليكم
أود أن أعرض عليكم مشكلة إخواني الذكور، فأنا فتاة الأخت الوسطى، ولي أخوان أصغر مني وبينهما ست سنوات، الأكبر 25عاماً والثاني 19 عاماً لن أدخل في تفاصيل التربية، ولكني أريد أن أوضح أمرا صغيراً هو أن أخي الكبير كان عبارة عن هدية كبيرة من الله لأمي التي كانت تفقد أبناءها وجاءها هذا الابن بعد سنوات من الانتظار وبهذا أصبح أخي هو محور اهتمامها حتى بعد إنجابها لابنها الثاني وهو محور اهتمام أبي.
شخصية كل منهما شخصية رائعة جداً ولم يكن هناك تأثير سلبي في الشخصية ولكن المشكلة في التعامل مع كل هؤلاء فأمي تفضل الكبير وأبي الصغير والمشكلة الكبرى أن الاثنين يكرهون بعضهم البعض بشكل غير طبيعي حتى الآن لم يكن هناك ما يذكر حتى جاء وقت تشاجر أخواي شجاراً لم أشهد مثله في حياتي، وبعد هذا الشجار بشهر مرض أخي الصغير بالسكري وأخبره الأطباء بأن المرض ناتج عن زعل قوي، وبالتالي افترض أخي بأن أخاه هو من فعل به ذلك، وهو الآن يتهدد ويتوعد بقتله، وأنا أصبحت خائفة جدا عليهما، أمي وأنا نحاول تهدئة الأمر، وقد مر على هذه الحادثة عام وما زالت الضغينة في قلب أخي الصغير. فأرجوكم أرشدوني ماذا نفعل؟.
... المشكلة
د .ليلي أحمد الأحدب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أشكر لك اهتمامك بأخويك وحرصك على صفاء العلاقة بينها, ولكنني أشكرك أكثر على توضيحك لأمر هام كثيرا ما يتهاون به الآباء والأمهات وتكون النتيجة علقما مرا كما حصل بين أخويك, وهو تفضيل طفل على آخر, فالأم يستحوذ الطفل البكر على كل اهتمامها فيكون الطفل الثاني له نصيب الأسد في قلب أبيه, أو العكس؛ لذا فإن غالبية مشكلاتنا ذات أساس تربوي بدون أدنى شك, وربما هو السبب الذي يجعلني أقول: إن الآباء والأمهات كثيرا ما يحتاجون إلى إعادة تأهيل تربوي, ولكن الأهم من ذلك أن يتعلم الآباء والأمهات المستقبليون من أخطاء(45/38)
غيرهم فيحرصون على مطالعة الكتب التربوية وما يشابهها كالصفحات التربوية في هذا الموقع خاصة صفحة "معا نربي أبناءنا", وقد يفيدك الاطلاع على استشارة بعنوان: الحب بين الإخوة كيف نغرسه وكيف ننميه؟
إذاً المشكلة بين أخويك مشكلة ذات جذور عميقة ولكنها طفت على السطح حاليا, فمشاعر الكره التي يكنها كل منهم للآخر تحولت إلى سلوك عدواني تجاه بعضهما البعض, وللتحكم في هذا الوضع كي لا يستفحل لا بد من رد التصرفات العدوانية إلى أساساتها الواعية واللاواعية, وهذا يحتاج برأيي إلى:
أولا: اعتراف كل منهما بوجود مشكلة, ولا يكفي أن تنتبهي أنت إلى وجودها وتطلبي الحل بل لا بد أن يبحث عنها أصحاب العلاقة نفسها, فإذا كانا لا يباليان باستشراء العداوة بينهما فكل ما تفعلينه أنت لن يكون أكثر من محاولات عقيمة لن تنتج إلا المزيد من البغضاء والشحناء.
ثانيا: اعتراف الأب والأم بكونهما أساس العلاقة المضطربة بين الأخوين وسعيهما – أي الأب والأم – إلى إصلاح أخطائهما بمشاركتك وأخويك البحث عن علاج لهذا
الوضع الأسري المتردي.
ثالثا: وجود مرشد نفسي أو أخصائي اجتماعي في المنطقة التي تسكنين بها يكون لديه القدرة على جمع خيوط المشكلة في يده, واعتراف أطراف النزاع كلهم بها يشكل جزءا أساسيا في مساعدته للإمساك بأهم الخيوط تشابكا, وعندها يقوم بما تفرضه عليه طبيعة اختصاصه من تحويل هذه الاعترافات الشفهية إلى أسس مكتوبة يبني عليها كل طرف اتجاهاته في التعامل مع الطرف الآخر دون الإضرار بأي شخص في العائلة.
رابعا: إذا لم يوجد في بلدك أي من العيادات المختصة بالأسرة يمكنك اللجوء إلى جمعيات إصلاح ذات البين, وعلى حد علمي فهي موجودة في كثير من بلادنا العربية, وللأسف لم تذكري في بياناتك ما يدل على مكان إقامتك, فإن تعذر وجود جمعيات إصلاح ذات البين, فربما أمكنك اللجوء إلى بعض الأقرباء الحكماء.
بالنسبة لما ذكرته نقلا عن الأطباء أن وجود السكر المرتفع لديه نتيجة "زعل قوي" قد يكون صحيحا وقد لا يكون, فإذا كانت معرفة أخيك الأصغر بمرضه هو سبب تحامله على أخيه الأكبر فقد يساعد أن تؤكدي له أن هذه المعلومة غير أكيدة, وإن كنت أخشى أن ظهور الداء السكري لدى أخيك ليس سوى القشة التي قصمت ظهر البعير نتيجة تراكمات الطفولة السيئة وأساليب التربية الخاطئة, وعلى كل حال فإن من واجبك بذل جهدك في الإصلاح بين أخويك ولك من الله الأجر الكبير
وإن كانت المشكلة برأيي تحتاج إلى مختصين وخبراء في العلاج النفسي والاجتماعي, ومع ذلك فلا تنسي اللجوء إلى الله والدعاء أن يصلح الله ما بينهما, وإذا كانت علاقتك مع الله جيدة يمكنك التأثير عليهما وإرجاعهما إلى طريق الله سبحانه, وهو الذي سوّى بين قطع الرحم والإفساد في الأرض كنتيجتين حتميتين للتولّيعن طريق الله,
وذلك بقوله سبحانه:{فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} (محمد: 22- 23).
ـــــــــــــــــــ
تأثيرات سلبية كبيرة للتمييز بين الأبناء ... العنوان
الأسرة والمجتمع, علاقات أسرية ... الموضوع(45/39)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحاول اختصار موضوعي قدر المستطاع، مشكلتي بكل بساطة هي أني منذ الصغر أعاني مع أبي وأمي؛ لأنهما دائما يحملاني متطلباتهم ومتطلبات المنزل كمثل أي أب وأم يكلفان أبناءهما متطلبات.
وليست هذه المشكلة، وأنا مستعد أن أجلس تحت أقدامهما لخدمتهما، ولكن المشكلة أنهما يحملاني أكثر من إخوتي؛ فإخوتي يقضون وقتهم كما يحلوا لهم من مذاكرة وترفيه كما ينبغي لهم، وأمي وأبي يكلفاني أكثر منهم دائما؛ فصدري منذ الطفولة يشتعل بالنار من هذا الأمر.
كبرت الآن ولم أعد أحتمل هذا الوضع، كان أبواي دائما ما يقولان لنا إنهما أصدقاؤنا، وصدرهما واسع للكلام معنا، فذهبت لأجرب هذا معهما، وأتحدث معهما عن هذا الموضوع الذي أعاني منه منذ الطفولة، وأفاجأ بهما يثوران عليَّ ويتضح العكس تماما، وأن صدرهما أضيق ما يكون، ولا بد من خروجي مخطئا في النهاية.
ويكون رد أبي دائما أنه يقوم على طلباتنا، ولا يقول شيئا؛ فأحاول أن أحدثه وأتفاهم معه أن هذه ليست هي المشكلة، وأني مستعد أقوم بكل الطلبات، لكن يجب أن يقوم إخوتي بفعل ما أفعل؛ لأن هذا يشعل صدري بالنار ولا أحب هذا.
المهم أن هذه المشكلة لم تنته دائما وأنا والحمد لله أسعى لأن أرضي ربي في كل حياتي، لكن أبي وأمي دائما هما العقبة التي توجد كل مرة أمامي.
وحاولت بكل الحلول أن أحل هذه المشكلة وإشراك خالتي فيها، ولكن كانت المحاولات كلها تزيد المشاكل؛ فكان أبي وأمي يتهماني بإفشاء أسرار البيت، وبدل أن تكون المشكلة معي وحدي تكون مع خالتي أيضا. والله ما أقوله هو الحق فإن هذا لا يهيأ لي ولا أكذب حتى إن خالتي وأقاربي الذين كنت أحاول إدخالهم لحل المشكلة أجد أنهم يلاحظون نفس المشكلة وأن أبي وأمي يفعلان هذا.
كل مرة أدخل فيها بنقاش هادئ ومؤدب مع أبي وأمي ينتهي بالثورة منهما؛ لأنهما لا يعجبهما أن أقول هذا، ودائما يقولان إني على خطأ وسوف ينتقم الله مني، ويجعلاني أفقد صوابي وتنطلق مني عبارات بصوت عال نتيجة النار التي بداخلي غصبا عني، والله لا يقدر أحد ما بداخلي مع أني دائما والله أحاول أن أرضي ربى، وأحاول لأن أصبر نفسي على هذا الوضع الخطأ ولكني بشر لي طاقة على التحمل، ولا أحتمل أن أرى هذا طوال حياتي.
والآن ما الحل حتى لا يغضب الله عليَّ ولا يؤدي هذا الوضع إلى مرض نفسي؟ إن من أصعب الأشياء والله المرض النفسي، والنار التي تشتعل غيظا داخلي.. فهل ينفع أن أقوم بخدمتهما ولكن إذا وجدت ما يغضبني من إخوتي أتوقف عن القيام بأي طلب يريدانه وبمنتهى الأدب؟ فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، فإن نفسي لا تطيق.
والحقيقة أن هذه ليست المشكلة الوحيدة معهما، ولكنها الأكثر تأثيرا على الإطلاق والتي تؤثر في نفسي والحمد باقي المشاكل يوفقني الله لأن لا تؤثر عليَّ.. ماذا أفعل؟.
... المشكلة
د.حنان طقش ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...(45/40)
لا أشك في صدق كلامك، يحدث أحيانا أن تبني الأسرة استقرارها على أساس التضحية بمصلحة أحد أفرادها وتحميله ما لا يطيق. ومن قال بأن العدالة هي الأساس؟ إذن ما الداعي لقول رب العالمين إنه أرحم الراحمين، وتذكيره بأنه حرّم الظلم على نفسه وجعله بيننا حراما لأن التعرض للظلم متوقع.لست أهلا للإفتاء من الناحية الشرعية، ويمكنك أن تقرأ من على الموقع عن حدود بر الوالدين.
قد تعكس كلماتك أعراض "الاضطراب الزوراني"، والذي من الواضح أنه طرح للنقاش فأراك تنفي أن يكون شعورك بالظلم غير طبيعي بدليل تفهم وتصديق من حولك لكلامك؛ فيبقى أمامنا أن نتناول الأمر بعقلانية ولو من جانبك فقط.يجب أن تحدد هدفك.. فهل تريد أن تعرف السبب وراء تصرفات والديك؟ أم أنك تريد حلا فقط لمعاناتك؟ ورغم حرصي على بر الوالدين أعرف أن من واجب الوالدين إعانة أولادهما على برهما وهو ما قد يغفله الوالدان.
قد يساعدك معرفتك بدورك في حياة والديك ونفسيتهما أن تتحمل المزيد من المسئولية، وحتى التمييز في المعاملة. تبدأ الأسرة بالوالدين اللذين قد يصدمهما كم المسئوليات التي عليهما، وعندما يكتشفان عدم أو ضعف قدرتهما على الاضطلاع بهذه المسئوليات يبحثان من بين الأولاد عمن يستطيعان الاعتماد عليه في القيام بأدوارهما كلها أو بعضها.
وتستقيم بذلك الحياة الأسرية ما لم يحاول هذا الطفل مقاومة أو الاعتراض على القيام بهذه الأدوار، وفي حال اعتراضه يواجه بالرفض ويستخدم الوالدان ما لهما من سلطة فعلية ومعنوية لإجباره على الالتزام بها، ويعتبر هذا من عيوب تفاعل بعض الأسر لم تكمل أنت صورته بأنه يشمل أحيانا عدم المساواة بين التكاليف والمكافآت؛ فبينما يكلف أحدنا بالعمل يحصد آخر الدلال ويزيد التميز في الدلال من صعوبة الالتزام بهذه التكاليف، وإن كنت أرجو الله ألا تشمل معاناتك الصورة الكاملة.
ابدأ بتصديق نفسك بأنك مكلف أكثر من غيرك، وأنك لست وحدك؛ فهذا نمط سائد من التفاعلات، ولكن انظر لقيمة دورك في استقرار الأسرة، قد تشعر في لحظة غضب أنها لا تعنيك شيئا، ولكن تذكر أنها كانت سياجا آمنا في لحظات ضعفك؛ فاشعر بالفخر أنك كنت يدا بناءة في مجهود العطاء لا طرفا سلبيا متلقيا.استشعر ما أكسبتك المسئوليات الزائدة عن غيرك من خبرات وثقة في نفسك وقدرة على القيام بما تريد باستقلالية عن الآخرين؛ وهذا لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا؛ فمقابل عونك لأسرتك يسر لك الله فرص تعلم أكثر من غيرك سوف تسعد بها إن شاء الله في حياتك القادمة.
فكر أن القدرة على العطاء ميزة لا تتوفر للجميع؛ فلا تقارن نفسك بمن هم أقل منك عملا وعطاء، ولكن احرص على بذل المزيد، وفي كل مرة توقف واسأل نفسك لو فوت أجر القيام بهذا فمن أي باب آخر يمكنني الحصول عليه؟، واسأل نفسك من أحق مني بهذا الأجر ومن يستطيع أداءه أفضل مني؟.العلاقة بالوالدين ليست علاقة ندية من الناحية النفسية والشرعية، فقدرتك النفسية الآن على تحمل الضغوط أعلى من قدرة والديك.
أما من الناحية الشرعية فلدينا ما يعرف بـ"فقه الأولويات" وبر الوالدين من الأولويات، حتى وإن ميزا بينك وبين إخوتك في المعاملة، فمن يحاسبهما هو الله فلا تحاسبهما أنت، ولكن اعمل كما تحب أن يحاسبك الله، وتذكر أن الحياة أيام معدودات والسعيد هو من استزاد للآخرة.(45/41)
تجنب كثرة النقاش بما أنك لا تملك زمام غضبك فتنفلت منك كلمات نرجو الله ألا تكون في ميزان سيئاتك، وجرب أن تجعل بينك وبينهما مسافة ما من خلال انشغالك الفعلي بحياتك الخاصة من دراسة أو عمل، ولن يسعدا بهذا في البداية ولكن كلما كان لديك مبرر مقنع للاعتذار عن القيام بما لا تطيق من الطلبات زاد تقبلهما لاعتراضك، ولا بأس بأن تعتذر عما لا تطيق أنت القيام به بغض النظر عما يكلف به غيرك؛ فكل يعمل لنفسه وحسب مبادئه لتحقيق أهدافه، وتذكر لا أحد يختار امتحانه؛ فلعل صبرك على والديك هو امتحانك.
وصية أخيرة لا بد في عمرك هذا تعرف ما اعتاد والداك تكليفك به فجرب أداءه قبل أن يطلباه فعندها قد يخف شعورك بالتمييز. مع دعائي بأن ينير الله قلبك ويعينك على بر والديك، وتذكر أنك تعمل لله ولنفسك وأن الله ينظر لأعمالنا.
ـــــــــــــــــــ
علاقتي بأخواتي ..كراهية ..جفاء..أم حساسية ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
السلام عليكم..
أريد تحسين علاقتي بأخواتي، نحن 4 أخوات، أنا 19، والأصغر 18 ثم 16 و14، علاقة البنتين 16 و18 معا جيدة، أما معي فأشعر أنهن يكرهنني حتى أمي أحيانا تقول لي أنت جافة ولئيمة؛ لأني عندما أطلب من الأصغر مني شيئا لا أنتظر وأزعل إذا لم تجبني بسرعة، أعترف أني حساسة جدا.. فما الحل؟
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
تقول الأستاذة أمان جرعود – ناشطة جمعوية بجمعية إنصاف للمرأة والطفل المغرب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بعد اطلاعي على المشكلة التي بعثت بها الأخت بشرى مشكورة، أثارني وجود عدد من العبارات السلبية، من قبيل: علاقتي بأخواتي ضعيفة، يكرهونني، جافة، لئيمة، أغضب، لاأنتظر، حساسة جدا...
وأقول: لماذا هذا التركيز على ما هو سلبي؟ ولماذا نرى الأشياء أصلا بهذا السوء؟
أما علمت حبيبتي أن التركيز على السيئ يبقيه وأن كل إنسان فيه من السلبيات كما فيه من الإيجابيات، وأن التحدي الأكبر هو كيف نرجح كفة الحسن على السيئ، وهذه مسيرة حياة وجهاد عمر لايتحقق بين عشية وضحاها.
الأمر الثاني والذي أعتبره مؤشرا إيجابيا، هو ما لمسته وراء السطور من رغبة أكيدة في التغيير وتصويب السلوكيات التي ترينها غير سوية بسلوكيات مقبولة وإيجابية، لكن هذه الرغبة ستظل حبرًا على ورق إذا لم تترجم إلى مواقف وأفعال تقفز بك تدريجيا نحو الهدف، ورسالتك هاته أعتبرها بداية الفعل.(45/42)
إن الإحساس بعدم القدرة على التكيف مع المحيط ونوبات الغضب المتكررة والانفعال الفوري وغيرها من الحالات، تكاد تكون طبيعية لمن هن في مثل سنك، المهم أن توجه وتساس بالحكمة والمرونة اللازمتين دون أن نعتبرها عقبات لا يمكن تجاوزها، أو قدَرًا محتومًا لايمكن الفكاك منه.
ومع مرور الوقت نكتشف أننا نصنع تجربتنا من خلال إحباطاتنا وخطئنا وفشلنا كما نصنعها من خلال نجاحاتنا وانتصاراتنا.
أختي بشرى..
إن من نعم الله العظيمة التي لا تعد ولا تحصى، حضن العائلة ودفء العائلة، هذا الركن الذي نستشعر فيه الأمن والطمأنينة والاستقرار، ولكي نحافظ على هذا الصرح العظيم لا بد أن تطبع العلاقات فيه بطابع المحبة والاحترام والتسامح والعطاء اللا مشروط، وليس جرما أن تحدث بين الأشقاء مشادات أو خلافات أو مضايقات، لكن الجرم أن نسمح لمثل هذه المشوشات أن تخدش علاقات الإخاء والألفة والارتباط.
جربي أن تكوني أكثر تسامحًا وأكثر مرونة، وتدربي على السكينة وضبط النفس في التعامل مع شقيقاتك ومع غيرهن، وستكتشفين أنك أكثر قدرة على نسج علاقات إيجابية سواء داخل الأسرة أو خارجها، وللأنشطة المشتركة عظيم أثر في هذا المضمار.
تذكري عزيزتي أنهن يرين فيك الأخت الكبرى يرين فيك القدوة والمسئولية والعطاء، فكوني في مستوى تطلعاتهن، فبالمحبة والبذل تحترمين وتطاعين، وليس بالعلاقات السلطوية الآمرة الناهية التي لا تراعي حقوق الآخرين ولا تقبل بغير الطاعة الفورية بديلا.
وأذكرك حبيبتي بباب عظيم لا يرد من قصده وهو باب الدعاء، فالقلوب بيد الله تعالى يقلبها كيف شاء، اسأليه سبحانه أن يكون لك مددًا وعونا لتحقيق ما تريدين، واسأليه سبحانه لأخواتك بظهر الغيب فذلك أدعى أن يُذهب ما بينكن من جفاء.
وخير ما أختم به قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تبسمك في وجه أخيك صدقة"، فإذا كنا نؤجر على البسمة فكيف سيكون أجر البذل والعطاء والمحبة والخدمة والاهتمام والنصح... فسبحان من لا يضيع أجر من أحسن عملا.
هذا الأمر عزيزتي لا يحتاج منك سوى همة وإرادة حقيقية للتغيير، لا أظن إلا أنك لها بإذن الله تعالى.
ويضيف د.نبيل غزوان:
الأخت الفاضلة بشرى من فلسطين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ربما كونك تقلقين من عدم تلبية رغباتك راجع إلى كونك لا شعوريا تريدين أن تحتلي مكان الأم إزاء أخواتك. وهذا ربما قد لا يقبلنه بطريقة مباشرة.
فأنت حقيقة تكبرينهن سنا وتجربة ونفسيًّا؛ ولذلك تريدين أن تكوني مثالا وقدوة لهن، هذا من جهة ومن جهة أخرى ربما أن هناك بعض الظروف الأسرية أو الاجتماعية قد تقف أمام الاستقلالية الذاتية التي تسعين إليها بحكم سنك، وهذا ما يجعلك حساسة.
أنصح والديك أن يساعداك؛ وذلك بتغيير النظرة الطفولية إليك وجعلك في مستوى نضج ومسئولية، حتى يقتدي بذلك أخواتك.(45/43)
والسلام عليكم ورحمة الله
ـــــــــــــــــــ
تمكين المعاق عبر الإنترنت.. دعوة لإعادة النظر!
هشام عبد العزيز**
يتنازع مقدمو خدمات المحتوى الخاصة بقضايا المعاق على شبكة الإنترنت مدرستين رئيستين، الأولى تتوجه بحديثها وخدماتها إلى الوسط الاجتماعي المحيط بالمعاق، لتوعيته بكيفية التفاعل والتواصل واحتواء الشخص صاحب الإعاقة، بينما يرى أنصار المدرسة الأخرى أنه يجب تقديم محتوى مباشر للشخص المعاق نفسه يراعي ظروفه الخاصة ودرجة ونوع إعاقته، وكذلك التبصير بحقوقه وكيفية الحصول عليها كأولى خطوات تمكينه ودمجه في المجتمع.
إلا أن أنصار المدرستين يتفقان تمامًا على ضرورة الاهتمام بخدمات المحتوى المقدمة للمعاقين، وذويهم، وكذلك البيئات المحيطة بهم، وإشراكهم واستطلاع آرائهم في تلك الخدمات، وفي نفس الوقت تكثيف جهود المؤسسات الأهلية والرسمية في إطار عمل تكاملي يهدف في النهاية إلى التعامل بشكل أكثر تعميقًا وتأثيرًا مع هموم المعاق واحتياجاته.
وفي منطقتنا العربية تعتبر مساحة العمل سواء الرسمي أو الأهلي التي ترفع واقع المعاق وتتماس معه، شبه غائبة، على الرغم من وجود أكثر من 36 مليون معاق عربي، بحسب أرقام منظمة الصحة العالمية للعام 2005.
ولعل ذلك ما أدركته منظمة "الإغاثة الإسلامية"*، ودفعها لتبني فكرة إنشاء بوابة متكاملة باللغة العربية تغطي جميع الجوانب المرتبطة بالإعاقة من تعريفات وأسباب وبرامج للتدخل، وأدوات للتقييم والدراسة، بالإضافة إلى الأحداث والفعاليات ذات الصلة، وأيضًا المساحة الحقوقية، وأبواب تقديم المساعدة والدعم في المجالات المختلفة، وتقدم البوابة خدماتها على السواء إلى كل من المعاقين وأسرهم، ومقدمي الخدمة والمهتمين من هيئات وجمعيات وباحثين.
وقد أقام مكتب الإغاثة الإسلامية بالقاهرة الإثنين (18-12-2006) المؤتمر السنوي الأول للتعريف بالبوابة تحت عنوان "التمكين بالمعلومة، بمشاركة عدد ضخم من الجمعيات والمؤسسات ذات الصلة، ليتحول المؤتمر من مناسبة للترويج للبوابة وتقديمها، إلى ساحة لنقد مضمون المحتوى العربي المقدم للمعاق عبر الإنترنت.
وقد اختارت الإغاثة الإسلامية القاهرة لإطلاق بوابتها على اعتبار وجود العدد الأكبر من المعاقين العرب في مصر، حيث يوجد في القطر المصري وحده -وفقًا لمنظمة الصحة العالمية- 6 ملايين معاق، بينما تقدر الجمعيات والمؤسسات الأهلية عددهم بثمانية ملايين، غير أن البيانات الرسمية تؤكد أن العدد لا يتعدى مليوني شخص.
إتاحة وتمكين
وخلال المؤتمر أكد الدكتور عبد الحميد كابش، مدير إدارة البرامج في الإغاثة الإسلامية، على أهمية تكامل العمل الأهلي والرسمي في قضايا المعاق، خاصة فيما يتعلق بإتاحة المعلومة التي باتت أولى خطوات تمكين المعاق، مع توفير البيئة المناسبة لعمل المنظمات الأهلية خاصة على وسيط الإنترنت، كتقديم دعم خدمات الاتصال السريع بالشبكة لتلك المنظمات.(45/44)
كما أشار إلى أن هناك حاجة ملحة لتكثيف البرامج الموجهة لفئات المعاقين من خلال الإنترنت على أن تتكامل الجمعيات في طرحها، بمعنى أن تبدأ الجمعيات من حيث انتهت الجمعيات الأخرى، بما سينعكس على تقديم برامج متكاملة وممتدة تغطي حالة المعاق، على أن تراعي تلك البرامج التصنيفات الدقيقة للإعاقات المختلفة ولا تكتفي بالتصنيف العام على أساس الإعاقات الحركية أو السمعية والذهنية... إلخ.
كذلك فإن الهيئات والجمعيات والمواقع ذات الصلة مطالبة بدورها بلعب دور الوسيط بين مصممي ومقدمي الخدمة والفئات المستهدفة بتلك الخدمة، خاصة في حالة أن يكون المستوى الثقافي والتعليمي لتلك الفئات لا يؤهلها لاستخدام الإنترنت في تعاملاتها مع مشكلاتها ومتطلباتها، كما هو الحال في بعض المناطق الشعبية والريفية.
دليل مقدمي الخدمة
ومن ناحيته، طالب الدكتور عثمان لبيب فراج، أستاذ الصحة النفسية بالجامعة الأمريكية، ورئيس اتحاد ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين، باستخدام أسلوب توجيه المعاق بالأدلة التي تجمع المؤسسات العاملة في المجال وتصنفها في مكان واحد يستطيع الشخص المعاق استخدامه في تحديد الجهة التي تتواءم مع متطلباته وتلبيها.
وأشار إلى وجود أدلة موجودة فعليا سواء في مصر أو المنطقة العربية يجب العمل على تجميعها وتبويبها من خلال محتوى إنترنتي واع، ومن هذه الأدلة ما قام به اتحاد ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين على مستوى الهيئات والجمعيات الموجودة في منطقة القاهرة الكبرى.
وفي نفس الإطار طالب عمرو عباس، السكرتير العام للجمعية المصرية للصم والبكم، بتقديم أدلة مصنفة تبعًا للحالات الفرعية للمعاق (كتقسيم الإعاقة الذهنية لدرجات معينة) وليس طبقًا للتقسيم العام، وأن تتخصص المواقع الإلكترونية تبعًا لتلك التقسيمات حتى تقدم خدمة أكثر تركيزًا وإفادة.
كما دعا إلى تدعيم المساحة الدينية في المحتوى المقدم للمعاق وأن نعتمد سياسة التأهيل الروحي جنبًا إلى جنب مع التأهيل المهاري حتى نحصل في نهاية عملية الدمج على مواطن صالح من كافة الجوانب.
تطويع الوسائط
الدعوة إلى تطويع الوسائط المختلفة التي توفرها شبكة الإنترنت من صوت وصورة، لتلاءم حالة المعاق هي مضمون ما أطلقه محمد صلاح، رئيس جمعية وموقع "لست وحدك" لرعاية المعاقين، كإضافة خدمة النص المسموع لفاقدي البصر أو ضعافه، أو حتى تكبير الخط والصورة.
كذلك توفير مساحة للتواصل الاجتماعي للمعاقين تستخدم الوسائط المناسبة، كخدمة الشات، وكذلك خدمة شريك الحياة، حتى يجد المعاق نفسه في وسط اجتماعي وفرص تواصل عادية تمامًا كالتي تتوفر للشخص الطبيعي.
وكذلك الاعتناء بالجانب الترفيهي المتناسب مع احتياجات كل فئة من فئات الإعاقة، كجزء من مضمون المواقع.. مشددًا على أنه يجب التأكد من أن الخدمات المقدمة على المواقع ليست مجرد إعلانات كاذبة أو وصلات معطلة، وإنما موجودة فعليًا على أرض الواقع.
ولتحقيق ذلك فإنه يجب تنظيم مؤتمرات وتجمعات للمعاقين في المناطق الإقليمية المختلفة بشكل دوري يمكنهم من خلالهم عرض رغباتهم ومعاناتهم بشكل مباشر ودون وسيط.(45/45)
أما أسامة سلامة، عضو المجلس العربي للطفولة والتنمية، فتحدث عن ضرورة توجه المحتوى الإلكتروني في حديثه إلى مشاكل وقضايا واحتياجات المعاق رأسًا، ولا تتناول المساحة النظرية في التقسيم والتعريف، حتى لا يتم هدر الجهد المبذول على هامش المتطلبات الفعلية، ويكون الحديث موجه أصلاً لغير المعاقين.
وشدد على ضرورة توفير خدمة التفاعل بين إدارة الموقع والمعاق وإتاحة محتوى استشاري يمكن للمعاق من خلاله التوجه إلى مستشار ما في مجال محدد على مدار اليوم، مع إتاحة مدونات للمعاقين في نفس السياق لتكون نافذة للتعبير عنهم بشكل واضح.
وأعرب سلامة عن اعتقاده بأنه في سبيل تحقيق ذلك يجب التركيز على مساحة التطوع وتفعيلها في شرائح المجتمع المختلفة، وهو نفس الشيء الذي أكدت عليه مريم حبيب، مسئولة إدارة القدرات بمركز سيتي، التي رأت أن تنمية الوعي بضرورة التطوع يمكن أن تضطلع بها بشكل أساس دور العبادة والجامعات.
ومن جانبه نبه سيد جمعة، عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري العام للمعاقين، إلى ضرورة التركيز على مساحة توفير الوظائف للمعاقين بشكل أكثر تأثيرًا وذلك من خلال إجراء حصر بالوظائف والمهن المطلوبة في المجتمع التي تتلاءم مع حالة المعاق، والتشبيك بين المعاق والجهات التي توفر الوظيفة، وعدم الاعتماد على عرض السير الذاتية للمعاقين على المواقع بشكل غير موجه.
وأكد على ضرورة صياغة شكل من أشكال التعاون والتنسيق بين الاتحادات الرسمية المعنية على مستوى الدول العربية من ناحية، وبينها وبين الجهات الأهلية من ناحية أخرى وذلك لتكثيف الجهد والتأثير النهائي.
المعاقون.. تسمية أدق
كانت المفاجأة أن الحضور من المعاقين وكذلك المهتمين والعاملين في المجال طالبوا باستخدام لفظ المعاقون بدلا من مصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة، على اعتباره التوصيف الأدق للحالة، خاصة أن ذوي الاحتياجات الخاصة فئة تتطلب برامج مختلفة تمامًا عند التعامل معها، حيث أنها تكون في بعض الأحيان على النقيض تمامًا من المعاقين، أي من حيث التمتع بمهارات وقدرات أوسع.
وهو ما أيده كل من الدكتور عبد الحميد كابش، وقال إنه سيتم تداركه في تسمية الموقع حيث ستتغير من تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة إلى تمكين المعاق.
* منظمة غير حكومية تتمتع بعضوية استشارية بالمجلس الاجتماعي والاقتصادي بالأمم المتحدة، وعضو في الوكالة الإنمائية الأوروبية، وموقعة كذلك على مبادئ السلوك المهني لكل من جمعيتي الصليب والهلال الأحمر الدوليتين، والمنظمات غير الحكومية لإغاثة ضحايا الكوارث
ـــــــــــــــــــ
مثاليتي .. يكرهها زوجي والناس ... العنوان
أزواج و زوجات, علاقات أسرية ... الموضوع
أعانكمالله دائما للمساعدة الآخرين وأنار لكم طريقكم دائماً أما بعد..
إنكمقد تستغربون من شكواي هذه، وطلب مشورتكم إن زوجي يكره -كما يقول - مثاليتي في التعامل مع الآخرين بحسن نيتي عند تعاملي مع أهلي وأهله مثلاً، فيقول أنت طيبة جدا وطيبتك ستضيعك فهل فعلا الطيبة الزيادة خطأ؟، هل فعلا يجب أن أعامل من حولي بحذر؟ وأنهم قد لا يكنون المحبة لنا ويظهرون العكس؟(45/46)
لاأدري كيف أعامل زوجي فهو يكره مطالبتي له بصلة الرحم دائما مع من يحصل معهم خلاف أو بحسن النية مع إخوانه وإخواني بقولي مثلاً لا يقصدون الإساءة أو كن أحسن منهم وهكذا.. لا وبل يقول لي أنت مثالية وهذه الأيام لا ينفع معها المثالية يجب تتعاملي مع من حولك كما تُعاملي، فيريدني أن أفكر في مصلحتي قبل كل شيء ومعتقده أن تعامل الناس مع بعضها قائم على المصالح وحتى في عملي عندما أتغيب كثيرا أقول له إنني يجب أن أهتم بعملي فالله سيحاسبني إن لم أتقن عملي وضميري يؤنبني يغضب ويثور بأنني مثالية زيادة عن اللزوم وأن صاحب الشركة لا يدري أساساً كم عدد موظفيه كنوع من الاستهزاء طبعا وبألا أحد يلتزم بعمله إرضاء لرب العالمين هذه الأيام ولكن من أجل الراتب.
وإنقلت له لا تأخذني قبل نهاية دوامي يمقتني بنظرات غضب قائلا صاحب الشركة قريبك ولن يحاسبك! ودائما يردد "الحياة هكذا تريد لا تريد التي بطريقتك"، رغم أني أعلم بأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله لكن إذا عاندته يثور وإذا تعاملت معه بالحسنى وبالكلمة الطيبة أدخل والدي بالموضوع وأبي مثله في التفكير وبالتالي الاثنان ضدي!!
ماذا أفعل فمثاليتي التي لا تعجب الناس هذه الأيام ولا تعجب زوجي أصبحت من الأسباب المشاكل بيننا، مع أنه يصلي ويحب الدين وسيؤدي العمرة إن شاء الله قريباً، فهو يعتقد المثالية كانت أيام الرسول عليه الصلاة والسلام؛ وذلك لأنهم يستحقون المعاملة المثالية، أما هذه الأيام –في ونظره- الناس لا يستحقون فعل الخير لهم أو معاملتهم بالحسنى فهو نوع من الضعف في التعامل، إنني أحس مقصرة في ديني بسبب ما قلت لأنني للأسف أضطر لمجاراته فأصبحت مقصرة في عملي تفاديا للمشاكل، وهل فعلا الحياة أصبحت تحتاج إلى نوع من الوعي والحذر والطيبة لا تنفع هذه الأيام، أرجو نصحي لكيفية أيضا التعامل مع زوجي.
... المشكلة
د .ليلي أحمد الأحدب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
تحياتي لك وتقديري لمحاولاتك في تأدية واجبك نحو أقاربك ونحو عملك، فالأمر الذي يسميه زوجك ووالدك بالمثالية هو ليس إلا تأدية الواجب وأداء العمل كما يحب الله ويرضى، والمعاني السلبية التي يحملها زوجك – وكثيرون مثله– تجاه تأدية الإنسان واجبه منتشرة بشدة في مجتمعاتنا العربية، والحقيقة أنه لو أدى كل منا واجبه لأتت حقوقه إليه والعكس بالعكس، لأن واجبات المسلم هي حقوق لغيره عليه، وحقوقه واجبات على غيره، ولكن أكثر الناس –للأسف- يريدون الوصول إلى حقوقهم دون التفكير بالبدء من جانبهم أولا بإعطاء الآخرين حقوقهم عن طريق تأدية العمل والواجب، ولو أن كل الموظفين في المؤسسة التي تعملين بها مثلا أدى عمله على أحسن وجه، لاستطاع كل المراجعين العودة إلى أعمالهم وبالتالي تأديتها بإتقان، وهكذا فإن البناء الاجتماعي يأتي على شكل متتالية مطردة، سواء في الأسرة إلى المدرسة إلى أي عمل آخر.
كثيرون هم الذين يؤدون واجباتهم الدينية كزوجك يا أختي العزيزة، أما واجباتهم الدنيوية -سواء تجاه أقاربهم أو غيرهم- فلا يعتبرونها سوى عبء ثقيل يحاولون التهرب منه، والأسباب كثيرة، منها الفصام بين الدين والدنيا مع(45/47)
أن المفروض هو العكس أي أن تكون أعمالنا الدنيوية مرتبطة بالدين وبالثواب الأخروي، ومنها أن الحقوق ضائعة في المستويات العليا أي لدى المسئولين عن الشعوب، وكما قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: (الناس بأمرائهم أشبه منهم بآبائهم) وهذا القول يقرر حقيقة واقعة وموجودة، لكنه لا يعني استدامة الحال على ما هو عليه.
فإذا كان الواقع سيئا فإن خلق واقع جديد هو الواجب الذي يشير إليه حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: (كما تكونوا يولى عليكم)، لذلك عندما تلقى التهم على كاهل الحكام فهو أمر مفروغ منه لكن في نفس الوقت يجب أن يوجه كل منا اللوم إلى نفسه ليغير ما بها فالتغيير الفردي هو أساس التغيير الاجتماعي والسياسي: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، وقد امتدح الله سبحانه النفس اللوامة بل وأقسم بها في القرآن الكريم، وعندما نبه النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه على فتن ستأتي كقطع الليل المظلم ذكر من هذه الفتن الأمراء الذين يفضلون أنفسهم على الرعية وكانت نصيحته الخالدة: (أدوا الحق الذي عليكم واسألوا الله الذي لكم)، وعلى هذا يؤكد كثير من المفكرين الإسلاميين وعلى رأسهم مالك بن نبي رحمه الله، والذي أشار إلى سبب آخر في ما يعاني منه زوجك وغيره مما أسماه ظاهرة المسجد، فالدين ينتهي عندهم بمجرد الخروج من المسجد، ولعل زوجك لا يقصد أن يكون من هؤلاء الذين لا يعلمون أن معاملة الخلق هي معاملة للخالق، ولكنه التيار الغالب الذي يجرف الجميع إلا من رحم ربك.
تسألين عن كيفية تعاملك مع زوجك فأنصحك بالموازنة بين حقوق الله عليك، والتي هي حقوقه الخاصة من جهة وحقوق الخلق من جهة أخرى على اختلاف مستوياتهم، فصاحب العمل له عليك حق حتى لو كانت وظيفتك حكومية، فأنت تسترزقين منها ولا بد أن يكون راتبك حلالا بأداء العمل كما لو كان صاحب العمل أو المراقب أو المشرف موجودا ويراك، فاشرحي لزوجك وجهة نظرك في رغبتك باستمرارك بأداء عملك على أحسن وجه كي لا يكون راتبك مقابل عمل لم تؤديه، فيتحول من الحلال المبارك إلى الحرام المنقطع، وهو ما عبرتِ عنه بتقصيرك في عملك.
أرجو أن تعلمي أن ديننا دين واقعي ومثالي في آن واحد، لكن لا بد من التذكير بأن تعاملنا مع الأقارب يجب أن يكون عنوانه صلة الرحم وهي لا تكون فقط بصلة من يصلنا بل بصلة من قطعنا أيضا وأذكر هنا حديثا شريفا جامعا أيضا: (أمرني ربي بأن أعفو عمن ظلمني وأصل من قطعني وأعطي من حرمني) أو كما قال عليه الصلاة والسلام؛ وبالنسبة لتعاملك مع الناس فإني أذكرك بالحديث الشريف: (الخلق كلهم عيال الله فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله) وإذا احتج بعضهم بأن هذا الحديث ضعيف أو بعض ألفاظه غير مستحبة، فلا يمكن أن ينسى أحد الأحاديث الأخرى التي تحض على الخلق الحسن وهي كثيرة جدا ومن الأحاديث المجملة بمعانيها حديث: (اتق الله حيثما كنت، وأتبع الحسنة السيئة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن) ومثل الأحاديث هناك الآيات الكثيرة في القرآن الكريم الذي أُنزل على من قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) فصلِّ اللهم عليه وسلم وبارك واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ورزقنا العمل بسنته والموت على ملته لنكون من أهل شفاعته..
بعد كل ما أوضحته لك يا أختي الكريمة أنصحك بألا يأخذ ثباتك على موقفك طابع المعاندة للزوج، ولكن ليكن حوارك معه بالحسنى بأن تبّيني مثلا أنه حتى لو كان صاحب الشركة قريبك، لكنه يمكن أن يتجاوز عن تقصيرك مرة أو مرتين أو ثلاثة، ولكن لا شك أن ثمة مرة ستكون القاضية، فليس من صالحك ولا من صالح زوجك أن تجلسي في البيت، خاصة إذا كان عملك يشكل دعما ماديا له، أما بالنسبة للأقارب فصلة الرحم كما يأمرنا بها(45/48)
الدين هي ذات طابع مثالي، مع ضرورة التمييز بين هذه المثالية وقدرة النفس على الاحتمال حيث لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولا يسأل الله الإنسان ما هو فوق طاقته، فلكل منا قدرة احتماله المختلفة عن الآخر؛ كما أن كثيرا ما تختلط علينا الأمور فنعتبر التسامح قوة في الوقت الذي لا يكون بمقدورنا إظهار أي رفض لموقف تخسف فيه حقوقنا، فالتسامح الحقيقي يكون مع المقدرة على إمضاء العقوبة أو الرد بالمثل.
وقد نحتاج أحيانا أن نظهر لفئة معينة من الناس أن تسامحنا معهم ليس نتيجة ضعف وذلك كي لا يتمادوا في باطلهم أكثر، وهناك فرق بين أن نتسامح في حقوقنا الخاصة، حيث هو من التسامح المحمود، وأن نتسامح بحقوق الأسرة أو الجماعة وهو ما يعتبر ضعفا وهوانا، على سبيل المثال يمكن أن يتسامح شخص غني مع أخيه الفقير في دين لم يستطع أن يوفيه، لكن إذا انعكس الوضع واستولى الغني على مال الفقير الذي يعاني أولاده من الفاقة أصلا فلا معنى لتسامح الأخير هنا لأنه سيضر بمصلحة من هو مسئول عنهم، وتسامحه سوف يفهم بأنه نتيجة الضعف والخوف والجبن، وهو مثل بسيط ضربته لك لكن يمكنك أن تطبقيه على المجتمعات والدول فتجدينه صحيحا، كما أن التسامح في بعض الحق قد يكون نوعاً من التكتيك للوصول إلى حقوق أوسع، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
خالف واتفق: سر الشخصية المثالية ... العنوان
مع المجتمع ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد..
إلى الأب الغالي الدكتور أحمد عبد الله.. قبل أن أستهل حديثي معكم أود أن أرسل سلاما خاصا إلى كل الدكاترة الأفاضل الذين كسروا جدار الصمت، وجعلونا نبتعد عن حالة الانطواء؛ ليعيش كل واحد منا لحظة من الصدق بينه وبين نفسه، وليعبر عن ذلك الرفض جهرا ولو في أسطر معدودة يحس الشخص فيها بأنها المرآة التي تعكس حقيقته. وأبعث بشكر أخص إلى الأب العزيز الذي أتمنى أن يكون قارئ رسالتي كما أتمنى أن يقرأها بقلبه لا بلسانه فقط، وأن يعتبر صاحبتها ابنة يشاركها أحزانها تماما كما اعتبرته أبا فاضلا ستسعد بإجابته كيفما كان فحواها.
أنا فتاة مسلمة أبلغ من العمر 17 سنة، أعيش في كنف أسرة محافظة تحرص على الأخلاق والمبادئ الإسلامية، نشأت نشأة أعتبرها سليمة، ربما لا يكون هذا رأي الكثيرين ممن أعرفهم. مشكلتي لا تتعلق كما قلت بالنشأة أو التربية، مشكلتي عبارة عن صراع بيني وبين نفسي؛ لأني لا أدري أصحيح أن ما يقوله الناس عني حقيقة لا أملك ردها أم أن الناس تعودوا على نمط معين من الشخصيات. وأصبح ذلك بالنسبة لهم قاعدة عامة، ومن خرج عنها اعتُبر شاذا، وبطبيعة الحال: الشاذ لا يقاس عليه.
أنا أعترف أن تقديري للأمور يختلف بشكل كبير عما يراه الناس، وأعترف أيضا أني لست كالآخرين، قد لا تفهمون حقيقة مشكلتي، كيف لا وأنا العاجزة عن إعطاء تفسير لما أنا فيه، وهذه ليست مبالغة مني بطبيعة الحال.
أسرتي لا تعد برأيي؛ لأنه بطبيعة الحال يخالف الأغلبية رغم اقتناعي بصحته، ولكن لا أملك الدفاع عنه ليس عجزا مني، ولكن محاولة مني لكي لا أعطي الأمر أكثر مما يستحق؛ فأوجه الاختلاف لا تتعلق فقط بمواضيع(45/49)
معينة؛ لأني في أي حديث أجد نفسي نقيض الجميع حتى فيما يتعلق بالأكل. فمثلا عند جلوسنا حول المائدة ويطلب رأي كل منا حول ما طبخ اليوم؛ فإن كان رائعا فسيقولون عني: ورأيك بطبيعة الحال هو العكس، دون حتى أن يكلفوا أنفسهم عناء السؤال؛ كأن الجواب معروف، والأمثلة على ذلك كثيرة، حتى إني دائما مضطرة لتحمل الأمثلة الشائعة التي أصبحت أواجَه بها تقريبا كل يوم، ومنها "خالف تعرف".
أما عن رأي صديقاتي فهو لا يختلف كثيرا من ناحية المضمون عما يراه الناس، وإن لم يكن السبب واحدا فهن يعتبرنني إنسانة معقدة، والسبب أنهن يرين أنني أعيش داخل عربة لا تتحرك؛ فكل الأشياء تتغير من حولي، وكل المفاهيم تتبدل إلا أنا، خصوصا أننا نعيش زمن التحرر بمفهومه المريض.. التحرر حتى من تلك المبادئ التي حرص الأجداد على ترسيخها، وأعترف أن شخصيتي ليست بالعادية، وهذا لا يعني أنها مثالية، حاولت الابتعاد قدر الإمكان عن الشارع وعن الناس لأدخل إلى نطاق أضيق؛ لعلي أجد فيه مرتعي وضالتي. فخلت أني سأعيش في المدرسة أزهى أيامي ولكن الحلم شيء والواقع شيء آخر، فحتى في ذلك المكان وجدت نفسي وحيدة؛ لأني بكل بساطة رفضت أن يجالسني ذكر في طاولة واحدة، كما أنني أرفض أن يخاطبني أحدهم إلا إذا كان ذلك لسؤال أو حاجة له عندي دون أن يتعدى ذلك لحديث أو نقاش؛ لأني أعتبره مساسا بأخلاقي وباحترامي لنفسي، وهذا شيء أعتز به.
فأرجو ألا أكون قد ابتعدت عن صلب الموضوع، وعذري في ذلك أنني أمام علم أهم مرتكزاته هي الاستماع؛ فأرجو أن يتسع صدر مستمعي وألا يضيق. فنحن لسنا بحاجة إلى حلول لمشاكل عاطفية؛ لأنها أشياء اخترعها الغرب، وصدقها العرب، وأصبحت من ركائز الحياة اليومية، وأصبح الحديث عنها الشغل الشاغل لكل شخص يحمل بين ضلوعه قلبا مريضا كقلوب الكثيرين. فنحن لسنا بحاجة لشفاء القلوب بقدر حاجتنا لشفاء العقول والأرواح؛ لأن القلب لن يصنع لنا التاريخ، ولن يبني لنا الغد.
وهذا يقودنا لطرح تساؤل مهم عن المسئول الحقيقي للوضعية التي وصل إليها المجتمع العربي، وبطبيعة الحال لن أتولى الإجابة عنه لأترك للدكتور الفاضل كامل الصلاحية باعتباره رجلا وأبا وفردا في هذا المجتمع، ويبقى هذا مجرد رأي ليس بالضرورة أن يكون صائبا.
وأخيرا، أحب أن أطلعكم على آخر صفة أمتاز بها: كوني لست إنسانة اجتماعية، أحب العزلة والانفراد بالنفس، ليس طبعا في كل الأوقات، ولكن في أغلبها، لا أحب التودد كثيرا على العائلة، أحب أن أبقى وحيدة لأناجي نفسي؛ ففي تلك اللحظة أحس بسعادة كبرى. كما أنني إنسانة -بتعبير الكثيرين- قاسية؛ ربما لأني لا أبكي، أو ربما لأني لا أعبر عن الحزن بالدموع، وإنما أعبر عنه بقلمي؛ فهو بالنسبة لي بمثابة الطبيب، كيف لا والغرض من رؤيتهما واحد؟ فكلاهما أذن صاغية تضمن عدم بوح أسرارك، ومع فرق بسيط جدا هو أن الأول إنسان والثاني جماد.
وفي النهاية أتمنى من الله العلي القدير أن تلقى رسالتي هذه آذانا مصغية، وأن يكون الرد عنها بقلم الدكتور أحمد عبد الله لا بيد سواه، وأرجو ألا يعتبرها مشكلة تافهة لا تستحق الإجابة عنها.. فما بالك أن يكون الجواب بقلمه. فأرجو أن تكون بالفعل أبا يحرص على راحة الآخرين تماما كحرصه على راحة أبنائه، وألا تترفع على الإجابة عن هذه المشكلة حتى لا تكون صدمتي عامة؛ فحينها سأفقد الثقة في كل شيء حتى ثقتي بنفسي.
أما تساؤلي فهو كالآتي: ما هي معايير كمال الشخصية؟ وما هي في نظركم الشخصية المثالية؟ وهل اتفاق الآراء دليل على صحته؟ وأخيرا لماذا تميزت شخصيتي بهذا الاختلاف؟ وهل أتحمل جزءا من هذه المسؤولية؟(45/50)
وجزاكم الله عني كل خير، وأعتذر عن الإطالة؛ لأني لم أجد بدا من كل كلمة قلتها في هذا الخطاب الذي أتمنى أن يدرج كاملا في حالة إدراجه، والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته. ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سامح الله الذين وضعوا العروبة زمنًا في خصومة مع الإسلام، كما وضعه آخرون في خصومة مع الوطنية، أو الاعتزاز بالانتماء إلى بلد بعينه، وأنا لا أجد غضاضة، بل أراها سلسلة مترابطة حين يسلمني انتمائي للإسلام إلى حب العروبة والعربية وأهلها -ولا يخلو قوم من عيوب- ولا يتعارض هذا أو ذاك مع عميق عشقي لأم الدنيا، وأرى أنني في هذه المشاعر جميعها أتقلب فأسعد حينًا وأشقى أحيانًا، وهكذا الحب جراح وأفراح.
نفحات مغربية هذه المرة تهب من رسالتك، وتذكرني بهذا البلد الحبيب الذي طالما تمنيت زيارته، ثم لما رزقني الله تلك الفرصة مرة ومرات كنت أعود كمن لا يزيده الشرب إلا عطشًا وطلبًا للمزيد. بلد طيب وشعب أصيل له طابعه في ارتباطه بالإسلام وعلاقته بالغرب الذي يدنو ويقترب حتى لا يفصل بينه وبين أعلى نقطة في مغربنا سوى مضيق؛ فأصبح المغرب نسيجًا متميزًا تختلط فيه الأصالة الموروثة بالحداثة الوافدة على نحو فريد وجدير بالتأمل، ولا يخلو الأمر من صدام وخصام بين نزعة عميقة للتمسك بالأصول، ودفعة قوية للانخلاع منها أو من التقاليد التي ارتبطت بها، وأحيانًا فإن تلك التقاليد أثقلت كاهل الإسلام بقيود وأفكار وممارسات ليست منه.. وتلك قصة أخرى تطول.
المهم مرحبًا بك يا ابنتي عبر الأثير، ومن عجائب تصاريف القدر أنني بعد قراءتي لرسالتك، وبدء إجابتي عليها قابلت في طريقي شابًا يسأل عن الطريق فسألته: لست مصريًا على ما يبدو؟! فقال: بلى.. أنا لست مصريًا.. سألته: من أي البلاد أنت؟! فأجابني: من المغرب.. من أي المدن؟! مكناس، وأدرس في الأزهر، وهكذا سرت مع "محمد" حتى وصلنا إلى حيث يريد، ثم ودعته، فشكرني بأدب وهدوء يليق بمثله.
ابنتي الكريمة:
بالنسبة للمحيط الذي تعيشين وسطه فهو مثل أي محيط عربي تقليدي يستريح إلى "التنميط"، ولا يحتفي بالخلاف في الرأي كثيرًا من اتجاهات السياسة إلى أذواق الملبس والمأكل والمشرب، وهو يميل إلى تغليب المجموع ورغباته على الفرد وخصوصيته، فما بالنا والمعارضة هنا تأتي من فتاة، والأنثى عندنا ليست كالذكر، ولكن على نحو غير الذي قصدته أم مريم البتول حين قالت: "وليس الذكر كالأنثى".
المهم أن اختلافك مع أهلك حول اختيارات الحياة، وتفاصيل العيش مفهوم ووارد من ناحية التنميط والتمييز ضد الأنثى -أحيانًا- ومن ناحية خبرة السن التي تعيشينها، والتي يميل الإنسان فيها إلى التفرد والاستقلال، ولو كان بمخالفة الآخرين؛ لأن هذا الاستقلال يعني أنه موجود ومتحقق، وله رأيه وكيانه، ومع الوقت ينضج الإنسان أكثر، وربما يتعب من المخالفة، فيميل أكثر إلى التواؤم والتفاهم والاندماج في الجماعة، ولكن ليس على حساب ما يعتبره أساسيًا ولا تنازل عنه، وهذه الأخيرة تختلف من شخص لآخر، ولو بقيت على التزامك واحترامك لنفسك وحيائك فأتوقع أن مساحات الخلاف في تفاصيل الحياة بينك وبين أهلك ربما تتقلص نسبيًا، ولكن موقفك من تحديد العلاقة بالجنس الآخر ووضعها في إطارها السليم ستظل كما هي، وإن كنت مع الوقت ستكونين قادرة على(45/51)
إدارتها بشكل أكثر سلاسة وهدوءًا مع المحافظة على الحدود والآداب التي تلتزمين بها. وستتغيرين يا ابنتي كما يحدث مع كل البشر، ولكن مهارة الإنسان تقاس بمراقبته لنفسه والتزامه حتى يكون تغيره إلى الأفضل مع اكتسابه للخبرات والتجارب، وتعامله مع أحداث الحياة.
- وأختلف معك في أن مشكلات القلوب عندنا ناتجة عن تقليد الغرب فحسب، بل الأمر أعمق من هذا وأشمل، وبعضه يتعلق بطبيعة كل إنسان وميوله، وبعضه يرتبط بحسن أو سوء فهمه لنفسه ولدينه ولمن حوله، والميل إلى الجنس الآخر فطرة موجودة في النفوس، وإنما تأتي المشكلات من عدم التعامل معها على هدى من العقل والشرع، وإنما يترك الناس أنفسهم للشهوات والشبهات، وهنا يأتي دور تقليد الغرب فنحب كما يحبون، ونسلك كما يسلكون، رغم أن لنا تاريخًا وسبيلا مختلفًا حتى في الحب، والله سبحانه وتعالى يقول: {لكم دينكم ولي دين}. والدين في فهمنا يتناول أنشطة الحياة كلها، ومن هذه المنابع والتراكيب تنشأ مشاكلنا العاطفية، ونحتاج بالتالي إلى حلول لها.
- ومن المفهوم بناءً على وصفك لنفسك ولعلاقتك بمن حولك أن تميلي للعزلة والانفراد بنفسك، وهذا محمود شريطة ألا يزيد عن حده؛ فيصبح صفة ملازمة لك، والإنسان يظل محتاجًا إلى أن يخلو بنفسه أحيانًا، ولكن تواصله مع الناس يبقى مهمًا ومفروضًا على أصحاب الرسالات أو الأفكار خاصة، وفي الحديث: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم"، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
وكما ترين فإن الأذى متحقق على كل حال، ومجاهدة النفس على ذلك لازمة، ولا تعني مخالطة الناس أن يفقد الإنسان تميزه أو احترامه لنفسه بل يسعى بينهم مدافعًا عن الحق والخير والجمال، والعدل والإحسان، وكل القيم النبيلة التي يؤمن بها، وينبغي أن يعمل من أجلها.
أما سؤالك عن معايير كمال الشخصية؛ فهو من نوعية الأسئلة المفتوحة التي لا أستريح للإجابة عليها، وبيننا -نحن أطباء النفس- وبين فكرة المعايير والمقاييس فيما يتعلق بالمعنويات خصام وعداء؛ لأننا نعتقد أن المعيار والمقياس يفترض نوعًا من الثبات، والنفس تستعصي عليه، ومحاولاتنا للقياس والمعايرة مهمة وقاصرة حتى الآن، وربما أطلب من أختي وزميلتي الأستاذة منيرة عثمان، وهي من تخصص "علم النفس" أن تكتب لك أو للجميع مقالاً عن الشخصية وقياساتها في تخصصها.
وستعجبين إذا قلت لك: إنني لا أعتقد بوجود شيء اسمه الشخصية المثالية، ولكن كل إنسان يدرك جوانب تميزه وتفرده ويعمل على تطويرها وتنميتها، ويعلم جوانب نقصه ومساحات جهله وقصوره ويعمل على تلافيها. هذه هي معالم الشخصية المثالية في تصوري، وأنصحك بقراءة إجاباتنا السابقة ففيها الكثير مما يفيد بمشيئة الله، وأهلا بك دائمًا.
ـــــــــــــــــــ
معها بغربتها .. أفكار لعبور ليل الأحزان ... العنوان
علاقات أسرية, الأزواج و الأهل, بعيدا عن أرض الوطن ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم..
السلام عليكم إخوتي في الله جزاكم الله ألف خير وبارك الله فيكم..(45/52)
إخوتي مشكلتي هي مشكلة نفسية وهاجس البر بالوالدين يقلقني ويؤرقني وخاصة علاقتي مع والدي، وإليكم تفاصيل تلك القصة..
أنا من عائلة محافظة وسعيدة وهادئة تربيت على الدين والشرف والعلم والتحفيز على بلوغ الرفعة في الأخلاق والعلم والفضل كله يعود إلى والداي اللذين قضيا حياتهما من الصغر بالكفاح والعمل، وكانا يشجعاني أنا وإخوتي على هذه الأعمال، ولكننا لسنا من عائلة ملتزمة دينيا سواء من ناحية اللباس الشرعي برغم أننا محجبات أنا وأخواتي أو من ناحية الأغاني والاختلاط مع المحارم في الأعراس وغيرها.
كان يأمل والداي أن نأخذ أعلى الشهادات العلمية، ولكن شاء القدر أني دخلت إلى كلية العلوم قسم الفيزياء والفلك، مع أن رغبة والدي كانت في الطب ولكني بدأت أجهد نفسي لكي أحصل على مرضاته هو ووالدتي لأنه كان يضع اللوم علي ويعتقد أنه كان تقصيرا مني في عدم بلوغي إلى ما كان يريد.
الحمد لله تفوقت في اختصاصي حتى تخرجت وكنت من الأوائل وقدمت على العمل في الجامعة وعلى الماجستير للدراسة معا ونجحت وتفوقت ونجحت في الامتحانات، ولكن أيضا شاء القدر ولم أستطع الاستمرار لأني تزوجت برضى والداي، حيث أتاني زوج طبيب متدين وحالته المادية جيدة جدا ومقيم في دولة أوروبية للدراسة والعمل فاضطررت أن أسافر معه، مع العلم أن والدي كان يفكر في عدم قبوله بزوجي كونه يقيم في الخارج ومتدينا فاشترط علي وبموافقة زوجي أن أكمل الدراسة هنا في الغربة أو أن أعمل.
ولكن شاءت أيضا الأقدار أن أحمل وأرزق بطفلتين خلال سنتين وبسبب وجود الأطفال وعمل زوجي المتعب جدا جدا خاصة في الغرب، وبسبب صعوبة اللغة التي تحتاج أوقاتا وأوقاتا بالخروج والدراسة في الجامعات لتصبح قوية لم أستطع التوصل إلى ما طمحت له في البداية مما سبب لي الإحباط والاكتئاب خاصة أن الهدف الأساسي في طموحاتي في حصولي على الشهادات العالية والعمل هو إرضاء والدي ومساعدته ماديا لأنه محتاج وليس لديه عمل..
ولدي أخوات وأخ صغير تحت رعايته، خاصة أن بيتنا القديم مرهون للدولة منذ زمن النظام السابق وخاصة في هذه الظروف الصعبة والمحرجة التي يعيش بها العراق وأن أبي يعمل الآن في بيع عبوات البنزين أمام الشارع ليسترزق منها وهو قد تعب جدا جدا وخاصة أنه مصاب بمرض الضغط وعمره 56 سنة، ولكنه بسبب عمله من عمره الصغير وكفاحه يبدو تعبا جدا جدا، وكان يأمل من ابنته وأطفاله أن يجازوا والدهم بما فعل لهم منذ الصغر، وهذا طبيعي جدا وعندما رأى أبي ما مر بي، وأني لم أستطع أن أعمل أي شيء لا له ولا لنفسي حزن حزنا شديدا وغضب غضبا شديدا على زوجي وجعله السبب الأساسي بما مر بي وبدا كلما أتصل به لأساله عن حاله يرد علي ببرود الحمد لله يا ابنتي لا تفكري بي كونك سعيدة مع زوجك، كنت أعرف كل المعرفة أنه يقولها بعدم رضى.
وبعض الأحيان عندما يعود من العمل متعبا جدا يصادف اتصالي به فيقول ماذا فعلت لوالدك شكرا على هذا الجزاء، وخاصة أن والدي وأهلي وجميع الناس يعلمون أن زوجي حالته المادية ميسورة وجيدة جدا وخاصة أنه يعيل أهله، وكان والدي عندما يسمع أن زوجي يرسل كل شهر إلى أهله أموالا كثيرة وسيارات وزكاتنا جميعها يشعر بالإحباط الشديد، ويقول لي ماذا سيحصل إذا ساعد زوجك والدك.(45/53)
المشكلة أن والدي حساس جدا وعنده كرامة عالية جدا بحيث إنه يرضى على نفسه كتم جراحه، والعمل على أن يمد يده أو ينطق لسانه ليطلب حاجة من أحد ولكني لأني ابنته وقريبة منه أو بالأحرى جميعنا أنا وإخوتي قريبون منه ومن والدتي حيث كنا ومازلنا كعائلة مترابطة فيحاول أن يحسسني بأنه قد تعب ووصل إلى حد الإشباع من العمل والتعب ولكني لالالالا أعلم ماذا أعمل له فأنا مكتفة (مقيدة) بين زوجي وعائلتي وبين الغربة واستحالة العمل وبين مساعدة والدي، خاصة أني أخجل من أن أطلب من زوجي أن يلتفت إلى والدي ويمد يد المساعدة له على الأقل أن يجعلني أساعد في مصروف البيت ولو بالقليل.
ولكن زوجي منذ أن أتى للعراق وخطبني يعتقد أن والدي ووالدتي يطمعان فيه وفي ماله، وبات قلبه قاسيا جدا عليهما، والسبب في ذلك أن والداي أغدقا عليه بالطلبات لابنتهم لأنهما كانا خائفين على ابنتهما من شخص جاء من الغرب ولا يعرفانه، وكذلك لأنه أتتنا إشاعة عنه أنه قد قتل شخصا وبسبب ذلك هرب إلى الخارج من نظام صدام والدولة، ولكن زوجي في ذلك الوقت أصر على عدم تلبية أي طلبات لهم وأرغمهم على قبول شروطه، ولأن صفات زوجي كشخص ملتزم ومتدين وصاحب شهادة عالية لم يستطع والداي رفضه فتم الزواج وهناك نغصة عند والداي تجاهه، وكذلك عدم ثقة منه، واستمر هذا الحال إلى الآن خاصة أن والدي يعتقد اعتقادا كاملا أن زوجي مقصر معي منذ البداية إلى الآن ويظن أنه السبب في ما أنا عليه.
وعدم رغبة زوجي في مساعدة والداي تكمن هنا لأنه أخذ فكرة عنهما أنهما قبلا به بسبب ماله ووالدي يعتقد أن قلب زوجي قاس على أهلي وهو الصحيح ومقصر معي وهو غير صحيح فهو ملتزم معي، وأنا "عايشة في وسطهما" أريد إرضاء هذا وذاك خاصة أني أحب والدي بشدة وأتمزق لأني أراه يعمل هذا العمل الحقير، وأنا هنا أتنعم بالخير ووالدي وزوجي لا يعمل أحدهما على أن يجذب قلب الآخر إليه، فأنقذوني ما هو العمل في حالتي.
وأعود وأقول لكم إني أخجل أن أطلب من زوجي هذا الطلب فأنا أحس بالكرامة ولا أريده أن يظن أننا محتاجون له، مع العلم أن لدي أخا كبيرا ولكنه طالب ويدرس وهو يكافح لكي يساعد والدي، ولكن طريقه طويل جدا لكي يكمل مشواره.
والله إني لم ولن أقصر في الدعاء لوالدي في كل يوم والبكاء والطلب من الله أن يرضى عني ويرضي والداي عني ويرضى زوجي عني خاصة أن والدي يحبني حبا شديدا ويحترم زوجي عندما يتصل به هاتفيا، ولكن اللي في القلب في القلب وكلها شكليات فقط.
ولقد دخلت على مواقع كثيرة لأبحث عن حل ومنها موقعكم، ولكن نفس الجواب لا حل فقط ادعي لوالدك ولكني مللت من الحزن؛ لأنه ليس في يدي فهو والدي وأحس بفضله على يوما بعد يوم وخاصة عندما أصبحت أم لبيت وأطفال ورأيت صعوبة الحياة وبدأت أحس بالعزلة عن زوجي وأهلي فزوجي لا يعينني لا معنويا ولا ماديا وأهلي لا أستطيع أن أشكو لهم ما في داخلي فهم يعيش وظروف تعسة ومرهقين نفسيا، وخاصة بما يمر به العراق من ظروف دموية يوميا، ومع كون عمل والدي مهددا من قبل الاستغلاليين والفاسدين فعائلتي تحتاج إلى من يبعد عنهم ما يمر بهم ويواسيهم فالتجأت إلى الله ودعوته بشدة خاصة في العشر الأواخر من رمضان فأحسست أن الله يوجهني إليكم فبدأت أكتب لكم لا إراديا فعسى أن تكون وجهتي هي الصواب وبارك الله فيكم ألف خير.
أختكم في الله..
... المشكلة(45/54)
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أختي الكريمة.. قلوبنا جميعاً معكم يا أهل دجلة والفرات تنزف مع العراق، ولا تعرف الغمض حتى تقر عيون بلاد الرافدين، وأدعو الله أن يكون الفرج قريبا.
لا أزعم أن عندي حل سحري لأوضاعك، ولكن دعينا نحاول ونقلِّب النظر في الأمور:
إذا كان زوجك قريباً منك في العمر فإن هذا هو التفسير الأقرب إلى أنه لا يلتفت إلى تضاريس الصورة أو الحالة التي تعيشونها.
عندما رسم الله سبحانه وتعالى لنا تصوراً للأسرة المسلمة فإنه كان يضع أسساً تصلح لتسيير هذا النظام في أي ثقافة بشرط فهم فلسفة هذا الكيان، وفلسفة النظام الرباني لتسييره.
فالمرأة في هذا التصور ينبغي أن تكون مكفولة بالكاهل، ومغطاة ماديًّا بحيث تتفرَّغ دون قلق ولا ضغوط لرعاية شئون الأولاد والزوج، وتوجيه طاقتها إلى هذا المجال يعني أنها لن تكون غالباً بقادرة على العمل أو ممارسة أي نشاط منتظم خارج البيت يدر دخلاً، أو يحتاج إلى وقت يتعارض مع شئون رعاية بيتها وأسرتها، وهو ما يحدث أكثر في بداية الزواج والإنجاب.
إذن يؤمِّن الإسلام للمرأة الجانب المادي الناتج عن حجبها أو حجب طاقتها عن المشاركة في سوق العمل، والقاعدة في الإنفاق هي: لينفق كل ذي سعة من سعته.
أي أنه على زوجك أن ينفق عليك على قدر سعته، ويعوضك عن عدم العمل على قدر سعته، وأرى أنه لو كان موسراً بقدر كبير فإنه يلزمه أن يساعد أهلك، الأمر الذي يقوم بديلاً عن جهدك أنت، لو كنت تعملين، ولكن لا أحسب أنك تستطيعين إلزامه بهذا، وربما لا يستطيع أحد ذلك أيضا، ولكن إن وُجد من يتحدث إليه في هذه الناصية يكون ممتازاً أن يجري مثل هذا الحديث، لعله ينتبه من غفلته ويقوم بواجبه.
أذكرك أنني أقترح عليك، وأنت أدرى بما يناسب ظروفك، وأطرح مسألة أخرى ربما تناسبك أكثر، وفيها يمكنك أن تقتطعي جزءاً من مصروفك الشخصي الذي يعطيه لك زوجك، إذا كان هذا هو أسلوب إنفاقكم في البيت!!
بمعنى إذا كان زوجك يعطيك مبلغاً شهريًّا لنفقاتك الشخصية يمكنك تدبير أمورك من ملبس وخلافه بحدود ضيقة، وتوفير ما تستطيعين، وإرساله لأهلك.
واقتراح آخر هو أن تقومي بممارسة عمل يدر دخلاً، وأنت في البيت، وهذا يعتمد على خلفيتك العلمية، وظروفك وعلاقاتك في المحيط المجاور!! وانغلاقك وعزلتك لا يفيدان هنا، لأنه ربما تجدين من جارات مسلمات من تريد أن تتعلم القرآن مثلاً، أو هي تعمل وتريد الاعتماد عليك في طبخ بعض الوجبات مقابل بعض المال، وغير هذا كثير، وهذا يتوقف على ما تجيدين من مهارات، كما أنبهك إلى شيء رائع تستطيعين اكتشافه بنفسك، والاستفادة منه، ألا وهو شبكات وجهود دعم النساء لبعضهن، فقد أودع الله في قلوب هذه الكائنات وعياً وقدرة على التضامن في مواجهة خطوب الحياة، وهذه القدرة، وهذا الوعي ستجدينه متجاوزاً لحواجز الاختلاف في الدين والثقافة، فاستكشفي هذا واستفيدي منه.(45/55)
فالمرأة تدعم المرأة بأشكال ومستويات بلا حدود، فقط تحتاجين إلى أن تكوني معروفة بظروفك للدائرة المحيطة بك من النساء، وربما تجدين من الأجنبيات دعماً وتفهماً أكبر وأكثر من العربيات، وفي كل خير وأذكرك أيضا أن الإنترنت الذي أرسلت لنا عبره يحمل مقررات دراسية، وتكوين أكاديمي ودراسي يمكنك الاستفادة منه، وتطوير مهاراتك ومعارفك، وأنت في بيتك وتراعين أطفالك، وعالم "التعليم الإلكتروني" يساعد زوجك في تمويل حصولك على شهادة أو تطويرك لغتك... إلخ، ولا أحسبه يمانع في هذا.
وبشكل عام يمكنك السؤال حولك عن كل ما هو متاح لزيادة معارفك، ولاكتساب المال دون خروج كثير من منزلك، والغرب متطوُّر أكثر في إبداع صيِّغ تناسب كل الظروف، فابحثي جيداً.
وأخيراً أذكرك أن الوقت يمر، وبعد عدة أشهر وبالكثير عامين مثلاً سيكون في إمكانك الخروج أكثر للدراسة أو العمل، وأرجو ألا تتعجلي في إنجاب المزيد من الأطفال كما تعجلت في إنجاب طفلتين برغم أن ظروفك كانت تسمح لك بغير ذلك، ولكن لعل البنات يا أم البنات مجلبة للرزق، أسأل الله العظيم واسع الرزق أن يرزقك وإياي من أبوابه وخزائنه، وأدعوه أن يكون الغد أفضل لك وللوالدين الكرام ولعائلتك كلها، ولكافة أهل العراق الحبيب الذي أتمنى أن نفرح به قريباً درة وسط العرب كما كان دائماً، وأن تطيب كل الجراح، ونعبر جميعاً ليل الأحزان الطويل الثقيل.
ـــــــــــــــــــ
متاعب الغيرة والغربة: حكايات الأقارب والعقارب ... العنوان
شبابي - اجتماعي ... الموضوع
سلام عليك ... أريد أن أعرض مشكلتي، وهي ليست مع أسرتي، وإنما مع الأقارب، فصدق من قال: "الأقارب عقارب"، نحن نعيش في الكويت، وهم مقيمون في الأردن، وأنا طالب جامعي، وأدرس في الأردن، وأسكن حاليا عند دار خالتي، وللعلم أنا من الطلاب الذين يدرسون في معظم الوقت، الكثير من الأقارب من طرف الوالد يقومون بالفساد على إقامتي عند دار خالتي، ويحاولون خلق المشاكل ومنها عدم زيارتي المستمرة لهم، وغيرها الكثير والكثير، كل معاملاتهم غيرة في غيرة، وهم يقولون لي، وهؤلاء قالوا عني، فقررت مقاطعتهم، لكن المشكلة تتمثل في والدي فهو كثير الحساسية لهذا الموضوع، ويحسب للشيء ألف حساب، ماذا أفعل؟ ,,,, أرجوكم أن تخبروني ... وشكرا ... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... المرسِل الفاضل: أخطأ من قال: "الأقارب عقارب"، فالقرابة تراحم وحب ومودة وسند وقوة ... هذا هو الأصل فيها، ولكن قد يبتلي الله البعض بأقارب سيئي الخلق والطباع. وإن كان أقاربك من هذه الفئة، فقرارك بقطع الرحم خالفه الصواب؛ لأن فيه عقوق لوالدك. وبقطع رحمك ستفقد الخير كله، فعن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال: "من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه" متفق عليه ـ يُنسأ له في أثره: أي يؤخر له أجله وعمره.(45/56)
فيا أخي، أُمرنا بصلة الرحم حتى مع قاطع الرحم، فعن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: "ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها" رواه البخاري.
كما ذُكر أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأُحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليّ. فقال: " لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك" رواه ملسم.
تفسهم المل: أي كأنما تطعمهم الرماد الحار، تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم.
ففي جميع الحالات، لا سبيل إلا أن تصلهم وتتحمل أذاهم؛ إرضاء لوالدك. فابذل ما في وسعك لزيارتهم بانتظام، ولكن لا تخوض معهم في جدل، وقيل وقال.. بل تغافل عنه وتجاهله.
ولا بأس من تقديم الهدايا لهم والثناء عليهم، فالهدية تطفئ نار الغيرة ـ إن وجدت أصلا.
اعلم أن ما أطلبه منك ليس سهلاً على نفسك، ولكن صلة الرحم تستحق منا هذا العناء، وتذكر حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم عن الرحم: "من وصلني، وصله الله، ومن قطعني، قطعه الله" متفق عليه.
أعانك الله، وقدر لك الخير.
أجاب عنها الأستاذة سمر عبدة الإخصائية الإجتماعية فى فريق الحلول
ـــــــــــــــــــ
سؤال من بلاد الغربة: الزواج مع الدراسة! ... العنوان
بعيدا عن أرض الوطن, اختيار شريك الحياة ... الموضوع
بسم الله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين وعلى أتباعهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بارك الله فيكم وفي أعمالكم النيرة، وأرجو من الله العلي القدير أن يوفقكم إلى ما يحب ويرضى، لا يسعني إلا أن أشكر الله تعالى، ثم أشكر من قام على تأسيس هذا الموقع وجميع القائمين عليه، في الحقيقة أنا لا أدري من أين أبدأ وماذا أقول.. أنا دائماً للأسف مشتت الأفكار، ولا أجيد حسن التعبير كغيري من إخواني، ولكني سأحاول الاجتهاد إن شاء الله.
مشكلتي أني أريد إكمال الشطر الثاني من ديني، وأنا لا أعتبرها مشكلة إطلاقاً. أنهيت دراستي الثانوية منذ عدة سنين في دولة عربية مسلمة، وبعدها اضطررت للسفر للخارج لبلاد الغربة لمشوار الدراسة الجامعية، حيث نشأت منذ صغري في بيئة محافظة ومن عائلة ملتزمة بتعاليم الدين والحمد لله دائماً وأبداً.
وهنا بدأت مشواري العلمي في الجامعة، وبعد عدة سنين تعبتْ نفسي، وضاقت وأرجو أن أجد حلاًّ لهذا، فالبيئة هنا والله توجب على الشاب المسلم التعجيل السريع بالزواج، كل هذه الدول والله عبارة عن فتن مركبة فوق بعضها البعض حتى وإن كانت تتميز في بعض دولنا العربية من ناحية حرية التعبير عن الرأي ووجهة النظر.
أنا ما زلت في الجامعة، ولكن مستواي التعليمي في إنخفاض ملحوظ، وأنا متأكد من أن مشكلتي هي الزواج، فأنا للأسف كثير التفكير وبالذات إذا رأيت منظراً في الشارع أو حتى أي امرأة يبدأ الشيطان باللعب في عقلي، ثم أتعوذ وأتذكر دائماً أن ما عند الله خير والصبر الصبر يا عبد الله.(45/57)
ولكن للصبر حدود، وأنا أعرف حدودي، ووالله لا أريد الوقوع في المحظور؛ ولهذا السبب أريد الزواج، وحبذا لو كان في أقرب وقت.
المشكلة تكمن في والديّ حفظهما الله وأحسن إليهما حيث إنهما غير معارضين للزواج ولكنهما من أشد المعارضين لذلك في أثناء دراستي، فهم يسألونني كيف لك أن تتزوج وأنت تدرس؟
إذن لن تستطيع إكمال دراستك إذا تزوجت؟ وكيف ستعول زوجتك إذ إنك ما زلت طالباً وليس لك مصدر دخل ثابت، والمهر والبيت و... و... (ملحوظة: والداي هما من ينفق عليَّ) ويا بني أنت بدون شهادة لن تستطيع الحركة خطوة واحدة للأمام.
وأنا لا زلت أحتاج لبعض السنوات لإكمال دراستي. أنا هنا أفهم ما يقصده والداي تماماً، وأعلم أنهما يحرصان على مستقبلي، ولكني مصمم على الزواج، وأشعر بأن عزيمتي وإيماني بدآ بالفتور كلما طال مكوثي في هذه البلاد بلا شريكة حياة، فاللهم ثبتنا اللهم الثبات.
أنا متيقن وأعلم أن الله لا يضيع عبداً أراد أن يحصن نفسه من المعصية، ومتأكد أن هناك من يهب بناته من هم على خلق (لست أمدح نفسي ولا أزكيها، ولكني أعلم قدر نفسي) وبدون مهور عالية، فهم يبحثون عمن يتقي الله ويخافه. فما هي نصيحتكم لي؟ أنا لا أعلم كيف سأقنع أهلي بهذه الخطوة؟
أنا من طبعي الحياء ولا أحب الشكوى إلا لله ولا أحب الجدال ولا الخصام ولا أريد إغضاب أهلي، ولكني أيضا بشر، وقد أقع فيما يغضب المولى عز وجل والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء؟ وما أريده هو الأخذ بالأسباب.
بعض أصدقائي تزوجوا في هذه البلاد وهم لا يملكون قوت يومهم وقد أكرمهم الله وأغناهم بإيمانهم من أجل أنهم أرادوا لنفوسهم العفة.
أنا حالي وحال أهلي والحمد لله جيد، ولا أريد منهم مالاً ولا مصروفا فإن فرص العمل هنا بفضل من الله ميسرة بجانب الدراسة، وإن كان فيها بعض المشقة، ولكني أفضلها على وضعي الحالي، ولكن أهلي لا يقتنعون إلا بالشهادة فوالله أنا في حيرة من أمري.
أرجو من الله أن يوفقني وإياكم إلى ما يحب ويرضى، وأرجو منكم أن تسامحوني على الإطالة وسوء سرد المشكلة، وركاكة التعبير، وأسأل الله العلي القدير أن يجعل عملكم هذا كله خالصًا لوجهه، وأن يجزيكم عنا وعن الجميع ألف خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ... المشكلة
د.علاء التهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، مرحبا بك أخي الكريم وشكرا على ثقتك وثنائك.. لكي تحقق أهدافك يا أخي لا بد أن تحددها وتشعر بأهميتها ومن خلال رسالتك يمكن ملاحظة ثلاثة أهداف:
1. طلب الزواج.
2. عدم إغضاب الوالدين.
3. طلب العلم.(45/58)
ويبدو لي أن الهدفين الأول والثاني واضحان في ذهنك وتشعر بأهميتهما، ولكن الهدف الثالث ربما يحتاج إلى المزيد من الإيضاح فأنت لم تذكر نوعية دراستك وما المستوى الذي وصلت إليه، وما مدى نجاحك وتقدمك فالمفترض أنك صاحب مهمة وصاحب رسالة جئت لطلب العلم النافع لنفسك ولأمتك وليس فقط، أنها للحصول على شهادة والسلام فما كان أغناك عن مكابدة الغربة ومصارعة الفتن.
أما عن الزواج فبالإضافة إلى كونه وسيلة للإعفاف فهو كذلك بناء مؤسسة عليها تبعات ومسئوليات تجاه أفرادها ومجتمعها وأمتها؛ ولذلك فالرجل الذي يطلب لابنته من يتقي الله يدرك أن تقوى الله لا تعني فقط أداء النسك وبعض الأخلاق الحميدة، ولكنها تشمل أيضا حسن الرعاية، وأداء المسئوليات؛ ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول" فإذا اتفقنا على ما سبق فأمامك فيما أعلم حلان:
الحل الأول:
- الجمع بين الدراسة والعمل والزواج:
وهذا يتطلب منك أن تكون متفوقا أصلا في دراستك، وأن تكون من أهل العزم؛ لأنك ستبذل جهدا كبيرا، وستنظم وقتك إلى درجة الاستفادة بكل دقيقة منه، ويتطلب أن تكون أهلا لثقة أهلك وأهل زوجتك فيك بعد إقناعهم بالموافقة على الزواج، وتأكد أنك إذا كنت تمتلك فعلا تلك المؤهلات (التفوق الدراسي – العزم – تحمل المسئولية – القدرة على بذل الجهد – حسن تنظيم الوقت – حسن الرعاية لبيتك وزوجتك – وقبل ذلك وبعده تقوى الله وحسن الخلق) فستقنعهم، واعلم أن هذا هو الحل الأصعب.
الحل الثاني:
- الصبر:
ومسألة أن للصبر حدودا هي من كلام بعض الشعراء، والحقيقة أن العلم بالتعلم، والصبر بالتصبر.
وقد قال تعالى: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله"، وللصبر معينات من الصحبة الصالحة والدعاء وشغل أوقات الفراغ، والبعد قدر الإمكان عن مواطن الإثارة والتركيز في الدراسة لإنهائها في أسرع وقت.
ويمكنك الجمع بين الحلين: بأن تستعين بالصبر وفى نفس الوقت تسعى لتحقيق الحل الأول، أدعو الله تعالى لك بالثبات والتوفيق.
ـــــــــــــــــــ
قلق الغربة: مسافة بين أغراضه وأغراضي "متابعة" ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله عني وعن الشباب المسلم كل خير. كتبت لكم قبل أكثر من عامين عن مشكلتي وكان عنوانها (
قلق الغربة: عجز الخطاب أم قيد الحجاب؟
-
) وأعتذر لكم عن عدم عودتي للكتابة لكم وشكركم على جوابكم الذي أثلج صدري وأذهب الهم عني وأنا والحمد له ما زلت محجبة وأعمل في مدرسة ابتدائية عامة، وأنا والحمد لله سعيدة بعملي ويحترمني الجميع في عملي، وأسعد كثيرا عندما يسألني الأطفال عن حجابي ولله الحمد والمنة.(45/59)
مشكلتي التي أريد أن أفضفض صدري عنها وأستشيركم فيها هي ليست بجديدة، ولكنها بدأت مع بداية حياتي الزوجية، ولكن لم أكن أشعر بحرقتها كما هو الحال الآن بعد أن مرت ثلاث سنوات على زواجنا لأنني كنت أظن أنها ستحل مع الأيام ولكنها تفاقمت ولم تحل. فمنذ أن وصلت إلى منزل زوجي بعد عشرة أيام من زواجنا قضيناهم في بلدنا منذ وصولي شعرت بأني دخيلة على حياته ليس بالمعنى العاطفي ولكن بالمعنى الجسدي والمكاني؛ إذ إني اكتشفت أنه يريد غطاء خاصا له في السرير ورغم أنكم ربما تهزءون مني الآن إلا أن هذا والله ضايقني كثيرا لأني أشعر أنني بت أنام وحدي, أيضا اضطررت أن أبقي أغراضي في شنط السفر لفترة؛ لأنه لم يوافق أن أغير ترتيب خزانته لأضع أغراضي مع أغراضه بحجة أنه متعود على ترتيب خزانته بصورة معينة، وأنه سيشتري لي واحدة جديدة، هناك الكثير من دقائق الحياة اليومية التي يطول ذكرها الآن جعلتني أشعر بأنني اقتحمت حياته رغم أنني لا أنكر حبه لي وكرمه الشديد معي إذ إنه لا يمنعني من شراء أي شيء شخصي أرغب فيه مهما كان تمنه، ولكن لا أستطيع شراء أي شيء للمنزل إلا إذا وافق عليه، وإن اشتريت شيئا لا يعجبه فإنه يظل يخبرني كم يكره منظره مهما أثنى عليه الناس, والله بعد أكثر من ثلاث سنوات زواج مازلت أشعر أني أعيش في بيته لا في بيتنا رغم أننا انتقلنا إلى مدينة ومنزل جديدين، أما الآن فإنه ومنذ ثمانية أشهر ينام كل منا في غرفة منفصلة بحجة أن سريرنا ليس كبيرا كفاية، وأنه يعاني من أوجاع بالظهر, في البداية كنت أبكي بشدة لأني في سريري وحدي وكنت أحاول كل ليلة أن ننام معا ولكن كان يعتذر ويقبلني ويتركني لينام في غرفة لوحده، واليوم بصراحة تعودت على الوضع كثيرا، ولم أعد أبالي بالموضوع وأشعر أني مازلت أحبه، ولكن بصراحة مشاعري بردت تجاهه، ولم نعد نقوم بالمعاشرة الزوجية إلا ثلاث أو أربع مرات شهريا، وخلال مدة فترة الإباضة فقط أي بنية الإنجاب
وإن كنا ندعي أن المشاغل وعمله الطويل في المشفى هو الذي يمنعه من معاشرتي، وكالمشكلة التي سبقت كنت أتحرق من الموضوع
أما اليوم فلم أعد أهتم إلا بموضوع الإنجاب وإن كنت أحيانا أتحرق للنوم معه ومارسة ما يمارسه الأزواج إلا أنه يعتذر بأنه مشغول أو تعبان أو أنه يجب أن يستيقظ مبكرا, وقد أفلح أحيانا في استثارته إن كان لديه وقت لي، فالموضوع ليس من أولوياته إلا عندما تعصف به الحاجة الجنسية، وقد رأيته مرارا يتابع الصفحات الجنسية الخليعة على الإنترنت، أنا لا أبالي هذا ما أشعر به الآن وأنا أكتب لكم، ولقد تحدثت معه عن كل تلك المواضيع مرارا وتكرارا، وأني وصلت إلى حالة اللامبالاة التي أعلم أنها خطأ، ولكن ليس بمقدوري أن أحرق نفسي بمشاكل يعتبرها هو مشاكل سخيفة رغم كل الدموع التي أذرفها بسببها, الحمد لله على كل حال.
أما مشكلتي التي لا أستطيع أن أغض الطرف عنها أو أن أتناساها فهي أنني لم أنجب بعد، رغم أنها مشكلة تؤرقني، إلا أنه ما يحرقني هو عدم اهتمام زوجي بها واعتبارها مشكلة سوف تحل لوحدها، وأني سخيفة لأني مشغولة بها، مدعيا أني أريد طفلا ككل النساء خوفا من أن يتركها زوجها إن لم تنجب، ويقول لي من كل قلبه إنه يحبني، ولن يستغنى عني وإن لم أنجب ولكن مهما أقسمت له أني لا أفكر بالإنجاب لهذا السبب وأني محتاجة لطفل أشعر بالأمان والسعادة وأن أضمه إلى صدري فإنه لن يصدقني رغم أن عمري 27 عاما وعمره اثنان وأربعون عاما ولم نعد صغارا .(45/60)
فمنذ أول يوم للزواج بدأت بأخذ حبوب منع الحمل لأنني كنت قد أخذت لقاحات قبل السفر، وقال لي الطبيب: إنها سوف تؤثر على الجنين إن حدث حمل بعد 3 أشهر من أخذها، إلا أن زوجي وهو طبيب طلب مني أن أستمر بأخذها لمدة 9 أشهر بعد الزواج، وكنت كلما طلبت منه أن أتوقف عنها كان يقول افعلي ما شئت، ولكن إن حدث حمل فلن أكون مسؤولا عن شيء وعلي أن أعتني بنفسي وبالجنين لوحدي, ورغم أنني كنت أعلم أن هذا مجرد كلام وليس حقيقة فإنني كنت أسكت وأستمر بالحبوب إلى أن اقتنع يوما وبعد تسعة أشهر بالتوقف عن الحبوب وبعد فترة حدث لي نزيف، أخبرني زوجي باعتباره طبيبا بأنه إجهاض وبعد فترة عملت بعض الفحوصات البسيطة لإثبات عدم وجود التهابات مهبلية وبأن الأقنية مفتوحة، والمهم كانت الفحوصات سليمة وقام هو بعمل فحص لتعداد الحيوانات المنوية وأخبرني هو أن النتائج ممتازة.
مضى على هذا الموضوع عامان وكل يوم أحترق وأتألم وأترجاه أن نذهب إلى طبيب إخصائي ولكن لا جدوى، وهو مصر أنه لن يدخل عيادة الطبيب قبل نهاية هذا العام، وإن كان قد وعدني من قبل بموعد نبدأ فيه الفحوصات وأخلف وعده, وإن أردت الذهاب فعلي أن أفعل كل شيء لوحدي ولا علاقة له بالموضوع وأنا أعيش في بلد الغربة وحيدة لا أستطيع أن أشكو همي لأهلي ولا لأهله ولا للأصدقاء فلقد أقنعت الجميع أننا قمنا بجميع الفحوصات والتحاليل وكل شيء سليم والأمر بيد الله وأنا متوكلة على الله، ولكن أومن بأنه علينا بذل الجهد وعدم التواكل على فكرة إعطائي أدوية كلوميد وإبر هرمونات، وإن كنت لا أعلم إن كان هذا صحيحا أم لا، وهو يعلم أنني أثق به ولكنني أريد منه أن يهتم بي وأن يشعر بألمي وإن كان هو لا يتألم. واعذروني على الإطالة، ولكن عذري أنني أقول لكم ما أتمنى قوله لأمي، ولكن لا أستطيع كي لا تتألم لأجلي.
وأخيرا أعتذر من زوجي وحبيبي لأني أفضيت عن بعض أسرار حياتي، ولكن والله طمعا بالنصيحة فالمؤمنون قوم يتناصحون, جزاكم الله عني كل خير والسلام عليكم ورحمة الله.
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول د. أحمد عبد الله:
أختي الكريمة، أخشى أن يتسرب إليك تفكير بأننا أهملنا رسالتك، ويعلم الله أنني ما رأيت زميلتي وأختي أ. سمر عبده إلا وسألتها ماذا فعلت برسالة أختنا المغتربة؟! ولا أحسب أن ظروف "سمر" الخاصة كانت هي السبب الوحيد في تأخر إجابتها عليك، ولكن غالبًا ما تصيبنا حالة من البطء في مواجهة مشكلات بعينها؛ لأننا نخشى أن نتسرع بالإجابة عليها فلا تكون الإجابة أكثر من مجرد كلام!
ليس هذا بالطبع تبريرًا للتأخير الذي نعتذر عنه، بل إنه من أشكال اعتذارنا، ولأن مشكلتك هامة جدًا، فإنك ستجدين هنا ثلاث إجابات لعلها تتكامل في إضاءة جوانبها أمامك، وثقتك فينا تغرينا بالمصارحة والمكاشفة التامة، ودعيني أكن الأكثر وضوحًا، ولو كان في ذلك بعض القسوة، لكنها قسوة الأخ المحب لك.. إذا قبلت أن أكون كذلك!(45/61)
1- أنت يا أختي الكريمة مثال للفتاة العربية العادية التي هي خليط من عاطفة جياشة، وقلب بريء نقي، ورغبة صادقة في الحياة الأسرية الدافئة الناجحة، والتزام بالدين يعصم من الانحراف، ولكن هذا كله لم يعد كافيًا في عالم اليوم، وهو ليس كافيًا بوضوح أكبر في حالتك أنت الخاصة.
المرة السابقة مثلاً ظننت أنت أن المشكلة في الحجاب، وأن السؤال هو في خلعه أم الإبقاء عليه، وما كانت إجابتنا عليك -بالنسبة لإدراكك- إلا تأكيدًا وشرحًا أعانك على الإجابة في هذه الجزئية، ولكنك غفلت منذ البداية وحتى الآن عن الجذور الحقيقية للمتاعب التي تعانين منها، وأخشى أن تأخذي إجابتنا الحالية على أنها مجرد وصفة تعينك على ما تظنينه مشكلتك هذه المرة، ألا وهي الإنجاب، وما ترينه من فتور زوجك تجاهك.
2- الجذر الأهم وراء متاعبك هو هذه المسافة أو لنقل الفجوة بينك وبين زوجك، فجوة ثقافية وعمرية ونفسية بحيث تعيشين أنت في واد وهو في واد، وأرجو ألا تفهمي من كلامي أن أحدكما أفضل من الآخر، أو أن هناك ظالما ومظلوما، ولكن لديكما عيوب قاتلة، ولكن مختلفة، وأكثرها خطورة: عدم القدرة على فهم متطلبات وأغراض ونفسية الطرف الآخر في العلاقة، وهذا يبدو شائعًا في حياتنا، والطرف الأكثر حساسية هو الذي يدفع الثمن، رغم أن كليكما مخطئ.
3- المسألة إذن ليست خزانة ملابس، أو جنس بارد متباعد، ولكن في هذا الجدار الأصم العازل بينك وبين زوجك:
هو طبيب جراح إلى الذهنية والتركيبة الغربية أقرب فهو بارد الأعصاب، لا يكترث كثيرًا بالمشاعر، كل شيء عنده بنظام صارم لا مكان فيه للفوضى، والحب الحقيقي يتضمن نوعًا من الخروج على النظام الصارم، ويقبل بمساحات الطوارئ المؤقتة، وأحيانًا الممتدة من الفوضى.. الحب حالة غير معتادة يخرج فيه الإنسان عن إيقاع حياته الرتيب، وخططه المسبقة، وزوجك -كما تصفين، فأنا لا أعرفه- يبدو متسقًا مع تركيبته وتكوينه وعمره وطبقته الاجتماعية. والمثير للدهشة أن أمثاله حين يخرجون عن هذا النظام الصارم يمكن أن يتورطوا في كوارث من قبيل إتاحة علاقات غريبة جدًا مع أشخاص من نفس الجنس، أو نساء من نوعية أدنى بكثير، وكأن عدم القبول ببعض الخروج عن "النظام" يؤدي بعد حين إلى العصف بالنموذج كله من الأساس.. وهذه حالة تحتاج إلى تفصيل لا يتسع له المقام هنا.
وأرجو أيضًا ألا تفهمي من كلامي أنني أتهم زوجك بشيء من ذلك، فليس لدي أدنى دليل أو شبهة ضده، ومرة أخرى أنا لا أعرفه، وليس هناك غير كلماتك عنه، ولكنني أكشف أمامك بعض أبعاد الواقع لتعرفيه بصورة أوضح.
4- أنت أيضًا لم تتغيري كثيرًا باتجاه إيجابي، والإيجابية هنا معناها تطوير قدراتك وخبراتك، فما زلت أقرب ما تكونين إلى الحالة التي جئت بها من بلدك، وهي مثل ملايين النساء العربيات الفضليات من الزوجات اللائي يحاولن التغيير في أنفسهن أو أزواجهن بأساليب بدائية ثم سرعان ما يدب اليأس والاستسلام لردود الأفعال فيصبح المشهد أقرب ما يكون إلي: أنت يا زوجي لا تكترث، وأنا سأكتم ألمي بناء على ذلك، أنت يا زوجي لا تفهمني، ولا أريد أن أستمر بالشكوى فتتضايق، ولا أحصل على نتيجة، ويعلو الجدار أكثر وأكثر، وقد تذهب الزوجة تبحث عن بديل!(45/62)
وأقول في عجالة: إذا لم يستقر في نفس كل فتاة أو امرأة عربية أنها فاعل أساسي مؤهل فطريًا، وقادر بالتدريب على أن يكون الطرف المشارك، وأحيانًا الطرف الأهم في تحريك العلاقة العاطفية، وإصلاح الممارسة الجنسية، وإدارة شئون الأسرة التفصيلية.. إذا لم يستقر هذا في ضمير كل فتاة، وتدعمه برامج التعليم والتربية -بعد أن تتغير طبعًا؛ لأن البرامج الحالية متخلفة وقاصرة تعين على تنشئة الفتاة/ العبء- وإذا لم ننتبه جميعًا إلى أن مستقبلنا الأفضل -إن كان لنا مستقبل- مرتبط مصيريًا بتربية وتكوين مختلف للأجيال الجديدة، وإصلاح الأجيال الحالية، وبخاصة أحوال النساء.. إذا بقينا على هذا الانحطاط في شئون المرأة تارة باسم الدين، وتارة باسم التقاليد، وتارة ثالثة كرد فعل على ما في العالم من تحديات ومفاسد ... إذا بقينا نعتقد أن حجب الفتاة عن المشاركة، والنزول للاحتكاك بشئون الحياة جميعًا كما أمر الشرع، وفي سبيله، وتعبيرًا عن الالتزام به ... إذا بقينا هكذا فلا مستقبل لنا.
إذا بقيت ملايين النساء عندنا بكل هذه الهشاشة، وقلة الحيلة، وغياب المبادرة فلا مستقبل لنا.
5- أعود لأقول لك: إن تغييرًا جذريًا ينبغي أن يبدأ فورًا في منطق تفكيرك، وخطة حياتك، وليس متصورًا أن يحدث في يوم وليلة بالطبع، فقط دعينا ندر بدايته:
* أين أنت من العالم حولك، وهل العمل في مدرسة ابتدائية وفرحك بالإجابة على الأسئلة عن الحجاب هو كل نشاطك الممكن؟!
لا أظن زوجك يمنعك -بحكم تركيبته- من أي نشاط تريدينه فماذا فعلت أنت لتنشطي؟!
ماذا فعلت لتفهمي المجتمع الذي تعيشين فيه، وهو الذي يصبغ حياة وثقافة زوجك؟!
ماذا فعلت لتصنعي من نفسك تلك الإنسانة الجديرة بحمل هذا الدين في واقع يتضمن فرصًا كبيرة للإسلام، وتحديات شديدة في مواجهته؟!
* ويا أختي، يا من تريدين إنجاب طفل مثل فطرة أية امرأة
طبيعية، هل تدركين تحديات تربية أطفال في بيئة مثل التي تعيشين فيها، ومع زوج مثل زوجك؟! والتحديات هنا معنوية وثقافية تأتي من الفجوة بينك وبين هذه الثقافة؟ وإذا كنت تدركين ذلك فماذا أعددت له؟!
* وإذا أدركت أن بعض الرجال الناجحين إنما يتزوجون من أجل استكمال الشكل والوجاهة الاجتماعية، وقد يكون زوجك منهم، وبالتالي يبدو الإنجاب بالنسبة لهم أمرًا ثانويًا أو غير مرغوب فيه، وربما يقبلون به على مضض، من أجل اعتبارات اجتماعية، أو نزولاً على رغبة الزوجة، فماذا فعلت لتكوني أكثر من مجرد استكمال شكل؟!
ماذا فعلت لتلعبي في حياة زوجك، وفي الحياة كلها أكبر من مجرد دور الزوجة الطيبة العاطفية الصالحة؟! وماذا أنت أكثر من ذلك؟!
* المرأة العربية لا بد أن تتغير ليس بهدف إرضاء الزوج، ولفت نظره، وكسب قلبه، والحصول على حبه واهتمامه، وإن كانت هذه كلها أهدافا مشروعة، ولكن المرأة العربية لا بد أن تتغير بداية من أجل نفسها، ودينها، ودورها وكيانها، وموقفها أمام ربها يوم العرض يسألها عن عمرها فيما أفنته، وشبابها فيما أبلته، وعن علمها ماذا عملت به، وعن مالها... إلخ مثلما يسأل الرجل تماما، وهي بهذه المسئولية الفردية، وهذه الشخصية الإنسانية الحساسة والإيجابية، وليس بغيرها، يمكن أن تكون زوجة ناجحة، وأما صالحة.(45/63)
6- إحدى أخواتي -وهي من بلدك- كتبت لي أنني والفريق نحمل في إجاباتنا على أن المرأة العربية مسئولة عن تخلف أوضاعها، وانحطاط مستوى تقديرها لذاتها، ورعايتها لإنسانيتها، هذا رغمًا عن أن الجهات المسئولة كثيرة، أولها التربية القاصرة، والزوج الذي لا يعين... إلى آخره.
وأقول: إن نقطة البدء التي لا مفر منها أن ترفض المرأة هذا الوضع، ويكون لديها الاستعداد لخطة بديلة تتكامل فيها أمومتها مع أنوثتها وإنسانيتها، وأن تكون مسئولة عن هذا التركيب، ومستعدة لتحمل أعبائه، فإذا تكاملت لديها هذه الإمكانات أو بالأحرى الاستعدادات المبدئية اللازمة نصبح بصدد مشروع يحتاج إلى دعم، وندخل بعد ذلك في مفاوضات وعلاقات وإجراءات لدعمه.
أما وهي -أي المرأة العربية- تبدو متألمة لحالها -في أحسن الأحوال- غير مستعدة بخطة بديلة، وتسكن قابعة ومستسلمة لبرود الزوج، أو ضغط المجتمع.. أو غير ذلك من العقبات والمعوقات، فلن يوجد لدى أحد استعداد لسماع المزيد من الشكوى! "ما عدا نحن بالطبع".
ولك أقول: كوني على صلة بنا لنتفاهم معًا كيف يمكن أن تتغير وتتسع آفاقك كما كان متصورًا، على خلفية نشاطك قبل زواجك، وبدايات وعيك الذي يبدو أنه تاه في غمرة التباسات وضعك في الغربة بكل تراكيبه.
7- أخشى أن تفهمي أنت أو غيرك أنني أعفي الرجال من المسئولية، أو أقول بأنهم أحسن حالاً في التعبير عن المشاعر، وصيانة نفوس شريكات حياتهم بالمعروف الذي أمر به الله سبحانه، ولا أعتقد أنني في كل مرة أحتاج إلى أن أقول: إنه إذا كانت حواء العربية عمياء لا ترى ما ينبغي أن تراه، أو هي ترى، ولكنها مستسلمة لما تربت عليه من عجز.. إذا كانت حواء هكذا فإن آدم العربي لا يبدو أحسن حالاً، فهو في نظرته للعالم ولنفسه ولزوجته يبدو متخبطًا، متناقضًا، بعيدًا، ينتحل الأعذار، ولا يتحمل المسئوليات المشتركة، فما بالنا بالفردية الملقاة على عاتقه هو وحده.
لعلكم تقرءون قريبًا إجابتي على أخي الكريم صاحب رسالة:
استمع قولنا فاتبع أحسنه.. قصة نجاح
-
، وقد أرسل رسالة ثانية تأخرت في الرد عليها حتى يكون الرد شافيًا يليق بحبه لي، وثقته في شخصي الضعيف، وأتركك لإجابات سمر، ود. عمرو.. وتابعينا بأخبارك.
تقول الأستاذة سمر عبده:
كم سعدت لتواصلك معنا بعد هذه الفترة الطويلة، بل سعدت أكثر لأنك أخذتِ بنصيحتنا وبدأت في الاندماج مع المجتمع والعمل فيه، ولعل هذا أكد لك أن الحجاب ليس عائقًا للتواصل مع المجتمع الغربي، ولا أعلم لماذا لم تتجهي لإكمال دراستك التي بدأتها في وطنك الأصلي؟
وأسأل الله سبحانه أن يعيننا ويجعلنا أهلاً لثقتك وثقة الزائرين بنا، وأعتذر لك عن تأخرنا في الرد عليك طوال الفترة الماضية لظروف جزء كبير منها خارج عن إرادتنا.
حبيبتي، تحدثنا كثيرًا في صفحتنا عن زواج الثقافات، ناقشناه من زوايا مختلفة في مشكلات كثيرة، فأنت وزوجك نموذج لنوع من زواج الثقافات الذي تحدثنا عنه كثيرًا في صفحتنا، فزوجك قضى أكثر من خمسة عشر عامًا بعيدًا عن وطنه وذاب في المجتمع الغربي حتى صار جزءا منه، تشرّب عاداته وتقاليده المختلفة كالتفكير العملي(45/64)
العقلي الذي له الصدارة في التعامل مع شتى مواقف الحياة، والاستقلالية والخصوصية الشديدة حتى داخل الأسرة نفسها، على عكس ما تربيتِ أنت عليه في المجتمع الشرقي الذي نشأت فيه، المليء بعادات وتقاليد مختلفة بدءا من دفء المشاعر والترابط الأسري والتفكير العاطفي... إلخ.
لذا فإنه من الطبيعي جدًا عندما يتم الزواج بين ذوي ثقافتين مختلفتين حدوث خلافات ناتجة عن اختلاف الثقافة، فهذه هي مشكلتك الأساسية مع زوجك، وإن كان هناك عوامل أخرى زادت من أسباب الخلاف، منها فارق السن الكبير بينكما، فهو أكبر منك بخمسة عشر عاما، وكذلك ضيق وقته، وطبيعة عمله التي تجعل فترة احتكاكك معه صغيرة نسبيًا.
فمن الصعب بل شبه المستحيل أن تطلبي من رجل تعدى الأربعين أن يغير عادات تأقلم معها من زمن طويل كالاستقلالية وتغليب العقل على العاطفة؛ فزوجك تعود على نمط معين في الحياة، وهو أن يكون له خصوصية حتى في غرفة النوم وخزانة الملابس ... والكثير من الشئون الدقيقة في حياتكما، بل لا أبالغ إذا قلت: إن تصوره السابق عن حجابك ومشاهدته الحالية للمواقع الجنسية جزء من هذا النمط الذي تعود عليه وأصبح جزءا منه.
وليس معنى ما أسهبت في شرحه عن زوجك هو الاستسلام له، فأنت لست بين خيارين؛ إما اللامبالاة أو حرقك بلظى مشاكلك معه والاستمرار في دائرة من الحزن لا تنتهي، بل ما زال هناك طريق ثالث تلجئين إليه لتسير سفينتكما لبر الأمان، وهو أن تتكيفي معه، ولا أعني بالتكيف الاستسلام والقبول بالأمر الواقع بقدر ما أعني به إدراكه وإدراك صعوبة التغيير فيه، خصوصًا مع سن زوجك.
حبيبتي، ما يرضيك ويسعد زوجك هو حسن إدراك كل منكما للآخر، وأن يحاول كل منكما التفكير من وجهة نظر الآخر.. فعليك:
* بكل ما تحملينه لزوجك من محبة وتقدير محاولة الاندماج معه في كل شيء، فأشركيه في أفكارك وقراراتك قبل أن تقومي بها، وقبل أن تطلبي منه مشاركته في أمورك.
* شاركيه اهتماماته وحاولي الاندماج مع المعارف والأصدقاء الذين تكيف معهم واعتاد عليهم، ولكن طبعًا في إطار الشرع.
* تفهمي حبه للخصوصية في أشيائه، فهذه سمة منتشرة في الغرب عمومًا وهو تطبع بها، وليس معنى هذا أنه لا يحبك أو أنك دخيلة عليه، فقط هو تعود أسلوب حياة، وبعد الزواج وضع علاقتك به في إطار لا يغير له نمط حياته.
* أكثري من الدعاء له بالهداية وبزيادة التواصل معك، وحاولي تقوية وازعه الديني بأسلوب غير مباشر، واحرصا كل فترة على أن تذهبا معًا لأقرب مركز إسلامي والمشاركة في أنشطته معًا ليزداد ارتباطه وحبه للإسلام، وحتى يكوّن دائرة ما من العلاقات مع بعض المسلمين المغتربين، ويزيد من متانة علاقتكما.
أما بخصوص مشاهدته للمواقع الجنسية فلعلنا تحدثنا في هذا الأمر كثيرًا ويمكنك متابعته مع ما كتبنا سابقًا، ومنها:
* وأما عن رغبتك الشديدة في وجود طفل بينكما؛ فهذا أم
بين المسرح والفراش : زوجان وجوقة عزف
-(45/65)
ر طبيعي، وطلبه منك الصبر والانتظار لمدة عام آخر هو جزء من طبيعته التي تحدثنا عنها سابقًا، وأقول لك: عسى أن تكرهي شيئًا وهو خير لك، فلعل تأخر إنجابك إلى الآن رحمة بك؛ فتربية الأبناء في الغربة بدون وجود رؤية واحدة وأسلوب واحد لتفكير الوالدين وإدراك جيد منهما لطبيعة المجتمع الذي يعيشون فيه ويتربى فيه ولدهم، قد ينتج عنه الكثير من المشاكل، أقلها تهميش الابن لدور الوالدين أو أحدهما، خصوصًا الذي يفكر بشكل يبدو جامدًا غير مدرك لطبيعة البيئة التي ينشأ بها الابن، والتي تؤثر في بنائه وتكوين شخصيته، وليس معنى كلامي هذا ألا تسعي للإنجاب، ولكن أعني به أن تجتهدي للتواصل مع زوجك واحتوائه وتفهمه بدون أن تقبلي أدنى تنازل عن حجابك أو قيمك الإسلامية، وبهذا تضمنين لأبنائك مستقبلا مستقرا وحياة أسعد، إن شاء الله.
* وأخيرًا أنصحك حبيبتي أن تكملي تعليمك الأكاديمي؛ فربما ساعدك على الاندماج مع زوجك أكثر، وفي نفس الوقت يملأ وقتك، ويقلل من قلقك بشأن الإنجاب.
* ويقول لك زميلي د. عمرو أبو خليل:
نشكر لك تواصلك الثاني معنا.. خاصة أننا شعرنا أن معظم رسالتك الحالية تدخل في نطاق الفضفضة والتنفيس لشخص عزيز كما قلت.. فإنك تقولين لنا ما تودين قوله لأمك؛ ولذا فإننا سوف نقف -بناء على رغبتك- عند ما اعتبرته أنت المشكلة التي تستحق الوقوف، وهي مشكلة عدم الإنجاب أو تأخره التي نتصور أنها في جزء منها ناتجة عن نمط الحياة الذي تعيشينه، والذي تذكرين في رسالتك أنك تعودت عليه، مثل النوم في غرفة منفصلة، والجماع ثلاث مرات أو أربعا أثناء ما أسميته في رسالتك فترة الإباضة، خاصة أن مسألة انتظام دورة التبييض بحيث نقصر الجماع على وقتها من أجل حدوث الحمل مسألة غير مضمونة؛ وذلك لتدخل عوامل كثيرة في هذا الأمر تؤدي إلى عدم انتظام التبييض.. ربما يكون من أهمها بالنسبة لنا هو الحالة النفسية والضغوط والتوتر الذي تتعرض له المرأة، والذي قد يؤدي إلى تأخر التبييض أو عدم انتظامه.. ولذا أصبحت هناك طرق عديدة سواء بالتحليل أو الأشعة التلفزيونية لمعرفة فترة التبييض غير الطريقة المعتادة في الحساب.
لذا فالمسألة ليست ببساطة أن الحيوانات المنوية سليمة وممتازة، أو أن القنوات مفتوحة.. فالأمر يحتاج إلى بحث ودراسة أكثر، خاصة أن مرور عام بدون حدوث حمل أمر يستحق استشارة الطبيب؛ فما بالك بمرور ثلاث سنوات؟ ونظن أن هذه هي المشكلة الثانية الحقيقية التي تواجهك، وهي كيفية إقناع الزوج بضرورة العرض على الأطباء المختصين، وهو طبيب يدرك أهمية هذه الأمور، وبالذات أنه هو الذي أخبرك بنتيجة التحاليل الخاصة به، واكتفى بذلك.
ونحن نرى أن تتمسكي بوعده الخاص بالعرض على الطبيب في نهاية العام، خاصة أنه ربما يكون يعالج بصورة لا تعرفينها.. فانتظري وعده، ثم كوني حاسمة حازمة، ولكن بهدوء، وبدون جرح لمشاعره وأقنعيه بضرورة الوفاء بوعده والعرض على الأطباء المختصين، ولا تتركي له فرصة للمراوغة؛ حيث إن هذا هو الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة؛ لأن كل الاحتمالات مفتوحة، ولن يحددها إلا الطبيب حتى تصبح الخيارات أمامكما واضحة، وحتى تنظما حياتكما على ذلك.. الأمر يحتاج إلى صبر وحكمة ثم حسم، ونحن معك.
ـــــــــــــــــــ
أزمة زوجي مع أهلي.. هل هناك حل؟ ... العنوان
معوقات الاختيار ... الموضوع(45/66)
بسم الله الرحمن الرحيم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا عمري 25 سنة ومخطوبة، وقد عقد قراني قبل 6 أشهر، وكان من المفترض أن يكون فرحي في عيد الفطر المبارك، ولكن تم تأجيل كل شيء لظروف خارجة عن إرادتنا. المشكلة أنه يوجد فرق مادي كبير بيني وبين خطيبي وهو متحسس من هذه الناحية رغم أني دائما أقول له ألا يهتم بهذا الموضوع وإن الله سيرزقنا فيما بعد. المهم كان يخطط لنتزوج في الصيف المقبل لأنه لا يملك كل المستلزمات الآن.
أبي اقترح علي أن يساعدنا ونتزوج هذا الصيف مع أختي الكبرى، ولكن خطيبي رفض ذلك عندما قلت له، وقال لي لكي لا يحزن عمي -أي أبي- وأجعله يفرح بك سنتزوج في العيد، وأستدين مهرك من صديق لي، وقال لي ألا أخبر أحدا من أهلي لكي لا يظنوا أنه محتاج، أو أنه طمعان، وأنه سيعطيني كل ما أرغب به وأتمناه، وأن لا ينقص علي شيئا كباقي أخواتي اللاتي تزوجن من قبلي، ولكن صديقه الذي أخذ منه الدين طلب دينه، ولكي يرد خطيبي له المبلغ اضطر للاستدانة من شخص آخر ليس مقربا له كصديقه السابق، وسد حساب صديقه الأول ولكن الشخص الجديد احتاج لنقوده أيضا فجأة رغم أن خطيبي قال له منذ البداية إنه سيسدد له لاحقا ولكنه غضب عندما ذهب لخطيبي وقال له إنه لا يملك شيئا الآن وعليه أن يتمهل قليلا لكي يعطيه جزءا من الدين، ولكنه ذهب لمنزل أهلي وكذب على لسان خطيبي وقال لأخي إن خطيبي قام بإرساله لهم لكي يقوم أهلي بالدفع عنه وأهلي صدقوا كلام هذا الرجل وكرهوا خطيبي كثيرا أولا لأنه أنكر أنه استدان من أحد، وثانيا لأنه أرسل الرجل لهم.
أنا أعرف أن خطيبي استدان ولكن ليسعدني وقال لي ألا أخبر أحدا لكي لا يعرفوا أنه محتاج وأنه مقصر من ناحيتي ليس لأنه يريد خداع أهلي كما يقولون، وخطيبي أنكر كلام الشخص أنه قال إنه قام بإرساله إلى أهلي وأنا أصدقه وقال لي أنا مستعد للمواجهة.. أنا أصدقه حتى لو من غير مواجهة ولكن إذا أهلي لم يصدقوا خطيبي فسأقول لهم أن يواجهوا، ولكن المشكلة أن أهلي الآن لا يريدون خطيبي ويحاولون إقناعي بتركه ولكني لن أتركه، ولن أتخلى عنه، خاصة أنه ارتكب الأخطاء لأجلي وليس لأجل أحد آخر، ولكني في نفس الوقت لا أريد إغضاب أهلي مني وهم الآن يمنعوني من مقابلته أو الخروج معه، حتى إنهم يقومون بإحداث مشاكل لي عندما يروني أتحدث معه على الهاتف.
والله لا أعرف ماذا أفعل؛ فهذا زوجي ومن حقي ومن واجبي أن أتحدث معه، حتى لو لم يكن زوجي أيضا من حقي أن أختار شريك حياتي. أنا لا أريد إغضاب أهلي ولا حتى هو، وهو ندمان، ويريد إصلاح كل شيء، واتفقت أنا وهو على أن لا نتحدث في موضع الزواج أو الزفاف بالمعنى الأصح قبل أن يسدد كل ديونه ويكون نفسه ويحضر كل مستلزمات البيت والفرح.
أنا لا أريد سوى رضا والدي وأهلي ولكني في نفس الوقت لا أريد ترك زوجي، بالله عليكم دلوني ماذا أفعل؟ فلو بعد كل هذه المحاولات مني ومن خطيبي في إصلاح الأمور وأهلي حاولوا إجباري أو منعي منه هو يمكنه طلبي في بيت الطاعة، خاصة إذا قام بتحضير كل المستلزمات، ولكن هو لا يريد إلا المعروف مع أهلي، ولا يريد مشاكل، ولا يطلب سوى رضاهم، ولكن إذا اضطررنا أنا وهو بعد كل المحاولات لهذه القضية فلا لوم علينا على ما أعتقد، وأنا كنت على علم بكل شيء وعن الديون وأنا لم أخبر أحدا بناء على طلبه، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وعرفوا بكل شيء ولكن بطريقة غير متوقعة عن طريق الشخص الذي استدان منه، وكذب على(45/67)
لسان خطيبي، ولكنه الآن يسدد له الدين قدر الإمكان، وقد قام خطيبي بالسفر للعمل بالخارج ليحسن أمره، ويسدد ديونه، ويحسن صورته أمام أهلي، ولن يتكلم عن أي زواج أو غيره قبل أن يقوم بإصلاح كل الأمور.
أخي الكبير يقول لي:
عليك بعدم التعلق به، ودعيه يحسن أموره، ولا يتحدث معك إلا بعد أن يجهز كل شيء، ولكنه متفهم للغاية، ويساعدني كثيرا، ويحاول مساعدتنا بكل طريقة.
أما أخي الأصغر منه فهو متهور كثيرا ولا يعرف كبيرا، وإذا رأى خطيبي أتوقع أن تحدث مشكلة، وآخر أخ لي عصبي جدا، ويظن أن خطيبي سارق، ولكنهم لا يعلمون أني أعرف بالدين، ولكننا أخفينا الأمر عنهم عن قصد لوجود الفرق المادي بيننا ولكننا لم نرد إظهار ذلك لهم.
أبي يتأثر كثيرا برأي وكلام إخواني كثيرا وهم يقولون لي لن تعيشي سعيدة مع هذا الوضع، ولكنني سأنتظر زوجي كي لا يتضايقوا مني لكي يسدد ديونه وأرتبط به، وإن شاء الله سنعيش سعداء حتى لو لم يوفر لي كل ما كان متوفرا عند بيت أبي لأن قلبه كبير، ويحبني كثيرا، وفعل ما فعل فقط من أجلي.
في انتظار ردكم,,
والسلام ختام.
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الابنة الكريمة،
مما لا شك فيه أن الأزمة التي تمرين بها الآن تحتاج منك للهدوء والتعامل مع الأمور بحكمة وروية؛ فوالدك أتم زواجك بكامل إرادته وبرضاه، وهو بالتأكيد يدرك جيدا الفارق المادي بينك وبين زوجك، ولأنه يدرك هذا فقد عرض عليكما أن يساعدكما من أجل الإسراع في إجراءات الزواج، ولكن حساسية زوجك جعلته يرفض مساعدة والدك، ولجأ للاقتراض حتى يتم الزواج، ولا أدري كيف كان يخطط لتسديد القرض بعد الزواج بما يعنيه الزواج من أعباء اقتصادية جديدة، وخصوصا وهو ينوي أن يحضر لك كل ما تريدين حتى لا تشعري أنك أقل من أخواتك؟!
المهم أن هذه الخطوة غير محسوبة العواقب من قبلكما قد أدت لهذه الأزمة بين زوجك وأهلك، وهنا تبرز مشكلة قد تكون أخطر على حياتكما المستقبلية -إذا لم تجيدي التعامل معها- من رفض أهلك الحالي.. هذه المشكلة هي أن شعور زوجك بضعف مستواه المادي يدفعه للمغامرات غير المحسوبة من أجل إسعادك وتحقيق كل ما تحلمين به، وهذا أمر محمود لزوجك ولكنك في المقابل لا بد أن تتعاملي مع الأمور بصورة مختلفة.. فلقد قبلت الزواج ممن هو دونك في المستوى المادي، وهذا يعني ضمنا قبولك لمستوى حياة أقل بكثير من الحياة التي تتمتعين بها الآن في منزل أسرتك أو التي تعيشها أخواتك الأخريات.. فهل أنت قادرة بالفعل على تحمل هذه الحياة؟!(45/68)
لا تخدعي نفسك بأن الله سيرزقنا، ولكن واجهي نفسك بالحقيقة وبكل صراحة بأن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، وأن تغير الأمور للأفضل قد يستغرق سنوات وسنوات.. فهل أنت على استعداد لتحمل هذه الحياة بصعوباتها؟ هذا الأمر لا بد أن يحسم بداخلك قبل أن نناقش سويا الحلول المطروحة لمشكلة زوجك مع أهلك؛ لأن رضاك عن حياتك مع زوجك على أي وضع يقلل كثيرا من الضغوط الملقاة على عاتقه والتي تدفعه دفعا لتصرفات غير محسوبة العواقب، وأرجو ألا يفهم كلامي على أنني أرغب في إثنائك عن الارتباط بزوجك مع ضعف مستواه المادي؛ فقناعتي أن المال وحده لا يصنع السعادة، وكل ما أطلبه منك أن يكون اختيارك لزوجك ولحياتك معه نابعا من اقتناع داخلي وبعد روية وتفكير متأنٍّ.
ووصولك لهذه الدرجة من الوعي والاقتناع سيمكنك من إقناع أسرتك بما تريدين دون الدخول في مهاترات غير مأمونة العواقب مثل طلبك في بيت الطاعة؛ فالأصل أن تجاهدي أنت وزوجك لكسب رضا أهلك بدلا من الإصرار على الدخول في صراعات لا طائل منها، ولتكن البداية مع أخيك الأكبر، اشرحي له موقف زوجك ولماذا استدان؟ اشرحي له مواصفات الموقف بصدق، ووضحي له أنك كنت على علم بالقصة كلها منذ البداية، وأظهري له تفهما وتقبلا لطبيعة حياتك المقبلة، واسأليه أن يكون عونا لكما في إقناع والدك وباقي إخوتك، ويقيني أنه بالإصرار والإلحاح ستتمكنين من إقناع أهلك بما تريدين.
ولا تنسي الاطلاع على ملف " اختيار شريك الحياة "؛ لأن فيه الكثير مما يعينك على التعرف على زوجك والتعرف علي عيوبه بحيث يكون اختيارك نابعا عن اقتناع تام، مع دعواتنا أن يقدر لك الله الخير حيث كان وأن يجمع بينك وبين زوجك دوما على الخير.
ـــــــــــــــــــ
زنا المحارم.. الوقاية والعلاج
د. محمد المهدي**
إذا كانت الوقاية والعلاج أمرين مهمين عند التعاطي مع كل المشكلات والأمراض التي تواجه الإنسان، فإنها في حالة جريمة زنا المحارم تحظى بأهمية استثنائية قصوى؛ لأن وقوعها يترك آثارا مدمرة ما لم يتم التحرك السريع لمواجهتها في حال حدوثها؛ لذلك يصبح من الأهمية بمكان وضع وسائل وقائية تجنب الأسرة والمجتمع الوقوع فيها، وأخرى علاجية تخفف من حدة التوترات والهزات التي تعتري الأسرة بعد حدوثها.
وفق المعطيات السابقة حاولنا الاجتهاد في وضع بعض الخطوات الوقائية التي تحول دون حدوث جريمة زنا المحارم، وبعض الإجراءات العلاجية التي يجب أن نتبعها في حال اكتشافنا وقوع هذه الجريمة، وما يتعين على الأسرة والمعالج النفسي اتباعه أثناء معالجة الضحية في حال اللجوء إليه.
إجراءات وقائية
1 - الوقاية داخل الأسرة:
*
الاستئذان قبل الدخول، ومراعاة الخصوصيات في الغرف المغلقة.
*
التفريق بين الأولاد والبنات في المضاجع.(45/69)
*
عدم ظهور الأم أو البنات بملابس كاشفة أو خليعة تظهر مفاتن الجسد أمام المحارم الذكور، والعكس بعدم تبسط الذكور أمام محارمهم من الإناث.
*
التزام قدر معقول من التعامل المحترم بعيدا عن الابتذال والتساهل بين أفراد الأسرة.
*
يجب تجنب المداعبات الجسدية بين الذكور والإناث في الأسرة والتي تأخذ شكلا من أشكال المزاح.
*
عدم نوم الأبناء أو البنات في أحضان أمهاتهم أو آبائهن خاصة بعد البلوغ.
2 - إشباع الاحتياجات:
*
إن إشباع احتياجات الأفراد داخل الأسرة والمجتمع بشكل عام يقلل من نسبة حدوث الجرائم فيهما، خاصة الاحتياجات الأساسية من مسكن ومأكل وملبس واحتياجات جنسية مشروعة.
*
إن المحرومين من إشباع احتياجاتهم -خاصة الجنسية- يشكلون مصادر خطر في الأسرة والمجتمع، وهذا يجعلنا نأخذ خطوات جادة لتشجيع الزواج على كل المستويات بحيث نقلل -قدر الإمكان- عدد الرجال والنساء الذين يعيشون تحت ضغط الحرمان لسنوات طويلة، كما هو الحال الآن في معظم بلداننا العربية.
3 - تقليل التعرض لعوامل الإثارة:
إن تقليل التعرض لعوامل الإثارة من تبرج في البيوت أو الشوارع، ومن مواد إعلامية على الفضائيات أو المواقع الإباحية التي تثير الغرائز أمر في غاية الأهمية على صعيد التقليل من نسب حدوث جريمة زنا المحارم؛ نظرا لأن التقليل من مساحات التعرض للعري والإثارة الجنسية سيقلل من عوامل الحفز الجنسي التي تعمل بدورها على تآكل حاجز الحياء، واغتيال حدود التحريم داخل الأسرة والمجتمع.
إجراءات علاجية
وقع المحظور وحدثت جريمة زنا المحارم بالفعل.. فكيف نتصرف عندها؟ أو كيف يمكننا معالجة الضحية في حال ممارسة الجاني قهرا عليها حتى ترضخ لمطالبه؟ الإجابة على هذه التساؤلات في الخطوات الإجرائية التالية:
أولا- الإفصاح:
إن أول وأهم خطوة في علاج زنا المحارم هي تشجيع الضحية على الإفصاح، وذلك من خلال لجوئها إلى شخصية محورية داخل الأسرة، لها من السلطة ما يكفل لها ردع الجاني. ووجد أن الإفصاح عن تلك العلاقة الآثمة من قبل الضحية يؤدي في أغلب الحالات إلى توقفها تماما؛ لأن الشخص المعتدي يرتدع خوفا من الفضيحة أو العقاب، إضافة إلى ما يتيحه الإفصاح من إجراءات حماية للضحية على مستويات أسرية وقانونية.
وعلى الرغم من أهمية الإفصاح فإن هناك صعوبات تحول دون حدوثه أو تؤخره، ومنها الخوف من العقاب أو الفضيحة، أو الإنكار على مستوى أفراد الأسرة، ولذلك يجب على المعالج النفسي في حال اللجوء إليه أن يفتح(45/70)
الطريق، وأن يساعد على هذه الخطوة (الإفصاح) دون أن يوحي للضحية بأشياء من تخيلاته أو توقعاته الشخصية، وربما يستدعى الأمر -بل غالبا ما يستدعي- تقديم أسئلة مباشرة ومتدرجة تكشف مدى العلاقة بين الضحية والمعتدي في حالة وجود شبهات أو قرائن على ذلك.
وتتفاقم المشاكل النفسية التي تصيب الضحية بسبب عدم قدرتها على البوح بهذا الأمر، فتكتم كل الأفكار والمشاعر بداخلها وتنكمش على نفسها، ومن هنا يكون العلاج بإعطاء الفرصة لها للحديث عن كل ما بداخلها مع تدعيمها ومساندتها وطمأنتها أثناء استعادة تلك الخبرات الصادمة، ثم محاولة إعادة البناء النفسي لها من جديد بعد تجاوز هذه الأزمة.
ثانيا- الحماية للضحية:
بمجرد إفصاح الضحية عن تعرضها للاعتداء الجنسي من قبل أحد محارمها يتعين على أفراد الأسرة الأسوياء تهيئة جو آمن لها لحمايتها من تكرار الاعتداءات الجنسية أو الجسدية ضدها، وإذا صعب توفير هذه الحماية لها داخل أسرتها، عليها أن تلجأ إلى قريب تثق فيه (عم أو خال مثلا) وتطلب منه دعمها في مواجهة هذا الموقف العصيب الذي تتعرض له.
وإذا لم يتوافر لها حتى ذلك القريب فعليها الالتحاق بأقرب دار للرعاية الاجتماعية الآمنة والموثوق فيها، لحين بحث أحوال الأسرة، ومعالجة ما بها من خلل ومراجعة قدرة الوالدين على حماية أبنائهما؛ فذلك أفضل لها من العيش تحت التهديد المستمر للجاني.
وفي حالات أخرى يعزل الجاني بعيدا عن الأسرة؛ خاصة عند الخوف من تكرار اعتداءاته على أفراد آخرين داخلها؛ أو إذا كان مصابا بمرض يستدعي العلاج. وبعد الاطمئنان على سلامة وأمن الضحية علينا بذل الجهد في محاولة معرفة ما إذا كان بعض أفراد الأسرة الآخرين قد تعرضوا لأي تحرشات أو ممارسات جنسية.
وننوه في هذا الصدد إلى أنه على الأمهات والآباء أن يكونوا واعين لممارسات كامل أفراد الأسرة، فإن لاحظت الأم مثلا على ابنها النظر لأي من أخواته بطريقة غير طبيعية، وتتأكد من ذلك فعليها ألا تتركها معه بمفردها إطلاقا، درءا لما يمكن أن يحدث، وعليها أن تنبه الابنة لضرورة الاحتشام ما دامت خارج حجرتها، وعليها أن تبذل مجهودا مضاعفا في زرع الفضيلة في نفس الابن، وحضه على الطاعة.
ثالثا- العلاج النفسي الفردي:
يقدم العلاج النفسي الفردي للضحية لمداواة المشاكل والجراح التي لحقت بها من جراء الاعتداءات الجنسية، ويبدأ العلاج بالتنفيس والبوح في وجود دعم من الأفراد الأسوياء في الأسرة والمعالج النفسي، وفي وجود علاقة صحية تعيد فيها الضحية رؤيتها لنفسها، ثم للآخرين من منظور أكثر صحة، تعدل من خلاله رؤيتها المشوهة التي تشكلت إبان علاقتها بالمعتدي.
والمعالج النفسي المتخصص له دور مهم في علاج هذه الحالة؛ لأنه سيساعد الضحية في التعبير عن مشاعرها السلبية مثل الغضب وكراهية الذات والاكتئاب والشعور بالذنب وغيرها من المشاعر المتراكمة كخطوة أولى للتخلص منها، أو إعادة النظر فيها برؤية أكثر إيجابية.
وكثير من الضحايا يصبحن غير قادرات على إقامة علاقات عاطفية أو جنسية سوية فيما بعد؛ نظرا لإحاطة تلك الموضوعات بذكريات أليمة، أو مشاعر متناقضة أو محرمة، فيصلوا في النهاية إلى حالة من كراهية العلاقات(45/71)
الجنسية؛ مما يؤدي إلى فشلهن المتكرر في الزواج، وهذا كله يحتاج للمناقشة والتعامل معه أثناء الجلسات العلاجية.
وربما يحتاج المعتدي أيضا إلى مثل هذا العلاج خاصة إذا كان لديه اضطراب نفسي أو اضطراب في الشخصية أو احتياجات غير مشبعة أو كان ضحية للإغواء من جانب الضحية.
ومن الأهمية بمكان عند اكتشاف حالة "زنا محارم" داخل أي أسرة أن يتم تقييم حالة الوالدين نفسيا واجتماعيا بواسطة فريق متخصص، وذلك للوقوف على مدى قدرتهم على القيام بمهامهم الوالدية، وفي حالة وجود خلل في هذا الأمر يتم إخضاعهم لبرنامج تأهيلي، حتى يكونوا قادرين على القيام بواجباتهم نحو أبنائهم، وفي حالة تعذر الوصول إلى هذا الهدف يقوم طرف ثالث بدور الرعاية للأبناء حتى لا يكونوا ضحايا لاضطرابات والديهم.
رابعا- العلاج الأسرى:
بما أن زنا المحارم يؤدي إلى اضطراب الأدوار والعلاقات داخل الأسرة لذلك يستوجب الأمر إعادة جو الأمان والطمأنينة وإعادة ترسيم الحدود وترتيب الأدوار والعلاقات مع مداواة الجراح التي نشأت جراء تلك العلاقة المحرمة، وهذا يستدعي جلسات علاج عائلي متكررة، يساعد فيها المعالج أفراد الأسرة على التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم وصراعاتهم وصعوباتهم، ثم يساعدهم على محاولة إعادة التكيف مرة أخرى على مستويات أفضل.
وربما يحتاج المعالج، أو أي شخص محوري له مكانته وحكمته داخل إطار العائلة لأن يقوم بدور الأنا الأعلى (الضمير) لهذه الأسرة؛ خاصة إذا كانت القيم مهتزة أو غامضة أو ضعيفة لديها، ويستمر هذا الدور إلى أن ينمو الجهاز القيمى داخل الأسرة من خلال توحدهم مع الشخص المحوري أو المعالج وقيمه، ويكون أي منهما هنا رمزا للأبوة الصالحة أو الأمومة الرشيدة إلى أن يتعافى أحد أفراد الأسرة، ويأخذ هذا الدور من المعالج ليحمي بقية الأسرة من السقوط.
خامسا- العلاج الدوائي:
ويقدم للحالات المصابة باضطرابات نفسية كالقلق أو الاكتئاب أو الإدمان أو الفصام أو الهوس. وهذا العلاج يمكن أن يوجه نحو الضحية أو نحو المعتدي حسب حاجة كل منهما.
ـــــــــــــــــــ
الوقاية الشرعية من جريمة زنا المحارم
الشيخ حامد العطار**
تزرع الخير
من أهم سمات المجتمع المسلم أنه مجتمع عفيف، فتكوينه الرباني يجعل الحفاظ على المحارم والوقوف عند الحرمات من أهم سماته البارزة، وتكوين مجتمع المسلمين على مفهوم "الأمة" يجعل الرابطة بينهم قوية، كما يعد مفهوم "الربانية" من أهم العوامل التي تساعد المجتمع على ضبط أدائه الاجتماعي.
فأخوة الإسلام التي عبر عنها القرآن بقوله "إنما المؤمنون إخوة"، والولاية بين المسلمين فيما بينهم رجالا ونساء "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض" تجعل حرص المسلم على أخته المسلمة من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها إلى الله، بل تدفع المسلم إن رأى مسلما ومسلمة تعديا حدود الله أن يقوم بواجب النصح لهما، امتثالا(45/72)
لأمر النبي صلى الله عليه وسلم "الدين النصيحة"، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم".
كما يعد الوازع الديني ورقابة الضمير، وتحقيق مقام "المراقبة" أنجح قانون وأنجع وسيلة لعدم التعدي على الحرمات، بل نعدها من إعجاز القرآن التشريع أن ينضبط سلوك الناس دون القانون الذي يضع العقاب، فالخوف من الله تعالى، وشؤم المعصية، ومخافة الحساب والوقوف على الصراط، ورد المظالم وغيرها من القيم الإيجابية في الدين تجعل المرء يخاف أن يتعدى حدود الله، بل "أولئك هم الظالمون".
أما فيما يخص الوقاية من زنا المحارم، فقد وضع الإسلام التدابير الوقائية التي تحمي المجتمع من الاقتراب منه، وتحول بينهم وبين الوقوع فيه.
غرس النفرة الجنسية
فقد جبلت النفوس على عدم الميل الجنسي بين المحارم، بل استعظام هذا واستقباحه، ولا يزال الرجل يجد في نومه أنه مع أمه أو أخته في وضع جنسي فتجده يقوم من نومه مهموما مغموما، معنفا لنفسه، موبخا لها -مع أن القلم عن النائم مرفوع- ولربما ذهب يستفتي أهل العلم عن حكم ما رآه وكأنه وقع في معصية.
وإن كان الزنى -في حد ذاته- مستقبحا في النفوس والفطر، فإن الفطر السليمة تكاد تنكر وقوعه لو سمعوا به، وهذا دليل على أن الله فطر في النفوس قبحه والنفرة منه والابتعاد عنه.
ومن التدابير الوقائية أيضا تحريم الزواج بين المحارم؛ وأدًا لكل شهوة عساها تثور بين رجل وامرأة يمكن لهما أن يتزوجا يوما ما. فحرم الإسلام على المسلم أن يتزوج جميع قريباته إلا بنات العم والعمة، وبنات الخال والخالة، وكذلك الرجل، وما عدا هؤلاء على التحريم، بل سماهن "محارم"، ومن شأن الرجل أن يحمي حريمه ويذود عنهم، فيكون ذلك أدعى ألا يفكر في الاستمتاع بهن، وهو الذي يحميهن من أن يعتدى عليهن، فلا يتصور أن يعتدي هو عليهم، بل لا يفعل ذلك إلا من خرج عن فطرته.
بل لم يكتف الإسلام بهذا الحاجز النفسي الذي غرسه في النفوس، ولا بالحكم التكليفي الذي وضعه تشريعا يمنع اقتراف الإثم، ولكنه حتى يسد كل باب يمكن أن تنفذ منه الشهوة بين المحارم أوجب ستر العورات بينهما، ولم يتوسع في القدر المعفو عن ستره بينهما حتى لا تقع العين على ما يهيج الجسد، ويحرك الشهوة، فيضعف مع هيجانها رقابة الضمير، أو يتلاشى الحاجز النفسي تحت ضغط الشهوة أو يضعف تحت وطأتها الملحة.
فقد رخص الإسلام للرجل أن يرى منهن ما يظهر غالبا أثناء مزاولة المهنة في بيتها كالعنق والشعر والقدمين والذراعين لسببين اثنين:
الأول: لرفع الحرج؛ لأنه لو كلف الرجل وهو يعيش مع محارمه في بيت واحد أن لا يرى منهم إلا الوجه والكفين لأدى ذلك إلى العنت والمشقة، وفي ذلك تعسير على الناس في حياتهم، وإحراج لهم، والشرع جاء بالتيسير ورفع الحرج.
الثاني: ثقة في الرجل بمحارمه، لأن الرجل يعتبر الحصن والملاذ والأمان بالنسبة لمحارمه.
وليس المقصود أنها تذهب خصيصا لتتزين وتظهر هذه الأشياء أمام محرمها، فإن هذا لا يجوز، والزيادة على هذه المواطن لا يجوز رؤيتها بحال، وعند عدم أمن الفتنة يمنع الرجل من رؤية كل هذا، وتمنع المرأة من إبداء شيء أمام من تخشى الفتنة في وجوده، وليس المقصود بالفتنة الزنا، ولكن مجرد الشهوة والتلذذ.(45/73)
وما زلت أذكر كلمة العلامة الصاوي المالكي منذ الصبا في طلب العلم، وهو يبين مذهب المالكية فيما يجوز كشفه بين المحارم حيث عرض لقول العلامة الدردير من فقهاء المالكية قبله: "فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا (أي على المحرم) كَشْفُ صَدْرِهَا" فقال: "وأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ رُؤْيَةَ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَذَلِكَ فُسْحَةٌ". أي أن الحاجة ربما اقتضت أن ترضع الأم أو الأخت وليدها أمام محرمها لضيق المكان أو نحو ذلك.
ولقد بلغت الحيطة مداها، فاحتاط الإسلام من وقوع النظر على العورات ولو خطأ، ففي موطأ مالك عن عطاء أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: استأذن على أمي؟ فقال: "نعم" فقال الرجل: إني معها في البيت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استأذن عليها" فقال الرجل: إني خادمها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استأذن عليها أتحب أن تراها عريانة؟" قال: لا. قال: "فاستأذن عليها". فانظر إلى تعليل وجوب الاستئذان، وهو الخوف من احتمال رؤية أمه عريانة.
التفريق في المضاجع
وقد يتساهل بعض الناس فيتركون أولادهم الذكور والإناث ينام بعضهم إلى جوار بعض ثقة منهم بهم، واعتمادا على النفرة الجنسية المودعة فيهم،وينسون أن الغريزة الجنسية عاتية بطبعها تحتاج إلى ما يصرفها عن استرسالها في الحرام، ولا غرو أن نجد هذه الوقاية النبوية: "مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه أحمد وأبو داود، وصححه الشيخ الألباني.
وما أحسن ما قاله العلامة الحنفي ابن عابدين: "إذا بلغ الصبي عشرا لا ينام مع أمه وأخته وامرأة..... إلى أن قال: فالمراد التفريق بينهما عند النوم خوفا من الوقوع في المحذور، فإن الولد إذا بلغ عشرا عقل الجماع، ولا ديانة له ترده فربما وقع على أخته أو أمه، فإن النوم وقت راحة مهيج للشهوة، وترتفع فيه الثياب عن العورة من الفريقين، فيؤدي إلى المحظور وإلى المضاجعة المحرمة خصوصا في أبناء هذا الزمان فإنهم يعرفون الفسق أكثر من الكبار. انتهى.
بل وضع الشرع تدابير تحول دون رؤية المحارم بعضهم لعورات بعض حتى لو كانوا أطفالا!: من ذلك ما سبقت الإشارة إليه من بيان حدود العورة بين المحارم، وكذلك أيضا من وجوب الاستئذان بينهم، ولمزيد من الإحكام في هذا الباب أوجب الإسلام على الأطفال المميزين أن يستأذنوا في الدخول على آبائهم وأمهاتهم في الأوقات التي يتصور أن يتم فيها الاتصال الجنسي عادة بين الزوجين، والتي يحب أن يجلس فيها الإنسان متخففا من ثيابه، كاشفا بعض ما لا يظهر منه أمام أبنائه، قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (النور: 58)" وذلك حتى لا يقع بصر الطفل على صورة ترتسم في ذهنه، بحيث يستدعيها من ذاكرته حينما يمكنه التفكير فيما لم يكن يفكر فيه وهو صغير، إذ إن رؤية الصور الجنسية تطبع صورة ذهنية، بل هياجا حين يتكرر النظر، ويدفع للإثم إن حانت له فرصة في حال ضعف.
ولا غرو أن ذهب بعض الفقهاء إلى منع الأبوين من ترك الطفل بينهما أثناء الاتصال الجنسي، حتى لا تعلق تلك الصور الجنسية في ذهنه منذ الصغر، فتؤثر في سلوكه في الكبر، بل بلغ التحوط منتاه عند ابن عابدين منتها(45/74)
حينما قال: " ويفرق بين الصبيان في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين، ويحول بين ذكور الصبيان والنسوان وبين الصبيان والرجال، فإن ذلك داعية إلى الفتنة ولو بعد حين".
فأين هذا من أسرة مستهترة تتحلق جميعا لمشاهدة ممارسات جنسية فاضحة باسم مشاهدة الفن!
تشديد عقوبة زنا المحارم
ولأجل منع تلك الجريمة الأخلاقية في المجتمع، كانت العقوبات في الإسلام مثلها مثل السلاح النووي، يحرص صاحبه على امتلاكه ليس لاستخدامه، ولكن لإرهاب عدوه وتخويفه، وكذلك الحدود في الإسلام، فمن أهم حكم تشريعها أنها للزجر والردع، ردع الأنفس المريضة التي تفكر في الجريمة، فإذا رأت العقوبة التي تنتظرها أحجمت وتراجعت، فكأن العقوبة تقول لمن يفكر في الجريمة أنا أنتظرك!
ولذلك عظمت الشريعة عقوبة الزاني بمحارمه، فأشهرت في وجهه أعتى سلاح نووي يمكن أن يصيب الإنسان إنه القتل.
فقال ابن حجر الهيتمي من فقهاء الشافعية في كتابه "الزواجر": وأعظم الزنا على الإطلاق الزنا بالمحارم.
وعن البراء بن عازب قال: لقيت خالي ومعه الراية فقلت: أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه وآخذ ماله" رواه الخمسة.
وعلى رأي من قال: إن من زنا بذات محرم منه فإن عليه حد الزنا، فهذا الرجل محصن، وقد اتفق العلماء في أن المحصن إذا زنا فإن حكمه في الشرع هو الرجم.
بل ذهب بعض العلماء إلى أن من زنى بمحرم من محارمه فيقتل، سواء أكان محصنا أم لا، تغليظا له في العقوبة، وإن كان جمهور الفقهاء على أن عقوبة زنى المحارم هي عقوبة الزاني، فيجلد إن كان غير محصن، ويرجم إن كان محصنا.
ولهذا قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتاب: (الجواب الكافي):
قد اتفق المسلمون على أن من زنا بذات محرم فعليه الحد، وإنما اختلفوا في صفة الحد هل هو القتل بكل حال أو حده حد الزاني على قولين، فذهب الشافعي ومالك وأحمد في إحدى روايتيه إلى أن حده حد الزاني وذهب أحمد وإسحق وجماعة من أهل الحديث إلى أن حده القتل بكل حال.أهـ
وإن كانت هذه تدابير وقائية تحمي المجتمع من جريمة "زنا المحارم"، فإن الرقابة الفردية التي مردها أن الإنسان عبد لله، سيحاسبه عن كل صغيرة وكبيرة، لهي خير كفيل للوقوف عند حدود الله، وإن الالتزام والسير في طريق الله تعالى والسعي لابتغاء مرضاته، والطمع في جنته، لتجعل المرء أبعد ما يكون هذه الطريق، وإن كان له شهوة، ففي المباح مرتع لمن شاء، أما الحيد عن الفطرة السوية، فينزل بها المرء نفسه منزلة البهائم بل هم أضل، أولئك هم الخاسرون.
** باحث شرعي بشبكة "إسلام أون لاين.
ـــــــــــــــــــ
زنا المحارم ... العنوان
نسمع كثيرا في هذه الأيام عن زنا المحارم؛ فهل من عقوبة تعزيرية رادعة في هذا الأمر لمن تسول له نفسه ارتكاب هذه الجريمة النكراء التي تترفع عنها بعض الحيوانات؟ ... السؤال(45/75)
أ.د محمد عبد القادر ابو فارس ... المفتي
... ... الحل ...
...
... إذا كان متزوجًا فحكمه الإعدام رجمًا، وإذا كان عزبًا يجلد مائة جلدة.. ويجوز أن يُضَمّ إلى هذا الحد عقوبة تعزيرية، كما جاء في الحديث أن الزاني غير المحصن يجلد ويُغرّب عاما (سنة) عن بيته وبلده، والعقوبة التعزيرية قد تصل إلى حد القتل عند الإمام مالك رحمه الله؛ فالعقوبات حد وهي مقدرة من الشارع ليس لأحد أن يتنازل عنها، والقصاص عقوبة مقدرة من الشارع، ولصاحب الحق أن يتنازل عنها، والعقوبة التعزيرية فوض الشارع الحاكم في تقديرها
أما القوانين الوضعية فلا تهتم بمثل هذه الأمور، ولا تعاقب عليها، وخاصة إذا رضي الولي أو الزوج ولم يرفع دعوى في المحكمة.. وهذا هو سبب عدم وجود الرادع
ـــــــــــــــــــ
زنا أم تحرش بالمحارم.. أزمة مفاهيم
د. وائل أبو هندي**
بداية أود أن أؤكد على أن جريمة "زنا المحارم" موجودة في مجتمعاتنا، ونقابل حالات حقيقية ممن وقعوا في براثنها داخل "عياداتنا" كأطباء نفسيين، وعلى الإنترنت في الاستشارات النفسية، ومن خلال الفضائيات، وبعض الكتب العلمية، وبعض المعالجات الصحفية، والمؤسف أن كل هذا التعاطي مع هذه الجريمة الكارثية "زنا المحارم" يقابل بالهجوم الشرس من قبل بعض من اعتادوا على سياسة دفن الرؤوس في الرمال، والمنادين بعدم التصريح بوجود مثل هذه الأمراض في مجتمعاتنا. غير أن الذي استدعى مني لفت الانتباه إليه هو ذلك الخلط في المفاهيم فيما يتعلق بهذه الجريمة، ما بين مفهوم زنا المحارم، وبين التحرش بالبالغين أو بالأطفال من ذوي المحارم.
فروق واضحة
يعرف زنا المحارم بأنه: "علاقة جنسية كاملة بين بالغين مكلفين من المحارم، كأخٍ وأخت بالغين، أو أب وابنته البالغة، أو بين الأم وابنها... إلخ، سواء كانت هذه العلاقة سرًّا بين اثنين في الأسرة، أو كان معروفًا لطرف ثالث فيها". وينطلق هذا التعريف على خلفية التعريف الفقهي للزنا والذي يقول: "الزنا هو تغييب البالغ العاقل حشفة ذكره في فرج امرأة -ليست من حلاله- عمدًا بلا شبهة، سواء أنزل أو لم ينزل".
وهناك تعريفات أخرى لزنا المحارم في بعض المراجع العلمية تقول: "إنه علاقة زنا بذوي (أو ذوات) المحارم"، وكلمة ذوي المحارم ترد في هذه المراجع بمعنى من تربطهم بالشخص قرابة دم، وتترك لكل ثقافة تحددها حسب معتقداتها وتوجهاتها. وفي تعريف أكثر شمولا يوصف زنا المحارم بأنه أي علاقة جنسية كاملة (أي تشمل الإيلاج) بين شخصين تربطهما قرابة تمنع العلاقة الجنسية بينهما طبقا لمعايير ثقافية أو دينية، وعلى هذا تعتبر العلاقة بين زوج الأم وابنة زوجته علاقة محرمة على الرغم من عدم وجود رابطة دم بينهما. وفي الثقافة العربية والإسلامية تحديد لذوي المحارم في آيات واضحات في القرآن الكريم، كما هو وارد في سورة النور. ونلحظ من التعريفات السابقة أنها اشترطت لكي نجزم بوقوع زنا المحارم عملية الإيلاج.(45/76)
بينما يدخل مفهوم التحرش الجنسي سواء بالبالغين أو الأطفال بأنه: "كل فعل يكون فيه مساس بجسد المجني عليه -سواء أكان ذكرًا أو أنثى- أو بمخيلته الجنسية كتعريضه للصور أو المناظر الجنسية الفاضحة، أو التلصص عليه، أو إجباره على التلفظ بألفاظ خارجة. وكل ذلك قد يدخل قانونيًّا وفقهيًّا تحت مسمى هتك العرض.
نلحظ من العرض السابق أننا نخلط بين الأمرين -زنا المحارم والتحرش بهم-؛ نظرًا لما اعتدناه من توسيع نطاق الحرام، خاصة فيما يتعلق بالزنا، مع أن هذا مختلف عما ينطبق عليه قوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} (الإسراء: 32)، وأحسب أن الأمر بعدم الاقتراب من مقدمات الزنا مفهوم في إطار أن يتقي الإنسان وضع نفسه في موضعٍ قد يوقعه في الزنا.
لكن هذا لا يعني أن نحكم على ما دون الزنا بين المحارم بأنه "زنا محارم"، حتى ولو لأنه بين محارم. أقول هذا رغم أنني كنت من أول من اعتبروا التحرش بالمحارم في منزلة الزنا بهم في جرمه، رغم معرفتي بأن الزنا يختلف عن الاغتصاب وعن التحرش، وأرى أن المسألة تحتاج منا إلى حسم واضح، أي هل نطلق تسمية زنا المحارم على ما يحدث -مع الأسف- في أغلب بيوتنا من تحرش جنسي بالفتيات والفتيان؟ أم أن علينا بالفعل قصر هذه التسمية على من ينطبق عليه التعريف الشرعي للزنا الذي يشترط الإيلاج؟.
من التحرش إلى الزنا
والحقيقة أن بداية جريمة زنا المحارم غالبًا ما تكون بطريقة ماكرة، فبينما تكون الضحية نائمة يبدأ الجاني في لمس أجزاء الإثارة الجسدية أو الأعضاء التناسلية الخاصة بها، وأحيانا يتواصل ذلك لفترات طويلة، أي أنه حتى الآن يمارس التحرش الجنسي تجاه الضحية، ولم يصل بعد إلى منطقة الزنا، لكن الأمر قد لا يقف عند حدود التحرش، فغالبا ما تحصل المواجهة بين الجاني والضحية، ثم يتم القبول أو الرفض حسب قوة الجاني في مواجهة قوة الضحية، فإذا حصل القبول بمثل تلك العلاقة فإن النتيجة هي زنا محارم.
وهناك حالات نادرة تحدث فيها علاقة جنسية كاملة بينما يتظاهر أو تتظاهر الضحية بالنوم، والمشكلة أن كون الجاني غالبًا أخا أكبر أو أبا هو ما يجعل الضحية عاجزة عن المواجهة، ليس فقط مواجهة الآخرين بما يحدث، وإنما مواجهة الجاني نفسه بأنه يفعل الفعل الحرام، هكذا سمعنا من كثيرات من بناتنا.
ومن المهم التنبيه إلى أن الاستمرار في مثل هذه العلاقة والحفاظ على سريتها دائمًا ما يضع الضحية تحت ضغط نفسي كبير؛ وذلك لأن إفشاء سر كهذا يمكن أن يحطم العائلة بأكملها، وأحيانا نجد أنه يمنح البنت سلطة كبيرة في البيت مقارنة بالآخرين، وذلك في حالة زنا الأب بابنته مثلا.
أزمة المجتمعات العربية
أحسب أن الأسر العربية بوجه عام تواجه أزمة كبيرة في التعامل مع المشكلات الجنسية لأفرادها، وربما الأساس في هذا الأمر يعود إلى عدم قدرتنا على أن نتخيل أن بيننا أناسا سيغلبهم الشيطان، ونسي أن بيوتنا مخترقة بفضائيات، ومواقع إنترنت تشجع على زنا المحارم وتدفع إليه دفعا، كل ذلك يقابله عدم القدرة على الالتزام بآداب البيت المسلم الذي يجسد كل معاني السكينة والأمان لكل من يعيش بين جدرانه.
ويبقى السؤال: ما أثر كل هذه المعطيات على مخيّلتنا الجنسية؟ لا أحد يستطيع الإجابة بشكل علمي على هذا السؤال؛ لعدم تعرض الدراسات العلمية في بلادنا لتأثير تكنولوجيا الاتصال التي اخترقت بيوتنا على سلوكنا الجنسي، لكن ما يمكن قوله هنا إن هذه الوسائل جعلت الإنسان اليوم سهل الانقياد للشيطان، ومن ثَم العوامل(45/77)
الدافعة لجريمة مثل زنا المحارم أصبحت أكثر من ذي قبل، ولعل هذا ما جعل الحديث يتواتر عنها في مختلف المجتمعات في الفترة الأخيرة، رغم هالة الصمت والسرية التي تسيطر عليها، فغالبًا لا يتم اكتشاف زنا المحارم في مجتمعاتنا -على وجه التحديد- إلا إذا حدث وحملت الضحية.
هذه الأزمة الخاصة بنا على صعيد تعاملنا مع مشاكلنا الجنسية ألقت بظلالها على تخريج أناس غير أسوياء يحببون النشء في الرذيلة، ويزينوها لهم، وأذكر هنا كلماتٍ قالها لي واحد من مرضاي في الثالثة عشرة من عمره حين سألته كيف تحرشت بجدتك جنسيًّا يا فلان؟ فرد عليّ قائلاً: "مدربي في النادي قال لي: لماذا تتعب نفسك وتعرف بنتًا في الشارع، وقد لا تجد مكانًا تمارس فيه الجنس معها؟ أليس في بيتكم بنات أو نساء؟" ساعتها شعرت بالرعب؛ لأني فهمتها دعوة من رجل عاقل يدفع النشء إلى زنا المحارم!.
كلام "مريضي" السابق على فظاعته إلا أنه جعلني أسأل نفسي: أين يلتقي الأولاد والبنات والشباب والشابات الملتزمون بصورة طبيعية في بلادنا؟ ولمعت في ذهني مسألة الفصل القسري الموجود في بعض مجتمعاتنا العربية المسلمة، والفصل الاختياري والمحبذ اجتماعيًّا في مجتمعات أخرى، أدى إلى أن تصبح الأخت والأم وغيرهما من المحارم، هي فقط المتاحة أمام الشاب الذي يسقط في حبائل الشيطان، على اعتبار أن وجودهما في مكان واحد طبيعي ومنطقي، أما في حال وصوله إلى من توافقه على تسليم نفسها له فربما وقف حاجز المكان عائقًا له، وبالتالي نرى أن المكان المتاح للشاب الذي يغلبه الشيطان هو غالبًا فقط بيته الذي يعيش فيه، وبالتالي تصبح أخته جاهزة، وربما أحيانًا في هذا الزمان راغبة لأنها أشدُّ سجنًا من أخيها غالبًا. ولعلاج هذه الأمور كلها لا بد من تيسير الزواج، فلو أن الشاب متوافرة لديه القدرة على الزواج، فلن يفكر في محارمه أو من سواهم، فالزواج وتيسيره على الشباب هو الحل الأمثل لتجاوز هذه الأمراض الاجتماعية التي نبتلى بها
ـــــــــــــــــــ
حصاد الفوضى.. جهل وانحراف ... العنوان
إضطرابات شاذة, تساؤلات أخرى ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله خيرا على هذه المساحة التي نعاني من اختفائها حتى نفاجأ بالزواج وثقافتنا الجنسية ضعيفة جدا، ولى سؤالان :
السؤال الأول:– هل يجوز لي أن أرى صورا جنسية لفتيات حتى لا أفاجأ في يوم الزفاف بأشياء أراها لأول مرة، فيكون الجهل بالعملية الجنسية والخوف من الخطأ؟
السؤال الثاني:– لي أخوات أحبهن جميعا بنفس القدر، ولكن الشيء الذي يقلقني دائما هو الشعور الدائم بالرغبة الجنسية تجاه إحداهن، مما يصيبني بالألم وعدم الأمان في حالة وجودها معي منفردين، فماذا أفعل؟
ومرة أخرى جزاكم الله خيرا.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...(45/78)
... أخي العزيز: شكرًا على ثقتك، وعلى أسئلتك المختصرة المفاجئة، وقبل كل ذلك على شجاعتك وصراحتك مع مشاكلك.
السؤالان اللذان تفضلت بهما يكشفان عن الوضع الذي وصلنا إليه في مسألة الجنس ثقافة وممارسة.
أنت يا أخي خريج جامعة تحمل البكالوريوس مثل الآلاف من شبابنا، وأغلبهم مثلك معلوماتهم عن الجنس مشوهة وناقصة ومشوشة، هذا "إن وجدت"!! وعلاقتهم بالجنس الآخر –الفتيات- مضطربة بين الإفراط والتفريط، ورغم أن الأغلبية تدرس في جامعات مختلطة، فإن مسألة إدارة هذا الاختلاط تبدو مسكوتًا عنها "في أغلب الأحيان"، فالقول بتحريم محض الاختلاط لا يحل مشاكله – على ما فيه من اختلافات فقهية - والنتيجة أن الثقافة الموجودة في رءوس إخواننا وأخواتنا في جامعاتنا المختلطة هي ثقافة غير نافعة، ولا تعينهم على التصرف فيما هم بصدده، سواء أكانت هذه الثقافة مستندة على تحريم محض الاختلاط – كما عند البعض - أو كانت قائمة على التحلل من كل ضابط ورابط في شأن العلاقة بين الجنسين... ولا حول ولا قوة إلا بالله. والنتائج كوارث، وقليل من الناس – أو العلماء تحديدًا - يفهمون هذا الواقع وضروراته فيتعاملون معه، وليس مع خيال في رءوسهم.
أعود إلى أسئلتك فأقول لك:
هناك كتب ومراجع كثيرة تقدم لك الثقافة الجنسية بشكل علمي، الأمر الذي لن تشرحه لك الصور الجنسية بحال من الأحوال. وهناك من إخواننا من ينصح – ونحن نؤيد ذلك - بقراءة كتب مثل: الجزء السادس من موسوعة "تحرير المرأة في عصر الرسالة" للأستاذ عبد الحليم أبو شقة "رحمه الله"، وهو خاص بالأمور الجنسية.
كما ينصح آخرون بكتاب "تحفة العروس" للأستاذ محمد مهدي الإستانبولي "على ما أذكر"... هذا إلى جانب كتب كثيرة متوافرة فيها الجانب التشريحي والفسيولوجي. وكذلك أذكرك بمطالعة موضوعات عندما يأتي المساء في صفحة " حواء وآدم" بهذا الموقع.
أما سؤالك الثاني فأقول لك فيه:
هذا الشعور تجاه أختك هو شعور مَرَضي منحرف، ولكنه مفهوم في سياق فوضى حياتنا الجنسية، مفهوم ولكنه غير مقبول على الإطلاق يا أخي العزيز. أنت ترى من أختك ما لا تراه من الأخريات لأنك من محارمها، فتراها بملابس النوم مثلاً... إلخ.
وهذه – كما تعرف - أمانة الله وأحكامه، فاتق الله، وابحث عن فتاة تحل لك تتزوجها، فالميل الجنسي لكل الفتيات أو لفتاة بعينها حلال... حلال... وتنال وطرك بالزواج، أما أختك فمساحة محرمة أشد التحريم، وإلا عدنا إلى أيام الجاهلية السوداء قبل أن يكون للناس قيم وأعراف وأديان، ورغبتك الجنسية تجاه أختك ضد الدين، وضد الفطرة.
بنات الناس أطهر لك، وفيهن الأجمل والأصلح بالحلال أما أختك فلا تنفرد بها – ما استطعت - واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، واشغل نفسك بما ينفعك في علم أو عمل، وابحث عن زوجة المستقبل لتوجه إليها عواطفك ورغباتك، وتشبع معها – إن شاء الله - شهوتك ولا تسمح لنفسك بمجرد التفكير المنحرف في أختك.
يا أخي هل ضاقت الدنيا أمامك؟!! البنات أمامك: الشقراء والسمراء، الطويلة والمتوسطة والقصيرة، البدينة والنحيفة على كل لون، ومن كل شكل فهل تترك مائدة عليها أنواع الطعام الشهي، وتتحول إلى طبق اللحم الحرام؟!! على كل حال ستزول هذه الأفكار والهواجس والمشاعر حين تجد الفتاة الموعودة فأسرع بذلك "اعمل معروف".(45/79)
واعذرني أنني أعلنت سؤالك مع تجهيل بياناتك حتى تعم الفائدة؛ لأننا يا أخي نعيش بلاءً لم يفتح أحد ملفه بعد، وهو "زنا المحارم"، والعياذ بالله. فأردت أن تكون إجابتي تنبيهًا للوقاية، وقطعا للطريق قبل حدوث المصيبة. وأتمنى لك حياة سعيدة تميل فيها برأسك إلى الخلف وتسرح – يومًا ما - وأنت مع زوجتك ووسط أبناءك، وتقول لنفسك: يا الله... أي أحمق كنت في شبابي؟!! رعاك الله وحفظك، احفظه يحفظك، وتجده تجاهك.
ـــــــــــــــــــ
زنا المحارم: سيف الجنس المسلول ... العنوان
الشهوة ... الموضوع
تحية طيبة وبعد، فإنني لا أعرف كيف أبدأ موضوعي؛ لأنه بصراحة مخجل لكوني امرأة ومتزوجة، وعندي طفلان، ولكن أرجو أن تتفهموا الموضوع بجدية، أولا: عندما كنت طالبة بالمدرسة في المرحلة الثانوية كنا جالسات أنا وزميلاتي نتحدث عن الزواج؛ لأن صديقتنا سوف تتزوج، وتم فتح موضوع كيف يفعل الرجل بالمرأة من الناحية الجنسية، وللأسف تكلمنا في أمور كثيرة، ومن هنا أصبحت تأتي لي هواجس جنسية، ودائما أفكر في الموضوع، وماذا يفعل الرجل في المرأة؟ ومن هنا قمت بالممارسة السرية خمس مرات في اليوم تقريبا، ثم قالت لي صديقة مقربة: إنها تحس بالأمور نفسها تماما.. وهذا قبل الزواج؛ فقمنا نذهب لحمام المدرسة ونعمل العادة السرية، بحك الفرج ، وكنا في غاية السعادة.. إلى أن تتطور الأمر وقمنا نشاهد أفلامًا جنسية، وقلنا في نفسنا: إلى متى ونحن نفعل العادة السرية؟ نريد شيئا يدخل فينا، وهنا كان الشيطان يوسوس لنا أن تغري كل واحدة منا أخاها الأصغر؛ وبالفعل تم ما أردنا؛ حيث أصبح أخي الأصغر وأخوها الأصغر يفعلان بنا ...... ... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... هذه هي المشكلة الثانية التي تصلنا في مسألة "زنا المحارم" وهو ملف نعفيكم من مطالعة أوراقه، ونرغب في الإشارة إلى أخطاره، ففي قصتنا هذه، والتي نعرض مقدمتها فقط، يظهر جليًا أثر الفراغ والجهل بشئون الجنس، واعتباره السر الصغير الذي تخفيه فتاتان مراهقتان، ثم يتحول إلى كارثة مكتومة باستقطاب الأخوة الذكور إلى نفس الحجر.. فأين المدرسة؟!
بل وأين الأسرة من هذا كله؟!! إن الجنس طاقة تحتاج إلى توجيه رشيد وإلا أصبح سيفًا يطيح بالرقاب.
إن غياب الدين الصحيح، والوعي السليم يمكن أن يجلب ألوانًا من الانحراف قد تكون أقرب إلينا مما نتصور لأن عمل النار سهل بسهوة، فلا يغفلن أحد عن رعيته التي استودعه الله إياها فإنه عنها مسئول يوم القيامة.
ـــــــــــــــــــ
نار في فراش العمة : ملف زنا المحارم ... العنوان
شبابي-جنسي ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..(45/80)
مشكلتي تبدأ عندما كنت في الرابعة عشرة من عمري، عندما كنت أذهب إلى بيت عمتي التي كان عمرها حينئذ 21 سنة، والتي كانت منذ دخولي بيتها حتى خروجي منه تقبلني في فمي وعنقي.. وأنا لا أهتم لهذه القبلات لأنها كانت عمتي.. وهنا بدأت مشكلتي!
واستمر هذا الأمر حتى سن الثامنة عشرة حيث تزوجت. وبعدها وعندما أصبح عمري 23 سنة أصبحت أذهب لأنام عندها في منزلها.. وكان زوجها يسافر كل أربعاء وخميس ويعود في الجمعة.. لأنها كانت تخاف أن تنام في منزلها مع طفلتها التي تبلغ ثلاث سنوات تقريبا.. وفي إحدى سفرات زوجها.. ذهبت لأنام عندها تلك الليلة اللعينة، وبعد أن نامت طفلتها حيث كنت أشاهد التلفاز حضرت إلى الغرفة، وبدأت تقبلني، وكنت أمتنع عنها لأني أخاف الله. وهي تقول بأنها لن تخبر أحدا، وحاولت أن أنهض وأصرخ كي تصحو طفلتها فكانت تقبلني أكثر ، وتثيرني لفعل الفاحشة .
بصراحة لم أستطع المقاومة فأنا إنسان ولست جمادا. فحصل الذي حصل، ولا أعرف ماذا أفعل اليوم؟ لا أستطيع أن أنظر في وجهها، وهي تتصل بي وتدعوني لبيتها وكأن شيئا لم يحصل. وأنا أفكر أن أقتل نفسي من شدة الموضوع. فبماذا تشيرون عليّ يا أهل العلم؟ وجزاكم الله خيرا.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يرتكب الإنسان الحماقات ثم يذهب يسب الدهر والليل والنهار، وهم لم يذنبوا ولم يدعوه للخطأ!! فالحقيقة أن الليلة ليست هي اللعينة.. ولكن الخطأ على من يرى مقدمات الخطيئة أمام عينيه فيتجاهلها ويسعى إليها ويستمرئها في ليالٍ عديدة سابقة.. فإذا ما وقعت الواقعة.. لعن الليلة!! ولا أدري ما ذنب الليلة فيما حدث فيها؟ فعمتك تقبلك في فمك وعنقك وهو أمر غير طبيعي يستطيع إدراك خطورته وشذوذه أي صبي صغير، ومع ذلك سنعتبر أن عمرك في بداية الأمر لم يكن يكفي لفهم خطورة ما تفعله عمتك معك، فهل استمرار هذا السلوك حتى سن الثامنة عشرة، أي لمدة 4 سنوات كاملة لم يلفت انتباهك؟! ألم تسأل أحدا؟! ألم تستشر أحدا؟! أظن أن الثقافة البسيطة لابن الثانية عشرة ستجعله يدرك خطأ هذا الأمر وخطورته، ولكن يبدو أنك أحببت ذلك واستمرأته وتمتعت به، والعمة تدرك ذلك، وأنت تدرك ذلك وتتغابيان أو تتعاميان عما لا يمكن التغابي عنه!!
وليت الأمر قد انتهى عند هذه الكارثة، وقد سترها الله عليكما، ولكنكما لم تتورعا عن إعادة الكرة مرة أخرى.. فالعمة يغيب زوجها، وتخاف أن تنام وحدها، ولا يوجد أحد في العالم ليؤنس وحدتها ويذهب مخاوفها إلا أنت!! وتذهب وأنت "خالي الذهن"، "سليم القصد" فأنت تخاف الله كما تقول في رسالتك!! وتجلس تتفرج على التليفزيون في براءة، ولكن الطفلة تنام ورياح الليلة اللعينة تجعل هذه العمة فجأة تقوم بسلوك "مفاجئ" لم تعهده عليها!! وهى أنها تقبلك، ولكنها زادت هذه المرة بأن خلعت ملابسها ... إلخ، فلم يكن أمامك إلا أن تزني بإحدى محارمك، وتعلل ذلك بأنك إنسان ولست جمادا!!(45/81)
فهل من معالم الإنسانية أن يلقي الإنسان نفسه في النار، وهو يعلم تماما أنها نار ثم يصرخ عندما يحترق؟! ويقول لقد احترقت لأنني إنسان ولست جمادا!! أتستهين بعقلك؟! أم تستخف بربك الذي يراك ويسمعك ويعلم ما تخفي نفسك؟! ألم تتوقع من عمتك وتاريخها معك بهذه الصورة أن تصل لهذه الدرجة؟!! ثم تبعث تسأل: ما العمل فالعمة تتصل وتدعوني لبيتها، وكأن شيئا لم يحصل لأنها فعلت ذلك لمدة 4 سنوات كنت تعود إليها وكأن شيئا لم يحصل!! فلماذا تغيرت أنت هذه المرة؟!!
إذن فليس غريبا أن تعاود الاتصال، وتتوقع استجابتك لأن سوابقك في التمادي تغري بالمواصلة.
لا تقتل نفسك فهذا أمر لن يريحك بعدما ارتكبته، ولكن تب إلى الله الذي تقول إنك تخافه.. فليس أمامك غيره تلجأ إليه، واقطع علاقتك من غير تفكير أو اتصال أو مقدمات أو مبررات بهذه العمة.. ولا تحاول أن تقدم لنفسك أي اعتذار عن أية محاولة حتى لرؤيتها، فلا ترد على اتصالاتها، وابتعد تماما عن طريقها أو أي مكان هي موجودة فيه.
وحاول أن تحصن نفسك بالزواج والإحصان كتوبة عملية عما ارتكبته من جريمة في حق نفسك أولا وفي حق زوج هذه العمة الذي استأمنك على عرضه فخنت الأمانة، ولم تؤدها عسى الله أن يتوب عليك ، وهو سبحانه يتوب علي من تاب توبة نصوحاً يتوقف فيها عن الفعل المشين ، ويندم علي ما فات منه ، ويعزم علي عدم العودة إليه ، ونقطة البدء أن تعترف أمام نفسك بأنك أخطأت أنت ، وتلك العمة المنحرفة بدلاً من لعن الليالي ، وتفعل مثل كثيرين بتعليق الأخطاء علي مشجب الظروف ..
ـــــــــــــــــــ
وسواس التحرش بالأم.. ليس عقدة أوديب ... العنوان
الوسواس القهري والإدمان ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أريد طرح معاناتي عليكم التي ترددت كثيرا قبل أن أفكر في إرسالها إليكم، ولكن بعد أن قرأت أجوبتكم والحلول الناجعة التي تقدمونها لأصحاب المشاكل، أكتب معاناتي إليكم وأرجو من الله تعالى أن تفيدوني فيما سأذكر، وأعتذر عن طول هذه الرسالة لأنني سأذكر لكم كل التفاصيل.
أنا شاب في الـ27 من عمري، وأنا ملتزم والحمد لله، وأصلي منذ كان عمري 10 سنوات، وأحفظ سورا من كتاب الله عز وجل.
وأنا مصاب حاليا بمرض الوسواس القهري، وقد بدأ معي هذا المرض منذ حوالي 7 سنوات، أي أصبح تأثيره عليَّ بشكل مزعج للغاية، وخلال هذه السنوات ذهبت لأكثر من طبيب نفسي وتعالجت لكن لم أشف منه تماما، وخلال هذه الفترة تراوحت شدة هذا المرض عليّ بين الأذى الشديد على نفسيتي وتصرفاتي، والخفة حسب الظروف والأوضاع التي كنت أمر بها، ولكنني فعليا حتى الآن مصاب بهذا المرض.
وإضافة لمعاناتي الشديدة من هذا المرض أنا مبتلى بمصيبة أخرى وهي شهوة المحرمات وبالذات الأم (أو ما يسمى بعقدة أوديب).. نشأت في أسرة ملتزمة وتربيت تربية جيدة، ولكن أظن أن بعض السلوكيات الخاطئة من أهلي عن غير قصد وبعض المواقف التي تعرضت لها في صغري أثرت بشكل كبير على مشكلتي الثانية؛ حيث أذكر أنني حتى عمر 6 أو 7 سنوات كنت أنام مع أهلي بنفس الغرفة ومع أختي الأصغر مني على نفس السرير،(45/82)
ولكني لا أذكر أي موقف حصل معي خلال هذه الفترة، إلا أنني ذات مرة فتحت باب الحمام فوجدت أمي وأبي يغتسلان وهما عاريان تماما، وقد بقيت هذه الصورة في ذاكرتي وكنت في السابعة من العمر تقريبا.
وكنت أيضا ألعب مع أخواتي البنات الأصغر مني سنا حتى الثانية عشرة من عمري، وكنت أحيانا ألتصق بهن وكنت أشعر ببعض الشهوة وتوقفت عن ذلك، حيث أخبرت أختي الصغرى أختها بذلك فواجهوني وتحججت بحجة صدقوها وبعدها أوقفت هذا العمل.
وأذكر أيضا أني تعرضت في صغري لمضايقات أو تحرشات جنسية من كبار السن (في الحديقة أحيانا كان بعض الغرباء يلتصقون بي من الخلف وأنا ألعب على الكمبيوترات) ولم يتعد الأمر أكثر من ذلك.. وكنت أيضا في هذا العمر ألعب أحيانا مع أصدقائي الذكور ونلتصق ببعض من الخلف على سبيل المزاح فقط لإثارة الشهوة بلباسنا الكامل فقط. وكذلك لم يتعد الأمر أكثر من هذا.. وهذا الشعور بقي يلازمني بداخلي (أي التفكير بالشهوة مع المحرمات) حتى مرحلة بلوغي بين 15 و16 سنة.
ومرة زارتنا عمتي ونامت بنفس غرفتنا على سرير ثان فوضعت يدي أثناء نومها في مناطق حساسة من جسدها (حصل ذلك مرتين). وقبل ما سبق لم يكن هناك أي شعور شهوة تجاه والدتي، ولكن في سن الـ16 من عمري كانت أمي نائمة وبمجرد أن شاهدت يدها المكشوفة أمامي تأجج بداخلي شعور الشهوة تجاهها وأصبحت بدون عقل ولم أفعل أي شيء، إلا أني أخذت ثيابها وصرت أشم رائحة ثيابها الخارجية والداخلية لإطفاء النار التي بداخلي. وبقي هذا الشعور معي لمدة 4 أيام عشت خلالها مرارة لا توصف وبعدها عاد إلي الوعي وأحسست بفداحة ما ارتكبت تمنيت وقتها لو أموت أو أقتل نفسي وأحسست أني سأدخل نار جهنم لا محالة نتيجة لما فعلت.
ومضت الأيام وأنا أدعو ربي ليغفر لي ما فعلت.. ولكن بعد 6 أشهر تقريبا عاد لي ذلك الشعور وعشت ما عشت من عذاب ومرارة، وكنت أحاول التقرب من والدتي والالتصاق بها بدون أن تحس بشيء، وهي لا تعلم بعد بأي شيء.. وبقيت هذه الحالة تروح وتجيء خلال فترات متقطعة، والذي كان يؤججها أني كنت أنظر لأمي، وغالبا كان لباسها عاديا ولا يثير أي شهوة، ولكني كنت أرى أي شيء يثيرني وبالذات الصدر وتعود لي هذه الحالة التي أصبح خلالها كالشيطان وأفقد تركيزي وأرتجف وأتمنى أمي...
بعد ذلك بحوالي سنة دخلت مرحلة الوسواس القهري (ولا أخفيكم كنت قبل ذلك موسوسا ولكن بشكل بسيط ولم يكن لذلك أي أثر على سلوكياتي أو إرهاق نتيجة ذلك).
وبدأ الوسواس معي بأفكار سب الله عز وجل وبأبشع العبارات والألفاظ التي تدور في رأسي، وكنت أعتقد أني كفرت وخرجت من الملة ثم أدخل وأستحم وأتشهد من جديد لأدخل الإسلام من جديد.. استمر ذلك معي 10 أيام ظهر أثر ذلك على تصرفاتي وسلوكي فتحدثت مع أبي من شدة ألمي بهذه الوساوس، وطمأنني أنها مجرد وساوس لا يحاسبني الله عليها.
ارتحت قليلا وهدأت نفسي لكن الوساوس لم تذهب نهائيا، وتعددت بعدها أشكال هذه الوساوس، فمنها ما يصيب أي شخص من أعراض بهذا المرض ومنها ما يخطر ببالي كخوفي من مرض الإيدز وما إلى ذلك من وساوس.. وفي هذه المرحلة خف شعوري قليلا تجاه والدتي... ولكن لم يلبث أن رجع مرة ثانية وكنت عندها في الـ21 من عمري ولكن هذه المرة بصورة أشد؛ حيث أنني طلبت من أمي فقط أن أنام معها وأن تضمني على صدرها وأن تعاملني بحنان فأحست أنني غير طبيعي ومتوتر فصارحتها بالحقيقة، وقالت لي هذه وساوس من الشيطان، وطلبت(45/83)
منها أن نذهب لطبيب نفسي، وبالفعل ذهبنا لطبيب له اسمه في هذا المجال وأخبرته بكل شيء تجاه الوساوس وتجاه والدتي، ووصف لي أدوية وحقنا، وبالفعل بدأت العلاج ومن شدة سوء حالتي أحسست وقتها بتحسن وبالفعل تحسنت.
وخلال مدة العلاج أيضا كان الشعور تجاه والدتي يعاودني بين الفينة والأخرى.. وتابعت العلاج مدة 5 أشهر وكنت أراجع الطبيب خلالها إلى أن طمأنني الطبيب أنني عدت إلى طبيعتي، ولكن بداخلي شعور أن مشاكلي ما زالت عالقة وبالذات تفكيري بوالدتي.. فممكن أن يعود بأي لحظة..
وبعد مراجعتي للطبيب عرفت أن هذا الشعور تجاه والدتي سببه مرضي وبالتالي لم يعد ضميري يعذبني كما كان سابقا وهنا المصيبة الكبرى.
لكن وساوس جديدة عادت لي من جديد بعد سنة تقريبا وبالذات في شهر رمضان (أغتسل وأظن أني لم أطهر بعد. وكنت أحس في كثير من الأوقات أنني جنب وأنا فعليا لست كذلك) وعشت بالعذاب من جديد إلى أن صارحت صديقا لي بهذه الوساوس فأراح نفسي قليلا وساعدني وتحسنت قليلا..
ذهبت بعدها إلى الخدمة الإلزامية وتغيرت أشياء كثيرة بنفسيتي فقد خفت وساوسي في أمور كثيرة كالطهارة والاغتسال.. ولكن حدثت معي بعض المشاكل الشخصية تتعلق بالخدمة العسكرية وعادت أموري إلى أسوأ مما كانت عليه سابقا.. فدخلت في مرحلة اكتئاب نفسي شديد حيث لا نوم ولا طعام ونزل وزني حوالي 10 كيلوجرامات في شهر واحد.. راجعت بعدها طبيبا نفسيا آخر وتحدثت له عن حالتي وعن شعوري تجاه والدتي أيضا فوصف لي أدوية استمررت عليها لفترة 5 أشهر وعانيت من آثارها كثيرا كالنوم الطويل والعميق والشرود كثيرا.. وداومت على مراجعة الطبيب النفسي وتحسنت حالتي قليلا وقال لي سأوقف الدواء بعد فترة..
ولكن شعوري تجاه والدتي عاد لي وطلبت منها بعد أن عرفت بذلك أنني بحاجة لحنانها ولا مشكلة إذا عاملت الأم ابنها بحنان كأن تضمه على صدرها أو ترضعه حتى وهو كبير فتعاطفت معي وقامت بذلك ولم يتجاوز الأمر أكثر من ذلك.. شعرت بعدها أني شفيت من هذا الشعور حيث لم أعد أفكر بوالدتي كالسابق..
وفي هذه الفترة تعرفت على صديق (طبيب) وهو إنسان مثقف وملتزم ارتحت له وصارحته بكل شيء عن وساوسي وحتى عن شعوري تجاه والدتي، فأخبرته بما فعلت مع أمي؛ فقال لي بالحرف الواحد: "إن سبب كل مشاكلك النفسية ووساوسك هو تفكيرك بأمك جنسيا وإنك يجب أن تبتعد عنها ويجب عليك أن ترتبط مباشرة؛ حيث إن الارتباط يساعدك على النسيان".. شكرته على نصائحه القيمة ووعدته بأن أحاول فعل ذلك، وحاولت ولكن لم أنجح بالارتباط بأي أحد.
بعد انتهائي من الجيش توظفت وللأسف الشديد بعد حوالي 6 أشهر عاودني هذا الشعور الفظيع وبصورة أبشع من السابق حيث فكرت بأمور لا تخطر على البال (تخدير أمي واغتصابها...) وفي هذه الساعة التي كانت تجيئني كنت واثقا لو أن أمي سلمتني نفسها لارتكبت بها الفاحشة وكأنني وحش مفترس. وطلبت من أمي مرة أخرى أن تفعل معي ما فعلته بالسابق ولكنها رفضت بعد أن عرفت فداحة ما فعلت سابقا فحاولت مرة أن أجعلها تضمني غصبا عنها فضربتني وبكت.. وزاد الندم بداخلي وزاد الألم النفسي وتأنيب الضمير.. ولمحاولة نسيان ذلك حاولت ارتكاب الزنا خارج البيت مرتين ولكن الله بشكل أو بآخر منعني من ذلك.. ارتكبت المقدمات ولم أرتكب(45/84)
الزنا الكامل.. ولم أكن أتصور أن أقدم على فعل الزنا في حياتي لكن حالتي كانت صعبة جدا، وهذا أرحم مما كنت أتخيل..
إلى أن جاءتني فرصة سفر إلى الخارج للعمل ففكرت في أن أسافر لأتخلص من هذا البلاء الأعظم، وبالفعل سافرت وتوقعت أن تسوء أخلاقي في الغربة ولكن حدث العكس تماما.. التزمت أكثر من السابق وحفظت سورا قرآنية جديدة وصرت أصلي الصبح حاضرا ولم أكن أصليه في بلدي.. مع أن الفاحشة متوفرة بشكل سهل جدا في هذا البلد.. وللأسف لي في هذا البلد سنة كاملة وبين الفينة والأخرى يعود شعوري تجاه والدتي؛ الأمر الذي يجعلني أكرهها وذات مرة تمنيت أن تموت هي أو أموت أنا كي أرتاح من ما أصابني..
وفكرت بالانتحار أكثر من مرة ولكني أعلم أن الانتحار سيودي بي إلى نار جهنم لا محالة، مع العلم أنني في كثير من الأحيان أتمنى أن أفكر بأمي كأم وأن أحصل على حنانها كأم، ومع أن كل ما تقوله لي لا آبه به بسبب شعوري تجاهها، إلا أنني أنفذ وصاياها بصورة قسرية وغصبا عني وكأن علاقتي بأمي هي علاقة عضوية وليست علاقة عادية.. وقد سافرت لكي لا أعق أبي وأمي وأنا أعلم ما مصير عاق الوالدين، وأنا أحب أبي ولا أكرهه.
وفي الغربة تعودت على الاستقلالية والاعتماد على نفسي، ولكن الآثار التي أعاني منها في هذه المرحلة هي:
- الانعزالية حيث أحب اللجوء إلى العزلة في كثير من الأوقات، ولي مشاكل مع كثير من أصدقائي بسبب ما يدور في داخلي من عقد نفسية.. ما حل هذه المشكلة برأيكم؟
- الوسواس القهري ما زال يصيبني بعدة أشكال ولكني تعودت عليه ولم أعد أعيره اهتماما كبيرا. وفي هذه الفترة يصيبني وسواس أني سوف أتبول لا إراديا إذا تحركت بصورة خاطئة أثناء الركوع أو أثناء القرفصاء، وهذه المشكلة معي منذ سنتين وتضايقني كثيرا فتحد من تحركاتي كثيرا.
برأيكم: هل هناك حل لها؟ وأظن أن سببها الرئيسي هو تفكيري في أمور الجنس كثيرا؛ وهو ما يؤثر ذلك على عضوي دائما ويجعله في حالة من التهيج. وألفاظ الكفر لا تزال تطاردني أحيانا ولكني موقن أن الله لا يحاسبني عليها؛ لذلك لم تعد تؤثر علي..
- متردد كثيرا قي قراراتي ولكني في النهاية أرضى بما قررت.
- أتأثر كثيرا بالكلام الذي أسمعه؛ حيث إن أقل إساءة أتعرض لها لا تستحق أي وقوف عندها أبقى وأفكر فيها حوالي شهر وتسبب لي ألما نفسيا شديدا إلى أن أنساها حتى يذهب هذا الألم.. وما هو حل هذه المشكلة برأيكم؟
ولكني في نفس الوقت إنسان ذكي وناجح في عملي وأشعر أن الله يحبني ويختار لي الخير دائما. وأحب الخير للناس مع أن أفكارا مؤذية تدور في ذهني تجاه من حولي لو أنفذها لآذيتهم بصورة كبيرة ولكنها مجرد أفكار بسبب الوسواس القهري.. وأشعر بمراقبة الله لي دائما وأحاول دائما أن أنصح إخواني البعيدين عن الله وأشعر أن هذه ملكة من الله (الدعوة إلى الله وإصلاح الآخرين) سيحاسبني الله عليها يوم القيامة..
قرأت كل ردودكم فيما يتعلق بموضوع الوسواس القهري وزنا المحارم والتحرش بالمحارم.. ولا أريد أن أعود للعلاج النفسي؛ لأنني أعرف بأنه لن يشفيني من هذه العلل؛ لأن شخصيتي تركبت على هذا الأساس. والأدوية النفسية غير كافية بنظري لإصلاح الشخصية وكذلك جلسات العلاج السلوكي.. وسبق أن جربته وعانيت كثيرا منه ومن آثاره الجانبية ولم يشفني إلا بقدر بسيط فهو كان مجرد مهدئ لي لكن أساس المشكلة لم ولن يحلها أبدا..(45/85)
أريد أن أسألكم: هل هناك أمل في تحسن حالتي النفسية المركبة هذه، مع العلم أني أدعو الله دائما أن يشفيني، وأعتقد أن ما يحصل معي هو عقوبة إلهية نتيجة ما اقترفته؟
ولي استفسار آخر: هل الزواج يساعدني في الشفاء من هذه الأمراض، مع أني أخاف كثيرا من أن تعود لي هذه الأفكار بعد الزواج وأن تؤثر على علاقتي بزوجتي؟ مع أن لي رغبة كبيرة جدا بأن أحصل على الحنان والجنس بصورة ترضي الله عز وجل، حيث أخاف أن أفكر بأولادي جنسيا حيث أصبح التفكير الجنسي يتعبني كثيرا، وبمجرد رؤيتي لأي امرأة قريبة أو غير قريبة أتخيلها جنسيا (كيف لا وأنا أعاني من شعور منحرف تجاه أقرب شخص لي وهو والدتي؟).. حتى إني أخاف أن أحمل أيا من أبناء إخواني وأخواتي الصغار كي لا يراودني هذا الشعور.. وأنا أعارضه بشدة.. صلب سؤالي هل الارتباط يساعدني على نسيان السابق؟ أرجو إفادتي، وجزاكم الله خيرا، وأدامكم ذخرا لشباب هذه الأمة.
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخ العزيز..
أهلا وسهلا بك على مشاكل وحلول، وعساك بعد قراءة هذا الرد الذي أسأل الله أن يوفقني في تسديده وأن يهديك إلى العمل بما فيه، عساك تندم على التردد الكثير -والمضيع للوقت بالتالي- في إرسال المشكلة إلينا، ولا داعي للاعتذار عن طول الرسالة فقد ذكرت تفاصيل مهمة بحذافيرها، وقد اشتقت أنا لقراءة تفاصيل الموسوسين؛ فالموسوس خير من يتردد في البوح، وخير من إذا ما باح فصل ووضح، حياك الله إذن على مشاكل وحلول.
تقول إن المرض بدأ معك من سن العشرين، ولكنني أملك رأيا آخر هو: أنت على أغلب الظن منذ البداية موسوس، أي أن استعدادك للوسوسة موجود معك منذ الطفولة وربما بدت علاماته السلوكية أو المعرفية عليك ولم ينتبه أحد، ولتعرف ويعرف أصدقاء صفحتنا تلك العلامات اقرأ عن الوسواس القهري في الأطفال، أو ربما لم يرَ أحد أصلا أكثر من أنك طفل دقيق ومنظم أو قلوق ومتعجل إلخ ذلك، لكن الشاهد أن علامات قديمة غالبا ظهرت عليك وانتبه لها أو لم ينتبه أحد، لكنك قلت: "ولا أخفيكم كنت قبل ذلك موسوسا ولكن بشكل بسيط ولم يكن لذلك أي أثر على سلوكياتي أو إرهاق نتيجة ذلك".
لم أقرأ في إفادتك جديدا عما اعتدت سماعه من مرضاي، بما في ذلك فكرة التحرش الجنسي بالمحارم التي تعذب كثيرين منهم وإن كنت أَلِفت سماعها تجاه الأخت أو بنت الأخت أكثر من كونها تجاه الأم، إلا أن الجديد في حالتك هو الاندفاع في الاستجابة القهرية لفكرة "التحرش الجنسي بالأم" التسلطية؛ حيث وصل بك الحال أن تطلب منها ما ذكرت أنك طلبته، بل وفعلته حين قلت: "ولا مشكلة إذا عاملت الأم ابنها بحنان كأن تضمه على صدرها أو ترضعه حتى وهو كبير، فتعاطفت معي وقامت بذلك ولم يتجاوز الأمر أكثر من ذلك"، هذا مرفوض بكل المعايير ولا يمثل عندي إلا استجابة للفكرة التسلطية التي لا يصح أن تقبلها ولا أن تستجيب لها تحت أي ذريعة، وحتى لو(45/86)
برر لك المعالج التحليلي ذلك، وأقول لا يصح لأنني أعرف أن الاستجابة لفكرة تسلطية بتنفيذ ما تلح عليك به أو حتى مقاربة تنفيذه مثلما فعلت لا تفيد في العلاج؛ بل تضر حتى وإن منحتك راحة مؤقتة مثلما حدث معك.
وعندي جملة وردت في إفادتك وتستلزم التعليق والتفنيد والتوضيح هي قولك "وبعد مراجعتي للطبيب عرفت أن هذا الشعور تجاه والدتي سببه مرضي وبالتالي لم يعد ضميري يعذبني كما كان سابقا وهنا المصيبة الكبرى"، لم تفهم الطبيب أنت جيدا أو لم يحسن هو التوضيح لك، فأن تخطر فكرة الجنس مع الأم على بال أحد ليس مرضا بل يمكن أن يقذفها الوسواس الخناس في عقل أي بني آدم، لكنه ما لم يكن مصابا بالوسواس القهري ينهيها بالاستعاذة بالله وبالاشمئزاز، ولكن ليس معنى ذلك أن تصل بك الأمور إلى أن تفعل ما فعلت، خاصة أنك بنيته غالبا على قول الطبيب لك أن سببه المرض؛ فالمرض سبب تحول الوسوسة العابرة إلى الفكرة التسلطية أساسا، وإلى حد أقل هو سبب تحرك مشاعرك، لكن لا تكفي شدة المرض عادة لأن تفعل تلك الفكرة على المستوى السلوكي، فكل من عالجتهم أو ساعدتهم على الشفاء -بفضل الله وحده- لم ينفذوا ما تدفعهم إليه الفكرة التسلطية ما دام مرفوضا فلم تذبح بنتها موسوسة (وسواسها أنها ستذبح بنتها، رغم مضي عقدين من الزمان على عذابها)، ولم يتحرش بابنته من عاش سنين معذبا بوسواس أنه سيعتدي عليها... عندي أمثلة كثيرة ولكنني سأكتفي بهذين.
أعرف أنك مريض وأنك بعد طول معاناة من إلحاح تلك الفكرة المتضافر مع الحافز الجنسي المتقد لديك كمراهق، ومع عدم اتباع الأسرة -كما في كثيرٍ من بيوتنا- لما جاء في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم (النور: 58)، وأعرف أنك عانيت كثيرا من إلحاح هذه الفكرة التسلطية، وسبب معاناتك ليس أنها فكرة غريبة عجيبة ولا تخطر على بال الناس فهي يمكن أن تخطر على بال أي إنسان، وإنما لأنها وجدت في بنيتك المعرفية استعدادا للوسوسة، وللاندفاعية في ذات الوقت؛ فالاندفاعية -أو التهور- هي الوجه الآخر لعملة الوسواس القهري.
مرت بك من الأفكار التسلطية والأفعال القهرية أشكال وأصناف ناقشناها من قبل في إجابات عديدة لنا منها: الأفكار الكفرية ، والرعب من الجنس ، كما تعرضت أيضا لوساوس الطهارة والاغتسال، وتحسنت أحيانا وتعرضت للانتكاسات المرضية للوسواس القهري ، كما تعرضت أيضا للاكتئاب المصاحب للوسواس القهري، وقد وصفت اكتئابا أصابك وفقدا للوزن وصل إلى 10 كيلوجرامات في شهر واحد أثناء الخدم الإلزامية، وواظبت على معالج ومعالج لم تجد للعذاب نهاية، ولذلك كثيرا ما قررت الاستسلام.
وأعرف أنك أيضا تعرضت لغير ذلك ولم تذكره لنا على أغلب الظن، فأنت مشغول بما يعذبك الآن من أفكار وأفعال، وأخبرتنا أنك ناجح في عملك برغم ذلك كله وهذه نقطة قوية ستفيد في العملية العلاجية، ورحت تطلب منا أن نضع لك حلولا للمشكلات، دون علاج عقاري متعب كما وصفته ودون علاج نفسي لأنك تعرف أن الشخصية لن تتغير!
وهذه نقطة أخرى جديرة بالنقاش فمن قال لك إن الشخصية لا تتغير؟ لا بد أنه أحد المتبعين لأفكار سيجموند فرويد ونظريته التحليل النفسي، فهو كلام يخرج من مفهوم الحتمية النفسية الذي وضعه فرويد ليؤكد أن سنوات تشكل الشخصية الأساسية هي السنوات الخمس الأولى من العمر، وأن ما حدث في تلك السنوات يظل بصمات(45/87)
تطبع سلوك الشخص طوال حياته، وهذا كلام سرعان ما تغير فيما بعد، ومدد الغربيون فترة إمكانية التغيير حتى أواخر المراهقة ثم حتى ما قبل الخامسة والعشرين ثم مددت حتى الأربعين، لأن هناك نظريات أكثر إنسانية واجتماعية من نظرية التحليل النفسي، وأصبحنا نعرف أن التغيير المعرفي والسلوكي بالتالي ممكن في أي مرحلة من مراحل العمر بشرط أن يؤدي العقل أداء سليما أي قبل حدوث تدهور في الوظائف المعرفة للمخ، صحيح أننا كلما تأخرنا صار التغيير أصعب والمجهود المطلوب أكبر وأعسر، ولكنني أرفض جملة مقولة: "إنك لن تستفيد من العلاج المعرفي السلوكي لأن شخصيتك تشكلت".
أما عندنا نحن في أسس العلاج في الطب النفسي الإسلامي فإن التغيير ممكن بشرط أن يكون توجهنا لله عز وجل، ويكون ميدان تفاعلنا طبا نفسيا إسلاميا لا يغفل دور الدين والالتزام فهما وتطبيقا، وأضرب لك مثلا بقصة في حديث نبوي شريف رواه عن الطبراني بسند جيد عن ابن عمر، قال: جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله سبعة رجال، فأخذ كل واحد من الصحابة رجلا وأخذ النبي صلى الله عليه وآله رجلا فقال له: ما اسمك قال: أبو غزوان، قال: فحلب له سبع شياه فشرب لبنها كله فقال له النبي صلى الله عليه وآله: هل لك يا أبا غزوان أن تسلم؟ قال: نعم فأسلم، فمسح رسول الله صلى الله عليه وآله صدره فلما أصبح حلب له شاة واحدة فلم يتم لبنها، فقال: مالك يا أبا غزوان؟ فقال: والذي بعثك بالحق لقد رويت قال: إنك أمس كان لك سبعة أمعاء، وليس لك اليوم إلا معى واحد: ثم ضعف هذا الحمل" صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم، فهل تصر على أن التغيير لا يمكن أن يحدث؟
وأضيف لك أيضا أنني لم أجد من بين من عالجت من المدمنين على مدى ما زاد على عقد من الزمان من شفاه الله منهم فعلا وتابعته سنوات بعدها وما زلت على صلة إنسانية بهم إلا الذين اتجهوا للتدين الصحيح، وأعمار بعضهم كانت فوق الثلاثين.
وأما سؤالك عن الزواج وهل هو علاج أم لا؟ فالزواج يفيدك لا جدال، لكن عليك أن تكون صادقا مع من تخطبها وأن تخبرها بمعاناتك التي تسعى لعلاجها وتعرف أنها إن شاء الله قابلة للشفاء، ويساعدك الزواج على متابعة العلاج من خلال التخفيف من الضغوط النفسية والوحدة والانعزال وكذلك الحافز الجنسي وغير ذلك، لكن من المهم أن أؤكد أن الزواج ليس علاجا للوسواس، وإنما علاج المتزوج أسهل من علاج العزب، خاصة إذا كان للجنس علاقة بوساوسه.
إذن تهربك من العلاج لا أوافق عليه واستسلامك للمرض لا أوافق عليه، خاصة أن الإجابة على تساؤلاتك الباقية لا تصح إلا من خلال علاج معرفي سلوكي عقاري (والماس والماسا أي عقاقير علاج الوسوسة ليست مسكنات ولا مهدئات)، واقرأ على سبيل المثال: وسواس القولون عند المسلمين قصة نجاح ، وأيضا الوسواس القهري.. تجارب ناجحة، وتحرك في طلب العلاج وتابعنا بأخبارك الطيبة إن شاء الله.
ـــــــــــــــــــ
زنا المحارم في مذكرات طبيبة نساء
الدكتورة هالة مصطفى**
توجهت إلى الله من كل قلبي داعية أن يؤخر ميعادنا وحسابنا، بعد أن ظهر الفساد في البر والبحر، وبعد أن أزكم دخان الفواحش أنوفنا، فماذا لو وقفنا الآن أمام الله وسألنا جميعا عن الحرمات التي انتهكت وعن ذلك الدين الذي(45/88)
قطعت حبائله.. جرى على لساني هذا الدعاء وتجسد أمامي مشهد يوم القيامة بعد أن وقفت تلك الفتاة ذات السابعة عشرة من عمرها وبجوارها أمها وقد نزل عليها خبر حمل الفتاة كالصاعقة، لم تتوقع الأم أبدا أن ابنتها العذراء والتي لا تخرج من البيت إلا قليلا ولا تختلط بأحد أن تحمل سفاحا.
أمام انهيار الأم المسكينة حاولت معرفة من اقترف هذا الفعل الأثيم مع هذه الفتاة؛ حتى تستطيع الأسرة إدراك الخطأ وعلاجه، خاصة أن الحمل قد تجاوز الأشهر الستة ولكن الفتاة أصرت على الإنكار، وادعاء أنها لا تعرف كيف حدث هذا في بلاهة مستفزة. انصرفت الأم وابنتها التي ما لبثت إلا أن عادت لتهمس في أذني بخبر سقط عليّ أنا هذه المرة كالصاعقة، أخبرتني بأن صاحب هذه الفعلة هو خالها الذي يكبرها بخمسة أعوام، إنه الخال الذي كانت تخرج الأم وتغيب عن البيت وهي مطمئنة أن الابنة في أمان معه، وقالت الفتاة إن خالها قد اعتاد على ملامستها منذ عام، ولكن لماذا لم تقاوم الفتاة؟ ولماذا لم تخبر أحدا؟ سؤال ألح عليَّ كثيرا.
ضرورة التحرك
إنها مأساة تكررت أمامي كثيرا ولكن لا أدري لماذا هذه المرة استوقفتني تلك الحالة، ربما لأن الحمل قد تجاوز الفترة التي يسمح فيها بالإجهاض، ربما لأني وجدت أن مجرد الاكتفاء بتأنيب الفتاة على صمتها واستسلامها ولوم الأسرة على تفريطها وتساهلها لا يكفي، ولا بد من أن يكون هناك جهد أكبر، لا أدري.. لكن الذي أدركه تماما أنه لا بد من أن يكون هناك جهد مشترك من الجميع لمواجهة هذه الكارثة المروعة الموجودة فعلا في مجتمعاتنا، والتي اسمها زنا المحارم.
قمت بإحصاء حالات زنا المحارم التي صادفتها خلال 10 سنوات من العمل فوجدتها -بفضل الله- ليست بالكثيرة، ولكنها موجودة، وهذا حتى لا يظن الناس أن الفحشاء تفشت إلى درجة كبيرة في أسرنا، ولكن من المؤكد أن ظهور مثل تلك العلاقات المشوهة إنذار للمجتمع بأسره بأن هناك مرضا خطيرا تسلل إلى الأسرة ولا بد من مواجهته بكل شجاعة حتى لا يتحول إلى طور الوباء.
تحمل من شقيق زوجها
جاءتني إلى العيادة تشكو من انقطاع الدورة الشهرية لمدة 3 أشهر، وبسؤالها عن العلاقة الزوجية لاستبعاد أن يكون هناك حمل قالت إن زوجها مسافر منذ 9 أشهر، ظننت أن الحالة "انقطاع ثانوي للدورة" وقبل أن أبدأ بالكشف عليها سألتني وهي في قمة الخوف: هل من الممكن أن تحمل المرأة منذ 9 أشهر ثم يختزن الحمل داخلها ولا يظهر إلا بعد ذلك؟ وأمام هذا السؤال الغريب طلبت على الفور منها عمل تحليل للحمل فشهقت السيدة التي كانت بصحبتها، وقالت: "يا دكتورة أي حمل وزوجها على سفر؟"، لكني كنت مصرة على عمل التحليل قبل الكشف، وهو ما تم بالفعل، وجاءت نتيجة التحليل كما كنت متوقعة، حيث كانت حاملا بالفعل، فأخذت تصرخ وتبكي مكررة سؤالها الغبي: هل ممكن أن يكون حملت منذ 9 أشهر قبل أن يسافر زوجي؟.
أمام هذا الاستخفاف والتهاون من جانبها صرخت في وجهها بقولي: ألم تكتفي بالزنا بل تريدين إلصاق الجنين بغير أبيه إمعانا في المتاجرة بحدود الله؟ فراحت تبكي وتبرر ما حدث بأنه كان غصبا عنها، فقد اعتادت على ممارسة الجنس مع شقيق الزوج الذي يقيم معها في منزل العائلة، حيث كانت تضع له الطعام عندما يعود من العمل متأخرا ويكون جميع من بالمنزل نائمين، وتدخل حجرته لتوقظه صباحا، وهكذا حتى تطورت العلاقة وحدث ما حدث.. وانصرفت وصديقتها والوجوم يرافقهما وراحت الأسئلة تدور برأسي من عينة: هل ستتخلص(45/89)
من الحمل؟ هل ستحفظ لزوجها عرضه وتتوجه إلى الله طالبة العفو، أم ستستمر فيما كانت عليه إلى حين يعود الزوج المسكين؟ لم أعرف أي طريق اختارت لعدم رؤيتي لها ثانية.
علاقة مع العم
جاءت الأم وطفلتها التي تبلغ 13 سنة إلى عيادتي للاطمئنان على الدورة التي تأخرت شهرين عن ميعادها، وطمأنت الأم بأنه من الطبيعي أن تتأخر، وأنه لا انتظام للدورة في بدايتها، ولكني فوجئت بإصرار الأم على توقيع الكشف على ابنتها، وعمل تحاليل لها، وكنت مشفقة على الأم من تحمل تكلفة تحاليل لا داعي لها، خاصة أنها يبدو عليها ضيق الحال، ولكنها همست في أذني بالقول: أريد أن أحلل لها تحليل حمل، فاندهشت لطلبها، وقلت لها لماذا تشكين في هذه الفتاة الصغيرة؟ فبكت الأم وقالت: إنها تخرج للعمل، وتترك الفتاة بمفردها مع العم الذي كان عاطلا، ويقيم في حجرة مجاورة لهم، وعندما عادت من العمل مبكرا ذات يوم وجدت الفتاة تخرج من حجرة العم، وعلامات القلق والتوتر على وجهها فسألتها عن السبب فقالت: إنها كانت تنظف الحجرة للعم، ولم تهتم الأم بالأمر، ولم تتوقع شيئا خبيثا من العم.
كانت المفاجأة المدوية عندما عادت الأم مرة أخرى لتجد ابنتها وعمها في وضع مخز، وبعد توقيع الكشف على الفتاة وجدناها قد فقدت بكارتها، كان لا بد من عمل التحليل لنفي الحمل، وجاءت النتيجة سلبية، ففرحت الأم بهذه النتيجة، فقدر ألطف من قدر.
قبل أن تنصرف الأم وابنتها سألت الفتاة هذا السؤال: لماذا حدث هذا الأمر؟ ولماذا لم تخبري أمك منذ أول مرة حاول العم التحرش بك؟ فقالت: "إنها في بادئ الأمر كانت تخاف، ولكنها بعد ذلك وجدت نفسها تريده وتسعى إليه" قالتها في براءة ممزوجة بوقاحة. انصرفت الفتاة مع أمها، وأخذت أفكر فيما ستقوله هذه الأم لنفسها بعد ما وصلت إليه أحوال ابنتها، وهل تلوم نفسها على إهمالها لطفلتها وعدم وضع ولو احتمالا صغيرا لغدر هذا العم العاطل المستهتر؟ وهل ستنسى الفتاة ما حدث أم ستحاول البحث عن مثله في مكان آخر؟ لم أجد إجابة.
مع الأب والأخ أيضا
دخلت الفتاة ذات الـ 15عاما إلى عيادتي بصحبة خالتها التي طلبت مني مباشرة توقيع الكشف الطبي عليها للاطمئنان على عذريتها، وعندما سألتها عن السبب وضعت يدها على وجهها، ونظرت إلى الأرض، وقالت: "إن والد الفتاة ووالدتها في شجار مستمر، تركت الوالدة على أثره منزل الزوجية، وأخذت معها الطفلين الصغيرين، وظلت هذه الفتاة وحدها مع الأب، كانت هذه المسكينة تتصل بالأم دائما، وتطلب منها سرعة العودة والأم ترفض بحجة أن الأمر لا يعدو كونه محاولة من الزوج لإجبارها على العودة، وذات يوم أخذت الفتاة تبكي بشدة، وتستعطف الأم بسرعة العودة قائلة: أنت لا تعرفين ما يحدث لي والأم في لامبالاة حتى تدخلت أنا، وأخذت التليفون من الأم، وسألت الفتاة ماذا يحدث؟ ولماذا كل هذا البكاء؟ فهذه ليست أول مرة تترك الأم المنزل بالشهور؟ ولكن الفتاة أغلقت التليفون بسرعة".
وأضافت الخالة: "بعد يأسي من لامبالاة أختي تجاه دموع ابنتها ذهبت إلى الفتاة التي ارتمت في حضني، واشتكت لي مما يفعله أبوها معها عندما يعود مساء، وأنها أصبحت لا تستطيع المقاومة أكثر من ذلك". قمت بالكشف على الفتاة، وبفضل الله وجدت أنها ما زالت عذراء، فنصحت خالتها بجعل أمها تحتضنها، ولا تتركها لهذا الأب المتوحش.(45/90)
آثار مدمرة
كانت تشكو من آلام شديدة مع الدورة الشهرية، وبعد توقيع الكشف عليها سألتها عن علاقتها بزوجها، وهل تصل إلى أقصى متعة معه أم لا فقالت في خجل إنها تكون دائما في شوق لزوجها ولكن بمجرد أن يبدأ معها العلاقة الجنسية، تشعر بنفور شديد، وتود في إنهاء اللقاء بأسرع وقت، رغم أنها تحب زوجها كثيرا؛ لأنه جميل الصفات.
وكنت أظن أن السبب هو جهلها بطبيعة تلك العلاقة فأخذت أشرح لها أهمية ذلك في الاستقرار النفسي والعاطفي، ولكني كنت ألمح في نظرات عينيها شيئا تخفيه، وتكررت زيارتها لي بعد أن وجدت الراحة في الكلام معي، وهنا انتهزت الفرصة وسألتها: هل كانت لك علاقات جنسية قبل الزواج؟ فاحمر وجهها وأنكرت عليّ السؤال، ولكني أوضحت لها مقصدي بأني أسأل عن فترة مراهقتها وبداية معرفتها بالأمور الجنسية وأوضحت لها أنه ربما تكون هناك أسباب نفسية وراء ذلك تقف حاجزا بينها وبين زوجها الذي بدأ يتضايق بالفعل من نفورها منه ولكنها لم تقل شيئا وانصرفت، ثم عادت مرة أخرى ونظرت إلى الأرض وقالت بصوت منخفض: أرجو أن تساعديني، فقلت لها: هل تشكين في رغبتي في مساعدتك، فعادت ونظرت إلى الأرض، وقالت: كنت في سن المراهقة أعتاد على ممارسة الجنس مع أخي الذي يكبرني مباشرة، واستمررنا في ذلك حتى سن الجامعة، ثم انتبه كل منا إلى خطورة ما يحدث فتوقفنا، وتزوج أخي وتزوجت ولكن كانت دائما تلك المشاهد تعود أمام عيني بمجرد أن يبدأ زوجي معاشرتي فتصيبني بالقرف والنفور.
وإلى هنا كان الأمر قد خرج عن اختصاصي، وكان لا بد من تدخل الطب النفسي، وبالفعل طلبت منها أن تذهب إليه في أقرب وقت ولا تتردد، وانصرفت تاركة بداخلي أسئلة كثيرة من عينة: هل من الممكن أن يستمر لعب المراهقين بين الأشقاء إلى سن الجامعة؟ وهل كان للأسرة يد فيما حدث؟ وهل حقا ما تعنيه تلك الزوجة ناتج عن تلك الممارسات القديمة مع الأخ؟ أسئلة ربما تجد إجابتها عند الطبيب النفسي.
ـــــــــــــــــــ
لواط بين أخوين.. ومن "أسرة محافظة"!! ... العنوان
علاقات أسرية, اللواط ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا شاب عمري 23 سنة، من أسرة محافظة، لكن للأسف أمارس اللواط مع أخي الذي يكبرني بسنتين منذ أن كان عمري 16 سنة، واستمررت على هذا الفعل حتى التحقت بالجامعة، وتعرفت على رفقة صالحة، وتبت إلى الله، والتزمت، وعاهدت نفسي ألا أكرر هذا العمل أبدا، وتخرجت في الجامعة، وأكرمني الله بأنني حصلت على أكثر من عرض للعمل في شركات مختلفة، وفقني الله وتوظفت بعد تخرجي فورا في أفضل شركة يتمناها زملائي، والحمد لله زاد لدي المال، وكل شيء يسير على أفضل ما يمكن..
ولكن للأسف قابلت كل هذه الأشياء والنعم بأنني عدت إلى فعلتي القديمة مع أخي منذ شهرين تقريبا؛ حيث إنه لا يرفض أو يقاوم ذلك، وفي كل مرة أعاهد نفسي أنني لن أكررها، لكن بلا فائدة، تعبت والله حيث إني أحتقر نفسي على هذا الفعل... وقد رأيت بأن الحل الوحيد لمشكلتي هو الزواج، ولكن لا يمكن ذلك إلا بعد سنة على أقل تقدير لظروف مختلفة..(45/91)
أرجوكم ساعدوني، والله العظيم إني ما أقدر هذا الفعل الحقير، كل مرة أقول "خلاص تبت" لكن بعد أسبوع أرجع له، أنا أعرف أن السبب هو ابتعادي عن الله؛ لأني منذ تخرجي في الجامعة تغيرت أشياء كثيرة في تصرفاتي للأسوأ.
أرجوك ساعدني قبل أن أصل إلى طريق الضياع الذي لا رجعة فيه كالزنا، وترك الصلاة؛ حيث إنني حاليا أصلي ولكن ليس كالسابق، حيث أصلي الآن وذهني شارد ومشتت، ودائما أخطئ، ولا أتذكر كم ركعة صليت فأسجد سجود السهو.. وأيضا معظم الصلوات أصليها في البيت وأؤخر بعضها عن وقتها، أرجوكم أريد النصح.
أرجو أيضا أن تذكر لي أضرارها على مستقبلي في الزواج ومن ناحية الإنجاب والأمراض، وتذكرني بعذابها، وما ذكره الله والرسول صلى عليه وسلم عنها عسى أن يكون رادعا لي، وأن تذكر لي أسماء بعض المحاضرات والآيات أو موقعها على الإنترنت، أرجوكم ساعدوني لأنني والله كل يوم أرجع خطوة إلى الخلف.
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخ العزيز..
أهلا وسهلا بك على صفحتنا مشاكل وحلول للشباب وشكرا على ثقتك..
عادةً ما أجيب على الاستشارات التي تصلني من صفحات "إسلام أون لاين" المتعددة في خلال ثلاثة أو أربعة أيام من تسلمها، حتى أنني أقدمها على أسئلة استشارات موقعنا الوليد مجانين ، ذلك أنني أشعر أن التزامي أمام متصفحي إسلام أون لاين جزء مهم من الالتزام الأكبر في حياتي، مستشعرًا أنني سأسأل يوما أمام العليم القدير عما كتبته على إسلام أون لاين، وهو القبلة الإلكترونية لمعظم المسلمين الواعين على الإنترنت، أكثر مما سأسأل عن أي كلمات نشرتها على أي موقع آخر.
فأسئلة إسلام أون لاين إذن هي الأولى في كل شيء.. لكنني من بين دفعة المشكلات التي وصلتني في السابع من يونيو 2004، أجلت مشكلتك، وأجبت على الباقي وأرسلته، وسافرت في إجازة وأنا أسأل نفسي: ماذا أقول لك؟
أنت تتكلم عن شكل من أشكال اللواط تقع فيه منذ أن كنت في السادسة عشرة من عمرك؟ أي رجلا مكلفا كامل التكليف أمام القاضي المسلم، وباختصار تعرف أن ما تفعله لواط والعياذ بالله، ومع من؟ مع أخيك الذي يكبرك بعامين (والمكلف طبعا) والذي لا يرفض هذا الشيء!! أي أن هناك أيضا غشيان محارم في أسرة مسلمة وصفتها أنت بأنها "أسرة محافظة" وعلى مدى عدة سنوات، وبين ذكرين مكلفين اختارا أن يمارسا اللواط، ولا مجال هنا للكلام عن تحرش جنسي، ولا عن مشكلة ميول جنسية شاذة!!
وباختصار: رجعت وأنا لا أدري بعد ماذا أقول لك؟
وسأبعد السوط عنك قليلا؛ لأقول:
إن ما حدث واستمر سنوات قبل أن تفيق إفاقتك الأولى، بعد أن أنعم الله عليك برفقة صالحة ورزق صالح وفير إنما يفتح عيوننا التي لم يعد يجوز أن تغمض على ثقوب كبيرة في وعي المجتمع المسلم، تكشف عن خلل في(45/92)
ضوابط الأسرة المسلمة، وضوابط الجماعة الاجتماعية المسلمة، وإلا فإن ما حدث كان من الصعب أن يحدث، وما حدث واستمر يفهمنا كيف أن على الجميع جلد أنفسهم بنفس السوط، مثلما تجلد أنت الآن نفسيا.
وقبل الجميع أبدأ أنا لأقول جالدًا نفسي:
ماذا أقول أنا كطبيب نفسي أعد على الطراز الغربي (وإن ثار على ذلك) لسائل مثلك؟ أأقول: إن لديك مشكلة اجتماعية نفسية تتعلق باصطدام ما تفعل لإفراغ طاقتك الجنسية بقيم مجتمعك، ولكنك لا تعاني من أكثر من اكتئاب؟ وقد أصف لك بعض مخفضات الشعور بالذنب؟ مع أنني قلت من قبل: إن الشعور بالذنب قد يكون مفيدًا!في العملية العلاجية؟ هذا ما لن أفعل.
أأقول لك: ابحث عن وسائل أخرى لإفراغ طاقتك الجنسية، وتجنب الاختلاء بأخيك... إلى آخر الأساليب السلوكية لتثبيط ممارسة مرفوضة من يمارسها، متناسيا أن أخاك -أغاثه الله- لا يرفض، وأن ظروف ومشكلات مجتمعك كمعظم المجتمعات العربية تفرض عليك وعلى الآخرين ما لا يطاق في مثل هذا الزمان!
بماذا تراني أرد على قولك: "أرجوكم ساعدوني، والله العظيم إني ما أقدر أترك هذا الفعل الحقير، كل مرة أقول خلاص تبت لكن بالكثير أسبوع وارجع له، أنا عارف أنه السبب هو ابتعادي عن الله؛ لأني منذ أن تخرجت في الجامعة تغيرت أشياء كثيرة في تصرفاتي للأسوأ".. فهل تطلب منا المساعدة في الوقت الذي تقسم فيه بالله أنك لا تستطيع ترك هذا الفعل الحقير؟ هل هذا كلام يستقيم مع المنطق؟
ثم تقول: إنك تعرف أن السبب هو ابتعادك عن الله، وأنا أقر ذلك بالتأكيد، وأزيد عليه أن ابتعادك عن الله يجعلك فريسة أسهل للشيطان، ولكن طريق الاقتراب من الله أنت تعرفه ولا أظنه خافيا على مسلم يقرأ القرآن، وما يحدث منك ليس مرضا نفسيا، وإنما هو استجابة لشهوة يستغلها الشيطان فيك فيغويك.. فهل أنت تقسم بالله أنك لا تستطيع الكف عن الاستسلام للشيطان؟!
وبماذا أرد أيضا على قولك: "أرجوك ساعدني.. قبل أن أصل إلى طريق الضياع الذي لا رجعة فيه كالزنا".. فهل اللواط أقل جرما من الزنا؟! إن العكس هو الصحيح، وهذا أمر مشتهر لا داعي للخوض فيه، وأما ترك الصلاة وقولك "حيث إنني حاليا أصلي، ولكن ليس كالسابق، حيث أصلي الآن وذهني شارد ومشتت ودائما أخطأ ولا أتذكر كم ركعة صليت فأسجد سجود السهو..."، فهذا ما يكون علاجه بحمل النفس على الطاعات والزيادة فيها، وقد يكون ناتجا جزئيا عن قلقك وشعورك بالذنب، وهذا أمر محمود، علاجه أن تقلع عن الذنب، وليس أن تتناول عقارا يخفض من شعورك بالذنب.
تطلب منا بعد ذلك أن نذكرك بما تعرفه عن اللواط حكما وضررا، ولنقل إنه من باب: "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين"، وفي ذلك أفضل أن أحيلك إلى عدد من الروابط التي ستجد فيها ما تطلب أن نذكرك به، كما ستجد أيضا عواقب استمرارك في مثل هذه الكبيرة:
المثلية خلقة أم خلق؟! مطلوب الصبر والدأب
"غض البصر بريء من فخ المثلية".. مشاركة
الخروج من سجن المثلية: ما ظهر وما بطن!
الميول المثلية ووساوس من فقه السنة!
الميول المثلية ووساوس من فقه السنة متابعة ثانية(45/93)
سجن الميول المثلية: قضبان وهمية!
سجن الميول المثلية: قضبان وهمية! متابعة ثانية
الميول المثلية: أحيانا مرحلية وطبيعية!
سجن الميول المثلية: بوادر الانعتاق متابعة!
الجنس الثالث والنفس اللوامة
الشعور يالذنب قد يكون مفيدًا متابعة ثانية
الميول المثلية والزواج: كل هم له انفراج
علاجك يا أخي لا يبدأ حين تتذبذب بين محاولة الالتزام بطاعة الله والوقوع في معصيته، وإنما يبدأ حين تلتزم بابه محسنا ظنك به سبحانه، وطالبا منه العفو والمغفرة، وعازما على عدم العودة إلى هذه المعصية الكبيرة، في الوقت الذي يلزمك فيه أن تأخذ إجراءات عملية في سبيل الزواج (فلديك من المال بفضل الله الكثير كما قلت؛ فلماذا تؤجل الزواج إذن وهو ضرورة لتصون نفسك؟) إن من المهم أن تحسب ماذا ستخسر إذا أقدمت الآن على الزواج؟ وماذا ستكسب إذا انتظرت؟ وما أراه أنه لا توجد خسارة أكبر من أن تخسر رضا الله عليك.. أليس كذلك؟
إذن لا نستطيع اعتبارك مريضا نفسيا، وإنما أنت مذنب وقعت في كبيرة من الكبائر، وباب التوبة مفتوح لا يغلق ما دمت تريد التوبة، وقد طلبت منا التذكير وذكرناك، وأؤكد لك أن الزواج يجب ألا يؤجل ما دام قد توفرت لديك الإمكانات اللازمة، وهناك أولوية للاستعفاف تأخذ حجما كبيرا في حالتك، وإلا فإن اللواط وغشيان المحارم في حالتك وفي مثل ظروفك مرشح للتكرار مع الأسف، كما أنصحك بأن تحاول مساعدة أخيك على طلب العلاج إن كان مريضًا أو التوبة إن كان مذنبا مثلك، وأهلا وسهلا بك فتابعنا بأخبارك .
ويقول أ.مسعود صبري من قسم الفتوى :
الأخ السائل:
سامحني إن قلت لك عجيب أمرك وأمر أخيك ، فأنتما تزعمان أنكما تربيتما في أسرة ملتزمة ، وهل التربية في أسرة ملتزمة ينتج مثل هذا السلوك القبيح؟!! إنكم تفهمون الالتزام خطأ !
إن الالتزام الحقيقي ينبع من خوف المرء من الله تعالى ، وأن الله تعالى سيحاسبه على كل صغيرة وكبيرة، ماذا تقول لربك حين يسألك عن أقبح الأفعال وأقذرها، حتى حدا ببعض الفقهاء أن يقولوا : إنه يقتل الفاعل والمفعول به؟ وهل لو كان هناك شرع مطبق، وأخذت الدولة التي تعيش فيها هذا المذهب أكنت تجرؤ على أن تفعل مع أخيك ، وأن يرضى هو بما تفعله ؟ أم أنكما كنتما ستخافان من إقامة الحد عليكما؟؟ فأين أنتما من الخوف من الله تعالى ؟
إنك ضعيف الإيمان، بل ليس عندك شيء من الالتزام حتى تترك أنت وأخوك هذه الجريمة التي تشبهتما فيها بأفعال العجموات ، وإن كان الإسلام حرم على الزوج أن يأتي زوجته التي أحلها الله تعالى له في دبرها، فكيف تأتي أنت هذا في أخيك ، أين عقلك، بل العجيب أنك مستمر على هذا لعدة سنوات ، باستثناء انقطاع فترة ، ثم تعود إليها مرة ثانية !!!(45/94)
إن الإسلام يعلم فن الحياة ، يعلم المسلم كيف يعيش ويستمتع بحياته فيما أباحه الله تعالى لك ، ومن رحمته أن جعل مساحة الحرام قليلة محصورة ، ومساحة المباح واسعة ، فلماذا دائما نأكل من الشجرة المحرمة ونترك الأشجار الكثيرة؟
لقد أشار إليك أخي الدكتور وائل أن تسرع بالزواج ، حتى لو طالت فترة الخطوبة ، فإنها تعطي نوعا من الاستقرار النفسي ، والراحة النفسية للإنسان، تجعله يتعلق بمن يحب ، وأن تفكر في كيفية معيشية ، وترتيب بيتك مع زوجة المستقبل، فتشغل حيزا من تفكيرك ووقتك.
ومن الاقتراحات التي أطرحها عليك أن تبحث عن عمل آخر، حتى تقضي أكبر وقت بعيدا عن أخيك ، وحتى يهدر أكبر جهد ممكن من طاقتك في عملك، وبالتالي يعجل لك الزواج.
وابحث عن رفقة صالحة ، كتلك التي كنت معها ، حتى تعينك على طاعة الله تعالى ، وابتعد عن كل لقاء يجعلك أنت وأخوك وحدكما ، بل إن استطعت أن تمكث بعيدا عنه في بلدة أخرى ، بحيث لا يراك ولا تراه فترة من الزمن يكون أفضل.
واقرأ أيها السائل في حال شباب الصحابة والتابعين والسلف الصالح لنتحسر على أنفسنا ، كيف كانوا وكيف نحن الآن؟ ففي الاطلاع على سيرهم زاد لنا في حياتنا ، واقرأ أيضا في قصص التائبين إلى الله ، وكيف تابوا إليه، وكيف أصلحوا فيما بينهم وبين الله ، وكيف بدلوا سيئاتهم حسنات.
أخي، ابك على نفسك ، فأنت في لاه في غيك ،وغيرك يسبقك إلى جنان ربك ،وبدلا من أن تنضم إلى قوافل المصلحين ، ركنت إلى حزن العاصين ، وليتك كنت مع الصالحين دون المصلحين ، ولكن قصرت عليك نفسك، فلا أدري ، لأي شيء تعيش؟ وأي وظيفة تقوم بها في الحياة ؟
خذ الآن خطوات جادة لعلاج نفسك ، فأنت طبيب نفسك، وما صنعناه إلا إضاءة على الطريق ، إن أردت أن تسير في طريق النور ، أما إن كنت تريد طريق الظلام فأنت أعلم به ، " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" " نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم. وأن عذابي هو العذاب الأليم".
ـــــــــــــــــــ
حب المحارم هل هو طبيعي؟ ... العنوان
اضطرابات أخرى, الحب والخطئية ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد..
أعيش مشكلتي منذ أربع سنوات على الأقل، وقد أتعبتني كثيرا، والله المستعان، والشكوى إليه وحده، ولكن أرجو منكم النصيحة والعون.
بدأت المشكلة من غربتي في دولة عربية للدراسة، وقد كانت غربة شديدة علي، ولكنها كانت أيضا مفيدة وجميلة، تحملت السنتين الأوليين منها بكل مصاعبهما، ثم بعد ذلك بدأت امرأة عزيزة علي وهي من محارمي بالاتصال بي وإرسال الرسائل اليومية، محاولة العناية بي، كما أنها كانت تحبني كثيرا قبل سفري، وقد تأثرت كثيرا بها، فأحببت رسائلها واتصالها، وبدأت أشعر في نفسي مشاعر غريبة بالميل إليها والتعلق بها.
مع الزمن ازداد التعلق حتى رجعت إلى بلدي وقد كنت مشتاقا للعودة حتى أقضي حياتي معها ومع أهلي، وأتخلص من الغربة، ولكن.. بدأت بالزيارات المتكررة لها في بيتها ومجالستها الجلسات الطويلة دون ملل مني(45/95)
ولا منها، حتى بدأت لا أستطيع مفارقتها، وكلما فكرت وأنا عندها أنني لا بد أن أرجع إلى منزل والدتي أبكي بكاء شديدا، وبدأت قوة شوق عظيمة وتعلق شديد جدا يفيضان من قلبي نحو تلك المرأة، وأنا لا أدري ما حقيقته، فوالله لم أشعر بنفسي إلا وأنا أسيرٌ لها، أفكر فيها على مدار الساعة، مع بكاء شديد متواصل لا ينقطع، وأنا لا أدري ما أنا فيه، وقد كانت هي أثناء ذلك تحاول التخفيف عني، وتريد مساعدتي حتى نصحتني بالذهاب للطبيب النفسي، وفعلا ذهبت إليه فأعطاني بعض الأدوية، وأمرني بتركها بعض الأشهر، وقد كان الموت أهون علي من ذلك، فضاقت بي الأرض؛ ضعف جسمي واصفر، تغيرت علاقاتي مع الناس ونظراتي إليهم حتى انقطعت كلها تقريبا، بدأت أعتزل الناس وأسكن في بعض الفنادق، حتى قررت هي أن تقاطعني، وبدأت لا تجيب حتى على الهاتف.
وعندها لم أستطع التحمل: فكرت بالانتحار والموت، وظننت أنه بعيد وأنا في بلدي، فسافرت إلى دولة مجاورة أبحث عن الموت، ولا يتوقف البكاء ليلا ولا نهارا، ولكني لم أجد الموت، وأعلم أن الانتحار محرم في ديننا، فلم أجد بدا من الرجوع لبلدي، حتى مضت علي ستة أشهر وأنا على هذا الحال، كما أنني لم أرجع إلى الطبيب النفسي بعد ذلك اليوم.
وهكذا بدأت أكره جميع من حولي، ولم أعد أشعر بطعم صداقة، ولا حتى بوجود والدي، هذه الأشهر الصعبة علمتني كيف أحاول تحمل مشكلتي وتعلقي بهذه المرأة وحدي دون طلب مساعدتها -وهي التي تعلم عنها فقط- فظنت هي أنني قد شفيت من تعلقي بها، ولكن الحقيقة أن وساوس نفسي قد زادت، وما زال اليأس من الحياة والألم النفسي والبكاء والوحدة والتفكير بها مصاحبا لي في الليل والنهار، وأنا على ذلك منذ سنتين تقريبا، أشعر الآن أنها تغيرت نحوي، قد تكون بدأت تكرهني بعد أن كانت تحبني كثيرا، وذلك يتعبني جدا، كما أنني أواجه مشاكل كثيرة في دراستي وعملي.
أفكر في الزواج كحل، ولكن هذه المشكلة تمنعني من ذلك، أرجو منكم مساعدتي على تجاوز ما أنا فيه، هل الحل يكون بترك هذه المرأة مطلقا -وقد جربت ذلك ولكنه زاد المشكلة- أم يكون بالمحافظة على العلاقة معها؟
البعض ينصحني بالزواج من ابنتها التي لم تكمل السابعة عشرة من عمرها، وهي على قدر جيد من الجمال، أرشدوني بارك الله فيكم..
... المشكلة
د.داليا محمد مؤمن ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أولا أرحب بك على صفحتنا مشاكل وحلول للشباب..
أتعرف أن الحياة سلسلة من الاختيارات؛ فالمرض النفسي اختيار، والصحة النفسية أيضا اختيار. ترى ماذا ستختار في الفترة القادمة؟(45/96)
ما تشكو منه الآن هو أعراض لمرض الاكتئاب!! ولا أقول لك بأنك مريض؛ لأنه من غير الممكن أن أشخص حالتك من خلال كلام مكتوب. ولا أعرف هل استعذبت الحزن والعيش في دور "الضحية" أم أنك تريد أن تجعلني أتعاطف معك كي أوافقك على الاستمرار في العلاقة؟ أم أنك أصبحت تعاني من الاكتئاب بالفعل؟
فإذا كانت الإجابة على سؤالي الأخير هي "نعم" فاستمر في متابعة طبيبك النفسي.
على أي حال فإن أعراض الاكتئاب تتبدى على شكل حزن وانخفاض الروح المعنوية وتفكير في الموت وفقدان الشهية للطعام والعزلة عن الناس وعدم الاستمتاع بالحياة وغير ذلك..
يا سيدي ستخرج من أزمتك بإذن الله، عد إلى الحياة، ولا تسكن وحدك؛ بل ارجع إلى الحياة الاجتماعية، وابدأ بالأصدقاء الذين كانوا مقربين.
لقد بدأت العلاقة بينكما في شكل الاهتمام بك؛ فأنت في غربة، وفي حاجة إلى من يسأل عنك ويتابع مشاكلك، ولكنك نجحت في أن تمر عليك أول سنتين، وتتكيف مع تلك الغربة حتى وجدتها مفيدة وجميلة. ولكن بداية التقارب بينكما بهذه الطريقة قد يشير إلى أن العلاقة بدأت على هيئة مشاعر أمومة وهذا ما كنت تحتاجه. فما طبيعة علاقتك بوالدتك؟ هل هي على قيد الحياة؟ فإن كانت موجودة بارك الله فيها فاتصل بها وتقرب منها؛ فأنت في حاجة إلى اهتمامها بك.
أنت شاب ولديك حاجات غريزية، وفي حاجة إلى إشباعها، وقد تركت نفسك لتلك المشاعر مع المرأة التي كانت أمامك إلى أن تعمقت العلاقة. ما أوصلكما إلى ذلك اتصالاتها ورسائلها المستمرة في بادئ الأمر، ثم زياراتك الطويلة لها دون محاولات منكما لتحجيم العلاقة ووضعها في حجمها الطبيعي.
المهم: لقد أحسنت صنعا حين ابتعدت عنها، أعرف أنك تتألم، ولكن الألم لا يوازي عذاب الآخرة، كما أن تعبك لن يطول ما دمت قد لجأت للعلاج. ولا أعرف إلى أي مدى وصلت، ولكن من المتوقع أن تصل إلى الزنا إذا لم تستمر في التوقف والابتعاد عنها. واقرأ:
نار في فراش العمة : ملف زنا المحارم
زنا المحارم.. "ولا تتبعوا خطوات الشيطان"
زنا المحارم: سيف الجنس المسلول
أظن أن الأمر أعمق من الأعراض التي تشكو منها؛ فهي أعراض علاجها متيسر وممكن بإذن الله، ولكن ما أريدك أن تتحدث به مع نفسك هو طبيعة علاقتك بالجنس الآخر، ومدى إحساسك بأنك يمكن أن تكون مقبولا ومحبوبا من قبل الإناث؟ أنت إنسان مكافح وعلى درجة علمية عالية؛ فهل ترى هذه الإيجابيات وغيرها؟
لا تتسرع في موضوع الزواج دون تعقل للأمور، فكيف تتزوج من فتاة تحب أمها بهذا القدر؟ هل ستتزوجها كي توثق العلاقة بالأم وتعطي لنفسك فرصا أطول للبقاء معها؟ فإن فعلت فإنك تظلم ابنتها التي لا ذنب لها فيما يحدث.
ـــــــــــــــــــ
جدلية الستر والفضح على هامش زنا المحارم
د. أحمد عبد الله
حين ظهرت على الهواء مباشرة على إحدى الفضائيات حدثني مقدم البرنامج عن "ثقافة الستر"، وحدثته عن ضدها "ثقافة الفضح"؛ لأن هذا ما نعيشه حاليًّا!.(45/97)
نحن ننتقل بسرعة مضاعفة من وضع كنا نعاني فيه من تطرف في الإخفاء والمداراة، من "الستر" الذي كان منقلبًا أو زائدًا لدينا يصل إلى "التستر" والتواطؤ والتمرير للمصائب، والتغطية على الأمراض والأوجاع النفسية والاجتماعية والسياسية، الفردية والجماعية، من السر والسرية إلى العلن والعلانية، إلى الكشف والتعرية، إلى الفضح والفضيحة!.
العام والخاص
أصل الحكاية أن الإسلام -كما أفهمه- يحترم الخصوصية، يقيم لها ما يكفل الحفاظ عليها، وحماية دائرتها في حياة الأفراد والأمم، ومساحة الخصوصية فيها من الحرية والمرونة والتنوع والنعومة، أو هكذا ينبغي، وهو ما لا يوجد في المساحة العامة.
في المجال العام ننزل للعمل ونتحاكم للقانون، وندخل في المنافسات الشريفة، ونناضل في مسارات الكبد والتعب اليومي، ونكد تحصيلاً للرزق، وبحثًا عن الإنجاز، أو هكذا ينبغي!! وفي المجال الخاص نخلع القيود والحدود والملابس والأعباء -إلا- قليلاً ونستريح جسدًا وروحًا، يأوي الزوج إلى زوجته ويتواصلان، أو يسمر الأصدقاء المقربون بما لا يناسب قوله أو ممارسته على قارعة الطريق، ومن العلاقة الثرية المركبة والمرنة بين الخاص والعام يتجدد الإنسان، بل إن العبادة ذاتها تتوزع بين الصلاة والجماعة والعيدين، حيث الحشد والالتقاء بالآخرين مشاركة واندماجًا وتفاعلاً، وبين صلاة الليل، والذكر والتسبيح، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه.
والغرب في مسيرته الثقافية والتاريخية ألغى المسافة -تقريبًا- بين العام والخاص، بل صار مثل هذه التقسيمة من الازدواجية المنعومة! فمن كان لديه ميل شاذ جنسيًّا هناك عليه أن يخرج به للعلن مطالبًا بحقوق متساوية مع الآخرين، ومن أرادت أن تكون صريحة جريئة ومتحققة فينبغي أن تكون تفاصيل خصوصيتها أمام الناس، في قلب المشهد العام، وبذلك يمكن أن نفهم تصاعد موجات ممارسة الزنا في العلن، أو الدعوة إلى الحياة العامة بدون ملابس، أو اقتحام الكاميرا والإعلام بأدواته لحياة الناس دون أدنى تحفظ، وبخاصة حياة النجوم والمشاهير، بحثًا عن لقطة مثيرة، أو لحظة حميمة، شديدة الخصوصية، والنجوم أحيانًا يصرخون، ويقاضون، وأحيانًا يرضخون، بل ربما يحاولون الاستفادة!! وبالجملة لم تَعُد مسألة العام والخاص في الغرب مثل الأمس، ولا مثل ما كانت عليه عندنا حتى وقت قريب.
نحن هنا.. والآن
في القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية والصحف والمجلات وكل أدوات الإعلام المحلي أو الإقليمي أو الدولي، بل وعلى كاميرا المحمول وشاشاته، وأصبحت الفضائح مادة شهية للتناول، حيث البشر العاديون وحياتهم، وحتى الثقافة والفنون، والنجوم والحياة الشخصية للجميع هي سلع ومنتجات قابلة للتداول والاستهلاك، ولم يَعُد السؤال: كيف أو لماذا؟!! ولم تَعُد الفكرة أو الموقف هو: لا ولا.. ولكن: لم لا؟!! ودخلنا في عصر "ستار أكاديمي" وأخواته، وهو المنقول حرفيًّا عن برامج غربية مشابهة، وهو في فلسفته قمة من قمم محو الفارق بين العام والخاص!!.
وانشغل الشعب الأمريكي بفضيحة كلينتون - مونيكا، أو لاعب البيسبول الذي قيل إنه قتل زوجته، وتابع الملايين جلسات محاكمته على الهواء لساعات.(45/98)
وكما يشاهدون هم تلك النوعية من البرامج التي تستضيف أناسًا -من المفترض أنهم عاديون- ليتحدثوا أمام الجمهور عمن ضاجع من، أو تستضيف تلك البرامج الزوج والزوجة وعشيقها، وربما عشيقة الزوج، وربما عشيقه!!.
كل هذه القمامة المعروضة على شاشاتهم صارت تزحف تدريجيًّا إلى إعلامنا تحت دعوى كشف المستور والمصارحة والمكاشفة، وفي مصر -مثلاً- تصدر 10 مطبوعات جديدة على الأقل مادتها الأساسية حوادث الاغتصاب والقتل والخيانة والمتاجرة بالأعراض، والحصاد مناخ عام يلعب العهر والتعهير دورًا رئيسيًّا فيه، فمرحبًا بالحرية!.
المسكوت عنه
حتى الآن فإن أعراض النجوم هي المستباحة، وكذلك بسطاء الناس ممن لا يستطيعون مقاضاة جريدة تنشر أسماءهم أو صورهم حين يقعون تحت طائلة القانون.
هذا المناخ العام يحرض على الجريمة وعلى الخيانة وعلى الدعارة وعلى الفسوق، تحت دعوى أن كل الناس مثلنا، وتحت الشعار نفسه: "لم لا؟!!" هذا المناخ المصنوع يخلق نوعًا من الوهم والإيهام أننا صرنا نعيش في غابة بلا حرمات، وأنها ليست جريمة كبرى أن يعاشر الأب ابنته، أو تقيم زوجة علاقة مع شقيق زوجها، أو تهجر امرأة رجالاً لتقيم علاقات مع نساء، أو هكذا يفعل الرجال؟!!.
نعم الشذوذ والأمراض جزء من حياتنا النفسية والاجتماعية طوال الوقت، والتستر مرفوض، ولكن الفضيحة أيضًا مرفوضة، ونحن في مرحلة تحتاج منا إلى تمييز الخطوط الفاصلة بين هذه الأمور وضبطها، محتاجون إلى نقاش واسع وعميق حول الإعلام.. رسالته ودوره وحول المعالجة حتى تكون رسالية تكشف لتعالج، وكيف ومتى تكون فضائحية تستخدم البشر وقصصهم مادة وسلعة للبيع والمساومة!.
ولدينا فإن أهل السلطة والسياسة والرئاسة ما زالوا بعيدين عن أن تطالهم ألسنة النميمة، وأدوات الفضائح بما يوحي أنهم يستخدمونها للتغطية على أمور أخرى يهمهم التغطية عليها، وهو ما يقال، وربما أيضًا تدعمه الوقائع في سوابق متكررة، وهنا تتضافر ثقافة الفضيحة مع ثقافة الشائعة في مجتمعات لا توثق معلومة، ولا تستقي معرفتها إلا عبر السماع والملاسنة غالبًا!.
غير أن ثمة حراكًا نسبيًّا قد بدأ ينمو على صعيد أهل السلطة، فوفق ثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات تستطيع الآن كشف فساد أي مسئول أو جهاز حكومي في بلدك؛ لأن لديك الآن خطًّا مفتوحًا مع العالم هو الإعلام البديل برسائله من إنترنت ومحمول بكاميرا و"بلتوث"، فقط تحتاج إلى أدلة ومعلومات هي متوافرة لمن بحث.
إذا كان ما سبق على مستوى النخبة السياسية.. فماذا عن فساد المجتمع أو تصرفات بعض أفراده؟! إذا كنا جميعًا نركب في سفينة واحدة.. فهل نترك متحرشًا بابنته أو شقيقته أو ابنة شقيقته؟! هل نترك أمًّا قاسية تعنف أطفالها أو سلوكًا منحرفًا نراه عند جيراننا، أو في الشارع، أو في مكان العمل، أو المدرسة، أو أية مؤسسة؟! هل نسكت ونقول: ليس هذا شأننا، وربنا يأمر بالستر؟! وهل السكوت على ظلم الآخرين لذويهم أو لغيرهم هو من الستر المطلوب أم هو من الستر المذموم؟.(45/99)
وهل كشف أو فضح السلوكيات الخاطئة، وفتح البؤر المتقيحة لترى الشمس، ولنسكب فيها المطهرات، والمضادات الحيوية، ولتشخيص المرض، ووضع خطط العلاج، هل هذا الكشف مقدمة للتداوي أو إشاعة للعدوى والمرض؟ أسئلة تستحق التفكير والحوار.
مفترق الطرق
نقف إذن على قمة مفترق طرق عديدة في هذا الشأن وغيره، ومطلوب منا قرارًا جماعيًّا، وفعلاً جماعيًّا مؤثرًا، والحملة ضد العري والإثارة على الشاشات الكبرى هي مجرد جزء بسيط مما هو مطلوب، مطلوب دعم إشاعة قيم عملية إيجابية بين الناس وفي الممارسة اليومية، مطلوب تفاعلاً اجتماعيًّا حقيقيًّا عابرًا للطبقات والفئات مقتحمًا للحواجز الجغرافية والاجتماعية، وللحدود الوهمية، وللأسوار والجدران العالية بين النخب والعامة، بين الفقراء والأغنياء، بين الناشطين المهتمين والمتخصصين المعزولين أو المعتزلين.
مطلوب خطابًا دينيًّا جديدًا يجيب على الأسئلة الحالية المطروحة، ومطلوب حراكًا دينيًّا أكثر فاعلية وعملية وتفاعلية مع ما نعيشه بالفعل إعلاميًّا وثقافيًّا وجنسيًّا من مشكلات، مطلوب الخروج من الأبراج العاجية، والصوامع الفكرية، ومن جحور صناعة الأوهام وتداولها، والدخول والانتشار السريع لنخوض معركة من بيت لبيت، ومن عقل لعقل، معركة وجودنا. نكون أو لا نكون
ـــــــــــــــــــ
انتبه!! انحراف أم زنا محارم ... العنوان
إضطرابات شاذة ... الموضوع
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أنا أبلغ من العمر 20 سنة ومن أسرة محافظة جدا، نشأنا على طاعة الله وبر الوالدين ولم أعرف من الدنيا إلا الصدق والانضباط.
لا أريد الإطالة، ولكن لدي مشكلة بدأت منذ أن بلغت الثالثة عشرة، ولم أجد إلا أنتم أستشيره في موضوعي وإن شاء الله أجد الحل عندكم، فإليكم المشكلة.
ابنة أختي التي تصغرني بسنة واحدة نشأت في مجتمع آخر وفي ثقافة أخرى وكانت تسكن بعيدا عنا، ولكنهم كانوا يأتون إلينا بعض الأوقات، وكانت دائما تحاول أن تهتم بي ولكنني لم أنتبه إلى ذلك الشيء، وكانت دائما تحاول أن تضمني ولكنني أمتنع عن ذلك الشيء وكانت أحيانا تقبلني في خدي وتقول لي "أنت تجنن".
والغريب في ذلك الأمر أنها كانت تفعل ذلك أمام أهلها ولم تكن تقابل إلا بالضحك، فأدركت أن ذلك الشيء عادي بالنسبة لهم وأنها تفعل ذلك بحسن نية وتأكدت منه، ولكنها كانت متعلقة بي جدا، فقد كانت دائمة الاتصال بي إذا غابوا، ولكنني اعتقدت أنها لا تفعل ذلك إلا لأنني أنا وهي قريبان، وأنها في سني وليس لي من الأقارب من يقاربني في السن، وهي كذلك.
ومع مرور الأيام بدأت أحس بنفس الشعور تجاهها؛ حيث إنها ذات أخلاق عالية جدا وذات تعامل لا يوصف أبدا، وكانت من تعلقها بي أنها لا تأتي إلينا هي وأهلها إلا وتحمل لي أغلى الهدايا منمقة بأحسن العبارات.
وبدأت تنمو بداخلي المشاعر تجاهها إلى أن وصلت إلى الحد الذي لا أنام إلا وأنا أفكر فيها فقد ملكت علي مشاعري وأحاسيسي، مع العلم والله أنه لم يكن إلا حبا بريئا مني لها، وأصبحت لا أقابلها إلا وأقبلها من شوقي(45/100)
ومن حبي لها، وكانت هي سعيدة جدا بهذا الشيء، وصارت إذا غابت عني كثيرا لا تقابلني إلا وتضمني؛ فسألتها عن ذلك فقالت إنها لا تحس بالدفء إلا في أحضاني، ومع الوقت أحسست بهذا الشيء وصار قلبي لا يرتاح إلا إذا رأيتها وأنا متأكد أنها كذلك، وكانت دائمة المجيء إلى بيتنا إذا غبت عنها كثيرا، وأصبح حبنا لبعضنا خيالا، وإذا غبنا وابتعدنا عن بعضنا كنا دائمي الاتصال ببعضنا.
ولكن المشكلة أنني أحس بتأنيب الضمير، وأحس أحيانا أنها خيانة لأختي التي تثق بي كثيرا، ولكن والله إن حبنا لبعضنا لم يكن فيه مشاعر جنسية..
هذه مشكلتي باختصار، ساعدوني جزاكم الله خيرا.
حبي لها وحبها لي كان بريئا جدا؛ فقد كان أهلها يأتون إلينا وقت صغرنا مرات كثيرة، وكنا دائما لا نفترق.
... المشكلة
د.فيروز عمر ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... هناك عبارات في خطابك مثيرة للقلق، تقول: "إن حبنا لبعضنا (لم) يكن فيه مشاعر جنسية" وتقول: "حبي لها وحبها لي كان بريئا" وتقول: "أنا لا أنام إلا وأنا أفكر فيها".
هل تدري معنى هذه العبارات الثلاثة؟.
هل تدري أنت في أي مرحلة الآن؟!.
عباراتك تعني أنك في مرحلة انتقال أو دعني أكن أكثر صراحة وأقول مرحلة (انحراف) لهذا الحب من المسار "البريء" إلى المسار "غير البريء!!".
وأنا أشكرك يا أخي وأدعوك أن تحمد الله معي أنك قد انتبهت وأنت ما زلت في هذه المرحلة "الانتقالية" ولم يحدث معك السيناريو المتكرر في حالات زنا المحارم -التي وصلت إلى نسب مرعبة في عالمنا العربي والإسلامي- حيث في هذه الحالات لا يفيق أصحابها إلا بعد وقوع المحظور.
فاحمد الله أنك قد أفقت مبكرا، وخذ العبرة ممن سبقوك فسقطوا في بحر الرذيلة والدنس الذي يصعب الخروج منه.
ويبدو أن نشأتك الدينية الطيبة لها الفضل في هذا الشعور بتأنيب الضمير الذي ينتابك وكذلك الشعور بالخيانة الذي يكدر صفوك.. لذلك فلن يكون من الصعب عليّ أن أطلب منك أن تكون أكثر تقوى لله وحفاظا على حدوده وحرماته وأن تضع خطة محكمة لقطع صلتك بابنة أختك بشكل نهائي ولسنوات طويلة...
أنا أعلم أن هذا صعب.. ولكني لا أرى حلا سواه إن كنت تريد الحل حقا، وأحسبك كذلك...
ستحتاج برنامجا قويا لشغل الفراغ الذي ستتركه الفتاة؟ وستحتاج صلة قوية بالله سبحانه وتعالى ليعطيك الإرادة حتى تتغلب على أهوائك وستحتاج ذكاء وحسن تصرف حتى تستطيع تقديم حجج منطقية لغيابك عن حياة الفتاة دون مصارحة أحد بالحقيقة...
أكرر.. هذا صعب؟ ولن يعينك عليه إلا أمران:
1- إيمانك بأن هذا العذاب أهون من عذاب الخطيئة وعذاب الضمير وعذاب الله.(45/101)
2- إيمانك بالثواب الذي ينتظرك جزاء لتقواك لله يقول تعالى: "وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ".. نسأل الله تعالى أن نكون فيهم جميعا آمين.
ـــــــــــــــــــ
عورة المرأة أمام محارمها ... العنوان
ما حدود عورة المرأة بالنسبة لمحارمها؟ ... السؤال
07/11/1999 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
يقول الدكتور القرضاوي:-
عورتها بالنسبة للرجال الأجانب عنها وكذلك النساء غير المسلمات جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، على ما اخترناه، إذ أبيح كشفهما -كما قال الرازي- للحاجة في المعاملة والأخذ والعطاء، فأمرن بستر ما لا تؤدي الضرورة إلى كشفه، ورخص لهن في كشف ما اعتيد كشفه، وأدت الضرورة إلى إظهاره، إذ كانت شرائع الإسلام حنيفية سمحة. قال الرازي: ولما كان ظهور الوجه والكفين كالضروري، لا جرم اتفقوا على أنهما ليسا بعورة. أما القدم فليس ظهورها بضروري فلا جرم اختلفوا هل هي عورة أم لا؟.
وعورتها بالنسبة للأصناف الاثني عشر المذكورين في آية النور ، وهم :(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم، إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن..) سورة النور:30-31.
تتحدد هذه العورة فيما عدا مواضع الزينة الباطنة من مثل الأذن والعنق والشعر والصدر والذراعين والساقين، فإن إبداء هذه الزينة لهؤلاء الأصناف قد أباحته الآية.
وماعدا ذلك من مثل الظهر والبطن والسوءتين والفخذين، فلا يجوز إبداؤه لامرأة أو لرجل إلا للزوج.
وهذا الذي يفهم من الآية أقرب مما ذهب إليه بعض الأئمة؛ أن عورة المرأة بالنظر إلى المحارم ما بين السرة والركبة فقط. وكذلك عورتها بالنسبة إلى المرأة بل الذي تدل عليه الآية أدنى إلى ما قاله بعض العلماء: إن عورتها للمحرم ما لا يبدو منها عند المهنة. فما كان يبدو منها عند عملها في البيت عادة فللمحارم أن ينظروا إليه.
ولهذا أمر الله نساء المؤمنين أن يستترن عند خروجهن بجلباب سابغ كاس، يتميزن به عمن سواهن من الكافرات والفاجرات، وفي هذا أمر الله نبيه أن يؤذن في الأمة بهذا البلاغ الإلهي العام: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) الأحزاب:59. والجلابيب جمع جلباب، وهو ثوب واسع كالملاءة تستتر به المرأة.(45/102)
وكان بعض نساء الجاهلية إذا خرجن من بيوتهن كشفن عن بعض محاسنهن، من مثل النحر والعنق والشعر، فيتبعهن الفساق والعابثون. فنزلت الآية الكريمة تأمر المرأة المؤمنة بإرخاء بعض جلبابها عليها، حتى لا ينكشف شيء من تلك المفاتن من جسدها، وبهذا يعرف من مظهرها أنها عفيفة مؤمنة، فلا يتعرض لها ماجن أو منافق بإيذاء.
فالواضح من تعليل الآية أن هذا الأمر خوف على النساء من أذى الفساق، ومعاينة المجان، وليس خوفا منهن ولا فقدانا للثقة بهن -كما يدعي بعضهم- فإن المرأة المتبرجة بزينتها وثيابها، أو المتكسرة في مشيتها، أو الطرية في حديثها، تغري الرجال بها دائما، وتطمع العابثين فيها، وهذا مصداق الآية الكريمة (فلا تخضعن بالقول، فيطمع الذي في قلبه مرض) الأحزاب:32.
وقد شدد الإسلام في أمر التستر والتصون للمرأة المسلمة. ولم يرخص في ذلك إلا شيئا يسيرا خفف به عن عجائز النساء. قال تعالى: (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة، وأن يستعففن خير لهن، والله سميع عليم) النور:60.
والمراد بالقواعد النساء اللاتي قعدن عن الحيض والولد لكبرهن فلا يطمعن في الزواج، ولا يرغبن في الرجال، كما لا يرغب فيهن الرجال. فهؤلاء قد خفف الله عنهن، ولم يجعل عليهن حرجا أن يضعن من بعض الثياب الخارجية الظاهرة كالملحفة والملاءة والعباءة والطرحة ونحوها.
وقد قيد القرآن هذه الرخصة بقوله: (غير متبرجات بزينة) أي غير قاصدات بوضع هذه الثياب التبرج، ولكن التخفف إذا احتجن إليه.
ومع هذه الرخصة، فالأفضل والأولى أن يتعففن عن ذلك، طلبا للأكمل، وبعدا عن كل شبهة (وأن يستعففن خير لهن).
الله أعلم
ـــــــــــــــــــ
"الحمو الموت".. هل أدركنا هذا المعنى؟
الدكتور عمرو أبو خليل**
صلى الله عليك يا رسول الله، فمن يعرفك حقا لا يملك إلا أن يصلي عليك تعظيما وإكراما لما تركته لهذا العالم من توجيهات عظيمة، التي كلما تقدمت بنا الحياة أدركنا أهميتها. أقول هذا بمناسبة فتح ملف "زنا المحارم" التي حذر منها -صلى الله عليه وسلم- في جملة بليغة وقصيرة، لكنها لخصت كل ما يمكن أن يقال في هذا الإطار بقوله "الحمو الموت". فتعالوا نرى كيف يكون الحمو موتا كما أخبرنا نبينا الكريم، وكيف يؤدي التسيب وعدم وضع حدود للعلاقة بين المحارم إلى الموت الأخلاقي، أو إلى جريمة "زنا المحارم".
خطر المحارم المؤقتين
لا شك في أن جريمة "زنا المحارم" واضحة حرمتها، كما أنه في أغلب حالاتها تحتاج إلى نفس غير سوية للوقوع فيها، غير أني أستطيع القول بأن كثيرا من حالات زنا المحارم تحدث في دائرة من نطلق عيهم "المحارم المؤقتين"، كما في حالة أخت الزوجة، وأخو الزوج، وزوج الأخت، وزوجة الأخ، وخال الزوج، وخالة الزوجة أو بنت خالها وخالتها وغيرهم ممن على نفس الدرجة من القرب؛ حيث يتم تخطي الحدود بين أطراف هذه القرابات؛(45/103)
فالأخت تذهب لزيارة أختها المتزوجة وترى أنه لا بأس من أن تخلع حجابها أمام زوج أختها، فهو في مقام أخيها الكبير ولا مانع من أن تبيت عند أختها وتظهر أمام زوج أختها بلباس (قميص) النوم، وربما مكثت أياما عند أختها لأنها تذاكر بصورة أفضل في بيت أختها، أو لأنها تخدم أختها الحامل أو التي ولدت وتحتاج للمساعدة.. وباللغة الدارجة ترفع التكليف بينها وبين زوج أختها فلا حدود في الكلام أو المزاح أو اللباس، لتتطور العلاقة دون شعور من الطرفين وتتأجج المشاعر والكل غافل عما سيصلون إليه من كارثة.
وكذلك نجد أخا الزوج يدخل على زوجة أخيه، وهي أيضًا لا تلتزم بالحدود، وترفع التكليف فهو في مقام أخيها، وربما أيضًا يبيت للمذاكرة أو لأنه من بلد آخر، وجاء ليعمل والزوجة لا تراعي أنه رجل غريب في الحقيقة، وله مشاعر وأحاسيس؛ فتظهر أمامه بملابس النوم أو تكسر الحدود في الحديث، والأمر يتطور، والغريب في الأمر كل الأطراف في العائلة ترى ما يحدث ولا تلقي له بالا، ويتكرر هذا مع غير المحارم أيضا كما في حالة بنت الخالة والخال أو ابن العم والعمة، وتحت ادعاء الأخوة يتم تجاوز الحدود، وفي لحظة ضعف -وارد أن يمر بها أي إنسان- تقع الكارثة.
وهنا يقع "زنا المحارم" بالاتفاق بين الطرفين، فلا يوجد في العلاقة تحرش أو إجبار، مثلما يحدث في بعض حالات "اغتصاب المحارم"؛ فالوقائع هنا تحدث في عالم الكبار البالغين العاقلين المدركين لما يفعلون، ولذلك يحدث ما يحدث بالاتفاق التام، والتواطؤ الكامل بين الطرفين؛ ولذا فإن الأمر يصل إلى الزنا الكامل بين أناس ما كانوا يتصورون أن يصلوا إلى ذلك الحد من الوقاحة، كما لا يتصور المحيطون بهم إذا اكتشفوا ما يحدث أنهم فعلوا هذه الجريمة البشعة، فكل شيء يتدثر بلباس البراءة والعفوية والبساطة، ويبدأ الأمر بأحاديث بريئة، ثم تقتحم العين ما لا يصح أن تراه، ثم يحدث الاقتراب التلقائي الذي تبدو سبله ميسرة على خلفية الحرمة، وعلى خلفية أنهما محارم، وهنا يقع المحظور.
تمسكوا بتعاليم نبيكم
ولذلك عندما تحدث الرسول الكريم عن عدم دخول الرجال على النساء قالوا: أرأيت الحمو يا رسول الله، فكان الرد المعجز والعبقري للرسول الكريم "الحمو الموت"، والحمو هم أقارب الزوج، ولم يجد الرسول كلمة تصلح لتجاوز الحد في العلاقة بين الأقارب إلا كلمة الموت، بما تحمله من إيحاءات الهلاك والدمار.
ونعود إلى ممارساتنا التي تؤدي إلى الوقوع في زنا المحارم والتي تبدو تصرفات بسيطة وعفوية، فنجد الأخت تدخل على زوج أختها الذي يأتي لزيارتها في بيت أهلها في أثناء العقد بدون حجاب، وتقول: "عادي.. إنه زوج أختي"، وتتصور أن حرمتها المؤقتة تمنعه من النظر إليها، أو حتى من نظرها هي إليه وتأثرها به، والزوجة تتبسط مع أخي زوجها، وتقوم على شئونه، ورأينا في حالات عديدة كيف تغير زوجة الأخ من الزوجة الوافدة لأخي زوجها، وتحاول أن تفسد علاقته بزوجته؛ لأنها هي من كانت تهتم به وترعاه.
ونرى أقارب وقد انتفت الحدود بينهم حتى لا تعرف من هو الأخ من الزوج، وفي مشهد وداع عند السفر أو استقبال ترى الجميع يقبّل الجميع، فتقف حائرا فالأخ يقبل زوجة أخيه، والأخت تقبل ابن خالتها، وكل ذلك يتم تحت شعار "الأخوة"، والأخوة بريئة من ذلك، فـ"الحمو الموت".(45/104)
إن ما عرضنا له توا هو هامش صغير على دفتر أحوال زنا المحارم في مجتمعاتنا، لكن مساحته في الواقع وآثاره قد تكون أكثر تدميرا؛ لأن الأمر يتجاوز زنا المحارم إلى الغفلة والجهل، وتجاوز الحد الذي وضعه لنا رسولنا الكريم، فتكون النتيجة الحتمية هي موت مجتمعاتنا وتعرضها للهلاك، وتقطع لصلات الرحم، واختلاط للأنساب.
وأخيرا أود أن أنوه إلى أن ما جعل مثل هذه الملفات تفتح الآن هو أن الإعلام بما ينشره من خلال الأغنيات العارية والأفلام القبيحة، خلق حالة استنفار للشهوات والرغبات، جعل جريمة مثل زنا المحارم كانت قليلة الحدوث، ويتم الحديث عنها على استحياء إلى قضية حية لا يخلو الحديث العلني عنها من قبل المعنيين بالأسرة والمجتمع في بلادنا.
كما أؤكد أن فتح هذه الملفات ليس راجعا لنظرة متشائمة، أو دعوة للخوف أو الانغلاق، بقدر ما هي دعوة للاعتدال والوسطية التي هي منهاجنا الدائم، فعندما نلقي الضوء على أزمة أو ظاهرة، فليس من أجل أن نسود الدنيا والحياة ولكن من أجل أن ننبه الغافلين.
ـــــــــــــــــــ
زوجي كريم : لا يصلي ، ويعشق الحريم ؟!! ... العنوان
عند الزوجة ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله. لست أدري كيف أبدأ؟ فأنا متزوجة وعندي أولاد. مشكلتي أن زوجي يعشق الحريم، فهو يقول لي: أنا أحبك لكنني لا أستطيع العيش بدون عشق. وهو يسافر إلى بلد عربي ويزني مع أجنبيات. وعندما يعود يفرجني على صورتها، ويقول لي: هذه ما ملكت أيمانكم.. هل هذا صحيح ؟!
فضلا عن أنه دائم العادة السرية، ليس أقل من 3 مرات يوميا، يتابع الإنترنت والأفلام وأنا نائمة بجواره، وعندما أعاتبه يقول: "لما يجيلي مزاج"!!
يحب أولاده جدا، وأنا عندما أطلب الطلاق يعود ويعتذر، لكن المدة لا تتجاوز أياما. لست أدري ماذا أفعل؟ هل أترك له المنزل أنا وأطفالي؟
هو رجل كريم، يزكي جيدا، لكنه لا يصلي. اكتشفت أنه فعل زنا المحارم مع قريبة لي بعد زواجي، ثم أخذ يبكي بعدها. ولما سألت شيخا عالما قال لي ليستغفر ربه.. وسامحته بعدها.
لست أدري ماذا أفعل ؟ فأنا دائمة الصلاة أدعو له، ووصل بي الحال لأخذ حبوب مهدئه لأنني أصبحت في غاية العصبية مع أولادي ولا أطيق الخروج وأحببت العزلة..
أفيدوني جزاكم الله كل الخير.
... المشكلة
د .ليلي أحمد الأحدب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... اعذريني يا أختي الغالية إذ أنشر مشكلتك، فصفحتنا ليست بابا للفضائح ولسنا في مجال سبق صحفي ولا إثارة إعلامية، لكنها مشكلة موجودة في مجتمعنا، فإذا كنا سنخفي المشاكل التي ليس سببها إلا البعد عن الله، فكيف(45/105)
سنقنع الناس بضرورة الرجوع إليه سبحانه؟ وإذا كنا سنخفي مشكلتك ومشكلة غيرك فماذا سيبقى لصفحتنا من فائدة؟ وما الداعي أساسا أن نجعل الصفحة ظاهرة للملأ؟
تسألين أولا عن عبارة "ما ملكت أيمانكم" إن كان هذا صحيحا أم لا؟ فأقول لك: نعم هذا صحيح لكن على مذهب الشيخ نجيب محفوظ، عندما كتب ذلك على لسان شخصيته "سي السيد" في ثلاثيته المشهورة، فقد برر نجيب محفوظ لسي السيد ازدواج الشخصية التي يعاني منها بسبب جمعه بين الطاعة الممثلة بالصلاة مثلا، والمعصية الممثلة بكبيرة الزنا، فوجد أن الحل الأمثل هو: بما أنه يدفع أجر العاهرة كل ليلة فهي لا تختلف من بعيد ولا قريب عمن ملكت يمينه!!
لكن نجيب محفوظ نسي أو تناسى أن ملك اليمين ليست زانية أو عاهرة بل يُجبر الرجل على الإنفاق عليها، سواء تسرّى بها أم لا، ويعتبر ولده منها ولدا شرعيا ينسب إلى أبيه، عدا أنه لا يطأها إلا مالكها وليست كبنات الليل اللاتي يقضين كل ليلة مع رجل مختلف.
وأعظم خلفاء العباسيين عقلا وحلما وهو المأمون كان ابن جارية فارسية، وأكثرهم شجاعة وفخرا وهو المعتصم كان ابن جارية تركية.
ومع احترامي لقدرة هذا الكاتب في وصف الشخصيات وبراعته في وصف معاناتهم خاصة في المونولوج الداخلي، لكنني أجد من الواجب أن أقول: إنه أساء إلى كثير من القيم والثوابت في سعيه إلى الشهرة والمجد.
حل مشكلتك مع زوجك يتمثل في شقين: تدعيم رابط الحب والإشباع الجنسي بينكما من جهة، وتقوية صلته بالله سبحانه من جهة أخرى.
الشق الأول: أرجو بداية أن تتكرمي بمراجعة ردي على مشكلة "زوجة طبيب النساء.. الغيرة والثقة بالنفس"، فقد بينت أن التنويع في الجنس فطرة في الرجال، لأن المرأة هي موضوع إثارة للرجل وليس العكس، ولكن هذه الفطرة يمكن تهذيبها بطريقين: الالتزام الديني وهو متضمن في الشق الثاني من الحل، والالتزام العاطفي حيث ذكرت في ردي تحليلا لنفسية الرجال الشبقين ولعل زوجك واحد منهم، وبينت أنهم ليسوا كذلك بالحقيقة إنما يفعلون ما يفعلون لدوافع أخرى ليست جنسية بقدر ما هي نفسية، ومنها على الأخص الرغبة في أن يكون الرجل مرغوبا ومحبوبا، فهل تظهرين لزوجك هذه الرغبة من نفسك بالشكل الذي يرضيه ويرغبه فيك؟
قد يكون خطؤه فعلا أنه يمارس العادة السرية وأنت بجانبه، لكن ألا يمكن أن تكوني أنت سببا في عدم رغبته بك؟ فالوضع هنا ليس طبيعيا أبدا، وزوجك إما مريض نفسي مصاب بهوس الاستمناء والجنس أو أنك تتحملين جزءا كبيرا من المسؤولية.
فراجعي نفسك أولا، وابحثي عن نقصك ونقاط ضعفك في إثارته.. هل هو في جسمك أو في ملابسك أو في زينتك أو في أسلوبك في التحبب إليه، أم أن هناك شيئا آخر؟ لماذا تتركين المجال مفتوحا أمام تلك البغايا ليسرقن منك زوجك؟ وما الذي يحسنَّه أكثر منك؟! ولماذا لا تكون المرأة بائعة هوى لزوجها فقط ما دام يحب ذلك؟ هل أحسنت اللعب على أوتار التنويع لتعزفي الموسيقى التي يرغب بها أكثر الرجال خاصة إذا كان عزفا متقنا يجمع بين لمسات الحنان وألحان الإغراء؟(45/106)
على كل حال ما أعتقده شخصيا وهو واضح في بعض الدراسات النفسية أن الرجل أو المرأة لا يمكن أن يصلا إلى الإشباع الجنسي إلا إذا ترافق الجنس مع الحب، فهل الحب موجود بينكما أم أن عاطفة الأمومة عندك طغت على العاطفة التي يحتاجها زوجك؟
الحب برأيي يخلق المعجزات وهو سلاح المرأة الفاتك، ولا بد أنك تحبين زوجك، فهل أزلت الرماد الظاهر لتتأجج نار الحب بينكما بحيث يشعر زوجك بالدفء العاطفي الذي ربما يفتقده دون أن يدرك ذلك؟
تأكدي يا عزيزتي أنه كما لا يوجد مستحيل مع الإيمان بالله والثقة بالنفس، فإن الحب يحول المستحيل ممكنا؛ لأن الحب هو نفسه فن المستحيل والتحدي، فهل تحاولين أن تجعلي من إخفاقك السابق مع زوجك تحديا لك لتنجزي أداء أفضل على صعيدي العاطفة والإثارة معا؟
كانت أفلام الإثارة وما زالت تعتمد على ما يسمى بالجنس الفاتن، ولكن الحقيقة أن الحافز الجنسي لا يمكن أن يكون فاتنا إذا كان مجردا من العاطفة، والفتنة لا تنشر عبيرها إلا إذا تضافر الجنس مع نزوات الحنان.
وهذا التضافر هو من النوع المعقد الذي يصعب نقضه، شأنه شأن سجادة شرقية تشكل فيها الخطوط المجدولة لوحة واحدة، ولكن الخيوط المتحابكة يصعب اقتفاء أثرها، فهل تجعلين خيوط العاطفة والرغبة متشابكة في علاقتك بزوجك بحيث لا يمكنه التخلص من سحرك وفتنتك؟!
الشق الثاني: زوجك يا عزيزتي مشكلته ليست في الزنا، ولا في العادة السرية ولا في الإنترنت والأفلام، مشكلته في عدم الصلاة، فاتركي كل شيء وسامحيه على كل شيء، وانتبهي لهذا الأمر. فإذا استطعت أن تجعليه يصلي فإن صلاته ستنهاه كما قال عليه الصلاة والسلام، وكما قال الله تعالى: "وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر".
ذكريه بنعم الله عليه، قولي له: هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ لقد أحسن الله إليك بزوجة صالحة وأولاد سالمين معافيين ورزق وفير وصحة وشباب، أهكذا يكون جزاؤك لربك الذي أحسن إليك؟
تخيل أن لديك عبدا أنعمت عليه وأحسنت إليه وغمرته بالفضل والإنعام وأسبغت عليه كل صنوف الإكرام، ثم شب هذا العبد عن الطوق وأنكر كل نعمة ولم يشكرك على أي فضل، بل استعان بنعمك على معاصيك وأخذ يتفنن فيها، فماذا يكون جزاء هذا العبد الآبق؟ ألا تسلبه كل هذه النعم وترمي به خارج عطفك ولطفك وإنعامك؟ هل تريد أن يسلبك الله كل النعم التي أغدقها عليك؟
هل شكرت الله على نعمة البصر واستخدمتها لما خُلقت له كي تؤدي شكرها أم كفرت بها واستعملتها في غير رضاه؟ من يعصمك من الله إن أراد أن يسترد هذه الأمانة؟ يديك ورجليك التي تستعملها في معصية الله بدل أن تستعملها في طاعته؟ هل تأمن أن يبدلك الله قوتك في هذه الأعضاء ضعفا ووهنا؟
إن الزنى باب من أبواب الفقر وقطع الرزق لقوله تعالى: "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"، فهل يريد زوجك أن يعاقبه الله بقطع رزقه: "أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور".
يحزنني زوجك يا أختي لا لشيء إلا لأنه محروم ذلك الذي لم يعرف نعمة القرب من الله، ولأنه مغبون من لم يذق نعمة السجود لله، ولأنه شقي ذلك الذي لم يسعد لحظات في محراب العبودية لله.(45/107)
إذا عاد زوجك إلى الله فهو خير وفضل، ولعلك توجدين حوله صحبة صالحة تساعده على ذلك، وإن لم يعد فاطلبي منه بلطف أن يفصل مكان معاصيه عن غرفة النوم، بحيث لا تضطري أنت إلى مشاهدة ما يرى أو تحمّل ما ليس في قدرتك، فعلى الأقل عندما يريد أن يتابع أفلامه أو الإنترنت فليكن بعيدا عنك لأن في ذلك إهانة لكرامتك خاصة إذا تم تحت سمعك وبصرك، فإن قبل فقد فعل خيرا.
وإياك أن تمتنعي عنه إذا طلبك. وإذا لم يؤدك حقك الشرعي في المواصلة الجسدية إن كنت ترغبين بها، فإن استطعت أن تسامحيه أيضا في هذا الحق فافعلي، وإن لم تستطيعي فعل أي شيء من كلامي فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ويحق لك طلب الطلاق، إذ ربما هو بحاجة إلى طرقة قوية على رأسه ليصحو، أو زلزالا من تحت رجليه يهز كيانه ليستيقظ، لذلك لا مانع من أن تهدديه بالطلاق بشكل جدي، وبما أنه كريم ومحب لأولاده كما تقولين فقد يكون هذا السلاح الأجدى، لكن كما قلت لك حاولي بالطريق السلمي بأن تحببيه إلى الله سبحانه، وأن تغدقي عليه الحب أشكالا وألوانا، وبعد ذلك لكل حادث حديث.
كلمة أخيرة يا أختي العزيزة، وهي: إنني أود أن تعرفي أن كل منا نحن البشر مركب من الخير والشر، لقوله تعالى: "وهديناه النجدين"، وبما أن زوجك يزكي عن ماله كما تقولين فمعنى هذا أن في داخله نبعا من الخير لكنه يحتاج جهدا أكبر كي يتفجر ماء رقراقا، فلا تستسلمي بسهولة للفشل، بل احفري بدأب وعزيمة لتصلي إلى عنصر الخير فيه. وقضيتك مصيرية تحتاج إلى أن تتمسكي بالصبر والإيمان، ولا تنسي أنه سبحانه يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، وأنه لا يخيب من أحسن اللجوء إليه وهو القائل عن أحد أنبيائه: "وأصلحنا له زوجه"، والله لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ولعلك تبقين معنا فقد يكون في صفحتنا ما يخفف عنك، وأهلا بك دائما.
ـــــــــــــــــــ
تداعيات تحرش جنسي ... تحذير من التغافل ... العنوان
التحرش الجنسي ... الموضوع
أرجو عدم نشر المشكلة كاملة... أنا فتاة مرتبطة من فترة بسيطة، والمشكلة يا سيدي أنني إنسانة ضعيفة الشخصية، أفتقد إلى الحنان العاطفي؛ حنان الأب والأم ....
لا أقول: إن والديّ لم يمنحاني ذلك الحنان، بل على العكس، فهما حاولا ذلك، ولكن كان تركيزهم على العطاء المادي أكثر بكثير، وكم كنت أحلم بلمسة حانية من أبي أو ضمة وقُبلة من أمي؛ لأن ذلك لم يكن يحصل إلا في الأعياد، إلى أن وقعت فريسة بسبب هذا الحرمان.
فقد كان خالي يأتي لزيارتنا ويبيت عندنا، وخصوصًا في غرفتي، وكان يسهر معظم الليل، يسمع إلى مشاكلي وهمومي وأفراحي وأحزاني، وهو في الوقت نفسه يحدثني عن كل شيء يحدث معه، وكان كثيرًا ما يحضنني ويُقبلني، وأنا أشعر بأن ذلك شيء مألوف وغير حرام؛ حتى إنه كان يطيل من مسكة يدي.
أنا أقسم بالله لم أكن أشعر بأي شيء سوى بالحنان الذي لا حدود له من قِبل خالي، ولكن بعد فتره لمست أن نبرة صوته بدأت تختلف، وحتى لمسة يده. بدأ يتحسس أماكن حساسة من جسدي، ويقوم بأعمال غير لائقة، مثل ضمه لي بصورة مريبة.(45/108)
في البداية كرهته، وبدأت أنفر منه، لكنه يعود ليعتذر إلي، تعلقت به إلى درجة الجنون، وبدأت أوافقه على كل شيء يعمله معي، دون أن أستشعر أي لذة جنسية؛ لأنني غير راضية عن هذا الوضع، ولكني لا أريد أن أمنعه؛ لأنني لا أريد أن يبتعد عني إلى أن أصبح الأمر مألوفا لدي، ولكنه أراد أن يتخطى أمورًا أكثر من الطبيعي كالجماع الخارجي مثلا، ولكني رفضت بقوة وبدأت أبتعد عنه شيئا فشيئا.....
... المشكلة
د . مأمون مبيض ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة ، أنت يا أختي ضحية ما يُسمّى بالتحرش أو الاعتداء الجنسي بين المحارم ، والذي غالبًا ما يحدث عندما يحرم الإنسان من الرعاية العاطفية أو الحنان، وخاصة من الوالدين، وإن قاما بتقديم الرعاية المادية، كما ذكرت في السؤال، إن افتقاد الأسرة لجو الحديث والمصارحة، حتى في الأمور المحرجة، كالنمو الجنسي، يجعل الأولاد- ذكورًا وإناثًا- أكثر عرضة لهذا التحرش أو الاعتداء، أو يمنعهم من التحدث مع الوالدين إذا حصل ما يقلق، كما جرى معك؛ حيث لم تتمكني من مصارحة والدتك أو غيرها.
ورغم قرابتك لخالك، كان على والديك أن يكونا أكثر حذرًا في رعايتك وحمايتك من أي سوء، وكان من المفروض أصلاً ألا يسمحا لخالك بالمبيت معك في الغرفة بالشكل الذي حدث.. ولذلك تطور الأمر بالشكل القبيح الذي حصل، من ابتداء الأمر بالحديث والكلام إلى اللمس.
إنك أيتها الأخت ضحية هذا التحرش، ولا غرابة ألا يعرف الإنسان في مقتبل عمره ما هو الطبيعي وما هو غير الطبيعي، فأرجو ألا يقلقك تأنيب الضمير.. فإذا لم يخطر في ذهن والديك هذا الأمر، فكيف يخطر في ذهنك وأنت الصغيرة؟!
أحسنت في الامتناع عن متابعة هذا الاعتداء عندما عاد خالك، وليغضب وليفعل ما يحلو له. واحذري أن يهددك بأن يخبر أحدًا أو يفضحك من أجل أن تتابعي معه ما أراد، وهذا ما يجري أحيانًا. واعلمي أن الشريعة والقانون في صفك. وكونك استطعت نسيانه لمدة سنتين عندما ابتعد، فهذا مؤشر جيد على أنك تستطيعين- بعون الله- تجاوز ما حدث، ولا أقول نسيانه، فمن أين للإنسان أن ينسى مثل هذا الأمر؟!
من نعمة الله عليك أن أنقذك من هذا الرجل الذي لم يرع حرمة وقرابة وأخلاقًا، وأن عوّضك برجل يعوضك عن الحرام الذي ارتكبه خالك معك، ويعطيك الرعاية والحنان والعاطفة التي يحتاجها كل إنسان، كما أن هذا الزواج سيلبي حاجتك الجنسية بالحلال، المأجورة عليه من الله تعالى.
ومن الشائع عند ضحايا الاعتداء أو التحرش الجنسي أن تصبح عندهم مشكلات وصعوبات في الحياة الجنسية بعد الزواج، أو تصبح لديهم نظرة سلبية منفرة لكل ما له صلة بالحياة الجنسية. ولكن يمكن من خلال الصبر والتأني أن يشفى الإنسان من هذا، ويعود ليعيش حياة قريبة من الطبيعية، ويكوّن أسرة ناجحة، وفي بعض الحالات عندما يطول أمد الصعوبات في العلاقات الزوجية أو الاجتماعية، يمكن عندها أن يستشير الإنسان إخصائية أو طبيبة نفسية تعينها على تجاوز ما حدث.
أعانك الله على تجاوز هذا الماضي المؤلم، ويسّر لك الخير في حياتك الزوجية الجديدة، وسلمك من كل مكروه.(45/109)
وأخيرًا، أضم صوتي إلى صوتك في دعوة الآباء والأمهات إلى الانتباه لأولادهم، وحمايتهم من كل سوء متوقع، وأن يعطوهم الحنان والرعاية والتوجيه في كل ما يهمهم في حياتهم، ومن ذلك التربية والتوجيه الجنسي؛ ليعلموا الخطأ من الصواب والحلال من الحرام.
ـــــــــــــــــــ
زنا المحارم.. "ولا تتبعوا خطوات الشيطان" ... العنوان
تساؤلات أخرى, علاقات أسرية ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم، ترددت كثيراً قبل أن أكتب إليكم مشكلتي، وهي مشكلة كبيرة، كنت وقتها أبلغ من العمر ستة عشر عاماً، ولي أخت تكبرني بعامين، وأهلي دائمو الخروج، إلا أنا وأختي، فلا نحب أن نخرج إلا لضرورة؛ لأننا مهتمان بالدراسة، المهم في أحد الأيام ذهبت لغرفة أختي ـ وهي غير موجودة ـ لإحضار بعض أشرطة الفيديو، وبالصدفة وقعت عيناي على شريطين مخبأين فأخذتهما، واكتشفت الطامة الكبرى؛ حيث إنهما شريطا جنس، وبصراحة لقد شاهدتهما بالكامل، ثم أخذت أفكر: من أين حصلت أختي على هذه الأشرطة؟! ولماذا تشاهدها؟ وتساؤلات كثيرة في ذهني، وقررت أن أراقبها ماذا تفعل عند دخولها غرفتها؟ وفعلاً رأيتها "من فتحة الباب" تمارس العادة السرية، ولم أتحمل ذلك المنظر، فقررت أن أصارحها، ولما واجهتها بأنني وجدت لديها هذه الأشرطة، أنكرت بعصبية وقالت: عيب عليك أن تقول عني هذا الكلام، وهنا شعرت بالندم على ما فعلت، وبصراحة لقد خفت أن تبلغ أهلنا بهذا الأمر، ولكن للأسف لقد استغلتني أختي بسبب ضعفي وخوفي ... . و ... . ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... هذا جزء من رسالة وصلت إلينا.. ونترك لكم استنتاج البقية ونعفيكم من تفاصيلها، ولكننا عرضنا هذا الجزء؛ لندق به أجراس الخطر محذرين للآباء، ومرشدين للأبناء حول مخاطر كثيرة صارت قريبة منا.
المشكلة من البداية سببها إهمال الوالدين في رعايتهما للأبناء، فبعض الآباء يعتقدون أن الأبناء في مرحلة بداية الشباب يحتاجون لقدر أقل من الرعاية والملازمة، وأنهم يستطيعون تصريف شئونهم بكفاءة أكبر من مرحلة الطفولة، وينشغل الآباء عنهم بمشاغل أخرى، ويتركون الأبناء لتدبير وترتيب حياتهم أو شئونها، وكأن وظيفة الأب والأم توفير المأكل والملبس والمصاريف.. فقط!!
ويعتمد البعض الآخر على ما غرسه في أبنائه من مبادئ وأخلاق في الصغر، ويغفل عن تأثير ما في المجتمع من مفاسد على الأبناء، وتأثير رفقاء السوء عليهم، فهذه الآفات قادرة على قتل ما زرعه الآباء، ما لم يتعهد الآباء زرعهم برعاية حتى يثمر الزرع، بل قد تتكفل جماعة أصدقاء السوء بتوجيه الأبناء إلى مسار آخر منحرف في غيبة الحوار والتفاهم والتواصل بين الآباء والأبناء.
ومداخل الفساد أكثر من أن نحصيها هنا، وبعضها قد يكون أداة في البيت مثل الأطباق اللاقطة للبث الفضائي، أو الفيديو، أو الإنترنت، ومنها ما يكون صديقاً للعائلة أو في المدرسة.(45/110)
والسبيل الأنفع للتعامل مع هذه المصادر والمداخل ليس هو التضييق على الأولاد، وحركتهم، ومحاولة خنقها بغرض حمايتهم من الفساد، بل يكون أولاً بحسن رعايتهم وتربيتهم من الصغر بالقدوة، وبغيرها من وسائل التوجيه، وباستمرار الرعاية والحنان مع وصولهم لسن المراهقة التي يحتاج الأبناء فيها إلى عون أكبر، ولكن بنوعية مختلفة عن حاجاتهم في الطفولة: بقرب أكثر ذكاءً، وتفهم أعمق تناولاً، وبمرونة حكيمة، ومشاركة في المسئولية، واحتواء على مفردات الحياة والأصدقاء، وإسداء النصيحة بهدوء، واحتواء المشكلات برؤية ثاقبة تدرك أن التوجيه المباشرة ليس هو أفضل الطرق للوصول إلى قلب وعقل المراهق.
إن نجاح الوالدين في مهمة التربية ـ وهي أصعب مهام الحياة في تصورنا ـ يتعرض لاختبار قاس في مرحلة مراهقة أبنائهم، وآية التوفيق في هذه المهمة أن يكون الوالدان أقرب إلى الأبناء، بحيث يجدون فيهما الصدر الواسع، والأذن المفتوحة، ويشعرون تجاههما بالثقة والاطمئنان، ويفزعون إليهما موقنين أنهم سيجدون دائماً الرأي الصائب، والعون المستمر.
والفراغ هو أخطر آفات مرحلة المراهقة؛ لأن الطاقات الذهنية والنفسية والجسمانية تتضاعف بينما المهام والمسئوليات التقليدية من دراسة وغيرها تبدو أقل وأهون من أن تملأ العقل والقلب بما ينفع ويجذب، ويمتع ويفيد، وهنا تبدو مهمة من مهمات الأسرة في كفالة البرامج المناسبة لحل هذه المشكلة، وتجاوز هذه المعضلة، وأقول مشكلة معضلة؛ لأننا نعيش في عالمنا العربي ـ حالة من الفراغ أو بالأحرى الخواء الثقافي الذي تعشش فيه خفافيش الظلام والفساد، وترتفع فيه جراثيم البطالة الروحية والعقلية، وهي جراثيم فتاكة يمكن أن تقضي على أمم كاملة، فما بالك بشاب غض الإهاب، أو فتاة خضراء العود؟
ومن جوانب التربية التي يغفل عنها كثير من الآباء والأمهات ما يتعلق بشئون الجسد، والعلاقات الجنسية، وتجاهل الأسرة لهذا الجانب من التوعية أنتج أجيالاً يتلاعب بها الجهل وتشيع فيها البلايا والانحرافات بدءاً من المفاهيم الخاطئة، ومروراً ببعض الممارسات مثل: الاستمناء، وانتهاءً بما نحن بصدده هنا ـ في هذه المشكلة ـ من علاقة جنسية بين المحارم، ولا يمكننا أن نحدد حجم انتشار هذه الآفات في غياب حرية وإمكانية البحث العلمي النزيه لها، لكننا فقط ومن خلال الممارسة لسنوات عديدة يمكننا القول إنها منتشرة بالقدر الذي يتجاوز كونها مجرد حالات فردية شاذة.
أما بالنسبة لمشكلة الابن فلقد أخطأ من البداية، واختار أسلوباً وضعه في الفخ الذي نصبه له شيطان شهوته، وشهوة أخته التي أرى أنها تتحمل الجزء الأكبر من الوزر، دون أن يقلل هذا من مسئولياته عما حدث.
أخطأ حين تتبع عورة أخته، وأخطأ حين تورط في نفس ما تورطت فيه من مشاهدة تلك الأفلام، وأخطأ حين اختار مواجهتها وعتابها؛ لأن هذا ليس دوره، ولا مكانه، وأخطأ حين قدم مخافته لغضب الأهل على غضب الله سبحانه.
ـــــــــــــــــــ
فقدت عذريتي ... العنوان
نفسي ... الموضوع
أنا فتاة أبلغ من العمر 22 عامًا، طالبة جامعية، متوسطة الجمال والحال، لا أعرف من أين أبدأ مشكلتي، أخاف أن تخونني العبارات فلا أستطيع أن أعبِّر عمَّا بداخلي من ألم وحزن وحيرة ... أرسم على وجهي ابتسامة بريئة؛(45/111)
لأجعل مَنْ حولي سعداء، وأنا كلِّي جراح وألم ... من يراني يظنني أسعد إنسانة في الوجود، لا يتصور أبدًا أنني البائسة الحزينة ... تعانقها الهموم وتضاجعها الدموع وتسامرها الشجون، عشت طفولة بائسة لم أعرف فيها براءة الأطفال لا أقول ذلك على أنني كنت على هذا الحال في محيط أسرتي، وإنما كنت وسط ذئاب بشرية منذ أن كنت في الثامنة من عمري، ففقدت ما فقدت، قد تضعون اللَّوْم عليَّ، ولكن صدقوني لم يكن في يدي حيلة غير أن أسايره وأطاوع رغباته الشيطانية، كنت أتألم – وأكتمه – خوفًا من أن يرسِّبَني الجِنُّ في الامتحان، نعم الجن فقد كان يهددني بأقرانه من الجن إن لم أخضع له وسوف يُعْلِم أهلي بذلك، إذا اعتذرت له أنني لا أتحمل يعلن غضبه عليَّ وأنَّ الجن سوف يعاقبوني على عدم تنفيذ رغبته؛ فأستسلم له في خوف ورعب. عجوز أحمق ينقض عليَّ بكل قوته؛ ليشبع غريزته الحيوانية دون أن يكترث لتوسلاتي له، يقول: إنه يحبني ويريد لي الخير، هل تُصَدِّق عجوز في العقد الخامس من عمره يقول هذا لطفلة لم تتجاوز التاسعة من عمرها. واستمرت سلسلة عذاباته لي حتى بلغت الثانية عشر والكل نيام، حتى أخرجتني ملاك من هذه الزنزانة التي كنت فيها بعد صراع طويل، ولكن بعد ما فقدت كل شيء. أصبحت فتاة يانعة ظريفة طيبة جميلة كما يزعمون، ولكن من يقبل فتاة ليست عذراء؟ كيف أواجه نظرات الناس القاسية؟ من يصدقني؟ من يفهمني؟، إنني أعاني وأعاني ولا يوجد أحد يدري، يا تُرَى إلى متى أستمر في هذا العذاب الدائم لقلبي وعقلي، لا أنام قريرة العين إلا وأنا مشغولة الفكر والبال، أنا لا أطلب المستحيل بل أريد من يفهمني، ويقدِّر شعوري، لا أريد أن أَغُشَّ أحدًا فهذه هي
حقيقتي لا يعلم بها إلا الله تعالى. أريد من يحميني من العيون وسوء الظنون من قبل الناس، أريد يدًا تساندني أريد حبًّا وحنانًا، أريد حضنًا يضمني وقلبًا يحتويني، أخاف أن يأسرني اليأس والعمر يمضي دون توقف، ولكني مع كل هذا صابرة ولم أفقد الأمل من رحمة الله فهو معيني الأكبر، وبه أستعين، لكن المجتمع لا يرحم وعيونه أظلم، أحيانًا أفكر في خاطري أن أستعين بالأطباء ليردُّوا لي عذريتي. ولكن نفسي تأبى ذلك؛ لأني لا أستطيع خيانة من وَثِق بي وأعطاني حبه وغمرني بعاطفته، وأخرجني من معاناتي وحرماني، أرجو منكم أن تمدوا يد العون لي فأنا تائهة في هذا الوجود غارقة في الأحزان ولا تتخلوا عني أرجوكم، فهل من مجيب وهل من معين؟! ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي العزيزة: شكراً على ثقتك، ونحن معك لن نتخلى عنك، والله معنا جميعًا.
يسأل الواحد منا نفسه أسئلة تبدو غريبة، وقد سألت نفسي حين قرأت رسالتك - للمرة الثالثة - ما جزاء من ينتهك عرض أنثى أو ذكر في سن الطفولة أو المراهقة؟!
هذا الانتهاك الذي لا يتوقف أثره عند لحظة الفعل، ولكن يظل علامة في التكوين النفسي، والذهني للمفعول به.
كما سألت نفسي عن جزاء من يترك أبناءه بإهمال وربما سذاجة مفرطة يتعرضون لمثل هذا التحرش ؟!!، ومن أهم وظائف الأسرة أن تحمي وترعى!! العلم عند الله، لكني أراه جرمًا شنيعًا أدعو الله تعالى أن يعافي كل إنسان من التورط فيه فاعلاً أو ساكتاً مهملاً ... إلخ.
أختي:(45/112)
قصتك متكررة في إطار الأسرة: "زنا المحارم"، وخارج هذا الإطار، وتتم بهذا الأسلوب دائماً، فالفاعل شخص مجرم منحرف نفسيًّا، مكبوت جنسيًّا "غالبًا"، وفي البلدان التي تتكرر فيها هذه الحوادث، ويتعامل معها المجتمع بانفتاح وتفهم، هناك دعم نفسي، وعلاج طبي، وعون اجتماعي تتلاقاه الضحية.
ونحن هنا ننبه كل من يرعى طفلاً أن يحذر، وأن يحافظ ويحمي هذه الأمانة التي عنده، وهو مسئول عن رعايتها، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه.. الحديث "، ولعلَّ في قصتك عبرة لمن يعتبر.
ثم أقول لك: إن هذا الشيطان، وقد سلبك رمز عذريتك المادية، فإنه لا ينبغي أن يمَسَّ صفاء روحك، ونقاء سريرتك، وطُهْرَ أخلاقك وسموَّها، وأَمَلُكِ المستمر في الله سبحانه.
ومع الحذر من الوقوع في براثن "حيوانات بشرية" أخرى أقول لك:
كان الأمر مستقراً على أن صاحبة مثل هذه الحالة ينبغي أن تُخْبِر من يتقدم إليها، وتثق في مروءته، وكتمانه سواء رضي بهذا الأمر، أو أبى، ولم تتم الزِّيْجة. حتى صدرت فتوى عن دار الإفتاء المصرية - مؤخراً - بجواز "إعادة العذرية" إذا صحَّ التعبير "وهو طبيًّا غير صحيح" إلى الفتاة التي فقدتها اغتصابًا، ومازالت هذه الفتوى تخضع لنقاش واسع، لكنها صدرت بالفعل على كل حال، ومنطقها يعتمد على الثقة في مَن تدعي أنها ضحية اغتصاب، وليست عابثة أو فتاة ليل ... إلخ.
وفي إمكانك أن تأخذي بهذه الفتوى، وفي هذه الحالة فإن العملية الجراحية يستحسن أن تتم في بلد آخر غير بلدك، وأن يصحبك فيها أحد مسئول عنك وأفضل الصحبة في مثل هذه الحالات امرأة كبيرة السن، حكيمة وعاقلة، ومحل ثقة.
وأفضل شيء أن تجريها لك طبيبة، وبعد هذه العملية سيكون تجاوزك للأمر أسهل، والتعويل على إرادتك، وإيمانك بالله عزوجل، ثم تجاوبك مع الآفاق المفتوحة أمامك في الحياة، وأمام النجاح فيها مع طيِّ صفحة الماضي، ولا يخلو الماضي من ألم.
تحياتي لك. والسلام
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض من زنا المحارم.. رؤية اجتهادية
مسعود صبري**
في عدد من الحوادث فيما يعرف بـ"زنا المحارم"، ومع خشية الفضيحة، تترك الفتاة نفسها دون أن تخبر أحدا، والنتيجة أنها تكون حاملا، ربما من أبيها أو عمها أو خالها، ممن خرجوا عن فطرتهم، المهم هنا: ماذا تفعل الأسر في الجنين الذي يسكن أحشاء ابنتهم؟ هل يبيح الشرع في مثل هذه الحالة أن يقوموا بعملية الإجهاض حتى يخفوا العار الذي يلحق بهم طول الزمن أم نترك الولد الذي لا ذنب له يقابل مصيره في الحياة؟.
أجمع الفقهاء على أنه لا يجوز الإجهاض بعد أربعة أشهر، أما قبلها فالأمر خلافي بين الفقهاء، وفي حال زنا المحارم يرجح القول بإباحة الإجهاض قبل نفخ الروح.
فقد اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز الإجهاض بعد أربعة أشهر، وهي المدة التي يكون فيها الجنين قد تخلق، ونفخ فيه الروح، ودليله ما اتفق الشيخان عليه من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن أحدكم(45/113)
يجمع في بطن أمه أربعين يوما، ثم علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع؛ برزقه وأجله وشقي أو سعيد".
ضابط الحل والحرمة
والضابط في الإجهاض من حيث الإباحة أو الحرمة هو عملية التخلق ونفخ الروح، فإن كان الجنين قد تخلق ونفخ فيه، فلا يجوز إجهاضه، بسبب أن هذا زنا من المحارم، أما إن كان لم يتخلق، فيجوز ذلك عند عدد من الفقهاء.
وقد اختلف الفقهاء في الإجهاض قبل نفخ الروح، فمنهم من رأى الإباحة، ومنهم من رأى الكراهة، ومنهم من رأى الحرمة.
فقد ذهب بعض الحنفية إلى أنه يباح الإسقاط بعد الحمل، ما لم يتخلق شيء منه.
وقال اللخمي من المالكية، والإمام أبو إسحاق المروزي من الشافعية: يباح قبل الأربعين.
بل صرح الإمام الرملي من كبار فقهاء الشافعية، وهو ما يعرف بالشافعي الصغير: لو كانت النطفة من زنا فقد يتخيل الجواز قبل نفخ الروح.
وقال بعض الحنابلة بجواز الإجهاض في بداية الحمل، إذ أجازوا للمرأة شرب الدواء المباح لإلقاء نطفة لا علقة.
وذهب بعض الحنفية إلى الإسقاط إذا كان لعذر، ومن فقهاء المذاهب من رأى الكراهة.
وقد نقل الخطيب الشربيني الشافعي عن الإمام الزركشي: أن المرأة لو دعتها ضرورة لشرب دواء مباح يترتب عليه الإجهاض فينبغي أنها لا تضمن بسببه. ومن الفقهاء من رأى التحريم قبل نفخ الروح، وهو المعتمد عند المالكية والحنابلة، ووجه عند الشافعية.
مشكلات النسب
أما القول بأن عدم إباحة الإجهاض قد يؤدي إلى مشكلات في النسب، فهل ننسب الولد من البنت إلى جده، أو إلى عمه أو خاله، فإن هذا التخوف لا يحل الإجهاض بعد نفخ الروح، إذ إنه من الزنا، فلا ينسب إلى قريبه على الراجح من أقوال الفقهاء، بل إن الإبقاء على حياته بعد نفخ الروح فيه سد لجريمة الزنا، حتى لا يعير الإنسان بفعله، وقد شرع الله تعالى القصاص من القتل، مع كون الظاهر فيها إزهاق روح، لكن الله تعالى صرح بمقصد القصاص، فقال: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون".
أما القول بإباحته قبل نفخ الروح، فإن فيه مندوحة من الشرع، وفيه دليل أو اجتهاد، فيمكن الاستناد عليه، أخذا بقاعدة أخف الضررين. وهو ما رجحه الإمام ابن حجر، فقال: "وإن كان التخلق مختلفا فيه بين كونه بعد الأربعين، أو بعد أربعة أشهر، فإن الأولى اعتماد جواز الإجهاض قبل التخلق على رأي من يرى أنه قبل الأربعة أشهر".
وبهذا تظهر حكمة الشرع في وسطيته وأنه أقوم التشريعات، فلا هو أباح الإجهاض، فيكون سبيلا لانتشار الزنا، ومنه زنا المحارم، ولا هو أغلق الباب بالكلية.
وهذا بيان للحكم الشرعي دون الفتاوى التي تخص كل سائل على حدة، حسب مشكلته الخاصة.
ـــــــــــــــــــ
الوقوع في الزنا مع المحارم ... العنوان(45/114)
رجل متزوج ويحب زوجته، ولكنه زنى بوالدة زوجته قبل الزواج وبعد الزواج وأيضًا زنى بأختها، ورغم ذلك فهو يعامل زوجته معاملة طيبة وأنجب منها ويعاملها معاملة طيبة، وهذا الشخص يصلي، وحج بيت الله بعد ذلك؛ فما حكم الشرع في هذا الشخص؟ وشكرا
... السؤال
الدكتور يونس محيي الدين الأسطل ... المفتي
... ... الحل ...
...
... إن الحرام لا يحرم الحلال، فالزنا بإحدى قريبات الزوجة المحرمات على الزوج تحريمًا مؤقتًا أو مؤبدًا لا يحرم عليه زوجته، وإن كان يوقعه في كبيرة من الكبائر وعلى هذا السائل أن يعجل بالتوبة النصوح، وأن يجتهد في نوافل العبادات ليكفر ذنوبه، كما أن عليه أن يتجنب الأسباب التي أدت إلى وقوعه في تلك الكبائر بعدم الخلوة بقريبات زوجته مرة ثانية
وعليه أن يكثر من تلاوة القرآن وسماعه ومن حضور المواعظ والدروس الدينية كما أن عليه أن يصاحب الصالحين؛ ليظلوا يذكرونه بالله واليوم الآخر
ومن المعلوم أن العقوبات تطبق في السعودية بصورة واسعة، لكنني لا أنصح السائل بالاعتراف أمام القضاء، وعليه أن يستر على نفسه، وأن يتوب بينه وبين الله تعالى موقنًا أن الله لا يخيب الصادقين في توبته
والله تعالى أعلم
ـــــــــــــــــــ
المحارم من الرجال ... العنوان
السلام عليكم: هل خال أبي وعم أبي وخال أمي وعم أمي يكون أحدهم محرماً لي أم لا؟ وهل يعتبرون ممن قال عنهم الله عز وجل (والذين من أصلابكم)نرجو توضيح ذلك وبيان العلاقه بين أقرباء الزوج أيضا مثل عم الزوج وخاله والسلام عليكم
... السؤال
28/04/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالمحارم من الرجال على المرأة يقصد بهم أقارب المرأة الذين تحرم عليهم تحريماً مؤبداً ، فلا يحلون لها بحال من الأحوال ، أو في وقت من الأوقات ، ويجوز لها إبداءُ زينتها أمامهم نظراً للضرورة الداعية إلى المخالطة والمداخلة والمعاشرة ، ولأن الفتنة -غالباً- مأمونة من جهتهم ، وهم :
1) الآباء ، وكذا الأجداد ، سواء كانوا من جهة الأب أو الأم .
2) آباء الأزواج .
3) الأبناء وأبناء الأولاد وإن نزلوا .(45/115)
4) أبناء الأزواج وإن نزلوا .
5) الإخوة مطلقاً ، سواء كانوا أشقاء أم لأب أو لأم .
6) أبناء الإخوة والأخوات وإن نزلوا .
7) الأعمام وكذلك أعمام أبيها ، وأعمام أمها وإن علوا .
8) الأخوال وكذلك أخوال أبيها وأخوال أمها وإن علوا .
9) المحارم من الرضاع : وجميع ما سبق من المحارم إن كان من رضاع فإنه يكون من المحارم للمرأة فيحرم عليها أبوها بالرضاع وابنها من الرضاع ، وأخوها ، وابن أخيها من الرضاع وجميع ما ذكر سابقاً لقوله صلى الله عليه وسلم : [ يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ] . رواه البخاري ومسلم.
(انتهى ـ من الشبكة الإسلامية التابعة لوزارة الأوقاف القطرية)
وعليه : فيكون كلاً من عم الأب وخاله وعم الأم وخالها محرما عليك أيتها الأخت الكريمة، وتكونى أنت من أصلابهم.
أما أقارب الزوج فلا يحرم منهم إلا أصله (أبوه وجده) وفرعه (ابنه وابن ولده)، ولا يكون عم الزوج ولا خاله محرما .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
ما يجوز النظر إليه من المحارم ... العنوان
أرجو توضيحَ حكم الشَّرع في حدود ما يجوز النظر إليه من ذواتِ المَحارِم
... السؤال
28/01/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
ذوات المحارم كلُّ مَن حَرُمَ على المرء نكاحُهن على التأبيد بنَسَبٍ كالأخت والأم أو رضاع أو تحريم مُصاهرة كأمِّ الزوجة، ويجوز النظر إلى ما يظهر منهنَّ غالبًا كالرقبة والرأس والكَفَّين والقدمين، وهو ما عبَّر عنه القرآن الكريم بموضع الزينة واستثناه في قوله تعالى: (وقُلْ لِلْمُؤمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ ويَحْفَظْنَ فُروجَهُنَّ ولاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أو بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ) الآية الكريمة.
والبعولة هنا الأزواج.
وقال تعالى: (لاَ جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ ولاَ أَبْنائِهِنَّ ولاَ إِخْوانِهِنَّ ولاَ أَبْنَاءِ إِخْوانِهِنَّ ولاَ أَبْنَاءِ أَخَواتِهِنَّ ولاَ نِسَائِهِنَّ).(45/116)
وقد روى أبو داود عن أنس أن رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ أتى فاطمة بعبد قد وهبَه لها. قال: وعلى فاطمة ثوب إذا غطَّت به رأسها لم يبلُغ إلى رجليها، وإذا غطَّت به رجليها لم يبلغ إلى رأسها، فلما رأى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما تَلْقَى من ذلك قال: إنَّه لا بأس عليك، إنما هو أبوك وغلامُك.
قال ابن العربي في أحكام القرآن: وروى علماؤنا أن صفيّة بنت عبد المطلب عمّة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانت لا تُغطي رأسَها منه ولا من عشرة من المهاجرين الأوّلين؛ أي من أبنائها وأبناء أخواتِها.
أما إذا كانت المرأة أجنبيّة غير ذات محرَم فيُحرَّم النظر إلا إلى وجهها وكفَّيها لقوله تعالى: (ولا يُبْدِينَ زِينتَهُنَّ إِلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا) قال عليٌّ وابن عباس ـ رضي الله عنهم ـ ما ظهر منها الكُحل والخاتم أي موضعهما، وهو الوَجه والكَفَّين، والمراد من الزينة في الآية موضعُها، ولأنَّ في إبداء الوجه والكف ضرورة لحاجتها إلى المعاملة مع الرجال أخذًا وعطاءً.
أمَّا من غير ضرورة فقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: يا علي لا تُتْبِع النظرةَ النظرةَ، فإنَّ لك الأولى، وعليك الثانية وهذا في غير ضرورة كما قلنا.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
كشف الثدي للإرضاع في وجود أحد المحارم ... العنوان
ما هي حدود النظر إلى الأم أو الأخت خاصة إذا كانت مرضعًا؟ ... السؤال
الشيخ فيصل مولوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الأصل في عورة المرأة المسلمة تجاه محارمها أنها تمتدّ فقط من السرة إلى الركبة؛ ومعنى ذلك أن ظهور الثدي عند الإرضاع جائز، خاصة أن المرأة في منزلها وعند قيامها بواجب الإرضاع تكون مضطرة إلى كشف ثديها، لكن يكره ذلك في غير حالة الإرضاع
ـــــــــــــــــــ
حكم اسقاط الحمل من المحارم ... العنوان
فتاة في الرابعة عشرة من عمرها زنت، وبعد أن مرّ على حملها أربعة أشهر تبيّن أن هذا الحمل من أخيها، فماالعمل؟ ... السؤال
أ.د.محمود عكام ... المفتي
... ... الحل ...
...
... إذا تبين أن هذا الحمل من أخيها وقد مر على حملها أربعة أشهر يجوز أن تسقطه، ولا نقول يجب؛ لأن الإسقاط لضرورة، وهنا الضرورة اختلاط النسب، والحفاظ على الروابط الأسرية من أن يصيبها خدش، أما إذا لم تسقطه يمكن أن يكون ولدًا له بالإلحاق وليس بالزواج أو بالنكاح؛ لأن النسب يثبت بثلاثة أمور: إما بالزواج، وإما بالبينة وإما بالإلحاق(45/117)
ـــــــــــــــــــ
زنا المحارم ... العنوان
نسمع كثيرا في هذه الأيام عن زنا المحارم؛ فهل من عقوبة تعزيرية رادعة في هذا الأمر لمن تسول له نفسه ارتكاب هذه الجريمة النكراء التي تترفع عنها بعض الحيوانات؟ ... السؤال
أ.د محمد عبد القادر ابو فارس ... المفتي
... ... الحل ...
...
... إذا كان متزوجًا فحكمه الإعدام رجمًا، وإذا كان عزبًا يجلد مائة جلدة.. ويجوز أن يُضَمّ إلى هذا الحد عقوبة تعزيرية، كما جاء في الحديث أن الزاني غير المحصن يجلد ويُغرّب عاما (سنة) عن بيته وبلده، والعقوبة التعزيرية قد تصل إلى حد القتل عند الإمام مالك رحمه الله؛ فالعقوبات حد وهي مقدرة من الشارع ليس لأحد أن يتنازل عنها، والقصاص عقوبة مقدرة من الشارع، ولصاحب الحق أن يتنازل عنها، والعقوبة التعزيرية فوض الشارع الحاكم في تقديرها
أما القوانين الوضعية فلا تهتم بمثل هذه الأمور، ولا تعاقب عليها، وخاصة إذا رضي الولي أو الزوج ولم يرفع دعوى في المحكمة.. وهذا هو سبب عدم وجود الرادع
ـــــــــــــــــــ
زنا المحارم يغزو المجتمع الجزائري في صمت*
نبيل. ق ـ الجزائر
تفشت ظاهرة الزنا بشكل كبير في المجتمع الجزائري، وأضحى زنا المحارم من أكبر صورها وقعا في الوسط العائلي؛ لما أحدثه من تدمير أسر بأكملها وتشتت أفرداها، كما سجل حضوره على الساحتين الإعلامية والقضائية أطراف القضية فيها من أسرة واحدة فالفاعل هو الأب أو الأخ، الضحية هي البنت أو الأخت، فكم من جريدة أطلعتنا على مأساة أسرة ضربها زنا المحارم ودمر أساسها وعلى الرغم من أنه يشكل أحد "تابوهات الجنس" التي يحظر الحديث عنها إلا أن زنا المحارم صار من الظواهر المنتشرة في مجتمعنا بشكل مثير، بعدما كان مسكوتا عنه؛ حيث كان يشجع بتستر الضحية وعدم تسليط الضوء على الظاهرة، إلا أنه ومع تفاقمها أصحبت متداولة بين المواطنين، ومع ذلك يبقى المجتمع المدني والجهات المعنية صامتة ليزداد انتشارا واتساعا.
أرقام وإحصاءات
كشفت محافظة الشرطة السيدة مسعودان خيرة، رئيسة المكتب الوطني لحماية الطفولة وجنح الأحداث بمديرية الشرطة القضائية في لقاء خصت به يومية الفجر، أن عدد حالات زنا المحارم لعام 2005 بلغ 42 حالة؛ حيث سجلت منها 29 حالة للضحايا الإناث و13 حالة للذكور (الأطفال القصر)، مضيفة أن الاعتداءات الجنسية خارج العائلة بلغ مجموعها 1472 حالة على المستوى الوطني، منها 838 فتاة ضحية، وفي مقارنتها بسنة 2004 سجلت انخفاضا؛ حيث بلغ عدد حالات زنا المحارم 63 حالة؛ منها 40 حالة للإناث و23 حالة بالنسبة للذكور (الأطفال القصر).(45/118)
أما فيما يخص الاعتداءات الجنسية لسنة 2005 والتي بلغت 1472 حالة، ومقارنة بإحصاءات عام 2004 حيث سجلت 1386 حالة، فقد عرفت ارتفاعا بـ 86 حالة، وحتى وإن كانت هذه الأرقام معلنا عنها إلا أنها لا تعكس الواقع.
زنا المحارم ظاهرة خطيرة وهي من الفواحش بين ذوي المحارم، وهي العلاقات الجنسية التي ترتكب بين الأقارب من الفروع والأصول والإخوة والأخوات الأشقاء من الأب والأم بين شخصين أو بين أحد إخوته من الأب والأم أو مع أحد فروع والد الزوج أو الزوجة أو زوج الأم أو زوجة الأب وفروع الزوج.
وترى السيدة مسعودان أن جريمة زنا المحارم تمثل انتهاكا صارخا للحرمات وإلحاق الأذى بالغير (الضحية)، وهو ما يثبت في زنا المحارم أن الجاني (الفاعل) تصل به الوقاحة إلى حد إلحاق الضرر المادي والمعنوي بجسد الضحية (الابنة، الأخت، بنت الأخ، بنت الأخت، الحفيدة).
نماذج واقعية
وتضيف رئيسة المكتب الوطني لحماية الطفولة وجنح الأحداث أن هناك حالات لزنا المحارم تقشعر لها الأبدان، وتشمئز منها النفوس، حالة وقعت بشرق البلاد؛ حيث كان الأب يعتدي على بناته الثلاث الواحدة تلو الأخرى، وهذا دون علم أي واحدة منهن بمأساة الأخريات، لتصل المأساة إلى الفتاة الصغيرة والتي حملت من أبيها لتصدم الأم بحقيقة زوجها فتبلغ عنه، وتسلط عليه أشد العقوبات.
حالة أخرى -كما ذكرت السيدة مسعودان- حدثت عام 2003 المعروفة بقضية "أولاد فايت"؛ فالجاني والضحية أبناء إخوة، فلما عبث بشرفها واستمر في اعتداءاته المتكررة حملت منه، وخوفا من افتضاح أمره بالتبليغ عنه، قام بقتلها ورميها في بئر، واكتشف أمره عندما حاول الاعتداء على فتاة صغيرة، وما هذه إلا عينة من الحالات التي تم التبليغ عنها، وغير المعلن عنها كثيرة، كما قالت السيدة مسعودان.
يرى المختصون أنه إذا كانت الضحية محل اعتداء ومضاجعة مستمرة فيجب ألا تشعر أنها مخطئة أو مذنبة ولا تدع اليأس يتمكن منها، فهي الضحية وليست المسئولة عن تصرفات وسلوكيات الجاني سواء أكان الأب، الأخ، العم، الخال أو الجد، فيجب ألا تتكتم على الاعتداء، وهذا يكون بضرورة كسر جدار الصمت.
ويرى (محمد.ب) استشاري علم النفس أن المعتدي يتمادى في فعله خصوصا إذا أدرك أن ضحيته التزمت السكوت، ولم تخبر أحدا بما وقع لها، كما أن المجرم يعتبر مريضا نفسيا، فالكبت الجنسي يولّد لديه عقدة لا يستطيع التعبير عنها إلا بإيجاد حل يراه مناسبا لإفراغ تلك المكبوتات، وهذا بالاعتداء على أقرب الناس إليه، والذين تربطهم به صلة الرحم، وتحت غطائها يمارس أفعاله الشاذة تلك.
فيما ترى السيدة مسعودان في سكوت الضحية فرصة كبيرة للجاني للإفلات من العقاب؛ لأنه لا يكتفي بجريمة واحدة، بل تتعدد ضحاياه (كما ذكرنا سابقا حالة الأب مع بناته حتى وصل به الأمر إلى الاعتداء على الصغيرة)، ويواصل ممارساته تحت غطاء صلة الرحم والقرابة التي ما فتئت سبيلا يسلكه الجاني لاقتحام خصوصيات الضحية وإلحاق الأذى والضرر بجسدها الذي هو ملكها، وربما جاعلا منها (أي الضحية) تختار طريقا كله أشواك مليئا بذئاب الشوارع التي تنهش الأجساد.
وتضيف محافظة الشرطة أنه أحيانا يتم التبليغ في الحالات القصوى؛ عندما تظهر أعراض الحمل على الضحية كانتفاخ البطن، أو هروب الفتاة خوفا من الفضيحة، كذلك عندما تشتد آلام المخاض على الضحية، وتذهب(45/119)
للمستشفى وفي مصلحة التوليد يطلب منها اسم الأب، وبالتالي تؤخذ كل المعلومات وأخيرا الأم هي التي تبلغ من هول الصدمة ووقعها عليها.
آثار نفسية مدمرة
ويرى الباحث في علم الاجتماع (أمين. ش) أن الإحصاءات تدل على وجود هذه الظاهرة في الواقع؛ لأن الطفل أو الضحية (الفتاة) يلتزمان الصمت بسبب الخوف وتجنبا للفضيحة. وحسب الدراسات، فإن الأسباب الاجتماعية لا تعطي تفسيرا أو تحليلا للظاهرة؛ حيث ثبت أن الغني والفقير يرتكبان الجريمة ذاتها، كما يمس المثقفين والأميين معا، فلا ميزان للمستوى الثقافي ولا رادعا دينيا أو أخلاقيا من شأنه أن يكون عائقا أمام الفاعل، كما أن غياب لغة الحوار والاتصال بين أفراد العائلة يعد واحدا من الأسباب التي تؤدي لتلك الممارسات اللاأخلاقية، فالتنافر المستمر والبعد عن حيز الاتصال يحفز على وقوع هذه التجاوزات واستمرار اقتراف تلك الأفعال.
الإحباط النفسي والانتحار أكثر نتائج زنا المحارم؛ فنفسية الضحية أو الطفل تتزعزع من خلال الاعتداءات المتكررة وإلحاق الضرر بجسده. وحسب المستشار (غ.ح)، فإن المجرم يغتنم فرصة سكوت الضحية خاصة إذا كان المعتدي هو الأب أو الأخ، فالفتاة لا تستطيع أن تخبر أمها بذلك خوفا من الفضيحة أو ألا تصدقها، فتكبت ذلك السيناريو الذي ما إن يحل الظلام حتى يبدأ المجرم في ممارسة طقوسه ضاربا عرض الحائط بصلة الرحم والقرابة التي تربطه بها، فتبقى تعيش جوا من الترغيب والترهيب مما يتولد عنه قلق دائم وضغط شديد تكون نتائجه وخيمة وأحيانا مأساوية.
ويضيف الباحث في علم النفس: إن هذا التوتر والقلق المستمر ينتج عنه ظهور تشخيصات مرضية وعصبية كالإحباط النفسي والأرق جراء ما تعانيه؛ وهو ما ينقص إرادتها ويفقدها الثقة في نفسها، وهو ما يؤدي بها إلى احتقار نفسها وجلد ذاتها، فأحيانا تلجأ للهروب بدون رجعة، وأحيانا تختار درب الانحراف فترمي بنفسها في مستنقع الغواني، وفي أحيان أخرى تلجأ للانتحار كسبيل للخلاص من معاناتها آخذة سرها معها.
ويذكر الأستاذ (ب.ج) أن الآثار المترتبة عن زنا المحارم، خاصة إذا كانت الضحية قاصرا يصاحبها الإحساس بالألم مدى الحياة، مع فقدان نوعية شبكة العلاقات العائلية، كذلك فقدان النسب والانتساب وفقدان معنى القرابة والثقة بعلاقات القرابة، وكما يقول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: "رب نظرة زرعت شهوة، وشهوة ساعة أورثت حزنا طويلا".
ردع القانون الجزائري
أعد المشروع الجزائري ترسانة قانونية للحد من هذه الممارسات؛ فالمادة 337 من قانون العقوبات مكرر الأمر رقم 75 ـ 47 المؤرخ في 17 يونيو 1975، تعتبر زنا المحارم من الفواحش بين ذوي المحارم والعلاقات الجنسية التي ترتكب بين الأقارب من الفروع أو الأصول، الإخوة والأخوات، الأشقاء من الأب أو الأم، بين شخص وابن أحد إخوته أو أخواته من الأب أو الأم أو مع أحد فروعه: الأم أو الأب، الزوج أو الزوجة والأرمل أو أرملة ابنه أو مع أحد آخر من فروعه، والد الزوج أو الزوجة، أو زوج الأم أو زوجة الأب وفرع الزوج الآخر، أو من أشخاص يكون أحدهم زوجا لأخ أو لأخت، تكون العقوبة فيها بالسجن من 10 إلى 20 سنة في الحالتين الأولى والثانية، وبالحبس من 5 إلى 10 سنوات في الحالات رقم 03 و04 و05، وبالسجن من سنتين إلى 5 سنوات في الحالة رقم 06. هذا فيما يخص تشريع العقوبات بالنسبة لزنا المحارم.(45/120)
أما ما يتعلق بالعقوبات المسلطة على مقترفي الاعتداءات الجنسية والتي تحمي ضحاياها؛ فالمادة 338 من قانون العقوبات تنص على أن كل من ارتكب فعلا من أفعال الشذوذ الجنسي على شخص من نفس جنسه يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين، وبغرامة من 500 إلى 2000 دج، وإذا كان أحد الجناة قاصرا لم يكمل الثامنة عشرة فيجوز أن تزداد عقوبة البالغ إلى الحبس لمدة 3 سنوات وإلى غرامة 10.000 دج. وفي جميع الأحوال إذا ارتكبت الفاحشة من شخص راشد على شخص قاصر يبلغ من العمر 18 سنة، فإن العقوبة المفروضة على الراشد تفوق وجوبا العقوبة المفروضة على الشخص القاصر، ويتضمن الحكم المقضي به ضد الأب أو الأم فقدان حق الأبوة أو الوصاية الشرعية.
* نقلا عن جريدة الفجر الجزائرية اليومية في عددها الصادر 28-2-2006.
ـــــــــــــــــــ
نيران "زنا المحارم" تشتعل في ساقية الصاوي
خالد أبو بكر**
ابتسامة للمنصة على تعليق أحد الحضور في القاعة
شتان الفارق حين تتعرض لقضية اجتماعية شائكة من خلال أي وسيلة إعلامية، وبين أن تكون أمام الجمهور وجها لوجه، من دون أى فاصل بينكما، فكثيرا ما يحول ورق الصحف وشاشات الكمبيوتر والتلفزيونات بين الإعلامي ولعنات الجمهور أو حتى تصفيقه؛ فمهما جاءك رجع الصدى الذي يمدح فيك -كإعلامي- أو يصب لعناته عليك، فسيبقى للقاء الحي المباشر مع الجمهور بـ لحمه ودمه مذاقه الخاص على صعيد معرفة تأثير ما تطرحه عليه من قضايا وموضوعات.
وفق المعطيات السابقة قررنا في النطاقات الاجتماعية بشبكة "إسلام أون لاين.نت" النزول من عوالمنا الافتراضية إلى الواقع الحي بكل ما يحمله من حرارة ودفء، من خلال مجموعة من الندوات ننظمها مع "ساقية عبد المنعم الصاوي" بالقاهرة، وهي أحد المنتديات الثقافية والفنية المشعة في سماء قاهرة المعز.
ساعة الصفر
وتحدد الموعد لندوتنا الأولى لهذا الشهر التي تحمل عنوان "زنا المحارم.. نار في البيوت" في الثامن من يونيو 2006، وهو الموضوع الذي جهز فيه نطاق "مشاكل وحلول للشباب" ملفا يتم بثه في الحادي عشر من الشهر نفسه، ومنذ بداية التجهيز لهذه الندوة ومشاعر القلق تنتاب كامل فريق النطاقات الاجتماعية بشبكة "إسلام أون لاين.نت"، ودواعي القلق نابعة من عدم مقدرتنا على التكهن بكيفية استقبال الجمهور للحديث في هذا الموضوع الشائك وجها لوجه، في ظل عقلية تدمن القول "بأن كل شيء تمام"، رغم أن "وراء الأكمة ما وراءها" كما يقول المثل العربي القديم.
وجاء موعد اللقاء بالجمهور؛ حيث لا ورقة ستحميك، ولا شاشة ستختفي وراءها، وصلنا إلى قاعة الكلمة بمقر ساقية عبد المنعم الصاوي لتجهيزها، كانت الساعة تقترب من السابعة مساء بتوقيت القاهرة يوم الثامن من يونيو 2006، بعدها بنصف الساعة لم نجد كرسيا واحدا خاليا، من 120 كرسيا هي إجمالي الكراسي الموجودة في القاعة. زادت دقات قلوبنا، فعلى قدر السعادة بالحضور الكبير على قدر ما كان خوفنا من الفشل في إشعار هذا(45/121)
الجمهور بأنه خرج مستفيدا من الأطروحات المقدمة في هذا الموضوع. كانت السعادة كبيرة للتنوع الذي رأيناه في الجمهور؛ فالقاعة جمعت بين المحجبة ومن ترتدي الجينز، وبين الشيخ ابن الستين، والشاب ابن الخامسة عشرة.
تزداد سرعة دقات القلب مع اقترابنا من ساعة الصفر، حان موعد البدء فعلا، صعد المتحدثون إلى منصتهم، وهم: الدكتور وائل أبو هندي أستاذ الطب النفسي ومستشار النطاقات الاجتماعية بشبكة "إسلام أون لاين.نت"، وعزة سليمان الناشطة الحقوقية والمديرة العامة لمركز قضايا المرأة في القاهرة، ومسعود صبري الباحث الشرعي بشبكة "إسلام أون لاين.نت"، والدكتور أحمد عبد الله خبير الطب النفسي مستشار النطاقات الاجتماعية بالشبكة نفسها مديرا للجلسة.
المنصة تفجر القضية
الدكتور وائل أبو هندى يلقي كلمته
بدأ الدكتور أبو هندي بالحديث عن الجانب النفسي والاجتماعي لزنا المحارم وآليات العلاج والوقاية بقوله: إن الأسر العربية بوجه عام تواجه أزمة كبيرة في التعامل مع المشكلات الجنسية لأفرادها، وربما يعود عدم توقعنا أو صدمتنا عند اكتشاف زنا المحارم إلى عدم قدرتنا على تخيل أن بيننا أناسا سيغلبهم الشيطان، وننسى أن بيوتنا مخترقة بفضائيات ومواقع إنترنت تشجع على زنا المحارم وتدفع إليه دفعا!.
وعرف زنا المحارم بأنه "علاقة جنسية كاملة بين بالغين مكلفين من المحارم، كأخٍ وأخت بالغين، أو أب وابنته البالغة، أو بين الأم وابنها أو الأخ وزوجة أخيه... إلخ، سواء كانت العلاقة سرا بين اثنين في الأسرة، أو كانت معروفة لطرف ثالث فيها". وشدد على ضرورة فتح حوار جاد مع الأبناء حول فظاعة زنا المحارم من الناحية الدينية، باعتباره خطأ في حق الله، وحق الآخر، والمجتمع.
وتحدثت عزة سليمان عن حضور جريمة زنا المحارم في المجتمعات الفقيرة، وقالت إنها لمستها من خلال عملها الميداني في بعض محافظات صعيد مصر، وفي بعض المناطق الأخرى التي عملت فيها، وعزت "انتشار" هذه الجريمة -على حد تعبيرها- للتقصير الحكومي، وغياب مؤسسات المجتمع عن القيام بأدوارها.
وبينما تواصل عزة سليمان حديثها سمعنا صوتا جهوريا من القاعة، معلنا اختلافه واعتراضه على ما تقوله بقوله: "إن المجلس القومي للمرأة -الذي تترأسه حرم الرئيس المصري- يقوم بجهود كبيرة في هذا الصدد"، فطلبت المتحدثة منه الانتظار لحين انتهائها ثم ليعقب كيفما شاء.
وتحدث مسعود صبري عن الموقف الشرعي لهذه الجريمة، موضحا أهم سمات المجتمع المسلم أنه مجتمع عفيف؛ فتكوينه الرباني يجعل الحفاظ على المحارم والوقوف عند الحرمات من أهم سماته البارزة، وتكوين مجتمع المسلمين على مفهوم "الأمة" يجعل الرابطة بينهم قوية، كما يعد مفهوم "الربانية" من أهم العوامل التي تساعد المجتمع على ضبط أدائه الاجتماعي.
القاعة تكرّ وتفرّ
جمهور كبير حرص علي حضور الندوة
وانتهى وقت المنصة، وجاء الدور على القاعة لتتفاعل مع أطروحات المتحدثين. افتتح الحديث شاب أسمر، ملامحه تدل على كونه من أبناء صعيد مصر، قال: اسمي طارق حلمي، أعمل صحفيا، ثم بدأ حديثه بتحية "إسلام أون لاين.نت" على تنظيم هذه الندوة عن "زنا المحارم"، وتخصيص ملف كامل لها على فضاء الشبكة. وقال: إنه(45/122)
يلمس وجود جريمة زنا المحارم منذ فترة طويلة، من خلال عمله كمحرر للحوادث، وشدد على أهمية تعاطي وسائل الإعلام المحترمة مع هذه النوعية من المشكلات الاجتماعية، حتى يتم التفكير في آليات لمواجهتها، بدلا من تركها للتناول الإعلامي الرخيص كما الحال في صحف الإثارة والجريمة.
وفجأة فتح طارق نيران كلماته على عزة سليمان على خلفية قولها: "إنها تلمس حضورا نسبيا لجريمة زنا المحارم في صعيد مصر من خلال عملها الميداني"، وهو واحد من أبناء هذا الإقليم المصري المعروف بتقاليده المحافظة، وقال: "إن كلام السيدة عزة ينطوي على مبالغات كبيرة؛ حيث إن المعروف عن صعيد مصر التمسك بالقيم الدينية التي تحول دون تورطهم في هذا الفعل المشين".
ومضى قائلا: حتى لو ضعف الوازع الديني لدى أبناء الصعيد، فإن الإطار المجتمعي في الصعيد القائم على عادات وتقاليد تعظم من قيمة الحفاظ على "العِرض" تحول دون وقوع مثل هذه النوعية من الجرائم وانتشارها. وأنهى كلامه لعزة سليمان بقوله: "إن كلامك مرسل وغير قائم على رقم، ومن ثم يفتقد إلى الموضوعية".
سادت القاعة بعض "الهمهمات" نتيجة الهجوم المعاكس الذي شنته القاعة على المنصة فيما يتعلق بموضوع صعيد مصر. أعاد السكون سريعا إلى الأجواء "عبد السلام الدرغامي" -أحد الحضور- الذي أشار في مداخلته إلى تأثيرات العولمة على ظهور الأمراض الاجتماعية الخطيرة كما في حالة زنا المحارم، والتي ساهمت أدواتها من "فضائيات وإنترنت" في غزوها لنا بعادات وتقاليد مغايرة ومختلفة للقيم الدينية الأصيلة للمنظومة الاجتماعية العربية. وشدد على أهمية تعديل المناهج الدينية لتصبح أكثر مواكبة مع طبيعة معطيات العصر، وما يستجد فيه من قضايا وإشكاليات.
اشتباك آخر
الدكتورة أميمة أمير جادو أثناء مداخلتها
رأيتها تتقدم للمكان المخصص للمتحدثين من الجمهور، وكلها همة وحماس، يبدو على ملامحها التحفز للهجوم، اتجهت الأنظار صوبها.. تتابع تحركها من مكانها إلى المكان الذي ستتحدث منه، وصلت بالفعل، قالت: أنا الدكتورة أميمة أمير جادو، أستاذة في المركز القومي المصري لبحوث التربية، وفاجأت المنصة بقولها: أختلف مع من تحدثوا باعتبار أن "زنا المحارم" يمثل ظاهرة في مجتمعاتنا العربية، وأتفق تماما مع طرح محرر "إسلام أون لاين.نت" الذي قال في البداية: إن الملف لا يهدف إلى الإثارة، وأقر في الوقت ذاته بصعوبة القول بأن زنا المحارم يمثل ظاهرة. وأشارت إلى أن الظاهرة تعني الشيوع والانتشار، وهو غير المتحقق في حالة زنا المحارم. ومن هنا أسجل اعتراضي أيضا على عنوان الندوة "زنا المحارم.. نار في البيوت"، وقالت: إن زنا المحارم ليس كالمخدرات فى انتشاره مثلا حتى نقول إنه ظاهرة.
وواصلت بنفس حماسها قائلة: إن شعوبنا بخير، ومعنى حدوث حالات فردية في هذا البلد أو ذاك لا يعتبر دليلا قاطعا على تردي الأخلاق لدينا، وعلينا أن نعي أن نزوع البعض نحو إتيان الأفعال الشاذة هو أمر قديم قدم البشرية، لكنه يكون على مستوى "الاستثناء" وليس على مستوى القاعدة.
تكسو رأسه مسحة من شيب خفيف، بأدب جم ألح على المنصة للتعقيب على كلام الدكتورة أميمة فسمح له بذلك، قال: اسمي عزت أبو النصر، أعمل مدير تحرير بإحدى المجلات المصرية، أود في البداية أن أوجه التحية لشبكة "إسلام أون لاين.نت" على جرأتها في طرح هذا الموضوع، وبخصوص ما قالته الدكتورة أميمة من أن زنا(45/123)
المحارم ليس كالمخدرات من حيث الانتشار، أقول لها: إن ارتكاب جريمة زنا محارم واحدة -في تقديري- تساوي ألف جريمة مخدرات؛ نظرا لفداحة الثانية، مع كامل الاحتفاظ بخطورة المخدرات وتأثيراتها السلبية، ومن ثم أنا مع الطرح الجاري لهذه الموضوعات علنية دون أدنى مواربة أو تردد.
في النهاية، عقبت المنصة على بعض مداخلات القاعة، وانتهى اللقاء، وخرجنا ولكن لم نعد بحاجة إلى الشاشات لنتحصن بها من الجمهور الحي الملموس.. حقا ما أروع أن تلتقي بجمهورك وجها لوجه دون وسيط من ورق أو شاشات أو حتى أثير!.
ـــــــــــــــــــ
زحف ملحوظ لزنا المحارم على الأسرة المغربية
عادل إقليعي - المغرب**
إذا كان من الصعب الحديث في المغرب عن بيانات إحصائية تحدد لنا بدقة حجم جريمة "زنا المحارم" في مجتمع يقارب تعداد سكانه الثلاثين مليون نسمة، فإن ذلك لا يعني أن هذه الجريمة غير موجودة فيه، بل ربما يمكننا القول إنها تزحف في ثنايا المجتمع المغربي بحدة متناهية الخطورة، وذلك من واقع ما تتناقله وسائل الإعلام من آن لآخر حول جرائم من هذه النوعية، أو من خلال ما يلمسه المواطن الذي يعيش داخل المجتمع المغربي من حالات تتكرر أمامه من هذه النوعية من الجرائم.
وفق كل هذه المعطيات سنحاول رصد نماذج من حالات زنا المحارم في المغرب، مع محاولة معرفة أهم العوامل المؤدية إليه، وموقف القانون المغربي منه.
حالات واقعية
من أشهر حالات "زنا المحارم" التي تمت معالجتها في "مركز التوجيه والتخطيط التربوي بالرباط" حالة فتاة زنا بها أبوها وقت أن كان عمرها 15 سنة، وكان الأب من المدمنين على شرب الخمر، فضلاً عن كونه عاطلاً عن العمل، هذا إلى جانب أن البنت كانت تلبس لباسًا "سافرًا"، وتبين من بحث حالتها من قبل المختصين في مركز التوجيه أنها في أحيان كثيرة كانت تشاهد مع أبيها أفلامًا إباحية في غياب أمها.
ومن أغرب حالات "زنا المحارم" -التي يشهد المحرر على وقوعها- كانت في إحدى مناطق الريف المغربي، بين شاب في مقتبل العمر، مع زوجة أبيه التي -حسب هذا الشاب- لم تيأس من متابعته إلى أن زنى معها في غياب الأب، والأغرب في المسألة هو شعور هذا الشاب حيال هذا الفعل بأنه أصبح "أمرًا عاديًّا" عنده، ولا يسبب له أي ألم.
وتوجد حالات للتحرش بالمحارم لم تصل لحد الزنا، ومن أشهر هذه الحالات ما شهدته مدينة القنيطرة قبل سنوات في أحد أحيائها الشعبية؛ حيث تحرشت فتاة "عاهرة" بأخيها الأصغر، حيث يسكنان بمفردهما بعد وفاة والديهما، وعندما بدأت الأخت في مراودة أخيها على الزنا بها هرول إلى خارج المنزل، وهو في حالة "هستيرية"، وراح يشتمها بصوت مرتفع وغاضب؛ لتلحق به وهي في حالة سكر، وتتحدث بكلمات ساقطة، بل وكانت تناديه بحبيبي وعشيقي.
الدفاع عن المعتدي(45/124)
ويقول الدكتور لطفي الحضري -أستاذ علم النفس بمركز التوجيه والتخطيط التربوي بالرباط- إنه يتصادف في بعض الأحيان أن تقف الأسرة بجوار المعتدي ضد المعتدى عليه في حالات اغتصاب المحارم الذي يتم برغبة طرف، ورفض الآخر، ويحكي عن إحدى القصص التي قام بعلاجها ووقف فيها الأب والأم مع الابن (18 سنة) المغتصب، ضد أخته (14 سنة) التي قام باغتصابها قائلاً: "حينما كلفت بهذه الحالة كانت الفتاة قد اشتكت في مدرستها الثانوية للمختصة الاجتماعية، فقامت هذه المختصة بإخبار القاضي الذي أمر للتوّ بالقبض على الابن".
وأضاف الدكتور الحضري: أول ما قالته لي الفتاة عندما أتت إلى مركز التوجيه أن أخاها بدأ يغتصبها وهي في سن الثامنة، وأنها حاولت مرارًا وتكرارًا الشكاية لأمها، ولكن هذه الأخيرة كانت ترفض الاستماع إليها، وتتهمها بالكذب. وتقول الفتاة إن اتهام أمها لها بالكذب كان يؤلمها، كما يؤلمها اغتصاب أخيها، والغريب أنني في حواري مع الأم تمسكت بتكذيب الابنة، والدفاع عن الابن، كما اتخذ الأب نفس الموقف وانحاز للأم والابن أيضًا.
وحول سبب موقف الأب المنحاز يقول الدكتور لطفي: "وبينما كانت الأم متشبثة بتكذيب البنت، كان موقف الأب مختلف نسبيًّا، بعد لقائي المتكرر مع الأب لمعرفة لماذا هذا الانحياز للابن، صرّح لي بأنه بهذا الموقف يعاقب ابنته؛ لأنها لم تخبره ليحل هذا المشكل بنفسه داخل العائلة، دون اللجوء للمحاكم وخاصة بعد أن حكم القاضي بولوج الابنة إلى المركز الذي كنت أشتغل فيه، وبعد مرور عدة شهور صرحت لي البنت بأنها نادمة على الشكاية التي قدمتها للمحكمة؛ لأنها الآن تعيش حالة مأساوية؛ إذ إن أبويها تخليا عنها وهما يدافعان عن أخيها المغتصب".
عوامل زنا المحارم
ويقول الدكتور لطفي الحضري في العوامل التي تؤدي إلى "زنا المحارم: "إن 9 من 10 حالات من مرتكبي (زنا المحارم)، هم أفراد مدمنون على شرب الخمر، وهذا يعني أن الخمر يزيل الإحساس بالحدود الفاصلة بين الأب مثلاً وأبنائه، وفقدان الإحساس بهذه الحدود يسمح للأب بالتطاول على جسد أطفاله".
وأضاف: من العوامل الأخرى التي تؤدي إلى انتشار زنا المحارم اختلال مركز الأب داخل الأسرة، حيث تنبّه عدد من الخبراء التربويين إلى بعض المفاهيم الدخيلة في "فنون التربية" والتي تصور أن سلطة العائلة تكمن في يد من يملك مالاً مهما كان؛ زوجة، أو بنتًا، أو أختًا أو ابنًا..، وهذا ساهم بشكل كبير في بناء أسر هشة غير مترابطة، شكلت مناخًا خصبًا للإتيان بسلوكيات منحرفة منها "زنا المحارم".
وأكد الحضري على أن أهم عوامل انتشار زنا المحارم على الإطلاق ضياع مفهوم "الأبوة" في مقابل مفهوم "الصديق"، بحيث تسعى عدد من النظريات التربوية الغربية -حسب خبراء مختصين- إقناع المربين بأن أهم عنصر مساعد على تربية الأبناء هو الذي يعتمد على الصداقة بين الآباء والأبناء، إلى درجة يغيب معها مفهوم الأبوة مطلقًا بالبيت، ففي غياب توازن بين أن يكون الأب "صديقًا" تارة و"أبًا" تارة أخرى، قد يؤدي إلى سلوكيات جنسية شاذة ومنحرفة.
تقصير قانوني
نزهة العلوي
من النقائص التي ما زال يعاني منها القانون الجنائي المغربي غياب تخصيص عقوبة زنا المحارم، وتؤكد الأستاذة "نزهة العلوي" -محامية، وعضوة المكتب التنفيذي لاتحاد العمل النسائي بالمغرب-: "إن القانون الجنائي المغربي(45/125)
فيه تقصير في عقاب مقترف جريمة زنا المحارم، فلا يوجد نص خاص بها، مع أنها أفعال خطيرة تهدد كيان الأسرة".
وتضيف العلوي: "ما يوجد حاليًّا هو نص من القانون الجنائي في الباب الثامن، في الجنايات والجنح ضد الأسرة والأخلاق العامة، حيث ورد في الفصل 487 "إذا كان الفاعل من أصول الضحية أو ممن لهم سلطة عليها أو وصيًّا عليها أو خادمًا بالأجرة عندها، أو عند أحد الأشخاص السالف ذكرهم أو كان موظفًا دينيًّا أو رئيسًا دينيًّا.. فإن العقوبة هي:
- السجن من 5 إلى 10 سنوات، في الحالة المشار إليها في الفصل 484 (يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات من هتك دون عنف أو حاول هتك عرض قاصر تقل سنه عن ثماني عشرة سنة أو عاجز أو معاق أو شخص معروف بضعف قواه العقلية، سواء كان ذكرًا أو أنثى).
- السجن من 10 إلى 20 سنة، في الحالة المشار إليها في الفقرة الأولى من الفصل 485 (يعاقب بالسجن من 5 إلى 10 سنوات من هتك أو حاول هتك عرض أي شخص ذكرًا كان أو أنثى، مع استعمال العنف).
- السجن من 20 إلى 30 سنة، في الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية من الفصل 485. (غير أنه إذا كان المجني عليه طفلاً تقل سنه عن ثماني عشرة سنة أو كان عاجزًا أو معاقًا أو معروفًا بضعف قواه العقلية، فإن الجاني يعاقب بالسجن من 10 إلى 20 سنة).
- السجن من 10 إلى 20 سنة، في الحالة المشار إليها في الفقرة الأولى من الفصل 486. (الاغتصاب هو مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها، ويعاقب عليه بالسجن من 5 إلى 10 سنوات).
- السجن من 20 إلى 30 سنة، في الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية من الفصل 486. (غير أنه إذا كانت سن المجني عليها تقل عن ثماني عشرة سنة أو كانت عاجزة أو معاقة أو معروفة بضعف قواها العقلية أو حاملاً، فإن الجاني يعاقب بالسجن من 10 إلى 20 سنة).
كسر جدار الصمت
د. لطفي الحضري
لعلّ ما يزيد من تفاقم انتشار هذه جريمة زنا المحارم بسرعة داخل الأسرة المغربية تجاهل الأسرة لعلاج هذا المرض حال ظهوره أو أعراضه فيها، وهو ما يؤكده الدكتور لطفي الحضري بقوله: "حينما نكتشف جريمة زنا المحارم بين أبنائنا علينا أن تتعاطى معها بشكل إيجابي، ولا نتعامل معها كأن شيئًا لم يقع، وكأننا لم نشاهد أي شيء، كما هو حادث الآن، فهذه السلبية تجعل الأبناء يتمادون في ممارسة سلوكياتهم المنحرفة؛ لهذا أنصح بأن يتم فتح حوار جاد مع الأبناء حول مفهوم زنا المحارم من الناحية الدينية، باعتباره خطأ في حق الله، وفي حق الآخر، وفي حق المجتمع.
ويضيف: يجب أن نشرح للأبناء بأن زنا المحارم سيؤثر عليهم سلبًا، وخاصة عند تكوين أسرهم في المستقبل، والأهم أن يظهر الآباء غضبهم، وعدم رضاهم على من يرتكب مثل هذه الجريمة من الأبناء، وذلك دون الاعتماد على العنف فقط في معالجة وتقويم من اقترف هذه الجريمة؛ لأنه قد يؤتي بنتائج عكسية بجعله يُصِرّ على هذه الجريمة، فالتعامل بحكمة مطلوب جدًّا.
ـــــــــــــــــــ(45/126)
نتائج أول دراسة مصرية عن زنا المحارم
خالد أبو بكر**
غلاف الكتاب
أصدر الدكتور أحمد المجدوب، خبير علم الاجتماع المصري في عام 2003 كتابه الرائد "زنا المحارم.. الشيطان في بيوتنا" الذي عرض فيه لتاريخية هذه الجريمة في الحضارات القديمة، وكيف أن كل الأديان السماوية حرمتها. وفنّد خلو القوانين الوضعية العربية من الأحكام الرادعة التي تطبق على مرتكب هذه الجريمة البشعة.
وكانت المفاجأة المدوية التي أطلقها المجدوب في كتابه عرضه لنتائج أول دراسة علمية حول جريمة زنا المحارم في مصر، مطبقة على 200 حالة ممن وقعوا في هذه الجريمة، متخطيًا بذلك الصعوبات البالغة التي تعترض طريق أي باحث موضوعي، يتصدى لهذه النوعية من المشكلات الاجتماعية التي تحاط بسياج كبير من الصمت والسرية في بلداننا العربية.
وجاءت نتائج الدراسة محددة لملامح الشخصيات التي ترتكب هذه الجريمة، وهي أن غالبية الضحايا من الإناث من المتزوجات، أو من الأرامل والمطلقات، في حين أن الجناة الذكور غالبيتهم من غير المتزوجين. وأشارت الدراسة إلى أن مرتكبي زنا المحارم يعيشون في مساكن ضيقة، تعوق خصوصية الأفراد داخلها، كما أنهم من ذوي التعليم المنخفض، ويميلون لعدم التدين.
نتائج خطيرة
اجتهد المجدوب حتى يتمكن من تحديد ملامح هذه الظاهرة في مصر، فقد اجتهد حتى حصل على عينة عشوائية من الجرائم التي تم الإبلاغ عنها على مدى خمس سنوات، وأضاف عليها عددًا من الجرائم التي لم يتم الإبلاغ عنها، لكنه علم بوقوعها من الضحايا النساء أنفسهن، وأيضًا من الضحايا الذكور الذين اتصلوا به عن طريق وسطاء، في سعيهم لإيجاد حل لما يعانونه بسبب العلاقة الآثمة، فوصل عدد الحالات إلى 200 حالة شملت كل حالات أشكال العلاقة سواء بين الأب وابنته، أو الأم وابنها... إلخ.
وبدأ المجدوب ببيان النسبة المئوية في كل نمط من الأنماط الثمانية عشر كالتالي: بلغت نسبة نمط القرابة (أخ - أخته) 25% يليه نمط (الأب - البنت) بنسبة 12%، فنمط (زوج الأم - ابنة الزوجة) بنسبة 9%، ثم نمط (الابن - زوجة الأب) بنسبة 6%، ومثله نمط (زوج الأخت - أخت الزوجة).
أما نمط (ابن الأخت - خالته) فقد بلغت نسبته 5%، تليه نمط (الأم - الابن)، ونمط (ابن الأخ - العمة) و(الخال - ابنة الأخت) و(الأب - زوجة الابن) انخفضت لنسبة 4%، وانخفضت لنسبة 3% لنمطي (العم - ابنة الأخ)، و(ابن الأخت - زوجة الخال). فيما وصلت أنماط (ابن الأخ - زوجة العم) و(الأخ - زوجة أخيه) إلى 2%.
وفي تعليقه على هذه النتائج قال الدكتور المجدوب: "نلاحظ أنه كلما ابتعدت القرابة انخفضت نسبة جرائم زنا المحارم، فيما عدا زنا (الأم - الابن) التي هي بطبيعتها قليلة ليس في مصر وحدها، بل في كل الدول عدا اليابان التي لاحظ المراقبون الغربيون أن الأمهات اليابانيات ما زلن حتى اليوم يستمنين لأبنائهم الشبان خلال النهار في العراء، وفي الليل في فراش الأسرة، عسى أن يحول دون وقوع الأسرة في حالة من الفوضى التي تصيب النظام في البيت!.
الحالة الزواجية(45/127)
وحول الحالة الزواجية لضحايا زنا المحارم يقول الدكتور المجدوب: تبين أن نسبة اللاتي لم يسبق لهن الزواج من ضحايا زنا المحارم نسبتهن 47.5%، تليهن المتزوجات ونسبتهن 26%، فالمطلقات ونسبتهن 18%، وأخيرًا الأرامل وبلغت نسبتهن 8.5% إلى العدد الإجمالي للعينة.
ويقول المجدوب ليس من شك في أن الإقامة معًا تُعَدّ عاملاً مهمًّا في وقوع الزنا بالمحارم، وهو ما لاحظناه في زنا الإخوة بالأخوات والآباء بالبنات، وأزواج الأمهات ببنات الزوجات والذي يمثل 76% من حالات زنا المحارم، حيث يرى الجناة الإناث بانتظام وهن يتصرفن على سجيتهن، ويرتدين ثيابًا قليلة، ويتحركن هنا وهناك بلا تكلف أو حذر. وقد ترتفع النسبة إذا أضفنا من الأنماط الأخرى الحالات التي كانت الضحية تقيم فيها مع الجاني في مسكن واحد مثل الخال الذي يقيم مع الأخت وبناتها، والبنت المتزوجة وتقيم هي وزوجها مع أسرتها، بما في ذلك إخوتها.
ويتابع المجدوب: وفيما يتعلق بزنا الإخوة بالأخوات لم توجد بينهن متزوجات بينهن، وإنما وجدت أرامل بنسبة 4%، ومطلقات بنسبة 16% من المجموع الكلي للأخوات اللاتي زني بهن إخوتهن، وهناك احتمالان: الأول أن تكون النساء قد عدن للإقامة مع أسرهن بعد ترملهن أو طلاقهن، والاحتمال الثاني أن يكون الإخوة الزناة قد انتقلوا للإقامة معهن فحدث ما حدث.
وفيما يتعلق بزنا الأبناء بالأمهات تبين أنه لم تكن بين الأمهات متزوجات، وإنما مطلقات بنسبة 62.5%، وأرامل بنسبة 37.5% من المجموع الكلي للأمهات، وهذا يُعَدّ مؤشرًا إلى أن عدم وجود زوج يلعب دورًا في وقوع الزنا، خاصة إذا كانت الأم قد حصرت عواطفها في ابنها، فتركته ينام معها في فراش واحد، حتى بعد أن بلغ وأصبح مراهقًا، بالإضافة إلى ضعف الوازع الديني لديها.
وفيما يتعلق بالحالة الزواجية للجناة فقد تبين أن نسبة الجناة غير المتزوجين تبلغ 49.5% إلى العدد الإجمالي لهم، يليهم المتزوجون بنسبة 36.5%، ثم المطلقون بنسبة 9.5%، وأخيرًا الأرامل ونسبتهم 4.5%.
وبالمقارنة بين نسب الجناة وما يقابلها لدى الضحايا نلاحظ ارتفاع نسبة الذين لم يسبق لهم الزواج من الجناة عن نظرائهم من الضحايا (49.5% مقابل 47.5%)، وكذلك ارتفاع نسبة المتزوجين من الجناة على نسبة المتزوجات من الضحايا (18% مقابل 9.5%).
وفيما يتعلق بارتفاع نسبة الجناة الذين لم يسبق لهم الزواج على نسبة الضحايا يقول المجدوب إنه يتفق وما أعلنه الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء في تقريره الذي نشرته جريدة "الجمهورية المصرية " في 12 مارس 2003، من أن عدد العزاب في مصر ممن تتراوح أعمارهم بين العشرين والخامسة والثلاثين بلغ ثمانية ملايين و962 ألفًا و213 شخصًا، منهم خمسة ملايين و233 ألفًا ذكورًا، وثلاثة ملايين و728 ألفًا و407 من الإناث، وهو ما يفسر لنا ارتفاع نسبة الجناة الذين لم يسبق لهم الزواج على نسبة الضحايا اللاتي لم يسبق لهن الزواج.
درجة التعليم
المجدوب(45/128)
يقول الدكتور المجدوب في توزيعه للضحايا حسب التعليم: نهدف من هذا الأمر التعرف على ما إذا كانت توجد علاقة بين المستوى التعليمي لهن، وبين ترديهن في حمأة الزنا مع محارمهن، وهل حصول المرأة على شهادة أعلى يجعلها أكثر استعصاء على العوامل التي تؤدي إلى زنا المحارم.
وتبين من الدراسة أن اللاتي لا يقرأن ولا يكتبن من الضحايا نسبتهن 26.5%، في حين بلغت نسبة اللاتي يقرأن ويكتبن 28% انخفضت إلى 15% فيمن يحملن الشهادة الابتدائية، ثم إلى 13.5% لمن يحملن الشهادة الإعدادية، وإلى 13% للحاصلات على الشهادة الثانوية، في حين لم تزد نسبة الحاصلات على شهادة جامعية على 4%.
ومن المقارنة بين الضحايا والجناة يتبين الارتفاع الملحوظ في نسبة من لا يقرأن ولا يكتبن عن مثيلتها لدى الجناة (26.5% مقابل 15%)، وكذلك ارتفاع نسبة من يقرأن ويكتبن عن مثيلتها لدى الجناة (28% مقابل 21%).
عدد غرف السكن
وأوضحت الدراسة أن نسبة الضحايا اللاتي يقمن في غرفة واحدة بلغت 20%، في حين ارتفعت نسبة اللاتي يقمن في غرفتين إلى 31%، تليها نسبة من يقمن في ثلاث غرف وهي 28%، فاللاتي يقمن في خمس غرف فأكثر وبلغت نسبتهن 5.5%. ويقول المجدوب في تعليقه على هذه النتائج: "عادة ما يستخدم عدد الغرف في المسكن للتعرف على المستوى (الاقتصادي - الاجتماعي) الذي ينعكس عادة على السلوك والعلاقات وطريقة الحياة، وهو ما يطلق عليه وصف الثقافة".
ويضيف: لاحظنا أنه في نمط القرابة (الأخ - الأخت) الذين ارتكبوا زنا المحارم بلغت نسبة من يقيمون منهم في غرفة واحدة 30% إلى العدد الإجمالي للإخوة والأخوات الذين مارسوا هذه العلاقة الآثمة. وتتفق النسبة مع ما أسفر عنه الإحصاء العام للسكان الذي أجري في عام 1996 الذي أفاد بأن 30% من الأسر في مصر يقيمون في غرفة واحدة بمتوسط سبعة أفراد.
أما الإخوة والأخوات الذين يقيمون في غرفتين بلغت نسبتهم 40% يليهم الذين يقيمون في ثلاث غرف، وبلغت نسبتهم 20%، فالذين يقيمون في أربع غرف ونسبتهم 10%. وهكذا يكون الازدحام في غرفتين له نفس الأثر الذي للازدحام في غرفة واحدة، وربما أكثر بالنظر إلى أن الأبناء غالبًا ما ينامون متلاصقين على سريرين لا أكثر، حيث قد لا تتسع الغرفة لأكثر من ذلك، كما أن ضيق الشقة غالبًا ما يحول دون أن تكون لأعضائها خصوصية، وهو من أهم العوامل التي تؤدي إلى زنا المحارم.
غير متدينين
وحول توزيع الضحايا حسب درجة تدينهن أشارت الدراسة إلى أنه بالنسبة للصلاة تبين أن اللاتي أجبن أنهن يصلين بانتظام بلغت نسبتهن 2.5% فقط، أما اللاتي يصلين أحيانًا فبلغت نسبتهن 31%، في حين بلغت نسبة اللاتي لا يصلين بالمرة 66.5%. ويعلق المجدوب على هذه النتائج بالقول: وهكذا تتسق إجابات الضحايا مع سلوكهن المشين، فغالبيتهن لا يصلين بالمرة، وحوالي ثلثهن يصلين أحيانًا مما يفسر لنا لماذا ارتكبن الجريمة البشعة، فلو كان لديهن وازع ديني قوي لامتنعن عنها، وبالذات كبيرات السن منهن كالأمهات والعمات والخالات وغيرهن.
وحول فريضة الصيام تقول الدراسة إن الضحايا اللاتي أجبن أنهن يصمن بانتظام بلغت نسبتهن 30%، أما اللاتي يصمن بغير انتظام فقد بلغت نسبتهن 37.5%، وانخفضت إلى 32.5% لمن أجبن أنهن لا يصمن بالمرة.(45/129)
ويعلق الدكتور المجدوب على هذه النتائج بالقول: "هكذا نلاحظ ميلاً واضحًا نحو عدم التدين لدى ضحايا زنا المحارم، وهو الذي يضعف الوازع الديني لديهن، بل يعدمه فيصبح إقدامهن على ارتكاب الجريمة سهلاً، إذا توافرت العوامل الأخرى التي تتفاعل فتؤدي إليه؛ فالمعروف عن الجريمة أن الجريمة بصفة عامة تقع إذا تغلبت الدوافع على الموانع.
ـــــــــــــــــــ
نزع الولاية".. آلية سعودية لمواجهة زنا المحارم
جدة- أحمد العمودي**
د. سهيلة زين العابدين
استمع إلى: د. سهيلة حول آلية نزع الولاية
أثارت جمعية حقوق الإنسان السعودية قضية "زنا المحارم" في المجتمع السعودي، بعد كشفها عن بعض الحالات في أثناء تحركها للتدخل في قضية أب اعتدى جنسيا على ابنته البالغة من العمر 12 ربيعا في المدينة المنورة؛ حيث ضبطته الأجهزة الأمنية متلبسًا بجريمته، في حين طالب بعض أعضاء الجمعية بتطبيق حد الرجم على الأب، ووصفوه "بأنه لا يستحق الشفقة". وكشفت التحقيقات التي أجرتها معه هيئة التحقيق والادعاء العام أنه كان يعتدي على ابنته منذ زمن بعيد.
في الوقت نفسه كشفت رئيسة الدراسات ومركز المعلومات بجمعية حقوق الإنسان في مدينة جدة الدكتورة "سهيلة زين العابدين" لـ"إسلام أون لاين.نت" بأن عدد حالات القضايا المتعلقة بزنا المحارم في تزايد، وأشارت إلى أن جمعيتها تباشر رسميا نحو 20 حالة زنا محارم.
ومن جهتها، أشارت "الجوهرة بنت محمد العنقري"، عضوة المجلس التنفيذي ورئيسة لجنة الأسرة، المشرفة على القسم النسائي بفرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بمنطقة مكة المكرمة إلى أن هناك الكثير من حالات زنا المحارم غير معلنة في منطقة عمل جمعيتها، ولم يتم الإبلاغ عنها. وقالت لصحيفة "الوطن" السعودية: "إن نسبة ما استقبلته جمعيتها من قضايا زنا المحارم والتحرش بهن بلغت 20% من أصل 300 قضية أسرية أتت من كافة مدن منطقة مكة المكرمة، بجانب قضايا أخرى تتضمن الطلاق التعسفي، وتعليق المرأة، وخطف الأبناء، وقضايا النفقة والضرب والتعذيب الجسدي".
كل المعطيات السابقة دفعتنا لفتح ملف "زنا المحارم" في المملكة العربية السعودية، وعرض أهم العوامل المؤدية إليه، والمشكلات القانونية التي لا تساهم في ردع مقترفي هذه الجريمة، وآليات العلاج كما يراها المختصون.
حالات واقعية
وتقول الدكتورة سهيلة زين العابدين: إن "ما يظهر على السطح هو شيء قليل من الموجود فعلا"، وردَّت ذلك إلى عدم إفصاح الضحية عما تتعرض له، وتساءلت بقولها: "مَنْ مِنَ الفتيات لديها الجرأة التي تدفعها للقول بأن أباها اغتصبها، ولذلك هناك الكثير من الجرائم، لكن يتم التستر عليها".
وحول أشهر حالات زنا المحارم التي صادفتها قالت د.سهيلة: "جاءتني حالة أب اغتصب اثنتين من بناته الثلاث بعد إخراج الأم من المنزل؛ حيث استفرد بالبنتين واغتصبهن، وهدد العم عندما جاء لإنقاذهن بالقتل، وبعد القبض عليه هدد الأسرة باغتصاب البنت الثالثة؛ وهو ما جعل أخاهم يفكر في قتله لإنقاذ الأسرة منه". وأضافت بأن(45/130)
العديد من الاتصالات تأتيها لطلب المشورة من فتيات يتم الاعتداء عليهن من قبل محارمهن. وقالت: إن هناك جهات أخرى غير جمعيتها تتولى رعاية بعض الحالات المشابهة.
ويقول الدكتور صالح بن يحيى الزهراني، المحاضر بقسم التربية وعلم النفس بكلية المجتمع بجدة: إنه يستمع إلى شكاوى عديدة في وقوع الأب على بناته، والأخ على أخواته. وذكر أنه تلقى اتصالا من مشرفة في أحد السجون تحدثت عن مشكلة قالت فيها: إن لديها عددا من الفتيات ممن "حملن" بسبب الزنا من آبائهن، وبعضهن فضت بكارتهن، وقال: إن جريمة زنا المحارم موجودة في المجتمع السعودي، لكنها لم تصل إلى حد "الظاهرة" التي يجب أن يتوافر فيها الشيوع والانتشار.
دراسة جديدة
وللوقوف على واقع جريمة "زنا المحارم" في المجتمع السعودى بشكل علمي ومنهجي في ظل غياب المعلومات والبيانات الكافية والدقيقة عنها، أعلن رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية -وهي هيئة حكومية- الدكتور تركي بن خالد السديري أن الهيئة تعكف على دراسة مطولة حول "زنا المحارم" ومدى انتشاره في السعودية، تقوم بإعدادها مؤسسة "الملك خالد الخيرية"، بالتعاون مع الدكتور أسامة الدامغ لصالح الهيئة. وأشار إلى أن الدراسة ستحتوي على كافة الأهداف والوسائل المقترحة لمواجهة هذه الجريمة.
ودعا السديري مجلس الشورى للنظر إلى نتائج هذه الدراسة، على خلفية أنها تتعامل مع جريمة اجتماعية قد تتحول إلى ظاهرة في المستقبل، ولذا يتعين علينا السرعة في مواجهتها، والنظر في حلول سريعة لها.
عوامل مختلفة
ويشير الدكتور أيمن إسماعيل، أستاذ الخدمة الاجتماعية بقسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى أن من أهم العوامل التي تؤدي لجريمة زنا المحارم الانتشار واسع النطاق لأساليب "الحفز الجنسي"، كما الحال في الإنترنت والفضائيات، والتي قد تدفع البعض إلى محاولة التقليد أو إفراغ الطاقة أو الانتقام أو مجاراة الآخرين من خلال ممارسة الجنس مع الطرف الأسهل في الوصول إليه، وهم المحارم، والذين قد يشتركون معه في الخصائص نفسها، فهم أيضا معرضون إلى العوامل التي سبق الإشارة إليها".
وأوضح بأنه قد يدخل في تفسير وقوع جريمة زنا المحارم جزئية هامة تتعلق بنوع المرحلة العمرية التي يمر بها من يقوم بارتكابها؛ حيث إن مرحلة كمرحلة المراهقة من المعتقد أنها ذات تأثير كبير في دوافع القيام بهذا الفعل، خاصة في حالة عدم التوجيه والضبط التي قد تواكب هذه المرحلة تجاه من يمر بها، سواء كان ذلك للذكور أو الإناث.
وقال: من العوامل التي قد تؤدي إلى جريمة زنا المحارم تأخر سن الزواج؛ نتيجة لظروف اجتماعية أو اقتصادية أو غيرها؛ وهو ما قد يدفع البعض إلى التنفيس عن بعض نوازعهم فيتجهون إلى أقرب طرف يمكن أن يحقق ذلك فيكون المحارم في المقدمة، خاصة في حالة ممارسة بعض الضغط عليهم بأي صورة كانت.
وعدد الدكتور إسماعيل بعض الأسباب التي وصفها بـ"الخاصة" وهي: "ضيق السكن، ورؤية الأبناء لآبائهم في أوضاع قد لا يفهمونها فيدفعهم هذا للتقليد"، إلى جانب "الفقر وانعدام الموارد المسهلة للزواج". كما يمكن أن تتم هذه الجريمة كشكل من أشكال الانتقام في الكثير من المواضع، أو لتصفية حسابات بين بعض الأقرباء.(45/131)
وأشار إلى أن "قضية الزنا بالمحارم يدخل في نطاقها أيضا عملية التحرش"، وهي مرحلة تسبق الزنا وتهيئ له، وفى هذا الصدد تدخل قضية أخرى تساعد على هذا التحرش، منها قضية الحجاب ونوع الملابس التي تلبسها المرأة، ومدى إثارته للنوازع لدى الطرف الآخر؛ حيث إنه من المعتقد -ونتيجة لعدم وجود الفوارق المحددة بين المحارم في لقاءاتهم- أنه قد يمكن إغفال قضية الحجاب، وطبيعة اللباس والالتزام به على اعتبار صلة "القرابة" التي قد يرى البعض أنها كفيلة بإزالة هذه الالتزامات.
نزع الولاية
ومن جانبها، دعت الدكتورة سهيلة زين العابدين إلى وضع عقاب رادع لمقترف هذه الجريمة داخل المجتمع السعودي الذي أعطى سلطة للرجل ولولي الأمر فوق ما يستحق، حتى أصبح يعتبر هذه المرأة أو الأنثى كأنها ملك له في كل شيء (مالها وجسدها وحياتها)"، مشيرةً إلى أنه "لا يوجد أي عقاب رادع لمن يرتكب أي جريمة في أخته أو ابنته أو قريباته.. حتى أصبح ولي الأمر "مقدسا" له الحق في أن يفعل ما يشاء، وحتى القضاء لا يحاسبه ولا يعاقبه.
وأشارت إلى أن "سكوت المجتمع على هذا الوضع يزيد من تفاقم المشكلة، كما أن عدم صدور أحكام قضائية صارمة كتنفيذ "حد الرجم" حتى الموت أمام الناس على الساحة قد يكثر منها. وأكدت على أن "إيقاع عقوبة واحدة من هذا النوع بمقترف هذه الجريمة، مع التشهير به سيحد كثيرًا من هذه التصرفات غير المسئولة من قبل بعض أولياء الأمور الذين ينتهكون حرمات محارمهم".
وأوضحت د.سهيلة زين العابدين أن الآلية التي تتعامل بها جمعيتها مع حالات زنا المحارم، في حال ثبوت الفعل من قبل ولي أمر الضحية، "نزع ولايته" على الضحية التي يتولى أمرها؛ بحيث لا يصبح له الحق في حضانتها، والتصرف في أمورها؛ لأنه أصبح خطرا عليها. وأبدت أسفها بسبب كون عقوبة زنا المحارم الحالية لا تتخطى عقوبة السجن لفترة محدودة، ويخرج الجاني بعدها وقد يعود لما كان عليه قبل دخوله.
وشددت على أن جمعيتها تسعى لإصدار أحكام قضائية بتطبيق حد الزنا على من يرتكب جريمة الزنا بمحارمه، كما يطبق على من يرتكب جريمة الزنا بامرأة أجنبية"، مشيرةً إلى أنه "من باب أولى أن يعاقب من يرتكب الزنا مع محارمه".
خطوات وقائية
وحول آليات الوقاية من جريمة زنا المحارم يقول الدكتور الزهراني: لا شك أن من أهم طرق العلاج التربية الأسرية الإيمانية طوال مرحلة الطفولة والمراهقة؛ وذلك بإشغال وقت الأبناء بما يبعدهم عن تحريك الغرائز والشهوات، وبما يبعدهم عن القنوات الإباحية، وبما يقربهم من الله؛ بإشراكهم في كل الوسائل التي تدعم التربية الإيمانية كحلقات تحفيظ القرآن، والرحلات، والمناشط الرياضة، والقراءة. وشدد على أهمية "وضع ضوابط أسرية في التعامل بين المحارم؛ حيث لا يعقل أن تكون الأخت أمام أخيها مظهرة لمفاتنها ومثيرة لغرائزه".
ونبه إلى أن العلاج الناجع يتمثل في "إدخال القنوات الإسلامية التي انتشرت اليوم مثلا للتخفيف من حدة القنوات التي تحرك الحَجَر"، وليس البشر؛ فذلك الشاب الذي يسهر مع أخته بحكم قربها منه، ويرون ما يدور في تلك الأفلام، إذا تحركت غريزة الجنس لديهما أو عند الرجل بالذات أصبح عبدًا لها، وأشار إلى المصطلح الذي أطلقه(45/132)
الشيخ محمد الغزالي الذي يقول: "حيوان الجنس الرابض تحت الجلد"، ووضح أن هذا الحيوان إذا أثير داخل المرء ينسيه إنسانيته، ويجعله يرتكب جرائم الجنس في أقرب الناس له، ولا سيما إذا كان من ضعاف الإيمان.
** مراسل شبكة إسلام اون لاين .نت فى المملكة العربية السعودية، ويمكنك التواصل معه عبر البريد الإلكتروني الخاص بالصفحة holol@iolteam.com
ـــــــــــــــــــ
أرجوكم ساعدوني.. في بر أمي ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا عندي مشكلة كبيرة، وأرجو من حضراتكم أن تساعدوني في حلها..
أنا فتاة عندي 16 سنة، وأنا أحاول أن ألتزم بشريعة الإسلام، ولكن تقابلني بعض العقبات، والتي منها أنني لا أستطيع أن أبرّ أمي؛ لأنها تكبرني في السن كثيرًا، ولا يفهم بعضنا بعضًا.. وهذه المشكلة تزعجني جدًّا؛ لأنني أعرف أن الله وصّى بالأم كثيرًا، وأعرف أيضًا عواقب من لا يبر أمه، وأنا خائفة جدًّا من عقاب الله لي، ولكني لا أستطيع أن أتفاهم معها؛ فهل تستطيعون أن تساعدوني وتقولوا لي كيف يمكنني أن أرضيها، ونحن مختلفتان في طريقة التفكير؟
وجزاكم الله خيرًا.
... المشكلة
أ. سمر عبده ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
المرسلة الفاضلة،
مشكلة يعاني منها معظم الأبناء وهي عدم فهم الآباء للأبناء والعكس، وافتقاد الحوار المشترك بينهما، وبلا شك أن من أسباب هذه المشكلة هو فارق السن واختلاف المفاهيم بين جيلين وكل هذا مفهوم، ولكن السؤال: هل عدم التفاهم بين الأبناء والآباء يبرر العقوق؟.
فرغم تفهمي لمعاناة الشباب لعدم وجود جسر من التفاهم بينهم وبين الآباء؛ ليقرب وجهات النظر فيحتوي الآباء الأبناء، ويتفهم الأبناء آباءهم، وما يسببه من مشاكل وخلاف؛ فإني لا أقتنع بأن يكون كل ذلك مبررًا لعقوق الوالدين؛ فلا يوجد خلاف أشد من أن يحاول الوالدان تكفير أبنائهم، ومع هذا قال الله تعالى في كتابه: "وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا في الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ... ".
ويُروى عن أسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنهما – أنها قالت: قدمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيت رسول الله، قلت: قدمت عليّ أمي وهي راغبة، أَفَأَصِلُ أمي؟ قال صلى الله عليه وسلم: "نعم، صِلي أمك".. متفق عليه.
و"راغبة" أي: طامعة عندي، تسألني شيئًا.(45/133)
صغيرتي، عذرًا.. أطلت عليك، ولكني أرى مشكلتك عامة ومتكررة بين الشباب، وقد تسأليني: ما الحل إذن؟ فأقول لك: ما دمت شعرت بالمشكلة، ابدئي أنت ببناء جسر التفاهم والمودة بينك وبين والدتك، وابدئي البناء بوضع الحجر تلو الآخر:
الحجر الأول:
الحب:
من الفطرة أن يحب كل منا أمه، حتى ولو كانت لا تحمل من صفات الأمومة إلا الاسم، فاستشعري حب والدتك.. أحبيها لحبها لك، فأنا على يقين أن كل أم تحب أبناءها، حتى رغم عقوقهم لها؛ فلقد قال أحد الشعراء يعبّر عن حب الأم لولدها عند قمة العقوق:
أغرى امرؤ يومًا غلامًا جاهلا
بنقوده حتى ينال به الوطر
قال ائتني بفؤاد أمك يا فتى
ولك الدراهم والجواهر والدرر
فمضى وأغمد خنجرًا في صدرها
والقلب أخرجه، وعاد على الأثر
لكنه من فرط سرعته هوى
فتدحرج القلب المضرج إذ عثر
ناداه قلب الأم وهو معفر
ولدي حبيبي هل أصابك من ضرر؟!
الحجر الثاني:
الاعتراف بقلة الخبرة:
أن تعترفي بأنك ما زلت زهرة يانعة الخبرة بالحياة، وأن والدتك لديها خبرة أكبر، وغالبًا يكون رأيها أصوب، ولكن في بعض الأحيان شدة خوف الأمهات على الأبناء تجعلهم يرفضون كل ما لا خبرة لهم به، وكثير من الأمهات الطيبات يجهلن كيف يمكن التعبير عن مشاعر الحب التي في قلوبهن تجاه البنات والأبناء،وهذا يقودنا إلى الحجر الثالث.
الحجر الثالث:
التماس الأعذار:
يجب أن تلتمسي العذر لوالدتك إن لم تجدي لبعض تصرفاتها مبررًا واضحًا، واصبري عند غضبها؛ فهناك أمور ربما لا تجدين لها فيها عذرًا إلا بعد مرور وقت طويل، أو بعد أن تنجبي أطفالاً وتكونين أمًّا مثل والدتك.
أما الحجر الرابع:
اكتساب صفة البر:(45/134)
أن تعلمي أن البر لا يأتي إلا بتصنّع البر؛ فهو كسائر العادات الحسنة التي نسعى لاكتسابها، والتي يحتاج اكتسابها إلى بذل الجهد ومجاهدة النفس، فتصنّعي البر لوالدتك تصلي إليه، وكوني دائمة الدعاء بأن يعينك الله على برها، ويجعلك قرة عين لها..
ـــــــــــــــــــ
دبلوماسية العائلة.. البر المبصر ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا امرأة متزوجة، عمري 28 عاما، زوجي هو ابن خالتي، سنكمل هذه الأيام 7 سنوات على زواجنا الذي أثمر 3 أولاد. زوجي إنسان طيب إلى أبعد الحدود، ملتزم ومتدين ومعاملته طيبة معي.
المشكلة هم الأهل؛ فوالدي ووالده علاقتهما غير جيدة، حتى من قبل زواجنا، وعندما خطبني زوجي كان هو في سويسرا وأنا في وطني..
والده لم يقبل -ليس لأجلي بل لأجل والدي، لكن زوجي أصر. أما والدي فقد كان موافقا؛ لأنه يعرف أن زوجي إنسان جيد لأبعد الحدود.
المهم تزوجنا، وبعد عدة سنوات حدثت مشكلة بين والدي ووالده على أشياء مادية. ولم نتدخل بسبب أننا تعودنا على خصامهم، حتى أمي وخالتي لا تتدخلان لأنهما تعرفان أنهما دائما هكذا.
ولكن أخي الصغير -عمره 21 سنة- قام بتوجيه كلام بذيء جدا إلى والد زوجي بحضور أناس، وهنا بدأت المشكلة، حيث إن زوجي زعِل كثيرا من والدي وطالبه بأن يعتذر أخي لوالده، لكن والدي رفض وقال: إن هذا لن يتحقق.
وعندما ذهبنا إلى وطننا قبل عدة أشهر رفض زوجي ذهاب أولادي إلى زيارة أهلي، فقط أنا. ورغم هذا فوالدي لم يغير موقفه، حتى أخي لم يقبل.
والآن وصلت رسالة من والدي يتهمني فيها بالجحود والعقوق لأني لم آخذ موقفا من زوجي وأهله، مع أن أهل زوجي -الذين هم بيت خالتي- يحبونني كثيرا ولا يُسمعونني أي شيء عن أهلي، ولا يحاولون التدخل في حياتنا، ماعدا زوج خالتي.
أنا الآن في حيرة.. هل أنا ابنة عاقة أم ماذا؟ وهل عليّ أن أهدم حياتي مع أن زوجي لم يعمل شيئا سوى أنه طالب باحترام والده لأنه -على حد كلام زوجي- لم نتدخل في مشاكلهم أبدا في يوم من الأيام ولكن عندما يقوم شخص صغير العمر بالتدخل والسب فيجب أن يعتذر، يقصد أخي.
أرجوكم ساعدوني.. هل أنا جاحدة؟ وجزاكم الله كل خير.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...(45/135)
تعالي من خلال رسالتك وعباراتها نرسم صورتين متقابلتين؛ لعل الأمر يتضح ولا يصبح هناك مجال للحيرة:
الصورة الأولى لزوج طيب إلى أبعد الحدود، ملتزم متدين معاملته طيبة، وهو ليس ملتزما بالكلام فقط، ولكنه يعرف معنى هذا الالتزام حقيقة في معاملته الطيبة لك ولأهلك؛ فهو يساعدهم على مدار 6 سنوات ماديا بسبب الوضع في العراق وهو لم يمنعك من زيارة أهلك ولم يطلب منك مقاطعتهم. وأهله يعاملونك أحسن معاملة، ولا يسيئون إلى أهلك ولا يتدخلون في حياتك.. ولو أرادوا لفعلوا.
والصورة الثانية والمقابلة هي لأخ صغير تدخل في موقف وخلاف بين رجلين كبيرين ولم يكتف بالتدخل فيما لا يعنيه، ولكنه تجاوز الحد ليشتم هذا الرجل الكبير -الذي هو زوج خالته أولا، ووالد زوج أخته ثانيا- وتكون النتيجة أن المشتوم لم يطلب أي شيء إلا الاعتذار فيكون موقف الأب وابنه هو رفض الاعتذار الواجب في كل الأحوال وعلى كل المستويات، سواء على مستوى أن يعلم ابنه الصغير ألا يعتدي على من هو أكبر منه سنا بالشتم بصورة عامة -فضلا عن أن يكون هذا الكبير هو زوج خالته وأبو زوج أخته، أو على أي مستوى آخر.
ويكون الموقف من الأخت هو اتهامها بالعقوق لأنها لم تتخذ موقفا من زوجها وأهله المعتدى عليهم، وهو الذي يساعدهم مدة 6 سنوات بدون أي أمر يجبره على ذلك إلا التزامه الحقيقي، فيكون مقابل ذلك هو أن نشتم أباه ونرفض الاعتذار..
هل بدت الصورة واضحة الآن؟!.
ولذا فإن المطلوب منك هو أن تلتزمي نص حديث النبي? فتنصري أباك ظالما أو مظلوما، ولكن كما علمنا الرسول? بأن تردي أباك عن ظلمه.. فهذا هو البر الحقيقي في هذا الموقف فلابد من أن تظهري الأمور على حقيقتها.
وكما نقول ليس بر الوالدين برا أعمى إن صح التعبير؛ فهو بر مبصر في الحق. بحيث لا يطاع الأب والأم وهم يرتكبون الأخطاء ويكون منا أن نجاريهم في أخطائهم أو لا نواجههم بها حتى لا يغضبوا.
المطلوب منا هو حسن إسداء النصيحة والتوجيه لهم مع رفضنا أخطاءهم وتصرفاتهم. ولكن تصور أن البر يعني ألا نوجههم إلى أخطائهم مهما فعلوا هو تصور وفهم غير صحيح وعندما طلب القرآن ألا نطيعهما في الشرك بالله فلأنه الأنموذج الأقصى للخطأ الذي قد يدعو الآباء أبناءهم إليه.
وبالتالي فالموقف مما هو أدنى من الشرك من الأخطاء والمعاصي يكون بنفس الحال من الرفض مع التوجيه. هذه هي الطاعة وهذا هو البر المبصر.
وعليه، فعليك أن توجهي أهلك إلى الصواب وتعيدي الموقف إلى وضعه الصحيح، بل يكون لك موقف إيجابي في دعوة أخيك وأبيك للاعتذار إلى والد زوجك؛ فهذا هو الأولى والأوضح والأصح. والله الموفق، ولا تنسي الدعاء لله أن يصلح ما بينهما؛ فالقلوب بيده -سبحانه وتعالى- يصرفها كيف يشاء.
ـــــــــــــــــــ
"28" يطارده "24" و"37" ... العنوان
علاقات اجتماعية عامة ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا شاب ملتزم والحمد لله، ولي أنشطة دعوية كثيرة -ولله الحمد- في البلد الذي أسكن فيه.(45/136)
تعلق بي شابان؛ أحدهما أكبر مني بتسع سنوات والآخر أصغر مني بأربع سنوات، وأنا أبلغ من العمر 28 عاما.
والمشكلة أن هذين الشابين تعلقا بي تعلقا شديدا، ووصل الحال معهما إلى حد البكاء عندما أنوي السفر مثلا، ووصل الحال عند أحدهما إلى نية الانتحار عند مفارقته، علما بأني أعمل معهما في مؤسسة فيها من الخير الكثير منذ سنة.
مشكلتي مع هذين الشابين تكمن في التالي:
الغيرة الشديدة من بعضهما البعض، والغيرة الكبيرة عندما أتعرف على إنسان آخر، والحيرة الكبيرة التي تواجهني في التعامل معهما؛ حيث إنني إنسان أضع حواجز شديدة لا يمكن تجاوزها.
سيدي الفاضل أنا الآن اتخذت قرارا بقطع العلاقة معهما وألا أضيع وقتي معهما.. ما رأيكم في ذلك، علما بأنهما محافظان على فرائض الدين؟
... المشكلة
د.فيروز عمر ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الحمد لله أنك قد أرسلت مشكلتك يا أخي في الوقت المناسب، فما زالت دفة القيادة والتحكم بيدك، وما زلت قادرا على التفكير في قطع العلاقة معهما -مثلا- كأحد الحلول المطروحة، كما أنك لم تنزلق معهما في هذه المشاعر ولم تستسلم لها أو تستمتع بها، بل إنك ما زلت نافرا مشمئزًا منها وترى أنها مضيعة للوقت.
أخطر مرحلة يمكن أن تمر بها مثل هذه المشاعر هي أن تنتقل بالعدوى للطرف الآخر، الذي هو أنت. فإن -عندئذ- طوفان المشاعر لا يقف في طريقه حاجز، وعندئذ تفتح أبواب السماء بماء منهمر، وتفجر الأرض عيونا فيلتقي الماء على أمر قد قدر!! فتصل التطورات إلى تبادل العشق المدمر أو ربما إلى ممارسة (اللواط) الشذوذ الجنسي!!
لذلك فإن ما أستطيع أن أصف به الوضع الآن أنه أحد المزالق الرهيبة للشيطان، والتي لن تتوقف بالتدريج عند هذا الحد؛ فالشيطان لا يصل إلى غايته دفعة واحدة، بل على مراحل وخطوات؛ لذلك قال تعالى: "وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ".
لذلك أحمد الله يا أخي أنك ما زلت قويا ومتماسكا، وحاول أن تحافظ على هذه القوة مهما حاول هذان الشابان أن يغلفا مشاعرهما غير السوية نحوك بغلاف طاهر -مثل الحب في الله أو التعاون في الدعوة إلى الله. فهذه كلها كلمات حق يراد بها باطل في هذا الموضع.. أكرر -وأرجو ألا تمل من تكراري:
حافظ على تماسكك، فهذه فتنة صعبة أدعو الله أن يثبتك ويعينك.
وأهم ما تستطيع تقديمه لهذين الشابين هو "الفطام المتدرج"، أي أن تباعد بينهما وبينك بالتدريج مع محاولة مساعدتهما على إقامة علاقات أخرى طبيعية مع الآخرين، ومع التوضيح لهما بأن المبالغة في المشاعر تجاهك أمر لا يرضى عنه الله تعالى، وأنه من مزالق الشيطان التي يجب أن يتقربا إلى الله بالعلاج منها.(45/137)
ولا مانع من استخدام الحسم أحيانا إذا لم يفلح الرفق، ولا تكترث بأي ضغوط أو تهديدات من ناحيتهما -كالحديث عن الانتحار أو البكاء- فلا تسول لك نفسك أن تقدم تنازلا لإرضائهما من أجل دفع الحزن أو الاكتئاب عنهما؛ لأنك بذلك تدفع شرا لتأتي بشر أكبر منه وأعظم عند الله!.
ويجب أن تعلم يا أخي في قرارة نفسك أن شعورهما نحوك ليس حبا أصلا بل هو كزبد البحر.. يقول الله تعالى:
"فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ". وهذه المشاعر الصاخبة لن تستمر، وستنقلب عاجلا أو آجلا إلى فتور وربما كراهية؛ لذلك فلا تأس عليها؛ لأنها ليست حقيقة بل هي كزبد البحر الذي سيذهب جفاء!.
أخي الكريم،
إذا لم تفلح محاولاتك الرفيقة المتدرجة لفطامهما أو إصلاحهما، فلا حل عندئذ سوى قطع العلاقة نهائيا بهما.
في بعض الحالات قد تضطر لعرض الشابين على طبيب نفسي لعله يقدم لهما مزيدا من الدعم وجلسات العلاج السلوكي.. وبالمناسبة أنت لم تذكر لنا شيئا عنهما سوى أن عمرهما 24 و37 سنة، ولا أدري مثلا هل هما متزوجان أم لا؟ وما علاقتهما بالآخرين؟!
نصيحتي الأخيرة: لا تجعل هذين الشابين محور حياتك، انشغل عنهما، ولا تستغرق في مشكلاتهما للدرجة التي تجعلها همك الأكبر.. ولا تنس الدعاء لهما بصلاح الحال
ـــــــــــــــــــ
حواء العربية.. الطاقات المهدرة ونقصان العقل ... العنوان
علاقات اجتماعية عامة ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عندما قرأت مشكلة أختي الحائرة صاحبة مشكلة "حواء العربية....عندما تكون بركة ماء "، وددت أن أرسل لكم بهذه المشاركة. فقد ذكرتني الأخت الحائرة بنفسي في فترة خطوبتي والسنة الأولى من زواجي، فقد كنت نسخة طبق الأصل من أختي الحائرة أمضي يومي أتحدث مع خطيبي في التليفون، وأنتهي من الحديث معه لكي أنتظر مجيئه إلي، وإذا لم يأت لأي سبب تصيبني الكآبة، ويقلّ تناولي للطعام ورغبتي فيه؛ حتى إنني في أقل من 4 شهور -مدة خطوبتي- فقدت من وزني 10 كيلوجرامات، حتى إن الجميع لاحظوا هذا يوم زفافي. لن أستطرد في سرد تفاصيل هذه الفترة فهي والله مثل حال أختي بحذافيرها.
أما رد أمي الحبيبة د. سحر طلعت عليك فقد أعجبني مثل كل ردودها المتميزة دائما، وأرسلت بمشاركتي هذه لكي أخبرها بما كنت عليه وما أنا عليه الآن.
أختي الغالية:
لقد سافرت منذ عامين ونصف مع زوجي إلى إحدى الدول الأوربية؛ لأنه يقوم بإعداد رسالة الدكتوراة، وكنت قبل سفري قد أنهيت دراستي الجامعية، بعد وصولي كنت أجلس بالبيت أنتظر رجوع زوجي من المعمل الذي يجري أبحاثه فيه آخر اليوم وأنا أعد ساعات النهار والملل يغرقني أشاهد التلفزيون ثم أملُّ، أذهب لأنام وأيضا أمل من النوم، لدرجة أنني كنت آتي بالملابس من دولابي لأرتبها وأرتب سريري، ثم ما ألبث أن أبعثره مرة أخرى لأعيد ترتيبه، وهكذا كنت أبحث عن أي وسيلة لقتل الوقت والملل، لكن دون جدوى.(45/138)
فأنا لا أستطيع أن ألوم زوجي أو أتهمه بالتقصير في حقي فهذا مستقبله ودراسته، ولا يستطيع أن يترك عمله لكي يظل بجانبي ليدفع عني الملل، بل كان التقصير مني في حق نفسي، فكرت في أن أكمل دراستي لكن واجهتني عقبات عدة، منها أنني قد حملت طفلي الأول، وأن باب التسجيل في هذا العام الدراسي بالجامعة انتهى، والأهم من هذا أنني كان من المستحيل أن أكمل دراستي في بلد لا أتحدث لغته.
لكن مع كل هذا لم أيأس، قررت أن أنتظر للعام التالي حتى أكون قد وضعت ابني وقمت باستغلال هده الفترة بدراسة اللغة في البيت وساعدني زوجي كثيرا، حيث أحضر لي الكتب اللازمة والأشرطة، وكان أيضا يقوم بشرح ما لا أفهمه. وبعد أن وضعت ابني كنت قد وصلت لمستوًى جيد في اللغة ذهبت إلى الجامعة، وقدمت ملفا وطلبا للالتحاق بالجامعة وراسلت أستاذا من كبار أساتذة الجامعة، وطلبت منه الإشراف على دراستي وقابلته ورحب بشدة عندما اطلع على تقديراتي في الجامعة، وعرف أنني أتحدث لغتين أجنبيتين بجانب لغتي العربية، وطلب مني إجراء بحث في الموضوع الذي سأعمل فيه للتأكد من مستواي العلمي ففعلت وأعجبه ذلك بشدة.
المهم لن أطيل عليكم قمت والحمد لله وبمساعدة زوجي لي بإتمام إجراءات التسجيل. لكن ما لم أكن أتوقعه هو أنني حملت للمرة الثانية وعمر ابني 4 شهور فقط، في بداية الأمر حزنت، حيث إنني لم أكن قد استعدت صحتي بعد الولادة الأولى، وكنت أشعر بأني دائما منهكة وأيضا شعرت بأن هذا سيحول دون تحقيق أمنيتي في إكمال دراستي. أشار علي بعض أصدقائي هنا بأن أقوم بعملية إجهاض حتى لا يسبب لي الحمل الثاني مشاكل صحية ومشاكل في دراستي، لكني خفت من عقاب الله الذي وقف بجانبي كثيرا، وكان ملازما لي في كل شيء أقوم به.
والنتيجة ولكي لا أطيل عليكم أنني الآن أم لطفل وطفلة مثل البدر، وأقوم بكل متطلبات بيتي وأطفالي حيث لا أم ولا أخت هنا معي لتساعدني وأقوم بمساعدة زوجي في عمله وترجمة ما يحتاج من أبحاث، خصوصا أنني قد فهمت كل إطار دراسته ومحاورها، وعندما يطلب رأيي في شيء يعمله أتناقش معه ويقتنع برأيي.
أما عني أنا فأنا الآن أقوم بدراسة دبلوم دراسات متعمقة وهو هنا درجة تمهيدية للدكتوراة ويعادل في مصر درجة الماجستير وعمري 24 عاما فقط. هل ستصدقينني إذا قلت لك الآن إنني أحتاج لأن يكون اليوم لا 24 ساعة بل 48 لكي أستطيع إنجاز كل ما أرغب في إنجازه. والحمد لله هذا بفضله علي ووقوفه بجانبي دائما، وعدم معصيتي له، ولا أنسى أبدا بأي حال من الأحوال زوجي ووقوفه بجانبي ودعمه المعنوي لي وأيضا إصراري على الوصول لكل ما أرغب في الوصول إليه مهما واجهتني العقبات.
هل فكرت يا أختاه في أن ترتقي بنفسك لتصبحي كما قالت أمي الحبيبة بحرا كله أمواج وحركة وحيوية، متجدد ينمو دائما وتنمو معه كائنات مفيدة.
أمي الحبيبة:
أرجو أن تعذريني على الإطالة فكل ما رغبت فيه أن أنقل لأختي ولغيرها تجربة حية تحولت فيها من امرأة كانت تعد الساعات حتى يعود زوجها إلى امرأة تمتلئ حيوية ونشاطا، مع العلم أن هذا لم يجعلني أفقد شيئا من اهتمامي بنفسي فزوجي يعود في نهاية اليوم ليجدني أنتظره بكامل زينتي، وبيتي نظيف وكذلك طفلي وطفلتي. أنا لا أنكر أنه طريق مجهد لكن وجود هدف يسعى الإنسان للوصول إليه يجعله يتحمل كل شيء.
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير(45/139)
... ... الحل ...
...
...
الأخت الكريمة:
أشكرك على أنك قررت أن تشاركينا بتجربتك الحية الرائعة التي تحولت فيها من إنسانة لا تجد ما يشغلها وتقضي ساعات النهار والليل في ملل وكآبة بين التلفزيون والسرير إلى إنسانة أخرى مختلفة تماما تضع لحياتها أهدافا محددة وتبذل من وقتها وجهدها الكثير لتحقيق هذه الغايات، ومع كل نجاح وتقدم ومع كل خطوة تخطوها للأمام تبيت قريرة العين؛ لأنها أنجزت أحد الأهداف المرجوة.
والحقيقة أن رسالتك ورسالة الأخت صاحبة المشكلة الأساسية وغيرها من الرسائل وكذلك ما ننظره من مشاكل على أرض الواقع يلفت النظر لقضية هامة من الضروري أن نلتفت لها؛ لأنها سبب كثير من المشاكل في حياتنا المعاصرة، وتؤدي إلى إهدار الكثير من الطاقات أو إساءة استخدامها بدون عائد يذكر، فقصتك تشير بوضوح لطاقة النساء الضائعة والمهدرة التي يمكن لو أُحسن استغلالها وتوظيفها أن تعين على صنع المعجزات.
لكن مجتمعاتنا العربية في مجملها -وبالذات المجتمعات المنغلقة منها- تفرض على المرأة تبعات غريبة لوصمة مفتعلة هي: نقصان العقل؛ وبالتالي هشاشة التكوين وغياب الدور المأمول، وقد يحتج قائل بأن النساء "ناقصات عقل" فعلا كما وصفهن الرسول الكريم، لكنني أحسب أن الحديث الشريف يفسر نفسه، فالرسول صلى الله عليه وسلم أوضح أن ما يعنيه بنقص العقل هو أن شهادة المرأة هي نصف شهادة الرجل.
المهم وما يعنينا في هذا الأمر هو ضرورة أن ندرك أن مهارات العقل وقدراته لها شقان: جزء فطري متوارث مع الجينات الوراثية، لكن هذا الجزء الفطري لا ينمو ويتطور إلا إذا توافرت له الظروف المجتمعية المعينة على تطويره وإنضاجه.
ونظرة سريعة إلى مجتمعاتنا تجدنا لا نهتم إطلاقا بتطوير هذه النعمة التي ميزنا الله بها سبحانه على سائر خلقه، فمناهجنا التعليمية وأسلوب تعليمنا يكرس عادة الاستظهار بدون فقه ووعي وبدون إعمال للعقل.
وكل ما حولنا يضغط على الفتاة مركزا على أنها فقط أنثى لها جسد جميل، بدءا من وسائل الإعلام المختلفة التي جعلت جسد المرأة سلعة رائجة في كل مناحيها، ومرورا بكل مسلك من مسالك حياتنا. وحتى إذا قررت الفتاة أن تعود إلى ربها فإن الجسد هو أيضا قضيتها ومحور حياتها، ومنتهى أملها وغاية المراد من رب العباد أن يعينها على أن تستره بطبقات من الثياب، وتدعو غيرها من النساء أن يسترن أجسادهن. والحجاب على أهميته هو مظهر وصورة خارجية، وكما قال رسول الله " إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم "، لذلك فلا بد أن يوضع الحجاب في حجمه وأن يظل مظهرا خارجيا وانعكاسا وتجليا لجوهر أكثر نقاء وأكثر صلابة، فلا معنى لأن تكون الفتاة محجبة وهي تافهة لا تهتم ولا تشغل بالها بتكوين وإنضاج عقلها ورسم معالم شخصيتها، ولا معنى لأن تكون الفتاة محجبة وهي خاوية روحيا، ولا معنى لأن تكون الفتاة محجبة وهي لاهية ومغيبة عن هموم أمتها ومجتمعاتها.
كل هذه العوامل مجتمعة ومتضافرة مع هشاشة التكوين وغياب المناهج والمناخ المساعد على الإنضاج عند الجنسين يضاعف من هشاشة تكوين المرأة، ويجعلها مرشحة للقيام بالدور الذي تقوم به حاليا عن جدارة ولا(45/140)
تحسن غيره حتى بعد الزواج وإنجاب الأطفال، فتارة نراها مشغولة بالجري واللهث وراء الموضات وأحدث موديلات الأزياء والديكورات والموبيليات، وتارة نراها لا تجيد إلا الثرثرة الفارغة وتفاهات التليفونات والصالونات، وتارة أخرى نراها تختلق المشاكل مع الزوج والأولاد أو مع الجيران والأهل، وأحيانا أخرى نراها تنفق الوقت والجهد والمال وجل الطاقة في أمور مظهرية شكلية واستهلاكية، وفي معظم الأحوال نراها تجاهد بالريموت كنترول متنقلة بين القنوات المختلفة بحثا عن تفاهات يسمونها فنا، ويحاولون إقناعنا أن هذا هو الإبداع، والفن الجاد والهادف منها براء، تضع يدها على خدها في انتظار عودة الزوج لتلاحقه بالأسئلة والطلبات التي لا تنتهي، أو تركز كل جهدها في قتل أي إبداع عند أطفالها بحجة الحفاظ على النظام وحسن التربية، وتتصور أنها بهذا تحسن التبعُّل للزوج وتجيد فن تربية الأبناء.
ورغم أن أجيالنا والأجيال التي تلينا قد توافرت لها فرص وإمكانات لم تتوافر لأجيال الأمهات والجدات فإننا لا نحسن استغلال هذه الإمكانات، ومن هذه الإمكانات غزو الميكنة للمنزل بحيث أصبح ممكنا بقليل من التنظيم إنجاز معظم الأعمال المنزلية في وقت محدود جدا مقارنة بما كانت تحتاجه هذه الأعمال في الماضي وهو ما يوفر الكثير من وقت وجهد سيدة المنزل، ونتج عن هذا فراغ في الوقت وفائض من الصحة والذهن يحتاج أن يشغل بالنافع المفيد "ونفسك التي بين جنبيك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر".
ومع ثورة الاتصالات أصبح ممكنا أن تطلع النساء على كل معطيات العلم الحديث بضغطة زر، والدراسة عن بعد والدراسة الإلكترونية و"الكورسات" التعليمية والدورات التدريبية متوافرة جدا على هذه الشبكة العنكبوتية، وعائق اللغة يمكن التغلب عليه ببعض الجهد، فهل منا من تسخر جهدها وطاقتها في أن تبحث وتتعلم وتدرس طرق تربية الأطفال وتنمية إبداعهم، وتجود وتطور تقنيات ومهارات تناسب مجتمعاتنا والإمكانات المتاحة عندنا، ثم تنقل هذه الخبرات لمجموعة من الأمهات، سواء عبر اللقاء المباشر للأهل والجارات والصديقات، أو عبر مجموعة إلكترونية متخصصة، أو تستخدم علمها هذا وما اكتسبته من خبرة لتربية ومتابعة أولادها ومعهم مجموعة صغيرة من الأبناء، فوالله ما أسعد الإنسان وهو يضع رأسه على الوسادة وهو راضٍ عن عمله، قرير العين برضا ربه عنه بعد يوم حافل بالإنجازات، وما أسعده حين يلقى ربه بعد حياة طويلة مليئة بالتعب والجهد ليجد الراحة بعد الشقاء وهناء البال بعد تعب العقل والجسد، ما أسعد الإنسان يوم يلقى ربه ويبشره بالقبول.
الإنترنت يا أخواتي تتيح لنا الكثير والكثير من مجالات الفعل البسيط المتراكب والمؤثر، وبدون هذه الجهود الصغيرة والمتراكبة لن نكون، والأفضل لنا ساعتها أن نبحث عن قبور تواري أجسادنا فهذا أفضل من حياة بلا هدف ولا معنى ولا قيمة، فهل من مجيب؟!!! وهل من قائلة: أنا لها؛ أنا لها؟!!!
ـــــــــــــــــــ
العفة المستحيلة: إسلام ضد الإسلام "مشاركة" ... العنوان
اختيار شريك الحياة, الوعي السياسي ... الموضوع
عزيزي الدكتور/ أحمد عبد الله.. بعد السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أود أن أشارك في الرد على رسالة الأخ/ مسلم المعنونة "العفة المستحيلة: أمتنا في عام.. نقد ودفاع "مشاركة ".
وهذه مشاركتي الثالثة من خلال صفحتي المفضلة "مشاكل وحلول الشباب "، وأتمنى أن تجد نصيبها من الاهتمام.. وإن لم يحدث.. فلن يثنيني ذلك بإذن الله عن المزيد من المشاركات مستقبلاً.(45/141)
وأنا سعيدة جدًّا بظهور الأخ الكريم.. مرة أخرى.. وأتمنى أن يداوم على المشاركة لعل في كلماته ما يحيي موات الأمة.. ولو بعد حين.
ولي تعليق على ما جاء برسالته.. واسمح لي فإنني سوف أتناول أولا جانبا واحدا مما جاء بها حيث إن الدكتور/ أحمد تعرض تقريباً لكل الجوانب.. ولكن لم يعطِ الاهتمام الكافي لهذا الجانب الذي سوف أتناوله بإذن الله.
فالأخ الكريم يقول في رسالته:
"على صعيدي الشخصي: الحمد لله رب العالمين.. سبحانه وتعالى جربت المزيد والمزيد من الخطبة.. وما يزيدني العدد إلا زهدًا في النساء والعيش معهن وفي الزواج كله، وجدت الزواج سيبعدني دائما وبقوة عن الله والآخرة من أوله إلى منتهاه، ولا يفهم أحد أنني أقصد الزواج كزواج.. بل الزواج من بنات وأسر هذه الأيام القاحلة!".
ولعل الأخ الكريم يناقض نفسه فيما ارتآه من قبل في أن الزواج قربى إلى الله ودافع قوي للبذل سواء في الحياة الدنيا أو العمل للآخرة وابتغاء مرضاة الله عز وجل -ولا يغيب عنا مشروعه الذي أرسى قواعده ووضع أهدافه وخطواته بنفسه ودافع عنه دفاعا مريرا من أجل العفة والشرف- من خلال مشاركته التي نُشرت من قبل تحت عنوان "الزواج للجميع : البيضة والدجاجة ..الاستشهاد الحي ".
ولا ألوم على الأخ زهده أو إعراضه عن النساء.. هذا شأنه.. ولكني ألوم عليه ما ارتآه وعممه على بنات حواء..
حين قال: وكذلك لم أزدد من كثرة عدد البنات التي أتقدم لهن سوى استهزاء بآباء هذه الأيام "غير المحترمين" -إلا فيما ندر- الذين لا يراعون "إتيكيتا" ولا أسلوبا ولا ذوقا ولا يراعون سنهم ولا شيبتهم ولا...!
واكتشافا لمادية البنات -طبعا.. ممن يتعلمن؟ من الأب والأم! أساسا- حتى لو كانت من أهل الدين والحجاب والجلباب والنقاب! لا مانع أن تقول هكذا بصراحة ووقاحة للخاطبة/ الوسيطة: لا بد ألا أقل عن أختي.. يكون المهر عشرين ألفا.. والشبكة مثل ذلك!
أخي الكريم: هناك العديد والعديد من الفتيات اللاتي لا يسعين إلى المظاهر الكاذبة والخادعة واللاتي يؤمن ويوقن بأن الزواج تواد وتراحم وتآلف.. وليس مهرا وشبكة وأثاثا وأجهزة...
لعلك أخطأت الطريق.. فلم تهتدِ إلى من تقدر فيك دينك وخلقك وعلمك وفضلك.. ولكن ثق أنك سوف تجدها يوماً ما..
وأريد أن أناقش معك ومع الدكتور/ أحمد.. والقراء الأفاضل.. ماذا يريد الرجل من الفتاة التي يرغب في التقدم إليها؟
فنحن نرى الرجل يبحث عن كل شيء.. فهو يطلب الجميلة.. الغنية.. المتدينة.. المتعلمة.. المثقفة.. إلى آخره.. وهذا ليس عيباً في حد ذاته.
ولكن كل من لها هذه الصفات.. فهي تطلب دائماً الرجل الوسيم.. المتدين.. الغني.. المتعلم.. المثقف.. ذا المنصب والمكانة الاجتماعية العالية.
فهي تستحق هذا الرجل؛ لأنها تمتلك من المواصفات التي تؤهلها للفوز به.
وإليكم هذه التجربة التي كنت قريبة منها، ففي إطار العائلة.. حدث أن أحد أقربائي وهو متدين وعلى خلق كان يرغب في خطبه فتاة تمتلك المواصفات السابقة بالإضافة إلى شرط أن تصغره على الأقل بـ 12 عاماً.. حتى يستطيع أن يشكلها كما يريد.. هذا حسب اعتقاده، وحدث أن تقدم إلى أكثر من واحدة.. ولكن لم يوفق.. ولكنه لم(45/142)
يتنازل عما يريده لنفسه.. بل فوجئت بأنه أضاف طلباً غريباً وهو ألا تكون قد ارتبطت بالخطبة مع أحد قبله.. متخيلاً أنه بذلك سيكون أول رجل في حياتها.. وعندما حاولت معرفة سبب هذا الطلب الغريب.. أجاب بأنه لا يدري ما قد يكون حدث بينها وبين الخطيب السابق.
وما أريد أن أظهره من القصة السابقة.. أن الرجل يطلب لنفسه أقصى الأشياء.. ويحزن عندما تطلب الفتاة أقصى الأشياء لنفسها.. ودائما هما الاثنان يطلبان أشياء مادية في البداية سواء من الجمال (بالنسبة للرجال) والمال (بالنسبة للفتيات).
وأن هناك بعض الرجال – من كثرة ما شاهدوه من ممارسات بعض الفتيات اللاتي التقوا بهن في المدارس والجامعات.. يتخيل أن كل الفتيات كذلك.. ومن هذا المنطلق يزهد في النساء.. مما يراه من بعضهن بالرغم من أننا كفتيات نرى كثيرا من الرجال يواعدن تلك وتلك.. ويوهمن تلك باسم الحب.. وتلك بالزواج.. وهذه مشاهد شبه يومية.. ولكن هذا لا يؤثر على نظرة الكثيرات للرجال.. فنحن كفتيات لا نقع في فخ التعميم الظالم ونعلم جيداً أن هناك دائماً الصالح والطالح، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.. ولعل المجتمع المحيط بنا يساهم في ذلك بنصيب وفير، حيث إنه يعتبر أن الرجل متعدد العلاقات النسائية لا شيء يعيبه مثل المرأة بل إنه وللأسف بعضهم يفتخر بتعدد علاقاته حتى أمام خطيبته أو زوجته كنوع من أنواع التميز والبراعة.
ولعلنا إذا عدنا إلى ديننا نجده لا يفرق في ذلك بين رجل وامرأة كلاهما سواء في الوقوف بين يدي الله يوم العرض عليه ولكل نفس ما كسبت لا فرق بين رجل وامرأة.. وعلى العموم هذا موضوع آخر يحتاج أيضا إلى جهد لتغيير المفاهيم الخاطئة في مجتمعاتنا العربية.
ولعلي يا أخي أهمس في أذنك ببعض الكلمات التي قد تكون قد غابت عنك في خضم بحثك عن نصفك الآخر فقد تنير لك الطريق.
- اختر يا أخي من تناسبك في السن فهي سوف تكون الأوفق والأقرب لأفكارك ومعتقداتك ولعلها مثلك تنتظر من يأخذ بيدها لتبدأ حياتها الجديدة التي طالما حلمت بها كثيراً واستعدت لها بالتزود بالمعرفة في كيفية إسعاد الزوج وبعض الخبرات التي قد تكون اطلعت عليها من الأخريات اللاتي سبقنها إلى الزواج بالإضافة إلى أنها ترى الحياة الزوجية من منظورها الأشمل والأوسع بعدما اشتاقت إلى دخول هذا العالم الجديد فتكون أكثر حرصاُ على السعادة وأكثر تفهماً للزوج بإذن الله.
- اختر يا أخي من تقاربك في المستوى الاجتماعي فإنها لا ترغب ألا تقل عن حياتها في بيت أبيها وتكون أكثر قناعة وقدرة على الكفاح والصبر والمشاركة معك في بناء عشكم الجديد، فلا تغالي في طلباتها وترضى بما تستطيعه إمكانياتك المادية إن شاء الله، ولعلي أهمس في إذن كل فتاة أن الحياة ليست فقط هي الماديات، ولكن هناك عامل كبير جدًّا في نجاح الحياة الزوجية يرجع إلى العاطفة والتقبل للطرف الآخر والاستعداد للتضحية لإسعاده وهو بالمثل أيضا سوف يقدر لك ذلك ويسعى إلى إسعادك بكل السبل، فليس هناك أحلى من حياة هادئة ترفرف عليها السكينة والرحمة والحب بين طرفيها، وكل الظروف تتغيَّر بين لحظة وأخرى فالصبر وبالصبر ينال الطرفان كل ما يسعيان إليه من إمكانيات مادية ووقتها سوف يشعران بقيمتها؛ لأنها جاءت بعد تعب ومعاناة مشتركة.(45/143)
- لا تبحث يا أخي عن الجمال أولا وتجعله عنوانك لمن ترغبها زوجة لك وما يأتي بعدها من مواصفات ترغب فيها فتحدث نفسك أنك تستطيع أن تتنازل عن بعضها أمام سلاح الجمال أو تستطيع أن تتغلب عليها في حياتك المستقبلية، بل اجعل للجمال نصيبا من بحثك ولكن في إطاره المحدود بمعنى ألا تعتقد أن السعادة كلها في أن تحصل على زوجة جميلة بنسبة كبيرة والشروط الأخرى مثل الدين والأخلاق والثقافة سوف تتغلب على نقصها في زوجتك برفعك من مستواها وبذلك الجهد تجعلها كما تحلم أن تكون.. فاحذر.. فإن من أصعب الأشياء محاولة تغيير الآخرين ليوافقوا رغباتنا فرغم عدم استحالة ذلك فإنه يحتاج إلى رغبة أكيدة وجهد كبير من الطرف الآخر.. وبعد ذلك النتيجة غير مضمونة دائماً.
أنا لا أطلب منك ألا تتزوج من الجميلة، ولكن أريدك ألا تنساق وراء الجمال على حساب أشياء أخرى هي أهم وأولى بالبحث عنها وتحريها، ولعل الجميلة تكون أمامها الكثير من الفرص وتهافت الخطاب ولعل ولي أمرها (أباها أو أخاها) يراها سلعه رائجة؛ وبالتالي يعطيها لمن يدفع أكثر ويقدر البضاعة كأنه في مزاد وليس في علاقة زواج وأسرة.
ولا يغيب علينا أن كثيرا من الإخوة الملتزمين يرون أن زواجهم بالجميلة له أسبابه الدينية وهو تحصينهم وإبعادهم عن الخطيئة.. وهذا الكلام مردود عليه؛ لأن من يفكر في هذا الطريق لا تملأ عينه زوجته الجميلة، ولكنه بعد مرور فترة من الزواج قد يراها أقل جمالاً مما قبل بحكم التعود، ويعود يدور في نفس الحلقة.
- ركز جهودك أخي على أن تتحرى عن من تريد الارتباط بها، ولا يمنعك التزامك وتدينك من أن تجالسها في وجود أحد محارمها لتستطلع أفكارها وعقلها واهتماماتها وتعطيها هي فرصة أيضا في أن تتعرف عليك وترتبط بك بقلبها قبل عقلها.
وأشكرك على إصغائك أخي، وأتمنى أن تفيدك كلماتي المتواضعة وأن تصل بك إلى ما ترغب وتريد، ولا تنسني أنت والقراء الأعزاء بالدعاء أن يوفقني الله أنا أيضا للزوج الصالح بإذنه تعالى فهو نعم المولى ونعم النصير.
وفى النهاية أود أن أشير أنني معك في مشروعك للزواج المبكر بالرغم من معارضتي للفكرة واستهجانها في البداية إلا أنني بعد عرض مشروعك مفصلاً أحسست أنه فيه الخير الكثير بإذن الله للشباب وللأمة الإسلامية لو تفهمناه على وجهه الصحيح ولو تكاتفنا لنشره بيننا كفكرة مبدئيًّا وبعد أن تجد حظها من التأييد نبدأ في العمل على اتخاذ السبل لإنجاحها، ولكني أود أن أؤكد أنني اتفق مع د/ أحمد فيما ارتآه من أن مشروعنا ليس بالسهل ولا بالهين على استيعاب الجمهور له، ويحتاج إلى جهد وعمل يفوق ما قد نظنه بكثير؛ وبالتالي فعلينا أن نبدأ أولا في عرض الفكرة ومزاياها وفوائدها بكل الطرق المتاحة لنشرها في أوساط الجمهور، وعندما يتم لنا ذلك -أظنه سوف يستغرق وقت طويل- علينا بالانتقال إلى المرحلة الأخرى وهى اتخاذ التدابير والوسائل التي تؤدي إلى خروج الفكرة إلى حيز التنفيذ على أرض الواقع، وأظن أن جيلنا سوف يكون له الباع الطويل في تنفيذ الفكرة في الدعوة إليها أولا وفي تطبيقها على أولاده وبناته مستقبلاً بإذن الله.
وأنا أختلف معك أخي / مسلم فيما تراه من أن شبابنا قد أصابه الهرم مبكراً في مشاعره وآماله وقدراته على أن يكون حياة زوجية سعيدة، وترى أن الأمل هو في إنقاذ الجيل الصغير بمشروعك للزواج المبكر قبل أن يقضى عليه مثل جيلنا، فيا أخي نحن ما زلنا في سن العطاء ومن حقنا أن نحلم لأنفسنا كما نحلم للآخرين، وأن نتفادى ما وقع فيه آباؤنا من أخطاء قد وجدت تأثيرها علينا وحماية الأجيال التي تأتي من بعدنا من مكابدة ما تكبدناه نحن..(45/144)
وهذا واجبنا ودورنا.. وأنت تحاول من جهتك أن تقوم به خير قيام من خلال طرحك لمشروعك ولكن.. ذلك لا يعني أن نتخلى نحن عن أحلامنا في سننا هذه سن الشباب والعطاء المنوط بها التغيير، فكما أشار د/ أحمد أن الحرية تنتزع ولا تطلب، وأن الآمال الكبيرة لا بد لها من أعمال كبيرة مثلها فهل استعددنا نحن للجهاد.
فيجب أن يمشي مشروعك جنباً إلى جنب مع مشروع آخر يتبنى إعفاف الشباب ممن بلغوا سن الزواج وانتهوا من دراستهم وبدءوا حياتهم العملية من خلال إرشادهم وتوجيههم ومساعدتهم بكل الطرق للوصول إلى الزوجة الصالحة والزوج الصالح، وقد تكون هذه الطرق تشتمل مساعدات مالية، ولكني أرى أن الأهم والأفيد هو تغيير الأفكار وعودة لما بدأت به حديثي وهو التنازل عن بعض المظاهر المادية والشروط الشكلية والبدء بأبسط الأشياء ثم تنمو بتوفيق المولى مستقبلاً، فنحن نريد أن نغير مفاهيم الشباب والشابات حول الحياة الزوجية والزواج بصفة عامة.. وأنتم أقدر مني على الحديث في هذه الأشياء.. فارتفاع نسبة العنوسة والزواج المتأخر بالنسبة لشبابنا في الوطن العربي ليس بالأمر الهين ولا السهل ويستوجب منا البحث عن الأسباب التي أظنها أن ليست كلها مادية، ولكنْ هناك أسباب أخرى عديدة، فنحن نعرف أنه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجد المجتمع القرشي الكافر غضاضة في زواجه صلى الله عليه وسلم ممن تكبره بخمسة عشر عاماً، ولم تر أم المؤمنين السيدة خديجة عيباً في أن تسعى هي لاتخاذ الخطوة الأولى للزواج من أشرف الخلق أجمعين، وفي سنها هذه، فلَمْ يقل عنها إنها كذا وكذا – كما يحدث الآن في مجتمعاتنا لمن يموت عنها زوجها وترغب في الزواج مرة أخرى بالرغم من وجود أطفال وما بالك! وأن هذا الزوج يصغرها في العمر أيضا، وأيضا لم يُنتقد صلى الله عليه وسلم عندما تزوج من السيدة عائشة رضي الله عنها وهي ما زالت بنت العشر سنوات وهو قد تعدى الخمسين عاماً، ولم يستحي سيدنا عمر رضي الله عنه أن يعرض أم المؤمنين حفصة على أصحابه كزوجة..
أعتقد أن تفسير هذا أنهم أكثر منا رقيًّا في النظر إلى الزواج على أنه حاجة بشرية لا ترتبط بسن أو ظروف، فالزواج والطلاق في حالة عدم إصابة التوفيق كان يتم بمنتهى السهولة بدون إثارة الضجة حوله.. فهل نحلم في يوم تتغير فيه مفاهيمنا لتصبح أكثر عدلاً وصراحةً أمام الله وأمام أنفسنا.. أتمنى ذلك.
ولقد أطلت عليكم.. ولكن الموضوع يستحق ذلك، وأود أخيرا أن أطرح فكرة، وأرجو أن تجد منكم ومن القراء القبول، وهي عمل جماعة نشطة نطلق عليها "أصدقاء مشاكل وحلول الشباب" تتولى فيما بينها العمل على نشر كل الأفكار الجديدة والمفيدة لنا كشباب وتأخذ على عاتقها بمساعدة مستشارينا بالطبع نشر هذه الأفكار ومناقشتها.. وقد يكون ذلك عن طريق عقد الاجتماعات بين الأعضاء في مقر الموقع أو في أي مقر آخر ترونه مع بحث التغلب على بعد الأماكن من خلال التفاعل عن طريق الإنترنت وتبادل البريد الإلكتروني بين الأعضاء الذين لا تسمح ظروفهم بالحضور.. ولعل الفكرة تحتاج إلى تنظيم وترتيب أكثر.. وتبادل للآراء بين قراء الصفحة وإعطاء مقترحات لتخرج كما نريد منها أن تكون دعماً مباشراً لنشر كل ما هو صحيح وإلغاء كل ما هو خطأ أو التقليل من حجمه على الأقل، وليكون الأخ الكريم "مسلم" من ضمن هذه الجماعة بالرغم من تأكيداته بأنه يستتر خلف حجاب الإنترنت إلا أني أرى أنه لا داعي لذلك حيث إنه ليس هناك ما يشينه ليستتر منه بل على العكس هو يعتبر من المجاهدين بأصعب أنواع الجهاد وهو جهاد النفس، وبالمناسبة لو كانت لدى الأخ الكريم بعض النصائح أو التجارب التي يود أن يكتب عنها بأسلوبه السهل الممتع ليستفيد بها الشباب حول موضوع جهاد النفس سوف تعم الفائدة بإذن الله.(45/145)
أتمنى التوفيق للجميع.. وشكراً لكم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة:
حملت رسالتك في حقيبتي –التي أصبحت شهيرة فيما أعتقد- وسافرت بها حول العالم ثم عدت، وسافرت وعدت، وكنت أجد لتأخير نشرها المبرر تلو المبرر، ولكن أهم هذه المبررات هو اهتمامي بنزولها بعد انتظام العام الدراسي حتى يطلع عليها الجمهور المعني بها أكثر من غيره، مما لا يكون متاحًا خلال الإجازة الصيفية، فمعذرة للتأخير.
ومن ضمن مبرراتي أيضًا أنني أعجبت برسالتك وأسلوبك، وحسن تعبيرك وتدبيرك حتى تذكرت وافدة النساء التي قامت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أجر النساء في ظل تفرغ أغلبهن لشئون البيت، وانقطاعن بالتالي عن الشأن العام، وقد تسنح الفرصة قريبًا للتعليق على هذه القصة الهامة لما لها من دلالات.
لم أشأ إذن أن يتحول ردي عليك إلى مجرد وصلة مديح، أو عبارات ثناء وشكر على سطورك التي أعدها –لولا بعض الأخطاء الإملائية البسيطة- من أفضل ما وصل صفحتنا شكلاً ومضمونًا.
نعم يا أختي ضللنا طريق الشرع، وضاع فينا العقل فأصبحنا نتخبط في ظلمة الجهل وسوء إدارة الحياة، فلا نحن ربحنا بالمقاييس المادية مثل الغربيين الذين اعتمدوا العقل وحده أساسًا ومرجعًا، ولا نحن استعدنا مجدنا وقيادتنا للعالم بتوازن العقل والروح، المادة والنفس، الدنيا والآخرة.
نحن طبعًا ننتج كلامًا يملأ الأسماع ضجيجًا عن التزامنا بالدين، وحرصنا على الدنيا وعمارتها، ولكن وضعنا العملي يدعو إلى الرثاء فلا دينًا نقيم ولا دنيا!!
والزواج مجرد مثال على أحوالنا فهو جزء من حياة متخبطة تائهة حائرة ومترددة فقدت الاتجاه والمعنى والجدوى –إلا قليلاً- وفقدنا بالتالي القدرة على النهضة من كبوتنا التي طالت. وغالبًا ما يفهم الناس مثل كلامي هذا على أنه محض تشاؤم، ويعلم الله أنه محض تحليل وتفسير، ومحاولة تشخيص لنضع أيدينا على الداء –ومن ثم الدواء- وننطلق فقد طال الركود.
والاختراق الحضاري، والتاريخي/الثقافي الذي حققه الإسلام في بواكيره وما زالت أصداؤه تتردد في حياة الإنسانية فتطرب الصديق المؤمن، وتغيظ العدو الكافر... هذا الاختراق حدث عندما قررت فئة من الناس –توسعت باضطراد- أن تنسف وللأبد أعراف الجاهلية وثوابتها وتقاليدها وما يرتبط بها من توابع وقيود، ومعالم ورموز، لينهض من بين ركام الماضي المشين حاضر يتحدى ومستقبل واعد يقلب موازين القوة على الأرض على هدي من وحي السماء.
والإسلام ما زال متاحًا في الكلمات التي وصلتنا عبر الأزمنة ترسم لنا اتجاه الطريق، وتعطينا الإشارات والمعايير، والحكمة والخبرة، فضلاً عن الإمتاع والمؤانسة.
الإسلام بنصوصه قرآنًا وسنة، وبسيرة نبيه العطرة الملهمة، ومسار عظمته في الزمان والمكان والأجيال.(45/146)
هذا الإسلام متاح لمن يريد، ولكن المسلمين بجهلهم وسوء تدبيرهم يستبدلون به إسلاما مزيفًا متخلفًا وكئيبًا لا يقيم نهضة، ولا يرفع أمة، إنما يشدنا إلى كل نقيصة برباط وثيق، فنظل كما نحن في ذيل الأمم.
نعم يا إخواني وأخواتي.. الإسلام الذي نستهلكه، ولا أقول نطبقه، هو من أكبر أسباب تخلفنا، وهو منظومة متكاملة، ووصفة مدمرة لا تحمل من إسلام الرسالة الأصلية إلا الأشكال والرسوم، وكم هزتني في مطلع شبابي كلمات الشهيد حسن البنا، وهو يتحدث عن مواصفات الأمة أو الجماعة البشرية التي تسعى للنهضة، ويقول في نص أعتمد على ذاكرتي في نقله: "إن تكوين الأمم والشعوب ومناصرة المبادئ يحتاج من الأمة التي تسعى إلى ذلك، أو من الفئة التي تريده على الأقل إلى خصال ذكر منها:
وفاءً ثابتا لا يعدو عليه تلون ولا غدر، وتضحية عزيزة لا يحول دونها بخل أو طمع، ومعرفة بالمبدأ تعصم من أشياء ذكر منها الخديعة بغيره".
وما زالت تهزني تلك اللفتة الرائعة من هذا الرجل الدقيق العميق في فهمه للإسلام، وهو الذي يفرق في موضع آخر بين الجهاد الصحيح، والجهاد "الخاطئ"، وهذا حديث يطول.
والشاهد هنا أنني كلما عرفت الإسلام أكثر كلما بكيت أكثر كما كان يبكي الشيخ/ محمد الغزالي رحمه الله، وأنا الآن أبكي وسبب البكاء هنا هو عمق الدهشة، وحجم المفارقة بين دين الله كما انطلق في غار حراء، وسار ففتح الدنيا وقاد البشرية، وواقع فهم المسلمين وتطبيقهم له سواءً من يعرفون أنهم بعيدون عنه، أو من يظنون أنهم ملتزمون به، وما لدى هؤلاء وأولئك منه إلا كقول "طرفة بن العبد" في مطلع معلقته:
لخولة أطلال ببرقة ثهمد****تلوح كباقي الوشم في ظهر اليد
كلما زادت معرفتي بالمبدأ تصبح الخديعة بغيره أصعب –بإذن الله- ولكن حجم المسافة بين المسلمين والإسلام يزداد في إدراكي يومًا بعد يوم، ولا يقطع هذا بالأمل في التغيير، بل ربما يشفق الإنسان على نفسه وعلى الناس من حجم المهام المطلوب إنجازها، وربما ازدادت الحماسة، واشتدت الحاجة أكثر وأكثر لعون الله ومدده، فلا يطيق فعلها، ولا يستطيعها بشر دون تأييد إلهي أن يفهمها كما فهمها سليمان، وينظر إلى حالنا وجهدنا وأشواقنا وأعمالنا في تغيير أنفسنا، فينجز لنا وعده بتغيير ما بنا.
هل أكرر ما قلته كثيرًا عن الزواج ومشكلته في مجتمعات المسلمين؟! أم يصبح من البديهي أن نفهم أن ما يجري في هذا الميدان وغيره هو مجرد انعكاس للأزمة الأصلية: التخبط والفوضى والتخلف عن صحيح الإسلام الذي صار نادرًا في الفهم، وأكثر ندرة في التطبيق؟! إنه الجهل بالمبدأ أدى إلى الخديعة بغيره!!
ويا إخواني وأخواتي... نحن أمة لم تكن تعقل –قبل الإسلام- إلا قليلاً، ثم ارتبط العقل والفقه والتنوير والرشد في تاريخها بالدين، فصارا متلازمين: إذا فقدت دينها فقدت عقلها، وإذا اختل عقلها فقدت قدرتها على تناول دينها كما ينبغي، فصار وبالاً عليها بدلاً من أن يكون كمالاً لها، وحبسها عن كل فضيلة بدلاً من أن يرفعها، ويهدي بها.
والآن إذا غاب العقل والدين فماذا يبقى لنا لنتزوج أو نقيم الأسرة التي تتحدثين عنها؟! أو نختار على الأسس الحكيمة التي تذكرينها؟!
أو ننظر بوعي وعمق إلى أغراض الحياة، ومعاني السعادة، أو حتى فلسفة الحب، أو مهارات إدارة العلاقة بشريك؟!(45/147)
من أين يمكن أن تتغير نظرتنا للزواج وغيره، ونحن نعتقد أننا ملتزمون بالدين، وعباقرة في شئون الدنيا، وكل واحد يعجبه عقله، وسعيد بالقشور التي يستهلكها من دين الله، وراضٍ بحاله العقلية والسلوكية؟!!
وأقول لك يا فاضلة إن الإنسان حين يفقد الوعي الذي حاولت أنا شرحه هنا، فإنه ينكص إلى المعايير البدائية في الحكم على الأشياء فتصبح الماديات من مال أو جمال أو جاء هي الأهم، وفي خلطنا وسطحية فهمنا نكرر حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم:
" تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" ، نكرره بوصفه توجيهًا دينيًّا وروحيًّا يطلب منا أن نؤثر الدين ونفضله على غيره من المعايير طمعًا في ثواب الآخرة، ويغيب عنا البعد الآخر، وهو أن الحبيب الذي علم الله به البشرية يعطينا توجيهًا اجتماعيًّا ونفسانيًّا رائعًا ونافذًا، فلا المال في حد ذاته فضيلة، ولا الجمال يبقى على حاله أو يعصم من الزلل، بل ربما كان سبيلاً إليه أحيانًا، ولا الحسب والنسب هو المعيار الأكيد للنجاح... صحيح أن كل هذه الأشياء لها وزنها، ولكن الدين يبقى الأهم؛ لأنه هو المدير الحاكم الذي يستثمر كل النعم، ويحسن توظيفها، ويسدد النقص –والكمال لله وحده- ويعين على تماسك العلاقة واستمرارها، وتقوية مقاومتها لعوامل "التغرية" التي تؤثر عليها عبر الزمان.
ولا أريد أن أستطرد أكثر؛ لأنني أطلت، ولا أستطيع أن أرفض عرضك الكريم بأن تكوني أول حجر في نواة تتحرك لنشر المبادئ والأفكار والمقترحات المعروضة على صفحتنا، ولعل عرضك هذا يلاقي حماسًا وجدية من القراء والمهتمين لنبدأ حركة أمامها مهام جسيمة، وتحتاج إلى الوعي والعزيمة لنقترب أكثر وأكثر من الرشد والنهضة والإقلاع الحضاري، ونتخلص من إسلام القشور إلى جوهر الإسلام، ولعلك تتصلين بنا لنتقابل، ونبدأ في بحث خطوتنا القادمة.
ـــــــــــــــــــ
غريمتي زوجة أخي ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
السؤال بعد الترجمة:
أعيش مع والدي وأمي وأخواتي وأخي الوحيد وزوجته وابنه. والمشكلة في زوجة أخي.. لقد جاءت إلى أمريكا منذ عامين، وفي هذه الفترة كان إيماننا قد ازداد وارتبطنا أكثر بالإسلام.
على أي حال، لقد تفهمنا أنها ليست متدينة، لكننا بدأنا في اكتشاف أشياء كثيرة منها:
هي أكبر كاذبة قابلتها في حياتي، ولا يمكن أن تأخذ أي شيء صريحا وواضحا من فمها.
ليس عندها أي نوع من أنواع الحياء حتى لقد اعتادت أن تحكي لنا ما يجري بينها وبين أخي في الليل، وهي تحدث فتيات (أصغر من سن العاشرة) عن الجنس، وقالت لنا إن بعض الرجال كانوا يضايقونها في اليمن، لكن جارتنا لم تقر ذلك. ومن مصادر أخرى علمنا أنها امرأة غير مستقيمة أخلاقيًا حين تذهب إلى ولائم ومحلات.. بإذن أخي.
نحن دائمًا في المدرسة، وأمي امرأة صادقة، وهي تخبرنا أنها تشعر بأنها صارت الخادمة الخاصة لزوجة أخي، وقد اكتشفنا كذلك أنها تسرق العديد من الأشياء وبعض الأصدقاء أخبرونا أنها تسرق من المحلات (تمشي بلا دفع الثمن). حاولنا أن نخبر أخي ولكنه يتكلم معها ثم يصدقها ويلقي علينا اللوم.(45/148)
وأخيرًا: في يوم اتصلت بنا الشرطة وأخبرتنا أنها عندهم لأنها سرقت أشياء من محل، طلب أبي من أخي أن يطلقها أو ألا يسكن معنا، وتكلم معها شيخ مسجدنا وزوجته، ثم نصحانا بأنها ليست من نحتفظ بها كزوجة، ورغم كل ما حدث أشعر بأن أخي أعمى ولم يفعل شيئا.
والآن، ما زلنا نعيش في نفس المنزل؛ لأن أبي توقف عن العمل ونحن في حاجة إلى معونة أخي في دخل البيت، على أي حال إنها حياة تعيسة ومربكة مع مثل هذه المرأة في بيت واحد.. كل يوم عندنا مشكلة جديدة معها وليس عندنا حسن اتصال مع أخي، حتى ابنها ذو الخمس سنوات بدأ يتصرف مثلها (كاذب كبير). ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت العزيزة:
دعينا من البداية نحدد سبب وطبيعة المشكلة التي نتحدث عنها:
الأمر في حقيقته هو ما ذكرته في ثنايا كلامك، أقصد حاجتكم لمعونة أخيك في الإنفاق على متطلبات الحياة، وهي الجزئية التي تستطيعين المساهمة في حلها إذا اجتهدت في دراستك بما يوفر لك عملاً محترمًا تستطيعين معه معاونة الأسرة على مواجهة أعباء الحياة.
وأرى أنك بحاجة إلى الانتباه إلى شئونك بتركيز أكبر، بدءًا من تحسين لغتك الإنجليزية التي تعتبر شيئًا أساسيًّا في مثل ظروفك، وأقول هذا لأن رسالتك تضمنت أخطاءً فادحة في هجاء بعض الكلمات!!
أما مسألة زوجة أخيك، فالأمر برمته ليس مسئولاً منك.. ليست مسئوليتك أنها تكذب أو.. أو.. وليست مسئوليتك أن تصلحي من حالها، ولا تستطيعين غير تقديم النصيحة المخلصة، ولن تجدي مثل هذه النصيحة إلا إذا حاولت الاقتراب من زوجة أخيك، وكسب ثقتها، ويكون هذا بأساليب كثيرة، والحكمة والإنصات للآخرين وحسن التعامل معهم كل ذلك لا يعني أننا نوافق على كل ما يصدر عنهم.
ملاحظة أخرى، وهي البيئة التي جاءت منها زوجة أخيك، ففي بدو بعض القبائل وفي المجتمعات البعيدة عن التمدن يشيع الحديث عن أمور مثل الجنس وشئونه بانفتاح صادم لغيرها من البيئات والمجتمعات.
كما لا يكون موقفهم من الكذب بنفس الصلابة المتعارف عليها في مجتمعات المدن والطبقات المتوسطة، والكذب في تلك المجتمعات البسيطة يتم التعامل معه بوصفه "مداراة" و"حسن تصرف" أو "كذب أبيض" لا يضر أحدًا، ولعل السرقات الساذجة التي تصدر عنها تتفق مع نفس الخط؛ حيث غاب عنها ما يعرفه كل أحد من أن مثل هذه المَحالّ مزود بكاميرات لكشف السرقات!!
وعلى كل حال فإن هذه المسائل ينبغي أن يُعنى بها أخوك، وليس لك من الأمر شيء غير محاولة التقرب إليها بُغْيةَ النصح لها بما ترين أنه الصواب، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أوصيك بالاجتهاد في الدراسة والعمل، ففيهما العتق الحقيقي مما تعتبرينه "الجحيم".
ـــــــــــــــــــ
والدي يزني : أسباب غائبة ، وتوجيهات نافعة ... العنوان
تساؤلات أخرى, علاقات أسرية ... الموضوع(45/149)
بسم الله الرحمن الرحيم، مشكلتي أني أعلم أن والدي والعياذ بالله يمارس جرمًا عظيمًا ألا وهو فاحشة الزنا، وهذا الجرم ولَّد لديَّ كراهية النساء، ماذا أفعل حيال والدي؟ أرشدوني بارك الله فيكم. ... المشكلة
د. سعد الدين عثماني ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ السائل :
كنت أتمنى لو عرّفت أكثر عن والدك، عن أدائه لعباداته، وقراءته للقرآن، وتنزهه عن الذنوب الأخرى، وعن حالته الإيمانية عمومًا. فهذه معلومات تؤثر في كيفية التعامل مع والدك ومعالجة حالته.
إن ارتكاب الذنوب الكبائر، والإكثار من الذنوب الصغائر منبئ عن حالة إيمانية غير جيدة، وقد اتفق العلماء على أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، فكل معصية تنقص من إيمان الفرد على قدر كبرها في ميزان الشرع، وعلى قدر قوة إيمان المسلم تكون له مناعة في الوقوع في المعصية وقوة نشاط على الطاعات، لهذا فإن أهم وسيلة تنقذ بها والدك هي تعهده في دينه وإيمانه، فإن كان يصلي فرغّبه في الصلاة في المسجد مع الجماعة وفي صلاة بعض الرواتب والنوافل، ورغبه في قراءة القرآن أو اقرأ معه، ورغبه في الذكر والدعاء، وإن كان يعرف القراءة والكتابة، فزوده بكتب العلم والتربية التي تعرفه بحق الله عليه، وبمعاني الدين، وتحفز على الطاعات وتنفر من المعاصي، وحثه على سماع أشرطة العلم وقراءة القرآن ، وكل هذا في رفق واحترام الإبن لأبيه ، ودون استعلاء أو وعظ ينفُره .
ومن أفضل الطاعات في هذا المجال الصوم، وهو الذي نصح به الرسول صلى الله عليه وسلم لمن لم يستطع الصبر على الشهوة الجنسية عندما حث الشباب على الزواج، فقال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".
فإن استطعت أن ترغب أباك في نوافل الصوم فسيكون ذلك معينا له على مقاومة ما هو عليه من الزنا، وإن استطعت أن تصوم معه الإثنين والخميس، أو الأيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر عربي، وقراءة الأحاديث النبوية في فضل صيامها فسيكون ذلك مساعدًا ومشجعًا له على هذه الطاعة المهمة.
إن هذا البرنامج يحتاج إلى عزيمة وصبر وطول نفس، فلا يمكن أن تصل فيه إلى المبتغى والمراد بسرعة، بل يحتاج ذلك إلى وقت، فتدرج فيه خطوة خطوة، وأنت في كل ذلك تشارك أباك فيه وتسوقه إلى ما ترغب فيه، وبقدر ما يندرج في مقامات العبادة والإيمان فإنه سيبتعد تلقائيًا عن المعاصي أو على الأقل ستقوى قدرته على مجاهدة نفسه وعلى الابتعاد عن المعاصي.
وهذا الذي ذكرته يجب أن يشكل العمود الفقري لبرنامجك لإنقاذ والدك من تلك الفاحشة، وتصاحبه على حسب قدرتك بعض الوسائل الأخرى المساعدة:
1- أن يندمج أبوك تدريجيًا في رفقة جديدة صالحة، تعينه على الطاعات وتبعده عن جو المعصية.
2- إن كان من الممكن أن تصارح أباك وتتحدث معه عن المشكل فتتحين الفرصة المناسبة لنصحه، لكن بعد أن يقطع بدايات البرنامج العبادي والإيماني، واحذر أن تقطع مصارحتك له ذلك البرنامج إن بدأ، والأفضل أن تضع(45/150)
بين يديه كتابا أو كتبًا تتحدث – مباشرة أو بطريقة غير مباشرة – عن المعاصي عموما وعن الزنا على وجه الخصوص.
3- إن كنت لا تقدر على مصارحة أبيك أو خشيت أن تسوء علاقتك معه بسبب ذلك أو تصبح عاجزًا عن التواصل معه لتطبيق البرنامج العبادي الإيماني المذكور أعلاه، فابحث عن شخص يحترمه ويجله ويسمع له، وأخبره بالمشكلة، واطلب منه أن يحثه على البعد عن تلك الفاحشة، دون أن يعلم أبوك من أين أتاه الخبر.
وتبقي نقطة تتعلق بمعلومات ناقصة في رسالتك ، وهي المتعلقة بجهد والدتك – أكرمها الله حية كانت أو غير ذلك – في إشباع حاجات الوالد ، ويمكنك توجيه نظرها إلي ذلك بشكل غير مباشر ، أو عن طريق أختك الشقيقة أو ماشابه ، وإن كان بالوالدة أذي يعيقها عن القيام بدورها هذا فلا بأس من أن تسعوا في زواج أبيكم زواجاً شرعياً من امرأة مناسبة ، لأن هذا أفضل من الحرام علي كل حال .
أما فيما يتعلق بكراهيتك للنساء ، فإن هذا أمر عارض سيزول مع الوقت والنضج وتفهمك أكثر للحياة ، ونرجو أن تكون بالفعل واثقاً مما تظنه بأبيك وألا تكون مجرد هواجس..
أسأل الله لك ولأبيك الهداية قريبًا إن شاء الله...
ـــــــــــــــــــ
للمصريين فقط.. ابنتي أحبت زميل النادي ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
ابنتي تحب شابًا في النادي، وأنا علمت بذلك مصادفة، وعند مواجهتها قالت: إني أحبه، وسوف يتزوجني بعد إتمام دراسته، مع العلم بأنها تؤدي جميع الفرائض مثل الصلاة والصوم، وأنا أكتم الأمر عن أبيها المسافر، ولا أستطيع منعها والسيطرة عليها، وأنا في أشد الحيرة ولا أستطيع عمل شيء؛ فأخبروني ماذا أفعل؟. ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة، لم تذكري كم يبلغ عمر ابنتك؟! وكم يبلغ عمر الشاب؟! ولأن هذا له تأثيره على توجيه الإجابة فإننا سنكتفي مبدئيا بتوجيهات عامة حتى توافينا برد وتفاصيل أكثر.
أولاً: ميل ابنتك إلى الجنس الآخر وإلى شاب بعينه هو أمر فطري وطبيعي وليس حرامًا ولا عيبًا في أصله، ولكنه يصبح كذلك إذا كان بلا هدف أو حين يقترن بأفعال محرمة، مثل: الخلوة، أو الحديث في أمور خاصة لا تكون إلا بين الأزواج، أو الأحضان والقبلات، وغير ذلك مما يجري بين الشباب والفتيات باسم الحب.
ومن المدهش أن كلمة الحب أصبحت تستخدم للدلالة على أشياء لا علاقة لها به من قريب أو بعيد؛ لذلك ينبغي أن نتفق وتتفقي مع ابنتك بوضوح حول معنى الحب، هل هو الميل العاطفي أم يشمل أيضا التواصل الجسدي بدرجاته، بدءًا من اللمس وحتى المعاشرة الكاملة؟!.
سامحيني لوضوح وحِدَّة ألفاظي، ولكن هنا ينبغي الصراحة التامة والوضوح الكامل، وهكذا ينبغي أن يكون الحوار بينكما في منتهى الوضوح.(45/151)
ثانيا: الحب بمعنى الميل العاطفي على وعد بالارتباط ينبغي أن يجري في العلن، وليس في السر، فمثلا الجميع يجلسون في النادي وسط المجموعة بلا انفراد، أو جلسات في الركن البعيد الهادي كما تقول "أنغام" في أغنيتها الشهيرة، أهلا بالمقابلات تحت سمعك وبصرك وفي حدود الحوار العام دون تخطي هذا إلى ما لا يُحمد عقباه، ولا يسمح به شرع ولا عقل إلا بعد الارتباط الرسمي، ومسموح له أن يكلمها كلمة "ورد غطاها" في الهاتف عند الضرورة، ولا تتصل به هي في منزله لأي سبب يكون، وحبذا لو تعارفت الأسرتان؛ ليكون هناك نوع من الجدية والالتزام الضمني، ويتم إسباغ نوع من الوضوح على العلاقة بغض النظر عن مقادير الله سبحانه عندما يحين وقت الارتباط.
ثالثا: ينبغي السؤال جيدًا عن الشاب وأخلاقه وتصرفاته في وسط جيرانه، وأصدقائه، ومكان دراسته، وعليكم إذا كانت ابنتك جادة في الارتباط به أن تنظر بعين العدل إلى عيوبه التي سيكون مطلوبًا منها أن تتحملها، كما تنظر إلى مميزاته التي تحبها فيه، أما اختلال النظرة باسم الحب وغياب التقييم الموضوعي للشخص فيكون مقدمة تقليدية لفشل ذريع قبل أو بعد الارتباط.
رابعا: إذا تأكد لكم أن هذا الشاب مناسب لظروفكم، ويليق بابنتكم، ويروق لها فلا بأس أبدًا من السير خطوة إلى الأمام بخطبة مثلا، وارتداء دبل الخطوبة، مع بقاء الوضع على ما هو عليه بالنسبة للمسموح والممنوع في العلاقة اللهم إلا فيما يخص الحديث في الهاتف، فيمكن بعد الخطوبة أن تتصل هي به أحيانا، ولكن لا توجد جلسات منفردة في النادي أو غيره وحركتهما تظل بين الجميع، واللقاءات كلها في العلن، وخطوة الارتباط هذه ستكشف لكم مدى جدية الشاب في رغبته بابنتكم.
خامسا: ينبغي أن تدرك ابنتك أن هذه الضوابط جميعها إنما هي للحفاظ عليها والسير قدما في إبرام الارتباط؛ فالبنت قليلة الخبرة، وقد تعتبر هذه الاحتياطات نوعا من القيود الزائدة، وقد تظن بحسن نية أن تخطي هذه المحددات يجعلها أقرب إلى قلب الحبيب بينما على العكس سترخص في عينه، والرجل الشرقي لا يتزوج إنسانة انساقت وراء عواطفها بالمخالفة للتقاليد والأعراف والدين.
ولتتمسك هي بكل هذا بصرامة، وتحت سمعك وبصرك إذا كانت فعلا تريد الارتباط بهذا الإنسان، لأنه لن يرتبط بها إلا إذا وجد أنها محترمة وأمينة على اسمه وسمعته، ولو حدث أي تنازل أو تهاون في كلمة أو لمسة أو غير ذلك فأول من سينقلب عليها سيكون هو من تنازلت معه أو من أجله، وسيقول: إذا فعلتْ هذا معي فستفعله مع غيري، وحبذا لو تتعرف ابنتك على صفحتنا وتطالع فيها إجابات سابقة لا شك أنها ستتعلم فيها الكثير من تجارب الآخرين، وتابعينا بأخبارك.
وقبل أن أتركك لعلك تتساءلين عن إخبارك لوالدها عن الأمر، وهذه الجزئية متروكة لتقديرك بحسب قدرته على تفهم الوضع على النحو الذي شرحته لك، ومن ناحية أخرى بحسب قدرتك أنت على إدارة المسألة بانضباط في غيابه، وسأنتظر ردك.
ـــــــــــــــــــ
الأخ الأصغر: ناصح أم أب بديل ... العنوان
علاقات أسرية, مع الأهل, علاقات الدراسة ... الموضوع(45/152)
السلام عليكم، تُوفّي والدي منذ عامين، ولي أخوان أكبر مني ومتزوجان، وأعيش أنا وأختي وأمي وأخ لي. التزمت والحمد لله منذ عام ونصف، أختي في كلية فنون جميلة قسم عمارة، وهذه الكلية مثل كلية هندسة، ويوجد عندهم تجمعات لعمل ما يُسمى بالمشاريع، مما يتطلب منها السهر في الخارج كثيرًا، وفي بعض الأحيان يكون التجمع في المنزل عندنا، فأجد أن أمي وأختي لا تلتزمان بالآداب الإسلامية في معاملة الشباب والشابات المجتمعين عندنا. مثلاً: 1 - الضحك بصوت مرتفع حتى ولو في منتصف الليل. 2 - في بعض الأحيان تدخل والدتي لتنام وتتركهم بمفردهم اثنين كانوا أو أكثر. 3 - تسمح والدتي لها بالخروج مع الأولاد والبنات للتنزه بحجة الترفيه. 4 - تسمح والدتي لها بالكلام مع الشباب في الهاتف في غير أمور الدراسة لأوقات كثيرة، وغير هذا كثيرًا مما هو منافٍ لتعاليم الإسلام، وإذا سجلت اعتراضي على شيء قوبلت باتهامي بالتخلف والرجعية، إن الزمن تغير.
السؤال: هل إذا غضبت أمي لاعتراضي ولم تكلمني يكون هذا من عقوق الوالدين ويغضب مني الله، ممن يَعْتبر نفسه الولي على أختي وأمي؟ كيف أتعامل معهما مع العلم أنهما لا يكلماني؟
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... كثير من مشاكلنا الأسرية تنشأ بسبب أن أحد أفراد الأسرة لا يعرف دوره داخل الأسرة وحدوده، ويترك دوره، ويعيش داخل الأسرة جسدًا بلا روح، ويكون كالحاضر الغائب، أو أن ينتحل دورًا غير دوره، وفي كلتا الحالتين تنشأ المشاكل.
أخي، أسعد في اهتمامك بأسرتك وأختك خاصة، كما أسعد في حرصك على بر والدتك، أعانك الله على برِّها، وأقرّ عينها بك.
أخي، كما ذكرت لك سابقًا أنت بدون وعي منك تنتحل شخصية والدك، وتسعى لأخذ دفة الأسرة بدلاً منه في غيابه - رحمه الله -، وبهذا التصرف أنت تعدّيت رب الأسرة الحالي وهي والدتك؛ لذا مهما كان كلامك صحيحًا فلن يؤخذ به، طالما جاء من منطق أنك رجل البيت، الأمر الذي لن يكون أبدًا، فأنت دورك ابن وأخ، فالابن يبرّ ويطيع ويسأل ويستفهم وينصح، فلا يستجوب ولا يعاقب أو يدين، فعند حديثك لوالدتك حول وضع أختك، كان يمكن أن تقول مثلاً: "هل يمكن أن يكون في تصرف أختي إساءة لسُمْعَتها، وما يغضب الله؟" بدلاً من: "إن تصرف أختي هذا يسيء لسمعتها، ولا يجب فعله، ورضاك عنها خطأ، وسماحك لها بالخروج مع زملاء الدراسة خطأ، وأنا معترض على هذا... إلخ"، صدقني أخي إذا اتبعت الأسلوب الأول بصفة عامة فستجد رد فعل مختلفًا.
أما دورك كأخ فهو ليس انتقاد أختك وعقابها إن أخطأت، ولكن عليك أن تحتوي أختك، وتكون أمينًا على أمورها وأحسِن الاستماع لها، وتفهّم كيف تفكر، ثم تحاول إرشادها بالحسنى، فإن أعرضت فلا حيلة لك إلا الدعاء، وأن تصبر عليها، وتستمر في المحاولات بالحسنى، وصدقني إذا وَجَدت كل أخت في أخيها المعنى الحقيقي للأخوة فلن تقع في الخطأ؛ لأنه معها دائمًا ينصحها.(45/153)
ويمكنك التشاور مع إخوانك الذكور ممن هم أكبر منك في تسوية ما تراه خطأ، وكل هذا في إطار حدودك ودورك ومكانك في الأسرة.
وفي النهاية نرجو منك مراجعة مشكلة
ـــــــــــــــــــ
البعد عن الأم في عيدها ... العنوان
شبابي -أسري ... الموضوع
السلام عليكم، إخواني لقد توجهت إلى هذا الموقع بعد أن ضقت ذرعًا بإيجاد حل لمشكلتي، وأتمنى من الله عز وجل أن تستطيعوا إيجاد ضالتي.
أنا امرأة مضى من عمري 24 عاما، شاءت الظروف أن أعاني في طفولتي من حرماني من أعز إنسانة على قلبي وهى أمي، ولقد كان عمري آنذاك حوالي سنتين، وبعد أن كبرت حاولت جاهدة الوصول إلى مكانها، وباءت كل محاولاتي بالفشل، وكان سبب الفشل عدم توفر حق التذكرة، حيث أعاني من حالة مادية صعبة أنا وزوجي.
ولذلك توجهت إليكم أملاً في إيجاد حل لمشكلتي، علما أنني لم أرها منذ حوالي 20 سنة؛ فالرجاء مساعدتي فأنا لا أريد سوى حق التذكرة فقط لا أكثر ولا أقل، ولكم جزيل الشكر.
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... المرسلة الفاضلة، ننشر رسالتك، بغض النظر عن صحة ما ذكرته، ودون أدنى مسئولية منا، داعين الله أن يجمع بينك وبين والدتك، وأن تقرَّ عينها برؤيتك.
ـــــــــــــــــــ
جيل الإنترنت يتحدث ... العنوان
مع الأهل ... الموضوع
أنا أحب اللعب، ولكن أبي وأمي لا يسمحان لي بالعب، ويقولان لي دائما: اقرأ، وصرت أشعر وكأن القراءة عقاب لي. ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نظنك أصغر من بعث رسالة في صفحتنا؛ ولذا فقد سعدنا جدا بها لأننا أدركنا أننا نجحنا في أن نصل إلى جيل الإنترنت، وأن نكتسب ثقته فيتحدث إلينا، وكانت مشكلتك معبرة عن طبيعة جيلك، والذي تفتحت عيناه في عصر الإلكترونيات، فبات كل شيء سهلا، وباتت بعض الأمور التي اعتادها جيل الآباء تبدو ثقيلة، أو كما تقول في رسالتك تبدو كعقاب.(45/154)
إن قدرتك على أن تتدخل على الإنترنت ثم أن تكتب رسالتك تدل على أنك صبي متعلم.. ولو كنت غير ذلك ما استطعت أن تتعامل مع الكمبيوتر، فضلا على أن تتعامل مع الإنترنت ومواقعه. ما الذي وصلك لذلك؟ إنه العلم. وما هي وسيلة العلم؟ إنها القراءة.
لسنا ضد أن تحب اللعب؛ فهذا سن اللعب إن صح أن اللعب سنا، ولكن هل تستقيم حياتنا إذا تحولت كلها إلى لعب، ومن يخترع الكمبيوتر؟ ولا نقول من يتعلمه. ومن يضع البرامج التي تسهل لنا الدخول على الإنترنت أو استخدام الكمبيوتر في المجالات المختلفة؟.
أيها الصبي الصغير، لسنا ضد اللعب، ولكن ضد أن يتحول إلى كل حياتنا.. أن اللعب هو استراحة بين سعينا لأن نتعلم ونعلي من شان عقولنا، ونعطيها الغذاء الكامل الذي يمكنها أن تبدع وتبتكر..
أيها الصبي العربي، إن الصبي الياباني يلعب ولكنه يخترع ويبتكر؛ لأنه يقرأ ويقرأ؛ ولذا فأنت عندما تريد لعبة تريدها يابانية، وعندما تريد جهازا إلكترونيا تريده يابانيا.
إن هؤلاء اليابانيون المتميزون كانوا أطفالا في يوم من الأيام ولكنهم لم يكتفوا باللعب، وجعلوا بجانبه القراءة.. وزع وقتك أنت بين اللعب والقراءة، وعندها لن يتدخل أبويك في حياتك، ولن تصبح القراءة عقابا، ولكن سيكون تخلفنا عن ركب الدول المتقدمة هو العقاب؛ لأننا فضلنا أن نلعب باستمرار دون انقطاع.
ـــــــــــــــــــ
الكتمان ليس برحمة لمن فقدت الرحم ... العنوان
معوقات الاختيار, علاقات أسرية ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مشكلتي تكمن باختصار في أختي؛ فقد أصابها قبل 5 سنوات سرطان الرحم، وقد تم استئصال الرحم نتيجة لذلك، وهي تبلغ الآن 23 عاما، وهي إلى الآن لا تعلم بذلك؛ فقد أخبرناها أنها كانت عملية الزائدة.
والسبب في عدم إخبارها الحقيقة أن المرض أصابها في المرحلة الجامعية، ولم يرغب أهلي في إفساد تلك المرحلة عليها، ولكن الآن بدأ أهلي في إظهار الحقيقة بتخفيف احتمالية الإنجاب بالنسبة لها، ولكنها لا تستجيب لذلك، وتبقى في حالة تفاؤل في الإنجاب، فيبدو أنها لا تستطيع تصديق هذه الفكرة.
وسؤالي يكمن في أمرين:
أولا: كيفية إخبارها بهذه الحقيقة، وكيفية امتصاص الصدمة.
ثانيا: الأمر هنا يتعلق بالزواج؛ فقد رفض أهلي إلى الآن 15 خاطبًا؛ خوفًا من أن يغشوا الزوج، خاصة أنه لا يعرف هذه الحقيقة إلا أبي وأمي وأخي فقط؛ فهذا الموضوع يتعلق بكرامتها.
أرجو أن يتضمن ردّكم الكريم رؤية دينية وعلمية للموضوع لأهميته بالنسبة لي، ولكم جزيل الشكر.
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...(45/155)
... نتحرق شوقًا إلى اليوم الذي تصبح فيه الصراحة لا المراوغة والتستر هي الأصل الغالب على حياتنا الاجتماعية والسياسية ..
يا أخي، تأخرتم كثيرًا في إخبار أختك بحقيقة مرضها وما أصابها فعليًّا؛ فكان يجب بعد شفائها أن تمهد لها تدريجيًّا في فترة قصيرة، ولكن قدر الله وما شاء فعل.
أما كيفية إخبارها بالحقيقة فيكون كما يلي:
- الحديث معها عن البلاء عمومًا، وأنه لا يوجد إنسان إلا ابتلاه الله بشيء، ولكنّ لكل إنسان ابتلاءه الخاص، والأمثلة حولنا كثيرة، وإن الله قد يبتلي بالحرمان من نعمة معينة، كما يبتلي بمنحها؛ فلا العطاء خير مطلق في ذاته، ولا المنع بلوى مطلقة في ذاته.
- نذكر لها الحقيقة كاملة، وكيف أن الله أنعم عليها بالشفاء، وهذا من لطف الله بها وبكم؛ فكم أصاب الكثيرين هذا المرض ولم يكتب لهم النجاة، أو عاشوا تحت علاج منهك بالإشعاع أو العقاقير التي تنال من الشكل والجسد.
- "لا يغلب عسر يسرين"، يجب أن نعلم أن مع كل عسر يسرين؛ فيجب أن تكون على يقين بيسر الله وفرجه، ولكن لا ندري كيف يأتي؟ ربما بتحقيق مكاسب علمية أو أدبية لها، وربما زوج صالح، وربما سكينة وطمأنينة يمن بها الله على قلبها ويرزقها الرضا بقضائه، والرضا يكون لمن رضي، والسخط لمن سخط.
- يجب أن نعلم أن المرأة ليست رحما فقط؛ فيجب أن نفهم أنها تستطيع الزواج، وأن تعيش طبيعية، لكن احتمالات إنجابها شبه معدومة، وإن كان هناك حالات نادرة حدث فيها حمل وإنجاب طفل سليم بالرغم من استئصال الرحم!! وعلى كل حال؛ فإن الإنجاب ليس خيرا كله كما نعلم.
- أن نتعلم أن للبلاء فوائد أربعة: فنون احتساب الأجر، ومعايشة الصبر، وحسن الذكر، وتوقع اللطف.
- أختك- غالبا- ستأخذ فترة حتى تتعايش مع هذا الموضوع، وربما احتاجت لزيارة طبيب نفسي ليساعدها على التكيف مع وضعها الجديد لما قد يظهر عليها من أعراض اكتئاب.
أما سؤالك حول زواجها، فأرى أن رفض كل من يتقدم لها حفاظا على كرامتها ظلم لها، كما أن عدم ذكر الحقيقة لمن يتقدم ظلم له، خصوصًا أن ما أصابها من مرض قد يصيب أي إنسان، فلِمَ كل هذا الحرج؟!
ولا ندري ما الذي يخدش كرامة أختك؛ كونها تعرضت لما قد تعرضت له؟! وأرى أنه إذا تقدم لها رجل ترضونه، نُعلمه حقيقة أمرها ونخيره؛ فقد تجد ممن يتقدمون لها من يرضى بها ويسعد، وهناك من لا يريدون الإنجاب، وهناك الأرمل ذو الأولاد ... إلخ.
وتذكر إذا كانت أختك لا تنجب؛ فهناك الكثير من الرجال لا ينجبون، وهناك الكثيرون لديهم أطفال، ويبحثون عن زوجة أم؛ لوفاة زوجاتهم، أو لرغبتهم في الزواج بثانية لأسباب وجيهة ومقبولة، وكل طرف يختار ما يناسبه دون أن يكون في ذلك حرج.
وأخيرًا، أخي.. أعتقد أنكم في حاجة للتكيف مع وضع أختكم، كما هي بحاجة لهذا التكيف، وأن تقبلوه برضا، وحمدٍ لله على لطفه؛ فهو أمر يحدث كل يوم لعشرات الآلاف حول العالم، فرّج الله كربها، وشرح صدرها، ورزقها الصبر والزوج الصالح.
أجابت السؤال الأخصائية سمر عبده من فريق الحلول
ـــــــــــــــــــ(45/156)
لا أحب أمي.. ملف بر الوالدين ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا فتاة في الثالثة والعشرين من عمري، حاصلة على بكالوريوس إحدى كليات القمة، ولن أطيل عليكم؛ فمشكلتي التي تعذبني منذ أن كنت صغيرة حتى الآن هي أنني لا أحب أمي، بالرغم من أنني أعاملها معاملة حسنة ولا أعصي لها أمرًا، فإنني لا أحس تجاهها بأي عاطفة بل أحيانًا أحس نحوها بالكراهية.
وأرجو المعذرة، فإنني سأشرح المشكلة بالتفصيل لتساعدوني علي إيجاد حل لها، فأمي تركتني أنا وأخي منذ أن كنا صغارًا لجدتي لكي ترعانا، وكانت ترانا هي وأبي كل أسبوع، ولم تكن تهتم بنا على الإطلاق، كل ما يهمها هو أبي فهي تحبه بشدة ولا أعتقد أنها تحب غيره؛ حتى عندما انفصل عنها لما يزيد عن تسع سنوات، وكانت تعيش معنا عند جدتي إلا أنها لم تكن تعيرنا أي اهتمام، كل ما كانت تفكر فيه هو أبي.
وأود أن أشير أن درجة حبها لأبي وصلت إلى أنها كانت تعاشره معاشرة الأزواج في أثناء فترة الانفصال، ولقد رأيت أشياء أخجل من ذكرها، وكلما تذكرت ذلك شعرت بكراهيتها وكراهيته هو الآخر، إلا أنني مع ذلك لا أسيء معاملتهما، وفي الوقت نفسه لا أحبهما بل أحب جدتي وأخوالي الذين مكثت معهم حوالي عشرين عامًا حبًا شديدًا، كما أحب أيضا أمهات صديقاتي اللاتي أجد فيهن الأمهات الحقيقيات اللاتي لا يفضلن أي شيء على أبنائهن.
ولقد حاولت كثيرًا التقرب من أمي إلا أن محاولاتي باءت بالفشل؛ فأحيانًا تتهمني بأنني أحاول التفريق بينها وبين أبي، مع العلم أيضًا أنني كنت السبب في أن أبي أعادها مرة أخرى إليه، وهما يعيشان سويا الآن وما زلت أعيش مع جدتي وأراهما فقط كل أسبوع، كل ما أخشاه الآن أن يحاسبني الله على عدم حبي لهما. جزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... هناك قصة في الأثر تُحكى عن سيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - وفي بعض الأحيان تُروى مرفوعة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي أنه جاء رجل إليه يشكو عقوق ابنه فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - في طلب هذا الابن يسأله عن سبب عقوقه لوالده، فقال الابن: إن أبي لم يحسن اختيار أمي، ولم يحسن اختيار اسمي، ولم يحسن تربيتي، ولم يوفر لي بيتا حتى أتزوج فيه.. فصرف النبي - صلى الله عليه وسلم – الابن، ثم التفت إلى الأب، وقال له: قد عققت ابنك قبل أن يعقك".
وفي المعنى نفسه يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أعينوا أولادكم على بركم..". ولما جاء أبو سفيان وكان ما زال على كفره إلى المدينة وسألت ابنته زوج الرسول عن كيفية معاملته؟، فأذن لها الرسول صلى الله عليه وسلم في استقباله ولم يمنعها من ذلك..(45/157)
ما نود أن نستخلصه مما سبق هو أن بر الوالدين ليس أمرًا مطلقًا بغير حدود.. بل هو علاقة تبادلية متوازنة، تقوم على بر الآباء بأبنائهم وحسن تربيتهم والقيام على مصلحتهم، يقابلها بر الأبناء بهؤلاء الآباء عندما يكبرون ويحتاجون إلى هؤلاء الأبناء؛ حتى إن الدعاء في القرآن يربط طلب الرحمة للآباء بقيامهم بواجب التربية في أثناء الصغر.
ويتأكد أن هذا البر والطاعة مبصرة في موقف الإنسان بوالديه إن طلبا منه معصية أو إشراك بالله أو وقفا ضد رغبته في طاعة الله أو الإيمان به.. " وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا" (سورة: لقمان، الآية: 15)، والمصاحبة في الدنيا بالمعروف هو ألا تنهرهما ولا تقل لهما أف، وأن تخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وفي كل ذلك تظل مسألة الحب القلب الذي يصل إلى حد الدعاء لهما مرتبط بقيامهم بهذا الواجب، واجب التربية.. وهو ما لم يفرضه قرآن أو السنة، فالحديث كان عن المصاحبة في الدنيا بالمعروف وكان عن الرحمة.. أما الحب فلا يملكه الإنسان إلا لمن يفضي إليه بالمعروف، وهو في حالة الآباء والأمهات.. التربية الصحيحة والتوجيه السليم، وهو بنص الحديث أن يحسن اختيار الأم واختيار الاسم والتربية، وأن يوفر له سبيل الحياة الكريمة.. فإذا لم يفعل فله الحدود الدنيا من الحقوق مثل التي أعطيت للأب الكافر أو المشرك – دون تكفيره – وهي المصاحبة في الدنيا بالمعروف..
ليس كل الآباء والأمهات متساويين في حقوقهم.. ولكن لا يوجد أب أو أم بغير حق إلا الذي ارتكب جريمة في حق أولاده، مثل الأب الذي يعتدي على بناته جنسيًا مثلاً؛ فهذا ليس له حتى حقوق الكافر لأنه خرج من إطار الأبوة وتجرد منها تمامًا.
إذا صح ما ذكرته في رسالتك من إهمال (أبيك وأمك) لتربيتك وتوكيلهما تربيتك إلى جدتك بغير عذر صحيح وحقيقي.. حيث إنك لم تذكري في رسالتك الأسباب التي دعتهم إلى ذلك حتى هذا الوقت؛ لأنه ربما يكون هناك عذر من وجهة نظرهم ولهم حق فيه، فإن الصورة هنا تختلف، ولكن ما نقوله إذا أهمل الأب والأم تربية أبنائهما دون عذر وسبب، فلهما الحق الأدنى من الحقوق، وهي المصاحبة في الدنيا بالمعروف..
أما مسألة الحب فهي شيء آخر لا يطلبه الإنسان إلا إذا أدى حقوقه كاملة، ولا يحاسب الله عليه .. لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وما كانت النفس أن تحب من قصّر في حقها أو أساء إليها.. والرسول يقول في الحب بالنسبة لزوجاته: يا رب هذه قسمتي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك.. وراجعي إجابتنا السابقة
ـــــــــــــــــــ
الإسلام وتعدد الآباء والأمهات ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سؤالي ـ جزاكم الله خيرًا ـ مهمٌّ جدًا في حياتي، وهو أنني شاب متزوج ولديّ خمسة أطفال، وفي فترة من الفترات كنت أعيش مع عم زوجتي، أي شقيق والدها الذي كان متزوجًا منذ حوالي عشرين عامًا في تلك الفترة، وكان شديد التعلق بأطفالي.
وفي أحد الأعوام بعثت إلى الخارج من أجل الدراسة، وفي أثناء فترة الدراسة احتجت لوجود أسرتي إلى جانبي فقمت باصطحابها معي إلى الخارج، وتركت مع عم زوجتي ابنتي التي كانت تبلغ من العمر عامًا ونصفًا لتعيش معهم، ولكن مع غيابي الطويل في الخارج مع أسرتي وبعيدًا عن ابنتنا، تعلقت بتلك الأسرة، وعند عودتنا من(45/158)
الخارج سكنت مع أسرتي في مكان بعيد عن البيت الذي تعيش فيه ابنتنا، ولم نستطع أخذها منهم؛ نظرًا لعدم إنجابهم أطفالاً، ولكن مشيئة الله فوق كل شيء، وقد رُزقا بولدين الآن، ونريد الآن أن نعيد ابنتنا، ولكنهم متعلقون بها أكثر من ولديهما، ويعتبرونها أثر الخير عليهم، وهي بسبب تلك الفترة الطويلة معهم لا تستطيع العيش معنا بأي طريقة0
إن ابنتي تعيش مع تلك الأسرة الآن وهي في العام الثامن من عمرها، وهم لديهم اثنان من الأبناء؛ أرجو منكم إعلامي بموقفي من الشرع: هل عليّ أيُّ ذنب من ترك ابنتي تعيش مع تلك الأسرة؟ أفيدوني أفادكم الله، وإذا كان هناك أي فتوى في هذا الأمر أرجو منكم ذكر اسم الشيخ المفتي، وجزاكم الله عني وعن جميع المسلمين الخير على طرح هذا البرنامج لكي يسهل على الناس، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم، حالة ابنتك هي حالة معروفة وطبيعية نتجت عن الفترة التي عاشتها في بيت هذا العم، ومسئوليتك – مثل كل أب – توفير الرعاية والعناية والحنان لها في أي بيت كانت.
والأصل في الإسلام – كما أفهمه – أن الأبوة والأمومة تكون من الناحية البيولوجية لشخصين أحدهما أعطى الحيوان المنوي، والأخرى أعطيت البويضة والرحم، أما من الناحية الاجتماعية فالأبوة جماعية ، وكذلك الأمومة، ومرتبطة بالقرب أو البعد، ومرتبطة بالحنان والعناية والرعاية.
إذا فهمنا الأمر على هذا النحو تحل الكثير من مشكلاتنا؛ فتجد المرأة التي لا تنجب فرصة للأمومة الاجتماعية حنانًا ورعاية، ومشاعر دافئة تتبادلها مع أبناء وبنات تقوم على شئونهم وأمورهن – مع مراعاة الحدود الشرعية – ودون أي حرج اجتماعي أو نفسي.
وتجد الابنة التي خاب ظنها في أبيها – البيولوجي كقدوة – عدة آباء حولها يتسابقون في رعايتها ومساندتها، ويجد الشاب المسترشد حكيمًا قريبًا أو بعيدًا يخفض له جناحه، ويتعلم منه حين يفقد والده البيولوجي ماديًّا بالموت أو الغياب، أو حين يفقده معنويًّا بالانسحاب الذي يصيب البعض فينكص عن القيام بمسئولياته.
الشاهد أنه لا يوجد خطأ شرعي، أو ضرر نفسي أن تنشأ ابنتك في بيت العم، طالما راعينا ما تجب مراعاته من تفريق بينها وبين أولاده في المضاجع وغير ذلك، وبالمناسبة أنت لم تذكر أعمارهم ولا جنسهم، ولكن ينبغي أن تعود الابنة لمكانها الطبيعي في بيتك تدريجيًّا عبر برنامج وخطوات نجملها لك فيما يلي:
1- لا تضغط عليها لتعود إليكم قسراً.
2- بناء علاقة متينة مع هذه الابنة؛ حيث تقوم أنت وأمها بزيارتها في بيت العم باستمرار، واصطحابها معكم في زيارات وللنزهة، ولا تنس الهدايا واللعب، والاهتمام بشئون دراستها، والمكافأة على التفوق، وتكثيف هذا الاهتمام في حالات الطوارئ: امتحانات – متاعب صحية ... إلخ وبذلك تترسخ دعائم المحبة والود.(45/159)
3- التعاون مع أسرة العم في التوصيل التدريجي لفكرة تعدد الآباء، والأمهات التي شرحتها لك توًّا، فتدرك الابنة "تدريجيًّا" أن لها أمًّا بيولوجية أنجبتها، وأمًّا قامت على رعايتها، ولكل منهما حقوق وهكذا ... وكذلك بالنسبة لك وللعم الذي قام على رعايتها.
4- هذه الحقيقية ستحتاج إلى وقت لتصل إلى إدراك الصغيرة؛ لأن تفكير الأطفال بدائي وبسيط لا يفهم تركيب وتشابك الحياة والعلاقات، والمطلوب هو الصبر والجهد والتعاون بين الأسرتين.
5- بحسب تجاوب الابنة، وبحسب قدرتكم على تنفيذ هذا البرنامج، تقدمكم فيه يمكن التفكير في انتقالها إلى بيتكم، ولو لبعض الوقت في خلال السنوات الثلاث أو الأربع القادمة، فيمكن الاتفاق – بعد فترة – على أن تقضي معكم عطلة نهاية الأسبوع، ثم تعود إلى بيت العم مع بداية الأسبوع التالي، والمدرسة ... وهكذا.
ثم يمكن أن تقضي لديكم الإجازة الصيفية ثم العكس بأن تقضي عندهم الإجازة، ومعكم فترة الدراسة، وبالتدريج ستعرف ابنتك، وتفهم أن مساحة الوالدية تتسع للكثيرين والكثيرات، وأن الله حين حرمها من وجودك لفترة، فإنه عوضها عن ذلك بأب آخر وقتها، ويكون ذلك مدعاة للاطمئنان النفسي، وربما التفاخر الاجتماعي، وحجر الزاوية في نجاح هذه الخطة هو الحكمة والتعاون والتفاهم واتفاق الأساليب التربوية بين الأسرتين، وتمنياتنا بالتوفيق.
( شارك في الإجابة د. إيهاب خليفة من فريق الحلول )
ـــــــــــــــــــ
بين الأب والأم: المهمة الحائرة ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
السلام عليكم، في الحقيقة ليست هذه مشكلة بقدر ما هي استفسار عن موضوع معين، ما رأيكم في الأب الذي يلقي باللائمة على زوجته في موضوع تربية الأبناء؟ حيث يؤمن هذا الأب بأن المرأة هي المسئولة عن التربية، والأب عليه ألا يتدخل إلا لحل المشكلات فقط، وحجته في ذلك أن الرسول الكريم – عليه الصلاة والسلام – وصى الابن بأمه ثلاثا ثم بعد ذلك وصاه بأبيه؛ فهل هذا يعتبر حقًّا دليلًا على أن الأم هي التي تتحمل مسئولية التربية وحدها بمشاركة محدودة من الأب؟ وهل فعلًا على الأم أن تكون مسئولة عن تربية الولد والبنت، أم أنه يجب أن تكون تربية البنت للأم والولد للأب بشكل أساسي؟ ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة، أصبح لدينا صفحة تختص بالاستشارات التربوية المتعلقة بتربية الأبناء والبنات، وسؤالك يقع أكثر في دائرة اهتمام وتركيز هذه الصفحة المذكورة.
ولكن طالما تفضلت بزيارة صفحتنا، فليكن لنا بعض إسهام في الإجابة عن سؤال.
قلنا قبل ذلك: إن المرأة في شئون البيت جميعًا، وحين تصبح أمًّا بشكل أدق فإن دورها يكون أهم من الرجل (الأب)، ويكون دور الأب أعم.
والتربية عملية متشعبة الأركان متعددة المستويات، وقد يكون مطلوبًا من الأب أن يحدد الخطوط العريضة والبرامج والقيم الأساسية، وأن يتدخل في الوقت المناسب بالقدر المناسب لإعطاء الدور المطلوب الذي قد يكون(45/160)
زجرًا أو مكافأة، ثوابا أو عقابا، توجيها أو تهديدا، دعما أو ردعا؛ لا بد من حضور الأب في إدراك الأبناء جميعًا، ولكن الحضور الضاغط الثقيل مزعج، والحضور الباهت السلبي ضار، وضبط جرعة الحضور ومسافته مهمة مشتركة يتعاون عليها الأب والأم.
أما الأم فهي المدرسة التي تعطي الحنان والرعاية، وتهتم بالتفاصيل الدقيقة والمهام اليومية، ويمكن فهم حديث المصطفي - صلى الله عليه وسلم- على هذا النحو، فتكون التوصية بحسن الصحبة للأم ثلاثا تتضمن مساحة وقت كما تضمن حرارة ودّ، ولكن هل يعني هذا أن الأم تتحمل وحدها مسئولية التربية بمشاركة محدودة من الأب؟! اللهم لا.. على النحو الذي أسلفت لك توًا.
إن تبادل الاتهامات أو محاولة التملص المتبادل من الأعباء الأسرية أو اضطراب الأدوار بين المرأة والجدل هو آفة من آفات عصرنا المسكين، وهو سوس ينخر في كيان بيوتنا، وعلينا أن نوقفه بالتعاون والتفاهم والدينامية التي تحدثنا عنها في إجابة سابقة "الأسرة مفهوم دينامي".
مرة أخرى يهمني التأكيد أن كلمة التربية تشمل مهامًا عدة، بعضها يحسن أن يقوم به الأب ولا يقوم بها غيره، وبعضها لا يستطيع أن يقوم به الأب لأسباب متعددة، ويشمل هذا البنات والأولاد على السواء، وإذا أردت المزيد فعليك بالتوجه إلى صفحة استشارات تربوية بموقعنا، وأهلا بك يا أختي، ووفقك الله، وأعانك على تربية أبنائك
ـــــــــــــــــــ
ل أعفو عن أختي التائبة؟ ... العنوان
الشهوة ... الموضوع
السلام عليكم.. وقانا الله وأهلكم من الشرور والفتن، المشكلة هي أن أختي التي تكبرني بسنة واحدة قد ارتكبت فاحشة الزنا مع ابن خالي، والعياذ بالله، وللخلاص من المشكلة زوجناها وقد طلبت مني خصوصًا - على أنني رب الأسرة بعد وفاة أبي وأنا أقرب أخ وصديق لها تبثّ له محنها ومنحها دائمًا كما عودتها ـ عبر رسالة رقيقة أن أعفو عن حماقتها، وأصلح بينها وبين أمي وإخوتي، فماذا أفعل؟ هل أقبل ما تريد؟ مع العلم أن في نيتي أن أكتب رسالة إليها أبيّن لها فيها أن رحمة الله واسعة، والله غفور رحيم إن تابت وآبت، وسأكتب في الرسالة ذلك مع إعلامها بأني غير مسامحٍ وعافٍ عنها حتى يتغير النظر، ولتنتظر إني معها من المنتظرين.. أرشدوني جزاكم الله كل خير.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم لم يتضح من رسالتك سبب أنك غير مسامح وعافٍ عن أختك، ولم نفهم ما هو النظر الذي تقصده، وماذا تنتظر؟ لأننا نفهم أن من تبعث تسأل العفو عن حماقتها من أخيها وتطلب الإصلاح بينها وبين أمها وإخوتها لا بد وأنها أدركت خطأها وما وقعت فيه، وأنها قبل أن تطلب الصفح من الناس فلا بد وأنها سألت الله الصفح والعفو والمغفرة ... وأنه إذا كانت إرادة الله قد شاءت أن تسترها ولا تفضحها وتم الزواج بينها وبين ابن خالها ... فأين المشكلة إذن؟!! ولماذا لا تعفو وتصفح؟! ولماذا لا تصلح بينها وبين أمها وإخوتها؟! ... وإذا كانت رحمة الله(45/161)
واسعة، والله غفور رحيم كما تريد أن تذكر ذلك لها في رسالتك، فلماذا تؤخر أنت صفحك وعفوك ... ولماذا لا تفتح لها صفحة جديدة وتكون لها عونًا على الخير ... فرب تائبة بعد ذنب عظيم يُصلِح الله خاتمتها تكون أعظم من سائرٍ في طريق الله يغترّ بأعماله فتسوء خاتمته، إن المقبل على الله يحتاج إلى من يعينه على السير في هذا الطريق، ويحتاج إلى من يشعره أن الناس تحبه وتنتظره، بل وفرحة بتوبته ... وإذا كان الله -عز وجل- يفرح بتوبة عبده، ويبلّغ ذلك على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- ألا تستحق منا هذه الأخت أن نُعْلِمها بفرحتنا لإدراكها خطأها ورغبتها في عودة الأمور إلى طبيعتها ... هذا ما نراه على قدر ما فهمناه من رسالتك، إلا إذا كان هناك تفاصيل أو أحداث أخرى لم تذكرها في رسالتك تجعلك تتوقف عن العفو أو عن الصلح، فنرجو توضيحها حتى تصبح الصورة كاملة ... وإذا لم يكن هناك شيء ... فلتكن نِعْم الصديق ونِعْم الأخ، كما عهدتك هذه الأخت دائمًا.
ـــــــــــــــــــ
أحب أمي.. ولكن علاقتي بها سيئة ... العنوان
مع الأهل, علاقات أسرية ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لا أعرف أهي مشكلة أم لا، وهي سوء علاقتي مع أمي، أعرف أنها تحبني وأنا أحبها، ولكنها تصرخ في وجهي كثيرا، وهي دائما تحطم معنوياتي في أي شيء؛ لذلك فأنا لا أخبرها بأي أمر يخصني، وأصبح كلانا لا يعرف عن الآخر إلا القليل.
وأنا أخشى كثيرًا أن تغضب عليَّ، وأن لا يسامحني الله بسبب ذلك، وأحاول قدر المستطاع أن أرضيها، وأحيانا أتمنى كثيرًا لو أقبل يديها وأقول لها سامحيني، ولكني لا أستطيع أبدًا، أشعر أنها بعيدة عني كثيرًا، وأن الله سوف يعاقبني على الجفاف الذي بيني وبينها.
وأنا أعاني كذلك من عادة قضم الأظافر، حيث حاولت كثيرًا الإقلاع عنها، ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل، وأصبحت أقضم أظافري دون أن أشعر. أرجو أن ترشدوني إلى الصواب، وجزاكم الله خيرًا.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لقد وفرت علينا الكثير عندما ذكرت في رسالتك أن أمك تحبك وأنك تحبينها؛ لأن البعض نتيجة لسوء التفاهم الذي يحدث بينه وبين أبويه في بعض الأحيان يذهب مشككًا في حب أبويه له أو في حبه لهما، وهذا أمر بديهي أن يحب الآباء أبناءهم وأن يحب الأبناء آباءهم.
ولكن المشكلة تكون في طريقة التعبير عن هذا الحب، خاصة إذا تباعدت الأجيال بين الأم وابنتها أو تباعد المستوى العلمي والثقافي، حيث يصبح لكلٍّ منطقه وفكره وطريقة رؤيته للأمور فتصطدم الأفكار والرؤى، ويعبر كل واحد عن هذا الاصطدام بثقافته وبمخزون ما تعلمه، وبما تربى عليه ...
وبالرغم أنك في الرسالة لم تذكري أمثلة لما أسميته بتحطيم المعنويات، فإنني أتوقع أن كثيرًا من الأمهات والآباء يقعون في خطأ شائع وهو أن يقللوا من شأن ابنهم أو ابنتهم وإنجازاته، ويرون في ذلك حفزًا له على بذل مزيد من(45/162)
الجهد، ويصلون في ذلك كما تقولين في رسالتك إلى درجة الصراخ؛ حتى يؤكدوا وجهة نظرهم ودافعهم في ذلك من وجهة نظرهم هو حبهم لأولادهم ورغبتهم في أن يرونهم خيرًا منهم، ولكنهم لا يدركون ما لهذا الأمر من سلبية شديدة على نفوس أبنائهم..
ولكن إذا علمنا أن هذه طريقتهم، وأنها تنبع من جهل بطريقة التعامل الصحيح مع أبنائهم، فيجب أن نتكيف مع ذلك ونفهمه بحيث لا ننفعل معه ويفسد علاقتنا معهم، بمعنى أن هؤلاء الآباء والأمهات يصعب تغيير أفكارهم واتجاهاتهم بعد هذا العمر، فلماذا لا نتكيف نحن مع طريقتهم لا تنفيذًا لتوجيهاتهم التي ربما لا تصلح لنا، ولكن تحملاً لطريقتهم واحتسابًا لها عند الله عز وجل؛ لأنه من أجل ذلك أوصى الله عز وجل بالوالدين: "وَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا ... ".
ـــــــــــــــــــ
سوء التفاهم التاريخي.. الحكمة هي الحل ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
عندي مشكلات كثيرة مع أسرتي خاصة أمي، والتي تجعلني دائمًا أنام والدموع في عيني، وأنا أفعل كل ما أستطيع لإرضائها لكنها لا ترضى، علمًا بأنني أعاني من السكري وأمي دائمًا تذكرني بذلك.
أرجوكم أن تجدوا لي حلاً؛ فأنا لم أعد أجد في نفسي القوة لاستمرار الحياة معها.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة، يمكن النظر إلى شكواك من عدة زوايا كلها صحيحة، وتتكامل في رسم الصورة أمام عينيك.
هناك سوء تفاهم تاريخي بين الأم والابنة رآه الفلاسفة والنفسانيون صراعًا، ونحن نحاول أن نراه أعمق من ذلك.
البعض يصف الابنة وكأنها الضَّرّة الخفية للأم في حب الأب مثلاً، والبعض يراها التحدي الحي كشمس طالعة، وربيع صاعد في مقابل شمس الأم الغاربة، وآخرون يرونها امتدادًا لمسيرة قمع الذات، ومصادرة الرغبات والحريات تحت شعارات مثل: "عشت تعيسة فلماذا تسعدين؟!".
وفي أحسن التأويلات، فإن رغبة الأم في إسعاد ابنتها، وخوفها على صحتها ومستقبلها وشرفها وأخلاقها ... إلخ هذه الرغبات تخرج عند الفعل في صورة قيود وأوامر، أسلاك شائكة، وكلاب بوليسية، وربما يخفف من وطأتها وجود الأب بما يعنيه غالبًا من حضور قوي في ذاته، يهمّش بقية القوى والسلطات، ومنها سلطة الأم.
ونحن لا نبرر الخطأ مهما كان مصدره، ولو كان مصدره الأم منبع الحب والرحمة، وقدس الأقداس، ولكننا ينبغي أن نتجاوز – وبخاصة مع الوالدين- منطق الصواب والخطأ دون إلغائه، إلى منطق التفهم والتعاطف والتواصل، وليس صعبًا -مع بعض النضج والحكمة- أن نحصل على ما نريد بأقل ضجيج ممكن، وللحصول على الحقوق طرق كثيرة، أفشلها في حالة الوالدين أن نصادم ونتحدى فالنوايا غالبًا حسنة، وإن كانت التعبيرات مزعجة، ولا يساندنا في الصدام دليل من منطق، أو تعاطف من مجتمع، أو حتى أثر من دين.. بينما في الحكمة -وهي هنا اللين والرفق إلا في مواضع قليلة للغاية -متسع لكل من يريدون الحياة الحرة الطيبة.(45/163)
ليست أمك هي التي تحادثني لأنصحها بالحكمة، ومحاولة تفهم منطق الشباب بتمرده ونفوره، ونزعته للاستقلال، وإثبات الذات، وهي لوازم فطرة، ومعالم نمو.. أنت التي أتحدث إليها، ولك أقول: ستمر بك اختبارات أصعب كثيراً من كسب قلب أمك، والأم الصعبة هي ميدان رائع للتدريب على الديبلوماسية والحكمة والنضج، فانتهزي الفرصة، وغداً تقولين: أين أيامك يا أمي؟!
وأسألك صادقًا: هل فهمت من كلامي هذا أننا ننحاز للوالدين على طول الخط على حساب الأبناء أو على حساب الحق.. أنا أسألك؛ لأن هذه التهمة ألصقها بنا الكثيرون من رواد هذا الباب.
ـــــــــــــــــــ
نفصال الأب والأم.. والدراسة ... العنوان
مع الأهل ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا شاب عمري 18 عامًا، وأنا الآن في فترة أنتقل فيها من المدرسة إلى الجامعة، مشكلتي تكمن في عائلتي، فهي عائلة كثيرة المشاكل والخلافات، حتى إنه من النادر أن تجد فيها اثنين على علاقة جيدة، وأنا لا أتكلم عن أبي وأمي فقط، وإنما أتكلم عن كل عائلتي.. أعمامي وعماتي ... إلخ (من ناحية أبي فقط)، ولكن ما يهمني أنا هو أبي وأمي؛ فكثرة المشاكل بينهما أثرت عليَّ بشكل كبير، فهما على خلاف دائم حتى أوصلانا إلى حالة سيئة، ففي إحدى مشكلاتهما التافهة سافرتْ أمي إلى بلد أهلها، وقام أبي بالزواج من أخرى يعيش معها في بيت قريب منا، أما أنا وأخي الصغير فنعيش مع الخادمة في بيت وحدنا. شعورنا بالوحدة والملل والضياع أصبح لا يطاق، وللأسف لا أحد يشعر بنا، فأبي لا نراه إلا نادرًا ورغم محاولاتي لإقناعه بأن يعيد أمي لتعيش معنا لكنه رفض؛ فتكوَّن عندنا شعور بعدم الثقة والاحتقار لمن هم أكبر منا وحتى لأنفسنا، أثّر ذلك على دراستنا بشكل سلبي، وأصبح عندنا شعور باللامبالاة وعدم الاهتمام بأي شيء، حاولت أن أفصل نفسي عن هذه الأجواء، وأهتم بدراستي كما يقال لي دائمًا، ولكني لم أستطع. ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الابن الفاضل، لن نخوض في أسباب انفصال الوالدين ... أو في موقف الوالد الرافض لحضور الأم؛ لتمكث معكم وترعاكم ... ولن نعيب عليكم مشاعركم المحبَطة والمليئة بالشعور بعدم الثقة والاحتقار للكبار، وسنتحرك خطوة للأمام ونتحدث بطريقة عملية بعض الشيء يصح لمن هو في مثل سنك، وفي مثل دراستك الجامعية أن يفكر بها، وهي تبدأ بسؤال: كيف الخلاص من هذه الظروف التي تعيشها وتعاني منها؟! ... أليس الخلاص بالحصول على حريتك واستقلالك عن هذا الأب، وخروجك للحياة العملية؟! ... تحدد طريق حياتك وكيف ستكون؟! ... وما هو الطريق للخروج إلى هذه الحياة العملية ومعه الاستقلال؟ أليس هو طريق الحصول على عمل تحصل منه على دخل يمكّنك من الاستقلال واتخاذ ما يناسبك من قرارات؟ أو ليس هذا الطريق يبدأ من الانتهاء من دراستك الجامعية؟ أليس الانتهاء من الجامعة هو المعبر الذي يوصلك إلى ما تريد؟ ستقول: إن كل شيء فقد طعمه ومعناه ولم يَعُد هناك رغبة في الحياة ... وهل هذا تفكير منطقي؟! ... إنك موجود في الحياة ولن تغادرها إلا بإذن الله ... ألا تستحق الحياة أن نعيشها كما ينبغي ونستمتع بها ... إذا كان مقدرًا لنا أن نستمر في الحياة ولا(45/164)
نغادرها؛ فيجب أن نتخذ الأسباب من أجل أن نحقق غايتنا وهدفنا من الوجود فيها، وهو أن نحقق ذاتنا ونصل إلى آمالنا إذا بدأنا هذه البداية، وهو أننا في هذه الحياة لا بد أن نعيشها.
إن طريقنا للحياة والاستقلال يمرّ عبر بوابة الدراسة الجامعية، عندها تتحول الدراسة إلى تحدٍّ للنفس وللظروف المحيطة وليس مجرد واجب نؤديه ... عندها تنبعث في أنفسنا الرغبة في أن ننتصر على أنفسنا حتى ننقذها من الضياع ... إذا لم تكن الظروف التي نحياها تعجبنا فهل من العقل الاستمرار فيها بإطالة أمد الدراسة الجامعية أم الأفضل أن نغادرها بسرعة عن طريق الانتهاء من دراستنا الجامعية؟! لن تكون الأول أو الأخير الذي انفصل والده ... ولن تكون الأول والأخير الذي يحيا في ظروف صعبة، ويحتاج لإنهاء دراسته تحت وطأة هذه الظروف ... ولكن هل ترى أنك الأسوأ في ظروفك ... إنك لو نظرت حولك بتمعن وتدقيق لرأيت نفسك أفضل حالاً من كثيرين يعانون معاناة لا يتصورها عقل ... إن أباك ما زال ينفق عليك وعلى دراستك ... إنك ما زلت تعيش في بيت يُغلَق عليك بابُه، وفيه خادمة تقوم على خدمتك، إن لك والدة تستطيع رغم كل شيء أن تتصل وتتواصل معها عبر الهاتف أو الإنترنت وتستفيد بنصحها وحبها ... إن لديك الكثير مما حُرِم منه غيرك.
أَرَأَيْتَ، هناك قائمة من النِعم تعيش فيها؛ فانظر إليها؛ لأن غيرك لا يجد مَن ينفق عليه ويكمل تعليمه الجامعي، ينحت في الصخر لينفق على نفسه ... إن هناك مَن يتمنى غرفة يسكن فيها ويذاكر فيها حتى يكمل دراسته ولا يجدها، ومع ذلك يكمل ويتحدى كل الصعاب ... انظر إلى النعمة والخير في حياتك، واعلم أنه بالرغم من الظلام فإن الفجر لا بد وأن ينبثق، ولكن لا بد من الإيمان بأن الله -عز وجل- كما وعد: "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا".
واعْلَم أن لك أصدقاء على هذه الصفحة دائمًا سيكونون معك يمدون لك يد العون، حتى تنتصر على إحباطك ونراك وقد تحققت آمالك بعون الله.
ـــــــــــــــــــ
جراح تحت العشرين.. رسالة إلى كل أب ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
المشكلة تكمن في الشجار الدائم بين أمي وأبي؛ وذلك لأن أبي عصبي وشديد الحساسية، ودائما لديه إحساس بأن أمي مقصرة معه، رغم أنها ليست كذلك، وأنا أقول هذا بعد أن فكرت ووازنت الأمر مرارًا، ووجدت أن أبي يخترع المشاكل، ثم يتطور الأمر إلى السب واللعن والإهانة أمام الأبناء.
والمهم الآن أنا أريد بأي طريقة إعادة الوئام إلى بيتي المكهرب، كما أريد أن أُفهم أبي بأن هذا الأمر يجرحني كثيرًا أو حبذا لو كف عنه، ولكني لا أعرف كيف؛ لأنه ليس لديه أدنى استعداد لتغيير وجهة نظره، على العموم أنا أحب أبي كثيرًا وأحترمه، ولكني أتمنى أن ترشدوني إلى طريقة أستطيع بها إعادة الوئام إلى البيت، وشكرًا.
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... المرسلة الفاضلة، أحمد فيك حرصك على استقرار بيتك، وأن يسوده الوئام والحب.(45/165)
ولكن في الوقت نفسه يصعب على الأبناء الحكم على سبب الخلاف: هل هو الأب أم الأم؟ وذلك لأن العلاقة بين أي زوجين يتضافر فيها كثير من العوامل التي لا يستطيع غيرهما رؤيتها، أو الحكم عليها، وبخاصة أن بعض هذه الجوانب لا يظهر أمام الأبناء، وليس دور الأبناء كذلك محاكمة الآباء، أو حتى إرشادهم، فقط كل ما يجب فعله هو برّ الوالدين والدعاء لهما بظهر الغيب أن يصلح الله بالهما، ويصلح ذات بينهما.
وفي الوقت نفسه من حق الأبناء على آبائهم مراعاة مشاعرهم، حتى ولو كان هناك سبب للخلاف بين الوالدين؛ فيجب أن يتم ذلك بعيدًا عن عيون الأبناء حتى لا يؤثر فيهم، أو يفقدهم الثقة في أحد الطرفين، أو يجرح شعورهم، ويشتت تفكيرهم.
وفي مثل حالتك أختي أعتقد أن ما يجب أن تفعليه هو:
- أن تساعدي والدتك في الأمور التي تشعرين أنها قد تسبب ضيقًا لوالدك، إن كان هذا في استطاعتك.
- أن تبحثي داخل عائلة والدك عن أحد الأقارب: عم أو عمة علاقتك به وطيدة، وقُصي له مشكلتك؛ لينقل هذه الصورة لوالدك بشكل غير مباشر، وبأسلوب حكيم، ويحاول التدخل لإصلاح الأمور بين والديك.والله الموفق والمعين
أجابت عن هذه المشكلة الأخت سمر عبده من فريق الحلول
ـــــــــــــــــــ
الأب في المنزل.. الأسرة كيان متحرك ... العنوان
علاقات أسرية, العمل والبطالة ... الموضوع
أنا موظف، تدرس زوجتي الدكتوراة في الخارج، وتأخذ مرتبًا من إدارة البعثات، وأنا آخذ 30% من مرتبها، والقانون هنا يمنع عمل الأجانب ويضع أمامه العراقيل، كما أن تخصصي غير مطلوب، وأنا لا أريد أن أقف أمام مستقبلها العلمي، ولكن أحس بالضيق عندما أجدني غير قادر على الإنفاق على متطلبات الأسرة وكذلك الجلوس بالأولاد، بينما كنت من ينفق على البيت دائمًا، ولم آخذ منها أي مال في السابق قط، ولا أفكر ولو للحظة أن أقف أمام مستقبلها العلمي، فماذا أفعل؟ ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم، كان من المفترض أن تضع في حساباتك هذه الأوضاع جميعًا؛ لأن ما تعاني منه معروف مسبقًا، ومتوقع، ولكن يبدو أن الممارسة تختلف عن التفكير والتدبير، أو أننا لا نحسن التفكير المتوازن قبل اتخاذ القرار!!
أذكرك ونفسي والسادة القراء أننا عندما نكون بصدد قرار ما، فعلينا أن ننظر في سلبيات وعواقب كل اختيار من الاختيارات المطروحة أمامنا، والبدائل التي تكون متاحة لأن سيرنا في طريق يعني أننا ضمنًا نوافق على تكاليفه وتبعاته.
لاحظت أيضًا في حديثك يا أخي نوعًا من التمييز بين الإنفاق على البيت، والجلوس بالأولاد، وتخطئ - كما هو الشائع - حين تظن أن أحدهما أفضل من الآخر، وهذا مؤسف حقيقة؛ لأن الأمرين مطلوبان ومتكاملان، وإن كان الشرع قد جعل النفقة هي واجب الرجل أصلاً، ورعاية البيت داخليًّا هي مهمة المرأة أساسًا، فإن هذا التوزيع(45/166)
للعمل مرن ودينامي، ومتجاوب مع الظروف التي تمر بالأسرة، ومنها ما أنتم فيه، فالظروف جعلت المال يأتي من ناحية زوجتك، وأتاحت لك فرصة ذهبية لتتفرغ لإعطاء الأولاد جرعة من اهتمامك ورعايتك ومجالستك إلى حين، فما الضرر في ذلك؟! وأين سبب الضيق؟!
ومسألة أخرى هامة، وهي أن أي إنجاز يحصل عليه طرف ما في الأسرة يكون إنجازًا للجميع اشتركوا فيه كلهم، وينبغي أن يتمتعوا بسعادته ونتائجه، وهذا فارق بين الحياة الفردية، وحياة الأسرة، فلن تحصل زوجتك على الدكتوراة إلا بجهد فردي وتعاون أسري منكم جميعًا، وحين تنجح في هذا فإن هذا النجاح مِلْك لكم كأسرة، فأنتم أَتَحْتُم لها الفرصة ليحدث، وهي اغْتَنَمَتْها، والله وفَّقها.
والحقيقة أنك لا تفكر في تعطيل مسيرتها العلمية، وهي تفهم ذلك في اعتقادي، كلاكما يتعاون ويتضامن، وفي مقابل الفرصة التي تأخذها هي عبر هذه البعثة، وفي مقابل وجودكم معًا، فإن المال الذي يأتي من المنحة هو المصدر الرئيسي لدخل الأسرة حتى تنتهي هذه الفترة، وبالمناسبة فإن مبلغ المنحة يختلف حين تكون المبعوثة مع أسرتها عنه لو كانت وحدها؛ لأن المنحة تكون للأسرة ونفقاتها.
وتستطيع متابعة النقاش الدائر عندك في أوروبا حول أهمية بقاء الآباء فترات أطول مع الأبناء، والاقتراح المطروح بإعطاء الأب الراغب إجازة "رعاية أطفال" مدفوعة الأجر لتدعيم العلاقات المفتقدة داخل الأسرة من جديد، وتستطيع التواصل مع أنشطة الجاليات العربية، وغيرها من الأنشطة الاجتماعية المتنوعة، وتظهر من خلال هذا الاحتكاك فرص للعمل المناسب لتخصصك، وإن كان بشكل غير رسمي، أو خاضع للضرائب والقوانين، وهذا النوع من العمل منتشر جدًّا ومعروف حيث أنت، وتستطيع الاستفادة بوقتك هذا في أشياء كثيرة تحيل الملل إلى عمل، ودون إخلال بفرصتك في الاقتراب من أبنائك، ومراعاة الظروف الاستثنائية التي تعيشها أسرتك، وأهلاً بك.
ـــــــــــــــــــ
بعض ضريبة الأمومة.. كله بحسابه ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
السلام عليكم، أنا متزوجة منذ ست سنوات ولديّ طفلتان، كما أنني طالبة في الجامعة. إن مشكلتي تكمن في أنني لا أستمتع برفقة أطفالي، كما أنني أعارض الإنجاب لعدم رغبتي في ذلك، فكلما تذكرت مرحلة الحمل والولادة شعرت بالظلم والألم.
السؤال: هل رغبتي في الانطلاق وإشباع طموحي أنانية مني، وهل ما أشعر به ينافي الأمومة والأنوثة ؟ خاصة أن زوجي يعارضني في رأيي, وهو يريد أطفالاً؟ كما أنني لا أريد أن أغضب ربي.
... المشكلة
د. أحمد عبدالله / د. عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سبحانك ربي ما أعظمك.. خلقت البشر مختلفين ليكون ذلك آية على أنك الواحد الأحد. بالأمس كتبت ردًّا على الأخت التي تتضرر من تأخر زواجها، وبالتالي حرمانها من الأمومة، وهي تستصغر ما حققته من دراسة وعمل،(45/167)
وتتشوق إلى الزواج والإنجاب، وذلك في المشكلة التي بعنوان " تأخر الزواج: صوت عالٍ، وصدى أعلى " بتاريخ 4 يناير وعنوانها الإليكتروني هو http://www.islamonline.net/QuestionApplication/Arabic/display.asp?hquestionID2266
واليوم نرد عليك يا أختي الحائرة بين طموحك ورغبتك في الانطلاق، والقيام بأعباء الزواج، ومسئولية الأمومة.
يا أختي لو حرمك الله من الزواج فتأخر، أو من الأمومة ولو إلى حين، لشكوت من البلاء، فاحمدي الله على نعمته، وقومي بمسئوليتك تجاهها، كما تقومين بمسئوليتك تجاه دراستك وطموحك؛ فأنت عقل وقلب، وروح ومشاعر، أنت أنثى وامرأة وإنسان، ودورك في الحياة – مثل كل البشر- متعدد المستويات، ومتنوع الميادين، وأحسب أن هذا لا يغيب عن وعيك، ولكنك تحتاجين بعض العون، فلا تتحرجي من طلبه ممن يقدر عليه في أسرتك أو أسرة زوجك، ولعلك تجدين في جيرانك من تتحرق شوقًا للقيام ببعض هذا الدور معك، وتنتظر منك الإذن والسماح.
ولا مانع من تأجيل إنجاب المزيد من الأطفال حتى الانتهاء من الجامعة، وليعلم زوجك أن كل حرف تدرسينه أو علم تحصِّلينه، أو إنجاز أو نجاح تحرزينه يكون هو شريكًا فيه ومستفيدًا منه هو وبناتك منه معنويًّا، واجتماعيًّا، وربما ماديًّا، ومنتظر منه أن يتعاون معك في هذا الشأن بما يستطيعه.
وأنت في حاجة لجدول صارم لتنظيم وقتك بين رعاية البيت، والتحصيل الدراسي، وتحتاجين إلى عون بأجر أو من الأقارب والأصدقاء حتى تمر فترة الدراسة والمذاكرة بسلام.
ومسألة أخرى أتعرض لها بمناسبة سؤالك، وهي ميل بعض النساء إلى تحقيق ذواتهن في البيت والأسرة بشكل رئيسي، على حين تميل أخريات إلى إعطاء اهتمام أكثر للتحقق في ميدان العلم والعمل.
هذه الاختيارات ينبغي أن تكون واضحة ومحور نقاش وتفاهم قبل الزواج، فيعرف الطرفان نوايا بعضهما تجاه هذه المسألة، ولا يحدث بعد ذلك شقاق ونزاع بسبب عدم وضوح الموقف من حسم هذه المسألة، وتركها للزمن حتى تقع المشكلة، وطالما تأخر حسم هذه المشكلة إلى ما بعد الزواج، فإن الفيصل فيها يكون بحسب الشائع في المجتمع المحيط بكم، فننظر إلى الغالب على من هم في مثل ظروفكم المادية والعلمية والاجتماعية... إلخ.
وإذا كان متوسط عدد الأطفال عندهم ثلاثة أو أربعة تكون هذه هي الحدود التي من حقك التمسك بها، وليس في المسألة إغضاب لله عز وجل فهو لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وأعباء تربية الأبناء اليوم كثيرة من الناحية النفسية قبل المادية، وضعف البنية العائلية والشبكة الاجتماعية الداعمة والمعاونة في التربية وطبيعة التحديات الثقافية والأخلاقية المتزايدة، كلها أسباب تدعو إلى إعادة النظر في منهاج التوسع في الإنجاب دون حساب.
وإن كنا ينبغي أن ندرك أن "فلسطين" حالة خاصة، ولو أدركنا هذا لكان علينا جميعًا أن نضع كل إمكانياتنا الفعلية تحت تصرف من هم في مثل ظروفك، وحتى يحدث ذلك عليك أن تديري أمورك بحكمة واقتدار، طالبة العون من زوجك والآخرين.
ملاحظة ثانية تتعلق ببعض الأعراض التي تصيب الأم بعد الولادة، وتتضمن اضطرابات مزاجية متنوعة، وهي حالة تسمى اكتئاب بعد الولادة وتحتاج إلى علاج إذا أصابتك، وأتركك مع زميلي د. عمرو يقترب من مشكلتك بزاوية مختلفة:(45/168)
لا أدري لماذا تجنح عقليتنا كثيرًا إلى الثنائيات المتضادة، فإما أبيض أو أسود، وإما كفر وإيمان وأما وطنية وخيانة وهكذا، وأنت أيضًا تصوغين السؤال بنفس الطريقة إما انطلاق وإشباع طموح أو أمومة وأنوثة، وكأن الأمرين متضادان لا يمكن الجمع بينهما والتوفيق للحصول عليهما..
وهي قضية لسنا بصدد تفسيرها والوقوف عندها بالتحليل، ولكن ما يهمنا في حالتك أن أحد أسبابها الواضحة هو رسم صورة معينة للنجاح والطموح والانطلاق لا نريد أن نحيد عنها أو نتصور وجود صور أخرى متعددة وبدرجات مختلفة، وهذا سبب عدم استمتاعك بصحة أطفالك، وعدم شعورك بالمشاعر الطبيعية للأمومة هو أنك ترين في هؤلاء الأطفال حاجزًا ضد نجاحك وانطلاقك بالصورة التي رسمتها في ذهنك، والتي لا ترين صورة أخرى للنجاح غيرها.
ولو أنك نظرت حولك لرأيت كثيرًا من الطالبات الجامعيات قد حققن النجاح ووصلن إلى طموحهن، وكنّ في نفس الوقت أمهات ناجحات يشعرن بالأمومة تتدفق ويستمتعن بحياتهن مع أطفالهن، وبطريقة بسيطة جدًّا هي أنهن رسمن طريقًا للنجاح والطموح يناسب حياة الأمومة، واعتبرن نجاحهن في صحبة وتربية أطفالهن جزءًا من النجاح، وحوَّلن جزءًا من طموحهن في اتجاه طموحات أطفالهن فاتزنت المعادلة..
عدِّلي من صورة النجاح والانطلاق فستجدين مشاعر الأمومة المخنوقة والمكبوتة وقد انطلقت من داخلك، وسترين الحياة في صورة جديدة ليست أبيض أو أسود ولكنها ألوان متعددة وأطياف ممتدة امتداد الحياة نفسها وما فيها من أحداث وغرائب وعجائب لا تقف عند الدراسة أو الطموح فيها ... ولا ترى الانطلاق يجب أن يكون على حساب الأطفال..
ليس السؤال: هل أنا أنانية أَم لا، أنا أنثى وأُم أم لا؟ إن السؤال: هل يمكن أن أحقق التوازن الذي يجلب لي السعادة، وما هي التعديلات التي يجب أن أجريها على مسار حياتي حتى تتزن؟
بارك الله لك في زوجك وأطفالك ودراستك، فلا تترددي في تنظيم وقتك، وإشباع كل جوانب تكوينك، ولا تترددي في طلب العلاج إن أصابتك أعراض اكتئاب ما بعد الولادة، التي قد تصل إلى الشعور بعدم الرغبة في الأطفال
ـــــــــــــــــــ
وعند أهل الحكمة كيد.. النسف بالدعاء ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
قضيتي تبدأ في أني في نزاع مستمر مع والدي الذي أحبه كثيرًا وأكره تصرفاته، بدأ النزاع منذ وقت مبكر، ثم تطور سنة بعد سنة وأعتب عليه في تصرفاته تجاهي. أنا الآن أعيش مع جميع أولادي في السعودية بعد أن عانيت الكثير لاستقدامهم، أنا حاصل على الماجستير، وخلال دراستي كنت أعمل وأحصل على مكافأة مالية أيضًا من الجامعة، وأقوم بإرسال ودعم أسرتي في اليمن دائمًا كما هو مطلوب مني ذلك؛ حيث إن الوالد حفظه الله تخلى عني منذ أن تزوجت، وذلك وأنا في المرحلة الثانوية أي قبل 17 عامًا، ولي من الأولاد الآن سبعة، ذكورًا وإناثًا، وهذا في حد ذاته يشكل عبئًا عليّ لمعرفتي ما ينبغي عليّ من تعليمهم وتربيتهم، والوالد كان يتدخل في كل شيء وهم في الريف اليمني، وقد منعهم أكثر من مرة من الدراسة وطلب منهم أن يفلحوا الأرض معه ويهتموا بالأرض؛ وقد نجح في منع البنات من الدراسة.(45/169)
ومع كثرة الخلافات بينه وبين زوجتي من جهة وبيني وبينه والأولاد من جهة أخرى يتأزم الموقف من وقت لآخر، حيث إنه بعد أن حصلت على تأشيرة لاستقدام أولادي منعني من ذلك ووضع كل الترتيبات لمنعي، ودائمًا يهددني أنه سينسفني بالدعاء عليّ بدعاء يهلكني.
وصبرت وحاولت جاهدًا إقناعه بأني مهتم بمستقبل أولادي وأن الدراسة ضعيفة جدًّا في القرية، وأن الأولاد يجب أن يحصلوا على شهادات جامعية وأن.. وأن..، طموح في مقابل خذلان واستعمال الأولاد كعمال في الأرض من الصباح حتى المغرب. الوالد عنيف وعصبي ولا يتفهم كلامي ويضغط على الوالدة ويتهم زوجتي بأنها تسرّب جميع أمواله إلى أهلها، والكثير الكثير من المشاكل العائلية.
لكن الموضوع الآن هو أنه مُصِرٌّ على استرجاع ثلاثة من أولادي ليعملوا في الأرض ويفلحوها طوال السنة، مع أني طرحت له موضوع التزامي بدفع أجور عمال لفلاحة الأرض لكنه يقول: إن أولادي هم أفضل المرشحين لذلك لسهولة تسييرهم في عمل أي شيء وفي أي وقت حتى في رمضان، وهو معروف في القرية لدى الأهالي بعصبيته وعنفه وحزمه الزائد.
وقد تتساءل يا شيخ كيف وافق لي بأخذ جميع أولادي؟ لقد جمعت أخوالي وأخبرتهم أن تأشيرة الأولاد سوف تنتهي، ولن أستطيع أن أحصل على تأشيرة أخرى؛ فأرجو أن تطلبوا من الوالد السماح لي بأخذ أولادي، واستمر رفضه للفكرة حتى اتفقنا أخيرًا أنني سوف آخذ الأولاد جميعهم إلى السعودية أولاً وسأحصل لهم على إقامة معي، ثم أعيد الثلاثة الكبار الذين يريدهم ليفلحوا معه الأرض؛ كان هذا هو الحل الذي وافق عليه.
والآن أنا في ورطة لا أستطيع أن أفصل أسرتي وأن أُبقي نصف أولادي في الريف مع جدهم، لما في ذلك من مخاطر عديدة؛ حيث إن الأولاد في سن المراهقة (ابنتان وولد) ويجب إبقاؤهم معي. وبقيت محتارًا هل أوفِّي بما وعدت والدي؟ أما أن الوالد ليس له حق في استخدام أولادي كعمال في أرض تخص جميع الورثة وترهق أولادي وتحرمهم من الدراسة والتثقيف، بل وتعرضهم لمشاكل اجتماعية خطيرة خاصة الإناث عندما لا يوجد ووالدهم ووالدتهم معهم وقد حصل مثل هذا في القرية. أم أكتفي بإرسال مصاريف له ولوالدتي وأختي التي تعيش بجانبهم ومعها خمسة أولاد؟ أصبحت في حيرة من أمري. ومع تكرار تهديدات الوالد واتصالاته لي وتوبيخي والشكوى للناس عني، أصبح الأمر متأزمًا أكثر.
أرجو من سعادتكم النظر في القضية من جميع جوانبها، وإعطائي فتوى أو مخرجًا أستطيع أن أتجنب بها دعاء الوالد والوالدة عليّ. طبعاً جميع أصدقائي يخبرونني أن والدي ليس له الحق فيما يفعله ولكني لست مقتنعًا فيما يقولونه، فنصحوني في طرح قضيتي. أسأل الله تعالى أن يعينني في حل هذه المشكلة، وبالله التوفيق.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم، من أجل هذا أجد العمل في الصفحة ممتعًا رغم تبعاته الثقيلة.. فها نحن في ليلة العيد: أنتم تستعدون لقضاء وقت طيب مع الأهل أو الأصدقاء، وأنا معزول عن العالم أحاول الانتهاء من الإجابات على(45/170)
مشكلات تراكمت في رمضان المبارك حتى أخذت من وقت العبادة، ولا سبيل إلا باعتبار الإجابة من ضروب العبادة، وهي كذلك بإذن الله.
أخي الكريم، تعلمت كثيرًا من قراءة مشكلتك التي يبدو حجر الزاوية فيها ذلك الاختلاف بين نمطين من الحياة والتفكير، وفي نفس الوقت وصف عالمين نعيشها في بلداننا في وقت واحد، دون أن ندري – ربما – أن لكل عالم منهما منطقه المختلف عن الآخر، وبالتالي مميزاته وعيوبه.
والدك يعيش في قرية يمنية حيث الأرض هي الخير والحياة والمستقبل، والعمل فيها هو شأن الرجال وفخرهم، وحيث الأب والجد هو السيد المطاع الذي كلمته قدر لا تنبغي مناقشته، وهو الأعمق خبرة، والأكثر دراية، وبالتالي هو العارف بالأصح والأوفق.
وأنت تعيش في مدينة سعودية حيث التعليم النظامي، والشهادة الجامعية هي الأساس والطموح، والخطوة الأساسية نحو المستقبل والزواج... إلخ، وقد تعلمت أنت وعشت في نفس المناخ بعد أن غادرت قريتك؛ فتغيرت أفكارك بما يتواءم مع هذه الحياة، وأصبحت ترى في شخصية الوالد عنفًا وعصبية وحزمًا زائدًا رغم أنها طباع مفهومة، ومتوقعة من مثله في السياق الاجتماعي والثقافي الذي يعيش فيه.
كما تقول: إن الوالد قد تخلى عنك منذ أن تزوجت - في المرحلة الثانوية، وفي الحقيقة فإن ترك الوالد لك وقتها ليس تخليًا عنك بمنطق قريتكم، ولكنه الاستقلال الطبيعي هناك للاعتماد على النفس، ومن معالمه ومكوناته الزواج المبكر، الأمر الذي يختلف في المدينة، ولو فعلته مع ولدك فيها الآن بمعنى أن تتركه يعتمد على نفسه وهو في الثانوي يدرس، تكون قد تخليت عنه طبقًا للظروف والسياق السائد والشائع في المدينة.
أخي، أردت أن أؤكد على أننا بصدد نظريتين مختلفتين تمامًا للحياة؛ ولذلك فإن الحوار بينكما دون إدراك هذه المسألة يشبه "حوار الطرشان"، وهو وصف لكل مجادلة أطرافها يستخدمون لغات مختلفة، وكل منهما يتحدث بمنطق مغاير، ومفردات غير مفهومة للثاني.
نقطة أخرى لعلنا نتعرض لها بتفصيل أكبر في فرصة قادمة، وهي ما يخص دعاء الوالدة عليك أو على أولادك.
يا أخي، رحمة الله أوسع من أن تستجيب لوالد طيب بسيط أو أم غاضبة ساخطة، أم كلمة ينطلق بها لسان دون موافقة القلب، ومن توجيهات الدعاء عند سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم ألا يدعو الإنسان بإثم أو قطيعة رحم، وهذا من دواعي الاستجابة، والبر محكوم بالطاقة، والحكيم من جعل بره لولده ميسورًا، "وملعون من استعقَّ ولده" كما في الأثر، والاستعقاق بأن يجعل الوالدان برَّهما يشق على الابن أو الابنة أو يستحيل، فيضعان هذا في كفة، والدعاء عليه في كفة أخرى، وأحسب أن هذا جميعًا من كيد الأهل، ومن التهديدات التي تشبه تصريحات المسئولين في عالمنا العربي!!!
أي كلام كبير ليس وراءه مضمون حقيقي.
وبالنسبة لوضع الأولاد فاسمح لي أن أقول لك: إن الفيصل فيه ليس ما تريده، ولا ما يريده والدك وجدهما.. الأمر يتوقف على تخطيطكم لمستقبلكم، وهم شركاء في هذا القرار كلٌّ بحسب وعيه ورغبته، فإذا كنتم تزمعون الاستمرار في عالم المدينة فلا بد من الدراسة النظامية، وغيرها من مؤهلات الاستمرار في الحياة الحديثة، ونفس الأمر بالنسبة للبنات، وإذا كنتم تخططون للعودة مرة أخرى للاستقرار بالقرية فيمكن ترتيب الأمر بالنسبة للجمع بين الدراسة هناك، والفلاحة في الأرض.(45/171)
ومهما كان الاختيار الذي تقررونه أعتقد أن قدرًا من التعليم يظل أساسيًّا لا غنى عنه، ولا تنازل بشأنه.. رغب الوالد أم سخط، وإذا قررتم الاستقرار في المدينة فأرجو ألا تحرم الأولاد من العودة لجذورهم كلما كان ذلك ممكناً؛ لأن من لا جذور له، فلا فروع ولا ثمار ترجى منه، وقد تصل إلى حل وسط "ذهبي" مع الوالد، ويرضي جميع الأطراف، وهو أن يقضي الأولاد والبنات شهور الصيف، وإجازة الحج ونصف العام ربما، في قريتكم باليمن بما يتضمنه ذلك من فلاحة الأرض، وغيرها من مكونات الحياة هناك، ويعودون وقت الدراسة إلى مدارسهم وجامعاتهم؛ فنكون قد جمعنا الخير من طرفيه، فهل تستطيع ذلك؟!
وحذارِ من كيد الوالد، ولا تَخَف من دعاء، وكن حريصًا على أن تتعلم بناتك تطريز العباءة، وطبخ "السلطة" كما يتعلمن الحساب والعلوم، وأن يجيد الأبناء لف العمامة، وارتداء الجلباب كما يجيدون الحديث بالإنجليزية، واستخدام الكمبيوتر.. وستخفف المبالغ التي ترسلها للوالد من آن لآخر من نقمته على غياب الأولاد إن غابوا، وتعاون مع إخوتك في مساعدته، والسلام.
ـــــــــــــــــــ
والدي يهمس في الهاتف ... العنوان
علاقات أسرية, الإنترنت والهاتف ... الموضوع
أنا شاب متدين ولله الحمد، أعمل في شركة والدي، وأعيش مع أبي وأمي وإخوتي في جو أسري هادئ ومستقر ولله الحمد.. ولكن مشكلتي هي أبي؟ أبي ذلك الشخص الذي هو على قدر عالٍ من الإيمان والصلاح، لم أشاهده ولم أشك أبدًا في حياتي في أنه يرتكب محرمًا أو يقع في محظور..
لقد بدأ في هذه الأيام التحدث مع امرأة عبر الهاتف، ولا أعلم سبب محادثته لتلك المرأة! لقد اكتشفت ذلك صدفة عندما كنت مارًّا من أمام مكتبه... حاولت أن أتأكد من الأمر فأصبحت أتجسس عليه.. أعلم أن ذلك خطأ، ولكن كان لا بد من ذلك، وتأكدت بأنه يتحدث مع تلك المرأة بأمور خارجة عن نطاق العمل وكذلك يستمر الحديث أكثر من ثلث ساعة تقريبًا.. لا أعلم كيف وصلت تلك المرأة إلى أبي، إنه لا يخرج من البيت أبدًا إلا إلى المسجد والعمل فقط، وأنا الذي أرافقه إلى أي مكان يذهب إليه.
خاب أملي بوالدي لم أصارح أحدًا بهذا الموضوع إلى الآن، وأنا أبحث عن حل ولم أستطع أن أصارح أخي الكبير بذلك.. فأنا أحب والدي وأعتبره القدوة الحسنة وتاج رأسي، وعمره قد تجاوز الخامسة والأربعين.. هل من المعقول أن يحدث كل ذلك من والدي؟ أرجوكم أرشدوني: ماذا أفعل؟ فلقد أصبحت منذ تلك اللحظة عكر المزاج، وأفكر كثيرًا في هذا الموضوع.. ولا أخفي عليكم بأنني خائف من ارتباط والدي بتلك المرأة! أعترف بأن ذلك من حقه، ولكن هل جزاء زواج استمر 26 عامًا يكون بهذا الشكل؟ وما ذنب أمي المسكينة التي عاشت معه في السراء والضراء وهي إلى الآن لا تعلم أي شيء عن ذلك؟؟
... المشكلة
د. أحمد عبدالله / د. عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...(45/172)
... الأخ الكريم، حسنًا فعلت باستشارتك قبل أن تتصرف باندفاع، ونحن نستشعر مدى ما أنت فيه من ألم وقلق لأسباب كثيرة منها: خوفك على استقرار الأسرة، ومنها اهتزاز صورة القدوة عندك.
أولاً: ليس هناك ما يؤكد أن والدك ينوي الزواج بهذه المرأة، أو أن علاقته بها قد خرجت عن حدود اللياقة والأدب، وأنت حين تجسست عليه أخطأت بهذا الفعل الحرام، وجلبت لنفسك الشقاء بيديك؛ لأن الهواجس تكاثرت عليك، وأصبحت في الحال التي أنت عليها الآن.
ثانيًا: أما وقد حدث ما حدث فينبغي حسم الأمر، وتبديد الظن، وحتى يحدث هذا أمامك طريقتان:
الأولى: المصارحة على خلفية ما بينكما من حب وثقة، وفي إطار من الأدب الجم والاحترام الشديد دون أي انتقاص من مكانته، أو إهانة لمركزه، أو اتهام لأخلاقه، ولكن مجرد استفسار هادئ من ولد محب لأبيه الذي يقدره ويحترمه حتى تتضح الصورة.
والطريقة الثانية: هي التعويض بأن تسأله عن رأيه في الزواج الثاني لرجل في منتصف العمر؛ لأن صديقًا لك يوشك أن يتزوج أبوه ثانية، ويمكن أن يجري حوارًا عن دوافع مثل هذا الوالد - والد الصديق - للزواج ثانية، ونكون بالتالي أمام طرفين يتحاوران من وراء حجاب، وذلك ربما يعطي حرية أكثر في التعبير.
ثالثاً: سواء صدقت ظنونك أو لم تصدق، فيلزم أن تنبه والدتك بلطف، وبطريق غير مباشر للاهتمام بالوالد في هذه المرحلة الحاسمة والحرجة من العمر، مع تفهم لطبيعة "منتصف العمر" حين يحتاج الرجل إلى أن يشعر بأنه ما زال مرغوبًا، وقادرًا على تبادل العواطف ، والتعبير عن المشاعر تجاه أنثى يحبها، والأصل أن تكون زوجته، ولكن بعض الزوجات يحدث عندهن - وخاصة بعد ربع قرن من الزواج - حالة من الاطمئنان الضار من ناحية أزواجهن، ويكون مضمون هذا الاطمئنان نوعًا من الإهمال، وهي لا تدري أن الزوج في قمة الاحتياج لتجديد العواطف والأشواق!!
رابعًا: يمكنك الاطلاع على إجابات سابقة لنا عن الزواج الثاني وسلبياته، وتستخدم الحجج الموجودة ضمن هذه الإجابات في نقاشك مع الوالد، ونأخذ في الاعتبار أن الزواج الثاني يظل حلاً أحيانًا يكفل الإبقاء على البيت الأول متماسكًا بإقامة بيت آخر يدعمه - عند الحاجة لذلك- أي أنه ليس كل زواج ثان هو بالضرورة حذف وهدم للبيت الأول.
وأرجو أن تتضح أمام عينيك الصورة، وتمر العاصفة بسلام، هذا إذا كان في الأمر عاصفة من الأصل، فربما لا يعدو الأمر أن يكون زوبعة في فنجان.
اشترك في الإجابة د. إيهاب خليفة بفريق الحلول.
ـــــــــــــــــــ
الفترة المثالية بين الطفل والآخر ... العنوان
هموم الدراسة, علاقات أسرية ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم، لديّ طفلة تبلغ من العمر سنتين والنصف تقريبًا وهي طفلتي الأولى، الجميع من حولي يقولون لي: إنه حان الوقت للتفكير في الإنجاب، وذلك حتى لا يكون هناك فرق كبير بين الأول والثاني.(45/173)
المشكلة أنني في حيرة من أمري؛ حيث إنني أفكر إن شاء الله في إكمال دراستي، وأنتم تعلمون أن الطفل يحتاج إلى رعاية واهتمام كبيرين سواء الأول أو الآخر، لا أريد أن أظلم ابنتي، وكذلك أريد الدراسة.
أفيدوني جزاكم الله خيرًا ما هو أفضل مدة للمباعدة بين الولادات؟ وهل صحيح أنني إذا تأخرت في الإنجاب فسيؤثر ذلك سلبيًّا على ابنتي، علمًا بأنه لا يوجد أحد يساعدني من أهلي، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أظن أن السؤال الأول الذي يجب أن تجيبي عليه بوضوح هو: هل في نيتك الإنجاب مرة أخرى أم لا؟ لأنك يمكن أن تكتفي بطفلة واحدة، ويكون هذا أحد اختياراتك من أجل إكمال دراستك، والتي لم توضحي في رسالتك طبيعتها أو طبيعة المجهود الذي تحتاج إليه من أجل تحصيلها، ولماذا تعتبرينها متعارضة مع إنجاب طفل ثانٍ؟! وما هو رأي زوجك في هذه المسألة وفي أي اتجاه يشجعك؟!
أما من حيث الفترة المناسبة بين الحمل والآخر فلا يوجد رأي قاطع بذلك، وإن كانت آراء كثيرة ترى أن فترة ثلاث سنوات هي الفترة المناسبة؛ حيث تكون الأم قد استعادت صحتها بعد الولادة وبعد فطام الطفل.. ويرون أيضًا أن هذا يجعل الفارق السني بين الأطفال ليس كبيراً بحيث يسهل التعامل معهم، ويسهل قيام علاقات طبيعية بينهم، كما يرون أن زيادة الفترة عن ذلك بين الحمل والآخر ووصولها لخمس سنوات مثلاً تجعل الأم تخوض الحمل الثاني، وكأنها تخوضه لأول مرة خاصة أثناء الولادة، كما أنه الأفضل للأم أن تنجب أولادها في فترة الخصوبة العالية الممتدة بين العشرين والثلاثين؛ حيث تكون الفرصة أكبر لإنجاب أطفال أصحاء.
كما أن إنجاب الأطفال في سن مبكرة يسمح للأبوين بالصبر في تربيتهم ورؤيتهم وتدليلهم بما لا يسمح به طاقة الإنسان النفسية في أوقات لاحقة.. إذن ليس في الأمور شيء مقطعي، ولكن تحديد الأولوية والتفاهم مع الزوج سيكون أمرًا حاسمًا في اتخاذ قرارك.
ـــــــــــــــــــ
بدلاً من الصراخ في وجه الأطفال ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
أرجو أن يجيب على سؤالي أحد المتخصصين.
أنا أشعر أن ردود أفعالي على تصرفات أبنائي الخاطئة تبدو انفعاليةً بشكل زائد.
عندي طفل يبلغ من العمر سنتين ونصف، وهو نشيط عادةً، ولكن ليس بصورة مرضية، أشعر أنني أبالغ في عقابه أو الرد على أخطائه وبخاصة مع تعب وإرهاق نهاية اليوم، وحتى لا تفهموني خطأً فأنا لا أضربه عدا ضرباتٍ خفيفةً على يديه، ولكنني أصرخ في وجهه، وأعزله لدقائق في غرفته أحيانًا، وفي كل مرة أُعاقبه أشعر بالذنب؛ لأن هذا هو السن التي يرتكب فيها الأطفال الحماقات، وأشعر أنني أتصرف بشكل خاطئ رغم أنني تفرغت لتربيته هو وأخته بتجميد دراساتي العليا.
أرجوكم ساعدوني، ماذا أفعل عندما أشعر بالتحرق غضبًا بدلاً من الصراخ أو العقاب الذي أكرهه.(45/174)
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة:
من أجل ذلك كانت الجنة تحت أقدامكن، ولكن أكثر الناس لا يعلمون!!!
يا أختي، نحن ننحني احترامًا للأمومة التي هي نعمة جليلة تغفل عنها بعض الأمهات؛ حتى يكاد المرء أن يتمنى نزعها عنهن حين يرى كيف تحولن إلى كائنات مزعجة لا تجيد إلا الصراخ في وجه أطفالهن، في حين يسلكن غير هذا مع الأغراب أو حتى أطفال الآخرين!!!
وهذا الصراخ أو السلوك غير السوي يحدث غالبًا تحت تبرير التأديب والتهذيب والتربية وكأننا في غابة أحراش؛ البقاء فيها للأقوى، وكأنَّ أطفالنا هؤلاء أوعية جامدة نفرغ فيها إحباطاتنا، وتأثيرات ضغوط الحياة علينا، بدعوى التقويم والحزم في التوجيه، رغم أن الصراخ يكون غالبًا رد فعل للعجز عن التصرف فهو علامة ضعف على عكس ما يبدو.
أرسل لنا بعض الإخوة بتجاربهم في بيوتهم مع الأبناء، والزوجة الصارخة دائمًا المزعجة غالبًا داخل البيت، اللطيفة المجاملة الرقيقة المتفهمة خارجه ومع الآخرين!!!
حتى كاد أحدهم أن يضع قاعدةً أوشك أن أوافقه عليها بأن الأب الذي لا يستطيع تحمل المسئولية ليس أبًا، وأن الأم التي لا تستطيع الحلم والصبر لا تستحق أن تكون أمًّا، وإنه ما كان ينبغي لأي منهما أن يتزوج من الأصل، أو كان عليه أن يتزوج ليمارس الجنس الحلال والحب الحلال، أما الإنجاب فهو شيء آخر كان ينبغي تجنبه!!!
أنا أشكرك على فتح ملف الصراخ في وجه الأطفال؛ لأنه من أهم الملفات في مسألة التربية، وربما تتيح صفحة استشارات تربوية -التي نحن بصدد إضافتها لخدمات موقعنا -تبادل الخبرات والتجارب والنصائح العلمية والعملية حول تربية الأبناء وفيها مسألة الصراخ والعقاب.
وحتى ذلك الحين، فإن خبرتنا كأطباء نفس ومنا من يولّي اهتمامًا أكبر لمرحلة الطفولة ومن خلال حالات كثيرة نتابعها في مجال الممارسة الإكلينكية نقول لك:
أولاً : طفلك الآن في مرحلة تتصف بعدة ملامح منها العناد والنشاط الزائد، وهي مرحلة تمتد إلى بلوغه السنة السادسة من العمر تقريبًا، وهذا العناد والنشاط هو في جانب منه عبارة عن تعبير طبيعي وظهور فطري لوضع جديد في حياة الطفل، يبدأ في الشعور به أكثر مع حركته وتعلمه والكلام.
هذا الوضع يشير على أنه قد أصبح ذاتًا مستقلةً وكائنًا فاعلاً بعيدًا عن أمه التي كان حتى وقت قريب جزءًا منها ماديًّا ونفسيًّا، والحركة والعناد تزداد في الطفل الذكر عن الأنثى لأسباب بيولوجية ونفسية واجتماعية، وتزداد أكثر مع محاولات الكبت والحصار والعقاب غير المناسب التي تبدو وكأنها محاولات لإعادته مرةً أخرى إلى مرحلة غادرها بالفعل حين كانت أنشطته كلها مرهونةً بسماح أو رغبة أو قدرة الأم.(45/175)
ويجدر التنبيه إلى أن الأنثى أيضًا تنشط وتعاند وتتأثر أيضًا بصراخ الأم وعقابها وربما تتأثر بشكل أعمق من الذَّكَر، ولكنها في أغلب الأحوال تركن إلى ردود الأفعال غير المباشرة، مثل: قضم الأظافر، الإهمال في النظافة الشخصية، وغيرها من السلوكيات الاعتراضية دون مواجهة.
هذه إذن هي ملابسات الحركة والنشاط والعناد عند أطفال ما دون السادسة.
ثانيًا: من أغراض النشاط عند الطفل في هذه المرحلة أن يستكشف العالَم بنفسه، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى كوارث -كما تعرفين-ولكن يظل اللعب والرغبة في التعرف على العالم حقًّا طبيعيًّا وميلا فطريًّا لدى الإنسان السويّ في هذه المرحلة وربما طوال العمر بأشكال مختلفة.
ومصادرة هذا الحق- تحت دعاوى الحماية- أو منع الضوضاء أو عدم تحمل سخافة رغبات الطفل أو إلحاحه تتجاوز -غالبًا- ترشيد الفعل إلى الرغبة في تجاهل الأصل الأصيل والهام لنمو الطفل وشخصيته. وكم نبدو نحن عاجزين (سخفاء) حين نفشل في اقتراح البديل الأكثر مساهمة في تنمية أطفالنا، وحين نبدو جاهلين ببديهيات النفوس وحاجاتها، الأمر الذي يحتاج أحيانًا إلى قليل من التأمل والفطنة!!
ثالثاً: ولعلك تسألين: متى يكون التدخل إذن وكيف؟
وأنا أقول لك: في حالتين أساسًا:
حين يكون هناك تصرف يحمل خطرًا يغلب على الظن حدوثه كالاقتراب من نار الموقد، أو العبث في فتحات الكهرباء، أو اللعب بالسكين الحادة، وينبغي أن يكون التدخل هنا سريعًا وحازمًا، ولكن بغرض التعليم والتعريف أن هذا الفعل خطر، وأنه مرفوض من أجل ذلك وأنه ضار حتى بالكبير... وهكذا.
الحالة الثانية للتدخل عندما يلح الطفل في طلب أمر مخالف لما درج عليه النظام المُتفَق عليه سلفًا كالنوم في مكان معين أو بصورة معينة في غير الموضع المتفق عليه: الأكل في الحمام، أو إلقاء الحذاء في غرفة الطعام ... إلخ.
لا ينبغي أن تكون الضوابط أو القواعد كثيرةً أو صعبةَ التطبيقِ ولكن ينبغي التدرب على مراعاتها، ويحتاج هذا إلى دأب وهدوء وحزم، ويمكن تغيير هذه القواعد أو بعضها بتغير الظروف أو بعد اتفاق، كما تم إبرامها عبر اتفاق واضح ومحدد لا لبس فيه ولا غموض ولا تعميم.
أحيانًا يفاجأ الطفل بعقاب؛ لأنه خالف بندًا سريًّا لم يتم الاتفاق عليه بالتحديد، والأفضل أن نتفق على قواعد السلوك القويم بهدوء ووضوح وألاَّ نخالفها -نحن الكبار- كما يحدث أحيانًا، وإذا حدثت مخالفة نعتذر عنها بسرعة وعلانية ودون خجل من الاعتراف.
إن الكبار أيضًا يخطئون أحيانًا والإنسان الجيد هو من يعترف بالخطأ ولا يكرره؛ لأنه لا يوجد إنسان بلا خطأ، هذه المعاني من المهم أن تصل للأطفال.
رابعًا: لاحظي أن الصراخ في وجه الطفل في هذه السن ورغم أن غرضه الأساسي يكون وقف السلوك الذي يراه الصارخ عدوانًا؛ فتكون النتيجة هي تثبيت هذا السلوك العدواني بطريقتين: الأول: كرد فعل عنادي على فعل الأم، والثاني: لأن الصراخ هنا يكون بمثابة فعل تعليمي لسلوك صادر عمن هو في موقع القدوة مما يمنح هذا السلوك شرعيةً ضمنيةً تسبب تثبيته كوسيلة للتعبير والتفاهم وحل المشكلات ومواجهة المواقف.(45/176)
ونلاحظ أن الأطفال الذين يتعرضون لصراخ الأهل في وجوههم يبدءون في ممارسته تجاه الإخوة أو الأطفال الأصغر منهم في العائلة والمدرسة، وأحيانًا يصبح السلوك موجودًا حتى في وجه الكبار، ويصبح من العبث أن نقول لهم عندها: إن هذا الفعل معيب، ونحن نمارسه يوميًّا!!
ورغم هذا كله يبدو الصراخ عقابًا فاشلاً؛ لأنه دائمًا ما يكون مجرد فعل غير معقول، وغير مُوجَّه؛ فيفقد وظيفته العقابية مقابل تأثيراته السالبة سالفة الذكر، علاوةً على أنه يشيع مناخًا متوترًا في البيت يمس كل من يعيشون فيه، والبيت الذي تعلو فيه الأصوات الكبيرة والصغيرة هو مناخ مناسب ومعروف علميًّا لإنتاج وإفراز مرضى بأعراض نفسية، وأمراض تبدأ من القلق والاكتئاب، وتنتهي في بعض الحالات بالمساهمة في الوصول إلى حالة فصام.
فمن النظريات المعروفة أن الأسرة التي تزيد فيها التعبيرات السالبة من كثرة النقد، وحدة التوجيه، والتوتر المستمر بدون معنى أو هدف، هذه الأسرة تكون مُرشَّحَةً أكثر من غيرها لإنتاج حالات فصام، دون أن يكون هذا المناخ الأسري هو السبب الوحيد للفصام بالطبع.
خامسًا: ونصل إلى سؤالك الأخير: ماذا تفعل الأم الغاضبة – أو الأب – عند الشعور بنار الغضب تغلي معها الدماء في عروق الدماغ، وكل الجسد؟!
والإجابة سهلة ومعروفة للبسطاء، ولكن التعليم الرائع الذي تلقيناه، مع الكسل العظيم الذي نستسلم له في شئون التربية والعلاقات الأسرية والاجتماعية، كل هذه العوامل وغيرها جعلتنا مُعوَّقين عاجزين حتى عن إدراك البديهيات الفطرية التي قد يعرفها فلاح حكيم في قرية بعيدة عن المدن "المُتحضِّرة" التي نعيش فيها، يقول الفلاح الفصيح عندما أدخل البيت أنسى همومي على الباب.
لا علاقة للأطفال بمشاكل الكبار ومعاناتهم من مطالب مادية، وضغوط نفسية حياتية متنوعة، فارق هام بين الأطفال والكبار.
إن الأطفال غير مسئولين، وينبغي أن نعرف كيف نتدرج في تدريبهم على تحمل المسئولية بشكل واعٍ، وليس بأن يدفعوا ثمن همومنا نحن الكبار.
ضغوطكِ ومشاكلكِ الناتجة عن شئونك المنزلية أو الدراسية، أو شعوركِ بالتأخير في مجال عملكِ وتخصصكِ... إلخ، كل هذه الأمور هي خاصة بكِ تتعاملين معها، والله معك، ولا علاقة للأبناء بها.
ثم عندما يخطئ أحدهم ينبغي أن تتعلمي كيف تنسحبين من "ساحة المواجهة"، وتؤخرين رد الفعل العقلاني "إلى حين"، إلا في حالات الخطر والخطأ في مخالفة الأنظمة المُتفَق عليها كما أسلفتُ لكِ، والعقاب هنا يكون بهدوء ويهدف أساسًا إلى منع الضرر والرد إلى الأصل المُتفَق عليه، وأن التغيير ممكن ولكن ليس بالصراخ والإلحاح كما سبق وأوضحتُ.
الانسحاب نوعان مادي وذهني. المادي: يكون بمغادرة مسرح الأحداث إلى غرفة أخرى أو النظر إلى السقف أو زاوية الغرفة، وتغيير الوضع البدني بالجلوس من وقوف، أو الحركة من سكون.. إلخ.
والانسحاب الذهني: يكون بالاندماج في اهتمام ذهني آخر فور الشعور بنار الغضب، مثل: التفكير في حفلة العيد القادم، أو التفكير في صديقة تأخرت في الرد على رسالتها.. أو التشاغل بقراءة الجريدة، أو مشاهدة التلفاز، أو سماع موسيقى هادئة..إلخ، يعني.. كأنك لست هنا وسط اللهيب.(45/177)
وغني عن القول: إن إبداع مجالات نافعة وممتعة لاستثمار طاقة الأطفال هي السبيل الأكثر فاعلية في إخراج هذه الرغبات المشروعة في الفعل والاستقلال، بعيدًا عن الصور التي يتوصلون هم لها بالتفاعل مع البيئة المحيطة، والتي لا تخلو من الأخطار كما تعرفين.
مرة أخرى أجد نفسي مدينًا لك بالشكر الجزيل على فتح هذا الملف الهام، وهنيئًا لكن يا أمهات بالجنة، أما نحن الآباء فلنا الله، ونِعْمَ بالله.
تابعينا بأخبارك، والله معك.
أسهم في هذه الإجابة د. عمرو، د. إيهاب من فريق الحلول.
ـــــــــــــــــــ
كيف يتحول الابتلاء إلى انطلاقة ... العنوان
علاقات أسرية, القلق والتوتر ... الموضوع
أنا سيدة متزوجة منذ حوالي أربع سنوات وقد رزقني الله بابن، ولكن كانت هناك مشكلة عند الولادة لا أعلم هل هي مشكلة بسبب الدكتور، أم ماذا ؟ ولكن الله أراد أن يحدث عسر في الولادة مما أثَّر على ابني؛ فقد أصيب بنقص في الأكسجين، ومن ثَم تلف في بعض خلايا المخ أثر على الحركة عنده، وهناك بعض الخلل في وظائف المخ الباقية. وقد نصحنا الأطباء بالصبر؛ لأنه لا يوجد حل آخر، أي أنه ليس هناك علاج. وقد سافرت به إلى الأردن مرتين، وما زلت أتابع عند الأطباء هناك أو حتى هنا في بلدي وليس هناك أي تقصير منا، فنحن - أنا ووالده - نتابعه بشكل دائم، والحمد لله هناك تحسن في حالته لكن بشكل بطيء. ليس أمامنا إلا الصبر، ولكن في بعض الأحيان أشعر بالاكتئاب والتعاسة، وأحس أن الشيطان قد سيطر على تفكيري، خاصة إنني أحس أن الدكتور هو السبب فيما أعاني منه، وهذه المعاناة منذ عامين ونصف وهي عمر ابني، فهو يعاني ونحن نعاني معه، فهو دائم البكاء ولا ينام بانتظام، وأحيانًا يواصل الليل بالنهار ونحن معه طبعًا، وهذا ما يجعلني أمضي ليالي كثيرة في بكاء مستمر، ولا أعلم متى الفرج من عند الله. أرجو أن أجد عندكم ما يعينني على الصبر ويشدُّ من عزمي؛ حتى أقوى على المواصلة، كذلك أرجو أن أعرف ما هو ثواب صبر الأم على وليدها المريض. وشكرًا لكم على اهتمامكم. ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة: تريدين أن تعرفي ثواب الصابرين، وهذا شأنٌ كُتِبَ فيه الكثير من المصنفات، منها ما صنفه الإمام "ابن القيم" تحت عنوان: "عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين"، وجمع فيه من الآيات والأحاديث والآثار ما يضيق المقام هنا عن ذكره، يكفي أن الصبر نصف الإيمان، و"إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب"، وفي الحديث أنه: "يُنادى يوم القيامة على أهل البلاء في الدنيا، ويعطيهم الله ويعطيهم، وما زال يعطيهم حتى يتمنى أهل العافية أن لو كانت أجسادهم قرضت بالمقاريض في الدنيا لعظم ما رأوه من أجر المبتلين".(45/178)
عندما يكتب الله منزلة لعبد لا يبلغها بعمله يبتليه؛ فيكون صبره على البلاء بمثابة تعويض عمَّا فاته أن يصل إليه من منزلة بعمله، بمعنى أن أجر الصبر على الابتلاء يكون بديلاً عن التقصير في العمل، فيرتقي العبد ويرتقي شريطة أن يكون في الدنيا من الصابرين.
أختي الصابرة:
حضرت منذ سنوات مؤتمرًا دوليًّا فريد التكوين والنظام، ومن برامجه أن يجلس الناس ليتبادلوا الخبرات والتجارب، وفي صبيحة يوم من الأيام كانت الجلسة بعنوان: "من موقف الضحية إلى المعالج"، وفي هذه الجلسة تحدث زوجان عن تجربتهما - وهما من روسيا - في ولادة طفلة يشبه حالة طفلك، وكان السبب المباشر وراء معاناتها هو إهمال الطاقم الطبي الذي قام بعملية الولادة، وروى الزوجان قصتهما، وكيف تفهّما الموقف، ومارسا "الصبر الإيجابي".
أولاً: بالبحث والتنقيب عن موضوع الخلل، وَجَدا أنه بسبب تقصير التمريض في العناية بالطفلة بعد ميلادها مباشرة.
ثانيًا: قاما بالبحث في المراجع العلمية، وعلى الإنترنت لمعرفة حالة الطفل وتشخيصها بدقة، والبحث والاتصال بأهم المراكز التي تعالج مثل هذه الحالات، وقاما بالاتصال بأحد هذه المراكز، وتلقَّيا منه برامج تدريبية وعلاجية تفيدهما في التعامل مع حالة طفلتهما وتطويرها.
ثالثًا: قاما بتطبيق هذه البرامج، وكل ما من شأنه تسريع تحسن حالتها، وتحسين قدرتهما على التعامل معها، وتفهم حالتها بما في ذلك الاتصال بالأسر التي لديها أطفال يعانون من نفس المشكلة عن طريق الإنترنت، وتبادل الخبرات معهم.
رابعًا: كوّن الزوجان ما يشبه الجمعية لتطوير وتنمية وزيادة مهارات الممرضات العاملات في حقل رعاية ما بعد الولادة؛ حتى يتم التقليل من احتمالية حدوث هذا الخطأ ثانية مع أطفال آخرين، وفي هذا السبيل تحولت الأم من التدريس - مهنتها الأصلية - إلى التمريض، وساعدها هذا في التفرغ أكثر لفهم ورعاية حالة ابنها، وإدارة هذه الجمعية الجديدة.
وفي نهاية كلمتهما قالا: نودُّ أن نقدم لكم ثمرة من ثمار هذا الجهد المضني الذي استمر لسنوات، ودخلت طفلتهما تتهادى مثل البطة الصغيرة بعد أن شفيت "بشكل شبه تام" من الحالة التي نتجت عن قصور ولادتها.
درجنا يا سيدتي على الحديث عن الصبر والرضا والتسليم، وكأن الأمر يعني مجرد التحمل حتى يأتي قضاء الله فنموت أو يموت الطفل المُبْتَلى، وهذا أضعف الإيمان.
خطأ أن تتمركز حياة الإنسان حول أية ناحية من النواحي، فما بالنا إذا كانت هذه الناحية مؤلمة ومزعجة ومحزنة.
تحتاجون إلى استعادة بقية نواحي الحياة من مرح ونزهات واجتماعيات، وأنشطة أخرى، فهذا كله مصادر للطاقة، وعون على الصبر.
ويفيدكم مثل الزوجين اللذين حكيت لك عنهما أن تتحولا تدريجيًّا من نفسية الضحية - بالاستعلاء عليها - إلى نفسية المعالج والمشارك في هموم الآخرين، وستجدين في الإنترنت تجمعات وهيئات تفيدك بمعلومات واتصالات أساسية في هذا.(45/179)
ومع تحسن طفلك أكثر قد تفكرين في الإنجاب ثانية؛ مما يدعم تعايشكم مع حالته وممارستكم التدريجية لحياتكم كأسرة عادية تراعي احتياجات كل فرد فيها كما هي.
تمنياتي لك بالسعادة في الدنيا والآخرة.. وتابعينا بأخباركم.
ـــــــــــــــــــ
واجس الطفل الأول ... العنوان
الاغتراب والهوية, علاقات أسرية ... الموضوع
السلام عليكم، مشكلتي ليست معقدة ولكني في حاجة إلى مساعدتكم، فلقد تزوجت منذ ثلاثة أشهر، وقد اتفقت أنا وزوجي على استكمال دراستي في الولايات المتحدة لمدة عامين ثم بعد ذلك نفكر في الإنجاب، ولكن الوضع الآن اختلف عندما وجدنا هنا تكاليف الدراسة مرتفعة، فقررنا تأجيل الدراسة إلى أن نعود لـ "كندا" بعد خمس سنوات، حيث عائلة زوجي.
والمشكلة هي أنني حامل في الشهر الأول، ولا أدري هل أحتفظ بحملي أم لا ؟ فإن احتفظت بالحمل ووضعت طفلي هنا سأقوم بتربيته، وعند عودتنا إلى "كندا" سيكون قد بلغ سن المدرسة، ولكني أخشى الاحتفاظ به؛ لقلة خبرتي، ولأنه يمثل مسئولية كبيرة، كما أن والدتي كانت تشير عليّ بتأجيل الحمل؛ لكي أستطيع أن أقضي وقتًا أكثر مع زوجي دون أطفال.
قبل علمي بأنني حامل، رأيت في النوم طفلاً في حقيبة لا لون لها، وقال لي أحد إن هذا هو ابنك. ثم رأيت بعد ليلتين أني أحمل طفلاً مشوهًا وقيل لي إنه ليس ابنك.
إني أخشى أن يكون طفلي مشوهًا، في الوقت نفسه نريد أنا وزوجي الاحتفاظ بالجنين؛ خوفًا من الله، وأيضًا لأني سأجد ما يشغلني في فترة الهجرة.
رجاء إفادتنا بالرد في أقرب وقت.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إنك الآن حامل فعليًّا في شهرك الأول.. فهل تعتقدين أن المبررات التي قدمتها في رسالتك تعطيك الحق في إجهاض نفسك.. هل من حقك بعد أن أصبحت حاملاً فعلاً أن تسألي: هل أحتفظ بالجنين أم لا.. إن الأسباب التي أوردتها في رسالتك، سواء الخوف من تحمل مسئولية الجنين، أو الرغبة في توطيد العلاقة مع زوجك - على حسب نصيحة أمك -، أو الخوف من ولادة طفل به عيوب خلقية، ذلك الخوف الذي لا يقوم على أي أساس علمي أو فحوص طبية..
إن هذه الأسباب لا تعطيك الحق في التخلص من جنينك من الناحية الشرعية، وهذا يغلق باب السؤال، ولكننا مع ذلك سنناقش الأمر معك نقطة.. نقطة حتى نتبين معك تهافت منطقك حتى من الناحية العقلية أو الموضوعية.. أما تحمل مسئولية الجنين، فمَن مِنَ الأمهات كانت على دراية كاملة بالتعامل مع طفلها الأول عند بداية حملها؟!! إن المطلوب منك أن تبدئي الاستعداد لاستقبال المولود من خلال القراءات المتخصصة، وسؤال أهل الخبرة وحضور(45/180)
الندوات والدورات المتخصصة في ذلك، ونظن أن هذا أمر ستجديه متوافرًا بصورة كبيرة في الولايات المتحدة حيث تقطنين الآن، ثم بعد ذلك ستكونين مثل أي أم تستقبل وليدها الأول تحاول معه بما تعلمته، وما لا تعرفه تسأل عنه من حولها مثلما فعلت كل الأمهات على مدار الأزمان، ولست استثناءً. وأما التعرف على زوجك وتوطيد العلاقة به، فالعكس هو الصحيح في حالة حدوث الحمل؛ حيث يصبح هذا القادم الجديد فرصة للحوار والالتقاء بين الزوجين، وظهور مشاعر جديدة بينهما؛ حيث يشعر بأن ما بينهما من حب هاهو يتجسد كائنًا حيًّا داخل رحم الأم، يقومان سويًّا برعايته والاطمئنان عليه حتى يصل إلى هذه الدنيا رمزًا مجسدًا لعلاقة طبيعية قوية بين الأبوين.. ثم يأتي الطفل ويبدأ الطرفان في رعايته سويًّا، ويحاول كل طرف أن يساعد الطرف الآخر في ذلك، ويقدم له العون، ويحاول أن يحمل عنه بعض العبء، فالزوج يجب أن يقوم على رعاية الطفل حتى على حساب راحته من أجل أن تستريح الأم قليلاً، والأم حريصة ألا يقلق الوليد الأب بصياحه وبكائه حتى يستطيع العمل أو المذاكرة، ويرى كل منهما في الآخر ذلك فتزداد الروابط. لم يكن الأطفال في يوم يا أختي من الأيام سببًا في تباعد الأبوين، بل هم دائمًا سببًا في إسعاد البيوت واستمرارها، بل إن كثيرًا من الأزمات الزوجية انحلّت بوصول الأطفال معلنين وجود سبب جديد لاستمرار الحياة الزوجية.
وأما بالنسبة لوجود عيوب خلقية في الأطفال، فهذا أمر ليس بأيدينا، ولكنه بيد الله عز وجل، ولا نملك حياله إلا أن نأخذ بالأسباب التي نملكها في أيدينا لمنع ذلك، كالامتناع عن تعاطي الأدوية أثناء الحمل، وكالكشف الدوري على الجنين وأمه أثناء فترات الحمل، ولكن يظل الأمر لا يدعو للقلق أو الامتناع عن الحمل والولادة؛ لأن هذا أمر لن يمنعه أن نؤجل الحمل لوقت آخر، بل العكس هو الصحيح؛ حيث إن الحمل المبكر يقلل احتمالات ذلك، إن التوكل على الله، وتذكر أن الحمل والولادة من نعمه علينا والتي يجب ألا نجحدها، كفيل بطرد كل هذه الهواجس والأوهام
ـــــــــــــــــــ
خائفة على بناتي " مشاركة " ... العنوان
العادة السرية, علاقات أسرية ... الموضوع
مشاركة ... المشكلة
... ... الحل ...
...
... لقد لفت أنتباهي المشكلة المنشورة علي صفحتكم بعنوان " خائفة علي بناتي " والتي تعرب فيها سيدة متزوجة عن مخاوفها أن تمارس بناتها الثلاث العادة السرية،وتسأل عن الكيفية التي تجنبهم بهامن الوقوع في هذا المرض؛وتسأل مإذا كان ختان البنات يساعد على تجنب هذه العادة ، فاسمحوا لي أن أشارككم الرأي في هذه المشكلة ، في رأيي الشخصي الختان أو عدمه ليس ضامن لعدم وقوعهن في الاستمناء، ولكن هناك أمور أخرى يجب على الآباء الوعي بها وتحريها، ومنها: 1 - أن تعلمي "أن الدعاء يرفع القضاء"، فكوني دائمة الدعاء لهن وسلي الله سبحانه وتعالى أن يرزقهن العفاف والتقى ويعافيهن من كل سوء. 2 - لا تعرّضي بناتك لرؤية العورات "بدعوى أنهن صغيرات" فلذلك مخاطرة. 3 - علِّميهن آداب الاستئذان سواء داخل المنزل أو خارجه. 4 - لا تدخلي بيتك الأفلام الجنسية والعاطفية من أي طريق (فيديو – دش - إنترنت). 5 - لا تتركيهم مع من لا تأمني جانبهم وأخلاقهم رجالاً كانوا أو نساء. 6 - كوني لهن صديقة حميمة ومراقبة لبناتك قدر الإمكان خاصة(45/181)
في سن المراهقة. 7 - وأخيراً يا أختي الدنيا بها الكثير من المفاسد والمثيرات، ويجب أن تحاولي جاهدة إبعاد بناتك عنها، ولكن سيظل هناك قدر قد لا تستطيعين منعه، وأعتقد أن أهم من كل ما ذكرته أن تغرسي في نفوسهم "مراقبة الله والخوف منه"، وأن تعلِّميهن الحلال والحرام قد تعتقدين أن كلامي نظريًّا، ولكني أقول لك: إن مراقبة الله والخوف منه هو السبيل الوحيد الأكيد لعلاج هذه المشكلة. وكوني أنت لهن قدوة في مراقبتك لله في كل ما تفعلينه، واعلمي: " أن صلاح الآباء ينفع الأبناء"، فقوِّي علاقتك بالله واستعيني به". وأعلمينا بأخبارك. ( ملاحظة ) لمزيد من التفاصيل يمكن مراجعة المشكلة الأصلية المنشور بعنوان " خائفة على بناتي" بتاريخ 18 أكتوبر وعنوانها الاليكتروني هو
http://www.islamonline.net/questionapplication/arabic/display.asp?hquestionID1397
ـــــــــــــــــــ
ماذا أقول لأختي... أنا محرج ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
لي أخت بالغة، ستنهي جامعتها قريبًا، واستنتجت مؤخرًا أنها لا تعرف أشياء كثيرة مهمة عن البلوغ، ومنها الاغتسال الصحيح، ولا يوجد قريبة لنا حتى تعلّمها، وأنا محرج منها جدًّا؛ فماذا أفعل؟! ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم، هل الحوار المباشر منك أو إحدى قريباتك هو الطريقة الوحيدة لتوصيل المعرفة؟!
يا أخي، ما تتحدث عنه من أشياء –تريد أن تعرفها أختك - موجودة في كتب كثيرة منتشرة، وشرائط تسجيل ذائعة عن "فقه المرأة المسلمة".
ونحن نعتقد –ربما- أن استنتاجك قد يكون خاطئًا، وقد تكون معلومات أختك أكثر مما تتصور، ولكنها تخجل من أن تبدي مساحة معرفتها لكم.
من الجدير بالذكر أن أختًا قد زارتنا بمشكلة سابقة قالت فيها: إنها كانت تفضل أن تبقى جنبًا ليوم كامل؛ لأنها تستحي من الاغتسال في وجود أهل زوجها!! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ـــــــــــــــــــ
ألغاز وطرائف ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
المشكلة تتلخص بين أم وابنها، فابنها طيب، وعلى خلق جيد، ولكنه لا يحسن التصرف، وقليل الحيلة، ولا يحب أن يعمل، أو يجهد نفسه بأي عمل، ويؤجل كل شيء يطلب منه؛ مما يؤدي إلى مشاكل مستمرة مع والدته، مع أنني أحاول نصحه والتفاعل مع بعض همومه ومشاكله، لكن دون جدوى واضحة، ولو أنه يتحسن شيئًا ما، فما العمل؛ حيث إن المشاكل تتفاقم بينه وبين والدته؟ ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...(45/182)
...
... الأخ الكريم، تراودني فكرة من آنٍ إلي آخر ألا وهي تغيير اسم هذه الصفحة، ومن ضمن الأسماء المقترحة "ألغاز وطرائف"!! ولو أطلقنا العنان لبعض الظنون التي تحوم حولنا، وتجول أحيانا بخاطرنا لصدقنا من يأتي يقول لنا: إن كثيراً من زواركم يتسلون أو يفتعلون قصصاً وهمية، ومشاكل خيالية!!
كل ما أرجوه ألا تدعموا شياطين هذه الوساوس، إخواني أخواتي زوار هذه الصفحة عليكم بملء البيانات المطلوبة عنكم بدقة لا يهمنا "الاسم مطلقاً"، ولكن جميع البيانات مهمة للغاية لإعطاء إجابة محكمة نافعة، كما أرجو ذكر التفاصيل التي تعتقدون أن لها علاقة بموضوع المشكلة، أما الغموض الذي يشبه الأحاجي فيتعبنا ويؤخر إجابتنا ... بين أخذ ورد.
أنت يا أخي العزيز – مثلاً – لم توضح لنا:
كم يبلغ عمر هذا الابن الطيب؟! وما هي علاقتك أو قرابتك به، وبالتالي اطلاعك على أحواله؟! وما الأدلة على ما تصفه به من نقائص؟!
متى ظهرت عليه هذه السلوكيات التي تذكرها من قلة حيلة ... إلخ؟ هل منذ ميلاده؟! أم هي أشياء مستجدة؟!
ما مستواه الدراسي؟! وقدراته العقلية؟!
أين والده؟ وما طبيعة علاقة الابن به؟!
ما طبيعة علاقات الابن الاجتماعية: أصدقاء – وهوايات – وأنشطة؟!
إن كثيراً من الآباء والأمهات يصفون أبناءهم بالعجز وعدم النضج، ويستعجلون نموهم النفسي رغم أن هذا يحتاج إلى وقت وجهد، وقلما يساعدون فيه كمسئولين عن تربية هؤلاء الأبناء، وقد يؤدي هذا إلي صدام مكتوم أو معلن بين الطرفين ... سننتظر ردك بإذن الله.
ـــــــــــــــــــ
آباء وأبناء ..قصة كل بيت ... العنوان
مع الأهل, علاقات أسرية ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مشكلتي تكمن مع والدي وتتلخص فيما يلي: والدي لا يتقبل الأمور بصدر رحب مهما كانت القضية، ولا يؤمن بقضاء الله وقدره، ويتعامل مع الأسرة كاملة بشكل عصبي للغاية، ولا يتقبل سماع المشاكل؛ لذا أضطر إلى اللجوء إلى أخي الأكبر أو أصدقائي، مع العلم أن الحل عند والدي، حاولت التعامل معه بعدة طرق؛ لكني لم أنجح أرجو تقديم النصائح، والتوجيهات بأسرع وقت. ... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي العزيز، خطابك مختصر، ومكتوب بأسلوب عام للغاية مع أنه يضع قائمة اتهامات من النوع الثقيل.
وقلنا من قبل: إن الأسئلة العامة الغامضة لن تحظى بغير إجابات عامة واسعة أيضاً.
وقبل أن نجيب عن تساؤلك، أتوجه إليك، وأنبهك إلى أن الكثير من الشباب يتمسكون بآرائهم، ويطمحون إلى إنفاذ رغباتهم ضد رأي الأهل ورغبتهم، والوالد خاصة دون أن يكلفوا أنفسهم عناء النظر - مجرد النظر - في رأي(45/183)
الوالد بعمق وتجرد، بل إنهم ربما يقبلون النصح إذا جاء من صديق أو أخ أكبر، ويرفضونه حين يأتي من الأب لمجرد أنه مصدره، وهذا من ضعف التجربة، وقلة الخبرة والحكمة.
وفي مقابل ذلك فإن الرغبة الجامحة لدى الآباء في إبعاد أبنائهم عن تكرار أخطائهم الشخصية، ورغبتهم في أن يروهم في أحسن مكان قد تترافق مع عدم القدرة على إدارة العلاقة بين الأكبر والأصغر على نحو يتم فيه الاستماع والتناصح على أكمل وجه، وتتحول الأمور - أحياناً - إلى شكل يشبه طبيباً يسقي مريضه دواءً شديد المرارة، والمريض المسكين يتجرعه ولا يكاد يسيغه، وهو يجهل تركيب الدواء وأثره وسبب مرارته!!
ولا حل لهذا الوضع إلا بالمرونة والتقدير من الطرفين: بأن يفهم الأبناء دوافع سمت الآباء الذي ينزع إلى السيطرة أو محاولة التحكم في مجريات الأمور، وعدم تفويض بعض المهام، وإعطاء بعض الثقة تدريجياً للأبناء مخافة أن تفسد النتائج، ويكون مطلوباً من الأبناء أن يستمعوا بإنصات، ويتأملوا بوعي في مضمون رسائل الأهل، ومواقفهم بغض النظر عن أسلوب هذه الرسائل، وحدة تلك المواقف، وبالمقابل فإن التربية عبء كبير، ولها همومها في كل مرحلة، وفي مرحلة تجاوز الأبناء سن الطفولة والتنشئة فإنه يكون مطلوباً من الآباء الدخول في عملية "طويلة المدى"؛ لتدريب أطفال اليوم/ رجال الغد على تحمل المسئولية، واتخاذ القرارات.
وللأسف يا أخي العزيز، فإن المرحلة التي ينبغي، ويمكن أن تنتقل فيها الخبرات من الأكبر إلى الأصغر وبالعكس، سرعان ما تنقضي حين يستقل الأبناء بحياتهم، وفي بيوتهم وأسرهم الناشئة الجديدة، ونكون بصدد دورة جديدة تتبدل فيها المواقع، وقد يشكو فيها الأبناء الجدد مما كان آباؤهم يشتكون آباءهم فيه، والحكماء من الناس آباءً وأبناءً يستطيعون أن يحققوا المعادلة الصعبة، فيكونون بذلك قد أدوا ما عليهم من أمانة عرضها الله على السماوات والأرض فأبين أن يحملنها، وأشفقن منها، وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً.
يا أخي، ترفق بوالدك، ولو كان خشناً لا يتقبل الأمور بصدر رحب، واجعل همك اليوم أن تتعلم منه، ولو كان الثمن بعض الصبر عليه، فغداً يفوت أوان التعلم، ويأتي أوان المسئولية فماذا أعددت له؟
ـــــــــــــــــــ
تحت العشرين ..شكاوي معتادة "متابعة " ... العنوان
مع الأهل ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بداية نشكركم على طرح حلول لمشاكلنا، لقد أرسلت مشكلة من قبل، وقمتم بالرد عليها، ولكم جزيل الشكر عن ذلك، وكانت بخصوص أخي شارد الذهن، وقد فعلت ما طلبتم مني، ولكنه للأسف لم يتغير، وأهلي لم يساعدوني في حل المشكلة، وقالوا لي: "هو إحنا لِسّه بِدّنه ندلل فيه" ولا أدري ماذا أفعل؟ وكيف أقرب بيننا وبينه؟ فالفجوة كبيرة، دلوني بالله عليكم ماذا أفعل؟ ... المشكلة
... ... الحل ...
...
... أختي المحترمة، أهلاً بك مرة أخرى، وأنت تتابعين اهتمامك بأخيك رغم عدم جدية أهلك في متابعة أموره.
يا أختي، ما حدث من انحراف في سلوك أخيك تم خلال شهور وسنوات، وهو يحتاج إلى وقت طويل لكي يتعدّل، فهل تظنين أن أخاك سينصلح حاله، وسيقترب منك في يوم أو أسبوع أو شهر؟!(45/184)
الأمر يحتاج إلى جهد وإلى وقت، ولذلك فإن التربية تبدو من أصعب المهام، وما تقومين به يبدو أصعب من التربية، لأنك لست في موضع التوجيه "كونك أخته"، ولكن في موقع النصح اللطيف غير المباشر كما ذكرنا لك سابقاً.
ليس أمامك سوى الصبر والحرص على حسن السلوك، وإظهار الاهتمام بشئونه وهواياته وكافة أموره، وبعد مواقف كثيرة، ووقت معقول ستكونين موضع ثقته وأسراره، وشكاواه وسيسهل عليك وقتها إرشاده من خلال الإجابة عن أسئلته، والحديث حول أحداث حياته وصداقاته.
وينبغي أيضاً أن تستمري في طلب المساعدة من أهلك في معاملته بالحسنى؛ لأن العنف لن يزيده إلا تمرداً، وليست الحكمة مرادفاً للتدليل، وليس الهدوء معناه التهاون، لكن التجاهل يؤدي إلى تفاقم السلبيات، وأبواب السوء اليوم كثيرة، فلا تدفعوا إليها أخاك برعونة الأسلوب، وخشونة رد الفعل، فهذا أسهل شيء، ولكن الاحتواء والتفهم أساسي - على صعوبته - لاجتياز هذه المرحلة الحرجة.
وأرى أن اشتراكك مع أخيك في أنشطة مفيدة وممتعة، وتعاملك معه بوصفه صديقًا مقربًا، وليس بوصفك معلمته أو مربيته؛ سيكون له أبلغ الأثر في تقصير الوقت المطلوب لنجاح مهمتك.
شاركت في حل هذه المشكلة السيدة سمر عبده من فريق مشاكل وحلول.
ـــــــــــــــــــ
تحت العشرين.. شكاوى معتادة ... العنوان
مع الأهل ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله عنا كل خير على هذا الموقع المميز والمتنوع. ومشكلتنا تكمن في أخٍ لي. أخ تقدم للثانوية العامة هذا العام ولم يوفق؛ لأنه لم يدرس إلا قبل الامتحانات بقليل، وكان يُمَنِّينا بأنه سينجح، ولكن لم يُوَفَّق، والمشكلة تكمن فيه؛ حيث إنه لا يسمع كلام والدي، ودائمًا شارد الذهن، ودائمًا في خلاف ومشاجرة معنا. أنا لا أنكر أنه – وهو طفل – كان مدللاً كما أخبرتني أمي، وبعد ذلك انقلبوا عليه بشدة؛ لأنه كان لا يسمع الكلام، ومهملاً في حياته وعنده لا مبالاة رهيبة؛ حتى كاد والدي ييئس منه، وهو لا يدري ماذا يفعل معه ولا نحن، ولا يدري أبي كيف يُؤَمِّن له مستقبله، حتى إنه فاشل في الحياة العملية كل هَمِّه الرياضة وطلب النقود. والله لقد احترنا في أمره. ماذا نفعل بالله عليكم؟! أفيدونا بارك الله فيكم. ... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي المرسلة، أقدر اهتمامك بأخيك وحرصك عليه، وأعتقد أن سبب مشكلته أمران:
1- أنه مدلل في الصغر، وزيادة التدليل للطفل تجعله "يكره المسئولية"، ويسعى للأمور السهلة الممتعة بأي طريق، وإصلاحه يحتاج لمجهود كبير.
2- أن أخيك في سن المراهقة، ومن طبيعة هذه السن التقلبات والانفعالات والاستهتار وشرود الذهن.. "كما ذكرت".(45/185)
ومع الأسف معظم الآباء والإخوة الكبار لا يَحْتَوون أو يتفهمون هذه المرحلة؛ لذلك يقابلون تصرفات الشباب في هذه المرحلة بالشدة والإهانة واللوم والسخرية، مما يؤدي لنتيجة عكسية؛ فيزيد الأبناء في العناد والخطأ.
والحل في رأيي، هو أن عليك:
1- مصاحبة أخيك واحتواءَه، وإياك والسخرية أو النقد المباشر اللاذع لتصرفاته، وعليك مشاركته في بعض هوايته الرياضية مثلاً.
2- متابعة أخباره ومعرفة أصدقائه، فأصدقاء السوء يكون لهم تأثير كبير في سوء سلوكه.
3- البعد قدر الإمكان عن المشاجرات والخلاف، وعليكم محاولة مناقشته بهدوء مهما كانت المشاكل كبيرة.
4- تشجيعه وإخباره بثقتكم فيه وفي قدراته، حتى وإن كان ذلك غير صحيح؛ فهذا سيجعله يتحمل المسئولية.
5- محاولة إيجاد صحبة صالحة له تعينه على الخير، فالمرء على دين خليله.
وأعانكم الله وأعلمينا بالتطورات.
حررت هذه الإجابة الأستاذة سمر عبده من فريق الحلول
ـــــــــــــــــــ
الشوق إلى الوالدة.. أم البقاء للعمل؟! ... العنوان
الاغتراب والهوية, هموم الدراسة, العمل والبطالة ... الموضوع
أنا لست لديَّ مشكلة بالتحديد، بقدر عدم معرفتي بما سيواجهني بعد تخرجي مباشرة في الجامعة، أنا أحاول اتخاذ قرار: هل أكمل الماجستير بعد تخرجي وأنتهي منه في سنتين، لكي أتمكن من العودة إلى وطني فلسطين، أم الأفضل لي أن أبحث عن عمل وأبقى هنا في أمريكا وأكمل الماجستير؟ الاختيار الأول سيتيح لي العودة إلى والدتي وإلى الأرض المقدسة سريعاً، ولكن مع قليل من المال وخبرة عملية غير كافية، أما الاختيار الآخر فسيأخذ وقتاً أطول، ولكني عند عودتي في النهاية سيكون معي قدر من المال، ودرجة الماجستير، وخبرة عملية، وهذا الاختيار قد يستغرق مني حوالي ثلاث سنوات مع ملاحظة أن بقاء والدتي وحيدة في فلسطين قد يستمر لمدة تتراوح بين السنة والنصف والسنتين؛ لأجل إنهائي للماجستير.
أنا قلت: إنني سأرجع؛ لأنني قلق من إغراءات العمل: من حيث إمكانية الحصول على مال وفير، وتوفر إمكانية الاطلاع على التكنولوجيا، مما سيقودني بعيداً عن العودة إلى الحالة غير المرضية في فلسطين، جزاكم الله خيراً لأجل أي نصيحة تقدمونها لي..
... المشكلة
... ... الحل ...
...
... الأخ العزيز، أهلاً بك، ولو كنت تسألنا من باب الاستئناس بالرأي دون وجود مشكلة حادة.. فأهلاً بك على كل حال، أرى أن الأفضل أن تختار البقاء لفترة أطول؛ لأن هذا سيتيح لك الخبرة العملية بجانب الدراسة، وأدعوك للتفكير الجدي في استدعاء الوالدة للإقامة معك لبعض الوقت "من خلال الدخل المادي المتحقق من العمل"، بل أدعوك للتفكير في أن يكون لك اتصال دائم يمكنك من السفر إلى الولايات المتحدة، والعمل فيها حين تريد.(45/186)
بمعنى أن حصولك على "الكارت الأخضر" أو الإقامة الدائمة يبدو هامًّا، خاصة في ظل ظروف عدم الاستقرار في أوضاع فلسطين الحبيبة، ووجود هذا الإمكانية لديك - ولو ببعض الجهد والوقت - يتيح أمامك مدى أوسع للاختيار لنفسك ولأسرتك، تمنياتي لك بالنجاح وأهلاً بك، وبرسائلك.
ـــــــــــــــــــ
زوج أختي الصغيرة يضربها ولا يصلي ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم، أختي الصغيرة تبلغ من العمر 24 عامًا، تزوجت بطريقة تقليدية بعد أن توقفت عن الدراسة، لم نسأل بدقة كثيرًا عن سلوك الزوج، بقدر ما بحثنا عن العائلة التي كانت ذات سمعة لا بأس بها، ولكن بعد عام من الزواج، وبعد إنجابها لابنها الأول ها هي تشتكي لي من زوجها، أولاً هو لا يصلي إطلاقًا مع علمه بأهمية الصلاة، ولم يركع في حياته لله، ثانيًا الأدهى والأمرّ والذي من أجله لا يغمض لي جفن هو أنها اكتشفت أنه يتناول الخمر إذا ما دعاه رفقاؤه إلى ذلك في بعض المناسبات، ثالثًا أنه يضربها أمام أهله لمجرد أن يغضب؛ فتحس بإهانة قاتلة، لا نجرؤ أن نكلم أبي في هذا المصاب الجلل؛ لأنه كبير في السن ونخاف عليه من الصدمة، ولا نجرؤ أن نكلم إخوتنا الرجال خوفًا من تهورهم، وتضاعُف المشكلة، هي تريد أن تستره عسى أن يهديه الله، ولكن أنا أتعب لمصابها، ويصعب عليّ أن أتخيل أختي الصغيرة مع رجل مثل هذا، وما باليد من حيلة؛ لأنها استحلفتني ومنعتني من أن أكلمه في الأمر خوفًا من أن أزيد الطينة بلة، الجبان يضربها لأي سبب ضربًا مبرّحًا ثم يعتذر، انصحوني ماذا أعمل؟ وبماذا أنصحها؟ وأرجوكم أرجوكم ثم أرجوكم الدعاء لها علّ الله يهدي زوجها، ويفرج كربتها، وبارك الله فيكم.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة، رغم أن البكاء على اللبن المسكوب لا يعيده إلى الإناء مرة أخرى، لكنه يمكن أن ينبه الآخرين إلى الحذر، واجتناب المصير المشابه.
ومما يغفل عنه بعض الرجال أن مسئولية تزويج أخت أو ابنة أو أية فتاة مسئول منهم تزويجها هي أمانة عظيمة تستحق من الرعاية والعناية، والسؤال والاستقصاء أكبر بكثير مما يقوم به الواحد منهم حين يريد أن يشتري سيارة أو شقة أو قطعة أرض؛ ولذلك فجزء كبير من تطورات حياة أختك وما تعيشه من آلام يتحمله كل مقصر في التدقيق والسؤال والبحث والاستقصاء، أو تهاون ومرَّر عيوباً كانت مقدماتها واضحة "ربما".
فعدم الصلاة، وشرب الخمر في المناسبات هي من السجايا المعلنة، ولا تتساوى مع ضرب زوج أختك لها؛ لأن هذا شيء لم يكن من الممكن التنبؤ به أو السؤال عنه، سامحهم الله، وغفر لهم جميعًا.
الآن وقد وقعت الفأس في الرأس، وتغيَّرت تضاريس الخريطة ولم يَعُد اللوم يفيد حلاًّ لما هو قائم.
موقف أختك يحتاج إلى التأمل، ولا أدري هل هي متضررة حقًّا من حال زوجها؟ وسامحيني إذا قلت لك: إن تصوير الزوج الذي يضرب زوجته على أنه دائمًا وحش بشع أمر غير صحيح، فهناك حالات تكون فيها الزوجة(45/187)
تستحق الضرب وزيادة، والضرب في الحقيقة ليس علاجاً - لا في الإسلام ولا غيره - ولكنه في ديننا إجراء وقائي محدود، ومحدد الشكل، والمقدمات.. ولم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم أبداً.
أقول لك هذا لأنني لا أعرف - وأنت لم تذكري - لماذا يضربها؟!
ولا أعرف، ولم أفهم من رسالتك، منطق أختك في الصبر على زوجها، وخطتها لإصلاح أحواله!!
وكنت أتمنى أن أسمع المشكلة من صاحبتها مباشرة، رغم ثقتي في أمانة نقلك، ولكن لصاحب الحاجة منطق وحجة، وتفاصيل أراها غائبة عن رسالتك.
على كل حال إذا كانت أختك تريد الصبر على هذه الحال، فينبغي أن توطن نفسها على أنه قد لا يتغير، بل إنه قد يزداد سوءاً، وقد يغريه سكوتها وكتمانها الأمر عن أهلها بالتمادي في إهانتها أو الإساءة إليها.
من حقها طبعاً أن تختار لنفسها ما تريد - والبيوت أسرار - وربما لديها أسبابها الوجيهة لذلك، ولكن ينبغي أن تكون واعية بأبعاد هذا الاختيار، والمشاهد المتوقعة لتطور الأحداث، وينبغي أيضًا أن تكون إيجابية في مقاومة النواحي المرفوضة في زوجها، وتغييرها بالحسنى بدءاً من الدعاء له، وسندعو معكما لنا وله بالهداية، ومروراً بالبحث عن طرف أو أطراف لها تأثير عليه؛ ليعظوه وينصحوه من طرف خفي، وربما تدفعان ببعض أزواج الصديقات والأخوات ممن يكونون من الأكفاء له في المقام، وفي المستوى الاجتماعي، وعلى أرضية التعارف والصداقة ويمكن أن تنتقل معانٍ كثيرة بطرق غير مباشرة، وللنساء طرقهن يا أختي في تحويل قلوب الرجال، وتحريك الجبال مع هذا الضعف الذي تذكرينه في رسالتك، فقد وهب الله المرأة من حسن التدبير ما لو استثمرته لغلبت عشرات الرجال الأقوياء، وفي الحديث الشريف الشهير: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب لِلُبِّ الرجل الحازم من إحداكن.. إلى آخر الحديث" وصدق المعصوم عليه الصلاة والسلام.
إذن من حق أختك أن تختار ما تريد، وعليك تبصيرها بأبعاد كل اختيار بعد فهم أسباب تمسكها به، وصبرها عليه، فربما كانت فيه سجايا تعدل عيوبه وتزيد، ولعل سجاياه هذه تغفر له عيوبه، أو ترشحها للزوال مع الوقت!!
وعليك تبصيرها أن الصبر لا يعني الاستسلام، وأن هناك إجراءات كثيرة ممكنة غير إخبار الوالد أو الإخوة منها الحوار معه، ومناقشته فيما بينهما، إضافة إلى ما أسلفته لك، وبالمناسبة لماذا لا تفكر أختك في استكمال دراستها؟ على كل حال نحن معكما، ونريد أن نسمع منها.. وسنكون لكما بإذن الله أذناً صاغية، ونرجو أن تجدوا لدينا نصحاً نافعاً، وفي انتظار ردك.
ـــــــــــــــــــ
ضبطه يفعلها.. والآخر لا يعلم ... العنوان
الإنترنت والهاتف, الشهوة ... الموضوع
السلام عليكم ... لدي سؤال ومشكلة، مشكلتي تكمن في أخي الأصغر، كلانا في بلاد غربة وبحمد الله متمسك بدينه.. مؤخرًا اكتشفت أن أخي يشاهد صورًا خليعة على شبكة الإنترنت، ولدي إحساس أنه أدمن ذلك.. ولا أعتقد أنه يعلم أني عرفت هذا الأمر .. فبماذا تنصحونني؟ أما سؤالي: فلماذا معظم مشاكلنا جنسية؟ ألا تظن أن هناك خللا؟ ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...(45/188)
...
... لم توضح لنا في رسالتك عمر أخيك الأصغر، وإن كان من الممكن أن نستنتج أنه في سن المراهقة؛ ولذا فإنه من الأفضل إبعاد هذه المواقع عن متناول يده؛ حيث تغلب الشهوة العارمة والرغبة في حب الاستطلاع مشاعر الشاب في هذه السن خاصة إذا كان الأمر متاحاً، وأمامك أحد حلين: إما أن تلغي اشتراك الإنترنت عامة، أو تغير اشتراكك إلى بعض الشركات التي تقوم بعملية تصفية لهذه المواقع من المركز أساساً.. هذا هو الحل العاجل لهذه المسألة؛ لأن طول مدة تعرض أخيك لهذه المواقع يؤدي إلى صعوبة الإقلاع عن هذا الأمر بعد ذلك، يلي هذا الأمر أن تفتح معه أبواب الصداقة والحوار، ومن خلالها توصل له رسائل غير مباشرة عن صعوبة هذه الأمور، وخطورتها في إطار من إحساسك بمشكلته، ومقدار ما يعانيه وضرورة ألا يعرض الإنسان نفسه لمخاطر هذه المواقع.
أما عن سؤالك عن كون معظم مشاكلنا جنسية فلعلك تقصد ما يرد إلينا على باب "مشاكل وحلول" والحقيقة أنها مسألة ظاهرية وليست حقيقية.. فحقيقة الأمر ببساطة أن هذا أول موقع عربي إسلامي يفتح صدره لتلقي مشاكل الشباب بطريقة مفتوحة، ويرد عليها بلا حرج أو مواربة، فكان طبيعيًّا أن الجزء المختفي من مشاكل مجتمعنا الذي يعطينا إيحاءً كاذباً بعدم وجود المشكلة هو المشاكل الجنسية، كل ما حدث أن طفت هذه المشاكل على السطح لأول مرة؛ لتعلن عن وجودها، فبدا الأمر وكأن معظم مشاكلنا جنسية، وإذا كان هناك خلل، فالخلل في استمرار التعامل مع الموضوعات الجنسية بصورة عامة ومتحفظة وبنوع من الجهل والتعمية التي تؤدي إلى تفاقم المشاكل بدلاً من حلها؛ فلا بد أن يكون نموذج هذا الموقع جرس إنذار؛ لفتح هذه النافذة حتى يتنفس الناس هواء نقيًّا.
ـــــــــــــــــــ
ولحرب الخليج الثانية توابع مستمرة ... العنوان
معوقات الاختيار ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد فإن المشكلة تخص أخي الأصغر مني سنًّا، وأريد أن أساعده، ولكن ليت الأمر بيدي؛ فهو بحكم عمله يتلقى شكاوى من الناس، وذات يوم تلقى شكوى من فتاة فلسطينية تود أن تترك البلد بسبب مضايقات أهلها لها، وقد وضحت له الأسباب الكثيرة لذلك، وقد كانت أسبابها فعلا قوية لتفعل أمرًا كهذا، المهم أن أخي أعطاها رقم البيجر؛ لكي تتصل به ليعلمها بما يمكن أن يفعله بعد أن يسأل مديره المباشر، وعندما اتصلت به أول مرة احتفظ برقمها وبدأ هو بالاتصال بها، يدفعه الفضول أحيانًا لكي يتأكد من صدقها، وأحيانا أخرى لا يعرف سببًا سوى أن قلبه مال إليها، أما هي فكانت تردعه وتقول له: إذا كنت تريدني فاتصل بأهلي؛ فأنا لا أحتمل حتى مجرد شكهم بي في أنني أسيء إلى نفسي، وكانت تشك في صدق نواياه، وتقول له: تفضل، ما الذي يمنعك من التقدم لي إذا كنت تحبني كما تدعي؟ وهو يتعذر بأهلي وبأبي المريض الذي توفي قبل أشهر . وبعد وفاته وعلمه بأنها تعلم بالأمر لم تبالي بتعزيته أو مواساته، ظل أيضًا يحبها مع أنه كان قد أخبرها بأنه سينهي الأمر؛ لأن موضوع زواجه بيد أهلي وليس بيده هو، وهذا صحيح، فأهلي عندما قال لهم: إنها فلسطينية، أبلغوه بأنهم سيغضبون عليه، وأنه لن يدخل بيتنا، هذا إذا أقدم على الزواج بها . وأنا أعلم أن التعصب لجنس في الإسلام حرام وجاهلية يأباها الشارع الحكيم، وكلما أراد أن يفتح فمه في هذا الموضوع زجروه وسمع ما لا يحب في حق من يحبها، وقد أطلعني على أخلاقها من خلال أحاديثها، فهي ملتزمة بالخمار على رفض أهلها له،(45/189)
وملتزمة بالبيت، وهذه المعلومة قد عرفها عن طريق أناس يعرفونها ويعرفون أهلها، وهي مثار إعجاب الكثيرين ممن حولها؛ لصلابتها وعفتها، ولكنها للأسف تعاني من مشاكل من أخواتها البنات، فهن يحسدنها على ما يعطيها الله من رزقه، وهذا كان واضحًا في خطبتها الأولى؛ حيث لم يهدأ لهن بال إلا عندما تركها
خطيبها، ومع أنهن أكثر جمالا منها فإنهن يرفضن الزواج إلا من ذي المال حتى ضاعت عليهن فرص كثيرة، وتزوجن في آخر المطاف حتى لا يفوتهن قطار الزواج من رجال ليس فيهم شيء يحببنه إلا وجود المال . وهي ترفض الآن الزواج إلا من رجل قوي الشخصية؛ حيث يستطيع الدفاع عنها أمام أهلها . وأخي تسرع في إخباره بحبه لها، ولكنه لا يندم فهو يحبها كثيرًا، ولكنه لا يدري كيف يتصرف؟ ويرفض توسيط أحد في الموضوع؛ حتى يثبت لها أنه رجل قوي يستحق الارتباط بها، ولكنه إلى الآن لا يعرف كيف يبدأ؛ فأهلها لن يقبلوا أن يخطبها بنفسه ومن غير حضور أهله. ... المشكلة
... ... الحل ...
...
... أختي العزيزة، أود قبل كل شيء أن أشكر فيك حرصك على أخيك الأصغر، فنعم الأخت أنت، أدعو الله أن يوفقك، وأن يصلح أحوالكم جميعًا.
يا أختي، مشكلة أخيك متشعبة، فتعاطفه مع ظروف تلك الفتاة، وهي تواجه صعوبات مع أهلها يختلط فيما يبدو بما يشعره تجاهها من ميل قلبي ونفسي، وتحريضها المستمر له على التقدم لها رسميًّا، ربما يدفعه إلى تحدي الأسرة لإثبات قدرته وشخصيته القوية؛ ليستحق الارتباط بها كما تريد، ورفض الأسرة لهذه الفتاة يبدو غامضًا أو متعسفًا إذا كان السب مجرد أنها فلسطينية.
والكرة أولاً وأخيرًا في ملعب أخيك، فعليه أن يحسم أمره، ويحدد مشاعره واختياراته، ويجلس مع نفسه متأملاً متجردًا –قدر الإمكان- من ضغوط رفض الأهل، وإلحاح الفتاة، وليستعن باستخارة الله سبحانه بالصفة الشرعية المعروفة، والدعاء المأثور ليحسم رغبته في الزواج من هذه الفتاة، فإذا تأكد له أنه يريدها، وأنها هي الفتاة المناسبة من كل النواحي شكلاً وموضوعًا، ومن أن مشاعره ليست هي الشفقة والتعاطف، ولكنها الحب والرغبة في الارتباط فسيبقى الحصول على موافقة أسرتكم.
والحق يا أخي، إن حرب الخليج الثانية، وما حدث فيها، قد خلفت جراحًا كثيرة، وزرعت أحقادًا وكراهية أخشى أنها ستستمر لأجيال إلا إذا نهض بيننا جهد جاد للمصالحة وتضميد الجراح، وربما يكون محور هذا الجهد وأرضيته أن الشعوب العربية جميعًا، وشعوب المنطقة خاصة كانت مغلوبة على أمرها، وليست مسئولة عما جرى، ولا علاقة لها به سوى أنها كانت الضحية، حتى تنشأ هذه الجهود الطيبة المطلوبة بشدة فلن يعجز أخوك عن الحصول على موافقة الأهل باستمرار الإلحاح المؤدب، وبتوسيط ذوي الرأي والشأن والتأثير، ودوام التذكير بحرمة التعصب لعنصرية أو قطرية أو شعوبية، وما أحكمه صلى الله عليه وسلم يوم خرج على الأنصار يومًا في بداية قدومه إلى المدينة المنورة، وقد أزكى بعض المنافقين بينهم ذكريات حروب ومنازعات أيام الأوس والخزرج فقال لهم: "أبدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم ... دعوها فإنها منتنة."(45/190)
مرة أخرى ليس الأصعب هو الحصول على موافقة الأهل، فهذا يمكن بجهد ووقت، وهو أساسي بالطبع ولا ننصح بإهماله، ولو طال الوقت، ولكن الأهم هو أن يتأكد أخوك من مشاعره، ومن رغبته في الارتباط بهذه الفتاة، وربط ما تبقى من حياته بها.
وشكرًا لكِ حرصك على أخيك ... والسلام
ـــــــــــــــــــ
خلاف بين جيلين.. مظاهر الرجولة ... العنوان
مع المجتمع ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مشكلتي كبيرة ومعقدة بعض الشيء، والرجاء الرد علي في أسرع وقت ممكن، أنا شاب خليجي، قارب سني على الـ 21 عامًا، منذ أن كنت بالمدرسة وأنا طالب مجتهد، أسمع كلام والدي، وأطيعه طاعة عمياء، ولكنني بعد أن انتهيت من الثانوية العامة وصار عمري 17 عامًا، أحببت أن أصنع مثل باقي الشباب كتعلم لقيادة السيارة، وفعلًا تعلمت القيادة في فترة الصيف، وأخذت الرخصة، لكن والدي كان دائمًا يمنعني من الخروج؛ ولو للحظات على الأقل لممارسة ما تعلمته، وكان دائمًا يخيفني من القيادة، وأنه ستحصل لي حادثة بالتأكيد، وأنه لا جدوى مني فأنا لا أعلم القيادة؟! وبفضل الله حصلت على مجموع كبير بالثانوية؛ مما أهّلني للدراسة بالخارج، وفعلًا سافرت، وأنا في تقدم والحمد لله، ولكنني كلما أرجع في الإجازة الصيفية؛ أحاول أن أقنع والدي بأن أقود السيارة؛ لكنه يرفض حتى إنه لم يشترِ لي سيارة، وقال: أخاف عليك من الزحمة، واستمرت هذه القصة ثلاث سنين، وأنا قاربت على الانتهاء، وحتى الآن لم أقدْ سيارة، وأقسم أني فعلًا صرت أخاف من القيادة، وكأنها وحش مريب، وقد شككت في نفسي أني فعلًا لا جدوى مني، فأخذت دروسًا مع مدرب قيادة في البلد الذي أدرس فيه، وبعد فترة قال: إنك تحتاج للممارسة فقط، وعندما رجعت إلى بلدي في الإجازة؛ حاولت أن آخذ سيارة البيت وقدتها، ومن سوء حظي أني عملت حادثًا بسيطًا، ولكن الخطأ لم يكن من جانبي، ويا ليتني لم أقدْ، قامت الدنيا ولم تقعد،..نهرني أبي، ووبّخني، وأمرني بعدم القيادة، لا في بلدي ولا في البلد الذي أدرس فيه، ولكي يتأكد أني لن أقود سيارة مرة أخرى؛ حلّفني على ذلك؛ وفعلًا لم أفعل، إخواني الأعزاء، أغيثوني، ماذا أفعل في هذا الأب، والله، إني أرى أصحابي يقودون، وكل واحد منهم عنده سيارة، وأنا جالس في البيت مثل البنات ...... قاطعت أصدقائي لهذا السبب، وأصبحت منطويًا على نفسي، معزولًا عن
العالم، عصبيًّا جدًّا، والأدهى من هذا وذاك أني كرهت أبي؛ لمعاملته القاسية، وأحس أنه ارتكب جريمة في حقي، وأنا الآن في الغربة، وقد اقتربت إجازة الصيف، لكن ليس لدي أي رغبة في الرجوع؛ لهذا السبب قد سئمت نظرة الناس وتعليقهم علي بأني كالبنت؛ أحب الجلوس في البيت، وامتحانات الجامعة اقتربت؛ وأنا دائمًا أفكر في هذه المسألة حتى إني والله أحلم بكوابيس أن أبي يوبخني، أغيثوني أغيثوني أغيثوني أغيثوني أغيثوني ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...(45/191)
... أخي العزيز، قد يبدو للوهلة الأولى أن مشكلتك لا تستحق كل هذا الحزن الذي أنت فيه، ولكن إذا فهمنا أن لكل إنسان اهتمامات وإدراكات للحياة، تختلف باختلاف الظروف والبيئة المحيطة؛ يمكننا أن ننفذ إلى ما وراء التفاصيل إلى معالم أرى أنها جديرة بالمعالجة.
أولاً: فكرة تعبر عنها بقولك "أحببت أن أصنع مثل باقي الشباب" بمعنى أن كل شاب حولك يمتلك سيارة؛ ولذلك ترى أنه من البدهي أن تكون لديك سيارة بغض النظر عن حاجتك لها، أو قدرة والدك مثلاً على أن يشتري لكل ابن من أبنائه سيارة؛ لأنه لو اشترى لك واحدة فلا بد وأن يشتري للكل.
فهل تنوي أن تسير في حياتك بمنهاج "أنا مع الناس" – أحسنوا أم أساءوا – بغض النظر عن الظروف، إنك بهذا يا أخي العزيز، تتنازل طواعية عن حقك الطبيعي، وحريتك الغالية في الاختيار لصالح الانقياد لما يمارسه الناس من حولك، وهو أمر لا يليق بشاب يحترم عقله.
ثانياً: يحرص بعض الآباء على أبنائهم حرصاً يقيد من حركة الأبناء – بعض الشيء – ولا ينتبه الأبناء غالباً إلى أن هذا التقييد مرده إلى الحرص، وإن خانه التعبير أحياناً.. فهل تشك في حب والدك لك وحرصه عليك؟!!
وهل نجحت في تجربتك "المختلة" أم أخطأت؟! لقد أخطأت خطأ مزدوجاً: حين أخذت سيارة البيت رغم معرفتك برفض الوالد لذلك، وحين وقع منك هذا الذي تصفه بالحادث البسيط، فهل كان مطلوباً من الوالد أن يعطيك السيارة مرة أخرى، أو يشتري لك واحدة جديدة لتعود إليه – يوماً – "محمولاً على الأعناق" في تابوت أو نعش موتى لا قدر الله وأنت تعرف خطورة حوادث السير في بلادكم.
ثالثاً: هل كل الناس ينتقلون بالسيارات؟ وهل البديل الوحيد للخروج بالسيارة هو الجلوس في البيت؟! وهل الجلوس في البيت شر كله؟! وهل محض الخروج هو الخير العظيم الذي تحرمون منه بناتكم؟! وهل سألت نفسك هذه الأسئلة؟!
لا يا أخي العزيز، إن أغلب الناس لا ينتقلون بالسيارات الخاصة، والخروج والحركة متاحان على الأقدام، أو باستخدام المواصلات المختلفة من تاكسيات أو نقل جماعي أو غير ذلك، والجلوس في البيت للقراءة أو حتى للخلوة بالنفس لا غنى عنه للإنسان السوي، والبنت مثل الولد ينبغي أن تخرج حين تكون هناك حاجة لذلك، وفي الأثر: "وليسعك بيتك" أنصحك يا أخي، بأن تنتهي من دراستك بنجاح، وأن تفكر بعد ذلك في الزواج – فهو أهم من السيارة – وأن تطلب دعم والدك حين تجد الفتاة المناسبة، واعلم أن نضج تفكيرك، وانتقالك من نجاح إلى نجاح في الحياة العملية، ثم تكوينك لأسرة تكون أنت قائدها، كل هذا من شأنه أن يغير من نظرة والدك جذريًّا، ويومها سيقوم هو من تلقاء نفسه بشراء سيارة هدية مستحقة لابن جدير بالثقة، تكون عونًا له في تدبير شئون الحياة، وصديقك يا أخي، من صدَقك "بفتح الدال" لا من صدّقك "بتشديد الدال"، ودمت سالماً.. والسلام.
ـــــــــــــــــــ
أختي المراهقة عنيدة .. أين المشكلة ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
أنا من أسرة ملتزمة وأختي في سن (15) سنة المراهقة، وهي تظهر بعض من شعرها، وهي لا تتقبل النصيحة من أحد وعنيدة جدًا؟ فماذا أفعل ؟ وهل أكون ديوثًا أم لا ؟ ... المشكلة
... ... الحل ...(45/192)
...
... الأخ العزيز: حرصك على أختك والتزامها في ملبسها وسلوكها حرص محمود، ومتوقع منك إذا كنت ملتزماً حقاً كما تقول، ولكن دعني أنبهك عن التضاريس النفسية لمرحلة المراهقة التي تمر أنت وأختك بها:
من معالم هذه المرحلة إثبات الذات، والبحث عن اختيارات شخصية، وملامح لون وطعم وتوجهات في الحياة، وهي مرحلة انتقالية بين كونك - مثلاً - كنت طفلاً كبيراً إلى كونك الآن رجلاً صغيراً، وكذلك فإن أختك لم تعد الطفلة الوديعة "ذات الضفائر" كما كانت بالأمس، ولكنها أصبحت الآن "آنسة" صغيرة، و"أنثى" "تحت التكوين" ستصبح عمَّا قريب بإذن الله زوجة وأمًّا.
وشقاوة الأطفال، ومشاجرات ابتدائي لم تعد تصلح أسلوباً لإدارة العلاقة بينكما، كما أن الرجولة التي تنفجر طاقاتها في جسمك وذهنك لها ميادين متعددة للممارسة، ليس منها توجيه أختك وإرشادها فهذا ليس دورك، ولا تستطيعه بحكم أنك أيضاً "تحت التكوين".
المنتظر من هذه الرجولة المتفتحة أن تعطف وتحمي، وتشارك في الرأي والاهتمام بعد السماع، والتقرب، والود والمجاملات الأخوية البسيطة من هدايا في المناسبات، وعون عند الطلب .. إلخ.
وبقدر الذكاء الاجتماعي، والاقتراب سيكون التأثير، وستُلَيِّن الرأس العنيدة، فهي لا تلين إلا لمن يترفق، ولا يقابل العناد بعناد، ولكن يقترب ويهتم، ويساعد ويشارك، وإذا أراد أن ينصح أشار من بعيد "وكل لبيب بالإشارة يفهم"، الذي أرجوه أن يكون الوالد والوالدة على فهم ودراية بحساسية هذه المرحلة الحرجة من السن، وأن يكونوا على مهارة في إدارة علاقتهم بأختك، وعلاقتك بها لآن الشائع في مجتمعاتنا من اعتبار الأخ - القريب في السن من أخته أصلاً - رجلاً - ينضم إلى صف الآمرين الناهين، والمرشدين والموجهين لها، هذا النهج الخاطئ يفسد أول ما يفسد العلاقة بين هذا الأخ وأخته فاحذر هذا، إن كان موجوداً، فليس لك من الأمر شيء على الإطلاق غير ما ذكرته لك، ولا تكون "ديوثاً" لأن الديوث من لا يخاف على عرضه، وأنت لست كذلك بإذن الله، كما إن توجيه أختك وإصلاح أحوالها - وإن كان هناك خلل - لا يكون بالشدة، وليس مطلوباً منك، بل على العكس ينبغي أن تختار الدور المناسب لموقعك منها، وهو دور الأخ الحنون المهتم ... . إلخ ما ذكرت لك.
تستطيع أن تكون الصديق الصدوق لأختك بقليل من الحكمة والجهد فتسمع لك، وتتأثر بكلامك "أيما تأثُّر"، ولكن كصديق، ومن المعروف عن هذه المرحلة أن الإنسان يتأثر فيها بمجموعة الأصدقاء أكثر مما يتأثر بالأسرة، "فهل لديك من الذكاء والقدرة ما يجعلك تدخل في هذه الدائرة المؤثرة في حياة كل مراهق، فتكون مع أختك وحولها، وتريدك هي كذلك: شريك اهتمامات، وموضع أسرار، وعونًا على صعوبات تلك المرحلة السنية .. وهي كثيرة أرجو أن تكون عند حسن الظن بك.
وتؤكد الأخت جليلة رحالي ـ الأخصائية النفسية (فريق مشاكل وحلول) ـ ذلك بقولها: شيء عادي أن تكون الفتاة عنيدة في هذا العمر، وقد ترى في أخيها المانع الرادع لها من كل شيء تحبه.. لهذا فعليك كأخ أن تحميها.. وهذا ليس بأن تأمرها بهذا وذاك.. بل أولاً وقبل كل شيء يجب أن تكسب ثقتها، أن تراك بجانبها ليس كالحارس لكل تصرفاتها بل كأخ يحنو عليها، ويحب لها الخير ويبعث في نفسها الفرحة والسرور، وهذا التقرب يكون بإهدائها أشياء تحبها وشراء كتب أو مجلات مفيدة لها وأخذها للنزهة، وبالتصرف معها بلطف في البيت كملاعبتها، واقتراح عليها مباريات تتركها فيها تفوز دون أن تدري، وهذه الأشياء على صغرها ،فإنها جد هامة(45/193)
لتوطيد العلاقة، وبعدها، تقول لها أنها تبدو أجمل عندما تضع الخمار، أو أن شخصاً آخر أعطى هذه الملاحظة، لأن كل الأوامر منك سترفضها لا محالة، ويبقى أن تقترح عليها هذا أو ذاك، وتجعلها تأخذ قرارها بعد أن تجعل في أذنها همسة تجعلها تفكر مليًّا فيما تقول لها، فتلقيها منك كل شيء بلطف سيخلق في نفسها إحساساً بالأخوة الحقة، وستتبع نصائحك بعدها، نصائح لا تكون بطريقة الأمر، بل بطريقة الاقتراح، وجزاك الله خيراً، نحن دوماً في الخدمة إن شاء الله.
-ـــــــــــــــــــ
ابني يراهق.. وزوجي غائب ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم
عندي ابن في الرابعة عشرة من عمره، فشلت في احتوائه على الرغم من استخدامي لكل الوسائل الممكنة، فالترغيب تارة، والتقريب تارة، والشجار تارة، ومعظم خلافي معه بسبب حرصه على صلاة الجماعة والمذاكرة وشجاره مع إخوته، مع العلم أنه يتسم بالطيبة والذكاء وملاحظة عمل الأب خارج البلاد، جزاكم الله خيرًا.
... المشكلة
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة: تفكرت في مشكلتك، وكنت قد هممت بأن أنقل لك نصوصاً كتبتها من قبل عن المراهقة، والتعامل مع المراهق، ولكنني أحببت أن أنبِّه - من خلال سؤالك - إلى وضع تعيشه آلاف الأسر التي يغيب عائلها لسبب أو لآخر، ويكون على الأم عندها أن تكون الأب والأم معاً، فيكون العبء النفسي عليها كبيراً كما يكون العبء الجسدي على زوجها - غالباً – كبيراً أيضا، وكذلك معاناة الغربة ... إلخ، والموضوع يغري بالتوغل فيه، ومناقشة أبعاده وجدواه، وجوانبه: الإيجابية والسلبية؛ في ضوء تجربة تمتد الآن لأكثر من ربع قرن:من السفر، والأسر المنقسمة، وقوانين العمل التي لا تسمح للأب بأن يزور أولاده إلا مرة أو مرتين في العام، ولمدة أيام، ولو كان لي من الأمر شيئاً لأعطيت لهذا الأب فرصة أن يزور أولاده لمدة أسبوع كل شهرين على سبيل المثال؛ ليتابع تطورهم النفسي والدراسي، ويأوي إلى زوجته وتأوي إليه،ويأنس كلٌ منهما بالآخر، ويتدارسا أحوال الأولاد أولاً بأول، فالهاتف وسيلة محدودة لا تنقل التفاصيل، ولا تنقل تعبيرات الوجه، وزفرات الصدر، ولكن ... . ما علينا.
أختي: تحتاجين أولاً لحضور الأب، فإذا كان عمله بالخارج لضرورة قصوى جداً تضطرون إليها - والضرورة تقدر بقدرها، وتنتهي بزوال أسباب أو علاج دوافعها -؛ فيستحسن أن يتواجد أكثر وأكبر وقت ممكن معكم، وفي غيابه حبذا لو كنتم على صلة يومية معه عبر الإنترنت الذي ينقل اليوم الصورة والصوت، وبأسعار زهيدة، ويتسع لتفاصيل وأشياء لم يكن الهاتف يتيحها.
هذا الأمر أساسي فلا أستطيع أن أتخيل مراهقاً ينمو نمواً طبيعيًّا دون أب، فجزء من نمو المراهق يكمن في تدافعه - السلبي أحياناً، والإيجابي أحياناً أخري - مع أبيه، وإن النمو في هذه المرحلة يشبه اللعبة التي كنا نلعبها صغاراً، ونسميها "الصدة ردة"، وفكرتها أن يقوم الطرف الذي تصله الكرة بتسديدها دون تباطؤ، ومن يتباطأ(45/194)
يخسر، أو هي مثل لعبة "تنس الطاولة" لا يمكن أن تلعبها دون شريك يواجهك على الطرف الآخر، يرمي لك، وترمي له ... إذن فوجود الأب أساسي.
ثانيًا: ولدك يا سيدتي لم يعد طفلاً، أعرف أنك تعلمين هذا، ولكن هل قمت بتغيير خطتك في التعامل معه بناءً على هذه المعلومة ؟!
ولدك الآن "رجل صغير" لم تعد تغريه الحلوى "فيسمع الكلام"، أو تخيفه التهديدات البسيطة فيكف عن شقاوة الأطفال. ولدك الآن مستودع طاقات تتفجر، ومثل القِدْر الذي يغلي ويتقلب بما فيه، إن صراعه شدًّا وجذباً معك، ومع(من)و(ما)حوله هو تعبير عن الاضطراب الذي بداخله، والذي يعيشه كل مراهق، فهو لم يصبح "رجلاً" ناضجاً بعد ولكن ينتظر من الآخرين أن يعاملوه كذلك، كمالم يعد طفلاً رغم أن بعض تصرفاته توحي بذلك. وأرى إنه إذا كان متجهاً إلى الحرص على صلاة الجماعة في المسجد بانتظام فإن هذا مما ينبغي دعمه، والترحيب، والاحتفاء به، على أن يكون هذا دافعاً ومعيناً على الاجتهاد في الدراسة، فالمسلم بسلوكه وتفوقه يكون بين الناس، ولا خير في صلاة لم تنْهَ عن المنكر، والفشل الدراسي من أكبر المنكرات في حياة إنسان عمله ومهمته الحالية في الحياة أنه "طالب" علم .
إذن عندما يتجه الابن إلى طريق الالتزام الديني نفرح فرحاً مزدوجاً، من ناحية لأنه سيبتعد بعون الله عن الطريق الآخر، وعن رفقاء السوء، ومن ناحية لأننا نعلم حينها كيف سنخاطبه: بأي لغة، وبأي لسان، وفي إطار أية معاني ومرجعيات.
وخير لك وأوضح أن تفهمي دينك أكثر، فتخاطبي ولدك من على نفس الأرضية التي يقف عليها، وسلطان الدين على نفس الإنسان كبير.
"وجماعة" المسجد يمكن أن تكون ميزة أخرى كونها مورداً محتملاً ومعقولاً لصداقات يحتاجها كل مراهق، ويتأثر بها أكثر من أهله!!
فتعرَّفي على أقرانه، واستضيفي القريب منهم إلى ولدك في المنزل، واجلسي معهم، وبخبرتك في الحياة، وبمعلوماتك - التي ينبغي أن تجمعيها - رشحي "الأنسب"، وادفعي ولدك - بطريق غير مباشر - إلى التقرب منه أو منهم فإنه يحتاج لذلك، كما إنك كلما قويت علاقاتك "بالشلَّة" فستكون عندك الأخبار والتطورات أولاً بأول.
المسجد وأنشطته من صلاة، ومجالس قرآن وغير ذلك ستشغل بعض الوقت، وينبغي أن تكوني في قلب هذا الأمر، ومحيطة بأبعاده، فالمساجد مفتوحة، وفيها الطالح والصالح، والمتطرف والمعتدل، والذكي والمختل، فاستثمري إيجابيات هذا التوجه الناشئ عند ولدك، وادعميه، وفي الوقت نفسه لا تغفلي لحظة عن متابعة تفاصيله، بأشخاصه وأحداثه حتى تشاركي بالرأي، وتتدخلي بالفعل المناسب في الوقت المناسب .
هذا إذا كنت قد فهمت تعبيرك "المتلبس المختصر" الذي تقولين فيه "ومعظم خلافي معه بسبب حرصه على صلاة الجماعة والمذاكرة"، فهذا التعبير متناقض يا سيدتي إلا إذا كان ولدك يضايقك بحرصه على صلاة الجماعة، والمذاكرة زيادة عن المعقول ... . فهل كنت تقصدين "عدم المذاكرة"؟!!
على العموم أنا فهمت أن ولدك "يحرص على صلاة الجماعة" و "يقصر في مذاكرته"، وأقول بالإضافة إلى ما سبق أن "جماعة" المسجد ينبغي ألا تكون البديل عن "الجماعة الاجتماعية"، وأعني بها الأصدقاء الذين يمكن انتخابهم(45/195)
عن طريق المسجد أو غيره من الدوائر التي تتحركون فيها، والأقارب والجيران الذي ينبغي أن تختاري منهم "الأنسب" لتتبادلوا معهم الزيارات، وتوطدي معهم الصلات خاصة إذا كان لديهم أولاد في عمر ولدك.
يحتاج الإنسان إلى أن يحيط نفسه بمن يتشابهون معه في الأهداف والغايات، ويتقاربون في القيم والأعراف لإن هذه الشبكة أو "الجماعة الاجتماعية" تمثل دائرة هامة للنمو والتواصل لا غنى عنها لبشر، وخاصة المراهق.
ثالثاً: تحتاجين يا سيدتي إلى اقتراب أكثر من ولدك واهتماماته، فإن لم يكن له اهتمامات أو هوايات فينبغي تشجيعه على أن يكون له جوانب ترويح وترفيه، فإن ذلك له تأثيره السحري في شخصيته وسلوكه، ونموه الذهني والشخصي، كما تحتاجين إلى أن تطلقي العنان لأذنيك تستمعان هذا "الرجل الصغير" باهتماماته، ومغامرته، ومعاركه البريئة الشابة، وحين تظهرين الاهتمام بسماع التفاصيل، وتطرحين الأسئلة الذكية لمعرفة المزيد من الخلفيات سيمنحك هذا "قوة المعلومات"، ومنها تستطيعين بحكمة أن تضعي النصيحة في الشكل والأسلوب والوقت المناسب، دون تعنيف أو تقريع، ولكن بحكمة وحزم في موضعه، كوني معه "على الخط" و"في الصورة" صديقة تفهم وتسمع بإنصات، فهذا ما أوصى به "أمير المؤمنين علي بن أبي طالب –رضي الله عنه - في قولته الشهيرة عن تربية الأبناء حين قال:" لاعبه سبعًا، وأدبه سبعًا، وصاحبه سبعًا، ثم اترك له الحبل على الغارب"،ولا أعرف:هل يراسله والده أو يتحدث معه شخصيًّا كرجل وقد دخل ولدك في سنين المصاحبة؟!، وعند المصريين حكمة تقول:"إن كبر ابنك خاويه" أي كن أخاً له أكثر من كونك أبا أو أما، فناقشيه بهدوء في أموره واهتماماته، وادعمي بمودة، أو عارضي بمنطق.
أختي: أعرف أن الحمل ثقيل، وأن ولدك هذا ليس وحده، وله أخوات، وربما إخوة .. لكن نجاحك في التعامل معه سيمكنه من إدارة علاقته بأخواته بشكل أفضل، كما سينضج من شخصيته بما يجعله يترفع عن مشاحنات الصغار، أو ملاحاة شركائه في بيت ينبغي أن يكون له مصدر حنان وتفهم ورعاية وتشجيع؛ لا مصدر أوامر، وتوجيهات، وإزعاج مستمر ... وتذكري أن كلمات التشجيع، ولمسات الحنان، ومكافآت التفوق لها مفعول السحر.
وبعد.. نعم نحتاج لوجود الوالد في لعبة "الصدة ردة"، لكن الأم تبقى هي المدرسة التي يتربى فيها الإنسان وليداً يرضع، أو طفلاً يحبو ويتعثر، ثم مراهقاً يعاند ويتمرد، ثم رجلاً .. بهذا تكون الحياة، وهكذا ينشأ الرجال، ومن أجل هذا كانت الجنة تحت أقدامهن. قلبي معك وأهلاً بك.
ـــــــــــــــــــ
عقوق الآباء ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لي أخ من خيرة الشباب ،بارٌّ بأبي وأمي لدرجة أنه سلم لأبي أوراقه الرسمية الخاصة بالتجارة؛ ليعمل بها، فإذا بوالدي يستغل هذه الأوراق في عمليات اختلاس كبيرة ورّط أخي بسببها مع مؤسسة الضرائب التي تطالبه بمبلغ كبير ونحن الآن في حيرة: 1_ هل نترك أخانا يعاقب على ذنب لم يقترفه؟ 2 _أم هل نبلغ عن والدنا الذي ضيعنا، وهجرنا لسنوات مع العلم أننا لم نرَ أي فلس مما اكتسبه من صفقته هذه، بالإضافة إلى أنه اعترف لنا بما اقترفه، ولم يرد الاعتراف للسلطات المعنية؟ أما أخونا فإنه لا يريد التبليغ عن والدي، وهو في هذه اللحظة بين نارين . فما هو الحل ؟ ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير(45/196)
... ... الحل ...
...
... ورد في الأثر "ملعون من استعق ولده"، وفي الحديث: "رحم الله والداً أعان ولده على بره" وفي المأزق الذي تعيشونه عقوق واضح أو استعقاق من الوالد لأخيكم.. فهل نقابل هذا الظلم بالتصرف المناسب مع الغريب؟! بإبلاغ الضرائب "عن الوالد أو ما شابه، لا أرى أن هذا يليق وأعتقد أنه قد لا يفيد عمليًّا في رد الحقوق إلى أخيك، فلن يستفيد معنويًّا أو ماديًّا بسجن الوالد، خاصة أن الأوراق أوراقه هو، ولا يوجد أي دليل على أن العملية جرت لحساب الوالد – بأوراق الأخ – إلا شهادتكم، ولا أدري مدى قدرتكم على الإدلاء بها، ومدى جدواها في سير القضية.
الرأي عندي أن تبدءوا في ممارسة حملة ضغط قوية على الوالد تتمثل في تهديده بالإبلاغ عنه، وبفضحه في دائرة الأقارب والمعارف، وبمقاطعته الشاملة الكاملة من طرفكم حتى يرد الحق إلى أخيكم، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ينبغي أن تتضامنوا جميعًا كأشقاء في دعم أخيكم ماليًّا في هذا المأزِق، ولا تنسوا الدعاء لوالدكم بالهداية، ولأخيكم بالتثبيت والعون، مع عدم الإبلاغ عن الوالد واستمرار الضغط عليه بالوسائل المذكورة. والله معكم.
ـــــــــــــــــــ
أخي مدمن هيروين.. كيف أساعده؟ ... العنوان
علاقات أسرية, الوسواس القهري والإدمان ... الموضوع
أخي يتعاطى المخدرات منذ عامين، وقد عولج من الإدمان لمدة تسعة أشهر، ولكن ذلك لم يفلح معه، بماذا تنصحني؟ كيف أساعده؟ ولكم جزيل الشكر. ... المشكلة
... ... الحل ...
...
... أهم جزئية في برنامج علاج الإدمان هي الرغبة الصادقة في الخروج من هذا المأزق، بالإضافة إلى الإرادة القوية على مواصلة الانقطاع عن التعاطي، وعلاج الإدمان ينبغي أن يتضمن برنامجًا شاملاً لإعادة تنظيم الحياة من جديد، وليس مجرد سحب المادة المخدرة، وتنظيف الجسم والدم منها، وقد وصل علاج الإدمان إلى آفاق متقدمة للغاية في أمريكا وأوروبا بينما ما زال عندنا يقتصر على الجانب البيولوجي، والعلاج بالعقاقير غالبًا.
أخوك يحتاج إلى دعم للجانب المعنوي والروحي بما يتضمنه من وازع ديني وأخلاقي، ويحتاج إلى دعم معرفي معلوماتي بأضرار الإدمان عامة، والهيروين خاصة، ويحتاج إلى مجموعة أصحاب يساعدونه على حياته الجديدة "دون مخدرات"، ويحتاج إلى انشغال باهتمامات وهوايات نافعة وجذابة بالإضافة إلى دراسته أو عمله.
ويحتاج قبل ذلك كله إلى عون منكم في الأسرة يشمل تفهم حالته، وحسن التعامل معه بحكمة لا تلين فتصل إلى الضعف المذموم، ولا تحتد فتصل إلى الشدة المنفرة، إنه عضو في جسم الأسرة يشتكي، وينبغي أن يتداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
والأسرة يمكن أن تساعد في توفير الاحتياجات "سالفة الذكر"، ويمكن أن تساعد كدائرة من أهم الدوائر التي يتحرك فيها الإنسان المبتلى بالإدمان، وعليك بالدعاء المستمر له، وأعانكم الله جميعًا.
ـــــــــــــــــــ(45/197)
رفقاء السوء.. شكراً على الإضافة ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
أخي أصبح عصبي المزاج وصعب التفاهم معه، ولا يريد أن يتكلم مع أحد سواء كان كبيرًا أم صغيرًا، بالإضافة إلى أنه يتطاول كثيرًا على أبي وأمي، ويسيء معاملة أخوتي الصغار، رغم أنه كان مؤدب جداً وكان يسمع الكلام ويستشير أمي في أمور كثيرة وكانت أمي قريبة منه، وكذلك بدأ يتدهور حاله التعليمي في الكلية رغم أنه شعلة في الذكاء والفهم السريع، وأبي غير راضٍ عن أصحابه وذلك لسوء أخلاقهم، وحذرناه منهم ولكنه لا يسمع النصيحة من أحد، وقد استعملنا معه كل الطرق بالشدة واللين. فما العمل مع أخي؟! ... المشكلة
د. أحمد عبدالله / د. عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي العزيزة: أحمَدُ فيك خوفك على أخيك، وتذكرني الأسئلة التي ترد من أية أخت قلقة بشأن أخيها بالقول المأثور عن العرب: "الابن مولود، والزوج موجود، والأخ مفقود"، ومعناه أن الخلل لو كان في الابن يمكن أن تلد المرأة غيره، وإذا كان في الزوج يمكن أن تتزوج المرأة غيره، أما إن كان في الأخ فالمشكلة تكون أعقد من تلك الناحية، ولقد تلقيت مشكلات متعددة من إناث يتحدثن عن مشكلات أخ أكبر منهن سناً، أو أصغر، على حين لم أتلق مشكلة واحدة حتى الآن تقول: "أنا ألاحظ على أختي كذا" أو ما شابه، ويبدو هذا مفهوماً في إطار نظريات التحليل النفسي، وفي إطار الواقع العملي الذي من السهل فيه أن تبدأ الأنثى في ممارسة دور الأمومة المبكرة، والمجال يضيق عن التفصيل في هذا.
ملاحظة أخرى أحب أن أشير إليها، وهي أنك أرسلت السؤال مرتين في يومين متتاليين، وللوهلة الأولى ظننت أنه نفس نص السؤال تكررينه كما يفعل الكافة، ولكن بعد التدقيق وجدت أنك أضفت معلومة شديدة الخطورة والأهمية، بل هي المفتاح لتشخيص وفهم حالة أخيك، وأنتهز الفرصة لشكرك على هذا، وأنبه الجميع إلى أن دقة الإجابة وتوفيقها بعون الله يتوقف في جزء كبير منه على كم المعلومات والتفاصيل الهامة التي يذكرها صاحب السؤال مثل: السن بالتحديد، الظروف الاجتماعية، المستوى المادي، الأعراض المرضية "إن وجدت"، البلد الذي يعيش فيه ومستواه المادي والتعليمي.. إلخ، إن أكبر كم من المعلومات يعني أن يتحرك المستشار في حقل واضح ومحدد المعالم، أما الأسئلة المعيبة في لغتها أو الناقصة في معلوماتها فتعني إجابة عامة غالباً قد تصيب، واحتمالات خطئها متعددة.
أعود لمشكلة أخيك لأقول:
إن ما تصفيه من أعراض وتغيرات يمكن أن يكون له عدة تفسيرات: الأول: أن يكون هناك حدث معين، أو تجربة محددة قاسية قد مرت أو يمر بها أخوك، وتندرج الاحتمالات من الصدمة العاطفية إلى تعاطي المخدرات في صحبة "رفقاء السوء" الذين هم الكلمة المفتاحية التي أضفتها في رسالتك الثانية.
الثاني: أن يكون أخوك على أعتاب اضطراب نفسي أعمق من مجرد التغير في الطباع، وفي هذه الحالة ستظهر أعراض أخرى غير ما ذكرت مثل: التأخر في القدرات العقلية والدراسية، والتصرفات الشاذة، وعدم الاهتمام بالمظهر والملبس والنظافة الشخصية، والانعزال عن الناس، والمشكل أن هذه الأعراض تتشابه إلى حد كبير بين(45/198)
من يتعاطى المخدرات ومن يعاني مقدمات مرض نفسي، ويفضل في الأمر معرفة معلومة التعاطي من عدمه، ومراجعة طبيب في الطب النفسي.
الثالث: قد يكون الأمر مجرد رد فعل على أسلوب تعامل غير سليم من الأسرة: الأب والأم والأخوة. فمازال أخوك في سن المراهقة، وهي مرحلة تعرف الكثير من التغيرات البيولوجية والمزاجية، وتحتاج إلى تفهم وتعاون من المحيطين.
وفي كل الأحوال فإن المطلوب منكم هو الاقتراب والتفهم، والحكمة وسعة الصدر، والصبر والقدرة على استيعاب تحولات هذه المرحلة بدلاً من التوجيه والنقد واللوم المستمر فهذا كله عقيم، بل ويؤدي إلى عكس المرجو منه.
يحتاج أخوك إلى من يثق فيه، ويتبادل معه الود اللطيف، والحب الأسري الدافئ فيكون موضع سره، وملجأ شكواه، ويحتاج إلى صحبة صالحة غير التي يعرفها الآن، ويمكن المساعدة في ذلك عبر أشقاء صديقاتك أو غير ذلك من المصادر، كما أنك مرشحة للقيام بجزء من دور الصحبة إذا مددت جسور التفاهم معه بمشاركته فيما يهتم به، ومساعدته في شئونه الحياتية، وقضاء بعض حوائجه الشخصية بقدر المستطاع، والإنصات إليه مهما كان حديثه، وتفادي النقد المباشر حتى يتسع صدره لتقبل النصح منك، ولنتوجه جميعاً إلى الله أن يصلح حاله وحالنا، وأن يلهمنا الحكمة في التعامل مع الحياة بأحداثها وأشخاصها فهو سبحانه الحكيم يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يُؤتَى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً.. وفقك الله..
ـــــــــــــــــــ
مراهق وسط الأمواج ... العنوان
مع الأهل ... الموضوع
لي أخ يبلغ من العمر 15 سنة ولكنه كثير المشاكل فهو لا يبالي بأي نقد أو توجيه من قبلي أو من قبل والديه ولقد حاولنا معه مرارا وتكرارا حتى نجعله يرضخ ويذعن وينفذ الأوامر ولكنه ازداد سوءا وترديا وقد حاولنا معه بأسلوب لين ولكنه لم ينفع وحاولنا معه بأسلوب قاس ولكنه لم ينفع فما الحل وما الطريق؟ ... المشكلة
... ... الحل ...
...
... الأخ العزيز: حرصك على استقامة أخيك حرص محمود لاشك في ذلك، واهتمامك بأمره متوقع منك بوصفك الأخ الأكبر.
ولكن المشكلة التي نحن بصددها هي بالتحديد شاب مراهق، وأسرة لا تعرف معنى المراهقة، وبالتالي تخطئ السبيل في التعامل مع ذلك الابن الذي يعيش عمره بما فيه من مصاعب.
والمراهقة يا أخي هي تلك المرحلة التي يمر بها الإنسان بدءاً من بلوغه الجسماني البيولوجي حتى نضجه النفسي والذهني، وهي كما ترى محددة البداية، ونسبية النهاية.
ومن معالم هذه المرحلة - التي يعيشها أخوك الآن - التمرد ليس سبب سوء الأدب، ولكن لإثبات الذات والاستقلال، ومحاولة تكوين شخصية لها معالم واختيارات، وهي مرحلة تتصف ببعض التشوش في تحديد هذه الملامح الضرورية لتكوين الإنسان، ويتم هذا التكوين عبر الرفض والقبول، والتجريب بما يحمل من احتمالات(45/199)
الخطأ والصواب. وتزداد المشكلة تفاقماً إذا كنتم تعيشون في بلد غربي به ما في هذه البلاد من مصاعب وتناقضات.
باختصار نحن أمام طاقة متفجرة لا يقودها عقل ناضج بعد، أو فرس جامحة لا لجام لها، أو ناقة شاردة، فهل يصلح للتعامل مع هذه الحالة ذلك الأسلوب الذي تتبعونه، والقائم على النقد بهدف "الرضوخ" و "الإذعان" و "تنفيذ الأوامر"؟
ما هذا يا أخي العزيز؟.. هل تتكلم بهذه الألفاظ عن إنسان هو أخيك، أم عن "عبد أبق" تريدون تأديبه؟! هل تتحدث عن تعامل اجتماعي راشد في محيط أسرة أم نظام عسكري صارم في ثكنة؟!
أخوك في سن حرجة، ويحتاج إلى تفهم من قريب، وهي مرحلة قال عنها الإمام علي كرم الله وجهه: "صادقه سبع"، أي بعد مرحلة الملاعبة في السنوات السبع الأولى ثم التأديب في الثانية يأتي دور الصحبة للسبع سنوات الثالثة تمهيداً لاستقلاله، ونضجه كرجل بإذن الله.
ولا يكون القرب هنا بالضغط ولا بالعنف بل بالإقناع والتفهم والتفاهم، ومعرفة ما يدور في ذهنه، وتوجيهه بشكل غير مباشر عبر ضرب المثال بنماذج حسنة، والتنبيه إلى العواقب الوخيمة التي حاقت بنماذج أخرى واقعية سيئة، فنرى في الحياة أمثلة لضائعين وفاشلين، ونرى أمثلة لطرق سوية، وأخرى منحرفة للوصول إلى الأهداف المرجوة.
ومن استعراض تجارب الحياة معه في ودّ، والاقتراب منه، من معرفة اهتماماته وأصدقائه وأقرانه عن كثب؛ يمكن تقديم النصح الهادئ، وإلا سينفر من بيت لا يرى فيه إلا النقد والضغط والرفض إلى دوائر أخرى، ربما تكون بداية نهايته، بينما لو وجد فيكم، وفيك أنت بالذات، الصدر الواسع، والعقل الراجح، والرأي الهادئ السديد فسيلجأ تلقائياً إليك في كل شئونه.
وأخيراً فإن ارتباط كلا منكما بالله عز وجل، وبرباط الحب الأخوي المتبادل، والحرص المشترك على خيره ونجاحه في حياته سيسهل كثيراً من هذه المهمة الشاقة إلا على من سهلها الله عليه.. والسلام.
ـــــــــــــــــــ
الأب المنحرف هل يقلب الآية؟! ... العنوان
علاقات أسرية ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشكلتي هي أبي.. نعم أبي، رغم أنني من أسرة محافظة.. إلا أن أبي لا يعرف الدين.. نعم يصلي ويصوم ويزكي، ولكنه كذلك يزني ويكذب ويرشي نعم هو كذلك، كما أنه يعصي والديه.
بصراحة لو ذكرت معاصي والدي لما انتهيت ورغم ذلك فأنا أحبه.. فهو والدي وأعلم أنه يحبنا كذلك، ولكن لماذا يفعل ذلك لماذا ؟!! لماذا يرضى بأن يدخل الحرام إلى بيتنا؟! حتى أن البركة لا تحل علينا.
تصور أني لا أحب أن أخرج مع والدي؛ لأنه يطلب مني أن أكشف عن وجهي !!! يستهزئ مني لأني منتقبة.. ولأني لا أسمع الأغاني ولأني أحاول أن أهديه للرشاد.. فلقد قلت له مرة.. الله يهديك يا أبي.. فقال لي: أنا لست بطفل !!! و من منا لا يتمنى أن يقول له شخص.. الله يهديك.(45/200)
في إحدى المرات.. كنا نركب مع والدي.. فقلت له يا أبي أغلق المسجل.. رفض.. فقلت له يا أبي أغلقه.. أو أني سأركب السيارة الأخرى.. فأغلقه وأعطيته شريطًا يحتوي على محاضرة دينية رائعة.. تلين القلوب وتهدي العصاة وكلها قصص وعبر.. وسمعنا الشريط، وأنا أدعو الله أن يهدي أبي بهذا الشريط.. ولكنه أغلقه قبل الانتهاء ورماه عليَّ، وقال: إن أمثال هؤلاء المحاضرين لا يريدون غير كسب المال من توزيع أمثال هذه الشرائط.
أحداث أخرى كثيرة وكثيرة، من فترة عرفت أنه على علاقة مع إحدى الفاسقات.. وكذلك كل إخوتي عرفوا.. سكتنا ولكن أمي هي الوحيدة التي صارحته.. طبعًا ليس أمامنا.. وقالت: له إن أبناءك يعرفون الأمر.. ولكن للأسف لا فائدة؛ حتى أنني أخجل أن أنظر إلى وجه أبي.. سكتُّ لمدة شهر.. ولكن حدث أمر، فلم أستطع أن أسكت وخصوصًا بأني أحس أن سكوتي لن يزيد أبي إلا فسقًا.. فانفجرت باكية أمامه.. وقلت له: إني أود أن أصارحك وأكلمك يا أبي، ولكنك لا تترك لي الفرصة؛ لأنك دائمًا تصرخ وتشتم وتلعن - حتى أنه مرة رفع السيف على وجهي -.. فقال لي تعالي وقولي:.. قلت له وصارحته بأني أعرف عنك كذا وكذا.. ولكنه للأسف أنكر.. وأنكر.
ولا أعرف ماذا أفعل، أطلب من الباري - عز وجل - أن يهدي أبي، فلقد تجاوز أبي الأربعين.. ولقد سمعت الكثير عن أبي، وأعرف الكثير وأرى الكثير، وأقسم بالله إنه لا يهمني شيء غير أني أخاف على أبي من عذاب القبر وعذاب النار. وأحمد الله أنه رزقني أمًّا كأمي، فهي صابرة، وهي التي ربتني وربت أخوتي على الدين الحنيف.
قبل فترة.. حلمت بأني أُلبس أبي حذاءه وأوصيه بوالديه.. وأكرر عليه ذلك.. وكان أبي عاريًا.. ولا أعرف ما هو تفسير هذا الحلم.
أطلب منك يا شيخنا الفاضل بأن تقول لي ماذا أفعل أكثر.. فهل يجوز أن أقاطع أبي ولا أكلمه ؟ ولكني لا أستطيع فهو أبي.. أم يجب على أن أحسسه بأني غير راضية عليه.. ولكن هل يهمه رضاي ؟! السؤال.. هو ماذا أفعل ؟!! وجزاك الله خيرًا
. ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة: في بحث ميداني أجريته منذ ما يزيد على العقد من الزمان، قالت إحدى الفتيات في الإجابة على أسئلة الاستبيان إن السبب الرئيسي لإحساسها بالإحباط أن والدها لم يكن كما تتمنى في استقامته وتحمله للمسئولية.
ندرك حجم الألم والمعاناة النفسية لفتاة مثلك ترى والدها على ما عليه والدك أصلحه الله.
ولكن.. يا أختي.. هل يبرر هذا كله أن تنقلب القواعد، والأنظمة الاجتماعية لأن أبًا أخطأ في حق الله سبحانه، ثم في تقدير مكانته في أسرته كونه القدوة والمثال؟! اللهم لا.
لا يصح – رغم كل شيء – أن يتعامل الأبناء مع الآباء كما يتعاملون مع الأصدقاء أو الأتراب والإخوة.(45/201)
لا يقبل الأب ولا تقبل الأم – مهما كانت الظروف – سماع نقد مباشر أو توجيه، ناهيك عن التقريع من الأبناء أو البنات، وإذا حدث مثل هذا النقد أو التوجيه يعتبره الأب جرحًا لكرامته وكبريائه، وتأخذه العزة بالإثم، ويكون رد فعله المتوقع هو رفض هذا النقد أو التوجيه جملة وتفصيلاً.. فهل راق لك هذا الرفض؟!
هل هناك شك أو غموض في أن سبيل الحق واضح مثل الشمس في كبد السماء؟!!
ولكن الله سبحانه قال رغم ذلك: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن".
والحكمة في حالتك تقتضي الفطنة والأدب والتدرج. انظري إلى فطنة الحسن والحسين حين رأوا أعرابيًّا يتوضأ، ولا يحسن الوضوء، فقالا له: يا عماه.. أنظرنا نتوضأ؛ لتحكم أيُّنا أفضل وضوءاً، فشاهدهما الرجل، وتنبه إلى خلل فعله.
وراجعي مسلك النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في مسلكه مع عمه أبي طالب، وما فتئ يدعوه للإيمان بأدب ولطف حتى آمن "على أصح الأقوال"، وانظري إليه كيف كان يخاطب ذوي المكانة، وكل أب في بيته راعٍ، ويجب أن يعامل كملك متوَّج. وقال السلف: لا يبتسم في وجه الفاسق إلا الثقة.
يبتسم في وجهه لا من باب الإقرار بمعصيته، ولكن لأن "الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه" كما قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم.
وحين يحترم الابن أباه الغافل، فإنه في الحقيقة يقيم الاعتبار لمقام الأبوة واجب الاحترام والتقدير، وكأنه يقول للأب: يا أبت أنت في مقام سامق.. هذا هو مكانك فوق رأسي.. فيستحي الأب أن يهبط عن هذا المقام الأسمى الذي يحفظه له أولاده.
ولا يعتبر كتمان ما عُرف عن الفحش إقرارًا له، أو تواطؤًا معه، ولكنه يكون من قبيل التغافل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغافل عما لا يشتهي، فإذا كتم الوالد ذنبًا سترناه عليه؛ لأن ما يترتب على إعلانه بالعتاب، أو تنديده مصارحة أن نضعه بين شقي الرحى: بين الإنكار كذبًا، أو المجاهرة بالفسق، وحين تنكسر بقايا الحياء يتمادى الإنسان في غيِّه، ولعل هذا من بعض معنى الحديث الشريف: "كل أمتي معافى إلا المجاهرون"؛ لأن المجاهرين أسقطوا اعتبارات الحياء والمداراة والإنكار، ويصعب الرجوع من هذه الحالة، والحمد لله أن والدك ليس كذلك.
من الدعاة من يطرب حين يرى إنسانًا قد وقع في فخ المعصية، ويقترب منه وهو يرقص رقصة النصر، ويزهو كما الصياد والفريسة، ويقبل عليه جلدًا وتبكيتًا فيكون عونًا للشيطان عليه من حيث أراد غير ذلك.
ستقولين: أنا أرفق به في مصارحتي له، وأنا أقول لك: إن مجرد المصارحة المكشوفة من ابنة في مثل سنك لوالدها يُعَدُّ جارحًا ومؤلمًا أيما ألم، فهل يمكن أن يستجيب أحد لنصح يرافقه ألم؟ولعلك تريدين الآن توجيهات محددة.. وأقول لك:
1 - استشعري واستحضري ما ينبغي أن يكون في صدرك تجاه الوالد، واخفضي له جناح الذل من الرحمة، ولا تقولي له: أف، وإياك أن تكرري ما سبق منك.
2 - حين تعلمين شيئًا أسر به الوالد اكتميه سترًا له، وإن أردت أن تتحدثي إليه عن جرم فظيع اقترفه – لا سمح الله - قولي له أريد أن آخذ رأيك في شيء يا أبي لأنك أكبر سنًّا، وأكثر تجربة، ثم قولي له: إن والد إحدى(45/202)
صديقاتك قد فعل كذا، وعرفت هي، وأنها تسألك النصح لأنها متألمة لهذا جدًّا، ولا تهم إجابته على هذا السؤال بالطبع، وإن كانت ستفيدك في معرفة شخصية الوالد أكثر.
3 - كوني بين إخوانك وأخواتك الابنة الأثيرة لديه، ولا يكون ذلك إلا بالتفوق الدراسي، والتميز الثقافي، والتوقد الذهني، والنشاط في البيت والمجتمع، وعندها يحبك، ويعلم أن "الملتزمة بالدين" هي الأكثر تفوقًا، والأرجح عقلاً، والأفضل برًّا به، وبكل الأسرة، وعندها سيحترمك أكثر، ويستحي منك أكثر.
4 - إياك والنصح المباشر أو التوجيه بنفسك له، أو إعطاءه شريطًا لمحاضرة أو موعظة، فهذا كله يؤدي إلى نتائج عكسية.
5 - تعاوني مع والدتك وإخوانك وأخواتك في تحري أسباب "نشاط" والدك خارج البيت من صحبة للنساء، وغير ذلك.
ولاحظي أن كثيرًا من الرجال يهربون من البيت لكثرة مشاكله، وكون أفراده مصدرًا للإزعاج المستمر بالطلبات والضجيج، فاجعلوا منزلكم هادئًا جذابًا، وكونوا مصدر فخر وسعادة للوالد، يشتاق إليكم، ويحب صحبتكم، ويستغني بها عن كل صحبة فاسدة.
6 - دققي في معرفة اهتمامات والدك وهواياته، وشاركيه في تنمية هذا الاهتمام، وأشعريه بأنك مهتمة بشئونه من آن إلى آخر، وساعديه في شئونه "على قدر استطاعتك" وأكرمي الحي من والديه وإخوته.
7 - لا تستعجلي فالأمر سيحتاج إلى وقت وجهد، ولا تنسي الدعاء بإلحاح له بالهداية في سرك لا في وجهه!!!
وأعلمينا بأخبارك أولاً بأول.
"ساهمت في هذه الإجابة السيدة/ "سمر عبده"، الأخصائية الاجتماعية بفريق الحلول".
ـــــــــــــــــــ
...(45/203)
دائرة معارف الأسرة المسلمة - الثقافة الجنسية
http://www.roro44.com/zawaj/zawaj-9-400-0.html
أولا- الثقافة الجنسية
غشاء البكارة
هو غشاء يوجد لدى الفتيات العذراوات ، ويغلق الفتحة الفرجية بصورة كاملة ، وأشكال الغشاء وسماكته تختلف من عذراء لأخرى ، ونادرأ ما تولد الفتاة بدون غشاء بكارة ، وقد يتمزق بسبب مرض أو عبث أو حادث وهناك أغشية لها من الرقة والمرونة بحيث لا يتمزق بسهولة أثناء الممارسة الجنسية ، وقد يبقى سليمأ حتى مولد الطفل الأول برغم تكرار العملية الجنسية والغالب أن يتمزق هذا الغشاء مع أول اتصال جنسي كامل ، ويحدث تمزقه ألمأ خفيفأ ، وتنزف منه كمية قليلة من الدم وهذا الغشاء تولد به الأنثى فهو يتكون فى جسمها وهى لا تزال فى رحم أمها ، وينمو مع نمو الجسم كحال باقى الأعضاء .أشكال غشاء البكارة
يختلف شكل غشاء البكارة أيضأ من فتاة لأخرى ، فتكون فتحته إما دائرية أو بيضاوية الشكل ، وفى أغلب الفتيات فإنه يأخذ شكلأ هلاليأ ، وهناك غشاء مشرشر أو مسنن الشكل ، وآخر به فتحتان ، و فتحات الغشاء هذه تسمح بنزول دم الحيض ، وفى بعض الأحيان تولد الفتاة وغشاؤها مسدود تمامأ مما يمنع نزرل دم الحيض وهنا لابد من التدخل الجراحى بمعرفة أخصائى لإحداث ثقب صغير لتصريف فى دم الحيض المترأكم داخل الفتاة وتزيد صلابة غشاء البكارة وعدم مرونته (قساوته) بتقدم السن ، فإذا جاوزت الفتاة الثلاثين وهى عذراء لم تمس ازدادت بكارتها صلابة ومتانة .
ملاحظة
من الممكن أن يحدث حمل للفتاة العذراء إذا تسرب السائل المنوى عبر الثقب الموجود فى غشاء البكارة ، فحذار من الممارسة الجنسية- حتى وإن كانت سطحية .
فض غشاء البكارة
يتخيل بعض الرجال أن فض البكارة عمل شديد الصعوبة ، فيدخل أحدهم على عروسه متوهمأ بأنه يحتاج لقوة جبارة لفض هذا الغشاء ، فيعاملها وكأنه فى معركة حربية!! والواقع أن فض غشاء البكارة من السهولة بحيث أنه بمجرد انتصاب قضيب الرجل وتصلبه فإنه بإدخال القضيب وبلا عنف يتم فض هذا الغشاء وكثير من الفتيات يتملكهن الرعب والفزع من هذه العملية فى الليلة الأولى ، من كثرة ما سمعن وما تردد حولهن من حكايات وأوهام مزعومة من آلام فض البكارة والواقع أن فض البكارة لا يصحبه إلا ألم طفيف جدأ
جرح فض غشاء البكارة
فى أغلب الأحيان يتمزق الغشاء تمزقأ اعتياديأ ، ولكنه يترك آلامأ بسيطة تحتاج معها المرأة ليومين أو ثلاثة للشفاء منها ، ويستحسن ترك الجماع فما اليومين التاليين لفض غشاء البكارة
أوضاع فض غشاء البكارة
هناك أوضاع للجماع يسهل معها فض غشاء البكارة بعد المداعبات الكافية لترطيب المهبل وقد رى بعض الاخوان ان لا يتم نشر مثل ذلك ويكون عن طريق الاستفسار البريدي .
إلتهابات شهر العسل
يصيب التهاب المثانة الإناث أكثر من الذكور حيث تكون قناة مجرى البول فيهن قصيرة ومكشوفة للخارج .
وعمومأ تحدث الإصابة فى الأطفال ، وفى سن الخصوبة ، وتكثربعد الزواج مباشرة إثر الجماع الأول (جماع ليلة الزفاف) ، وتسمى " التهابات شهر العسل " ، وينشأ التهاب المثانة فى هذه الحالة من تهيجها نتيجة لكثرة الجماع فى الأيام الأولى للزواج .
الوقاية من التهابات شهر العسل
ينصح بعد فض غشاء البكارة التوقف عن الجماع ليوم أو يومين حتى تلتئم الجروح الطفيفة الناجمة عن ذلك ، مع عمل حمام دأفىء ، بأن تجلس الزوجة فى ماء دافىء- يمكن إضافة أحد المطهرات إليه- أو عمل دش مهبلى ، ويجب العناية بتشطيف المهبل بالطريقة الصحيحة ، حيث يبدأ التشطيف من الأمام من عند فتحة البول ، وينتهى إلى الخلف (الشرج) ، وذلك بعد كل تبول ، أو بعد إتمام العملية الجنسية ، ويلاحظ أن إجراء التشطيف من الخلف للأمام ينقل الجراثيم الموجودة بالشرج إلى تجرى البول فيصاب المهبل بالالتهابات بفعل هذه ا لميكروبات وقد يحدث التهاب بالمهبل فى بداية فترة الزواج نتيجة لوجود تمزقات ملتهبة من جراء فض غشاء البكارة ، وهنا ينصح بالامتناع عن الجماع عد ة أيام حتى يزول الالتهاب واستشارة الطبيب .
الأعشاب وعلاج الالتهابات
هناك وصفات عديدة للعلاج بالأعشاب من حالات التهابات المهبل والمثانة ومنها
شرب مغلى الشمر
شرب فنجان واحد يوميا من مستحلب زهر البابوبخ
عمل حمام تشطيف مهبلى بنقع ثلاث ملاعق كبيرة من البابوبخ فى لتر ماء مغلى ويترك حتى يصبح فاترأ ، ثم يصفى ، وتجلس فيه الزوجة
مغلى قشر الصفصاف ، ويستعمل كما سبق مع البابوبخ مغلى بذر الكتان
ــــــــــــــــــ(46/1)
حقيقة الشبق الجنسي
يقول علماء الطب: أن الشبق الجنسي ما هو إلا جوع عضوي كالجوع إلى الطعام يمكن إشباعه بمجرد اللقاء بين الزوجين.
ونقول: انه قد يحدث اللقاء بين الزوجين, ويتم اللقاء من الناحية الشكلية, ويفتر الشبق قليلا بعد هذا اللقاء, ولكن الجوع الجنسي يبقى كما هو, بل يزداد الزوجان أو أحدهما تطلعا إلى إشباع من نوع آخر غير مجرد الإفراغ الجنسي العابر..وهذا يدل على أن الشبق الجنسي ليس جوعا عضويا كالجوع إلى الطعام, بل يشبعه شيء آخر غير مجرد الإفراغ.. ولو كان مجرد جوع كالجوع إلى الطعام لكانت أي امرأة كافية للرجل, ولكان أي رجل كاف للمرأة, ولكن الواقع يشهد بأن نفوس الرجال تعاف البعض وتميل إلى البعض, وكذلك نفوس النساء مما يؤكد أن الشبق جوع ولكنه ليس عضويا, وان هناك شيئا زائدا على الشبع العضوي لا يتم الإشباع إلا به, وهذا الشيء الزائد هو الصفات الدافعة للزوج إلى اختيار الزوجة, والزوجة إلى اختيار الزوج.
إنه الشيء الذي حث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الراغبين في الزواج من أجله على نظر بعضهم إلى بعض قبل العقد, وعلل هذا النظر بقوله:" فإنه أحرى أن يؤدم بينكما".
وقال في حديث آخر:"... إن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل".
إنها الجاذبية بين الزوجين؛ وتلك الموجات السحرية التي تنبعث من التركيب العام, والحركة العامة لأي من الرجل والمرأة نحو الآخر, فتدفعه نحو صاحبه في محاولة للاندماج المشبع ولو لم يكن هناك لقاء بالفعل.
قد يكون هذا الجاذب في المرأة للرجل جمال جسدها أو في عينيها أو صوتها إلى غير ذلك, وقد يكون الجاذب في الرجل للمرأة رجولته ورزانته إلى غير ذلك.
من أجل ذلك لم تكن عملية اللقاء الجنسي هي نهاية المطاف في أي زواج ناجح, وإنما المقصود هو: خلوة يتم فيها استمتاع كل من الجنسين بكل ما يستهويه في الآخر من السمات والصفات قبل اللقاء الذي يحد من شدة الهياج عند الطرفين, ولا يحد من جوع الجسد إلى الجسد, والعاطفة للعاطفة, والأنوثة للذكورة, والذكورة للأنوثة, فهو جوع دائم قبل اللقاء وبعده وفي كل حال من الأحوال لا يسكته إلا السكن بين كل منهما والآخر.
فالشبق الجنسي على هذا فوق أنه سر من أسرار الله تعالى هو: جوع الرجل إلى كل المرأة, وجوع المرأة إلى كل الرجل, يحد من ثورانه اللقاء الجنسي ولا يقضي عليه, فاللقاء الجنسي عامل من عوامل التهدئة, وليس عاملا من عوامل الإشباع, وإنما يكون الإشباع مرهونا باستجابة كل من الرجل والمرأة إلى دوافع الإغراء والجذب في الآخر استجابة استغراق مقترنة باتساع دائرة الخيال وانطلاقه دون حاجز ولا حاجب من حياء ولا وقار
ــــــــــــــــــ(46/2)
لماذا الثقافة الجنسية ؟
الحمد لله وكفى,والصلاة والسلام على السيد المصطفى-ص-.أما بعد :
لماذا الحديث عن الجنس ؟ ولماذا هذا التركيز عليه من خلال هذه الاستشارات ؟ ولماذا هذا الربط القوي في هذه الرسالة بين الزواج والجنس أو المرأة والجنس أو الرجل والجنس؟ الجواب بسيط: إنني أتحدث عنه وأركز عليه وأربطه ربطا قويا بالإسلام وبالزواج لأهميته البالغة:
1-إن الجنس جزء أساسي من الحياة عموما ومن الحياة الزوجية خصوصا.لقد صادفت في حياتي كثيرا من الأزواج ومن الزوجات (منهم أطباء وطبيبات)كاد الأمر السيئ بينهما-أي بين الزوجين-أن يصل إلى الطلاق,وعندما أتيحت لي الفرصة للتدخل بينهما-بطلب منهما أو من أحدهما-من أجل الصلح بينهما بأن أسمع منهما ثم أقدم النصيحة لأحدهما أو لكليهما,وجدتهما مستعدين للحديث عن كل شيء إلا عن سبب الخلاف الأساسي وهو الجنس.وجدتهما يرفضان بشدة تلميحا أو تصريحا الحديث في هذا الموضوع لأن مجتمعنا معقد ويعتبر أن الحديث عن الجنس عيب,وأن حدوث الخلاف بين الزوجين بسببه عيب ثاني,وأن الحديث عن سبب الخلاف هذا عيب ثالث,وأن مجرد الثقافة الجنيسة لأي من الزوجين ولو بينه وبين نفسه عيب رابع.وعندما بدأت الحديث المفصل معهما بعد أن بينت بأنه لا الدين يمنعنا ولا العلم والطب يمنعنا من هذا الحديث وجدت الحرج بدأ يرتفع من أمامهما وبدآ الحديث بتحفظ ثم استرسلا في الحديث المفصل وغير المتحفظ.وعندما سمعت من الطرفين قدمت لهما ملخصا عما يجب أن يعرفاه من الثقافة الجنسية على الأقل التي لها علاقة بموضوع خلافهما.وأخبرت المحسن بأنه أحسن والمسيء بأنه أساء وقدمت لهما النصائح المناسبة (لأحدهما أو لكليهما).والحمد لله رب العالمين على توفيقه,لأن الصلح يتم –غالبا-بين الزوجين,بعد هذه الجلسة مباشرة بيومين أو ثلاثة وترجع الأمور بين الزوجين إلى مجراها الطبيعي,بل ترجع غالبا إلى أحسن مما كانت بكثير ويقول أحدهما أو كلاهما:"ما تزوجت إلا اليوم".وفي بعض الأحيان يخرج الزوجان من جلسة الصلح مباشرة وهما متراضيان ومتفقان ومتحابان وكأن يومهما هو يوم الوليمة والعرس والزفاف والدخول.وفي أحيان أخرى يكون الزوجان قد اتصلا قبل ذلك بطبيب جلس معهما مرات ومرات ولم يُفدهما,وبقيت دار لقمان على حالها:إما لأنهما لم يُصارحاه بما هو كائن بينهما,وإما أنهما صارحاه لكنه لم يعرف ما يقوله لهما أو كيف يكلمهما.والأمثلة المماثلة كثيرة فقط من وحي تجربتي البسيطة لا من تجارب آخرين.ومع ذلك أنا أتمنى ممن يعترض على الكتابة في الجنس أن يقدم دليلا واحدا من أقوال طبيب أو نصف طبيب مسلم أو حتى غير مسلم في الدنيا كلها يقول بأن ما يُنشر في هذه الرسالة"الزواج والجنس"يتنافى مع القواعد العلمية أو الطبية.
2- ينبغي أن نكون على ذكر من أن الله سبحانه وتعالى،قد أنزل في كتابه الكريم من أمور الجنس شيئا كثيرًا،وفيه شواهد تطبيقية على أن ذكر الأمور الجنسية في مناسبتها لا يتعارض مع الحياء بوجه من الوجوه.كما ينبغي أن نكون على ذكر أيضا من أنه ورد في السنة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كان النبي–ص-أشد حياء من العذراء في خدرها".رواه الشيخان.ولم يمنع هذا الحياء الجم-بل البالغ أقصى درجات الكمال-رسول الله-ص-من أن يعلم الناس أمور الجنس ويستمع إلى أسئلتهم وشكاواهم المتعلقة بالجنس في سماحة ويسر،حتى وإن كانت بعض تلك الأسئلة والشكاوي صارخة التعبير.ونؤكد على أنه ينبغي أن تكون لنا القدوة الحسنة في القرآن والسنة,فنتعلم منهما النهج السوي في الحديث عن أمور الجنس نهجًا يتسم بسمو في التعبير,مما يتوافق مع الحياء السوي كاستعمال الكناية والمجاز حيث يغنيان عن الحقيقة،والإشارة حيث تغني عن العبارة،والتلميح حيث يغني عن التصريح،والإجمال حيث يغني عن التفصيل.هذا مع وجوب التنبيه إلى أن الحياء السوي لا يتعارض أبدا مع نوع من التصريح حينا أو مع شيء من التفصيل حينا آخر حتى يكون البيانُ أكملَ بيان.
وهناك شواهد كثيرة تبين كيف عالج القرآن الكريم في أدب كثيرًا من القضايا التي لها علاقة بالأعضاء التناسلية أو بالمتعة الجنسية،فقدم بذلك للمؤمنين والمؤمنات ثقافة جنسية رصينة،وشواهد أخرى تبين كيف تأسَّى رسولنا-ص-بالقرآن العظيم وكذلك صحابته الكرام بعده،فعالجوا جميع تلك القضايا بوضوح وبحياء تام في نفس الوقت.فبدافع من الحياء كانوا يقفون من الحديث عند قدر الحاجة لا يتجاوزونها،وكانوا يتحرون الجد ويجتنبون الهزل وكانوا يقصدون المصلحة لا المفسدة،رائدهم دائما العفاف والطهر لا المجون ولا الفجور.إن أعضاء البدن كله تشمله الطهارة والكرامة سواء كانت ضمن الجهاز التنفسي أو الجهاز الهضمي أو الجهاز التناسلي،وكذلك أعمال الإنسان كلها تشمل الطهارة والكرامة إذا تمت وفق شرع الله،سواء أكانت أعمال التجارة أو القتال أو المباشرة الجنسية،لذا كان من الطبيعي أن تذكر أعضاء التناسل،وأعمال المباشرة الجنسية،وما يؤدي إليها وما ينتج عنها عندما تأتي المناسبة،كما تذكر أعضاء الأكل والشرب أو أعمال القتال عندما تأتي مناسبتها.وكما أنه لا حرج في ذكر اليدين والفم أو في ذكر الدم والدمع،فلا حرج كذلك في ذكر السوأتين والفرج أو في ذكر النطفة والمني.وكما أنه لا حرج في ذكر الجوع والظمأ،أو في ذكر أكل الطعام وشرب الماء،فكذلك لا حرج في ذكر المحيض والطهر وفي ذكر الرغبة في النساء والتلهف على الاستمتاع بهن,ما دامت المناسبة مشروعة،والأسلوب راقيًا،والهدف هو مصلحة المؤمنين والمؤمنات في دينهم ودنياهم.هذا هو الدين,ولا دين عندنا غير هذا الدين!!!.ومنه فإننا عندما نستحي أن نتحدث عن الجنس كأننا نعتبر أنفسنا كما يقال:"ملكيين أكثر من الملِك".لماذا نستحي من شيء فعله الله ورسوله-ص-؟!
3- فرق بين أن نتحدث عن الجنس بكلام بذيء فاحش-وهو ذِكرُ ما يستقبحُ ذكرُه بألفاظ صريحة-فهذا حرام بطبيعة الحال ونسأل الله أن يعافينا من ذلك.فرق بين هذا وبين أن نتحدث عن الجنس بألفاظ مؤدبة يحكمها العلم والدين والطب,فهذا ما لا يجوز أن يناقش أحد في حِله وجوازه.وفرق كذلك بين أن نتحدث عن الجنس بدون ضرورة,وبين أن نتحدث عنه من أجل ضرورة التعلم أو من أجل ضرورة طلب النصح والتوجيه أومن أجل ضرورة العلاج أو من أجل ضرورة حل مشكلة من المشكلات.وأتمنى ممن يعترض على الكتابة في الجنس من وجهة نظر إسلامية طبية علمية أن يقدم دليلا واحدا من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس أو..على أن الحديث عن الجنس بالشكل الذي كتبته في هذه الرسالة هو حرام أو مكروه أو حتى خلاف الأولى.إن فرض الكفاية يصبح للأسف عند بعض الجاهلين عيبا ويتناقض مع الحياء !.
4-إننا للأسف الشديد نحوم حول الحمى,ولا نناقش الأمور المتعلقة بالصلة الزوجية وكأنها سر دولة أو جيش,ولا يُسمح حتى بالاقتراب لمعرفة ما إذا كانت هناك مشكلة أم لا,لأن ذلك يدخل في نطاق "العيب"و"قلة الأدب". إن المراهقين والمراهقات يعانون أشد ما يعانون من وطأة الكثير من الأسئلة والكثير من المشاعر.إننا نسأل أنفسنا باستمرار : "كيف يتم إعداد الأبناء لاستقبال هذه المرحلة الخطيرة من حياتهم بما تحويه من متغيرات نفسية وجنسية وفسيولوجية وحتى مظهرية ؟ولن يتم ذلك بالتأكيد إلا بالتربية الجنسية شئنا أم أبينا.إن الأم تقول:إني أصاب بالحرج من التحدث مع ابنتي في هذه الأمور.وطبعًا يزداد الحرج إذا كان الابن ذكرًا.وهكذا يستمر الموضوع سرًا غامضًا تتناقله ألسنة المراهقين فيما بينهم،وهم يستشعرون أنهم بصدد فعل خاطئ يرتكبونه بعيدًا عن أعين الرقابة الأسرية،وفي عالم الأسرار والغموض تنشأ الأفكار والممارسات الخاطئة وتنمو وتتشعب دون رقيب أو حسيب,ثم تأتي الطامة ويجد الشاب والفتاة نفسيهما فجأة عند الزواج وقد أصبحا في مواجهة حقيقية مع هذا الأمر ويحتاجان إلى ممارسة واقعية وصحيحة وهما في الحقيقة لم يتأهلوا له (هذا إذا لم يقترب كل منهما من سن الزواج وقد تعود على الزنا أو السحاق أو العادة السرية و اللواط أو ... ).ويواجه كل من الزوجين الآخر بكل مخزونه من الأفكار والخجل والخوف والممارسات المغلوطة،ولكن مع الأسف يظل الشيء المشترك بينهما هو الجهل وعدم المصارحة الحلال بالرغبات والاحتياجات التي تحقق الإحصان،ويضاف لكل ذلك الخوف من الاستفسار عن المشكلة أو طلب المساعدة،وعدم طرق أبواب المكاشفة بما يجب أن يحدث وكيف يحدث,لأن الجاهلين منا سيقولون للسائل:"عيب.لا يجوز أن تسأل,ولا يجوز أن نجيبك"!.
يقول الدكتور عمرو أبو خليل أخصائي الطب النفسي بالإسكندرية:"إنني كطبيب أواجه يومياً في مركز الاستشارات النفسية والأسرية العديد من الحالات لمراهقين أوقعهم جهلهم في الخطأ وأحياناً في الخطيئة،وأزواج يشكون من توتر العلاقة أو العجز عن القيام بعلاقة كاملة أو غير قادرين على إسعاد زوجاتهم,وزوجات لا يملكن شجاعة البوح بمعاناتهن من عدم الإشباع لأن الزوج لا يعرف كيف يحققها لهن،وغالباً لا يبالي.ومع الأسف يشارك المجتمع في تفاقم الأزمة بالصمت الرهيب،حيث لا تقدم المناهج التعليمية-فضلاً عن أجهزة الإعلام-أي مساهمة حقيقية في هذا الاتجاه رغم كل الغثاء والفساد على شاشاتها والذي لا يقدم بالضرورة ثقافة بقدر ما يقدم صور خليعة.ويزداد الأمر سوءاً حينما يظل أمر هذه المعاناة سرًا بين الزوجين،فتتلاقى أعينهما حائرة متسائلة،والزوجة لا تجرؤ على السؤال،لأنه لا يصح من امرأة محترمة أن تسأل عن الجنس(!) وإلا اتهمت بأنها لا تستحي أو اتهمت بأن عندها رغبة في هذا الأمر(وكأن المفروض أن تكون خُلقت دون هذه الرغبة!).والزوج-أيضًا-لا يجرؤ على طلب المساعدة من زوجته لأنه رجل ويجب أن يعرف كل شيء!,ولا من الغير لأن السؤال عن الجنس عار!.وهكذا ندخل الدوامة:الزوج يسأل أصدقاءه سرًا وتظهر الوصفات العجيبة والاقتراحات الغريبة والنصائح المشينة،حتى يصل الأمر للاستعانة بالعفاريت والجانّ،لكي يفكّوا "المربوط" ويتخلصوا من المشكلة.وقد يصل الأمر إلى أن الزوج قد يفعل الحرام أو الشذوذ أو ..من أجل إمتاع نفسه أو إمتاع زوجته.وعادة ما تسكت الزوجة طاوية جناحيها على آلامها،حتى تتخلص من لَوم وتجريح الزوج.وقد تستمر المشكلة شهوراً طويلة،ولا أحد يجرؤ أن يتحدث مع المختص أو يستشير طبيبًا نفسيًا،بل قد يصل الأمر للطلاق من أجل مشكلة ربما لا يستغرق حلها أكثر من نصف ساعة مع أهل الخبرة والمعرفة إما بنصيحة أو بدواء بسيط أو بعملية جراحية سهلة للغاية.ثم إن الأمور قد تبدو (مع جهل الزوجين وعدم السؤال) وكأنها تسير على ما يرام بينما تظل النار مشتعلة تحت السطح ،فلا الرجل ولا المرأة يحصلون على ما يريدون أو يتمنون من الإشباع الجنسي والاستمتاع الحلال الهنيء الطيب المبارك ،وتسير الحياة السوداء وكأنها بيضاء.وربما يأتي الأطفال معلنين لكل الناس أن الأمور مستتبة وطبيعية,وإلا فكيف جاء الأطفال؟!.وفجأة تشتعل النيران ويتهدم البيت الذي كان يبدو راسخا مستقرًا،ونفاجأ بدعاوى الطلاق والانفصال إثر مشادة غاضبة أو موقف عاصف،يسوقه الطرفان لإقناع الناس بأسباب قوية للطلاق،ولكنها غير السبب الذي يعلم الزوجان أنه السبب الحقيقي ولكنّ كلاً منهما يخفيه داخل نفسه ولا يُحدِّث به أحدًا حتى نفسه.فإذا بادرته بالسؤال عن تفاصيل العلاقة الجنسية-كنهها وأثرها في حدوث الطلاق-نظر إليك مندهشًا،مفتشًا في نفسه وتصرفاته عن أي لفتة أو زلة وشت به وبدخيلة نفسه،ثم يسرع بالإجابة بأن هذا الأمر لا يمثل أي مساحة في تفكيره !.وقد تستمر الحياة حزينة كئيبة،لا طعم لها،مليئة بالتوترات والمشاحنات والملل والشكوى التي نبحث لها عن ألف سبب وسبب ... إلا السبب الحقيقي وهو السؤال عن الجنس أو الاستشارة الجنسية".إ.هـ.
هل بالغنا أم أعطينا الأمر أكثر مما يستحق؟.هل تصورنا أن الناس لا هم لهم إلا الجنس وإشباع هذه الرغبة أم إن هناك فعلاً مشكلة عميقة تتوارى خلف أستار من الخجل والجهل،ولكنها تطل علينا كل حين بوجه قبيح من الكوارث الأسرية.وإذا أردنا العلاج والإصلاح فمن أين نبدأ ؟.إننا بحاجة إلى رؤية علاجية خاصة بنا تتناسب مع ثقافتنا الإسلامية حتى لا يقاومها المجتمع وأن نبدأ في بناء تجربتنا الخاصة وسط حقول الأشواك والألغام ونواجه هذه الثقافة الغريبة التي ترفض أن تتبع سنة رسول الله-ص-في تعليم وإرشاد الناس لما فيه سعادتهم في دائرة الحلال.إننا باختصار بحاجة إلى الثقافة الإسلامية الجنسية.
5-أنقل هنا أقوالا من مئات الأقوال لعلماء قدامى ومعاصرين,تؤكد على أهمية نشر الثقافة الجنسية بين المسلمين,وأنا أؤكد على أن المقام لو كان يسمح لنقلت عنهم جميعا مئات الصفحات التي تتحدث في هذه النقطة بالذات.
ا-أنقل ما قاله الشيخ عبد الحليم أبو شقة مفكر إسلامي ومؤلف الموسوعة الرائعة"تحرير المرأة في عصر الرسالة" يقول:"لقد توارثنا تصورًا خاطئًا مؤداه أن خلق الحياء يمنع المسلم من أن يخوض في أي حديث يتصل بأمور الجنس، وتربينا على اجتناب التعرض لأي أمر من هذا القبيل،سواء بالسؤال إذا اشتدت حاجتنا إلى سؤال أم بالجواب إن طلب منا الجواب،أو بالمشاركة في مناقشة هامة وجادة.إن الجنس وكل ما يتعلق به من قريب أو بعيد يظل- في إطار هذا التصور الخاطئ-وراء حُجُب كثيفة لا يستطيع اختراقها إلا من كان جسورًا إلى درجة الوقاحة أو كان ماجنًا،أو كان من الدهماء الذين حرموا كل صور التهذيب".
ب- كما أنقل قولا للشيخ يوسف القرضاوي الذي يُضرب به المثال في القرن العشرين وفي الدنيا كلها في الإيمان الراسخ والعلم الواسع والاعتدال,وهو مقتطف من لقاء له بقناة الجزيرة في"الشريعة والحياة"خصصه كله للحديث عن الإسلام والجنس.قال حفظه الله:"إن العلاقة الجنسية بين الزوجين أمر له خطره وأثره في الحياة الزوجية.وقد يؤدي عدم الاهتمام بها أو وضعها في غير موضعها إلى تكدير هذه الحياة وإصابتها بالاضطراب والتعاسة.وقد يفضي تراكم الأخطاء فيها إلى تدمير الحياة الزوجية والإتيان عليها من القواعد.وربما يظن بعض الناس أن الدين أهمل هذه الناحية برغم أهميتها. وربما توهم آخرون أن الدين أسمى وأطهر من أن يتدخل في هذه الناحية بالتربية والتوجيه أو بالتشريع والتنظيم بناء على نظرة بعض الأديان إلى الجنس على أنه"قذارة وهبوط حيواني".والواقع أن الإسلام لم يغفل هذا الجانب الحساس من حياة الإنسان وحياة الأسرة وكان له في ذلك أوامره ونواهيه سواء منها ما كان له طبيعة الوصايا الأخلاقية،أم كان له طبيعة القوانين الإلزامية..".
ج- ثم أنقل كلمة من مقدمة لمجموعة من الفتاوى الإسلامية الجنسية تُنشر بشكل دائم ومستمر,ومن موقع إسلامي مشهور على الأنترنت:"الشبكة الإسلامية".يقول المحرر لصفحة عنوانها:"فتاوى في العلاقات الزوجية":"ما زال باب "عندما يأتي المساء" (الذي يرد على الاستشارات الجنسية) يستدعي ردود فعل متباينة من القرَّاء،والطريف أن المعترضين هم في غالبيتهم من الرجال الذين يرون أن هذا الكلام"غير مناسب" في موقع إسلامي،ويشكو بعضهم أنه لا يصح أن يقرأ الشباب الزائر للموقع موضوعات حول العلاقات الزوجية-الجنسية،في حين أننا وجدنا الترحيب بالأساس من الجمهور من النساء اللواتي أكدن في رسائلهن أن أسئلة كثيرة تدور في عقولهن وقلوبهن،لكنهن لا يجرؤن على السؤال والإفصاح حياءً وخشية الاتهام بالانفتاح،فيؤثرن الصمت.ولن نكرر ما قلناه في أعداد سابقة عن كون الثقافة الجنسية جزءًا من الثقافة الإسلامية العامة،ولن نضرب-تكرارًا-الأمثال للناس من حياة الرسول-ص-والصحابة رضوان الله عليهم لعلهم يتدبرون،بل نقول فقط أن أبناءنا وإخواننا وأزواجنا الذين يطالعون الإنترنت خير لهم أن يقرأوا عندنا ما يتأسس على أرض الإسلام،ويدور مع مقاصد الشرع وآدابه عن أن يبحثوا عن المعلومة لدى أصحاب المذاهب والسبل الأخرى،وإننا نفتح الملفات المغلقة طاعة لله-سبحانه-ورسوله –ص-،والتزامًا بمنهج الإسلام في هذه العلاقات.واليوم اخترنا أن نورد بعضًا من الفتاوى بشأن ممارسات زوجية يتساءل الناس عن حكم الشرع فيها،ويرد الفقيه ليعين الناس على الحلال،وينهاهم عن الحرام.والله يجنبنا الزَّلل".ثم يمكن أن نقرأ بعد ذلك على نفس الموقع فتاوى إسلامية جنسية مفصلة جدا ودقيقة جدا على غرار ما أكتب أنا في هذه الرسالة.
د- ثم أنقل مقدمة أحمد منصور في برنامج"بلا حدود" بقناة الجزيرة لموضوع خاص بأهمية نشر الثقافة الجنسية جاء فيها:"موضوع حلقة اليوم هام وشائك وحساس وشائق في آن واحد،فكثير من الناس يعتبرون الحديث في مثل هذه الموضوعات من العيب أو المحرمات التي لا يجوز الاقتراب منها،في الوقت الذي تناولت فيه النصوص القرآنية والنبوية مثل هذه الأمور بشكل واضح للناس،حتى ينشأ الناس نشأة سوية بعيدة عن الانفلات الذي تعيشه المجتمعات الخالية من الضوابط،أو الكبت الناتج عن الموروثات الاجتماعية والتقاليد البالية في معظم مجتمعاتنا،مما يؤدي إلى صراعات نفسية،وكبت يؤدي في كثير من الأحيان إلى الانحراف،أو الحصول على معلومات من طرق ملتوية أو من رفاق السوء.وفي هذه الحلقة نحاول أن نطرح موضوع التربية الجنسية والصحية للأطفال والمراهقين من محاوره المختلفة،ليعرف الأبوان تحديدًا،بصفتهما المحضن الأساسي للطفل والمراهق دورهما في هذه القضية الشائكة،وكيف يتعاملان بأسلوب صحيح مع تساؤلات أو مع خجل أبنائهم.ولحساسية القضية المطروحة لدى معظم الناس فقد اخترنا لها من يستطيع أن يسبر غورها من نواحيها المختلفة الصحية والنفسية واللغوية والفقهية في آن واحد.ولذا فإن ضيفنا الدكتور"محمد هيثم الخياط"من دمشق بسوريا عالم مبرز في الطب، ولغوي مميز،وفقيه أريب،جمع هذه العلوم من أطرافها،وربما يكون من القلائل،أو من العرب النوادر الذين يجمعون بين علوم الطب واللغة والفقه في آن واحد..".
6-إن هناك وهمًا كبيرًا قد أحاط بمعنى الحياء أدى إلى بناء سد منيع هائل بين المسلم وبين معرفة ما يقوله دينه في جانب خطير من حياة كل إنسان رجلاً كان أو امرأة،وهذا الجانب يشمل كل ما له صلة بالأعضاء التناسلية أو بالمتعة الجنسية. لقد وردت عن رسول الله-ص-أحاديث عديدة ترفع من شأن الحياء ومن قيمته,منها ما ورد عن النبي-ص-أنه مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله-ص-:"دعه فإن الحياء من الإيمان"رواه الشيخان. والحياء السوي الذي يجله الإسلام،ويأمر به كل مسلم ومسلمة،هو ذلك الخلق الذي يبعث على اجتناب القبيح من الفعال،وهو غير الحياء الأعوج.والأفضل أن نسمي هذا الحياء الكاذب (الذي يقول لنا :لا تتحدثوا عن الثقافة الجنسية) الخجل المرضي،حتى يظل لفظ الحياء له جلاله الذي يسبغه عليه الإسلام ولا يختلط بأوهام خارجة تمامًا عن معناه الشرعي.هذا الخجل المرضي هو الذي يحول بين الفرد رجلاً كان أو امرأة وبين قول الحق في موقف،أو يصرفه عن فعل الخير في موقف آخر،وذلك لأدنى ملابسة عارضة يحيط بها هذا الموقف أو ذاك،كأن يكون هناك حشد كبير أو يكون الفرد حديث عهد بالأشخاص الحضور أو يكون أصغرهم سنًا أو مكانة،أو يكون الحضور بعضهم أو كلهم من الجنس الآخر،أو يكون موضوع قول الحق أو عمل المعروف له علاقة بالجنس الآخر،أو أن يكون الموضوع نفسه له صلة بالثقافة الجنسية أو ما إلى ذلك من ملابسات ضئيلة الشأن في ميزان الحق والواجب.فإذا حدث أي من هذه الملابسات فينبغي أن نسميه ضعفًا عن فعل الواجب،أو جبنًا عن قول الحق.وهكذا نسمي الأشياء بأسمائها ونميز الحياء الشرعي عن الخجل المرضي،ولننظر الآن كيف صحح أنس رضي الله عنه فهم ابنته للحياء الشرعي:عن ثابت البناني قال:"كنت عند أنس وعنده ابنة له.قال أنس:جاءت امرأة إلى رسول الله-ص-تعرض عليه نفسها،قالت:يا رسول الله،ألك بي حاجة؟ فقالت بنت أنس:ما أقل حياءها!!واسوأتاه,واسوأتاه.قال:"هي خير منك،رغبت في النبي-ص-فعرضت عليه نفسها". رواه البخاري.
ولدينا في القرآن والسنة نماذج ترسم لنا كيف لا يمنع الحياء من قول الحق أو فعل الخير،وإن كان الحق والمعروف لهما صلة بالأمور الجنسية أو بالجنس الآخر.صحيح أنه يمكن أن يحدث داخل النفس نوع من التوتر يصاحب القول أو الفعل،وهذا أمر محمود ،وكثيرًا ما يلازم الحياء السوي.
ا- قال تعالى:"فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا"سورة القصص الآية: 25.هنا فتاة تخرج للقاء رجل غريب،ومن الطبيعي بل ومن المحمود أن يصيبها قدر من الحياء، لكن أن يبلغ بها الحياء درجة تمنعها من الخروج لهذا اللقاء وتحقيق مصلحة واجبة أو مندوبة فهذا هو المرفوض المذموم.
ب-عن عائشة أن أسماء بنت أبي بكر سألت النبي-ص-عن غسل المحيض فقال:"تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهِّر فتحسن الطهور،ثم يصب على رأسها فتدلكه دلكًا شديدًا حتى تبلغ شئون رأسها(أصول شعر الرأس),ثم تصب عليه الماء ثم تأخذ فرصة (قطعة من قطن أو صوف أو خرقة) مُمَسَّكة (مطيبة بالمسك) فتطهِّر بها"،فقالت أسماء:وكيف تُطهِّر بها؟ قال:"سبحان الله تطهرين بها"،فقالت عائشة-كأنها تخفي ذلك-:تتبعين أثر الدم.وسألته عن غسل الجنابة فقال:"تأخذ ماء فتطهِّر فتحسن الطهور أو تبلغ الطهور،ثم تصب على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شئون رأسها ثم تفيض عليها الماء".فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار،لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين.رواه البخاري ومسلم وهذه رواية مسلم.وصدقت عائشة أم المؤمنين إذ تصف نساء الأنصار بالحياء،ذاك الحياء السوي الذي لم يمنعهن من قول الحق وعمل المعروف،وهو هنا في صورة طلب العلم والفقه في الدين وبالذات الفقه في مسائل الجنس والتربية الجنسية.(46/3)
ج- لكن لا حرج في أن يستجيب المؤمن لما يصيبه من حياء سوي،فلا يواجه الموقف بنفسه،ويلجأ إلى وسيلة أخرى تحقق المصلحة دون مواجهة،وهذا ما يفعله صحابي جليل:فعن علي بن أبي طالب قال:كنت رجلاً مذَّاء فاستحييت أن أسأل رسول الله-ص-(وفي رواية:لمكان ابنته)فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال:"فيه الوضوء".رواه البخاري ومسلم.وكثرة المذي هنا ناشئة عن غلبة الشهوة مع صحة الجسد.وقال الحافظ ابن حجر:في الحديث استعمال الأدب في ترك المواجهة لما يستحيي منه المرء عرفًا،وحسن المعاشرة مع الأصهار،وترك ذكر ما يتعلق بجماع المرأة ونحوه بحضرة أقاربها،ولقد استدل البخاري بالحديث في كتاب العلم لمن استحيا فأمر غيره بالسؤال،لأن فيه جمعًا بين المصلحتين: استعمال الحياء وعدم التفريط في معرفة الحكم.
د- ثم إنه أحيانا يلجأ الإنسان صاحب الحياء السوي إلى التخفيف مما يحسه من توتر (أي حياء) وذلك بأن يقدم بين يدي حديثه عن أمر من أمور الجنس-أو يعقب عليه-فيصرح بما يخالجه من حياء.عن أم سلمة قالت: جاءت أم سليم إلى رسول الله-ص-فقالت:يا رسول الله،إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ فقال النبي-ص-:"إذا رأت الماء".فغطت أم سلمة تعني وجهها وقالت: يا رسول الله,أو تحتلم المرأة؟ قال:"نعم!تربت يمينك,فبم يشبهها ولدها؟".رواه البخاري ومسلم.وقد أورد البخاري هذا الحديث تحت باب "الحياء في العلم" وقال مجاهد:لا يتعلم العلم مستحٍ ولا مستكبر".
هـ-عن أبي موسى قال: اختلف رهط من المهاجرين والأنصار في الغسل من الجماع,فقال الأنصار:لا يجب الغسل إلا من الدفق أو من الماء،وقال المهاجرون:بل إذا خالط فقد وجب الغسل،قال أبو موسى:فأنا أشفيكم من ذلك، فقمت فاستأذنت على عائشة فأُذن لي،فقلت لها:يا أماه-أو يا أم المؤمنين-إني أريد أن أسألك عن شيء وإني أستحييك، فقالت:لا تستحيي أن تسألني عما كنت سائلاً عنه أمك التي ولدتك،فإنما أنا أمك،قلت:فما يوجب الغسل؟قالت: على الخبير سقطت،قال رسول الله-ص-:"إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان،فقد وجب الغسل". رواه مسلم.ولننظر هنا كيف يظن رجل أن طلب العلم من امرأة في أمر من الأمور الجنسية،يعتبر من الرفث(التصريح بكلام قبيح),الذي ينبغي أن ينأى عنه الرجل الحيي،فترد عليه عائشة في صراحة ووضوح،دونما حرج،بأن يدفع ذاك الظن الخاطئ.
7-أُرشد إخواني إلى موقعين إسلاميين رائعين على الأنترنت:"الشبكة الإسلامية"(net.islamweb ),و"إسلام
أون لاين"( .net Islamonline) يمكن الدخول إليهما والاطلاع عن كثب والقراءة لعلماء مسلمين كثيرين وأطباء اختصاصيين في المسائل الجنسية الخاصة جدا,يجيبون يوميا على أسئلة الزائرين الدقيقة جدا والمختلفة جدا في مواضيع مثل الزواج والعلاقات الجنسية والحمل والولادة والبكارة والزنا واللواط والشذوذ الجنسي والاستمناء وعمليات التجميل والزينة والأمراض التناسلية والجنسية وليلة الدخول والحيض والنفاس و..يجيبون وأساسهم الصدق والإخلاص وهدفهم تعليم الدين ونشره على أوسع نطاق ممكن.أتمنى أن لا يقول أحد المعترضين على نشر الثقافة الجنسية بأن المشرفين على هذين الموقعين وغيرهما من المواقع (التي تشبهها والتي تعد بالعشرات إذا لم أقل بالمئات) ضالون منحرفون أو جاهلون لا يعرفون العيب والحياء !.
8- حتى في الخلافات الزوجية التي يصل أمرها إلى المحاكم,يقول العارفون من القضاة والمحامين وغيرهم بأن نسبة لا بأس منها راجعة إلى خلافات متعلقة بالجنس والعلاقات الجنسية بين الزوجين,وإن كان الزوجان لا يصرحان بذلك في الغالب بسبب النظرة السائدة والمتخلفة عن الجنس في مجتمعاتنا.وإذا كانت للزوجين الجرأة على السؤال ووجدا من يجيبهما على تساؤلاتهما الجنسية فإن أكثر من نصف المشاكل تحل بإذن الله ويرجع الزوجان إلى بعضهما على أحسن حال وإلا وقع الطلاق الذي هو أبغض الحلال عند الله.
9-إنني أؤكد للمعترضين على نشر الثقافة الأسرية أو التربية الجنسية أنه مر بين يدي خلال حوالي 18 سنة (منذ بدأت ممارسة الرقية الشرعية عام 1985 م ) عشرات الأشخاص إذا لم أقل مئات كانوا مصابين بأمراض نفسية وعصبية منشؤها جنسي,ولأنهم لم يصارحوا الأطباء فإنهم لم يشفوا بعد علاج استمر سنوات وسنوات.وعندما صارحوني وصارحتهم وأجبتهم على أسئلتهم الحائرة التي طرحوها علي لأول مرة في حياتهم وقدمت لهم النصائح والتوجيهات المناسبة وعرفتهم بما تلزمهم معرفته من مسائل الجنس,شفاهم الله بمنه وفضله خلال أيام أو أسابيع فقط.
10-أنا مستعد لأن أسجل عناوين أكثر من مائة كتاب إسلامي (كتبها علماء لا جاهلون )كلها تتحدث عن الجنس كما أتحدث عنه أنا ولكن بتفاصيل أكثر وبأسلوب أرقى لأنهم علماء أما أنا فمقلد ضعيف وبسيط:أحب العلماء وأتقرب إلى الله بحبي إياهم,لكنني لست عالما ولا أشبه العالم.بل إنني أقرأ في موقع "الشبكة الإسلامية"كثيرا من الفتاوى لعلماء السلفية المعروفين بالتشدد الزائد في الدين مثل بن باز وبن عتيمين رحمهما الله تعالى,يجيبون من خلالها بشكل دائم ومستمر على أدق الأسئلة الجنسية,وأنا أنقل عنهم البعض مما كتبته ومما سأكتبه بإذن الله.
11- يجب أن نعرف بأن انغماس الناس-وخاصة الشباب-في الجنس الحرام خاصة في ال 10 سنوات الأخيرة له أسباب متعددة منها أن الإعلام الخبيث نشطٌ جدا والمسلمون نيامٌ (وشعارهم:ما فاز إلا النُّومُ) بل مازالوا لم يعرفوا بعد أهمية تعليم الجنس كما يحب الله.اليهود عرفوا أهمية الجنس في الإفساد ونحن ما عرفنا حتى الآن أهميته في الإصلاح.
12-إننا إذا تركنا الناس جاهلين بالجنس كأننا نقول لهم:"لا تؤدوا واجبا وافعلوا الحرام!"أو كأننا نقول لهم"اتركوا مشاكلكم بلا حلول!".لأن أول طريق في الدين هو علم ثم عمل,وكيف نحب للناس أن يعملوا إذا لم يعلموا ؟!.وأنا أحمل في ذهني الآن صور الكثيرات من النساء (بعضهن يقلن لي بأننا نصارحك أكثر مما نصارح الأم أو الزوج وأنا أحمد الله على هذه الثقة التي أرى أنني لا أستحقها) وصور الكثيرين من الرجال الذين ارتكبوا ولسنوات محرمات أو تخلوا ولسنوات عن واجبات أو بقوا يعانون ولسنوات من مشاكل بلا حلول بسبب وحيد هو الجهل بمسائل الجنس.وأذكر أمثلة معينة هي غيض من فيض:
ا-المرأة التي تترك زوجها يفعل معها الشذوذ (في الدبر) لسنوات وهي تظن أنه يجوز له ذلك !.
ب-المرأة التي تركت الصلاة لسنوات في حال الاستحاضة التي طالت عندها لأنها مريضة,ظنا منها بأنه لا فرق بين حيض واستحاضة !
ج-الرجل الذي عانى مع زوجته الويلات والذي كاد أمره معها أن ينتهي بالطلاق,كل ذلك بسبب بسيط يتمثل في أن الزوج يطلب من زوجته بين الحين والآخر وفي فترات متباعدة جدا أن تُقبل عضوه التناسلي وهي ترفض بشدة لا لأنها تعاف ذلك بل لأنها تظن أنه حرام وكبيرة من الكبائر!
د-المرأة التي يختلي بها راق (أو مشعوذ) ثم يزني بها والسبب هو أنها لا تعرف أن الخلوة بأجنبي حرام وأن الزنا يمكن أن يصدر من أي كان مادام ليس نبيا معصوما !
هـ-الشاب الذي بقي سنين طويلة وهو في صراع كبير مع كل أفراد أسرته (هو وحيدها) بسبب أنهم يريدونه أن يتزوج وهو يرفض ولا يذكر السبب.ثم في يوم من الأيام عندما أعرف منه السبب وهو ظنه أن ذكره قصير جدا وأسمع منه وأطمئنه إلى أنه ليس قصيرا كما يتصور وأنه يسمح له أن يتزوج ويستمتع وينجب بإذن الله وبكل سهولة.والنتيجة أن يتزوج فجأة ويسعد,ويسعد أهلُه بزواجه وكأنه مات وأحياه الله.
والأمثلة المماثلة كثيرة جدا جدا.وأنا أتساءل هنا وأسأل المعترضين:"ماذا يفعل المسؤول مع عشرات أو مئات الأسئلة التي ترد إليه من أشخاص كثيرين يرون بأن الأجوبة على أسئلتهم سوف تخرجهم من ورطات حقيقية وتحل لهم ما تحل من مشاكل وقد تخرجهم من دائرة الشقاء إلى دائرة السعادة؟!"هل يكذب عليهم؟! أم هل يرمي أسئلتهم في سلة المحذوفات؟! أم يقول لهم بأن الدين جاء فقط ليدعوهم للصلاة والصيام ولا علاقة له بمشاكلهم اليومية,وأن شعاره:"ما لله لله وما لقيصر لقيصر؟!".
13- إن الذي ينكر الحديث عن الجنس من خلال جريدة أو كتاب أو مجلة كأنه يقول بأن الجنس ليس من الإسلام ,وهذه لائكية وعلمانية مغلفة أرى أنها لا تختلف كثيرا عن لائكية من يقول بأن السياسة ليست من الإسلام.ومن المضحكات أن بعضهم يقول بأن النبي-ص-تحدث عن الجنس لكنه لم يتحدث عنه بالتفصيل الذي نتحدث به عنه نحن(!),وهذه الحجة ضعيفة جدا لأننا إذا انطلقنا من هذا المنطلق فإننا لن نتحدث في شيء من السياسة أو الإقتصاد أو الإجتماع أو ..لأن الله ورسوله تحدثا في هذه المواضيع بإيجاز ونحن نتحدث عنها باستمرار (لأكثر من اعتبار) بالتفصيل. ومع ذلك فالإنصاف يقتضي مني القول بأن المعترضين على نشر التربية الأسرية ليسوا كلهم سيئين.إن منهم اللائكيين والشيوعيين والفرنكوفونيين الذين يريدون منا أن نتعلم من المصادر المتسخة أو المشبوهة لا من المصادر الطيبة والنظيفة : إنهم منحرفون ويريدون لنا أن نكون على ملتهم,أي منحرفين كذلك.ولكن منهم كذلك كثيرون نيتهم حسنة وطيبة وصادقة وهم مسلمون وكفى وأتباع لمحمد-ص-وكفى:لا علمانيون ولا شيوعيون ولا..وأنا أخاطب الفريق الثاني بطبيعة الحال وأقول لهم كلمة صريحة جدا وجريئة جدا:"إنكم صادقون ! نعم,ولكنكم مُعقدون ومُتخلفون كذلك بأتم معاني الكلمتين!والذي عندكم هو بالتأكيد خجل ولكنه ليس حياء,ولو صدَّقتكم في اعتبار أن الذي عندكم حياء فكأنني صدقت بأنكم تستحون أكثر من رسول الله-ص-وأصحابه وأزواجه رضي الله عنهم!".
14- يجب أن ننتبه إلى أنه إن سأل شخص سؤالا عن طريق الهاتف أو من خلال رسالة مكتوبة أو من خلال بريد إلكتروني أو .. ..فإنه يوجد بالتأكيد الكثيرون ممن يبحثون عن الجواب بدون أن يطرحوا السؤال,وهذا كلام نقوله حتى لتلاميذنا الذين يسألون في الفيزياء والرياضيات والعلوم الطبيعية و..,وهو كلام واضح جدا ومفهوم جدا.إذن إذا أجاب المسؤول عن سؤال شخص فهو يجيب في الحقيقة عن سؤال مئات وآلاف الأشخاص.ويمكن أن يقاس على ذلك عشرات الأسئلة التي سأجيب عنها بإذن الله من خلال الجزء الثاني من"الزواج والجنس"إن بقيت الفرصة متاحة لي.
15- ويجب أن نعلم كذلك بأن الذين يطرحون الأسئلة من خلال الرسائل أو الهاتف كثيرون جدا لأنهم يستطيعون أن يتخطوا عنصر الخوف والخجل (لا الحياء) ويسألون "فلانا" لأنه لا يعرفهم,ولو كانت الفرصة المتاحة لطرح الأسئلة هي فقط عن طريق الاتصال الشخصي بالمجيب لقلَّ السائلون ولقلت الأجوبة,وهذا من منافع نشر الأسئلة وأجوبتها عن طريق جريدة أو كتاب أو مجلة .
16- وأنا أقول في النهاية وبكل قوة بأنني أشارك بإذن الله من خلال ما أكتب في أداء فرض كفاية,إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين,وإذا لم يقم به أحد أثم الجميع.
وهذه مساهمة مني بسيطة ومتواضعة في نشر الوعي الجنسي والثقافة الجنسية أو التربية الأسرية في أوساط شباننا وشاباتنا ,ورجالنا ونسائنا,وآبائنا وأمهاتنا,وأبنائنا وبناتنا,لا عن طريق الأسرة ولا عن طريق المؤسسة التعليمية ولكن عن طريق كتاب من خلال مئات الأسئلة-بإذن الله-وأجوبتها التي أتمنى أن تكون صحيحة ومناسبة ومخلصة ومفيدة.وأنبه إلى أنني حرصت على أن تكون الأجوبة مختصرة جدا (لأن هذا الذي أكتبه ليس كتاب فقه ولا كتاب طب) ومكتوبة بأسلوب سهل بسيط حتى يسهل قراءتها وحتى تكون في متناول كل شخص مهما كانت ثقافته بسيطة.ولقد استفدت في الإجابة على هذه الأسئلة من:
ا-كتب الفقه الإسلامي على المذهب المالكي أولا,ومن الفقه المقارن ثانيا.أخذت الفقه من كتب القدامى ومن كتب المعاصرين.
ب-الكتب الدينية التي تتحدث عن المرأة والرجل أولا وعن الجنس ثانيا.
ج-الكتب والمجلات والجرائد الطبية سواء كُتبت بالعربية أو بالفرنسية.
د-مطالعات خاصة من خدمات الأنترنت.
هـ-تجاربي الشخصية,خاصة من خلال ممارستي للدعوة إلى الله الفردية أو الجماعية وكذا ممارستي للتعليم من جهة وللرقية الشرعية من جهة أخرى خلال سنوات وسنوات.
وأتمنى أن تستفيد الأسرة ويستفيد الرجال والنساء والمتزوجون والمتزوجات والآباء والأمهات من هذه الأسئلة وأجوبتها الجنسية.والله أعلم بالصواب,وهو ولي التوفيق.
أسأل الله أن ينفع بهذه الرسالة خلقا كثيرا وأن يتقبل مني عملي هذا وأن يجعله صوابا وخالصا لوجهه الكريم وأن يُثَقِّل به ميزان حسناتي يوم القيامة.-آمين-وصل اللهم وسلم على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه وسلم.إن أصبت فمن الله,وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان فأستغفر الله على ذلك.
ــــــــــــــــــ(46/4)
ل نحن في حاجة إلى ثقافة جنسية؟
قد يكون هذا هو السؤال المهم .. حيث إن إدراك وجود المشكلة هو نصف الحل، بينما تجاهلها يمكن أن يؤدي إلى تفاقمها بصورة لا يصلح معها أي حل عند اكتشافها في توقيت متأخر ... فما بالنا ونحن نحوم حول الحمى.. و لانناقش الأمور المتعلقة بالصلة الزوجية و كأنها سر و لا يسمح حتى بالاقتراب لمعرفة ما إذا كان هناك مشكلة أم لا؟ لأن ذلك يدخل في نطاق "العيب" و"قلة الأدب"، فالمراهقين والمراهقات يعانون أشد ما يعانون من وطأة هذه الأسئلة وهذه المشاعر!!، ونحن نسأل: كيف إذن يتم إعداد الأبناء لاستقبال هذه المرحلة الخطيرة من حياتهم بكل ما تحويه من متغيرات نفسية وجنسية وفسيولوجية، وحتى مظهرية؟ .. فالأم تقول: إني أصاب بالحرج من أن أتحدث مع ابنتي في هذه الأمور. وطبعًا يزداد الحرج إذا كان الابن ذكرًا.. وهكذا يستمر الموضوع سرًا غامضًا تتناقله ألسنة المراهقين فيما بينهم، وهم يستشعرون أنهم بصدد فعل خاطئ يرتكبونه بعيدًا عن أعين الرقابة الأسرية، وفي عالم الأسرار والغموض تنشأ الأفكار والممارسات الخاطئة وتنمو وتتشعب دون رقيب أو حسيب. ثم تأتي الطامة ويجد الشاب والفتاة أنفسهما فجأة عند الزواج وقد أصبحا في مواجهة حقيقية مع هذا الأمر، ويحتاجان إلى ممارسة واقعية وصحيحة، و هما في الحقيقة لم يتأهلوا له. ويواجه كل من الزوجين الآخر بكل مخزونه من الأفكار والخجل والخوف والممارسات المغلوطة، ولكن مع الأسف يظل الشيء المشترك بينهما هو الجهل و عدم المصارحة الحلال بالرغبات و الاحتياجات التي تحقق الإحصان، ويضاف لهذا الخوف من الاستفسار عن المشكلة أو طلب المساعدة، وعدم طرق أبواب المكاشفة بما يجب أن يحدث ... وكيف يحدث..!
إنني كطبيب أواجه يومياً في مركز الاستشارات النفسية و الأسرية العديد من الحالات لمراهقين أوقعهم جهلهم في الخطأ و أحياناً الخطيئة ، و أزواج يشكون من توتر العلاقة ،أو العجز عن القيام بعلاقة كاملة، أو غير قادرين على إسعاد زوجاتهم، و زوجات لا يملكن شجاعة البوح بمعاناتهن من عدم الإشباع لأن الزوج لا يعرف كيف يحققها لهن ، و غالباً لا يبالي.. ومع الأسف يشارك المجتمع في تفاقم الأزمة بالصمت الرهيب، حيث لا تقدم المناهج التعليمية -فضلاً عن أجهزة الإعلام- أي مساهمة حقيقية في هذا الاتجاه رغم كل الغثاء و الفساد على شاشاتها و الذي لا يقدم بالضرورة ثقافة بقدر ما يقدم صور خليعة.
ويزداد الأمر سوءاً حينما يظل أمر هذه المعاناة سرًا بين الزوجين، فتتلاقى أعينهما حائرة متسائلة، ولكن الزوجة لا تجرؤ على السؤال، فلا يصح من إمرأة محترمة أن تسأل و إلا عكس هذا أن عندها رغبة في هذا الأمر( وكأن المفروض أن تكون خُلقت دون هذه الرغبة!) والزوج -أيضًا- لا يجرؤ على طلب المساعدة من زوجته..، أليس رجلاً ويجب أن يعرف كل شيء.. وهكذا ندخل الدوامة، الزوج يسأل أصدقاءه سرًا؛ وتظهر الوصفات العجيبة والاقتراحات الغريبة والنصائح المشينة، حتى يصل الأمر للاستعانة بالعفاريت والجانّ، لكي يفكّوا "المربوط"، ويرفعوا المشكلة.
و عادة ما تسكت الزوجة طاوية جناحيها على آلامها، حتى تتخلص من لَوم وتجريح الزوج، وقد تستمر المشكلة شهوراً طويلة، ولا أحد يجرؤ أن يتحدث مع المختص أو يستشير طبيبًا نفسيًا، بل قد يصل الأمر للطلاق من أجل مشكلة ربما لا يستغرق حلها نصف ساعة مع أهل الخبرة والمعرفة،.. ورغم هذه الصورة المأساوية فإنها أهون كثيرًا من الاحتمال الثاني، وهو أن تبدو الأمور وكأنها تسير على ما يرام، بينما تظل النار مشتعلة تحت السطح، فلا الرجل ولا المرأة يحصلون على ما يريدون أو يتمنون، وتسير الحياة وربما يأتي الأطفال معلنين لكل الناس أن الأمور مستتبة وهذا هو الدليل القاطع- وإلا كيف جاء الأطفال!!
وفجأة تشتعل النيران ويتهدم البيت الذي كان يبدو راسخا مستقرًا، ونفاجأ بدعاوى الطلاق والانفصال إثر مشادة غاضبة أو موقف عاصف، يسوقه الطرفان لإقناع الناس بأسباب قوية للطلاق، ولكنها غير السبب الذي يعلم الزوجان أنه السبب الحقيقي، ولكنّ كلاً منهما يخفيه داخل نفسه، ولا يُحدث به أحدًا حتى نفسه، فإذا بادرته بالسؤال عن تفاصيل العلاقة الجنسية -كنهها وأثرها في حدوث الطلاق- نظر إليك مندهشًا، مفتشًا في نفسه وتصرفاته عن أي لفتة أو زلة وشت به وبدخيلة نفسه، ثم يسرع بالإجابة بأن هذا الأمر لا يمثل أي مساحة في تفكيره!
أما الاحتمال الثالث -ومع الأسف هو السائد- أن تستمر الحياة حزينة كئيبة، لا طعم لها، مليئة بالتوترات والمشاحنات والملل والشكوى التي نبحث لها عن ألف سبب وسبب ... إلا هذا السبب.
هل بالغنا؟.. هل أعطينا الأمر أكثر مما يستحق؟.. هل تصورنا أن الناس لا هم لهم إلا الجنس وإشباع هذه الرغبة؟، أم إن هناك فعلاً مشكلة عميقة تتوارى خلف أستار من الخجل والجهل، ولكنها تطل علينا كل حين بوجه قبيح من الكوارث الأسرية، وإذا أردنا العلاج والإصلاح فمن أين نبدأ؟ إننا بحاجة إلى رؤية علاجية خاصة بنا تتناسب مع ثقافتنا حتى لا يقاومها المجتمع، و أن نبدأ في بناء تجربتنا الخاصة وسط حقول الأشواك والألغام،و نواجه هذه الثقافة الغريبة التي ترفض أن تتبع سنة رسول الله في تعليم و إرشاد الناس لما فيه سعادتهم في دائرة الحلال، و تعرض عن أدب الصحابة في طلب الحلول من أهل العلم دون تردد أو ورع مصطنع،هذه الثقافة التي تزعم "الأدب" و "الحياء" و "المحافظة" و تخالف السنة و الهدي النبوي فتوقع الناس في الحرج الحقيقي و العنت و تغرقهم في الحيرة و التعاسة. وهذا يحتاج إلى فتح باب للحوار على مختلف الأصعدة وبين كل المهتمين،نبراسنا السنة وسياجنا التقوى والجدية والعلم الرصين وهدفنا سعادة بيوتنا والصحة النفسية لأبناءنا.
ــــــــــــــــــ(46/5)
الزواج والجنس .. الجزء الأول
1- فيما يتعلق بحياتك مع زوجك وبحياتكما الخاصة كوني معه صريحة ومكشوفة فإن الزوجة للزوج بمنزلة اللباس الذي يلاصق الجسم ويستر العورات، ويقول الإمام الصادق ( خير النساء التي إذا خلت مع زوجها خلعت له درع الحياء). وبالمناسبة على الزوجة أن تعلم أنها إذا طُلبَ منها أن تستحي من زوجها,فإن حياءَها مطلوب في كل ظرف إلا في الفراش فإن عليها أن تكون كما يحِبُّ زوجها.والحقُّ أن أغلب الأزواج يحبون لزوجاتهم أن ينزعن لباس الحياء في الفراش.المرأة مطلوب منها في الفراش أن تتحدث مع زوجها وأن تضحك معه وأن تلعبَ معه وأن تُعبرَ له عما تحِبه منه وأن تسأله عما يحبُّه منها و...وليس في ذلك أي عيب من الناحية الشرعية-حتى ولو قال المجتمع خلاف هذا-,بل إن هذا سيعتبر لها بإذن الله عبادة لها عليها أجر,ما دامت به ترضي زوجَها.
2- عليكَ أن تغارَ على زوجتك,لكن بدون مبالغة,وإلا أصبحت الغيرة ضارة غير نافعة.وحتى في مجال الجنس لا تسارع إلى اتهام زوجتك بتحولها عنك إن هي أعرضت عنك بين الحين والآخر في الفراش(قد يكون لها عذر في ذلك وقد لا يكون لها),لكن مع ذلك من حقك أن تلومها إن هي فصلت بين العنصر الجسمي والعنصر العاطفي في الحب أي إن هي قالت لزوجها تلميحا أو تصريحا:" أحبك في النهار لكنني لا أحبك في الليل".إن المرأة يجب أن تعلم بأنها إن طلبها زوجها إلى الفراش وأبت عليه ذلك بدون عذر,فإنها تبيتُ وهي ملعونة والله غاضبٌ عليها,كما أنها يجب أن تعلم بأنه لا معنى لادعائها أنها تحب زوجها لكنها لا تعطيه ما يطلبها منها في بيت النوم في الليل.
3- تهيأ لزوجتكَ في الفراش كما تحبُّ أن تتهيأ هي لكَ أنتَ.والمرأة وإن لم تتعلق بالجنس كما يتعلق الرجل به,إلا إنها تحب أن يكون الرجل قبل وأثناء ممارسته الجنس معها على صورة حسِّيَة حسَنَة.
4- يجب أن تكون المرأة في حالة عقلية وعاطفية لائقة حتى تستجيبَ للمهيجات الجنسية وتُقبلَ على الجنس وتفعلَ للزوج ما يحبه منها وتطلبَ منه ما تحبه هي منه,فليراع الأزواج ذلك مع زوجاتهم.إن الكلمة الطيبة مع المرأة قبل الذهاب إلى بيت النوم,والابتسامة الحلوة, والمدح الجميل,والهدية المعبِّرة,والمداعبة اللطيفة و..كل هذا مهم جدا من أجل فتح شهية المرأة للجنس.أما الرجل فيمكن أن تموت أمه في الصباح ويجامع زوجته في الليل.قد يبدو للزوجة أن زوجها غير عادي لكنه في حقيقة الأمر عادي تماما,وهذه هي طبيعته.
5-إن المرأة – على خلاف الرجل- تحتاج في الغالب إلى قدر معين لا بأس به من المداعبة المسبقة ومن التهيئة الجنسية ومن اللعب الجنسي التمهيدي لتهيئتها للحالة الجسمانية المطلوبة ولفتح شهيتها للجنس ولتصل إلى اللذة العظمى مع زوجها في نهاية الاتصال الجنسي.وإلاَّ إذا لم يوفر الرجل لزوجته ذلك فإن العلاقة الجنسية قد تصبح صعبة بالنسبة لها وقد تصاب المرأة بالبرود الجنسي.
6-الإشباع الجنسي للزوجين في الليل(ليس شرطا بطبيعة الحال أن يكون في كل ليلة)أو على الأقل المداعبات اللطيفة لهما معا,عامل مهم لاستقرار كل منهما النفسي وللعلاقة الحسنة التي يجب أن تكون بينهما في النهار.ولنذكر معنى حديث النبي-ص-:"كيف يضرب أحدكم زوجته في النهار ثم يأتيها في الليل؟! ".والذي يظن أن الجنس ليس مهما بين الزوجين لا يفهم شيئا عن بديهيات الحياة الزوجية ولا عن حقيقة الرجل والمرأة ولو توهَّم أنه يفهم الكثير,والحمد لله الذي لم يجعل الرهبانية من الإسلام.
7- معظم الذين يعشقون في المرأة الجمال الجسدي والهندام والرونق,لا يلبث حبهم أن يخفت صوته إذا وصلت المرأة إلى سن اليأس تقريبا(حوالي 50 سنة من عمرها).ومهما حاولت المرأة أن تُصلح –ماديا-ما فقدته من مفاتنها الطبيعية ,فإنها تلعب كما يقال في الوقت الضائع,وتحاول عبثا أن تُصلحَ ما أفسده الدهرُ.أما الذي يحبُّ في المرأة الرُّوحَ(الأدب والأخلاق والدين و..)قبل الجسد,فإن النقص في جمال الجسد بعد ذلك يعوَّض بجمال الروح,ويحس الزوجان باستمرار بأن سعادتهما تزداد مع الأيام ولا تنقص.
8- لا بد من وقت طويل لتحقيق التوافق الجنسي بين الزوجين بعد الزواج قد يستمر لأسابيع أو شهور أو أكثر أو أقل.ويعدُّ التكافؤ الجنسي بالنسبة لأكثر الأزواج مسألة مهمة جدا,لأنهم يعتبرونه مسألة الوصول إلى توافق عقلي وعاطفي أكثر منه جسماني.
9- لا بد على الزوج أن يلاحظ جيدا مواعيد توق زوجته إلى الجنس(مثل قبل الحيض بأيام قليلة وبعد بداية الطهر بأسبوع)ليقبل على زوجته أكثر-والمرأة تحب من الرجل أن يقبل عليها أكثر من إقبالها عليه حتى ولو كانت راغبة في زوجها أشد الرغبة-.وهو عندما يفعل ذلك تكون زوجته بين يديه مستسلمة كل الاستسلام يفعل بها ما يشاء وكيف يشاء,وتكون زوجته كذلك(التي بدت له من قبل باردة) ساخنة كأحسن ما تكون الحرارة والدفء والمتعة.
10- يطلب الإسلام من الرجل أن يتميز في ممارسته للجنس مع زوجته عن الحيوان,وذلك بأن يقدم بين يدي الجماع القبلة والمداعبة: خاصة لصدر المرأة وثدييها وللبظر من فرجها ولشفتيها بالدرجة الأولى,ثم لعنقها ومؤخرتها وظهرها وبين الفخذين وعلى مستوى الكتفين,وكذا المغازلة بكلام نظيف-لا فاحش-يُعبرُ به الرجل عن إعجابه بجسدها وعن حبه الشديد لها.هذه المقدمة مهمة للرجل,لكنها مهمة أكثر لزوجته.لذا فإن على الرجل أن لا يتسرع في القذف في نهاية الجماع وأن يطيل العملية لأكبر وقت ممكن,حتى يكون الوصول إلى قمة الشهوة في وقت متقارب من قبل الزوجين.والأفضل أن تأخذ القبلات المتناثرة من الزوجين في أجزاء مختلفة من جسديهما مكان الكلمة والصوت, وذلك عند القذف وقبله وبعده بقليل.والرجل يلتهب بسرعة ويبرد بسرعة أيضا,إلا أن المرأة على العكس تثور ببطيء وتخمد ثورتها ببطيء,ومن هنا فإن على الزوج أن ينتظرها قبل البدء بالعملية وأن يستمر معها بعد القذف مباشرة بشيء من المغازلة ولو كانت قبلة عميقة وضما هادئا,فإن ذلك يشعر المرأة أنها ليست مجرد ملهاة ومتعة للرجل يقضي من خلالها حاجته ثم يرميها.
11-العزل (بمعنى عزل الرجل لمائه عن الأعضاء التناسلية للمرأة عند القذف أو في نهاية الجماع) وسيلة من الوسائل القديمة والجائزة لمنع الحمل.وهي طريقة كانت متبعة في عهد النبي –ص-,لكنها غير منصوح بها طبيا:
ا- لأنها قد تضر بالمرأة عضويا ونفسيا:احتقان للأعضاء التناسلية يمكن أن يؤدي لنزيف دموي أثناء الحيض أو بعده ترافقه آلام مبرحة ثم يتضخم الرحم وتصاب المرأة باضطرابات عصبية أو توتر عصبي,فتصبح تبكي لأتفه الأسباب وتتبرم بحياتها الزوجية.
ب- كما تضرُّ بكل تأكيد بالرجل نفسيا لأنه في الوقت الذي يحبُّ حبا جما أن يلتصق بالمرأة كل الالتصاق هو يبتعد عنها.إنه يتألم لذلك نفسيا أشد الألم,بل الكثير من الرجال يفضلون-لذلك-أن لا يجامعَ أحدُهم زوجتَه عوض أن يجامعَ ويعزلَ.
12- يمكن للرجل القادر أن يتناول بعض العسل بعد الجماع مباشرة ليعوض جسده عن الماء الذي خرج منه بالجماع.
13- يستحسن طبيا أن لا تقل المدة بين الجماعين عن ال 10 ساعات,مهما بالغ الرجل في الجماع,ولو في بداية الحياة الزوجية.نقول هذا ونحن نعرف طبعا أن من الرجال من يجامع في ليلة واحدة حتى ال 5 مرات,وفي بعض الأحيان حتى يخرج منه دم عوض المني,وواضح أن هذا إسراف كبير قد يضرُّ الرجلَ في صحته ويُقلق المرأةَ إلى درجة ما بدنيا ونفسيا, إلى جانب أنها –من كثرة ما جامعها زوجها –تصبح باردة,تفعل ما تشاء لإرضائه فقط لكن بدون أن تشاركه في استمتاعه.
14- مما يقوي من الرغبة الجنسية:كثرة تناول اللحم والبصل(خاصة المنقوع في الخل)والجزر والزعفران والموز والجوز والكرفس والعدس والزبيب وحب البطيخ وبذور القرع وحبوب القمح الغير منخولة والتمر والزعتر والعسل والحمص والفلفل والحليب والبيض والفول السوداني والخس والأطعمة البحرية.
15-الجنس عند الرجل غاية في ذاته وينتهي عند القذف.أما عند المرأة فلأنه تصاحبه تغييرات جذرية داخل المرأة بما يصاحب ذلك من حمل ووضع,لذا يعتبر عندها وسيلة لغاية أكبر.
16-الرغبة الجنسية عند الرجل لا أوان لها ولا تخضع للمد والجزر,بخلاف المرأة فإن إقبالها على الجنس يتأثر بجملة عوامل منها معاملة زوجها لها,وحالتها النفسية,وكونها طاهرة أم لا.
17-الرجل سهل الاستثارة ويمكنه أن يزاول الجنس مع زوجته بعد لحظات من بدء التفكير فيه,كما يمكن أن يمارسه ولو بعد حله مباشرة لمسألة معقدة في الفيزياء أو الرياضيات,أما المرأة فتحتاج أن تثار كما ينبغي ذهنيا وبدنيا وعاطفيا قبل الاتصال الجنسي.
18- من العوامل التي تؤدي إلى عدم توافق الزوجة مع الزوج جنسيا :أنانية الزوج التي تجعله يتجاهل رغبات زوجته الجنسية,وتسرع الزوج في الاتصال الجنسي المباشر,وسرعة القذف عند الزوج,والألم عند الزوجة الذي قد يكون سببه برودا جنسيا وقد يكون سببه عضويا(أي مرض متعلق بالأعضاء التناسلية عند المرأة),وأخيرا الخوف من الحمل.
19- كلما شملت المداعبة-قبل الجماع –أجزاء أكثر من جسدي الزوجين,وكلما طالت مدة المداعبة,وكلما تريث الزوج من أجل إطالة أمد الجماع,كلما كانت الاستجابة أقوى والعلاقة الجنسية أجمل وأمتع.
20- على الرجل ألا يثقل على زوجته بالجماع في وقت لا تكون فيه هي راغبة جنسيا لأسباب وقتية,وعليه أن ينتظر حتى تكون مستعدة نفسيا وصحيا,وذلك احتراما لكرامتها وأنوثتها.لكنها هي كذلك مطلوب منها في المقابل أن تعرف بأن سلطان الجنس قوي على زوجها –وعلى أي رجل-لذا عليها أن تبذل جهدا وتتحامل على نفسها ما استطاعت لتُرغِّب نفسَها في زوجها ولتلبي له رغبتهُ منها أو فيها,عندما يكون بالفعل راغبا فيها.
21-الكثير من الرجال شاغلهم الأول العمل خارج البيت قبل حياتهم الأسرية وانسجامهم العاطفي،والعكس هو الصحيح بالنسبة للكثيرات من النساء العاملات خارج البيت اللواتي وإن عملن خارج البيت فإن تفكيرهن ومشاعرهن وانشغالهن متعلق بالبيت وبالزوج وبالأولاد بالدرجة الأولى.لذا فإن الزوجة عندما تريد من زوجها أن يلقي بكل أعبائه وهموم عمله في نهاية اليوم ليتفرغ بذهنه ومشاعره إليها،تريد منه ما هو ضد طبيعته.نَعَم يجب عليه أن يهتم ببيته,لكن يجب عليها في المقابل أن تتعرف على طبائع الرجال وتتعامل مع زوجها بمقتضى هذه المعرفة.ويمكن أن يكون هذا تفسيرا لقلة اهتمام الرجل بالحب والعلاقات العاطفية التي تحتاج إليها كل زوجة من زوجها.قلتُ العاطفية ولم أقل الجنسية,لأن العاطفة القوية التي تمتاز بها المرأة شيء,وحب الرجل للمرأة جنسيا شيء آخر هو"شهوة"أو هو أعظم شهوة مسلطة في الدنيا على الرجل لكنها ليست عاطفة حتى وإن سماها بعض الناس الجاهلين أو المنحرفين "عاطفة" وسمَّوا الزنا"علاقات عاطفية"وسموا الأغنية الفاحشة"عاطفية".إن العاطفة تُظلم بهذه الطريقة كما يُظلم "الحب" حين يُقصد به"الزنا"والعياذ بالله.
22-إن المرأة إذا لم تحب من قلبها (أو لم تحب لوجه الله),فيمكن إغراؤها ببريق من الذهب,كما يقول توفيق الحكيم في "حماريات الحكيم",وهذه حقيقة من الحقائق المؤسفة,لا تعني كل النساء لكنها تتعلق بنسبة معينة منهن قد تكون كبيرة وقد تكون صغيرة لكنها موجودة بكل تأكيد.إن المرأة بحكم ضعف إيمانها بالله وسيطرة حب المال عليها-والمال أعظم شهوة مسلطة على المرأة في الدنيا-يمكن أن لا تعامل زوجها كما ينبغي,كما يمكن على الخصوص أن لا تشبع رغباته الجنسية كما يحبُّ هو,إلا أنه إذا أغراها بالقليل أو الكثير من المال فإنها تؤدي له ما يطلب منها أو تزيد خاصة في مجال الجنس.لذلك قيل:"كلما أكثر الرجلُ من إتحاف المرأة كَثُرَ عندها,وإن أَقَلَّ قلَّ".ومع ذلك لا أنصح زوجا بأن يتَّبِع مع زوجته هذه الطريقة:لأنه بهذه الطريقة يعبر عن ضعف منه غير مقبول مع زوجته,ولأنه بذلك يُعتبَرُ مستسلما راضيا بحال زوجته-السيئة-مع نفسها ومعه,ولأن هذه المرأة –أي زوجته-بهذه السيرة تشبه حيوانا أو ساقطة لكنها لا تشبه أبدا امرأة أو زوجة,وأخيرا لأن ما يُعملُ لوجه المال والدنيا لا يدوم بل سيسقط بمجرد نفاذ المال الذي يقدمه هذا الرجل لزوجته.
الرجل قد يعتذر بأنه اضطر أن يتبع هذه الطريقة مع زوجته لأنه لم يجد غيرها,ومع ذلك يبقى خضوعه لزوجته بهذا الشكل غير مقبول منه,ونسأل الله لزوجته الهداية.
23- لا تمتنعي عن معاشرة زوجك في الفراش إذا طلبكِ,ولا تخرجي من بيته حتى يأذن لكِ(حتى ولو طلقكِ طلاقا رجعيا) ولا تتركي حقا من حقوق الله كالصلاة بغير عذر شرعي,وإلا كنت ناشزا,لأن كل ما ذُكِر هو من النشوز.
24- إن المرأة تميل إلى الكلمة اللطيفة الحلوة الناعمة التي تُدغدغ مسامعها وتُفرحها أكثر مما تميل إلى ممارسة الجنس. هذا بخلاف الرجل الذي يسيطر الجنسُ على كل شيء بالنسبة إليه,ويأتي الجنسُ عنده قبل أي اعتبار آخر .
25- لأن الجنس عند أغلبية النساء يأتي في المرتبة الثانية,فإن الرجل الذكي هو الذي يمارس الجنس مع زوجته دون أن يطلب منها ذلك بالكلام.إن المرأة لا ترتاح كثيرا للزوج الذي يقول لها:"أعطني قبلة أو.."لكنها تستسلم بسهولة للزوج الذي يسرق منها قبلة صامتة ويترك الكلام لمناسبة أخرى.ثم بعد ذلك على الرجل أن يختار كلمات الحب والحنان والعطف ليقولها أثناء الجماع دون أن يشير صراحة إلى جمال ما يحدث بينهما,أي أن تكون كلماته على الهامش وليس في الصميم.
26- من أسباب كثرة الجماع :كثرة الاختلاط بالنساء,والعزوف عن الزواج لمدة طويلة,وزواج رجل واحد بكثير من النساء,والكبت الذي تعرَّضت له المرأة أو الرجل قبل الزواج,وجمال المرأة الأخاذ وخبرتها في مسالك الحب والإغراء ,وكثرة التفرج على المناظر الجنسية (المحرمة بطبيعة الحال).
27-أوضاع الجماع التي تزيد من استمتاع الزوجين ببعضهما البعض,قد تزيد في نفس الوقت -كما يقول الأطباء-من فرص الحمل عند المرأة,فليراعِ الزوجان ذلك.
28-المرأة التي تتمتع بمقدرة جنسية عالية أو المرأة الشهوانية(نسبتهن بين سائر النساء قليلة,وهن اللواتي يطلبن الرجل جنسيا أكثر مما يطلبهن الرجلُ,وأغلبية الرجال لا يحبون هذا الصنف من النساء"المتلهف"على الجماع والجنس,وإن كان نفورهم أكبر من المرأة الباردة)-إذا لم تخف ربَّها-قد تبحث عن رجل كتوم تُشبعُ معه رغبتَها إذا أهملها زوجُها أو إذا لم يقدر على كفايتها ومجاراتها في الجِماعات العاصفة التي تريدها هي في كل وقت من ليل ونهار.
29-الصنف المذكور سابقا والمتلهف على الجنس قليل بين النساء,أما الأغلبية فهن معتدلات نسبيا:يطلبن الرجل جنسيا بين الحين والحين,لكن الرجل يطلبهن أكثر مما يطلبنه ويستجبن لطلبه ويتجاوبن معه في أغلب الأحيان,وهذا هو الصنف المحبوب عند أغلبية الرجال.أما النسبة الثالثة والأخيرة فتتمثل في نسبة قليلة أخرى باردة جنسيا لا يطلبن الرجل أولا يستجبن له أو لا يتجاوبن معه إلا قليلا,وهذا الصنف لا يحبه أحد من الرجال إلا أن يكون الرجل بدوره مريضا وباردا مثل المرأة.
30-إرضاء المرأة عاطفيا(الذي يتم بالمعاملة)أصعبُ بكثير من إرضائها جسديا(الذي يتم بالمداعبات والجماع ومقدماته) ,ومنه فإن الجهد الأكبر يجب أن يبذل من أجل إرضائها عاطفيا.فإذا تحقق هذا سَهُل تحقق ذاك.
31-إن الرجل يهرب في بعض الأحيان من مشاكل العمل أو متاعب الحياة عموما التي تشحنه بالتوتر والغضب,يهربُ إلى ممارسة الجنس مع زوجته,لا حبا في الجنس بل للتعبير عن انفعالاته المكبوتة حين يعجز عن التخلص منها بوسائل أخرى,هذا على عكس المرأة التي تنفر عادة من الجماع إذا كانت قلقة ومتوترة ومتعبة.
32- يشعر الرجل عادة أنه مرفوض عاطفيا,عندما ترفضه الزوجة جنسيا.أو بتعبير آخر هو يشعر أن زوجته لا تحبه في النهار إذا لم تقبل عليه في الفراش في الليل كما ينبغي,فلتراعِ المرأةُ ذلك.
33- أغلب الرجال يسعون للزواج بالدرجة الأولى من أجل تحقيق حياة جنسية مرضية من خلال الزوجة,ثم من أجل بناء بيت وتربية أولاد و...أما المرأة فلا تسعى للزواج لمجرد الجنس بقدر ما تسعى للإنجاب والأمومة من خلال الزوج.
34- نساء لا يعجبن الرجال جنسيا:المرأة التي تبدو وكأنها لا تحب الجنس نهائيا,وهي تقبل عليه وكأنه مفروض عليها فرضا في حياتها, المرأة التي لا تحبه بالفعل,أي الباردة جنسيا,التي لا تتولى زمام المبادرة إلى الجنس بين الحين والحين.والرجل كما قلت من قبل,وإن كان يحب أن يَطلُبَ المرأةَ في الغالب,لكن في المقابل-وبدون أي تناقض-يحب بين الحين والآخر أن تطلبه المرأة تلميحا أو تصريحا (والتصريح له أحسن)حتى يشعر أكثر برجولته حين يعرف أنه شخص مرغوب فيه كذلك لا راغب فقط,وكذا المرأة التي تتعامل مع جسد زوجها بتكلف واستغراب وكأنه شيء موحِش,المرأة التي يشعر زوجُها أنه مسؤول عن قيادة الجماع لوحده من أول خطوة (بدء المداعبة)إلى آخر خطوة(اللذة العظمى في نهاية الجماع). ,وعلى الضد منها المرأة التي تريد أن تقود الجماع دوما لوحدها من أول خطوة إلى آخر خطوة,فيحسُّ الرجل مع هذه وكأنه في الفراش مع شبه رجل وليس مع امرأة!,وكذلك المرأة التي لا تتجاوب مع زوجها عند الجماع وكأنها قطعة خشب بكماء وصماء,المرأة التي تحتقر نفسها وجمالها وتقول دوما:"أنا كبيرة,أنا قبيحة,أنا لست جميلة ,.." ,وعلى الضد منها التي تبالغ في الاعتزاز بجمالها-خاصة أمام الناس-وتتكبر على زوجها بجمالها وتعتبر أنها كل شيء وأن زوجها لا شيء ,المرأة التي لا تعرف كيف تتزين لزوجها وقد تلبس ملابس داخلية قبيحة,المرأة التي لا تتعامل مع الجنس بتلقائية وعفوية بل لا بد لها من مقدمات طويلة جدا تجعل الزوج تفتر رغبته في زوجته أو يتعب وينام,المرأة التي تحكي الحكايات المنغصة أثناء الجماع,والمرأة التي تقول لزوجها مع بداية الجماع:"أسرِع وخلِّصني".
35- في ليلة دخول الرجل على زوجته,يجب على الرجل أن يعرف أن الزواجَ زواجُه هو وليس زواج الآخرين ولا الذين ينتظرونه أمام باب بيته.وانتظار الرجال أو النساء للزوج أمام بيت نومه ليلة الدخول من أعظم المحرمات, وهو عادة سيئة جدا وقبيحة جدا تدل على الجهل والخسة والنذالة و(السقاطة-أكرمكم الله-)وقلة الحياء وعلى..وعلى الدياثة (والديوث هو الذي يقبل الفاحشة في أهله ولا يغار عليهم).والمفروض أن الزوج لا ينتظره أحد لا من النساء ولا من الرجال.أما الزوجة فتخبر أهلها وأهل زوجها في صبيحة اليوم الموالي بحالها,وأما الزوج فيخبر أصحابَه بحاله بعد صبح اليوم الموالي كذلك.وما يقع بين الزوج وزوجته ليلة الدخول أو في ليلة أخرى يجب أن يبقى سرّا بينهما.أما إذا لم يقض الزوج حاجته من زوجته بسبب سِحر فالرقية الشرعية هي الحل بإذن الله. وأما إذا كان السبب هو خوف أو عقدة نفسية أو ..فالحل عند الطبيب النفساني أو عند الناصح الخبير.وأما إذا كان السبب تعبا أو جوعا فالحل بإذن الله في النوم الكافي أو في الأكل المناسب.وأما إذا كانت الإصابة العضوية هي السبب في العجز,فالحل-إن وُجِد- عند الطبيب المختص.
ولا بأس أن يستعين الزوج في البحث عن العلاج بواحد أو اثنين من أقرب أصدقائه إليه,ويجب أن يبقى خبر ذلك فقط بينه وبينهم,ولا يصلح أبدا أن يخرج الخبر إلى أهله أو إلى أهلها. وليذكر الزوج حديث النبي-ص- : ( استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان).
36-اطلاع الناس ونظرهم إلى القميص الذي نزل الدم من المرأة عليه ليلة الدخول –سواء جاء من المرأة للنساء أو من الزوج للرجال –حرام بلا شك,وهو بدعة من بدع الولائم والأعراس التي يندى لها جبين من له أدنى قدر من الحياء, ولا يفعله إلا جاهل عديم الدين وعديم الحياء.
37- مما يتصل بليلة الدخول,يمكن القول بأن تصور المرأة للآلام الكبيرة التي يمكن أن ترافق تمزق غشاء البكارة ليس صحيحا,بل إن الآلام في الكثير من الأحيان –إذا لم تكن المرأة خائفة,وكان الزوج كيسا لبقا مع زوجته قبل وقبيل الجماع– تشبه آلام القرصة البسيطة باليد لأي جزء من أجزاء جسد الإنسان.كما أن تصور الزوج بأن التمزق يجب أن يتم في الليلة الأولى ليس سليما,بل يمكن للزوج -في بداية الزواج-أن يفض غشاء البكارة للزوجة لا في ليلة واحدة كما جرت العادة,بل بالتدريج وفي عدة ليال,فيتم ذلك بالهدوء والسعادة والراحة والطمأنينة واللذة,وبلا ألم ولا حزن ولا قلق.وعلى الزوج أن يكون شجاعا من أجل إقناع من يعترض على ذلك من الناس بأن هذا زواجه وهو صاحبه, وبأن هذه امرأته وهو-وحده-زوجها,يفعل معها ما يشاء وكما يشاء وفي الوقت الذي يشاء,ولا أحد يستطيع أن يفرض عليه أن يفض غشاء البكارة في ليلة واحدة.ويمكن أن تستعمل المرأة مرهما مثل (الفزلين) ليساعد الذكر على الولوج في الفرج بلا ألم بإذن الله.
38- ومما يتصل بها كذلك:الدم الذي يمكن أن ينزل من الزوجة عند تمزق غشاء البكارة,والذي يمكن أن يكون قطرة كما يمكن أن يكون دما غزيرا وقويا في بعض الحالات الصعبة والقليلة(ومع ذلك علاجها –عضويا وطبيا –سهل بسيط,ويستحسن للزوج أن لا يقربها بعد النزيف لمدة يومين أو ثلاثة حتى يلتئم الجرح).إن هذا الدم يعتبرُ عند أغلب أفراد المجتمع وعند كثير من الرجال العلامةَ على عفة المرأة وعلى براءتها من الزنا.وهذا خطأ من جهات عدة منها:
ا-الذي يشك في امرأة ويمكن أن يتهمها ليلة دخوله بها,لا يصلح أن يتزوج بها أصلا.أما إذا كان قد سأل عنها قبل الزواج بما يكفي للتعرف على حيائها ودينها وأدبها وأخلاقها وعفتها وشرفها,فلا يصلح به أن يتهمها ليلة دخوله عليها بدون دليل ولا برهان.ب-عدم نزول الدم لا يدل أبدا دلالة قطعية على أن المرأة زنت من قبل.إن الدم يمكن أن لا ينزل ليلة الدخول لأسباب أخرى غير الزنا:مثلا لأن الغشاء قد يكون تمزق من قبل(وسال الدم من الفرج من قبل),بحركة رياضية معينة.ومثلا لأن الغشاء قد يكون تمزق من قبل عند إمرار الفتاة لقطعة قطن على فرجها من أجل التأكد من جفاف فرجها ونهاية طهرها,فلا ينزل منها دم بعد ذلك,أي في ليلة الدخول على سبيل المثال.ولأن الغشاء قد يكون مطاطيا,فلا يتمزق هذا الغشاء إلا عند الولادة.ومنه أقول :يا نساء العفاف العفاف.ويا رجال لا تتهموا زوجاتكم بالباطل واعلموا أن الله أوصانا بنسائنا خيرا, وأن قذف المحصنات المؤمنات العفيفات كبيرة من الكبائر عقوبته في الدنيا قريبة من عقوبة الزنا.(46/6)
39- من بدع ومحرمات الولائم وليلة الدخول:اختلاط النساء بالرجال الأجانب,وتغني النساء أو الرجال بالغناء الخليع ,والموسيقى الصاخبة,والإسراف والتبذير في الأكل والشرب,وخروج العروس من بيت أهلها وهي متجهة إلى بيت زوجها,خروجها متبرجة,وكذا تصوير النساء الأجنبيات في كامل زينتهن بالكاميرا العادية أو بالكاميرا فيديو من طرف رجل أجنبي عنهن ثم يتفرج عليهن العريس مع أصدقائه وأقاربه وجيرانه,ورمي الأكل(حلوى أو تمر أو سكر أو قمح أو..)على الأرض بين يدي العروس,وتبرج النساء أو الفتيات الصغيرات وهن متنقلات بين دار الزوج ودار العروس, وانتظار أصدقاء الزوج أو أقاربه بجانب نافذة بيت النوم أو انتظار النساء أمام باب بيت النوم وذلك بعد دخول الزوج على زوجته مباشرة,وفض الزوج لغشاء بكارة زوجته –ليلة الدخول-بالإصبع عوض عضوه التناسلي, واستعمال الشموع الذي يعتبر عادة من عادات النصارى,وإظهار دم المرأة- النازل منها على قميص-لنساء أو لرجال مهما كانوا من أقارب الزوج أو الزوجة.هذا إلى آخر قائمة البدع والمحرمات التي انتشرت بشكل فاضح في أعراسنا ,والتي يندى لها جبينُ المسلم الذي له ولو ذرة واحدة من إسلام أو من إيمان.والسبب الأساسي في شيوع الكثير من البدع والمحرمات في ولائمنا,هو أن الذي يشرف عليها حقيقةً النساءُ,لا الرجالُ الذين يسلِّمون زمام الأمر للنساءِ وهم يعلمون أن الأعراس أمرٌ لا يصلح أن يقوده إلا رجل.إن المرأة تخاف في الكثير من الأحيان من كلام الناس أكثر مما تخاف من عذاب الله, وتنسى المرأةُ اللهَ في الأعراس أكثر مما تنساه في أية مناسبة أخرى.
40- بعد الجماع يحدث الاسترخاء عند الرجل والمرأة.وفيه ترجع الأعضاء إلى استرخائها الطبيعي,وضربات القلب التي زادت سرعتها أثناء الجماع(وخاصة قبيل الإشباع)ترجع إلى سرعتها الطبيعية,وكذلك التنفس.كل ذلك يكون مصحوبا بإحساس كبير بالراحة التي لا توصَف.وإذا تم الجماع في الليل فإنه يكون-عادة-متبوعا بنوم عميق ثم استيقاظ مع شعور بالراحة والحيوية والنشاط والثقة الزائدة بالنفس.أما إذا شعر الزوجان بغيرِ ذلك,فإن هذا يكون تحذيرا لهما بوجوب الإنقاص من عدد مرات الجماع.
41- مما يمكن أن يُنقص من الرغبة في الجنس :بعض الأمراض,والتعب,والانهيار العصبي أو اضطراب الأعصاب,وتناول بعض الأدوية,وبعض المشاكل مثل البطالة والقلق ووفاة عزيز والطلاق و.. ,وتناول الخمر أو الدخان بكثرة,وكثرة تعود الرجل على الخصوص على الجماع بدون رغبة منه في زوجته,والروتين في حياة الزوجين,وكراهية الرجل لزوجته أو العكس.وهذا النقص في الرغبة الجنسية يكون –عادة-عابرا يزول بزوال السبب.
42- يمكن أن يكون الرجل فاشلا جنسيا مع زوجته,إذا كان ضعيف الشخصية اتجاه أمه أو كان معجبا بأمه فوق اللزوم أما إذا كان مستقل الشخصية عن أمه فإن ذلك يساعده كثيرا في نجاحه جنسيا,فلننتبه إلى ذلك.
43- مما يمكن أن ينقص من الرغبة في الجنس عند المرأة أو من أسباب الضعف الجنسي عندها :جهلها الكبير بأساسيات الثقافة الجنسية ونحن نلاحظ للأسف الشديد أن المرأة جاهلة في هذا الجانب ولا تريد –غالبا-أن تتعلم لسبب أو آخر حتى ولو كانت مثقفة وتحمل شهادة عليا,والنزيف الحاد بعد فض غشاء البكارة ليلة الدخول خاصة عند غير واعية من النساء,والمرض (مثل السكر,التهاب في الجهاز البولي ..),والضعف الذي يأتي بعد تسمم أو بعد ولادة أو يأتي بعد تعب أو قلق أو يأتي على إثر جماعات سريعة يتم معها دخول الذكر في الفرج والفرج جاف(أي أن الذكر يدخل بصعوبة ومع ألم ),والعادة السرية.لكن الغالب هو أن سبب ضعف المرأة جنسيا هو نفسي لا عضوي,مثل:تربية سابقة متشددة في صغرها,أو حادث جنسي مؤلم لها في الصغر(مثل الاغتصاب),أو رؤية ولادة عسيرة لطفل أو السماع عنها,أو مداعبات للمرأة وهي صغيرة,أو حرمان من العاطفة ومن القبلات في الصغر,أو استمتاع المرأة بالجماع بدون الوصول إلى اللذة العظمى ,أو الخوف من مرض معين قد يأتي من الجماع أو الخوف من مضاعفة مرض,أو الألم المصاحب للجماع خاصة في الليلة الأولى,أو النفور من الزوج بدنيا أو سلوكيا,أو استبداد الأب في التعامل مع الأم,أو خوف الزوجة من الحمل.
44- من أسباب الشذوذ الجنسي عند الرجل (اللواط أو ممارسة الرجل للجنس مع رجل آخر والعياذ بالله): مركب نقص يتربى عليه من الصغر.ومن أسبابه عند المرأة (السحاق أو احتكاك المرأة بالمرأة للوصول إلى الإشباع الجنسي,وهو حرام بطبيعة الحال):كراهيتها للرجل ورفضها الخضوع له من خلال الجماع من جهة,ومن جهة أخرى هي تبحث عن الارتواء الجنسي فلا تجد أمامها إلا امرأة مثلها تحقق بها ما تريد.
45- دقيقتان إلى 5 دقائق كافية بشكل عام لوصول الرجل إلى اللذة العظمى,بخلاف المرأة التي تحتاج إلى مدة أطول. ومنه يمكن أن يقال بأن:" المرأة سلحفاة والرجل أرنب".
46- يبدأ الرجل –في بداية زواجه-قويا جنسيا–(أكثر من إشباع في اليوم الواحد)ثم تنقص قدرته مع الوقت,فيصبح بعد سنوات طويلة أو قصيرة لا يجامع إلا مرة كل يومين أو ثلاثة,ثم يصبح بعد عشرات السنين يأتي زوجته بمعدل مرة أو مرتين في الأسبوع.هذا مع التنبيه إلى أن الرجال عموما يختلفون فيما بينهم.ومن الطبيعي-كذلك- أن لا يبقى الإقبال على الجنس والاستمتاع به كما كان في شهر العسل بسب كبر سن كل زوج من الزوجين,وبدء استحواذ القلق على الزوج عندما تبدأ الأعباء بعد الزواج بالتراكم عليه,لكن يجب مع ذلك مقاومة هذه الأعباء والجمع بين مواجهة أعباء الحياة واستمتاع الزوجين ببعضهما البعض جنسيا.
47-أما المرأة فإن الحياء يكون غالبا عليها في بداية زواجها,وكذلك يكون عندها من الجهل ما عندها من حيث الثقافة الجنسية,لذا فإنها تبدأ ضعيفة ثم تتفتح جنسيا مع الوقت وتنضج أنوثتها أكثر ويزداد استعدادها للأخذ (بالاستمتاع) وللعطاء (الإمتاع).هذا مع التنبيه إلى أنها ستضعف قليلا مع الوقت,أي عندما تصل إلى سن اليأس الذي سأتحدث عنه في مسألة لاحقة.
48- قبل العقد الشرعي تعتبر الفتاة أجنبية عن خطيبها.لذلك لا يجوز لها معه لا لمس بشهوة,ولا قبلة,ولا نظر إلى غير الوجه والكفين من جسدها,ولا خلوة,ولا..مهما قال المجتمع خلاف هذا.ولتحذر المخطوبة أن تزل مع خاطبها خاصة بالزنا:لأنها إذا طاوعته على ذلك لا يقول:" لا " غالبا إلا إذا كان يخاف الله.ولأنها إذا سمحت له بذلك يلحقها الأذى والعار أكثر مما يلحق بالرجل فضلا عن إثمها وإثمه الكبير عند الله عز وجل.ولأنها إذا قبلت منه ذلك وقضى منها حاجته ,احتقرها-غالبا-ثم رماها كأنها لم تكن.
49-أما بين العقد والدخول,فإنه وإن جاز للرجل شرعا أن يفعل مع زوجته ما يشاء حتى الجماع,فإنني لا أنصح بذلك ,وأتمنى للزوج أن يبقى بعيدا عن زوجته ما استطاع بين العقد والدخول,لا يتصل بها(إلا للضرورة)لا برسالة ولا بكلام من خلال الهاتف ولا بكلام مواجهة ولا بلقاء ولا بما هو أكثر من اللقاء(مقدمات الجماع):لأن ذلك مرفوض عرفا خاصة عند الناس الكبار,وهذا العرف طيب لأن فيه محافظة أكثر على شرف المرأة وعفتها.ولأنه إن ظن أحد الزوجين أنه بذلك سيعرِفُ الآخر فإنه واهم.ولأن الزوج إن جامعها بين العقد والدخول-وإن جاز له ذلك-فإنه إن طلقها بعد ذلك فإنها تأخذ المهر كاملا غير منقوص,أما إذا طلقها بدون جماع أو بدون خلوة (على رأي بعض الفقهاء) فإنه ليس لها من المهر إلا نصفه.ولأنه إذا داوم على الاتصال بزوجته بين العقد والدخول فإن ليلة الدخول تفقد طعمها الخاص والمتميز والرائع والحلو حتى أنها تكاد تصبح كأية ليلة من ليالي العمر العادية السابقة عوض أن تكون أحسن ليلة في حياة كل زوج من الزوجين.
وأنا أذكر بالمناسبة عن نفسي بأن أفضل ليلة في حياتي ليلة دخولي بزوجتي,وأن أحسن يوم في حياتي اليوم الذي حفظت فيه القرآن الكريم,والحمد لله أولا وأخيرا على ما منَّ به وتفضل.
50- برمجة الجِماعات أو الاتصالات الجنسية بين الرجل وزوجته(من خلال برنامج أسبوعي أو شهري أو..)ليس إلا نوعا من الجمود المُمِل المعادي للروحية الفنية في أي فن كان,وذلك لأن الإنسان إنسان وليس جمادا,فقد يحتاج الرجلُ- في بعض الأحيان-زوجتَه أكثر من مرة في اليوم لسبب أو آخر(قد يريدها في الصباح وقد يريدها في المساء وقد يشتهيها في لحظة مفاجئة من ليل أو نهار)وقد لا يقربها أسبوعا أو أكثر لسبب أو لآخر كذلك.والمتعة الجنسية من شروطها أن تكون بعد رغبة فعلية في الجماع.وما يقال عن الرجل يقال قريبٌ منه عن المرأة,لأنه لا عيب أبدا أن تقول المرأة لزوجها:"أريد أن تجامعني"في وقت من الأوقات,سواء قالتها تلميحا أو تصريحا,بل الخطأ في أن ترغبَ وتقمعَ رغبتها بدون أية فائدة ترجى من وراء ذلك,وبدافع فقط من حياء مزعوم ما قال به الله ولا رسول الله-ص-.
51-الاعتدال في الجماع مطلوب,بحيث لا يكون إسراف ولا إقلال.وإن كان الاعتدال غير ممكن أو صعبا جدا,فإن الميل إلى الإقلال خير من الميل إلى الإكثار من أجل المحافظة على الصحة حاضرا ومستقبلا.إن الإفراط في الجنس-مع كل حسنات الجنس-يؤدي إلى ضعف بدني وفتور في الشهوة وتحطيم للأعصاب وشرود في الذهن.
52-المرأة الحائض وكذا النفساء تحدث لها تغيرات بدنية ونفسية معينة(أو بدنية تؤثر عليها نفسيا)يعرفها الأطباء أكثر من غيرهم,لذلك يجب على الرجل أن يراعي ذلك في تعامله مع المرأة في تلك الفترة,وليعلم الرجل أن هذا الذي يمر على المرأة يمر عليها بسرعة بإذن الله كسحابة صيف عابرة.وما يقال عن فترة الحيض والنفاس يقال مثله أو أكثر منه عن فترة الوحم-التي تكون في الشهور الثلاثة الأولى من الحمل-التي قد تمر على المرأة بسيطة وقد تمر عليها صعبة وصعبة جدا إذا لم تجد زوجا متفهما يساعدها ويعينها على اجتياز هذه المرحلة بسلام.
53-الأفضل عدم إجراء الاتصال الجنسي في حال التعب أو الإعياء,إلا إذا كان الرجل من الذين يخدر الجماعُ أعضاءَهم ويقودهم إلى النوم.
54- لا ريب أن الجماع يجب أن يتم بعيدا عن أنظار وأسماع الناس.هناك أشياء لا تحلو إلا إذا كانت على ملأ من الناس (مثل مباراة رياضية),وهناك أشياء تحلو هكذا وتحلو كذلك(مثل الأكل والشرب),لكن هناك أشياء لا تحلو ولا تصح ولا تقبل ولا تستساغ ولا تجوز إلا إذا تمت بعيدا وبعيدا جدا عن أنظار الغير(وأحسن مثال على ذلك هو الجنس أو الجماع ومقدماته).
55- لا بد من الاتفاق على حل وسط بين الزوجين يخفف من مطالبة الرجل الزائدة للجنس ويقلل من رفض الزوجة المستمر للجماع.والاتصال الجنسي يكون دوما أحسن إذا كان مبتغى من طرف كل منهما,بعيدا عن مجاملة أي منهما للآخر وبعيدا عن انتقاص حق أي منهما.
56-الأنانية ليست مناسِبة في الاتصال الجنسي.لكن في المقابل,تفاني كل منهما في الآخر غير مناسب كذلك. والأحسن هو التنويع والتغيير والتبديل والإبداع في العملية الجنسية على طول الحياة,أما الثبات على طريقة واحدة في الجماع فهو أمر مُمِل للزوجين.
57-المرأة تميل إلى الظلام في الجماع أكثر مما تميل إلى الأضواء,والرجل على خلاف ذلك,لأن الرجل يثيره النظر إلى جسد زوجته أولا,أما المرأة فتثار بغير ذلك مثل الكلام أكثر مما يثيرها النظر إلى جسد زوجها.
58-الحركة في الجماع هي الأساس عند الرجل,أما المرأة فيمتعها مع الحركة:اللمسات,ودغدغة الفخذين والظهر والعنق ,والقبلات على الشفتين و النهدين وطرف الأذن.
59-ارتفاع المرأة فوق الرجل-في الجماع-يزيد من سرعة إثارة المرأة,ويقلل من حركة الرجل,ويجعلها هي التي تقود الجماع.وهي وضعية بالطبع لا بأس بها للزوجين معا,وإن حذر بعض الأطباء مما يمكن أن ينتج عنها من ضرر للزوج نتيجة إمكانية رجوع البعض من مائه إليه.
60- لذة الجماع أعظم لذة حسية,لكنها ليست هي اللذة الوحيدة في دنيا الزوجين.هناك لذة الحديث المتبادل في عطف ,ولذة الحنو عند المرض أو الشدة,ولذة المواساة,ولذة الأنس بالجيران والتودد إليهم,ولذة التفاهم على زيارة ذوي الأرحام وقضاء أوقات سعيدة بينهم, ولذة انتهاز الفرص لقضاء بضعة أيام في الغابة أو على شاطئ البحر,ولذة التعاون على طاعة الله وتربية الأولاد,ولذة التعاون على مواجهة هموم الدنيا,ولذة السعي على مقاومة الفساد المحيط بهما,ولذة الدعوة إلى الخير,و..إن الزواج ينهار إذا كان قائما على المتعة الجسدية فقط متى زالت أسبابها.
61-الوضعية التي تثار فيها المرأة أكثر في الجماع هي التي يثار فيها البظر أكثر.وأحسن وضعية هي التي يجامع فيها الرجل زوجتَه من الخلف وهما مستلقيان على جنبيهما الأيمن,بحيث يكون ظهر المرأة في مواجهة صدر الرجل.ويدفع الرجل ساقَه اليسرى بين ساقيها(ساقها اليسرى تكون مرفوعة إلى الأعلى)ثم يُقحِم الرجلُ ذكرَه في مِهبلها.
62- حرمان المرأة من اللذة العظمى يعني-في نظر الكثير من الأطباء الأخصائيين بالتحليل النفسي-كبت طاقة قد تتحول فيما بعد بطريقة عصابية كيميائية إلى أعراض جسدية ونفسية,فضلا عن أن المرأة تصبح تشعر غالبا بالنقص وعدم الاطمئنان,والقلق الناجم عن خوفها من فقدان زوجها.والزوجة التي تحصل دائما أو غالبا على اللذة الكبرى تكون متزنة أكثر نفسيا وبدنيا,وتعتني بنفسها أكثر لتحصل على ما تريد من زوجها ولتُنيلَ زوجَها منها ما يريدُ.
63- على المرأة أن تحرص على التجاوب مع زوجها-في حدود الاستطاعة-في كل جماع أو في أغلب الجماعات سواء أخذت نصيبها هي في نهاية الجماع بحصولها على اللذة الكبرى أم لا,لأن الرجل إذا فاته حصول زوجته على اللذة العظمى,لا يحِبُّ أن يفوته تجاوبها معه.
64- تكون لذة الجماع أعظم ما يمكن إذا حصل الإشباع للزوجين في نفس الوقت أو في وقتين متقاربين.
65- فرق كبير بين المرأة التي يمكن أن يحصل لها الإشباع الجنسي بطريقة أو بأخرى(طبعا عن طريق زوجها),وتكتفي به إلى حد كبير, وبين الرجل الذي لا يطفئ نار شهوته مثلُ ما يطفئُها الجماعُ والجماعُ لا غير.أما الإشباع الجنسي الذي يمكن للزوج أن يحصل عليه باحتكاك بزوجته أو بالاستمناء بيدها(الجائز شرعا ولو لم يستسغه بعضُ الأزواج أو بعضُ الزوجات) أو ..فإنه يبرِّد من الشهوة قليلا لكنه لا يطفئها,فلتنتبه الزوجة إلى ذلك.
66-إن الأطباء يؤكدون على أن بشرة المرأة حول جميع جسدها شديدة الحساسية خاصة في الأمور الجنسية,لذا فإن على المرأة أن تعتني بإبراز مفاتن جسدها لزوجها(مثل الشفتين والثديين) في جميع أحوالها كي يداعبها زوجها فيستمتع بها ويمتعها.هذا على عكس الرجل الذي لا يكاد يتأثر جلده إلا في نطاق أعضائه التناسلية على وجه التحديد.
67-الرجل يحتلم كثيرا قبل الزواج,لكن احتلامه يقل بشكل ملحوظ بعد الزواج حتى يصبح نادرا.وإذا كان الزوج يحتلم كثيرا بعد الزواج فإن احتلامه لا يشكل أي خطر كان على صحته لا من قريب ولا من بعيد,ويكون عادة لسبب من الأسباب الآتية:إما لأن زوجته مقصرة في حقه جنسيا.وإما لأنه من النوع النادر من الرجال الذين لا تكفيهم امرأة واحدة –جنسيا-مهما بذلت من جهد ومن وقت من أجل إروائه وإمتاعه وإشباعه.وإما لأنه لا يخاف الله ولا يقنع بما أعطاه الله مهما كان كثيرا وطيبا ومباركا,فيفكر في غير زوجته أكثر مما يفكر في زوجته,ويفتح عينيه على النساء الأجنبيات أكثر مما يفتح عينيه على زوجته,فيحتلم نتيجة لكل ذلك.وإما أن هذا أمر طبيعي(وهذه الحالة نادرة)لا هو مسؤول عنه ولا زوجته مسؤولة عنه.
68- يجب على الزوج أن ينتبه إلى أن الزوجة يؤلمها كثيرا-حتى وإن لم تصرح بذلك- أن تُثار ثم لا يَسمح لها زوجُها,أو لا يعينها من أجل الوصول إلى الإشباع الجنسي.
69-الجماع في بداية الليل قبل النوم أحسن من الجماع في نهاية الليل بعد الاستيقاظ من النوم لأسباب عدة.
70-النجاح في الأعمال,وكذا ابتعاد الزوجين عن بعضهما البعض,والسفر والتفرج على المناظر الطبيعية,و..كل ذلك يزيد من الرغبة في الجماع ويدفع إلى تكراره.
71- تزين المرأة لزوجها حق من حقوقه الثابتة له عليها,مهما تنكرت الزوجة لهذا الحق سواء نظريا أو عمليا.وأداء المرأة لهذا الحق كما يحب الزوج من شأنه أن يجلب للمرأة رضا الله ثم رضا زوجها وراحته وراحتها.هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن ذلك من شأنه أن ينعكس إيجابا على المعاملة اليومية الطيبة من الرجل لزوجته.إن الواقع يقول غالبا بأن المرأة بقدر ما تخدم زوجها ليلا جنسيا بالجماع أو بمقدماته,ولو لنصف ساعة أو أقل أو أكثر-وليس شرطا أن يتم ذلك بطبيعة الحال في كل يوم-بقدر ما يكون هو مستعدا لخدمتها النهار كله.فمن المستفيد أكثر لو تفقه المرأة هذا الكلام؟!
72- في سن المرأة ما بين 45 سنة و55 سنة تبدأ عملية الإباضة والحيض بالتلاشي,إن في القدر وإن في عدد المرات إلى أن تنقطعا نهائيا بعد تدرج طويل(يستمر لشهور أو لحوالي سنة).وهذا هو ما يعرف بسن اليأس عند المرأة.والمرأة التي تفقد خصبها لا تفقد حيويتها الجنسية,بل تظل لديها الرغبة في الجماع وتبقى الشهوة عندها متواصلة,بل إن الرغبة الجنسية تزداد في بعض الأحيان لشعور المرأة بالأمان وعدم الخوف من الحمل وعدم الحاجة إلى وسائل منع الحمل التي تكدر صفو العلاقة بين الزوجين في بعض الأحيان.لكن على المرأة في هذه المرحلة من عمرها أن تحذر أمرين:الأول:ألا تقبل على الجماع إلا وهي راغبة فيه,ولا بأس أن ترغِّبَ نفسها فيه من أجلها أو من أجل زوجها.الثاني: ألا تكثر من عدد الجماعات لأن جسمها لا يتحمل عندئذ التهيج الجسمي والانفعال النفسي اللذين يرافقان الجماع وخاصة الإشباع الجنسي أو اللذة العظمى أو الرعشة الكبرى.كما أن عليها –بعيدا عن الجنس-أن تجتنب الإفراط والإجهاد في كل شيء ,وعليها ألا تكثر من العمل وأن تأخذ نصيبها الكافي من النوم.وعليها أن تعيش بعد الأربعين عيشة طبيعية هادئة,وأن تدرك في الوقت المناسب سبب ما يطرأ عليها.وتستطيع الزوجة بالوعي الكبير وبمساعدة زوجها لها أن تعبر هذه المرحلة دون أن تشعر بخسارتها لأنوثتها.وعلى الزوج أن يكشف أمام زوجته خلال هذه الفترة مجالات جديدة فكرية واجتماعية لتأنس بها وتعوضها عن التفكير بمشكلتها الطارئة.والزوج الواعي يرى زوجته خلال هذه المرحلة وبعدها على نفس الصورة الحلوة الحية التي كان يراها عليها عندما كان الاثنان في فورة شبابهما وعنفوان علاقاتها النشطة.في سن اليأس يمكن أن تحدث عند المرأة تغيرات وأعراض معينة بدنية ونفسية,لكن نسبتها تتوقف على نوع شخصية المرأة قبل هذه السن,فالشخصية العاقلة المتزنة قلما تتعرض لها -خاصة النفسية منها- وتمر بهذه الفترة كالطيف الخفيف ,أما الشخصية المهتزة أو المدللة في حالة ازدواج الشخصية أو الشخصية الشكاكة فتكون هذه الفترة قاسية جدا عليها وتحتاج إلى العديد من العقاقير للمحافظة على توازنها النفسي والعاطفي والعقلي.وفيما يلي أهم هذه الأعراض والتغيرات:
*يحدث للمرأة ضمور في الثديين(الذين يفقدان مرونتهما وينكمشان بعض الشيء ويتهدلان),وفي حجم الرحم, وضمور في المهبل ونقص في الإفرازات المهبلية(والضمور الأخير وكذا الجفاف قد يسببان في الحالات الشديدة آلاما عند الجماع,وهي حالة يمكن أن تكون عند بعض النساء بعد سن ال 65 )وفي الأعضاء التناسلية الخارجية للأنثى.
* قد يحدث عند بعض النساء ازدياد في الوزن نتيجة ازدياد الشهية أو بفعل اضطرابات نفسية.
* يكون المزاج متقلبا.
* تظهر المخاوف النفسية من فقدان الأنوثة وتأثير ذلك على الزوج,وكذا الخوف من المرض أو من الوفاة.وهذا يشكل عند المرأة هزة عنيفة,حتى ولو كان لها العديد من الأولاد.
* نشوء اكتئاب بسيط في بعض الأحيان.
*القلق,عدم النوم الكافي,الاضطراب النفسي,الحساسية الشديدة,الصداع,تنميل الأطراف,أصوات شتى(على شكل ضوضاء في الرأس).
* الرغبة الجنسية قد تزداد عند البعض وقد تنقص وقد تبقى كما هي بدون أن تتأثر(مثل الشهية للطعام تماما).
* المعاناة من سوء الهضم والانتفاخ في المعدة والإمساك.
* زيادة ضربات القلب والإحساس بها وعدم انتظام النبض.
* التدفقات الساخنة المتجهة إلى الرأس.
* احمرار الوجه وتهدج النفس يقلان كثيرا عن ذي قبل,أثناء الجماع.
* الاكتئاب والانطواء والنظرة التشاؤمية للحياة.
73-الذي له رغبة أقل في الجنس-المرأة عادة-هو الذي يجب أن يبذل جهدا أكبر من أجل زيادة رغبته.ويجب أن يكون هذا الجهد أكبر من الجهد الذي يجب أن يبذله صاحب الرغبة الجياشة المشبوبة- الرجل عادة -من أجل الإنقاص من رغبته.والتنازل يبقى مع ذلك كما قلنا من قبل مطلوبا من الجانبين.
74-الزوجة لها دور فعال في تغلب الرجل على بروده الجنسي.فكلمة واحدة منها مثل:"لتحاول يا زوجي مرة أخرى من أجل إشباعي وإشباع نفسك بالجماع"مثلا قد تكون مهمة على طريق العلاج.وكذلك تشجيعها لزوجها على استشارة طبيب مهمة على طريق العلاج.
75- وإذا شجعت المرأة زوجها -المصاب ببرود جنسي-على إشباعها جنسيا بطرق أخرى غير إيلاج الذكر في الفرج ,فإنها تصون كرامته أو على الأقل البعض منها.وإن لم يستطع أن يوصلها إلى الهزة أو اللذة العظمى,فعلى الزوجة أن تؤكد له بأن اكتفاءها لا يتوقف فقط على الهزة,فيعلم أنه أدخل الرضا إلى قلبها.وبهذه الطريقة(الطبيب من جهة وزوجته من جهة أخرى) يمكن أن يتجه أمر الزوج شيئا فشيئا نحو الشفاءِ بإذن الله.
76-إن الزوج الحكيم يعرف في نهاية الجماع إن كانت زوجته قد حصلت لها الهزة أم أنها تتظاهر بذلك فقط,لأن الاستجابة تتجلى بشكل واضح جدا خلال الهزة : الشفتان تبردان,والوجه يشحب مع برودة لأن الدم يفارقه,وجلد الصدر يتضرج ويتوهج,والعضلات في الجسم تنقبض وترتخي وخصوصا عضلات المهبل.ومن الأفضل للزوجة أن تكون صريحة,فتقول إنها بلغت الهزة أو لم تبلغها إن سألها زوجها أو حتى إن لم يسألها.إن هذه الصراحة في غاية الأهمية لما تشيعه من صفاء وود بين الزوجين.
77-العجز الجنسي عند الرجل 3 أنواع:الذكر ينتصب لكن الرغبة في الجماع منعدمة,الرجل يحب أن يجامع لكن الذكر لا ينتصب,وقد يكون الأمران معا.والسبب إما سحر يحتاج معه الرجل إلى رقية شرعية-وهذا السبب قليل-,وإما مرض عضوي يحتاج معه المريض إلى دواء من طبيب اختصاصي-وهذا السبب نادر جدا-,وإما نفسي,وهذا هوالغالب.(46/7)
78-الضعف الجنسي أو العجز الجنسي عند الرجال غالبا مؤقت ويتم لأسباب منها:المرض,والمشروبات الكحولية ,والإجهاد الكبير, وكثرة الغضب وتوتر الأعصاب,وكذا الخوف والارتباك.هذه الأسباب وغيرها تنشئ ارتباكا واضطرابا عند الرجل لا يستطيع معه الجماع,حتى ولو توفرت له الشهوة والرغبة.
79-هناك مرض قلب اكتسابي(وليس وراثيا),يمكن لصاحبه أن يتزوج لكن بعد استشارة طبيب.وهذا المرض في العادة ليس على درجة كبيرة من الخطورة.وزواج مريض القلب أيسر وأسهل وأبسط من زواج مريضة القلب لأن قلب المرأة أكثر تأثرا بالاتصال الجنسي من قلب الرجل.أضف إلى ذلك تأثر قلب المرأة كثيرا بمتاعب الحمل والولادة والتربية.
80-إن على الزوجين أن يختصا دوما بغرفة مستقلة لهما وحدهما(لا يُقبل منهما بأي حال من الأحوال أن يتركا طفلهما الصغير ينام معهما في نفس الغرفة بعد أن يجاوز السنتين من عمره),ليس فقط من أجل إشباع رغباتهما الجنسية مع بعضهما البعض,ولكن كذلك للتعاون على اكتساب المعارف وتوثيق عرى الوفاق والانسجام بينهما.إن عليهما أن يتركا بين الحين والآخر أعباء الأبوة والأمومة جانبا ويعيشا لنفسيهما مهما تقدم العمر بهما.وعلى الزوجين أن يهربا في بعض الأوقات لقضاء عطلة أسبوع مثلا في الخلاء تحت كنف الطبيعة كي يكتشفا أكثر نفسيهما.إنه لا غنى للزوجين عن الخلوة,وإلا اتسعت الهوة بينهما وأصبحا بعيدين غريبين الواحد عن الآخر,ويضيع الحب وتفتر العلاقة الجنسية بينهما.
81- لا يجوز للمرأة أن تمتنع عن زوجها إذا طلبها للفراش مهما كان عمره ومهما كان عمرها.ولا يقبل منها أن تعتذر بقولها:"لقد كبرنا ولا يليق أن يبقى اهتمامنا بالجنس قائما" أو تعتذر وتبالغ في الاعتذار بأن رأسها يؤلمها .
82- مما يدل على أن الإقبال على الجنس يمكن أن يبقى إلى سن متأخر,أنه ورد في إحصائية تمت في السنوات الأخيرة من القرن العشرين في دولة من الدول: أن 2/3 من النساء (أغلبية) و4/5 من الرجال (أغلبية)ممن بلغوا ال 70 سنة من العمر وتجاوزوها,لا يزالون يتمتعون بحيوية جنسية ملحوظة,وأن نصف هؤلاء أو أكثر-وهي نسبة كبيرة- يمارسون الجنس مرة كل أسبوع على الأقل.
83-التأثر النفسي بسبب الكبر يصيب المرأة أكثر مما يصيب الرجل بسبب إحساسها بأنها أصبحت غير مشتهاة أو بأنها أصبحت غير قادرة على إشباع زوجها جنسيا.
84-الرجل بعد سن الخمسين يمكن أن تقل الرغبة عنده في القذف في كل جماع,فتجده في بعض الأحيان يجامع بانتصاب كامل أو شبه كامل ويستمتع كما ينبغي,لكن عند نهاية الجماع قد تقذف زوجته ولا يقذف هو منيَّه.ومع ذلك لا يحس الرجل-عادة-بإحباط ولا بعجز,بل قد يحس بالفحولة والرجولة لأنه يقدر على إشباع الطرف الآخر.أما المرأة فعلى الضد قد تحس بالإحباط لأنها تظن مخطئة أنها هي المسؤولة –بسبب كبرها في السن-عن عدم قذف الزوج لمنيه في نهاية الجماع.
85-ونحن نتحدث عن الزواج والجنس,هناك ملاحظة هامة جدا تتمثل في أنه مهما قلنا عن نعمة الزواج ونعمة الجنس ,فإننا نقول كذلك قبل ذلك وبعد ذلك: في أعلى قمم حياة الإنسان(وهو صغير أو كبير,متزوج أم أعزب)لا يعود المرء بحاجة كبيرة إلى اللذة الجنسية,ولا يهتم كثيرا بالشيخوخة التي هبطت عليه أو يمكن أن تهبط عليه في يوم ما إذا أمد الله له في العمر,ولا يعبأ بالدنيا ومتاعها الزائل,بل ينظر إلى ما حوله ويلائم نفسه بالهدوء على ما يراه من متع الحياة وبهجتها, ويعبد الله وهو يطلب الدنيا كما يعبد الله وهو يطلب الدين,ويتحدث ويضحك ويخالط,ويتفاءل ,ويفعل الخير حتى مع من أساء إليه,ويعيش بالأمل في الغد الأحسن,ويحمد الله في السراء ويصبر على الضراء ,وينظر إلى ما أعطاه الله لا إلى ما حرمه منه,ويحرص على أن يضحك للحياة لتضحك له هي,ويعمل من أجل أن يكون جميلا في نفسه ومع نفسه ليكون ما حوله كذلك وليرى الوجود جميلا و ... إذا فعل المرء كذلك وعاش كذلك,يكون بإذن الله قد حاز على مفاتيح السعادة كلها.
86-عدد الزوجات الباردات أكثر من عدد الزوجات الشهوانيات,ولا تلام إحداهما بطبيعة الحال على برودها أو على شهوانيتها.وتحتاج الزوجة الباردة –حتى تشعر بالمتعة الجنسية-إلى زوج تحبه ويثيرها,وإلى زوج مُجرَّب -على عكس الشهوانية التي لا تحتاج إلى مجرَّب,بل يمكن أن تعلِّم زوجها مثلما يعلمها أو أكثر-,وإلا أصيبت باضطرابات وانتكاسات وَشَكَت من النقص في متعتها الجنسية.
87-المرأة يمكن أن تحمل من زوجها,ولو كانت لا تعرف اللذة الكبرى ولا الاستمتاع الجنسي.والعكس صحيح فيمكنها أن تستمتع بزوجها جنسيا كل الاستمتاع حتى ولو كانت عقيما.إذن الاستمتاع شيء والحمل والولادة شيء آخر.
88- ليعلم الزوج أن الزوجة إذا لم يشبعها هو بالجماع الطبيعي,يمكن أن تلجأ إلى إشباع جوعها الجنسي بالعادة السرية أو بالزنا. ويمكن-إذا صبرت ولم يتداركها زوجها –أن تصاب مع الوقت بالبرود الجنسي التام الذي يحرمها لذة الجماع ومتعة الحياة الزوجية.
89-لا يُقبَل أبدا من الرجل الزواج من امرأة يعلم يقينا أنها مصابة ببرود فطري-وُلد معها ولا أمل في الشفاء منه-,وإلا قضى معها حياة تعيسة وشقية للغاية,لم يكن يحلم بها.
90-الصبر والصلاة ثم الرياضة مهمة جدا للرجل,من أجل الإبقاء على عافيته الجنسية المستمرة ولمدة طويلة بإذن الله.
91- يجب أن تُعلِّم المرأة ابنتَها كيف تحافظ على نظافة فرجها(مثلا بماء دافئ مع صابون لطيف,ويستحسن أن يكون معطرا بالخزامى)من الصغر,خاصة إذا كانت البنت مصابة بسيلان أبيض قبل أوانه.
92-الوقاية من جميع الالتهابات-المتعلقة بأعضاء المرأة التناسلية-خير من العلاج,ويتم ذلك باستعمال الدش المهبلي, وبالحرص الدائم على النظافة: نظافة اليد والفرج,وبتغيير الملابس الداخلية فورا إذا تبللت,وبعدم استعارة المرأة للملابس الداخلية لغيرها من النساء.
93-الغريب أن الرجل لا يكاد يستريح من عناء عمل حتى تخالجه فكرة التمتع بزوجته جنسيا,وكأن الشهوة الجنسية هي عند الرجل قرينة الراحة العقلية والهدوء الفكري.
94-طوبى للرجل الذي يضع-في معاملته للمرأة-الحب فوق اللذة,ويعاملها كروح قبل أن يعاملها كجسد.إن هذا الرجل يربح نفسه ويربح الحياة,وتكشف له المرأة حينئذ –إن عاجلا أو آجلا-عن مباهج وفتن لم يكن يحلم بها.
95-القُبلة بالنسبة للمرأة هي قمة العلاقة بينها وبين الزوج الذي يقبلها,أما بالنسبة للرجل فالقبلة هي البداية التي يريدها أن تنتهي إلى نهاية واحدة هي الجماع.
96- ليلة الزفاف هي أسعد ليلة في حياة المرأة,تُعِدُّ لها العدة قبل أن تبلغ السادسة عشرة من عمرها,وهي عند الرجل كذلك من الأهمية بمكان.
97- قال أبو بكر الوراق:"كل شهوة تُقسي القلب إلا الجماع,فإنه يصفي القلب.ولهذا كان الأنبياء يفعلون ذلك" ,لكن كما قلنا من قبل يجب أن يتم ذلك بعيدا عن أي إسراف,و(خير الأمور أوسطها) أو كما ورد في الأثر.
98- زيارة الطبيب لازمة للمرأة بعد وصولها إلى سن اليأس:إذا زادت الإفرازات المهبلية,عند حدوث حكة في المهبل,عند حدوث نزيف مهبلي أو نزيف لمجرد لمس عنق الرحم عند الشطف الداخلي أو عقب الجماع,إذا استمر الحيض عندها إلى ما بعد ال 55 سنة من العمر, وقيل بمجرد وصول العمر إلى 52 سنة,وعند حدوث صعوبة في التبول أو حرقة أو نزيف.
99-إذا أتى الرجل زوجته,يستحب له أن يقول في البداية:"بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا" ,حتى لا يقرب الشيطان ما يمكن أن تأتي به المرأة من هذا الاتصال الجنسي من ولد,وحتى لا يتسلط عليه,لقول رسول الله –ص- ( لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال:بسم الله ,اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا,فإن قضى بينهما ولد لم يضره الشيطان أبدا).
100- يجوز للرجل من زوجته كل شيء إلا الجماع في الدبر,وكذا الجماع في حال الحيض,فكل منهما حرام بلا خلاف. أما ما عدا ذلك فإنه حلال ما دام يتم برضا الزوجين,بما في ذلك رؤية الرجل للأعضاء التناسلية للمرأة أو العكس, وكذلك مسها,بل إن بعض الفقهاء المالكية مثل(أصبغ) قال بجواز المص باللسان كذلك.يجوز ذلك طبعا إذا استساغ الطرفان ذلك ورضيا به وطلبه أحدهما أو كلاهما,لأنه رأى أنه مما يمكن أن يزيد من استمتاعه بالآخر.أما إذا لم يستسغ أحد الزوجين ذلك فالأفضل ألا يُكرهه الآخر على ما لا يُحب.هذا ويجب أن ننتبه إلى أن ذكر الرجل أنظف من الفرج,وإذا وقع المص يجب أن يكون العضو الداخل في الفم نظيفا وصحيحا.
101- يجب الغسل على الرجل وعلى المرأة كذلك بمجرد دخول رأس الذكر في الفرج سواء أنزل الرجل أم لم ينزل, وسواء وصلت المرأة إلى اللذة العظمى أم لم تصل,لقول النبي-ص- ( إذا التقى الختانان وجب الغسل).أما الذي ينزل من الرجل من مذي-بلا جماع-على إثر تفكير أو نظر أو مداعبة فلا يجب منه إلا غسل الذكر ثم الوضوء الأصغر فقط.
102-قال الرافعي في كتابه الرائع "وحي القلم":"لو خلق الله قوة مائة جبار في جسم رجل واحد لأذلته امرأة"مؤمنة تسحر زوجها بالحلال.وطبعا لن تغلبه بقوة عضلاتها ولا بقوة دينها ولا بقوة عقلها ولا بقوتها النفسية,وإنما بقوة عاطفتها وجمالها الأنثوي الأخاذ.
103-لا يجوز-عند المالكية-للرجل أن يستمتع من زوجته وهي حائض أو نفساء إلا بما فوق السرة وما تحت الركبتين من بدنها,أما ما بين السرة والركبتين فلا يجوز الاستمتاع به إلا بحائل أو بمئزر كثيف يمنع وصول حرارة البدن إلى الرجل, سدا للذريعة,أي خوفا من أن تغلب الرجلَ شهوتُه فيجامع زوجته وهي في حالة يحرم فيها جِماعها.وتساهل بعض العلماء من خارج المذهب المالكي بأن جوزوا للرجل من زوجته الحائض أو النفساء كل شيء -أي الاستمتاع بجميع البدن -إلا الجماع فقط.
104-يحرم على الرجل أن يجامع زوجته الحائض أو النفساء ولو باستعمال حائل كالكيس المعروف
(Preservatif) ,ويحرم على المرأة أن تمكنه من ذلك.أما بعد انقطاع الدم,فلا يجوز الجماع إلا بعد أن تغتسل المرأة,فإذا لم تستطع أن تغتسل لسبب شرعي(لم تجد ماء أو وجدته ولم تقدر على استعماله)فإنها تتيمم -وجوبا-قبل أن يأتيها زوجها.
105-إذا قطعت المرأة حيضها أو نفاسها بدواء لسبب أو لآخر,جاز لزوجها أن يجامعها على اعتبار أنها طاهرة كسائر الطاهرات
تقبيل الرجل لثديي زوجته أثناء المداعبة لا شيء فيه. وإذا كانت المرأة تُرضعُ ومصَّ الزوج ثدييها وشرب جزءا من لبنها,فلا يترتب على ذلك أي تحريم لزوجها لأن اللبن( أو الحليب)هو الذي يشربه الإنسان وهو صغير( سنه أقل من سنتين )ولا يتغذى إلا بالحليب والحليب فقط.
107- الأفضل للمرأة أن تتزوج بمن لا يكبرها في السن كثيرا لأن ذلك عامل من العوامل المهمة في حدوث أو وقوع التوافق بين الزوجين (فكريا ونفسيا وجنسيا و..), والملاحظ في الواقع أنه قلما يقع هذا التوافق بين زوج وزوجة إذا كان هو أكبر منها مثلا بعشرين سنة أو أكثر,وأظن أن الخمس أو العشر سنوات مقبولة جدا.لقد قلت :الأفضل ولم أقل :يجب,وهذا أمر واضح بطبيعة الحال.
108- يجوز للرجل أن يتزوج بمن هي أكبر منه سنا,بدليل أن الرسول محمدا- ص- تزوج بخديجة رضي الله عنها التي تكبره ب 15 سنة,وإن كان الأفضل أن يتزوج الرجل بمن هي أقل منه سنا لأسباب كثيرة,والرسول-ص- تزوج بأغلب نسائه وهو أكبر سنا منهنَّ.
109- يجب على المرأة المتزوجة –خصوصا–أن تغتسل من الجنابة أو من الحيض لصلاة الصبح في وقتها,مهما قال عنها الغير أو الجاهلون من أهل زوجها, ولتعلم أن رضا الناس غاية لا تدرك, وأن الله سبحانه أحق أن يُرضى.
110- إذا هجرتَ زوجتَك لموجب شرعي,فكن شجاعا واترك الهجر يأتي بفائدته(وهو زجر المرأة عما هي فيه من نشوز), واحذر أن تهجرها يوما تم ترجع أنت إليها تحت ضغط الجوع الجنسي,لأن المرأة إذا عرفت منك هذا الضعف مرة واحدة سقطت قيمةُ الهجر وفعاليتُه عندها, وأصبح غير ذي فائدة كوسيلة من وسائل معاقبة الرجل للمرأة أو زجرها.
111- قال بعض العلماء بأن المرأة المتزوجة لا تحرز رضى الله عنها بعمل من الأعمال كما تحرزه بتحصين زوجها جنسيا, ولا تتسبب في غضب الله عليها بعمل من الأعمال مثل امتناعها عن إمتاع زوجها من الناحية الجنسية.
112- في ليلة دخول الرجل على زوجته,وأثناء محاولة الرجل الاتصال الجنسي مع زوجته إذا دخل رأس الذكر في فرج المرأة فلا معنى للقول بأن الزوج مربوط (مسحور)وأنه يحتاج إلى رقية شرعية من أجل فك الربط.إن الأمر لو كان كذلك فإن الذكر يرتخي تماما قبل أن يحاول الرجل إدخاله في فرج المرأة,ولن يدخل ولو جزء بسيط منه في فرجها . فإذا دخل جزء من الذكر في فرج المرأة وأحس الرجل بنوع من الضعف سواء من حيث الرغبة في المرأة أو من حيث انتصاب ذكره فإن السبب عادة هو:
ا- إما تعب عند الرجل جاء من قلة الأكل أو من قلة النوم في الأيام الأخيرة قبل الزواج مباشرة,وحَلُّ هذا الضعف أو طريقة التخلص منه هو أن يأخذ الزوج نصيبه الكافي من الأكل ومن النوم حتى يقضي حاجته من زوجته كما ينبغي. وهذا سبب محتمل جدا.
ب- وإما خوف من أن يفشل في الجماع, وهذا يحتاج إلى من يتحدث معه ليرفع له من معنوياته وليقويه نفسيا . وهذا سبب يكثر وجوده.
ج- وإما ضعف عضوي يحتاج معه إلى طبيب يعطيه دواء يشربه أو يحتاج إلى حقنة تقويه جنسيا.وهذا السبب قليل الحدوث أو الورود.والله أعلم.
113-إذا دخل الرجل على زوجته في ليلة الدخول, ولاحظ على نفسه أنه عندما يكون بعيدا عنها ينتصِبُ ذكرُه بشكل عادي, لكنه بمجرد أن يقتربَ منها ليجامعها يرتخي ذكره فجأة قبل أن يلامس الذكرُ الفرجَ , فإن هذا يكون دليلا على:
ا-أن الرجل مسحور أو مربوط,وهذا هو السبب الذي يقع غالبا.ويحتاج الرجل في هذه الحالة إلى من يرقيه عن طريق رقية شرعية.
ب-وإما عقدة من الجماع أو من الزواج أو من النساء أو من هذه المرأة بالذات.وهذا سبب نادر الوقوع,ويحتاج الرجل في هذه الحالة إلى طبيب نفساني ليعالجه من خلال جلسة واحدة أو من خلال جلسات متعددة,أو يحتاج إلى ناصح خبير من أهله أو من معارفه يسمع منه مرة واحدة أو عدة مرات وينصحه ويوجهه.وفي الحالتين,تكون المشكلة مشكلته هو لا مشكلة زوجته:إنه هو المُصاب لا هي.أما إذا لاحظ على نفسه أنه يقترب من زوجته وذكرُه منتصب وأن الذكر يبقى منتصبا أثناء ملامسة الذكر للفرج ,ولكن الزوج يحاول إدخاله في الفرج بالقوة وباللين فلا يستطيع وكأن أمام الذكر حائطا منيعا,فإن هذا يكون دليلا على:أن المرأة مسحورة أو مربوطة ,وهذا هو السبب الذي يقع غالبا,وتحتاج المرأة في هذه الحالة إلى من يرقيها عن طريق رقية شرعية,أو على أن المرأة مُصابة بمرض عضوي يتعلق بضيق غير طبيعي موجود في الفرج.وهذا السبب نادر جدا في أوساط النساء.ومع ذلك إن وُجد فإن المرأة تحتاج إلى طبيب اختصاصي في أمراض النساء التناسلية ليعطيها دواء أو ليُجري لها عملية جراحية.
114- مما تُنصَح به المرأة من أجل اجتياز بداية مرحلة سن اليأس بسلام:المحافظة على وزن الجسم حتى لا يزيد, والكشف الدوري على الجهاز التناسلي,والكشف الدوري على الثديين مرة كل 6 أشهر,وعدم تعاطي الهرمونات دون استشارة الطبيب,والقيام بالتمرينات الرياضية الخفيفة,والثقافة الصحية.
115-إن المرأة المقبلة على الزواج لا يلزمها الذهاب عند الطبيب من أجل الكشف عن غشاء بكارتها إذا كان سليما أم لا ؟.إن هذه عادة من العادات المستحدثة والتي تتمثل في أن الفتاة المقبلة على الزواج تعرض نفسها على طبيبة لتتأكد من عذريتها سواء باختيار منها أو تحت ضغط زوجها أو..إن الفتاة يفترض أنها تعلم من نفسها إن كانت عفيفة أم لا؟ والخاطب يفترض فيه أنه سأل بالقدر الكافي عن عفة زوجته قبل أن يعقد عليها.أما إذا عرضت المرأة نفسها على الطبيبة وعلمت بأنها لا تملك غشاء بكارة أصلا فإنه ليس عليها أن تفسخ العقد أو تطالب بفسخه.إن هذا ليس من العيوب التي تمنع الزواج,بل إنه لا يصلح حتى أن يسمى عيبا.والمطلوب من المرأة أن تخبر زوجها بهذا الأمر عندما يدخل عليها حتى لا يفاجأ بعدم نزول الدم منها,وحتى لا يفسر ذلك تفسيرا خاطئا ويتهم زوجته بما لم تقترفه.وإذا لم يقتنع الزوج لأنه جاهل فيمكن أن تعرض عليه شهادة الطبيبة أو الذهاب عند إمام أو طبيبة أخرى.
116- إذا تحقق نشوز المرأة وعظها الزوج برفق وذكرها بما يقتضي رجوعها عما ارتكبته,فإن استمرت على النشوز هجرها في المضجع بألا ينام معها في فراش واحد أو ينام معها في نفس الفراش لكن يعطيها ظهره(لكن في الحالتين يجب أن ينام معها في نفس البيت)ولا يباشرها أو يجامعها,فإن لم يفد ذلك ضربها ضربا غير مبرِّح(لا يكسر عظما ولا يشين جارحة)إن ظن الإفادة. ويمكن أن يُزادَ في الضرب إن ظن الإفادة. والترتيب السابق واجب شرعا.والهجر والضرب لا يسوغ فعلهما إلا إذا تحقق النشوز,أما الوعظ فلا يشترط فيه تحقق النشوز ولا ظن الإفادة.
117- لا يجب على المرأة الاغتسال بعد الاحتلام إلا إذا رأت ماء.والغالب على المرأة أنها لا ترى ماء بعد الإشباع الجنسي الذي يحصل لها في النوم بالاحتلام,وذلك لأن ماء المرأة يبقى بالداخل ولا يخرج. فإذا خرج في النادر من الأحوال ورأته المرأة بعد استيقاظها مباشرة وجب عليها أن تغتسل عندئذ مثلها مثل الرجل تماما.ولا معنى لما تقوله بعض النسوة من أن المرأة مادامت تستمتع بالاحتلام فإنها تغتسل وجوبا.إن هذا الكلام مرفوض لأن الشرع لم يقل به وإنما قال بوجوب الاغتسال برؤية الماء(أو المني)لا بالاستمتاع, ولأن الأصل في الاحتلام هو الاستمتاع سواء احتلام الرجل أو المرأة.
118- لا يؤثر استئصال رحم المرأة المتزوجة لا على قدرتها على الاستمتاع بالجنس ولا على قدرتها على الإمتاع الجنسي . إن المرأة تبقى عادة بعد العملية في كامل حيويتها الجنسية ونشاطها الجنسي.
119- أخت زوجة الرجل هي أجنبية عليه تحكمها نفس أحكام النساء الأجنبيات,بمعنى أن الرجل لا يجوز له أن يُقبِّل أختَ زوجته أو ينظر إلى غير الوجه والكفين من جسدها أو يختلي بها أو..أما اعتبارها محرما مؤقتا فمعناه فقط أن الرجل لا يجوز له أن يتزوج بها ما دام متزوجا بأختها"وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف".
120-إذا أشبع الرجل زوجته جنسيا بدون جماع,فلا يجب عليها أن تغتسل ما دام منيها لم يبرز إلى الخارج بحيث تراه هي,أي أن المرأة لا تغتسل ما لم تر ماء حتى ولو استمتعت ووصلت إلى درجة الإشباع الجنسي.
121- يجوز الجماع أثناء الحمل بصفة عامة,وليس في ذلك أي حرج لأنه يوجد فراغ كاف للجنين,خاصة وأن الجنين يقبع في مكان بعيد عن مكان الاتصال الجنسي, والأفضل للمرأة الحامل أن تكون خلال الجماع راقدة على ظهرها. ومن جهة أخرى يجوز للزوج أن يجامع زوجته ولو قبل وضعها لحملها مباشرة أو قبل الوضع بيوم أو يومين.هذا هو الحكم العام الذي يقول به الشرع استنادا على قول الأطباء.لكن يجب على الزوج أن ينتبه هنا إلى ما يلي:ا-إذا طلب منه الطبيب أن يجتنب الاتصال الجنسي بزوجته قبل الوضع لمدة أيام أو أسابيع أو شهور وذكرَ له السبب الموضوعي والوجيه,وجب على الزوج أن يلتزم بأمر الطبيب الذي يصبح أمرا شرعيا.
ب-إذا أصبحت الزوجة تتألم كثيرا بالجماع قبل الوضع بأيام أو أسابيع وجب عليه أن يراعي هذا الألم ويتوقف عن الجماع أو يقلل من عدد المرات أو يقلص من مدة الجماع بدون أن يُحرج نفسه هو كذلك.وليتم بينهما تراض مبني على القاعدة الأصولية والفقهية"لا ضرر ولا ضرار".
122- من بانت منه زوجته بينونة صغرى فقد أصبح أجنبيا عنها,ومن هنا فلا يجوز له أن يختلي بها مهما كان قصده حسنا,لأنها أجنبية عنه.
123-الطول المقبول طبيا للذكر هو حوالي7 سم وطول الذكر الطويل يصل إلى حوالي 15 سم عند الكثير الرجال, وأما الطويل جدا والذي يمتلكه النادر من الرجال فيمكن أن يصل طوله إلى حوالي 24 سم.وقصر الذكر إذا لم يكن مبالغا فيه (3 أو 4 سم) لا يؤثر كثيرا على الاستمتاع والإمتاع,لأنه قد يساعد على زيادة الاستمتاع بالجنس من الطرفين-خاصة من المرأة-اختيارُ الضوء الخافت أثناء الجماع وطولُ المداعبة للمرأة والحديثُ والضحكُ والتفننُ في الاتصال الجنسي واختيارُ الوضعيات المناسبة للجماع و ... إن الذكر إذا لم يكن قصيرا جدا فإن استمتاع الرجل بالجماع وقدرته على الإمتاع يكاد يكون طبيعيا وعاديا.إن العملية الجنسية هي بالدرجة الأولى في قدرة الاحتكاك بالأماكن الحساسة في الرجل والمرأة.وإذا علمنا بأن طول الجدار الخلفي للمهبل هو 9 سم تقريبا لعلمنا أن أي عضو طوله في حدود ال 7 أو 8 أو 9 سم يكون كافيا,والمهم في العضو هو صلابته واحتكاكه بالمناطق الحساسة الخاصة بالمرأة وهي الشفرات والجزء السفلي من المهبل,وكذا احتكاك قاعدته بالبظر أو بمكان البظر وكذا الاحتكاك الجزئي السطحي بعنق الرحم.وعلى ذلك فطول العضو (ما لم يكن قصيرا جدا كما قلت) ليست له علاقة كبيرة بالقدرة على الأداء الجنسي.إن هذا الأداء متوقف على عوامل عدة منها العامل النفسي والتجاوب الحسي بين الزوجين.
124- صحيح أن على الشاب أن يبذل جهدا كبيرا حتى تمر عليه مرحلة المراهقة وبداية الشباب بدون أن ينحرف ويقع في الزنا.وصحيح أنه إذا أراد أن يتزوج وهو سالم(من الأذى)وغانم(للأجر),عليه أن يستعين بالله ثم بالصيام والصلاة والقرآن والذكر والدعاء والرياضة والمطالعة الدينية و..ولكن إذا روعي ذلك من طرف الشاب المسلم فإن المقولة التي تتمثل في أن"من لا يزني قبل الزواج يصاب بالكبت " تصبح لغوا في لغو,وصدق الله الذي حرم الزنا,ولا يحرم الله علينا إلا ما يضرنا,وكذَبَ من خالفه ممن شجع على ما حرم الله.أما حكاية الكبت فهي حكاية فارغة يكذبها العلماء والأطباء وكذا ملايين المسلمين في العالم الذين تزوجوا وهم أطهار ولم يُصَب أحدهم بكبت أو بما يشبه الكبت,ولله الحمد والمنة.
125- يجوز أن يقبل أحد الزوجين عضو الآخر التناسلي بدون أي حرج شرعي بشرط أن يتم ذلك بالتراضي بين الزوجين وبعيدا عن الإكراه(خاصة بعيدا عن إكراه الرجل للمرأة على ما لا تريد),ومع التنبيه إلى 3 أمور:الأول أن الرجل يميل عادة إلى هذا أكثر من المرأة, والثاني أن عضو الرجل التناسلي أكثر نظافة طبيا وصحيا,والثالث أن الواجب إن تم ذلك تحري الصحة والنظافة في العضو الذي يدخل في الفم.(46/8)
126- إذا فرضنا بأن الذكر قصير فإننا نقول بأن الحمل لا يتأثر عادة بقصر الذكر,بمعنى أن الرجل يمكن أن يعيش مع زوجته –مع قلة استمتاع أو استمتاع ناقص قليلا أو كثيرا – لكن زوجته تحمل منه بشكل عادي وطبيعي. والأصل في علاج هذه الحالة هو العملية الجراحية التي لا يمكن أن تزيد للرجل من طول ذكره أكثر من 3 سم مع ما تكلفه هذه العملية من نفقات.
127- المهم أن يكون التحديد أو التنظيم للنسل جائزا ثم بعد ذلك يُرجع الإسلام أمرَ الوسيلة المستعملة لمنع الحمل إلى الطبيب المسلم الخبير الثقة.إن كل وسيلة لا ضرر فيها يجوز استعمالها, وإذا كانت جل الوسائل مُضرة فإن الإسلام يطلب استعمال أقل هذه الوسائل ضررا.ومهما تعددت الطرق فإن الوسائل المختلفة تقوم عموما على منع الحيوان المنوي من إخصاب البويضة أثناء أو بعد الجماع.
128- يستطيع أغلب الرجال أن يمارسوا الجنس بطريقة صحيحة وبشكل آلي بدون أن يمارسوا الجنس قبل ذلك وبدون أن يتعلموا من قبل كيفية ممارسته.ومع ذلك فإننا نؤكد على أن الذي تعلم ذلك قبل الزواج من وسائل إعلام دينية وعلمية وطبية أفضل بكثير من الذي لم يتعلم.أما أن يدعي شخص بأنه لا بد للرجل أن يزني قبل الزواج حتى يمارس الجنس مع زوجته بشكل صحيح وسليم فهذا كلام باطل ليست له أية قيمة شرعية أو علمية أو واقعية.
129- يتوقف أمر انتقال المرض الجنسي من الأم إلى الجنين على المرض بالذات الذي تعاني منه الأم,فإذا كان المرض من النوع الخبيث تعرض الجنين لأذى شديد,لذلك وجب فحص الأم حال حملها(أو قبل ذلك)للتأكد من خلوها من الأمراض التي تنتقل بالجنس,كما يجب إعادة فحصها مرة كل 3 أشهر أثناء حملها.إن العلاج المبكر ضروري جدا لأنه يقي الطفل من أذى المرض.
130- إن المرأة تطهر بانقطاع دم النفاس عنها,ولو انقطع عنها بعد أسبوع فقط من بدء نزوله.أما ال 40 يوما فهي أقصى مدة الحيض عند جمهور العلماء,وقال المالكية: 60 يوما.والأطباء والمجربون يميلون في هذه المسألة إلى قول الجمهور.
131- لا علاقة بين الاستمتاع والحمل! إن المرأة يمكن أن تحمل من زوجها ولو كانت لا تعرف اللذة الكبرى ولا الاستمتاع الجنسي. والعكس صحيح,إذ يمكنها أن تستمتع بزوجها جنسيا كل الاستمتاع حتى ولو كانت عقيما.إذن الاستمتاع شيء والحمل والولادة شيء آخر.
132- الدورة الشهرية هي كلمة تشير إلى الحيض عند المرأة.والمرأة تحيض عموما مرة كل 28 يوما لمدة بضعة أيام (أسبوع أو أقل), ويتهيأ الرحم خلال الطهر لاحتضان جنين بإنشاء بطانة من الدم ومن السوائل الأخرى التي تفيد في تكوين الراحة له.فإذا لم يتم تلقيح بويضة الأنثى عن طريق الحيوان المنوي للرجل خلال الشهر,تمزقت البطانة واندفع الدم والسوائل خارج جسم المرأة بالطريقة المتيسرة عن طريق الفرج.هذا هو الحيض أو الدورة. ومدة الحيض عند أغلب النساء تتراوح بين أربعة أيام وخمسة.
133- بعض الرجال يحبون النحيفات وبعضهم يحبون البدينات,والأمر نسبي.وربما تحب أغلبية الرجال المتوسطات!.
134-هناك علاقة وثيقة بين عفاف الزوج بعد الزواج وسعادة الزوجة.إن من أشق الأشياء على نفس الزوجة أن تشعر بأن زوجها ليس عفيفا,فتارة ينظر إلى هذه وتارة يكلم هذه وتارة يسترسل في علاقة محرمة مع تلك و..ويسقط الزوج من عين الزوجة وتشعر أنها تعيش مع رجل تحركه الأهواء والشهوات وقد يتخلى عنها إذا ذهب جمالها.وشتان شتان بين هذا وبين زوج يخاف الله ويغض بصره ويغلق على نفسه أبواب الفتنة ويعيش لزوجته ولها فقط ويتأسى بنبي الله يوسف-ص- عندما عُرضت عليه الفتنة سهلة ميسورة فركلها بقدمه خوفا من الله عزوجل.
135-القذف المبكر هو تكرار حدوث القذف بعد فترة بسيطة جدا من الجماع لا تكاد تشعر خلالها الزوجة بشيء من المتعة,أو يمكن تعريفه أيضا على أنه حدوث القذف على غير رغبة الرجل وبسرعة بعد بدء التلامس بين الزوج والزوجة أو بعد بدء الجماع.وهناك طريقة اقترحها بعض أساتذة الطب لمعالجة سرعة الإنزال,وهي طريقة"توقف وابدأ"والتي تساعد على زيادة فترة الوصول للذروة بدرجة ملحوظة.وتتطلب من الزوجة أن تحرض زوجها جنسيا بيدها أو بالجماع حتى يتولد الإحساس عند الزوج بقرب حدوث القذف ثم يتوقف عن إحداث الإثارة أو يشير إلى زوجته بالتوقف عن إثارته. وعندما يزول الإحساس بعد حوالي 30 ثانية تقريبا تعيد الزوجة الكرة أو يعود هو إلى ما كان عليه من قبل. ويتكرر التوقف في كل مرة إما ذاتيا وإما بإشارة من الزوج للزوجة.ويكرر الزوج هذه الطريقة 3 مرات ويقذف في المرة الرابعة.والأفضل قيام الزوج بإثارة نفسه بيد زوجته في بداية الاستعانة بهذه الطريقة حتى تبدأ سرعة القذف في التحسن,ثم يبدأ في تطبيقها من خلال الجماع.وهكذا..حتى يتعود الزوج على التحكم في العملية وإطالتها كما يشاء بما يرضيه ويرضي زوجته.
136- العلاج الوحيد والأساسي لجميع أنواع الجماع غير العادية مثل العزل أو الانسحاب هو الكف عنها تماما والعودة إلى الوسيلة الطبيعية.وكلما كانت الأمراض الناجمة عن استخدام هذه الوسيلة أخف كان العلاج أبسط,وربما لا يتعدى مجرد الكف عن العزل.أما إذا كانت الأعراض شديدة,فإن ذلك يقتضي استعمال الأدوية المقوية مع الراحة الجنسية التامة لعدة شهور.
137- في أغلبية الأحيان لا تحتاج المرأة الحامل إلى عملية جراحية من أجل الوضع ,بل يخرج الجنين من فرجها بطريقة عادية وبطريقة سهلة مهما كانت آلام المرأة كبيرة جدا.لكن يحدث بين الحين والآخر أن تعترض الوضعَ العادي مشكلةٌ معينة تستدعي القيام بعملية جراحية للمرأة من خلال فتح شق صغير في البطن والرحم لإخراج الجنين,ثم يخيط الطبيبُ الشقَّ وينتهي الأمرُ غالبا بسهولة وبدون مضاعفات.
138- ليس شرطا أن تذهب الأم الحامل إلى المستشفى من أجل الوضع,وإنما يمكن أن يتم الوضع في البيت كما يمكن أن يتم في المستشفى:ا-فإذا تم الوضع في المستشفى وجب مراعاة الستر والبعد عن الاختلاط.ب-وأما إذا تم في البيت يفضل أن يتم في وجود امرأة خبيرة (قابِلة) وأن يكون البيت قريبا من المستشفى,حتى إذا حدث طارئ سيئ أثناء الوضع أمكن الإسعاف بسرعة في المستشفى.
139- ليس لكثافة الشعر حول العانة أو قلته ولا لكبر الثديين أو صغرهما ولا لأية صفة خارجية كهذه أو تلك أية علاقة على الإطلاق بالقدرة على الحمل أو بالاستمتاع بالجنس.إن المرأة مهما كان شعر العانة عندها قليلا ومهما كان ثدياها صغيرين فإنها تحمل وتستمتع بالرجل كأية امرأة أخرى.
140- لا أحد يستطيع أن يؤكد التشابه بين شعور المرأة وشعور الرجل أثناء الإشباع أو ينفيه,لأن المرء لا يستطيع أن يكون صبيا وبنتا في نفس الوقت حتى يعرف الجواب.إن الأشياء ذاتها تقريبا تحدث عندما يحصل الرجل أو المرأة على اللذة العظمى:يتواتر انقباض عضلات الحوض وارتخاؤها بشكل متناغم بفعل النبضات العصبية في كل من المرأة والرجل.هذا السؤال يشبه السؤال الذي يمكن أن يطرح على شخصين:"هل كل منكما يتذوق التفاح كما يتذوقه الآخر".والشيء المؤكد في كل الأحوال أن اللذة كبيرة جدا عند الجنسين, وأن الرجل يصل إليها عادة في وقت قصير ولا يحتاج من أجل ذلك إلى مقدمات,بخلاف المرأة فإنها تحتاج إلى مقدمات وإلى وقت أطول.
141- يمكن أن يؤدي الجانب النفسي إلى القذف السريع أو إلى الارتخاء الجنسي عند نفس النوعية من الناس.والمثال على ذلك الرجل ليلة دخوله بزوجته:قد يحدث عنده القذف السريع بمجرد ملامسة فرج الزوجة,وهذا ما يحدث للكثيرين من المتزوجين الجدد.ويحدث للزوج ذلك بسبب الارتباك وشدة الإثارة التي يتعرض لها من خلال تجربته الأولى.وقد يعاني الزوج من ارتخاء القضيب خاصة بعد تكرار الفشل في إيلاج العضو داخل مهبل الزوجة العذراء. ويكون سبب الارتخاء هو التوتر والخوف من الفشل بالإضافة إلى موقف العروس خلال اللقاء الجنسي(آلام أو صراخ أو سخرية الزوجة من فشل الزوج),وكل ذلك يمكن أن يؤدي عند كثير من الأزواج الجدد إلى ارتخاء القضيب.
142- تتأثر سرعة القذف عند الرجل وقوة إقباله على الجنس وشدة استمتاعه به إلى درجة كبيرة بالحواس المختلفة كالنظر واللمس والشم.ومنه فمن الطبيعي أن يصل الرجل إلى الذروة بسرعة إذا طالعته الزوجة برائحة عطر مثير.ومن الطبيعي أيضا أن يتأخر القذف أو قد يفشل الزوج بالمرة في الجماع أمام رائحة البصل!.
143- إن فرج المرأة كالمنطاد الطويل قبل نفخه,هكذا خلقه الله سبحانه.إنه يستطيع أن يتمدد بالقدر الذي يُمسك به ذكرَ الرجل جيدا مهما كان حجم الذكر وطوله وضخامته.إن الجماع لا يؤذي المرأة بل يمتعها ما دامت ترغبُ فيه ولا تُكره عليه,فلا تجِف جدران فرجها ولا تتخشب ضد قضيب الرجل.ومن هنا فإن على الرجل أن يكون كيسا فطنا بأن يعرف متى يأتي المرأة وكيف وأين؟وعليه أن يداعبها طويلا قبل أن يصل إلى الجماع.فإذا فعل ذلك تبلل فرجُها وتشحَّم وأصبح طريا بحيث يدخل فيه الذكر بكل سهولة,ويتم الجماع بشكل عادي مهما كان حجم الذكر.
144- قد تحتاج المرأة لتثار قبل الجماع إلى حوالي 10 دقائق من المداعبة أو أقل أو أكثر,والأمر يختلف من امرأة إلى أخرى.أما الرجل فيمكنه أن يجامع زوجته مباشرة ولا تلزمه المداعبة بحال من الأحوال. والجماع في حد ذاته يمكن أن يتم في دقيقتين كما يمكن أن يستمر لساعة أو أكثر,وأقل مدته بين دقيقتين وخمس دقائق لا أكثر عند أغلبية الرجال. وغالبا ما تكون المدة قصيرة في بداية الزواج,ولكن مع مرور الوقت يستطيع الزوج أن يتعود على إطالة المدة إلى الحد الذي يعطيه الفرصة للاستمتاع أكثر بزوجته وكذا حتى يسمح لزوجته بالوصول بدورها إلى الإشباع الجنسي أو الرعشة الكبرى.ومنه فإن الواجب هو أن يتم الجماع-قصيرا أو طويلا-بالتراضي والتفاهم بين الزوجين.
145- إن اللذة في الجماع الحلال أعظمُ بكثير من أية لذة أخرى مثل لذة الاستمناء الحرام,بل إن العلماء والأطباء يُخبرون بأن لذة الاتصال الجنسي بين الزوجين هي أعظم لذة حسية على الإطلاق.
146- أسباب ولادة الجنين مشوها كثيرة منها ما هو معروف طبيا اليوم ومنها ما ليس معروفا حتى الآن.وتحدث التشوهات في بعض الأحيان عند تعرض الأم لمرض أثناء الحمل أو عندما لا تحصل على الغذاء الكافي أو عندما تتناول أدوية وعقاقير خطرة أو تدخن أو تدمن تعاطي المسكرات من خمر أو مخدرات.والتشوهات منها ما يمكن تصحيحه بعمليات جراحية(مثل الولادة بشفة مشقوقة فتخاطُ عن طريق عملية)ومنها ما لا يمكن تصحيحه فيُكتفى بتخفيفه (مثل ولادة الطفل ضعيف البصر,فيتم إلباسه عدسات طبية ملائمة تقوي ولو نسبيا رؤيته للأشياء).
147- يلزم من أجل حدوث الحمل أداء جنسي سليم ينتج عنه خروج نوعية جيدة من الحيوانات المنوية إلى أعضاء تناسلية أنثوية طبيعية تقوم بالتبويض وتسمح بصعود الحيوانات المنوية إلى مكان البويضة ليحدث لها التلقيح (داخل قناة فالوب) ويتوفر لها بطانة رحم طبيعية تسمح بإغماد البويضة الملقحة لتنمو إلى جنين.ومعنى ذلك أن سبب العقم قد يرجع للزوج أو للزوجة أو للإثنين معا لسبب غير واضح في معظم الأحيان.
148- يصبح الرجل غير مخصب إذا قل عدد الحيوانات المنوية عن 20 مليون حيوانا منويا في كل سنتمتر مكعب من السائل المنوي.ومن أسباب ذلك إما لا سبب واضح وإما إصابة الرجل بدوالي الخصية.
149- من الناحية الشرعية لا يوجد أي فرق بين زنا الفتاة وزنا الفتى قبل الزواج.فالزنا حرام وكبيرة من الكبائر وجعله الله فاحشة وساء سبيلا سواء اقترفه الذكر أو الأنثى.لكن من ناحية العرف السائد غالبا في مجتمعاتنا هناك فرق كبير للأسف الشديد,لأن نتائج الزنا قبل الزواج تلحق الأذى والعار بالفتاة أكثر مما تلحقه بالرجل خصوصا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية .ومن هنا فإن على الفتاة أن تصون نفسها أكثر من الرجل لأنها هي التي ستعاني آلام ونتائج ما اقترفته,أما الشاب فإنه يزني ويمضي في سبيله دون أن يناله نقد أو يطاله قانون,خاصة وأن القانون الوضعي في بلادنا يقول بأنه لا يُمنع إلا الاغتصابُ أما الزنا فلا بأس به مادام قد تم بالتراضي بين الرجل والمرأة !.
150-الواقي (المطاط) هو درع يغطي قضيب الرجل عند انتصابه وقبل حصول الإشباع الجنسي للرجل,وهو يمنع الحيوان المنوي أثناء الجماع أو في نهايته من الوصول إلى رحم المرأة.ولذة الجماع باستعمال هذا الواقي تكون عادة أقل من لذة الجماع العادي بلا واقي بسبب أن الذكر لا يحتك مباشرة بالفرج,لكن الاستمتاع يبقى مقبولا إلى حد كبير. ويُصنع الواقي من المطاط الرقيق,ويباع في الصيدليات.وهذا الواقي وسيلة من وسائل منع حمل المرأة وإن لم تكن تامة الفعالية. والواجب أن لا يباع هذا الواقي وما في حكمه من وسائل منع الحمل إلا لزوج أو لزوجة بعد تقديم الوثائق التي تثبت الزواج,ومن العيب الكبير أن تباع لأي كان تحت إشراف الدولة وتحت سمعها وبصرها,لأن في ذلك من التشجيع على الزنا ما فيه!.
151- حبوب منع الحمل هو هرمون تأخذه المرأة كل يوم لمدة معينة من كل دورة شهرية,وهو يمنع المبيضين من إنتاج البويضات.وإذا لم يكن بالمرأة بويضة جاهزة امتنع الحمل تماما.ويعد تناول حبوب منع الحمل وسيلة من وسائل منع حمل المرأة وإن لم تكن فعالة تماما.ولا يجوز أبدا إعطاءها للبنت غير المتزوجة لأن ذلك يشجعها على الزنا من جهة, ولأن ذلك قد يحدث عندها بعض المشاكل الصحية(خاصة في الجهاز التناسلي)قبل أو بعد الزواج من جهة أخرى. ولحبوب منع الحمل حتى الآن الكثير من الآثار الجانبية السيئة في حاضر المرأة وفي مستقبلها,ومنه إذا كان لابد للمرأة المتزوجة أن تستعملها وجب عليها أن تخضع لفحوص طبية منتظمة لرصد الآثار الجانبية المحتملة الوقوع.
152-إزالة البروستاتا تُفقد الرجل خصوبته,أي قدرته على الإنجاب,لكن لا تُفقده قدرته الجنسية.هذا بالإضافة إلى أن الجراحة نفسها لا تؤثر على مستوى الهرمونات الجنسية ولا على الدورة الدموية بالقضيب ولا على اتصالات الأعصاب, وهي أشياء أساسية للاحتفاظ بالقدرة الجنسية.
153-إن جزءا لا بأس به من الهزال والضعف والأنيميا وسرعة الغضب والكسل الذي يعاني منه الكثير من الأزواج والزوجات راجع أولا وقبل كل شيء كما يؤكد بعض الأطباء إلى التجاء هؤلاء إلى طريقة العزل.والذي يجب أن يعرفه الرجل وكذا المرأة أن هناك فرقا هائلا بين أن يُسكب السائل المنوي في نهاية الجماع في المهبل أو خارجه.إن الانسحاب في لحظة التوتر الشديد(قبيل القذف)يمكن جدا أن يُؤدي إلى حدوث صدمة عصبية للرجل والمرأة على السواء.ولا شك أن لتكرار حدوث هذه الصدمة آثارا وخيمة لا تلبث أن تظهر بوضوح.
154- هناك في الحقيقة فرق بين الميل والحب.أما الميل الذي يُحس به عموما كل جنس اتجاه الآخر فهو فطري فُطر عليه الإنسان والجن وكذا الحيوان, وهو مظهر صحة وعافية.إن الرجل الذي يرى امرأة جميلة –خاصة إذا رأى بدون قصد منه شيئا من جسدها الذي لا يجوز لها أن تكشفه لأجنبي عنها-فتُعجبه وتميل نفسه إليها ويتمنى لو أنها كانت حلالا له أو لو كان يجوز له شرعا الاستمتاع بها,إن هذا الرجل طبيعي وعادي وفي كامل صحته وعافيته,ولا لوم عليه ولا عتاب عليه ولا بأس عليه شرعا وعقلا ومنطقا.أما الرجل الذي يقول بأن المرأة مهما كانت جميلة ومهما رأى منها أو من جسدها ومهما استمع إلى صوتها فإنه لا يميل إليها,وقال بأن المرأة لا تعني بالنسبة إليه شيئا ولا تحرك منه ساكنا,وقال بأن المرأة وقطعة الخشب عنده سواء!.إن هذا الرجل إما كاذب لسبب أو آخر وإما مريض مهما كانت طبيعة وسبب مرضه. وواضح أن أجر الصحيح المعافى عند الله عندما تميل نفسه إلى المرأة ولكنه يمنعها عنها لوجه الله,أي لأنها حرام عليه ولا تحل له,إن أجره أعظم بإذن الله بكثير من أجر الرجل المريض الذي لا حاجة له إلى النساء ولا رغبة له فيهن ولا ميل عنده إليهن,وذلك لأن الله يعطي الأجر على قدر الجهد المبذول.وفي المقابل فإن الله يعاقب على فعل المعاصي غير المحببة للنفس أكثر مما يُعاقب على المعاصي المحببة للنفس.هذا عن الميل أما عن الحب الذي هو أعمق من الميل,وهو عبارة عن تعلق للرجل بامرأة معينة أو تعلق المرأة برجل معين قد يشتدُّ أو يخِف وقد يبقى حبا عاديا وقد يتحول إلى عشق وصبابة في القليل من الأحيان,فإنه يوجد عند أغلبية الرجال والنساء.وقد لا يوجد هذا الحب عند البعض من الجنسين بدون أن يكون غير المُحب مريضا يحتاج إلى علاج.أما المحبون فقد يحبون قبل الزواج وقد يحبون بلا زواج وقد لا يُحبون إلا بعد الزواج.
155- الحيوان المنوي هو خلية الذكر الجنسية,وهي تحمل نصف ما تحمله البويضة التي هي خلية الأنثى الجنسية.يُصنع المني في الخصيتين, وتضم الدفقة الواحدة منه مئات الألوف من الحيوانات المنوية,ومنه فإن حجمه صغير جدا.ولكل حيوان منوي ذيل يساعده على الحركة عبر الرحم,حيث يلتقي بالبويضة ويُخصِّبها وينشأ بذلك الحمل عند المرأة.
156- إن التجربة تؤكد أنه لن يتعرف أحد الزوجين على الآخر كما ينبغي وعلى حقيقته إلا بعد الزواج.إن كل أو جل ما يُظهره الواحد للآخر قبل ذلك هو تكلف ومجاملة و..ليس إلا,وذلك من أجل أن يُعجب الآخر,ولو دام ذلك سنوات.والحقيقة تقول بأن السبب في هذه العادة الجديدة التي تتمثل في كثرة اختلاط الرجل بالمرأة قبل الخطبة أو بعدها,وقبل العقد أو بعده بدعوى التعارف يبعث عليها غالبا أحد أمرين أساسيين:شهوة خفية أو ظاهرة عند الرجل أو المرأة,أو تقليد أعمى للأجنبي الكافر.
157- ليست هناك طريقة معينة بالنسبة للصبيان(الذكور)يعرف من خلالها الطبيب بأن الفتى لم يمارس الجنس من قبل.أما البنت فلها غشاء بكارة يغطي الفتحة الخارجية للفرج,وتكون عذراء إن كان الغشاء قائما بذاته .لكن بعض النساء يولدن دون بكارة, والبعض الآخر يفقدنها بالرياضة أو بحوادث أخرى من غير الزنا أو مقدماته,وفريق ثالث من النساء لهن أغشية مطاطية لا تتمزق إلا عند الولادة. ومن هنا يمكن أن نقول بأن الطبيب لا يستطيع تأكيد العذرية لدى البنت أو نفيها بشكل قاطع أي بدون أن يكون مخطئا.
158-إن الزواج شرط لازم لكنه ليس كافيا من أجل التخلص من العادة السرية.إن المطلوب قبل الزواج قوة الصلة بالله ثم قوة الإرادة ثم .. حتى يكون الزواج مفيدا بالفعل في التخلص من آفة العادة السرية.ومن هنا فإننا نجد في الواقع بعض الرجال تزوجوا وبقوا على ممارسة الاستمناء إلى جانب العلاقات الجنسية الطبيعية مع الزوجة,بل إننا نجد بعض الرجال ما كادوا يتزوجون حتى نفروا من العلاقات الزوجية نفورا تاما وعادوا إلى الانغماس في العادة السرية مما اضطر زوجاتهم إما إلى الضلال أو إلى طلب الطلاق.فإذا لم يتأكد الطبيب من قوة الرجل الجنسية,ومن أنه إذا تزوج لن يحنَّ إلى الاستمناء من جديد,ومن قوة صلته بالله,ثم قوة إرادته فالواجب عليه عندئذ أن يستمر مع المدمن في العلاج إلى أن تزول هذه الموانع بصفة نهائية,فيسمح للمريض عندئذ بالزواج.
159-إن العمليات الإحصائية القديمة والحديثة,المتعلقة بنا كمسلمين أو كغيرنا من غير المسلمين,تؤكد على أن من أسباب الطلاق :الإصطدامات الشخصية,الصراعات بشأن إدارة الشؤون المنزلية,المشادات حول المشاركة بالمهام المنزلية, الصراعات حول إنجاب الأطفال وتنشئتهم,الاستجمام,الأصدقاء,والدة الزوج أو والدة الزوجة والأقارب, العادات الشخصية,فقدان الآمال والاهتمامات المشتركة,الخيانة الزوجية,المال,ومسائل مساواة المرأة بالرجل. كما تؤكد كذلك على أن من أهمها عدم التناغم أو التوافق الجنسي.لكن لأننا نحن نستحي في العادة أن نتحدث عن الجنس فإن هذا السبب من أسباب الطلاق يبقى في الكثير من الأحيان في طي الكتمان.
160- صحيح أن الرجل متعلق بزينة المرأة أكثر من تعلق المرأة بزينة الزوج,لكن مع ذلك يبقى مطلوبا من كل زوج أن يتزين للآخر بالقدر الذي يجعل كل واحد لا يمد عينيه إلى أجنبي أو أجنبية,وكذلك كي يبقى كل زوج في عين الآخر كما كان في بداية الزواج أناقة وتزينا. قال تعالى:"لهن مثل الذي عليهن بالمعروف"وقال بن عباس رضي الله عنه:"إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي".
161- كما توجد أطعمة ومشروبات مفيدة ومقوية جنسيا,توجد كذلك أطعمة ومشروبات ضارة جنسيا.ومن الأطعمة يمكن أن نذكر الكاكاو ومن المشروبات يمكن ذكر السوائل الحمضية كالليمونادة.إن كلا من هذا وذاك قد يؤدي إلى بعض الهبوط في الناحية الجنسية.
162- إن الكثير من الأدوية تؤثر للأسف الشديد على القدرة الجنسية منها الأدوية المهدئة التي تؤدي إلى الاسترخاء العصبي وكذا إلى الهبوط الجنسي.وكذلك فإن جميع أدوية الضغط قد تؤدي إلى إيقاف نزول السائل المنوي في أول الأمر ثم تؤدي بعد ذلك إلى ضعف جنسي جزئي.
163- إذا كانت التقنيات الحديثة في الإنجاب تساعد على تحقيق الرغبة الكامنة والعارمة في الإنسان,فلا يوجد من الناحية الشرعية ما يمنع تحقيق هذه الرغبة عن طريق التلقيح الاصطناعي لكن بشروط أهمها :الأول:أن يكون الإنجاب بين الزوجين وفي حال قيام عقد الزوجية.أما إذا انتهى عقد الزوجية بموت أو طلاق فلا يحل ذلك.الثاني : وأن لا يدخل في عملية الإنجاب طرف ثالث ونقصد بذلك أن تكون البويضة من الزوجة لا من امرأة أجنبية عن الزوج وأن يكون الحيوان المنوي من الزوج لا من رجل أجنبي عن الزوجة وأن يكون الرحم المستعمل للحمل بعد التلقيح هو رحم الزوجة في حد ذاتها لا رحم امرأة مستأجرة.الثالث:أن يقوم بهذا التلقيح طبيبة مسلمة ثقة,وإلا فطبيبة غير مسلمة,وإلا فطبيب مسلم ثقة,وإلا فطبيب غير مسلم ثقة.الرابع : اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة لعم اختلاط النطف وعدم الاحتفاظ بالمني في الثلاجات,بل إجراء التلقيح بمجرد أخذه من الزوج وإعطائه للزوجة.(46/9)