الشذوذ الجنسي ...الحكم والعلاج
أنا مسلم ملتزم ، وأسلمت قبل فترة طويلة ، تم التحرش بي جنسياً وأنا طفل ، وأصبحت الآن أُثار غريزيّاً للرجال والنساء ، وهذا شيء أجده في نفسي ، لا أدري كيف أتخلص منه.
أنا لا أفعل المعصية دائماً ولكنني أفعلها أحياناً وأندم على فعلها لأن الله لا يحب هذا الانحراف الجنسي ، والمشكلة أنني لا أستطيع أن أساعد نفسي ، حاولت كثيراً أن أتغير ولكن دون فائدة ، طلبت من الله المعونة واعترفت لبعض المسلمين لكي يساعدوني وذهبت للطبيب النفسي .
أحب الله وأحب دينه وتصرفاتي تعكس هذا الحب ، ودائماً أحاول التقرب لله ، حيث إنني وقعت في هذا المرض ، فقد عرفت لماذا أمرت الشريعة بقتل اللوطي ، جميع أصدقائي مسلمون ومتمسكون بالدين ، ولكن الشيطان قد يحاول أن يدمر إيماني أنا وأصدقائي ، أرجو أن تساعدني وتخبرني بالحل ولو تكلف هذا ذهابي لأي مكان في العالم لأنني لا أريد أن أقترف هذا الذنب مرة أخرى ، ولا أريد أن أكون خطراً على أي شخص من عباد الله . ... السؤال
15/02/2007 ... التاريخ
الشيخ محمد صالح المنجد ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
فمن أخبث الذنوب جريمة اللواط، وقد شدد التشريع في تقبيحها، وعقوبتها، ومن المعلوم أن كثيرا من الأمراض تنتشر بسببها، ومع ذلك فقد فتح الله تعالى باب التوبة على مصراعيه لكل تائب ، ويجب على من اقترف الذنب وتاب منه، أن يقترب من الله تعالى ويكثر من الصالحات، ويجالس الصالحين.
يقول فضيلة الشيخ محمد المنجد من علماء المملكة العربية السعودية:
سنتكلم معك في نقاط أربعة وهي : قبح وشناعة فاحشة اللواط ، والآثار المترتبة عليها من حيث المخاطر الصحية ، وبيان سعة رحمة الله للتائبين ، وطرق العلاج لمن ابتلي بهذه الفاحشة .
أما الأمر الأول : وهو قبح وشناعة فاحشة اللواط :
فقد قال ابن القيم - عن قوم لوط - :
ذكر جمهور الأمة ، وحكاه غير واحد إجماعاً للصحابة - : ليس في المعاصي مفسدة أعظم من مفسدة اللواط ، وهي تلي مفسدة الكفر ، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل - كما سنبينه إن شاء الله تعالى-.
قالوا : ولم يبتل الله تعالى بهذه الكبيرة قبل قوم لوطٍ أحداً من العالمين ، وعاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أمَّة غيرهم ، وجمع عليهم أنواعاً من العقوبات : من الإهلاك ، وقلب ديارهم عليهم ، والخسف بهم ، ورجمهم بالحجارة من السماء ، وطمس أعينهم ، وعذَّبهم ، وجعل عذابهم مستمراً ، فنكل بهم نكالاً لم ينكله بأمَّة سواهم ، وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة ، التي تكاد الأرض تميد من جوانبها إذا عُملت عليها ، وتهرب الملائكة إلى أقطار السموات والأرض إذا شهدوها خشية نزول العذاب على أهلها فيصيبهم معهم ، وتعج الأرض إلى ربها تبارك وتعالى ، وتكاد الجبال تزول عن أماكنها .
وقتْل المفعول به خيرٌ له من وطئه ، فإنه إذا وطأه الرجل قتله قتلا لا تُرجي الحياة معه ، بخلاف قتله فإنه مظلوم شهيد ، وربما ينتفع به في آخرته .
وقال :
وأتفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتله ، لم يختلف منهم فيه رجلان ، وإنما اختلفت أقوالهم في صفة قتله ، فظنَّ بعض الناس ذلك اختلافاً منهم في قتله ، فحكاها مسألة نزاع بين الصحابة ، وهي بينهم مسألة إجماع .
ومن تأمل قوله سبحانه:" ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلاً " الإسراء، وقوله في اللواط :" أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين" الأعراف ، تبين له تفاوت ما بينهما ؛ فإنه سبحانه نكَّر الفاحشة في الزنا ، أي : هو فاحشة من الفواحش ، وعرَّفها في اللواط ، وذلك يفيد أنه جامع لمعاني اسم الفاحشة ...
ثم أكد سبحانه شأن فحشها بأنها لم يعملها أحد من العالمين قبلهم فقال :" ما سبقكم بها من أحد من العالمين" ، ثم زاد في التأكيد بأن صرَّح بما تشمئز منه القلوب ، وتنبو عنها الأسماع ، وتنفر منه أشد النفور ، وهو إتيان الرجل رجلا مثله ينكحه كما ينكح الأنثى ، فقال :" أئنكم لتأتون الرجال ".
ثم أكد سبحانه قبح ذلك بأن اللوطية عكسوا فطرة الله التي فطر عليه الرجال ، وقلبوا الطبيعة التي ركَّبها الله في الذكور ، وهي شهوة النساء دون الذكور ، فقلبوا الأمر ، وعكسوا الفطرة والطبيعة فأتوا الرجال شهوة من دون النساء ، ولهذا قلب الله سبحانه عليهم ديارهم فجعل عاليها سافلها ، وكذلك قلبهم ، ونكسوا في العذاب على رؤوسهم .
ثم أكد سبحانه قبح ذلك بأن حكم عليهم بالإسراف وهو مجاوزة الحد ، فقال :" بل أنتم قوم مسرفون".
فتأمل هل جاء ذلك - أو قريبٌ منه - في الزنا ، وأكد سبحانه ذلك عليهم بقوله:" ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث" ، ثم أكَّد سبحانه عليهم الذم بوصفين في غاية القبح فقال :" إنهم كانوا قوم سوء فاسقين" الأنبياء ، وسماهم مفسدين في قول نبيهم فقال :" رب انصرني على القوم المفسدين" الأنبياء ، وسماهم ظالمين في قول الملائكة لإبراهيم عليه السلام : " إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين" العنكبوت.
فتأمل من عوقب بمثل هذه العقوبات ومن ذمه الله بمثل هذه الذمات .
وأما الأمر الثاني : فهو ما تسببه هذه الفاحشة من مضار صحيَّة :
قال الدكتور محمود حجازي في كتابه " الأمراض الجنسية و التناسلية " - وهو يشرح بعض المخاطر الصحية الناجمة عن ارتكاب اللواط - :
إن الأمراض التي تنتقل عن طريق الشذوذ الجنسي ( اللواط ) هي :
1- مرض الأيدز، وهو مرض فقد المناعة المكتسبة الذي يؤدي عادة إلى الموت .
2- التهاب الكبد الفيروسي .
3- مرض الزهري .
4- مرض السيلان .
5- مرض الهربس .
6- التهابات الشرج الجرثومية .
7- مرض التيفوئيد .
8- مرض الأميبيا .
9- الديدان المعوية .
10- ثواليل الشرج .
11- مرض الجرب .
12- مرض قمل العانة .
13- فيروس السايتو ميجالك الذي قد يؤدي إلى سرطان الشرج .
14- المرض الحبيبي اللمفاوي التناسلي .
ثالثاً : التوبة منه :
ومما سبق يتبين عظم وقبح وشناعة هذه الفاحشة ، وما يترتب على فعلها من آثار ضارة ، ومع ذلك فالباب مفتوح لتوبة العاصين ، والله تعالى يفرح بتوبتهم .
وتأمل قول الله تعالى : " والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرَّم الله إلا بالحق ولا يزنون . ومن يفعل ذلك يلق أثاماً . يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً . إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً " الفرقان .
وعند التأمل في قوله تعالى :" فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات" يتبين لك فضل الله العظيم .
وقد قال المفسرون هنا معنيين للتبديل :
الأول : تبديل الصفات السيئة بصفات حسنة كإبدالهم بالشرك إيماناً وبالزنا عفة وإحصاناً وبالكذب صدقاً وبالخيانة أمانة وهكذا .
والثاني : تبديل السيئات التي عملوها بحسنات يوم القيامة .
فالواجب عليك التوبة إلى الله توبة عظيمة ، واعلم أن رجوعك إليه سبحانه هو خير لك ولأهلك ولإخوانك وللمجتمع كافة .
واعلم أن الحياة قصيرة ، وأن الآخرة خير وأبقى ، ولا تنس أن الله تعالى أهلك قوم لوط بما لم يهلك بمثله أحداً من الأمم غيرهم .
رابعاً : وأما العلاج لمن ابتلي بهذه المصيبة :
1- الابتعاد عن الأسباب التي تيسر لك الوقوع في هذه المعصية وتذكرك بها مثل :
- إطلاق البصر ، والنظر إلى النساء أو الشاشات .
- الخلوة بأحد من الرجال أو النساء .
2- اشغل نفسك دائماً بما ينفعك في دينك أو دنياك كما قال الله تعالى : ( فإذا فرغت فانصب ) فإذا فرغت من عمل في الدنيا فاجتهد في عمل من عمل الآخرة كذكر الله وتلاوة القرآن وطلب العلم وسماع الأشرطة النافعة ...
وإذا فرغت من طاعة فابدأ بأخرى ، وإذا فرغت من عمل من أعمال الدنيا فابدأ في آخر ... وهكذا ، لأن النفس أن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل ، فلا تدع لنفسك فرصة أو وقت فراغ تفكر في هذه الفاحشة .
3-قارن بين ما تجده من لذة أثناء هذه الفاحشة ، وما يعقب ذلك من ندم وقلق وحيرة تدوم معك طويلاً ، ثم ما ينتظر فاعل هذه الفاحشة من عذاب في الآخرة ، فهل ترى أن هذه اللذة التي تنقضي بعد ساعة يقدمها عاقل على ما يعقبها من ندم وعذاب ، ويمكنك لتقوية القناعة بهذا الأمر والرضا به القراءة في كتاب ابن القيم ( الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ) فقد ألفه رحمه الله لمن هم في مثل حالك - فرج الله عنا وعنك - .
4-العاقل لا يترك شيئاً يحبه إلا لمحبوب أعلى منه أو خشية مكروه . وهذه الفاحشة تفوت عليك نعيم الدنيا والآخرة ، ومحبة الله لك ، وتستحق بها غضب الله وعذابه ومقته .
فقارن بين ما يفوتك من خير ، وما يحصل لك من شر بسبب هذه الفاحشة، والعاقل ينظر أي الأمرين يقدّم .
5-وأهم من ذلك كله : الدعاء والاستعانة بالله عز وجل أن يصرف عنك هذا السوء ، واغتنم أوقات الإجابة وأحوالها ، كالسجود ، وقبل التسليم من الصلاة ، وثلث الليل الآخر ، ووقت نزول المطر ، وفي السفر ، وفي الصيام ، وعند الإفطار من الصيام .
نسأل الله أن يلهمك رشدك ، وأن يتوب عليك ، ويجنبك سوء الأعمال والأخلاق . أ.هـ
والله أعلم
ــــــــــــــــــــ(41/139)
علاج مشكلة الشذوذ
مشكلتي أنني شاب أسعى بكل جهدي أن أكون طبيعيا،ً فأنا محافظ على صلاتي وحججت واعتمرت وعلاقتي بزوجتي جيدة .. ولكن لدي هرمونات تجعلني في حال انخفاضها أنقلب إلى إنسان شاذ .. أنا أخاف الله وأريد الحل أرجوكم .
... السؤال
18/11/2002 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يجب عليك أيها الأخ الكريم أن تجاهد نفسك ، وتنهاها عن هواها، حتى تفطمها عن غيها ، وتعتقها من أسرها،وتقربها من ربها، واستعن بالله تعالى على ذلك، فلكل داء دواء، وادع الله تعالى ليؤتي نفسك تقواها ، ويزكيها فهو خير من زكاها، وهو تعالى القائل:" والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا"، وتجنب صحبة السوء وأسباب الفتن، وصاحب الصالحين، مع الرجوع للمختصين من الأطباء المخلصين.
واحذر أن تكون ممن قال الله فيهم: " أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا" وتب حتى تكون ممن استثناهم الله تعالى بقوله : "إلا من تاب وآمن وعمل صالحا".
يقول الشيخ عبد الله الدريس، من علماء السعودية:
لا أستطيع أن أساعدك فيما يتعلق بالجانب العضوي لمشكلتك، فلست متخصصاً، ولا أدري عن مدى تأثير الهرمونات عليك، فمن الممكن مراجعة طبيب متخصص يستطيع تشخيص حالتك ووصف العلاج، إن كان ذلك ممكنا.
حقيقة يعيش الإنسان في قلق وهو يرى إعصار الشهوات يجتاح كل الحدود، ويستهتر بكل الأعراف، ويتنكر لكل الفطر، ولا يزيد مع الأيام إلا شدة وضراماً، يؤججه شياطين الإنس والجن، وعبدة الدرهم والدينار، والضحية هم شباب أمتنا.
والشذوذ هو مثال حي من مجموعة أمثلة مظلمة شاهدة على الانحطاط الأخلاقي الذي استشرى في هذا العصر.
وغالباً ما يكون الشذوذ مرتبطاً بماض غير سوى يمر به من ابتلى بذلك، إذ لا يصل إليه الإنسان إلا بعد مرحلة متقدمة من الممارسة.
ولكونه مخالفة للفطرة، وعملاً مقززا وانتكاسة خطيرة جاء في ذمه وبيان بشاعته نصوص كثيرة.
فما عوقبت أمة من الأمم السابقة بمثل ما عوقب به قوم لوط - عليه الصلاة والسلام -، فقد حملهم جبريل عليه الصلاة والسلام بجناحه حتى جعل عالي قريتهم سافلها واتبعهم حجارة من سجيل منضود، قلبهم لأنهم قلبوا فطرهم السليمة، والجزاء من جنس العمل.
لذلك رأى بعض الفقهاء أن عقاب الشاذ أن يلقى من مكان عل ثم يتبع بالحجارة حتى يهلك.
وأخرج الإمام أحمد - رحمه الله - في المسند والحاكم وصححه ووافقه الذهبي - رحمهم الله جميعاً - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله من عمل عمل قوم لوط".
وقد أورد البدري في كتابه (ذم اللواط) بإسناد حسن قول الفضيل بن عياض (لو أن لوطياً اغتسل بكل قطرة من السماء لقي الله غير طاهر) ولعل هذا محمول على أنه إذا لم يتب.
وإضافة إلى أضرار الشذوذ الدينية مثل كونه كبيرة من كبائر الذنوب، ومدعاة لمحبة الفاحشة وبغض التعفف، وأضراره الخلقية كذهاب الحياء وقلة المروءة والرجولة، وذهاب النخوة والكرامة والأنفة، وزوال الغيرة فإن أضراره الصحية مخوفة، كالعزوف عن الزوجة، والإصابة بالأمراض الجنسية المختلفة كالزهري والسيلان، والإيدز، والأيام حافلة بكل جديد من هذه الأمراض ما دامت هذه الفعلة العفنة تزداد، بل وتسن القوانين لحماية أصحابها، وآخر انحطاط أن يعترف بشرعية نكاح الشاذين لبعضهم.
وبالرغم من أنه كبيرة وأنه انتكاسة فلم ينقطع باب الأمل في الشفاء من هذا الداء، نعم؛ فما أنزل الله من داء إلا أنزل معه دواء، علمه من علمه وجهله من جهله.
فمن أعظم وسائل العلاج:
1ـ الإقبال على الله تعالى بالصدق والتوبة النصوح إليه والتذلل بين يديه، وما أقبل أحد على ربه صادقاً منيباً إلا وجده تواباً رحيماً، ولئن كان الشرك وهو أعظم ذنب يغفره الله بالتوبة فكيف بما دونه؟
2ـ مجاهدة النفس الأمارة بالسوء، فإن مثل هذا الداء المتأصل في النفس لا يمكن أن يزول بسهولة، ولا يتوقع من يصاب به أن يشفى في طرفة عين، بل الأمر يحتاج إلى مجاهدة وصبر ومصابرة، حتى يتم الشفاء بإذن الله تعالى، قال سبحانه " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" [العنكبوت:69].
3ـ البعد عن الأجواء التي تدعو الإنسان وتثيره لهذا العمل من أصدقاء السوء، والأفلام، والمجلات، والقنوات الفضائية وغيرها.
4ـ الدعاء، فهو سلاح ماض، ودرع واق، فكم من ضيق وسعه، وحزن أزاله، وكرب كشفه، (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم).
أسأل الله أن يمن عليك وعلى من ابتلي بذلك بالشفاء والتوبة.
والله أعلم.
ــــــــــــــــــــ(41/140)
اللواط والسحاق في ميزان الإسلام
عرض برنامج تلفزيوني بعض الشباب من اللواطيين والسحاقيات ، وقال مقدم البرنامج : متى نحترم مشاعر الاخرين ورغباتهم ؟ متى نتعلم أن نعيش مع الآخرين ؟ وبصراحة كان الشيخ في البرنامج غير قادر على الرد ، وتم وصفه بالقاسي والمتشدد...
فما حكم الاسلام في المسألة ؟ وكيف يعاقبون ؟
... السؤال
01/08/2004 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
يشمل الشذوذ الجنسي مظاهر كثيرة، وقد انتشر في المجتمعات الغربية حيث وجد حماية دستورية واعترافاً في قوانين بعض البلاد التي تدّعي زورا و كذبا أنها تحافظ على حقوق الإنسان فإذا هي تقود الإنسان إلى مستوى تترفع عنه البهائم .
كما أنشأت تلك البلاد التي تتدعي التحضر لهؤلاء المنتكسين اتحادات دولية، يجتمعون فيها، ويقيمون المؤتمرات التي يقدمون فيها بحوثاً عن مشكلاتهم الخاصة ، ويمثل هذا المرض ظاهرة من ظواهر التدني في العلاقات و الانحطاط نحو البهيمية النكراء.
و يؤدي قبول الشذوذ والانحراف كبديل للوضع الطبيعي، أن تحل الفوضى البهيمية محل الناموس الكوني المنتظم. و نحن إذا تركنا الناس يعبثون في هذا الكون لا نحصد من وراء عبثهم إلا ما فيه دمار للبشرية و خراب.
وهذا العمل الخبيث انتكاس في الفطرة، وانغماس في حمأة القذارة وإفساد للرجولة، وجناية على حق الأنوثة.
يقول الدكتور عباس محجوب في كتابه الصادر عن سلسلة كتاب الأمة بعنوان مشكلات الشباب الحلول المطروحة .. والحل الإسلامي :
إنه يمكن إرجاع أسباب هذا الشذوذ إلى:
أولا: غياب التربية القائمة على الفهم الصحيح المرن للإسلام، والبعيد عن مظاهر الكبت، والقهر، والاضطهاد، والإحباط، وتحريم كل أنواع العلاقات الإنسانية - مما لم يحرمها الدين - بين الرجال والنساء بصرف النظر عن نوعها، ودرجتها، وطريقتها، مما يربي في الجنسين حساسية العلاقة بالجنس الآخر، واستبشاع أيّ شيء له علاقة به.
ثانيا: نوعية الرفاق الذين يمثلون الأصدقاء والصديقات، وبخاصة إذا تباينت الأعمار، واختلفت البيئات والثقافات، وعاش الجميع في فراغٍ روحي، واجتماعي.
ثالثا: عدم توجيه الأولاد والبنات إلى وظيفة الجنس في الحياة، والأساليب المشروعة لتلبية الغريزة الجنسية، والحكمة في تحريم العلاقات الجنسية بغير الطرق المشروعة، وحكم الشرع في عمليات الشذوذ، وتعارضها مع الحياة الطبيعية للإنسان.
رابعا: عدم الاهتمام بتلبية حاجات الجنسين ومطالبهم، وحرمانهم من أن يشبعوا ما في نفوسهم من حاجة إلى شراء ما يحتاجونه ممّا يناسبهم، وأن يكون لهم كيان اقتصادي يحسّون به، لأن هذا الحرمان كثيراً ما يؤدي إلى الانحراف، إمّا لإحساسهم بأن هذا هو المجال الذي يتصرفون فيه بحرية، أو لحاجتهم إلى المال مما يحتّم على الآباء والمربين أن يُعلِموا أبناءهم بإمكانية تلبية رغباتهم المادية بتوسّطِ واعتدال.
خامسا: عدم مراقبة الآباء لأبنائهم في تصرفاتهم وسلوكهم، إضافة إلى الإهمال وعدم المبالاة، والتطرف في إطلاق الحرية لهم، أو التعنت في كبتهم ومنعهم من كل شيء، فلو كان الآباء يوازنون بين الإفراط والتفريط في الحريات، ويصحبونهم في بعض مناشطهم ، ويحسنون توجيههم في اختيار أصدقائهم، ويجعلون منهم أصدقاء مسئولين ومحترمين، ولرأيهم مكانة وتقديراً؛ لو حصل ذلك كله لما كان للانحراف سبيل إليهم.
سادسا: عدم تبيان ما يترتب على الفاحشة في الدنيا من أمراض جسمية، ونفسية، وصحية، وردود أفعال على ممارسة الحياة الطبيعية؛ إلى جانب ما في الحياة الأخرى من عقاب عند الله، وغضب منه، ثم الحكم الشرعي المترتب على ممارسة الشذوذ الجنسي، ومدى استبشاع الشرع والمجتمع له . أ هـ
وهذا الشذوذ له صور منها : اكتفاء الرجال بالرجال و هو ما يطلق عليه باللواط ، أو اكتفاء النساء بالنساء و هو ما يسمى بالسحاق ، وفي ما يلي نبين موقف الإسلام من الشذوذ الجنسي:
أولا: فاحشة اللواط :
قص علينا القرآن الكريم نبأ قوم مما كانوا قبلنا انجرفوا نحو هذا المستنقع بشدة ، و لم يستجيبوا لنصح نبيهم فماذا كانت عاقبتهم؟: التدمير يقول تعالى : { ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين, وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين }الأعراف 80-84
يقول الشيخ الدكتور القرضاوي :
حرَّم الله الزنى وحرَّم الوسائل المفضية إليه،و حرم كذلك هذا الشذوذ الجنسي" الذي يعرف بعمل قوم لوط أو " اللواط ".
فهذا العمل الخبيث انتكاس في الفطرة، وانغماس في حمأة القذارة وإفساد للرجولة، وجناية على حق الأنوثة.
وانتشار هذه الخطيئة القذرة في جماعة، يفسد عليهم حياتهم ويجعلهم عبيدًا لها، وينسيهم كل خلق وعرف وذوق، وحسبنا في هذا ما ذكره القرآن الكريم عن قوم لوط الذين ابتكروا هذه الفاحشة القذرة، وكانوا يَدَعُون نساءهم الطيبات الحلال ليأتوا تلك الشهوة الخبيثة الحرام . ولهذا قال لهم نبيهم لوط: (أتأتون الذكران من العالمين، وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون). (الشعراء: 165، 166).
ودمغهم القرآن - على لسان لوط - بالعدوان والجهل والإسراف والفساد والإجرام، في عدد من الآيات.
ومن أغرب مواقف هؤلاء القوم التي ظهر فيها اعوجاج فطرتهم، وفقدان رشدهم، وانحطاط أخلاقهم، وفساد أذواقهم، موقفهم من ضيوف لوط الذين كانوا ملائكة عذاب أرسلهم الله في صورة البشر، ابتلاء لأولئك القوم وتسجيلا لذلك الموقف عليهم، وهو الذي حكاه القرآن :(ولما جاءت رسلنا لوطًا سيء بهم وضاق بهم ذرعًا وقال هذا يوم عصيب * وجاءه قومه يُهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات، قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم، فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي، أليس منكم رجل رشيد * قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد * قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد * قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك). (هود: 77 - 81).
وقد اختلف فقهاء الإسلام في عقوبة من ارتكب هذه الفاحشة:
أيحدان حد الزنى ؟ أم يقتل الفاعل والمفعول به ؟ وبأي وسيلة يقتلان ؟ أبالسيف ؟ أم بالنار ؟ أم إلقاء من فوق جدار ؟.
وهذا التشديد الذي قد يبدو قاسيًا إنما هو تطهير للمجتمع الإسلامي من هذه الجرائم الفاسدة الضارة التي لا يتولد عنها إلا الهلاك والإهلاك. أهـ
ويقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد من علماء السعودية:
إنّ الإسلام حرَّم هذا الفعل تحريما شديدا وجعل عقوبته عظيمة أليمة في الدّنيا والآخرة . كيف لا وقد قال نبي الإسلام عليه السّلام : " مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ . " أي إذا كان راضيا . والحديث رواه الترمذي في سننه 1376
وقال علماء الإسلام كمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ : إنّه يُقام عليه حدّ الرجم أحصن أو لم يُحصن.
والذي يخالف فطرة الله ، ويفعل ما يؤدي إلى اكتفاء الرّجال بالرّجال والنّساء بالنّساء ، وفساد الأُسر ، والتأثير على الإنجاب ، ونشر الانحلال في المجتمع ، وحدوث الأمراض الفتّاكة ، والإضرار بالأبرياء ، وسريان الأذيّة إلى الأطفال اغتصابا ونقلا للأمراض ، والفساد في الأرض عموما لا شكّ أنّه آفة يجب أن تُستأصل . أهـ
و الله سبحانه وتعالى لم يحرم علينا إلا ما فيه مفسدة تضر بنا ، وإذا أردنا أن نتلمس الحكمة من وراء تحريم الله تعالى للشذوذ الجنسي نجد أنه:
أولا: مفسدة لنفسية الشباب يزرع السلبية فيهم ولا يشبع عواطفهم، فهم لا يستطيعون ممارسته غالباً إلا بعد تعاطي الخمر أو المخدِّرات لخلق جو وهمي من المتعة بداخلهم؛ وهذا يعني أنه يجرُّهم إلى المزيد من الدمار والعدائية.
ويكفي أن يشعر الواحد منهم أنه قد سلبت عنه رجولته التي يفتخر بها ، والتي هي تاج فخر الرجل .
ثانيا: مفسدة للنساء اللواتي ينصرف أزواجهن عنهن إلى الرجال، ويقصِّرون فيما يجب عليهم من إحصانهن، فينجرفن إلى طريق الانحراف أو الشذوذ بين بعضهن، أو يرتمين في أحضان رجال غرباء عنهن. وبذلك تشيع الفاحشة في المجتمع ، وينقلب المجتمع إلى وكر كبير تصيح فيه الشياطين و تصرخ .
ثالثا: تقليل النسل؛ فمن وقع في براثن الشذوذ فرغب عن الزواج، وتنصَّل من تحمُّل مسؤوليته، فقد ساهم في تهديم مجتمعه، والحدِّ من نسبة التوالد فيه. ويكفيه أنه قطع نسبه وأوقف نسله .
رابعا: الأمراض الفتَّاكة القاتلة الَّتي تنجم عنه، والَّتي كان آخرها مرض فقد المناعة الخطير المعروف باسم الإيدز أو السِيدا.
لذلك كلِّه بعث الله الرسل، ليحذِّروا أقوامهم وينذروهم من أن يضلُّوا في شعاب الرذيلة الهمجية .
ثانيا: فاحشة السحاق :
أما السحاق فهو: أن تفعل المرأة بالمرأة مثل صورة ما يفعل بها الرجل . وهو يعنى أن تستغنى المرأة بالمرأة عن الرجل في عملية الجماع وهي انتكاسة للفطرة السوية التي خلق الله الناس عليها.
وليس فيه حد ، ولكن فيه التعزير ، والتعزير عقوبة الغرض منها زجر الجاني وتأديبه لكي يقلع عما فيه ، والتعزير يكون بما يراه الحاكم جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية عن عقوبة السحاق:
اتفق الفقهاء على أنه لا حد في السحاق ; لأنه ليس زنى . وإنما يجب فيه التعزير ; لأنه معصية . أهـ
وهذا الفعل مسقط للشهادة فشهادة من تساحق مردودة ؛لأن من تفعل هذا الفعل القذر المشين تجعل نفسها في زمرة الفساق المردودين في الشهادة ، جاء أيضا في نفس الموسوعة:
لا خلاف بين الفقهاء في أنه يشترط في قبول شهادة الشاهد أن يكون عدلا , فلا تقبل شهادة الفاسق . ولما كان فعل السحاق مفسقا ومسقطا للعدالة فإنه لا تقبل شهادة المساحقة . وهذا وإن لم يصرح الفقهاء برد الشهادة بالسحاق إلا أنه مفهوم من كلامهم وقواعدهم العامة في قبول الشهادة وردها . أ.هـ
ــــــــــــــــــــ(41/141)
أخي يعاني.. ونحن السبب!!
علاقات أسرية
هذه المشكلة لا أجد لها حلا، الكآبة تخيم على منزلنا الذي كان دائم السعادة من أثر مشكلة يعاني منها أحد أفراد أسرتي وهو أخي الأكبر (مهندس 28 عاما) الذي كان وما زال رمز الحب والعطاء والحنان الذي لا ينضب.
في بعض الأحيان يهيأ للإنسان أنه يقوم بعمل لكي يسعد به من يحب، وللأسف كلنا قد شاركنا في صنع هذه المشكلة التي سببناها لأخي الحبيب دون أن نشعر، ومن منطلق الحب واعتبارات لا يمكن التغاضي عنها في مجتمعنا هذا.
المشكلة ببساطة أننا ضغطنا على أخي ليتزوج ابنة عمه التي كنا نرى فيها أنها تتمتع بصفات مثالية في نظرنا (الأصل الطيب الجمال الشهادة العليا)، لكنه لم ير فيها ما يريد، ولم يحس تجاهها بالقبول، ولا يستحسن أي رد فعل لها؛ فهي أنانية ولا تعينه على طاعة الله.
وعمي للأسف هو الذي نوه إلى الموضوع بالرغم من خطابها الكثيرين فأحرج أبي للغاية، ونحن نقول إنهم لبعض من زمان، واستمرت الخطوبة لمدة شهور بضغط قوي على أخي منا جميعا، اعتبارا لعمي الكبير والعائلة المترابطة، وبعد هذه الفترة إذا بأخي يحتج وندعمه لأول مرة، ونعلن أسبابا واهية وشروطا كنا واثقين أنهم سيرفضونها.
ورغم شخصية عمي القوية وتمسكه برأيه وافق حبا في أخي المثالي الذي يأتمنه على ابنته الحبيبة إليه، وظل أخي ثابتا على رفضه، فإذا بأبي يمرض مرضا شديدا ونخاف عليه وكذلك والداها فنلتف حوله ونضغط عليه بشتى الطرق فيوافق بعد عناء ويستمر مرة أخرى ويتزوجها مع عدم قبوله المستمر لها لدرجة الكره.
ومن أول شهر إذ بها حامل وتلد وهو لا يطيق الجلوس معها، ويمثل أمامها عكس ذلك ويفيض به الكيل، فيتغير تجاهنا ويصبح كئيبا وسلبيا وصامتا بعد أن كان دائم الضحك، وكلنا في حزن دائم عليه، وهو يرى أننا أتعسناه وفقد حياته ويعيش مع من لا يحب بسببنا جميعا، ويريد أن نتعس ونعاني مثلما يعاني، وقد استنفدنا كل الكلام معه، ولا ندري ماذا نفعل؟
وهي بالفعل لها بعض الأفعال الملتوية غير المريحة، مثل أنها تريد أن تبعده عن عائلته وتستأثر به لنفسها وتصر على رأيها حتى لو كان غير صائب، ماذا نفعل؟ وماذا يفعل أخي؟ أرجو موافاتي بالرد سريعا، وجزاكم الله كل خير.
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخ الكريم، قد يكون من المفيد أن نؤكد على أن معرفتنا بأسباب المشكلة التي نعانيها وتعرفنا على الأخطاء التي ارتكبناها في التعامل مع هذه المشكلة يساهم بشكل إيجابي في حل هذه المشكلة.
وبالمناسبة أخطاؤكم التي أنتجت ما تعانونه من مشكلات يمكننا أن نعتبر أنها أخطاء شائعة في مجتمعاتنا ولا تقتصر عليكم فقط، ولكنكم لمستم نتاجها وتألمتم من هذه النتاج، وأول هذه الأخطاء هو ما نرتكبه كثيرا، والشائع في مجتمعاتنا أن البنت لابن عمها؛ نتصور أننا نحن من سنتزوج ونتجاهل تماما رغبة طرفي العلاقة، ومن هذا المنطلق تظل تتردد مقولة "أن فلانة لابن عمها" حتى وهي ما زالت "في اللفة"، وقد تعكس هذه الكلمات حلما أو رغبة دفينة للأهل في إتمام هذا الزواج من منطلق "اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش"، وقد تقال على سبيل المزاح ونتناسى أن الرسول الكريم قال: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة" أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة.
ولقد رددتم كثيرا أن ابنة عمتكم ستكون من نصيب أخيكم حتى صدقتم جميعا هذه المقولة، فكان من المستحيل على الآباء تصديق أن هذا الحلم لن يتحقق، ومع أول بادرة لصعوبة تحقيقه يمرض الآباء ويستمر مسلسل الضغط على أخيكم حتى يتزوجها، وليتكم لم تضغطوا وليته لم يطاوعكم، لأن ضغطه منعه من تقبلها وزاده نفورا لأنها ببساطة فُرضت عليه فرضا، ولكن ما كان في قدر الله قد كان، والأولى بنا أن ننظر إلى الحاضر ونحاول التعامل مع معطياته، ولتقتصر نظرتنا للماضي فقط على محاولة تعلم الدروس والاستفادة من الأخطاء.
وأولى خطوات التعامل مع مشكلتكم هي أن تحاول أن تقترب من أخيك، تحدث إليه وافتح له قلبك، اطلب منه أن يحاول محاولة أخيرة للتواصل السوي مع زوجته على أن ينسى تماما أنه أُجبر على الزواج منها؛ لأن تذكره لوقائع هذه المرحلة يزيد من نفوره، وقد يكون مفيدا أن تعينه على محاولة اكتشاف ما في زوجته من جوانب إيجابية.
ومن وصفك لحال أخيك يمكنني أن أتوقع أنه مصاب بدرجة من درجات الاكتئاب، وهذا الاكتئاب قد يعيق تواصله مع زوجته ويزيد من حدة نفوره منها، ولذلك يلزم عرضه على إخصائي نفسي ليحدد مدى احتياجه للعلاج.
هذه المرحلة قد تستغرق شهورا، ويفضل في هذه الأثناء أن يحتاط حتى لا تتكرر حادثة الإنجاب ويزداد عدد الضحايا، أما إذا تعذر على أخيك -بعد هذه الفترة التجريبية- أن يتواصل مع زوجته فقد يكون الانفصال هو الحل، ولكن لا بد من إدارة هذا الأمر بحكمة حتى لا تحدث عواقب عائلية وخيمة، وعلى أن يتم هذا التسريح بإحسان.
أخي الكريم، زوجة أخيك هي ابنة عمكم قبل كل شيء، وعلاقتها بكم قد توطدت أكثر عندما أصبحت أما لابنة أخيكم، وهي ككل البشر لها عيوبها ومحاسنها، وصلتكم بها لن تنقطع سواء ظلت زوجة لأخيكم أو انفصلت عنه، ولذلك فمن الحكمة أن تدار علاقتكم بها بدبلوماسية تحمي أواصر الرحم بينكما من التمزق، ودعواتي أن يفرج الله كربكم جميعا، وأن يشرح صدر أخيك لزوجه، وأن يرزقه الرضا عن أحواله.
ــــــــــــــــــــ(41/142)
تميمة لإصلاح الأب!
علاقات أسرية
إخوتي وأعزائي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. لا يعلم غير العليم وحده كم انتظرت كي أحصل على الفرصة لأراسلكم؛ لأنه وبصراحة لم يبق لي إلا الله أولا ثم أنتم ثانيا وإلا فلا يعلم إلا الله بحالنا وماذا سيحل بنا.
نحن عائلة من 5 إخوة و5 أخوات وأب وأم، ومشكلتنا تكمن في أبينا فهو أب شديد شرس وقاسٍ، يعاملنا بعجرفة وعنجهية شديدة جدا، لا ينفع معه نصح ولا غيره، حتى إنه يقاطع بعض أفراد العائلة ولا يكلمهم لسنوات، وتمتد شراسته أحيانا لتصل إلى الأقارب والجيران، ولا يمكن التفاهم معه بأي شكل كان لأنه لا يقبل التفاهم، أحال حياتنا إلى جحيم لا يطاق، عقَّد الحياة وجعل كل فرد في العائلة يعيش متقوقعا على نفسه لا يمكن أن يحكي أو يصارح أي أحد.
بالنسبة لوضعنا المادي جيد والحمد لله، والعائلة يُشهد لها بالصدق والأمانة والاحترام وأداء الفروض كلها، ومع هذا فما زال لدينا الصبر وثقتنا في الله كبيرة، وبالنسبة لحال أبي فأنا أرى أن إصلاحه ميئوس منه إلا بمعجزة إلهية.
أطلب تدخلكم ماذا أفعل مع هذا الأب؟ ما أحسن الأدعية التي أدعو بها الله ليفرج عني وعن عائلتي؟ وفى أي وقت يستحب الدعاء بها؟ وما رأيكم في أن أعمل له تميمة عند أحد المشايخ؟ مع أنني أخاف أن أغضب الله في حق الوالد.
وختاما.. العذر إذ أطلت عليكم فليس لدي سابق عهد بالكتابة، كما أن بالي مشتت من هذه الحياة الحزينة البائسة.
ودمتم في خدمة المظلومين أمثالي وأتمنى لكم مليون أجر وثواب على كل حرف يخفف ولو ذرة من آلام البشر.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
لو كانت تميمة المشايخ تصلح أحوال الناس لترك كل الناس أعمالهم ووقفوا بأبواب المشايخ يلتمسون منهم التمائم لحل مشاكلهم، ولكن الله الذي خلق الإنسان وأودعه القدرة على إعمار الأرض والخلافة فيها ما كان ليجعله عاجزًا عن حل مشاكله، وما جعل ذلك منوطًا بتميمة يكتبها أحدهم كائنًا من كان..
إن طلبك لصيغ الدعاء وأوقات الدعاء المستجابة هو أمر طيب.. والالتجاء إلى الله لطلب العون مطلوب في كل وقت، ولكنه أيضًا منوط بقيامنا نحن أولاً بالواجب المطلوب منا ثم لترتفع أيدينا (قبل ومع وبعد العمل) داعية لله أن يوفقنا ويخرجنا مما نحن فيه.
ولكن الاكتفاء بالدعاء فقط دون فهم لما يحدث ويجري، ودون عمل على حل المشكلات لا يحل المشكلات.. إلا إذا استنفدنا كل الأسباب التي في أيدينا فلا يبقى لنا إلا الدعاء، والذي لا توجد له صيغة معينة مقبولة، ولكن له حال مقبولة وهي أنه يكون خارجًا من القلب بيقين في الله عز وجل، وتوجه حقيقي إليه، وأن يكون صاحب الدعوة من أهل الطاعة فلا يكون قاطع رحم أو آكل حرام، ويستحب أن يكون الإنسان على وضوء وهو يدعو، وأفضل الدعاء ما كان أثناء السجود في الصلاة فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وأوقات السحر في الليل من أفضل الأوقات التي يستحب فيها الدعاء.
لم يتضح في رسالتك ما هي مدى العلاقة المادية بين الأب وأفراد العائلة؟ وهل ما زلتم في حال احتياج مادي له؟ أي أنه هو الذي يقوم بإعالتكم والإنفاق عليكم؟ أم أنكم وصلتم إلى حالة الاستقلال والانفصال المادي؟ وأيضًا لم توضح سبب هذا التقوقع لأفراد العائلة كل على نفسه؟ ولماذا لم تترابطوا وتتواصلوا بعيدًا عن هذا الأب الذي تصفه في رسالتك؟ وأيضًا لم يتضح الأثر العملي لهذه المعاملة، بمعنى ماذا تريدون من هذا الأب عمليًّا؟ وماذا لو ابتعدتم عنه مع المحافظة على الحد الأدنى من البر في المعاملة الطيبة وعدم التعدي عليه.
أي إننا نقصد ما الذي يمنعكم من إدراككم لاستحالة تغيره.. ما المانع أن تستقلوا بحياتكم نفسيًّا وعمليًّا عنه بحيث تحافظون على حقوقه كأب بالدم معكم، وتصبح لكم حياتكم الخاصة، إن هذه الأسئلة وإن كانت تبدو أسئلة تحتاج إلى إجابة فإنها أسئلة أيضًا تفتح مجالات للتفكير في بدائل مختلفة لحياتكم بعيدًا عن هذا الأب الذي لن يتغير.
إنكم عائلة كما تصف في رسالتك يشهد لها بالصدق والأمانة والاحترام وأداء الفرائض، فلماذا لا تتحولون إلى عائلة سعيدة متعاونة متواصلة دون الوقوف عند مشكلة الأب والبكاء عندها؟!
إن لي منهجا ثابتا في التعامل مع الأبناء الذي يشكون آباءهم، خاصة إذا كان لديهم القناعة أنه لن يتغير، أو لم يكن هناك إمكانية للوصول إليه سواء لنصحه أو لعلاجه... وهو أن يتعامل هؤلاء الأبناء مع أنفسهم بنوع من النضج والثقة والاستقلال وينظروا إلى الأمام.. إلى المستقبل باحثين لأنفسهم عن دور في الحياة دون أن يظل همهم هو العويل على الأب القاسي الذي لا يقوم بدوره، فهذا لن يجدي شيئا. هل وصلت الرسالة؟
أنتم تستطيعون الحياة من غير هذا الأب، إنكم قادرون على فطام أنفسكم عنه، ولكن بشرط النظر إلى المستقبل بأمل وثقة واطمئنان.
ــــــــــــــــــــ(41/143)
أكره أن أشبه أبي.. هل أنا طبيعي؟
علاقات أسرية, مع الأهل
المشكلة باختصار شديد هي أنني لا أحب أن أكون مثل أبي؛ لأنه لا يصلح أن يكون قدوة. كلما أجد نفسي أقلده بحكم وراثتي لكثير من أخلاقه وحركاته يصيبني الاشمئزاز الشديد، يقضي معظم أوقاته أمام التلفاز، لا يهتم بي، ويعطيني مطلق الحرية في فعل ما أريد بحجة أنه يثق بي، لا أكرهه، ولكنني لا أحب أبدا أن أكون مثله.. هل هذا عيب في شخصيتي؟
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الابن العزيز أهلا وسهلا بك.. وشكرا على ثقتك في صفحتنا "مشاكل وحلول للشباب"، الحقيقة أنك تتحدث في إفادتك عن بعدين نفسيين متداخلين:
أحدهما طبيعي بالتأكيد، والآخر يتأرجح بين الطبيعي والمضطرب.
فأما البعد الأول فهو رغبتك في أن تكون مختلفا عن أبيك، وهذا هو ما تمليه عليك مرحلتك العمرية، فلا بد أن ترغب في الاختلاف عن الأب، بل لا بد أن تختلف لكي تشعر بهويتك وكيانك المستقل، وكأنك تقول:
"أنا مختلف عن أبي.. إذن أنا موجود" كآخر مختلف له آراؤه وميوله، وفضلا عن كون ذلك أحد متطلبات المرحلة العمرية التي تعيشها، فإن الشكل الذي يأخذه صراع المراهق النفسي في سبيل تحقيق ذلك الاختلاف والتأكيد عليه عادةً ما يختلف بحسب عوامل عديدة نفسية وأسرية وشخصية، وأيضًا حسب التفاعلات المختلفة والاحتمالات المتعددة لتلك العوامل، فبينما يظل الكائن البشري معتمدا لفترة طويلة على أبويه، فإنه يجد نفسه في مرحلة المراهقة مضطرا للتحرك من اعتماديته الكاملة تلك إلى تحقيق قدر من الاستقلال التدريجي الذي يختلف في مدته الزمنية حسب ظروف كل مجتمع، كما يجد نفسه مضطرا إلى تشكيل منظومة فكرية يعتبرها خاصة به ومختلفة عن معطيات أبويه قدر إمكانه أيضًا، وبينما يفترض أن يتم احتواء ذلك الصراع الطبيعي داخل إطار من الفهم وسعة الأفق من ناحية الوالدين، فإن الواقع في معظم المجتمعات البشرية يظهر غير ذلك، خاصة في عصر العولمة والإنترنت الذي أصبحت فيه فجوات الاختلاف أكبر بكثير من المتوقع.
ولعل من المناسب هنا أن ننبه الآباء إلى ضرورة التريث في إدارة ذلك الصراع، فمن المهم أن نبعد مجالات معينة عن ذلك الصراع، خاصة فيما يتعلق بالجانب الديني من حياتنا، لكي لا يدخل المراهق وهو في أوج اتقاد صراعاته الفكرية أمر الالتزام في حلبة الصراع، فمن بين من عرفت من الأسر لاحظت أن كثيرين من الآباء والأمهات يستغلون الدين لتحجيم المراهق في كل تطلعاته، ومنهم أيضًا من يتخذ من عدم أدائه للصلاة مثلا دليلا على فساد فكره وخطأ توجهاته!! فمثل هذه الوسائل للضغط على المراهق باسم الدين كثيرا ما تعطي نتائج عكس المطلوبة.
وأنا أقول ذلك لأنني من خلال خبرتي العملية عرفت كثيرين من الأولاد والبنات يتركون الصلاة مثلا؛ لأن في تركها ما يعطيهم الشعور بأنهم لا يسيرون وفق خطة الأهل، ومن هؤلاء من يعود للصلاة ولتحسين علاقته بربه بعد فترة قصيرة من تخلي الأهل عن إلحاحهم على المراهق بأدائها.
نأتي بعد ذلك إلى ما يتعلق بالبعد الثاني في إفادتك، والذي يعبر بشكل أو بآخر عن مشاعر سلبية تجاه والدك لأسباب ربما تتعلق بذكريات وعذابات تحملها أنت داخلك وتحمّله المسئولية عنها، فأنت تبدأ إفادتك بقولك: "لا أحب أن أكون مثل أبي لأنه لا يصلح أن يكون قدوة" أي برأي سلبي في الرجل الذي لا نعرفه نحن ولا نعرف عنه أكثر مما ذكرت من أنه: يقضي معظم أوقاته أما التلفاز، لا يهتم بي، يعطيني مطلق الحرية في فعل ما أريد بحجة أنه يثق بي، ومعنى ذلك أنك تتكلم عن أب نمطي في طبقة لا يستهان بها من طبقات مجتمعاتنا، فمَنْ مِن الآباء لا يقضي معظم أوقاته أمام التلفاز بعد إنهاء ساعات الدوام في عمله الرسمي؟ إنهم كثيرون، ولعل سلوكهم ناتج عن الإحباط وغياب الفرصة، ولعله ناتج عن التكاسل أو قلة الوعي بمتطلبات المجتمع المسلم، لكنه بالتأكيد سلوك يستدعي الانتقاد؛ لأن أسوأ نشاط يفعله الإنسان في رأيي هو البقاء طويلا أمام التلفاز، كمتلقٍّ سلبي لإعلام الله أعلم بخلفياته في هذا العصر، ولكن السؤال الذي يبرز هنا هو هل من حقنا أن نقوم من سلوكيات آبائنا؟ وهل هو أصلا مقبول أن نفعل ذلك؟.
إن واجبات المرء تجاه والديه معروفة وواضحة في الإسلام، ولا تنسَ قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (العنكبوت: 8)، وفي آية أخرى يقول تعالى: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (لقمان: 15)، أي أننا مأمورون بالمصاحبة بالمعروف للأب الذي يدعونا للكفر، على ألا نطيعه في ذلك فقط!
وأما أنه يعطيك مطلق الحرية لأنه يثق بك، فلسان حالك يقول إنك ترى كلامه حجة وليس صحيحا، فكأنك هنا تطلب منه أن يتحكم أكثر في تصرفاتك، وهو إن تحكم ثرت في داخلك أو ربما أظهرت غضبك، وكل هذا طبيعي، إلا أن نبرة تصريحك عن عدم الرضا عن الوالد وعن تقصيره في حقك أعلى قليلا من المعتاد؛ وهو ما يشير إلى وجود ما أشرت إليه من قبل من ذكريات وتوجهات سلبية نحوه، ولعل هذا ما يظهر بجلاء أكبر في قولك: "كلما أجد نفسي أقلده بحكم وراثتي لكثير من أخلاقه وحركاته يصيبني الاشمئزاز الشديد"، فأنت هنا تشمئز من نفسك ومن صفاتك أنت، بغض النظر عن كونك ورثتها أو اكتسبتها؛ وهو ما يجعلنا مضطرين إلى أخذ الانطباع عن احتمال وجود اضطراب ما، غالبا سيكون عابرا فإن لم يكن كذلك فإن الحاجة تبرز إلى تقييم مباشر من طبيب نفسي متخصص، ولعل من المفيد أن تقرأ ما يظهر بنقر الروابط التالية:
أبي همي الكبير
أبي خائن... أصبحت أكرهه
الابنة المضطهدة ودبلوماسية العائلة
الابنة المضطهدة ودبلوماسية العائلة، مشاركة
السير على حد السيف واستراتيجية ترقيق القلوب
وأما قولك في نهاية إفادتك:
(لا أكرهه ولكنني لا أحب أبدا أن أكون مثله هل هذا عيب في شخصيتي؟)، فردنا عليك هو أن هذا ليس عيبا في شخصيتك بل هو الطبيعي كما بينا لك في ردنا، ولكن العيب هو أن تكون متطرفا في رغبتك تلك بمعنى أن تشمئز من صفات فيك حتى ولو كانت موروثة عن أبيك، فكلنا يحمل صفات من أبيه ومن أمه، وكلنا مر بفترة المراهقة، وعاصر ذلك الصراع الذي تعاصره الآن أنت، ولكن الأمور لم تصل إلى حد كره المرء لصفة فيه لمجرد أنها توجد في أبيه، وفي النهاية أتمنى أن يوفقك الله ويهديك
ــــــــــــــــــــ(41/144)
ازرع برا.. تجني حبا
مع الأهل
أنا عمري 16 سنة.. أعامل بقسوة من والدي، فما الحل؟ وأرجو توجيه أبي وأمي إلى أن هذه المعاملة قد تجعلني سيئًا جدًّا.
أرجو الكتابة عما يمكن أن تودي به القسوة في المعاملة من أضرار على المراهقين أمثالي. وشكرًا. ... المشكلة
أ.أسماء جبر أبو سيف ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ولدي العزيز..
يجب أن نتفق أولاً على أن نتحدث بمنتهى الصراحة، وعلى أن نتفهم ما نتحدث فيه أيضًا بسعة تفكير وبُعد أفق، حتى نتمكن من حل المشكلة.. فأنت فتى -كما أستشعر من كلامك- حريص على علاقاتك بأسرتك.
ولدي.. عمرك ستة عشر عامًا، أي أنك في فترة أنت بحاجة فيها لحسن الاستماع، والاستقلال، والاعتداد برأيك، واحترام وجهة نظرك؛ ولهذا فأنت ربما تحاول إثبات ذاتك عن طريق العناد أحيانًا، أو عن طريق التمسك بآرائك، أو رفع صوتك، وأن تفعل ما تراه أنت صحيحًا، حتى لو لم يعجب والديك وتضطرهما أحيانًا لمعاملتك (بقسوة) حسب تعبيرك، ولكن هو الحزم الذي يربِّي ويعلِّم وليس القسوة؛ لأنها تصدر من شخص يحبك، وأساس القسوة الظلم فقط، أما الحزم فأساسه المحبة، والرغبة في إصلاح الولد، وتعريفه بالطريق السليم.
أنا لا أشكك فيما تقول، لكن أحاول أن أقف معك على حقيقة ما يدور داخلك بناء على طبيعة المرحلة التي تمر بها. ولدي.. إن كنت تعني أن الأسلوب فعلاً قاسٍ على نفسك ولا يعجبك، فعليك أن تسعى بالمصارحة مع ذاتك والبحث فيما إذا كنت مخطئًا فعلاً في طريقة تعبيرك عن رأيك أو محاولاتك لإثبات ذاتك، فربما تكون أنت بتصرفاتك وردود أفعالك من يدفعهم إلى هذه القسوة.. ولا تنسى يا بني أنك من جيل ووالديك من جيل آخر، وعليكم أن تسعوا معًا للانسجام وليس للتنافر، ووالدينا في العادة لديهم من الحكمة والحرص أكثر مما نتصور، وعلينا أن نغلب حسن النية في تفسير أعمالهم، فهما شديدا الحرص عليك لخوفهما عليك من مخاطر الحياة، وليس غايتهما التسلط أو القسوة عليك.
ذكرت أنك تريد توجيهًا لوالديك بمساوئ أسلوبهما، فهل سيقرءان ردي؟ أنا يهمني أن تغير أسلوبك أنت معهما.. هل تعرف لماذا؟ لأنه ببساطة "ازْرع برًّا تجني حبًّا"، وإليك اقتراحاتي:
1 - القيام بأعمال تحبّبهما أكثر فيك مثل تقبيل أيديهما في الصباح أو رأسيهما، وأن تتحدث معهما بعبارات تحببهما فيك، فإذا ما طلبا منك شيئًا، فقل لهما "على رأسي أنت تأمر يا أبي.. كلامك يا أمي على رأسي وعيني"، وهكذا فسوف يخفضان من التعامل معك بتوتر أو صراخ شيئًا فشيئًا كلما عاملتهما بحنان أكثر، ومودة، وصبر، وستجدهما تلقائيًّا يغيران من تعاملهما، أما إذا واجهت صراخهما بصراخ فستزداد الأمور سوءاً وحدة، ولا تنسى أن عليك التنازل فهو من البرِّ بهما، واجعل جهدك اكتساب رضاهما بأي شكل.. ووطِّن نفسك على كسر أية حواجز عاطفية يمكن أن تحول دون تمتعك بدفء حنانهما.. ربما يقول قائل: "إن هذا الحاجز من صنع والدينا، فهما لم يقوما بتعليمنا كيف نتعاطف ونحترم بعضنا بعضًا"..
ولدي.. لا تسمع لهذا الصوت وادفعه عن عقلك، فكل واحد فينا لديه عقله، وشخصيته، وتعليمه، وما أجمل أن ننعم بالقدرة على التفهم، والتسامح، والتنازل، فهي مسؤولية لا يحملها إلا الكبار الناضجين أمثالك.
2 - ومن أجل التخفيف من شعورك بالتوتر مارس رياضة تضفي السعادة على نفسيتك، وستصبح ثقتك بنفسك واستعدادك أفضل للتعاطف مع والديك ومع الآخرين، فممارسة الرياضة لها أثر كبير على الذهن والأعصاب، وسوف يكون من الرائع لو استطعت أن تصحب ولو مرة واحدة والدتك لممارسة المشي معك في المساء أو والدك كذلك.
3 - ولدي.. اطلب من والديك مشاركتك قراراتك، اطلب رأيهما في أعمالك وحياتك، واحترم ما يقولانه لك. إنك حينما تطلب من والدك رأيه في لون قميصك هل هو جميل فسوف يشعر أنك تثق برأيه وتحبه، وإذا لم يتعاون معك أول مرة فلا تيئس واستمر في المحاولة.
-ولا تترك فرصة للتوتر أن يحصل، فلا تجاهر بمخالفة والديك، ولا تتعمد ذلك بالطبع، وحاول أن تقوم بما أنت مقتنع به وموافق للصواب ولكن لا يعجبهما.. بعيدًا عن أعينهما حتى لا تثير غضبهما.
إنني أعتقد يا ولدي أن على الشباب دورًا كبيرًا في إصلاح أجواء العائلات، وليس دائمًا على الأبوين القيام بذلك، إنكم جيل متفتح، مثقف، وقادر على استيعاب الجيل الأقدم، ومساعدته، والاستفادة من حكمته وتجاربه، وسوف تتغير نظرتك تدريجيًّا إلى أسلوب والديك كلما كبرت سنة عن سنة، وسترى أنهما في كثير من الأحيان كانا على حق فاكسب ودّهما فكلمة (الله يرضى عليك) خير من الدنيا وما فيها، وإياك من لحظة احمرار وجههما بسبب توترهما من موقف أغظتهما فيه، فلن يسامحك الله تعالى حتى يرضيا عنك.. فاسعَ إلى رضاهما، واجلس معهما آخر الليل وحدكم، وصارحهما بما في خاطرك من حزن تجاه أسلوبهما معك أو تجاه مشكلة تهمك أو تهمهما، وهكذا كلما ازدادت مشاركتك لهما في الحياة اليومية احترماك أكثر واضطرا لتغيير أسلوبهما في التعامل..
فحينما تساعد إخوتك الصغار في البيت أو تشاركهم اللعب أحيانًا، فسيشعر والداك أنك متعاطف مع إخوانك، وأنك لم تَعُد ذلك الطفل الصغير غير المسؤول الذي لا يؤخذ برأيه.
-شارك أسرتك أنشطتها الاجتماعية المختلفة كزيارة المحارم، والذهاب إلى الشاطئ، والسهرة في المنزل أو خارجه، وتناول الوجبات معهم وليس مع أصدقائك دائمًا.
-رافق والدك إلى المسجد فسوف يرضى عنك كلما رآك معه في المسجد، وأدِّ حوائجه كأن تقود السيارة، وتأخذه إلى حيث يريد، أو تساعده في إحضار حاجيات المنزل، أو تذهب معه لزيارة صديقه حتى لو كانت الزيارة على غير هواك أحيانًا.
- قف معهما وقفة رجولية وحنان إذا مرض أحدهما أو وقع في مشكلة أو دخل مستشفى -لا سمح الله-، فالوالدان لا ينسيان أبدًا وقوف ولدهما عند سريرهما في المستشفى، أو مساعدتهما في ساعة ضيق، أو مشكلة، أو ظلم وقع عليهما، وسوف يغيران أسلوبهما بعد ذلك بلا شك.
ولدي لا تقم بإعطائهما "محاضرة" بالأمور التي ذكرناها، ولكن بادر أنت إلى التطبيق، وبادر إلى الاعتذار، وبادر أنت إلى الحب، والتعاطف، والمساندة، واتخاذ الموقف الأقوى بنصرتهما، والوقوف معهما وبرهما.
أتمنى لك التوفيق، وأن يملأ الله تعالى قلبك ببرّ الوالدين.
ــــــــــــــــــــ(41/145)
الهروب من الزواج.. مشاكل وحلول
علاقات أسرية, معوقات الاختيار
أواجه نوعين من المشاكل يؤجلان قرار الزواج والإنجاب، هما:
1. مشاكل يمكنني تربية أبنائي على مواجهتها بعد استكمالي للشروط المؤهلة لذلك:
أ- السلبيات الموجودة في المجتمع مثل: الفساد، انهيار الأخلاق، أصدقاء السوء.
ب- وسائل الإعلام المليئة بالفن الهابط.
ج- قصور أداء الأفراد والمؤسسات القائمين على التنشئة الدينية.
2. مشاكل ستقابل الأبناء وليس لتربيتهم تأثير في مواجهتها:
أ- قصور أداء المؤسسات القائمة على التعليم وعلى تدريب الأفراد وتنمية مواهبهم ليكونوا نافعين لمجتمعهم.
ب- التكدس السكاني وما ينشأ عنه من مشاكل مثل تحشر النساء والرجال في المواصلات.
الأسئلة:
1. ما الشروط التي يجب توافرها في الشاب والفتاة ليكونا مؤهلين للزواج وتربية الأبناء تربية إسلامية يستطيعون من خلالها مواجهة المشاكل من النوع الأول، وكيف يتحقق كل منهما عمليا من توفر هذه الشروط في الآخر؟
2. ما العمل لمواجهة المشاكل من النوع الثاني؟
وجزاكم الله خيرا.
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم:
بداية أعتذر لك عن تأخرنا في الرد عليك، فما تطرحه يعد قضية هامة ومحورية في حياة كل إنسان منا.
وأشكرك على اهتمامك بأمر تربية أولادك وحسن تنشئتهم ومحاولة تدارك ما تحتاجه من مهارات وقدرات قبل الإقدام على الزواج وقبل أن تفاجأ أنت وزوجتك بأنكما أصبحتما والدين ولكنكما لا تحسنان ولا تجيدان فن التعامل مع هذه النعمة التي أنعم الله بها عليكما، وقليل من يفعلون مثلك ومن يهمهم هذا الأمر قبل الزواج وفي معظم الأحيان بعده أيضا، وجل همهم ينصب قبل الزواج على البحث عن مصدر إشباع لضغط الشهوة المتقدة، وبعد الزواج والإنجاب ينشغل الوالدان فقط بتلبية الاحتياجات المادية للصغار، فيوفران الرعاية، والرعاية فقط، لأبنائهم ولا يشغلهم ولا يخطر على بالهم هم التربية، ينشغلون بطعام الصغار وملابسهم وتحصيل أعلى الدرجات في ظل نظام تعليمي قاصر، ويبذلون في سبيل هذه الغاية الغالي والنفيس، ولا مانع من سلوك أي سبيل لتحقيق غايتهم التي تتمثل في أن يصل الأبناء للجامعة وبالذات لكليات القمة (فعندهم وفي عرفهم الغاية تبرر الوسيلة، حتى لو كانت هذه الوسيلة.. غشا.. تزويرا.. واسطة... محسوبية)، يصرخون في وجوه الصغار ليل نهار، يكبلونهم بالأوامر والنواهي التي لا تنتهي، يضربون.. يعاقبون.. ينهرون.. يقتلون أي محاولة للإبداع بحجة أنها تضييع وقت وأنها إفساد للأشياء.. يصرون على فرض سيطرتهم على الأبناء..
يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة من حياة الأبناء.. بدءا من اختيار الملابس والأصدقاء وقصة الشعر ومجال الدراسة والعمل وشريك الحياة... ولا يدركون أنهم بهذا يدمرون شخصيتهم ويخلقون مسخا مشوها لا يستطيع أن يعتمد على ذاته ولا أن يتخذ قرارا في حياته، ولا يدركون أنهم بسيطرتهم هذه يضاعفون كل يوم من مساحة وعمق الهوة الحادثة بينهم وبين فلذات أكبادهم، وعلى النقيض من هؤلاء نرى آخرون يدللون الأبناء.. فكل طلباتهم مجابة.. المدرسون يضعون لهم العلم في كبسولات، وسلطة ونفوذ "بابا" كفيلة بضمان كل شيء وأي شيء للمحروس الصغير...
وصنف آخر لاه ومشغول عن صغاره، جل همه منصب على جمع المال وإشباع الرغبات الشخصية، ومع هؤلاء وبينهم تضيع قيمة التربية، فمن منا يعي أن التربية تشمل استكشاف المهارات وتنميتها عبر وسائل متعددة، ومن منا يدرك أن التربية تعنى بالتعرف على العيوب الشخصية ووضح مناهج لتقويمها، ومن منا يدرك سمات وخصائص كل مرحلة سنية ليتعامل معها التعامل الأمثل، ومن منا يحرص على تنمية شخصية الأبناء ودعم اعتمادهم على أنفسهم، وكذلك دعم وتطوير الحوار مع الأبناء كوسيلة هامة وضرورية لإزالة الفجوة الناشئة بين الآباء والأبناء، ومن منا يدرك قيمة وأهمية أن يربي أبناءه بالنظرة وأن يربي بالتشجيع والتقدير بدلا من اللوم والتقريع والاستخفاف، ومن منا يدرك قيمة وعمق الحكمة القائلة: "لاعبه سبعا وأدبه سبعا وصاحبه سبعا ثم اترك له الحبل على الغارب" ويطبقها؟؟؟
من الواضح يا أخي الكريم أن عملية التربية عملية ديناميكية تبدأ منذ أن يصير الطفل نطفة في بطن أمه، وحتى يصل به الوالدان لبر الأمان إنسانا سوي العقل والجسد والنفس، ليسلموه للمجتمع لبنة صالحة قوية ومنتجة، يسلمونه للمجتمع إنسانا مسئولا بكل ما تعنيه كلمة المسئولية من معان وتجليات على المستويين الفردي والجماعي، فمن منا يعي هذا ويدركه؟ ومن منا يتعلم -بعد مرحلة الإدراك- كيفية بلوغ هذه الغاية السامية؟ ومن منا يعمل بمقتضيات هذا الإدراك تخطيطا وتنفيذا مستخدما أنسب الوسائل للوصول إلى الغاية المرجوة؟
نظرة سريعة لنظم تنشئة أطفالنا تجعلنا ندرك بوضوح أننا نسير بعشوائية وأننا نتبع نظام اللانظام ونترك المركب لتتقاذفها الأمواج ثم تقذفها إلى أي شاطئ، فهل هذا ما أراده الله منا وهو يضع بين أيدينا أثمن عطية ونعمة؟!
هذا هو حالنا، فهل نستسلم ونكتفي بالبكاء على اللبن المسكوب؟ أم الأولى بنا أن ندرك أن علينا دورا نحو أبنائنا ونحو أبناء مجتمعاتنا، وأننا لو لم نضطلع بهذا العبء ونقوم بهذا الدور فسيحاسبنا الله جميعا على تقاعسنا وسلبيتنا. وفي هذا الصدد أحكي لك قصة صديقة صفحتنا التي أرسلت لنا تحكي عن مشروعها الصغير لتدريب الأمهات على كيفية تربية أولادهن، وذلك من خلال القراءة للتعرف على السياسات التربوية الخاطئة، وكذلك التعرف على المشاكل اللاتي يواجهنها مع أولادهن وطرق التعامل معها، ويتم تقويم سلوك كل أم من خلال التدريبات الأسبوعية التي يتفقن عليها في نهاية كل محاضرة.
ولقد خطر ببالي وأن أتابع كلماتها أن أدعوها هي وكل المهتمين والمهمومين -وأنت منهم- بأمر تربية الأبناء لإنشاء مجموعة إلكترونية تضم هؤلاء جميعا ويكون هدفها تبادل الخبرات والمساعدة على التعرف على كل جديد في هذا المجال.
أخي الكريم:
إن عملية التربية -كما قلت لك- عملية مستمرة وكذلك عملية اكتساب الخبرات التربوية للوالدين والمربين تعد أيضا عملية مستمرة، لكن قد تكون هناك نقاط حاكمة تعليقا على تساؤلاتك، ومن هذه النقاط ما يلي:
• عملية التربية مسئولية مشتركة بين الأب والأم، فلا بد أن يعود "راعي البستان إلى أزهاره"، وأن يخطط مع الأم ويضع السياسات الحاكمة لهذه العملية التربوية؛ بحيث يكون هناك دوما سياسة واضحة للتعامل مع الأبناء.
• الحب والحنان والتعبير عنهما بالوسائل المختلفة والجو الأسري المستقر.. كل هذه العوامل تعد لازمة وضرورية لنمو نفسي سوي.
• مواجهة الفساد المستشري في جنبات مجتمعاتنا لا تكون بتربية الأبناء داخل محضن معقم يعزلهم تماما عن هذا الفساد، والأولى أن يتعرفوا على أنماط الفساد، وتدور حول هذه المعاني مناقشات وحوارات مستمرة مع الوالدين.
• من المهم أن يتربى الأولاد منذ نعومة أظفارهم على معاني حب الله سبحانه وتعالى وحب طاعته، وأن ينمى في داخلهم دوما وبالوسائل العملية الإحساس بمراقبة الله عز وجل، بحيث يكون التزامهم الديني والأخلاقي نابعا من شعورهم بمعية الله سبحانه وتعالى، ولا يكون نوعا من النفاق الاجتماعي ومحاولة إرضاء البشر؛ لأن الله يريد منا جميعا قلوبا راغبة في السجود والخشوع بين يديه والامتثال لأوامره ونواهيه، ولا يريد منا جباها وأجسادا تهوي على الأرض امتثالا لأوامر البشر أو خوفا من تهديدهم؛ وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:"إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".
وأذكر لك هنا قصتين:
إحداهما لأحد التابعين كان يعلم ابن أخيه منذ أن استطاع النطق أن يردد دوما: "الله ناظر إلي، الله شاهد علي، الله مطلع علي.." وعندما أدرك الطفل معاني هذه الكلمات واستشعرها بقلبه أدرك أنه لا يستطيع أن يعصي الله في ظل معيته.
والأخرى لأحد المعلمين الذي أعطى لكل تلميذ من تلاميذه ثمرة من ثمار الفاكهة وطلب منهم أن يأكلوها في مكان لا يراهم فيه أحد، جرى الأطفال واختفوا وأكل كل واحد منهم ثمرته إلا واحدا منهم، وعلل ذلك بأنه لم يجد مكانا يستطيع فيه أن يتوارى عن أنظار المولى عز وجل.
• الحوار مع الأبناء، والتوازن بين التدليل والحزم، والتركيز على الثواب والتشجيع بديلا عن اللوم والتقريع، وتعويد الأبناء على تحمل مسئولياتهم، وتعويدهم على اتخاذ القرارات وتحمل مسئولية هذه القرارات، وكذلك تعويدهم على المشاركة في مسئوليات الأسرة والتشاور حول شئونها كل حسب سنه وقدراته، كل هذه الوسائل تعد لازمة وضرورية من أجل تنشئة صحية للأبناء.
• لا تحاول عزل الأبناء عن الفن الهابط بقرارات تعسفية لأن "الممنوع مرغوب"، ولكن احرص على أن يكون هذا نابعا من قناعتهم هم، واحرص على أن تقدم لهم البديل الجاد والهادف.
• بالنسبة لمشكلة التعليم في بلادنا، فيمكن تجاوزها بأمرين:
أولهما:
محاولة التقليل من الآثار الهدامة للنظام التعليمي عندنا، بدءا من اختيار المدرسة، ومشاركتك أنت في السياسة التعليمية داخل المدرسة من خلال مجلس الآباء؛ ما يسمح لك بأن تدعو وتدعم الأنشطة اللاصفية التي تنمي مهارات الأحباء الصغار، وكذلك من النهم أن تكف عن السعي المحموم لتحصيل الدرجات، وأن تعود أطفالك منذ البداية على أن يعملوا عقلهم وفكرهم فيما يذاكرونه، وأن يسألوا دوما ويستفسروا منك أو من مدرسيهم، ورغم أن هذه الطريقة قد تستهلك الكثير من الوقت فإنها تنمي مهارات التفكير عند الأبناء.
وثاني الوسائل:
أن تستفيد من معطيات العصر الحديث وذلك بالاستفادة مما يعرف بالتعليم الإلكتروني، والبحث دوما عن دورات مخفضة أو مجانية لإكساب المهارات المختلفة للأبناء، ويمكنك الاطلاع على المزيد حول هذه النقطة في: " نشر فيرس التعلم.. فن الممكن!.. مشاركة "، وكذلك: "بدايات فردية للانتصارات الجماعية ".
• أما بالنسبة لمسألة اختيار الزوجة فلا بد أن تكون أيضا مهتمة بقضية تربية الأبناء وأن يكون عندها سعة أفق بحيث تقبل على التعلم والبحث كل يوم عن الجديد الذي يساعدها في تربية الأحباء الصغار.
• ومع الأخذ بكل هذه الأسباب والوسائل لا تنس أنت وزوجتك أن تستعينا بالله سبحانه فهو نعم المعين ونعم الحافظ ومنه سبحانه التدبير، ودعواتنا أن يعينك الله سبحانه وأن يوفقك وأن يقر عينيك بصغارك.
ــــــــــــــــــــ(41/146)
أسرتي.. لا حرمني الله من صراخكم
مع الأهل
أنا طلال عمري ( 13سنة) من عائلة تتكون من 5 أفراد (أمي وأبي وأنا وأخي وأختي) وأمي في الثامنة والثلاثين، وأبي في السادسة والأربعين، وأختي في 16 وأخي في الـ5 من عمره، والمشكلة تحصل دومًا بأمثال القصة التالية:
في يوم السبت من عام 5-4-2003 أتى إلينا أصدقاء أمي، وكان عندي مذاكرة في يوم الأحد عربي، وعندما دخلت إلى المنزل أريد أن أرتاح حتى أستعد للدراسة أردت مشاهدة التلفاز، فكانت أمي وصديقاتها في غرفة المعيشة، وكن يتحجبن مني فطلبت إليهن أن يقومن إلى غرفة أخرى، فقالت لي أمي: إن هذا عيب وهي تعيط فرددت بشكل غير مهذب (وأنا أعترف بذلك)، فقلت: لا أريد أن أجلس بغرفتي، بل أريد مشاهدة التلفاز فأصررت على موقفي، ثم دخلت أختي التي تكبرني بـ 3 أعوام وصرخت بوجهي؛ لأنني أغضب أمي فصرخت أكثر منها، وأمي المريضة غضبت، وأنا لا أشعر أنني (آكل هم) أمي لأنني لا أحبها كثيرًا؛ لأنها دائمًا تلومني بسبب أختي الأكبر مني وأخي الصغير وما يفعلونه هم دائمًا صحيح ودائمًا ما أفعله أنا هو الخطأ، وإذا اعترضت على أمي بأنها تعامل أختي أفضل مني فتقول لي: بأن أختي تعمل معها في شغل المنزل وأنني لا أفعل شيئًا، وعندما غيرت نفسي أكثر من مرة لا أجد منهم أي إحساس جيد.
إنني أفعل أمورًا جيدة سوية لمدة أسبوع، وبعد ذلك يعود الصراخ على أي شيء، وكل لحظة يهددونني بأبي وهو أيضًا يصرخ عليّ مثلهم لكن ليس دومًا، فأختي تتدخل بشؤوني دون حق، فعندما أكون أنا وأمي في نقاش تتدخل بيننا، وتتكلم بلهجة الأوامر والوجه المقلوب والاستهزاء مني على أشياء مثل أنني أقرف فتعيرني لأنني لا يجب أن أقرف منها، فلا آكل في صحنها أو من الناس الأغراب، ولأنني أكره أن يأكل أحد من صحني، وعندما نذهب إلى أحد فإنها تفضح ذلك أمام الناس وتزعجني جدًّا بذلك، فقلت لها إنها ليست من الضروري أن تفضح ذلك فغيرت الموضوع.. لست أعرف كيف أستطيع أن أعيش سعيدًا في هذا المنزل دون أن يكون هناك أحد يتفهمني أو يهتم بي.. وشكرًا لكم. ... المشكلة
أ.أسماء جبر أبو سيف ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ولدي العزيز طلال حفظه الله،،
أدعو الله أولاً أن يحفظك لأهلك فتبدو لي شابًّا ذكيًّا وذا شخصية قوية، وكونك كذلك معناه أن لديك أبوين رائعين صنعا منك هذه الشخصية منذ ولادتك، ولكن دعنا نتناول مشكلتك من عدة نواحي وهي فعلاً مشكلة مزعجة، فلا أحد يحب أن يلام أو ينتقد أمام الآخرين، وكل واحد فينا يحب الخصوصية ويحافظ على حريته الشخصية وتميزه بين إخوته وأصحابه.. ومن المهم يا طلال أولاً أن تعرف أنك في هذه السن الجميلة (13 سنة) -بالمناسبة لديّ ولد في مثل سنك تمامًا- تكون متمتعًا بتطور ذهني وانفعالي وجسدي بشكل متسارع يحضرك لحياة الشباب والرجولة القادمة بإذن الله تعالى، ولكن هل تظن أن هذا الشعور بالرجولة يتناسب مع عدم ضبط النفس مع الآخرين، ورفع الصوت عليهم، واضطرار -أمك- وهي مريضة وإحراجها أمام صديقاتها؟
أنت نفسك متضايق جدًّا من إحراج أختك لك أمام الناس فكيف بوالدتك أمام ضيوفها؟ وتخيل أنك تجلس مع أصحابك في غرفة المعيشة، ثم تحضر أختك وتقول لك: هيا اذهبوا من هنا إلى الغرفة أريد مشاهدة التلفاز؟ ماذا سيكون شعورك؟ أنا أكبر فيك يا طلال صراحتك في الرسالة وذكرك لأخطائك، فمعرفة المشكلة هو نصف الحل؛ لذلك دعني أكن معك صريحة في ردودي كما كنت أنت كذلك..
ربما نتساءل عن ابني ماذا يمكن أن يفعل إذا حصل له نفس الموقف بينما أجلس مع صديقاتي في نفس المكان وهو يريد التلفاز؟ إنه سيتضايق فعلاً لأن البرنامج سيفوته، لكنه يعرف أن البرامج التلفزيونية كثيرة ولا تنتهي ويمكن مشاهدتها في أوقات أخرى، ولكن إذا خسر شخصًا وفقد احترام الآخرين له فلن يستعيد ذلك بسهولة.. وتخيل العبارات التي قد تقال عن أمك بعد خروج الضيوف من أنها لا تحسن تربيتك مثلاً.. لا شك أن رأيهم فيك لن يعجبك، وستبقى والدتك محرجة متضايقة لفترة غير قصيرة من هذا الموقف.
ولدي طلال..
إن كونك في حالة نمو جسدي وانفعالي سريع يعني أن لديك قدرات ذهنية وجسدية عالية الكفاءة، وبإمكانك أن تستغلها كثيرًا في الإبداعات والرياضة القراءة والرسم وغيره.. إن إثباتك لشخصيتك بجوانبها الجميلة كالاحترام والحنان على أخويك، والمشاركة الحقيقية للأسرة هو الذي يوقف تصرفات أختك وأخيك تجاهك.. وعليك أن تعبّر عن احتجاجك صراحة وبطريقة محترمة حينما تستهزئ منك أختك مثلاً..
اجلس مع والديك أو أختك، واطلب منهم الكف عن انتقادك مقابل أن تتوقف أنت أيضًا عن أي سخرية أو انتقاد لها، ولا تتعامل مع أختك وتقارن نفسك بها فلكل واحد منكما قيمته ومكانته لدى أهله، ولا تقل لماذا يدللونها أكثر مني، بل أثبت قدراتك في الدراسة والإبداع، وأنت كرجل يجب أن تسمو باهتماماتك، إن انشغالك بالرياضة والحاسوب والدراسة والإنجاز سيجعلك تشعر أن هذه الأمور لا تستحق منك كل هذا التفكير والعناء.
أعرف أنها مهمة بالنسبة إليك وتحرج شعورك، ولكن لا تحبس نفسك في صندوقها.. اخرج منه وتمتع بوقتك وقدراتك بعيدًا عن مزاحمة أخيك الأصغر وأختك الكبرى.. لعلك تتفهم يا طلال العزيز أن الأخ الأصغر يأخذ من والديه دلالاً واهتمامًا أكبر ليس لأنه محبوب أكثر منك، ولكن لأنه صغير ويحتاج فعلاً إلى العناية والمحبة والأمان كما كنت أنت تمامًا، فقد كنت أول ولد وأخذت حظك من المحبة والاهتمام أكثر من أخيك الثاني، أما أختك فهي كالأم الثانية للمنزل، وهي قد تتصرف من باب شعورها بالمسئولية تجاهك، ليس لأنها تكرهك وتريد السيطرة عليك.
والآن سأقدم لك مقترحات من المهم ألا تبقيها حبيسة شاشة الحاسوب.. جربها لأسبوع وستشعر بالفرق، ضع مشاعرك السابقة وافتراضاتك عن نفسك وعن أهلك قليلاً على جنب (ما يفعلونه هم صحيح وما أفعله أنا خطأ، أمي تعامل أختي أفضل مني، يهددونني بأبي ويصرخ عليّ مثلهم، أختي تتكلم معي بلهجة الأوامر..). أفصل عنك هذه العبارات قليلاً.. ودعنا نتفق معًا على بعض التمارين تساعدك على التعايش بشكل أفضل في منزلك:
أولاً: قم بحل التمرين التالي الآن:
1-اكتب ثلاث صفات أحبها في أخي الصغير.
2-اكتب ثلاث كلمات جميلة تستعملها أمي معي منذ صغري.
3-اكتب ثلاثة أعمال رائعة فعلها أبي لأسرتنا.
4-اكتب ثلاثة أعمال ترضي الله تعالى تقوم بها أختي الكبرى تجاه أمي.
5-اكتب خمسة سلوكيات جميلة أنا أقوم بها تجاه أسرتي.
والآن بعد حلها ستجد أن لديك سبع عشرة صفة لأعمال رائعة فيك وفي أسرتك فما رأيك؟
اسأل نفسك: لماذا تذكر فقط الصفات التي لا أحبها في أسرتي؟
قد يشعر الشباب في مثل سنك أحيانًا أنهم لا يحبون الأب أو الأم؛ لأنك قد تعتقد -فقط في هذه السن- أنهما يريدان السيطرة عليك وحرمانك من الاستقلال الشخصي.. اسأل هذا السؤال لوالدك: هل تفعل ذلك معي لأنك تريد السيطرة علي؟ وأنا على يقين يا طلال لن تكون الإجابة نعم.. إنه سوف يقول لك (كلا، ولكنني أريدك أفضل ابن في الدنيا) أرأيت أن نيته تجاهك صالحة؟ ولكن لا تدفع والديك ليستخدما أسلوبًا لا تحبه عندما تريد أن تثبت لهما أنك كبرت.. احصل على ما تريده بكل ذكاء وفطنة ومسؤولية.. إن والدك قد يرفض أن يعطيك مفاتيح سيارته، ولكنه سيكون سعيدًا إذا تحملت المسؤولية مرة وقدت السيارة ورجعت بها سالمًا حال تكبر قليلا.. إن الآباء يا طلال يحبون أن يروا أبناءهم قد كبروا وبدءوا يتحملون مسؤولية أنفسهم بأنفسهم.. ألا ترى والدتك سعيدة بأختك الكبرى؛ لأنها تحمل معها مسؤولية البيت؟
فماذا يمنعك مثلاً أن تشارك والدك بعض مسؤولياته أو أن ترتب غرفتك وتنظف حمامك أو ترتب طاولة الطعام أو تترك مكانك مرتبًا عندما تنتهي من مشاهدة التلفاز؟ ويؤسفني أن أرى أولاد الأجانب في المؤسسة التي أعمل فيها يقدمون بخدمة أنفسهم وخدمة أسرتهم، وجمع النفايات، والتعاون بكل عفوية لا تضر رجولتهم واحترامهم لأنفسهم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يساعد أم المؤمنين في أعمال بيتها، فيحلب الشاة، ويخيط الحذاء، فهل ضر ذلك بمكانته شيئًا، لقد بقي عظيمًا ويبقى صلى الله عليه وسلم.
أعرف شابًّا في مثل سنك عضوا مهما في نادٍ رياضي ومتفوق في المدرسة، ولكنه في المنزل ينشر الغسيل، ويذهب مع أبيه لشراء الخضار، ومغسل السيارة، وأيضًا يتمتع بالإنترنت والنادي والمدرسة ولا يضره نشاطه شيئًا، بل إن علاقته بأسرته رائعة، ويأخذ كل المشكلات بمرح وأريحية وتسامح حتى صارت الأسرة تتصرف مثله، ولا تستغني عن وجوده على طاولة الطعام؛ لأنه مصدر سعادة للجميع.
وقد تستغرب أن هذا الشاب له فقط أخ واحد ومعاق عقليًّا.. تخيل أنت الباقي إنه يحب أخاه حبًّا كبيرًا، ويساعده في كل شيء رغم أنه متعب جدًّا.
تمرين آخر يا طلال:
أريد منك أن تقوم بضم أخيك الصغير مرة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أيام، وسوف تشعر براحة عظيمة عندما تضمه إلى صدرك وستشعر أنه يضمك هو أيضًا، وستبقى سعيدًا طيلة اليوم أيضًا.
تمرين آخر:
قم بشراء بعض السكاكر على عدد أفراد أسرتك من مصروفك الشخصي مثل (العلكة الشامية اللذيذة)، وأعطِ لكل واحد حبة ستشعر أيضًا بالسعادة لذلك.
التمرين الرابع:
كلما شعرت أنك على وشك أن تغضب قل لنفسك فورًا قف يا طلال! خليك هادئ.. خليك هادئ.. خليك هادئ.. وغيّر المكان فورًا اذهب إلى غرفتك مثلاً لا تترك نفسك للغضب، فالخطأ يجر الخطأ، والصراخ يجر الصراخ، وتتوسع المشكلة، وأخيرًا ولدي الحبيب داوم على الصلاة في المسجد.
ومارس الرياضة.. رياضة الركض مثلاً.. إنها ممتعة جدًّا وأنا أمارسها (رغم ارتدائي للحجاب) في المدينة الرياضية، وأشعر بسعادة كبيرة وقدرة أكبر على ضبط نفسي وغضبي.
ابني طلال العزيز..
تخيل حياتك بلا أسرة.. وتخيل بيتكم بلا أم تلومك ولا أخت تسخر منك، ولا أخ صغير (يخربش) على دفاترك.. لا شك ستكون الحياة مملة وأليمة وصعبة جدًّا بدون المشاكسات الجميلة في الأسرة، وبدون (العياط) على بعضنا البعض، وتذكر أن هناك آلاف الشباب بعمرك ليس لديهم أصلاً أسرة.. إنهم محطمون تمامًا وبائسون.. أتمنى لك ولأسرتك الصحة والسعادة.
ــــــــــــــــــــ(41/147)
أحلام الفتى المثقف: طموح وخائف ومتردد
مع الأهل
رغم أني على مستوى عالٍ من الثقافة فإني متردد دائما.. أخشى الحديث أمام الناس أو أن أواجههم، وأتمنى أن أتحرك وأن أدعو لديني ليس مجرد فرد أو اثنين فطموحي أكثر من ذلك بكثير، دائما أكون الأول في دراستي وينظر الناس لي باحترام، أعلم أنني إذا حدثتهم فسوف يسمعون لي، وأعلم أنني يمكنني أن أفعل شيئا.
عندي شعور شديد بأن الله عز وجل يعدني لأمر كبير، وأتمنى أن أتغلب على هذه المشكلة، وأن تساعدوني في ذلك، أود أن أعرف لماذا ينتابني كل هذا الخوف والتردد؟ هذا الأمر يشغلني كثيرا، وأرجو أن تساعدوني لأجد حلا لهذه المشكلة، مع العلم أن عمري 15 عاما، وجزاكم الله خيرا. ... المشكلة
د.إيهاب خليفة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي العزيز أحمد، إنني أشعر بك وبتميزك وبرغبتك في أن تستغل هذا التميز الدراسي في خدمه الدعوة والتأثير في الناس، وهذه فعلا ميزة كبيرة ستجعل الكثير من الزملاء يلتفون حولك، ولكن ينبغي أن تمتلك مع هذه الميزة الخبرة الكافية في مسألة الدعوة، وأهم الأركان فيها أن تكون طبيعيا وتلقائيا في تعاونك معهم وألا تطلب نتيجة سريعة؛ فمسألة الدعوة لها مراحل معروفة تبدأ بالتعاون ثم الانتقاء، وأعني انتقاء أقرب الأفراد قابلية للالتزام ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم مرحلة التقرب وهذه هي أهم المراحل، وينبغي أن تتم بصورة طبيعية.
ثم مسألة إيصال الفكرة والتأثير في الآخرين، وهذا الأمر قد يحدث من خلال الاحتكاك والمواقف العملية والتأثر بالسمات الشخصية أكثر مما يحدث من خلال الأحاديث الشفوية، وفي الختام لا بد أن تكون على يقين بأن أمر الهداية لا يحدث إلا بمشيئة الله، وأنك مجرد سبب وستار لقدرة الله.
ومثل هذا الطموح وهذه الثقة وهذا الأمل الذي تتمتع به عملة نادرة بين بني البشر، فقلما نجد إنسانا يثق في قدراته إلى هذا الحد، ويشعر أن الله أعده لأمر عظيم، وحتى من يمتلك هذه الثقة قد نجد من يثبطه ويوهن من عزيمته.
ونحن نتمنى أن يستمر عندك هذا الشعور؛ فهذا سيكون دافعا لأن تحقق لنفسك مكانة مرموقة في هذه الحياة وتقدم للناس الخير الكثير، والإنسان حيث يضع نفسه. فقط إنك تحتاج يا أحمد إلى الاستفادة من العزيمة والطاقة التي يولدها هذا الشعور ويوجهها الوجهة الصحيحة.
فأولا: ينبغي ألا يكون هذا الشعور فورة مؤقتة مرتبطة بأنك متميز بدراستك، بل ينبغي أن يستمر هذا الأمر ويتغلب على كل المثبطات.
وثانيا: إنك تحتاج لاكتشاف نفسك واكتشاف الجوانب التي تتميز فيها، وتستطيع أن تحقق فيها الخير للناس دون أن يكون الأمر عاما وحسب. وهذا الأمر يحدث بتوفيق من الله ثم ببذل المجهود من الإنسان لاكتشاف مواهبه ومميزاته، والفترة التي أنت فيها هي فترة اكتشاف المواهب والمميزات فينبغي أن تركز في ذلك، وقلما تجد شابا في هذه السن يفكر بهذه الطريقة.
ثالثا: ينبغي أن توقع أن يصيبك بعض الفشل وبعض العقبات، وإذا قلنا بأن الشعور القوي والإرادة الفتية هما الركن الأول لتحقيق النجاح فإن الصبر والعزيمة القوية هما الركن الثاني للتغلب على المحبطات والمثبطات؛ فالإنسان مخلوق ناقص وكثيرا ما يخطئ، وعليه أن يتعلم من الخطأ مثلما يتعلم من الصواب، وأن يعالج عيوبه وأخطاءه.
وقد ذكرت لنا أحد هذه العيوب وهو الخوف والتردد والخشية من الحديث أمام الناس، ولم توضح هل هذا الخوف يحدث مع جميع الناس من تعرفهم ومن لا تعرفهم ومع الأصدقاء والأقرباء كما يحدث مع الغرباء الذين تتعرف عليهم لأول مرة، ولم توضح لنا هل هذا الخوف يحدث في جميع أنواع الحديث أم أنه مرتبط عندما تحاول التأثير فيهم ونقل مفهوم معين لهم.
فإن كان هذا الخوف أمرا عاما يحدث مع جميع الناس ويصاحبه عَرَقٌ وخفقان في القلب فهو نوع من الخوف الاجتماعي الذي يحتاج التي تدريبات متدرجة لعلاجه، أما إن كان هذا الخوف يحدث في ظروف مخصوصة فإن سببه غالبا أنك لم تكتسب بعدُ الخيرةَ الكافية وفنَّ التعامل مع الآخرين وطرق التحدث معهم؛ وهو ما يوقعك في هذه الحيرة والارتباك، وهذا وارد جدا في بدايات الشباب، حيث ينتقل الإنسان من فترة الطفولة إلى فترة الحماسة والشباب والرغبة في لفت الأنظار والتأثير في الآخرين، فهنا يحدث الارتباك، ويبدو أنك تحاول ذلك بصورة سريعة وغير تلقائية، بما أنك تحمل نفسك ما لا تطيق مع وجود بعض الخجل لديك فيحدث هذا الخوف والتردد. ينبغي أن تحدد أيضا ما هو هدفك من التحدث مع الناس فلكل مقال، ولن تستطيع أن تحقق هذه الأهداف في مقابلة واحدة.
هل الهدف هو بداية تعارف مع مجموعة من الناس؟ أم هو محاولة للقرب واكتساب الصداقة الجيدة؟ أم هو محاولة لتغيير المفاهيم والتأثير في الآخرين؟ وهذا الأمر ينبغي ألا يحدث بصورة واضحة إلا عند من تقربت إليهم بصورة جيدة، وامتلكت قلوبهم، وشعرت أن هذا الخطاب مناسب لهم، وفي القول المأثور: "ليس كل ما يعرف يقال، وليس كل ما يقال قد حضر أهله، وليس كل ما قد حضر أهله قد حان وقته".
أخي الكريم، إنني أحييك وأحيي التزامك، وأحب أن أعلمك أن سبب انتشار الفكرة الإسلامية في عقد السبعينيات أنه قد تأثر بها كثير من النابغين والمتفوقين من طلبة الجامعات، وكم كان التأثير قويا عندما كان من بين العشرة الأوائل على كليه الطب فتاة محجبة، وكان هذا الأمر شديد الغرابة، وشديد التأثير، وساهم في نشر الحجاب بين زميلاتها من الطبيبات.
ــــــــــــــــــــ(41/148)
اغفر لتنسى.. وسامح لتنعم بالحياة
مع الأهل
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
أحبتي في الله، هذه من المشاكل التي تؤرقني كثيرًا، وأعتبرها من الحواجز التي تمنعني من تحقيق المفهوم الشامل للإيمان؛ بل وتؤثر على علاقتي بربي في كثير من الأحيان:
عمري 15 سنة، تربيت وسط أسرة متوسطة الحال تسعى للالتزام بالدين الصحيح، تربيت تربية متوسطة لا بأس بها تشوبها ثغرات معينة جعلتني -بالإضافة إلى طبيعتي الاجتماعية - أصير عدوانيًّا بعض الشيء في معاملاتي مع أفراد أسرتي.
وبعد بلوغي سن المراهقة ازداد الطين بلة وكثرت المشاحنات، والغريب أني كنت دائمًا أتميز بأجلِّ الصفات وأكرم الأخلاق خارج البيت مع أصدقائي ومحيطي، الشيء الذي جعلني أشعر بانفصام وتذبذب.
وبمرور الأيام ازددت وعيًا ومعرفة وتعلقًا بالإسلام، وتنبهت أكثر لفساد نظام حياتي الذي قد أراه نفاقًا أو ما شابهه.. فقررت وضع حد لهذه المهزلة عن طريق معاملة إخواني وأبويَّ معاملة يرضاها ديننا، لكنني دائمًا أواجه بعقبات:
ومنها صعوبة الانسلاخ الكلي عن الماضي لترسب بعض الصفات السيئة في نفسي، لكنني مع ذلك أحاول، غير أنه في كل مرة أحقق شيئًا، وتركز الأسرة عليه، فإما أن يكون إطراءً، وأنا كما قلت لا أحب ذلك لطبيعتي الاجتماعية، أو أن يصير محط سخرية من إخوتي وتعجبهم المليء بمعاني التهكم، أو أن يصبح سببًا لتأنيبي من أبويَّ، كأن يقولان عندما أخطئ: لا داعي لذلك التصرف الحميد إذا كنت تفعل خطأ مثل هذا... وهكذا هي الأمور حتى أصبحت أتطبع بالصفات السيئة القديمة.
إنني شديد الغضب والعصبية، وأعتقد دائمًا أنني إذا لم أسع لأخذ حقوقي بنفسي فلا منصف لي في هذا البيت. أشعر بعدم التوافق مع أسرتي فأنا الوحيد بينهم الشديد الخجل، وهو ما يسبب سوء التفاهم في كثير من الأحيان.
كان والدي عندما أخطئ يشبعني ضربا رغم صغر سني، بل إن أخواتي ما زلن يعيرنني عند الاختلاف معهن بتلك الليلة التي أشبعني فيها والدي ضربا منذ ما يقرب 6 سنوات عندما رفضت أن أؤدي خدمة لوالدتي.. كل هذا جعل علاقتي بوالدي مبنية على الرهبة والخوف لا الاحترام.
لذلك لما بلغت المراهقة أراد والدي - اتباعا لكتب التربية التي تدعو إلى مصاحبة المراهق - أن يجدد ويغير علاقته معي، لكنني أنا لم أستطع ذلك بحكم علاقتنا القديمة، فصار يحاول محاورتي أكثر وإظهار اللين والرفق، لكنني أبحث دائما عن الخلاص من هذه المواقف، وهو ما يثير غضبه ويدفعه أيضا إلى ضربي.
هذه العلاقة المشحونة مع والدي انعكست على علاقتي بوالدتي التي صرت أعقها كثيرا، كأن أرفع صوتي عند الغضب، وأرفض فعل بعض ما تأمرني به متعللا ببعض المشاغل.. فصارت هي الأخرى ترفض بعض طلباتي وتعارضني دائما وتنسب كل خلل في البيت إليّ، كأن ترى انحرافا في سلوك إخوتي الصغار فتنسب ذلك إليّ لأنهم - كما تقول - يقتدون بي رغم أن هناك أخوات أكبر مني، وكلما ضاع منها شيء أو حدث عطب في جهاز أو تشاجرت مع أحد إخوتي كنت أنا وحدي موضع الاتهام.
هذه المشاكل - كما قلت - تبعدني عن الله وأفقد معها لذة الإيمان لأنني أرى نفسي مقصرا ولا أستطيع إصلاح الخلل، وأرى أن كل ما أقوم به من صالحات يحبط بسبب عقوقي.
أعرف أن مشكلتي معقدة جدا وصعبة الحل، لكنني على الأقل فرجت عن همومي.. جزاكم الله خيرا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ... المشكلة
د .ليلي أحمد الأحدب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الابن الغالي:
أنا آسفة إذا قلت بأن مشكلتك أحزنتني لدرجة أنني لم أستطع منع دموعي، ولعل صدق كلماتك هو الذي أثر بي، فأرجو أن تقبل مني ما سأقوله لك كأم حقيقية لك؛ فأنا أدرك تماما معنى عبارتك: (أشعر بعدم التوافق مع أسرتي)، وأعرف كم يحز في نفسك أن تكون عاقا لوالديك، خاصة أمك، رغم معرفتك بشرع الله، وكم أمر ببر الوالدين والإحسان إليهما. فهل تعدني يا بني الغالي أن تحاول أن تتنازل قليلا وأن تكون أكثر مرونة وتبدأ بتقبل نفسك كما هي لتستطيع تقبل من حولك؟
يا بني، أنت تعرف سمات السن التي تمر بها، لدرجة أنك أوضحت أن والدك قد حاول تغيير طريقته معك وتحويل علاقتكما إلى الصداقة، ولكنك رفضت هذا، فهل تغضب مني إذا أخبرتك بأن هذا تصرف خاطئ منك؟
والدك يعتذر ويحاول أن يصلح ما بينكما، ويقترب منك فلا يجد إلا نفورا وابتعادا؛ لذلك لا يستطيع أن يحتمل هذا الجفاء منك، فلا يكون منه إلا أن يرجع لسابق عهده، مع أن المفترض فيك أن تقبل اعتذاره حتى وإن كان غير مباشر، فيكفي شعوره نحوك بأنك أصبحت رجلا وأنه يجب أن يصادقك لتقبل منه، وأذكرك بما ورد في الحديث: (من أتاه أخوه متنصلا فليقبل ذلك منه محقا أو مبطلا؛ فإن لم يفعل لم يرد على الحوض)، فهل تريد أن تحرم نفسك منه؟
لا تنس أن الذي يعتذر إليك هو والدك وصاحب الفضل عليك، وأنت تعرف كم من الآيات القرآنية التي ربط الله بها بين حقه سبحانه في التوحيد بالعبادة وبين حق الوالدين بالبر والإحسان ومنها هذه الآية الكريمة: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا)، وفي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عندما سأل الرسول عليه الصلاة والسلام عن أحب الأعمال إلى الله قال: (الصلاة على وقتها) قال: ثم أي؟ قال: (بر الوالدين)، قال: ثم أي؟ قال: (الجهاد في سبيل الله).
إذن فحق الوالدين يأتي تماما بعد حق الله سبحانه.
ويبدو من رسالتك أنك شاب واع تعرف الله وتحبه، لذلك عليك أن تعرف أن الله لم يُتعبد بأفضل من خلق حسن، وفي الحديث الشريف: (اتق الله حيثما كنت، و أتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)، وعندما سئل الرسول عليه الصلاة والسلام: ما أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: (التقوى وحسن الخلق).
أنت تقول عن نفسك بأنك عصبي وسريع الغضب، وإنه لشيء جيد أن تكون قادرا على معرفة نقاط ضعفك وعيوبك، لكن يجب أن تكون قادرا على التخلص منها، وأذكرك أن الحِلم بالتحلم والعلم بالتعلم، فعليك أن تتبع الوسائل الإيمانية في رفع الغضب وإبعاده عنك، وذلك بأن تجلس إذا كنت واقفا أو تستلقي إذا كنت جالسا، وتتوضأ وتصلي على الرسول عليه الصلاة والسلام، وإذا كنت تحبه فيجب أن تتخلق بأخلاقه، ومن صفاته عليه الصلاة والسلام أن حلمه كان يسبق غضبه.
وأكثر من الدعاء:
اللهم أغنني بالعلم وزيني بالحلم، اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت.
ويساعدك على هذا فعلا أن تزيد من عباداتك وتضع لك برنامجا إيمانيا، فتحاول أن تستيقظ قبل الفجر لتؤدي صلاة التهجد ولو ركعتين، وتجعل لك وردا من الذكر بعد صلاة الفجر وبعد صلاة المغرب، وكذلك قراءة شيء من القرآن كل يوم، والمواظبة على الصلاة في أول وقتها، ويجب أن يكون لك بعض الأصحاب الملتزمين بالدين المتخلقين بالأخلاق الفاضلة فإذا وجدتهم فالزمهم؛ لأن الطبع يسرق من الطبع شيئا فشيئا، والصاحب ساحب، و"المرء على دين خليله" كما قال عليه الصلاة والسلام.
ثم نظرتك إلى الأمور يجب أن تحاول تغييرها، فهل يصلح أن يضع الإنسان نفسه في ساحة حرب وهو بين أهله وأحب خلق الله لهم؟
أنت بالطبع لا تشعر بمحبتهم لك لأنهم يستهزئون بك أو لا يشجعونك، ولكنك لو بحثت في الكون كله فلن تجد أحدا يحبك ويريد سعادتك مثل أهلك، فتحمَّلهم يا بني، وإذا أخطأت وانتقدوك فعود نفسك على تقبل النقد بدون حساسية أو على العكس اجعل نفسك أكثر مرونة بأن تضحك من نفسك أمامهم إذا أخطأت، فكثيرا ما يشعر الآخرون برغبتهم في الضحك ليس علينا ولكن لأنهم يرغبون في الضحك لأوهى الأسباب، فلماذا لا تشاركهم ضحكهم حتى لو كنت أنت المادة التي يضحكون عليها؟
هذا سيعلمك فضيلة التواضع، بل أريد منك أكثر من ذلك أن تسألهم - إذا فعلت أي شيء - عن رأيهم فإذا سخروا منك فتقبل سخريتهم بنكتة أو فكاهة أيضا، وهذا لا تصل إليه إلا إذا تقبلت نفسك رغم عيوبك، ومن منا بلا عيوب؟
وربما هم يسخرون منك لأنك أظهرت لهم عدم حبك للإطراء، فإذا مدحك أي أحد فلا تحاول أن تقلل من قيمة نفسك، بل اشكرهم، خاصة أنهم لا يجاملونك، ولماذا يجاملونك وهم أهلك، وأنت كذلك يجب أن تمتدح أفعالهم وأن تتحبب إليهم بكل وسيلة.
ودعني ألخص لك حقوق والديك عليك ثم حقوق إخوتك، فإن بدأتهم بها فلا بد أن يردوا لك إحسانك بأكبر منه، لأن النفوس فطرت على حب من أحسن إليها:
حقوق الوالدين:
1- طاعتهما في كل ما يأمران به أو ينهيان عنه ما لم يكن فيه معصية لله.
2- توقريهما وتعظيم شأنهما وخفض الجناح لهما وتكريمهما بالقول والفعل، فلا تنهرهما ولا ترفع صوتك فوق صوتهما.
3- برهما بكل ما تصل إليه يداك، ودفع الأذى عنهما وتقديم النفس فداء لهما.
4- صلة الرحم التي لا رحم له إلا من قبلهما، والدعاء والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما.
أما حقوق أخواتك عليك فهي حقوق كل مسلم عليك، ولكن حقهن عليك قبل حق أي مسلم آخر لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (أمك وأباك، ثم أختك وأخاك، ثم أدناك أدناك).
ومن أفضل ما يحقق لك الوفاق معهن أن تسعى لخدمتهن ومساعدتهن والسؤال عنهن والابتسام في وجههن وتفضيلهن على نفسك.
ولذلك أرجو أن تزيل هذه الفكرة من رأسك تماما، وهي أنه إذا لم تسع لكسب حقوقك فلا منصف لك؛ فهذه فكرة فيها الكثير من التحامل على أهلك.
ومع تصديقي لك بأن أخواتك يعيرنك بشيء من الماضي، ولكن هذا يمكنك تعويضه بأن تثبت لهن أنك أفضل بكثير مما كنت عليه من 6 سنوات، فلا بد أنك إذا تفوقت في دراستك مثلا وفي طاعة والديك وفي معاملتهن معاملة ممتازة سينسين طفولتك، وأطمئنك أن ما يحصل في بيتك يحدث في كل بيت؛ لذلك لا داعي لهذه الحساسية أبدا.
إضافة إلى أن تصرفك مع والدتك لا يصح أبدا؛ فأنت تعرف أن حق الأم لا يعدله حق آخر، فكيف ترفع صوتك عليها؟ وكيف تتهرب من خدمتها ومساعدتها؟ إياك يا بني أن تتصرف برد الفعل، فهذا أكبر خطأ نرتكبه في حق أنفسنا، وعليك دائما أن تضع الأعذار لوالدتك، فربما هي تفعل هذا لأنها تعرف أنك تحبها أكثر فتظهر قسوتها عليك لمعرفتها أنك تتحمل منها ما لا يتحمله إخوتك وأخواتك.
ثم أليس لها حق مضاعف عليك، وكونها تعمل خارج البيت لتساهم في صنع مستقبل جيد لك ولإخوتك، أفلا تستحق منك بعد هذا التعب أن ترضيها بكل ما استطعت؟
أما بالنسبة لموضوع خجلك فيجب أن تعالجه بأن تختلط بالناس بالتدريج، وتتمرن بينك وبين نفسك على مواجهتهم، واسأل نفسك لماذا تخجل منهم؟ وبماذا يَفْضُلونك؟ فإذا رأيت فيهم صفة أفضل منك فحاول اكتسابها وتعلمها، واستمد ثقتك بنفسك من إيمانك بالله سبحانه، واعلم أننا كلنا بشر نخطئ ونحزن ونغضب، وقد وصف الله المؤمنين بهذه الصفة: (والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون).
إذن المؤمن بشر قد يغضب، ولكنه يتميز عن غيره بأنه يسامح ويغفر (ولَمَن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور).
أخيرا يا بني، أنصحك أن تحب نفسك وتبحث عن محاسنك وأن تظهرها لنفسك ولأهلك ولمن حولك، وعندما تشعر بحبك لنفسك ستكون قادرا على حب غيرك. وعود نفسك على التسامح ففيه الراحة من كل معاناة، ولا تنس اللجوء إلى الله سبحانه دائما، فهو وليك من دون العالمين، ولا يخيب من التجأ له بصدق لأنه هو القائل سبحانه: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض).
ــــــــــــــــــــ(41/149)
سمين وعنيف وهزلي: كيف أساعد قريبي؟!
علاقات اجتماعية عامة, اضطرابات أخرى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أقف عاجزًا عن التعبير عن شكري وإعجابي بكم بما تقدمونه من خدمة كبيرة، جزاكم الله عليها خيرا، ووفقكم في الدنيا والآخرة.
لي قريب لا أستطيع وصف مشكلته، غير أنه كبير الحجم، ضخم الجثة، ثقيل الوزن، كثير الضحك، هزلي بطبعه، عنده صعوبة في التعلم، وربما فظ في المعاملة بعض الأوقات، رغم طيبة قلبه، وربما وُصف بالأبله.
أراه دائمًا فأحزن لحاله، وأخاطب نفسي: هل عنده هموم وطموح كما هو عندي وعند باقي الشباب؟ فهو يكبرني بـ4 سنوات، ورغم أن تعليمي جامعي فإن الهموم تشغل رأسي بشأن مستقبلي التعليمي والأسري والوظيفي فهل تشغل رأسه كل هذه الهموم؟
قررت مساعدته بما أستطيعه؛ فربما الظروف المحيطة به جعلته يصبح هكذا، فوجدت له برنامجا تدريبيا حكوميا لتأهيله بشغل وظيفة في فندق، يدرس في هذا البرنامج الكمبيوتر والإنجليزية، ومدته 5 شهور مضى منها إلى الآن 3 شهور.
وقد ذهبت إلى مكان البرنامج للسؤال عنه، فوجدت المدرسين مستاءين من أسلوبه، ومستواه التعليمي متدن جدا جدا؛ فهو بالكاد يعرف بعض الحروف الإنجليزية، وبالنسبة للكمبيوتر فرغم أن مستواه أفضل من سابقه فإنه لا يذاكر أو يحاول مراجعة شيء؛ لاعتماده في الامتحانات على الغش.
جلست معه لمناقشته في أموره وطريقته في الحياة، وماذا يأمل، وما هو طموحه، وهل هو مرتاح من الطريقة التي يعيش فيها، وفي أثناء المناقشة رأيت أنه يريد الزواج ويمني نفسه ببنت معينة، وأنه مستاء من حياته ويريد أن يعمل بوظيفة.
المشكلة أن نجاحه في البرنامج صعب بالنسبة لطريقة حياته، هذا أولا، ثانيًا لو وفق ونجح من البرنامج فإن طبيعة الوظيفة ومكانها لا أعتقد بأنه سوف يستمر فيها ويقبل من إدارة الفندق؛ فهم يريدون معاملة لبقة للزبائن والزوار، وكذلك ممنوع التدخين، ويريدون الرائحة الذكية للموظفين (صعبة مع كثرة عرقه)، وهذا كله ليس موجودًا فيه. بالنسبة لي أصبحت لا أفكر في هذا البرنامج أو هذه الوظيفة فقط بل أفكر بالطريقة التي تغير هذا الإنسان إلى حياة أحسن مثل باقي أقرانه.
سألت أخاه ليحكي لي عن حياته منذ الطفولة إلى الآن، فأجابني بالآتي: الصفات الخلقية: متين (ثخين)، طويل القامة، أبيض البشرة، عريض المنكبين، دخل المدرسة متأخرًا سنتين عن العمر المطلوب، وقد كان في المدرسة كثير المزاح والهزل والمشاغبة فيضرب رفاقه بالكراسي والطاولات، وخرج من المدرسة بعد عدة سنوات من الرسوب وهو في الصف الثالث ابتدائي، ثم عاد مرة أخرى بعد مضي عدة سنوات للدارسة ليلاً حتى حصل على شهادة الثالث متوسط (الكفاءة)، ولكن حسب معلوماتي ليس باجتهاد منه بل بمساعدة المدرسين.
وهو في البيت انطوائي نوعًا ما، يحب الوحدة، وإذا جلس مع العائلة فنادرًا ما يتكلم، ومنذ أيام طفولته كان كثير المشاكل خارج البيت وداخل المنزل حتى كان والداه يكثران من الضغط عليه بالصراخ والضرب، وربما شاركهما ذلك إخوانه. كان في صغره كثيرًا ما يضع إصبعه الإبهام في فمه، وكان نطقه لبعض الحروف غير صحيح.
وهو الآن يبلغ من العمر الثامنة والعشرين، ولكن تصرفاته تختلف عمن هم في مثل سنه من الشباب، يمزح كثيراً جدًّا جدًّا جدًّا حتى تكاد حياته تخلو من الجد إلا ما ندر، أبرز تصرفاته وصفاته وطباعه هي:
1. لا يتكلم مع الناس بأسلوب لبق متزن.
2. يحاول جميع من حوله الضحك عليه بشتى الطرق وحتى لو كان ذلك فيه إهانة له.
3. ميله الشديد إلى اللعب ومصادقة صغار السن؛ فأصدقاؤه الذين يمشي معهم كلهم أصغر منه سنا، ومنهم من هو سيئ الأخلاق.
4. لا يهتم بمظهره الخارجي أبدا (ملابسه - حلاقة ذقنه وشعر رأسه- الطيب).
5. كثرة المزاح الثقيل مع الجميع
6. خروجه من المنزل لفترة طويلة جدًا تكاد تفوق نصف اليوم، وأيضًا السهر خارج المنزل. 7. لا يهتم بالاطلاع والقراءة بل هو بالكاد يتهجى الكلمات.
8. لا يطبق النصيحة، رغم أنه يبدي لك اهتمامًا في سماعها للفائدة.
9. يحترم إخوانه الكبار ويعطف على الصغار.
10. رغم ما فيه من سلبيات فإن هناك نقاطًا إيجابية فيه، ويحسن التصرف في بعض الأمور.
والسؤال هنا عن كيفية تأهيله وجعله يتغير للأحسن ليشغل وظيفة ويكّون نفسه ليتزوج ويعيش مثل بقية أقرانه من الشباب؛ فأنا أرى المشكلة في:
1. حجمه الكبير وكيفية تخسيس جسمه (حاول عدة مرات ولم يستمر).
2. جعله يقرأ ويتثقف (قراءته بطيئة جدًّا جدًّا فهو يتهجى الكلمات، وأرى أنه يجد صعوبة في التعلم).
3. أسلوبه وطريقته في الكلام ومعاملته غير جيدة. (كثيرًا ما نصح من هذه الناحية). وعذراً على الإطالة، ولكن أردت أن أصف الحالة من جميع الجهات ليكون الجواب شافيًا إن شاء الله، وجزاكم الله كل خير. ... المشكلة
د.إيهاب خليفة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ العزيز ينبغي أن تهتم أولاً بتنمية الشعور الذاتي داخل ذلك الشخص لإدراك أخطائه وسلبياته ومدى تأثيرها على حياته، فكلما زاد استبصار الإنسان بعيوبه وتضرره منها كان ذلك حافزاً مستمراً بالنسبة له من أجل التغيير، ويوجد في علم النفس في اختبار الحالة الذهنية بند يسمى Insight ومعناه استبصار الإنسان بمرضه، فكلما كان ذلك الاستبصار واضحًا وقويًا كان ذلك أدعى لسهولة العلاج، أما أن تحاول باستمرار وصاحب الشأن غير مكترث فستكون هناك صعوبة شديدة.
وبما أنك مهتم وتسعى إلى تزكية الآخرين والأخذ بأيديهم فينبغي أن تتحلى بعدة صفات:
أولاً: التغيير عن طريق القدوة العملية.
ثانياً: عدم الشعور باليأس والإحباط من عدم حدوث التغيير؛ فالتغيير عادة يحدث تدريجيا وببطء، ولكنك لا تلاحظه، وأي مجهود تبذله يكون له نتيجة ومردود، ولا تنس بالتالي أن مجرد اشتراك الشخص في هذا البرنامج التدريبي يعد نوعاً من النجاح.
ثالثاً: اكتشاف مواطن القوة والاهتمام في شخصية هذا الشاب وتنميتها، وقد ذكرت بعضًا منها مثل احترامه للغير وعطفه على الصغير؛ فهذه المواطن يمكن اعتبارها مداخل تنفذ منها إلى شخصية ذلك القريب، وإننا قبل نسعى إلى هدم شيء ما عند إنسان فينبغي أن نسعى إلى بناء شيء آخر مكانه، وقد يكون ذلك بتنمية وتطوير شيء موجود بداخله فعلا.
رابعًا: اختيار الأسلوب المناسب والطريقة المناسبة في عملية التغيير والبدء بالأهم فالمهم.
فبالنسبة لمسألة المظهر فهذا الأمر يجدي معه التوجيه المستمر، بشرط أن تكون هناك اقتراحات عملية ومساعدة في تنظيم ملابسه بدلاً من اللوم والتقريع المستمر، وينبغي أن يتخير الإنسان طريقة النصح ومن الذي سيسديه إليه.
أما البرنامج التدريبي الذي يشترك فيه فأمر طيب، فينبغي إكمال هذا البرنامج، وأن يحرص على الالتحاق بالوظيفة حتى لو تركها بعد ذلك، فأحيانًا ما يتعلم الإنسان من الفشل أكثر مما يتعلم من النجاح.
أما بطء التعلم فله عدة أسباب منها ضعف الإرادة والطموح، واختلاف الاهتمامات، وضعف مستوى الذكاء وقلة اللياقة الجسمانية، وافتقاد الدافع القوي لبذل الجهد، أو سوء علاقة بمحيطه الاجتماعي، وبالتالي فلا يشترط أن يكون سبب هذا الأمر مجرد قلة مستوى الذكاء.
وهذه الفظاظة في التعامل قد يكون سببها شعور الإنسان بنقص مستوى القدرات الذهنية، وأنه محط أنظار الآخرين، فينبغي تغيير أسلوب التعامل مع هذا القريب وعدم جعله محور الأحداث والانتقادات، ومحاولة التقليل من التهكم عليه أو خداعه فتقل ردود أفعاله السلبية.
أما مسألة إنقاص الوزن فالأساس فيها هو نوعية الطعام وكميته قبل زيادة المجهود؛ فزيادة المجهود وحسب يكون معها ازدياد الشهية، وهناك عيادات متخصصة في هذا الأمر، ولكن يرجى الحذر من الإعلانات التجارية، والوصفات الوهمية للتخسيس.
الأخ العزيز، لقد حاولت تغطية كافة الجوانب السلبية، وإنني أنصحك بمبدأ التدرج والبدء بالأهم فالمهم في محاولة تغيير قريبك، وألا تحمله فوق طاقته حتى لا يؤثر ذلك تأثيراً عكسيًّا.
مع تمنياتنا بالتوفيق. ولمزيد من التفصيل يرجى الرجوع لإجابات سابقة بعنوان:
- العجز والكسل
- الماضي "بنك" معلومات.. والحاضر إيمان وعمل
- شكاوى متنوعة : مريضة أم عابرة سبيل
ويضيف د. أحمد عبد الله :
لا أحسب أن وجودك معه يكفي وحده، بل تلزم شبكة أوسع من الأصدقاء والمهتمين ربما تستطيع أنت أن تلعب فيها الدور الرئيسي، وربما تحتاج إلى مشورة من طبيب نفساني يفحص قريبك ويرشدك إلى برنامج لإصلاح أحواله، وأرجو أن تنتبه أيضًا إلى أن رغبة قريبك في الارتباط بفتاة معينة يمكن أن تكون دافعًا يتم استثماره لدفعه نحو إصلاح أحواله؛ فالحب حين تندفع طاقته في العروق فإنه يعطي الإنسان القدرة على مضاعفة جهده وإنجاز ما لا يستطيعه في أحواله العادية
ــــــــــــــــــــ(41/150)
جيل الإنترنت يتحدث مع الأهل ...
الموضوع
أنا أحب اللعب، ولكن أبي وأمي لا يسمحان لي بالعب، ويقولان لي دائما: اقرأ، وصرت أشعر وكأن القراءة عقاب لي. ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نظنك أصغر من بعث رسالة في صفحتنا؛ ولذا فقد سعدنا جدا بها لأننا أدركنا أننا نجحنا في أن نصل إلى جيل الإنترنت، وأن نكتسب ثقته فيتحدث إلينا، وكانت مشكلتك معبرة عن طبيعة جيلك، والذي تفتحت عيناه في عصر الإلكترونيات، فبات كل شيء سهلا، وباتت بعض الأمور التي اعتادها جيل الآباء تبدو ثقيلة، أو كما تقول في رسالتك تبدو كعقاب.
إن قدرتك على أن تتدخل على الإنترنت ثم أن تكتب رسالتك تدل على أنك صبي متعلم.. ولو كنت غير ذلك ما استطعت أن تتعامل مع الكمبيوتر، فضلا على أن تتعامل مع الإنترنت ومواقعه. ما الذي وصلك لذلك؟ إنه العلم. وما هي وسيلة العلم؟ إنها القراءة.
لسنا ضد أن تحب اللعب؛ فهذا سن اللعب إن صح أن اللعب سنا، ولكن هل تستقيم حياتنا إذا تحولت كلها إلى لعب، ومن يخترع الكمبيوتر؟ ولا نقول من يتعلمه. ومن يضع البرامج التي تسهل لنا الدخول على الإنترنت أو استخدام الكمبيوتر في المجالات المختلفة؟.
أيها الصبي الصغير، لسنا ضد اللعب، ولكن ضد أن يتحول إلى كل حياتنا.. أن اللعب هو استراحة بين سعينا لأن نتعلم ونعلي من شان عقولنا، ونعطيها الغذاء الكامل الذي يمكنها أن تبدع وتبتكر..
أيها الصبي العربي، إن الصبي الياباني يلعب ولكنه يخترع ويبتكر؛ لأنه يقرأ ويقرأ؛ ولذا فأنت عندما تريد لعبة تريدها يابانية، وعندما تريد جهازا إلكترونيا تريده يابانيا.
إن هؤلاء اليابانيون المتميزون كانوا أطفالا في يوم من الأيام ولكنهم لم يكتفوا باللعب، وجعلوا بجانبه القراءة.. وزع وقتك أنت بين اللعب والقراءة، وعندها لن يتدخل أبويك في حياتك، ولن تصبح القراءة عقابا، ولكن سيكون تخلفنا عن ركب الدول المتقدمة هو العقاب؛ لأننا فضلنا أن نلعب باستمرار دون انقطاع.
ــــــــــــــــــــ(41/151)
الحب بالهاتف : طائر الخيال ، وصخور الواقع
الإنترنت والهاتف
أولاً: أود أن أعلمكم بأن موقعكم هذا يعتبر موقع الشباب الأول؛ لأن فيه أهم شيء للشباب، وهو استقبال وحل مشاكلهم..
أنا شاب أبلغ من العمر 20 سنة، ولقد تعرفت على فتاة بالتليفون وأصبحت أتصل بها يومياً تقريبا، وأخبرها وتخبرني بما يحدث لنا في ذلك اليوم، وأصبحت العلاقة التي بيننا تقوى أكثر وأكثر، وأصبحنا في حالة حب شديد، بل عشق شديد- إن صح التعبير- وأصبحنا نتبادل كلام الحب بالتليفون.
ولقد تقابلنا مرتين حتى الآن، وعلاقتنا بدأت منذ فترة، ونحن مثل "قيس وليلى"، وصادفتنا الآن مشكلة ألا وهي أن من أحبها وأعشقها أخبرها أبواها بأنها ستُخطب في إجازة الصيف المقبل، وعبرت لي عن رفضها، وأنها لا تريد أن تُخطب، وأنها تحبني حبا شديدا، وهي تبكي بالتليفون، وقالت لي إنها مستعدة لأن تذهب معي لأي مكان، حتى ولو كان هذا المكان هو جهنم..
أنا مازلت صغيراً على الخطبة.. هل أستمر معها في هذه العلاقة أم لا؟ مع العلم أن أهلي وأهلها لا صلة بينهما ولا يعرفان بعضهما، ولا يعرفان بالعلاقة التي بيني وبينها؛ ومن الصعب أن أتقدم لخطبة فتاة لا يعرف أهلي عنها أي شيء.
فماذا أفعل أثابكم الله؟
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي الكريم، الحمد لله الذي منَّ علينا أن جعلنا سببًا في تفريج كروب الناس، والشباب خاصة، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا ويرزقنا الإخلاص لوجهه الكريم.
في بعض الأوقات أرغب في تغيير اسم صفحتنا لاسم آخر أراه أكثر دلالة هو "القلوب المنكسرة" التي تحلق بخيالها وعاطفتها في دنيا جميلة، ولكنها تنكسر حينما تصطدم بأرض الواقع، فمنها من يستفيد من التجربة ويحلق في دنياه الجميلة بعاطفته وعقله بعد ذلك فيسلم ويسعد ، وبعضها يصر على الاصطدام مكررًا الانكسار.
أخي، مرَّ بتجربتك الكثيرون من رواد صفحتنا، ولعلك لو راجعت بعضها لوجدت أن النهايات واحدة، رغم خصوصية كل مشكلة بصاحبها، ومنها:
الهاتف والشات: وسائل اتصال لا تواصل
أوهام الخيال اللذيذ ... الحب الهاتفي
حديث منتصف الليل
اضبط : مشاعر بريئة أم شجرة الخلد
الحب والخطيئة: الأصل والمسار والمصير
والعامل المشترك في هذه المشاكل أن أصحابها فكّروا في حياتهم بعاطفتهم فقط، ولم يكن للعقل نصيب، ربما لصغر السن أو قلة الخبرة.
وأنت يا أخي مثلهم؛ فكرت بعاطفتك فقط، وأقمت علاقة بالهاتف، ربما عابثًا في البداية أو باحثًا عن المتعة والتسلية، ولكن وقعت الفأس في الرأس كما يقول المثل، ووجدت نفسك متعلقًا بالفتاة، وزواجك منها في سنك وظروفك شبه مستحيل.
ولكن ما دمت متمسكًا بهذه الفتاة -رغم ما لا أخفيه عليك من صعوبة الأمر لصغر سنك - فحاول التحدث إلى أحد أقاربك ممن يتصف بالحكمة، ويفضل أن تكون سيدة، واحك لها عن الفتاة وعن رغبتك في خطبتها حتى تنهي دراستك ثم تتزوجها، وتتعرف هي على الفتاة ثم ترشحها لك بشكل طبيعي. وعلى الفتاة أن تحاول رفض من تقدم لها، قدر استطاعتها، مع الأخذ في الاعتبار أنك رغم حبك لها لا تعرفها جيدًا؛ فالهاتف ربما ينقل الأحاسيس، ولكنه لا ينقل الطباع والأخلاق، فهو ينقل أنصاف الحقائق.
وقبل أن تقدم على هذه الخطوة صارح نفسك: هل تجد حرجًا من الارتباط بفتاة تعرفت عليها بالهاتف؟ ولن تظن بها يوما السوء، وتعتقد أنها كما حدثتك ربما حدثت غيرك كثيرين؟ فإن لم تستطيعا تنفيذ ذلك المخطط فلا بد من قطع العلاقة فورًا؛ فالاستمرار لن يزيدكما إلا شقاء وتعاسة.
واعلم أخي أن الحياة لا يملؤها الحب فقط؛ فهناك أمور كثيرة نستطيع أن نستمتع ونحقق فيها ذواتنا؛ كالمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والثقافية والجمعيات الخيرية المختلفة، فتتسع مداركنا وتتغير نظرتنا للأمور، فابدأ وحاول المشاركة.
-ــــــــــــــــــــ(41/152)
السموات المفتوحة: طائر في العنق
الإنترنت والهاتف
الأستاذ الدكتور/ أحمد عبد الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لن آخذ من وقت حضرتك الكثير، أعلم حجم الأعباء الملقاة على عاتقك مع باقي أسرة الفريق أعانكم الله عليها، وسدد خطاكم، وجزاكم الله عنا خير الجزاء، لكني وجدت نفسي أسرع بالكتابة إليكم بعدما قرأت تعليقك الذي أظن أنه الأول من نوعه من حيث نشر مشكلة وعدم الرد عليها ألا وهي مشكلة :
التحذير من الشات: تجربة مثيرة
، حيث نعلم جميعا أن الصمت أحيانا يكون أبلغ من الكلام، إلا أن الإحساس الذي راودني وأنا متأهب لقراءة ردك، وفوجئت بعدم التعليق أن الرسالة واضحة لكل مستخدمي الإنترنت والمتابعين صفحتكم، وعلى الأخص منهم أولئك الذين يدخلون إلى مواقع الشات التي أظن أنها بلوى لم يسلم منها أحد إلا من رحم ربي، سواء بدافع الفضول أو الملل أو تجربة شيء جديد، ثم يتطور الأمر إلى أبعد من ذلك قد يصل لحد الإدمان، وهذه الرسالة هي " فاعتبروا يا أولي الأبصار"، لكي يتقمص كل واحد منا دور أحد فريق الحلول ويرد عليها بتفكيره أو بالأحرى يرد على نفسه إذا كان يمر بموقف متشابه وأمامه تلك المشكلة الرئيسية، لن أعتذر إن كنت أضعت عليك دقائق من وقتك الثمين فكان من الأحرى ألا أكتب إليك، ولكن حبي لك ولباقي أسرة الفريق -فإني أحبكم جميعا في الله- هو الذي دفعني للكتابة لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم: "فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد" لو كان الأمر بيدي لمنعت الشات، ولو كانت الفتوى تجدي لأقنعت ذوي الرأي من العلماء والفقهاء أن يصدروا فتوى بتحريمه، إلا لضرورة قصوى على مستوى إنقاذ مريض يحتضر وبالطبع فإن المشكلة ليست في التكنولوجيا الجديدة بمقدار ما هي فينا نحن، حيث نبدو جاهلين تماما بثقافيات الإنترنت، وتأثيرات الآفاق الاتصالية التي يتيحها.
لقد خرجت أشباحنا كلها من القماقم، وانكشفت عوراتنا كلها، وظهرنا بالتقصير والتخلف المتراكم أجيالا وراء أجيال، وقريبا ستقرأ قصة تحكي بعدا جديدا لتحدي الإنترنت وعالمه.
لا أقول هذا هزلا أو مبالغة، ولا أحب لطم الخدود، أو شق الجيوب أو الصراخ في وجه المخطئين، ولكننا بصدد مأزق حقيقي بسبب قصور أنظمة حياتنا أسريا واجتماعيا وإعلاميًا ومعرفيًا عن إشباع الرغبات الإنسانية المشروعة، وقد كان هذا كله موجودا لقرون، ولكن الجديد أن هناك الآن عالما بديلا.
بالأمس القريب كنا نتحاور بين محافظ وتجديدي، وفي بدايات النصف الثاني من القرن العشرين سمعنا تصنيفا لنا إلى رجعيين وثوريين، ثم شاع تصنيف إلى ملتزمين ومستهترين، وعاشت فينا مجتمعات كاملة تخدع وتكذب، وتنافق نفسها، وتحجب ضوء الشمس بأيديها تغطي بها عيونها، وأرى أنه مستقبل للكذب على النفس فيما يبدو من الآن فصاعدا وحتى يكون المسيح الدجال هو الكاذب الأكثر فجورا وربما الأخير.
الكذب الجماعي والنفاق الجماعي والتستر الجماعي انتهى، فلنبحث عن إجابات حقيقية، للأسئلة الكثيرة المتحدية التي تلاحقنا، أو لنخرج من التاريخ، ونصبح مجرد ذكرى مزعجة أو جميلة في مسيرة الإنسانية.
أنا أشكرك على مشاركتك، وأقول باختصار ينبغي ألا يدخل على الإنترنت كل من هب ودب فهو ليس نزهة سهلة، أو لعبة مسلية والذين يتلاعبون به جهلا أو عبثا واستهتارا ستصدمهم النتائج، وستلقنهم التجارب الأليمة دروسا لن ينسوها.
من وجد أن الإنترنت قد صار يقوده، ويصوغ حياته، ويعيد تشكيل شخصيته، وترتيب جدول حياته، وشبكة علاقاته وكذلك يفعل بالكثيرين؛ فليخرج من هذه الغواية فلن يخسر شيئا إن ربح نفسه، ولن يربح شيئا إن خسرها.
ــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ(41/153)
الأب الحيران ومواقع الرذيلة
الإنترنت والهاتف
أنا الأب الحيران، وأشكركم على جهودكم النيرة في مساعدة المسلمين، وتعريفكم إياهم بأمور دينهم ودنياهم، مشكلتي بدأت أيام الدراسة الجامعية قبل الزواج؛ حيث كنت أدرس في أمريكا، وكنتُ مولعًا بحياة الغرب وخاصة الفتيات الصغيرات، وبعد رجوعي إلى بلادي واستقراري تزوجتُ، واعتبرتُ تلك الفترة طيش شباب، والآن أنا لديَّ أربعة من الأولاد، وزوجة صالحة تخاف ربها، ونعم الزوجة هي، إلا أن هواجس الماضي ما زالت تطاردني.
والذي زاد الطين بِلَّة دخولي عالَم الإنترنت؛ حيث تخصصتُ فيه بحكم تخصصي، وانجرفتُ إلى مواقع الرذيلة بأنواعها كافة.. أنا أعلم أن هذا مخالف لتعاليم ديننا الحنيف، ولكنني حاولتُ أن أتجنب هذا الشيء.. ولكن دون فائدة.
مع العلم بأن زوجتي لا تعلم عن هذا شيئا، وأنا دائما أرجع إلى الله نادمًا، وبعد فترة أرجع كما كنتُ.
أرجو مساعدتي لإيجاد حلٍّ لمشكلتي، وجزاكم الله خيرًا
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الفاضل
لو كنتَ مراهقًا لطلبتُ منكَ أن تلغي اشتراكك في الإنترنت حتى تستطيع السيطرة على نفسك.. ولو كنتَ لا تعرف الحرام من الحلال لذكَّرتُكَ بالله؛ ولكنك تعرف أكثر مني أن ما تفعله حرام، وذكرتَ ذلك في رسالتكَ.. لذا فلم أجد إلا أن أسألكَ سؤالاً واحدًا ذا شقين:
أيها الأب الحيران: ماذا تقول لولدك (ابنًا أو بنتًا) إذا فاجأك في إحدى المرات، وأنت تجلس إلى أحد هذه المواقع، وبادرك بالسؤال: ماذا تفعل يا أبي؟!
والشق الثاني من السؤال: ماذا تقول لولدك (ابنًا أو بنتًا) إذا دخلت عليه في إحدى المرات ورأيتَه جالسًا إلى أحد هذه المواقع يتصفحها؟!
أكمل السؤال وأقول لكَ: لما سألتَه ماذا تفعل يا بني؟! قال: لقد راقبتُكَ يا أبي في إحدى المرات فرأيتُكَ تدخل على هذه المواقع؛ فأردتُ أن أعرف ما بها؛ لكي أحصل على الفائدة التي تحصل عليها؛ لأنني أدركتُ أن أبي طالما يدخل هذه المواقع؛ فلا بد وأنَّ بها فائدة لا أعلمها؟!
هل أكون قاسيًا إذا أكملتُ أسئلتي، وقلتُ لك: وماذا تفعل إذا دخلتَ على زوجتك ورأيتَهَا تتصفح هذه المواقع؟!.. ما رد فعلك؟! .. وهل ترضى أن يكون رد فعل زوجتك إذا علمتْ بما تفعله كرد فعلك؟! وهل ستغفر لها ذلك وتصفح عنها؟!
ــــــــــــــــــــ(41/154)
التحذير من الشات: تجربة مثيرة
الإنترنت والهاتف
السلام عليكم، ليست لديَّ قصة، ولكني استطعت الخروج من مأزق وضعت فيه نفسي؛ فأريد مشورتكم هل فعلي صحيح؟! أم أنني أخطأت فوق خطئي الكبير.. أشعر أن كلامي هذا معقد، ولكن مع قصتي ستعرف كل شيء.
أنا شاب ملتزم ولله الحمد، تعرفت على فتاة في الشات، وبصدق لم أقصد الارتباط بها؛ بل لم أفكر حتى في زيادة التعرف بها، فقط كان مجرد كلام، ودردشة كما يُقَال، بعدها غبت يومين عن الشات، فدخلتُ فوجدتُ تلك الفتاة تلومني على عدم حضوري أمس وقبل أمس؛ فاعتذرت لها بأعذار واهية، ولكنها صدقت أو أقنعت نفسها بالتصديق، وبدأ الكلام يرسم خيوطه بيننا، وبحق أنا أعجبتُ بأفكار تلك الفتاة؛ فاتفقنا على الصداقة في الشات فقط!! وكنا نخرج، ونحن على اتفاق بالعودة إما بعد يوم أو يومين.
بعد شهر أو ما يزيد، بدأت الفتاة تصارحني بحبها لي!! وأنا لا أكتمكم بأني لم أكن أشعر تجاهها بأي ود، ولكني فقط كنت معجبًا بأفكارها، وأسلوب كلامها.. ولكنني للأسف أخطأتُ هنا مرة أخرى؛ فالأولى كانت عندما أقمتُ عَلاقة معها، وكان خطئي بأنني لم أرد أن أجرحها وأجعلها غير مرغوبة من ناحيتي؛ فقلت لها: بأنني أحببتُها أيضا!! وبدأ كلامها.. عاطفيًّا.. تتناثر فيه كلمات العشق والغرام.. بل وصل الحال بنا إلى أكثر من هذا.. إلى وصف الجسم وتخيله عاريا!! إلى ما هنالك من الأمور الدنيئة جدًّا.. التي أعترف أنني حقًّا نادم عليها..
وبعدها طلبتْ مني هذه الفتاة رقم الهاتف.. وللأسف في حالة ضعف واستسلام لنوازع الشهوة أعطيتُها رقمي.. فاتصلتْ.. وبدأ بيننا كلام هاتفي.. عندها اتفقنا على أن نلتقي، وخاصة عندما قالت بأنها ستسلمني نفسها نفعل ما نريد.. فدق ناقوس الخطر في رأسي.. واستأذنتُها بأن والدي مريض، وسوف أجلس معه مدة أسبوع واحد؛ حيث إنه سيدخل المستشفى، مع العلم أنني لم أكذب؛ فوالدي دخل حقًّا المستشفى، ولكنه مكث فيه نصف ساعة لإجراء فحوصات سريعة، ولكني جلستُ في فترة أسبوع واحد أتأمل.. إذا خرجنا سويا.. ماذا سنعمل؟! وعن العواقب أخرويا ودنيويا.
وبدأ الصراع في داخلي بين الخير والشر، وعشتُ أيامًا لا تفكير لي فيها سوى هذا الأمر، أضع سلبيات اللقاء، وأخرى لعدم اللقيا، عندها قررتُ عدم لقائها، بعد صراع دام طويلا، فقلتُ لها: "دعينا نؤجل مسألة اللقاء لوقت آخر، بسبب اعتلال صحة والدي". وهي متزوجة، ولكنها على خلاف مع زوجها.. وتقيم في منزل أهلها، وهذا مما زاد رفضي؛ لأنها لا تخاف شيئا؛ فهي ليست بكرًا، ولا تخشى الفضيحة ...
فقررت أن أتخلص من هذا الباب، باب الشر الذي انفتح لي وقد يفتنني عن ديني وخلقي، ففكرت كيف أتخلص منها وهي متعلقة بي بشدة!! لدرجة لم أكن أتخيلها..
ويبدو أن مشكلتها العاطفية مع زوجها، قد وجدتْ لها متنفسا فيَّ؛ فتعلقت بي أكثر وأكثر؛ فقررت أن أتخلص منها بهدوء.. وبتخطيط دقيق.. فأنا لا أريد أن أقطع علاقتنا فجأة وهي متعلقة بي؛ فيحدث ما لا يحمد عقباه.. وتشعر أنها لا تنفع في هذه الحياة.. إلى آخر هذا الكلام الذي تعرفونه جيدًا.
وأصبحت أقتصر على الكتابة معها في الشات فقط، وبدأت أخفف من مكالماتنا فبدلاً من مرة يوميًّا.. أصبحت مرتين أسبوعيًّا، ثم مرتين شهريًّا، ثم أصبحت أتعمد عدم الرد على الهاتف عندما تكون هي المتصلة، وأصبحت أقصر مكالماتنا على عبارات الترحيب فقط، وبعدها أعلن عذري بشغل ما، ونحوه..
وبالمناسبة أصبحتُ أشعرها باليأس مني.. فأصبحت أقول لها: إلى متى تستمر علاقتنا فأنت متزوجة، وحسب كلامها أن هناك ضغوطًا عليها لإعادتها إلى زوجها، واخترعت شيئا جديدا؛ فقلت لها: بأن أهلي يريدون تزويجي من إحدى قريباتنا.. وأصبحتُ أُعدِّد مميزات تلك القريبة.. لا، بل طلبتُ رأيها في هذه المواصفات.
وجاء يوم فرحتُ فيه جدًّا عندما عرفت منها أن عاطفتها قد فترت من ناحيتي.. عندها تصنعتُ أنني مازلتُ على حبي لها.. ولكنني مشغول هذه الأيام جدًّا، بل واتهمتها أنها سبب فتور العلاقة.. لأنها لا تقدر مواقفي ولا أشغالي، وبدأتْ هي تتسرب من حياتي شيئا فشيئا.. بل كنت أتعمد في آخر اللقاءات أن أذكر مواصفات مخطوبتي (الوهمية).. المهم أنه في أغلب الأحيان.. نخرج، ونحن بينا سوء تفاهم.. حتى أعلنتْها في إحدى لقاءاتنا صريحة.. قائلة: (إنني أصبحت بالنسبة لها شخصًا عاديًّا)، واكتفيت أنا بأن قلت على الأقل لا تحرمينا رؤيتك في الشات!! ولا نصائحك الغالية..
وهكذا.. تخلصتُ منها، أو بالأحرى تخلصتُ من الدافع الأكبر للمعصية ... وأصبح لقاؤنا اليومي (في الشات) يأتي صدفةً بعد أسبوع مثلا أو أكثر.. أو عندما أراها لا أكلمها أبدا.. وخاصة أنها أصبحت تفعل ذلك.. ولا تكلمني.
هذه هي قصتي ... فهل كان حلي هذا موفقًا؟! أم أنني أصبت هذه المسكينة في قلبها؟ وأدميت عاطفتها؟ أرجو منكم الرد العاجل.. وبالمناسبة لكل من يقرأ هذه الرسالة -إن نُشِرَت- أقول: إيَّاكم والشات.. فهو بداية لكل سوء، والسلام عليكم ورحمة الله.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ونحن نشكرك على هذه المشاركة، ولا تعليق لنا عليها، رغم أن هناك الكثير مما يستحق التنويه به، أو الإشارة إليه، ولكننا أحببنا أن نترك مشاركتك على الشكل الخام الذي أرسلته دون تدخل.
ــــــــــــــــــــ(41/155)
الإنترنت والترفيه: زوجة بديلة أم جليس سوء؟
الإنترنت والهاتف
تحية طيبة وجزاكم الله خيرًا على هذا الموقع الفريد . أبدأ بأن عمري 32 سنة متزوج من 10 سنوات، ولديّ طفلة عمرها 9 سنوات وطفل عمره 6 سنوات.. أحب زوجتي جدًا، فلقد تعرفنا قبل التخرج من الجامعة، وأوجز مزاياها العديدة في أنها مريحة في تعاملاتنا على مختلف أنواعها، وتتجنب استفزازي بأي طريقة لعلمها بسهولة غضبى.. علاقتنا الجنسية ممتازة نفسيًّا وفيزيائيًّا، وإن كنت أعاني بتمنعها في بعض الأحيان بحجة شعورها بالتعب والإرهاق من متطلبات المنزل وما شابه.
والمشكلة وجود جهاز كمبيوتر في منزلي يسمح بالدخول على الإنترنت وما به من بلايا المواقع الإباحية، ورغم قضائي للعمرة حوالي 5 مرات وقمت بالحج العام الماضي- وهى نعمة كبيرة في مصر لارتفاع تكلفة الرحلة- وأغلب صلاتي مع الجماعة، فإنني أصبت بحالة من الإدمان لمشاهدة هذه المواقع رغم محاولاتي العديدة لدرجة توقفي عن فتح جهاز الكمبيوتر، ولكن نظرًا لحاجتي للبريد الإلكتروني وما للشبكة من منافع عديدة أعود مرة أخرى، خاصة في حالة امتناع زوجتي عني شهريًّا أو للتعب كما ذكرت.
إني أكاد أجزم بأني أحاول أن أتقي الله في كل شيء وأنجح غالبًا إلا في هذا الموضوع. ورغم إحساسي بالملل من هذه المواقع حتى أن تأثيرها عليّ أصبح ضعيفًا، فإني أجد لذة في تعقبها واكتشاف الجديد بها.
سيدي، أشعر بالاشمئزاز من نفسي؛ فكيف أصلي العشاء في جماعة وبعدها بساعة أكون أمام هذه المواقع وكأني عندي انفصام في الشخصية؟! أعينوني على نفسي أعانكم الله.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم:
منذ فترة ليست بالقصيرة أود أن أجمع مجموعة من الأسئلة المشابهة لسؤالك- وهي متكررة- لأجيب عليها كاشفًا عن زاوية لم نتطرق إليها من قبل، رغم ما يبدو لي من أهميتها في فهم وعلاج ظاهرة "إدمان الإنترنت"، أو على الأقل تلك العلاقة القوية القائمة بين العديد منا، وهذه الشبكة العملاقة التي تتسع كل يوم لتشمل الجديد والمثير.
كتبت في إجابات سابقة، وفي مقالات ضمن زاوية عندما يأتي المساء بصفحة "حواء وآدم" على موقعنا هذا .. كتبت عن آثار شبكة الإنترنت، وعن طبيعة العلاقة بين المستخدم وبين المواد عليها، خاصة تلك التي تختص بالعري والجنس، وحبذا لو تعود إليها، وكل هذه المواد موجودة على أرشيف "حواء وآدم" وعلى صفحات المشاكل السابقة.
واليوم أقول: إن متابعة هذه المواقع يبدو لي بديلاً للإثارة والترفيه عند الكثيرين، أكثر مما يبدو ممارسة شهوانية، أو جنسية مختلة؛ فحياة أغلبنا تخلو من الإثارة والتشويق، وتمتلئ بالرتابة بين روتين العمل أو الدراسة، وحتى العبادات تحولت لدينا إلى عادات بلا روح، وفراغ الروح من الجديد النافع واللذيذ الممتع، هذا الفراغ هو المساحة التي يمتد فيها غزو الباطل من الترفيه بالإنترنت والأطباق اللاقطة للبث الفضائي وغير ذلك.
وسيندهش الكثيرون عندما أقول: إن الترويح عن النفس واجب ديني وحق طبيعي ومشروع للإنسان، وإن من أهم معالم الثقافات والحضارات هو كيف يقضي الناس أوقاتهم وكيف يقومون بالترويح والترفيه عن أنفسهم وذويهم.
والترويح بل واللهو قد يكون محمودًا وقد يكون مذمومًا، وأتوقف عند كلمة اللهو المحمود التي أرجو أن يبحث عنها كل قارئ أو قارئة لهذه السطور في كتب الفقهاء القدماء والمحدثين؛ لأني لم أجدها وغاية ما وجدت تعبير اللهو المباح، رغم أن وصف أصناف من اللهو المحمود جاءت في حديث معروف للمصطفى -صلى الله عليه وسلم- يقول فيه: "لهو الرجل محمود في ثلاث: تأديبه لفرسه، ومداعبته أهله، ولعبه بقوسه ونبله". بعض اللهو إذن مطلوب ومحمود وليس مجرد فعل مباح، وقد أتى النبي بالأحباش الذين يلعبون بتصويب الحراب على أهداف ثابتة، ويُظهرون في ذلك مهارة كبيرة إلى مسجده ليشاهد المسلمون هذا الترفيه، ووقفت أم المؤمنين "عائشة" وراء النبي تشاهدهم، وهو يقول لها: "حسبك اكتفيت"، وهي تقول ليس بعد"
وفي الترويح من حيث المبدأ نصوص كثيرة تؤكد أنه حق وواجب يعين على الطاعة ويجدد القلوب والنفوس، راقب حال المسلمين المعاصر، وانظر أين هم من هذا التوجيه.
بعضهم يذم كل أصناف الترويح والترفيه ويعتبره رجسًا أو لغوًا فيهجره جملة وتفصيلاً، أو يقول إنه مع الترفيه الجاد، ولا يقول لنا ما هو هذا "الجاد"، ولا يعطينا أمثلة، والبعض يعطي أمثلة عملية محدودة لا إبداع فيها ولا اجتهاد.
انظر إلى أنواع الفنون والمهارات والمواهب والاهتمامات لتجد الهابط والركيك والسمج السخيف، ناهيك عن المنحل والمنحرف. ولقد تعجبت حين تساءلت يومًا يا رب هل عاشت هذه الأمة طوال قرون دون فنون أو آداب أو اهتمامات تشغل أهلها بالحق والمعالي والإمتاع الطيب؟!! وتابعت جذور هذا النقص فوجدت إهمالاً شديداً وجهلاً فادحًا وتخلفًا وفراغًا من معالم كانت موجودة فأصبحت مهجورة؛ مما ترك الساحة للمستورد صورة وصوتًا وفكرًا وتنفيذًا أو المحلي الممل الذي لا متعة فيه، ولا إفادة غالباً، ولو أن إحدى الحكومات العربية عرضت على حكيم أن يختار بين إدارة قطاع التثقيف والترفيه أو قطاع التربية والتعليم لاختار الترفيه؛ لأنه من أخطر وأهم وسائل التربية، كما أنه أوسع انتشارًا وأبلغ أثرًا.
ورغم هذا، فإن ساحة التثقيف والترفيه تبدو خالية من أصحاب العقول المبدعة، والنفوس السليمة ومن بقي منهم على استحياء يبدو متحرجًا وكأنه يخوض غمار مستنقع "مضطرًا" لاعتبارات العيش، رغم أن صناعة الترفيه واللهو المحمود هي فريضة غائبة، وهي من فروض الكفاية وبغيابها نأثم جميعًا ويقع الضرر على الأمة بأسرها كما هو حادث حاليًا، والأجيال التي توشك أن تتسلم زمام الأمور في أوطاننا والأجيال التي تليها هي نتاج برامج تثقيف وترفيه أكثر منها حصاد مناهج تعليم.
وحتى ينتبه الملتزمون لهذه المساحات التي سبقهم غيرهم إليها أرى لزامًا على كل مسلم أن يبحث بنفسه عن أساليب اللهو المحمود والترفيه الممتع النافع؛ لأن هذا كما أسلفت هام في تكوين الشخصية السوية وأساسي في إصلاح وتقوية النفس المؤمنة والقلوب المتعلقة بمحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
والمسألة تحتاج إلى بعض الجهد في البحث والتنقيب، وهناك الكثير من الجيوب والمساحات التي تبدو معزولة عن التيار العام وللترفيه السفيه والتثقيف السخيف، وإنعاش هذه الجهود وتطويرها يبدو هدفاً آخر يجدر السعي إليه.
والخلاصة يا أخي الفاضل أن نفسك وأسرتك يحتاجان إلى حياة متكاملة، فيها من الاهتمامات بالشئون الاجتماعية ودروب الفنون والآداب والهوايات الممتعة والمفيدة ما يحتاجه كل إنسان سوي، وأنا واثق من أنك حين تجد الطريق إلى هذه المناشط ستغلق الإنترنت دون ذلك النوع من الترفيه الذي يُخِل بمروءة أي إنسان، فما بالك بمسلم ملتزم يجد متعة في رؤية العورات والسوءات "أعزك الله"؟!
ويمكنك مراجعة إجابة سابقة لنا بعنوان المواقع الساخنة.."الاستمناء ودائمًا للإدمان" وهي بتاريخ 3 أبريل وعنوانها الإليكتروني هو http://www.islamonline.net/QuestionApplication/Arabic/display.asp?hquestionID246
؛ ففيها برنامج عملي للتخلص من هذه العادات السيئة. ويا أخي، داعب أهلك وخفف عنها بعض أسباب التعب والإرهاق الذي يمنعها عنك أحيانًا، فإنك إن تفعل هذا معها تكن لك خير جليس وأنيس وسمير.
ووالله إن ساعة صفاء بين زوجين متحابين يتناجيان في كنف الله عز وجل وفي جو المودة والرحمة تحفهما ملائكة الرحمة، وتغشاهما السكينة من شأنها تجديد الروح، وتبديد السأم أفضل من التحديق في صورة عورات الساقطات؛ حيث قد تبدو الشيطانية التي في الصورة أجمل شكلاً، ولكن الزوجة خير وأبقى.
ــــــــــــــــــــ(41/156)
العلاج النفسي بالكمبيوتر.. وَهْم أم حُلْم؟
الإنترنت والهاتف
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع المتميز والرائد. تكمن مشكلتي في أنني شاب أبلغ من العمر23 عامًا، متميز في الدراسة الجامعية حيث أحصل على درجات عالية وعلاقتي مع أصدقائي والناس متميزة، لكني أعاني من الخوف الاجتماعي؛ حيث إني لا أستطيع أن أتكلم في المحافل الرسمية والمحاضرات بثقة، وفي أثناء الصلاة عندما ينظر إليَّ شخص ما فإن وجهي يحمر وريقي يزداد، وعندما أتكلم في الهاتف أيضًا تحدث لي هذه المشكلة، حتى أحيانًا عندما أتكلم مع إخواني الصغار، وأخاف عندما يطلب مني أحد شيئًا ألا أستطيع تنفيذه. كأن يطلب مني أحد شرح موضوع ما ... رغم أني متمكن من الموضوع ويستطيع حتى الدكاترة الاستفادة مني ... علمًا بأني أعاني من هذه المشكلة منذ الصغر، ولا أدري ربما يكون السبب في أنني الابن الثاني في البيت، ووالدي كان يهتم كثيرًا بأخي الأكبر ولا يتركني أتكلم، وكان يخوِّفني أنا وإخواني من الناس. لا أدري لماذا؟!! علمًا بأني من عائلة متدينة جدًّا، وأحفظ من القرآن الكثير وأحافظ على الصلوات، وأدعو الله عز وجل دائمًا أن يوفقني إلى أن أتخلص من هذه المشكلة. ملاحظة: أحيانًا لا تحدث هذه المشاكل معي وهذا قليل. أرجو منكم أن تبعثوا لي بحلول أستطيع من خلالها التغلب على مشكلتي. لا أستطيع أن أذهب إلى طبيب نفسي، أرجو منكم فهم موقفي وعرضه على مختص يرشدني إلى إجراءات عملية يمكن من خلالها حل المشكلة. وجزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
د. أحمد عبدالله / د. عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم، رغم أن ثلث فريق الحلول عبارة عن أطباء متخصصين بالطب النفسي، فإنه يخطئ من يظن أن هذه الصفة تطرح نفسها بديلاً عن فحص الطبيب النفساني المتخصص، وأحسن ما نستطيع تقديمه هو استشارة عن معلومة غائبة، أو توجيه لناحية غامضة في مشكلة نفسية أو اجتماعية، أما أن نقوم بالعلاج النفسي عبر الإنترنت بما يتضمنه ذلك من وصف عقاقير علاجية، أو تحليل التاريخ الشخصي لحالات مرضية فهذا مالا نقوم به، ولا نطمح إليه، ولا نجرؤ عليه، ولا نعتقد أن أحدًا يستطيعه دون فحص مباشر للمريض.
فحص الطبيب المتخصص هو القادر على التقدير اللازم لشدة الأعراض، وبقية ظروف الحالة، وبالتالي وضع البرنامج العلاجي المطلوب، وهذا لا يمكن القيام به عبر الرسائل المتبادلة مهما طالت، كما لا يمكن متابعة الحالة، وتأثير العقاقير، وتحديد وتعديل الجرعات إلا عبر المناظرة المباشرة، والفحص المتكرر.
قد يتقدم العلاج النفسي عن طريق الإنترنت، ويستطيع أن يكتشف وسائل وتدريبات، وأسئلة وبرامج تقوم مقام الطبيب!!! لكن هذا لم يحدث بعد، إذا كان ممكنًا أصلاً.
ربما يكون الأَولى بالرعاية أن تصحح نظرتك، ونظرة الناس للطبيب النفساني، وعن المرض النفسي الذي هو مرض مثل كل الأمراض يحتاج إلى علاج بعد فحص وتشخيص. وها نحن ننشر مشكلتك لعل "متخصصًا" ما يتجرأ على تشخيص حالتك، وتحديد برامج علاجك، وجرعات الدواء الذي تحتاجه من خلال هذه البيانات القليلة التي ذكرتها عن نفسك، أما نحن فلا نجرؤ على أن نحل محل الفحص الإكلينيكي مع أننا متخصصون!!! وبالمناسبة قلنا لك قبل ذلك: إنك تعاني من مرض "الخوف الاجتماعي"؛ مما يستدعي مراجعة طبيب متخصص.
وأهلاً بك دائمًا
ــــــــــــــــــــ(41/157)
الحب بالشات واقع أقرب للخيال
الإنترنت والهاتف
الإخوة الأعزاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد، أشكركم على هذا الموقع الرائع جدًّا جدًّا، وأسأل الله عز وجل أن يثبتكم على الطريق المستقيم، وأن يسدد خطاكم، وينفع بكم. أنا أعاني من مشكلة لم تخطر على ذهني أبدًا، فأنا شاب ملتزم ولله الحمد أحافظ على الصلوات في المسجد وأصوم وأقوم بالواجبات والنوافل التي فرضها الله عليّ ولله الحمد والشكر على ذلك، والحمد لله أيضًا لم أعرف طريق الفتيات ولا التحدث إليهن من قبل سواء عن طريق الهاتف أو غيره، ولكن عندما أدخلتُ الإنترنت إلى المنزل بدأت أدخل على ما يسمى بـ (الشات)، وقد دخلته في البداية من أجل التسلية فقط، ولم يكن يخطر على بالي أبدًا أن أتعرف أو أحب أو أتزوج عن طريق هذا الشيء لعلمي المسبق أن كل من يرتادون هذا المكان يأتونه للتسلية فقط، مع العلم أنهم لا يتحدثون بصراحة والكذب هو شعارهم في هذا المكان. وقد تحدثت إلى فتيات كثيرات في هذا المكان، وتأكدت من أنهن يملكن حرية مفرطة زائدة عن الحد ولا يعرفن الصدق أبدًا، بل إني لن أخطئ لو قلت بأن دينهم ضعيف جدًّا جدًّا وإيمانهم كذلك، وإنهم يسارعن وراء الشهوات والغرائز، فكل صبي فيه يتكلم مع فتاة ليأخذ رقمها ويتحدث معها، ومن ثَم يقابلها والعكس كذلك، فولَّد هذا لدي كراهية كبيرة جدًّا لهذا المكان وقاطعته لفترة طويلة جدًّا، ولكن في مرة من المرات دخلته لأريد أن أرى هل ما زالوا على التفاهة والضياع، ولكي أستمع إلى الكلام وأرى ما يكتب. وفي أثناء ذلك شد انتباهي اسم لم أره يتحدث أبدًا نظرت إلى الحوار كاملاً، ولكني لم أجده أيضًا، فتجرأت وتحدثت إليه، ولكنه لم يتجاوب أبدًا، ولكني بأسلوبي استفززته وأجبرته على الكلام، وإذا به فتاة فتحدثت إليها، وسألتها عن سبب مجيئها إلى هذا المكان، فأجابت بنفس أسباب مجيئي. وسألتها إن كان عندها أصدقاء من الأولاد فأجابتني بالنفي، وقالت: إن ذلك حرام ولا يجوز في الإسلام. أعجبتني جدًّا فقررت الاستمرار معها، وأصبحنا نتفق على موعد محدد لكي نتحدث فيه (بالكتابة طبعًا وليس عن طريق الهاتف)، وقد استمر ذلك مدة ليست بالقصيرة، وأثناء هذه المدة كان إعجابي بها يزداد يومًا بعد يوم، لقد كانت دائمًا تذكرني بالله، وتعترف أن ما نفعله من تحدث في هذا المكان أمر محرم ولا يجوز، وأخبرتني أنه ماذا بعد هذا، فترددت قليلاً ثم قلت الزواج إن شاء الله، ولكن يجب أن نأخذ الوقت الكافي لكي أعرفك، وطلبت منها التحدث إليها عن طريق الهاتف؛ فغضبت أشد الغضب، وألمحت إليّ بأني مثل باقي الشباب، وأن هذا كان هدفي وأنني كذبت عليها، ولكني ولله الحمد استطعت أن أستدرك الموقف، وأقنعها بأن هدفي كان هو التعرف عليها أكثر، فأخبرتني أن هناك طرقًا أفضل وأحسن من ذلك. واستمرت علاقتنا إلى الآن (ما يقارب 5 أشهر)، ودائمًا ما ندعو أن يوفقنا الله لبعض، وأن يكتب لنا الخير. مع العلم أنه - وخلال هذه المدة - لم نتحدث بأي كلام مخل بالأدب أو مثير للشهوة، ودائمًا يكون كلامنا كيف نجد طريقة لحل هذه المشكلة. أنا لا أستطيع أن أخبر أهلي ولا هي أيضًا؛ لأن ذلك ينافي تقاليدنا وعاداتنا؛ ولأن أهلي وأهلها قد وضعوا ثقتهم بنا، وأننا لن نستخدم الإنترنت هذا الاستخدام، بل إن أهلي لا يشكون بي ولو لـ 1% أنني سأتعرف على فتاة في يوم من الأيام؛ لأنني كما أسلفت قد تربيت تربية صالحة ودينية؛ ولأنهم يعلمون مبدئي في هذا الموضوع. كل يوم يمر وأنا أزداد تعلقًا بهذه الفتاة؛ لأنها دائمًا ما تدفعني إلى الخير وتنصحني، بل إنها تخبرني بوقت حلول الصلاة عندما أتحدث إليها، وأن عليّ الذهاب إلى المسجد. والله والله والله لم تدفعني يومًا إلى معصية، بل إنها دائمًا ما تأخذ بيدي للخير. أنا كنت أتحدث إليها في الليل عندما ينام الجميع، وفي يوم من الأيام أخبرتني أنها لا تريد أن تكون علاقتنا سببًا في البعد عن الله؛ وذلك لأني أسهر الليل ولا أستطيع القيام في الليل ولا أستطيع أن أصلي الوتر، وكذلك لا أستطيع الاستيقاظ لصلاة الفجر، فأخبرتني أنه من الأفضل إن كنت أريد أن أتحدث معها فليكن في وقت مبكر. والآن أنا لا أتوقع أنني أريد الابتعاد عنها، بل أريد الزواج منها بالفعل، ولكن كيف أخبر أهلي؟ لا أستطيع إخبارهم بأني على علاقة بفتاة؛ لأنهم لن يفهموني أبدًا، ولن يقتنعوا برأيي وسيرفضون لا محالة. لا أريد أن أترك هذه الفتاة أبدًا، فأنا أرى فيها الزوجة الصالحة المعينة لي على الخير. أفيدوني ماذا أفعل؟! وجزاكم الله خيرًا ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم:
أرسلت إلينا رسالة أخرى تشكو فيها من إهمال رسالتك، ورددت عليك بإعطائك رقم هاتفي؛ لتتصل ولم تفعل ... فما السبب؟!
يا أخي، مشكلتك أكثر تركيباً مما تظن، وأبسط مما تظن في آنٍ واحد!!
كيف هذا؟!!
علاقة الإنترنت بالعواطف والخيالات الرومانسية والجنسية هو موضوع اهتممت به - وما زلت - وكتبت فيه مقالاً - أشبه ما يكون بالدراسة - رصدت فيه التحولات التي حدثت في الرؤى الإنسانية تجاه الجنس والجسد من قرن مضى إلى قرن بدأ لتوِّه، ومع قفزة في عالم الاتصالات وحتى لا أطيل عليك - وإن كان الأمر يستحق - أقول: إن المشكلة لا تكمن في إخبار أهلك أو أهلها بالأمر، فهذه مسألة سهلة إذا ما قورنت بمسألة أخرى لم تلتفت أنت إليها غالباً.
الإنترنت كشبكة، والكمبيوتر كأداة أحدثا انقلابًا في المفاهيم والممارسات النفسية والاجتماعية التي كانت مستقرة في الأذهان والأوضاع، ومفهوم الذات والشخصية أصبح محتاجاً إلى مراجعة في ضوء هذه التغيرات الإلكترونية الجديدة!!
الإنترنت بحكم تحرره من كل قيد أو ضابط اجتماعي أو رقابي، وبحكم الخصوصية والاتساع اللذين يوفرهما يخلق حالة نفسية غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية، فهو يتيح للإنسان إطلاق رغباته الدفينة كلها، والتعبير عنها بصراحة مع من يرغب، والمشكلة الأكبر أنه يتيح ويوحي بتجريب - أو لنقل باصطناع - رغبات ليست نابعة من داخل النفس، ولكن من باب المحاكاة لآخرين، أو من باب استثمار ما هو متاح من تحرر، ولا أتحدث فقط عن الأدب وقلة الأدب، الأمر أوسع من هذا بكثير.
المقصود من هذا كله بالنسبة لحالتك أنك لا يصح من هذا بكثير أن تجزم بأنك تريد هذه الفتاة أو تحبها؛ لأن هناك مسافة تفصل بين حقيقة هذه الفتاة على أرض الواقع، والصورة التي تكونت في ذهنك عنها من خلال المحادثة عبر الإنترنت.
هذه المسافة قد تكون بسيطة، وقد تكون كبيرة، ولكنها في كل الأحوال فيها بعض الواقع، والكثير من الخيال، ولا يصلح هذا - أو لا يكفي - كي يكون أساساً متيناً لزواج ناجح. فإذا كنت جادًّا في رغبة الارتباط بها ستحتاجان إلى اللقاء المباشر مرة، وربما عدة مرات لتتعارفا واقعيًّا - ويكون اللقاء مع ذي محرم بالطبع، وتنتهي تلك الفجوة بين الحقيقة، والتصورات الذهنية التي بناها كل طرف عن الآخر، وينبغي أن يكون مفهوماً ومقبولاً لديكما أن هذا اللقاء قد ينتج عنه عدم الارتباط إذا اكتشف أحد الطرفين أو كلاهما أن ما كان يتصوره عن الآخر لم يجده متحققاً في الواقع.
المسألة إذن تبقى هزلية أو بسيطة طالما كانت في عالم الإنترنت، وعلى شبكته التي تخلط الوهم بالحقائق، ولكن حين ينتقل الأمر إلى "رغبة في ارتباط حقيقي وجاد، فنحن عند ذلك نكون أمام شيء آخر تماماً، ومجتمعاتنا وشبابنا في أزمة حقيقية بشأن الإنترنت، ليس فقط لأن غرف "الدردشة" عبر الإنترنت مملوءة بالتفاهات واللغو، ولكن لأننا حتى الآن لا نعرف طبيعة الإنترنت، والفارق بين عالمه، وعالم الواقع الحقيقي... وبالتالي تنشأ علاقات على الشبكة لا تصمد لحظة حين تحاول أن تتحقق في عالم الواقع بسبب الجهل بطبيعة الأداء التي نلهو بها كالصغار عندما يلعبون ببندقية، وهم لا يعرفون أنها يمكن أن تصيب وتقتل!! هكذا الإنترنت يمكن أن يصيب ويقتل، وينقلب فيه الهزل إلى جد، واللهو إلى ألم وندم.. والله المستعان. إذن لا تعتمد على الانطباع الذي تَكَوَّن لديك طوال الأشهر الخمسة التي استمرت فيها المحادثة بينك وبين الفتاة، واجعل همَّك - في حالة قرارك بالسعي للارتباط بها - أن تراها؛ لتستكشف الفروق بين الواقع و"الخيال" الذي رسمته عنها، فقد لا تجدها جميلة شكلاً، وقد لا تجدها بنفس الالتزام الأخلاقي أو السلوكي، وقد تجد عيوباً أخرى، الأمر الذي يقتضي "منكما" دراسة الآخر على حقيقته، بعيداً عن مقدمة التعارف التي شاء الله أن تكون عبر الإنترنت.
فإذا قررتما المضي قدماً في هذا الأمر فاختر من الأقارب أو الأصدقاء حكيماً أو حكيمة، وكنّا سابقاً نفضل امرأة كبيرة في السن من أهلك: عمة، خالة،... إلخ وتقص عليها الحكاية، وتنقل رغبتك في الارتباط بهذه الفتاة.
وتستطيع هذه المرأة بحكمتها أن تقوم بدور الوسيط أو الخاطبة للفتاة، وكأن الترشيح قد جاء منها، أو من امرأة أخرى لها... وهكذا.
فإذا تعذر ذلك تستطيع أنت أن تفتعل موقفاً تتعرف به على أحد أقارب هذه الفتاة "يفضل" الأب أو الأخ، وبعد فترة من العلاقة تنقل له رغبتك في أن تتزوج من الأسرة لما رأيت فيه من كريم الأخلاق، وحميد المسلك، وسيتيح لك هذا الخيار - أو الخيار السابق - الجلوس إلى الفتاة ورؤيتها، والحديث معها... وهناك - وعند ذلك فقط - ستبدأ المسألة في عالم الواقع!!
لاحظ أنك تعتقد أن المشكلة تكمن في نقل رغبتك إلى أهلك أو أهلها، وتعتبر أن المسألة تنحل وتنتهي حين تستطيع نقل هذه الرغبة، ونحن نرى أن الأمر هكذا فقط سيبدأ، وسيصبح أمامك مهمة أن تتعارفا "من جديد" تقريباً، وتقررا هل يدعم الواقع الخيال، ويغري بتحقيقه، أم أن الخيال كان شيئاً غير الواقع، وعندها ينبغي ألا يستحي أحدكما أو كلاكما من المفارقة بإحسان.
الخلاصة: أقول لك: تدبر أمرك يا أخي؛ لتعرف واقع هذه الفتاة كما أسلفنا؛ لأنك حتى الآن لم تعرفها!! وأدعو لكما بالتوفيق على كل حال
ــــــــــــــــــــ(41/158)
فتيات الإنترنت والتلفاز
الإنترنت والهاتف
أمارس ديني بأفضل طريقة يمكنني فعلها، بعيداً عن الحرام وقريباً من الحلال، الحمد لله أصلي الصلوات الخمس يوميًّا، وعادة أذهب إلى المسجد، وأصوم من وقت لآخر؛ لأبعد نفسي عن الفتيات، وأحاول أن أتجنب النظر إليهن أكثر من نظرة، مشكلتي أنني للأسف حين أكون بمفردي على الإنترنت أدخل إلى مواقع سيئة؛ لأشاهد الفتيات لمدة طويلة، ولكن حين أقفل الإنترنت، أشعر بالأسف وأسأل الله أن يغفر لي، لكن المشكلة هي أنني أظل أفعل ذلك الأمر مع التلفاز والإنترنت، أرجوكم دلوني للطريق المستقيم، وجزاكم الله خيرًا. ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لك حرصك على نفسك، ونعتبر أن يقظتك لنفسك ومحاسبتها كما تفعل بهذا السؤال الذي تبعثه لنا لهي الدليل على حياة قلبك ومشاعرك، وهو أمر مهم في التغلب على المشكلة التي تعاني منها؛ حيث إن القلب إذا مات بحيث أصبح لا ينكر منكراً ولا يعرف معروفاً، فقد مات صاحبه، ونحن نظنك من الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، فعسى الله أن يتوب عليهم.. ونظن أنك تفتقد أمرين إذا حصلت عليهما سيكونان نعم المعين لك بعد الله عز وجل، أما أولها فهو وجود هدف كبير لحياتك تكرس كل نشاطك وتوجه كل أفكارك إليه، بحيث تكون كل دقائق حياتك مكرسة في اتجاهه، وقد يكون هذا الهدف علميًّا، وقد يكون وظيفيًّا، وقد يكون اجتماعيًّا، وقد يكون خيريًّا كل حسب ما يفتح الله له من طاقات وقدرات، وأما الأمر الآخر الأهم فهو الصحبة الخيرة التي تقضي معظم وقتك معهم يعينوك على الخير وتعينهم على الخير، والتي لو حدثتك نفسك بمعصية لاستحييت أن تفعلها وأنت في إطار صحبة الخير.
وفي نفس هذا الإطار حاول ألا تفتح الإنترنت إلا في وجود صديق من هذه الصحبة الطيبة بحيث يكون فتحه بهدف محدد وليس لمجرد تضييع الوقت أو التسلية، وربما إذا لم تُطوع لك نفسك مع كل ذلك فلا مانع من أن تلغي اشتراك الإنترنت بالذات لفترة محدودة تستعين بها على نفسك، ثم تقوم بدراسة قرار عودته حسب حاجاتك الحقيقة له، وقدرتك على السيطرة على نفسك، وربما تجد اشتراكًا تبعاً لشركة من الشركات التي تقوم بتنقية الإنترنت من هذه المواقع، وفي النهاية نقول لك: استعن بالله ولا تعجز؛ فإنه لا يقنط من روح الله إلا القوم الكافرون
ــــــــــــــــــــ(41/159)
المواقع الساخنة.. الاستمناء .. وداعاً للإدمان
الإنترنت والهاتف
أنا شاب في الثلاثين من عمري على قدر كبير من الالتزام الديني بشعائر الإسلام كالصلاة والصوم، ولكني ضعيف من ناحية شهوات النساء، فأدخل على بعض المواقع الجنسية على الإنترنت، وأتفرج بالساعات، وأقوم بتأنيب نفسي والتوبة إلى الله مع تلاوة القرآن وصلاة التوبة، وأنوي بنية خالصة الإقلاع عن هذا الذنب، ولكني ما ألبث أن أعود سريعًا في ثاني يوم أو بعد الفراغ مباشرة من الصلاة ادع لي بالهداية، وما مدى عقوبة مشاهدة هذه المناظر المخجلة ؟ خاصة وقد أصبحت مدمنًا لها أريد الخلاص من هذا البلاء ... المشكلة
... ... الحل ...
...
... أخي العزيز: هون عليك، وخلاصك ميسور بإذن الله، وشكراً لك على فتح هذا الملف الهام، دعني أولاً بمناسبة سؤالك أذكر الأمور التالية:
1ـ جعل الله جسد المرأة الجميلة - عارياً - فتنة تصعب مقاومة إغرائها، وهذه الفتنة ليست مودعة في الجسد ذاته، ولكن في جعل الله له كذلك بدليل أن البعض تنحرف فطرته فيتجه بالإعجاب إلى جسد رجل مثله، أو إلى اشتهاء الحيوانات أو غيرها من نواحي الشذوذ عن الفطرة "أعزكم لله وعافاكم".
2ـ تبدو تلك الفتنة اختباراً وابتلاء من الله -عز وجل- للرجل والمرأة على حد سواء، كما تبدو من الطرق التي أرادها الله سبيلاً لتزيين حب شهوة النكاح؛ ولذا شرع الحجاب ليحجب هذه الفتنة في المحيط الاجتماعي العام، ويقصرها على المحيط الذي خلقت من أجله: "المحيط الأسري الخاص".
3ـ والتعري في الإسلام مرتبط بالأسرة، وبالزواج تحديداً فهو مسوغ لإبرام عقد الزواج الذي يعني أن المرأة يمكن أن ينكشف بعض عورتها أمام والد زوجها - مثلاً - وأبنائها، كما يمكن أن تنكشف كلياً أمام ذلك الرجل الذي ينال وحده ميزة نكاحها، عندما يتحمل مسئوليات الزواج منها من نفقة ... وغيرها، إذن التعري في الإسلام مرتبط بإثارة الشهوة لغرض النكاح الحلال داخل الأسرة، ذلك النكاح الذي تترتب عليه الأحكام الخاصة بما تكشفه المرأة، وما تستره من جسدها في محيط العائلة الذي هو أوسع من محيط الأسرة المكونة من الزوج والزوجة والأبناء.
4ـ إن الجنس في الإسلام، والميل إلى النساء، وحب شهوتهن، وما يتفرع عن هذا، ويتعلق به خاصاً بالجسد أو غيره ليست أموراً مستنكرة ولا مستقذرة نعتذر عنها، أو نخجل منها، أو نتورط فيما تورط فيه النصارى أو اليهود وغيرهم من تصورات منحرفة تعتبر الجنس دنساً، والجسد وشهواته ضد الروح وسموها .. عندنا في الإسلام الجنس والجسد، والشهوة والرغبة، طاقة ونعمة هي من الله - سبحانه وتعالى - هو خلقها وأودعها فينا، وقد رتب سبحانه كيف نستثمرها، ونستمتع بها.
5ـ إن سلوك الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -، وصحابته الكرام - رضوان الله عليهم - كانوا مصداقاً لهذا، فالمجتمع الإسلامي الأول كان منفتحاً في هذه الأمور بشكل يفوق تصورات المتأثرين منا باليهود والنصارى، وكان هذا الانفتاح في إطار الحلال، وما شرعه الله سبحانه، وكانت أدق أمور المعاشرة الجنسية تناقش في مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتنزل بها أحياناً توجيهات من فوق سبع سماوات؛ وذلك لأن الجنس نشاط هام من أنشطة الحياة، والإسلام جاء ليكون نظاما شاملاً لكل نواحي الحياة.
6ـ يخطئ من يظن أن الإسلام حرم التعري لأن الجسد العاري قبيح يؤذي الناظر إليه بقبحه، أو لأن الجنس دنس، والتعري هو الزي المناسب، والمقدمة الطبيعية لممارسته، إنما حرم الله التعري ليحفظ عيون المسلمين والمسلمات، ويصون النفوس من أن ترى أو تتأثر برؤية جسد أجمل، أو أقل جمالاً مما عندها.
فجسد الشاب أو الشابة غير جسد العجوز، وجسد الفتاة الناهد غير الأم في منتصف العمر.. وهكذا فإنه حين يستتر الناس، وحين يحفظون عيونهم عن النظر في غير موضع حلال فإنهم بذلك يصونون نفوسهم من التقلب والتوتر، وأذهانهم من المقارنات والأحقاد، فإن كان ما عندهم في أجسادهم وأزواجهم جميلاً حمدوا الله، وإن كان غير ذلك قالوا: كل الناس مثلنا، والوضع مختلف لمن تعدى.
7ـ التعري في الحضارات الأخرى حدث ويحدث لأغراض فنية، واقتصادية، ونفسية، واجتماعية، وعندما نتواصل مع الحضارة الغربية المعاصرة - مثلاً - ينبغي أن نعرف أن الكشف والعُرْي والتعري هو جزء أصيل في الفلسفة والوجدان الغربي لأسباب أوسع من مجرد أنهم "يريدون أن يفسدوا شباب المسلمين ونساءهم"، فهذه حضارتهم يا أخي دون أي تفسير تآمري، ونحن غيرهم أصولاً وفروعاً، فكراً ومنهاجاً في هذه المسألة.
8ـ يعتبر الإنترنت قفزة هائلة في تقديم فكرة العري والتعري إلى المجال العام لأغراض متنوعة يبدو الزواج من أقلها أهمية، وقد كتبت في هذا الموضوع عدة مقالات على موقعنا "الإسلام على الإنترنت" وفي غيره.
والمسألة في الإنترنت أوسع، وأكثر تعقيداً من مجرد مشاهدة صورة عارية، أو جنسية مثل التي في المجلات أو الأفلام، الأمر أبلغ أثراً في النفس، وأكثر إغراء ويحتاج إلى تعامل أكثر عمقاً وتركيباً من مجرد موعظة عابرة أو تذكير بالحكم الشرعي الذي تسأل عنه، وإجاباته موجودة لدى قسم الفتوى بموقعنا بالتفصيل.
إذن الموضوع مهم، وأنا هنا أناقشه بمناسبة سؤالك، وأفتح باب المشاركة فيه بالرأي لمن لديهم خبرة أو تجربة سواء في ممارسته أو في الإقلاع عنه، ولكن إغراء الموضوع ينبغي ألا يصرفني عن الإجابة عن السؤال:
أولاً: أنت تحب ممارسة الجنس، وتحب مشاهدة أجساد النساء الجميلات العارية، وتحب مشاهدة.. إلخ، وهذه الرغبة طبيعية ليست حراماً ولا انحرافاً، ولكن التعبير عن هذه الرغبة بإدمان الدخول على المواقع الإباحية على الإنترنت يحمل في طيَّاته مخاطر كثيرة ينبغي أن نتذاكرها سويًّا.
ثانياً: إن هذه الآثار تتفاعل وتتفاقم وقد تستمر حتى بعد التوقف عن ممارسة هذا الفعل، ولو إلى حين، وعلاج الأمر ممكن، وأسهل كلما بدأ مبكراً.
ثالثا: أخطر هذه الآثار ما يلي:
ـ الإثارة الجنسية والتهيج: وفيها تتوتر الأعصاب، وتندفع الدماء إلى الحوض وأعضائه فينتصب القضيب، وتسيل العصارات ويتهيأ الجسد للممارسة الجنسية مع امرأة فإذا لم تحدث هذه الممارسة تظل الأعصاب مشدودة، وأعضاء الحوض محتقنة لفترة ليست بالقصيرة، وآثار هذا كبير على الجهاز العصبي والتناسلي، في المرأة والرجل سواء بسواء.
ـ مرور الوقت قد يُحْدِث بعض التعود الذي يدفع إلى دخول مساحات جديدة متوافرة على الإنترنت، وعلى تلك المواقع هناك أكثر من مجرد المشاهدة، وهذه الأنشطة لها آثار نفسية وجنسية بل ومالية أبعد وأفدح.
ـ مع مرور الوقت تتدرب النفس، وتتعود الذهنية الجنسية في الإنسان على التلذذ بهذه الممارسة، واعتبارها طقساً لا غنى عنه في تحقيق الإشباع الجنسي، بل وهناك حالات متقدمة تصل إلى ذروة الشبق، من مشاهدة أو محادثة، أو ممارسة عبر الإنترنت، والأخطر أن هذه الأمور يمكن أن تكون بديلاً - غير فطري - لقضاء الوطر مما يعوق السبيل الفطري والطبيعي ألا وهو مضاجعة الزوجة.
ـ هناك حالات مسجلة لأزواج وزوجات انهدمت حياتهم وحياتهن الزوجية؛ لأن أحدهما أو كلاهما أصبح يفضل "الجنس على الإنترنت" على الممارسة الطبيعية الفطرية، وهناك حالات رآها متخصصون لشباب أحدهم تدمرت أعصابه؛ لأنه تعرف على امرأة لا يعجبها زوجها عن طريق الإنترنت، وقررت أن تأتي من بلادها البعيدة بعد أن تفارقه لتتزوج بصاحبنا الشاب الذي تعرفت عليه عبر الشبكة، وتبادلت معه الأحاديث الجنسية، ولم يكن يعرف حتى اللحظة الأخيرة أنها متزوجة، وهو لا يستطيع أن يتحمل العبء النفسي والمادي لهذه الورطة بأكملها.
ـ بالنسبة للمدمن لهذه المواقع:
* إن كان أعزباً: يصعب أن يجد امرأة تعجبه أو "تملأ عينه ليتزوجها" بعدما رأى وسمع، واشتهى كل لون، وكل صنف.
* وإن كان متزوجاً: ينفر من زوجته، في مقارنة ظالمة ـ وهي الزوجة والأم العادية مثل كل أم ـ مع صور رآها لنساء يعشن لأجسادهن، ويعشن ويتكسبن بأجسادهن فلا حمل، ولا ولادة، ولا عمل في البيت أو خارجه.. فهل "مؤهلات" المرأة الجسدية الشهوانية يمكن أن تقارن بجسد المرأة العادية الإنسانة الطبيعية زوجة وأمًّا ؟!
ويتورط الزوج أكثر ـ وبطرق متعددة ـ في العزوف عن هذا الجسد "العادي"، والبحث عن ذاك الجسد اللامع المتألق "السوبر"، وعن تلك الممارسة الخيالية أو التمثيلية التي يراها على الشبكة، فيكون كالظمآن الذي يترك كوب الماء الذي بين يديه، ويتطلع إلى سراب يلمع في الأفق.
ـ هذه المواقع الإباحية يمكن أن تكون فخاخاً للنصب على المغفلين بسحب أموالهم، وربما تهددهم بأشياء مختلفة كما حدث للبعض بالفعل.
ـ بالنسبة للملتزمين من الرجال، والملتزمات من النساء يعقب الدخول إلى هذه المواقع شعور عميق بالذنب، وتأنيب الضمير؛ ولهذا الشعور آثار كبيرة في المزاج العام للشخص، وفي أدائه للأعمال المطلوبة منه، وفي علاقته بالله سبحانه بالطبع بما يعد مدخلاً كبيراً للشيطان ليصطاد في الماء "العكر"، وعليه فعندما يتهيج الرجل أو المرأة فإن الاحتمالات بعد هذا التهيج تكون:
* الممارسة الجنسية الكاملة بين الزوجين .
* الاستمناء في حالة إدمانه أو غياب الزوجة أو الأعزب.
* عدم الممارسة أو الاستمناء، ولكن استمرار التهيج حتى يحدث الإنهاك النفسي أو التفريغ التدريجي عن طريق الانغماس في أنشطة أخرى.
وكل الاحتمالات خطيرة باستثناء الأول فقط، وللتشابه بين إدمان "الدخول على المواقع الإباحية"، وإدمان "العادة السرية" سأتناول هنا خطوات محددة للتخلص من "الإدمان" بشكل واسع، وهي تصلح حتى في حالة إدمان العقاقير مع الاحتفاظ بتفاصيل الاختلاف بين هذا وذاك، أُنَبِّه فقط أن إدمان "الصور العارية" ربما يكون أخطر لأن البعض قد لا يراه حراماً، وقد لا يراه مضرًّا، وبالعكس يراه شيئاً ممتعاً وغير ضار، وبالتالي قلما يتحرك لطلب العلاج، وإذا تحرك ربما لا يجد نفس التجاوب والتعاطف ممن حوله، كما يجد مدمن الهيروين أو الكحوليات، فليس لدينا مثلاً مستشفيات لعلاج مدمني "الصور العارية" أو "العادة السرية".
* خطوط العلاج:
* الأمر سيأخذ جهداً ووقتاً، وكما حدث الإدمان تدريجياً سيكون العلاج إذن وسنحتاج إلى جهد ووقت.
* الإدمان يعني أن يكون النشاط المرضي هو محور الحياة والتفكير بما يعوق ممارسة الحياة بشكل طبعي وإرادي، والعلاج يعني التخلص من هذا التمحور حول ذلك النشاط، ثم التوقف عن ممارسته بعد مرحلة السيطرة عليه.
ـ التعامل مع "الشعور بالذنب":
جلد الذات عقيم، وكذلك اللوم المستمر فإنه يدمر القدرة على البدء من جديد، ويحطم الثقة بالنفس، ويبقي الروح في مهاوي اليأس والقنوط مع أنه:
" لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون" صحيح أن الندم توبة، لكن الاستمرار فيه يعني أحياناً فقدان الأمل، وفقدان الأمل يعني التوقف عن المحاولة، بينما لو تعاملنا مع الأمر بحكمة، وعمق إيمان لعرفنا أن كل الناس يذنب، وأفضل المذنبين أسرعهم عودة، وخير الخطائين التوابون أي العائدون إلى الله - تعالى-، واستمرار المحاولة هو آية الجدية، وعلامة الصدق مع الله عز وجل، وهذه الجدية والصدق هي التي تقرب إليه سبحانه، ومن تقرب إليه شبراً تقرب الله إليه ذراعاً، ومن أتاه يمشي أتاه هرولة.. كما في الحديث القدسي والنجاح المحدود والتدرجي بالامتناع عن "النشاط المرضي" هو نعمة تستحق الشكر، وليس خطوة تافهة لنقلل من شأنها، الله يعرف هذا ويقدره، وينبغي أن نفعل نحن كذلك.
لكن هل امتناعك لفترة يبرر لك الوقوع بعدها، بالطبع لا؛ ولكنه يعني أنك أنجزت، وأنك قادر بعون الله، والقيام بعد كل وقوع هو المتوقع منك، وليس الاستسلام للقعود. وينبغي أن تنشغل بما تطمح إليه من أهداف، وما تحققه من إنجازات أكثر، بدلاً من التركيز على المشكلة والسقطات.
وقد تحتاج خططك إلى تعديل، وقد تحتاج إلى استعدادات أكثر؛ ولذلك فإن عملية الخروج من الحلقة المفرغة: "خطأ ـ لوم ـ شهوة، خطأ" ينبغي أن تتحول إلى عملية أخرى: "مقاومةـ نجاح ـ حفاظ على النجاح ـ شفاء كامل"، فإذا حدث فشل نحاصره، ونجعله عارضاً ومؤقتاً، ونعود إلى خطتنا، هذه العملية هي أنجح سبيل لمواجهة الشعور السلبي بالذنب، فإذا حدث خطأ فكن إيجابياً: تعلم منه ولا تستسلم له.
إن كل يوم تنجح فيه سيزيد من ثقتك بنفسك، وقدرتك على المواصلة في الغد وبعد الغد، ولتجعل همك أن تنجح "اليوم" وتركز في ذلك، ثم تكافئ نفسك "الليلة" بالنظام الذي سأبينه لك.
ـ السيطرة على الأفكار:
إدمانك يعشش في عقلك، ويحركك .. يطل برأسه في أفكارك، كما يطل مكوناته في رءوس الآخرين، لكنهم لا يهتمون بها بينما تهتم أنت، وتتابع في الاهتمام وصولاً إلى الممارسة. ومقاومة الأفكار التمهيدية، والمقدمات الذهنية من أهم خطوط العلاج، وهذه الأفكار تتمدد في الفراغ الذي يملأ حياتك، الفراغ من الانشغالات الجذابة والنافعة، والفراغ من الأصحاب الصالحين شركاء الفرح والحزن، والفراغ من حب حقيقي يملأ جوانحك، ويسمو بروحك قد يكون حباً في الله أو حباً لله سبحانه، وقد يكون كلاهما.
وملء هذه الفراغات من أهم خطوط العلاج، كما أن استمرارها يظل من أخطر المهيئات لاستمرار الإدمان، وحين تملأ فراغ الصحبة بأصدقاء الخير، أو فراغ الوقت بالنافع من النشاط فتأكد أنك تفعل هذا من أجل الاستمتاع به وبنتائجه، لا من أجل مجرد التشاغل والامتناع عن النشاط المرضي، فملء هذه الفراغات مطلوب على كل حال.
وعليك أيضاً أن تبرمج ما سيتبقى من فراغ في أن تقوم بأنشطة فريدة ممتعة، فالوحدة خير من جليس السوء، وهي جزء هام من حياة الإنسان يحتاجها، وينبغي أن يتدرب على استثمارها والاستمتاع بها كجزء من حياته الطيبة البعض يختار الرياضة المنزلية، وآخرون يختارون التريُّض في الهواء الطلق، وعند المسلم فإن مداومة الذكر على كل حال هي خير أنيس في الوحدة، وخير جليس واقٍ من الوحشة، فتحسس الأشياء والنشاطات، وتعرف على الحياة جيداً لتعرف ماذا تحب، وتشغل نفسك به. والسيطرة على الأفكار تعني التدرب على الابتعاد عن الخطر ومقدماته، وملء الفراغ ومسبباته، وإدارة الوحدة، وقد يستلزم هذا جهداً وتدبيرات وقائية، مثل إلغاء اشتراك القنوات الفضائية أو قطع الاتصال نهائيًّا بالإنترنت، إن الاجتهاد في جعل الوسائل "غير متاحة" من الأصل يبدو هاماً وجذرياً في العلاج، فالمقاومة أحياناً تكون أصعب من إلغاء الوسائل أصلاً، وهذا المنع أو الإلغاء للوسائل ثم المقاومة للأفكار التمهيدية، والفعلية هو مهمة حياتك حتى تقلع.
ـ نموذج برنامج يومي: "مع مراعاة ما ذكرناه في بند السيطرة على الأفكار"
* أبدأ "اليوم" باسم الله.
* تخلص من أدوات "النشاط المرضي": الصور، المهجيات، اشتراك الإنترنت: إذا كانت الأدوات "متاحة" ستفشل حتماً.
* سيكون عليك المجاهدة كل يوم: ملء الفراغات، مقاومة المقدمات، استثمار الوحدة.
* خذ وقتاً كافياً في التوجه إلى الله سبحانه ، وسؤاله العون والتوفيق.
* اعلم أن الله سيوفقك إن علم صدق نيتك، ورأى بداية جهدك.
* تعلم أن تجعل الصلة بالله ركناً أساسيًّا، ومكوناً رئيسيًّا في شخصيتك، ونفسيتك، وحياتك.
* إذا كنت قد رجعت في توبتك قبل ذلك، لِيرَ منك الله هذه المرة إصراراً أكبر، وخطة أحكم تحبه أن يباركها.
* تحدث إلى الله بكلامك أنت، ولغتك أنت علاوة على الأدعية المأثورة، تحدث معه بكلماتك العامية المعبرة البسيطة، واعرض أمامه المشكلة التي يعرفها، وعزمك الذي يراه، وحاجتك التي تريدها منه.
* احسب كم من المال يمكن أن تعطي لنفسك عن كل يوم تنجح فيه، وسوف تدخر أموال "الجوائز" لمكافأة كبيرة.
* هدفك المرحلي أن تتوقف عن الفعل المرضي لمدة "مائة يوم" تكافأ نفسك بعدها ـ بالأموال المدخرة ـ برحلة طويلة أو غير ذلك مما تحب.
* بعدها ستجمع مالاً " عن كل يوم" لتكافأ نفسك عن النجاح لمدة 250 يوماً بمكافأة أكبر تقوم بها.
* ستكافأ نفسك بعد ذلك في ذكرى مرور عام على آخر مرة مارست فيها النشاط المرضي.
* بعد ذلك ستحصل على مكافأتك لنفسك كل عام.
* اجعل للأموال صندوقاً معيناً، ثم ضعها شهريًّا في أي وعاء ادخاري: حساب مصرفي مثلاً "خارج المنزل"، وفي موعد المكافأة اسحب المال، وتمتع بالمكافأة المادية، وبفضل الله عليك.
* قبل أن تودع المبلغ في المصرف ضعه أمامك لتشاهد علامات نجاحك أولاً بأول، وتحمد الله على نعمته.
* ماذا تفعل لو فشلت مرة: مع مراعاة ما ذكرناه في بند "التعامل مع الشعور بالذنب".
تبرع بالأموال التي ادخرتها لنشاط خيري نافع، وسيكون عليك أن تبدأ من جديد:
* تخلص من أدوات ومقدمات "النشاط المرضي".
* توجه إلى الله سبحانه، وأسأله العون كما فعلت من قبل وأكثر.
* راجع خطتك لتدرس نقطة الخلل وتتلافاها هذه المرة.
* حدد مقدار مكافأتك المالية.
* كافئ نفسك عن كل يوم بالادخار لمدة مائة يوم.
* في نهاية المائة يوم نفِّذ المكافأة.
* إذا فشلت تبرع بالمال، وإذا نجحت واصل لمدة 250 يوماً.
* كافئ نفسك ثم واصل لنهاية العام.
* كافئ نفسك في نهاية كل عام من النجاح.
وستنجح حتماً، وتصبح حياتك أكثر انتظاماً في كل نواحيها، وستكون أسعد بإذن الله مع زوجتك، ومع أصحابك، وفي عملك، وفي علاقتك بالله سبحانه من قبل ومن بعد.
هل تراني أعطيتك جواباً وافياً على سؤالك ؟!
أرجو أن تنتفع بما ذكرته لك، وكذلك أرجو أن ينتفع الإخوة المدمنون على العادة السرية، وعلى العقاقير المخدرة وكلماتي هنا تتكامل مع ما ذكرته لهم من قبل من علاجات.
والله من وراء القصد.. بيده مفاتيح القلوب ومقاليد الأمور، وهو الشافي للنفوس والأجساد، أدعوه أن ينظر إلينا نظرة رحمة، ومن ينظر إليه الله - تعالى - هكذا لا يشقى أبداً.
ــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ(41/160)
ميليشيا الطلبة.. الضغط يولد الانفجار!
إيمان عبد المنعم**
"نحن أخطأنا وعلى استعداد لتقبيل رأس وأيدي أساتذتنا بالجامعة... ولكن اسمعونا قبل أن تحاكمونا وتعاقبونا... تعرفوا على مشاكلنا؛ فنحن أبناؤكم المحاصرون بالأمن من جهة والبلطجية من جهة أخرى، وضياع مستقبلنا من جهة ثالثة، واعتقالنا من جهة رابعة، لمجرد أننا نطالب بحقوقنا.. أنتم من علمتمونا أن التنازل عن الحق ليس من الرجولة في شيء! وأنتم اليوم أيضا من تلوموننا.. فلا تلمونا اليوم ولوموا أنفسكم".
بتلك الرسالة متعددة الجوانب لخص طلبة الإخوان بجامعة الأزهر أزمة ما سمي بميليشيات الإخوان الجامعية، وإذا أردنا أن نبتعد عن هوجة التحليلات السياسية التي حولت الأزمة إلى قضية عامة ومحطة من محطات الصدام بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام المصري، ونظرنا إلى أرض الواقع لنكتشف السر الحقيقي وراء ما حدث؛ فوفقًا لأساتذة الاجتماع، فسنجد أن الواقع الذي يحياه المجتمع الجامعي بشكل عام والبيئة السائدة داخل جامعة الأزهر بشكل خاص، كانت السبب الأول في الأزمة.
ووفقًا للطلبة، فالغربة ونقص الموارد والاضطهاد وكبت الحريات تمثل مربع معاناة طلبة جامعة الأزهر؛ فالطالب الذي درس وسط نضارة الخضرة وبكارة الحقول، بين أهلة وأقاربه، خرج اليوم ليدرس بالجامعة ويشعر بالحرية، جاء إلى القاهرة حاملا معه شعارات الأمل في الحرية والانطلاق والتعبير عن حماسة الشباب، ليصطدم بأضلاع مربع المعاناة السابق ذكره.
ويكفي الإشارة إلى أن الطلبة المغتربين يمثلون أكثر من 80% من طلاب جامعة الأزهر البالغ عددهم 400 ألف طالب بمختلف المراحل الدراسية.
.. وغاب الحلم
هذا ما يؤكده محمود إبراهيم الطالب بالفرقة الثالثة بكلية التجارة قائلا: يأتي الطالب من الثانوية العامة إلى الجامعة بالقاهرة ليتعلم كيف يعبر عن رأيه الحر كما كان يعبر عنه وسط أسرته الصغير -معتقدًا أن الأسرة الكبيرة ستخلق منه شخصية حرة معبرة عن آرائها مشاركة في صنع القرارات- ولكن الصدمة تبدأ مع أولى الخطوات داخل الجامعة -فالصورة ليست وردية كما كان يرسمها؛ فلن يصبح هذا الطالب عمر مكرم ولا الشيخ محمد عبده ولا الشيخ الشعراوي هؤلاء الرموز الذين انطلقوا بالدعوة التي تمثلها جامعة الأزهر- فاليوم أصبحت على الطراز الحكومي.
ويضيف: مع اليوم الأول يفاجأ الطلبة بمحاصرة الجامعة بسيارات الأمن المركزي لتتحول لما يشبه الثكنات العسكرية، خاصة أن الجامعة تقع بالفعل وسط العديد من مراكز تدريب القوات المسلحة، بالإضافة إلى مقر أمن الدولة الجديد والذي أصبح يمثل كارت تهديد لمئات الشباب الذين باتوا يخشون المرور بالقرب منه، مع أنه يبعد عن المدينة الجامعية بضعة أمتار لا غير.
وبعيدا عن المشهد الأول الذي قد لا يصلح تفسيرًا مناسبا لمعاناة الطلبة للوهلة الأولى، ولكن يدرك مغزاه مع الوقت، بتواتر التعليمات الأمنية المشددة من خطورة الاقتراب من العمل الطلابي أو المشاركة في الأسر خاصة أسرة "الجيل المنشود" والتي تمثل تيار الإخوان المسلمين داخل الجامعة.
ثم تبدأ المشكلات الطبيعية في سرد حالها بداية من ارتفاع أسعار شقق الطلبة -حيث إن المدينة الجامعية لا تستوعب كافة المغتربين- والتي تتراوح أسعارها من 2000 إلى 10 آلاف جنيه بينما متوسط مصروف الطالب 200 جنيه؛ فمن أين يدبر أمره ومأكله ومشربه وكتبه، وصولا إلى غياب التوعية والأنشطة.
ويتابع محمود أن فكرة الاتحاد الحر أو الموازي والتي أتاحت تمثيلاً طلابيا لا تسيطر عليه إدارة الجامعة، كانت في نظر البعض بمثابة طوق الحرية، ولكن يبدو أنها كانت بداية جديدة لمشكلات من نوع آخر.
بداية الأزمة
يقول الطالب محمد الصنهاوي الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الصيدلية نائب الأمين العام للاتحاد الحر بجامعة الأزهر، والذي صدر قرار بفصله عقب عرضه مع طلبة آخرين على مجلس تأديب: لم نسع لاختلاق أزمة، ونرفض أن نكون وسيلة للضغط على جماعة الإخوان؛ فما فعلناه خطأ نعتذر عنه ونعلن اعتذارنا عنه بكل شجاعة، رغم أنه كان مجرد فقرة رياضية تحولت إلى هوجة لم ندرك حسبانها.
ولكن قبل أن نحاسب على خطأ غير مقصود لِمَ لا نسأل عن سبب الاعتصام الذي تتضمن تلك الفقرات؟ لِمَ لا تستجوب قوات الأمن التي منعتنا من ممارسة حقنا في الترشيح لانتخابات الاتحاد الحر؟.
الحكاية ليست جديدة وسيناريو يتكرر كل عام، تعنت أمني وشطب ومنع ومجالس تأديب دون الوقوف على السبب الحقيقي لدفعنا نحو المشاركة في انتخابات الاتحادات الموازية التي مثلت لنا أولى خطوات الحرية والتعرف على مشكلتنا وحلها.
ويضيف: ما بدأناه يوم الخميس الماضي من اعتصام مفتوح جاء نتيجة تحويل 9 طلاب من المشاركين في انتخابات "الاتحاد الحر" إلى مجلس تأديب، ثم فصلهم رغم أنهم فقط قرروا الحصول على رفع مطالبهم إلى الإدارة عن طريق إجراء انتخابات حرة حتى وإن كانت في سياق اتحاد مواز.. وكانت النتيجة حرمانهم من دخول الامتحان وبالتالي ضياع سنة أو ربما ضياع مستقبل بعضهم الذي يحلمون مع آبائهم وأمهاتهم بتحقيقه.
لذلك خرجنا لنعتصم بعدما رفضت الجامعة رفع الظلم عنا، اعتقدنا أننا نمارس حقنا الطبيعي في الاعتصام السلمي حتى نحصل على حقنا.. ونظرا لطول الاعتصام جاءت فكرة البرنامج الترفيهي واستندت الفقرة الرياضية إلى طلاب كلية التربية الرياضية الذين قرروا استعراض مهارتهم من خلال عرض "حمساوي" كنوع من التضامن مع الشعب الفلسطيني، كما تعودنا أن ندعمه ونتذكر قضيته في كل مناسبة بعرض مماثل.
ويؤكد محمد، أنه بالفعل كان هناك خطأ في التوقيت، ولكننا لم نكن نقصد أي شيء من كل التفسيرات والتحليلات التي تناولت الحادثة.
وهذا ما يؤكده صهيب شوكت الطالب بكلية الطب أحد المفصولين أيضا، قائلا: لم نكن نقصد بأي حال من الأحوال ما حدث، حتى إطلاق كلمة عرض أو استعراض على الأمر مرفوض تمامًا؛ لأن كل ما قدم كان مجرد فقرة رياضية لا تحمل أكثر من ذلك.
ويتساءل صهيب: على من نمارس العنف أو استعراض العضلات، على إخواننا من الطلبة أم على أساتذتنا بالجامعة؟ الكل يدرك أن العلاقة بين طالب الأزهر وأساتذته هي علاقة روحية ونحن على استعداد تام لأن نقبل أيدهم ورؤوسهم، أم أنه استعراض على قوات الأمن أو كتائب الأمن المركزي التي تحاصر الجامعة ليل نهار؟.
ويؤكد أن طلاب الأزهر يرفضون العنف ولو كانوا يريدون ذلك لفعلوه أمام البلطجية أو عندما طردوا من المدينة الجامعية وحرموا من المبيت بها.
مطالب الطلاب
يشدد أحمد أنور الطالب بكلية الصيدلية نائب رئيس "الاتحاد الحر" أن برنامج الاتحاد يعبر عن كافة مطالب ومشكلات الطلبة، بداية من غياب ساحات التعبير عن الرأي، سواء من خلال الأسر أو الانتخابات الحرة، كما يعمل على محاولة توفير دعم مادي للطلبة الذين يعيش أكثر من 35% منهم تحت خط الفقر، من خلال محاولة توفير مساكن اقتصادية لإعاشة الطلبة المغتربين في ظل منع قوات الأمن لعشرات الشباب من حقهم في الانضمام إلى المدينة الجامعية؛ نظرا لانتمائهم إلى تيار معين.
ومن أهداف الاتحاد كذلك توفير الكتاب الجامعي أو دعمه بالاتفاق مع أعضاء هيئة التدريس، وأيضًا محاولة تثقيف شباب الجامعة، سواء على المستوى العلمي أو المجتمعي، وإنشاء صندوق للتكافل بين الطلبة لدعم ذوي الظروف القاسية وغيرها من الإشكاليات الغائبة عن أجندة إدارة الجامعات.
يؤكد الدكتور خيري حسان الأستاذ بكلية التربية بجامعة الأزهر، أن ما حدث في جامعة الأزهر أمر طبيعي ومسلسل متكرر منذ أكثر من 20 عاما، وقبل أن ننظر إلى تحليل المشكلة لا بد من رصد واقع الطلبة، خاصة أن الغالبية العظمى منهم شباب بائس يفتقد كل مؤهلات الحياة لا يجد التعليم أو الحرية ولا المال أو الزواج أو الحياة الكريمة، وهذا حال الجميع، وطلاب جامعة الأزهر نموذج من هؤلاء.
ويؤكد أن الطريقة التي عبر بها الطلبة عن غضبهم ما هي إلا اقتباس من أساليب النظام للتعامل معهم؛ فالضرب والعنف هي الوسيلة الأساسية لكبت الأصوات.
ومن جهته يرفض الدكتور أحمد عبد الله الطبيب النفسي تفسير ما قام به الطلاب بالعمل السياسي، مؤكدا أن الطلبة المصريين في الأساس لا يعرفون معنى السياسة ولا كيفية الاشتغال بها وليس هناك برنامج محدد يسيرون عليه.
ويضيف أن عملية الانتخابات والشطب ومجالس التأديب والمواقف غير المدروسة من الطلبة والاعتذار بعد ذلك والتأكيد على أن ما حدث تصرف غير مقصود ما هي إلا مسلسل متكرر يحتاج منا إلى وقفة لإعادة توجيه الطلبة وإرشادهم إلى كيفية رسم مستقبلهم والتخطيط له، من خلال خلق منظومة اجتماعية إدارية جماعية جديدة، لا تعمل بشكل فردي عشوائي كما هو سائد الآن.
ويعتبر الدكتور عبد الله أن غياب النسق الاجتماعي هو إحدى آليات المشكلة، وهو ما يخلق ما وصفه بعملية "العشوئة"، مطالبًا بضرورة خلق قنوات تدرب على النظام والتفكير بشكل سوي بعيدا عن تحدي السلطة وفكرة رد الفعل، تلك الفكرة القصيرة التي تودي بالشباب إلى ما آل إليه.
* تم اعتقال كل من الطالبين صهيب شوكت ومحمد الصنهاوي الخميس (14-12-2006)، وذلك بعد عدة ساعات من مشاركتهما في التحقيق، بالإضافة إلى أكثر من 180 طالبًا من المدينة الجامعية بجامعة الأزهر، وعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وذلك بحسب ما ذكره موقع إخوان أون لاين على الإنترنت
ــــــــــــــــــــ(41/161)
بعد 7 سنوات تقدم فاختارت صديقه
الحب لا يكتمل, اختيار شريك الحياة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا شاب -ولا أزكي على الله نفسي- ملتزم دينيا وأراعي الله في رزقي وأعمالي. ارتبطت بفتاة من الجامعة وأحببتها، ويعلم الله كيف أحببتها روحا بلا جسد، أخلصت لها، لم أقابل فتاة في حياتي أو عملي إلا وأخبرتها أنني مرتبط بها.
كان يؤلمني أن والدها مسافر وهو يغار على بناته جدًّا ودائم الشك، وحكيت لها أكثر من مرة أننا لا بد أن نفترق مؤقتًا حتى لا أشعر أكثر من ذلك بالذنب، ولكنها كانت تصر على الاستمرار؛ لأن علاقتنا بريئة حتى يوفقنا الله بالزواج، وتقول إنها تعلم أنها قد تكون تعدت على حقوق مَن سيكون زوجها حتى بعلاقتنا البريئة.
7 سنين مرت كنا فيها نتقابل قليلا بمعدل مرتين شهريًّا حفاظًا عليها، وكنا نتحدث يوميا في التليفون دائما، أنا أعلم أن ذلك كان خطأ ولكنها كانت مكالمات عفيفة، كان كل أملي أن تكون راضية عني، ولم أحتمل بكاءها مني في يوم (لم تكن هذه السنوات مليئة بالورود ولكن كان فيها من المشاكل والاختلافات).
عندما بدأت أموري المالية في الاستقرار فاتحت والدي في أمر الزواج، وكان مترددا حتى مات يرحمه الله، وأخبرت الفتاة في نهاية السنة السادسة أنها في حل مني إذا أرادت ذلك؛ فبكت وقالت إنني معك حتى النهاية، بالفعل كانت تحبني ومستعدة للتضحية، في آخر سنة فقدت جزءًا كبيرًا جدًّا من مدخراتي في التجارة وأخبرتها أنني مع ذلك سأتقدم لوالدها وربنا يوفق.
ولما كانت البنت تعلم أن والدها سيشك في العلاقة فقد اقترحت أن أذهب إلى أخيها بحجة أنني عريس عادي، فقابلته، فشك الفتى في ذلك، وطلبت منه أن أقابله مرة أخرى ولكنه تجاهلني، فذهبت إلى خالها الذي اقترح لكي يتم الزواج أن أكتب الشقة باسمها!!
المهم أنني في النهاية ذهبت إلى والدها مع والدتي ودعونا ربنا أن يستر، وقامت البنت بنسج قصة له لإقناعه بأن معرفتنا ببعض معرفة سطحية تمت عن طريق مقابلة عارضة في أحد الأفراح.. شك الرجل في أنني كنت أعلم البنت مسبقًا رجعت أمي غير مطمئنة بسبب بعض الملاحظات.
المهم أنني حاولت إقناعها، فطلبت من صديق لي مر بتجربة طلاق أن يحاول أن يقنعني لاختلاف الثقافة بين العائلتين وهو ما رفضته بشدة.
المهم ذهبت أمي بعد ذلك، وذهبت أنا وهي وصديقي معي -لكي أستعين به على رضا أمي- لنتفق على كل شيء، ظهرت في الصورة بعض الملاحظات السلبية من عائلتها وعدلوا من شروطهم فرضخت على مضض لكي يتم الزواج.
ذهبت بصحبة عائلتي لقراءة الفاتحة فإذا والدها يتحاور معنا بأسلوب فظ وبلا لباقة فخرج الكل مستاء وغير راضٍ عن الزواج، وتحدثت معهم والدتي في التليفون بخصوص هذا الأسلوب بكل ذوق ولكن بحزم، بعد ذلك أخبرتني البنت أنها أخبرت والدها أنني اتصلت واعتذرت عن كلام أمي وهذا لم يحدث، فبدأت المشاكل بيني وبينها؛ لأن ذلك أحرجني أمام والدتي.
وقد عاصرني صديقي في مشاكلي فطلبت منه -للأسف- أن يتصل بها ويخبرها أنني لما حدث لن أستطيع أن أكمل الزواج بهذا الشكل بما فيه إهانة لأهلي؛ فرضخت البنت وقالت إنها لا تستطيع أن تفقدني؛ لأن ربع عمرها عاشته في حبي وسوف تسعى لتغير من أهلها، لأننا في هذه الفترة كان بيننا شد وجذب.
وقد أعلمتها بعد إصرارها بجوانب الاعتراض من أهلي على الزيجة، وهي تتمحور حول تفاصيل ما حدث في قراءة الفاتحة من كلام والدها غير الموزون (والدها شخص متدين، ولكنه مندفع في كلامه ويعتقد أن من أمامه دائما يتحداه) وأن والدتي لا ترغب في الزيجة ولكنني استعنت عليها بالأهل.
علمت أنها اتصلت بصديقي هذا بعد مكالمة تليفون بيني وبينها لتعرض عليه الأمور؛ فاتصلت بها وطلبت منها عدم تكرار ذلك خاصة أنها تحدثت معه ليلا.
المهم ذهبت إلى والدها على مضض من والدتي لكي نتفق على ميعاد الشبكة، واصطحبت صديقي الذي أخبرني قبل منزلها بخطوات أنها لم ينقطع اتصالها به في هذه الأيام، وأبلغته أنها خائفة جدا من المقابلة لأن الرجل لن "يفوت مكالمة والدتي على خير".
المهم ذهبت إلى الرجل وتحدثنا معا في كل تفاصيل الشبكة وقد وضح أن البنت في هذه المقابلة لم تتحدث معي بل كان كل انفعالاتها مع صديقي وكأنها تريد أن تقول له "عملت اللي علي".
وفي النهاية أعطاني الرجل نسخة من شهادة تثبت أنه من أصل الحسين في ظرف وأصر بشدة أن آخذها معي، بل استوقفني عند الخروج عندما نسيتها فخرجت وقد فسرت الموقف استمرارا لفظاظة والدها، ولماذا يفعل ذلك؟ هل هو يريد أن يرسل رسالة إلى والدتي "إحنا مين"... فاتصلت بها بعد الخروج وقلت لها إنني قد أهنت في منزلها وأنهيت المكالمة.
لقد رأيت إنسانة لم أعرفها من قبل، أنا أعلم أنها متصلبة الرأي ومعاندة ولكن ما حدث أشبه بمن ينتقم، اتصلت بي وطلبت مني ألا أتصل بها مدى الحياة وأن هؤلاء أهلها وهي فخورة بهم!!! (والله أنا لم أسئ لهم)، فحاولت الاتصال بها بلا جدوى، هي تصر على عنادها بشدة دون تفاهم.
اعتذرت لها أن كنت فسرت الموضوع خطأ، وأتعجب "كيف هنت عليها هكذا؟"، وطلبت منها أن نتقابل لكي نتفاهم ثم تختار ما تشاء، رفضت قطعيا، فعلت كل شيء ولكن بلا نتيجة، تحدثت إليها من تليفونات كثيرة بلا فائدة، أرسلت إليها رسائل عديدة أعاهدها فيها أمام الله أني سأكون ما تريده.
وقد هانت على نفسي فطلبت من صديقي أن يتصل بها ويفسر لها الموقف؛ لأنه كان معي عند والدها وهي لا تريد محادثتي، فأخبرته أنها ترفض لأسباب في شخصي، وأني أنا وأهلي متكبرون "على الفاضي"، وأن معرفتها بي كانت معرفة سطحية طوال هذه الفترة، وأن هناك من فاتحها بالزواج في العمل ووافقت مبدئيا!! بل وجعلت صديقة لها تتقمص شخصية أختها لتحدثنا على المنزل وتخبرنا بانتهاء الموضوع وأن أرسل متعلقاتها إليها عن طريق صديقي!!!
طلبت من صديقي أمام الآخرين أن ينسحب من الموضوع نهائيا وشككت أنه لا إراديا يقنعها بما تفعله ولا يردها، جعلت أختي الصغيرة تتصل بها لتطيب من خاطرها، واتصلت بوالدتها في اليوم الثاني-بعد إبلاغنا بالرفض- لأقول لها إنني مستعد إن كنت أخطأت في حقها أن أجيء إليها في البيت وأعتذر لها، وبعد مرور 3 أيام أخبرتني أمها أنها ووالدها ليس لديهما مانع في الزواج لكن البنت مصممة على الرفض.
رباه أبعد ذلك كله تقول لي لا، بعد 7 سنين من الحب؟ ولِم؟ وكيف لم تسامحني إن كنت أخطأت؟ (وهي التي قالت لي في آخر مرة قابلتها إنها تتمنى أن تنجب طفلا طيب القلب مثلي وأنها تعلم مدى تديني حق المعرفة)، وقد فسرت ذلك بأنها صلت صلاة استخارة في هذا اليوم ورأت أنني قد غادرت المنزل وأنا غضبان -من غير أن أظهر ذلك أمام أبيها- فكان ذلك دليلا على فشل الزواج، وأنها لن تكمل في هذا الزواج حتى لو أرغمها أبوها على ذلك!!! أنا لا سمح الله لم أرتكب كبيرة، ما حدث هو سوء فهم ووالدها ذو أسلوب خشن في الحديث (برغم تدينه).
أبلغتني عن طريق صديقي -الوسيط- أنها تريد متعلقاتها، بل إنها اعتقدت أنني سأبلغ والدها بتفصيل علاقتنا الماضية وساومتني عليها "إذا لم أرسل لها متعلقاتها فلن تعطيني نقودا كانت في حوزتها ولم أحصل عليها حتى الآن بسبب ضائقة مالية لها"، بل إنني لم يخطر ببالي أساسا ما ظنت أني أفعله لأنني لا أسيء إلى أحد.
أخبرت صديقي أني عازم على إرسالها مع فتاة كما هو المفروض، ولكنه أقنعني أن هذه رغبتها وأنه سيذهب إلى القاهرة على أي حال في مهمة عمل، بعدها مباشرة لإجراء عملية جراحية ظللت طريح الفراش لمدة شهر. وكنت بعدها أتصل بصديقي كيف أنني أتعذب من انتهاء العلاقة ومن ضميري لأنني أكيد قد أسأت إليها بطريقة ما ربما بعصبيتي في الآونة الأخيرة، وأنا أريد أن أعيد الموضوع بأي طريق ولو على حساب نفسي.
وبعد 40 يوما اتصلت بها عسى أن تكون قد راجعت نفسها، فإذا بصوتها مرتعش ثم تمالكت نفسها لتقول إن الموضوع انتهى.
لقد اكتشفت بعد أن قرأت الرسائل على محمول صديقي -الذي هو خطي- أنهما يعيشان قصة حب يتبادلان فيها الرسائل الغرامية والمكالمات فجرا فكدت أسقط على الأرض، وقام صديقي بفبركة قصة مزعومة أنها ظلت تتصل به بعد الموضوع وهو لا يدري لماذا حتى انتهى به الأمر ليعرض عليها الزواج فوافقت فأنكر عليها ذلك وتركها.
استخرجت فاتورة تفصيلية للخط الذي كان يستخدمه صديقي -الذي كان مملوكا لي للآسف- فوجدت أن المكالمات بينهما لم تنقطع من قبل مقابلتي لوالدها آخر مرة، وأن المكالمات فجرا بدأت بينهما بعد إبلاغي رسميا بالرفض من والدتها وأنه لم ينسحب من الموضوع كما قلت له حتى معرفتي للحقيقة؟
وعلمت بطريقة أخرى مؤكدة جدا أنها كانت تحدثه وترسل له رسائل يوميا بعد الواحدة فجرا من تليفونها وتتصل به من يوم رفضها لي، وأن اتصالاتهما لم تنقطع حتى كتابة هذه السطور على خط محمول آخر -لأنني قمت بإيقاف الخط السابق لأنه ملكي بعد دفع فواتيره- ومن المؤكد أنهما تقابلا أكثر من مرة.
وقد علمت أن صديقي في يوم رفضها لي لم يكن لديه أي مهمة عمل وتحايل على لكي يقابلها (علي أي حال هي التي أبلغتنا في المنزل أنها تريد متعلقاتها معه وكأنهما اتفقا على سيناريو متعلقاتها مسبقا).. ما اكتشفته أنهما تحدثا ساعة ونصف الساعة فجرا في نفس اليوم بعد مقابلتها لتسليمها متعلقاتها.
أنا أعلم أن صديقي هذا غير ملتزم وأنه دائما "ينقل الكلام"، وأن العديد من أصدقائي المقربين صرحوا لي أنهم كانوا يريدون تنبيهي منه ولكنهم خشوا أن أفهم كلامهم على نحو خاطئ، وقد أبلغتها ذلك عن طريق رسالة محمول ولكنهما استمرا في علاقتهما.
إنني أسألك سيدي -وأنا لا أبرئ نفسي ولكني والله فعلت كل شيء من أجل تصحيح وضع كان خاطئا برغم عفته- كيف حدث ذلك من فتاة من المفترض أنها كانت تحبني وأنها "تعرف ربنا"؟
ما أتعجب له كيف تكيفت على الوضع الجديد بهذه السهولة؟ وكيف بدأت بعد أسبوع من انتهاء الموضوع رسميا (هذا ما قاله صديقي بعد مواجهته بالفاتورة التفصيلية التي لم تخل من مكالماتهما في كل يوم وكل وقت) في قصة حب جديدة مع شخص العلاقة بينهما هي تليفونات؟
وكيف استمرت هذه التليفونات (مكالمات طويلة بعضها أكثر من ساعة ليلا) مع أن موضوعي انتهى وبأي مبرر؟ وكيف سمحت له أن يتسلل إليها وعلى حساب موضوعي؟ وكيف استمرت في خداع والدها للمرة الثانية على التوالي ولم تراع والدها عندما كررت مثل هذه العلاقة مرة أخرى؟ وماذا لو علم والدها قبل أن يتقدم لها من كان صديقي -إن تقدم لها-؟
كيف ترفضني لأنها اعتقدت أنني أسأت لوالدها (وهذا لم يحدث) وهي الآن تسيء إلى والدها للمرة الثانية وبإصرار بالرغم من المثالية المزعومة؟ ولماذا المكالمات والرسائل والمقابلات ولا تنتظره في بيتها إن كان جادا؟ وكيف تغاضت عن زواجه السابق الذي لم يدم أكثر من 6 أشهر وفارق سن سنتين؟
لو كانت فتاة ساذجة لقلت من الممكن، ولكنها في أعلى درجات التعليم والثقافة والوعي، لو كنت أنا الذي أنهيت الموضوع كنت سأعذرها، إنما هي التي أنهت الموضوع بكل قوة وبكل عنف وبلا تفاهم وبكل إصرار، وكان ما يهمها ألا تراني مرة أخرى، كيف انخدعت من شخصية صديقي هذا بكل هذه البساطة؟ هل لأنه أفهمها أنه يقف جنبها أنا أعلم طريقته في اجتذاب البنات؟!!
(هي تقول أن ما تحلم به ليس مادة ولا تعليما بل أن يكون إنسانا، وصديقي هذا لا يمت للإنسانية بشيء، ولو كان إنسانا كان الأولى أن يكون إنسانا معي وكيف اكتشفت إنسانيته بهذه السرعة؟).
أنا أعلم عنها عنادها وأنها لا تتمالك نفسها تحت الضغط لكي تتخلص منه ودفاعها عن الحق والباطل سواء.
كيف المثالية التي تتقمصها مع واقع غير مثالي ولا يحترم الآخرين؟! يبدو أن عنادها وغرورها عماها، كنت سأحترمها بالرغم من كل شيء لو لم أعلم هذه الحقيقة، كنت أعتقد أن الزمان لو عاد بها فلن تكرر أي علاقة مع أي أحد مهما كانت الأسباب.
صديقي هذا -لا يسامحه الله- والدتي هي التي طلبت تدخله في الموضوع لإقناعي فاستعنت به من أجل إتمام الزواج وإقناع أمي، وثقتي فيه وفيها جعل ما حدث، أكيد أنا مخطئ وخطئي الأكبر في ثقتي بالآخرين خاصة هي.
إنها كانت أول إنسانة أعرفها وأحبها ولم أحب أحدا غيرها في هذه الفترة مطلقا، ومن أول يوم وأنا عازم على الزواج منها بالرغم من العيوب العديدة التي عرفتها في الطريق، وكان بإمكاني أن أقف كما وقفت، ولكنني لا أقابل الله منافقا. أنا لست ملاكا ومن المؤكد أنني أخطأت وعلى استعداد كامل للاعتراف به.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أرجو أن تكون الآن في حالة نفسية تسمح لك بفهم كلامي وتأمله جيدا، كأنك واقع في فخ شديد التركيب، وينبغي أن نحل عقدته أنا وأنت: واحدة واحدة كما نقول في مصر.
هل تلوم نفسك وتقول إنك أخطأت لأنك أحببت من قلبك؟! أو كنت صادقا في حبك؟! واندفعت بحساب في ممارسات يتورط العاشقون فيما هو أكثر منها بكثير؟!
غفر الله لنا ولك الزلات واللمم، وغير ذلك.
أم أنك تلوم نفسك على ثقتك في صديق فعل في الأمر ما فعله زميل لنا أرسله زميل آخر ليصلح الأمر مع فتاته فتزوجها هو!!
إنها قصة متكررة بعض الشيء، والنتيجة تقول بأن الفتاة قد مالت إلى صديقك وأسلوبه في اصطياد الفتيات، وغالبا هي خفيفة الشخصية، سهلة الاصطياد، ولا علاقة لهذا بدرجة التعليم أو الوعي؛ لأننا هنا نتحدث عن المشاعر التي قد تغلب أي امرأة أو رجل فتعميه عن الحقائق، وتزخرف له الأكاذيب.
ولا أحسب أن نصحك لها سيكون له أي أثر أو قيمة أو وزن، غير أن ترسل لها مع وسيط أنك قد أفرغت نفسك من موضوعها، ولكنك تحذرها للمرة الأولى والأخيرة والنهائية من هذا الصديق إن كنت واثقا فعلا من أنه يتلاعب بها، وعندئذ هنيئا لهما بعلاقة تنشأ على جثة بل جثث كثيرة.
أنت ما زلت يا أخي الكريم حديث العهد بالنفس الإنسانية والبشر، وغدا ستعرف أن بين المظاهر والألفاظ الرنانة، وحقائق الجواهر والمسالك في كل إنسان فجوة قد تتسع وقد تضيق، نسأل الله العافية وحسن الختام.
حقيقة أنا أغبطك لأن الله سبحانه يحبك فعلا فقد خلصك من مصدرين للشقاء والشر بضربة واحدة، وخسائرك ليست سوى نقود المحمول، وتلك المشاعر السلبية التي تؤلم نفسك، ولكنها ستكون فارقة لتعرف أن الإنسان ليس ملاكا، كما أنه ليس شيطانا.
شكرا على كل حال للفتاة أنها صارحتك بعلاقتها بصديقك هكذا بصدق وبوضوح، وهنيئا لهما ببعضهما، وكما يقول المثل الصيني -فيما أتذكر- ما عليك إلا أن تنتظر جالسا على ضفة النهر، وقريبا ستمر أمامك الجثث، لكنها هذه المرة ستكون جثث الخونة والمنافقين، وفي كل إنسان إمكانات خيانة ونفاق يغلبها أولو العزم، وتنطلق في حنايا صدور البعض فتدمرهم، ولا يستحقان منك ذلك فتجاوز آلامك، فقد أنفقت في الألم جهدا ووقتا وأعصابا لا تستحقها تلك الفتاة ولا ذلك "الصديق"، وحذار أن تتغير معتقدا أنه لا مكان في عالمنا إلا للذئاب "كما يفعل البعض بعد صدمة تحدث له"، ولكن كن نفسك، ولا تستعجل في فهم نفوس النساء؛ فهناك ما هو أهم وأبسط، وتابعنا بأخبارك.
ــــــــــــــــــــ(41/162)
شاب يسأل..هل أنا مصاب بالمثلية الجنسية ؟
تساؤلات أخرى, الجنس, تساؤلات أخرى, للشباب فقط
السلام عليكم..
أنا شاب، وكنت في فترة من فترات عمري أشعر بلذة أظنها لذة مثلية عند لمس حلمة الصدر عندي، لم أنصع لهذا الأمر، لكني أريد أن أعرف ما هذا؟ وهل هذا شذوذ أو عيب خلقي مثلا أو خلل ما؟ وهل يورث؟ بمعنى هل إذا تزوجت وأنجبت يرث أبنائي هذا الخلل؟.
وهل يجب عليَّ فعل شيء؛ حيث إني أظن أن هذا الخلل ما زال موجودا إلى درجة ما، لكني لا أنصاع له؟ كما أني أحب الجنس الآخر، وأريد الزواج. أريد أي حل بخلاف الذهاب إلى طبيب، رجاء؛ لأني لن أفعل. أفادكم الله وجزاكم عني خيرا.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
لم تذكر في أي فترة من فترات عمرك كنت تشعر بهذا الأمر، لكننا نطمئنك بأن الأمر لا علاقة له بالشذوذ، ولا ندري لماذا وصفت شعورك باللذة المثلية.
في نهايات سن الطفولة وبدايات المراهقة المتأخرة يحدث هذا الشعور عند بعض الأفراد لفترة انتقالية، تنتهي إذا تجاهلها صاحبها، ولم يحاول تنشيطها، وهي في كل الحالات نوع من الاستكشاف للجسد، ولا توجد أي دلالة مثلية أو غيرها؛ وبالتالي فلا داعي للقلق على زواجك أو على توريث الأمر لأولادك.
وشعورك بأن الأمر ما زال موجودا هو مجرد فكرة طارئة تحتاج لأن تطردها بالحقائق التي ذكرناها سابقا، ولا تشغل بالك بالتفكير فيها بأي صورة؛ لأن الأمر بسيط، ومنته منذ تجاوزت هذه المرحلة العمرية.
وإذا استمرت الفكرة في الإلحاح عليك رغم ردك عليها وفهمك الصحيح للأمر، فحاول جاهدا أن توقف التفكير في الأمر؛ لأن استمرارها معناه أننا بصدد بدايات أفكار "وسواسية" تحتاج للعلاج الطبي.
ــــــــــــــــــــ(41/163)
هل العادة السرية رياضة جنسية؟؟
العادة السرية
أنا أمارس العادة السرية وأعتبرها رياضة جنسية، وقد سمعت من أحد الأطباء قوله بأنها لا تضر إلا في حالة الإفراط بها، وأنها تؤدي للوصول إلى الاستمتاع الجنسي، وأنها تخرج السائل المنوي الذي إذا بقي دون خروج لفترة طويلة قد يؤدي إلى أمراض متعلقة بالمسالك البولية، وقد قرأت لأحد الشيوخ يشتمها ويعتبرها فاحشة أشد من الزنا مستشهدا بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}، وحديث الرسول "يا معشر الشباب من استطاع منكم... إلخ" مع أن تفسير الآية والحديث لا ينص عليها بالذات وإنما يخص العلاقة الزوجية.
وأنا أربط العادة السرية بإزالة شعر العانة؛ فهي من السنة، وتتطلب النظر ولمس الفرج لإزالة الشعر البعيد، وقد روى أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل عائشة ويمص لسانها؛ فكيف لبعض الشيوخ يحرم الممارسة الطبيعية (كما قال الأطباء) ويحلل الأشد منها؟.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
لا ندري هل اطلعت على ما كتب على هذه الصفحة حول العادة السرية الذي يمثل المنهج العلمي والشرعي المتوازن في التعامل مع العادة السرية، نضعها في إطارها كمشكلة تحتاج إلى حل متكامل يشمل حياة الشاب ككل دون إفراط أو تفريط؛ فهي لا يمكن أن تبسط لدرجة أن تصبح رياضة جنسية وممارسة طبيعية، فهذا أمر غير صحيح، وخروج السائل المنوي المتجمع يتم بصورة من خلال عملية الاحتلام أثناء النوم بدون حاجة إلى الاستمناء أو العادة السرية..
وبالتالي فلا حاجة لهذه الرياضة المزعومة؛ لأن الأضرار المترتبة على العادة السرية سواء النفسية أو العضوية والتي أثبتناها في إجاباتنا السابقة دون تهوين أو تهويل أمر ليس فيه جدل أو وجهة نظر.
ومن الناحية الشرعية استعرضنا نوعي الممارسة للعادة السرية، وتحدثنا عن الشاب الذي يغض بصره عن كل محرم سواء في الشارع أو في التلفاز أو في المواقع الإباحية على الإنترنت، ويشغل وقته بكل ما هو مفيد ومميز من ثقافة أو رياضة أو أنشطة اجتماعية ومصاحبة الأخيار.. كيف أنه بعد كل ذلك لو وقع في العادة السرية تحت وطأة نظرة أو ضعف تحت ضغط شهوة؛ فإنه يكون كمن يسير في طريقه وتعثر فيقوم مسرعا ليرتب من نفسه ويعود إلى نشاطه وأصحابه؟
أما الشاب الذي لا يترك محرما إلا ونظر إليه، وبحث عن المواقع الإباحية في الإنترنت، وجلس أمامها بالساعات، ثم استدعى الشهوة والمشاهير ليحصل على المتعة؛ فهذا قد وقع في الحرام الذي يحتاج لتوبته و برنامج عمل للتخلص من هذه العادة السيئة.
نرجو أن تراجع ماكتبنا حول العادة السرية والاستمناء، وستجد المزيد من التفاصيل التي تجيب عن تساؤلاتك.
ولا ندري ما علاقة مص الرسول للسان عائشة بموضوع العادة السرية.. إنه كلام خارج السياق، ولا علاقة له بما تناقشه
ــــــــــــــــــــ(41/164)
الزنا والشذوذ.. هل هناك فرق؟!
الحياة الجنسية, تساؤلات أخرى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
أنا شاب مسلم عمري 19 سنة، أعاني من مشكلة تهدد حياتي بشكل كامل، وقد أحببت مراسَلَتكم بفضل موقعكم المتميز من خلال حل المشاكل العالقة لدى الفرد بخبرتكم؛ لذا أرجو أن تمدوا يد العون لمساعدتي: مشكلتي بالتحديد تتعلق بعدة نقاط رئيسية، وهي:
المشكلة الأولى:
عندما كنت في سن 15 تقريبا وقعت آنذاك بعلاقة مثلية مع نفس الجنس، وآنذاك لم أكن أعلم أن هذه العلاقات محرمة بالدين والقانون، إلا أني تورطت بها بعد ذلك، وأخذت أرمي نفسي مع من يريد الممارسة معي، وآخر مرة مارست فيها العام الماضي مع قريب لي وما زلت أتمنى لقاءه للممارسة معه كوني متعلقا مثليا بالجنس.
المشكلة الثانية:
ولدت هذه العلاقة عدة مشاكل أهمها:
1-حب الجنس والجنس فقط. 2-العزلة والقلق والخوف. 3-كانت سببا لفشلي الدراسي.
ومن ناحية أخرى لم أجد بديلا مثل إقامة علاقات اجتماعية مع الجنس الآخر خوفا لعلاقتي المثلية والتمسك بها.
المشكلة الثالثة:
كدت قبل فترة أن أقع بعلاقة جنسية مع فتاة تصغرني بست سنوات إلا أنني امتنعت خوفا للمشاكل وأن تصاب الفتاة بأذى، لكن أحيانا أقول لو مارست معها لكان أفضل لي للتخلص من مشكلتي المثلية جنسيا.
أود أن أسأل بعض الأسئلة وهي:
1-هل هناك علاج لحالتي المثلية؟ أم أنا لا أريد علاجا نفسيا بحجة (دعم الميول المثلي)؟
2-ما هو الحكم الشرعي للعلاقات المثلية؟
3-هل هناك فرق بين العلاقات الجنسية بشكل مثلي والعلاقات الجنسية مع الجنس الآخر؟
وأود أن أنوه بأني حاليا على صلة مع صديق يصغرني بعدة سنوات، وأنا على بعد خطوات للممارسة معه فأرجو مساعدتي بأقرب وقت.
وأخيرا..
أشكركم وأشكر موقعكم المتميز الذي هو منارة ونور لعلم النفس عسى أن أجد النور منكم حتى أتوب لله، ولكم جزيل الشكر.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
مرحبا بك على صفحتنا مشاكل وحلول الشباب،
بالنسبة للحكم الشرعي لعلاقات المثلية فهو أنها علاقات محرمة، ويقع صاحبها في كبيرة من الكبائر التي يهتز لها عرش الرحمن غضبا من فعلها، وأن صاحبها يتعرض لعقوبة عليه في حالة أن الدول تطبق أحكام الشريعة الإسلامية؛ فهو أمر مجرّم ويعاقب صاحبه في الدنيا والآخرة، إن لم يقلع عنه ويتوب ولا يعود إليه أبدا.. وذلك لأن الله عز وجل قد خلق الإنسان بفطرته يميل إلى الجنس الآخر؛ وذلك لحكمة الله عز وجل في خلق الإنسان واستخلافه في الأرض من أجل إعمارها.. وهذا الإعمار يتم من خلال تناسل البشر، وانتشار الذرية، وهذا يتم من خلال اللقاء بين الرجل والمرأة..
فاللقاء الجنسي بين الرجل والمرأة، وإن كانت المتعة والحصول عليها جزءًا منه فليس لأن المتعة غاية في ذاتها، ولكن من أجل توظيف هذه المتعة لغاية كبرى في خلق الإنسان واستخلافه في الأرض.. وحتى عندما يحدث اللقاء ولا يحدث الإنجاب فإنه يكون له دور في السكن والرحمة التي تسود الأسرة والتي هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع الإنساني وتطوره وتقدمه والذي هو إحدى غايات إعمار الأرض واستخلاف الإنسان فيها، وهو ما أوضحناه بجلاء في ردنا المعنون بـ"الجنس ومعناه الإنساني"، وهو ما لا يتحقق عندما يحصل الإنسان على متعته الجنسية من خلال لقائه بمثله، سواء رجلا أو امرأة أو حتى من خلال علاقة غير شرعية لا تبني أسرة أو تقيم مجتمعا.. وهذا هو الفارق بين العلاقة الطبيعية الفطرية التي أحلها الله بين الرجل والمرأة، والعلاقات الشاذة..
فالغاية ليست الوصول للمتعة بأي صورة أو طريقة.. بل لا بد أن نحقق مراد الله في كل ما نقوم به من أفعال.. ولذا كان حديث النبي العظيم "وفي بضع أحدكم صدقة.. قالوا: يا رسول الله، أَوَيأتي أحدنا شهوته ويحصل على الأجر؟! قال الرسول الكريم: أريتم إن وضعها في حرام أيكون عليه وزر؟".
والشذوذ الجنسي له علاج سلوكي لمساعدة الطبيب النفسي، وقد عرضنا له في حل سابق معنون " الميول الجنسية المثلية.. خبرة علاجية"، وقدمناه كنموذج للعلاج ليس من أجل أن يطبقه الإنسان وحده؛ بل من أجل أن نُطمئن من يتعرضون بهذه المشكلة من الأمر له علاج ناجح وناجح لمن خاف الله وخشي عقابه.
ــــــــــــــــــــ(41/165)
أخونا والنساء والجنس: تساؤلات وحكايات
الشهوة, الإنترنت والهاتف
أنا شاب في الخامسة والثلاثين من العمر، عربي مقيم في بلد خليجي، متزوج منذ خمس سنوات، ولدي طفل واحد، أنا جامعي وأعمل في شركة، ودخلي جيد والحالة مستورة.
أردت طرح هذا الموضوع عليكم لما له من تأثير سلبي علي، ويمكن أن يكون له نفس التأثير على كثير من الشباب أيضا.
أولا: لا أدري إن كان ما أقوله يشكل حالة مرضية أو حالة صحية يحس بها كثير من الشباب غيري، ولكنهم يتعاملون مع هذا الإحساس بطريقة أخرى، وذلك باختلاف ظروفهم التي يعيشونها.
أود أيضا الاعتذار سلفا عن طول كلامي وبعض ألفاظي، ولكني قصدت شرح الموضوع بأكبر قدر من التفصيل والوضوح لكي يكون هناك أكبر قدر من التحليل الذي يساعد في فهم الحالة وإعطاء الحل.
اسمحوا لي أن أدخل في الموضوع الآن:
لقد تزوجت منذ خمس سنوات، وعشت بدون زوجتي في الغربة ثلاث سنوات بعد زواجي بسنة واحدة، كانت فترة الزواج مليئة بمشاكل وتعقيدات، والآن استقرت الأمور شيئا ما، وخاصة عندما استقدمت زوجتي إلى هنا، حيث سفري وقد رزقنا الله بطفل قبل حوالي شهر.
الحقيقة أنا شاب أتمتع والحمد لله بإيمان في صدري كبير (مقارنة مع البعض حسب رأيي)، أحافظ على الصلوات غالبها في المسجد، وأحافظ على الزكاة والصيام، وأنوي الحج في أقرب فرصة إن شاء الله، بالإضافة طبعا إلى القيم والأخلاق الإسلامية العديدة الأخرى.
مشكلتي أيها السادة هي النساء..!!، وأود أن أفسر فأقول:
أولا: الحمد لله لم أقترف الزنا في حياتي أبدا، ولكني ومنذ زمن بعيد (مرحلة المراهقة وظروفها السلبية الخاصة بي) النظر عندي إلى النساء كثير، وطبعا أنظر إلى مواضع العورة منهن، أحدق في أجزاء معروفة في أجسام النساء بشهوة وتلذذ، وكنت أسترق النظر إلى بعض النساء من خلال البيت، وشاهدت بعض الأفلام السينمائية والفيديو.
وكنت أيضا في بعض الأوقات وأخجل أن أذكر هذا، ولكني أود أن أفضفض عن كل ما عندي لتعرفوا حجم مشكلتي كنت أضم بعض الأولاد أو البنات الصغار تحت عشر سنوات إلى حين قضاء شهوتي بلمس أجسامهم، وأمور أخرى كنت أفعلها أيضا لا داعي لذكرها، ولكن كل هذا قديم.
أيضا أرى الكثير من الصور الجنسية الخليعة على الإنترنت، وقد تعودت هذه العادة، وبدت عندي كثيرا عندما قدمت إلى هذا البلد، وبقيت لمدة ثلاث سنوات بدون زوجة أي غير مرتاح نفسيا، وأيضا لا أحد يسأل أين كنت ولا رقيب... ورغم أنه حدثت بعض المتاعب وبعض الإحراجات أحيانا بسبب هذه العادة في العمل إلا أنني لم أتركها، وحاولت التفنن في التقاطها مكانا وزمانا.
والآن وبعد أن هدأ روعي بعد إحضار زوجتي إلا أنه بعد فترة أصبحت شهوتي تتوق شيئا فشيئا إلى النساء خارج البيت، وبعد سنة تقريبا أصبحت أتوق إلى رؤية النساء والتلذذ بالصور والأفلام الجنسية القصيرة على الإنترنت، وأصبحت أشعر بشعور مشابه للذي كان يعتريني عندما كنت أريد الجنس وزوجتي بعيدة عني.
والسؤال المهم الآن والذي قصدته بكلمة إحساسي في البداية هو: لماذا أحس بلذة كبيرة جدا بمشاهدة النساء في الخارج والسعي لذلك وأتمنى المعاشرة الجنسية خارج الزواج... وبالمقابل لا أحس بذلك مع زوجتي، وكأن الشهوة حادت عن الزوجة، واتجهت إلى أي امرأة أخرى أريد أن أجربها من جديد وأشعر بدافع قوي تجاهها.
وقبل شهر وعن طريق العمل تكلمت مع بنت على التليفون، واسترسلنا بالكلام أكثر وتعرفت على اسمها وجنسيتها، وعاودت الاتصال عدة مرات بها، وفي يوم لاحق اتصلت بها وقلت لها: أنا قادم لآخذك بسيارتي، ونذهب نعمل جولة، وكان الوقت ليلا، طبعا كنا قد تكلمنا فيما سبق عن التلاقي والطلعة وظروفها و... فردت علي في ذلك المساء وقالت: "أوكي" وانتظرتها في مكان لمدة قصيرة وأتت وركبت السيارة وتحركت بها.
كانت هذه أول مرة في حياتي أخرج هكذا، ورغم يقيني بالمشاكل الرهيبة والمدمرة بالنسبة لي ولها والتي ستحدث إن شاهدنا مع بعضنا أحد يعرفنا، كانت رغبتي الشديدة في التجديد والتجربة والشعور بالانبساط أقوى (رغم أن هذه الفتاة لم تكن تشكل ولا حتى 50% من جمال زوجتي التي هي نعم الزوجة الصالحة بكل ما في الكلمة من معنى، فهي التي وقفت معي وساعدتني إلى أبعد الحدود في كل جوانب حياتي، وحلت لي كثيرا من مشاكلي)، لا أخبئ شيئا فقد وصلت بها إلى مكان لا أحد يعرف أبدا به، وكانت الساعة حوالي التاسعة والنصف ليلا وكان المجال (بالنسبة لي) مفتوحا كليا ولا أحد يرى شيئا.
وبدأت بالكلام معها، وكنت أمهد لموضوعي بعض الشيء (كان في رأسي أن يكون هناك بعض المداعبات لها والقبلات، وربما مشاهدة أجزاء من جسمها، ولم يكن تفكيري يذهب إلى حد الزنا بها بالمعنى المعروف بالكامل، فقد كان تفكيري فقط ينحصر في امتلاك امرأة جديدة بين يدي، وقضاء شهوتي في أحضانها، وربما كل ذلك كان يستغرق ربع أو نصف ساعة) على كل حال فإن النتيجة كانت مفاجأة لي.
عندما وصلت معها إلى: "شو رأيك حابب اعمل شي هيك معاكي"، قالت "متل شو، قلت ..."، ففاجأتني بعد كل هذا التقدم والوصول والرضا بهذا الزمان والمكان والحالة التي نحن بها وقالت: "لالالالا"، فحاولت إقناعها ومراوغتها (كنت بيني وبين نفسي أتعجب من كلامي بكل هذه الجرأة معها، وكذلك أشعر بلذة في هذا الكلام) فقالت لا، فقلت "خلصيني بقا. خلاص يا... يلا عاد"، لقد كان هناك شعور لا أدري أي نوع من الثقة هو موجود بيننا، ورفضت وقالت خلينا نروح أحسن.
ومع مرور الوقت في الكلام، ومحاولتي التي اصطدمت بحاجز من الخيبة والحسرة والضيق قالت لي كلمة غيرتني وأوقفت إلى حد ما البركان الثائر في داخلي، قالت: أنا وثقت بك وأنت احترمني واحترم رأيي وخلينا نرجع، أيقنت أن لا مجال معها بالحسنى أبدا، ولم يكن وضعي يسمح بأخذ شيء بالقوة منها لأسباب كثيرة ومشاكل قد تحصل.
وهكذا عدنا بدون أي شيء ولا حتى لمست يدها وشيء ما تحرك في داخلي، وبدأت في طريق العودة بإلقاء محاضرة عليها في الأخلاق، وعدم تكرار هذه الطلعة مع أي شخص آخر وذلك من باب النصيحة من أخ لأخته، وأن تحمد الله لأن تجربتها الأولى كانت معي، وليس مع أي شخص آخر، ولو حصل لكان من الصعب جدا أن تنتهي هذه الحالة بكل ظروفها كما انتهت معي وكما أرادت هي، ومن ثم اعترفت باحترامي لموقفها وشكرها على أنه لم يحصل أي شيء بيننا مما كان بداخلي، وكان ذلك سيؤدي إلى غضب من الله أكبر بكثير.
وبعد يومين أو ثلاثة بدأت نار الشهوة الجنسية تتوقد من جديد (وتخنقني)، ولا أبالغ إذا استعملت هذه الكلمة، وأود التركيز على هذا الشعور الذي ينتابني بالضيق الكبير جدا، ولا أخبئ كان هناك إحساس بداخلي يقول كانت بين يديك، لماذا لم تأخذ شيئا؟ ذهبت الفرصة أنت لا تفهم، اتصلت بها وعرضت عليها اللقاء ثانية وثالثة، وحاولت ولكنها رفضت وقالت أنت قلت كلمة (إننا لن نلتقي مرة أخرى) وخلاص وربما أحست أن تلك الطلعة بعد كلامي لها كانت غلطا قد يكلف الكثير، ولم تأت أبدا وقطعت الاتصال بها.
ثم هناك موضوع آخر أود التطرق إليه سريعا، عن طريق الإنترنت
تعرفت على بنت من بلد آخر أخذت أتصل بها على التليفون رغم ما يكلف التليفون من مال بسبب المكالمة الدولية، وشاهدتني زوجتي مرة، وأنا أتكلم معها في الساعة الثانية ليلا، وبعد مشاجرة بيننا اعترفت لزوجتي أنها بنت من بلد آخر تعرفت عليها عن طريق الإنترنت، باختصار تفهمت زوجتي موقفي ببكاء وذكاء رهيبين، ورق قلبي لها، وقالت "أوعدني أنك لن تعيد الاتصال بأي بنت وأن لا تتأخر في العمل"؛ لأنها أيقنت أن كل التأخير كان من أجل الإنترنت وليس العمل الزائد، مما كان يسبب الغياب الطويل ليلا حتى الحادية عشرة والثانية عشرة، وأحيانا أكثر التغيب عن البيت والتقصير بواجبات الزوجة والطفل في أغلب الأيام وخاصة في حالة المرض وفترة الحمل والولادة...
وإلى الآن أتصل بهذه الفتاة في أوقات متفرقة وأسترق الأوقات وأهدر المال على كلام فيه نوع من الغزل والجنس، ولكني قللت إلى حد كبير التأخير عن البيت، وما زالت عادة "الشاتنج على الإنترنت" ومشاهدة بعض الصور مستمرة، ولكني أود الابتعاد وفي كل مرة أعود مرة ثانية.
هل يمكن أن يكون لزوجتي سبب بدون قصدها في هذه المشكلة عندي، خاصة أني أشعر أنها فاترة جنسيا معي؛ أي أنها لا تثور، ولا تستشعر معي عند المعاشرة، بل أثور أنا وحدي وهي لا تثور في معظم الحالات إلا في النهاية طبعا عند القذف، وذلك يشعرني بالضيق والألم ولو أني لم أقترب منها لمدة طويلة، وأنا متأكد لو لم أقترب منها لشهر أو ربما شهرين أو ثلاثة فهي لا تطلب الجنس وصارحتها مرة بهذا الأمر ولم تبد اهتماما.
عن كل هذه القصص أود الإقلاع، ومع كل هذا الحرص أريد الإقناع، واعذروني يا إخوتي ويا أحبائي إذ إنه بدون توفر الإقناع صعب إن لم يكن مستحيلا الإقلاع، وسأسقط في شر أعمالي، ويزول القناع وأعرف أن ذلك لا يرضيكم فساعدوني.
جزاكم الله خيرا.. أخوكم: الحائر.
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
يقول د. وائل أبو هندي:
الأخ الحائر العزيز أهلا وسهلا بك على صفحتنا مشاكل وحلول للشباب.
أحييك أولا على شجاعتك وعلى صحوة ضميرك المسلم، رغم كثرة غفلته، وأنت تعتاد المعاصي من حين لآخر، فالحقيقة أنني أرى في إفادتك هذه صحوة ضمير مثلما أرى رغبة في الخلاص من الفعل الذي يغضب الله، وتساؤلات تصل إلى حد لماذا يغضبه الجنس رغم أنه لذيذ؟ مثلما يفهم من تساؤلك عن لماذا يكتفي المسلم بالزوجات الأربع؟ وكأن هذا العدد قليل في نظرك! والحقيقة أن متعة المؤمن الحلال لا تغضب الله أبدًا، ولكن المشكلة الفكرية عندك أنت هي أنك لم تتعمق في فهم موقف الإسلام من المتع والشهوات، فهي دائما أبدًا مقرونة بالمسئولية والعدل.
لم يخرج إطار سلوكياتك منذ مرحلة المراهقة وحتى تزوجت عن إطار اليوميات العادية لشاب عربي قليل الالتزام حسبه أنه اجتنب الزنا، وأما ما دون ذلك فحدث ولا حرج، وهكذا قطاع كبير من شباب المسلمين نحمد الله أنك لم تكن في فئة من هم أدنى من ذلك التزاما.
وأما ما فعلته من تحرشات جنسية ببعض الصغار من الجنسين -سامحك الله- فأمر لا أظنه يقع ضمن أفعال الشاب المسلم العادي غير الملتزم؛ ولأنك لم تفصل فيه فإنني لن أفصل فيه أيضا ولكن فقط أحيلك إلى الرابطين التاليين من على موقع مجانين لتعرف منهما أن العواقب النفسية على المتحرش بهم لا يشترط أن تكون وخيمة كما يشيع بين الناس: الضرار الجنسي ليس دائما ضرارا!
التائب من الذنب كمن لا ذنب له
نصل بعد ذلك إلى ما حدث بعد الزواج، وخاصة في الفترة التي كنت فيها وحيدا دون زوجتك في دولة خليجية، لمدة سنوات ثلاث وأدمنت أثناءها النظر إلى أجساد النساء خاصةً المواضع المثيرة منها، وأتساءل هنا: وعلى أي شيء ينظر من لا ينعم الله عليهم بالقدرة على غض البصر؟ إنهم بالطبع ينظرون إلى هذه الأماكن، حتى إنني تذكرت بيت شعر كتبته أيام كنت طالبا في كلية الطب وأنا أنتقد الحجاب غير الملتزم بشروط الحجاب المعروفة (ألا يصف وألا يشف.. إلى آخره) وقلت فيها متهكما:
ما الذي تخفين عنا غير شعر قلّما ترفع أنظار إليه
إذن فمعنى أن رجلا ما لا يغض بصره هو أنه ينظر إلى مواضع الفتنة في جسد المرأة، وليس إلى وجهها أو شعرها مثلا، أي ليس هناك ما يستدعي الاستغراب، وأما المهم فهو إدمانك مشاهدة الصور العارية ولقطات الفيديو على الإنترنت فهذه هي الطامة الكبرى التي ابتلي بها قطاع عريض من شباب أمتنا مع الأسف الشديد، وسبب ذلك هو أنها تفرض صورا وخيالات آخرين علينا، فما ينتج في نفسية المشاهد لممارسة ما أو وضع جنسي ما خاصة في ظروف إثارته هو:
أولاً: التضييق على الخيال النابع من شخصيته هو وخلفياته هو المعرفية، فمثلا ضمن إطار ثقافتنا -ودون التعرض لإفرازات ثقافة
وحضارة الغرب- ربما أبدع الزوج وزوجته أوضاعا لا يعرفها سواهما، وليس لأحد أن يشاهدهما وليس لأحد منهما أن يحكي لآخرين عن ذلك، وبالتالي تظل مساحة الخيال حرة بين كل زوجين دون حجر من أحد عليها.
وثانيا: الوقوع في أسر تصورات وتخيلات مثيرة مرتبطة بثقافة مبدعيها ورؤيتهم للمرأة والجنس والحياة وهي مختلفة أصلا عن ثقافتنا نحن، ولله الأمر من قبل ومن بعد، وأحيلك هنا إلى مقال أخي الدكتور أحمد عبد الله: في الجنس وغيره أخطر مما يسمي غزوا، وكذلك إلى إجابته على مجانين نقطة كوم، تحت عنوان: الجنس والعولمة: الحلال والحل، وكان -وكل ذلك طبعا- على خلفية خبراتك الجنسية السابقة وانفلاتك وراء رغباتك، كان أن امتد الأمر معك وتطور إلى حد أنك أصبحت لا ترى في المرأة إلا الجنس، ولا ترى في حياتك أنت أهم منه كمتعة تصيبها في الدنيا.
وبينما تتساءل أنت عن تلك القوة الرهيبة والطاغية التي يملكها الجنس في حياتك، وتمدّ التساؤل إلى هل هي كذلك في الآخرين؟ وماذا تراهم يفعلون؟ أراك تضع يدك بنفسك على نقطة الضعف الكبيرة التي يتم من خلال فهمها والتعامل معها فتح باب العلاج الثقافي المعرفي النفسي لحالتك هذه، والذي لا مدخل له عليك إلا من دينك، لأن أي فهم آخر -غير دينيّ الانطلاق والتوجه- لن يرى مشكلة معك أصلا.
فمثلا ستدور الردود الطبنفسية الغربية التقليدية في الرد عليك إلى أشياء مثل: وماذا يضايقك؟ إذا لم تفلح في تجربة مع امرأة جرب أخرى، ولكن إياك أن تهمل عملك أو زوجك أو أطفالك، فإذا استطعت الوصول إلى درجة مقبولة من التوافق بين انفلاتك واستجابتك لرغباتك وبين التزامك الوظيفي والأسري والاجتماعي فأنت لا غبار عليك ( إنسان طبيعي).
ويراك دينك غير ذلك تماما فما رأيك؟ أنت بحاجة إذن إلى تفعيل ما تؤمن به دون وعي دائم منك بما يعني، وأقصد أن الله يراك، وإن لم تكن تراه فإنه يراك، أليس كذلك؟
ماذا تفعل أنت حين يواجهك مثل هذا النوع من الوعي؟ ألا تشعر بالخجل والخوف معا من الواحد الأحد الذي تعبده؟ لعلك ستقول له يوم القيامة:
(كنت أتوق إلى البنات بشكل جارف، وليس عندي ميل كبير للزوجة، وكنت مريضا مدمنا للبحث عن الجنس في الخارج بطرق عديدة، أتفنن في ذلك ولم أكن أستطيع ترك هذا الأمر، كنت أهرول وراء اللذة الجنسية، وأنسى العواقب المدمرة التي قد تعقب أي محاولة، ووالله كنت أحب الابتعاد والعودة إلى الحياة العادية التقية، ولا أقدر وأعود مرات ومرات، وأشعر أن كل شيء يغري بالجنس، ويذكر به وكانت للجنس قوة خارقة جارفة عليّ، وكان عدم تحقق الرؤية أو الاتصال أو الصور يسبب نوعا من الضيق في نفسي يكبس عليها ويخنقها، وكنت أسأل هل كل الناس يحسون مثلي، هل كلهم يتصرفون مثلي أم أغلبهم؟ وسألت حتى مشاكل وحلول للشباب على إسلام أون لاين وتأخروا علي في الردّ ثم أجابني وائل أبو هندي وأحمد عبد الله).
تخيل أننا نحن الثلاثة نؤمن بأننا سنقف هذا الموقف أمام الله، وستسأل أنت من بين ما تسأل عنه عن كل حرف كتبته لنا، كما سنسأل أنا وأحمد عن كل حرف كتبناه لك، ونحن ندرك ذلك دائما بفضل الله فهل تدركه أنت دائما أيضًا؟
يا أخي الحائر الفاضل هذه الضخامة التي يتميز بها موضوع الجنس في حياتك تطغى معرفيا وشعوريا على كل متعة، وهذا جزء مهم من السبب في مشكلتك، وهذا هو أيضا ما يرى أخي الدكتور أحمد عبد الله فيه ما يعطيه انطباعا عن حالتك بأنها حالة إدمان الجنس، والحقيقة أن مفهوم إدمان الجنس Sex Addiction هو مفهوم خرج إلى الساحة العلمية الغربية في الفترة الأخيرة، ويقصد به حالة أولئك الأفراد الذين تتمحور حياتهم حول الجنس، أو حول ممارسة جنسية معينة، بشكل يجعل اللهاث وراء الجنس والانزلاق في ممارسته قد تحوّل إلى شغل جلّ حياة المريض، والذي يهمل كل شيء في حياته أسريا ووظيفيا واجتماعيا بسبب اندفاعه وراء الممارسة الجنسية مع أشخاص متعددين وفي كل مكان وكل وقت، ويصبح وصف الحالة بالإدمان تعبيرا عن التشابه بين ما تؤدي إليه العقاقير التي تسبب الإدمان في حياة مدمنها وبين النتائج التي تترتب على إدمان الجنس في مدمنه.
ويرى البعض في إدمان الجنس نوعا من الفعل القهري (من النوع الاندفاعي) Impulsive Compulsion، ويسمونه إدمان الجنس القهري Compulsive Sex Addiction، كما يرى البعض إدمان الجنس نوعا من العلاج الذاتي الذي يكتشف الشخص أن ممارسته تعطيه شعورا يحبه في نفسه ويخرجه من مشاعره السيئة ومن كروبه الضاغطة عليه في حياته، فيلجأ إليه مرارا وتكرارا إلى أن ينغمس فيه ويصبح مدمنا لذلك الشعور الجيد الذي يصاحب الممارسة إلى حد إهمال العواقب الوخيمة التي تحيط به من كل اتجاه في حياته، فهل مثل هذا الإنسان مدمن مريض أم مدمن ضال عن طريق ربه؟
وأنا أرى حالتك أبسط من ذلك بكثير في الحقيقة، فقد تكون مدمنا مشاهدة الصور ولقطات الفيديو الجنسية، وقد تكون مدمنا النظر إلى أجساد الفتيات، وقد تكون على علاقة بواحدة أو أكثر، وقد تتبادلان الجنس التليفوني إلى آخر ما ذكرت، وضربت أمثلة عليه في رسالتك، وقد تكون موسوسا بكل هذه الأشياء فلا تهتم بغيرها، وكل هذه مشاكل تتعلق بمتصل التحكم والتسيب أو القهرية الاندفاعية لكنني لا أرى الأمر في حالتك واصلا إلى حد أن نسميه إدمان الجنس.
سألتني بعد ذلك عن احتمال أن يكون دور لزوجتك في هذه المشكلة، وزوجتك كما يفهم من كلامك زوجة صالحة أنعم الله عليك بها، وأنت تحملها مسئولية تشوه وعيك بسبب ما انزلقت وراء مشاهدته وتخيله من ممارسات جنسية مخالفة إلى حد كبير على الأقل لثقافتنا السائدة حاليا في معظم البيوت، ولو أنها كانت مشوهة الوعي لما شعرت أنت بمشكلة من ناحية الممارسة الحلال معها ولا شعرت بأنها باردة ولا بأنها لا تطلبك وترمي نفسها عليك مثل ما ترى في لقطات الفيديو والصور، لكنك لم تكن سترى فيها الزوجة الصالحة وغالبا كنت لن تجد في سلوكها هذا عاصما لك مما أنت فيه الآن وتود الخلاص منه، أنا أراها بريئة تماما في الحقيقة.
وأما الجنس الفموي وغيره من الممارسات التي أشرت إليها فإن لشيخنا الجليل الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي فتوى بشأن هذا الموضوع وهي إجابة تنم عن فقه الشيخ، إذ يقول: "بالنسبة لقضية الفم أول ما سئلت عنها في أمريكا وفي أوربا عندما بدأت أسافر إلى هذه البلاد في أوائل السبعينيات، بدأت أسأل عن هذه الأشياء التي لا نسأل عنها في بلادنا العربية والإسلامية، هم معتادون على التعري عند الجماع، طبعاً نعرف أن هذه مجتمعات عري وتبرج وإباحية، المرأة تكاد تتعرى من لباسها، فأصبح الناس في حاجة إلى إثارة غير عادية، نحن عندنا الواحد لا يكاد يرى المرأة إلا منتقبة أو محجبة، فأي شيء يثيره، أما هناك محتاج إلى مثيرات قوية، ولذلك لجئوا إلى التعرّي، وقلنا: إن التعرّي لا شيء فيه من الناحية الشرعية وحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "احفظ عورتك إلا عن زوجك وما ملكت يمينك"، الآن في هذا الأمر إذا كان المقصود به التقبيل فالفقهاء أجازوا هذا، إن المرأة لو قبّلت فرج زوجها، ولو قبّل الزوج فرج زوجته، هذا لا حرج فيه، وإذا كان القصد منه الإنزال فهذا الذي يمكن أن يكون فيه شيء من الكراهة، ولا أستطيع أن أقول بالحرمة؛ لأنه لا يوجد دليل على التحريم القاطع، فهذا ليس موضعَ قذر مثل الدبر، ولم يجئ فيه نص معين، إنما هذا شيء يستقذره الإنسان، وإذا كان الإنسان يستمتع عن طريق الفم فهو تصرف غير سوي، إنما لا نستطيع أن نحرمه خصوصاً إذا كان برضا المرأة وتلذذ المرأة (والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) فهذا هو الأصل (يوسف القرضاوي - 2000).
ثم من قال لك إن الحياة الجنسية لم تكن مفتوحة عند العرب والمسلمين؟ ألم تقرأ طوق الحمامة لابن حزم؟ ألا تعرف أن الإسلام لم يحدد الزواج فقط بأربع، وإنما حرم الجمع بين أكثر من أربع في نفس الوقت يمكنك أن تتزوج عشرين، وربما أكثر، ولكن لا يجوز أن يجتمع على ذمتك أكثر من أربع في نفس الوقت، وسبب ذلك هو ما ذكرته لك في أول ردي عليك من أن المتعة حلال في الإسلام إذا ارتبطت بالمسئولية والعدل؟ ومن أجل هذه المسئولية والعدل والحرص على قدرة الرجل على الوفاء بهذين الشرطين وضع الحد الأقصى للنساء في عصمة الرجل في وقت واحد.
ألا ترى يا أخي أن تفعيل ممارستك للصلاة، وذكرك لله سبحانه وتعالى بحيث تصبح ذات أثر على حياتك جزءٌ من أهم أجزاء علاجك؟ ألا ترى معي أن فضلا كبيرا يكون في جعل صلواتك الخمس ناهيات لك عن الفحشاء والمنكر؟ وفي علاج نفسك لنفسك بتلاوة القرآن وبذكر الله عز وجل ألف فضل وفضل؟ ألا يكون ذلك تصديقا وتفعيلاً لقوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم {اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصّلاة إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر اللّه أكبر واللّه يعلم ما تصنعون} (العنكبوت:45).
وكذلك قول سيد الخلق عليه الصلاة والسلام (صحيح المعنى وإن ضعف إسناده): (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له)، وفي رواية أخرى (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ويكون الوصول إلى ذلك بأن تقرأ أو تسأل عن كيفية تفعيل دور العبادات في تزكية الأنفس، وهو مبحث من أهم مباحث ديننا الحنيف.
إذن فما بين إدمان الجنس ووسواس الجنس -وكلاهما ضعف قد يأخذ الصورة المرضية- ترى حالك أو حالتك، وأرى أنا الأمر أبسط من ذلك، وإلا فمرضى أمتنا من الشباب أكثر من كل ما نتصور أو نتخيل، وحتى لو اختلفنا حول المسمى فإننا لن نختلف إن شاء الله حول العلاج، وسأسميه العلاج بالعبادات.
وأختتم ردي عليك متمنيا أن يكون قد سقط مني الكثير في هذا الرد؛ لأن من سيعقب علي هو أخي الدكتور أحمد عبد الله الذي تطفلت أنا على كثير من تجلياته وهو يتكلم معي وأناقشه ويناقشني على عجل أغلب الأحيان، ونحن نتأمل حال أمتنا، ونسأل الله الفوز بدور في جهادنا المدني على هذه الصفحة المباركة، فما سقط مني سيلتقطه أخي الدكتور أحمد عبد الله، وهو نعم الشريك في الأجر إن شاء الله.
يضيف د. أحمد قائلا:
أخي الحائر:(41/166)
أهلاً بك ومرحباً وأنت تنشر أمامنا جميعاً صفحة مطوية عن معرفة ومصارحة الكثيرين، ومن نجاحات صفحتنا هذه أنها تأتي بمثابة تشجيع للناس على ذكر ما يعيشونه حقيقة لا نفاقاً ومداراة، ولا تزويقاً للكلام أو ادعاءً للمثالية أو لما هو غائب من سلوكيات أو أفكار نهتف بها كثيراً، ولا يطبقها منا أحد ـ تقريباً ـ ولعل رسالتك تكون دافعاً لغيرك لنتعرف جميعاً على حقيقة واقع الحياة الجنسية في مجتمعاتنا بعيداً عن التزوير أو التهويل أو أقنعة الصلاح المكذوب، وتداول الحقائق هو أول خطوة على طريق التعامل الصحيح مع الواقع تعريفاً ومعرفة بالصواب، وعلاجاً لما هو خطأ بعون الله.
وأسئلتك التي منها:
هل كل الناس يحسون مثلي؟! هل كلهم يتصرفون مثلي أم أغلبهم أم...؟!! كيف يستطيع الرجال الملتزمون التقيد والضبط للغريزة؟! هذه الأسئلة يجيبك عنها الناس من خبراتهم، وهذا للرجال كما للنساء، وشكراً مقدماً لكل من يكشف لنا عبر تجاربه الشخصية جانباً مجهولاً من حياة أهلنا فنعرف عن حق، ونتعامل عن معرفة صحيحة.
لكنني أستطيع أن أجيبك على خلفية كوني رجلا، وطبيبا متخصصا، ومهتما بشئون النفس والجنس، وتصورات البيئة التي أتحرك فيها حول القضايا الإنسانية والاجتماعية، والجنس منها بلا شك.
ولكي نفتح ملف الجنس في حياة الرجل العربي دعني أقول لك مبدئيًّا:
1- كثيرون مثلك يعانون من "مشكلات" في تلبية حاجاتهم الفطرية بالغريزة الجنسية قبل وبعد البلوغ، ولأن إشباع هذه الغريزة بالنكاح الحلال هو أمر قد يتأخر غالباً إلى حد الثلاثينيات من العمر -للأسف الشديد- فإنه تشيع ممارسات من قبيل التحرش بالأطفال، وقضاء الشهوة عبر نشاطات منحرفة، أو ليست هي الأصل الطبيعي، وأحياناً يظل تأثير هذه الخبرات عالقاً بالذهن من ناحية الشعور بالحرمان والذنب، وتراكم الطموح إلى الأكل حتى التخمة بعد طول التجويع، وكلاهما -أي التخمة والتجويع- حالة سلبية تضر الجسد، كما تضر النفس في حالة الحرمان من الجنس أو التخمة به كما سنشرح لاحقاً.
2- ورغم الحرمان من الجنس، وربما بدافع منه، ومن ظروف كثيرة محيطة يدخل الكثيرون في دائرة "المشاهدات" الحية في المجتمعات التي تقبل وتتيح الفرصة لحركة النساء بلباس كاشف، وفي كل المجتمعات جاءت الوسائط الأخرى لتنقل صورة العورات والممارسات الجنسية صوتاً وصوراً ثابتة أو متحركة لنصبح أمام ضغط آخر كبير باتجاه إثارة الشهوة وإشعال الغريزة التي لا تحتاج أصلاً إلى إشعال!!
وبالتالي بدلاً من أن تكون في حجمها الطبيعي بلا كبت أو إفراط أو إغراق يتضخم حجم وهاجس الغريزة الجنسية بفعل ثنائية: الكبت / الإثارة، ويبدأ الرجل تحت "تأثيرات" الحرمان القديم، والإغراق في المشاهدات التي تتسلل عبر عينيه لتحتل تفكيره ونفسه.. يبدأ الرجل في البحث عن "مغامرات" عاطفية أو جنسية في البيئة المحيطة، والتي توسعت مساحتها بفعل وسائل "الاتصالات" الحديثة، كما في حالتك.
3- ولا يفيد الزواج كثيراً في الاشتباك مع هذا المسار، سواء من ناحية تصورات الزوج أو أحلامه فهو تحت تأثير ما يرى من صور حية أو عبر الوسائط الاتصالية يبحث عن أجساد معينة، وممارسات معينة هي بالجملة دعائية وتمثيلية ومصنوعة أكثر مما هي حقيقية أو إنسانية أو واقعية، فأنت مثلاً تبحث عن امرأة تفعل معك كذا وكذا... كما شرحت في رسالتك، وتنتظر هذا من زوجتك التي خلفيتها الجنسية بالأصل متواضعة غالباً كما هو الحال في مجتمعاتنا، وأقسم لك وأنت في تشوشك وترددك هذا -أن زوجتك لو طلبتك للفراش أو فعلت بعض ما تقول أنت إنك تطمح إليه، لشككت فيها وفي عفتها وأخلاقها؛ لأنها بهذا ستكون مخالفة للشائع الذي هو الجهل والمداراة، واصطناع الحياء، واعتبار الجنس شيئاً خارجاً أو سخيفاً أو واجباً ثقيلاً، أو هكذا ينبغي أن نقول أو تقول أو تظهر كل زوجة، فهذا من ميراثنا الثقيل، فهل أنت مختلف في عقليتك عن محيطك؟!
4- ولا أريد أن أتطرق أكثر إلى التاريخ الجنسي لزوجتك، والذي ذكرت أنت منه لقطتين تظهران بؤس هذه الزوجة المسكينة من ناحية تلبية رغباتها وحاجاتها، فأنت تزوجتها عاما، ثم تركتها ثلاثة أعوام كاملة عاشت هي فيها بدونك، وبدون جنس، بعد أن ذاقته بالزواج لمدة عام فصارت زوجة مع إيقاف التنفيذ؟!
فهل المطلوب من المرأة أن تكون جهازا للمتعة يعمل بالأزرار!! تضغط على أحد الأزرار فتعطيك إثارة وغنجاً وأنوثة متدفقة طاغية، ثم تضغط على آخر فتتوقف الماكينة لمدة ثلاث سنوات كاملة في انتظار الاستقدام، ثم تضغط على زر ثالث فتحمل وتلد، ثم تعود سيادتك إلى زر الأنوثة والإثارة والجنس فتضغط عليه، وتذهب بعد ذلك تندهش لماذا زوجتي فاترة جنسيًّا؟! لماذا هي باردة؟!.. لماذا لا تعمل الماكينة؟!!
هذا فضلاً عن إهمالك إياها بعد قدومها فلا تبحث أنت عنها إلا بين الحين والحين لتحقيق الإشباع الجزئي الذي تقول إنك تحصل منها عليه!
وتتأخر بالعمل لمشاهدة العاريات، وتتصل بالهاتف الدولي لتمارس الجنس بالهاتف فتجرح أنوثتها وإنسانيتها، ولعل الرسائل المباشرة وغير المباشرة تصلها منك كل يوم متسائلة ومندهشة ومتعجبة تصفعها وتؤذيها بأنها: لماذا فاترة وباردة وغير مثيرة؟!
ألا تعرف يا أخي الجامعي أن البشر ليسوا ماكينات، وأنها من لحم ودم وأعصاب، كما أنت كذلك، وأن لديها رغبات وحاجات، ولكنها تحتاج إلى البيئة الآمنة المناسبة الدافئة لتخرج وتنطلق، وأنك لم تبذل إلا أقل القليل لتوفير هذه البيئة؟!
5- ولعلها هي أيضا لديها أحلام وأشواق مثل الأخت التي كتبت لنا تقول: "سأطلب الطلاق؛ لأن من حقي أن أجد إنساناً يحترم أنوثتي وإنسانيتي، ويحبني ويعطف علي بوصفي كائناً آدميًّا، وليس مجرد أداة لمتعته وقتما يريد!!"
ولو تأملت أنت ووضعت نفسك مكانها فربما تفهم أن حرمانها منك ومن الجنس لمدة أعوام كان قاسياً ومدمراً لمشاعرها ورغباتها، ولو أتيحت لها هذه الفرصة لوصفت لنا كيف أنك أنت أيضا تؤثر عليها عاريات الإنترنت، وعاهرات الهاتف، وتترك فراشها بارداً خاملاً إلا من بول طفلك وصراخه، ومعاشرتك إياها من آن لآخر، وبين هذا وذاك لا غزل ولا تقدير، ولا شيء مما تفعله مع الأخريات لتحصل على الجنس، وكأن هذه المقدمات حلال على الجميع، وحرام على زوجتك؛ لأن الجنس مع زوجتك مجاني بحكم الزواج، ومع الأخريات هو مدفوع في المكالمات والمجاملات، فهل هذا عدل يا جامعي؟!
وكم منا يفعل هذا وهو عنه غافل أو متغافل؟! وهل هذه هي
مقتضيات الإيمان الذي تقول أنت ويقول أغلبنا إنه يتمتع به؟! بئس الإيمان هذا الذي لا يردع صاحبه عن ظلم ذويه وأقرب الناس إليه.
6-غريزة الجنس لدى البشر أجمعين وهي تثور بالكبت، وتثور بالإشعال والمهيجات والمؤثرات، ومنها الصور التي تقول إنك "تعودت" عليها، والإثارة المستمرة ستطلب إشباعاً مستمراً، وزوجتك لن تسعفك إما بسبب جهلها الجنسي أو بسبب إنهاكها مع الصغير الأول، وخبراته الجديدة ومتطلباته، وإما بسبب خجلها، أو كرد فعل على سلوكك أنت معها، وربما بهذه الأسباب جميعاً، وربما أيضا؛ لأن ما تطلبه أنت أصلاً إنما هو زائد عن الأصل بسبب الإثارة المستمرة التي تشعلك وتشغلك بالتالي عن كل ما سوى الجنس من اهتمامات وهوايات، بل وعن عملك، وكل حياتك، وهو ما يقترب بحالتك من الإدمان المرضي لمشاهدة الصور العارية فتشعر أنك مختنق حين لا تحصل على "الجرعة" من آن لآخر، وتشعر بدوام المشاهدة أنك مخنوق؛ لأنك مكبوت تريد أن تمارس ما تراه.
وهذه هي الحلقة المفرغة التي فيها تدور أنت وغيرك وكثيرون، ولو ضاجعت كل نساء الدنيا، ولم تبق منهن إلا واحدة، ونظرت إليها وإلى محاسنها لتمنيت أن تعاشرها هي أيضا من باب التجريب والتجديد، وهذا الشعور طبيعي وموجود أصلا، فما بالك وأنت تثيره بمشاهداتك؟!
7-أطلت عليك وعلى قرائنا، ولكن رسالتك تهمني فيما تفتحه من موضوعات متعددة قد لا تتاح الفرصة لتغطيتها في كل وقت، ولكنني سأكتفي بما سبق في الشأن الخاص بك، وأحاول أن أجيبك باختصار عن أسئلتك فيما يتعلق بالشق العام:
• الحياة الجنسية في الإسلام مفتوحة جدًّا مقارنة بأديان أخرى متشددة، ومقارنة بواقعنا الذي تحكمه أعراف وتقاليد بالية غالباً، فلم تكن توجد أية مشكلات جنسية ـ تقريباً ـ في المجتمع الإسلامي الأول، أي لم يكن هناك رجل شاب يريد نكاحا ولا يجد، إلا فيما ندر، في المجتمع الإسلامي الأول، وكان الزواج سهلاً ميسوراً مثنى وثلاث ورباع، وكانت المرأة أيضا محترمة ولها رغباتها وحقوقها، فكانت تطلق وتترك هذا لتتزوج ذاك، ولا تبقى إحداهن دون زوج إلا برغبتها، ولا يهجرها زوجها ويسافر لسنوات بسبب ظروف عمله، أو غير ذلك مما نعيشه من انحرافات.
وعرف المجتمع المسلم دائماً أشكالاً من الزواج الشرعي، ولا يوجد اختلاف إلا فيما يخص الزواج المؤقت سلفاً -كما عند الشيعة- أما أي زواج يحقق الأركان الشرعية فكان شائعاً حتى لم يكن هناك مشكلة "قضاء وطر" في المجتمع المسلم، ولكنني مثلك أرى واقعاً مختلفاً اليوم.
• الجنس فعل إنساني واجتماعي، وليس علاقة جسدية فقط، وهو في الغرب ليس مفتوحاً إلا في إطار بيئة وثقافة محددة، وللأمر أعراف هناك وطقوس وثقافة ومسئوليات، وليست المسألة اعتباطاً أو عشوائية أو كما نتصور بتسطيح الفهم للغرب وحياته.
والراحة مثلاً التي تتحدث عنها هناك مرتبطة ببقية الحزمة الثقافية والاجتماعية الموجودة والتي تتمحور حول ما يسمى بالحرية الجنسية، حيث لا ضابط ولا قيد إلا رغبة الطرفين، فهل توافق أنت على بقية مكونات هذه الحزمة فيكون من حق زوجتك تجريب رجل غيرك؟! وممارسة حريتها الجنسية كما تريد أنت أن تمارسها؟! أم أنك تريد أن تأخذ من النمط الغربي ما "يحررك" أنت فقط؟!! أما زوجتك فلا؟!!
الطاقة الإنسانية الحيوية ورصيدها في النفس محدود، وهي تنصرف في الأنشطة المختلفة للإنسان، وإدمان الجنس يبدد هذه الطاقة فيكون مرضاً مثل الحرمان منه، وربما أخطر، فالمحروم من الجنس قد يتسامى فوق شهواته -ولو إلى حين، ويستثمر طاقته في إبداع أو إنتاج معرفة أو آداب أو فنون، ولكن مدمن الجنس ضائع، ومستنفد فيما يقوم به، كما أنك مستنفد، ولكن في مجرد الخيالات والتمنيات!!
وصدق العرب حين قالوا:
"من تعود أفخاذ النساء لم يأت بشيء".. أي من إنتاج أو إنجاز أو ما شابه لأن طاقة إبداعه تتبدد عبر فرجه المنهمك في الممارسة، وعقله المستغرق في التفكير بها، وهذا عند الإدمان.
• الجنس نشاط جميل، وله قوة خارقة جارفة كما تصف أنت، ولكن الاستغراق في هذا النشاط وحده يضر من نظرة العين إلى حبس النفس بحرمانها من أنواع اللذة الأخرى، وهي كثيرة.
وقلتُ من قبل وأكرر لك أنني رجل أحب الجنس مثلك، ومثل أغلب الرجال، ولكنني أحب السفر، وللسفر لذته، وأحب المعرفة، وأحب عملي، وأحب الاجتماع بالناس، وأحب الفنون الراقية، وأحب الصلة بالله سبحانه من قبل ومن بعد، فهل تتفضل أنت وتنصحني كيف أحصل على كل هذه اللذات، والعمر محدود، والطاقة محدودة؟!
أنا مثلك أريد أن أقيم علاقة مع كل جميلات العالم، ولكن بالله عليك متى أقوم ببقية الواجبات، وأحصل على مذاق بقية اللذات؟!
وأنا أعرف أنني مثلك لا أريد أن أكون حيواناً جنسيًّا، ولكن قل لي كيف يمكن تحقيق هذه الموازنة والانسجام إلا بوضع الجنس وأنشطته في حجمها وسط أنشطة الحياة الأخرى فلا كبت ولا إثارة بالنظر، ولا مغامرات فاشلة، ولا إدمان للصور، وهذا فارق كبير بين ثقافتنا وثقافة الغرب، فالجنس في أصل ثقافتنا وديننا هام ورائع ولذيذ، ولكنه ليس كل الحياة، ولا أهم ما فيها، ولذلك كان الإغراء الإلهي بجنس أفضل وألذ في الآخرة لمن أحبوه في الدنيا، ولكن ضبطوه وانضبطوا لتحقيق الغايات الأخرى من العيش في هذه الدنيا، وهي خلافة الله في الأرض.
وأخيراً يا أخي الكريم فإن زوجتك تحتاج إلى تعليم وتحرير لرغباتها، وهذا في يديك إذا تعلمت أنت وعلمتها، وأفسحت لها بهدوء وتدريج سعة المجال للتعبير عن مشاعرها وخيالاتها ورغباتها، أو تدفع لها أجرة الاشتراك في دورة متخصصة لتعليم الجنس للمتزوجات، وهو ما بدأت فيه بعض أخواتنا المتخصصات.. جزاهن الله خيراً، وأرجو ألا تستغربها أو تقمعها أو تشك فيها حين تتحرر من قيود نشأتها، وأقنعة تغافلها.
ولمن يريدون حل مشكلة الجنس في مجتمعاتنا أن ينزلوا لتغيير المجتمع بعاداته وتقاليده وثقافته الحالية المشوهة ليعود إسلاميًّا بحق، ومتوازناً بصدق.
ــــــــــــــــــــ(41/167)
في التخطيط لقيادة الأمة سؤال عن فقه الاستمناء!
الحياة الجنسية, الشباب والقضايا العامة
بسم الله الرحمن الرحيم، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. الحمد لله رب العالمين الذي بعث الإسلام دينا يقضي على الجهل والباطل، ويرفع الحق والعلم وكل ما يؤدي إلى رقي البشرية جمعاء في علومها وسياساتها.
وإحدى أهم السياسيات التي بلا شك كان لها نصيب كبير من اهتمامات البشر هي العلاقات الاجتماعية بين متباين الناس، وفي المجتمع الواحد، وعبر الطرق الإسلامية الصحيحة الخالية من الخلل. وما أفضل من تشكيل شبكة تمكن الفرد من الاطلاع على ما يحدث في جزيرة محمد، وفي نفس الوقت تمكنه من الطرح الدائم لتساؤلاته ومناقشتها في مختلف الميادين؛ بدءا من السياسة ومرورا بقضايا العصر الحديثة.
لهذه الأسباب قد نطق لساني بلا أمر عقلي تبجيلا وشكرا لكم في هذا الموقع الإلكتروني لاهتمامكم بمسائل الرجل والمرأة والشيخ والشاب والطفل. فإن هذا الأمر إن دل فإنما يدل على تفوق هذه الشبكة في مجال العلاقات التي تربط خلق الله ببعضهم، وتبين الصحيح وتغلق الباب أمام الخطأ والجهل؛ أحد أكبر عيوب هذه الحقبة من الزمن.
أبدأ بالمشكلة الأولى ألا وهي طموحي الكبير، وفي نفس الوقت أطرح على نفسي سؤالا أقول فيه: وهل كان الطموح يوما مشكلة؟! فطموحي أنا ليس كطموح معظم شباب هذا الزمان؛ فأنا أحلم بقيادة هذه الأمة، وجرها نحو الإصلاح التام من الفساد.
وأنا متفوق بشكل ملحوظ بدراستي، ودائما -والحمد لله- أحتل المراتب الأولى فيها، كذلك في المسابقات الداخلية والخارجية للمدرسة. أواجه من جهة تشجيعا كبيرا خاصة من أساتذتي، ولكن رغم التعمق بالدين أجهل ماذا يقول النبي الأعظم في هذا المقام، فقل لي سيدي أو سيدتي الحديث الحكيم من اللسان المبين ألا وهو لسان رسول العلم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
المشكلة الثانية هي نتاج المشكلة الأولى فتراني دائما أبدأ التخطيط لعهدي في قيادة الأمة، وآخر أفكاري الجنونية هي عقد مؤتمر لشباب من كل الدول العربية لديهم مبادئي وعبقريتي؛ حيث نعمل معا لوضع كتاب "تعاليم جزيرة محمد"، وهو كتاب بمثابة مخطط لاسترجاع الأرض المقدسة والعمل من أجل هذا في السنين القادمة. فهل من الخطأ أن أكون بهذا الفكر؟
وفي النهاية أريد أن أعرف موقف الإسلام من الاستمناء، والسلام عليكم، وشكرا.
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الابن العزيز أهلا وسهلا بك على صفحتنا مشاكل وحلول للشباب، وشكرا جزيلا على ثقتك وإطرائك لموقع إسلام أون لاين، أعجبني حماسك واستفز فيَّ كثيرا من الآمال في أمثالك من أجل ما ننادي به من ضرورة تحالف الأجيال، وتعاقب الأمواج البناءة ، من أجل أن تنهض أمة محمد عليه الصلاة والسلام؛ فأنت تحمل من الحماس ما أشعرني بالفخر حقا، إلا أن أفكارك الجنونية -كما وصفتها أنت- تخيفني جدا يا بني!
فطموحك الجميل هو طموحنا جميعا، وإن كنت قد أوقع فيك الشيطان بعضًا من الأنانية التي تغذي اندفاعك، وانشغالك الزائد عن الحد في التخطيط المبكر والمبتسر كما يتضح من قولك: "فطموحي أنا ليس كطموح معظم شباب هذا الزمان؛ فأنا أحلم بقيادة هذه الأمة، وبجرها نحو الإصلاح التام من الفساد".
فأنت تخطط الآن لعهدك في قيادة الأمة! بينما نحن وأنت لم نزَل في مرحلة الفهم المبتسر (غير المكتمل) لكثير من الأمور التي نحتاج الإلمام بها قبل أن نضع خطة عالية الهدف من أي نوع، فضلا عن أن نعقد مؤتمرًا!
لوضع كتاب "تعاليم جزيرة محمد" هذا بكل تأكيد تفكير خاطئ يا فتى! وأتمنى ألا يزيد ذلك التفكير عن كونه أحلام يقظة متناثرة تداوي بها جروحك النازفة وأنت ترى أمتنا تنزف كل يوم على مرأى ومسمع من الجميع وأنت منهم. أتمنى ألا تزيد جنونية أفكارك تلك كيلا تصل حدودا لا تُحمد عقباها بالنسبة لك على المستوى الشخصي، ولعائلتك وأهلك على المستوى الجمعي.
وأما المطمئن نوعا في إفادتك فهو تفوقك دراسيا؛ فهو دليل على أنك ما زلت متماسك البنيان ذهنيا ونفسيا، وإن كنا لا نأمن أن يأخذك الإغراق في أحلام اليقظة من مثل ذلك النوع إلى حيث تهمل درسك ونفسك، وتبقى تفكر وتخطط؛ فهنا يصبح الانفصال عن الواقع إضافة إلى الشعور المبالغ فيه بالعظمة والأهلية لقيادة أمة المسلمين خلطة معرفية جد خطيرة.
يستوقفني بعد ذلك قولك: "ولكن رغم التعمق بالدين أجهل ماذا يقول النبي الأعظم في هذا المقام؛ فقل لي سيدي -أو سيدتي- الحديث الحكيم من اللسان المبين ألا وهو لسان رسول العلم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم"، وأنا هنا أسأل: ماذا يقول عليه الصلاة والسلام في ماذا؟ في مشاعرك وأفكارك أنت شخصيا؟ أم في ماذا؟ لقد قال سيد الخلق صلوات الله وسلامه عليه في حجة الوداع وهو يبين للأمة طريق العصمة من الضلال: "وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله" رواه مسلم، وزاد مالك في الموطأ: "وسنتي" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فهل ترى لذلك علاقة بما تسأل عنه؟
أنا أقول لك: أين العلاقة؟ إن العلاقة تكمن في أنك تتساءل عن بديهيات -أو هكذا يجب أن تكون في ذهن من يخطط لعهده في قيادة الأمة- وتقول: إنك رغم التعمق في الدين تجهل، وتجهل ماذا في نهاية المطاف؟ وتسأل عن ماذا؟ عن حكم الإسلام في الاستمناء؟! لست أدري لماذا يستفزني سؤالك، ولكنني على أي حال لن أكرر ما سبق ونقلناه على الإنترنت من كلام فقهائنا العظام في هذا الموضوع، وتجده متناثرا في ردودنا على كل من موقع إسلام أون لاين، علىصفحتنا مشاكل وحلول للشباب وعلى موقعنا مجانين نقطة أورج، وعلى سبيل التمثيل لا الحصر أحيلك إلى:
الاستمناء، شماعة الجهل التي ذابت
الاستمناء القهري: العادة المُسْتَنْزِفًةُ
عقدةُ الذنب والاستمناء !
الاستمناء أثناء النوم: الأوضاع قبل الأحكام.
ولكنني ما زلت لا أستطيع الإجابة لنفسي عن كيف تخطط لقيادة الأمة وأنت تجهل حكم الاستمناء الفقهي؟ ليس طبيعيا بالمرة في مثل هذا السؤال أن تسأل عن موقف الإسلام من الاستمناء!!
ثم ما هو المقصود بجزيرة محمد؟ إن دين محمد النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام جدير بأن تراه المحيط الذي تتناثر فيه الجزر، وليس هو الجزيرة؛ فهو دين متين لن يشاده أحد إلا غلبه، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
ما أراك يا بني إلا متعمقا في الأحلام بالخير لهذا الدين وهذا شيء طيب لكنه يحتاج إلى توجيه، وأما أنك متعمق في الدين فأنا أرى أن هذا غير حادث، وأنك تحتاج إلى من يدلك في خضم العصر الذي نعيش فيه لتعرف الدين الصحيح الذي يجب أن تعرفه ولكي ترشد أفكارك، وتكسب وتكسبك الأمة من أجل استعادة ديننا الحنيف بالمعنى الذي أوضحه أخي الدكتور أحمد عبد الله حين كتب : البركة أم اللعنة؟! الدين ومجتمع المعرفة، وأن تفكر في المشاركة من خلال الجهاد المدني شريكا لإخوانك الذين تود عقد مؤتمر لهم دون أن تكون رئيس المؤتمر بالضرورة.
ــــــــــــــــــــ(41/168)
اختلاس النظرات في مدرسة البنات
العادة السرية, الشهوة
أنا شاب في العشرينيات، أعمل أستاذا للمرحلة الثانوية للغات الأجنبية، غير متزوج؛ لأن ظروفي لا تسمح لي بولوج باب الزواج الآن.
إن أول ما يكرهني في نفسي أنني لا أملك أن أغض بصري عن رؤية ما يقابلني من مفاتن البنات والنساء، فتراني أتابع ببصري صدور البنات أو مؤخراتهن (عفوا)، وأطلق العنان لخيالي، وقد يقع ذلك حتى في القسم (الفصل) وأنا أدرس، رغم أنني -والحق يقال- لا أُشعر أي واحدة بذلك؛ لأن ما يقع لا يعدو كونه استراقا للنظر، ولا تطول إطلاقا مدة النظر، وقد تدوم ثانية أو ثانيتين أو أكثر بقليل، فأحس أنني امرؤ صاحب نقيصة، رغم ما أعتقده في نفسي من خلق وتمسك بالدين.
فهل في ذلك إغضاب لربي وتضييع لأمانة المدرس؟ وكيف أزجر نفسي عن فعل ذلك؟ وكيف أنأى بها عن هذه الآثام؟
وثانية المشاكل لعلها تقترب إلى حد معين مع كثير مما يرد لكم من مشاكل الشباب، وهي "العادة السرية" -أعزكم الله- إلا أن ما قد يختلف هو كوني لا أمارسها بشراهة، فتجدني في حاجة لها في بعض الأحايين فقط، وبخاصة عندما يقع بصري على بعض أجساد النساء أو حين يجمح خيالي في استحضار صور ومشاهد للجنس.
قد أدرك الآن أنكم تفكرون (مُسيري الموقع) أن تحيلوني على ما ورد في هذا الركن من حلول لكثير من المشاكل في هذا النوع، أو قد تكتفون بالإشارة إلى ما ورد في أرشيفكم المحترم عن الاستمناء وعواقبه وطرائق الإقلاع عنه؛ فأخبركم أني لا أريد هذا؛ لأنني قرأتها جميعها، وأعدت قراءتها بل وأنزلت عددا كبيرا منها على الجهاز، فأنا أبغي منكم ردا شافيا كافيا يجعلني أتركها نهائيا.
إنني أصل أحيانا؛ فأكاد أضع يدي على المصحف الشريف لأحلف بالله أن أقلع؛ فلا أستطيع فعل ذلك؛ لأنه تنتابني مخاوف، مؤداها أنني لن أحفظ عهدي هذا لربي، ولا أملك هذا العهد، ولكنني أدركت بعض الإشكال، ولعله ضعف الإرادة أمام سطوة الشهوة وسلطان الجنس، ولكني لا أعتقده كل الإشكال.
أرشدوني رجاء، بالله عليكم: هل لي أن أحلف على المصحف الشريف على ترك الأمر مرة واحدة؟ وإن أرشدتموني لذلك فلكم ولله علي فعل ذلك، وإذا فعلته فهل لي من قوة من الله تساعدني على الوفاء بذلك العهد إذا قطعته لمولاي؟
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
كان هناك حرص في الماضي على ألا يكون هناك مدرس شاب يدرس في مدرسة البنات، خاصة إذا كان عزبًا، وإذا كانت المدرسة ثانوية؛ حيث يكون الأمر من الخطورة من الطرفين؛ فيكون الأمر قاسيا على هذا المدرس الشاب العزب في تحمل النظر لهؤلاء الفتيات اللائي يكنّ في بداية انطلاقهن نحو سن المراهقة جسديا ونفسيا، وأيضا من ناحية هؤلاء المراهقات الصغيرات اللاتي يرتبطن نفسيا وعاطفيا بهذا المدرس الشاب اللائي قد يتخيلن أنه فتى أحلامهن لأثر المدرس العام في نفس طلابه، ولطبيعة معاملته الخاصة لهم التي تتأثر بإحساسه نحوهم..
في النهاية يتحول الأمر إلى مشكلة قد يستطيع بعض المدرسين حلها في الظاهر ونفوسهم تموج وتغلي بمختلف الانفعالات، وبعضهم حتى لا يستطيع هذه المقاومة الظاهرية، وترى سلوكه قد يوقعه في الكثير من المشاكل المباشرة أو غير المباشرة.. وكان هذا الحرص في الماضي على وجود المدرسة (المعلمة) في مدرسة البنات، أو من كبر ونضج من المدرسين الرجال، بالرغم من قلة عدد المدرسات؛ فإن العجب أنه مع زيادة كليات التربية التي تخرج المعلمين والمعلمات؛ فإن الأمر قد انقلب، وأصبح المدرس الشاب يعين في مدرسة البنات، وتعين المدرسة (المعلمة) الشابة في مدرسة البنين المراهقين!!
والحل الذي نراه بالنسبة لمشكلتك في التعامل مع طالباتك هو أن تسعى لأن تنتقل إلى مدرسة للبنين حتى ولو كان في ذلك بعض المشقة، سواء في تقديم الطلب والسعي وراءه، أو ربما يكون النقل لمدرسة أبعد مسافة أو أقل مستوى من مدرسة البنات التي أنت بها؛ لأن ما تعده استراقا للنظر -فضلا عن إثمه الشرعي؛ حيث نظرتك متعمدة إلى مواطن الفتنة في طالباتك- مع التكرار لا يغيب عن فهم وفراسة هؤلاء التلميذات؛ لأنهن -شئت أم أبيت- يصل إليهن شعورك وانفعالاتك بما قد لا تدركه.. وهو ما يكون له أثر سلبي على نفوسهن؛ سواء بتأثرهن بهذه النظرات أو لاحترامهن لمدرسهن، أو فقدان الثقة فيه، وهو يسترق النظر إليهن..
إن الفعل العلمي بالابتعاد عن موضوع الفتنة هو الحل الأمثل، وهو الانتقال لمدرسة للبنين، خاصة أنك الأدرى بنفسك وبتأثرك مما يحدث..
وقد يقول البعض:
وهل هذه دعوة لكل المدرسين الشباب لترك مدارس البنات؟ وهل يمكن تطبيق ذلك؟
فنقول: إن هناك اختلافات شخصية في درجة المعاناة في هذا الأمر، وقد لا يعاني شاب آخر مما تعاني منه، أو يكون الأمر في نطاق السيطرة..
وهذا لا يعني عيبا فيك أو فيه؛ فهي اختلافات طبيعية ليس لأحد يد فيها؛ فقوة الرغبة أو الإثارة تختلف من شخص لآخر؛ وهو ما جعل للزواج أحكاما مختلفة حسب قدرة الشخص ورغبته؛ بين من يكون الزواج في حقه واجبا أو مباحا أو مندوبا، أو ربما يكون مكروها أو محرما حسب طبيعية الإنسان، وأنه مع ذلك فإنه ما دامت المدرسات قد توفرن في وقتنا الحالي؛ فالأفضل أن يكنّ هن الأولى في التدريس للفتيات في سن المراهقة..
بالنسبة لأمر العادة السرية؛ فإنك نموذج لما نذكره دائما في تقسيمنا للعادة السرية إلى نوعين: النوع الأول لشاب ملتزم يتقي الله قدر استطاعته، ويغض بصره قدر استطاعته، ولكن -كما تذكر في رسالتك- تقع عينه في بعض الأحيان على ما يثيره أو يثير خياله، متغلبة شهوته، فيمارسها، ثم يعود سريعا، فيقوم يغتسل، ويعود لنشاطاته الطبيعية، حريصا على غض بصره وإرضاء ربه..
وقلنا: إن هذا النوع هو الذي تحدث عنه الفقهاء الذين قالوا بحل اللجوء إليها لمن يخشى على نفسه من الوقوع في الفتنة.
وقلنا: إن النوع الثاني هو من يطلق نظره في المحرمات في الشارع، أو على النت، أو في القنوات الفضائية؛ فتشتعل مشاعره، فيذهب لاستدعاء الصور والخيالات، ويذهب للممارسة من أجل الحصول على المزيد من المتعة في دائرة لا تغلق، وقلنا بأن هذه هي العادة المحرمة التي يحتاج صاحبها لبرنامج للإقلاع عنها حتى يتحول إلى النوع الأول..
وليس الأمر دعوة للممارسة أكثر منها دعوة لمن ابتلاه الله بهذه العادة من النوع الأول ألا يضع جهده في الشعور المستمر بالذنب، والذي ربما يجعل للشيطان مدخلا بأن أصبح فاسدا، ولا يصلح للالتزام، وبالتالي يوقعه أكثر في الخطأ..
وإن من يصل إلى هذه الدرجة فليعلم أنه من اللمم المغفور بإذن الله، فليهم بسرعة، وليعد لنشاطه ولأعماله... وأنه مع الزواج -بإذن الله- ستنتهي هذه القضية؛ لأن الله الرحمن الرحيم المطلع على هذا الشاب الملتزم الذي يغض بصره قدر استطاعته، ويقف نفسه، ويتخذ كل الوسائل ما كان ليعاقبه على زلة بسيطة قام بعدها ليعود إلى حياته الطبيعية في طريق الله..
ونرجو أن تراجع ردنا المعنون " عالم العادة السرية وممارسة الجنس مع النفس" لمزيد من التفاصيل حول هذا الأمر..
ونحن معك ..
ــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ(41/169)
صديقنا يسأل عن "الصنبور"
الحياة الجنسية, مع النفس
أنا شاب أعيد الثانوية عدة مرات، أحس بفراغ كبير، عشت بالسعودية 16 سنة، أحب الوحدة أحس بتقلب في حياتي، فبعض الأحيان أصبح شيخا والبعض الآخر يافعا، أنا لا أحب أمور البنات من ناحية الحب وأراهن لممارسة الجنس، أمارس العادة السرية كثيرا، أحس بفراغ واسع وفشل لا أدري ماذا أفعل؛ فساعدوني.
... المشكلة
د.فيروز عمر ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
هل تعلم يا أخي أن صفحة "مشاكل وحلول للشباب" تستقبل مشكلات أصدقائنا بداية من سن 16 وهي سنك؟ هل تدري ماذا يعني ذلك؟
إنه يعني أن الشباب يبدأ تقريبا من هذه السن حيث يمر الإنسان بمنعطف تاريخي في حياته مع نهاية المراهقة وبداية الشباب، ويبدأ عندئذ في اكتشاف ذاته ومعرفة الحياة والكون من حوله، ويقف وقفة مع نفسه -كما تقف أنت الآن- ليراها على حقيقتها ويتحسس مشكلاتها وعيوبها واحتياجاتها وأحلامها.
أنت الآن تمر بهذه المرحلة، تنظر لنفسك فترى فشلا دراسيا وفراغا ووحدة وحبا للجنس!!
أقول لك هذه الوقفة في حد ذاتها شيء طيب ومبشر، والأهم هو أن ترتب هذه المشكلات حسب خطورتها، وتخرج بتوصيات عملية وتأخذ على نفسك عهدا بالالتزام بها بالتدرج وبكل إصرار وإرادة.
المشكلة المحورية هي الفراغ. لذلك فإن الحل السحري لكل معاناتك هو ملء هذا الفراغ.
إذا أعطتك والدتك كوبا فارغا، وقالت لك: "املأ" هذا الكوب ماء، فإنك ستتوجه للصنبور وتملأ الكوب من مائه، الأمر سهل.
ولكن عندما يعطيك الله "حياة" ثم أنصحك أنا بأن "تملأ" فراغ هذه الحياة، فسوف تسألني: أين الصنبور الذي إذا فتحته "يملأ" هذا الفراغ؟ أقول لك: الأمر هنا ليس سهلا، فليس هناك صنبور نفتحه ليضخ لنا أعمالا تملأ حياتنا بمجرد الضغط عليه!!
كيف تملأ هذا الفراغ إذًا؟!
أقول لك بعض النصائح لعلها تساعدك:
ملء الفراغ يبدأ من الداخل وليس من الخارج، بمعنى أنه يبدأ من اكتشافك لنفسك، وبحثك عما قد تميل إليه هذه النفس لتنميه وتطوره، فهل تميل للقراءة أم الرياضة أم الفنون أم النشاط العلمي؟
ولا تقل لي إنك لا تميل لشيء، ربما يكون هناك ميل كامن ولكنك لم تكتشفه بعد.. أنت في حاجة لاكتشافه الآن.. مع اكتشافك لذاتك أنت في حاجة للإحساس بدور لك في الحياة.
إن أول ما يسأل عنه الله سبحانه وتعالى عبده يوم القيامة عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه، كما يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك".
أنت لك مهمة في هذه الحياة إذًا، وسيسألك الله عز وجل عن هذه المهمة.. ترى ما هي؟ هل فكرت فيها؟
هناك دور مطلوب تجاه الله عز وجل من عبادات وقربات، وهناك دور تجاه أهلك من بر وصلة وإحسان، وهناك دور تجاه مجتمعك من أعمال خير وإصلاح، وهناك دور تجاه دينك من نصرة، وبذلك عليك أن تفكر في هذه الأدوار وتسعى لتحقيقها بالتدريج وبرفق، فإن هذا سيجعلك تشعر بمعناك وقيمتك في الحياة.
لا تحرم نفسك من الصحبة الطيبة فإن المهارة الاجتماعية شيء مكتسب، ومن الأفضل أن تحاول اكتسابه من الآن؛ لأنك إذا تعودت على الوحدة فسيكون من الصعب عليك التخلص منها وهذا ليس في مصلحتك.
أعتقد يا أخي الكريم أنك إذا استطعت أن تملأ الفراغ الداخلي عندك فإن حياتك ستتجدد بها الحيوية والنشاط، وعندئذ سيكون من اليسير تجاوز أو تحجيم باقي المشكلات مثل التعثر الدراسي وممارسة العادة السرية.
وأنا أدعوك للاطلاع على مشكلات سابقة، مثل:
المواقع الساخنة.. الاستمناء .. وداعاً للإدمان
تحت العشرين.. حب وجنس وفشل دراسي!!
أخي الكريم، لا تنس أن تصل نفسك بالله عز وجل فإنه سبحانه وتعالى نعم المعين، وأن تتوجه إليه بالدعاء أن تتجاوز هذه الكبوة وتخطو نحو مرحلة الشباب ناجحا متوازنا قويا.
ــــــــــــــــــــ(41/170)
ما بين "العادة" والعبادة.. أين قلبي؟
العادة السرية
لا أعلم كيف أبدأ؟ وهل هناك أصلا حاجة لذكر مشكلتي أم أكتفي بأن أطوي صدري على مشكلتي، وألملم جراحي وحدي، وأكفكف دمعي وحدي؟ فهذا ما أستحقه؛ أن أحيا وحدي.
الحقيقة أنا أرسل لك لا لأسمع ردا على مشكلتي؛ بل فقط أردت أن أبوح لأحد دون أخجل أو أكتم عنه شيئا من تفاصيل مشكلتي..
على كل حتى لا أطيل:
أنا طالب جامعي، في الحادية والعشرين من عمري، أعمل في حقل الدعوة إلى الله أو هكذا أدعي وأتظاهر، ولما أرى من تنافس الجميع حولي لبلوغ رضا الله حاولت أن أكون مع السائرين، ولا أخفي عليك أني دائما ما كنت في صبايا أشعر بأن الله قريب مني، وكأني محور الكون عند الله، وكم كنت سعيدا بهذا الشعور، ولكن مع مرور الزمن ومرحلة البلوغ وقعت في داء العادة السرية -للعلم ليست هذه هي مشكلتي الحالية- واستمررت عليها مدة من الزمن، ولكني قررت أن أحاول التوقف عنها تماما، وتابعت كل ما كتب عندكم عنها، وسمعت كل الشرائط المتعلقة بها..
المهم أنى في هذا العام ومن قبل 6 أشهر عزمت عزما وعقدت عهدا بيني وبين نفسي أن أمتنع تماما عن هذه العادة، وأن أحافظ على كمّ معين من العبادات والنوافل في مقابل أن يرزقني الله رؤية رسوله -صلى الله عليه وسلم- ليلة العيد.
بالطبع كانت هذه أمنية مني وتشجيعا لي على الصمود، وبفضل من الله توقفت عن العادة مدة 4 أشهر، وكانت قبلها أكبر مدة استطعت التوقف فيها شهرا واحدا أو يزيد قليلا، ومنيت نفسي أن أكون قد تحررت تمام من رق العادة السيئة.
واجتهدت قدر المستطاع في تحقيق باقي الشروط التي اشترطتها على نفسي في العهد، والحمد لله مررت بفترات قرب من الله وصفاء نفس.. وبدأ شهر رمضان، وتأهبت أنتظر آخر ليلة؛ لعلي أنال مناي وحلمي، ولكن العجيب أن مشكلتي بدأت مع رمضان.. فتور عجيب في الطاعة، وقلب قسا بشكل عجيب، لا أحس إقبالا على الطاعة، ولا أشعر لرمضان بلذة، كنت أختم القرآن 3 مرات في رمضان، لكنى لم أختمه ولا لمرة واحدة هذا الشهر، كنت أتوسل إلى الله أن يقيلني، وأن ينظر إلي لعله يرى ضعفي، فيرحمني، وكنت أشعر أحيانا أن الله استجاب دعائي؛ فأفرح، وأبتهج، ولكن سرعان ما يقسو قلبي بسرعة جدا، بسرعة لم أعهدها حتى أيام المعصية، ومرت الأيام، وبدأت العشر الأواخر، وأنا أترنح من يوم ليوم، ولكن ما إن بدأت العشر الأواخر حتى انهارت قوتي تماما؛ فما عدت أخرج من بيتي بتاتا، ولا حتى لأي صلاة إلا ما ندر، ولم أصلِّ التراويح في هذه الأيام المباركة سوى مرتين، ولم أعتكف كعادتي، رغم أن الظروف كانت متاحة وميسرة..
ثم ما لبثت أن عدت للمعصية مرة ثانية، ولكن هذه المرة ليس تحت وطأة شهوة، ولكن تحت وطأة من ضاقت به الدنيا؛ فلجأ للمعصية كوسيلة من تدمير النفس وتحطيمها، وإعلامها أنه لا مكان لي في رحمة الله ورعايته، ولعلك تدرك شعوري الآن بعد أن كنت أطمح لرؤية رسول الله هاأنا ذا أعود أقل أقل أقل من أي إنسان آخر، دخل رمضان وخرج منه، لا أخفي عليك أني أكتب لك هذه الرسالة الآن وأنا أجهش بالبكاء أحيانا، وأحيانا أخرى أحاول تصنع التجلد، وأنني إنسان ضال؛ فأعيش كما يعيش الضالون المنحرفون، لا أعلم كيف وصلت لما أنا فيه الآن، وقد تهربت من كل واجباتي الدعوية ومن ملاقاة الناس...
ولا أعلم كيف ستستمر بي الحياة؟
ملاحظة:
أنا أعيش وحدي في منزل، وأسرتي جميعها مسافرة في الخليج، وهذا أول رمضان أقضيه وحدي، وإن كنت لا أرى لذلك أي سبب فيما حل بي؛ بل على العكس كنت أحيانا أسعد بوحدتي لأصلي وأقرأ القرآن بصوت مرتفع، ولأناجي الله كيفما أشاء.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إن أحد أخطر الأمور التي تواجهنا ونحن نتعامل مع مشكلة العادة السرية هي حالة التهويل والتضخيم للمشكلة التي تصل بصاحبها لأن يتصور نفسه شيطانًا إن هو مارس العادة السرية، وفي المقابل سيكون ملاكا إن هو تخلص منها.. ونحن نتعامل معها من منطلق العادة الضارة على كل المستويات التي يقوم بها إنسان يحتاج للتخلص منها؛ ليصبح إنسانًا سويا في هذه النقطة؛ لتتكامل شخصيته بحرصه على كل ما يجعلها سوية منتظمة، وليس فقط بتخلصه من العادة السرية..
هذه النظرة الإنسانية المتوازنة التي نحاول أن نحرص عليها ونحن نطرح الحلول للتخلص من العادة السرية هي جزء من حل المشكلة؛ لأن الإحساس الشديد بالذنب الذي يوصل صاحبه لحالة شديدة من الإحباط تجعله يفقد الأمل، ويدخل في دائرة خبيثة تبدأ من "أنا مذنب كبير؛ لأنني مارست العادة السرية، وبالتالي لا أمل عندي أو لا مكان لي -كما تقول في رسالتك- في رحمة الله؛ فأنا شيطان، وعليه فسأستمر في ممارسة العادة السرية بإفراط شديد، ولا أحاول التوقف، ولا مانع من أن أمارس كل الأخطاء؛ لأنني شيطان يستحق التحطيم والتدمير"!
هذا الإحساس الخاطئ بالذنب هو أخطر ما نواجه، ولذا فإننا أول ما نوصله من رسائل لمن نساعده في التخلص من العادة السرية هو: فلتهدأ نفسك؛ لأنك تتعامل مع عادة ضارة، سنحاول التخلص منها ببرنامج سلوكي تدريجي، ينجح أحيانًا ويفشل أحيانًا أخرى، ويتدرج الأمر حتى يتحول الأمر إلى نجاح كامل، ولو حدثت انتكاسة فهي لا تعني نهاية العالم؛ بل أن يقوم الشاب على فوره بالاغتسال والعودة إلى أنشطته الطبيعية وبرنامجه السلوكي المعتاد.. فما حدث مجرد ضعف قد اعتراه في مواجهة شهوته مع اتخاذه كل التدابير.. ونجاحه يشعره بالقوة في تغيير سلوكياته الضارة أو السيئة، ويكون ذلك جزءًا أو بداية لتخلصه مما يراه غير مناسب أو يراه ضروريا لاستكمال شخصيته سواء على المستوى النفسي أو الثقافي أو الاجتماعي أو الديني.. فنجاحه في التخلص من العادة حدث عادي، مثل تخلصه من أي سلوك لا يرغب فيه.
إن رسالتك تجسيد لهذا الذي قدمنا له آنفا؛ فأنت رأيت في تخلصك من العادة السرية شيئا عظيمًا يستحق أن ترى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة العيد.. ولا أدري ما سبب تحديدك لهذا الأمر؟ وما هو المصدر الذي أوحى لك بهذه الفكرة؟ وبالتالي فأنت قد بدأت رمضان بتوقعات عالية عن نفسك، وكيف ستصبح ملاكا يقابل النبي في نهاية الشهر، ولأسباب مختلفة منها غياب أهلك عنك لأول مرة في حياتك في شهر رمضان، وهو عامل مهم لا يغفل.. فترت عبادتك، ولم تستطع أن تؤدي ما تتوقعه من نفسك، والذي تتصور أنك تستحق به المكافأة برؤية النبي -صلى الله عليه وسلم.
إن توقعاتك العالية، وعدم قدرتك على الوفاء بها هي التي أحبطتك لتدخل الدائرة الخبيثة، ويكون بدل الملاك الذي تصورت أنك ستتحول إليه عند نهاية الشهر رمضان شيطان تسعى لتدميره بالمعصية والأخطاء كما تتصور.. لست ملاكًا ولا شيطانًا.. بل أنت شاب ملتزم، وقع في المعصية أو الخطأ، ويحتاج لأن يقلع عن الخطأ أو المعصية، ويتوب عنها، ويأخذ نفسه بالتدرج، ولا يضع توقعات غير صحيحة أو واقعية..
وراجع معنا البرنامج السلوكي للتخلص من العادة السرية في حلنا المعنون المواقع الساخنة.. الاستمناء .. وداعاً للإدمان ، ورؤيتنا عن العادة السرية في حلنا المعنون ممارسة الجنس مع النفس ، وعندها ستتوازن حياتك، وستتوازن شخصيتك، والزم صحبة الأخيار، واعتبر ما حدث مجرد وهدة (حفرة) بسيطة تقوم منها نافضًا عنك الغبار لا أكثر ولا أقل.. بهدوء.. بغير إفراط ولا تفريط.. باعتدال.. فإن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه.. والمنبت لا أرض قطع ولا ظهر أبقى.. إنها التوجيهات النبوية التي تدعونا إلى الهدوء، والتي تراعي إنسانيتنا وكوننا أبناء آدم الذي كرمنا الله؛ لأننا نحمل الأمانة باختيار التي أبت السماوات والأرض أن يحملنها، وحملها الإنسان، وهو أهل لحملها بشرط أن يكون إنسانًا لا ملاكًا ولا شيطانًا.
ــــــــــــــــــــ(41/171)
يا يوسف هذا العصر..أبشر
الشهوة, مع الجنس الآخر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد..
فاختصارًا أنا عمري (16 سنة) أسكن مع أهلي في عمارة ومعنا في الشقق المجاورة أناس ساكنون معنا، ولكني أحس برغبة قوية في الجنس وهي قوية جدًّا وخاصة في الليل، وأعمل العادة السرية أيضًا، وقد حاولت أن أفعل بإحدى بنات الجيران معنا في العمارة، لكن بعد أبدت موافقتها، لكن انتابني شعور غريب في جسدي، ولم أستطع مجاراتها في الكلام، فذهبت عنها، ولقد نادتني أكثر من مرة؛ لأنها تحس بنفس الشعور الذي أحس به، ولم أستطع ذلك، وأحس بقوة بهذا الشعور، ولكن عند التنفيذ لا أستطيع حتى الكلام فأحس بحرارة في جسمي والرجفة في جسمي، وأنا في ضميري شيء يقول ألا أفعل ذلك، وأنا مقتنع بذلك الشعور، ولكن لا أستطيع أن أمنع هذه الشهوة.. علموني الحل فأنا في مشكلة. ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا ولدي العزيز.
أبشر أيها الشاب الصغير، فإن ما قمت به من مقاومة نفسك والاستماع إلى صوت ضميرك بالامتناع عن ممارسة الخطأ مع هذه الفتاة بالرغم من تهيؤ الظروف وموافقة الفتاة بحيث لا يوجد ما يمنعك إلا صحوة ضميرك التي جعلت جسدك يرتجف.. أبشر فأنت على درب سيدنا يوسف الصديق عليه السلام الذي استطاع أن يقاوم إغراء امرأة العزيز، والذي امتدح الله عز وجل موقفه وجعله قرآنًا يُتلى تعظيمًا لما فعله.
يجب أن تدرك أنك تنتمي إلى كثير ممن يتقون الله سبحانه ويخافونه بالرغم من المشاعر الجنسية القوية التي تشعر بها، والتي هي مشاعر طبيعية لمن هم في مثل سنك، ولكن المشكلة أنها وجدت داخلك.. تعاني من وطئتها ولا تدري لها حلاًّ كما تقول، والبداية تكون بأن تفهم لماذا جعل الله هذه المشاعر داخلك، وكان قادرًا على أن تبقى طفلاً لا تشعر بأي مشاعر جنسية، والشيء المؤكد أن الله سبحانه قد خلقها داخلنا من أجل حكمة عظيمة، ومن المؤكد أيضًا أنها ليست من أجل أن يعذبنا بها.. فهي في الحقيقة من أجل تحقيق غاية الله من خلق الإنسان، وهي إعمار الأرض وخلافة الله فيها من خلال تصريف هذه الطاقة بطريقة شرعية من خلال الزواج والارتباط الشرعي من أجل إنجاب الذرية الصالحة التي تعمر الأرض بالخير.
إذا نظرت لما تشعر به من مشاعر جنسية بهذا السمو وعرفت لها هذه الوظيفة الراقية فإنك ستجد أنه ليس من الطبيعي أن يكون تصريف هذه الطاقة من خلال أن تراود ابنة الجيران عن نفسها أو تترك نفسك للأفلام الجنسية أو مواقع الإنترنت الإباحية التي تزيد معاناتك، ولكن يكون بالتسامي بهذه المشاعر وحفظها حتى يأتي الوقت المناسب لتفريغها في مكانها الصحيح للإنسان التي سوف ترتبط بها، وعندها فستبحث لك عن أفكار أخرى هامة تشغل بها فكرك غير الاهتمام بالبنات والعلاقة معهن؛ لأنك تدرك أن لهذا مسارًا وطريقًا سيأتي وقته وستشغل وقتك بكل ما هو مفيد من دراسة أو أنشطة اجتماعية ورياضية وثقافية، ونرجو أن تراجع حلولنا السابقة فما يخص التخلص من العادة السرية ، فستجد فيها برنامجًا متكاملاً لشغل وقتك وفراغك بكل ما هو مفيد
ــــــــــــــــــــ(41/172)
صديقنا أحب.. فأقلع عن "العادة"
العادة السرية
بسم الله الرحمن الرحيم.. أرجو من قارئ هذه الرسالة أن يقرأها بعين الحكمة، ولا يتسرع في الحكم علي.
أنا شاب في العشرين من عمري، كنت في مصيف منذ فترة قليلة، كانت معنا في هذا المصيف إحدى المعارف، وكانت تسكن إلى جوارنا، تعرفت عليها وهي فتاة حسنة الخلق والمظهر، علمت من بعض تصرافاتها معي أنها معجبة بي، كذلك أعجبت بها أنا أيضا. بعد ذلك بدأت تصرفاتي تتغير، وأرجو من القارئ أن يتفهم ما سوف أقوله..
في الحقيقة أنا مدمن للعادة السرية، وحاولت كثيرا أن أقلع عن هذه العادة، ولكنني لم أفلح، ولكن الغريب في الأمر هو أنني منذ أحببت هذه الفتاة أقلعت تماما عن هذه العادة السيئة، وهذه أول مرة يحدث هذا الأمر، كنت كلما حاولت أو فكرت في ممارسة هذه العادة تذكرت هذه الفتاة؛ فأشعر بالخجل من نفسي، وتخرج فكرة الممارسة من عقلي في الحال، وكنت أيضا أشعر أنني لو مارست هذه العادة فإنني أخون هذه الفتاة. أرجو أن يكون قد وصل إليك هذا المعنى.
المشكلة الآن هي أنني أشعر بالذنب الكبير؛ لأن حبي لله لم يمنعني من ممارسة هذه العادة السيئة ومنعني حبي لهذه الفتاة، مع العلم أنني أصلي كل الفروض والحمد لله، وأحيانا أصلي في الجامع، ولا أضيع فرضا من فروض الله، كما أنني أنوي بإذن الله أن أتقدم لخطبة هذه الفتاة بمجرد أن أنهي دراستي بعد عام بإذن الله.
بعد كل ما حكيته لك.. هل أنا مراءٍ؛ لأنني أقلعت عن ذنب لأجل عبد، وليس لأجل الله؟ ولو كنت مذنبا.. فما هو حكم الدين فيما فعلت؟ ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... في بعض الأحيان تختلط الأمور في عقولنا لنصل لنتائج تبدو لأول وهلة منطقية، وهي بعيدة كل البعد عن ذلك.. إنك لو راجعت كل قصص التوبة للصالحين فستجد أن هناك لحظة فارقة في حياتهم كانت هي السبب في رجوعهم إلى الله.. كمرض ألمّ بهم أو حادث وقع بالقرب منهم، أو فقد لعزيز لديهم، أو لحظة تأمّل في قدرة من قدرات الله أو غيرها من الوقائع والأحداث، ولم يقف أحدهم ليسأل نفسه ويقول: هل أنا خفت من المرض أكثر من خوفي من الله فتبت الآن؟! أو أنا قد أهبت هذا المظهر من مظاهر قدرة الله أكثر من الله فتبت الآن.. لأن الأسباب إلى التوبة يهيؤها الله للإنسان.. فيتجلى الله في قلب الإنسان في هذه اللحظة فتضيء نفسه ويتخلص من ذنبه..
وحبك العذري النقي لهذه الفتاة كان هذه اللحظة الفارقة التي رزقك الله إياها حتى تتخلص من ذنبك، خاصة أنه ذنب متعلق بهذا الحب.. فقد كان كل ما تحتاجه هو هذا الحب الذي يطهر نفسك ويخلصها من هذه العادة.. الله الذي ألقى في قلبك بحب هذه الفتاة، والله الذي جعل هذا الحب سببًا لتخلصك من هذه العادة..
ليس للأمر علاقة برياء؛ لأن الأمر كان بينك وبين الله ولم يطلع عليه أحد.. فأنت لم تقم بأمر حتى يراه الناس فيمدحوك..
فالرياء أن تفعل العمل من أجل أن يراه الناس ويمتدحوك.. أما أنت فقد كان الله حاضرًا دائمُا في نفسك، وكنت رافضًا لهذه العادة، ولكنك كنت تحتاج للعون من أجل أن تجاهد نفسك وتتخلص منها؛ فجاء العون في هذا الحب الطاهر، وكانت نيتك في الارتباط بهذه الفتاة حتى يتوج هذا الحب بالنهاية الشرعية والطبيعية.. خير عون لك حتى يزداد الأمل لديك في حياة طيبة رأيت أنه لا داعي فيها لهذه العادة فتخلصت منها.
إن الحب الطاهر النقي هو طاقة يلقيها الله في قلوب عباده حتى تدفعهم إلى فعل الخير وتقويهم عليه.. فهنيئًا لك بحبك وتوبتك، وأعانك الله دائمًا على طريقه ولا تنسَ أن تدعو لنا.
ــــــــــــــــــــ(41/173)
الذاتي والمشترك: بين الزواج والعادة السرية
العادة السرية
أولا أشكر كل العاملين على هذا الموقع الرهيب، أنا طالب في الثانوية العامة، مشكلتي تتلخص في أن بعض أصدقائي في المدرسة وأنا أعتبرهم أصدقاء سوء علموني ما يسمى بالعادة السرية التي من المفروض أن تسمى بالعادة القبيحة.
المهم أنا الآن أمارسها كل يوم لمدة 3 سنوات، وأنا لا أعرف كيف أقلع عنها؛ لأن الكثير من أصدقائي يقولون لي: صحتك لن ترجع مرة ثانية"، فهل حقا إذا أكرمني الله وأقلعت عن هذه العادة السيئة من الممكن أن ترجع صحتي مرة ثانية مثلما كنت؟ وأريد أن أعرف ما أضرارها وما الفرق بينها وبين الزواج؟
وعندي مشكلة أخرى تكاد تكون بسببها لا أعرف طعم النوم إلا من شدة التعب وهي أني بدين جداً، والعضو الذكرى عندي صغير جدا ورفيع للغاية، وهو منتصب يبلغ طوله 12.5 سم، فإني أخاف أن أتزوج بسبب هذا الطول.. فما أثر ذلك على الزواج؟ أريد حلاًّ شاملاً؛ لأني تصفحت كل المشاكل المتعلقة بشأن ذلك ولم أجد حلاً، وأريد برنامجا للتخسيس بشرط أن يكون مناسبا للحالة المادية، أرجوكم أنا فعلا أشعر بضيق بسبب هذا الموضوع. ... المشكلة
د.إيهاب خليفة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم، التأثيرات السلبية للعادة السرية تتمثل في إضاعة الوقت والتأثير على الحالة النفسية للإنسان والتي تنعكس بدورها على الحالة الجسمانية.
والتأثير على الحالة المعنوية يعني ما تسببه من شعور بالقلق والإحباط؛ حيث إن الإنسان يصبح أسيرًا لهذه العادة ورغم ذلك لا يحصل على الإشباع والاستقرار النفسي الكامل الذي يحدث مع الزوجة الحلال؛ فالزواج هو الطريق الطبيعي لإشباع الشهوة، وفيه يتعامل الإنسان مع كيان حي يبادله الشعور، ويكون علاقته به علاقة شاملة، وإشباع هذه الغريزة هو أحد جوانب هذه العلاقة وليس مجرد اتصال لإشباع الغريزة كما يحدث في مسألة الزنا التي تدمر الحالة النفسية للإنسان؛ إذ إنها تحط من كرامة الإنسان.
والفرق بين العادة السرية والزواج فرق كبير من الناحية النفسية؛ فالأول هو مجرد تعامل مع اليد ومع التخيلات من أجل إشباع الغريزة، أما الثاني فهو علاقة إنسانية شاملة قائمة على المودة والاحترام والمسئولية الكاملة، وبذلك تكون العلاقة الجنسية أحد جوانبها التي تكملها وتجملها، وبذلك لا يحدث عند ممارسة العلاقة بين الزوجين ذلك الألم النفسي الذي يحدث مع غيرها من الممارسات الخاطئة.
أما من الناحية المادية فالأمران (الجماع أو الاستمناء) متشابهان فكلاهما يحدث معه إثارة للقضيب تنتهي بالإنزال مع الشهوة؛ ولذلك كانت معظم التأثيرات السلبية للعادة السرية تأثيرات نفسية. وأما التأثير على الحالة الجنسية بصورة مباشرة من أنها تسبب الضعف الجنسي فلم يثبت علميا حتى الآن إلا من خلال تأثيرها على الحالة النفسية إذا سببت للإنسان نوعا من الوسواس وفقدان الثقة بالنفس.
أما التأثير على الحالة الجسمانية فهي تسبب ضعفًا في اللياقة البدنية، وتحتاج إلى المزيد من الراحة والتغذية حتى يعوض الإنسان ما يبذله من مجهود في ممارستها، وقد قدرت بعض الدراسات المجهود الذي يبذله الإنسان عند ممارستها ما يعادل الجري لمسافة كيلومتر تقريبا.
العادة السرية أحيانا تسبب نقصان التركيز بسبب ما يصاحبها من التخيلات والتشتت، وعلاج هذه العادة يكون يسيرا عندما تكون البيئة نقية وخالية من المثيرات، أما عندما تكون البيئة ملوثة فالأمر يحتاج إلى مجهود مضاعف ويحتاج إلى استثمار للوقت وبعد عن الوحدة والمثيرات وإلى تفريغ للطاقة من خلال العبادات والصيام والرياضة البدنية.
بالنسبة لمسألة طول القضيب فالعبرة في الإشباع ليست بمسألة كبر القضيب أو صغر حجمه، إنما هي بعملية الانتصاب، فالجماع والإثارة عادة ما يحدث في الجزء الخارجي من قناة المهبل التي يتراوح طولها بين 10-15 سم.
ــــــــــــــــــــ(41/174)
رسالة إلى "مساجين العادة".. قصة نجاح
العادة السرية
بسم الله الرحمن الرحيم، أنا شاب أبلغ من العمر 22 سنة، أكتب لكم وأنا في قمة السعادة، وأشعر أني أطير من السعادة والفرح، وطبعا تعجبون من ذلك فإن كل من يكتب في هذا الركن يكون قد علته الكآبة والحزن والمشاكل التي يظن أنها ليس لها حل.
وإليكم قصتي فتدبروها فإن تحت كل كلمة معانيَ جمة.. أنا شاب عمري 22 سنة ما تركت معصية إلا وقد فعلتها.. شهوات وخمور ومواقع إباحية وعادة سرية، وكل ما تتخيله نفسك وكل ما لا تتخيله قد فعلته؛ فكل شيء كان ميسرًا لي تيسيرا غريبا، كل الناس يئست من صلاحي؛ حتى إنني بدأت أشعر أني لست مخلوقا لهذا كله، وأعلنت التوبة النصوح، وبالفعل تركت ذنوبا لم أكن أتخيل أني في يوم من الأيام سأتركها، كنت أشعر أني سجين والشهوات هي الجلاد. ولكن هناك شيئين لم أستطع تركهما وهما المواقع الإباحية والعادة السرية، ولكني منذ سنة تقريبا لا أمارسهما قط.. أتدري لماذا؟ إلى كل المسجونين لديهما لدي الحل للجميع.. صدقوني لدي الحل.. فقط أعيروني قلوبكم وأسماعكم.. وسترون ماذا سيحدث.
أيها الفتية والفتيات اعلموا تمام العلم أنكم تتعاملون مع رب كريم حليم كتب على نفسه الرحمة لعباده، ولكن ترى ما هذا العذاب الذي نحن فيه؟ إنه من عند أنفسنا، إن الله لا يريد منا إلا الجهد فقط، ولا تظنون أنكم ستنالون شيئا كريما في الدنيا والآخرة إلا بالجهد، اسألوا العظماء كيف وصلوا إلى القمة، إن الله كتب ألا ننال شيئا إلا بالعمل، المشكلة تكمن فينا في الضعف وعدم القدرة على اتخاذ القرار، واعلموا أن الله قال: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}، ولأنك مكلف بترك العادة السرية وغيرها من الشهوات التي أصابتنا حديثا نتيجة للعولمة الفكرية إذن فأنت تستطيع حقا تركها.
ومن هذا المنطلق تركت العادة السرية، كنت طوال هذا الفترة أقنع نفسي أني أقوى منها بكثير، وكذالك المواقع الإباحية، فمثلا عندما أردت ترك تلك المواقع قمت بتنصيب برنامج يسمى we-bloker، وكتبت الكلمة السرية عشوائيا حتى لا أحفظها، ومن ثم لا أستطيع فكه من على جهازي وأدخل إلى المواقع الإباحية مرة أخرى.. وبهذا مكثت مدة كبيرة لا أستطيع أن أدخل إلى هذه المواقع، فضلا عن تنقية الإعلانات، وفرحت أشد الفرح لهذا؛ لأني أيقنت من نفسي أني فعلا أريد أن أتخلى عن هذا الشهوات وأتركها.
لا تتخيلوا -أيها الإخوة الكرام- كم أعانني الله الكريم؛ حيث إني كنت مرة على جهاز وحدي، وكانت الفرصة متاحة جدا لدخولي مرة أخرى، ولكن سد الله الطريق أمامي بطريقة غريبة؛ حيث إن وصلة النت حينها كانت تالفة، فقلت: سبحان الله والحمد لله رب العالمين، أعلمتم أن الله لا يريد منا سوى اتخاذ الخطوات العملية لذلك، وهكذا العادة السرية تركتها بالصبر عليها، وإليكم الخطوات العملية لذلك:
1- تدبر ما بعد الشهوة، اعلم أن العقل من الجنود القوية للإيمان، فلو أنك حكمت عقلك لمدة لحظات؛ فماذا سيحدث بعد الشهوة من هم وغم وكرب وضيق لما أقدمت على هذا الشهوة؟ فلو أن أحدا قال لك: كل طبق العسل هذا وأنت تعلم أن فيه سمًا فتاكًا.. فهل تأكله؟ بالطبع لا حتى ولو كنت تشتهي العسل، وما قولك في مريض أشار عليه الطبيب بترك اللحم ثلاثة أيام ليصح ويتهيأ طوال العمر؟ أيأكل اللحم ثم يلزمه الألم أبدا؟!
2- عدم اليأس وإن تبت وعدت إلى الذنب ألف مرة، فعندما سئل سعيد بن المسيب عن تفسير قول الله {إنه كان للأوابين غفورا} قال: الذي يتوب، ثم يعود، ثم يتوب، ثم يعود، وإن الله لا يمل حتى تملوا. ولكن بشرط أنه في كل مرة تكون صادقا في عدم العودة، وعودتك ما هي إلا ذلة منك، وهذا ما حدث لي بالفعل مع العادة السرية وغيرها..
3- اختبر نفسك.. هل أنت تريد حقا وصدقا ترك الشهوات؟ اختبر نفسك بأنك هل اتخذت خطوات عمليه لذلك أم لا؟ لقد ظللت شهورا أدعي أني أريد أن أترك زيارة المواقع الإباحية، ولكني لم أستطع، ولكني اكتشفت أني فعلا ما كنت أريد تركها، ولكن ترى عندما كنت صادقا حقا في رغبتي لتركها تراني أني نصبت هذا البرنامج الرائع.. وأعانني الله حقا على تركها ولم أعد لها حتى الآن والحمد لله رب العالمين.
4- لذة الإيمان تفوق لذة الشهوات بكثير، وإن أهل الطاعات في نعمة لو علم أهل الملوك حلاوتها لقاتلوهم عليها بالسيوف، ولكن لا تنال هذه اللذة إلا بالجهد والمثابرة؛ فإن لذة الشهوة ولذة العبادة لا تجتمعان في قلب، وإن مما جعلني أصبر كثيرا على المواقع الإباحية هذه أني بسببها سأحرم من النظر إلى وجه الله تعالى.
بالله عليك النظر إلى وجه خالق هذا الكون العظيم لا يستحق منك الصبر على النظر إلى زانية أو زان؟! تدبر هذا الأمر، وإنه لمعين لك على الطريق، إن رسول الله أخبرنا بحالنا هذا بكلمة واحدة "سيأتي زمان على أمتي القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر"، بالله عليكم هل من تشبيه لحالنا أدق من هذا التشبيه؟ وأكمل الحديث "أجر الواحد منهم بخمسين منكم" يخاطب بذلك الصحابة رضوان الله عليه.
إياك أن تتخيل أن الله سيضيع أجرك وأجر صبرك، فإن الله أخرج من النار عبدا فعل مثقال ذرة من خير، لم يضع عليه مثقال الذرة؛ فهل يضيع صبرا لا تستطيع الجبال تحمله؟! حاشاه وهو أرحم الراحمين.
5- الدعاء: إن الله إذا أنزل البلاء بالعبد نادته الملائكة، وقالت: أي رب أتبتليه وهو عبدك؟ فيقول: "لأسمع صوته وهو يدعوني" فهذه هي غاية البلاء.. وحتى يعلم أنك رجل أم لا.. فأرِ الله منك ما يسر الله بك، وعليك بالدعاء، بالله عليك ما بالك بعبد يظل طوال الليل يدعو ربه، ويقول: اللهم نجني من نفسي، واكفني شر نفسي، ماذا سيكون صباحه إلا صباح المتقين؛ فإن الطاعة ثمرة طاعة قبلها، والمعصية ثمرة معصية قبلها، فاستعن بالله وارجُه أن يصرف عنك، والله سميع قريب.
إخوتي في الله، وصيتي الأخيرة لكل من أدمن منكم معصية: "أنت أقوى منها، بل أنت تستطيع تركها ولكنك أنت لا تريد، لو أردت لبعدت، ولو بعدت لنجوت" من خلال الموقع www.we-blocker.com تستطيع إنزال البرنامج وهذا مقياس لك، هل تريد حقا ترك هذه المعصية أم لا؟ هذا الباب أمامك مفتوح فادخل وضع يدك في يد الله وامض في الطريق. ... المشكلة
د.إيهاب خليفة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لقد فرحت بهذه الرسالة مثل فرحك أو أشد؛ لأننا في حاجة إلى أن نستمع إلى قصص النجاح كما نستمع أحيانا إلى قصص الإحباط والفشل، نحتاج إلى تلك القصص التي يستطيع الإنسان أن يسيطر فيها على شهوته، وينجح في التغلب على العديد من أخطائه وسلبياته، ويفك الأغلال والسلاسل التي كانت عليه.
وفي رسالتك لطائف عديدة ومعان جميلة أريد أن أذكرها وأعلق عليها؛ تأكيدًا لها وتوضيحًا لبعض النقاط التي جاءت فيها:
أولا: إعمال العقل والتفكير في حال الإنسان بعد الشهوة وما يصيبه من هم وحزن، وهذه الطريقة موجودة عند المتصوفة كإحدى الطرائق النفسية للامتناع عن المعصية، ولكني أحب أن أقول بأنه أحيانا لا تكفي هذه الطريقة بمفردها؛ ففي بعض الأحيان ومع التمادي في المعصية يختفي ألم ومرارة الشعور بالذنب؛ فهنا يحتاج الأمر إلى العودة إلى تأكيد استقباح الذنب والشعور بفداحته وخطرة على نفس الإنسان وقلبه وعقله.
ثانيا: تذكيرك بأنك بالنظر إلى هذه المواقع سوف تحرم من النظر إلى وجه الله هذا من الموانع الجميلة التي تمنع الإنسان من الدخول على هذه المواقع.
ثالثا: الحديث الشريف: "إن من ورائكم فتنا كقطع الليل المظلم، للمتمسك فيها بمثل الذي أنتم عليه أجر خمسين منكم" قيل: بل منهم يا رسول الله. قال: "لا بل منكم لأنكم تجدون على الخير أعوانا ولا يجدون عليه أعوانا" (أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه ابن ماجه).
وهنا ورد في ذهني تساؤل قد طرحته في مرة سابقة: ما هو السبب في مشقة هذه الأيام؟ هل هي صعوبة التكاليف أم نحن بني الإنسان الذين أفسدنا في هذه الأرض، أو على الأقل تهاونا في مواجهة الفساد؛ فكانت النتيجة صعوبة التكاليف؟ وهذا من السنن الكونية النفسية التي أنا بصدد الحديث عنها والكتابة فيها.
وقد قدر علينا نحن -بني الإنسان- أن نتحمل أخطاء بعضنا البعض؛ لأننا خلفاء الله في هذه الأرض، إذا كانت هذه الأخطاء عامة وليست شخصية. إن الله سبحانه وتعالى ذكر عن حالة بني إسرائيل في منعهم من الصيد يوم السبت، وذكر هذه الفتنة الشديدة، ثم عقب سبحانه وتعالى بقوله {كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون}؛ ففسق الإنسان هو الذي يعرضه إلى مصاعب ومشقة التكاليف، وأما من يسعى لإصلاح هذه المفاسد والأخطاء مرة أخرى فله أجر خمسين بإذن الله؛ لأنه يتحمل مسئولية إصلاح هذه الأخطاء التي تسبب فيها غيره.
رابعا: إياك أخي الكريم أن تظن أن المعركة مع عيوبك وأخطائك والشيطان قد انتهت؛ فهذا من بدايات الغرور الذي يدخله الشيطان على الإنسان حتى يصيبه بحالة من الاسترخاء، وأتذكر عندما جاء الشيطان للإمام أحمد وهو في سكرات الموت، وقال له: "نجوت مني يا أحمد"، فقال رحمه الله: "أبدا حتى تطلع الروح".
خامسا: الدعاء طوال الليل: "اللهم نجني من نفسي، واكفني شر نفسي" من أجمل اللطائف فعلا، وقال أحد التابعين: أوصيكم بمن أعيته نفسه أن يكثر من قول "حسبي الله ونعم الوكيل"، ونحن نتغافل كثيرا عن مسألة الدعاء، وهو من أكبر المعينات على التخلص من العيوب والأخطاء النفسية.
أخي الكريم نحن بحاجة فعلا إلى عدم اليأس وتكرار التطلع والمحاولة للإصلاح، ونحتاج للقراءة في أخبار الناجحين والمجاهدين والصابرين، ما أحوجنا لمثل هذه المشاركات، ولكم جزيل الشكر. مع تمنياتنا بالنجاح والتوفيق.
ــــــــــــــــــــ(41/175)
نظرة.. فلمسة.. فقبلة.. فكارثة.. فتوبة !!
الشهوة, مع الجنس الآخر
السلام عليكم، بارككم ووفقكم الله، أنا شاب عمري 15 عامًا، كنت على علاقة مع إحدى زميلاتي في المدرسة.. بدأت العلاقة بريئة، ومن ثم تطورت إلى: لمسة، فمعانقة، فقبلة، فقبل حارة في الفم، فلمس الأعضاء من الجانبين، وأخيرًا وصلت إلى النوم في السرير، وخلع الثياب (ما عدا الملابس الداخلية) وتمثيل ممارسة الجنس ولكن من دون خلع الملابس الداخلية. وأخيرًا وبعد ثاني مرة من النوم في السرير (من دون الاحتكاك الجنسي) وعيت والحمد لله لنفسي وتركت البنت ورجعت إلى الصلاة وقراءة القرآن حتى ختمته وصمت عدة أيام محددة يقال بأنها تكفر الذنوب.
والآن قد مضى حوالي سنة على هذه العلاقة المشئومة، ومصارحة البنت بأن ما كنا نفعله خطأ كبير؛ علما أنه لا أحد يعرف ما جرى بيننا.. وأنا الآن لست على علاقة مع أي بنت بعد هذه "العلاقة" حتى إنني أتجنبهن ولا أنظر إليهن.
وأريد أن أعرف إن كان الله سيسامحني ويعفو عني؟ أنا مسلم وأخاف ربي وأصلي وأصلي الجمعة في المسجد وأصوم وأقرأ القرآن وأنا أدعو الله دائما ليسامحني.. فكيف سيسامحني، وأنا ارتكبت خطأ فادحًا؟ ... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ابني الكريم، لا يمكنني أن أصف لك مقدار سعادتي برسالتك التي تعبر عن مقدار ما تتمتع به من تقوى لربك؛ فرسالتك تنم عن نفس لوامة تردع صاحبها وتمنعه من التمادي في الخطأ، وتدفعه دفعًا إلى التوبة والإكثار من الصالحات إذا وقع في ذنب، هذه النفس اللوامة كرمها المولى عز وجل وأقسم بها في محكم آياته.
الأمر الثاني الذي أسعدني أنني شعرت فعلا أنني أمام ابن لي؛ فعمرك يقارب عمر ابني؛ وهذا ما جعلني أشعر بقربك مني؛ وهو ما زاد من شعوري بمقدار مسئوليتي عنك.
والآن تعال نناقش معًا ما حدث ونناقش معًا مخاوفك، لقد اقترفت ذنبًا منذ حوالي سنة، وكانت بينك وبين هذه الفتاة علاقة ما تطورت تدريجيا، وفي غمرة استمتاعك بهذه العلاقة المحرمة استيقظت نفسك اللوامة، فتوقفت بكامل إرادتك عن أي ممارسة حرام، وهرعت إلى ربك الكريم الحليم العفو الغفور تائبًا ومكثرًا من الحسنات (وبالمناسبة جميع أنواع الحسنات تذهب جميع السيئات، وعلى قدر علمي لا يوجد عدد محدد من الأيام التي ينبغي صيامها لتكفير الذنوب)، فلماذا تتصور أن الله لن يسامحك وهو القائل: {إن الله يغفر الذنوب جميعا}، هل يمكنك أن تتخيل ما ينتظرك من فضل الله وكرمه وأنت تقرأ هذه الآيات: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}.
وهل لك أن تتخيل أن الله سبحانه فرح بتوبتك ورجوعك إليه كما أخبرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما قال: "لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة"، والمقصود أن الله سبحانه يفرح بتوبة عبده المؤمن أكثر من فرحة أي منا إذا وجد بعيره الذي يحمل طعامه وشرابه أمام عينيه بعد أن فقده في الصحراء القاحلة وجلس ينتظر الموت جوعا وعطشا، فهل بعد هذا يمكنك أن تتصور ولو للحظة واحدة أن الله لم يقبل توبتك ولم يسامحك؟!!
أنا أدعوك لأن تجلس بين يدي ربك متخيلا فرحته بعودتك إليه، كما أدعوك أن تتخيل موقفك يوم العرض عليه وهو يطلعك على صحيفتك فتجد كل ذنب فيها وقد تبدل بقدرته ومشيئته حسنات كما وعد ربى الذي لا يخلف الميعاد، فقال: {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}.
فإذا راودك مرة أخرى أي إحساس أن الله سبحانه لن يغفر ذنبك فاعلم أن هذا الإحساس من عمل الشيطان لعنه الله وأذله، فهو يريد لنا دائما أن نقنط من رحمة الله وعفوه؛ لأن هذا القنوط يمنعنا من الاستمرار في التوبة ويدفعنا دفعا لاقتراف الذنوب، فلا تجعل للشيطان عليك سبيلا، ولا تقنط من رحمة ربك، فهو سبحانه أرحم بك من الأم بوليدها.
ابني العزيز، شهوتك وميلك للجنس الآخر أمر طبيعي وفطري، ولكن الإسلام لم يجعل لهذه الشهوة مصرفًا إلا من خلال الزواج، وحتى يتم لك هذا عليك أن تحرص على شغل ذهنك ووقتك بالنافع والمفيد من الأنشطة والهوايات بحيث تقلل قدر الإمكان من المساحة المتاحة للتفكير في هذه الشهوة وفي هذا الصدد يفيدك أن تقرأ: "الشهوة تقتلني.. الفيزياء هي الحل".
وعليك أن تلتمس صحبة الأخيار، وعليك أيضا أن تتجنب مواطن الإثارة (كمشاهدة أفلام الدش ومواقع الإنترنت الإباحية وكذلك المصاحبة المنفردة للفتيات والخلوة بهن)، وعليك أيضا أن تجتهد في دراستك حتى تقترب من هدفك وهو الزواج وإرواء شهوتك المتقدة بالحلال.
ابني الغالي، أدعو الله سبحانه أن يربط على قلبك وأن يرزقك وجميع شبابنا وفتياتنا عفة الأبدان والضمائر، وأن ينعم عليك بسعادة الدنيا والآخرة، وتابعنا بالتطورات.
ــــــــــــــــــــ(41/176)
قلب كبير جدا.. يتسع لكل النساء
الشهوة
تحياتي للجميع أنا خائف جدا من الزواج! لسبب أذكره هنا ليس للمفاخرة والتباهي أبدا والعياذ بالله.. ولكن للحصول على حل للمشكلة! إن علاقاتي النسائية كثيرة جدا.. وقلبي كبير جدا، ويتسع لكل النساء! فأنا أعشق النحيلة والممتلئة والطويلة والقصيرة والسمراء والشقراء... إلخ. أخاف أن أظل على نفس الحال حتى بعد الزواج! أفيدوني جزاكم الله خيرا. ... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... في البداية تقول لك د .نعمت عوض الله:
ولدى، جزانا الله وإياكم..
للأسف إسلامنا لا يسمح إلا بأربع نساء؛ فننصحك أن تجمع في كل واحدة أكبر قدر ممكن من الصفات حتى تجتمع لديك كل النساء في زوجاتك! هذه دعابة قد تجدها ثقيلة.. فسامحني فيها.. ومَنْ مِنَ الرجال لا يعشق النساء ويقدر الجمال؟ بل هل تظن النساء يختلفن؟ أبدا والله... النساء يعشقن الجمال في الرجال، ربما المعنوي أكثر من المادي قليلا، ولكن يعشقن الجمال.. ملامح وخلقا وطولا ولونا!!
فما الذي يمنع الناس؟ ما الذي يجعل الزيجات تنجح والبيوت تستمر؟ مخافة الله وتقواه،لا يجتمع في إنسان كل الصفات.. ربما تختار شقراء هيفاء ممشوقة القد والقوام.. يا ألله ما أجملها! فتصادفك في طريق حياتك سمراء دقيقة الملامح، تلتف بضعف في سواد شعرها، وتسرق فؤادك بالعسل المصفى في عينيها!
وأنت نفسك هل أنت توم كروز أم كيفين كوستنر...؟ أو ربما محليا مثل حسين أو مصطفى فهمي؟ هل تحب أن تلتفت فتجد في عيون زوجتك نظرة والهة إلى شاب مفتول العضلات برنزي اللون في قميص رياضي تنطلق منه حرارة الشباب وفحولته؟ "ازاي الحال يا خايف؟!".
يا سيدي، بدون استكمال أوصاف الجمال والغرام.. تعلم أن تتقي الله ثم تزوج.. وفي الحديث يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عفوا تعف نساؤكم".. أي لو أردت ألا تتعرض امرأتك للغواية فكن رجلا عفيفا؛ لأن عقاب الله من جنس العمل دائما.. تعلم تقوى الله، وغض البصر وأحسن اختيار زوجتك، وتوكل على الله، وتعلم غض البصر... والزم الدعاء.
ثم يقول لك الدكتور عمر أبو خليل :
لك حق أن تخاف من الزواج.. لأنك لا تعرف ما هو؟ والإنسان عدو ما يجهل.. هناك فرق بين العلاقات النسائية أو العشق وبين الزواج.. الزواج رابطة مقدسة بين رجل وامرأة ارتضيا العيش سويًّا ليحققا غاية الله من خلق الإنسان، وهي خلافته في الأرض {إني جاعل في الأرض خليفة}، وهذه الخلافة تستوجب إعمار الأرض، ولن تعمر الأرض إلا بتناسل أبناء آدم وسعيهم من أجل نشر الخير..
ولذا فإن الجنس كجزء من العلاقة الزوجية يحقق غاياتها السامية بالإضافة إلى ما يضفيه على الحياة الزوجية من بهجة وسعادة، وما يحدثه من تآلف بين طرفي الكيان الزوجي يختلف تماما عن الجنس الذي تمارسه من خلال علاقاتك النسائية الكثيرة جدًّا؛ لأن الجنس الذي تمارسه جنس الرغبة والشهوة الحيوانية، وهو مثل ماء المحيط كلما شربت منه ازْدَدْتَ عطشا إلى النحيلة والممتلئة والطويلة والقصيرة والسمراء والشقراء؛ لأنه ضد طبيعتك الإنسانية؛ لأن الجنس بين بني البشر جزء من إنسانيتهم.. لذا فإن الزواج يشبع صاحبه إن فهم مقاصده واستوعب معانيه.
أما إذا نظر الزوج إلى زوجته نظرة العشيقة التي يستمتع بجسدها فلن تشبعه نساء العالمين؛ ولذا ففي رحلة الإسراء والمعراج كانت هذه الإشارة اللطيفة لفارق الجنس الإنساني والجنس الحيواني؛ حيث رأى الرسول الرجل يعرض على الأكل الطيب ليأكل طعامًا نتنًا، فيسأل جبريل: ما هذا يا جبريل؟ فيقول هذا الرجل يترك زوجته الحلال ليتمتع بالحرام.. ليس الحلال والحرام فقط هو مقصود المشهد، ولكنه الجنس عندما يسمو بصاحبه ليكون إنسانًا أو يهبط به ليكون أسوأ من الحيوان..
لذا فعليك أن تعلم حقيقة الزواج أولا، وعندها لن تجد للخوف مكانًا في نفسك من أن تستمر في إحساسك بعد الزواج؛ لأنك لو فهمت معنى الزواج فستجد في زوجك السكن.. وترى فيها كل النساء: السمراء والشقراء والنحيفة والسمينة والطويلة والقصيرة.. وهذا يستوجب مع فهمك تقوى الله عز وجل؛ لأن ما تسميه علاقات نسائية متعددة هو في تسميته الحقيقية زنا، وهو من الكبائر التي تستوجب التوبة والاستغفار ولا تستحق المباهاة والفخار..
ولذا كان جزاء غض البصر حلاوة في القلب لا يجدها إلا من غض بصره فعلا عن كل النساء، إلا عن زوجته التي ارتضى أن تكون كل حياته ودنياه حتى يلقى الله وهو راضٍ عنه.
ــــــــــــــــــــ(41/177)
الشهوة بين التوظيف والإخماد: عقاقير العفة
العادة السرية
السيد د. أحمد عبد الله..قرأت إجابتكم الشافية على السؤال بعنوان " في علاج الاستمناء" وكانت لي بعض الاستفسارات 1- بالنسبة لأسلوب حل المشكلة عن طريق استخدام أسلوب العقاقير "قرص تريبتيزول 25 مجم + قرص ميليريل 30مجم":
أولا: لم توضح حضرتك مقدار الجرعة ومواعيدها فأرجو توضيح ذلك.
ثانيا: هل استخدام مثل هذه العقاقير يؤثر سلبا على الكفاءة الجنسية مستقبلا (بعد الزواج) أم أن عملية تقليل الرغبة الجنسية، وتقليل الانتصاب مرتبطة بمدة استخدام العقاقير.
أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرا. ... المشكلة
د. أحمد عبدالله / د. عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... عندما تحدثنا عن استخدام العقاقير كأحد أساليب حل مشكلة الاستمناء فكان هذا في معرض الحصر... أي حصر كل الوسائل العلاجية، وذلك من أجل فتح كل الآفاق أمام صاحب المشكلة.. بمعنى أن يدرك صاحب المشكلة أنه حتى لو ضاقت به السبل السلوكية فسيظل هناك السبيل الدوائي طريقا للعلاج.. ولكن لا يعني هذا أن يقوم الإنسان بهذا العلاج بنفسه؛ لأن سياستنا الثابتة على هذه الصفحة.. أننا لا نصف علاجا دوائيا محددا على الإنترنت؛ لأن الأمر يحتاج إلى مقابلة مباشرة مع صاحب المشكلة لتحديد مدى احتياجه لهذا الأٍسلوب العلاجي أو ذاك والجرعة المناسبة له، ومدتها، ومدى التقدم الحاصل من الدواء، والتعامل مع آثاره الجانبية، وهو ما لا يمكن أن يتم إلا من خلال هذه المقابلة المباشرة؛ وبالتالي فنحن لا نحدد جرعات أو مدة أو وصفات على الإنترنت، وذكْرنا للدواء كان على سبيل الحصر وليس الوصف فلا يوجد تأثير على القدرة الجنسية أو الانتصاب بمجرد وقف الدواء، حيث إن التأثير مرتبط بتعاطي الدواء وبمجرد الوقف يتوقف تأثيره تماما.
ويضيف د. أحمد عبد الله:
السؤال الذي يلح عليِّ بمناسبة رسالتك هو متى يمكننا الانتقال من التفكير في العفة إلى العفة بقرار واستثمار؟!!
شكرا على ثقتك يا أخي الكريم، وأود التنويه بأن استخدام العلاج الدوائي في تسكين الرغبة الجنسية ليس هو الأسلوب الذي أنصح به، وهذا الجزء من الإجابة السابقة التي تشير أنت إليها كانت مستندة إلى خبرة أخي د. عمرو ، وقد شرح لك وجهة نظره أما أنا فأرى أن الرغبة الجنسية مثل أية مشاعر أو طاقة تتحرك في عقل الإنسان ونفسه، وفي بعض مدارس الطب النفسي فإن استثمار الطاقة الزائدة بالإبداع والتوظيف في مسارات البناء الذاتي والعمل المجتمعي أفضل من إخمادها بالدواء.
وقد كررت هذا المعنى في إجابات سابقة كثيرة منذ بواكير بدء الصفحة، لعلك وغيرك تطلعون عليها، ولعلك أيضا تراجع إجابتنا عن " الزواج المبكر، والأهم من مراجعة هذه الإجابات جميعا أن نحاول معا - أنا وأنت وملايين الشباب والفتيات - أن نصل لبرنامج عملي واضح يتيح لنا التعامل مع هذه الطاقة والرغبة المتصاعدة بتأثير عوامل كثيرة بعضها بيولوجي، وبعضها نفسي، وبعضها اجتماعي وثقافي، ماذا نفعل بهذه الطاقة حتى يتيسر اللقاء الموعود؟! كيف تتحول هذه الشهوة الجنسية والرغبة العارمة في الاتحاد بالجنس الآخر، والتواصل الحميم معه، إلى طاقة إعمار وإبداع وتغيير اجتماعي وثقافي ونهضة شاملة.. فهذه الطاقة من أقوى ما لدينا حاليا..
وحرام أن تتبدد أو نهدرها.
ــــــــــــــــــــ(41/178)
قص جناح الشُّحرور..
العادة السرية
أنا شاب في سن 28، رأيت أنه من الواجب علي أن أعرض مشكلتي الغريبة؛ فهي مشكلة من نوع خاص؛ إذ يحتويها الحل، بل وهى الحمد لله رب العالمين حلت الآن، وأريد أن ينتفع بها إخواني وأخواتي الكرماء.
كنت مدمنا للعادة السرية والأحلام الجنسية الماجنة والمواقع الإباحية، صدقوني لا أستطيع أن أقول لكم ما هو حد الإدمان الذي كنت مدمنا إياه، كنت أسيرا لها تأمرني في أي وقت وتنهاني، كنت عبدا لها بحق.
حتى جاء يوم ما فكرت فيه تفكيرا تجردت فيه من كل شهواتي فكرت بالإيمان والعقل فقط، وجدت نفسي أتمنى حياة الطهارة، أتمنى حياة أن أستيقظ فأجد نفسي جنبا من عند الله رحمة منه لي، بصراحة تمنيت الجنة، حتى كان أول قرار بالإقلاع عن كل هذه الذنوب والشهوات في سن 22، ولكن باء بالفشل طبعا أمام هذه المغريات، وحاولت ثم حاولت، وفي كل مرة أفشل ظللت حتى سن 24 أفشل، حتى بدأت أشعر باليأس، وانتابني شعور غير شعوري باليأس وهو أن الموضوع خطير حقا، لا أستطيع أن أصدق أنى أريد أن أفعل شيئا ولا أستطيع فعله لضعف منى أمام الظروف، تعجبت وقلت كيف يعيش إنسان أسيرا لشيء، بل وألعن شيء في الدنيا وهو الشهوات؟
شعرت فعلا بخطورة الموضوع.. وفعلا قررت قرارا جديدا بأن أقلع تماما. واستعنت على ذلك بشيء قد يبدو تفكيرا طفوليا وساذجا، ولكنى قد انتصرت به انتصارا ما استطاع أعتى الرجال أن ينتصروا انتصارا مثله.. شعرت بأن الشهوة في جسدي كائنا آخر مخلوقا غريبا بداخلي.. وبالفعل جسدت هذه الشهوة على أنها شخصية ما بداخلي أعطاها الله إمكانيات هائلة.. ولكن أنت لك أولا وأخيرا القرار.. وهذه النقطة المحورية.. أيقنت أنها مخلوق داخلي بل وحتى تكتمل المشاهد ألقيت عليه اسم" شحرور".. لا أدرى لماذا هذا الاسم بالذات؟؟
وبالفعل عرفت كل صفات شحرور هذا من خلال فهمي للطبيعة الإنسانية ومن خلال خبرتي في أيام المعصية.. ودونتها كلها في ورقة، منها مثلا أنه لا يشبع أبدا وكلما أكل ازداد جوعا.. وأن طعامه الجنس.. قوي جدا أو على الأقل الآن فقط لتغذيته طوال الفترة السابقة.. وهكذا.. وأعلنت بل وأقسمت على نفسي أن أعلنها حربا ضروسا على شحرور بكل قواي.. وإليكم تفاصيل المعارك..
عندما كان يدعوني إلى الشهوة أكاد والله أن أسمع صوته وهو يصرخ، فأقول له: "اثبت شحرور.. والله لن تناله إلا بالجنة.. والله يا عبيط أنا عايز مصلحتك، وأحاول إقناعه وأتكلم معه بصوت عال وكأنه موجود تماما أمامي".. وبهذا وفى كل مرة أهيج فيها نتيجة رؤيتي لفتاة ماجنة في الجامعة أو غير ذلك.. أسمع صوت زئيره في قلبي وصدى صراخه يزلزل داخلي.. ولكنني كنت مقتنعا تماما بأمرين:
الأول: أني لو انتصرت على شحرور.. فلن يستطيع أن يهزمني أحد مهما بلغ من قوته.
والثاني: أنى لو فشلت فلن يعرف النجاح لي طريقا..
كنت حذرًا دائما من هذين الأمرين.. وكنت على يقين أني لو فعلتها مرة واحدة فبمثابة التهام شحرور لي.. فقد فهمت من خلال العيشة معه أنه يريد تلك المرة فحسب، حتى أُصبح عبدا من جديد له..وبالفعل بدأ صوت شحرور يخفت مع مرور الأيام، وأصبح جسدا هزيلا، والآن أصبح عبدا لي أنا، أصبح أجلّ ما يفعله أن يتمنى.. وبصراحة أمنيته لا تمثل لي شيئا، ورحم الله أياما كان تحقيق أمنيته هدفا لي، كنت أنفق عليها الأموال والأوقات والصحة... ولا أستطيع أن أخبرك بمدى سعادتي الآن.. أربع سنوات انتصارا كاملا بكل معاني النصر.. إحساسي بالحرية والطهارة تجعلان الإنسان لا يعيش على هذه الأرض.. بل يعيش طائرا في ملكوت آخر.. أتم الله علي النعمة بأن قتل هذا الشحرور حقا بداخلي.. ولم أتذكره إلا منذ شهرين في يوم عرسي وأنا أقف عريسا.. رأيته سعيدا جدا.. فقلت له: "الآن طابت نفسك يا شحرور ولن ترضى إلا بالحلال.. الليلة ليلتك ولك ما تتمنى، وخذ مما أحله الله لك حتى ترضى، وأصبح شحرور هذا صديقا للخير، لا أدرى كيف؟! أصبح في كل موقف من مواقف حياتي يذكرني بالله ويأمرني وينهاني.. وفهمت خطئي عندما قلت عنه: إنه لا يشبع.. بل يشبع ولكن بالحلال فقط.. والحمد لله رب العالمين لقد انتصرت حقا ولا تتخيلوا مدى سعادتي الآن.. أشعر أن الله أعانني على نفسي -قصدي على شحرور.
اللهم احشرني أنا وشحرور في عليين يا رب العالميين.. آسف نسيت أني أنا شحرور وشحرور أنا.. اللهم لك الحمد والمنة..إخوتي في الله، أنتم أقوى بكثير من هذا المارد الذي بداخلكم، لو علمتم قدر القوة التي أودعها الله فيكم لما ضعفتم أبدا.. وهل تظنون أن الله يطالبكم بالتخلي عن شيء، أنتم لا تستطيعون تركه؟! حاشاه وهو أعدل العادلين "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"، بما أنك كُلفت إذن فأنت لها، والله أعلم بنفسك منك.. كن رجلا بحق.وأعتذر للإطالة. ... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ العزيز، مبارك زواجك وبالرفاء والبنين (والبنات أيضًا كي لا نتهم بالتحيز)، لقد رأينا أن ننشرَ إفادتك كما وصلتنا، باعتبارها قصة نجاح في مجاهدة النفس البشرية ورغباتها وشهواتها التي أمرنا أن نقاومها باعتبار مقاومتها بمثابة الجهاد الأكبر.
أما ما نود طرحه تعليقًا على قصتك تلك فهو التفسير النفسي لما فعلته؛ فقد قمت باستخدام آلية الاستبطان؛ أي إخراج ما في مكنون النفس والاستبصار به، ثم دونت ذلك على الورق؛ أي أنك استبطنت واستبصرت، ثم قمت بعد ذلك بآلية نسميها في علم النفس بآلية التجسيد؛ حيث جعلت جزءًا من نفسك (وهو الذي يمثل النزعات التي تود التخلص منها) بمثابة الكيان المنفصل عنك. والحقيقة التي لا بد من ذكرها هيَ أنك فعلت ذلك باقتدارٍ كما هو واضحٌ من إفادتك، وإنه لمما يثلج الصدر أنك فعلت ذلك بمفردك، واعتمدت على قواك الإيمانية وعلى معلوماتك من علم النفس وخبراتك السابقة كما ذكرت في إفادتك، مرةً أخرى أحييك على نجاحك.
ولكن التساؤل الذي يطرحُ نفسه بالضرورة هنا هو: هل يستطيع كل ساقطٍ في براثن المعصية أو واقعٍ في حبائل الشهوات أن يفعل ما فعلته أنت؟ إن علينا أن نتساءل هنا: ما الذي مَيَّز تجربتك فكللها بالنجاح؟ كيف تمكنت من تحديد وتجسيد الشُّحْرور ثم قمت بقصقصة جناحيه، حتى لا ينبت الريش في غير أوان الطيران؟ وبالمناسبة الشُّحرور (بضم الشين) لمن لا يعرف هو طائرٌ أسود من نوع العصافير.
علينا أن ننتبه جيدًا إلى أن الأمر لم يكن سهلا عليك بالمرة وإلى أنك لم تنجح منذ البداية؛ فقد أخذت القرار تلو القرار وفشلت أكثر من مرة، فأنت تقول في إفادتك كانَ أول قرار في عمر 22، ولكنه باء بالفشل، وحتى عمر 24 لم تكن قد نجحت بعد؛ معنى ذلك أنك أصلا تتميز بالإصرار، ولأن روحك الإيمانية عالية، فلم يستطع اليأس أن يتمكن منك، بعد ذلك بدأت في الاستبطان والاستبصار ثم التجسيد ثم أعلنت الحرب على ذلك الكائن المتخيل الذي فصلته عن ذاتك المرغوبة، ولم تكن الحرب أو الحروب سهلةً عليك، كما تسلحت أثناء حروبك تلك بتضخيم قيمة الانتصار، وتهويل معنى الهزيمة، بل واعتبارها فخًّا إذا سقطت فيه فلن يكونَ الخروج سهلا وأنت محقٌ في ذلك؛ لأن ما لا ينتبه إليه كثيرون ممن يجاهدون أنفسهم للتخلص من إدمانٍ أيا كان شكله هي هذا الفخ بالتحديد.
فالمدمن بعدَ فترةٍ من الإقلاع يتوهم خطأ أنهُ ما دمت قد استطعتُ الإقلاع كل هذه الفترة فإن مرةً واحدةً سوفَ لا تعني ارتدادًا، وسأستطيع مواصلة المنع بعد ذلك، وهذا هو الفخ الأكيد؛ لأن الانتكاسة لن تكونَ لمرةٍ واحدةٍ أبدًا، وإنما الذي يحدثُ هو أن يعود الإدمان بكل قوته، وإذا فترة الامتناع كلها تضيع هباءً منثورا!
وهنا نعود إلى التساؤل الذي طرحناه، وهو: هل يستطيع كل واقعٍ في حبائل الشهوة والاستمناء وارتياد المواقع الساخنة أن يفعل ما فعلته أنت؟ أعتقد كطبيبٍ نفسي أن الأمرَ أعقد من ذلك بكثير، وأن قراءةَ قصة نجاحك تلك لمن يريد أن يستفيد منها يجبُ ألا تكونَ قراءةً واحدةً ولا سطحيةً أبدًا.
فمن يريد من التائقين إلى التخلص من الاستمناء أو الاسترجاز أو زيارة المواقع الساخنة ممن يقرءون قصة نجاحك تلك.. من يريد أن يتخلص من معصيته؛ يجبُ عليه ألا يتوقع النجاح السهل المبكر، وألا يستسلم للفشل المتوقع في البداية باليأس السريع؛ فالمطلوب هو:
أولاً: القرار.
وثانيا: القدرة على الاستبطان والاستبصار.
وثالثًا: التجسيد.
ورابعًا: مواصلة تطبيق القرار، وعدم الاستسلام لليأس.
وخامسًا: الإصرار وسادسا الإصرار، وسابعًا الإصرار، وهذه هي مجاهدة النفس.
وأما ما أنصح به فهو أن يعود من يغلبه شحروره إلى قراءة قصتك مع شحرورك الذي أصبح اليوم يرفرف بجناحيه في سماء الحلال، أحييك مرةً أخرى على نجاحك، وتابعنا بأخبارك.
ــــــــــــــــــــ(41/179)
التنويم المغناطيسي لعلاج العادة السرية
العادة السرية
الإخوة في "إسلام أون لاين.نت" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشكركم على جهودكم الرائعة في خدمة وحل مشاكل الشباب.
أعتقد أن مشكلتي فريدة هنا وبحثت عن مثيل لها فلم أجد، وقرأت أغلب المشاكل لديكم لكن لا فائدة؛ فأنا أمارس العادة السرية منذ أكثر من 7 سنوات وشهوتي عارمة جدا وقوية، حتى إن ابتعدت عن كل مثيراتها فلا فائدة، وأحيانا أحس أن شهوتي تصبح أقوى بعد الانتهاء من العادة السرية بمدة قليلة؛ إذ إنه حتى العادة السرية لا تطفئها ولا أعرف ماذا أفعل؟
وما يميزني عن غيري هو أنني بلغت بواسطة هذه العادة السرية ولم أبلغ بالشكل الطبيعي بواسطة الاحتلام الذي يحدث مع كل إنسان، وقد تعلمتها من أصحاب السوء في المدرسة، ولم أكن قد بلغت بعد فإذا بي أبلغ بها؛ وهذا ما يحزنني ويصيبني بالاكتئاب.
وأقصى مدة ابتعدت بها عن هذه العادة كانت ثلاثة أسابيع، ولا أذكر أني ابتعدت عنها أكثر من ذلك، وأعود بعدها لأمارسها بعنف، وقد تصل أحيانا إلى ثلاث مرات باليوم أو أكثر، وكل ذلك لإطفاء هذه الشهوة العارمة، ولا أجد حلا لمشكلتي إلا الزواج ولا حل غيره، فلقد حاولت بكل طريقة أن أبتعد عنها ولم أفلح.
أنا أحسب نفسي -والله حسيبي- أني ملتزم أداوم على فروضي وقرآني وحفظي له وعلى الدعاء والقيام بالأعمال الصالحة بل والدعوة إلى الله أيضا!
تخيلوا داعية يمارس العادة السرية وهذا ما يؤلمني، لكن والله لا أملك نفسي أمام هذه العادة والشهوة.. طبقت كل الحلول التي في موقعكم فلم أفلح، جمعت كل المشاكل عن العادة السرية التي كتبت بالموقع في ملف واحد وقرأتها جميعا وساهم ذلك في ابتعادي عنها عدة أيام لكن عدت بعد ذلك إليها.
أخبرني أحد الناس أن أتخيل شخصا يموت أثناء ممارسته لهذه العادة فارتعبت وابتعدت عنها عدة أيام وعدت.. أجبرت نفسي على التصدق بمال عند عملي لها، ولكن كنت أعود دائما إلى ممارستها، وأستغفر الله بعد كل مرة لكني أعود، وأنا لا أقول بأني يائس لكن "زهقت" فعلاً.
وأعتقد أن كل مشاكلي وعدم توفيقي في أمور كثيرة في الدنيا هو من وراء هذه العادة ولا أجد سبيلا للخلاص منها.
والملاحظ هنا أنه عند انتهائي من ممارستها فورا أشعر بالنشاط والهمة للعمل والقراءة والدراسة بجانب شعور النادم بالطبع! ولكن إذا جاهدت نفسي عندما تثور شهوتي ولم أمارسها أبق قلقا ومتضايقا، ولا أستطيع أن أعمل أي شيء حتى تزول شهوتي وذلك أمر آخر.
هل من ضرر صحي علي كوني بلغت بشكل غير طبيعي عبر العادة السرية؟ علما بأنه كان يحدث لدي انتصاب وشهوة قبل أن أبلغ ولكن دون إنزال حتى مرت شهور حيث تعلمت العادة السرية من أصدقاء السوء.
سمعت أن هناك طريقة للتخلص منها عبر التنويم المغناطيسي بحيث تنتزع هذه العادة من عقل الإنسان الواعي والباطن ولا يعود لها أبدا إلا بتعلمها من جديد.. فهل هذا صحيح؟ وكيف السبيل إليه؟ ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... جميل أن يكون هناك في العادة السرية أسئلة جديدة لم نتعرض لها. لا يوجد شيء اسمه البلوغ بممارسة العادة السرية؛ فالبلوغ ليس لحظة وقتية هي لحظة اندفاع المني فيما يسمى بالاحتلام، فهذا الأمر يسبقه أمور كثيرة تدخل في البلوغ وتعد جزءا منه.
ولكن الإعلان الرسمي يكون بحدوث هذا الاحتلام، الذي هو ناتج عن بداية تكون الحيوانات المنوية داخل الخصية وتحجمها بحيث تصل إلى مستوى معين من الزيادة فيخرج هذا الزائد في عملية الاحتلام.
ولكن من تعلم العادة السرية نتيجة لإحساسه بالشهوة قبل الاحتلام -وهو أمر طبيعي حيث يسبق الإحساس بالرغبة والشهوة عملية الاحتلام بمدة- من تعلم العادة السرية.. فهو يقوم بإخراج السائل المنوي بمجرد تكونه ولا ينتظر عملية التجمع والخروج الطبيعي عن طريق الاحتلام.
ما نريد أن نقوله إن البلوغ ليس هو الاحتلام فالاحتلام أحد مظاهره فقط، وبالتالي فلا مكان للقول بأن بلوغك غير طبيعي وتم عن طريق العادة السرية وليس الاحتلام. فالتغيرات الهرمونية بارتفاع مستوى هرمون التستسترون تؤدي إلى تغيرات جسمية وجنسية ونفسية تسمى في مجموعها البلوغ بالنسبة لاستخدام ما اصطلح العامة على تسميته بالتنويم المغناطيسي في التخلص من العادة السرية. يوجب أن نوضح أن أسلوب التنويم لا يقوم على إزالة العادة من العقل الباطن والواعي، فهذا ليس دور التنويم Hypnosis أو فكرته؛ فالتنويم يستخدم في التشخيص حيث يصبح الشخص وهو بين النوم واليقظة عن طريق استخدام أحد المنومات الموضوعة في محلول يدخل ببطء إلى دم المريض، يصبح المريض أكثر قدرة في التعبير عن مشاعره أو أفكاره، بحيث يصبح تشخيص حالته أيسر وهذا في حالات معينة.
وبالنسبة للعلاج فالتنويم يستخدم كإحدى وسائل الاسترخاء في حالات القلق والخوف، وبالتالي فلا يستخدم التنويم في علاج حالات العادة السرية.. لا ندري هل اطلعت على حلنا المعنون " المواقع الساخنة.. الاستمناء .. وداعاً للإدمان "؛ حيث يوجد برنامج متكامل للتخلص من هذه العادة، وحلنا المعنون "ممارسة الجنس مع النفس ".
وبعدها يظل الاحتمال الأخير بالنسبة لك هو ما أسميناه بالاستمناء القهري، وهو أن يصبح الأمر أكثر من عادة ويتحول إلى نوع من الفعل القهري الذي يحتاج إلى المساعدة الدوائية.
ولقد طالعت بنفسي عدة حالات من هذا النوع ولم ينجح العلاج السلوكي مع أصحابها إلا بمساعدة الأدوية المضادة للوسواس القهري؛ حيث حدث تحسن كبير في حالاتهم وقدرتهم على السيطرة على الأمر، وهو أمر لا نستطيع أن نقرره إلا من خلال المقابلة الإكلينيكية المباشرة لتقييم الأمر، وهل هو مجرد استجابة عادية للمثيرات تحولت إلى عادة يكفي العلاج السلوكي لتقليلها أو الحد منها، أم أن الأمر تطور إلى الفعل القهري الذي يحتاج للمساعدة الدوائية؟
تستطيع أنت أن تحسم الأمر بتنفيذك لكافة التعليمات التي وصفناها في برنامجنا السلوكي" المواقع الساخنة.. الاستمناء .. وداعاً للإدمان "، والتأكد من أنك لا تمارس ما نسميه بالاستمناء الاستدعائي والذي يثير فيه الإنسان نفسه بمشاهدة المناظر الخارجة، ويقوم باستدعائها ثم يشكو من عدم قدرته على السيطرة على العادة السرية، وهو ما أوضحناه بالتفصيل في حلنا المعنون ""ممارسة الجنس مع النفس "، أي أن الأمر لو خرج عن الاستمناء الاستدعائي والتزمنا بغض البصر والبرنامج السلوكي، ولم يحدث تقدم؛ فإن الاستمناء القهري يصبح الحل الأخير وطلب العلاج الدوائي يحدث نتائج مفيدة بإذن الله.
ــــــــــــــــــــ(41/180)
قبلة الفم بين الرجال
اللواط
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد، سيد الأولين والآخرين جميعاً، أما بعد: بداية أود شكركم والثناء عليكم على هذا الموقع المثالي لجميع الأعمار وجميع الحالات، والذي هو بمثابة طبيب مطلع على مشاكل الناس بشكل فوق الممتاز.
أنا شاب عمري 16 سنة أعيش حياة طبيعية مثل باقي الناس، وذات يوم عملت بقول سيدنا وحبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: "... ورجلان تحابا في الله ..."؛ فأحببت رجلا من حيّنا، والله أعلم بهذه المحبة، حيث إننا لا نقطع فرض صلاة واحدا إلا ونذهب مع بعضنا إلى المسجد عدا صلاة الفجر بسبب الأوضاع الأمنية عندنا في بلدنا، وهذا أساس هذه المحبة والله أعلم، واستمرت علاقتنا هذه منذ سنتين تقريبا وحتى الآن، وكنا نرى بعضنا ما يقارب 15 ساعة يوميا بسبب الاجتياحات المتتالية والحصار.
وذات يوم إذ بي أفاجأ أن صاحبي يطلب أن يقبلني من فمي!!.. بداية ترددت، ولكن بعد أن أخبرني أن هذا الشيء ليس حراما لأنه حسب النية -والله أعلم بما في صدري- قبلت لمرات عدة، وبعد كل مرة ينتابني شعور بالذنب والشك، وما ألبث حتى يذهب من ذهني.
أنا شاب خجول جدا جدا لدرجة أنني أخجل من الكلام مع بعض الرجال من حينا، فلم أستطع سؤال أحد في هذا الأمر لشدة خجلي وخوفي، فقررت اللجوء إليكم بعد تفكير طويل.
أرجو أن أكون قد أعطيتكم المعلومات الكافية، كما أرجو ألا أكون قد أطلت على حضرتكم ولكن أفيدوني في هذا الأمر بجوازه أو بحرمته. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرجل يقابل الرجل.. هل يعانقه هل يقبله.. أم ماذا يفعل؟ فكان الرد النبوي الفطري أن يسلم عليه بيده. وجاء الحث على ذلك فقال: ما التقى رجلان فتصافحا إلا تساقطت عنهما ذنوبهما كما يسقط ورق الشجر الجاف عن الشجر في الماء.
والمصافحة بين المؤمنين هي السبيل للتعبير عن المشاعر بينهما وبالتالي لغفران ذنوبهما.. ونهى الرسول الكريم أن يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد؛ لأنه يعلم أن هذا الأمر يؤدي إلى تجاوز لا يمكن السيطرة عليه، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع الناس عليه.
وأنت قد خجلت من أن تواجه أصدقاءك وأصحابك بهذا الأمر لمجرد أخذ الرأي والفتوى؛ لأنك تشعر وتعلم بخطأ وحرمة هذا الأمر، ولكن لا تريد أن تواجه نفسك بأن هذا الصديق صديق سيئ، دعاك إلى سلوك شاذ وممقوت؛ فأي نية صالحة في قبلة بالفم بين رجلين؟! وما هي النية التي تنويها حتى تفعل ذلك؟!.
إن الحب في الله تعاون على البر والتقوى، وحب لخصال الخير فيمن أحبه وفي الحيز الذي نفعله سويا، وليس حبا عشوائيا تتم تحت عنوانه ممارسات شاذة.
اقطع علاقتك بهذا الرجل تماما لأنه شخص غير أمين، فهو -كما يبدو من رسالتك- أكبر منك سنا وأعلم بالصواب والخطأ، وهو يدرك تماما الجريمة التي يرتكبها معك، وجميل منك أنك أفقت قبل أن تنحدر لما هو أسوأ، والأجمل هو أن تكون صادقا مع نفسك وتدرك أن الحب لله الذي تدعيه في علاقتك مع هذا الرجل يستدعي منك أن توقف هذه العلاقة فورا طالما أنك اكتشفت أنها لم تكن لله.
لا تضع لنفسك الأعذار؛ فهذا الرجل قد أخطأ في حقك مرتين: مرة عندما استغل صغر سنك وجهلك في تزيين هذا الأمر لك، ومرة عندما استغل عاطفتك النقية نحوه في ارتكاب ما فعل.
تب إلى الله واستغفره، والجهل كان عذرا لك.. أما الآن فلا عذر أمام الله، وسيكون هذا الذي تدعيه حبا في الله: هما وإثما وطغيانا لا يرضي الله.
ــــــــــــــــــــ(41/181)
ليس حبًا في الله
إضطرابات شاذة, الحياة الجنسية
أولاً: أشكركم على هذا الموقع الذي يشهد له أي أحد يراه، ويطلع عليه؛ لأنه من المواقع التي نحتاج لها نحن الشباب؛ ومن المواقع النادرة، ومشكلتي هي أنني ابتليت بحب زميل في مثل عمري تقريباً (19 سنة)، وهذا الحب ولد بداخلي من بداية انتقالي للبيت الجديد؛ فأنا انتقلت لحي هذا الفتى، وبدأت أنجذب له أكثر وأكثر؛ وذلك لأن الفتى ذو أخلاق عالية جدًّا، وهو محبوب من الكل، وبدأت تكبر محبته بداخلي أكثر وأكثر؛ حتى بدأت أغار عليه إذا وجدته واقفًا مع أحد غيري أو يتكلم، مع العلم أن هذا الفتى يبادلني هذه المحبة، ولكنها أخف من محبتي؛ لأنني صرت أحبه أكثر من أهلي، وأكثر من أي شخص آخر، وأصبحت أقدم كلامه على كلامي، وعلى كلام أهلي، مع العلم أن هذه الظاهرة منتشرة بكثرة في الحي الذي أسكن فيه الآن، والآن بدأت أحس أن الفتى الذي أحبه بدأ يبتعد عني شيئاً فشيئاً، وبصراحة بدأت أغار عليه أكثر وأكثر، وقبل مدة غضبت منه؛ وذلك لأنه جلس يكلم شخصا آخر لمدة، فخفت أن يأخذه الشخص، مع العلم أني والله أحب هذا الفتى لله وفي الله، ولا أبغي منه مصلحة أو أي شيء، ولكن قلبي مال إليه، وحبي له شديد فوق الخيال، بحيث إنني صرت لا أفكر إلا فيه، حتى إنني أصبحت أبكي وأتضايق إذا غضب مني، مع العلم أن كل الأصدقاء يقولون لي: إن فعلي هذا خطأ.. وأنا أحس أني في بعض الأحيان غلطان وفعلي هذا غلط، ولكن ماذا تريدون أن أفعل؛ فأنا أحبه غصبا عني وأشد؛ فهو سيطر عليّ سيطرة تامة؛ فأصبح هو همي الوحيد في هذه الدنيا، فماذا تريدونني أن أفعل؟ وهل عملي هذا صحيح أم خطأ؟! أرجوكم أن تحلوا لي هذه المشكلة بسرعة؛ لأني والله في حالة يُرثى لها، وأرجو منكم ألا تهملوا مشكلتي هذه، وتردوا بأقصى سرعة، وجزاكم الله ألف خير مع شكري وتحياتي لكم. ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لا يوجد حب بين الرجال بهذه الصورة التي تصفها في رسالتك، بل حتى بين النساء؛ لأن الحب الذي يصل إلى درجة الغيرة من حديث الصديق إلى شاب آخر؛ خوفًا من أن يأخذه منك هو نوع من المرض.. ولا علاقة له بالحب في الله؛ لأن الحب في الله يكون حبًا للصفات الطيبة، ولقاءً على الخير وعمله؛ لأنه لا يوجد حب لمجرد الحب.. يجلس الإنسان يفكر فيمن يحب ويصبح همه الوحيد في الدنيا؛ لأنه حتى لو كان هذا الأمر بين رجل وامرأة لأصبح أيضًا أمرًا غير طبيعي؛ لأن الحب الحقيقي طاقة للبناء ومساعد للإنسان على القيام بعمله والعيش بطريقة سوية..
إن دلالة المرض في علاقتك بهذا الصديق هي إفساد حياتك وسوء حالتك التي أصبح يرثى لها، وإن علاج هذا الحب المرضي يكون أولاً في إدراك أنه مرض لا بد من العلاج منه وعدم الاستسلام له، أما العلاج الناجح إذا أدركت ضرورة الشفاء مما أنت فيه؛ فهو أن تقطع علاقتك تمامًا بهذا الشاب.. ستتألم قليلاً وتشعر بالحزن لبعض الوقت، ولكن بعدها ستخرج من هذه التجربة وقد تعلمت منها كيف تكون الصداقة الحقيقية السوية، وستضع الحدود السلمية لعلاقاتك مع زملائك في المرات القادمة، بحيث لا تتطور إلى هذا الحب المرضي..
إنك في سنك هذه قد تبدو التجربة بالنسبة لك صعبة، ولكنها البداية التي تستطيع بعدها أن تكون قوي الإرادة في جميع أمور حياتك، ولا علاج آخر لمثل هذه الحالة إلا الحسم والقطع، وإلا فإنك ستدخل في طريق ربما لا تتخيل أنك يمكن أن تصل إليه، خاصة أنك ما زلت في السن التي تتحدد فيها اتجاهاتك العاطفية والنفسية والجنسية؛ فلا تجعل الأمور تختلط عليك بالصورة التي لا تسمح للعلاج بعد ذلك، ويمكنك العودة إلى المشاكل المشابهة على صفحتنا؛ فستجد المزيد من الإيضاح لما يمكن أن يترتب على هذه العاطفة المريضة. ومن أقرب هذه المشاكل إلي حالتك تلك التي بعنوان
الحب المرضي : الميول المثلية وحدود الصداقة
ــــــــــــــــــــ(41/182)
الحب المرضي : الميول المثلية وحدود الصداقة
اللواط
مشكلتي هي أنني معجب بشاب في نفس عمري، وأنا متعلق به بشكل كبير، ولا أخفي عليكم أنني أحبه؛ فهو شاب وسيم، ذو خلق حسن، ومن شدة حبي له انخفض مستواي الدراسي؛ فأنا أفكر فيه باستمرار، علمًا بأننا من نفس الجنس؛ فأرجوكم، أفيدوني.. ماذا أفعل؟
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... "الإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس "- كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم- ونحن في الطب النفسي نسأل سؤالاً فلسفيًّا يقول: ما هو الطبيعي؟ أي ما هو الشيء من سلوك أو عاطفة أو فعل ... إلخ، يمكن أن نسميه طبيعيًّا؟ فتكون الإجابة الطبيعي هو الطبيعي؛ أي أن الطبيعي من سلوك أو عاطفة أو فعل، أو أي شيء آخر، هو ما اتفق الناس على اعتباره طبيعيًّا.. والآن لننطلق إلي رسالتك، وإلي سطورها، وإلي كلماتها؛ لنرى فيها الطبيعي وغير الطبيعي..
إن إرسالك للرسالة في حد ذاته دلالة على شعورك أن هناك خطأ ما في علاقتك وشعورك ناحية هذا الشاب، وإلا فما الداعي إلي التساؤل والبحث؟! خاصة وأن هذا الشعور والعلاقة أدَّيَا إلي انخفاض المستوى الدراسي لك، وهذا مؤشر أثبته أنت في رسالتك، ونعتبره نحن دلالة على تجاوز الحد بصورة مرضية؛ حيث إن أي سلوك يكون مقبولاً طالما لم يؤثر على حياة الإنسان ووظيفته؛ فإن أثر دل ذلك على وجود مَرض؛ حتى لو كان يبدو في صورة حب أو تعلق بشخص..
والآن، لنرى تعبيرك عن هذه العلاقة، وهل هو تعبير طبيعي لصداقة عادية بين شابين في نفس السن والجنس أم أن هناك شيئًا آخر يحتاج للوقوف والحذر؟ الكلمات الواردة في رسالتك هي : معجب - متعلق - أحبه - وسيم - أفكر فيه باستمرار. هل تعتقد أن هذه الكلمات تصلح للتعبير عن علاقة طبيعية بين شابين في نفس السن ومن نفس الجنس؟ الأمر المؤكد أن الإجابة هي لا.. والحد الأدنى في عدم طبيعية هذه العلاقة هو ما نسميه بالحب المرضي، وحَدَّه الأعلى هو العلاقة الجنسية المثلية بين الطرفين، والتي قد تكون هناك مؤشرات بسيطة لها في البداية، ولكن الأمر يصبح خطيرًا بالذات إذا كانت الوسامة وألفاظ الحب التي لا تستخدم إلا بين الحبيبين من جنسين مختلفين هي أحد أدوات التعبير عن هذه العلاقة..
نحن لا نتهمك بشيء، ولكن نقول: إن ما تشعر به ناحية هذا الشاب هو مرض لا بد من العلاج منه.. مرض قد يكون في بدايته، ولكنه يحتاج إلي العلاج المبكر؛ حتى لا يتفاقم، ويصبح مرضاً عضالا، لا علاج منه، وهنا سيكون السؤال: ما العلاج ؟! إن أول العلاج أن تدرك خطورة هذا التعلق، خاصة وأنه قد أثر على دراستك، إذن فالأمر ليس محل نقاش أو خلاف في كون هذه العلاقة مرضية أم لا ؟! الأمر الثاني هو ضرورة قطع هذه العلاقة تمامًا مع هذا الشاب، وهو العلاج الوحيد الناجح لمثل هذه الحالات؛ حيث إن الرؤية واللقاء والحديث، حتى لو كان حديثًا غاضبًا أو لقاءً عابرًا، يؤدي إلى تفاقم هذه العاطفة؛ فلا حل لها إلا قطعها من جذورها. سيؤدي ذلك إلي بعض الألم أو كثير من الضيق، ولكن مع مرور الوقت ستستعيد توازنك النفسي، وتدرك مدى خطورة هذه العلاقة على صحتك النفسية؛ حيث سترى نفسك وقد استعدت علاقاتك الطبيعية مع باقي زملائك، وقد عدت إلي كتابك ومذكراتك ومستواك الدراسي، وعدت لترى الدنيا مرة أخرى بعد أن كانت قد تحولت إلي عالم محدود لا يوجد فيه إلا هذا الشاب..
إن الشباب في مثل سنك يكونون عاطفيين، وفي بعض الأحيان لا تنضبط هذه العواطف بالضوابط الشرعية أو حتى العرفية المتعارف عليها بين البشر.. وإن الصداقة بين شابين أمر مقبول، ولكن في حدودها الطبيعية؛ فتجد أن الصفات الطيبة والمشتركة في كل طرف هي محور هذه العلاقة، وأنها قابلة للزيادة والنقصان، وللاتزان والابتعاد بدون تأثير على حياة أي من الطرفين؛ حيث يعتبر كل طرف الآخر عونًا له، ولكن لا يعتبره كل الدنيا أو كل الحياة.. فالصداقة تتسع لتشمل آخرين، حتى إذا ما ابتعد أو سافر أو غاب أحدهم وجدنا السلوى في الآخرين بهدوء وبدون تشنج أو انهيار.. إن الصديق يحب صديقه، ولكن في حدود أن يتصارحا ويتعارفا ويتشاركا، ويظل لكل حدوده وحياته الخاصة.. إن الفهم المبكر والتطبيق الصارم لهذه المعاني لهو العاصم من هذه التجربة..
توقف تمامًا عن هذه المشاعر، وستعود لحياتك الطبيعية، ونحن بجانبك إذا احتجت إلي أي عون.
ــــــــــــــــــــ(41/183)
بل اكسري قلوبهن
مع النفس, السحاق
أنا طالبة في المرحلة الثانوية ، مشكلتي هي أنني أتمتع بقدر كبير من الجمال والحمد لله ، ولكنني للأسف بدأت ألاحظ أن بعض الفتيات معي بالمدرسة يردن أن يصبحن صديقاتي المقربات ولكن بطريقة سيئة يسمونها " الشذوذ " ....
إنهم يشعرون بالغيرة علي ، وبل وتريد إحداهن ألا أكلم غيرها . وفي الوقت نفسه وبالرغم من رفضي لمثل هذه الأفعال فإنني لا أريد أن أكسر قلوبهن ، من فضلكم دلوني علي الطريقة التي أتصرف بها خاصة أنني قلقة علي مستقبلي الدراسي الذي بدأ يتدهور بالفعل ...وشكرا لكم
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إذا تعلق الأمر بالشذوذ ، فلا مكان للعواطف أو الأحاسيس وإذا لم يكونوا أصدقائك الحقيقيين ... فما الداعي للتمسك بهن ... خاصة وأنهن يمنعنك عن أصدقائك الحقيقيين ... فهل العقل يقول أن يترك الإنساني الحقيقي من أجل المزيف وليته مزيفًا فقط ولكنه شاذًا أيضًا..
فلتنكسر قلوبهن أو تتحطم فهذا أمر لا يخصك أو يهمك ... المهم أن تبتعدي عن هذه العناصر الفاسدة المفسدة ولتكوني حاسمة مع نفسك أولا وصريحة معها ... فإن إحساسك الزائد بجمالك جعلك بالرغم من ضيقك من هؤلاء الشاذات فإن شعورًا بالرضا والسعادة لإعجابهن بك ... لأن ذلك يزيد إحساسك بجمالك هو الذي جعلك حتى الآن تتخذين موقفًا حاسمًا منهن موقفًا لا يتردد أي إنسان في اتخاذه بوضوح شديد ولكن إعجابك بإعجابهن هو الذي يمنعك ... ويجعلك تتحدثين عن قلوبهن اللاتي تخشى أن تكسريها..
ليس للموضوع علاقة بالقلوب ... إن له علاقة بالشهوات والنزوات والرغبات الثائرة بغير حدود حتى تصل إلى الشذوذ لن تكسر قلوبهن كما تتصورين أو كما تحاولين أن تبرري لنفسك لأنه أيضًا يرضيك أن تشعري أن القلوب تلتف حولك وتحبك والحقيقة أنه ليس حبًا ولكن رغبة الشيطان فإذا حسمت أمرك وقطعت علاقتك بهن فالشيطان هو الذي سيخذل والشهوات هي التي ستنكسر وليس القلوب وابحثي عن الحب الحقيقي بين أصدقائك الحقيقيين وتخلصي من الزيف والمزيفين.
ــــــــــــــــــــ(41/184)
شاب يحب صديقه.. علاقة خطرة
اللواط
السلام عليكم ورحمة الله.. مشكلتي هي أني أحب صديقا لي منذ مدة، ولم أستطع أن أهجره؛ فقد هجرته مدة طويلة، ثم رجعت إليه، والله إني في حيرة.. كيف أتعامل معه؟ فأنا أتأثر كثيرا لرؤيته أو سماع صوته، وبكل صراحة رغم أني أجد متعة في الحديث معه أو لمس جسده فإني لا أسعى لذلك، رغم أنني اكتشفت أنه إنسان يميل بطبعه للجنس المثلي.. فماذا أفعل؟ هل أستمر في صحبته؟ وكيف أنصحه، وهو إنسان رقيق جدا، وأخشى عليه كثيرا؟ بارك الله فيكم. ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أنت على خطر عظيم بسب بهذه العلاقة غير السوية التي وصلت إلى الشذوذ؛ فليس بين الأصدقاء الطبيعيين الأسوياء ما يسمى بالمتعة عند لمس الجسد أو التأثر عند الرؤية وسماع الصوت والحديث. فهذه صفات لعلاقة جنسية شاذة بين رجلين، وليست لعلاقة صداقة عادية، ولا ندري كيف اكتشفت أن صاحبك يميل للجنس المثلي (أي أنه شاذ جنسيًّا)؟!
والحقيقة أن من يحتاج إلى النصيحة هو أنت قبل صديقك؛ فقبل أن تسأل: كيف أنصحه؟ ابدأ فانصح نفسك؛ لأن ما تصفه من حب وهجر ومتعة يدل على شذوذ جنسي مماثل لشذوذ صاحبك، والبداية هي أن تقطع صلتك تمامًا بهذا الصديق؛ لأن هذا أدعى لاستمرارك واستمرائك لمشاعرك الشاذة.
وبعدها يجب أن تتوجه إلى الطبيب النفسي ليبدأ معك رحلة علاجية نفسية سلوكية لتخليصك من إحساسك ومشاعرك الشاذة قبل أن يتفاقم الأمر ويصل إلى درجة الممارسة التي يبدو من رسالتك أنها لم تحدث.
لم تذكر في رسالتك إحساسك نحو الجنس الآخر؛ لتصورك أن المشكلة في صديقك فقط، ولكن المشكلة وحلها لديك تسبق البحث عن حل مشكلة صديقك.. كل ما قد تملكه له هو أن توجهه إلى العلاج هو أيضًا، وهذا أمر لا يجرح إحساسه أو مشاعره الرقيقة؛ فهو يعاني من الشذوذ الذي لا بد من التخلص منه، سواء من منطلق ديني أو اجتماعي؛ فما زالت مجتمعاتنا بخير وترفض هذا الوباء، لا بد أن تجد لديك الوازع القوي حتى تتخلص مما أنت فيه، ولا تتصل بهذا الصديق بعد الآن؛ فهذا سيعينك على العلاج والشفاء، ونرجو أن تعود لحلنا السابق:
الميول الجنسية المثلية.. خبرة علاجية فستجد المزيد من المعلومات عن حالتك وطريقة العلاج ليس لكي تطبقها بنفسك؛ فهذا أمر لن يجدي، ولكن من أجل أن تدرك أن هناك شفاءً إذا صح العزم وقويت الإرادة
ــــــــــــــــــــ(41/185)
تعليم الجنس.. تساؤلات ومقترحات
تساؤلات أخرى
بسم الله الرحمن الرحيم.. الإخوة الأفاضل القائمون بالأمر على صفحة "حلول ومشاكل للشباب".. الإخوة الأفاضل القائمون على أمر موقع "إسلام أون لاين.نت"، جزاكم الله كل خير على ما تقدمونه من جهد، نسأل الله أن ينفع به ليكون علما ينتفع به إن شاء الله.
لي ملاحظة حول عدد من المواضيع الجنسية وبخاصة الموضوعات المتعلقة بشأن فتور الزوجة، وكيف أن لدور الأسرة بل والمجتمع والتعليم الذي نتلقاه في الصغر والعادات والتقاليد دورا رئيسيا في المساهمة في موات إحساس الزوجة وعدم مبالاتها بما يشبع احتياجات الزوج..
والسؤال الآن: هل المطلوب مثلا أن تدرس الثقافة الجنسية في مراحل التعليم كما اقُترح من قبل ووُجه بأنه دعوة للانحلال والمروق؟ أم ما هي الإستراتيجية التي يجب علينا أن نتبناها لنشر هذه الثقافة؟
أقول ساخرا: هل يجلس الرجل وزوجته أمام أبنائهم ويمارسون الجنس حتى تتحقق الثقافة الجنسية للأولاد عند الكِبر؟ أم هل نسمح لأبنائنا بما يسمح به الغرب لأبنائه من تحلل وسفور حتى تتحقق الثقافة الجنسية للأولاد؟ أم يجلس الأب ويتكلم في الأمور الجنسية أمام أبنائه؟ أم يجب أن نشعر المرأة عند زواجها بأن حياتها التي نشأت عليها كانت مضللة، ومن الواجب عليها أن تنتقل إلى عالم جديد من "التمحن والتغنج"؟ معذرة على الألفاظ!
أكرر سؤالي: ما هي الإستراتيجية التي يجب علينا أن نتبناها للتغلب على الأفهام الخاطئة عندنا كما تركزون دائماً في إجاباتكم؟
لكم مني جزيل الشكر، وأسأل الله أن يوفقكم دائماً لما فيه الخير والفلاح. وجزاكم الله كل خير. ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ السائل الكريم، نحمد لك حسن أدبك، وأهمية سؤالك؛ فأنت تحاول الانتقال بنا وبالصفحة من مرحلة تشخيص الأوجاع والعيوب إلى مرحلة وضع البرامج والحلول، وهي نقلة مطلوبة ولازمة، ولكنني لا أعتقد أن عبء إنجازها يقع على كاهل فريقنا فقط، بل نحن شركاء معكم في الانتقال إلى هذا الأفق الضروري.
دعنا إذن من الذين ما زالوا ينكرون أن هناك مشكلة في هذه المساحة، وإذا اتفقنا بالتالي أن لدينا مشكلة في مساحة إدراك الجنس وفهمه وممارسته على النحو الذي يرضي الله سبحانه، بتجاوبه مع الفطرة الإنسانية والحاجات البشرية التي وضعها الله في النفس والعقل والحواس المادية التي وهبها العلي القدير لكل جسد، وإذا اتفقنا أن هناك مشكلة أو عدة مشاكل في هذه المساحة.. فيمكننا التفكير في الحلول على عدة مقويات أو في عدة اتجاهات:
هناك اتجاه أو مستوى العودة إلى الأصل، وهو في حالتنا هنا يعني أن يتعلم الإنسان ذكرًا كان أو أنثى "فقه الجسد" ضمن أبواب الفقه الأخرى، وبالتالي يكون مطلوبًا أن نعيد النظر في مقررات الفقه التي يدرسها طلاب العلم الشرعي والمهتمون بمعرفة أحكام الدين في الدوائر الرسمية وغير الرسمية، ولا بأس من إضافة بعض الكتب والمراجع المسكوت عنها من كتابات كبار الأئمة القدامى، وقد أشرنا إلى بعضها في إجابات سابقة، ونميل إلى أن يكون التدريس في هذه الشئون حواريًا مفتوحا، وأن يقوم به الرجال للرجال، والنساء للنساء رفعًا للحرج، إلا في حالة الضرورة الملحة، والضرورة تقدر بقدرها، ولا عذر لجاهل.
هناك اتجاه أو مستوى اكتساب المعارف الحديثة التي لا يتصادم صحيحها مع صحيح الدين قديمًا وحديثًا؛ فالفقه الصحيح والبحث العملي الصحيح يصلان إلى نفس النتائج إلا أن يكون في منهج أحدهما خلل يحتاج إلى إصلاح، وفي مستوى اكتساب هذه المعارف الحديثة الصحيحة تلزم عملية فلترة للكثيرة من الأساطير والترهات التي تتشح برداء العلم، والعلم الصحيح منها براء، وأذكر هنا بالمناسبة أن كتب الفقه القديمة لا تخلو أيضًا من حشو باطل هنا وهناك، ويلزم تمحيص محتواها في ضوء التدقيق العلمي اللازم؛ فلا ننقل للناس القديم لمجرد أنه ميراث من أجداد نحبهم، كما لا ننقل عن الأبحاث الغربية مثل الببغاء، إنما ننظر في هذا وذاك، ونعطي الفرصة أيضًا للبحث الميداني، والخبرات الإكلينيكية والدراسات الثقافية؛ لأن للجنس أبعادًا ثقافية تجعل ما يستحسنه الذوق في بيئة قد ينكره الطبع في أخرى.
يلزم بعد ذلك إشاعة العلم والفهم السليم ليكون متاحًا بصور شتى، وأخشى أن التعليم عندنا وكذلك الإعلام بصورتهما الحالية من التسطيح والتلقين والاهتمام بحشو العقول بدلا من تربية الأفهام، أخشى أن التعليم في المدارس، والإعلام في الصحافة والتلفاز بحالتهما الحالية ليسا الوسيط الأمثل لنقل هذه المعارف الصحيحة.
وعليه فينبغي التفكير في وسائط أخرى مثل النشر الورقي والإلكتروني، والدورات التعليمية والتدريبية المنضبطة والمتدرجة تبعًا للمرحلة العمرية، والإقدام على الزواج، أو ما بعده... وهكذا.
ودور الأسرة يأتي في القلب من هذا وذاك؛ فالوالد ينبغي أن يعرف المعلومة الصحيحة، وأن ينقلها إلى ولده بالأسلوب الذي يناسب عمره، وأن يكون متوقعًا لأي سؤال قد تسأله ابنته أو يستفسر عنه ابنه، وكذلك الأم، وأحسب أن الأمر أمر دين وحاضر مجتمع ومستقبل أمة بحيث لا يحتمل سخرية أو هزلا أو طرحًا من قبيل "ممارسة الوالدين للجنس أمام الأولاد بغرض التعليم"!!
فحتى الغرب المتهم دائمًا بالتحلل والسفور وعظائم الأمور لا يفعل هذا، ولا يرى فيه فائدة تعليمية أو تربوية، ولا أعتقد أننا بصدد اختيار قسري بين التخلف باسم التقاليد والمحافظة والعادات الجاهلية من ناحية، وانفلات الغرب من ناحية أخرى، وإن كان للقوم هناك فضيلة -مطوية في حالتنا- فهي أنهم حين يدركون أن لديهم مشكلة فإنهم يشبعونها بحثًا وحوارًا جادًا، ولا يقابلونها بالسخرية أو التواطؤ على دفن الرءوس في الرمال!!
وأخيرًا فإن الكلام يطول فيما يمكن تنفيذه من اقتراحات بهذا الشأن، وإذا كنا نبحث عن مستقبل محترم فعلينا أن نحترم الصحيح من تراثنا ونستعيده، وننفتح على الصحيح من معارف عصرنا من أي وعاء خرجت حكمته دون حرج، وأن نعترف بالمشكلات ونجتهد في وصف الحلول دون إبطاء أو تردد، أما التسويف والمزايدة واللف والدوران أو تأجيل المهام العاجلة فمن شأنه أن يقذف بنا إلى المكان الذي ينبغي أن نكنس إليه كل ركام الجاهلية الماضية والحالية. فنحن إما أن ننفض عنا سخام التخلف وركامه، وإما سنذهب إلى "مزبلة التاريخ"، وأحسب أننا حاليًا في الطريق إليها فعلا بسبب طريقة تفكير البعض منا.شكرًا لاستفسارك، وأهلا بمشاركتك معنا دائمًا.
ــــــــــــــــــــ(41/186)
سرعة القذف وسراب المتعة غير المسبوقة
سرعة القذف, العلاقة الجنسية بين الزوجين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الأخت الفاضلة الدكتورة/ سحر طلعت :
أرجو منك مساعدتي فالأمر خطير.. هي مشكلة منذ بداية زواجي منذ 7 سنوات وهي القذف السريع، وعدم إشباع زوجتي إلا في النادر، ولم يحدث مرة واحدة أن نتوافق في النشوة الأخيرة (الأورجازم)، واليوم حدث شيء يؤرقني وهو أنني بالرغم من أخذي عقارات مقوية ومؤدية إلى الدفء في الحياة الزوجية، وهي أدوية كتبها لي طبيبي فإنني لا زلت أعاني من هذه المشكلة التي تسبب الأذى الشديد لزوجتي التي تحبني ولا أكرهها.
أرجوك أخبريني ما الحل بسرعة، مع العلم بأنني وزوجتي ليس بيننا جماع طبيعي بسبب مشكلتي وهي القذف السريع، والإيلاج يكون مصحوبا ببعض الألم عندها حتى، وإن كانت رطوبات فرجها كثيرة.
معذرة للإطالة، ومعذرة للتحدث بصورة فيها بعض الإباحية غير أنني قرأت حلولا لك فيها الإجابة المخلصة، فأرجوك مرة أخرى أن تجمعي كل خبراتك وخبرات كل من له خبرة في هذا المجال، وجزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم: أشكرك على ثقتك، وأدعو الله أن أكون عند حسن ظنك، وأن يوفقني للرشد والصواب.
التحدي الذي نواجهه دائما في مشاكل وحلول هو أننا نتعامل مع نص يحكي طرفا وبعضا من تفاصيل المشكلة من وجهة نظر أحد أطرافها، بينما تغيب الأطراف الأخرى وتغيب باقي التفاصيل.
نحن نحاول دوما أن نقرأ ما بين السطور، ولكن من المؤكد أن الصورة على أرض الواقع قد تختلف قليلا أو كثيرا عن الصورة المرسومة بالقلم، وتباعد الشقة بين الصورتين يؤدي حتما إلى الانحراف بالإجابة في طريق غير طريق حل المشكلة، وكلما زادت الفجوة بين الصورتين؛ زاد الانحراف في منحى الإجابة، ولذلك فنحن نرحب دوما بالإطالة وبالتفاصيل الدقيقة طالما كانت لشرح جوانب المشكلة، ونرحب بالمتابعات؛ لأنها ترسم لنا صورة عن تأثير وفعل ما نصفه من حلول.
ولا أخفيكم سرًّا أننا نتمنى ونحلم بأن يعيننا الله سبحانه ونتمكن من مناظرة أصحاب المشاكل الزوجية في جلسات، سواء عبر الإنترنت أو على أرض الواقع؛ لأن التجارب القليلة التي مارسناها في هذا الإطار تثبت أن الأمر يحتاج في كثير من الأحيان لما هو أكثر من نص للسؤال ونص للإجابة.
ولقد قصدت من هذه المقدمة أن أقول: إن الإطناب في شرح جوانب المشكلة هام وضروري فلا تتكاسلوا عن فعل هذا.
أخي الكريم:
لقد دارت شكواك حول عدة جوانب: أولها مشكلة القذف المبكر، والذي يعرف أحيانا بالقذف السريع، وإن كان الأطباء يفضلون لفظ "المبكر"؛ لأن كلمة المبكر تعني أن القذف يحدث مبكرا قبل أن يقضي الزوجان وطرهما، ولا يوجد زمن معين يمكن أن يعتبر القذف قبله مبكرا، فقد يحدث القذف بعد دقائق قليلة ولا يكون مبكرا، والمهم أن هذه المشكلة من المشاكل الشائعة بين الأزواج والتي يسهل علاجها، وعلاجها يكون باستخدام أحد أنواع التدريبات الآتية مع العلاج الدوائي، والتدريبات التي تستخدم هي:
1. طريقة سيمانز (توقف وابدأ): ولقد بنيت هذه الطريقة على أساس أن القذف يحدث قبل أوانه إذا كان الرجل لا يشعر بالإحساس أن القذف أصبح وشيكا، وأن العلاج الصحيح يجب أن يعمل على تمكين الفرد من هذا الإحساس، حيث تتم إثارة الرجل بمساعدة زوجته حتى يقترب من لحظة القذف، وعندما يهم بالقذف تتوقف زوجته عن إثارته فيرتخي، ثم يعود ثانية، وتتكرر هذه التدريبات لمدة تقارب الشهر.
2. طريقة ماسترز وجونسون (العصر): وهى تعديل وتنويع لطريقة سيمانز السابقة، حيث تقوم الزوجة بإثارة زوجها بأي طريقة يختارها الزوجان، وقبيل القذف مباشرة تقوم الزوجة بعصر القضيب تحت حافة حشفة القضيب لثوان معدودة، وهذا العصر يؤدي لإيقاف القذف، ويتكرر الأمر عدة مرات، وفى نهايتها يسمح بالقذف، ويحتاج الزوجان أن تستمر هذه التدريبات فترة تتراوح بين أسبوعين وشهر.
وللمزيد من المعلومات عن هذه المشكلة يمكنك مطالعة المشاكل الآتية:
- علاج سرعة القذف: تقنية ما سترز وجونسون
- سرعة القذف.. المصارحة أولاً
- سرعة القذف هل هناك حل؟
- القذف.. والسرعة المطلوبة
المشكلة الثانية هي الآلام التي تعاني منها زوجتك، وهذه الآلام قد تنتج عن أسباب عدة: منها جفاف المهبل لغياب الاستثارة الكافية (وهو ما تنفيه أنت في شرحك للحالة)، ومنها ما هو عضوي بسبب الالتهابات المهبلية المختلفة أو التجمعات الدموية (endometriosis) أو أورام المهبل.
وتشخيص سبب الألم وطريقة علاجه لا بد أن تعتمد فيه على الطبيب، وحتى يتم العلاج وتختفي أسباب الألم يفضل أن يتوقف الزوجان عن الجماع؛ لأن وجود الألم يعيق استمتاع الزوجة، وقد يؤدي إلى حدوث النفور الجنسي لشعور الزوجة أن زوجها لا يهتم بألمها، كما قد يؤدي إلى تشنج الفرج الثانوي، ولمزيد من المعلومات حول هذه النقطة يمكنك مطالعة مشكلة: جفاف المهبل.. خلل عضوي أم خلل في المقدمات ؟!
أما المشكلة الثالثة التي تثيرها فهي مشكلة عدم توافق بينكما في حدوث الأورجازم، حيث زرع العلماء الغربيون في أذهاننا أن قمة اللذة والمتعة لا تتم إلا إذا توافقت ذروتا النشوة عند الزوجين، وكأن الزوجين عبارة عن ماكينتين يتم توصيل التيار الكهربائي بينهما ثم نضغط على زر التشغيل فتنتج المتعة واللذة من الماكينتين بعد وقت معين ومحدد بدقة شديدة! ولكن الأمر -حتى لو نظرنا فقط للجانب الميكانيكي من العلاقة الجنسية- مختلف تماما، فالأوضاع والحركات التي تثير الزوج قد تختلف عن الأوضاع والحركات التي تسعد الزوجة، وفترات الإثارة المطلوبة تختلف طولا أو قصرا باختلاف الشخص وأحواله الصحية والمزاجية ومستوى الهرمونات، وبالذات الأنثوية. ويظل الإنسان يعيش وهم المتعة غير المسبوقة والتي يراها كسراب يبرق في هجير الصحراء يلهث إليه فيجده يتسرب من بين يديه؛ وهو ما يضغط على الأعصاب أكثر، ويعيق الاستمتاع أكثر. وبالتالي يصبح الفرد منا وكأنه يدور في حلقة مفرغة من البحث عما يفتقده من قمة اللذة، والضغط العصبي الذي يعيق الشعور بالمتعة من أساسه.
وأمر العلاقة الجنسية بين الزوجين مختلف عن هذا تماما، فالمسألة ليست إشباعا جسديا صرفا، وفي كثير من الأحيان يلتقي الزوجان وتدور العلاقة بينهما في جو من المودة والألفة والدفء والحميمية، وقد لا يصل أحدهما أو كلاهما للأورجازم، ولكنهما يشعران أن المتعة كلها قد حيزت لهما بما استمتعا به من دفء وتواصل للأرواح والقلوب والأجساد. وما أردت أن أقوله وأهمس به في أذنيك أن اشغل بالك بدفء العلاقة بينكما وبإصلاح الجوانب المختلة فيها. ودعواتي أن يبارك الله لك في زوجتك، وأن تقر عيناك بها.
ــــــــــــــــــــ(41/187)
السائل الغليظ ... أمرُُ يحتفل به الرجال
تساؤلات أخرى
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أود أن أشكركم على هذا الموقع الرائع، وأتمنى أن يضع الله خدمتكم في حل مشاكل الشباب في ميزان حسناتكم إن شاء الله.
أريد أن أخبركم عن مشكلتي التي بدأت تؤرقني منذ عدة أيام، ففي تلك الليلة المشؤومة وبعد أن استيقظت من النوم لأقوم بأداء صلاة الصبح فوجئت بسائل أبيض غليظ القوام على ملابسي لا أعرف ما هو يخرج من عضو التبول، خفت أن أعرض المشكلة على أهلي؛ خشية أن يكون ذلك مرضا قد ألمّ بي، علما بأن عمري هو 15 عاماً ، وأنا شاب ملتزم ومواظب على صلاتي، وقد تكرر هذا الأمر عدة مرات: حوالي كل أسبوعين مرة، قمت بسؤال أحد زملائي في المدرسة فقال لي: إن هذا يدعى بالاحتلام، وإن ما أمرّ به الآن هو مرحلة البلوغ وهي تحدث للفتيان والفتيات، لم أفهم من كلامه شيئا، أتمنى أن توضحوا لي الأمور؛ لأنني الآن أعيش فترة من العذاب والخوف، وقد أثر هذا الأمر كثيرا على مستواي الدراسي.
في النهاية أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يا أخ محمد، إن ما تصفه هو أمرٌ يحتفل به الرجال ويفرحون به؛ باعتباره إيذانًا بعبورك بوابة الدخول إلى الرجولة والتكليف كرجل مسلم، ليس فيه أبدًا ما يستدعي العذاب والخوف ولا وصف الليلة بالمشؤومة يا رجل!
وها نحن نقف أمام مشهد شابٍ ملتزم عمره خمسة عشر عامًا لا يعرف شيئًا عن بلوغ الحلم، ولا يستطيع أن يسأل أهله ولا مدرسه، ولا يجد أمامه إلا واحدًا من أصدقائه ليسأله، ولا يبدو حتى أن صديقه -الذي يعتقد أنه يعرف- يعرف بالفعل أكثر من معلومات مشوشة! لكنه أفضل حالاً من صاحبنا على أية حال!
أليس المفروض أن يكون هذا الشاب المسلم معدا لمثل هذا الأمر الذي لا بد أن يحدث وإن لم يحدث لكان تأخره مدعاةً للقلق والفحص الطبي، وإن حدث فإنه يستلزم من الشاب أن يغتسل لكي يواصل صلواته الخمس؟! من المسؤول عن ذلك؟ ولماذا لم يخبره أبوه؟ ولماذا لم يفهمه المدرس في المدرسة؟
يا " محمد " عندما يكبر الولد تظهر عليه علامات البلوغ مثل ظهور شعر العانة والوجه والشعر تحت الإبط وخشونة الصوت وزيادة حجم العضلات والأعضاء التناسلية الذكورية، وكذلك الاحتلام وهو خروج المني أثناء النوم عادةً أثناء حلم ذي محتوى جنسي.. وما حدث لك إذن ليس مرضًا بل هو البلوغ المنتظر.
والاحتلام يستوجب من الشاب المسلم أن يغتسل بعد قيامه من نومه لكي يتخلص من الجنابة وليس النجاسة؛ وذلك لكي يتمكن من أداء الصلوات الخمس، وأرجو ألا تسألني عن كون الحلم الجنسي حراما أم حلالا؛ لأن النائم غير مكلف بالطبع، والأحلام الجنسية هنا وسيلة من وسائل النفس لتنفيث الرغبات التي تضجّ بها نفس الشاب ولا تسمح المنظومة الاجتماعية الحالية بإخراجها في شكلها الاجتماعي المناسب إلا في السن المناسبة.
إنني أجد في رسالتك تلك محفزًا جديدًا للسؤال: من يعلّم؟ ومتى يتعلم أولادنا الجنس؟، وإلى متى يتعذب المسلمون الملتزمون بسبب جهلهم بوظائف جسدهم الطبيعية لأن البيئة الملتزمة التي يعيشون فيها تعتبر الكلام في كل ما يتعلق بالأمور الجنسية عيبًا أو حرامًا أو كلاهما معا؟!
الحقيقة أنني بدأت أفكر في حال كثيرٍ من الناس في مجتمعاتنا، وهم ينظرون إلى العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة باحتقار لا أجد له مبررا، وأنا لا أذكر أنني قرأت في كتاب الله عز وجل أو في سنة الرسول عليه الصلاة والسلام ما يشير إلى احتقار الجنس ما دام في موضعه، وسألت الكثيرين من الزملاء في المهنة وفي غيرها ممن لديهم ثقافة دينية ووصلت إلى نفس النتيجة.. إذن من أين جاء احتقار الجنس في تراثنا؟ ليس لدي من إجابة إلا أن يكون نوعا من الحيلة الدفاعية المسماة بالتكوين العكسي والتي تعني وجود أفكارٍ واتجاهاتٍ واعيةٍ منافيةٍ تماما للأفكار والتوجهات اللاواعية، ونتجت عن رغبة شديدة في الفعل الجنسي مع اضطرار لمنعه للجهل بالكثير من نواحيه.. وأنا هنا لا أتكلم على مستوى الفرد، بل على مستوى المجتمع.
وبدأت أفكر بعد ذلك في أولادي وأولاد المسلمين ومن أين سيتعلمون؟ ومن سوف يعلمهم؟
أنا أحسب أن السبب الرئيسي في مشكلة الكثيرين وفي معاناتهم هو أن الجنس كموضوع غير مصرح بالكلام فيه أصلا في مجتمعنا؛ وبالتالي يكوّن كل واحد أو واحدة فكرته الخاصة التي تنتج من مجموعة متناثرة من الإيحاءات والإيماءات يتلقاها خلال حياته من خلال حوار سمعه أو جملة قرأها أو فيلما شاهده... إلى آخره، ويضاف إلى ذلك بالطبع ما يقوله الشيخ أحيانا في المسجد، وما يقوله المدرس في المدرسة.
ولكن ما يجب أن ننتبه إليه هو أن المتلقي في كل هذه الأحوال سلبي تماما ولا يستطيع أن يسأل؛ لأن السؤال يعتبر قلة أدب ويسبب الإحراج طبعا لمن نسأله؛ لأنه في الغالب مثلنا لا يعرف إلا القليل!
واضح من ذلك أن النتيجة هي في معظم الأحوال فكرة مشوشة أو ناقصة، وليس هناك من يصححها!! الأمر متروك لمن إذن؟ ومتروك إلى متى؟!
يوجد الآن في الكتب المدرسية في المرحلة الإعدادية شيء عن الجهاز التناسلي في الرجل والمرأة وباقتضاب شديد، وأعرف من معظم من قابلت من الطلبة والطالبات أن هذا الدرس غالبا لا يشرح!! وإن شرح فإن الأسئلة فيه غير مستحبة؛ لأنها قلة أدب!
ما زال مجتمعنا العربي إذن يضع رأسه في الرمال كلما أحس بالخطر، وما زال يزداد ضعفا في مواجهة التطور الحاصل في العالم من حوله. ولست أدري من المستفيد من بقاء الوضع على ما هو عليه؟ و ما زال يحيرني السؤال: من أفهم الناس أن الجنس شيء محظور؟ ومن أفهمهم أن الجنس وظيفته التناسل فقط؟ ومن أفهمهم أن الدين يحظر علينا أن نتعلم الجنس؟ ثم ما هي الجهة التي تصلح لتولى مسئولية تعليم الجنس للناس إن كانوا سيتعلمون؟ أم إننا سنترك الأمر كعادتنا للدش والإنترنت؟ وهل يجب عليّ لكي يبقى ابني مؤدبا أن أمنعه من دخول الإنترنت ناهيك عن الدش؟
الفرق كبير بين الذين يعلمون والذين يدّعون أنهم يعلمون! إن ما يحدث في مجتمعنا الآن من تفسخ متتابع للقيم إنما نشأ عن عجزنا عن تطوير أفكارنا وعن تفهم قيمنا الأصيلة التي خلطناها بالكثير مما لم ينزل الله به من سلطان ثم جعلنا الكل مقدسا! وغير قابل للنقاش دون أن نفكر ودون أن نستعد لما حدث ويحدث حولنا.. وحسبنا أن الرمال تدفئ آذاننا وتهدهد عقولنا!
ــــــــــــــــــــ(41/188)
الفاحشة ..إدراك وممارسة
التحرش الجنسي
أعاني من مشكلة تؤرِّقني، وهي أني شاب أمرد حسن الخلقة، وحدث أن ظهرت من أحد أساتذتي بعض التصرفات الغريبة؛ كأن ينظر لي نظرات بابتسامة فيها رغبة جنسية، ويلتصق بي ويضع يده على جسدي بشكل يثير الشهوة، ولكني كنت أفهم قصده، وكنت أخجل أن أوضح له ذلك، ولكني قررت أن أنهره، وكنت وقتها في التعليم المتوسط، ولكنه شعر بما أريد أن أخبره به فبدأ يتراجع عن أفعاله، وشرع في الغلظة علي في القول ونهري في أي شيء،ونفس الشيء بدأ يتكرر مع غيره من أقراني حيث تظهر من بعضهم بعض التصرفات المشابهة لذلك، وكان ذلك الموضوع يؤرقني ليل نهار إلى أن أصبحت الآن في الجامعة وعقدت على إحدى قريباتي، مع العلم بأنني أحفظ القرآن كاملاً، و من أسرة متدينة.
والمشكلة الآن هي أني أرى بعض الناس ينظرون إليَّ نفس النظرات الجائعة، وأنا أحس أني لا أستطيع أن أحتك بالمجتمع احتكاكًا طبيعيًا؛ فإنا أفترض وجود نية سيئة قبل معرفة الشخص إلى أن يثبت العكس، علمًا بأني أمام الناس اجتماعي جدًا، فأنا أقدم الاحتفالات، وأتقدم المناسبات العامة كثيرا، ولكن يا سيدي إن مشكلتي أصبحت عقدة نفسية لا يعلم بها إلا الله، ثم أنا وأنت.
أرجو المعذرة على الإطالة.. وجزاكم الله عنا كل خير
... المشكلة
د. أحمد عبدالله / د. عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي العزيز: السلام عليكم.. شغلتنا مشكلتك، وشعرنا بالحرج الذي تعاني منه.
ما تعاني منه من مشاعر هو نتيجة لتفاعل عدة عوامل تتضافر لتصل بك إلى ما أسميته "عقدة نفسية"، ودعني أحاول الشرح والتفسير:
1- تفسيرك لنظرات "أستاذك" وتصرفاته وأنت في المرحلة المتوسط تضعنا أمام عدة أسئلة منها: من أين جاءك العلم عن "الشذوذ الجنسي"؟ وما هي مصادر معلوماتك عنه في هذه السن الصغيرة؟ وهل سبق هذا تجربة تعرضت فيها لتحرش أو محاولة اعتداء أو ما شابه؟!
الحقيقية يا أخي أن ظنك في "أستاذك" يظل مفتقرًا للدليل، ولا يوجد حتى موقف مواجهة صريحة طلب فيه منك شيئًا فصددته، أو نهرته على شيء فاعترف أو رفض بعنف ... إلخ.
المسألة كلها هواجس، وأمور تتعلق بإدراكك للوقائع أكثر مما تعلق بالوقائع نفسها، تتعلق بنظرتك لنفسك وللناس أكثر مما تتعلق بنظرة الناس إليك.
2- لو صح ما تقوله عن "أستاذك"، ولو كان هذا قد سبقه شيء من التهديد الجنسي لك فإن ذلك يفسر تفاقم هذه المشاعر والهواجس التي أصبحت الآن متكررة تراها في نظرات الناس "الجائعة"، كما تسميها.
حتى وصل الأمر إلى إعاقة تواصلك مع المحيط الاجتماعي الذي تعيش فيه، وأصبحت في حال تشبه أو تقترب من الوسواس المستمر بأمر معين.
3- مهما كانت المقدمات والأسباب -على أهميتها- فنحن بصدد حالة من الاضطراب في إدراك وضعك الجنسي، وعلاقتك بنفس جنسك، وهذا الاضطراب ليس كارثة، ولكنه أمر يحتاج إلى تعامل، وإلا زاد أكثر من ذلك، وهذا الاضطراب واضح من كلماتك التي تصف بها شكلك، ومشاعرك تجاه الرجال الآخرين حتى إنك لم تذكر شيئًا -على الإطلاق- عن علاقتك بزوجتك، وإدراكك الجنسي لها، رغم أن هذه المسألة تكون ملحة بشكل متوقع عند كل من يعقد حتى يبني.
4- هذا الاهتزاز والاضطراب يحتاج إلى أكثر من مجرد "التطمين والتعريف" الذي أقوم به الآن في إجابتي هذه، يحتاج منك إلى جلسة مع الذات لتقهر فيها فكرة "سوء الظن المسبق" الذي قلت: إنه أصبح القاعدة تجاه الناس، ويحتاج إلى علاج نفسي سيطول كلما زادت وطأة الأمور، وضغطها على نفسك، وتأخرت في طلب هذا العلاج، أعتقد أنك محتاج إلى هذا وذاك قبل الدخول في العلاقة الزوجية الكاملة، وإن كان هذا الارتباط يمكن أن يكون من النقاط التي تساعد في التغلب على الحالة، دون أن أنسى أن أذكرك أن الأصل الأهم -حتى من العلاج- هو رغبتك الحقيقية الصادقة في أن تخرج من هذا الاضطراب إلى الدور الذكوري الكامل والواضح بكل مسئولياته وتبعاته ومعالمه إذا كنت تريد ذلك.
ــــــــــــــــــــ(41/189)
الإهمال في الصغر واللواط في الكبر
التحرش الجنسي
أيها الأخ الكريم، مشكلتي عويصة؛ فقدت الأمل في وجود حل لها؛ حتى أشرفت على الهلاك من التفكير وانتظار عقاب الله، عندما كنت صغيرًا في سن الخامسة علمني أبي القرآن والصلاة، وكنت مواظبًا عليها بصفة لافتة للأنظار؛ حيث كنت أذهب بمفردي للجامع في كل صلاة، وأنا لم أتم السادسة بعد، حتى تعرفت على جاري لا رحمه الله، بعد ست سنوات وتعرفت على أبنائه أبناء السوء، وبما أن أبي وأمي ربياني تربية صالحة، لم يبينا لي الحلال و الحرام؛ لأننا لا نقوم بالحرام في المنزل أو خارجه قط، لكن علمني ابن جاري الكبير العادة السرية، وشيئًا فشيئًا نال مني، ثم نال مني أبوه دون علمه وبرضاي؛ لأني لا أفهم شيئًا، وكان الرد من قبله ستكون رجلا إذا أتيتك من دبرك.... حتى كبرت ولازمتني العادة السرية واللواط، وأصبحت أمارسه مع أصدقائي بالرغم من أني عرفت أنه حرام، ولكنه سرى في عروقي كسريان المخدرات، لكني لم أمارس الجنس أبدًا، ولو مرة مع البنات، وليس لي أي مشاكل من هذه الناحية، فأنا أحترم الفتاة، وأحترم عفتها، وأنال ممن يريد النيل من شرفها. أيها الأخ الصالح، أرشدني فلا أجد أي حل لمشكلتي، وكثرت ممارستي للعادة السرية، خاصة وأنا بعيد على أصدقائي، وفقك الله لتجد لي حلًا يريحني ... وبارك الله فيكم وفي موقعكم. ... المشكلة
... ... الحل ...
...
... أخي العزيز، لا ينفعك التقليب في الماضي لتحديد مدى مسئولية أسرتك عما لحق بك ولازمك حتى الآن، ولكن الجدير بالتنبيه هنا هو مسئولية الأهل عن أمن وسلامة أطفالهم بدنيًّا ونفسيًّا، ومن خلال الحالات التي تعرض لنا، أستطيع أن أؤكد أن حسن نية الأهل يؤدي إلى إهمالهم في متابعة الأماكن والبيوت التي يتردد عليها الأطفال، وهكذا تقع الواقعة في غيبتهم، ويمسك الطفل عن المصارحة بما حدث خوفاً أو جهلاً، وقد تنقلب المسألة إلى عادة كما في حالتك، ولا ينفي خطأ أسرتك أنك الآن مسئول عن طلب العلاج لهذا الانحراف الذي تعاني منه.
سبق لنا أن تحدثنا عن الجنس المثلي عند الذكور "اللواط"، ويمكنك البحث عن الإجابات التي تتضمن كلمة "اللواط" باستخدام اختيار البحث فتجد ما يكفي، وخلاصته أنك تحتاج إلى برنامج تدريبي وعلاجي تحت إشراف طبيب نفساني متخصص، كما تحتاج إلى تغيير في الدوائر الاجتماعية المحيطة بك، ويستحسن الانتقال من البلدة التي تقطن فيها، التي عرف بعض أهلها أنك مصاب بهذا الداء، ويمكنك أيضاً أن تبحث عن كلمة "الاستمناء" لتجد إجابات وافية عن هذا الأمر تشخيصاً وعلاجاً.. عافاك الله.
ــــــــــــــــــــ(41/190)
بنت العاشرة لا إرادة لها
التحرش الجنسي
مشكلتي أنني أعبث بجسد ابنة أختي، وأقبلها، وهي تسكن بجوارنا، وهي في العاشرة من عمرها، وأتوهم أنني أحبها، فماذا أفعل علماً بأنها لا تخبر أحدًا، وأنها شبه راضية.وأن عمري 19 عاماً، وأريد التوبة ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أشكرك على ثقتك بنا؛ حتى تصارحنا بما قد يخجل منه آخرون، وهذه المصارحة علامة طيبة إن شاء الله.
أنت في سن تتفجر فيها طاقات الحياة والشهوة في نفسك وجسدك، ورغبتك الجنسية المتصاعدة في هذه السن تبحث عن الإشباع، ووجدت بعضاً منه عبر هذه الفعلة الشاذة بكل المقاييس، ليس فقط لأن المفعول بها طفلة أنت خالها، ولكن أيضاً لأنك تتحدث عنها، وكأنها طرف عاقل مسئول له إرادة، وبالتالي يمكن أن ترضى أو ترفض!! ابنة أختك قاصر لا إرادة لها، بحيث لو ارتكبت جريمة لا تعاقب كالكبار، ابنة أختك بريئة في مرحلة الطفولة تلهو وتلعب، وفي أحسن الأحوال تعتبر ما تفعله بها من قبيل المداعبة والملاطفة، فهي حتى لم تفهم بعد معنى الجنس وممارسته وشهوته.. إلخ، وأنت بالنسبة لها مصدر للأمان والحماية، وليس الخطر والشر.
والحل هو أن تتوقف فوراً عن هذا العبث، وتتقى الله في أختك، وفي ابنتها المحرمة عليك زواجاً فما بالك بالانتهاك الجسدي الذي تقوم به؟!!
وتحتاج إلى تفريغ صحي لشهوتك الجنسية، وأصح استثمار وتوظيف واستمتاع يكون بالزواج، فإذا كنت تستطيعه فعليك به، وإن كنت لا تستطيع فتشاغل عن هذا الأمر بغيره من اهتمامات الحياة وأنشطتها، وواجبات مرحلتك العمرية؛ حتى تستطيع الزواج في أقرب فرصة.
أخي، أنت تتورط في الدخول إلى حقول ألغام، والشيطان يغريك بلا منطق، وأنت مندفع في جرأة الأحمق، وأحسب أنك أعقل من هذا.
أخي، تجنب الذهاب إلى أختك هذه، وإذا ذهبت فلا تلمس ابنتها، هكذا بهدوء أرجو أن تنهي نفسك عن هواها الفاسد ذاك؛ خوفاً من الله سبحانه، فإن لم يكن فخوفاً من فضيحة ووصمة يمكن أن تحيل بقية عمرك إلى جحيم.
ــــــــــــــــــــ(41/191)
الأعتداء في الصغر/اللواط في الكبر
التحرش الجنسي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... لم أصدق أني وجدت موقعًا يتناول المشاكل بالبحث والمعالجة.. ولكني أحمد الله أن هداني لهذا الموقع.. مشكلتي يا دكتور، أني تعرضت وأنا صغير لاعتداءات جنسية من أقرباء لي ... حينها كنت في السادسة أو السابعة من عمري، وعندما كنت أصغر من هذه السن..كانوا يرونني ذكورهم، وأنا لا أدري أنا هذا الشيء غلط... لم تقف المشكلة عند هذا الحد .. وإنما أصبحت أنا أيضًا شاذا..ولكني لست مثلهم..فهم يحبون النساء أيضًا..أما أنا فلا أحب النساء أبدًا، وأشعر بالتقيؤ حين أتخيل أني أجامع امرأة؟ أنا لا أزال أمارس اللواط ..ومع أكثر من شخص قريب لي، ولكن بين فترات متباعدة..أنا متضايق كثيرًا من هذا الأمر..وقد أثر ذلك على دراستي.. كما أنني أشتهي كثيرًا .. وأعوض هذه الشهوة بممارسة العادة السرية بكثرة .. ربما ثلاث مرات في اليوم!! أرجو منكم الإفادة.. علمًا بأني في السادسة عشرة من عمري.. ولكم جزيل الشكر ... المشكلة
د. أحمد عبدالله / د. عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ السائل، قلنا قبل ذلك: إن الاعتداء الجنسي على طفل في الصغر له آثاره القريبة المدى، والبعيدة.
في كثير من حالات الاعتداء على أطفال ذكور يكون ذلك مقدمة لاستمرار الانحراف الجنسي، والاتجاه إلى اللواط، وهو تدريب مستمر يدعم الميل الشاذ إلى الأفراد من نفس الجنس، ويترافق معه - غالباً - الكراهية الشديدة للجنس الآخر على خلاف الفطرة الإنسانية السوية.
واستناداً إلى معتقدات المسلمين، وفهمنا للدين الحنيف فإن اشتهاء نفس الجنس هو انحراف سلوكي من النوع الشديد، ومعصية كبيرة وصفها الله بالفاحشة - معرفة بالألف واللام - قائلاً عن قوم لوط: "إنكم لتأتون الفاحشة"، وهي شهوة محرمة تدفع إلى ممارسة شاذة، تصبح بالتكرار عادة "تجلب اللذة من طرق حرام، وعاقبة انتشار هذا الداء - المنتشر في بلدان العرب والمسلمين للأسف - هو خلل شديد في أخلاق المجتمع ومروءته وبنيته السلوكية والفكرية، ومن العجب أن النظرة إلى هذا الداء الوبيل - في بعض بلدان المسلمين - تراها أخف من النظرة إلى الزنا أو العلاقات المحرمة بين الرجال والنساء، رغم أن اللواط يبدو أخطر من بعض النواحي، وكأن العرض والعيب هو في النساء فقط.
ويبدو أن هذا التغاضي أو التسامح الاجتماعي من شأنه أن يمهد الطريق لتقديم ضحايا جدد كل يوم لهذه الممارسة الشائنة، والأمر يحتاج لوقفة صارمة، وعلاج سريع وحاسم على المستوى الاجتماعي.
أما على مستوى الأفراد فالأمر يحتاج منك أولاً - وقبل كل شيء - إلى إرادة حديدية وجدية وتصميم قوي نابع من رغبة أكيدة في التخلص من هذا العار، وإحساس شديد بعواقب هذا الذنب في الدنيا والآخرة؛ لأن الشهوة الجنسية من أقوى الطاقات المركبة في الإنسان، ولأن العادة تتأصل في الإنسان بالتدريج؛ فيصعب اقتلاعها كلما طالت ممارستها.
وسيحتاج الأمر إلى وقت وجهد وعلاج قد يطول، ولكنك بعزيمتك تستطيع اختصار خطواته؛ لتعود إنساناً سويًّا، معتدل الفطرة والميول والسلوكيات.
وتحتاج ضمن هذه الإرادة، وضمن برنامج العلاج أن تنتقل بعيداً عن الدائرة التي عرفت عنك هذه النقيصة؛ لتكون قادراً على فتح صفحة جديدة من حياتك بإذن الله.
فأسرع يا أخي بطلب العلاج النفسي لدى أقرب متخصص، وهو علاج متدرج بالعقاقير والعلاجات السلوكية والمعرفية المناسبة، وليكن هذا اليوم قبل غداً؛ حتى لا تتأصل في نفسك العادة أكثر، أو تفتر عزيمتك؛ فيصعب العلاج عليك، وضع خطة لرحيل قريب تضرب في أرض الله تائباً باحثاً عن نفسك وذاتك، كما تحب أن تكون وتابعنا بأخبارك والسلام.
ــــــــــــــــــــ(41/192)
الجنس: ضعف الفهم أم قصور التفهيم، مناشدة
التحرش الجنسي
أنقذوني يرحمكم الله.. أرسلت إليكم السؤال عما انجرفت إليه من استمناء، ودخول إلى المواقع الجنسية على الإنترنت، والحمد لله بدأت أقلع رويدًا رويدًا، ولكن فجأة تنهار كل عزيمتي، وآخر ما وصلت إليه كان اليوم؛ حيث سافرت أمي، واختليت بأختي الصغيرة- التي لم تبلغ الحلم بعد- وبدأت أتحسس عورتها من الخارج، ومن الداخل.. وبداخلي كان يدور صراع شديد؛ فشهوتي العارمة من جانب، ولين أختي في يدي؛ حيث إنها تعتبرني قدوة، لما كنت عليه من التزام، وهي لم تشتك بل يبدو أنها مستمتعة، وإن كانت تتمنع!
ضميري يعذبني، أخلاقي تنهار من أجل شهوة، وعمري يناهز العشرين.. فهل أتزوج؟! ولكن كيف؟! صحيح أن لدي مسكنًا للزواج، ولدي مبلغ في أحد المصارف وضعه والدي لي، ولكنني ما زلت طالبًا في الجامعة ووالدي يعمل في بلد آخر؟ هل الزواج يجلب العفة؟! وماذا أفعل والتقاليد ترفض الزواج الطلابي؟! ماذا أفعل؟ هل عندكم من حل؟
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... قليلة هي الرسائل التي أصبحت تثير دهشتي، أو تفلح في استفزازي، وأعترف أن رسالتك قد اتخذت مكانها بين هذه الرسائل القليلة، حتى أنني تجاوزت بها الدورة الطبيعية، والفترة الممنوحة من السؤال والجواب.
دعني قبل الإجابة عليك- ولعها ستكون قاسية على غير ما تعودتم مني- أن أشيد بمستوى صراحتك في سرد التفاصيل، الأمر الذي نحتاجه بشدة في كل مشكلة لنصل معًا إلى حل بإذن الله.
أحسب أنك من زوار هذه الصفحة الدائمين، ولعلك قرأت معظم، إن لم يكن كل إجاباتنا السابقة، فماذا وصلك منها فيما يخص المسألة الجنسية لدى الشباب؟
أخشى ما أخشاه أن يكون ما نقوله يبدو غامضًا في بعض الأحيان، أو غير عملي كما ألمح أحدهم لنا في سؤاله، فإذا كان الأمر كذلك دعونا نتحاور فيه، أما أن نصمت ونتواطأ، ونكون نحن في ناحية؛ تطرب أسماعنا كلمات الإطراء والمديح والترحيب، والسائل في ناحية أخرى فقد يجد السائل إجابتنا معقولة في منطقها، ولكنها بعيدة عن قدرته أو فهمه، أو واقع حياته فيصمت!
الصمت هنا جريمة.. أرجو ألا نكون شركاء فيها. ونحن نلح في كل فرصة على متابعتنا بالتطورات، ونحتفي بالمتابعات والمشاركات وردود الأفعال مهما كان مضمونها، ونطرب للنقد العميق أو حتى السطحي أكثر مما نطرب لكلمات الشكر، ونعتبر صفحتنا ناجحة بمقدار ما تثير من قضايا حقيقية، وما تقدمه من حلول- ولو جزئية- دون أن نعتبر مجرد سماع التصفيق الحار علاقة أساسية على النجاح؛ لأننا نعرف أن التصفيق له أسباب ومعان كثيرة في مجتمعاتنا!
تعالى يا أخي نراجع باختصار أهم معالم موقفنا في المسألة الجنسية مع رجاء حار للجميع بمراجعة الإجابات السابقة "في هذا الشأن"، والتعقيب عليها نقدًا أو استيضاحًا؛ لأنني أشك في أنها واضحة بما فيه الكفاية، وذلك تلافيًا للتشكيك في سلامة أو اكتمال فهمك، ولأن الشك في النفس من حسن الفطن، وهو من مقدمات التسديد والتجويد الذي ما نزال نطمح إليه.
- الجانب الأول: قلنا فيه إن الحياة زاخرة بمختلف الأنشطة، وإن الجنس هو واحد من أنشطة الحياة، وأصله فطرة وضعها الله في الإنسان لإسعاده، ودفعه إلى إقامة شبكة من العلاقات الاجتماعية التي يتبادل فيها الأخذ والعطاء مع آخرين فيعمر الكون، ويتجدد ماء النهر بمشاعر جديدة، وعلاقات جديدة، وأجيال جديدة كل حين.
والوزن النسبي للنشاط الجنسي يختلف من إنسان إلى إنسان بحكم تكوينه النفسي والشخصي والثقافي، وبحكم اهتماماته وغاياته وأهدافه، وما يشغل تفكيره وطاقته، كما يختلف من مجتمع إلى آخر، ويختلف من مرحلة إلى أخرى في العمر، وهو أشد ما يكون في مرحلة المراهقة، وبداية الشباب؛ لأنه في هذه المرحلة يشبه القوة المندفعة دون رصيد من رشد أو حكمة، أو سابقة تجربة أو خبرات.
إنها تشبه الثور الأعمى، وهو يهيج ويتخبط، فإذا مَنَّ الله عليه ببعض البصر هاج كلما رأى طيفًا متحركًا اندفع إليه يريد أن يقتلعه من مكانه، ولا يدري المسكين أنه في اندفاعه هذا إنما يحفر قبره، ويسعى إلى حتفه؛ لأنه يغضب ويتهور مندفعًا بجرأة الأحمق دون أدنى تفكير أو تدبير، ربما يكتسبه من خبرات الحياة بعد أن يمضي بعض الوقت، ولذلك فإن هذه الفورة ستقل تدريجيًا مع النضج والتجريب، ولكن أكثر الناس لا يعلمون، ولا يصبرون، ولا يفقهون.
- الجانب الثاني: قلنا فيه إن الإسلام يحترم هذه الشهوة ابتداءً؛ لأنها فطرة من الله، وهو حريص على رعايتها لتكون كما يريد الله سبيلاً للعمار والسعادة، لا طريقًا للخراب والتعاسة، والفساد في الأرض، وتوجيهات الإسلام كلها تتضمن هذا التوازن: الاحترام والاحتفاء جنبًا إلى جنب مع الضبط والترشيد لتتدفق الطاقة في مسار، وتندفع الشهوة في الاتجاه الصحيح فتصيب أهدافها لتكون سببًا للمتعة النفسية والحسية، ومظهرًا من مظاهر نعمة الله سبحانه على خلقه.
ولكن أمورا حدثت وتحدث لتخرج الأمر عن هذا المنهج، وهذا الانحراف عن مقصود الله هو خطأ مشترك ليس هنا مجال تقسيم حصص الحساب عليه، أو إلقاء اللوم على الأطراف الضالعة فيه.
ويبقى أن كل هذه الملابسات الضاغطة ستكون في الحسبان يوم أن نقف جميعًا حفاة عراة أمام المولى- عز وجل- فلا تنفع الظالمين معذرتهم، ونرى الذين كذبوا على الله وجوهم مسودة، ولن يجدي يومها تبادل التهم بالباطل، ولا تعليق المسئولية في رقاب الآخرين.
واستعدادًا لهذا اليوم قلنا إن المعرفة فريضة وضرورة، والعفة عافية مغبون فيها كثير من الناس هي والفراغ، وهما نعمتان عند من يعرفهما، ويقدرهما حق قدرهما، وهما كارثة لمن لا يعرف ولا يُقَدِّر.
- الجانب الثالث: استنادًا على ما سبق قلنا مرارًا إن المسألة تحتاج إلى تكامل في الرؤية والمعالجة، فالمسألة الجنسية هي جزء من شأن أوسع، والنشاط الجنسي ليس معزولا عن غيره من شئون وأنشطة الإنسان والحياة، والنظرة المحدودة الجزئية هي وبال على صاحبها الذي يجلس في الركن محصورًا يبكي أو مذعورًا يتقلب كمن يتخبطه الشيطان من المس، وهو هنا مس الجهل، وأحيانًا المعرفة القليلة الناقصة، والنظرة المحدودة الجزئية لشأن كبير.
وأكرر إن الذين يهملون الشأن الجنسي بتغافل أبله، أو حياء منافق، أو تجاهل كاذب، أو تشدد أحمق يدفعون الثمن غاليًا مثل الذين ينظرون إلى العالم ويدركونه، ويتفاعلون معه، وينشغلون بأموره من خلال فتحاتهم التناسلية.. والصنفان وجهان لعملة واحدة، كلاهما جانَبَ الصواب والعدل والحكمة والتوازن، وهي جميعًا من روح مقاصد الإسلام الحنيف.
لذلك قلنا لمن يمارس العادة السرية: أين أنت من العبادة الصحيحة المعتدلة صومًا وصلاة وذكرًا باللسان والعمل؟! وأين أنت من الصحبة الصالحة التي تعينك إذا تذكرت فعل الخير، وخطر ببالك عمله، وتعمل على تذكيرك إذا نسيته أو غفلت عنه؟
وقلنا عن الترفيه الممتع النافع الذي هو في جوهره سبيل من سبل المعرفة والتفاعل مع الكون والحياة غير سبيل العلم، وتحدثنا عن أن الاهتمام بالجنس ونشاطه له تعبيرات متعددة منها الاهتمام بالجسد، ورعاية حقه، ومنها زيادة المعرفة الصحيحة به، ومنها التخطيط السليم والاستعداد الجاد للزواج؛ فهو السبيل لإشباع الرغبة الجنسية في سياقها الصحيح، كما تحدثنا عن الاستعداد لتحمل أعباء الوالدية؛ لأن كثيرًا من الآباء والأمهات ينسون أن رعاية الأبناء مهارة وعمل يحتاج إلى تعلم، ولا ينزل به عليهما وحي!
حاولنا وما زلنا نحاول أن نلفت الأنظار إلى اتساع خريطة الأمر، وأن الموضوع ليس مجرد نفس تهيج، وأعضاء تحتقن، ورغبة تثور فتطلب الإشباع فورًا بغض النظر عن الملابسات المحيطة بها.
- الجانب الرابع: علاوة على ما سبق لم نتهرب من مواجهة الأسئلة الصريحة في الجزئيات والتفاصيل؛ فكانت لنا إجابات متعددة عن العادة السرية، والممارسات الجنسية المثلية، وغيرها. وتناولنا مسألة العلاقات بين الجنسين بأوسع نطاق، وأطول بيان.. فهل ما زال الأمر غامضًا؟!
ألم نقل: إن العادة السرية هي حيلة المضطر إذا عجز عن الزواج لقلة حيلته، أو لصعوبة ظروفه الشخصية أو المجتمعية؟!
ألم نحاول إرشاد المسرفين فيها إلى أضرارها النفسية المحددة بدلاً من الحديث المرسل عن أوهام أضرار جسدية خرافية، تروج مثل الأساطير دون سند من علم أو بحث رصين؟!
ألم نحاول التخفيف من شعور المضطر إليها حقيقة بما يستشعره من قذارة نفسية وإثم، وضعف ثقة بالنفس... إلخ.
فكنا نكرر: الأفضل هو الامتناع لمن يستطيع- والمرء أمير نفسه، وسيحاسبه الله العالم به- وإذا كان ولا بد فليكن الأمر في أضيق الحدود، دون أن يتحول إلى عادة أو إدمان، ولكن عند الضرورة القصوى، وبعدها لا معنى ولا داعي ولا فائدة من الإفراط في لوم النفس، والأولى صرف جهد اللوم والتأنيب إلى التقليل من الممارسة، والمباعدة بين المرات حتى تختفي تدريجيًا.
وكررنا أن استثمار الطاقة سيصرفها عن الضغط على الأعصاب، وأن اجتناب المثيرات صعب، ولكنه ليس مستحيلاً، وأن الانشغال بالهموم الجادة، والاهتمامات المتنوعة يساعد على الخروج من الحلقة المفرغة.
ووضعنا برنامجا محددًا لعلاج إدمان العادة، ويبدو أن كلامنا هذا قد أفلح مع البعض، وفشل مع آخرين، وناشدنا هؤلاء وهؤلاء أن يكتبوا لنا قصة النجاح أو الفشل لنستفيد وتستفيدوا، ولم يصلنا غير الصمت في أغلب الأحيان.
وهذا نوع خبيث من الأنانية حين يتصور كل زائر أن هذه الصفحة هي ملك خاص له، يحصل منها على إجابة مجانية دون أي مسئولية تجاه الفريق أو الزوار، ووضع المسألة ليس هكذا أبدًا؛ فالمسئولية مشتركة.
- الجانب الخامس: ثم إننا فتحنا ملف أسميناه بالزواج المبكر من جوانبه جميعًا؛ سواء فيما يتعلق بالاستعداد له من أطرافه (الشاب والفتاة)، أو فيما يتعلق بقبول الأهل أو المجتمع به، وتعديل الظروف لينجح، وقلنا مرات ومرات إن أشكال الزواج كثيرة، وإن الشاب يختار ما يتناسب مع ظروفه، ويستطيع أن يتحمل مسئولياته برجولة؛ فليست شهوة الجنس مجرد فورة تخمد بالإنزال عند الرجل، أو الوصول إلى الشبق عند المرأة وحسب، ولكن الجنس جزء من علاقة- أو هكذا ينبغي أن يكون- وهذه العلاقة لها جوانب وتبعات... إلخ.
وعرضت الصفحة لهذه الأشكال المتنوعة من الزواج، وهي متاحة جميعًا بحسب الظروف والأحوال، وأركان الزواج معروفة حتى يصبح شرعيًا، ولكن البعض يصر على الشكل التقليدي للزواج، ويرسل لنا صارخًا كما تفعل أنت: (المجتمع لا يقبل)، والأسرة تفرض، مما يلح على ذهني بالدعاء الشهير المنسوب للفاروق عمر- رضي الله عنه- حين كان يعوذ بالله من جَلَد- قوة ودهاء- الفاجر، وعجز الثِّقة؛ أي الطيب الملتزم.
وكما جلست أتأمل في الفاجر المنحرف كيف يدير فجوره، ويحذق تصريف أموره، مقابل قلة الحيلة والخيبة القوية التي يتحلى بها بعض من ينتسبون إلى الالتزام بالإسلام.
والقوي الحكيم يعرف كيف يحصل على ما يريد: يضع الخطط، ويحبس الأنفاس، ويسير الخطوة تلو الخطوة؛ فيصل إلى الهدف بأسرع وقت، ومن أقصر طريق، والخائب يلف حول نفسه ويدور، ويتشكك، ويتردد، ويسأل بلجاجة، ويتلكأ بسذاجة، ويخطئ بفجاجة حتى إن المرء لَيقول مع الصحابي الجليل الذي رأى أحد الناس "ضعيف العقل، متواضع التدبير"، فقال: "سبحان الله خالق هذا وعمرو بن العاص، إله واحد"، وذلك لشدة بأس ودهاء الثاني طبعًا، وسبحان الله العظيم.
والأمثلة كثيرة في هذه الصفحة، وفي الحياة من حولنا، ولنا زملاء تزوجوا طلابًا دون عون من أحد، وليس في الأمر لغز إنما هم أرادوه هكذا، وتوكلوا على الله فكان، دون تلكؤ أو خيبة.. ومن الزملاء من تخطى الخامسة والثلاثين، وهو يلف حول نفسه ويدور، ويسأل ويتساءل، ويلعن الحظ والظروف والمجتمع والناس، ويعيش أسير العلل النفسية تتكاثر عليه حتى تكاد تفتك به.
يا أخي، ضع نفسك حيث يحلو لك، ولكن اتق الله، ودع إجرامك في حق أختك، فإن هذا الفعل الشنيع لا علاقة له بالخيبة والسذاجة والتفاهة، إنما هو تخريب رهيب، ولو كنت أمامي لصفعتك على وجهك لارتكابك إياه، وذلك لمعرفتي بعواقبه عليك، ولو كنت من زوار هذه الصفحة الدائمين لقرأت تفاصيل الجحيم الذي تعيشه الفتاة من ضحايا الاغتصاب، أو التحرش الجنسي، خاصة التي يكون فيها المجرم من أقاربها..
كثيرات منهن كالجثث المتحركة لا تطيق ماضيها، ولا تتطلع إلى مستقبلها، ويحتاج الأمر إلى علاج طويل حتى تبرأ نفوسهن من آثار الاعتداء الجبان الذي وقع عليهن.. أختك لا تعرف بالتحديد حقيقة ما تفعله بها، وهي- لأنها تجهل- تظنه نوعًا من المداعبة، أو "الزغزغة" كما يقول المصريون، وحين تعرف- وسيكون هذا قريبًا- ستلعن اليوم الذي عرفتك فيه، وستدعو عليك لأنك هتكت بكارة جسدها، ولأنك كنت مصدر الإيذاء في الوقت الذي اطمأنت إليك فيه مصدرًا للحماية والحنان.
اتق الله.. ليس من طبيعتي، ولا من طبيعة هذه الصفحة أن نناشد عبرها أحدًا، فكل إنسان مسئول عن اختياراته وتصرفاته في الدنيا، وأناشدك أن تتوقف عن هذه الجريمة فورًا وألا تعد إليها أبدًا، وإلا فأنا خصمك يوم القيامة: أنت، وكل متحرش بأنثى.. أقول له يا رب: نصحتهم، وبيّنت لهم، ولكنهم آثروا اتباع الهوى، والاستمرار في السقوط.. ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.
ــــــــــــــــــــ(41/193)
الجنس : ضعف الفهم أم قصور التفهيم .. متابعة
التحرش الجنسي
إلى الدكتور أحمد عبد الله .. أنا صاحب مشكلة
الجنس : ضعف الفهم أم قصور التفهيم ، مناشدة
، منذ زمن بعيد لم أتلق مثل تلك الإهانة التي تلقيتها منك! إن الكل كان يمدح ويبارك: أبي هناك في الخارج، وأمي تحترمني...
هل تعلم يا أستاذي، كم كنت في حاجة ماسة لتلك الصفعة ! نعم، فمنذ أن قرأت صفعتك وأنا عازم على ألا ألمس أختي أبدًا، ولكن ماذا أقول لها عما كان مني: هل أقول لها إنني اكتشفت أن ذلك حرام ؟! أم أصارحها بأنني كنت منحطًا أم ماذا ؟
أرجو الإجابة حتى يكتمل العلاج.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... حمدًا لله على تجاوبك السريع، والحاسم.
لم تذكر في رسالتك السابقة ، أو الأخيرة، ماذا كانت تفاصيل أفعالك المشينة مع أختك ، وماذا كان رد فعلها عليك تحديدًا ؟! وهل لاحظت والدتك شيئًا ؟! وهل تعتقد أن أختك قد روت لها شيئًا ؟! أو يمكن أن تروي لها ما حدث ؟! وما عدد مرات التحرش؟! وهل ذكرت لك أختك شيئًا عن هذا الموضوع مؤخرًا ؟! وماذا تسميه هي ؟! وكيف تدركه ؟!
هذه أسئلة من المهم الإجابة عليها قبل أن نقول لك ماذا تفعل.. مع أهمية الحفاظ على عهدك الذي عاهدت الله عليه بعدم الاقتراب منها، أو لمس "ولو شعرة من شعرها"، كما يقول المصريون.
وفي انتظار إجابتك أقول: لعل الصفعة التي أيقظتك توقظ أيضاً الكثير من الغافلين والغافلات المتورطين والمتورطات في علاقات مشبوهة، أو ممارسات محرمة هداهم الشيطان إليها، ثم ما يلبث أن يتركهم لآلام الشعور بالذنب والإثم، لحساب التقوى والضمير، ثم للنار وبئس المصير، إن لم يفيقوا ويتوبوا إلى الله قبل فوات الأوان..
جعلنا الله وإياكم من الذين إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون.
ــــــــــــــــــــ(41/194)
الردع.. بعد خمسين عامًا من الفساد
التحرش الجنسي
بسم الله الرحمن الرحيم، مشكلتي في الحقيقة قد تكون مأساة، ولكني أثق في حسن جوابكم ونصيحتكم.
لي أخ عمره الآن خمسون عاما، وهو إنسان غير مستقيم في كل أحواله من كذب وخداع وخيانة، وكل ما لك أن تتصوره طالما أن الكذب هو عادته السيئة التي استشرت في دمه منذ أن كان صغيرا وحتى في ضحكاته يكذب بلا سبب.
لمحته يوما يسرق المال الذي وضعناه في مكان أمين لنصرف منه جميعا بعد أن نضِجنا، وكلنا يدرس في الجامعة.. لمحته متلبسا يفعل الحرام والفحشاء وهددته بالفضيحة.. تزوج وتزوجنا جميعا ولكل منا - إخوة وأخوات - عيال والحمد لله، ورزقه الله بولدين وبنت، وقلنا جميعنا لعل الله يهديه.
سافرت أنا للخارج لأعمل، وسافر هو أيضا وعاد بعد سنوات خمس ليدّعي أنه لا يملك أبيض ولا أسود، وأصبح الحال في كل عام عندما أعود من سفري أجد قائمة من الديون التي أسدّها عنه حتى لا يفضحنا بين الناس، خاصة أن بيتنا بيت طيب والناس تأتي إلينا لطلب النصيحة؛ حتى استوقفني والدي الشيخ الكبير وقال لي: منذ الآن فصاعدا لا تعط أخاك أي مال فقد أصبحت عادة وأنت الآن تساهم في فساده.
أخذ الوضع وقتا حتى أوقفت مساعدتي له كليا لإيماني أنني لن أنعم براحة وأخي متعب، ومرورا بأنني يجب أن أعالجه كما طلب مني والدي برغم أني أصغر منه بخمس سنوات، ولكن لنتجاوز هذا، فقد أصبحت في الخامسة والأربعين وهو الآن في الخمسين من عمره؛ أرجو المعذرة فأنا أحاول رسم حدود الصورة الكاملة لكم وهذا فيه إطالة.
ابنة أخي الآن في الجامعة تدرس الطب، وابنه مراهق في الثانوية العامة، والابن الآخر في الإعدادي. زوجة أخي شخصية غير سوية بالمرة (وأرجو استبعاد أن أكون سيء الظن بها أو كارها لها، أو أي رأي آخر؛ فأنا والحمد لله صدري نظيف كاللبن الأبيض لكل البشر)، والحسنة الوحيدة لها أنها ركّزت في تعليم أبنائها حتى وفق الله البنت. وأما الولد فقد شابه أباه في كل أفعاله.
ماتت أمنا، ووالدنا عنده 60 عاما، وتدخلت مرارا حتى أقنعت والدي بالزواج، ومنّ الله عليه بزوجة صالحة ترعاه حتى أصبح الآن شيخا كبيرا 76 عاما، هذا الشيخ رجل مسلم مؤمن مثقف، كان مدرسا مربيا لأجيال وأجيال، منّ الله على والدنا ببنتين وولد، إخوة لنا، وأراهم تماما مثلما أرى أولادي، وأرى زوجة أبي هي الإنسانة التي لولاها لما وَجد هذا الأب إنسانا بجانبه الآن يساعده في جلوسه ونومه، فقد أصبح شيخا كبيرا وزوجته تقوم بخدمته على أفضل ما يكون.
المصيبة أنني تلقيت مكالمة تليفونية من والدي يقول لي يا ولدى أنا في مصيبة!. ما هي المصيبة يا أبي؟ يقول: والله إني لأستحي أن أبوح بها لك، ويقول أنا في جحيم منذ أيام ولا أدري ماذا أفعل؟ لقد حكت البنت الصغرى -9 سنوات- (أختي) لأختها الكبرى - 11 سنة- (أختي) بأن أخاها -50 سنة- (أخي) يعبث لها في أعضائها الحساسة ويعبث في صدرها الذي يبدو عليه أنه بدأ في النمو، لقد كنت ووالدي يحكي لي على التليفون في سفر بسيارتي فأوقفت السيارة جانبا ولم أتمالك نفسي من هول الصدمة.
أخي في الخمسين وأخته في التاسعة ويحدث هذا منه.. طبعا البنت كانت خائفة ولم تحكِ لأختها إلا عندما سمعت أباها الشيخ يشرح لأختها كيف نعرف أن ما نفعله عيب أو حرام، وقال لها هو ما نخاف ونستحيي أن نعلنه للناس، فبكت الصغرى ولمحتها أختها الكبرى، وعلمت منها ما حدث، وعلى الفور أبلغت أمها التي جُن جنونها، وأبلغت الأب الذي كتم حزنه وفكّر وفكّر حتى لجأ إليّ يبغي النصيحة.
لقد ألهمني الله بأن أشرح له بأن هذا مرض، والإنسان المريض - وهو ابنه - نبغي له العلاج، وإذا كان العلاج غير صواب فمن الممكن أن يسوء الحال أكثر وأكثر. ووعدته بأني سألجأ إلى المتخصصين وأسألهم النصيحة، وأجابني قائلا: الحمد لله أن سمعت منك ما كنت أنوي عمله، ولكنى شيخ كبير، وأصبحت قليل الحيلة، ولا أستطيع طرده من بيتي فيتجرأ عليّ أو على زوجتي بما لا أطيق.
بالله عليكم ما هذا الذي يحدث للإنسان؟ مع العلم - استكمالا للصورة - فإن أخي هذا زوجته إنسانة متسلطة، وتعمل ما تخزي به زوجها، وأنا غير راض تماما عن معاملتها له، ولكنه أحيانا يشكو من أنه لا يستطيع الآن حتى أن يجامعها عندما يريد، وأنا دائما أرى فيه الإنسان غير السوي الذي لم يترك فاحشة إلا ارتكبها، مع أنه من بيت طاهر أبا وجدا.
أرجو أن ترشدوني ماذا أفعل مع هذا الإنسان بعد أن طلبت من الوالد أن يتجنبه تماما الآن، ولا يشرح له شيئا، وكذلك أم أختي بأن تضع عينيها في رأسها وتحرس بناتها في كل لحظة؛ فهم جميعا يسكنون في نفس البيت ولكن كل أسرة في شقتها؟ ولكم الثواب وحسن الجزاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لقد أفسدتم هذا الأخ خمسين عامًا بتستركم على جرائمه وعدم اتخاذكم موقفًا حاسمًا منه، وهو ما جعله يصل إلى هذا الدرك الأسفل بالاعتداء على أخواته الأطفال، ولا يشفع له أن زوجته متسلطة أو لا تعطيه حقوقه الجنسية؛ فليحصل عليها من زوجة أخرى أو بأي وسيلة شيطانية ترضاها نفسه الخبيثة.
المهم أن يكون ذلك بعيدًا عن هتك براءة وطفولة أخواته الصغيرات الذي لم تمنعه طفولتهن أو صلة الدم والأخوة من ممارسة فعلته الشنعاء، ولكنه الاستمراء في الخبث الذي شجعه سكون خمسين عامًا سواء من الأب أو الإخوة على ما يفعله، وهو ما إذا كنتم قبلتموه على حقوقكم فليس من حقكم أن تفعلوه في حق هذه البنت البريئة التي لن تنسى ما فعله بها هذا الشيطان.
الحل هو المواجهة الحاسمة القاطعة لأول مرة في حياته وحياتكم، الحل أن تحدثه أنت وأبوك بلغة التهديد والمنع من دخول بيت الأب تماما، وعدم التعرض لهاتين البنتين وإلا فالإبلاغ عنه وفضحه سيكون مصيره، لا تسمعوا منه تبريرات أو تهديدات بل خذوا أنتم زمام المبادرة، فهو رغم إجرامه جبانٌ يخشى افتضاح أمره، ولكن لا تتركوا الذئب يرعى الغنم ثم تطلبوا من الأم المسكينة أن تفتح عينيها.
إن هذا الماجن لا يجب أن يُستأمن، ويجب أن يقاطع، ولا تأخذكم به رأفة في دين الله، هذا التوجيه الرباني ضدّ من فعل جريمة الزنى؛ لأن البعض يتعاطف مع هذه الجرائم ويبحث لها عن مبرر.. إنكم لا تضيعون حقكم هذه المرة، إنكم تضيعون حق أخواتكم الصغيرات البريئات، ولن يسامحكم الله ولن يسامحكم إذا تعرضن للإيذاء مرة أخرى، وكفى ما تعرضت له الصغيرة، وكفى ما سمعته الكبيرة..
قاطعوا هذا الشخص حتى تردعوه بعد خمسين عامًا.
ــــــــــــــــــــ(41/195)
تحرش بأخته وتاب.. كيف يجبر الكسر؟
التحرش الجنسي
دكتور هناك حالة لأحد أصدقائي، ولا أعرف ماذا أقول له، ولو ترى حالته الآن شبه مدمر أو محطم من ذنب اقترفه وهو صغير، ولا يعرف كيف يصلح هذا الخطأ؟
القصة وما فيها هو أنه عندما كان في الثالثة عشرة من عمره وبسبب أصدقاء السوء ومروجي الأفلام الساقطة، ولم يكن مثلهم، بل هو إنسان بارد خجول، وليس من أهل المشاكل ولا قلة الأخلاق.
لم يعرف ما السبب الذي جعله يذهب ويتحرش بأخته التي كانت في السابعة من عمرها لفترة ثلاث سنوات تقريبًا، ثم اتجه بعدها إلى اتجاهات دينية، وابتعد عن هذا الموضوع، ونسي الأمر كليًّا، وأصبح تعامله كإنسان آخر، وبعد ما يقارب من 8 سنوات عندما أصبحت أخته تقرأ الكتب الاجتماعية فجأة قرأت ما يتعلق بالتحرش بالأطفال، وكان ذلك سببًا في تدهور حياة الفتاة العاطفية، فتحطمت الفتاة، وبدأت تنعدم نفسيتها للأكل والضحك، وانكشف أمره أمام أهله الذين لم يصدقوا.
الموضوع في البداية، فماذا يفعل لهذا الأمر الخطير وهو يسبّ نفسه، ويتمنى أنه مات ولم يفعل ما فعل عن غير علم بأن ذلك حرام، ويريد أن يفعل أي شيء المهم أن تنسى أخته وتسامحه.
أرجو أن تخبروني وتشيروا عليّ عن الطريقة الصحيحة التي يفعلها وهو يبكي ويبكي، ولا يريد أن يحصل لأخته ما قرأت من تدمير حياة الفتاة، وجزاكم الله خيرًا.
... المشكلة
د . مأمون مبيض ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لقد ارتكب هذا الشاب هذا العمل من التحرش الجنسي بأخته عندما كان عمره 13 سنة، وقد مضى على هذا العمل عدة سنوات.
والسؤال يطرح عدة قضايا:
- بالنسبة إلى الفتاة وقد فهمت الآن ما حدث لها، وبدأت تشعر بالآثار النفسية السلبية لهذا التحرش، فإنه يُخشى أن تصاب ببعض التوتر النفسي أو القلق أو الاكتئاب الذي يمكن أن ينتج بعد أن يكتشف الإنسان أمرًا خطيرًا كهذا.
وتحتاج الفتاة إلى من يقدم لها المساعدة التي تتجلى بالاستماع لشكواها، وما تشعر به من غضب على أخيها أو ذنب من نفسها، ويتضمن الدعم طمأنة الفتاة، ومساعدتها على بناء ثقتها بنفسها وبالناس من حولها كي لا تبقى ضحية التجربة القاسية والسلبية التي مرَّت بها.
ويمكن أن يقوم بهذا الدعم سيدة تحترمها الفتاة وترتاح للحديث معها أو اختصاصية نفسية أو طبيب نفسي إن اشتدت الأعراض عندها.
- يُخشى أن تكون الفتاة تعاني من حالة من الاكتئاب بسبب هذه التجربة، ووردت هنا بعض الأعراض كانعدام الشهية للطعام، وعدم الضحك، ويفيد التفكير بهذا مع إمكانية عرضها على طبيب نفسي إن رجحنا وجود حالة الاكتئاب.
- بالنسبة للشاب فقد مضت سنوات على ما فعله، وقد تاب من فعلته وصلح سلوكه، ومع ذلك فقد يحتاج لمن يتحدث معه عن ضرورة الاستمرار بالسلوك المستقيم، ومحاولة طمأنته عن قبول الله لتوبته بإذن الله تعالى، وأن عليه الاستمرار بالعمل الصالح، وأن يدعو لأخته بالعافية والشفاء.
- يطمئن الشاب وكذلك الفتاة أنه من خلال حسن التصرف والرعاية بما ورد في الأعلى فإنه يمكن للفتاة أن تنمو وتتجاوز ما مرّ بها، وأنه يمكنها بعون الله عز وجل أن تنشأ علاقة زوجية موفَّقة في مستقبل حياتها بالرغم من أن هذه التجربة ستبقى في ذاكرتها.
- ونترك للأيام والمستقبل أن يصلح العلاقة الأخوية بينهما التي يجب أن يكون للفتاة القول الفصل في تحديد مدى وطبيعة هذه العلاقة، ولا نستغرب إن قررت عدم رؤية أخيها لحين من الزمن. المهم أن تقدم حاجتها النفسية والعاطفية على أي اعتبار أسري أو اجتماعي آخر.
ــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ(41/196)
"سمكة الصحراء" تبحث عن العودة للماء.. تعقيب
علاقات أسرية, صبايا, الصبايا والأهل, علاقات اسرية, الأسرة والمجتمع
أتوجه بشكري للدكتورة نعمت على اهتمامها وردها على مشكلتي، وأسأل الله أن يجزكم جمعيا خير الجزاء...
أولا أنا صاحبة المشكلة التي نشرتموها تحت عنوان "سمكة الصحراء تبحث عن العودة للماء " ، وبعد قراءة الرد أدركت أني لم أوضح بعض التفاصيل، حيث بدت لي رسالتي طويلة جدا فخشيت من زيادة طولها وقبل أن أرسل رسالتي السابقة فكرت بأن أرسلها في جزأين في رسالتين منفصلتين، الأول خاص بمشكلة أختي التي يهمني أمرها والتي بدوت بعدها بأني أنانية، ولا أهتم لأمرها وكل ما يهمني هو "السمكة!" (السمكة وصف أطلقته السائلة على نفسها في الرسالة الأولى) ولكني عوضا أرسلت مشكلتي بأجزائها كلها في رسالة واحدة
في الحقيقة أنا ألوم نفسي وأهلي في اليوم 100 مرة على أننا وافقنا منذ البداية على تزوجيها من ابن عمي، ولكني كنت صغيرة حينها فكيف كان لي أن أبدي رأيي؟، ولم يكن يبدو لنا شريرا حينها رغم أنه لا يصلي، فربما هداه الله، ولكن بدا أنه كان يريدني أنا، والإنسان الواقع في مشكلة لا يرى بوضوح أبعاد مشكلته لذا طلبت مساعدتكم...وأعتذر مقدما إن كنت " بطيئة الفهم".
في الحقيقة بالنسبة لمشكلة أختي، لم أفهم ماذا قصدت حين قلت بأنا سكتنا على معاناتها! نحن لم نسكت، بدليل أنني ذكرت بأن عرضنا الأمر على الكثير من المحاكم والاجتماعات الأسرية في سبيل التفريق بينهم أو الإصلاح!، فما الذي قصدته؟ وماذا كان يجب أن نفعل؟ حيث كانت هناك ثلاث مرات تم فيها استدعاء زوجها للمحكمة وقد حضر فقط في الثانية، وفيها تم توسط بعض الأقارب لدى القاضي بأن تعود لبيت زوجها على ألا يضربها ولا يسيء إليها... وتم تسجيل موعد بعد شهر لدى القاضي، وعندها عادت لبيت الزوجية، ولم تكن هناك أي خلافات خلال هذا الشهر وشيئا فشيئا عادت "حليمة لعادتها القديمة"، وعادت المشاكل بينهما مرة أخرى، كانت خفيفة في البداية ثم تطورت بعد ذلك.
ذهب والدي للمحكمة مرة أخرى ليشكوه، وتم تحديد موعد بعد 3 أشهر!، استغربت من طول الفترة وعلمت مؤخرا أنه عادة يتم تأجيل جلسات طلب الطلاق والخلافات الزوجية لفترات طويلة حتى تكون هناك فرصة؛ لأن يهدأ الزوجان ويعودان لبعضهما البعض، بالنسبة لي يعلم الله كم كنت أعاني معها بل جميعا كنا نتألم لها، ولكن عندما تكون وحيدا (نحن) في وسط مشكلتك ويكون كل من حولك (أقاربنا+حكم القاضي) ضدك تشعر بالتشويش والضعف، أضف إلى ذلك جهلك بسير المعاملات القانونية.
في الحقيقة فكرنا في أن تبقى في بيت والدي معززة مكرمة، ولكن في بعض الحالات كانت هي من تعود بإرادتها، طبعا كان ذلك بعد أن يتركها لدينا لعدة أشهر، وفي بعض الحالات كان والدي يجبرها على العودة، أما الآن فهي تعيش معنا ولا تفكر هي أو أي أحد بأن يعيدها إليه ولو جاء بكنوز الأرض.
قد تتساءلين لماذا يقف جميع أقاربنا ضدنا؟ لأنهم جبناء ولأن زوج أختي رجل شرير لا يخاف الله إضافة لأن إخوته التسعة سيئي الخلق؛ فالجميع يخاف منه، ويطمعون في كرمه، حتى أن غالبيتهم رفض الذهاب للشهادة ضده مع أبي رغم علمهم بسطوته وسوء أخلاقه.
أستاذتي الدكتورة نعمت.. شعرت من كلامك بأني مخطأة في تساؤلي عن جلوس أختي في غرفتها وتسليها بالشات.. فماذا في ذلك؟!... أنا أريد لها الأفضل وسأفعل ما هو باستطاعتي أن أفعله ولن أتوقف عن ذلك، هل أتركها هكذا؟ أنا أريدها أن تكمل تعليمها أن تختلط بأناس ينفعونها، لا أريدها أن تغلق الباب عليها وتضيع ما تبقى من عمرها بهذه الطريقة، لأن لها للآن أكثر من خمسة أشهر على هذا الحال.. فهل أتركها عقابا لنا وجزاء لنا لأننا تخلينا عنها! لست أفهم؟
لقد حزنت من تفسيرك لتساؤلي.. إن تساؤلي ليس معناه أني منكرة لما مرت به من معاناة! وليس غيرة أو شيئا من هذا القبيل، نعم أود منها أن تكون إنسانة طبيعية تهتم بنفسها وبأولادها وتنطلق للحياة.. فهل أنا مخطأة في هذا؟! فأنا لا أضمن أن أبقى معها للأبد وأمي على مشارف السبعين وتعاني من بعض أمراض هذا السن، ثم قلت بأني حزينة على ضياع الماجستير.. وماذا في ذلك؟.. هل يعني ذلك بأني أود الهروب وتركها لمفردها تناضل.. ألا يمكنني أن أقوم بالعملين معا، فكما أني قمت بتولي تدريس أولادها وأولاد أخي لمدة 7 سنوات وتولي رعاية والداي في الوقت الذي تركنا فيه أخي لعيش وحيدا، ومساعدة أختي في أعمال المنزل بشكل أسبوعي تقريبا عندما كانت في بيت زوجها.. هل يعني كل ذلك بأني إنسانة أنانية تخليت عنها وأود الهروب للبحث عن السمكة!
وبالنسبة لمشكلة الزواج، صحيح أنه من الأفضل في بعض الحالات القناعة بالموجود، بالنسبة لي ذلك غير وارد في الزواج، فهناك حد أدنى من مواصفات الزوج المنتظر، والتي لم أجدها بعد، كما أني أعلم جيدا أن الإنسان الكامل موجود فقط في عالم الخيال، وبالطبع موقعكم الكريم ساعدني كثيرا في تحديد تلك المواصفات الدنيا، وهناك من يتصف بهذه المواصفات بالقرب مني ولم أجد وسيلة بعد للوصول إليهم أو لفت انتباههم، ولذا فأنا أحاول كما يقولون أن أسلك جميع السبل فلا أدري من أيها سوف أجد ضالتي (السمكة)! كما أرى أنه من الخطأ أن تجزمي بأن حظي في الخارج سيكون كحظ المنتظر على الشاطئ ينتظر السمك الميت الذي قذفه البحر، مع أني قلت بأني سأعيش في البحر وليس على الشاطئ! وهناك فرق كبير.
لقد بدأت أتخيل نفسي بزعانف وقشور حقيقية من كثرة تكرار السمك والبحر! وردا على تساؤلك من نصبني على أخي وأبي.. أقول: "لا أحد هي جات كده"، ثم هو ليس تنصيب ولاية من أمر ونهي!، كل ما في الأمر ترتيب وتسجيل بيانات العمل رغم كثرة الملفات، وذلك لأني الوحيدة التي درست البكالوريوس فأنا أميل إلى التنظيم والترتيب والتخطيط وو... إلخ، لذا يرون أني أقدم لهم الكثير من العون بتولي تنظيم المستندات والملفات، ولأني غير متزوجة فأنا في نظرهم متفرغة وتحت الخدمة، ما يغضبني أنهم سعداء بذلك وأنا لم أعد أحتمل، فلا بأس من تولي جزء وليس الكل، كما تفضلت حضرتك.
بالنسبة لوالداي وجلب خادمة لهما.. كل ذلك تم حله مؤخرا والحمد لله، فقد انتقلنا لبيت أكبر ضمنا جميعا مع أخي في وسط المدينة حيث بات جلب المواد الغذائية وغيره ميسرا، كما أن موضوع سفري لم يعد صعبا كما في السابق والحمد لله، فمع التيسيرات التي حدثت بات من السهل إن شاء الله أن تسافر معي أمي خاصة أن أختي بدأت تفيق مما هي فيه، ولكن أود التعليق، على ما ذكرته وهو (أنه كان بإمكاني أن أكمل دراستي هنا، وأن سبب سفري هو من أجل الزواج فقط!)..هذا غير صحيح، فالدراسة هنا مستحيلة؛ فالنظام في البلد الخليجي الذي نقيم فيه مختلف، حيث لا مكان للأجنبي في الدراسات الجامعية فما بالك بالدارسات العليا!، وإن كانت هذه الأمور غير معروفة لأحد في الخارج بإمكانك أن تسألي، أو بإمكاني أن أرسل لك رسالة أخبرك فيها مدى صعوبة وضع المقيم هنا، وهي أمور يجهلها أكثر الناس كما يبدو... كما أن الدراسة عن بعد في مجال تخصصي غير متوفرة لا في البلد الذى أقيم فيه.
في الحقيقة أعتذر عن عدم توضيح ذلك فقد كنت أظن أن مثل هذه الأمور الداخلية معروفة للجميع، كما يبدو أنك فهمت العكس من محاولة صديقاتي منعي من السفر حيث بدا لك من أن التعلم والعمل هنا متوفر، والحقيقة أنهن مختلفات تماما عني فهن لا يهمهن الدراسة أصلا بل أن غالبيتهن لم يكملن الثانوية بل ويفكرن في أن يكتفي أبنائهن بالثانوية وينطلقوا بعدها للعمل في الأسواق؛ ولذا يرين أنه من غير المجدي أن أترك العز في هذا البلد لأذهب وأعيش في ظروف صعبة من أجل الدراسة فقط، فماذا فعلت الشهادات لأصحابها؟! إذ يكفي تعلم كل ما يحتاجه الإنسان من التلفاز! وأيضا نحن لسنا من الأثرياء، بل من ذوي الدخل المتوسط؛ لذا فسفري لم يكن من أجل البحث عن السمكة فقط! بل من أجل الدراسة والعمل والاستفادة من وقتي.
وكما تفضلت أنت وأوضحت أنا ذلك سابقا فأنا مدركة أنه ربما لا أجد سمكتي ولكن على الأقل سوف أتعلم وأعمل ولا أظن أن هذا شيئا يستهان به، أم أقضي بقية حياتي خادمة للأولاد وخاصة أولاد أخي، حيث إن زوجته من النوع الاتكالي حيث صادف أن وجدت قلبا طبيا ساذجا يهتم بأولادها، ويرغب في إسعاد الجميع على حساب سعادته، وأرجو أن لا أحتاج لسرد تفاصيل معاناتي مع زوجة أخي؛ لأنها قصة حياة بأكملها، أكره وأتألم لمجرد تذكر ما عانيته منها، وأرغب في نسيان ذلك.
أعتذر عن طول رسالتي ولكن حزنت من الرد السابق، ربما لأني لم أوضح الكثير من التفاصيل، ثم أعتذر عن طريقة توضحي لذلك، وأعلم أنكم لستم مجبرين على الرد أو حتى على قراءة الرسائل، ولكنكم تقومون بذلك لوجه الله تعالى، أسأل ألله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتكم، ولكن أعلم كذلك أني أكن لكم من المحبة والتقدير ما أتعجز الكلمات عن وصفه، وما صراحتي تلك إلى لأنكم أشعرتمونا بأنكم تمثلون أهلونا وأصدقاؤنا الذي نجدهم دائما عندما نحتاج إليهم، فتارة يعاتبونا على تقصيرنا وتارة يشجعونا على ما نصبو إليه، والعتاب والصراحة البناءة بين أفراد الأسرة من مقومات الأسرة الناجحة، شكرا جزيلا مرة أخرى وجزاكم الله خيرا.
... المشكلة
د.نعمت عوض الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ابنتي..
والله لقد أوجعتني برسالتك، فآخر ما أتمناه أو أتوقعه أن أتسبب بالحزن لصاحب مشكلة، ليس معنى ذلك أن حل المشكلات يكون بـ "الطبطبة" كما نقول، ولكننا نتمنى وأنا شخصيا أن يكون الحل مثل جرس الإنذار، قد يسبب شيء من القلق قد يوقظ الهمم بعضها أو كلها، قد يلفت الحل النظر إلى نقاط خفيه على صاحبها نراها بما منحنا الله من خبرة، ومن وقوف خارج أسوار المشاعر الخاصة بالموضوع، ولكن الحزن ليس من الأهداف يا ابنتي فالحزن لا يقدم ولا يؤخر بل يزيد "الطين بلة" أحيانا فسامحيني.
والمعنى الذى يصل مع التوضيحات مختلف تماما عن ذلك الذى قرأته في المرة السابقة، فسامحيني إذا كنت قد شددت عليك قليلا، أردت فقط أن أنبهك إلى أنك فرد في عائلة، ولست ولي أمر لأي منهم، واتضح لي من رسالتك المطولة تلك أنهم قد اختاروك ولي أمر معهم، وهذا قدر بعض أصحاب العقول اللبيبة يا ابنتي، فلا زلت تقولين: "ألوم نفسي وأهلي في اليوم مائة مرة" على أننا وافقنا مع أن المفروض أن الملوم الوحيد هو الأهل؛ لأنهم القيمون على ابنتهم ولكن واضح أنه كان لك قول في هذا الأمر رغم صغر سنك.
وفيما يتعلق بموضوع أختك فأنا ألوم أهلك؛ فعلى الرغم من أن الخطأ في الموافقة على شخص لا يصلي إلا أننا نستطيع أن نقول إنه ربما لم تكن الاختيارات الدينية ذات ثقل في وقتها، ولكن أتصور عند أول بادرة ظهر فيها شره وعدم اتعاظه إن ما كان يجب أن يكون الحل بالوساطات بل التفريق بينهم بأقل كمية من الخسائر، وأقصد بالخسائر هنا "عدد الأولاد".
ومازلت لا أستطيع أن أفهم أن شخصا كان يريدك أنت ثم تقرروا تزويجه من أختك.. هل طلبها؟؟ هل رشحتموها له؟؟ لا يبدو أن فكرته كانت الزواج من أي إنسانة في هذا المنزل غيرك؛ وبالتالي سؤالي الذى طرحته ما زال قائما: صاحب اقتراح نقل عطاء الزواج إلى الصغيرة بدون أن تكون قادرة على الرفض أو القبول هو المسئول، ولا أستطيع أن أتصور أنه أنت وقد كنت مراهقة مثلها تماما.
وهناكنقطة أخرى وضعتها أنت هذه المرة ولم تكن ظاهرة من قبل وهي.. لماذا الكل ضدكم أو ضد حكمكم أو ضد تصوركم للعلاقة الزوجية مع أنه واضح من حكايتك أنه زوج سيئ يضرب زوجته ويهينها؟ وأنقل إليك كلامك الذى تقولين فيه: "بالنسبة لي يعلم الله كم كنت أعاني معها بل جميعا كنا نتألم لها... ولكن عندما تكون وحيدا (نحن) في وسط مشكلتك ويكون كل من حولك (أقاربنا+حكم القاضي) ضدك تشعر بالتشويش والضعف".
هذه فكرة لا منطق لها إلا واحد من اثنين: إما أن أختك سيئة جدا كزوجة وهذا الضرب هو نوع من التربية، وهذا وإن كان ليس من حقه، ولكن يمكن تفهم دوافعه، أو أن الضرب شيء عادي مثلا وهذا ما لا أتصوره ولا يقبله أحد في أي مجتمع، أما أن أن زوج أختك سيئ الخلق والجميع يخافون منه فهذا تبرير لا أستسيغه، وليس من المعقول أن تقف أسرة بالكامل ضد الحق خوفا من فرد فيها.
نعم أراك مخطئة في تساؤلك عن أختك.. هي ليست طفلة، وأنت لست ولي أمرها، من الجائز أن يضايقني سوء تصرف من أخي أو أختي، ولكن هذا ليس معناه أن أبحث أنا له عن العلاج، قد أتحدث معه أو معها لو وجدت منه استعدادا لقبول الحوار، أما لو لم يرد ذلك فليس على متابعته وكأنه صبي أو فتاة صغيرة بلهاء تحتاج للتعليم والتهذيب، هي إنسانة مسئولة، ويوما ما ستخرج من هذه الحجرة وستبحث عن مستقبلها، هي تحتاج أن تبقى لوحدها، تحتاج لفترة نقاهة من عذاب السنين، لو تركتموها حرة سيكون خروجها أسرع بإذن الله... لو فرضتم الوصاية التربوية فستظل تهرب منكم.وأعود دائما لإحساسك الخانق -وسامحيني يا ابنتي على التعبير- بالمسئولية الواضح في قولك: "فأنا لا أضمن أن أبقى معها للأبد" يا ابنتي من الحب والاهتمام ما قتل، الفرق بينكما سنتان حسب ما أذكر، فلماذا عندك هذا الشعور بأنك لا بد أن ترتبي كل شيء لأصحابه؟ وإذا كان هذا قدرك كما أخبرتك، قدر بعض الأبناء أن يتولوا الأسرة كبارا وصغارا، ويصبحوا مكان الأب والأم للعديد من الصفات التي أرى بعضها فيك، فإذا كان الأمر كذلك والكل مرتضٍ ولايتك، فهذا شيء آخر سندخل الآن إلى تبعاته فيما يخص حياتك ومستقبلك.
طبعا حين يضيع من الإنسان فرصته في التطور والدراسة فهذا شيء محزن، ولكن كلمتي لك في الإجابة الأولى لم تكن تعني أنك أنانية لحزنك على ضياع فرصة الماجستير، كلمتي كانت مجرد مقارنة بين ألم وحزن وإحباط من ضاعت حياتها بدون ذنب جنته، ومن فاتتها فرصة الماجستير ليس إلا.
أما زواجك وسفرك فلست أدري كيف فهمت كلامي على هذا النحو، كل ما قلته لك كان أدرسي ظروفك ورتبي أولوياتك، واعلمي أن كل إنسان يدفع ثمن اختياراته، وأنا من الناس التي تتمنى أن يرى كل إنسان وجهي العملة قبل أي قرار، وهذا لا يحدث عادة؛ فأحيانا بريق العملة يخلب الألباب ولا يرى الشخص ما وراءه كل ما أردته منك وقد أوجزته في آخر كلامي بقولي: "والعاقل من يكيف نفسه ويفكر كيف يحصل على أفضل العروض المتاحة حوله، وهذا هو حالك فرتبي أولوياتك.. وفكري في كل احتمالات حياتك، ثم اتخذي قرارك تبعا لذلك".احسبي حساباتك لنفسك، أو كما يقولون قدر لقدمك موقعها قبل المسير..وسامحيني إذا كنت أحزنتك؛ فليس هذا هو هدفي أبدا، ولن يكون.. وهل أملك لنفسي شيئا حتى أجرح قلبا لجأ إلي.. سامحيني أرجوك.
ــــــــــــــــــــ(41/197)
إذا أهمل الوالدان فأين العقل والإيمان؟
مع الأهل
السلام عليكم،
أنا فتاة في الثامنة عشرة من عمري في سنة أولى جامعة، مشكلتي هي أني أكره الحياة بكل أشكالها، ولا أريد عمل أي شيء منذ صغري، وأنا لا أشعر بأي اهتمام من والدي؛ فقد كانا يفضلان أخي الأكبر عليَّ، معتقدين أنني بصمتي الدائم غير محتاجة لشيء من الحنان، لطالما احتجت لأحد فلم أجد ولم أشتكِ إلى صديقاتي حتى لا أشغلهن.
عزيزتي د. ليلى،
لقد أصبحت حياتي مملة جدًّا فلا شيء يثيرني، وزاد ذلك بعد دخولي الجامعة فقد أصبحت أتشاءم بمجرد دخولها، ولا أستطيع إقامة علاقات صداقة مع باقي الفتيات بسبب خجلي الشديد وعدم ثقتي بنفسي.
سيدتي،
لقد أصبت بفقر دم حاد بسبب سوء تغذيتي، حتى يعيرني أهلي أدنى اهتمام؛ فأمي همها الدائم معدتي وشكلي، ولا تريد أن تعرف أي شيء عن همومي بحجة المرض، وأبي ليس له دخل في الدنيا فهو متشائم جدا من كل الدنيا.
سيدتي،
أصبحت ابتسامتي صعبة ومتكلفة وأصبحت أرى الدنيا كلها سوادًا، خاصة بعد أن دخلت حصلت على نسبة لا ترضيني.
أصبحت أصلي قليلا بلا خشوع وأقرأ القرآن قليلا جدا، وأقلد الفتيات في لبسهن، وأصبح تفكيري منحرفا في أمور الجنس والعلاقات، ولا أنكر أني حاولت جاهدة أن أتعرف على شباب ينصتون لي ويخففون عني.
أصبح شغلي الدائم أن أتعرف على شباب، صرت أحتقر نفسي وأقارنها بمثيلاتها من المتفوقات والسعيدات في حياتهن، وحتى الآن لا أعرف التخصص الذي أريده، ودائمًا أغير رأيي في ذلك، واعذروني على الإطالة والتشويش؛ فأنا هكذا في داخلي.
... المشكلة
د .ليلي أحمد الأحدب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
بداية، أعتذر عن تأخري في الرد على رسالتك لانشغالي بأمور كثيرة، أهمها ما يحصل في مكان إقامتي في المملكة العربية السعودية من حوادث العنف والإرهاب؛ الأمر الذي يجب أن يكون له الأولوية سواء كنا مواطنين أو مقيمين فيها، بعيدين أو قريبين منها؛ لأنها قلعة الإسلام الأخيرة ثقافة وعقيدة، وللتو انتهيت من كتابة مقالة تتعلق بموضوع العنف التربوي وأحد أشكاله يتبدى في مشكلة قريبة من مشكلتك، وهي فقدان الحوار بين الزوجين وانعكاس ذلك على نفسية الطفل سلبًا أو إيجابًا.
فمحبة الأبوين لبعضهما بعضًا مهمة لشعور الطفل بالأمان الأسري، كما أن محبتهما له واهتمامهما به ضرورية لتوازن الطفل النفسي، وهذا الأمر الأخير هو موضوع رسالتك التي أحزنتني كثيرًا خاصة كونها انعكست على صحتك وجسمك، كما تجلت في افتقادك للثقة بالنفس وللقدرة على تكوين الصداقات كما تخبرين في بداية رسالتك، وتبدت أخيرًا في تدهور وضعك النفسي وتردي مقامك الإيماني وانحدار حالتك الاجتماعية كما تذكرين في نهايتها، وكلها نتائج يمكن معالجتها إذا امتلكت الوعي والإدراك بضرورة التغيير، وغرست في نفسك الرغبة والحافز عليه، وتسلحت بالإيمان والعزيمة للمضي فيه، ووطّنت نفسك على المثابرة والاستمرار في هذا الطريق، دون أن تهتمي بالعوائق التي تعترض طريقك نحو حياة أفضل.
إذن هناك وعي وإدراك، ثم رغبة وحافز، ثم إيمان وعزيمة، ثم استمرار ومثابرة، وهذه البنود الأربعة لا بد منها من أجل التطوير الذاتي والتنمية النفسية التي تحتاجين إليها.
الوعي والإدراك بضرورة التغيير يجب أن يتكون لديك بمجرد قراءة مشكلتك مرة أخرى، واطرحي على نفسك هذه الأسئلة:
إلى متى سأعيش كما أراد لي غيري؟
ولماذا تكون حياتي مرسومة بأقلام الآخرين؟
وما نهايتي إذا بقيت على حالتي المتشائمة؟
وهل خلقني الله في الحياة ليعذبني؟
وهل هذه الحياة البائسة التي أعيشها تقع ضمن ما يحبه الله ورسوله لي كمؤمنة؟
بالطبع فإن الإجابتين على السؤالين الأخيرين ستكونان بالنفي، فالله سبحانه قال: {مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللهُ شَاكِرًا عَلِيمًا}، وكذلك قال عز من قائل: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
وهذه الإضاءات القرآنية ستجعل أجوبتك على الأسئلة الثلاثة الأولى مختلفة عما كانت قبل أن أذكرك بهاتين الآيتين الكريمتين؛ فالتشاؤم يؤدي إلى الاكتئاب، والاكتئاب يؤدي إلى اليأس، واليأس من الحياة يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، وهنا يجب أن أذكرك بالآية الكريمة: {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}؛ فاليأس يتنافى مع صفة الإيمان؛ لأن أمر المؤمن كله خير إن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له كما في الحديث الشريف، لكننا لا نريد أن يفهم هذا الحديث أننا يجب أن نرضى بكل ما هو حولنا لأن ذلك من باب الصبر الذي أمرنا به، بل يجب أن نعلم أن الشرع كما حثنا على الرضا بالقضاء والقدر فقد أمرنا بالتغيير {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، وفي الحديث الشريف: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير. استعن بالله ولا تعجز، وإذا أصابك أمر فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا، فإن لو تفتح عمل الشيطان"، أو كما قال عليه الصلاة والسلام؛ فافهمي كلام رسولنا وحبيبنا الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، واتخذي منه حافزًا للتغيير؛ فأنت الآن مؤمنة ضعيفة لكن لو تحولت إلى مؤمنة قوية لارتفعت مكانتك عند الله تعالى؛ لذلك يجب أن توجدي في نفسك الرغبة بالتغيير؛ لأن حياتك بهذا الشكل غير مرضية لك ولا لله سبحانه، وأنا لا أكتب لك هذا الكلام لأزيد من شعورك بالذنب لما تفعلين، فما فعلته ليس إلا من صغائر الذنوب يكفرها الاستغفار، ولكن لا تصري عليها فلا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة من الإصرار.
بعد الوعي والإدراك وإيجاد الرغبة لا بد أن تعقدي العزم على السير بخطوات حثيثة في طريق التغيير، وكما أقول دائمًا: لن تستطيعي أن تغيري أي أحد قبل أن تغيري نفسك، وطريقة التغيير تكون بتكاتف الإيمان والعقل معًا، فمن ناحية الإيمان يجب أن تلجئي إلى الله سبحانه ليساعدك في أمورك الدنيوية والدينية، وهذا اللجوء تنقص مصداقيته إذا لم تبتعدي عن المعصية وتثابري على الطاعة، فأنت مثلاً لا تعرفين أي فرع هو خير لك، فمن الناحية الإيمانية تأتي التقوى لتساعدك على الاختيار واستشراف المستقبل والتبصر بالأفضل، {إِن تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، فتزودي بالتقوى فإنها خير زاد، وإذا حصنت نفسك بالتقوى فإنك ستنتهين من ثلاثة أرباع المشكلة، حيث ستزول غباشات الخواطر السيئة عن عقلك وستنشغلين بالطاعة عن المعصية كما قال أحد الصالحين: "نفسك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر"، وإذا مُنعَت الخواطر فإنها لن تتحول إلى أفكار، وبالتالي لن يصدر عنك سلوك شائن من تعارف على الجنس الآخر بغية علاقة مشوبة بأمور لا يحبها الله ولا يرضاها لمؤمنة مثلك.
أما من ناحية العقل فيجب أن تضعي سدا بينك وبين الماضي، فلا تسمحي لذاكرتك بأن تجول وتصول فيه؛ لأنه أمر يستدعي حزنك ويستجلب كآبتك، وبالتالي يستحضر لومك لوالديك وأنهما كانا يفضلان أخاك عليك، فيجب يا ابنتي العزيزة أن تمسحي من قلبك كل ما لا يحبه الله من مشاعر، فأقل درجات الإيمان هي سلامة الصدر من الأذى، وشعورك تجاه والديك فيه أذى كثير، والسبب أن شعورك هذا إذا تمادى سيزداد حتى يتحول إلى كراهية أو عدم محبة، وعندما يترسخ هذا الشعور سيؤدي بك إلى العقوق، وهو من أكبر الكبائر؛ لذلك يجب أن تسامحي والديك وأن تستغفري الله لهما دائمًا.
وتذكري أن آيات بر الوالدين في القرآن قد اقترنت دائمًا بالتوحيد والخضوع للرب، وأن بر الوالدين أحب الأعمال إلى الله بعد الصلاة على وقتها، وكذلك الأحاديث الكثيرة، مثل: "ويزيد في العمر البر"، وهذا الحديث قد رأيت تأثيره بنفسي على أخي الكبير الذي كان بره بوالدته يتفوق على أي عمل خير آخر، وقد مات أخي ثم عاش بسبب بره لوالدته، والحادثة يكاد لا يصدقها عقل فقد بقي تحت جهاز التنفس الاصطناعي في غرفة العناية المركزة مصابًا بسبات تام لمدة أسبوعين، ولم يكن تبدو عليه أي علامة من علامات الحياة، اللهم إلا دقات قلبه الموصولة بجهاز التنفس الاصطناعي الذي لو رُفع لتوقف القلب عن الخفقان، ومع ذلك فقد دبت فيه الحياة من جديد بقدرة الله سبحانه، وكانت أحاديثه الأولى بعد عودته إلى الحياة أن هناك من أخذه وأراه عظاما وجماجم آبائه الميتين، وقد ظننتها بداية الأمر هلوسات نتيجة النوم الطويل، ولكن لما فسرتها إيمانيا وتذكرت أن الروح سر من أمر الله، قلت: ربما أنه فعلا رأى ما لا يراه إلا الميت، وأعاده الله إلى الحياة بفضل بره بالوالدة حفظها الله.
ولك في هذه القصة عبرة؛ فأرجو أن تفسري تصرفات والديك تفسيرًا أفضل مما هو عليه الآن؛ لأن ذلك يساعدك على تجاوز مشكلتك معهما، فما دام طبع والدك التشاؤم كما تقولين، فمعنى هذا أنه لا يخصك بمعاملة سيئة، ولكن نظرته التشاؤمية إلى الحياة تجعله لا يحسن التعامل مع الآخرين كما يجب، وأنت ابنته أي من أقرب الناس إليه؛ لذلك فإن نصيبك من هذه المعاناة أكبر من غيرك، وعليك أن تتخذي له عذرًا بأنه لا بد قد تعرض في حياته لما جعله يميل إلى التشاؤم، وإذا عذرته فستكونين أقدر على تقبله؛ لأنه من الصعب أن تغيري طبعًا استشرى لمدة طويلة.
وأما والدتك فأرى أنك متحاملة عليها قليلاً؛ إذ يكفي أنها تهتم بصحتك وجسدك ليعني هذا لك أنها تهتم بك، ولا يفوتك هنا يا ابنتي الغالية أن الآباء والأمهات ليسوا دائمًا على ثقافة عالية؛ لذلك يهملون النفس والروح ويهتمون بالجسد والصحة، فهذه إمكانياتهم وإدراكاتهم، ولا مانع هنا أن تصارحي والدتك بأنك بحاجة لها كصديقة تبثينها شكواك لتخفف من مخاوفك، وأصري -لكن بلطف- على حقك بأن تستمع إليك، وإذا لم تلبِّ نداءك فلا تكلفيها فوق طاقتها، وابحثي عن صديقة صدوقة وستجدينها بالتأكيد إذا بحثت عنها بتفاؤل، فابدئي دائمًا -كما يقول ستيفن كوفي- والمنال في ذهنك، أي تسلحي بالتفاؤل وسترين كيف ستتحقق آمالك واحدًا بعد الآخر، وإذا لم تجديها فلا ملجأ أفضل من الله سبحانه، فهو الذي يعلم السر وأخفى، وهو الذي وصف نفسه {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}، فتذكري أن التضرع لله هو دواء ناجع لكثير من القلق والحزن، وأرجو أن تعودي إلى إجابات سابقة في هذا الأمر وربما ساعدك قراءة هذا المقال في صفحة الإسلام وقضايا العصر : الإيمان.. وأثره على الصحة النفسية، وتذكري أيضًا أن خلاصك من الاكتئاب يكون ببحثك عن السعادة، ومن أهم أسبابها: الرضا عن الله سبحانه، وإسعاد الآخرين.
قد لا تكون إجابتي لك كافية، والسبب نقص في رسالتك حيث تقولين: "وأصبحت أرى الدنيا كلها سوادًا، خاصة بعد أن دخلت الجامعة، وحصلت على نسبة لا ترضيني"، فيبدو أنك دخلت فرعًا لا ترغبينه بسبب أن مجموعك لم يكن كافيًا، ومع أن هذه مشكلة أساسية، لكن لا يمكنني مساعدتك بها إذا لم تبدئي بتغيير شخصيتك كما ذكرت لك، حيث إنك يجب أن تسامحي نفسك وتتقبليها بأخطائها، وتحاولي أن تطوريها بحيث تستفيدين من أخطائك دون أن تكرريها، هذا على صعيدك النفسي، أما على صعيدك الأسري فإن تسامحك لنفسك يجعلك أكثر تسامحًا مع والديك؛ وهو ما يكرس في داخلك قدرة أكثر على تقبلهما والتعامل معهما.
وعلى صعيدك الاجتماعي فإن تقبلك لنفسك أيضًا يجعلك أكثر ثقة بها، وبالتالي أكثر إقبالاً على الحياة وعلى بناء العلاقات والصداقات التي فيها خيرك، سواء كانت مع من هي من جنسك أو من جنس آخر، على ألا تتجاوز الحدود التي يرضاها الله سبحانه، وعندها رويدًا رويدًا ستتغير نظرتك إلى الحياة وتجدينها أكثر جمالاً من قبل، وعندما تشرق في نفوسنا شمس الإيمان المحب الرحيم ونور العقل الإيجابي الرشيد فإن ضباب الوهم يتبدد وحلكة اليأس تزول، والله على كل شيء قدير.
ــــــــــــــــــــ(41/198)
في بيوتنا.. ظاهرة الأنثى المتمردة
اضطرابات أخرى, علاقات أسرية
السلام عليكم ورحمة الله،
المشكلة تتعلق بأختي التي تبلغ من العمر 21 عاما، تدرس في السنة الثالثة صحة وإرشاد نفسي.
أريد أن أعطيكم صورة عن خلفية العائلة؛ فنحن عائلة مكونة من 4 أولاد و3 بنات، عائلة محافظة ميسورة الحال، جميعنا أنهينا دراستنا الجامعية، وترتيبها السادس بين الأبناء، الأب شخصيته قوية ومسيطر، والأم مغلوبة على أمرها إلى حد ما.
المشكلة أنها تسبب المشاكل في البيت ولا تحترم أحدا حتى الأب والأم؛ فهي لا تتوانى عن شتم إخوتها -ثلاثة منهم متزوجون- بألفاظ لا نقولها بالبيت.
وهي تعتبر أنه لا أحد يحبها ولا أحد يحترمها، تحدثت معها مسترشدة بالاستشارات التي قرأتها على موقعكم، لكن ما خرجت به أنها تريد الاحترام والهدوء والاستقلالية.
بالنسبة للاحترام فهي لا تحترم أحدا، وتريد من الجميع أن يحترمها، أقول لها احترمي والديك حتى لو كانوا سيئين (علما أنهم ليسوا كذلك) فتقول: إذا لم يحترمها أهلي فلن تحترمهم، وسوف تقوم بالأعمال المزعجة حتى تقهرهم، وهي تمن عليهم أنها ليست من البنات اللاتي يعرفن الشباب، وأنها سوف تعاند أهلي وتخرج وتسبب لهم المشاكل؛ لأنه من وجهة نظرها أن أخي الذي كان على معرفة ببعض الفتيات يحترمه أهلي ويقدرونه وهو سيئ ولا يصلي، هو فعلا لا يصلي وعلى علاقة بالفتيات، ولكنه يحترم أهلي، ولا يريد إغضابهم.
لا تريد أن تقارن نفسها بالأفضل، ولكن تريد أن تقارن نفسها بالأسوأ، وبعد ذلك ترفض أن تقارن بأحد.
أشعر أن لديها توترا وقلقا نفسيا كبيرا، أقول لها لماذا لا تطبقين ما تدرسينه، تقول إنها خارج البيت ممتازة، ولكن في البيت لا يستحق أحد أن تكون جيدة من أجله.
في كل نقطة أناقشها بها تناقض نفسها، وخلاصة الكلام تريد الاحترام ولا تحترم أحد تريد أن يحبها البيت وهي لا تحب أحدا؛ فهي لا تريديني أن أزور أهلي مع أطفالي؛ لأنهم يزعجونها، ولا تريد أن يأتي إخوتي المتزوجون؛ لأنها تريد الاستقرار وتريد الاستقلالية ولا يوجد غير أخت واحدة في الغرفة.
علما أن أهلي لديهم خادمة فلا يطلبون منها شيئا؛ لأنها لو طلب منها والدي شيئا فلن تحضر له، وأهلي يقولون منذ زمن إنها غيورة، وهي بالمناسبة تتلفظ بألفاظ وتقوم بتصرفات لا تناسب عمرها، لا تقدر تعب والدي ونفقته عليها، وتعتبر نفسها المتهمة المضطهدة.. فماذا يسمى هذا؟ هل هو مرض أو توتر؟
وحتى تكتمل الصورة أقول:
إن بيت أهلي بيت عائلة يزورهم أشخاص كثر، وينام عندهم أبناء عمي، وباستمرار يوجد حركة ذهاب وإياب، والدتي مصابة بالضغط والسكري والقلب، وهي متوترة، ولكن جميعنا تربينا في هذا البيت وفي هذه الظروف ولا يوجد أحد يتصرف هكذا.. فماذا نفعل معها؟
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخت العزيزة،
أهلا وسهلا بك على مشاكل وحلول،
لم توضحي لنا منذ متى اتسمت سلوكيات أختك بهذا الاعوجاج؟ فصحيح أنك ذكرت أنها في الحادية والعشرين من عمرها، لكنك لم توضحي ما إذا كانت طريقتها الفظة في التعامل مع أعضاء أسرتها قد بدأت منذ سنوات مراهقتها الأولى أو حتى طفولتها المتأخرة؟ وبالتالي يمكن الكلام عما يشبه الطبع أو سمات الشخصية أكثر مما يمكن الكلام عن اضطراب نفسي.
أم أن تلك السلوكيات بدأت في أواخر مراهقتها بحيث مثلت تغيرا واضحا في سلوكياتها وعلاقاتها وآرائها في الحياة؟ فمن ضمن أهم شروط التفريق بين ما هو اضطراب نفسي (أي مرض حادث) وما هو اضطراب في السمات السلوكية والمعرفية للشخصية.. أن نعرف منذ متى بدأت أعراض كتلك التي تصفين أنها تصبغ سلوكيات أختك. ولتفهمي المقصود باضطراب سمات الشخصية اقرئي من على صفحتنا مشاكل وحلول:
لا نفسي ولا عقلي : اضطراب الشخصية
الشخصية البين بينية!
ومن الغريب أنك تكلميننا عن طالبة جامعية تدرس علم النفس والإرشاد النفسي، ولا أدري لماذا لم تقترحي عليها أنت أن ترسل لنا بنفسها، خاصة أن اطلاعها على ما يرد على مشاكل وحلول للشباب أو موقع مجانين ، سيفيدها جدا في دراستها وعملها المستقبلي؛ أي أنك تستطيعين إرشادها إلينا، وسيكون عرضها للموضوع من وجهة نظرها مفيدا في إعطائنا صورة أكثر وضوحا.
كثرت ظاهرة البنت المتمردة في بيوتنا في السنوات الأخيرة، وأحسب أن ذلك حدث أيضًا بصورة متواترة في معظم بلداننا العربية، وكان لتزامن ذلك مع الانفتاح الفكري الثقافي الذي وجدت مجتمعاتنا نفسها فيه دون قدرة على أي استعداد للمواجهة أو المفاضلة، وحمل ذلك كثيرا من الأفكار والتوجهات المعرفية السلوكية التي تماثل توجهات ومواقف أختك التي أسميها "لي وليس علي" كما يفهم من وصفك لرغبتها في أن تُحترَم ولا تَحترم، وأن تكونَ لها استقلالية وحرية مثلها مثل أخيها، والذي يسامحه أبواه لأنه ذكر، فضلا عن قدرته على إحسان معاملتهما، وموقف الوالدين هنا غير صحيح شرعا؛ فكل من الذكر والأنثى كيان بشري مسئول أمام الله سبحانه، لكن موقفهما شائع على أية حال؛ لأن المعيار الضابط الشائع كمرجعية للكيان البشري في مجتمعاتنا لم يعد الحلال والحرام، وإنما أصبح تدخل فيه معايير أخرى غير إسلامية.
أعود إلى أختك لأتساءل عن مرجعيتها في أن انحراف أخيها -وإغفاله للفروض أو الطاعات حتى وإن قبله والداه- هو مبرر لانحرافها هي أو لازدرائها لأبويها؛ لأنهم "قابلون وساكتون" أو حتى مجرد رغبتها في عقابهم بأن تقصر اعوجاج سلوكها على البيت كما تدعي، ولسنا متأكدين من صحة هذا الادعاء.. فمحتمل جدا أن تتصرف بنفس الشكل مع أي من رموز السلطة أو حتى الأصدقاء.
ثم كم هو الفارق العمري بينها وبين الأخ أو الأخت الأصغر منها، أو لفترة كم سنة عاشت هي الصغرى في الأسرة؟ لأن ذلك قد يشكل تهيئة نفسية ما من خلال ظروف التربية، فكثيرا ما تكون الأكثر تدليلا لأنها الصغرى والأضعف، وربما الأقرب من قلب أبويها؛ وهو ما يسمح بحدوث خلل أو أكثر في طريقة تهذيب السلوك، لعله ينتج في جزء منه من إحساس الوالدين بأن عليهما أن يمنحاها أكثر من القبول والاستجابة لمطالبها والاستعداد أيضًا للغفران، ولعل الإفراط في ذلك يفضي إلى عدم القدرة على رؤية الآخر كصاحب حق مماثل في التفاعل الاجتماعي، وإلى عدم القدرة على تأجيل الرغبات، وإلى كثير من الأنانية والطيش والتناقض وأحيانا فقدان المرجعية الضابطة للسلوك.
ولكن هناك فارقا يجب ألا يغيب عن الأذهان بين أن نقول كثيرا كذا.. وأن نقول دائما كذا.. فمثلا قد تكون قلة الفارق السني بينها وبين من يليها في انتزاع التدليل منها عاملا يصلح ما قد فسد وقد لا يكون، ولكن المفترض في هذه الحالة هو أن يكونَ سلوكها الذي تصفينه بأنه قديم منذ سنوات مراهقتها ودخولها في صراعات المراهقة النفسية والتي كان من الممكن أن نرجع كل شيء لها ونبشر بسهولة وسرعة العلاج لو أنك تتكلمين عن بنت أقل سنا من عشرين عاما.
ومن المهم في الوقت نفسه أن أنبه إلى عدم تمام مصداقية الاحتكام إلى محدد كنفس الظروف الأسرية، ونفس الموروث الجيني العام، لنقول إن الناتجين يجب أن يكونوا متشابهين من الناحية النفسية، وهذا هو ما يفهم من آخر فقرات إفادتك التي تقولين فيها:
"وحتى تكتمل الصورة أقول: إن بيت أهلي بيت عائلة يزورهم أشخاص كثر، وينام عندهم أبناء عمي، وباستمرار يوجد حركة ذهاب وإياب، والدتي مصابة بالضغط والسكري والقلب وهي متوترة ولكن جميعنا تربينا في هذا البيت وفي هذه الظروف، ولا يوجد أحد يتصرف هكذا"، فما يقصد هنا هو أنها من نفس التركيبة البيولوجية (بما أنها من نفس الأب الأم) وتربت بنفس البيت.. فلماذا هي هكذا؟
باختصار ليس الاحتكام إلى ثنائية الوراثة مقابل البيئة والتساؤل البحثي عن أيهما أكثر تأثيرا في مناحي السلوك البشري.. احتكاما تام المصداقية ولا تام الصلاحية علميا وواقعيا؛ فهناك خصوصية لكل كيان بشري ما يزال يحار العقل في فهمها، ولعل إرجاعها إلى الغيب النفسي لكل كيان بشري هو الاختيار الأول للطبيب النفسي المسلم، وقد يستطيع أثناء العلاج أن يتفهم ما يشاء الله له من ذلك الغيب، وقد يلمس صحة أو عدم صحة نظرية ما من نظريات تفسير السلوك الإنساني، ولكن المهم هو أن نتفهم أنها بحاجة إلى من يساعدها، وأن نتعامل معها كضحية لظروف معظمها خارج عن إرادتنا كأفراد مجتمع.
إذا كان الاعوجاج المعرفي السلوكي الذي وصفته في أختك قديم الإرهاصات -كما أخمن- فإن من المهم أن تنتظري لحظات هدوئها أو حزنها، وأن تحاولي الاقتراب أكثر منها دون أن تتخذي موقف الحكم أو المقيم المسبق، واعرضي عليها فكرة الاستعانة بطبيب نفسي لتخليصها مثلا من نوبات الضيق التي تنتابها، ومما تراه -هي- محتاجا للتغيير في سلوكياتها أو مشاعرها، ويمكنك أن تجعلي الأمر سرا بينك وبينها، حاولي معها وتابعينا بالتطورات
ــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ(41/199)
أنا وأبي.. عواقب التنصت
علاقات أسرية
أنا فتاة عمري 21 عاما أدرس بالعام النهائي بكلية عملية، ولي أخ يكبرني بعامين، وأختان أصغر مني، وأبي وأمي عطوفان جدا، وأسرتنا يعتبرها كل من حولنا أسرة مثالية جدا.
المشكلة تبدأ منذ سنتين؛ حيث لاحظت أن أبي يتحدث في الهاتف لفترات طويلة وبصوت خافت، وبالمصادفة في أحد الأيام رفعت السماعة لأجري اتصالا فوجدت أبي يتحدث مع سيدة زميلة له في العمل متزوجة ولها ولدان في مثل عمري، وهي تعرفني وتعرف أمي، لم أصدق، فتعمدت التنصت على مكالمة أخرى، فوجدته يتحدث معها بكلام يندى له الجبين.
لم أعرف كيف أتصرف، ولم أخبر أحدا بهذه المشكلة، حاولت الاتصال بها لكنها أنكرت أي شيء، وأبي ما زال يحدثها حتى الآن.
وبعد أن كانت أمنية حياتي أن أتزوج إنسانا في مثل أخلاق أبي أصبحت -بكل أسف- لا أحترمه بيني وبين نفسي.. فماذا يمكن أن أفعل كي أساعده؟ فأبي والله إنسان عطوف جدا ومتدين، وربانا على طاعة الله، ولا أستطيع أن أربط بين صوته الجميل وهو يقرأ القرآن وهمساته لتلك المرأة؛ فأنا أشعر بسلبية كبيرة، وشكرا لكم.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
إن الله عز وجل وهو يوجهنا ويعلمنا في القرآن الكريم؛ فليس هذا التعليم من أجل غرس قيم أخلاقية صماء في حياة البشر، ولكن لأن الله الخالق يدرك أنها قيم إيجابية فاعلة لها تأثيراتها المتراكبة والمتراكمة والمتوالية في حياة البشر.. فهو عندما يقول في سورة الحجرات "ولا تجسسوا" فلأن تجسس الناس على بعضهم قد يؤدي بهم إلى اطلاع على عورات قد سترها الله عز وجل؛ لحكمة يعلمها لا تستوعبها عقولنا القاصرة، إذا ما اطلعنا عليها أفسدت حياتنا وأدخلتنا في صراعات كنا في غنى عنها.
لقد تجسست على أبيك بغير وجه حق.. فحتى في المرة الأولى وأنت ترفعين السماعة لإجراء الاتصال ووجدت الأب يتكلم؛ فالإجراء الواجب هو إغلاق السماعة على الفور وليس التنصت والتجسس، وفي المرة الثانية تعمدت التنصت.. بأي حق؟ بم ذلك؟ وكانت النتيجة هذا الألم وهذا الصراع داخلك؛ لأن حكمة الله فيما نهى عنه أن يعاقب صاحبه على تعديه للحد الذي وضعه. هذه مقدمة لا بد منها قبل أن ندخل فيما بعثت للسؤال عنه.
فنبدأ بسؤالك الأخير: كيف أساعد أبي؟
فنقول لك: إننا نقدر جدا مشاعرك النبيلة نحو أبيك وإحساسك بالألم ناحية سلوكه، ولكن يجب أن نذكرك بشيء مهم حتى تعتدل الأمور في نفسك، ويتزن في عقلك أن أباك بشر من أبناء آدم وليس ملاكا لا يخطئ.. ولأنه بشر من أبناء آدم فهذا يجعله عرضة للخطأ، والرسول الكريم يقول: "كل ابن خطاء، وخير الخطائين التوابون"؛ فصورة الأب المثالية التي كانت مقبولة أن تكوينها في طفولتك أو مراهقتك لا يصح أن تستمر بهذه الطريقة، وأنت على أعتاب سن الرشد والخروج للحياة العملية؛ حيث لا ملائكة تعيش على الأرض، وأولهم هم أباؤنا وأمهاتنا...
وهي حقيقة يجب أن نتعايش معها؛ بل هي أولى الحقائق التي نتعامل معها ونحن نفيق على الحياة بحقائقها وليس كما نرسمها في خيالنا ونحن أطفال أو مراهقون..
قد تكون الإفاقة بالنسبة لك قد تمت بصورة مفاجئة، وبموقف عنيف، ولكن في النهاية ستكون النتيجة أني قد علمت أن أبي بشر يجري عليه كل ما يجري على البشر، وبالتالي لا تكون النتيجة عندما أكتشف ذلك أن أفقد احترامي له، خاصة أنك التي اخترت أن تطلعي على معصيته.. ولكن أن أذكر له خصاله الطيبة وتربيته لنا على طاعة الله، وأعلم أنه في حالة ضعف يحتاج إلى الشفقة عليه، شفقة الطبيب على مريضه، والتفكير في مساعدته للخروج مما هو فيه..
هذه الروح ستجعلك وأنت تتحدثين إليه في مكان خارج البيت تطلبين منه الانفراد به هناك، وتنطلقين من إحساس كبير بالحب والتقدير والألم سيصل إليه، سيمس شغاف قلبه؛ هذا القلب الطائع لله والتالي لكتاب الله والذي عندما يرى ابنته ودموعها تذرف حبا وإشفاقا؛ فلن يملك إلا أن يعود إلى الله.. إنه منهج الله في التعامل مع العتاة والمجرمين، ألسنا أولى به ونحن نتعامل مع آبائنا العصاة {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}؟!
ــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ(41/200)
في بيت العائلة: جهل وتحرش وتعتيم
علاقات أسرية, التحرش الجنسي
بسم الله الرحمن الرحيم..
الإخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله، بارك الله فيكم، ونفع بكم الإسلام والمسلمين، وبعد..
أنا زوجة أسكن في الريف المصري، ولي 3 بنات، كبراهن في المرحلة الابتدائية.. زوجي يعمل في الجيش، يسافر ويأتي لنا كل فترة، أسكن في شقة في بيت العائلة (عائلة زوجي) وهي مقابلة لشقة والده وفي نفس الطابق..
ومنذ بداية زواجي وأنا أخدم حماتي ولا أدعها تخدم نفسها أو تقوم بعمل أي شيء بيديها، زوجي له أخ صغير (15 عاما)، وحينما تزوجت كان أخوه هذا صغيرا، كنت أعامله كأنه ابن من أبنائي، واعتاد أن يدخل بيتي ويخرج كيفما يشاء، خاصة أني أملك في شقتي التلفاز والأتاري وما شابه..
ومرة من المرات وأنا أغسل الملابس (الملابس الداخلية الخاصة بابنتي الوسطى -8 سنوات-) لاحظت شيئا غريبا في ملابسها.. فالملابس كأنها قد أصابها شيء يشبه السائل المنوي الذي يخرج من فرج الرجل.. أخذتني الوساوس، ولكنني قلت: لعله بول وتناسيت الأمر، وبعدها بستة أشهر علمت أن هذا الأخ المذكور قد دخل البيت (وقتها كنت خارج المنزل أقضي حاجة من حوائج البيت) وكانت ابنتي هذه نائمة فدخل هو عليها وجردها من ملابسها وأصابها.. حينما علمت ذلك جن جنوني، ولم أشعر بنفسي، وأخذت ألطم على وجهي، وشققت جلبابي حتى أني أشعر بألم في خدي من أثر اللطم، وأسرعت كالمجنونة لوالد زوجي (و هو رجل طيب هادئ الطبع) أقص عليه ما حدث وأنا أصرخ من هول ما علمت، وأتى بابنه الصبي وسأله واعترف الولد بفعلته وقال إنه لمسها من الخارج، ولم تصب البنت بشيء، وإن البنت كانت نائمة.. وقتها تذكرت الشيء الذي رأيته في ملابسها وأخذتها إلى الطبيبة لفحصها، والحمد لله وجدت أن البنت بخير لم يمسسها شيء.
كل ذلك ولم أخبر زوجي؛ لأنه لم يكن موجودا، وحينما عدت وجدته قد علم.. كنت أظن أنه ستأخذه الحمية ويثور على أخيه، ويكون له موقف مع أهله.. ولكن خاب ظني فيه، وإذا بي أجده يضربني ضربا مبرحا ترك علامات في جسدي حتى الآن، وسبني بأقبح الشتائم، وقال لي: "أنت محرمة علىّ، أنت هنا لخدمة البنات فقط"؛ حتى أنه اتهمني أني سيئة السمعة، وكل ما فعله أنه قال لي أن ألزم بيتي وأغلق بابي.. ولكن هذا لا يكفي فأخشى أن أغلقه يوما أو يومين، ثم يعود الحال إلى ما كان عليه قبل ذلك بعد حين؛ فالأمر لا يحتمل أي تساهل أو لين..
وفي اليوم الثاني سافر زوجي إلى عمله وتركني والنار تلهب قلبي.. ومما زادني حرقة وهمّا أنني بعد سفره هذا وجدت الشيء نفسه في ملابس البنت، فاستشطت غضبا، وسألتها عن هذا الشيء، فقالت: إن عمها هذا دخل البيت، وقال لها: نامي واخلعي البنطلون وإلا ضربتك، ثم نظر من الشباك ونامت البنت، واستغرقت في نعاسها فسألتها لماذا لم تخبري أباك؟ فقالت: خفت أن يضربني أبى أو عمي!! التي أخبرتني بكل هذا هي زوجة شقيق زوجي (تسكن في الطابق العلوي من نفس البيت) حيث إنها كانت قد رأتهما، ولكنها لم تخبرني خوفا من زوجها، ولم تخبرني بذلك إلا بعد أن فاض بها الأمر، وبعدما أخبرتني ضربها زوجها ضربا مبرحا (وهي حامل) حتى غرقت في دمها..
والآن أشعر كأني بركان غضب أريد أن أفجره كي يحرقهم جميعا، وأكثر ما يحترق منه قلبي هو موقف زوجي (معي ومع أهله؛ فشتان بين الموقفين) أنا أطالبه بترك هذا البيت، ونبحث عن سكن خارجي (مع العلم أنه قادر ماديا)، ولكنه يرفض، والأدهى من ذلك أنه يعاقبني على خروجي من المنزل وقت حدوث الكارثة، أنا أعلم أني أخطأت، ولكني قد اعتدت على ذلك منذ بداية زواجي، كما أنه لم يمنع أهله من الدخول في غير وجوده، وهم يشعرون أن ذلك حقهم؛ فهذا مسكن أخيهم..
وبعد أسبوع تقريبا عاد إلينا زوجي كعادته، وحاول مصالحتي، إلا أنني ما زال في نفسي غضاضة منه، وطلبني لفراشه فقلت: ألم تحرمني على نفسك؟ فقال: لا، وذهبت إليه. والآن أصبحت كارهة لهؤلاء الناس، ولا أطيق حتى النظر في وجه أحدهم، واسودت الحياة أمام عيني، ولا أدري كيف أتصرف.. لم أخبر أهلي بشيء، ولكن أخبرت صديقة لي، فنصحتني بالصبر والإحسان لحماتي إرضاء لزوجي، ومحاولة كسبه والتفاهم معه بهدوء؛ عسى الله أن يلين دماغه، وفعلا فعلت هذا، فوافق على فكرة السكن هذه، ثم نصحتني بتحذير البنات ومراقبتهن دائما، خاصة وهن يشاهدن التلفاز ومثل ذلك، وألا أدع تساؤلات الفضول حول الجنس تريبهم؛ بل أحاول الإجابة عليها بما يتناسب معهم. وقالت لي هذه الصديقة: إن عليّ تطهير بيتي من شرائط الفيديو الجنسية التي أشاهدها أنا وزوجي، وإن هذه الشرائط كالمصيبة في البيت، وعليّ إحراقها (مع العلم أنني أنا التي أخبرتها بوجود هذه الشرائط)، فقالت لي: لعل الجزاء من جنس العمل، ثم دلتني على الكتابة إليكم؛ عسى الله أن يجعل الخير على أيديكم..
أخبروني بالصواب أفادكم الله، ماذا أفعل؟ وما هي الخطوات التي عليّ اتخاذها؟ وكيف أتصرف مع بناتي؟ وما هي طرق التربية الصحيحة؟ وكيف أكون صديقة لهن؟
ونأسف للإطالة عليكم، وجزاكم الله عنا وعن الإسلام والمسلمين كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
عندما نتعامل مع أمور حياتنا بغير اكتراث فلا بد أن تقع الكارثة..
عندما لا نقف عند الحدود نعرفها ونطبقها فلا بد أن تأتي المصائب..
"الحمو الموت" هكذا أطلقها الرسول الكريم، ولم يجد وصفا لشقيق الزوج الذي يدخل على زوجة أخيه وأهل أخيه إلا "الموت" تعبيرا عن الخطورة في تجاوز هذا الحد..
لقد كان هذا العم طفلا صغيرا يوم زواجك، ولكنه الآن أصبح شابا مراهقا.. كان في الأول يدخل ويخرج من غير حدود، ومع بلوغه لم يقف أحد له ويقول له الأمر الآن اختلف، هناك حدود يجب ألا تتجاوزها.. هناك حرمات يجب ألا تنتهكها، يعلمه ماهية هذه الشهوة والرغبة الجامحة داخل نفسه، وكيف يتعامل معها، وما هي حدودها؟ ومن هم المحارم؟ وكيف يقي نفسه من الوقوع في الخطأ؟ والكثير مما فصلناه في كيفية إعداد الشباب لاستقبال المراهقة على صفحة "معا نربي أبناءنا"، أو في حورانا المفتوح المعنون "رحلة البلوغ..كيف نجعلها متعة؟"، أو المقال الخاص بـ"ا التربية الجنسية للمراهقين"...
هذه الحدود التي تحمينا من الوقوع في هذه المأساة المفزعة لهذه الطفلة المسكينة التي تعرضت لهذا الاعتداء؛ بل وتحمي هذا المراهق من الخضوع لسيطرة رغباته الجامحة التي لا يستطيع لها سيطرة، فضلا عن أن يعرف لها ماهية أو حقيقة، وعندما حدثت الكارثة تبدو ردود الفعل في العائلة غامضة، لا ندري هل بسبب غياب التفاصيل عن رسالتك أم لأسباب أخرى غير واضحة؛ فالعم الصغير قد اعترف، ولم نسمع عن رد فعل للجد، والأب يضربك لإهمالك، ولم نسمع أيضا له رد فعل تجاه هذا المراهق حتى في توجيهه، والعم الآخر يضرب زوجته لأنها أخبرتك!!
علامات استفهام وتعجب تحتاج إلى إيضاح، ثم تجاوزك أنت وزوجك ومشاهدتكما للأفلام الجنسية ويبدو أنكما كنتما لا تمنعان بناتكما من مشاهدتها معكما.. وهي كارثة أخرى تعرضان لها هؤلاء البنات، وهو تجاوز آخر للحدود ليست فيه القضية أن الجزاء من جنس العمل؛ فالأمور لا تحسب هكذا، ولكن خطورة ما نفعله على ديننا أولا وعلى علاقتنا ببعضنا ثانيا؛ حيث يتحول الجنس إلى غاية وليس وسيلة للتفاهم والحب، وعلى بناتنا المسكينات المعرضات لهذا البلاء دون ذنب اقترفنه.
إن بناتك يحتجن التوعية الهادئة المستنيرة، وليس التحذيرات المخيفة أو الرقابة اللصيقة، وأيضا لو راجعت ملف " التحرش الجنسي " على صفحة " حواء وآدم "، وعلى صحفة " معا نربي أبناءنا " فستجدين أننا أوضحنا السبل السليمة لتعليم أطفالنا كيفية حماية أنفسهم من التحرش، وكيف يتعاملون معه إذا حدث، وغيرها من التفاصيل الكثيرة التي تحتاجينها.
هذا خلاصة ما أردنا أن نقف به عند رسالتك؛ لأن أسئلتك العامة من نوعية:
ما هي طريق التربية الصحيحة؟ وكيف أكون صديقة لهم؟.. إجاباتها هي كل من نقدمه من إجابات على صفحة " معا نربي أبناءنا ".. فالأمر يحتاج إلى وعي ودراسة وقراءة، لكن هذا الحادث هو إنذار الخطر الذي نبهنا إلى وجود حدود وقواعد لكل شيء لا بد أن نستوعبها ونتعامل معها حتى لا نقع في الخطر والخطأ.. الأمر يحتاج إلى إفاقة ويقظة، ولكن ليس من أجل الرقابة والتخويف، ولكن من أجل تربية هادئة سوية لبناتك..
ــــــــــــــــــــ(41/201)
لبس الحجاب" ليس معركة"
مع الأهل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لقد استشرتكم من قبل ، حيث إنني عندي17سنة،و أريد أن أرتدي الحجاب، وأمي تمنعني، فقمتم بتحويل الاستشارة إلى قسم "الاستشارات الدعوية"، ولقد قاموا مشكورين بالإجابة،تحت عنوان:
أريد الحجاب.. وأمِّي تمنعني ولكن الآن وبعد محاولات أخرى في التحدث مع أمي حول الموضوع؛ فإنني أرى أن المشكلة ربما تكون تربوية، حيث إن أمي لا تجيبني قطعيًّا عندما أحدِّثها حول الموضوع، أو أي موضوع آخر، أجده مخالفًا للشرع؛ حيث إنني آخر مرة حاولت أنا وأختي التي تصغرني بعام واحد إقناعها بضرورة أن نرتدي الحجاب فلم تُجِب ولا بأي كلمة، وأيضًا لم تجب عندما حاولنا الاعتراض وعدم مرافقتها في الذهاب إلى الأعراس التي تمتلئ بالمحرمات، مع أنني أحدِّثها بطريقة جيدة وأختار وقتًا مناسبًا أيضًا.
إنني حقًّا أريد ارتداء الحجاب لما أرى في ذلك من واجب ديني في الدرجة الأولى، ثم من أهمية في المجتمع الذي أعيش فيه، علمًا أن أبي رفض التدخل في الموضوع.
ساعدوني في معالجة الوضع مع أمي، ومن أي جانب آخر فيه نقص عندي، وجزاكم الله خيرًا سلفًا. أرجو أن تجيبوني بسرعة، وجزاكم الله خيرًا.
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ابنتي الكريمة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
كم كانت سعادتنا بعودتك للسؤال مرة ثانية ومحاولة استقصائك لكل ما يمكن أن يؤدي إلى تأدية واجبك نحو الله تعالى "ارتداء الحجاب.."، كما وصفتِه بقولك: "واجبي الديني"، تملكتني السعادة وأنا أقرأ قولك: "أريد حقًّا ارتداء الحجاب.."، سعادة بوعيك وأنت تصفين إدراكك ووعيك بأهميته كواجب ديني وكضرورة مجتمعية.. وتذكرت على الطرف الآخر تلك الرسالة التي بعثت بها إحدى الأمهات تشكو رفض ابنتها لارتداء الحجاب، وهي تسأل في مرارة وألم: "وكيف أقنع ابنتي..؟".
ابنتي لن أتوقف عند كلماتك التي شرحت فيها محاولاتك الجاهدة لإقناع والدتك، وصمتها حيال رغبتك أنت وأختك، ولكن سأمسك طرف الحديث من آخر كلماتك "ساعدوني.. ومن أي جانب فيه نقص عندي..".
ذلك يا ابنتي ما أودُّ أن أشرحه لك، فنعم ما زال عندك نقصٌ في أمور لم تفعليها، لمحت هذا في كلماتك المعبرة عن محاولاتك "حاولنا إقناعها..، حاولنا الاعتراض.."، ولن أشرح لك بالكلمات أين الخلل، بل سأقصُّ عليك حكاية ربما تفهمين منها بعض ما أريد.
ربما سمعت عن الشيخ أحمد القطان، وهو داعية كويتي، حكى في إحدى كتبه قصة التزامه وما لاقاه من معارضة والده، وما بذله من محاولات جاهدة لإقناعه لفظيًّا بالكلمة والموعظة الحسنة، لكن لم تفلح الكلمات، ولا المواعظ، ولا أساليب الإقناع الحكيمة في صدِّ الوالد عن اعتراضه.. وتمرُّ الأيام بمرض والده بمرض أوهن جسده، ونال من قواه حتى ما كان ليقوى على الذهاب إلى الحمام لقضاء حاجته، فكان ولده الداعية يحمله في كل مرة يريد فيها قضاء حاجته، وربما أعجلت الوالد حاجته في بعض المرات فيقضيها على يد ولده، فما كان من الداعية إلا الصبر على والده، واحتمال مرضه وضعفه ببرٍّ، وإيمان، ورضًا، محتسبًا متمنيًّا أن يحظى ببعض ثواب برِّ والديه.
ويبرأ الوالد ليقارن بين احتمال ولده الداعية وغيره له، وليدرك الوالد أن ما أصبر ولده عليه هو شيء مختلف طرأ على ولده، وهو الالتزام، والأصحّ أنه العيش بهذا الالتزام بالفعل قبل الكلمات، وهذا ما أريد منك أن تفعليه.
وتذكَّري وأنت صغيرة لا تعين شيئًا، هل انتظرت والدتك حصولك إلى الوعي بحبِّها لك أم قدمته لك من أول يوم إحساسًا وشعورًا، فهمتِ أنت وترجمتِه عندما عقلت معنى الكلمات، وبالتالي:
- دعي محاولات الإقناع اللفظي وكفى الكلام، فما عاد يفيد مع وجود الشرخ الذي وُجِد في علاقتك بأمك، فأنت بكلماتك ومواعظك التي تخاطب عقلها دون قلبها، بقول دون فعل قد وتَّرت علاقتك بها، فهي تسأل نفسها: ما هذا الالتزام الذي سيقلب كل ما صنعت، فبعد أن كانت ابنتي تسمع كلماتي تريدني أن أسمع كلامها باسم الالتزام، بعد أن كانت طوع يميني تتمرد عليَّ باسم الالتزام، بعد أن كنتُ مصدر معرفتها وفخر ثقافتها أصبحت تعلوني وتكسرني باسم الالتزام.. فأي شيء هذا "الالتزام" الذي سيقلب حياتي، وينزع عني سلطاني، ويصيبني في تعب عمر مضى وعمر آت رهن على بناتي؟!! لا بد إذن أن أحارب وأعترض عليه.
ولأن والدتك تتمنى لك كل خير، ولأن ما من أم إلا وتتمنى أن تتسلَّح بناتها بما يحميها في هذا المجتمع المتقلب المليء بالذئاب البشرية - كما تراه كل أم -، فهي لا تجد ما تعترض عليه، ولا تحتمل في نفس الوقت أن يأتي من ينتزع سلطانها على بناتها، وحيال ما تعانينه من صراع لا تجد إلا "الصمت".
- وبالتالي اتجهي إلى تصحيح هذه الصورة، وإلى طمأنتها إلى هذا الالتزام بطاعة الله سبحانه وتعالى هو جزء من منظومة ربَّانية، يعني الالتزام بشيء منها الالتزام بكل أوامر الله ونواهيه، وعلى رأسها "برّ الوالدين" الذي يأتي بعد توحيد الله مباشرة.
- اتجهي إلى فعل ما تحبه وتريد ويعجبها هي، نعم أنت تصنعين الكثير، لكن ربما ليس ما تحبه وما يهمها هي، ربما هناك اختلاف في وجهات نظركما.
قد تظنين أن محافظتك على الصلاة، وحمد نعم الله هو يسعدها، أجل يسعدها، لكن كما أن هناك أشياء بسيطة تعجب البنات "وأنت أعلم بذلك" هناك أشياء صغيرة تسعد الأمهات أو تكدر عليهن صفو حياتهن، وأشدُّ ما يقسو عليهن كلمات "الاعتراض" والشعور بأنهن ما عُدْن قادرات على السيطرة على بناتهن، شعور الغيرة القاتلة أن هناك من صوته أعلى عند بناتهن من صوتها.
- لذا لا تحاولي الاختلاف معها، وإذا اختلفتما حول شيء مهما قلَّ شأنه فكرِّري على مسامعها "أمي لن أعمل أي شيء إلا إذا كنت راضية"، وكوني صادقة في ذلك. قولي هذا لها، وأنت تجلسين على ركبتيك وتضعين يديك على قدميها، تلمسين كفيها وتقبِّلينها، ثم تحركين لتقفي خلفها مقبِّلة رأسها، وواضعة يديك على كتفيها.
- لا تنسي تقبيل يديها في كل صباح ومساء، وهناك أشياء أخرى تسعدهنّ، مثلاً عندما تطلب حذاءها أسرعي بها، وانحني بحسدك كله لتضعينه عند موطئ قدميها.. حبيبتي لن أحيرك "هل تذكرين ما كانت تفعله معك وأنت صغيرة؟" ربما بعضه افعليه أنت الآن معها وسأساعدك:
- تعهُّد ملابسها وجواربها، والاطمئنان على كيِّهم ونظافتهم.
- كوب من الشاي الدافئ في ساعة العصر تحضرينه لها دون أن تطلب منك.
- مساعدتها في ترتيب أغراضها وإحضارها من السوق.
- حمل عبء متابعة كي ونظافة ملابس والدتك، ومحاسبة من تتعاملون معهم من البائعين ممن يحضرون لكم الطلبات حتى باب البيت.
- تعهُّد مذاكرة أحد إخوتك الصغار تكونين مسؤولة عنه مسؤولية كاملة. ملابسه، مذاكرته.. متابعة أصدقائه.. أحواله.. ولتتعهد أختك الأصغر أخًا آخر.
- ولا تنسي تحضير منضدة الطعام.
- لماذا لا تهيئي لها الجو لتأخذ إجازة قصيرة ولو ليوم واحد مع أبيك، وتتعهدي أنت إخوتك في هذا اليوم.
- ولا تنسي أشياء بسيطة قد تفعلينها دون قصد تغضبها، مثل إطالة الحديث في الهاتف - التحدث بصوت عالٍ - مصاحبة فتاة لا ترضى عنها، ولن يضرك عدم الحديث عنها أمام والدتك.
أيضًا مسألة ترك غرفتك دون ترتيب أو نظام، وعدم تعهُّد نظافتك وجمال شعرك بالعناية، عدم إجابتها عندما تطلب منك فعل شيء وأنت مشغولة بشيء آخر، مثلاً تطلب منك إخراج الملابس من الغسَّالة ونشرها بينما أنت مشغولة بمتابعة برنامج مهم، أو تتحدثين حديثًا شيقًا ومثمرًا مع صديقة جاءت لزيارتك فتقولين "حاضر سأفعل"، بينما يأخذكم الوقت ويغضبها ذلك، فلماذا لا تطيعينها في الحال، وتعطين صديقتك درسًا في برِّ الوالدين، وتحضري الغسيل، وتنتقلي مع صديقتك إلى جلسة الشرفة تتحادثان، وأنت تصنعين ما تودُّه والدتك.
- لا تملِّي من تكرار كلمات الشكر والثناء لها، وعلى كل ما تصنع من طعام أو شراب، وحتى على ملابسها وعلى ذوقها في اختيار كل جديد.
- لا تتدخلي أبدًا في قراراتها إذا حضرت تعاملها مع أحد إخوتك، حتى وإن كانت مخطئة في قرار منهم، بل داوي الموقف، وخذي أخاك أو أختك وقولي له/ لها أمك تحبك، ولهذا فعلت ما فعلت فهي تريد الخير لك.. هي أعلم منا بأشياء لا نعرفها؛ لأننا ما زلنا صغارًا.. هي فقط غاضبة مما فعلت، وعندما تهدأ ستعود إلى سابق عهدها، عليك أن تعتذر لها، تعالَ ماذا طلبت منك هيا نصلحه سويًّا..
- اجعلي شعارك من كل ما سبق وهدفك إعادة علاقتك بوالدتك إلى سابق عهدها، وبالتالي حاولي أن تكوني مريحة، واسمعي منها أكثر ما تُسْمِعيها وأكثر مما تتكلمين، لَكَما قلت لك ما من أمٍّ تحب أن تكسرها ابنتها بمعرفتها أكثر منها، وبالتالي عليك القناعة بأنه من الصعب أن تصلِي إلى غرضك بالقوة، وخصوصًا أنك ما زلت صغيرة، وأنا أعرف أمثلة لبنات كثيرات وضعن أهلهن أمام الأمر الواقع، ولبسن الحجاب رغمًا عن أهلهن، ولكن النتيجة استمرار توتُّر علاقتهنّ بذويهن لسنوات، وأنا شخصيًّا وقعت في هذا، ولكن بعد جهد جهيد لسنوات وسنوات استطعت علاج هذا الشرخ بأشياء بسيطة "فعلت ما تحبُّه أمي، وسمعت منها أكثر مما أتكلم معها، أشياء بسيطة كالتي فكرت معك فيها".
- وشيئًا فشيئًا سيصلح ما بينكما، وعندما تكون أمك مستعدة للسماع منك، ابدئي في الحديث معها بشكل مختلف، وكوني على يقين أن الأمهات أضعف البشر قلوبًا أمام فلذات أكبادهنَّ، فستلين بسرعة، وستعود لسابق عهدها.
- ويتوازى مع حديثك المختلف أن تمهِّدي للبس للحجاب، فبالتدريج أطيلي كُمّ ملابسك، وكذلك طول فستانك، لكن عليك الانتباه إلى اختيار الألوان الجميلة المفرحة والمحتشمة أيضًا، واختيار موديلات تليق بسنِّك، حتى تعلم والدتك وترى أن التزامك يزيدك جمالاً، وتألقًا، وطاعة، وألفة، ويمكنك الاستعانة بصديقة لوالدتك في هذا الشأن أو خالتك ممن يتمتعن بحسن الذوق، وكذلك فهمك وفهم ما تودِّين صنعه.
- ولا تنسي من وقت لآخر إحضار هدية بسيطة، ويا حبذا لو كانت من صنعك، وعلَّمتها لك مدرِّسة فاضلة أو خالتك.. لتقدمينها لوالدتك لتشعر أو تستشعر قيمة التحول الذي سيُحْدِثه التزامك في نفسك، وفي بناء شخصيتك؛ لتشعر أنه شيء سيعينها على تربيتك، لا شيء سيأخذك منها.
ابنتي الحبيبة..
الالتزام ليس معركة، وإنما بناء لبناتك فيها طاعة أمك، والبُعْد عن كلمة لا، وإستراتيجية التدريج، وبالتدريج ستلين والدتك إذا ألنت الجانب لها، وتذكَّري قوله تعالى: "أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِين..."، فاخفضي جناح الذِّلَّة لها من الرحمة، وقولي دائمًا: اللهم ارحمها كما ربَّتني صغيرة.. اللهم اهدِها. كل ما ذكرته لك أسباب أرضية لا بد أن تستحضري فيها النية لله تعالى حتى يعينك، وأن تصديقه الإخلاص فيها، ولا تنسي ركعتين قبل الفجر تدعين فيها دائمًا أن يفتح الله بينك وبين والدتك بالحق فهو خير الفاتحين.
تذكَّري الالتزام ليس معركة يرفع أحد طرفيها راية الاستسلام، بل هي سفينة حياة، على الجميع أن يرفعوا فيها راية الإسلام
ــــــــــــــــــــ(41/202)
أمي .. أحبك رغم هجرك
مع الأهل
السلام عليكم..
أنا فتاة أبلغ من العمر 15 عامًا، مشكلتي هي أمي!
تعاملني بقسوة وتضربني، وكأني لست ابنتها.. عندما أكلمها تغضب مني بسرعة، وإذا أردت الخروج معها ترفض ذلك، مع أني أكبر إخوتي.
أمي لا تحبني دون إخوتي، تخرج معهم، وتعاملهم أحسن مني، لديّ أخ عمره 12 عامًا وأختي 7 سنوات، ولكن معاملتها لي لا تعجبني، تتحكم في تصرفاتي، وعندما أكلم صديقاتي تراقبني وتشك، ولكن حتى أني الآن أخجل أن أتكلم، ولكن معاملتها لي قاسية، أرجوكم أريد حلاًّ لهذه المشكلة.
... المشكلة
أ.أسماء جبر أبو سيف ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ابنتي الحبيبة ريتا كل عام وأنت بخير..
كنت أرجو أن تكتبي تفاصيل أكثر عن مشكلتك مع والدتك، وعن تعاملك أنت معها، وعن طبيعة علاقتك بها.. ودعيني على كل حال أوضح لك بعض الأمور:
إن والدتك أولاً سيدة متعلمة (دكتورة) كما ذكرت، ولا شك أن فهمها للأمور واسع ودقيق، وقد يكون تعاملها معك بهذه الطريقة نابعًا من طبيعة فيها، لا عن قصد، أو يكون بدافع إصلاحك، واعتقادها أن هذا هو الأسلوب الملائم للحفاظ عليك، وأنت في هذه السن الحرجة، أنا هنا لا أناقش صحة أو خطأ أسلوبها، إنما أريد أن أوضِّح لك شيء لا بد أن يكون واضحًا قبل أن أسترسل معك في تفاصيل الرد؛ أنت تفسِّرين تصرفاتها معك أنها تكرهك، وهذا غير وارد لدى أي أمٍّ طبيعية ضعي ذلك في اعتبارك أولاً يا ابنتي.. ولكن لماذا تشعرين أنت بهذا الشعور؟!
الإجابة ببساطة أن كل فتاة في سن البلوغ وهي السن التي تمرين بها الآن تكون حسَّاسة، وتشعر بالحاجة للاهتمام العاطفي الزائد من قبل والدتها بالذات، بل إن بعض الفتيات يُرِدْن أن تبادر أمهاتهن إلى الاهتمام العاطفي بهنّ دون أن يعلنّ عن هذا أو يطلبنه، صحيح أنه واجب الأم، لكنها يا ابنتي في النهاية بشر وكثيرة المشاغل، وإذا كان عليها واجب فعليك أيضًا واجب يا حبيبتي.. أن تحرصي على التقرب من والدتك، عليك عدم التفريط في حقك في التحاور معها واتخاذها صديقة..
أعلم أن هذا الأمر ربما يكون صعبًا، لكن سنحاول سويًّا، وإليك بعض الأفكار لجعل والدتك تنتبه إليك أكثر:
1 - أولاً حبيبتي أعيدي برمجة تفكيرك، وبدل أن تفسِّري كل موقف بسوء ظن أحسني الظن وقولي لنفسك لعلها متعبة.. ربما لم تنتبه.. إنها تريد مصلحتي.. ولا تتركي للوسوسة سبيلاً إلى تفكيرك.
2 - قومي ببعض الأعمال التي تدل على الحنان والعطف من قلبك، فإذا رأيت أمك متعبة فاحرصي على سؤالها بلطف عن سبب تعبها.. اصنعي لها كوب عصير وقدِّميه لها مع قُبْلة على رأسها أو كتفها.. اكسري الحاجز النفسي بينك وبينها، وقولي لها عبارات دافئة مثل: "سلامتك يا ست الحبايب".."تسلم إيدك يا ست الكل على الأكل اللذيذ".."إيه الفستان الجميل دا يا جميل".."تصبحين على خير يا أمي".."البيت من غيرك ظلام".."عيوني لك".. وهكذا...
واعملي لها مفاجآت صغيرة مثل إحضار ورد، أو هدية بسيطة بلا مناسبة.. ضعي لها بطاقة جميلة على الثلاجة (أمي افتقدك).. اتصلي بها أثناء عملها وأشعريها أنك تفتقدينها اليوم.. أو قولي لها على الهاتف: صباح الورد.. أحببت أن أسمع صوتك يا ست الكل.
إن أهمية هذه الأعمال تكمن في أنها تغير نظرة والدتك لك، وتشعر أنك أصبحت ناضجة وتتحملين مسؤوليتك العاطفية تجاه والديك، فربما كانت أمك تعتقد أنك ما زلت طفلة، وسوف تفرح بك كثيرًا إذا اكتشفت أنك كبرت فعلاً وكبرت معك أحاسيسك ومشاعرك.
3 - احرصي على مساعدتها في أعمال المنزل، حتى لو كان لديها خادمة تساعدها في أعمال البيت، فإذا شعرت أنك تحسِّين بها وبأعبائها، وتمدين لها يد المساعدة في الطبخ وفي شؤون البيت، فسوف تشعر بقيمتك وبأهميتك.
4 - حبيبتي احرصي على القيام بأعمال تنمِّي ثقتك بنفسك، فيبدو لي يا أخيَّتي الصغيرة أنك محتاجة لذلك. إن ثقتك بنفسك تزداد إذا التزمت ممارسة رياضة معينة، وتمنحك القدرة الذهنية على التفكير بشكل إيجابي في الأمور، جرِّبي ذلك لأسبوع واحد في البداية وسترين النتيجة.. أو قومي بممارسة هواية فنية.
-واهتمي بدراستك، وحسِّني من مظهرك، وتسريحتك في البيت، فهذا كله يدعم شعورك في البهجة والفرح، وينعكس على مزاجك، وتفسيرك للأمور والمواقف.
ومن الأمور الهامة التي تقوِّي الثقة بالنفس الاستيقاظ في جوف الليل، والدعاء الصادق إلى الله تعالى ومناجاته، وكثرة التسبيح والاستغفار..
5 - مدِّي يد الحنان لإخوتك الصغار، فهذا سيفرِّح أمك كثيرًا ويزيدها ثقة بك، ساعديهم في دراستهم، والْعَبي معهم، واصنعي لهم الحلوى، واعملي لهم المفاجآت وحفلات صغيرة.
- صارحي والدتك بمشاعرك أحيانًا، واطلبي منها تفسيرًا لبعض المواقف التي تظنين أنها تسيء إليك، فربما وضحت لك الأمور ورأيت جانبها المشرق، وحدِّثيها عن مشاكلك المختلفة، واستمعي للحلول التي تطرحها لك.
ابنتي ريتا.. أريد منك مع كل المقترحات السابقة أن تفعلي شيئًا هامًّا، وهو الاستمرار وعدم الانقطاع عن هذه الأعمال أو اليأس من التغيير، فأمك سيدة قضت ربما أكثر من خمسة وثلاثين عامًا على طبيعة واحدة لن تغيِّريها أنت في يوم، ولكن القليل من الصبر منك ينفع بإذن الله تعالى.. استعيني بالله وسيكون معك. أتمنى لك التوفيق والسعادة، وتابعينا بأخبارك.
ــــــــــــــــــــ(41/203)
أنا وأبي: مطارق وقواقع وصخور
علاقات أسرية, مع الأهل
السلام عليكم ورحمة الله، أنا فتاة عمري 19 عاما، مشكلتي مع والدي، أنا أحبه كثيرا ولكني أخجل منه كثيرا، ربما لأنه بطبيعته يحب الوحدة؛ فتعودت منذ صغري أن أكون فقط مع أمي، عندما أقول لأمي بأن أبي لا يحبني وأنه لا يقربني منه تجيبني بالنفي.
إن علاقتي بوالدي رسمية، أذهب إليه عند الحاجة فقط، وهذا الشيء يزعجني كثيرا، ولكني لا أجد حلا لهذه المشكلة؛ لأني حاولت كثيرا التقرب منه ولكني عندما أصل إليه أتردد، صدقوني حاولت كثيرا دون جدوى، هل هو المخطئ أم أنا؟ وما الحل؟ رجاء ساعدوني، علما أن جميع إخوتي علاقتهم به أفضل مني، شكرا لكم.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة، إذا كانت شخصية والدك كما تصفينها من حيث حبه للوحدة، وميله بالتالي إلى العزلة، فإن العبء الأكبر يكون على الطرف الذي يريد أن يقترب منه، ويقيم معه علاقة حميمة. والحقيقة أن لكل واحد فينا "قوقعته" أو أسبابه للابتعاد عن الناس وإيثار الوحدة والعزلة، كما أن لدى البعض دوافع أكبر للتواصل الاجتماعي.
وسواء كان الخجل الاجتماعي هو السبب، أو الخوف من صد الأطراف الأخرى أو عدم تجاوبهم، أو الشعور المبالغ فيه بالاغتراب أو الاختلاف عن الآخرين، فإن النتيجة واحدة في حالته وأيضا في حالتك؛ لأنك فيما يبدو تخجلين منه وتتركينه في وحدته، ولذلك سيبقى الوضع على ما هو عليه حتى يبادر أحدكما بشكر هذا المشهد، ولا أظنه سيفعل!
وما تشتكين منه هو حالة إنسانية متكررة في حياتنا الأسرية، بل والزوجية، فيكون لدينا غالبا طرفان غير قادرين على التواصل مع بعضهما، ولكلٍّ أسبابه وظروفه، وأحسب أن هذه المسألة تحتاج إلى تدريب متدرج على فنون "إظهار" الاهتمام بشخص ما، وقد يختلف الأمر في بعض التفاصيل والمحتويات والتعبيرات إذا كان هذا الشخص زوجا أو أبا أو أخا، لكن الخطوط العامة تبقى واحدة، وأذكر منها هنا:
1- حسن الاستقبال والوداع: وهذا من يجهله الكثير من الناس، ولا يحتاج سوى للحفاوة الواضحة حين يظهر الشخص المستهدف أو تقدمين أنت عليه، والمطلوب هنا ترديد ألفاظ وعبارات الترحيب، والشوق وذم الغياب، ولقد تعودت ابنتي الكبرى بتلقائية -ودون أن يدرسها أحد- أن تحتضنني حين تراني، وتقول لي: "وحشتني"، فإذا كانت الأحضان صعبة عليكما فليس أقل من كلمة: وحشتني أو افتقدتك... إلخ.
2- المسارعة في تلبية الحاجات: إذا طلب والدك منك شيئا، أو احتاج لشيء ولم يطلب صراحة، فإن مسارعتك في إجابة طلبه أو تلبية وتوفير حاجته تعطي دلالة واضحة على اهتمامك به، وحبك له، ومن الأخطاء الشائعة للمحبين أن يتلكأ المحب في إجابة طلب محبوبه أو يغفل عنه أو ينساه! ثم يعود ليؤكد في تناقض ظاهر أنه يحبه ويحرص على رضاه!
3- حسن الإنصات والانتباه: إذا تكلم والدك فكوني أكثر أهل البيت انتباها لما يقول، وإذا تحدث إليك فأظهري ما يدل على أن كلك آذان مصغية ولا تستمعي إليه وأنت منشغلة بشيء آخر، أو تنظري في جهة أخرى.. إلخ. وإذا كان والدك صموتا فإنه يحتاج إلى إغراءات ليتكلم ويتواصل، ومن أهم الإغراءات الإنصات لما يقول، والتفاعل معه، والاحتفاء بكلماته، وكثرة مدحك له، وكلنا نحب المديح.
4- المشاركة في رعاية الاهتمامات والهوايات: يحب كل إنسان أن يتكلم عن اهتماماته وهواياته، وأول الاهتمامات الإنسانية: الاهتمام بالذات، ولذلك فإن الإنسان يحب أن يتكلم عن ذاته، أو على الأقل يحب من يحدثه عن نفسه، وكذلك فإن الإنسان يحب من يكلمه عن هواياته، وتكون الفرصة أمامه أكبر ليتحدث في هذه المساحة، ويصول ويجول، فهل تعرفين اهتمامات والدك؟ وهل جربت أن تبادريه بالحديث عن نفسه أو عن تلك الاهتمامات في ساعة صفاء، ووقت ملائم؟!
5- التطابق مع النموذج المطلوب: إذا كان والدك يريدك متفوقة أكثر فتفوقي أكثر، وإذا كان يريدك ملتزمة أكثر بالدين وتعاليمه فكوني كذلك، وإذا كان يحب أن يرى منك مساعدة أكثر لوالدتك في البيت أو على علاقة أفضل مع إخوتك فكوني كما يحب، واجعليه دائما يراك حيث يريدك، ويفتقدك حيث يكره منك؛ لأن الطاعة -في المعروف- من أهم علامات الحب، واجتناب النهي أدوم لحفظ الود.
6- إظهار الحنان والتجاوب: وأعني به التوافق في حالته المزاجية بل والبدنية أحيانا، وأنك قادرة بحساسية وذكاء أن تعرفي أنه متعب، أو قلق، أو سعيد... إلخ، وسيكون عليك أن تشاركيه وجدانيا في حالته هذه، فتظهري فرحك لفرحه، وإشفاقك عليه وهو متعب أو مهموم، ويكفي مبدئيا عبارة مناسبة بسيطة، مثل: "تبدو مرهقا يا أبي"، أو "أدام الله عليك الرضا والسرور"... وهكذا فإن الحديث عن الحالة النفسية المزاجية يعد مدخلا رائعا لفتح حوار حميم.
ابنتي الكريمة:
هذه بعض نقاط مبدئية ستحتاج منك إلى جهد في البداية لتغالبي خجلك وتبادري بالاتصال والتواصل، وأجزم أنك لو استطعت القيام بها فإن النتائج ستكون مبهرة في خلال أشهر، وتذكري أن الحب وتأثيره في القلوب لا يصل إلا بالطرْق عليها، وبحسب قوة المطرقة، في مقابل قوة الصخرة/ القلب يمكن حساب الزمان الذي يستغرقه التأثير حتى تظهر نتائجه.
وأرجو أن تبدأ خطتك فورا وبالتدريج، وألا تيأسي إذا وجدت في نفسك بعض الضعف، أو وجدت منه بعض الصد لفترة، ولا تقولي طرقت كثيرا على صخرة قلبه، ولم ينفتح؛ لأن من مفارقات النفس البشرية ومن عجائب الخبرات الإنسانية أن العديد من الناس يستبد بهم اليأس ويقررون التوقف عن المحاولة رغم أن بينهم وبين تحقيق أهدافهم "طرقة واحدة فقط".
ــــــــــــــــــــ(41/204)
جريئة ومرحة ورائعة إلا في البيت..
علاقات أسرية, مع الأهل, مع المجتمع
بسم الله الرحمن الرحيم، أود أن أعرض عليكم مشكلتي أو بالأحرى مشاكلي وبدون مقدمات؛ لأني لا أحب كثرة الكلام مع أني أكبر ثرثارة! ولكن لكل سالفة مناسبة. أنا آسفة على إطالة المقدمة مع أني لا أريد مقدمة، لكني كثيرة الكلام، والله يستر من الكلام القادم..
أنا فتاة أبلغ من العمر 18 سنة تقريبا، ملتزمة لكن للأسف لي وجهان، وأحاول جاهدة التوفيق بين هذين الوجهين بكل ما أوتيت من جهد وقوة.
فخارج المنزل أكون فتاة جريئة قوية الشخصية أحب أن أساعد الناس وأنصحهم، وزميلاتي وجميع معارفي معجبون بأسلوبي الرائع -على حد قولهم- سواء أمامي، أو يصلني الكلام من هنا وهناك.. ويقولون إن أسلوبي رائع في النصح والإرشاد من خلال بعض المحاضرات التي ألقيها عليهن، سواء عن الأغاني أو عدم الاهتمام بالحجاب، وغير ذلك من الأمور الخاطئة المنتشرة.
كما أنني مرحة وأحب الضحك، ولكن في مواضعه، وأمتلك مهارة التمثيل بروح دعابة، وأدمج بين التمثيل والضحك والنصيحة، وأقدمها لمن حولي، سواء في مكان دراستي أو أي مكان به تجمع نسائي خاص.
أما في المنزل فقد كنت هكذا، ولكن تغيرت بسبب الغيرة وقلة التشجيع، سأفسر هذين المصطلحين لاحقا.
أنا كسولة جدًّا جدًّا في البيت، وأحب النوم والجلوس على الـ"نت"، وعصبية المزاج أحياناً؛ لأني لا أحب أن يطلب أحد مني فعل شيء، وأريد أن أفعل كل شيء من تلقاء نفسي (ما شاء الله، عندي ثقة بنفسي زيادة عن اللازم)، مثل طهي الطعام أو ترتيب المنزل وتنظيفه.
لساني يقطر عسلا أثناء الكلام، ولكن ليس مع أهلي، بل خارج المنزل فقط، ومنذ فترة -تقريباً ثلاث سنوات- وأنا أحاول أن أوفق بين هاتين الشخصيتين، مع أني كنت طيبة في المنزل كما في خارجه.
لكنني أعتقد أن السبب هو أني كنت ألاقي ترحيباً وتشجيعاً من الناس خارج المنزل، ولا أرى سوى التعليقات السخيفة والاستهزاء داخل المنزل من إخوتي وأخواتي على طريقة حجابي وخاصة ارتداء الجوارب، أو صلاتي وخاصة قيام الليل، وغيره من الأمور التي أمرنا بها الله، ولكن الناس تناسوها تحت مسمى "التطور".. وأنا أحاول أن أسيطر على أفعالي لأحل مشكلتي التي انتبهت لها بعد أن كنت "ماما" الكبيرة لكل من أعرفه من الصديقات والزميلات؛ لأني أستمع لهن وأحل مشاكلهن بنفسي وبمساعدة صفحاتكم المميزة.
أتأسف على الإطالة، ولكن هناك مشاكل أخرى: الغيرة، عندما أسمع خبر زواج إحدى الفتيات (سيئات الخلق) تأتيني نوبة بكاء، خاصة لو كان الزوج محترما، وأشعر بالضيق والقهر والغيرة منهن.. نعم الغيرة، فكيف يتزوجن وهن لسن أهلا لتربية الأبناء ومنهن خبيثات؟ وأنا التي أحلم بالزواج ليل نهار، وأدعو الله كل لحظة بأن يرزقني بزوج صالح محترم.. ومع هذا فأنا لا أنزل بمستوى أخلاقي وتصرفاتي للمستوى الذي وصلن إليه للفت نظر الرجال إليهن؛ فأنا محجبة ومحترمة، وأحب الخير للناس، لكن مثل هذه الأشياء تفقدني اتزاني وراحتي.
وقد سمعت جوابا من الشيخ حفظه الله عندما سمع مثل مشكلتي في برنامج مشكلات من الحياة: "لم يأت الذي يستأهل بنتا مؤدبة خلوقة وملتزمة مثلك، أثابكِ الله"، لكن هذا الجواب الموجز المختصر لم يُرح بالي مع وجود سيئات الخلق من البنات اللاتي يضعن الماكياج والعطور الفواحة ويخرجن للسوق أمام الرجال لإثارتهم، حتى في التجمعات العائلية المختلطة، ويحاولن لفت أنظارهم بلبس الضيق والشفاف، أو بذاءة وطول اللسان، أو عدم الحياء أمامهم.
ولا تنسوا ما يثير الشهوة من الأفلام والبرامج الفضائية.. فأحياناً تأتيني فكرة أن أفعل مثلهن، وكما قلت إنني أريد الزواج وراحة البال؛ لأنهن كلهن تزوجن ومنهن المخطوبات، وأنا وأمثالي من الملتزمات مازلنا بنات إلا القليل.
فأنا أدرس في كلية بعيدة عن منزلنا نسبيا، وبعد أن أنهي محاضراتي بثلاث أو أربع ساعات أنتظر الحافلة لتعيدني للمنزل، وإدارة الكلية تثق بنا كثيرا؛ فلا تحاسبنا: مع من تذهبين بعد انتهاء جدولكِ الدراسي؟ وبالعربي الفصيح أبواب الفساد مفتوحة أمامي، من هاتف نقال خاص وخط إنترنت خاص، وثقة عمياء من قبل الأهل تفوق الخيال؛ لأنني ملتزمة وأحافظ على صلواتي، كما أنني أنتقي صديقاتي حسب علاقتهن بربهن.
لكن في النهاية يردعني خوفي من الله تعالى، ثم الخوف من عذاب النار، وأيضا عذاب الدنيا من خسران الشرف والسمعة الطيبة التي سعيت جاهدة لكي أغرسها في أذهان معارفي من الناس. آسفة على الإطالة؛ فأنا كثيرة الكلام، لكن أتمنى أن يكون كلامي واضحا مفهوما.
وسأحاول جاهدة التوفيق بين الوجهين، وأريد منكم قليلا من التشجيع، وألا تنسوا النظر في مشكلاتي. ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... رسالتك رائعة يا ابنتي في تصوير وتجسيد الحالة النفسية والذهنية لفتاة في سنك ومجتمعك، بل أغلب مجتمعاتنا العربية والإسلامية. فشكرا لك عليه.
أزاهير وعيك المتفتحة تستقبل الدنيا بأشواق وحماس بنت الثامنة عشرة، ومن ذكائك الفطري تعرفين أنك محتاجة إلى زاوية أوسع لتتضح أمامك بقية أجزاء الصورة، وهكذا أود أن أفعل في السطور القادمة.
دعيني أبدأ من الآخر، وشكرا على ثقتك حين تفتحين لنا صدرك، وتبوحين بما يدور في عقلك من رغبات وصراعات وتساؤلات، وأسألك سؤالا قديما وتقليديا ولكنه هام وأساسي: هل الغاية تبرر الوسيلة؟!
تريدين مثل كل البنات حقك في أن تكوني محبوبة ومخطوبة وزوجة ومرغوبة، وأن تعيشي تجربة رومانسية في الاتصال بشريك يشبع دوافعك الإنسانية والأنثوية؛ فهل الطريق إلى هذا يكون بارتداء الفاضح من الملابس وسلوك المختل من الأفعال؟!
وهل الذي تحركه أجساد النساء في ملابس الإغراء فيتبع هذه أو تلك ليرتبط بها.. هل سيبقى وده؟ وهل ستظل رغبته بعد أن ينكشف المستور ويصبح "عاديا"، أم سرعان ما ستنطفئ الجذوة، وتذهب السّكرة، ويكون النكد والطلاق؟؟. وانظري حولك لتشاهدي مصداق كلامي، وكوني حكيمة وواعية، ولا تقتصري على مشاهدة الحلقات الأولى من مسلسل "الشبان والفتيات"؛ لأن متابعة الحلقات ستثبت لك أن الاسم الأنسب لهذا المسلسل هو "العارية والوغد"، والعارية تندم وتندب حظها، وتتساءل بعد خراب البصرة -مثلما يقولون-: لماذا يحدث لي هذا؟! لماذا أتطلق أو يخونني زوجي وأنا مخلصة له وراغبة بالستر والاستقرار؟
والجواب واضح وموجود في الحلقات السابقة حين كانت تصطاد الشباب بالعطر الفواح والمكياج الصارخ... إلخ. ثم لما انكشف الوجه دون أصباغ، وامتلأ القوام بفعل السن أو الحمل والولادة، وتغيرت الْمها التي كانت تغري الصياد باللحظ والخفة.. كان من الطبيعي أن يزهد فيها عندما تحولت، ولا يظلم ربك أحدا.
أما الذي يحب المرأة التي جمالها في عقلها، ويعشق الروح والأخلاق الشخصية هذا هو العاشق المنشود والزوج المطلوب، ولن يكون كذلك إلا إذا كان صاحب دين ووعي، وأحدهما لا يغني عن الآخر.
ومن يبحث عن جميلة الجميلات بالمعنى الجسدي مثل التي تبحث عن الوسيم، ومن يتزوج على هذه الأسس سيحصل على بضاعة ستصيبها حتما عوامل "التعرية" ويفاجأ بأنه وقع ضحية لجهله لطبيعة الإنسانية وحياة البشر كما خلقهم الله.. فهل تريدين أن تكوني من هؤلاء؟! بسيطة.. أنت تعرفين كيف؟!
وليس هذا شأن الاختيار بين الستر والتعري فقط، بل إن الاختيارات في الحياة كلها متاحة، والإنسان حر ومسئول ويختار، ويتحمل مسئولية اختياره في الدنيا والآخرة.
ويرد على ذهنك -مثلما يرد على ذهن الكثيرين- أن الالتزام يبدو قيودا ثقيلة تحول دون الانطلاق أو التمتع بحياة الشباب.
والحقيقة أن الالتزام الحقيقي هو اختيار له مقتضياته وتبعاته مثل كل اختيار، ومن شاء أخذه بحقه وتوابعه، ومن شاء تركه، هذا فضلا عن أن الالتزام الحقيقي لا يعني ما يقع فيه البعض بجهل مختلط بالحماس والرغبة الصادقة أحيانا حين يحرمون بعض ما أحل الله من الطيبات، ويشددون على أنفسهم في غير موضع عزيمة؛ ولذلك فإن الالتزام لا ينافي التحرر المسئول، ولكنه يناقض الانفلات، والمرء حيث يضع نفسه.
ويصيب بعض الملتزمين مما يرون حولهم من الضغوط ومن قلة بضاعتهم في فقد الدنيا والدين حالة من غرور التدين؛ فهم يرون أنفسهم بوصفهم المحترمين الأطهار وغيرهم ليسوا سوى أنجاس مدنسين، وسيتبين لك بعد قليل أن الفوارق التي يبنون عليها هذه النفسية هي فوارق واهية، ناهيك عن أن إصدار الأحكام على البشر مهمة لا يقدر عليها وينبغي ألا يقوم بها سوى الله سبحانه الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وقد تصيبهم أيضا حالات من الحسرة على ما يفوتهم من متع الدنيا؛ أحيانا بسبب التزامهم فيتورطون في الحالة التي أحكم الله جل وعلا في وصفها {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أن أَسْلَمُوا قُل لاَّ تَمُنُّوا عَلَيَّ إسلامكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أن هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ أن كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (الحجرات: 17).
إن أحدا لم يجبرك على الالتزام والاحترام، والاختيار أمامك مفتوح دائما وأبدا. فلا تتحسري على ما يفوتك من متاع الدنيا الزائف.. ليس لأنه رصيد تعاسة، وإن بدا غير ذلك، ولكن لأنه زائل وضار؛ فهو مثل السم في العسل، وخففي من توترك كلما رأيت باطلا ينتفش أو يلمع؛ فهكذا الزبد الذي ما يلبث أن يذهب جفاء ولو بعد حين، ولكن من يصبر ويفهم؟!
ولا تشعري بالحرج من القيد الذي ألزمت به نفسك؛ فإن هذا يدعو للفخر لا الحرج والحسرة، ولكن حذار من غرور التدين؛ فلا يعلم السرائر والخواتيم إلا الله، نسأله سبحانه العفو والعافية، وحسن الختام.
وأنا ابتسمت حين قرأت كلماتك التي تقولين "إنني أريد الزواج وراحة البال"، وقلت: يا ليتك تقرئين صفحتنا بانتظام؛ لتعرفي أن الزواج مثل الالتزام له تباعته ومسئولياته، ولا يمكن اختصار التعبير عنه براحة البال أبدا إلا إذا كنت تقصدين ناحية قضاء الوطر بالحلال، وحتى هذه فيها كلام؛ فليس كل متزوج أو متزوجة تحصل ما كانت تحلم به أو تتخيله في هذا الصدد.. بريئة أنت يا ابنتي.. ما تزالين!!
ولا يكفي يا فاضلة أن تكوني محجبة ومحترمة، وتحبين الخير للناس، وتجيدين الدعوة والنصح، ولك مواهب في التمثيل الهادف.. لا تكفي هذه المواهب على أهميتها لكي تصبحي أمًّا صالحة أو حتى مسلمة جيدة.
فالتربية مثلا لن تكون بغطاء الرأس أو بطيب القول أو بالنصح والتمثيل، إنما هي من أصعب المهام والمسئوليات -إن لم تكن أصعبها-، وتحتاج إلى فقه وعلم وتدريب وتجريب، وإذا كنت تريدين بيتا مختلفا وأسرة متميزة.. فماذا أعددت لهذا غير عطاء الرأس وحسن الخلق والمحافظة على الصلوات؟!
إذا كنت تريدين أن تكوني غير من توجيهن إليهن نقدك فإن الجهد المطلوب منك سيكون كبيرا، وهو في ميدان العمل أكثر أهمية منه في مجال الكلام والمواعظ التي تجيدينها.. فما هي برامجك لتكوين نفسك كزوجة وأم؟! ولكي تكوني مسلمة جيدة لا يكفي في هذا العصر أن تكوني جريئة وقوية الشخصية، وتخافي من الله ومن النار... إلخ مما ذكرته عن نفسك؛ فهذا كله ينتظر عملا يصدقه أو يكذبه، وأنت متعثرة في اختبار هام مع نجاحك في أمور أخرى تستحق الإشادة؛ وأعني هنا علاقتك بأسرتك. ومن وعيك وحدة ذكائك وضعت يديك على التوصيف الرائع لحالتك معهم، ولكنك تلقين باللوم عليهم بسبب قلة التشجيع.
ولأنك بريئة وصادقة -ولا أزكي على الله أحدا- فإنك تعترفين بأنك كسولة جدا في البيت، وتحبين النوم، وعصبية المزاج... إلخ، بينما أنت رائعة خارج البيت.. أتعرفين لماذا؟
لأنك في الخارج تنصحين وتداعبين وتضحكين وترشدين وتمرحين وتتقلين ردود الأفعال الإيجابية؛ فتزدادين في ممارسة هذا وتكراره، وهو نشاط يغلب عليه الكلام كما ترين، وهكذا أشكال الالتزام لا تحتاج من صاحبها سوى قدر قليل من الجهد والجهاد إذا ما قورنت بحقائق وجواهر ومقتضيات الالتزام العملية.
وتقولين إنك لا تحبين أن يطلب منك أحد فعل شيء.. بل تريدين فعله من نفسك.. فهل نحن بصدد السؤال التاريخي: البيضة أولا أم الدجاجة؟ وإذا كنت لا تقومين بالشيء بنفسك لأنك كسولة وعصبية وفي السرير أو أمام النت.. ضعي نفسك مكان والدتك أو أحد أفراد أسرتك وهو يرى أمامه فتاة على أبواب العشرين (أي يمكن أن تصبح زوجة وأما بعد شهور) تنقل جثتها أو جسدها من الأريكة إلى السرير، وتنام أغلب الوقت الذي تقضيه في المنزل، وإذا استيقظت فهي كسولة جدا جدا، وتجلس على النت كثيرا، وربما على الهاتف، وهى منهكة ومنهمكة في أعباء "الدعوة" إلى الله -كما تقول لهم- ألا تكون هذه الفتاة هدفا مثاليا لكل من يريد توجيه سهام النقد إليها أو إلى الالتزام وأهله؟!
وكيف يمكن أن تقومي بالأعمال المنزلية أو غيرها إلا عبر إصدار الأوامر؟! ثم إنك لا تحبين هذا.. بل تريدين أن تقومي بها بنفسك، "طيب" قومي بها بنفسك يا ابنتي قبل أن يطلبها منك أحد، ولكن هذا يقتضي ألا تكوني كسولة أو عصبية، وأن تعطي كل ذي حق حقه؛ لأن بيتك ليس فندقا للنوم والترفيه، والدعوة بالكلام هي من أنواع الترفية "النافع"، ولذلك يشعر من يمارسها بلذة ومتعة، ولكن حقيقته تظهر على محك الفعل واختبار الممارسة، وأهم ميدان اختبار الممارسة والفعل في هذه المرحلة من حياتك هي بيتك، وبناء على ذلك فإنك لا تعيشين بشخصيتين لا سمح الله، ولكنك مثلنا أو مثل أغلبنا؛ فصيحة اللسان، وشحيحة العمل، طالما كان هذا العمل على غير هواك مثل العمل داخل المنزل.
اجلسي مع أي أحد وافتحي موضوعا عن فساد الزمان وسوء أحوال الناس مثلا، واستمعي منه بعد ذلك لخطبة عصماء ومواعظ أطول مما حفظته الكتب، ونسبته إلى السيد المسيح عيسى عليه السلام من طويل المواعظ مثل موعظة الجبل؛ وأقصد الكلام الجميل المؤثر الذي لدينا منه ما يملأ الآفاق ويسد عين الشمس -كما يقول المصريون- كناية عن الكثرة، وكلنا يتحدث عن الأمانة، وإتقان العمل، وبر الوالدين، وحسن الخلق، والنشاط، والتعاون، وهدوء الأعصاب، والحلم والأناة اللذين يحبهما الله ورسوله... إلخ.
ولكننا إذا دخلنا في الاختبار؛ فظلمنا أحدهم، أو نزلنا إلى ميدان التطبيق مرة سواء في علم منزلي أو مصلحي، أو موقف يكشف عن حقيقة ما نحمله من أخلاق وقيم لها ما نتكلم فيه لنملأ الهواء ضجيجا وحروفا، حين يأتي وقت العلم ننكشف جميعا إلا من رحم ربك، وقليل ما هم. وعظمة حبيبي ونور قلبي الذي أضاء علي الدنيا يوم بعث إلى يوم القيامة؛ الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم.. من جوانب عظمته أن حياته في بيته مكشوفة لنا؛ فكأننا نراه مع زوجاته أمهات المؤمنين، وكأن جدران منازله جميعا كانت مصنوعة من زجاج؛ فإذا به داخلُها مثلُ خارجِها، يأمر بالحلم، ولا يضرب زوجة ولا خادما، يأمر بالعفو وطيب القول، وعنده عائشة بعد حادث الإفك وهو يتزلزل مما يسمع من أقاويل تطعن في عرضه الشريف، ثم لا يقول كلمة يؤذي بها من يقال في حقها ذاك الكلام. فمن يطيق هذا؟! ومن عمله مثل كلامه، وسيرته كما مواعظه "وكانت قليلة"؟ ومن علم الدنيا بعمله وخلقه أكثر مما أرشد ووعظ بلسانه؟!
وأي اختيار هذا واختبار حين جعله الله سبحانه وتعالى، وحدده لنا ليكون القدوة والأسوة والمثال حتى لا نضل أو نتشوش؟ وكيف نضل وبيننا كتاب الله يحمل المفاهيم والقيم وسيرة النبي تحلم التطبيق والمثل؟ ولكن أين نحن من هذا وذاك، غير أن لدينا الآيات والأحاديث والسيرة مجرد مادة الوعظ والكلام وليست دليلا تفصيليا للإبداع والتطبيق؟
لست وحدك في هذا التناقض أو تلك الفجوة.. بل أعرف أمة بأَسرها تائهة هناك تتكلم كثيرا وتتحسر على ضياع الأخلاق والدين، وهي التي أضاعتهما، كلٌ حسب مكانه وميدان تطبيقه ومساحة تقصيره.
أمه تصدّع رؤوس العالمين بكلام كثير عن عظمة دين الله، وهديه وشرف الانتماء إليه، وأنه السبيل الوحيد للعزة والفوز في الدنيا قبل الآخرة، ثم انظري إلى واقعها لتجديها في ذيل الأمم وقمامة الواقع والتاريخ، ولا ينفي هذا شجاعة المقاومة ومبادرات الإصلاح، ولكن غيرنا معذور حين يقول: لو كان في دينهم ما يقولون من خير لصار حالهم غير هذا الحال، وما علموا أن الخلل يكمن في أننا نتحدث عن الدين وحلاوة الدين وجمال الدين وروعة الدين، ولا نعمل بشيء مما نقوله إلا في أقل القليل.
فاحذري أن تكوني من الخاسرين، ولا تنتظري من يطلب منك في البيت صنيعا.. بل كوني الأنشط والأسرع مبادرة، والأقرب مجاملة، والأكثر تعاونا وحنانا وأدبا، وافعلي هذا؛ لأن الإسلام هو ذاك كله، وحين تفعلينه سينقلب النقد مديحا، والسخرية تشجيعا، وسيعلمون في بيتك من تلقاء أنفسهم أن هذا التغيير هو انعكاس طبيعي للالتزام بما تقولين، وعندها سيحبون الالتزام وأهله.
قللي من الانشغال بانتقاد العالم من حولك، ووجهي بعض نظرك إلى نفسك وأدائك، وحاسبي نفسك قبل أن تحاسبي الناس، وحاسبيها قبل أن يحاسبك الله، واجتهدي في تطوير قدراتك ومهاراتك الدعوية بالكلام والعلم، ولا تفقدي روح الدعابة والمرح، واستثمري في الخير إمكاناتك المادية الجيدة -ولله الحمد- من هاتف نقال وخط إنترنت خاص، واستفيدي مما تفتقده الكثيرات من ثقة الأهل بهن؛ فهذه جميعها ليست أبواب فساد إلا للخبيثات. أما أنت فلك هدف آخر، ومسار آخر، وفقك الله، ومنّ عليك بفضله حين هداك للإيمان. فلا تكوني كمن آتاه الله آياته فأعرض عنها فصار مثله كمثل(...) أعزك الله.
وفي حركتك الدائبة الواعية، وفي نشاطك داخل بيتك وخارجه لا تنسي إعداد نفسك للزواج والأمومة بما هو أكثر من غطاء الرأس، وحسن الخلق، وحلو الحديث الذي استمعت به في رسالتك. وأرجو أن يكون لك من تطبيقه نصيب.
ــــــــــــــــــــ(41/205)
الأب يشاهد الأفلام الجنسية: موقف الابنة!
علاقات أسرية
بسم الله الرحمن الرحيم.. مشكلتي أني رأيت والدي يشاهد على إحدى الفضائيات فيلما جنسيا وعريا. ولكنه لم يعلم بعد أني رأيته. والدتي لم تكن في البيت حينئذ. لذلك أرجو منكم أن تقولوا لي ما العمل؟: هل أقول لأمي أو ألفت نظرها؟ أم أواجه أبي؟
المشكلة أني منذ ذلك الحين، وأنا أحاول أن أتجاهل والدي، وأحاول كل الوقت أن أقول له أن يصلي أو على الأقل أن يؤدي صلاة الجمعة في المسجد.
ملاحظات:
العلاقة بين أمي وأبي ممتازة، ولا أريد أن أكون السبب في خلق التوتر بينهما. أبي يعاملني معاملة جيدة جدا، ولكني لا أقدر أن أعامله بالمثل. ... المشكلة
د.إيهاب خليفة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الابنة الكريمة:
عندما قرأت رسالتك شعرت بشيء من الإعجاب؛ ففي كثير من المشكلات المشابهة يطَّلع الابن أو الابنة على بعض أخطاء الأب من هذا النوع فيكتمون الأمر مع النظر لأبيهم بنوع من الانتقاص والحزن، وقد يسهل الشيطان لهم مسألة الخطأ بعد ذلك، وقد يؤدي بهم ذلك إلى انتقاد الأب في تصرفاته، وربما مواجهته بما يقع فيه من أخطاء عند أي موقف خلافي حسب شكل العلاقة بينهم، وينسون أنه بشر يخطئ ويصيب؛ فينبغي أن تنظري إلى والدك نظرة حنو وشفقة فهو إنسان مُبتلًى، وأنت تحاولين علاجه، وليس النيل منه أو التشهير به.
وإذا كنت تتلمسين في والدتك الحكمة وسعة الأفق، وتشعرين أنها ستسعى لعلاج والدك والوقوف بجانبه، بدلا من أن تبتعد عنه، وتأخذ منه موقفا فهنا يمكن إخبارها بذلك، وقد يؤدي ذلك إلى علاج القصور من ناحيتها، فمن الوارد أن يكون هناك قصور من جانبها أدى بالوالد إلى هذه المشاهدات، ويفضل أن يكون الإخبار للوالدة عند ذلك فيه شيء من التلميح، وليس بالتصريح.
أما إذا شعرت أن إخبارها سيؤدي إلى تعقيد الأمور، وستلجأ إلى لومه والتشهير به فلا ينبغي أن تخبريها، فإخبارها هنا فيه نوع من إشعال الفتنة والإضرار بوالدك والإضرار بالعلاقة بينهما، وعليك أن تقومي أنت بدور المعالج في هذه الحالة، ويمكنك الاستعانة بنا، وإن كان لك أخ ملتزم وحكيم فيمكنه المساعدة في ذلك وهو أقدر على القيام بهذا الدور.
ومن فنون العلاج أن تتجنبي مواجهته أو تجريحه، فهذا شديد القسوة على الأب وأن تكثري دعوته إلى الأمور الطيبة بدلا من النهي المباشر عن تلك المشاهدات، فانخراط والدك في الأعمال الطيبة هو القادر على إبعاده عن تلك المشاهدات؛ لأنها ستجعله في حالة سامية، وتشغل وقت فراغه، وتشعره بتأنيب الضمير، وهذه الأعمال الطيبة، مثل الصلاة، ودروس العلم، والأعمال الخيرية، وينبغي أن تحولي بينه وبين تلك المشاهدات بمساعدة أسرتك فلا يكون هناك مكان منعزل ومناسب للمشاهدة بعيداً عن العيون.
كما ينبغي أن تحرصي أيضا على إضفاء روح وجو إسلامي على البيت عن طريق العبادات، والتعليقات الإسلامية، وصلاة السنن، فهذه الأمور لها أبلغ الأثر في محاربة المفاسد، وفي الحديث الشريف ما معناه إن الله يصلح بصلاة الرجل داره ودويرات حوله.
أما إذا كان الأب يجاهر بأخطائه، ولا يخجل منها، وهذا ليس موجودا في حالتك فهنا يمكن للابن أن يأخذ موقفا، ولكن في حدود الأدب والمعاملة بالإحسان، ويكون هدف ذلك الموقف الإصلاح وليس اللوم أو التقريع.
وأذكر قصة لأحد الشباب، وكان من أسرة أرستقراطية، وكان أبوه معتادا أن يضع الخمر على الطعام، ولما التزم هذا الشاب قام بوضع خطة للأخذ بيد أبيه وأسرته فكان يحرص على أن يكون قدوة في كل شيء، ويؤدي الصلاة في أوقاتها، ويذاكر بإتقان، ويعامل أسرته بأخلاق حسنة، ويكسب مودتهم، ويقضي حوائجهم، ولكنه عند الطعام كان يحضر قطعة من الخبز والجبن، ويأكل بجانبهم على مائدة مجاورة، وكان الأب يغضب، ويثور فيقول الابن أن الأكل على مائدة فيها الخمر حرام، ومع الوقت بدأ بعض أفراد الأسرة ينحازون إلى جانب الشاب، وما هي إلا عدة مرات حتى ترك الأب هذه العادة.
ولا عجب أنه بعد فترة قليلة كان هذا البيت يُضرب به المثل في التدين والالتزام. فانظري أيتها الابنة كيف أخذ هذا الشاب بيد أبيه وأسرته، وكان يمكن بدلا من ذلك أن يحول هذا البيت لحلبة مصارعة، مع خالص تمنياتي بالنجاح والتوفيق..
ــــــــــــــــــــ(41/206)
أبي همي الكبير.. لماذا ؟!
علاقات أسرية
السادة العاملين في "إسلام أون لاين.نت".. السلام عليكم
أنا أتابعكم منذ فترة طويلة، لكني أخجل من أن أشارك الآخرين مشكلتي، لكن الحق أن رسائل الإخوة شجعتني، وكما قال أحد الخبراء فإن جدار الإنترنت يشجع كذلك.
بداية أؤكد أني لا أطمع في حل، الحل صعب ويكاد يكون مستحيلا، لكني أريد أن أحكي...
مشكلتي هي علاقة أبي بنا (بأمي، وبي، وبإخوتي)!
أبي ابن عم أمي، تزوجا دون اهتمام بالمشاعر، هو كان في سن الـ21عاما وهي ذات 17 عاما.
أعترف أنه عانى الكثير.. الفقر والجهل، لكن من البداية أعلن أبي أن القوة هي الأمر السائد كان يضرب أمي كثيرا، ويتعامل بخشونة لم يكن ينصت لطفل من أطفاله، لم أكن قد ولدت لكن أمي تحكي وإخوتي والعائلة، ثم سافر إلى الخليج حيث الغربة والمال وعاد بالمال الذي يضاف لقوته وعنفه، في إجازته كان لا يهتم بأن يقضي وقتا مع الصغار، فقط التخطيط لاستثمار الأموال، وقد أنجب خلال سفره 3 أطفال ليصل عددهم إلى 6 أطفال، وعندما عاد شعر أن أطفاله لا يعرفونه، وأن الفجوة كبيرة جدا، دائما كان يعيش في مسقط الرأس وتركنا نعيش في العاصمة يزورنا يومين كل أسبوع، وقد تطول المدة، وقد ظننت أني اعتدت خلافات أبي وأمي والمشاجرات على أشياء تافهة جدا، وقد تنتهي بضربها وأن تتمنى هي الموت وتسأل إلى أين تذهب ولمن تلجأ؟ لكن لا أستطيع أن أعتادها خاصة أن الصغار كبروا وتزوج أخي وأختي، وذاع الأمر بين أصهارنا أن أبي دائما يشخط ويصرخ، ولا يقبل المناقشة ولا يهتم لو سب أحدنا أمام الناس حتى وصل الأمر إلى أننا أصبحنا نتحاشى الحديث معه.
الأزمة أنهم أقارب والدائرة ضيقة، ولكن الأحوال لم تنصلح أبدا، بل تزداد سوءا. أبي أمر أختي الكبرى بالزواج من شخص ليس أفضل منها، لكنه رفض الانتظار لفرصة أفضل لأنها تعاني من مرض في القلب، ادعى أنه فعل ذلك بسببي أنا وأخت أصغر مني عملا بالعادة المعروفة أن تتزوج الكبرى حتى لا تحرم أخواتها الصغار من الزواج، ولم يخجل من أن يجاهر بذلك، وما يترتب عليه من مشاعر حقد بين الأخوات، والحق أن زوجها سيئ وقد احتملت كثيرا إلى أن واجه مشكلة مالية واستدان دون علم أبي فغضب أبي، وأعلن أنه لن يدخل بيته، كيف وبه فلذة كبدك؟ ثم ما سيظن زوجها بنا وهي أيضا تسأل لمن تلجأ؟
الله يخفف دائما من المصائب، الأولاد طيبون الأكبر يحبنا جدا، ويسعى لإرضائنا، لكننا نكاد نتمزق بسببه؛ لأن زوجته لا تسطيع إنجاب أطفال نحاول مساعدته بكل طاقتنا.
أبي ينسى الأمر مدة طويلة، ثم يتحدث فيه بخشونة دون مراعاة لحساسية الأمر (لا أريد أن تجف شجرتي، أريد ولدا يحمل اسمي). أبي توقف عن العمل وهو في سن الـ45 عاما اعتمادا على ما جمع بالخليج؛ ولأن الناس ستسأل لماذا يعمل ولديه مبلغ عالٍ، وهل قال الله للأغنياء أن يتوقفوا عن السعي وراء الرزق.
وبالطبع اختل التل لأنه لا يوجد من ينميه، والآن نعيش بالكاد.
أبي لا يستطيع مساعدة أخي الثاني في الزواج ويستمر في مناكفته حتى إن أخي اشترى شقة وفق مقدرته المالية فاتصل أبي بوالد خطيبته، وأعلمه أنه يرفض أن تتزوج ابنته في مثل تلك الشقة، وأحدث هذا أزمة بين أخي وأصهاره.
والمشكلة أن أبي أصر على رأيه؛ وهو ما دفع أخي لرفع صوته على أبي أمام أصهاره. والآن هم لا يتبادلون الحديث. وهو لا يتحدث كذلك مع أخي الثالث؛ لأنه يساند أمي.
أبي يخاصم أمي كثيرا لا يتحدث معها ويرفض الطعام والثياب منها لأيام ثم يعود لاستعمال هذا الأشياء، ثم يعود بعد أيام ليتحدث إليها وهو يرفض العتاب فلا نستطيع أن نسأله لماذا غضب في الأساس.
وصل الأمر إلى أن قال إنه يريد طلاقها لكنه لن يفعل خشية الناس وكلامهم. أكثر من مرة يحلف أنه سيعاملها كأخته ولا يخجل من أن يقول لن أعاشرها لن ألمسها، سأعاقبها بالهجر في الفراش. مئات المرات سوينا الأمر بينهم لكن الأمر يسوء يوما بعد يوم.
رغم أن لديه 6 أطفال ولا يتحدث معنا أبدا ولا يهتم بمشاكلنا ولم يهتم بأن يساعدنا على المرور من مرحلة المراهقة.
كذلك أمي.. لكنها لا تقرأ ولا تكتب وأبي يستطيع ودائما يعيرها بذلك، لكن لم يفعل شيئا إيجابيا لعلاج هذا القصور. اكتفى بالتعيير أمام الناس والسخرية منها.
أصبحنا نهاجمه أمام الناس؛ لأنه لا يشغل باله بنا لكنه على استعداد لأن يرعى أبناء صديق له سافر للسعودية يهتم بكل تفاصيل حياتهم: العيش، الجبن، الملابس الأسعار زادت عليهم ولم تزد علينا. وقد كرر الأمر أكثر من مرة. إننا جميعا لا نستطيع تفسير حبه للناس وكرهه لنا.
الآن يكتفي بالمشاجرة بخصوص مصروف البيت وعدم صباغة أمي لشعرها الأبيض، وصوت أخي العالي.
منذ 4 شهور اختلف مع أمي وأنا لا أذكر السبب، نسيته، لا يتحدث مع أمي أبدا ويسبها دائما، أمي أصبحت تدعو عليه. وأنا أكره أن أنظر إلى وجهها أو وجهه حين يتشاجران. لا يوجد أي مؤشر على قرب الصلح، إننا لا يمكن وصفنا بعائلة مسلمة أبي لا يصلي كثيرا ولا يلومنا إذا لم نصلِّ. أنا وأخواتي نصلي دائما. كثيرا لا ألقي عليه السلام، أرفع صوتي لأعبر عن غضبي وكذلك إخوتي، أختي سافرت في بعثة وقابلت مسلما أجنبيا، لكن عائلته تسير على نسق الإسلام ومترابطة وهي تفكر في الزواج منه رغم الفروق بحثا عن الجو العائلي المسلم. أنا لا أومن بالحب، وأشعر أنني لا أستطيع أن أثق بأحد.
مررت بتجربة اقتراب شخص في الـ50 من عمره مني، والحق شعرت بحاجتي إليه وتمنيت أن يعوضني عن حنان أبي المفقود، لكني فكرت في الأمر وابتعدت عنه، أنا في الـ23 من عمري.
الحق أن آراء الخبراء لديكم ساعدتني في اتخاذ القرار. من فضلكم حاولوا أن تقرءوا رسالتي عدة مرات. أنا أكتب وأنا منفعلة أول مرة أوجه كلامي لغريب.
هل ترون ما أمر به وما يحطيني من مشاكل أبي وأمي و5 أشقاء ومشكلتي أنا وما يفرضه علي سني من التفكير في الزواج والذي أصبحت أخشاه ولا أصدق فيه.
لقد سرق أبي منا الغد فلا أرى ما قد يحدث بعد ذلك. بالمناسبة الأخ الأكبر رئيس قناة فضائية. أختي درست الآداب ولديها دبلوم دراسات عليا، أخي الثاني درس التجارة ويعمل بالإعلام، أخي الثالث درس اللغات ويعمل بالإعلام، أنا وأختي نعمل في الجيش على درجة ملازم. رغم ذلك أبي يرى أننا سيئون وأنه لا يوجد من بيننا طبيب محترم.
ويمدح في جيران أطباء لكنهم دون مستوى الشبهات. هل ترى لذلك حلا، أرجوك أخبرني به، أكره أن أعامل أبي بفجاجة، أرجوك أخبرني، أرجوك انشر مشكلتي كاملة حتى يرى الآباء ما يفعلون بنا حين يكونون بعيدين عنا. شكرا لكم. ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لقد وضعنا هذا العنوان استجابة لك حتى تتعرفي على مشكلتك وليس اقتناعًا بمضمونه.. فقد أعدنا قراءة الرسالة عدة مرات.. ولم نجد في أبيك ما يستحق أن يوصف بأنه "هم كبير"، إن أسرتك مثقلة كمئات الآلاف من الأسر والتي هي من ضحايا ما أسميه "انفجار قنبلة الخليج"، حيث ذهب الأب وعائل الأسرة إلى أحد بلدان الخليج باحثًا عن الرزق تاركًا أسرته -أو التي كانت أسرته- وراءه لتمر السنوات وتتفكك عرا الأسرة عروة عروة، فلا تواصل ولا ترابط، بل لقاءات عابرة في الإجازات واطمئنان عبر التليفون ليصبح الأب غريبًا عن أسرته ومصدرا للمال فقط.
وتتفاقم الأزمة عندما يعود هذا الزوج والأب لأسرته فيجد نفسه لا زوجا ولا أبا.. فالتفاهم الزوجي فُقد، الزوجة اعتادت غيابه، ولم تعد هي الزوجة التي تركها منذ سنوات، وهو يعاملها على أساس أنه يعرفها وهي تعرفه، والحقيقة أنهما اختلفا تمامًا ولم يعد كل منهما يعرف الآخر. ونفس الشيء مع الأبناء فهم يجدون هذا الأب في وسطهم يطالبهم بحقوقه كأب أو يتعامل معهم بصورة لم يعتادوها أو يعرفوها ليرى فيهم أولادًا عاقين وليروا فيه أبًا هو سبب المشاكل؛ لأن العلاقة الطبيعية التي تترتب عليها الحقوق والواجبات بين الآباء والأبناء لم تنمُ بحيث يستطيع الآباء والأبناء التفاهم.
وينعزل الأب في عمله أو في موطنه هروبًا من هذا الإحساس بالغربة الأشد وطأة مما كان يشعر به في الخليج لأنه هذه المرة بين أهله وأبنائه والذين كان يمني نفسه طول غربته في الخليج بالعودة إليهم والإحساس بالدفء في وسطهم، ولكنه عندما يعود لا يجد لنفسه مكانًا ولا يريد أحدًا.. من ناحيتهم ينعزلون شعوريًا ويرفضون أي توجيه أو ملاحظات يتلقونها بحساسية شديدة فكل كلمة ثقيلة.. نطالبه بحقوق لم نؤدِ واجباتها.. فننظر لتقصيره ولا نحاول أن نأخذ بيده ليس من أجله فقط، ولكن من أجل كل الأسرة.. إننا نرى رفع صوته في حين أننا -الطرفين- نحتاج إلى من يأخذ بيدنا ويقول أنتما تحتاجان لأن تتعارفا من جديد لتتفاهما.. لتتعاونا وإنكما تتصوران أنكما أسرة واحدة والحقيقة أنكما تحتاجان إعادة بناء هذه الأسرة عن وعي وإدراك بحقيقة ما يحدث.. ليس فيكما ظالم أو مظلوم ولكن أنتما -الاثنين- ضحايا لوضع تحتاجان الوعي لتتخلصا من آثاره.
هذا الرجل بذل من جهده وسنوات عمره ما أنتج على المستوى المادي هؤلاء الأولاد الناجحين على المستوى المادي.. لقد نجحتم جميعًا على المستوى العلمي والمادي ولكنكم تحتاجون أن تنجحوا على المستوى الاجتماعي والعاطفي.. لا بد أن يبادر أحد الطرفين لمد يد المساعدة والعون، لن تكون المهمة سهلة بل تحتاج إلى صبر ومثابرة بدلا من اعتبار أبيك هما كبيرا.
انظري إلى ما بذل من أجلكم حتى أصبحتم في هذه المراكز المرموقة.. هذا نتاج جهد وتضحيته، فهو لم يكن في الجنة يغرف من ذهبها وكنوزها، ولكنه كان تحت شمس بلاد الخليج الحارقة يكد ويتعب من أجلكم.. ولكنه يحتاج اليوم إلى من يأخذ بيده ويد كل الأسرة من أجل إعادة ترميم ما تصدع وبناء ما تهدم من كيان الأسرة.. ليس الحل تبادل الاتهام عن من هو المسئول عما وصلت إليه الأسرة، ولكن الذي فهم واستوعب يقوم بدور الطبيب الذي يعالج والمهندس الذي يبني والمنفذ الذي ينتهز الفرصة الأخيرة قبل فوات الأوان.
إنها قنبلة الخليج انفجرت في مجتمعاتنا وما زالت شظاياها ومخلفاتها النووية تعمل في أجيالنا وحياتنا الاجتماعية.. والأمر يحتاج لوقفة دراسة وتعامل حتى نقلل قدر الخسائر. إن الأسر التي تحللت وتهدمت وما زالت تتهدم وتتحلل تحتاج لمن ينقذها ويأخذ بيدها
ــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ(41/207)
بين العادة و الشات ..رحمة الله أوسع
الإنترنت والهاتف, العادة السرية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنتم أملي الوحيد بل الأخير فيما أمر به من أزمة نفسية تعصف بحياتي ومستقبلي وتدمرني نفسيا وعصيبا...
عمري 28 عاما غير متزوجة قد تكون مشكلتي عادية ومثلها الكثير ورددتم على مثلها كثيرا... سأقول لكم وقتها قرأت كل ما كتب عن هذا الموضوع من مشاكل نفسية وصحية ودينية.. كل ما كتب عنها من مقالات، دراسات، مشاكل، صور، فتاوى وكل شيء.
مشكلتي هي العادة السرية... ""يييييييه تاني" نعم تاني وتالت ورابع إن أقسمت لكم بالخالق العلي العظيم بأنني حاولت كثيرا مرارا وتكرارا للتوقف عنها... أتوب وأرجع.. أبكي وأقسم ألا أرجع.. ولكن بلا فائدة...
قصتي معها بدأت من قبل البلوغ منذ طفولتي.. كنت فتاة بريئة هادئة لا تعلم شيئا عن رغباتها إلى أن تعرضت للتحرش الجنسي من عدة أشخاص من أقارب وغيرهم.. هذه التحرشات "السطحية" أججت بداخلي رغبتي الجنسية وأنا لا أعلم ما هي... إلى أن وصلت إلى ممارسة العادة السرية.... بلغت وأنا في عمر الـ13 واستمرت ممارستي لها... مرارا وتكرارا...
انسقت للمواقع الإباحية.... سهرت عليها الليالي... وأنا والله لا أعلم ماذا أفعل كل ما أعرفه أن ما أفعله شيء خطأ كبير... مارستها كثيرا.. حتى أيام الدورة... إلى أن تخرجت في الجامعة... عرفت أن ما أمارسه طوال سنوات عمري الماضية هي العادة السرية... تعرفت على تشريح العضو التناسلي للمرأة.. تعرفت على غشاء البكارة... وكل هذا لم يمنعني من التوقف عنها...
لم أتعلم في حياتي استغلال الوقت، لم أتعلم القرب من الله والخوف منه، مع أني والحمد لله محجبة أصلي فرائضي (عدا الفجر) أصوم وأساعد الناس على قدر طاقتي استمرت الأيام وبدأ حبي للاستقرار النفسي ينمو... قررت التوقف عنها... وبدأت محاولاتي... وعدت الله كثيرا أن أتوقف عنها ولكن... نكثت عهدي مع خالقي... كنت أحلف على نفسي ألا أمارسها... أسبوع مثلا.. يمر الأسبوع وأنا منقطعة عنها ثم أرجع لها مرة أخرى.. أو حتى قبل أن يمر الأسبوع...
للأسف أنا إنسانة ضعيفة جدا أمام شهوتي... ساقتني لما يغضب الله للمواقع الإباحية... للجنس عن طريق الشات والتليفون... يألله ماذا فعلت في حق نفسي وفي حق خالقي أتوب وأرجع.. وأرجع وأتوب.. أبكي وأشعر أحيانا كثيرا بأن الله غضبان عليَّ.. لا يحبني... أبعد قلبي عن الرقة والحنان وحب خالقي وقساه على نفسي وأهلي...
أحيانا كثيرة صرت أقول لنفسي خلاص ماذا أفعل حاولت كثيرا أقول لنفسي... خلاص أكيد أنا لست عذراء بعد كل هذه السنين أكيد أنا خلاص خربت لن أستطيع أن أسعد زوجي وأكون زوجة صالحة، لن أستطيع أن أكون زوجة يحبها زوجها، دائما أتخيل ليلة دخلتي وزوجي يقول لي ما هذا أين غشاؤك يقول لي لماذا أنت هكذا باردة؟...
كرهت الرجال.. نعم كرهت الرجال... لأنهم السبب فيما أنا فيه كرهت أهلي لأنهم لم يحافظوا عليِّ... ولم يتقربوا مني هل ستصدمون أن تعرفوا أن أمي علمت في مرحلة الجامعة أنني أمارسها نعم قد أخبرتها.... فقد شككت في عذريتي يوما.. وصليت الله واستخرته أن أخبر والدتي وبالفعل فعلت وأخبرتها...
ولم تفعل أمي شيئا غير أنها قالت لي ابتعدي عما تفعلينه فقط، ثم أصبحت تذكر هذا الموضوع من بعيد يعني مثلا عندما نتحدث عن ضعف بصري تقول لي مما كنت تفعلينه في نفسك، أعلم أنها خجلة من أن تفتح الموضوع معي.. ولكنها والدتي وأنا ضعيفة.... احتجتها ولم أجدها للأسف.
ممارستي للعادة كانت سطحية عن طريق مداعبة البظر... لم أدخل يوما شيئا... الحمد لله.. فقد قرأت أن الغشاء لا يفض إلا بإدخال أجسام صلبة... وهذا فضل من الله علي، ولكن أيضا هذا لا يؤكد لي أن غشائي سليم، خاصة أني تعرضت لحادثة سقوط وأنا صغيرة على حديدة أدت لحدوث تمزق بسيط في الغشاء كما أخبرتني أمي لاحقا... ما رأيكم.. ممارسة طويلة للعادة وهذا التمزق.. ألم يُزل الغشاء؟؟.
سمعت عن الغشاء المتوسع من جراء ممارسة العادة السرية.. أقول لنفسي خلاص ما الفائدة من التوقف.. فقد أصبحت خربانة خربانة أشعر أن فتحة المهبل لدي لم تعد مثل الأول.. أشعر بتوسع فيها... وأعتقد أن هذه الإحساس البنت الوحيدة القادرة على الإحساس به.. قرأت في مقالات طبية ومن خلال أسئلتي في المواقع الطبية أن المهبل لا يتوسع إلا من جراء إدخال أجسام في المهبل... لم أدخل شيئا والله، ولكن أحس بهذا التوسع.
البركة منزوعة من حياتي.. من راتبي... أشعر أنني سأفقد عملي في أي لحظة.. مرت علي مرحلة من حياتي تعرفت بها على شاب أحبني وأحببته.. وعدني بالزواج.. ولكن قدر الله وما شاء فعل.. لم يكن نصيبي... هل تصدقون إن قلت لكم إنني في فترة تعرفي عليه ابتعدت عنها تماما لمدة شهرين... نسيتها... شعرت بالأمان معه.. أحسست أنني أريد أن أسعده... أن أكون زوجة مخلصة.. تسعد زوجها وترضي ربها.. ولكن للأسف بعد أن انتهت علاقتي به عدت إليها.. كأنني أعوض نفسي عن نقص عاطفي بداخلي عن أمان أفتقده بحياتي.
ستقولون أين أهلك، أعيش مع أهلي ولكني لا أشعر بالأمان أبدا... فأنا أكبر إخوتي وأبي لا يعمل... مسئولية كبيرة ملقاة على عاتقي.. أشعر بضغط كبير في حياتي... إن فقدت عملي لن أجد من أهلي شيئا سوى المنزل... إن وقعت في مشكلة مالية "وقد حدثت بالفعل" لم أجد من أهلي شيئا؛ لأنهم لا يستطيعون فحالتهم المادية سيئة واعتمادهم علي وعلى أخي وكله يدوب لا أشعر بالاستقرار والأمان معهم....
كل هذا دفعني للخروج بأي طريقة من الواقع وجرفني للمعصية.. للمواقع الإباحية الشات الإباحي والمكالمات التليفونية، مع كل هذا كنت أدعو الله دائما أنني أحبه أريده، ولكني لا أستطيع... إلى أن تعرفت على ذلك الشاب كما ذكرت آنفا... شعرت أنه رضا من الله وأنه تقبل دعائي... ولكن بعد أن افترقنا رجعت لها شعرت بعده عني وعدم زواجي للآن... إنه غضب من الله علي أو حب من الله لي لأنه يريد أن يسترني... فأنا خربانة ولا أنفع للزواج.
بدأت الآن أرجع لما كنت عليه... ولكن لا أريد، نعم لا أريد، والله إني أحب الله.... أريد القرب منه... نحن في رمضان.. تخيلوا هذا لم يخجلني من خالقي... ولم يبعدني عنها أحاول دائما الاستيقاظ للفجر... والله أحاول... والحمد لله في آخر كم شهر بدأت محاولتي تنجح وأستيقظ للفجر لأصليه... وأحاول قدر الإمكان أن أنام على طهر أحاول ملازمة الاستغفار والدعاء لله أن يهديني ويعينني على الخير والفلاح ويرزقني بالزوج الصالح الذي يعفني ويصونني.. ولكن هل سيستجيب الله لي؟.
طبعا رسالتي كغيرها... وسترشدني لمقالات أقرؤها.. لا أريد أن أقرأ شيئا.. قرأت الكثير... ستقولون كالعادة اذهبي للطبيبة.. وسأجيب كالعادة لا أستطيع... أنا أريد شيئا واحدا فقط أريد الله أريد القرب منه أريد حبه أريد الطهر والعفاف أريد أن أكون فتاة عفيفة... بريئة... قتلوا براءتي... لن أسامحهم.. والله لن أسامحهم لن أسامح من خدش براءتي...
أريد الحب الحلال أريد الزوج الصالح أريد الذرية الصالحة أريد أن أكون أما صالحة أريد التوفيق في حياتي أريد النجاح أريد أن أكون المسلمة التي يرضاها الله... أريد الراحة النفسية أريد أن أبكي من خشية الله وألا أجعل الله أهون الناظرين إلي أريد توبة نصوحة لا أرجع بعدها للمعصية كيف؟؟ نعم كيف؟؟ أريد أن أخشى الله كأنني أراه؟؟
أعلم أن الله يحب عباده.. أحن عليهم من أمهاتهم.. يفرح بتوبة العبد.. ولكن هل يقبل الله العبد الذي يعده ألا يعاود المعصية ويعيدها... يحلف بذات الله ويعيد المعصية آه ه ه ه تعب قلبي والله.. قتلته المعصية.. قتلته القسوة على النفس.
الآن وبعد أن حاولت أن أسرد لكم معاناتي العادية بالنسبة لكم أرجو من الله أن تكونوا أنتم من يقف بجانبي ويعينني... ويخوفني من الله.. ويحسسني بحبه لي... أرجوكم.. هل أنا سليمة.. أنا بنت مثل كل البنات.. أم أنني زبالة أستأهل الحرق هل أنا سلييييييمة؟ هل سأسعد زوجي الحبيب؟ هل سأكون سعيدة معه؟ أم أنه مثل ما قرأت العادة السرية تؤثر على الزواج وعلى الاستمتاع... يعني خلاص ما في أمل؟؟
هل سيعرف زوجي أنني كنت أمارسها... من النظر للعضو التناسلي.. أو عند معاشرته لي؟؟ أحيانا كثيرة أتمنى الموت ولكن كيف أقابل الله... ولا أريد هذه الحياة.. تخيلوا أنني أتمنى أن أدخل في غيبوبة شهور طويلة... أخرج بها من هذه الدنيا ومن معاناتي معها ومع نفسي الأمارة بالسوء دائما.
أرجوكم.. أنتظر ردكم بفارغ الصبر فهي القشة التي أنتظرها أتمنى أن تردوا علي قبل انتهاء رمضان.. لا أدري لماذا ولكن قد يكون ردكم هو الذي يقودني لله ويقودني للتوبة النصوح التي لا رجعة بعدها رجاء الآخر.. لو سمحتم لا تنشروا الرسالة بكل تفاصيلها.. فأنا خجلة من نفسي جدا.. وسأخجل أكثر إن قرأ زوار موقعكم ما يحدث لي بيني وبين نفسي ثقتي بكم كبيرة... أنتظر ردكم.
... المشكلة
د.هالة مصطفى ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت النقية:
هكذا أود أن أسميك وأسمي كل فتاة مثلك يملأ الخوف من الله كل كيانها، نعم أنت نقية وعفيفة برغم محاولات الشيطان اللعين ليقنطك من رحمة ربك، أنت طاهرة برغم ما تحاول نفسك أن تهون عليك طهرك لتصفي نفسك بالخربانة والضائعة، أنت نقية في هذا الزمن الذي أصبح داعي الفحشاء يدعو الناس من كل مكان وفي كل وقت. أنت نقية عفيفة برغم كل شيء.
أختي يا من تفطر قلبها من المعاصي من لك غير الله؟ هل تعرفين أحدا غيره يتودد لعباده ليطلبوا منه المغفرة؟ هل تعرفين أحدا غيره سمى نفسه الغفار من أجل ضعفنا؟ أنا لا أعرف غير بابه أقصده دائما مهما ضاقت بي الدنيا، أعرف عنه إنه يقول: "عبدي لو آتيتني بقراب الأرض معصية واستغفرتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالى".
نعم هو الغفور وسعت رحمته عتاة الأرض والجبابرة والعصاة فهل يغلق بابه في وجه فتاة ضعيفة تحبه وترجو رضاه؟ كلا فالله أكرم من هذا الذي تظنينه. لا تجعلي الشيطان يغلق في وجهك الأبواب حتى يهون عليك المعاصي بعد ذلك لتقعي فيما هو أبعد مما أنت فيه، ثقي في رحمة الله والجئي إليه مهما بلغت بك الآثام.
أختي الحبيبة، مشكلتك مع العادة السرية أنت قلت بنفسك عن سببها وهو الفراغ وعدم الأمان الذي تشعرينه وزاده انطواؤك على نفسك وعدم اختلاطك بالآخرين إلا من وراء الشات والتليفون، لقد حبست نفسك في شرنقة هي عملك الذي تساعدين به الأسرة والشات الذي تفرغين أمامه احتياجك وعاطفتك، والآن قد اختنقت من تلك الشرنقة؛ فقد حان الوقت لتقطعي خيوطها ولتخرجي لتري العالم من حولك، العالم الذي يحتاج لمن مثلك من المسلمات الشابات ذوات الهمة والنشاط؛ فهلا قطعت تلك الخيوط فورا لتطيري في سماء الكون الصافية؟.
اخرجي يا صديقتي فالمشكلة ليست في عادة سرية تمارسينها ولا شات إباحي تجلسين أمامه المشكلة في فراغك وتقوقعك داخل نفسك، ولا بد أن تخرجي من تلك القوقعة. انضمي للعمل الخيري من خلال أي جمعية وما أكثر ذلك الآن، توسعي في العلم والمعرفة وحضور جلسات العلم والندوات الثقافية، استغلي جلوسك أمام الكمبيوتر ذلك الجهاز الذي أنعم الله على عباده بمعرفته ليبحثوا في العلم والمعرفة وليطلعوا على الدنيا وما فيها من أسرار ولكن للأسف تحول لجهاز لقتل الوقت واتباع الشيطان.
تقربي من أسرتك فأنت كما قلت الابنة الكبرى؛ فأين أنت من إخوتك الصغار لترشديهم وتعلميهم وخاصة البنات منهم حتى تعوضي إهمال الأسرة؟ أين أنت من أمك لتأخذي بيدها لطريق الخير معك من خلال المساجد وغيرها؟ أين أنت؟.
إنني واثقة إن شاء الله من عذريتك وأنك سليمة وأن ما بداخلك هو وهم وسوسة من الشيطان؛ فأنت كما قلت لم تدخلي شيئا داخلك وهذا يكفى لتكوني سليمة، والاتساع الذي تلاحظينه ربما يكون هو شكل الغشاء؛ فأحيانا يكون الغشاء رقيقا مثل الحلقة حول فتحة الفرج وتكون الفتحة متسعة، وغالبا ما يحدث مباعدة بين الشفرين وتضخم للبظر قليلا في الفتيات اللاتي تمارسن العادة ولكن هذا لا يؤثر على العذرية مطلقا.
أما بالنسبة لسعادتك مع زوجك فاعلمي جيدا أن السعادة الزوجية هي فضل من الله وعطاء يعطيه لمن يشاء من عباده فاجتهدي في الدعاء والأعمال الصالحة التي تجعلك في هذه الآية الكريمة (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى فلنحيينه حياة طيبة)، فعبادتك وعملك الصالح هو أول سبب لسعادتك الزوجية.
أما عن استمتاع زوجك بك واستمتاعك به فكل ما يحدث أنك ربما تأخذين بعض الوقت للتعود على الطريقة الجديدة في الإثارة، خاصة أنك تعودت على الإثارة الخارجية ولا توجد مشكلة في ذلك؛ فالهدف من اللقاء الزوجي هو الوصول إلى ذروة اللذة سواء بالجماع الداخلي أو من الخارج، وعادة تستمتع الفتاة بالجماع الخارجي أكثر في بداية الزواج لضيق المكان الذي يكون في اللقاءات الأولى. إذن لا يوجد أي سبب لخوفك من ذلك المستقبل.
نصيحتي الأخيرة لك أن تستعيدي ثقتك بنفسك وتخرجي للدنيا وأن تقبلي على الله بكل قلبك طالبة العون منه، وعودي نفسك على الإقلاع أولا من الشات الاباحي والتليفونات بأن تضعي مثلا الكمبيوتر في مكان مكشوف في المنزل وكذلك التليفون، وثقي أنك إذا شغلت نفسك بأشياء جميلة ومفيدة كعمل تطوعي أو نشاطات أخرى فستقللين من تلك العادة وإن لم تقلعي عنها نهائيا فعلى الأقل تمارسينها على فترات متباعدة.
ولا تنسي أبدا الدعاء واللجوء إلى الله ليرزقك الزوج الصالح، ولا تجلسي مكانك في انتظاره بل انطلقي في الحياة بجد ونشاط وعطاء حتى تجدي ذلك الإنسان الصالح، وأخيرا قولي لنفسك دائما عندما يصيبك الهم يا هم إن لي ربا كبيرا. وفقك الله لطاعته وحفظك من شر نفسك وشر الشيطان.
ــــــــــــــــــــ(41/208)
غير عنوانك.. للنجاة من الحب الإليكتروني
صبايا, صبايا.نت, الانترنت و الهاتف, الإنترنت والهاتف
السلام عليكم ورحمة الله.. بصراحة لا أعرف ما الذي عليَّ كتابته بالضبط؛ فأفكاري مبعثرة؛ فعذرا إذا لم أستطع أن أوصل ما أريده.
أنا فتاة في الـ 17 من عمري، من عرب 48، تعرفت من خلال الإنترنت على شخص من الضفة، وأحببته بحق، ولا أريد أن أخوض في تفاصيل علاقتنا، إلا أنها دامت 3 سنوات تقريبا، عرفته وأنا الآن على مشارف البدء بالصف الثالث الثانوي.
أخبرته بأنني أريد الانفصال عنه؛ فهو من المستحيل أن يكون زوجي؛ نظرا للظروف الأمنية، وهذا الشاب بخلاف كونه من الضفة الغربية فقد اعتقل ذات مرة؛ وهو ما يجعل الأمر أكثر صعوبة، كما أن أهلي لن يوافقوا عليه أبدا.
علاقتي بهذا الشاب لا تتعدى شاشة الحاسوب، وحتى صورة لي لم أرسل إليه، مع أنه يصر عليَّ في ذلك إلا أني أخاف، وحتى مقابلته لمرة واحدة رفضتها، والآن أريد الانفصال عنه، إلا أنه يحبني كثيرا، وأشعر أنه قد يضيع من غيري، كما أني أيضا أحبه، ولا أعرف كيف أنساه، ولا حتى كيف أجعله يتوقف عن إرسال الرسائل لي.
وأول شيء كان يدفعني لترك هذا الشاب هو مخافة الله؛ فأنا لست سيئة بل على العكس أخاف الله كثيرا، ولكنني أحبه وبشدة.. ماذا أفعل كي أنساه وأنشغل بدراستي؟ فأنا على وشك البدء بآخر سنة دراسية لي، لا أريد أن أظلمه أو أعذبه فأنا أحبه أرجوكم ساعدوني.
أعاني مشكلة أخرى هي الفراغ وفتور الهمة، وأود أن أسألكم عن شيء آخر، وهو أساليب الدعوة في المرحلة الثانوية لباقي الطلاب.. ألم أقل لك إنني لست سيئة؟ أعرف أني أطلت عليك، وأن أفكاري مبعثرة، إلا أنني أثق فيكم، وجزاكم الله كل خير.
... المشكلة
د.حنان طقش ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لنحدد مواضيع سطورك كي يسهل تناولها، تريدين الانفصال عنه وتخشين عليه من أثر هذا الانفصال، ولتعلقك به أيضا تريدين وصفة للنسيان والالتفات لما هو مهم وجاد في حياتك، وتعانين من الفراغ وفتور الهمة، وترغبين في الاطلاع على أساليب الدعوة للمراهقة المتأخرة.
بداية أشكرك على ثقتك، وأسأل الله أن يجعلني أهلا لها.
وكما تعرفين بما لديك من مستوى نضج واضح ألا أمل أمامكما للارتباط الرسمي، لا بد أنك تعرفين أيضا ألا أحد يموت من خسارة محبوب أو صديق، قد يتألم ويحزن ولكن لفترة عابرة وثم تستمر الحياة ويتجدد الأمل في اتجاه آخر؛ فلا تخشي عليه من تنفيذ قرار العقل بعدم تعذيب القلب بأهواء وآمال لا مجال لتحقيقها، واعلمي أن كلما كان الانفصال أسرع كان كذلك تجاوز التعلق والتنعم بضلال النسيان للطرفين.
أبسط طريقة لوقف علاقة على شبكة الإنترنت بعد إعلان رغبتك هي تغيير العنوان وهكذا تنتفي سبل التواصل حتى وإن كان من خلال أحد المنتديات أو ما شابه، وقد يكون من المفيد الابتعاد قليلا عن الكمبيوتر إلا لضرورة ولوقت قصير لا يسمح لأهواء النفس بالنفاذ، وبعدها تبدأ عملية النسيان وهي ببساطة عكس الخطوات التي اتبعتها للتعلق.
هل تذكرين كيف تعلقت به، يبدأ الأمر عادة بالألفة والتعود ثم بانشغال الفكر وينتهي به، وهذه هي طريقة النسيان أي التخلص من الألفة والتعود وإشغال الفكر بحقيقة المميزات التي بناء عليها قد تعلقنا بالطرف الآخر، وكلما قل التعامل زاد صفاء الذهن والموضوعية في التفكير، وبعد مرور قليل من الوقت سينشغل الفكر بتحليل أمور تعنيه وتشغله في الحياة أكثر من أمور مضت، وهنا تأتي الخطوة التالية وهي زيادة العبء الملقى على الفكر فيستغل كل طاقاته في مواجهة التحديات الجديدة، لا تتصورين أنك ستدرسين بعد زيادة دافعك فهي ستزداد بطريقة أسرع لو بدأت الدراسة بالفعل.
إن كان لديك فراغ حقا فاستثمريه في أبوابه الصحيحة وما أكثر المحتاجين للدعم النفسي من المكلومين حولك في المجتمع منهم أقارب ومسنون وأيتام، لو أعملت فكرك بهم وأعطيتهم بعض وقتك لنجحت في استثمار ما يتبقى بعد دراستك.
عزيزتي إن ارتكاب الأخطاء أمر مبتلى به كل البشر؛ لذا يسر الله لنا كفارات الذنوب. وارتكاب ذنب لا يجعل الإنسان سيئا، ولكن ما يجعله كذلك هو إصراره على هذا الذنب أو الخطأ؛ لذا يجب ألا نصنف الناس كأشرار أو طيبين؛ فالشرير قد يتوب يوما ما والطيب قد يفتن والعياذ بالله يوما ما.
قد يفهم تعلقك بهذا الشاب بسبب ما تعيشونه من ظروف حياتية صعبة تجعل الإنسان أكثر قلقا ورغبة في الحصول على الاستئناس بمن حوله، ولكنه يبقى غير حقيقي عبر الإنترنت؛ لذا يجب عدم الاعتماد عليه أو الاستمرار فيه.
أعتقد إن تصفحت النطاق الدعوي بشبكة "إسلام أون لاين.نت" فستجدين ما يفيدك في مجال دعوة المراهقين، ولكن يهمني أن ألفت نظرك لأمر وهو أن الحماس أمر معد فلو بدأت بنفسك بأن تكوني مثالا لما تأملين بدعوة زميلاتك له فسيسهل عليك الوصول لهدفك الدعوي إن شاء الله، ويمكنك مطالعة هذه الروابط للاستفادة منها في هذا الخصوص.
ــــــــــــــــــــ(41/209)
علاقات الإنترنت.. الأول مات والثاني مفلس
الإنترنت والهاتف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
إخواني الأفاضل، سامحوني لأنني أكتب إليكم هنا، ولكنني حاولت في صفحة المشاكل ولم أتمكن منها، والله إنني في حالة عصيبة جدا.. أرجوكم ساعدوني.
أنا أخت متحجبة ومتدينة، ومن النوع الذي يغامر في الحياة، وأؤمن بالقضاء والقدر، وأن الله على كل شيء قدير.. دخلت عالم النت منذ 6 شهور، وراسلني شاب، وحدثني عن الزواج ووافقت؛ لأنني وجدت فيه كل ما أتمناه في الزوج من دين وخلق وعلم.
وبعد مدة قصيرة جدا قال لي: إنه وقع له حادث ودخل المستشفى.. المهم بعد مدة اتصلت برقمه وقالوا لي: إنه مات، وفرارا من المشكلة عملت صداقات على النت مع الرجال فقط.. كلهم كلموني عن الحب والزواج ولكنني كنت أرفض.. إلى أن تعرفت على رجل آخر عبر النت من بلد آخر عن بلدي، وتحدثنا عن الزواج، ولكنه لا يعمل، ولا يملك شيئا، وهو الذي سيأتي إليّ، وأنا أعمل، والمطلوب مني أنا أن أوفر كل شيء.
أنا محتارة بين أمرين:
أولهما أنني أخاف ألا أوفق في توفير السكن، خاصة أن لدي ديونا وإيرادي قليل، وثانيهما أنني ارتكبت معه معصية عبر النت. أرجوكم دلوني وساعدوني، أشكركم، ووفقكم الله لخدمة الإسلام والمسلمين.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة،
رسالتك وصلتنا على بريد المشاركات، وهي خالية من البيانات المتعلقة بعمرك، وبلدك ومستواك الدراسي، ولا أدري هل تتابعين صفحتنا منذ وقت بعيد أم أنك حديثة عهد بها؟!
لن أكرر لك ما قلناه مرارًا من أن شبكة الإنترنت والاتصالات التي تجري عبرها لا تكفي أبدًا لإقامة علاقة تعارف كافية لاتخاذ قرار ارتباط بالزواج، ولذلك يبدو مدهشًا أن تقولي عن الشاب الأول:
إنك قد "وجدت" فيه كل ما تتمنين في الزوج من كذا وكذا، ثم مصدر معلوماتك عنه لم يكن سوى الاتصالات بينكما، حتى قالوا لك: إنه مات، فهل عرفته حيا من الأصل؟! ثم هل يكفي أن يقال: "إنه مات" ليكون كذلك؟! ثم تعتبرين موته -المشكوك فيه أصلا- مشكلة فتدخلين في علاقات أخرى مع رجال آخرين؛ فيقع حظك مع آخر، وترتكبين معه معصية "عبر النت" على حد قولك، ولم توضحي لنا طبيعة هذه المعصية، وكأنها مفهومه ضمنًا!!
والثاني كما تصفينه مفلس، ولا يملك شيئا، ولا يعمل، وسيأتي إليك وأنت عليك السكن والعمل.. ولا أدري ماذا سيعمل هو؟! ما هي الظروف التي تدفعك لهذا النمط من العلاقات؟! وما هي الملابسات التي تجعلك توافقين من حيث المبدأ أصلا بالتفكير في مثل هذه الزيجة الغريبة من هذا الرجل المجهول المدهش؟!
إما أن قصتك عبث في عبث، وهي سطور يريد كاتبها أن يقدم لجمهورنا "موعظة" بدائية عبر قصة متهافتة!! أو أنك فعلا فتاة ذات ظروف خاصة تجعلك تتورطين في مسالك كهذه!! أو أن عالم الإنترنت لا يزال يحمل من العجائب المثيرة ما يصدم به أي صاحب عقل سليم!!
وفي حالة العبث فإن لدينا من المشاكل المتراكمة ما يكفي لتقديم "الموعظة" عبر مشكلات حقيقية، هذا إذا كانت المواعظ هدفا في حد ذاتها، وإذا كنت جادة فيما تروين لنا فأرجو أن تكتبي التفاصيل الضرورية عن شخصيتك وظروفك وبلدك... إلخ.
وحتى نصل معا إلى الرد والتصرف السليم المناسب أرجو أن تتوقفي تمامًا عن الاتصال بأي شخص عبر الإنترنت، وأعدك برد فوري إذا أرسلت بقصتك كاملة، فقط توقفي عن مشروعك للزواج الوهمي الذي تذكرينه، وأرجو ألا يعتبر البعض رسالتك نوعا من الدعاية لنمط جديد من الزواج والأسرة؛ حيث الفتاة مستعدة للتجهيز والإنفاق والسكن، وما على العريس إلا إجراء الاتصال الإلكتروني ثم الجنسي!!
ــــــــــــــــــــ(41/210)
الاستمتاع.. بقناع وبدون قناع
تساؤلات حول الحب, الإنترنت والهاتف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أولاً: أحب أن أبدي إعجابي بهذا الموقع، وهذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها إليكم، وأود أن أجد الحل عندكم؛ فأنا فتاة في العشرينيات من عمري، وأنا في حيرة كبيرة من أمري.
وحكايتي باختصار شديد هي أنني قد تعرفت على شاب عبر الشات، وكان في غاية الأدب والاحترام معي، وقال لي بعد أن تعارفنا إنه يريد أن يرتبط بي بعد الذي سمعه عني، وإنه يكون في غاية السعادة عندما يحدثني، وكان في كل مرة نتحدث فيها يريد أن يعرف موقفي أنا منه، ولكني كنت لا أرد عليه ردًّا صريحا؛ فأنا في داخلي حيرة كبيرة؛ ففي أوقات أشعر أنه قريب مني، وأوقات أشعر بالخوف منه؛ خشية من أنه ربما يكذب عليّ ويلعب بمشاعري، وخاصة أنني ليس لي أي تجارب سابقة، وأنا لا أعرف ماذا أفعل؟
وأيضا أريد أن أسأل هل هناك أشياء يشعر بها الإنسان عندما يحب إنسانا آخر؟ وكيف له أن يعرف أنه يحبه؟ ولكم جزيل الشكر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
د.فيروز عمر ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
منذ فترة غير قصيرة وأنا أدرس -من خلال التجارب الواقعية- العلاقات العاطفية بين الجنسين وتطورها ومصيرها.
ووجدت أن أغلب الحالات تبدأ بدافع الاستمتاع بمشاعر الحب الجميلة، وقضاء وقت لطيف مع الجنس الآخر.. ثم تستمر الأمور هكذا حتى تنتهي "دورة الحب".. ولا مانع أن يتخلل المشهد بعض الوعود "الكاذبة" بالزواج، وأقصد بكلمة "كاذبة" أنها لا تتعدى مستوى الكلام، ولا تتحول إلى خطوة حقيقية لإتمام الارتباط.. وهذه الحالة يمكن أن نسميها: "الاستمتاع الصريح" أو الواضح الذي لا يرتدي أقنعة..
بينما في حالات أخرى يضمر الشاب في داخله نية حقيقية للزواج، وتظل هذه النية معلقة ومؤجلة حتى يأخذ وقتًا كافيًا ليتعرف على فتاته المرشحة لتكون شريكة حياته، ويتأكد من حبه لها وحبها له، ويستمتع أيضا بقضاء وقت لطيف معها، ثم يقرر في النهاية أن يتزوج بها فعلا، أو أن يتراجع وهو عندئذ لم يخسر شيئًا -من وجهة نظره- فهو قد "استمتع" بالقصة أيضًا، ولكنه "يغلف" هذا الاستمتاع بنية للزواج، ويمكن أن نسمي هذا "الاستمتاع المغلف" أو "ذو القناع".
وربما تلاحظين أنني في الحالتين تحدثت عن الشاب وليس عن الفتاة؛ لأن قرار الزواج -في الحقيقة- بيده هو؛ فهو الذي "سيدفع" نفقات الزواج من هدايا ومهر ومسكن الزوجية، وهو الذي "سيدفع" نفقات ما بعد الزواج؛ حيث هو مسئول عن زوجته وأولاده، كما أنه بالإضافة للمدفوعات المادية "سيدفع" معنويا -حريته واستقلاله لزوجة تحاسبه كل يوم: أين كنت؟ وإلى أين ستذهب؟ بعد أن كان طليقا حرا قبل الزواج؛ لذلك فإن فكرة الزواج بالنسبة له "ثقيلة الظل" إلى حد ما بعكس الفتاة التي لن تدفع شيئًا، كما أنها ستنتقل إلى ولاية زوجها التي هي أخف قمعا -كما تتصور- من ولاية أبيها!!
أردت من خلال هذه المقدمة الطويلة أن أقول:
إن هذا الشاب هو أحد اثنين؛ إما أنه يتسلى ويريد الاستمتاع، وإما أنه ينوي الزواج بعد أن يدرسك لفترة كافية يقرر بعدها أن يتزوج بك أم لا.
فإن كانت الأولى فلا داعي للاستمرار -إلا إذا كنت أنت أيضا تقبلين التسلي والاستمتاع بعلاقة خارج إطار الزواج لا يرضى عنها الله أو العرف- سواء كانت على الشات أو غيره.
أما إذا كانت الثانية.. فإن الشات قد لا يكون هو الوسيلة المثالية ليدرس كل طرف الآخر، خاصة إذا لم يكن هناك تعارف بينهما خارج الشات.. فعندما يكون التعارف عن طريق الشات فقط فإن مساحة الوهم والتدليس تكون كبيرة جدا، ولعلنا تحدثنا عن هذا بالتفصيل في مشكلة سابقة بعنوان: " إنقاذ ضحايا الشات".
وهنا أقول لك:
أنت لم تذكري لنا أي بيانات عنك أو عن هذا الشاب.. وهل أنتما من نفس البلد؟ وما مدى التوافق الاجتماعي والثقافي والديني بينكما؟ فهذه كلها عوامل لا يمكن تجاهلها عند الإقدام على الارتباط.
أدعوك يا ابنتي لشيء من الحسم والوضوح؛ إما أن تقطعي هذه العلاقة الوهمية، وإما أن تستمري، ولكن على بينة من أمرك إذا قدم لك هذا الشاب تصورًا واضحًا عن مشروع ارتباطه بك.. بدلاً من أن تصبحي فريسة للاستمتاع الصريح أو المغلف..
ــــــــــــــــــــ(41/211)
حبيبي الإلكتروني أمريكي
اختيار شريك الحياة, الإنترنت والهاتف
بسم الله الرحمن الرحيم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أود أن أشكركم جزيل الشكر على هذه الزاوية التي تهدف لخدمة المسلمين، وأدعو الله أن يوفقكم دائما لما فيه منفعة لأبناء المسلمين في كل مكان.
لدي مشكلة.. ولا أدري هل أعتبرها مشكلة أم ماذا؟ فهي شيء بسيط بالنسبة لما أقرؤه من مشاكل في صفحات "إسلام أون لاين.نت"، وبالطبع أحمد الله تعالى على كل شيء.
أنا فتاة في قرابة الخامسة والعشرين من عمري، ومن أسرة محافظة جدا، وحياتنا تسير بشكل صعب بعض الشيء. وذلك بسبب الأوضاع في فلسطين التي يعرفها الجميع.
أنا مستخدمة جيدة للإنترنت، وأستخدمها في جميع المجالات، فأنا بطبعي لا أحب شراء الكتب؛ فأستعين بالإنترنت بدلا من الكتب، حيث أجد ما أريد بكل سهولة ويسر. وبالطبع أستخدم الشات في بعض الأحيان.
قبل عدة شهور تعرفت على شاب في إحدى الغرف، وسمحت لنفسي أن أعطيه البريد، وأخذنا نتكلم كثيرا وأحيانا كل يوم. وما شد انتباهي له أنه كان أمريكيا وقد هداه الله للإسلام، وكنا نتكلم كثيرا في الدين وهذا كان شيئا مشتركا، حيث إنني كنت حديثة العهد بالتدين وكنت أواظب على التقرب إلى الله، وكل حديث عن الإسلام كان يشدني. وكنت أحب كثيرا أن أسمع لقصصه، خاصة أن والدته هي التي هدته للإسلام. وهي الآن تعيش في إحدى الدول العربية وترتدي النقاب الإسلامي، وله أيضا أخ مسلم.
وكنت أخبره دائما عن مدى فرحي بأن أرى الناس يدخلون في الإسلام. المهم جاء رمضان هذا العام وتقربت كثيرا إلى الله والحمد الله، وبدأت أشعر بحلاوة الإيمان التي لم أشعر بها من قبل قط.
لم أكن محجبة ودعوت الله كثيرا في رمضان أن يساعدني على أن أتحجب، فهذا كان شيئا صعبا بالنسبة لي ولكن باب الله كان أوسع من كل الصعوبات، وانتهى رمضان هذا العام وتحجبت والحمد الله. وقد أحدث الحجاب في حياتي نقلة كبيرة فصرت أشعر بحلاوة أكثر، وكنت أشعر أن الله يستجيب لدعائي كثيرا، وهو ما أشعرني بسعادة قوية.. سعادة القرب من الله، وكنت على اتصال مع هذا الشاب الأمريكي دائما، أخبره عن سعادتي هذه، ففرح كثيرا عندما سمع أنني تحجبت.
وفي يوم أخبرني أنه كان ينوي فتح موضوع الحجاب معي، لكنه كان يؤجل الموضوع لأن لديه إحساسا بأنني سوف أرتدي الحجاب وحدي.
المهم، أخبرني هذا الشاب بأنه يبحث عن فتاة عربية للزواج، والسبب في أنه يريدها عربية هو أن تعلمه القرآن وتعلم أولاده العربية والقرآن، فهو لا يريد الزواج من امرأة لا تتحدث اللغة العربية التي هي لغة القرآن الكريم، وقال لي: كنت خائفا أن أسألك من قبل، حيث إن الحجاب مهم بالنسبة لي، والآن.. بعد أن أصبحت كما أتمنى من المرأة التي أريد فأريد أن أتقدم لخطبتك من أهلك، فهل هذا ممكن؟.
في البداية استغربت طلبه كثيرا، وقلت له أنت أمريكي ولا تعرف أن تتحدث اللغة العربية وصعب أن تتفاهم مع والدي، ونحن عائلة محافظة من الصعب جدا قبول هذا الأمر، حتى لو كنت مسلما ولكنك تبقى أمريكيا في نظرهم!
أخبرني أنه يعلم بأن الأمر سيكون صعبا بالنسبة للعائلة، وذلك لأنه يتفهم جيدا هذه العادات والتقاليد، لكنه أخبرني بأنه سوف يحاول إقناعهم وعليه أن يجرب والباقي على الله.
المهم، أخذت أفكر في كلامه كثيرا ولم أخبر أحدا بالموضوع. ومر حوالي شهر كامل وأنا أفكر، وكنت كلما فكرت أكثر تقربت من الموافقة على أن أحدث أهلي بالموضوع.
وفي يوم قمت بصلاة ركعتين، وبعدها قلت له بأنني سوف أستشير أخي، وأخي يعيش في أمريكا، وبالفعل اتصلت بأخي وأخبرته بالموضوع. استغرب أخي من الموضوع، وقال لي الموضوع صعب جدا، وقال لي إنه سوف يناقشه مع أخت لي تعيش في أمريكا أيضا، وهي أختنا الكبرى، وهي إنسانة جدا.. رائعة ومتعلمة ومثقفة ومتدينة جدا، وتفهم في أمور الدين كثيرا، فلما قام أخي بإخبارها صعقت للخبر، وأخبرت أخي أنها ترفض الفكرة تماما، فهي تعيش في أمريكا وتعرف الأمريكان جيدا. اتصل أخي بي وأخبرني بما حصل، وطلب مني أن أنهي الموضوع.
بعد أيام اتصلت بأخي وقلت له لماذا لا نعطي الشاب فرصة لنتعرف عليه، هل من الممكن أن نحكم على الشخص من غير أن نراه. وعندما رآني أخي جدية كثيرا ومتعلقة بالفكرة أخبر أختي التي بدورها اتصلت بي مباشرة واعتذرت لي أنها لم تتحدث معي في السابق، حيث إنها لم تكن تعرف أنني جدية إلى هذا الحد.
المهم، استمرت المكالمة أكثر من ساعة وأخذت تخبرني بقصص كثيرة، وقالت لي لماذا هي ترفض الفكرة، قالت أسبابا كثيرة ومقنعة إلى حد ما، وأخبرتني أنها لا تحكم على الشاب لأنها لا تعرفه، وقالت إنه بإسلامه يمكن أن يكون أفضل منا جميعا، ولكن الفكرة أنه أمريكي وثقافته تختلف كثيرا عنا، وأنه من الصعب العيش معه، وقالت إنه من الممكن بعد فترة من الزمن أن يتغير ويرجع إلى ما كان عليه قبل إسلامه.
أسباب كثيرة أخذت تسردها أختي لي، كلها كانت مقنعة وصحيحة. وفي هذه المكالمة أخبرتها أنني سوف أنهي الموضوع إن شاء الله، وسوف أخبر هذا الشاب أنه لا يوجد نصيب؛ ففرحت أختي وارتاحت كثيرا ووعدتها بأن أقطع علاقتي به نهائيا، وبالفعل قمت بإخباره بأنه من الصعب علينا أن نستمر وأن نعطي الموضوع أكثر من ذلك، فتفهم الموضوع سريعا، وقال لي كنت أتمنى أن يفهم أهلك أنني وجدت فتاة رائعة لدينها وبيتها، ولكني أحترم رأيهم وأتمنى لك التوفيق.
المشكلة بدأت من هنا، حيث إنني لم أخبره بأنهم طلبوا مني أن أقطع العلاقة معه، فبقيت أتحدث معه إلى الآن، والسبب الحقيقي لهذا الموضوع أنني لا أريد قطع العلاقة معه إلى الأبد، حيث إنني ما زلت بيني وبين نفسي أتمنى أن يتقدم لي وأن نتعرف على بعضنا أكثر، وبمعنى آخر ما زال عندي أمل.
أنا الآن أشعر بأنني تائهة بين:
هل أعاود المحاولة مرة أخرى مع أهلي مع العلم بأنني أخجل أن أفاتحهم بالموضوع، ولكني لا أريد توقف الحديث معه فهذا يشعرني بأنني أضيع شيئا ثمينا لا يأتي إلا مرة واحدة، مع العلم بأنني مؤمنة بنصيب الإنسان وما قسمه الله، وأنه لو عرف أنني خائفة وتائهة بهذا الشكل لتوقف وأنهى العلاقة فورا، فهو أخبرني مرة أنه لن يقبل بأن يكون سببا في معاناتي أو إيذائي، وهو يسعى دائما لإرضاء الله قبل إرضاء العبد، وبحديثي المتواصل معه يظن أنني بخير فنحن لا نتحدث في الموضوع أبدا، وكلامنا رجع كما كان أول تعارفنا.. عن الدين وأشياء أخرى قد تأتي ضمن الكلام.
وهناك شيء آخر أحب أن أضيفه.. فأنا متضايقة من نفسي، حيث أشعر بذلك أنني قد كذبت على إخوتي وبقيت على اتصال به، والشيء الآخر: أشعر أن الحديث معه مخالف أصلا لديني وإيماني بالله، في الوقت الذي تقربت فيه إلى الله أكثر من أي وقت مضى، وأريد أن أحافظ على هذا القرب.وصدقوني لقد سألت الله كثيرا أن يساعدني في هذا الموضوع، ولكني ما زلت لا أستطيع الكف عن التفكير في المحاولة مرة أخرى!، وأخاف أن يكون ما يحصل معي مدخلا من مداخل الشيطان والعياذ بالله!.
وأعتذر عن الإطالة وأرجو أن تفيدوني برأيكم.
ملاحظات:
لقد حاولت التوقف عن التكلم معه، وذلك بعد أن سمعت محاضرة لأحد الأستاذة الأفاضل أن الشات حرام، ولكنني لم أستطع، ونحن الآن نخطط للمحاولة مرة أخرى عن طريق والدته، وأنا أصلي صلاة الاستخارة كل يوم ولا أدري ماذا أفعل؟.
أشكركم جزيل الشكر.
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة:
أختك معها حق في مقولتها: "إنه أمريكي وثقافته تختلف كثيرا عنا"، فمن المؤكد أن الأمريكي يختلف عن العربي، وحتى العرب يختلف بعضهم عن بعض، فلكل قطر عربي عاداته وتقاليده التي قد لا يفهمها أبناء الأقطار الأخرى، أو لا يحسنون التعامل معها.
فالمشكلة تكمن في أن الحياة الزوجية شركة وعشرة واحتكاك يومي بين طرفي العلاقة وعائلة كل طرف، وحتى لو كان طرفا العلاقة من نفس البيئة ونفس المجتمع فإن ظروف التنشئة الأسرية قد تنتج اختلافات جوهرية بين الزوجين، وتحتاج هذه الاختلافات للحكمة والعقلانية والكثير من المرونة حتى تسير سفينة الحياة، وبالطبع فإن الأمور تزداد تعقيدا إذا كان هناك تباين واضح في البيئة الخارجية للتنشئة، فخصوصية المكان قد تجعل نفس الكلمة ونفس التصرف يحمل معاني مختلفة تبعا لاختلاف البيئات.
في هذا الصدد أذكر أختا لك تزوجت من عربي ولكنه مقيم في أمريكا منذ فترة طويلة، وأذكر أنها لم تكن تنكر عليه خلقا ولا دينا، ولكنها ضجت بالشكوى لأنه يحب الخصوصية بدرجة مبالغ فيها، فله حجرته الخاصة ودولاب ملابسه الخاص.. المهم أن قناعتنا هي أن زواج الثقافات المختلفة يمكن أن يكون مقدمة لثراء وتنوع وتواصل راق إذا تمتع طرفا العلاقة بكثير من الحكمة والحنكة والمرونة، ويمكن أن يكون مقدمة لشقاء وتعاسة الطرفين إذا تميز الطرفان -أحدهما أو كلاهما- بضيق الأفق، وإذا كانت نظرتهم للحياة -وبالتالي تفاعلاتهم المبنية على هذه النظرة- ضيقة محدودة الأفق، ولقد فصلنا في هذه المسألة من قبل في المشكلات التالية:
زواج الثقافات .. التعميم مضلل والناس معادن
زواج الثقافات : الحكمة مطلوبة و التعميم باطل
الزواج المختلط :القاهرة -الشام-نواكشوط
وأرجو ألا تعتبري موافقتي على مقولة أختك موافقة مني على رأيها ورغبتها في إنهاء الأمر برمته؛ لأن موافقتي على رأيها تؤكد ضرورة وأهمية التروي مع المزيد والمزيد من الحذر والتدقيق عند بحث الأمر، حتى يتأكد كل منكما أنه الاختيار الأنسب للآخر، وخصوصا أن تعارفكما حتى الآن قد تم عبر الإنترنت، والشات كما نؤكد دائما لا يعتبر وسيلة كافية للتعارف والتواصل من أجل الزواج، فأنت لا تعرفين عن هذا الشاب إلا ما يكتبه عن نفسه عبر لوحة المفاتيح، ونحن على الشات أطياف لكائنات رقيقة وجميلة وحالمة، أما حقيقتنا فتختلف بشكل أو بآخر عن هذه الصورة الجميلة المرسومة على الإنترنت، حتى لو كنا لا نتعمد الكذب، وقد فصلنا في هذه النقاط في المشاكل التالية:
رائع في كل شيء: أطياف الواقع الافتراضي
إنقاذ ضحايا الشات
بعيدا عن العيون.. صداقة أون لاين
هل هذا زوجي؟ هل هذه زوجتي؟
والتساؤل المطروح الآن هو:
هل في إمكان هذا الشاب أن يحضر للإقامة في بلدك فترة مناسبة للتعارف، ويمكنك بعدها مناقشة الأمر مع إخوتك بحيث يمكنهم أن يقنعوا والديك، مع الأخذ في الاعتبار أن هذا لا يعني أي التزام سواء منك أو منه نحو الارتباط، أو بمعنى آخر: تكون هذه الزيارة فرصة للتعارف، ويمكن بعدها لأي طرف أن يعتذر عن إتمام الارتباط إذا وجد أن الطرف الآخر لم يكن بالصورة التي تناسبه.
وهذا لا يتنافى بأي شكل من الأشكال مع كون عائلتك محافظة، فتعارفكما سوف يتم تحت سمع وبصر أهلك، وهذا أفضل من أن يظل الحال بينكما على ما هو عليه ومعلقا بهذه الصورة، فهذا أمر شديد الضرر عليكما -لا لأن الشات في حد ذاته حرام- ولكن لأن استمرار العلاقة بينكما على هذه الصورة يزيد من تعلق كل منكما بالآخر ويزيد من احتمال حدوث تجاوزات.
أختي الكريمة:
حسم أمورك مهم جدا.. فلا تتركي الأمور معلقة، وإذا كنت فعلا لا تستطيعين التخلي عنه فلا أقل من أن تبدئي خطواتك الفعلية للتعرف عليه بحيث يمكنك اتخاذ القرار على بينة، مع دعواتنا أن يعينك الله على حسن الاختيار، وأن يخلصك من حيرتك في القريب العاجل.
ــــــــــــــــــــ(41/212)
أختي بين خيوط العنكبوت.. مدمنة إنترنت!!
الإنترنت والهاتف
السلام عليكم ورحمة الله، المشكلة التي أكتب لكم بخصوصها تتعلق بأختي التي تبلغ من العمر 18 عاما؛ فهي ما تزال في بداية حياتهاالجامعية. والمشكلة تتعلق بالإنترنت؛ فهي تجلس إلى الإنترنت مدة لا تقل عن 4 ساعات يوميا؛ تدخل في الشات، وتتصفح المواقع العربية والأجنبية، ستقولون لي: وما المشكلة؟
ومعكم كل الحق؛ فحتى الآن لا تبدو مشكلة، ولكن المشكلة تكمن في أنها لا تستطيع الكف عن ذلك، وأن عدد ساعات دخولها إلى النت وبقائها عليها يزيد من شهر لآخر، وأصبحت بلا علاقات اجتماعية تقريبا، مع أنها فتاة جميلة لبقة، وكانت منطلقة إلى حد كبير، ونحن لم ننتبه إلى ما يحدث إلا عندما كانت في السنة النهائية للمرحلة الثانوية؛ فهي لم تكن تستطيع الاقتصاص من وقت الإنترنت، بينما تستطيع الاقتصاص من نومها ومن جلوسها معنا على مائدة الطعام؛ فهي الآن تقريبا لا تأكل إلا أمام الإنترنت، ولم تعد تهتم بصديقاتها إلا من تقابلهن على النت. ماذا أقول لكم لكي تتصوروا المشكلة كما هي فعلا؟
أنا أذكر جيدا عندما كان امتحانها في الثانوية بعد أقل من شهرين، أصرت أمي على منعها من الجلوس للشات؛ لأنها أكثر ما تفعله على النت هو الشات، ولم نكن نستطيع منعها، ولقد قمنا بنزع كارت الفاكس من الجهاز رغم ما كان يمثله هذا من عبء علينا جميعا؛ لأننا كلنا نستخدم الإنترنت ما عدا أمي طبعا؛ فكنا نلجأ إلى أحد مقاهي الإنترنت الموجودة في نفس البناية التي نسكن فيها.
المهم أننا اكتشفنا بعد أسبوع من فصل كارت الفاكس أنها تقوم من سريرها بعد أن ننام جميعا، وتخرج من البيت لتجلس في المقهى تحت البيت وتدخل النت منها.. تخيلوا فتاة في الثامنة عشرة من عمرها تخرج من بيتها بعد الثانية صباحا لتدخل النت من الشارع، صحيح أن المقهى في نفس البناية، ولكنه شارع! ثم إن معظم مرتادي مقاهي الإنترنت في مثل هذا الوقت يكونون من الشباب الذين لا يعلم بسلوكياتهم إلا الله، واكتشفنا أنها كانت ترشو صاحب المقهى لكي لا يخبرنا.
أتدرون كيف اكتشفنا ما تفعله؟ لقد كان ذلك بالصدفة؛ فقد اتصلت بنا واحدةٌ من قريباتنا تعيش في أمريكا لظرف طارئ وكان اتصالها في الثالثة صباحا ولأن سماعة التليفون الموجود بصالة البيت كانت سيئة؛ فقد دخلت إلى غرفتها لسماع المكالمة، وكانت المفاجأة.. أختي غير موجودة في سريرها، ثم اتضح أنها غير موجودة بالشقة كلها، وعندها أيقظت أخي من نومه وأخبرته بأنها غير موجودة، فارتدى ملابسه وخرج وهو في منتهى القلق إلى الشارع لا يدري أين سيذهب! ليفاجأ بأختنا الصغرى جالسة على النت في المقهى في الثالثة والربع صباحا، وقد بقي على امتحانها أسبوعان! فهل هذا تصرف طبيعي؟!
المهم أننا والحمد لله لم نثر فضيحة كبيرة؛ فقد أحسن أخي التصرف، لكن لم يكن بد من مناقشة الأمر بعد ذلك معها، فاسمعوا ماذا قالت: "أنا أعرف أنني تصرفت تصرفا خاطئا، ولكنكم لا تدركون ما أشعر به وتحسبون أنه بإمكاني، إن الأمر أكبر مني، إنني لا أستطيع منع نفسي، أنا أصلا لا أفهم ماذا يحدث لي؟ لكنني لا أستطيع الاستغناء عن دخول الإنترنت! أنا أشعر أنها عالمي الذي أعيش فيه، ولا أستطيع أن أعيش دائما خارجه، قولوا: إنني كالسمكة والإنترنت كالماء، أنا حتى عندما أحلم وأنا نائمة أحلم بأنني أتصفح من موقع إلى موقع، إنني أشعر بالاختناق وعدم القدرة على التركيز وأشعر بالضيق والملل، ولا يخرجني من هذا الإحساس إلا أن أتذكر صوت "اللوجنج إن"! وأنا لكي أذاكر بعدما فعلتموه أصبر نفسي طول النهار بأنني سأدخل النت بعد أن تناموا!".
وعندما قال لها أخي بأنها بهذا الشكل لا بد أنها تفعل أشياء غير موثوق بها على النت أو أن لها علاقات مريبة بأشخاص من خلالها، أقسمت بالله العظيم أن المشكلة التي تعانيها لا علاقة لها بذلك، وأنه مجرد الدخول على الإنترنت بغض النظر عما تفعل!
المهم أننا بعد ذلك نجحنا في تخفيض دخولها النت من البيت إلى ما بين نصف الساعة والساعة يوميا على مرات متفرقة، وكان ذلك يحدث حتى في ليالي الامتحانات، وصدقوني.. مرات يوم الامتحان في الصباح، لكنها بالطبع بعد نهاية الامتحان عادت كما كانت، تجلس أربع أو خمس ساعات يوميا على النت.
سؤالي الآن هو: إذا كان هذا الذي تعاني منه أختي هو ما يسمى إدمان الإنترنت؛ فهل له علاج؟ نسيت أن أقول لكم: إن أختي هذه تمتاز طول عمرها بالإتقان والدقة، ودائما تحب ترتيب كل شيء زيادة عن اللزوم، وتهتم جدا بمظهرها وهيئتها، حتى إنها من الممكن أن تضبط الخمار عدة مرات أثناء زيارتنا لأحد الأقرباء عندما كانت تخرج معنا، كما أنها تهتم جدا بنظافتها وتصفيف شعرها، وإن كانت تقطعه أحيانا وهي أمام الكمبيوتر، كما أنها كثيرا ما تهز رجلها بطريقة مستفزة، ولا تستطيع منع نفسها من ذلك، لكنها والله ما تزال رائعة ومحبوبة.. فكيف تكون مدمنة، والإدمان كما يقولون عنه دائما داءٌ بلا دواء؟
أتمنى أن أكونَ قد أفدتكم عن حالة أختي بما يكفي، وأنا في أمس الحاجة إلى ردكم الوافي والسريع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت السائلة، أهلا وسهلا بك وشكرا على ثقتك، والحقيقة أن المشكلة التي تطرحينها علينا هي واحدةٌ من أهم المشكلات التي لم ندرك كمجتمع وكأطباء نفسيين أبعادها الحقيقية بعد، وأحب في البداية أن أطمئنك إلى أن علاج مشكلة أختك ممكن بفضل الله، ولكنه.. أولا صعب، وثانيا يحتاج إلى رغبة أكيدة منها في التعاون مع المعالج ومع مساعديه من أفراد أسرتكم، ولعل أفضل ما في حالة أختك هو أنها أصبحت معروفة لكم في البيت؛ فهي لم تعد مضطرة للكذب عليكم والاستمرار في خداعكم بإخفاء تورطها مع الشبكة العنكبوتية!
والحقيقة أن سؤالك عن أختك: "هل هيَ مدمنة إنترنت؟" سؤالٌ قد تبدو الإجابة عليه بـ"نعم" سهلة لأول وهلة، إلا أن تلك الإجابة السهلة تظل محفوفة بالمخاطر دون إجراء مقابلة إكلينيكية وقياس نفسي لها، خاصة أن إدمان الإنترنت Internet Addiction هو في حد ذاته مصطلح ما يزال تحت الدراسة والتغيير حسب مستجدات الدراسات والبحوث، وآخر ما تم التوصل إليه في هذا المضمار هو أن مدمن الإنترنت هو من أصيب بخمسة من الأعراض الثمانية التالية:
1 ـ التفكير الدائم في الإنترنت حتى أثناء البعد عن الكمبيوتر.
2 ـ الشعور بالرغبة في زيادة عدد ساعات استخدام الإنترنت.
3 ـ المكوث على الشبكة لفترة أطول من المخطط لها.
4 ـ الفشل مرارا في ضبط عدد ساعات استخدام الإنترنت.
5 ـ التوتر عند عدم استخدام الإنترنت.
6 ـ الشعور بالندم على فقد مكتسبات معينة وعلاقات وصفقات والتزامات؛ بسبب كثرة استخدام الإنترنت.
7 ـ الكذب على المحيطين من أجل التفرغ للمزيد من استخدام الإنترنت.
8 ـ اللجوء للإنترنت للهروب من مشاكل الحياة.
وإدمان الإنترنت عملية مرحلية؛ حيث إن المستخدمين الجدد عادة هم الأكثر استخداما وإسرافا في استخدام الإنترنت؛ بسبب انبهارهم بتلك الوسيلة.. ثم بعد فترة يحدث للمستخدم عملية خيبة أمل في الإنترنت، وحسب بعض الدراسات التي تمت في هذا المجال فإن أكثر الناس قابلية للإدمان هم أصحاب حالات الاكتئاب والشخصيات القلقة.. وهؤلاء الذين يتماثلون للشفاء من حالات إدمان سابقة.
وقد اقتنع بعض العلماء أن هناك من يسمون بمدمني الإنترنت، في حين اعترض آخرون، وتعرضوا لاستخدام بعض الناس للإنترنت استخداما زائدا عن الحد على أنه نوع من أنواع الرغبات التي لا تقاوم. وبصرف النظر عن التعريف واختلاف العلماء في التسمية؛ فإنه لا خلاف على أن هناك عددا كبيرا من مستخدمي الإنترنت يسرفون في استخدام الإنترنت حتى يؤثر ذلك على حياتهم الشخصية.
ولدى مدمني الإنترنت بصفة عامة قابلية لتكوين ارتباط عاطفي مع أصدقاء الإنترنت والأنشطة التي يقومون بها داخل شاشات الكمبيوتر، وتوفر تلك المجتمعات الافتراضية (Virtual communities) وسيلة للهروب من الواقع، وللبحث عن طريقة لتحقيق احتياجات نفسية وعاطفية غير محققة في الواقع.
وتؤكد البحوث النفسية أن الاستخدام المبالغ لشبكة الإنترنت يسبب إدمانا نفسيا قريبا من الإدمان الذي يسببه التعاطي المكثف للمخدرات.. وهذا الإدمان يؤثر على مزاج ونفسية الإنسان في حالة الابتعاد عنه.. ويعرف بأنه حالة اضطراب إكلينيكي يستدل عليها بوجود "ظاهرة التحمل" Tolerance أي الميل إلى زيادة ساعات استخدام الإنترنت لإشباع الرغبة نفسها التي كانت تشبعها من قبل ساعات أقل، وأيضا ظاهرة "الانسحاب"Withdrawal أي المعاناة من أعراض نفسية وجسمية عند انقطاع الاتصال بالشبكة ومنها التوتر النفسي الحركي "حركات عصبية زائدة"، والقلق، وتركز التفكير بشكل قهري حول الإنترنت وما يجري فيها.. وأحلام وتخيلات مرتبطة بالإنترنت وحركات إرادية ولاإرادية تؤديها الأصابع على الكمبيوتر والرغبة في العودة إلى استخدام الإنترنت للتخفيف أو تجنب أعراض الانسحاب.. إضافة إلى الميل إلى الاستخدام بمعدل أكثر تكرارا أو لمدة زمنية أطول.
وهناك في إفادتك في الواقع ما يشير إلى وجود هذه العلامات كلها في حالة أختك، إلا أنك في الجزء الأخير من إفادتك أضفت لنا معلومات نحمد الله أنك لم تنس إضافتها إذ تقولين: "أختي هذه تمتاز طول عمرها بالإتقان والدقة، ودائما تحب ترتيب كل شيء زيادة عن اللزوم، وتهتم جدا بمظهرها وهيئتها حتى إنها من الممكن أن تضبط الخمار عدة مرات أثناء زيارتنا لأحد الأقرباء... كما أنها تهتم جدا بنظافتها وتصفيف شعرها وإن كانت تقطعه أحيانا وهي أمام الكومبيوتر، كما أنها كثيرا ما تهز رجلها بطريقة مستفزة ولا تستطيع منع ذلك"، فهذه العبارات تشير إلى أننا ربما نتحرك داخل نطاق اضطرابات الوسواس القهري OCD Spectrum، خاصة أن إدمان الإنترنت ينتظر أن يصنف تحت اضطرابات العادات والنزوات Habit and Impulse Disorders، وهي أحد محتويات نطاق الوسواس القهري، ومعنى ذلك أن أختك قد تكون لديها معاناةٌ نفسيةٌ غير تلك التي تعرفون، وأنها ربما تخفيها وتعتبرها سرا من أسرارها؛ وهو ما يحتم عليكم استشارة أقرب طبيب نفسي.
وبوجه عام نحب أن نقول لك إن إدمان الإنترنت ولله الحمد ليس في أغلب الحالات من أنواع الإدمان التي يصعب الخلاص منها أو علاجها، فلا تنطبق عليه مقولة إنه داء بلا دواء، وهناك عدة طرق للعلاج أول ثلاث منها تتمثل في تغيير الوقت الذي يجلس فيه الشخص على النت أو تأجيله بشكل أو بآخر، والطريقة الثانية هي إيجاد بعض الموانع الخارجية كضبط ساعة منبهة قبل بداية دخوله الإنترنت بحيث ينوي الدخول على الإنترنت ساعة واحدة قبل النزول للجامعة مثلا حتى لا يندمج في الإنترنت، والطريقة الثالثة هي أن يطلب من المريض تقليل وتنظيم ساعات استخدامه بحيث إذا كان -مثلا- يدخل على الإنترنت لمدة 40 ساعة أسبوعيا نطلب منه التقليل إلى 20 ساعة أسبوعيا، وتنظيم تلك الساعات بتوزيعها على أيام الأسبوع في ساعات محددة من اليوم بحيث لا يتعدى الجدول المحدد.
وإن كانت هذه الطرق الثلاث -عادة- لا تكفي في حالة الإدمان الشديد ؛ بل يجب استخدام وسائل أكثر هجومية، مثل الامتناع التام عن استخدام أكثر مجالات استخدامه للإنترنت في حين تترك له حرية استخدام المجالات الأخرى، فإذا كان المريض مدمنا لحجرات الحوارات الحية نطلب منه الامتناع عن تلك الوسيلة امتناعا تاما في حين نترك له حرية استخدام البحث مثلا، كما يستفيد البعض من وضع بطاقات يكتب فيها مساوئ الاستخدام المفرط للإنترنت وتعليقها بجوار الجهاز، كما يمكن أن تفيد مجموعات الدعم Support Groups، كما يحتاج الأمر في كثير من الأحيان إلى إشراك الأسرة كلها في العملية العلاجية، بل ربما في بعض الأحيان تحتاج الأسرة بأكملها إلى تلقي علاج أسري بسبب المشاكل الأسرية التي يحدثها إدمان الإنترنت بحيث يساعد الطبيب الأسرة على استعادة النقاش والحوار فيما بينها ولتقتنع الأسرة بمدى أهميته في إعانة المريض؛ ليقلع عن إدمانه.
إلا أن من المهم تذكيرك بأن حدسنا يشير إلى احتمالية وجود اضطراب أعمق في حالة أختك، ونؤكد على أن وضع خطة معينة لعلاج حالة بعينها يحتاج إلى معاينة المعالج النفسي للحالة، خاصة أن أختك (ولا ندري لماذا!!) لم تقم بالكتابة لنا بنفسها، وهو ما يعني أن مشكلات أخرى قد تكونَ خافية عليك وعلينا بالتالي، وفي النهاية نشكر لك ثقتك
ــــــــــــــــــــ(41/213)
الفضاء الإلكتروني والعودة إلى الذات
الإنترنت والهاتف
السلام عليكم ورحمة الله، هذه مشاركتي الثانية في وقت قصير.. لم أرسل من قبل أي مشاركات مع أني من المتابعين للصفحة منذ أكثر من سنتين، ولكني أصبحت أحس أن هناك الكثير من الأشياء المشتركة بيني وبين أصحاب المشاكل؛ لذلك أود أن أشارك برأي فلربما استطعت مساعدة أحدهم ونلت الثواب.
وبالمناسبة بعض ملامح قصتي هنا كنت قد أرسلت لكم بها منذ زمن قبل أن تتطور الأمور كثيرًا وقمتم بالرد عليّ تحت عنوان " تحت العشرين: رهانات الحب والمخاطرة" ما زلت أذكرها مع أنه مر وقت طويل عليها، وذلك لأني ندمت لاحقًا لأني لم أستمع للنصيحة، ولفتت نظري مشكلة " الزواج العرفي.. مرفوض في الفضاء الإلكتروني" كثيرًا فالأحداث إلى حد ما حصلت معي، وسأسرد قصتي كاملة على الأخت علها تستفيد منها.
منذ أكثر من أربع سنوات اكتشفت عالم الشات، لم يكن بالنسبة لي أكثر من تسلية وطريقة لأمارس اللغة الإنجليزية بشكل أكبر، ولم أُقم أي علاقات خاصة من أي نوع مع أي شخص لعلمي التام أن الجميع يكذب كما أكذب أنا.
ولكن شاءت الصدف أن ألتقي بأحدهم وهو من نفس جنسيتي، ويسكن في النفس البلد التي أسكن به؛ وهو ما جعلني حريصة أشد الحرص ألا يكشف هويتي، ولكنه استطاع بسهولة أن يعرف من أنا ورآني دون علمي ومن ثم أخبرني بحبه.
لا أنكر أنني وقعت أسيرة هواه وقلت نفس الكلام الذي تقولينه أنت الآن، شاب ممتاز على خلق ودين، خصوصا أنه كان يشجعني على الصلاة والقرب من الله.
ورأيت فيه كل مواصفات فارس الأحلام؛ فنحن يا أختي بسبب تربيتنا في هذه البيئة المغلقة نقضي الليل والنهار في رسم ملامح خيالية للفارس المنتظر، وما إن يلوح طيف رجل عاشق في الأفق تبدو عليه رتوش الصورة الخيالية، حتى نسبغ عليه صفة الكمال ونعطيه من تفاصيل أحلامنا الكثير فتصبح صورته أزهى حتى من الحلم، وما ساعد على ذلك في حالتي تعرفي عليه عن طريق الشات الذي يخفي الكثير من العيوب.
لن أطيل عليك وسأخبرك بالنهاية، تقدم لطلب يدي كثيرًا وكل مرة كان يرده أهلي خالي الوفاض؛ لأنه لا يصلح لي من وجهة نظرهم، مع أنه من نفس جنسيتي، ومع أنه أكبر مني بسنتين فقط، ومع أنه يعيش في نفس البلد الذي أعيش فيه (وهو ما لا يتوفر في حالتك)، أي أنه منطقيًّا مناسب جدًّا.
ولكن وجهة نظر أهلي تكمن في أنه ما زال في بداية حياته ودخله لا يكفينا معًا مع أن مستواه المادي ليس أقل منا بكثير. والسبب الثاني أن مستواه الاجتماعي أقل منا وسبب آخر وهو دراسته التي لم يكملها، ولكني لن أتحدث عن هذا السبب لأنه دخل الجامعة لاحقًا من أجلي ، لم أعر أسباب أهلي انتباهًا، ففي رأيي كان الناس سواسية، ولم أكن لأرفضه بسبب مستوى مادي واجتماعي.
استمر في التقدم لي واستمر حبنا سنتين من الزمان وهو يبذل الغالي والرخيص للوصول إليّ، وأصابته العديد من الأمراض لبعده عني.. أيبدو لك عاشقاً ولهانًا؟ هكذا رأيته وهكذا زدت غرقًا في هواه إلى أن استسلم أهلي في النهاية لعنادي ووافقوا عليه وتمت الخطبة.
نهاية رائعة!! لا أبدًا، كم تمنيت لو بقي الحلم بعيد المنال فقد كان أجمل.. بدأت الخلافات سريعًا ومعظمها كان بسبب اختلاف طريقة حياتي عن حياته وتربيته، فهو من بيئة محافظة جدًّا أما أنا من بيئة متحررة لدرجة أني الوحيدة المحجبة في العائلة ما عدا جدتي (ولكني مع ذلك تربيت نفس تربيتك فأنا نشأت في بيئة خليجية، ولم يكن لدي اختلاط كبير بالجنس الآخر). وصلت الخلافات بيننا مداها إلى أن أتى يوما، وقال لي بمنتهى البرود إنه ما عاد يريدني، وإنه كان في منتهى الغباء عندما أحبني!!
بهذه البساطة تركني، استغرقت وقتا طويلاً لأتقبل ذلك ولأفهم أن بعدنا عن بعضنا فيه الخير لكلانا، فلو استمررنا وتزوجنا لكانت مصيبة. لم يكن الإنسان الذي أستطيع الحياة معه، كنت أظنه هادئًا قبل أن نخطب فإذا به شديد العصبية، كنت أظنه عاقلاً فإذا به يغار من الجميع حتى من إخوتي إن فضلتهم عليه.. وغير ذلك الكثير مما اعتقدته لأصدم بالواقع المغاير.
كل ما عرفته عنه من الشات كان وهمًا، وربما أحس هو بنفس الشيء، وأنا لا أقول بأننا كنا نخدع بعضنا، ولكننا لا شعوريًا تصرفنا بطريقة أوحت لكل منا بأن الآخر هو الأفضل، مع أنني طوال معرفتي به كنت أحاول أن أظهر على حقيقتي، ولكن من يحب من الصعب عليه أن يتحكم في هذا الأمر فأنا كنت أريده أن يحبني أكثر وألا يبتعد عني، لذلك بدوت في صورة الفتاة التي يتمناها رغمًا عني.
الحمد لله أنه كان أعقل مني ولم يستمر في وهم أساطير الحب طويلاً مثلي، فقد حبا الله الرجل بالقدرة على استخدام عقله بمنأى عن هواه، ولذلك فإن أي رجل مهما بلغت درجة عشقه لامرأة فإن عقله سيأخذ بزمام الأمور أخيرًا.
الكثير مما يحدث معك حدث معي، فقد طلب مني أيضًا في يوم ما أن أتزوجه، ولكن ليس عرفيا بل في المحكمة دون علم أهلي، حيث يسمح ذلك في بلدي لمن تجاوزت الثامنة عشرة، لم أقبل طبعًا فقد كنت أقول لنفسي ما تقولينه أنت الآن لنفسك: هل سأندم؟ هل سأحتاج لأهلي ولن أجدهم لأني فضلته عليهم؟ وأقول لك بأنني الآن أعلم يقينًا أن الله كان رءوفا بي عندما رفضت وإلا كنت سأتجرع كؤوس الندم إن تزوجته.
وقد شعرت بالذنب كثيرًا وأنا أكلمه وحاولت مرارًا وتكرارًا أن أقطع علاقتي به ولكني فشلت مثلك؛ وذلك لأني كلما أخبرته بأني أريد قطع العلاقة كنت أجده في اليوم التالي في المستشفى. لم يشفع كل هذا الحب لي وله، فكما قالت لي أمي، لا يكفي الحب للزواج الناجح، كنت أقول لها ولكني اخترته بعقلي أيضًا، فكانت تقول هذا ما تظنينه، ولكني أرى مدى حبك له وأعلم أن حبًّا بهذا المقدار يلغي أي عقل. وقد كانت على حق.
ذكرت قصتي لتأخذي منها العبرة، ولا أقصد أبدًا أن هذه النهاية ستحصل معك، بل على
العكس أنا أريد أن أفرض أن هذا الشخص الذي تحبينه مطابق للمواصفات التي ذكرتها وأنه بالفعل فتى الأحلام الذي تودينه.
ولكن أريد منك أن تفكري معي في هذه النقطة، هل لديك صديقة من جنسية أخرى؟ أقصد عربية بالطبع، كفتاة من بلاد الشام أو مصر أو غيرها. إن لم يكن لديك فأنا أشجعك على أن تصادقي إحداهن لتجربي هذا الإحساس.
أنا من بلاد الشام ولي العديد من الصديقات الخليجيات بحكم نشأتي معهن، بعضهن من أعز صديقاتي وقريبات جدًّا إلى قلبي، ولكني أتحاشى زيارتهن أو دعوتهن إلى منزلي؛ وذلك لأني أحس بالغربة عندما أذهب إلى بيوتهن، أحس بعالم لا أنتمي إليه كل ما فيه لا أعرفه، خصوصا عندما تكون والدتهن معنا. وعندما يزرنني لا يكففن عن الاستغراب من طريقة حياتي وحياة أهلي، مع أنني تربيت في نفس بيئتهن، ولكن اختلاف الجنسيات يؤثر كثيرًا على أسلوب الحياة.
هذا على مستوى الصداقة فكيف بالعلاقة الأقوى، الزواج؟! ألم يخطر في بالك من سيضحي ويعيش في بلد الآخر؟ إن أنت ذهبت إلى بلده كيف ستتأقلمين مع أهله ومجتمعه، وهم ألن يستهجنوا الكثير من عاداتك؟ أو لو قدم هو إلى بلدك فكيف سيعامله أهلك؟ وماذا سيكون موقفه من عاداتكم؟ بل كيف ستربون أولادكم؟ على دين الإسلام، هذا صحيح ولكن العادات تلعب دوراً مهماً، وربما تجدان أنفسكما تختلفان على كثير من الأمور في تربية أبنائكم مستقبلاً. حتى لو فرضنا أنه لن تحدث أي مشاكل بسبب العادات والتقاليد فما زالت هناك مشكلة، علاقتكما ليس لها نهاية واضحة المعالم، وباستمرارك في هذه العلاقة فأنت تغامرين بالكثير، وإن لم يقبل أهلك به فسوف تتحطم نفسيتك؛ لذلك حاولي قطع علاقتك به وكوني على يقين تام أن هذا الشاب لو كان يحبك حقاً فسوف يفعل المستحيل ليصل إليك ويقنع أهلك، وفي النهاية الموضوع موضوع قسمة ونصيب، ولو كتب الله لك الزواج به فلن يستطيع بشر الحيلولة دون زواجكما.
اتقي الله وابتعدي عن هذا الشاب مرضاة لربك، ليوفقك الله ويجمعك يومًا ما بهذا الشاب إن كان فعلاً ما قسمه الله لك. قد يبدو الابتعاد عن الرجل الذي تحبين صعب جدًّا؛ لذلك سأخبرك ببعض ما ساعدني على نسيان خطيبي سابقًا:
أولاً: أهم ما في علاقتكما هو إحساسك بأنه الوحيد الذي يسمعك ويفهمك؛ لذلك حاولي توطيد علاقتك بإحدى صديقاتك بشرط أن تكون أهلاً للثقة لتبوحي لها بمكنونات قلبك، ولو أني أعتقد بأن الأم خير صديقة ولكن يبدو أن علاقتك بأمك ليست قوية.
ثانيًا: المشاعر التي تختلجك لا بد لها من منفذ للخروج؛ لذلك وجهي محبتك في اتجاه آخر، أيوجد في المستشفى الذي تعملين فيه قسم للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة أو المرضى بالسرطان؟ أو حتى أي جمعية خيرية قريبة من منزلك تُعنى بالأيتام؟ وجهي مشاعرك باتجاههم وستحسين بالراحة؛ لأن حبك لهؤلاء الأطفال سيعطيك السعادة التي كنت تجدينها في حبك لهذا الشاب.
ثالثًا: اشغلي وقتك بالأشياء المفيدة، لا تتركي ثانية واحدة، فكل ثانية فراغ سيتسلل الشيطان إلى قلبك ويحضك على الاتصال بذاك الشاب. تعلمي لغة جديدة، أو سجلي في دورات الحاسب أو أي أشياء أخرى تثير اهتمامك.
رابعًا: من الغد ألغي الصفر الدولي من هاتفك؛ فسهولة الاتصال به تشجعك على معاودة الحديث معه. واحذري من أن تقولي لنفسك سأبدأ بالتدريج، مكالمة يوميًّا ثم مكالمة أسبوعيًّا فشهريًّا وهكذا، هذه الطريقة تعيدك دائما من حيث بدأت، أنا جربتها كثيرًا ولم تنفع، عليك بالانقطاع عن الاتصال به فجأة، طبعًا بعد أن تذكري له الأسباب، ويفضل أن يكون ذلك بواسطة البريد الإلكتروني؛ لأنك ستضعفين عند سماع صوته.
أتمنى أن تكون نصائحي ذات قيمة، وأن يصحح لي الأساتذة الأفاضل أي نصائح لا تنفع الأخت. أتمنى لك من قلبي أن تتزوجي بالإنسان الذي يستحقك، سواء كان هذا الشاب أو غيره، ففي النهاية المهم أن تكوني سعيدة مع زوجك، فانظري هل ستتحقق لك السعادة مع هذا الإنسان في ظل كل هذه الظروف واحتمال رفض أهلك؟
إن لم تمانعي أود لو نتراسل إلكترونيا، وأن أكون لك الصديقة التي قد تحوز على ثقتك، عنواني لدى "إسلام أون لاين.نت"، أرجو منك أن ترسلي لي. شكرًا، والسلام عليكم.
... المشكلة
د .ليلي أحمد الأحدب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أشكرك على مشاركتك، وكنت قد فكرت أن تنشر كما هي، أي بدون تعليق، لكن وجدت أن لديك نقطتين إحداهما يجب التأكيد عليها، والأخرى يجب تصحيحها:
النقطة الأولى: البيئة المنغلقة التي تذكرين هنا أنك تعيشين فيها أنت وصاحبة المشكلة الأصلية نحاول في كثير من ردودنا أن نسلط الضوء عليها؛ لأنها في الحقيقة تؤدي إلى أخطاء وإن كانت خفية، لكنها ممتدة ومتجذرة في بنية بعض المجتمعات العربية، وكأنها حقول ألغام ما إن يدوسها أحدهم بقدمه إلا تنفجر في وجهه وتكون الكارثة؛ لذلك ننبه دائما على أن هذا الوضع يحسن تغييره بالعودة إلى الدين الصحيح قبل أن يأتي من الخارج من لا تعجبه أوضاعنا فيغير ما يريد ويشوه البقية الباقية من فطرتنا السليمة.
وتأكيدنا على هذا الأمر ينبع من إحساسنا بالمسؤولية عن كل ذرة تراب من وطننا العربي الكبير، ويصدر عن شعورنا بالأخوة لكل مسلم دون أن نفرق بين يمني وسوداني أو خليجي ومغربي أو شامي ومصري أو فلسطيني وعراقي، كما أنه ينبثق عن إرادتنا -والله يعلم ذلك- الخير بمجتمعاتنا، ويعلن عن أملنا في أن تستعيد أمتنا دورها الحضاري المنشود بفهم دينها بالشكل الصحيح والاقتناع أنه صالح لكل مكان وزمان، مبتعدين عن الفكر المجرد وأسلوب التنظير، بل ما يهمنا أن تلتحم الأفكار بالمجتمع وتتجسد بأفراده، فتتجلى الأفكار السامية واقعًا يمشي على الأرض وأشخاصًا يتصلون بالسماء.
النقطة الثانية: كلامي السابق يجعلني أفتح ملف الجنسيات التي تتحدثين أنت عنه هنا، وتتكلمين عن الغربة التي كنت تشعرين بها بين صديقاتك من جنسيات أخرى، وأنا أعترف معك أنك تتحدثين عن واقع، لكنه بكل المقاييس واقع مؤلم، وليس يعني وجود هذا الأمر على أرض الواقع أن نستسلم له ولا نسعى لتغييره، فلماذا تكون بيننا كل هذه الفروق، ونحن أساسًا نتكلم لغة واحدة ويجمعنا تاريخ مشترك ويلم شملنا آمال وآلام، وأكثر من هذا كله يفترض أننا نحن من خاطبنا الله سبحانه بقوله: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}؟
عندما ذكرت في ردي على مشكلة " أكذوبة العائلة المسمومة: ابنتكم نكحت ولدنا!!!" أنني أطلب تجميع السائلين في مجموعات حسب التاريخ الجغرافي للمنطقة وليس حسب اتفاقية سايكس بيكو الاستعمارية، كتب الدكتور أحمد عبد الله في تعقيبه أن هناك فرقًا كبيرًا بين لبنان والأردن مثلا، ومعه كل الحق طبعا، فلا ينكر هذا إلا جاهل أو متجاهل، لكن هذا الفرق لم يكن موجودًا منذ سبعين عامًا أو أقل.
أخبرتني والدتي أنها تذكر في طفولتها كيف كانت جدتي تلبس الملاءة السوداء "الزمّ" كما كانت تلبسها جارتها المسيحية، وكما تلبسها السورية تلبسها اللبنانية والأردنية، فهل سبعون عاما هي كافية كي تُمسَح ذاكرتنا ويُستعمَر عقلنا الباطن؟
أرجو ألا يفهم كلامي أنني أطالب أن نعود إلى لباس السواد، لكنني أطالب بالعودة إلى الذات، فمنذ أقل من مائة عام كانت تجمعنا خلافة إسلامية واحدة وهي على علاتها أرحم بكثير من هذا التفرق والخذلان الذي نعيشه، وإن أعمار الأمم لا تقدر بالسنوات كأعمار الأفراد ولكنها تقدر بالقرون، فهل تلغي مائة سنة عجفاء نضارة تاريخنا وسيرة أبطالنا وفتوحات أجدادنا؟
يحكي التاريخ عن السلطان العثماني محمد الفاتح أن معلمه كان يصطحبه إلى أسوار القسطنطينية ويشرح له أن هذه البقعة هي التي أشار إليها الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله: "لتَفْتَحُنّ القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش", فكان الطفل يحلم أنه سيكبر وسيكون ذلك الأمير, وحقق حلمه ولم يكن عمره يزيد عن عشرين عاما؛ وليس هذا بمستغرب إذا علمنا أن الحقائق تبدأ أول ما تبدأ بالأحلام، فهل من مانع أن نحلم باجتماع الشمل من أجل أن نعمل له، أو على الأقل أن نغرس هذه الآمال في أولادنا بعد أن عجزنا نحن عن تحقيقها؟
هل ننسى قصة ذلك العجوز الذي كان يغرس أشجار الزيتون فلما سأله أحدهم كيف يزرع أشجارًا وهو لا يضمن أن يعيش ليأكل منها، قال: زرعوا فأكلنا ونزرع ليأكلوا؟ وأنا كذلك لا أنسى ثمار الليمون الكبيرة الحجم التي حملها أخي الكبير عائدا من فلسطين -عندما كنت طفلة قبل الهزيمة التي سميت نكسة- وما زلت أحكي لأولادي عن أرض التراب الحزين التي كانت جنة الله في الأرض فحولها الغاصبون جحيما ونارًا ودمارًا.
صحيح أني كثيرًا ما وصفت في ردودي كيف أصبحنا خليطًا عجيبًا من أناس لا يوجد بينهم أي تآلف وتجانس، فمن مشدوه بالغرب مهلل له ومكبر، ومن قاذف للغرب بأبشع التهم وأحدّ الألفاظ، فهل يعني هذا أن نستمرئ هذا الوضع؟ هل هو حقيقي؟ أبدًا إنه ليس حقيقيا، وقد قلت مرة إن الحقيقة تختلف عن الواقع، وهنا أيضا تفرض الحقيقة أن نتمتع كلنا بهوية عربية وذات إسلامية واحدة فكيف تفككت هذه الهوية، وأين اختفت تلك الذات؟
طبعًا قرن كامل -ينقص أو يزيد حسب البلاد العربية- من الاستعمار الغربي فعل بتاريخنا وبجغرافيتنا ما فعل، وتلاه حكم الجبريات التي سحقت شعوبها باسم القومية تارة والاشتراكية تارة أخرى، لكن هل هذا مبرر لأن نستمر في الهزيمة ونقول: بيئتي أنا بنت الشام غير بيئتك أنت يا ابن مصر؟
أين الإسلام الذي يوحدنا إذن؟ أين همنا المشترك؟ أين دمعنا الممتزج؟ أين دمنا الحر المسفوح الذي اختلط على جبال الجولان وفي رمال سيناء؟ أين لحمنا الذي يتقطع في العراق؟ أين أشلاؤنا التي تتمزق في فلسطين؟
أنت تقولين بأن الشاب الذي عرفته كان من بيئة غير بيئتك مع أنه من جنسيتك، فلماذا لم تحل الجنسية هذا الإشكال بينكما؟ السبب واضح يا أختي الغالية وهو أن هذا الاختلاف ليس بسبب الجنسية وليس بسبب بعد المسافة بل هو بسبب التربية، فأنت عائلتك متحررة وهو من عائلة محافظة.. فلماذا؟ السبب أن مجتمعاتنا خُطط لها أن تكون كالثوب المرقع، أو بالأحرى كما يشبهها أحد العباقرة بالزرافة في اللغة الفارسية والتي تجمعها كلمة واحدة هي: شتر كاو بير أي جمل بقرة نمر، فللزرافة عنق الجمل وجسم البقرة وجلد النمر، ولكن الزرافة لم تفقد هويتها، أما نحن فقد ذبنا في عادات نعتبرها متحررة وهي قمة العبودية للنفس والأهواء، أو تقوقعنا في تقاليد نعتبرها محافظة وهي لا تحافظ إلا على التخلف والجهل والرجعية.
ما المبرر أن يهزأ بعضنا من عادات بعض؟ ولماذا لا نسعى لتكوين عادات مشتركة؟ أليست الأخلاق الإسلامية عادات يجب استرجاعها؟ صلة الرحم وإكرام الضيف والإحسان إلى الجار وبر الوالدين وإطعام الطعام وإفشاء السلام واللقاء بالبشر والابتسام، كل هذه الأمور ألا يمكن اعتبارها عادات أصيلة من الممكن أن توحد بيننا؟
ثم إذا بقيت بعض الاختلافات فلماذا لا نتقبلها على أنها سنة الكون ونظام الحياة؟ ألم يتقبل عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام العادات الجديدة في المدينة؟ ألم يكلم كل قبيلة بلهجتها؟ ألم يسأله أعرابي من قبيلة حمير: أمن صوم في مِسفر؟ فأجابه مخاطبًا: "لا صوم في مسفر"، أي لا صيام في سفر، فلماذا نسخر من لهجات أو عادات بعضنا البعض؟
ولماذا لا نتفهمها أنها آية من آيات الله سبحانه، وهو القائل: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّلْعَالَمِينَ}؟ (الروم: 22) ومعنى آية من آيات الله أنه يصعب فك ألغازها -فالاختلاف سنة كونية- وليس معناها أن نصر على لهجاتنا العامية وننادي باستبدال اللغة الفصحى بها كما ينادي بعض المتنكرين لعروبتهم، فنقرأ بها نشرات أخبارنا ونعلن بها عن منتجاتنا إلى غير ذلك من السخافات.
تقولين بأنك كنت تشعرين بالغربة في بيوت صديقاتك وإنهن كن يستغربن من طريقة حياتك وأهلك، فاسمحي لي أن أقول لك بأن هذا دليل جهل وقلة خبرة ونقص ثقافة وضيق أفق، فلماذا أتعامل أنا مع جارتي المغربية وزوجها الخليجي كما أتعامل مع أختي وأخي؟ لماذا أزور جارتي الفلسطينية وأصر على صداقة أولادي لأولادها؟ لماذا أندمج مع صديقتي اللبنانية فأتمنى أن تكون مجاورة لي لأراها كل يوم؟
لماذا عندما ذهبت إلى مصر لم أشعر إلا أني بين أهلي وناسي؟ لماذا عندما التقيت مع أختي السيدة سمر عبده -وهي ليست من جنسيتي- في أقدس بقعة في العالم عانقتها وضممتها إلى صدري وقبلت وجهها ورأسها بل وكتفيها وأنا أشم رائحتها العبقة بذكريات عزيزة وغالية؟
لماذا أراسل أخًا مسلمًا عربيًا في مكان ما من الكرة الأرضية -دون أن أعرف وجهه أو أهتم بجنسيته- فأحييه على مقالاته الزاخرة بالطموح والفواحة بالأمل والمعطرة بشذا الإيمان والعاصفة برياح التغيير؟
لماذا؟ ما الذي يجمعني ويجعلني لصيقة بكل هؤلاء الناس؟ لماذا أشعر أن عظمي يئن من وطأة قذائف الأمريكيين؟ لماذا أحس أن قلبي يتفجر من خيانة الخائنين؟ لماذا أفتخر عندما ينبثق دمي كنافورة زكية بعد عملية استشهادية في فلسطين؟ لماذا أبكي على ضفاف نهر دجلة وأنا أرى عاصمة الرشيد تهزها القنابل الهمجية؟ لماذا يغمرني الحزن ويعتصرني الألم وأنا أرى مذبحة في البصرة أو الموصل أو الناصرية؟
لماذا؟ أليس لأنني وهؤلاء الناس كيان واحد؟ أليس يجمعني بهم تاريخ واحد؟ أليسوا لحمي ودمي وعرضي؟ أليست أرضهم أرضي؟
آمل أن ما كتبه أحد المبدعين تفسيرًا لكلمة كارثة باللغة الصينية أنها: "فرصة فريدة لبداية جديدة" أن يبدأ بالتحقق، وأن نعلم أننا إما أن نكون أمة واحدة وإما أننا لا نكون. ويحدوني أمل كبير أن هزة قوية جدًّا تقترب من الأرض العربية كلها لتوقظ من ناموا نومة أهل الكهف، ورب ضارة نافعة ورب محنة في طيها منحة، وصدق الله القائل: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (البقرة: 216).
بالنسبة لباقي أجزاء رسالتك ليس لي أي تعليق عليها، بل أحييك على نصائحك الجيدة ولعل صاحبة المشكلة الأصلية تقرؤها، أو لعل أحدًا مصابًا بالحب الإلكتروني يشفى بقراءتها، أو لعل عاقلاً يستفيد فيتعلم كيف يستخدم هذه الأداة -الإنترنت- لقوتنا ووحدتنا، كما أتمنى أن كلامي يشفي شيئًا من أمراضنا القلبية فتتحول حياتنا كما يقول المسيح عليه السلام: "يجب النوح عوضًا عن المسرة، والبكاء عوضًا عن الضحك، والصوم عوضًا عن البطر، والسهر عوضا عن النوم، والعمل عوضًا عن البطالة، والعفة عوضًا عن الشهوة، وليتحول الفضول إلى صلاة والجشع إلى تصدق".
وإذا لم يبدأ الجهاد المدني من هنا، من الالتفاف حول حبل الله المتين، من تآلف القلوب وتواضع النفوس ورحمتنا بعضنا بعضا فمن أين يبدأ؟ إذا لم يبدأ من تزكية النفس وتطهيرها من شوائبها ليستطيع المسلم أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فيُبنى المجتمع الإنساني على أسس حضارية سامية فمن أين يبدأ؟
{مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}. (الفتح: 29).
والسلام عليك.
ويضيف د. أحمد عبد الله :
اللحظة الحالية مناسبة جدًّا لفتح ملفات كثيرة ومنها ملف الشعوبية وملف الفجوات بين الناس في المجتمع الواحد بناء على اختلافهم في العادات وأساليب التنشئة والثقافة، وإذا كنا ننادي بالتفاهم والانسجام والتواصل مع المناضلين في سبيل الإنسان حول العالم فمن باب أولى أن ندعو لهذا ونحرص عليه نعمل من أجله على صعيد البيت العربي والإسلامي الذي يكاد أن يصبح كل غرفة فيه تستقل وتنغلق على ذاتها ولو كانت ضيقة محدودة المساحة مثل أعشاش الطيور!!(41/214)
اللحظة مناسبة تمامًا للتعارف والتواصل وفهم الاختلافات واحترام ما يلزم منها وترميم الصدوع والشروخ ورتق الفتوق؛ لأن الفرقة والتناحر الاجتماعي والثقافي أضاف على حبنا للدنيا وكراهية الموت وهنًا إلى وهن حتى تكالبت علينا أمريكا وعصابة بوش الحمقاء، وما حدث هذا إلا بالقابلية للاستخذاء والاستضعاف التي أسهمت فيه الشعوبية والاختلافات المذمومة بنصيب موفور.
أحسب أن تنبيه الأخت صاحبة المشاركة إنما جاء ليلفت نظر أختها صاحبة المشكلة الأصلية إلى جوانب غابت عن إدراكها ووعيها، وأن الأخت صاحبة المشاركة لا تقصد أبدا إقرار وضع الفرقة والتناحر أو الاعتراف به والاستسلام له ولا تعارض عندي بين مراعاة الحال القائمة في اللحظة الراهنة مع السعي الجاد لتغييرها والقضاء على أسبابها، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــ(41/215)
بعيدًا عن العيون.. صداقة أون لاين.. (متابعة)
الإنترنت والهاتف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إخوتي الكرام في صفحة "مشكلات وحلول"، أنا صاحبة المشكلة التي أسميتموها "بعيدا عن العيون...صداقة أون لاين "، لقد أرسلت إليكم بمشكلتي في الوقت الذي كنت أريد أن أتخذ قرارًا، وكنت أمرّ بحيرة كبيرة، ولكن ردكم تأخر علي بعض الشيء؛ فأنا قد اتخذت قراري بالفعل، وقطعت هذه العلاقة نهائيًا، ولكن لا أخفيكم أني ما زلت أمرّ بهذا الشخص بين فترة وأخرى أتعمد جعلها متباعدة لأطمئن على أحواله.
ولكني ردًّا على ما جاء في إجابتكم لعلها تكون ذات أهمية لديكم أقول: ما جاء في رسالتي من نعوت لهذا الشخص (التي لا تصدقون كونها موجودة فيه فعلاً) هي أشياء لمستها بنفسي، وهي ليست كل شيء، لكن ما ذكرته أكثر ما كان يهمني من صفات تجعلني أطمئن بحديثي معه؛ فأول ما كنت أحرص عليه هو الالتزام بالاحترام والأدب، وكونه صادقًا في كل تعامله وحديثه ذلك شيء لا يمكننا الجزم به عادة؛ فلا يعلم خفايا النفوس إلا الله، ولكني رأيت منه ما جعلني أطمئن لهذه الصفة، والله أعلم.
ومع ذلك فإني لم أقل بأنه الإنسان الكامل الصفات، ولم أصفه بأنه رائع في كل شيء كما وصفتموه على لساني، بل إنه بشر كغيره، وفيه من العيوب ما لا يخلو منه غيره، وأيضًا فيه مميزات جعلتني أصنفه ضمن مجموعة خاصة عن غيره ممن عرفتهم وصادفتهم بنفس الطريق.
ومع ذلك فقد كنت حريصة في كل تعاملي وكلامي معه، وأنا لا أنسى أن الله يعلم خفايا الصدور، وهو الذي يحول بين المرء وقلبه، ولا أنزه نفسي، والنفس أمارة بالسوء، والشيطان يجري مجرى الدم من ابن ادم، ونسأل الله العافية.
أما عن سؤالكم عما إذا كنت أنا نفسي متعلقة به؛ فذلك لا أنكره؛ فأنا بالفعل قد تعلقت به، ووجدت صعوبة فعلا بقطع علاقتي معه؛ فنحن بشر على كل حال، ولنا مشاعرنا التي لا نستطيع التحرك بدون تأثيرها في كل نواحي حياتنا. وربما لو لم أكن كذلك لانتفت هذه الحيرة كلها أصلا، والإنسان قد يتأثر بفقد حيوان -أعزكم الله- تعلق به.. فما بالك بفقد الإنسان لأخيه الإنسان؟!
أما عن علاقتي بزوجي في ظل علاقتي بالآخر؛ فكان يطغى عليها الشعور بالذنب والذنب والذنب بشكل كان يشغلني عن التفكير بأي شيء، وهذا ما جعلني أعجل بقطعها بأسرع وقت، ولن أنفي أنه كانت تأتي لذهني أحيانًا بعض المقارنة بين زوجي والآخر، ولكن أبدًا لم يكن هذا الآخر ليصمد أمام هذه المقارنة؛ فإن كان في هذا الشخص بعض المميزات جعلته مميزًا في نظري؛ فأنا لم يغب عن تفكيري أنه يمكن أن يكون له أضعافها من عيوب لا أعرفها، فضلاً عما أعرفه أنا عنه منها.
أما زوجي فهو في القمة بالنسبة لي (فهو رجل فاضل محب على خلق ودين، وأنا أعتز به جدًّا)، ولم ولن يزحزحه عنها شيء، والآخر له معزته ومكانته التي لا أنكرها، ربما لا أكون قد فهمت تمامًا ما تعنون بأن أنتقل بهذه العلاقة في المجال العام، ولكن لو أمكن بالفعل أن أخرج بها إلى النور بشكل صحيح بعيد عن كل المريبات في إطار صحيح وواضح لكان ذلك هو ما أتمناه (فأنا ما زلت أعتبر فقد هذا الرجل بما فيه من صفات رائعة خسارة بالفعل، ولكني لا أتوقع أن علاقتي به حتى بهذا الشكل يمكن أن تقع في نفس زوجي محل الرضا، وأنا لا أرغب في عمل شيء لا يرضاه زوجي.
وكان هذا الشخص يريد أن يعرفني بخطيبته، وكنت أتشوق لذلك كثيرًا، بل وقد كنت أتمنى لو كان باستطاعتي التعرف على أخواته والدخول لقلب عائلته حتى أصبح بالفعل كأخت له، لكن ما كان يجعلني أتردد هو خوفي الكبير من النظرة لمثل هذا النوع من العلاقة التي يصعب على الكثيرين فهمها، أو التصديق بنظافتها؛ خصوصًا في مجتمعاتنا الشرقية والخليجية؛ الأمر الذي لم يُستثن منه إخوتنا في صفحة "مشكلات وحلول" على ما يبدو من الرد.
مع العلم أن بعض العلاقات عندما تنمو بالخفاء فإنها توحي ببعض الريبة التي قد تتسلل حتى لنفوس أصحاب العلاقة أنفسهم، بعكس ما إذا كانت في النور؛ فإنها تنمو بكل ثقة وأمان.
أخيرًا أقول: اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أبدًا يا أرحم الرحمين. ... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختنا الكريمة، في البداية نعتذر لك عن الخطأ غير المقصود، ولقد قمنا بمراجعته وتصحيحه في حينه، وأرسلنا لك لنخبرك بذلك، ونتمنى أن يكون عرض المشكلة بهذه الصورة يلائمك ويروقك.
وفي البداية أحب أن أوضح أن ردنا عليك وتحفظنا من هذه العلاقة لم يكن نابعًا من سوء ظن بك، ولكنه كان نابعًا من خوفنا عليك؛ لأننا ندرك من خبرتنا سواء على هذه الصفحة أو من خلال التجارب الواقعية حولنا طبيعة وخصوصية هذه الأداة، التي تتيح نوعًا من العلاقات مختلفًا بشكل كبير عما نلمسه ونجده في الواقع.
* فالأشخاص على الإنترنت عادة ما يظهرون بالصورة التي يتمنون أن يكونوها في الواقع؛ لأنهم تحرروا من قيود الضبط الاجتماعي الموجودة في التعاملات الواقعية، وقد يحدث هذا بشكل غير مقصود وبدون وعي عند حسَني النية؛ فالانطوائي يظهر اجتماعيًا، والمتحفظ يظهر مجاملاً ومنطلقًا، والجاد الصارم يحاول أن يظهر بصورة الشخص المرح الفكه، وأحسب أن أحدهم لو اطلع على بعض من محادثات الشات الخاصة بشريك حياته فإنه لن يعرفه، وسيتعجب: أهذا زوجي أو زوجتي؟!!
وكم من مرات كانت الصورة المرسومة في الخيال لصديق الإنترنت أقل جمالاً ورونقًا من صورته الحقيقية، وفي أحيان أخرى كانت صادمة، وهذا ما حاولنا تنبيهك إليه حتى تكوني على حذر، ولم نكن في معرض الحكم على صدق أو كذب هذا الشخص؛ فهو سبحانه العالم بما تخفي الصدور، وهو سبحانه المطلع على نوايانا.
* عندما أشرنا إلى إمكانية عقد المقارنة بين هذا الشخص وزوجك، كنا أيضا ننطلق من وعينا بطبيعة هذه الأداة، التي تتيح نوعًا من التواصل الفوري، وتوفر نوعًا من الاستجابة الفورية من صديق الإنترنت، وبلغة ورموز مخالفة للغة التي تستخدم في الواقع، هذه الاستجابة الفورية تعيق عملية التأقلم مع انتظار الاستجابة من الأشخاص الواقعين، وتعيق عملية التأقلم مع الإحباطات المستمرة.
وكنت قد قرأت عن قصة أحد الشباب الذي كان جالسًا مع أهله لتناول الطعام، ولكنه لما لم يجد الاستجابة منهم لمطالبه، ثار عليهم، وقال لهم: "سأذهب إلى أسرتي الإلكترونية؛ فهم أكثر لطفًا وأكثر استجابة"، ومَن منا لا تمر عليه مشاكل مع شريك حياته مهما كان شريك حياته رائعًا ومميزًا، وفي هذه الأثناء يسرع الشخص إلى صديقه الإلكتروني ليجده في العادة أكثر تفهمًا وأكثر استيعابًا، فيفضي إليه بمكنونات نفسه وكأنه يحادث نفسه، وهذا قد يحدث فجوة بين الزوجين، وهذه الفجوة قد تزداد وتتعمق بمرور الوقت، وخصوصا لو زادت حدتها مع الإحساس بالذنب.
ولقد وصلتنا مشاركة قيمة من أحد الأصدقاء يحكي فيها عن تجاربه مع الإنترنت، ونشرت بعنوان: "طبول الحرب تدق...والإنترنت كنز مهدر "، وينصحنا بتجنب الساحات الخاصة؛ فإذا اضطررنا لذلك فلا بد أن يتم على مرأى ومسمع من أحد الأشخاص، يتواجد في نفس الحجرة، ويمثل نوعًا من الضبط الاجتماعي، وهو بهذا يؤيد ما نؤمن به "أن الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس".
* أحسنت صنعًا بقطع علاقتك بهذا الشخص، والأفضل ألا تحاولي أن تتصلي به، وأن تخلقي لنفسك من الأعمال والأهداف ما يشغلك عن هذه العلاقات الفردية، ومعركتنا ضد الهيمنة الأمريكية تحتاج لكل جهد مخلص، وتحتاج لكل دقيقة تضيع في حجرات الشات أن تتحول إلى نشاط إلكتروني؛ فترقبي ورشة العمل التي سوف يقيمها موقعنا لتدريب نشطاء الإنترنت قريبًا، وطالعي موضوع الدبلوماسية الشعبية وكذلك نشطاء بدرجة سفراء، والصفوف الإلكترونية تنتظم دعمًا للانتفاضة، والعصيان المدني الإلكتروني؛ فهذا أجدى وأنفع من التحاور مع شخص قد تتوافق أفكاره مع أفكارك، ولكنكما معًا وبحواراتكما لن تحققا فائدة ترجى في تحقيق هدف التغيير، وأسأل الله سبحانه أن ينعم علينا بالرشد وأن يهدينا سواء السبيل
ــــــــــــــــــــ(41/216)
حلم أم سراب.. حب في الفضاء؟
الإنترنت والهاتف
السلام عليكم ورحمة الله، تحياتي لكل من ساهم وكتب في هذا الموقع الأكثر من ممتاز، وتمنياتي بمزيد من التوفيق والازدهار، وجعل الله كل ما تقومون به في هذا الباب من حل لمشاكل وتعريف الناس الطريق الصواب في ميزان حسناتكم جميعًا.
أتابع منذ مدة مشاكل الشات وما يقابل الجنسين من مشاكل بسبب هذا الاختراع الذي في نظري أكثر من رائع لولا ما يقابل الجنسين من مشاكل في حياتهما الزوجية، وأنا أعتبر هذا هروبا من الواقع إلى عالم الخيال.
وكل شخص يتحدث مع آخر يرسم في خياله الصورة الجميلة المثالية التي يحلم بها مع شريك حياته، وهذا نابع من عدم الحصول على هذه الصورة في الحقيقة، وأيضا عدم الرضا بقضاء الله.
أنا متزوجة منذ 10 سنوات، من عمر 15 عامًا أقرأ للكاتب العزيز على قلبي عبد الوهاب مطاوع الذي أعتبره أبي الروحي، رغم أنه لا يراني ولا يعلم عني شيئا.
كنت أستفيد كثيرًا من كتاباته وحلوله لمشاكل القراء، وازددت منها خبرة وعمرًا على عمري، وكنت دائما يلقبني أهلي بـ"العاقلة"، وكنت أعتبر هذا ثقة منهم في، وكنت دائما أحب أن أكون عند حسن ظنهم والتزامي، وألا أكون مخطئة في أي شيء، وكان هذا يتعبني من الداخل أكثر مما تتصور؛ فكنت لا أخطئ، وأخاف من الوقوع في الخطأ، وأحذر كل الحذر من أن أقع في الحب أو أتكلم مع شاب.
وكانت صديقاتي لا يصدقن أني لا أعرف شابًا رغم أني جميلة، وفي سنٍّ أيُّ بنت فيها لا بد أن تخوض ولو تجربة حب، ولكن كنت أكبح جماح نفسي، ولم أترك نفسي لحظة واحدة لهواي وقلبي، وظللت أخاف من الوقوع في الحب، وأعتبره خطأ فاحشًا، وأعتبره مغضبًا لله وخيانة لثقة أهلي، وعشت أتمنى أن أضع كل حبي لمن سيكون زوجي؛ حتى لا أعذب نفسي بحب رجل ولا أتزوجه.
المهم تزوجت رجلاً يحمل كل معاني الرجولة من أخلاق وكرم وحب جارف لي، حتى إنه يعمل ولا يعرف شيئا عن راتبه؛ فكله لي، وكنت -كما تعودت- عند حسن ظنه من محافظة على بيته وماله وعرضه، ولم يهمني فارق السن ولا فارق الشكل بيني وبينه، بل عشت معه فقط لأنه رجل طيب يحبني، وأنه اختيار الله لي، وهذا في حد ذاته نعمة من الله، تزوجت وعمري 19 سنة.
وسافرت مع زوجي للبلد الذي يعمل به، وتركت أهلي وبلدي، وتحملت كل شيء لأثبت أني على قدر المسئولية، وحتى لا يقول الناس: إني تعبت من الغربة، فأنا دائما أخاف من النقد.
تحملت أن أعيش مع شخص أعتبره شخصا طيبا كريما يحبني، ولكن لا أحبه ولا أشعر أني متزوجة أبدا، دائما أشعر أنه رجل طيب، أعامله فقط إرضاء لله، ولكن عندي إحساسا أنه ليس زوجي، وأن زوجي رجل آخر أراه في أحلامي لم أبحث عنه ولا أشغل بالي به، وكنت أعتبر ذلك خيانة، وحتى يرتاح ضميري كنت أحكي لزوجي هذه الأحلام.
وعشت هذه الحياة بحلوها ومرها، وأتحمل كل شيء، وهناك شيء غريب بداخلي يجعلني أصبر، شيء في حياتي يحدث ولا أعلمه، وفكرت أكثر من مرة أن أترك زوجي؛ لأني أخاف أن أعوض كبت مشاعري وحرماني مع غيره.
وبرغم حرصي الشديد إلى ما لا نهاية وقعت في الفخ عن طريق الإنترنت، وأخرجت كل الحب الذي في قلبي، كنت أعيش كل مشاعر الحب التي حرمت منها، وكان إحساسي بالذنب يقتلني، ولكني أريد أن أحب ولو في الخيال؛ لأنني مستحيل أن أسمح لنفسي خوض التجربة في الحقيقة، وكنت أقول: هذا حلال لأنني لا أراه ولا يراني، ونفسي قبل الشيطان سولت لي وشجعتني، والآن لا أدري هل ما عشته عوضني ما حرمت منه في الصغر؟ هل عقدتي انتهت وأصبحت طبيعية؟
لقد كتبت كل شيء بصراحة؛ لأني لاحظت من ردكم وكتاباتكم حبكم الشديد على وصول أصحاب المشاكل إلى بر الأمان؛ ولذلك فأنا منتظرة منكم الرد؛ فهل أنا مصابة بفصام في الشخصية؛ أعيش بشخصية وبداخلي شخصية أخرى تخرج عند دخولي عالم النت؟ ولكم تحياتي وحبي وتقديري لجهودكم، وأرجو ألا تهملوا رسالتي.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت السائلة، لم نتعود أن نهمل أي رسالة تصلنا؛ فما بالك ورسالتك تأتي في موضوع هو بؤرة اهتمام أساسية لنا في الفترة السابقة والقادمة بإذن الله!!
لست وحدك يا أختي التي تحتاج إلى حب وعواطف متبادلة، والحاجة إلى الحب -أي إلى أن يكون الإنسان محبا ومحبوبا- حاجة طبيعية فطرية، والقرآن يتحدث عن الحب بأنواعه ودرجاته، ويضع عاطفة الحب في المكان اللائق بها، والحب بين الرجل والمرأة نوع من الوقود الإنساني الذي تحتاجه حياة كل منهما لتسير وتنطلق الطاقات البشرية لتعمر الأرض كما أمر الله سبحانه.
والأسرة كيان فريد يهتم الإسلام به اهتماما هائلا، والحديث عنها في القرآن يكاد يشغل جزءا من كل سورة بل أحيانا سورًا بأكملها؛ لأنها نواة المجتمع كما يريدها الإسلام، والنواة تحتاج إلى تماسك، وقوى هذا التماسك تتمثل في الحاجة الإنسانية للحب والجنس والتشوق إلى الامتداد بإنجاب الذرية.
والأسرة التي لا تحقق لأحد طرفيها أو كليهما إشباعا معقولا في أحد هذه الجوانب أو كلها، تكون أسرة ينقصها شيء تحتاج إلى استكماله برضا وتنازل، أو بطرق أخرى أخشى أن بعضها يتعارض مع القيم والمثل التي
تؤمنين ونؤمن بها.
وكم صرخنا على صفحتنا هذه مناشدين الأزواج والزوجات أن يتعلموا فقه المحبة وطقوس الحب ويمارسوه في دائرته السليمة؛ حتى لا يكونوا عرضة للميل خارجها، ولكن يبدو أن الأغلبية ما زالت تعتبر أن الطرف الآخر في العلاقة الزوجية قدر محتوم لا فرار منه ولا حيلة معه ولا أمل فيه.
ولو حاول الطرف الشاكي أن يلفت نظر الطرف الآخر أو يعاتبه أو يساعده؛ فإنه سرعان ما يتوقف عن هذه المحاولات ظنا منه أنه يستطيع الصبر على الجفاء، أو مراعاة لخاطره؛ فلا يريد أن يكثر من لومه، أو يأسا من الإصلاح وحفظا لماء الوجه. وكلها مبررات واهية ودوافع مفهومة، ولكنها لا تكفي لتبرير التوقف عن المحاولة، ثم الوقوع في فخ علاقات إلكترونية لتحقيق تعويض عن الإشباع المفتقد؛ فتكون النتيجة -كما يقول المصريون- "ذهب يكحلها فأعماها"؛ فالعين بدون كحل تقوم بوظيفتها الفسيولوجية وهي الإبصار، ولكن صاحبنا أو صاحبتنا تريد الوظيفة الجمالية للعين أيضا، فذهبت تكحلها فأعمتها!!
والداخل إلى علاقة إلكترونية يعتقد أنه بها سيستكمل نقصا يشعر به في حياته، وأن هذه العلاقة آمنة؛ لأنه لا يرى الطرف الآخر ولا يراه كما تقولين. والحقيقة أن المسألة أكثر تعقيدا مما تعتقدين، ولعلك قد قرأت إجاباتنا السابقة، ومنها إنقاذ ضحايا الشات ، وأنت تشيرين إلى بعض جوانب التعقيد في رسالتك؛ فتجربة تجسيد الحلم والخيال الذي عشت ترينه في منامك وتصارحين زوجك به دون خشية أو تردد، ثم لما أصبح حقيقة افتراضية على شبكة الإنترنت شعرت بأنك أصبحت تمارسين شيئا آخر لا هو بالخيال والحلم القديم، ولا هو الخيانة بمفهومها التقليدي، وحاك الأمر في صدرك، فجئت تسألين: ما هذا وهل هو حلال؟! وماذا يحدث لي؟ وهل أنا مصابة بانفصام الشخصية وتعدد الشخصيات؟!
والحقيقة أن الإنترنت وعلاقاته تفتح الباب لهذا كله؛ ففيها نوع من تجسيد الأحلام والرغبات الدفينة، وفيها ظهور لجوانب من الشخصية لم تكن واضحة لصاحبها، وفيها مشاعر متناقضة ومتضاربة، وفقدان السيطرة والتحكم في مقابل التحلل من القيود والضوابط التي تكون موجودة في أي علاقة اجتماعية علنية، وهي علاقة غامضة وملتبسة ومريبة، وأنا أتحدث بالطبع عن العلاقات العاطفية، ولا أتحدث عن اتصالات العمل أو غيرها من الأهداف الواضحة المعلنة بمعرفة الجميع. إن الإنترنت يبدو فضاء من السهل أن تغيب عنه القيم المتعارف عليها، ومن السهل أن يتورط الإنسان فيه بما لا يقصده تماما، ولا يريده قطعا ولا يهدف إليه، وإنما يضع الإنسان نفسه في حالة من النشوة المصطنعة والفرح والحنين، وجمل من المشاعر التي يريدها، ويتطلبها في الواقع؛ فلا يجدها، فيذهب يبحث عنها في الفضاء الإلكتروني.
لا يا أختي لست مريضة ولا فصامية ولا متعددة الشخصيات، أنت واحدة من الملايين التي أغوتها هذا الشبكة بسحرها الآسر، وأرجو أن تعتبري ما حدث لك تجربة من تجارب حياتك؛ لتتعلمي منها، وتعرفي أكثر عن نفسك، وعن احتياجاتك، وأن تبدئي من جديد في محاولة تعليم زوجك كيف يتبادل معك الحب والحنان، فإذا نجحت نجحتما ونجحت العلاقة، وإذا لم تنجحي فلا تيئسي سريعا، وحاولي مرات ومرات؛ فالتنقيب عن الماء وسط رمال الصحراء خير من الاكتفاء بالسراب الذي لا يروي عطشًا ولا يشبع نفسًا، وإنما يكون بمثابة التخدير الذي لا يحل أي مشكلة، وإنما يضيف إليها مشاكل جديدة.
والتمسي في غربتك الصحبة الصالحة والنشاط النافع.. فإن تجدد النفس وتحققها في ميادين الحياة المختلفة يوازن حاجتها على الحب والدعم والمساندة، ولهذه الأمور مصادر أخرى غير الزوج وغير العلاقات الإلكترونية. وتابعينا بأخبارك وبالقراءة.
ــــــــــــــــــــ(41/217)
ثانوية عامة.. غموض الصديق الإلكتروني
الإنترنت والهاتف
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله، والصلاة والسلام على حبيبنا وقرة أعيننا رسول الله وعلى آله وصحبه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أولا أحب أن أشكركم على هذه الزاوية الرائعة التي بالفعل نحن محتاجون لها نحن الشباب، ومحتاجون لمن ينصحنا ويدلنا على طريق الخير.
وأود أن أعرفكم بنفسي أكثر: أنا فتاة عمري 18 عاما، أحضر الآن للثانوية العامة، متدينة والحمد لله، وهذا رأي كل من عرفني، لا أعمل شيئا في حياتي إن كان صغيرا أو كبيرا إلا كانت أوامر الله هي دليلي والشعلة التي تنور دربي.
بدأت العلاقة مع شاب من خلال الإنترنت؛ فقد كنت مرة أعلق في إحدى المواقع الإسلامية على رأي أحد الأشخاص المعادين للدين، ولحسن الحظ قد حذفته إدارة الموقع، وكنت نارية عندما كنت أرد عليه وعلى أقواله.
المهم أنه بعد شهر بعث لي ذلك الشاب رسالة يطلب مني أن أبعث له الأفكار التي طرحها ذلك الرجل وردي عليها. هو شاب عمره 25 عاما، جامعي، ومن نفس بلدي، ولكنه يعمل الآن بإحدى الدول الخليجية، ومنذ أول رسالة أحسست بأنه إنسان مثقف جدا من طريقة أسلوبه وحواره ونقاشه، كما أنه متدين جدا.
المهم تعددت الرسائل بيننا، وأخذنا نتبادل وجهات النظر، وأنا يوما بعد يوم بدأ يزداد تقديري له وتعلقي به، واستمرت العلاقة هكذا، لا نتكلم عن أنفسنا؛ فهو لا يعرف عني شيئا سوى اسمي وعمري، وأنا كذلك حتى بعث لي رسالة يخبرني فيها عن مشكلة تعرض لها في عمله وطرحها علي، وقال لي بأنه وجد نفسه مندفعا لقولها لي؛ لأنه ارتاح لي كثيرا، وبأني الإنسانة الوحيدة القريبة منه، وأن الله يحبه بأن بعث له إنسانة تفهمه "على الطاير"، وأنا صراحة شعرت بهذا نحوه، فأصبحت أخبره عن دراستي ومشاكلي مع بعضها، وأخذ يرفع من معنوياتي، ويضع لي برامج دراسية، وهكذا تعلقت به كثيرا، حتى أنه عندما يتأخر بالرد علي أصبح حادة المزاج وكثيرة الشرود؛ فقد تعلقت به دون أن أشعر، تعلقت النفس بالنفس؛ فأنا عندما تعلقت به لم أتعلق به إلا لأنه يطابق فارس أحلامي؛ فقد تطابقت أفكارنا بشكل غير طبيعي، حتى في كثير من الأحيان الأفكار التي كنت أود أن أطرحها كنت أجده يطرحها قبلي، وكأنه يقرأ أفكاري.
وهذا ما حصل معه أيضا، كما أنه متعلم ومتدين، وأنا لا أريد أكثر من هذا.
ولكنني الآن محتارة جدا، لا أعلم هل العلاقة حرام أم حلال؟ فكما قلت سابقا أوامر الله أغلى عندي من نفسي، ومع العلم أنه في بعض الأحيان يكتب كلمات قليلة، ولكنها تدل على مشاعر دفينة، وكما أنه في بعض الأحيان متسرع وطائش؛ فمرة في بداية علاقتنا كنت قد أخبرته بأني سوف أذهب للعمرة فما كان منه إلا أن قال لي بأنه فرح جدا؛ لأنه هو أيضا سوف يذهب، وطلب مني أن نلتقي، ووصلت به الجرأة أن يعطيني رقم جواله، طبعا هذا أمر غاية في الجرأة، وذلك مقارنة بعلاقتنا الملتزمة جدا، ولكن ما كان منه إلا أن بعث لي ثاني يوم يعتذر على هذه الجرأة، وقال لي: المهم لا أريدك أن تفكري فيّ بشيء فيه خطأ.
والآن لا أعرف ماذا أفعل، خاصة أني من الصعب أن أقطع، كما أن حيائي لا يسمح لي أن أصارحه بشعوري نحوه؟ هل أسأله ما إذا كان يعتقد أن العلاقة بيننا محرمة؟ ولكن ليس هناك كلمة قالها غلط أو تجاوز حدوده كي أجعلها حجة. أم هل أقول له بأن أحد الشباب قد تقدم لخطبتي، وأطلب منه رأيه في ذلك، ومن هنا أعرف مشاعره نحوي؟ لا أعرف ماذا أفعل؟ هل كلامه معي وراحته ناتجان من أنه في الغربة؟ أفيدوني أفادكم الله، وجزاكم الله كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إذا كنت تتابعين صفحتنا منذ فترة فإنك ستعرفين حتما أن العلاقة التي قامت بينك وبين هذا الشاب هي علاقة إلكترونية لا تتيح بطبيعتها إصدار أحكام قاطعة أو دقيقة على الطرف الآخر بالسلب أو بالإيجاب، ولعلمك ستلاحظين أيضا من إجاباتنا السابقة أننا نهتم بتشريح جوانب وتأثيرات مثل هذه العلاقات قبل القفز إلى إصدار أحكام بالتحليل أو التحريم؛ لأن ذلك وظيفة غيرنا، على كل حال لقد أدهشني أن أحد الإخوة قد أخذ بإجابة سابقة لنا، وهي "إنقاذ ضحايا الشات" ووضعها في أحد المنتديات تحت عنوان معناه أننا نقول بتحريم الشات أو العلاقات الإلكترونية مهما كانت!!
ولم يكن هذا مقصدنا من الشرح والتوضيح والبحث والتفصيل في طبيعة هذه العلاقات وتأثيرها على النفوس وأضرارها المحتملة، وحالة الانتعاش والسعادة المصاحبة لها غالبا... إلخ، إنما قصدنا البيان والتفهيم.
وأنت تقولين في رسالتك عن بعض تلك المشاعر التي يمس بها من يدخل في علاقة كهذه، وما أصدق وأدق قولك: "حتى أنه عندما يتأخر بالرد علي أصبح حادة المزاج وكثيرة الشرود"، وهكذا تفعل علاقات الإنترنت وزيادة، والموقف بالنسبة لك كما يلي:
هناك شاب تعرفين عنه بعض المعلومات، ولديك عنه انطباعات جيدة، ولا يمكن الجزم أنه في حقيقته سيكون كما ظهر، وتذكرين دائما أن هناك مسافة بين الواقع الحقيقي في الحياة والواقع الافتراضي على شبكة الإنترنت، ومن الخطأ بالتالي أن تتجاوزي مرحلة الاستكشاف والتعارف إلى بناء أحكام على أسس غير مضمونة، ولا يمكن التحقق منها إلا مباشرة.
الشاب مهتم بالاتصال بك، وبأن يترك لديك انطباعات جيدة، ولكننا لا نعرف نظرته لك، وهل يظن بك أنك الأنسب له كزوجة، أم أن اتصاله بك من باب تبديد الوحشة في الغربة وتبادل الأفكار والمعلومات فحسب؟ أذكرك وأحذرك أن معظم كلمات العواطف على الإنترنت تكون غير دقيقة، وتحمل مبالغات من الأفضل أن ندركها؛ فلا نبالغ في التوقعات وبناء الأحلام على غير أساس قوي صادق.
أنصحك بوضع هذه العلاقة في حجمها أولا؛ فهي ليست علاقة حب، وليست حتى معرفة وثيقة بطرف واضح تعرفين واقع حياته، إنما هي مجرد اتصال بشخص يقول عن نفسه كذا وكذا، وأرجو أن تحتفظي دائما بمشاعرك الجياشة تجاه هذا الشخص أو غيره حتى تتأكدي بنفسك أنه كما تتصورين عنه، وكما يقول عن نفسه. وأنصحك بالتقليل من الاتصال به تدريجيا معتذرة بانشغالك الدراسي، وأذكرك بأنه في حالة رغبته بالارتباط بك لا يحب أن يقترن بإنسانة فاشلة أو متأخرة دراسيا؛ فعليك بالتركيز الفعلي بالاستعداد للامتحانات مع كبح جماح وتيرة اتصالك به؛ فتكفي رسالة أو رسالتان أسبوعيا للاطمئنان العام وطلب الدعاء بالتوفيق.
إذا كان صاحبنا جادا في استكمال تعارفه بك، ورغبته في تطوير علاقتكما الإلكترونية لتصبح علاقة ارتباط رسمية؛ فسيطلب أن يراك، ويزور أسرتك في أقرب إجازة، وإذا لم تكن لديه هذه الرغبة فستقل رسائله ثم تنقطع.
مرة أخرى أقول: توقفي عن تصعيد العلاقة، واضبطي إيقاع التهدئة لتنصرفي أكثر إلى التحصيل، ولتتضح لك النوايا الحقيقية لصديقك الإلكتروني الذي قد يكون بالفعل فارس أحلامك، وقد يكون مجرد سراب
ــــــــــــــــــــ(41/218)
بعيدا عن العيون.. صداقة أون لاين
الإنترنت والهاتف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
إخوتي الكرام:
أرسل إليكم بكلماتي هذه طمعا في المشورة؛ ولأني في وضع تعكرت علي فيه الرؤية الواضحة، وأنا بحاجة إلى عينين غير عيني أنظر بهما إلى وضعي؛ لذلك لجأت إلى عيونكم لأنظر من خلالها عن طريق مشورتكم ورأيكم..
أولا:
أنا سيدة متزوجة في الثانية والثلاثين من عمري، رزقني الله البنين والبنات، حياتي مستقرة وهانئة وذلك من فضل الله ونعمته علي.
تعرفت على هذه الشبكة العنكبوتية منذ حوالي 3 سنوات، ومنذ عرفتها وأنا أحاول أن أحسن استغلالها في كل وجه منفعة.. إلى أن عرفت طريق غرف الدردشة من عدة شهور، ومنذ عرفتها وأنا أتعامل معها بحرص شديد، واستطعت أن أكوّن فيها صداقات رائعة مع مجموعة من الفتيات أصبحن بالفعل أخوات لي.
وكنت أبتعد بقدر ما أستطيع عن معرفة الشباب إلا ما كان في إطار المجاملات العامة وفي حدود الأدب والاحترام، ولا أنكر أني أتحدث إليهم، وربما يحمل الكلام شيئا من الدعابة والمزاح، ولكن ذلك في الساحة العامة دون الخاصة. بل إني أصبحت فيما بعد لا أدخلها إلا باسم رجالي؛ تجنبا لأي مضايقة ولا يعرفني بشخصي إلا الفتيات اللاتي أعرِّفهن بنفسي.
وحدث يوما أن اصطدمت بأحد الشباب لم يكن لي به قبل أي احتكاك؛ لأنه دائم الانفراد بمشكلة انتهت بأن أصبح كل منا يحمل صورة حسنة عن الآخر من ناحية الأخلاق والالتزام، وبعدها بدا هذا الشاب يحاول أن يغتنم أي فرصة ليحدثني، حتى أني أشعر أحيانا أنه يختلق مواضيع يتظاهر بأهميتها ليأتي ويطلب مني الحديث.
وأصبح هذا الشاب يستطيع تمييزي حتى عندما أدخل باسم رجل، ويأتي ليحدثني، ومع ذلك كنت أحدثه بحدود وتحفظ. ثم صارحني بعدها بأنه يحمل أفكارا وقناعات عن إمكانية وجود الصداقة البريئة بين الجنسين التي لا تسعى لأي أطماع إذا وجدت الثقة والصدق والالتزام مع المحافظة على كل الحدود والآداب والتحفظات التي يفرضها الشرع والتقاليد. وإنه رغم وجوده في بيئة ومجتمع يرفضان هذا النوع من العلاقات رفضا تاما فإنه لم ولن ييئس في سبيل إثبات فكرته.
أما أنا فكانت لي أمنية (قد تكون أقرب للخيال) أن يلغي الشباب نظرتهم الخاصة للمرأة في التعاملات والعلاقات العامة، بما في ذلك من انفعالات وعواطف، وخصوصا في مجتمعنا المغلق الذي يفصل الرجل عن المرأة، فيجعل كلا الطرفين ينظر للطرف الآخر نظر العطشان لكوب الماء.
ووجدتُ في حديث هذا الشاب وأفكاره شيئا مما كنت أتمناه، خصوصا عندما قال لي: إنه لا يؤمن بالحب عن طريق النت، ولا يقتنع بإمكانية حدوثه، وإنه يتحدث إلى الفتيات كما تتحدث إحدانا إلى الأخرى أو كما يتحدث مع صديقه. ووجد هو بدوره في حديثي تقاربا نوعا ما مع أفكاره.
هذا الشاب يتحلى بالفعل بالأخلاق العالية والأدب الجم والصدق، وأصبح كلانا يحمل إعزازا للآخر، وأصبحنا كالأخ وأخته، رغم معرفتنا القصيرة التي لم تتجاوز النت، لم يوجه لي أي كلمة مريبة حتى أنه لم يحاول أن يدخل في خصوصياتي (حتى اسمي لا يعرفه للآن، ولم يسأل عنه، ويكتفي باسمي المستعار، رغم أنه يعرف أنه مستعار)، ولكن نكتفي بالحديث في أمور عامة وأمور تخصه هو شخصيا؛ فهو يخبرني بكل شيء عنه.
لكن ما يجعلني أشعر دائما بتأنيب الضمير أن كل هذه العلاقة تحدث دون علم زوجي الذي لو علم قطعا لم يكن ليوافق، ولا أستطيع حتى مجرد التفكير برد فعله، علما بأن الوضع لو كان مقلوبا وكان هو صاحب العلاقة لم أكن لأرضى بذلك أبدا، وخصوصا أننا في مجتمع محافظ جدا، ومن عائلة ملتزمة ومعروفة بالخلق والعفة والمحافظة.
الشيء الآخر أن هذا الشاب -كما ذكرت- لا يعرف شيئا عن خصوصياتي، ومن ضمنها أني متزوجة، لكنه يعلم أني مرتبطة، وهو أيضا مرتبط بفتاة يحبها بجنون، وإذا سألتم لماذا لم أخبره بأني متزوجة؟ أقول لكم بأني خائفة من رد فعله، وأن تتغير نظرته لي؛ لأنه بالتأكيد سيسألني هل يعرف زوجك بأنك تحدثينني؟ ولا أعرف عندها بماذا سأجيبه؟ وكيف سيكون موقفه؟ لأنه الآن يحترمني جدا ويقدرني، ويثق بي بشكل كبير حتى أنه يطلعني حتى على خصوصياته. وهو متعلق بي جدا.
أنا أشعر أحيانا بأن ما أفعله خطأ كبير يجب أن أتوقف عنه حالا، وأحيانا أقول إنه ليس بيني وبين هذا الإنسان شيء أخاف منه فهو كأخ لي، ولا ينظر أحدنا للآخر أي نظرة أخرى أبدا، وهو لا يعرف شيئا عني سوى أني إنسانة في هذا العالم تتبادل معه الحديث والأفكار والخبرات كتابيا. وكل منا يعرف حدوده ولا يتعداها. هذا ما أريد أن أعرف رأيكم فيه وأنظر إليه وأرى تقديره بعينكم، وجزاكم الله خيرا لكل ما تقدمونه وجعله بموازين حسناتكم.
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة،
جاءت رسالتك في وقت نحاول أن نتوقف فيه وقفة متأملة وفاحصة، ونحاول أن نعيد ترتيب أوراقنا، وأن نعد دراسة بحثية عن تأثير هذه الشبكة الساحرة على نفوسنا وحياتنا بكل جوانبها، والمؤشرات الأولية خطيرة وصادمة، وعموما نحن في انتظار النتائج النهائية لهذه الدراسة، ومن خلال نتائج هذه الدراسة نبغي إعداد ورشة عمل بعنوان "نحن والإنترنت"، نحن نعلم جيدا أن الأمر يتطلب أكثر من ذلك، ومن ذلك الاقتراح المقدم من أحد أصدقاء صفحتنا الكرام بعمل موقع يتناول كل جوانب التعامل مع الإنترنت.. فمن أراد أن يساهم بجهد في هذا الصدد فنحن أول من سيرحب به، وأول من سيقدم له العون. المهم أنه لخطورة وجدية هذا الأمر ولعدم توافر الدراسات الكافية في هذا الصدد فنحن نحتاج لجهودكم جميعا، نحتاج أن يتحدث كل من كانت له علاقة بهذه الشبكة ليحكي لنا خبراته ويصف لنا مشاعره والتغيرات النفسية والعقلية والاجتماعية التي اجتاحت حياته، كيف استفاد من إيجابيات هذه الشبكة في حياته وحياة مجتمعه؟ وكيف كانت سقطاته وعثراته في دروبها؟
وقناعتي أن هذه الشبكة بخصوصيتها قد أتاحت لكل مستخدم من مستخدميها تجربة متميزة ومتفردة، وتكامل هذه التجارب يمكننا من رسم خريطة واعية لكيفية السير في دروبها بأمان، وكل من يساهم بخبراته ويدلي بدلوه في هذا الأمر سينال أجره بإذن الله سبحانه، والحقيقة أنه مع أول تعامل لي مع هذه الشبكة أدركت ما لها من تأثير قد يكون سلبيا في بعض من الأحيان، وحدث هذا منذ عدة سنوات عندما كنت أحضر دورة للإنترنت بجامعة القاهرة مع بداية دخوله لبلادنا وساعتها لم يكن منتشرا كما هو الآن، وفي أثناء الدورة أخبرنا المدربون أن لهم زميلا يعالج الآن من إدمان الإنترنت، وعلمنا منهم أن هذا الإدمان كان يدفعه للحضور إلى العمل في منتصف الليل ليتصل بهذه الشبكة، ولا أخفي عليك أنني تعجبت ساعتها من مصطلح "إدمان".
المهم أننا وبمرور الوقت أدركنا أننا في مأزق خطير، وأننا على شفا حفرة من النار، ولكننا للأسف الشديد لا ندرك هذا، ونتحرك نحو هذه الهاوية ونحن مخدرون أو مخمورون بلذة النشوة التي تبعث في النفس بمجرد التفكير في الدخول إليها، أو بمجرد سماع صوت توصيل الكمبيوتر بها، وأدركنا أنه وإن كان مصطلح "شبكة عنكبوتية" قد أُطلق بداية ليعبر عن طبيعة هذه الشبكة التقنية (حيث إنها شبكة الشبكات) فإن هذا الاسم يعبر أيما تعبير عن تأثير هذه الشبكة على مستخدميها؛ فلهذه الشبكة خيوط واهية رقيقة، ولكنها لزجة تحيط بفريستها بذكاء وإحكام، وتجيد نسج خيوطها حول نقاط ضعفه (ومن منا يدعي أنه بلا نقاط ضعف؟).
نحن أمام متغير جديد يوشك أن يقلب حياتنا رأسا على عقب، ونحن كعادتنا دائما مغيبون ولاهون وذاهلون، كالطفل يلهو بقنبلة موقوتة وهو لا يدرك ولا يعي أن هذه القنبلة قد تنفجر فيه في أي لحظة، وهو كذلك لا يدرك أن لهذه القنبلة استخدامات أخرى نافعة ومفيدة غير اللهو واللعب، وفي ظل هذه الغيبوبة والغفلة والطفولة العقلية التي نعيشها وفي ظل عمى البصر والبصيرة أصبح كل شيء واردا وكل شيء ممكنا.
نحن الآن في تحدٍّ رهيب: إما أن نستمر في هذه الغفلة وهذا السبات العميق، ونخسر كل ما بأيدينا، نخسر من حولنا ومن قبلهم أنفسنا، ونفسد دنيانا ومن قبلها آخرتنا، أو ننفض عنا هذه الغيبوبة العقلية، ونستشعر مقدار الخطر الذي يواجهنا، ونستشعر أننا أمام وباء اجتماعي لا بد أن نتحرك فرادى وجماعات لمعرفة طبيعته وآلياته ومواطن الضعف التي يتسلل منها إلينا وكذلك سبل علاج من أصابته لوثته، وسبل وقاية أنفسنا ومن حولنا من الوقوع في براثنه، ومن الضرورة بمكان أن نتعرف على العوامل المساعدة -سواء الشخصية والاجتماعية- التي تعجل بسقوط الشخص في براثن هذه الشبكة.
وأرجو ألا يفهم من كلامي أنه لا توجد إيجابيات للتعامل مع هذه الشبكة؛ لأن هذا الفهم لو ترسخ في أذهاننا فإنه يستدعي حزمة من التفاعلات تدور كلها حول المنع والتجنب والرقابة، ولهذا فإنه من الضروري بمكان أن يتوازى مع جهود التعرف على تأثيرات الإنترنت السلبية وسبل علاجها أو الوقاية منها جهود أخرى تفوقها أهمية، وتبغي التعرف على الآفاق التي يتيحها الإنترنت -من حيث كونه ثورة في عالم المعلومات والاتصالات- والإيجابيات الناتجة عن توظيفه التوظيف الأمثل.
والحقيقة أن هذه الطموحات لن تتأتى إلا بدراسات اجتماعية متعمقة تبحث في آثار هذه الشبكة على عقولنا وعلى نفوسنا وعلى مختلف جوانب حياتنا.
أختنا الكريمة،
الاستعراض الأولي والمبدئي لحالنا نحن -العرب والمسلمين- مع الإنترنت يتيح لنا أن ندرك أننا كمن يقف أمام بحر متلاطم الأمواج؛ غامض ولكنه مثير، أمواج السحب والدوامات فيه شديدة، ولكنه ذاخر بالثروات المختلفة، وفى تعاملنا مع هذا الخضم انقسمنا مجموعات:
• مجموعات ألقت بنفسها كلية وبدون تفكير في هذا البحر المتلاطم الأمواج، وسمحت لأمواجه أن تلعب بها وتتقاذفها كيفما تشاء، تسحبها دواماته وتشدها إلى القاع؛ تارة للمواقع الإباحية والشات الجنسي، وتارة أخرى لإهدار الطاقات فيما لا يفيد، ولكنه يستهلك جهد وطاقة مستخدمه، ويؤثر سلبا على علاقاته وحياته الاجتماعية.
• مجموعات رفعت شعار "السلامة لا يعدلها شيء" بسذاجة ولتذهب الإنترنت بكل ما فيها إلى الجحيم؛ فنحن لا نريد لا إيجابياته ولا سلبياته.
• ومجموعات كانت على وعي بالمخاطر؛ فوقفت مترددة تقدم رِجلا وتؤخر أخرى، تتقدم أحيانا وتدبر أحيانا أخرى، تحاول أن تتلمس مواقع أقدامها، وتحاول أن تتجنب السقوط في فخاخ الشبكة؛ ولأن هذه المجموعة من أكثر المجموعات وعيا وحرصا، ولكن للشبكة ومستخدميها المحترفين أساليب وطرقا يتمكنون بها من اصطياد فرائسهم وإحكام السيطرة عليهم، ومن هذه الأساليب ما ذكره"د. أحمد عبد الله"فى تحليله الرائع ردا على إحدى أخواتنا بعنوان"إنقاذ ضحايا الشات" ويفيدك جدا الاطلاع عليه.
أختنا الكريمة،
لقد كنت أنت وأختنا صاحبة مشكلة"رائع في كل شيء: أطياف الواقع الافتراضي" وكثيرون غيركما من هذا الصنف الثالث الذي حاول استخدام هذه الشبكة فيما يفيد وعمل جاهدا على تجنب السلبيات، ولكنك رغم حرصك فقد وقعت في شباكها وحبائلها، وإن لم تصدقيني فانظري في رسالتك وما تحويه:
1) لقد وصفتِه بكل النعوت والصفات الجميلة التي لا أعتقد أنها تتوافر فيه، وأضفت أنه متعلق بك جدا؛ فماذا عنك أنت؟ أتمنى أن تواجهي نفسك بكل صراحة عند الإجابة، وإن لم تتمكني من الرد فحاولي أن تمتنعي عنه لفترة طويلة، أشك في أنك ستفلحين في هذا، ومحاولة الامتناع هذه سيصحبها تغيرات وآلام نفسية عميقة.
2) الله سبحانه هو الأعلم بما تخفي الصدور، ولكنني سأصدق كل ما قلتِه عن نيتك بهذه العلاقة، ورغم صدقك فقد أخفيت عنه معلومات غاية في الأهمية، وسأسترسل معك وأصدق أنه أيضا صادق بدرجة كبيرة معك، ولكنه بالطبع يخفي عليك بعض التفاصيل ليمكنك من رسم صورة بهية وشديدة الروعة له في مخيلتك؛ فهل تدركين هذا وتتحسبين له؟.
3) هل تدركين ما للإنترنت من خصوصية تجعل الإنسان وهو يتواصل مع الآخرين يبوح بمكنون نفسه، ويصبح وكأنه يحدث نفسه، وهذا الانطلاق في التعبير عن النفس وما بداخلها من مشاعر -وكأن النفس أفضت إلى النفس- يجعل لهذه العلاقة حميمية شديدة، وهذه الحميمية تجعل أي محاولة للتوقف عن مسلسل التردي مستحيلة، والتساؤل الذي يطرح نفسه هنا والذي يحتاج لاجتهاد فقهي جديد: هل هذا التواصل يعتبر بشكل أو بآخر نوعا من أنواع الخلوة؟
4) هل تدركين -ويدرك كل من يخوض غمار هذه التجربة- أن علاقتك بهذا الآخر الرائع في كل شيء قد تؤثر سلبا على نظرتك وبالتالي على علاقتك بزوجك، زوجك واقع أمامك بلحمه وشحمه، بعيوبه ونواقصه، والشخص الآخر طيف جميل رائع في الخيال، وأي مقارنة لن تكون لصالح زوجك بأي حال من الأحوال!!
5) هل تتحسبين لرد فعل زوجك إذا اكتشف بطريق الصدفة ما يحدث، ورد فعله هذا قد يتراوح بين الغضب الشديد والانتقام أو الصدمة والإعراض وفقد الثقة بك؛ فراجعي نفسك وراجعي نيتك وتأكدي: "أن الإثم ما حاك بصدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس"، والشفافية ضرورة ولازمة.
6) قلت: إن هدفك من هذه العلاقة هو تغيير نظرة مجتماعتنا للمرأة وطبيعة العلاقة بينها وبين الرجل في المجال العام.. فهل تواصلك مع هذا الآخر بهذه الصورة يحقق هذه الأهداف المعلنة؟ وهل هي أصلا علاقة في المجال العام، أم أنها علاقة خاصة حميمية بين رجل وامرأة؟ وهل يمكنكما إذا كانت علاقتكما كأخ وأخته -كما تقولين- أن تنتقلا بها تماما للمجال العام بشكل أو بآخر؟ ومن ذلك الاشتراك في مجموعة من مجموعات النشاط الإلكتروني -أو تفعيلها- لتساهم بجهد في تغيير نظرة المجتمعات للمرأة، هذا الانتقال هو المحك لصدق ما تدعينه من نوايا طيبة؛ فإن نجحتما في هذه النقلة فبها ونعمت، وإن لم تنجحا فالأمر أخطر من علاقة أخت بأخيها، والحذر والحيطة لازمان وضروريان. وتابعينا بالتطورات.
ــــــــــــــــــــ(41/219)
الفارس الإلكتروني.. هل هو حاطب ليل؟
الإنترنت والهاتف
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أود في البداية أن أشكركم على هذا الموقع الذي يتيح لنا طرح مشاكلنا، فأنا في أشد الحاجة إلى مساعدتكم؛ لأنني أشعر أنني منهارة. تعرفت على شاب من خلال الإنترنت، أعجبنا ببعضنا كثيرا، هو من بلد عربي ويدرس بإحدى الدول الأجنبية، هو شخص رائع جدا، طيب، حنون، يحبني كثيرا وأنا أبادله نفس المشاعر.
وقد جاء لزيارتي قبل شهور واتفقنا على الزواج، وقد صدمنا بوجود عدة عراقيل لإتمام زواجنا، فلزاما عليه إحضار وثيقة "الموافقة على الزواج" من حكومته، وقد سافر بعد أن خطبني من عائلتي، ووعدني بالقيام بكل مجهوده للحصول عليها، وكلف أحد أصدقائه باستخراجها، ومرت 3 أشهر ولم يحصل شيء، وأخبرني أن المسئولين يعقدون الأمور ولا يسمحون للشباب بالزواج من خارج بلده، ومنذ أيام أخبرني تليفونيا أن صديقه اعتذر؛ لأنه لم يتمكن من الحصول على الوثيقة.
وعدني بأن يسافر بعد شهرين تقريبًا إلى بلاده لاستخراج الوثيقة، وإذا لم ينجح فسيضطر لاتباع طريق آخر وهو الزواج بالمركز الإسلامي في انتظار حصوله على الوثيقة حتى يستوفي زواجنا كل الشروط القانونية.
أنا جد متوترة وحائرة، فأنا لا أعرف أين الصواب وأين الخطأ؟ وأعاني من ضغوط من طرف أفراد عائلتي، فقد أصبحوا غير موافقين عليه، ويحاولون إقناعي بالتخلي عنه، ويظنون أن لهذا الشاب مشاكل مع حكومته لذلك لا يساعدونه، بالإضافة إلى أشياء أخرى لها علاقة بأحداث 11 سبتمبر، خاصة أنه متدين، ومظهره يدل على هذا، لدرجة أنه خلال زيارته لي كان يعاني من متابعة المخابرات له، وقد أخبرني أنه لا يقلق لأنه غير متورط في شيء. وكنت أقلق لكنه يقنعني بأن الأمر عادي جدا بسبب جنسيته.
المهم أنني في بعض الأحيان أقتنع بكلام عائلتي، لكنني عندما أتحدث إليه أغير رأيي وأعاهد نفسي ألا أشك فيه، وأن أنتظره حتى يحصل على الوثيقة، لكن ماذا لو طالت المدة؟ ماذا لو تقدم أحد لخطبتي خاصة أن عائلتي لا تعترف الآن بخطبته لي؟ ماذا بخصوص العقد الذي سيكون بالمركز الإسلامي، هل يعتبر مغامرة؟ هل من الممكن استحالة استخراج هذه الوثيقة؟ هل هناك طرق معينة وسهلة تمكن من الحصول عليها؟
علما أن هذا الشاب خليجي، ويدرس في بلد آسيوي، وهو أيضا منفصل عن زوجته وأنا متفهمة لوضعه، كما أنني لم أخبر أفراد عائلتي بزواجه؛ لأنهم أكيد لن يوافقوا.
هناك شيء آخر نسيت إخباركم به، وهو أنه جاء لخطبتي دون عائلته، وأخبرني أنه لا يريد إخبارهم الآن حتى يتم كل شيء ونتزوج؛ لأنه يخاف أن يخبرهم فيكونوا سببا في عدم إتمام زواجنا، أقصد أنه يؤمن بمسائل العين والسحر، وقد عانى من هذه الأشياء من قبل. وهو الآن يريد أن يبدأ حياة جديدة معي بعيدا عن عائلته، وأنا قد تفهمت ذلك.
... المشكلة
د .ليلي أحمد الأحدب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... اسمحي لي يا ابنتي الغالية بوضع المعلومات التي حوتها رسالتك تحت مجهر البحث والاستقصاء لإجراء تحليل للمعلومات التي وردت في رسالتك، ومن ثم الاستنتاج من هذه التحليلات ما فيه الخير لك بإذن الله دون أن نعطي الأحداث الواردة أهمية إيجابية زيادة عما تستحق، ودون أن نكون سلبيين في التعامل معها كذلك:
أولا: التعارف تم عن طريق الإنترنت، وقد أجبنا في كثير من الأسئلة أن هذه الطريقة غامضة وغير مقبولة ما لم تنزل من فضاء الأوهام إلى أرض الواقع، وهذا موجود والحمد لله في قصتك على الأقل؛ لأن الشاب قدم إلى بلدك وأثبت حسن نيته كما يقال.
ثانيا: موافقة حكومة بلده على الزواج شيء صحيح وضروري فيما إذا كان يفكر بالحياة والاستقرار في بلده الأصلي، وإلا فإنك إذا تزوجته سواء في بلدك أو في المركز الإسلامي في البلد الذي يقيم به دون موافقة حكومية فهذا يعني أنه لا يمكنك العيش معه في بلده كزوجة معترف بها، ولا يمكن تبعا لذلك أن يسجل أولادك باسمه وفي هذا خطر على مستقبلك وعلى مستقبل أولادك في حال الإنجاب الذي لا بد منه، أي أن أولادك يحرمون من التعليم ومن أبسط حقوق المواطنة، وهذا الأمر يجب أن تضعيه في حجمه الخاص الكبير فعلا لأنه مشكلة حياتية مصيرية.
ثالثا: لا يمكنه استخراج أمر الزواج بك عن طريق صديق أبدا، ولعله فعل هذا بحكم سذاجته إذ إن الموضوع مكلف ماديا، ومحتاج إلى معرفة فلان وغيره من الناس، لكن السؤال المطروح هنا: كيف تتأكدين أنها سذاجة فعلا من طرفه أو أنه لم يكلف أحدا من الأساس؛ لأنه يعرف مدى صعوبة الأمر في حال وجوده في بلده فكيف إذا كان غائبا عنه؟!
رابعا: أبين لك أنه في حال بقائه واستقراره في البلد الذي يدرس فيها فيمكنك أن تتزوجيه عن طريق المركز الإسلامي، ولكن السؤال هنا أيضا: هل فعلا يستطيع البقاء أم أنه يُحتَّم عليه العودة إلى بلده بمجرد انتهاء الدراسة؟ ومن يضمن الظروف وأنه فعلا سيبقى في هذا البلد؟ وأنت ترين كم هي الظروف السياسية متقلبة، خاصة بعد أن قسم الرئيس بوش العالم إلى محور للشر وآخر للخير كما قام الشيخ أسامة بن لادن بتقسيمه إلى فسطاطين واحد للإيمان وآخر للكفر، واللهَ نسأل ألا تكون نهاية العالم قريبة على أيدي بعض المتهورين!
خامسا: كلام عائلتك أنه متورط ولذلك لا تساعده دولته في منحه الإذن بالزواج من غير بلده ينبع أيضا من نظرة أهلك السطحية لأن هذا القانون في دول الخليج -أي عدم منح الموافقة بالزواج من غير البلد- ينطبق على المتورط وغيره. أما متابعة المخابرات له فليس من المعتاد كثيرا في دولنا العربية التي أثقلتها أجهزة المخابرات أن تُقتفى آثار الغرباء؛ إلا أننا في عصر العولمة والقرية الواحدة وانهدام الحواجز والحدود أصبحنا كلنا أولاد حارة أو زقاق؛ ولمعلوماتك فإن صاحب المظهر الديني وقبل أحداث 11 سبتمبر بكثير كان موضع شبهة للأسف، وأنا أعرف الكثيرين من الشباب الذين يهتمون بمظهرهم الإسلامي ومنه اللحية ومع ذلك يحلقونها بمجرد أن يفكروا بالعودة إلى ديارهم، ومع أن حلقها هنا يدل على مرونة تقتضيها ضرورات المصلحة الفردية، لكنها والله سنة محبوبة كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: (سبحان الذي زين الرجال باللحى)، وقد قالت هذا الكلام عندما كان شرع الله هو الحاكم، وليس كما هو زمننا الذي يجعل أمن الدولة كله مهددا ببعض شعيرات طالت في ذقن شاب! واللهَ نرجو أن يكحل أعيننا قبل موتنا برؤيتنا للحريات الحقيقية في بلداننا غير مشروطة بالأمن الزائف!
سادسا: ماذا تعنين بكلمة منفصل عن زوجته؟ هل هو قد طلقها أم هي ممانعة لقبول الطلاق؟ يجب أن أوضح لك شيئا هاما هنا قد يخفى على الكثيرين، وهو أن قوانين الطلاق في بلد هذا الشاب مختلفة عن غيرها، ومنها أن المرأة إذا لم تستلم ورقة الطلاق بنفسها فهذا يعني أنها غير مطلقة أي أنها ما زالت على عصمة زوجها، وهذا من أغرب ما شاهدته في حياتي أن الرجل يطلق المرأة، ولكن المرأة لا تقبل بالطلاق فتبقي نفسها معلقة به شاء أم أبى -وهذا أرويه من واقع تجربتي في ذلك البلد- وكثيرا ما يضطر أن يعيدها إلى عصمته من أجل الأولاد، فهل فكرت بهذا الأمر؟ أم هل فكرت -في حال وجود أولاد بينهما- فيما إذا كنت مستعدة أن تهتمي بأولاد ليسوا من لحمك ولا دمك دون أن تظلميهم؟ هذا الأمر كثيرا ما يحصل للأسف فتقع المتزوجة من مطلق في حرج شديد بسبب عواطفها لأولادها منه وأولاده من غيرها؛ وبالطبع إن الله لن يسألك عن عدم العدل في عواطفك هنا، ولكن يسألك عن عدم العدل في تصرفاتك، ولكن دعيني أقول لك من الآن: إنها معادلة صعبة جدا أن يستمر هذا الزواج في حال وجود أولاد خاصة إذا كان وجودهم مفاجأة لك لم يسبق إعلامك بها، أو كانت أعمارهم تجعل قلوبهم معلقة بوالدتهم وليسوا على استعداد قبول امرأة أخرى تشغل مكانها لدى أبيهم، وأنبهك لهذا الأمر لأن المعتاد في بلد خطيبك أن يتزوج الشاب باكرا وأن يكون أبا باكرا أيضا.
سابعا: لا يريد أن يخبر أهله بسبب الخوف من الحسد والسحر، فهذا المعتقد شائع جدا في بلده، لكن لماذا لم يتخلص منه رغم سفره وخروجه من بيئته؟ إذ يخطر لي أن أطرح هذا السؤال: ما الذي يضمن لك ألا يخفي عنهم أمر الزواج أيضا كي لا يصيبه الحسد والسحر بعد الزواج؟ وأين إيمانه بآيات القرآن المحكمات في هذا الأمر: (ويتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله)؟ هذا يدل على أن تدينه يشوبه كثير من تقاليد بيئته، في حين ترينها أنت تدينا خالصا ربما تفتقدينه فيمن حولك من الشباب.
بعد هذه التحليلات نصل إلى الاستنتاجات التالية:
الإيجابيات في هذا الشاب هي أنه أتى لأهلك وأثبت حسن نيته، لكن هل حسن النية يكفي في أمر مصيري كالزواج؟! ما تصفينه به من أنه رائع وطيب وحنون شيء جميل وضروري, لكن ومع احترامي الكامل لمشاعرك يا ابنتي فهي ليست إلا مشاعر وعواطف لا تساندها حقائق العقل الضرورية لإنجاح أي زواج. لذلك يجب أن تفتحي عيون عقلك وآذانه كلها، فما أدراك أن يكون هذا الشاب كحاطب ليل يريد أن يتزوج من غير بلده سواء كان بإذن حكومته أو بدونها كي لا تظهر حقيقته التي يسهل إخفاؤها بعيدا عن موطنه؟ أنا لا أطلب منك أن تسيئي الظن به، لكن من لا يحسب لا يسلم، لا سيما أن الصدق أصبح بضاعة غالية هذه الأيام فخلت منها النفوس، ونأتْ عنها العلاقات، ورحم الله القائل: (الطمأنينة إلى أي أحد قبل الاختبار من قصر العقل)، فكيف يمكنك الاطمئنان إلى وضعه في بلده فعلا، سواء من الناحية الأمنية كأن يكون ذا توجه سياسي معين مخالف لبلده، أو من الناحية الاجتماعية كأن يكون مطلقا ولديه أولاد؟
ومع ذلك أنصحك إذا كنت تشعرين بصدقه وأنه يرغب بك ويحبك فعلا، بأن تتفاهمي معه على ما يلي:
1-حصوله على عقد الزواج وأن يكون مختوما بختم دولته قبل أن تفكري بإجراء شيء أبعد من عقد أو نكاح أو سفر أو غيره، فأنت بالتأكيد لا تريدين الزواج لتستمتعي معه ثم يضطر أن يعيدك إلى أهلك بحجة أن بلده لم تسمح بدخولك ولا قبولك كزوجة، وأحذرك هنا مرات ومرات ومرات؛ لأنني رأيت مآسي كثيرة من هذا النوع بسبب عدم وجود الإذن، ومنهن إحدى النساء اللواتي أصبحت ابنتها من الخليجي بعمر 7 سنوات فاضطرت أن ترسلها إلى بلد أهلها لتنال حقها في التعليم؛ لأنها لا يوجد ما يثبت نسبها إلى أبيها الخليجي في بلده، فعقد الزواج تم في بلد الزوجة ولم يُعترف به في بلد الزوج، وكانت النتيجة انفصال هذه الطفلة عن أمها لتعيش مع جدتها، ولم تكن حالة الأم مستقرة مع الأب؛ لأنها تعيش معه بوضع مخالف لقوانين البلد فكانت أشبه بالحياة على كف عفريت، ولا بد أنك لا ترتاحين لنتيجة كهذه، لذلك أمهليه هذين الشهرين فإن استطاع الحصول على الموافقة فبها ونعمت، وإلا فاخرجي من هذا الأمر بأقل الخسائر الممكنة.
2-قدوم أحد أهله معه ضروري عرفا، ولكنه ليس ضروري شرعا، ومع ذلك فإن الزواج كما نقول دائما هو ارتباط بين أسرتين كبيرتين بنواة الأسرة الصغيرة التي سيشكلها الزوجان الحديثان، فالأفضل أن يُقدم شخصا كبيرا من أهله كي يطمئن أهلك أنهم يضعونك في مكان آمن، ولذلك عليك أن تعذريهم في هذا الأمر إذا تشددوا فيه؛ لأنك لن تعلمي مدى أهميتك عند أهلك إلا عندما تصبحين أمًّا فتعرفي وقتها ماذا يعني الابن أو البنت للأب والأم.
إن الأبناء يا ابنتي هم ضياء عيوننا وزينة حياتنا وبهجة قلوبنا، فكيف تريدين لأهلك ألا ينظروا ويدققوا في أمر هذا الخاطب الذي هبط عليهم كالقضاء من الفضاء؟!
3-التأكد من وضعه مع زوجته ومعرفة أهلك لهذا الأمر كذلك ضروري، ويمكنك تلافي النتائج السيئة هنا بحضور شخص حكيم من أهله معه وشرح الأمر لشخص حكيم من عائلتك كي لا تتحملي لوحدك تبعات الإخفاء، فعلى الأقل يجب أن يعرف به شخص واعٍ من أسرتك ليسأل عما يعقد لسانك خجلا، أو يستفسر عما يمنعك حبك لهذا الشاب من الخوض به، وإن كان من الأفضل أخذ الحيطة أكثر، والسؤال عنه في بلده عن طريق أحد معارفك أو أقربائك، وإلا فمن يضمن لك أن قريبه الحكيم هذا ليس إلا شاهدا في صفه كما قال المثل: (يشهد للعروس: أمها والماشطة)؟
4-على فرض تم الحصول على الموافقة من بلده، وبارك أهلك هذا الزواج فيجب أن تعلمي أن اختلاف البيئة هو من أهم معكرات صفو الحياة الزوجية، فتقاليد البلد الذي يعيش فيه تجعل الحياة صعبة بالنسبة لمن اعتادت العيش في بيئة منفتحة كمجتمعك، وقد تتأقلم بعض الفتيات مع الوضع الجديد بحكم المحبة الراسخة في قلبي الزوجين، فهل هذا ينطبق عليك وعلى هذا الشاب؟
صدقيني.. أنا أشعر بقلقك وحيرتك وانهيارك واضطرابك؛ لذلك حاولت أن أبين لك شيئا مما كان خافيا عليك، وأنصحك بأن تكوني مع الله وتلجئي إليه سبحانه ليلهمك رشدك ويستخير لك الخير حيث كان، وأكثري الدعاء فإنه يرد القضاء، ولعلك تتصدقين إلى فقير أو تحسنين إلى محتاج، ففي الأثر: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء).
وتأكدي أنني أعرف صعوبة فض الاشتباك بين صوتي العقل والقلب، لكن أرجو أن تعلمي أنه من الأهمية بمكان أن يتحول هذا الاشتباك إلى لقاء ودي ينبض فيه القلب ويحكم فيه العقل، وإلا فإن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، وقانا الله وإياك شر القضاء وشماتة الأعداء وخيبة الرجاء، وتابعينا بأخبارك.
ــــــــــــــــــــ(41/220)
العريس الرومانسي وحسابات العقل
الطريق إلى الزواج, اختيار شريك الحياة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أتمنى ان ينال موضوعى اهتمامكم وتردو على لأننى فى أشد الحيرة من أمرى أنا فتاة عمرى 22 عاما والحمد لله أنا بأحاول أكون ملتزمة لأننى من عائلة محافظة ولى أحد أقاربى يكبرنى بثلاث سنوات منذ حوالى سنة ونصف وهو يحاول أن يتقرب منى ويفهمنى أنه يحبنى وأنا فهمت ده فعلا وهو قالى أكتر من مرة انه بيحبنى وانا كان ردى عليه دائما بالرفض مش عشان هو شخص وحش لا عشان ظروفه هى اللى كانت وحشه خصوصا انه كان لسا مش عرف موقفه من التجنيد وكان مش بيشتغل ولسوء الحظ انه دخل التجنيد وباقى عليه مدة خدمة الان سنة كاملة.
وكان معظم كلامنا فى الفترة دى على الايميل عشان كدا كنت مش مقتنعة شوية لكن مع طول الوقت حسيت ان اهتمامى بيه زاد قوى وحسيت انى بحبه ولكن مش اعترفت له بس هو حاسس بحبى من غير ما أقول وهو كمان بيحبنى أوى أكتر من حبى ليه وعرفت بعد كدا انه قال لمامته انه عاوز يتجوزنى وهى مرحبه جدا وكلهم فى البيت مرحبين لكن الظروف طبعا صعبة.
بس مشكلتى انا ان أهلى لو عرفوا دلوقت هيشوفوا ان لسه قدامه وقت كتير على ما يكون نفسه خصوصا سنة خدمة الجيش ولسا مش بيشتغل وهيدور على شغل وهو عمرة الان 25 سنة يعنى قدامه على الاقل سنتين على مايتقدم لى أنا مش عارفة صح انى أستناه مع العلم ان بيتقدم لى عرسان كتير جدا وفيهم ناس كويسة أوى .
وانا دلوقت بأكلمه فى التليفون باستمرار تقريبا كل يوم وممكن أكتر من مرة فى اليوم وبيكلمنى برده وهو مسافر على قد ما يقدر كل يوم أو كل يومين مرة ودايما بيقولى وحشتينى وبحبك وأنا بأقوله وحشتنى بس وأنا خايفة انى بأكون بأعمل حاجة غلط خصوصا ان دى أول تجربة ليا مع شاب وخايفة لاى سبب ربنا مش يريد ومش يكون لينا نصيب مع بعض وعايزة أعمل حد لعلاقتنا ومش عارفه خصوصا انه يقدر يجى بيتنا فى أى وقت وأنا كمان ممكن أروح عندهم بس أنا مش بأروح عندهم وهو هناك أبدا دلوقت ومش عارفة اعمل ايه أرجوكم ساعدونى.
ازاى أحافظ على حبى ليه من غير ما أغضب ربنا وإزاى مش أخليه يحس انى بقيت مش بحبه لو بعدت عنه عشان حبه ليا مايقلش خصوصا انه انسان رومانسى جدا ومش شايف انه بيعمل حاجة غلط وإزاى المفروض تكون علاقتى معاه وازاى اقدر أعرف انه انسان كويس ولا لا واختيارى هيكون صح ولا لا . وازاى أقدر أستفيد من الوقت ده ال هو سنتين أو اكتر فى فهمه ومعرفتى بيه اكتر قبل اى خطوبة أو ارتباط رسمى مع العلم انه والده ووالدته واخواته كلهم عارفين انه بيحبنى وانى بأبادله نفس الشعور .
أرجوكم ساعدونى ودلونى أعمل ايه وإدعوا لى بالهداية ليا وليه . آسفة على الإطالة.
... المشكلة
أ.أميرة محمد بدران ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
عبثا تحاولين إقحام حديث القلب في سطورك رغم أنك تحترمين عقلك طوال الوقت وبوضوح فمنذ بداية قصتك وأنت تتعاملين معها بالعقل فلماذا لا تتحلين بالشجاعة وتعترفين أنك لم تحبيه بعد!! فحال المحبون غير حالك يا ابنتي فالمحب يريد الانتظار ولو طال الزمن ما دام بعد الانتظار "لقاء".
المحب يبحث عن بدائل يرتق بها عيوب محبوبه أو عيوب ظروفه وهو مدرك لها راغب في التكييف معها.. المحب لا يسأل عن محبوبة سؤالا مخلا مثل "كيف أعرف أنه إنسان كويس".. المحب لا يشغل باله بالفرص الضائعة "مع العلم انه يتقدم لي عرسان كتير جدا وفيهم ناس كويسه أوي".
إذن نتفق دون مراوغة أن قصة الحب ليس لها مساحة كبيرة لديك وإن خانك شعورك بعض الوقت وهذا طبيعي، وأستطيع أن أفسره لك فلقد خلق الله بداخلنا ميلا للجنس الآخر هذا أولا، أضيفي إلى ذلك كونها تجربة أولى والتجربة الأولى تستمد قوتها من أنها أول لقطة وأول مشاعر وأول إحساس وأول كلمة حب وقد لا تكون تجربة حقيقية أو تجربة ناضجة.
أضيفي كذلك كونك أنثى والأنثى لا يعادل لديها شعور مثل شعور أنها مرغوبة من رجل!! فما بالك لو كان الرجل "رومانسي جدا".
لنعد إذن إلى لغة العقل حيث يطلب العقل على الأقل 4 أشياء هامة ليوافق على الارتباط:
1. التكافؤ الاجتماعي ولا أقصد به التكافؤ المادي وإنما أسلوب ممارسة الحياة بشكل عام.
2. التكافؤ الفكري أي التواؤم النفسي وطريقة التفكير والنظر للأمور المختلفة والآراء التي نتبناها في الحياة ونسعى للسير وفقا لها، خاصة ما يتعلق بالأبناء.
3. درجة التدين هل ترضيك أم أن الفرق كبير وحينها لن ترضيك ولن تتحمليها.
4. القبول والارتياح النفسي.
وأرى من خلال سطورك أن الشروط الأربعة غالبا متوفرة بشكل مرضي، يبقى أن تعرفيه جيدا وستكون هذه هي النقطة الفاصلة في قبولك لخوض تلك التجربة بشكل جاد ينتهي بالزواج أو لا.
ما تفعلينه الآن لن يوصلك لشيء وستظل المكالمات حالمة تحمل الكثير من الشوق والمشاعر "غير المسئولة" فعليك أن تلقي نظرة على باقي المشهد لتحكمي بشكل أفضل وهذا يتطلب منك أن تبصريه عن قرب، فلا معنى لقيدك العجيب لنفسك بعدم الذهاب إلى منزلهم أو مجيئه إلى منزلكم خاصة أن صلة القرابة ستزيل هذا الحرج.
ولكن عليك أن تعي أنك ستقومين بتلك الخطوة لا لتقتصر على الزيارات البلهاء التي تكتفي بالمجاملة والخجل والحديث الخافت عن الحب "الخفي" بينكما ولكن سيكون من أجل الوصول لقرار واضح بالارتباط أو لا، وسيحدث ذلك عندما تركزين في أنك ستعرفينه وسيكون ذلك من خلال المواقف، والتصرفات، وتحمل المسئولية، وخططه للعمل للمستقبل، ومدى جديته في السعي له والحصول على إمكانيات مقبولة لبداية مشروع الارتباط .
فإذا وضحت الأمور أكثر نحو إمكانية الارتباط فلتتوكلي على الله فسنكما بعد عامين أو أكثر ليس كبيرا وإذا اتضح غير ذلك فعليك توضيح الأمر بشكل جاد ولا يجدي كثيرا حينها التفكير فيما سيؤول إليه حاله بل ستكون تجربته معك أول ما يسطره في وجدانه وخبراته ليعرف نفسه ويعرف حياته ويعرف كيف يختار.
ــــــــــــــــــــ(41/221)
الحب في الصغر ..ترعاه المسئولية
الحب الأول, تساؤلات حول الحب
السلام عليكم ورحمة الله، أنا فتاة أبلغ من العمر 17 سنة في المرحلة الثانية من الثانوية العامة، تعلق قلبي بابن خالتي وهو في السنة الثانية من كلية هندسة طيران، هو إنسان يتسم بالأخلاق الكريمة وقف بجواري حتى حصلت على 90% في المرحلة الثانية، ويحثني على العبادة والتقرب من الله.
وحصلت بعض المشاكل وهي أن الأهل علموا بالعلاقة التي بيننا، مع العلم أنها لم تكن أكثر من مكالمات غرامية. وأقسمت على المصحف أن أقطع علاقتي به، وهذا ما حدث بالفعل ولكن لمدة أسبوع واحد فقط، وعادت طبيعتي، الصراحة لم أستطع بعده عني. الآن أنا أحبه وهو أيضا ولكننا نخشى الله.. فماذا نفعل حتى نحافظ على ذلك الحب؟
... المشكلة
أ.أميرة محمد بدران ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ابنتي الصغيرة..
قد يزعجك وصفي لك بأنك صغيرة، ولكن أين نذهب من الحقيقة فهي دوما واضحة كاشفة وأحيانا شاقة مؤلمة!!! فسأعقد على لساني وسأوقف سيل المواعظ التي أريد أن ألقيها عليك حول سنك وتقلباتها المتوقعة، وسأعتبر أنك حقا تمرين بتجربة حقيقية للحب وكذلك هو.
ولكن الحياة ليست حبا فقط، وهذه هي الحقيقة الثانية؛ فالحب مشاعر دافئة رقيقة حلوة المذاق تبعث في النفس الحيوية وتجعل العين ترى كل شيء جميلا ممتعا ولكنها تظل مشاعر غير مسئولة، وحين تطل المسئولية برأسها يبدأ مشوار الاختبار لحقيقة تلك المشاعر وحجمها وعمقها ولكيفية توظيفها والحفاظ عليها من التبخر والهدر.
أنت تريدين الحفاظ عليها ولكن تذكري أنكما اثنان؛ فلست طرفا واحدا، فلا بد من التأكد من أن محبوبك أيضا يريد الحفاظ على ذلك الحب معك... ليس حفاظا بالوعود واستمرار الحديث الغرامي ولكن الحفاظ "العملي" بالفعل.
وفي تصوري يمكنه أن يفعل بعض الأمور منها مثلا:
1. أن يتحدث مع والديه بأن مشاعره تجاهك حقيقة، وأنه يتشبث بك للدرجة التي تجعله ينتظرك وتنتظرينه، وهذه الخطوة ستكون أول جولة في المعركة؛ لأنها بداية المسئولية وسيكثر اللغط فيها، ولكن عليه أن يتحمل مسئولية قرار الاحتفاظ بك.
2. أن يبدأ في التفكير العملي للوصول بك لبيت الزوجية، وأولها اجتهاده في دراسته؛ فتخصصه مهم، وكلما اجتهد ووضع ولو شكلا مبسطا لطموحه الخاص بالعمل وجد حتما مكانا ينتظره عند تخرجه.
3. أتصور أن احترام رغبة الأهل في عدم التواصل "الخاص" بينكما نقطة لصالحكما وليس ضدكما؛ فهي فرصة لأن تثبتا أنكما جادان في قرار الارتباط... فرصة لاختبار حقيقة مشاعركما... فرصة لأن يروا أنكما جديران بالاحترام، وأعلم أن ألف باء الحب هي الرغبة في رؤية الحبيب وسماع صوته والقرب منه فسيخدمك صلة القرابة بينكما أن يكون هناك تواصل "عام" حتى يحين وقت بزوغ الثمرة.
4. ما ذكرته ليس سهلا يحتاج لعقل وتركيز ووضوح في التفكير وخبرات والكثير من الصمود والتأهل لاختبار الوقت، وهذا ما قصدته حين حدثتك عن الحقيقة وكونها شاقة مؤلمة.
5. تذكري أنني لم أحدثك عن صغر سنكما.. لم أحدثك عن تغير الإنسان بين الحين والحين... لم أحدثك عن النضج والاستقرار العاطفي.. لم أحدثك عن تحقيق النجاح في هذه السن وما تتطلبه من مثابرة وتركيز وعدم الانشغال بأمور أخرى... لم أحدثك عن قصص الحب الأول والتي غالبا لم تكتمل لأسباب عديدة... لم أحدثك عن المسئوليات المطلوب إحرازها بجانب الحب احتراما لمشاعرك ورفقا بقلبك، لكن فقط تذكريها ولو بعد حين حتى لا تخوني نفسك التي هي مصدر سعادتك أو حزنك
ــــــــــــــــــــ(41/222)
محبطة و مكتئبة.. الغرق في هموم عربية
صبايا, الصبايا والأهل, علاقات اسرية, الطريق إلى الزواج, تأخر سن الزواج
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته..
في البداية أود أن أشكركم جزيل الشكر على هذه الخدمة الرائعة والممتازة التي فتحت للشباب بابا يعبرون فيه عن مشاكلهم وهمومهم، في هذا الزمان الصعب، وأنا من المتابعات لهذه الصفحة منذ فترة طويلة، أقرأ معظم المشاكل والحلول.
أما عن مشكلتي.. فأنا فتاة في الـ24 من عمري، تخرجت في الجامعة منذ سنتين، أعمل في نفس الجامعة التي درست فيها، ومن ذلك الوقت وأنا أشعر أن الدنيا أصبحت أكثر قساوة علي من قبل. لدي عدة منغصات ومشاكل حولي ألخصها فيما يلي:
1. أشعر أن قطار الزواج قد فات علي لأن كل من حولي من زميلاتي قد تزوجن، أو خطبن، وكل من في سني إما أن يتحدث عن الزواج أو الخطبة؛ مما جعلني دائمة التفكير في الموضوع، وأصبح شغلي الشاغل، وهذا ما يتعبني أكثر وأكثر، بالرغم أنه تأتي لخطبتي النساء لأبنائهم ولكن في معظم الأحيان لا يرجعن.
وقد يأتي الشاب لرؤيتي ولكن أشعر أن موضوع الخطبة لا يتم في النهاية، وهذا يؤثر على نفسيتي كثيرا، خاصة إذا جاء الشاب وتحدث معي، ولم يرجع وهذا ما حدث معي منذ أيام، وهو ما أثر على نفسيتي كثيرا؛ لأنني تعلقت بالشاب.
مللت من طريقة الزواج التقليدي، حيث تأتي في البداية الأم ثم العريس ثم..، وفي النهاية لا تتم الخطبة، مللت من هذه الزيارات، وتعبت نفسيتي منها، وفي نفس الوقت أريد الزواج بعيدا عن الطرق غير الصحيحة، كأن أقابل الشاب خارج البيت أو أتعرف عليه خارج نطاق الأسرة، لأني والحمد الله لم أقابل في حياتي شابا أو أحكي معه خارج نطاق العمل، وأحمد الله على هذا الأمر، ولكن أريد الزواج، وأشعر أنني احتاج إلى الحنان والحب، وزاد هذا الشعور في هذه السن أكثر وأكثر.
لا أشعر بطعم السعادة في أي شيء في الحياة، أشعر أن حياتي دون طعم أو لون، أشعر بالاكتئاب بسبب هذا الأمر، وأعلم أنه رزق من الله، ولكن أصبح انتظار هذا الرزق كالنار المشتعلة في صدري، وهنالك بعض زميلاتي في العمل ممن خطبن أو يتزوجن يسمعنني الكلام القاسي عن هذا الموضوع.. ماذا أفعل؟ أرشدوني.
2. أنا فتاة خجولة يحمر وجهي لأتقه الأسباب وأتضايق كثيرا من احمرار الوجه خاصة أمام زميلاتي وزملائي في العمل. كيف أقوي شخصيتي؟
3. بسبب عملي في الجامعة وحصولي على درجة البكالوريوس فقط أشعر أنني أقل من الجميع، وبالإضافة إلى أن عملي ممل ولا يعطي خبرة، أشعر أن حياتي توقفت يعد تخرجي في الجامعة؛ حيث إن عملي في الجامعة كإدارية، وأدرس مادة بسيطة للطلاب. أريد أن أكمل الماجستير، ولكن أخاف من أن خجلي سيمنعني من التدريس بعد أن أكمل الماجستير، علما أنني تخرجت بتقدير ممتاز من الجامعة.
4. في البيت.. أبي متقاعد عن العمل، جالس طول الوقت في البيت بدون أي عمل سوى مضايقتنا، هو عصبي جدا ودائم الصراخ والسباب، وإلقاء الأوامر علينا؛ بالإضافة إلى أخي الكبير الذي رجع من الخارج دون أن يأتي بالشهادة، فهو دائم المشاكل مع أبي وأمي، فهو عاق لأقصى درجات العقوق.. عدواني وشرس، لا أستطيع وصفه بالكلمات؛ لذلك أشعر أن الزواج هو الحل، ولكن حتى فرصة الزواج لا تأتي ماذا أفعل أريد الهروب؟
5. لدي أوقات فراغ أريد أن أستفيد منها في الدراسة أو في تعلم المزيد في مجال تخصصي، ولكن الظروف من حولي تحبطني، وأشعر أني غير قادرة على أن أحمل كتاب وأتصفحه؛ فبدلا من قراءة الكتب، أفكر في همومي وتأخذني همومي ومشاكلي إلى مكان آخر بعيد كل البعد عن العلم، أو قراءة القرآن أو أي شيء آخر بسبب هذه المشاكل وغيرها. أشعر أن حياتي جحيم، وأن الموت هو الحل، أدعو ربي ليل نهار أن يخفف عني وأدعوه إذا كانت الحياة أفضل لي أن يحيني، وإن كان الممات أفضل لي أن يغفر ذنوبي وأن أموت.. أفيدوني جزاكم الله خيرا.
... المشكلة
د .ليلي أحمد الأحدب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
شكرا على مديحك ومتابعتك لهذه الصفحة، ولعل مشكلتك لا تخرج كثيرا عن إطار المشكلات التي اطلعتِ عليها, وإن كانت مشكلة أي شخص تبدو له أنها أكبر بكثير من أي مشكلة قرأها, وهذا ليس حقيقيا دائما, فصحيح أن من يأكل العصي ليس كمن يعدها, لكن كثيرا ما تكون الآلام ناجمة عن حساسية مفرطة في من يتلقى العصي، وأعتقد أن حساسيتك هي السبب وراء شعورك بالعجز عن تغيير الأجواء الملبدة بالغيوم سواء كانت في عملك أو في أسرتك.
مع ذلك يا عزيزتي فأنا أوافقك أن الحياة أصبحت قاسية أكثر من ذي قبل ليس عليك فقط بل على كل من لديه بقية من إنسانية لأن الذين خلت قلوبهم من الإنسانية أصبحوا كثراً في واقعنا الحالي, وإلا فماذا يعني أن تعيّرك من تزوجت أو خطبت بأنك ما زلت واقفة على العتبة تنتظرين قطار الزواج؟ هذا ليس عيبا بل هو كما تقولين قدر أو رزق, فلماذا يعيبون عليك عدم الزواج؟ وهل كل متزوجة سعيدة في حياتها الزوجية؟ إذا أحصينا عدد المتزوجات السعيدات في كل مدينة عربية فلا أعتقد أنه سيتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة, وإلا فإذا كان الناس عامة والمتزوجون منهم خاصة والمتزوجات بشكل أخص بخير فلماذا امتلأت هذه الصفحة بمشكلات الناس خاصة النساء المتزوجات؟
أذكر حوارا دار بيني وبين والدتي رحمها الله وهي امرأة لم تقرأ ولم تكتب حتى تجاوزت الأربعين من العمر, ولكن أمّيتها لم تمنعها من إدراك حقيقة الزواج, فقد سألتها ذات يوم: ماما أي الحال أفضل للمرأة: المتزوجة أم العازبة؟ فأجابتني رحمها الله ببساطة: (الحالين أسوأ من بعضهما.. لكن خليها تدوق هالسعادة!) وقد نطقت أمي كلمة السعادة ممزوجة بسخرية امرأة عركت الحياة سبعين عاما وعرفتها على حقيقتها وأن السعادة فيها مجرد وهم, فما دامت السعادة مؤقتة وسيتبعها درجات سعادة أقل منها في أحسن الأحوال وحالات تعاسة أو نكد أو حزن في أغلب الأحوال, فلماذا البكاء على أطلال سعادة متوهمة؟!
والمشكلة يا عزيزتي أن السعادة ليست هي الوهم الوحيد في حياتنا بل أصبح لدينا كمّا كبيرا من التزييف حتى في إسلامنا, وأنا أتعجب من هؤلاء الذين يدّعون الإسلام ولا يعرفون عن أخلاقه السامية شيئا, أو يعرفونه بالقول فقط أما بالفعل فبينهم وبينه ما بين الأرض والسماء, وإلا فأين تطبيق الآية الكريمة:(يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن)؟
ومع ذلك فقطار الزواج لم يفتك، ومن المعلوم أن سن الزواج ارتفعت بالنسبة للشبان والشابات في عالمنا العربي ولا أعتقد أنه يفرض بك القلق من الآن, فأنت أيضا تمنحين الموضوع أكثر مما يستحق, وربما هي ثقافة بيئتك أو بالأحرى ثقافة مجتمعاتنا العربية التي تفرض استقواء المرأة بالرجل الذي يجب أن يفيض بظلاله عليها, ويمنحها اسمه وكثيراً من جاهه وسمعته.
مع أن بعض الرجال ظلهم أثقل من "الحيطة" نفسها, ومع ذلك فمجتمعاتنا الخائبة لديها مفاهيم خاصة بها مثل: "الرجل لا يعيبه إلا جيبه", ولو بقي عازبا للستين وما بعدها فلا شيء يضيره, أما المرأة فهي ضلع قاصر تحتاج وصاية وولاية ووضع اليد والحجر عليها مِن قِبل مَن تعيش معه كان أبا أو أخا أو زوجا, وهي تقدم ما تقدمه لأهلها عن طيب خاطر ولكن لا حمدا ولا شكورا, أما الذكر فيمكنه أن "يجعجع ويبعبع" ويملأ البيت صراخا وينفر أهل البيت من البيت كما تصفين لنا أخاك الذي يجعلك تفكرين بالزواج للهروب منه ويضيف الأب للمشكلة بعض البهارات من التعصيب والصراخ والزعيق؛ والمغزى أن مشكلتك عربية بامتياز, فلا تبتئسي فهكذا حال كثير من أسرنا العربية, فنحن نحل مشاكلنا بالصراخ فلماذا تكون أسرتك مختلفة؟
ولدينا التقاعد همّ للمتقاعد ولأسرته بينما في بلاد الغرب يحلمون بالتقاعد ليساهموا في بناء بلادهم وتنميتها ومنح خبرتهم لمن يحتاجها وهكذا يبقون فعالين ناشطين شاعرين بقيمتهم في حياة الآخرين فلا يضطروا للتعبير عن أنفسهم بالصراخ, فمن يلام يا عزيزتي؟ والدك المسكين الذي وجد نفسه حبيس غرف المنزل أم أخوك الكبير الذي يعرف أن الرجولة ذكورة فقط دون أي اعتبار للأخلاق وبر الوالدين؟ ربما كل الحق على إسرائيل!.
خففي عنك يا ابنتي فهذه الجملة الأخيرة للمزاح فإسرائيل ليست مرضا لكنها عرض لأمراضنا المستعصية, ومنها ما جاء في رسالتك عن طريقة الزواج التقليدية التي تتعرضين لها, فإذا جاءت الأم لم تعد وفي أحسن الأحوال أتى الشاب ثم ذهب مع الريح, وفي هذه الناحية لدي ملاحظة عليك غير ملاحظتي على البيئة التي تعرض المرأة كأنك سلعة, وهي أن تقييمك الذاتي لنفسك منخفض جدا, يتبدى هذا في الخجل والخوف من المواجهة وكذلك الدخول في حلقات الاكتئاب المعيبة ومن ثم التفكير في الموت كحل, فالحياة يا ابنتي مهما كانت مؤلمة فهي ليست جحيما, وبقدر ما نقاوم الصعوبات بقدر ما ننضج, وبقدر ما نربأ بأنفسنا عن المهاترات والصغائر بقدر ما نتطور وننمو, وصحيح أن الشباب يبحثون عن الجمال أو المال أو ما شابه من الصفات المادية وأنت لم تذكري شيئا عن وضع عائلتك المادي, لكن يكفي أنك تعملين ليكون لك موردك الخاص, وليس عيبا أن نذكر أن كثيرا من الشباب المكافح أصبح يهتم بوجود زوجة عاملة في بيته تساعده في صعوبات الحياة ومتطلباتها الأسرية الكثيرة, فهذه نقطة قوة فيك.
أما نقطة الضعف برأيي فهي عدم الثقة بالنفس وهو ما اعترفت به وتريدين تجاوزه فهذا مما لا شك فيه باب طويل يحتاج قراءة كثيرة وضرب على أوتار الذات لمعرفة نقاط التميز عن الآخرين, ولك أن تعلمي أن غالبية الناس يبدون أكثر ثقة بأنفسهم مما هم عليه في الحقيقة, فكلنا عندما ننزع أقنعتنا وننفرد بأنفسنا ونحاول أن نراها على حقيقتها نجد عيوبها صادمة لنا, لذلك فما عليك إلا أن تدرّبي نفسك على إدراك أن كل من ترينهم حولك ليسوا أفضل منك وفي نفس الوقت لا تقبلي أن تشعري أنك أفضل منهم, فكل منا يفضل الآخر في ناحية ما, والمهم أن تعاملي الناس كأنهم أنداد لك, وليسوا أفضل منك في شيء, وكي تتجاوزي مشكلة احمرار الوجه عند الحديث دربي نفسك على الحديث أمام المرأة فتخيلي نفسك مثلا مع رئيسك بالعمل وناقشيه منطقيا وبهدوء بينك وبين نفسك, وأذكر أني قرأت نصيحة في مجلة غربية لتجاوز الخجل من شخص معين أن نتخيله في الحمام أو في مكان يمارس فيه بشريته.
وأعتقد أن الإنجاز على المستوى الشخصي يعتبر علاجا طاردا للخجل، لذلك نصيحتي أن تنجزي شيئا على صعيدك العملي فيجب أن تدرسي للحصول على درجة الماجستير وبتفوق وعندها تحطّمين نقطة ضعف مربكة في شخصيتك وقد يؤهلك ذلك لنيل شهادة الدكتوراه فترتفعي في عيني ذاتك, وهو شرط أساسي لتكون لك مكانة بين طلابك مستقبلا, وقد تظنين أن هذا مستحيل مع ظروفك الأسرية, لكن على قدر أهل العزم تأتي العزائم, وقد ذكرت حصولك على درجة الامتياز في تخرجك, فإذا كانت عزيمتك قوية فلا شك أنك ستجدين الزمان والمكان المناسب للمذاكرة.
إياك والاستسلام للظروف فهي حجة العاجزين, وأنت عليك العمل ثم التوكل على الله, وعندها قد تتغير حياتك كليا ومنها أسلوب العمل ومكانه وربما تنفتح أمامك فرصة أخرى ليكون الراغبين بالزواج بك أكثر, وإذا لم يكونوا كذلك فيكفي أنك ستنشغلين عن التفكير في مشكلاتك وأهمها عدم الزواج, فإذا كان طموحك رحب الآفاق فلن تهتمي كثيراً بما يتفوه به الآخرون أو الأخريات في هذا الصدد, وسيخف شعورك بالنقص أو الفقد.
بقي أمر هام وهو أن الزواج بما أنه رزق فلا مانع أن نسعى إليه، سواء كنا إناثا أو ذكورا, ولكن يجب أن تزيدي ثقتك في نفسك أولا, وعندها قد تصبحين محط إعجاب شاب يجد فيك امرأة واثقة من نفسها, وكذلك كي تحصّلي هذا الرزق فلا مانع أن تهتمي بمظهرك, حتى لو كنت محجبة فلا يمنع أن تكون ملابسك جيدة, فالملابس الجميلة المحتشمة تعطي بعدا واثقا لشخصية المرأة, بل كثيرا ما تغير الملابس نفسية الشخص في أي مرحلة كانت.
والنفس البشرية لا يمكن فصل أبعادها المادية عن أبعادها الروحية فهي كلٌّ متكامل, وقد ينعكس الجمال المادي على النفس بالثقة, وإن كان الوضع العكسي هو الأكثر مصداقية, أعني أن الجمال الداخلي ينعكس إشراقا على الوجه فيبدو الإنسان جميلا جذابا, وهذا الجمال الداخلي منبعه كما قلت في إحدى الاستشارات إما جمال العلاقة مع النفس وهي التي تنبع من الرضا, أو من جمال العلاقة مع الآخرين وهي التي تنجم عن مد يد المساعدة لهم, فالسعادة متضمنة في المساعدة.
لذا أنصحك بالاهتمام بمساعدة الآخرين فهي علاج للاكتئاب الذي تعانين منه, وعندما نفعل الخير مع الناس فسيحبوننا بالتأكيد وسينعكس هذا الحب إشراقا في نفوسنا مما يجعل إحساسنا بقيمتنا الذاتية تكبر, وكذلك قد يشغلنا وجود هذا الحب عن نقص الحب مع الجنس الآخر, ريثما يأتي الحب الحقيقي ويقرع الباب, ولكل مجتهد نصيب.
ــــــــــــــــــــ(41/223)
من ينساك أنساه حتي تستمر الحياة
الحب وآلام الفراق, الحب, الحب, صبايا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أود في البداية أن أشكركم على هذا الموقع الرائع والذي يستفيد منه الملايين.
ما شجعني على الكتابة إليكم صاحب مشكلة "مر عام وما زلت أحبها" ، وشعرت أن هذه المشكلة مشكلتي، ولكني أسأل سؤالا وهو كيف أستطيع نسيانه؟ كيف ومتى؟ أتمنى هذا اليوم بفارغ صبر أتدرون من هو؟ إنه الإنسان الوحيد الذي شعرت بأنه مناسب لي جدا، الإنسان الوحيد الذي وجدت عقلي وقلبي معه، الإنسان الوحيد الذي شعرت بأنه الرجل الذي أبحث عنه، والذي أستطيع أن أبنى معه بيت على تقوى الله.
كانت أحلامنا وتفكيرنا وأشياء كثيرة بيننا متشابهة، ولكنه ليس من بلدتي، وبسبب اختلافات الأهل لم يتم زواجنا، ومر على ذلك ليس عاما واحدا فقط، ولكن عام ونصف، ولم أنسه، وعلى حد قوله لم ينسني، رغم أننا خلال هذه الفترة لم نتحدث، ولم نر بعضنا البعض؛ فالحمد لله أني ملتزمة بشرع الله، وهو أيضا ومن فترة بسيطة، حدث شيء من أختي تجاهه جعلنا نتحدث، وبالرغم عني غلبتني مشاعري، ورغم أن كرامتي غالية عندي جدا، وجدتني أسأله عن أحواله وبعدما عرفت أنه لم يتزوج اعترفت له بأنني لم أنسه للآن، ولا أدري كيف حدث ذلك، ولا أدري كيف فعلت ذلك ووجدته يقول لي إنه أيضا لم ينسني.
وقال إنه سيفكر فيما يتعين عليه عمله؛ حيث إن والده غير موافق على ارتباطنا ولا أدري للآن سبب ذلك، ولم يخبرني بالسبب ولم يقل لي غير أن والده له تأثير عليه كبير عليه والعلاقة بينهما وطيدة، لكنه صلى وحاول مع والده ثلاث مرات، وعندما باءت المحاولات الثلاث بالفشل طلب مني أن أنساه، وأن أرتبط بغيره يا الله يا ليت النسيان بسهولة، لا أدري كيف أستطيع نسيانه؟ ولماذا يستطيع هو نسياني وأنا لا؟ ولماذا يستطيع الارتباط بغيري وأنا لا؟.
نسيت أن أذكر لكم أنه قد خطب في هذه الفترة ولكنه لم يشعر مع خطيبته بالراحة ففسخ الخطبة، على العكس مني حيث إني فشلت في أن أرتبط بغيره، وكلما تقدم لي أحد وحاولت رفضه باءت محاولاتي بالفشل، وجلست مع غيره، ولكني لم أستطع التكيف، وكلما شعرت أن الموضوع سيكتمل رفضت وخفت أن أظلم من سأرتبط به.
وعندما علمت بتجربته فكرت في ألا أكمل، وأقول له يبحث عن غيري؛ لأنني شعرت بأن اقتناعي وحبي له يفوق اقتناعه وحبه لي، ولكن عندما شعرت بأنه خائف جدا من قراري هذا، وأن هذا القرار سيؤلمه ويؤلمني، وجدتني أقول له لننس ما مضى، ونبدأ من جديد، وشعرت بسعادته وقد أيد شيخي قراري، وقال إنه إنسان ممتاز. وبالتأكيد استفاد من تجربته السابقة، وقارن بينكما.
ولكن ما نتيجة عودتي إليه هذه المرة؟ لقد تركني هو للمرة الثانية، أنا للأسف الشديد ما زال معي، وما زلت أفكر فيه، وهذا شيء غريب جدا، كيف أتذكره بعد ما فعله معي؟ "ليه هو قادر ينساني وأنا لا؟" الحمد لله، أنا إنسانة قوية بطبعي، وأتحمل أي شيء، وربنا دائما ما يساعدني على حل أي مشكلة تواجهني بفضله، أما هذه المشكلة لا أجد لها حلا، "الأمر غصبا عني؛ لأنه مسيطر على كل فكري، والتفكير فيه فاق كل شيء، لكن ما يؤثر في نفسي أنني -وأنا الفتاة- كنت مستعدة أواجه أي مشكله تواجه ارتباطنا، وهو لا.
ومثلما قال لي شيخي أيضا -جزاه الله خيرا- "إنه غير قادر على أن يقنعهم بك، كان يجب أن يدافع عنك، فمن يدافع عن هدف مقتنع به يكون أكثر إخلاصا له"، وهو يعلم أنني سأثبت لأهله أن اختياره كان صحيحا، ويعلم أنهم سيكونون بمثابة أهل لي، ويشهد الله على ذلك.
وأحيانا أقول لنفسي "والده يرفضني"، لكن اقتناعي به القوي يجعلني مستعدة لمواجهة أي مشكلة، سبحان الله، وهو لا يتخذ نفس موقفي، أليس ذلك شيء غريبا ويكفي أن يكون سببا لنسيانه؟.
ومن خلال موقعكم المتميز أود أن أسأل كل أب وأم لو اختار ابنكم أو بنتكم اختيارا صحيحا.. فلماذا ترفضون هذا الاختيار؟ وإذا كان الدين والخلق موجودين، وإن كان المستوى الاجتماعي متقاربا فلماذا ترفضون؟ أليست سعادة أبنائكم هي المراد، وكم تسبب ذلك في فشل زيجات كثيرة بسبب انعدام المعايير الصحيحة للاختيار، وبسبب عدم تحمل المسئولية من الطرفين؟.
لقد زاد معدل الطلاق ولأسباب عدة منها عدم التوافق بين الزوجين، فعندما يوجد توافق كبير بين اثنين يتم الرفض بدون سبب يرضى هذا الله، لماذا لا ننظر للدين وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم ليس للمتحابين إلا الزواج.
وفى النهاية أشعر بأن كرامتي وقلبي قد جرحا للمرة الثانية رغم أن كل ما كنت أتمناه أن أكون مصدر سعادته، وسبب نجاحه وتفوقه، وأن نبني بيتا على طاعة الله، ونشجع بعضنا على الطاعة، وتحقيق أهدافنا، وكنت مستعدة لبذل قصارى جهدي لتحقيق هذا الهدف، وأنا آسفة أعتقد أن كلامي غير مرتب ولكني أردت أن أتحدث فقط ربما أشعر بالراحة؛ لأنني بحاجة للحديث والفضفضة.
كما أنني سالت نفسي سؤالا حتى أصل لأصل المشكلة وأحلها وهو لماذا أحببته؟ فوجدت الإجابة لأنه على خلق ودين، ولأنه هادئ الطبع لأن التوافق بيننا كبير (تفكير طموح)..إلخ ولكنه تنازل عني فلماذا أنا ما زلت متمسكة به؟ لماذا هانت علي نفسي؟ لماذا يبيعني وأنا أشتريه؟ لا بد لي من نسيانه وبيعه، ولا بد من تأقلمي مع غيره.. ولكن كيف ومتى؟ فأنا للأسف ما زلت أسأل الله عنه.
وأخيرا أسألكم الدعاء لي، ولجميع المسلمين والمسلمات، وأتمنى أن يرزقني الله بعمرة رمضان هذا العام، فأنا أشعر بأنني في حاجة إليها جدا جدا جدا وأول دعوة سأدعوها هو أن يساعدني الله على نسيانه.
... المشكلة
أ.نجلاء محفوظ ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
نشكرك أولا على إشادتك بالموقع ونبدأ بتحيتك على إرسال مشكلتك والبحث عن حل لها والكف عن إضاعة أعوام أخرى في التفكير في إنسان "اختار" نسيانك ولم يكتف بذلك بل طالبك أيضا بنسيانه.
واسمحي لنا أن نطلب منك طلبا بسيطا على أن تقومي بتنفيذه..أغمضي عينيك لمدة ثوان وتخيلي كيف ستكون حياتك بعد ثلاث أو خمس سنوات أو حتى سنة قادمة.
الآن افتحي عينيك ببطء.. كيف كانت الصورة.. هل أحببت نفسك فيها أم رأيت صورة لا تريدين رؤيتها، ألم تري إنسانة ألقت نفسها في "دوامة" صنعتها بنفسها وأضاعت منها أياما "غالية" من حياتها؟ ألم تكتشفي أنه قد خطب غيرك وتزوج وربما أنجب أيضا؟...
قبل أن أخبرك بكيفية نسيانه، سأخبرك بحكاية عايشتها بنفس عن قرب عن فتاة "أدمنت" حب شاب واختزلت الحياة في قربها منه، ولكنه تركها بعد فترة وتزوج بأخرى، وغادر الوطن إلى الخارج وكانت تتكلف أموالا طائلة لتكلمه في مكالمات دولية، وفعلت المستحيل لكي تتعرف على زوجته وتحادثها واستمر ذلك لبعض الوقت إلى أن رفض الرد على مكالماتها، وحرض زوجته على اتخاذ نفس الموقف معها، فما كان منها إلا أن تزوجت أول خاطب تقدم لها، وبالطبع عاشت حياة زوجية تعسة، وأنجبت منه ولكنها ما زالت تقارن بين زوجها وبين الشاب الذي تركها، ولم تحاول علاج الجرح الذي تسبب في تحويله إلى جرح غائر بإهمالها في علاجه في بادئ الأمر.
أرجو لك ألا تدفعي نفسك إلى هذه الهاوية؛ فالزوجة التي حكيت لك حكايتها تعاني معاناة هائلة في حياتها، كما أن زوجها على وشك أن يتركها هو الآخر، وكما يقال فإن البدايات الخاطئة تؤدي إلى نهايات فاشلة.
لقد قلت إنه الإنسان الوحيد الذي شعرت بأنه مناسب لك، ووجدت قلبك وعقلك يتفقان على اختياره، ورغبت "بشدة" في بناء حياة معه؛ لأن أحلامكما وطريقة تفكيركما متشابهة، وتناسيت شيئا مهمًّا وهو أنه لم يبادلك نفس المشاعر، فلم يُكنّ لك حبا قويا يمكنه من التمسك بك، والحقيقة أننا لا نحب لأي فتاة أن تبذل جهدا لإقناع أسرة الشاب بها؛ لأننا نرى في ذلك انتقاصا من كرامتها وتهوينا من شأنها، ولا تقبله أي فتاة، ومن الأفضل لك الانسحاب الفوري بمجرد معرفتك باعتراض والده عليك، فلو كان هذا الشاب متمسكا بك بدرجة "حقيقية" لتمكن من إقناع والدك بك وبمزاياك بدون إخبارك صونا لكرامتك، ولبذل جهد كاف ولكنه اكتفى ببذل ثلاث محاولات، فهل هذا الجهد يكفيك، وهل يعادل حبك له.
وأسألك -كأخت لك- لماذا تحرضينه على الاستهانة بك، وكان الأولى بك أن تختفي تماما من حياته وتقومي بشطبه نهائيا من حياتك ولسان حالك يقول: من لا "يقاتل" للفوز بي لا يستحق ولو ثانية في التفكير فيه ولن أكون أبدا من عبيد العاطفة.. ولقد تعجبت لموقف شيخك الذي شجعك على الاستمرار معه، ألم يسمع بالقول الرائع إذا أحببت أحدا تكون عبدا له وهو لا يحب أن تكون عبدا لغيره.
نعم.. فنحن يجب ألا نكون عبيدا إلا للعزيز الحكيم سبحانه وتعالى، أما البشر فلا بد أن نتعامل معهم بكل كبرياء واحترام كامل لإنسانيتنا، فلا نلهث وراء من يطردنا من حياته، ولا نتمسك بهم أيضا من قبيل العناد والتشبث بضرورة الحصول على حبهم؛ وهو ما يقلل من أسهمنا لديهم ويزهدهم فينا ويجعلهم يروننا بأقل من قدرنا بمراحل إذا تصورتها فسيصيبك بالغ الحزن من التهوين البشع الذي وضعت نفسك فيه.. ولقد قيل -عن حق- إذا كنا نهون من أنفسنا فلا يحق لنا أن نلوم الآخرين على استهانتهم بنا.
لقد خطب غيرك، أي إنه كان مستعدا للزواج وفسخ الخطبة لعدم شعوره بالراحة، وكان يمكنه لو كان "راغبا" في الزواج بك إقناع أهله، ولكن يبدو أنه كان يحب حبك له وقد ذكرت أن شيخك قال إنه إنسان ممتاز وجميل، ولا أدري على أي أساس قال ذلك، فلم تذكري عيوبه، ولا يوجد إنسان بالطبع بلا عيوب، وأرجو ألا تكون مرآة حبك عمياء، ترى المزايا فقط، لأن هذا الحب يكون حبا مريضا يقود صاحبته إلى العذاب وينتهي بالفشل الذريع وضياع سنوات العمر في الأوهام.
وإن لم يكن به عيب سوى عدم تقديره لمشاعرك فكفى بذلك عيبا "قاتلا" يستوجب طرده فورا من حياتك بل والاحتفال بذلك أيضا، فلو تزوجت بإنسان تقتنعين به وتحبينه أكثر مما يفعل، فماذا تتوقعين، ستظلين طوال حياتك تلهثين وراءه ليلقي إليك "بالفتات" فهل هذا ما ترضينه لنفسك، نحن نتمنى لك ما هو أفضل ونثق أنك ستختارين ذلك.
اقبلي على أي خاطب بقلب مفتوح وذهن خال من أية مقارنات وكفاه أنه "احترمك" أنت وعائلتك وجاء إلى بيت أسرتك طالبا خطبتك، ولم يطلب منك فعل "المستحيل" لإقناع أسرته بك وفي ذلك إهانة بالغة؛ فتذكري ذلك حتى تقومي بمحو هذا الشاب من ذاكرتك وليس نسيانه فقط.. لقد تركك مرتين، فماذا تنتظرين؟ تقولين إنك إنسانة قوية وتقومين بحل كل المشاكل إلا هذه المشكلة وتتساءلين عن السبب...
ونتفق معك على أنك إنسانة قوية، وهذا سيساعدك على حل هذه المشكلة متى عرفت أنك لا تستطيعين حلها لكنك لا تريدين ذلك، حيث "تخافين" من الحياة بعيدا عن هذا الحب؛ فأحيانا نرفض الخروج من تجربة مؤلمة لاعتيادنا عليها، ولأنها أصبحت من مكونات حياتنا اليومية فتنبهي لذلك وتوقفي عن التمادي في إيذاء نفسك.
ولا نرضى لك -أبدا- محاولتك إثبات جدارتك بالزواج منه؛ ففي ذلك انتقاص بالغ منك ومن أسرتك أيضا، وكفي عن استعدادك لبذل الجهد لأجل إنسان لا يرغب بقدر كاف في الزوج منك ولا يبذل الجهد لذلك، أو أنه إنسان ضعيف لا يستطيع الدفاع عن اختياره وفي الحالتين لا يستحق التوقف لحظة لا للبكاء ولا للندم ولا حتى للتفكير فيه.
أما أسئلتك الموجهة للآباء والأمهات حول ضرورة احترام اختيار الأبناء في الزواج فنتفق عليها بشرط أن يلمس الأهل قناعة الأبناء التامة بالأطراف الأخرى وبالتكافؤ الحقيقي، وبالمناسبة فإن نسبة غير قليلة من حالات الطلاق تحدث بسبب عدم توقف الشباب من الجنسين عند آراء الأهل والإصرار على الزواج بسبب الحب والانجذاب العاطفي وأحيانا الحسي والذي سرعان ما تخبو آثاره بعد الزواج ويبدأ الزوجان في رؤية عيوبها بعضهما البعض ويشعران بالخديعة تتفاقم الأمور وتصل إما للطلاق أو للانفصال العاطفي أو الاستمرار في زواج فاشل يدفعان ثمنه ومعهما الأولاد أيضا.
وقد قال رسول الله صلى اله عليه وسلم ما معناه ليس للمتحابين إلا النكاح، ولكنك تناسيت أن هذا الشاب لم يحبك بالقدر الكاف، وبالطبع أنت تدركين أننا لا نقصد إيلامك فنحن نتعاطف معك ونحترم ألمك بشدة ولكن مهمتنا توضيح الصورة لك حتى لا تضيعي ولا ثانية أخرى في التفكير في هذا الشاب...
وتذكري أنه لا يكفي أن تتمني إسعاده وبناء حياة سعيدة معه، فلا بد أن تكون الرغبة مشتركة، ولإنجاح أي علاقة إنسانية سواء في الحب أو الزواج أو الصداقة لا بد أن يكون الحرص على إنجاحها من الطرفين لا أن يبذل طرف واحد الجهد، فحتى إن أثمر ذلك عن بعض النجاح في بداية الزواج، إلا أنه سيتعب في منتصف الطريق ويشعر بالمرارة لضعف ما يحصل عليه، أو يواصل "امتهان" نفسه طيلة حياته وغالبا ما ينصرف عنه الطرف الآخر؛ لأن الإنسان بطبعه يزهد ما لا يبذل جهدا للحفاظ عليه.
أخيرا.. لقد قمت بصنع سجن لنفسك ودخلت فيه بكامل إرادتك وقمت بإغلاقه من الداخل وصرخت كيف أخرج منه..، قومي فورا بفتح باب السجن، وحطمي جدرانه فورا وهو ليس بالشاب الوحيد المناسب في الكون؛ لأنه ببساطة ليس من نصيبك، والخالق عز وجل سيرزقك بمن هو أفضل متى تخليت عن التفكير بأنه لا يوجد غيره، وتذكرت أنك قمت "بسكب" كل أحلامك في الحب عليه، وغالبا ما يؤدي ذلك إلى نتائج غير واقعية واسعدي لتخليه عنك الآن قبل الخطبة أو قبل الزواج.
وندعو لك بأن يرزقك الله بعمرة رمضان، ليس لتدعي في أثنائها بأن تنسيه، ولكن لتشكري الله فيها على استعادتك قبلها بأشهر حبك الإيجابي والذكي لنفسك والبخل بأي ثانية في حياتك لمن تخلى عنك، ونتمنى أن تشكري الرحمن فيها على ارتباطك بالخطبة بشاب غيره وبعدم التورط في علاقات عاطفية، فهذا هو الاختيار الوحيد الذي نرضاه لك، أما الآخر فهو إهدار العمر في انتظار من اختار حياته بعيدا عنك.
ــــــــــــــــــــ(41/224)
فضفضة فتاة على أعتاب العنوسة
الطريق إلى الزواج, تأخر سن الزواج
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم أعرف موقعكم إلا منذ يومين فقط والحمد لله أنني عرفته، كنت أقرأ ردودكم على مشاكل البنات، وأشعر بصدقكم وحبكم للخير، وشعرت بحنان يغمر ردودكم وحكمة وعقلانية أيضا، لقد تشجعت لأكتب لكم عن همّ أصبح يؤرقني ويشعرني بأني غير البنات وعذرا في البداية على الإطالة فليس لي بعد الله إلا أنتم. وعذراً إن كان كلامي متشعبا.
أنا فتاة جميلة بشهادة الجميع، وطيبة والكل يذكرني بخير ولله الحمد، مثقفة ومتفوقة في دراستي، لن أطيل في وصف نفسي ومحاسنها؛ فهذا من أقبح المديح، ولكن ذكرت بعضها؛ لأن ذلك يتعلق بمشكلتي، لم يتقدم لخطبتي أحد، وعمري الآن 24 سنة.
في مجتمعنا مهما كانت الفتاة جميلة لكنها سمراء اللون، فهذا يعتبر عيبا، يقولون جميلة ولكن سمراء، أنا قبلية ولكن حنطية، ربما ينظر لي الناس مثلما أسمعهم يقولون، ومن عندها كمبيوتر وإنترنت فيحكمون عليها بأنها "قليلة أدب"، ويطعنون في أخلاقها، وأنا عندي كمبيوتر وإنترنت.. هذه نظرة مجتمعنا.
والدي ذو سمعة طيبة وأمي وإخواني، وعائلتي، والدي معروف بين الناس بكرمه وطيب أخلاقه مثل جدي، ونحن بخير ولله الحمد، وكان البنات يقلن لي تخرجي والخطاب سيكسرون باب بيتكم، والدك سمعته مثل جنيه الذهب، ومن هذا الكلام، الحمد لله على كل حال، أصبحت أفكر لماذا لم يخطبني أحد.. أحيانا أخاف أن أحدا تكلم علي عند الناس بأشياء ليست فيّ، أو أن فيّ عين.. هل هذا ابتلاء من الله؟ الله أعلم
والدي عندما يتزوج البنات أو يتم عقد قرانهن يتساءل.. لماذا لم يخطب بناتي أحد؟ مع العلم أن أخواتي صغيرات، وأنا الكبيرة، يقول هذا الكلام لأمي، وأمي تقول لي هذا الكلام، وما تدري أنها تعذبني بهذا الكلام، إخوتي الذكور متزوجون، أحدهم يقول لي وكأنه يمازحني اذهبي إلى الأفراح لكي يخطبوك.
قدر الله وما شاء فعل، والحمد لله على كل حال، أدعو الله دوما بالزوج الصالح والذرية الصالحة، أحيانا أشعر بأنني سأتزوج، وسأخطب يوما ما، وأشعر بطمأنينة، أشعر بضغط كبير أرجو أن تخففوا عني، كيف ينظر لي والدي وإخواني، معارفي إذا سألوا أمي تقول يأتيها خطاب، ولكن لم يأت النصيب، يعلم الله أنني صابرة، ولكنني أحيانا أخاف، فعندما أقرأ في المجلات مثل حالتي في صفحة "مذكرات عانس" أخاف أن أصبح مثلهن.
أحيانا أقول لن أفكر في الزواج، وأيأس منه، ولكن أرجع وأقول الله على كل شيء قدير، لا ييأس من رحمة ربه إلا الظالمون، أحب الله وأرجو رحمته، سيعطيني الله على نيتي، أنا لي هدف من الزواج، أن أسعد من سيكون من نصيبي، وأربي أبنائي تربية إسلامية صحيحة؛ لتفتخر بهم الأمة الإسلامية، حتى أنني أقرأ كيف تسعد المرأة زوجها، وكيف تتصرف، ومن هذه الأمور التي سأستفيد منها إذا تزوجت بإذن الله.
يعلم الله ما في قلبي من أمور سيطول الحديث عنها، تمر الأيام والأيام ولم يتصل أحد ليطلبني، صبروني جزاكم الله خيرا، لا أريد أن أيأس من فضل الله، عندما تخطب فتاة أو تتزوج يتجدد ألمي، ليس حسدا لهن، ولكن أتذكر ما أنا فيه، ووالدي سيفكر بالتأكيد في حالي، والدي طيب وأحبه وأعلم أن سؤاله ليس بسبب أنه ملّ مني، فله الحق في تساؤله ولكني أشعر بألم.
ساعدوني هل أنسى أمر الزواج ولا أفكر فيه؟ وكيف أعيش باقي أيامي؟ أتمنى أن تكونوا فهمتموني، أنسى أمر الزواج ولا أشعر باليأس، بل لا أفكر في هذا الأمر ما رأيكم؟ لا أريد أن أقنط من رحمة الله، أحلم بأطفال ألعب معهم حتى إنني أتخيلهم، أسأل الله أن يرزقني بالذرية الصالحة.
دعواتكم لي إخوة الإسلام بالزوج الصالح الذي يخاف الله ويحبه ويرجو رحمته. اللهم أغننا بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك وبفضلك عمن سواك. ذكروني برحمة الله، صبروني وابعثوا الأمل في قلبي وأعينوني بعد الله على نفسي والشيطان.
... المشكلة
د.حنان طقش ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
لن يجد الشيطان طريقا للمستغفرين، فعليك بنفسك تضيق المكان عليه بكثرة الاستغفار وتذكري قوله تعالى "وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله" وأيضا بنيتي لا تقنطي من رحمة الله، فلا يقنط من رحمة الله إلا القوم الكافرون، نعوذ بالله أن نكون نحن أو أنت منهم.
تشعرين بالضيق لتأخر زواجك من وجهة نظرك، بينما وجهة النظر العامة للحياة في وقتنا الحاضر حتى في مجتمعك لا تعتبر عمر الرابعة والعشرين متأخرا، ولا كبيرا للزواج. تعرفين أن الإيمان ينفع المؤمنين وقت الشدة كما يقول رب العالمين، ولو اعتبرنا طول انتظارك لزوجك شدة فإيمانك ينفعك في انتظار قضاء حاجتك. تعلمين أنه لو اجتمعت الإنس والجن على أن ينفعوك بما لم يكتبه الله فلن ينفعوك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك فلن يضروك.
يتراجع أثر ودور لون بشرتك، وأثر اختلاف نمط حياتك من حيث أن لديك "كمبيوتر وانترنت" -تحسنين بإذن الله استخدامه في التزود بالعلم النافع- في تسريع أو تأخير زواجك، الإيمان ليس كلمات بل منهاج حياة، ونحن نوقن أن ما أصابنا ما كان ليخطئنا، وما أخطأنا ما كان ليصيبنا، من هنا تأتي قوة المسلم وتفاؤله. وتذكري أن أمر المؤمن كله خير، وليس هذا لأحد غير المؤمن، إن أصابه خير شكر، وهذا خير، وإن أصابه شر صبر، وهذا خير، كما علمنا الرسول عليه الصلاة والسلام، واعلمي أن الإيمان يزيد وينقص فلا تجزعي عند نقصانه بل جدديه بالمزيد من الطاعات.
نأتي للشق الاجتماعي بعد الديني قد يكون لطريقة تصرفك أو اعتزازك الواضح بأسرتك، ومكانة والدك، وثقتك بنفسك دور في تنفير البعض منك عندما يساء فهمها على أنها غرور، انتبهي لنفسك في تعاملك مع زميلاتك ومعارفك؛ كي لا تتركي مثل هذا الانطباع الذي يجعل الكثيرون يهابون مجرد التقدم، ونحن بالمناسبة لا نريد مزايدة في عدد الخاطبين، بل نريد خاطبا واحدا مناسبا يقضي الله به حاجتك دون عناء وحيرة بين الكثيرين منهم.
يعاني عزيزتي من يجعل حياته محصورة في تحقيق هدف واحد مهما كان ساميا أو مطلبا أساسيا، كما يعاني من يوقف سعادته على أمر واحد مهما كانت قناعته أو رغبته فيه، بل يعتبر هذا من أشكال التفكير غير العقلاني؛ فالحياة أطول من مجرد لحظة، وأوسع من أن نحصرها في هدف واحد.
السعادة أنواع ودرجات، تتنوع معها مصادرها وسبل الوصول إليها، وينطبق هذا على هدف رغبتك في الزواج، ورغبتك في العطاء سواء لزوجك كما تقولين أو لأمتك من خلال تنشئتك لأولادك، يمكنك إشباع رغبتك في إسعاد الآخرين في أبواب المحتاجين وهم كثر، يمكنك إشباع وإنفاذ قيمك التربوية في جميع صغار الأمة دون أن تنجبيهم.
قد ترين كلامي في لحظة ما مثاليا، لكنه واقعي يناسب طلبك بأن نصبرك والتصبير لا يكون إلا بالتفكير المنطقي، ويشير عليك التفكير الواقعي بزيارة لـ"نادي المطلقات" على الموقع، لتقرئي عزيزتي كيف كان ما تحلمين به وتحزنين لتأخره سببا في تعاسة الكثيرات، أسأل الله أن يعينك وإياهن على التمتع بما أنعم الله، واحتساب ما منع، واليقين بأنه أرحم الراحمين إن أعطى أو منع.
لا شك أن مشاركة الناس مناسباتهم مثل الأفراح هي وسيلة للتواصل مع الناس وشيء مما نحتاجه من مساحة معارف اجتماعية إن لم تساعد زوجك في الاستدلال عليك، فستزودك بخبرات تفيدك في حياتك فلا تعتزلي الناس بل شاركيهم مناسباتهم. ولا تحزني من قول والدك أو إخوتك ولا تشعري بالذنب لاحتباس رزقك فأنا أرى كلامهم اهتماما بك، ووعيا بحالك لم تشغلهم عنه حياتهم الخاصة.
لكل منا حياته التي تصنعها قراراته وإيجابيته أو سلبيته بعد قضاء الله عليه؛ فليس كل العوانس يائسات بائسات، ولا كل المتزوجات فرحات مستقرات، وسِّعي نظرتك العامة للحياة، وتجنبي تصنيف الناس ضمن فئات؛ فحتى بين المطلقات هناك من كان طلاقهن سببا للسعادة؛ فتذكري أن السعادة أنواع ولها مصادر عدة فإن فاتك أحدها فلا تخسري الباقي.
وتذكري أن من رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط، وما أدرانا بأن يكون رب العالمين استجاب دعاؤك قبل ظهور الإجابة، لا تقصري تفكيرك فيما ينقصك من الحياة دون أن تنسي طلبه بما هو متاح لك، ومشروع من دعاء فأنت تعلمين أننا أمة وسط لا نيأس ولا نندفع.
ــــــــــــــــــــ(41/225)
خجلها المفرط يهدد حياتها الزوجية
صبايا, في نفسي, اضطرابات أخرى, إضطرابات نفسية, اضطرابات أخرى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أرسللكم هذه الاستشارة التي تخص أختي راجية منكم الجواب الشافي..
في البداية سأتكلم عن أختي، عمرها 22 سنة، انطوائية، خجولة، لا تتأقلم بسرعة مع الآخرين وهي حساسة جدا تتأثر كثيرا بكلام الناس، تقدم لخطبتها الكثيرون وكانت ترفض باستمرار وتبكي ولا تستطيع أن تتخذ قرارا فترفض لكي ترتاح من كابوس الحيرة.
أخيرًا وافقت على شاب يكبرها بأربع سنوات من العائلة، وذلك بعد السؤال عنه والتأكد من دينه وأخلاقه لكنها وافقت بعد تردد شديد وعقد قرانهما منذ سنتين ونصف الشاب (خطيبها) متدين، خلوق، طيب وحنون يحبها ويدللها ويحرص على مشاعرها وهو على قدر متوسط من الجمال.
والمشكلة في أنها لم تستطع أن تحبه وتنسجم معه كقريناتها من البنات المخطوبات، ولا تستطيع أن تنظر له فهي تقول لي أنا لا أعرف حقيقة مشاعري، فمرة أنظر إليه فأرتاح له، ومرة أخرى أنظر إليه فأشعر بأني لا أريده؛ لذلك أتجنب النظر له هروبا من هذا الشعور الأخير، كما أنها تغضب وتنفر منه أحيانا إذا لمسها.
هي غير متأكدة من حقيقة مشاعرها نحوه؛ لذلك هي تؤجل زواجها حتى تستطيع أن تعتاد عليه أكثر، وتحبه أكثر، وحتى تشعر بأنها تريد أن تتزوج كصديقاتها اللواتي يقلن لها إنهن تزوجن وهن متلهفات للزواج وفرحات بحلول موعد زواجهن.
كذلك هي خائفة أن تتزوج ثم تظل على نفس الحال تستحي كثيرا، ولا تنظر في وجهه فيراها أحد أهله فيعلق على حيائها، وعلى علاقتهما سلبا فتصاب بإحباط،وتخاف من أنها لا تستطيع أن تحبه حتى بعد الزواج، الآن لم يتبق على زواجهما إلا 23 يوما، وهي لا تستطيع النوم جيدا، وهي تبكي مرارا؛ لأنها خائفة من أن تتزوج وتندم بعد الزواج وهي محتارة هل تفسخ خطوبتها أم تتزوج؟
سأكتب لكم معلومات قد تفيدكم في تشخيص المشكلة فالتشخيص نصف العلاج:
*مشاعرها نحوه متذبذبة بالرغم من أنها أحيانا لا تشعر تجاهه بأي مشاعر ألا أنها معجبة بأخلاقه وصفاته ومعاملته لها.
*هي تقارن نفسها بمثيلاتها وتشعر بالغيرة منهن؛ لأنهن استطعن أن يحببن أزواجهن وتزوجن.
*كلام الناس وتعليقاتهم المستمرة على حيائها وعلى علاقتها بخطيبها وبأنها حتى الآن لم تعتد عليه تحب.
*تعليق الآخرين على شكل زوجها يؤثر على علاقتهما سلبا.
*خطيبها يعرف مشكلتها هذه جيدا ويحاول أن يساعدها وهو متمسك بها ويساندها في مشكلتها.
*خطيبها سافر قبل 6 أشهر للدراسة في أمريكا ورجع قبل أسبوعين تقريبا وهي ستتزوج وتسافر معه ليكمل دراسته لمدة سنتين وهذا ما يقلقها أكثر.
*قبل أن يسافر خطيبها كانت حالتها أفضل نسبيا من الآن.
*وهو مسافر كانت مشتاقة له وحزينة لفراقه.
*الزواج لن يؤجل أكثر بسبب العرف الاجتماعي.
... المشكلة
د.حنان طقش ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
فلتتزوج أختك على بركة الله وتسعد بإذنه فما الجمال بجمال الشكل ولكنه حسن المعاملة وهي مدركة لحسن معاملته ودلاله لها، وستعتاد شكله ويزول خجلها وتصبح قادرة على أكثر من مجرد النظر إليه مع الوقت.
نادرات هن الفتيات اللواتي أعرفهن أو سمعت عنهن أقبلن على الزواج دون قلق وخوف ودموع حتى من حاربن أسرهن في خيارهن أنه غالبا الخوف من المسئولية والتغيير ما يجعلها تبكي وليس عدم حبها له فحسن المعاملة يولد الحب والألفة حتى في أقسى القلوب ألا ترين قوله تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}.
من المحزن أن نفقد ثقتنا بأنفسنا وبتميزنا إلى أن تصل بنا المقارنات لمقارنة مشاعرنا بالآخرين!! فهل إذا نظرت أختك في مرآتها وجدت نفسها شبه قريناتها؟؟ من الطبيعي أيضا أن تختلف خبراتها ورغباتها عنهن وحتى طرق تعبيرها عن هذه المشاعر، بعضنا أكثر عقلانية وبعضنا أكثر انفالعية وعند الزواج في مجتمعات كمجتمعاتنا يكفينا غالبا موافقة الأهل واقتناع صاحب الشأن عقليا بالطرف الآخر ومن المشاعر يكون التقبل وعدم النفور مقدارا مناسبا لبداية علاقة ناجحة بإذن الله، وهي أبعاد كما ترين متوفرة في خيار أختك والرفض الصادق بالمناسبة يكون واضحا وثابتا.
يرجع قلقها غالبا لنقص الثقة في النفس الذي يجعلها تفضل التأجيل على الإيجابية والإقبال على خطيبها وإتمام الزواج، نقص ثقتها واضح من قولك أنها كانت تفضل الرفض على المناقشة كي ترتاح، وضعف قدرتها على التعبير عن مشاعرها يجعلها تشك فيها وتلجأ لمقارنتها بمشاعر صديقاتها ونقص الثقة وضعف القدرة على التعبير عن المشاعر أمور ستتعلم تجاوزها مع الحياة مع زوجها فتعلم السباحة يقتضي الغوص في الماء.
أختك ليست مسئولة وحدها عن هذا النقص فنادرا ما تتيح لنا أساليبنا التربوية فرص اتخاذ القرارات في أي من جوانب حياتنا، كما أنها غالبا ما تشجع كبت مشاعرنا الإيجابية والسلبية.
هذا ما تكشفه كلماتك وأنت تعرفين أن صاحب المشكلة وحده القادر على أن يشرح ما يعانيه ولن يكون وصفها لنفسها ومعاناتها كوصفك أنت ومع ذلك كتبت كلماتي لأزيل قلقها من القرار والذي يزيد طبعا مع اقتراب موقف الزواج فلتحافظ على وردها من القرآن وتلزم الدعاء ليهدأ قلقها بإذن الله، وتتوكل على الله فعامان ونصف مدة كافية ليقلق غير القلق فطول الانتظار يدفع للتشكك في كثير من الأحيان.
ــــــــــــــــــــ(41/226)
وحيدة وأحب اثنين
تساؤلات حول الحب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أشكركم على هذا الموقع الرائع الذي استطاع أن يفتح أبوابا في حياة الشباب والفتيات لم تكن مفتوحة من قبل بدافع التقاليد والعادات.
وحتى لا أطيل عليكم سأبدأ بعرض مشكلتي.
مشكلتي بدأت منذ ثلاث سنوات وهي فترة تعتبر طويلة جدا إذا قورنت بلب المشكلة، فمنذ ثلاث سنوات سافر أخي الوحيد وتزوج في غربته وأصبحت وحيدة ولم أكن أستخدم الإنترنت رغم وجود الكمبيوتر من سنوات طوال ولكن بعد أن سافر أحسست بالملل فتطرقت للتعلم عليه وللأسف أول ما تعلمته هو استخدام غرف الدردشة.
أعرف ما تطرق لأذهانكم وهو أني تعرفت على شاب وتطورت علاقتي به ولكن لم يحدث هذا تفصيلا حقا تعرفت على شاب ولكن لم تتطور علاقتي به وذلك لأنه لم يكن الوحيد الذي تعرفت عليه فتعرفت على الثاني والثالث واتفقت على ألا أتدخل في نقاش أية مواضيع تتعلق بالجنس أو الزواج أو الحب أو أي شيء يماثل هذا وفعلا سارت العلاقة كما أرغب تماما ولكني بعد فترة أحسست بدافع المراهقة بإعجابي نحو أحدهم وأحسست بمبادلته لي نفس الإعجاب عن طريق كلمات بسيطة توقعت أني ربما أكون فهمتها خطأ ولكنها سرعان ما تكررت وتكررت فتيقنت من تبادله فقررت الامتناع عن محادثة غيره وحقا امتنعت برغم حب الآخرين لي الشديد والذي تجرأ أحدهم وأباح به ولكن جاء الأول وطالب بمقابلتي حتى يتقدم لخطبتي وأنا رفضت بشدة نظرا لحرمة هذا الطلب وحدث سوء تفاهم كبير بيننا نتج عنه فصال ومقاطعة بضعة شهور في نفس الوقت أرسل لي الآخر برسالة مليئة بكلمات الحب والإعجاب فحدثته عما حدث لي في فترة غيابي وأهمل الأمر وطالب هو الآخر بنفس الطلب.
وبدأت أيضا بدافع المراهقة أشعر تجاهه بمشاعر الإعجاب مشاعر المراهقة التي تنجذب لأرق الكلمات حين تسمعها ولكني وقعت في مأزق مرير فعاد الأول وأراد الصلح والاعتذار عما حدث وعادت مشاعري تتيقظ تجاهه وفي الوقت ذاته لم أستطع أن أترك الآخر بعد أن -أخيرا- أذقته إعجابي به الأمر الذي جعله في أسعد أيامه فظننت أن كلها مشاعر إعجاب ولا تتعلق بالحب ولكن كيف هذا وأنا أسمع الإهانات وأسامح وأنتظر بالساعات حتى ألقى أحدهم فكيف أكون أحب أحدهم وأنا أحب الآخر فهل تلك كلها مشاعر إعجاب؟
ظننت أن السبب بعدي عن الله عز وجل ولكن كيف وأنا حفظت ثلث المصحف أثناء معرفتي بهم فمشكلتي الأولى أيهما اختار؟ الأول وهو أول من أحب وأكثر من رأيت من تدين وكرم الأخلاق أم الثاني الذي انتظرني سنتين كاملتين دون جدوى مني وعندما سردت له ما حدث لي نسي وسامح أيهما اختار؟
أعرف أنكم سوف تقولون الآن:
وهل أنت متأكدة من أنهما يريدان الزواج بك حقا فأجيب نعم فكلاهما طلب مني حتى أن يحدث والدي هاتفيا ويطلبني منه دون حتى أن يراني ودون سماع صوتي فهذا أحد مآزقي أيهما اختار؟؟؟؟
والآخر كيف أرى الشخص الذي يقع الاختيار عليه وكيف أتحدث معه وأنا محرمة على نفسي كل شيء ودائما أسير على نهج الحرام والحلال، ولا أبغض هذا لا سمح الله ولكن فهذا ديننا وهذه شريعتنا فلم أملك المحرم الذي يحلل مقابلتي به وكيف أواجه به عشيرتي وأهلي؟ أقول عرفته من الدردشة؟؟؟؟ كيف؟ أهلي ليسوا بالأشداء في معاملتي، على العكس فأنا في رفاهية مريبة، كل شيء مباح وكل شيء جائز ولكن لن أستطيع تحمل رد فعلهم عند قولي عرفته من الدردشة.
حقا افتقدت أخي الذي تركني وحيدة دون حتى السؤال علي افتقدت الأخ والصديق والحبيب، ولكن أدعو الله بأن يسعده فمشكلتي الجديدة هي الوحدة التي أعيشها دون أخي أسالكم الإجابة على مشاكلي وإن تكن لا تذكر بجانب المشاكل الأخرى ولكن أنا وحيدة ولم أجد أمامي سواكم. يجزيكم الله خيرا.
... المشكلة
د.فيروز عمر ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
عندما تأتيني رسالة من فتاة في مثل سنك الجميل، فإن الابتسامة لا تفارقني من أول سطر إلى آخر سطر فيها.
هذه الابتسامة لا تحمل سخرية أو استهزاء - بالطبع - تجاه أي كلمة من كلماتها، ولكنها تحمل شيئًا من الحنو وربما التعاطف مع هذه الزهرة المتفتحة التي تبدأ رحلتها مع الحياة وما زالت ترى الأشياء من حولها بعينيها البريئتين وتتلمس ما حولها بجلدها الرقيق الحساس الذي لم تترك فيه التجارب والخبرات بعد آثار الصلابة والخشونة.
أساس المشكلة هو شعورك بالوحدة لمجرد سفر أخيك الوحيد؟! وهل الحياة هي أخوك؟ وهل الوحدة هي غيابه عنك؟
الحياة أوسع وأرحب مما تتصورين، وهي تعج بالأنشطة الاجتماعية والاهتمامات والعلاقات التي إذا ما التقطتِ أول خيوطها لوجدت نفسك في أعماق شبكة عنكبوتية عملاقة تحيط بك من كل جانب فلا تترك لك فرصة للشعور بالوحدة.
دعيني أستطرد في هذه النقطة قليلاً..
تقولين إنك من مصر.. وأقول لك إني قد حضرت في الأسبوع الماضي لقاء يضم ثلاث جمعيات أهلية من مصر وهي رسالة وفتحة خير ومصر شريان العطاء، ينشط بها شباب وشابات في مثل سنك، ولم يترك لهم العمل الخيري فرصة للشعور بالوحدة الذي تتحدثين عنه، فعقولهم ونفوسهم وأرواحهم منشغلة برسالتهم الخيرية التي يقومون بها، وحياتهم تملؤها الحركة والنشاط والسعي من أجل تحقيق أهدافهم التي يسعدون بها وبثمرتها التي يرونها في عيون يتيم يكفلونه أو مريض سرطان يدعمون أهله، أو فقير يقدمون له قرضًا ليبدأ مشروعه الصغير.
وهم يلتقون ويتجالسون، وتجمع بينهم علاقات الزمالة والمودة، ويربط بينهم حب الخير والتنمية الذي يحصدون ثوابه في الدنيا والآخرة.
أخوك ليس هو كل الكون..
عندما تكون الحياة في عينيك حجرة صغيرة وضيقة فإنك ترين كل شيء في هذه الحجرة أكبر من حجمه الحقيقي!!.
ولكن عندما ترين الحياة الواسعة فإن كل شيء يلزم حجمه وقدره!!
عندما تكون الحياة حجرة ضيقة فإنك ترين كل شيء ضخمًا!! تعجبين بشاب في غرفة الشات، وتتصورين أن هذا الإعجاب أو هذه الطريقة في التعارف تقوم عليها البيوت، ثم سرعان ما يتحول شعورك في اتجاه شخص آخر ثم تعودين للأول!!
تقولين إن الأول قد رأيت منه التدين وكرم الأخلاق.. فأين رأيت هذا؟؟ رأيته كلامًا في الفضاء الإلكتروني؟ وهل التدين والأخلاق يُعرفان إلا بالاحتكاك والمواقف والمعاملة؟
تقولين إن الثاني قد انتظرك سنتين كاملتين وإنه سامح ونسي؟ أين انتظرك يا ابنتي؟ في شارع مايكروسوفت المتفرع من "بيل جيتس"؟ وماذا كان يفعل في هاتين السنتين؟ كان يتسلى مع أخرى على ناصية شارع آخر؟
تقولين إن كليهما مستعد للزواج بك - حتى دون سماع صوتك - وأقول لك إن كان كل منهما يريد حقًا الزواج بك دون أن يراك فهو ساذج!! لأن التعارف وإقامة العلاقات خلال الإنترنت شيء ومن خلال الواقع والاحتكاك ورأي العين شيء آخر.
وهل تطلبين مني أن أصدق أن شابًا في زمننا هذا يمكن أن يرتبط بفتاة دون أن يراها كما كان يفعل أجدادنا وجداتنا؟!
لقد تناولنا هذا الأمر في مشكلات سابقة لعل أهمها:
إنقاذ ضحايا الشات أدعوك للاطلاع عليها.
على أية حال، لنكن عمليين.. أقترح عليك اقتراحًا محددًا، بما أني أؤمن - من أعماقي - أنك لا تحبين هذا ولا ذاك حبًا حقيقيًا، وإنما كل ما بينك وبينهما هو مجرد إعجاب أو تعلق، فكما نقول في مصر: "الماء يكذب الغطاس" اسألي نفسك سؤالاً: أيهما أكثر توافقًا معك في المستوى الاجتماعي والفكري والديني؟ وأيهما تشعرين تجاهه بدرجة أعلى من الميل "المبدئي"؟
لا شك أن كفة أحد الشابين سترجح عن الأخرى، عندئذ اطلبي منه أن يدخل البيت من بابه.
ومن الممكن أن تفتعلا أي مناسبة حقيقية يراك فيها تبرر للأهل معرفته بك كحفل مثلاً أو مناسبة في الجامعة أو أي شيء من هذا القبيل.. ثم دعي التعاملات والاحتكاك تمحص ما بينكما في فترة الخطبة؟ فإن كان حقيقيًا دام واستمر؟ وإن كان وهمًا سقط وانهار.
هذا الحل العملي أقترحه عليك، وإن كان ليس هو بيت القصيد؟ وإنما أهم ما في الأمر - كما أتصور - هو أنت شخصيًا.. وهذا الجزء الذي بدأت به حديثي معك.
لا تنسى الدعاء والاستخارة ولا تحرمي نفسك من طلب الهداية والعون من الله تعالى.
ــــــــــــــــــــ(41/227)
فتاة في مهب الريح..لا غشاء ولا رقابة
علاقات أسرية, غشاء البكارة, الحب والخطئية
السادة الكرام القائمين على صفحة مشاكل وحلول الشباب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
فإني فعلا حائرة ومضطربة، ولا أعرف كيف أبدأ مشكلتي، وهل سوف يتسع صدركم لي لتسمعوا مشكلتي أم أنكم سوف تنهالون عليّ بالاتهامات واللوم؟!!
على العموم أنا محتاجة إلى العون والمساعدة والنصيحة، وقد عرفت صفحتكم هذه عن طريق إحدى غرف الدردشة، والتي التزمتها بديلا لي عن الأصحاب والأصدقاء بعد أن أصبحت بلا صديقة ولا صاحبة.
أنا فعلا محبطة ومكتئبة ويائسة.. فهل ييسر الله لي عندكم الحل..؟
أنا فتاة عمرها 24 سنة.. نشأت في أسرة شعبية.. ولكن المشاكل بدأت معي مبكرا.. وتكمن في انشغال الأب عنا لنتيجة ضغط الحياة. فهو ليس موظفا حكوميا يتقاضى راتبا شهريا ثابتا، ولكنه يعمل بما يشبه (باليومية).
وأنا صغيرة في طفولتي تعرضت لحادث فقدت على إثره عذريتي. واصلت حياتي وتعليمي حتى وصلت إلى المرحلة الإعدادية من التعليم. وهنا بداية المصيبة والكارثة.
تعرف علي شاب من الجيران، قال لي إنه يحبني، وإنه يريد أن يتقدم لي لخطبتي، ولكن ليس الآن. وأنا كنت صغيرة ولم أسمع هذا الكلام المعسول من قبل. أضف إلى ذلك انشغال الأب والأم عني؛ فأصبحت بلا رقيب، وبلا ناصح، وبلا صدر حنون أحكي له وينصحني.
لم أجد أمامي سوى هذا الشاب الذي أصبح في نظري الحبيب الناصح الذي أسمعني الكلام المعسول.
المهم.. عرف مني هذا (الحبيب) موضوع فقدي لعذريتي في صغري؛ فاستغل هذه المعرفة أسوأ استغلال. وبدأ يغريني بأننا سوف نرتبط، وأننا سوف نتزوج. وما دمنا نحب بعضنا ونثق في بعضنا فلماذا إذن ننتظر. وأغراني بكلامه المنمق واستغل صغر سني، وبدأت الكارثة.
بدأنا نلتقي بإحدى الشقق. وشيئا فشيئا عاشرني معاشرة الأزواج تحت مسمى أننا (نحب بعضنا) وأنه سوف يتقدم لخطبتي في الوقت المناسب، وأننا سوف نتزوج. أخذ مني كل شيء.
وفي سكرة الكلام المعسول وغياب الرقابة الأسرية (تخيل أنني لا أذكر موقفا لأبي قال لي فيه: أنت خارجة رايحة فين) أخرج في أي وقت، وأرجع في أي وقت؛ أبي مشغول طول اليوم في عمله، وأمي لا حول لها ولا قوة، وهي الأخرى لا تسأل عن أحد، ولا ترعى أحدا، وهذا الوضع ليس معي فقط، بل مع كل إخوتي سواء بنات أو أولادا.
هل تعرفون كم ظللنا على هذه الحال يا سادة؟ سوف تنبهرون؛ 6 سنوات.. نعم.. 6 سنوات وأنا والذي يدَّعي أنه (حبيبي) على هذه العلاقة الآثمة. 6 سنوات وأبي لم يكتشف أي شيء، وأمي أيضا (يقولون: إن الأم تشعر ببنتها في كل شيء وخاصة فيما يطرأ عليها من أمور الجنس والبلوغ وما شابه ذلك)، ولكن أمي لم تشعر بأي شيء، ولم تسألني عن أي شيء.
المهم.. بعدها تنصل هذا النذل من كلامه، واختفى من أمامي. وبعدها عرفت كم أخطأت في حق نفسي، وبدأت أختنق وأشعر بالضيق. بعدها ظهر لي أحد الشباب، وأحبني وأحببته، وأراد أن يتقدم لي، وصارحته بأمر فقد عذريتي في صغري نتيجة حادث، ولكني لم أصارحه بأمر هذا الإنسان الذي أذلني وسلب مني أغلى ما تملك أي فتاة، فلم ير مانعا في أن يتقدم لي، وتقدم لي بالفعل، ولكن أهله لم يوافقوا على هذه الخطبة؛ فطلبت منه أن يقف أمامهم وأن يصر على أن يتمم الزواج وألا يتخلى عن حبنا، ولكنه لم يستطع.
وإذا بالدنيا تسود أمامي؛ فأملي الوحيد للهروب من جحيم البيت ومن عار الماضي قد ذهب. والإنسان الذي أحبني دون شهوة، وأراد أن يلتقي معي في الحلال ذهب دون رجعة.
أنا حزينة مكتئبة يائسة.. كيف أغسل عار الماضي؟ كيف أكون إنسانة شريفة؟ هل لي من توبة؟ هل يقبلني ربي؟ أنا الآن أصلي وأصوم وأحفظ القرآن، وحفظت سورة البقرة كاملة، وأيضا سورة الملك.
أريد أن أبدأ حياة جديدة، ولكن كيف؟ فحينما تذكر أمامي كلمة زواج.. أكرهها.. ولا أود سماعها، ولكن أجد بداخلي أنني بحاجة إلى رجل يقف بجانبي. أريد أن أصبح امرأة صالحة شريفة، وزوجة صالحة طائعة لزوجها، وأما تربي أبناءها على الطهارة والفضيلة.. فهل من سبيل إلى ذلك؟
سؤالي: هل لي من توبة؟ وهل لي من رجل يقبلني كزوجة؟ وعندما أجده هل أصارحه بكل شيء من فقدي لعذريتي ومعاشرتي لرجل في الحرام؟ أم أخبره فقط بموضوع فقدي لعذريتي، وما دمت قد أقلعت عن الذنب فلا داعي لذكره والله يحب الستر.. أريد نصيحتكم.. وجزاكم الله خيرا.. والسلام.
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الابنة الكريمة:
كنت أحضر مؤتمرا عن الأسرة العربية ومشكلاتها، نظمته إحدى الجامعات في مصر، حضر المؤتمر أساتذة من الكليات المختلفة بالإضافة لمجموعة من المفكرين والباحثين من الأقطار العربية المختلفة.
تحدث الجميع عن أزمة تربوية في الأسرة العربية، وذكروا الأسباب العامة التي صنعت هذه الأزمة، وطالبوا بضرورة أن تعود الأسرة للقيام بأدوارها في عملية التنشئة.
كدت أنفجر غيظا وكمدا.. أيقنت أن أحد أهم أسباب كوارثنا هو مثقفو هذه الأمة؛ فهم في أبراجهم العاجية ينظرون من أعلى لمشكلات مجتمعاتهم، لا يفكر أحدهم في النزول من هذا البرج العاجي للالتحام بآلام وهموم مجتمعه.
كنت أتمنى أن تتركز أبحاثهم في تحليل أسباب هذه الأزمة والآليات التي صنعتها. كنت أتمنى أن تكون الأبحاث ناتجة عن معايشة للواقع بكل ما فيه. كنت أتمنى أن أجد نبض الشارع العربي في هذه الأبحاث. لا أريد أبحاثا منمقة وجميلة، كنت أريدها أبحاثا مختلطة بطين الأرض وبعرق المواطن الكادح. وهذا هو ما صنع تميزنا في هذه الصفحة.
لا أريد أن أسمع خطابا حماسيا عن أهمية أن تعود الأسرة لأداء دورها، ولكنني أريد خطابا أكثر بساطة ولكنه الأكثر صعوبة في نفس الوقت. تمنيت أن يكون الخطاب على مستوى يمكن أن يفهمه المواطن العادي، ويوضح للوالدين بأسلوب عملي كيف يمكنهم التعامل مع أولادهم في ظل الظروف الحالية.
لم يفكر أحد منهم في أن الجامعات تستوعب سنويا مئات الآلاف أو يزيد من الشباب والفتيات، وهؤلاء هم أمهات وآباء المستقبل. وإبداع برامج لتدريب هؤلاء الشباب حتى يتمكنوا من القيام بواجبات الزوجية والوالدية يمكن أن يجنبنا الكثير من المشكلات المستقبلية، ولكن من يسمع ومن يرى ومن يتحرك؟!
ابنتي، شغلتك بهمي، ولكن همي لا ينفصل عن همك. فغياب دور الأسرة في حياتك كان سببا رئيسيا فيما عانيتِ منه، ولا يعني هذا أنني أوجه اللوم لوالديك. فهما مثل الكثيرين غيرهم لا يملكون المهارات والقدرات التي تمكنهم من القيام بهذه المهمة العظيمة، وفي غمرة هذه الأحداث تفقدين عذريتك (حسب قولك) لسبب لم تذكريه، ولم توضحي هل فقدك لعذريتك كان حقيقة مؤكدة وبناءً على كشف طبي موثق أم أنه مجرد ظن وتخمين، كما لم تذكري لنا هل عرف والداك هذه الحقيقة؟ وكيف تعاملا مع هذا الموقف؟
المهم أنك في إطار بحثك عن الحب وقعت في فخ هذا الشاب الذي استغل ظروفك أسوأ استغلال، وظللتِ على هذا الحال سنوات طويلة، وهنا يظهر جليا أن الربط بين عفة الفتاة وغشاء البكارة يؤدي إلى الإساءة لمفهوم العفة أيما إساءة، وأن هذا الانتهاك لمفهوم العفة لن ينتهي أو يتقلص إلا بوضع تعريف جديد للعفة. فالعفة هي ألا يتورط الإنسان بإرادته -بغض النظر عن جنسه- في ممارسات جنسية خارج إطار الزواج.
ولن ألومك أو أعنفك؛ لأننا لا نحب أسلوب اللوم والتقريع ولا نجد له جدوى، ولأنك أقلعت عن ذنبك، فأمرك موكول إلى مولاك الرحمن الرحيم، الغفار التواب، وحتما سيغفر ذنوبك ويقبل توبتك لو صدقت نيتك وعزمك.
فلا تنظري لكل ما مضى من حياتك إلا بالقدر الذي يتيح لك أن تستفيدي مما كان فيه من خبرات وتجارب، ولا تخبري من يتقدم إليك بما كان من ذنبك. وإذا كنت بحاجة إلى رجل يقف بجانبك، وإذا كنت تريدين أن تكوني امرأة صالحة شريفة، وزوجة صالحة طائعة لزوجها، وأما تربي أبناءها على الطهارة والفضيلة، فالسبيل لذلك هو أن تجتهدي في تعلم مهارات القيام بوظيفة الزوجة والأم؛ حتى لا تكرري مع أطفالك خطأ والديك.
والإنترنت تتيح الكثير من الآفاق لتعلم هذه المهارات، وقد ندعوك قريبا لحضور الدورات والمحاضرات التي نعقدها للتدريب على هذه المهمة الجليلة.
ــــــــــــــــــــ(41/228)
عذاب وآلام.. راغبة في الانتقام
الحب وآلام الفراق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تبدأ مشكلتي عندما كنت طالبة في الثانوية العامة، وبدأت أول قصة حب في حياتي، لم أكن أعرف معنى الحب ولكني عشقته، لقد كان كل شيء لي في الحياة، لم أكن أراه كثيرا، وكنت أكلمه كل يوم، وأحيانا أكثر من مرة في اليوم، كان مبهورا بي؛ لأني صغيرة وبريئة جدا، ولكنه لم يكن يحبني بالمعنى الصحيح، تعلقي به ازداد حتى أنني لم أكن أتخيل الحياة بدونه، وعندما دخلت الجامعة لم أكن أرى سواه.
كنت أحبه، وحبي يزداد يوما بعد يوم لفترة 4 سنوات، كان أقرب لي من نفسي، وجاء يوم يقول لي: إنه سوف يخطب، وهذا غصب عنه، ويجب أن أكون قوية.
لا أستطيع أن أصف انهياري، ولكنها كانت أياما قاسية، وحاول أن يكلمني كل يوم ليطمئن علي، وجاء يوم زواجه، وكنت من كثرة همومي لا أشعر بشيء غير أني يجب أن أتقرب من الله؛ لأني سأجن من التفكير، أم أترك الصلاة والقرآن يومها، ولكني كنت أتذكر أني في رمضان، قبل أن يخطب كنت أقوم الليل، وأدعو الله ألا يفرقنا أبدا إلا بموتي؛ لأني كنت قد تعلقت به، ويوم زفافه عندما تقربت من الله بكيت، وسألت ربي: ماذا فعلت من أجل كل هذا العذاب؟ أكنت مخطئة أن أحببت؟ أم لأني عرفته؟ أم لأني توقعت إجابة دعاء، وأن الله لن يفرقنا؟
حاول الجميع تهدئتي، وفوضت أمري لله وأنه سينتقم منه؛ لأنه جرحني وآلمني بعد أن أحببته، وكرست وقتي لمذاكرتي حتى نجحت بتفوق، وأنا بداخلي أنتظر لحظة انتقام ربي منه لكني أجده سعيدا كل السعادة معها، ولا ينقصهما شيء، وهو يشعر بقيمتها أكثر وأنا أتعذب، حاولت كثيرا نسيانه لكني فشلت، حتى بعد 3 سنوات الآن وعذابي يزداد؛ لأني أشعر بفراغ عاطفي وهو في أسعد أحواله وزوجته حامل الآن.
ماذا أفعل؟ إني أتعذب، ولا أستطيع نسيانه، ولقد حاولت بالصوم والصلاة وقراءة القرآن لكني أتعذب..
... المشكلة
د.فيروز عمر ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
هوني على نفسك يا ابنتي؛ فهذا هو أحد السيناريوهات الشهيرة لقصص الحب التي تسير في طريق مجهول المصير.
في البداية تولد الشرارة الأولى للحب ويسري ضوؤها من القلب إلى أرجاء النفس المتعطشة للعاطفة والدفء؛ فيصبح للحياة طعم جديد، وتتلون الأشياء بغير لونها، ويعرف المرء -لأول مرة- هذا النوع من السحر.. إنه الحب الأول..
ثم يبدأ هذا المغناطيس في سحب هذا السكين في اتجاه تحويل هذه العاطفة إلى علاقة، وهنا يأتي صوت العقل والدين والضمير ليحاول تبصرة المحب بما هو مقبل عليه، ويطرح السؤال الفاصل: ما هو مصير هذا الحب؟ هل هناك إمكانية أن يكلل بالزواج؟ متى؟ وكيف؟ أم سيندفع الحبيبان نحو علاقة لا يرضى عنها الله ولا العرف؟
ويبدأ الصراع.. كلما توطدت "العلاقة" أكثر بين الحبيبين أصبح كل منهما جزءا من حياة الآخر، وأصبح الانفصال أشقَّ وأصعبَ، وأصبحت العلاقة عندئذ أشبه بالرمال المتحركة التي كلما حاول المرء أن ينتزع نفسه منها غاص وتورط أكثر وأكثر.
ثم تأتي النهاية في حالات -أحسب أنها قليلة- بالزواج السعيد، ولكن في الغالب -مع الأسف- تنتهي القصة بجرح يتفاوت عمقه حسب طول فترة العلاقة، وعلى حسب مقدار التجاوزات التي حدثت أثناءها، وكذلك على حسب سبب وطريقة الفراق!!
أنت لم تخطئي عندما شعرت بالحب؛ فهذه فطرة قد وضعها الله تعالى في قلوب البشر لكي يوجهها صاحبها في مسارها الشرعي، ولكنك أخطأت حين استسلمت لهذا المغناطيس، وتحولت العاطفة إلى علاقة مجهولة المصير، وخنت نفسك وأهلك، وصدقت أوهاما وأمنيات على غير أساس؛ فوكلك الله إلى نفسك لتقودك إلى ما أنت عليه الآن..
هذا هو خطؤك يا ابنتي، وهذا العذاب الذي تعانين منه هو نتيجة هذا الخطأ.. ولكن هذا العذاب لا يخلو من فائدة، ولعل أهم فوائده أنه قد يكون كفارة لذنبك، ومن فوائده أيضا الدرس والتجربة التي ستصقل شخصيتك، وتجعلك أكثر صلابة وأقوى إرادة، ولعل هذا قد ظهرت بوادره بالفعل؛ حيث إنك أصبحت أكثر اهتماما بمذاكرتك ومستقبلك. وسيظهر في أشياء أخرى بإذن الله على مدار حياتك.
أما عن الدعاء الذي دعوته ولم يُستجب فلعلك تعلمين أن الله -سبحانه وتعالى- يدخر بعض الدعوات بغير إجابة ليرفع بها الدرجات يوم القيامة، حتى إن الناس عندئذ سيتمنون لو أن دعواتهم كلها لم تُستجب لينالوا هذا الفضل.
وأما عن النسيان؛ فأقول لك يا ابنتي:
إن نسيان الحب الأول يكون صعبا في كثير من الأحيان، وربما يستغرق وقتا طويلا، ولكنه ليس مستحيلا، استمري على اهتمامك بمذاكرتك ومستقبلك واشغلي نفسك بالهوايات والأنشطة المفيدة والممتعة، واملئي حياتك بأعمال الخير والبر، ووطدي علاقتك بالله تعالى، وأكثري من الذكر والمناجاة والدعاء.
أما عن غضبك وحقدك على هذا الشاب فإنك إذا كنت أكثر صدقا وصراحة مع نفسك فستجدين أنه لم يبذل حيلة أو جهدا ليوقعك في حبه، وأن أحدا منكما لم يحاول مقاومة الآخر أو "فرملة" هذه العلاقة اللذيذة؛ وبالتالي فأنتما شريكان متساويان لم يُغوِ أحدكما الآخر، وكلاكما كان يسير في علاقة مجهولة المصير، الفارق الوحيد بينه وبينك هو أنه أفاق مبكرا عنك قليلا، وقرر أن يبدأ حياة جديدة، ولعله تاب إلى الله، ولعل الله تقبل توبته، ورزقه بالزواج السعيد مبكرا عنك قليلا. ولعلك ستلحقين به، فتتوبين إلى الله، ويتقبل توبتك، ويرزقك أيضا بالزواج السعيد، وبالزواج الذي تقر به عيناك، وبالذرية والأولاد التي تملأ حياتك بهجة.
ليس معنى كلامي أن الله قبل توبته ولم يقبل توبتك؛ فلا أحد يجرؤ أن يعطي نفسه الحق للاطلاع على قدر الله، ولكني قصدت أن أقول: "لعل" الله كلل توبته بهذا الزواج، ولعله سيكلل توبتك أيضا بالزواج، ولكن في الوقت الذي يحدده سبحانه ومع الشخص المناسب بإذن الله.
وأسألك سؤالا يا أختي:
إذا كنت قد وقعت في خطأ ما مع شخص ما -أي خطأ- ثم توقفتما كلاكما عن هذا الخطأ، ثم رأيت علامات الاستقامة على شريكك في الذنب.. فهل هذا يحزنك أم يفرحك؟
ما الذي ستكسبينه إذا كتب الله اللعنة والغضب والشقاء على شريكك في الذنب؟ ستكونين في أمس الحاجة لحسنات تثقل ميزانك وليس إلى حسنات تنقص من ميزان الآخرين!!
توجهي إلى الله بالدعاء لنفسك، وربما له أيضا؛ فالمؤمن يسعد إذا غفر الله له ولكل البشر.. توجهي إلى الله بالدعاء "اللهم طهر قلبي من الحقد والغل"، واعلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أشار في يوم من الأيام إلى أحد أصحابه، وقال: "إن هذا من أهل الجنة". فلما تتبعه الصحابة ليعلموا ما الذي أهّله لهذه المنزلة فلم يروا منه زيادة في صلاة أو قيام أو صيام، فسأله أحد الصحابة عن السبب بعد أن تتبعه وبات عنده فأخبرهم أنه فقط يبيت كل ليلة وليس في قلبه حقد أو غل لأحد.
ــــــــــــــــــــ(41/229)
صغيرتي تبوح فقلبها مجروح.."مشاركة"
الحب لا يكتمل, الحب وآلام الفراق
مشاركة على استشارة: صغيرتي تبوح فقلبها مجروح ... المشكلة
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا فتاة في العشرين من عمري، مصرية أدرس بالجامعة، ومن المتابعين لموقعكم الرائع ومن أشد المعجبين به.
هذه مشاركة مني في موضوع "صغيرتي تبوح فقلبها مجروح" لن أعطي لهذه الفتاة الرقيقة نصائح؛ لأنني أقل من هذا، ولست في حكمتكم وعلمكم كي أكون قادرة على توجيه النصح والإرشاد، ولكن كل ما أملكه هو الخبرة أو التجربة التي مررت بها.. أشعر أن تجربة تلك الفتاة نسخة من تجربتي وكأنه كما يقال التاريخ يعيد نفسه!
كنت وأنا في الـ13 من العمر يُدرس لي معلم في أواخر العشرينيات كان قمة في الخلق والرقي، وكان محط حديث وأنظار كل فتيات المدرسة أو تحديدًا الصف الذي أدرس به.. كان وسيمًا ومتدينًا وبشوشًا وجذابًا ومثقفًا جدًّا كان يجيد التلاوة القرآنية، ويمتلك صوتًا رخيمًا... و...
ومن أول يوم دخل فيه الفصل لم أتوقف عن التفكير فيه.. بدأت أحب اللغة العربية التي كان يدرسها لنا حتى عشقتها. أصبحت متفوقة جدًّا في مادته، حتى إنه كان يعلنها لي أنه منبهر بقدراتي في النحو والإعراب وإلقاء الشعر، وإذا غاب يومًا أشعر أنني أختنق، وإذا رأيته تزلزل كل كياني.. لن أطيل في سرد مشاعري لعلك بالتأكيد تشعرين بذلك، واقتربت نهاية العام، وحان موعد الامتحانات، وحان وقت الفراق، بكيت وقتها كأنني لم أبكِ طوال حياتي، وبللت وسادتي حتى غمرتها دموعي.
وجاء العام التالي وأصبح أستاذي الحبيب لا يدرس لي، فصرت كالمجنونة أهرب من حصصي كي أمر أمام الفصل الذي يدرس به كي ألقي عليه نظرة، وأختلق الحجج كي أسأله أي سؤال في اللغة العربية، وكان يحبني جدًّا؛ لأنه كان يشعر أني مغرمة بمادته، وكان يشجعني جدًّا، ولكنه لم يكن يحبني كما تتصورين فقد تزوج!!
لم أنهر، بل كانت مشاعري أفلاطونية لا تهدف إلا لمجرد التفكير به والبكاء من أجله.. هذه هي المتعة يا صغيرتي أن تشعري أنك تبكين من أجل الحب هذا ما كنت أريده.
أريد أن أعذب نفسي بنفسي، ومر عام آخر ورزق معلمي بطفلة، وبعد عام بطفل، وكنت وقتها في المرحلة الثانوية.
لا تتخيلي كيف أشعر الآن تجاه هذا الرجل أنني أحبه أضعاف أضعاف حبي السابق.. أحبه أخًا كبيرًا ومعلمًا حكيمًا، وها أنا في عامي الجامعي الثالث صرت أتصل به في الأعياد والمناسبات، ويسمعني صوت أبنائه وأستشيره في أموري أحيانًا، ولأنني قررت امتهان نفس مهنته فلا يناديني إلا بالأستاذة.
إنني عندما أتذكر تلك المشاعر لن أقول لك سوى أنني فعلاً لا أتوقف عن الضحك، وأسأل نفسي دومًا كيف تبدلت هذه المشاعر من عشق وغرام حار إلى مشاعر تحتمل أن توصف بالأبوة أكثر من الأخوة.. هل تعرفين كيف؟
هو الله تعالى مبدل القلوب، ولو ترك الله عز وجل قلبي على حاله طوال هذه السنوات التي تقترب الآن من السبع سنوات على معرفتي بأستاذي لكان مصيري الجنون..
تخيري يا صغيرتي التفسير الذي يطمئن له قلبك.. قولي إن هذه المشاعر ابتلاء واختبار من الله لقوة إرادتك أو أنها من مفهوم علمي خصائص طبيعية لتلك المرحلة، لكن تأكدي أن دوام الحال من المحال.. الجئي إلى الله سبحانه ولن يطيل عليك عذابك، وتأكدي أنه سيأتي اليوم الذي تتذكرين فيه تلك المشاعر وتقابلينها بابتسامة.
وكنت أود لو أنه من الممكن أن أتابع أخبارك عبر البريد.. أرجو من إدارة الموقع إذا أمكن أن يقوموا بتوصيل بريدي الإلكتروني لك إن كان هذا متاح، وهذا كل ما بوسعي قوله، لقد تفاعلت مع قصتك؛ لأنني مررت بها وأقدر حجم عذابك، ولكنني لم أكن أتخيل أنه ذات يوم سيمر كل هذا مرور الكرام، وتسير الحياة فهوِّني على نفسك وضعي الأمور في نصابها، وخففي عنك، وسيخفف الله تعالى عنك، ولا أقول توقفي عن حب معلمك أو امقتيه وأبغضيه.
ولكن حاولي أن تنظري إليه من زاوية أخرى.. قولي إنه رجل ذو فضل عليك أضاف لأفكارك شيئًا جديدًا، وأعانك على طاعة الله وادعي الله أن يثيبه على ذلك، لا تهولي الأمور وتعذبي نفسك بنفسك فأنت تستعذبين البكاء وتجدين متعتك فيه، وهذا ما كنا نحبه كفتيات عندما كنا في مثل سنك وآسفة جدًّا جدًّا على الإطالة.. سامحوني، والسلام عليكم.
ــــــــــــــــــــ(41/230)
الوسادة الخالية.. ولوعة الفقدان
الحب وآلام الفراق
أمي الدكتورة/ سحر طلعت المحترمة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ها أنا أعود ثانية.. لكي أخبرك بهمي الذي يثقل صدري.. وكنت أعتقد أنني أقوى من الموقف وأنني أستطيع المقاومة وأنني أستطيع النهوض من جديد.. وما كنت أدري أنني أضعف من أي كائن مخلوق على وجه الأرض.. وإنه مع كل المشاكل والأحداث والأحزان التي تمر بحياتنا.. تخلق داخلنا فجوة وهذه الفجوة تكبر وتكبر مع كل حادثة حزن تمر بحياتنا.. مع كل إحباط.. مع كل فشل.. مع كل هزيمة.. ونخدع أنفسنا ونقول سوف نقف من جديد وسوف نواصل المسير وسوف.. تكون الحياة أحلى لكن للأسف.. الحياة أسوأ.. والفشل نتائجه تكون أشد مع كل هزيمة ويترك انطباعًا أكبر وتأثيرًا أكبر.. وأحزانًا أكبر.
ما كنت أحب أن أبدأ في سرد باقي معاناتي ببداية فلسفية.. لكنني أرى أنها قد تخبر قليلاً عن المشاعر والوضع الذي أعيشه.. طبعًا ها أنا أعود من جديد صاحبة مشكلة.. قلبه معي.. وأمواله مع أمه.. كيف نتزوج ؟ ، وقد كنت أخبرتك في آخر رسالة أنه تم الفراق لكي ينفذ ما أرادته أمه.. كنت قد نويت الفراق بعزيمة وإرادة قويين.. وما كنت أدري أنني أضعف من كل هذا.. عند أول مواجهة.. لقد افترقنا ومضى كل منا في طريقه.. وحاولت أن أشغل وقتي تمامًا حتى أمنع نفسي من التفكير أو حتى من مجرد الذكريات.. وأقوي نفسي.. كنت أعمل ليلاً ونهارًا أواصل ست عشرة ساعة عمل يوميًّا لكي أعود منهكة القوى والنفس وكل شيء وأرمي بنفسي على السرير لأعاود الكرة مرة أخرى في اليوم التالي وأستمر الحال هكذا...
وفكرت أنني ربما أستطيع أن أفكر في شخص غيره، وحاولت أن أتقبل هذه الفكرة، وفتحت الباب، ووجدت أن العقدة عندي أنا، فعند أول عريس تقدم لي.. صدمت بردة فعلي تجاه الموضوع.. ما كنت أعلم أنني سأرفض التفكير مجرد التفكير في أي رجل غيره، وأنني سأواجه حاجزًا حديديًّا نفسيًّا داخليًّا.. لا أستطيع التغلب عليه.. حاولت أن أذيبه.. وأذيبه.. لكني لم أستطع مجرد التفكير برجل آخر يقلب كياني ويدخلني بحالة كآبة غير طبيعية ويجعلني أرى العالم بنظارة سوداء قاتمة.. فعند آخر عريس.. أحسست بإحساس لم أستطع أن أخبر به أحدًا؛ لأنني كنت أصلاً مهاجمة من قبل عائلتي.. لأنني كبرت.. ولا بد لي أن أتزوج.. وتم طبعًا ذكر سيرة الشخص الأول ومهاجمته أيضًا، لكنني بصراحة كنت أشعر بالقرف.. القرف من نفسي ومن الشخص المتقدم لي ومن الموضوع كله، وجدت نفسي أقرف من مجرد التفكير بالزواج من إنسان غيره.
لذلك... أنا أصد أي شخص يحاول أن يفكر في الارتباط بي لأنني غير مستعدة لخوض حروب أهلية من أجل الزواج؛ لأنني أنا أساسًا غير متقبلة لفكرة الزواج من إنسان غيره، ولا أملك القدرة على خوض تجربة أخرى أعلم تمامًا نتائجها وغير مستعدة أن أتحمل إثم ظلم إنسان آخر يكون هدفه أن يجد زوجة تشاركه مشاعره وأحاسيسه وأحلامه، وأنا أعلم تمام اليقين أنني لن أستطيع أن أكون هذه الزوجة؛ لأنني بصراحة أشعر أن قلبي ليس معي، بل هو معه، وأنا إنسانة فاقدة الرغبة بأن أتعرف على أي إنسان آخر أو حتى أفكر أن أحلم مع إنسان غيره أو أشاركه أي شيء كان.. أحس أن قلبي انطفأ تمامًا لذلك.
مرت الأيام وأنا أعيش على الأمل.. أمل أن يعود لي.. حتى حصلت المواجهة.. تقابلنا في مكان عام هو مع زوجته وأنا بين صديقاتي.. أستطيع القول إنني ووقفت مشدوهة مصدومة غير مصدقة ما أراه أمامي كانت الصدمة قوية وعنيفة وأكثر من طاقتي.. بكيت كثيرًا وتعبت كثيرًا.. وقاومت كثيرًا.. واكتأبت كثيرًا.. وبعثت له بـ"إيميل" بعد فترة تردد طويلة لكن كان لا بد لي أن أعرف الثمن الذي حصل عليه من وراء هذا الفراق وهذه التضحية التي قمنا بها من أجل أمه... ويا ليته كان هناك ثمن.. الثمن كان رخيصا جدًّا.. وتافها جدًّا.. ولا يُذكر.. كنت أعلم أنه لن يعود كسابق عهده مع أهله، وأن الشرخ الذي حدث داخل قلبه وروحه استحالة أن يندمل، خاصة بعد وقوفهم جميعًا في طريقه عندما أراد أن يحصل على شيء من حقه الطبيعي، وكنت أعلم أنه ربما سيتزوج إنسانة أخرى، وقد يعيش معها بقلبه أو بدون قلبه، لكنه لن يظلمها فليس هو الإنسان الذي يظلم هو الإنسان الذي يتعرض للظلم دائمًا سيعطيها كل حقوقها المادية لكن المعنوية أشك في ذلك.
كنت أعلم أنه سيكره نفسه كل يوم بسبب الطريق الذي أجبر على المسير فيه لا لشيء، ولكن فقط حتى يحقق السعادة لمن حوله كنت أعلم أنني وهو الطرفان الخاسران الخسارة الأفدح في النهاية، بالإضافة إلى خسارة زوجة لا ذنب لها سوى أنها ارتبطت بإنسان قلبه ليس معه.. كنت أعلم كل ذلك، ولكنني ما كنت أعلم أنني سأكون بهذا الضعف وهذا الحال، وأنا واقفة على مفترق الطرق أنتظر عودته.. يالها من نهاية سعيدة تمنتها أمه.. كلنا أطراف خاسرة، لكنني أتمنى أن أعرف ما الذي حققته هي؟ ماذا كسبت؟ أنا أعرف الخسارة.. لكن أين الربح؟.. يطالبني بالرضا بالنصيب.. وهل ما حدث بيننا كان نصيبًا أم كان ظلمًا بشريًّا مارسته أمه علينا.. هو استسلم ورضي ولم يَعُد يجد أي فرق في أي شيء، حياة وسوف تمشي برضانا أو باعتراضنا.. لكن هل هذا هو الرضى؟ هل الله يرضى بالظلم؟ معقول هذا هو النصيب؟ الله لا يرضى بالظلم كي أرضى أنا؟ وإلى متى سوف يبقى راضي لن يتمرد على وضعه؟ سنة.. سنتين... ثلاث... لا بد من يوم يتمرد فيه على وضعه؟
وماذا سوف تكون النتيجة... هدم أسرة.. ضياع أولاد.. زوجة معذبة.. أنا أعلم تمامًا أن ما بني على باطل فهو باطل.. وبعد ذلك نتساءل عن وجود المشكلات الزوجية.. في حياتنا.. ومصدرها!! هو قد يرضى ويستسلم وتصبح حياته كمماته لأنها أمه.. لكن هل أستطيع أن أرضى أنا بالظلم الذي دمر حياتي وقلبها وجعل مني جثة بشرية متنقلة لا تشعر بأن لها أي هدف أو رغبة أو أمل.. لا أنكر أنني قد راودتني فكرة التخلص من حياتي؛ لأنني تعبت من كل شيء، وفقدت الأمل والرغبة بأي شيء.. فقدت الهدف والإحساس، وفقدت الشخص الوحيد الذي رآني بقلبه قبل عيونه.. وإلى الآن أمر بهذه الحالة.. أشعر بنفسي كالآلة.. تمشي تستيقظ صباحًا لتذهب للعمل.. تقوم بواجباتها وتؤدي حقوقها.. تجاه الجميع.. تأكل وتنام بدون مشاعر وبدون أحاسيس وبدون أهداف وبدون رغبة في الحياة، وترتدي دائمًا قناع الإنسانة الهادئة المحبة للحياة الباعثة للأمل والتفاؤل لكل من حولها وفيما بينها وبين نفسها تخلع هذا القناع لترى آثار الدموع تحفر خديها.
نعم تعبت.. ولا بد لي من الاعتراف بأن هذه التجربة قد كسرتني لنصفين وإنني من المستحيل أن أستطيع أن أقف من جديد.. أعلم ما الذي سوف تقولينه يا دكتورة.. وأعلم تمامًا وأحفظ الكلام التفاؤلي الذي ستحاولين أن تجعليني أصدقه كي أخرج من حالة الاكتئاب التي أمرّ بها.. أعلم كل هذا الكلام وأحفظه وأقوله لنفسي، لكنه لن ينفع هذه المرة؛ لأني كلما قلته لنفسي أكتئب أكثر.. وأحس بنفسي كاذبة.. مخادعة.. غير قادرة على قول الصدق بيني وبين نفسي؛ لذلك أنا في الوقت الحالي أحاول التمسك بما بقي لدي من إيمان بالله، وأعلم تمام اليقين أنني لست ممن سيساعد نفسه للخروج من هذه الحالة، ولكن الله هو الوحيد القادر على مساعدتي فهو من زرع حب هذا الإنسان بقلبي وليس أنا من أحببته... ربي.. هو الذي أوجد هذه العاطفة بقلوبنا وليس أنا.. ليس أنا من سعى لهذا الحب.
والحب شيء ليس في يدي أستطيع التحكم فيه أو محوه من حياتي فليس أنا من يحرك عضلة قلبه عندما أسمع اسمه أو يمر بذاكرتي.. أعتقد أن هذا ابتلاء من ربي لي.. وله.. هذا الشيء ليس بأيدينا.. ولا أدري لماذا البشر تحاسبنا عليه وتعاقبنا عليه بالفراق، ألا يعلمون أن هذه المشاعر هي هبة من الله.. وليس نحن من أوجدها.. وأن الهبة هذه قد تتحول لنعمة تنور حياتنا أو لابتلاء نعيشه لباقي حياتنا.. لو بيدي ما كنت أحببته وما كنت مررت بكل هذه المشاعر والأحزان.. ربي من يستطيع أن ينتشلني ويحقق لي أملي.. في أن يعود لي في يوم من الأيام وأن نتزوج وأن نحقق السعادة التي طالما حلمنا بها.. أعرف أن أملي هذا فيه نوع من الجنون، وكيف أرضى لنفسي وأتمنى أن أعيش على حساب إنسانة أخرى، لكنني وجدت أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي تجعلني أستطيع أن أستمر في الحياة: أن أعيش على أمل أن يكون هو نصيبي.. أو أن أقضي طوال عمري في انتظار رجوعه.
ألم أقل لك يا دكتورة أنه أمل مجنون.. ربما لأنني أنا أصبحت على حافة الجنون.. وهذا الأمل الوحيد الذي قد يبقيني في زمرة العقلاء.. والأحياء.. هذه هي حالتي.. بعد الانفصال.. ولم أبعث بحالتي هذه.. كي أسمع كلمات التفاؤل والنصائح؛ لأنني أحفظها عن ظهر قلب، بل لأنني أعلم أنه قد يطلع أحد الآباء أو الأمهات على هذه المشكلة، وقد يتعاطفون معي وقد يعارضونني.. لكنني أحببت أن أريهم الجانب غير المرئي من طبيعة المشكلة.. والذي قد لا يفكرون فيه من أساسه، ولكن يفكرون فقط في أن هذه البنت مناسبة أو لا.. وهذا الشاب مناسب أو لا.. متناسين وجودنا وشخصيتنا واختيارنا.. المبني أساسًا على طريقة تربيتهم لنا، فعدم ثقتهم باختيارنا دليل على عدم ثقتهم بطريقة تربيتهم لنا... والنتيجة.. نحن الضحية.. والأجيال القادمة ضحية ضحيتهم.
هذه هي القصة.. وأشكر لك سعة صدرك.. ووقتك الذي قضيته بقراءة.. ما كتبته عن معاناتي.. وعسى الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك.. في يوم سنحاسب فيه جميعا عن ظلمنا لبعض.. وأدعو الله أن يثبتنا ويصبرنا.. ويغفر لنا ويهدينا لما يحب ويرضاه.
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ابنتي الحبيبة..
هل تعلمين ما فعلته بي رسالتك منذ تسلمتها؟!! كنت كلما قرأتها أتمنى لو أنك تسكنين بجواري حتى أتصل بك وأطلب منك أن تقابليني في الحال، ولكن قدر الله أن تقطني في بلد غير البلد بحيث يصعب اللقاء على أرض الواقع على الأقل في الوقت الحالي، وكنت كلما هممت أن أكتب لك أشعر بالخوف ألا ترقى كلماتي لمستوى حزنك ولوعتك على فراق من أخلصت له الحب في الفترة الماضية، ومن أجل هذا تأخرت في الرد عليك؛ فأرجو أن تعذريني ولا تغضبي مني، وأرجو ألا تجدي في تأخري بالرد عليك أي نوع من عدم التقدير لعمق أزمتك النفسية، فأنا فعلاً أشعر بك وأقدر حجم ما تعانينه من ألم وحزن دفين.
ومن المهم لك أيضًا أن تدركي طبيعة ما تعانين وكيفية التعامل معه، ويمكننا أن نقول من وصفك لحالتك أن ما تعانين منه الآن يسمونه في الطب النفسي "لوعة الفقدان"، ولوعة الفقدان هذه تصيب الإنسان كرد فعل لفقدان الأعزاء، سواء بالموت أو كما حدث في حالتك بالفشل في قصة الحب، ولوعة الفقدان هذه تسبب الكثير من الآلام للشخص الذي يعاني منها، فمن السهل أن يشعر الإنسان أنه غضبان؛ وذلك لأن الغضب يحفز إفراز الأدرينالين الذي يشعره بأنه قوي، أما في حالة لوعة الفقدان فإن الإنسان يشعر أنه مثل البالون الفارغ، كما يشعر بمقدار عجزه وضعفه، وكذلك يشعر أنه غير قادر على المقاومة.
يشعر الإنسان وكأن الألم يبتلعه.. يعتصره، وللأسف في مجتمعاتنا لا نعي شيئًا عن هذا الأمر، ولا ندرك أهمية تقديم الدعم الكافي ولا إستراتيجيات التعامل مع أزمة الفقدان هذه وما يصاحبها من ضعف، ودائمًا ما نسمع في هذه المواقف كلمات، مثل: "كف عن البكاء وابتسم"، "كن قويًّا ولا تظهر ضعفك"، وهذا ما حاولت أنت أن تفعليه مع نفسك، رغم أننا من الضروري أن نعيش لحظات الحزن والألم ونعبر عنها حتى نتيح لجراح الفقدان أن تلتئم بصورة طبيعية، وخطورة اللوع المكتوم أنه يمكن أن يؤدي إلى انفجارات من الغضب وشعور دائم بعدم الارتياح، وكذلك يمكن أن يؤدي إلى الاكتئاب والإدمان والشعور بالقهر والتوتر الشديد، كما أنه يمكن أن يؤدي إلى أعراض جسمانية ومنها زيادة شدة داء السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأورام السرطانية المختلفة، والحساسية بأنواعها المختلفة وبالذات حساسية الصدر، وكذلك اضطرابات وقرح الجهاز الهضمي.
ومما سبق ندرك أهمية أن نعايش فترة الحزن؛ لأن هذا التعايش هو الوسيلة التي تمكنا من أن نفصل أنفسنا تدريجيًّا من الماضي بما فيه من فقد، ونستبدله بالحاضر الذي يعني علاقات جديدة وطرقًا جديدة لتحقيق الذات، وأول خطوات معايشة لوعة الفقدان هو أن ندرك قيمة ما فقدناه، فلا ننكر الفقدان ولا نرفض التفكير في قيمة ما فقدناه. وأرى أنه من المفيد لك أن تتعرفي على المراحل التي يمر بها الإنسان عند تعرضه لأزمة الفقدان، وهذه المراحل يمكن تقسيمها كالتالي:
• لوعة الفقد الأولية والتي تستغرق عادة من ساعات قليلة وحتى أيام قليلة، ويظهر فيها شعور الصدمة مع إنكار الفقد وتفضيل العزلة.
• لوعة الفقد الحادة: وهذه الفترة تعتبر من أصعب وأقسى الفترات، وتكون فيها المشاعر شديدة الاضطراب والتنوع، حيث تنتهي مرحلة الإنكار، ويبدأ الإنسان في إدراك حقيقة وقيمة ما فقده، في هذه الفترة يتعالى الشعور بالغضب من الظلم ومن الحياة كلها، وفقد الشعور بالأمان والعدل، كما يصاحبها درجات متفاوتة من الاكتئاب وانخفاض القدرة على العمل.
• اللوعة المتراجعة: والتي يشعر المرء فيها أنه أصبح أكثر تقبلاً للفقد وأكثر قدرة على التعامل مع الحياة وخلق أشكال جديدة للحياة في غياب المحبوب، ولا يعني هذا انتهاء الحزن تمامًا، ولكنه يعني أن الحزن تخف حدته بدرجة كبيرة، وقد ترتفع درجة حرارته في بعض المناسبات، ولكن الإنسان يصبح أقدر على التعايش مع مشاعر الفقدان هذه، وهذه المرحلة شديدة الأهمية، ولكن من يتجنبون ويهربون من معاناة مشاعر اللوعة لا يصلون لهذه المرحلة المهمة أبدًا، ويمكننا أن نشبه الفقدان (وهو جرح مؤلم من جراح النفس) بجراح الجسد، وهنا تكون آلام لوعة الفقدان هي آلام التئام جراح النفس وهي تشبه الآلام التي تصاحب التئام جراح الجسد.
وقد يتصور البعض أن الوقت وحده كفيل بإزالة لوعة الفقدان، ولكن الواقع يؤكد أن الوقت بمفرده لا يزيل مرارة لوعة الفقد ولا يعتبر علاجًا لها، وأن المهم هو الإستراتيجيات المتبعة للتعامل مع أزمة الفقد هذه.
وكذلك قد يتصور البعض أن للفقد وقتًا محددًا، أو أن لمراحله التي ذكرناها سابقًا حدودًا فاصلة وتوقيتات زمنية معينة، ولكن طبيعة هذه المراحل والمشاعر التي تصاحبها تختلف باختلاف الشخص وباختلاف تفاعله مع الأزمة.
والآن ما الذي ينبغي عليك فعله لتجاوز أزمة الفقد التي تعانين منها:
• أولاً لا بد من إيجاد الوقت والمكان المناسبين للحزن.
• عبّري عن ألمك وحزنك بكافة الوسائل الممكنة التي تريحك، ومنها البكاء أو التحدث لمن ترتاحين له من الأهل أو الأصدقاء، وكذلك تعتبر الكتابة والرسم من وسائل التعبير الجيدة، وقد يفجر حزنك بعضًا من جوانب الإبداع عندك، وخصوصًا وأنت تملكين قلمًا رشيقًا يبشر بكاتبة رقيقة إذا أدركت موهبتها وعملت على تنميتها وصقلها.
• تحدثي مع نفسك بإيجابية فقولي لها: "لا يوجد شيء خاطئ فيّ؛ لأنني أشعر بالتعاسة الآن؛ أنا أشعر بلوعة الفقدان وهذه اللوعة فعلاً مؤلمة".
• لا بد من بناء نظام داعم من الصديقات المقربات؛ لأن وقت الحزن والأزمة التي تمرين بها تعتبر وقتًا للمشاركة ولا يفضل فيها الانعزال بأي حال من الأحوال.
• لا تضعي هذا الإنسان في صورة خيالية خالية من العيوب، ولكن ضعيه في صورته الحقيقية وتذكريه دومًا بعيوبه وميزاته.
• عليك أن تدركي أن تعلقك الدائم بأمل عودته إليك عندما يدرك الخطأ الذي ارتكبه في حق نفسه وفي حقك وفي حق زوجته؛ هذا الأمل هو نوع من إنكار الواقع الذي يصاحب أزمة الفقد، فهذا الإنسان قد تزوج الآن من أخرى، ويذكرني حالكما بفيلم مصري عنوانه "الوسادة الخالية"، وفيه افترق بطلا الفيلم بعد قصة حب رائعة؛ لأن البطلة لم تستطع مقاومة ضغوط أهلها، ثم تزوج بطل الفيلم وظل سنوات مغلقًا قلبه عن زوجته، ولكنه بعد فترة التقى بحبيبته السابقة في إطار علاقة صداقة تربط بين الأسرتين، واكتشف من خلال هذه العلاقة أن بزوجته الحالية الكثير والكثير من أوجه الجمال الخلقية والخلقية، وأدرك مقدار الوهم الذي عاش فيه لسنوات مع صورة من الخيال صنعها في أحلامه لمحبوبته السابقة، وأدرك بعد سنوات أن الواقع الذي يعيشه أجمل بكثير من الخيال فتخلى عن رفضه لزوجته وبدأ يفتح مسام قلبه لها، وأنا أدعو الله له أن تتفتح مسام قلبه لزوجته، كما أدعو الله لك أن تجدي من يناسبك، ومن يستطيع أن يلعب على أوتار قلبك ليخرج منها أعذب ألحان الحب.
• أحيانًا نكتشف أننا يمكننا أن نساعد أنفسنا ونمسح عنها الحزن بتقديم المساعدة للآخرين ومسح دموعهم، ويمكنك هنا أن تشاركي بشكل إيجابي وفاعل في هموم مجتمعك وتقديم الدعم لمن يحتاجه من الفقراء أو الأيتام أو المرضى والمصابين، كما يمكنك أن تقدمي الدعم لمن يعانون مثل ظروفك ويمرون بنفس أزمتك، وذلك بأن تلتحقي أو تقومي بإنشاء مجموعة إلكترونية لدعم من يعانون من أزمة فقد المحبوب (أيًّا كان هذا المحبوب) سواء كما حدث معك، أو فقده بسفر بعيد أو بوفاة.
• وبمرور الوقت ستكتشفين أنك تقفين على أرض صُلبة، وأن هذه الأزمة مع كل ما فيها من مرارة قد أكسبتك الكثير من التوازن النفسي، وأثقلت شخصيتك وأكسبتك مهارات متعددة أهمها على الإطلاق مهارة حل المشكلات والتعامل مع الأزمات.
• لا تتسرعي بقبول أي طارق يطرق بابك الآن، ولكن أعطي نفسك فرصة حتى تتماسكي بحيث تتمكني من تحديد مشاعرك جيدًا واختيار الأنسب لك.
• قد يكون ضروريًّا أن تستعيني بمعالج نفسي إذا وجدت أنه لا يوجد أي أمل في التحسن أو إذا شعرت أن المرارة التي تعانين منها تعيق تواصلك مع الحياة وتمنعك من أداء ما عليك من واجبات، وتعيق تحقيق أحلامك وطموحاتك.
• ومع كل ما ذكرت أجد أن من أهم وسائل العلاج اللجوء إلى الله سبحانه؛ قفي بين يديه، واسجدي بين يديه، وتضرعي إليه، واسأليه أن يمدك بقوة من قوته، وأن يربط على قلبك، وأن يجمل حياتك بالصبر الجميل، وليكن دعاؤك دومًا: "اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها".
بنيتي الحبيبة.. مرة أخرى أدعو الله سبحانه أن يكون عونًا لك في أزمتك وأن يعينك على تخطيها في أسرع وقت ممكن، وأن يبدلك زوجًا خيرًا من حبيبك السابق، وأن يرزقك حبًّا أعظم وأروع وأجمل من حبك السابق.
ــــــــــــــــــــ(41/231)
أنا وحبيبي: قبلات وندم.. نبقى أم ننفصل؟
الحب والخطئية
أنا فتاة في العشرين.. تعرف علي شاب في الجامعة على مستوى عال من التربية والأدب، وقامت بيننا علاقة حب لكن في إطار الاحترام والمحافظة على تقاليد ديننا. ولكن بعد ارتباطنا بعام ونصف تطورت العلاقة بيننا، بدأت بلمسة ثم قُبل. وهذا حصل 3 مرات، والآن أنا وهو ندمنا على ما حصل وقررنا أن نتوب إلى الله، والحمد الله أننا الآن محترمان.
لكن المشكلة أنني أخاف عقاب الله، وأريد أن أرضي ربي بأي طريقة، وقلت لحبيبي إنني أريد الانفصال عنه لكي نرضي ربنا، ولو كان لنا نصيب فسوف يعيدنا الله لبعض، ولكن بطريقة شرعية وهي الزواج. وهو لم يوافق على رغبتي هذه، ودائما يقسم لي أنه يحبني حبا حقيقيا ويريد أن نكون مع بعضنا وفي نفس الوقت نراعي ربنا في تصرفاتنا. والمشكلة الآن أنني أريد التوبة وأن أرضي ربي بأي طريقة، وأخاف عقابه. ولقد أقسمت على المصحف أني مستحيل أن أعمل "كده تاني".
والسؤال هنا: هل أنفصل عن حبيبي نهائيا؛ لأنه كان سبب المعصية؟ أم أنا وحبيبي نرجع لبعضنا وفى نفس الوقت نتقي ونراعي ربنا؟ وهل هذا يرضي ربنا عني؟ أم ماذا أفعل؟
أرجو أن تفيدوني بحل.. وجزاكم الله كل خير.
ملحوظة: أخلاقي أنا وحبيبي محترمة جدا، وكان من المستحيل أن نفكر في أن نفعل هذا الخطأ، ولكن كان "غصب عنا".. والله العظيم "ده مش من طبعنا أبدا".
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إن لصفحتنا منهجا واضحا في التعامل مع مسألة الحب والعاطفة بين الجنسين، وهو يقوم على أن الحب في ذاته كعاطفة وضعها الله في قلوبنا ليس مشكلة وليس عليه غبار، ولكن ما يترتب على هذا الحب من تصرفات وإجراءات هو الذي إما أن يكسبه الشرعية، أو يجعله حراما غير مقبول.
فالحب عندنا للارتباط، وهو حالة عاطفية بين طرفين تواجدا معا في الجامعة أو العمل، تجعلهما يشعران بأنهما لا بد أن يرتبطا، وهذا الأمر لا يحتاج إلا إلى اختبار واقعي لإمكانية ارتباطهما، يقوم على حديثهما المشترك -أمام كل الناس، وليس في مكان خاص أو خلوة- يناقشان فيه خلال فترة زمنية محددة مسبقا الإمكانيات العملية لارتباطهما، من حيث ظروفهما الاجتماعية والاقتصادية والشخصية والنفسية. فإن وصلا للقرار بإمكانية ذلك بحيث يكمل العقل ما بدأته العاطفة فلا يكون هناك إلا أن يتقدم الشاب إلى أهل الفتاة طالبا يدها معلنا عن ارتباط شرعي بخطواته المختلفة وحدوده الشرعية أمام كل الناس، لتتويج هذا الحب بهذه الرابطة المقدسة.
أما إذا رأيا أن ظروفهما العملية لا تسمح بالارتباط في الوقت الحالي فلتتوقف العلاقة على الفور؛ حتى تسمح الظروف بتوجه هذا الشاب إلى الأسرة للتقدم والارتباط، وعندها تعود العلاقة مرة أخرى في الإطار الشرعي. أما أن تستمر علاقة لمد عام ونصف تحت اسم الحب، وهي محتملة للامتداد، فهذا أمر غير مقبول؛ لأن ما حدث من قُبلٍ وتلامس مرشح للتكرار طالما أن الحدود مبهمة وغير واضحة.
إن رضاء الله يكون بالحسم والوضوح، فإذا كان الحب موجودا حقا، وإذا كنتما من الناحية العقلية تجدان أنكما مناسبان لبعضكما من أجل الارتباط ولكن الظروف غير مواتية الآن، فلتتوقف هذه المقابلات والاتصالات على الفور -خاصة وقد حدث فيها التجاوز غير المحمود- حتى تسنح الفرصة لصاحبنا بالارتباط الشرعي. وغير مقبول أن نضع أنفسنا في موضع الفتنة والشبهة ثم نقول سنسيطر على أنفسنا، ليس هناك أي صيغة للعلاقة بينكما، وإن كان هو لا يرضى بوقف العلاقة فليتقدم الآن فورا لأهلك حتى تصبح علاقة على رءوس الأشهاد، يباركها الجميع.
أما إذا أصر على موقفه فهو يستحق الابتعاد النهائي عنه؛ لأنه لا يحافظ على كرامة من يحبها، ولا يصونها، ولا يصون سمعتها، ولا يرضي الله في علاقته معها. فهو لا يستحق الاستمرار معه؛ لأنه في الحقيقة لا يحب؛ لأن الحب الحقيقي لا بد أن يكون طاهرا نقيا ومسئولا.
ــــــــــــــــــــ(41/232)
الحب بالخيال: نبهتني صديقتي فنسجت القصص
علاقات الدراسة, الحب لا يكتمل
إخواني في "إسلام أون لاين.نت"، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أولا أريد أن أهنئكم على هذا الموقع الرائع الذي وجدته كالواحة لكل المسلمين، متمنية لكم دوام التقدم ودوام العطاء لإخوانكم المسلمين في كل مكان. وأتمنى أن أجد عندكم الحل الأمثل لمشكلتي بما يرضي الله، وأتمنى أن يكون سريعا وفي أقرب وقت ممكن.
أنا طالبة في السنة الرابعة في إحدى الجامعات العربية، أبلغ من العمر 21 سنة، عندما انضممت إلى الجامعة كانت فرحتي لا توصف بهذا التغير الكبير في حياتي، كنت أذهب إلى المحاضرات كل يوم وأنا منبهرة بما أتعلمه كل يوم وكل لحظة في حياتي.
لم يكن لدي اهتمام بالجنس الآخر، كنت أسمع صديقاتي يتحدثن عن الشباب وعن فلان وغيره، ولم يكن في هذه المواضيع ما يهمني. وعندما أصبحت طالبة في السنة الثالثة نبهتني صديقتي إلى أن أحد الشباب ينظر إلي كلما مررت من أمامه، وهو طالب يكبرني بسنة ومن تخصص ثانٍ، لم أهتم في بادئ الأمر بهذا الموضوع ولم أعره أي اهتمام، حتى قالت لي صديقة أخرى نفس الكلام، عندها بدأت أهتم بهذا الشخص ولنظراته، لم أكن طبعًا أنا التي تتأكد من أنه ينظر إليّ أم لا، بل كنت أترك المهمة لصديقاتي حتى لا ينتبه لاهتمامي به.
وتذكرت أنني قد درست بعض المواد مع هذا الشاب قبل أن أتخصص، ولم يكن يلفت انتباهي أبدا.. من هنا بدأ إعجابي به وبشخصيته، حاولت في البداية أن أعرف اسمه بأي طريقة ممكنة حتى تمكنت من معرفته، وأرسلت شخصا من نفس تخصصه حتى يأتي لي بمعلومات عنه فلم يصلني سوى مدح شخصيته وأخلاقه العالية وتمسكه بالدين.
أصبحت أحس بوجوده في أي مكان يقف فيه، وأعرف صوته من بين كل الأصوات، وأبحث عنه من بين الوجوه في الكلية، وأنسج في مخيلتي ألف ألف قصة وقصة، وكنت أحضر أي مناسبة يكون هو موجودا فيها.
أقامت الكلية يوما مفتوحا يقوم كل قسم بعرض مواده العلمية، وكان مطلوبا من الطلاب المشاركة بالشرح على هذه المواد فكنت من ضمن قسمنا وهو في قسمه، وفي فترة الظهيرة من ذلك اليوم فوجئت به يدخل القسم الخاص بنا ويقف أمامي.. كنت أشرح له وقلبي معه، لم أعرف حتى ما قلت له، وأنا مرتبكة أمامه، أيعقل هذا، لا أصدق نفسي، وحاولت ما في وسعي أن أخفي ارتباكي، ولكن لم أستطع منع ابتسامتي من أن ترتسم على وجهي.
بعد أن انتهيت من الشرح سألني سؤالا أعرف إجابته، ولكن منعني ارتباكي أن أجيب، ثم شكرني، ويا للغرابة لم يتوقف عند أحد غيري بل أكمل طريقه وعاد من حيث أتى.
كان ذلك من سنة تقريبا، أما هذه السنة فلقد كان لدينا يوم للمعوقين، وقمنا بتجهيز معرض بهذه المناسبة.. كانت فرحتي كبيرة عندما عرفت بأنه مشارك في نفس المعرض، وكان المعرض مقررًا إقامته يوم الأربعاء.. في اليوم الذي قبله فوجئت بطرق على باب غرفتي في الساعة الرابعة فجرا ففتحت الباب فإذا بأختي وعيناها مبللتان بالدموع تخبرني بوفاة خالي العزيز فاضطررنا للسفر إلى البيت حتى نحضر مراسم الدفن.
وفي يوم الأربعاء كنا ما زلنا في منزلنا، ولم أحضر إلى الجامعة ذلك اليوم الذي كنت أنتظره بفارغ الصبر.. وظل هذا الشاب في مخيلتي طول تلك الأيام حتى عدت إلى الجامعة في يوم السبت، وأخذت صديقتي تحكي لي كيف كان هذا الشخص متألقا في ذلك اليوم؛ شعرت بالكآبة، وتذكرت الأيام التي كنت أبكي فيها بحرقة لأني لم أره فيها.
ومرت الأيام وأنا أفرح برؤيته أمامي وأحزن إذا غاب يوما، في أحد الأيام وجدته جالسًا وحده كئيبا، وأنا أعلم أن لديه امتحانا في ذلك اليوم، وددت أن أمد يدي وأمسك بيديه وأطمئنه، وأشعره بأن كل شي على ما يرام، ولكن ذلك مستحيل.
لقد حان وقت الرحيل فهذه آخر أيام له في الجامعة قبل أن يتخرج ويرحل. ماذا أفعل؟ ليس بيدي حيلة سوى النظر إليه وهو يرحل وإلى الأبد. في آخر يوم من أيام الدراسة قبل بدء الامتحانات أخبروني بأنه سيقيم ندوة، وطلبت مني صديقتي أن أحضرها فرفضت ذلك، ولكنها أقنعتني بأنها هي التي تريد الحضور فحضرت الندوة التي لم يكن فيها إلا هو والموظفون والمدرسون.
بعد المحاضرة خرجت أنا وصديقتي وفي طريقي وجدته مع أصدقائه مبتسما، وعندما انتبه لمروري توقف عن الكلام ونظر إلي.. أحسست أن قلبي قد توقف، فأسرعت في مشيي إلى الخارج. وفي نهاية اليوم كان سيقام حفل لتكريم الخريجين فقررت الحضور؛ لأني أحسست أنها فرصتي الأخير لكي أراه في نهاية الحفل، وقف والتفت إلى الخلف حيث أجلس مع صديقاتي ونظر إليّ ثم خرج.
المشكلة هنا هل حقا أحب هذا الشخص؟ أم أنه مجرد إعجاب بشاب خلوق؟ هل الحب عيب أم حرام إذا كنت أحبه؟ ماذا أفعل؟ أرجوكم أرشدوني إلى حل ضمن الدين والأخلاق؟ وجزاكم الله خيرا.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... منذ ما يقرب من الشهر حضرت إليّ في المركز فتاة في السنة النهائية بإحدى الكليات العملية.. جلست مرتبكة حائرة وبادرتني بالقول: أنت الأمل الأخير لي، إني أكاد أصاب بالجنون.. إنها قصتي مع أحد المعيدين الذين يدرسون لي، وبدأت تسرد قصتها والتي هي نسخة مشابهة تماما لقصتك... الفتاة الجادة التي لا خبرة لها في علاقات مع الجنس الآخر ثم تنبيه الزميلات لها بأن هذا المعيد ينظر لها باهتمام ثم اهتمامها هي بالأمر، وترجمة كل نظرة أو التفاتة منه على أنه يحبها ويهتم بها.. ووصل الأمر لاعتقادها أنه قد ذهب فعلا لخطبتها وأن أهلها يخفون عنها حتى تنتهي دراستها، وتترجم كل كلام أهلها في البيت على أنه إشارة لهذا الموضوع، والأهل يقسمون أنه لم يحدث.. حتى زميلاتها عدن وأنكرن تفسيرها لنظرات المعيد، ولكنها أيضا لا تصدقهم وترى أنهن يغرن منها ولا يردن أن يخبرنها بالحقيقة..
قصة تبدو عادية جدا وواقعية جدا وحقيقية جدا.. ولكن إذا أمعنا النظر فيها وحللنا ما فيها من أحداث مثل قصتك فلن نجد شيئا... سنجد زميلة أو صديقة رأت فتاة جادة وأرادت أن تمزح معها مزاحا من النوع الثقيل؛ فأشارت إلى شاب وأخبرتها أنه ينظر إليها وصاحبتنا ترتبك وتمشي لا تنظر، ولتكتمل اللعبة تخبرها بأنه ينظر إليها فعلا، وتبدأ صاحبتنا الجادة تتعلق وتنسج ألف ألف قصة وقصة كما فعلت... وتأتي بعض الأحداث التي تثبت عكس ما في رأسها ولكنها لا تريد رؤيته... لا تريد رؤية الحقيقة..
فهذا الشاب الذي انتهت دراسته، وتخرج فعلا، وحضر حفل الخريجين لو كان معجبا حقا ويحبها ويهتم بها وينظر إليها مثلما تتوهم أو يوهمها أصحابها لبادر في موقف شرح للمادة العلمية، وأبدى أي إشارة حقيقية لرغبته في الارتباط بك بأن يبدي هذا الأمر بصورة محترمة مبديا إعجابه والرغبة في الارتباط، سائلا عن عنوانك أو طريقة الوصول لأهلك، ولكن في الحقيقة أن من بحث عن الاسم وسأل عن الشاب كان هو أنت، وجاءتك المعلومات تؤكد أخلاقه وكأنه تقدم إليك فعلا وأنت تجمعين عنه المعلومات، وفي اليوم الأخير له في الكلية.
هل من أحب فتاة ورآها تحضر حفل تخرجه هل كان سيكتفي بهذه النظرة التي توقف لها قلبك؟ أم كان سيبادر بمحاولة الحديث إليك أو إرسال رسالة غير مباشرة حتى عبر هذه الصديقة التي معك يخبرك فيها برغبته في الارتباط، سائلا عن رأيك أو طالبا الانتظار؟".
كل هذا لم يحدث بالطبع والنظرة عادية ليس لها أي دلالة.. إلا في عقلك لتنسج مزيدا من الأوهام والتصورات الخاطئة... وللأسف كانت هذه هي النهاية لقصة الفتاة التي بدأت بها ردي على مشكلتك؛ حيث كانت الأم حاضرة مع ابنتها في الخارج فطلبت حضورها إلى الغرفة وسألتها سؤالا مباشرا: هل حضر هذا الشاب المعيد وطلب يد ابنتكم؟ لتجيب الأم بالنفي... ولأجد نفسي أمام قصة بدأت عاطفية تبدو وكأنها حب من طرف واحد ليتطور الأمر إلى اضطراب نفسي لسيطرة الوهم والخيال وعدم القدرة على التكيف مع الحقيقة ليكون التشخيص هو الاضطراب الفلالي وتحتاج للعلاج الدوائي... ولتقترب الفتاة بأنها فعلا قد وصلت لحالة المرض.
لا أريد أن أقول أو أجزم بأنك مضطربة نفسيا فهذا أمر قد قررته؛ لأنني قد قابلت الفتاة بنفسي وقمت بتقييم الموقف من خلال المقابلة المباشرة وباستقصاء الأمر من الأم والأهل... ولكن أقل ما أريد أن أقول لك بأن الوهم والخيال قد يسيطر على الإنسان الذي تأخذه أمانيه إلى آفاق بعيدة غير حقيقية، فإن لم يفق منها الإنسان في الوقت المناسب فربما تكون النتائج أخطر مما يتصور.
وبالتالي فإن تساؤلاتك عما تشعرين به نحو هذا الشاب هل هو حب أم إعجاب بشاب خلوق؟ فنقول: إنه وهم وخيال عشتِه مع نفسك؛ فالإعجاب يحتاج إلى تعارف حقيقي وليس لمجرد سماع عن صفات كبرها خيالك ليصنع فارس الأحلام، والحب لا بد أن يكون متبادلا بين طرفين ولحيثيات وجدها الشخص فيمن يحب... وليس حبا بمجرد النظر..
ليس الحب في ذاته كعاطفة عيبا أو حراما، ولكننا كما نقول دائما هناك أمران... الأول أن نتأكد أن ما نشعر به هو حب حقيقي؛ ولذا فإنه يجب أن يكون في الوقت المناسب للشخص المناسب، فليس هو نازلة تنزل بالإنسان على غير انتظار بل هو تطور طبيعي لعلاقة تعارف بين شخصين في إطار زمالة العمل أو العلم.
ولكن المهم أن يدرك الطرفان وهما يطوران العلاقة أن الوقت مناسب، وأن الظروف مهيأة لتحوله إلى حب هو ضغوطه من أجل الارتباط، وهي النقطة الثانية التي نتحدث فيها عن الحب فنقول بأنه عاطفة في القلوب ليس به مشكلة، ولكن ما يترتب عنه من تصرفات وإجراءات هو الذي قد يجعله عيبا أو حراما، بمعنى أن الحب عندنا للارتباط، فمن أحب ذهب وطرق الباب وأعلن الخطبة الشرعية التي تجعل التعارف الذي جرى تحت أعين الناس، وتطور إلى حب في القلوب قد أخذ طابعه الرسمي والشرعي بمباركة الأهل والمجتمع... عندها لا يكون الحب عيبا أو حراما بل يكون في خطوة في بناء صحيح لحياة زوجية صحيحة.
ويضيف د. أحمد عبد الله :
أريد أن أقول بأن حالة الأخت السائلة هي حالة متكررة في أوساط الفتيات، وبخاصة المحافظات أو الملتزمات. وأردت أن أقول بأن الشائع في جامعاتنا للأسف -وفي غياب الهدف الأصلي، والوظيفة الأساسية لها، وهي التعلم- ما تقوم به الفتيات، وما يقوم به الشباب من نسج قصص العشق والغرام بحيث تحولت الجامعة عند البعض إلى مجرد "ساحة للدعوة إلى الله" كما ذكرنا سابقا في سلسلة "اختلاط وملابس فاضحة"، بينما تحولت عن آخرين إلى ملتقى للعشق والعشاق بحيث يحضر الفتى أو الفتاة من حيث التهيئة النفسية، والاستعداد في المظهر، وكأنهما قادمان إلى موعد غرامي لا إلى محراب علم!!!
والجامعة كما نتصورها وندعو لها ليست ثكنة عسكرية ولا سجنا قاسيا، بل هي كيان قائم لخدمة وظيفة أصلية، ويمكن أن تنشأ على هامشها -وبشكل عارض فرعي- بدايات لقصص ارتباط، ولكن هذا عندما يحدث فإنه لا يكون الأصل أو الهدف أو المحور الأساسي في نشاط الإنسان بالجامعة، وهو عندما يحدث فإنما يكون بأصوله الشرعية والاجتماعية التي فصلنا فيها كثيرا من قبل، وأشار إليها د. عمرو هنا في إجابته.
أقول لك يا أختي وابنتي بأنك شغلت نفسك طوال هذه الشهور الماضية بخيال جميل، وألف قصة وقصة كما تذكرين، ولا بأس في هذا إطلاقا، إلا أن تعتقدي أن الخيال هو الواقع!!!!
لا حجر على الخيال، ولا حساب على الأحلام، ومشاعرك البريئة الصامتة أحترمها، وآلام الحب من طرف واحد قد يحسدك عليها من لم يجربها، وقد يرثي لك فيها من أوجعت قلبه من قبل هذا كله مفهوم وليس عيبا ولا حراما، ولكنه لا علاقة له بالواقع، وقد أختلف مع أخي د. عمرو في تعريف ما تشعرين به هل هو حب أم ماذا؟!
لأن الحب أنواع، والحب الذي يتحدث عنه د. عمرو هو الحب الواقعي الكامل بين طرفين كمقدمة للارتباط، أما ما تصفينه عن نفسك فهو أقرب ما يكون إلى الحب الخيالي، ولا بأس أن تحاولي النزول به إلى أرض الواقع، شريطة أن تكوني جاهزة لاستقبال النتائج والرضا بها كيفما تكون.
والنزول إلى أرض الواقع بمقتضى التدقيق أولا في معلوماتك عن هذا الشاب حتى يطمئن قلبك وعقلك تماما إلى أنه هو الأنسب لك، ثم في خطوة تالية يمكنك تماما إلى أنه هو الأنسب لك، ثم في خطوة تالية يمكنك أن ترسلي له رسولا يستطلع استعداده للزواج عامة -فقد تكون لديه ظروف تمنعه أو تؤجله- ومن ثم يكن للرسول في حالة موافقة الشاب على المبدأ أن يقترحك عليه بعد أن يمدحك، ويزينك في عينيه، أو على الأقل يلفت نظره إليك، لأنه ربما يكون خالي الذهن من ناحيتك تماما، وتوسيط الرسول هو الحل الذي تحدثنا عنه كثيرا في إجابات سابقة، نرجو أن تكوني قد اطلعت عليها، وأفضل رسول أن يكون امرأة كبيرة في السن، وذات خبرة بالحياة، ومن قريباتك أو معلماتك، وأسوأ رسول أن تكون الواسطة بينكما إحدى زميلاتك!!!
وسيأتيك الرسول بالنبأ الواضح، وهو ما تترتب عليه الخطوات التالية بعد ذلك. هذا إن شئت النزول بقصتك من الخيال إلى الواقع، ولكنك قد ترغبين في الاستمرار بالحلم بدلا من خسارته في حالة عدم موافقة الشاب، وهنا أحذرك من جموح الخيال؛ لأن قوته يمكن أن تقفز بك من نعيم الحلم إلى جحيم الجنون، وأهلا بك.
ــــــــــــــــــــ(41/233)
أي "السوائل" يسبب الحمل ؟
الجنس, الحب والخطئية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بارككم الله على هذا الموقع الرائع.
الحقيقة أنني ترددت كثيرا قبل الكتابة، ولكن لن أجد أفضل من هذا الموقع الذي يفتح أبوابه أمام الشباب الحائر.
الحقيقة أن هذه المشكلة لا تخصني بل هي لإحدى رفيقاتي المقربات، تعرفت على شاب، وهما يحبان بعضهما بشدة ومتفقان على الزواج... أتيت لزيارتها فوجدتها في حالة يرثى لها، سألتها عن سبب بكائها فروت لي الحادثة.
كانت على موعد مع الشاب للقائه، أثناء هذا اللقاء حدثت بينهما أمور اندهشت كثيرا لإخبارها لي؛ إذ إنها فتاة على خلق ودين. هي نادمة كثيرا وتسأل الله العفو والمغفرة، وتريد أن تعلم هل خسرت عذريتها، علما أنه لم يتم إدخال شيء إلى الداخل بل كان كل شيء سطحيا؟ وهل من الممكن حدوث حمل في هذه الحالة؟
وهناك سؤال أريد أنا الجواب عليه: ما الذي يؤدي إلى الحمل؛ السائل الذي يخرجه الشاب عند أي إثارة أم الذي ينزله بعد الإيلاج؟ وجزاكم الله كل الخير.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نسأل الله عز وجل أن يكون ندم صديقتك صادقًا، وأن تتعلم من هذا الموقف درسًا قاسيًا هي وكل الفتيات اللائي يطلعن على هذه المشكلة، وهي أن الحب والاتفاق على الزواج لا يسوغ بأي حالة لأي فتى أو فتاة أن يلتقيا أصلا، فضلا عن أن يلتقيا بعيدًا عن أعين الناس في مكان يسمح بحدوث ما حدث بين صديقتك وهذا الشاب الذي نشك كثيرًا في أنه يحبها حقًا؛ لأن من يحب حقًا يحافظ على من يحب ويكون حريصًا على ألا يقع معها في الخطأ لأنها ستكون زوجته وأم أولاده في المستقبل، ولأنه يكون حريصًا أن يلتزم بالحدود الشرعية في ذلك، والتي أوضحناها كثيرًا في أن لقاء الشاب والشابة الطبيعي يكون في مكان علمهما أو عملهما بحيث يؤدي إلى تعارفهما الواضح أمام كل الناس، وإذا أدى لك إلى إحساس كل منهما بالرغبة في الارتباط بالآخر سواء سميناه حبًا أو غير ذلك فإن الخطوة التالية هي الارتباط الرسمي الشرعي عن طريق دخول البيوت من أبوابها.
فإذا كانت هناك عوائق أو مشاكل تحول دون ذلك فلا يوجد أي مسوغ يسمح لهما بالاستمرار في العلاقة أو اللقاءات تحت ادعاء الحب أو الوعد بالزواج؛ فالوعد بالزواج والحب له صورة واحدة هي الخطبة الشرعية أيضًا بكل حدودها والتي لن يكون فيها بأي حال من الأحوال أن يلتقي الفتى والفتاة ويفعلان ما يفعلان سواء بصورة سطحية بإدخال أو بدون إدخال فهذا حرام ومنكر لا يوجد ما يبرره حتى في الخطوبة، فما بالك إذا لم يكن يوجد إلا هذا الحب المدعى والوعد الزائف بالزواج.
نتمنى أن يتوب الله على صديقتك إذا كانت صادقة في ندمها، ويجب ألا تلتقي بهذا الشاب أبدًا إلا إذا تقدم لأهلها رسميًا وأصبحت هناك خطوبة شرعية، وعندها عليها الالتزام بحدود الخطوبة الشرعية.
ونتمنى ألا يحدث حمل من جراء ما حدث؛ لأنه في حالات نادرة جدًا حتى في حالة اللقاء السطحي كما تصورين فإن السائل المنوي للرجل يمكن أن يتسرب إلى داخل الرحم ويسبب الحمل حتى وغشاء البكارة سليم؛ لأن الغشاء لا يمنع وصول سائل الرجل إلى داخل رحم المرأة، وعندها يمكن أن يحدث الحمل إذا تصادف وكانت في فترة التبييض؛ فنسأل الله أن تكون توبتها سببًا في سترها وعدم فضحيتها.
وسائل الرجل الذي يسبب الحمل هو الذي ينزل عند القذف وليس عند أي إثارة عادية ،
ــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ(41/234)
السائل المنوي ... اللون والقوام
تساؤلات أخرى
هل لا بد أن يكون المني أبيض اللون، غليظ القوام، جامدا، بمعنى قليل السيلان؟ وهل إذا كان الأمر على خلاف ذلك تتأثر القدرة على الإنجاب، حيث إن الكمية التي تخرج منه قليلة، وقوة القذف تقريبًا تقدر بحوالي 3 إلى 4 سم.. فبماذا تنصحونني غير "الذهاب إلى دكتور"؟
... المشكلة
د.إيهاب خليفة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ المرسل بعد التحية، لون السائل المنوي أبيض، وقد يميل إلى الاصفرار، وقد تختلف درجة اللون من مرة لأخرى بسبب عوامل كثيرة، منها نوع الغذاء الذي يتناوله الإنسان؛ فنجد الاصفرار يزداد في حالة تناول الأطعمة التي تحتوي على المواد الكاروتينية كالجزر والكرنب وغير ذلك.
والسائل المنوي متدفق وقليل السيولة، والسبب في ذلك هو احتواؤه على البروتينيات المتمثلة في الحيوانات المنوية، وإفرازات الغدد الجنسية. والسبب في سيولته هو وجود نوع من الإنزيمات يسمى الفيبرينوليسين الذي يمنع تجلط البروتينيات، وعند تعرض السائل المنوي للهواء، يفسد هذا الإنزيم ويحدث التجلط فيصبح السائل المنوي جامدًا عند تعرضه للهواء فترة من الوقت.
وأهم ما يدل على سلامة السائل المنوي وقدرته على الإخصاب؛ أولا: عدد الحيوانات المنوية التي يتراوح عددها من 20 ـ 80 مليون لكل سم مكعب، وهذا العدد ليس له علاقة بكمية السائل المنوي وإنما ينبغي معرفته عن طريق التحليل، وثانيًا: ألا تكون نسبة الحيوانات المنوية المشوهة والضعيفة (القليلة الحركة) زائدة عن الحد، فهذه علامة على قلة الإخصاب.
ــــــــــــــــــــ(41/235)
قبل أسبوعين من خطبتها.. الغشاء يرعبها
صبايا, همس الصبايا, التحرش الجنسي, الجنس, التحرش الجنسي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
في البداية أود أن أشكر جميع القائمين على هذا الموقع وجزاكم الله عنا خير جزاء، لم أتعود أن أشارك أحدا في مشكلاتي ولكن لم يبق لي سوى أسبوعين لكي أحل مشكلتي؛ لذلك قررت أن أشارككم فيها، لعلكم تجدُون لي الحل هنا على صفحة مشاكل وحلول.
مشكلتي بدأت منذ كنت في التاسعة من عمري، حيث تعودنا في مدينتنا في الصغر على اللعب مع الأولاد دون رقابه تذكر من الصباح حتى الظهيرة، ومن العصر حتى أذان المغرب، وكنت من بين الفتيات الساذجات اللواتي لا يعرفن شيئا عن الحياة إلا اللعب والضحك، ومع هذا الإهمال الشديد من قبل الوالدين والسذاجة استغل هذه الفرصة شاب يكبرني بخمس سنوات، فقد كان في الرابعة عشرة من عمره وكان يستغل الفرص للتحرش بالفتيات بل الاعتداء عليهن عندما أخذني لنلعب في مكان بعيد، وبسذاجتي وغبائي وافقت وبعدها حدث ما هو غير متوقع في تفكيري وما لم أكن أفهمه في تلك السن، وبعدها تركني فاقدة الوعي.. عندما أفقت لم أفهم أي شيء ذهبت مسرعة إلى البيت، وعندما كنت في الطريق رايته، وكان يبتسم بل يضحك هو ورفاقه وهم ينظرون إلي نظرة انتصار.. عدت إلى المنزل وأنا خائفة منه.
لم يكن لدي من أخبره فقد كنت أكبر إخوتي، وأمي كانت قد وزعت وقتها بين أعمال المنزل وزيارات أقاربها، مع مرور الوقت لم أعد أفكر في الأمر تناسيته، وعندما بلغت سني الثامنة عشرة ومع تقدمي بالعمر فهمت الأمر، وعلمت ما هو غشاء البكارة وعلمت أن ما حدث يجب ألا يحصل لفتاة لم تتزوج بعد.
بعدها أصبت بنوبة هستيرية من البكاء والصراخ لم أستطع إخبار أهلي بما حدث لي رغم علمي بأنني ضحية لما حدث.. لم يكن هناك ما أستطيع أن أفعله سوى البكاء، وكنت أفكر في الموضوع في كل وقت، كنت أبحث دائما عن حل، وعرفت أنه لا يوجد حل لهذه المشكلة.
وبعد سنتين الآن عمري 20 سنة وقعت المصيبة الكبرى بالنسبة لي حيث تقدم لخطبتي شاب لا أعرف عنه إلا اسمه وأنه شاب ملتزم وحسن الأخلاق ويعمل في وظيفة ممتازة وما فهمته من أهلي أنهم موافقون ويجب أن أوافق، ولدي أسبوعان فقط للرد أو بالأصح للموافقة.
وأنا لست أشك بأن يكون غشاء البكارة قد فض، بل أنا متأكدة، ولا أعلم ماذا أفعل، مع العلم أن أبي شديد العصبية فإن علم بالموضوع فلن يتردد في قتلي، وأمي كذلك فماذا أفعل.. منذ أسبوع وأنا لا أستطيع النوم.. أصبحت أتقرب إلى الله أكثر من السابق علّني أجد حلا للخلاص مما أنا فيه.
أرجوكم أن تنصحوني بما عليّ القيام به بخصوص مشكلتي.. وعذرا على الإطالة. أشكركم مرة أخرى لجهودكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
د.محمد المهدي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لست أدري ما الذي جعلك متأكدة أن غشاء البكارة قد تمزق، فمن خلال خبرتي المهنية أعرف أن ما يدور بين الأطفال والمراهقين غالبا لا يعدو كونه ملامسات أو احتكاكات من الخارج، وكثير من الفتيات لا يستطعن التفرقة بين العلاقة الجنسية الكاملة والعلاقة الجزئية نظرا لعدم المعرفة بتركيبة الجهاز التناسلي.
وقد يحسم هذا الشك بزيارة لطبيبة نساء -إن كان هذا ممكنا في سرية لا تعرض سمعتك لأي شك- أما إذا تعذر ذلك أو كان يحمل مخاطرة بأن يراك أحد عند طبيبة النساء فيشك في شيء فلا تذهبي، وفي كل الأحوال عليك أن تنظري في أمر الزواج بعيدا عن هذه المشكلة، فهناك احتمال بأن الغشاء لم يتمزق كما تظنين لأنه لم يحدث إدخال حقيقي، وهناك احتمال آخر وهو أنه قد حدث إدخال جزئي أو كلي ولكن الغشاء في هذه السن قابل للالتئام بدرجة تجعله كأن لم يفض، أما الاحتمال الأكثر سوءا فهو أن الغشاء قد فض بالفعل وسيترتب على ذلك عدم نزول دم أثناء اللقاء الأول بعد الزواج.
دعينا نناقش الاحتمال الأكثر سوءا وهو أنه لن ينزل دم أثناء اللقاء الأول بعد الزواج، فهذا وحده ليس دليل إدانة لأي فتاة (كما أن نزول الدم ليس دليل براءة لأي فتاة خاصة بعد لجوء البعض لعمليات ترقيع الغشاء)، حيث إنه في حوالي 15% من الفتيات يمكن أن تتم العلاقة دون نزول دم ملحوظ، وتفسيرات ذلك كثيرة، منها أن يكون الغشاء مطاطيا، ومنها أن يكون الغشاء فضفاضا بحيث يسمح بالعلاقة دون تمزق يسيل معه الدم, أو يكون الغشاء قد تمزق نتيجة أي إصابة في الصغر لا يدري أحد عنها شيئا أو يكون تمزق بفعل ممارسة العادة السرية مع استخدام بعض الأجسام وإدخالها في المهبل (خطأ أو جهلا).
عموما لو حدث وتزوجت ومرت الأمور بسلام فليس هناك مشكلة إذن، أما لو حدث أنه لم ينزل دم، فهذا ليس إدانة مؤكدة لك، وأنصحك بعدم ذكر هذا الأمر لأحد لما يمكن أن يترتب عليه من كوارث فمثلا لو صارحت أمك بهذا ثم ذهبت الأم وصارحت أباك فيمكن أن يترتب على ذلك أحداث مهلكة تجاهك أو تجاه ذلك الفتى المراهق الذي فعل فعلته، وربما تقع كوارث كبيرة بسبب هذا الأمر، يضاف إلى ذلك الفضائح المتوقعة والجراح التي لا تندمل.
أما احتفاظك بهذا الأمر بداخلك خاصة أنه لا يوجد أي تهديد لك الآن من هذا الشخص وأنه مجرد حدث وقع في الماضي، ثم تسألي الله الستر والسلامة وتقبلين على حياتك الزوجية باستبشار وأمل، وتعيشين خبرة الخطبة والزواج كما تعيشها أي فتاة فاضلة.. فهذا هو الأولى والأفضل الآن، واتركي ليلة الزفاف يسيرها الله العليم الخبير بقدرته وحكمته، خاصة أن ما حدث قد وقع وأنت صغيرة لا تعرفين شيئا، وأن هذا المراهق استغل سذاجتك وعدم معرفتك , واستغل انشغال الأب والأم وفعل ما فعل تحت تأثير نزوات واندفاعات المراهقة، وتقربي إلى الله بالصلوات والدعاء وأعمال الخير واطلبي منه الستر والمغفرة وعاملي خطيبك وزوجك بعد ذلك بما يرضي الله، واعلمي أن الله لن يضيعك ما دمت تحافظين على طهارتك وعفتك ونقائك حين علمت ماذا تعني هذه الكلمات، واعلمي أن الله رفع عن الناس الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
ــــــــــــــــــــ(41/236)
تمارس العادة السرية وتكافح للخلاص منها
صبايا, همس الصبايا, العادة السرية
أنا شابة عمري 20 سنة، كنت أمارس العادة السرية دون العلم بحرمتها، ولكن قرأت على أحد المواقع بحرمتها، ولكني لم أستطع التوقف عنها، وجاهدت كثيرا في البداية، إلى أن توقفت لمدة 4 شهور، ثم عدت ثانية، وأحيانا أتوقف لمده شهر ثم أعاود.
ثم قرأت أن العادة السرية تكون غير محرمة عندما تكون بدون إفراط، وأنا الآن أمارسها كلما غالبتني الشهوة، مع العلم أني أحاول أن أبتعد عن مصادرها، ومن الممكن أن تكون كل أسبوع مرة، أو كل أسبوعين، مع العلم أنني أحب شابا متدينا ويستطيع ضبط نفسه دائما، ويقول لي دائما إني أعامل الله فيك، وأخاف من نفسي عندما أتوقف عن العادة السرية أن أبدو أمامه والشهوة تغالبني؛ فينفصل عني كما أشعر بالخجل من نفسي؛ لأنه يستطيع ضبط نفسه، وأنا لا أستطيع.
هل أنا مذنبة جدا؟ هل ذنب العادة السرية دون النظر إلى المحرمات أو الإفراط من الكبائر؟ مع العلم أنني كلما مارستها أغتسل، وأحاول أن أفعل شيئا أكتسب به ثوابا مثل قراءة القرآن والصلاة؛ كمحاولة لمنع الشيطان من السيطرة علي مرة أخرى. أرجو سرعة الجواب لأني شارفت على اليأس من حل مشكلتي.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لك شعورك الذي جعلك تبعثين رسالتك حتى يطمئن قلبك .. ونقول لك بالطبع إن امتناعك عن النظر إلى المحرمات هو خطوة هامة ورائعة، بل هو البداية الصحيحة للتغلب على العادة السرية؛ وبالتالي فأنت مختلفة تماما عن هؤلاء الذين يطلقون بصرهم بلا حدود للنظر إلى المحرمات سواء في الشارع أو المشاهد المثيرة في التلفاز أو المواقع الإباحية على الإنترنت، ثم يذهبون ليستعيدوا هذه المشاهد ويمارسوا العادة للحصول على المتعة.
والعادة السرية تبدأ بالنظرة المحرمة، ويتعمد من يمارسونها ذلك لاستمرائهم هذا الأمر؛ وبالتالي فإنهم يحتاجون للتوبة، وللتخلص من هذه المعاصي المتتالية من خلال برنامج سلوكي يبدأ بالتوبة والعزم على التخلص من هذه العادة السيئة، أما من يتقي الله ويبتعد عن المحرمات ثم تغلبه شهوته كمثل حالتك كل أسبوعين، فإنها عثرة في طريقه يقوم منها مسرعاً، ويفعل مثلما تفعلين فيقوم ويغتسل ويعود لأنشطته العادية، ولا مانع أن تكون البداية بطاعة من صلاة أو قراءة قرآن كفعل إيجابي.
إننا نعتبر هؤلاء الذين يمتنعون عن النظر للمحرمات ويحرصون على الأنشطة الإيجابية الفعالة والصحبة الطيبة سائرين في الطريق الصحيح؛ لأنهم بالتدريج ستزداد فترات ابتعادهم عن العادة السرية حتى يرزقهم الله بالزواج وتنتهي هذه المشكلة.
ولنا تعليق أخير حول علاقتك بهذا الشاب المتدين الذي يقول إنه يراعي الله فيك.. ما هي طبيعة هذه العلاقة التي تسمح لك بأن تعرفي أنه يستطيع ضبط نفسه في ممارسة العادة السرية، وكيف يتطرق الكلام بينكما للحديث في مثل هذه الأمور، نرجو أن تتقي الله أنت في نفسك، وتحرصي على وضع إطار شرعي لهذه العلاقة وتلتزمي بالحدود حسب مراحل لهذه العلاقة الشرعية، من خطبة؛ فعقد زواج حيث كل مرحلة لها طبيعتها وطبيعة ما يثار خلالها من مواضيع، فما بالك في الحديث عن مواضيع يمكن أن تجر إلى مخاطر كبيرة، وأنتم خارج أي إطار شرعي من خطبة أو غيرها.
إننا حرصنا على هذا التعليق لأننا لمسنا منك جدية وحرصا على إرضاء الله عز وجل .. فإذا كنت حريصة في أمر كالعادة السرية فالأخطر والأهم هو وضع إطار شرعي لهذا الحب الذي بينك وبين هذا الشاب المتدين .. فإذا كان حقا يتقي الله فيك فليحرص ألا تكون علاقتكما إلا في إطار صحيح تحت نظر الناس جميعاً وفي حماية المجتمع،
ــــــــــــــــــــ(41/237)
التحرش فى الصغر يقود إلى جحيم فى الكبر
الجنس, التحرش الجنسي, العادة السرية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بدايةأود أن أشكر القائمين على هذا الموقع لجهودكم المتواصلة لدعم المسلمين في جميع أنحاء العالم بالمشورة والنصح، فجزاكم الله عنا خير الجزاء.
في الحقيقة لقد ترددت كثيرًا قبل كتابة هذه الرسالة، حيث إنني لم أتعود على المصارحة بمشكلاتي لأي كان حتى المقربين مني، حيث إنني أفضل كتمانها على البوح بها.
مشكلتي بدأت منذ كنت في العاشرة أو الحادية عشر، حيث كنت فتاة ساذجة لأبعد الحدود وكانت مشيئة الله أن أتعرض للتحرش الجنسي على يد ثلاثة أشخاص خلال تلك الفترة.
كانت البداية عن طريق خادمتنا البوذية، حيث أذكر أنها أخبرتني كيف تتم المعاشرة الزوجية، ووقتها صدمت مما قالت، ولم أصدقها، وكذلك أخبرتني أنه من عادات بلادها أن يقدم الزوج في ليلة الزواج منديل عليه قطرات من الدم يثبت عفتها لأهلهم.
بعد ذلك أغوتني هذه الخادمة وأصبحت تتحين الفرص وتقوم بملامسة أعضائي الحساسة، وكانت تطلب مني فعل الشيء ذاته لها، وكنت أفعل ما تأمرني به. كذلك في تلك السنة كنت في زيارة لبيت خالتي، وفي إحدى الليالي شعرت بشيء ثقيل فلما فتحت عيناي رأيت ابن خالتي يحاول تقبيلي، وقد حاولت صده ولكن لا أعلم كيف حدث ذلك، ولكن غلبني النوم ولا أعرف بالضبط ماذا حدث بعد ذلك. المهم أن ابن خالتي هذا كان يقوم بملامسة أعضائي الحساسة على الرغم مني، وكم حاولت صده ولم أستطع.
كذلك في خلال الفترة نفسها كنت إذا زرت بيت عمتي ألاحظ بأن زوجها ينظر إلي بنظرات غريبة، صحيح كنت طفلة وساذجة ولكنني كنت أحس بأن نظراته تلتهمني، كان من عاداته اليومية عند عودته من العمل يطلب من بناته تقبيله في فمه، وإذا كنت متواجدة في بيتهم كان يطلب مني الأمر ذاته، وقد فعلت ذلك عدة مرات بعد إلحاحهم عليّ بأنه مثل أبي، مع أن أبي لا يطلب الأمر نفسه منا، ولكنني بعد ذلك رفضت القيام بهذا الأمر. وأذكر بأنه عندما يقوم بزيارتنا في بيتنا كان يطلب مني إحضار أي شيء له، وعندما أفعل ذلك كنت أتفاجأ به خلفي ويطوقني بكلتا يديه ويتحسس جسمي وكنت أهرب منه في كل مرة.
لم أكن أعرف أن ما يفعلونه بي يعتبر تحرشًا جنسيًّا، ومع تقدمي بالعمر فهمت الأمر ولكنني لم أكره الخادمة لما فعلته بي؛ لأنني كنت أقول بأنها ليست مسلمة وهي أمور عادية بالنسبة إليهم، كذلك لم أكره ابن خالتي حيث في تلك الفترة كان يمر بمرحلة المراهقة؛ بالإضافة إلى أنه يعاني من تخلف عقلي بسيط، لكنني أكنّ الحقد كله لزوج عمتي؛ لأنه إنسان مسلم وعاقل، وكان يبلغ من العمر حينها 50 عامًا.
وللعلم فلقد تُوفّي بعد ذلك بعامين. هل لكم أن تتصوروا بأنني ما زلت أكرهه على الرغم من بلوغي 25 سنة ولا أستطيع غفران ما فعل بي؟ أحيانًا يتذكرونه في كلامهم فيقولون: "الله يرحمه" أما أنا لا أستطيع قول ذلك، بل أقول: "الله لا يرحمه"، وأتدارك ذلك بالقول: "أستغفر الله". لا أحب أن أكنّ الكره للناس، بل أنا بطبعي أغفر لمن أساء لي، ولكنني لا أستطيع فعل ذلك بالنسبة له، حيث إنني أكرهه وأحمد الله أنه مات، حيث أقول لنفسي ماذا يمكن أن يحدث لي لو كان حيًّا؟
لم أستطع إخبار أهلي بما حدث لي رغم علمي بأنني ضحية لما حدث، وخصوصًا بأنه مات منذ سنين عديدة. أبي يحب عمتي كثيرًا فهي أخته الوحيدة ولا توجد لديه عائلة غيرها. أحيانًا أفكر بإخبارهم، ولكنني أعلم بأن ما سيحدث هو الفرقة بينهما وأنا لا أحب أن أفرق بين والدي وأخته، حيث إنني أرى مقدار حبهم لبعض، وكذلك لأن السبب في ما حدث لي قد مات ولم تَعُد هنالك ضرورة لإخبارهم بما حدث.
مشكلتي لا تنتهي هنا حيث إنها البداية، بعد ذلك التحرش بي أدمنت العادة السرية وحينها لم أكن أعرف ما هي العادة السرية، ولا خطورتها وتحريمها. دائمًا أتخيل نفسي في وضع جنسي مع أحد الأشخاص من مخيلتي، وكنت دائمًا أقوم بإدخال أي شيء على شكل قضيب في فتحة الشرج، حيث أخبرتني الخادمة بأن هنالك غشاء البكارة فخفت أن يتمزق هذا الغشاء وينفضح أمري.
في أحد الأيام استيقظت ووجدت بقعة دم كبيرة في فراشي فأخذت أبكي، حيث ظننت بأنني فقدت غشاء البكارة مع إنني لم أعبث به، ولكن كنت أقول لنفسي بأنني ربما عبثت خلال نومي ومن دون علمي. لم أستشر أي طبيب في الأمر لخوفي من النتيجة كذلك أصبحت أخاف أن ينفضح أمري بعد الزواج. حيث تقدم لخطبتي عدة شباب وكنت أرفضهم بحجة الدراسة، وكان والديّ يقفان في صفي ويشجعوني على الانتهاء من الدراسة، أما الآن بعد الانتهاء من الدراسة لم يَعُد لي حجة وأصبح والدي يخبرانني بأنني أصبحت كبيرة ويجب عليّ الزواج إذا تقدم لخطبتي إنسان جيد.
أصبحت أكره الحياة وأقول لماذا تقدم بي العمر ووصلت لمرحلة تتطلب مني الزواج؟ والله أصبحت أفضل العنوسة على الزواج وانفضاح أمري.
للعلم ما زلت أمارس العادة السرية، ولكن بدرجة أقل من السابق وفي كل مرة أتوب وأقول بأنني لن أعود إليها.. لا أستمر وأعود إليها. صحيح إنني قللت من ممارستها ولكنني أريد التوقف عنها نهائيًّا.
عندما لا أستطيع فعل ذلك أتذكر هؤلاء الأشخاص الثلاثة وما فعلوه بي، وأدعو عليهم خصوصًا زوج عمتي. إنني أعلم بأنه ليس خطئهم كليًّا في ممارستي العادة السرية وأنا لا أتنصل من مسئوليتي، ولكنني أيضًا أشركهم في ما يحدث لي.
أصبحت أتقرب إلى الله أكثر من السابق علّني أتملك القدرة على الخلاص مما أنا فيه. وأنا أرجوكم أن تنصحوني بما عليّ القيام به بخصوص مشكلتي. كما أتمنى أن يكون الرد على بريدي الإلكتروني. وعذرًا للإطالة. أشكركم مرة أخرى لجهودكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت العزيزة..
أهلاً وسهلاً بك على صفحتنا وشكرًا على ثقتك، مشكلتك تعبير ممتد مفصل عن عواقب التحرش الجنس بالإناث، والحقيقة أيتها الأخت السائلة أنك إذا كنت تتابعين عملنا على صفحات شبكة إسلام أون لاين وعلى موقع مجانين منذ وقت معقول، فأغلب الظن أنك وجدت مسبقًا إجابات كثيرة تتضمن ردودًا على أسئلتك التي تدور في عقل كل من مرّ بما مررت به.
وفعلاً كأنك تنقلين من كتاب التحرش حين تصفين ما حدث معك وآثاره على نفسك، فرغم كثير من العذاب والاختلاط والتشوش النفسي والرغبة في الانتقام والنزوع للوم الذات، ثم السقوط في براثن "الاسترجاز" وما يتبعه من دوامة الشعور بالذنب، والوسوسة بأثر ذلك على البكارة والخوف من الزواج أو من الفشل فيه أو من أثر إدمان الاسترجاز على الحياة الجنسية بعد الزواج، وكثير غيره أحسب أن حكيه لنا هو جزء مما يساعدك على التعافي وتجاوز هذه الأزمة، وتبقى المشكلة العامة، أي ظاهرة التحرش المتنامية دون جهود متكافئة لوقفها أو الحد من انتشارها على مستوى عالمنا العربي.
أن تمارسي العادة السرية (الاسترجاز) ثم تقلعين عنها وتتوبين، ثم تنتكس التوبة وتفعلينها حينًا وتقلعين عنها أحيانًا كل هذا -بغض النظر عن وقوع التحرش من عدمه- أمر طبيعي، وبالتالي هو متوقع وخير الخطائين التوابون فلا تقلقي بهذا الشأن.
وأما بخصوص العذرية فإن إدخال شيء صلب في قناة المهبل هو السبب الوحيد الممكن لإيذاء غشاء البكارة، ولا أحسب أن هذا يمكن أن يحدث أثناء النوم، لكنني رغم ذلك أرى أن الحل الأمثل لقلقك بشأن العذرية هو عرض نفسك على طبيبة أمراض نساء فإن تعذر ذلك فليس أمامك إلا اللجوء إلى الله، والإقبال على الزواج متّكلة على الله عز وجل، ومطمئنة إلى رحمته التي وسعت كل شيء، وتابعينا بالتطورات الطيبة.
ــــــــــــــــــــ(41/238)
تشك فى بكارتها وتخشى كشف الطبيب
صبايا, همس الصبايا, تساؤلات أخرى, الجنس, غشاء البكارة
الإخوة في شبكة إسلام أون لاين.نت.. السلام عليكم ورحمه الله وبركاته..
إخوتي جزاكم الله خير الجزاء على الجهود المبذولة، وأهنئ القائمين على هذا الموقع الجميل والهادف، وأدعو الله الكريم بالنجاح المستمر، وأن يجعله في ميزان حسناتكم، وأن يرزقنا وإياكم الصلاح والثبات.
في الحقيقة أنا أواجه مشكلة بدأت أخاف من عواقبها على حياتي اليومية فتأثيرها بات واضحا على تصرفاتي؛ فعندما كان عمري ثماني سنوات عانيت من مشاكل في الأعضاء التناسلية مثل "الالتهابات والحك المستمر"، أخذتني والدتي على إثرها إلى الطبيبة، التي بدورها أعطتني بعض الأدوية التي استخدمتها لفترة غير طويلة، وتلاشى معها الألم، ولكن عند بلوغي سن 13 عادت الآلام أقوى من السابق، حيث كنت أشعر بأنها تتجه إلى الداخل لم أستطع إخبار والدتي بالموضوع وآثرت أن أتحمل.
كنت أشعر بالراحة عندما أحك منطقة الآلام، ولكن لم أستطع الوصول إلى المناطق الداخلية عندها فكرت باستخدام أي شيء للوصول إليها، وأخذت قطعة من المعدن رفيعة وأدخلتها شعرت حينها بالآلام، وأخرجتها وأدخلتها مرة أخرى لا أذكر بأني رأيت دما أو أي شيء، قمت بهذه العملية أكثر من مرة؛ لأنها كانت تعينني على الحك، ولم أدرك خطورة ما قمت به؛ فأنا لا أعلم بوجود غشاء البكارة، وإنه يجب على الفتاة المحافظة على نفسها الحفاظ عليه وعدم الاقتراب من هذه المنطقة.
انتهت الآلام عند بلوغي، ومارست حياتي بشكل طبيعي، حتى سمعت من صديقاتي بأن البنت تفقد بكارتها إذا دخل شيء قوي، وتذكرت حينها ما حدث لي وبدأت شكوكي لدرجه أني رفضت أكثر من عريس خوفا من هذا الموضوع، بحجه أني أريد إكمال تعليمي الجامعي، وها أنا والحمد لله أنهيت دراستي، ولم يبقَ لي حجج إذا تقدم لي أحد، أنا أعيش معاناة وقلقا يسيطران على تفكيري وتصرفاتي، في البيت، وفي عملي اقترحت علي إحدى صديقاتي الذهاب إلى طبيبه للتأكد، لكن خفت وأنا أبحث عن حل آخر.
أرجوكم ساعدوني وأخبروني.. هل فقدت بكارتي؟ يوجد أمل علما بأني لا أمارس العادة السرية أبدا.. جزاكم الله خير الجزاء.
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الابنة الكريمة..
رسالتك تجسد بكل وضوح ما نفعله بأنفسنا وبمجتمعاتنا كنتيجة طبيعية ومنطقية لمسلسل التعتيم الذي نحيط به كل الأمور المتعلقة بالمسألة الجنسية؛ فها هي فتاة مثلك تعاني من بعض الالتهابات وتتحرج من إخبار والدتها، وجهلها بكل شيء عن جسدها يجعلها تعبث به بطريقة غير آمنة، ويستمر مسلسل التعتيم حينما تكتشف خطأ ما فعلته ثم تترك لتعايش آلامها وهواجسها بمفردها.
أخطأت بنيتي الحبيبة، ولكن الخطأ الأكبر هو خطأ من حولك.. خطأ مجتمع لم يقدم لك التوعية اللازمة في وقتها ولم يُعدّ أمك ويساعدها على أن تقوم بهذا الدور، قلبي معك وكنت أتمنى أن يكون في إمكاني أن أقدم لك ما هو أكثر من الكلمات، ولكنها بضاعتي التي لا أملك لك اليوم غيرها، وأدعو الله أن يبث فيها القوة لتكون عونا ودعما لك.
تطلبين مني حلا آخر لمشكلتك غير حل الذهاب للطبيبة للتأكد من حال غشاء البكارة، وما أحب أن نتفق عليه هو أن ما حدث قد حدث، ولكن من المؤكد أننا لا نعرف حتى الآن حجم الضرر الحادث لك، وبالتالي فأمامك عدة سبل يمكنك سلوكها، وهذه السبل هي:
1. أن يستمر الوضع على ما هو عليه.. قلق وتوتر وعدم وضوح لحجم وأبعاد المشكلة مما يضطرك لرفض العريس تلو العريس خوفا من أزمة متوقعة الحدوث، ولكن تذكري أن قطار العمر لا ينتظر أحدا، وأن المحطة التي نفقدها قد لا يمكننا العودة إليها مرة أخرى.
2. أن تعتمدي على قوله سبحانه وتعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا".. فالواقع أنك لم ترتكبي ذنبا وما حدث حدث لجهل منك، فهل بإمكانك تجاهل الأمر تماما والاجتهاد في البحث عن شريك الحياة الذي يناسبك، شريك الحياة الذي يتقي الله ويحسن الظن بمن حوله، وعند لقياه عليكما البدء في إجراءات الزواج، على أن تضعي قلقك جانبا وتنتظري حتى إتمام الزواج.. وقد تفاجئين بأن الأمور سارت على ما يرام، وقد تجدين من زوجك تفهما إذا شرحت له ما حدث.. فمن يتق الله يجعل له مخرجا كما قلت لك مسبقا.
3. أن تصارحي أمك أو من تثقين فيها من نساء العائلة وتتركي لها الخيار.. فإما أن تذهب بك للطبيبة للاطمئنان، وإما أن تصارح من يرتبط بك قبل زواجك، ولكن بعد أن يتعرف عليك جيدا ويركن إليك ويطمئن لجميل خلقك وصفاتك.
حبيبتيالصغيرة: أسوأ الأوضاع هي أن تستمري على ما أنت عليه.. قلق وتوتر وخوف مستمر من الزواج يدفعك لرفض العريس تلو العريس، ولا أحب أن تواجهي هذه المشكلة بمفردك.. أشركي أمك أو من تتوسمين فيها العقل من قريباتك (خالة أو عمة أو من في مقامهما من أهل الثقة)، وحاولا أن تصلا سويا للاتفاق على حل مقبول.
قلبي معك، وأدعو الله أن يحفظك من كل سوء..
ــــــــــــــــــــ(41/239)
غشاء البكارة.. كشف بمجرد النظر
غشاء البكارة
بسم الله الرحمن الرحيم،
عندما كان عمري 13 عاما، استيقظت من النوم من الشعور ببعض الألم فوجدت ابن خالتي واقفا بجوار السرير، ويضع أحد أصابعه بداخلي (كانت الحجرة مظلمة، وكانت تنام بجواري على نفس السرير بنت خالتي، أقصد أنه لم ينم بجواري).
كتمت السر بداخلي خوفا من الفضيحة أمام العائلة. أنا أخشى أن يكون هذا قد أثر على غشاء البكارة. عندما كان عمري 18 عاما ذهبت لطبيبة نساء فسألتني عن وجود دماء فأجبت أني لم أجد دماء، فكشفت علي بمجرد النظر دون أجهزه للتوضيح؛ وهو ما يجعلني أشك في صحة الكشف، وقالت لا لم يحدث ضرر.. فهل العين كافية للمعرفة كما قالت الطبيبة؟
إن طبيعة خلقي أن لدي فتحة كبيرة بعض الشيء. للعلم عندما نظرت إلى نفسي في المرآة وجدت هذه الفتحة في حجم نصف عقلة الإصبع أو أكبر بقليل.. فهل هذا طبيعي أم أكبر من الطبيعي؟
أنا أثق برأيكم فأفيدوني أفادكم الله.. هل من السهل الوصول لهذا الغشاء بمجرد وضع الإصبع؟ هل يمكن أن يكون تأثر وأنا لا أعلم أم كنت لا بد أن أعرف؟ فهل إذا كان قد تأثر يمكن أن يلتئم مع مرور الوقت فأنا عمري الآن 27 عاما؟ هل أنا عذراء أم لا؟ هل يجب ألا أتزوج حتى لا يفضح سري أم أن هذا الشك وسواس؟ تعبت من القلق فما هي نصيحتكم لي علما أني لا أجرؤ على استشارة أي طبيب آخر.
في انتظار نصيحتكم لي في أقرب وقت. وشكرا.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
نعم.. يكفي الكشف بمجرد النظر لبيان أن غشاء البكارة سليم، ولا يحتاج الأمر إلى أجهزة للكشف؛ لأنه يكون على مسافة قريبة من فتحة المهبل، فتصبح طبيبة النساء المتخصصة قادرة على رؤيته والحكم على هتكه من عدمه؛ فحكم الطبيبة على الأمر صحيح.. ولا تصلح الأجهزة للكشف عليه؛ لأن استخدامها يؤدي إلى هتكه في حال كونه سليما، ولا تستطيع الطبيبة أن تحكم بسلامة الغشاء وهي غير متأكدة لأن هذه مسئولية عليها وعلى ضميرها المهني، ولا تستطيع أن تقضي برأي في أمر خطير هكذا دون أن تكون متأكدة تماما مما تقول، خاصة أنك كما تذكرين لم تجدي أي آثار للدماء.
إذا كان ما قلناه لك كافيا لإقناعك وطمأنتك فبها ونعمت... وإن بقي الشك في الأمر والأسئلة حوله فيصبح الأمر فعلا متعلقا بوسواس قهري يحتاج إلى العلاج النفسي، وليس مجرد فكرة أو قلق عادي يتم تهدئته بكشف لدى الطبيبة أو بمعلومة علمية صحيحة، وعندها تكون مراجعة الطبيب النفسي وعلاج الوسواس أمرا حيويا وضروريا..
ــــــــــــــــــــ(41/240)
تساؤلات أخرى, العلاقة الجنسية بين الزوجين
السلام عليكم، شكرا على معاونتكم الكريمة..
حتى لا أطيل أنا زوجة ولي سؤالان:
أولهما معاناتي الشديدة من الخوف تجاه أشياء معينة، وهي الخوف من آلام الجماع؛ لأني قد تعرضت عند زواجي لمحنة معينة طالت 6 شهور بسبب السحر والحمد لله منَّ الله علي بالشفاء، وكانت المشكلة هي عدم استطاعة زوجي جماعي بالوضع الطبيعي، وبعد الشفاء مباشرة حدث الحمل وسافر هو، وبالطبع لم نصل للطبيعي بيننا لأننا كنا في البداية.
أما الآن وبعد سنة ونصف واقتراب مجيء زوجي أخاف جدا، مع أني أجاهد نفسي وخوفي بأن الله سيقف بجانبي وسأعيش كبقية النساء فأسعد زوجي، والحمد لله لا يوجد مانع طبي أو أي شيء آخر، ولكني احتاج إلى معاونتكم لأتغلب على خوفي حتى لا أخلق عائقا لنفسي.
والجزء الثاني من الموضوع أو السؤال الآخر باختصار أحلم وأتمنى من الله أن أكون أنا وزوجي وابني أسرة مسلمة بحق، وزوجي في أحيان كثيرة لا يتوافق مع أحلامي، مع أنه يتمنى أيضا ذلك، ولكن عندما أحثه بكل الطرق لنتقدم في عباداتنا وأخلاقنا لله أجده غير مستجيب وأصاب بالإحباط الشديد، مع أننا في نفس المستوى العلمي والفكري، ولكن طبيعته لا تستجيب بسهولة.
وهناك شيء آخر في زوجي وهو أنه مصاب بإحساسه الدائم بالرضا عن نفسه وشعوره بأن الله يرضى عنه، مع أنه مثلا مقصر في الصلاة في المسجد، هذا طبعا قبل سفره ولا أعرف الآن مدى تطوره، ولكن أخاف أن يكون كما هو، وهذا يكون مدخلا للشيطان عندي بأني اخترت خطأ، وبكون أيضا سببا للندم وجفائي معه...
الحمد لله أهتم كثير بكل ما يتعلق بتربية الأولاد التربية الإسلامية، وأتابع استشاراتكم، وقبل كل هذا أقيم نفسي باستمرار وأعيد تربية وتهذيب ما أصدق نفسي فيه بأني على خطأ، ولكن زوجي ليس معي في هذه المرحلة.
أرجوكم أعينوني على التقرب من زوجي في هذه النقطة واستغلال حبه لي وحبي له، وأمدوني بحيل كثيرة حتى لا أحبط بسرعة، وكيف أبدأ معه بعد عودته بأسلوب جديد لا ينفره مني ويجذب اهتمامه ويحلم معي ويعينني على طاعة الله ونسير ونكمل الطريق معا، ونعين بعضنا على دفع ثمن الجنة على أقصى ما نستطيع ليشملنا الله برحمته، وجزاكم الله خير، وأعتذر عن الإطالة.
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخت الكريمة،
رسالتك مقتضبة ومختصرة وتغفل كثيرا من التفاصيل، ولكن تساؤلاتك على اقتضابها تعكس وبشدة مقدار ما نعانيه بسبب استمرارنا في مسلسل الجهل الجنسي والزواجي الممل والمتكرر، ونحسب أننا ومنذ بداية هذه الصفحة ونحن ندق ناقوس الخطر، مطالبين الجميع لبذل الجهد على المستوى الفردي والجماعي لمواجهة هذا الجهل المستشري بين جنبات حياتنا.
وتعالي معا وبنظرة بسيطة لنجدك تذكرين أن آلام الجماع في بدايات الزواج سببها السحر... رغم أن للآلام في بدايات الزوج تفسيرا آخر حيث تنتج بعض الآلام البسيطة والمحتملة نتيجة محاولة الإيلاج في قناة المهبل التي تتميز بالضيق عند الفتاة البكر؛ ولكن قلق وخوف الزوجة يضاعف من هذه الآلام بما يسببه من انقباض لا إرادي بعضلات الفرج، وهذه الحالة تعرف بتشنج الفرج الأولي (vaginismus). أما أن نعلق كل مشاكلنا على شماعة السحر، ونركن لهذه الشماعة فهذا أمر يثير العجب، ويدعونا لمناقشة قناعاتنا المختلفة.
ثم نجدك تذكرين أن زوجك لا يمكنه معاشرتك في الوضع الطبيعي... فمن قال بأن هناك وضعا طبيعيا لممارسة الجنس؟ أي وضع يرضي الزوجين ويسعدهما هو وضع طبيعي طالما أن الإيلاج يتم في موضع الحرث، والمولى عز وجل يقول في كتابه الكريم: "نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ".
والمهم أنه ومن قصتك يتضح لنا أن الجماع قد تم بينكما قبل سفر زوجك، وأنه لا توجد أي عوائق طبية، والآن كل المطلوب منك أن تهدئي، انفضي عنك القلق والخوف، أنت طبيعية جدا، ويمكنك أن تمارسي حياتك بطريقة طبيعية..
انتظري زوجك بهدوء، اجتهدي لتسعدي معه وتسعديه، احرصا معا على الابتكار في المداعبات القبلية، اختارا ما يسعدكما من الممارسات والأوضاع، احرصا على التحاور المستمر حول علاقتكما.
أما بالنسبة لقلقك من مستوى تدين زوجك وشعوره بالرضا عن نفسه رغم تقصيره أجد من المفيد بداية أن ننقض الصورة الملائكية والساذجة والتي ترسم في مخيلتنا للملتزمين والملتزمات؛ فنحن جميعا بشر، خلقنا لنقصر ونرتكب الذنوب ونعصي الله، والله سبحانه برحمته يجبر التقصير ويعفو عن الذنوب، والمشكلة أن من يوصفون بالالتزام منا يرسمون في مخيلتهم صورا لملائكة تعيش في الجنة.
وأولى خطوات تعاملنا مع الواقع بمعطياته هو أن نلغي من عقولنا هذه الصورة الخيالية والمرسومة مسبقا، بحيث نتقبل من أنفسنا وممن حولنا أن يقصروا وأن يقعوا في الذنوب؛ لأن وقوعنا في براثن هذه الصورة الملائكية المتخلية يعد مدخلا خطيرا من مداخل الشيطان يجعل الإنسان يفقد الأمل في رحمة الله إن هو قصر أو وقع في الذنب، ويدفع الإنسان منا دفعا للنظرة المتعالية لمن هم دونه في العبادات والطاعات، وخصوصا بين الزوجين حيث تتاح فرصة أكثر للاقتراب والالتصاق مما ييسر اطلاع كلا الزوجين على عيوب وتقصير الآخر.
وبداية علاج مشكلتك هذه مع زوجك أن تتعاملي معه على أنه إنسان عادي، يخطئ ويصيب ويحسن ويقصر، هو مثلك تماما يرتكب بعض الذنوب...
راجعي نفسك، تذكري ذنوبك، كم مرة وقعت في الغيبة، كذبت (كذبة بيضاء كما يقولون)، أخرت الصلوات، قصرت في عملك، وكم... وكم؟!!
إذن أنت مقصرة كزوجك، ولا فضل لأحدكما على الآخر، ولكن كليكما يرغب في رضا الله والتقرب إليه، والأفضل لكما أن تتعاونا معا على هذا... انطلقي من هذه النقطة، لا تعتمدي أسلوب التوجيه أو النصح أو اللوم وكيل الاتهامات؛ فأسوأ سبيل هو أن تتعاملي مع زوجك على أنك أنت المعلمة أو الموجهة وهو تلميذك، يكفي أن تحرصي على أن تكوني قدوة...
اذكري دوما نعم الله عليكما وأهمية أن تتعاونا معا على شكره سبحانه، اطلبي منه أن يكون عونا لك على نفسك، واجعلي حبك له وحبه لك دافعا لمزيد من التقرب لله بالأعمال الصالحة، وابحثي معه عن دور يناسبكما، ويناسب ميولكما تتشاركان فيه في خدمة المجتمع.
أختي الكريمة، أدعو الله سبحانه وتعالى أن يبارك لك في زوجك وابنك، وأن يشملكم برعايته وحفظه.
ــــــــــــــــــــ(41/241)
شكوى من متفوقة.. النحلة تأخذ الرحيق وتعطي العسل!
العادة السرية, الوعي السياسي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشكركم جزيل الشكر على ما تبذلونه من نصح وإرشاد للشباب الذين هم عماد الأمة، وإن شاء الله يكون ذلك في ميزان حسناتكم جميعا.
أما بعد:
فقد ترددت كثيرا في السؤال ثم استجمعت شجاعتي آملة في ذلك معرفة الصواب وأخذ النصيحة والرشاد، أرجو أن تتولى قراءة هذه الرسالة والرد عليها "مستشارة" من المستشارات الفاضلات.
أود في البداية أن أشير إلى أنني تشجعت في الكتابة والسؤال بعد قراءة العديد من المسائل التي طرحت عليكم وردودكم لها، وأصبح عندي اطلاع كاف حول عدد من الأمور التي أود طرحها الآن، غير أنه ما زال يكتنفها بعض من الغموض، والآن سأبدأ بسرد قصتي مستعينة بالله سبحانه وتعالى.
منذ طفولتي وأنا من الأشخاص المميزين الطموحين المتفوقين، هذه صورة عن المرحلة الأولى من حياتي حتى الثانوية غير أنها لم تكتمل بعد، فقد بدأت بالرغم من كل ما أملكه من تفوق وذكاء ودقة ملاحظة وحرص شهد لي به الجميع -وهذا من فضل الله علي وليس بشطارة من نفسي- المهم بدأت في المرحلة الابتدائية في سن مبكرة ممارسة العادة السرية.. لا أدري كيف ولماذا؟؟ أعتقد أنني اكتشفت الأمر بطريق الصدفة، غير أنني كنت أشعر معها بمتعة كبيرة وفي الوقت نفسه كنت أشعر أنه شيء خاص جدا وينبغي ألا يعرفه أحد.
وبالرغم من صغر سني فإني كنت أستشعر بعد الانتهاء من تلك العادة بالندم عليها والشعور بتأنيب ولوم خفي لا أدري لماذا؟؟
المهم أنني كنت أمارسها بين الحين والآخر مع إفادة حضرتكم بهذه الملاحظة:
كان والداي في الأغلب على انشغال دائم. والدي دائما مشغول وخارج المنزل، وكان كل الناس في نظره وحل مشاكلهم أولى من أهل بيته؛ الأمر الذي سبب الكثير من الخلافات بينه وبين والدتي التي كانت عصبية في بعض الأمور، ولم تكن تتسم بالحكمة في القول والعمل، فكانت تفتعل هذه الأمور أمامنا نحن الأبناء دون الاعتبار إلى ما يمكن أن يسببه ذلك من آثار سلبية علينا في المستقبل.
وملاحظة أخرى هي عدم وجود تلك العلاقة المميزة فيما يخص التربية الجنسية أو المصارحة من قبل الأم أو الأبناء بهذه الأمور، إلا في نطاق ضيق جدا وعام..
هذا جانب من جوانب الجو الأسري الذي كنت أعيش فيه، والجانب الآخر هو أنني كنت أمارس هذه العادة على الرغم من عدم وجود فراغ كبير في حياتي، فكما أسلفت فإنني كنت متفوقة ودائمة المشاركة في النشاطات والمسابقات المختلفة وكان من ضمنها المسابقات الدينية.. على الرغم من ذلك فإنني بقيت أمارسها.
وعندما انتقلت إلى المرحلة الإعدادية ازداد وعيي وإدراكي وشعوري بالإثارة من أي منظر كنت أشاهده ولو مصادفة عبر التلفاز أو مجلة أو جريدة، وبدأت أزيد من ممارسة هذه العادة، وكما قلت سابقا بعد الانتهاء منها كنت أشعر بتأنيب عجيب وشعور بأنه يجب عدم العودة إلى مثل ذلك الأمر، وخاصة وقد بدأت بالالتزام في سن مبكرة في المرحلة الإعدادية وبدأت طريقي مع الله وحفظ كتاب الله.
والآن سأنتقل نقلة بسيطة في الحديث عن حياتي، فمنذ أبصرت عيناي النور وبدأت بمعرفة الحياة وتغيرت نظرتي إليها كان التزامي قرينا بذلك، وكنت أريد أن أكون فيه من الأوائل كما كنت في حياتي الدراسية السابقة، فأردت أن أطبق كل ما كنت أقرأ مصطدمة بذلك اصطداما شديدا مع أهلي الذين لم يكونوا على ذلك القدر من الوعي والالتزام، فكانت الطامة وكانت الخلافات وكانت المشاكل، ابتداء من ارتدائي للجلباب الذي أبيت ارتداء غيره من حجاب الموضة، وصلاتي وإطالتي فيها، وسماعي لأشرطة الوعظ المختلفة، وصيامي وقيامي وحتى خروجي لحضور المحاضرات والدروس في المساجد..
لقد عانيت كثيرا منهم -يشهد الله على ذلك وغفر الله لهم أجمعين- لقد تعرضت لحالة نفسية لم أعشها قط في حياتي.. لقد ظمئت نفسي كثيرا، وشعرت أنني أقبض على ديني كجمرة تماما أتقلى من لظاها وأصبر وأحتسب، غير أن أيامي وليالي باتت دموعا وأحزانا.. أي قسوة أو حدة أو نظرة أو سلوك هذا الذي يتعامل فيه الأهل مع من أبصر النور وأراد لهم الخير والسرور؟
كنت ما زلت غضة في المرحلة الإعدادية، وكنت أحاول مع ذلك في التفنن في أساليب النصح لهم بالإقناع تارة وبالترجي والاستجداء تارة أخرى، لقد كانوا في غاية الشدة، لم أجد من يحنو علي أو يأخذ بيدي، من يسمعني أو يفهمني، من ينصحني من يرشدني، لا أجد أحدا، أين أبي أين أمي أخي إخوتي؟ لماذا يفعلون ذلك؟ على الأقل فليتركوني على راحتي.
ومع ذلك فقد أدركت أنه طريق الصعاب وأن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فلم أيأس أو أستسلم وأخذت في حفظ كتاب الله عز وجل.. كل ذلك الالتزام والخوف الشديد من الله والإقبال على الطاعات وأعمال الخير وبذل النصح والدعوة، إلا أنني بقيت أمارس تلك العادة من فترة إلى أخرى.. لا أدري لماذا؟؟ ولماذا لم يكن في قلبي ذلك الوازع لردها على الرغم من شدة الحساسية والشفافية التي كنت أمتلكها؟
وهذا هو الأمر الذي بدأ يدق ناقوس الخطر في قلبي، كنت أستسلم لها على الرغم من أنني كنت أتابع حفظ كتاب الله -وعندما أنتهي منها يعتريني شعور مهين وأحتقر نفسي وأضعف بين يدي الله في صلاتي وأعجز حتى عن أن أتوجه إليه بالدعاء.. وأحاول في قرارة نفسي عدم العودة إليها ولكن وإن قل الأمر فإنه كان هناك عودة لها.
وفي غفلة من هذا الزمان يقع علي ابتلاء أثر في حياتي كثيرا في بدايات المرحلة الثانوية وعزفت على إثره عن التفوق والتميز وكرهت الشهرة وأن يشار إليّ بالبنان كما هو الحال، وعزفت عن الحياة الاجتماعية وعن الكثير من النشاطات والمواهب الجميلة التي كنت أمتلكها.. هذا الابتلاء هو أنني في يوم من الأيام -وكنت لا أزال في فترة متابعة حفظ كتاب الله- كنت أقف في الصلاة فإذا بعقلي يعمل وحده بدون إذن مني ويتكلم بكلام خبيث فيه سوء أدب مع الله عز وجل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
لقد كانت كارثة بالنسبة لي.. ما الذي جرى؟؟ هل هو أمر عابر نتيجة إرهاق أو تعب أو عدم تركيز؟؟ هل هي الضغوط النفسية الشديدة التي تعرضت لها بسبب التزامي وإصراري على حضور المحاضرات؟ هل هو النكد والقهر والدموع التي كنت أنام عليها وأستيقظ عليها؟ هل هي الوحدة وعدم وجود من يأخذ بيدي في هذا الكون.. ما الذي جرى؟؟
لا أدري.. كل الذي أدركته أن الأمر قد تطور وتطور وأصبحت أقطع الصلاة كثيرا بمجرد شعوري أن عقلي بدأ يعمل بدون إذن مني أو سيطرة.. وأصبحت أتتأتأ في الصلاة وأثناء قراءة القرآن أصبحت أتلعثم، أريد لعقلي أن يصمت أن يسكت، أريد أن أستحضر قلبي، لقد فقدت الخشوع الذي كان بالنسبة لي مصدر النور والطمأنينة والحياة.
وعلى الرغم من ذلك استجمعت كل إرادتي وأتممت حفظ كتاب الله عز وجل، على الرغم من أنني كنت أقرأ القرآن بلساني ويقرأ عقلي البذيء من الكلام وقد خرج عن سيطرتي.. كنت أتألم كثيرا منه ولكن ماذا أقول؟ لا حول ولا قوة إلا بالله..
ومكثت على هذه الحال فترة قبل أن أخبر أهلي، لكنها مدة لم تكن باليسيرة، تمكن الأمر مني أكثر فأكثر، وكثر البكاء والحزن وتراجع مستواي الدراسي.
وعندما أخبرت أهلي بالأمر اعتقدوا أنه بسبب التزامي الشديد الذي كان يصفونه بالتعصب والتزمت وازدادوا في محاربتي لذلك الالتزام، وقاموا بأخذي لطبيب نفسي قال إنني أعاني من مرض الوسواس القهري وأعطاني دواء لا أذكر اسمه.. أخذت منه في البداية ثم شعرت أنه سبب لي بعض المشاكل فتركته، وكنت لا أعتقد بنفعه وأن الأمر لن يكون إلا بأمر الله وإرادته.
ربما أطلت عليكم لكن رجائي أنني وجدت من يسمعني ويفهمني وأنا ما زلت أتقلى فيها على نار الماضي وأحزان الماضي وأوجاعه.. فالرجاء أن يكون عندكم نفس من نفس، والله المستعان، وإن شاء الله يكون لكم أجر عظيم في ذلك.
المهم أنني أنهيت المرحلة الثانوية بمعدل عال تفاجأ منه الجميع بسبب ما كنت أعانيه من مأساة في الصلاة، غير أنه يبدو لي أنني قد تعودت على ذلك الأمر، وأصبحت في نفس الوقت شخصا صامتا حزينا طويل الصمت والتفكير منعزلا قليل الاختلاط وفقدت معها كل مواهبي وقدراتي وثقتي بنفسي.
ودخلت المرحلة الجامعية لا أدري ما الهدف؟؟ ماذا أريد؟؟ ماذا أحب؟؟ ثم اختار لي أهلي أن أدرس فرعا معينا فرضيت لمجرد أنه شيء أدرسه وفقط بدون هدف أو شغف أو حب لذلك.. وقضيت سنوات الجامعة أيام زهرة العمر وربيع الحياة في عزلة وحزن وتأمل شديد لهذه الحياة وصبر واحتساب.
ثم كان الابتلاء الثاني الذي أصبت به حيث كنت أشكو يوميا ولا أبالغ إن قلت لكم يوميا من آلام في المفاصل.. واعتقد أهلي أنها بسبب برد أو خوف من الامتحانات أو الدراسة أو المنافسة.. وقد أثر ذلك بالإضافة إلى معاناتي النفسية من نشاطي واهتمامي بالعلم؛ فأصبحت أتعب كثيرا ولم أعد قادرة على المكوث في الجامعة لفترات طويلة أو التوفيق بين النشاط الدعوي والدراسي.. بعد انتهاء الجامعة وزواجي كذلك قمت بعمل علاج طبي لمرضي.
المهم أنني خلال سنوات الجامعة الأربع عاودت إلى تلك العادة الذميمة لكن مرات قليلة جدا، وبعد انتهاء الجامعة مباشرة تمت خطوبتي مع عقد القران في نفس اليوم، وبعد عدة شهور تم الزواج.. وما أريد أن أشير إليه وأنا على يقين أنني سأجد صدرا حنونا يستوعب جراحاتي وأحزان كل تلك السنين الماضية هو أنني في مرحلة الخطوبة عدت إلى ممارسة العادة بشكل كبير..
لا أخفي عليكم لقد كان زوجي كثيرا ما يثيرني ببعض القبلات والتلمس لبعض الأماكن وكان في النهاية ينتهي به الأمر إلى القذف وتفريغ ما بنفسه من شحنة، أما أنا فكان يتركني في قمة الشهوة والإثارة وينصرف لأكون فريسة العادة حتى أفرغ أنا أيضا ما اعتراني.. وكنت أتساءل وقتها ألا يعلم هو ما يفعل بي؟ ينهي الأمر بالنسبة له دون أن يستشعر ما يحدث لي فينتبه إلى هذا الأمر إما بتجنبه مطلقا أو بعدم إثارته لدي على الأقل؟؟
المهم أنني مكثت هذه السنة وأنا أمارسها وأستجدي كل مشاعر المتعة التي كان يتركني بها زوجي ويذهب، وكنت أحيانا أتصورها بدون وجوده وكيف سيكون الزواج واللقاء والعناق فينتهي بي الأمر إلى التفريغ..
والمؤلم في هذا الأمر أنني كنت أدرّس القرآن في أحد مراكز القرآن، وكنت إذا تذكرت وأنا أدرس القرآن أنني أفعل ذلك أشعر أنه كان يفت في عضدي ويشل طاقتي وينتابني شعور بأني حقيرة منبوذة مذمومة..
والأعجب كذلك أنه على الرغم من حفظي لكتاب الله وخوفي الشديد من الله واقتراب نفسي من الزهد في هذه الحياة فإنني كنت لا أستطيع مقاومة تلك العادة خاصة عندما قرأت رأيا فقهيا -وإن كان ضعيفا- أنها ليست حراما.. إلا أنني كنت أشعر أنني أضحك على نفسي وعلى التزامي بهذا الدين.
قد أطلت وغفر الله لي، ولكن دعوني أكتب ما في نفسي فلربما تكون هذه المرة الأولى والأخيرة، وجزاكم الله خيرا.
هكذا مرت حياتي، أحزان وآلام، تثبيط وتوهين، أوجاع وأسقام نفسية وجسدية.. آثام وذنوب وارتكاب للحرام (العادة)، بكاء ودموع، مشاكل وخلافات.. غاب في ظل كل ذلك شخص واحد فقط كنت أبحث عنه يأخذ بيدي ويقف إلى جانبي ويمسح عني تلك العذابات.. وعاود الأمل يتجدد في داخلي بأن هذا الشخص ربما يكون في زوج صالح ينهض بي ويعينني.
وعندما تم الأمر وجدت أنه يحمل همّا غير همي ونظرته للحياة تختلف عن نظرتي لها.. يمتلك قدرا من البرود واللامبالاة.. ولا يحتمل أن أقدم له أي مقدار من النصيحة ولو كانت على طبق من ذهب.. شديد العصبية.. حاد المزاج.. قليل الحيلة يجيد الكلام فقط ولا يجيد الفعال، ضعيف الملاحظة.. قليل التركيز.. وهو لم يكن في حياته يحمل أي سمة من سمات التفوق والذكاء أو حتى أي موهبة أو قدرات.. لقد علمت أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه..
ولا أخفي عليكم أن البداية كانت بالمشاكل والخلافات، مع أنني كنت شديدة الحساسية في التعامل إلا أنه غفر الله له كان شديد سوء الظن بي، وأذكر مرة أنني أبديت حزنا على تفويته صيام يوم لم أجد له عذرا كما قال، فقلب لي ذلك اليوم غما ونكدا.. لا يرى نفسه بحال أنه على خطأ، والطامة الكبرى أنه دائما في أي حوار يريد فقط أن ينتصر لنفسه لموقفه لرأيه، والحمد لله على كل حال.
مضى الآن على زواجي منه 4 سنوات ولي منه طفلان، لا أخفيكم أنني منذ الشهر الأول وبعدما اكتشفت اختلاف الهدف والهم بيني وبينه وأنا ما شعرت تجاهه قط بأي شعور بالحب والأمان، لكنني وبعد فترة غير يسيرة من المشاكل والخلافات اكتشفت أن الحب الحقيقي هو لله عز وجل وأن الأمان الحقيقي هو عند الله عز وجل وأن هذه رحلة سيجتازها الإنسان سريعا، وأنه وإن حرم تلك المشاعر التي حرمتها طوال سني عمري فلتكن عند الله وفي رحاب الله.
وهكذا أقنعت نفسي بالحياة معه وأصبحت معه أعيش الجسد، أما الروح فهي ترنو إلى هناك، إلى حياة غير هذه الحياة، وإلى سلوك غير هذا السلوك، وإلى هم غير هذا الهم..
أجل أختي الكريمة،
أقول لك هذا على الرغم من أنه حتى هذه اللحظات لا يتورع من أن "يغلط علي"، الشخص الذي انتظرت أن ينتشلني من جراحاتي "يغلط علي"، فيزيد الجرح عمقا والألم وجعا، لكن ماذا أقول، لقد علمتني خبرتي وتجربتي في الحياة التزام الصبر وكسب نفسه و.. و.. وإلى غير ذلك الكثير، ولقد جربت ذلك أختي الكريمة ويعلم الله أنني أعمل وأدرك كل هذه الأمور وما زلت أحاول حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها إليك والباقي على الله، غير أن قضية "الغلط علي" تفت في عضدي كثيرا..
وما أود أن أذكره هو أنه منذ فترة الخطوبة واكتشاف صفاته الحقيقية وشخصيته كنت أذهب إلى أهلي وأبكي لهم وأخبرهم بأني لا أشعر بأي انسجام بيني وبينه ولا بأي مشاعر من الحب والود، فكانت أمي -سامحها الله- تتركني أبكي ولا تهتم بي.
وأما أبي فكان يسمعني ثم في النهاية لا أجد منه أية نصيحة مثل كيف أتصرف وبأي أسلوب وهل هناك أمل من أن يتغير، وهكذا كان أبي طوال عمره، لا أذكر أني في مرة عرضت عليه أمرا ما وقدم لي شيئا من النصح والحزم والرأي الواضح، كان كل شيء عند يجوز و"يمشي" على الرغم من أن الكثير من المواضيع تكون في غاية الأهمية وتتطلب وجوده ورأيا حازما وقاطعا، ولربما كان لذلك أثر كبير في شخصيتي فأنا أتسم بالتردد الشديد وعدم القدرة على البت في موضوع ما وضعف الرأي، بالإضافة إلى العوامل الأخرى التي تعرضت لها في حياتي والتي أدت إلى ضعف شخصيتي وثقتي بنفسي.
آخر ما أود أن أختم به هو أنه بعد ليلة الزفاف وحصول الفض لم أجد أي علامة للدم، لقد كان وقع الأمر عليّ عظيما.. لماذا؟؟ هل هناك أمر معيب في نفسي؟؟ لماذا لم ينزل أي دم؟؟ ولقد كذبت على زوجي وأخبرته أنني رأيته أثناء قيامي بالتغسيل وغطيت على الأمر، ولربما لجهله أو لعدم دقة ملاحظته كما أسلفت مضى الأمر وانتهى دون تركيز منه.
وستر الله علي، وبقي الحزن في نفسي حتى يومي هذا، لماذا وأنا الحافظة لكتاب الله التالية له بذلك الصوت الجميل -كما يقولون- والذي طالما أممت به الجموع؟ لماذا وقد احتسبت حياتي كلها لله ولم أعد أرجو من هذه الدنيا إلا النجاة وحسن الختام؟ فلماذا حتى أجد الابتلاء في العرض هل هناك من سبب؟؟ هل أنا السبب؟؟ هل ممارستي للعادة الذميمة هي السبب؟؟ أم أن ثمة أسبابا أخرى لا أعرفها؟
فضلا عن ذلك فقد كانت هناك معاناة وآلام شديدة من عملية الجماع، آلام شديدة جدا، ولقد ذهبت إلى طبيبة للسؤال عن ذلك، وبعد الفحص بينت لي أن هذا سيزول بعد الولادة الأولى، وفعلاً وخلال المدة حتى الولادة الأولى لا أذكر أنه حدثت عملية جماع صحيحة على الإطلاق، وأعجب كيف تم الحمل بدون إيلاج حقيقي، وإن كان مجرد تلامس مع دفع بسيط في الأعضاء.. وحتى بهذه الصورة البسيطة كنت أجد ألما شديدا.
ولقد تراءى لي أن عقاب الله قد حان بسبب ما كنت أمارسه، فلما اطمأننت إلى ذلك الأمر توجهت إلى الله بأن يطهرني ويزكيني واحتسبت ذلك كفارة لذنوبي، وصدقيني يا أختي الكريمة لقد كان الألم فوق التصور وكنت أبكي بكاء مريرا ودموعي تسيل أثناء العملية نفسها وما زلت إلى هذه اللحظة أعاني من بعض الآلام وخاصة بعد حصول الرعشة، آلام شديدة تضيع علي ما أجد من متعة، مع العلم أنني لا أعاني والحمد لله من أي نوع من الالتهابات وغيرها والحمد لله على كل حال..
الآن أختي الكريمة ما زلت أتجرع مرارة ألم المفاصل وضنك الاضطراب الذي أجده في صلاتي منذ سنين، بالإضافة إلى فقدي لكل مشاعر الحب والأمان الذي أقل ما ترجوه أي امرأة في ذلك الرجل الذي تريد أن ترتبط فيه، وكذلك مرارة الشعور بالذنب وتأنيب الضمير على أمر فيه ما فيه من مخالفات وتضييع لحق الله بالصلاة الصحيحة التي يستوجب معها الطهارة وغيرها من الأحكام التي كنت أجهلها؛ وما يعظم هذا الأمر في نفسي هو التزامي الشديد وحفظي لكتاب الله؛ فالمحاسبة ستكون أشد والعذاب سيكون على قدر ذلك، بالإضافة إلى ذكرى ليلة الزفاف وما تساءلت حوله حزن جديد إلى قائمة الحياة الفاشلة التي أعيشها.
فهل أجد عندك بلسما؟ وإن عز فلا أقل من دعاء صادق بأن يغفر الله ذنوبي ويتجاوز عني تقصيري وتفريطي وأن يرزقني الصبر والثبات حتى أتجاوز هذه الحياة بسلام ويختم لي بخاتمة السعادة، هي فعلا السعادة الحقيقية وكل ما دونها في هذه الدنيا زيف وسراب.
... المشكلة
د .ليلي أحمد الأحدب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أعتذر إليك لأني أظهر رسالتك بعد أن غيرت في بعض تفاصيلها، وذلك لأنك تظنينها مشكلة تخصك، ولكني أستطيع أن أجزم أنها متكررة لدى الفتيات بنسبة لا بأس بها سواء من ناحية المشاكل العائلية أو ممارسة العادة السرية أو الشعور بالذنب أو عدم وجود التوافق الزوجي أو.. أو.. أو..
لقد استطعت أن تسردي مشكلتك بأسلوب جيد وأفكار مرتبة مما يدل على قدرتك الكتابية، وكذلك بعاطفة صادقة؛ ما يشير إلى مدى تأثرك وحساسيتك، ولكن لطولها ولما فيها من تفاصيل مهمة سأضطر إلى تقسيم إجابتي بتحليل أحداث القصة لنصل معا إلى حل أكثر نفعا وفائدة:
أولا: تبدأ مشكلتك من العائلة غير المترابطة؛ فوالدك مشغول طوال اليوم في عمله ومع الناس، ووالدتك تثير المشاكل أمامكم بدل أن تبعدكم عن الجو المشحون بالقلاقل الزوجية والتي لا بد أنها تنعكس على نفسية الأطفال فيشعر بعضهم -إن لم يكن أغلبهم- بالقلق، وقد تظهر على الطفل أعراض العصاب السلوكي مثل قضم الأظافر ومص الأصابع والهزال والشرود وحتى الاستمناء، وهذا قد يفسر لك البدء المبكر بممارسة العادة السرية كوسيلة ممتعة للهرب من جو القلق العائلي الذي يحيط بك؛ فهي نوع من الارتداد على الذات للشعور بالأمان المفقود.
وهنا أعيد عبارتك (عدم وجود تلك العلاقة المميزة فيما يخص التربية الجنسية أو المصارحة من قبل الأم أو الأبناء بهذه الأمور، إلا في نطاق ضيق جدا وعام.. هذا جانب من جوانب الجو الأسري الذي كنت أعيش فيه) فأخبرك أنك لست وحدك من يعيش في هذا الجو الأسري، بل هو ما دفعني إلى وضع كتابي (ألف باء الحب والجنس) ضمن سلسلة ما لا نعلمه لأولادنا، وأشير إليه هنا لأنه كتاب تربوي يساعدك على تجاوز ما تعرضت له كي لا يؤثر على أطفالك.
ثانيا: نأتي إلى المرحلة الإعدادية وبدء دخولك مرحلة الالتزام التي تقولين إنك أردت أن تكوني متفوقة فيه كما كنت في دراستك؛ فهذا مفهوم ومقبول من إنسانة طموحة مثلك، ويمكن أن نعمم حالتك ليس على المتفوقين فقط بل على غالبية من يبدءون الالتزام في سن مبكرة، وأحيانا في سن متأخرة؛ فهم يظنون أنهم انتقلوا من مرحلة الظلام إلى مرحلة النور -كما هي بعض عباراتك- وبالتالي يجب أن يجذبوا الآخرين بأي وسيلة إلى هذا النور كي لا يبقوا في الظلام.
ومن هنا يبدأ الشد مع الأهل، والفعل الخاطئ يؤدي إلى رد فعل خاطئ وتزداد المشاكل مع الأهل حيث يرى الملتزم المتحمس أن أهله في ظلمة الكفر وهو قد أصبح في نور الإسلام، وهذه الرؤيا الفوقية البيوريتانية (التطهرية) للنفس لا بد أن تترافق مع نظرة استعلاء على الأهل ولو لم يكن ذلك واضحا للملتزم؛ حيث إن الحماس يلغي الرؤيا الحكيمة للأمور.
ومن هنا يمكن للمرء أن يدرك مدى حجم الصدمة التي تعود قوية على الملتزم حيث يرى نفسه قابضا على الجمر في بيئة لا تفهمه ولا تتعهد نفسها بما ألزم نفسه به؛ فهو لا يسمع أغاني إلا شرائط إسلامية فيجب على العائلة كلها أن لا تسمع الأغاني، وهي -أي الملتزمة- تلبس جلبابا طويلا فتحاول مع أخواتها أن يلبسن مثلها.
ورغم أنك تقولين:
لا أريد إلا أن يتركوني على راحتي، فكيف يتركونك وأنت لا تتركينهم؟ طبعا أنا لا أقصد ألا تحرصي على هداهم، إنما ينبغي البدء بالأهم أي بتحبيب الله سبحانه لعباده وهو ما نقول عنه أسلوب الترغيب لا الترهيب، وقد تظنين أن أسلوب الاستجداء الذي تخبرين عنه يدخل تحت هذا الأمر، وبرأيي أنه ليس كذلك؛ لأن الله لم يأمرنا أن نستجدي غيرنا ليتبعوا ما نراه الأفضل، وعلينا النصح بالحكمة والموعظة الحسنة، والإشفاق والمعاملة الجيدة، ثم بعد ذلك نتذكر قوله تعالى: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ}.
ثالثا: بدء الوساوس معك في الصلاة والكلام غير المقبول عن الله سبحانه سببه -برأيي- وقوعك بين فكي كماشة، أي الالتزام العلني من جهة والمعصية السرية من جهة أخرى، فمن ناحية تجدين نفسك طاهرة مطهرة في العلن سواء أمام نفسك أو أمام أهلك الذين تحثينهم على أن يصبحوا مثلك، ومن ناحية أخرى ترين أنك حقيرة سافلة تمارسين العادة السرية في السر؛ فهذه الازدواجية بين السر والعلن قاتلة للنفس البشرية خاصة إذا كان صاحبها حساسا كما هو حالك أنت؛ إذ يوجد من يعيش هذا النفاق وأكبر منه دون أن يؤثر على نفسيته، ولكنك أنت بحكم الوعي الذي منحك الله إياه والحساسية التي ميزك بها كنت تعيشين صراعا نفسيا رهيبا بين ظاهرك وباطنك.
ومن هنا أستطيع أن أفهم سبب هذه الوساوس التي بدأت تأتيك في الصلاة، فكأن سلاح المقاومة انهار فجأة لأن دفاعاتك لم تكن قوية بالدرجة الكافية؛ فالإيمان يا صديقتي العزيزة إن لم يبدأ من الداخل وينسكب على الخارج فلن يؤتي أُكله المنتظرة، وهذا ما حصل معك؛ لأن التقوى بتعريفها البسيط هي أن يراك الله حيث أمرك ويفتقدك حيث نهاك؛ فأنت لم تكوني تقية سرا وعلانية. وأنا هنا لا أؤنبك، إنما أشرح لك ما خفي عنك؛ كي أسهل عليك الخروج من أزمتك الروحية والنفسية التي يعز علي أن تعاني منها امرأة حساسة متفوقة مثلك.(41/242)
رابعا: بعد أن حللتُ أسباب هذه الوساوس التي تأتيك في صلاتك يجب أن أخبرك أنها ما دامت في إطار الحديث النفسي، أي لم ينطق بها لسانك، فلست محاسبة بها لقوله عليه الصلاة والسلام: "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به نفسها ما لم تقل أو تفعل" رواه الحاكم.
وكذلك ليس الرأي بإباحة العادة السرية رأيا فقهيا ضعيفا كما تقولين، بل هي ليست حراما كالزنا، وقد سمعت الدكتور علي الطنطاوي رحمه الله كيف يعيب على من يساوون بينها وبين الزنا، ولم يذكر سوى أنها مكروهة وأنه لا يستسيغها لكنه لا يحرمها، وطبعا رأيه هذا بالنسبة للعازب وليس للمتزوج الذي يمكنه أن يأتي شهوته بالحلال، هذه الوساوس تأثيرها على عدم الخشوع في الصلاة كبير جدا.
وهنا علي أن أشد من أزرك وأبين لك كم كنت قوية بإتمام حفظك للقرآن رغم كل ما تعانينه. فهذه الصفة الإيجابية والقدرة الواضحة يجب أن تستخدميها جيدا لمساعدة نفسك على حل مشكلتك التي لن يحلها غيرك، ومهمتي أنا أن أبرز لك بعض النقاط الكاشفة أو بقعات الضوء المساعدة لتلمس بداية الطريق الصحيح، ومنها نقطة إيجابية أخرى وهي موافقتك على الذهاب إلى الطبيب النفسي، لكن الأهم منها إيمانك بأن الله سبحانه هو القادر على شفائك، فليس لك دواء في أزمتك الآن إلا الإيمان، لكنه الإيمان المترافق بالقوة العقلية والإرادة والتصميم، فقد قال سبحانه: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ}، ومن هنا نأتي إلى الإضاءة التالية:
خامسا: وهي المتمثلة بنقطة الضعف في شخصيتك ألا وهي التردد؛ فصحيح أنك أرجعتها إلى الوراثة أو التأثر بمواقف أبيك الذي يستحسن كل موقف ويجوز عنده كل تصرف، لكن أنت الآن لست أباك، بل أنت إنسانة عاقلة راشدة مسئولة عن أطفال وأسرة، فيجب أن تحاولي التخلص منها بقراءة كتب التطوير الذاتي وحضور المحاضرات بهذا الخصوص، وتذكري قول الشاعر:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ** فإن فساد الرأي أن تترددا
وتذكري كذلك موقف الرسول عليه الصلاة والسلام عندما تهيأ لمعركة أحد وكان يريد أن يحارب المشركين على أسوار المدينة بينما رأى الصحابة أن من الأفضل خروجهم لمناوأة قريش خارجها؛ فأخذ الرسول عليه الصلاة والسلام برأي الأكثرية، ولما رأى الصحابة أنه قد أغفل رأيه مقابل آرائهم تراجعوا وطلبوا منه النزول عند رأيه؛ فقال عليه الصلاة والسلام: "ما كان لنبي إذا لبس لأمته أن ينزعها"، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
أي أنه استعد للحرب ولبس لباس القتال فلن ينزعه، وهذا دليل عزمه صلى الله عليه وسلم، فاقتدي بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، ولا تتردي في أمر حالما يبدو لك وجهه الصحيح، فأنت قوية في تفكيرك لكنك ضعيفة في عزمك أحيانا، فاعملي جهدك كي تتجاوزي هذه النقطة.
ولا تخافي من الفشل، ففي معركة أحد أيضا خسر المسلمون ونزلت آيات ما زلنا نقرؤها إلى الآن في العتاب الموجه للصحابة، وهناك آيات موجهة للرسول عليه الصلاة والسلام يعاتبه فيها ربه على بعض أخطاء صدرت منه، وما ذاك إلا لنتعلم أنه بشر، ولنرد على هؤلاء الذين يقولون إن القرآن من وضع محمد؛ فكيف يعاتب محمد نفسه ويظهر أخطاءه أمام أمته على مدى التاريخ؟ هذا من جهة، ومن جهة أخرى فلكي نعلم أن تجاربنا الخاطئة ما هي إلا لزيادة خبراتنا وصقل أرواحنا؛ فاسعي إلى تقبل ثقافة الخطأ ولا تتوقعي من نفسك أو غيرك أن تكوني ملائكة لا تخطئ أو بشرا لا تفشل.
سادسا: فكرة تقبل الخطأ هذه تساعدك على تقبل زوجك، فلماذا تنظرين إلى سلبياته دون البحث في إيجابياته؟ أليس ظلما أن تنظري لشريك حياتك ووالد أطفالك بعين واحدة؟ لا شك أنه مخطئ في فعله أيام الخطوبة المترافقة مع عقد القران بأن يثيرك ويتركك.
لكن بما أن الأمر مضى وأصبحت زوجته وتحمل معك آلامك، فلم يحاول أن يصل لمرحلة الإيلاج التام كي لا يزيد في أوجاعك، أفلا يدل هذا على نفسية إنسان متفهم متقبل لما يحدث معك؟ وهل تظنينه أمرا سهلا أن يكتفي الرجل بالمداعبات السطحية مع زوجته ويصل لمتعته ويوصلها أيضا وهو يتحمل ما تظهر له من آلام وبكاء وهما في قمة المتعة؟ أليس من رحمة الله بك أن أرسل لك رجلا تقولين عنه إنه يتصف بالبرود واللامبالاة؟ فلو كان مثلك شديدا على نفسه وعلى غيره فهل تظنين أنه سيتحمل منك هذا؟
هذه نعمة كبيرة يجب أن تحمدي الله عليها، ولا تظني أني أجاملك هنا لأخفف عنك، لكنها فعلا نظرتي للأمور الزوجية فلدي صديقة تريد كل شيء كاملا وفي موعده وفي مكانه، وهي شديدة مع أولادها بينما زوجها ذو طباع مختلفة؛ فهو حنون على أولاده ويخفف وقع أي خطأ منهم كي لا تغضب منهم، ومع أني شخصيا أراه أقل منها ذكاء وحرصا، لكن أدرك تماما أن الله جمعهما ليوفق بينهما رغم هذا الاختلاف الكبير في شخصيتهما، وليس كما تندبين أنت حظك وتظنين أنه عقاب الله ينزل بك الآن، فما هذه الأفكار الخاطئة يا صديقتي؟
ومن قال إن الله سبحانه لنا بالمرصاد، وأنه يحاسبنا بما قدمت أيدينا رغم إظهارنا الندم وحرصنا على التوبة والإنابة؟ ليس الأمر كذلك أيتها العزيزة؛ فالله سبحانه أرحم بنا من أنفسنا ومن أمهاتنا اللائي ولدننا ولم يخلقنا في هذه الحياة لنعاني بهذا الشكل الذي تتخيلينه أو تصفينه.
صحيح أن حياة المؤمن فيها كثير من الابتلاءات وأن الأمر كما قال سبحانه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} لكن هذا ليعرف كيف يلتجئ إلى الله بعبوديته ويستشعر ضعفه، فكما في الأثر: "لولا ثلاث لما طأطأ ابن آدم رأسا: الخوف والمرض والجوع، وإنه مع ذلك لوثاب"؛ فهذه طبيعة ابن آدم لا يلجأ إلى الله إلا في الأزمات، قال تعالى: {إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلاَّ الْمُصَلِّينَ}.
ولذلك كثيرا ما تكون هذه الأزمات سببا لنضجنا الروحي إذا كنت ما زلت تبحثين عنه، وليس سببا للنكد والآلام في حياتنا، فإن الحياة لجميلة بمعانيها السامية وقدرتنا على التفاعل مع الآخرين ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم؛ فأين أنت من كل هذا وقد قضيت شطرا من عمرك في معارك مع الآخرين سواء أهلك أو صديقاتك -هناك بعض العبارات التي حذفتها بهذا الخصوص كي لا تشير إلى شخصيتك- وأنت تريدين استمرار معاركك الحياتية باستثارة المصاعب في وجه حياتك الزوجية؟
يا عزيزتي أنا أدرك صعوبة الأمر عليك كأن يترك زوجك ذات مرة صلاة جماعة أو صيام يوم، لكن لعلي أذكرك بقول ابن سيرين رحمه الله: "إني أرى أثر معصيتي في دابتي وأهل بيتي"، لكن لا أريدك أن تزيدي في لوم نفسك، فما هكذا تكون النفس اللوامة؛ لأن قلب المؤمن معلق بين الرجاء والخوف، وكذلك فإن المؤمن لن يكون روحا بدون مطالب جسدية ما دام يعيش في هذه الدنيا، فأراك قد حدت عن الصواب في موضوع أشواقك الروحية وبالغت بها، وهنا أنصح بمراجعة مشكلتين:
كل ابن آدم خطاء.. وخير الخطائين التوابون
نفوس معذبة : ضلالات أدعياء التصوف
طبعا لا أستطيع أن أعلم إذا كان السبب في مبالغتك في أمورك الروحية هنا نتيجة معاناتك مع زوجك حقيقة، أم أن هذه المعاناة لا أصل لها وإنما هي نتيجة حساسيتك وتعظيمك لكل فعل يأتيه والنظر إليه على أنه خاطئ، فيقوم هو بالتالي برد التهم عن نفسه بأي وسيلة من مبدأ دفاعه عن الذات، وهو ما يفعله كل منا تجاه شريك حياته؛ إذ يتوقع منه معاضدة ومساندة لا حروبا ولا معارك، فكيف لي أن أدرك صحة شكواك هنا وأنا لا أسمع الطرف الآخر؟
لا أقصد أنك غير صادقة، لكن لو سمعت من زوجك ربما أتهمك بأكثر مما تتهمينه، وهذا لا يعني أن كليكما سيئ بل لكل منكما وجهة نظر مختلفة؛ فأنت تنظرين للأمور من زاوية غير التي ينظر بها؛ فلماذا لا تحاولين توسيع منظورك بحيث يشمل منظوره لتفهميه أكثر وتخرجي من محنتك، وكذلك أن تشركيه في نظرتك بأسلوب أكثر رفقا؟
وإن كنت لا أوافقك على نظرتك عن التفوق والإبداع.. ولا أدري لماذا.. فمن قال إن التفوق فقط هو بالحصول على العلامات العالية والدرجات المثالية؟ هذا تفوق نظري قد لا يسمن ولا يغني من جوع، والتفوق العملي هو التفوق الحقيقي حين يكون المرء متساميا في تعامله مع الناس رحيما بهم متخذا لهم الأعذار مشغولا بعيوب نفسه عن عيوبهم.
سابعا: لاحظي كيف تظلمين زوجك؛ إذ تعترفين بكذبك في موضوع الدم فإذا به يصدقك ولا يسألك، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على طيبته وقد لا يكون للأمر أهمية عنده ولم يخطر له أن يظن بك الظنون بسبب التزامك؛ فهل يعقل أن يكون هو حسن الظن بك وتسيئي أنت الظن به؟ وهنا يحق لي أن أسأل:
أليس ثمة تغير طرأ على شخصيته؟ أفلا يمكن أن تكوني أنت السبب في ذلك؟
أنا لا أريدك أن تدافعي عن نفسك، لكن لماذا لا تبحثين في عيوب نفسك بطريقة منطقية وبدون تهويل فما أحد منا بلا عيوب؟ ولاحظي هذا العيب فيك رغم كل ذكائك أنك ما زلت تفكرين لماذا لم ينزل الدم! وتسمينه ابتلاء في العِرض! وأنا لا أملك نفسي إلا بأن أكتب لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فأين قراءتك لردودنا ومتابعتك صفحتنا؟
يا صديقتي:
غشاء البكارة وسلامته ليس له علاقة بالدم وسيولته، ولا بالعَرض ولا بالطول؛ فأرجوك اهدئي وكفي عن الندب؛ فهناك نسبة لا تقل عن 25% من الفتيات لا ينزفن عند الجماع الأول، ويؤسفني أن العالَم المتقدم غزا الفضاء ووصل أعلى الأجواء ونحن ما زلنا نندب الغشاء! وهنا يصدر الندب عن متفوقة! فهل ينطبق عليك القول إن الأخطاء القاتلة لا تأتي إلا من الشخصيات العاقلة؟!
أرجوك انسي موضوع غشاء البكارة تماما، فأنت لم تنزفي لأن نوع الغشاء عندك قد يكون واسع الفتحة مطاطيا لا يتمزق إلا مع الولادة الأولى، وقد يكون هشا فتم فضه بسهولة، وقد تكونين مزقته أثناء ممارسة العادة السرية، وقد يكون غير موجود منذ ولادتك خاصة مع مشكلة صعوبة الجماع التي تتحدثين عنها والتي بدا أن الطبيبة لم تخبرك بسببها الحقيقي، فربما كان لديك حجاب مهبلي معترض أو طولاني أو غيره.
المهم.. لا أريدك أن تدخلي في حالة وسواسية أكثر؛ لذا كفي عن هواجس الغشاء؛ لأن أمره لا يستحق كل هذا العناء! الشرف يا عزيزتي شرف النفس وطهارة المظهر ومطابقته للجوهر، وهذا ما كنت تفتقدينه، والآن تحاولين أن تمتلكيه، لكن الهوينى الهوينى، فما هكذا تورد الإبل؛ ونفسك مطيتك فارفقي بها فقد أنهكتها وأنهكت غيرك معك! ليس أهلك فقط ولا زوجك فحسب، بل أنهكتني شفقة عليك رغم أني أظهرت لك القسوة لتكفّي عن زجر النفس وتأنيبها ولوم الآخرين وتقريعهم، فما هكذا يعيش المؤمن حياته، وليس بهذه الطريقة يصل إلى الطهارة الروحية؛ فالروح يجب أن تستشعر الجمال كي تكون جميلة، وعندما سئلت الأم تيريزا عن سبب شبابها الدائم ونضارتها قالت: "قد يكون للارتياح الداخلي أثر أكثر من التجميل المادي"، وحياتنا من صنع أيدينا، ومن صنع أفكارنا.
والأمر كله يحتاج بعض إرادة منك وبعض تصميم، يقول د. علي حرب:
لا يتعلق الأمر باستبدال واقع آخر بواقعنا، "بل بخلق حقائق جديدة نتحول بها عن عقولنا، بقدر ما نسهم في تحويل الواقع"، وأنت فعلا لن تستطيعي تحويل الواقع أو تغييره إلا إذا خلقت في نفسك حقائق جديدة تنطلقين فيها بعيدا عن الماضي وتشغلين نفسك بأفكار إيجابية، وهذا يحتاج جهدا ودعما نفسيين، وقد تكونين كإنسانة متفوقة قادرة على دعم نفسك إيجابيا بأن الماضي أخذ معه معاناته وآلامه وخلف عليك الحاضر الجميل، حيث أنت زوجة لرجل إذا لم يعطك أكثر مما تعطينه فلا أظنه ذلك الرجل الناكر للجميل، لكن بقدر ما تكون أفكارك إيجابية عنه، وبقدر ما تصبح توقعاتك عن إمكانياته ممتازة تشجعينه، وبالتالي سيكون قادرا على تحقيقها.
وكذلك حيث أنت أم لطفلين جميلين ينعمان بالصحة فاذكري نعم الله عليك، واجلسي كل يوم وسجلي هذه النعم، وإن أحصيتها فأخبريني، وإن لم تحصيها -وهذا هو المتوقع- فستجدين كيف امتلأت نفسك بالرضا، والآن وأنا أكتب لك هذا الرد اتصل بي ناشر شاب يطلب مني عبارة تختصر مفهومي عن السعادة ليدونها في غلاف كتاب عن السعادة فإليك ما كتبت:
"لجمال حياتنا سببان: جمال العلاقة مع الذات، وجمال العلاقة مع الغير، فإذا كانت السعادة في الرضا الذي ينبع من الذات، فإن كلمة (سعادة) مؤلفة من أربعة حروف، وحروفها موجودة في كلمة من خمسة حروف ألا وهي كلمة (مساعدة)، فبقدر ما نساعد الآخرين يكون نصيبنا من السعادة).
هذه العبارة -برأيي- تلخص كل ردي الطويل السابق؛ لأنك تفتقدين الشعور بالسعادة في حياتك، وتذكري قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فأنت بحاجة إلى أن تعمقي مفهومك عن العمل الصالح وأنه ليس فقط بالصلاة والصيام والأعمال الظاهرة، بل هي أعمال القلب بما فيها الشكر والتفكر والصبر والرضا، وكذلك فإن الأعمال التي نؤديها للآخرين هي ما يعمق شعورنا بالسعادة حين نشعر بمدى سعادتهم لمساعدتنا لهم.
ربما كان السبب الأساسي في مشكلتك هو فقدك للمحبة في طفولتك بسبب جوك العائلي المشحون؛ فآن لك الآن أن تخرجي نفسك من تلك الذكريات، وتبدئي بحب نفسك وتقبلها لتحبي الآخرين وتقبليهم؛ ولذلك أدعوك لقراءة المشكلة التالية:
للهروب من ركود الحياة.. وصفات للسعادة
ولاحظي أنك لم تذكري أي شيء عن عملك خارج المنزل؛ فهل أنت تعانين من فراغ كصاحبة المشكلة السابقة؟ ولم تذكري أي شيء عن علاقاتك وصداقاتك خارجه أيضا؛ فهل أنت بدون صديقات؟ حاولي أن تشغلي نفسك فأنت كمتفوقة تستطيعين فعل الكثير، أي يمكنك الجمع بين العمل خارج المنزل وداخله، وحتى إذا لم تكوني بحاجة إلى المال لكنه إثبات لذاتك وتطوير لشخصيتك.
كما أن تكوين الصداقات وقوة العلاقات يمنحك ثقة بالنفس أيضا ومعرفة بعض الناس كنز؛ حيث إن الصداقات -كما أخبرني للتو شاب صغير السن- هي الأوطان الصغيرة التي بدونها لا معنى للأوطان الكبيرة؛ فتأملي قوة حكمته، وكيف استفدت منها رغم أن عمري ضعف عمره فكتبتها لك؛ فكوني كالنحلة التي لا ترشف إلا الرحيق ولا تمنح إلا العسل، والنحلة العاملة لا تجد وقتا تقضيه بالأحزان كما يقول بيكون.
وبالنسبة لمشكلتك مع زوجك أرى أن ردودي قد تناسبك في المشاكل التالية:
رجل واحد مع الرضا.. أفضل من ستة
في الغربة : جبل من صخر أم تل من تراب ؟
في الغربة : جبل من صخر أم تل من تراب ؟ ...متابعة
وإذا كان لديك أي اعتراض على ما ورد في الرد أو أي تساؤل أو متابعة فلا تترددي في الكتابة ، وآمل أن أسمع منك أنك أصبحت أفضل فأنت تستحقين الأفضل.
ــــــــــــــــــــ(41/243)
فعل بي وبه: ذاكرة التحرش الجماعي
التحرش الجنسي
السلام عليكم، أنا فتاة في العشرينيات من عمري، مشكلتي بدأت منذ صغري عندما تعرض لي أحد الشبان وأنا في عمر أقل من 10 سنوات -لا أذكر بالضبط-، فقد كان يغرينا بأنه سوف يشتري لنا ألعابا وحلويات، وكنا نجلس على رجله، وكان يفعل أشياء غريبة كأن يخرج أعضاءه التناسلية بحيث كنت أجد إفرازات على ملابسي أنا وبقية الأطفال، ولا أذكر كم مرة بالتحديد فعل هذا، وكان يفعل هذا حتى للأولاد. ولذلك أنا خائفة من الزواج فقد تقدم لخطبتي عدة شبان، وأنا دائما أرفضهم، وبصراحة لا أذكر إن كان هناك دم أم لا فأرجو أن تفيدوني.
والشيء الآخر كان أول المتقدمين أحد الأقارب، وبصراحة لا يعيبه شيء وأنا أحبه، وأحس أنني أميل له، ولكن نفس الموضوع يضايقني، ولكن قلت: إذا اكتشف الأمر فسأخبره أنه تعرض للشيء نفسه ومن نفس الشخص؛ فقد كان ذلك الشخص يفعل بالأولاد أيضا وهو كان من ضمنهم، ولا أعرف إن كان يذكر أم لا، أم هل أصارحه قبل الزواج بما يضايقني.. فما رأيك؟ أرجو أنا تساعدوني.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الابنة الكريمة، فيما يخص آثار التحرش الجنسي الذي تعرضتِ له في الصغر؛ فقد كررنا كثيرا أن من تمر بهذه الخبرة الأليمة تظل على خوف من الزواج، وأحيانًا من الرجال، بالإضافة إلى أعراض أخرى كثيرة، وقلنا: إن الآثار الجسدية التي يتركها الاعتداء غالبًا ما تكون أقل من النفسية، وللتأكد من سلامة الغشاء يمكن مراجعة طبيبة للنساء بحجة أنك وقعت على الأرض، ونزفت بعض الدم، وتريدين التأكد من سلامتك وسلامة الغشاء، وأنت لم تذكري شيئا عن الإيلاج، ولكن فقط الإنزال، وغالب الظن أن هذا المعتدي كان يتلذذ باستعراض أعضائه، ويقوم بالاستمناء فينزل المني "على ملابسك، وكذلك الأولاد".
ولا أعتقد أنك ستنسين ما حدث، ولا أعتقد أنه أيضا قد نسي -أقصد قريبك- وقد تحتاجين أو تحتاجان إلى عون طبي نفسي متخصص لتجاوز آثار ما حدث، وقد يكفي أن تتجاهلي الأمر برمته ولا تفتحيه إلا إذا فتحه هو، وإذا اقتصر الأمر على ما تصورته أنا فهو أقرب إلى العبث الجنسي، وهو أبسط درجات التحرش، أو بالأحرى درجة متوسطة منه.
وأرى أن تتوكلي على الله، وترتبطي بهذا القريب إذا كان مناسبًا كما تقولين، مع استعدادك لكل الاحتمالات، والتعامل معها بهدوء، وقد يساعدكما أن تتعاونا -بعد الزواج- في التشهير بالجاني والسعي في عقابه، وبخاصة إذا كان مستمرًا في أفعاله مع أطفال آخرين. أما إذا كان قد توقف فربما يكون الستر أولى للجميع،
ــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ(41/244)
صغيرة على الهم.. يتحرش بها العم
التحرش الجنسي
أنا فتاة أبلغ من العمر 18 عاما حريصة على حفظ القرآن الكريم ومحافظة على الصلاة، لكن مشكلتي تكمن في عمي أخو والدي الذي قدم إلى الخليج للعمل منذ حوالي ثلاث سنوات كان في السنوات الماضية يعاملني معاملة عادية، فكنت أشعر وكأنه بمثابة والدي، لكنه في الآونة الأخيرة بدأ يتغير فأصبح ينظر إليَّ بنظرات غريبة ويقوم بتحسس وتلميس جسدي فبدأت أخاف منه، ولا أستطيع الجلوس بقربه خوفًا على نفسي، ومع ذلك لم أخبر والدي تفاديًا للمشاكل، فلو علم والدي بذلك فلن يسمح له بدخول المنزل ثانية. فماذا أفعل؟
ملاحظة : عمي رجل متزوج، ولكن زوجته مقيمة في بلد آخر، وهو لا يسكن معنا في المنزل، ولكنه يسكن في منطقة تبعد ساعة عن مدينتنا.
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الابنة الحبيبة :
قصتك أهاجت في النفس شجونا، ونكأت جراحا لم تندمل بعد لفتيات انتهكت بكارة أجسادهن في سنوات الطفولة بواسطة الأقرباء والمحارم، ففي غيبة الوازع الديني والضمير والفطرة السليمة مع سيطرة سلطان الشهوة وهوى النفس ووسوسة الشيطان، ومع التساهل الذى يجدونه من الأهل في التعامل مع ذوي أرحامهن، يتحول أحدهم إلى ذئب يغرس أنيابه في جسد الضحية ليتركها جثة هامدة أو وردة محطمة لا تستطيع التعامل مع الحياة، فينطبق عليهم المثل العامي المصري "حاميها.. حراميها" ...
ولو كنت من المتابعات لصفحتنا هذه لوجدت بعضا من صرخات هؤلاء الفتيات، لا أتصور كيف يحدث هذا؟! كيف تسول لهم أنفسهم هذا الفعل الذى حرمه الله عليهم في الحلال -حيث حرم الزواج من المحارم- فيأتونه في الحرام ، ويمكنك مراجعة مشاكل سابقة لنا شبيهة ، منها :
• تداعيات تحرش جنسي ... تحذير من التغافل
• تحرشي جنسي أم عبث طفولي... مسئولية الوالدين
• ضحايا التحرش : حتى لا تقع فريسة جديدة
لقد أردت بهذه الكلمات أن أبين لك أولا نعمة الله عليك بأن الأمور لم تتطور معك حتى الآن لأسوأ من ذلك، وأن ما حدث لك قد حدث، وأنت على درجة من النضج الكافي بحيث استطعت التمييز بين التحرش الجنسي والتعامل السوي للعم مع ابنة أخيه، وهذا ما يستحق أن تسجدي شكرا لله عليه.
عليك أيضا أن تدركي أنك في ورطة، وأن عليك أن تتصرفي فيها بمنتهى الحزم والحكمة فلا مجال للعواطف أو الخوف مثلا من غضب عمك، وعليك باتباع ما يأتي:
*حذار أن ينفرد بك عمك، ومن نعمة ربك عليك أنه لا يقيم معكما، ولو حدث وحضر إلى منزلكم، وأنت بمفردك فعليك التعلل بأي عذر، ومغادرة المنزل فورا.
* عليك بتجنب كل ما يثير عمك وذلك بتجنب الملابس الضيقة والمكشوفة والزينة فى حضوره، وحبذا لو ارتديت حجابك، مع تجنب مشاهدة الأفلام المثير يجب أيضا أن تقتصر تحيتك له على السلام فقط، فلا قبلات ولا أحضان لأنه لم يحترم حرمة العلاقة التى تربطه بك، وإذا صدر منه أي تصرف أحمق فعليك أن تقومي بصده بمنتهى الحزم، ويمكن أن تهدديه بأنك سوف تخبرين والدك إذا تكرر منه ذلك، وبهذا يدرك أنك لست الصيد السهل، ولست الفتاة الساذجة التى يمكن أن يوقع بها.
* نحن نشكر لك حرصك على ألا تتسببي في قطيعة رحم بين والدك وأخيه، ولكن لا بد أن يأخذ والدك حذره، ويمكن أن يتم ذلك بأن تسري بما حدث الى من تتوسمين فيها الحكمة وكتمان السر من قريباتك (أمك أو عمتك مثلا) وتؤكدي عليها أن هذا الأمر سر بينك وبينها، ويجب ألا يعلم به أحد ولا حتى والدك، وأن عليها فقط أن تخبره بأنها تخشى أو تشعر أن عمك يعاني من غياب زوجته عنه وأنه لا يجد المتنفس الحلال لشهوته ومرة أخرى أؤكد دون أن تخبره بما حدث، وتناشده أن يأخذ حذره؛ لأنها تخاف عليك وعلى فتيات العائلة من محارمكن وبالذات هذا العم، وحبذا لو استطاع والدك أن يساعده فى استقدام زوجته.
* ابنتي الصغيرة، عليك مسئولية أخرى وهى حماية إخوتك الصغار (إن وجدوا - سواء كانوا من البنات أو البنين)، فلا تدعيه ينفرد بأي منهم؛ لأن هذا العم قد تسول له نفسه ممارسة أفعاله الصبيانية معهم إذا وجد منك الصد والممانعة.
• وفى النهاية أحببت أن أنبهك ألا تجعلي تصرفات عمك الطائشة معك تفسد سلامة نفسك فتتحولين إلى كراهيته، فهو عمك مهما حدث، وأنا لا أحاول تبرير تصرفاته أو التماس العذر له بهذه الكلمات، ولكن فقط أريد أن أوضح أن عمك تضافرت عليه عوامل عدة منها غلبة الشهوة، وغياب الزوجة ، ووجد في هذه التصرفات متنفسا له، ولقد فسر العلماء حديث رسولنا -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" بأن الإيمان ينزع من الزاني لحظة الفعل ثم يعود إليه بعد ذلك، ويعاوده تأنيب الضمير، وما أدراك أن عمك - بعد أن يفعل بك ما يفعل - بك ما يفعل - يتمنى أن يقتل نفسه ندما على ذلك، طبعا هذا كما قلت لا يبرر تصرفاته، ولكن قد يشفع له عندك فتسامحينه وترفعين أكف الضراعة لله أن يهديه، ويصلح حاله، وأن يغفر ذنبه .
نسأل الله سبحانه أن يحفظك من كل سوء . وأهلا بك دائما..
ــــــــــــــــــــ(41/245)
التحرش بالمحارم.. السكوت أخطر من الفعل
التحرش الجنسي
أنا فتاة في مطلع العشرينيات، ومشكلتي أن أسرتي تعيش في بلد آخر للعمل، وأنا في بلدي للدراسة. والمصيبة تكمن في أن شقيق والدي وهو في منتصف العمر ومتزوج قد تحرش بي لفظيا، ثم بدأ في التحرش بي فعليا، ويستغل ثقة الأهل المطلقة، ولم أستطع أن أعرض الأمر على أحد إلا إحدى قريباتي، ولكن دون نتيجة تذكر..
ماذا أفعل فليس لدي من أثق به ويساعدني؟!!
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخت العزيزة، لك الله تثقين به فلن يخذلك أبدًا، وتسألينه العون فيعينك إن شاء الله، ثم إن لك نفسك التي هي نفس فتاة مسلمة عمرها 20 عامًا، ولها من الذكاء ما أهّلها لدخول الجامعة ، وتستطيعين الاستعانة بالله، وادعاء القوة حتى وإن لم تكوني متأكدة من أنها لديك؛ لأن جزءًا كبيرًا من القوة (إلا القوة بالله) هو ما ندعيه وليس موجودًا بالفعل فينا.. عمك هذا ضعيف، ويعلم كم في تصرفه من دناءة وخسة، وهو ما يجعله أضعف؛ فأنا إذن لا أطلب منك أن تكوني أقوى من قوي، ولكن أقوى من ضعيف لا يحترم نفسه.. أليس كذلك؟
أختي الكريمة عليك أن تفهمي جيدا وبوضوح أن ما يحدث لك من عمك ليس إلا تحرشًا جنسيًّا من ذكر بالغ بأنثى بالغة، وعليها إما أن تقبل أو ترفض؛ بمعنى أنك لست طفلة صغيرة لكي نتكلم عن إضرار جنسي لا يد لك فيه؛ فأنت تستطيعين الرفض، وتستطيعين القبول، وأنت مسؤولة عن سماحك له بفعل ما يفعل.
قد يكون هو مريضًا نفسيا أو مصابًا بعشق المراهقات، أو قد يكون مريض الشخصية بغض النظر عن كونه مرتاحًا في زواجه أم لا فهذا الأمر لا يعنينا، إلا إن كنا نحاول أن نجد له العذر في تعديه عليك واستغلاله لما يفترض فيه أن يصونه! وليس في هدفنا الآن أن نشخص حالته أو نعالجه، لكنني في الحقيقة لا أستطيع أن أبحث له عن مبررات؛ لأن ما يحاول فعله معك إنما يقع داخل إطار غشيان المحارم (أي إقامة علاقات جنسية بين من لا يجوز الزواج بينهم، حسب الأعراف الفطرية البشرية)، وهو مرض يصيب الأسرة لا الفرد؛ لأنه هو (أي عمك) شخصيا قد يكون مجرد شخص انتهازي يستغل ظروف اعتمادك على أهل أبيك من ناحية الإقامة معهم، وهو يعلم أنك مضطرة لذلك بحكم سفر والديك. وقد يخمن أنك لن تستطيعي البوح بذلك لأحد من أهل البيت أو لوالدك أو والدتك، وعلى تخمينه هذا سيتمادى في محاولاته معك، وقد يكون غير مكترث بالنتائج.
وأنا فهمت من كونه متزوجًا وأنت لا تدرين إن كان مستريحًا في زواجه أم لا.. أنه لا يعيش معكم في نفس البيت أو نفس الشقة، ولا أدري هل صحيح ما فهمته أنا أم لا؟ لكن وجوده في نفس الشقة أمر في منتهى الخطورة؛ لأن من الممكن أن يفاجئك وأنت نائمة، وهذا أمر لا نستطيع حساب عواقبه!
وعليك أنت إذا أردت أن تضعي حدًّا لهذا الأمر أن تكوني قوية في رفضك لما يفعل، وأن تشعريه بأنك أنت التي تهدد ولست التي تخاف. انتبهي يا أختي أن عليك أن تنهريه بقوة، وأن تبعديه عنك، ولا مانع من التهديد بأنك ستفضحينه.
إن سكوتك عن الشجب بصوت عال (بغض النظر عن الاعتبارات التي تبررين بها سكوتك لنفسك) سوف يشجعه على التمادي في التحرش بك، إنك لو نقلت له الإحساس بأنك لا تفهمين ما يفعل فسيفسر ذلك بأنك تخفين استمتاعك بما يفعله (ورغبتك فيه) وراء حجاب من التغابي (أو الاستهبال) كما يقول المصريون، وإذا رفضت الرفض (المؤدب) أي إذا كنت ما زلت تحترمينه وتقدرين أنه عمك فسيفسر ذلك بأنه ضعف منك ورغبة أيضًا في الاستمتاع بما يفعل (وكأنك غير مسؤولة)، ولن تكون نتيجة ذلك أيضًا إلا تماديه في التحرش بك، وإذا رفضت الرفض الأنثوي الذكي المشهور (بمعنى أن تجري من ركن إلى ركن في الغرفة، وتقولين كلمات، مثل: "لأ لأ يا عمي مش كده، عيب، لأ أرجوك، حد يشوفك!" فستفتحين شهيته أكثر فأكثر!
لا أدري لكنني أتوسم الخير فيك، وأعتقد أن استمرار الأمر لمدة سنة كما بينت في رسالتك معناه أنه لا يقيم في نفس الشقة التي تقيمين فيها، ولذلك مثلاً كانت مرات تحرشه بك معدودة على أصابع اليد؛ وهو ما جعل طول المدة الزمنية ممكنًا، أما إن كان تخميني هذا خاطئًا فإن الأمر يحتاج إلى سرعة التصرف!
أنا أعرف أنك في موقف صعب، ولست في مجال إلقاء اللوم عليك؛ لأنني أدرك أنك واقعة في ورطة، ولا تعرفين كيف يكون التصرف السليم؛ لأن أحدًا لا يعلم البنت كيف تتصرف عندما يتحرش بها أخوها أو عمها أو أبوها أو المفترض فيهم أن يقوموا بحمايتها من الآخرين (لأننا كمجتمع ننكر أن هناك شيئًا اسمه غشيان المحارم حتى عن أنفسنا)، لكنني أقول لك ببساطة: إنك إذا كنت تعرفين كيف تحمين نفسك في الشارع من تحرش الرجال بك، فإنها نفس الطريقة إذا كنت في البيت، عليك أن تدركي أنه ساعة يتحرش بك إنما هو رجل يتحرش بأنثى وليس عمًّا يداعب بنت أخيه، إنك تستطيعين قول أشياء، مثل: "احترم نفسك بصوت عال"؛ فتكون النتيجة أنه هو الذي سيخاف.
انتبهي؛ لأن استمرار هذا الأمر سوف يحمل لك الكثير من الأضرار النفسية التي يسميها الأطباء النفسيون "سلوكيات تدمير الذات"، إن سكوتك على هذا العم المنحرف يعني أنك تساهمين معه في تدمير ثقتك بنفسك وبالآخرين، وتكرار هذا العمل سيملأ نفسك بالضيق، وسيجعل احتمالات إصابتك بالاكتئاب عالية حتى إن لم تشعري بذلك الآن؛ لأنك يوما ما ستدركين أنك فرطت في احترامك لنفسك ولرؤيتك لذاتك في علاقتها بالآخرين.. عمك هذا ليس إلا عمًّا منحرفًا يجب تقويم سلوكه أو على الأقل تجنب أذاه، وليس في الأمر مجال للبحث عن مبررات له؛ فعليك في أسوأ الأحوال النجاة بنفسك على الأقل!
إذن أنا أقول: إن عليك أن تحاولي وضع حد للأمر بنفسك، أي بينك وبينه وفي إطار من إيمانك بقوة موقفك، ولا تخشي تهديده بأنك سكت طويلاً مثلاً؛ لأن قوله شيئًا كهذا يعني أنه ضعيف لا أنه قوي.
كما أنصحك إن كنت غير معروفة في أسرتك بأنك متدينة وملتزمة أن تعلني أنك مثلاً قررت الالتزام بالصلاة (إن كنت غير ملتزمة بها)، أو ارتداءك الحجاب (إن كنت غير ملتزمة به)، أي أن بإمكانك إن أقدمت على ذلك أن تخيفيه، وتأكدي أنه سيخاف منك إذا ظهرت بمظهر المسلمة الملتزمة؛ لأنه كما قلت لك في بداية الرد يعرف أنه ضعيف، وأن فعله فعل دنيء.
فإن كنت لا تستطيعين هذا ولا ذاك فإن عليك أن تلجئي لجدك؛ فإن لم يكن على قيد الحياة فجدتك؛ فإن لم تكن على قيد الحياة أو لم تستطع فعل شيء؛ فعليك باللجوء إلى عمك الأكبر.
فأما خجلك من الكلام في هذا الموضوع فلا مبرر، ولا مكان له، ولا يعفيك من المسؤولية إطلاقًا. وأما خوفك من ألا يصدقوك فينطبق عليه نفس الكلام؛ لأن علينا أن ندفع الضرر عن أنفسنا على الأقل بالشكوى. أما إن بررت سكوتك لنفسك بأنك تخافين على عمك وبيته أو على عائلة أبيك كلها بشكل عام؛ فأنا أقول لك: إنه لا مبرر لخوفك على من لا يخاف عليك، ولا يكترث بشيء مما تخافين عليه أنت.
واعلمي أن البديل الوحيد لإنهائك الأمر بنفسك هو إطلاع من يستطيع نهره أو تأديبه أو على الأقل إخافته من أفعاله تلك؛ لأن البديل المتبقي في حالة سكوتك هو فقط أن يستمر تحرشه بك إلى أن نصل إلى ما لا تُحمد عقباه!، وما لا تحمد عقباه هذا ليس فقط إلحاق الضرر الجسدي بك، وإنما الأهم والأخطر هو الضرر النفسي العميق الذي قد لا تدركينه الآن، إن السكوت على غشيان المحارم حرام يا ناس، ومهما صور لك الشيطان من عواقب الكلام، فإن سكوتك وأنت بالغة العقل والجسد سكوت حرام!
وأنا في نهاية ردي عليك أود أن أوضح لمن لا يعرف أن رد فعلك الذي خمنت أنا أنه السكوت والصبر هو رد الفعل المعتاد من البنات في مثل حالتك؛ لأن الأمر مخجل في كل الأحوال، ومجتمعنا جاهز لإلقاء اللوم على الأنثى دائمًا، وهذا من نتائج تخلفه وقصور نظره وعدم فهمه الفهم الحق للإسلام.
كما أحب أن أوضح لك أن ما تتعرضين له ليس موقفًا غريبًا ولا حتى نادر الحدوث مع الأسف، بل هناك الكثير من الفتيات يتعرضن له، لكن مجتمعنا كما قلت كثيرًا من قبل يدفن رأسه في الرمال على طريقة النعام. فلا تدفني رأسك أنت أيضًا؛ لأنك محاسبة أمام الله، ولعلك بعد أن تتخلصي من هذا التحرش أن تعملي أنت وكل من تعرضت لمثل هذا إلى توعية غيرك أو دعمهن حتى تتوقف هذه الجريمة.
أما رد فعل قريبتك التي لجأت إليها، وإن كنت لم توضحيه بالضبط، وإنما اكتفيت بالإشارة إلى أنه لم يوصلك إلى نتيجة؛ فأنا لا أجد تفسيرًا له إلا أنها هي نفسها ربما تكون قد وقعت ضحية لغشيان المحارم في يوم من الأيام، أو أنها كالأم التي قد تحتمل وجود علاقة غير سوية ما بين بنتها ووالد بنتها الذي هو زوجها!!! وتتغاضى عن ذلك من أجل أن تستمر الحياة، وهذه الأم للأسف موجودة في مجتمعاتنا.
إلا أن كون رد فعل قريبتك لا يرقى إلى مستوى المسؤولية، فإن هذا لا يعفيك أنت من المسؤولية، وكون السكوت هو رد فعل البنات المعتاد في مثل هذه الظروف أيضًا لا يعفيك من المسؤولية على الأقل؛ لأنك مسلمة لجأت إلى "إسلام أون لاين.نت"، ومن قبل ذلك فتاة مسؤولة.
كما أنصحك بقراءة عدد من الإجابات السابقة التي تناولت نفس الموضوع بصورة أو بأخرى ، منها :
صغيرة على الهم.. يتحرش بها العم
تحرش جنسي أم عبث طفولي.. مسئولية الوالدين
تداعيات تحرش جنسي.. تحذير من التغافل
الغيرة.. من عواقب التحرش الجنس
زنى المحارم.. "ولا تتبعوا خطوات الشيطان"
وفي النهاية أسأل الله أن يعينك ويقويك على الخروج من هذه الورطة، وتابعيني بأخبارك
ــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ(41/246)
حبيبي " يحترق ".. كيف أقنع أبي ؟
معوقات الاختيار, الحب وآلام الفراق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد..
أتقدم بالشكر الجزيل للجهد الرائع الذي تبذلونه لحل مشكلات الشباب على هذه الصفحة.. والله إنه لعمل يثلج الصدور. أتوجه للكتابة؛ لأنني لم أتعود أن أبوح بمشكلاتي لمن يعيشون معي أو حولي من أقارب أو أصدقاء.. ويفتقر الناس في هذه الأيام لحاسة الإصغاء وهم ماهرون في فن الحديث والكلام!! فوجدت أن البوح للمختصين ولمن هم أهل لهذا الأمر أفضل من الثرثرة بلا داعٍ أو فائدة.
إنني يا أفاضل فتاة في الحادية والعشرين من عمري.. تقدم لي الكثيرون للزواج، فكان الرفض من جانبي إلى أن وافقت يومًا على أحدهم بعد موافقة أهلي طبعًا.. اقتنعت به عقلا، ثم من خلال الأحاديث الهاتفية -التي تمت بعلم أهلي طبعا- علمت أنه كان يحبني منذ زمن، لكن محافظته على السمعة والشرف والأخلاق منعته من أن يبوح لي بهذا الأمر بشكل غير رسمي إلى أن تمت الخطبة، فباح لي بما يجول بخاطره. وبطبيعة الحال تعلقت به أيضا.. فأصبحنا متفقَين عقليا وروحيا ومحل حسد من الكثيرين، وأولهم أختي الكبرى المتزوجة!!
لم يكن الأمر يخلو من المشكلات الطبيعية التي تحدث في مثل هذه الفترات، لكن وضوحنا وصراحتنا وحوارنا الدائم ونقاشنا الهادف كان يأتي بنتائج مثمرة.. حيث إن كلانا يميل إلى العقل والهدوء.. غير أنه بسبب غيرة أكثر أقاربنا (من السيدات) اللاتي وجدن في خطيبي ما لم يجدنه في أزواج بناتهن حاولن -ونجحن- في أن يؤثرن على قرار أبي الذي قام -سامحه الله- بفسخ الخطبة رغما عن إرادتي، ورغما عن إرادة الكثيرين من أعمامي وأمي وأشخاص كثيرين وجدوا أن في هذا النسب خيرًا لي!! والسبب هو أن الزواج من الأقارب أفضل!! على الرغم من أن هذا الشاب من عائلة مرموقة ومستوى مادي جيد.. فهم من أفضل العائلات على الإطلاق وبشهادة الجميع من كبار رجال العائلة.. غير أن هذه ليست المشكلة.. فقد انتهى هذا منذ زمن.
تكمن المشكلة في أن هذا الشاب (باختصار) يحترق!! فهو لا يستطيع نسياني.. يحبني إلى أبعد الحدود.. كلمتني أمه مرارا علَّ وعسى بقليل من الضغط من جانبي يغير أبي رأيه، علما بأن أبي وبحديثه لأمي يعترف لها بأنه قد أخطأ بحقي.. وظلمني.. لكنه فعليا لا يريد تصحيح هذا الخطأ!! بل إن أبي يعرف بينه وبين نفسه أني أحبه!
كيف لا.. وقد كان هذا من سيشاركني بقية حياتي؟ كيف وقد اقتنع كلانا بأننا سنصبح زوجين بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى؟ علما بأن عائلة هذا الشاب كانت تترجى أبي ألا يقف حائلا بيننا كثيرا.. أي أنهم نجحوا في إرجاعه عن موقفه مرتين أو حتى ثلاثة.. فقد كان أبي من مدة إلى مدة يغير رأيه ثم يوافق، يغير ثم يوافق مرة أخرى!! حتى إن عمي قال لأبي: آهٍ وبهذا الشكل يسيء إلى سمعة العائلة.. فعمي طبعا -شأنه شأن الجميع- وجد في هذا الشاب نعمة لا تهدر!!
نعم إن أبي يجد في موافقته على هذا الشاب مرة أخرى جرحًا لكرامته! لست أدري ماذا أفعل؟! من جانبي أخبرت أمَّ الشاب وحتى الشاب نفسه بأن يرجع لأهلي.. لكن المشكلة الأخرى تكمن في أبيه الذي يرى أن أبي أهان كرامتهم حين أغلق خط الهاتف في وجه أبيه بلا سبب!!
والله إني وحتى هذه اللحظة أستحي من ذكر هذه الأشياء التي لا أستطيع إلا أن أقول عنها: "لا حول ولا قوة إلا بالله".. بالله عليكم كيف أستطيع أن أنسى هذا الشاب! لقد تقدم لي الكثيرون وأنا أرفضهم الواحد تلو الآخر؛ فقلبي يحبه! لا يوجد لي سلطان على هذا الميل القلبي.. ليس قلبي فقط بل إن عقلي لم يعد يقتنع بأحد غيره.. فكل من جاءوا لخطبتي بعد ذلك هم من شباب "الجينز"! إنني وبهذا الصدد أوجه رسالة إلى الآباء.. ارحموا بناتكم.. إنكم وبهذا الشكل تدفعونهن إلى سلوك سبل غير مشروعة.. لماذا لا تساعدونهن على وضع مشاعرهن في الإطار السليم؟! (أقصد طبعا عند عدم وجود موانع كالأخلاق والحالة الاجتماعية والاقتصادية والدينية).
إن القلب ليس مسرحًا يدخله ممثل تلو الآخر.. إن للقلب حرمة! إنني أوجه لك يا أبي رسالة.. وأقول لك: ارحم القلب الذي شكا لك ضعفه حين سلبته أعز ما يملك بلا سبب جوهري! والله لو أن هذا الرفض جاء لسبب جوهري واحد ما كنت قد شكوتُ.. ولا بكيت.. بل إننا قلبان يبكيان! لكنا نعلم أن الله إن لم يجمعنا في الدنيا فسيجمعنا في دار الآخرة!! إن الله أرحم علينا من عباده! سبحان من وسعت رحمته كل شيء.
ماذا أفعل بالحب الذي يمكث في قلبي؟! ماذا أفعل بعقلي الذي لم يعد يقتنع بغيره؛ إذ إنه -حتى أخي الكبير- يرى فيه عملة نادرة؟ ماذا أفعل وأنا أستمع من يوم لآخر إلى أخبار هذا الشاب وهو تصيبه الأمراض من تفكيره الدائم بأمري!! علما بأنه عاقل.. لكنه أيضا يملك قلبا.. فقد حاول مرارا وسيحاول تكرارا!! والله إني أخاف عليه من هذا الأمر أكثر من رغبتي بالارتباط به؛ فهو قوي جدا في شخصيته وعمله وقدرته على تفعيل وتحكيم الأمور ..لكنه داخليا وبعيدا عن أنظار الناس عاطفي إلى أبعد الحدود! كنا نعلم بعضنا حقوقنا وواجباتنا.. كنا نعلم أن الحياة يوم مُر ويوم حلو.. لم نكن نرى الحياة متعة وبهجة فقط.. أو نكدًا ومشاكل فقط.. بل كنا ندرك معنى الاتحاد لمواجهة أي عقبة.. كنا نعلم أنه ستواجهنا المصاعب تارة، والفرحة تارة، والراحة تارة، والتعب تارة أخرى! إن حبنا نابع من اتحاد قلبينا وعقلينا معا.. فهو ليس حبًّا عاطفيًّا فقط.. بالله عليكم هل هذا عدل؟!
إني أعرف أن كثيرا من الأزواج والزوجات يجهلون ما كنا نحن ندركه -على الرغم من حداثتنا بهذه الأمور- هذا ليس قولا.. بل كان فعلا حين واجهتنا الكثير من المشاكل التي حللناها معا!
كلمة أخيرة: ارحموا مَن في الأرض.. يرحمكم من في السماء.
... المشكلة
د .ليلي أحمد الأحدب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وأنا أضم صوتي إلى صوتك، وأنادي الآباء أن يرحموا القلوب العاشقة المسكينة المولهة، ولكن بشرط أن يكون أصحاب هؤلاء القلوب قادرين على تحمل المسؤولية عن قراراتهم وحدهم، ويبدو لي أنها ليست المرة الأولى التي ترسلين بها لنا، ولو أن تغيير عنوانك الإلكتروني قد يكون مموِّها..
على كل حال يبدو لي كذلك أنك قوية الشخصية، وتستطيعين أن تقولي لوالدك وبكل صراحة: إنك مسؤولة عن قرارك، وإذا كان الأمر صعبا عليك وحدك، فأرى أنه من الأمثل أن تشكلي جبهة ضغط -كما يقولون في السياسة- على والدك، مؤلفة من تكتل المحبذين لارتباطك بهذا الشاب، وهم كما ذكرتهم: عمك وأخوك ووالدتك وأقاربك الآخرون، وما على الحبيب الذي يحترق سوى أن يفعل نفس الشيء، ويضغط على والده لينسى الخطأ الذي حصل من والدك، وتعود الأمور إلى مجاريها .
طبعا هذا الحل الذي أقترحه نابع من الحقائق التي تكرمت بها من أن خطيبك ابن عائلة، ويعتبره عمك نعمة لا تهدر، ويرى فيه أخوك الكبير عملة نادرة.. وبكلمة مختصرة: إنك أعطيتني انطباعا أنه شاب "لقطة"، وبما أن أباك بدل موقفه مرات عديدة.. فحاولي بكل الوسائل أن يغير موقفه حال تراجُع والد الشاب عن قراره، واستغلا اللحظة الحاسمة بأن تنهيا أموركما في نفس اليوم؛ أي أقصد عندما يوافق الطرفان (والدك ووالده)، فعليك وخطيبك أن تكون أموركما جاهزة بحيث يتم عقد الزواج في نفس اليوم؛ فخير البر عاجله، وإذا عُقد العقد فقد أصبحت زوجته، وعندها يمكنكما أن تضعا الوالدين الكريمين أمام الأمر الواقع؛ فكلمة "مطلَّقة" بالطبع لن يستسيغها والدك، وكذلك عندما يتحول الحب إلى جنس مشروع، فستسكت كل الأصوات المعارضة.
وأسوق لك هذه القصة من خبرتي الشخصية عن صديقة لي أحبت شابا عندما كانت أكبر منك بقليل تقريبا، ولاقت معارضة من أهلها؛ لا لشيء إلا لأنهم علموا أن الحب موجود بينهما، وبما أن الحب شيء معيب في ثقافتنا، وليس من الأفضل شرعا ودينا وعقلا وإدراكا أن يوجد شيء من الحب بين المقبلين على الزواج؛ فقد حاولوا معها بشتى الوسائل من اللين إلى القسوة؛ فوالدها الذي يعمل في بلد آخر أرسل لها عقدًا للعمل في الخارج كي تترك الحب وراء ظهرها وتأتيه، بينما هددها أخوها بالقتل، وأحضر مسدسه ليقتل طفل الحب الذي نما في قلبها، وليسترد شرف العائلة الذي أهدر عندما قالت بوضوح: "إنني أحبه، ولن أتزوج أحدا غيره"، وكأن الحب شيء مضاد للشرف!
على كل حال وافق الجميع بعد أن رأوا تصميمها، وفي اليوم الذي تمت فيه الخطبة سارع الشاب بعقد الزواج، واستأذن أهلها أن يصطحب زوجته إلى بيته، ولم يكن لهم أن يعارضوا بعد أن وافقوا، وتم لهما المراد ولا أقول إلا العقبى لك.
ولو أردت أن أحكي لك عما تحويه جعبتي من خبرات لكتبت لك قصصًا حقيقية قد لا تحدث في الخيال، ومنها قصة صديقة أخرى كان والدها يملك من تفتُّح العقل بحيث لا يمانع أن تذهب إلى أمريكا لتتابع دراستها وحدها، ولكن عندما عادت إلى وطنها، وتبعها شاب عربي من بلد غير بلدها تعرف عليها في أمريكا ليخطبها؛ ثارت الشرقية العفنة في عقل والدها، وأحضر مسدسه كذلك -كما يحدث في الأفلام العربية-، وأصر على اصطحابها إلى طبيبة النساء والولادة ليرى إن كانت عذراء أم لا؟ ولم تمانع طبعا واضطر والدها عندما رأى تصميمها أن يخضع لإرادتها، وكما يقول الشاعر:
إذا الشعب يوما أراد الحياة***فلا بد أن يستجيب القدر
فكذلك إذا أردت الحياة مع من تحبين قلبا وتقتنعين به عقلا، فلا بد أن تحطم إرادتك القوية كل رغبات الآخرين، ولا بد أن يستجيبوا لك، وأنا شخصيا لا أرى مشكلتك بالدرجة الكبيرة التي ترينها؛ لأن القصتين اللتين أوردتهما لك أصعب بكثير من قصتك؛ إذ في الحالتين كان ولي الأمر متعنتًا، ولم يغير رأيه ولا مرة كما في حالة والدك.
وقد ذكرت أكثر من مرة حديث المرأة الثيب التي شكت للرسول عليه الصلاة والسلام أن والدها زوّجها برجل لا تحبه، بينما هي ترغب بعم ابنتها (أخو زوجها السابق)، فأبطل الرسول عليه الصلاة والسلام نكاحها وزوجها بمن تريد؛ وكذلك حديث الفتاة التي أخبرت الرسول عليه الصلاة والسلام أن أباها زوّجها من ابن أخيه ليرفع بها خسيسته -أي دينا كان عليه- فأخبرها عليه الصلاة والسلام أنها لو شاءت لأهدر نكاحها، فقالت: قد قبلت ما فعل أبي، ولكن كي تعرف النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء.
كان هذا في القرن السابع الميلادي، ونحن الآن في القرن الحادي والعشرين الميلادي، قرن الفضاء والذرة والبيولوجيا والتكنولوجيا، وما زلنا نرى تحكم الآباء في البنات والأبناء رغم كل الثقافة التي تغزونا من الغرب، وأن الوالد ليس له سلطة على أولاده حتى الأطفال منهم.. فإلى متى أيها الآباء؟
دعوا الشباب ليقرروا مصيرهم، وإذا كان لكم اعتراض على اختيارهم فناقشوهم وبينوا لهم وانصحوهم، وأما أكثر من ذلك فليس لكم من الأمر شيء، ولا ينجي حذر من قدر، "واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك" كما قال عليه الصلاة والسلام.
لن أنصحك بأن تتجاوزي والدك، وأن تجعلي عمك أو أخاك الكبير ولي أمرك؛ إذ يخيل إلي أن والدك من الطيبة بحيث لا يكون من الحكمة أن تتجاوزيه، فقط حاولي بالحسنى وبالمعروف معه. وفي نفس الوقت يجب على الشاب أن يتصرف كذلك أمام والده، وليذكر له أن العفو من شيم الكرام، وليُذكِّره بقول الله سبحانه: "وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم".
لي تعليق بسيط على عبارتك "شباب الجينز" فهي عبارة لا أحبذها، وليس كل من يلبس الجينز متشردا أو سيئا؛ لذلك أرجو أن نبتعد عن إطلاق الكلمات والتعميمات، خاصة أن لباس الجينز هو وإن كان غربيا فإنه عملي جدا بحيث يفضله كثير من الشباب، وليس المهم أن نقلد الغربيين في ظاهر لباسهم، لكن المهم ألا نقلدهم في انحدارهم الأخلاقي، وكذلك لا مانع أن نقلدهم في طرق تفكيرهم إذا كانت منطقية وعملية، خاصة أن منهاجنا الإسلامي الحقيقي يعتمد الأساليب العملية في التفكير، وليس كما هي حالتنا اليوم في طرق تفكيرنا اللاعقلانية والهوجائية التي أصبحت سمة لتخلفنا. وأذكر لك قولا للشيخ محمد الغزالي رحمه الله: "التشبه المنكور يكون في العقائد والخلال لا في الملابس والنعال"، وما روي عن ابن عباس -رضي الله عنه- عن الرسول عليه الصلاة والسلام: "كُلْ ما شئت والبس ما شئت.. ما أخطأتك خصلتان: سرف ومخيلة".
أخيرا.. أرجو ألا تنسي يا ابنتي العزيزة أن سلاح القرب من الله سبحانه أقوى من سلاح العقل نفسه، وأن العبد بالتفكير والله بالتدبير؛ فتقربي إلى الله بالطاعة وأريه من نفسك ما يحب، وأدخلي اختيارك في اختياره؛ فلا أحد منا يعرف أين يكمن الخير؟ وتوسلي إلى الله سبحانه أن يهيئ لك من أمرك رشدا، وأن يختار لك الخير حيثما كان، وكوني معه بالطاعة يكن معك حيثما كنت، "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون".
فتأملي في معاني هذه الآية العظيمة واعملي بها والله معك.. ونسأله سبحانه لك ولنا التوفيق والرشد.. ونتمنى أن نسمع أخبارك الطيبة عما قريب.
ــــــــــــــــــــ(41/247)
بين التحرش.. والعادة.. والأمل في المستقبل
التحرش الجنسي
أنا فتاة في السادسة والعشرين، لا أتذكر حتى متى بدأت مشكلتي على وجه التحديد؟ كل ما أتذكره أنني تعرضت لمحاولتي إيذاء جنسي فاشلتين في صغري ما بين سن السابعة والعاشرة.. لا أعرف متى على وجه التحديد.
في المحاولة الأولى حاول رجل عجوز كان يساعد والدتي في توصيل الطلبات أن يجلسني على رجله على سلم عمارتنا وأن يتلمس صدري، لكنني خفت، ولحسن الحظ كان أحد الأشخاص ينزل على السلم فارتبك هذا الرجل فجريت منه سريعا.
أما المحاولة الثانية فقد حاول شاب كان يعمل في محل مجاور لنا أن يقبلني في فمي بينما كنت أطرق باب إحدى صديقاتي في نفس العمارة التي أسكن فيها، ولكني قاومته بشدة، ولحسن الحظ كانت والدة صديقتي على وشك فتح الباب، فهرب هذا "الحيوان" ودخلت عند صديقتي، فطلبت أن أدخل الحمام وظللت أغسل فمي بشدة.. هذا هو الجانب الأول من المشكلة.
الجانب الثاني أنني مارست الاستمناء منذ صغري، لا أتذكر قبل هذه الحوادث التي مررت بها أم بعدها؟ ولم أكن أعرف أن هذا يسمى بالعادة السرية إلا بعد فترة كبيرة عندما قرأت في إحدى المجلات وأنا في الثانية أو الثالثة عشرة. لم تكن ممارستي لذلك كثيرة، ولكنها كثرت بعد ذلك في سن السادسة والسابعة عشرة، وكنت دائما -خاصة عندما أصبحت واعية- أشعر بإحساس شديد بالذنب بعد انتهائي من ممارسة هذه العادة. وكرهت نفسي، وقررت أكثر من مرة الابتعاد عنها.. وأخيرًا أستطيع أن أزعم أنني تمكنت من ذلك بفضل الله، وبدأت أتقرب أكثر من ربي.
أما الشق الثالث فهو أنني تمت خطبتي أكثر من مرة، وفي كل مرة كنت أنهي الخطبة لسبب أراه منطقيا ويراه البعض كذلك، والبعض الآخر لا يراه سببًا جوهريًا. وكنت دائمًا أبحث عن سبب لما أفعله، فأحيانا يبرر لي عقلي ما أفعله من إنهاء للخطبة تبريرا منطقيا، ولكن كنت أيضا أشك أحيانا أخرى أنه ثمة مشكلة ما بداخلي لا بد لها من علاج.
وفي إحدى المرات التي كنت أفكر وأحلل وأحاول الوصول إلى سبب الفشل المتكرر في الخطبة تذكرت ما حدث لي في الصغر من تلك المحاولات لإيذائي، وقلت بأنني ربما أكون قد كرهت الرجال "على مستوى اللاشعور"؛ لذا فإنني أختلق أسبابا لتركهم، إما أنه أصبح لدي خوف مرضي من الزواج بسبب تكرار الفشل في مرات الخطوبة السابقة، لا أعرف.
والآن توجهت توجهًا واضحًا إلى التدين، وعسى أن أكون صادقة في ذلك، وألا يكون ذلك محاولة للهروب من مشاكلي، رغم أن مقدمات التدين لدي لم تظهر فجأة، ولكن بدأت منذ السابعة عشرة، من حيث الحرص على الصلاة والخوف من الله.
أنا أشعر بعدم فهم كبير لذاتي، هل أنا مريضة نفسيًا؟ هل ما مررت به تركني في حالة مرضية نفسيًا وجنسيًا؟ هل ما مررت به من محاولات إيذاء جنسي وعادة سرية وتجارب فاشلة من الخطبة تنطوي على تجاوزات -مثل إمساك اليد والتقبيل- سيترك لي أي فرصة لحياة زوجية طبيعية بعد ذلك؟
أحيانا أشعر بالألم النفسي الشديد وأبكي كثيرًا بين يد الله وأدعوه أن يتوب عليّ ويغفر لي، وأحيانا أشعر أنه لن يصلح لي بعد ذلك الدخول في علاقة طبيعية مع أي شخص، وأنني من الأفضل أن أظل وحيدة هكذا بدلا من أن أكون وبالا من المؤرقات النفسية أو المصاعب الجنسية على من يتزوجني.
لقد ترددت كثيرًا جدا قبل أن أكتب لكم، لكنني بالفعل أشعر بالخوف الشديد والقلق، وأريد أن أعرف هل أنا إنسانة طبيعية من الناحية النفسية والجنسية أم أن ما حدث لي قد أجهز على كل حلم وردي لي في حياة زوجية راقية حنونة وهادئة؟ كيف يكون الإنسان "زاعما" أنه يخاف الله ويحاول القرب منه، ومع ذلك يحدث منه كل ما حدث مني؟ هل هذا نوع من انفصام الشخصية؟ أرجو الإفادة.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
إن جزءا مهمًا من الاستواء النفسي للإنسان هو قدرته على رؤية الأمور كما هي دون تهويل أو تهوين بحيث لا تختل موازين الأمور في يده فيعجز عن الحكم على الأمور.. ونظن أن هذه هي مشكلتك الحقيقية وليس ما ذكرته في رسالتك.. لأن ما ذكرته ليس فيه أي مشكلة إلا التهويل في النظر إلى المسائل، ونحن في المقابل لا نهون مما حدث لك، ولكن نريد أن نراه معًا في إطاره الصحيح.
ما تعرضت له من تحرش جنسي في طفولتك هو حدث هام في حياتك، ولكن الأمر لم يصل إلى درجة الإيذاء والحمد لله، ولا يجب أن نهول من الأمر ونصل به إلى كراهية الرجال في اللاشعور من أجل هاتين الحادثتين؛ فالأمر أبسط من ذلك.
والعادة السرية التي تخلصت منها من سن السابعة عشرة.. هي عادة لا نحبها ولا نحبذها وندعو للتخلص منها، ولكن توضع كحدث يتم في المراهقة نتيجة لعدم الوعي والجهل كما ذكرت في رسالتك؛ حتى إنك لم تكوني تعرفين ما تمارسينه؛ لعدم التربية الجنسية الصحيحة التي تؤهل الفتاة لاستقبال سن المراهقة فتقع في الخطأ البسيط، ثم تتخلص منه عندما تعرف طريق الله والهداية.
وأيضًا للجهل في معرفة حدود العلاقة بين المخطوبين يحدث بعض التجاوز مثل القبلة أو إمساك اليد، وهو أمر لا نقره ولا نقلل من شأنه، ولكن أيضًا نضعه في موقعه كمعصية تحتاج إلى توبة واستغفار وعزم على عدم العودة.
إذا رأينا الأمور بهذه الصورة فسنجد أنك إنسانة طبيعية سوية لا يوجد ما يحول بينك وبين أحلامك الوردية في الزواج، ولا يوجد انفصام في الشخصية، ولكن يوجد لحظات ضعف يفيق منها الإنسان فيستغفر الله ويتوب إليه.
إن ما تحتاجينه حقًا بعيدًا عن الإحساس المتضخم بالذنب أو التحليل النفسي الزائد عن حده والدخول إلى عالم اللاشعور.. إن ما تحتاجينه حقًا هو تحليل موضوعي لأسباب فشل الخطوبة، ووضع نظام للاختيار قائم على أساس عقلي وعاطفي حتى تنجح حياتك،
ــــــــــــــــــــ(41/248)
ضحايا التحرش : حتى لا تقع فريسة جديدة
التحرش الجنسي
السلام عليكم ورحمة الله، أنا صاحبة مشكلة : تحرشي جنسي أم عبث طفولي...مسئولية الوالدين
الحقيقة أنا شاكرة لكم على اهتمامكم بالموضوع ونشر الموضوع في صفحتكم.
إن ما أعاني منه من ملاحقات يكون على شكل متقطع؛ إذ إن مشاكلي الأخرى وهمومي الأخرى ربما تغطي على مجرد وجود مشكلة من أرشيف الماضي، لكن الإنسان حياته هي تجارب في تجارب، لكن أن يحصل الإنسان على تجربة من غيره أهون عليه أن يذوق التجربة على جلده.
وبالنسبة لمراجعة إخصائي نفسي لا أظن بأن هنالك حاجة لمراجعة إخصائي نفسي، بينما أنا قد كبرت وقد وعيت لحالتي وفهمتها من كل جوانبها.. أحيانا يكون الإنسان أكثر فائدة لنفسه من أي إخصائي آخر إذا نظر للأمر بعقلانية وتفهم، لكن لا يجب إهمال الماضي هذا في اعتباري، ولا أعلم ما رأيكم أنتم؟.
الماضي يجب أن يظل حاضرا، رغما عنا؛ كي يذكرنا، حتى لا نقع فريسة مرة أخرى لا نحن ولا من نحبهم ونحرص عليهم أليس كذلك؟ فمثال عمي قد يتكرر في صور أخرى، الله أعلم ماذا قد تكون، ولا أقصد معي فقط، إنما مع أي ممن أرتبط بهم بأي رابطة هنا أو هناك ...
وبالنهاية أنا حقا شاكرة لكم اهتمامكم.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة، مراجعة الطبيب النفسي المتخصص تكون مهمة عندما تكون الحاجة لها قائمة، والدليل على وجود هذه الحاجة من عدمه تحدده صاحبة المشكلة، فإذا كانت قادرة على تجاوز ما حدث، والسير قدما في العودة إلى مسار حياتها الطبيعي بما في ذلك الزواج بمقدماته وتوابعه، فلا بأس.
أما إذا كانت تشتكي من أعراض نفسية وأحيانا جسمانية تصاحب بعض الدرجات الشديدة من التأثر بهذا الحادث البغيض، فهي حتما تحتاج إلى مساعدة، وبالمناسبة فإن فكرة "العون الذاتي" تبدو ذات جدوى كبيرة في حالات التحرش الجنسي، وهناك مجموعات كثيرة تنشط على الإنترنت في صورة نواد أو جماعات تتداول الخبرة، وتتواصى بالصبر وتتابع التشارك والدعم بين صاحبات نفس التجربة، ورغم الفاعلية العالية لهذا الأسلوب فإنه لا يغني عن العون المتخصص حين يكون مطلوبا ..
ــــــــــــــــــــ(41/249)
ذكريات الطفولة ، والنفور من الزواج
التحرش الجنسي
هي فتاة تبلغ من العمر 26 عاماً، مقبلة على الزواج، تمر كل فترة وأخرى باعتلال في صحتها النفسية يُشعرها بالضيق النفسي والرثاء لنفسها.. عانت من حرمان عاطفي، بكت كثيراً في مراهقتها، وتتمنى من أمها أن تضمها إلى صدرها؛ لتخرج ما في نفسها..
كرهت من حولها، ناقمة عليهم؛ لعدم منحها ما تحتاجه من عاطفة، أدى ذلك إلى قسوتها وخجلها الشديد في بعض المواقف، على الرغم مما تتميز به من جرأة ملحوظة في مواقف أخرى عند مواجهة الناس.. وكلما تذكرت ما حدث لها في صغرها؛ ازدادت انغلاقًا على نفسها، وجعلت هناك حاجزًا قويًّا بينها وبين أقرب الناس إليها.. تحمد الله وراضية بقضائه، لكنها تعاني رغمًا عنها..
كانت طفلة جميلة رقيقة بريئة تعرضت للتحرش الجنسي لأكثر من مرة، وفي كل مرة لا يتجاوز الأمر حركات غير سوية، أولها حدث وعمرها خمس سنوات تقريبا، لا تذكر ما حدث تفصيلاً، لكنه كان تحرشًا من رجل غريب عنها، قام ببعض الحركات غير السوية، وتركها فجأة عند قدوم بعض ذويها، وذهب وهي لا تعي شيئاً مما حدث، ولا تذكر أنها تأثرت لحظتها، وذووها لم يكبروا الموضوع فمر بسلام.. المرة الثانية كانت من جار لهم، وقد تكررت منه المأساة بحركات غير سوية، انتهت بقدوم ابنته، وكانت الفتاة في هذه المرة أكبر قليلاً في سنها، ولا تذكر شيئاً إن كانت قالت لأمها شيئًا أو هل أمها علمت بالأمر أم لا..
في آخر مرة- تتذكرها الفتاة جيدًا- كانت من سائق في الخمسين من عمره، وكان عمر الفتاة 11عامًا، وقد ظهرت عليها بعض علامات الأنوثة؛ فبدأ السائق يتحرش بها، مرة بكلمات، ومرة أخرى بحركات، وهي لا تعي ما يحاول عمله سوى أنه أمر غير أخلاقي، وخافت لحظتها، وكان السائق يريد أن يشتري صمتها بالحلوى الفاخرة، ولم تجد من تخبره؛ فأمها لا تلتفت إليها، وحاولت مرة أن تخبر صديقة لها - طفلة مثلها- ولكنها كانت تحتاج لشخص كبير ينقذها..
ومرت الأيام، ومضت سنة، وبطريقة عفوية زل لسانها بخبر ذلك السائق، وليتها لم تفعل؛ فقد هوجمت بعنف من أقرب الناس إليها، واتهمت في شرفها.. وثار الأهل فجأة، كما صمتوا فجأة، ولم يحاول أحد أن يحادثها أو يطمئنها أو يهدئ من روعها.. وتحطمت وبدأت تنطوي على نفسها، وتسير في طريق مسدود، ودخلت مراهقتها بصدمة نفسية تجرعت آلامها، وبدأت حياتها تأخذ منزلقاً خطيراً، مارست أخطر ما يمر على المراهقين في هذه المرحلة، وهو ما يسمى بالعادة السرية، وتتخيل من تحرشوا بها في صغرها يهجمون عليها فتصرخ وتبكي.. ثم استيقظت من سباتها من 4 سنوات، وتابت عما كانت تفعله..
هي الآن مقبلة على الزواج، وتبكي ليل نهار، وتشتاق لزوج يبعد عنها هذا الشبح، وتخشى في نفس الوقت من أن تتذكر طفولتها، فتنفر منه؛ فيبتعد عنها مثلما فعل أقرب الناس إليها.. تريد زوجًا تحدثه بكل شيء، تتطلع لأن يكون هو الشخص الذي يمنحها العاطفة التي طالما تمنتها، تريد من يحن عليها، ويعاملها برقة، ويقوِّم هشاشتها، ويصلح كسرها..
وأخيرًا، هل لهذه الفتاة من حل؟ وبماذا تنصحونها؟ بارك الله فيكم ونفع بكم.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إن ملف التحرش الجنسي في أثناء فترة الطفولة هو ملف مفتوح لدينا، ونوليه اهتمامًا خاصًا؛ فالدكتور "أحمد عبد الله" سيجري عليه دراسة وافية كاملة بإذن الله عن الآثار النفسية المترتبة عليه، وقد عالج هذا الأمر باستفاضة في رسائل ومشاكل سابقة متشابهة ، ومنها ضحية الاعتداء الجنسي.. الجحيم الحي
كما سبق وأن تناولنا أيضاً في مشكلة سابقة الإعتداء الجنسي لدي الأولاد في الصغر وكانت بعنوان الأعتداء في الصغر/اللواط في الكبر
ولكننا هنا سنقف عند الأسئلة التي وردت في رسالتك.. والسؤال الأول هو المتعلق بالخوف من النفور من الزواج، والصراع بين الاشتياق إليه والخوف من النفور منه، ونحن بدورنا نسألها ما الذي جعل فكرة النفور ترد إلى ذهنها؟!
وهل هي تشعر بنفور من العملية الجنسية بصورة عامة؟! وهل في كل ممارستها للعادة السرية كانت تتخيل من يتحرشون بها فقط، ولا ترى أي خيالات أخرى؟! وهل يوجد الآن خيالات جنسية طبيعية بدون العادة السرية أم أن الخيالات أيضاً مرتبطة بصور من تحرشوا سابقا بها؟! وهل توجد أي أحلام في هذا الاتجاه؟ بمعنى أشمل هل لديها شعور بالعجز على ممارسة العلاقة الجنسية الطبيعية؟! وهل عندها الرغبة في ممارستها؟
إننا نحتاج إلى الإجابة عن هذه الأسئلة لتقدير مدى عمق الشعور والصراع الذي تشعر به.. وهل هي تحتاج إلى بعض التطمين، والثقة فقط أم تحتاج إلى العلاج النفسي من خلال الطبيب المختص لمساعدتها على تجاوز هذه المشكلة؟
وبالنسبة للجزئية الخاصة بأنها تريد أن تحدث الزوج وتطلعه على كل شيء؛ فإننا يجب أن نفرق بين مستويين من الحديث أو التحرش.. تحرش جنسي لن يترتب عليه ضرر مادي بمعنى تمزق غشاء البكارة، وفي هذه الحالة لا داعي لذكر ذلك لزوج المستقبل أو غيره؛ لأنه لن يترتب عليه إلا إدخال الشكوك والظنون في نفس الرجل بدون أي داع، وتحرش جنسي ترتب عليه تمزق لغشاء البكارة، وهنا يجب إخبار الزوج وتقديم الأدلة المادية له على وقوع هذا الاعتداء حتى يطمئن قلب الرجل.. أما فيما عدا ذلك؛ فلا داعي لذكر هذه الوقائع، خاصة في بيوتنا الشرقية والتي تفكر في الفتاة كشريكة لما حدث معها فعليا، بالرغم من أنها الضحية.
الخلاصة أن هذه الفتاة تحتاج للدعم النفسي، فرجاء التواصل معنا لمساعدتها قدر إمكاننا، وبرجاء موافاتنا بعنوان بريد إلكتروني صحيح نتواصل مع الفتاة عبره.
ــــــــــــــــــــ(41/250)
ضحية الاعتداء الجنسي.. الجحيم الحي
التحرش الجنسي
بسم الله الرحمن الرحيم، مشكلتي التي حولت حياتي لجحيم لمده 13 عام وحتى الآن هي أنني تعرضت لحادث اعتداء، وأنا طفلة صغيرة، ولما كنت لا أعرف ما حدث لي بالضبط؛ فقد عشت في خوف وألم طوال هذه الفترة، وكلما كبرت وعرفت؛ كبر عذابي معي حتى أخبرت صديقتي بما حدث، والذي شجعني على أن أخبرها أنها قد سافرت؛ فأرسلت لها، وطلبت نصيحتها، فطلبت مني أن أذهب إلى طبيبة، وبالفعل ذهبت بعد تردد طويل، وأخبرتني الطبيبة بأن ما حدث لي لم يكن اغتصابًا، لكنه اعتداء جنسي، سبب لي نسبة كبيرة من التلف في غشاء البكارة، لكنها أيضا أخبرتني بأنني أستطيع أن أتزوج دون الحاجة لإجراء عملية المشكلة الآن أنني أخشى أن يكون تقديرها غير سليم، وأخشى أيضا أن أذهب لطبيبة أخرى فيتحطم الأمل الواهي الذي بدأت أتشبث به، وماذا لو ذهبت وقالت عكس كلام الطبيبة الأولى هل أظل أذهب لطبيبات إلى الأبد؟!
ملاحظة:
ذهابي إلى الطبيبة يسبب لي حالة نفسية سيئة جدًّا، ويعلم الله وحده كم أعاني مما يحدث لي فأنا أشعر أني قذرة وملوثة، ولقد فكرت في الانتحار كثيرا.
بالله عليكم أفيدوني ماذا أفعل؟ وإذا اكتفيت بكلام هذه الطبيبة فهل أصارح من يتقدم لي بما حدث مع العلم أني أصبحت أشعر بالاشمئزاز من العلاقة بين الرجل والمرأة ولا أتصور أن يلمسني أي شخص حتى ولو كان زوجي ؟
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الجريحة، بل المجرم الذي نال منك هو القذر الملوث، فأنت ضحية بريئة أراد الله أن يمتحنك بهذا البلاء، والحياة كلها امتحان.
لعلك قرأت ردنا السابق على أختنا التي تشكو من نفس حالتك، ويبدو أن هذه المسألة "الاعتداء الجنسي على الأطفال"ـ متكررة بشكل جعلنا نفكر في التعامل معها مباشرة بالبحث والعلاج، وإن كنا قد أحلنا الأخت السابقة إلى بعض الزملاء، فإننا يمكن أن نفعل معك نفس الشيء، أو أن نباشر نحن الأمر بأنفسنا، والاختيار لك، وسرية أمورك مكفولة تماماً في كل الأحوال.
إذن إذا كنت قد تابعت معنا الردود على هذه الحالات فمن نافلة القول أن أكرر التفاصيل، وعلى كل حال دعيني أؤكد لك أن كل ما تشعرين به هو أعراض نفسية ناتجة عن الحادث الذي تعرضت له في صغرك، وأن حالتك تستدعي علاجاً نفسياً حقيقياً يعالج جراح روحك، فهذا الاعتداء الأليم ينال من المشاعر والعواطف أكثر مما ينال من الأنسجة والأعضاء، وما تشعرين به من استقذار للنفس، وللعلاقة الجنسية بين الزوجين، والرغبة في الانتحار.. إلخ هو نتيجة طبيعية لما حدث.
لا تقلقي، واتصلي بنا لتحددي لنا اختيارك بشأن اتخاذ الإجراءات العلاجية المطلوبة لك، وقد قمنا ـ في إطار الممارسة العلاجية لحالات سابقة ـ بتحقيق نتائج طيبة، ولله الحمد، مع حالات، إحداهن كانت تعاني من مثل ما تعانين منه تماماً، والآن شفيت، والحمد لله.
ــــــــــــــــــــ(41/251)
على أعتاب النضوج.. حدود المسئولية
تحت العشرين, علاقات أسرية, مع الأهل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لا أدري إن كانت مشكلتي حقيقية أم لا.. لكنها بالنسبة لي فإنها مشكلة تخنقني وتشعرني بعدم الثقة بالنفس.. أنا فتاة عمري 16 عاما، فتاة متدينة ذات أخلاق حسنة -والحمد الله- بشهادة الجميع إلا والديَّ.. لا أدري لماذا مع أنني لا أفعل إلا كل ما يرضيهما.
فالمشكلة هنا والدي الذي لا يثق بي أبدا مهما فعلت، حيث إنني بنظره يجب أن أبقى تحت المراقبة لكي أبقى بأخلاق جيدة، وهذا الشيء فعلا يخنقني، حيث لم يبق شيء في البيت إلا ووضع له مراقبة.. التلفاز لم تبق قناة لنا، والكمبيوتر أيضا وضع له مراقبة، والهاتف أيضا، بالإضافة للتدخل في أبسط خصوصياتي، في لبسي وحركاتي.
أنا من طبعي أنني أكره أن يتدخل في تصرفاتي أحد؛ لأنني واثقة أنها صحيحة، أحس أنني أعيش في سجن كل أعمالي فيه مراقبة، ولا أستطيع أن آخذ راحتي في المنزل وأفعل ما أشاء، وبالطبع كلها تكون أشياء عادية.. أنا أريد فقط طريقة تجعله يثق بي وبما أفعله؛ لأنني قادرة على تحمل المسئولية بأحسن وجه.
وشكرا لكم.
... المشكلة
أ.سلمى عبده ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ابنتي الغالية..
قلبي معك.. ومع والديك، أقدر بشدة مشاعرك و"خنقتك", وأقدر بشدة حرصهما وخوفهما.
أتفهم مرحلتك السنية التي تختلط فيها المشاعر، وتتفجر فيها الحاجة الملحة إلى الحرية والانطلاق والاعتزاز بالذات والاستقلال بالشخصية، كما أتفهم خوف أهلك من المجتمع المليء بمظاهر الفساد والإسفاف الذي أصبح من أكثر ضحاياه مَنْ هم في مثل مرحلتك السنية، ومما يزيد من خوفهم هذه القصص الحقيقية التي تقع فيها البنات، وما بها من أخطاء وتجارب تنقلهم من حال الصلاح إلى حال الانحراف، فهم يخافون مما يقع فيه الآخرون، يخافون عليك وليس منك.
ابنتي..
لقد عبرت مرحلة الطفولة، وخطوت خطوات على أعتاب مرحلة النضج، فاعلمي أن من علامات النضج تقديرك لمشاعر الآخرين، وتفهمك لدوافع أفعالهم.
فإذا رأيت أن هناك نوعا من المبالغة من جانب أسرتك في مظاهر الخوف عليكِ فتأكدي أن لذلك أسبابا، فراجعي تصرفاتك، فقد تحكمين أنت على تصرفاتك بالانضباط، وقد تكون كذلك فعلاً، ولكنَّها ممكن أن تبدو لهما في ظاهرها مقلقة.
وقد تكون نظرتك للتعليمات والحدود لكونها مخالفة لحريتك ومقيدة لها يجعلك دائمة اختبار هذه الحدود، وهو ما يثيرهما ويدفعهما لكثير من الضغط، فانتبهي لذلك أيضاً.
ابنتي الحبيبة..
تقولين إنك على قدر المسئولية فاثبتي لهما ذلك، واعلمي أن قلقهما وخوفهما أمر مؤقت لن ينهيه إلا التصرفات التي تثبت نضجك، فالثقة تنشأ من تصرفات متلاحقة تدل على رزانة وحُسن تصرف.
• اجعلي لسان حالك يقول لهما: أنتما لا تحتاجان لوضع هذه القيود وإصدار التعليمات، فأنت دائماً مبادرة بالصواب.
• حاولي تجنب العناصر المتهورة من الأصدقاء، واجعلي علاقتك بهم سطحية.
• تجنبي الأوضاع الخاصة التي تزيد من مخاوفهما.
• حاولي أن تكوني عند حسن ظنهما في دراستك وتعاملاتك.
فأنت بذلك تمدين جسور الثقة معهما، وبمرور الوقت ستتطور العلاقة بشكل إيجابي بينكم، فإن لمسا منكِ النضج والاتزان فسيطمئن قلبهما وسيثقان في تصرفاتك وحكمك على الأمور، فينقلب هذا الخوف والشك إلى تفاهم وثقة.
ولا تيأسي ولا تتعجلي، فمن يزرع زرعا يتطلب منه ذلك وقتا وجهدا، ثم انتظار شهور لقطف الثمار، فما بالك بمن يزرع الثقة؟!.
ــــــــــــــــــــ(41/252)
مراهقة تسأل.. كيف أكون "مرحة"؟
مع المجتمع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أشكركم كثيرا على الجهود التي تبذلونها، وعلى اهتمامكم بنا.
أختصر لكم مشكلتي في أنني مللت من الحياة التي أحياها، ومللت من نفسي ومن شخصيتي. أريد أن أتغير إلى إنسانة أخرى، فأرجو أن تساعدوني على
ذلك؛ فأنا هادئة واجتماعية نسبيا ولطيفة، أريد أن أصبح "حبوبة" ومرحة وقوية الشخصية لا ضعيفة كما أنا الآن.
ولا أستطيع أن أدافع عن نفسي؛ بل تغلبني دموعي، وأخشى كثيرا من التوبيخ، وأفعل أي شيء لتجنب ذلك. ربما أثرت فيَّ أختي الصغرى، فهي مرحة
وذات شخصية قوية.
وهناك عيب آخر فيَّ، وهو أني أقوم بتحليل الأمور والتخطيط لها بعناية، ثم لا أطبق شيئا منه، لقد تعبت من هذه العادة، ولا أستطيع تركها، ولا أدري ما
السبب. من كثرة تحليلي للأشياء أستغرق في تحليلاتي وتأملاتي وقتا طويلا، حتى عندما أكون وسط صديقاتي.
أحب أن أعيش المغامرات والأحلام، ولا أرضي أبدا بالواقع الذي أعيشه فلا يعجبني أي شيء، وكل شيء جميل أخرج عيوبه حتى يصبح "قبيحا".
أريد أن أصبح إنسانة رائعة ومفيدة لمجتمعها ومقدرة لذاتها. باختصار: أريد أن أتغير، هل هذا ممكن أم أن هذه هي شخصيتي ويجب أن أتعود عليها؟
أتمنى أن أجد لديكم الصدر الرحب، وشكرا.
... المشكلة
د.داليا محمد مؤمن ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومرحبا بك صديقة لصفحة "مشاكل وحلول الشباب".
مشكلتك آنستي برغم أنها تخصك أنت إلا أن كثيرات ممن هم في مثل عمرك -عمر الزهور- لديهم مشاعر وأفكار تشبه ما لديك، وقد فهمت من مشكلتك أن لها جانبين: الأول يتعلق بأنك مللت نفسك، والثاني رغبتك في التغيير، فتعالي نتحدث عن كل جانب..
بالنسبة للجانب الأول: أجدك تتحدثين عن جوانب في شخصيتك لا تعجبك، منها أنك تستغرقين في التحليلات والتأملات، وأنك لا تستطيعين الدفاع عن نفسك، وهذه الجوانب تعتبر أمرا طبيعيا في عمر الزهور أو ما يسمى مرحلة المراهقة؛ حيث تكثر فيها أحلام اليقظة وكثرة السرحان، كما أنها فترة يحتاج فيها كل منا إلى اكتساب مهارات جديدة في التواصل مع الآخرين؛ فقد دخلت في طور الشباب وأصبحت تتعاملين عن قرب مع آنسات وربما شباب أيضا، كما أنه من المتوقع أن تكون معاملات الآخرين لك قد تغيرت، فقد أصبحت آنسة وهذه الآنسة يعاملها البعض على أنها لا تزال طفلة، ويعاملها البعض الآخر على أنها كبيرة.
والحقيقة أنني لا أعرف هل هذه المعاملات لا تزال قائمة إلى الآن أم لا؟ ولكن الدراسات العربية والأجنبية تذكر هذه الطريقة من تعامل الناس معك. وعلى جانب آخر مللت من نفسك في حين أنني أرى فيك خصائص شخصية قد تكون مرغوبة من الآخرين؛ فكثير من الناس يفضلون الشخصيات الهادئة مثلك، ويحبون الشخصيات الرقيقة غير العدوانية.. فاعلمي أن بك إيجابيات ذكرتها لي، وأظن أن هناك إيجابيات أخرى كثيرة عليك أن تبحثي عنها بداخلك، وتسألي صديقاتك المقربات عنها وتكتبيها أمامك؛ حتى تكون رؤيتك لذاتك موضوعية.
توجد نقطة أخرى أحب أن أعلق عليها، وهي أنك مللت نفسك لعدة أسباب، منها أنك تقارنين نفسك بأختك، والواقع أن الله -سبحانه وتعالى- خلق كل منا متفردا ومختلفا عن غيره، وهذا الاختلاف نعمة من نعم الله علينا.. إنك تتميزين عنها في جوانب أخرى؛ مثل قدرتك العالية على التحليل.. هذه القدرة ستقودنا إلى التحدث عن النقطة التالية.
الجانب الثاني من مشكلتك وربما ترينها الأهم وهي كيفية التغيير، فهل التغيير ممكن؟ وهل ترغبين حقا في التغيير، أم أنك ترسلين إلينا بمشكلتك كنوع من التخطيط الذي تجيدينه ولكن ستفعلين كما كنت تفعلين من قبل فلا تطبقين النصائح التي سأقدمها لك؟
هذه الأسئلة سنجيب عليها معا، فأنت من سيقرر هل ترغبين حقاً في التغيير أم لا، وأنت أيضا التي ستقومين بتطبيق ما نتفق عليه هنا.. وأنا سأجيب عن إمكانية التغيير.
التغيير آنستي ممكن ولكن من المهم أن تعرفي أن التنقل من حالة وجدانية إلى أخرى هو أمر طبيعي في هذه المرحلة، وأن الاستقرار يزداد شيئا فشيئا مع النضج.
ابدئي آنستي بتحديد وكتابة الأشياء التي تودين تغييرها في نفسك، وحدديها ورتبيها من الأيسر إلى الأصعب، ثم ابدئي بالسهل، فإذا افترضنا أن أول نقطة كانت التحدث مع إحدى صديقاتك حول موضوع معين، فهنا يمكنك أن تتصلي بها وتحكي لها، فإن كانت مشغولة يمكن أن تتصلي بها في وقت آخر أو تخبريها أنك تريدين التحدث معها، وأنك ستقابلينها في يوم محدد ومكان محدد وتحكي لها.
أريد أن أوضح من هذا المثل أن كل نقطة تتطلب التغيير سيقابلها عقبات، ولكن العقبات هذه يمكن الإصرار على تجاوزها. من جانب آخر، أود أن أوضح لك أن التغيير الكبير الذي تطمحي في الوصول إليه ستصلين إليه عبر مراحل.. وكل مرحلة مطلوب فيها تغيير بسيط.
ــــــــــــــــــــ(41/253)
هواجس حول الحب و"النقاب"
مع النفس
بسم الله الرحمن الرحيم
أفراد موقع "إسلام أون لاين.نت"، السلام عليكم..
بصراحة اعتبركم الآن أفرادا من أسرتي الحقيقة؛ وذلك لكثرة قراءتي للمشكلات على صفحة "مشاكل وحلول" وحلولكم الفعالة الجيدة. لقد سبق أن بعثت لكم بمشكلتي التي نشرتموها تحت عنوان "من لا يحِبُّ ولا يُحَبُّ.. ليس منا"، وأجاب على المشكلة الدكتور "وائل أبو هندي" الذي أعتز به كثيرا، وأشعر أنه في مكانة والدي.
وما أكتبه اليوم قد يكون استكمالا لمشكلتي التي أشرت إليها توا، كنت أقول: إني أحب بشكل غير عادي، أحب أي أحد ينظر إلي أو يعرني أي اهتمام مهما كان عاديا. كنت أحب ابن خال لي، لكنه الآن شبه مرتبط بزميلة له في الجامعة.
في البداية كان يصارحني بأنها مثلي تماما في معظم التصرفات، وشعرت أنها ستكون قريبة مني جدا. مرت علي فترة كرهتها فيها وشعرت أني أحبه هو، وما دمت أشبهها هكذا فلماذا لم يقع في حبي أنا القريبة منه؟!.
لكن هذه الفترة مرت بسلام، والصراعات كلها كانت صراعات داخلية، لم يشعر بها سواي، ولله الحمد اكتشفت أيضا أن حبي السابق له -والذي أفضل الآن أني أسميه إعجابي الأول- كان بسبب الأهل، فأمي مثلا تحبه، وكانت تتمناه عريسا لي، وكذلك والدته، ولعل هذا الضغط الخفي هو ما جعلني أميل إليه بشكل مفاجئ وبدون أن أشعر.
ومشكلتي الآن التي تعذبني هو إعجابي بزميل لي في الجامعة، هذا الزميل كان معي في بعض "التدريبات العملية"، وفي البداية لم أكن ألحظه إطلاقا، ولكني لاحظت -وكل هذا في النصف الأول من السنة الدراسية- أنه أحيانا ينظر إلي، ومن هنا بدأت قصتي، وفي البداية لم أشعر نحوه بأي مشاعر على الإطلاق، كأنه شخص غير موجود، لكني الآن أشعر بالإعجاب نحوه، وحين أراه الآن لا أعتقد أني أعجبه؛ لأنه لا ينظر إلي تقريبا، ويعاملني كأي زميلة، علما بأني لا أتحدث معه إطلاقا، لا هو و لا أي زميل آخر، لكنى أهتم به، وفي كل يوم أذهب لأرى هل جاء إلى المحاضرة أم لا؟ وأين يجلس؟ ومع من يتحدث؟ وإذا جاء بعدي ألاحظه وهو قادم، وهكذا.
أنا فتاة واقعية ولا أريد أن أعيش فترة حب من طرف واحد، أنا لا أحب هذا الوضع، ولا أقره لنفسي؛ لأنه مضيعة لمشاعري بدون داع. أريد أن أعرف كيف أتخلص من هذا الاهتمام، كيف أحافظ على قلبي حتى يأتي الوقت المناسب لأمنحه لمن أريد؟
حاولت في البداية إقناع نفسي أن هذا مجرد إعجاب، وأني لا أحبه ولا أهتم به، غير أن بعض الأمور تحدث لي فتثبت اهتمامي به، كأن يخفق قلبي بشدة إذا تصادف وجوده أمامي مباشرة، أو إذا التقينا مصادفة في أي مكان بالكلية.
أعرف يقينا أنه لا يشعر بي، وبصراحة ليست مشكلتي في جذب انتباهه، فأنا لا أريد هذا، ولا أريد أن يحبني، ولا أي شيء؛ لأني لا أعرف عنه شيئا، لكنى أريد أن أعرف كيف أتخلص من كل هذا الاهتمام به، وأعود لأراه كما أصبحت أرى الآن ابن خالي؛ أريد أن أراه مجرد زميل عادي، لا ألاحظ دخوله أو خروجه ولا يهمني وجوده؟
وكيف أحفظ قلبي من الانبهار والإعجاب كلما رأيت أحد الشباب، خاصة أني اجتماعية جدا ولا أعاني من أي فراغ. وعندما أشارك في إحدى الجمعيات قد أشعر بالانجذاب نحو أحد الزملاء أيضا.
الجزء الثاني من مشكلتي متمثل في "النقاب"، وحدث أن خرجت به مرة مع صديقاتي بدون علم أمي طبعا، وقلت لأجرب وأرى كيف تسير الأمور به، وبدلا من أن أشعر بالحرية الشديدة، شعرت بقيد غريب وأني لا أستطيع أن أتحدث مع الناس. لم يخنق النقاب أنفاسي، ولم يزعجني وجوده المادي، ولكن أزعجني نفسيا.
وفي نفس الوقت أصبحت أقول لنفسي: " أنا مثلا أحب زيارة الملجأ، والمشاركة في الجمعيات الخيرية، والناس يتخوفون من المنتقبات.. فهل إذا انتقبت سيتيح النقاب لي حرية الحركة والمشاركة أم سيقيد كل هذا؟
وعلي هامش إعجابي بزميلي سألت نفسي قائلة: كيف سيعجب بي شاب إذا كنت منتقبة هكذا؟ شعرت بأن إخلاصي لله يزول، وأني منافقة، وحزنت بشدة على نفسي، وابتعدت كثيرا عن الله، وزالت الحلاوة من قلبي منذ هذا اليوم.
أحتاج أن أعرف منكم.. هل النقاب يقيد حرية الحركة والمشاركة الفعالة في المجتمع؟ وجزاكم الله خيرا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله, أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
يقول د.وائل أبو هندي:
الابنة العزيزة، أهلا وسهلا بك. أشكرُ لك متابعتك وإطراءك، بارك الله فيك. من الواضح يا ابنتي أنك فتاة عقلانية أكثر من اللازم، ستقولين وصفت نفسي يا دكتور بأنني واقعية، فأقول لك: قد تكونين أقرب إلى الواقع من الفتاة العاطفية، وهي النموذج الأكثر شيوعا، لكنك لست واقعية تماما كما تحسبين؛ لأن الواقع يا ابنتي -أي واقع- يعيشه الإنسان لا يفسر كله بالعقل الصرف.
والانطباع الذي وصلني عنك أنك فتاة ملتزمة، ومُتَحَفِّظةٌ أكثر من اللازم، وهي جدا تسرفُ في "عقلنة" الأمور، وربما أخمن أن لحظات انفلات المشاعر النادرة منك هي التي تصفينها بقولك: "كأن يخفق قلبي بشدة إذا تصادف وجوده أمامي مباشرة"، وعلي هذا النحو توقفين عقلك بالمرصاد لمشاعرك.
وهو ما انعكس أيضًا في سؤالك: "وكيف أحفظ قلبي من الانبهار والإعجاب كلما رأيت أحد الشباب؟" فأنت تحاسبين القلب على خفقانه إذا عبر عن خجلٍ، أو قلقٍ ما لم يتحقق ما ترينه مطابقا لشروط العقل التي تقبلين بها، وفي هذه الحالة يجب على الأقل عندما تفكرين في أي شاب أن تسألي نفسك: هل هذا الشاب يصلح زوجا؟ وتتركين بعض السماح لمشاعرك بعد الإجابة عن هذا السؤال في التحرك إذا وجدت في الأمر جدية، لكن المصادرة على مشاعرك لمجرد المصادرة فهو الخطأ.
هذا إن كنتُ فهمت ما يعنيه قولك: "أريد أن أعرف كيف أتخلص من هذا الاهتمام؟ كيف أحافظ على قلبي حتى يأتي الوقت المناسب لأمنحه لمن أريد؟".
يا ابنتي، الأصل عندي أننا لا نختار من نحب، وإنما نختار كيف نتصرفُ معه، كذلك لا نختار من نتزوج، لكننا نختار كيف نتعامل معه؟.
أقول لك بصراحة: "وسعيها يا بنيتي على مشاعرك بعض الشيء"، فوالله إنك لمثلُ رائع لمن تسرف في تحميل نفسها ما لا تطيق، وهذه واحدة من سمات الموسوسين عافاك الله.
ابنتي، لو رجعت إلى ردي السابق عليك ستجدين أن السلوك الظاهر أي الذي يؤثر في الآخرين بعلمك أو برغبتك هو مناط التكليف، وكل ما ذكرته في إفادتك عن موضوع الانشغال والانبهار بالشباب يمكنني اعتباره جزءًا من حديث النفس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عُفي عن أمتي ما حدّثت به نفوسها، ما لم تتكلم به أو تعمل به" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله تعالى يقول للحفظة: إذا همَّ عبدي بسيئة فلا تكتبوها، فإن عملها فاكتبوها" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأحسبُ في زماننا هذا على الأقل أن الإنسان العادي المتدين دائما ما يجاهدُ نفسه. المهم أتمنى أن تشغلي نفسك بغير الإسراف في "العقلنة" التي تبدو وكأنها عندك بديل لجهاد النفس، وهو الجهاد المحمود، لكنك تستبقين وتمنعين نفسك من الدخول أصلا في الجهاد ما استطعت، وهذا انطباعي عنك لا أكثر.
وأما قضية النقاب، فإنني ربما أستغربُ سؤالك؛ أنت تقولين إن الناس يتخوفون من المنتقبات، وتسألين: هل هو يحد من القدرة على النشاط الاجتماعي؟ وهو سؤالٌ أراه جديرا بالبحث فعلا من الناحية العلمية النفسية والاجتماعية، وأول خطوات البحث هي أن نحدد المفاهيم والأدوات، وبالتالي جملة الأسئلة التالية منطقية التي منها: ما النقاب؟ وأي أشكاله تقصدين؟ وعلى وجه من؟ ومع من؟ حيث إن النقاب الذي رأيته في بدو السعودية من ربع قرن مضى غير النقاب الذي أراه الآن، والنقاب في اليمن غيره في المغرب.. أليس كذلك؟ وربما لا يختلف شكله فقط من مجتمع لمجتمع، فقد يختلف تقبله الاجتماعي أيضًا من أسرة لغيرها.
وأنا يا ابنتي لا أفهم النقاب إلا كما تعلمته، وهو تغطية الوجه إذا خُشِيت الفتنة؛ أي هو "تغطية الوجه"، وحين سألت فقهاء أو معلمي الفقه الحنبلي في مرحلة الدراسة المتوسطة في السعودية في سبعينيات القرن الماضي -وهو أبي يرحمه الله- قال لي: "يعني باهرات جمال الوجه أو الكفين"، وحين سألت لماذا كل النساء هنا -أي في السعودية- تغطين الوجوه؟ كان الرد بأنها عادةٌ وعرفٌ مستحب لا أكثر.
ولذا أقول: إن أي أنواع أخري من "النقاب" لا أستسيغها؛ لأنه كثيرا ما يعوق التعامل الإنساني، وأنا بالطبع لست فقيها، ولا أرقى لدرجة من درس علوم الفقه الإسلامي دراسة المتخصصين.
بصراحة أتمنى أن تكونَ كل المنتقبات مطابقات لشروط النقاب، فهل حضرتك مطابقة؟ وأنا -والحمد لله- لا أنسى أنك قلت في أول رسالة منك لنا: "مع أنني فتاة عادية"، وأذكر أيضًا من رسالتك السابقة أن ما أغواك بفكرة النقاب هو ما كنت تكرهين في نفسك من الخجل، فأرجو أن تتأكدي من سبب رغبتك في النقاب؛ لأن المسألة اليوم ليست كما كانت أيام أمتنا من قبل، وما أرى من تضطرُ للنقاب إلا مبتلاة بحسن وجهها! فهي تخاف الشعور بذنب الإغواء فتتقيه بتغطية وجهها.
وفي نهاية الرد توسوسين بصورة تكاد تبدو رسمية حين تقولين: " وعلي هامش إعجابي بزميلي سألت نفسي قائلة: كيف سيعجب بي شاب إذا كنت منتقبة هكذا؟ شعرت بأن إخلاصي لله يزول وأني منافقة، وحزنت بشدة على نفسي، وابتعدت كثيرا عن الله وزالت الحلاوة من قلبي من يومنا هذا"، لماذا كل هذا؟ أخشى عليك من الاجترار الوسواسي .
فالطبيعي أن تجيء الفكرة الأولى: "كيف سيعجبُ بي أحد دون أن يرى وجهي"، ولكن ليس طبيعيا أن تنساقي حضرتك وراءها إلى هذا الحد! وإنما المفروض أن نرد بفكرة مثل: من قال إن إعجابَ ذكرٍ بأنثى يعتمد على رؤية الوجه تحديدا؟ صحيح أن الوجه فاعلٌ مهم -في فهمنا- لكنه في فهمنا أيضًا ليس عاملاً ضروريا أو جوهريا، وهكذا تنتهي الفكرة الأولى، أما أن تصلي إلى فقد حلاوة الإيمان متهمة نفسك بالرياء، فهذا كثير عليك يا ابنتي!!.
وباختصارٍ أقول لك: في أي موقف وكل موقف لا تحددين أنت من سيعجبُ بك، ومن يحدث إعجابه، إنما عليك أمر نفسك، وكيف تتصرفين حين تعجبين أنت بأحد، أو حين يعربُ أحدهم لك عن إعجابه إن شاء الله بصورة رسمية شرعية، بارك الله فيك ورزقك وهداك، وطمئنينا على عقلك الصغير!.
ويضيف د. أحمد عبد الله:
أحب أن أضيف إلى كلام الدكتور وائل أبو هندي كلاما..
أن علاقة كل فتاة بالنقاب أو حتى الحجاب تختلف من حالة لأخرى، وهو مجال لم نقرأ فيه الكثير، وهو ثري جدا ويستحق المعرفة والدراسة، على خلفية أن "الزي" أحيانا يدخل في صلب الهوية الشخصية، وفي تاريخ النمو النفسي والتواصل الاجتماعي للإنسان.
ومسألة الحجاب من الناحية النفسية لم تحظ بدراسات لائقة تتجاوز المديح التقليدي، أو حتى اللوم والاعتراضات التقليدية، وأرى أن كلاهما ساذج، ولا ينفذ لأعماق الموضوع، فهل سنسمع من بعضكن في المستقبل وصفا أو تحليلا في هذا الصدد؟
الأمر الآخر الذي لفت نظري في رسالتك هو هذا الهاجس المتضخم جدا لديك حول مسألة الحب والإعجاب، وكأننا نتمحور في حياتنا حول نشاط العاطفة والجسد فقط، وهذا هو الشائع في حياتنا في اللحظة الراهنة نتيجة الأغاني والسلع والبيئة التي تحيط بنا التي لا حديث لها إلا عن الحب، الذي أعترف أنه أحيانا يكون النشاط الإنساني الأهم، لكنه ليس غاية الوجود، كما أنه ليس الحب بين الجنسين فقط!.
في أمة مثل أمتنا لدينا قائمة تحديات تحتاج إلى جهود ومشاعر، وأفكار وخطط، وشبكات وحركات، ونحتاج إلى بناء هذا كله، فمتى سنبني ونحن غارقون في أحاديث الغرام ما بين واصل ومشتاق؟! ما كل هذا الفيض من الكلام عن الحب في مجتمعات محرومة من أبسط مقومات الإنسانية، ومحروم فيها أغلب البشر من أي نوع من أنواع الحب؟!! هل هي حالة من الهروب الجماعي أم التحذير الواعي؟!
طاقتنا الشعورية والفكرية -إن وجدت- تكاد تكون مبددة في شأن من طبيعته أنه لا يحتاج إلى هذا كله، فهو يحدث قدرا، ولكن إدارته تحتاج إلى حكمة، ووسط بقية جوانب الإنسان روحا وعقلا وجسدا ووجدانا.
يا عزيزي الدكتور "وائل"، ليست ابنتي هذه هي الموسوسة، بل أمتنا كلها فيما يبدو مصابة بوسواس الحب، وهي لا تكاد تدرك أو تجد من معاينة الحقيقة شيئا، فمن يطوي هذه الصفحة وينشر غيرها؟!.
وأجد هذا السؤال يفرض نفسه عليَّ في النهاية: هل تضخم هاجس الحب والغرام والجنس ليصبح الشغل الشاغل لأغلبنا رجالا ونساء، وبخاصة في مرحلة الشباب، هل له علاقة بتضخم فكرة أو مكانة الحجاب كواجب ديني ليصبح هو الأهم وسط بقية واجبات الدين التي تبدو غائبة؟! وهل الحياة هي الحب؟! وهل الالتزام الديني هو الحجاب؟! هكذا باختصار وتلخيص يبدو المشهد الحالي كما أراه، فماذا ترون؟!
ــــــــــــــــــــ(41/254)
تساؤلات فتاة صغيرة على الحب
تحت العشرين, تحت العشرين-عاطفي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشكركم على هذا الموقع الجميل الذي كرستموه لحل مشاكل الشباب التي أراها كثيرة.
أما عن مشكلتي فأنا فتاة في الثامنة عشرة من عمري، في السنة الجامعية الأولي، وأنا أخشى الله في نفسي، والحمد لله، ولا أفكر في العلاقات غير الشرعية أثناء الجامعة، وكل تركيزي على دراستي، ولم تخطر لي هذه الأفكار نهائيا، لدرجة أن جميع الناس يمدحون أدبي، وحتى عندما خطرت لي تلك الخواطر كنت ألهي نفسي، ولا أعطيها بالا لأني لا أستطيع الارتباط حاليا قبل أن أكمل دراستي الجامعية وأنا والحمد لله لم أخضع حتى الآن لسلطان عاطفتي.
لي ابن عمة يدرس معي في الجامعة بنفس التخصص، وعلاقتي به عادية كعلاقة أي فتاة بابن عمتها، يعني إذا قابلته ألقي عليه السلام، وربما نتحدث قليلا في الدراسة ومعي رقم جواله بمعرفة والدتي لأني أحتاج منه بعض الخدمات في الجامعة خاصة أن أبي متوفى، ولا أهل لي، إلا أمي وإخوتي الصغار.
ابن عمتي هذا شاب متدين، ولهذا صعقت لتصرفه، ففي يوم من الأيام طلب لقائي أمام الكلية، ليعطيني ورقة، وأنا ببراءة الأطفال أخذت منه الورقة ظنا مني بأنها ورقة متعلقة بأمور الدراسة، وإذ بها رسالة يعبر بها عن إعجابه بي ونيته للتقدم لخطبتي بعد إكمال دراسته الجامعية، وسألني عن رأيي، طبعا هلعت هلعا شديدا وطلبت من زميلتي القدوم بسرعة وهي متدينة ذات عقل راجح، ورويت لها ما حدث فأشارت علي بعدم إخبار أمي لأنها تخاف علي كثيرا فأنا ابنتها الوحيدة وقد تنفعل كثيرا وقد يحدث خلاف كبير بين العائلتين خصوصا أنهما ليسا على وفاق كبير.
وأشارت علي صديقتي بأن أرجع له رسالته، وأقول له إنه مثل أخي، وأرحل بكل بساطة، وفعلا فعلت ما أشارت علي به، ولكنه بعث لي رسالة على الجوال يتأسف لي، وقال إنه لن يتوقف عن إرسال الرسائل حتى أرد عليه بأني قبلت أسفه، وطلب مني نسيان الموضوع.
أنا لا أريد أن أرد عليه ولا أريد أن أتكلم معه كلمة واحدة مرة أخرى إلا "السلام عليكم"، احتراما لعمتي. قلت ذلك لصديقتي فنصحتني بأن أقول له في الجامعة أن يدعني وشأني ويشطب رقمي من جواله، فإن أصر على التكلم معي أخبر عمي وليس أمي بما حدث.
أرجوكم أفتوني في مشكلتي. هل أسمع كلامها؟ أنا لا أريد الارتباط الآن كما أني لا أحب زواج الأقارب، ولم أكن لهذا الشاب يوما أي قدر من العاطفة، أنا غاضبة منه أشد الغضب، أليس الأولى إذا أعجبته أن يتقدم لخطبتي من أهلي عندما يصبح جاهزا؟ عندها إما أن أقبله أو أرفضه بدلا من أن يبعث لي سرا بهذه الرسالة، وبعد هذا كله يطلب مني أن أنسى الموضوع ولا أخبر أحدا، ألم يفكر بعواقب هذه الرسالة والحرج الذي قد تسببه لي ولسمعتي خاصة في هذا البلد الذي يحيى على الغيبة والطعن في الأعراض؟ ألم يفكر في موقف أخته إذا بعث لها أحدهم مثل هذه الرسالة؟ أم أن جميع شباب هذه الأيام لا يقدرون عواقب ما يفعلونه؟أرجوكم أشيروا علي ماذا أفعل؟
... المشكلة
د.حنان طقش ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أهلا بك يا مريم وباستشارتك المستعجلة، سأجيبك بأن الغريب في الموقف ليس إعجاب ابن عمتك أو محاولته استكشاف طبيعة مشاعرك نحوه بشكل مبدئي، فطبيعي أن يعجب شاب في سنه بفتاة لها مثل اهتماماته، ولكن الغريب هو ردة فعلك القوية والعنيفة تجاه الموضوع بأكثر مما يستحق، لماذا تستجيب فتاة لإعلان إعجاب بها بالهلع والغضب؟ هل لعدم تقبلها لنضجها وأنوثتها وإنكارها لدورها القادم في الحياة أم أن الشخص غير لائق ولا يشكل ندا اجتماعيا فتغضب لتطاوله؟ ولا بد أنك تعرفين مثلنا الشائع "ما بنجلي إلا السلاح وما بينخطبوا وينحبوا إلا الملاح".
لن أقول إنه لم يحسب العواقب جيدا كما حكمت، فهو تشغله مشاعره تجاهك ولكنه يعي موقف العائلتين المتأزم، فلم يشأ أن يتخذ الطرق المعتادة فمجرد طرح الموضوع ورفضك له سيصب مزيدا من الوقود على نار الخلافات الأسرية بينكم.
عزيزتي هو لم يفعل أكثر من تعبيره عن مشاعره نحوك، وبكل بساطة اقبلي أو ارفضي دون ثورة أو غضب تدفعك للحكم العام على وطن بكامله بأنه يعيش على الخوض في الأعراض، فمثل هذه العيوب الاجتماعية منتشرة في كل مكان، ولها أهلها فقط، ولن يكون بأي حال مجتمع بكامله نماما!.
هل فكرت أن غضبك هذا قد يكون صورة معكوسة من اهتمامك به رغم ما ذكرته بوضوح من أنك لم يسبق أن فكرت به؟ هل فكرت أن مجرد رفضك إعطاءه كلمة نهائية منك هي شكل من أشكال التعزيز والمحافظة على اهتمامه بك؟ هل هو إعجاب منك بأن أحدا ما معجب بك وتحرصين على الاحتفاظ به؟ إن لم يكن هذا الحال حقا بينك وبين نفسك -وأنت أدرى بها مني- فلا بأس عليك إن رددت عليه بأدبك الواضح بأنه لم يغضبك فهو لم يتجاوز حدود الأدب.
طمئنيه أن تعبيره لك لن يثير فتنة أسرية من جانبك، فهذا غالبا ما يقلقه، تعبيره المبكر لك بطريقة غير مباشرة هو تفكير واقعي من وجهة نظري إلى حد ما؛ كي لا يستمر بالتعلق بك سنوات ليجد أنك لا تنشدين معه نفس اللحن.
فأنا أدعو دائما للوضوح في هذه المسائل، فرفقا بالقلوب الرقيقة. وأعتقد أن ردك بسرعة له بنفس الطريقة التي يحاول بها الاعتذار هو أفضل من مواجهته، واجعلي كلامك مختصرا غير جارح وتذكري قوله تعالى "ادفع بالتي هي أحسن" فهو سيبقى قريبك وزميلك لسنوات.
بعض الشباب مستهتر فعلا، وبعضهم فقط يختلفون في طريقة حساباتهم ولا يستحق اختلافهم الغضب، فأنت ترين مثلي أن ارتباط الطلاب نادرا ما يكون ناضجا أو يأتي بما تشتهي السفن، ولكن غيرنا يرى أن تعلق قلبه بحب ما يحفظه من الزلل ويدفعه للمزيد من الجدية، وهذه وجهات نظر طلابي الذين هم في مثل عمرك، ومن نعم الله علينا أن في الحياة دروبا مختلفة تناسب اختلافنا، بإمكان كل منا أن يسير حسبما يوافق قدراته ورغباته، مع دعائي لك وله ولجميع الشباب المسلم بصلاح الحال.
ــــــــــــــــــــ(41/256)
معاناة مراهقة مع الحب
مع الجنس الآخر, الحب الأول
السلام عليكم..
لدي مشكلة أرجو منكم إعانتي في حلها.
مشكلتي مشكلة أي مراهقة؛ فأنا أسيرة حب منذ سنة ونصف، وهذا الحب عذبني، وكثيرا ما حاولت الإقلاع عنه ونسيانه وإخراجه من بالي وتفكيري بالدعاء عند الصلاة، ولكن كلما رأيته ازداد تعلقي به. وبالإضافة إلى ذلك فأنا دائمة الشجار مع أهلي بسبب هذا الحب وعدم السيطرة على ذاتي، في بعض الأحيان أدخل إلى غرفتي وأبدأ بالبكاء، وحينها يبدأ التكلم مع نفسي.
هل أنا الوحيدة التي يقع لها هذا؟ هل أنا مريضة نفسيا؟
يا رب، لماذا أنا هكذا؟ لماذا أنا متعلقة بهذا الشخص إلى حد لا يوصف؟ ولماذا أعامل أهلي هكذا؟ أينقصني التشبث بديني؟ هل أنا مقصرة في القيام بواجباتي الإسلامية اليومية؟ كلها أسئلة تراود ذهني ولا تفارق بالي.
هذه مشكلتي، أعينوني أعانكم الله، وجزاكم الله كل الخير.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
يا ابنتي،
لم تحكي لنا كيف بدأ هذا الحب وفي أي سن؟ ومن هذا الشخص الذي أسرك بحبه وأفسد عليك حياتك؟ وهل هو حب من طرف واحد أم أن هناك تجاوبا من الطرف الآخر؟ وهل هو في مثل سنك أم أكبر أم أصغر؟ ولماذا يعذبك هذا الحب؟ ولماذا يجعلك دائمة التعصب مع أهلك؟ وعلى أي الأحوال الإجابة على هذه الأسئلة تجعلنا أكثر استطاعة لمساعدتك.
وسنحاول أن نتحدث عن الشق العام في مشكلتك، وهو الذي تتساءلين فيه: هل أنا الوحيدة التي يحدث لها ذلك؟ وتقصدين إحساسك بالحب ومعاناتك فيه، وهل هذا بسبب تقصير في عباداتك؟
الحقيقة أن ما يحدث سببه هو أنك لم تستعدي ولم يساعدك أحد في الدخول لمرحلة المراهقة، وبالتالي عندما فاجأتك مشاعرها وأحاسيسها لم تعرفي ما الذي يحدث وصرت مضطربة ومشوشة، فهل هذه المشاعر صحيحة وهل هي الحب، أم أنها مشاعر خاطئة يجب أن تقاوميها؟ حتى هذه الأسئلة ليست محددة في ذهنك بهذا الوضوح.. والحقيقة أيضا أنه لو أخبرك أحدهم بطبيعة المراهقة وما سيحدث فيها لكنت مستعدة وفاهمة لما تشعرين به.
فهذه التغيرات البيولوجية الكبرى التي حدثت بداخلك مع بداية سن المراهقة، والتي أحدثت ثورة على كل المستويات العقلية والنفسية والعاطفية والجسدية في حياتك، هذه الثورات والتغيرات إنما هي لتهيئتك للانتقال من الطفولة إلى عالم الشباب والصبا، وحكمة هذه التغيرات هي أن الله يعد الإنسان فيها -ذكرا أم أنثى- لدور إعمار الأرض، فحالة الميل الفطري، التي تكون إحدى نتائج هذه المرحلة بين الذكر والأنثى، إنما هي من أجل أن يرتبط الرجل والمرأة في علاقة هي أوثق وأعظم العلاقات في الكون، وهي الزواج، ومن أجل أن تدور عجلة الحياة والإعمار ليتحقق مطلوب الله عز وجل "إني جاعل في الأرض خليفة".
نعم، هذه هي التغيرات، وهذه المرحلة مرتبطة بمهمة الإنسان في الأرض، وهي أن يكون خليفة الله في الأرض لإعمارها، وبالتالي فإن هذه المشاعر التي تسمونها حبا هي في الحقيقة حالة الميل الفطري بين الذكر والأنثى، وهي تمهد لحالة الحب ولكنها ليست الحب، وهي مشاعر طبيعية ولكنها مؤجلة إلى أن يأتي الوقت المناسب في المكان المناسب للشخص المناسب، بمعنى: أن الميل بين الذكر والأنثى موجود ولكنه لا يتطور إلى عاطفة تؤدي للارتباط إلا إذا كان الشخص مستعدا للارتباط وأصبح قادرا عليه. وبالتالي فطالب الثانوي أو طالبة الجامعة التي تشعر أو تسمح للحب أن يطرق باب قلبها ماذا ستفعل به إذا كان أمر الارتباط غير ميسر وغير منظور على المستوى القريب؟ سيحدث ما تصفينه في رسالتك بالعذاب والمعاناة، لذا فإننا نقول للشباب والشابات في سن المراهقة: هذا الميل الطبيعي لا تترجموه إلى الحب، ولا تحولوه إلى حب، وافهموا أنه شيء طبيعي ولكن سيؤجل تحويله للحب عندما يحين الوقت، وتكونون مستعدين للارتباط.
وسيكون سؤالك: وهل يستطيع أحد أن يفعل ذلك؟ فنقول: نعم، إذا لم يصل هذا الميل إلى درجة الإعجاب، وإذا اكتفي في العلاقة مع الجنس الآخر بدرجة الزمالة الملتزمة والتي قد تكون زمالة اشتراك في العلم أو العمل أو المكان (الجيران) أو القرابة، وهذه الزمالة يحدها غض البصر واحتشام الملبس والكلام.. فالحديث العام البعيد عن الخصوصيات هو حديث الزمالة التي لا يجعلها تخرج عن إطارها الصحيح.
الخلاصة: أن ما تشعرين به شيء طبيعي ولكنه ليس الحب الذي تتصورينه وتتعذبين من أجله، ولكنه الميل الفطري الذي تشعر به الفتيات نحو الفتيان في هذه السن، فلا يفهمونه ويترجمونه حبا، وليس سببه نقصا في العبادة أو الإيمان، ولكنه نقص في الإعداد لدخول مرحلة المراهقة، ونرجو أن تراجعي مقالنا المعنون التربية الجنسية للمراهقين، والحوار الصوتي المعنون الحب والزمالة والصداقة، وحوارنا المفتوح رحلة البلوغ.. كيف نجعلها متعة؟ وغيرها من المشاكل والحلول التي تعرضنا فيها لمفهوم الزمالة والصداقة بين الجنسين، ونحن معك.
ــــــــــــــــــــ(41/257)
أفتقد الحنان.. مشاعر مراهق
مع النفس
بسم الله الرحمن الرحيم..
لدي مشكلة تخجلني.. أفتقد الحنان، وكلما تقع لي مشكلة أو أسمع كلاما يؤذيني أحس بالضعف، وأتمنى أن تعانقني فتاة تحبني.. أكره ضعفي وأحس أنني امرأة، بالإضافة إلى أنني أملك شفاها كبيرة وأحس أنني غير مرغوب، ولن أجد المرأة الي تحبني وسأعيش وحيدا.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ما الذي يخجل في أن يفتقد الإنسان الحنان ويشعر بالاحتياج إلى الحب؟
إن المشكلة تكمن في أننا في مجتمعاتنا الشرقية نربي الذكور على أن العاطفة ضعف.. ومنذ الصغر إذا بكى الطفل الذكر نهرناه صارخين في وجهه: كيف تبكي ألست رجلا؟! فينشأ الأولاد الذكور وفي عقلهم أن من يعبر عن عاطفته بأي صورة ليس رجلا.وتتفاقم المشكلة حين يكبر هؤلاء الأولاد ليصبحوا أزواجا وآباء لا يستطيعون التواصل مع زوجاتهم أو أولادهم؛ لأنه إذا عبر عن عاطفته ناحية زوجة أو احتياجه لها وإلى أن تأخذه في أحضانها لحظة ألمه أو حزنه اعتبر ذلك ضعفا وهذه أمور غير صحيحة.
احتياج الإنسان للعاطفة وللحب احتياج إنساني بغض النظر عن جنس الإنسان كونه ذكرا أو أنثى والعكس هو الصحيح.. الولد الذي يحصل على الحب والحنان الكافي يكون رجلا صحيحا متوازنا لأنه بالإضافة إلى طبيعته الذكورية التي فطره الله عليها حصل على العاطفة التي تجعله متوازنا وإنسانا حقيقيا يشعر بالآخرين فيشعر الآخرون به ويتواصلون معه.. لا تخجل من افتقادك للحنان
ــــــــــــــــــــ(41/258)
شبابنا يعاني فمن يستمع لهم؟
مع المجتمع, مع الأهل
السلام عليكم..
مشكلتي بدأت منذ حوالي سنة، وهي كالتالي:
* أشعر بضيق كبير في صدري واختناق، إضافة إلى كره الحياة وتمني الموت دائما.
* أعجز عن التفكير والدراسة، واضطرابات ونرفزة؛ حيث إني مقبل على امتحانات.
* أشعر بشحنة كبيرة في صدري تدفعني إلى تحقيق أحلامي، لكن لا أقدر على استغلالها.
أما معاملتي للآخرين فهي مليئة بالكره، وأظن أن من أسباب هذه الحالة: الضغط الذي يمارسه علي والداي، وهذا كل ما يمكن قوله حاليا.
أتمنى منكم الاهتمام بمشكلتي, وشكرا.
... المشكلة
د.داليا محمد مؤمن ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
وعليكم السلام ورحمة الله، وأهلاً ومرحبا بك على صفحة (مشاكل وحلول للشباب)..
الحقيقة أننا نهتم بكل المشكلات التي ترد إلينا، وقد شعرت من كتابتك بأنك في حاجة بالفعل إلى المساعدة، وربما تشعر أنك أقل من أن نهتم بك!! وهذا غير صحيح، فطالما أنك تعاني فإننا في الخدمة!
لم توضح لي هل بدأ ظهور هذه الشكاوى مع حدوث شيء ما أزعجك سواء داخل المنزل أو المدرسة أو غيرهما؟ لذا سأتناول في ردي عليك احتمالين قد يكون أحدهما السبب فيما تشكو منه، الأول: المرحلة العمرية التي تمر بها، والثاني: هي وجود بعض الأعراض المرضية.
ولنتناول السبب الأول:
عمرك بين 13-19 سنة، وهذا يعني أنك في مرحلة المراهقة، فهي مرحلة انتقال من الطفولة إلى الرشد، وهذه المرحلة يطلق عليها أنها مرحلة أزمات وزوابع نفسية، ولكن الحقيقة أن المرور بهذه المرحلة لا يرتبط بالضرورة بحدوث أزمة، ولكن الأمر يرتبط بطبيعة المجتمع الذي يعيش فيه المراهق!! ففي القرى أو البلاد التي تسمح للمراهق بالزواج والعمل وكسب الرزق نجد المراهق يمر بهذه المرحلة بسلام ودون مشكلات تذكر؛ ذلك أن المراهق تزداد رغبته في الاستقلالية والاعتماد على نفسه، كما تنضج غريزته الجنسية، وإشباع هذين الجانبين يجعل المراهق يحقق إحساسا بأنه انتقل بالفعل إلى مجتمع الراشدين.
أما في معظم بلادنا فلا يتاح للمراهق فرص ليعبر عن رغباته، ومن ثم يصعب عليه تحقيق حاجته إلى الاستقلالية داخل المنزل، فتنشأ الخلافات مع الأهل إذا كانوا غير متفهمين لطبيعة هذه المرحلة، وغير متفاهمين مع ابنهم في الطفولة وقبل المراهقة.
وجدتك تشير في رسالتك إلى ضغط الوالد عليك فتساءلت بيني وبين نفسي: ترى هل يضغط عليك والدك بالفعل، أم أنك أصبحت أكثر حساسية في هذه المرحلة العمرية، أم اجتمع الأمران معا؟ وعلى أي حال فإن الإحساس بالضغط مزعج، ولكنْ هناك شباب كثيرون يعانون من مشكلات مشابهة، ويمكنك أن تتابع الرد على مشكلة أبكى وأبى وأمي لا يبالون، المنشورة على موقع مجانين، فهي تتناول كيفية التعامل مع الأهل في هذه المرحلة.
من جانب آخر يلاحظ المراهق اختلاف معاملة الناس له؛ فالبعض يعامله على أنه كبير وناضج، في حين يعامله البعض الآخر وكأنه ما زال طفلا. ومع الحساسية تجاه معاملة الآخرين، فإن هذه الأمور وغيرها تجعل الشاب المراهق في حيرة من أمره، وتستهلك جزءا كبيرا من تفكيره، ومن ثَمَّ يصبح أقل قدرة على التركيز.
أما السبب الآخر: وهو أنك تعاني من تعكر حالتك المزاجية، وهذه الحالة المزاجية التي تمر بها يصاحبها ضيق كبير في الصدر، والتفكير في الموت، والتشاؤم، وسرعة الاستثارة، إضافة إلى صعوبات في التفكير والتركيز، ويبدو أن هذه الأعراض قد زادت مع اقتراب الامتحانات والقلق منها؛ لذا اهتم في الفترة القادمة بمذاكرتك ودروسك، فالمذاكرة تقلل من القلق، كما يمكنك متابعة الردود التالية، فهب ستساعدك على الخروج من هذه الحالة بإذن الله:
على أبواب الامتحانات.. أفضل طريقة للمذاكرة
المذاكرة بين وجود الرغبة وغياب الإدارة
وإن لم تتحسن حالتك فعاود مراسلتنا من جديد، أو افتح الموضوع مع والدتك واشرح لها ما تشعر به، فقد يكون لها دور في مساعدتك أو تحسين علاقتك بالوالد، ووضح لها أنك في حاجة إلى استشارة نفسية متخصصة.
أخيرا: أعلق على موضوع كرهك للآخرين، فلا أعرف لماذا؟ ربما لتلك المعاملات التي أشرت إليها في ردي وربما لأسباب أخرى، ولكن اعلم يا سيدي أن الكمال لله وحده، وليس هناك من به كل الصفات التي تتمناها،
ــــــــــــــــــــ(41/259)
عند البلوغ ..قشور العلم لا تجدي
الحياة الجنسية
السلام عليكم ورحمة الله
جزاكم الله خيرًا على جهودكم، وأرجو أن تتسع صدوركم لقراءة مشكلتي التي أعيتني كثيرًا لعلي أجد عندكم ما يريح قلبي ويذهب خوفي وقلقي كما فعلتم لآخرين.
أنا في العشرينيات من عمري، كنت قد بلغت في سن الثانية عشرة وكان لا يزال فكري مثل الأطفال لا أعلم أي شيء عن جسدي، وبدأت التغيرات وبدأت معها الأسئلة الكثيرة كان من أهمها (عفوًا) من أين يأتي هذا الدم؟ ولماذا؟ فما كان لي إلا أن أسال أمي، وأنا في حرج شديد، فما كان جوابها إلا أنها الدورة الشهرية وكيفية الطهارة منها أما عن الأسئلة الأخرى فكانت دائمًا الإجابة إما عيب أو أنت لسه صغيرة أو لا أعلم، إلى أن جاءنا يومًا بعض صديقات أمي وكانت إحداهن تشتكى أنها قد تكون حاملا وهىكبيرة في السن وتتناول أدوية كيماوية فإقترحت عليها إحداهن (عفوا) أن تضع إصبعها من الأسفل وترى هل فتحة الرحم مفتوحة أم مغلقة و كنت في الحجرة المجاورة وكان صوتهن عالى ، وكانت أول مرة بالنسبة لي اسمع مثل هذا الحديث وقررت أن أفعل مثل هذا الإقتراح لأستكشف هذه المنطقة من جسدى وصادف هذا الوقت وقت عادتى فتشجعت أكثر لعلنى أجد الجواب لأسئلتى السابقة وتكرر هذا عدة مرات فلم أكتشف أى شئ وتوقفت عن هذا.
ثم مرة عام وأنتقلت إلى المرحلة الثانوية وبدات أسمع من البنات أشياء أذهلتنى ولكننى مما سمعته توقفت عند غشاء البكارة وكيف أنه رمز الشرف والعفة وبدونة تكون البنت(عفوا) مشيها مش كويس ولكنهن قالوا أنه يسبب ألما كبيرا للفتاة لفضه ,فما لقيت للموضوع بالا إلى عندما بدأت أتصفح صفحاتكم.
أنا لا أعلم ما الحل الأن وهل أنا لازلت أحتفظ به أم لا ولا أجرؤ أن أتحدث عن مشكلتى هذه مع أى مخلوق حتى أقرب صديقاتى لحرجى الشديد أما أمى فلا أعلم كيف سيكون ردة فعلها . فكرت في الذهاب إلى طبيبة ولكن أنا أستطيع أن أغير ملابسى العادية أمام أى أحد فكيف عن هذا الجزء ؟ ثم كيف ستنظر لى الطبيبة وماذا سيكون إنطباعها عنى حتى لو لم أرها مرة أخرى؟
فكرت فى عدم الزواج ولكن هل سأظل أدفع ثمن جهلى وعدم تعريفى بطبيعة جسدى طول عمرى؟
والله أنا فتاة ملتزمة و كل من أعرفهم يشهدوا لى بذالك و لم أدخل فى علاقات محرمة مع الجنس الأخر فهل من أحد ممكن أن يصدقنى ؟
هل من إجابة أو حل لمشكلتى هذه؟؟ أنا مستعدة الأن أن أقوم بالكشف ولكن هل من طبيبة تقرأ مشكلتي وتسمح بالكشف علي وترفع عنى حرج أن أقص عليها ما سبق وأمرى إلي الله.
وجزاكم اللم خيرا
... المشكلة
د.نعمت عوض الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ابنتي الحبيبة..
وقعت يا ابنتي فريسة لنصف العلم أو لنقل لقشور العلم... اطمئني يا ابنتي أنت بكر... ولم يحدث أي شيء إن شاء الله... أؤكد لك ذلك بدون أي كشف أو استطلاع مجرد من حوارك وقصتك الصادقة.
أحيانًا يا ابنتي تقع الأمهات في خطأ كبير بعدم تعليم أولادهن والبنات خصوصًا أبسط المعلومات الخاصة... مثل الدورة الشهرية وما يصاحبها من تغييرات هرمونية وتغيرات في شكل الجسد والرغبات و... أشياء كثيرة جدًّا.
وهذا الرد: عيب.. لما تكبري.. لا أعرف من أين تأتي؟؟ وهل إذا كبرت المفترض أن تتعرفي وحدك على معلومات أولية؟؟ ستكونين كمن دخل فجأة إلى مدرسة للأطفال وفوجئ بوجود سبورة عليها حروف.
ما علينا.. ما حدث قد حدث.. وأنا لا ألومك على رغبتك في التجربة وأنت مراهقة... لقد سمعت معلومة منقوصة مغلوطة... مؤداها أن عنق الرحم قد يدل على الحمل.. وهذا ليس صحيحًا إلا في حالات الحمل الأول، لكن بعد أكثر من حمل يصبح عنق الرحم غير مؤشر على أي شيء... لتغييرات في تكوينه النسيجي.. فدفعك الفضول إلى تجربة الفكرة... ولا أظنك آذيت أي شيء في جسدك... رغم أن فض الغشاء قد لا ينتج عنه أي ألم، ولكن بالنظر إلى سنك الصغيرة وحجم أصبعك وطوله أشك بشدة أنك آذيت نفسك أو فضضت غشاءك.
المهم.. رغم أني أجد لك عذرًا في استماعك لزميلات الثانوي فإني ألومك أنك لم تلجئي للأسلوب العملي الصحيح للمعرفة، فهؤلاء البنات إما سيعطينك معلومة خاطئة أو مشوهة.. هناك كتب كثيرة ومواقع مثل موقعنا كفيل بشرح كل ما تبحثين عنه بأسلوب علمي بسيط بلا أي تعقيد أو تشويش.
واسمحي يا حبيبتي أن أتكلم معك بصراحة... إن الخوف مصدره الأكبر هو الجهل، فالإنسان يا ابنتي عدو ما يجهل، سواء كان مكانًا أو زمانًا؛ ولذلك نخاف إذا سرنا في الظلام في مكان لأول مرة ونفعل ذلك في بيوتنا بكل بساطة... ربما لو رأينا المكان نهارًا خف خوفنا قليلاً، ولكن إذا رأيناه مكانًا قفرًا خفنا، وهكذا فما بالك بجهل أنفسنا.. أجسادنا التي نتحرك بها ونعيش معها.
قد لا يسع المجال لأشرح لك كل المعلومات العلمية المطلوبة لفتاة مثلك في مرحلة الخطبة والزواج وهي معلومات ضرورية يجب أن تتعرفي عليها، وبالتالي يجب أن تبحثي على موقع "إسلام أون لاين.نت" عن كل ما يتعلق بتساؤلاتك لتحصلي على المعرفة اللازمة لإزالة الخوف... والبعد عن المشاكل.. أما ما سأقوله أنا فهو بخصوص حكاية غشاء البكارة علامة العفة والبنت من غيره يبقى مشيها مش كويس؟؟
هذه معلومة فاسدة: أولاً وقبل أي شيء أنا متأكدة أنك ما زلت تحتفظين بغشاء بكارتك.
ثانيًا: من قال إن البكارة مجرد نقطتين دم يراهما الزوج في ليلة الزفاف؟؟ أولاً هناك أنواع كثيرة جدًّا من أغشية البكارة بعضها رقيق جدًّا فلا ينزف إطلاقًا ولا يظهر له أثر سوى عروق خفيفة من الدماء وسط الإفرازات.
وبعضها مطاطي لا يتحرك من مكانه ولا يظهر له أي أثر ولا يتم فضه إلا بنزول رأس أول طفل.. أرأيت؟؟
إذن العفة والبكارة واستقامة الفتاة تحددها أشياء كثيرة جدًّا ليس أهمها أو أساسها نقاط حمراء تنزفها ليلة الزفاف، بل السمعة الطيبة والأخلاق الكريمة والصحبة الصالحة والالتزام بأوامر الله ونواهيه، فلا يراك سبحانه وتعالى حيث نهاك، ولا يفتقدك حيث أمرك.
هذه هي العفة يا ابنتي وهذا هو حسن الخلق.. بارك الله لك وعفا عنك.
ــــــــــــــــــــ(41/260)
أراني جميلة.. لكن لا أثق بجمالي
مع النفس
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته..
مشكلتي هي عدم ثقتي في جمالي..
أنا ولله الحمد أثق في تفكيري، ولكن مشكلتي هي عدم ثقتي في جمالي، ومع أن هناك من عائلتي من يقول لي إني جميلة، ولكني أحيانا أرى نفسي جميلة، ولكن عندما آخذ صوراً أرى نفسي غير جميلة فيها؛ ولذلك أفقد ثقتي في نفسي، ومن ضمن الأسباب أني قد سمعت من صديقة لي تقول لي إنني أشبة فلانة ((وهذه البنت غير جميلة)).
ومع العلم أنني غير قادرة على عمل المكياج إلا قليلا وفي المناسبات فقط وذلك بسبب والدي الذي لو علم أنني أعمل المكياج قد يقتلني، مع العلم أن عرس أختي قريبا وأريد أن أكون واثقة من نفسي لكي أظهر بالمظهر اللائق أمام الناس؛ لأني كما تعلمون أخت العروس.
ساعدوني لأسترد ثقتي في نفسي.. وجزاكم الله ألف خير..
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
إن أخطر ما يواجهنا في حياتنا الآن هو "القولبة النموذجية" إن صح التعبير وهو تصور وجود "نموذج" موحد للنجاح والجمال ولغيرها من أمور الحياة، سواء طريقة العيش أو طريقة الملبس... فالمواصفات النموذجية للجمال هي النحافة في الجسم والبياض في لون البشرة والتلوين في العين وغيرها من الصفات التي تسبب مثلا في صرعة الرجيم والنظام الغذائي فكل الفتيات يردن أن يشبهن موديلات الموضة أو فتيات الإعلانات أو الفيديو كليب فهذا هو الجمال وغيره لا يكون جمالا... وهكذا في طريقة الملبس أو حتى في معايير النجاح... وهذا أمر غير صحيح بالمرة فالأمور متراكبة ومتعددة الأبعاد وتختلف مقاييسها وصفاتها من مكان لمكان ومن موقف لموقف ومن ثقافة إلى ثقافة ومن زمن إلى زمن.
ولذا فإن وضع ذلك كله في قالب واحد ثابت يفرض على الجميع ويسوق له من أجل أن يتبناه الجميع هو فعلا من أخطر الأمور التي تواجهنا في حياتنا كما أسلفنا في بداية كلامنا؛ لذا فيجب أن نعي هذا الأمر جيدا، فالجمال قضية نسبية لها أكثر من وجه وليس له مقياس ثابت يمكن أن نعاير الأمور أو نقيسها به..
إننا نحبس أنفاسنا في قدر كبير من المفروضات غير المنطقية التي تصيبنا بالإحباط وتفقدنا الثقة في أنفسنا دون أي داعٍ إلا تصورنا أن هناك نموذجًا واحدًا يجب أن نلتزم به...
إن النفس المتواضعة والروح المحبة للخير لتضفي على صاحبها جمالا لا تخطئه العين دون ارتباط بمواصفات جسم أو لون بشرة أو عين... هذا كلام حقيقي وليس كلاما إنشائيا نقوله بدون معنى أو لمجرد التعزية والمواساة...
فالجمال الحقيقي فعلا هو جمال الروح وجمال الخلق، وكما أقول للشباب دائما وهم مقبلون على الزواج وتشغلهم قضية الجمال أو الشكل.
ولكن تأكدي أن جمالك نابع من شخصيتك فلا تنتظري رأي أحد، فكل فتاة لها جمالها الخاص الذي لا يشاركها فيه أحد..
كوني أنت.... ولا تكوني أحدًا غيرك فلك جمالك الخاص والذي ليس هو جمال الشكل أو جمال تلتقطه الكاميرا فيظهر في الصور... فالجمال هو حصيلة لجمال النفس والخلق لينعكس ذلك على الصورة...
إن مظهرك المناسب يوم عرس أختك هو أن تضفي على الحاضرين من روحك ونفسك ما يجعلهم يبتهجون ويسعدون وعندها ستكونين أجمل الجميلات؛ لأنه من المفترض ألا يكون هناك من هو أسعد منك بزواج أختك فتفيض من سعادتك على جميع الحضور فيراك الجميع جميلة؛ لأنك الأسعد، واستطعت أن تسعدي الآخرين.
ــــــــــــــــــــ(41/261)
سؤالك طريقك لقلب أبيك
مع الأهل, علاقات أسرية
أبي من النوع الجامد المشاعر.. قليلا ما يهرج أو حتى يجلس معنا دائما نائم أو في الشغل.. يسافر ويأتي كل أسبوع.. كل ما يفعله هو الزعيق.. (من نوعية وطي التلفزيون ده شوية يا باي عليكم.. إيه ده..) حبه لنا لا يظهر عليه بأي شكل من الأشكال الحسية.. أو المعنوية.. لا يعبر عن مشاعره.. وبالتالي نحن.. لا أظن أني أستطيع أن أقولله: "أنا بحبك يا بابا..".. بعكس أمي التي أتكلم معها بكل حرية وأستطيع أن أقول لها أي حاجة.. (حتى قشطة عليك يا ماما.. عادي..)..
لا أريد أن تكون علاقتي مع أبي بهذا الشكل الجامد الخالي من المشاعر.. وهو الذي عودنا على ذلك.. كان يستعمل الضرب (بالشبشب) أحيانا ولكن طبعا في صغرنا.. ولكن في فترة (أظن وأنا في إعدادي أو ابتدائي) توقف عن استعمال الضرب نهائيا.. وأصبح إنسانا هادئا جدا ولطيفا.. لكنه كان يجلس أيضا ساكتا (جامدا) قبل أن ينتقل إلى مرحلة النوم..!!
أنا أعلم أنه يحبنا، ونحن نحبه، لكن هذا لا يظهر عليه بأي شكل من الأشكال، وبالتالي لا يظهر علينا (لأني بصراحة أخاف أقوله حاجة زي كده).. إن أبي أصلا يعتبر غير متواجد معانا بالمرة بسبب سفره كل أسبوع.. (وأنا أقول لنفسي: أحسن.. !!) (حتى لو مكنش بيسافر ماهيّ هياها..!! هيقعد يزعقلنا وخلاص..).
أعلم أن له مشاكله في الشغل.. مشاكل عادية يعني.. بس ده مش موضوعنا.. إذا كان لا يقدر أن يعبر لنا عن مشاعر الأبوة فمن سوف يعبر؟.. إني أبي ليس شخصا اجتماعيا بالمرة.. وللأسف (وأقولها وأنا مضايق جدا..) إن أبي لا يمثل لي أي نوع من أنواع القدوة!!.. كل شاب يتمنيأن يصبح مثل أبيه.. إلا أنا.. لاأريد أن أصبح مثل أبي لأني لا أريد أن يقول علي أبنائي ما أقوله أنا الآن علي أبي..!!
أتحسر عندما أرى آباء أصدقائي أصحابا لأولادهم.. هلمثل "إن كبر ابنك خاويه" لا يخطر على بال أبي.. أنا أهرج من كثرة همي..
إنه فقط يعطينا الأوامر.. ليست مرة واحدة.. لكن كذا مرة (عشان مننساش).. إنه كان ضابطا في الجيش 3 سنين.. وهو الآن مدير عام لكنه ليس في الجيش.. هل يطبق نظام الجيش في البيت.. أم نظامالمدير؟
إنه ليس بهذه القسوة التي يمكن أن تظنوا أني أحاول فقط أن أظهرها لكم؛ فأنا لم أرسل هذه الرسالة لمجرد أن أقول: إن أبي قاس جدا، وأنا أعاني من قسوته، ومش عارف إيه، فقط أريد أن أعرف لماذا يهمل الآباء مسألة المشاعر بالذات لما نكبر وكيف يكون هناك أي نوع من أنواع الحوار (الحلو) بالذات مع الآباء، كيف أنا وأبي نبقى أصحاب؟ ولا مش مهم.. فكما قلت فأبي ليس قاسي القلب؛ فهو مليء بالحنان لكنه لا يعبر عنه.. فماذا أفعل لكي آخذ من هذا الحنان (أشحت يعني؟!) أنا دلوقتي كبير مش صغير 18 سنة وداخل على الـ19.. بس حاسس أن في حاجة نقصاني..
أرجو أن تكونوا فهمتموني صح.. والسؤال هو: إيه اللي أنا المفروض أعمله؟..
ابنكم....
(وأرجوكم بلاش شغل سياسة.. متزعلوش مني.. أنا عايز إجابة واضحة وصريحة من غير لف ودوران).
... المشكلة
أ.مانيفال أحمد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أخي الفاضل،
ارتسمت على شفتي ابتسامة لم أتمكن من منعها وأنا أقرأ رسالتك،
وسأحاول أن أبتعد عن "شغل السياسة" وأعطيك رسالة واضحة وصريحة "من غير لف ودوران".
ولأبدأ بالإجابة على سؤالك:
"لماذا يهمل الآباء مسألة المشاعر خاصة حين يكبر أبناؤهم؟".
كثير من الآباء لا يدركون احتياجات أبنائهم، وقد لا يشعرون أنهم أصبحوا أكبر سنا وأكثر احتياجا، وأن احتياجاتهم هذه أصبحت تأخذ أشكالا أخرى كثيرة غير الأكل والشرب.
وكثيرمن الآباء لا يدركون احتياجهم هم لأبنائهم.. قد يدركونه حين يكبرون قليلا ويكبر أبناؤهم معهم ويصبح لهم انشغالاتهم الخاصة، وحينها قد لا يعرف الآباء كيف يعبرون بدورهم عن احتياجهم لأبنائهم.
جميل أنك مستشعر طيبة والدك وحبه لكم، وجميل تفهمك لانشغاله بالعمل والسفر المستمر، تأكد أن لغيابه عنكم أثرًا عليه؛ فهو يعود إليكم وقد أنهكه السفر، ثق في أنه حين يغيب عنكم يشتاق لكم ويحن لسرعة العودة إلى الجلوس بينكم -وإن كان صامتا- إلا أنه بالتأكيد يأنس بصحبتكم، وبوجودكم حوله.
ولا أحسب أن أبا مثل أبيك "طيب القلب ومليء بالحنان على حد قولك" يهمل مسألة المشاعر، ربما فقط هو لا يعرف كيف يعبر لك عنها.. ربمايرى أن وسيلة تعبيره عن اهتمامه وحبه هي الانخراط في العمل لأجل توفير احتياجاتكم، وربما يرى أن الأنسب لكم ألا يثقل عليهم بهمومه وأعبائه وانشغالاته فيفضل أن يبقى صامتا غارقا في أفكاره وحده حبا فيكم ورحمة بكم.
مهم أيضا أن تعرف أن الناس يختلفون في أساليب التعبير عن أنفسهم ومشاعرهم؛ فمنهم من يعبر عن نفسه بالقول، ومنهم من تخونه الكلمات فيكون تعبيره بالفعل، ومنهم من لا يعرف كيف يعبر أصلا فتجده صامتا.. وقطعا يختلف الآباء عن الأمهات في هذا.
من الطبيعي أن تكون أقرب لوالدتك في فترة من الفترات، وذلك لأنها هي الأكثر تواجدا معكم ومشاركة لكم في تفاصيل حياتكم اليومية: الدراسة، واللعب، والأكل، والشرب، والنوم... ليس لشيء إلا لاستقرارها غالبا في البيت بخلاف الأب كثير السفر والانشغال.. وهذا شيء طبيعي.
لكن دعني أسألك: ماذا فعلت أنت -قبل أن تسألنا- لتكسبأباك؟
أصبحت كبيرا كما قلت -في الـ18 من عمرك- أي أنك أصبحت أكثر خبرة وعلما واطلاعا وثقافة من ذي قبل.
هل حاولت أن تقتحم صمتوالدك وهو جالس بينكم؟
هل حاولت أن تعرف اهتماماته وما يحب فتقرأ عنه وتعرف عنه المزيد حتى تتمكن من فتح مجالات للحديث بينكما؟ "يمكنك الاستعانة بوالدتك لتعرف شيئا من هذا".
هل حاولت أن تعرف تفاصيل عمله وما يشغله وتبحث عن الجديد فيه وتتحدث معه في الأمر؟
هل طلبت منه بشكل مباشر أن يساعدك في حل مشكلة تواجهك أو مناقشة موضوع يشغلك أو أخذ رأيه في شيء خاص بك؟
هل أشعرته باهتمامك به وعبرت له عن حبك قبل أن تطالبه بذلك؟
هل أوصلت له احتياجك إليه وحرصك على وجود صداقة بينكما؟
هل حاولت التقرب منه كما تفعل مع صديق جديد أو زميللك في المدرسة أو الجامعة؟
ربما فعلت -أنا لا أعرف- ولكن ربما لم تفعل، ولهذا لن يصله أبدا أن هناك من يحتاج إلى قلبه المليء بالحنان، لن يعرف أنك كبرت وأصبح احتياجك له أكبر وأقوى.
مثقل هو بالأعباء والهموم والمسئوليات؛ فلا تعرض عنه فتثقل عليه أكثر، اصبر وصاحبه في الدنيا معروفا وأحسن إليهما كما ربياك صغيرا، ولا تنس أن في طاعتهما وبرهما طريق لدخول الجنة، فقد قال رسول الله في صحيح مسلم عن أبي هريرة: "رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ"..
اسع لبر أبيك واصبر عليه فقد أوصاك الله به إحسانا، وقال رسوله في ذلك: «رضا الله في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد».
اسأل عنه وتقرب إليه، وشاركه وأظهر له اهتمامك، واستقبله بابتسامة حين يرجع فسوف تخفف عنه، اصبر على اعتراضه على صوت التليفزيون، وتحمل جلوسه صامتا قبل خلوده إلى النوم، واحمد الله على أنك تراه وأنه جالس بينكم؛ فهذه من النعم التي لا نشعر بها إلا إذا فقدناها.
ثق أن مبادرتك ستسعد والدك.. ستسعده الآن باهتمامك وحبك، وستسعده مستقبلا بصحبتك ووجودك إلى جواره حين يشعر أنه كبر وأنه ما زال هناك سند له، ومن يمكنه الاعتماد عليه.
ــــــــــــــــــــ(41/262)
بيني وبينه 15 عاما..وامرأة
مع الجنس الآخر, الإنترنت والهاتف
أشكركم على جهودكم المبذولة لتوعية الشباب من خلال معالجة مشاكلهم، وأتمنى من الله أن يبارك لكم في عملكم هذا.
أنا فتاة ملتزمة ومحجبة في الثامنة عشرة من عمري، طالبة في المرحلة الثانوية، من عائلة ملتزمة بالشريعة الإسلامية والحمد لله.
تعرفت على رجل أعمال شاب عن طريق الإنترنت (الشات) قبل 5 أشهر من الآن، عمره 33 عاما، لم يسبق له أن تزوج، يسكن في مدينة بعيدة عن مدينتي.. في الحقيقة أنا لا أطمئن لمثل هذه الأمور خصوصا على الإنترنت لكوني والحمد لله لا أنشئ علاقات مع الجنس الآخر رغم أنني ألج الشات في بعض الأحيان ولبعض الدقائق، أما الآن فقد قطعت صلتي بالشات نهائيا.
بدأ الحديث بيننا وتعرفنا على بعضنا (الاسم، العمر، العمل،...)، قال لي إنها المرة الأولى التي يلج فيها الشات، هو شاب يصلي دائما، وفي المسجد إن تيسر الأمر، لا يدخن، لا يشرب الخمر، بعدها أعطاني رقم هاتفه، وطلب مني رقم هاتفي إن أمكن؛ لأنه يود الخروج من النت بحكم انشغالاته.
بدأ من تلك اللحظة يهاتفني دائما إلى يومنا هذا، ولم أجده يوما يكلمني بكلام محرم، (أمور خاصة بي جنسيا)، فقط يقول السلام عليكم، كيف حالك، الأهل بخير،...
هو إنسان لا يهمه المظهر والشكل، متواضع، طيب، مخلص لدينه وعمله -لحد قوله- عرف أنني ابنة عائلة ملتزمة فأخبرني بأنه إن أعجب بي والتقى بعائلتي فسيتزوجني في الحال، لقوله إنه لم يجد الفتاة ذات الأخلاق الحسنة التي يطمئن إليها، وأيضا هو راغب في ملاقاتي لمناقشة هذه الأمور، ليرى مصيره معي: هل نحن متوافقان أم لا؟.
في بعض اللحظات تظل تداخلني الشكوك والهواجس من أن هذا الكلام كله سخرية في سخرية، وأنه فقط يتظاهر عليّ بهذه الصفات، وأظل أكرر سؤالي إليه: ما هو هدفك من هذه العلاقة؟ جوابه دائما: أريد الزواج بك إن اتفقنا.
مرة سألته عما إذا كانت لديه علاقة مع امرأة (علاقة جنسية أو غيرها) أجاب أنه يود التحدث معي في هذا الشأن، وبما أني متسرعة فقد أخبرني أن له علاقة جنسية مع امرأة، وأيضا أنه لا يود الزواج بها أو حتى التفكير بها لكونه -كما قال- لن يطمئن على حياته معها، ويقسم أنها هي من تأتي عنده وهو لا يهاتفها أبدا، وأنه سينهي علاقته بها حين يكمل دينه ويتزوج.
طلبت منه التوبة إلى الله فدعا الله أن يهديه إلى الصراط المستقيم، هذا بعدما أخبرته أني فتاة شريفة عفيفة. قال: إن هذا السبب هو الذي جعله يفكر بالارتباط بي، ونحن إلى يومنا هذا لم نلتق ولو لمرة واحدة..لا أدري ربما هي حكمة لا يعلمها إلا الله.
أرسل لي صورته بعد أن وعدته بإرسال صورتي وأرسلتها بالفعل، أنا أقسم بالله أنني حريصة على أن أجعله رجلا مثاليا إن تزوجته.. هذه علاقتي بهذا الشاب بقدر استطاعتي التعبير عنها.
المهم من هذا كله.. إن تقدم وعزم هذا الشاب على الزواج، فأنا لا أعرف الوسيلة التي أخبر بها عائلتي بأمره، فهم يستنكرون فكرة الشات بين الجنسين بالأساس.
فكرت في حل وهو أن لي أخا يكبرني بـ 7سنوات والأقرب لي من ناحية العمر، وهو في وظيفة مرموقة، يعرف أشخاصا كثيرين، فكرت أن أفاتحه بأمر الشاب بالتفصيل وأن أعرفه عليه، فيكون صلة وصل بينه وبين أهلي، وكأني لم يسبق لي أن تكلمت مع هذا الشاب، مع العلم أنني أخبرت هذا الشاب إن كان راغبا في التعرف على أخي فوافق بكل سرور، ولكن ينتابني شعور وخوف بإخفاقي بأن يخبر أخي وأهلي بهذا الأمر الذي يجب أن يكون سرا بيننا، ولأني لم يسبق لي أن فاتحت أخي في موضوع خاص، فأخاف أن أقع فيما لا يحمد عقباه، فأنا لا أود أن تسوء سمعتي بين أهلي ويظنوا بي الظنون..
ما أود معرفته هو رأيكم في هذه الفكرة أهي صائبة أم خاطئة؟ أو أتوكل على الله وأفاتح أخي بشأن الشاب؟ وهل لا بد لي من ملاقاتي لهذا الشاب؟ وهل ملاقاتي له بحضور أخي أفضل، فالشاب يود ملاقاتي لوحدي في مكان عام طبعا لأنها المرة الأولى؟
وهل أيضا هذه العلاقة محرمة مع العلم أننا لم نتحدث في أمور أخرى خاصة؟ فأنا أحرص على ألا أقع في معاص أو أغضب ربي.. وكيف أتزوج رجلا كانت له سوابق مع امرأة مع قوله إنه سينهي علاقته بها حين يعزم على الزواج، فأمر هذه المرأة يشغلني؟
وأيضا أريد رأيكم في الفارق العمري بينني وبينه لأن لي صديقة قالت لي بأنني سأندم إن تزوجته لكون الفرق بيننا 15عاما؟
أرجو منكم إفادتي بما ما هو شرعي؟ وجزاكم الله عني كل الخير، فأنا جد حائرة ولا أعرف ماذا أفعل وشكرا.
... المشكلة
د.فيروز عمر ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ابنتنا الكريمة، من يقرأ رسالتك يشعر بأمرين: أحدهما إيجابي والآخر سلبي.. أما الإيجابي فهو حرصك الواضح على عدم الوقوع في معصية تغضب الله.. وأما السلبي فهو إلغاؤك لعقلك في اختيارك لهذا الشاب زوجا لك!!
تقولين "أقسم بالله أن أجعله رجلا مثاليا إذا تزوجته" لا يستطيع أحد أن يجعل أحدا مثاليا!!
وأقول لك "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" الإنسان هو الذي يستطيع تغيير نفسه بنفسه.
في البداية أريد أن أسألك سؤالا: ما الذي يضطرك للارتباط برجل له علاقة جنسية بامرأة أخرى ويكبرك بخمسة عشرة عاما ولا يوجد بينكما توافق ديني وخلقي؟ ما الذي يضطرك لهذا؟.
ما الذي يضطرك للزواج من رجل لا تدرين عنه شيئا سوى صورة إلكترونية وهمية.. يقول عن نفسه إنه رجل متواضع طيب مخلص لدينه وعمله!! وهل هذه الصفات تعرف بالكلام أم بالعشرة والمعاملة معه على الأقل بشهادة شخص أمين وخبير احتك به وقتا غير قصير؟!
أكرر سؤالي: ما الذي يضطرك لمبدأ الارتباط به هل هو الحب؟ .. لا أعتقد، فإن ما بينك وبينه ليس هو الحب الحقيقي الذي تقدم من أجله التضحيات والمغامرات..
هل لأنه فرصة؟.. لا أعتقد، فهو شاب عادي جدا، بل أنت الفرصة بالنسبة له.. فتاة متدينة تحافظ على بيته وشرفه.. أما هو فليس فرصة أبدا.
هل تقدم بك السن؟ أبدا فأنت في الثامنة عشرة من عمرك ولست مضطرة لتقديم أي تنازلات حتى لا يفوتك قطار الزواج كما نقول في مصر!!
ما الذي يضطرك إذن؟ ما الذي يجبرك أن تبحثي عن حيلة يتقدم بها هذا الشاب؟ ليست المشكلة في إيجاد هذه الحيلة، فالحيل كثيرة ولكن السؤال هو: هل هذا الاختيار صواب أصلا أم خطأ؟
ابنتي الكريمة، تقولين أقسم بالله أني حريصة أن أجعله رجلا مثاليا إن تزوجته، وأقول لك يا ابنتي، من واقع خبرتنا في الحياة والمشكلات التي وصلتنا خلال هذه الصفحة وغيرها نذكرك بقول الله تعالى حين قال: "إنك لا تهدي من أحببت" وقوله: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
إن الإنسان وحده هو القادر على تغيير نفسه، ولا يستطيع أحد تغيير أحد، فلا تظلمي نفسك بدخول هذه المغامرة..
أما إذا أردت أن تتزوجي به وهو على حاله فهذا شأنك واختيارك ولكن عليك أن تدركي سلبيات هذا الاختيار..
ابنتي الكريمة، لدينا مشكلات كثيرة سابقة عن الشات .. لعل أبرزها: "إنقاذ ضحايا الشات "
ــــــــــــــــــــ(41/263)
بين العقل والقلب: انا وصديقتي وصديقها
مع الجنس الآخر, الحب لا يكتمل
أريد أن أروي قصتي وهي بالنسبة لي مشكلة لم أعرف ما حلها ولم يساعدني أحد؛ لأنه لم يصدقني أحد.
أنا فتاة مراهقة عمري 14 سنة، أصغر إخوتي وأخواتي وأنا أعيش مع أمي وأبي، ولا أحد يوجد لدي في المنزل، أخواتي تزوجن، وإخوتي سافروا للخارج لمتابعة دراستهم.
أبي يعمل ليل نهار وأمي تعمل أيضا ولا أحد يحدثني وليس لدي سوى التلفاز والإنترنت لقضاء هذه العطلة الصيفية، وقد مللت من هذه الأشياء، وأمي لا تعرف أي شيء عن مشاكلي؛ لأنها تعتبرني صغيرة وليس لدي مشاكل ولا أشكو لها همي..
لا أريد الإطالة عليكم وسوف أدخل في صلب الموضوع: أنا لدي صديقة أكبر مني بسنة، وأنا أعرفها منذ 8 سنوات وما زالت والحمد الله الصداقة مستمرة لم يفرقنا شيء، وأعتبرها أعز صديقاتي، وهي تبادلني نفس الشعور.
في الصيف الماضي تعرفت صديقتي على شاب مع العلم أنها محجبة وتعرف في الدين ولكنها وقعت في حب هذا الشاب، أحبته حبا شديدا وهو كان يبادلها نفس الشعور وأكثر، كانت تتحدث معه على الهاتف ولم تره سوى مرة واحدة.
أخبرتني عنه وعن لطفه وحسن أخلاقه، في بداية الأمر رفضت رفضا قاطعا لأنها كانت في قصة حب وفشلت وخفت عليها أن يفشل هذا الحب وتصدم، فقلت لها أن تتركه بعد محاولاتها في إقناعي، قلت لها إنني أريد التحدث معه على الإنترنت؛ لأني لا أتحدث مع شاب لا أعرفه على الهاتف.. تحدثت معه ولكن لم أشعر أنه شاب مثالي..
بعد ذلك اشتريت "موبايل" وكانت أختي التي تكبرني بـ14 سنة غير موافقة، ولكن أمي كانت موافقة وكانت الثقة بيني وبين أمي قوية ولا تتزعزع..
في يوم من الأيام زارتني صديقتي وتحدثت معه على الموبايل، وقلت لها أن لا تخبره أنه لي، قالت لي إنه لن يرجع يتصل بك، تحدثت معه وكان هذا في رمضان.
في نفس اليوم اتصل بي الساعة 3 ونصف فجرا فتحدثت معه وكنت في صدمة؛ لأن صديقتي قالت إنه لن يتصل..
عندما تحدثت معه أحسست بالراحة وكنت في ذلك الوقت محتاجة لشخص أشكو له همومي، أخبرته بعض همومي، وهو أخبرني بأشياء صديقتي لا تعرفها عن مشاكله العائلية تحدثت معه ما يقارب الشهر وصديقتي كانت على علم بذلك.
بعدها أمي عرفت أنني أتحدث مع شاب، وضاعت ثقة أمي بي واختفت كما يذوب السكر بالماء، لم تعد هناك أي ثقة، مع العلم أنني لم أكن أتحدث بما يغضب الله وكنت حريصة على ذلك للآن. وأنا أعاني من شك أمي الزائد بي، وهي لم تفاتحني بالموضوع.
بعد ذلك بعت الموبايل، ولم أتحدث معه ما يقارب 7 شهور، ولكنه كان على صلة بصديقتي. وكنت دائما أنبه صديقتي على عدم إعطائه رقم المنزل؛ لأنني لا أريد أي مشاكل، وهو كان يحبني مثل أخته الصغيرة لا أكثر ولا أقل.
أجبر صديقتي على أن تعطيه رقم المنزل وترجاها.. أعطته ولكن بعد عناء "طويييييل"، وقال لصديقتي إنه يوجد موضوع هام جدا سيتحدث به معي. وقال لي: إنه يحبني حبا شديدا، أصابتني صدمة؛ لأن الجميع يعلم أنه يحب صديقتي، فأخبرته أنه مجرد أخ لي، فقال لي إنني أحسن من صديقتي؛ لأن صديقتي تعتبر أنه شيء عادي إذا مسك يدها، أو إذا رأى شعرها مع أنها محجبة، وأنا أكيد لا أوافق على مثل هذه الأشياء.. والكثير.
سوف يقول إنها صديقة سوء، ولكن والله يشهد على كلامي أنها أفضل من كثير من البنات في عصرنا هذا، لكن هذه طبيعتها وهي أن الحبيب مثل الخطيب.. أعلم أنني أطلت عليكم، لكن ماذا أفعل؟ لا أستطيع أن أحذف شيئا من القصة..
بعد ذلك أخبرني أنه يريد شخصا يقوي دينه ويجعله يصلي ويقرأ القرآن، هو كان يصلي لكن بشكل غير منتظم. أنا بوسعي أن أساعده بالتأكيد بمساعدة ربي لي وله، ولا أدري ماذا أفعل هل أكلمه وأتحدث معه؟ هو دائما يعدني بالزواج، وهو أكبر مني بـ4 سنوات ولا أريد أن أفعل شيئا يغضب الله، وفي نفس الوقت أريد أن أساعده فأخبروني ماذا أفعل؟!
وأريد أن أعرف هل التحدث مع شاب فقط لأنصحه لا غير حرام أم حلال؟ وأنا واعية والكثير من الناس يقول إن عقلي أكبر من سني، وأنا شديدة الحرص على ألا يحدث شيء يغضب الله؛ لأنني لست مثل كثير من البنات اللاتي كن فريسة سهلة لكل شاب..
أشكركم جزيل الشكر لأنكم فسحتم لي المجال بأن أخبر قصتي لعل الكثير من الناس يستفيدون منها.. وأكرر أسفي على الإطالة.
... المشكلة
د.حنان طقش ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
السلام عليكم، أهلا بك وبقصتك، وأنا بدوري أشكرك على تفكيرك الناضج الذي هداك لأن تستشيري من هم أكثر خبرة من صديقات في مثل سنك ونحن لا نبالي بالإطالة فهمنا هو الإفادة.
على الرغم من نضجك الذي يشيد به الناس من حولك فإن الأمور ما زالت مختلطة عليك، فالإنسان يتعلم التفكير، ولكنْ السنون وحدها تكسبه الخبرة التي تساعده في الحكم على الأمور بذهن صاف.
تقولين: إن هذا الشاب ينظر لك كأخت صغيرة، ثم صارحك بحبه الشديد لك، ثم عبر عن رغبته في الزواج منك بينما ترين أنت أنك لا تفعلين شيئا غير دعوته إلى الله.. إذن لا بد أن يكون هناك خلل ما!!
كيف يمكن لإنسان تحدثينه عن الصلاة والنار أن يحبك ويرغب في الزواج منك؟! لأن تعلق القلوب نتيجة حتمية لتعامل شاب وفتاة أو قلب أحدهما على الأقل.. وهكذا من كان يعاملك كأخت صغيرة يطلب الزواج منك؟!! هل وضحت الصورة المختلطة الألوان والانفعالات لديك؟
يحدثك بسوء عن صديقتك وما أدراك ما يقوله لغيرك عنك؟؟ وحتى الآن نرى أنه يحدث فتاتين والله أعلم بالعدد الحقيقي لعلاقاته.
إنه لا يحبك أكثر من صديقتك، ولكن انتهى دورها في تسليته فبحث عن أخرى فلا تكوني أنت..
أنا أصدق كلامك حين تقولين إنك لا تقولين ما يغضب الله ولكن الحديث يبدأ في موضوع وقد ينتهي إلى آخر، وأنت تعرفين حديث الرسول عليه الصلاة والسلام بأن المرء يلقي بالكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم، أليس كذلك؟؟ فأنت قد تقولين ما هو حرام دون أن تدركي ذلك أثناء الحديث مع هذا الشاب.
ترغبين في دعوته ودعيني أسأل: ما هي مؤهلاتك للقيام بعمل الدعوة وأنت تعرفين أن الدعوة مهمة صعبة وتخصص مستقل يدرس؟! فهل أنت على هذه الدرجة من الإحاطة بالعلوم الشرعية، يرغب هو فيمن يساعده على الالتزام؟ فإمام الجامع وأشرطة الدعاة المنتشرة خير معين لمن أراد الصحبة الجيدة والتذكير بأمور الدين، وهي وسائل مجربة وناجحة أكثر من حديث فتاة مع شاب..
قضية مساعدتك له على الالتزام هي مجرد أوهام يزين لك بها الشيطان طريقه فلا هو الشاب الوحيد المحتاج للدعوة ولا أنت الداعية الوحيدة، ولم تقصرين نشاطك عليه إن كانت لديك الرغبة والطاقة للعمل في الدعوة؟! وجهيها لمن يسهل عليك الوصول لهن من الفتيات في مثل سنك، ولو كانت العلاقة علاقة دعوية لما وصلت بينكما إلى الشكوى من همومكما الشخصية.
أنا أرى يا بنيتي أن تنشغلي بتثقيف نفسك على الصعيد الديني والاجتماعي كي تعرفي أن الحبيب ليس كالخطيب أبدا، وأن الخطيب نفسه له حدود في التعامل مع خطيبته التي تعتبر من الناحية الشرعية أجنبية عنه.
تقولين إنك مللت من وسائل الترفيه المتاحة لك فهل لي أن أسال عما في رأيك له القدرة على تخليصك من إحساسك بالملل؟ فكري في هذا الاتجاه وليس في أنك مللت مما لديك، فكري كيف تستفيدين من وقتك ومن صداقاتك بشكل صحيح وبناء. فهل تدركين أنك تفكرين في هذا الشاب وموضوعه فقط لأنه يزيل الملل، ولكن ماذا ستقولين لرب العالمين يوم الحساب عندما يسألك عن عمرك فيما أفنيته؟؟ هذا الوقت عزيزتي يجب أن تشغليه بما هو مفيد، ولا مانع أن يكون المفيد سارا ومفرحا ولكن لا يغضب رب العالمين ولا يشوه أفكار الناس عنا.
قلت بنفسك إن حكمك في البداية على الشخص لم يكن إيجابيا ولكنك تحت ضغط الملل وافقت أن تتحدثي معه والإنسان الناضج لا يحركه مزاجه بل عقله، وعقلك الذي نصح صديقتك بالابتعاد عن مصادقة الشباب التي لا ينتج عنها إلا وجع القلب والحزن يجب أن يذكرك عزيزتي بكلماتك، أنت في داخلك تعرفين أن ما تفعلين خطأ ولكنك بحاجة لمن يشد من عضدك .
تقربي من أمك واستعيدي ثقتها بك واستثمري قربك منها لتحصلي على مزيد من النضج، تقولين إنها لا تعرف أن لديك هموما ولكنك مخطئة هي فقط لا تعرف ما هي هذه الهموم فشاركيها أفكارك وبثيها شكواك لتكسبي على صعيد بر والدتك وعلى صعيد حصولك على مشورة خبيرة بالحياة والناس.
لن أقول لك اتركي صديقتك المفضلة ولكن سأطلب منك أن تبحثي عن صديقات لهن نفس رؤيتك للأمور واهتمامات مشتركة كي يساعدنك على الاستمرار بالعمل على قناعاتك.
اعتبري ما حدث مجرد تجربة في الحياة، وساعدينا في معرفة ما يمكن أن يدخل البهجة والسرور إلى قلوب بناتنا من عمرك.. وأهلا وسهلا بك دائما
ــــــــــــــــــــ(41/264)
مراهقة وحيدة في مجتمعاتنا الجديدة
الحب من طرف واحد, مع النفس
السلام عليكم..
أتمنى أن تتسع صدوركم لسماع المشكلة، وأتمنى أن تعطوني حلا لها.
أعرف أن علاجي يستوجب طبيبا نفسيا، لكنني لا أستطيع أن أذهب إلى العيادة، فلا أملك المال، ولا يوجد من يوصلني سوى والدتي. ولن أتمكن من البوح لها فلا أريدها أن تصاب بنوبة عصبية. ولا أريد أن أوذيها. فأرجوكم لا تقولوا لي راجعي الطبيب.
أنا بصراحة لا أدري كيف أبدأ. ولكني ضقت ذرعا. مللت الصبر. إلى متى سأصبر. لم أعد أتحمل. ألديكم أدنى فكرة عن كيف يكون شعور مراهقة تعيش وحيدة وأهلها طوال الوقت مشغولون، ولا تملك إلا شاشة التلفاز والإنترنت. أنا لم أعد أطيق متابعة البرامج ولا فعل أي شيء. أنا لم أعد أطيق الحياة بأكملها..
أنا في السابعة عشرة من العمر. وسأتخرج قريبا. وعلاماتي تدنت. ولا أظنني سأتفوق هذا الفصل. فقدت السيطرة على نفسي. إنها فترة الامتحانات. وأنا أعاني. لا أستطيع التركيز في شيء.
أنا كنت المتدينة التي تصلي ليل ونهار. ولا يمر يوم ولا ساعة دون تلاوة القرآن.. فماذا أصابني يا ترى؟ أنا أتكاسل حتى في أداء الفرض، وأؤجل الصلاة هي وباقي الأعمال.
أنا شاردة الذهن. أعيش على أرض الأحلام والتخيلات. وما إن أفتح عيني على الواقع حتى أعود مجددا إلى الحلم. أنا وقعت فريسة للشهوات وقعت تحت تأثير إبليس والشياطين..
والمشكلة هي أكبر من ذلك. أنا وقعت في الحب وهو عذاب أريد أن أزيحه لكن ليس الأمر بيدي. أنا أحبها وأعني ذلك حقا. أعلم أن ذلك مثير للضحك والسخرية. لا أدري إن كانت تبادلني المشاعر أم لا. ولكني أعلم فقط أنني مجنونة بها.. لماذا أنا هكذا؟ لا أعلم. إنها عاطفتي عندما تقترب مني أحس بأنني جريت لمسافة ألف كيلومتر من سرعة نبضات قلبي. أحس بانقباض في معدتي وارتعاش في يدي فابتعد عنها بسرعة حتى لا أفضح نفسي.
إنها معي في الصف. ولسنا صديقات وسأفارقها قريبا. وهذا مؤلم لأني لا أريد أن ترحل. أريد أن أراها كل يوم وأسمع صوتها الجميل وهي تناديني. أريد أن أستمع إلى أحاديثها الشيقة وضحكتها الرائعة. إنها وحدها جعلتني أشعر بكل ذلك. أنا أعرف أن هذا خطأ. لكن لا قدرة لي على التوقف. هي كالهواء بالنسبة لي.
أنا على وشك السقوط في حبل الرذيلة فهل من منقذ؟؟ إنها لا تعرف بما أكنه لها. ولا أريدها أن تعرف. فهذا كله جنون. أشعر أنها ربما لا تحبني بنفس درجة الحماس، ولكنها تحبني وتريدني أيضا.. أنا متأكدة.
ومؤخرا أحلامي أصبحت كلها عنها. لقد ضمتني مرة بقوة وقبلتني على خدي. ولكن ذلك كان بدافع الزمالة التي تجمعنا في الصف ولم أشعر أثناء ذلك بأي شهوة ولكن كنت أطير من الفرح. أنا أعشقها بل أموت في حبها...
ذلك غريب حقا لا بد أنني أطلت الكتابة. أنا أعتذر لذلك.. والآن هل لديكم حل؟ من فضلكم دلوني على الطريق الصحيح قبل أن أسقط في الهاوية ساعدوني بسرعة.. وشكرا.
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الابنة العزيزة،
أهلا وسهلا بك، وشكرا على ثقتك،
كم توضح رسالتك حالة كثيرات من فتياتنا وفتياننا حيث ينشغل الأهل معنويا عنهم ويتركونهم يديرون حياتهم ويواجهون مراهقتهم بأنفسهم، وكأن توفير الطعام والشراب والملبس هو كل ما يجب على الأهل، وهكذا يقع المراهق أو المراهقة في خضم أمواج وأعاصير المراهقة إما عاجزا عن فهم نفسه وتحديد هويته أو متقلب المشاعر في تطرف وحدّة، وكثيرون يحسبون أن انشغال المراهق بالتعليم يشغله عن التفكير في تحديد هويته وفهم مشاعره والإجابة عن أسئلة جوهرية بالنسبة لكل إنسان مثل من أنا (أي بم أتميز؟) وإلى أين أتجه؟ (أي ما هي أهدافي وطموحاتي؟).
بالتالي وقعت أنت في شراك الفراغ والتلقي السلبي لما تقدمه شاشات الفضائيات: بنت وديعة في المنزل هكذا يرونك، بينما الحقيقة أن نيران الحيرة والتساؤلات تستعر داخلك، ومن الجميل منك خشيتك على مشاعر والدتك، ولكن يجب أن يكونَ لتلك الخشية حدود؛ لأن ما تمرين به الآن بدأ يؤثر بالفعل على تحصيلك الدراسي وقدرتك على التركيز والفهم والاستيعاب، ولا أحسب أني أملك ترف تخييرك بين العلاج على يد طبيب نفسي وبين غيره من الخيارات.
على أية حال دعينا نناقش ميولك القلبية الحالية تجاه زميلتك محاولين تقييم ما إذا كانت من النوع العابر الذي قد يحدث في مثل سنك أم هي غير ذلك، والحقيقة أن التقييم صعب؛ لأننا لا نعرف المدى الزمني الذي استمرت معاناتك خلاله، إلا أننا نستطيع اعتبار شدة انشغالك وانهماكك بالتعلق بتلك الزميلة زائدا عن الحد وواصلا إلى حدود وسواس الحب، بل حدود وسواس الحب والتعلق المثلي !، إلا أنه بالرغم من ذلك قد يكون عابرا وذلك ما قد يستنتج بعد معرفة المدة الزمنية.
يهمنا بعد ذلك أن أبين لك ما أحسب أنه بإذن الله سيصلح من فكرتك عن نفسك، ذلك أن وجود ميل مثلي داخلك يعذبك بشدة وقسوة لأنك ترفضينه من منطلق تدينك والتزامك، ولكن ما يهم أن تدركيه هو أن وجود تلك الميول خاصة في مرحلتك السنية تلك لا يعني بالتأكيد أنك سيئة أو شاذة، وأيضا ليست الميول في حد ذاتها ذنبا ولا جرما وإنما العبرة والمعيار الذي نحاسب عليه هو بالسلوك الذي تسلكينه، فإذا استسلمت لذلك الميل وقبلت به ثم تصرفت على أساسه (على طريقة أنا أريدها- غصبا عني- وهي كذلك تريدني- فلنقترب أكثر ولأصارحها بما أحمل لها) فإن هذا أول الذنوب، وأسأل الله إن حدث أن يكونَ آخرها في هذا الاتجاه المشئوم، وما يعنيه ذلك هو أننا نحاسب على السلوك وليس على المشاعر والميول، بل إننا كلما شعرنا بميل لفعل محرم وقاومناه ولم نستجب فإننا نكسب حسنات.
إذن أنا أنصحك أولا بألا تحاولي التصريح لزميلتك تلك أبدا بما يجول داخل قلبك، وتأكدي أن كل ما يرجّ كيانك من مشاعر جسدية وأفكار عاطفية (كدقات القلب المتسارعة عند رؤيتها أو التفكير فيها) كل ذلك لن يكون أكثر من عوارض تطرأ عليك لفترة من الزمن ثم تنتهي إذا اتبعت ما أنصحك به.
وثانيا: عليك أن تخططي -بعد فراغك من امتحانات السنة موفقة بإذن الله- لتوسيع دائرة اهتماماتك الاجتماعية لكي يكون ممكنا أن تهربي من الشعور بالفراغ والحيرة واللاجدوى، فهذه المشاعر والأفكار خاصة في وجود صراع حياتي نفسي جلل كالذي تعيشينه الآن، قد تدفع بك أكثر في طريق الضعف والاستسلام وهذا ما لا نرضاه لابنة نجيبة مثلك، وتذكري دائما أن وحدة + عاطفة + غفلةحب البنات للبنات، وتذكري أيضا أن مجتمعاتنا في حاجة أمس ما تكون فيها الآن إلى كل جهد تطوعي.. شاركي في محاولة تغيير الأفكار والتوجهات بين الناس.
وثالثا: عليك أن تلتفتي الآن إلى ما هو محوري الأثر في حياتك وهو تحصيلك الدراسي، ويجب أن تبدئي على الفور في محاولة استدراك ما فاتك والجئي لله واستعيني به، فإن لم تنجحي في كبح جماح شرودك وعدم قدرتك على التركيز أو إن غلبك اكتئابك (أي إذا تمكن منك التكاسل والشعور باللامبالاة وتأجيل الأعمال والفروض) فإن مفاتحة الأهل -ولا يشترط الأم- أمر لا مفر منه وإلا تكونين مقصرة في حق نفسك وحق الجميع، وأهلا وسهلا بك دائما فتابعينا بالتطورات
ــــــــــــــــــــ(41/265)
الانتحار حرام.. فما هو الحلال؟
غشاء البكارة, مع الأهل
قصتي لا يمكن أن يصدقها العقل، ولكن أقسم بالله العظيم إنها حقيقة لا يوجد فيها أي مجال للشك، ولكن أتمنى من كل من يقرأ رسالتي أن يعطيني حلا آخر غير الانتحار، مع أنني أشك بوجود حل آخر، ولكن أملي بالله وبكم كبير.
أنا فتاة عمري 20 سنة، أعيش مع 4 أخوات و3 إخوة، ومشكلتي هي أنني غير عذراء من طفولتي والسبب أخي الكبير.. أعلم أنكم لن تصدقوا ولكن هذه هي الحقيقة.
أنا فتاة جميلة وذات خلق وأعرف الله جيدا، ولكن مشكلتي أنني بدون أمل لسبب لا دخل لي به، وكل ذنبي أن لي أخا ليس له قلب ولا رحمة كان يضاجعني منذ كان عمري 7 سنوات أو أقل، ولكن ما أتذكره هو ما بعد سن 7 سنوات، وكنت أخجل من مصارحة أهلي؛ لأنني لم أكن أفهم ما يحصل.
ومع أن هذا الأمر استمر أكثر من 4 سنوات، ولكنني كنت مجنونة بصمتي، وإلى الآن لا أحد يعلم هذا الأمر غير صديقة واحدة قالت لي إن الحل هو عمل عملية، ولكن طبعا لن أخضع لهذا؛ لأنني أعلم أن هذا الحل غير صحيح وأنني سأبدو مثل البنات غير السوية.
والمشكلة أنني من عمر 15 سنة أواجه دائما طلبات الزواج بي ولا أجد جوابا غير لا؛ لأنني لست مجنونة بالارتباط وأنا لست عذراء، ولكن هناك شابا تقدم لي وأحببته ولا أستطيع مصارحته.
رجاء ابعثوا لي الحل، إن هذه أول مشاركة لي ولكن حقا أنا أحتاج لمساعدتكم، علما بأن أبي انفصل عن أمي، وأمي إذا علمت فسوف تقتله وتقتل نفسها، ولا أدري ما هو الصواب، كل ما أعلمه أنني إنسانة مظلومة، وأعرف بأخلاقي العالية، والحمد لله لم أقم بأي عمل يسيء لشرفي ولكن ما الفائدة؟ كل يوم أفكر بالانتحار، ولكنني أعلم أن الله حرم الانتحار وأبكي كل يوم والكل يتمنى معرفة سبب تعاستي.
كل أمنيتي أن أتزوج من أحب، وأنا عندي قناعة 100% أن أي شاب يسمع عن فتاة أنها غير عذراء لا يقبل الزواج بها مهما كانت الأسباب، ساعدوني لأنني لا أريد أن أبقى دون زواج؛ لأنني أعيش أصلا مع عائلة لا يهمها أي شيء سوى مصلحتها، علما بأن أخي تزوج ويعيش معنا في نفس البيت.
أنا في انتظار جوابكم لي ولكم الثواب إن شاء الله، علما بأنني سمعت بوجود مستشفيات تقوم بإعطاء شهادة تثبت بأنني فقدت عذريتي في سن الطفولة.. فهل تستطيعون إرسال أي عنوان لهذه المستشفيات هنا في بلدي؟ وهل يجوز لي القيام بالعملية بعد إثبات فقداني لعذريتي منذ الصغر؛ لأنني أتمنى أن أتزوج وأعيش حياة طبيعية وأن يكون زوجي هو الذي يقوم بفض غشائي حتى لا أواجه مشاكل في المستقبل؟.
أرجوكم ساعدوني؛ فأنا منذ الصغر لا أستطيع النوم، وعندما أنام أصحو أكثر من 5 مرات مرعوبة وتصيبني حالات من البكاء الهستيري؛ لأن هذا الموضوع يشغلني ليل نهار، أرجوكم أنا بانتظار ردكم، وشكرا جزيلا.
... المشكلة
د.فيروز عمر ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
دائما هناك حلول كثيرة غير الانتحار وإلا لما حرمه الله!!
أقول لك يا ابنتي.. الله تعالى موجود... وهو سبحانه وتعالى رءوف رحيم بعباده، وما دام أنك لا ذنب لك فيما حدث فهو سوف يسترك ويكتب لك السعادة مع زوجك ويملأ حياتك بالبهجة مع أولادك وبين أسرتك بإذنه تعالى.
قلنا كثيرا على هذه الصفحة إن غشاء البكارة ليس هو دليل العفة!! فكثير من البنات العفيفات مثلك قد فقدن عذريتهن بلا ذنب أو جريمة، والعكس صحيح.. فكثير من العابثات المحترفات قد نجحن في الحفاظ على غشائهن رغم ممارستهن لعلاقات آثمة.
لذلك فإن آراء الفقهاء واجتهاداتهم قد تعددت حول إجراء عملية رتق غشاء البكارة، وفي اختلافهم رحمة؛ فاجتهاداتهم تتيح لكل إنسان أن يستفتي قلبه ويختار الرأي الذي يراه مناسبا متبعا الحجة التي يراها من وجهة نظره أقوى وأرجح.
الرأي الأول:
يحرم تماما عملية رتق الغشاء ووجهة نظره أن هذا فيه تدليس وغش يتعارضان مع بداية حياة زوجية قائمة على الصدق.
ويرى هذا الفريق أنه يجب على الفتاة أن تصارح من يتقدم لخطبتها بالحقيقة مع تعهده لها بأن يستر أمرها سواء قرر الاستمرار معها أم لا. فإن تزوجت فهذا خير وإن لم تجد من يقبل الزواج بها فهذا ابتلاء من الله وعليها أن تصبر عليه وهو في ميزان حسناتها.
الرأي الثاني:
يفرق بين من هتكت بكارتها بسبب تعرضها لاعتداء أو حادثة لا ذنب لها فيها وتلك التي فقدت بكارتها بسبب ممارستها الفاحشة عن عمد.. فيرى أصحاب هذا الرأي أن الفتاة الأولى لها أن تستر نفسها بعملية رتق الغشاء؛ لأنها ليس لها ذنب في هذا؛ ولأن الستر أولى من الفضح.. أما الفتاة الثانية فيحرم عليها إجراء العملية؛ لأنها أذنبت عن عمد، وبالتالي يجب ألا تدلس أو تخدع أو تغش.
الرأي الثالث:
يرى أن الستر واجب في الحالتين، سواء كانت غير مذنبة أو كانت مذنبة وتابت توبة نصوحا.
وجهة نظر هذا الفريق: أن الدين الإسلامي يؤكد دائما أن الستر يفتح لها آفاق المستقبل ويعينها على فتح صفحة جديدة من حياتها.. وقالوا أيضا: إن النية لا يعلمها إلا الله، وهو سبحانه سيحاسب عباده يوم القيامة وهو جل شأنه "يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور"، فإن كانت الفتاة قصدت العفة والستر فيقبل منها هذا، وإن كان قصدها هو التدليس والخداع بعد أن فعلت ما يحلو لها فهو سبحانه قادر عليها في الدنيا والآخرة.
هذه هي الآراء الثلاثة فاستفتي قلبك واستخيري وقرري ما ترينه صوابا.
وأخيرا يا ابنتي.. لا تنسي الدعاء والاستغفار وحسن الصلة بالله وحسن التوكل عليه حتى يطمئن قلبك. يقول سبحانه: ألا بذكر الله تطمئن القلوب.
ويضيف أ.حامد العطار الباحث الشرعي بالموقع:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:-الأخت الفاضلة:
إذا كان هذا حدث فعلا على النحو المذكور..... فقد يجوز لها أن تخفي على من يخطبها حقيقة الأمر، وإذا احتاجت إلى إعادة الغشاء فقد يجوز هذا على رأي بعض الفقهاء الذين لا يعدون هذا من التدليس.
ومما يدل على أن هذا ليس من التدليس ما جاء في موطأ الإمام مالك:-
حدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي أن رجلا خطب إلى رجل أخته فذكر أنها قد كانت أحدثت فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فضربه أو كاد يضربه ثم قال ما لك وللخبر .
وجاء في كتاب المنتقى ( شرح الموطأ) تعقيبا على هذا الأثر:-إخبار الرجل عن أخته إذا خطبت إليه أنها أحدثت يريد أنه قد أصابها ما يوجب عليها حد الزنى وروي نحوه في المدنية عن عيسى بن دينار فأنكر ذلك عليه عمر بن الخطاب رضى الله عنه ولعلها قد كانت أقلعت وتابت ومن عاد إلى مثل هذه الحال لا يحل ذكره بسوء فإن الله تعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ولا يلزم الولي أن يخبر من حال وليته إلا بما يلزم في ردها وهي العيوب الأربعة : الجنون والجذام والبرص وداء الفرج . وأما غيره من العيوب فلا يلزمه ذلك .
وجاء في مصنف عبد الرزاق:-
حدثنا غندر عن شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب أن رجلا أراد أن يزوج ابنة فقالت : إني أخشى أن أفضحك ، إني قد بغيت ، فأتى عمر فقال : أليست قد تابت ؟ قال : نعم ، قال : فزوجها .
وقد كتب الدكتور محمد نعيم ياسين بحثا نشرته مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية أكد فيه بأدلة متعددة أن ترقيع غشاء البكارة للتائبة جائز شرعا ، فكيف بالمغتصبة المظلومة ؟ -والله أعلم .
ــــــــــــــــــــ(41/266)
تقدير الذات.. مفاهيم وأدوات!
مع النفس, الاغتراب والهوية
الأستاذة نيفين عبد الله:
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته...
أود التقدم لكِ بجزيل الشكر والتقدير لما أوردتِه بإسهاب في إجابتك على هذا الملف من سرد بعض النقاط لتعلم تقدير الذات من زاوية العلاقة مع الآخرين.
ما وضعت يدك عليه فعلا هو خلل وثغرة كبيرة تعوق تقدم الكثير من شباب منطقتنا من قلة أو حتى انعدام تقدير الذات؛ فأطلب منك -فضلا لا أمرا- سرد النقاط المهمة التي من خلالها يستطيع الإنسان أولا تقييم وتعلم كيفية احترام نفسه وتقوية قيمه ومبادئه.
ثانيا: أعلم أنك قمت بذلك، ولكن نريد معلومات أكثر من حيث العمق والتطبيق.
فمثلا ذكرت قي مقالتك عدة نقاط غاية بالأهمية وهي:
-الحب والأمن والاحترام.
-تعدد الأدوار.
-الوعي بالذات.
-الإنجازات.
-الصلة بالله.
نعم هذه الدرر التي ذكرت فعلا قد تكون من مفاتيح تقدير الذات، ولكن.. ولكن تذكرين هذه النقاط لشباب قد ضاعوا في الغياهب، تائهين، غافلين... إلخ من الصفات السلبية، ليس لهم أي دور في المجتمع، في حين أن بين أيديهم إمكانيات جمة من مال وفراغ و...
المسألة كما تفضلت هي من أساس التربية؛ فهذا عيب وهذا حرام، وهذا غير مسموح.. نعم فهذا هو أساس المشكلة؛ فهذا باعتقادي ما يزعزع الشخصية ويصنع الخلل.
ما أردت الوصول إليه أن ما تفضلت به قد أعتبره وعيا أو إحساسا وتثبيتا لأعراض الثقة بالنفس وليس العكس؛ أي أن من لا يمتلك الثقة بالنفس ولم تغرس فيه منذ طفولته فكيف به القيام بأدوار أو إنجازات أو أن يعي بذاته؟.. وهذا هو لب المشكلة باعتقادي..
الآن.. السؤال الذي يطرح نفسه بعبارة بسيطة: كيف لمن نما وترعرع في غياب ظل الثقة بالنفس، ووجد نفسه تائها يتخبط في مناكب هذه الحياة؟ إحدى هذه التخبطات هي ما تفضل به الأخ السائل عن كيفيه علاج علاقته بالآخرين.
فأرجو الإفادة في مسألة الثقة بالنفس وتنميتها..
أعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله خير الجزاء على هذه الجهود الجبارة لخدمة الإسلام والمسلمين..
... المشكلة
أ.نفين عبدالله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أخي، لأننا راشدون فإننا نختار تلك الرسائل التي نقبلها عن أنفسنا وتلك التي نرفضها. فلا يوجد إنسان على وجه الأرض يمكنه أن يجعلك تشعر شعورا متدنيا عن ذاتك إلا إذا سمحت أنت له بذلك ورضيت عنه.
وعملية بناء تقدير الذات عملية مستمرة لا تحدث بين عشية وضحاها، كل منا لديه قدرات كبيرة أودعها الله فيه؛ فقد خلقنا سبحانه لعمارة هذه الأرض، وهذه العمارة تتطلب منا قدرة. هل يمكن أن يكلفنا الله دون أن يمنحنا القدرة اللازمة لهذا التكليف؟!!
{لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}..
ولكن منا من يمكنه استخراج كنوز نفسه وتفعليها، ومنا من يعجز عن ذلك.
ولعل أكثر ما يجعل هذا المخلوق (الإنسان) مقدرا لذاته أنه صنعة خالق قادر عظيم، هل يمكن أن يكلف الله إلا مخلوقا له الأهلية لهذا التكليف، وهو أعلم بقدرته عليه؟
هل يمكن أن يسخر الله من مخلوقاته عاجزا عن استخدام هذه المسخرات؟
انهض عبد الله، فأنت صنعة خالق عظيم قادر، وأنت المسخر له مخلوقات هذا الخالق جميعها.. ولا يمكننا أن نسأل أبدا هذا السؤال البدهي معروف الجواب: "هل أنت أهل لذلك؟!!".. لأنه الجواب جاء منذ أن خلقنا الله، ومنذ أن عرض الأمانة على أبينا آدم.
إذن: نعم أنت أهل لها..
وهل هي أمانة كبيرة؟
بكل تأكيد: نعم.
إذا كانت الأمانة كبيرة فهل يمكن أن يكلف الله عليها إلا قادرا؟
بالطبع لا يكلف الله أمانة كبيرة إلا لقادر.
هل تصدق أنك أنت هذا القادر؟.. هل تصدق هذا؟!
إذن.. قم وتحمل تبعاتها.. واسعد بأنك هذا المخلوق الهام القادر الذي كلفه الله، وسخر له من كنوز نفسه وعطايا موجودات الله ما يعينه على حمل هذه الأمانة وتحقيق هذا التكليف..
ربما يلزمك بعض خطوات لتبدأ..
إن أردت فهذه بعض الخطوات القصيرة لتحاول بها أن تعيد ثقتك وتقديرك لذاتك:
1- اعرف نفسك وحدد قدراتك لتحدد الدور المناسب لك. استثمر هذه القدرات لتقوم بدورك في عمارة الأرض.
أداة 1:
قس قدراتك العقلية عن طريق الاستبيان الموضوع في ملف الذكاءات.
طالع: ملف الذكاءات ، صيف ذكى جدا
القدرات لا تحدد بالدرجات
اعرف نفسك لتحقق رسالتك في الحياة
أداة 2:
حاول الوعي بمشاعرك:
• حين تبدأ في الشعور بأن وعيا داخليا بمشاعر سلبية يؤثر عليك ابدأ في التركيز على شيء ما خارج نفسك وادرسه تفصيليا، مثال: الباب، لونه، شكله، ملمسه، النقطة الأساسية أن تُبقي تركيزك على شيء، بعيدا عن نفسك.
• ابدأ في التدرب على هذا التكنيك بالتركيز على شيء يحدث في داخلك، انتقل بتركيزك لشيء خارجي..
أداة 3:
انتبه لحديثك الداخلي:
ذلك الذي يتركك متضايقا، حزينا، مكتئبا، محبطا.
• تحدَّ الاتهامات التي توجهها لنفسك..
• قل لنفسك: هؤلاء الذين يبدون واثقين جدا من أنفسهم لديهم لحظات وأوقات سيئة أيضا بالطبع لا تسمع عنها.
• إذا ما شعرت أنك عديم الثقة في وقت ما فليس معنى ذلك بالطبع أن الآخرين يعرفون ذلك ويشعرون به.
• إذا ما أمسكت نفسك متلبسا بقول بعض الكلمات لنفسك مثل: "لست جيدا في أي شيء" قل لنفسك بدلا من ذلك: "هذا غير صحيح، لدي الكثير من الأشياء الجيدة"، المشاعر السلبية تساعد في تضخيم الأمور..
• إذا ما وجدت عقلك يبدأ في البحث عن أدلة تؤيد العبارات السلبية عن نفسك، امسك نفسك، ركز خارج نفسك (كما شرحنا في النقطة السابقة).
• فبناء تقدير الذات لا يعني فقط أن تفكر جيدا في نفسك بل أيضا ألا تفكر تفكيرا سلبيا دون داعٍ، وألا تقع فريسة لاجترار المزيد من الأفكار والمشاعر السلبية.
• شعورك في الماضي شعور سيئ ليس معناه أنك ستشعر بنفس الطريقة في المستقبل.
• ابدأ في استبدال طريقة تفكيرك، بدلا من: "لماذا أشعر بهذه الطريقة؟": "لماذا حدث كذا..؟".
فكر في: "كيف أحب أن أشعر؟".
"في أي المواقف أشعر بالثقة؟".
"ماذا أحتاج تعلمه لأشعر شعورا فأفضل بالثقة في هذا الموقف؟".
هذا التغيير في التفكير هام جدا فكرس له بعض الوقت.
تابع التغيير البسيط الذي يحدث.
لا تتوقع الكثير دفعة واحدة.
بناء ثقة جيدة أمر رائع، والأروع أنه ممكن!
2- توقف عن مقارنة نفسك بالآخرين: فكلٌ ميسر لما خلق له. وكل منا له من القدرات ما يناسب دوره في الحياة وما هو مخلوق له من دور في عمارة الأرض.. كل منا له دور في الاستخلاف، وخالقنا أودع في كلا منا ما يؤهله لهذا الدور.
اجعل مقياسك صحيحا: قس أفعالك برضا الله عنها وليس كبر الإنجاز "لا تحقرن من المعروف شيئا"؛ فيصعب على الإنسان أن يشعر بقيمة حقيقة له إذا لم يفعل شيئا حقيقيا. فافعل شيئا واسعد بما فعلت تذكر، كيف لنا أن نفكر دوما بأننا عديمو الإنجازات رغم أننا يمكننا يوميا أن نودع في حساب الحسنات مئات بل آلاف الحسنات.. هل لنا مقياس غير ذلك؟.. قس إنجازاتك بالطاعات.. وحينها ستعلم أن الإنجاز ممكن ممكن.. خطأ كبير أننا بتنا نقيس الإنسان بإنجازاته الكبيرة متغافلين عن عداد الحسنات ومقياس رضا الله الذي يخلف في القلب شعورا عميقا بالرضا عن الذات..
وسبحان الله أن ذلك هو العداد الحقيقي الذي يبقى للإنسان أفعاله في صحيفته التي يقابل الله بها يوم الحساب.. فكثير من الإنجازات أخي لا تعد في هذا العداد إذا لم تكن مصحوبة بالنية.. { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}.
إذن مقياسنا الوحيد للإنجاز هو صلاح العمل، ودوام الطاعة لله. فسبحان الرحيم الذي يجازينا بالسعي. فقط افعل كل ما يمكنك فعله..
أداة:
احتفظ لنفسك بسجل الإنجازات، سجل به يوميا 20 فعلا جيدا فعلته، ابدأ بـ3 أفعال، ثم 5، ثم 10 وزد، على أن يكون مقياسك طاعة: ابتسامة، تعاطف مع صديق، قراءة جزء محدد من كتاب... وتذكر: "لا تحقرن من المعروف شيئا".
3- تقدم خطوة عما أنت عليه الآن.. وتذكر: "قليل مستمر خير من كثير متقطع".
أداة: حلل أهدافك وحدد خطوات الوصول.
4- تجنب المثالية.. المثالية تقودك للتسويف، وبالتالي تحول دون البدء في تحقيق أهدافك.. كما تجعلك دائما غير راضٍ عن أي إنجاز.
5- ابدأ الخطوة الأولى: فالخطوة الأولى هي المحرك الأول في عجلة النجاح.. فلا تكثر من طموحك في البداية ولا تطلب المثالية، فقط اعرف ماذا تريد وما خطواته؛ فكل خطوة تسلم لما بعدها، والوصول يتطلب هذه الخطوات المتتابعة.
طالع:
أقم الجسر بين عاداتك وأهدافك!
ابدأ رحلة التغيير!
6- حاول أن تحيط نفسك بمجموعة إيجابية داعمة، صحبة صالحة تدلك على الخيرات والإنجازات الحقيقية، وتثبتك على الطاعات التي تزن في ميزانك. هناك من الأشخاص من يحط من شأنك، ويدني من تقديرك لذاتك.. لا تعرض نفسك لهؤلاء، بل حاول أن تتواجد وسط بيئة إيجابية دافعة.
وصدق رسولنا الكريم حين أمرنا: "لا تكونوا أعوانا للشيطان على أخيكم". وكأنه يوجهنا جميعا أن نفتح باب الأمل للجميع في أن يشعر شعورا طيبا عن نفسه، فيحاول فعليا أن يلاقي توقعات الناس به؛ فالمرء عند ظن الناس به. فكأنه يأمرنا جميعا ويحملنا مسئولية بعضنا البعض في أن نساعد بعضنا بعضا لنشعر شعورا طيبا عن ذواتنا؛ فلا نترك أحدنا للشيطان يوسوس له أنه سيئ وعديم القيمة وعديم القدرة. ولذا فديننا يعول الكثير على الصحبة الصالحة، ويعول الكثير على الأعمال الصالحة ولو قليلة.. ومستمرة..
7- حاول أن تشعر بقدرك وأهميتك بما تقدمه للآخرين: انفع غيرك تشعر بقيمتك..
8- كن نفسك ولا تحاول أن تعيش دورا ليس لك. عش حياتك أنت وليس حياة الآخرين. عش الحياة التي تعتقد أنها جيدة لك، وليس ما يختاره لك الآخرون.
9- اجعل معيارا ثابتا للحكم على الأمور "مُرضٍ لله أو غير مرض له"، فإذا ما اتخذت قرارات ترتكز على الحصول على القبول من الآخرين فلن يمكنك أبدا أن تعيش نفسك، وسيظل تقديرك لذاتك يعاني كتابع طبيعي لأن تتصرف على غير ما تعتقد. من أكثر ما يجعل الإنسان مقدرا لذاته أن يشعر بالسيطرة على حياته، أن يشعر أنه قادر على أن يفعل ما يؤمن به، ما يعتقد أنه صواب، ما يريد فعله...
10- حل مشكلاتك: لا تتجنبها ولا تشكُ.. عامل مشكلاتك على أنها فرص للنجاح والنمو والتقدم بل والانتصار والتحكم.
11- احترم احتياجاتك ورغباتك المشروعة. وعبر عنها وحاول أن تلبيها.
12- وأهمها على الإطلاق: استعن بالله ولا تعجز.. قم.. افعل شيئا. لتشعر أنك جيد بحق.
وأخيرا...
أترك لك وغيرك من القراء الكرام سؤالا نُعمل فيه جميعا عقولنا:
ترى إذا ما كانت اللبنات الأساسية لتقدير الذات:
الأمن.
الاتصال بقوة أعلى منك.
الانتماء.الحب والتقبل. الوعي بالذات.تعدد الأدوار والإنجازات..
فهل الإيمان والعيش بمفرداتنا الإسلامية -كما يرضاها الله- يزيد تقدير الإنسان لذاته؟
وهل يلزمنا مراجعة وتأصيل في عقول الناس لمفهوم الطاعات والعبادة، وبالتالي مفهوم الإنجاز وفق معيار صلاح الأعمال؟
فلنفكر معا.. وأخيرا أخي، استعن بالله ولا تعجز؛ فأمتنا تحتاج لكل نفس.
ــــــــــــــــــــ(41/267)
مفاتيح للذكاء الاجتماعي
مع المجتمع
الصراحة لا أعرف من أين أبدأ، ولكن سوف ألخص لكم الموضوع، أنا شاب عمري 18 سنة وأدرس في الثانوية، ومشكلتي الوحيدة هي الخجل، نعم أعترف أنني شخص خجول بعدما كنت دائما أنكر الحقيقية.. لا أدري ماذا أفعل؟؟.
عندما كنت في الابتدائية كنت ولدا لطيفا طيبا، لا يحب العراك، ولم أكن من النوع العنيف، وكنت أيضا صادقا في كلامي وفي حياتي مع بعض الأخطاء التي ارتكبتها.
من ثم انتقلت إلى المتوسطة، ومن هنا بدأت المشكلة أو بالتحديد عندما بلغت الثانية عشرة من عمري، لقد لاحظ والداي أنني ليس عندي أصدقاء كثر، فقررا أن يعرفاني على بعض الأولاد حتى أصير اجتماعيا، ولكنني أحيانا كنت أرفض الذهاب، خصوصا عندما كانا يغصبانني فكت أعاندهما، ولكن الآن فقط عرفت أنهما كانا على صواب، ولكن بعد فوات الأوان.
لقد تغيرت تماما عندما عرفت شيئا اسمه الجنس؛ فتغيرت نظرتي للحياة إلى صورة سلبية، ولكن بعد مدة استفقت من هذا الحلم بعد كابوس مرير وتقبلت الواقع.
مشكلتي الكبرى أنني لست شخصا اجتماعيا بالشكل المطلوب، دائما أحس عندما أقابل أشخاصا يكون الحوار رسميا جدا.
عندي بعض الأصدقاء ولكنهم ليسوا مثل الأصدقاء الحقيقيين، عندي صديق واحد هو صديق العمر، ودائما أأتمنه على أسراري، حتى إن أهلي طلبوا مني أن أبدل بهذا الصديق أناسا كثيرين.
إنني في السنة الأخيرة، ودائما أهلي يقولون لي كيف سأعيش وحدي في الجامعة، وكيف ستتخالط مع الناس؟ والمصيبة أنني أريد الذهاب مع صديقي الوحيد، يعني أحس أن أجمل أوقات حياتي تضيع مني.
مشكلتي أنني أريد أن أتغير وأزيل هذا الجلد الذي أسكن فيه، أريد أن أصبح شخصا اجتماعيا قويا جريئا مندفعا شجاعا، لا أريد أن أكون الولد الهادئ المهذب الرقيق المغلوب على أمره، أحس هناك طاقات تكمن في داخلي ولكن لا أعرف كيف أخرجها.
أنا شخص متناقض، أعرف مشكلتي، وأعرف حلها في الوقت نفسه. باختصار: تنقصني الجرأة والشجاعة والثقة بالنفس. حلمي أن أصبح طبيبا.
... المشكلة
د.محمد المهدي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي العزيز، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هناك في الوقت الحالي ما يسمى بالذكاءات المتعددة، ومنها الذكاء المنطقي الحسابي، والذكاء اللغوي، والذكاء الهندسي الفراغي، والذكاء الحركي، والذكاء الفني، والذكاء الاجتماعي، والذكاء الروحي... إلخ.
وأنت -كما يبدو من رسالتك- غير قانع بذكائك الاجتماعي، وتريد مستوى أعلى منه يمكنك من فهم الناس والتفاعل معهم بشكل أكثر عمقا وأكثر تأثيرا، وأنت ثائر على هدوئك وخجلك وانطوائك وكذلك الأسرة، وتريد أن تنطلق جريئا شجاعا، بل لقد أبديت رغبتك في أن تكون مندفعا، وهذا من فرط رغبتك في الخروج من قوقعة الخجل والخوف والانسحاب الاجتماعي.
والذكاء الاجتماعي له جانب فطرى وآخر مكتسب؛ فمثلا نجد أناسا بطبيعتهم يستطيعون عمل علاقات متعددة مع غيرهم، ويؤثرون ويتأثرون، ولديهم فاعلية عالية في مجتمعاتهم، ويستطيعون التعبير عن أنفسهم دون أدنى درجة من الخجل أو الخوف، وهم لا يفعلون ذلك مضطرين، وإنما يفعلونه وهم مستمتعون به ولا يبذلون جهدا يذكر في ذلك.
أما الأشخاص ذوو الذكاء الاجتماعي الأقل فهم يحتاجون لبذل الجهد لتحسين كفاءتهم الاجتماعية وتنمية علاقاتهم الإنسانية، وهذا الجهد يكون صعبا في البداية، ولكن بعد فترة تقل الحاجة إليه تدريجيا؛ حيث يكون الشخص قد أصبح أكثر دراية بمفاتيح البشر وشخصياتهم واتجاهاتهم واحتياجاتهم.
وأنت ما زالت أمامك فرصة كبيرة لتنمية قدراتك الاجتماعية خاصة أنك مقبل على الجامعة، وهناك تكون الفرص للنشاط الاجتماعي أكثر بكثير من المجتمع المدرسي، خاصة أن لديك الرغبة في ذلك. وهناك بعض التوصيات نذكرك بها:
1- اهتم بتعميق علاقتك بصديقك الحميم فإن هذه العلاقة تعتبر تجربة (بروفة) للعلاقات الإنسانية العميقة، ونجاحك فيها يؤهلك لمزيد من النجاح في علاقات أخرى.
2- لا تكتفِ بمستوى الصداقة الحميمة؛ فهناك مستويات أخرى من الصداقة نحتاجها، مثل: الصداقة الاجتماعية والزمالة والمعارف.
3- وسع دائرة معلوماتك واهتماماتك بحيث تجد دائما ما تتحدث فيه مع أي شخص تقابله.
4- وطّن نفسك على أن تعطي للناس ما يحتاجونه، وعندها ستجدهم معك دائما.
5- حاول أن تترك أثرا طيبا في أي شخص تقابله حتى ولو كانت المقابلة لدقيقة واحدة.
6- حاول أن تجد في كل إنسان تقابله صفة حسنة تحبها، وتعوّد أن تتغاضى عن أخطاء الناس وزلاتهم.
7- الإنسان مخلوق كرمه الله تعالى -رغم ما به من عيوب- فتعامل معه على هذا الأساس.
8- العلاقات الاجتماعية ليست تضييعا للوقت، وإنما هي نوع من الاستثمار الإنساني والوجداني، وهي فرصة ثمينة لتنمية مهارات الحياة.
9- شارك قدر إمكانك في الجمعيات والهيئات التي تهتم بخدمة الناس.
10- تعود أن تؤدي الصلوات الخمس في جماعة.
11- اهتم بصلة الرحم.
وبعد كل هذا أعط لنفسك الفرصة لكي تنمو ملكاتك الاجتماعية، ولا تتعجل النضج قبل أوانه.
ــــــــــــــــــــ(41/268)
مهووس بالبنات.. أوقف قطار الأفكار
مع الجنس الآخر
السلام عليكم،
لدي مشكلة وهي البنات، أنا دائم التفكير في جنس الأنثى إلى حد الجنون تقريبا، في البيت، في الجامعة، في الشارع، في السيارة، في كل مكان، في النوم حتى وأنا صائم، مع العلم أنه ليس لي علاقة شرعية ولا غير شرعية بكل معنى الكلمة، وتفكيري يذهب إلى الملابس وإلى الجنس، مع العلم أن هذا التفكير غير إرادي في أغلب الأحوال، وشكرا.
... المشكلة
د . مأمون مبيض ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أخي الكريم:
شكرا لك على سؤالك...
من الطبيعي في عمرك هذا أن ينشغل بالك بالفتيات، ولكن أن يصل لهذا الحد من الانشغال والاهتمام فالأمر يحتاج لبعض الضبط؛ لأنه سيتجاوز ما هو طبيعي، ولكن لا يعني هذا بأنه مرض أو وسواس.
لا بد من الوضوح وعدم رد الموضوع لأمر خارج عن إرادتك؛ فالغالب أن قليلا من هذا التفكير والانشغال مرده ربما للوسواس ولكن أكثره يعود لعمل أرادي منك، سواء بالسماح لذهنك ببداية التفكير، ومن ثم الانطلاق في مزيد من هذا التفكير والصور الذهنية...
حاول أن تراجع تفاصيل حياتك وتصرفاتك، هل أنت تعرض نفسك لأمور ستثير عندك مزيدا من التفكير والانشغال بالفتيات، ومثال على ذلك مشاهدة الصور المثيرة سواء في التلفاز أو المجلات أو غيرهما، هل أنت تتعمد الذهاب للأماكن التي تعتقد أنك ستشاهد فيها الفتيات... فإذا كان هذا -وهذا ما أرجحه- فمن الطبيعي إذن أنك دائم الانشغال والتفكير بالفتيات.
حاول أن تشغل نفسك بالكثير من الأنشطة البعيدة عن أجواء الاختلاط بالفتيات كالرياضة والدراسة والقراءة...
هناك مهارة معينة ندربها عادة للذي يعاني من الأفكار الوسواسية، وهي طريقة "قف".
وهي أنك عندما تلاحظ بداية تفكيرك بالفتيات أن تحاول إيقاف قطار التفكير هذا بأن تقول لنفسك "قف" وبحيث توقف قطار التفكير هذا، وتذهب للقيام بعمل آخر غير الذي أنت فيه. وإذا لم يكن هناك أحد أمامك يمكنك أن تقول "قف" بصوت مسموع فهذا تأثيره أكبر. المهم أن تنمي عندك قدرتك الذاتية على التحكم بطبيعة الأفكار التي تدور في ذهنك. بينما إذا استرسلت بالتفكير في الفتيات ولم توقف هذا التفكير فمن الطبيعي أن تزداد عندك هذه الأفكار حتى تصل لحد تفقد فيه السيطرة على أفكارك. وفقك الله وحفظك من كل مكروه.
ــــــــــــــــــــ(41/269)
إدمان العلاقات الهاتفية.. تشريح نفسي
مع الجنس الآخر, الإنترنت والهاتف
السلام عليكم،
أنا فتاة أبلغ من العمر 19 سنة أدرس الآن في الجامعة، مشكلتي بدأت عندما بلغت 16 سنة؛ حيث إنني أشك في نفسي أنني أعاني من مرض نفسي يدعوني في بعض الأحيان إلى قتل نفسي، ولكن ما يمنعني أن قتل النفس محرم.
إخوتي بالله، كنت أدرس في المدرسة، ولاحظت أن شابا يطاردني حيث بعث لي مع ابنة عمه رقم هاتفه، حيث إنني كنت أيضا أميل إليه، بعد فترة أصبحنا نتحدث إلى بعضنا عبر الهاتف ولم يكن هدفي الارتباط به بتاتا؛ لأنني أعلم أن أهلي لن يوافقوا عليه كزوج لي، ولكنني كنت أتحدث معه للتسلية كما يفعل صديقاتي، بعد أربعة أشهر انتهت العلاقة بينه وبيني بعد ندم شديد مني لما فعلته وعاهدت نفسي ألا أعود إلى هذه التفاهة مرة أخرى.
بعد مضي سنة ذهبت للصيدلية لشراء دواء، وكان يعمل بها شاب كانت معاملته لي غريبة؛ فلاحظت هذا الشيء به، وتكررت زياراتي للصيدلية حتى تعرفت به وهو كذلك، وبدأنا بعلاقة على الهاتف استمرت أكثر من 8 أشهر، وكانت العلاقة بيني وبينه على الهاتف قوية.
علما أن هذا الشاب كان مرتبطا بفتاة أخرى، ولكن أنانيتي لم تجعلني أهتم بها، وكان يشجعني على ذلك بقوله إنه لا يريدها ويريد الخلاص منها، وفعلا انفصل عنها وجاء لخطبتي من أهلي ولكنهم رفضوه وبشدة، انتهت علاقتنا بعد الرفض لمدة شهرين، وعدنا بعد ذلك إلى ما كنا عليه من التحدث بالهاتف وزيارتي له بالصيدلية بعد أن فقدت الأمل أن يعود لخطبتي، انتهت علاقتنا تماما لمدة أربعة أشهر، وعلمت أنه خطب فتاة أخرى.
بعد التحاقي بالجامعة تعرفت على شاب يستحيل لأهلي الموافقة عليه كزوج لي؛ لأنه لا يملك الهوية، وطلبت منه أن يقطع علاقته بي.. وفي هذه الفترة عاد لي الشاب الصيدلاني وكلمني هاتفيا بأنه يريد العودة إليَّ فرفضت ذلك تماما مع أنني ما زلت أريده.
بعد هذا التوضيح لقصتي فقد أدمنت العلاقات الهاتفية، وأنا والله أجاهد نفسي للابتعاد عنها ولكن بين الفترة والأخرى أعود لها، والله إنني أعاني من هذا الكابوس غير المنتهي، لا أريد هذه الطرق المحرمة بالهاتف، ولكن لا أتمكن من أن تمر فترة دونها.
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
يقول د.وائل أبو هندي من فريق الحلول:
الابنة العزيزة،
أهلا وسهلا بك على صفحتنا مشاكل وحلول، قرأت إفادتك عدة مرات، وفي كل مرة كنت أؤجل الرد بعضا من الوقت، والحقيقة أنني كنت أتأمل كلماتك الإلكترونية وأقارنها بكلمات مريضات من لحم ودم أسمعهن وأعرفهن، بعضهن فتيات مثلك يشعرن بالذنب لأنهن خائنات لثقة الأهل، أو متورطات في مشكلات ناجمة عن علاقات الهاتف، وبعضهن متزوجات يشعرن بالذنب تجاه أزواجهن. وكانت المشكلة الأكثر إلحاحا دوما هي كيف تقاوم الواحدة منهن تلك الاندفاعة Impulse التي تنتابها لتتصل، ولسنا بالطبع بعيدين عن مدمني الشات وكل أشكال إدمان العلاقات الإلكترونية، ولصفحتنا باع طويل في مناقشة مشكلات بهذا الشكل من المحيط إلى الخليج.
كما قلت لك فقد تعرضت أثناء عملي لنماذج كثيرة من مدمنات العلاقات، وتعبت معهن في مقاومة الاندفاعة للاتصال؛ فعرفت من كانت تصل بها الأمور إلى أن تزيل كارت الاتصال بالشبكة من الجهاز، ثم تعجز عن الاستمرار فتعيد تركيبه، وعرفت من بين الزوجات من كانت تلجأ لكسر آلة التليفون -ثم تلصق التهمة بابنها الصغير- لتمنع نفسها من الاتصال بذلك الولد! ولكنها في مرة غلبتها الاندفاعة رغم ذلك، حتى اشترت آلة جديدة واتصلت، فقط أود أن أبين لك إدراكي لصعوبة مقاومة إلحاح الاندفاعة للاتصال؛ لأنه كما وصفته في آخر فقرات إفادتك شيء مثل الإدمان.
لست وحيدة ولا فريدة إذن في بلواك هذه، ولكن طريق الخلاص يحتاج إلى كثير من التماسك والإصرار في الوقت نفسه الذي تتغير فيه طريقة عيشك وكثير من أفكارك، وعلى أي حال سأبدأ معك خطوة خطوة كما سارت بك إفادتك..
تبدئين شكواك بقولك:
"حيث إنني أشك في نفسي أنني أعاني من مرض نفسي يدعوني في بعض الأحيان إلى قتل نفسي، ولكن ما يمنعني أن قتل النفس محرم"، وتبدو الكلمات للقراء كأنها تعبر عن حالة اكتئاب، وعلى لسان بنت في بدايات شبابها يتهددها الانتحار، ولولا أنه حرام لأقدمت عليه، طبعا أنت تخلطين الدنيا ببعضها -دون دراية منك- فما يرتبط في الأذهان بالرغبة في قتل النفس أي الانتحار هو الاكتئاب الشديد والطويل المدة ثقيل الوطأة على صاحبه، وهذا ما ليس والحمد لله حالك، وإلا لكان لنا كلام آخر.
فواقع الأمر يا ابنتي -تخمينا لأنني أتعامل مع نص إلكتروني- هو أننا أمام أفكار انتحار من النوع الاندفاعي Suicidal Impulses، ولسنا نراها أفكار انتحار من النوع الاكتئابي، وهذا يضعنا أمام احتمالين:
الأول: أن أفكار قتل النفس التي تأتيك هي اندفاعات تأتي على خاطرك أحيانا، تالية غالبا للحظات من الخصام مع النفس، ولكنها -رغم قصرها الزمني- لحظات تكون ثقيلة الوطأة؛ شعورٌ مثلا بأنك سيئة ومذنبة ولا أمل فيك أو غير ذلك، وهنا يمثل الانتحار أو التفكير فيه طريقا للخلاص من شعورك بأخطاء فعلتها بسبب الاندفاع أيضًا -مثلا في اندفاع عاطفي أو جنسي في الهاتف- فتلجئين إلى الفكرة لتمثل إما عقابا لذاتك أو شكلا من أشكال التكفير عن الذنب على المستوى النفسي.
والثاني: أن الأفكار ليست سوى أفكار من وراء قلبك تبقى، وقد تؤثر على سلوكك الظاهر للتأثير في الآخر أو الآخرين ذوي الدلالة في حياتك، ولعلنا في مشاكل وحلول للشباب نكون من هذا الآخر، وتقصدين بذكرك لموضوع التفكير في قتل النفس -الذي يمنعك منه أنه حرام، والذي لم يرد له ذكر بعد ذلك في إفادتك- تقصدين إعطاءنا رسالة بأنك تعاقبين نفسك بما فيه الكفاية ولست بحاجة إلى عقاب منا نحن أيضًا!.
على أي حال فإن اندفاعيتك هي المشكلة الأساسية، والاندفاعية: من الاندفاع أي الطيش والتهور وعدم القدرة على تأجيل إرضاء النفس والانزلاق بالتالي إلى تلبية رغباتها، ولعلها بدأت معك منذ أن كنت في السادسة عشرة، عندما انزلقت في علاقة هاتفية مع ذلك الولد، ولم تكوني في الأصل جادة في تلك العلاقة، وهو ما يذكرني بإجابة ظهرت على مجانين عن الفرق بين الحُبِّ واللبِّ ، وهو ما لم تدركيه في وقته مع الأسف.
ثم انزلقت في علاقة أخرى بعدما شعرت بذلك الشيء بالصيدلي الذي كان على علاقة بأخرى (وكلها تسالي)، والتسالي ممتعة دون قيد أو شرط، وهكذا كررت زياراتك له، ووقعت في العلاقة الثانية، وبذا اعتدت الكذب على الأهل، وصار لك عالمك الذهني الخاص مع نفسك، ولم تنتبهي إلى المعاصي التي ترتكبينها -وهي أكثر مما فصلت لك- لأنك كنت صغيرة وزميلاتك كلهن يفعلن، وصدَقت الدكتورة فيروز عمر حين قالت: واحدة مقابل ثلاثة: الجميع يلهو ويتسلى.
إذن فبالتدريج اعتدتِ أن يكون لك هذا العالم الخاص مع أصوات الذكور المتغزلين على الأقل فيك، والإناث بوجه عام أكثر عرضة لإدمان الاستحسان مقارنة بالذكور، وطبيعي أنهم أسمعوك كلاما يذوب له الحجر، وأنك شعرت بالإثارة والزهو وربما أكثر، وهذا كله كان يجهزك للإدمان.
وأسألك أنا:
كيف أدرت بالهاتف أزمة انتصارك وفوزك بالثاني الصيدلي خاطبا فمرفوضا من الأهل؟ وكيف تديرين عودته الحالية رغم رفض الأهل؟ وهو الذي كانت علاقتك الهاتفية به قوية -ولم تشرحي معنى "قوية"- وهو الذي تقرين بأن محركك في علاقتك به كان أحيانا أنانيتك التي تثبت أنها على حق؛ فهو ما يزال راغبا! وأنت ضعيفة في العلاقة غالبا ما تزالين؛ لأن فيها إثبات ذات، ولذلك تقولين: "فرفضت ذلك تماما مع أنني ما زلت أريده".
إذن فكم مرة صادف أن أخرجك ذلك العالم الهاتفي -السري المتاح في كل منزل- من شعور بالضيق أو الملل؟ وكم مرة شعرت بالزهو بينك وبين نفسك لأنه قال لك كذا... وكذا..؟
كل هذا -وغيره كثير- أشياء تعني أنك فعلت فعل الاتصال المريح أو المخفف أو المنعش مرات ومرات، وعلى مدى سنوات، ربما كنت في البداية مدفوعة بالرغبة في التعرف والتجريب، لكنك بالتدريج تعلمت أن فعل الاتصال الهاتفي -في إطار علاقة- يخرجك من حالاتك النفسية السيئة، وأصبح من الممكن أن تشعري بأن شيئا لن يريحك إلا الاتصال! وبذلك تكتمل حلقة السلوك الإدماني التي أصبحت فيها، وأصبحن كثيرات مثلك دون أن يدرين، ولذلك قلت لنا إنك أدمنت العلاقات الهاتفية.
وأصعب ما يواجه الطبيب النفسي من جهة العلاج هو الإدمان، وأصعب مشكلات علاج الإدمان هي علاج إدمان المتاح القريب والمقبول اجتماعيا بالتالي مثل الأكل ومثل الهاتف ومثل الإنترنت؛ فهذه أشياء أصبحت متاحة في كل مكان حولنا، إذن لكي أبدأ معك في خطوات العلاج يلزمني السؤال الآن عن أهل بيتك: أين هم مما تعانين يا ابنتي؟ خاصة أن معالجك النفسي سيحتاج كثيرا إلى دعمهم، للتنبؤ بتفاصيل ما قد يصلح لك من علاج معرفي وسلوكي، وربما عقاري إذا رأى معالجك ذلك، فاستخيري ربك وتحركي.
ولكننا نحتاج إلى تفاصيل كثيرة قبل أن يكون لنا قدرة على وضع برنامج يصلح لك أنت شخصيا؛ لأن معلوماتنا عنك منقوصة؛ فمثلا قلت لنا: إنك أدمنت العلاقات الهاتفية، ولم توضحي طبعا أي نوع من الإدمان؟ وهل كان في تلك العلاقات دور للمشاعر الجنسية أو حتى الاسترجاز؟ كل هذه أمور مهمة، وأنصحك مبدئيا بقراءة ردنا السابق على مجانين عن الجنس التليفوني والاكتئاب!
وعلى أي حال فنحن إذا وافيتنا بتفاصيل أكثر عن علاقتك بالآخرين من حولك، وعن ظروف معيشتك فقد نستطيع تقديم أطر عامة، لكننا ننصحك بأن تشركي من تختارين من أفراد أسرتك لمساعدتك فيما تحتاجين من علاج نفسي متخصص.
وتضيف د.سحر طلعت:
الابنة الرقيقة،
تقولين: أدمنت الهاتف وغيرك يدمن أشياء أخرى منها الإنترنت والشات.. فما الذي يدفع الإنسان للتعلق بشيء ما لدرجة الإدمان؟
البداية تكون دوما لتحقيق احتياج من احتياجات الإنسان، وتعرُّفنا على هذه الاحتياجات يعيننا كثيرا على تلبيتها بطرق ووسائل أخرى؛ وهو ما يؤدي إلى إزالة أسباب الاحتياج وإمكانية التخلص من آفة التعود أو الإدمان.
فما الذي تريدينه أنت من علاقات الهاتف المتكررة؟! بالتأكيد أنت تبحثين عن الإشباع العاطفي، وتريدين أن تلبي احتياجات القلب بميله الفطري للرجال، وتطمحين لأن تجدي ما يشغل وقتك وذهنك.
ودعينا الآن نفكر في سبل لتلبية هذه الاحتياجات، وأول ما أنصحك به هو أن تحاولي اكتشاف نفسك.. مهاراتك.. هواياتك.. اهتماماتك، ثم ابدئي فورا في البحث عن وسيلة لممارسة هذه الهواية.
وابحثي فيمن حولك عن مصدر للحنان (أخ - خال - عم... إلخ).
وبعد تحقيق ما سبق يمكنك اتباع برنامج علاجي قائم على فلسفة الثواب والعقاب، شارطي نفسك على أن تكافئيها عندما تلتزم بالامتناع، وتعاقبيها بحرمانها مما تحب إذا كلمتِ أحدهم على الهاتف.
بنيتي الحبيبة،
إذا استمرت معك الحالة، واستمرت معها رغبتك في الانتحار.. فلا مفر من التماس المساعدة من إخصائي نفسي، وقلوبنا معك، ونحن دوما على استعداد لتقديم أي عون.
ــــــــــــــــــــ(41/270)
إذا أهمل الوالدان فأين العقل والإيمان؟
مع الأهل
السلام عليكم،
أنا فتاة في الثامنة عشرة من عمري في سنة أولى جامعة، مشكلتي هي أني أكره الحياة بكل أشكالها، ولا أريد عمل أي شيء منذ صغري، وأنا لا أشعر بأي اهتمام من والدي؛ فقد كانا يفضلان أخي الأكبر عليَّ، معتقدين أنني بصمتي الدائم غير محتاجة لشيء من الحنان، لطالما احتجت لأحد فلم أجد ولم أشتكِ إلى صديقاتي حتى لا أشغلهن.
عزيزتي د. ليلى،
لقد أصبحت حياتي مملة جدًّا فلا شيء يثيرني، وزاد ذلك بعد دخولي الجامعة فقد أصبحت أتشاءم بمجرد دخولها، ولا أستطيع إقامة علاقات صداقة مع باقي الفتيات بسبب خجلي الشديد وعدم ثقتي بنفسي.
سيدتي،
لقد أصبت بفقر دم حاد بسبب سوء تغذيتي، حتى يعيرني أهلي أدنى اهتمام؛ فأمي همها الدائم معدتي وشكلي، ولا تريد أن تعرف أي شيء عن همومي بحجة المرض، وأبي ليس له دخل في الدنيا فهو متشائم جدا من كل الدنيا.
سيدتي،
أصبحت ابتسامتي صعبة ومتكلفة وأصبحت أرى الدنيا كلها سوادًا، خاصة بعد أن دخلت حصلت على نسبة لا ترضيني.
أصبحت أصلي قليلا بلا خشوع وأقرأ القرآن قليلا جدا، وأقلد الفتيات في لبسهن، وأصبح تفكيري منحرفا في أمور الجنس والعلاقات، ولا أنكر أني حاولت جاهدة أن أتعرف على شباب ينصتون لي ويخففون عني.
أصبح شغلي الدائم أن أتعرف على شباب، صرت أحتقر نفسي وأقارنها بمثيلاتها من المتفوقات والسعيدات في حياتهن، وحتى الآن لا أعرف التخصص الذي أريده، ودائمًا أغير رأيي في ذلك، واعذروني على الإطالة والتشويش؛ فأنا هكذا في داخلي.
... المشكلة
د .ليلي أحمد الأحدب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
بداية، أعتذر عن تأخري في الرد على رسالتك لانشغالي بأمور كثيرة، أهمها ما يحصل في مكان إقامتي في المملكة العربية السعودية من حوادث العنف والإرهاب؛ الأمر الذي يجب أن يكون له الأولوية سواء كنا مواطنين أو مقيمين فيها، بعيدين أو قريبين منها؛ لأنها قلعة الإسلام الأخيرة ثقافة وعقيدة، وللتو انتهيت من كتابة مقالة تتعلق بموضوع العنف التربوي وأحد أشكاله يتبدى في مشكلة قريبة من مشكلتك، وهي فقدان الحوار بين الزوجين وانعكاس ذلك على نفسية الطفل سلبًا أو إيجابًا.
فمحبة الأبوين لبعضهما بعضًا مهمة لشعور الطفل بالأمان الأسري، كما أن محبتهما له واهتمامهما به ضرورية لتوازن الطفل النفسي، وهذا الأمر الأخير هو موضوع رسالتك التي أحزنتني كثيرًا خاصة كونها انعكست على صحتك وجسمك، كما تجلت في افتقادك للثقة بالنفس وللقدرة على تكوين الصداقات كما تخبرين في بداية رسالتك، وتبدت أخيرًا في تدهور وضعك النفسي وتردي مقامك الإيماني وانحدار حالتك الاجتماعية كما تذكرين في نهايتها، وكلها نتائج يمكن معالجتها إذا امتلكت الوعي والإدراك بضرورة التغيير، وغرست في نفسك الرغبة والحافز عليه، وتسلحت بالإيمان والعزيمة للمضي فيه، ووطّنت نفسك على المثابرة والاستمرار في هذا الطريق، دون أن تهتمي بالعوائق التي تعترض طريقك نحو حياة أفضل.
إذن هناك وعي وإدراك، ثم رغبة وحافز، ثم إيمان وعزيمة، ثم استمرار ومثابرة، وهذه البنود الأربعة لا بد منها من أجل التطوير الذاتي والتنمية النفسية التي تحتاجين إليها.
الوعي والإدراك بضرورة التغيير يجب أن يتكون لديك بمجرد قراءة مشكلتك مرة أخرى، واطرحي على نفسك هذه الأسئلة:
إلى متى سأعيش كما أراد لي غيري؟
ولماذا تكون حياتي مرسومة بأقلام الآخرين؟
وما نهايتي إذا بقيت على حالتي المتشائمة؟
وهل خلقني الله في الحياة ليعذبني؟
وهل هذه الحياة البائسة التي أعيشها تقع ضمن ما يحبه الله ورسوله لي كمؤمنة؟
بالطبع فإن الإجابتين على السؤالين الأخيرين ستكونان بالنفي، فالله سبحانه قال: {مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللهُ شَاكِرًا عَلِيمًا}، وكذلك قال عز من قائل: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
وهذه الإضاءات القرآنية ستجعل أجوبتك على الأسئلة الثلاثة الأولى مختلفة عما كانت قبل أن أذكرك بهاتين الآيتين الكريمتين؛ فالتشاؤم يؤدي إلى الاكتئاب، والاكتئاب يؤدي إلى اليأس، واليأس من الحياة يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، وهنا يجب أن أذكرك بالآية الكريمة: {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}؛ فاليأس يتنافى مع صفة الإيمان؛ لأن أمر المؤمن كله خير إن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له كما في الحديث الشريف، لكننا لا نريد أن يفهم هذا الحديث أننا يجب أن نرضى بكل ما هو حولنا لأن ذلك من باب الصبر الذي أمرنا به، بل يجب أن نعلم أن الشرع كما حثنا على الرضا بالقضاء والقدر فقد أمرنا بالتغيير {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، وفي الحديث الشريف: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير. استعن بالله ولا تعجز، وإذا أصابك أمر فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا، فإن لو تفتح عمل الشيطان"، أو كما قال عليه الصلاة والسلام؛ فافهمي كلام رسولنا وحبيبنا الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، واتخذي منه حافزًا للتغيير؛ فأنت الآن مؤمنة ضعيفة لكن لو تحولت إلى مؤمنة قوية لارتفعت مكانتك عند الله تعالى؛ لذلك يجب أن توجدي في نفسك الرغبة بالتغيير؛ لأن حياتك بهذا الشكل غير مرضية لك ولا لله سبحانه، وأنا لا أكتب لك هذا الكلام لأزيد من شعورك بالذنب لما تفعلين، فما فعلته ليس إلا من صغائر الذنوب يكفرها الاستغفار، ولكن لا تصري عليها فلا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة من الإصرار.
بعد الوعي والإدراك وإيجاد الرغبة لا بد أن تعقدي العزم على السير بخطوات حثيثة في طريق التغيير، وكما أقول دائمًا: لن تستطيعي أن تغيري أي أحد قبل أن تغيري نفسك، وطريقة التغيير تكون بتكاتف الإيمان والعقل معًا، فمن ناحية الإيمان يجب أن تلجئي إلى الله سبحانه ليساعدك في أمورك الدنيوية والدينية، وهذا اللجوء تنقص مصداقيته إذا لم تبتعدي عن المعصية وتثابري على الطاعة، فأنت مثلاً لا تعرفين أي فرع هو خير لك، فمن الناحية الإيمانية تأتي التقوى لتساعدك على الاختيار واستشراف المستقبل والتبصر بالأفضل، {إِن تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، فتزودي بالتقوى فإنها خير زاد، وإذا حصنت نفسك بالتقوى فإنك ستنتهين من ثلاثة أرباع المشكلة، حيث ستزول غباشات الخواطر السيئة عن عقلك وستنشغلين بالطاعة عن المعصية كما قال أحد الصالحين: "نفسك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر"، وإذا مُنعَت الخواطر فإنها لن تتحول إلى أفكار، وبالتالي لن يصدر عنك سلوك شائن من تعارف على الجنس الآخر بغية علاقة مشوبة بأمور لا يحبها الله ولا يرضاها لمؤمنة مثلك.
أما من ناحية العقل فيجب أن تضعي سدا بينك وبين الماضي، فلا تسمحي لذاكرتك بأن تجول وتصول فيه؛ لأنه أمر يستدعي حزنك ويستجلب كآبتك، وبالتالي يستحضر لومك لوالديك وأنهما كانا يفضلان أخاك عليك، فيجب يا ابنتي العزيزة أن تمسحي من قلبك كل ما لا يحبه الله من مشاعر، فأقل درجات الإيمان هي سلامة الصدر من الأذى، وشعورك تجاه والديك فيه أذى كثير، والسبب أن شعورك هذا إذا تمادى سيزداد حتى يتحول إلى كراهية أو عدم محبة، وعندما يترسخ هذا الشعور سيؤدي بك إلى العقوق، وهو من أكبر الكبائر؛ لذلك يجب أن تسامحي والديك وأن تستغفري الله لهما دائمًا.
وتذكري أن آيات بر الوالدين في القرآن قد اقترنت دائمًا بالتوحيد والخضوع للرب، وأن بر الوالدين أحب الأعمال إلى الله بعد الصلاة على وقتها، وكذلك الأحاديث الكثيرة، مثل: "ويزيد في العمر البر"، وهذا الحديث قد رأيت تأثيره بنفسي على أخي الكبير الذي كان بره بوالدته يتفوق على أي عمل خير آخر، وقد مات أخي ثم عاش بسبب بره لوالدته، والحادثة يكاد لا يصدقها عقل فقد بقي تحت جهاز التنفس الاصطناعي في غرفة العناية المركزة مصابًا بسبات تام لمدة أسبوعين، ولم يكن تبدو عليه أي علامة من علامات الحياة، اللهم إلا دقات قلبه الموصولة بجهاز التنفس الاصطناعي الذي لو رُفع لتوقف القلب عن الخفقان، ومع ذلك فقد دبت فيه الحياة من جديد بقدرة الله سبحانه، وكانت أحاديثه الأولى بعد عودته إلى الحياة أن هناك من أخذه وأراه عظاما وجماجم آبائه الميتين، وقد ظننتها بداية الأمر هلوسات نتيجة النوم الطويل، ولكن لما فسرتها إيمانيا وتذكرت أن الروح سر من أمر الله، قلت: ربما أنه فعلا رأى ما لا يراه إلا الميت، وأعاده الله إلى الحياة بفضل بره بالوالدة حفظها الله.
ولك في هذه القصة عبرة؛ فأرجو أن تفسري تصرفات والديك تفسيرًا أفضل مما هو عليه الآن؛ لأن ذلك يساعدك على تجاوز مشكلتك معهما، فما دام طبع والدك التشاؤم كما تقولين، فمعنى هذا أنه لا يخصك بمعاملة سيئة، ولكن نظرته التشاؤمية إلى الحياة تجعله لا يحسن التعامل مع الآخرين كما يجب، وأنت ابنته أي من أقرب الناس إليه؛ لذلك فإن نصيبك من هذه المعاناة أكبر من غيرك، وعليك أن تتخذي له عذرًا بأنه لا بد قد تعرض في حياته لما جعله يميل إلى التشاؤم، وإذا عذرته فستكونين أقدر على تقبله؛ لأنه من الصعب أن تغيري طبعًا استشرى لمدة طويلة.
وأما والدتك فأرى أنك متحاملة عليها قليلاً؛ إذ يكفي أنها تهتم بصحتك وجسدك ليعني هذا لك أنها تهتم بك، ولا يفوتك هنا يا ابنتي الغالية أن الآباء والأمهات ليسوا دائمًا على ثقافة عالية؛ لذلك يهملون النفس والروح ويهتمون بالجسد والصحة، فهذه إمكانياتهم وإدراكاتهم، ولا مانع هنا أن تصارحي والدتك بأنك بحاجة لها كصديقة تبثينها شكواك لتخفف من مخاوفك، وأصري -لكن بلطف- على حقك بأن تستمع إليك، وإذا لم تلبِّ نداءك فلا تكلفيها فوق طاقتها، وابحثي عن صديقة صدوقة وستجدينها بالتأكيد إذا بحثت عنها بتفاؤل، فابدئي دائمًا -كما يقول ستيفن كوفي- والمنال في ذهنك، أي تسلحي بالتفاؤل وسترين كيف ستتحقق آمالك واحدًا بعد الآخر، وإذا لم تجديها فلا ملجأ أفضل من الله سبحانه، فهو الذي يعلم السر وأخفى، وهو الذي وصف نفسه {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}، فتذكري أن التضرع لله هو دواء ناجع لكثير من القلق والحزن، وأرجو أن تعودي إلى إجابات سابقة في هذا الأمر وربما ساعدك قراءة هذا المقال في صفحة الإسلام وقضايا العصر : الإيمان.. وأثره على الصحة النفسية، وتذكري أيضًا أن خلاصك من الاكتئاب يكون ببحثك عن السعادة، ومن أهم أسبابها: الرضا عن الله سبحانه، وإسعاد الآخرين.
قد لا تكون إجابتي لك كافية، والسبب نقص في رسالتك حيث تقولين: "وأصبحت أرى الدنيا كلها سوادًا، خاصة بعد أن دخلت الجامعة، وحصلت على نسبة لا ترضيني"، فيبدو أنك دخلت فرعًا لا ترغبينه بسبب أن مجموعك لم يكن كافيًا، ومع أن هذه مشكلة أساسية، لكن لا يمكنني مساعدتك بها إذا لم تبدئي بتغيير شخصيتك كما ذكرت لك، حيث إنك يجب أن تسامحي نفسك وتتقبليها بأخطائها، وتحاولي أن تطوريها بحيث تستفيدين من أخطائك دون أن تكرريها، هذا على صعيدك النفسي، أما على صعيدك الأسري فإن تسامحك لنفسك يجعلك أكثر تسامحًا مع والديك؛ وهو ما يكرس في داخلك قدرة أكثر على تقبلهما والتعامل معهما.
وعلى صعيدك الاجتماعي فإن تقبلك لنفسك أيضًا يجعلك أكثر ثقة بها، وبالتالي أكثر إقبالاً على الحياة وعلى بناء العلاقات والصداقات التي فيها خيرك، سواء كانت مع من هي من جنسك أو من جنس آخر، على ألا تتجاوز الحدود التي يرضاها الله سبحانه، وعندها رويدًا رويدًا ستتغير نظرتك إلى الحياة وتجدينها أكثر جمالاً من قبل، وعندما تشرق في نفوسنا شمس الإيمان المحب الرحيم ونور العقل الإيجابي الرشيد فإن ضباب الوهم يتبدد وحلكة اليأس تزول، والله على كل شيء قدير.
ــــــــــــــــــــ(41/271)
الدراسة بين الحلم والواقع
مع النفس, هموم الدراسة
بسم الله الرحمن الرحيم، في البداية أحب أن أقول لكم إنني طالبة جامعية في السنة الأولى، أنهيت دراستي الثانوية العام الماضي، وقد نجحت بتقدير جيد جدا ولكن ليس هذا التقدير هو ما أردته لنفسي وليس هذا التقدير ما كان أهلي ينتظرونه مني؛ فلقد كان أملهم في كبيرا وكانوا آملين في أن أحصل على تقدير امتياز وأن أكمل تعليمي في دول عربية مجاورة وأن أدرس الطب، فهذا حلمهم منذ كنت صغيرة وحلمي أنا أيضا.
ولكن لم يحصل ما أرادوا وما أردت أنا، مع العلم أنني كنت أدرس جيدا وأكثر من الجيد لو صح التعبير، فكنت أدرس في اليوم قبل الامتحانات بفترة بمعدل 6 ساعات يوميا، وقبل الامتحانات بشهر ونصف كثفت دراستي فأصبحت أدرس في اليوم أكثر من 10 ساعات، ولكن لم أحصل على المعدل الذي أردت، وهذا حطمني نفسيا مع أنني ظهرت أمام الجميع بأنني قد انتهيت من الأزمة التي مرت بي.
لكنني ما زلت أعاني منها حتى الآن، والدليل على ذلك في اعتقادي أنني لا أدرس جيدا في الجامعة وامتحاناتي على الأبواب وأنا أعلم هذا جيدا، إلا إنني لا أدرس ولا أعرف ما الحل فأنا أريد أن أحصل على معدل امتياز يعوضني عما ألمّ بي السنة الماضية وأقضي معظم اليوم على الإنترنت، حتى إنني بت مقصرة في أداء الصلاة ولا أعرف لماذا وازداد سماعي للأغاني في الآونة الأخيرة ودخولي لغرف الشات على النت ولا أعرف ما السبب ولا كيفية التخلص من هذه المشاكل التي ألمت بي.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
خطأ كبير أن يجسّد الإنسان حلمه في شيء واحد يعتبر تحقيقه هو نهاية المراد ومنتهى الآمال في حين أن أمور الحياة لا تسير على هذه الشاكلة؛ وذلك للتنوع البالغ والمركب في ظروف الإنسان وما يجري عليه من أمور لا يتوقعها أو لا يضعها في حسبانه، خاصة أنه لا يصلح أن تختزل الحياة في أمر واحد وهو الدراسة مثلا، ولا أن يختزل النجاح في الدراسة في الحصول على الامتياز لتصبح الحياة في النهاية مسلكا ضيقا جدا لا يكاد الإنسان يستطيع السير فيه.
إن الحياة أرحب من ذلك وأوسع، إن حياتنا تشمل اهتمامات ومسارات عدة؛ فحياتنا الاجتماعية وحياتنا الثقافية ونشاطنا الرياضي واهتمامنا السياسي واستمتاعنا بهواياتنا... كلها مسارات للحياة نستطيع التفاعل معها والتفوق فيها لتعود الدراسة إلى حجمها الطبيعي في حياتنا.
قد تكون الدراسة في مرحلة من مراحل حياتنا هي وظيفتنا الهامة ولكن بشرط ألا تطغى على باقي جوانب حياتنا فتطمسها بحيث نصبح مجرد آلات دراسية لا روح فيها ولا طعم لها، خاصة أننا إن لم نهتم بجوانب حياتنا المختلفة ونعش حياة متوازنة متوازية (تتوازى فيها كل مسارات الحياة بدرجات تختلف باختلاف مرحلة الحياة بدون أن نغفل أي منها)، إن لم نفعل ذلك بإدراك ووعي فإن نفوسنا ستتمرد علينا وتجبرنا على أن نخوض مجالات الحياة الأخرى رغما عنا، وفي هذه الحالة سيتم ذلك بصورة عشوائية غير منظمة.
وهذا ما حدث لك تماما؛ فعدم قدرتك على المذاكرة وميلك إلى الأغاني وتقصيرك في الواجبات الراتبة، حتى إنك وصلت إلى التقصير في الصلاة، هو تمرد من نفسك على قَصْرك حياتك على الدراسة واعتبارها الموضوع الوحيد في حياتك، والذي كانت بدايته هي عدم قدرتك على الحصول على المجموع الذي تريدينه في العام الماضي حيث وصلت نفسك إلى مرحلة السآمة والملل.
لذا فلا تكرري نفس الخطأ في هذا العام ولا تتركي الأمر يسير بطريقة عشوائية، بل قومي به بإدراك ووعي بمعنى أن تعيدي ترتيب حياتك كلها.. افتحي ملفاتك، فتواصلي مع صديقاتك وعودي إلى هواياتك وعددي من اهتماماتك.
ولتنظمي جدولا للحياة ينتظم جوانب حياتك كلها، وعندها ستجدين نفسك قادرة على العودة إلى الدراسة لأنك تعودين لها كجزء من منهج شامل للحياة وليس كطريق وحيد للحياة سئمت منه نفسك وتمردت عليه.
ــــــــــــــــــــ(41/272)
الحرية أنانية.. والزواج تفاهة! "مشاركة مستشارة"
مع النفس, هموم الدراسة
إجابة المستشار مشاركة على مشكلة:
الزواج كطموح.. والدراسة مابين الطب والحاسوب.
... المشكلة
د.فيروز عمر ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الابنة العزيزة،
أستطيع أن أترجم رسالتك إلى سؤالين عملاقين:
السؤال الأول: هل الرغبة في الزواج "تفاهة"؟
السؤال الثاني: هل الحرية "أنانية"؟
ثم تأتي تساؤلات أخرى كثيرة تابعة لهما...
وأنا إذا أردت أن أتوقف عند السؤال الأول فسأجد سيلا من الآيات والأحاديث تشير إلى أهمية الزواج والأسرة، ولكني سأتوقف عند حديث واحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته، فوجدوا أنها أقل من عبادتهم، ففسروا ذلك بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يتعبد أقل منهم؛ لأن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وقال أحدهم إنه يصلي الليل أبدًا، والثاني إنه يصوم الدهر ولا يفطر، والثالث إنه لا يتزوج النساء، فقال صلى الله عليه وسلم: "أنتم قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني".
وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يشير إلى أن النوم والطعام والزواج ليست أعمالا تافهة دنيئة فيكب عليها أهل الدنيا، بل هي جزء من سنته صلى الله عليه وسلم لا تقل أهمية عن السنن الأخرى، وأن من أعرض عنها واعتبرها أمورًا تافهة، فقد أعرض عن سنة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو صلى الله عليه وسلم يتبرأ منه!! ولقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم هذا المعنى؛ فنجد سيدنا "ابن مسعود" رضي الله عنه يقول: "لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام وأعلم أني أموت في آخرها، ولي طَوْل النكاح فيهن لتزوجت مخافة الفتنة".
وإذا كان الآباء يريدون أن يحكموا على بناتهم "بالرهبانية" من أجل العلم، فإن هذا لا يرضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو أمر مخالف للسنة النبوية بل وللفطرة الإنسانية، وهنا أنتقل للتساؤل الثاني الذي أشرت إليه في بداية حديثي وهو: هل الحرية "أنانية"؟
والحديث عن الحرية -في الحقيقة- يطول، وتتشابك عناصره!! فالحرية قد تكون أنانية أو طائشة أو مدمرة.. والحرية أيضًا قد تكون بناءة ومسئولة ونافعة لكل الأطراف..
ولكن الحقيقة التي أتصور أن البداية من عندها هي أنه:
لا بديل ولا مفر من الحرية!!
فالحرية فن يجب أن يتقنه الجميع على كل المستويات: الأسرة، المجتمع، الحكومة، العالم!!
ولن ينصلح حالنا أفرادًا وشعوبًا إلا بها..
فالإنسان إذا سُلِبت إرادته فلن يستطيع أن ينجح أو يبدع أو حتى يعيش راضيًا سعيدًا، وسيظل متخلفًا عابثًا يجلس في مقاعد المشاهدين السلبيين دائمًا، ولا يتذوق طعم أن تكون لحياته قيمة، أو أن وجوده يمثل إضافة للكون من حوله!!
ولكن السؤال الصعب هو:
ما هي الحرية المنضبطة المسئولة الواعية؟!
وألخص الإجابة في جملة واحدة أرجو ألا تكون مختصرة اختصارًا مخلا لأقول:
هي الحرية التي:
1- تأخذ بيد صاحبها للنجاح وليس مجرد اتباع الأهواء.
2- تتحمل مسئولية تجاربها، ولا تطلب من الآخرين أن يدفعوا هم ثمنها.
3- تراعي الأحكام والآداب الإسلامية ولا تتعارض معها.
وإذا طبقت هذا الكلام على حالتك أجد أن الشروط الثلاثة تنطبق عليك..
فأنت تختارين هذا المستقبل الدراسي؛ لأنك ترين أنه الأنسب لقدراتك واحتياجاتك الفطرية التي يباركها الله تعالى ولا يزدريها الدين.
وأنت تتحملين مسئولية اختيارك؛ فلن تلقي باللوم في يوم من الأيام على أحد إذا لم تحققي ما تريدين، ولن تعتمدي على أحد في نجاحك في هذا الطريق..
كما أن هذه الحرية لم تتعارض مع آداب الإسلام؛ فالله تعالى قد أمرنا "بالبر" للوالدين ولم يأمرنا بالطاعة!!
"والبر" هو أن نحسن معاملتهما ونتودد إليهما في كل حال، فإذا كانت أوامرهما في حدود طاقاتنا فلنطعهما، وإن كانت غير مناسبة لنا -لأنهم بشر ولهم وجهة نظرهم التي قد لا تكون صائبة- فلنجاهد من أجل حريتنا، ولكن بحسن المعاملة لهم والرفق بهم وعدم مناطحتهم، ومع مراعاة وتذكر أفضالهم علينا التي لن نشعر بقيمتها إلا عندما نصبح آباء وأمهات مثلهم، ونتذكر دائمًا قوله تعالى "وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا"، وقوله: "وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا".
لعلي أكون قد أجبت عليك يا ابنتي..
طلب الزواج ليس تفاهة، والحرية ليست أنانية، وعليك أن تتمسكي باختيارك مع الاستمرار في البر والإحسان وحسن المعاملة لأبيك، وأن تعوضيه بكل الوسائل حتى يرضى عنك ويسعد ويطمئن، فيبارك الله لك في الدنيا والآخرة.
ــــــــــــــــــــ(41/273)
الزنا والشذوذ.. هل هناك فرق؟!
الحياة الجنسية, تساؤلات أخرى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
أنا شاب مسلم عمري 19 سنة، أعاني من مشكلة تهدد حياتي بشكل كامل، وقد أحببت مراسَلَتكم بفضل موقعكم المتميز من خلال حل المشاكل العالقة لدى الفرد بخبرتكم؛ لذا أرجو أن تمدوا يد العون لمساعدتي: مشكلتي بالتحديد تتعلق بعدة نقاط رئيسية، وهي:
المشكلة الأولى:
عندما كنت في سن 15 تقريبا وقعت آنذاك بعلاقة مثلية مع نفس الجنس، وآنذاك لم أكن أعلم أن هذه العلاقات محرمة بالدين والقانون، إلا أني تورطت بها بعد ذلك، وأخذت أرمي نفسي مع من يريد الممارسة معي، وآخر مرة مارست فيها العام الماضي مع قريب لي وما زلت أتمنى لقاءه للممارسة معه كوني متعلقا مثليا بالجنس.
المشكلة الثانية:
ولدت هذه العلاقة عدة مشاكل أهمها:
1-حب الجنس والجنس فقط. 2-العزلة والقلق والخوف. 3-كانت سببا لفشلي الدراسي.
ومن ناحية أخرى لم أجد بديلا مثل إقامة علاقات اجتماعية مع الجنس الآخر خوفا لعلاقتي المثلية والتمسك بها.
المشكلة الثالثة:
كدت قبل فترة أن أقع بعلاقة جنسية مع فتاة تصغرني بست سنوات إلا أنني امتنعت خوفا للمشاكل وأن تصاب الفتاة بأذى، لكن أحيانا أقول لو مارست معها لكان أفضل لي للتخلص من مشكلتي المثلية جنسيا.
أود أن أسأل بعض الأسئلة وهي:
1-هل هناك علاج لحالتي المثلية؟ أم أنا لا أريد علاجا نفسيا بحجة (دعم الميول المثلي)؟
2-ما هو الحكم الشرعي للعلاقات المثلية؟
3-هل هناك فرق بين العلاقات الجنسية بشكل مثلي والعلاقات الجنسية مع الجنس الآخر؟
وأود أن أنوه بأني حاليا على صلة مع صديق يصغرني بعدة سنوات، وأنا على بعد خطوات للممارسة معه فأرجو مساعدتي بأقرب وقت.
وأخيرا..
أشكركم وأشكر موقعكم المتميز الذي هو منارة ونور لعلم النفس عسى أن أجد النور منكم حتى أتوب لله، ولكم جزيل الشكر.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
مرحبا بك على صفحتنا مشاكل وحلول الشباب،
بالنسبة للحكم الشرعي لعلاقات المثلية فهو أنها علاقات محرمة، ويقع صاحبها في كبيرة من الكبائر التي يهتز لها عرش الرحمن غضبا من فعلها، وأن صاحبها يتعرض لعقوبة عليه في حالة أن الدول تطبق أحكام الشريعة الإسلامية؛ فهو أمر مجرّم ويعاقب صاحبه في الدنيا والآخرة، إن لم يقلع عنه ويتوب ولا يعود إليه أبدا.. وذلك لأن الله عز وجل قد خلق الإنسان بفطرته يميل إلى الجنس الآخر؛ وذلك لحكمة الله عز وجل في خلق الإنسان واستخلافه في الأرض من أجل إعمارها.. وهذا الإعمار يتم من خلال تناسل البشر، وانتشار الذرية، وهذا يتم من خلال اللقاء بين الرجل والمرأة..
فاللقاء الجنسي بين الرجل والمرأة، وإن كانت المتعة والحصول عليها جزءًا منه فليس لأن المتعة غاية في ذاتها، ولكن من أجل توظيف هذه المتعة لغاية كبرى في خلق الإنسان واستخلافه في الأرض.. وحتى عندما يحدث اللقاء ولا يحدث الإنجاب فإنه يكون له دور في السكن والرحمة التي تسود الأسرة والتي هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع الإنساني وتطوره وتقدمه والذي هو إحدى غايات إعمار الأرض واستخلاف الإنسان فيها، وهو ما أوضحناه بجلاء في ردنا المعنون بـ"الجنس ومعناه الإنساني"، وهو ما لا يتحقق عندما يحصل الإنسان على متعته الجنسية من خلال لقائه بمثله، سواء رجلا أو امرأة أو حتى من خلال علاقة غير شرعية لا تبني أسرة أو تقيم مجتمعا.. وهذا هو الفارق بين العلاقة الطبيعية الفطرية التي أحلها الله بين الرجل والمرأة، والعلاقات الشاذة..
فالغاية ليست الوصول للمتعة بأي صورة أو طريقة.. بل لا بد أن نحقق مراد الله في كل ما نقوم به من أفعال.. ولذا كان حديث النبي العظيم "وفي بضع أحدكم صدقة.. قالوا: يا رسول الله، أَوَيأتي أحدنا شهوته ويحصل على الأجر؟! قال الرسول الكريم: أريتم إن وضعها في حرام أيكون عليه وزر؟".
والشذوذ الجنسي له علاج سلوكي لمساعدة الطبيب النفسي، وقد عرضنا له في حل سابق معنون " الميول الجنسية المثلية.. خبرة علاجية"، وقدمناه كنموذج للعلاج ليس من أجل أن يطبقه الإنسان وحده؛ بل من أجل أن نُطمئن من يتعرضون بهذه المشكلة من الأمر له علاج ناجح وناجح لمن خاف الله وخشي عقابه.
ــــــــــــــــــــ(41/274)
الزواج كطموح.. والدراسة مابين الطب والحاسوب
مع النفس, هموم الدراسة
بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي في الله يسعدني أن أكتب إليكم المشكلة التي أعاني منها وأعيشها وحدي كأن ليس لي أهل فأرجو أن تقبلوني أختا لكم وتساعدوني جزاكم الله عني خيرا.
البداية هي في المعدل العالي الذي من الله به علي في الثانوية فلقد كان بالنسبة لي هدفا وليس وسيلة لدخول الجامعة لأني كنت لاغية فكرة دخولها من عقلي تماما مهما حصل ولكن حلم والدي في أن أدخل كلية الطب منعني من ذلك، حاولت جاهدة في أن أجعله يتخلى عن إصراره متعللة تارة بطول الدراسة وبنظري الذي بدأ في الضعف وتارة بعدم جدوى دراسته في بلادنا والسبب الحقيقي الذي كنت أخفيه في عدم دخول هذه الكلية بالذات هو خوفي على نفسي من العنوسة.
إنني أشعر بالخجل عندما أذكر ذلك ولكن علي أن أعترف. وافق والدي على مضض وما زلت أذكر ذلك الحزن الرهيب الذي رأيته في عينيه حين أخبرني بأني حرة في اختياري، ولكن ألمه لم أره بقلبي بل بعيني الباردتين وتناسيت كل أمله في أن أحقق حلمه وأكون الدكتورة.. وتناسيت كل جوائزه وهداياه لي بعد كل سنة دراسية أتفوق فيها علها تكون حافزاً لي ولكني استمررت في أنانيتي واخترت تخصص علوم الحاسوب، وتقدمت لاختبار القبول ونجحت فيه وقبل الدراسة بيومين فقط عاد رشدي إلي وأعدت التفكير في ما مضى فأصبت بندم شديد، وأحتقر ذاتي أكثر حين أتذكر السبب الذي له حطمت حلم أبي العزيز الذي لم يبخل علي بشيء أبداً، ألهذه الدرجة صرت تافهة ولي طموح ليس أبعد من أنفي ولم يعد يهمني شيء إلا... كرهت حينها الزواج وما زلت وقررت أن أعاقب نفسي بأن أدخل السنة القادمة تخصص الطب مهما كان الثمن حتى وإن كان القعود في بيت والدي حتى الممات المهم أن أكفر عن خطئي وأرضي ضميري وأحقق حلمه. فهل أنسحب من الدراسة هذا العام وأتفرغ لحفظ كتاب الله ومذاكرة مواد امتحان القبول أم أستمر فيها. وهل تفكيري هذا أصلاً سليم أم لا.
أرجو سرعة الرد لأننا ما زلنا في بداية العام، وبارك الله فيكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
د .ليلي أحمد الأحدب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ابنتي..
أثني على حسن أسلوبك الذي أظهر قدرتك على التعبير عن مشكلتك، كما أثني على صراحتك مع نفسك ومعنا، وحسن الأسلوب بالطبع يدل على شخصية متوازنة، ولكن الغريب أنك قد فقدت التوازن في النظر إلى الأمور بعد حصولك على الشهادة الثانوية فاعتبرت أقصى طموح لك هو في الزواج، فهذا برأيي ما يستحق أن تؤنبي نفسك عليه وليس أنك خالفت إرادة والدك باختيار التخصص الذي يناسبك، ولست ضد الزواج المبكر بل على العكس أعلم أنه يحصن الشاب والفتاة كما أن أفضل سن للإنجاب الأول عند الفتاة هو بين العشرين والثلاثين، وعلى ذلك فإن دراسة الطب نفسها لا تمنع من الزواج فكثير من الطبيبات يستطعن أن يتزوجن بمجرد التخرج أي في عمر قريب من 25 سنة، وبذلك ينجبن المولود الأول قبل الثلاثين.
ربما سبب عدم توازنك هو النظرة الاجتماعية للطبيبة وأنها يجب أن لا تتزوج إلا طبيبا مثلها، وهذا برأيي من السخافات الاجتماعية لأن المهم أن تتزوج الكفء من الناحية الثقافية والمادية أما الشهادات فكم رأيت في حياتي حاملي شهادات ليسوا إلا كما وصف الله حملة التوراة!!
على كل حال جميل أنك تداركت خطأك وفكرت في متابعة الدراسة ويبدو أن اختيارك لدراسة علوم الحاسوب ليس لأنها اهتمامك بقدر ما هي الأسهل والأقصر لك زمنيا، وما عليك فعله في المرتبة الأولى أن تكفي عن تأنيب نفسك، فإذا كان من بر الوالد أن تحققي له رغبته فإن من برك بنفسك وبمهنة الطب تحديدا أي بمرضاك في المستقبل أن لا تدخليها إلا عن رغبة كبيرة بها حتى تؤدي هذه المهمة الإنسانية على أكمل وجه، لا أن تمتهنيها من أجل أن يقال عنك إنك طبيبة دون أن تشعري بهواها في نفسك، فكثيرا ما يدفع الأهل أولادهم وبناتهم لدراسة هذا الفرع، لأنه من كليات القمة كما تسمى في بعض البلاد العربية، بينما القمة الحقيقية هي عندما يمارس الإنسان عملا يهواه لأنه لن يستطيع أن يبدع إلا فيما يحب، أما ما كان مفروضا عليه فقد يؤديه على سبيل الواجب دون أن يترافق أداء الواجب بالشعور بالمحبة.
أنبهك إذن أن تبحثي عن فرع تجدين فيه نفسك، فمثلا أنا شخصيا أرى أسلوبك يستحق الثناء فعلا، فلو كنت ابنتي لفتحت أمامك اختيار كلية أدبية، وربما يقول قائل: إن الأدب لا يطعم الخبز، وهذا شيء حقيقي في مجتمعاتنا حيث لا تقدير للكلمة، لكن بالنسبة لواحدة مثلك فقد تكونين مبدعة في مجال الأدب أو الكتابة أو الفكر فهل فكرت في تخصص أدبي أو اجتماعي مثلا؟ ثم لماذا لا ترضين والدك فتدخلين كلية الطب وتختارين اختصاصا سهلا بها بحيث لا يمنعك عن ممارسة هوايتك في الكتابة؟ أنت لم تظهري أن لديك هذه الهواية لكنها واضحة جدا لذواقة مثلي، فأنصحك فعلا أن تنميها وتستغليها أحسن استغلال في مرضاة ربك وتطوير مجتمعك، لكن أرجو أن لا تخيبي ظن والدك ولا ظني بك فتضعي الزواج عقبة أمام أي طموح آخر، فهذا ما لا أقبله شخصيا من متفوقة، لأنني يجب أن أنبهك أن الزواج كثيرا ما يقتل أي طموح آخر، فتقتصر الفتاة بعد الزواج على الأمومة وهي لا شك مهمة كبرى بل أكثر مهمات المرأة قدسية، لكن المتفوقة تستطيع أن تكون متفوقة في أمومتها ومتفوقة في عملها ومتفوقة في هوايتها فأرجو أن تكوني بقدر طموحات التفوق، وما أجمل ذلك الشطر من الشعر:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
فاشحذي همتك وشدي من أزر نفسك وأثبتي أن نساءنا العربيات لسن أقل من الغربيات وأنهن قادرات على البروز والظهور وإثبات الذات.
إذن لك أن تختاري في إكمال ما بدأته من علوم الحاسوب أو تركه لدراسة الطب أو اختيار فرع آخر يناسبك أو أي شيء آخر ترضين به ربك ووالدك وتحققين به طموحاتك، ولا بأس أن تجعلي الزواج أحد هذه الطموحات ولكن إياك أن تجعليه في المقدمة.
ــــــــــــــــــــ(41/275)
عامي السادس عشر: خوف وحياء ورغبة
مع النفس, مع المجتمع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا شاب أبلغ من العمر 16 عاماً ومشكلتي أنى مدرك تماما جوانب المرحلة التي أمر بها وأعرف أيضا أن من في سني يجدون طرق التنفيس في الانحراف فأنا قد قرأت كثيرا حتى أستطيع فهم هذه المرحلة بشكل جيد جداً وخاصة من موقعكم ولكن لا أستطيع أن أنفك في بعض المراحل من التفكير بالبنات وأشعر بالميل نحو كل بنت، أريد أن أجلب انتباه كل بنت وأحب أن أدخل في علاقات كما يدخلها أقراني في السن ولكن يغلب علي الخوف على دراستي والحياء مع وجود الرغبة فأنا أهتم كثيرا بدراستي ولكن في بداية هذا العام لم أشعر بهذا الاهتمام الدراسي كما كان سابقا وأنا خائف جداً وهذا التفكير في الجنس الآخر يأتي كل فترة وفترة وقد علمت من موقعكم أنه شيء طبيعي ولكن لماذا يتكرر؟
كما أن هناك في طريق مدرستي بنتا رأيتها في العام الماضي وقد استمررت فترة أفكر فيها دون أن تلاحظ حتى وجودي ولكني تخلصت من هذا التفكير وفي هذا العام حسبت حساباتي حتى لا ألتقي بها ولكن رأيتها في أول يوم دراسي فذهبت إلى المدرسة وأنا أشتكي وأفكر لا أعلم لماذا؟! لا أستطيع أن أصف لكم هذه الفترات وشدتها ولكن أنا أريد أن أبني شخصية قوية وليست ضعيفة ولكن هل هذا التفكير ينقص من أهميتي كشخص مفيد في المجتمع؟ لا أعرف..
تعرفت على بنت في مدينة أخرى بنفس عمري عن طريق النت وقد كانت العلاقة في بداية الأمر تخلو من أي عاطفة ولكن في يوم من الأيام أفصحت أنها تحبني... إلخ فذهبت إلى موقعكم وقرأت وبعثت لها بريدا وقلت لها أن ترتب الأولويات في هذه المرحلة إني أريد منها أن تكون سيدة مجتمع وأنها أسرعت في الحكم علي وأنا مدرك بشدة أننا لسنا مهيئين لارتباط في هذه المحلة كون أن التفكير العاطفي يغلب التفكير العقلاني بسبب عدم الخبرة في العلاقات مع الجنس الآخر ولكن في يوم من الأيام تكلمت معي عن طريق الهاتف... فمسح كل شيء وكأني لم أقل شيئا.. فلم أتكلم لها ذاك الكلام العقلاني وإنما كأني نسيت كل شيء! مع أني أعيش صراعا بين الخوف على دراستي والرغبة وأنا اخترت أن أمر في مرحلة تجربة تتضمن قدرتي على التوفيق بينها وبين الدراسة أم لا!!
وأخيرا قرأت في إحدى الاستشارات في موقعكم تنصح بنتا فصورت الرجال كأنهم دواب وكل همهم هو الجنس! واستخدمت عبارة "الرجل الشرقي" فقالت إن الرجل يتخيل المرأة عارية... إلخ! فهل نحن دواب ولقد كرهت كوني رجلاًًًً... فلماذا هذا التنفير مع بالغ احترامي الشديد؟
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الابن الفاضل:
إذا كانت مستشارة من زميلاتنا تقول بأن "كل" الرجال يتخيلون "كل" النساء، ولا يفكرون فيهن إلا عاريات "كل" الوقت فسيكون لديها مشكلة نحتاج إلى مراجعتها فيها، ولكن أحسب أنك أخذت عبارة معينة في سياق معين، ثم قمت بنوع من التعميم لمعناها ثم بنيت عليها حكما متسرعا للغاية بقولك: كرهت كوني رجلا، فهل هكذا تصاغ المواقف وتصدر الأحكام؟!
أعود لرسالتك فلا أجد فيها سؤالا واضحا فأنت تروي لنا حيرتك المشروعة بين رغبتك في التعرف على فتاة، وخوفك على دراستك، وحياءك من أن يكون هذا التعارف مخالفا لما تعتقده وتحاول الالتزام به من أخلاق حميدة، ولو أنك من قراء صفحتنا المتابعين لها منذ فترة لعرفت مذهبنا في هذه الموضوع من أننا نرى الالتقاء بين الشباب والفتيات في المجال العام الذي يضم صغارا وكبارا، رجالا ونساء في أنشطة اجتماعية وثقافية بشكل طبيعي يكون من شأن تلبية الحاجة الفطرية للالتقاء بين الجنسين دون حرج أو خوف من كسر الحياء أو اعتبارات الأخلاق، وربما يكون رمضان بندواته وتجمعاته فرصة لهذا اللقاء المشروع بدلا من الحرج في الاتصال بفتاة معينة عن طريق الشات أو الهاتف؛ لأنه طالما بقيت هذه العلاقة بعيدة عن المجال العام فستظل تؤرقك، وتدعوك للحيرة المتكررة بين ما تؤمن به من قناعات وأفكار، وبين رغبتك في أن تكون موضع اهتمام من الفتيات، وقد ذكرتني رسالتك بقصيدة قديمة لشاعر مصري اسمها "عامي السادس عشر".
عزيزي:
ابحث عن التجمعات التي تتيح لك الالتقاء الطبيعي العام بالفتيات، وفيها حاول أن تظهر بثقافتك وشخصيتك فيتحقق لك ما تريد دون أن تجرح مقاصدك وأخلاقك.
ولدينا إجابات سابقة تفيدك في ترتيب نظام حياتك وأولوياتك واستثمار وقتك الذي هو أغلى ما تملكه اليوم، وبمقدار ما تستثمره في تحصيل معارف ومهارات سيكون مستقبلك موافقا مع طموحاتك وآمالك لتصبح مفيدا في مجتمعك، ولكن على صلة دائمة بنا لتستفيد من خبرات وتجارب الآخرين فإن من يستفيد من عقول وأخطاء غيره سيكون أنضج، وأهلا بك.
ــــــــــــــــــــ(41/276)
صلة بدون علاقة
مع الجنس الآخر, معوقات الاختيار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا فتاة أبلغ من العمر 15 عاما، تعرفت على شاب من خلال الإنترنت عمره 21 عاما.. بدأت العلاقة بصداقة، ثم تطورت إلى حب، وقد كنا نتكلم في التليفون وقابلته مرتين، وقد تم كل هذا بعد سفر أبي وابتعاده عنا.. وقد كنت خلال فترة علاقتي به أحاول بشتى الطرق إنهاء هذه العلاقة؛ لأني أعرف جيدا أنها حرام ولا ترضي الله..
ولكني للأسف لم أستطع، وشعرت بذنب كبير حيث إنني ملتزمة دينيا.. هو أيضا كان ملتزما دينيا ويصلي دائما بالمسجد.. وبالرغم من كل هذا لم أستطع إيقاف العلاقة حتى سافرنا إلى أبي وهناك وجدتها فرصة جيدة لإنهاء علاقتي به، حيث كنا نتحدث عن طريق الإنترنت، وقد احترم هو قراري كثيرا ووافق عليه.. فقد اقتربت كثيرا من الله، وأيقنت أن الوقت قد حان لأغلب مراد الله على مراد نفسي.. وأن أتركه لله وأنا موقنة أنه من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه...
وأنا الآن لست نادمة على هذا القرار بل أحمد الله كثيرا، ولكني أحببته فعلا وهو أيضا يحبني جدا وينوي حسب قوله الزواج بي والتقدم بعد الانتهاء من دراسته، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أرى للمتحابين غير النكاح.. فهل من الممكن بعد هذه العلاقة الحرام أن يعوضنا الله ويبارك لنا ونتزوج في المستقبل؟ علما بأنني قد قطعت صلتي به نهائيا.. وهل من الممكن أن أتكلم إلى أخته وأتخذها كصديقة لي عندما أعود إلى بلدي لكي أطمئن عليه ويطمئن علي من خلالها حتى يستطيع أن يتقدم لطلب يدي من أهلي؟ علما بأنني أخبرته أنه إذا أراد مني التحدث إلى أخته أن يرسل إلي رسالة على بريدي الإلكتروني بعد عام من الآن في ميعاد رجوعي إلى بلدي حتى أعطيه فرصة للتفكير جيدا وأجنبه الحرج..
فهل إذا تزوجنا سيكون زواجا ناجحا بعد توبة كل منا، وقد كنا من قبل نتكلم في أمور محرمة وهل سيحترمني بعد ذلك؟ وإذا حدث وتقدم لي.. هل أخبر أهلي أني عرفته من خلال الإنترنت؟ أم أخبرهم أن أخته صديقة لي علما بأن موضوع التعارف عن طريق الإنترنت لن يكون مقبولا لدى أهلي.. فهل يجوز في هذا الموقف القول بأنني عرفته عن طريق أخته؟ وهذا لن يكون كذبا؛ لأنها ستكون فعلا صديقة لي..
وهل الدعاء إلى الله أن يكون هو زوجي حلال أم حرام؟.. وهل التفكير فيه حلال أم حرام علما بأني أحاول عدم التفكير به وشغل نفسي بأشياء أخرى؛ لأني أفكر فيه كثيرا...
أرجو أن تفيدوني برأيكم، فأنا في أتم الحاجة إليه، وإن شاء الله سأنتظر رأيكم، وسأنفذ ما ستقولونه لي، أنا وهو فلقد أخبرته أني سأستشيركم..
وجزاكم الله عنا كل خير لما تقدمونه من استماع لمشاكلنا والعمل على حلها.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
د.فيروز عمر ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الجملة الأخيرة من خطابك ملأتني شعورا بالخجل من نفسي والمسئولية في نفس الوقت!!
الشعور بالخجل لأنني تأخرت في إجابتي عليك؛ وذلك بسبب انشغالي في إعداد وإلقاء عدد من المحاضرات والدورات خلال الشهر الماضي في مصر ثم لبنان، ولا أدري إن كان الله تعالى سيقبل هذا العذر في التأخير أم لا، فأرجو أن تسامحيني ليسامحني سبحانه وتعالى..!!
إن الشعور بالمسئولية فهو لأنك تمنحين هذه الثقة للصفحة، وتطمئنين للرأي الذي سترشدك إليه، وهذا -في الحقيقة- يحثنا أن نحشد كل خبراتنا وجهدنا لنكون أهلا لهذه المسئولية..
مشكلتك بها سؤال واحد صعب ومجموعة من الأسئلة السهلة... لذلك دعيني أجيب على الأسئلة السهلة إجابات قصيرة وسريعة وأرجئ السؤال الصعب للنهاية...
تسألين: هل من الممكن بعد هذه العلاقة الحرام أن يعوضنا الله ويبارك لنا ونتزوج في المستقبل؟
وأقول: نعم ممكن فالتوبة تمحو كل ما قبلها تماما.. يقول تعالى: (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى).
أنتما قد أذنبتما ذنبا -وهو إقامة علاقة خارج إطار الزواج-، فندمتما عليه بصدق وعزمتما على عدم العودة، فأنتما أهل لوعد الله بمحو الذنب من صحيفة أعمالكما تماما، فلا توجد "لعنة" تطاردكما وتحكم عليكما بالفراق الأبدي بسبب ذنب قد تبتما عنه..
وتسألين: هل إذا تزوجنا سيكون زواجنا ناجحا؟
وأقول: إن نجاح الزواج يتوقف على عوامل كثيرة؛ لأن الحب يمر بعدة اختبارات بعد الزواج فإذا نجح فيها استمر الزواج، وإذا لم ينجح فشل الزواج، ولقد تحدثت عن هذه الاختبارات في مشكلة سابقة على موقع مجانين وكان عنوانها:
سمعناهم يقولون حلو وآخره علقم
أدعوك للاطلاع عليها.. وأهم ما أريد أن أضيفه لما ذكرته في الإجابة هو:
أنه ليس حتميا أن "ينجح" الزواج اعتمادا على "الحب الكبير" الذي يسبقه، وليس حتميا أن "يفشل" الزواج بسبب أخطاء كبيرة ارتكبت قبله، فالنجاح والفشل يتوقفان على: القدرة على تحمل المسئولية، وقبول العيوب التي تظهر بد الزواج، وحسن الخلق والعشرة، وإتقان فنون العلاقة الإنسانية..
وتسألين: هل يجوز في هذه الموقف القول بأني عرفته عن طريق أخته؟
وأقول: ربما يفيدك قسم الفتوى في هذا الأمر أكثر مني، ولكني في ضوء دراستي الشرعية وخبرتي الاجتماعية أستطيع أن أعرض "وجهة نظر" لا ترقى لدرجة الفتوى، وهي أن التعارف عن طريق "الشات" -وخاصة إذا كان الطرفان من نفس البلد والثقافة- يشبه التعارف في حفلة عامة، فإذا كانت الثانية وهي الحفلة مقبولة اجتماعيا ودينيا كوسيلة للتعارف من أجل الزواج، فإن الأولى -وهي الشات- يمكن أن تقبل أيضا... أي أنك إذا افتعلت أي مناسبة عامة كحفل خيري أو عيد ميلاد وحضرها هذا الشاب، وأخبر أهلك أنه رآك في الحفل فأعجبته فأراد خطبتك لن يرفضوا... وأعتقد أنك عندئذ لا تكذبين..
وتسألين: هل الدعاء أن يكون هو زوجي حلال أم حرام؟
وأقول: لا حرام إلا الدعاء بحرام.. أي أن تدعي الله مثلا: اللهم وفقني في سرقة هذا البنك، أو اللهم وفقني في ارتكاب الفاحشة مع فلان!! أما أن يكون دعاؤك بالزواج الحلال فما الجريمة؟!
كل ما هناك أنك ربما تضيقين على نفسك واسعا، وقد يكون من الأفضل أن تفوضي الأمر لله، فتقولين مثلا: اللهم إن كنت تعلم زواجي من "فلان" خيرا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فيسره لي..
وهكذا تفوضين الله في الأمر لأنه كما تعلمين:
"عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم".
وتسألين: هل التفكير فيه حلال أم حرام؟
وأقول: سؤالك خطأ.. فالتفكير فيما نحب ونعيش أمر لا إرادي لا نملك السيطرة المطلقة عليه، لذلك رفع الله تعالى عن الإنسان ما تحدثه به نفسه.. كل ما هناك أن على الإنسان ألا يستسلم أو يتمادى في هذا التفكير، وعليه أن يفعل ما تفعلين بأن يحاول شغل نفسه دائما بالخير والأعمال الصالحة، فإن فعل هذا فإنه يخفف كثيرا من وطأة هذه القوة المسيطرة عليه بحيث تحتل أقل مساحة ممكنة في وجدانه، ويحصل على الأجر كاملا من الله تعالى، وله جزاء الصابرين الذين يوفون أجورهم بغير حساب.
** والآن يأتي السؤال الصعب:
هل من الممكن أن أتكلم إلى أخته وأتخذها صديقة لكي أطمئن عليه ويطمئن علي والذي سيقرر هذا هو الرسالة التي سيبعث بها إليك بعد عام؟!! هذا هو السؤال الصعب!!
كأنك تسألين: هل يمكن عمل "صلة" بدون"علاقة"؟!
وأقول: إني أجيب في بعض الحالات بـ (نعم) وفي أخرى بـ (لا)!! وذلك حسب الظروف والملابسات.. فعندما يكون عمرك 15 عاما أي أن بينك وبين الزواج زمنا طويلا، فلا أتوقع أن تمر فترة (الصلة) بلا (علاقة) طوال هذا الزمن، لا بد ستحدث تطورات، وستقع علاقة ويزداد تعلقك به، وتتوالى التجاوزات، وعندما يكون كل ما بينك وبين هذا الشاب هو بعض التليفونات ومقابلتان، فهذا يعني أن ما بينكما رغم كل عنفه وقوته إلا أنه لم يرق لدرجة الحب "الحقيقي" الذي تخوضين من أجله مغامرة (صلة) بلا (علاقة)، تلك المغامرة التي يحتمل فشلها قبل نجاحها؟! وبالتالي فإني أميل لأن أقول: (لا).
وأفضل أن يمر هذا الحب بما أسميه: "اختبار البعد" وهو أن يتناسى كل طرف الآخر وينشغل عنه ويقطع صلته به نهائيا، فإن كان هذا الحب وهميا سيسقط بعد سنتين أو ثلاثة أو أربعة، وربما يظهر في حياة كل منكما حب جديد فينسى الحب الأول... وهذا هو ما سيحدث غالبا، أما إن كان حقيقيا فإنه سيصمد رغم البعد، وهذا يحدث نادرا، وعندئذ تكون فرصة الزواج أفضل.
ابنتي الحبيبة.. أدعو الله تعالى أن يسعدك، ويختار لك ما فيه خير الدنيا والآخرة.
ــــــــــــــــــــ(41/277)
عادة الطفولة ليست عادة سرية
العادة السرية, الحياة الجنسية
أنا فتاه أبلغ من العمر 19 عاما، لدي مشكلة ولكني لا أريدكم أن تحتقروني أو تقولوا عني شيطانة. أنا متدينة ومحجبة ولكني لا أستطيع الإقلاع عن العادة السرية، ومهما حاولت أن أقلع عنها أضعف وأعود. وأنا أمارس هذه العادة منذ أن كنت صغيرة في الخامسة من عمري ولا أعلم لماذا أو كيف بدأتها أو تعلمتها، كما أنني منذ ذلك السن كنت مثل الشيطان؛ فكل تفكيري كان منصبا على الغريزة الجنسية، وكنت منجذبة نحو الأولاد، وكان ابن عمتي وهو شاب يقوم بعمل بعض الأفعال الجنسية التي لم أكن أفهمها؛ حيث كان يجلسني على حجره، وأحيانا كان يمد يديه في ملابسي ويعبث بأعضائي التناسلية.
كما أنني كنت أدعو الأولاد الذين كانوا في سني لأن يقوموا ببعض الأفعال الجنسية معي، ولكني أظن أنني مازلت عذراء؛ لأنني لم أر دما في أي من هذه الحالات. وأنا الآن أحس بأنني شيطانة وحقيرة، وأريد أن أعرف هل هذا مرض نفسي أم أني شيطانة فعلا؟ أريد أن أقلع عن العادة السرية وأتخلص من تأنيب الضمير، وأريد أن أعرف لماذا كنت أفعل ذلك رغم كوني طفلة والمفترض أن أكون بريئة.. وشكرا.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ربما ذكرنا في حل سابق لنا حول العادة السرية -كان بعنوان " عالم العادة السرية"- أن إحدى أخطر المشاكل التي تواجهنا في التعامل مع هذه العادة هو رؤية الممارس لنفسه أنه شيطان.
وقلنا إن هذه الرؤية توقعه في الدائرة الخبيثة من الإحساس الشديد بالذنب الذي لا يستطيع الفكاك منه ويكون حله هو المزيد من الممارسة للعادة على أساس أنه شيطان لا يضره ما يفعل.
وقلنا إن الأمر يحتاج إلى إعادة الأمور إلى نصابها دون إفراط أو تفريط، والنظر إليها في حجمها الطبيعي كسلوك خاطئ يحتاج إلى تقويم بدون تصور أن من يمارسها هو شيطان ومن يقلع عنها هو ملك.. فالأمر يتعلق بإنسان سوي طبيعي لديه عادة سيئة يريد التخلص منها.. هكذا دون تهويل محبط يجعلنا نعيش أسرى هذه العادة وكأن العالم قد خلا من كل شيء إلا العادة السرية والتخلص منها.
ولذا فنحن ندعوك بهدوء إلى مطالعة حلولنا السابقة حول كيفية التخلص من العادة السرية، خاصة برنامجنا السلوكي المقدم في الحل المعنون بـ"المواقع الساخنة.. الاستمناء .. وداعاً للإدمان"، وحلنا المعنون بـ"ممارسة الجنس مع النفس".
وبالنسبة لما تم في الطفولة فلا تشغلي نفسك به كثيرا ولا تذهبي في تحليله مذاهب شتى للبحث في أعماق الطفولة عن أسباب ممارستك للعادة. فما تم في الطفولة عادة سيئة يكتسبها بعض الأطفال حيث تحتك أعضاؤهم التناسلية صدفة فيشعرون لذلك بشعور مريح يجعلهم يكررون ذلك ولكن هذا لا علاقة له بالعادة السرية التي تمارسها البنات في فترة المراهقة حيث لا يوجد لدى الأطفال أي شعور أو دافع جنسي في هذه السن.
فاجعلي همك الآن في تخلصك من العادة السرية بدون أن تنعتي نفسك بالشيطانة الحقيرة؛ فالأمر لا يحتاج كل ذلك، وتوجهي بنظرك للإمام، ولأنشطة أهم، ومجالات في الحياة أرحب.
ــــــــــــــــــــ(41/278)
في التخطيط لقيادة الأمة سؤال عن فقه الاستمناء!
الحياة الجنسية, الشباب والقضايا العامة
بسم الله الرحمن الرحيم، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. الحمد لله رب العالمين الذي بعث الإسلام دينا يقضي على الجهل والباطل، ويرفع الحق والعلم وكل ما يؤدي إلى رقي البشرية جمعاء في علومها وسياساتها.
وإحدى أهم السياسيات التي بلا شك كان لها نصيب كبير من اهتمامات البشر هي العلاقات الاجتماعية بين متباين الناس، وفي المجتمع الواحد، وعبر الطرق الإسلامية الصحيحة الخالية من الخلل. وما أفضل من تشكيل شبكة تمكن الفرد من الاطلاع على ما يحدث في جزيرة محمد، وفي نفس الوقت تمكنه من الطرح الدائم لتساؤلاته ومناقشتها في مختلف الميادين؛ بدءا من السياسة ومرورا بقضايا العصر الحديثة.
لهذه الأسباب قد نطق لساني بلا أمر عقلي تبجيلا وشكرا لكم في هذا الموقع الإلكتروني لاهتمامكم بمسائل الرجل والمرأة والشيخ والشاب والطفل. فإن هذا الأمر إن دل فإنما يدل على تفوق هذه الشبكة في مجال العلاقات التي تربط خلق الله ببعضهم، وتبين الصحيح وتغلق الباب أمام الخطأ والجهل؛ أحد أكبر عيوب هذه الحقبة من الزمن.
أبدأ بالمشكلة الأولى ألا وهي طموحي الكبير، وفي نفس الوقت أطرح على نفسي سؤالا أقول فيه: وهل كان الطموح يوما مشكلة؟! فطموحي أنا ليس كطموح معظم شباب هذا الزمان؛ فأنا أحلم بقيادة هذه الأمة، وجرها نحو الإصلاح التام من الفساد.
وأنا متفوق بشكل ملحوظ بدراستي، ودائما -والحمد لله- أحتل المراتب الأولى فيها، كذلك في المسابقات الداخلية والخارجية للمدرسة. أواجه من جهة تشجيعا كبيرا خاصة من أساتذتي، ولكن رغم التعمق بالدين أجهل ماذا يقول النبي الأعظم في هذا المقام، فقل لي سيدي أو سيدتي الحديث الحكيم من اللسان المبين ألا وهو لسان رسول العلم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
المشكلة الثانية هي نتاج المشكلة الأولى فتراني دائما أبدأ التخطيط لعهدي في قيادة الأمة، وآخر أفكاري الجنونية هي عقد مؤتمر لشباب من كل الدول العربية لديهم مبادئي وعبقريتي؛ حيث نعمل معا لوضع كتاب "تعاليم جزيرة محمد"، وهو كتاب بمثابة مخطط لاسترجاع الأرض المقدسة والعمل من أجل هذا في السنين القادمة. فهل من الخطأ أن أكون بهذا الفكر؟
وفي النهاية أريد أن أعرف موقف الإسلام من الاستمناء، والسلام عليكم، وشكرا.
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الابن العزيز أهلا وسهلا بك على صفحتنا مشاكل وحلول للشباب، وشكرا جزيلا على ثقتك وإطرائك لموقع إسلام أون لاين، أعجبني حماسك واستفز فيَّ كثيرا من الآمال في أمثالك من أجل ما ننادي به من ضرورة تحالف الأجيال، وتعاقب الأمواج البناءة ، من أجل أن تنهض أمة محمد عليه الصلاة والسلام؛ فأنت تحمل من الحماس ما أشعرني بالفخر حقا، إلا أن أفكارك الجنونية -كما وصفتها أنت- تخيفني جدا يا بني!
فطموحك الجميل هو طموحنا جميعا، وإن كنت قد أوقع فيك الشيطان بعضًا من الأنانية التي تغذي اندفاعك، وانشغالك الزائد عن الحد في التخطيط المبكر والمبتسر كما يتضح من قولك: "فطموحي أنا ليس كطموح معظم شباب هذا الزمان؛ فأنا أحلم بقيادة هذه الأمة، وبجرها نحو الإصلاح التام من الفساد".
فأنت تخطط الآن لعهدك في قيادة الأمة! بينما نحن وأنت لم نزَل في مرحلة الفهم المبتسر (غير المكتمل) لكثير من الأمور التي نحتاج الإلمام بها قبل أن نضع خطة عالية الهدف من أي نوع، فضلا عن أن نعقد مؤتمرًا!
لوضع كتاب "تعاليم جزيرة محمد" هذا بكل تأكيد تفكير خاطئ يا فتى! وأتمنى ألا يزيد ذلك التفكير عن كونه أحلام يقظة متناثرة تداوي بها جروحك النازفة وأنت ترى أمتنا تنزف كل يوم على مرأى ومسمع من الجميع وأنت منهم. أتمنى ألا تزيد جنونية أفكارك تلك كيلا تصل حدودا لا تُحمد عقباها بالنسبة لك على المستوى الشخصي، ولعائلتك وأهلك على المستوى الجمعي.
وأما المطمئن نوعا في إفادتك فهو تفوقك دراسيا؛ فهو دليل على أنك ما زلت متماسك البنيان ذهنيا ونفسيا، وإن كنا لا نأمن أن يأخذك الإغراق في أحلام اليقظة من مثل ذلك النوع إلى حيث تهمل درسك ونفسك، وتبقى تفكر وتخطط؛ فهنا يصبح الانفصال عن الواقع إضافة إلى الشعور المبالغ فيه بالعظمة والأهلية لقيادة أمة المسلمين خلطة معرفية جد خطيرة.
يستوقفني بعد ذلك قولك: "ولكن رغم التعمق بالدين أجهل ماذا يقول النبي الأعظم في هذا المقام؛ فقل لي سيدي -أو سيدتي- الحديث الحكيم من اللسان المبين ألا وهو لسان رسول العلم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم"، وأنا هنا أسأل: ماذا يقول عليه الصلاة والسلام في ماذا؟ في مشاعرك وأفكارك أنت شخصيا؟ أم في ماذا؟ لقد قال سيد الخلق صلوات الله وسلامه عليه في حجة الوداع وهو يبين للأمة طريق العصمة من الضلال: "وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله" رواه مسلم، وزاد مالك في الموطأ: "وسنتي" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فهل ترى لذلك علاقة بما تسأل عنه؟
أنا أقول لك: أين العلاقة؟ إن العلاقة تكمن في أنك تتساءل عن بديهيات -أو هكذا يجب أن تكون في ذهن من يخطط لعهده في قيادة الأمة- وتقول: إنك رغم التعمق في الدين تجهل، وتجهل ماذا في نهاية المطاف؟ وتسأل عن ماذا؟ عن حكم الإسلام في الاستمناء؟! لست أدري لماذا يستفزني سؤالك، ولكنني على أي حال لن أكرر ما سبق ونقلناه على الإنترنت من كلام فقهائنا العظام في هذا الموضوع، وتجده متناثرا في ردودنا على كل من موقع إسلام أون لاين، علىصفحتنا مشاكل وحلول للشباب وعلى موقعنا مجانين نقطة أورج، وعلى سبيل التمثيل لا الحصر أحيلك إلى:
الاستمناء، شماعة الجهل التي ذابت
الاستمناء القهري: العادة المُسْتَنْزِفًةُ
عقدةُ الذنب والاستمناء !
الاستمناء أثناء النوم: الأوضاع قبل الأحكام.
ولكنني ما زلت لا أستطيع الإجابة لنفسي عن كيف تخطط لقيادة الأمة وأنت تجهل حكم الاستمناء الفقهي؟ ليس طبيعيا بالمرة في مثل هذا السؤال أن تسأل عن موقف الإسلام من الاستمناء!!
ثم ما هو المقصود بجزيرة محمد؟ إن دين محمد النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام جدير بأن تراه المحيط الذي تتناثر فيه الجزر، وليس هو الجزيرة؛ فهو دين متين لن يشاده أحد إلا غلبه، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
ما أراك يا بني إلا متعمقا في الأحلام بالخير لهذا الدين وهذا شيء طيب لكنه يحتاج إلى توجيه، وأما أنك متعمق في الدين فأنا أرى أن هذا غير حادث، وأنك تحتاج إلى من يدلك في خضم العصر الذي نعيش فيه لتعرف الدين الصحيح الذي يجب أن تعرفه ولكي ترشد أفكارك، وتكسب وتكسبك الأمة من أجل استعادة ديننا الحنيف بالمعنى الذي أوضحه أخي الدكتور أحمد عبد الله حين كتب : البركة أم اللعنة؟! الدين ومجتمع المعرفة، وأن تفكر في المشاركة من خلال الجهاد المدني شريكا لإخوانك الذين تود عقد مؤتمر لهم دون أن تكون رئيس المؤتمر بالضرورة.
كما أحيلك هنا إلى بعض من الروابط عن أحلام اليقظة:
الوسواس القهري وأحلام اليقظة !
أحلام اليقظة: مشكلة أم حل؟!!
أما إن كنت ترى أننا لا بد أن نقتنع بأفكارك الجنونية تلك؛ فإن الأمر يكون قد تعدى مرحلة السواء، وأنا في انتظار متابعتك كي نرى ما الذي يتوجب علينا نصحك به، وفقك الله وتابعنا بأخبارك.
ــــــــــــــــــــ(41/279)
جريئة ومرحة ورائعة: ثرثرة صيفية
علاقات أسرية, مع الأهل, مع المجتمع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا صاحبة مشكلة "إلا في البيت.. جريئة ومرحة ورائعة " هاأنا من جديد عدتُ إليكم من جديد، فأنتم بمثابة الواحة التي أرتوي منها وألقي فيها بما في خاطري من هموم وهواجس، فأنا كما سبق وقلت لكم لا يوجد من يسمعني.. لا أريد أن أوجه اللوم للناس أو لأهلي لأنهم لا يسمعونني، ولكن أريد أن أتعايش مع هذه الحياة بدون أن أخسر مشاعري.. وكيف السبيل لذلك؟!
لم أكن أنوي أن أتابع فقد أثقلتكم بالهموم، ولكن بناء على طلب الدكتور أحمد فها أنا أكمل استرسالي؛ فاستنتاجك كان صحيحًا.. لقد أحسست أني تحدثت كثيرًا فأنا دائمًا أضع نفسي مكان محدثي وأنا أتحدث كي لا أسبب له الضيق أو الملل. ولم أكن أريد أن أتابع برسالة بهذا الطول ولكن هذا ما جنيتهُ يا أستاذي على نفسك، أعانك الله على لساني. ولن أتضايق إذا تعرف أحد على شخصيتي الحقيقية من خلال بعض المعلومات التي ذكرتها فقد تعبت من لبس قناع السعادة في حين قلبي يقطر دمًا على ما آل إليه حالي.
والآن استمعوا لما يقال عني:
(س) فتاة مؤدبة ملتزمة ووجهها يشع إيمانًا ويبعث بالراحة لمن يراه.. مرحة وطيبة ومحظوظٌ من يعيش معها، تعرف كيف تتصرف ومحترمة في كل مكان، مرحة و"حبّوبة" وملتزمة في نفس الوقت.. تتحدث كثيرًا، لكننا لا نمل من أحاديثها، شخصيتها قوية وجريئة.
هذا ما سمعته وما زلت أسمعه من هنا وهناك، وانظروا لي في مكان دراستي.. المدرسون والمدرسات لا يتحدثون عني إلا بالخير يمتدحونني لشدة تفوقي واهتمامي بدراستي واحترامي الشديد لهم، مع أن منهم المسيحيين وغير ذلك من الديانات الأخرى غير الإسلام.
أصبحت عضوة في مجلس الطالبات في أول شهر لي في الدراسة بمساعدة معلمتي؛ لأنها قالت من أول محاضرة بأنني أصلح لأن أكون معهم لشدة ثقتي بنفسي (وهي تجهل الخفايا).. أصبحت من جماعة "الطالب المدرس" وهي للطالبات المتميزات فقط.. شاركت في عدة ندوات على مستوى الدولة، وهاأنا أنتقل من نجاح إلى نجاح ومن تكريم لآخر.
وليس هذا فحسب، بل أصبح الكل يتحدث عن هذه الشخصية الرهيبة الرائعة -على حد قولهم- والكل يحسدني على هذا الحظ السعيد، والكل يقول إنني سعيدة وهذا ما يبدو لهم، وهاأنا ذا بدأت أكبح جماح شهوتي بممارسة بعض الحلول التي قدمتموها لي؛ فشاركت في عدة أعمال تطوعية وانشغلت بالمفيد، وهاأنا أختلط بالمجتمع؛ بنسائه ورجاله بحدود الأدب وبدون التفكير بالجنس إلا قليلاً.
لقد بدأت أقلع عن العادة السرية، ولكني أشتاق لها فأستسلم أحياناً لجهلي بـ"متى سأتزوج؟"، وأفكر بأن الله مع الصابرين فأمسك نفسي عنها.. ولكنْ هناك مشكلتان تؤرقانني حاليًّا، وربما يكون تحليلي منطقيًّا وربما لا، ولا أريد منكم سوى مساعدتي وتصحيح المفاهيم وطريقة التفكير فلا يوجد من يسمعني غيركم، وفقكم الله.
أقول: إن الالتزام ليس إلا طريقًا سهلاً وبسيطًا للوصول إلى السعادة الحقيقية وراحة البال، ولكني أخشى من غرور التدين.. نعم أخشى على نفسي من الغرور بشكل عام وغرور التدين بشكل خاص؛ فأنا أسمع مديحًا وثناء من هنا وهناك وأحيانًا أحس بالحرج من شدة مدح وثناء محدثي لي.. تارة أخرى أحس بالفخر والرغبة في الضحك وتفريغ طاقة كامنة أجهل ماهيتها، وأحيانًا للأسف أحس بالغرور والتكبر، وسرعان ما أنسحب من محدثي خشية أن أقع في زلة لسان أو ما شابه.
كنت أدعو الله في السابق أن أكون فتاة محبوبة لي أصدقاء كُثر، مشهورة ويتحدث عني الكثيرون في كل مكان. اعتقدت أن هذه هي السعادة فقد كنت في السابق على الهامش، لكن الآن أصبحت جزءاً لا يتجزأ من هذا المجتمع.. آه.. أقولها من أعماق قلبي ولكن هل تنفع الـ آه في شيء. نعم تحقق لي ما أردت من شهرة ومحبة الناس لي، ولكني أحس أنني كالشمس بل كالقمر جميلة ورائعة من بعيد ولا يمكن تصور الحياة بدونها وبدون أشعتها، ولكن لا يفكر أحد في الاقتراب منها، بل كالقمر ليس جمالاً أبدًا، بل في أنه يقتبس نوره من الشمس أي أنه لا يعيش بدونها وأرى أن شمسي هي الالتزام.
هل في كلامي ما يدل على التشويش؟ أم أنه مجرد خيال وكلام يجول في الخاطر؟
من المعروف أن الشيخوخة هي آخر مراحل العمر، ولكن ما دخل الشيخوخة في حياة فتاة في الثامنة عشرة من عمرها؟ إنه والدي حفظه الله.. نعم إن عمره كبير جدًّا وأرجو من الله أن يهبه العافية. لقد بدأت مظاهر الشيخوخة تظهر عليه وأصبحت مطالبه لا تنتهي؛ فهو حين يعود للمنزل إما أن يقضي وقته كله في النوم أو مشاهدة التلفاز وإلقاء الأوامر لتنفيذ حاجاته الخاصة من مأكل وغيره حتى لو كان العمل الذي يريده سهلاً، أي أنه يستطيع تنفيذه بنفسه "كأن يرد على الهاتف وهو بجانبه ولا يكلفه سوى مد يد وبضعة سنتيمترات، إنها مسافة صغيرة جدًّا، لكنه ينادي على أحدنا كي يرد لأنه كما يقول ليس له نفس لأن يفعل شيئًا مع أن حالته الصحية جيدة فهو يستطيع المشي والنهوض وقيادة السيارة مع أنه تعدى السبعين من العمر".
كأن لسان حاله يقول لقد تقدمت في العمر، وأريد منكم خدمتي. بل لقد قالها مرة لخالي: "يجب أن أتعبهم وأطلب منهم خدمتي لكي يحسوا بوجودي"، ودائمًا يطلب المفقود، مثل أنه يطلب نوعًا من الطعام في حين نكون قد انتهينا من إعداد طبخة أخرى. في هذا الوقت أكون قد انتهيت لتوي من أعمال البيت وأعد الثواني لكي أنعم بحمام ساخن وأخلد بعده للراحة، ولكنه يناديني من غرفتي لكي أناوله الهاتف أو أرد عليه أو أناوله علبة المحارم الورقية أو لتقريب شيء ما في الغرفة.
أحيانًا أعتذر عنه بأني مشغولة وأرسل أحد إخوتي الصغار، ولكنه يقول كيف لا تلبين طلباتي وأنا الذي أقول عنكِ أنكِ الملتزمة المحترمة المطيعة لوالديها. تدمي هذه العبارات قلبي فهي مثل السهام. وفي السابق كنت أتضايق منها، ولكن الآن أصبحت أسعد بها لأنها توقظني للصواب.
لا أريد أن أكون عاقة لوالدي وهو كبير في السن وربما تعدى عمره الخامسة والسبعين، ولكنه يتمتع بعافية ممتازة بالنسبة لمن هم في عمره. لا أريد أن أعصيه، لكنه لا يناديني إلا عندما أكون مشغولة بالدراسة أو بموعد نومي في المساء. أحيانًا أعتذر وأحيانًا ألبي طلباته وأنا أكتم ما في نفسي من تذمر وأدوس على قلبي، وأترك ما في يدي لأرضيه، ولكن لا أدري ما سر الغيظ والتذمر في نفسي؟ أهو من الشيطان أم من نفسي أنا؟
حققت تقدمًا ملحوظًا في تلبية طلبات "أمي" لأعمال المنزل، فلم أعد تلك الكسولة النائمة ولكن لا أجد تشجيعًا إلا القليل.. لا أريد أن أغير مَن حولي قبل أن أتغير أنا من الداخل. فإن عملت الخير فلنفسي كما أن رضا الله في رضا الوالدين.
كثيرون هم حولي ويعرضون عليَّ خدماتهم، ولكن لا أدري ما الذي يمنعني من البوح لهم ربما كبريائي، أو ربما لأني لا أريد أن أوضح الجانب الضعيف من هذه الشخصية القوية.
صديقتي التي ذكرتها في مشكلتي الأولى تقول بأنها مستعدة لتقديم أي مساعدة لي؛ لأنها مدينة لي بذلك، فأنا الوحيدة التي تجلس معها وتحدثها لأنها منطوية وكثيرًا ما تنعزل عن باقي البنات، كما أنها تفتقر للأسلوب الجيد عندما تتحدث مع البنات مما ينفرهن منها.. فماذا عساني أن أجيبها؟ ففي كل مرة تعرض عليَّ المساعدة أتعلل بأن مشكلتي أكبر من أن أطلب من أحد مساعدتي بها!!! ماذا عساني أن أقول لأقول؟ هل أقول لها بأنني أريد أن يسمعني أحد؟ هل أقول لها بأني تعبتُ من تمثيل دور حلال المشاكل؟ هل أقول لها بأني تعبت من الاستماع لشكواها هي والآخرين؟ هل أقول لها بأني أريد أن أتزوج؟ هل أقول لها كفي عن مديحي وذكر محاسني حتى لا أغتر بنفسي؟ تساؤلات كثيرة في رأسي المسكين... فهي لا تفهمني...
نعم لا تفهمني ففي كل مرة نلتقي نتحدث أصغي لها باهتمام فهو من آداب الاستماع ولكنني عندما أتحدث!! أفاجأ عندما أنتظر منها وجهة نظر أو الرد على كلامي فإذا بها تنتقل إلى موضوع آخر لا صلة له بموضوعي... ميولنا واهتماماتنا مختلفة!!! فأنا مثلاً أحب المزاح والضحك كما أن لي اهتمامات أخرى مثل التجميل من ملبس وعطور وتكوين الصداقات جديدة والمشاركة بالأنشطة الطلابية. أما هي فبريئة كل البراءة لا تفكر إلا بالدراسة وحل الواجبات ومتابعة رسوم كرتون الأطفال وترفض أنواع الصداقات بالدراسة؛ لأنها تؤمن بأن ليس وراء الفتيات غير المشاكل، وتقول أيضًا إنها تمتلك صديقات مقربات محدودات وأنا منهن، ولا تفكر بتكوين صداقات جديدة هنا في مكان دراستنا.. نحن متناقضتان ولكن أعترف أن مصلحتي هي التي جعلتني أجاريها وأتقبل أحاديثها التي أعتبرها سخيفة بالنسبة لفتيات جامعيات، ولكني تعودت على مجاراتها في أحاديثها فهل أنا منافقة؟
أحاول أن أتعامل معها كتعاملي مع الباقين.. أريد أن أقنع نفسي أنها بريئة ولا تستحق مني كل هذا الكره؛ لأن أخاها لم يرتبط بي وأنا أجهل نواياها، ولكن الظاهر أنها طيبة ودائمًا تكرر أنها تريد أن ترد لي الجميل على حسن علاقتي بها فقد ساعدتها كثيرًا وأسعدتها أكثر بأحاديثي التي لا تنتهي... وأكتفي بشكرها ثم صمت طويل.. فهل فعلاً أنا منافقة كما أحس من الداخل؟؟..
لقد ضعف إيماني في الفترة الأخيرة فبعد أن كنت أصلي القيام آخر الليل أصبحت أتكاسل حتى عن الصلاة المفروضة... أخشى أن أموت وأتعذب في قبري بسبب تأخيري لصلاتي... اللهم ارحمني.. اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على الإيمان... أكرر لكم شكري على هذا المجهود أعانكم الله وإياي على مشاكلي.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ها قد عدت إلينا، والعود أحمد، أهلاً بك وسهلاً..
لعلك قرأت مقالي الأخير عن الجنس في حياة الفتاة العربية! والذي تزامن ظهوره مع إرسال متابعتك التي بين أيدينا هنا، فسبحان الله، ولك الشكر مجددًا، وأنت ما زلت تكشفين وتبوحين، وأهلاً بك وبغيرك ممن وجدوا في صفحتنا متنفسًا وأذنًا صاغية، وندعو الله تعالى أن نكون عند حسن ظنكم جميعًا، وبالله التوفيق، وقد قلت من قبل في إجابة سابقة أننا لن ولا نمل منكم حتى تملوا، بل إننا نستفيد ويستفيد الناس من عرض الخبرات الحقيقية، والتجارب الواقعية.. في الحياة.
وأنت تصارحين هذه المرة.. أراك تكررين وصف نفسك بالفتاة الملتزمة، وقد صار هذا الوصف يسبب لك تشوشًا وهياجًا؛ لأنه في أغلب الحالات التي نقرؤها وتقرءونها يكون مقدمة لتناقضات تتنافى مع الالتزام كما ينبغي أن يكون، فما رأيك بأن نصف أنفسنا بأننا قوم نحاول ونتحرى الالتزام؟! ونطلب من الله ثم من الأصدقاء والأهل وغيرهم أن يتعاونوا معنا على البر والتقوى، فيصبح الالتزام هدفًا وأفقًا ونتيجة نسعى إليها بدأب واستمرارية بدلاً من تصديره كوصف، تنفيه الوقائع أو تعيقنا هذه الظروف أو تلك عن التحقق به!!!
وهنا يا آنستي لا أرى أي تعارض بين محاولة الالتزام، وبين أن يكون للإنسان رغباته، وربما هفواته، وإذا اعترفنا بهذا، وفهمنا الالتزام كهدف ونتيجة فلن يصيبنا أبدًا "غرور التدين"؛ لأن معرفتنا بعيوبنا ونواقصنا واعترافنا بها -داخليًّا على الأقل- كل هذا سيمنع من الغرور؛ لأننا نعرف أنفسنا حقيقة، بغض النظر عن مديح الناس أو ذمهم، فكيف يجتمع الغرور بالتدين مع إدراك نواقصنا؟؟!!
غير أن نغتر بكلام الناس، وليس بحقيقة ما نحن عليه!!!
ومن قال إن الالتزام هو طريق سهل، أو إنه "ببساطة" هو مقدمة للسعادة وراحة البال في الدنيا؟!!
عن أي عالم تتحدثين يا فتاتي؟!!
لا محاولة الالتزام طريق سهل ولا هو واضح غالبًا، كما أنه ليس مقدمة إلا لأسلوب في الحياة له ضغوطه، وله راحاته مثل كل اختيار دنيوي، فلا المتحلل مستريح، ولا راغب الالتزام يعيش في جنة الله على الأرض؛ لأن الدنيا نفسها دار عناء وكدح وتعب، مع الفارق بين نوع واتجاه التعب والكدح المصاحب لكل اختيار، ولا تخلو الحياة أيضًا من أنواع أفراح وسعادة، وهكذا الدنيا.
وسُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المديح من الناس يسمعه المؤمن فقال: تلك عاجل بشرى المؤمن، أي أنه بشارة -مجرد بشارة- بالمآل إن حسنت النوايا والأعمال والخواتيم.
فمن أين يأتي غرور التدين لمن فهم هذا وذاك؟!!
وتبالغين في تقدير ما حصلت فما حدث لك من نجاحات ما يزال محدودًا، فلا شهرتك وصلتنا هنا مثلاً فنعرفك، ولا بريقك يلمع في سماء الكون بأسره، إنما أنت مجرد فتاة محبوبة في بلد صغير محدود في عدده وحجمه، وأنت جزء صغير جدًّا مثل قطرة في محيط العالم الذي نعيشه، فتعالي نركب سفينة فضائية خيالية وننطلق، بل تعالي نركب طائرة، بل يكفي منطاد، ونبتعد عن الأرض عشرات الأمتار فقط للنظر معًا إلى حجمك وحجم الدائرة التي تتحركين فيها مقارنة بما حولها، ومقارنة بالعالم، فعلام الانتفاخ أو مظنة الخوف من الغرور، لو رأينا الأحجام على حقيقتها؟!!
يا ابنتي لست شمسًا ولا قمرًا ولا كوكبًا بل فتاة طيبة تأكل الطعام، وتمشي تتعثر في الأسواق والشوارع، وبخاصة حين تخلعين نظراتك الطيبة كما رويت أنت.. (أبتسم).
والعمل دائمًا ثقيل، والكسل لذيذ فغالبي نفسك، وتعاوني مع غيرك، فالتعاون لا عيب فيه، ولا كبرياء فارغًا معه؛ لأنك تعطين وتأخذين، وهكذا الحياة أخذ وعطاء، وأرجو أن تتقدمي أكثر في تطوير استعدادك لتلبية متطلبات إدارة منزل؛ لأن زواجك ممكن أن يحدث بأسرع مما تتصورين، فهل أنت حقًّا جاهزة؟!!
وإذا كنت قد تعبت حقًّا من الاستماع لشكاوى الآخرين، ومن حل مشكلاتهن، فمن حقك "إجازة" تعودين بعدها برغبتك إلى هذا الدور، أو تتركينه نهائيًّا بدلاً مما تسمينه تمثيلاً ثم التذمر منه، ثم ما هو الخبر المدهش أو الصاعقة الماحقة أن تقولي لصديقتك إنك -مثل كل فتاة- تريدين الزواج؛ لتحصلي على التلبية المشروعة لحاجاتك الفطرية في الجنس والسكن العاطفي، والمؤانسة والمودة... إلخ؟!!
ماذا سيفيد هذا الخبر البائت -كما نقول في مصر- وماذا ستفيدك صديقتك بصدده؟! هل ستهرع إلى أخيها قائلة: عندي صديقة تريد الزواج، لم لا تأتي إليها وتتزوجها؟!!
لنا إجابات سابقة تشرح بالتفصيل كيف يمكن أن تدير أية فتاة مسألة إعجابها بشاب ورغبتها فيه بدءاً من جمع المعلومات عنه، وحتى ترتبط به "إن كان الأنسب لها"، فهل قرأت هذه الإجابات؟!! وهل شاركت معنا في حوار "بدلا من الانتظار .. اخطبي لنفسك"، وهل اكتملت لديك المقدمات التي تقطع بأنك تريدين أخاها فعلاً؟! وأنه الأنسب حقًّا؟!! ولم يبقَ بالتالي إلا تحريكه ناحيتك؟! أم أنك تقفزين فوق المراحل والخطوات لتصلي إلى الزواج وخلاص؟!!!
في كل الأحوال من حقك ألا تقتصري على صديقة ترينها سخيفة، ومن واجبك جدية أكثر في تحديد رغبتك في أخيها، وإدارة هذه الرغبة -إذا كانت فعلية وواضحة ومكتملة، وليس مجرد خواطر- بالخطوات والأصول اللازمة والتي فصلنا في شرحها، ومما يعينك على أمورك أن تستأنفي صلتك الحية بالله تعالى، وأن تتابعي معنا، وأشهد أنني استمتعت هذه المرة بثرثرتك الصيفية النافعة، فلا تحرمينا منها شتاء، وأهلاً بك دائمًا .
ــــــــــــــــــــ(41/280)
الخطوبة السابقة.. هل هي جريمة؟!
مع الجنس الآخر, معوقات الاختيار
مشكلتي باختصار هي أنني كنت مخطوبة لشخص ما لكن لم يحدث بيننا نصيب، والمشكلة هي أنه كلما تقدم لي شاب وعلم بأمر هذه الخطوبة السابقة قام بالعدول عن إتمام الخطوبة.
أريد فعلا أن أعرف لماذا يفكر هؤلاء الشباب بهذه الطريقة، رغم أنني والحمد لله إنسانة ملتزمة في خلقي وفي ملابسي وفي كل شيء؟!
لماذا يريدون أن نخدعهم، رغم أنني أعلم الكثير من الفتيات كن على علاقات غير شرعية بشباب ورغم ذلك أخفين أمرهن، لكني أنا كنت مخطوبة ورسميا أمام الأهل، ورغم ذلك كأنني فعلت كبيرة من الكبائر؟..
لماذا لا يرحموننا؟ هل هو عيب فينا أم في تفكير الآخرين؟ أريد أن أفهم، أرجوكم ساعدوني.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
إذا كان الأمر حقًا كما تصفين، وأن هؤلاء الشباب فعلا يعدلون عن إتمام الخطوبة لمجرد أنك كنت مخطوبة سابقًا؛ فالعيب في تفكيرهم لأنه يكون تفكيرًا غير منطقي وغير واقعي وغير ناضج؛ لأن المنطق يقول: إن هذا الذي يتقدم لك للخطوبة يعلم أن قيامه بالخطوة الأولى وهي الخطوبة وعدم قفزه مباشرة لعقد الزواج.. هو لأنه يعلم أن الخطوبة إنما هي فترة شرعية للتعارف بين طرفي الزواج من شاب وشابة وعائلتيهما، فإذا ما اكتشف أحد الطرفين أن الأمر غير مناسب له فسخت الخطوبة دون أي مشاكل؛ لأن هذا الأمر مثلما يتوقعه لنفسه يتوقعه أن يحدث مع الآخرين..
وأيضًا الواقع يقول: إن هذا أمر مستقر بدليل أن مئات الألوف ممن فسخت خطوبتهن قد تم زواجهن دون أن يكون ذلك حائلا دون زواجهن أو خطوبتهن مرة ثانية.. فلم نعلم مخطوبة سابقة قد حال ذلك دون زواجها.
أما الشاب الذي يرى عيبًا في الخطوبة السابقة للفتاة التي يتقدم لها فهو غير ناضج؛ لأنه لا يعرف المنطق ولا يدرك الواقع، وبالتالي لا يستحق أن يبكى عليه؛ لأن الارتباط يحتاج للنضج حتى يستطيع إتمام الارتباط، ويكون قادرًا على تحمل المسئولية..
ولكننا هنا نريد أن نوجه نظرك لأمر مهم وهو ألا تتوقفي عند تفسير الأمر بعدم إتمام الخطوبة لمجرد أنك كنت مخطوبة سابقًا؛ لأن الأمر -كما أوضحنا- لا يبدو كذلك كعرف سائد في المجتمع؛ ولذا فالأمر يحتاج إلى إعادة بحث ودراسة لأسباب عزوف هؤلاء الشباب عن إتمام الخطوبة.. حتى لا نظل نحمل الأمر غير حقيقته، ونصب اللعنات على الآخرين وطريقة تفكيرهم، ولا نبحث في أنفسنا عما يكون الأسباب الحقيقية..
فما حدث في الخطوبة السابقة من أحداث وأخطاء يجب أن يحلل بصورة موضوعية لنعرف أخطاءنا وأخطاء الطرف الآخر؛ فعند حدوث مشكلة بين طرفين يكون الطرفان مسئولين عما حدث.. فما هي مسئوليتكم؟ وما الذي استفدتموه من أخطائكم؟ وهكذا يسير الأمر؛ فربما تكون طلباتكم ممن يتقدم، وربما تكون طريقة استقبالكم، وربما يكون ما سمعه الآخرون عما حدث أو رؤيته لهم..
المهم هو الدراسة الموضوعية الهادئة، ولا يمنع ذلك ألا يكون أي من هذه الأسباب هو المشكلة، وأن الأمر ببساطة هو أن الله لم يشأ بعد؛ لأن الزواج في حقيقته رزق من الله عز وجل، مطلوب منا أن نتخذ الأسباب الصحيحة للوصول إليه، ولكن تظل إرادة الله هي الغالبة في النهاية..
اتخذي الأسباب الحقيقية والصحيحة لإتمام الخطوبة، ثم وكلي أمرك لله، وعندما يأتي الأوان ستتزوجين من كتبه الله لك..
ــــــــــــــــــــ(41/281)
ابن أختي مراهق
علاقات أسرية, الإنترنت والهاتف, مع المجتمع
بسم الله الرحمن الرحيم،
تحية طيبة محملة بالاحترام والحب والتقدير..
أود أن أستشيركم بشأن ابن أختي البالغ من العمر ثلاثة عشر عامًا وبضعة أشهر. ورغم سنه الصغيرة فإنه يبدو مكتمل الرجولة بطوله الفارع وصوته ووجهه، وهو ما شاء الله جذاب جدًّا.
علاقتي به علاقة صداقة وأخوة، وهو يبوح لي بكثير من الأشياء التي لا يبوح بها لوالديه.. ومن أقواله: إن هناك فتاة رائعة الجمال في مدرسته تحاول دائمًا التقرب منه، ولكنه يرفضها لأن أخلاقها سيئة. ويحدثني عن الفتيات والحب، وأحيانا يقول: إنه وصديقه دعيا البنت الفلانية لشرب العصير، ثم يضحك ويقول بأنه يمزح معي وأنه لم يفعل ذلك، وكل أصدقائه مغرمون.
ولثقته الشديدة بي ولطيبة قلبه أعطاني الكلمة السرية للماسنجر (إم إس إن) الخاص به ودخلنا معًا؛ لأنه يرغب في أن يعرفني على الفتاة التي يحبها عن طريق الإنترنت، وليزيد من تشويقي -كما يظن. فقد قال إنه لن يخبرني بشيء عنها سوى أنها شقراء.
لم تكن فتاته على الخط في ذلك الوقت، وبعد ذهابه سمحت لنفسي بالاطلاع على "بروفايلات" البنات الكثيرات في لائحته.. معظمهن لم يجعلن "بروفايل" عامًّا لهن، إلا أن إحداهن كتبت أنها في الخامسة والثلاثين من العمر، هولندية الأصل والمسكن، وأضافت للبروفايل صورة لنفسها لم تعجبني أبدًا (شعرها أشقر أصفر اصطناعيًّا، أحمر شفاهها كالغانيات، ملابسها ضيقة تظهر القليل من البطن، وترتدي سلسالاً بصليب كبير).. فكرة أنه يتحدث مع امرأة بهذا العمر تثير الكثير من الشكوك، وكلامه عن أن الحب ليس عيبًا أو حرامًا يقلقني.
أخبرته أن الحب جميل فقط إذا كان يوصلنا إلى غاية جميلة وعفيفة، ولكنني أريدكم أن ترشدوني إلى كيفية التعامل معه وكيفية نصحه. لا أستطيع حبسه في صندوق، فهو يرى البنات أينما ذهب، والأصدقاء المتشوقون للمواقع الإباحية كثر، ولا أدري ما السبيل لحمايته؟
أنا مغتربة وأزور بلدي في الصيف فقط، كيف أرشده كي أعود إلى الغرب مطمئنة عليه؟ كيف أحميه من أصدقاء السوء في المدرسة والشارع والإنترنت؟ وبالنسبة لشاب في أول عمره، كيف نشرح له ما هو الحب؟ والعلاقة مع البنات؟ والشات على الإنترنت؟ والمواقع الإباحية؟ كيف أشرح له كل هذه الأمور؟ كيف أنصح أختي وزوجها بالتعامل معه دون التضييق عليه؟
بانتظار أي نصيحة أو توجيه تجدونه مفيدًا، ولكم مني أصدق الدعوات، والسلام عليكم.
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
يقول د.عمرو أبو خليل:
إن البداية الصحيحة لحماية ابن أختك هو هذه الصداقة القائمة بينكما على الصراحة والتفاهم.. مهم جدًّا أن يجد المراهق من يفتح له قلبه ويحدثه بما في نفسه ويجد آذانًا صاغية تشعره بأنها تفهمه وتستوعبه، وعندها يبدأ الحوار البناء الذي لا يشعر فيه المراهق أن أحدهم يفرض رأيه عليه، بل يشعر أن ما يصل إليه من قناعات وآراء هي من إنتاجه فيتبناها ويلزم نفسه بها.
يجب أن تتحاوري معه في البداية حول ميله نحو الفتيات، ومن أين جاء، وتشرحي له التغيرات الهرمونية والبيولوجية التي حدثت بداخله فأحدثت هذا الشعور بالميل نحو الجنس الآخر، وكيف أن هذا الشعور قد خلقه الله في نفوس الرجال والنساء من أجل غاية عظيمة هي إعمار الأرض. وهذا الشعور يقارب بين الرجل والمرأة فيكونان أسرة هي اللبنة الأولى لبناء المجتمع الإنساني، وهذه الأسرة تمتد عبر الزواج، وتكون أولادًا وبنات يسعون في الأرض لإعمارها.
إذن فهذا الشعور هو من أجل غاية سامية عظيمة، وبالتالي فالمشكلة ليست في هذا الشعور، ولكن في كيفية فهمه والتعامل معه.
فيجب أن يوجه في طريقه الصحيح في وقته السليم للشخص المناسب، وبالتالي فإن هذا الشعور يجب أن يصرف في طريقه السليم بالزواج، وهو الذي له سنه المناسبة بعد إكمال تعليمه وقدرته على الإنفاق على نفسه وزوجته.
وبالتالي فإن المسموح له في علاقاته مع الفتيات هو الزمالة الملتزمة، وهي أن يتعامل مع زميلته بالمدرسة في إطار من غض البصر والاحتشام في الملبس والاحترام في موضوع الحديث، وأن يدرك أنه ليس بالضرورة أن تكون هناك علاقة حب بينه وبين زميلته، وأن هذا تجاوز ليس له ضرورة، حيث لن يترتب على هذا الحب أي شيء؛ لأن الحب عندنا للارتباط وليس هناك حب أو للتسلية.
والصداقة بمعناها المفهوم من تواصل بين الصديقين في السراء والضراء والبوح بالأسرار لا تكون إلا بين صديقين من نفس الجنس؛ لأنها لو كانت بين جنسين مختلفين فالطبيعي أن تتطور إلى علاقة عاطفية أو إلى ما هو أبعد من ذلك، وهي boyfriend أو girlfriend، حيث تقوم العلاقة الجنسية بين طرفيها وفق نظام يخص الثقافة الغربية وهي صيغة غير موجودة في ثقافتنا، حيث لا يرضاها لأخته أو ابنة خالته.
وبالتالي فإن ما أمامه في هذه السن هو الزمالة الملتزمة بقواعدها التي أسلفنا ذكرها، وعندما يكون مستعدًّا للزواج والارتباط فإنه من بين زميلاته سيختار من تناسبه ومن يشعر نحوها بميل ليحدثها عن رغبته في الارتباط بها، فيتعارف عليها في محيط الزمالة المفتوحة أمام كل الناس، فلو وجدا نفسيهما متفاهمين ومتناسبين بعضهما لبعض فليطرق الباب ويدخله ويصبح الارتباط شرعيًّا أمام كل الناس.
وهكذا فإن هناك طريقًا شرعيا للحب وطريقًا صحيحًا للتعامل مع الفتيات هو الزمالة. أما المواقع الإباحية فإننا نعود به مرة أخرى إلى أن السبب الذي خلقت من أجله الشهوة ليس هو أن يصبح الإنسان مثل الحيوان يحصل على شهوته وكفاية في ذاتها ويصرفها بأي صورة وبأي شكل، بل إن الله خلقها من أجل أعظم غاية وهي إعمار الأرض، وبالتالي فإن مطالعة هذه المواقع هو خروج بالإنسان عن طبيعته كإنسان وتحويله إلى كائن شهواني يثير نفسه للوصول إلى المتعة بوسيلة لا تليق بإنسان أن يطالعها أو يقوم بها.
وهو بامتناعه عن هذه المواقع إنما يتسامى بنفسه ويصرف طاقته في أنشطة ثقافية أو رياضية أو اجتماعية، وهو أيضًا يتسامى عنها لفترة مؤقتة حتى يأتي وقتها الطبيعي عن طريق الزواج.
إنها منظومة متكاملة تصل له تجيب على تساؤلاته لا تجعل الأمر يبدو كمنظومة من المحرمات والرفض، بل بإعادة كل أمر إلى أصله حتى يستوعب ما يشعر به، وعندها لن نخاف عليه أو نحتاج لحبسه في صندوق، ونصيحتك للأم والأب هي الصداقة في إطار من التفاهم والحوار، واحترام ذاته وتقديرها والشعور به، وعندها لن يكون هناك خوف أو صدام.
وراجعي حلولنا السابقة حول التعامل مع المراهقة والمراهقين على صفحتنا وصفحة "معا نربي أبناءنا".
ويضيف مأمون المبيض:
شكرا لك أيتها الأخت الكريمة على سؤالك، وعلى حرصك على خير ابن اختك.
سؤالك يظهر حجم مأساة كثير من الأسر حيث لا يتلق الشاب الصغير كهذا الرعاية والاهتمام والمتابعة من قبل والديه أولا. ويظهر أيضا حجم مأساة الفتيان الذين تتنازعهم عوامل الانحراف الكثيرة في المجتمع.
مهما أرشدت هذا الشاب في هذه المرحلة من تطوره فقد لا تستطيعي الشعور بالارتياح لوضعه وحياته.
لابأس من أن تستفيدي من ثقته وارتياحك له، ولكن عليك أن تنتبهي إلى أنه لا يستغل علاقته بك لمجرد الاستمرار في مخططه وسلوكه في تعامله مع البنات اللاتي يحادثهن في الحياة أو على الانترنت.
ربما يفيد أن تكوني واضحة معه في موضوع الحلال والحرام، والمقبول وغير المقبول، وحاولي أن لا تعطيه رسائل وإشارات مزدوجة المعنى، ولكن لابد من الوضوح والصراحة وهو في 15 من العمر فهو يستطيع فهم هذه الأمور بوضوح.
إذا كان لديك قريب من أحد الشباب الذين في عمر قريبة من عمر ابن أختك فهذا الأولى حيث يستطيع الحديث معه, وليكون قدوة صالحة له. ويمكن لهذا القريب أن يعرّف ابن أختك على بعض الشباب المتدين الخلوق ليقضي معهم الوقت المفيد بعيدا عن الجو الذي يمكن أن يزيده بعدا وانحرفا. ولابد له عند سفرك وابتعادك عنه ممن يتابعه عن قرب, ويمكن للأب أن يتعرف أكثر على ولده ويحاول التدخل بوعي وصبر وتفهم وقبل فوات الأوان. كلمي شقيقتك ولتكلم هي زوجها للبحث عن الطريقة المناسبة للمتابعة مع ابنهم.
قولي له بوضوح وصراحة أن حديثه مع هذه المرأة بالمواصفات التي ذكرت في سؤالك أمر غير مقبول ولا يليق بمثله.
شخصيا أخاف أنك إن منعته من كل هذا ولم توجدي له البدائل المناسبة من أصدقاء الخير ليملؤا حياته ووقته، فقد لا نستطيع التأثير كثيرا، وقد يعطينا الشاب انطباعا بأنه يستمع إلينا ولكن في الحقيقة يتابع عمله بالسرّ والخفاء.
وفي النهاية هناك حدود لما يمكنك علمه، فحاولي قدر المستطاع والله لن يكلفك ما لا تطيقي.
ــــــــــــــــــــ(41/282)
حائر بين الجميلة.. ورائعة الجمال
مع الجنس الآخر, تساؤلات حول الحب, اختيار شريك الحياة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أود شكركم على ما أتحتموه للشباب من منبع لحل مشاكلهم، ونسأل الله أن يأجركم على هذا العمل.
هويتي الشخصية:
عمري عشرون سنة، في كلية الهندسة الفرقة الثانية، التزمت في السابعة عشرة، وحافظت على التزامي وعلى عفتي في الجامعة والحمد لله.
وبالطبيعي بدخولي للجامعة كنت أحتاج لجهد مضاعف حتى أحفظ نفسي من فتن الجامعة، والمشكلة أنني أعجبت (أحببت) فتاة من غير تخصصي، فتاة جميلة ملتزمة جدا، ولا أعني بالملتزمة الحجاب فقط بل في الدعوة إلى الله وعلاقتها مع الطالبات وغضها للبصر، ملتزمة بكل ما في الكلمة من معنى.
كلما رأيتها ازداد إعجابي بها، وقد بدا لي منها ما يشعرني بأنها تبادلني نفس الشعور؛ فهي ليست بعيدة عن بيتنا كثيرا، وقد تعرفت على أختي بعد إعجابي بها ولم تكن تعرفها من قبل، وقد بدا لي من حديثها مع أختي أنها مهتمة بي، وقد لاحظت أختي هذا الشيء، أصبحت أراها كثيرا ومع المدة يزداد إعجابي بها.
وأنا والحمد لله لم أكلم فتاة قط في الجامعة منذ أن دخلتها؛ فلذلك أنا لا أعرف إن كان من الصواب أن أصارحها بإعجابي بها وإن كان صوابا فلا أعرف الطريقة.
قررت أن أخطبها، ولكني ما زلت في السنة الثانية وأمامي سنتان للتخرج والعمل، وهي في نفس عمري.
وقد حدث لي شيء شوشني، وهو أن لي ابنة خالة فقط محجبة تسمع الأغاني تلتزم بالصلاة وتقطع (فتاة اهتماماتها كأي فتاة مراهقة اهتمامات تافهة ليس لها هدف حقيقي) أصغر مني بسنتين جميلة جدا جدا جدا، وقد عرضت علي أمي خطبتها؛ فأمي تحبها كثيرا وتريد أن تسكنها معنا؛ فزواجي بها لا يعتمد على المال كثيرا؛ ما دفعني للتفكير جديا بالموضوع، لكني أحب الفتاة الأولى كثيرا ولكن فرصة زواجي بها ضعيفة لما ذكرته.
تفكيري الجدي بزواج ابنة خالتي الجميلة جعلني أشعر بأني غير صادق بحبي للأولى وأني إنسان يهتم بمصلحته؛ فهل أنا صادق بحبي للفتاة الملتزمة ذات الحياء الرائع، وماذا بين الجمال والدين؟
ملاحظة: ما يدفعني لمصارحة الأولى بإعجابي بها هو تقوية فرصة زواجي بها، وربما يكون في المصارحة حل للمشكلة.
أنا آسف فالموضوع غير مرتب الأفكار، ولكن أرجو أن يفهم ما أريد؛ فعدم ترتيبي للأفكار هو فقط أنها غير مرتبة في عقلي؛ فأنا مشوش.
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الابن الكريم،
لقد لاحظت أنه مع موسم الامتحانات بما تمثله من ضغوط نفسية يحاول الطلبة الهروب من هذه الضغوط أو تخفيف حدتها بعض الشيء؛ وذلك بصرف التفكير صوب قضية أخرى، ولذلك تتصاعد سخونة التفكير في الزواج والرغبة فيه، وبالطبع تزداد حدة هذه الرغبة المشروعة لشاب مثلك حريص على سلوك الطريق القويم، ويرفض أن ينحرف عن جادة الصواب، فمن الطبيعي أن تفكر في مسألة الزواج، ومن الطبيعي أن تبحث عن السبيل الأيسر لتحقيق هذا الحلم الذي أصبح للأسف الشديد بعيد المنال لمعظم شبابنا.
والمهم أن هذه الرغبات هي التي دفعتك للتفكير في ابنة خالتك الجميلة عندما عرضتها عليك والدتك لأنك تتصور سهولة؛ وبالتالي قرب الارتباط بها، وهو تصور غير واقعي للأسف الشديد؛ فمن أدراك أن ابنة خالتك أو أهلها سيقبلون الارتباط بك، ومن أدراك أنهم سيوافقون على إقامتها مع والدتك؟ ومن يدريك أن الأمور ستظل بينهما على وفاق حتى بعد ارتباطك بها؟ كلها أمور اعتبرها الآن في علم الغيب.
وكل ما تذكره عن سهولة ارتباطك بها يعتبر تكنهات وتوقعات لم تخضع للتجربة الفعلية، ولم يتم اختبارها، وهذا ما يمكنني التعليق عليه بالنسبة لتصورك بسهولة ارتباطك بابنة خالتك، وهذا لا يعني إطلاقا رفضي أو قبولي لفكرة الارتباط بها فهو أمر تستقل أنت بتقديره، ولكن ما يعنيني في الأمر هو أن تحدد بالضبط وبعقلانية ما تريده في زوجتك، وذلك بعد أن تضع رغبتك الملحة في الزواج جانبا، واضعا في الاعتبار أن الزواج لا يعتبر جنسا فقط، ولكنه حياة ممتدة وشراكة قوامها التفهم والتفاهم الذي يصنع المودة والرحمة، ويشيع السكن في ربوع الحياة الزوجية.
وأيضا مع ملاحظة أنه قد لا يوجد ارتباط كبير بين الجمال والإشباع الجنسي، فقد تقدم الأقل جمالا دفئا وحيوية للعلاقة الزوجية، وتعجز الأكثر جمالا، وهنا يبرز التساؤل الذي أدعوك لأن تجيب عليه بوعي: هل تتوافق مواصفات ابنة خالتي مع المواصفات التي أضعها لزوجتي؟ هل هي العروس الأكثر مناسبة لي؟
أما بالنسبة لزميلة دراستك وتساؤلك عن حقيقة مشاعرك نحوها، وتعجبك من كونك فكرت في الارتباط بغيرها رغم أنك تحبها؛ هذه الجزئية يمكن تفسيرها إذا أدركنا أن الحب درجات أدناها القبول، والإعجاب درجة من درجات الحب، وأعلى درجات الحب هو أن يصبح الإنسان متيما وعاشقا لمن يحب حتى يملك عليه هذا الحب تفكيره، ويمنعه من التفكير في غيره، وهذا هو الحب الذي يصفه ويتغنى به الشعراء، وهو الحب الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال: " لم ير للمتحابين مثل النكاح".
ومن الواضح أنك معجب بزميلتك شكلا وموضوعا، ولكي يتطور هذا الإعجاب أكثر تحتاج أن تعرض ما تعرفه عنها لتطابقه على المواصفات التي تبغيها في زوجتك، مع ملاحظة أنك لا تعرف عنها إلا الظواهر، وأن الأمر يحتاج لتدقيق أكثر حتى تتعرف على صفاتها وطباعها عن قرب، كما يظهر من رسالتك أنك حتى الآن لم تتأكد من حقيقة مشاعرها نحوك ومدى تقبلها لفكرة الارتباط بك؛ وكل حديثك عن هذا الأمر يأتي بصورة "يبدو لي" وهي صيغة لا تجدي للحكم على المشاعر والأحاسيس؛ لأن رغبتك في الارتباط بها قد تجعلك تفسر كلماتها وتصرفاتها حسب هواك، فمن المهم تحديد حقيقة مشاعرها بالضبط، وهنا يأتي السؤال: كيف؟!!
بداية أرفض أن تصارحها بنفسك، وذلك لأن الفترة المتبقية حتى تصبح مستعدا للزواج قد تتيح لكما السقوط في سلسلة من التصرفات غير المسئولة.
والسؤال الآن هو هل خيار الزواج مع والدتك مطروح لأي عروس؟ أم أنه يقتصر على ابنة خالتك؟ إذا كان هذا الخيار مطروحا فهل يمكن أن تساعدك أختك؛ وذلك بطرح الأمر للمناقشة العامة في حضور زميلتك؟
كما تحتاج لطرح فكرة الزواج أثناء الدراسة ومدى تقبلها هي وأهلها لها، فإذا كانت هناك إمكانية لقبول هذا الوضع فيمكن لأختك أن تصارحها برغبتك في الارتباط بها، وإن كان الوضع غير مقبول عندكم أو عند أهلها فلا مفر من أن تنتظر بعض الوقت حتى تصبح الظروف مهيأة لإتمام الزواج، ولا تتسرع بمصارحتها، وانتظر ما تأتي به الأيام، مع دعواتنا أن يقدر الله لك الخير، ويرزقك بالزوجة الصالحة.
ــــــــــــــــــــ(41/283)
اختبار الحب الحقيقي.. "مشاركة"
مع الجنس الآخر, الحب لا يكتمل
مشاركة على مشكلة:
اختبار الحب الحقيقي!
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
يقولد د.محمد عزيز من فريق الحلول:
أخي حسام، لمست في سؤالك -على قصره- أحاسيس كثيرة تتلاطم في بحر وجدانك الهائج... لمست فيه إحساسا بالغضب؛ لأنك مُنعت من الاتصال بتلك الفتاة ومن المتع الأخرى كالمحمول والسيارة، ولمست إحساسا بالدهشة من موقف أهليكما وعدم تفهمهما لكما، ولمست إحساسا بالخوف من مواجهة نفسك واتهامها بأنها قد تحمل أفكارا خاطئة ومشاعر مزيفة وسلوكيات منكرة...
ورأيت بين سطور مشكلتك أفكارا وأحلاما تتطاير وتتناثر يقذفها عقلك الثائر، ورأيت فيها ضميرا يعلم أن للدين مكانة ووجاهة وللأخلاق سمعة وجاها.
أخي الكريم، رجوت منا في رسالتك أن نقول لك ماذا تفعل؟! وخير من يجيب على هذا السؤال هو أنت، لا نحن ولا غيرنا؛ فشاب في التاسعة عشرة من عمره لم يعد صغيرا، فمن هو في مثل عمرك يقود الكتائب ويكتب التاريخ... فلن تجد عندنا أو عند غيرنا وصفة جاهزة سهلة في بضع كلمات تحل لك كل مشاكلك وتحقق لك أهدافك... إنما أنت من يجب عليه الكفاح والمجاهدة والصبر، وبغير ذلك لن يتحقق لك نجاح...
إن ما نتحدث عنه هو حياتك أنت، ومسئوليتها تقع عليك وحدك، وأنت قادر على حملها... فقم يا رجل وانفض عنك غبار الكسل.
وأولى خطوات حمل المسئولية هي الصدق مع الذات، ووضع الأمور في نصابها الصحيح... فاصدق مع ذاتك، وأجب لنفسك عن هذه الأسئلة:
1- ما الذي سيحدث لو أجلتُ التفكير في هذا الموضوع لحين إنهاء الثانوية العامة ووجهت تركيزي للحصول على تقدير عالٍ يمكنني من الالتحاق بالكلية التي أرغب؛ وبالتالي الوظيفة التي أريد أن أحقق نجاحي المهني من خلالها، وما يستتبع ذلك من قوة عقلية ومالية واجتماعية؟
2- هل أنا المسيطر على مشاعري ورغباتي أم هي التي تتحكم بي وتسوقني؟
3- هل وسيلة التعارف والتواصل بيني وبين تلك الفتاة وسيلة راقية وسامية تتناسب وسمو الحب ورقيه؟
4- هل التواصل مع الجنس الآخر عبر الإنترنت والتليفون من غير زواج وبدون علم الأهل من سلوكيات التدين والأخلاق؟
5- ماذا سيكون شعوري لو أن هذه الفتاة هي أمي أو أختي وأن هناك شابا آخر يتودد إليها من خلال الإنترنت أو التليفون.. هل سيختلف شعوري عن شعور والد الفتاة؟!
6- هل كونها ابنة أحد أقاربنا يغير من الأمر شيئا؟
7- "رغم أنها أقل واحدة أراها في الشهر"... فهل كنت سأرى غيرها إذا كانت تملأ عيني وقلبي فعلا؟! فليس في القلب موضع لحبيبين.
8- إذا كنت أنا أرى غيرها فهل هي الأخرى ترى غيري؟
9- ما هي عيوب تلك الفتاة فلا يوجد إنسان كامل فالكمال لله وحده؟
10- هل تصرف أهلي معي وحرماني من المحمول والسيارة نابع من حبهم لي ورغبتهم لأن أكون أخلاقيا متدينا؟ أم أنه نابع من حبهم للسيطرة والتحكم في الآخرين؟ وماذا سيكون شعوري لو أنهم تصرفوا بلا مبالاة، ولم يتحرك لهم ساكن إزاء تصرفي هذا؟
أخي حسام..
أهلا بك في عالم البشر بني آدم... إنك تعيش ذلك الصراع القديم الحديث... صراع الضمير والشهوة... صراع الأخلاق والرغبة... ذلك الصراع الذين يجعل الفرد منا إنسانا... فالإنسان كما خلقه الله ذو طبيعة مزدوجة... طينية ونورانية... حسية ومعنوية... مادية وروحانية... فردية وجماعية... ذلك الصراع البشري الجميل بين الدوافع والضوابط... وتأمل معي هاتين الآيتين الكريمتين:
- قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}.
- قال تعالى {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}.
ولكي يتحقق للنفس اطمئنانها وسكينتها يجب أن نعادل ونوازن بين المكونين معا ولا نغلب مكونا عن الآخر.. ولا أدعي أن ذلك سهل وبسيط بل فيه مجاهدة ومصابرة تصل من خلالها إلى اللذة الإنسانية العظمى.
إن رغبة الرجل في التواصل مع امرأة دافع فطري تحكمه ولا تمنعه بعض الضوابط منها:
1- أن يتم التواصل من خلال الزواج فقط... قال المصطفى المبعوث رحمة للعالمين "لم نر للمتحابين مثل النكاح".
2- أن يكون اختيار الطرفين لبعضهما على أسس شرعية تدعمها قناعات وعواطف قوية.
3- أن يكون الرجل قادرا على تحمل مسئولية البيت وأولها المسئولية المالية.
4- أن يبارك الأهل هذا التواصل ويقبل والدها بالرجل زوجا لابنته.
فإذا كانت الضوابط تعيق إشباع هذا الدافع في الوقت الحالي فنصيحتي لك تتخلص في الآتي:
1- التخطيط الواقعي: ضع خطة لمستقبلك بعد تحديد أهدافك واصبر على تنفيذها، واعلم أن هناك وقتا مناسبا لجني الثمار فلا تتعجل... ولا أحد يعلم ماذا يخبئ لك القدر، فقط تكون هذه الفتاة من نصيبك مستقبلا، وقد يدخر لك الله من هي أفضل منها.
2- الزهد فيما استحال حصولك عليه؛ فاليأس أحد الراحتين قال صلى الله عليه وسلم: "فمن لم يستطع فعليه بالصوم"، والصوم هو الامتناع، وقال تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحًا}.
3- الإرجاء قرر أن تؤجل ارتباطك بها أو بغيرها حتى تكون مستطيعا للباءة.
4- الإيثار: "وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ"، فإن كنت تحبها فعلا فلا تؤذها وتوقعها في المشاكل بتقربك غير الشرعي منها.
5- التسامي: اشغل نفسك بمعالي الأمور؛ فالعشق حركة النفس الفارغة كما قال أفلاطون... وتذكر أنك شاب من فلسطين والأمة بحاجة إلى صحوة شبابها فشارك في الانتفاضة المباركة -بارك الله فيك-، وبدلا من استخدام الإنترنت للتعرف على الفتيات فليكن استخدامك له لخدمة القضية الفلسطينية.
6- اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه.
ــــــــــــــــــــ(41/284)
اختبار الحب الحقيقي!
مع الجنس الآخر, الحب لا يكتمل
بسم الله الرحمن الرحيم، أنا شاب في التاسعة عشرة من عمري بالثانوية العامة، تعرفت قبل عام على فتاة متدينة وذات أخلاق وأصبحنا نتواصل فيما بيننا بواسطة الإنترنت والتليفون.
منذ أن تعرفت على هذه الفتاة وأنا أرفض أن أصاحب غيرها من الفتيات وأرفض أن أستمع إلى أي كلام يسيء إليها؛ فقد أحببتها من كل قلبي رغم أنها أقل واحدة أراها في الشهر.
مؤخرا اكتشف أهلها هذه العلاقة التي تربط بيننا واستجوبوها فروت لهم القصة كاملة؛ لأنه ليس من عادتها الكذب؛ فقام والدها بالاتصال بوالدي وأسمعه كلاما غير لائق.
الآن أنا معاقب ومحروم من كل الشيء (المحمول والسيارة والخروج من البيت...) ولكن هذا لا يهمني، أنا أريد أن أعرف فقط ماذا حل بهذه الفتاة، حيث سمعت أنها منعت حتى من الذهاب إلى المدرسة.
هذه الفتاة كانت سببا في تفوقي الدراسي هذا العام حيث حصلت على امتياز، ثم إنها هي التي أبعدتني أكثر من مرة عن الوقوع في الحرام حيث نصحتني وردتني إلى رشدي.
أرجوكم قولوا لي ماذا أفعل؟ أنا أحب هذه الفتاة وهي تبادلني نفس الشعور، وكنت عازما على خِطْبتها بعد إنهاء الدراسة الجامعية، وللعلم هي ابنة أحد أقاربنا الذين يعيشون معنا هنا.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الفتاة هي ابنة أحد الأقارب، وهي السبب في تفوقك الدراسي حيث حصلت على امتياز... وابتعدت أكثر من مرة عن الحرام من أجل نصائحها... وكنت عازما على خطبتها بعد نهاية دراستك الجامعية وتدعي أنكما تحبان بعضكما البعض، أين المشكلة؟ وما الذي تغير في الموضوع؟ لقد علم أبوها فمنعها من الاتصال بك، وعلم أبوك فحرمك من المحمول والسيارة والخروج من البيت.
وهل الحب يحتاج إلى اتصال؟ لقد أحببتها وأحبتك وقررت الارتباط بها، ومن المفترض أنه لن يتغير شيء؛ فالحب الذي دفعك للتفوق موجود، والحب الذي منعك من الحرام موجود، والارتباط لن يكون إلا بعد الجامعة؛ فلا يوجد أي مبرر لأي اتصال طالما لا يوجد غطاء شرعي لهذا الحب؛ لأننا كما نكرر دائما... الحب كعاطفة في القلب ليس عليه غبار، ولكن ما يترتب على هذا الحب من إجراءات وأفعال هو ما يجعله إما يدخل في نطاق الخطأ أو الصواب؛ لأن الحب عندنا من أجل الارتباط الشرعي... الارتباط في النور أمام الجميع حيث يباركه الجميع... ولا يؤدي إلى غضب الآباء أو ردود أفعالهم على أي مستوى.
لذا فما حدث هو فرصة لأن تختبر هذا الحب... هل هو حب حقيقي سيعيش رغم البعد... وسيظل أثره الإيجابي في تفوقك وفي بعدك عن الحرام... أم أنه حب وهمي عبارة عن نزوة عابرة في حياة مراهق أراد أن يقلد الكبار ويوهم نفسه أنه أصبح كبيرا ويحب؟
ليس مهما أن نعرف ما حدث لها فبعد قليل ستعود إلى مدرستها؛ فكن رجلا في حبك ولا تحاول الاتصال بها فتجلب لها المشاكل والأزمات، وبرهن على حبك الحقيقي بمزيد من التفوق حتى تجتاز مرحلة الجامعة بسرعة، وتصبح شخصا ناجحا يشرف أي أب أن يزوجه لابنته، وعندها لن يغضب الأب، ولن يتصل بأبيك ليسمعه ما لا يحبه، بل سيتصل أبوك هذه المرة ليسمع أباها ما يحب أن يسمعه من أن ابنه المتفوق الناجح المتخرج في الجامعة ما زال على عهده بحب ابنته ويريدها زوجة شرعية له، هذا هو الحب الحقيقي وهذا هو الاختبار له.
إذا نسيتها أو نسيتك أو تغيرت مشاعرك أو مشاعرها فهذا أفضل لك ولها؛ لأنكما ستكتشفان عندها أن عاطفتكما كانت في حاجة لمزيد من النضج والتجربة العملية وستصبح هذه التجربة خطوة في إنضاج عواطفكما تجعلكما أكثر قدرة على الاختيار في حياتكما المستقبلية.
الخلاصة أنه لا جديد فتفوقك وبُعدك عن الحرام كما هو ورغبتك في الارتباط كما هي؛ فاجتهد لتكون أهلا للارتباط بها، ولا يوجد أي مبرر واقعي أو شرعي كان يسمح لكما بهذه الاتصالات... فما حدث أمر طبيعي المهم أن تنجح في اختبار الحب الحقيقي.
ــــــــــــــــــــ(41/285)
وردة ورسالة حب.. الشرطية العاشقة
مع النفس, الخطبة
السلام عليكم ورحمته وبركاته..
أنا فتاة عمري 18 سنة، مشكلتي منذ صغري هي أنني كثيرة التعلق جدا جدا بمن أحب، وإني لا أستطيع النوم وأمي خارج المنزل ولا حتى لليلة واحدة؛ فعندما تكون أمي في المستشفى أو تسافر في الإجازة تنتابني أحاسيس فظيعة مليئة بالحزن وأظل أبكي، وكذلك الحال مع رفيقتي عندما تكون في المستشفى أظل حزينة عليها، وأبكي وتصل معي إلى حد الهذيان أحيانا في الليل؛ لأن والديّ لا يسمحان لي بزيارتها عندما تكون في المستشفى.
وأحببت مؤخرا معلمتي في المدرسة مع أنها كانت تعاملنا بقسوة بعض الشيء، إلا أني أحببت فيها هذا الشيء، وتحدث لي نفس الأحاسيس السابقة إلى درجة مبالغة جدا؛ ففي آخر يوم دراسي في الأسبوع كنت أنقلب رأسا على عقب، ولا أعلم ما الذي يحدث لي وكأنني بين لحظة وأخرى أحس بأنني فقدت إنسانة أحببتها منذ زمن ولا أطيق فراقها.
المزيد من الملاحظات:
1- أنا الفتاة الوحيدة في الأسرة، ولدي أخوان اثنان، وعندما أبكي لا أحد يدري بي، ولا أحب إطلاقا أحدا أن يعلم بي؛ فعندما أبكي عيني لا تعرف التوقف عن البكاء والحزن يملؤني، مع أني دائمة قراءة القرآن ومواظبة على الصلاة، وأحاول بقدر استطاعتي ذكر الله تعالى.
2- أنا وأمي وأخواي ننام في غرفة واحدة، ولا ترضى أمي بأن أنام وحدي، كذلك لا ترضى بأن ينام إخوتي بعيدا عن الغرفة التي ننام فيها؛ وذلك خوفا علينا كما تقول، وأبي ينام في غرفة؛ نظرا للمشاكل التي لا تنتهي في البيت.
3- رفيقتي هي الرفيقة الوحيدة التي أحبها وأرتاح إليها أيضا، ولدي زميلات في الجامعة، وربما تتساءل: لماذا لم أقل صديقتي؟ لأنها لا تستفيد مني شيئا ولا أنا أيضا، سوى أنني أحبها وأتألم من أجلها عندما تكون في المستشفى، ولا زيارات فيما بيننا سوى أنني أتصل بها في الهاتف لأكلمها وأطمئن عليها، وهي لا تتصل بي بالمرة، وهي خجولة جدا جدا؛ فلذلك قررت أن أقطع علاقتي بها، وطلبت منها أن تساعدني على ذلك، ولكنها رفضت، وأصررت على أن يتم ذلك لكي أنساها مع أنني ما زلت أتصل بها دون علم أهلي الذين يرفضون علاقتي بها؛ لأنها مريضة، مع أن مرضها ليس خطيرا أو معديا.
4- معلمتي التي ما زلت حتى الآن أحبها وأتذكر مواقفها، مع أنني كنت لا أكلمها إلا نادرا وبشأن الدرس؛ فكنت أراقبها وأتبعها أحيانا مع رفيقتي، وأرسلت لها رسالة كتبت فيها أنني أحبها جدا، وأرسلت أيضا لها وردة تعبيراً عن حبي لها، ولكن دون أن تعرف من المرسل.
ربما أطلت عليكم في رسالتي، وأعتذر عن ذلك، ولكن أحببت أن أعطي فكرة عني وعمن أحب، ماذا أفعل الآن مع مشاعري وعواطفي التي تجبرني على أن أتعلق بمن أحب إلى درجة مبالغة فيها، مع أنني أحكم عقلي كثيرا ولكن دون جدوى؟ أريد حلا لهذه المشكلة. ولكم مني جزيل الشكر والامتنان..
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الابنة العزيزة،
أهلا وسهلا بك، وشكرا على ثقتك.
الحقيقة أن المشكلة التي توضحها إفادتك قد تواترت في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، ولا أدري هل السبب هو أنها لم تظهر بهذا الشكل إلا في الفترة الأخيرة أم أنها موجودة منذ الأزل؟ لكن السبب في تواتر الشكوى منها في الفترة الأخيرة هو زيادة الوعي بالمفاهيم السليمة للصحة النفسية التي تقوم صفحتنا "مشاكل وحلول للشباب" بجهد رائد في نشرها خاصة بين فئات الشباب العربي، وأظن أن الاحتمال الثاني هو الأقرب للصواب.
تقولين في أول إفادتك:
"مشكلتي منذ صغري هي أنني كثيرة التعلق جدا جدا بمن أحب"، وهنا يبرز سؤال حول من تحبين، وهل هو شخص يتوقع أن تحبيه أم لا؟ فإذا كان شخصا ممن يقومون برعايتك في طفولتك مثلما ضربت لنا المثل بتعلقك الزائد بأمك فإن الأمر يكونُ تعلقًا زائدًا عن الحد فقط، أما إن كان التعلق يحدثُ مع أشخاص آخرين منذ عمر الطفولة -وهذا غير واضح في إفادتك- ودون أن يكونَ هناك ما يبرر ذلك التعلق بشكل يقبله المجتمع فإننا نكونُ نتحرك في إطار ما يسمى في الطب النفسي باضطراب التعلق غير المثبط في الطفولة Disinherited Attachment Disorder of Childhood، وهو نمط خاص من الأداء الاجتماعي غير الطبيعي الذي يبرز في السنوات الخمس الأولى من العمر، والذي إذا استقر يميل إلى الاستمرار بالرغم من تغيير البيئة المحيطة، وعند عمر السنتين يظهر غالبا على شكل سلوك التصاقي وتعلق عام وغير انتقائي التركيز، وفي عمر الأربع سنوات تبقى التعلقات العامة، ولكن الالتصاق يستبدل بسلوك مستلفت للانتباه وتحبيبي دون تمييز، وفي أواسط الطفولة وأواخرها قد يُكوّن الأفراد وقد لا يُكَوِّنُون تعلقات انتقائية، ولكن سلوك استلفات الانتباه Attention Seeking Behavior كثيرا ما يستمر، ومن المعتاد أن تكون هناك تفاعلات ضعيفة مع الأقران، وقد تصاحبها اختلالات من الانفعالات أو السلوك طبقا للظروف المحيطة.
وقد لوحظ هذا الاضطراب بوضوح في الأطفال الذين نشئوا في مؤسسات منذ سن الرضاعة، ولكنه قد يحدث أيضا في ظروف أخرى، ومن المعتقد أنه ينشأ جزئيا نتيجة عجز دائم عن خلق تعلقات انتقائية ثابتة نتيجة للتغيير المتكرر بين القائمين على العناية بالطفل، ووحدة المفهوم التي يستند إليها هذا التشخيص تعتمد على البداية المبكرة للتعلقات العامة، واستمرار فقْد التعلقات الاجتماعية وعدم ارتباط الحالة بوضع أو موضع معين.
وإفادتك بالطبع لم توضح لنا حدوث اضطراب أو تغير متكرر فيمن يقدمون لك الرعاية في سني طفولتك، وعلى العكس تبدو والدتك من النوع الذي يفرط في احتضان صغاره، وحرمانهم من محاولة الاستقلال كما يفهم من رفضها لنومك بعيدا عن حضنها، مع الانتباه إلى كونك البنت الوحيدة، وهذا ما يجعلنا نتحير في أمر سلوك التعلق غير المثبط من جانبك؛ ففضلا عن دور والدتك في تعزيز ذلك السلوك دون قصد منها، ولا ندري لماذا الأم كذلك؟
ونحتاج لمعرفة الكثير عنها، وهل محاولتها المستمرة لاحتضان بُنَيَّيْها وبنتها تفسر في إطار الحوازية الوسواسية أم في إطار التعويض عن تقصير قديم أم في إطار بُعد آخر، لا ندري شيئا عنه لأنك لم تذكريه، تنقصنا هنا معلوماتٌ مهمة!
إلا أن التعامل مع شعور الميل أو التعلق بأخرى -من ناحيتك- يبدو مختلا بشكل كبير؛ فهناك انفلاتات شعورية معرفية تحدثُ منك، تعرفين أنت أنها غير منطقية، لكنك لم توضحي لنا إن كانت تخرج من إطار المشاعر والأفكار لديك إلى إطار السلوك المرئي الذي يراه الآخرون؛ فنفسر بذلك رفض أهلك لاستمرار علاقتك بالرفيقة وخوفهم عليك منها رغم أن مرضها غير معدٍ كما ذكرت في إفادتك، وهناك أيضا تلميح إلى نوع من النزوع للمازوخية في تعلقاتك أو ارتباطاتك التعلقية كما يفهم من الإشارة البعيدة في قولك عن معلمتك:
"وأحببت مؤخراً معلمتي في المدرسة مع أنها كانت تعاملنا بقسوة بعض الشيء إلا أني أحببت فيها هذا الشيء"، ثم تتبعين الجملة بقولك:
"وتحدث لي نفس الأحاسيس السابقة إلى درجة مبالغة جدا"، ونحن بعد لم نفهم الأحاسيس جيدا؛ فهل الأحاسيس التي تشيرين إليها هنا هي المشار إليها في قولك السابق:
"فعندما تكون أمي في المستشفى أو تسافر في الإجازة تنتابني أحاسيس فظيعة مليئة بالحزن وأظل أبكي".. فهل أنت اليوم تبكين كل هذا البكاء ولا يدري بك أحد؟
ويمكنك أن تعرفي بعض ما تجب معرفته عن المازوخية إذا قرأت ما تأخذك إليه الروابط التالية على موقعنا مجانين :
المازوخية
هل أنا طبيعية؟ أم مازوخية؟
هل أنا طبيعية أم مازوخية، متابعة
السادية والمازوخية: بين الطبيعي والمرضي!
ولا ندري كيف يستقيم كل ذلك مع ما يحمله قولك:
"وعندما أبكي لا أحد يدري بي، ولا أحب إطلاقا أحدا أن يعلم بي؛ فعندما أبكي فإن عيني لا تعرف التوقف عن البكاء والحزن يملؤني"، فهذا -المحمول في قولك- إن كان صحيحا مائة بالمائة يتنافى مع ما نتوقعه من مرضى التعلق غير المثبط؛ فهم غالبا ما يميلون إلى الإسراف في اللجوء إلى السلوكيات المستلفتة للانتباه Attention Seeking Behaviors، ومن بينها البكاء أمام الآخرين، وربما وصل الأمر أحيانا إلى حد إيذاء النفس المتعمد عند لحظات الفراق التي ترعبهم وتؤلمهم بشكل مفرط.
وإذا وصلنا إلى علاقتك برفيقتك الوحيدة (رغم وجود زميلات)، فإننا نجد الأمر أيضا مدعاة لكثير من التساؤلات؛ فرغم أنك اكتسبت القدرة على التعلق الانتقائي؛ كما يفهم من تركيزك في إفادتك على هذه الرفيقة المريضة التي يرفضُ أهلك علاقتك بها، ومن تعلقك بمعلمتك، لكن هناك ما يشير إلى أن لديك أيضا صعوبة في تشكل علاقات وثيقة حميمة مع الأقران، وهذا هو المعتاد في حالات التعلق غير المثبط في الطفولة عندما يكبرون.
لكن منع أهلك لك من عيادة رفيقة مريضة بمرض غير معدٍ يحتاج أيضا إلى وقفة منا؛ لأن معنى هذا أنك بسبب اضطرابك النفسي الذي أصبح مزمنا -باعتبار طول الفترة الزمنية- يظهر سلوكيا منك بشكل أو بآخر أمام أهلك وربما آخرين بشكل يجعلهم يحاولون الحد من تعلقاتك التي يرونها غير سوية بدرجة ما، وهذا الشكل السلوكي المرئي منك هو ما تحاولين إخفاءه في سطورك الإلكترونية هذه، وأنا هنا أخمن -والعلم عند الله- وجود نوع من السلوكيات المرئية منك يندرج تحت ما نسميه في علم النفس: سلوك توددي مستلفت للانتباه Attention Seeking Behavior، وهذه النوبات يرفضها أهلك ويعتبرونها بقايا من تصرفاتك الطفولية التي أزعجتهم كثيرا أثناء طفولتك، وكانت تتسم بانفلاتات بفرط التعلق دون تمييز؟ ربما أنا لا أدري، وأقول ما يقوله أي طبيب نفسي يريد أن يركز تصوراته على حالة مريض بعينها كي لا يتوه في متاهات النفس البشرية، أريد أن أعاين الحالة! بكل ملابساتها لكي أقول ما يجب أن يقال للحالة بعينها.
ثم ماذا يفهم من قولك في الملاحظة الرابعة:
"معلمتي التي ما زلت حتى الآن أحبها وأتذكر مواقفها مع أنني كنت لا أكلمها إلا نادرا وبشأن الدرس، فكنت أراقبها وأتبعها أحياناً مع رفيقتي".. هل معلمتك هذه كانت معلمتك في المرحلة الابتدائية؟ أم في مرحلتك الدراسية الحالية؟ هل هيَ ماضٍ تصرين على إحيائه؟ أم هي واقع تلاحقينه وتراقبينها كما تفعل الشرطة السرية؟ لم تذكري أنت لنا أكثر من "كنت أراقبها وأتبعها أحيانا"، لنعرف أنك انخرطت في سلوك الملاحقة أو المطاردة Stalking Behavior الذي تطاردين فيه من تحبين أو تتعلقين بها، وهو ما قد يكونُ سبب رسالة الحب السرية التي لا تحمل توقيعا!
وكذلك الوردة السرية التي تعني أن حرجا ما كبيرًا يمنعك من أن تقولي لمعلمتك "لم أك أحبك".. فهل هذا ناتج عن خجلٍ مفرط من ناحيتك أنت؟ أم ناتج عن رد فعلها هي الرافض لسلوكياتك غير الناضجة معها من قبل؟
أنا طبعا لا أدري شيئا من هذا.. فهل حدث أصلا؟ وهل تعتقدين أنك أرسلت لنا كل ما يلزمنا من تفاصيل لنستطيع إرشادك إلى حل لمشكلتك؟ أظن لا، ولا.. جدا أيضًا!
يبدو أنك قررت تجريب سلوك الشرطة معنا، فأخذت من الرد أكثر كثيرا مما ذكرت في السؤال، ولكن لأنني مهتم في هذه الفترة بالتفكير في وسواس الحب""!
ووسواس التعلق المثلي؛ فقد أردت أن أضع كثيرا من الأفكار في إجابتي هذه؛ لعلها تحثك على ذكر كم أكبر من التفاصيل والملابسات المحجوبة -عن وعي أو غير وعي أو عن كليهما معا- في هذه السطور الإلكترونية التي أرسلتها لنا، ولولا أني ارتضيت أمام الله أن أشير على الناس لأنصحهم في أفضل الحلول لأوجاعهم النفسية مع اعترافي بمحدودية القدرة لدي في هذه الحالة -أكثر من المعتاد الدائم طبعا في الإنسان- على فهم الأمور كلها المتعلقة بنفس من أعالج، لولا ذلك لاختصرت في إجابتي عليك!
إذن فلن أستطيع دون تفاصيل أكثر عن أسرتك أن أقول أكثر مما قلت عن حالتك التي بدا واضحا لي ولكل من يقرأ هذه السطور أنها تعاني ويعاني أهلها معها، ولا يدرون ما يفعلون، أو يدرون وخائفون أو رافضون أن تكونَ ابنتهم مصابة باضطراب نفسي سلوكي، وهم بالتالي لا يلجئون لطبيب نفسي أو معالج نفسي، ويحاولون قدر استطاعتهم أن يداروا نقاط الخلل، لا بد يا ابنتي أن تفاتحي أهلك في حاجتك إلى طبيب نفسي لتتخلصي من معاناتك، وأنا لا أستطيع أن أقول أكثر من أن لديَّ انطباعا عن وجود تاريخ لاضطراب التعلق غير المثبط أو على الأقل شكل من أشكال اضطرابات التعلق في الطفولة Attachment Disorders، وتهمني متابعة هذه الحالة كما تهم "مشاكل وحلول للشباب"
ــــــــــــــــــــ(41/286)
حزب المضطهدات: أمية الأمهات!
مع الأهل
أنا فتاة في التاسعة عشر من عمري وأدرس بالجامعة، المشكلة مع أمي أنها تؤلمني بكلامها عني ودعائها عليَّ بدون سبب أحيانا. وأمام الأقارب والجيران تتكلم عني بأمور لا أحب أن يعرفها أحد.
وتقول: أتمنى أن تذهبي من وجهي وتتزوجي من إنسان سيئ، لدرجة أني أصبحت أفكر بالانحراف وعمل علاقات لأتخلص منها.
ولكن ما زالت أخلاقي وديني يمنعاني من ذلك، ولكن أخاف أن أفقد صوابي يوما ما، فماذا أفعل؟ انصحوني.
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الابنة العزيزة:
أهلا وسهلا بك، ونشكرك على ثقتك في صفحتنا مشاكل وحلول للشباب. مشكلتك مع والدتك تكمن في تصرفها نحوك بشكل جارح لك أمام نفسك وأمام الآخرين، وقد قلت في إفادتك: إن ذلك قد يكونُ دون سبب أحيانا، فهل هو دون سبب من وجهة نظرك أنت فقط؛ أي أن لديها هي أسبابها، أم أن هناك اختلافا في الآراء بينكما تجاه سلوكيات معينة؟
من الطبيعي أن يكون هناك اختلاف بينكما فيما يتعلق بالآراء والتوجهات تجاه الأحداث والأفعال؛ لأنكِ صغيرة وتنتمين إلى جيل آخر، لكن من المفترض في الوقت نفسه أن تدرك الأم ذلك الاختلاف بل وأهميته، وعليها أيضًا أن تسمح به وأن تتعامل معه باحتواء وقدرة على التفاعل، وهنا يكمن لب المشكلة. فحقيقة الأمر يا بنيتي أن الأم التي علمنا ديننا أن الجنة تحت أقدامها -كما جاء في الحديث الذي رواه أحمد والنسائي وابن ماجة والحاكم عن معاوية بن جاهمة السلمي أن جاهمة جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله: أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك، فقال: "هل لك من أم ؟" قال: نعم، قال: "فالزمها؛ فإن الجنة تحت رجليها". صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الحاكم: صحيح الإسناد- مثلها مثل كل أفراد المجتمع المسلم الذي نعيش فيه لم يتم إعدادها لمواجهة ما تمرِّين أنت به، ولم يهتم أحد بذلك.
ويبدو أننا اكتفينا كأمة من فهمنا لحديث الجنة تحت أقدام الأمهات، بأن نتركهن وشأنهن تسيِّرهن فطرتهن التي فطرن عليها (غريزة الأمومة) أو طبيعتهن وفسيولوجية سلوكياتهن بلغة أهل الطب النفسي، ونسينا ما كان يجبُ علينا أن ننتبه إليه من أن تأثير غريزة الأمومة في سلوك الأم ليس أبدًا مؤثرا يعمل في الفراغ؛ فهو يتأثر بالخلفية المعرفية للأنثى الإنسان (وخلفياتنا المعرفية لنا كلنا قد تم العبث بها تجاهلا وجهلا وتقصيرا وغفلة، ولله الأمر من قبل ومن بعد)، بمعنى أن عدم الإعداد الذي لم تظهر آثاره بصورة واضحة حتى الآن على الأطفال في سنوات العمر الأولى. ولكن هناك أمهات حديثات السن أسمعهن وهن يذكرن كيف يفكرن في سؤال مثل لماذا أضيع كل هذا الوقت في رعاية كائنات صغيرة قد لا تعترف لي بالفضل! إلا أن غريزة الأمومة غالبا ما تغلبهن، وغالبا ما تجد الأم الصغيرة السن من يعينها ويرشدها في رعاية صغارها.
لكن النقطة الخطيرة والتي ظهرت الآن جلية (وفي الحقيقة منذ زمن، ولكننا نبدو وكأننا نفهمها متأخرين بحق)، فهي عدم إعداد الأمهات للتعامل مع مراحل العمر التالية لأبنائهن وبناتهن، والأنكى والأمَرُّ هنا هو أن الغريزة التي تكونُ قويةً جدا تجاه الصغار، تضعف بالتدريج تجاه الكبار؛ أي أننا هنا نصبح لا نتكلم عن نفس مشاعر الأم تجاه الصغار عندما يكبر أولئك الصغار، فإذا تخيلنا ما لا يمكن حصره من التغيرات والتأثيرات المعرفية التي تحيط بنا من كل جانب في العالم الذي نعيش فيه اليوم آباء وأمهات وأبناء، فإننا ستصدمنا تخيلات ووقائع ما كانت على البال!
طبعا لك ولأمك -هداها الله- خصوصية لا أنكرها ولا أقلل من أثرها، ولكنني أقول لك:
إنه مثلما لم يتم إعدادك أنت كما يجب لمواجهة ما طرأ عليك في جسدك وفي عقلك من تغيرات، ومثلما شعرت كثيرا أن أحدا لا يفهمك، فإن نفس عدم الإعداد كان من نصيب أمك، وهي أيضًا لا تفهم نفسها ولا تفهمك!
لم تذكري أنتِ لنا شيئا عن أفراد الأسرة التي تعيشين فيها، ولم تذكري هل سلوك أمك تجاهك هو توجه خاص بك؛ أي أنها تفعل ذلك معك وحدك أم مع أخواتك وإخوتك أيضًا؟ وهل هي هكذا دائما، أم أن تغيرا ما طرأ على سلوكياتها أخيرا؟ كل هذه أسئلة يجب أن تجيبيني عليها قبل أن أقول ردًّا مناسبا وخاصا بحالتك.
وقبل أن تسيطر عليك مشاعر الغضب من كلامي الذي يبدو وكأنه دفاع عن الأم، فإنني أحيلك إلى عدة روابط ستجدين فيها كثيرا مما يتوجب عليك العلم به لعل فيه ما يخفف عليك، فانقري العناوين التالية، وفيها نماذج لآباء وأمهات مسلمين لم يتم إعداد أي منهم الإعداد اللازم مع الأسف:
تحت العشرين: معاناة البنات.. وشكوك الأمهات
أغار من ولدي: قلوب الأمهات والذكاء العاطفي
لا أب ولا وطن: قلوب تنكر نبضها
نفسي في أم غيرها: أخي بكل احترام وأنا بالجزمة
الابنةُ المضطهدةُ ودبلوماسية العائلة
الابنةُ المضطهدةُ ودبلوماسية العائلة مشاركة
أمي سبب بلائي وشقائي
أبي خائن.. أصبحت أكرهه
السير على حد السيف وإستراتيجية ترقيق القلوب
دبلوماسية العائلة والندم حيث لا ينفع الندم
الحضن المفقود: والجماعة الاجتماعية الغائبة
المحرومة: أمية أمتنا النفسية !
المحرومة: أمية أمتنا النفسية، مشاركة
المحرومة والأم البديلة: أمية أمتنا النفسية، متابعة
أدرك جيدا كمَّ الألم والمعاناة التي تعانينها من طريقة تعامل أمك معك، ومن عدم محافظتها لا على مشاعرك تجاه نفسك ولا تجاهها، ولا حتى احترامها لوجودك أمام الآخرين، ولا حفظها لسرك، كل هذا أدركه، ولكنني برغم ذلك كله لا أستطيع أن أقول لك: لماذا لا ترين في حياتك الآن إلا هذه المشكلة؟ ولماذا تبدو لنا أسرتك وكأنها مكونة منك ومن الأم؟ لماذا ترين في سلوكها معك، ودعواتها التي هي بالتأكيد من خارج القلب -كما يقولون عندنا- ما يمكنُ أن يدفعك في اتجاه الانحراف، وإقامة علاقات كما تقولين؟! ولماذا تتطرفين هكذا في انفعالاتك، ولسان حالك لسان حال من تريد معاقبة أمها بتدمير نفسها؟ لماذا تختارين من العلاقات المنحرف منها لكي تتخلصي ممن لا تستطيعين التخلص منها أبدا؛ لأنها أمك؟! إذن هي الرغبة في عقابها على إهاناتها المتكررة لك.
إنك من الممكن أن تقيمي علاقات داعمة لك ومعينة على اجتياز أزماتك كلها دون أن يكونَ ذلك انحرافا؛ فهناك يا ابنتي كثيرات يستطعن القيام بدور الأم البديلة، فيمنحن الحنان والاحتواء. وهناك يا بنيتي واجباتٌ أهم في المرحلة التي تمرين بها من حياتك؛ منها أن تحسني أداءك الدراسي، ومنها أن تهتمي بإعداد نفسك وتنمية مهاراتك، ومنها ما يسميه أخي الدكتور أحمد عبد الله، والدكتورة سحر طلعت بالتكوين، والذي يمكنُ أن تقرئي عنه في الرسالة والقضية والصحبة: عن التكوين تسألني!!
أي بنيتي، يبدو أننا جميعا تُرِكنا بلا إعداد لمواجهة ما لا يعلمه إلا الله من متغيرات، نسأل الله أن يقينا شر الفتنة، ولكننا لا نستطيع إلا العمل على إعداد أنفسنا بأنفسنا ما استطعنا لذلك سبيلا، فاستعيذي بالله من نزغات الشيطان، واهتمي بما هو أولى أن نهتم به، وتذكري دائما أن البر بالأم طريق إلى الجنة. وأهلا وسهلا بك دائ
ــــــــــــــــــــ(41/287)
كره أن أشبه أبي.. هل أنا طبيعي؟
علاقات أسرية, مع الأهل
المشكلة باختصار شديد هي أنني لا أحب أن أكون مثل أبي؛ لأنه لا يصلح أن يكون قدوة. كلما أجد نفسي أقلده بحكم وراثتي لكثير من أخلاقه وحركاته يصيبني الاشمئزاز الشديد، يقضي معظم أوقاته أمام التلفاز، لا يهتم بي، ويعطيني مطلق الحرية في فعل ما أريد بحجة أنه يثق بي، لا أكرهه، ولكنني لا أحب أبدا أن أكون مثله.. هل هذا عيب في شخصيتي؟
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الابن العزيز أهلا وسهلا بك.. وشكرا على ثقتك في صفحتنا "مشاكل وحلول للشباب"، الحقيقة أنك تتحدث في إفادتك عن بعدين نفسيين متداخلين:
أحدهما طبيعي بالتأكيد، والآخر يتأرجح بين الطبيعي والمضطرب.
فأما البعد الأول فهو رغبتك في أن تكون مختلفا عن أبيك، وهذا هو ما تمليه عليك مرحلتك العمرية، فلا بد أن ترغب في الاختلاف عن الأب، بل لا بد أن تختلف لكي تشعر بهويتك وكيانك المستقل، وكأنك تقول:
"أنا مختلف عن أبي.. إذن أنا موجود" كآخر مختلف له آراؤه وميوله، وفضلا عن كون ذلك أحد متطلبات المرحلة العمرية التي تعيشها، فإن الشكل الذي يأخذه صراع المراهق النفسي في سبيل تحقيق ذلك الاختلاف والتأكيد عليه عادةً ما يختلف بحسب عوامل عديدة نفسية وأسرية وشخصية، وأيضًا حسب التفاعلات المختلفة والاحتمالات المتعددة لتلك العوامل، فبينما يظل الكائن البشري معتمدا لفترة طويلة على أبويه، فإنه يجد نفسه في مرحلة المراهقة مضطرا للتحرك من اعتماديته الكاملة تلك إلى تحقيق قدر من الاستقلال التدريجي الذي يختلف في مدته الزمنية حسب ظروف كل مجتمع، كما يجد نفسه مضطرا إلى تشكيل منظومة فكرية يعتبرها خاصة به ومختلفة عن معطيات أبويه قدر إمكانه أيضًا، وبينما يفترض أن يتم احتواء ذلك الصراع الطبيعي داخل إطار من الفهم وسعة الأفق من ناحية الوالدين، فإن الواقع في معظم المجتمعات البشرية يظهر غير ذلك، خاصة في عصر العولمة والإنترنت الذي أصبحت فيه فجوات الاختلاف أكبر بكثير من المتوقع.
ولعل من المناسب هنا أن ننبه الآباء إلى ضرورة التريث في إدارة ذلك الصراع، فمن المهم أن نبعد مجالات معينة عن ذلك الصراع، خاصة فيما يتعلق بالجانب الديني من حياتنا، لكي لا يدخل المراهق وهو في أوج اتقاد صراعاته الفكرية أمر الالتزام في حلبة الصراع، فمن بين من عرفت من الأسر لاحظت أن كثيرين من الآباء والأمهات يستغلون الدين لتحجيم المراهق في كل تطلعاته، ومنهم أيضًا من يتخذ من عدم أدائه للصلاة مثلا دليلا على فساد فكره وخطأ توجهاته!! فمثل هذه الوسائل للضغط على المراهق باسم الدين كثيرا ما تعطي نتائج عكس المطلوبة.
وأنا أقول ذلك لأنني من خلال خبرتي العملية عرفت كثيرين من الأولاد والبنات يتركون الصلاة مثلا؛ لأن في تركها ما يعطيهم الشعور بأنهم لا يسيرون وفق خطة الأهل، ومن هؤلاء من يعود للصلاة ولتحسين علاقته بربه بعد فترة قصيرة من تخلي الأهل عن إلحاحهم على المراهق بأدائها.
نأتي بعد ذلك إلى ما يتعلق بالبعد الثاني في إفادتك، والذي يعبر بشكل أو بآخر عن مشاعر سلبية تجاه والدك لأسباب ربما تتعلق بذكريات وعذابات تحملها أنت داخلك وتحمّله المسئولية عنها، فأنت تبدأ إفادتك بقولك: "لا أحب أن أكون مثل أبي لأنه لا يصلح أن يكون قدوة" أي برأي سلبي في الرجل الذي لا نعرفه نحن ولا نعرف عنه أكثر مما ذكرت من أنه: يقضي معظم أوقاته أما التلفاز، لا يهتم بي، يعطيني مطلق الحرية في فعل ما أريد بحجة أنه يثق بي، ومعنى ذلك أنك تتكلم عن أب نمطي في طبقة لا يستهان بها من طبقات مجتمعاتنا، فمَنْ مِن الآباء لا يقضي معظم أوقاته أمام التلفاز بعد إنهاء ساعات الدوام في عمله الرسمي؟ إنهم كثيرون، ولعل سلوكهم ناتج عن الإحباط وغياب الفرصة، ولعله ناتج عن التكاسل أو قلة الوعي بمتطلبات المجتمع المسلم، لكنه بالتأكيد سلوك يستدعي الانتقاد؛ لأن أسوأ نشاط يفعله الإنسان في رأيي هو البقاء طويلا أمام التلفاز، كمتلقٍّ سلبي لإعلام الله أعلم بخلفياته في هذا العصر، ولكن السؤال الذي يبرز هنا هو هل من حقنا أن نقوم من سلوكيات آبائنا؟ وهل هو أصلا مقبول أن نفعل ذلك؟.
إن واجبات المرء تجاه والديه معروفة وواضحة في الإسلام، ولا تنسَ قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (العنكبوت: 8)، وفي آية أخرى يقول تعالى: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (لقمان: 15)، أي أننا مأمورون بالمصاحبة بالمعروف للأب الذي يدعونا للكفر، على ألا نطيعه في ذلك فقط!
وأما أنه يعطيك مطلق الحرية لأنه يثق بك، فلسان حالك يقول إنك ترى كلامه حجة وليس صحيحا، فكأنك هنا تطلب منه أن يتحكم أكثر في تصرفاتك، وهو إن تحكم ثرت في داخلك أو ربما أظهرت غضبك، وكل هذا طبيعي، إلا أن نبرة تصريحك عن عدم الرضا عن الوالد وعن تقصيره في حقك أعلى قليلا من المعتاد؛ وهو ما يشير إلى وجود ما أشرت إليه من قبل من ذكريات وتوجهات سلبية نحوه، ولعل هذا ما يظهر بجلاء أكبر في قولك: "كلما أجد نفسي أقلده بحكم وراثتي لكثير من أخلاقه وحركاته يصيبني الاشمئزاز الشديد"، فأنت هنا تشمئز من نفسك ومن صفاتك أنت، بغض النظر عن كونك ورثتها أو اكتسبتها؛ وهو ما يجعلنا مضطرين إلى أخذ الانطباع عن احتمال وجود اضطراب ما، غالبا سيكون عابرا فإن لم يكن كذلك فإن الحاجة تبرز إلى تقييم مباشر من طبيب نفسي متخصص، ولعل من المفيد أن تقرأ ما يظهر بنقر الروابط التالية:
أبي همي الكبير
أبي خائن... أصبحت أكرهه
الابنة المضطهدة ودبلوماسية العائلة
الابنة المضطهدة ودبلوماسية العائلة، مشاركة
السير على حد السيف واستراتيجية ترقيق القلوب
وأما قولك في نهاية إفادتك:
(لا أكرهه ولكنني لا أحب أبدا أن أكون مثله هل هذا عيب في شخصيتي؟)، فردنا عليك هو أن هذا ليس عيبا في شخصيتك بل هو الطبيعي كما بينا لك في ردنا، ولكن العيب هو أن تكون متطرفا في رغبتك تلك بمعنى أن تشمئز من صفات فيك حتى ولو كانت موروثة عن أبيك، فكلنا يحمل صفات من أبيه ومن أمه، وكلنا مر بفترة المراهقة، وعاصر ذلك الصراع الذي تعاصره الآن أنت، ولكن الأمور لم تصل إلى حد كره المرء لصفة فيه لمجرد أنها توجد في أبيه، وفي النهاية أتمنى أن يوفقك الله ويهديك،
ــــــــــــــــــــ(41/288)
بدلا من الشات: ماما والخالة والعمة
الإنترنت والهاتف, مع الأهل
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكركم على خدماتكم الكريمة مع شباب المسلمين.
باختصار أنا فتاة أبلغ من العمر 15 عاما والحمد لله رب العالمين على قدر كبير من التدين وعلاقتي بالله هي أقوى علاقة قمت بها منذ أن ولدت. لدي مشكلتان تؤرقان علي حياتي الأولى هي أنني أعاني من وحدة بشعة وأحيانا تزيد علي بطريقة لا أستطيع أن أصفها فأنا لا يوجد لي أصحاب وعلاقتي بأمي للأسف غير موجودة تماما؛ لأنني لا أرتاح في الحديث معها، وأبي دائما مسافر في السعودية لعمله، وأنا لا أدري ماذا أفعل حينما تقابلني مشكلة ما؟
وإن كل التجارب والمشكلات التي صادفتني وما زالت حتى الآن أتصرف بها بنفسي لأنني لم أجد من أستشيره. أريد أحدا أحكي له أتناقش معه، أجد من يضمني إلى صدره حينما أغرق في وحدتي ومشاكلي وأنا في هذه السن الصعبة.
أما المشكلة الثانية فهي أنني منذ 5 شهور تعرفت على شاب على الإنترنت وهو يكبرني بـ سنتين فقط، ولكن الآن عندما عرفت أن التحدث مع الشباب على الإنترنت مكروه أو حرام أقلعت عنه تماما، ولكن بقيت مشكلتي مع هذا الشاب.
هو يحلف لي ويقول إنه يحبني ويريد الارتباط بي رسميا، ولم يطلب مني أي طلب خارج عن حدود الله يثبت لي مثلا أنه كذاب أو يريد التسلية فما زال يلح علي وهو لا يطلب مني سوى أن أطمئنه علي فقط عبر البريد في الماسنجر وحسب.
والآن أريد أن أقسم لكم أنني لا أحبه ولا أريد أن أحبه فأنا حب الله هو الذي يشغل قلبي وحياتي كلها ولا أريد شريكا له في قلبي؛ لأنني أوقن تماما أن أي مخلوق لم يعطني ما يمدني به الله من اطمئنان وحب وخوف ورومانسية وكل شيء تحلم به الفتاة في هذه السن الصعبة. ولكن عندما أقرر أنني سوف أحذفه من عندي صوت يتيقظ ويقول لي أبقيه ولا تكلميه فماذا أفعل؟؟
إن الحيرة تؤرق علي حياتي والتفكير دائما في حل لهذه المشكلة لا أستطيع أن أحذف هذا الشاب من عندي وأنا لا أحبه، فلا أعلم ما هذا الذي أنا فيه أنا أصبت بأنيميا في جسمي بسبب كثرة التفكير في هذا الموضوع، ولا أجد حلا ليل نهار، أفكر ماذا أفعل لكي أريح ضميري وعقلي وقلبي من هذا وأرضي الله علي ولا أخونه.
أتوسل إليكم أعطوني الحل سريعا في المشكلتين فإني أصبحت مدمرة نفسيا دائما بسبب وحدتي وحيرتي ليل نهار. أريد الرد قبل حلول المدارس حتى أستطيع الدخول على النت والاطلاع على حلكم أفيدوني أفادكم الله.
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
تقول د.حنان طقش:
عزيزتي توتيا:
لنبدأ معا بخطوات عملية.. افتحي قائمة العناوين لديك، وامسحي عنوان هذا الشاب من قائمتك، ثم أكملي القراءة فنحن أهل عمل.
والآن اعرفي دائما أن تجنب الفتنة يكون بسد أبوابها تماما، ذلك أن بقاء العنوان في بريدك يعني استخدامك له في لحظة ضعف، ولكن مع غيابه قد يوسوس لك الشيطان بالحديث معه مرة أخرى ولكن يستحيل التنفيذ. وتأكدي أنك بعد مسح العنوان بأسبوع ستشعرين بالدهشة لترددك السابق.
لن أقول إن هذا الشاب سيئ ولكني أقول:
إن التعلق بالآخرين عبر النت سيئ وغير صادق، ولا يقدم ما يبحث عنه الشخص. اشطبيه وسرعان ما ستنسينه وتنشغلين بأمور أكثر أهمية ولن تشعري بتعذيب الضمير بعد ذلك واستعيني بالدعاء. ولنكن متفائلين معا فأنت في الواقع لديك مشكلة واحدة هي مشكلة الفراغ والوحدة وهي ناتجة بالتأكيد عن ضعف علاقتك بأمك.
وكفتاة ملتزمة أراني مضطرة لسؤالك عن سبب هذه الجفوة بينك وبين والدتك، ولأنه لا تفاصيل لدي عنها لن أناقشك فيها كثيرا، ولكن سأذكرك بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم بأن أولى الناس بصحبتك هي أمك... فحاولي مرة أخرى واذكري لها الأعمال الحسنة، ولا تركزي على كل خلاف حصل بينكما، بل فكري في لحظات السعادة، وهي بلا شك موجودة، وقد تشعرين أنها قليلة، ويرجع ذلك لقلة تفكيرك بها.
هل فكرت مرة كم يصعب على والدتك الاهتمام بأمورك وأمور المنزل وإخوتك (إن وجدوا) دون أن يشاركها والدك هذه المسئولية بسبب ظروف عمله؟ فوالدتك بحاجة لك عزيزتي فكوني معها وحاولي أن تعطيها أنت الاهتمام الذي ترغبين في الحصول عليه منها لعل هذا يوصل الود بينكما مرة أخرى. وتذكري أنها أقرب الناس لك حسب التراث النبوي.
توتيا:
لدى الإنسان قائمة من الرغبات الأساسية المشتركة من بينها الرغبة في الحصول على الحب والرغبة في تقديم الحب ولو فكرنا معا لرأينا أن تقديمك للحب لوالدتك سيكسبك حبها واهتمامها ثم تدور الأمور بالعكس فتحصدين ما تزرعين، وانشغالك بالعطاء سيملأ وقتك وينسيك وحدتك، وأقول:
ابدئي بأمك ثم انتقلي إلى الخالات والعمات والجدات إذا وجدن، وتأكدي أن هذا سينتج عنه حصولك على المزيد من الحب والاهتمام.
وإليك بعض الخطوات العملية:
مثلا ابدئي بالاتصال بهم للسؤال عن صحتهم، واعرضي عليهم بعض الخدمات البسيطة مثل عمل فنجان شاي أو قهوة وهكذا. وإن لم يوجد لديك جدات فلديك بالتأكيد جامع ومحاضرات.. في الجامع تواصلي معهن وستحصلين بالتأكيد على الاهتمام الذي يخفف وحدتك.
أما عن حلك لمشكلاتك بنفسك فقد تكونين السبب في هذا، ففي بعض الأحيان لا يشعر المحيطون أن لديك مشكلة ما لم تشاركيهم فيها، فأخرجي نفسك من هذه الوحدة بزيادة التعامل مع الآخرين، وقللي من تواصلك مع الآخرين عبر النت فالنت لا يقدم الأحضان؛ ولكن "ماما والخالة والعمة والجدة" يفعلن ذلك بكل تأكيد.
ــــــــــــــــــــ(41/289)
لست مغرورة ولا أنانية .. مشاركة
مع المجتمع
مشاركة على مشكلة:
لست مغرورة.. ولا أنانية
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
تقول د.حنان طقش:
عزيزتي،
لا داعي لشعورك بالضيق، وتعالي نفكر معا ولنبدأ بالقول:
إن إطلاق الصفات من مثل أنانية أو رومانسية بصفة عامة أمر ليس صحيحا، والصحيح أن من هن في مثل عمرك لم يتخذن طريقا واضحا يمكننا أن نحاسبهن عليه؛ فأنت ومن هن مثلك ما زلتن في مرحلة تكوين للشخصية. ولك أن تختاري ما تريدين أن تكوني عليه، ثم تعملي على تحقيقه.
أنت مراهقة طبيعية جدا، وتصفين أحد جوانب النمو الانفعالي لمرحلة المراهقة، ففي كل مرحلة نمو هناك نمو جسدي وعقلي ونفسي.
ففي الطفولة نرى الطفل متملك لأمه ولا يرغب في أن يقترب منها أحد، ولا حتى إخوته. وغالبا ما يكون تملكه لها موضوع تندر في العائلة، ولابد من أنك سمعت مثل هذه الروايات عن أطفال أسرتك أو عنك شخصيا، ولكن مع نمو الطفل العقلي والنفسي يفهم أنه لا يمتلك أمه وحده ولكنه يشترك فيها مع كل من له علاقة بالأسرة. فهو ينمو من مرحلة التملك إلى مرحلة المشاركة.
وهذا النمو يحدث أيضا في المراهقة، فنرى من هن في مثل سنك يتعلقن بشدة بصديقاتهن، وقد يشعرن بالغيرة عليهن من الأخريات، وهو ما يحدث معك بالفعل. فأنت تشعرين بالتملك نحو صديقتك، ولا يعني هذا أنك أنانية، وتشكين في حبها، والمقصود ليس هو الحب بقدر ما هو تدريب على المشي ولكن على صعيد المشاعر.
ما تمرين به مع صديقتك هو مجرد أعراض لنمو الانفعالات، ومن ضمنها أيضا أن تعجبي بمدرستك إعجابا ترين أنه غريب، والحقيقة أنه عادي ويحدث مع الكثيرات، ومضمونه يختلف عن شكله، فإعجابك ومراقبتك لها هو في الحقيقة بحث عن نموذج تقلدينه في حياتك؛ فلا تقلقي من إعجابك بمعلمتك ولا من غيرتك على صديقتك؛ فهذه أمور مؤقتة تزول مع انتقالك إلى مرحلة أعلى من النمو.
ولكن ما يبقى معك بالفعل من هذه المرحلة هو الطريقة التي تحلين بها مشكلاتك مع الآخرين، فاحرصي على أن تتقبلي أن الآخرين قد يكون لهم رأي آخر يختلف عن رأيك دون أن يعني هذا انعدام الحب بينكم، ففي الحياة لابد من الاختلاف. وتذكري أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.
ما يحتاج منك للانتباه أيضا هو رغبتك في التميز، وهي رغبة جيدة وصحيحة، وهي الدافع وراء نجاح العلماء، بشرط أن تكون لديك في صورتها الراقية، وليست الصورة السطحية، فلديك كل الحق في أن ترغبي وتعملي على التميز في دراستك أو في رياضة تحبينها، ولو لم يرغب المشاهير في التميز لما سهروا الليالي، وتجنبيها في صورتها السلبية وهي تحويلها للتميز في المظاهر والملابس فهو أمر لا يليق بفتاة ذكية مثلك لديها هذه القدرة على الوصف الدقيق لما تعانيه.
إذن عزيزتي،
أشرقي وتعاملي بتسامح مع من يخالفك الرأي من صديقاتك، ولا تقلقي فهذه المرحلة ستمر كما مرت طفولتك لتصلي إلى مرحلة النضج والرشد، ووجهي رغبتك في التميز وجهة صحيحة واسعدي بحياتك دائما.
ــــــــــــــــــــ(41/290)
إدارة الوقت وليس ميكنته!
مع النفس
السلام عليكم،
لدي مشكلة في عدم القدرة على تنظيم الوقت. فهل يمكنكم مساعدتي؟
جزاكم الله خيرا.
... المشكلة
أ.نفين عبدالله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
الأخ الكريم..
أولا أعتذر لتأخري في الرد عليك رغم طلبك للرد السريع، وإن لم تعطني أي تفاصيل محددة أعتمد عليها في ردي.. ولذا سأطرح بعض الأفكار العامة في تنظيم الوقت، وفي انتظار أي تفصيلات تود الاسترسال فيها.
رغم أن هناك أدبيات كثيرة تتحدث عن إدارة الوقت، فإنه من المفيد أن ننظر إلى هذه المسألة على أنها أداة معاونة لتحقيق هدف ما (وهذا أهم ما في الأمر)، وليست إدارة الوقت هدفا في حد ذاته، فإن لم يكن لديك هدف ما فلا يمكن أن تنظم وقتك لتحققه، أرجو منك مطالعة استشارة: الخطة.. الجدولة.. بل الهدف أولا! .
وهذه الفكرة عن إدارة الوقت تتيح لك المرونة دوما لتغير طرق تنظيم الوقت لديك لتلائم طبيعتك الشخصية وأهدافك المحددة. فلا تتحول لآلة همها الأوحد الإنتاجية وملء كل دقيقة من الوقت بنشاط ما.. فليس هذا تنظيما للوقت بل ميكنة له وأنا شخصيا أكره ميكنة الإنسان وأرفضها كنهج تبدأ به حياتك.
لكني أتفق تماما مع تحديد هدف وتحديد الأشياء المهمة التي تود الوصول لها في الحياة ثم تخطط لذلك وتستفيد بوقتك الذي يمثل أحد أهم القوى لديك. هذا رأي شخصي ربما تتفق معي فيه أو تختلف.
وعموما.. هناك بعض الأشياء المهمة التي لا بد أن تهتم بها عند إدارتك لوقتك:
1- عش حياة متوازنة:
فالحياة تتكون من سبع مناطق حيوية: الصحية، الأسرية، المادية، العقلية، الاجتماعية، المهنية، الروحية. وهذا يعني ضرورة الاهتمام بكل هذه المناطق اهتماما متساويا كما وكيفا. وإهمال أي جانب منها حتما سيقضي على فكرة التوازن من أساسها. وسيقلل من نجاحاتك المتوازنة التي تعود عليك بالسعادة.
2- بالتالي حدد أهدافا لكل منطقة وليس منطقة واحدة.
3- عليك أن تعرف سرعتك.. أي تعرف فعليا الوقت الذي يتطلبه أداء نشاط معين، وذلك حتى يمكنك أن تخطط فعليا لأنشطتك المستقبلية.
لذا عليك أن تراقب مضيعات الوقت لديك (سواء أنشطة غير مفيدة لا توصل لهدفك المحدد كالمحادثات التليفونية، تلبية دعوة في غير وقتها...، وسواء أفكار مثبطة أو مشاعر غير دافعة لك كالتسويف، عدم الحب لنشاط ما، ملل...).
هذه المراقبة تتم ببساطة بأن تكتب لمدة بضعة أيام كل ما يمر بك من نشاطات مع تسجيل الوقت لبداية ونهاية كل نشاط، فتعرف بذلك مضيعات وقتك، وكذلك تتعرف الوقت الفعلي الذي يستغرقه منك عمليا نشاط ما.
4- كذلك لا بد أن تتدرب على تقسيم أي مهمة لأجزاء ويمكنك تحديد هذه الأجزاء بدقة، أي أن تعرف ما الذي يتضمنه أداء مهمة ما: مثلا إذا كنت تخطط لاستذكار وحدة من الوحدات: لا بد أن تدون أن انتهاءك منها يعني: قراءة الوحدة، أخذ ملاحظات، عمل ملخص، قراءة ملخص، إجابة الأسئلة من 1-7 من الكتاب المعين... وكلما كنت أكثر دقة وتحديدا كانت خريطتك واضحة لتصل بسهولة أكثر إلى هدفك. (سجل الكتاب الذي ستستذكر منه كل جزئية، الوقت المتوقع لإنجاز المهمة، الوقت الفعلي الذي استغرقته، العوائق، المحفزات...).
كذلك من مزايا هذا التحديد الشعور بالإنجاز حيث تشعر بأنك دوما في اتجاه هدفك، وتظل عيناك عالقة بما انتهيت فعليا منه، وما تعمل على إنهائه.. كذلك يسهل عليك ذلك أن تتغلب على حيرتك في النشاط التالي الذي عليك القيام به، كذلك يمكنك هذا التحديد من التقاط أي عمل يمكنك أن تقوم به في أوقات تعتبرها من الوقت الضائع كوقت انتظار، كوقت انتقال بين مكانين خاصة أنك تعرف تحديدا ما عليك من مهام، وتعرف الوقت الفعلي الذي يستغرقه أداء هذه المهمة.
5- ثم يجيء من بعد ذلك أن تسجل قائمة طويلة بالأشياء التي عليك الانتهاء منها بالتفصيل الذي ذكرته لك.
فمثلا: دون كل المهام: كمهمة أساسية والمهام القصيرة التي تتضمنها. وحاول أن تسجل بجانب كل مهمة الوقت التقريبي الذي يمكن أن تستغرقه (واختبر هذا الوقت مرة بعد مرة).
6- راقب وسجل:
ابق واعيا بالفرق بين أدائك في كل مرة، أي أن تعرف لماذا أديت نفس المهمة سريعا مرة وأبطأ مرة أخرى: هل هناك شعور ما معوق؟ هل هناك فكرة أخرى تشغلك؟ هل الحالة المعنوية؟ هل...) المهم أن تراقب دوما نفسك وتعرف أفضل حالاتك، ومسببات ذلك، لتعرف كيف تصل بنفسك إلى هذه الحالة المثلى.
ربما كانت أهم الأشياء المساعدة لك في إدارة ذاتك أولا ثم وقتك: أن تعرف نفسك جيدا، ما أفضل الأوقات التي أعمل فيها بنشاط؟ ما الأشياء التي تحفزني؟ ما الأشياء التي تحبطني؟ ما أفضل مكان أعمل فيه؟ ما أفضل الأصوات التي أحب سماعها وقت عملي؟ ما الذي أقوله لنفسي لأحفزها؟ ما الشيء الذي لو تخيلته يثير حماستي؟ من أفضل شخص يمكنني أن أسأله المساعدة في... (حدد)...؟
7- خطط يوميا حسب الأولوية. خذ وقتا يوميا كل ليلة لتستفد من اليوم القادم.
سجل قائمة بكل ما لديك لتفعله، ثم اختر أي الأشياء ذات الأولوية لتفعله في يومك التالي. بدون تخطيط لليوم من الممكن جدا أن ترتبك، تحتار ويصرف انتباهك للعديد من الأشياء غير النافعة.
(فإن لم يكن لدينا ما نفعله فسنفعل ما لدينا).
وربما هذا هو لب فكرة أن تعمل بذكاء وليس بقوة WORK SMARTER NOT HARDER، وهذا سيزيد من إنجاز أي فرد، وسيعني أن تعمل الأشياء الأهم في أوقات أقل.
8- تجنب التسويف والتأجيل: أكثر الخطط فعالية هي ما تتضمن فقط ما عليك أن تفعل، وأن تظل تعمل عليه حتى تنتهي منه، ولا تسوف أو تؤجل ذلك العمل.
9- اعمل على شيء واحد أمامك، وهو ما يعني ألا تدع الأشياء الأخرى تربكك وتلهيك عن الشيء المحدد الذي تقوم بإنجازه. دع بقية الأشياء بعيدا عن ذهنك، بعيدا عن مجال رؤيتك.
إذا فعلت ما عليك فقط فستجد لديك العديد من الأعمال المنجزة، بما يعني إنتاجية عالية وإنجازا عاليا، وهو ما يدفعك لمزيد من الدافعية، وبالتالي المزيد من الإنجاز، وهكذا تدور الدائرة.
10- استثمر وقتك في تعلم كيف تؤدي الأعمال بكفاءة وفعالية. حدد دوما موضوعات للتنمية الشخصية، واعمل على تحقيق ذلك.
11- لا تخطط لكل دقيقة من وقتك، لكن فقط حدد الأشياء المهمة التي عليك إنجازها، واعرف -بعد ملاحظتك- كم تنفق من الوقت لأداء كل عمل، لتعرف ما الذي يمكن أن يستوعبه يومك فعليا، واترك مسافات بينية مناسبة بين كل نشاط وآخر.
12- تخيل هدفك دوما بعد تحقيقه، استعمل كل حواسك في ذلك.. حاول أن ترى نفسك وقت تحقيقه، حاول أن ترى آثاره وأن ترى ما حولك في هذه اللحظة، حاول أن تستمع إلى الأصوات المتواجدة في بيئة تنفيذ الحلم: أصوات التهاني، أصوات أشخاص تحبهم.. ماذا يقولون لك، تحسس الحلم، حاول أن تستخدم كل حواسك.. احلم به مجسدا.. وتخيله دوما أثناء رحلتك.. إذا ما استطعت أن ترى حلمك فحتما سيصبح حقيقة!
13- بعد المراقبة والمعرفة والتخطيط يجيء العمل بهمة وحماس على ما قررت عمله.. استعن بالله ولا تعجز.. قم فورا لتحقق ما تحلم به!.
ــــــــــــــــــــ(41/291)
إلا في البيت.. العالم الداخلي للفتاة العربية "متابعة"
علاقات أسرية, مع الأهل, مع المجتمع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
هذه متابعة من صاحبة مشكلة إلا في البيت.. جريئة ومرحة ورائعة / س - من الإمارات العربية المتحدة.
أشكركم على الرد وبعث روح الأمل؛ لأني لست معتادة على أن يستمع أحد لما يدور في خاطري من مشكلات وهموم؛ فالكل يتصور أني بلا هموم ومشاكل لشدة مرحي.. الحمد لله أنه منّ علي بفضله وهداني للإيمان. وسأحاول ألا أكون كمن آتاه الله آياته فأعرض عنها.
ولنأت للرد..
ومن قال لكم إني بريئة من أمور الزواج؛ فأنا أعرف كل شيء -للأسف- المفيد وغير المفيد.. على سبيل المثال.. أعرف كيف أتعامل مع الطفل صعب المزاج والعنيد والمدلل والابن المراهق السيئ والزوج الجاف، أعرف تدابير المنزل من طبخ وشطف وغيرهما.
أنا لست بريئة وليس لي دخل بالبراءة، نعم إني أريد قضاء الوطر بالحلال وأتلهف أيضا لذلك وما زلت ولكن بدرجة أقل مما كنت عليه قبل تعرفي على صفحتكم.
لا أدري أهو فضول مني أو طلب زيادة للثقافة ما دفعني للبحث عن أي شيء يتعلق بالزواج، سواء بالمجلات أو الجلوس مع المتزوجات أو البحث عن حلول لمشاكل المتزوجين الجنسية.
كنت أمارس العادة السرية، في البداية كنت أحس براحة وإشباع.. ولكن بعد نزول سائل الشهوة لأكثر من مرة مع جهلي بماهيته ندمت على ما فعلت، وبالصدفة علمت بأنه نجس ويوجب الطهارة، لكنني لم أمتنع عن ممارسة العادة الخبيثة هذه إلا بعد أن تعبت من كثرة الاغتسال، لدرجة أني كنت أغتسل بعد كل قيلولة ثم امتنعت عنها جزئيا.. وهل من الطبيعي على من هن في مثل عمري التفكير بالزواج واشتعال الشهوة بمجرد سماع شيء من الغزل أو مشاهدة المسلسلات المعروفة؟؟
ولكن لماذا ألعب بالنار ما دمت أعرف أنها ستحرقني بالإضافة للتشوهات التي تسببها؟ حاولت كثيرا أن أبتعد عن كل ما يثير الشهوة، وبالفعل نجحت وكنت أعالج نفسي لمدة طويلة وكانت صفحتكم من ضمن برنامج علاجي.
ولكن انظروا ماذا حدث منذ فترة.. فأعصابي مشدودة الآن ولا أخفي عنكم ما حدث عندما علمت أن أخا صديقتي في الجامعة الذي يبحث عن زوجة وتنطبق مواصفاتها على مواصفاتي (من حيث التزامي بالحجاب والصلاة، إجادتي فنون التدبير المنزلي من طبخ وغيره) ففرحت وكانت فرحتي بلقائها كل يوم لا توصف وأجلس معها لساعات طويلة أتحدث معها ولا أحس بالوقت، وكنا لا نفترق إلا في وقت المحاضرة وأثناء تأدية بعض الواجبات أحس أنني صرت أجري وراءها للمصلحة.
ولا أخفي عنكم توتري إذا علمت أن هناك رجلاً يبحث عن والدي، لعله يكون والدها مع أني لا أعرف حتى اسمه.. وكنت متلهفة لأعرف من الزائر.. وفي كل مرة يكون الزائر من طرف العمل.
وتمر الأيام ويأتي اليوم الذي تخبرني صديقتي بأنها ستعرفني على خطيبة أخيها الذي تم عقد قرانه عليها منذ يومين وهي من منطقة تبعد حوالي ثلاث ساعات عن منطقتنا.. أحسست بضيق شديد وبرغبة كبيرة بالبكاء.. بدأ جسدي يتصبب عرقا.. فقدت اتزاني بالمشي وأحسست بأني سأموت قريبا.. وفقدت رغبتي للطعام.. مع أني كنت جائعة من الطريق؛ لأننا في زيارة من قبل جامعتنا لمنطقة خطيبة أخيها وفي مكان دراستها بالتحديد.
أخذت أبكي من داخلي ولكنني أحاول إخفاء حزني بهذا الخبر.. لاحظت صديقتي تغير مزاجي فسألتني فأجبتها أني لا أحب المكوث في الحافلة أو السيارة لفترة طويلة.. وبدأت أضحك وأمزح معها وأذكر أشياء مضحكة ونضحك.. ولكن كنت من داخلي أبكي دما.
في المساء عندما عدت للمنزل لم أجد أمامي سوى سجادتي التي ابتلت من شدة البكاء صليت العشاء ثم صلاة الحاجة لأتزوج بسرعة ولأنسى!! لأنسى ماذا؟؟ شابا لا أعرف عنه سوى حسن أخلاقه وأدبه في حين أجهل شكله أو حتى اسمه.. وكلما سمعت عن خطوبة أي شاب من العائلة أتوتر ويخفق قلبي بسرعة لا أدري لماذا، ناهيك عن فقدان شهية الطعام حتى انخفض وزني عدة كيلوجرامات بشكل ملحوظ.
وكنت أحاول أن أغض بصري عن رؤية الشباب والرجال منعا لإشعال الشهوة وأتعمد أحيانا ألا أرتدي نظاراتي الطبية التي لا أرى بدونها سوى كتل متحركة بدون ملامح حتى لا أرى وجوه الشباب.. والحمد لله نجحت.. حتى صورهم في المجلات والصحف.. كما أنني أتحاشى الذهاب للأعراس كي لا أرى ما يثير شهوتي ثم أعصابي. اعذروني على التناقض.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الابنة الكريمة:
شكرا لك متابعتك وما زلنا نوصي زوارنا الكرام، وأصحاب المشكلات بأن يتابعوا معنا بعد أول إجابة، وقليل منهم من يفعل.
وأشكرك أكثر لأنك في رسالتك الأصلية ثم متابعتك هذه تكشفين لنا جانبا غائبا عن المعرفة، وبالتالي عن البحث والتحليل، وهو العالم الداخلي للفتاة العربية؛ الأمر الذي شجعني على تأجيل الإجابة على متابعتك حتى اجتزنا "رمضان" والعيد، وفيهما يقل الدخول على صفحتنا وعلى الإنترنت عامة، وبذلك نضمن لمتابعتك أوسع اطلاع ممكن وهذا ما أريده.
لست وحدك يا ابنتي، وأنت تقولين في صدر رسالتك إنك "لست معتادة على أن يستمع أحد لما يدور في خاطري"، وقولك: "الكل يتصور أنني بلا هموم ولا مشاكل"، وهذا من غفلة الآباء والأمهات والمرشدين بل والمجتمع بأسره، فهو يتعامى ويتخارس ويدعي الصمم حين يتعلق الأمر بحياة الفتاة العربية وعالمها الداخلي، وهو يكذب على نفسه، وينافق غيره حين يقنع بالهدوء والحجاب والتميز الدراسي، والأخلاق الشكلية الحميدة بوصفها المعالم الكافية والمطلوبة للحكم على أن كل شيء على ما يرام بالنسبة لهذه الفتاة أو تلك، بينما الأمر أعمق من هذا وأبعد، وكل شيء ليس على ما يرام أبدا، ولكن الكذب سهل والتغافل مريح!
ومن رسالة صفحتنا أن تقرع الأجراس وتوقظ الغافلين وتساهم في تحريك القوى والطاقات والأذهان الخاملة والخامدة لتنفتح العقول والآفاق لمستقبل مختلف عن الحاضر الراكد، والماضي بحلوه ومره، وأقول هذا لأن البعض يحلو له أن يتحدث عن المستقبل بإيجابية وكأن مجرد مرور الوقت أو ميلاد أجيال أصغر أو حصولنا على أحدث الأجهزة للاتصال أو استيراد بعض الأفكار وترجمتها إلى العربية.. كفيل بالطفرة، والتقدم، والنهضة...!!!
تعالوا إذن.. نبحر في العالم المجهول الذي تأخذنا إليه هذه الابنة الكريمة الرائعة لنكتشف معها ونستكشف في جولة سريعة ماذا يدور في عقل فتاة من هذا الجيل.
جميل يا ابنتي أنك تعرفين عن أمور الزواج، ورعاية البيت، ليت هذه المعرفة تكفي وتتوافر لغيرك من الفتيات، وأرجو أن تلاحظي أن المعلومات شيء، والتطبيق شيء آخر، دون التقليل من أهمية المعلومات.
شتان بين أن تقرئي كتابا أو تقولي محاضرة أو حديثا عن معاملة الأطفال مثلا، وتنشئتهم على الأخلاق الحميدة، والطباع السليمة... إلخ، وبين قدرتك على إدارة هذا عمليا، إنه شيء يشبه الحديث عن بر الوالدين، وحسن التصرف معهما مقارنة بعمل هذا أو تطبيقه، ولقد تحدثنا عن هذا من قبل كما تذكرين، وأدعو الله أن يعلمك أكثر، وأن يلهمك الحكمة، ويمنحك القدرة على التنفيذ كما أعطاك الفرصة للتعلم، فقط تذكري أننا جميعا نتكلم، ونكتب أحيانا عن مثاليات، وملائكيات ثم تنكشف حقيقتنا وقت التطبيق، وفي ساعات الغضب والملل، وغيرها من الاختبارات والابتلاءات التي لا تخلو منها حياة، وأضيف أيضا أن معرفتك بالمعلومات لا تتعارض مع براءتك وقلة خبرتك العملية أو انعدامها، فما زلت فتاة تسمعين وتقولين وليس من رأى كمن سمع وعاشر وعاصر، وعانى وتحمل.
وشكرا لك وأنت تستثمرين حجاب الإنترنت لتروي لنا جانبا من تاريخك الجنسي وليقرأ كل المخادعين والمنافقين والغافلين ليروا نموذجا لفتاة جامعية ناشطة ومطلعة.. لكنها تجهل أبسط الحقائق عن أخص شيء وأقرب شيء وهو جسدها!!! وهي لم تجد من يشرح لها عنه لا في مدرسة ولا أسرة، وهي لا تعرف سائل الشهوة ولا تعرف أحكامه الفقهية وهي تمارس "الاسترجاز" فتحس براحة وإشباع، ثم تكتشف من خلال صفحتنا ربما بعض الحقائق عن الأمر وتتعب من الاغتسال ومن الشعور بالإثم فتبقى حائرة ومشدودة بين شهوتها وسط المثيرات، وخوفها من الآثار التي تنجم عن الاسترجاز، ولا ترى حلا إلا بالزواج -وهو حقها- فتتسمع وتتمنى وتحسب كل نظرة إليها وكل صيحة عليها، وكل شاب أو رجل زوجا محتملا.. تراه فتشتعل شهوتها حتى تخلع نظارتها الطبية حتى لا ترى إلا أشباحا وكتلا بشرية بلا وجوه أو ملامح!!!
ولا أدري لماذا قطعت استرسالك يا ابنتي؟!!! هل رأيت أنك تحدثت أكثر من اللازم؟! كلا والله.. هل تظنين أنك متناقضة أو شاذة وهذه هي سيرتك ومسيرتك؟! كلا والله..
وددت لو أنك واصلت البوح لتوقظي الغافلين الذين يظنون أن مشكلات الإنسان رجلا كان أو امرأة، شابا كان أو فتاة، تنتهي حين يحب الله ورسوله، وينتظم في صلاته وأذكاره، أو مجرد أن ترتدي الفتاة الزي الذي يرضاه الشرع لها، وهو الفهم الناقص الذي نعاني من انتشاره وتأثيره على عقول المسلمين، ولا نجاة لنا إلا بتصحيحه وتكميله.
ابنتي،
ربطك بين عدم ممارسة الاسترجاز وتوترك العصبي هو ربط صحيح، ولكن ليس على إطلاقه.. فأنت -وكل فتاة- حين تدخل إلى عالم الاسترجاز فهي تلقائيا تضع نفسها في دورة "شحن وتفريغ"، فهي تراكم حصاد انعكاسات المؤثرات الشهوانية وآثارها في النفس والذهن حتى يطفح الكيل، ويكاد الظهر ينكسر من الأحمال فتفرغ بعض الحمولة بالاسترجاز، ولكنها بعده تدخل في مرحلة ندم شديد، ولوم رهيب، وشعور بالذنب، وأحيانا استقذار الذات.. إلخ، ثم تعود وتكرر وهي دورة رهيبة، وأحيانا تصبح مثل الحلقة المفرغة بلا نهاية، والأوفق أن تتغير تماما.. ولكن كيف؟!!
نتكلم دائما عن المثيرات، ونقول إن العمل على تقليلها وتقليل التعرض لها يبدو أساسيا لتخفيف ردود الأفعال، ولكن يبدو أننا نحتاج أيضا إلى التغيير أو التخفيف من وطأة إدراكنا المبالغ فيه لبعض هذه المؤثرات، فمن غير المعقول أن البعض من شبابنا يلتهب وينقلب رأسا على عقب لمجرد أنه يتحدث مع فتاة في المجال العام، أو يرى كاسية عارية -متواضعة الجمال أحيانا- تخطو من بعيد!!!
من غير المنطقي أن ينفعل الشاب بكل ما يحمل نون النسوة أو تاء التأنيث، حتى إنه يتهيج عندما يسمع صوت امرأة، أو تأتي في الحديث سيرة امرأة، أو يرى عن بعد شبح امرأة!!!
نفس الشيء يسري على الفتيات بالنسبة للرجال، وهو وضع قائم بكل تأكيد ولكنه شاذ وغير طبيعي، ويحتاج إلى مراجعة وتكامل نفسي واجتماعي يضع الأمور في نصابها وحجمها؛ لأن هذا الهياج الزائد إضافة إلى المؤثرات المتكاثرة والمتاحة تجعل من العبث القول بعدم ممارسة أي نشاط جنسي حتى يحصل الزواج، والله وحده يعلم متى يمكن أن يقع؛ ففي بلادي يتأخر عند البعض لمدة عشرين عاما من البلوغ حتى يكون متاحا قضاء الوطر الحلال!!! وهنيئا للغافلين والمتغافلين أصحاب العالم البسيط البدائي، والتصورات الساذجة والإدراكات القاصرة للحياة والمجتمع، والحلول السهلة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.. ولا تحل ولا تربط كما يقول المصريون.
لا يا ابنتي..
ليس ما تقومين به هو الأصوب أو الأنسب لنفسك ومشاعرك وشهوتك ومستقبلك، ومطلوب دورة أخرى غير دورة الرعب شحنا وتفريغا وإحباطا وانكسارا.
يلزمك اهتمام أكبر بدراستك وتخصصك، ولا أعني هنا زيادة الوقت المخصص للمذاكرة والتفكير بالمقررات بقدر ما أقصد تحويل الدراسة إلى عالم جذاب وممتلئ بكل ما هو ممتع ونافع، ومن الشهوات التي أرجو ألا تحرمي نفسك منها، ومن اللذات التي أرثي لكل من لم يذقها: شهوة ولذة المعرفة، ومع احترامي الشديد جدا للجنس وممارسته، والشهوة المادية وعلاقتها بالنفس والروح... إلخ تبقى لذة المعرفة من أعلى اللذات الإنسانية لمن عرفها وذاقها، ولها هزة وشبق ومذاق لو عرفه الجهال لتزاحموا عليه، وتجالدوا بالسيوف، وأعلى المعارف وأروعها معرفة الله سبحانه، ثم تتدرج المعارف بدينه وكونه وخلقه وأسراره في الدنيا والآخرة، وحين ينفتح لك إلى هذه المعارف باب ستعلمين أنك كنت على أعتاب الأعتاب، ولم تدخلي قط -حتى الآن- من أي باب، وأنت تحسبين نفسك عارفة وملتزمة و..، وأغلبنا كذلك.
ثم إن لجسدك عليك حقا يشمل المعرفة به، ورعايته، وتطبيبه إذا احتاج، وأهم من هذا وذاك أن له عليك حق التحريك والتنشيط بالرياضة، وتلك محنة أخرى، فلا تمارس الرياضة عندنا غالبا إلا الفتاة المتبرجة والجريئة أو هكذا ينظر إليها الباقون وربما اتهموها بالاسترجال!!!
ومن حق الفتاة بل من واجبها تجاه نفسها وجسدها، ثم أسرتها القادمة زوجا وأبناء.. أن تمارس الرياضة بانتظام، ولعل المشكلة في بلدك بحسب الإمكانيات الأكثر توافرا تكون أقل من بلدان أخرى ليس لديها نفس الإمكانات، ولكن لا يبقى عليك مواجهة نظرات الدهشة وتساؤلات الفضول والاستنكار أحيانا، والعشرات من دعوات التثبيط، ومشاعر التكاسل المدعوم اجتماعيا، وأنبهك لأن هذا الأمر يبدو أساسيا ومهما جدا في سنك، ولو قلت لي: أوصني بشيء يكون فيه خلاصي من وطأة الشهوة بعد تقوى الله والتوكل عليه لأوصيتك بالرياضة ثم الرياضة ثم الرياضة.
ولكن للثقافة أيضا دورا ولا أعني بالثقافة أن تقرئي أي جريدة هنا أو مجلة هناك، أو تجلسي أمام التلفاز تنتقلين بين قنوات الأطباق اللاقطة؛ فإعلامنا الفضائي متعاقد مع التفاهة، وملازم للسطحية إلا أقل القليل، والثقافة التي أقصدها أن تتوسعي في معرفة ذاتك وثقافتنا وتاريخنا مقارنة بما يدور في العالم الذي نعيش فيه والمجتمع الذي تتحركين وسطه، ولا تكتمل الثقافة إلا بممارسة الدور والنشاط الاجتماعي وله في بلدك جمعيات كثيرة ومتنوعة أحسب أن خروجك للتطوع والعمل والمعاونة بها سيفيدك من الخبرات والتجارب والاتصالات ما يضيف إليك الكثير.
وعلى غير المعتاد والشائع في مثل حالة كل فتاة عربية بعمرك، أقول لك:
حاولي الاحتكاك بالمجتمع في مجاله العام رجالا ونساء، وفي إطاره حرري نفسك، وعلاقتك بالناس -والرجال خاصة- من إطار الاقتصار على التفكير بالجنس والزواج؛ فالحياة ليست هكذا فقط كما تعرفين، وخدمة الإسلام تحتاج إلى جهود متنوعة وتتضمن دوائر أكثر وأوسع من مجرد إقامة الأسرة المسلمة..
ــــــــــــــــــــ(41/292)
ذات الخمسة عشرة: أكره أبي "مشاركة"
مع النفس, مع المجتمع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيرا على هذه المساحة المتميزة، أسأل الله أن يجعل نواياكم فيها خالصة لوجهه، وأن يجعل أعمالكم في ميزان حسناتكم يوم القيامة.
أود أن أعلق على مشكلة ذات الخمسة عشرة: أكره أبي ولا أريد الزواج .. فقد ركزت الدكتورة نعمت حفظها الله في مشكلة طلاق الأبوين، ولكني أريد أن أركز على نقطة أخرى، وسأوجه كلامي مباشرة إلى الأخت صاحبة المشكلة.
أختي الفاضلة:
كنت أستمع إلى خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله حول قول الله تعالى: "فإذا قضيتم الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله" فتذكرت رسالتك، وتذكرت قولك إننا خلقنا لهدف معين بالدنيا، وأن الوظائف الأخرى كالمهندس أو غيره ليست مهمة كفاية. فأردت أن أنقل إليك ما قاله لعل الله يجعل لك فيه فائدة.
يقول رحمه الله:
إن هذه الآية تدلنا على أن الإنسان يجب أن يكون في الدنيا بين أمرين هما: الانشغال بالمنعم، والانشغال بالنعم. أو بمعنى آخر إن قانون الله في الأرض يتكون من شقين أساسيين: عبادة وسعي. فإذا اكتفى الإنسان بالعبادة فإنه بذلك يلغي شقا أساسيا من قانون الله عز وجل. انتهى كلام الشيخ رحمه الله.
وأعود إليك يا أختي فأقول:
إن هذا السعي يشمل كل شيء في الحياة، فهو مرادف لمفهوم "إعمار الأرض" الذي خلق الإنسان من أجله.
فلكي يعمر الإنسان الأرض ويسعى فيها، فهو يحتاج إلى أن يأكل ويلبس ويسكن ويتداوى... وبذلك تظهر الحاجة إلى الطبيب والمهندس والمعلم والبناء والتاجر... وغيرهم من أصحاب المهن المختلفة، الذين يثابون بأعمالهم إذا أخلص كل منهم نيته لله سبحانه وتعالى، واستحضر هذه النية عند أدائه لعمله، مهما كان بسيطا، ومهما بدا أنه بعيد عند مجال الدعوة.
إن التاريخ يخبرنا يا أختي الفاضلة أن الإسلام انتشر بعد عصر الفتوحات في مشارق الأرض ومغاربها من خلال سلوك التجار المسلمين، وهكذا فإخلاص كل واحد منا في مهنته يمكن أن يكون في النهاية سبيلا للدعوة إلى الله، دون أن يرتبط بمؤسسات دعوية، ودون أن يكون مصدره المنبر.
وكلنا يعلم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما مر عليه رجل فرأى الصحابة من جَلدِه ونشاطه فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان".
أختاه:
ليس مطلوبا أن نكون كلنا مخترعين، كما أنه ليس مطلوبا أن نكون كلنا أنبياء.
أما عن قولك إنك لست ذكية بدرجة كافية، فإذا سلمنا جدلا بصحة هذا القول، فاعلمي أن بداخل كل إنسان منا شيء يتفرد به عن غيره من البشر، وللشيخ الشعراوي رحمه الله في هذا قول جميل، فهو يقول:
لو اعتبرنا أن نعم الله التي لا تعد ولا تحصى، تتكون من أربعة وعشرين قيراطا، فسنجد أن كل إنسان قد أخذ هذه القراريط كاملة دون نقصان، لكن كل واحد قد أخذها متنوعة، فمن لديه المال والجاه تنقصه الصحة، ومن عنده المال والصحة ينقصه الذكاء، وهكذا ميز الله كل عبد بشيء حتى يسير المجتمع ويكون التكامل "ليتخذ بعضهم بعضا سخريا".
تريدين أن تربي أولادا ينصرون الإسلام.. ما أعظمها من غاية.. ولكن كيف؟ هذا هو السؤال.
أختي الفاضلة:
انظري داخلك وابحثي عما وهبك الله، واعملي على تفعيله، فالموهبة نبتة صغيرة، تحتاج إلى من يرعاها، وكم من موهبة ماتت قبل أن تظهر، لجهل أصحابها بأنفسهم.
حفظك الله، وحفظ أرضك الطاهرة، وحررها من أيدي الغاصبين.
وسلام الله على أهل هذه الصفحة وعلى جميع المسلمين ورحمته وبركاته.
... المشكلة
د.نعمت عوض الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أولا أشكر لسيادتك اهتمامك بالمشاركة معنا -بالفكر والرأي- في مساعدة أصدقائنا على تجاوز مشكلاتهم أو حلها. كما أشكرك على هذا الملخص الجميل لكلمات مولانا الإمام محمد متولي الشعراوي التي هي فعلا درس جميل في إعمار الأرض والبحث عن الذات.
وشكرا
ــــــــــــــــــــ(41/293)
لست مغرورة.. ولا أنانية
تحت العشرين
أعاني من مشكلة سببت لي مشاكل أخرى كثيرة لا أعرف ماذا أسميها.. غيرتي الزائدة، أم رومانسيتي، أم أنانيتي، أم ماذا؟
أدخل في المشكلة:
أنا مثلا مع صديقاتي "لما أحبهم" كثيرا أغار "عليهم" بحيث أني "أريدها" أن تحبني أنا فقط، وأن تكون معزتي عندها ليست كأي فتاة أخرى.
والمشكلة أني أحبها وأحب غيرها ولا أقبل أن تحب هي غيري مثل ما تحبني. ودائما أشك في حب صديقاتي لي، فإذا فعلت شيئا أو تكلمت مع هذه (أو تلك) بطريقة (ما) أعتقد أنها لا تحبني أو تنساني.
أيضا أتعلق بالناس كثيرا، وقد أتعلق بصديقة أو معلمة لي كما تتعلق الفتاة بالشاب. أحبها وأراقب حركاتها ونظراتها. لا أحب أن "تكون" تحب الآخرين وتعاملهم مثلي.
وهذه المشكلة حصلت قريبا، (فقد) تعلقت بمعلمة كل البنات "حبوها، بس حسيت" أنها لو لم تحبني وتبادلني نفس الشعور فإنها إهانة وجرح لكرامتي، وأنا لا أقبل هذا ولا أحب أن أفرض نفسي على أحد. وإذا عاملت البنات مثل ما تعاملني فإني أغضب.
شيء آخر (هو) أني لا أحب أن يكون أحد مثلي، أحب أن أكون "غير" في كل شيء، أحب أن ألبس غير الناس، ولا أحب أحدا أن يكون مثلي أو أكون مقلدة لأحد.
بالرغم من هذا كله فإني والحمد لله علاقتي الاجتماعية ناجحة جدا، ولي صديقات كثيرات والحمد لله لا أشعر أني مغرورة أو أنانية.
لا أعرف كيف أصف حالتي بالضبط، لكن بصراحة المشكلة تضايقني؛ لأنها أحيانا تكبر وتسبب لي خلافات مع صديقاتي وأشياء أخرى.
أريد أكون من النوع "اللي بيطنش" و"عادي عنده" و"مكنش" حساسة زيادة عن "اللزوم كدة".
علما بأني عندي 16 سنة، وفي الثانوية العامة آخر سنة. ماذا أفعل؟
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
في حين أنك بدأت رسالتك بالتساؤل عن كونك أنانية أم غيورة فإنك حسمت الأمر في نهايتها معلنة أنك لست مغرورة ولا أنانية، وبين البداية والنهاية بدت المشكلة واضحة، وهي أنك لا تدركين مشكلتك؛ لأن نصف الطريق إلى حل الكثير من المشكلات يكون بإدراكها الإدراك الصحيح ومعرفة التشخيص المناسب لها.
إذا لم تكن رغبتك في إلزام صديقاتك بحبك فقط، وعدم إقامة أي علاقة مع أحد آخر، مع عدم إلزام نفسك بنفس الطلب، فتكونين أنت حرة في حب من تشائين ومن تعرفين ولا تقبلين ممن تحبينه أن يحب غيرك، إذا لم يكن هذا أنانية وغرورا؟ فبماذا تسمينه؟!
وإذا كانت المدرسة التي تعطي الاهتمام لكل طالباتها بنفس القدر بما فيهم أنت -فهي لا تهملك أو تتجاهلك ولكنها تهتم بك اهتماما عاديا مثل باقي زميلاتك- إذا لم يكن اعتبارك لهذه المعاملة إهانة وجرحا لكرامتك على أساس أنك فوق الجميع ولا بد أن تحظي بمعاملة خاصة، إذا لم يكن هذا أنانية وغرورا؟ فماذا يكون؟!.
إذا كانت رغبتك المستمرة أو شعورك الدائم بأنك "غير" في كل شيء، حتى إنك تريدين أن تلبسي غير الناس، إذا لم يكن هذا غرورا فماذا يكون؟!
قد يكون مطلوبا أن يتميز الإنسان وألا يقلد الآخرين، ولكن هذا شيء، وإحساسه من منطلق أنه "غير" شيء آخر، فهناك يصبح الأمر غرورا لا شك في تشخيصه أو رؤيته.
إن الأنانية والغرور وصفان لا يحتاجان إلى تساؤل، ولا يكفي أن ينفيهما الإنسان حتى يتصور أنه ليس كذلك فعلا، بل إنني أخشى أن تكون بعض التعبيرات الواردة في رسالتك -والتي أتصور أنك لا تلقي لها بالا- من قبيل: "أنني أتعلق بصديقة أو معلمة كما تتعلق الفتاة بشاب، أحبها أراقب حركاتها ونظراتها"، أخشى أن تكون هذه التعبيرات ناتجة عن نوع من الحب المرضي والعلاقة غير السوية في علاقاتك بصديقاتك ومعلماتك؛ لأن كل أمر له حدود يجب ألا يتجاوزها.
فالصداقة بين الفتاة والفتاة لها طبيعة تختلف عن ارتباط الشاب بالفتاة في علاقة حب، ولا يصح أن توصف علاقة فتاة بأخرى بنفس أوصاف العلاقة بين فتى وفتاة؛ لأن هذا الأمر يكون له نتائج وتداعيات خطيرة، قد توصف بالشذوذ إذا لم ينتبه لها الإنسان.
الخلاصة أنك يجب أن تنتبهي لنفسك، خاصة وأنت في سن المراهقة، لأن أي انحراف في الشخصية يمكن معالجته في هذه السن، أما إذا تم إنكاره أو تجاهله فإنه يمكن أن يطبع الشخصية بصورة يصبح من الصعوبة معالجتها فيما بعد.
وإدراكك أن ما تشعرين به نحو زميلاتك يحتاج إلى تغيير هو بداية طريق العلاج، وأن تجاوزك لحدود المشاعر الطبيعية في إحساسك نحوهن يحتاج لوقفة. وهذا ما سيساعدك لأن تتخلصي مما تشكين منه.
إن شكواك وإرسالك للمشكلة بدايةٌ تدل على وعي منك بوجود خطٍ ما يحتاج إلى إصلاح. ونرجو أن نكون ما أوضحناه لك -ولا نقصد به مهاجمة أو نقدا لك- مساعدا لك أن تري نفسك بصورة صحيحة.
قد تكون مواجهة الإنسان بحقائق لا يحب سماعها أو معرفتها أمرا قاسيا على نفسه، ولكن إذا أراد فعلا العلاج فلا بد أن يسمع بإصغاء، ويدرك بوعي حتى يستطيع العلاج بسهولة.
ألزمي نفسك بما تطلبينه من الآخرين، فإن وجدت نفسك عاجزة عنه فلا تطلبي من الآخرين ما لا تطلبينه من نفسك. واعتدلي في مشاعرك نحو صديقاتك، وقفي بها عند حدود الصداقة العادية.
واعلمي أن الفرق بين الرغبة في التميز وعدم التقليد وبين الغرور فرق دقيق، وقد يتصور الإنسان أنه غير مغرور ولا أناني وهو مصاب بذلك.
ــــــــــــــــــــ(41/294)
لبس الحجاب" ليس معركة"
مع الأهل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لقد استشرتكم من قبل ، حيث إنني عندي17سنة،و أريد أن أرتدي الحجاب، وأمي تمنعني، فقمتم بتحويل الاستشارة إلى قسم "الاستشارات الدعوية"، ولقد قاموا مشكورين بالإجابة،تحت عنوان:
أريد الحجاب.. وأمِّي تمنعني ولكن الآن وبعد محاولات أخرى في التحدث مع أمي حول الموضوع؛ فإنني أرى أن المشكلة ربما تكون تربوية، حيث إن أمي لا تجيبني قطعيًّا عندما أحدِّثها حول الموضوع، أو أي موضوع آخر، أجده مخالفًا للشرع؛ حيث إنني آخر مرة حاولت أنا وأختي التي تصغرني بعام واحد إقناعها بضرورة أن نرتدي الحجاب فلم تُجِب ولا بأي كلمة، وأيضًا لم تجب عندما حاولنا الاعتراض وعدم مرافقتها في الذهاب إلى الأعراس التي تمتلئ بالمحرمات، مع أنني أحدِّثها بطريقة جيدة وأختار وقتًا مناسبًا أيضًا.
إنني حقًّا أريد ارتداء الحجاب لما أرى في ذلك من واجب ديني في الدرجة الأولى، ثم من أهمية في المجتمع الذي أعيش فيه، علمًا أن أبي رفض التدخل في الموضوع.
ساعدوني في معالجة الوضع مع أمي، ومن أي جانب آخر فيه نقص عندي، وجزاكم الله خيرًا سلفًا. أرجو أن تجيبوني بسرعة، وجزاكم الله خيرًا.
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ابنتي الكريمة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
كم كانت سعادتنا بعودتك للسؤال مرة ثانية ومحاولة استقصائك لكل ما يمكن أن يؤدي إلى تأدية واجبك نحو الله تعالى "ارتداء الحجاب.."، كما وصفتِه بقولك: "واجبي الديني"، تملكتني السعادة وأنا أقرأ قولك: "أريد حقًّا ارتداء الحجاب.."، سعادة بوعيك وأنت تصفين إدراكك ووعيك بأهميته كواجب ديني وكضرورة مجتمعية.. وتذكرت على الطرف الآخر تلك الرسالة التي بعثت بها إحدى الأمهات تشكو رفض ابنتها لارتداء الحجاب، وهي تسأل في مرارة وألم: "وكيف أقنع ابنتي..؟".
ابنتي لن أتوقف عند كلماتك التي شرحت فيها محاولاتك الجاهدة لإقناع والدتك، وصمتها حيال رغبتك أنت وأختك، ولكن سأمسك طرف الحديث من آخر كلماتك "ساعدوني.. ومن أي جانب فيه نقص عندي..".
ذلك يا ابنتي ما أودُّ أن أشرحه لك، فنعم ما زال عندك نقصٌ في أمور لم تفعليها، لمحت هذا في كلماتك المعبرة عن محاولاتك "حاولنا إقناعها..، حاولنا الاعتراض.."، ولن أشرح لك بالكلمات أين الخلل، بل سأقصُّ عليك حكاية ربما تفهمين منها بعض ما أريد.
ربما سمعت عن الشيخ أحمد القطان، وهو داعية كويتي، حكى في إحدى كتبه قصة التزامه وما لاقاه من معارضة والده، وما بذله من محاولات جاهدة لإقناعه لفظيًّا بالكلمة والموعظة الحسنة، لكن لم تفلح الكلمات، ولا المواعظ، ولا أساليب الإقناع الحكيمة في صدِّ الوالد عن اعتراضه.. وتمرُّ الأيام بمرض والده بمرض أوهن جسده، ونال من قواه حتى ما كان ليقوى على الذهاب إلى الحمام لقضاء حاجته، فكان ولده الداعية يحمله في كل مرة يريد فيها قضاء حاجته، وربما أعجلت الوالد حاجته في بعض المرات فيقضيها على يد ولده، فما كان من الداعية إلا الصبر على والده، واحتمال مرضه وضعفه ببرٍّ، وإيمان، ورضًا، محتسبًا متمنيًّا أن يحظى ببعض ثواب برِّ والديه.
ويبرأ الوالد ليقارن بين احتمال ولده الداعية وغيره له، وليدرك الوالد أن ما أصبر ولده عليه هو شيء مختلف طرأ على ولده، وهو الالتزام، والأصحّ أنه العيش بهذا الالتزام بالفعل قبل الكلمات، وهذا ما أريد منك أن تفعليه.
وتذكَّري وأنت صغيرة لا تعين شيئًا، هل انتظرت والدتك حصولك إلى الوعي بحبِّها لك أم قدمته لك من أول يوم إحساسًا وشعورًا، فهمتِ أنت وترجمتِه عندما عقلت معنى الكلمات، وبالتالي:
- دعي محاولات الإقناع اللفظي وكفى الكلام، فما عاد يفيد مع وجود الشرخ الذي وُجِد في علاقتك بأمك، فأنت بكلماتك ومواعظك التي تخاطب عقلها دون قلبها، بقول دون فعل قد وتَّرت علاقتك بها، فهي تسأل نفسها: ما هذا الالتزام الذي سيقلب كل ما صنعت، فبعد أن كانت ابنتي تسمع كلماتي تريدني أن أسمع كلامها باسم الالتزام، بعد أن كانت طوع يميني تتمرد عليَّ باسم الالتزام، بعد أن كنتُ مصدر معرفتها وفخر ثقافتها أصبحت تعلوني وتكسرني باسم الالتزام.. فأي شيء هذا "الالتزام" الذي سيقلب حياتي، وينزع عني سلطاني، ويصيبني في تعب عمر مضى وعمر آت رهن على بناتي؟!! لا بد إذن أن أحارب وأعترض عليه.
ولأن والدتك تتمنى لك كل خير، ولأن ما من أم إلا وتتمنى أن تتسلَّح بناتها بما يحميها في هذا المجتمع المتقلب المليء بالذئاب البشرية - كما تراه كل أم -، فهي لا تجد ما تعترض عليه، ولا تحتمل في نفس الوقت أن يأتي من ينتزع سلطانها على بناتها، وحيال ما تعانينه من صراع لا تجد إلا "الصمت".
- وبالتالي اتجهي إلى تصحيح هذه الصورة، وإلى طمأنتها إلى هذا الالتزام بطاعة الله سبحانه وتعالى هو جزء من منظومة ربَّانية، يعني الالتزام بشيء منها الالتزام بكل أوامر الله ونواهيه، وعلى رأسها "برّ الوالدين" الذي يأتي بعد توحيد الله مباشرة.
- اتجهي إلى فعل ما تحبه وتريد ويعجبها هي، نعم أنت تصنعين الكثير، لكن ربما ليس ما تحبه وما يهمها هي، ربما هناك اختلاف في وجهات نظركما.
قد تظنين أن محافظتك على الصلاة، وحمد نعم الله هو يسعدها، أجل يسعدها، لكن كما أن هناك أشياء بسيطة تعجب البنات "وأنت أعلم بذلك" هناك أشياء صغيرة تسعد الأمهات أو تكدر عليهن صفو حياتهن، وأشدُّ ما يقسو عليهن كلمات "الاعتراض" والشعور بأنهن ما عُدْن قادرات على السيطرة على بناتهن، شعور الغيرة القاتلة أن هناك من صوته أعلى عند بناتهن من صوتها.
- لذا لا تحاولي الاختلاف معها، وإذا اختلفتما حول شيء مهما قلَّ شأنه فكرِّري على مسامعها "أمي لن أعمل أي شيء إلا إذا كنت راضية"، وكوني صادقة في ذلك. قولي هذا لها، وأنت تجلسين على ركبتيك وتضعين يديك على قدميها، تلمسين كفيها وتقبِّلينها، ثم تحركين لتقفي خلفها مقبِّلة رأسها، وواضعة يديك على كتفيها.
- لا تنسي تقبيل يديها في كل صباح ومساء، وهناك أشياء أخرى تسعدهنّ، مثلاً عندما تطلب حذاءها أسرعي بها، وانحني بحسدك كله لتضعينه عند موطئ قدميها.. حبيبتي لن أحيرك "هل تذكرين ما كانت تفعله معك وأنت صغيرة؟" ربما بعضه افعليه أنت الآن معها وسأساعدك:
- تعهُّد ملابسها وجواربها، والاطمئنان على كيِّهم ونظافتهم.
- كوب من الشاي الدافئ في ساعة العصر تحضرينه لها دون أن تطلب منك.
- مساعدتها في ترتيب أغراضها وإحضارها من السوق.
- حمل عبء متابعة كي ونظافة ملابس والدتك، ومحاسبة من تتعاملون معهم من البائعين ممن يحضرون لكم الطلبات حتى باب البيت.
- تعهُّد مذاكرة أحد إخوتك الصغار تكونين مسؤولة عنه مسؤولية كاملة. ملابسه، مذاكرته.. متابعة أصدقائه.. أحواله.. ولتتعهد أختك الأصغر أخًا آخر.
- ولا تنسي تحضير منضدة الطعام.
- لماذا لا تهيئي لها الجو لتأخذ إجازة قصيرة ولو ليوم واحد مع أبيك، وتتعهدي أنت إخوتك في هذا اليوم.
- ولا تنسي أشياء بسيطة قد تفعلينها دون قصد تغضبها، مثل إطالة الحديث في الهاتف - التحدث بصوت عالٍ - مصاحبة فتاة لا ترضى عنها، ولن يضرك عدم الحديث عنها أمام والدتك.
أيضًا مسألة ترك غرفتك دون ترتيب أو نظام، وعدم تعهُّد نظافتك وجمال شعرك بالعناية، عدم إجابتها عندما تطلب منك فعل شيء وأنت مشغولة بشيء آخر، مثلاً تطلب منك إخراج الملابس من الغسَّالة ونشرها بينما أنت مشغولة بمتابعة برنامج مهم، أو تتحدثين حديثًا شيقًا ومثمرًا مع صديقة جاءت لزيارتك فتقولين "حاضر سأفعل"، بينما يأخذكم الوقت ويغضبها ذلك، فلماذا لا تطيعينها في الحال، وتعطين صديقتك درسًا في برِّ الوالدين، وتحضري الغسيل، وتنتقلي مع صديقتك إلى جلسة الشرفة تتحادثان، وأنت تصنعين ما تودُّه والدتك.
- لا تملِّي من تكرار كلمات الشكر والثناء لها، وعلى كل ما تصنع من طعام أو شراب، وحتى على ملابسها وعلى ذوقها في اختيار كل جديد.
- لا تتدخلي أبدًا في قراراتها إذا حضرت تعاملها مع أحد إخوتك، حتى وإن كانت مخطئة في قرار منهم، بل داوي الموقف، وخذي أخاك أو أختك وقولي له/ لها أمك تحبك، ولهذا فعلت ما فعلت فهي تريد الخير لك.. هي أعلم منا بأشياء لا نعرفها؛ لأننا ما زلنا صغارًا.. هي فقط غاضبة مما فعلت، وعندما تهدأ ستعود إلى سابق عهدها، عليك أن تعتذر لها، تعالَ ماذا طلبت منك هيا نصلحه سويًّا..
- اجعلي شعارك من كل ما سبق وهدفك إعادة علاقتك بوالدتك إلى سابق عهدها، وبالتالي حاولي أن تكوني مريحة، واسمعي منها أكثر ما تُسْمِعيها وأكثر مما تتكلمين، لَكَما قلت لك ما من أمٍّ تحب أن تكسرها ابنتها بمعرفتها أكثر منها، وبالتالي عليك القناعة بأنه من الصعب أن تصلِي إلى غرضك بالقوة، وخصوصًا أنك ما زلت صغيرة، وأنا أعرف أمثلة لبنات كثيرات وضعن أهلهن أمام الأمر الواقع، ولبسن الحجاب رغمًا عن أهلهن، ولكن النتيجة استمرار توتُّر علاقتهنّ بذويهن لسنوات، وأنا شخصيًّا وقعت في هذا، ولكن بعد جهد جهيد لسنوات وسنوات استطعت علاج هذا الشرخ بأشياء بسيطة "فعلت ما تحبُّه أمي، وسمعت منها أكثر مما أتكلم معها، أشياء بسيطة كالتي فكرت معك فيها".
- وشيئًا فشيئًا سيصلح ما بينكما، وعندما تكون أمك مستعدة للسماع منك، ابدئي في الحديث معها بشكل مختلف، وكوني على يقين أن الأمهات أضعف البشر قلوبًا أمام فلذات أكبادهنَّ، فستلين بسرعة، وستعود لسابق عهدها.
- ويتوازى مع حديثك المختلف أن تمهِّدي للبس للحجاب، فبالتدريج أطيلي كُمّ ملابسك، وكذلك طول فستانك، لكن عليك الانتباه إلى اختيار الألوان الجميلة المفرحة والمحتشمة أيضًا، واختيار موديلات تليق بسنِّك، حتى تعلم والدتك وترى أن التزامك يزيدك جمالاً، وتألقًا، وطاعة، وألفة، ويمكنك الاستعانة بصديقة لوالدتك في هذا الشأن أو خالتك ممن يتمتعن بحسن الذوق، وكذلك فهمك وفهم ما تودِّين صنعه.
- ولا تنسي من وقت لآخر إحضار هدية بسيطة، ويا حبذا لو كانت من صنعك، وعلَّمتها لك مدرِّسة فاضلة أو خالتك.. لتقدمينها لوالدتك لتشعر أو تستشعر قيمة التحول الذي سيُحْدِثه التزامك في نفسك، وفي بناء شخصيتك؛ لتشعر أنه شيء سيعينها على تربيتك، لا شيء سيأخذك منها.
ابنتي الحبيبة..
الالتزام ليس معركة، وإنما بناء لبناتك فيها طاعة أمك، والبُعْد عن كلمة لا، وإستراتيجية التدريج، وبالتدريج ستلين والدتك إذا ألنت الجانب لها، وتذكَّري قوله تعالى: "أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِين..."، فاخفضي جناح الذِّلَّة لها من الرحمة، وقولي دائمًا: اللهم ارحمها كما ربَّتني صغيرة.. اللهم اهدِها. كل ما ذكرته لك أسباب أرضية لا بد أن تستحضري فيها النية لله تعالى حتى يعينك، وأن تصديقه الإخلاص فيها، ولا تنسي ركعتين قبل الفجر تدعين فيها دائمًا أن يفتح الله بينك وبين والدتك بالحق فهو خير الفاتحين.
تذكَّري الالتزام ليس معركة يرفع أحد طرفيها راية الاستسلام، بل هي سفينة حياة، على الجميع أن يرفعوا فيها راية الإسلام
ــــــــــــــــــــ(41/295)
التدرج علاج الخوف
مع النفس, الخطبة
السلام عليكم.. عندي مشكلة غريبة، هي أنني أخاف من النوم وحدي، علمًا بأن عمري 14 سنة، وأنا مع الوالد والوالدة، وأنا مقبلة على الصف الأول الثانوي، والجميع يستهزئ بي لكبر سني، ولكني فقدت السيطرة على نفسي، فلا أرغب حتى بالتفكير في محاولة النوم في غرفتي وحدي.. أرجو المساعدة. ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الابنة الفاضلة..
إن رسالتك وطلب المساعدة دليل على تميزك وفطنتك، وهذا سيساعدك كثيرًا في التغلب على مشكلتك بإذن الله تعالى.
الخطوة الأولى في علاج مشكلتك هي أن تجلسي مع نفسك ومعك ورقة وقلم، وتكتبي كل الأسباب أو المخاوف التي تدعوك إلى رفض النوم في الغرفة وحدك، وحاولي أن تعصري تفكيرك بحيث لا تتركي أي سبب، بعد ذلك قومي بترتيب هذه المخاوف حسب درجة تأثيرها عليك تصاعديًّا بحيث تبدئين بالسبب الأقل، ثم الأكبر، وهكذا ... ، حتى تنتهي من ترتيبهم جميعًا، بعد ذلك ناقشي مع نفسك السبب الأول لهذه المخاوف، وهل هو سبب منطقي، وهل هناك وسيلة للتغلب عليه، وهكذا مع السبب الثاني والثالث، حتى تصلي إلى أكبرهم.
ثم استرخي تمامًا، وأغمضي عينيك، وتخيلي أنك قد تخلصت من مخاوفك كلها وتنامين في غرفتك وحدك، وكرِّري هذا الأمر في أيام متتالية، ثم انتقلي إلى عالم الواقع بأن تدخلي غرفتك وتنامي وحدك والغرفة مُضاءة، ويكون معك أحد الأبوين جالسًا بجوارك حتى تستغرقي في النوم مع الاستمرار والإصرار على فعل ذلك وعدم التراجع، والصبر مع بعض القلق والخوف الذي ينتابك؛ لأنه بمجرد مرور الموقف وتحمل بعض القلق والخوف ستتغلبين على المشكلة.
مشكلتك بسيطة، وتحتاج منك إلى رغبة في التخلص منها، ويقين بأن المخاوف لن تفعل معك شيئًا أكثر من الإحساس بها، ولن يترتب عليها أكثر من ذلك.. نفِّذي الخطوات التي ذكرناها لك، وإذا نجحت وستنجحين بإذن الله تعالى،
ــــــــــــــــــــ(41/296)
حديث القلوب على الهواء
مع الجنس الآخر, مع النفس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم على هذا الموقع، سأدخل بالموضوع دون إطالة:
أنا فتاة عمري 14 سنة أريد أن أعرف هل الشات حرام أم حلال؟ إذا كان لا يوجد فيه أي حرام، بل مساعدة على فعل الخير. فقد تعرفت على شاب وهو يساعدني كثيرًا، ويعرفني الصحيح من الخطأ، لكنني أخاف أن يكون كلامي معه حرامًا، أرجو أن تعلموني. ولكنني قلت له في يوم إنني اشتقت له ولمحت له بحبي فهل هذا حرام؟ وهل يغضب مني الله عندما أقول له هذا؟ أرجو أن تفيدوني وجزاكم الله خيرًا.
وأريد أن أسأل أيضًا كيف يعرف الإنسان إذا كان عمله رياء أو لا؟ فأنا أخاف أن تكون أعمالي رياء مع أنني أكون متوجهة إلى الله تعالى، لكن أحيانًا يخطر ببالي وأفكر في الناس وماذا سيقولون عني؟ فأخاف أن يكون ذلك رياء.
جزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
أ.أسماء جبر أبو سيف ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ابنتي الحبيبة / حفظك الله تعالى..
سلام الله عليك وعلى فلسطين الغالية، أسأل الله تعالى أن يفك أسرها ويعيدها لأصحابها.. اللهم آمين.
لقد أحسست من رسالتك بشفافيتك وحساسيتك الجميلة، فيبدو أنك تحبين الحلال وتكرهين الحرام، وهذه من علامات الإيمان بالله تعالى، وكل إنسان خطّاء وخير الخطائين التوابون. وكذلك سؤالك عن الرياء كله يدل على معدنك الطاهر.
والآن إلى سؤالك يا ابنتي: هل "الشات" حلال أم حرام؟
أقول: كل ما سخَّره الله عز وجل لنا يا نورة حلال، حتى نستخدمه في حرام.. سواء كان أذى للنفس أو الدين أو الغير بأي شكل من الأشكال.
وأنا أسألك فأجيبي بصراحة مع نفسك:
إذا وضعت سؤالك (حديثك مع الشاب) في ميزان، فأية كفة تختارين الحق أم الباطل؟
وهل يريحك نفسيًّا ويرتاح ضميرك أن تحدثيه وتقولي له: أحبك ومشتاقة إليك؟
إن قلبك الرقيق المؤمن قادر على الإجابة الصريحة بلا شك. وهو أمر لا يليق بالمؤمنة، ولا يحبه الله ولا رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
ألا يمكنك الحصول على المساعدة من غير هذا الطريق أو هذا الشخص؟
وماذا لو اكتشفت يا ابنتي أن هذا الشخص هو فتاة مثلك؟ أو رجل كبير في السن أو شاب منحرف... إلخ؟ ماذا سيكون رد فعلك؟
وهل يرضى والداك عن هذا التصرف؟
حسنًا، سأدخل معك في جانب آخر فأنت فتاة في سن البلوغ وتقيمين مع والدتك فقط، ومحتاجة لوالدك ينصحك ويعينك ويحميك ويمنحك السند العاطفي والأبوي، ولكن هناك الملايين في العالم من الأطفال والشباب فقدوا آباءهم، بل ووالديهم، فهل هذا مبرر لهم ليفعلوا الخطأ؟
ولماذا لا تتخذي من إخوتك في البيت أصدقاء لك؟
وأمك يبدو أنها على ثقافة عالية وتفهم، اقتربي منها، ستجدين صدرها دافئًا حنونا محبًّا.
اتخذي صديقات متدينات، ستجدين أنهن خير رفيق، يُعِنّك على الحق، ويُبْعِدنك عن الباطل.
ابنتي أنصحك بالابتعاد عن (الشات) ما دام يضيع وقتك بما هو محرم. ولا شك أن العلاقة التي ذكرتها غير شرعية ولا ترضي الله تعالى حتى لو كانت عبر الشاشة فقط. أليست تؤثر في نفسك ونفسه وتجرف عواطفكما إلى غير الاتجاه الحلال الذي يحبه الله تعالى؟
أنصحك يا ابنتي الغالية بقضاء وقتك مع أهلك أو بحفظ القرآن الكريم، فأنت فتاة ذكية كما يبدو، مارسي الرياضة والهوايات النافعة والممتعة كالرسم والكتابة والأشغال اليدوية، أو حتى إبداعاتك على الحاسوب، وغير ذلك مما يبهج نفسك ويطرد عنك المعصية. واستغفري الله تعالى، واستمري في حياتك الإيمانية مع الله سبحانه تطيعينه وتهدين الآخرين إليه.
وأنتم أهل الرباط يا نورة لديكم أعظم عمل تقومون به: الجهاد في سبيل الله بكل الوسائل.. بالكلمة والعلم، والمثقفات مثلك قادرات على عمل الكثير بإذن الله عز وجل. اهتمي بعلمك ودراستك وتفوقك، ومن المبكر الآن النظر في أمور الزواج والشباب وغيره. أنت الآن بحاجة لتقوية شخصيتك وعلمك ودينك، فليس من شاب محترم يرغب بفتاة غير مثقفة ولا متعلمة ولا متدينة، وأنت يمكنك أن تكوني هؤلاء جميعًا.
اقتربي أكثر من أسرتك، ساعدي إخوتك الصغار، وأدخلي البهجة إلى نفوسهم، وكوِّني صحبة من إخوتك ووالدتك فسوف تعرفين أنهم أخلص الأصدقاء وأكثرهم وفاء.
أما بخصوص سؤالك عن الرياء وكيف نعرف أن عملنا رياء أم لا؟ فأقول:
الرياء يا حبيبتي هو النية التي نبتغي بها رضى الناس، وأن يقولوا عنا مثلاً: إننا نتقن الصلاة وإننا خاشعون.. تتداخل وسوسة الشيطان أحياناً، خاصة عند إخلاص الإنسان العبادة لله سبحانه، فعليك ألا تهتمي بهذه الوساوس، وعليك أن تخشعي في الصلاة، أو تتقني عملك لله تعالى بنفس الدرجة، سواء كنت وحدك أم أمام الناس.
وإياك أن تقصّري صلاتك مثلاً حتى لا يظنوا أنك مرائية، بل احرصي على الخشوع سواء بحضور الناس أم بغيابهم.
وإذا كانت نيتك من العبادة تعليم الآخرين للاقتداء بك، أو إغاظة الكافر واليهودي فهذا ليس شركًا ولا رياء، بل لك أجر تعليم الآخرين الخير والعبادة.
حاولي التركيز في العبادة قدر الممكن وتدريجيًّا، وعندما تتدربين على ذلك سيكون من السهل أن تصلي بخشوع دون وساوس الشيطان بإذن الله عز وجل، ولكن مع التدريب يسهل ذلك. وأكثري من القراءة في موضوع الخشوع مثلاً لتقوي لديك أسبابه وتفاصيله فتتغلبي على الوساوس.
وأخيرًا -يا نورة الحبيبة- أتمنى أن تتمكني من التزام موعظة أو درس إيماني يزودك بكل ما تحتاجين إليه، ويقوي عزيمتك على الحق والصبر.
أتمنى لك التوفيق والسداد بإذن الله سبحانه وتعالى.
ــــــــــــــــــــ(41/297)
ذات الخمسة عشرة: أكره أبي ولا أريد الزواج
مع النفس, مع المجتمع
عمري 15 عامًا.. مشكلتي أنني لا أعرف ماذا سأفعل بحياتي، لا أريد أن أتزوج عندما أكبر؛ لأنني لا أريد أن يكون أطفالي الضحية، فأنا أعتقد أن الزواج كله مشاكل، وأرى أننا خلقنا لهدف ما معين بالدنيا، وأنا هدفي إما أن أربي أولادي بطرقة ترضي الله وأنجب أولادًا ينصرون الإسلام ، أو أن أخترع شيئًا معينًا، ولكني لست ذكية لهذه الدرجة.
أما الوظائف الأخرى كمهندس أو أي شيء آخر فأعتقد أنه ليس مهمًّا كفاية، ولا أدري ماذا سأفعل؟ كما أنني أشعر بوحدة كبيرة نتيجة سفر صديقتي، وأنا هنا بالمدرسة أصادق فتيات لكن زمالة، ويوجد صديقة لي متعلقة بي جدًّا وتعتبرني أكثر صاحبة لديها، وأنا أقول لها إنها صديقتي فهل أخدعها؛ لأنني أعتبرها صديقة لكن ليس بالدرجة التي تحسبها؟؟
كما أريد معرفة شيء آخر وهو أن أبي وأمي مطلقان وأعيش مع أمي، وأبي لا يهتم بنا ولا يسأل عنا بالمرة، ربما فقط يعلم أسماءنا وأشياء أخرى بسيطة، فهل أكون أنا عاقة له أم لا ذنب عليّ ؛ لأنني لا أتكلم معه فهو أصلاً لا يسأل وأنا أكرهه جدًّا، فهل هذا حرام؟ وشكرًا لكم.
... المشكلة
د.نعمت عوض الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ابنتي..
جميل أن ينظر الإنسان إلى المستقبل، ولكن أليس المستقبل القريب أولى بالرؤية والتخطيط؟
لماذا سافرت بخيالك إلى المستقبل الأبعد حيث الزواج والأسرة والأطفال؟.. لماذا لم تقتربي في خيالك قليلاً إلى إتمام الدراسة المدرسية ثم الجامعية؟
تقولين إنك لست ذكية إلى هذه الدرجة.. لماذا؟؟ ربما لأن درجاتك في المواد الرياضية والعلمية ضعيفة، ومن قال: إن المواد العلمية والتفوق فيها دليل الذكاء، وإن المواد الأدبية عكس ذلك؟
بالطبع يا ابنتي لقد خلقنا الله تعالى لهدف معين وهدف كبير وهو إعمار الأرض، ولكن الجميل في الخلق أن الله سبحانه قد جعل كل إنسان ميسرا لما خلق له، أي أن الله عز وجل يختص كل إنسان بميزة معينة تساعده على أداء المهمة التي خلق من أجلها، وأنت عندك من المواهب والأفكار الكثير، وهذه ليست مجاملات، فيكفيك أنك فكرت في طرح ما تجدين من مشاكل على متخصصين ليساعدوك على تجاوزها؛ لأن هذا يدل على سعة أفق ورجاحة تفكير، وعقلية تحليلية مرتبة.
إن طلاق الآباء يؤثر بالسلب دائمًا على الأبناء.. وربما -يا ابنتي- أن العلاقة المتدهورة بينهما لا تسمح لأبيك بالسؤال أو التواجد بينكما، فليس دائمًا حين يتم الانفصال يظل الطرفان أصدقاء، وهذا ما يجعل أباك بعيدًا عنكن يا ابنتي ليس زهدًا فيكم فأنتم أبناؤه، ولكن خلافًا مع الأم، فلا تتصوري أبًا لا يحب أبناءه فهم قطعة منه.. لا تكرهي أباك وحاولي الاقتراب منه كلما سنحت لك الفرصة، وأظهري له محبتك حتى ولو لم تكن حقيقية في البداية وستجدينه يقترب منك أكثر ويهتم بك أكثر.
لقد سقطت أنت وإخوتك في الفخ بين أبويك فيجب عليك الآن بعد أن كبرت وأصبحت أكثر تعقلاً أن تفصلي تمامًا بين علاقتك بكل منهما، فلكل منهما حقوق عليك أبسطها البر وحسن المعاملة.. لو لم يتصل هو اتصلي أنت وأعلميه أنك تتصلين فقط لتطمئني عليه.. قد يتعجب في البداية، ثم سيعتاد اتصالاتك ويبحث عنك.. تستطيعين أنت يا ابنتي بالمداومة أن تستعيدي الأب الذي خرج من حياتك بدون ذنب وطبعًا هذا يرد على سؤالك.
كراهية الأهل لن أقول لك إنها حرام فلا أعتقد أن هناك ما يحرمها، فالتحريم هو لسوء المعاملة بأبسط الأشكال وهو قول "أف"، أما المشاعر فهي ليست واردة في الحساب، ولكن لماذا يا صغيرتي تفقدين ذخيرة الأب وهي عون كبير على الحياة.. أنا أتمنى أن تعكسي الوضع، وتقلبي هذا الشعور بالنفور إلى محبة هادئة لطيفة.. جربي وأبلغيني بأخبارك.
بالنسبة لصديقتك التي سافرت، ألا يوجد وسيلة اتصال بينكما مثل الخطابات أو الرسائل الإلكترونية؟ إن هذا التفاعل سيجعل البُعْد المادي هو العقبة الوحيدة للتواصل بينكما، وأنت لا تخدعين صديقتك الأخرى حين تخبرينها أنها صديقتك، فهي فعلاً كذلك وأنت فقط لا تريدينها أن تحتل مكان الأخرى في قلبك، وإن كان القلب يتسع لأكثر من صديقة.
استمتعي بصداقتها ومحبتها لك وثبتي تركيزك كله على التفوق الدراسي في كل مرحلة على حدة، فالحياة خطوات، ومن حسن الفطن التعامل مع كل خطوة على حدة على أنها هدف مرحلي.. وأريد أن أسمع منك في رسالتك القادمة أنك نسيت التفكير في الزواج وإنجاب الأطفال مؤقتًا، وأنك صببت تركيزك على دروسك وإصلاح علاقتك بوالدك.. مع كل حبي.
ــــــــــــــــــــ(41/298)
يا بني.." احفظ الله يحفظك"
مع المجتمع
بعد السلام و التحية أنا طالب بالإعدادية فى إحدى مدارس مصر - و أنتم على دارية أكثر منى أن مصر دولة متفتحة جداً جداً -.
أنا كنت أريد أن أسألكم ماذا أفعل إذا وجدت المنكر يحدث فى المدرسة ؟ أنا يا سادة فى مدرسة خاصة و مشتركة يحدث فيها الكثير من المحرمات - حتى لو كانت خارج المدرسة - فزملائى بالمدرسة يواعدون زميلاتى بالمدرسة على الخروج ليلة يوم معين فأحببت أن أعرف ماذا يفعلون هناك ؟! فوجدتهم يمارسون الجنس و المحرمات من كل الأنواع، فأحببت أن أعيدهم إلى صوابهم فقالوا إننا فى بلد حرة تنتشر فيها الديمقراطية ، فتوجهت إلى ناظرة المدرسة، و يا للعجب عندما قالت لى نفس هذا الكلام و أضافت أن ما يفعله الطالب خارج المدرسة شئ خارج مسؤوليتنا ،و أنا أعلم بذلك أكثر منك .
و خرجت من المدرسة فى ذهول تام و استغراب و صرفت نظري عن الموضوع بعد أن فشلت في إصلاحه و لكن قامت مدرستنا برحلة يوم كامل إلى إحدى المناطق بمصر فاشتركت فيها، و ما أدراكم ما رأيت فقد رأيت الصبيان يأخذون الفتيات إلى أماكن شبه منعزلة و لا أطيق أن أخبرك ماذا رأيت هناك ، و أنا من يومها معذب الضمير لعدم استطاعتي فعل أى شئ . فأخبروني يا سادة ماذا أفعل ؟
... المشكلة
فريق أستشارات تربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بداية لا بد أن أحيي فيك ابننا العزيز تلك الروح الطيبة وتلك المشاعر الجميلة الحية التي ترفض الخطيئة وتأبى أن تألف الانحراف وترضاه، فرفضك وإصرارك على إيصال تلك الشكوى بعد أن نصحت زملاءك في المدرسة، بذرة خير نسأل الله عز وجل أن تنموا ويشتد ساعدها لتساهم في نهضة الأمة وخيرها وسعادة أبنائها.
يا بني يقول الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم): " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". فنحن مأمورون بأن ننكر المنكر وبأن نؤدي دورنا في النصح والإرشاد بما نمتلكه من وسائل بدافع الحب لإخواننا وأحبائنا ليجتنبوا الوقوع في الانحراف وبراثن الشيطان، بالكلمة الطيبة والإرشاد الحسن، فما قمت به من أروع صور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ظل ما تمتلكه من وسائل.
ولا بد أن أذكرك بأننا نعيش زمنا تراجعت فيه القيم وتراجع فيه الحس الإسلامي نتيجة للانفتاح الذي ذكرت، وزملاؤك هم ضحايا الانفتاح والانفلات الثقافي الذي تعيشه أمتنا في حاضرها، فوسائل الإعلام التي تبث على مدار الساعة أفلاما وبرامج تثير غرائز الشباب وتعلمهم طرق الانحراف والخطيئة، وفي ظل انشغال الآباء والأمهات عن متابعة أبنائهم ومراقبة سلوكهم وتوجيههم، فامتلكت عقولهم وقلوبهم وأصبحت هي الموجه لسلوكهم وتصرفاتهم عبر ما يشاهدونه من مشاهد، فتلك هي الحقيقة، وذلك هو المجتمع في غياب النهج الإسلامي، فلا عجب من أن تكون النتائج ما تشاهده في تصرفات زملائك وزميلاتك، ولا يغرنك ما يبدونه من سعادة بفعل الخطيئة فإن آثار الآثام لا بد وأن تلحق بصاحبها، وفيما نسمع ونرى من قصص حوادث وضحايا الانحراف من أبنائنا الشباب عبرة لنا، والحرية التي يدعونها لن تغير في حقيقة الأمور وخطورتها شيئا.
ومع ذلك فقد حمى الله شبابا واعيا من أمثالك رفضوا الانصياع لنزوات الشياطين وخطاهم فاحرص على أن تجد من بين زملائك من يعينك ويقوي عزيمتك وإيمانك ، وستجد أمثالك إن شاء الله في مدرستك والحي الذي تسكن فيه وبين أقربائك ليكونوا أصدقائك المقربين ورفاقك الدائمين، واحرص دائما على أداء الصلاة وتلاوة القران ولتكن وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما دائما أمامك (يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف) رواه الترمذي
وقد عرفت الخطيئة التي وقعوا فيها وحماك الله منها هذه المرة فاحرص أن لا يدفعك الفضول مرة أخرى لمرافقتهم ، ذلك أنه مدخل للشيطان وقد يدفعك ومن باب الفضول أيضا لا قدر الله لأن تمارس بعضا من سلكوياتهم الخاطئة، فالبعد عن مواطن الشبهة والخطيئة من أهم الحمى التي تمنع الوقوع فيها، فأنت وأمثالك أمل لهذه الأمة نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظكم .
ــــــــــــــــــــ(41/299)
نقابي بين جدتي ورغبتي
مع النفس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. المشكلة تخصني فأنا فتاة أبلغ من العمر 15 سنة، لم يتدخل يوم من الأيام والدي في لبسي للحجاب، فأنا تحجبت وعمري 12 سنة دون تدخل أحد من العائلة، ولكن عندما كبرت قليلاً تقريبًا عمري 13 - 14 سنة أصبحت جدتي (أم أبي) تكلمني في موضوع النقاب، وأنا غير مقتنعة، ولكن من كثرة ما تحدثني في الموضوع نفسه وعدتها عندما تبدأ السنة الدراسية سألبس النقاب، ولكن الآن أنا لا أحب النقاب، وأعلم أنه عندما ألبسه يجب أن ألتزم به. الرجاء منكم أن تحببوني بالنقاب وإقناعي به، وأنا لا أريد أن أنزعه حين ألبسه. ... المشكلة
... ... الحل ...
...
... ابنتي الحبيبة، واسمحي لي أن أقول ابنتي وصديقتي الحبيبة،
فما أجمل أن أستعيد ذكريات أجمل أيام حياتي بصداقتك والحديث مع من هم في سنك من ذوي النفوس الشفافة، والعواطف الجياشة، والمشاعر المرهفة، والحماس المتقد، متعك الله تعالى بهذه الأيام وزودك فيها بالزاد اللازم للأيام القادمة.
ابنتي الحبيبة من سؤالك الرقيق شعرت أنك ممن قال فيهم الشاعر:
فيَحنُّ ذاك لأرضه بتسفل..................ويحن ذا لسمائه بتصعد
ولا شك أني أقصدك من الفريق الثاني، فلقد كانت لديك الهمة في ارتداء الحجاب دون حثٍّ من أحد في سن مناسبة، وكذلك يبدو من سؤالك حبك لفعل كل خير وفضيلة؛ كما أن رغبتك في طاعة جدتك وإرضائها والبر بها، وهو ما يدلِّل على كل هذه الأمور، ولكن في موضوع النقاب لنا معًا حديث.
ابنتي وصديقتي -كما اتفقنا- تذكرين في سؤالك أنك (غير مقتنعة) بموضوع النقاب.. إذن فلماذا تريدين أن تفعلي شيئًا أنت غير مقتنعة به؟؟.. بالطبع أنا أقول لك هذا الكلام؛ لأن ارتداء النقاب أمر فيه اختلاف، وهو قول جمهور فقهاء الأئمة، منذ عصر الصحابة -رضي الله عنهم- كما سيبدو لك من الفتاوى التي سأوردها لك في نهاية الاستشارة، أما لو كان حديثنا عن فريضة فلا يوجد في أداء الفريضة اقتناع من عدمه، فالاقتناع هنا اقتناع بالعبودية لله سبحانه، وإطاعة أوامره وليس بالأمر نفسه "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِينًا" (الأحزاب: 36).
واسمحي لي أن أصارحك أنني شعرت من سؤالك أنك تميلين إلى الاعتقاد بكون النقاب فضيلة تحبين التقرب إلى الله سبحانه بأدائها وإرضاء وبرّ جدتك..
وبالتالي فنحن نتحدث عن فضيلة يجوز لك فيها الخيار -حسب ما غلب على ظني من كونك مع قول جمهور فقهاء الأئمة القائلة بكونها فضيلة- وإن لم تتوفر لديك الدوافع الكافية لفعلها.. فماذا تنتظرين مني أن أفعل؟
هل تريدين أن أقنعك به وأنت تقولين: "أنا لا أحب النقاب"، ولم أقنعك به إذا كنت لا تحبينه؟ هل تريدين أن أحاول أن أوجد الرغبة لديك نحوه؟ وهل لو فعلت ذلك -كما سبقتني جدتك- ستحبينه وتقتنعين به؟ ولو ارتديت النقاب الآن هل ستشعرين بالسعادة والرضا والقناعة التامة؟ وهل ستلتزمين برضا بكل ما سيفرضه عليك من التزامات؟
ولم ارتديت الحجاب وحدك دون إلحاح من أحد؟.. ألم تكوني مقتنعة ومحبة لهذا الأمر ففعلته بدون تردد وبكل سعادة، وها أنت اليوم تفخرين أن وفقك الله عز وجل إليه وتحمدينه على أن يسَّر لك طاعته؟
إنك تقولين: "أنا لا أريد أن أنزعه"، ولِمَ تفكرين في نزعه قبل ارتدائه؟ أو بمعنى آخر لِمَ ترتدينه إذن إن كنت تفكرين في نزعه وتخافين نزعه من قبل أن تلبسيه؟
ابنتي الحبيبة إن الوعد الذي وعدته لجدتك أمر يمكنك مراجعته.. وأن تستمهليها في أدائه حتى تخبريها بقناعتك النهائية ورأيك النهائي النابع منك أنت شخصيًّا والذي ستنفذينه بكل سعادة ورضا.. هل تعلمين لم أقول لك ذلك؟ ولم أربط الأمر بجدتك؟ لأن الوعد الذي وعدته يجب ألا تخلفيه.. فإما أن تنفذيه أو تعتذري عنه، أما لو لم يكن في الأمر وعد كنت سأقول لك أن تراجعي الأمر مع نفسك، وتفكري فيه جيدًا حتى تخلصي إلى نتيجة ترضيك وتوافقين عليها.
وهيا بنا نبدأ في استعراض نقاط أساسية تعينك على اتخاذ قرارك والوصول لنتيجة ترضيك وتوافقين عليها:
1 - اكتبي في ورقة قائمتين متناظرتين واحدة عنوانها نعم والأخرى عنوانها لا، وتحت كل منهما أسباب لكي تقولي "نعم" وأسباب لتختاري "لا"، ولنرى أي القائمتين أكثر تعبيرًا عن رغبتك واقتناعك وربما وصلت إلى نتيجة وسط، وهي أنه "نعم" ولكن ليس الآن.
2 - إذا كان ميلك للأخذ برأي كون النقاب فضيلة فليكن تفكيرك في هذا الإطار، وهو ما يجعل رؤيتك أكثر وضوحًا؛ فالفضائل أداؤها أمر غير ملزم أما الواجبات فهي ملزمة، وواجب الوقت الآن بالنسبة لك التفوق في دراستك، والتقرب من زميلاتك، وانتقاء من تتقارب منهن معك في الميول والأفكار والأخلاق لتكونوا معًا فريق تأمل الأخريات أن تحذو حذوه.. فتكونوا بزيكم وأخلاقكم وتفوقكم قدوة ينتشر بها الخير في المدرسة بين الزميلات، فلم تنتهِ بعد مسئولياتك بارتدائك الحجاب، بل إنها بدأت.. ولنرى في نهاية العام كم من زميلاتك تأثرن بك، وتغيرت صفاتهن للأفضل ، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لأن يهدى بهداك رجل واحد، خير لك من حمر النعم".
3 - أكثري من الاستخارة ولعلك تعرفين أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستعينون بالله سبحانه في كل شيء، ويسألونه -رضوان الله عليهم- شراك النعال وملح الطعام، أي أن كل صغيرة وكبيرة لا بد فيها من الاستخارة والاستعانة بالله عز وجل.
4 - تقربي إلى الله تعالى بالنوافل ليكون سبحانه سمعك الذي تسمعين به وبصرك الذي تبصرين به.
5 - فكِّري بهدوء وبمنأى عن الضغط.. بمعنى حاولي أن تجعلي أعصابك وذهنك ونفسيتك في وضع محايد وهادئ لا يتأثر بأي مؤثر خارجي.. بحيث لا يؤدي حثّ جدتك المستمر إلى وضعك تحت ضغط يدفعك لاتخاذ قرار عاجل للخلاص من الضغط مثلاً أو من الحرج، فكما قلت لك آنفًا يمكنك أن تستمهليها حتى تصلي إلى قرار.. كما يمكنك أن تسأليها عن سبب طلبها هذا منك.. هل لجمال لافت مثلاً؟ أم لرأي فقهي معين تميل إليه؟ وأيًّا كان السبب فيمكنك مناقشتها فيه بتقديم ما لديك أنت أيضًا من آراء فقهية، وردود مختلفة ومناسبة، حتى تصلي إلى إقناعها بما توصلت إليه من رأي.
ابنتي الحبيبة وصديقتي التي عشت معها من خلال هذه السطور القليلة لحظات ذكرتني بأجمل وأسعد وأنقى أيام حياتي: إن حرية الاختيار تعطينا القدرة على اتخاذ القرار، وحتى إن وقعنا في بعض الأخطاء.. نستطيع تجاوزها وأن نسبر أغوار أنفسنا للبحث عن المزيد من العطاء في داخل نفوسنا.. فضلاً عن الخبرة وشرف التجربة الذي لا نناله إلا بخوضها.. كم أنا حزينة على أن الكلام معك قارب على الانتهاء، ولكن ما باليد حيلة، لكل شيء مهما كان جماله نهاية، لكني في انتظارك مرة أخرى ، فأنا في حاجة إلى أن أسعد بالحديث معك..
ــــــــــــــــــــ(41/300)
الحب الخطر.. سقوط في الهاوية
مع الأهل, تساؤلات أخرى
السلام عليكم ورحمة الله.. لقد ترددت كثيرًا قبل استشارتكم وطرح مشكلتي أنا وصديقتي، حيث إنني كنت طالبة على مستوى عالٍ من الأخلاق، وأميّز الصواب من الخطأ جيدًا، ومنذ أن تعرفت على هذه الصديقة أصبحت أميل إليها كونها صديقة لي، ولم نكن نحن فقط الصديقتين، بل كنا ضمن شلة كبيرة من الصديقات المتدينات، وهي كذلك على مستوى راقٍ من الأخلاق لدرجة أننا نواظب على الصلاة وحفظ القرآن معًا والأحاديث الدينية والمحاضرات، ولكن الفتاة صرّحت لي بحبها لي.. لم أتعجب واستمرت وأنا كذلك قمت بمسايرتها، وهذه مشكلتي الوحيدة ومع مرور الأيام توطدت العلاقة بيننا، وأصبحت لا تعتبرني الصديقة فقط بل الحبيبة التي لا تستغني عن محاكاتها يوميًّا في الهاتف وعلى الإنترنت، وفي اللقاءات كانت تطلب مني أمورًا تدل على تدني أفكارها تارة أرفض، وتارة لا أعرف كيف طاوعتها، وأنا أوقن أن ما تفعله خاطئ...
مع مرور الأيام والهدايا والزيارات واللقاءات شكَّت والدتي بعلاقتنا، وبدأت بمراقبتي، واكتشفت دليلاً على المشكلة فصارحتني، وطبعًا رفضت الإفصاح بالأمر، وكنت أبعدها عن معرفة الحقيقة، ومرة أخرى اكتشفت شيئًا أقوى فغضبت مني، وتشاجرت معها هي ووالدي، ولكنني بيّنت لهما أنه لا يوجد شيء سيئ بيني وبينها.. إن علاقتنا مجرد صداقة، ومع مرور الأيام خفت تلك العلاقة السيئة بيننا، ولم تتجرأ على فعل شيء؛ وذلك لأنني كنت أصدها عن طلب ما تريد، واستقرت الأمور واهتديت بحمد الله، ولكن فجأة يكتشف والداي كل القصة ويغضبان مني غضبًا شديدًا لدرجة الضرب، والحرمان، والمنع، والمراقبة الشديدة، وكل ذلك كان بعد أن اهتديت، ولكن والدتي كانت متفهمة أمري والحمد لله.
مرّ الأمر، وعلاقتي بوالدي أصبحت أفضل، ولكنهما يشددان على أمر محادثتي لها على الهاتف، وأن مهاتفتها أمر ممنوع ومحاكاتها كذلك، ولكني أرى الفتاة ليست على سابق عهدها، وأنها اهتدت، ولكنها تحتاج للمساعدة وإخراجها من أفكارها السيئة، خصوصًا أنها كانت تفصح لي بأنها مفتقدة للحنان، وأنها تتمنى الإقدام على عملية تحويل جنس، وما شابه ذلك. أشعر بأنها مريضة نفسيًّا، وعندما صارحت إحدى صديقاتنا المقربات جدًّا جدًّا ابتعدت عنها وقالت بأنها لا تستطيع مساعدتها وأنها تتقزز من هذا الأمر. فماذا أفعل؟ علمًا بأن المعلومات التي أدرجتها في الملف والأسئلة تخص صديقتي فهي تعيش مع جدتها بعيدة عن والدتها... وإلخ. أرجو مساعدتي وبسرعة.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الابنة الكريمة.. لا نريد أن نقول إن أبويك قد أنقذاك من السقوط في الهاوية؛ لأنك فعلاً كدت أن تسقطي فيها واستسلمت في وقت من الأوقات للتصرفات الخاطئة والشاذة لهذه الصديقة والتي رغم إدراكك لخطورة ما قامت به معك من تصرفات وأقوال فإنك ما زلت تحاولين العودة إليها، وهذه المرة تحت ادعاء مساعدتها والوقوف بجانبها، وهو عذر يبدو في ظاهره الخير، ولكنه يحمل في باطنه شرًّا مستطيرًا.
هذه الصديقة على حد وصفك في رسالتك نستنتج أنها مصابة لما يُسمَّى بالانقلاب الجنسي النفسي Trans Sexualize وهو مرض نفسي يحتاج للعلاج لدى الطبيب النفسي المختص والذي تكون أهم خطوات علاجه هو قطع صلتها بكل من تفاعلت معه أو تصرفت تصرفات معه تصرفات شاذة؛ ولذا فإن مساعدتك الحقيقة لها هو أن تبتعدي عنها تمامًا؛ لأن وجودك في حياتها سيزيد الحالة سوءاً، وسيلحق بك أضرارًا شديدة سواء نفسية أو اجتماعية على مستوى سمعتك ونظرة الآخرين لك.
إنها تدرك الخطأ الذي هي فيه، وتدرك ما تقوم به، وتحتاج من نفسها إلى وقفة شجاعة من أجل طلب العلاج والمساعدة.. لا يوجد حل لها إلا العلاج النفسي، ولن يصلح النقاش أو الحوار العادي الذي تتخيلين أنك تستطيعين القيام به معها في حل المشكلة؛ لأن للأمر أبعادًا نفسية لا يستطيع إلا الطبيب النفسي أن يتعامل معها.. التزمي بقرار والديك في الامتناع عن زيارتها أو الاتصال بها، واستأذنيهم في اتصال وحيد يكون أمامهم تخبريها فيها أن تطلب المساعدة العلاجية النفسية وتخبريها بهذه الاستشارة التي قمت بها بالنيابة عنها، وبعد ذلك ستكون أعظم مساعدة لها هو ألا تعاودي الاتصال بها
ــــــــــــــــــــ(41/301)
وماذا بعد الحب؟؟
مع الجنس الآخر, تساؤلات حول الحب
أنا شاب عمري 15 عامًا. أعاني من مشكلة وهي أني أحببت ابنة عمي، وهي في نفس عمري، أحبها لكن كيف أخبرها بذلك؟ وأنا متفوق في دراستي.. حبِّي لها أثَّر على دراستي. أرجوكم أفيدوني بنصائحكم. ... المشكلة
أ.أسماء جبر أبو سيف ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ولدي أحمد ، يسعدني جدا أنك متفوق، وابن لوالدين مثقفين واعيين، وهذا من فضل الله عليك.
وقبل أن أقترح عليك ما تفعل سوف أتكلم معك قليلاً في شؤون المرحلة العمرية التي تمر بها لتفهم مشاعرك، فأنت ما زلت في مرحلة تجريب تطورك العاطفي، وتريد إثبات وجودك بين الكبار، وأنك قادر مثلهم على تحمل المسؤولية العاطفية تجاه فتاة ما، فهذه الجاذبية طبيعية تجاه أقرب فتاة تقابلها، ولكن تدينك، وسعة تفكيرك تهذِّب هذه الجاذبية، وتحولها إلى طاقة إيجابية، وعفة، وطهارة..
أسأل الله لك التوفيق لما يحب ويرضى.. ولكن افترض يا أحمد أني ساعدتك على إخبارها بحبك لها كما تطلب فماذا بعد؟ هل تنوي الزواج بها مثلاً؟ وفي هذه السن؟ ستقول لي حتمًا: ومن قال إنني أتحدث عن الزواج؟؟.. أحمد أنا أفهم شعورك فقط على أنه تفتح عاطفي، ونضوج وجداني يجربه الشباب في هذه الفترة، مع أول فتاة يقابلها كما قلت لك..
لكنك الآن في مرحلة إعداد للمستقبل، وأريدك أن تدرِّب نفسك على مهارة تأجيل رغباتك والتفكير بهذا الأمر، احتفظ بمشاعرك، وجاهد نفسك إلى حين استعدادك فعلاً للزواج فأنت لا تعيش وحدك.. أنت محاط بمجتمع يقدم لك الاحترام، والتقدير، والحماية، ويقدِّم لأسرتك الموقع الاجتماعي الذي تهنأ به أنت وتتمتع بالانخراط فيه، وتكوِّن صداقات منوَّعة، ولديك عائلة مستقرة مع أبوين راقيين يحيطانك بكل الأمان الذي تحتاجه، وبكل الدعم الاقتصادي الذي لا تسير حياتك بدونه، وأنت معتمد تمامًا على والديك في أمر العناية المادية بالذات.
ليست المشكلة يا ولدي كيف ستخبرها، ولكن المشكلة في الشق الثاني من سؤالك (بدأ يؤثر على داستي...). إنك إن كسبت دراستك الآن ستكسب مستقبلك، وإثبات وجودك، وشخصيتك التي تفخر بها أمام الفتاة التي ستختارها زوجة لك، وستكون قادرًا على الاستقلال المادي الذي تسأل عنه أول ما تسأل من قبل والد الفتاة، وسيحترمك أهلها إن رأوك مكافحًا قادرًا على إعالة زوجتك وأسرتك في حياة كريمة..
واعلم أن الأمر يا ولدي ليس أمر استقلال مالي فقط، فقد تكون في هذه السن لديك رصيد أو أملاك من أسرة ثرية، ولكنك لم تُفطم عاطفيًّا عن والديك، فهل تعتقد أنك قادر عن البُعْد عن والديك وحمايتهما المعنوية لك؟؟ يا ولدي أحمد.. أعترف بمشاعرك وأحاسيسك المرهفة، وأريدك أن تفكِّر جيدًا بمقترحاتي، ولا تمر عليها هكذا لمجرد القراءة..
مارس أحد أنواع الرياضة البدنية التي تفضلها، وابدأ حالاً حتى لو كان الركض صباحًا، فهذا يحسِّن من قدراتك الذهنية، ويرقيها، ويبدِّد الطاقات الكامنة فيك والمحتاجة للتفريغ.
حاول أن تتخلص من كل ما يذكِّرك بها من أشياء أو صور مؤقتًا، ولا تقم بزيارة أهلها (بيت عمك) بغير ضرورة، فوجود فترة من البُعْد عما يذكرك بها وبمنزلها ينسيك إياها شيئًا فشيئًا.. أعرف أنه أمر غير سهل، وأنت تشعر بلذَّة الأشياء التي تذكرك بها، ولكن أجل كل شيء لبضع سنوات فقط، حتى تحضِّر نفسك لزواج ناجح وحلال بإذن الله تعالى.
ركِّز على إنجازك الأكاديمي، فيبدو أنك شاب ذكي (ما شاء الله)، فلا تدع الفرصة تفوتك، وما تخسره لا يعوَّض بسهولة، وكلها ثلاث سنوات وتنتهي الدراسة وتقرر مصير تخصصك، وستجد أن لذَّة النجاح والتفوق الدراسي لا تفوقها لذَّة، بل تنتظرها كل اللذات الأخرى، وإن فاتتك فرصة التفوق، فستكون قد ضيعت فرصة عظيمة لا تعود لا سمح الله.
- إياك والجلوس الطويل وحدك أو قضاء ساعات في الأحلام، بل قم من مكانك، واخرج إلى المسجد أو مع أصدقائك، أو شارك أسرتك عشاءها وفرحها، فالأسرة السعيدة تحيطك بالدفء والمحبَّة، وتخفف عنك تعب الحب ومشاكله.
التزم مع أصدقاء مستقيمين يعينونك على دراستك ودينك، فإن الأصدقاء غير الجيدين لا يزيدونك إلا تشتتًا وانشغالاً، ويشكِّلون ضغطًا عليك حينما يتباهون أمامك أن لديهم (حبيبات)، وأنت لا يوجد لديك، فلا تدع لهؤلاء فرصة ليسحبوك إلى الوقوع بالمعاصي لا سمح الله.
التزم بالصلاة في المسجد في كل وقت، حتى لو تكاسلت أول الأمر، وكل صلاة لا تأخذ من وقتك نصف ساعة، فالجلوس في المسجد ولو لعشر دقائق يبارك في الوقت، ويصفي الذهن، ولا بد أنك تعرف حديث النبي (عليه الصلاة والسلام): "سبعةٌ يظلهم الله في ظلِّه يوم لا ظل إلا ظله.."، وذكر (عليه الصلاة والسلام): "وشاب نشأ في طاعة الله، ورجل قلبه معلَّق بالمساجد"، ولم يقل قلبه معلق بامرأة ما أو بدُنيا، ولكن المساجد بيوت الله التي نرتاح فيها من كل تعبنا..
اجلسْ يا أحمد في المسجد مساء اليوم وفي إحدى الزوايا، واشتكي لربك الذي أودع فيك طاقة الحب، وأنك غير قادر على الاحتمال.. أُشْك إلى الله ضعف ضعفك، ورقة قلبك، واطلب منه تعالى أن يقويك، وينجيك، ويعينك على ما يحب ويرضى، ولا تطرق بابًا غير بابه سبحانه وتعالى، فهو الحبيب الذي لا يغيب أبدًا، ولا يتخلى عنا، ولا يتركنا..
أتمنى لك كل التوفيق، والنجاح، والسعادة في الدنيا والآخرة، وأرحِّب بتواصلك معنا
لمعرفة ما يحدث، وهل طبقت شيئًا من هذه الاقتراحات؟ وهل نجحت معك؟ وفقك الله يا حمادة..
ــــــــــــــــــــ(41/302)
الحب مسئولية وليس حركات
مع الجنس الآخر
أنا سعيد. عمري 15 سنة. أنا أحب البنات، ولكن ليس كثيرًا. أحب 4 بنات جميلات، يقلن لي إنك حلو هادئ. بنت في حالها تقول لي أنت حلو، والبنات الباقيات يقلن إنك طيب، أنا أعرف من حركاتهن أنهن يحبونني، لكنهن يستحين أن يقلن لي، وهن يمزحن كثيرًا.
أنا أفكر بواحدة حلوة، هي تقول لي إنك حلو وأنا أحبك.. لا تتكلم ولكن من حركاتها. أحس أنها تحبني وهي مستحية، وهي تمزح معي كثيرًا، تمزح على الحيوانات، وعلى النكت، وعلى أشياء أخرى سخيفة، وأنا أحبهم، وإذا واحدة قامت بحركة حب فإني أفكر كثيرًا بالليل، عندما أنام على هذه الحركة أنا أتعب كثيرًا، والله والله كثيرًا ما أتعب. أحس أن قلبي يتعب.. لا أدري لماذا أنا أحبهم؟ وهم يقومون لي بحركات كثيرة من الغزل، وأنا أريد الحل على هذه المشكلة، وشكرًا. ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أهلا بك ومرحبا يا سعيد، جعلك الله من سعداء الدارين.
إنك تركت مرحلة الطفولة، ودخلت مرحلة المراهقة التي من خصائصها الشعور بالميل نحو الجنس الآخر.. هذا الشعور الجديد بميلك الغريزي نحو البنات؛ وهو ما يحدث أيضًا للبنات في مثل سنك هو ما تفسّره أنت بالحب أو بحركات الحب، وتظل تحلم وتتخيل أن البنات يحبونك وأنك تحبهن، والأمر لا علاقة له بالحب من قريب أو بعيد.
فالحب عاطفة تنشأ بين الرجل والمرأة كخطوة في سبيل الارتباط الشرعي عن طريق الزواج، وحيث إنك في عمر الخامسة عشرة، وما زال أمامك طريق طويل من سنوات الدراسة والعمل حتى تصبح مؤهلاً للزواج وكذلك هؤلاء البنات الصغيرات، فالأمر لا يعدو هذا الميل مع رغبتك في الشعور أنك قد كبرت، وأصبحت تحب مثل الكبار، وأيضًا حركات البنات معك لا علاقة لها بالحب، ولكنها التسلية والرغبة في الشعور أنهن مرغوبات وقد كبرن أيضًا.
لذا لا بد من الخروج من هذه الدائرة التي لن تنتهي؛ لأنها تتعلق في حقيقة الأمر بشعور جديد هو الميل الجنسي نحو البنات الذي يجب أن تفهم أنه ليس بشعور مطلق متحرر من كل قيد، فالله عز وجل قد خلقه في نفوسنا من أجل غاية سامية هي إعمار الكون؛ ولذا فيجب أن يسير في طريقه الشرعي، وإلى حين ذلك فالشاب والشابة مأموران أن يحفظا قلوبهما وعيونهما من النظر للحرام، سواء بما تسميه أنت بحركات الحب أو بالأحلام أو الخيالات التي تتعبك، وأنت تستعد للنوم.
إنك إذا فهمت حقيقة ما تشعر به نحو البنات، وفهمت وظيفة هذا الشعور ودوره السامي، وأن له وقته المناسب ومكانه المناسب وطريقة الاختيار لمن تناسبك، فالقضية ليست محصورة في أنهن جميلات، وأنهن يتميزن بحركات الحب، فإقامة أسرة وحياة مستقرة ليست شعورًا بالميل فقط وليس حلاوة، ولكنها أمور فيها مسئولية كبيرة نحو هذا الكيان المشترك.
اشغلْ وقتك بدراستك، وبأصدقائك الذكور، وبهوايات مفيدة، واصرف عقلك عن هذا الشعور؛ لأنه شعور طاغٍ يهلك صاحبه إذا لم يتحكم فيه مبكرًا، ويعرف كيف يديره فيما يفيده، ومتى يسمح له بالانطلاق ومتى يكبح جماحه، ونحن معك.
ــــــــــــــــــــ(41/303)
إبداع خامد ...كيف نفعَله؟
مع النفس, هموم الدراسة
أنا شاب أبلغ من العمر 19 سنة،مشكلتي تبدأ منذ دخلت المرحلة المتوسطة (ما بعد الابتدائية) فقبل دخولي المرحلة الثانوية كنت شخصا مبدعا؛ حيث كنت أقرأ الكتب بكافة أنواعها، وكنت نشطا ورياضيا، وأبدع أفكارًا جديدة دائما، وكنت أتعلم كل ما أراه رغبة مني في ذلك؛ حيث أسأل وأتحرى حتى ألم بالموضوع من كافة أطرافه إلى درجة أني تعلمت أن أصنع كل ما يصنع من سعف النخيل (أطباق، حصيرة.. إلخ)، وأنا لم أتجاوز التاسعة، ناهيك عن الخياطة والتطريز (كنت أستخدم المكنة بمهارة)، وكذلك الصناعات الورقية والحياكة.
تخيل أنني في العاشرة من عمري ذهبت ودون علم أهلي لمسافة 1500 متر مشيا لأتعلم صناعة الطائرة الورقية، وكنت الأول على المدرسة دون منازع حتى دخلت الثانوية؛ فقد دخلت ثانوية حكومية خاصة (للمتميزين فقط)، وكانت المنافسة على أشدها فاضطررت لأن أقرأ طوال النهار، وتركت كل هواياتي وفقدت شهيتي للمطالعة الخارجية حتى إنني (أقسم لكم) لم أقرأ طيلة الثانوية سوى 5-10 كتب خارجية.
والمشكلة تكمن في هذه السنوات العجاف في الثانوية؛ حيث كان المدرسون يعلموننا على الحفظ الأجوف الأعمى الأصم، ففقدت إبداعي، وبعد تخرجي من الثانوية أصبت بمرض الارتفاع في ضغط الدم (وعمري لم يتجاوز 18 عاما!) نتيجة للمنافسة الشديدة، ناهيك عن العادة السرية وغيرها..
والمشكلة الكبرى أني فقدت قدرتي على التفكير كما في السابق؛ فأنا لا أستطيع الدراسة في الجامعة لعدم وجود منهج معين، فقدت تعودت على التوجيه الأعمى في الثانوية، حتى أثناء محاورة شخص معين في موضوع ما، لا أستطيع المناقشة دون تحضير مسبق للجمل التي أقولها! وبعد المناقشة، وبعد أن أراجع المحاورة أتذكر كمًّا هائلا من المعلومات التي كان يجب أن أذكرها له لأقنعه بوجهة نظري، ولكني لم أذكرها له لعدم معرفتي بمناقشة هذا الموضوع مسبقا (كالأحداث السياسية أو المواضيع الدينية).
لَكَم أحنّ إلى الماضي! والمشكلة هي كيفية العودة إليه؟ أرجوكم أجيبوني.. هل قضي على إبداعي؟ أم أنه ما زال موجودا ويحتاج إلى التفعيل والتنشيط: وكيف.. كيف.. كيف..؟ ما زالت لدي الرغبة في تعلم كل شيء، لكن حين أقرر أن أذهب لأتعلم في مركز أو نادٍ أو أي شيء أؤجل ذلك، فأنا أضع الخطط دون التنفيذ.. وقد اشتريت كتبا، لكن لم أقرأها، وكلما أحاول ذلك أؤجله! لا أعرف ما الذي حصل.. أرجوكم ساعدوني. أريد أن أعود كما كنت. ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ابننا الحبيب/ كم أسعدني خطابك ؛ فالمعتاد أن يرسل الآباء لنا ، أما أن يرسل الأبناء أنفسهم خاصة إذا كانوا بهذا الوعي- و هو القدرة على تحديد المشكلة و الشعور و الاعتراف بها ثم اتخاذ التدابير لإيجاد حل لها، ذلك الأمر الذي قد يتقاعس عنه الكثير ممن هم أكبر منك - فهو أمر أسعدنا بالتأكيد.
إننا نشعر مثلما نفكر.. فكرة تسعدنا وفكرة تشقينا.. أي أنني لو فكرت أنني صاحب قدرات وأنني أستطيع الإنجاز فسأشعر بالسعادة، وتزداد قدرتي على العمل، فتزداد سعادتي وهكذا.. والعكس صحيح إذا شعرت أن قدراتي قد ضمرت، وأنني لا أستطيع العمل سأشعر بالتعاسة والإحباط، ولن أستطيع القيام بأي عمل، بل إن ما أنتويه من أعمال سأجد لدي عدم رغبة في القيام به، فيزداد شعوري بالإحباط، وهكذا..
هل فهمت ما أريد أن أقوله لك.. إن إحساسك أنك فقدت إبداعك وأنك غير قادر حتى على المناقشة في موضوع لم تعده مسبقًا هو الذي أدى إلى شلل أفكارك وإلى إحساسك بالإحباط الذي يمنعك من الاستمرار في أي عمل أو بدء أي عمل جديد..
الحل أن تعاود ثقتك في نفسك؛ فقدرات الإنسان العقلية لا يفقدها طالما أنها موجودة، ولكنه يحتاج فعلا إلى تفعيل، وأول الأمر ألا يقسو الإنسان على نفسه ولا يحملها ما لا تطيق مثل أن يقول إنني أريد أن أتعلم كل شيء.. هذا كلام غير منطقي، ويؤدي أيضا إلى إحساس الإنسان بالتشتت وعدم القدرة على فعل أي شيء.
ولذا يجب أن تضع جدولا لأولوياتك ولأنشطتك، ثم تبدأ بهدوء وبالتدريج في اتخاذ الإجراءات اللازمة للانخراط في النشاط أو ما تريد أن تتعلمه، ويكون ذلك في إطار تنظيم عام لوقتك بين دراستك الأصلية وما تود أن تقوم به، وواجباتك الحياتية الأخرى، واعلم أنك في أول الأمر ستشعر ببعض المعاناة حتى تستطيع الاستمرار والمثابرة فيما خططت لنفسك. فارض في أول الأمر بنسبة من الإنجاز ستكون حافزًا لك للاستمرار في مزيد من الإنجاز حتى تصل إلى ما يرضيك، ولا تطلب أن تكون نسبة إنجازك من أول يوم أو حتى أول أسبوع هي الكمال.. أو الانتقال المفاجئ إلى حالة من النشاط والحيوية؛ فهذا أمر يحتاج إلى وقت وتدريب.
الخلاصة مما سبق أنك تحتاج إلى ثقة في قدراتك، وتحديد لأولوياتك، وتنظيم لوقتك، كما تحتاج إلى صبر ومثابرة على خطتك، وستصل إلى ما تريد، وسيتم تفعيل وتنشيط إبداعك من جديد.. فلا تفقد الأمل، وابدأ من جديد، ولتكن استعانتك بالله ودعاؤك له أحد أسلحتك في معركتك من أجل العودة إلى حياة النشاط والإبداع من جديد.
ــــــــــــــــــــ(41/304)
صغير على الحب!
مع الجنس الآخر
أنا شاب بالغ من العمر 13 عاما ملتزما بالدين و مواظبا على الصلاة في وقتها عشقت فتاة جميلة ونفس مواصفاتي تقريبا جميلة و خلوقة و ملتزمة بالحجاب هي تعرف أختي أرجوكم كل الرجاء أن لا تتجاهلوني وأرجوكم أن ترسلوا لي كيفية التقرب منها لو سمحتم لا تتجاهلوني وأريدكم إرسالي إياها كتابة وليس إعطائي موقعا أو عنوانا علما بان والدي يعرف والدها ووالدتي تعرف والدتها و أنى كنت معها بنفس الصف في الروضة أو الحضانة و أنا أعرف كل إخوانها "من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله له كربة من كرب الآخرة ". ... المشكلة
أ.أسماء جبر أبو سيف ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ولدي العزيز..
يسعدني أن أجد فتى في مثل سنك لديه القدرة على التعبير بصراحة، ويبدو لي أنك على درجة من الذكاء والتدين والنباهة ما يدفعني للحديث معك بكل وضوح، فلدي ولد في مثل سنك تماما ولديه مشكلة شبيهة بمشكلتك وهو في طور التخلص منها لأنها بدأت تؤثر على تحصيله الدراسي بشكل كبير وصل إلى درجة الرسوب في الامتحانات ونسيان الصلاة و"العصبية" وفقدان الأصدقاء مع العلم أن الفتاة "مطنشاه" أصلا ولا تهتم به..
ولدي العزيز إن حل أي مشكلة تمر عبر طرح عدد من الأسئلة تبدأ ب"ماذا"لتنتهي ب"كيف"أليس هذا ما عرفته من خطوات التفكير العلمي و أنت شاب كما تقول كبير و ذكي..؟؟ إذا هيا دعنا نسأل هذه الأسئلة سويا؛ فإجابتها ستنسج معا الحل الملائم، لنبدأ:
-لماذا يحب فتى صغير في مثل سنك؟
-ما هي الأسباب التي أدت إلى تعلقك بهذه الفتاة؟
-ما الذي سيحدث إذا استمريت على هذه الحال؟
-كيف السبيل إلى حلول مقترحة لتكون مرتاح البال.
أولا: لماذا يحب فتى صغير في مثل سنك؟
• أريد أن تتفهم معي طبيعة المرحلة التي تمر فيها لأن هذا سيساعدك على أن تجد حلا بنفسك لنفسك واقرأ ما سأكتبه لك على مهلك أو قم بطباعته لتقرأه ليلا وتراجع ما طبقت منه..
• لن أناقش معك ماذا تعني كلمة "الحب" وما هو شعورك بالضبط لكنني أعترف بمشاعرك المرهفة وحساسيتك تجاه هذه الفتاة وما تكنه لها من ود واحترام.
أنت تعلم أنك تمر الآن في سن البلوغ وهو لفتى مؤمن مثلك يكون أقل أزمة من غيرك حيث يحدث لك التطور الهائل في النواحي العاطفية والاجتماعية والذهنية والجسدية، ويتخذ التطور العاطفي أحيانا شكلا عاصفا وانفعالات مندفعة تحاول من خلالها تأكيد شخصيتك وتحقيق ذاتك، وتمتحن هنا مشاعرك وتحاول أن تفهم هذا التطور العاطفي الذي يستحوذ عليك من خلال قصة حب مع أول فتاة قريبة من أسرتك وأنت الآن تعيش فترة اهتزاز عاطفي لأنك خرجت فجأة من مرحلة الطفولة وتحاول إثبات قدرتك على الاستقلال العاطفي عن والديك -والدتك بالذات- وتبقى تبحث عن سند عاطفي بديل خارج العائلة وهذا الأسلوب غالبا لا يحقق نتيجة مريحة للفتى والفتاة لأنه لا يوجد صديق أخلص في محبته وحنانه من الوالدين حتى لو لم يكونا يعبران عن هذه المساندة.
ولكن ما هذه الجاذبية الغربية التي تشعر بها تجاه الفتاة؟
ربما تسأل هذا السؤال وتتبعه بتفاصيل صغيرة..أنت يا ولدي تمر أيضا في فترة تطور جسدي -كما قلت لك قبل قليل- وهي تشمل التطور الجنسي أي تطور في وظيفة الإنجاب وهو يحدث لدى الفتاة أيضا، ويعتمد كلا من الفتى والفتاة أنهما أصبحا قادرين على الحب والزواج وتكوين أسرة وينسى كل واحد منهما أنه لا يزال يأخذ مصروفه من والده في الصباح ولا ينام حتى تغطيه أمه ويعطيه أبوه قبلة الأمان فينام الفتى وبجوار سريره مازالت ألعابه ورسوماته نفسها.
إن الحب يا ولدي "مزيج" يحتاج إلى قدرة عالية من التوازن والوضوح والقوة والقدرة على تحمل مسؤوليات كبيرة لا يكتسبها الإنسان إلا بعد أن يكون قد جرب وعمل ...
على كل حال سأقول لك شيئا يفرحك: إن لتجربتك فائدة واحدة لا غير..إنها سوف تثري نضجك العاطفي والوجداني وستمنحك قدرة أكبر على التمييز وتحمل المسؤولية فور عودتك إلى طبيعتك وصفائك الذهني وإحساسك بأسرتك.
و نأتي إلى السؤال الثاني: ما هي الأسباب التي أدت إلى تعلقك بهذه الفتاة؟
-ربما انتباهك لحديث أمك أو أختك أو أي شخص عنها وعن ذكائها، جمالها، تدينها..الخ. تذكر أنك لا تعرف عن عيوبها شيئا فليس من إنسان خال من العيوب وهي ليست أذكى ولا أجمل فتاة في الدنيا..ولهذا حاول صرف ذهنك عند الاستماع للحديث عنها.
-و شيء أخر تذكي أنت به الأمر الأول و هو إطلاق العنان لأحلام اليقظة والتمادي فيها وكثرة التفكير وربما تكون سمعت مرة أن فيها شيئا جميلا ولكن خيالك عظمه وكبره حتى أصبحت أجمل فتاة في الدنيا..وهكذا يقوم خيالك بدور التغذية لكل ملاحظة تسمعها عنها..وربما هي جميلة ولكن عادية وذكاءها عادي لا نعرف.
و لدي العزيز..درب نفسك أن لا تذهب مبكرا إلى النوم، اسهر مع أسرتك وأضحك معهم وعندما تذهب إلى سريرك اقرأ قصة أو مجلة أو كتابا أو راجع حفظك من القرآن الكريم وذلك حتى يسيطر عليك النعاس فتنام فورا ولا تنس أن تقرأ الأدعية والآيات فهذا يعينك كثيرا بإذن الله.
وإذا جلست نهارا لتفكر فيها فقم حالا وانصرف إلى عمل ما كالركض مثلا، أو الخروج مع والديك، أو مساعدة والدتك لتنعم ببركات دعائها، المهم أن تقوم بأي عمل يفرغ توتراتك.
-وربما كان من الأسباب التي أدت إلى انشغالك بهذه الفتاة ضغط الأصدقاء غير المباشر والذين يتنافسون على إثبات رجولتهم من خلال الحديث عن "اصطياد" فتاة والتباهي أمام بعضهم البعض كل يروي قصصه و مغامراته، ويصبح الفتى الذي لا يحب موضع سخرية وتندر فيضطر للقيام بذلك إثباتا لشخصيته أمامهم.
لكن اعلم يا ولدي أن أمر الحب يعنيك أنت فقط وهو موضوع شخصي جدا لا يصح أن يدخل ضمن منافسات الشباب ولا تهتم إلى ما يقولون أو يعلقون بل المهم من ينجح ويتفوق ويعيش حياة سعيدة في نهاية دراسته وحصوله على عمل..
و نأتي للسؤال الثالث: ما الذي سيحدث لو استمريت على هذه الحال؟
هناك أمور و احتمالات كثيرا يمكن أن تحدث كلها أو بعضها،و هي ليست محض خيال بل هو واقع لا محال،وواجبي أن أنبهك لها فقد استأمنتني يوم سألتني و أنت كما قلت لك مثل ولدي:
-فقد يؤثر ذلك سلبا على تحصيلك الأكاديمي ونجاحك بشكل عام.
-وقد يلهيك عن الصلاة والالتزام بدينك وهذا أمر يغضب الله تعالى ويغضب والديك وأسرتك.
-ثم ماذا بعد ذلك يا مزيد؟ أن تعلم أنك تحب لتتزوج أليس كذلك؟ فهل أنت جاهز لتفتح بيتا وتبني أسرة؟ أم ستبقى تحبها عشرة أعوام أخرى حتى تتخرج من الجامعة وتعمل؟ وهل تظن أنها ستبقى بانتظارك كل هذا الوقت؟فقد لا تعجبها عندما تكبر و تتغير نظرتها للأمور عبر ما سترى و تمر به من تجارب..وقد تكون هي مشغولة عنك بفتى غيرك..ما رأيك حينئذ؟
ولدي الحبيب ما أردت أن أوقعك في حيرة و إنما أن تكون على بصيرة من أمرك و أنت تختار قرارك و ترسم مستقبل أيامك القادمة،لكني لا أستحق ما حملتني من مسئولية إن أخفتك من تيار البحر دون أن أعلمك أو حتى أرشدك إلى مكان تعلم السباحة و العوم،فهل تصبر على ما أبوح لك به من تمارين العوم عكس تيار العشق-على حد تعبيرك -الذي أضن على فتى مثلك أسأل الله أن يكون ممن يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله"شاب نشأ في طاعة الله"هواه تبعا لما أمر الله
و نأتي معا إلى الحلول المقترحة "طوق النجاة" فهو كل ما أستطيع أن أقدمه لك مع الدعاء أن يهديك الله لما فيه الخير و الصلاح لك، فلست قربك لأدربك على العوم لكن في والديك حفظهم الله الكفاية بإذن الله تعالى
مزيد يا ولدي الرقيق..
أهنئك على التزامك بالصلاة وأدعوك إلى التمسك بها وبدينك فهما خير معين لك على الخير ورادع عن الشر، قال تعالى:"إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر"، والصلاة إذا لم تنهك الآن فستنهاك غدا فاثبت عليها وتقرب إلى الله بالشكوى إليه فهذه الشكوى تسلي قلبك وتريح نفسك وادع الله من قلبك أن يغنيك بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه ... والآن إلى الحلول نقرأها معا.
- التزم جماعة من الأصدقاء المؤمنين المهتمين بدينهم والناجحين في دنياهم ودراستهم فهم خير عون لك للخروج من الأزمة وسيخففون من قلقك ومما قد ينتابك من مشاعر الحزن والوحدة..
- مارس رياضة أو هواية تهذب المشاعر كالكاراتيه أو أية رياضة أخرى فالرياضة تقوي العزيمة وتريح الذهن وتبدد الطاقات الجسدية المكبوتة.
- اتخذ صديقا لك من العائلة وليكن الوالد فهو خير صديق وإن لم تستطع فالأخ الكبير أو العم أو الخال وصارحه بما في قلبك،و بثه أحزانك فسيسليك وينصحك وتأكد أنه سيكون متعاونا معك مقدرا لمشاعرك ... أسرتك يا بني هي قاعدتك الآمنة التي تلجأ إليها كلما احتجت للأمان.
- خصص لك مفكرة تدون فيها مشاعرك وتعبر عن توتراتك وقلقك وتنفس من متاعبك اكتب عنها كل ما يخطر على بالك وفكر فيه في اليوم التالي وزنه على ميزان القرآن واسأل نفسك: هل يرضى الله تعالى ذلك؟ هل سيرضى عني رسول الله لو كان موجودا؟
- امتنع عن زيارة بيت الفتاة إن كان أهلك يزورونهم وابتعد مؤقتا عن أشقائها ولا تستمع إلى الأحاديث عنها من قبل أختك..افعل ذلك مؤقتا أيضا.
- تذكر أن فتى مثلك لديه طاقات إبداعية خلاقه تبرز في هذه المرحلة بالذات وجهها نحو الاهتمام بالاختراعات وتأليف القصص والأناشيد والمشاركة في التمثيل المدرسي والأنشطة الفنية الأخرى.
-درب نفسك على مهارة تأجيل التفكير بأمور الفتيات وما يليها من أحلام وأحاسيس وتصورات فسوف يأتي يوم تتزوج فيه إن شاء الله وتحب فيه زوجتك بالحلال وتكون رفيقتك وحبيبتك تنشئان معا أسرة سعيدة مستقرة وسترى ولدك -بإذن الله- يتصرف ربما مثلك وستقول له: إيه يا ابني كنت مثلك ليتني كنت أنتبه لدراستي وأستمع للنصائح..!!
مزيد يا بني أتمنى لك حياة هادئة سعيدة مع محبة الله عز وجل..اللهم آمين.
بني هل ستنساني و أنت تدعو عند الإفطار؟؟ ،و هل ستنسى أن تطمئنني على أخبارك و أنت تعبر أزمتك تسطرها لشباب مثلك،ليأتي يوم تكون ناصحهم لا أنا؟؟
ــــــــــــــــــــ(41/305)
صغيرتي تذكري.. "هونًا ما"!!
مع المجتمع
بسم الله الرحمن الرحيم، أنا فتاة أبلغ من العمر 13 عامًا. مشكلتي أنني عندما كنت في الصف الأول المتوسط كنت أكره مدرِّسة جدًّا جدًّا، ولكن عندما أصبحت في الصف الثاني المتوسط صارت لي مواقف معها، وكانت تهتم بي، فهي من أخبر أمي بمرضي؛ لأنها لاحظت عليّ ذلك، لكن أمي لم تكن تعلم فأصبحت أحبها كثيرًا، وأفكر بها كثيرًا، ولكن لا أعلم إذا كانت تحبني أو لا؟ وهذا ما يحزنني كثيرًا فأنا لا أستطيع أن أتحدث معها؛ لأنني أستحي منها كثيرًا، وأنا أراها تتحدث مع الكثير من البنات، وهذا يحزنني؛ لأني لا أتحدث معها، وأنا الآن في الصف الثالث المتوسط وهي لا تدرس لي، وهذا يحزنني كثيرًا. أرجو الرد بسرعة، فأنا لا أعلم ماذا أفعل؟! فأنا أفكر بها كثيرًا. ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الابنة العزيزة.. إن من طبيعية سن المراهقة والذي تخطين فيه خطواتك الأولى هو التطرف في المشاعر، والذي تعتبر رسالتك نموذجًا واضحًا له، فأنت تصفين مشاعرك نحو هذه المدرِّسة بهذه الصورة الحادة، والمتقلِّبة والمتطرفة في آنٍ واحد، فأنت في أول الأمر تكرهينها "جدًّا جدًّا"، ولم تكتفِ بكراهيتها فقط، ولكن فضَّلت أن تضيفي لها "جدًّا جدًّا"، وعندما تحوَّلت مشاعرك كان الحب "كثيرًا"، والتفكير "كثيرًا"، ثم كان الحزن "كثيرًا" ... ، وهذا هو سبب المشكلة.. أنك لو أحببت بهدوء لاستطعت أن تتعاملي معها بطبيعة، وبدون هذا الحياء الكثير أيضًا. إنك تميلين إلى المبالغة حتى في وصفك للحياء من الحديث إليها.
وهو حياء ناتج من شعورك بمشاعر زائدة ومتطرفة في حدتها ناحية هذه المدرِّسة.. نعم هي أسدت لك معروفًا، وكان لها معك مواقف، ولكنها مدرِّستك ويجب أن تكون علاقتك بها في هذا الحدود "مدرسة وطالبة"، وعندما ستجدين أنه أمر طبيعي أن تدرِّس لك عامًا ولا تدرِّس لك عامًا آخر، وبالتالي سيكون طبيعيًّا أن تذهبي وتتحدثي إليها حديثًا عاديًّا وطبيعيًّا لا علاقة له بالحب الكثير.. إنك تتصورين أنك طالما تحبينها كثيرًا فيجب أن تبادلك نفس الحب الكثير، وتعاملك معاملة خاصة، وهذا ما يمنعك أن تكوني مثل الطالبات الأخريات اللائي يتعاملن معها بصورة طبيعية، وتعاملهم هي بالمثل بصورة طبيعية وتلقائية.
لا داعي للحزن الكثير، والحب الكثير، والتفكير الكثير..
اذهبي لمدرِّستك، وتحدثي إليها بطريقة طبيعية، وستقابلين مدرسات أخريات، وستشعرين نحوهم بحب، ولكنه حب الطالبة لمدرِّستها، الحب العادي الذي نعلم ونحن نشعر به أننا سنفارق هذه المدرِّسة سنفارقها.. هذه هي طبيعة الأمور؛ ولذا وجهنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين قال "أَحْبِب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما".
ــــــــــــــــــــ(41/306)
أسرتي.. لا حرمني الله من صراخكم
مع الأهل
أنا طلال عمري ( 13سنة) من عائلة تتكون من 5 أفراد (أمي وأبي وأنا وأخي وأختي) وأمي في الثامنة والثلاثين، وأبي في السادسة والأربعين، وأختي في 16 وأخي في الـ5 من عمره، والمشكلة تحصل دومًا بأمثال القصة التالية:
في يوم السبت من عام 5-4-2003 أتى إلينا أصدقاء أمي، وكان عندي مذاكرة في يوم الأحد عربي، وعندما دخلت إلى المنزل أريد أن أرتاح حتى أستعد للدراسة أردت مشاهدة التلفاز، فكانت أمي وصديقاتها في غرفة المعيشة، وكن يتحجبن مني فطلبت إليهن أن يقومن إلى غرفة أخرى، فقالت لي أمي: إن هذا عيب وهي تعيط فرددت بشكل غير مهذب (وأنا أعترف بذلك)، فقلت: لا أريد أن أجلس بغرفتي، بل أريد مشاهدة التلفاز فأصررت على موقفي، ثم دخلت أختي التي تكبرني بـ 3 أعوام وصرخت بوجهي؛ لأنني أغضب أمي فصرخت أكثر منها، وأمي المريضة غضبت، وأنا لا أشعر أنني (آكل هم) أمي لأنني لا أحبها كثيرًا؛ لأنها دائمًا تلومني بسبب أختي الأكبر مني وأخي الصغير وما يفعلونه هم دائمًا صحيح ودائمًا ما أفعله أنا هو الخطأ، وإذا اعترضت على أمي بأنها تعامل أختي أفضل مني فتقول لي: بأن أختي تعمل معها في شغل المنزل وأنني لا أفعل شيئًا، وعندما غيرت نفسي أكثر من مرة لا أجد منهم أي إحساس جيد.
إنني أفعل أمورًا جيدة سوية لمدة أسبوع، وبعد ذلك يعود الصراخ على أي شيء، وكل لحظة يهددونني بأبي وهو أيضًا يصرخ عليّ مثلهم لكن ليس دومًا، فأختي تتدخل بشؤوني دون حق، فعندما أكون أنا وأمي في نقاش تتدخل بيننا، وتتكلم بلهجة الأوامر والوجه المقلوب والاستهزاء مني على أشياء مثل أنني أقرف فتعيرني لأنني لا يجب أن أقرف منها، فلا آكل في صحنها أو من الناس الأغراب، ولأنني أكره أن يأكل أحد من صحني، وعندما نذهب إلى أحد فإنها تفضح ذلك أمام الناس وتزعجني جدًّا بذلك، فقلت لها إنها ليست من الضروري أن تفضح ذلك فغيرت الموضوع.. لست أعرف كيف أستطيع أن أعيش سعيدًا في هذا المنزل دون أن يكون هناك أحد يتفهمني أو يهتم بي.. وشكرًا لكم. ... المشكلة
أ.أسماء جبر أبو سيف ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ولدي العزيز طلال حفظه الله،،
أدعو الله أولاً أن يحفظك لأهلك فتبدو لي شابًّا ذكيًّا وذا شخصية قوية، وكونك كذلك معناه أن لديك أبوين رائعين صنعا منك هذه الشخصية منذ ولادتك، ولكن دعنا نتناول مشكلتك من عدة نواحي وهي فعلاً مشكلة مزعجة، فلا أحد يحب أن يلام أو ينتقد أمام الآخرين، وكل واحد فينا يحب الخصوصية ويحافظ على حريته الشخصية وتميزه بين إخوته وأصحابه.. ومن المهم يا طلال أولاً أن تعرف أنك في هذه السن الجميلة (13 سنة) -بالمناسبة لديّ ولد في مثل سنك تمامًا- تكون متمتعًا بتطور ذهني وانفعالي وجسدي بشكل متسارع يحضرك لحياة الشباب والرجولة القادمة بإذن الله تعالى، ولكن هل تظن أن هذا الشعور بالرجولة يتناسب مع عدم ضبط النفس مع الآخرين، ورفع الصوت عليهم، واضطرار -أمك- وهي مريضة وإحراجها أمام صديقاتها؟
أنت نفسك متضايق جدًّا من إحراج أختك لك أمام الناس فكيف بوالدتك أمام ضيوفها؟ وتخيل أنك تجلس مع أصحابك في غرفة المعيشة، ثم تحضر أختك وتقول لك: هيا اذهبوا من هنا إلى الغرفة أريد مشاهدة التلفاز؟ ماذا سيكون شعورك؟ أنا أكبر فيك يا طلال صراحتك في الرسالة وذكرك لأخطائك، فمعرفة المشكلة هو نصف الحل؛ لذلك دعني أكن معك صريحة في ردودي كما كنت أنت كذلك..
ربما نتساءل عن ابني ماذا يمكن أن يفعل إذا حصل له نفس الموقف بينما أجلس مع صديقاتي في نفس المكان وهو يريد التلفاز؟ إنه سيتضايق فعلاً لأن البرنامج سيفوته، لكنه يعرف أن البرامج التلفزيونية كثيرة ولا تنتهي ويمكن مشاهدتها في أوقات أخرى، ولكن إذا خسر شخصًا وفقد احترام الآخرين له فلن يستعيد ذلك بسهولة.. وتخيل العبارات التي قد تقال عن أمك بعد خروج الضيوف من أنها لا تحسن تربيتك مثلاً.. لا شك أن رأيهم فيك لن يعجبك، وستبقى والدتك محرجة متضايقة لفترة غير قصيرة من هذا الموقف.
ولدي طلال..
إن كونك في حالة نمو جسدي وانفعالي سريع يعني أن لديك قدرات ذهنية وجسدية عالية الكفاءة، وبإمكانك أن تستغلها كثيرًا في الإبداعات والرياضة القراءة والرسم وغيره.. إن إثباتك لشخصيتك بجوانبها الجميلة كالاحترام والحنان على أخويك، والمشاركة الحقيقية للأسرة هو الذي يوقف تصرفات أختك وأخيك تجاهك.. وعليك أن تعبّر عن احتجاجك صراحة وبطريقة محترمة حينما تستهزئ منك أختك مثلاً..
اجلس مع والديك أو أختك، واطلب منهم الكف عن انتقادك مقابل أن تتوقف أنت أيضًا عن أي سخرية أو انتقاد لها، ولا تتعامل مع أختك وتقارن نفسك بها فلكل واحد منكما قيمته ومكانته لدى أهله، ولا تقل لماذا يدللونها أكثر مني، بل أثبت قدراتك في الدراسة والإبداع، وأنت كرجل يجب أن تسمو باهتماماتك، إن انشغالك بالرياضة والحاسوب والدراسة والإنجاز سيجعلك تشعر أن هذه الأمور لا تستحق منك كل هذا التفكير والعناء.
أعرف أنها مهمة بالنسبة إليك وتحرج شعورك، ولكن لا تحبس نفسك في صندوقها.. اخرج منه وتمتع بوقتك وقدراتك بعيدًا عن مزاحمة أخيك الأصغر وأختك الكبرى.. لعلك تتفهم يا طلال العزيز أن الأخ الأصغر يأخذ من والديه دلالاً واهتمامًا أكبر ليس لأنه محبوب أكثر منك، ولكن لأنه صغير ويحتاج فعلاً إلى العناية والمحبة والأمان كما كنت أنت تمامًا، فقد كنت أول ولد وأخذت حظك من المحبة والاهتمام أكثر من أخيك الثاني، أما أختك فهي كالأم الثانية للمنزل، وهي قد تتصرف من باب شعورها بالمسئولية تجاهك، ليس لأنها تكرهك وتريد السيطرة عليك.
والآن سأقدم لك مقترحات من المهم ألا تبقيها حبيسة شاشة الحاسوب.. جربها لأسبوع وستشعر بالفرق، ضع مشاعرك السابقة وافتراضاتك عن نفسك وعن أهلك قليلاً على جنب (ما يفعلونه هم صحيح وما أفعله أنا خطأ، أمي تعامل أختي أفضل مني، يهددونني بأبي ويصرخ عليّ مثلهم، أختي تتكلم معي بلهجة الأوامر..). أفصل عنك هذه العبارات قليلاً.. ودعنا نتفق معًا على بعض التمارين تساعدك على التعايش بشكل أفضل في منزلك:
أولاً: قم بحل التمرين التالي الآن:
1-اكتب ثلاث صفات أحبها في أخي الصغير.
2-اكتب ثلاث كلمات جميلة تستعملها أمي معي منذ صغري.
3-اكتب ثلاثة أعمال رائعة فعلها أبي لأسرتنا.
4-اكتب ثلاثة أعمال ترضي الله تعالى تقوم بها أختي الكبرى تجاه أمي.
5-اكتب خمسة سلوكيات جميلة أنا أقوم بها تجاه أسرتي.
والآن بعد حلها ستجد أن لديك سبع عشرة صفة لأعمال رائعة فيك وفي أسرتك فما رأيك؟
اسأل نفسك: لماذا تذكر فقط الصفات التي لا أحبها في أسرتي؟
قد يشعر الشباب في مثل سنك أحيانًا أنهم لا يحبون الأب أو الأم؛ لأنك قد تعتقد -فقط في هذه السن- أنهما يريدان السيطرة عليك وحرمانك من الاستقلال الشخصي.. اسأل هذا السؤال لوالدك: هل تفعل ذلك معي لأنك تريد السيطرة علي؟ وأنا على يقين يا طلال لن تكون الإجابة نعم.. إنه سوف يقول لك (كلا، ولكنني أريدك أفضل ابن في الدنيا) أرأيت أن نيته تجاهك صالحة؟ ولكن لا تدفع والديك ليستخدما أسلوبًا لا تحبه عندما تريد أن تثبت لهما أنك كبرت.. احصل على ما تريده بكل ذكاء وفطنة ومسؤولية.. إن والدك قد يرفض أن يعطيك مفاتيح سيارته، ولكنه سيكون سعيدًا إذا تحملت المسؤولية مرة وقدت السيارة ورجعت بها سالمًا حال تكبر قليلا.. إن الآباء يا طلال يحبون أن يروا أبناءهم قد كبروا وبدءوا يتحملون مسؤولية أنفسهم بأنفسهم.. ألا ترى والدتك سعيدة بأختك الكبرى؛ لأنها تحمل معها مسؤولية البيت؟
فماذا يمنعك مثلاً أن تشارك والدك بعض مسؤولياته أو أن ترتب غرفتك وتنظف حمامك أو ترتب طاولة الطعام أو تترك مكانك مرتبًا عندما تنتهي من مشاهدة التلفاز؟ ويؤسفني أن أرى أولاد الأجانب في المؤسسة التي أعمل فيها يقدمون بخدمة أنفسهم وخدمة أسرتهم، وجمع النفايات، والتعاون بكل عفوية لا تضر رجولتهم واحترامهم لأنفسهم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يساعد أم المؤمنين في أعمال بيتها، فيحلب الشاة، ويخيط الحذاء، فهل ضر ذلك بمكانته شيئًا، لقد بقي عظيمًا ويبقى صلى الله عليه وسلم.
أعرف شابًّا في مثل سنك عضوا مهما في نادٍ رياضي ومتفوق في المدرسة، ولكنه في المنزل ينشر الغسيل، ويذهب مع أبيه لشراء الخضار، ومغسل السيارة، وأيضًا يتمتع بالإنترنت والنادي والمدرسة ولا يضره نشاطه شيئًا، بل إن علاقته بأسرته رائعة، ويأخذ كل المشكلات بمرح وأريحية وتسامح حتى صارت الأسرة تتصرف مثله، ولا تستغني عن وجوده على طاولة الطعام؛ لأنه مصدر سعادة للجميع.
وقد تستغرب أن هذا الشاب له فقط أخ واحد ومعاق عقليًّا.. تخيل أنت الباقي إنه يحب أخاه حبًّا كبيرًا، ويساعده في كل شيء رغم أنه متعب جدًّا.
تمرين آخر يا طلال:
أريد منك أن تقوم بضم أخيك الصغير مرة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أيام، وسوف تشعر براحة عظيمة عندما تضمه إلى صدرك وستشعر أنه يضمك هو أيضًا، وستبقى سعيدًا طيلة اليوم أيضًا.
تمرين آخر:
قم بشراء بعض السكاكر على عدد أفراد أسرتك من مصروفك الشخصي مثل (العلكة الشامية اللذيذة)، وأعطِ لكل واحد حبة ستشعر أيضًا بالسعادة لذلك.
التمرين الرابع:
كلما شعرت أنك على وشك أن تغضب قل لنفسك فورًا قف يا طلال! خليك هادئ.. خليك هادئ.. خليك هادئ.. وغيّر المكان فورًا اذهب إلى غرفتك مثلاً لا تترك نفسك للغضب، فالخطأ يجر الخطأ، والصراخ يجر الصراخ، وتتوسع المشكلة، وأخيرًا ولدي الحبيب داوم على الصلاة في المسجد.
ومارس الرياضة.. رياضة الركض مثلاً.. إنها ممتعة جدًّا وأنا أمارسها (رغم ارتدائي للحجاب) في المدينة الرياضية، وأشعر بسعادة كبيرة وقدرة أكبر على ضبط نفسي وغضبي.
ابني طلال العزيز..
تخيل حياتك بلا أسرة.. وتخيل بيتكم بلا أم تلومك ولا أخت تسخر منك، ولا أخ صغير (يخربش) على دفاترك.. لا شك ستكون الحياة مملة وأليمة وصعبة جدًّا بدون المشاكسات الجميلة في الأسرة، وبدون (العياط) على بعضنا البعض، وتذكر أن هناك آلاف الشباب بعمرك ليس لديهم أصلاً أسرة.. إنهم محطمون تمامًا وبائسون.. أتمنى لك ولأسرتك الصحة والسعادة.
ــــــــــــــــــــ(41/307)
أنا وصديقتي.. افترقنا
مع الأهل
أنا فتاة أبلغ من العمر 18 سنة وأعاني من مشكلة، وأتمنى أن تجدوا لها حلا في أسرع وقت ممكن، ومشكلتي هي عندما كنت في الصف الأول الثانوي تعرفت على صديقة أكبر مني بسنة، تعرفت عليها بالصدفة في بداية دخولي إلى الثانوية، لم تكن صديقة فقط، بل كانت أختا لي؛ أحبها، وتحبني، كانت طيبة خلوقة مؤدبة، وتحب الناس. وهي اجتماعية بطبعها. أحببتها من كل قلبي حبًّا كبيرًا؛ حيث إنني فضلتها عن بقية صديقاتي وأهلي، وأنا دائمًا معها، وهي معي في كل لحظة وكنا في منتهى السعادة، وفي تلك الأيام كانت دائمًا تقول بأنها تبادلني نفس الشعور.
كانت دائمًا معي في يأسي وفي أملي.. كنت دائمًا أشكو لها همومي، وهي أيضًا تشكو لي همومها، وارتحت لها كثيرًا.
ومرت الأيام ونحن على نفس الحال، في تلك الأيام كنت دائمًا وباستمرار أكتب لها رسائل، لها أعبر فيها عن مدى إعجابي بها وأنني أحبها. ولكن في يوم من الأيام أرسلت لها رسالة؛ فإذا بأمها فتحتها، وقرأت كل الكلام الذي كتبته. في هذه اللحظة فكرت أمها بشيء، أو بمعنى أصح: أساءت فهم الكلام الذي داخل الرسالة، إنها كانت تفكر في كلامي المكتوب بالرسالة، وتظن أنني من الفتيات اللاتي يقمن بعلاقات غير شرعية مع صديقاتهن، فقالت لابنتها كلمة واحدة وهي: "خذي الحذر يا بنتي". ومن بعدها صديقتي خافت من كلام أمها، وقالت لي: لا تتصلي في هذه الفترة، إلى أن تهدأ الأمور، وتنسى أمي الموضوع. فقبلت طلبها، ومر تقريبًا أسبوع، ثم ردت العلاقة كما هي، ولكن ليس كما كانت، وليست أسوأ، لكن إحساسي أنها ليست كما كانت من قبل، مع أن أمها لم تقل لها سوى "احذري".
ومرت الأيام وأنا وصديقتي مع بعض، ولكن في يوم من الأيام أم صديقتي بدأت في التفكير، كانت تظن أنني أريد شيئًا من ابنتها؛ لأنني أنا بطبعي إذا أحببت الشخص الذي أمامي أرى نفسي دائمًا باتصال معه، ودائما أفعل ما يرضيه وما يريده، وفي يوم من الأيام كانت صديقتي ذاهبة إلى الشاليه، وصدفة كانت هي جالسة على البحر وحدها، فاتصلت بها لكي أطمئن عليها وأتكلم معها، ثم جاء خط ثان لصديقتي من أمها، فأغلقت الهاتف معي لكي ترد عليها، فسألتها أمها مع من تتكلمين؟ فقالت مع صديقتي (فلانة) فردت عليها، وقالت لها: يا بنتي إذا طلبت منك طلبا فهل ستنفذينه؟ فقالت لها: نعم يا أمي، ولكن ما هو الطلب؟؟ فقالت لها أمها: أرجو أن تقطعي علاقتك بهذه البنت؛ فأنا أحس أنها غامضة، وفي هذا اليوم طلبت مني ألا أتصل، ولا أرسل لها أي رسالة من خلال جهاز النقال.
وكان هذا الحدث بتاريخ 22-2-2002. وبعد انقضاء 6 شهور تقريبًا أحسست بأنني محتاجة لها ولسماع صوتها، فقمت بإرسال رسالة لها على الإيميل، وطلبت منها أن أكلمها من خلال الماسنجر (الشات)، فقبلت وكان أسلوبها جميلا جدًّا معي، ورحبت بي من جديد إلى هذا اليوم، ولكن هذا لا يكفي، والذي بيني وبينها فقط جماد أعرف من خلاله أخبارها (الكمبيوتر).
إنني أريد أن أرجع لها، وتعود علاقتنا مثل أول وأحسن، وكلما أطلب منها هذا الطلب تقول: لا أستطيع أن أفتح الموضوع لأمي مرة أخرى؛ لأنها لن تغير فكرتها عنك، وإلى الآن وأنا أطلب منها هذا الطلب، ولكن دون فائدة، وهي أيضًا تتمنى أن ترد علاقتنا، لكنها لا تستطيع. هذه هي مشكلتي وأريد حلاًّ لها أرجوكم. هل أصر على طلبي؟؟ (مع أني أعرف ما هو ردها) أم ماذا أفعل؟؟ فأنا من ذلك اليوم 22-2-2002 أحس بأن الحزن غلب عليّ وأحس بأني فقدت شيئًا ثمينًا وهو صديقتي الغالية. ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نزل الروح الأمين جبريل على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقال له:"يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، واعمل ما شئت فإنك مجزى به، أحبب من شئت فإنك مفارقه".. ووعى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الدرس جيدًا.. درس مفارقة الأحبة؛ فقال: " أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما"..؛ فعسى حبيب اليوم أن يكون غريم الغد.. وعسى غريم اليوم أن يكون حبيب الغد. ونحن في مرحلة المراهقة تتميز عواطفنا بشدتها وحدتها، ونتطرف في حبنا وكراهيتنا، ونتصور كل حدث يحدث لنا هو نهاية العالم، والأمر غير ذلك.
إنك وصديقتك ستفترقان ستفترقان.. إن لم يكن اليوم فسيكون غدًا.. ستتفرقان عندما تتزوج كل واحدة منكما.. ستتفرقان عندما تتعلم كل منكما في كلية مختلفة.. ستفترقان بسفر إحداكما مع زوجها.. ستفرق بينكما الأيام لألف سبب وسبب.. فلماذا لا تستفيدين بالتجربة وتتعلمين درس الفراق، خاصة أنه قادم قادم، إن لم يكن مع صديقتك فسيكون مع أي عزيز لديك بأي صورة.
خاصة أن الفراق ليس حادًّا وليس كاملا.. إنكما تتحادثان عبر الشات، وتطمئنان على أخباركما، وتبثان بعضكما البعض همومكما.. إنكما صديقتان.. ربما وأنتما في بداية صداقتكما لم تستطيعي أن تميزي ما يقال وما لا يقال لصديقة، فقلقت الأم، وخافت عن علاقة غير شرعية بينكما.. استجابت الصديقة طاعة لأمها، ولم تجد الظروف مواتية لمراجعة أمها، ووجدت في التواصل عبر الإنترنت وسيلة كافية لاستمرار الصداقة.. فلماذا لا ترضين بذلك؟ خاصة أن الأم لو علمت بإلحاحك المستمر على عودة الصداقة فلربما ازدادت شكوكها، ومنعت حتى الاتصال عبر الإنترنت.
إنها فرصة حتى تقيّمي مشاعرك، وتضعي لها حدودًا أو تتعلمي الدرس.. إن الكثير من المراهقات يقعن في مسألة الإفراط في العاطفة.. وتكون تجربة مثل التي مررت بها لمراجعة النفس تتوقفين عند حد الحزن على فراقك لصديقتك.. بل بالعكس وسِّعي مجال صداقتك، وابحثي عن صديقات جدد، ستجدين فيهن عوضًا عن هذه الصديقة.. واعتدلي في مشاعرك، وضعي حدودًا للصداقة ولا تتجاوزيها.. واعلمي أن مخاطبة الصديقة لا يصلح معها ما يصلح في مخاطبة الحبيب.. وأن الصداقة الطبيعية التي يقبلها المجتمع ليست بالصعبة، خاصة أنك بذلك تحافظين على علاقة متوازنة تعيش مدة أطول مما تعيش علاقة متطرفة في عاطفتها تثير حولها الشكوك والمشاكل.
الخلاصة أن تجربتك مع صديقتك تجربة مفيدة، تعلمي منها كيف تنشئين صداقة متوازنة، وتحافظين عليها، واكتفي من صديقتك الآن بالصداقة عبر الإنترنت حتى لا تخسريها تمامًا
-ــــــــــــــــــــ(41/308)
أنا وأبي: مطارق وقواقع وصخور
علاقات أسرية, مع الأهل
السلام عليكم ورحمة الله، أنا فتاة عمري 19 عاما، مشكلتي مع والدي، أنا أحبه كثيرا ولكني أخجل منه كثيرا، ربما لأنه بطبيعته يحب الوحدة؛ فتعودت منذ صغري أن أكون فقط مع أمي، عندما أقول لأمي بأن أبي لا يحبني وأنه لا يقربني منه تجيبني بالنفي.
إن علاقتي بوالدي رسمية، أذهب إليه عند الحاجة فقط، وهذا الشيء يزعجني كثيرا، ولكني لا أجد حلا لهذه المشكلة؛ لأني حاولت كثيرا التقرب منه ولكني عندما أصل إليه أتردد، صدقوني حاولت كثيرا دون جدوى، هل هو المخطئ أم أنا؟ وما الحل؟ رجاء ساعدوني، علما أن جميع إخوتي علاقتهم به أفضل مني، شكرا لكم.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة، إذا كانت شخصية والدك كما تصفينها من حيث حبه للوحدة، وميله بالتالي إلى العزلة، فإن العبء الأكبر يكون على الطرف الذي يريد أن يقترب منه، ويقيم معه علاقة حميمة. والحقيقة أن لكل واحد فينا "قوقعته" أو أسبابه للابتعاد عن الناس وإيثار الوحدة والعزلة، كما أن لدى البعض دوافع أكبر للتواصل الاجتماعي.
وسواء كان الخجل الاجتماعي هو السبب، أو الخوف من صد الأطراف الأخرى أو عدم تجاوبهم، أو الشعور المبالغ فيه بالاغتراب أو الاختلاف عن الآخرين، فإن النتيجة واحدة في حالته وأيضا في حالتك؛ لأنك فيما يبدو تخجلين منه وتتركينه في وحدته، ولذلك سيبقى الوضع على ما هو عليه حتى يبادر أحدكما بشكر هذا المشهد، ولا أظنه سيفعل!
وما تشتكين منه هو حالة إنسانية متكررة في حياتنا الأسرية، بل والزوجية، فيكون لدينا غالبا طرفان غير قادرين على التواصل مع بعضهما، ولكلٍّ أسبابه وظروفه، وأحسب أن هذه المسألة تحتاج إلى تدريب متدرج على فنون "إظهار" الاهتمام بشخص ما، وقد يختلف الأمر في بعض التفاصيل والمحتويات والتعبيرات إذا كان هذا الشخص زوجا أو أبا أو أخا، لكن الخطوط العامة تبقى واحدة، وأذكر منها هنا:
1- حسن الاستقبال والوداع: وهذا من يجهله الكثير من الناس، ولا يحتاج سوى للحفاوة الواضحة حين يظهر الشخص المستهدف أو تقدمين أنت عليه، والمطلوب هنا ترديد ألفاظ وعبارات الترحيب، والشوق وذم الغياب، ولقد تعودت ابنتي الكبرى بتلقائية -ودون أن يدرسها أحد- أن تحتضنني حين تراني، وتقول لي: "وحشتني"، فإذا كانت الأحضان صعبة عليكما فليس أقل من كلمة: وحشتني أو افتقدتك... إلخ.
2- المسارعة في تلبية الحاجات: إذا طلب والدك منك شيئا، أو احتاج لشيء ولم يطلب صراحة، فإن مسارعتك في إجابة طلبه أو تلبية وتوفير حاجته تعطي دلالة واضحة على اهتمامك به، وحبك له، ومن الأخطاء الشائعة للمحبين أن يتلكأ المحب في إجابة طلب محبوبه أو يغفل عنه أو ينساه! ثم يعود ليؤكد في تناقض ظاهر أنه يحبه ويحرص على رضاه!
3- حسن الإنصات والانتباه: إذا تكلم والدك فكوني أكثر أهل البيت انتباها لما يقول، وإذا تحدث إليك فأظهري ما يدل على أن كلك آذان مصغية ولا تستمعي إليه وأنت منشغلة بشيء آخر، أو تنظري في جهة أخرى.. إلخ. وإذا كان والدك صموتا فإنه يحتاج إلى إغراءات ليتكلم ويتواصل، ومن أهم الإغراءات الإنصات لما يقول، والتفاعل معه، والاحتفاء بكلماته، وكثرة مدحك له، وكلنا نحب المديح.
4- المشاركة في رعاية الاهتمامات والهوايات: يحب كل إنسان أن يتكلم عن اهتماماته وهواياته، وأول الاهتمامات الإنسانية: الاهتمام بالذات، ولذلك فإن الإنسان يحب أن يتكلم عن ذاته، أو على الأقل يحب من يحدثه عن نفسه، وكذلك فإن الإنسان يحب من يكلمه عن هواياته، وتكون الفرصة أمامه أكبر ليتحدث في هذه المساحة، ويصول ويجول، فهل تعرفين اهتمامات والدك؟ وهل جربت أن تبادريه بالحديث عن نفسه أو عن تلك الاهتمامات في ساعة صفاء، ووقت ملائم؟!
5- التطابق مع النموذج المطلوب: إذا كان والدك يريدك متفوقة أكثر فتفوقي أكثر، وإذا كان يريدك ملتزمة أكثر بالدين وتعاليمه فكوني كذلك، وإذا كان يحب أن يرى منك مساعدة أكثر لوالدتك في البيت أو على علاقة أفضل مع إخوتك فكوني كما يحب، واجعليه دائما يراك حيث يريدك، ويفتقدك حيث يكره منك؛ لأن الطاعة -في المعروف- من أهم علامات الحب، واجتناب النهي أدوم لحفظ الود.
6- إظهار الحنان والتجاوب: وأعني به التوافق في حالته المزاجية بل والبدنية أحيانا، وأنك قادرة بحساسية وذكاء أن تعرفي أنه متعب، أو قلق، أو سعيد... إلخ، وسيكون عليك أن تشاركيه وجدانيا في حالته هذه، فتظهري فرحك لفرحه، وإشفاقك عليه وهو متعب أو مهموم، ويكفي مبدئيا عبارة مناسبة بسيطة، مثل: "تبدو مرهقا يا أبي"، أو "أدام الله عليك الرضا والسرور"... وهكذا فإن الحديث عن الحالة النفسية المزاجية يعد مدخلا رائعا لفتح حوار حميم.
ابنتي الكريمة:
هذه بعض نقاط مبدئية ستحتاج منك إلى جهد في البداية لتغالبي خجلك وتبادري بالاتصال والتواصل، وأجزم أنك لو استطعت القيام بها فإن النتائج ستكون مبهرة في خلال أشهر، وتذكري أن الحب وتأثيره في القلوب لا يصل إلا بالطرْق عليها، وبحسب قوة المطرقة، في مقابل قوة الصخرة/ القلب يمكن حساب الزمان الذي يستغرقه التأثير حتى تظهر نتائجه.
وأرجو أن تبدأ خطتك فورا وبالتدريج، وألا تيأسي إذا وجدت في نفسك بعض الضعف، أو وجدت منه بعض الصد لفترة، ولا تقولي طرقت كثيرا على صخرة قلبه، ولم ينفتح؛ لأن من مفارقات النفس البشرية ومن عجائب الخبرات الإنسانية أن العديد من الناس يستبد بهم اليأس ويقررون التوقف عن المحاولة رغم أن بينهم وبين تحقيق أهدافهم "طرقة واحدة فقط".
ــــــــــــــــــــ(41/309)
تماثل أم تكامل.. كيف أختار صديقة؟!
مع المجتمع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا فتاة أبلغ من العمر 14 عاما، وأعاني من عدم وجود صديقات لي، ليس بهذا المفهوم بالضبط، ولكني لم أجد الصديقة المشابهة لطبعي وشخصيتي واهتماماتي.
حاليا توجد زميلة، قبل ذلك كانت صديقة، لكن حاليا بيننا فراغ كبير بسبب عدم توافق الشخصيات؛ ففي البداية كنت أدعوها للذهاب إلى المسجد وما يشابه ذلك، فكانت ترفض وتتحجج بحجج لا يطلق عليها سوى تافهة.
وأخيرا، أخبرتني بأنها سوف تخلع حجابها! حاولت إقناعها بعدم فعل ذلك، ولكنها لم تستجب؛ لأنها لم تقدر خطورة ما تفعله؛ واستمرت حتى إنها كانت تغضب مني كلما فتحت معها هذا الموضوع، وبعدها فكرت فترة في أن أتركها ولكن تراجعت وحاولت مرة أخرى ولكن بلا جدوى.
والآن ألاحظ تغيرا في تفكيرها واهتماماتها بشيء من التفاهة. وبالتالي أصبحت أنا بلا أصدقاء. فبالله عليكم قولوا لي ماذا أفعل؟ يمكن أن تكون هذه المشكلة صغيرة بالنسبة لكم، ولكنها كبيرة جدا بالنسبة لي. وشكرا، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي العزيزة، نعلم أن الإنسان مخلوق اجتماعي بطبعه يميل إلى تكوين الصداقات، ويحب العيش في جماعة. وأتفق معك في أن فقد الصداقات مشكلة، خاصة حين يفقد الإنسان الصحبة الصالحة.
ليس شرطا أن تكون صديقتك مشابهة لك في طبعك وفي شخصيتك أو حتى في اهتماماتك كي تتخذيها صديقة؛ فالتوائم تختلف فيما بينها، وكما يقال: أصابع اليد الواحدة ليست متشابهة. وهكذا خلقنا الله، مختلفين حتى يكمل بعضنا بعضا.
لا تبحثي عن التشابه دائما، لكن انظري إلى التكامل؛ فالاختلاف بين الناس موجود فعلا، ولا أنكر أن التوافق مهم وأن من المهم أيضا أن يكون بينكما أشياء متشابهة وأفكار متقاربة، ولكن لاحظي أني أقول متشابهة ومتقاربة لا متماثلة؛ فأنت لا تبحثين عن مرآة، إنما عن صديقة.
ادعي الله كثيرا في صلاتك أن يرزقك الصحبة الصالحة التي تعينك وترتقي بك وتقربك إليه، وابحثي عنها حولك بين زميلاتك وجاراتك وقريباتك، ولا تملّي أبدا من البحث عن هذه الصديقة.
ولا تنتظري مبادرة الآخرين في تكوين الصداقة معك، وإنما بادري أنت، وكوني صاحبة الخطوة الأولى، وتعرفي على من تلقينه، وحاولي فتح حوار معه من خلال أفكاره واهتماماته. اشتركي في الأنشطة المتاحة لك في المدرسة أو النادي أو الحي، أو فكري أنت في أنشطة تعينك على التعامل مع قطاع أوسع من الناس، وانخرطي فيها عسى أن تجدي من يشاركك اهتماماتك وأفكارك، ولا تنسي أن تشعري من حولك باهتمامك بأفكاره وأقواله وأفعاله، فهذا مهم ومدخل جيد لتكوين تقارب.
قلت بأنك تذهبين إلى المسجد وكنت تدعين صديقتك للذهاب معك؛ فلماذا لا تبحثين فيه عمن تصاحبينها هناك وتكون عونا لك؟ أما بالنسبة لصديقتك التي تحدثتِ عنها، فإني أنصحك بأن تبقي معها وألا تتركيها وأن تجعلي بينك وبينها "شعرة معاوية" الذي قال: "لو أن بيني وبين الناس شعرة ما قطعتها، إذا شدوا أرخيت وإذا أرخوا شددت"، وذلك حتى يُبقي على صلته بالناس، فلا تقطعي علاقتك بها وصليها دائما، حتى تكوني أنت من ترجع إليها ليأخذ بيدها إذا تعثرت فلا تقع أو تضل الطريق، أو حتى لا تلجأ لمن هو أحوج منها إلى المساعدة فيهوي بها..
ألم تصفيها حين فكرت في خلع الحجاب بأنها لا تدرك خطورة ما تفعل؟ لكنك تدركين.. ولهذا وجب عليك نصحها، لكن انظري في أسلوب نصحك لها. احرصي أن يكون نصحك هادئا وألا يكون هجوميا أو به استنكار ينفرها ويجعلها تتشبث برأيها حتى من باب العناد معك.
ولاحظي يا حبيبتي أن الوقت (الزمن) يغير، فلا يبقى شيئا على حاله، فما بالك بنا نحن البشر؟ انظري في نفسك، فربما تحبين شيئا الآن لم تكوني تقبلينه سابقا، وربما تحبين شيئا الآن وتغيرين رأيك فيه لاحقا! فلا تستغربي التغير الطارئ على صاحبتك، (وما أسهل أن تتغير الظواهر، ولكن تبقى البواطن كما هي).
إنك تعرفين صاحبتك أكثر منا، وتعرفين ما بها من خصال حميدة جذبتك نحوها في يوم من الأيام، ومن المؤكد أنها ما زالت تحتفظ بشيء منها، وإن ظهر منها غير ذلك مما أبعدك عنها الآن. ولهذا أكرر: عليك ألا تتركيها، بل كوني "صاحبة صالحة" لها، بل احرصي أن يكون وجودك معها إيجابيا ومؤثرا ومفيدا وناصحا حين يتطلب الأمر، لا محبطا أو مذكرا لها بهفواتها، فإن كان الله قد حباك برجاحة العقل واتزانه فلا تعيبي عليها ذلك، واحمدي الله على ما هداك، وانظري للأمور بأفق أوسع واحترمي رأيها أيا كان، وتذكري قول المؤلف "هنري فورد" في فن العلاقات الإنسانية: إذا كان هناك سر واحد للنجاح، فذلك هو المقدرة على إدراك وجهة نظر الشخص الآخر، والنظر إلى الأشياء بالمنظار الذي ينظر به إليها. ولمزيد من التفاصيل يرجى مراجعة:
- كيف تؤثر في الناس: نصائح وقواعد
- العلاقات الاجتماعية ... في هذا الزمان
- صداقة في مفترق الطرق
ــــــــــــــــــــ(41/310)
القلق من القلق.. والتفكير من التفكير!
القلق والتوتر, مع النفس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. تحياتي إلى كل القائمين على الموقع وعلى هذه الصفحة الرائعة.
عندي بعض المشاكل، أرجو أن أجد حلا لها عندكم فأعينوني جزاكم الله خيرا.. فأنا طالب في أواخر الخامسة عشرة من عمري، أصلي والحمد لله بانتظام، وأحافظ على النوافل. أنا في الصف الثالث الثانوي، والحمد لله متفوق دراسيًّا، ودائما ما أحصل على المراكز الأولى، ما يؤرقني ويتعبني كثيرا هو ما يصاحب هذا التفوق من عقبات؛ ففي أوقات كثيرة أشعر أن ثقتي بنفسي تهتز كثيرا، فعندما يسألني أستاذي سؤالا ولا أستطيع الإجابة.. أشعر بحرج شديد، وأظل أفكر في الأمر طوال اليوم. أقول في نفسي: لا بدّ أنهم الآن يسخرون مني، وأعلم ما يقولون: هل هذا هو الطالب الأول؟! لا يستطيع إجابة هذا السؤال البسيط!! وهؤلاء زميلاتي يهمسن في آذان بعضهن ويبتسمن، فكأني فعلت جريمة مخزية تستحق العقاب!!
المشكلة الثانية هي أنني أزداد عصبية وتوتّرا كلما اقتربت الدروس والمدارس.. فهل هذا طبيعي؟ ومشكلة أخرى هي أني لا أتصرف بطريقة طبيعية مثل بقية زملائي.. فكثير من أصدقائي ينظرون لي كأنني إنسان يجب ألا يخطئ، يقولون: "هو ده اللي عامل فيها عارف ربنا وبيصلّي!!".
والمشكلة الكبرى هي أن أحد المدرسين كان ينتظر أن أبدأ دروسي معه في مادة من المواد العلمية المهمة، ولكني رفضت ذلك؛ لأن مستواه وقدراته لا أشعر أنها تناسبني؛ فإمكاناته متواضعة للغاية، وأنا أحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير. المهم أنه قبل بداية الدروس أخذ يزور والدي بانتظام رغم أنه لم يزرنا كثيرا هكذا في أي وقت مضى، وعندما بدأت الدروس كان ينتظر أن أبدأ عنده، ولكني لم أفعل؛ فكان قراره ألا يعطي دروسا هذه السنة؛ بحجة أن المجموعة لم تكتمل، أنا متأكد من أنني لو كنت ذهبت عنده لكان سيستمر حتى ولو كنت وحدي، نفسي تؤنبني كثيرا، وأعتقد أنني السبب في ذلك. ماذا أفعل؟ هل أضحي وأذهب عنده، أم أستمر عند أستاذي الآخر الذي أثق بمستواه؟
مشكلة أخيرة هي أن بعض زميلاتي ينظرن إلي ويتعمدن الحديث عنيّ أمام بعض المدرسين، وهن يعلمن أن المدرس الفلاني سينقل ما قالوه لي، فيقول لي أحد المدرسين مثلا زميلتك كذا تسأل عليك، فأضطر إلى إظهار عدم المبالاة بالأمر حتى لا أقع في موقف محرج.
وكثير منهن يرسلن إليَّ أسئلة لكي أجيب لهنّ عليها، فتدور رأسي وتذهب كلّ مذهب.. هل يقصدن مجرد الإجابة عن السؤال؟ لماذا لا يسألن الأستاذ إذن؟ ويسألنني أنا؟ ولكني في النهاية أجيب الأسئلة، وينتهي الموضوع، لا أفضل التفكير كثيرا في هذه الأشياء، ولا أن أشغل وقتي بها، ولكني بدأت أهتم بهذه الأمور في الفترة الأخيرة "زيادة عن اللزوم"، ومع العلم أني لم أتحدث مع أي منهن ولو مجرد كلمة واحدة، وعندما تكلمني إحدى البنات يحمرّ وجهي بشدة، ولا أستطيع الكلام كالطفل الصغير، وهذا أيضا يتعبني كثيرا؛ لأني أعتبره ضعفا وعدم جرأة ونقصا في الشخصية، ولا أحب هذه الصفات، ولا أتمنى أن تكون موجودة فيَّ.
وستقولون لي: عاملْها كأختك.. لا أدري كيف؟! هل اهتمامي بهذه الأشياء شيء طبيعي؟ أم أنني أفكر كثيرا وأصل إلى نتائج "على مزاجي"؟ المهم.. هذه هي مشكلتي الأخيرة التي أردت عرضها عليكم، وأثق فيكم، وأعلم أنني سأجد الحل عندكم، وأشكركم كثيرا لسعة صدركم.
ملاحظات: ليس لي أخوات بنات.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... القلق العام: إنها الترجمة العربية لحالة نفسية لدينا تسمى "General anxietg" (القلق العام) وهي أفضل وصف لحالك، وأنا أسميها "حالة القلق من القلق والتفكير في التفكير".. وأقصد أن الإنسان الذي إذا لم يجد شيئا يقلق منه قلق من قلقه، وإذا لم يجد شيئا يفكر فيه فكر في تفكيره، وهذا عين ما تفعله في رسالتك. وبالطبع هو عين ما تفعله في حياتك؛ فعندما يسألك مدرس سؤالا ولا تجيب عليه تتخيل كل الزملاء يقولون: هل هذا هو الأول، وإذا أخطأت تخيلتهم يقولون: هل هذا هو الذي يصلي. وهذا أمر لا يحدث، ولو حدث فهذا يعني أن هؤلاء الزملاء لم ينضجوا بعد؛ لأن حكمك وحكمهم على الأمور في هذه الحالة يتسم بالسطحية في النظر إلى الأمور؛ لأنه ليس مفترضا أن هناك شخصا يجيب على كل الأسئلة أو لا يخطئ بأي شكل.
هذا تصور متوهم لشخصية غير موجودة، ولن توجد أبدًا؛ وبالتالي فمحاولة الوصول إليها أو انتقاد من لا يصل لها نوع من عدم النضج يحتاج إلى مراجعة، ويتجسد هذا القلق في قصة المدرس الذي يؤدي إلى نتائج غير منطقية وغير مبنية على أي أساس.. فالمدرس يزور الأب؛ لأنه يريدك أن تأخذ درسًا عنده، وعندما لم تأخذ الدرس ألغى المجموعة تمامًا، وأي منطق مقلوب هذا؟
وتتصور أنك لو ذهبت وأخبرته أنها ستأخذ عنده درسًا فسينتفض الرجل وتعود له ثقته في نفسه، ويعلن تشكيل المجموعة. فالرجل حياته متوقفة عليك، ولا يفعل شيئا في حياته غير أنه يحاول جذبك لأخذ درس عنده.. فهو يكرر زيارة والدك من أجل ذلك، ويوقف حياته إذا رفضت أنت! أترى ذلك منطقا معقولا؟! وهل ترى شعورك بالذنب بعدها شعور طبيعيًا؟
ويسير تفكيرك على نفس المنوال في كل الأمور؛ فزميلاتك يتعمدن النظر إليك والحديث عنك، والمدرسون سيتركون دروسهم وينقلون عنك الكلام؛ فتظهر أنت عدم الاهتمام ويسألْنك، وأنت تسأل نفسك: لماذا يسألنني ولا يسألن المدرس؟.. ثم لماذا أفكر هذا التفكير؟ وهل أنا أفكر كثيرًا وأصل إلى نتائج على مزاجي؟.. إنه التفكير في التفكير.. القلق من كل شيء.. تضخيم كل الأمور والبحث فيما وراءها..
إن اهتمامك بالبنات وتفكيرك فيهن في هذه السن شيء طبيعي؛ فأنت قد دخلت إلى سن المراهقة، ولديك ميل طبيعي فطري نحو الجنس الآخر لم يكن موجودًا من قبل.. ولأنك ليس لديك أخوات بنات تحولت البنات بالنسبة لك إلى عالم مجهول مثير تتحسب له.. فإذا ما كلمت بنتا من هذا العالم احمرَّ وجهك، ليس لأنك ضعيف الشخصية، ولكن لأنك تتصور الأمر يحتاج إلى جرأة وشجاعة غير عادية لدخول هذا العالم، ولن نقول لك عاملها كأختك فليس لديك أخوات، ولكن نقول لك عاملها كأخيك! إنها إنسان مثلك تمامًا.. كل ما في الأمر أن تدرك حدود معاملتك نحوها وطبيعة ما تشعر به نحوها.. فهذا الميل الفطري جعله الله في نفوسنا لغاية سامية هي إعمار هذا الكون من خلال تزاوج الجنسين.
ولذا فإن علاقاتي بزميلاتي في الدراسة في هذه السن تكون في حدود ما أسميه الزمالة الملتزمة التي تعني أنه ليس بالضرورة أن تقوم علاقة حب بيني وبين زميلتي، وأن يكون سؤالها له دلالة أبحث عنها؛ فنحن زملاء دراسة نلتزم بغض البصر، وعدم الخضوع في القول، وهو موضوع الحديث بيننا.. وإذا فهمت ذلك استطعت أن تتعامل مع زميلتك بشكل طبيعي كأنك تعامل زميلا لك، ولكن في إطار هذا الاحترام والالتزام المتبادل، وعندها لن تجد داعيا للتفكير الكثير.
تعامل مع نفسك ببساطة.. نعم أنت من الأوائل وتصلي، ولكن ليس معنى ذلك أن تقف لنفسك عند كل تصرف تفكر فيه وتتحسب للنتائج أو لما تتصور أن الناس يقولونه عنك.. الناس ينظرون إليك بصورة عامة ولا يحاسبونك كما تتصور.. وافهم طبيعتك كمراهق وعندها ستمر بهذه المرحلة بسلام.
ويمكنك العودة إلى الكثير من الحلول التي تتحدث عن فترة المراهقة، وحدود العلاقة بين الجنسين، خاصة مشكلة "في عطلة الصيف.. هو وهي معًا بالإجبار!"، وغيرها من المشاكل التي يمكن أن تبحث عنها تحت كلمة بحث " مراهقة".
حالتك يمكن التخلص منها.. حالة القلق العام إذا فهمت الأمور كما شرحناها لك على المستوى المعرفي، وغير سلوكياتك بناء على ذلك؛ فإن نجحت بنفسك فستتغير حياتك إلى الأفضل، وإذا لم تستطع التخلص من هذا القلق وأثر على علاقاتك بالآخرين وعلى أدائك الدراسي؛ فأنت في هذه الحالة في حاجة إلى مراجعة الطبيب النفسي حتى تكون تحت إشرافه في برنامج سلوكي للتخلص من القلق، وقد يحتاج الأمر إلى بعض من المطمئنات (مضادات القلق الدوائية) في المراحل الأولى من العلاج أو عند تعرضك لمواقف صعبة، وبعدها تصبح قادرًا على التعامل مع الأمور بيسر وبساطة،
ــــــــــــــــــــ(41/311)
إلا في البيت.. جريئة ومرحة ورائعة
علاقات أسرية, مع الأهل, مع المجتمع
بسم الله الرحمن الرحيم، أود أن أعرض عليكم مشكلتي أو بالأحرى مشاكلي وبدون مقدمات؛ لأني لا أحب كثرة الكلام مع أني أكبر ثرثارة! ولكن لكل سالفة مناسبة. أنا آسفة على إطالة المقدمة مع أني لا أريد مقدمة، لكني كثيرة الكلام، والله يستر من الكلام القادم..
أنا فتاة أبلغ من العمر 18 سنة تقريبا، ملتزمة لكن للأسف لي وجهان، وأحاول جاهدة التوفيق بين هذين الوجهين بكل ما أوتيت من جهد وقوة.
فخارج المنزل أكون فتاة جريئة قوية الشخصية أحب أن أساعد الناس وأنصحهم، وزميلاتي وجميع معارفي معجبون بأسلوبي الرائع -على حد قولهم- سواء أمامي، أو يصلني الكلام من هنا وهناك.. ويقولون إن أسلوبي رائع في النصح والإرشاد من خلال بعض المحاضرات التي ألقيها عليهن، سواء عن الأغاني أو عدم الاهتمام بالحجاب، وغير ذلك من الأمور الخاطئة المنتشرة.
كما أنني مرحة وأحب الضحك، ولكن في مواضعه، وأمتلك مهارة التمثيل بروح دعابة، وأدمج بين التمثيل والضحك والنصيحة، وأقدمها لمن حولي، سواء في مكان دراستي أو أي مكان به تجمع نسائي خاص.
أما في المنزل فقد كنت هكذا، ولكن تغيرت بسبب الغيرة وقلة التشجيع، سأفسر هذين المصطلحين لاحقا.
أنا كسولة جدًّا جدًّا في البيت، وأحب النوم والجلوس على الـ"نت"، وعصبية المزاج أحياناً؛ لأني لا أحب أن يطلب أحد مني فعل شيء، وأريد أن أفعل كل شيء من تلقاء نفسي (ما شاء الله، عندي ثقة بنفسي زيادة عن اللازم)، مثل طهي الطعام أو ترتيب المنزل وتنظيفه.
لساني يقطر عسلا أثناء الكلام، ولكن ليس مع أهلي، بل خارج المنزل فقط، ومنذ فترة -تقريباً ثلاث سنوات- وأنا أحاول أن أوفق بين هاتين الشخصيتين، مع أني كنت طيبة في المنزل كما في خارجه.
لكنني أعتقد أن السبب هو أني كنت ألاقي ترحيباً وتشجيعاً من الناس خارج المنزل، ولا أرى سوى التعليقات السخيفة والاستهزاء داخل المنزل من إخوتي وأخواتي على طريقة حجابي وخاصة ارتداء الجوارب، أو صلاتي وخاصة قيام الليل، وغيره من الأمور التي أمرنا بها الله، ولكن الناس تناسوها تحت مسمى "التطور".. وأنا أحاول أن أسيطر على أفعالي لأحل مشكلتي التي انتبهت لها بعد أن كنت "ماما" الكبيرة لكل من أعرفه من الصديقات والزميلات؛ لأني أستمع لهن وأحل مشاكلهن بنفسي وبمساعدة صفحاتكم المميزة.
أتأسف على الإطالة، ولكن هناك مشاكل أخرى: الغيرة، عندما أسمع خبر زواج إحدى الفتيات (سيئات الخلق) تأتيني نوبة بكاء، خاصة لو كان الزوج محترما، وأشعر بالضيق والقهر والغيرة منهن.. نعم الغيرة، فكيف يتزوجن وهن لسن أهلا لتربية الأبناء ومنهن خبيثات؟ وأنا التي أحلم بالزواج ليل نهار، وأدعو الله كل لحظة بأن يرزقني بزوج صالح محترم.. ومع هذا فأنا لا أنزل بمستوى أخلاقي وتصرفاتي للمستوى الذي وصلن إليه للفت نظر الرجال إليهن؛ فأنا محجبة ومحترمة، وأحب الخير للناس، لكن مثل هذه الأشياء تفقدني اتزاني وراحتي.
وقد سمعت جوابا من الشيخ حفظه الله عندما سمع مثل مشكلتي في برنامج مشكلات من الحياة: "لم يأت الذي يستأهل بنتا مؤدبة خلوقة وملتزمة مثلك، أثابكِ الله"، لكن هذا الجواب الموجز المختصر لم يُرح بالي مع وجود سيئات الخلق من البنات اللاتي يضعن الماكياج والعطور الفواحة ويخرجن للسوق أمام الرجال لإثارتهم، حتى في التجمعات العائلية المختلطة، ويحاولن لفت أنظارهم بلبس الضيق والشفاف، أو بذاءة وطول اللسان، أو عدم الحياء أمامهم.
ولا تنسوا ما يثير الشهوة من الأفلام والبرامج الفضائية.. فأحياناً تأتيني فكرة أن أفعل مثلهن، وكما قلت إنني أريد الزواج وراحة البال؛ لأنهن كلهن تزوجن ومنهن المخطوبات، وأنا وأمثالي من الملتزمات مازلنا بنات إلا القليل.
فأنا أدرس في كلية بعيدة عن منزلنا نسبيا، وبعد أن أنهي محاضراتي بثلاث أو أربع ساعات أنتظر الحافلة لتعيدني للمنزل، وإدارة الكلية تثق بنا كثيرا؛ فلا تحاسبنا: مع من تذهبين بعد انتهاء جدولكِ الدراسي؟ وبالعربي الفصيح أبواب الفساد مفتوحة أمامي، من هاتف نقال خاص وخط إنترنت خاص، وثقة عمياء من قبل الأهل تفوق الخيال؛ لأنني ملتزمة وأحافظ على صلواتي، كما أنني أنتقي صديقاتي حسب علاقتهن بربهن.
لكن في النهاية يردعني خوفي من الله تعالى، ثم الخوف من عذاب النار، وأيضا عذاب الدنيا من خسران الشرف والسمعة الطيبة التي سعيت جاهدة لكي أغرسها في أذهان معارفي من الناس. آسفة على الإطالة؛ فأنا كثيرة الكلام، لكن أتمنى أن يكون كلامي واضحا مفهوما.
وسأحاول جاهدة التوفيق بين الوجهين، وأريد منكم قليلا من التشجيع، وألا تنسوا النظر في مشكلاتي. ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... رسالتك رائعة يا ابنتي في تصوير وتجسيد الحالة النفسية والذهنية لفتاة في سنك ومجتمعك، بل أغلب مجتمعاتنا العربية والإسلامية. فشكرا لك عليه.
أزاهير وعيك المتفتحة تستقبل الدنيا بأشواق وحماس بنت الثامنة عشرة، ومن ذكائك الفطري تعرفين أنك محتاجة إلى زاوية أوسع لتتضح أمامك بقية أجزاء الصورة، وهكذا أود أن أفعل في السطور القادمة.
دعيني أبدأ من الآخر، وشكرا على ثقتك حين تفتحين لنا صدرك، وتبوحين بما يدور في عقلك من رغبات وصراعات وتساؤلات، وأسألك سؤالا قديما وتقليديا ولكنه هام وأساسي: هل الغاية تبرر الوسيلة؟!
تريدين مثل كل البنات حقك في أن تكوني محبوبة ومخطوبة وزوجة ومرغوبة، وأن تعيشي تجربة رومانسية في الاتصال بشريك يشبع دوافعك الإنسانية والأنثوية؛ فهل الطريق إلى هذا يكون بارتداء الفاضح من الملابس وسلوك المختل من الأفعال؟!
وهل الذي تحركه أجساد النساء في ملابس الإغراء فيتبع هذه أو تلك ليرتبط بها.. هل سيبقى وده؟ وهل ستظل رغبته بعد أن ينكشف المستور ويصبح "عاديا"، أم سرعان ما ستنطفئ الجذوة، وتذهب السّكرة، ويكون النكد والطلاق؟؟. وانظري حولك لتشاهدي مصداق كلامي، وكوني حكيمة وواعية، ولا تقتصري على مشاهدة الحلقات الأولى من مسلسل "الشبان والفتيات"؛ لأن متابعة الحلقات ستثبت لك أن الاسم الأنسب لهذا المسلسل هو "العارية والوغد"، والعارية تندم وتندب حظها، وتتساءل بعد خراب البصرة -مثلما يقولون-: لماذا يحدث لي هذا؟! لماذا أتطلق أو يخونني زوجي وأنا مخلصة له وراغبة بالستر والاستقرار؟
والجواب واضح وموجود في الحلقات السابقة حين كانت تصطاد الشباب بالعطر الفواح والمكياج الصارخ... إلخ. ثم لما انكشف الوجه دون أصباغ، وامتلأ القوام بفعل السن أو الحمل والولادة، وتغيرت الْمها التي كانت تغري الصياد باللحظ والخفة.. كان من الطبيعي أن يزهد فيها عندما تحولت، ولا يظلم ربك أحدا.
أما الذي يحب المرأة التي جمالها في عقلها، ويعشق الروح والأخلاق الشخصية هذا هو العاشق المنشود والزوج المطلوب، ولن يكون كذلك إلا إذا كان صاحب دين ووعي، وأحدهما لا يغني عن الآخر.
ومن يبحث عن جميلة الجميلات بالمعنى الجسدي مثل التي تبحث عن الوسيم، ومن يتزوج على هذه الأسس سيحصل على بضاعة ستصيبها حتما عوامل "التعرية" ويفاجأ بأنه وقع ضحية لجهله لطبيعة الإنسانية وحياة البشر كما خلقهم الله.. فهل تريدين أن تكوني من هؤلاء؟! بسيطة.. أنت تعرفين كيف؟!
وليس هذا شأن الاختيار بين الستر والتعري فقط، بل إن الاختيارات في الحياة كلها متاحة، والإنسان حر ومسئول ويختار، ويتحمل مسئولية اختياره في الدنيا والآخرة.
ويرد على ذهنك -مثلما يرد على ذهن الكثيرين- أن الالتزام يبدو قيودا ثقيلة تحول دون الانطلاق أو التمتع بحياة الشباب.
والحقيقة أن الالتزام الحقيقي هو اختيار له مقتضياته وتبعاته مثل كل اختيار، ومن شاء أخذه بحقه وتوابعه، ومن شاء تركه، هذا فضلا عن أن الالتزام الحقيقي لا يعني ما يقع فيه البعض بجهل مختلط بالحماس والرغبة الصادقة أحيانا حين يحرمون بعض ما أحل الله من الطيبات، ويشددون على أنفسهم في غير موضع عزيمة؛ ولذلك فإن الالتزام لا ينافي التحرر المسئول، ولكنه يناقض الانفلات، والمرء حيث يضع نفسه.
ويصيب بعض الملتزمين مما يرون حولهم من الضغوط ومن قلة بضاعتهم في فقد الدنيا والدين حالة من غرور التدين؛ فهم يرون أنفسهم بوصفهم المحترمين الأطهار وغيرهم ليسوا سوى أنجاس مدنسين، وسيتبين لك بعد قليل أن الفوارق التي يبنون عليها هذه النفسية هي فوارق واهية، ناهيك عن أن إصدار الأحكام على البشر مهمة لا يقدر عليها وينبغي ألا يقوم بها سوى الله سبحانه الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وقد تصيبهم أيضا حالات من الحسرة على ما يفوتهم من متع الدنيا؛ أحيانا بسبب التزامهم فيتورطون في الحالة التي أحكم الله جل وعلا في وصفها {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أن أَسْلَمُوا قُل لاَّ تَمُنُّوا عَلَيَّ إسلامكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أن هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ أن كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (الحجرات: 17).
إن أحدا لم يجبرك على الالتزام والاحترام، والاختيار أمامك مفتوح دائما وأبدا. فلا تتحسري على ما يفوتك من متاع الدنيا الزائف.. ليس لأنه رصيد تعاسة، وإن بدا غير ذلك، ولكن لأنه زائل وضار؛ فهو مثل السم في العسل، وخففي من توترك كلما رأيت باطلا ينتفش أو يلمع؛ فهكذا الزبد الذي ما يلبث أن يذهب جفاء ولو بعد حين، ولكن من يصبر ويفهم؟!
ولا تشعري بالحرج من القيد الذي ألزمت به نفسك؛ فإن هذا يدعو للفخر لا الحرج والحسرة، ولكن حذار من غرور التدين؛ فلا يعلم السرائر والخواتيم إلا الله، نسأله سبحانه العفو والعافية، وحسن الختام.
وأنا ابتسمت حين قرأت كلماتك التي تقولين "إنني أريد الزواج وراحة البال"، وقلت: يا ليتك تقرئين صفحتنا بانتظام؛ لتعرفي أن الزواج مثل الالتزام له تباعته ومسئولياته، ولا يمكن اختصار التعبير عنه براحة البال أبدا إلا إذا كنت تقصدين ناحية قضاء الوطر بالحلال، وحتى هذه فيها كلام؛ فليس كل متزوج أو متزوجة تحصل ما كانت تحلم به أو تتخيله في هذا الصدد.. بريئة أنت يا ابنتي.. ما تزالين!!
ولا يكفي يا فاضلة أن تكوني محجبة ومحترمة، وتحبين الخير للناس، وتجيدين الدعوة والنصح، ولك مواهب في التمثيل الهادف.. لا تكفي هذه المواهب على أهميتها لكي تصبحي أمًّا صالحة أو حتى مسلمة جيدة.
فالتربية مثلا لن تكون بغطاء الرأس أو بطيب القول أو بالنصح والتمثيل، إنما هي من أصعب المهام والمسئوليات -إن لم تكن أصعبها-، وتحتاج إلى فقه وعلم وتدريب وتجريب، وإذا كنت تريدين بيتا مختلفا وأسرة متميزة.. فماذا أعددت لهذا غير عطاء الرأس وحسن الخلق والمحافظة على الصلوات؟!
إذا كنت تريدين أن تكوني غير من توجيهن إليهن نقدك فإن الجهد المطلوب منك سيكون كبيرا، وهو في ميدان العمل أكثر أهمية منه في مجال الكلام والمواعظ التي تجيدينها.. فما هي برامجك لتكوين نفسك كزوجة وأم؟! ولكي تكوني مسلمة جيدة لا يكفي في هذا العصر أن تكوني جريئة وقوية الشخصية، وتخافي من الله ومن النار... إلخ مما ذكرته عن نفسك؛ فهذا كله ينتظر عملا يصدقه أو يكذبه، وأنت متعثرة في اختبار هام مع نجاحك في أمور أخرى تستحق الإشادة؛ وأعني هنا علاقتك بأسرتك. ومن وعيك وحدة ذكائك وضعت يديك على التوصيف الرائع لحالتك معهم، ولكنك تلقين باللوم عليهم بسبب قلة التشجيع.
ولأنك بريئة وصادقة -ولا أزكي على الله أحدا- فإنك تعترفين بأنك كسولة جدا في البيت، وتحبين النوم، وعصبية المزاج... إلخ، بينما أنت رائعة خارج البيت.. أتعرفين لماذا؟
لأنك في الخارج تنصحين وتداعبين وتضحكين وترشدين وتمرحين وتتقلين ردود الأفعال الإيجابية؛ فتزدادين في ممارسة هذا وتكراره، وهو نشاط يغلب عليه الكلام كما ترين، وهكذا أشكال الالتزام لا تحتاج من صاحبها سوى قدر قليل من الجهد والجهاد إذا ما قورنت بحقائق وجواهر ومقتضيات الالتزام العملية.
وتقولين إنك لا تحبين أن يطلب منك أحد فعل شيء.. بل تريدين فعله من نفسك.. فهل نحن بصدد السؤال التاريخي: البيضة أولا أم الدجاجة؟ وإذا كنت لا تقومين بالشيء بنفسك لأنك كسولة وعصبية وفي السرير أو أمام النت.. ضعي نفسك مكان والدتك أو أحد أفراد أسرتك وهو يرى أمامه فتاة على أبواب العشرين (أي يمكن أن تصبح زوجة وأما بعد شهور) تنقل جثتها أو جسدها من الأريكة إلى السرير، وتنام أغلب الوقت الذي تقضيه في المنزل، وإذا استيقظت فهي كسولة جدا جدا، وتجلس على النت كثيرا، وربما على الهاتف، وهى منهكة ومنهمكة في أعباء "الدعوة" إلى الله -كما تقول لهم- ألا تكون هذه الفتاة هدفا مثاليا لكل من يريد توجيه سهام النقد إليها أو إلى الالتزام وأهله؟!
وكيف يمكن أن تقومي بالأعمال المنزلية أو غيرها إلا عبر إصدار الأوامر؟! ثم إنك لا تحبين هذا.. بل تريدين أن تقومي بها بنفسك، "طيب" قومي بها بنفسك يا ابنتي قبل أن يطلبها منك أحد، ولكن هذا يقتضي ألا تكوني كسولة أو عصبية، وأن تعطي كل ذي حق حقه؛ لأن بيتك ليس فندقا للنوم والترفيه، والدعوة بالكلام هي من أنواع الترفية "النافع"، ولذلك يشعر من يمارسها بلذة ومتعة، ولكن حقيقته تظهر على محك الفعل واختبار الممارسة، وأهم ميدان اختبار الممارسة والفعل في هذه المرحلة من حياتك هي بيتك، وبناء على ذلك فإنك لا تعيشين بشخصيتين لا سمح الله، ولكنك مثلنا أو مثل أغلبنا؛ فصيحة اللسان، وشحيحة العمل، طالما كان هذا العمل على غير هواك مثل العمل داخل المنزل.
اجلسي مع أي أحد وافتحي موضوعا عن فساد الزمان وسوء أحوال الناس مثلا، واستمعي منه بعد ذلك لخطبة عصماء ومواعظ أطول مما حفظته الكتب، ونسبته إلى السيد المسيح عيسى عليه السلام من طويل المواعظ مثل موعظة الجبل؛ وأقصد الكلام الجميل المؤثر الذي لدينا منه ما يملأ الآفاق ويسد عين الشمس -كما يقول المصريون- كناية عن الكثرة، وكلنا يتحدث عن الأمانة، وإتقان العمل، وبر الوالدين، وحسن الخلق، والنشاط، والتعاون، وهدوء الأعصاب، والحلم والأناة اللذين يحبهما الله ورسوله... إلخ.
ولكننا إذا دخلنا في الاختبار؛ فظلمنا أحدهم، أو نزلنا إلى ميدان التطبيق مرة سواء في علم منزلي أو مصلحي، أو موقف يكشف عن حقيقة ما نحمله من أخلاق وقيم لها ما نتكلم فيه لنملأ الهواء ضجيجا وحروفا، حين يأتي وقت العلم ننكشف جميعا إلا من رحم ربك، وقليل ما هم. وعظمة حبيبي ونور قلبي الذي أضاء علي الدنيا يوم بعث إلى يوم القيامة؛ الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم.. من جوانب عظمته أن حياته في بيته مكشوفة لنا؛ فكأننا نراه مع زوجاته أمهات المؤمنين، وكأن جدران منازله جميعا كانت مصنوعة من زجاج؛ فإذا به داخلُها مثلُ خارجِها، يأمر بالحلم، ولا يضرب زوجة ولا خادما، يأمر بالعفو وطيب القول، وعنده عائشة بعد حادث الإفك وهو يتزلزل مما يسمع من أقاويل تطعن في عرضه الشريف، ثم لا يقول كلمة يؤذي بها من يقال في حقها ذاك الكلام. فمن يطيق هذا؟! ومن عمله مثل كلامه، وسيرته كما مواعظه "وكانت قليلة"؟ ومن علم الدنيا بعمله وخلقه أكثر مما أرشد ووعظ بلسانه؟!
وأي اختيار هذا واختبار حين جعله الله سبحانه وتعالى، وحدده لنا ليكون القدوة والأسوة والمثال حتى لا نضل أو نتشوش؟ وكيف نضل وبيننا كتاب الله يحمل المفاهيم والقيم وسيرة النبي تحلم التطبيق والمثل؟ ولكن أين نحن من هذا وذاك، غير أن لدينا الآيات والأحاديث والسيرة مجرد مادة الوعظ والكلام وليست دليلا تفصيليا للإبداع والتطبيق؟
لست وحدك في هذا التناقض أو تلك الفجوة.. بل أعرف أمة بأَسرها تائهة هناك تتكلم كثيرا وتتحسر على ضياع الأخلاق والدين، وهي التي أضاعتهما، كلٌ حسب مكانه وميدان تطبيقه ومساحة تقصيره.
أمه تصدّع رؤوس العالمين بكلام كثير عن عظمة دين الله، وهديه وشرف الانتماء إليه، وأنه السبيل الوحيد للعزة والفوز في الدنيا قبل الآخرة، ثم انظري إلى واقعها لتجديها في ذيل الأمم وقمامة الواقع والتاريخ، ولا ينفي هذا شجاعة المقاومة ومبادرات الإصلاح، ولكن غيرنا معذور حين يقول: لو كان في دينهم ما يقولون من خير لصار حالهم غير هذا الحال، وما علموا أن الخلل يكمن في أننا نتحدث عن الدين وحلاوة الدين وجمال الدين وروعة الدين، ولا نعمل بشيء مما نقوله إلا في أقل القليل.
فاحذري أن تكوني من الخاسرين، ولا تنتظري من يطلب منك في البيت صنيعا.. بل كوني الأنشط والأسرع مبادرة، والأقرب مجاملة، والأكثر تعاونا وحنانا وأدبا، وافعلي هذا؛ لأن الإسلام هو ذاك كله، وحين تفعلينه سينقلب النقد مديحا، والسخرية تشجيعا، وسيعلمون في بيتك من تلقاء أنفسهم أن هذا التغيير هو انعكاس طبيعي للالتزام بما تقولين، وعندها سيحبون الالتزام وأهله.
قللي من الانشغال بانتقاد العالم من حولك، ووجهي بعض نظرك إلى نفسك وأدائك، وحاسبي نفسك قبل أن تحاسبي الناس، وحاسبيها قبل أن يحاسبك الله، واجتهدي في تطوير قدراتك ومهاراتك الدعوية بالكلام والعلم، ولا تفقدي روح الدعابة والمرح، واستثمري في الخير إمكاناتك المادية الجيدة -ولله الحمد- من هاتف نقال وخط إنترنت خاص، واستفيدي مما تفتقده الكثيرات من ثقة الأهل بهن؛ فهذه جميعها ليست أبواب فساد إلا للخبيثات. أما أنت فلك هدف آخر، ومسار آخر، وفقك الله، ومنّ عليك بفضله حين هداك للإيمان. فلا تكوني كمن آتاه الله آياته فأعرض عنها فصار مثله كمثل(...) أعزك الله.
وفي حركتك الدائبة الواعية، وفي نشاطك داخل بيتك وخارجه لا تنسي إعداد نفسك للزواج والأمومة بما هو أكثر من غطاء الرأس، وحسن الخلق، وحلو الحديث الذي استمعت به في رسالتك. وأرجو أن يكون لك من تطبيقه نصيب.
وأتركك في رعاية الله.. فكوني معنا، وتابعينا بالتطورات.
ــــــــــــــــــــ(41/312)
"على أعتاب النضج .. أول دقة قلب"
مع الجنس الآخر
تحياتي إلى كل القائمين على هذه الصفحة الرائعة..
أنا شاب أبلغ من العمر 17 عاما و مشكلتي باختصار هي عدم التفاهم والاصطدام دائما بآراء الآخرين، رغم أني ناجح جدا في الدراسة.
ومشكلتي الأخرى هي أنني لم أستطع تكوين أي علاقة مع الجنس الآخر ولو حتى مجرد الكلام، فكأن حولي سياجا ينفّر كل من يحاول أن يقترب مني. أحببت فتاة في غير معصية الله ولا نية سوء، وأريدها أن تعرف لكني خائف ومتردد؛ فمكانتي الدراسية تمنعني إلا أن أكون قويا عنيدا يجب أن لا يستجيب لهذا (الكلام الفاضي). وبدأت أفكر في ذلك كثيرا، ولست من النوع الذي يفضل ترك الأمور دون حسمها. أفيدوني ماذا أفعل؟
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الابن الكريم..الإنسان يمر بمراحل عدة أثناء حياته على هذه الأرض، ويفيده جدا في كل مرحلة من مراحل حياته أن يتعرف على طبيعة هذه المرحلة التي يمر بها وسماتها وكيفية التعامل مع هذه السمات، فهل تدرك يا بني أنك الآن تمر بالجسر الذي يعبره كل منا لينتقل من مرحلة الطفولة بكل براءتها إلى مرحلة النضج والرجولة.
هذا الجسر تعارفنا على تسميته بـ "مرحلة المراهقة"، وإن كنت لا أفضل هذا الاسم؛ لأنه مشتق من "رهق" ليدل على الإرهاق والتعب والأرق الذي قد يسببه الناشئ الصغير لمن حوله إذا لم يحسنوا تفهم طبيعة المرحلة التي يمر بها ويدركوا أهمية التعامل السوي معها.
المهم أن هذه المرحلة تتميز -فيما تتميز به- برغبة الشباب في التأكد من تحقق الذات، وإثبات أنهم أصبحوا كبارا لهم آراؤهم، وأنهم لم يعودوا أطفالا يتحكم فيهم الكبار. ورغبتهم هذه تدفعهم للعناد إذا لم يتفهم من حولهم هذه الرغبة، أو شعروا أن من حولهم من الكبار يسفه آراءهم أو يستهزئ بها، ومع هذه الرغبة قد يشعر الشاب بنوع من رفض لذاته، وكذلك عدم الثقة بها.
ومما يضاعف من فقدانه لثقته في نفسه الرغبة الفطرية والميل الطبيعي الذي يتولد عنده للجنس الآخر إذا لم يجد من يستجيب له أو يتقرب له من هذا الجنس، وأعتقد أن هذه الخلفية -التي حاولت أن أرسمها- توضح لك طبيعة المرحلة التي تمر بها، والتغيرات التي تشهدها حياتك.
والمشكلة ليست في هذه السمات والتغيرات، ولكن المشكلة تكمن في كيفية التعامل مع هذه التغيرات، وهذا ما سأحاول أن أتحدث عنه في السطور القادمة.
ولنبدأ بالموضوع الأسهل، وهو موضوع الفتاة التي تتصور أنك تحبها وتريد أن تخبرها، وأسألك يا بني: لماذا تريد أن تخبرها، وما الهدف من هذا؟ هل تنوي الارتباط بها في المستقبل القريب؟ وهل أنت مستعد ومؤهل لهذا الارتباط؟ أعتقد أن الإجابة ستكون: بالطبع لا.
من الواضح أنك من الشباب الجاد الذي لا يحب اللهو، ولا يريد أن يرتكب إثما، إذن لن يمكنك الارتباط بها لظروفك المادية والدراسية، ولن يمكنك تطوير العلاقة بدون ارتباط؛ لأن التزامك الديني والأخلاقي يمنعك من هذا، وهذا الالتزام -بالمناسبة- يستوجب مني ومن كل عاقل كل تشجيع ودعم وتحية، ولا يوجد مبرر حتى الآن لإخبارها إلا أنك تريد أن تحجزها لتكون لك عندما تصبح أمورك ميسرة، ولكن ماذا تفعل لو وجدت في طريقك فتاة أخرى أفضل منها، ووجدت قلبك يتعلق بها ويعزف عن الأولى؟!!
يا بني.. إن ما تشعر به ليس حبا، ولكنه إعجاب، كلنا شعرنا به ومر بنا في هذه السنوات الغضة البريئة، نتصوره حبا، ولكنه لا يتعدى الإعجاب النابع من الميل الفطري للتواصل مع الجنس الآخر، ومع مرور سنوات العمر ستكتشف أنه لم يكن حبا بالمعنى المفهوم، وسيصادفك حب أكثر نضجا، وساعتها ستتذكر كلماتي وتدرك الصدق فيها.
أما بالنسبة لمشكلتك الثانية والتي تتحدث فيها عن كونك تصطدم مع آراء الغير، فما أراه حلا لهذه المشكلة هو أن تذكر نفسك دائما بأهمية ألا تتعصب لرأيك، وأن تعرض وجهة نظرك بموضوعية، وأن تعمل عقلك وتسعى لاكتساب المعارف والثقافات التي تعينك على تقوية ودعم حجتك، على أن تتعلم آداب الحوار مع الآخرين، وأهمها على الإطلاق أن تتعلم الإنصات، وأن تلتقط نقاط الاتفاق بينك وبين غيرك وتبني عليها حوارك، وتؤجل نقاط الاختلاف ما لم تدفعك الظروف لهذا.
ومن أروع ما قرأته من حوارات حوار جعفر بن أبي طالب مع النجاشي ملك الحبشة عندما جاءه عمرو بن العاص يطلب رد المهاجرين من المسلمين إلى مكة، فما كان من جعفر إلا أن بدأ حواره بذكر مثالب الجاهلية التي دفعتهم لمفارقة دين الآباء، ثم ذكر القيم والأخلاق التي جاء بها الإسلام والتي يتفق فيها مع النصرانية، وقرأ بعد ذلك آيات من سورة مريم، ولم يتطرق إطلاقا في اللقاء الأول لنقاط الاختلاف مع النصرانية، ولكنه في اليوم التالي عندما دفع دفعا للتطرق لهذه النقاط لم يسعه إلا أن يقول ما يقتنع بأنه حق.
ابني الكريم، جميل أن تحرص على التفوق الدراسي، ولكنك عليك أيضا أن تسعى جاهدا لتنمية جوانب شخصيتك؛ لأن هذا هو السبيل الوحيد لبث الثقة في النفس، فاحرص على تنمية هواياتك، واحرص أيضا على تنمية مداركك بالقراءة الواعية الناقدة، نمّ نفسك اجتماعيا بالمشاركة في المعسكرات والأنشطة الشبابية والتطوعية، وابحث عن الفن الراقي الهادف، وانفتح واطلع على ثقافات العالم، والإنترنت تتيح هذا لكل راغب، وتذكر أن هذه السنوات هي أفضل سنوات العمر، حيث الفراغ والصحة والعقل المتقد فلا تضيعها في الكسل أو في البكاء على أنه لا يوجد لك علاقات نسائية، فشخصيتك المتميزة وهدوءك وحلمك وجميل صفاتك كل ذلك سيكون -بعون من الله وفضل- أهم عناصر لجذب من حولك.
وتذكر قول الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "اغتنم خمسا قبل خمس: ومنها فراغك قبل شغلك، وصحتك قبل مرضك، وشبابك قبل هرمك".
ــــــــــــــــــــ(41/313)
أفكار في المهجر: كيف أرشد مراهقاً
تساؤلات أخرى, الحياة الجنسية
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصبحه ومن والاه، وبعد..
أولا نشكركم من أعماق قلوبنا على هذه المنارة التي تضيء درب الحائرين، وتخفف هموم المهمومين، وتساهم في بناء الأجيال.
قرأت مشكلة الشاب الذي بلغ الحلم ولا يعرف شيئا عن الموضوع.. وفي الحقيقة هذه المشكلة متكررة وشائعة، وأنا عندي ابن أختي الذي يعيش في الوطن وقد بلغ سن الـ 16-17، وأنا هنا لأستشيركم في أمر التحادث معه حول موضوع الطهارة والجنس، ولكن كيف السبيل.. فكرت أن أجمع بعض ما ورد في المشاكل حول الموضوع، ولكن آثرت استشارتكم في الأمر؛ فهو عند نزولي من المهجر منذ أشهر حدثته عن الصلاة وأهميتها، والحمد لله كان يخبرني أنه محافظ عليها الآن، ولم يكن هناك مجال للحديث معه عن الجنس فقد كانت رحلتي قصيرة وموزعة على عدة أمور.
فأرجو إن كان بإمكانكم أن ترسلوا لي برسالة (كأن الرسالة موجهة لابن أختي) حتى أستطيع من خلالها أن أفاتحه حول هذا الموضوع؛ فالكثير منا عندما يقترب من الزواج لا يعرف كيف تلد المرأة مثلا، وهذا ما حصل معي بصراحة؛ حتى هيأ الله لي أحد الإخوة المقربين فوجهني في هذه الأمور. أنا بانتظار ردكم الكريم، وبارك الله في جهودكم.
... المشكلة
د.إيهاب خليفة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ المرسل، بعد التحية، أظن أن هناك بعض الأفراد الآخرين من لهم علاقة قوية بهذا الشاب مرشحين للقيام بهذا الدور أفضل منك كالأخ الأكبر أو الأب.. وإن لم يتوافر ذلك فأول خطوة في هذا الباب أن تقيم مع هذا الشاب علاقة قوية حتى تنجح في كسب ثقته ومودته ويطمئن إليك، عندها ربما يبدأ في التحدث إليك والبوح بأسراره عن هذه الأمور التي من المؤكد أنه قد وصل إليه معلومات حولها في هذا العصر المليء بالمصادر المعلوماتية.
وبعد أن تقيم معه هذه العلاقة القوية وتنجح في كسب ثقته، عليك أن تعلم أن الدخول لهذا الأمر يجب أن يكون من الناحية الدينية؛ حتى يطمئن إليك أكثر فأكثر، وحتى تلغي من ذهنه فكرة اقتران التحدث في هذه الأمور بالحرام والعيب.
ولا بأس من أن نبدأ بالتحادث معه بصورة تلقائية حول العلاقة بين الشاب والفتاة وما ينبغي فيها وما لا ينبغي، وعن المقصد السامي لهذه الغريزة والحكمة منها. وسينشأ بعد ذلك نوع من الحوار الحي؛ هو يتساءل وأنت تجيب والعكس، لكنني أكرر أن هذا الأمر يجب أن يتم على أرضية صلبة من العلاقة القوية، وبمرور الوقت سيزول الحرج خاصة بعد أن تعلمه أنه لا حياء في تعلم الدين، وأن النساء كنّ يسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه النواحي، ولا يجدن حرجا في ذلك.
ولا بأس بعد ذلك أن تقوم بإهدائه بعض الكتب أو الرسائل التي تتحدث عن هذا الأمر والتي ذكرناها سالفا، ولا بأس بنصحه أن يستفيد من موقعنا، أما أسلوب الرسائل الجامدة منذ البداية فلا أظنه الأسلوب الأم
ــــــــــــــــــــ(41/314)
أحلام الفتى المثقف: طموح وخائف ومتردد
مع الأهل
رغم أني على مستوى عالٍ من الثقافة فإني متردد دائما.. أخشى الحديث أمام الناس أو أن أواجههم، وأتمنى أن أتحرك وأن أدعو لديني ليس مجرد فرد أو اثنين فطموحي أكثر من ذلك بكثير، دائما أكون الأول في دراستي وينظر الناس لي باحترام، أعلم أنني إذا حدثتهم فسوف يسمعون لي، وأعلم أنني يمكنني أن أفعل شيئا.
عندي شعور شديد بأن الله عز وجل يعدني لأمر كبير، وأتمنى أن أتغلب على هذه المشكلة، وأن تساعدوني في ذلك، أود أن أعرف لماذا ينتابني كل هذا الخوف والتردد؟ هذا الأمر يشغلني كثيرا، وأرجو أن تساعدوني لأجد حلا لهذه المشكلة، مع العلم أن عمري 15 عاما، وجزاكم الله خيرا. ... المشكلة
د.إيهاب خليفة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي العزيز أحمد، إنني أشعر بك وبتميزك وبرغبتك في أن تستغل هذا التميز الدراسي في خدمه الدعوة والتأثير في الناس، وهذه فعلا ميزة كبيرة ستجعل الكثير من الزملاء يلتفون حولك، ولكن ينبغي أن تمتلك مع هذه الميزة الخبرة الكافية في مسألة الدعوة، وأهم الأركان فيها أن تكون طبيعيا وتلقائيا في تعاونك معهم وألا تطلب نتيجة سريعة؛ فمسألة الدعوة لها مراحل معروفة تبدأ بالتعاون ثم الانتقاء، وأعني انتقاء أقرب الأفراد قابلية للالتزام ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم مرحلة التقرب وهذه هي أهم المراحل، وينبغي أن تتم بصورة طبيعية.
ثم مسألة إيصال الفكرة والتأثير في الآخرين، وهذا الأمر قد يحدث من خلال الاحتكاك والمواقف العملية والتأثر بالسمات الشخصية أكثر مما يحدث من خلال الأحاديث الشفوية، وفي الختام لا بد أن تكون على يقين بأن أمر الهداية لا يحدث إلا بمشيئة الله، وأنك مجرد سبب وستار لقدرة الله.
ومثل هذا الطموح وهذه الثقة وهذا الأمل الذي تتمتع به عملة نادرة بين بني البشر، فقلما نجد إنسانا يثق في قدراته إلى هذا الحد، ويشعر أن الله أعده لأمر عظيم، وحتى من يمتلك هذه الثقة قد نجد من يثبطه ويوهن من عزيمته.
ونحن نتمنى أن يستمر عندك هذا الشعور؛ فهذا سيكون دافعا لأن تحقق لنفسك مكانة مرموقة في هذه الحياة وتقدم للناس الخير الكثير، والإنسان حيث يضع نفسه. فقط إنك تحتاج يا أحمد إلى الاستفادة من العزيمة والطاقة التي يولدها هذا الشعور ويوجهها الوجهة الصحيحة.
فأولا: ينبغي ألا يكون هذا الشعور فورة مؤقتة مرتبطة بأنك متميز بدراستك، بل ينبغي أن يستمر هذا الأمر ويتغلب على كل المثبطات.
وثانيا: إنك تحتاج لاكتشاف نفسك واكتشاف الجوانب التي تتميز فيها، وتستطيع أن تحقق فيها الخير للناس دون أن يكون الأمر عاما وحسب. وهذا الأمر يحدث بتوفيق من الله ثم ببذل المجهود من الإنسان لاكتشاف مواهبه ومميزاته، والفترة التي أنت فيها هي فترة اكتشاف المواهب والمميزات فينبغي أن تركز في ذلك، وقلما تجد شابا في هذه السن يفكر بهذه الطريقة.
ثالثا: ينبغي أن توقع أن يصيبك بعض الفشل وبعض العقبات، وإذا قلنا بأن الشعور القوي والإرادة الفتية هما الركن الأول لتحقيق النجاح فإن الصبر والعزيمة القوية هما الركن الثاني للتغلب على المحبطات والمثبطات؛ فالإنسان مخلوق ناقص وكثيرا ما يخطئ، وعليه أن يتعلم من الخطأ مثلما يتعلم من الصواب، وأن يعالج عيوبه وأخطاءه.
وقد ذكرت لنا أحد هذه العيوب وهو الخوف والتردد والخشية من الحديث أمام الناس، ولم توضح هل هذا الخوف يحدث مع جميع الناس من تعرفهم ومن لا تعرفهم ومع الأصدقاء والأقرباء كما يحدث مع الغرباء الذين تتعرف عليهم لأول مرة، ولم توضح لنا هل هذا الخوف يحدث في جميع أنواع الحديث أم أنه مرتبط عندما تحاول التأثير فيهم ونقل مفهوم معين لهم.
فإن كان هذا الخوف أمرا عاما يحدث مع جميع الناس ويصاحبه عَرَقٌ وخفقان في القلب فهو نوع من الخوف الاجتماعي الذي يحتاج التي تدريبات متدرجة لعلاجه، أما إن كان هذا الخوف يحدث في ظروف مخصوصة فإن سببه غالبا أنك لم تكتسب بعدُ الخيرةَ الكافية وفنَّ التعامل مع الآخرين وطرق التحدث معهم؛ وهو ما يوقعك في هذه الحيرة والارتباك، وهذا وارد جدا في بدايات الشباب، حيث ينتقل الإنسان من فترة الطفولة إلى فترة الحماسة والشباب والرغبة في لفت الأنظار والتأثير في الآخرين، فهنا يحدث الارتباك، ويبدو أنك تحاول ذلك بصورة سريعة وغير تلقائية، بما أنك تحمل نفسك ما لا تطيق مع وجود بعض الخجل لديك فيحدث هذا الخوف والتردد. ينبغي أن تحدد أيضا ما هو هدفك من التحدث مع الناس فلكل مقال، ولن تستطيع أن تحقق هذه الأهداف في مقابلة واحدة.
هل الهدف هو بداية تعارف مع مجموعة من الناس؟ أم هو محاولة للقرب واكتساب الصداقة الجيدة؟ أم هو محاولة لتغيير المفاهيم والتأثير في الآخرين؟ وهذا الأمر ينبغي ألا يحدث بصورة واضحة إلا عند من تقربت إليهم بصورة جيدة، وامتلكت قلوبهم، وشعرت أن هذا الخطاب مناسب لهم، وفي القول المأثور: "ليس كل ما يعرف يقال، وليس كل ما يقال قد حضر أهله، وليس كل ما قد حضر أهله قد حان وقته".
أخي الكريم، إنني أحييك وأحيي التزامك، وأحب أن أعلمك أن سبب انتشار الفكرة الإسلامية في عقد السبعينيات أنه قد تأثر بها كثير من النابغين والمتفوقين من طلبة الجامعات، وكم كان التأثير قويا عندما كان من بين العشرة الأوائل على كليه الطب فتاة محجبة، وكان هذا الأمر شديد الغرابة، وشديد التأثير، وساهم في نشر الحجاب بين زميلاتها من الطبيبات.
ــــــــــــــــــــ(41/315)
"أسطورة الريجيم".. ووهم "فتاة الغلاف"
مع النفس, الخطبة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد فأنا فتاة مشكلتي هي أني غير مقتنعة بنفسي شكليا وجسمانيا؛ فأنا في السابعة عشرة من عمري ووزني 55 كيلوجرامًا وطولي 154 سم، ولكن المشكلة ليس في هذا الشيء بل جسمانيا؛ فلدي تشققات في جسدي بسبب أنني أضعف ثم أرجع وأمتلئ مرة ثانية.
والمشكلة الأخرى هي أن جسمي من فوق عادي جدًّا، ولكن المنطقة السفلى كبيرة لدي، وفيها تشققات كثيرة، وهذا ما يجلب لي الإحباط؛ لأن أصدقائي في المدرسة يقولون لي لماذا المنطقة السفلى لك كبيرة لهذه الدرجة، أتحبين الجلوس كثيرًا؟! فهذا يجلب لي الاكتئاب والتفكير كثيرًا، خاصة أنني لا أعرف ماذا أفعل عندما أصارح خطيبي بما لدي؛ فهذا سيئ جدا، وأنا لست من النوع الذي يستطيع المصارحة في هذه الأمور.
أما شكليا فوجهي مدور وأنفي كبير قليلا، وفمي صغير، وهذا أيضا يحبطني؛ لأنني أرى نفسي قبيحة ولست جميلة. أرجوكم أخبروني ماذا علي أن أفعل لأتغلب على هذه الحالة؟ وهل لديكم أي نوع من الرياضات تخفف من المنطقة السفلى؟ وجزاكم الله خيرا. ... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت السائلة، أستطيع تلخيص مشكلتك مع جسدك في نقطتين:
الأولى هي الحميات المنحفة (الريجيمات) المتكررة والتي نتج عنها تأرجح وزنك وتشقق جلدك، وسوف أبين لك في ردي عليك كيف أن أجسادنا خلقت لتأخذ وضعًا تتوجه إليه من تلقاء نفسها وأنها ليست تحت تصرفنا، آملا من الله أن تقتنعي بالكف عن محاولات التنحيف كلية، وأن تطلبي من الله أن يمنحك الصبر والقدرة على اتباع ما نسأله سبحانه أن يكون السبيل لعودة علاقتك بجسدك طبيعية وعودة ذلك الجسد إلى صورته الربانية.
وأما النقطة الثانية وهي السبب أصلا في الأولى فهي عدم رضاك بشكلك وهيئة جسدك، وأنا لا ألومك فمثلك مثل كثيرات من الضحايا المعذبات في أيامنا هذه، وكل ذلك العذاب الذي تعانين منه نتج عن الصورة المنتشرة لفتاة الغلاف الطويلة النحيلة، والتي من كثرة تكرارها وإلحاحها ظن كثيرون أنها المثال الوحيد للجمال الأنثوي! وهذا غير صحيح مع الأسف؛ فهناك من الرجال كثيرون يفضلون المرأة الممتلئة خاصة من المنطقة السفلى، فمن أدراك أن ما ترينه عيبًا فيك قد يراه زوجك ميزة؟
أولا تأرجح الوزن وعواقبه:
الذي يحدث للذين يبدءون حمية منحفة مع الأسف هو أنهم يعتقدون أن بإمكانهم تطويع أجسادهم لتكون بالشكل الذي يرونه أو الذي يطمحون إليه، ودائما ما يقعون ضحية مروجي الوصفات والأنظمة الغذائية التي تعد الزبائن بصيغة: "طبق ما نطلبه منك لمدة كذا ينقص وزنك بمقدار كذا، والمسألة مسألة إرادة"، وفي أكثر الأحيان عندما يلتزم الزبائن فعلا ويثبتون امتلاكهم للإرادة، يحدث ما وعدوا به، ويفقد الشخص وزنًا يرضيه، وعادة ما يتم تصويره قبل وبعد البرنامج، وتعرض الصورة في المجلات أو تحفظ في أرشيف المؤسسة التي تبيع النظام الغذائي أيا كانت.
ولكن الذي لا يقوله أحد للزبائن مع الأسف هو أنه بمجرد انتهاء الشخص من فترة الحمية المنحفة والبدء في الأكل بشكل (عادي) أو حتى أقل من العادي فإن ما يحدث يكون محبطًا بشكل غير متوقع؛ إذ يبدأ الشخص في استعادة ما فقده من وزن بل يبدو الشخص أحيانا وكأنه يزيد وزنا من أكل الهواء!
وأما سبب ذلك كما يرى أكثر العلماء الآن فهو أن لأجسادنا ما يسمى بالنقطة المحددة التي حددها لنا الله سلفا وأصبحت أجسادنا تسعى إليها كلما ابتعدنا عنها، فلو زادت أوزاننا في فترة ما لأي سبب من الأسباب (كما يحدث في فصل الشتاء مثلا) فإنها تعود من تلقاء نفسها للنقطة المحددة.
وعندما نفعل عكس ذلك أي عندما ننقص أوزاننا باتباع حمية منحفة أيا كانت فإن أجسادنا تنتظر حتى ننتهي من تلك الحمية، ثم نبدأ في العودة للأكل بشكل عادي لكي تعاود الأجساد الرجوع إلى تلك النقطة المحددة. وتفسير ذلك هو أن الجسد في الوقت الذي كان متبع الحمية يعتبر نفسه يقوم بضبط لجسده، يعتبر ذلك الجسد صاحبه يمر بمجاعة لا يد له فيها، ويستجيب الجسد لذلك بأن يعد نفسه فيما بعد بمجرد انتهاء المجاعة لكي يكون مستعدًا لها في المستقبل، فيقوم الجسد في فترة استعادة الوزن تلك بتخزين كميات أكبر من الدهن عما كان يفعل قبل الحمية.
أما كيف يفعل الجسد ذلك؟ فمن خلال تغيير في الحالة الاستقلابية للجسد والكفاءة الاستقلابية للطعام، (ويقصد بالاستقلاب Metabolism مجموع العمليات الحيوية التي يتبعها الجسم لتحويل الغذاء إما إلى طاقة تستخدم، أو إلى مواد بناء توضع في موضعها في الجسم، أو إلى فضلات، وتوزيع ما يتناوله الإنسان الطبيعي من غذاء بين هذه العمليات الحيوية يستخدم فيه ثلثا ما ينتج من استقلاب الغذاء من طاقة، كوقود حيوي لازم أصلا لإدارة الوظائف الجسدية الأساسية Basic Bodily Functions أي وظائف كل جهاز من أجهزة الجسم الحيوية التي تحدث كل يوم).
ويُستنتج من ذلك بكل سهولة أن معدل الحالة الاستقلابية في الشخص هو واحد من أهم محددات وزن الجسم، والمفاجئ للكثيرين والكثيرات من متبعي الحمية هو أن فترات الحرمان من الطعام أو التجويع كما يحدث أثناء الحمية تؤدي إلى تخفيض معدل الحالة الاستقلابية بحيث يستخدم الجسد كميات أقل من الطاقة كوقود لإدارة الوظائف الجسدية الأساسية ولا تتحقق أحلام المجوع نفسه في إنقاص الوزن الذي يطمح إليه، ليس هذا فقط، بل إن الجسد بعد انتهاء فترة الحمية يعمد إلى تخزين كميات أكبر من الطاقة المحتواة في الطعام المتناول على شكل دهون، وهو ما يسمى بتغير الكفاءة الاستقلابية Metabolic Efficiency للطعام.
وتقول نتائج دراسة تعتبر بمثابة حجر الزاوية في ميدان البحث في تأرجح الوزن أن 50% من الذين ينجحون في إنقاص أوزانهم يستعيدون أوزانهم القديمة خلال 3 سنوات، والباقين خلال السنوات الستة التالية، أي أن من ينقص وزنه اليوم من 90 كيلوجرامًا إلى 75 كيلوجراما على سبيل المثال سيعود إلى وزن 90 مرة أخرى بالتأكيد حتى ولو كان قد أمضى 8 سنوات على وزنه الجديد!
ومن بين الدراسات التي حاولت تفسير ما يحدث دراسات أجريت على الخلية الدهنية، لتبين أن تغيرًا ما يحدث في الخلايا الدهنية بسبب نقص ما تختزنه من دهون أثناء الحمية، وهذا التغير ربما يؤدي بشكل أو بآخر إلى استعادتها لقدرتها على الانقسام، وقد كان المفهوم الثابت قديما يرى أن الخلية الدهنية المكتملة النمو لا تستطيع الانقسام ولا تستطيع حمل دهون أكثر من حد معين مما يجعل لكل شخص حدا لا يتعداه من البدانة، على أساس أن عدد الخلايا الدهنية ثابت وكذلك أن قدرتها على اختزان الدهون لها حد لا تستطيع تجاوزه، لكن الذي تفعله الحمية في الخلايا الدهنية يضرب عرض الحائط بكل هذه المفاهيم القديمة على ما يبدو، فإحدى الدراسات بينت حدوث زيادة في عدد الخلايا الدهنية تعادل 5% أثناء فترة الحمية و5% أثناء فترة استعادة الوزن، أي أن كل دورة من دورات تأرجح الوزن تزيد عدد الخلايا الدهنية بنسبة 10%، وهذا يعني أن الحمية المنحفة المتكررة تؤدي في النهاية إلى البدانة المفرطة، وأن الأشخاص لو لم يكرروا الحمية لكانت المحصلة النهائية أفضل!
أتمنى بعد هذا العرض أن أكون قد أوضحت لك بعض ما كان خافيا عنك من أخطار الحميات المنحفة، وحقائقها المرعبة التي لا يقولها لنا أحد، وأنا أريدك أن تتأملي جيدًا كم مرة خدعت وكم مرة صدقت الأكاذيب، وكم مرة آذيت جسدك الذي هو أمانة أودعها الله لديك، وأودع فيها من الجمال والتناسق ما هو منبئ عن إبداعه سبحانه وتعالى.
أما فيما يتعلق بالتشققات التي نتجت عن تأرجح الوزن (وهي تحدث عندما يتفسخ أو يتهدل النسيج الضام الموجود تحت الجلد) فإنها وإن بدت لك الآن بلون مغاير للون الجسد فسوف يقل اللون تدريجيا مع الوقت حتى يصبح مقاربًا للون الجلد.. فهوني عليك إذن، واصبري وظني الخير بالله عز وجل.
ثم من قال لك بأنك مضطرة لمصارحة من يتقدم لخطبتك بأمر مثل هذه التشققات؟ هذا إن بقيت أصلا حتى موعد الزواج؟ إن كل ما عليك هو أن تختاري من ترضين دينه وخلقه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه، تكن فتنة في الأرض وفساد عريض". (رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم). ولا تنسي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم" أخرجه مسلم في صحيحه.
ثم إن الزوج الصالح حين يبحث عن زوجة فإنما يبحث عن الزوجة الصالحة ذات الخلق والدين مثله؛ حتى تحقق له ما يتمناه من حسن المعاملة والعشرة الطيبة، ويستطيع معها تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة، وعليك عند هذا الحد أن تراجعي إجابة سابقة تناولنا فيها موضوعًا شبيها جدا بحالتك وهي:" الأصل وصورة المرآة.. وما أدراك ما المرآة!"، وما في هذه الإجابة يصح كله أن نقوله لك أنت أيضا يا عزيزتي، ويجب أن تفهميه جيدا خاصة فيما يتعلق بالفارق الكبير بين نظرتك أنت لجسدك في المرآة وبين نظرة الزوج لزوجته.
وأيضا: " ما الريجيم إلا أسطورة كبيرة: برنامج بديل"، والتي نقدم فيها لزوار صفحتنا الجزء الأول من برنامج علاج سلوكي معرفي لتطبيع علاقتنا كمسلمين بأكلنا وأجسادنا، فقط بأن نأكل كما كان سيد الخلق عليه الصلاة والسلام يأكل، وهو برنامج -إن شاء الله- صالح لك إن أردت، ولكن لا تنسي المتابعة على البرنامج المقترح ومعنا يا عزيزتي لكي نقدم لك الجزء الثاني أو المرحلة الثانية بعد نجاحك في الأولى.
كما يفيدك أن تقرئي الإجابات السابقة التالية أيضا على صفحة مشاكل وحلول للشباب لتفهمي الكثير عن معاناة الأخريات، ولتعرفي أننا قد نكون خمّنا ما لم تذكريه أنت لنا في إفادتك، وكي تزيدي اقتناعا بأننا نفهمك ونفهم ما تعانين منه، ونرجو الله أن يعيننا على إرشادك لما يحبه ويرضاه:
• " رغم أنفها.. بدينة ومكتئبة!!" حيث نناقش مفهوم عدم الرضا بصورة الجسد وعلاقته بكل من الاكتئاب واضطرابات الأكل والحميات المتكررة.
• " أشتهى السكر فهل أعانى من الإكتئاب؟؟؟؟" حيث نناقش مفهوم توكيد الذات الذي تحتاجين إليه.
• " بين الإكتئاب ونوبات الدقر" حيث نناقش علاقة الاكتئاب بزيادة الشهية.
ثانيا: فخ عدم الرضا عن صورة الجسد وكيفية الخروج من الفخ:
وأصِلُ معك الآن إلى النقطة الأهم، وهي عدم رضاك عن شكلك وهيئة جسدك، حيث تتمثل المشكلة في التناقض بين الصورة الحقيقية للجسد والصورة المثالية المرغوبة، وكثيرات من البنات بالمناسبة يخجلن من رؤية أجسادهن في المرآة ويتجنبن ذلك ما استطعن، فأنت ترين المنطقة السفلى من جسدك أكبر من اللازم، رغم أن هكذا حواء التي يتسع حوضها لحمل الطفل ولولادته دون حاجة لفتح البطن، والأنثى المثالية من الناحية الطبية حملا وولادة هي ذات الحوض المتسع، وليست فتاة الغلاف إطلاقا وبإجماع الأطباء، وعلى أي حال تدرجي معي فيما يلي خطوة خطوة:
1- فالمرحلة الأولى في تغيير ذلك المفهوم الخاطئ لديك هي أن تبحثي في ذاكرتك عن جذور الرفض الذي تشكل داخلك لصورة جسدك، وكيف كنت ضحية لآراء الآخرين، أو للصور المتداولة في وسائل الإعلام مرئية ومقروءة، ثم قومي بعد ذلك بكتابة قائمة بالأنشطة التي تحبين ممارستها أو التي تعطيك الشعور بالسعادة بعيدًا بالطبع عن كل ما يتعلق بمشكلة الوزن والجسد والأكل.
ثم اسألي نفسك بعد ذلك ما هو المانع أو الموانع التي تحرمك من ممارسة ما تحبين من أنشطة، وماذا لو تركت لذاتك حرية الاختيار والفعل، فكثيرون من غير الراضين عن صورة أجسادهم يحرمون أنفسهم من ممارسة الأنشطة التي يحبونها إلى أن يتمكنوا من إنقاص أوزانهم أو تغيير مظهر أجسادهم، وكأنهم يضعون الأنشطة الحياتية التي يحبونها على الرف في انتظار النجاح في تغيير أجسادهم!
فإذا اقتنعت بما سبق فإنني أطلب منك أن تعيشي أسبوعًا واحدا تفعلين فيه ما تحبين فعله دون حرمان ذاتك من شيء منه على أن تتصرفي أثناء ذلك وكأنك تشعرين بالراحة تمامًا تجاه جسدك، ثم راجعي بعد ذلك ما تعرضت له من خبرات وما طرأ على تفكيرك من أفكار أثناء ذلك الأسبوع. وتذكري جيدا أن صورة الجسد التي تسعين جاهدة لفرضها على جسدك إنما هي صورة من صنع وفرض الآخرين، وليست صورة جسدك التي خلقك الله عليها، ومن المتوقع بل من الطبيعي أن تكون هذه المرحلة هي أصعب المراحل، ولذلك يمكنك السير البطيء خطوة صغيرة فخطوة صغيرة.
2- إذا نظرت إلى جسدك فانظري إلى الكل وليس إلى الأجزاء: فهناك فارق بين أن تنظر المرأة في المرآة إلى بطنها أو أكتافها وبين أن تنظر إلى نفسها أو جسدها ككل، ومن المهم في نفس الوقت أن تتخلصي من كل الملابس التي لا تناسب جسدك؛ فكثيرات من النساء اللاتي يتأرجح وزنهن خلال فترة ما من حياتهن يحتفظن بملابسهن القديمة التي لم تعد مناسبة لهن، بل إن هناك من تشتري مقاسا أصغر من مقاسها بدرجة أو بدرجتين لكي تجبر نفسها على أن تنقص وزنها، وكأنها تشتري الملابس لجسد آخر غير جسدها جسد تفترض أنها ستستطيع الوصول إليه، وبقاء مثل هذه الملابس يكون سببًا في الإحباط الذي لا داعي له.
3- غيري طريقتك في الحكم على جسدك: من الممكن أن يحكم الشخص على جسده ويقيمه بطريقتين إحداهما هي الطريقة التي تعتمد على المفهوم الوسيلي أو الواسطي للجسد، والأخرى هي التي تعتمد على المفهوم التزيني للجسد. والمفهوم الوسيلي للجسد هو الذي يقيم الجسد من خلاله بما يستطيع أن يفعله، أي أن الجسد ينظر إليه ككل واحد يؤدي وظيفته.
وأما المفهوم التزيني فهو المفهوم الذي يقيم الجسد من خلاله بمدى تأثيره الجمالي في الآخرين؛ فتعامل الفتاة شفتيها على سبيل المثال مثلما تعامل القرط الذي تضعه في أذنيها، وتعامل أنفها كما تعامل قطعة من الحلي تضعها على صدر الثوب الذي تلبسه.
5- غيري أعضاء شبكتك الاجتماعية قدر الإمكان: اختاري من بين المحيطين بك أولئك الذين لا يحكمون على أنفسهم ولا على الآخرين من خلال شكل أجسادهم، فبعد أن تقتنعي بكذب المقولة التي تروجها كتب ومجلات الحمية الغذائية والتجميل وغيرها من أن الطريق الوحيد للتخلص من المشاعر السيئة ومن المواقف الاجتماعية السيئة هو أن تمتلك جسدا كالذي في الصورة.
بعد الوصول إلى هذا الاقتناع سيكون هناك بالطبع كثيرون من الناس في المجتمع لا يتصرفون بهذا الفهم، وأنا أعرف أنك وربما لسنوات طويلة مضت كنت تسمعين من الجميع أقارب وجيرانا وأصدقاء وأطباء أن إنقاص وزنك أو تغيير مظهرك سيجعلك أفضل وأكثر سعادة إلى آخره من الأفكار المنتشرة بل التي تمثل وسواسًا للكثيرين، ولذلك فليس من المتوقع أن يكون تغيير أفكار من يعيش في مثل مجتمعاتنا أمرًا سهلا أو سريع الحدوث.
6- اهتمي واعتني بجسدك: فداومي على قدر مناسب من الجهد البدني من خلال التريض الذي يتلاءم مع طريقة حياتك، واهتمي بالوجبات الثلاث، تذكري دائما أن كل ما لديك هو جسد واحد، تذكري عدة خصائص تحبينها في جسدك، وعدة ميزات تحبينها في نفسك، وتذكري كل المواقف التي أحببت جسدك أثناءها، أي فكري بشكل مناقض لما اعتدت أن تفكري به منذ بداية مشكلتك مع الوزن وصورة الجسد.
7- تذكري دائمًا أن من المهم جدًّا أن يتعلم الشخص كيف يعبر بحرية عن آرائه وعن مشاعره تجاه نفسه وتجاه الآخرين، كيف يستطيع فرض نفسه على المواقف بدلا من السماح للمواقف أو للآخرين بفرض أنفسهم أو آرائهم عليه، فيكون مستعدًا لمواجهة الآراء والتوجهات السلبية التي قد يقابلها لدى الآخرين، ولعل ممارسة الهوايات والفنون تفيدك في هذه العملية. عزيزتي عليك باتباع نفس الطريقة عندما تنظرين إلى وجهك في المرآة؛ فالنظر إلى الكل وليس إلى الأجزاء، والنظر إلى القدرة على أداء الوظيفة وليس فقط إلى الصورة الخارجية التي تقارنينها بصورة لم تمثل إلا لحظة واحدة لا تتكرر حتى بالنسبة لصاحبتها، وتأكدي أن الله أودع الجمال في كل "فتفوتة" منك فإن لم تستطيعي رؤيته فإن صاحب النصيب سيراه!
جددي ثقتك إذن أولا بالله، ثم بعد ذلك ستجدين من السهل عليك أن تطبقي ما اتفقنا عليه، ومهما كان التطبيق بطيئًا، ومهما احتجت لقراءة الرد مرات ومرات فإن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة كما يقول المثل الصيني القديم، وتابعينا بأخبارك فنحن معك دائمًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــ(41/316)