الفتوى : ... كيفية استمتاع الزوج بامرأته الحائض
تاريخ الفتوى : ... 20 ربيع الثاني 1422 / 12-07-2001
السؤال
إن الله لا يستحيي من الحق.
سؤالي هو هل هناك طرق أخرى للجماع يستمتع بها الرجل ليحصل الإنزال وكيف هي طريقة المفاخذة التي أسمع عنها ولم أستطع تطبيقها أنا وزوجي لأنني قرأت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يباشر زوجته عائشة من وراء إزار وهي حائض كيف أفتونا مأجورين لأنني أعيش أنا وزوجتي وقت العادة الشهرية بقلق بالغ ونفسية مضطربة لأنه يحب الجماع ولا يرتاح إلا عندما ينزل ولا يريد أن يلجأ إلى الطرق المحرمة (سؤالي هذا وقت العادة الشهرية) أرجوا أن توضحوا لي طريقة المفاخذة مأجورين؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيباح للرجل أن يستمتع بزوجته الحائض كيفما شاء إذا اتقى الوطء في الفرج، والوطء في الدبر.
أما الوطء في الفرج حال الحيض فمحرم، لقوله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة:222).
وقال صلى الله عليه وسلم عند نزول هذه الآية: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" رواه مسلم.
وعند ابن ماجه: "اصنعوا كل شيء إلا الجماع".
وأما الوطء في الدبر فمحرم في جميع الأحوال.
فالحائض يلزمها أن تشد على مكان الدم شيئاً ليحترز الزوج من الإصابة بالدم، أو التلوث به، ثم له أن ينزل بين فخذيها، أو أن يستمني بيدها، ونحو ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/443)
الاستسرسال في التفكر بجماع النساء طريق للفاحشة
تاريخ الفتوى : ... 12 ربيع الثاني 1422 / 04-07-2001
السؤال
عندما أتذكر جماع النساء وأتلذذ بالتفكر فيهم يخرج من ذكري ماء أبيض غليظ هل يجب منه الغسل وهل إذا مس الجسد يتنجس و هل إذا مس اللباس يتنجس وما اسم ذلك الماء وماهي أفضل وسيلة للتخلص من التفكر في هذا النوع.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك أن لا تستسلم للأفكار والوساوس التي لا فائدة فيها، إلا تحريك الشهوة وإثارتها، مما يؤدي إلى الاندفاع إلى الفاحشة، والوقوع في مصائد الشيطان، وإذا كان التفكير في أمر محرم ازداد الأمر سوءاً، لأن التفكير المسترسل في المحرم الواصل إلى مرحلة التمني يعد من جملة الزنا، لقوله صلى الله عليه وسلم: "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه" متفق عليه.
وعلى كل، فعليك أن تشغل نفسك بما ينفعك من أمر دينك ودنياك، وتستغل نعمة العقل والقدرة للتفكير فيما يرضي الله تعالى، فإن الله تعالى سائلك عن تلك النعمة، قال الله تعالى: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) [الإسراء:36].
أما بالنسبة لما يخرج، فإن الغالب على الظن أنه مذي، لأنه هو الذي يخرج في هذه الحالة، وبهذه المواصفة، وقد يكون منياً، وللفرق بين المذي والمني وما يترتب على كل منهما راجع الفتوى رقم: 4036.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/444)
لا تعجل على زوجتك قبل أن تقضي حاجتها
تاريخ الفتوى : ... 04 ربيع الثاني 1422 / 26-06-2001
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو عدم إهمال رسالتي حيث إنني لا أعرف لها حلا منذ عشر سنوات ، أنا امرأة على قدر كبير من الجمال والحمد لله متزوجة منذ عشر سنوات من إنسان خلوق جدا ومحب للناس وأنا أحبه كثيرا، ولكن مشكلتي هي أنه غير محب للجنس فتقريبا لا نتعاشر سويا إلا 4 مرات شهريا أو أقل ، وبالإضافة لذلك فهو سريع الإنزال(القذف) ولا يهتم إذا استمتعت معه ام لا المهم هو. حاولت مرارا أن أوضح له ما أعانيه من اضطهاد نفسي بسبب تركه لشهواتي لكنه في كل مرة يقول أنا آسف سامحيني.
ما أريد الاستفسار عنه هو أنني أمارس العادة السرية بعد جماعنا حتى أقضي شهوتي و ليس في كل وقت فهل هذا حرام فللأسف أنا مضطرة لذلك، وأنا أعلم بقول الله " والذين هم لفروجهم حافظون". أفيدوني جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك أن تقلعي عن ممارسة العادة السرية، لأنها من الاعتداء المذكور في قوله تعالى: (فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) [المؤمنون:7]، وتستغفري الله تعالى، وتتوبي إليه، وتعتصمي به، وقد سبق جواب مفصل عن حكم تلك العادة برقم: 7170.
وينبغي على زوجك أن يعلم أن من المعاشرة بالمعروف قضاء وطر زوجته، قال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة:228].
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأزواج أن يصدقوا زوجاتهن، ولا يعجلوهن حتى يقضين حاجتهن.
فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا غشي الرجل أهله، فليصدقها، فإن قضى حاجته، ولم تقض حاجتها، فلا يعجلها" رواه عبد الرزاق.
ولك أن تطلعي زوجك على هذا الجواب، كما أن عليك أن تأخذي بالأسباب المشروعة التي تعينك على هذا الأمر، كالاهتمام بالمظهر، والزينة أمام الزوج، والمبالغة في التحبب إليه.
والله ولي التوفيق.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/445)
حكم تصوير المعاشرة الزوجية
تاريخ الفتوى : ... 25 ذو الحجة 1424 / 17-02-2004
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
ما الحكم فى رجل متزوج وعند الجماع مع زوجته لا يكون نشطا فهل يصح له أن يسجل شريطا مرئيا لجماعه لكي ينشطه عند الجماع في المرات التالية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي أن تبحث عن سبب عدم النشاط، وتعالجه، وأما تسجيل شريط مرئي يصور معاشرتك لأهلك، فلا نرى لك ذلك، لاحتمال أن يطلع عليه غيرك، لاسيما أبناؤك، ولو بعد زمن، وربما وقع في يد غيرهم أيضاً.
ولا ينبغي للمسلم أن يجري خلف عادات الغرب وأفكارهم المخالفة للفطرة، وعلى المسلم أن يعلم أن الدين الإسلامي حريص على الستر والصيانة لهذه الأمور الخاصة التي تقع بين الزوجين. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/446)
الحد الجائز الاستمتاع به من الحائض والنفساء
تاريخ الفتوى : ... 08 ربيع الأول 1422 / 31-05-2001
السؤال
ما هوالمسموح به في فترة ما بعد الولادة مع الزوجة في الجماع وما الذي لا يسمح به علما أن الزوجه ترضع.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للزوج أن يستمتع بزوجته الحائض والنفساء كيف ما شاء، غير أنه يحرم عليه أن يطأها في الفرج، وكذلك في الدبر، ولمزيد من التفصيل يراجع الجواب رقم 5999 ، 960
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/447)
الفتوى : ... لا حرج في جماع الزوجة أثناء الاستحمام
تاريخ الفتوى : ... 01 ربيع الأول 1422 / 24-05-2001
السؤال
ماحكم من جامع زوجته أثناء الاستحمام في المسبح الذي بالحمام وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يوجد مانع شرعي من جماع الرجل زوجته في أي مكان يتصف بالستر عن بصر وسمع الناس.
قال في الإقناع: وللزوج الاستمتاع بزوجته كل وقت، على أي صفة كان إذا كان في القبل، ولو من جهة عجزتها، ما لم يشغلها عن الفرائض، أو يضر بها، ولو كانت على التنور، أو على ظهر قتب.
وفي المسند من حديث ابن أبي أوفى: "حتى لو سألها نفسها وهي على ظهر قتب لأعطته إياه" والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/448)
حكم تأجيل العروسين الجماع لفترة
تاريخ الفتوى : ... 28 صفر 1422 / 22-05-2001
السؤال
في هذا السؤال قليل من الحرج ولكن أود فعلا معرفة الجواب. أنا متزوجة منذ ثلاثة أسابيع تقريبا ولم يحصل بيني وبين زوجي أي اتصال جنسي لأن الفترة قبل الزواج قليلة جدا ولم يتسنَ لنا التآلف مع بعضنا فاقترح زوجي أن نأخذ الوقت الكافي ليكون الموضوع طبيعيا. سؤالي هل في هذا أي حرمة من جهتي؟ وخاصة أنه يقول لي لا تشعري بتأنيب الضمير فهذا طبيعي فهو لم يطلبه مني، وأنا لست ممتنعة ولكن هو وضع مبدئي متفق عليه أرجو أن يكون الجواب على سؤالي سريعا وعلى بريدي الألكتروني وشكرا لكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اتصال الزوجين جنسياً (وهو الجماع، أو الوطء) حق لكلا الزوجين، فلكلٍ من الرجل والمرأة المتزوجين أن يتمتع كل بصاحبه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها، فإذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها، فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها، كما يحب أن يقضي حاجته" أخرجه ابن عدي، وعبد الرزاق، وأبو يعلى.
فإذا أسقط الزوجان حقهما، واتفقا على تأجيل الجماع مدة غير بعيدة، فيجوز لهما ذلك، ولا حرج عليك أو على زوجك فيه، لكننا نرى أنه لا معنى للتخوف إن كان من جهتك أنت، وقد يكون زوجك محرجاً، ولكنه يجاملك، وهذا تأدب معك، فعليك أن تبادليه المشاعر، وألاّ تلجئيه إلى نوع من الكراهية لك، فإن حسن العشرة بينكما تقتضي المصارحة، وبذل كل منكما لصاحبه ما يدخل عليه السرور.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/449)
هيئات الجماع الجائزة
تاريخ الفتوى : ... 15 صفر 1422 / 09-05-2001
السؤال
هل يجوز الجماع بأية هيئة جلوسا أو قياما أواضطجاعا أو جانبا أو بأي شكل من الأشكال...الخ؟
وما علي من يفعل ذلك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى أي هيئة جامع الرجل زوجته جاز ذلك، إذا كان يأتيها في مأتى واحد وهو الفرج، لما رواه البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه قال: كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول. فنزلت: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم).
ولأبى داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحاً منكراً، ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات، فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار، فذهب يصنع بها ذلك، فأنكرته عليه، وقالت: إنما كنا نؤتى على حرف، فاصنع ذلك، وإلا فاجتنبني حتى شَرِى [ اشتهر ] أمرهما، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم). أي: مقبلات ومدبرات ومستلقيات.
يعني بذلك موضع الولد. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/450)
حكم إدخال الأصبع في دبر الزوجة أثناء المعاشرة
تاريخ الفتوى : ... 08 صفر 1422 / 02-05-2001
السؤال
رجل يجامع زوجتة بالحلال وأثناء الجماع يدخل إصبعه السبابة في دبرها من سبيل المداعبة لها علما أنها ترتاح لذلك كثيرا ماحكم الدين في ذلك أفيدونا أفادكم الله ولاتتهربوا من الإجابة لأننا في حاجة إليها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لكل من الزوجين أن يستمتع بجميع بدن الآخر، وأن ينظر إليه ويمسه حتى الفرج.
ويستثنى من ذلك أمران:
1- أن يجامعها في الفرج وهي حائض، لقوله تعالى: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) [البقرة: 222] والراجح -أيضاً- أنه لا يباشرها فيما بين سرتها وركبتها، لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائضاً فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها، أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها. أخرجه البخاري وغيره.
2- أن يأتيها في دبرها " محل الأذى" لما في المسند وسنن الترمذي وسنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهناً فصدقه، فقد برئ مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم".
وفي المسند وسنن أبي داود وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: " ملعون من أتى امرأته في دبرها". وفي رواية في المسند "لا ينظر الله عز وجل إلى رجل جامع امرأته في دبرها".
ومما علل به العلماء المنع من الوطء في الدبر: ملاقاة العضو للنجاسة المغلظة. وقالوا: إن الله حرم في محكم كتابه الوطء في الفرج زمن الحيض للأذى العارض، فأولى أن يحرم الوطء في الدبر الذي هو محل الأذى في كل حين. وقد نص العلماء على أن ملامسة عين النجاسة لغير حاجة ممنوعة. ونقول للسائل: إنه لما كان إدخال العضو الذي من شأن إدخاله في الفروج حصول اللذة وقضاء الأرب طبعاً وشرعاً، لما كان إدخاله في ذلك المحل ممنوعاً، فمن باب أولى أن يمنع إدخال غيره مما لا فائدة في إدخاله في الأصل، بل قد يكون في إدخاله ضرر بالمحل، ثم أن هذا الفعل مما تأنف منه الفطر السليمة والأذواق المستقيمة، وإنما هو تقليد أعمى لمن انتكست فطرهم، وتبلدت أذواقهم، وجعلوا كل همهم إشباع شهوتهم الحيوانية غير مراعين أدباً ولا خلقاً ولا طهارة. فأراهم هواهم حسناً ما ليس بالحسن. نسأل الله السلامة، إضافة إلى أن استمرار ذلك الفعل والمداومة عليه قد يجر الفاعل إلى ما هو أشنع وهو الوطء في الدبر، وقد حصل ذلك بالفعل حسبما بلغنا. وتلك عادة من يتبع هواه في كل ما يزينه له فإنه يتدرج لإيقاعه في الأمور العظام بتزيين ما هو أخف، ثم الانتقال به شيئاً فشيئاً حتى يوبقه.
وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لذلك مثلاً جلياً جليلاً فقال: "كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه".
وإن فيما شرع الله تعالى من الاتصال بين الزوجين غنى لإشباع الغرائز السوية، وتحصيلاً للفوائد المنشودة من ذلك الاتصال.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/451)
هل للمعاشرة الزوجية تأثيرات
تاريخ الفتوى : ... 08 صفر 1422 / 02-05-2001
السؤال
هل لكثرة المعاشرة تأثيرات؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا يرجع إلى طبيعة الرجل والمرأة، واستعدادهما البدني والنفسي لذلك. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/452)
الفتوى : ... الستر يتطلب عدم الحديث بالهاتف بين الزوجين عن المعاشرة
تاريخ الفتوى : ... 12 صفر 1422 / 06-05-2001
السؤال
هل يجوز تبادل الكلام الجنسي بين الزوجين في الهاتف؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي للزوج أن يتحدث -عبر الهاتف- مع زوجته عن أمور الجماع، لأن هذا النوع من الكلام معها محله الخلوة بها، حيث لا يطلع أحد على ما يدور بينهما.
والهاتف وسيلة غير مأمونة، حيث إنه من السهل التنصت على تلك المكالمات -الواردة والصادرة منهما- بل ومن السهل تسجيلها، ومن هنا ينبغي أن يحرص الإنسان على تجنب هذه المحادثات.
وقد فسر بعض أهل العلم اللباس في قوله تعالى: (هنَّ لباس لكم وأنتم لباس لهن) [البقرة: 187]. بالستر.
قال القرطبي رحمه الله: وأصل اللباس في الثياب، ثم سمي التزام كل واحد من الزوجين بصاحبه لباساً، لانضمام الجسد وامتزاجهما وتلازمهما تشبيها بالثوب.. وقيل: لأن كل واحد منهما ستر لصاحبه فيما يكون بينهما من الجماع من أبصار الناس. القرطبي: 2/309.
ومن دواعي الستر أن لا يسلك الزوج طريقاً من شأنه أن يعرض ما يدور بينه وبين زوجته لاطلاع الآخرين عليه، ولو من باب المصادفة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/453)
يستحب الوضوء لمن أراد معاودة الجماع
تاريخ الفتوى : ... 29 ذو الحجة 1421 / 25-03-2001
السؤال
هل يجوز لي معاودة الجماع مع زوجتى دون أن أكون قد اغتسلت من الجماع الأول؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمسلم أن يعاود الجماع دون أن يحدث غسلاً أو وضوءاً، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان يطوف على نسائه بغسل واحد" رواه الجماعة إلا البخاري.
ولأحمد والنسائي "في ليلة بغسل واحد" وهذا يدل على الجواز، لكن الأفضل أن يتوضأ إذا أراد معاودة الجماع، لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم "إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءاً" رواه مسلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/454)
مداعبة الزوجة قبل الجماع
تاريخ الفتوى : ... 17 ذو الحجة 1421 / 13-03-2001
السؤال
جزاكم الله خيرا
السؤال:
ماهي المداعبة الشرعية مع التمثيل رجاء
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن السنة أن يداعب الرجل زوجته قبل الجماع إيناساً وتلطيفاً واستنهاضاً لشهوتها حتى تنال من لذة الجماع مثل ما يناله، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجابر "هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك" وصور الملاعبة كثيرة لا تخفى على لبيب، وبالإمكان أن تسأل زوجتك عما تحب من ذلك فتأتيه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/455)
حكم تعري الزوجين قبل وأثناء الجماع
تاريخ الفتوى : ... 18 ذو القعدة 1421 / 12-02-2001
السؤال
هل يجوز للزوجة أن تتعرى كاملا ودون غطاء في حال الجماع ؟!
و هل يجوز للمرأة أن تتعرى كاملا ودون غطاء في حال الملاعبة أو المداعبة ودون الجماع ؟!
وهل يعد ذلك مخلاً بآداب العشرة الزوجية
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يلزم التستر أثناء الجماع أو المداعبة بين الزوجين، وأما ما رواه ابن ماجه من حديث عتبة بن عبد السلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إذا أتى أحدكم أهله فليستتر، ولا يتجرد تجرد العيرين " فهو ضعيف الإسناد لا تقوم به حجة، ولا يثبت بمثله حكم، لأن في رواته الأحوص بن حكيم، ضعفه أحمد وأبو حاتم والنسائي، وغيرهم. صرح بذلك السندي في حاشيته على ابن ماجه، والهيثمي في الزوائد. وتعري كل من الزوجين أمام الآخر لا يتنافى مع الأدب ولا مع العشرة الزوجية.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/456)
هل يجب على الزوج إتيان أهله كلما رغبت ويدع نوافل العبادات لقضاء حقها؟
تاريخ الفتوى : ... 04 ذو القعدة 1421 / 29-01-2001
السؤال
كيف يعاشر المسلم أهله بالمعروف؟
وهل يجب على المسلم أن يجامع أهله كلما رغبت أم يرجع ذلك إلى ظروفه وعدم انشغاله ؟
هل من السنة مداعبة المرأة و إيناسها أم لا ؟ و بماذا تنصحون الزوج الذي ينشغل عن أهله بطلب علم أو بالعمل أو بأي شيء آخر و لا يأتي أهله إلا عند قضاء حاجته أو بعد مدة معينة وقد تكون زوجته بحاجة إليه .. فأيهما أولى قضاء حوائجه أم إعفاف أهله ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للزواج في الإسلام مقاصد عظيمة، من أهمها إعفاف كل من الزوجين للآخر، ويجب على الزوج معاشرة زوجته - بما في ذلك الجماع - لتحقيق ذلك، وأدنى ذلك أن يطأها مرة كل طهر إن استطاع، فمعاشرة الزوجة بالمعروف واجبة، لقوله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) [النساء: 19].
قال الجصاص: "أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف أن يوفيها حقها من المهر والنفقة والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب، وما جرى مجرى ذلك، وهو نظير قوله تعالى: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)". انتهى.
والرجل مأجور بإتيانه أهله، ولو لم يكن له شهوة في ذلك، قال ابن قدامة: سئل أحمد: يؤجر الرجل أن يأتي أهله وليس له شهوة؟ فقال: إي والله يحتسب الولد، وإن لم يرد الولد، يقول: هذه امرأة شابة لم لا يؤجر؟! انتهى.
وعليه أن يتزين لزوجته بما يناسب رجولته، فإن المرأة يعجبها من زوجها ما يعجبه منها. وقد فهم ذلك ابن عباس رضي الله عنهما من قوله تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) فقال: (إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي).
وقال القرطبي في الآية المذكورة: والمقصود أن يكون عند امرأته زينة تسرها وتعفها عن غيره من الرجال.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد كان جميل المعاشرة لنسائه، دائم البِشْر معهن، يداعبهن ويلاطفهن ويضاحكهن، حتى إنه كان يسابق عائشة يتودد إليها بذلك، وكان ربما خرج من بيته إلى الصلاة فيقبل إحداهن، وحث أصحابه على ملاطفة النساء، فقال لجابر رضي الله عنه ـ كما في الصحيحين ـ : "هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك".
وأخرج النسائي عن عائشة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوني فآكل معه وأنا عارك ـ أي حائض ـ وكان يأخذ العَرْق فيُقسم عليّ فيه فأعترق منه، ثم أضعه، فيأخذه فيتعرق منه، ويضع فمه حيث وضعت فمي من العَرْق، ويدعو بالشراب فيقسم عليّ فيه من قبل أن يشرب منه فآخذه، فأشرب منه، ثم أضعه فيأخذه فيشرب منه، ويضع فمه حيث وضعت فمي من القدح" رواه النسائي وأصل الحديث في مسلم.
والعَرْق (بفتح العين وسكون الراء): العظم الذي أخذ عنه معظم اللحم.
وأخرج أحمد والترمذي والنسائي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم خلقاً".
وعلى الزوج أن يعلم أن ملاطفته لزوجته، ومداعبته لها، ومؤانسته إياها، كل ذلك مما يمد الحياة الزوجية بالسعادة، وفقدان ذلك ربما أدى إلى خسران السعادة الزوجية والحياة البيتية.
فإن كان الرجل مشغولاً بعمله، أو نوافل العبادات، أو بطلب العلم ونحوه من الأمور المحمودة، فعليه أن يوازن بين الحقوق المتعددة، ومنها حق الأهل، فكما لا يجوز للمرأة أن تشتغل بنوافل العبادات عن حقوق زوجها، فكذلك لا يجوز للزوج أن يفعل من ذلك ما يكون سبباً في عجزه عن أداء حق زوجته. قال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) [البقرة: 228].
وأخرج أبو داود وأحمد واللفظ له عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت على خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة، وكانت عند عثمان بن مظعون، قالت: فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذاذة هيئتها، فقال لي : "يا عائشة ما أبذ هيئة خويلة" قالت، فقلت: يا رسول الله: امرأة لها زوج يصوم النهار ويقوم الليل فهي كمن لا زوج لها، فتركت نفسها وأضاعتها" قالت: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن مظعون فجاءه فقال: "يا عثمان أرغبة عن سنتي؟ فقال: لا والله يا رسول الله ولكن سنتك أطلب. قال: "فإني أنام وأصلي، وأصوم وأفطر، وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان، فإن لأهلك عليك حقا، وإن لضيفك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، فصم وأفطر وصل ونم"
فعلى الزوج أن يراعي تلك الحقوق، ولا يغلب جانباً على آخر، ولا يعيش في أنانية يطلب حقوقه، ولا يشعر بالطرف الآخر.
ومما يجدر التنبه له أن على الزوجة أن تتودد إلى زوجها، ويتأكد ذلك حين ترى منه جفوة، وذلك لعظم حق الزوج عليها، بل إنها تستطيع بهذا التودد أن تؤثر عليه بالحديث المؤثر والمؤانسة العذبة والمداعبة اللطيفة، والتزين له بكل ما يجذبه إليها، فذلك من أسباب الألفة والمودة، فقد تكون المرأة مشغولة بصحبتها وأولادها، فتكون بذلة الثياب، أو كثيرة الشكوى والتضجر، أو ضيقة الصدر، أو لا تحسن التودد إلى زوجها، فتصرف زوجها عنها من حيث لا تشعر، وقد حث الشارع المرأة على الزينة لزوجها لأهمية ذلك وأثره في التحابب بين الزوجين. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/457)
حدود الاستمتاع بالحائض.
تاريخ الفتوى : ... 04 شوال 1421 / 31-12-2000
السؤال
خلال أيام الدورة الشهرية هل يجوز لي الاقتراب من زوجتي (بدون أن أجامعها ) بل يكون ذلك حول منطقة الفرج بدون إيلاج مع ملاحظة أن ذلك يؤدي إلى أن تقضي هي أيضا شهوتها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن جماع الزوجة وهي حائض محرم بلا خلاف عند أهل العلم، وأما استمتاع الزوج بالمرأة الحائض فيما فوق السرة وتحت الركبة فجائز بلا خلاف عند أهل العلم .أما مباشرتها فيما بين السرة والركبة عدا الفرج ، ففيه خلاف بين أهل العلم . فذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى تحريم ذلك ، وذهب إلى الجواز الحنابلة ومحمد بن الحسن من الحنفية ، وأصبغ وابن حبيب من المالكية ، وقواه النووى من الشافعية، وابن حزم من الظاهرية، وهو الراجح - إن شاء الله - لحديث أَنَسٍ أَنّ الْيَهُودَ كَانُوا، إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فِيهِمْ، لَمْ يُؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُجَامِعُوهُنّ فِي الْبُيُوتِ، فَسَأَلَ أَصْحَابُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم النّبِيّ صلى الله عليه وسلم. فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) إِلَى آخِرِ الاَيَةِ [البقرة الاَية: 2] فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "اصْنَعُوا كُلّ شَيْءٍ إِلاّ النّكَاحَ" فَبَلَغَ ذَلِكَ الْيَهُودَ فَقَالُوا: مَا يُرِيدُ هَذَا الرّجُلُ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئاً إِلاّ خَالَفَنَا فِيهِ، فَجَاءَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبّادُ بْنُ بِشْرٍ فَقَالاَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! إِنّ الْيَهُودَ تَقُولُ: كَذَا وَكَذَا. أَفَلاَ نُجَامِعُهُنّ؟ فَتَغَيّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم حَتّى ظَنَنّا أَنْ قَدْ وَجَدَ عَلَيْهِمَا، فَخَرَجَا فَاسْتَقْبَلَهُمَا هَدِيّةٌ مِنْ لَبَنٍ إِلَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم. فَأَرْسَلَ فِي آثَارِهِمَا، فَسَقَاهُمَا، فَعَرَفَا أَنْ لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِمَا. رواه مسلم. وفي رواية لابن ماجه "اصنعوا كل شيء إلا الجماع" وهذا دليل على أن المحرم هو الوطء في الفرج.
فعلى هذا يجوز للزوج مباشرة زوجته الحائض فيما دون الفرج،ولو أدىذلك إلى الإنزال، لكن عليها أن تشدعلى مكان الدم شيئاً ليحترز الزوج من الإصابة بالدم أو التلوث به، لا سيما في فور الحيضة أول ما تكون، وإن خشي الإنسان على نفسه أن يقع في المحظور فالأولى له تجنب ذلك سداً للذريعة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/458)
ما يحل للزوج من زوجته التي عقد عليها
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
السلام عليكم--- لي سؤال وهو لقد كتبت كتابي بعقد شرعي وتم تاخير الزواج إلى الصيف القادم ما يحق لي منها بحكم الشرع أرجو إفادتي---هل يحق لي أن أقبلها--- في الوجه والصدر --- ما حكم الشرع بذلك وشكرا لكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان قصدك أنه تم عقد الزواج الشرعي المستوفي للشروط بينكما فإنه بمجرده تصبح المرأة حلالاً للرجل والرجل حلالاً لها؛ لما رواه ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أدخل امرأة على زوجها قبل أن يعطيها شيئاً.
أما إذا كنت تقصد أنه جرى وعد بالزواج بينكما فقط واتفاق مبدئي فهذا لا يبيح شياً من المخطوبة ولا تزال أجنبية على خاطبها كغيرها من الأجنبيات حتى يتم العقد الشرعي.
على أن الأولى والأحوط أن لا يدخل الزوج على زوجته ولو بعد العقد الشرعي إلا بعد إعلان النكاح لما قد يترتب على ذلك من الخصومات شرعاً حسبما جرت به العادة، ومراعاة لمشاعر أهل الزوجة، وفي سنن أبي داود أن علياً رضي الله عنه لما تزوج فاطمة رضي الله عنها وأراد أن يدخل بها منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يعطيها شيئاً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/459)
الفتوى : ... لا يجوز للرجل مجامعة زوجته في دبرها
تاريخ الفتوى : ... 26 ذو القعدة 1421 / 20-02-2001
السؤال
ماذا لو دخل (المعذرة) القضيب في مؤخرة زوجتى، وهل هذا حرام، وماذا أفعل إذا قمت بهذا؟
وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
لو جامع إنسان زوجته في دبرها فقد ارتكب كبيرة من الكبائر. لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم :" رواه الترمذي عن أبى هريرة وفي رواية فقد برىء مما أنزل على محمد. وفي سنن أبي داود عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه : "ملعون من أتى امرأة في دبرها" صححه السيوطي والألباني . فمن بدر منه شيء من هذا فعليه أن يتوب إلى الله ويستغفر ربه من هذا الذنب العظيم ولا يعود إليه مرة أخرى ولا تحرم عليه زوجته إذ ليس في الشرع ما يدل على ذلك.
والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/460)
الفتوى : ... لا حرج أن يجامع الرجل زوجته الحامل
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
الخطأ أن يعمل الإنسان العمل ويتبين ويبقي عليه ، أنا متزوج والحمد لله وزوجتى بإذن الله حامل في الشهر الرابع.
السؤال : هل أستطيع أن أنكحها (أدعوها للفراش)؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
لا حرج أن يجامع الرجل زوجته الحامل فقد روت جزامة بنت وهب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لقد هممت أن أنهى عن الغيلة حتى ذكرت أن فارس والروم يصنعون ذلك فلا يضر أولادهم" . [رواه مسلم]. والغيلة أن يجامع الرجل زوجته وهي مرضع أو وهي حامل ترضع.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/461)
مجامعة الزوجتين في وقت واحد بحيث ترى كل واحدة الأخرى حرام
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
هل يجوز مجامعة الزوجتين في آن واحد وفي سرير واحد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه وسلم أما بعد:
مجامعة الزوجتين في وقت واحد منكر وحرام. قالت عائشة رضي الله عنها في جماع النبي صلى الله عليه وسلم: ولا يجامع بحيث يراهما أحد، أو يسمع حسهما، ولا يقبلها ويباشرها عند الناس.
وقال الحسن في الذي يجامع المرأة والأخرى تسمع: كانوا يكرهون الوجس وهو الصوت الخفي.
قال ابن قدامة رحمه الله: وإن رضيت بأن يجامع واحدة بحيث تراه الأخرى لم يجز، لأن فيه دناءة وسخفا وسقوط مروءة فلم يبح برضاهما.
ولأن في ذلك كشفا لعورة إحداهما أمام الأخرى ولا يحل ذلك.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/462)
الفتوى : ... تمتع بزوجتك كما تشاء واتق الحيضة والدبر
تاريخ الفتوى : ... 27 ربيع الأول 1422 / 19-06-2001
السؤال
نحن نعرف أن العادة السرية للرجل محرمه إذا كان أعزباً أو متزوجاً، ولكن هل يجوز الاستمناء عن طريق يد الزوجة أم لا - سواء أكانت في فترة النفاس أو غيرها؟ وما هي الطرق المحرمة أو المكروهة في مجامعة الزوجة لزوجها والزوج لزوجته؟
الفتوى
االحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للرجل أن يستمتع بزوجته بما شاء منها إلا في إحدى حالتين فإنه يمنع من ذلك. الحالة الأولى: إتيانها في دبرها في غير موضع الحرث، وهذا فعلٌ قبيح لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله. فقد روى أحمد وأبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ملعون من أتى امرأة في دبرها" وهو صحيح.
والحالة الثانية: أن يأتيها في الفرج وهي حائض أو نفساء وهذا محرم. قال الله تعالى: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله) [البقرة: 222] فالحاصل أن له الاستمتاع بجميع جسدها- إذا اتقى ما سبق - وإذا كانت حائضاً أو نفساء، فليستمتع كيف شاء وليتق الفرج والدبر، فالدبر محرم على كل حال، والفرج محرم في حال الحيض والنفاس فقط، وما سواهما من البدن مباح في كل حال، ولو أدى الاستمتاع إلى خروج المني بيدها أو بأي جزء من بدنها، نص على ذلك أهل العلم. قال صاحب الإقناع: (وللزوج الاستمتاع بزوجته كل وقت على أي صفة كانت إذا كان في القبل، وله الاستمناء بيدها).
ولا يحقّ للزوجة الامتناع عن طلب الزوج الاستمتاع والمباشرة لجسدها في غير الدبر دائماً، وفي غير الفرج حال الحيض والنفاس، فلا يجوز لها الامتناع إن طلبها زوجها للفراش عموماً، فقد روى الترمذي وحسنه، والطبراني والبيهقي من حديث طلق بن علي رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإنْ كانت على التنور" ورواه النسائي والبزار من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه، وحسنه السيوطي.
وكان صلى الله عليه وسلم يباشر زوجاته - من غير جماع - وهن حائضات، فقد روى البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كانت إحدانا إذا كانت حائضاً فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها".
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/463)
قراءة القرآن أثناء الجماع لا يجوز
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
هل يمكن أثناء المعاشرة الزوجية قراءة بعض آيات القرآن حتى يخف التركيز وتتأخر عملية القذف لأنني سمعت هذا من طبيب ينصح للتخلص من سرعة القذف؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فأقول لك عفا الله عنك يا أخي الكريم ، هل هذا مكان يليق به قراءة كتاب الله عزّ وجل وما أظن أن هناك طبيباً عنده شيء من الدين يتجرأ أن يقول مثل هذا ، بل هذا من باب الاستخفاف بالقرآن. قال تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) [الحج : 33].فاعلم يا أخي أن هذا لا يجوز - ونسأل الله لك العافية. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/464)
لكل من الزوجين أن يرى جميع جسد الآخر.
تاريخ الفتوى : ... 25 محرم 1423 / 08-04-2002
السؤال
أنا فتاة مقبلة على الزواج وأريد أن أسأل .. هل يجوز للمتزوج أن يقول لزوجته اخلعي ملابسك ؟ وسواء إن وافقت وإن لم توافق ماذا تقول لزوجها ؟ وشكراً للجميع .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للزوجين أن يرى كل واحد منهما سائر جسد الآخر ، وعلى ذلك فلا حرج في أن يطلب الزوج من زوجته أن تخلع ملابسها إذا كانا في مكان لا يراهما أحد .
وعلى الزوجة أن تطاوع زوجها في ذلك لعدم وجود مانع شرعي من ذلك ، خصوصاً أنه قد يكون فيه كمال الاستمتاع .
الله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/465)
الفتوى : ... آداب الجماع
تاريخ الفتوى : ... 21 ربيع الأول 1422 / 13-06-2001
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أود معرفة آداب الجماع في الإسلام وكيف يمكن للزوج المسلم أن يحقق الإشباع الجنسي لزوجته تحقيقا لقوله تعالى "ولهن مثل الدي عليهن..." ولكم جزيل الشكر
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللجماع آداب حث عليها الإسلام، وصولاً به إلى العمل الكريم اللائق بالإنسان، وتحقيقاً للأهداف المرجوة من النكاح ومن هذه الآداب.
1- التطيب قبل الجماع: ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيطوف على نسائه ثم يصبح محرماً ينضخ طيباً
2- ملاعبة الزوجة قبل الجماع لتنهض شهوتها فتنال من اللذة ما ينال.
3- ما يقال عند الجماع: روى البخاري ومسلم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً ".
4- كيفيات الجماع الجائزة: الجماع لا يجوز إلا في الفرج الذي هو موضع الولادة والحرث، سواء جامعها فيه من الأمام أو من الخلف، روى البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول، فنزلت: ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) [البقرة:223].
5- إذا قضى الزوج أربه فلا ينزع حتى تقضي الزوجة أربها.
6- تحريم وطء الحائض : روى الترمذي وأبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهناً فقد كفر بما أنزل على محمد".
7- تحريم الوطء في الدبر: روى أبو داود في سننه عن أبي هريرة قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم " ملعون من أتى امرأته في دبرها "
8- تحريم إفشاء ما بين الزوجين مما يتصل بالمعاشرة: روى مسلم عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها".
9- وجوب الغسل من الجماع ولو لم ينزل: روى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب عليه الغسل وإن لم ينزل" وعند مسلم أيضاً: " إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان، فقد وجب الغسل". وعن الترمذي: " إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل
10- التستر أثناء الجماع: ورد في ذلك حديث لكنه ضعيف فلا حرج في عدم التستر، والحديث هو ما رواه ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أتى أحدكم أهله فليستر، ولا يتجرد تجرد العيرين" فإذا التزم الإنسان هذه الآداب مع غض بصره عن الحرام، واستشعار نعمة الله عليه في تيسير الزواج له، واستحضار نية إعفاف أهله ووقايتهم من الحرام تحقق له مراده في الإشباع الجنسي له ولأهله. ولا مانع من الاستفادة من بعض الكتب النافعة التي عنيت بالحديث عن اللقاء بين الزوجين وعلاج المشاكل التي تعرض له، ككتاب تحفة العروس، وكتاب اللقاء بين الزوجين، وكتاب متعة الحياة الزوجية.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/466)
استمتع بزوجتك كما تشاء إلا في حيضها أو نفاسها أو إتيانها في دبرها
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
ما حكم الجماع من ناحية الدبر؟ هل هو حرام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
للرجل أن يستمتع بزوجته بما شاء إذا تجنب حالتين:
1. أن يأتيها وهي حائض أو نفساء.
2. أن يأتيها في دبرها. والسؤال متجه إلى الحالة الثانية وله حالتان:
الأولى : أن يأتيها في موضع الحرث ولكن من جهة الدبر أي من خلفها فهذا لا حرج فيه.
الثانية: أن يأتيها في غير موضع الحرث أي يأتيها في دبرها مباشرة وهذا الفعل محرم اتفاقاً للحديث الذي رواه أحمد وأبو داود وهو صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ملعون من أتى امرأة في دبرها". وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها". فليتق الله فاعل مثل هذا الفعل المحرم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/467)
الفتوى : ... للرجل أن يجامع زوجته في قبلها من دبرها، ولا حرمة في ذلك
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
ما حكم من أتى زوجته فى قبلها من دبرها؟ هل هو حلال؟ أم لا ؟
أرجو الإجابة لكثرة وجود مثل هذه الحالة بين الشباب المتزوج . وشكراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في مثل هذا الأمر قال تعالى: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) [البقرة: 223] فعن جابر رضي الله عنه قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول فنزلت الآية: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) زاد في رواية عن الزهري: إن شاء مجيبة وإن شاء غير مجيبة غير أن ذلك في صمام واحد" متفق عليه. فالمحرم هو إتيان المرأة في الدبر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ملعون من أتى امرأته في دبرها" رواه أحمد وأبو داود وهو صحيح. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/468)
الفتوى : ... التكلم والتخيل بأن هناك من يمارس الجماع مع الزوجين حرام
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
عندما أمارس الجنس مع زوجتي أتكلم معها على أنه يوجد رجل آخر وامرأة أخرى معنا على أساس أنهم يمارسون معنا كيف نتخلص من هذه العادة وما حكم الشرع في هذا الشيء؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن ما ذكرت، يعد أمراً قبيحاً منافياً لما جبل عليه الرجال من الغيرة، فإن ما لا يرضاه الإنسان واقعاً ـ لحرمته وشناعته ـ لا ينبغي أن يتخيله، فضلا عن أن يحدث أهله به. وعليه فقد أحسنت وأصبت حين فكرت في ترك هذا الأمر القبيح، ومتى استحضرت ما سبق، واستشعرت مراقبة الله تعالى وأنت تستمتع بما أحل لك، وحرصت على إعفاف أهلك وصيانتهم عن التفكير في غيرك، فإن ذلك كله يعينك على ترك هذه العادة.
وينبغي لك أن تحرص على أوراد الصباح والمساء عموماً، وعلى آداب الجماع، من الذكر قبله والتطيب له، وغير ذلك مما يمكنك الإطلاع عليه تحت السؤال رقم 4569 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/469)
الخلوة بالزوجة بعد عقد القران وقبل الدخول بها
تاريخ الفتوى : ... 11 ذو الحجة 1424 / 03-02-2004
السؤال
هل يجوز الاختلاء بالزوجة قبل العرس أي بعد عقد القران ، وإن جاز فما حكم التقبيل ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرجل يملك بضع المرأة بمجرد العقد وتصير زوجة له يحل له أن يختلي بها، وأن يرى منها ما شاء، وأن يطأها متى شاء في الأوقات المباحة.
إلا أنه ينبغي على العاقد أن يراعي العرف الجاري في بلده وأن يوفي بالاتفاق مع ولي المرأة إن كان هنالك اتفاق على أن الدخول مرجأ إلى موعد متأخر عن العقد، أو كان هنالك عرف قائم مقام الاتفاق. ولا يخالف هذا العرف نصاً من كتاب ولا سنة ، بل إن الشرع علق أحكاماً على مجرد العقد وأخرى على الدخول ، ومما علقه على مجرد العقد، حرمة الأم بمجرد العقد على البنت وأن المرأة المعقود عليها تصير محرمة على التأبيد على أب الزوج.
ومن الأحكام التي علقها الشارع على الدخول : وجوب جميع المهر ، وإيجاب العدة عليها بالطلاق.
فعلى الرجل أن يراعي ما اتفق عليه وأن يسير على العرف الجاري لديهم ، وإن حدث جماع أو خلوة شرعية صحيحة فلا إثم عليه إن شاء الله ، لأنها زوجته حقيقة ، وتنبني على ذلك أحكام الدخول كلها ، فالولد ولده والمهر يلزمه كاملاً إلخ.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/470)
يجوز الاستمتاع بالزوجة على أي صفة باستثناء الدبر وزمن الحيض والنفاس
تاريخ الفتوى : ... 22 جمادي الثانية 1422 / 11-09-2001
السؤال
ما حدود العلاقه الجنسية مع زوجتي أفيدوني جزاكم الله .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فقد أباح الله سبحانه وتعالى للزوجين أن يستمتع كل منهما بالآخر على أي صفة وفي أي وقت إلا ما حرم الله سبحانه وتعالى من ذلك كإتيان المرأة في دبرها أو إتيانها زمن الحيض والنفاس لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهناً فصدقه فقد برئ مما أنزل الله على محمد - صلى الله عليه وسلم" كما في المسند والسنن من حديث أبي هريرة. ولقول الله تعالى: (فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن * فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ).[ البقرة: 222]. ودليل الإباحة قول الله سبحانه وتعالى ( والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين)[ المؤمنون : 5ـ 6 ] . وقوله تعالى ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم * وقدموا لأنفسكم * واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه * وبشر المؤمنين). [البقرة: 223]. والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/471)
الفتوى : ... لا بأس بمداعبة الزوجة بين الإليتين من غير إيلاج
تاريخ الفتوى : ... 21 رمضان 1421 / 18-12-2000
السؤال
ماحكم مداعبة الزوجة بدبرها بدون إيلاج علما بأن المداعبة تتم بالذكر وجزاكم الله خيراً .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس بمداعبة الزوجة بين الإليتين من غير إيلاج ، إن كان يعلم من نفسه عدم احتمال الوقوع فيما وراء ذلك وإلا فإن عليه أن لا يفعل ذلك لئلا يقع فيما حرم الله عليه ، فإنه والحالة هكذا يكون - كما قال صلى الله عليه وسلم -"كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه" .[رواه مسلم]. والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/472)
الفتوى : ... يجوز للرجل أن يستمتع بزوجته كيف ما شاء إلا الوطء في الدبر أو في الحيض والنفاس
تاريخ الفتوى : ... 02 ربيع الثاني 1422 / 24-06-2001
السؤال
هل يجوز إنهاء المداعبات الجنسية مع الزوجه بالاستمناء (خاصة وهي حائض) و بموافقتها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فمادامت المرأة حائضاً فلزوجها أن يستمتع بها بما شاء باستثناء الوطء وذلك لما ثبت في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن الحيّض مع أزواجهن "اصنعوا كل شيء إلاّ النكاح ".
ومن الجدير التنبيه عليه أنه لا يجوز للرجل أن يأتي زوجته في دبرها أبداً للنهي الوارد في ذلك ، والله تعالى أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/473)
يجوز التمتع بالزوجة مطلقاً إلا الوطء في الدبر وفي مدة الحيض والنفاس
تاريخ الفتوى : ... 22 ربيع الأول 1422 / 14-06-2001
السؤال
ما حكم تقبيل الزوج فرج زوجته ولمسه للمداعبة والعكس إذا فعلت الزوجة مع زوجها ‘ وجزاكم الله خيرا ...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ... وبعد:
فإن لمس أحد الزوجين لفرج الآخر وتقبيله إياه لا حرج فيه لأنه من الاستمتاع به ولأنه لما جاز الوطء وهو أبلغ أنواع الاستمتاع فغيره أولى بالجواز؛ إلا ما نص الشارع على حرمته كالوطء في الدبر أو في الفرج أثناء الحيض أو النفاس.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/474)
يجوز الاستمتاع بالزوجة في مدّة الحيض من غير إيلاج
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته يجوز للمسلم مداعبة زوجته أيام الحيض فى مافوق السرة... ولكن المداعبة قد تصل إلى القذف "أي خروج المني" فهل هذا جائز شرعاً؟ جزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: يجوز للرجل أن يفعل كل شيء من أمور الاستمتاع بزوجته الحائض غير أنه لا يولج لقوله صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" رواه مسلم. والنكاح حقيقة في الوطء فيجوز كل شيء إلا الوطء ولا شيء في القذف إلا أنه يجب عليه الغسل بخروج المني منه بشهوة نص على ذلك أهل العلم. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/475)
مداعبة الزوجة في دبرها دون إيلاج
تاريخ الفتوى : ... 21 رمضان 1421 / 18-12-2000
السؤال
ماحكم مداعبة الزوجة فى الدبر بعضو الذكر دون الإيلاج؟ آسف جدا لصراحة السؤال وهل هناك ضرر صحي إذا توخيت النظافة اللازمة .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد نص أهل العلم على أن المحرم إنما هو إيلاج الذكر داخل الدبر وأن ما دون ذلك جائز، ولكن هذا مقيد بما إذا أمنت على نفسك من تجاوز ذلك. فقد روى الإمام النسائي من حديث خزيمة ابن عمارة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إن الله لا يستحيي من الحق فلا تأتوا النساء في أدبارهن " .[ حسنه السيوطي ] وروى أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ملعون من أتى امرأته في دبرها". [صححه الألباني]. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شبه - في حديث النعمان ابن بشير المتفق عليه ـ "الحائم حول الحرام بالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه". وقد نص العلماء على أن ما لا يتم ترك المحرم إلا بتركه يجب تركه. فالذي ننصحك به هو أن تبتعد عن هذا الأمر ، وأن تبتغي ما تريد فيما أرشدك الله إليه، وهو موضع الحرث، فقد قال تعالى: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) .[ البقرة: 223] فلك أن تجامع زوجتك في قبلها على أي وضع كانت. وننبه إلى أن من وقع في الإيلاج في الدبر فقد ارتكب محرماً ووجب الغسل على كل من الزوجين مع التوبة والاستغفار وعدم العود إلى ذلك مرة أخرى للنهي المتقدم، ولا كفارة له سوى ذلك.
والعلم عند الله تعالى.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/476)
الفتوى : ... ما ينبغي على المرء فعله ليلة زواجه
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
ماهي الشروط التي يتبعها الإنسان في ليلة الدخلة ضمن الشروط الإسلامية التي حللها الله سبحانه وتعالى، وكيف نتعامل مع الزوجة في هذه الليلة؟ ولكم جزيل الشكر
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: إن الزواج آية عظيمة من آيات الله تعالى، قال عز من قائل ( ومن آيته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) [الروم: 21] ففي ظله تلتقي النفوس على المودة والرحمة والحصانة والطهر وكريم العيش والستر، وفي كنفه تنشأ الطفولة، وتترعرع الأحداث وترتبط النفوس بالنفوس وتتعانق القلوب بالقلوب ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) [البقرة: 187]. فالزواج هو إنشاء لأسرة مسلمة وإقامة للبنة في بناء المجتمع المسلم وكثير من المسلمين - هداهم الله- يبدؤون حياتهم بمعصية الله ولا حول ولا قوة إلى بالله، فتراهم يجلبون المعازف وآلات الطرب والراقصين والراقصات وكل ما يغضب الله تعالى، فعلى المسلم أن يجتنب ذلك. نعم يستحب أن يعلن النكاح ويضرب عليه بالدف لما روى محمد بن حاطب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح" رواه النسائي ولا بأس بالإنشاد والغزل في العرس نقل ذلك عن أحمد. ولكن يكون هذا دون اختلاط بين الرجال والنساء لقول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم ولولا الذهب الأحمر ما حلت نواديكم ولولا الحنطة السمرا ء ما سمنت عذاريكم فإذا دخلت على أهلك وزفت لك قلت ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليقل: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه" [رواه أبو داود]. وعليك أن تجعل بينك وبين أهلك قبل الجماع بريدا من قبلة أو نحوها وأن تتوقى الجماع في الدبر، وكذلك في الفرج حال الحيض لورود الأخبار الدالة على المنع من ذلك والتوعد بالعقاب الشديد لفاعله هذا ونسأل الله أن يوفقك في حياتك وأن يبارك لك في أهلك ... .والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/477)
من داعب زوجته قبل الجماع فنزل منه المذي فلا يلزمه غسل عضوه
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
معروف أن المذي نجس ويجب التطهر منه ولكن السؤال انه قد يخرج المذى أثناء الملاعبة والمداعبة التى تسبق الجماع مباشرة فهل يجب هنا التطهر منه وغسل الذكر قبل الإيلاج ؟افيدونا افادكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: لم يرد عن الشارع نص في أن من داعب زوجته قبل الجماع فنزل منه المذي يلزمه غسل عضوه ، وهذا المسألة مسكوت عنها وإنما ورد النص في أنه يغسل المذي إذا أصاب الثوب أو أصاب جزءا من البدن . والمتأمل في بعض أحاديث غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة يجد أنه عليه الصلاة والسلام كان قبل أن يعمم بدنه بالماء يغسل فرجه ، روى البخاري ومسلم من عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل بدنه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يأخذ الماء ويدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أنه قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حثيات ثم أفاض على سائر جسده" ، فدلّ الحديث على أن غسل النبي صلى الله عليه وسلم فرجه إنما كان بعد الجماع ولو كان قبل ذلك لبينته عائشة رضي الله عنها . والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/478)
حكم مص الأعضاء التناسلية بين الزوجين
تاريخ الفتوى : ... 22 شوال 1421 / 18-01-2001
السؤال
ما حكم مص الزوجة ذكر زوجها؟ و ما حكم لحس الرجل فرج زوجته من الداخل في وقت خروج بعض النجاسات سواء من الذكر أو من الفرج؟ أفتونا مأجورين و جزاكم الله بما هو أهله . . . آمين
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لكل من الزوجين أن يستمتع بجسد الآخر. قال تعالى: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) [البقرة: 187]. وقال: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) [البقرة: 223]. لكن يراعى في ذلك أمران :
الأول: اجتناب ما نُص على تحريمه وهو: 1- إتيان المرأة في دبرها، فهذا كبيرة من الكبائر، وهو نوع من اللواط. 2- إتيان المرأة في قبلها وهي حائض، لقوله تعالى: (فاعتزلوا النساء في المحيض) [البقرة: 222]. والمقصود اعتزال جماعهن، وكذا في النفاس حتى تطهر وتغتسل.
الأمر الثاني مما ينبغي مراعاته: أن تكون المعاشرة والاستمتاع في حدود آداب الإسلام ومكارم الأخلاق، وما ذكره السائل من مص العضو أو لعقه لم يرد فيه نص صريح، غير أنه مخالف للآداب الرفيعة ، والأخلاق النبيلة ، ومناف لأذواق الفطر السوية ، ولذلك فالأحوط تركه. إضافة إلى أن فعل ذلك مظنة ملابسة النجاسة ، وملابسة النجاسة ومايترتب عليها من ابتلاعها مع الريق عادة أمر محرم، وقد يقذف المني أو المذي في فم المرأة فتتأذى به، والله تعالى يقول: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) أي المتنزهين عن الأقذار والأذى، وهو ما نهوا عنه من إتيان الحائض، أو في غير المأتى ومع ذلك فإننا لانقطع بتحريم (مص الأعضاء واللعق) مالم تخالط النجاسة الريق وتذهب إلى الحلق . وإن لساناً يقرأ القرآن لا يليق به أن يباشر النجاسة، وفيما أذن الله فيه من المتعة فسحة لمن سلمت فطرته.
تنبيه : لايخفى على من تعاطى ذلك الأمر أنه قد يترتب عليه بعض الأمراض ولمعرفة المزيد عنها يمكن مراجعة الأطباء المختصين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/479)
يجوز مص ثدي الزوجة
تاريخ الفتوى : ... 03 ذو الحجة 1424 / 26-01-2004
السؤال
هل يجوز مص صدر المرأة عند الجماع؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللرجل أن يتمتع بزوجته كيفما شاء إلا أن عليه أن يجتنب الإيلاج في الدبر أو في الفرج حال الحيض لقوله تعالى: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن). ولقوله صلى الله عليه وسلم: "ملعون من أتى امرأة في دبرها" [رواه أحمد وأبو داود والنسائي]. ويدخل في ذلك من حيث الجواز ما ذكره السائل، وإن در الثدي لبنا فشربه فلا يؤثر ذلك على الزوجية لأن الذي عليه جماهير أهل العلم أن رضاع الكبير لا يحرم والأحوط اجتناب ذلك.
والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/480)
جواز الإتيان في القبل من الدبر
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أفتوني عن حكم من يجامع زوجته الحامل في قبلها من دبرها، خائفا على إيذائها وإيذاء الجنين. وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فإن كان الأمر كما يقول السائل فذلك جائز ولا حرج فيه. روى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنه بسند صحيح قال: جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله، هلكت، قال: ما الذي أهلكك. قال: حولت رحلي البارحة (يعني أنه جامع زوجته في قبلها من جهة الدبر) قال: فلم يردّ عليه شيئاً. قال: فأوحى الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم هذه الآية. (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم). فقال صلى الله عليه وسلم: (أَقْبلْ، وأَدْبرْ، وأتَّق الدُّبرَ والحيضة)" [رواه الترمذي من وجه آخر بسند صحيح] فلا بأس إذا ما دام الإيلاج في القبل ولا يتقيد ذلك بحال الحمل عن غيره فهو جائز على كل حال كما نص الحديث على ذلك. والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/481)
لا إثم عليك في ذلك سارع للعلاج
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
السلام عليكم أنا متزوج منذ عشر سنوات ولي بنتان 9/ 7 سنين ولم أنجب مرة أخرى، وذلك لعدم معاشرة زوجتي المعاشرة الصحيحة فنكتفي بقضاء حاجتنا بالاحتكاك من الخارج فقط دون الإدخال. وذلك لعدم قدرة العضو على الانتصاب كاملاً وزوجتي موافقة على ذلك. هل علينا إثم في ذلك ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: فأما بالنسبة للجواب فيتكون من شقين: الشق الأول: هذا الفعل لا إثم فيه ولا حرج، لأن هذه زوجتك ولك أن تستمتع بها بما شئت إلا إذا كان الاستمتاع بإتيان المرأة في دبرها أو مجامعتها وهي حائض. فهذان الأمران محرمان. وهذا من حيث عموم الاستمتاع. الشق الثاني: أن عليك أخي الكريم المبادرة إلى البحث عن علاج لمثل هذا الأمر الذي ابتليت به، لأن للمرأة أيضاً حق التمتع كما هو لك أنت قال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف).[البقرة:228]. ونسأل الله لك الشفاء والعافية (ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها).[البقرة: 286]. والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/482)
الفتوى : ... يجوز استمتاع الرجل بزوجته كيف يشاء ويحرم إتيانها في الدبر وفي الحيض
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
مص المرأة بشر الرجل حلال أم حرام ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: 1. فإن كان قصد السائل بهذا السؤال، هو ما يجري بين الزوج والزوجة فيجوز لها أن تتمتع بالزوج كما يجوز له أن يتمتع بها من جميع النواحي من قبلةٍ ومضاجعةٍ وجماعٍ وغير ذلك إلاّ ما حرمه الله من إتيان الدبر والجماع في حال الحيض وما عدا ذلك فيجوز لهما أن يستمتع أحدهما بالآخر. 2. وإن كان قصد السائل بذلك غير الزوج فلا يجوز ذلك أبداً، قريباً كان أم أجنبياً. والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/483)
لا حرج في وطء الرجل امرأته في أشهر الحمل
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على خير الثقلين، تحية إسلامية و بعد، هل يجوز وطء الزوجة في أشهر الحمل؟ أثابكم الله، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: لا حرج في وطء الرجل امرأته في أشهر الحمل ما لم يكن ثم مانع طبي ، أو يحذر الأطباء حالة بعينها من الجماع لسقوط الرحم أو غيره.والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/484)
لا حرج في جماع الرجل زوجته وهي جنب
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الثاني 1422 / 07-07-2001
السؤال
ما هي كفارة جماع المرأة و هي جنب ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: إذا كان مقصدك من السؤال أن المرأة جامعها زوجها وهي حائض فيقال لك إن الأمر الذي فعلته أمر منكر ويأثم فاعله ، فعليك بالاستغفار – لأن الله تعالى يقول : (ويسألونك عن المحيض ، قل هو أذى ، فاعتزلوا النساء في المحيض) .[ البقرة : 222] ، وإن كنت قد جامعت في أول الحيض فعليك أن تتصدق بدينار كامل وهو ما يساوي مئتي ريال قطري ، وإن كان الجماع في آخره فإنك تتصدق بنصف دينار أي ما يساوي 100 ريال قطري . وإن كنت تقصد أنك جامعت زوجتك وعليها جنابة من جماع سابق لم تغتسل منه فلا حرج في ذلك ، والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/485)
الفتوى : ... يجوز الاستمتاع بالزوجة مطلقاً من غير الوطء في الدبر أو في مدة الحيض والنفاس
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم أخي الفاضل السلام عليكم ورحمة الله علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا حياء بالدين وعليه اسألكم. هل يجوز للمرأة أن تمص ذكر زوجها ليس بقصد إزال السائل بفمها؟ وهل يجوز للرجل لحس ومداعبة فرج زوجته بلسانه وذلك بعد التنظيف طبعا؟ وجزاكم الله خيرا وأحسن اليكم ...
الفتوى
الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فأيها السائل الكريم سؤالك سبق الجواب عنه مفصلا برقم :
2146ونجب أن ننبهك إلى أمر ورد في سؤالك وهو قولك علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن لاحياء بالدين) وهذه العبارة قد توهم غير المراد وهو أن الحياء ليس من الدين والواقع أنه منه بل هو شعبة من شعب الإيمان. قال صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان" متفق عليه واللفظ لمسلم. وفي البخاري عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعه فإن الحياء من الإيمان" يعظ أخاه في الحياء أي يقول له لا تستح ونحو ذلك. والصواب أن يقول له لا حياء في أمر الدين أي لا حياء يمنع من التعلم أو التفقه في الدين. ففي صحيح مسلم عن عائشة قالت: نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يفقهن في الدين. وقد روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: " أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف قياماً فخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب فقال لنا: مكانكم ثم رجع فاغتسل ثم خرج إلينا ورأسه يقطر فكبر فصلينا معه. قال الحافظ ابن حجر في الفتح وهو يعدد الفوائد المستفادة من هذا الحديث: وفيه أنه لا حياء في أمر الدين. والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/486)
يحرم مجامعة إحدى الزوجتين أمام الأخرى
تاريخ الفتوى : ... 18 شعبان 1422 / 05-11-2001
السؤال
رجل لديه زوجتان، هل يجوز له أن يجامع الزوجتين في وقت واحد وفي آن واحد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
لا يجوز للرجل أن يجامع إحدى زوجتيه على مرأى من الأخرى لأن مباشرة الرجل لزوجته أمر يجب ستره ، ولا يمكن للمؤمن أن يعمد إلى عمل كهذا ولو أمام الزوجة الأخرى، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل على نسائه كلما دخل على إحداهن يتوضأ ويغسل فرجه.
وقال صلى الله عليه وسلم :" الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء شعبة من الإيمان" . رواه البخاري. ولا يتصور أن يدخل الرجل على زوجتيه في وقت واحد وفي آن واحد ، فان كان قصد السائل أنه يدخل على إحداهما بعد الأخرى فلا بأس بشرط أن لا يكون أمام الأخرى ولا بمرأى منها. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/487)
تفقه في أحكام الزواج قبل الإقدام عليه
تاريخ الفتوى : ... 13 ربيع الثاني 1422 / 05-07-2001
السؤال
أنا رجل مقبل على الزواج إن شاءالله ولكن الفاجعة بالنسبة لي أنني حقيقة لا أعرف ماذا أفعل في الليلة الأولى مع زوجتي خصوصا أنني لم أقرأ كيف تمارس العملية الجنسية ، ولا أعرف شروطها وكيفيتها لأنني بصراحة كنت أرى أصدقائي يقرؤون تلك الكتب ، ولكنني حقيقة كنت أستحي من شرائها وقراءتها ، فهل لي أن تخبروني عن طريق البريد الالكتروني كيف لي أن أمارس هذه العملية وأرجو الاستفاضة في الإجابة، والإجابة على كل الملابسات التي تلاحق هذه العملية.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فنسأل الله أن يبارك لك، ويبارك عليك، ويجمع بينكما على خير، وأن يكون هذا الزواج زواجاً مباركا موفقا سعيدا قائما على كتاب الله وسنة رسوله. ثم اعلم ـ وفقك الله ـ أن الزواج نعمة جليلة وآية عظيمة، رغب فيه الشارع الحكيم، قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ). [الروم:21]. وحث عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء". [متفق عليه]. وقال صلى الله عليه وسلم :" تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم" . [رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الحافظ العراقي ، والألباني] . واعلم أن لك حقوقا وعليك مثلها، فأد الحق الذي عليك لزوجتك ثم سل الذي لك، قال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) . [البقرة:228]. وأما ما سألت عنه فننصحك بقراءة الكتب التالية 1ـ تحفة العروس: لمحمود مهدي استانبولي 2ـ تحفة العريس والعروس في الإسلام : محمد علي قطب 3ـ أحكام الزواج في الشريعة الإسلامية: احمد فراج حسين 4ـ الحب والجنس من منظور إسلامي: محمد على قطب 5ـ مقومات السعادة الزوجية: ناصر سليمان العمر 6ـ رسالة إلى العروسين: سعيد مسفر القحطاني 7- اللقاء بين الزوجين .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/488)
يجوز لكل من الزوجين أن ينظر إلى فرج الآخر لشهوة ولغير شهوة
تاريخ الفتوى : ... 27 ذو القعدة 1421 / 21-02-2001
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : أولا أحب أن أشكركم على مجهوداتكم والله يوفقكم سؤالي هو هل يجوز للرجل أو المرأة المتزوجين النظر إلى فرج الآخر أثناء الجماع ؟ ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فإنه يجوز لكل من الزوجين أن ينظر إلى فرج الآخر لشهوة ولغير شهوة. لما رواه الترمذي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ فقال: (احفظ عورتك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك). ولأن الفرج يحل له الاستمتاع به فجاز النظر إليه كبقية البدن، ولأن ما فوق النظر وهو اللمس والغشيان مباح فالنظر كذلك . إلا أن الأولى له ألا ينظر لما روي عن عائشة رضي عنهاأنها قالت : ( قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ير مني ولم أر منه) . وهذا إن صح فهو من مكارم الأخلاق فلا يدل على تحريم النظر لما قلناه. والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/489)
الفتوى : ... البرودة يطلب علاجها بالطرق المشروعة .
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
امرأة 32 سنة معاملتها حسنة مع زوجها 29 سنة، إلا فى الجماع. أحياناً لا تنبعث منها الرغبة الجنسية فتعاشر الزوج معاشرة باردة. تحاول تحسين المعاشرة وتكره نفسها ولكنها فشلت. والزوج عالم بهذه الحالة 1 . هل تأثم الزوجة مع أنها لا تنوى إيذاء الزوج وقد حاولت؟ 2 . ما سبب وكيفية علاج مشكلة برودة الرغبة الجنسية إسلامياً؟ 3 . هل هناك أدعية مأثورة لحل المشكلة؟ جزاكم الله خير الجزاء
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
1 - فلا إثم على الزوجة في ذلك .
2 - وأما علاج هذه المشكلة ، فله طرق منها :
تقوى الله تعالى ولزوم طاعته ، وغض البصر عما حرم الله ، وقد تكفل الله لأهل طاعته بالسعادة والطمأنينة وسعة الرزق ، قال الله تعالى: ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) [الطلاق:2-3]. (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً ).[الطلاق :4 ]
وقال سبحانه : ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنُحيينه حياة طيبة) .[النحل:97]
ومن طرق العلاج قراءة بعض الكتب المختصة بذلك ، ولا نعلم دعاء مأثوراً يخص هذا الأمر ، لكن أكثري من ذكر الله والاستغفار ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ، ومن كل هم فرجاً ". رواه أبو داود وابن ماجه .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/490)
وصايا للزوجة قبل زفها لزوجها
تاريخ الفتوى : ... 13 ربيع الثاني 1422 / 05-07-2001
السؤال
ما هي الأشياء التي يجب أن أفعلها مع زوجي ليلة الدخلة حيث إني على وشك أن أصبح زوجة خلال شهر... أفادكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: عليك أن تتقي الله تعالى وتصلحي نيتك وتعزمي على طاعة الله تعالى وطاعة زوجك. ثم في ليلة الدخلة تتزينين لزوجك بما أحله الله تعالى من الملبس والحلي والطيب وتتنظفي. فإن ذلك من حق زوجك عليك واحذري كل الحذر من التبرج والسفور اللذان يجعلان عادة في مثل هذه المناسبات، أمام رجال أجانب وليس أمام زوجك ، وكذلك الأغاني المحرمة والرقص وغير ذلك مما حرم الله تعالى ويستحب لكما إذا خلوتها أن تتوضأ وتصليا ركعتين. وتدعوا الله تعالى وحبذا لو نصح كل منكما الآخر ويبين للآخر ما يحب ليفعله وما يكره ليجتنبه. وينبغي لأهل الزوجة أن يوصوها قبل أن يزفوها. بطاعة الله تعالى وطاعة زوجها والقيام بشؤون بيتها أحسن القيام. وننصحك بقراءة الكتب والرسائل التي فيها آداب الزواج ففيها وصايا قيمة جميلة والله تعالى الموفق.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/491)
يجوز للرجل أن يستمتع بزوجته كيف ما يشاء إلا في دبرها أو في أوقات الحيض والنفاس
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
قد يكون في سؤالي حرج كبير لكن والله ما في سؤالي إلا من باب المعرفة بديني أنا إنسان متزوج وقد قمت بفعل مع زوجتي من باب الجهل وقد سمعت من الأقاويل أن ذلك محرم ولما كان السؤال يجلب الحرج رأيت أن أسأل عن طريقكم : هل يجوز للرجل أن يلعق ما بين فخذي زوجته؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: للزوج أن يستمتع بزوجته كيف شاء إذا تجنب حالتين: الأولى: إتيانها في دبرها فهذه محرمة شديدة. الثانية: إتيانها في فرجها وهي حائض أو نفساء . كما أن للمرأة أن تستمتع بجسد زوجها كيف شاءت. والعلم عند الله تعالى.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/492)
يحرم على الرجل إتيان زوجته في الدبر أو في حيضها ونفاسها
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
انا متزوجه من رجلا طيب الاخلاق. ونحب بعضنا حبا عظيماً ، ولكن إني أقبل فرجه وهو يقبل فرجي وتحصل له عملية إنزال المني وتحصل لي الشهوة . فهل هذا حرام ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : للزوج أن يستمتع بزوجته كيف شاء إذا تجنب حالتين: الأولى: إتيانها في دبرها فهذه محرمة شديدة. الثانية: إتيانها في فرجها وهي حائض أو نفساء . كما أن للمرأة أن تستمتع بجسد زوجها كيف شاءت. والعلم عند الله تعالى.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/493)
يجوز للرجل الاستمتاع بزوجته إلا الدبر وأوقات الحيض والنفاس
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
هل مداعبة المرأة في فرجها باللسان حلال أم حرام ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: لقد تقدمت الإجابة على مثل هذا السؤال ، ولا يجاب سائله إلا عن طريق البريد الالكتروني .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/494)
يجوز للزوج الاستمتاع بزوجته الحائض إلا الوطء
تاريخ الفتوى : ... 13 ربيع الثاني 1422 / 05-07-2001
السؤال
هل يجوز إنزال المني خارج موضعه،وذلك في حالة أن المرأة حائض وأن الزوج بمجرد مداعبته لها حدثت عملية الإنزال. وجزاكم الله كل الخير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و بعد: يجوز للرجل أن يستمتع بزوجته الحائض فيما عدا الوطء وهو الإيلاج في الفرج ولا حرج فيما ذكره السائل من الإنزال في الخارج. والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(39/495)
تتحدّى زوجها في النقاشات الفقهية
سؤال:
السؤال :
زوجة تجادل زوجها دائما في أمور الدين إذا كان هناك رأيان للعلماء وهذا الأمر يؤذي الزوج وقد يؤدي إلى الطلاق .
تقول لزوجها أستطيع أن أجادل لأن زوجات الرسول كثيرا ما جادلوه وتحدوه ، هي دائما تحب أن تكون في المقدمة كما أنها قليلة الاحترام .
ما هي النصيحة التي توجهها لهذين الزوجين وبالأخص الزوجة ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
النصيحة التي أوجهها لهذين الزوجين هو أنهما مخلوقان يجب أن يخضعا لشرعه فإن السعادة في ذلك ، وقد قال تعالى " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " فيجب على كل من الزوجين أن يعاشر الآخر بالحسنى ، والزواج قائم على المحبة والمودة وليس على التحدي لأن التحدي في الغالب يكون بين الأعداء فإذا كان بين الأحباب فإنه يسبب العداوة ولا خير منه لهما قال تعالى : "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " فينبغي على الزوج أن يجادل زوجته بالحسنى وأن يأتي من طريق الإقناع لا من طريق فرض الرأي وأن يتيح لها المجال للنقاش بأدب وأن يعلم أنه لا يصحّ له أن يفرض عليها رأيا فقهيا في مسألة تخصّها ليس له بها تعلّق إذا كانت هي مقتنعة برأي آخر لعالم يجوز لها تقليده وعلى هذه الزوجة أن تعلم أن حق الزوج عظيم وطاعته واجبة وإرضاؤه بالمعروف من إرضاء الله عزّ وجلّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ ." رواه الإمام أحمد 1573 وهو في صحيح الجامع 660 وقال صلى الله عليه وسلم أيضا " لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ " . قوله ( ولو سألها ) أي الزوج ( نفسها ) أي الجماع ( على قتب ) يوضع تحت الراكب على بعير ، ومعناه الحث على مطاوعة أزواجهن وأنهن لا ينبغي لهن الامتناع في هذه الحالة فكيف في غيرها . ) رواه ابن ماجة 1843 وانظر
صحيح الجامع 5239 ، 5295 ، وقال عليه الصلاة والسلام : " لا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إِلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ قُرْحَةً تَنْبَجِسُ ( أي تنفجر ) بِالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ فَلَحَسَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ ." رواه الإمام أحمد 12153 صحيح الجامع 7725 والزوجة إذا أطاعت زوجها وعاشرته عشرة حسنة ابتغاء وجه الله حصلت على ثواب عظيم عند الله . كما أن الرجل يجب أن يصبر عليها ويكسبها بحسن خلقه ويعلمها بحقه الشرعي عليها .
وأما قولها : إن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يجادلنه كثيرا ويتحدينه فليس بصحيح أبداً . هنّ أعلى من ذلك . إنما طالبنه بالنفقة ولم يكن عنده شيء وقت مطالبتهن له وليس عليه صلى الله عليه وسلم أن ينفق إلا بحسب ما رزقه الله قال تعالى " لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله " ومعنى من قُدِر عليه رزقه أي ضيّق عليه رزقه . ثم لم يعدْن رضي الله عنهن إلى المطالبة أبدا .
ومرة دخل النبي صلى الله عليه وسلم على إحدى نسائه فسقته عسلاً فغارت اثنتان من طول بقائه عندها لأنه بقي لشرب العسل فقط فاحتالتا بأن ذكرت كل واحدة أنها تشم منه ريحاً غير طيبة وقالتا قد أكل نحل هذا العسل من شجر غير طيب الرائحة .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشقّ عليه جداً أن يشم منه رائحة كريهة . فعاتبهن الله في قوله " إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير .." فلم يعودا لذلك رضي الله عنهما . وهذه الزوجة كيف غفلت عن حسنات أمهات المؤمنين وحسن عشرتهن للنبي صلى الله عليه وسلم المشهورة المعروفة فلم تقتد بهن في ذلك ثم تحاول الاحتجاج بفعل بعضهن في خطأ أصلحه لهن الشارع فلم يعدْن له . وفقكما الله لما يحب ويرضى ووفق بينكما .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــ(39/496)
آداب الجماع
سؤال:
علمنا الإسلام كل شيء ، كيف نأكل وكيف نلبس ، فهل هناك سنة تبين للمسلم آداب الجماع ؟
هل هناك أي موضع من السنة ؟ أم أنّ السنة لا يوجد بها حديث صحيح عن مثل هذا ؟.
الجواب:
الحمد لله
نعم أحسنت في قولك علمنا الإسلام كل شيء ، فالإسلام أتى للناس بكل خير في أمور معاشهم ودينهم ومحياهم ومماتهم لأنه دين الله عز وجل .
والجماع من الأمور الحياتية المهمة التي أتى ديننا بتبيينها وشرع لها من الآداب والأحكام ما يرقى بها عن مجرد أن تكون لذّة بهيمية وقضاء عابرا للوطر بل قرنها بأمور من النيّة الصالحة والأذكار والآداب الشرعية ما يرقى بها إلى مستوى العبادة التي يُثاب عليها المسلم . وجاء في السنّة النبوية تبيان لذلك ، قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه زاد المعاد : ( وأما الجماع أو الباه ، فكان هديه فيه - صلى الله عليه و سلم - أكمل هدي ، يحفظ به الصحة ، وتتم به اللذة وسرور النفس ، ويحصل به مقاصده التي وضع لأجلها ، فإن الجماع وضع في الأصل لثلاثة أمور هي مقاصده الأصلية :
أحدها : حفظ النسل ، ودوام النوع إلى أن تتكامل العدة التي قدر الله بروزها إلى هذا العالم .
الثاني : إخراج الماء الذي يضر احتباسه واحتقانه بجملة البدن .
الثالث : قضاء الوطر ، ونيل اللذة ، والتمتع بالنعمة ، وهذه وحدها هي الفائدة التي في الجنة ، إذ لا تناسل هناك ، ولا احتقان يستفرغه الإنزال .
وفضلاء الأطباء يرون أن الجماع من أحد أسباب حفظ الصحة ) . الطب النبوي ص249 .
و قال رحمه الله تعالى : ( ومن منافعه - أي الجماع - : غض البصر ، وكف النفس ، والقدرة على العفة عن الحرام ، وتحصيل ذلك للمرأة ، فهو ينفع نفسه في دنياه وأخراه ، وينفع المرأة ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعاهده ويحبه ، ويقول : ( حبب إلي من دنياكم : النساء والطيب ) رواه أحمد 3/128 والنسائي 7/61 وصححه الحاكم .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) رواه البخاري 9/92 و مسلم 1400 ) . الطب النبوي 251 .
ومن الأمور المهمة التي ينبغي مراعاتها عند الجماع :
1 - إخلاص النية لله عز وجل في هذا الأمر ، وأن ينوي بفعله حفظ نفسه وأهله عن الحرام وتكثير نسل الأمة الإسلامية ليرتفع شأنها فإنّ الكثرة عزّ ، وليعلم أنه مأجور على عمله هذا وإن كان يجد فيه من اللذة والسرور العاجل ما يجد ، فعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( وفي بُضع أحدكم صدقة ) - أي في جماعه لأهله - فقالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال عليه الصلاة والسلام : ( أرأيتم لو وضعها في الحرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر ) رواه مسلم 720 .
وهذا من فضل الله العظيم على هذه الأمة المباركة ، فالحمد لله الذي جعلنا منها .
2 - أن يقدِّم بين يدي الجماع بالملاطفة والمداعبة والملاعبة والتقبيل ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلاعب أهله ويقبلها .
3 - أن يقول حين يأتي أهله ( بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فإن قضى الله بينهما ولدا ، لم يضره الشيطان أبدا ) رواه البخاري 9/187 .
4 - يجوز له إتيان المرأة في قبلها من أي جهة شاء ، من الخلف أو الأمام شريطة أن يكون ذلك في قُبُلها وهو موضع خروج الولد ، لقول الله تبارك و تعالى : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) . وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : كانت اليهود تقول : إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول ! فنزلت : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج ) رواه البخاري 8/154 ومسلم 4/156 .
5 - لا يجوز له بحال من الأحوال أن يأتي امرأته في الدبر ، قال الله عز وجل : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) ومعلوم أن مكان الحرث هو الفرج وهو ما يبتغى به الولد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ملعون من يأتي النساء في محاشِّهن : أي أدبارهن ) رواه ابن عدي 211/1 و صححه الألباني في آداب الزفاف ص105 . وذلك لما فيه من مخالفة للفطرة ومقارفة لما تأباه طبائع النفوس السوية ، كما أن فيه تفويتا لحظ المرأة من اللذة ، كما أن الدبر هو محل القذر ، إلى غير ذلك مما يؤكد حرمة هذا الأمر . للمزيد يراجع سؤال رقم ( 1103 )
6 - إذا جامع الرجل أهله ثم أراد أن يعود إليها فليتوضأ ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءا ، فإنه أنشط في العَوْد ) رواه مسلم 1/171 . وهو على الاستحباب لا على الوجوب . وإن تمكن من الغسل بين الجماعين فهو أفضل ، لحديث أبي رافع أن النبي صلى الله عله وسلم طاف ذات يوم على نسائه ، يغتسل عند هذه وعند هذه ، قال فقلت له : يا رسول الله ألا تجعله غسلا واحدا ؟ قال : ( هذا أزكى وأطيب وأطهر ) رواه أبو داود والنسائي 79/1 .
7 - يجب الغسل من الجنابة على الزوجين أو أحدهما في الحالات التالية :
- التقاء الختانين : لقوله صلى الله عليه وسلم : " إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ ( وفي رواية : مسّ الختان الختان ) فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْل . " رواه أحمد ومسلم رقم 526 وهذا الغسل واجب أنزل أو لم يُنزل . ومسّ الختان الختان هو إيلاج حشفة الذّكر في الفرج وليس مجرّد الملاصقة .
- خروج المني و لو لم يلتق الختانان : لقوله صلى الله عليه وسلم : " إنما الماء من الماء " رواه مسلم رقم 1/269 .
قال البغوي في شرح السنة (2/9) : ( غسل الجنابة وجوبه بأحد الأمرين : أما بإدخال الحشفة في الفرج أو خروج الماء الدافق من الرجل أو المرأة ) . و لمعرفة صفة الغسل الشرعية انظر السؤال رقم ( 415 ) .
ويجوز للزوجين الاغتسال معا في مكان واحد ولو رأى منها ورأت منه ، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحد تختلف أيدينا فيه فيبادرني حتى أقول : دع لي ، دع لي قالت : وهما جنبان . رواه البخاري ومسلم .
8 - يجوز لمن وجب عليه الغسل أن ينام ويؤخر الغسل إلى قبل وقت الصلاة ، لكن يستحب له أن يتوضأ قبل نومه استحبابا مؤكدا لحديث عمر أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم : أينام أحدنا وهو جنب ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ( نعم ، ويتوضأ إن شاء ) رواه ابن حبان 232 .
9 - ويحرم إتيان الحائض حال حيضها لقول الله عز وجل : ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) ، وعلى من أتى زوجته وهي حائض أن يتصدق بدينار أو نصف دينار كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أجاب السائل الذي أتاه فسأله عن ذلك . أخرجه أصحاب السنن وصححه الألباني آداب الزفاف ص122. لكن يجوز له أن يتمتع من الحائض بما دون الفرج لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر إحدانا إذا كانت حائضا أن تتزر ثم يضاجعها زوجها ) متفق عليه.
10 - يجوز للزوج العزل إذا لم يرد الولد ويجوز له كذلك استخدام الواقي ، إذا أذنت الزوجة لأنّ لها حقّا في الاستمتاع وفي الولد ، ودليل ذلك حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال : كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا . رواه البخاري 9/250 ومسلم 4/160 .
ولكن الأولى ترك ذلك كله لأمور منها : أن فيه تفويتا للذة المرأة أو إنقاصا لها . ومنها أن فيه تفويت بعض مقاصد النكاح وهو تكثير النسل والولد كما ذكرنا سابقا .
11 - يحرم على كل من الزوجين أن ينشر الأسرار المتعلقة بما يجري بينهما من أمور المعاشرة الزوجية ، بل هو من شر الأمور ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها ) رواه مسلم 4/157 . وعن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود ، فقال : ( لعل رجلا يقول ما يفعل بأهله ، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها ؟! ) فأرّم القوم - أي سكتوا ولم يجيبوا - ، فقلت : إي والله يا رسول الله ! إنهن ليفعلن ، وإنهم ليفعلون . قال : ( فلا تفعلوا ، فإنما ذلك مثل شيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون ) رواه أبوداود برقم 1/339 ، وصححه الألباني في آداب الزفاف ص143 .
هذا ما تيسر ذكره من جملة من آداب الجماع ، فالحمد لله الذي هدانا لهذا الدين العظيم ذي الآداب العالية والحمد لله الذي دلّنا على خير الدنيا والآخرة . وصلى الله على نبينا محمد . .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــ(39/497)
الفرق بين الاحتلام والنظر إلى النساء
سؤال:
الاحتلام يزيد الشهوة ؛ فما الفرق بين الاحتلام وبين النظر إلى النساء الأجانب من خلال التلفاز ؟.
الجواب:
الحمد لله
المقارنة بين هذين الأمرين باطلة من أصلها ، وما بُني على شيء باطل كان باطلاً .
وبطلان ذلك لأمور :
أولا :
أن الاحتلام وهو : عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء ومن ذلك ما يرى الرجل من صورة الجماع وتمثيله وتخيل العملية الجنسية في المنام . وهذا أمر طبيعي ، ويراه كل من الرجل والمرأة ، وهذا لا حرج فيه ولا إثم على المرء فيه ، وقد جاء في حديث أُم سُلَيْمٍ حَدَّثَتْ أَنَّهَا سَأَلَتْ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَتْ ذَلِكِ الْمَرْأَةُ فَلْتَغْتَسِلْ ) رواه مسلم ( الحيض/469 ) .
ثانيا : أن الاحتلام لا كسب للمرء ولا قدرة له على منعه ، وإنما هو إخراج لفضلات الجسم التي تضرُّ الجسم لو بقيت فيه ، ولذلك أحياناً يرى في منامه شيئاً ، وقد لا يرى شيئاً . لذلك لم يكن محرَّماً ، قال تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) البقرة/286 .
واما الاستمناء فإنه محرم لأنه يحصل بقصد المرء وإرادته ، ويراجع جواب سؤال (329) .
ومثله النظر إلى النساء فإنه حاصل باختيار الإنسان وقصده وتعمُّده فلهذا مُنع منه .
ولما كانت نظرة الفجأة لا قدرة للعبد في منعها لم يؤاخذ المرء عليها إذا لم يقصد ، وإنما كان الإثم على الاسترسال فيها ، فقد جاء في الحديث : ( عَلِيُّ لا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخرة ) رواه الترمذي ( الأدب/2701 ) وحسّنه الألباني في صحيح الترمذي برقم (2229) ومعنى لك الأولى : ( أي إذا كانت من غير قصد ) وليست لك الآخرة ( لأنها باختيارك فتكون عليك ) .
ثالثا : أن الله عز وجل قد أمر المؤمنين بغض البصر فقال تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) النور/30 وأمر بذلك رسوله عليه الصلاة والسلام فعَنْ جَرِيرٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظْرَةِ الْفَجْأَةِ فَقَالَ : ( اصْرِفْ بَصَرَكَ ) رواه أبو داود ( النكاح/1836 ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (1880) . ولذلك يجب امتثال أمر الله ورسوله قال تعالى : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النور/63
ومما ينبغي أن يعلمه العبد ويعتقده أنّ الله عز وجل لم يُكلِّف العباد بما يشقُّ عليهم ويُعنِتَهم ( أي يضيِّق عليهم ويحرجهم ) فهو جل وعلا لا يأمر بأمر مستحيل ، ومن ذلك الأمر بغض البصر . فإنه بوسع المكلَّف أن يمتثل هذا الأمر .
ولكن لما كان طريق الجنة محفوفاً بالمكاره , وطريق النار محفوفاً بالشهوات جعل الله في ذلك ابتلاءً واختباراً لعباده ، فمن امتثل أمر الله عز وجل وابتعد عن نهيه كانت له العاقبة والآخرة الحسنة . والعكس بالعكس .
رابعاً :
أن الله عز وجل أمر بغض البصر وحرّم النظر إلى النساء لما يترتَّب على ذلك من المفاسد العظيمة فالنظر بريد الزنا والعياذ بالله . ولذلك جاء في الحديث عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ ) رواه البخاري ( القدر/6122 ) ، فإذا غض المرء بصره عما حرَّم الله فما الذي يدعوه إلى الفاحشة !! . والواجب على المسلم أن يبتعد عن كل طريق إلى الفاحشة من نظر إلى النساء أو التفكير والتأمل الذي يأجِّج الشهوة ويزيدها . ومن يفعل ذلك فإنما يزيد نفسه همَّاًً وغمّاً وحُرقة ولا فائدة .
فإنك إن أرسلت طرفك رائداً لقلبك يوماً أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر
وقال الشاعر :
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فَتْكَ السِّهام بلا قوس ولا وَتَر
وقيل : الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده .
نسأل الله الهداية للجميع . والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــ(39/498)
متى تصح التورية ؟ وما هي الضرورة فيها ؟
سؤال:
متى تصح التورية ؟ وإذا كانت للضرورة فقط فما المعتبر في الضرورة ؟.
الجواب:
الحمد لله
التورية لغةً هي : إخفاء الشيء .
قال الله عَزَّ و جَلَّ : { فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ } المائدة / 31 .
و قال عَزَّ من قائل : { يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } الأعراف / 26 .
وأما معناها الاصطلاحي فهو أن يقول القائل كلاماً يظهر منه معنى يفهمه السامع ولكن القائل يريد معنى آخر يحتمله الكلام ، كأن يقول له ليس معي درهم في جيبي فيُفهم منه أنّه ليس معه أي مال أبداً ، ويكون مراده أنه لا يملك درهماً لكن يملك ديناراً مثلاً ، ويسمى هذا الكلام تعريضاً أو تورية .
وتُعد التورية من الحلول الشرعية لتَجَنُّب حالات الحرج التي قد يقع الإنسان فيها عندما يسأله أحدٌ عن أمرٍ وهو لا يريد إخباره بالواقع من جهة ، ولا يريد أن يكذب عليه من جهة أخرى .
وتصح التورية من القائل إذا دعت الحاجة أو المصلحة الشرعية لها ، ولا ينبغي أن يكثر منها بحيث تكون ديدناً له ، ولا أن يستعملها لأخذ باطل أو دفع حق .
قال النووي :
قال العلماء : فإن دعَت إلى ذلك مصلحة شرعيَّة راجحة على خداع المخاطب ، أو دعت إليه حاجة لا مندوحة عنها إلا بالكذب : فلا بأس بالتعريض ، فإن لم تدع إليه مصلحة ولا حاجة : فهو مكروه وليس بحرام ، فإن توصل به إلى أخذ باطل أو دفع حق فيصير حينئذ حراماً ، وهذا ضابط الباب .
" الأذكار " ( ص 380 ) .
وذهب بعض العلماء إلى تحريم التعريض لغير حاجة أو مصلحة ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله . انظر الاختيارات ص 563 .
وهناك حالات أرشد النبي صلى الله عليه وسلم فيها إلى استخدام التورية ، فعلى سبيل المثال :
إذا أحدث الرجل في صلاة الجماعة فماذا يفعل في هذا الموقف المحرج ؟ .
الجواب : عليه أن يأخذ بأنفه فيضع يده عليه ثم يخرج .
والدليل : عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أحدث أحدكم في صلاته فليأخذ بأنفه ثم لينصرف " - سنن أبي داود ( 1114 ) ، وهو في " صحيح سنن أبي داود " ( 985 ) .
قال الطيبي : أمر بالأخذ ليخيل أنه مرعوف ( والرعاف هو النزيف من الأنف ) ، وليس هذا من الكذب ، بل من المعاريض بالفعل ، ورُخِّص له في ذلك لئلا يسوِّل له الشيطان عدم المضي استحياء من الناس ا.هـ " مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " ( 3 / 18 ) .
وهذا من التورية الجائزة والإيهام المحمود رفعاً للحرج عنه ، فيظن من يراه خارجاً بأنه أصيب برعاف في أنفه ...
وكذلك إذا واجه المرء المسلم ظروفاً صعبة محرجة يحتاج فيها أن يتكلم بخلاف الحقيقة لينقذ نفسه ، أو ينقذ معصوماً ، أو يخرج من حرج عظيم ، أو يتخلص من موقف عصيب .
فهناك طريقة شرعية ومخرجٌ مباح يستطيع أن يستخدمه عند الحاجة ألا وهو " التورية " أو " المعاريض " ، وقد بوَّب البخاري - رحمه الله - في صحيحه " باب المعاريض مندوحة عن الكذب " - صحيح البخاري ، كتاب الأدب ، باب ( 116 ) - .
وفيما يلي التوضيح بأمثلة من المعاريض التي استخدمها السلف والأئمة أوردها العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه " إغاثة اللهفان " :
ذُكر عن حماد رحمه الله أنه إذا أتاه من لا يريد الجلوس معه قال متوجعاً : ضرسي ، ضرسي ، فيتركه الثقيل الذي ليس بصحبته خير .
وأحضر سفيان الثوري إلى مجلس الخليفة المهدي فاستحسنه ، فأراد الخروج فقال الخليفة لا بد أن تجلس فحلف الثوري على أنه يعود فخرج وترك نعله عند الباب ، وبعد قليل عاد فأخذ نعله وانصرف فسأل عنه الخليفة فقيل له إنه حلف أن يعود فعاد وأخذ نعله .
وكان الإمام أحمد في داره ومعه بعض طلابه منهم المروذي فأتى سائل من خارج الدار يسأل عن المروذي والإمام أحمد يكره خروجه فقال الإمام أحمد : ليس المروذي هنا وما يصنع المروذي ها هنا وهو يضع إصبعه في كفه ويتحدث لأن السائل لا يراه .
ومن أمثلة التورية أيضاً :
لو سألك شخص هل رأيت فلاناً وأنت تخشى لو أخبرته أن يبطش به فتقول ما رأيته وأنت تقصد أنك لم تقطع رئته وهذا صحيح في اللغة العربية أو تنفي رؤيته وتقصد بقلبك زماناً أو مكاناً معيناً لم تره فيه ، وكذلك لو استحلفك أن لا تكلم فلاناً : فقلت : والله لن أكلمه ، وأنت تعني أي لا أجرحه لأن الكلم يأتي في اللغة بمعنى الجرح . وكذلك لو أرغم شخص على الكفر وقيل له اكفر بالله ، فيجوز أن يقول كفرت باللاهي . يعني اللاعب . إغاثة اللهفان : ابن القيم 1/381 وما بعدها 2/106-107 ، وانظر بحثاً في المعاريض في الآداب الشرعية لابن مفلح 1/14 . هذا مع التنبيه هنا أن لا يستخدم المسلم التورية إلا في حالات الحرج البالغ وذلك لأمور منها :
1- أن الإكثار منها يؤدي إلى الوقوع في الكذب .
2- فقدان الإخوان الثقة بكلام بعضهم بعضاً لأن الواحد منهم سيشك في كلام أخيه هل هو على ظاهره أم لا ؟ .
3- أن المستمع إذا اطلع على حقيقة الأمر المخالف لظاهر كلام الموري ولم يدرك تورية المتكلم يكون الموري عنده كذاباً وهذا مخالف لاستبراء العرض المأمور به شرعاً .
4- أنه سبيل لدخول العجب في نفس صاحب التورية لإحساسه بقدرته على استغفال الآخرين .
انتهى من كتاب " ماذا تفعل في الحالات الآتية ؟ " .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــ(39/499)
الاستمتاع بالدبر
سؤال:
يطلب مني زوجي أثناء فترة الحيض أن يحك رأس عضوه التناسلي المنتصب على حلقة دبري من أجل الاستمتاع حتى القذف ، فهل هذا جائز شرعا ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ وَطْءِ الْحَائِضِ فِي الْفَرَجِ لقوله تعالى : ( فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) البقرة/222 ، وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ( اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلا النِّكَاحَ – يعني : الجماع-) رواه مسلم (455) ، وَحَكَى النَّوَوِيُّ الإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ .
ثانيا :
إتيان المرأة في دبرها حرام ؛ لقوله سبحانه وتعالى : ( فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّه ) البقرة/222، يعني : في القبل ، وهو موضع الحرث ، ويؤيده قوله سبحانه : ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُم ) البقرة/223، والدبر ليس موضعاً للحرث .
وقد جاءت أحاديث تدل على تحريم إتيان المرأة في دبرها ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ملعون من أتى امرأته في دبرها ) رواه أحمد وأبو داود (2162) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وانظر السؤال رقم (1103) .
ثالثاً :
ذكر العلماء أنه يجوز أن يستمتع بما بين فخذي المرأة ، وبين الأليتين ، من غير إيلاج في دبر .
قال الإمام الشافعي في "الأم" (8/257) :
" فأما التلذذ بغير إيلاج بين الأليتين فلا بأس " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (7/226) :
" ولا بأس بالتلذذ بها بين الأليتين من غير إيلاج ; لأن السنة إنما وردت بتحريم الدبر , فهو مخصوص بذلك , ولأنه حرم لأجل الأذى , وذلك مخصوص بالدبر , فاختص التحريم به " انتهى .
وقال في "روض الطالب" :
" ما يملكه الزوج من الاستمتاع من زوجته :
ويملك الاستمتاع منها بما سوى حلقة دبرها ، ولو فيما بين الأليتين ، أما الاستمتاع بحلقة دبرها فحرام بالوطء خاصة ، لخبر : ( إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن ) رواه الشافعي وصححه " انتهى .
قال في شرحه "أسنى المطالب" (3/185) :
" قوله : (أما الاستمتاع بحلقة دبرها . . . إلخ) كأن أولج فيه بعض الحشفة " انتهى .
الحشفة هي رأس الذكر .
وعليه ، فلا حرج من الاستمتاع المسئول عنه ، بشرط أن يأمن من إدخال الحشفة أو بعضها في الدبر ، فإنه حرام .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــ(39/500)
أحكام الحيض
سؤال:
ما هي الأحكام المترتبة على وجود الحيض للمرأة ؟.
الجواب:
الحمد لله
" للحيض أحكام كثيرة تزيد على العشرين ، نذكر منها ما نراه كثير الحاجة ، فمن ذلك :
الأول : الصلاة :
فيحرم على الحائض الصلاة فرضها ونفلها ولا تصح منها ، وكذلك لا تجب عليها الصلاة إلا أن تدرك من وقتها مقدار ركعة كاملة ، فتجب عليها الصلاة حينئذ ، سواء أدركت ذلك من أول الوقت أم من آخره .
مثال ذلك من أوله : امرأة حاضت بعد غروب الشمس بمقدار ركعة فيجب عليها إذا طهرت قضاء صلاة المغرب لأنها أدركت من وقتها قدر ركعة قبل أن تحيض .
ومثال ذلك من آخره : امرأة طهرت من الحيض قبل طلوع الشمس بمقدار ركعة فيجب عليها إذا تطهرت قضاء صلاة الفجر ، لأنها أدركت من وقتها جزءاً يتسع لركعة .
أما إذا أدركت الحائض من الوقت جزءاً لا يتسع لركعة كاملة ، مثل أن تحيض في المثال الأول بعد الغروب بلحظة أو تطهر في المثال الثاني قبل طلوع الشمس بلحظة ، فإن الصلاة لا تجب عليها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ) متفق عليه ، فإن مفهومه أن من أدرك ركعة لم يكن مدركاً للصلاة .
* وأما الذكر والتكبير والتسبيح والتحميد ، والتسمية على الأكل وغيره ، وقراءة الحديث والفقه والدعاء والتأمين عليه واستماع القرآن فلا يحرم عليها شيء من ذلك ، فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتكيء في حجر عائشة رضي الله عنها وهي حائض فيقرأ القرآن .
وفي الصحيحين أيضاً عن أم عطية رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( يخرج العواتق وذوات الخدور والحيض ـ يعني إلى صلاة العيدين ـ وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين ويعتزل الحيض المصلى ) .
فأما قراءة الحائض القرآن الكريم بنفسها ، فإن كان نظراً بالعين أو تأملاً بالقلب بدون نطق باللسان فلا بأس بذلك ، مثل أن يوضع المصحف أو اللوح فتنظر إلى الآيات وتقرأها بقلبها ، قال النووي في "شرح المهذب" : جائز بلا خلاف .
وأما إن كانت قراءتها نطقاً باللسان فجمهور العلماء على أنه ممنوع وغير جائز .
وقال البخاري وابن جرير الطبري وابن المنذر : هو جائز ، وحكي عن مالك وعن الشافعي في القول القديم حكاه عنهما في "فتح الباري" وذكر البخاري تعليقاً عن إبراهيم النخعي : لا بأس أن تقرأ الآية .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى" : " ليس في منعها من القرآن سنة أصلاً ، فإن قوله : ( لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن ) حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث . وقد كان النساء يحضن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فلو كانت القراءة محرمة عليهن كالصلاة ، لكان هذا مما بينه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وتعلمه أمهات المؤمنين وكان ذلك مما ينقلونه في الناس ، فلما لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك نهياً لم يجز أن تجعل حراماً ، مع العلم أنه لم ينه عن ذلك ، وإذا لم ينه عنه مع كثرة الحيض في زمنه علم أنه ليس بمحرم " انتهى .
* والذي ينبغي بعد أن عرفنا نزاع أهل العلم أن يقال : الأولى للحائض ألا تقرأ القرآن الكريم نطقاً باللسان إلا عند الحاجة لذلك ، مثل أن تكون معلمة فتحتاج إلى تلقين المتعلمات ، أو في حال الاختبار فتحتاج المتعلمة إلى القراءة لاختبارها أو نحو ذلك .
الحكم الثاني : الصيام :
فيحرم على الحائض الصيام فرضه ونفله ، ولا يصح منها لكن يجب عليها قضاء الفرض منه لحديث عائشة رضي الله عنها : ( كان يصيبنا ذلك ـ تعني الحيض ـ فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ) متفق عليه .
وإذا حاضت وهي صائمة بطل صيامها ولو كان ذلك قبيل الغروب بلحظة ، ووجب عليها قضاء ذلك اليوم إن كان فرضاً .
أما إذا أحست بانتقال الحيض قبل الغروب لكن لم يخرج إلا بعد الغروب فإن صومها تام ولا يبطل على القول الصحيح ، لأن الدم في باطن الجوف لا حكم له ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سُئل عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل هل عليها من غسل ؟ قال : ( نعم إذا هي رأت الماء ) . فعلق الحكم برؤية المني لا بانتقاله ، فكذلك الحيض لا تثبت أحكامه إلا برؤيته خارجاً لا بانتقاله .
وإذا طلع الفجر وهي حائض لم يصح منها صيام ذلك اليوم ولو طهرت بعد الفجر بلحظة .
وإذا طهرت قبيل الفجر فصامت صح صومها ،وإن لم تغتسل إلا بعد الفجر ، كالجنب إذا نوى الصيام وهو جنب ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر فإن صومه صحيح ، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من جماع غير احتلام ثم يصوم في رمضان ) متفق عليه .
الحكم الثالث : الطواف بالبيت :
فيحرم عليها الطواف بالبيت ، فرضه ونفله ، ولا يصح منها لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت : ( افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري ) .
وأما بقية الأفعال كالسعي بين الصفا والمروة ، والوقوف بعرفة ، والمبيت بمزدلفة ومنى ، ورمي الجمار وغيرها من مناسك الحج والعمرة فليست حراماً عليها ، وعلى هذا فلو طافت الأنثى وهي طاهر ثم خرج الحيض بعد الطواف مباشرة ، أو في أثناء السعي فلا حرج في ذلك .
الحكم الرابع : سقوط طواف الوداع عنها :
فإذا أكملت الأنثى مناسك الحج والعمرة ، ثم حاضت قبل الخروج إلى بلدها واستمر بها الحيض إلى خروجها ، فإنها تخرج بلا وداع ، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض ) متفق عليه .
وأما طواف الحج والعمرة فلا يسقط عنها بل تطوف إذا طهرت .
الحكم الخامس : المكث في المسجد :
فيحرم على الحائض أن تمكث في المسجد حتى مصلى العيد يحرم عليها أن تمكث فيه ، لحديث أم عطية رضي الله عنها : أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( يخرج العواتق وذوات الخدور والحيض ) وفيه : ( يعتزل الحيض المصلى ) متفق عليه .
الحكم السادس : الجماع :
فيحرم على زوجها أن يجامعها ، ويحرم عليها تمكينه من ذلك , لقوله تعالى : ( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) .
والمراد بالمحيض زمان الحيض ومكانه وهو الفرج .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح ) يعني الجماع . رواه مسلم .
ولأن المسلمين أجمعوا على تحريم وطء الحائض في فرجها .
وقد أبيح له ولله الحمد ما يكسر به شهوته دون الجماع ، كالتقبيل والضم والمباشرة فيما دون الفرج ، لكن الأولى ألا يباشر فيما بين السرة والركبة إلا من وراء حائل ، لقول عائشة رضي الله عنها : كان النبي صلى الله عليه وسلم ، يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض . متفق عليه .
الحكم السابع : الطلاق :
فيحرم على الزوج طلاق الحائض حال حيضها ، لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) ، أي : في حال يستقبلن به عدة معلومة حين الطلاق ، ولا يكون ذلك إلا إذا طلقها حاملاً أو طاهراً من غير جماع ، لأنها إذا طلقت حال الحيض لم تستقبل العدة حيث إن الحيضة التي طلقت فيها لا تحسب من العدة ، وإذا طلقت طاهراً بعد الجماع لم تكن العدة التي تستقبلها معلومة حيث إنه لا يعلم هل حملت من هذا الجماع ،فتعتد بالحمل ،أو لم تحمل فتعتد بالحيض ، فلما لم يحصل اليقين من نوع العدة حرم عليه الطلاق حتى يتبين الأمر .
فطلاق الحائض حال حيضها حرام للآية السابقة ، ولما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فأخبر عمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ( مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء ) .
فلو طلق الرجل امرأته وهي حائض فهو آثم ، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى ، وأن يرد المرأة إلى عصمته ليطلقها طلاقاً شرعياً موافقاً لأمر الله ورسوله ، فيتركها بعد ردها حتى تطهر من الحيضة التي طلقها فيها ، ثم تحيض مرة أخرى ، ثم إذا طهرت فإن شاء أبقاها وإن شاء طلقها قبل أن يجامعها .
ويستثنى من تحريم الطلاق في الحيض ثلاث مسائل :
الأولى : إذا كان الطلاق قبل أن يخلو بها ، أو يمسها فلا بأس أن يطلقها وهي حائض ، لأنه لا عدة عليها حينئذ ، فلا يكون طلاقها مخالفاً لقوله تعالى : ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) .
الثانية : إذا كان الحيض في حال الحمل .
الثانية : إذا كان الطلاق على عوض ، فإنه لا بأس أن يطلقها وهي حائض .
وأما عقد النكاح على المرأة وهي حائض فلا بأس به لأن الأصل الحل ، ولا دليل على المنع منه ، لكن إدخال الزوج عليها وهي حائض ينظر فيه فإن كان يؤمن من أن يطأها فلا بأس ، وإلا فلا يدخل عليها حتى تطهر خوفاً من الوقوع في الممنوع .
الحكم الثامن : اعتبار عدة الطلاق به ـ أي الحيض ـ
فإذا طلق الرجل زوجته بعد أن مسها أو خلا بها وجب عليها أن تعتد بثلاث حيض كاملة ، إن كانت من ذوات الحيض ، ولم تكن حاملاً لقوله تعالى : ( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) . أي : ثلاث حيض . فإن كانت حاملاً فعدتها إلى وضع الحمل كله ، سواء طالت المدة أو قصرت لقوله تعالى : ( وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) . وإن كانت من غير ذوات الحيض لكبر أو عملية استأصلت رحمها أو غير ذلك مما لا ترجو معه رجوع الحيض ، فعدتها ثلاثة أشهر لقوله تعالى : ( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ) . وإن كانت من ذوات الحيض لكن ارتفع حيضها لسبب معلوم كالمرض والرضاع فإنها تبقى في العدة وإن طالت المدة حتى يعود الحيض فتعتد به ، فإن زال السبب ولم يعد الحيض بأن برئت من المرض أو انتهت من الرضاع وبقي الحيض مرتفعاً فإنها تعتد بسنة كاملة من زوال السبب ، هذا هو القول الصحيح ، الذي ينطبق على القواعد الشرعية ، فإنه إذا زال السبب ولم يعد الحيض صارت كمن ارتفع حيضها لغير سبب معلوم وإذا ارتفع حيضها لغير سبب معلوم ، فإنها تعتد بسنة كاملة تسعة أشهر للحمل احتياطاً غالب الحمل ، وثلاثة أشهر للعدة .
* أما إذا كان الطلاق بعد العقد وقبل المسيس والخلوة ، فليس فيه عدة إطلاقاً ، لا بحيض ولا غيره لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ) .
الحكم التاسع : الحكم ببراءة الرحم :
أي بخلوه من الحمل ، وهذا يحتاج إليه كلما احتيج إلى الحكم ببراءة الرحم وله مسائل :
منها : إذا مات شخص عن امرأة يرثه حملها ، وهي ذات زوج ، فإن زوجها لا يطأها حتى تحيض ، أو يتبين حملها ، فإن تبين حملها ، حكمنا بإرثه ، لحكمنا بوجوده حين موت مورثه ، وإن حاضت حكمنا بعدم إرثه لحكمنا ببراءة الرحم بالحيض .
الحكم العاشر : وجوب الغسل :
فيجب على الحائض إذا طهرت أن تغتسل بتطهير جميع البدن ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش : ( فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي ) رواه البخاري .
* وأقل واجب في الغسل أن تعم به جميع بدنها حتى ما تحت الشعر ، والأفضل أن يكون على صفة ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث سألته أسماء بنت شكل عن غسل المحيض فقال صلى الله عليه وسلم : ( تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور ، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً ، حتى تبلغ شئون رأسها ، ثم تصب عليها الماء ، ثم تأخذ فرصة ممسكة ـ أي قطعة قماش فيها مسك فتطهر بها ـ فقالت أسماء : كيف تطهر بها ؟ فقال : سبحان الله ! فقالت عائشة لها : تتبعين أثر الدم ) رواه مسلم .
* ولا يجب نقض شعر الرأس ، إلا أن يكون مشدوداً بقوة بحيث يخشى ألا يصل الماء إلى أصوله ، لما في صحيح مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني امرأة أشد شعر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة ؟ وفي رواية للحيضة والجنابة ؟ فقال : ( لا , إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين ) .
وإذا طهرت الحائض في أثناء وقت الصلاة وجب عليها أن تبادر بالاغتسال لتدرك أداء الصلاة في وقتها ، فإن كانت في سفر وليس عندها ماء أو كان عندها ماء ولكن تخاف الضرر باستعماله، أو كانت مريضة يضرها الماء فإنها تتيمم بدلاً عن الاغتسال حتى يزول المانع ثم تغتسل .
وإن بعض النساء تطهر في أثناء وقت الصلاة ، وتؤخر الاغتسال إلى وقت آخر تقول : إنه لا يمكنها كمال التطهر في هذا الوقت ، ولكن هذا ليس بحجة ولا عذر لأنها يمكنها أن تقتصر على أقل الواجب في الغسل ، وتؤدي الصلاة في وقتها ، ثم إذا حصل لها وقت سعة تطهرت التطهر الكامل " انتهى .
فهذه أهم الأحكام التي تترتب على وجود الحيض من المرأة .
"رسالة في الدماء الطبيعية للنساء" للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــ(40/1)
تقبيل يد الزوجة أمام الناس في الشارع
سؤال:
السؤال :
هل يجوز لي أن أمسك يد زوجتي عندما أكون في الشارع ؟ ماذا عن تقبيل يدها كعلامة عن حبي لها (حتى لو كانت تلبس نقاباً وقفازاً ) ؟
أظن أنه في بلاد العرب لا يفعل هذا أحد ، وأريد أن أعرف هل هذا عرف وتقليد أم هناك دليل صحيح على هذا ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
هذا من خوارم المروءة ، ومن التبذّل والإسفاف إظهار هذا أمام الناس لأنّ ما تفعله هو نوع من مباشرة الزوجة على الملأ فابتعد عن ذلك ، ويُمكن أن تُظهر لها المحبّة بغير هذه الطّريقة وإذا خلوتما فافعل ما شئت بالمعروف ، وفّقنا الله وإياك لكل خير .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــ(40/2)
حكم تقبيل أم الزوجة
سؤال:
ما هو حكم السلام وتقبيل أم الزوجة من خديها وعنقها في الشرع مع ذكر الأدلة على ذلك من القرأن و السنة ؟.
الجواب:
الحمد لله
" أما كشف وجهها له فجائز بلا خلاف . وأما تقبيلها فلا يجوز أن يقبلها مع فمها لما فيه من محذور ثوران الشهوة ، وإن قبّل رأسها أو جبهتها احتراماً لها عند مناسبة قدوم من سفر ونحوه مع أمن ثوران الشهوة فلا بأس . والله أعلم .
فتوى الشيخ محمد بن إبراهيم .
من كتاب فتاوى المرأة المسلمة ج/2 ص/721
ـــــــــــــــ(40/3)
حكم تقبيل الزوجة أمام الأولاد
سؤال:
إلى أي حد يمكن أن يتصرف الزوجان بعاطفة أمام الأولاد ؟ هل يجوز الضم أو التقبيل أو مسك اليدين أمام الأولاد ؟.
الجواب:
الحمد لله
الحكم الشرعي في هذه المسألة يتبع التفصيل التالي :
أولاً : إذا كان هذا الضم و التقبيل من جنس ما يكون بين الزوجين في خلوتهما فلا يجوز عمله أمام الأولاد صغاراً أو كباراً ، قال الله تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) ) النور .
يقول ابن كثير : فيؤمر الخدم والأطفال ألا يهجموا على أهل البيت في هذه الأحوال لما يخشى من أن يكون الرجل على أهله أو نحو ذلك من الأعمال .اهـ (3/401) .
فإذا وجب الاستئذان على الأولاد لئلا يروا شيئاً مما يكون بين الزوجين ، فكيف بتعمد إظهار ذلك ؟ وانظر إلى الأدب الذي كان عليه بيت النبوة وغاية ما ينقله الصحابة رضي الله عنهم
عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك :
فعن كريب مولى عبد الله بن عباس أن عبد الله بن عباس أخبره أنه بات عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي خالته قال : فاضطجعت في عرض الوسادة ، واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها ، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل ، ثم استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح النوم عن وجهه بيديه ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران.. الحديث رواه البخاري (4571) ومسلم (763) .
قال النووي رحمه الله : وفيه دليل على جواز نوم الرجل مع امرأته من غير مواقعة بحضرة بعض محارمها وان كان مميزا ، قال القاضي: وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث قال ابن عباس بت عند خالتي في ليلة كانت فيها حائضا ، قال وهذه الكلمة وإن لم تصح طريقا فهي حسنة المعنى جدا إذ لم يكن ابن عباس يطلب المبيت في ليلة للنبي صلى الله عليه وسلم فيها حاجة إلى أهله ، ولا يرسله أبوه إلا إذا علم عدم حاجته إلى أهله ، لأنه معلوم أنه لا يفعل حاجته مع حضرة بن عباس معهما في الوسادة ، مع أنه كان مراقبا لأفعال النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه لم ينم أو نام قليلا جدا .اهـ شرح مسلم 6/46 .
كما أن إظهار ذلك يعد من خوارم المروءة .
يقول الماوردي : المروءة مراعاة الأحوال إلى أن تكون على أفضلها حتى لا يظهر منها قبيح عن قصد ولا يتوجه إليها ذم باستحقاق .اهـ (أدب الدنيا والدين /392) .
وما في هذه الممارسة من المفاسد التربوية كاف في منعه ، فإن الأولاد فطروا على حب تقليد الوالدين ومحاكاتهم في جميع أمورهم ، فيخشى أن يحاول أحدهم فعل ذلك عن غفلة وعدم وعي لما يقوم به وكفى بذلك مفسدة ، ثم لا يؤمن على الأولاد الصغار أن يتحدثوا بما يرونه أمام الناس ولا يخفى ما في ذلك من الحرج و ذهاب الغيرة .
ثانياً : أما إذا كانت العاطفة التي يظهرها الزوجان أمام الأولاد من جنس ما يظهر عادة من مودة ورحمة ورعاية والتي تملؤ البيت سكوناً واحتراماً وسعادة وخاصة ما يكون في المناسبات كالأعياد وغيرها ، فذلك جائز.
ولإظهار ذلك أثر في راحة الأولاد النفسية حين يطمئنوا إلى ما عليه أسرتهم من التفاهم والتوافق ، فلا بأس بإظهار تلك العاطفة لكن بالقدر الذي يحقق الغرض ، ولا يحصل منه أدنى محظور .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــ(40/4)
حكم تقبيل الزوجة في الطريق أمام الناس
سؤال:
تزوجت مؤخراً وأظن أني وقعت في الزنا مع زوجتي ، وإليك التفاصيل : فقد كنا نركب سيارة أختي ثم أوقفنا السيارة في مكان هادئ وتبادلنا القبَل كثيراً ، كثيراً جدّاً ، وقد مر رجل بقربنا وشاهدنا في تلك الحالة ، لكننا لم نمتنع ، وأنا أشعر أني اقترفت الزنا علناً ، هل علينا كفارة ؟ وهل يجب أن نعترف لوالدينا ؟
وأنا وزوجتي نتجادل حول الأمر وهي تلومني على اهتمامي ( كثيراً ) بالمسألة ، أنا أرى أنها مسلمة غير صالحة ؛ لأنها لا تخاف الله ، فهي التي جعلتني أوقف السيارة وأقبلها ، وأنا أكرهها لذلك .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
أخي السائل ؛ اعلم أنك لن تستطيع أن تعيش عمرك من غير ذنوب وخطايا ، فهذه طبيعة البشر ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل بني آدم خطَّاء وخير الخطائين التوابون ) رواه الترمذي ( 2499 ) وابن ماجه ( 4251 ) وحسنه الشيخ الألباني في " صحيح الترمذي " ، وهذا الحديث يدل بوضوح أن الإنسان لا بد له أن يذنب ويقع منه الذنب ، ولكن المهم بعد الذنب ما موقفه من ذنبه ؟ فالمؤمن يتوب إلى الله من كل ذنوبه فيقلع عنها ويستغفر الله كلما وقعت منه المعصية ويندم على فعلها ويعزم عزيمة صادقة على عدم الرجوع إليها ، فإن فعلت ذلك فاعلم أن الله غفور رحيم يغفر الذنوب جميعها للمؤمن الصالح الذي يتوب التوبة الصادقة ويعترف بالذنب مع الذل والانكسار لله عز وجل ، قال الله تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .
والذنب الذي اقترفته ليس هو الزنى بزوجتك ! وإنما هو تقبيلها أمام الناس ، لأنه ليس هناك زنى بالزوجة ، وإنما الزنى يكون بامرأة لا يحل للرجل مباشرتها ، أما الزوجة فمباشرتها حلال .
ولا يجوز للرجل ولا للمرأة أن يتحدثوا لأحد عما يحصل بينهم في الفراش مما لا ينبغي أن يطلع عليه غيرهما ، لما يفضي إليه ذلك من المفاسد والفتن وفتح باب الشيطان ، وهذا فيمن تحدث يصف فعله مع زوجته فكيف بمن فعل أمام الناس حتى شاهدوه ؟!
وقد أفتى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في فتاويه (10/277) بأن تقبيل الزوجة أمام الناس لا يجوز .
ثانياً :
أما عن كفارة هذه الخطيئة فلا كفارة لها إلا التوبة الصادقة والعزم الأكيد على عدم الرجوع لهذا الذنب والندم الحقيقي على ارتكابه .
وأما عن الاعتراف لوالديكم فلا حاجة إليه ، فالذنب الذي اقترفته هو بحق الله عز وجل ، فالاعتراف به يكون لله ، وبينك وبين الله ولا تخبر به أحداً ، ولكن اصدق في التوبة مع الله يغفر الله لك ، والله غفور رحيم .
وكون زوجتك هي التي أمرتك بهذا الفعل لا يدل على أنها امرأة غير صالحة أو أنها لا تخاف الله ، فأنت أيضاً وافقتها على هذا ، ولم تمتنع حتى مع رؤية رجل لكما . فينبغي أن تحمِّل نفسك أيضاً مسئولية فعلك هذا .
ونرجو الاطلاع على السؤالين ( 6103) و ( 31773 ) .
وفقكم الله لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــ(40/5)
يرى رأي ابن حزم في المباشرة فهل يجوز لزوجته مداعبته وهو صائم ؟
سؤال:
إذا كان الزوج يأخذ برأي الظاهرية وابن حزم والألباني في كون نزول المني من دون جماع لا يفطّر فهل يجوز للزوجة مداعبة زوجها في نهار رمضان حتى لو ترتب على ذلك نزول المذي أو المني منه ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يختلف حكم نزول المذي عن نزول المني ، والراجح من أقوال أهل العلم أن نزول المذي لا يبطل الصوم ، لا من الرجل ولا من المرأة ، وقد سبق ذكر أقوال أهل العلم في هذه المسألة في جواب السؤال رقم : ( 49752 ) .
ثانياً :
ينبغي أن يعلم أنه لا يحل لأحد أن يأخذ بقول فلان أو فلان من العلماء لمجرد التشهي ، أو لأن هذا القول يوافق هواه ، والواجب عند اختلاف العلماء هو ما أمر الله تعالى به في قوله : ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) النساء/59 .
فلا يحل لأحد أن يقول : أنا آخذ بقول فلان من العلماء ، ويصادم بذلك حديثا ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ولذلك قال الإمام الشافعي رحمه الله : أجمع العلماء على أن من استبانت له سنة النبي صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد اهـ . مدارج السالكين (2/335) .
فإذا ثبت الحكم بالدليل الصحيح فلا قول لأحد كائنا من كان .
والقول بأن الاستمناء ومباشرة المرأة حتى الإنزال من مفسدات الصيام هو قول جماهير العلماء ( منهم الأئمة الأربعة : أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ) واستدلوا بأنه قضاء للشهوة ، والصائم ممنوع من ذلك ، لقول الله تعالى في الحديث القدسي عن الصائم : ( يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي ) رواه البخاري (1894) .
وقد سبق بيان ذلك تفصيلا في جواب السؤال ( 71213) ، (65698) .
ونحن لا ننكر وجود خلافٍ في المسألة ، وقد رأى ابن حزم ورجحه الشيخ الألباني رحمهما الله أن إنزال المني بمباشرة الزوجة لا يفطر ، فإن كان أحدٌ يرى هذا القول عن علم ، ويتبنَّاه تديناً لا اتباعاً لهواه : فإنه لا حرج عليه في ذلك ، لأن الإنسان لا يكلف إلا بما بلغه علمه ، ولكن بشرط أن يكون إنما يرى ذلك على حسب ما ظهر له من الأدلة وأقوال العلماء ، وليس لمجرد الترخص والأخذ بالأسهل .
فلا يجوز لمسلم أن يتتبع زلات العلماء وأخطاءهم ، فإنه بذلك يجتمع فيه الشر كله ، ولهذا قال العلماء : " من تتبع ما اختلف فيه العلماء ، وأخذ بالرخص من أقاويلهم ، تزندق ، أو كاد " انتهى "إغاثة اللهفان" (1/228) .
والزندقة هي النفاق .
وانظر إجابة السؤال رقم (22652) .
فالذي ينصح به السائل أن يكتفي بما اتفق العلماء على جوازه وهو المباشرة باللمس ، والتقبيل دون الإنزال ، احتياطاً للصيام ، وإبراءً للذمة ، وخشيةً من الوقوع فيما هو محرم ومفسد للصيام بالإجماع وهو الجماع .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــ(40/6)
هل يجوز أن يمشي في الغرفة المغلقة بعد الجماع عارياً
سؤال:
لقد قرأت كلامك عن بعض الأمور الممنوعة (غير المباحة) وذكرت منها المشي عرياناً . ماذا عن المشي عارياً في غرفة النوم الخاصة والمنفصلة عن المنزل وذات الأبواب المغلقة بعد جماع الزوجة ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كان الحال كما ذُكر في السؤال فإن ذلك جائز ، لأنه يجوز لكل منهما النظر إلى الآخر بنيَّة الاستمتاع . ويراجع جواب سؤال رقم ( 3801 )
والذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم حفظ العورة إلا من الزوجة أو ملك اليمين فعن بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ قال حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ ؟
قَالَ : ( احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ) فَقَالَ : الرَّجُلُ يَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ قَالَ :( إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لا يَرَاهَا أَحَدٌ فَافْعَلْ قُلْتُ وَالرَّجُلُ يَكُونُ خَالِيًا قَالَ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ ) رواه الترمذي (الأدب/2693) وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم (2222) ، ويدل الحديث على أنه ينبغي على الإنسان الاستتار إذا كان خالياً ، والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــ(40/7)
الاستمتاع بالدبر
سؤال:
يطلب مني زوجي أثناء فترة الحيض أن يحك رأس عضوه التناسلي المنتصب على حلقة دبري من أجل الاستمتاع حتى القذف ، فهل هذا جائز شرعا ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ وَطْءِ الْحَائِضِ فِي الْفَرَجِ لقوله تعالى : ( فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) البقرة/222 ، وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ( اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلا النِّكَاحَ – يعني : الجماع-) رواه مسلم (455) ، وَحَكَى النَّوَوِيُّ الإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ .
ثانيا :
إتيان المرأة في دبرها حرام ؛ لقوله سبحانه وتعالى : ( فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّه ) البقرة/222، يعني : في القبل ، وهو موضع الحرث ، ويؤيده قوله سبحانه : ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُم ) البقرة/223، والدبر ليس موضعاً للحرث .
وقد جاءت أحاديث تدل على تحريم إتيان المرأة في دبرها ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ملعون من أتى امرأته في دبرها ) رواه أحمد وأبو داود (2162) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وانظر السؤال رقم (1103) .
ثالثاً :
ذكر العلماء أنه يجوز أن يستمتع بما بين فخذي المرأة ، وبين الأليتين ، من غير إيلاج في دبر .
قال الإمام الشافعي في "الأم" (8/257) :
" فأما التلذذ بغير إيلاج بين الأليتين فلا بأس " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (7/226) :
" ولا بأس بالتلذذ بها بين الأليتين من غير إيلاج ; لأن السنة إنما وردت بتحريم الدبر , فهو مخصوص بذلك , ولأنه حرم لأجل الأذى , وذلك مخصوص بالدبر , فاختص التحريم به " انتهى .
وقال في "روض الطالب" :
" ما يملكه الزوج من الاستمتاع من زوجته :
ويملك الاستمتاع منها بما سوى حلقة دبرها ، ولو فيما بين الأليتين ، أما الاستمتاع بحلقة دبرها فحرام بالوطء خاصة ، لخبر : ( إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن ) رواه الشافعي وصححه " انتهى .
قال في شرحه "أسنى المطالب" (3/185) :
" قوله : (أما الاستمتاع بحلقة دبرها . . . إلخ) كأن أولج فيه بعض الحشفة " انتهى .
الحشفة هي رأس الذكر .
وعليه ، فلا حرج من الاستمتاع المسئول عنه ، بشرط أن يأمن من إدخال الحشفة أو بعضها في الدبر ، فإنه حرام .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــ(40/8)
مشاهدة الأفلام الإباحية للتنشيط الجنسي ... العنوان
أشاهد مع زوجي قبل ممارسة العملية الجنسية الأفلام الجنسية لأن ذلك يحدث مزيدا من الإثارة والتشويق فما حكم ذلك؟
... السؤال
21/08/2004 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
فتحريم النظر إلى العورات وإلى النساء المتبرجات معلوم ضرورة من دين الإسلام، ومشاهدة هذه الأفلام الجنسية داخل في هذا الباب، فلا شك في حرمته، ولو كان المقصود هو الإثارة والتشويق قبل ممارسة الجماع .
يقول الدكتور سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية:-
سأجيب على سؤالك كما لو لم يكن في المسألة أي محذور شرعي. وأبدأ الجواب بسؤالٍ يكشف جوانب من الجواب: لماذا تشاهدانِ هذه الأفلام الجنسية؟!
ولا أحسبُ رضاك بمشاهدة زوجك لتلك الأفلام بحضرتك، ورضاه هو بمشاهدتك لها بحضرته، إلا وله أسبابٌ تستدعي منكما هذا الرضا، وتسوِّغ لكما هذا الاجتماع!
والذي يعنينا الآن قبل الجواب هو استقراء هذه الأسباب وتأملها بعين فاحصة ونظرة عميقة، فقد تكون تلك الأسباب في حقيقتها مشكلاتٍ تتطلب علاجاً يجتث المشكلة من جذورها، لا مُخدِّراً يزول أثره سريعاً كسرعة الاستجابة له!
وأول ما يتبادر إلى أذهاننا من هذه الأسباب المحتملة ـ عند إحسان الظن ـ هو ما قد يعانيه الزوجان في علاقتهما الجنسية من الفتور وضعف الرغبة ، وقد يكون ضعف الرغبة إنما هو في الطرف الآخر ذاته، لا في ممارسة العملية الجنسية نفسها، وهنا يهرع الزوجان إلى الاستعانة بمؤثراتٍ خارجيةٍ (خارج نطاق العلاقة الزوجية) تُهيِّج لهما الشهوة وتحرِّك فيهما الرغبة، فيجدان أحد هذه المؤثرات في مشاهدة الأفلام الجنسية!
وكما ألمحتُ قبلُ: فإنَّ هذه المشكلة (برود العلاقة الجنسية) أعمقُ بكثير من أن يكون حلها في هذا العلاج الآني ـ إن صح أن يسمى علاجاً ـ الذي قد لا تصبح له جدوى مع مرور الوقت؛ فكثرة المساس تُذهب الإحساس!
فالأجدى أن يلتمس الزوجان أسباب ذلك في طبيعة العلاقة بينهما، وفي طريقتِهما في المعاشرة.
1- فربما تكمن الأسباب في رتابة العلاقة بينهما وجفافها:
إمِّا بسبب إهمال أحدهما التجمل لصاحبه، فلا يبالي أن يظهر له بأي مظهر، ولو بالمظهر الذي يُزهِّد ولا يرغِّب.
وإمّا بسبب طبيعة تعامل الزوج مع زوجه، فبعض الأزواج يظهر أمام زوجته في بِزّته المهابة التي يظهر بها أمام الناس، فتصبح علاقته بها ـ بسبب ذلك ـ كعلاقة الرئيس مع المرؤوس، والمخدوم مع الخادم...علاقة تغلب عليها شارة العظمة ولغة الاستعلاء، تُلقي في رُوعها الشعور بمهابة الزوج، فلا تكون بين يديه حين يدعوها لحاجته إلا كما يكون المريد بين يدي شيخه، أو كالآلة التي تُطاوِع ولا تملك فعل المبادرة!.
وإما بسبب عدمِ تعاهد الزوجة لما أودع الله فيها من جمال وزينةٍ بالعناية والرعاية، وهذا في النساء كثير، فتحسب إحداهن أن حقوق الزوج لا تزيد على طهي طعامه وغسل ثيابه، لا يحق له أن يسألها حقاً غير هذا.
وإما بسبب انشغال أحدهما أو تشاغله عن صاحبه بأعماله الخاصة، بسبب ما يغلب طبيعته من الأثرة والأنانية، (وهذا في الرجال كثير)، فلا يلقى زوجته إلا وهو مشغول البال مكدود البدن.
2- وربما يكون السبب هو الجهل بطرق الإثارة ومواطنها، وبرغبات الطرف الآخر، وإهمالُ المقدمات الممهِّدات التي تُهيئ الجو المناسب، والذي يفضي بهما ـ بطبيعته ـ إلى المباشرة...تدفعهما إليها الرغبة الصادقة، وليس المجاملة الكاذبة.
وهكذا تستفحل هذه المشكلة، وتغشى البيتَ في صمت وبطء لا يشعران به، فتضفي عليه جو الرتابة والعلاقة الجافة، ثم تطول بالزوجين هذه الحياة الرتيبة، فيظنان كل الظن أن التغيير لن يتأتَّى إلا بمؤثراتٍ خارجية، وكأنهما قد جُرِّدا من مؤهلات التأثير ومهاراتِ الإغراء.
كلا! ـ أختي الفاضلة ـ إن حل المشكلة يكمن في الداخل .... داخل ذواتكما، ولستما بحاجة إلى استيراده من الخارج.
فليس من العيب إطلاقاً وليس من المحظور على المرأة أن تتعلَّم ما تحتاجه في علاقتها مع زوجها، حتى فيما يخص العلاقة الجنسية الصريحة، فهي لباس له كما هو لباس لها، بل من الأصلح أن تتعلَّم كل ما ينميِّ هذه العلاقة، ولو من خلال تعلم مهارات الإغراء والإثارة؛ فذلك أدنى أن يعينها وزوجها ـ إن شاء الله ـ على إعفاف الفرج وغضّ البصر وصيانة العرض.
وكما أن المرأة بحاجة إلى أن يتفهم الزوج طبيعتها ومشاعرها، فهو أيضاً بحاجة إلى أن تتعرف رغباتِه وحاجاتِه التي ينشدها فيها، ولذا فإن المرأة محتاجة إلى ثقافة جنسية تفتح لها آفاقاً جديدة من صور التفنن في إشباع رغبات الزوج وإشباع رغباتها كذلك، ولكن بالسبل المباحة فحسب، أما الحرام فلم يجعلِ الله فيه شفاءً.
ومن السبل المباحة في هذا الصدد: قراءةُ الكتب التي تُعنى بهذا الشأن بأسلوبها الجادّ، والتي تهدف إلى التثقيف في هذا الجانب دون إثارة الغرائز ونشر صور الرذيلة. والكتابات في هذا كثيرة، وفيها مَغنىً عن السبل المحرمة، فلا ضرورة إذاً لمشاهدة الصور أو الأفلام الجنسية مطلقاً.
وأما إهمال الزوجة للتجمّل وتقصيرُها في تبعلها لزوجها فليس قَدَرَاً مسلطاً لا فكاك لها منه، بل هو من صنيعها ونتيجة تقصيرها، ولا يرفعه إلا عزيمةٌ صادقةٌ تسوقها إلى أن تبذل غاية جهدها في إضفاء مسحة الجمال على أخلاقها وفِعالها وجسدها.
وإذا وُجِدَتْ منها هذه العزيمة الصادقة والثقافة الواسعة، فلن تني في اهتمامها في هذا الجانب: بالتطيب، والتزين، وحسن الأدب، واللين في المعاملة، والتفنن في أساليب المداعبة والمزاح، ومخاطبة زوجها بأرق الكلام وأعذبه وأهذبه.... وكل هذه كفيلة ـ ولا شك ـ بطرد السآمة والرتابة عن الحياة الزوجية، وخلقِ جو الحب والمودة الذي ينمي العلاقة ويقوي الصلة.
إن هذا الجمال الذي أودعه الله في جسد المرأة لم يُخلق عبثاً، ولكنه نعمةٌ، فعليها أن ترعاه بالعناية، وأن توظِّفه في إعفاف زوجها وترغيبه فيها، فهو المنفرد من بين سائر الناس بالاستمتاع به، وبيته هو محله، وليس محله محافل النساء.
وأما مشاهدة الأفلام الجنسية بذريعة تهييج الشهوة الكامنة وتنشيط الرغبة الفاترة، أو بذريعة تعلُّم طرق جديدة للمباشرة، فقد تجدي مشاهدتها في هذا الباب بعضَ الجدوى، وقد يجدا فيها شيئاً من الفوائد، ولكنه حتماً سيجلب عليهما، أو على الزوجة على وجه الخصوص مفاسدَ أعظم، قد لا تنكشف آثارها إلا بعد زمان طويل، أو طول تأمل!
والآن أستعرض لك ما يحضرني من مفاسد مشاهدة الأفلام الجنسية:
لا يخفى عليك ما لمنتجي هذه الأفلام من العناية الشديدة في انتقاء أجمل النساء لتسويق أفلامهم، فلا تكاد تظهر امرأةٌ في هذه الأفلام إلا وقد مرَّت بمراحل التجميل، زيادةً على ما وهبها الله من الجمال الطبيعي؛ ليضفي ذلك عليها جمالاً فوق جمال.
ومن الطبيعي حينئذ أن تخسر الزوجة الرهان في هذه المقارنة، ليس لأنهن أجمل منها من حيث الجمال الطبيعي، فهذا قد تساميهن فيه الزوجة أو تربو عليهن، ولكن لما يضفيه عليهن براعة التصوير ومسحات التجميل من جمال أخّاذ، فتبدو أمام المشاهد في غاية الفتنة وأشد صور الإغراء.
ومن ثمَّ ينخدع الزوج بهذا الإخراج والتزويق! ويزهد في صاحبته، فلا يأتيها إلا بمؤثرٍ خارجي يسمى (أفلاماً جنسية)، بل ربما تغشاها وفي خياله صورة امرأةٍ أخرى، فتصبح الزوجة مجرد آلة يُجسدُ فيها خيالَه؛ ليفرغ فيها شهوته إفراغاً مجرداً من مشاعر الحب والعاطفة الصادقة. فإياكِ إياكِ أن تداويه بالتي كانت هي الداء! ولا تعينيه على تسريح طرفه في المتبرجات العاريات، فالمفسدة في هذا تطالكما جميعاً.
هذا هو الجواب كما لو لم يكن للدين أي علاقة بالمسألة! وهذه هي آثار المشاهدة، كما تبدو ظاهرةُ المفسدة.
فكيف إذا كان الشرع قد حسم فيها رأيه، فتحريم النظر إلى العورات وإلى النساء المتبرجات معلوم من دين الإسلام، ومشاهدة هذه الأفلام الجنسية داخل في هذا الباب، فلا شك في حرمته، ولو للتنشيط للوطء ، "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ*وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ..." الآية [النور: 30، 31].
ولو كان في هذه المحرمات مصالحُ عاجلة أو آجله لأباحها الشرع، ولكنها مفاسد تنتج مفاسد، وشر يفضي إلى شر، والله لم يجعل شفاء الأمة فيما حرم عليها.
أسأل الله أن يجعلك قرة عين لزوجك، وأن يحببك إليه ويحببه إليك، وأن يرزقك وإياه العفاف والكفاف، ويسعدكما بذرية صالحةٍ.
والله أعلم .
انتهى نقلا عن موقع الإسلام اليوم
ـــــــــــــــ(40/9)
تحريم القرآن لإتيان النساء في الأدبار ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يوجد نص صريح في القران الكريم يحرم أن ياتي الرجل زوجته من الدبر؟
... السؤال
02/04/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
طريقة السؤال من البداية غير صحيحة ، فإن كان الإنسان يريد حكما شرعيا، فالواجب عليه أن يسأل أهل العلم عن المسألة ، لا أن يسأل هل هناك نص في القرآن يحرم هذا الأمر أم لا.
وذلك أن الأحكام الشرعية لا تؤخذ من القرآن وحده ، فأدلة الشرع هي القرآن والسنة والإجماع والاجتهاد من القياس والاستحسان والاستصحاب وشرع من قبلنا وقول الصحابي وغير ذلك من أدلة التشريع .
كما أن القرآن الكريم ليس كله صريح الدلالة ، يعني أن هناك من الآيات ماليست صريحة في المعنى ، وإخراج الأحكام منه هو عمل العلماء ، وقد طلب الله تعالى منهم أن يبينوا مراده وحكمه ، فقال:"لتبيننه للناس ولا تكتمونه".
ومع هذا ، فإن الله تعالى قال :"يسألونك عن المحيض قل هو أذى ، فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ، فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ". إذن ، فهناك موضع أمرنا الله تعالى أن نأتي النساء منه ، ولم يقل أحد من العالمين :إن الموضع الذي أمرنا الله تعالى أن نأتي منه النساء هو الدبر ، وما يقول هذا إلا خارج عن الفطرة الإنسانية ، وذلك أن الدبر ليس محل استمتاع إلا عند فاسدي المزاج.
ولا خلاف بين أحد من الناس مسلمهم وكافرهم أن موضع إتيان الرجل زوجته الطبيعي هو القبل أوالفرج ، فيكون هذا هو أسلم تفسير لقوله تعالى :"فأتوهن من حيث أمركم الله ".
ومن يشكك في هذا ويستدل بقوله :"فأتوا حرثكم أنى شئتم" ، فإن الآية تشير إلى إتيان النساء في موضوع الحرث ،والحرث هو الزرع، وهو كناية عن موضع إنجاب الولد ، والمرأة يأتيها زوجها من القبل فتحمل وتلد ، فكان هذا هو الموضع.
أما قوله :"أنى شئتم"، فقد فسر العلماء المعنى بأنه مقبلين ومدبرين ، أي للرجال أن يأتوا النساء في قبلهن مقبلين ومدبرين مادام في موضوع الحرث.
ولابد من الجمع بين الآيتين :"فأتوهن من حيث أمركم الله " وقوله:"فأتوا حرثكم أنى شئتم "، ومن مجموع الآيتين يتبين حرمة إتيان النساء في الأدبار ، بل للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها إن فعل هذا وأصر عليه ولم يتب منه.
ويكون بذلك قد ورد في القرآن الكريم حرمة إتيان النساء من الأدبار.
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :
ذهب العلماء إلى تحريم الإتيان في الدبر إذا كان المقصود الجماع في الدبر، أما إذا كان بالاستمتاع دون الجماع فهذا كما حدث في الحيض، فالله تعالى يقول (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن) وجاء الحديث يفسِّر هذا أيضاً أن اصنعوا كل شيء إلا النكاح، كان لليهود أيضاً من طريقتهم أن المرأة إذا حاضت لا يساكنونها، يعني أن الشخص يذهب بعيداً عنها، ينام في حجرة وهي في حجرة، لا يأكل معها ولا يشرب من مكانها، وظل هذا عند بعض المسلمين، على خلاف النصارى ليس عندهم أي شيء ممنوع في هذا فكانوا يجامعونها وهي حائض،فالإسلام جاء وقال: اترك الجماع في موضع الحيض أي في الفرج، والباقي مسموح به فيما دون ذلك، فكل شيء بعيداً عن الفرج يستمتع به.
قال بعض الفقهاء :إن من حق القاضي إذا عرف أن زوجين يفعلان ذلك أن يطلِّق المرأة من زوجها، إنما ليس بمجرد الإتيان يتم الطلاق، وعلى المرأة أن ترفض هذا لأن المرأة السوية لا تتلذذ بهذا، قد تتضرر وتتأذى، والقرآن قال عن المحيض (قل هو أذى) فكيف بالمكان الذي أصله موضع قذارة بطبيعته، وبعض الصحابة ومنهم سيدنا عبدالله بن عمرو سماه اللوطية الصغرى لأنه أشبه بعمل قوم لوط، فهو يذكِّر بهذه الفاحشة التي أهلك الله بها قوماً وما خلق الله المرأة لمثل هذا، فهذا ضد الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ولذلك جاء في عدد من الأحاديث وإن كان فيها شيء من الضعف ولكن يقوي بعضها بعضاً، وبعضها ثابت بأحاديث موقوفة عن ابن عباس وعن ابن عمر، والأحاديث الموقوفة في هذا لها حكم الرفع "إن الله لا ينظر إلى من أتى امرأته في دبرها"، "ملعون من أتى امرأته في دبرها"، "اتق الحيضة والدبر"، و غير ذلك من الأحاديث حول هذا الموضوع كلها تؤكد تحريم هذا الأمر، فلو أن رجلاً طلب من امرأته هذا يجب عليها أن ترفض وأن تقول له أن هذا لا يجوز، وأن هذا حرام.انتهى
ويقول الشيخ محمد صالح المنجد (إمام وخطيب مسجد عمر بن عبد العزيز بالخُبر-السعودية):
إنّ إتيان الزوجة في دبرها (في موضع خروج الغائط) كبيرة عظيمة من الكبائر سواء في وقت الحيض أو غيره ، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل هذا فقال: "ملعون من أتى امرأة في دبرها" رواه الإمام أحمد، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى حائضًا أو امرأة في دبرها أو كاهنًا فقد كفر بما أنزل على محمد " رواه الترمذي .
ورغم أن عددًا من الزوجات من صاحبات الفطر السليمة يأبين ذلك إلا أن بعض الأزواج يهدد بالطلاق إن لم تطعه، وبعضهم قد يخدع زوجته التي تستحي من سؤال أهل العلم فيوهمها بأن هذا العمل حلال، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يجوز للزوج أن يأتي زوجته كيف شاء من الأمام والخلف مادام في موضع الولد ولا يخفى أن الدبر ومكان الغائط ليس موضعًا للولد.
ومن المعلوم أن هذا الفعل محرم حتى لو وافق الطرفان فإن التراضي على الحرام لا يصيره حلالاً.(انتهى)
ويقول الدكتور عبد الرازق فضل الأستاذ بجامعة الأزهر :
الحل والحرمة مصدرهما كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الشارحة للقرآن الكريم في هذه المسألة بالذات قاطعة باللفظ والتأكيد اللفظي قبل التأكيد المعنوي على أن النساء لا تُؤتَى في أدبارها، ولا يشفع أن الغرض ليس هو إتمام الجماع وإنما الإثارة؛ لأن الإثارة لها أساليبها المختلفة التي ليس من بينها هذا الأسلوب، ولك أن تقلّب صفحات أصحاب الشهوات المغرقين في أمر الإثارة لن تجد من بين أساليبهم هذا الأسلوب لأمور كثيرة أنت تعرفها، على رأسها أنه لا ضرر ولا ضرار.انتهى
ويقول الدكتور علي جمعة الأستاذ بجامعة الأزهر :
إتيان النساء في أدبارها حرام؛ لأن الله عزوجل يقول: "فأتوا حرثكم أنى شئتم "، وموطن الحرث ليس هو الدبر، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى النساء في أدبارهن فقد كفر بما أنزل على محمد" ، وهو فعل حرام باتفاق المذاهب الإسلامية الأربعة وغيرهم، وعلى المرأة أن تمتنع من ذلك، وامتناعها لا يُعَدُّ عصيانًا لزوجها ولا خروجًا عن طاعته، ولها أن تطلب التطليق إذا أصر على ذلك أو أذاها به، والزواج مع هذه الفعلة القبيحة صحيح ومستمر إلا أن ذلك حرام واقع في عقد صحيح. انتهى
وعن الحكمة فيقول الشيخ المنجد فيما نقله عن العلامة شمس الدين ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى في كتابه زاد المعاد عن الحكم في حرمة إتيان المرأة في دبرها فقال:
1- وإذا كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض ( أي أثناء الحيض والنفاس)، فما الظن بالدبر الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جداً من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان.
2- للمرأة حق على الزوج في الوطء، ووطؤها في دبرها يفوّت حقها، ولا يقضي وطرها، ولا يُحصّل مقصودها.
3- إنه يذهب بالحياء جملة، والحياء هو حياة القلوب، فإذا فقدها القلب، استحسن القبيح، واستقبح الحسن؛ فالدبر لم يتهيأ لهذا العمل، ولم يخلق له، وإنما الذي هيئ له الفرج، فالعادلون عنه إلى الدبر خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعًا .
4- إن ذلك مضر بالرجل، ولهذا ينهى عنه عُقلاء الأطباء؛ لأن للفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وراحة الرجل منه، والوطء في الدبر لا يعين على اجتذاب جميع الماء، ولا يخرج كل المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي.
5- يضر من وجه آخر؛ وهو إحواجه إلى حركات متعبة جداً لمخالفته للطبيعة.
6- الدبر محل القذر ، فيستقبله الرجل بوجهه ، ويلابسه .
7- يضر بالمرأة جدًا، لأنه وارد غريب بعيد عن الطباع، منافر لها غاية المنافرة.
8- إنه من أكبر أسباب زوال النعم، وحلول النقم، فإنه يوجب اللعنة والمقت من الله، وإعراضه عن فاعله، وعدم نظره إليه، فأي خير يرجوه بعد هذا ، وأي شر يأمنه ، وكيف تكون حياة عبد قد حلت عليه لعنة الله ومقته ، وأعرض عنه بوجهه، ولم ينظر إليه.
9- إنه يحيل الطباع عما ركبها الله ، ويخرج الإنسان عن طبعه إلى طبع لم يركّب الله عليه شيئاً من الحيوان ، بل هو طبع منكوس ، وإذا نُكس الطبع انتكس القلب ، والعمل ، والهدى ، فيستطيب حينئذ الخبيث من الأعمال والهيئات ..
فصلاة الله وسلامه على من سعادة الدنيا والآخرة في هديه واتباع ما جاء به ، وهلاك الدنيا والآخرة في مخالفة هديه وما جاء به.
والله أعلم
ـــــــــــــــ(40/10)
ترقيع غشاء البكارة لمن تابت من الزنا ... العنوان
صديقتي قد انحرفت ووقعت في الرذيلة وعاشت عدة سنوات في المنكرات والآن رجعت إلى الله وتابت توبة صادقة وتسأل عن حكم إصلاح غشاء البكارة بعملية جراحية لإعادته لوضعه السابق من أجل الستر على نفسها وحتى يمكنها أن تتزوج بشاب مسلم يعينها على التقوى والصلاح؟ ... السؤال
15/10/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فلا يجوز لمن فقدت عذريتها بسبب الزنا أو غيره أن تقوم بعملية ترقيع لغشاء البكارة، فهذا غش وتدليس، وكشف للعورات، وفتح لباب الشر والفساد فهذا يغري الفتيات بالإقدام على الزنا، ولا يجوز التستر على الفتاة على حساب غيرها فالضرر لا يزال بالضرر كما قال الفقهاء، بل يجب الصدق، والمذمة في الدنيا أهون من الفضيحة على رؤوس الأشهاد يوم القيامة.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
إنه لشيء طيب أن يعود الإنسان عن غيه وضلاله، وأن يرجع إلى الله سبحانه وتعالى، ويتوب توبة صادقة، ولكن يجب على الأسرة أن تربي أبناءها على شرع الله، وأن تؤدبهم بأدب الإسلام كي تجنبهم الوقوع في الفواحش، والمنكرات ابتداءً فأسرة هذه الفتاة التي استمرت في انحرافها لعدة سنوات كما جاء في رسالتها عليها مسؤولية عظيمة لأنها قصرت في ذلك، وما دام أنها عادت إلى الله، وصارت محافظة على الصلاة ولبست الجلباب الشرعي كما قالت فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يقبل توبتها، ويغفر لها، وأن يثبتها على طاعته.
وأما بالنسبة للشق الأول من السؤال حول إصلاح البكارة بعملية جراحية، فإن إصلاح البكارة يسمى عند العلماء رتق غشاء البكارة، أو عملية الرتق العذري، ومن المعروف أن البكارة هي الجلدة التي تكون على فرج المرأة وتسمى عذرة ولذا يقال للفتاة البكر عذراء ورتق البكارة معناه إصلاحها وإعادتها لوضعها السابق قبل التمزق .
وهنالك أسباب عديدة لزوال غشاء البكارة منها : الدخول في الزواج ، الزنى والاغتصاب ، حصول حادثة للفتاة كالقفز مثلاً ونحو ذلك.
إذا تقرر هذا فإن هذه المسألة من المسائل الحديثة التي لم يرد فيها نص ولم يتعرض الفقهاء المتقدمون لها لعدم إمكان حصولها في زمانهم وإنما بحثها العلماء المعاصرون على ضوء أحكام الشرع وقواعده العامة.
والذي يظهر لي بعد دراسة أقوال العلماء المعاصرين، وما اعتمدوا عليه في هذه المسألة أن عملية الرتق العذري، أو إصلاح غشاء البكارة غير جائزة شرعاً ولا يجوز الإقدام عليها لا من الفتاة التي زالت بكارتها بأي سبب من الأسباب ولا من الطبيبة أو الطبيب المعالج لما يلي:
أولاً : إن رتق غشاء البكارة قد يؤدي إلى اختلاط الأنساب فقد تحمل المرأة من الجماع السابق ثم تتزوج بعد رتق غشاء بكارتها وهذا يؤدي إلى إلحاق الحمل بالزوج واختلاط الحلال بالحرام.
ثانياً : إن رتق غشاء البكارة فيه اطلاع على المنكر.
ثالثاً : إن رتق غشاء البكارة يسهل على الفتيات ارتكاب جريمة الزنا لعلمهن بإمكان رتق غشاء البكارة بعد الزنا.
رابعاً : إذا اجتمعت المصالح والمفاسد فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلنا ذلك وإن تعذر درء المفاسد وتحصيل المصالح فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة ولا نبالي بفوات المصلحة كما قرر ذلك فقهاء الإسلام، وتطبيقاً لهذه القاعدة فإننا إذا نظرنا إلى رتق غشاء البكارة وما يترتب عليه من مفاسد حكمنا بعدم جواز الرتق لعظيم المفاسد المترتبة عليه.
خامسا ً: إن من قواعد الشريعة الإسلامية أن الضرر لا يزال بالضرر ومن فروع هذه القاعدة أنه لا يجوز للإنسان أن يدفع الغرق عن أرضه بإغراق أرض غيره ومثل ذلك لا يجوز للفتاة وأهلها أن يزيلوا الضرر عن الفتاة برتق الغشاء ويلحقونه بالزوج.
سادساً : إن مبدأ رتق غشاء البكارة مبدأ غير شرعي لأنه نوع من الغش والغش محرم شرعاً.
سابعاً : إن رتق غشاء البكارة يفتح أبواب الكذب للفتيات وأهليهن لإخفاء حقيقة سبب زوال البكارة والكذب محرم. شرعاً . ثامناً : إن رتق غشاء البكارة يفتح الباب للأطباء أن يلجأوا إلى إجراء عمليات الإجهاض وإسقاط الأجنة بحجة الستر على الفتيات .
وما يقال من أن الرتق العذري فيه ستر على الفتاة التي أزيلت بكارتها باغتصاب أو إكراه على الزنا والستر مطلوب شرعاً ، فيجاب عن ذلك بأن الستر الذي ندبت إليه الشريعة الإسلامية هو المحقق لمصالح معتبرة ورتق غشاء البكارة فيه كشف للعورة بدون حاجة وفيه فتح لباب الشر، وهو الزنا، كما أن الحكم بجواز رتق غشاء البكارة في حالة الزنا الذي لم يشتهر فيه فتح لباب من الشر عظيم، والله يأمرنا أن يشهد عذاب الزاني طائفة من المؤمنين نكاية به وتأديباً لغيره من مغبة الوقوع في الفاحشة فجواز هذه الصورة لا يعتبر ستراً بل هو ترك لمبدأ معاقبته وإشعاره بذنبه فرفض الطبيب إجراء هذه العملية فيه ردع للزانية وتأديب لغيرها.
ويضاف لذلك أن الستر المطلوب شرعاً هو الذي شهدت له نصوص الشرع باعتبار وسيلته ورتق غشاء البكارة لم يتحقق فيه ذلك بل الأصل حرمته لمكان كشف العورة وفتح باب الفساد .
وإن القول بجواز هذه العملية يؤدي إلى فتح أبواب الفساد وانتشار الرذيلة وما زعم من مصالح قد تترتب على ذلك إنما هي مصالح وهمية، وليست حقيقية، كما أن حالات تمزق غشاء البكارة بسبب حادث ما غير الزنا والاغتصاب تعتبر نادرة، وقليلة ويمكن إذا حصل ذلك الحصول على تقرير طبي موثق لبيان السبب الحقيقي لزوال غشاء البكارة حتى تكون الفتاة بعيدة عن تهمة الزنا.
وأخيراً فإن على الأطباء المسلمين أن يكونوا دعاة صدق، فيرشدوا الفتاة وأهلها إلى عدم إجراء هذه العملية وأخذ تقرير طبي يثبت براءة الفتاة فيكونوا بذلك قد وجهوا الناس إلى الأخذ بالصدق قولاً وفعلاً، كما أن على الأطباء أن يرفضوا إجراء هذه العملية لكي يسدوا على المجتمع باب الزنا والتلاعب في الأعراض وأن يحاربوا الكسب غير المشروع بإجراء هذه العمليات مهما تنوعت الأسباب فإذا انتهج الأطباء هذه السبل لمعالجة فقد الفتاة لبكارتها أمكن إقناع الناس بأن فقدها بغير الفاحشة ليس أمراً معيباً ولا يمنع من الزواج منها.
والله أعلم
ـــــــــــــــ(40/11)
امتناع الزوجة عن زوجها فى الجماع ... العنوان
قد يصدر عن الزوجة نتيجة لإحساسها بالتعب أو المرض أن تعرض عن الجماع فهل يعتبر ذلك إثما؟ وماهو موقف الإسلام من ّلك؟
... السؤال
29/05/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... إن العلاقة الجنسية بين الزوجين أمر له خطره وأثره في الحياة الزوجية . وقد يؤدي عدم الاهتمام بها، أو وضعها في غير موضعها إلى تكدير هذه الحياة، وإصابتها بالاضطراب والتعاسة . وقد يفضي تراكم الأخطاء فيها إلى تدمير الحياة الزوجية والإتيان عليها من القواعد.
وربما ظن بعض الناس أن الدين أهمل هذه الناحية برغم أهميتها . وربما توهم آخرون أن الدين أسمى وأظهر من أن يتدخل في هذه الناحية بالتربية والتوجيه، أو بالتشريع والتنظيم، بناء على نظرة بعض الأديان إلى الجنس " على أنه قذارة وهبوط حيواني ".
والواقع أن الإسلام لم يغفل هذا الجانب الحساس من حياة الإنسان، وحياة الأسرة، وكان له في ذلك أوامره ونواهيه، سواء منها ما كان له طبيعة الوصايا الأخلاقية، أم كان له طبيعة القوانين الإلزامية.
1 - وأول ما قرره الإسلام في هذا الجانب هو الاعتراف بفطرية الدافع الجنسي وأصالته، وإدانة الاتجاهات المتطرفة التي تميل إلى مصادرته، أو اعتباره قذرًا وتلوثًا . ولهذا منع الذين أرادوا قطع الشهوة الجنسية نهائيًا بالاختصاء من أصحابه، وقال لآخرين أرادوا اعتزال النساء وترك الزواج: " أنا أعلَمُكم بالله وأخشاكم له، ولكني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء . فمن رغب عن سنتي فليس مني ".
2 - كما قرر بعد الزواج حق كل من الزوجين في الاستجابة لهذا الدافع، ورغب في العمل الجنسي إلى حد اعتباره عبادة وقربة إلى الله تعالى، حيث جاء في الحديث الصحيح: " وفي بضع أحدكم (أي فرجه) صدقة . قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال: نعم . أليس إذا وضعها في حرام كان عليه وزر . كذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر، أتحتسبون الشر ولا تحتسبون الخير ؟ " . رواه مسلم.
ولكن الإسلام راعى أن الزوج بمقتضى الفطرة والعادة هو الطالب لهذه الناحية والمرأة هي المطلوبة . وأنه أشد شوقًا إليها، وأقل صبرًا عنها، على خلاف ما يشيع بعض الناس أن شهوة المرأة أقوى من الرجل، فقد أثبت الواقع خلاف ذلك .. وهو عين ما أثبته الشرع.
( أ ) ولهذا أوجب على الزوجة أن تستجيب للزوج إذا دعاها إلى فراشه، ولا تتخلف عنه كما في الحديث: " إذا دعا الرجل زوجته لحاجته، فلتأته وإن كانت على التنور ". (رواه الترمذي وحسنه).
( ب ) وحذرها أن ترفض طلبه بغير عذر، فيبيت وهو ساخط عليها، وقد يكون مفرطًا في شهوته وشبقه، فتدفعه دفعًا إلى سلوك منحرف أو التفكير فيه، أو القلق والتوتر على الأقل، " إذا دعا الرجل امرأته، فأبت أن تجيء، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ". (متفق عليه).
وهذا كله ما لم يكن لديها عذر معتبر من مرض أو إرهاق، أو مانع شرعي، أو غير ذلك.
وعلى الزوج أن يراعي ذلك، فإن الله سبحانه - وهو خالق العباد ورازقهم وهاديهم - أسقط حقوقه عليهم إلى بدل أو إلى غير بدل، عند العذر، فعلى عباده أن يقتدوا به في ذلك.
(جـ) وتتمة لذلك نهاها أن تتطوع بالصيام وهو حاضر إلا بإذنه، لأن حقه أولى بالرعاية من ثواب صيام النافلة، وفي الحديث المتفق عليه: " لا تصوم المرأة وزوجها شاهد إلا بإذنه " والمراد صوم التطوع بالاتفاق كما جاء في ذلك حديث آخر.
3- والإسلام حين راعى قوة الشهوة عند الرجل، لم ينس جانب المرأة، وحقها الفطري في الإشباع بوصفها أنثى . ولهذا قال لمن كان يصوم النهار ويقوم الليل من أصحابه مثل عبد الله بن عمرو: إن لبدنك عليك حقًا، وإن لأهلك (أي امرأتك) عليك حقًا . قال الإمام الغزالي: " ينبغي أن يأتيها في كل أربع ليال مرة، فهو أعدل، إذ عدد النساء أربع (أي الحد الأقصى الجائز) فجاز التأخير إلى هذا الحد . نعم ينبغي أن يزيد أو ينقص بحسب حاجتها في التحصين . فإن تحصينها واجب عليه ". (إحياء علوم الدين، جـ 2، ص 50 دار المعرفة - بيروت).
4 - ومما لفت الإسلام إليه النظر ألا يكون كل هم الرجل قضاء وطره هو دون أي اهتمام بأحاسيس امرأته ورغبتها.
ولهذا روى في الحديث الترغيب في التمهيد للاتصال الجنسي بما يشوق إليه من المداعبة والقبلات ونحوها، حتى لا يكون مجرد لقاء حيواني محض.
ولم يجد أئمة الإسلام وفقهاؤه العظام بأسًا أو تأثيمًا في التنبيه على هذه الناحية التي قد يغفل عنها بعض الأزواج.
فهذا حجة الإسلام، إمام الفقه والتصوف، أبو حامد الغزالي يذكر ذلك في إحيائه - الذي كتبه ليرسم فيه الطريق لأهل الورع والتقوى، والسالكين طريق الجنة - بعض آداب الجماع فيقول.
(يُستحب أن يبدأ باسم الله تعالى . قال عليه الصلاة والسلام: " لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: اللهم جنبني الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا . فإن كان بينهما ولد، لم يضره الشيطان ". (متفق عليه).
(وليغط نفسه وأهله بثوب، وليقدم التطلف بالكلام والتقبيل . قال صلى الله عليه وسلم " لا يقعن أحدكم على امرأته، كما تقع البهيمة، وليكن بينهما رسول قيل وما الرسول يا رسول الله ؟ قال: القبلة والكلام " (رواه أبو منصور والديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس) . وقال: " ثلاث من العجز في الرجل . . . وذكر منها أن يقارب الرجل زوجته فيصيبها (أي يجامعها) قبل أن يحدثها ويؤانسها ويضاجعها فيقضي حاجته منها، قبل أن تقضي حاجتها منه ". (هو جزء من الحديث الذي قبله عند الديلمي أيضًا، والحديث ضعيف ولكن الأدب الذي اشتمل عليه مما تدعو إليه الفطرة السليمة).
قال الغزالي: (ثم إذا قضى وطره فليتمهل على أهله حتى تقضي هي أيضًا نهمتها، فإن إنزالها ربما يتأخر، فيهيج شهوتها، ثم القعود عنها إيذاءً لها . والاختلاف في طبع الإنزال يوجب التنافر مهما كان الزوج سابقًا إلى الإنزال، والتوافق في وقت الإنزال ألذ عندها ولا يشتغل الرجل بنفسه فإنها ربما تستحي).
وبعد الغزالي، نجد الإمام السلفي الورع التقي أبا عبد الله بن القيم يذكر في كتابه " زاد المعاد في هدى خير العباد " هديه صلى الله عليه وسلم في الجماع . ولا يجد في ذكر ذلك حرجًا دينيًا، ولا عيبًا أخلاقيًا، ولا نقصًا اجتماعيًا، كما قد يفهم بعض الناس في عصرنا . ومن عباراته:
" أما الجماع والباءة فكان هديه فيه أكمل هدى، يحفظ به الصحة، ويتم به اللذة وسرور النفس، ويحصل به مقاصده التي وضع لأجلها . فإن الجماع وضع في الأصل لثلاثة أمور، هي مقاصده الأصلية:
أحدها: حفظ النسل، ودوام النوع إلى أن تتكامل العدة التي قدر الله بروزها إلى هذا العالم.
الثاني: إخراج الماء الذي يضر احتباسه واحتقانه بجملة البدن.
والثالث: قضاء الوطر، ونيل اللذة، والتمتع بالنعمة . وهذه وحدها هي الفائدة التي في الجنة.
قال: ومن منافعه: غض البصر، وكف النفس، والقدرة على العفة عن الحرام، وتحصيل ذلك للمرأة، فهو ينفع نفسه، في دنياه وأخراه، وينفع المرأة . ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يتعاهده ويحبه، ويقول: "..حبب إلي من دنياكم النساء والطيب...".
وفي كتاب الزهد للإمام أحمد في هذا الحديث زيادة لطيفة وهي: " أصبر عن الطعام والشراب ولا أصبر عنهن ".
وحث أمته على التزويج فقال: " تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم . . . . " وقال: " يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج . . . "، ولما تزوج جابر ثيبًا قال له: " هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك ".
ثم قال الإمام ابن القيم:
" ومما ينبغي تقديمه على الجماع ملاعبة المرأة وتقبيلها ومص لسانها . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلاعب أهله، ويقبلها . وروى أبو داود: " أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبل عائشة ويمص لسانها " ويذكر عن جابر بن عبد الله قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المواقعة قبل المداعبة ". (راد المعاد، جـ 3، ص 309، ط. السنة المحمدية).
وهذا كله يدلنا على أن فقهاء الإسلام لم يكونوا " رجعيين " ولا " متزمتين " في معالجة هذه القضايا، بل كانوا بتعبير عصرنا " تقدميين " واقعيين.
وخلاصة القول: إن الإسلام عنى بتنظيم الناحية الجنسية بين الزوجين، ولم يهملها حتى إن القرآن الكريم ذكرها في موضعين من سورة البقرة التي عنيت بشئون الأسرة:
أحدها: في أثناء آيات الصيام وما يتعلق به حيث يقول تعالى: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم، هن لباس لكم، وأنتم لباس لهن، علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم، فتاب عليكم وعفا عنكم، فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم، وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، ثم أتموا الصيام إلى الليل، ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد، تلك حدود الله فلا تقربوها).
وليس هناك أجمل ولا أبلغ ولا أصدق من التعبير عن الصلة بين الزوجين من قوله تعالى: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) بكل ما توجبه عبارة " اللباس " من معاني الستر والوقاية والدفء والملاصقة والزينة والجمال.
الثاني: قوله تعالى: (ويسألونك عن المحيض، قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن، فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله، إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، نساؤكم حرث لكم، فأتوا حرثكم أنى شئتم، وقدموا لأنفسكم، واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه، وبشر المؤمنين).
وقد جاءت الأحاديث النبوية تفسر الاعتزال في الآية الأولى بأنه اجتناب الجماع فقط دون ما عداه من القبلة والمعانقة والمباشرة ونحوها من ألوان الاستمتاع، كما تفسر معنى (أنى شئتم) بأن المراد: على أي وضع أو أي كيفية اخترتموها ما دام في موضع الحرث، وهو القبل كما أشارت الآية الكريمة.
وليس هناك عناية بهذا الأمر أكثر من أن يذكر قصدًا في دستور الإسلام وهو القرآن الكريم.
.....والله الموفق.
ـــــــــــــــ(40/12)
تيان الةرأة في دبرها ... العنوان
فضيله الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو أن يتسع صدرك لسؤالي، كثر الحديث والسؤال عن حكم إتيان الزوجة في دبرها، وصدرت الفتاوى في ذلك بالحرمة، مع ذلك سأعيد السؤال بصيغة أخرى، وسؤالي كالتالي:
ما حكم إتيان الزوجة في الدبر إذا كان ليس الغرض من ذلك الجماع، ولكن بإيلاج الذكر أو جزء منه في الدبر لغرض الإثارة والاستمتاع مع عدم الإنزال في الدبر، مع العلم أن الزوجة لا تمانع في ذلك، مع العلم أن هذا لا يكون بشكل دائم، وإنما يحدث على سبيل الاستمتاع في بعض الأحيان
سماحة الشيخ، أعلم أن هناك من ذهب لجواز ذلك كبعض المالكية، أرجو إفادتي، والله يحفظكم
... السؤال
أ. د عبد الرزاق محمد فضل ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم، أحمد الله عز وجل، وأصلي وأسلم على خاتم أنبيائه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد
فالأصل أن الحل والحرمة مصدرهما كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الشارحة للقرآن الكريم في هذه المسألة بالذات قاطعة باللفظ والتأكيد اللفظي قبل التأكيد المعنوي على أن النساء لا تُؤتَى في أدبارها، ولا يشفع أن الغرض ليس هو إتمام الجماع وإنما الإثارة؛ لأن الإثارة لها أساليبها المختلفة التي ليس من بينها هذا الأسلوب، ولك أن تقلّب صفحات أصحاب الشهوات المغرقين في أمر الإثارة لن تجد من بين أساليبهم هذا الأسلوب لأمور كثيرة أنت تعرفها، على رأسها أنه لا ضرر ولا ضرار
ومهما قلت عن موقف الزوجة فإن ضررًا جسميًّا ونفسيًّا لاحق بها لا محالة، فاسأل الله تعالى أن يجعل لذتك في طاعته وليس في مقارفة ما تسوء به العقبى في الدنيا والآخرة، أسأل الله الهداية والتوفيق
ـــــــــــــــ(40/13)
الجنس الفموي بين الزوجين ... العنوان
انتشرت في الآونة الأخيرة بعض العلاقات الجنسية بين الزوجين ، ومنها الجنس الفموي، فماحكمه، وهل هناك فرق بين ممارسته بإنزال و بدون إنزال؟ ... السؤال
09/10/2002 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
ليس هناك نص يحرم هذا الجنس الفموي، إلا إذا ترتب عليه قذف الرجل في فم المرأة ، فينهى عنه ، ويأثم الزوج، لأن في القذف إضرارا للزوجة ، والضرر يزال كما عبر بذلك الفقهاء.
لكن إن كان هذا الأمر يترتب عليه إثارة الشهوة بين الزوجين ، فإنه لا بأس به ، لكن إن عرف الإنسان من نفسه الإنزال ينهى عن مثل هذا الفعل.
وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في حكم هذه المسألة بين مجيز ومانع وكاره، ولعل الضابط في هذه المسألة ، هل يترتب عليها ضرر أم لا؟ كما أن للعرف المتنوع من مجتمع لآخر أثر في اختيار الفتوى المناسبة .
وممن قال بالتحريم الدكتور محمد السيد الدسوقي أستاذ الشريعة بقطر، فيقول:
العلاقة الزوجية الخاصة في الإسلام بالطريقة المشروعة هي الوسيلة الطبيعية للاستمتاع وللنسل وللحياة الزوجية النظيفة، والله تبارك وتعالى أمرنا في كتابه الكريم بأن نأتي النساء من حيث أمرنا وهو الجماع المشروع، أما ما جاء في هذا السؤال فهو لون من ألوان فساد الفطرة التي يمجها الحيوان فضلا عن الإنسان، وإذا كان لا يوجد لدينا نص صريح يأمر بالتحريم فإنا في قواعد الشريعة التي تنص بأنه لا ضرر ولا ضرار في الإسلام، وبأن المحافظة على الفطرة الإنسانية سنة إلهية فإن الخروج بالعلاقة الجنسية عن الطريق الطبيعي إفساد للفطرة وقضاء على النسل، ووسيلة لأمراض متعددة، ولهذا أرى بأن مثل هذا السلوك لا يليق بالإنسان الذي كرمه ربه، ولكن يبدو أن عدوى الحضارة المادية التي تفننت في وسائل هابطة لإشباع الرغبات الشهوانية جعلت الإنسان يتصرف بأسلوب يرفضه الحيوان. انتهى
وممن قال بكراهة الإنزال الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي ، فيقول :
لا بأس على المسلم إذا أن يستمتع بامرأته بعيدا عن موضع الأذى. وبهذا وقف الإسلام -كشأنه دائما- موقفا وسطا بين المتطرفين في مباعدة الحائض إلى حد الإخراج من البيت، والمتطرفين في المخالطة إلى حد الاتصال الحسي.
وقد كشف الطب الحديث ما في إفرازات الحيض من مواد سامة تضر بالجسم إذا بقيت فيه، كما كشف سر الأمر باعتزال جماع النساء في الحيض. فإن الأعضاء التناسلية تكون في حالة احتقان، والأعصاب تكون في حالة اضطراب بسبب إفرازات الغدد الداخلية، فالاختلاط الجنسي يضرها، وربما منع نزول الحيض، كما يسبب كثيرا من الاضطراب العصبي.. وقد يكون سببا في التهاب الأعضاء التناسلية.
ولقد حدث في عصر الصحابة أن واحدا من الصحابة في ملاعبته ومداعبته لزوجته امتص ثديها ورضع منها أي جاءه شيء من الحليب ثم راح استفتى سيدنا أبا موسى الأشعري فقال له: حَرُمت عليك، ثم ذهب إلى عبد الله بن مسعود فقال له: لا شيء عليك، لا رضاعة إلا في الحولين، الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم "الرضاع في الحولين" الله تعالى يقول (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) يعني الرضاعة المحرِّمة لها سن معينة هي السن التي يتكون فيها الإنسان ينبت اللحم وينشذ العظم في السنتين الأوائل، بعد ذلك لا عبرة بالرضاعة، فقال أبو موسى الأشعري: لا تسألوني وهذا الحبر فيكم، فللرجل أن يرضع من زوجته، هذا من وسائل الاستمتاع المشروعة ولا حرج فيها.
وقد أجاز الفقهاء تقبيل الزوجة فرج زوجها ولو قبَّل الزوج فرج زوجته هذا لا حرج فيه، أما إذا كان القصد منه الإنزال فهذا الذي يمكن أن يكون فيه شيء من الكراهة، ولا أستطيع أن أقول الحرمة لأنه لا يوجد دليل على التحريم القاطع، فهذا ليس موضع قذر مثل الدبر، ولم يجئ فيه نص معين إنما هذا شيء يستقذره الإنسان، إذا كان الإنسان يستمتع عن طريق الفم فهو تصرف غير سوي، إنما لا نستطيع أن نحرمه خصوصاً إذا كان برضا المرأة وتلذذ المرأة (والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم، فإنهم غير ملومين * فمن ابتغي وراء ذلك فأولئك هم العادون) فهذا هو الأصل.انتهى
وممن قال بالإباحة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي أستاذ الشريعة بسوريا ، فيقول:
إن الحقَّ المتبادل بين الزوجين ليس خصوص ( الجماع ) بل عموم ما سمّاه القرآن ( الاستمتاع ) ، وهذا يعني أن لكلٍّ من الزوجين أن يذهب في الاستمتاع بزوجه المذهب الذي يريد ، من جماع وغيره .ولا يستثنى من ذلك إلا ثلاثة أمور :
1ـ الجماع أيام الطَّمث . .
2ـ الجماع في الدبر ، أي الإيلاج في الشرج . .
3ـ المداعبات التي ثبت أنها تضرُّ أحد الزوجين أو كليهما ، بشهادة أصحاب الاختصاص أي الأطباء .
أما ما وراء هذه الأمور الثلاثة المحرَّمة ، فباقٍ على أصل الإباحة الشرعية . . ثم إن الاستمتاعات الفطرية التي تهفو إليها الغريزة الإنسانية بالطبع ، كالجماع ومقدِّماته ، حقّ لكلٍّ من الزوجين على الآخر ، ولا يجوز الامتناع أو التّأبِّي إلاّ عند وجود عذر مانع .
وأما الاستمتاعات الأخرى التي يتفاوت الناس ـ ذكوراً وإناثاً ـ في تقبُّلها ، ما بين مشمئزّ منها وراغب فيها ، فلا سبيل إليها إلا عن طريق التَّراضي ، أي فليس لأحد الزوجين أن يُكره الآخر على ما قد تعافه نفسه منها . انتهى
و يقول الدكتور علي جمعة محمد مفتي مصر ، وأستاذ الأصول والفقه بجامعة الأزهر :
قال تعالى "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم " [سورة البقرة] وفي التفسير أن التقدمة هي القبلة وفي الحديث اجعل بينك وبين امرأتك رسول والرسول القبلة ويجوز للرجل والمرأة الاستمتاع بكل أنواع التلذذ فيما عدا الإيلاج في الدبر؛ فإنه محرم أما ما ورد في السؤال من المص واللعق والتقبيل وما لم يرد من اللمس وما يسمى بالجنس الشفوي بالكلام فكله مباح فعل أغلبه السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين وعلى المسلم أن يكتفي بزوجته وحلاله، وأن يجعل هذا مانعا له من الوقوع في الحرام، ومن النظر الحرام، وعليه أن يعلم أن الجنس إنما هو غريزة تشبع بوسائلها الشرعية وليس الجنس ضرورة كالأكل والشرب كما يراه الفكر الغربي المنحل . انتهى
والله أعلم
ـــــــــــــــ(40/14)
رضاع الرجل من زوجته ... العنوان
أحيانا يداعب الرجل زوجته فيمص ثدييها وقد يكون بهما اللبن فهل تحرم عليه في هذه الحالة؟
... السؤال
05/02/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، وبعد ...
المسألة التي نحن بصددها محل خلاف بين العلماء فذهب جمهور الفقهاء إلى أن رضاع الرجل من زوجته أثناء مداعبته لها لا يترتب عليه تحريم المرأة على زوجها لأن الرضاع الذي يترتب عليه التحريم هو رضاع الصغير ، ومن ثم فللزوج أن يستمتع بزوجته كيفما شاء ولا يحرم عليه إلا إتيانها في الدبر وجماعها حال الحيض أو النفاس وما عدا ذلك فهو باق على أصل الحل، طالما أنه باتفاق الزوجين،
وذهب طائفة من الفقهاء إلى أن رضاع الرجل من زوجته يثبت به التحريم وممن قال بذلك أم المؤمنين عائشة رضوان الله عليها، وعروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح والليث بن سعد، والظاهرية.
فلذلك خروجا من الخلاف للرجل أن يستمتع بزوجته كيف شاء ولكن عليه أن يتجنب هذا النوع من الاستمتاع فهذا أولى له وأسلم.
وإليك فتوى فضيلة الشيخ فيصل مولوي –نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء-:
من المتّفق عليه بين الفقهاء أن المحرّم في العلاقات الزّوجيّة هو:
1- الجماع أثناء الحيض.
2- الإيلاج في الدّبر.
وكلّ ما سوى ذلك من أنواع الاستمتاع مباح بشرط أن يتمّ بتراضي الزّوجين.
وشرب الحليب من ثدي الزّوجة لا يؤدّي إلى اعتبارها أمّاً بالرّضاعة، لأنّ الشّرب الذي يؤدّي إلى ذلك هو ما كان في فترة رضاع الطّفل – أي دون السّنتين من عمره – لأنّه هو الذي ينمّي اللحم وينشز العظم. هذا هو رأي جمهور الفقهاء من الشّافعيّة والحنابلة والمالكيّة والحنفيّة والجعفريّة، إلاّ أنّ بعض المالكيّة سمحوا بالزّيادة عن السّنتين لمدّة شهر أو شهرين، وأبو حنيفة اعتبر الرّضاعة المحرّمة تمتد إلى سنتين ونصف من الولادة.
وبالتّالي يكون الجميع متّفقين على أن الإرضاع بعد سنتين ونصف من عمر الطّفل لا يؤدّي إلى التّحريم، ويعتمدون في ذلك على نصوص واضحة من القرآن الكريم والسنّة الصّحيحة.
أمّا الحديث الذي أخرجه مسلم (أنّ امرأة أبي حذيفة قالت: يا رسول الله، إنّ سالم يدخل عليّ وهو رجل – وسالم هو مولى أبي حذيفة -، وفي نفس أبي حذيفة منه شيء، فقال: أرضعيه حتّى يدخل عليك) هذا الحديث لم يأخذ به أيّ من المذاهب رغم صحّته من حيث السّند، لأنّه من حيث المتن يخالف نصوص القرآن الكريم، ويخالف أحاديث أخرى صحيحة، كما يخالف أحكاماً شرعيّة متّفقاً عليها.
والله أعلم.
ـــــــــــــــ(40/15)
حكم جماع الزوجة أثناء فترة الرضاعة ... العنوان
ما الغيلة ؟ وما حكم جماع الزوجة أثناء فترة الرضاعة إذا كان لها ولد ترضعه ؟ ... السؤال
22/12/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيرا، وكل عام وأنتم بخير ، وتقبل الله منا ومنكم، وبعد:
فإن الغيلة لها صورتان: فيقصد بها جماع الزوجة المرضع ، ويقصد بها أيضا إرضاع الحامل ، والصورة الثانية مترتبة على الأولى .
وهي جائزة إن لم يتحقق تضرر الرضيع نتيجة تأثير الحمل على لبن الأم المرضعة , وإلا فإن تحقق الضرر للرضيع منعت ، فجماع الزوجة المرضعة غير ممنوع ولا يحرم ولا يكره شرعا ،إلا إذا تضرر الرضيع ، طالما أن الزوجة قد طهرت من النفاس بعد الولادة ولم يكن الجماع في وقت الحيض ، ولم يكن في الدبر ، بل في الفرج وقت الطهر.
وإذا كان هناك احتمال إضرار الحمل بالرضيع نتيجة تغير لبن المرضع بسبب الحمل؛ فيستحب أن يتخذ الزوجان وسيلة مناسبة غير ضارة من وسائل منع الحمل أثناء رضاعة المولود الصغير ، وإذا حدث حمل وأصبح اللبن يضر الولد فينبغي توقف الحامل عن إرضاع ولدها من لبنها .
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
تعريف الغيلة: من معاني الغيلة في اللغة : الخديعة . يقال : قتل فلان غيلة , أي : خدعة , وهو أن يخدعه فيذهب به إلى موضع , فإذا صار إليه قتله . والغيلة في كلام العرب : إيصال الشر والقتل إليه من حيث لا يعلم ولا يشعر . ومن معاني الغيلة في اللغة كذلك : وطء الرجل زوجته وهي ترضع , وإرضاع المرأة ولدها وهي حامل . ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي .
حكم الغيلة بالإرضاع أو الوطء :
كان العرب يكرهون وطء المرأة المرضع . وإرضاع المرأة الحامل ولدها , ويتقونه لأنهم كانوا يعتقدون أن ذلك يؤدي إلى فساد اللبن , فيصبح داء , فيفسد به جسم الصبي ويضعف , ولو كان هذا حقا لنهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم . قال صلى الله عليه وسلم : { لقد هممت أن أنهى عن الغيلة , فنظرت في الروم وفارس , فإذا هم يغيلون أولادهم . فلا يضر أولادهم ذلك شيئا } ومعنى هذا : لو كان الجماع حال الرضاع , أو الإرضاع حال الحمل مضرا . لضر أولاد الروم وفارس , لأنهم كانوا يصنعون ذلك مع كثرة الأطباء عندهم , فلو كان مضرا لمنعوهم منه , ولهذا لم ينه عنه صلى الله عليه وسلم . وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : { أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني أعزل عن امرأتي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم تفعل ذلك ؟ فقال : أشفق على ولدها , أو على أولادها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو كان ذلك ضارا ضر فارس والروم } وقال الفقهاء استنادا إلى حديث : { لقد هممت أن أنهى عن الغيلة . . . } , وحديث سعد بن أبي وقاص بجواز وطء المرأة المرضع وإرضاع المرأة الحامل ; لأنه لا ضرر من ذلك , ولو كان فيه ضرر لنهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم إرشادا . لأنه رءوف بالمؤمنين .
والله أعلم.
ـــــــــــــــ(40/16)
حدود الاستمتاع الجنسي بين الزوجين ... العنوان
ما المحرَّمات في الاستمتاع الجنسي بين الزوجين؟
... السؤال
16/08/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
جعل الشارع المساحة المباحة في العلاقات الجنسية واسعة النطاق ،ولم يحرم إلا أمورًا ضيقة ، وفي هذه النظرة التوسعية دعوة لكل من الرجل والمرأة للاكتفاء بالمعاشرة المباحة ،وترك كل علاقة محرمة ،والمحرم في العلاقة الجنسية بين الزوجين هو الجماع وقت الحيض ،والجماع في الدبر ،وكل استمتاع ثبت ضرره ،لأنه لا ضرر ولا ضرار،وماسوى ذلك فيرجع للعرف وللزوجين على أنه لا يجب إكراه أحد الزوجين للآخر في فعل شيء.
يقول الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي أستاذ الشريعة بسوريا :
إن الحقَّ المتبادل بين الزوجين ليس خصوص ( الجماع ) بل عموم ما سمّاه القرآن ( الاستمتاع ) ، وهذا يعني أن لكلٍّ من الزوجين أن يذهب في الاستمتاع بزوجه المذهب الذي يريد ، من جماع وغيره .ولا يستثنى من ذلك إلا ثلاثة أمور :
1ـ الجماع أيام الطَّمث . .
2ـ الجماع في الدبر ، أي الإيلاج في الشرج . .
3ـ المداعبات التي ثبت أنها تضرُّ أحد الزوجين أو كليهما ، بشهادة أصحاب الاختصاص أي الأطباء .
أما ما وراء هذه الأمور الثلاثة المحرَّمة ، فباقٍ على أصل الإباحة الشرعية . . ثم إن الاستمتاعات الفطرية التي تهفو إليها الغريزة الإنسانية بالطبع ، كالجماع ومقدِّماته ، حقّ لكلٍّ من الزوجين على الآخر ، ولا يجوز الامتناع أو التّأبِّي إلاّ عند وجود عذر مانع .
وأما الاستمتاعات الأخرى التي يتفاوت الناس ـ ذكوراً وإناثاً ـ في تقبُّلها ، ما بين مشمئزّ منها وراغب فيها ، فلا سبيل إليها إلا عن طريق التَّراضي ، أي فليس لأحد الزوجين أن يُكره الآخر على ما قد تعافه نفسه منها .
والله أعلم
ـــــــــــــــ(40/17)
الاستمتاع بالزوجة وقت الحيض ... العنوان
شيخي العزيز إذا كانت زوجتي في وقت الحيض ، وأردت أن أقضي شهوتي فهل يجوز لي أن أقضي شهوتي دون الجماع ؟ ... السؤال
28/04/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
للرجل أن يستمتع بزوجته وقت الحيض كيفما شاء ،إلا أن يجامعها .
يقول الدكتور القرضاوي :
للرجل أن يستمتع من زوجته مايشاء وقت الحيض ،إلا أن يجامعها ،وهذا منهج الوسطية في الإسلام،فالنصرانية تبيح للرجل الجماع وقت الحيض،واليهودية تمنع قرب الزوجة إطلاقًا،فجاء الإسلام بوسطيته التي تتلاءم مع الفطرة الإنسانية،وقد كانت بعض المفاهيم التي نقلت عن اليهودية موجودة ومنتشرة في المسلمين حتى ألغاها الإسلام، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة ذات مرة "ناوليني هذه الخمرة" يعني الغطاء، فقالت له: يا رسول الله إني حائض، فقال لها "إن حيضتك ليست في يدك" فهذا من بقايا تأثير اليهودية، وبعد ذلك قالت: كنت أشرب من القدح الذي يشرب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يشرب من ورائي، وكان يضع فاه موضع فيَّ وأنا حائض، من مؤانسة النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة أن يشرب من مكان شربها وهذا نوع من المؤانسة، كما جاء في الحديث "إن الرجل ليؤجر في كل شيء حتى في اللقمة يضعها في فم امرأته" فهذا نوع من المؤانسة، فهو يؤجر على هذا، لأنه يريد أن يُدخل السرور على امرأته ويزيد الرابطة بينهما، ويوثق المودة بينهما فهو مأجور على كل هذا كله.
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
الضابط ألا يأتيها في الدبر ولا يأتيها في القبل في حال الحيض أو النفاس أو تتضرر بذلك ، هذا هو الضابط ؛ لأن الله قال : "والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى ورآء ذلك فأولئك هم العادون " ( سورة المؤمنون 5-7)
فقد بين الله في هذه الآيات أن الرجل لا يلام على عدم حفظ فرجه عن امرأته وقال النبي صلى الله عليه وسلم في استمتاع الرجل بزوجته حال الحيض( اصنعوا كل شيء إلا النكاح) فلكل واحد من الزوجين أن يستمتع من الآخر بما شاء إلا في حال الحيض فلا يحل للرجل أن يجامع زوجته وهي حائض لقوله تعالى: (( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ))[ ا لبقرة 222].
. ومع هذا فله في حال الحيض أن يستمتع من زوجته بما دون الفرج كما سبق في الحديث، ولا يحل أن يجامعها أيضًا حال النفاس ، ولا أن يطأها في دبرها لقوله تعالى: (( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ)) ( سورة البقرة 223) ومحل الحرث هو الفرج فقط.
والله أعلم
ـــــــــــــــ(40/18)
حكم الوطء فى الدبر ... العنوان
ماحكم وطء الزوجة فى الدبر وهل تحرم على الزوج إن حدث ذلك؟ ... السؤال
04/12/1999 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... ذهب العلماء إلى تحريم الإتيان في الدبر إذا كان المقصود الجماع في الدبر، أما إذا كان بالاستمتاع دون الجماع فهذا كما حدث في الحيض، فالله تعالى يقول (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن) وجاء الحديث يفسِّر هذا أيضاً أن اصنعوا كل شيء إلا النكاح، كان لليهود أيضاً من طريقتهم أن المرأة إذا حاضت لا يساكنونها، يعني أن الشخص يذهب بعيداً عنها، ينام في حجرة وهي في حجرة، لا يأكل معها ولا يشرب من مكانها، وظل هذا عند بعض المسلمين، على خلاف النصارى ليس عندهم أي شيء ممنوع في هذا فكانوا يجامعونها وهي حائض،فالإسلام جاء وقال: اترك الجماع في موضع الحيض أي في الفرج، والباقي مسموح به فيما دون ذلك، فكل شيء بعيداً عن الفرج يستمتع به.
قال بعض الفقهاء أن من حق القاضي إذا عرف أن زوجين يفعلان ذلك أن يطلِّق المرأة من زوجها، إنما ليس بمجرد الإتيان يتم الطلاق، وعلى المرأة أن ترفض هذا لأن المرأة السوية لا تتلذذ بهذا، قد تتضرر وتتأذى، والقرآن قال عن المحيض (قل هو أذى) فكيف بالمكان الذي أصله موضع قذارة بطبيعته، وبعض الصحابة ومنهم سيدنا عبدالله بن عمرو سماه اللوطية الصغرى لأنه أشبه بعمل قوم لوط، فهو يذكِّر بهذه الفاحشة التي أهلك الله بها قوماً وما خلق الله المرأة لمثل هذا، فهذا ضد الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ولذلك جاء في عدد من الأحاديث وإن كان فيها شيء من الضعف ولكن يقوي بعضها بعضاً، وبعضها ثابت بأحاديث موقوفة عن ابن عباس وعن ابن عمرو، والأحاديث الموقوفة في هذا لها حكم الرفع "إن الله لا ينظر إلى من أتى امرأته في دبرها"، "ملعون من أتى امرأته في دبرها"، "اتق الحيضة والدبر"، و غير ذلك من الأحاديث حول هذا الموضوع كلها تؤكد تحريم هذا الأمر، فلو أن رجلاً طلب من امرأته هذا يجب عليها أن ترفض وأن تقول له أن هذا لا يجوز، وأن هذا حرام.
ـــــــــــــــ(40/19)
حدود الجماع ... العنوان
ما حدودالعلاقة الجنسية بين الزوجين؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم
بالنسبة لقضية الفم أول ما سُئلت عنها في أمريكا وفي أوروبا عندما بدأت أسافر إلى هذه البلاد في أوائل السبعينات، بدأت أُسأل عن هذه الأشياء، هذه الأشياء لا نُسأل عنها في بلادنا العربية والإسلامية، هم معتادون على التعري عند الجماع، طبعاً نعرف أن هذه مجتمعات عُري وتبرج وإباحية المرأة تكاد تتعرى من لباسها، فأصبح الناس في حاجة إلى إثارة غير عادية، نحن عندنا الواحد لا يكاد يرى المرأة إلا منقبة وإما محجبة، فأي شيء يثيره، أما هناك فهو محتاج إلى مثيرات قوية، ولذلك لجأوا إلى التعرِّي وقلنا :إن التعرِّي لا شيء فيه من الناحية الشرعية وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم يقول "احفظ عورتك إلا عن زوجتك وما ملكت يمينك" الآن في هذا الأمر إذا كان المقصود به التقبيل فالفقهاء أجازوا هذا، إن المرأة لو قبَّلت فرج زوجها ولو قبَّل الزوج فرج زوجته هذا لا حرج فيه، وإذا كان القصد منه الإنزال فهذا الذي يمكن أن يكون فيه شيء من الكراهة، ولا أستطيع أن أقول الحرمة لأنه لا يوجد دليل على التحريم القاطع، فهذا ليس موضع قذر مثل الدبر، ولم يجئ فيه نص معين إنما هذا شيء يستقذره الإنسان، إذا كان الإنسان يستمتع عن طريق الفم فهو تصرف غير سوي، إنما لا نستطيع أن نحرمه خصوصاً إذا كان برضا المرأة وتلذذ المرأة (والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم، فإنهم غير ملومين * فمن ابتغي وراء ذلك فأولئك هم العادون) فهذا هو الأصل
ـــــــــــــــ(40/20)
حكم الجماع في الدبر ... العنوان
ما حكم الشرع في رجل يُصِرُّ على مجامعة زوجته في دبرها وهي كارهة لذلك ؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... إتيان النساء في أدبارها حرام؛ لأن الله عزوجل يقول: "فأتوا حرثكم أنى شئتم "، وموطن الحرث ليس هو الدبر، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى النساء في أدبارهن فلقد كفر بما أنزل على محمد" ، وهو فعل حرام باتفاق المذاهب الإسلامية الأربعة وغيرهم، وعلى المرأة أن تمتنع من ذلك، وامتناعها لا يُعَدُّ عصيانًا لزوجها ولا خروجًا عن طاعته، ولها أن تطلب التطليق إذا أصر على ذلك أو أذاها به، والزواج مع هذه الفعلة القبيحة صحيح ومستمر إلا أن ذلك حرام واقع في عقد صحيح، والله أعلم.
ـــــــــــــــ(40/21)
الزواج بامرأة ارتكب معها مقدمات الزنا ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز الزواج من امرأة فعلت معها مقدمات الزنى من وضع الذكر فوق المنطقة دون إدخال أو في الدبر دون إنزال فيه أفيدوني جزاكم الله خيرا
... السؤال
أ.د. عبد الفتاح إدريس ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد، فإن ما اقترفته يعد أمرا محرما وهو من قبيل اللواط لما حدث في الدبر، وما فعلته بالنسبة للقبل فإنه يعد مقدمة من مقدمات الجماع في الفرج، ولا يؤمن معه أن يقع من عضو التناسل بعض السائل المنوي في قُبل هذه التي تريد الزواج منها؛ فيحدث الحمل بسبب ذلك وهذا كله نتيجة التسيب والتحلل من شرع الله سبحانه وتعالى الذي أوصلكما إلى هذه الدرجة من العلاقة الآثمة بينكما، وإذا كنت تريد الزواج منها فبادر بذلك قبل أن يحدث بينكما ما لا تحمد عقباه قبل الاقتران بها فربما ملكت نفسك في هذه المرة فلم تولج في القبل، وفي المرة التالية ربما كانت زنا حقيقياً لا يمكن تدارك الأمر فيه، والزنا أو اللواط لا تقام عقوبته إلا بإقرار أو إثبات بشهادة الشهود فإذا لم يكن هناك إقرار منكما باقتراف هذه الفاحشة ولم تكن عليكما البينة بذلك فلا تقام عليكما عقوبة اللواط أو مقدمات الزنا، ولكن لا ينفي هذا أنكما اقترفتما أمراً عظيما عند الله سبحانه وتعالى، ويجب عليكما أن تكفرا عن فعلتكما هذه بالزواج؛ فهذه هي النتيجة المنطقية المترتبة على هذه العلاقة التي بلغت الغاية
ـــــــــــــــ(40/22)
أوهام في أمر إتيان المرأة من دبرها
تاريخ الفتوى : ... 25 محرم 1428 / 13-02-2007
السؤال
تعرفت على فتاة وأبلغت أخاها برغبتي بالزواج منها -- وحدثت بيننا اتصالات عبر الهاتف الجوال
ووقع المكروه حيث بدأنا نتطرق إلى الأوضاع الجنسية لاستجلاب اللذة -- وأخيرا طلبت منها أن تضع أصبعها في دبرها لاستجلاب اللذة وفعلت - رغم علمنا نحن الاثنين بأن الرجل تحرم عليه زوجته إن أتاها من دبرها يشهد الله بأنني نادم وأعتزم التوبة لله ولكن ما حكم زواجي منها عبر معاشرتي لها من دبرها من خلال الهاتف الجوال؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليكما أن تتوبا إلى الله تعالى مما وقع منكما من الحديث بالباطل، وتندما على فعلكما، وتعزما على عدم العودة إلى مثله أبداً، ولا شك أنَّ ما وقع منكما أمرٌ محرم.
وننبهك إلى أوهام وقعت في سؤلك:
أولاً: أن إتيان الرجل المرأة في دبرها أمر محرمٌ، وصاحبه ملعون على لسان سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن لا تحرم الزوجة على زوجها إن أتاها في دبرها.
ثانياً: ليس حكم إدخال المرأة أصبعها في دبرها بوسوسة زوجها أو أجنبي يريد الزواج بها مما يحرمها عليه، فإن كان من أغراها بهذا الفعل هو زوجها فعقد النكاح باقٍ ولا تحرم عليه، وإن كان من أغراها بذلك أجنبي لم يحرم عليها أن ينكحها.
ثالثاً: ليس حكم ما وقع عن طريق الهاتف من الكلام الفاحش، كحكم وقوع الفاحشة مباشرة، فإن وقوع الفاحشة مباشرة من كبائر الذنوب والعياذ بالله، وليس هذا تقليلاً من قبح ما وقع بينكما عبر الهاتف، فكلٌّ منهما محرم، ولكنْ لكلٍ حكمه في الشرع.
وعليه؛ فلا مانع من أن تتقدم وتعقد على هذه المرأة، واحرص على أن تكون منْ تختارها صاحبة دين وخلق. وفقك الله لمرضاته .
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/23)
حكم من عاقر الخمر وأتى زوجته في دبرها
تاريخ الفتوى : ... 26 ذو الحجة 1427 / 16-01-2007
السؤال
ما حكم شارب الخمر اذا وقع على زوجته من الدبر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإتيان الزوجة من الدبر كبيرة من الكبائر، لقوله صلى الله عليه وسلم: من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. رواه الترمذي عن أبي هريرة. وفي رواية: فقد برىء مما أنزل على محمد. وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه: ملعون من أتى امرأة في دبرها.
ثم إن الخمر هي أم الخبائث، وهي محرمة بالكتاب والسنة والإجماع، ومما جاء من الوعيد فيها قوله صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه. فإن عاد الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب لم يتب الله عليه وسقاه من نهر الخبال. قيل يا أبا عبد الرحمن: وما نهر الخبال؟ قال: نهر من صديد أهل النار. رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وصححه الألباني.
وعليه، فشارب الخمر إذا وقع على زوجته من الدبر يكون قد ارتكب ذنبين عظيمين جدا، ولا يعذر في فعله الثاني بأنه كان سكرانا؛ لأنه هو الذي أدخل ذلك على نفسه.
ومع قبح ما ارتكبه من الإثم فإنه إذا تاب تاب الله عليه، كما جاء في الحديث الشريف.
وشروط التوبة قد بيناها من قبل، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 5091.
وعلى أية حال، فإن الزوجة لا تحرم على من ارتكب هذه الكبائر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/24)
حكم نزول الدم بعد الجماع بناء على أن الدورة انتهت
تاريخ الفتوى : ... 07 ذو الحجة 1427 / 28-12-2006
السؤال
لاحظت نزول دم مع ألم
بعد مجامعتي زوجي علما بأني كنت في 5 يوم من الدورة الشهرية على أساس أن الدورة الشهرية قد انتهت علما أني متزوجة من 9 أشهر فما الرأي الشرعي والطبي في ذلك ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد أن الجماع قد حصل بعد انقطاع الحيض والغسل منه في اليوم الخامس من بدايته ثم نزل دم بعد الجماع فإنه لا إثم فيه، لأنه حصل في فترة يعتقد أنها طهر، إلا أن هذا الدم النازل هنا يعتبر حيضا إن كان في زمن العادة إذ إن العادة قد تزيد وقد تنقص؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم:31013، فإن استمر أكثر من زمن العادة فانظري حكم ذلك في الفتوى رقم: 29962.
ولبيان علامتي الطهر من الحيض راجعي الفتوى رقم:3893، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية:2299، 20754، 69363، 18132.
أما ما يتعلق بالمسألة طبيا فينبغي الرجوع فيه إلى الأطباء وأهل الخبرة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/25)
لا يمكن حصول الحمل عن طريق الإتيان من الدبر
تاريخ الفتوى : ... 04 شعبان 1427 / 29-08-2006
السؤال
أخت تقول: إن زوجها جامعها فى دبرها لمرة واحدة وتظن أن هناك حملا نتج عن هذا، السؤال هو: كيف يتوبا مما فعلا، وهل هناك كفارة على فعلهما هذا؟
السؤال الثانى: هل حقا يمكن أن يحدث حمل إذا جامع الرجل زوجته فى دبرها، وما هو حكم هذا الجنين، هل يكون هكذا من طريق غير شرعي؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتوبة مما وقعا فيه بأمور:
أولها: الإقلاع عن هذا الفعل القبيح.
ثانيها: الندم على ما حدث.
ثالثها: العزيمة الصادقة على أن لا يعودا إلى ذلك أبداً.
وينبغي إضافة إلى ذلك أن يكثرا من الصدقات وأعمال الخير والبر، فإن الحسنات يذهبن السيئات. وليس لهذا الذنب كفارة معينة.
وأما الحمل فلا يمكن أن يكون عن طريق الإتيان من الدبر، لأنه ليس طريقاً للولد.
ولمعرفة عقوبة الوطء في الدبر في الآخرة انظر الفتوى رقم: 4340.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/26)
هل يطلق زوجته لكونها تطلب الجنس الشرجي
تاريخ الفتوى : ... 25 رجب 1427 / 20-08-2006
السؤال
تزوجت من امرأة ثيب وبعد فترة من الزواج صارحتني بأنها تحب الجنس الشرجي وأنها تعودت عليه من زوجها السابق وأصبح كالإدمان بالنسبة لها، وأنا الآن أشعر باشمئزاز ونفور منها بسبب ذلك، فهل إن طلقتها بسبب هذه العادة السيئة يكون حراما؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال على ما ذكرت من أن هذه المرأة قد طلبت منك إتيانها في دبرها فقد أساءت بذلك، ولا يجوز لك تلبية طلبها هذا، بل الواجب عليك نصحها بأن تتقي الله تعالى وتخشى عقابه وتذكرها بأن هذا الفعل من أعظم المنكرات، وأن كون المرأة زوجاً لا يبيح للزوج أن يفعل معها ذلك، وراجع في حكم اللواط الفتوى رقم: 36217.
وينبغي أن تذكرها أن إدمانها هذا الأمر لا يعني استحالة تركها له، وأن صدقها مع الله سبحانه في توبتها يعينها على الإقلاع عن هذه العادة القبيحة، ولا نرى أن تعجل إلى تطليقها، ولكن إن أصرت على ذلك بعد نصحها، فالأولى أن تطلقها إذ لا تؤمن أن تجرك إلى هذا الفعل أو أن تسعى في فعل ذلك مع غيرك ما دامت على هذا الحال من استحكام هذه العادة في نفسها.
وننبه إلى أن الطلاق في الأصل مباح، فلا يحرم على الزوج الإقدام عليه ولو لم يكن سبب، ولكنه يكره في هذه الحالة، وأولى أن لا يحرم مع وجود سبب، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 12963.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/27)
حكم إتيان المرأة في الأيام التي تشك فيها نزول الحيض
تاريخ الفتوى : ... 02 ذو الحجة 1426 / 02-01-2006
السؤال
هل لإتيان المرأة في أيام تشك فيها نزول الحيض (الدورة الشهرية) من كفارة، وما هي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوطء في الحيض كبيرة، وعلى من وقع فيه كفارة، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 144، والأخت السائلة لا يخلو ما رأته من أمرين:
الأمر الأول: أن تكون ما رأته سوائل ليست على صفة الدم، فهذه السوائل ليست حيضاً، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 10039، وبناء عليه فليس على الزوج حرج ولا كفارة من وطئها.
الأمر الثاني: أن تكون رأت دما فلا تخلو من أمرين:
الأول: أن تكون رأته حال كونها طاهراً، فإذا كان الدم الذي رأته قد حصل بعد خمسة عشر يوماً من بداية الطهر من الحيضة السابقة فإنه يعتبر دم حيض يترتب على خروجه ما يترتب على دم الحيض، وإن كانت معاودته قبل مضي خمسة عشر يوماً فلا يعتبر دم حيض، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 24241، والفتوى رقم: 12110.
الثاني: أن تكون رأته وهي حائض، فالأصل بقاء الحيض حتى ترى الطهر، وعلامة الطهر سبق بيانها في الفتوى رقم: 41138. وعليه.. فيلزم الزوج التوبة والكفارة التي سبق بيانها في الفتوى المحال عليها آنفاً. وإن كانت هذه المرأة إنما تتوقع نزول الدم، ولم ينزل بعد منه شيء، فهذه طاهر يجوز لزوجها منها ما يجوز له من الطاهر إلى أن تحيض بالفعل، ولا عبرة بتوقعها نزول الحيض.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/28)
المسلم مأمور باجتناب جميع الفواحش
تاريخ الفتوى : ... 03 ذو الحجة 1426 / 03-01-2006
السؤال
أيهما أكثر حرمة الزنا أم اللواط، وإذا خيرت بين أحدهما، فأيهما أقل حرمة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا أن جريمة اللواط أخطر من جريمة الزنا وأقبح وذلك في الفتوى رقم: 44654 فراجعها.
والواجب على المسلم اجتناب الجريمتين معاً، فهو ليس مخيراً بينهما بل مأمور باجتنابهما، لأن كون اللواط أقبح من الزنا لا يقلل من قبح الزنا، بل هو من أقبح القبائح وأعظم الفواحش عند الله تعالى، فقد حذر منه في محكم كتابه، فقال سبحانه: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32}.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال: تقوى الله وحسن الخلق، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار؟ فقال: الفم والفرج. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه الترمذي وحسنه الألباني وشعيب الأرناؤوط.
ولمعرفة عقوبة الزاني الدنيوية والبرزخية والأخروية راجع الفتوى رقم: 26237.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/29)
الوطء في الحيض إذا كان عن غير عمد
تاريخ الفتوى : ... 06 رمضان 1426 / 09-10-2005
السؤال
الشيخ الكريم
لقد كانت زوجتي حاملا في الشهر الثاني و قد أجهضت وبعد أربعة أيام من الإجهاض انقطع الدم عن النزول فقمت وجامعتها واتضح في اليوم التالي أنها مازالت حائضا . وسؤالي هو هل توجد كفارة لما فعلته من جماعها إثناء الحيض علما بأن ما فعلته كان عن دون علم بأنها مازالت حائضا ؟ أفيدونا مشكورين.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبق أن الدم النازل بسبب إسقاط الجنين قبل أن يتخلق والتخلق لا يكون قبل واحد وثمانين يوما ليس دم نفاس بل دم فساد لا يمنع من صلاة ولا صيام ولا وطء كما سبق في الفتوى رقم: 56767، إلا أن يوافق عادتها أو يظهر فيه أوصاف الحيض كاللون أو الرائحة فيكون حيضا، ولا يجوز جماع الزوج لها بعد انقطاع الدم وقبل الغسل أحرى قبل انقطاعه، ولكن ما دام ذلك قد تم عن غير عمد فلا إثم فيه ولا كفارة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 38709.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/30)
الفتوى : ... حكم الجماع بعد انقطاع الدم وقبل الغسل
تاريخ الفتوى : ... 13 رجب 1426 / 18-08-2005
السؤال
أنا في اليوم الرابع أو الخامس من الدورة ومع التأكد بعدم وجود الدم ولكن دون رؤية طهر الاغتسال ودون الاغتسال حصل مداعبة مع زوجي وادخل الجزء العلوي فقط من عضوه في عضوي واستمتعنا كلانا بالآخر فهل ارتكبت ذنبا وماذا أفعل ليغفر ربي ذنبي
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليكما أن تتوبا إلى الله تعالى من ارتكابكما هذا الفعل المحرم وهو المجامعة قبل انقطاع الحيض والاغتسال منه.
وقد سبق في الفتوى رقم: 26798 ما يجب عليكما فعله مع التوبة إلى الله تعالى.
وحتى ولو كان الدم قد انقطع ورأيت علامة الطهر فلا يجوز الجماع قبل الغسل.
قال ابن قدامة في المغني عند قول الخرقي: فإن انقطع دمها فلا توطأ حتى تغتسل، وجملته أن وطء الحائض قبل الغسل حرام وإن انقطع دمها في قول أهل العلم. قال ابن المنذر وهذا كالإجماع منهم.
وقال أحمد بن محمد المروزي: لا أعلم في هذا خلافا.
وقال أبو حنيفة: إن انقطع الدم لأكثر الحيض حل وطؤها وإن انقطع لدون ذلك لم يبح حتى تغتسل أو تتيمم أو يمضي عليها وقت صلاة.. ولنا قوله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ
يعني إذا اغتسلن هكذا فسره ابن عباس، إلى أن قال: فشرط في الإباحة شرطين انقطاع الدم والاغتسال فلا يباح إلا بهما. انتهى.
ولبيان علامة الطهر للفائدة راجعي الفتوى رقم: 50644.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/31)
إتيان المرأة في الدبر
السؤال
من أتى زوجته في غير ما أحل له الله وقد تكرر هذا الشيء مراراً على نحو متقطع وفي كل مرة يتوب إلى الله بالعهد والوعد بعدم الرجوع إلى ذلك العمل (هل من توبة وهل الزوجة حلٌ لزوجها)، مع العلم يوجد طفلة عمرها سنتان، انقطع العمل عن ذلك الفعل لمدة سنة ومن فترة وجيزة تم الرجوع إليه على علم ويقين بالفعل ومن ثم الندم بعده الغريب بالأمر، هو سحر أم جهل أو تعمد الفعل دون الاستهزاء بجلال الله بفعل الأمر، ولكن شهوة الفعل نفسه بعض الأحيان أو تزين العمل من الشيطان، تم التوبة نهائيا من الفعل الأخير فما المترتب على الطرفين بهذه الحالة، وما الحكم الشرعي له وما شروط التوبة له، مع العلم بمحافظته على الصلاة بجميع الفروض إلا الفجر، للعلم بدأت هذه المشكلة من الشهر الثاني للزواج وقد أتم الزواج الآن السنة الثالثة، وعند بداية المشكلة حلف الزوج على غير علم بالطلاق لردع نفسة عن فعل ذلك مع زوجته وبعدها سأل أحد المشايخ بهذا الموضوع لجهله بيمين الطلاق أي لم يقصد أن يطلق الزوجة أيامها ولأنها حامل بذلك الوقت بالشهر الرابع، أمره الشيخ بإخراج كفارة عن اليمن لعدم فهم المقصد له وعدم العودة إلى هذا الفعل وبعدها تكرر فعل الذنب مرات متقطعة والندم بعده مراراً والتسليم بعدم العودة ولكن ضعف الإرادة والإيمان يجعل للشيطان الرجيم بابا لهذا الغرض، ما الحل والحكم الشرعي الرادع مع أنه محب جدا لزوجته وابنته؟ جزاكم الله خيراً الإجابة على السؤال بسرعة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينظر في تحريم وطء الزوجة في الدبر الفتوى رقم: 10455، ومن حلف بطلاق زوجته إن عاد إلى هذا الفعل الشنيع ثم حنث وقعت طلقة نوى الطلاق أو لم ينوه عند الجمهور، لأن لفظ الطلاق الصريح نجزه أو علقه لا يحتاج إلى نية ولا يمنع من وقوع الطلاق كونها حاملاً، ولا تقع إلا طلقة واحدة وإن أتاها في دبرها مراراً إلا أن يقول لفظاً يفيد التكرار كأن يقول كلما فعلنا كذا فأنت طالق، فإن قال ذلك وقع بكل جماع طلقة، ومن العلماء من يقول بأن الحالف بالطلاق لا يلزمه إلا كفارة يمين.
والواجب على الزوجة أن تمتنع عن زوجها إن أراد منها الحرام، وأن تذكره بالله تعالى، والواجب على الزوجين التوبة بشروطها المذكورة في الفتوى رقم: 5091، وفق الله الجميع لطاعته.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/32)
الفتوى : ... يحرم على المرأة أن تمكن زوجها من جماعها في الأماكن والأحوال الممنوعة شرعا
تاريخ الفتوى : ... 03 رجب 1426 / 08-08-2005
السؤال
ما حكم المعاشرة الجنسية بين الأزواج في الإسلام وهل طلب الرجل من زوجته الجماع من حين لآخر في أماكن ممنوعة من حقه، وما حكم الشرع على الزوج والزوجة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طلب الزوج إتيان الزوجة في أماكن ممنوعة، لا يجوز له ذلك، ولا يجوز لها طاعته فيه، والممنوع في الاستمتاع بالزوجة هو الإتيان في الدبر وأثناء الحيض، وما عدا ذلك فهو مباح وليس بممنوع، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 3907.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/33)
الفتوى : ... الرد على ماقرره السيوطي من عدم ثبوت حديث مرفوع بتحريم إتيان المرأة في الدبر
تاريخ الفتوى : ... 28 جمادي الثانية 1426 / 04-08-2005
السؤال
ما قولكم فيما ورد في تفسير السيوطي حول تفسير الآية <نساؤكم حرث لكم ،،،،،> حيث إنه يقرر بعدم ثبوت أي حديث مرفوع بتحريم الإتيان في الدبر ، وإنما يقول أن بعض الأحاديث الموقوفة على الصحابة هي الصحيحة، ويصحح حديث ابن عمر (رضي الله عنه) في تحليل ذلك الأمر، والحديث وارد في صحيح البخاري
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وطء المرأة في دبرها حرام بالكتاب والسنة , وهو قول جماهير السلف والخلف , بل هو اللوطية الصغرى كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وقد تقدمت لنا فتاوى في حكمه منها الفتوى رقم 8130
وأما ما قرره السيوطي من عدم ثبوت أي حديث مرفوع في تحريم ذلك ، وبأن ما ورد موقوف على الصحابة فقد قال بذلك غيره من الآئمة، لكن مجموع هذه الأحاديث يصلح للاحتجاج كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري حيث قال عند شرح حديث ابن عمر : وذهب جماعة من أئمة الحديث كالبخارى والذهلي والبزار والنسائي وأبي على النيسابوري إلى أنه لا يثبت فيه شيء قلت لكن طرقها كثيرة فمجموعها صالح للاحتجاج به ويؤيد القول بالتحريم أنا لو قدمنا أحاديث الإباحة للزم أنه أبيح بعد أن حرم والأصل عدمه فمن الأحاديث الصالحة الإسناد حديث خزيمة بن ثابت أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة وصححه ابن حبان وحديث أبي هريرة أخرجه أحمد والترمذي وصححه ابن حبان أيضا وحديث ابن عباس وقد تقدمت الإشارة إليه وأخرجه الترمذي من وجه آخر بلفظ لا ينظر الله إلى رجل آتى رجلا أو امرأة في الدبر وصححه ابن حبان أيضا وإذا كان ذلك صلح أن يخصص عموم الآية ويحمل على الإتيان في غير هذا المحل بناء على أن معنى (أنى) حيث وهو المتبادر إلى السياق ويغني ذلك عن حملها على معنى آخر غير المتبادر والله أعلم " انتهى
وفي نفي شبهة ما روي عن ابن عمر راجع الفتوى رقم: 24417، والفتوى رقم : 21843.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/34)
شذوذ الرجل جنسيا.. توصيات وحلول
تاريخ الفتوى : ... 10 جمادي الثانية 1426 / 17-07-2005
السؤال
أخواتي في الله أني من أسرة متدينة ومواظبة على الصلاة والفرائض وأقوم بكل واجباتي الشرعية والزوجية، مشكلتي أن زوجي يطلب أشياء غريبة حتى يبلغ نشوته فهو لا يقربني ألا إذا مصيت له (......) ويهددني أن هذا حقه وواجب أن أطيعه وإلا يغضب الله علي، ووصل الأمر للطلاق عندما أخبرته أني لا أستطيع القيام ببعض الأمور فهو ينزل الـ (....) في فمي وأغلب الأحيان يطلب أن أقف وأتبول عليه ولبيت طلبه عدة مرات حتى كانت ليلة الغضب عندما ضاجعني من الخلف وسبب ألما لا يطاق وعند ما أرفض لا يتورع عن ضربي أمام الأولاد ويتهمني بأني ناشز، كما أنه يقوم بلحس (.......) ويدخل فيه أشياء تسبب لي آلاما شديدة وأحتمل في سبيل الأولاد لا يوجد في الدنيا من أجرؤ على طرح مشكلتي عليه سوى أنتم وأحدى صديقاتي التي نصحتني أن أستفتيكم فهي عضوة عندكم وكون جميع السبل قد لجأت إليها معه ولم أنجح فلا سبيل أمامي إلا التحمل، ولكن أريد الاطمئنان هل أعاقب على هذه الأعمال وأنا مجبرة ولا معيل لي سواه، وعندي طفلان صغيران وماذا أفعل لأكفر عن ذنبي إن كنت مذنبة وأنا أعرف أن ممارسة العادة السرية حرام، ولكنه يجبرني أحيانا على إدخال أصبعي أو قطعة بلاستيكية قال إنه شاهد النساء يدخلنها في (......) وأثناء ذلك يقوم هو بالاستمناء ويحقق لي كل ما أريد وعندما أرفض يضربني ويجعل أيامي جحيما أفتوني ولا تهملوا رسالتي بحق الله، فأنا أتعذب ليل نهار كما أنه أجبرني مرتين على مشاهدة أفلام خليعة مقززة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر على ما ذكرت فهذه مصيبة عظيمة وبلية من أشنع البلايا وبرهان كبير على شذوذ هذا الرجل وانتكاسة فطرته، حيث يطلب منك أموراً يستحي العقلاء منها ويأنف أصحاب الفطر السليمة عن فعلها، وذلك أن هذه الأمور بعضها تضافرت نصوص الشرع على تحريمه، ومن ذلك الوطء في الدبر، ومنها ما يخالف آداب الإسلام، وراجعي الفتوى رقم: 2146.
فعلى هذا الرجل أن يتقي الله تعالى ويكف عن هذه الأعمال القبيحة هذا من جهته هو، أما من جهتك أنت فلا يجوز لك بحال أن تطيعيه فيما حرم الله تعالى من الإتيان في الدبر، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، وإن أصر على موقفه فهدديه بفضح أمره ورفع أمره إلى القاضي لطلب الطلاق منه، وراجعي الفتوى رقم: 50840، والفتوى رقم: 39645.
ولتعلمي أختاه أن الله تعالى لن يضيعك إذا تمسكت بأمره واجتنبت ما حرم عليك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/35)
ما ذكر من ابن عمر ومالك في إباحة الوطء في الدبر لا يثبت
تاريخ الفتوى : ... 07 جمادي الثانية 1426 / 14-07-2005
السؤال
سماحةالشيخ: يوسف القرضاوي.. وبعد: سبق وأن تم الفتوى من قبلكم بخصوص الجماع للزوجة بالدبر، وقد أجبتم حفظكم الله (أن هناك أحاديث ضعيفه تقوي بعضها بعضا في تحريمه)، ولكن هناك أحاديث صحيحة تبيحه كما تعلمون رويت عن ابن عمر وما أفتى به الامام مالك بتحليله، فهل يجوز لي ذلك للضرورة، وهل تعتبر مسأله خلاف بين العلماء؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب المحققون من أهل العلم إلى القول بتحريم إتيان النساء في أدبارهن، وكنا قد أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 8130.
ونزيد هنا تلخيصاً للمسألة وما نسب من ذلك إلى ابن عمر ومالك رضي الله عنهما من كتاب صاحب أضواء البيان للشنقيطي حيث يقول: ... قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ. ما نصه: وما استدل به المخالف من أن قوله عز وجل (أَنَّى شِئْتُمْ) شامل للمسالك بحكم عمومها فلا حجة فيها إذ هي مخصصة بما ذكرناه وبأحاديث صحيحة حسان شهيرة رواها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر صحابياً بمتون مختلفة كلها متواترة على تحريم إتيان النساء في الأدبار ذكرها أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم إلى أن قال: وهذا هو الحق المتبع والصحيح في المسألة. ثم قال رحمه الله عما نسب إلى ابن عمر قال: وقد روي عن ابن عمر خلاف هذا وتكفير من فعله وهذا هو اللائق به رضي الله عنه، وكذلك كذب نافع من أخبر عنه بذلك كما ذكر النسائي، وأنكر ذلك مالك واستعظمه وكذب من نسب ذلك إليه. وروى الدارمي في مسنده عن سعيد بن يسار أبي الحباب قال: قلت لابن عمر: ما تقول في الجواري حين أحمض لهن؟ قال: وما التحميض؟ فذكرت له الدبر، فقال: هل يفعل ذلك أحد من المسلمين. انتهى.
وبهذا تعلم حرمة هذا الأمر وشناعته فضلاً عن أنه يخالف الفطرة ويسبب أمراضاً خطيرة أثبت الأطباء وقوعها عند اقتراف هذا الفعل، وما ذكرته من ضرورة لا وجه له البتة، وعليه فالخلاف في المسألة ليس خلافا معتبراً بحيث يسوغ فيه تقليد المخالف، علما بأن هذا الموقع ليس تابعاً للشيخ يوسف القرضاوي وليس هو أحد المفتين فيه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/36)
ـــــــــــــــ
حكم طلب الزوجة الطلاق بسبب إرغام زوجها لها على اللواط
تاريخ الفتوى : ... 23 جمادي الأولى 1426 / 30-06-2005
السؤال
أنا امرأة متزوجة وملتزمة لله الحمد
أريد أن أ عرف هل يجب على الزوجة أن تطلب الطلاق إذا كان زوجها يرغمها على أن يجامعها في الدبر مع العلم أنه يعرف أن ذلك حرام و إذا كان أيضا تاركا للصلاة منذ مدة طويلة مع العلم بأنه يصوم. لا أعرف ماذا أفعل فقد نصحته فأنا أحبه ولكن أحبه أن يلتزم. إذن فهل علي أن أطلب الطلاق أم ماذا أفعل أجيبوني بسرعة جزاكم الله خيرا.
عندي مشكلة أخرى فزوجي يطلب منى أن أستعمل حبوب منع الحمل لمدة سنتين أو أكثر فهل يجوز لي أن أتركهم بغير علمه و هل يكون ذلك خيانة له مع العلم أنه ليس عندنا أطفال لحد الآن ونحن متزوجان منذ ما يقارب السنة. أنا محتارة فأجيبوني و ادعو الله لي و لزوجي جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم الجماع في الدبر في الفتوى رقم 203 ، وذكرنا أن للزوجة طلب الطلاق ويكون هذا سببا يبيح لها طلب الطلاق، بل يجب عليها نصح الزوج وتحذيره من هذا الذنب ومن العقوبة الشديدة المترتبة عليه ومن ذلك ما رواه الترمذي والنسائي: لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في دبرها وحسنه الترمذي وصححه الألباني. فإن لم يستجب ولم تقدر المرأة على الامتناع منه فرق بينهما، وتراجع الفتوى رقم: 10455.
وأما تركه للصلاة كليا فهذا ذنب أعظم، بل قد دلت النصوص الشرعية على كفره، فيجب على الزوجة نصحه وتحذيره من ترك الصلاة ، فإن لم يستجب فيتأكد في حقها طلب الطلاق ، بل قد ذهب بعض العلماء إلى عدم جواز بقائها في عصمته بناء على أنه كافر كفرا مخرجا من الملة ، ولا يجوز لمسلمة أن تنكح كافرا، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم 11530
وأما مسألة حبوب منع الحمل ، فلا يجوز للزوج جبر زوجته على استعمال أي من موانع الحمل إلا برضاها فإن لها الحق في الولد مثله .
وعليه؛ فلها الحق في عدم تناول هذه الحبوب ، ولكن الأفضل أن يكون هذا بعلم الزوج حتى لا تحدث مشاكل في حالة ترك تناولها بدون علمه وحدوث حمل.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/37)
لا إثم على من رأت في المنام أنها توطأ في دبرها
تاريخ الفتوى : ... 24 ربيع الأول 1426 / 03-05-2005
السؤال
تزوجت منذ سنتين، ويوما طلبت مني زوجتي أن أطأها في دبرها فرفضت رفضا قاطعا وهددتها بالطلاق فوعدتني بأن لا تعود لذلك وبعد مرور ثلاثة أسابيع طلبت مني نفس الطلب بل وألحت كثيرا وقالت لنجرب فقط مرة واحدة في حياتنا،علما بأني مقيم بأوربا ولا أرجع إلى البلاد إلا بعد سنة وعندما رجعت إلى أوربا كنت خائفا أن تفعل ما لم أفعله معها وتحقق ما في نفسها وبعد شهرين تكلمت معها عبر الهاتف فقالت لي بأنها احتلمت بشاب وهو يطؤها في دبرها فبدأت عليها بالسب والشتم وقلت لها بأن ذلك حقيقة وليس احتلاما فأقسمت لي بأنه مجرد احتلام الآن أنا حائر ولا أفكر إلا في الطلاق أوعدمه، ما حكم الإسلام في هذه الزوجة وهل أستمر معها؟ ثانيا هل الاحتلام له علاقة بالواقع أم لا وهل ثأترت زوجتي بأحد الشباب فاحتلمت به مالسر في ذلك ؟ الآن أنا حائر في أمري، أفيدوني.
جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوطء في الدبر من المحرمات وانظر الفتوى رقم: 26316، وما فيها من الإحالات، ونرى أن تعرض الفتوى على زوجتك، نسأل الله أن يحفظها من الذنوب والفواحش، وأن يدلها على الخير، وأن يأخذ بناصيتها إلى البر والتقوى، وأن يرزقها التوبة النصوح. ولا نرى مبررا للطلاق بل عليك بنصحها وتذكيرها، وما رأته في منامها فلا إثم عليها فيه ولا لوم، ولكن ما كان ينبغي لها أن تخبرك بذلك، فإن الإخبار بذلك سبب لإثارة الشكوك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/38)
لا يصح عن مالك ولا غيره من العلماء المتبوعين تجويز الوطء في الدبر
تاريخ الفتوى : ... 08 محرم 1426 / 17-02-2005
السؤال
هل صحيح أن سيدنا مالك بن أنس سئل عن إتيان الزوجة في الدبر فقال (الآن اغتسلت منه) وهل صحيح أن أحد الأئمة ربما الشافعي ناظر على عدم حرمة ذلك وهل الآية (نساؤكم حرث لكم ....) نزلت بسبب إتيان سيدنا عمر بن ا لخطاب زوجته في دبرها؟ وما حكم إتيان الزوجة في الدبر إن تعذر إتيانها في القبل لأسباب طبية وذلك لفترة مؤقتة وليس طول العمر؟
نرجو الإجابة يرحمكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإتيان المرأة في دبرها محرم، ولا يصح عن مالك ولا غيره من العلماء المتبوعين تجويز ذلك، وانظر الفتاوى التالية برقم: 15921، ورقم: 22682، ورقم: 24417.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/39)
لا كفارة لهذا الفعل سوى التوبة.
تاريخ الفتوى : ... 25 شعبان 1425 / 10-10-2004
السؤال
أنا متزوج ولي ولد أريد أن أسأل فضيلة الشيخ ابن العثيمين:
زوجتي حملت مرة أخرى وكان الحمل 9 أسابيع ويوم فأسقطت ذلك الحمل ما الحكم وما هي كفارته؟ وأيضا الطبيبة أمرت زوجتي بعدم إنزال المني في الرحم وأنا متعود على الإنزال في الرحم فما استطعت الإخراج من الفرج فإنزلته في دبرها ما هي كفارته؟
أرجو الجواب عاجلا.
وشكرا وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجهاض قبل نفخ الروح في الجنين محل خلاف بين العلماء، والراجح عدم الجواز مطلقاً، وقد أشرنا إلى هذا الخلاف في الفتوى رقم: 44731، ويجب على زوجتك دية الجنين، وهي غرة والكفارة، وقد وضحنا المراد بالغرة والكفارة في الفتوى رقم: 12878.
وأما بشأن إنزالك المني في دبرها، فإن كان بإيلاج فهذا الفعل حرام، والواجب عليك الآن التوبة منه، ولا كفارة لهذا الفعل غير التوبة.
وننبه إلى أن فضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين قد توفي منذ سنوات رحمة الله عليه، وهذا الموقع تابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/40)
زوجها لا يحب الاستمتاع إلا في الدبر
تاريخ الفتوى : ... 16 جمادي الثانية 1425 / 03-08-2004
السؤال
أنا فتاة من فلسطين لدي صديقة لديها مشاكل مع بعض الناس جعلت الكثير يعرضون عن الزواج بها، وقد تزوجت أخيراً وعندما تنزل إلى بيت أهلها تحدثني عن زوجها وتشكو لي فشله وأنه يحب بعض البنات والأرامل وأن هذا الزوج حينما ينام معها لا يمارس معها الجنس إلا من الدبر ولا يأتيها من القبل إلا قليلاً وحينما تحاول التفاهم مع زوجها يقول إنه لا يحب ممارسة الجنس إلا من الخلف، فما هو رأيكم في هذه القصة، وماذا يمكن أن أنفع به هذه الفتاة؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على هذا الزوج أن يتقي الله تعالى ويقلع عما يفعل، ويحرم على زوجته طاعته في ما يطلب من الحرام، وقد سبق بيان حرمة ذلك ووسائل العلاج في فتاوى كثيرة مما يغني عن تكراره هنا، ومن ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50840، 34015، 23046 وكذلك الفتاوى المربوطة بهذه الفتوى.
وننبه إلى أن المقصود هنا هو الوطء في محل الأذى -الدبر- أما الوطء في الفرج من جهة الدبر فلا حرج فيه كما سيلاحظ في الفتاوى السابقة الذكر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/41)
ما يترتب على من ظن أن جامع في الدبر
تاريخ الفتوى : ... 30 جمادي الأولى 1425 / 18-07-2004
السؤال
رجل غلب على ظنه أنه جامع زوجته من الدبر ولما أخبرها تعصبت واضطربت كثيراً وأقسمت على أن تبلغ أهلها وأصحابها ثم ترجاها زوجها أن تكتم الأمر بينهما، لكنها أبت وصار شجاراً قوياً ولم ينته إلا بقول هذا الزوج لزوجته أنت طالق، فهي تقول هذا الرجل رماني كذباً وهو يثبت ذلك، فماذا عليهما أن يفعلا هل يتلاعنا وماذا يترتب عليهما بعد اللعان؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا السؤال يحتمل أمرين:
الأول: أن يكون هذا الرجل قد ظن أنه فعل هذا الشيء مع زوجته، فما دام قد اعترف بخطئه، وتاب إلى الله تعالى، وطلب من زوجته الستر، فلتقبل طلبه، ولا يترتب على ذلك لعان أو غيره.
والاحتمال الآخر -وهو بعيد-: أن يكون قد اتهمها بفعل ذلك مع غيره، فالواجب حمل أمر الزوجة على السلامة وتصديقها في نفي ما اتهمت، إحساناً للظن بها، وذلك أدعى للإلفة وحسن العشرة.
وقد أساء هذا الزوج بالإقدام على اتهام زوجته بمجرد الظن، فالواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى، والواجب على الزوجة أن تكتم هذا الأمر فلا تخبر به أحداً، لاسيما وأن الأمر مجرد ظن وتخمين.
وبخصوص الطلاق الذي تلفظ به الزوج، فإنه يقع طلاقاً رجعياً يملك فيه الزوج إرجاعها ما دامت في العدة، بلا عقد ولا مهر، وإن انقضت عدتها فلا زواج إلا بعقد ومهر جديدين، وهذا فيما إذا ما كانت الطلقة الأولى أو الثانية، فإن كانت الثالثة فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وننبه إلى أن الزوج ما دام قد تاب، وطلب من زوجته أن تكتم الأمر، فلا داعي للحديث عن اللعان أو السؤال عنه، لأن ذلك أستر وأحفظ لكرامتها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله لفقيه
ـــــــــــــــ(40/42)
ـــــــــــــــ
يريد الاستمتاع بامرأته من الدبر خشية الوقوع في الزنا
تاريخ الفتوى : ... 18 جمادي الأولى 1425 / 06-07-2004
السؤال
هل يحل للمرء الاجتماع مع زوجته من المنطقة الخلفية إذا كان هذا سيدفعه إلى الزنا مع واحدة أخرى إذا لم توافق زوجته على أن يفعل ذلك.
و شكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل يسأل هل يحل الوطء في الدبر فالجواب أنه لا يحل بوجه من الوجوه سواء وافقت الزوجة أم لم توافق، وسواء خشي على نفسه من الوقوع في الزنا إذا لم توافق أم لا
لأن الوطء في الدبر حرام بل هو كبيرة من الكبائر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ملعون من أتى امرأة في دبرها. رواه أبو داود والنسائي وصححه السيوطي والألباني، وروى الترمذي والنسائي: لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في دبرها. وحسنه الترمذي وصححه الألباني.
ولا يجوز للزوجة الموافقة على ذلك ولها إن أصر زوجها على ذلك المنكر أن تطلب الطلاق منه وإن كان يسأل عن إتيانها من الخلف مع كون الوطء في المكان المعهود الذي أمر الله به حيث يقول تبارك وتعالى: [ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ] (البقرة: 222)
فلا بأس بذلك، ولا حرج لأن الله أباح له الوطء في محل الولد سواء جاء من الخلف أو من أي جهة مادام ذلك في غير الدبر، قال تعالى: [نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ]
(البقرة: 223)، قال ابن عباس: الحرث موضع الولد ومعنى قوله أنى شئتم أي كيف شئتم مقبلة ومدبرة في صمام واحد، انتهى وهو القبل.
للفائدة راجع الفتوى رقم: 31618.
وعلى السائل الكريم أن لا يفكر في الزنا أبدا ولا يتخذ الحرام وسيلة إلى الحرام بحيث يقول إن وافقت الزوجة على الفعل المحرم وإلا فسيدفعه ذلك إلى الزنا، وليستمع هذه الآية الكريمة قال الله تعالى:[ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً]
(الاسراء:32)، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 5871.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/43)
ـــــــــــــــ
لا تطيع المرأة زوجها في الوطء من الدبر
تاريخ الفتوى : ... 09 جمادي الأولى 1425 / 27-06-2004
السؤال
ما حكم إتيان الزوج للزوجة من الدبر، حكم رفض أو موافقة الزوجة لطلب الزوج أن يأتيها من الدبر، زوجي دائماً يلفظ ألفاظ بذيئة عندما يكون غاضبا ويعيرني بالماضي هل له الحق في حياتي الماضية قبل أن يتزوجني؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 20430، أنه لا يجوز للرجل إتيان المرأة من دبرها، وذكرنا دليل تحريمه، وبينا كذلك أنه لا يجوز للمرأة طاعة زوجها في ذلك، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الله تعالى، وينبغي التنبيه إلى أنه إن قصد بالإتيان من الدبر، جماعها في القبل من جهة الدبر، أن ذلك جائز ولا حرج فيه، وقد ذكرنا هذا بأدلته في الفتوى رقم: 1884.
وبخصوص ما ذكرت من تعيير زوجك لك، فلا شك أنه منكر ولا يجوز، سواء عيرك بأمر مضى أو بأمر واقع، لأنه إن كان قد مضى فلا معنى للتعيير به، وإن كان واقعاً فواجبه النصح لا التعيير، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة. رواه مسلم.
والتعيير ينافي النصح، فذكريه بالله تعالى، واذكري له قول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء. واصبري على ما قد تجدين منه من الأذى، تكفر عنك السيئات، وترفع الدرجات، روى البخاري عن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/44)
زوجته تصر على استمتاعه بها في غير موضع الحرث
تاريخ الفتوى : ... 21 ربيع الأول 1425 / 11-05-2004
السؤال
قبل أن أكون مسلماً كنت أمارس مع زوجتي العلاقة الجنسية من القبل ومن الدبر، الآن أخبرت أنه غير جائز، ولكن زوجتي تطالبني بأن لا أغير هذه العادة لأنها تستمتع بها, هي لا تزال على دينها، بماذا تنصحون الطلاق أم ماذا، الجواب على بريدي الخاص؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإتيان الزوجة من الدبر أمر منكر وفاحشة مستقبحة جداً، فلا يجوز لك أن تعود إليه بعدما علمت حرمته، ولو أصرت الزوجة على ذلك كل الإصرار، وراجع فيه الفتوى رقم: 8130، والفتوى رقم: 9063.
وعليه فواجبك أن تقنع زوجتك بالعدول عن هذا الطلب والرضا بما أباحه الشرع ورضيته الفطر السليمة، فإن أمكنك البقاء معها دون الاستجابة إلى طلبها فذاك، وإن لم ترض بالبقاء معك إلا بهذا الفعل فالخير لك أن تطلقها وتبحث عمن هي أطهر لك وأحفظ لدينك، مع أنك لست ملزماً بهذا الطلاق لأن الخطأ جاء منها وهي به تعد ناشزاً.
ثم اعلم بأن إباحة بقائك معها وهي كافرة مشروطة بأن تكون كتابية عفيفة، وأما لو كانت مجوسية أو إلحادية أي ليست على شيء من الديانات السماوية أو لم تكن لها عفة فلا يجوز أن تبقى معها لأن المرخص في نكاحه للمسلم من غير المسلمات هو نساء أهل الكتاب العفائف لا غيرهن، قال الله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [المائدة:5].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/45)
حكم المداعبة في منطقة دبر الزوجة
تاريخ الفتوى : ... 26 ذو الحجة 1424 / 18-02-2004
السؤال
السؤال الأول: ما حكم إنزال ماء الرجل في دبر المرأة من دون إيلاجه؟
السؤال الثاني:(منقول عن إجابة سؤال من موقع فتاوي):
للاستمتاع بالزوجة صور كثيرة، بل يمكننا أن نقول: إن جميع صور الاستمتاع بالمرأة جائزة إلا الصور الآتية:- الصورة الأولى:الجماع في فترة الحيض، الصورة الثانية:الإيلاج في الدبر أي أن يبلغ الرجل من دبر زوجته ما يبلغه من فرجها على حد تعبير الإمام الشافعي.، الصورة الثالثة: ما يثبت العلم ضرره بأحد الطرفين،((( وسؤالي هو))): بناءًًًًً على ما ورد في الصورة الثانية، هل يجوزالإيلاج في الدبر من دون أن يبلغ الرجل من دبر زوجته ما يبلغه من فرجها(كأن يدخل نصفه أو رأسه)؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن مداعبة الرجل زوجته في الدبر من دون إيلاج، وذلك في الفتوى رقم: 26920، والفتوى رقم: 2620.
ومعنى أن يبلغ الرجل من دبر زوجته ما يبلغه من فرجها، أي أن يدخل الحشفة أو قدرها لأن هذا هو الوطء الشرعي، فإذا حصل دخول الحشفة أو قدرها فقد وقع الحرام، وراجع الفتوى رقم: 4859.
ومنه نعلم أن قول السائل (كأن يدخل نصفه أو رأسه) داخل في الحرام قطعاً، ومع هذا فإن البعد عن هذه المنطقة أولى لأن الشيطان يزين الحرام حتى يصعب على الشخص التراجع عنه، ومن علم من نفسه أنه لا يملك إربه فإن مقاربة هذا المكان حرام عليه، لأن ما أدى إلى الحرام أخذ حكمه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/46)
الوطء في الدبر يجلب سخط الله ولعنته
تاريخ الفتوى : ... 25 ذو الحجة 1424 / 17-02-2004
السؤال
أنا شاب متزوج ولكن قبل الزواج لي هفوات وأخطاء ومنها إتيان الدبر والمشكل أني ما زلت أحب إتيان الدبر مع أن الزوجة ترفض هذا الشيء ولكن تتوق نفسي لهذا فما الحل للتخلص من هذا الشعور ولأرجع طبيعياً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك أخي أن تتوب من الذنوب كلها توبة عامة، وتتوب مما ذكرت توبة خاصة، ويجب عليك الإقلاع التام والندم على ما بدر منك فإن ذلك من التوبة، واعلم أن ما ذكرت من إتيان الدبر أمر محرم، وانظر ما في الفتوى رقم: 39033 من الإحالات، ففيها غنية إن شاء الله لمن كان له قلب.
ويكفي رادعاً وزاجراً لك عن هذا الفعل أن تستشعر أن فاعل ذلك يتقلب في سخط الله ولعنته، عافانا الله وإياك من ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/47)
الوطء في الدبر كفارته التوبة النصوح
تاريخ الفتوى : ... 23 ذو الحجة 1424 / 15-02-2004
السؤال
أرجو منكم مساعدتي لأنني هلكت، فقد أتيت زوجتي من دبرها وبموافقتها وأنا أعلم أنه حرام. ولكنني أخطأت علما بأنني قد أديت الحج من قبل. فهل يفسد حجي وما هي كفارة إتيان المرأة من دبرها. أرجو منكم الإجابة على عنوان بريدي الإلكتروني. وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإتيان المرأة في دبرها أمر محرم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 4340، والفتوى رقم: 8130 ،فالواجب عليكما الآن هو التوبة والندم والاستغفار من هذا العمل الشنيع، وليست هناك كفارة معينة لذلك، إلا أن الحسنات يذهبن السيئات، فأكثر من الأعمال الصالحة، وراجع الفتوى رقم: 1410.
وأما عن الحج، فإنه لا يفسد بهذا العمل، ولا تلزم إعادته.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/48)
الوطء في الدبر تلزم منه التوبة النصوح
تاريخ الفتوى : ... 01 ذو الحجة 1424 / 24-01-2004
السؤال
متزوجة من خمس سنوات وفى لحظة ضعف جامعني زوجي من الخلف ومن هذه اللحظة لم ألتقي وزوجي على الفراش خجلا كيف نكفر عن هذة الغلطة الفظيعة؟ ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصدين أن زوجك جامعك في الدبر، فلا شك أنكما ارتكبتما إثماً وأمراً محرماً شرعاً وتلزمكما التوبة النصوح منه، وتكون التوبة النصوح بالندم على المعصية والندم على عدم العودة لها والإقلاع عنها، ومن تاب بهذه الشروط تاب الله عليه وغفر له، : والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/49)
حكم طروء الحيض أثناء الجماع
تاريخ الفتوى : ... 25 ذو القعدة 1424 / 18-01-2004
السؤال
جامعني زوجي مرتين وبعدها أفاجأ بأن الحيض قد بدأ مع العلم بأنه تم عن غير قصد وقد أخرجنا دينارين كفارة ولكن يعلم الله أننا لم نقصد ذلك فهل علينا من إثم وكيف تكون الكفارة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا إثم على أي من الزوجين في حصول جماع بينهما إذا نزل الحيض أثناء الجماع ولم يشعرا به حتى انتهيا، لأن الخطأ متجاوز عنه.
روى ابن ماجه من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه."
وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 13285.
وليس عليكما كفارة في ما فعلتما حتى على القول بوجوب الكفارة على من جامع أهله في حالة الحيض، كما هو مذهب الإمام أحمد، لأن من شروط وجوب هذه الكفارة العلم والذكر والاختيار.
فمن وطئ زوجته غير عالم بحيضها وهي في حالة الحيض لا كفارة عليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/50)
حكم ملامسة الزوج لدبر امرأته، وهل تأثم من منعه
تاريخ الفتوى : ... 29 شوال 1424 / 24-12-2003
السؤال
أعلم أن إتيان الرجل للمرأة من الدبر حرام شرعا وأحاول جاهدة منع زوجي وهو يقول طيب على الأقل تكون (مداعبات من هذه المنطقة) وأنا أخشى تماديه, فهل يجوز لي منعه من حقه الشرعي إن علمت أنه يريد مني في هذه المرة ما قلته لكم سابقا؟ وهل أستحق لعنة الملائكة معاذ الله على ذلك؟ أرشدوني جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ملامسة الزوج لدبر امرأته من الخارج غير ممنوع، إلا إذا غلب على الظن أن ذلك يؤدي إلى الإيلاج (الجماع) في الدبر، فعند ذلك يحرم القرب منه، لأنه يفضي إلى الوقوع في المحرم، وما كان وسيلة إلى الحرام فهو حرام، ولتراجعي ذلك في الفتاوى التالية أرقامها:2620، 34015، 3909، 3422، 20430.
علما بأنك إذا امتنعت عن زوجك لهذا السبب، فلا إثم عليك، ولا يلحقك الوعيد الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح. رواه البخاري ومسلم، بل الواجب عليك أن تمتنعي منه إذا غلب على ظنك أنه سيفعل ذلك سدا للذريعة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/51)
معنى (إتيان المرأة في دبرها لا يوجب الحرمة)
تاريخ الفتوى : ... 26 شوال 1424 / 21-12-2003
السؤال
لدي ملاحظة؟ في الفتوى رقم40811 كيف إتيان المرأة في دبرها لا يوجب الحرمة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إتيان المرأة في دبرها لا يوجب الحرمة، معناه أن الزوج إذا جامع زوجته في دبرها فإنها لا تحرم عليه بذلك، بل تبقى زوجة له، وهذا صحيح كما هو مبين في الفتوى التي أشرت إليها.
وأما إتيان المرأة في دبرها فهو محرم قطعاً، روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه والدارمي وأحمد من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهنا، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/52)
الإتيان المحرم في الدبر لا في محل الحرث
تاريخ الفتوى : ... 21 شوال 1424 / 16-12-2003
السؤال
السلام عليكم لي صديق يسأل هل إذا مارس مع زوجته من الخلف وتاب عما فعل هل سيحاسب على ما فعل؟ وهل بعد زواجه من أخرى هل يبلغ زوجته عن الماضي؟ وجزاكم الله خير الجزاء
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الإتيان في الدبر محرم شرعاً، ونرجو لمن تاب منه أن يغفر الله له ولا يحاسبه عليه بعد التوبة الصادقة. قال الله تعالى: فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم وقال: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً. وعليه أن يستر نفسه ولا يخبر زوجته الجديدة ولا غيرها بما حصل، وإما إتيان الزوجة في محل الولد من جهة الخلف فهو جائز شرعاً، وقد سبق توضيح ذلك في الفتويين التاليتين: 9721/ 1884 وراجع حكم الإتيان في الدبر ومخاطره في الدنيا والآخرة في الفتاوى التالية أرقامها: 10455/ 34015/ 8130 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/53)
الفتوى : ... إتيان الزوجة في دبرها لا يوجب الحرمة
تاريخ الفتوى : ... 09 شوال 1424 / 04-12-2003
السؤال
لي صديق مارس مع زوجته من الخلف، وتاب وندم ولكنه دائما يرى ذلك في منامه ويقوم مفزوعا .. فهل زوجته محرمة عليه؟ وما الكفارة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن إتيان الزوجة في دبرها يعد من عظائم الذنوب، ولكنه لا يوجب الحرمة بين المرأة وزوجها، وعلى من فعل ذلك أن يتوب، ومن تاب تاب الله عليه، وليس لذلك كفارة غير التوبة، والحسنات يذهبن السيئات، فليكثر من فعل ذلك من الحسنات ومن الصدقة. وراجع الفتوى رقم: 8130 والفتوى رقم: 10455. وأما عن الرؤيا، فالإنسان إذا اهتم بأمر وسيطر ذلك الأمر على فكره، فإنه يراه في منامه، وهذا يدل إن شاء الله على صدق الندم. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/54)
الفتوى : ... لا يقع الطلاق بمجرد إتيان الزوجة في غير موضع الحرث
تاريخ الفتوى : ... 06 رمضان 1424 / 01-11-2003
السؤال
أرسلتم لي فقط رقم فتوى وهو 596167 في بريدي الإكتروني، ولكني كنت أتوقع أن أجد جوابا لسؤالي وهو(هل يجوز للزوج مجامعة زوجته من الدبر، وهل يقع الطلاق عند وقوعه)، أرجو الرد سريعاً؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الجماع من الدبر يفهم منه أمران: الأول: أن يكون الجماع من جهة الدبر، ولكن الإيلاج يكون في القبل (الفرج)، وهذا جائز. الثاني: أن يكون الجماع في الدبر نفسه، محل الأذى، وهذا محرم تحريماً غليظاً، وفاعله مرتكب كبيرة من كبائر الذنوب، ولا يجوز للزوجة أن تطاوع الزوج في ذلك، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ومجرد ممارسة هذا الفعل لا يحرم الزوجة على زوجها ولا يجعلها طالقاً، ولكن إذا أصر الزوج على إجبارها على هذا العمل المحرم، فعليها أن ترفع الأمر إلى المحاكم الشرعية ليجبروه على الكف، أو يطلقوا الزوجة عليه، ولمزيد من التفصيل في هذا الموضوع تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1410، 4340 ، 8130 ، 1884 ، 8010. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/55)
إتيان المرأة في غير موضع الحرث
تاريخ الفتوى : ... 23 شعبان 1424 / 20-10-2003
السؤال
أنا امرأة متزوجة و قد أتاني زوجي من الدبر، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ و كيف أكرهه في هذا الفعل؟ مع العلم بأنه تحسنت معاملته لي بعد أن سمحت له بذلك.. الرجاء الرد بسرعة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإتيان الزوج امرأته في دبرها حرام، ويحرم على الزوجة مطاوعته، ولا تمكنه من ذلك، ولو أدى إلى طلاقها منه ومفارقته، وللوقوف على حكم هذا الفعل ومعرفة أضراره، انظري الفتوى رقم: 10455، والفتوى رقم: 34015. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/56)
مجرد انقطاع الحيض لا يبيح إتيان الزوجة
تاريخ الفتوى : ... 26 جمادي الثانية 1424 / 25-08-2003
السؤال
جامعت زوجتي بعد أن انقطع عنها دم الحيض قبل أن تغتسل. فهل هدا فعل حرام؟ وإذا كان كذلك فما علينا فعله؟ أفتونا جزاكم الله عنا خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن جمهور أهل العلم على أن الزوجة لا تحل لزوجها من الحيض، إلا بمجموع أمرين: هما انقطاع دم الحيض والاغتسال بعده. قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ[البقرة:222]. وفي قراءة حمزة والكسائي وخلف ورواية شعبة عن عاصم : وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطَّهَّرَنَ بتشديد فتح الطاء والهاء. وانظر الفتوى رقم: 189.
وعليه فمن جامع زوجته قبل أن تغتسل تجب عليه التوبة، إذا كان عالمًا غير ناسٍ ولا مكره، ولا شيء عليه إذا كان جاهلاً أو ناسيًّا لحالة زوجته.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيههل تطلق المرأة إذا وطئت في دبرها
تاريخ الفتوى : ... 14 جمادي الثانية 1424 / 13-08-2003
السؤال
هل تطلق المرأة إذا وطئت في دبرها برغبتها أو غصبا عنها وما يلزم ذلك من كفارة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإتيان الزوجة في دبرها أمر محرم شرعا مستقبح طبعا، منفر لكل الزوجين من الآخر، مع ما فيه من تفويت مصلحة النسل الذي هو أحد مقاصد النكاح الرئيسية، وقد سبق بيان هذا مع ذكر هل تطلق المرأة بسببه أم لا، في الفتوى رقم: 20223، ورقم: 4340. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/57)
الفتوى : ... الإثم مرفوع إن شاء الله والتصدق أحوط
تاريخ الفتوى : ... 06 جمادي الثانية 1424 / 05-08-2003
السؤال
السلام عليكم يا فضيلة الشيخ أنا شخص متزوج، وزوجتي بعد فحص الدكتورة اكتشفنا أن بها غشاء يغطي البويضة هذا الغشاء يسبب دما يخرج منه كأنه دم الحيض، واستمرت الحالة لمدت أسبوعين؛ جامعتها وبعد ذلك اكتشفنا أنني جامعتها وهي بالحيض؛ علما بأنني لم أجامعها إلا مرة واحدة، ولم أكن أعرف أنه دم الحيض، بل اعتقدته الدم المسبب به غشاء البويضة وفترة علاجه على كلام الدكتورة يستمر إن شاء الله لمدة ثلاثة شهور . والسؤال: هل علي إثم أم لا؟ وجزاكم الله خيرا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أنه يحرم على الرجل مجامعة امرأته وهي حائض. وقد سبق أن بيَّنَّا ذلك في الفتوى رقم: 13492. وأن دم الاستحاضة لا يمنع من مجامعة الرجل امرأته. كما هو مبين في الفتوى رقم: 2278.
وبما أنك قد جامعت زوجتك تظن طهارتها من دم الحيض، فلا إثم عليك في ذلك إن شاء الله؛ فقد روى ابن ماجه عن أبي ذرٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. قال الشيخ الألباني: صحيح.
ولو تصدقت بدينار أو بنصف دينار فهو أحوط، وأبرأ لذمتك، ومقدار الدينار أربع جرامات وربع جرام من الذهب تقريبًا. كما بيَّنَّا في الفتوى المذكورة أولاً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/58)
الفتوى : ... الإتيان من الخلف.. الجائز والمحرم
تاريخ الفتوى : ... 05 جمادي الثانية 1424 / 04-08-2003
السؤال
هل يجوز الجماع من الخلف؟ لا يوجد نص في الإنجيل أفيدوني مع الشكر. اليسا سركيس- لبنان
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تعنين الجماع في القبل والإتيان يكون من الخلف، فذلك لا حرج فيه. قال الله تعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ[البقرة:223].
وإن كنت تعنين الجماع في الدبر، فذاك أمر محرم. روى الترمذي وابن ماجه والدارمي وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ أَتى حَائِضاً أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِها أَوْ كَاهِناً، فقدْ كَفَرَ بمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمّدٍ صلى الله عليه وسلم. وفي رواية: لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلاً أو امرأة في الدبر. وفي رواية: ملعون من أتى امرأته في دبرها.
ثم اعلمي - وفقني الله وإياك إلى الصراط المستقيم - أن الإنجيل وغيره من الكتب السماوية على افتراض سلامتها من التحريف وهو -أي التحريف - أمر أثبته القرآن ويعترف به أهل الإنجيل وغيرهم. نسخ كل ما فيها مما يخالف التشريع الإسلامي . قال تعالى مخاطبًا نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ[المائدة:48]، وقال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[آل عمران:85]، وقال: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ[آل عمران:19]، وقال: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً[المائدة:3].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/59)
الوطء في الدبر حرمته ومضاره وعلاجه
تاريخ الفتوى : ... 28 ربيع الثاني 1424 / 29-06-2003
السؤال
ليست عندي لوحة اللغة العربية، من أجل هذا أكتب هذا السؤال باللغة الإنجليزية. أنا أسكن في الولايات المتحدة منذ عشر سنوات تقريبا، وزوجي كان يسكن هنا منذ أن كان في السن التاسعة، وقد تزوجنا منذ عشر سنوات. إن زوجي لا يزال يطلب مني الجماع في الدبر منذ ثلاث سنوات، وأقول له دائما إن ذلك حرام، وهو يقول بأنه لا توجد سورة في القرآن تنص على أن ذلك حرام، وهو رجل طيب حيث يفعل كل ما يفعله المسلم الملتزم، إنما الشيء السيء منه أنه دائم الزيارة للمواقع التي تعرض أفلام وصور الفتيات اللواتي يُجامَعْن، أريد أن أعرف كيف أمنعه من ذلك، لقد حاولت معه بدون جدوى، كلما شاهد هذه الأفلام والصور في عمله ورجع إلى البيت يغضب مني بشدة، لأنه يريد مني أن أفعل معه ما تفعله تلكم البنات.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجماع في الدبر محرم، وهو كبيرة من الكبائر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ملعون من أتى امرأة في دبرها. رواه أبو داود ولقوله صلى الله عليه وسلم: لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في دبرها. رواه الترمذي والنسائي .
ولا يجوز للزوجة أن تطيع زوجها في ذلك، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وقول الزوج إنه لا توجد سورة في القرآن تدل على حرمة الجماع في الدبر خطأ من وجهين:
الأول: أن الأحكام الشرعية لا يقتصر في أخذها على القرآن فحسب، بل تؤخذ من السنة أيضا.
قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر: 7].
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [النساء: 59 ].
فأمر تعالى بطاعته وطاعة رسوله، وكرر الفعل أطيعوا إعلاما بأن طاعة الرسول تجب استقلالا من غير عرض ما أمر به على القرآن، فإذا أمر صلى الله عليه وسلم بأمر، وجبت طاعته مطلقا، سواء كان ما أمر به في القرآن أو لم يكن، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من رد سنته بحجة الاكتفاء بالقرآن، فقال صلى الله عليه وسلم: لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته، يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا ندري، ما وجدناه في كتاب الله اتبعناه. رواه أبو داود وأحمد بلفظ: ألا يوشك رجل ينثنى شبعانا على أريكته يقول: عليكم بالقرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه.
ورواه أيضا البيهقي في دلائل النبوة، وبوب عليه: باب ما جاء في إخباره صلى الله عليه وسلم بشبعان على أريكته يحتال في رد سنته بالحوالة على ما في القرآن من الحلال والحرام دون السنة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: أريكته، شبعان: فيه إشارة إلى أن إنكار الحديث إنما يأتي من المترفين الذين همهم تحصيل الشهوات وعدم المبالاة بأحكام الشريعة، فليحذر المسلم من الوقوع في هذا.
الثاني: أن القرآن قد دل على تحريم الجماع في الدبر.
فقد قال تعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة: 223].
فأباح سبحانه إتيان الزوجة في الحرث وهو موضع الولد وهو الفرج دون غيره.
قال ابن عباس رضي الله عنه: جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هلكت، قال: وما أهلكك؟ قال: حولت رحلي البارحة، قال: فلم يرد علي شيئا، قال: فأوحى الله إلى رسوله هذه الآية: : نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة: 223]. أقبل وأدبر واتقوا الدبر والحيضة. رواه أحمد والترمذي، قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم: قال العلماء: وقوله تعالى: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة: 223]: أي موضع الزرع من المرأة وهو قبلها الذي يزرع فيه المني لابتغاء الولد، ففيه إباحة وطئها في قبلها، إن شاء من بين يديها، وإن شاء من ورائها، وإن شاء مكبوبة، وأما الدبر، فليس هو بحرث ولا موضع زرع، ومعنى قوله: أنى شئتم، أي كيف شئتم، واتفق العلماء الذين يعتد بهم على تحريم وطء المرأة في دبرها حائضا كانت أو طاهرا، لأحاديث كثيرة مشهورة، كحديث: ملعون من أتى امرأة في دبرها. قال أصحابنا: لا يحل الوطء في الدبر في شيء من الآدميين ولا غيرهم من الحيوان في حال من الأحوال.والله أعلم.
وقد أفاض ابن القيم رحمه الله في بيان المضار المترتبة على الجماع في الدبر بكلام نفيس يحسن نقله هنا:
قال -رحمه الله- في زاد المعاد:
وإذا كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض -يعني الحيض- فما الظن بالحش الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جدا من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان، وأيضا، فللمرأة حق على الزوج في الوطء، ووطؤها في دبرها يفوت حقها، ولا يقضي وطرها، ولا يحصل مقصودها.
وأيضا فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل ولم يخلق له، وإنما الذي هيء له الفرج، فالعادلون عنه إلى الدبر، خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعا.
وأيضا فإن ذلك مضر بالرجل، ولهذا ينهى عنه عقلاء الأطباء من الفلاسفة وغيرهم، لأن للفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وراحة الرجل منه والوطء في الدبر لا يعين على اجتذاب جميع الماء ولا يخرج كل المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي.
وأيضا يضر من وجه آخر، وهو إحواجه إلى حركات متعبة جدا لمخالفته للطبيعة.
وأيضا فإنه محل القذر والنجو فيستقبله الرجل بوجهه ويلابسه.
وأيضا فإنه يضر بالمرأة جدا، لأنه وارد غريب بعيد عن الطباع منافر لها غاية المنافرة.
وأيضا فإنه يحدث الهم والغم والنفرة عن الفاعل والمفعول.
وأيضا فإنه يسود الوجه ويظلم الصدر ويطمس نور القلب ويكسو الوجه وحشة تصير عليه كالسيماء يعرفها من له أدنى فراسة.
وأيضا فإنه يوجب النفرة والتباغض الشديد والتقاطع بين الفاعل والمفعول، ولا بد.
وأيضا فإنه يفسد حال الفاعل والمفعول فسادا لا يكاد يرجى بعده صلاح إلا أن يشاء الله بالتوبة النصوح.
وأيضا فإنه يذهب بالمحاسن منهما ويكسوهما ضدها، كما يذهب بالمودة بينهما ويبدلهما بها تباغضا وتلاعنا.
وأيضا فإنه من أكبر أسباب زوال النعم وحلول النقم، فإنه يوجب اللعنة والمقت من الله وإعراضه عن فاعله وعدم نظره إليه، فأي خير يرجوه بعد هذا، وأي شر يأمنه وكيف حياة عبد قد حلت عليه لعنة الله ومقته وأعرض عنه بوجهه ولم ينظر إليه.
وأيضا فإنه يذهب بالحياء جملة، والحياء هو حياة القلوب، فإذا فقدها القلب استحسن القبيح واستقبح الحسن وحينئذ فقد استحكم فساده.
وأيضا فإنه يحيل الطباع عما ركبها الله ويخرج الإنسان عن طبعه إلى طبع لم يركب الله عليه شيئا من الحيوان، بل هو طبع منكوس، وإذا نكس الطبع انتكس القلب والعمل والهدى، فيستطيب حينئذ الخبيث من الأعمال والهيئات، ويفسد حاله وعمله وكلامه بغير اختياره.
وأيضا فإنه يورث من الوقاحة والجرأة ما لا يورثه سواه.
وأيضا فإنه يورث من المهانة والسفال والحقارة ما لا يورثه غيره.
وأيضا فإنه يكسو العبد من حلة المقت والبغضاء وازدراء الناس له واحتقارهم إياه واستصغارهم له ما هو مشاهد بالحس، فصلاة الله وسلامه على من سعادة الدنيا والآخرة في هديه واتباع ما جاء به، وهلاك الدنيا والآخرة في مخالفة هديه وما جاء به.
هذا عن الوطء في الدبر، أما عن الأفلام، فإنه لا يجوز للمسلم أن يرى الأفلام التي تسمى الأفلام الجنسية أو الصور والمشاهد التي تعرضها المواقع الإباحية، وفعل ذلك ذريعة للوقوع في الفواحش بمختلف أنواعها، وسبب لغضب الله وسخطه وفساد القلب وانطفاء نوره، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 2778، ، والفتوى رقم: 6617، .
وما وقع للزوج من طلبه منك الجماع في الدبر هو أثر من آثار رؤيته لهذه الأشياء الخبيثة، ونحن نقترح أن يكون العلاج على النحو التالي:
أولا: إطلاعه على هذه الفتوى والفتاوى التالية:
الفتوى رقم: 9721، ، والفتوى رقم: 15921، ، والفتوى رقم: 28748. .
ثانيا: لا تمكني زوجك من أن يأتيك في الدبر، وراجعي لذلك الفتوى رقم:. 3909.
ثالثا: تكوين مكتبة في البيت تحتوي على الكتب الإسلامية والأشرطة النافعة التي تذكر بالله واليوم الآخر وتحث على التوبة.
رابعا: الإسرار إلى خطيب الجمعة أن يتناول موضوع رؤية المشاهد الإباحية وحرمة ومضار الجماع في الدبر، وأنه من الأفعال الشائنة التي تنبو عنها الفطرة السوية ولا يليق بالمسلم.
سادسا: إن لم ينفع ما سبق، فلك أن ترفعي أمرك إلى المحكمة الشرعية أو أي مركز إسلامي يعني بشؤون المسلمين للتفريق بينك وبينه، وراجعي لذلك الفتوى رقم:
203.
ونسأل الله أن يصلح زوجك وأن يهديه وأن يشرح صدره لقبول الحق، وأن يتوب عليه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/60)
حكم إتيان الزوجة في دبرها بعازل
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الأول 1424 / 17-05-2003
السؤال
السلام عليكم؛ اذا كان وطء المرأة في دبرها حرام لأسباب صحيحة أو مثلما قرأت بسبب القذارة، فما هو الحكم الشرعي لو استخدم العازل(الكوندوم) بهدف الاستمتاع والجماع، وما هي الكفارة في هذه الحالة لو حصل ذلك.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز إتيان الزوجة في دبرها، سواء بعازل أو بغيره، لعموم الأحاديث التي نهى فيها النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان المرأة في دبرها، كقوله صلى الله عليه وسلم: ملعون من أتى امرأته في دبرها رواه أبو داود.
والعلة في هذا النهي ليست البعد عن القذارة فحسب، بل هناك علل أخرى ذكرها أهل العلم، وقد نبهنا إلى طرفٍ منها في الفتوى رقم: 10455 وراجع للأهمية الفتوى رقم: 8130
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/61)
الفتوى : ... أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة
تاريخ الفتوى : ... 04 ربيع الأول 1424 / 06-05-2003
السؤال
ما حكم جماع الرجل زوجته من الدبر وما الدليل على ذلك إذا كان حراماً قال تعالى... (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) صدق الله العظيم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أقبح الأفعال وأبعدها عن الطبع والشرع إتيان النساء في أدبارهن، وقد سبق لنا بيان حرمة هذه المعصية والمضار المترتبة عليها في الفتوى رقم:
21843، والفتوى رقم: 15921، والفتوى رقم: 10455.
وإذا علم هذا فليس هناك تعارض بين هذا وبين الآية التي استشهد بها السائل، حيث أن المقصود بالحرث موضع الولد؛ كما جاء بذلك التفسير عن ابن عباس. قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ [البقرة:223] قال ابن عباس: الحرث موضع الولد، وقوله تعالى: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة:223] أي كيف شئتم مقبلة ومدبرة في صمام واحد.. كما ثبت ذلك في الأحاديث.
ومن جملتها ما رواه الترمذي وحسنه عن ابن عباس قال: جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هلكت، قال: وما أهلكك؟ قال: حولت رحلي الليلة، قال فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً، فأوحى الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [البقرة:223] أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/62)
علة تحريم إتيان الحائض وتحريم لحم الخنزير
تاريخ الفتوى : ... 02 ربيع الأول 1424 / 04-05-2003
السؤال
لماذا حرم الله سبحانه وتعالى معاشرة الزوجات أثناء فترة المحيض؟ وما الحكمة من تحريم أكل لحم الخنزير؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل هو أن علة تحريم الشيء هي كون ذلك حكم الله تعالى أو حكم رسوله صلى الله عليه وسلم، لأن الواجب التسليم لله تعالى والتسليم لرسوله صلى الله عليه وسلم في الأحكام الشرعية، تسليماً يقتضي القبول والانقياد كما قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً [الأحزاب:36].
وقد ثبت بدلالة الكتاب والسنة تحريم إتيان المرأة وهي حائض، وكذا تحريم أكل لحم الخنزير، إلا أن هذا لا يعني أن لا يبحث الناس عن حكمة التحريم ليزداد القلب اطمئناناً ويقيناً، وقد علل الشرع الحكيم النهي عن إتيان الحائض بكونه أذى، في قوله تعالى: وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222].
قال الحافظ في الفتح: قال الطيبي: سمي الحيض أذى لنتنه وقذره ونجاسته.
وجاء الطب الحديث ليؤكد لضعاف النفوس ما ذكره العليم الحكيم من وجود كثير من الأضرار التي تترتب على إتيان الحائض، وقد ذكر بعض المعاصرين أن طبيبة فرنسية قد أذهلها ما سمعت من توافق بين العلم الحديث وما ذكره القرآن، فكان ذلك سبباً في إسلامها، وأما علة تحريم أكل لحم الخنزير فقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 9791، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 5463.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/63)
لا ينظر الله لرجل جامع امرأته في دبرها
تاريخ الفتوى : ... 26 صفر 1424 / 29-04-2003
السؤال
السلام عليكم:
- جامعت زوجتي من الدبر وأكرر ذلك دائما ما حكم هذا وكيف التخلص منه؟
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
- فمجامعة الزوجة في دبرها من المحرمات، بل هي من كبائر الذنوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعلها، كما في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود: ملعون من أتى امرأة في دبرها.
وقوله عليه الصلاة والسلام: لا ينظر الله لرجل جامع امرأته في دبرها. رواه ابن ماجه.
وعليه، فالواجب عليك التوبة إلى الله من هذا العمل الشنيع الذي يدل على انحراف في الفطرة السليمة، حيث جعلت شهوتك في هذا المحل المحرم شرعاً، المستقذر طبعاً، الذي ليس بمحل للحرث والولد، والله تعالى يأمرك بإتيان زوجتك بما يشبع غريزتك وغريزتها، ويقضي وطرك ووطرها، ويكون موضعاً للحرث، كما قال سبحانه: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [البقرة:223].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/64)
لا يشترط لثبوت التحريم أن يكون الحديث مخرجا في الصحيحين أو أحدهما
تاريخ الفتوى : ... 18 صفر 1424 / 21-04-2003
السؤال
بحثت في صحيح البخاري حول موضوع جماع المرأة في الدبر فلم أجد أي حديث صحيح حول هذا الموضوع أفيدونا جزاكم الله خيرا ويفضل أن يكون من صحيح البخاري أو مسلم.
وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يوجد حديث في صحيحي البخاري ومسلم عن تحريم إتيان المرأة في دبرها، إلا أن تحريم هذا العمل الشنيع وعده من الكبائر جاء في أحاديث صحيحة خارج الصحيحين، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: من أتى كاهناً فصدقه بما يقول، أو أتى امرأة حائضاً، أو أتى امرأة في دبرها فقد برئ مما أنزل على محمد. أخرجه الإمام أحمد في مسنده وأصحاب السنن الأربعة وصححه الألباني.
ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها. أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني.
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: ملعون من أتى امرأة في دبرها. رواه أحمد وأبو داود عن أبي هريرة وصححه الألباني.
وفي هذه الأحاديث من الزجر الشديد عن إتيان المرأة في دبرها ما يؤكد التحريم، بل يدل على أن هذا العمل من الكبائر.
وننبه السائل الكريم إلى أنه لا يشترط للتحريم أن يكون حديثه مخرجاً في الصحيحين أو أحدهما بتصريح أصحابهما، كما ذكر البخاري عن نفسه أنه انتقى أحاديث صحيحة من مائة ألف حديث صحيح، ومعلوم أن أحاديث صحيح البخاري لا تبلغ سبعة آلاف بالمكرر، فمتى صح الحديث وجب العمل بما فيه إن لم يكن منسوخاً أو معارضاً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/65)
الفتوى : ... إتيان الزوجة في دبرها محرم ولو كان بواسطة الواقي الذكري
تاريخ الفتوى : ... 18 صفر 1424 / 21-04-2003
السؤال
إخواني أحببت أن أعرف وأرجو المعذرة في كلامي ألا وهو أنا شخص سوف أتزوج وسمعت أن إدخال ذكر الزوج في فتحة شرج المرأة حرام لأنه مكان قذر وما إلى ذلك أريد أن أعرف ماذا لو لبست الواقي الذكري هل يجوز أن أدخل ذكري في فتحة شرج زوجتي؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد تقدم الكلام في حكم إتيان المرأة في دبرها، وذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 1410 10455 8130 وهذا الحكم يشمل ما إذا كان بالواقي الذكري أو بدونه، لأن القذارة ليست هي العلة الوحيدة في التحريم، بل إن العلل في ذلك كثيرة، كما هو مبين في الفتاوى المشار إليها، بل لو أمكن تفادي كل العلل التي عرفها الإنسان فإنه لا يجوز ذلك، لأن هناك عللاً لا يعلمها إلا الله سبحانه. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/66)
حكم من أتى زوجته في بداية حيضها دون علمهما
تاريخ الفتوى : ... 23 محرم 1424 / 27-03-2003
السؤال
رجل أتى امرأته في اليوم الأول من الحيض وهما لا يدريان وكانت امرأته لا تحس بنزول الدم لأن العادة الشهرية كانت ليس في وقتها, ما هو الحكم في الإسلام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان أتاها وهو لا يعلم بحيضها فلا إثم عليه، وكذلك لا إثم عليها إذا كانت لا تعلم بأنها حائض، قال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:5].
وانظر تتميماً للفائدة الفتوى رقم: 8761.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/67)
مذاهب الفقهاء في حدِّ من أتى أجنبية في دبرها
تاريخ الفتوى : ... 21 ذو الحجة 1423 / 23-02-2003
السؤال
السؤال هو :
ما معنى قوله تعالى: نساؤكم حرث لكم ......." الواردة بنصها الصحيح في القرآن الكريم، وهل يفهم من هذه الآية تحريم إتيان الزوجة في دبرها ؟ وهل ما يقوله أعضاء حزب التحرير إتيان المرأة الأجنبية في دبرها لا يعد زنا؟ وشكراً .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم تفسير الآية وبيان حكم وطء الزوجة في دبرها في الفتاوى التالية:
9835، 21843، 15921.
وما نقلت عن أعضاء حزب التحرير من أنهم يقولون: إن إتيان المرأة الأجنبية في دبرها لا يعد زناً فهذا كلام غير صحيح، والذي عليه المسلمون أجمعون العوام منهم والخواص أنه زناً، ولكنهم اختلفوا هل يحد عليه أم لا ؟ الجماهير من العلماء وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة أن من أتى امرأة أجنبية في دبرها يقام عليه حد الزنا.
ولذا عرَّف الحنابلة الزنا بقولهم: فعل الفاحشة في قبل أو دبر.
وقال الشافعية في تعريفه: إيلاج حشفة أو قدرها في فرج محرم لعينه مشتهى طبعاً بلا شبهة.
وعرَّفه المالكية بأنه: وطء مكلف مسلم فرج آدمي لا ملك له فيه بلا شبهة تعمداً.
وعرَّف الحنفية الزنا بتعريفين أعم وأخص، فالأعم: يشمل ما يوجبه الحد وما لا يوجبه.
قال الكمال بن الهمام : والشرع لم يخص اسم الزنا بما يوجب الحد منه، بل هو أعم، والموجب للحد بعض أنواعه، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر... .
والمعنى الشرعي الأخص للزنا: هو ما يوجب الحد، وهو وطء مكلف طائع مشتهاة حالاً أو ماضياً في قبل خال من ملكه وشبهته في دار الإسلام أو تمكينه من ذلك أو تمكينها. انظر فتح القدير 5/248 .
فقولهم رحمهم الله في التعريف (في قبل) خرج الوطء في الدبر أي أنه لا يحد عليه حد الزنا مع إقرارهم بأنه زنا.
فعلم مما تقدم خطأ هذه المقولة.
وقد سبق لنا جواب عن حزب التحرير في الفتوى رقم: 13372.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/68)
لايطأ زوجته في الدبر ولو كانت لا تطيق الجماع في الفرج
تاريخ الفتوى : ... 08 ذو الحجة 1423 / 10-02-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زوجتي ولأسباب مرضية خاصة بها لا تستطيع المجامعة من الفرج لأكثر من مرة في الأسبوع وفي الفترة الأخيرة أصبحت لا أستطيع الانتظار لأكثر من ذلك وقد وقعت في الحرام وبهدوء ناقشت زوجتي المشكلة التي أنا بها فاقترحت هي أن أجامعها من الدبر وجربت العملية مرتين وسارت الأمور بهدوء وقالت زوجتي إن العملية لا تضرها بل سوف تتقبل هذه الطريقة وهي تفضلها على أن أرتكب المحرم.
علما بأنني معدم لا أستطيع الزواج بامرأة أخرى، فهل عملنا هذا يأتي تحت القاعدة الفقهية التي تقول أخف الضررين؟ علما بأنني ألبس المطاط الواقي أثناء العملية وأنني أعلم بأنني لا أفعل الشيء الطبيعي ولكن أنا مجبر على ذلك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكرته من حال زوجتك لا يسوغ لك ارتكاب ما حرم الله تعالى، فعليك بالتوبة مما فعلت، فالزنا منكر شنيع وفاحشة كبيرة كما هو مبين في الفتوى رقم:
3150 - والفتوى رقم: 2189 - والفتوى رقم: 1602 - والفتوى رقم: 9731.
وإتيان المرأة في دبرها من كبائر الذنوب والآثام كما هو مبين في الفتوى رقم:
20430 - والفتوى رقم: 10455.
ويجب على زوجتك التوبة من مطاوعتك في ذلك، ويجب عليكما الإقلاع عن هذا المنكر العظيم والسعي في البحث عن علاج لزوجتك، فإن عجزت عن ذلك أو لم يتيسر علاجها فيجب عليك الزواج بثانية لتعفك عن الحرام، فإن لم تكن لديك القدرة على ذلك أو عجزت عن الجمع بين زوجتين وكان الأمر سيؤدي بك إلى ما ذكرت فيلزمك طلاق زوجتك والزواج من غيرها، فإن لم تقدر فعليك بالصوم.
وانظر الفتوى رقم:
6995، ففيها ذكر بعض الوسائل التي تعين على تخفيف الباءة والرغبة الجنسية.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/69)
يجوز الاستمتاع حال الحيض ما لم يكن إدخال
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
ماذا أفعل في حال إصرار زوجي في طلبي للفراش أثناء الدورة نظراً لطول مدتها وهل أنا مشاركة له في الإثم مع العلم أن الجماع لا يكون كامل بمعنى أنه لا يدخل العضو إنما خارجياً فقط وذلك في الأيام الأخيره للدورة حيث لا يوجد دم وإنما إفرازات بنية فقط وهل يجوز لي الاستحمام قبل الجماع في هذه الحالة ثم إكمال الدورة ميعادها والاستحمام مرة أخرى عذراً للإطاله ولكنه موضوع شائك ومتكرر شهرياً وأحس بتأنيب ضمير متواصل بسببه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يباح للزوج الاستمتاع به من زوجته حال حيضها قد ذكرناه مفصلاً في الفتوى رقم: 12639، وفيها ذكرنا خلاف العلماء في ذلك مع ذكر الراجح من أقوالهم، ولتعلمي أن الاستمتاع الذي حصل من زوجك بالصورة المذكورة لا شيء فيه، ما لم يحصل إدخال، وهذا مذهب الحنابلة، والأحوط هو مذهب الجمهور كما بينا في الفتوى المشار إليها آنفاً.
أما بخصوص الاستحمام قبل الطهر من الحيض فراجعي فيه فتوى لنا سابقة برقم:
5983.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/70)
حكم من واقع امرأته وهما لا يعلمان بالحيض
تاريخ الفتوى : ... 20 ذو القعدة 1423 / 23-01-2003
السؤال
1- إذا قام رجل بالجماع مع زوجته وهي في بداية حيضها دون أن يدري فما حكم ذلك؟
2- أو كان دون قصد منه وإنما القصد هي المداعبة؟
3- أو لم يكن الزوجان يدريان عن بداية هذه الدورة الشهرية؟ وجزاكم الله كل خير......
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا جامع الرجل من تحل له وهي حائض وكانا يجهلان وجود الحيض أو جاءها الحيض أثناء الجماع فلا إثم عليهما، لحديث ثوبان رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه الطبراني في الكبير وصححه الألباني.
لكن يجب عليه أن ينزع وقت ما علم بوجود الحيض، فإن لم ينزع واستمر وقع في إثم كبير ولزمته كفارة وطء الحيض وهي التصدق بدينار أو نصف دينار.
أما إذا كانت المرأة تعلم أنها حائض وزوجها لا يعلم ذلك، ثم إنها مكنته من نفسها فهي الآثمة دون زوجها، أما من كان يعلم بحيض امرأته ولم يكن يقصد ابتداءً وطئها وإنما قام بمباشرتها ومداعبتها ثم وطئها في فرجها فقد وقع في الإثم ووجبت عليه الكفارة وتأثم زوجته إن طاوعته في ذلك، لقول الله جلا وعلا: فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222]، أي الفرج، والزوج إن كانت شهوته غالبة وكان لا يستطيع أن يضبط نفسه عند مداعبته لامرأته الحائض فعليه أن يجتنب ما بين السرة والركبة، ويستمتع منها بما عدا ذلك، فإن فعل فإنه يأمن بإذن الله في الوقوع في المحظور، وإلا فقد تنتهي به المداعبة إلى ما حرم الله عليه من وطئها، وحينئذ ليس له أن يقول: لم أكن أقصد.. لأنه باختياره لا جاهلاً ولا ناسياً ولا مكرهاً بل قصد الوطء، وإن لم يكن في بداية الجماع مريداً له، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
13492 - والفتوى رقم: 11926.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/71)
فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْن
تاريخ الفتوى : ... 16 ذو القعدة 1423 / 19-01-2003
السؤال
ما حكم الشرع في من عاشر زوجته أثناء الدورة الشهرية لها ؟ وهل لذلك أضرار طبية وجسمانية على أي منهما ؟ رجاء الإفادة أفادكم الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن وطء الحائض في الفرج من المحرمات العظيمة، دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، قال الله تعالى ( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) (البقرة:222) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أتى حائضاً، أو امرأة في دبرها، أو كاهناً فصدقه، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة بألفاظ متقاربة وصححه الألباني. قال الشيخ السيد سابق بخصوص وطء الحائض: وهو حرام بإجماع المسلمين، بنص الكتاب والسنة، فلا يحل وطء الحائض والنفساء حتى تطهر، لحديث أنس: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوها. ولقد سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل ( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) (البقرة:222) فقال رسول الله صلى عليه وسلم " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " وفي لفظ: " إلا الجماع " رواه الجماعة إلا البخاري. قال النووي ولو اعتقد مسلم حل جماع الحائض في فرجها صار كافراً مرتداً، ولو فعله غير معتقد حله ناسياً أو جاهلاً الحرمة أو وجود الحيض، فلا إثم عليه ولا كفارة، وإن فعله عامداً عالماً بالحيض والتحريم مختاراً فقد ارتكب معصية كبيرة، يجب عليه التوبة منها، وفي وجوب الكفارة قولان: أصحهما أنه لا كفارة عليه...
وأما بخصوص الأضرار المترتبة على جماع الحائض فيمكنك مراجعة قسم الاستشارات الطبية بالشبكة الإسلامية، ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى الآتية 12639 5463 144
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/72)
حكم ولوج الذكر في الفرج دون قصد أثناء الحيض
تاريخ الفتوى : ... 16 ذو القعدة 1423 / 19-01-2003
السؤال
أود معرفة كفارة الجماع أثناء الحيض حيث كنت في أواخر أيام الدورة وبدأ الدم ينقطع إلا من بعض الإفرازات البنية والصفراء المتقطعة وما حصل هو مجرد مداعبة جنسية حدث خلالها إدخال جزئي دون شعور من الزوج فتداركت الأمر على الفور ونزعت نفسي ثم حدث إنزال من الزوج خارج الفرج وأنا أعلم أن ذلك حرام وأريد التكفير عنه وهل يلزم الزوج كفارة أيضا؟
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجماع أثناء الحيض عمداً محرم وموجب للكفارة، ولو كان مجرد تغييب الرجل حشفته -طرف ذكره- في فرج المرأة، وقد سبق بيان دليل التحريم، ومقدار الكفارة في الفتوى رقم: 144، والفتوى رقم: 5463.
وليعلم أن استمتاع الرجل بامرأته أثناء الحيض فيما بين السرة والركبة مسألة جرى فيها الخلاف بين أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5999، وهذا في حالة الأمن من الوقوع في الحرام.
أما إذا غلب على ظنه أنه لا يملك نفسه، فيحرم عليه.
وإذا قدر أن رجلاً استمتع بامرأته فيما بين السرة والركبة، وولج ذكره في فرجها دون قصد ونزع مباشرة، فلا إثم عليه، ولا كفارة، وهكذا الزوجة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/73)
ما يلزم من جامع زوجته قبل تمام الطهر
تاريخ الفتوى : ... 20 شوال 1423 / 25-12-2002
السؤال
جامعت زوجتي ولم تطهر من حيضها أي بقي قليل من الاصفرار فما كفارة هذا الذنب إن كان ذنبا أم ليس علي شيء؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للمسلم أن يجامع زوجته قبل أن تطهر من حيضتها ثم تغتسل من الحيض، لقوله تعالى: ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن (من الحيض أي ينقطع عنها دم الحيضة) فإذا تطهرن (بالماء أي بالغسل من الحيض) فأتوهن من حيث أمركم الله
ومن أتى زوجته قبل أن ينقطع عنها دم الحيض وتغتسل منه فعليه أن يستغفر الله تعالى ويتوب إليه، ولا يعود لفعله، وليس عليه كفارة معينة في قول جمهور أهل العلم، وإنما عليه التوبة والاستغفار -كما ذكرت- وقد جاء عن ابن عباس أن عليه أن يتصدق بنصف دينار، فقد روى أبو داود مرفوعاً عن ابن عباس رضي الله عنهما: إذا وقع الرجل بأهله وهي حائض فليتصدق بنصف دينار. وقد عمل الحنابلة بهذا الأثر، فأوجبوا الكفارة على من جامع أهله قبل انقطاع دم الحيض.
والحاصل أنه لا يجوز للمسلم أن يأتي زوجته الحائض قبل أن تطهر من الحيض، وتتطهر بالغسل، وإذا جامعها قبل انقطاع الحيض، فعليه التوبة والاستغفار، وإن أخرج ديناراً أو نصفه فحسن، والدينار ما يعادل: 4.¼ (أربعة وربع جرام) من الذهب.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/74)
الفتوى : ... الآثار النفسية السلبية على الزوجة الموطوءة في الدبر
تاريخ الفتوى : ... 19 شوال 1423 / 24-12-2002
السؤال
ما العواقب المعنوية المترتبة على جماع الزوج زوجته في الدبر مع كراهيتها لذلك ؟ وهل يسبب هذا التباغض بينهما ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إتيان المرأة في دبرها أمر محرم شرعاً كما أنه مستقذر طبعاً، إذ تأنف الطباع السليمة والعقول المستقيمة والفطر السوية عن إتيان المرأة في موضع هو مسلك للنجاسات والفضلات، والله تعالى قد خلق للإنسان موضعاً يقضي فيه شهوته، ويحصل منه النسل، وهذان هما أهم مقاصد النكاح، فإذا لجأ المرء إلى غيره، فقد عصى ربه واعتدى على حرماته، قال تعالى: وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [الطلاق:1].
كما أنه بذلك يهدم بنيان أسرته، لما في ذلك من انقطاع النسل أو تقليله، وهضم لحقوق المرأة في الاستمتاع، وإهانة لها بعدم احترام مشاعرها، وتقدير أنوثتها، وذلك مما يؤثر سلبياً عليها، ويدعوها إلى الانحراف، ويسبب بغضها لزوجها، فضلاً عما يحصل لها من الإثم بالموافقة على ذلك، أو التمادي فيه ولو كانت كارهة له.
وإننا لندعو كل من ابتلي بهذا الداء العضال، أن يتقي الله تعالى في نفسه وفي زوجته ويترك ما هو عليه. ومن أهم ما يعين على ترك هذه الفعلة الشنيعة، عدم الاقتراب أصلاً من مكان الدبر وما حوله أثناء إفضاء الرجل لأهله، ومعرفة الأضرار الصحية لذلك، والاطلاع على النصوص الشرعية المحرمة، وصحبة الصالحين، والتزام أحكام الإسلام ظاهراً وباطناً، وأهمها المحافظة على الصلاة في جماعة، فالله تعالى يقول: وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت:45].
ويمكن للأخ السائل أن يستعين على ذلك بمراجعة الفتاوى التالية أرقامها:
15921 -
3909 -
1410.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/75)
ـــــــــــــــ
كفارة إتيان الزوجة في الدبر التوبة الصادقة
تاريخ الفتوى : ... 18 رمضان 1423 / 23-11-2002
السؤال
عندما كنت في مرحلة الخطوبة(مكتوب كتابي) طلب مني خطيبي أن يحدث جماع من المكان الذي حلله الله، ولكني خفت وبعد محاولات عديدة سمحت له أن يدخل عن طريق فتحة الشرج، كنت أعلم أنه شيء خطأ ولكني عرفت بعد فترة أنه شيء محرم، وقد تزوجت منه، وأنا الآن لا أعرف كيف أكفر عن هذا الخطأ الفادح، مع العلم أني متزوجة به مند سنتين وسعيدة معه، والآن حامل بطفل منه(لقد كان هذا الفعل مرة واحدة ولم يتكرر). أرجو منكم أن تبعثوا لي الإجابه بالحروف الإنجليزية لأن الحاسوب لا يستقبل حروفا عربية، (الحاسوب غير معرب)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن إتيان الزوجة في دبرها كبيرة عظيمة من الكبائر، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل هذا فقال: ملعون من أتى امرأة في دبرها. رواه الإمام أحمد 2/479 وهو في صحيح الجامع، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهناً فقد كفر بما أنزل على محمد. رواه الترمذي ، وهو في صحيح الجامع.
فعليك أنت وزوجك التوبة إلى الله تعالى من ذلك المنكر، والإكثار من عمل الصالحات، فبذلك يمحو الله السيئات والأوزار، قال تعالى: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:39]. وما جرى بينكما لا يحرمك عليه كما شاع وذاع عند كثير من الناس، إذ أنه لم يدل دليل شرعي على ذلك البتة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/76)
الفتوى : ... رد الشبهة عن ابن عمر في الوطء في الدبر
تاريخ الفتوى : ... 24 شعبان 1423 / 31-10-2002
السؤال
الرجاء الإفادة عن مباشرة الزوجة في الدبر خصوصاً وإن هناك من يعتمد على حديث ابن عمر والخدري في التحليل فما رأي هذا وذاك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأ ما حكم إتيان المرأة في الدبر، فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 4340.
وما ينسب إلى ابن عمر وغيره من السلف من القول بجواز ذلك، فليس صحيحاً، ولا يثبت عنهم، بل الثابت عنهم تحريمه.
وقد أجاد الإٍمام ابن القيم في الرد على هذه الشبهة، فقال في شرحه لسنن أبي داود: وهذا الذي فسر به ابن عباس يعني: فسر قوله تعالى: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [البقرة:223] أي: مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد (الفرج)، فسر به ابن عمر. وإنما وهموا لم يهم هو، فروى النسائي عن أبي النصر أنه قال لنافع: قد أكثر عليك القول أنك تقول عن ابن عمر أنه أفتى بأن يؤتى النساء في أدبارهن، قال نافع: لقد كذبوا علي، ولكن سأخبرك كيف كان الأمر، إن ابن عمر عرض المصحف يوماً وأنا عنده، حتى بلغ (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) قال: يا نافع هل تعلم ما أمر هذه الآية؟ إنا كنا معشر قريش نجيىء النساء، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهم مثل ما كنا نريد من نسائنا، فإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه، وكانت نساء الأنصار إنما يؤتين على جنوبهن، فأنزل الله عز وجل: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) فهذا هو الثابت عن ابن عمر ولم يفهم عنه من نقل عنه غير ذلك.
ويدل عليه أيضاً ما روى النسائي عن عبد الرحمن بن القاسم قال: قلت لمالك: إن عندنا بمصر الليث بن سعد يحدث عن الحارث بن يعقوب عن سعيد بن يسار قال: قلت لابن عمر: إنا نشتري الجواري، فنحمض لهن، قال: وما التحميض؟ قال: نأتيهن في أدبارهن، قال: أف، أو يعمل هذا مسلم؟ فقال لي مالك: فأشهد على ربيعة أنه يحدثنى عن سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر عنه؟ فقال: لا بأس به، فقد صح عن ابن عمر أنه فسر الآية بالإتيان في الفرج من ناحية الدبر، وهو الذي رواه عنه نافع، وأخطأ من أخطأ على نافع فتوهم أن الدبر محل للوطء لا طريق إلى وطء الفرج، فكذبهم نافع، وكذلك مسألة الجواري، إن كان قد حفظ عن ابن عمر أنه رخص في الإحماض لهن، فإنما مراده إتيانهن من طريق الدبر، فإنه قد صرح في الرواية الأخرى بالإنكار على من وطأهن في الدبر، وقال: أو يفعل هذا مسلم؟! فهذا يبين تصادق الروايات وتوافقها عنه.
فإن قيل: فما تصنعون بما رواه النسائي من حديث سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر: أن رجلاً أتى امرأته في دبرها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد من ذلك وجداً شديداً، فأنزل الله عز وجل: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) قيل: هذا غلط بلا شك، غلط فيه سليمان بن بلال أو ابن أبي أويس راويه عنه، وانقلبت عليه لفظة (من) بلفظة (في) وإنما هو أتى امرأة من دبرها، ولعل هذه هي قصة عمر بن الخطاب بعينها، لما حول رحله، ووجد من ذلك وجداً شديداً، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هلكت، وقد تقدمت، أويكون بعض الرواة ظن أن ذلك هو الوطء في الدبر، فرواه بالمعنى الذي ظنه، مع أن هشام بن سعد قد خالف سليمان في هذا، فرواه عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مرسلاً.
والذي يبين هذا ويزيده وضوحاً: أن هذا الغلط قد عرض مثله لبعض الصحابة حين أفتاه النبي صلى الله عليه وسلم بجواز الوطء في قبلها من دبرها، حتى يبين له صلى الله عليه وسلم ذلك بياناً شافياً، قال الشافعي: أخبرني عمي قال: أخبرني عبد الله بن علي بن السائب عن عمرو بن أحيحة بن الجلاح أو عن عمرو بن فلان ابن حيحة قال الشافعي: أنا شككت عن خزيمة بن ثابت: أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان النساء في أدبارهن، أو إتيان الرجل امرأته في دبرها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حلال، فلما ولى الرجال دعاه، أو أمر به فدعي، فقال: كيف قلت؟ في أي الخربتين، أو في أي الخرزتين، أو في أي الخصفتين؟ أمن دبرها في قبلها؟ فنعم، أم من دبرها في دبرها؟ فلا، إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن. قال الشافعي: عمي ثقة، وعبد الله بن علي ثقة، وقد أخبرني محمد وهو عمه محمد بن علي عن الأنصاري المحدث به أنه أثنى عليه خيراً، وخزيمة من لا يشك عالم في ثقته، والأنصاري الذي أشار إليه: هو عمر بن أحيحة فوقع الاشتباه كون الدبر طريقاً إلى الوطء، أو معنى من بمعنى في فوقع الوهم. ا.هـ
وقال في الطب النبوي: ومن هنا نشأ الغلط على من نقل عنه الإباحة من السلف والأئمة، فإنهم أباحوا أن يكون الدبر طريقاً إلى الوطء في الفرج فيطأ من الدبر لا في الدبر، فاشتبه على السامع من نفى، أو لم يظن بينهما فرقاً، فهذا الذي أباحه السلف والأئمة، فغلط عليهم الغالط أقبح الغلط وأفحشه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/77)
الفتوى : ... لايسوغ مطاوعة الزوج في هذا الطلب الشنيع
تاريخ الفتوى : ... 23 رجب 1423 / 30-09-2002
السؤال
المعروف أن إتيان الزوجة من دبرها حرام ولكن لو طلب الزوج من زوجته هذا الشيء وهددها بأنه سوف يفعله مع واحدة غيرها إذا هي لم تنصع إلى أمره, فهل تجيبه أم أنها ترضى بأن يمارس الفاحشة مع أي امرأة, برغم حبها الكبير لزوجها وعدم رغبتها بهدم حياتهما الزوجية وخصوصا إذا هي قامت بنصحه ولكن بدون جدوى؟ أفيدوني أفادكم الله.....
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم على الرجل إتيان المرأة في دبرها، ويحرم على المرأة موافقته على ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ملعون من أتى امرأته في دبرها. رواه أحمد وغيره من أهل السنن، وقد سبق بيان ذلك وافياً في الفتاوى التالية أرقامها:
203
1410
3909
8130.
وعلى الأخت السائلة ألا ترضى بما يريده زوجها، وإلا باءت بالإثم العظيم المترتب على هذه الفاحشة التي أكد الشرع على تحريمها.
ونقول لها: لا يحملنك خوفك على زوجك من أن يرتكب الحرام مع غيرك على أن تمكنيه من أن يفعل بك هذا الفعل الشنيع الملعون فاعله، ولتعلمي أن الحياة بدون زوج خير من الوقوع تحت لعنة الله تعالى وغضبه والمعاونة على معصية، قال عز وجل: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
وقال صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الله. رواه أحمد وغيره، وهو حديث صحيح.
وعليك بالاستمرار في نصح الزوج مع عدم طاعته فيما طلب، واللجوء إلى الله تعالى بالدعاء والصلاة والذكر، والله تعالى يحفظك ويصرف عنك البلاء، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/78)
الفتوى : ... تأخير الغسل بعد انقطاع الدم حرام لعدة اعتبارات
تاريخ الفتوى : ... 19 رجب 1423 / 26-09-2002
السؤال
ماحكم من أتى امرأته وهي لم تغتسل من الحيض، مع العلم أنها في اليوم السابع للحيض ولا يوجد دم منذ اليوم الخامس ولكن لم تغتسل ؟ ولكم جزيل الشكر......
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تأخير الغسل بعد انقطاع الدم ورؤية علامات الطهرإلى المدة المذكورة في السؤال لا يجوز، لأن وجوب فعل الصلاة يتعلق بذمة المرأة بعد الطهر من الحيض وإن لم تغتسل، ولا تستطيع المرأة فعل الصلاة بدون الاغتسال إذ الطهارة شرط من شروط صحتها، هذا بالإضافة على الإثم المترتب على ترك الصلاة في هذه المدة، ولا يجوز للزوج أن يجامع زوجته بعد انقطاع الدم وقبل أن تغتسل ولو كانت كتابية في قول جماهير أهل العلم، وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم:
2299، والفتوى رقم:
17489.
ولمعرفة حكم تارك الصلاة راجع الفتوى رقم:
1145، والفتوى رقم:
17277، ولتراجع الزوجة الفتوى رقم:
20699، والدليل على منع إتيان المرأة قبل الاغتسال بالماء -كما هو مذهب الجمهور-هو أن الله عز وجل علق الإذن في إتيان الحائض على حصول أمرين:
أحدهما: انقطاع الدم، وهو قوله تعالى: حَتَّى يَطْهُرْن [البقرة:222].
والثاني: الاغتسال بالماء، وهو قوله تعالى: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ [البقرة:222].
فلا بد إذاً من تحقق الأمرين معاً، وإلا فلا إذن.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/79)
حكمة الشرع في تحريم إتيان الزوجة في الموضع المحرم
تاريخ الفتوى : ... 16 رجب 1423 / 23-09-2002
السؤال
لماذا عندما يأتي الرجل امرأته يأتيها من الفرج ولا يأتيها من الظهر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي البداية ننبه الأخ السائل أننا قد قمنا بتغيير بعض الألفاظ التي جاءت في سؤاله نظراً لكونها ألفاظاً صريحة تستهجنها النفوس، وأدب الإسلام في مثل هذه الأمور استعمال ألفاظ الكناية -أعني التلميح دون ألفاظ التصريح- فقد ورد في القرآن استعمال لفظ النكاح، وورد في السنة استعمال لفظ القبل والدبر وكذلك لفظ النكاح، لأن هذه الأمور يستحيا منها، فالأولى فيها عدم التصريح، إلا إذا تعلق الأمر بمصلحة شرعية كإثبات الزنا ونحوه، فالتصريح حينئذ أولى رفعاً للإلباس كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة ما عز بن مالك رضي الله عنه الثابتة في صحيح البخاري وصحيح مسلم.
ولنأت الآن للإجابة على السؤال فنقول: إن المرأة إنما تؤتى في قبلها لأن الله تعالى أمر بذلك حيث قال سبحانه: ( فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) (البقرة:222)
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فيما رواه الترمذي وأبو داود وأحمد بإسناد حسن "أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة". ولا تؤتى المرأة في دبرها، لأن من فعل ذلك فهو ملعون كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
روى الإمام أحمد في المسند بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم " ملعون من أتى امرأة في دبرها " وقد ذكر ابن القيم في زاد المعاد كلاماً نفيساً ننقل جملة منه لأهميته في هذا المقام حيث قال: وإذا كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض، فما الظن بالحش -وهو الدبر- الذي هو محل الأذى اللازم، مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل، والذريعة القريبة جداً من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان. وأيضاً فللمرأة حق على الزوج في الوطء، ووطؤها في دبرها يفوت حقها، ولا يقضي وطرها، ولا يحصل مقصودها. وأيضاً فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل ولم يخلق له، وإنما الذي هيئ له الفرج، فالعادلون عنه إلى الدبر خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعاً.
وأيضاً فإن ذلك مضر بالرجل، ولهذا ينهى عنه عقلاء الأطباء من الفلاسفة وغيرهم، لأن للفرج خاصية اجتذاب الماء المحتقن وإراحة الرجل منه، والوطء في الدبر لا يعين على اجتذاب جميع الماء، ولا يخرج كل المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي، وأيضاً يضر من وجه آخر وهو إحواجه إلى حركات متعبة جداً، لمخالفته للطبيعة. . ا هـ وهو كلام حسن فليراجعه من أراد المزيد من الفائدة 4/362-364. وبهذا تظهر حكمة الشرع في النهي عن إتيان النساء في أدبارهن. فصلاة الله وسلامه على من سعادة الدنيا والآخرة في هديه واتباع ما جاء به، وهلاك الدنيا والآخرة في مخالفة هديه وما جاء به.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/80)
هل يحق للزوجة طلب الطلاق لكون زوجها يأتيها في غير موضع الحرث
تاريخ الفتوى : ... 07 رجب 1423 / 14-09-2002
السؤال
أن علاقتي الجنسيه بزوجي كعلاقة الرجل بالرجل أو بالاحرى كعلاقة قوم لوط والبعض ممن حولي يقول إنه يجب علي طلب الطلاق- والبعض الاخر يقول إن الذنب على زوجي وحده وأنا ليس علي شيء ورأي زوجي انه دائما يستغفر ويتوب وأنه يحاول للإقلاع عن هذا الشيء مع أنني أراه مسترسلاً وضعيف الإرادة حتى إنه يضربني وقد تركته قبل ذلك وهجرته لهذا السبب ولكنه خدعني وقال إنه تاب ثم عاد لفعله ونحن ليس لدينا أطفال بدون سبب فهل الخيار لي في البقاء معه وهو على هذه الحال إلى أن يهديه الله ؟ أم واجب علي طلب الطلاق والانفصال عنه ؟ لأنني أخشى أن يكون طلب الطلاق منه ذنباً وكبيره في حقه فما الحل ؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً فأنا حائره وتعبانه جداً جداً......
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك مطاوعته في الحرام، وافعلي ما من شأنه أن يمنعه من ذلك، فإن أصر على فعله القبيح وعمله الشنيع فعليك أن تطلبي الطلاق، وانظر الفتوى رقم:
1410 والفتوى رقم:
203.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/81)
الوطء في الدبر هل يسعه الخلاف
تاريخ الفتوى : ... 25 جمادي الثانية 1423 / 03-09-2002
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت في كثير من كتب التراجم وشروح الحديث أن كثيرا من أهل العلم كانوا يجيزون نكاح المرأة من دبرها فالسؤال: هل تعتبر هذه المسألة مسألة خلافية لا يصح الإنكار فيها كغيرها من مئات المسائل الخلافية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإتيان المرأة في دبرها كبيرة من كبائر الذنوب وهي من المسائل التي لا يسوغ الخلاف فيها، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عما يجب على من وطئ زوجته في دبرها؟ وهل أباحه أحد من العلماء؟ فأجاب:
الحمد الله رب العالمين "الوطء في الدبر" حرام في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى ذلك عامة أئمة المسلمين، من الصحابة والتابعين وغيرهم، فإن الله تعالى قال في كتابه:نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُم [البقرة:223].
وقد ثبت في الصحيح، أن اليهود كانوا يقولون إذا أتى الرجل امرأته في قبلها من دبرها جاء الولد أحول، فسأل المسلمون عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الأية: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُم [البقرة:223].
و"الحرث" موضع الزرع، والولد إنما يزرع في الفرج لا في الدبر، "فأتوا حرثكم" وهو موضع الولد "أنى شئتم" أي من أين شئتم، من قبلها ومن دبرها وعن يمينها وعن شمالها، فالله تعالى سمى النساء حرثاً، وإنما رخص في إتيان الحروث، والحرث إنما يكون في الفرج، وقد جاء في غير أثر: أن الوطء في الدبر هو اللوطية الصغرى، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله لا يستحيي من الحق.. لا تأتوا النساء في حشوشهن. و"الحش" هو الدبر وهو موضع القذر، والله سبحانه حرم إتيان الحائض مع أن النجاسة عارضة في فرجها، فكيف بالموضع الذي تكون فيه النجاسة المغلظة؟! و"أيضاً" فهذا من جنس اللواط، ومذهب أبي حنيفة وأصحاب الشافعي وأحمد وأصحابه أن ذلك حرام لا نزاع بينهم، وهذا هو الظاهر من مذهب مالك وأصحابه، ولكن حكى بعض الناس عنهم رواية أخرى بخلاف ذلك، ومنهم من أنكر هذه الرواية وطعن فيها، وأصل ذلك ما نقل عن نافع أنه نقله عن ابن عمر، وقد كان سالم بن عبد الله يكذب نافعاً في ذلك.
فإما أن يكون نافع غلط أو غلط من هو فوقه، فإذا غلط بعض الناس غلطة لم يكن هذا مما يسوغ خلاف الكتاب والسنة.. كما أن طائفة غلطوا في إباحة الدرهم بالدرهمين، واتفق الأئمة على تحريم ذلك لما جاء في ذلك من الأحاديث الصحيحة، وكذلك طائفة غلطوا في أنواع من الأشربة، ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل مسكر خمر، وكل خمر حرام.
وأنه سئل عن أنواع من الأنبذة؟ فقال: كل مسكر حرام. ما أسكر كثيره فقليله حرام. وجب اتباع هذه السنن الثابتة. ولهذا نظائر في الشريعة.
ومن وطئ امرأته في دبرها وجب أن يعاقبا على ذلك عقوبة تزجرهما، فإن علم أنهما لا ينزجران فإنه يجب التفريق بينهما. انتهى
ومما تقدم يعلم السائل، أن هذه المسألة من المسائل التي يجب الإنكار فيها لأنه قد تيقن صحة أحد القولين.
قال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين: وقولهم إن مسائل الخلاف لا إنكار فيها، ليس بصحيح، فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول، والفتوى، أو العمل.
أما الأول: فإذا كان القول يخالف سنة، أو إجماعاً شائعاً، وجب إنكاره اتفاقاً، وإن لم يكن كذلك: فإن بيان ضعفه ومخالفته للدليل، إنكار مثله، وأما العمل فإذا كان على خلاف سنة، أو إجماع، وجب إنكاره بحسب درجات الإنكار، وكيف يقول فقيه "لا إنكار في المسائل المختلف فيها"، والفقهاء من سائر الطوائف قد صرحوا بنقض حكم الحاكم إذا خالف كتاباً أو سنة، وإن كان قد وافق فيه بعض العلماء؟!
وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع، وللاجتهاد فيه مساغ، لم تنكر من عمل بها مجتهداً أو مقلداً.
وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس ممن ليس لهم تحقيق في العلم.
والصواب: ما عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً، مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه، فيسوغ فيها إذا عدم فيها الدليل الظاهر الذي يجب العمل به الاجتهاد لتعارض الأدلة، أو لخفاء الأدلة فيها.
وليس في قول العالم "إن هذه المسألة قطعية أو يقينية، لا يسوغ فيها الاختلاف" طعن على من خالفها، ولا نسبة له إلى تعمد خلاف الصواب.
والمسائل التي اختلف فيها السلف والخلف وقد تيقنا صحة أحد القولين فيها: كثيرة.......، ولهذا صرح الأئمة بنقض حكم من حكم بخلاف كثير من هذه المسائل من غير طعن منهم على من قال بها.
وعلى كل حال: فلا عذر عند الله يوم القيامة لمن بلغه ما في المسألة -هذا الباب وغيره- من الأحاديث والآثار التي لا معارض لها إذا نبذها وراء ظهره، وقلد من نهاه عن تقليده، وقال له: لا يحل لك أن تقول بقولي إذا خالف السنة، وإذا صح الحديث فلا تعبأ بقولي، وحتى لو لم يقل له ذلك: كان هذا هو الواجب عليه وجوباً لا فسحة له فيه، وحتى لو قال له خلاف ذلك، لم يسعه إلا اتباع الحجة، ولو لم يكن في هذا الباب شيء من الأحاديث والآثار البتة: فإن المؤمن يعلم بالاضطرار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم أصحابه هذه الحيل، ولا يدلهم عليها.... وهذا القدر لا يحتاج إلى دليل أكثر من معرفة حقيقة الدين الذي بعث الله به رسوله. انتهى
وقد بينا حكم المسألة أيضاً في الفتوى رقم:
8130.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/82)
المقصود بكفر من أتى امرأة في دبرها
تاريخ الفتوى : ... 16 جمادي الثانية 1423 / 25-08-2002
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو إيضاح حكم الجماع من الدبر بدقة للأهمية مع الأدلة، وما مدى صحة الحديث:-( من أتى حائضا، أو امرأة في دبرها، أو كاهنا فصدقه ، فقد كفر بما بعث به محمد- صلى الله عليه وسلم-)
وهل الكفر في حال صحة الحديث بمعنىالخروج من الملة، وجزاكم الله خيرا،أرجو سرعة الرد
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إتيان الرجل زوجته في دبرها من المحرمات، ومن كبائر الذنوب التي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعلها، فقال فيما رواه أبو داود : ملعون من أتى امرأة في دبرها. وقال أيضاً عند ابن ماجه : لا ينظر الله لرجل جامع امرأته في دبرها.
والحديث المذكور في السؤال رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه بألفاظ متقاربة، وصححه الشيخ الألباني.
والكفر المذكور في الحديث ليس المراد به الخروج من الملة، وإنما يحمل على تغليظ هذا المنكر، والتشديد فيه. قال الترمذي : وإنما معنى هذا الحديث عند أهل العلم على التغليظ. انتهى
ولمعرفة أقوال أهل العلم في هذا المنكر انظر الفتوى رقم:
8130.
ولمعرفة أضراره الطبية، وآثاره انظر الفتوى رقم:
10455.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/83)
موقف الزوجة من إصرار زوجها على إتيانها من الخلف
تاريخ الفتوى : ... 21 جمادي الأولى 1423 / 31-07-2002
السؤال
زوجي يعاشرني من الخلف بدون إنزال أي يخرج الذكر وينزل خارجاً ويقول إن هذا في مفهومه حلال والحرام يكون فقط إذا أنزل في داخلي وهذا يتسبب في خلافات عميقة بيننا إذ أنني أرى أن هذا حرام وهو غير متنازل عن هذا الفعل الشاذ وأحيانا يمتنع عن العشرة ويكرهني ويهينني إذا امتنعت عن إعطائه بهذه الطريقة - أفيدوني ماذا أفعل وهل ما يقوله حلال أم لا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إتيان الرجل امرأته في دبرها من المحرمات، التي لعن الرسول صلى الله عليه وسلم فاعلها، فقال: ملعون من أتى امرأة في دبرها. رواه أبو داود.
وقال أيضاً: من أتى كاهناً فصدقه أو أتى امرأة في دبرها فقد كفر بما أُنزل على محمد. رواه أحمد وصححه الألباني.
وقال: لا ينظر الله لرجل جامع امرأته في دبرها. رواه ابن ماجه.
فهذه الأحاديث الشريفة تدل صراحة على تحريم وطء الزوجة في دبرها، ويجب على الزوجة أن لا تطيع زوجها، إذا طلب منها ذلك، فإن أصر، رفعت أمرها إلى الحاكم ليفرق بينهما لأنهما إن تطاوعا عليه أثماً جميعاً، ولا يقال: إن على الزوجة طاعة زوجها، فإنما الطاعة في المعروف، وهذا منكر عظيم فكيف تطيعه فيه؟!
بل الواجب في حق هذا الزوج أن يؤدب، ويعزر، وإذا أصر فرق بينه وبين زوجته، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ومتى وطئها في الدبر وطاوعته عزراً جميعاً؛ وإلا فرق بينهما كما يفرق بين الفاجر ومن يفجر به.
وأما ما ذكره هذا الرجل من التفريق بين الإنزال خارج الدبر، والإنزال داخله، فهو كذب لم يقل به أحد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/84)
حكم الوطء المحرم بدون قصد
تاريخ الفتوى : ... 19 جمادي الأولى 1423 / 29-07-2002
السؤال
في ذات يوم كانت زوجتي حائضاً فادخلت قضيبي بين فخذيها وبدون شعور دخل في الدبر هل هذا الفعل حرام؟ وماذا علي أن أفعل؟ وقد سمعت بأن مص الذكر جائز وكذلك العادة السرية من قبل المرأة فهل هذا صحيح؟ مع العلم بأنني لا استطيع أن أصبر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمسلم الاستمتاع بزوجته على كل حال إذا تجنب الوطء في الفرج حال الحيض والنفاس، وإذا اجتنب الوطء في الدبر، ما لم تكن صائمة للفرض أو محرمة للحج أو العمرة، لما روى مسلم عن أنس قال: إن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي، فأنزل الله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) [البقرة:222]. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح".
ويجب في مثل هذه الحالة الاحتراز ألا يقع الزوج في الأمر المحرم، فإذا حصل أن وطء في الدبر أو الفرج بلا قصد، فعليه أن ينزع فوراً، ولا إثم عليه، وما تم من ذلك عن قصد، فإن الإثم فيه عظيم، والتوبة منه واجبة، وارجع الفتاوى التالية: 12639، 2798، 2146، 3907.
وأما سؤالك عن مص الذكر والعادة السرية فراجع فيها الفتوى رقم: 2798، والفتوى رقم: 3907.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/85)
هل تعتبر الزوجة طالقا حال إتيانها في المكان المحرم
تاريخ الفتوى : ... 19 جمادي الأولى 1423 / 29-07-2002
السؤال
لقد مارست اللواط مع زوجتي في أيامي السابقة ماذا أفعل؟ وما هي الكفارة الواجبة؟ وقد سمعت بأن هذا الفعل هو بمثابة الطلاق هل هذا صحيح وما هو العمل الآن؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإتيان الزوجة في دبرها منكر عظيم، وفعل قبيح، وهو اللوطية الصغرى، كما جاء في مسند أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "هي اللوطية الصغرى، يعني أن يأتي الرجل امرأته في دبرها".
ويقول صلى الله عليه وسلم: "ملعون من أتى امرأته في دبرها" رواه أحمد وأبو داود وغيرهما.
وكفارة من وقع في هذا الفعل التوبة إلى الله توبة نصوحاً، والإكثار من الاستغفار، وأما إن الفعل بمثابة الطلاق، فغير صحيح، ولم يقل به أحد، وراجع الفتوى رقم: 3909، والفتوى رقم: 1410.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/86)
لا يليق بالمسلمة أن تمكن زوجها مما حرم الله
تاريخ الفتوى : ... 20 جمادي الأولى 1423 / 30-07-2002
السؤال
ما حكم الشرع في زوجة مسلمة يصر زوجها المسلم على جماعها في دبرها؟ وما الحكم في إصراره على جماعها في فترة الحيض؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إتيان المرأة في دبرها أو في قبلها زمن الحيضة، أمر مستقذر طبعاً تعافه النفوس السوية، وهو محرم في شريعة الإسلام، وصاحبه متوعَد بالعقاب والحرمان من نظر الله إليه يوم القيامة.
دل على ذلك كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإجماع المسلمين.
قال تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة:222].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر الله تعالى إلى رجل أتى امرأته في دبرها" رواه الترمذي والنسائي.
وعلى المرأة المسلمة أن تمنع زوجها من هذا المنكر والفعل القبيح، ولا يجوز لها أن تطيعه في هذا الأمر فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما الطاعة في المعروف، وعليها أن تذكره بالله تعالى، وتبين له حكم الشرع، وتنصحه بالتي هي أحسن.
فإذا كان الزوج منكوس الفطرة، يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، ويفضل الخبيث على الطيب، ويصر على فعله القبيح، فعليها أن تخبره بأنها ستضطر إلى رفع الأمر إلى القضاء الشرعي، وتراجع الفتوى رقم: 3909.
وأما الجماع في الفرج زمن الحيض، فإنه من المحرمات التي نص عليها القرآن والسنة، قال تعالى: (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "من أتى كاهناً فصدقه، أو أتى امرأة في دبرها، أو أتى حائضاً، فقد كفر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم" رواه أحمد، وأصحاب السنن.
وعلى من فعل ذلك أن يقلع عنه، ويبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، وعليه أن يتصدق بقيمة دينار، وانظر الفتوى رقم: 5463.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/87)
الفتوى : ... فيما أحل الله من الاستمتاع الحلال غُنية عن الحرام
تاريخ الفتوى : ... 15 جمادي الأولى 1423 / 25-07-2002
السؤال
السلام عليكم
أنا رجل عربي أعيش في الدول الاسكندنافية منذ 23 سنة وكما تعرف أن العلاقة الجنسية هنا حرة ومعظم النساء السويديات يظهرن لي حاجتهن للجنس من الخلف وهذه الطريقة تصبح جزءا من حاجتي والآن أنا متزوج من نساء عربيات وأنا أحس أني شخص سيء جداً ماذا أفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوطء في الدبر محرم مطلقاً، سواء كان للزوجة أو لغيرها وفاعله ملعون مطرود من رحمة الله تعالى معرض لسخط الله وعقابه في الدنيا والآخرة، وفيه أضرار كثيرة، كما سبق مفصلاً في الفتوى رقم: 8130، والفتوى رقم: 10455.
وإذا كانت الموطوءة في الدبر غير الزوجة إنضاف إلى هذا التحريم تحريم آخر، وهو تحريم الزنا، فيزداد الإثم، ويعظم الجرم.
والواجب عليك الآن هو أن تتقي الله تعالى، وتبتعد عن مقارفة هذه الفاحشة القبيحة، وتمتع بزوجتك أو بزوجاتك كما أحل الله لك، وذلك بوطئها في الفرج طاهرة من الحيض والنفاس، قال الله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) [البقرة: 222- 223]. فقوله تعالى: ( فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ) أي في الفرج، كما قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة وغيرهم، وأباح للمرء أن يطأ زوجته في فرجها كيف شاء، فقال: (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) أي كيف شئتم بشرط أن يكون الوطء في الفرج، وفي هذا غنية عن الحرام.
نسأل الله تعالى أن يتوب عليك، ويحصن فرجك عن الحرام إنه على كل شيء قدير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/88)
حدود التمتع بالزوجة شرعا
تاريخ الفتوى : ... 11 جمادي الأولى 1423 / 21-07-2002
السؤال
هل يجوز شرعا عند الجماع بين الزوجين بأن تمص أو تلعق الزوجة ذكر زوجها وأن تقبله؟ وإذا أراد الزوج التمتع بدبر زوجة دون الوطأ فهل عليه غسل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم مص الزوجة ذكر زوجها في الفتوى رقم: 2146، والفتوى رقم: 2798.
أما عن من تمتع بدبر زوجته هل عليه غسل؟ فجوابه: أنه إن أولج ولو لم ينزل، فعليه الغسل والتوبة مما اقترف، وإن أنزل فعليه الغسل، وإن لم يولج، إلا أن هذا الأخير كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، وراجع الفتوى رقم: 2620، والفتوى رقم: 2886.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/89)
سبيل الانتهاء عن معاشرة الزوجة من الخلف
تاريخ الفتوى : ... 19 ربيع الثاني 1423 / 30-06-2002
السؤال
عند معاشرتي لزوجتي أقوم بمداعبتها من القبل والدبر وأحياناً قد يحدث الإيلاج في الدبر وأحاول أكثر من مرة أن أتجنب ذلك ولكن مراغمة الشيطان تجعلني أكرر المداعبة في الدبر بقصد الإيلاج ويحبب ذلك إلي ولم أستطيع مراغمة نفسي عن الابتعاد عن ذلك رغم ضيقي الشديد عندما يحدث الإيلاج وخوفي من الله فما الحكم؟ وما هي نصيحتكم بطرق الوقاية من ذلك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إتيان الزوجة في دبرها فاحشة عظيمة، ومعصية كبيرة تعافها الطباع السليمة والفطر المستقيمة، وقد سبق بيان حكمها وسوء مآلها في الفتوى رقم: 4340، والفتوى رقم: 8130، والفتوى رقم: 1410.
وعلاج هذه المعصية كغيرها من المعاصي البعد عن أسبابها الميسرة لها، وطلب العون من الزوجة على التخلص منها، واللجوء إلى الله تعالى بالدعاء والتضرع والاعتصام بحبله المتين، فهو نعم المولى ونعم النصير (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [آل عمران:101].
وتعظيم الذنب في نفس العبد، والخوف من عقاب الله تعالى العاجل والآجل، والندم على ما فات باستدراك ما هو آتٍ، والحذر من قرب الأجل، واختيار الصحبة الطيبة التي تُعين على الخير وتحض عليه، والابتعاد عما يثير الشهوات، ويدعو إلى انتكاس الفطرة، ولمعرفة مزيد من الفوائد ، راجع الفتاوى التالية أرقامها: 11322، 17308، 13135.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/90)
الفتوى : ... من أتى زوجته في المكان المحرم له توبة
تاريخ الفتوى : ... 12 ربيع الثاني 1423 / 23-06-2002
السؤال
التوبه بعد نكاح الزوجه من الدبر....أفيدونا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن طبيعة بني آدم ارتكاب الخطايا والزلات، وخير الناس من إذا أحدث ذنبا أتبعه بتوبة. قال صلى الله عليه وسلم: كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون. رواه الترمذي.
والتوبة واجبة من جميع الذنوب صغيرها وكبيرها، لقول الله سبحانه:وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]. ومن فضل الله على الإنسان أنه فتح له باب التوبة ليلاً ونهاراً، وأنه تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، وأبقى باب التوبة مفتوحاً أمام من غلبتهم شهواتهم فأوقعتهم في المحرمات. ولا يزال هذا الباب مفتوحاً إلى أن تطلع الشمس من مغربها أو يغرغر الشخص.
ولهذا فنقول للسائل: ما عليك إلا أن تخلص التوبة لله تعالى وتكثر من الاستغفار وفعل الحسنات. وللمزيد راجع الفتوى رقم:
4128.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/91)
حكم إتيان الزوجة في الدبر جهلا
تاريخ الفتوى : ... 05 ربيع الثاني 1423 / 16-06-2002
السؤال
أحد الأصدقاء قال إنه أتى زوجته من الدبر وهولا يعلم بالشريعة الإسلامية وقال لي بإنه لا يقصد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوطء الزوجة في دبرها محرم شرعاً كما هو مبين في الفتوى رقم:
8130
ولكن من فعله جهلاً بحرمته أو وقع منه دون تعمد أو قصد فلا حرج عليه في ذلك لكنه يأثم من جهة تفريطه في تعلم أحكام دينه المتعينه عليه ومنها أحكام معاشرته لزوجته.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/92)
قول (الإمام الشوكاني) في حكم إتيان المرأة من الدبر
تاريخ الفتوى : ... 21 صفر 1423 / 04-05-2002
السؤال
سمع رجل عن الإمام الشوكاني أنه يجوز للرجل أن يأتي زوجته من الدبر ومن يومها لا يستطيع يمنع نفسه!
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم إتيان المرأة في دبرها في الفتوى رقم: 8130، والفتوى رقم: 4340.
وأما ما ذكره السائل من أن الإمام الشوكاني يجيز ذلك فلا أصل له، لأن الذي يقرره -رحمه الله- هو التحريم. انظر مثلاً: نيل الأوطار :6/ 622 كتاب: النكاح، باب: النهي عن إتيان المرأة في دبرها، حيث قال: ولا شك أن الأحاديث المذكورة في الباب القاضية بتحريم إتيان النساء في أدبارهن يقوي بعضها بعضاً، فتنتهض لتخصيص الدبر من ذلك العموم، يعني عموم قوله تعالى: (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) [البقرة:223] .
أما بالنسبة لهذا الرجل، فإننا نذكره بالوقوف بين يدي الله تعالى، وماذا سيقول لرب العالمين عندما يسأله عن ذلك، وليُعلم أن هذا الذنب من أعظم العظائم وقد يجر إلى اللواط بالذكران، فهو كان بداية قوم لوط مع فاحشتهم، كما نص على ذلك غير واحد.
فإذا تذكر ذلك عظم عليه الأمر، وهانت عليه التوبة، وإذا تاب توبة نصوحا تاب الله عليه ولو كانت ذنوبه كثيرة، قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر:53] .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/93)
تهافت الزعم أن القرآن والسنة الصحيحة لم يرد فيهما تحريم الجماع في الدبر
تاريخ الفتوى : ... 14 صفر 1423 / 27-04-2002
السؤال
لم يرد دليل من القرآن ولا من الحديث الصحيح (البخاري ومسلم) في تحريم الجماع في الدبر. فهو حلال!!
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزعمك أنه ليس هناك دليل من كتاب الله تعالى يدل على حرمة الجماع في الدبر زعم غير صحيح، وقد ذكر العلماء أن قوله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [البقرة:222] دال على حرمة إتيان المرأة في دبرها دلالة واضحة وظاهرة، وممن نصوا على ذلك ابن القيم -يرحمه الله- في زاد المعاد 4/261 حيث يقول: وقد دلت الآية على تحريم الوطء في دبرها (أي الزوجة) من وجهين:
أنه أباح إتيانها في الحرث، وهو موضع الولد لا في الحش الذي هو موضع الأذى، وموضع الحرث هو المراد من قوله: (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ) [البقرة:222] .
قال: (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) [البقرة:223] وإتيانها في قبلها من دبرها مستفاد من الآية أيضاً، لأنه قال: (أَنَّى شِئْتُمْ) أي: من أين شئتم من أمام أو من خلف. قال ابن عباس: فأتوا حرثكم، يعني: الفرج.
وإذا كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض، فما الظن بالحش الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جداً من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان.
وقد أفاض الإمام ابن كثير في تفسيره في بيان الأدلة على التحريم، ونقل عن جمع غفير من الصحابة والتابعين والأئمة القول به، وذلك عند تفسير الآية المتقدمة.
وأما زعمك أنه لم يرد دليل من الحديث الصحيح (البخاري ومسلم) في تحريم الجماع في الدبر، فهي دعوى غير صحيحة أيضاً، بل فيها أغلاط كثيرة، فالأحاديث الصحيحة التي يُستدل بها على الأحكام الشرعية لم تكن محصورة في البخاري ومسلم فقط، ولم يقل بذلك أحد من أهل العلم، فهناك الآلاف من الأحاديث الصحيحة والحسنة في غير البخاري ومسلم تساوي ما في الصحيحين من وجوب الأخذ بمدلولها.
هذا وقد أشار مسلم في صحيحه إلى التحريم ففي 2/1059 باب جواز جماعه امرأته في قبلها من قدامها ومن ورائها من غير تعرض للدبر) ثم نقل أثر جابر رضي الله عنه (كانت اليهود تقول إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول، فنزلت: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [البقرة:223] إن شاء مجبية، وإن شاء غير مجبية غير أن ذلك في صِمام واحد.
قال النووي -يرحمه الله- في شرحه على مسلم : والصِمام (بكسر الصاد) أي: ثقب واحد، والمراد به القبل.
قال العلماء: وقوله تعالى: (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) [البقرة:223] أي: موضع الزرع من المرأة وهو قبلها الذي يزرع فيه المني ابتغاء الولد، ففيه إباحة وطئها في قبلها: إن شاء من بين يديها، وإن شاء من ورائها، وإن شاء مكبوبة. وأما الدبر فليس هو بحرث، ولا موضع زرع، ومعنى قوله: (أَنَّى شِئْتُمْ) أي: كيف شئتم. واتفق العلماء الذين يُعتد بهم على تحريم وطء المرأة في دبرها حائضاً كانت أو طاهراً لأحاديث كثيرة مشهورة.
وقد سبق بيان هذه المسألة، وذكر الأدلة على التحريم في الجواب رقم: 8130 فراجعه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/94)
حكم الدخول على الزوجة الحائض يوم الزفاف
تاريخ الفتوى : ... 14 ذو الحجة 1422 / 27-02-2002
السؤال
السلام عليكم.
لدي سؤال مهم أرجو الاهتمام به فأنا أردت أن أعرف إذا كانت المرأة في الحيض (الدورة الشهرية) وأراد زوجها أن يعاشرها وكان هذا أول مرة لها فكيف تستطيع أن تعرف أنها مازالت بكراً أم أصبحت امرأة وهي مازال بها الحيض؟.
فأرجو الإجابة على هذا السؤال من فضلكم وجزاكم الله ألف ألف ألف خير وسدد في الخير خطاكم.
أرجو المساعدة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لمسلم أن يطأ زوجته في فرجها وهي حائض باتفاق المسلمين، وانظر الجواب رقم: 8958.
ومن كانت زوجته في ليلة الزفاف حائضاً، فليمتنع وجوباً عن وطئها حتى تطهر، وله مباشرتها والتمتع بسائر جسدها دون الفرج أثناء حيضها، ومن علم من نفسه أنه قد لا يستطيع كبح جماح شهوته في أول ليلة، فليؤخر الدخول على أهله، حتى تكون في حال طهر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/95)
ـــــــــــــــ
حكم وطء من تقطع دمها
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
زوجتي عادتها الشهرية تبدأ معها بأن تأتيها قطرة بسيطة فتقوم بالتشطيف جيدا ثم تظل نظيفة لا يأتيها شيء حتى اليوم الثاني فما الحكم هل تصلي في هذا اليوم؟ وهل يجوز الجماع خلال هذه الفترة؟
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة إذا كانت ترى الدم يوماً وليلة، ثم ترى النقاء يوماً وليلة أو أكثر أو أقل، فلا تخلو من واحد من أمرين:
الأمر الأول: أن لا يتجاوز هذا التقطيع خمسة عشر يوماً.
الأمر الثاني: أن يتجاوز هذا الانقطاع أكثر من خمسة عشر يوماً.
أما في الحالة الأولى وهي: ما إذا كانت الحالة المذكورة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً، فقد اختلف العلماء في حكمها، فالإمامان مالك وأحمد يريان أن عليها أن تغتسل كلما رأت النقاء، وتصير في حكم الطاهرات يجوز لها ومنها ما يجوز لهن ومنهن، وهذا المذهب يسمى مذهب التلفيق، ومذهب اللقط.
وأما الإمام أبو حنيفة والإمام الشافعي فمذهبهما هو: أن جميع أيام النقاء والحيض حيض، فتظل المرأة في حكم الحيض حتى تكمل عادتها أو تميز، ويسمى هذا المذهب بمذهب السحب، وبمذهب ترك التلعيق.
أما إذا كان هذا التقطيع يتجاوز خمسة عشر يوماً، فإن الجميع متفقون على أن حكمها حينئذ حكم المستحاضة، وقد ذكرنا حكم مجامعة المستحاضة برقم: 2278.
كما ذكرنا أيضاً شيئاً من الأحكام المتعلقة بها برقم: 7433.
وعلى هذا، فإن كانت زوجتك - أخي السائل - من أهل الحالة الأولى، فقد علمت أن في اعتبارها طاهراً أو حائضاً في أيام نقائها خلافاً بين أهل العلم، وأي مذهب من المذهبين المذكورين عَمِلتْ به، فلا حرج عليها إن شاء الله تعالى.
لكن يجب التنبه إلى أن وطء من تقطع دمها قبل أن تطهر متفق على منعه، وإنما الخلاف فيه بعد أن تغتسل كما سبق.
أما إذا كانت من أهل الحالة الثانية، فهي مستحاضة تجري عليها أحكام المستحاضة المذكورة في الفتويين المحال عليهما.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/96)
زوجة وطئت في دبرها قبل الزواج رؤية شرعية
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
ما الواجب على الزوج عمله بعد أن عرف أن زوجته قد تم إتيانها من دبرها قبل الزواج هل يستمر في زواجه أم ينفصلا ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان ما ذكر قد حدث حال صغرها أو بدون رضاها، فإنه لا ذنب، ولا إثم عليها في ذلك، ولا يجوز أن تحاسب فيما عذرها الشرع فيه.
أما إن كان قد حدث وهي بالغة مختارة، فإنها قد وقعت في إثم عظيم يلزمها منه التوبة والاستغفار والندم على فعله، فإذا صدقت في توبتها، وحسن حالها، فلا ينبغي طلاقها، بل الواجب هو أن تحرص على تربيتها والستر عليها، فإن الله يقبل التائب من عباده، ويبدل سيئاته حسنات، فكيف لا نقبل نحن من قبله الله، قال سبحانه: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان:68-70].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/97)
ـــــــــــــــ
الفتوى : ... أقوال الأئمة الأربعة في ما يلزم من جامع امرأته الحائض
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
ما حكم من جامع امرأته في حالة الحيض أو النفاس. أرجو ذكر أحكام جميع المذاهب. أي: مذاهب الأئمة: الإمام أحمد بن حنبل والشافعي وأبو حنيفة ومالك رحمهم الله مع ذكر الدليل الأرجح.
جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق العلماء على حرمة وطء الحائض، لقوله سبحانه وتعالى: (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة:222].
قال ابن كثير: (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) يعني: الفرج.
وروى أبو داود عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض؟ قال: ما فوق الإزار.
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح".
وفي البخاري عن ميمونة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه وهي حائض أمرها أن تأتزر ثم يباشرها".
فمجموع هذه الأحاديث يدل على حرمة الجماع في الفرج، ويبيح للزوج أن يستمتع بزوجته وهي حائض، فيما فوق السرة وتحت الركبة، والاستمتاع بهذه الصورة هو قول الحنفية والمالكية والشافعية، وقد استفادوا هذا التحديد من إباحة النبي صلى الله عليه وسلم الاستمتاع بما فوق الإزار، لأن الإزار هو الثوب الذي يستر وسط الجسم وما دونه، وهو ما بين السرة والركبة غالباً، وعلة منع الاستمتاع بما بين السرة والركبة أنه داعية إلى الجماع، ووسيلة إليه، والوسائل لها حكم المقاصد.
فقد ورد في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه".
وذهب الحنابلة إلى أنه يجوز للرجل أن يستمتع بزوجته، وهي حائض كيف شاء، ما عدا الجماع، لما سبق من قوله صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح".
لكن قول الجمهور أرجح وأحوط، وأنسب لحال الناس، فإن منهم من قد لا يملك نفسه إذا باشر هذه المنطقة.
أما ما يجب على من جامع زوجته وهي حائض، فالجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية على أنه لا شيء عليه إلا التوبة، لأن الأصل براءة الذمة، ولا ينتقل عنها إلا بدليل، ولأنه وطء حرم للأذى فلم تتعلق به الكفارة كالوطء في الدبر، وهذا القول مروي عن الإمام أحمد أيضاً.
وذهب الإمام أحمد في رواية أخرى، وهي أرجحهما عند الحنابلة إلى أنه يجب عليه كفارة: دينار أو نصف دينار، لما روى أبو دود والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي يأتي امرأته وهي حائض: "يتصدق بدينار أو بنصف دينار" والحديث صححه الألباني.
والدينار زنته أربعة جرامات وربع الجرام من الذهب تقريباً، والراجح هو قول الحنابلة لصحة ما استدلوا به.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/98)
من جاءها الحيض أثناء الجماع.
تاريخ الفتوى : ... 20 ذو القعدة 1422 / 03-02-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
أنا متزوجة فترة الحيض عندي 7 أيام انقطع الحيض عني في اليوم الخامس ورأيت علامة الطهر التي أعرفها جامعني زوجي وبعد الجماع عاد الدم مرة أخرى.هل يمكن أن تقل فترة أيام الدورة أم أنها ثابتة مهما انقطع الدم. وهل علي وعلى زوجي إثم في ذلك. وما هي علامة الطهرعند المرأة . وماذاعلي فعله. وجزاكم الله خيرا
سؤال آخر وعذرا للإطالة:
جامعني زوجي وبعد انتهاء الجماع ظهر الدم وبدأ الحيض .هل علينا إثم في هذا .وما الواجب فعله. وجزاكم الله خيرا
الفتوى الفتوى : ... وطء الزوجة من دبرها نهار رمضان أشد حرمة
تاريخ الفتوى : ... 08 ذو القعدة 1422 / 22-01-2002
السؤال
1-في نهار رمضان أتيت زوجتي من الخلف
ما الحكم مع أني تصدقت
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن جامع زوجته قبلاً أو دبراً في نهار رمضان فقد ارتكب إثماً عظيماً، وعليه الكفارة المحددة شرعاً، وقد سبق بيانها في الفتوى رقم:
1104 ووطء المرأة في دبرها من كبائر الذنوب في غير رمضان، فما بالك إذا كان ذلك في هذا الشهر العظيم، بل في نهاره الذي ألزم فيه المسلم بترك المباح من الشهوات، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
8130
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/99)
الفتوى : ... ما يحل للرجل من زوجته وقت الحيض
تاريخ الفتوى : ... 29 شوال 1422 / 14-01-2002
السؤال
السلام عليكم أخوكم في الدين من المغرب.
أشتغل بعيدا عن بيتي مما أضطر للغياب تقريبا شهراً كاملاً ولما أعود غالباً ما أجد زوجتي حائضا مما يجعلني لا أستطيع الاتصال بها جنسياً هل من حل؟.
وتقبلوا مني سيدي المفتي فائق تحياتي وشكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن جماع الرجل لزوجته أثناء تلبسها بالحيض حرام بالكتاب والسنة، وإجماع علماء الأمة، ولا يجوز بحال من الأحوال، وذلك لقول الله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ) [البقرة:222].
وعندما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" متفق عليه.
فهذا يدل على تحريم الجماع تحريماً باتاً، وهو ما أجمع عليه علماء الأمة.
أما مباشرة المرأة من غير جماع فيما فوق السرة، وتحت الركبة، فهذا جائز باتفاق العلماء، وكذلك مباشرتها فيما بين السرة والركبة من فوق حائل: إزار أو سراويل أو غيرها.
أما ما بين السرة والركبة مما عدا الفرج والدبر، فقد اختلف العلماء في مباشرته بدون حائل، والأحوط الابتعاد عنه، فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر زوجاته بالاتزار ثم يباشرهن، كما في حديث عائشة أنها قالت: "كانت إحدانا إذا كانت حائضاً، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها، أمرها أن تأتزر بإزار في فور حيضتها، ثم يباشرها" متفق عليه.
فهذا يدل على جواز الاستمتاع بالزوجة الحائض فوق الثياب، وهذا ما يحل لصاحب الزوجة الحائض.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/100)
ما يباح من الاستمتاع بالحائض
تاريخ الفتوى : ... 29 شوال 1422 / 14-01-2002
السؤال
إذا كانت الزوجة حائضاً فما حكم المعاشرة غير المباشرة أي الجزء العلوي من الجسم (مافوق البطن )
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مباشرة الحائض فيما فوق السرة وتحت الركبة جائزة بالإجماع، والوطء في الفرج حرام بالإجماع كذلك، قال ابن قدامة في المغني: (الاستمتاع من الحائض فيما فوق السرة ودون الركبة جائز بالنص والإجماع، والوطء في الفرج محرم بهما -أي بالنص والإجماع كذلك- واختلف في الاستمتاع بما بينهما، فذهب أحمد -رحمه الله-إلى إباحته، وروي ذلك عن عكرمة، وعطاء، والشعبي، والثوري، وإسحاق، ونحوه قال الحكم، فإنه قال: لا بأس أن تضع على فرجها ثوباً ما لم يُدخله. وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا يباح، لما روي عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض" رواه البخاري.ا.هـ
وقال ابن قاسم في حاشية الروض المربع: (والوطء دون الفرج إذا كان يملك نفسه عن الفرج، إما لشدة ورع أو لضعف شهوة، للأخبار الصحيحة، قال ابن كثير وغيره: هو قول أكثر العلماء لما تقدم من الآية والأخبار، وإلا فلا وفاقاً، وصوبه في الإنصاف لقوله: "من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه." ويعضده الأمر بالاتزار. ا.هـ
والذي نراه في هذه المسألة هو أن الأخذ بقول الجمهور من المالكية والشافعية والحنفية أولى، والاحتياط يدعو إليه، لا سيما عند قوة الشهوة، وضعف النفس، ولأن هذا يدخل تحت قاعدة: سد الذرائع إلى الفساد، فسداً لذريعة حصول الجماع المحرم، يترك مس بعض المواطن المباحة لأنها وسيلة إلى المحرم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/101)
الوطء في باب الدبر
تاريخ الفتوى : ... 23 رمضان 1422 / 09-12-2001
السؤال
ماحكم الرجل يجامع زوجته في باب الدبر ويدخل بعض المني إلى دبرها وما الكفارة
الفتوى
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا كفارة محددة للفعل المذكور، وإنما يكفر بالتوبة وأن يتبع بالأعمال الصالحة
وراجع الجواب رقم 3909
والجواب رقم 4340
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/102)
حكم الوطء في الدبر عند التضرر من الوطء في القبل
تاريخ الفتوى : ... 21 شعبان 1422 / 08-11-2001
السؤال
هل يجوز جماع الزوجة فى الدبر أي من الخلف . في حالة ما تكون المرأة بها التهاب في الرحم .
والسلام عليكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آهل وصحبه أما بعد:
فوطء المرأة في الدبر من كبائر الذنوب وراجع الجواب رقم: 8130
وتضررها بالوطء في القبل لا يحل لك وطأها في الدبر. لأن الوطء في الدبر محرم تحريما أبدياً. وليس تحريما عارضاً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/103)
رد شبهة في شأن الوطء في الدبر
تاريخ الفتوى : ... 15 رجب 1422 / 03-10-2001
السؤال
لقد تصفحت كتب الحديث لأعرف حكم إتيان الزوجة من دبرها، ووجدت فيها حديثين أحدهما يدل على الحل والآخر على الحرمة، فعجزت عن الحكم وأطلب منكم إفتائي في هذا الشيء.
الحديث الذي يدل على حلّ هذا الشيء هو:
كانت اليهود تقول إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول فنزلت: (نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم).
والحديث الذي يدل على حرمته هو: "ملعون من أتى امرأته في دبرها"
فأطلب منكم الفتوى وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا تعارض بين الحديثين - اللذين في نص السؤال - لاختلاف موضوعهما، فموضوع حديث جابر هو: الإتيان في محلّ المأتى وموضع الحرث أي: الفرج.
إلا أنه من ناحية الدبر، وهذا هو الذي نزل القرآن بإباحته، كما في نص حديث جابر.
أما حديث أبي هريرة: "ملعون من أتى امرأته في دبرها"، فموضوعه الإتيان في غير المأتى أي الدبر، وهذا هو الذي ذهب جماهير السلف والخلف وجمهور الأئمة إلى حرمته، وقد تقدم الجواب عن محتوى الحديثين تحت الجوابين رقم: 8130، 3533 فليراجعا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/104)
من جاءها الحيض أثناء الجماع.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت عادتك سبعة أيام فانقطع الدم لخمسة أيام ورأيت علامة الطهر التي تعرفينها، فأنت طاهر، تجب عليك الصلاة، ويجوز لزوجك أن يجامعك، ولا يجب الانتظار حتى تكملي سبعة أيام.
وإذا عاد إليك الدم في زمن العادة فهو دم حيض ولا إثم عليكما بالجماع، لأنه حصل في زمن طهر صحيح، وكذا لو جامعك زوجك وبعد انتهاء الجماع، أو أثنائه جاءتك الحيضة فلا إثم عليكما، إلا أنكما إن علمتما بنزول دم الحيض أثناء الجماع وجب عليكما قطعه، لأن المانع منه وجد، وهو نزول دم الحيض، ويمكن أن تزيد فترة الحيض أو تقل، إلا أنه ينبغي للمرأة ألا تستعجل حتى تتيقن وجود علامة الطهر التي تعرفها. وعلامة الطهر عند المرأة هي الجفاف أو القصة البيضاء.
ولمزيد الفائدة راجعي الفتويين رقم:
8293 3893
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/105)
الفتوى : ... أضرار المباشرة في الدبر
تاريخ الفتوى : ... 05 رجب 1422 / 23-09-2001
السؤال
هل تعتبر الزوجة طالقا من زوجها إذا جامعها أو باشرها من دبرها ؟
وما هي أضرار مباشرة الزوجة من الدبر بنسبة للرجل والمرأة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إتيان المرأة في دبرها تنفر منه الفطرة ، ويأباه الطبع ، ويحرمه الشرع ، ولكن مجرده لا يوجب تفريقاً بين الزوجين: لا طلاقاً ، ولا فسخاً ، ماداما قد توقفا عن تكراره ، وتابا إلى الله منه.
أما إذا اتخذه الزوج عادة ، وطاوعته الزوجة على ذلك ، فإن الشرع يفرق بينهما ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " ومتى وطئها في الدبر وطاوعته ، عزرا جميعاً ، وإلا فرق بينهما كما يفرق بين الفاجر ومن يفجر به". ومثل تواطؤ الزوجة مع زوجها على هذا الفعل ، عدم قدرتها على منعه ، وعجزها عن مدافعته.
أما أضرار هذا الفعل زيادة على حرمته واستقذاره ، فهي كثيرة ذكرت في كتب الفقه والطب ، فمنها: أنه يصرف الرجل عن الإتيان الطبيعي لزوجته ، وقد يبلغ به الأمر إلى حد العجز عن مباشرتها المباشرة العادية ، وبذلك تتخلف أهم نتيجة من نتائج الزواج ، وهي إيجاد النسل ، ومنها أنه يؤثر على أعضاء التناسل ، أي مراكز الإنزال الرئيسية في الجسم ، ويعمل على القضاء على الحيوية المنوية فيه ، ويؤثر على تركيب مواد المني.
ومنها: أنه يؤثر على المخ.
ومنها: أنه يسبب مرض السويداء.
ومنها: أنه يسبب ارتخاء عضلات المستقيم ، وتمزقه ، إلى غير ذلك من الأضرار العقلية والبدنية التي ذكرها السيد سابق في "فقه السنة" نقلا من كتاب (الإسلام والطب) للدكتور محمد وصفي.
والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/106)
ما يجب على من أكرهت على الوطء أيام العذر
تاريخ الفتوى : ... 09 جمادي الثانية 1422 / 29-08-2001
السؤال
ما حكم مواقعة الرجل لزوجته وهي حائض ولكن باستخدام الواقي الذكري بحيث لا يتأذى الزوج من الحيض ولا الزوجة من إفرازات زوجها؟ وإذا كان الجواب بالنفي فماذا تفعل الزوجة إذا كانت غير قادرة على رده لأنه يستخدم القوة سواء كان في الحيض أو في نهار رمضان فقد فعلها مرتين في رمضانين مختلفين ؟ وهل علي إثم إذا كنت مكرهه؟أفيدونا جزاكم الله خيراًَُ
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز مجامعة الزوجة وهي حائض ولو كان باستخدام الواقي الذكري، وقد سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 9951 أما عن إكراه الزوج للزوجة، فإذا كانت غير قادرة على منع نفسها منه في زمن الحيض، أو في نهار رمضان، فالواجب عليها أن ترفع أمرها إلى من يرد هذا الزوج عن عمله القبيح، ويردعه عنه، فإن انتهى فبها ونعمت، وإلا فرق بينهما. قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ولو تطاوع الزوجان على الوطء في الدبر فرق بينهما ، وقاله أصحابنا ، وعلى قياسه المطاوعة على الوطء في الحيض .
وما أكرهها عليه من الجماع في الحيض، أو في نهار رمضان، فهي غير مؤاخذة به، لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه" رواه ابن ماجه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/107)
الفتوى : ... لا يجوز استخدام الواقي الذكري للجماع أثناء الحيض
تاريخ الفتوى : ... 05 جمادي الثانية 1422 / 25-08-2001
السؤال
يحرم الجماع أثناء فترة الحيض لأنه أذى فما حكم استخدام الواقي الذكري لدرء هذا الأذى ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة في زمن الحيض لا يجوز جماعها ولو تحققت السلامة من أذى الحيض، وذلك لأن الله تبارك وتعالى حرم وطء الحائض مطلقا ، ولم يأذن فيه إلا بتحقق شرطين، وهما: انقطاع الدم، والاغتسال منه بالماء، قال تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة:222] وإذا كان انقطاع الدم الذي هو مظنة درء الأذى وانتهاء فترته المعتادة لا يبيح وطء الزوجة قبل غسلها، كما هو مذهب الجمهور، فإن استخدام الواقي المذكور أولى أن لا يبيح الوطء في فترة الحيض ونزوله.
فالحاصل أن الواقي الذكري لا يغير من حكم منع الحائض شيئاً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/108)
ـــــــــــــــ
كتب التفسير تنص على حرمة الوطء في الدبر
تاريخ الفتوى : ... 30 جمادي الأولى 1422 / 20-08-2001
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
الرجاء أن توضحوا لي وللإخوه القراء الحكم في مسالة إتيان النساء في الدبر خاصة وأنه ورد في بعض التفاسير بأن من أسباب نزول آيه(نساؤكم حرث لكم .......) أنها نزلت بهذا الشأن وأنه أمر مشروع ومن ضمنها تفسير الجلالين, لرفع اللبس عن هذه القضية التي قد يصطدم القارئ بهاعن غير علم و بارك الله بكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إتيان النساء في أدبارهن حرام بنص القرآن، بل هو من الكبائر المحرمة كما في بعض الأحاديث، وقد تقدم توضيح حكمه مفصلاً تحت الجواب رقم 8130 وليس في كتب التفسير المعتمدة- ومن بينها تفسير الجلالين- ما يدل على مشروعية ذلك لا في نص التفسير، ولا في سبب النزول.
ففي الجلالين عند قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) [البقرة: 223] أي محل زرعكم الولد (فأتوا حرثكم) أي محله، وهو القبل أنى كيف (شئتم) من قيام وقعود واضطجاع وإقبال وإدبار، ونزل رداً لقول اليهود من أتى امرأته في قبلها أي من جهة دبرها جاء الولد أحول. من تفسير الجلالين ج:1ص47 فقوله: رداً لقول اليهود إلى آخر كلامه، يشير إلى ما رواه البخاري ومسلم عن جابر قال: " كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول فنزلت: ( نساؤكم حرث لكم ) الآية. وروى الحاكم عن ابن عباس قال: إن هذا الحي من قريش كانوا يتزوجون النساء ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات، فلما قدموا المدينة تزوجوا من الأنصار، فذهبوا ليفعلوا بهن كما كانوا يفعلون بمكة، فأنكرن ذلك، وقلن: هذا لم نكن نؤتى عليه، فانتشر الحديث حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى في ذلك ( نساؤكم حرث لكم) الآية. وهكذا فإن أسباب نزول الآية التي ذكرها أهل التفسير لا يفهم منها جواز إتيان المرأة في الدبر؛ بل هي مصرحة بعكس ذلك كما هو واضح. والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/109)
مفهوم الجماع في الدبر...وحكمه
تاريخ الفتوى : ... 24 جمادي الأولى 1422 / 14-08-2001
السؤال
لدى زوجتي صديقة ملتزمة ومحجبة.. وزوجها أيضا ملتزم ..ولكن يبدو أن لديهما والله أعلم طابعا جنسيا حارا.. حيث أسرت المرأة لزوجتي أنهما أحيانا يمارسان الجماع من الدبر، مع علمهما أنه حرام. وقد أفتت زوجتي لها بأنها تعتبر طالقا من زوجها.. فقلت لزوجتي أن هذا حرام ..لكن لم نسمع أنه يؤدي للطلاق..
أفيدونا أفادكم الله..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الجماع من الدبر يفهم منه أمران:
الأول: أن يكون الجماع من جهة الدبر، ولكن الإيلاج يكون في القبل ( الفرج) وهذا جائز.
الثاني: أن يكون الجماع في الدبر نفسه، محل الأذى وهذا محرم تحريماً غليظاً، وفاعله مرتكب كبيرة من كبائر الذنوب، ولا يجوز للزوجة أن تطاوع الزوج في ذلك، إذ "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" ومجرد ممارسة هذا الفعل لا يحرم الزوجة على زوجها ولا يجعلها طالقاً، ولكن إذ أصر الزوج على إجبارها على هذا العمل المحرم فعليها أن ترفع الأمر إلى المحاكم الشرعية ليجبروه على الكف، أو يطلقوا الزوجة عليه.
ولمزيد من التفصيل في هذا الموضوع تراجع الأجوبة التالية أرقامها: 1410 - 4340 - 8130- 1884 8010
وننبهكم إلى أمرين اثنين: الأول: أنه لا يجوز لأحد من الزوجين أن يفشي ما يحصل بينهما، إلا إذا كانت هنالك حاجة معتبرة شرعاً تدعو إلى ذلك لا يمكن تحقيقها بغيره، كالاستفسار عن حكم شرعي، وفي هذه الحالة يقتصر على ما تحل به الغاية فقط، ولا يجوز ذكر ما سوى ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها" رواه مسلم.
الأمر الثاني: أنه لا يجوز لأحد أن يفتي في أمر من غير علم، لأن المفتي في الحقيقة مخبر عن حكم الله تعالى في ذلك الأمر، فمن أفتى بغير علم فقد تقول على الله تعالى وافترى عليه، وقد قال الله تعالى (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) [النحل:116]
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/110)
حكم من طرأ عليها الحيض أثناء المباشرة
تاريخ الفتوى : ... 03 ربيع الثاني 1422 / 25-06-2001
السؤال
جامع زوج زوجته، وأثناء الجماع جاءها الحيض، فهل يجوز استمرار الجماع إرضاءا للزوج ليصل إلى القناعة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فقد حرّم الله عز وجل إتيان الرجل زوجته حال حيضها قال تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) [البقرة:222].
ولا فرق في الحكم بين من باشرها وهي حائض، وبين من باشرها قبل أن تحيض وجاءها الحيض في أثناء المباشرة، إذ يصدق على المجامع في الحالين أنه جامع حائضا. والحاصل أن من طرأ عليها الحيض أثناء الجماع وجب على زوجها أن ينسحب من الجماع فورا، إذ قد نص علماء الأصول على أن الدوام مثل الابتداء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/111)
إتيان النساء في أدبارهن محرم عند الأئمة الأربعة
تاريخ الفتوى : ... 26 صفر 1422 / 20-05-2001
السؤال
لقد قرأت أخيرا بعض الكتب تشير من بعيد إلى إتيان المرأة من الدبر؟
أرجو إفادتي في هذا الموضوع،هل هو حلال أم حرام ولماذا حلله المذهب الشيعي؟ وإذا أتى امرأته من الدبر فما حكم ذلك في المذهب الحنفي والمذاهب السنية الأخرى؟ وشكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإتيان المرأة في دبرها أمر مستهجن طبعاً، ومحرم شرعاً على ما ذهب إليه جماهير السلف والخلف من الصحابة والتابعين، وجمهور الأئمة، وصاحبه متوعد بالحرمان من نظر الله تعالى إليه يوم القيامة، فقد أخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه، والنسائي، وابن حبان عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينظر الله إلى رجل أتى امرأته من الدبر" صححه ابن خزيمة في صحيحه.
كما أنه أيضا معرض للعنة، كما في مسند الإمام أحمد، وسنن أبي داود، والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ملعون من أتى امرأته في دبرها".
والثابت عن الإمام مالك - رحمه الله- أنه يحرم إتيان المرأة في دبرها مثل باقي الأئمة، ومن نسب إليه غير ذلك، فقد أعظم عليه الفرية. قال الحافظ ابن كثير في تفسيره:( وقال أبوبكر بن زياد النيسابورى... حدثني إسرائيل بن روح سألت مالك بن أنس: ما تقول في إتيان النساء في أدبارهن؟ قال: ما أنتم إلا قوم عرب، هل يكون الحرث إلا موضع الزرع؟ لا تعدوا الفرج، قلت: يا أبا عبد الله، إنهم يقولون إنك تقول ذلك - إباحة الوطء في الدبر- قال: يكذبون عليّ... يكذبون عليّ. فهذا هو الثابت عنه، وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد بن حنبل وأصحابهم قاطبة، وهو قول سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، وعكرمة، وطاوس، وعطاء، وسعيد بن جبير، وعروة بن الزبير، ومجاهد بن جبر، والحسن وغيرهم من السلف أنهم أنكروا ذلك أشد الإنكار، ومنهم من يطلق على فعله الكفر، وهو مذهب جمهور العلماء). انتهى من تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/347).
وقال أبو نصر الصباغ: قد نص الشافعي على منع وطء المرأة في دبرها في ستة كتب من كتبه.
قال القرطبي في تفسيره: وروي عن طاووس أنه قال: كان بدء عمل قوم لوط إتيان النساء في أدبارهن.
قال ابن المنذر: وإذا ثبت الشيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغني به عما سواه. انظر: تفسير القرطبي (3/63-64).
وبناء على ما تقدم نقول: إتيان المرأة في دبرها حرام لا شك فيه، وفعله كبيرة من كبائر الذنوب، وهو محرم عند الأئمة الأربعة: أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وغيرهم.
ولا تلتفت إلى من أباحه ممن لا يعتد بقوله من أهل الأهواء والبدع، ولا تقرأ الكتب التي تشوش على ذهنك، وتوقعك في معصية الله سبحانه وتعالى، وتبيح لك ما حرم الله، والذين أباحوا ذلك الفعل الشنيع ليس لهم مستند صحيح من كتاب الله، ولا من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/112)
حكم من أتى امرأته حال حيضها
تاريخ الفتوى : ... 22 رمضان 1421 / 19-12-2000
السؤال
غلبتني شهوتي وجامعت زوجتي وهي في حالة الدورة الشهرية فهل علي كفارة أو إثم أفيدوني بارك الله فيكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللزوج أن يستمتع بزوجته الحائض إلا أنه لا يجامعها في فرجها حتى تطهر وتغتسل من حيضها، قال تعالى: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) [البقرة: 222] وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض؟ قال : ما فوق الإزار" رواه أبو داود. وقال صلى الله عليه وسلم: " اصنعوا كل شيء إلا النكاح" رواه مسلم. ومن جامع زوجته وهي حائض في فرجها فقد ارتكب محرماً، تجب عليه التوبة منه، والعزم على عدم الرجوع إليه. وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الكفارة عليه، لما روى أبو داود والنسائي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي يأتي امرأته وهي حائض: "يتصدق بدينار أو بنصف دينار" والدينار قيمته أربعة جرامات وربع الجرام من الذهب. وذهب أكثر أهل العلم إلى عدم وجوب الكفارة لعدم ثبوت الدليل، والأصل براءة الذمة. والأحوط هو أن يتصدق إن كانت له مقدرة خروجاً من الخلاف بين أهل العلم مع التوبة والاستغفار. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/113)
الإيلاج البسيط في الدبر حرام كالإيلاج الكامل
تاريخ الفتوى : ... 02 ربيع الثاني 1422 / 24-06-2001
السؤال
هل يجوز ملاعبة الزوجة في الدبر دون إيلاج؟أو بإيلاج بسيط جدا جدا بهدف المساعدة على الإنزال للمني؟وفي الحالتين هل يجب الغسل على الزوجة كون المداعبة ليست في القبل؟ وماذا يترتب على الزوج إذا فعل ما ورد في السؤال الأول والثاني
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
أيها السائل الكريم سبق الجواب عن سؤالك برقم 1383 وإليك نص كل من السؤال وجوابه
س: ما حكم مداعبة الزوجة في الدبر بعضو الذكر دون الإيلاج؟
آسف جدا لصراحة السؤال .وهل هناك ضرر صحي إذا توخيت النظافة اللازمة
شاكرين إتاحة الفرصة ، وفى انتظار وصول الإجابة بالبريد الإليكتروني.
الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله . أما بعد :
فقد نص العلماء على أن المحرم إنما هو إيلاج الذكر داخل الدبر وأن ما دون ذلك جائز، ولكن هذا مقيد بما إذا أمنت على نفسك أن تنزلق إلى ما لا تحمد عقباه. فقد روى الإمام النسائي من حديث خزيمة بن ثابت عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن" .[ حسنه السيوطي ] وروى أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ملعون من أتى امرأته في دبرها". [صححه الألباني]. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شبه - في حديث النعمان ابن بشير المتفق عليه ـ الحائم حول الحرام بالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه. وقد نص العلماء على أن ما لا يتم ترك المحرم إلا بتركه يجب تركه. فالذي ننصحك به أن تبتعد عن هذا الأمر ، وأن تبتغي ما تريد فيما أرشدك الله إليه، وهو موضع الحرث، فقد قال تعالى: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) .[ البقرة: 223] ، والعلم عند الله تعالى.
وبالنسبة لموضوع الغسل، ففي الحالة الأولى: حيث الملاعبة دون الإيلاج فلا يجب الغسل على الزوج والزوجة ما لم يحصل إنزال فإن حدث إنزال وجب الغسل على من أنزل.
وفي الحالة الثانية يجب الغسل على كل من الزوج والزوجة، إضافة إلى أن الإيلاج في الدبر حرام سواء كان بسيطاً أو غير ذلك. وهو كبيرة من كبائر الذنوب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/114)
عقوبة الوطء في الدبر في الآخرة
تاريخ الفتوى : ... 30 محرم 1422 / 24-04-2001
السؤال
ما هي العقوبة الشرعيه لرجل جامع زوجته من الدبر وهل يفرق هذا الفعل بينهما مع العلم أنه تاب إلى الله وندم ولم يعد إلى هذا الإثم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإتيان المرأة في دبرها أمر مستهجن طبعاً ومحرم شرعاً، على ما ذهب إليه جماهير السلف والخلف من الصحابة والتابعين والأئمة، فصاحبه موعود بالحرمان من نظر الله تعالى إليه يوم القيامة، فقد أخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه النسائي وابن حبان عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينظر الله إلى رجل أتى امرأته من الدبر" صححه ابن خزيمة في صحيحه.
كما أنه أيضا معرض للعنة، أخرج الإمام أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ملعون من أتى امرأته في دبرها".
فأي عقوبة أبشع وأردع للمسلم من الحرمان من نظر الله إليه، ومن الطرد من رحمته.أما في الدنيا فلا حد على صاحب هذا الفعل ولا يفرق بينه وبين زوجته، ما دام قد توقف عن تكراره وتاب منه، وننبه المرأة إلى أنها لا يحل لها أن تمكنه من نفسها ليفعل بها هذا الفعل المحرم، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إنما الطاعة في المعروف، كما نرشد هذا الرجل إلى التوبة ونذكره بأن الله جل وعلا لا يتعاظم ذنب على مغفرته وصفحه إذا تاب منه صاحبه قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) [الزمر: 53-54].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/115)
لا تمكني زوجك أن يأتيك من الدبر
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
أجبرني زوجي على الجماع من الدبر أكثر من مرة، فما هو الحل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
جماعه لك في الدبر معصية عظيمة فإنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن تؤتى النساء في أعجازهن فقال: "ملعون من أتى امرأة في دبرها" رواه أحمد والنسائي وابن ماجه. وقال أيضاً: "من أتى كاهنا فصدقه أو أتى امرأة في دبرها أو أتى حائضاً فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" رواه أحمد وأصحاب السنن بألفاظ متقاربة وصححه الألباني.
وعليك ألا تطيعي هذا الزوج فيما يفعل، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق: "إنما الطاعة في المعروف". وهدديه بأنه إن أجبرك ثانية على هذا الفعل القبيح فستخبرين المحاكم الشرعية أو الجهات المعنية، وحذريه من مغبة هذا العمل القبيح، وأخبريه أنه من أعظم أسباب سخط الله. والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/116)
لا يجوز للمرأة طاعة زوجها إن طلب منها الجماع في الدبر
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم أنا فتاة في الثالثة والعشرين من عمري تزوجت من أربع سنين تقريباً سؤالي هو أن زوجي يطالبني ولا يستمتع بي الإ اذا جاء من الدبر، وأنا أمنعه كثيراً حتى إنني كنت أبتعد عنه، لأنني رضخت مرة فيها وآلمني كثيراً وذهبت وسألت أحداً من أقاربي عليها فأجابني أن أعاهد الله بأن لا آتيها مرة ثانية وأن نعقد عقدة النكاج مجدداً بيني وبينه، لكن من كثر إلحاحه علي وأحياناً يرغمني على ذلك ليس بالضرب، ومن وقت قريب بدأت أقبل ذلك والمشكلة أنني بدأت أتقبلها مثله. أفيدوني أفادكم الله الخير. بالرغم أن قلبي يخاف الله وأصلي حتى أنني لم أرزق بالأطفال بعد، وأنا اتندم كثيراً إذا أخذها مني لكني الآن لا أشعر بالندم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
إذا كان زوجك يأتيك في القبل من جهة الدبر فهذا لا حرج فيه، وإن كان يأتيك في الدبر (محل الأذى) فهذا محرم، فلا يجوز له أن يفعله، ولا يجوز لك أن تطيعيه فيه، ولا يدخل فيما تؤمرين به من طاعته لأن الطاعة إنما هي في غير المعصية، وإن كنت قد طاوعته في ذلك فعليك أن تتوبي إلى الله تعالى وتستغفريه ولا تعودي أبداً، ولا داعي لعقد النكاح بينكما مرة ثانية.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/117)
ـــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يجوز للرجل أن يعاشر زوجته إلا بعد طهرها والاغتسال
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
هل تتم معاشرة الزوجة بعد انقطاع دم الحيض والنفاس مع العلم بعد انقطاع الدم تستمر مادة صفراء تميل إلى البياض في الخروج متقطعة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: لا يجوز للرجل أن يعاشر زوجته إلا بعد أن تطهر من حيضها وتغتسل والدليل على ذلك قوله تعالى ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ) [البقرة : 222 ] . فالله جل وعلا علق جواز إتيان المرأة المتلبسة بالحيض على حصول أمرين : 1. الأول أن تطهر أي ينقطع عنها الدم ويجف المحل 2. الثاني أن تتطهر بالماء أي تغتسل به والمعلق على أمرين لا يصلح بدون حصولهما معا وإذا انقطع الدم وجف المحل أو رأت المرأة القصة البيضاء فقد طهرت، ولايضرها ظهور المادة الصفراء بعد ذلك، لأنه لا عبرة بالصفرة والكدرة بعد الطهر والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/118)
يفرق بين الزوج وزوجته إن تواطآ على أن يأتيها من دبرها.
تاريخ الفتوى : ... 13 ربيع الثاني 1422 / 05-07-2001
السؤال
هل تحرم المراة على زوجها إن أتاها في دبرها ؟ وهل يجب التفريق بينهما؟ وما هي الكفارة المترتبة على ذلك الفعل ؟ أفتونا فيما غم علينا من أمور ديننا جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مجرّد إتيان المرأة في دبرها لا يحرمها على زوجها وإن كان منكراً عظيماً و فعلاً قبيحاً ، وهذا مقيد بما إذا لم يتكرر من الرجل تكررا ملحوظاً بحيث يصير أمراً معتاداً ، و تواطئه المرأة عليه أو تعجز عن مدافعته ، فإن واطأته عليه أو عجزت عن مدافعته ، فقد نص أهل العلم على أنه يجب أن يفرق بينهما، ولكن لم نجد من أهل العلم من نص على أن هذا التفريق تحريم أبدي ، بل لعل الصواب أنهما إذا تابا وعلم حسن توبتهما لا يمنعان من المراجعة.
أما كفارة هذا الفعل فهي التوبة إلى الله تعالى توبة نصوحاً، والإكثار من الاستغفار والأعمال الصالحة.
قال تعالى: (فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة:39].
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/119)
ـــــــــــــــ
الوطء في الدبر محرم وإن كان بعازل
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
هل يجوز اتيان الزوجة من الخلف بواسطة عازل ذكري؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فقد حرم الله عز وجل إتيان المرأة في دبرها بكل حال سواء بواسطة العازل أو غيره، فالتصرف في ذلك الموضع لا يجوز، وهو إثم كبير وذنب عظيم أجمع الأئمة على تحريمه، والأحاديث على ذلك كثيرة .
والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/120)
الفتوى : ... لا توطأ من انقضى حيضها حتى تغتسل
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
هل تحل المرأة لزوجها بمجرد الطهر من الحيض أو النفاس؟ أو يلزمها الاغتسال أولاً ؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فلا يجوز للرجل أن يأتي امرأته حال انقطاع دم حيضها أو نفاسها إلا بعد أن تغتسل لقوله تعالى: (ولا تقربوهن حتى يطهرن، فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله) [البقرة: 222] وفي القراءة الأخرى ( حتى يطّهَرن) بتشديد الطاء والهاء مع فتحها وهي قراءة صحيحة مفسرة للقراءة الأولى. والله تعالى أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/121)
حكم من دخل فرجه في دبر زوجته دون قصد
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
رجل جامع زوجته ولكن دون قصد اثناء الجماع دخل فرجه في دبرها . فهل عليه اثم ؟ وماذا يصنع ؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فإن كان قد نزع فرجه مباشرة فهذا إن شاء الله لا إثم عليه لأنه لم يقصد ذلك والله تعالى يقول:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" وأما إذا استمر وهو عالم بذلك فهذا قد وقع في إثم عظيم لأنه قد ورد لعن من فعل مثل هذا، فعليه التوبة والاستغفار وعقد النية على عدم العودة إلى مثل هذا الفعل. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/122)
للزوجة طلب الطلاق إن أصر الزوج على الوطء في الدبر
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
هل يجوز للزوجة أن تطلب الطلاق من زوجها بحجة مجامعتها من الدبر علما بأن ذلك لم يعد عليها بضرر جسدي لأنه حصل مرة واحدة وكان ذلك طوع إرادتها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
الجماع في الدبر محرم بل كبيرة من الكبائر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ملعون من أتى امرأة في دبرها" رواه أبو داود والنسائي وصححه السيوطي والألباني. وروى الترمذي والنسائي: "لا ينظر الله الى رجل اتى رجلا او امرأة في دبرها" وحسنه الترمذي وصححه الألباني. وللزوجة إذا أصر زوجها على هذا الحرام طلب الطلاق. ومن تاب تاب الله عليه. فإذا أقلع الزوج عن هذا وتاب إلى الله فليس للزوجة طلب الطلاق. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/123)
الفتوى : ... الوطء في الحيض كبيرة وكفارته دينار أونصف دينار ذهباً
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
الاخوة الفضلاء ماهي العقوبه اذا جامع الرجل زوجته أثناء الدورة الشهرية وما هي الكفارة ؟ جزاكم الله خيراً وشكراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فوطء الحائض من المحرمات العظيمة المنصوص عليها في كتاب الله، قال الله تعالى: ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى ، فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن، فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) . [البقرة: 222]. وذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه كبيرة من الكبائر. وعلى الواطئ كفارة، وهي دينار أو نصفه، والدينار ما يعادل أربعة جرامات وربع الجرام من الذهب، فيخرج ذلك أو نصفه أو القيمة، مع التوبة والاستغفار. وتجب الكفارة المذكورة أيضا على المرأة المطاوعة له. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(40/124)
من آداب المعاشرة: عدم الإتيان في الدبر ... العنوان
هل يجوز للرجل أن يأتي زوجته من دبرها في قبلها أي موضع الحرث منها؟ ... السؤال
20/11/2006 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فلا حرج على الرجل إذا أتى زوجته في قبلها، سواء كان من ناحية القبل، أو من ناحية الدبر، ما دام ذلك كله في القبل لا في الدبر.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
نزل في شأن العلاقة الحسية قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين) سورة البقرة:223.
ولنزول هذه الآية سبب وحكمة ذكرها علامة الهند ولي الله الدهلوي قال: كان اليهود يضيقون في هيئة المباشرة من غير حكم سماوي. وكان الأنصار ومن وليهم يأخذون سنتهم، وكانوا يقولون: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول فنزلت هذه الآية -فأتوا حرثكم أنى شئتم- أي أقبل وأدبر ما كان في صمام واحد -وهو القبل موضع الحرث- وذلك لأنه لا شيء في ذلك تتعلق به المصلحة المدنية والملية. والإنسان أعرف بمصلحة خاصة نفسه، وإنما كان ذلك من تعمقات اليهود، فكان من حقه أن ينسخ.
فليس من شأن الدين أن يحدد للرجل هيئات المباشرة وكيفيتها، إنما الذي يهم الدين أن يتقي الزوج الله ويعلم أنه ملاقيه، فيتجنب الدبر، لأنه موضع أذى وقذر وفيه شبه باللواط الخبيث، فكان من حق الدين أن ينهى عنه. ولذا قال عليه السلام: "لا تأتوا النساء في أدبارهن" وقال في الذي يأتي امرأته في دبرها: "هي اللوطية الصغرى" وسألته امرأة من الأنصار عن وطء المرأة في قبلها من ناحية دبرها، فتلا عليها قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) صماما واحدا وسأله عمر فقال: يا رسول الله! هلكت. قال: وما أهلكك؟ قال: حولت رحلي البارحة -كناية عن الوطء من الدبر في القبل- فلم يرد عليه شيئا حتى نزلت الآية السابقة، فقال له: أقبل وأدبر، واتق الحيضة
والله أعلم
ـــــــــــــــ(40/125)
إيلاج الإصبع في الدبر ... العنوان
هل يجوز للرجل مداعبة زوجته في دبرها بأصابعه وذلك عن طريق إدخال الزوج إصبعه في دبر زوجته ويحركه كأنه نكاح.؟. ... السؤال
02/10/2003 ... التاريخ
الشيخ محمد صالح المنجد ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
يجوز للرجل أن يستمتع بالمداعبة قرب الدبر دون إدخال للعضو فيه بأي شكل من الأشكال، و إدخال الإصبع في الدبر من الأمور المكروهة، وقد تصل إلى الحرمة إن ثبت أنه سيترتب على ذلك ضرر صحي للمرأة حيث لا ضرر ولا ضرار.
يقول الشيخ محمد صالح المنجد ـ من علماء المملكة العربية السعودية:
يجوز لكل من الزوجين أن يستمتع بجميع بدن الآخر، وأن ينظر إليه ويمسه حتى الفرج ، قال الله تعالى : ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) .
وأما مداعبة الزوج لزوجته فهو واحد من أمرين :
إما أن يكون ذلك عن طريق ملامسة حلقة الدبر ، وإما أن يكون عن طريق إيلاج الإصبع في الإست .
فأما عن الملامسة لحلقة الدبر بالإصبع فلا حرج في ذلك ، ولكن البعد عن ذلك أولى لعدم الانسياق لما وراءه .
وأما عن إيلاج الإصبع في الدبر فيمنع ، وذلك لأمور :
1- الدبر هو محل النجاسة المغلظة .
2- من علل منع الوطء في الدبر ملاقاة العضو للنجاسة المغلظة ، وكذلك إدخال الإصبع فيه ملامسة لعين النجاسة المغلظة بغير حاجة .
3- إن هذا الفعل مما تأنف منه الفطر السليمة والأذواق المستقيمة ، وإنما هو تقليد أعمى لمن انتكست فطرهم ، وتبلدت أذواقهم ، وجعلوا كل همهم إشباع شهوتهم الحيوانية غير مراعين أدباً ولا خلقاً ولا طهارة . فأراهم هواهم حسناً ما ليس بالحسن .
4- إن استمرار ذلك الفعل والمداومة عليه قد يجر الفاعل إلى ما هو أشنع وهو الوطء في الدبر، وتلك عادة من يتبع هواه في كل ما يزينه له فإنه يتدرج لإيقاعه في الأمور العظام بتزيين ما هو أخف ، ثم الانتقال به شيئاً فشيئاً حتى يوبقه، ويقع في اللوطية الصغرى ( وطء المرأة في دبرها ) ، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لذلك مثلاً جلياً جليلاً فقال : " إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " مسلم (4094)
5- إن فيما شرع الله تعالى من الاتصال بين الزوجين غنى عن غيره ، ولم ينه الله تعالى عن شيء إلا وفيه ضرر .
وليعلم السائل أنه من تمام حكمة الله تعالى أنه إذا حرَّم شيئا ( الوطء في الدبر ) حرَّم الأسباب المفضية إليه لما يؤدي إليه الوقوع في أسباب ومقدمات المحرَّم من تمكُّن تعلُّق القلب به بصورة تجعل الإنسان يعيش صراعا نفسيا قويا بين الوقوع في المنكر أو عذاب النفس بالوقوف في وسط الطريق فلا هو بالتارك للمحرم السليم القلب بالبعد عنه ، ولا هو بالواقع فيه المحقق لرغبة النفس الأمَّارة بالسوء ، والغالب في حال مثل هذا أن يقع فيما ظنَّ أنه لن يقع فيه من الكبائر المهلكة للإنسان المفسدة عليه أمر دينه ودنياه المنغِّصة عليه حياته الماحقة للبركة في ماله وولده جزاءً وفاقاً لبعده عن ربه وانتهاكه لحرماته واستهانته بمقام نظره إليه واطِّلاعه على حاله ، والعاقل من الناس هو من لا يتساهل في أمور تؤدي به إلى كوارث حقيقية في دينه الذي هو رأس ماله قبل دنياه .
فعلى المسلم أن يدرك حقائق الأمور وما تؤدِّي إليه ، وألا ينساق وراء تزيين الشيطان له وتهوين المنكرات أمام عينيه ليجرَّه ليكون من حزبه الخاسرين ، وعليه أن يتقي الله ربَّه في السر والعلن وأن يعلم بأن الله سبحانه يراه ويعلم نواياه وأفعاله. كما قال تعالى : ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) غافر / 19 ، وليعلم أن ما عند الله خير وأبقى وأن الآخرة وما فيها من نعيم خير له من الأولى وأن عاقبة الصبر عن المنكر جنة عرضها السماوات والأرض فيها ما تشتهيه الأنفس من المُتع التامَّة الخالية عن المنغِّصات . أهـ
هذا من حيث الناحية الشرعية للفعل أما من الناحية النفسية والطبية فقد جاء في صفحة: مشاكل وحلول الشباب .عن هذه الممارسة ما يلي :
من الناحية النفسي: المراجع الغربية اعتبرت هذا الأمر من الشذوذ في الممارسة إذا كان هو المصدر الرئيسي للاستمتاع أكثر من الطريقة الطبيعية في الإتيان، وما كان هذا إلا بناء على معرفتهم بالآثار النفسية الضارة لهذا الفعل، من حيث كونه إتيان في مكان الأذى، ونوع من أنواع التحقير للمرأة وازدرائها؛ لأن أصل العلاقة الجنسية السوية التفاعل بين الزوجين وتبادل الأحاسيس بينهما، واستمتاع كل طرف بالآخر، وإشباعه، أما الإتيان في الدبر فإن الأمر لا يعدو عن كونه استمتاع للرجل ولا شيء من ذلك بالنسبة للمرأة.
وأما الناحية الطبية: فقد أثبتت الدراسة المبنية على الواقع أن الإتيان في الدبر يسبب ارتخاء في عضلات الدبر، وتوسيعاً له، وهذا يؤدي إلى عدم التحكم الكامل بهذا المكان مما يصل إلى خروج غير إرادي للنجاسة، وما يستتبعه ذلك من قذارات وعدم طهارة، إضافة إلى الأمراض التي تصيب الطرفين والإيدز أشهرها في أيامنا.
والله أعلم.
ـــــــــــــــ(40/126)
الوطء في الدبر..الحكم والحكمة ... العنوان
بداية اعتذر عن هذا السؤال المحرج، ولكنني في حاجة ماسة لمعرفة الإجابة السؤال: هل وطء الزوجة في الدبر حرام، حتى وإن كان ذلك أثناء الدورة الشهرية وبموافقة الزوجة نفسها، وإذا كان ذلك حرامًا فما هي الأسباب؟ ... السؤال
13/05/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
السائل الكريم سؤالك يتضمن جزأين؛ الأول: خاص بالحكم، والثاني خاص بالحكمة، فعن الجزء الخاص بالحكم فيقول الشيخ محمد صالح المنجد (إمام وخطيب مسجد عمر بن عبد العزيز بالخُبر-السعودية):
إنّ إتيان الزوجة في دبرها (في موضع خروج الغائط) كبيرة عظيمة من الكبائر سواء في وقت الحيض أو غيره ، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل هذا فقال: "ملعون من أتى امرأة في دبرها" رواه الإمام أحمد، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى حائضًا أو امرأة في دبرها أو كاهنًا فقد كفر بما أنزل على محمد " رواه الترمذي .
ورغم أن عددًا من الزوجات من صاحبات الفطر السليمة يأبين ذلك إلا أن بعض الأزواج يهدد بالطلاق إن لم تطعه، وبعضهم قد يخدع زوجته التي تستحي من سؤال أهل العلم فيوهمها بأن هذا العمل حلال، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يجوز للزوج أن يأتي زوجته كيف شاء من الأمام والخلف مادام في موضع الولد ولا يخفى أن الدبر ومكان الغائط ليس موضعًا للولد.
ومن المعلوم أن هذا الفعل محرم حتى لو وافق الطرفان فإن التراضي على الحرام لا يصيره حلالاً.(انتهى)
وقبل الحديث عن الحكمة نود أن نشير أنه يجب على المسلم أن يأتي ما أمر الله تعالى به سواء أدرك الحكمة أم لم يدركها؛ لأن ذلك من مقتضيات العبادة لله ومعناها وحول هذه المسألة يقول فضيلة الشيخ القرضاوي:
إن مقتضى عبادة الإنسان لله وحده: أن يخضع أموره كلها لما يحبه تعالى ويرضاه، من الاعتقادات والأقوال والأعمال، وأن يكيف حياته وسلوكه وفقا لهداية الله وشرعه، فإذا أمره الله تعالى أو نهاه، أو أحل له أو حرم عليه كان موقفه في ذلك كله: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير.
ففرق ما بين المؤمن وغيره: أن المؤمن خرج من العبودية لنفسه وللمخلوقين إلى العبودية لربه، خرج من طاعة هواه إلى طاعة الله، ليس المؤمن "سائبا" يفعل ما تهوى نفسه أو يهوى له غيره من الخلق، إنما هو "ملتزم" بعهد يجب أن يفي به، وميثاق يجب أن يحترمه، ومنهج يجب أن يتبعه، وهذا التزام منطقي ناشئ من طبيعة عقد الإيمان ومقتضاه.
مقتضى عقد الإيمان: أن يسلم زمام حياته إلى الله، ليقودها رسوله الصادق، ويهديه الوحي المعصوم.
مقتضى عقد الإيمان: أن يقول الرب: أمرت ونهيت، ويقول العبد: سمعت وأطعت.
مقتضى عقد الإيمان: أن يخرج الإنسان من الخضوع لهواه إلى الخضوع لشرع مولاه.
وفي هذا يقول القرآن الكريم: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) ويقول: (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا: سمعنا وأطعنا، وأولئك هم المفلحون.(انتهى)
وأما عن الجزء الثاني الخاص بالحكمة فيقول الشيخ المنجد فيما نقله عن العلامة شمس الدين ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى في كتابه زاد المعاد عن الحكم في حرمة إتيان المرأة في دبرها فقال:
1- وإذا كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض ( أي أثناء الحيض والنفاس)، فما الظن بالدبر الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جداً من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان.
2- للمرأة حق على الزوج في الوطء، ووطؤها في دبرها يفوّت حقها، ولا يقضي وطرها، ولا يُحصّل مقصودها.
3- إنه يذهب بالحياء جملة، والحياء هو حياة القلوب، فإذا فقدها القلب، استحسن القبيح، واستقبح الحسن؛ فالدبر لم يتهيأ لهذا العمل، ولم يخلق له، وإنما الذي هيئ له الفرج، فالعادلون عنه إلى الدبر خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعًا .
4- إن ذلك مضر بالرجل، ولهذا ينهى عنه عُقلاء الأطباء؛ لأن للفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وراحة الرجل منه، والوطء في الدبر لا يعين على اجتذاب جميع الماء، ولا يخرج كل المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي.
5- يضر من وجه آخر؛ وهو إحواجه إلى حركات متعبة جداً لمخالفته للطبيعة.
6- الدبر محل القذر والنجو ، فيستقبله الرجل بوجهه ، ويلابسه .
7- يضر بالمرأة جدًا، لأنه وارد غريب بعيد عن الطباع، منافر لها غاية المنافرة.
8- إنه من أكبر أسباب زوال النعم، وحلول النقم، فإنه يوجب اللعنة والمقت من الله، وإعراضه عن فاعله، وعدم نظره إليه، فأي خير يرجوه بعد هذا ، وأي شر يأمنه ، وكيف تكون حياة عبد قد حلت عليه لعنة الله ومقته ، وأعرض عنه بوجهه، ولم ينظر إليه.
9- إنه يحيل الطباع عما ركبها الله ، ويخرج الإنسان عن طبعه إلى طبع لم يركّب الله عليه شيئاً من الحيوان ، بل هو طبع منكوس ، وإذا نُكس الطبع انتكس القلب ، والعمل ، والهدى ، فيستطيب حينئذ الخبيث من الأعمال والهيئات ..
فصلاة الله وسلامه على من سعادة الدنيا والآخرة في هديه واتباع ما جاء به ، وهلاك الدنيا والآخرة في مخالفة هديه وما جاء به. (بتصريف)
والله أعلم
ـــــــــــــــ(40/127)
موضع الحرث في النساء ... العنوان
ماالمقصود بالحرث في قوله تعالى"فأتواحرثكم أنى شئتم "؟وماتفسير أنى بوجه خاص؟ ... السؤال
22/01/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد
جاء في تفسير القرطبي مختصرًا في قوله تعالى: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُم)
روى الأئمة واللفظ للمسلم عن جابر بن عبد الله قال: (كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دُبرِها في قُبُلِها كان الولد أحول)؛ فنزلت الآية "نسائكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" زاد في رواية عن الزهري: إن شاء مُجَبِّية وإن شاء غير مُجَبِّيةٍ غير أن ذلك في صمام واحد.
ويروى: في سمام واحد بالسين؛ قاله الترمذي.
وروى البخاري عن نافع قال: كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه؛ فأخذت عليه يومًا؛ فقرأ سورة "البقرة" حتى انتهى إلى مكان قال: أتدري فيم أنزلت؟ قلت: لا؛ قال: نزلت في كذا وكذا؛ ثم مضى.
وعن نافع عن ابن عمر: "فأتوا حرثكم أنى شئتم" قال: يأتيها في الفرج.
وروى أبو داود عن ابن عباس قال: إنما كان هذا الحي من الأنصار، وهم أهل وثن، مع هذا الحي من يهود، وهم أهل كتاب: وكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم؛ فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم، وكان من أمر أهل الكتاب ألا يأتوا النساء إلا على حرف؛ وذلك أستر ما تكون المرأة، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم، وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحًا منكرًا؛ ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات؛ فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار؛ فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه، وقالت: إنما كنا نؤتى على حرف! فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني؛ حتى شري أمرهما)؟ فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله عز وجل: "فأتوا حرثكم أنى شئتم"؛ أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات، يعني بذلك موضع الولد.
وروى الترمذي عن ابن عباس قال: (جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هلكت! قال: (وما أهلكك؟) قال: حولت رحلي الليلة؛ قال: فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا؛ قال: فأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة) قال: هذا حديث حسن صحيح.
وروى النسائي عن أبى النضر أنه قال لنافع مولى ابن عمر: قد أكثر عليك القول.
إنك تقول عن ابن عمر: (أنه أفتى بأن يؤتى النساء في أدبارهن).
قال نافع: لقد كذبوا علي! ولكن سأخبرك كيف كان الأمر: إن ابن عمر عرض علي المصحف يومًا وأنا عنده حتى بلغ: "نساؤكم حرث لكم"؛ قال نافع: هل تدري ما أمر هذه الآية؟ إنا كنا معشر قريش نجبي النساء، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن ما كنا نريد من نسائنا؛ فإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه ، وكان نساء الأنصار إنما يؤتين على جنوبهن؛ فأنزل الله سبحانه: "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم".
هذه الأحاديث نص في إباحة الحال والهيئات كلها إذا كان الوطء في موضع الحرث؛ أي كيف شئتم من خلف ومن قُدَّام وباركة ومستلقية ومضطجعة؛ فأما الإتيان في غير المأتي فما كان مباحًا، ولا يباح! وذكر الحرث يدل على أن الإتيان فى غير المأتي محرم.
ففرج المرأة كالأرض، والنطفة كالبذر، والولد كالنبات، فالحرث بمعنى المحترث.
قوله تعالى: "أنى شئتم" معناه عند الجمهور من الصحابة والتابعين وأئمة الفتوى: من أي وجه شئتم مقبلة ومدبرة؛ كما ذكرنا آنفًا.
و "أنى" تجيء سؤالاً وإخبارًا عن أمر له جهات؛ فهو أعم في اللغة من "كيف" ومن "أين" ومن "متى"؛ هذا هو الاستعمال العربي في "أنى".
وقد فسر الناس "أنى" في هذه الآية بهذه الألفاظ.
وفسرها سيبوبه بـ "كيف" ومن "أين" باجتماعهما.
وفي قوله تعالى: "فإذا تطهرن فأتوا من حيث أمركم الله" مع قوله: "فأتوا حرثكم" ما يدل على أن في المأتى اختصاصًا، وأنه مقصور على موضع الولد.
قلت: هذا هو الحق في المسألة.
وقد ذكر أبو عمر بن عبد البر أن العلماء لم يختلفوا في الرتقاء التي لا يوصل إلى وطئها أنه عيب ترد به؛ إلا شيئًا جاء عن عمر بن عبد العزيز من وجه ليس بالقوي أنه لا ترد الرتقاء ولا غيرها؛ والفقهاء كلهم على خلاف ذلك، لأن المسيس هو المبتغى بالنكاح، وفي إجماعهم على هذا دليل على أن الدبر ليس بموضع وطء، ولو كان موضعًا للوطء ما ردت من لا يوصل إلى وطئها في الفرج.
وفي إجماعهم أيضًا على أن العقيم التي لا تلد لا ترد.
والصحيح في هذه المسألة ما بيناه.
وقد قال أصحاب أبى حنيفة: إنه عندنا ولائط الذكر سواء في الحكم؛ ولأن القذر والأذى في الدبر أكثر من دم الحيض، فكان أشنع.
وأما صمام البول فغير صمام الرحم.
وأسند عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى امرأة فى دبرها لم ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة) وروى أبو داود الطيالسي في مسنده عن قتاده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تلك اللوطية الصغرى) يعني إتيان المرأة في دبرها.
وروي عن طاوس أنه قال: كان بدء عمل قوم لوط إتيان النساء فى أدبارهن.
قال ابن المنذر: وإذا ثبت الشيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغني به عما سواه.
ـــــــــــــــ(40/128)
الوطء في الدبر وقت الحيض ... العنوان
فضيلة الشيخ، السلام عليكم، :
جامع رجل زوجته في دبرها، وفي حيضها، ثم تاب إلى الله، هل عليه من تعزير؟
وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
أ. د عبد الرزاق محمد فضل ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فمما هو معلوم للعامة والخاصة، أن جماع المرأة في دبرها حرام، وكذلك جماعها في حيضها، وحيث إن الرجل قد ندم على ما فعل، وعزم على عدم الرجوع إلى فعل هذه الأعمال الشنيعة مرة أخرى، وصدق عزمه، فامتنع فعلاً، فإن هذه توبة، نسأل الله أن تكون توبة نصوحًا، ونطلب منه أن يكثر من ذكر الله، ومن الاستغفار، ومن البر بالمحتاجين والفقراء والضعفاء والمساكين.
ـــــــــــــــ(40/129)
الاستمناء والمعاشرة الزوجية.. التباس في المفاهيم ... العنوان
تناسلية وذكورة ... الموضوع
بعد التحية والسلام، نريد أن نعرف الفرق بين أثر العادة السرية والمعاشرة الزوجية على صحة البروستاتا- وهل كلاهما مضر؟ وما هو الحد الأقصى لهما لتفادي الأمراض؟ فقد قرأت بعض المواقع الطبية الغربية ترى أن الاستمناء يحمي من السرطان وأن الوطء في الدبر أمر عادي!! وأفضل شيء هو التوسط في الأمر وعدم الإفراط مع تجنب المحرمات المعروفة. وشكراً. ... الاستشارة
د. زين العابدين محمد ... المستشار
... ... الحل ...
...
... ابننا العزيز أحمد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
يبدو لي من رسالتك عزيزي أن لديك لبسا كبيرا في بعض الأمور الطبية وأخرى الشرعية، فكيف أن الوطء في الدبر ليس من المحرمات؟! وكيف أن الاستمناء يحمي من السرطان؟! وكيف تقرن بين العادة السرية والمعاشرة الزوجية في سؤالك: "وهل كلاهما ضار؟"؟!.
يا بني هناك فرق بين العادة السرية والمعاشرة الزوجية الفعلية، والفرق كبير، فالعادة السرية ممارسة محرمة عند جمهور الفقهاء أباحها البعض في حالة الخشية من وقوع الفتنة خاصة إذا كان الفتى مغتربا وغير متزوج، وهي ممارسة تساعد على تحصيل المتعة بسرعة وتحت ظروف غير طبيعية مؤدية إلى بعض النتائج والآثار السلبية الوقتية، ولا مجال هنا للحديث عن تلك العادة ومضارها وطرق التخلص منها فيمكنك مطالعة ذلك في الرابط التالي:
استشاراتنا عن العادة السرية
كما يمكنك الاطلاع على الفتوى التالية:
رأي القرضاوي في العادة السرية
أما المعاشرة الزوجية الفعلية فهي ممارسة مشروعة يؤجر عليها الزوجان إن استُحضرت النية بتحصين النفس وتلبية رغبات كل من الطرفين ولا ضرر من تلك الممارسة بالطبع فلم يجعل الله فيما شرعه لنا ضررا.
وعن سؤالك حول صحة البروستاتا فمن الملاحظ أن احتقان البروستاتا والتهاباتها أكثر حدوثا لدى غير المتزوجين في حالة ممارسة العادة السرية أو حتى بدونها وخاصة عند التأخر في الزواج، فالشباب في سن الزواج يكونون أكثر تأثرا بالمثيرات التي يسمحون لأعينهم بالنظر إليها متجاهلين الأمر بغض البصر. وهم أول من يعود عليه الضرر من جراء ذلك. فالاستثارة الزائدة تحتاج لنوع من أنواع التصريف سواء بالقذف أو الاحتلام. فإن لم يحدث هذا ولا ذاك، فستكون النتيجة احتقانا في البروستاتا.
لذا يجب الإشارة إلى أن السن البيولوجية للزواج هي سن البلوغ ولا يمكن أن تكون العادة السرية هي البديل الكامل للمعاشرة الجنسية، لذا فإن الأولى بالشباب غير المتزوج ما أوصى به الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في قوله: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".
وحول ما سمعت أو قرأت في تلك المواقع المضللة بأن الاستمناء يحمي من السرطان فهنا أذكرك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما جعل الله شفاء أمتي فيما حرم عليها".
وقد أثبتت البحوث الإحصائية لعدد كبير من المرضى أنه ليس هناك علاقة بسرطان البروستاتا مع عدد مرات الاستمناء -مع ثبوت أن هناك عوامل أخرى تشمل نوعية الغذاء والعوامل البيئية الأخرى مثل التعرض للمواد الكيميائية والتدخين.
أما عن الوطء في الدبر فله حكم وحكمة واضحان؛ فالحكم هو التحريم بل إن الله تعالى جعله كبيرة عظيمة من الكبائر، وعن الحكمة فمن البديهي أن هذا المسلك يعرض الشخص للعديد من الجراثيم والتي مصدرها الأمعاء بجانب التعرض للتجريح والخدوش لكلا الطرفين مما يزيد من فرصة الإصابة بالعديد من الأمراض التناسلية.
ولك أن تعلم يا بني أن المسلم يجب عليه أن يأتي ما أمر الله تعالى به سواء أدرك الحكمة أم لم يدركها؛ لأن ذلك من مقتضيات العبادة لله ومقتضى عبادة الإنسان لله وحده -كما ذكر الشيخ يوسف القرضاوي- أن يخضع أموره كلها لما يحبه تعالى ويرضاه، من الاعتقادات والأقوال والأعمال، وأن يكيف حياته وسلوكه وفقا لهداية الله وشرعه، فإذا أمره الله تعالى أو نهاه، أو أحل له أو حرم عليه كان موقفه في ذلك كله: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير.
قال تعالى: :(وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم).
وختاما يا بني أرجو أن تكون الغمامة السوداء قد انكشفت عن ناظريك داعيا الله لك بالتوفيق والسداد إلى ما يحب ويرضى.
ـــــــــــــــ(40/130)
حكم الشرع في الجماع اتناء فترة الحمل
ماحكم الشرع في الجماع اتناء فترة الحمل هل حرام ام هو حلال وإدا كان حلالا فهل يجوز الجماع في المرحلة الاولى ام الاخيرة وجزاكم الله تعالى عنا كل خير ... السؤال
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فلا مانع من جماع الرجل لزوجته الحامل لأن الله سبحانه وتعالى أباح للزوج الاستمتاع بزوجته في كل الأحوال، قال الله عز وجل: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم)[البقرة:223] ولا يستثنى من ذلك إلا فترة الحيض، أو فترة النفاس، وكذلك الوطء في الدبر . وعليك باستشارة الأطباء فيما يضر الحامل حتى تتجنبوا الأضرار التي قد تكون.
والله أعلم.
ـــــــــــــــ(40/131)
كفارة الوطء في الدبر
إذا كان الوطء في الدبربالنسبة للزوجين رغم رضا الزوجة لا يبطل العقد و هو من الكبائر فما كفارته ... السؤال
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فإتيان الزوجة في دبرها كبيرة عظيمة من الكبائر، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل هذا فقال: ملعون من أتى امرأة في دبرها. رواه الإمام أحمد 2/479 وهو في صحيح الجامع، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهناً فقد كفر بما أنزل على محمد. رواه الترمذي ، وهو في صحيح الجامع.
فالواجب على من فعل ذلك أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى وأن يكثر من فعل الطاعات ، ولا يجوز للزوجة أن تمكن الزوجة بل يجب عليها أن تمتنع وإلا وجب عليها أن تفر بدينها بطلب الطلاق من هذا الرجل.
والله أعلم.
ـــــــــــــــ(40/132)
وضع الإصبع في القبل
لقد سبق وارسلت سؤالا ولم تردوا عليه وهو انة توجد بعد الممارسات الجنسية بين الزوجين منها إيلاج الاصبع بداخل الفرج و ليس الدبر و كذا لعق الفرج ارجو افادتى هل هذا الفعل يعد من المحرمات وشكراً
... السؤال
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الضابط في الجماع ألا يأتي الرجل زوجته في دبرها ، أي أن يولج ذكره في محل الأذى الدائم ولا يأتيها في القبل في حال الحيض أو النفاس فهذا مما لا يجوز للرجل و يجب أن يمنع عنه ، هذا هو الضابط في المعاشرة الجنسية أما ما وراء ذلك فهو مباح للزوجين ولهما أن يستمتعا بالجنس بأي طريقة كانت و بأي هيئة يريدونها بشرط اجتناب ماحرم الله تعالى .
فيجوز لكل من الزوجين أن يستمتع بجميع بدن الآخر، وأن ينظر إليه ويمسه حتى الفرج ، قال الله تعالى : ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ).
أهـ
أما عن تقبيل فرج الزوجة فالاستمتاع بالزوجة ليس قاصرا على الجماع فقط، بل يجوز للزوجين أن يستمتع كل واحد بصاحبه بالطريقة التي تحلو لهما ، المهم أن لا يجامعها – يدخل ذكره في فرجها- وقت الحيض ، وأن لا يدخل ذكره في دبرها- فتحة الشرج- وله أن ينال منها ما يشاء وقت الحيض فيما دون الجماع ، ومن ذلك أن يقوم كل منهعما بتقبيل فرج الآخر إلا إذا ثبت أن في ذلك ضررا فلا يجوز. فالمقصود حصول الإعفاف وهذا يختلف باختلاف الناس ،والمهم كذلك أن لا يأتيها في دبرها .
وأما إرغام الزوجة على ما تستقبحه فلا يجوز لأن في ذلك ضررا نفسيا عليها، وأما إرغامها على ابتلاع منيه ومذيه فلا يجوز؛ لأن المذي متفق على نجاسته بين الفقهاء، والمني مختلف فيه بين الطهارة والقذارة.
هذا وثمة أبحاث تنذر بأمراض خبيثة تنتج عن مثل هذه الممارسات الشاذة، وإن كانت لا تزال في طور البحث، وإذا وصلت إلى درجة اليقين، أو قاربته فلا يسع الفقيه ساعتها إلا القول بالتحريم .
والله أعلم.
ـــــــــــــــ(40/133)
الدليل على تحريم الإتيان في الدبر
الدين الاسلامي حرم اتيان النساء من الدبر ما هي الاية القرانية التي تشير الى ذلك وشكرا ... السؤال
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أيها السائل الكريم لم يجعل الله الدبر محلا لإيلاج الرجل، ولكن جعله محلا لإخراج الأذى المتمثل في فضلات الطعام، وقد صحَّ عن رسول الله أنه منع الرجل من الإيلاج في دبر المرأة.
ومن الآيات التي تشير إلى أن المأتي في الفرج لا في الدبر قوله تعالى: { فاتوهن من حيث أمركم الله }
يقول ابن كثير في تفسيره:
وقوله { من حيث أمركم الله } قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد : يعني الفرج قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { فاتوهن من حيث أمركم الله } يقول : في الفرج ولا تعدوه إلى غيره فمن فعل شيئا من ذلك فقد اعتدى وقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة { من حيث أمركم الله } أي تعتزلوهن وفيه دلالة حينئذ على تحريم الوطء في الدبر أهـ
وقال ابو السعود في تفسيره:
فأتوهن من حيث أمركم الله من المأتى الذي حلله لكم وهو القبل أهـ
وأيضا قوله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين.
قال الطحاوي : روى أصبغ بن الفرج عن عبد الرحمن بن القاسم قال : ما أدركت أحدا أقتدي به في ديني يشك أنه حلال يعني وطء المرأة في دبرها ثم قرأ { نساؤكم حرث لكم } ثم قال : فأي شيء أبين من هذا ؟ هذه حكاية الطحاوي
وفي بعض الأحاديث قال: كفر من قام بهذا الفعل، وفي غيرها قال ملعون من صنع كذا.
وقد وردت جملة من الأحاديث الصحيحة التي تفيد إفادة قطعية الدلالة على تحريم نكاح المرأة في دبرها، أي إيلاج الرجل ذكره في دبرها، وإليك شيئا من هذه الأحاديث:
جاء بسند صحيح عند أبي داود في سننه: من أتى كاهنا فصدقه بما يقول أو أتى امرأة حائضا، أو أتى امرأة في دبرها فقد برئ مما أنزل الله على محمد
انظر تصحيح الشيخ الألباني لأحاديث أبي داود.
وفي إرواء الغليل للشيخ الألباني: "من أتى حائضا أو امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد" وهو أيضا حديث صحيح.
وفي صحيح ابن ماجه للشيخ الألباني "من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد"
وفي صحيح الترغيب للشيخ الألباني :"لا ينظر الله عز وجل إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في دبرها" وفي صحيح الجامع "ملعون من أتى امرأة في دبرها"
فأمام هذه الأحاديث يكون الحكم هو تحريم جماع المرأة في دبرها. كما أن هذا الفعل به ضرر على المرأة وأذى ومن فعل هذا الفعل فإنه متوعد على لسان النبي صلى الله عليه في الأحاديث السابقة باللعن والسقوط من نظر الله وبالكفر بما أنزل على محمد.
والله أعلم.
ـــــــــــــــ(40/134)
ماحكم وطء الزوجةفي الدبر بغرض الأستمتاع؟
... السؤال
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
إنّ إتيان الزوجة في دبرها (في موضع خروج الغائط) كبيرة عظيمة من الكبائر سواء في وقت الحيض أو غيره ، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل هذا فقال: "ملعون من أتى امرأة في دبرها" رواه الإمام أحمد، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى حائضًا أو امرأة في دبرها أو كاهنًا فقد كفر بما أنزل على محمد " رواه الترمذي .
أما الحكمة من التحريم فيذكرها لك ابن القيم رحمه الله حيث يقول :
- وإذا كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض ( أي أثناء الحيض والنفاس)، فما الظن بالدبر الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جداً من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان.
2- للمرأة حق على الزوج في الوطء، ووطؤها في دبرها يفوّت حقها، ولا يقضي وطرها، ولا يُحصّل مقصودها.
3- إنه يذهب بالحياء جملة، والحياء هو حياة القلوب، فإذا فقدها القلب، استحسن القبيح، واستقبح الحسن؛ فالدبر لم يتهيأ لهذا العمل، ولم يخلق له، وإنما الذي هيئ له الفرج، فالعادلون عنه إلى الدبر خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعًا .
4- إن ذلك مضر بالرجل، ولهذا ينهى عنه عُقلاء الأطباء؛ لأن للفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وراحة الرجل منه، والوطء في الدبر لا يعين على اجتذاب جميع الماء، ولا يخرج كل المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي.
5- يضر من وجه آخر؛ وهو إحواجه إلى حركات متعبة جداً لمخالفته للطبيعة.
6- الدبر محل القذر والنجو ، فيستقبله الرجل بوجهه ، ويلابسه .
7- يضر بالمرأة جدًا، لأنه وارد غريب بعيد عن الطباع، منافر لها غاية المنافرة.
8- إنه من أكبر أسباب زوال النعم، وحلول النقم، فإنه يوجب اللعنة والمقت من الله، وإعراضه عن فاعله، وعدم نظره إليه، فأي خير يرجوه بعد هذا ، وأي شر يأمنه ، وكيف تكون حياة عبد قد حلت عليه لعنة الله ومقته ، وأعرض عنه بوجهه، ولم ينظر إليه.
9- إنه يحيل الطباع عما ركبها الله ، ويخرج الإنسان عن طبعه إلى طبع لم يركّب الله عليه شيئاً من الحيوان ، بل هو طبع منكوس ، وإذا نُكس الطبع انتكس القلب ، والعمل ، والهدى ، فيستطيب حينئذ الخبيث من الأعمال والهيئات ..
فصلاة الله وسلامه على من سعادة الدنيا والآخرة في هديه واتباع ما جاء به ، وهلاك الدنيا والآخرة في مخالفة هديه وما جاء به. (بتصريف)
- والله أعلم
ـــــــــــــــ(40/135)
ما يحل للزوج من زوجته
أرجو المعذرة لسؤالى ولكني قرأت أن العلماء أجازوا كل أنواع الاستمتاع الجنسي بين الزوجين ولكن قد تعلمنا بعض أنواع الاستمتاع من الغرب.. فهل استمتاعنا بمثل هذا يدخل في نطاق التشبه؟
... السؤال
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الاخ السائل للرجل أن ينظر من زوجته ويتمتع بجسدها بالكيفية التي تروق له إلا ما نهى الله عنه وحرمه أو نهى عنه الرسول وحرمه، وذلك كالجماع في الدبر أو وقت الحيض والنفاس..
قال الله تعالى :"ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن..نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم انا شئتم"
فاعتزال الوطء في الفرج أثناء الحيض والنفاس مطلوب شرعا. وهو من التطهر الذي يجبه الله للمسلم. وقوله تعالى :"نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" أي كيف شئتم مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج. وفسره بعضهم "إن شئتم ومتى شئتم".
وهذه الغريزة في الانسان اصيلة وثابتة ويراعى الانسان قضاءها بنية صالحة فينال بها الاجر كما جاء ذلك في الحديث الشريف :قالوا ياراسول الله ايأتي احدنا شهوته وله بها أجر؟ قال: ارايتم ان وضعها في الحرام اليس عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال. وبين الحرام والحلال حاجز رقيق، فاذا ما اخترقه اثم وندم. وإن راعاه وحافظ عليه غنم وسلم.
والله يتولانا وإياك.
ـــــــــــــــ(40/136)
إدخال الإصبع في الدبر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
زوجي يحب دائما إدخال أحد أصابع يده بدبري فهل هذا جائز أفيدوني جزاكم الله خيرا
... السؤال
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
يجوز للرجل أن يستمتع بالمداعبة قرب الدبر ولكن يحرم إيلاج العضو الذكري في موضع خروج القذر، أما الاستمتاع بإيلاج الأصبع في الدبر ، فلا يجوز لأن العلة في منع إيلاج العضو الذكري موجود مع إيلاج الأصبع فالدبر هو محل النجاسة المغلظة .
ومن علل منع الوطء في الدبر ملاقاة العضو للنجاسة المغلظة ، وكذلك إدخال الإصبع فيه ملامسة لعين النجاسة المغلظة بغير حاجة ، هذا بالإضافة إلى أن هذا الفعل إن دل على شيء فإنما يدل على فساد الذوق والتقليد الأعمى لمن انتكست فطرهم، وفيما أحل الله تعالى من الاستمتاع ما يغني عن الحرام.
والله أعلم.
ـــــــــــــــ(40/137)
تحريم الإيلاج في الدبر
إتيان الزوجة في دبرهابإيلاج الذكر بكامله أوجزء منه في دبرها بغرض الإثارة لكلا الزوجين وليس النكاح حيث يتم الإنزال بالفرج أو بأي مكان آخر هل هو حلال أم حرام حيث أن جميع الأحاديث الورادة بهذا الخصوص جميعها ضعيفة كما وأن التحريم على أساس تفسير الآية القرآنية "وآتوا حرثكم أنا شئتم ...." غير مقنع بأن الدبر ليس موضع للحرث حيث أنه يحل للرجل وضع ذكره بين فخذي المرأة أو حتى بفمها سواء تم الإنزال أم لا و كلا المكانين ليس موضع للحرث ، كما وإن التحريم لأنه موضع للقذر أيضا غير مقنع حيث أنه يمكن للمرأة غسل دبرها جيدا قبل الوطأ كما وأن الفرج أيضا موضع للقذر الشهري بالدم واليومي بالبول ، والتحريم على أساس تشايه دبر المرأة مع دبر الفتيان والصبية غير مقنع حيث تتشابه أعضاء كثيرة بجسد المرأة مثل الفم والفخاذ و الإلية والظهر وغيرها بتلك الموجودة بأجساد الصبية وكلها حلال للرجل أن يتمتع بها ، أفيدونا برد مقنع يفند كل تلك النقاط وجزاكم الله خيرا ... السؤال
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :-
دع عنك الآيات فهي ليست صريحة ، ولكنها محتملة، ولكن الأحاديث عندنا صحيحة، فأين نذهب بها، وممن صححها الشيخ الألباني:-
وإليك جملة من هذه الأحاديث:-
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) صححه الشيخ الألباني ، وقال: رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وأبو داود إلا أنه قال فقد برىء مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
وعَنْ خُزَيْمَةَ بن ثابت رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحِي مِنْ الْحَقِّ لا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ رواه الإمام أحمد.
وعن ابن عباس قال : قال رسول الله (( لا ينظر الله إلى رجل أتى امرأته في الدبر )) أخرجه ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه.
ثم إن الدراسات الطبية قد كشفت بعضا من حكم التحريم، فقد جاء في الموسوعة الطبية الفقهية :-
قد ذمَّ اللهُ عزَّ وجلَّ قومَ لوطٍ الذين كانوا أول من أشاع هذه الفعلة النكراء في بني آدم ، فقال تعالى : (( ولوطاً إِذْ قالَ لقومِهِ أَتأْتونَ الفاحشةَ ما سبقكم بها من أَحَدٍ منَ العالمين * إِنَّكم لتأْتونَ الرِّجالَ شهوةً من دون النساءِ بَلْ أَنتم قومٌ مسرفون ))
ومن المعلوم أن الوطء في الدبر لا يحقق المقصود الأصلي من الجماع ، وهو النسل ، وهو أيضاً يُفَوِّتُ على المرأة حقَّها في الاستمتاع فلا تقضي وَطَرَها ، ناهيك عن أن الدُّبُر لم يُخلق للجماع ولم يتهيأ له ، وهو محلُّ قذارة يضرُّ بالمرأة والرجل ، ويورث الكآبة والنفور بين الزوجين(4) ، وأثبت العلم الحديث انتقال عدد كبير من الأمراض الجنسية الخطيرة عن طريق الوطء في الدبر ، ومنها داء ( الإيدز ) القاتل ، الذي يشيع خاصة بين الشاذين جنسياً ، إذ تبلغ نسبته بينهم أكثر من 70% من إجمالي الحالات !
والله أعلم.
ـــــــــــــــ(40/138)
ما حكم مجامعة الزوجة و هي حائض
الدعاء بخير ... السؤال
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :-
أولا :- الجماع في القبل وهي حائض( أي إدخال الذكر في الفرج ) حرام باتفاق العلماء. وتجب منه التوبة والاستغفار ، وعدم العود.
ثانيا :- الجماع في الدبر (أي إدخال الذكر في فتحة الشرج) حرام .
ثالثا:- ما فوق السرة، وما تحت الركبة الاستمتاع به جائز باتفاق المذاهب الأربعة.
رابعا:- الاستمتاع فيما بين السرة و والركبة بغير الجماع محل خلاف بين العلماء. والمقصود بغير الجماع أنه يجوز صور الاستمتاع الأخرى كالضم والتقبيل، واستمناء كل طرف بيد صاحبه، وأما إدخال
الرجل إصبعه في فرج امرأته أثناء الحيض فهو جائز من حيث الأصل، وإذا ثبت أنه يحدث ضررا فإنه يكون حراما، والذي يحدد حدوث الضرر هم الأطباء.
والله أعلم.
ـــــــــــــــ(40/139)
تحريم الجماع في الدبر
زوج يريد أن يجامع زوجته في دبرها وهي ترفض ووصل الأمر الى حد الطلاق وتفكيك الاسرة والاولاد فهل يجوز لهذه المرأة بأن تسمح لزوجها بفعل ذلك أم ترفض وتطلق من زوجها وشكرا ... السؤال
بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد: -
الحرام أن يتم إدخال الذكر في فتحة الشرج ، أما الملاعبة حول الإليتين فليس محرما ، ولا يجوز إدخال أي جزء في فتحة الشرج حتى لو كان صغيرا، وعلى كل إذا كان قد حدث إدخال في فتحة الشرج فالواجب التوبة والامتناع عن هذا في المستقبل ، وإن كان ما حدث هو وضع الذكر بين الإليتين فلا شيء في هذا .
وعلى هذا الزوج المسلم أن يعلم بأن هذا حرام، وأن يبتعد عن ذلك، وله في الحلال مندوحة، فأمامه الإليتان، وبقية الجسم، وعليه أن يعلم أن الله إنما يحرم بعض الأشياء ليختبر المؤمن : هل يطيع أم يعصى.
وعلى زوجته أن لا تمكنه من ذلك إن أصر على إتيانها في دبرها، وثمة أبحاث طبية تشير إلى أن الإيلاج في الدبر قد يجر إلى الإيدز كما أشار الدكتور كنعان في الموسوعة الفقهية الطبية .
ولا ينتظر إنسان من أهل العلم أن يحلوا ما أحرم الله خوفا على انهدام ألأسرة ، فعلى هذه المرأة أن لا تمكن زوجها من دبرها حتى لو أدى ذلك إلى طلاقها، بل عليها هي أن تطلب الطلاق إذا لم يرتدع عن ذلك ، بل ذكر الفقهاء أن على القاضي أن يفرق بينهما إذا لم يرتدع عن ذلك .
فقد جاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة :-
وإن تطاوع الزوجان على الوطء في الدبر فرق بينهما ، أو أكره الرجل زوجته على الوطء في الدبر ونهي ) عنه فلم ينته فرق بينهما،قال الشيخ كما يفرق بين الرجل الفاجر وبين من يفجر به من رقيقه. انتهى.
وجاء في كتاب الأم:-
باب إتيان النساء في أدبارهن
( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى قال الله عز وجل نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم الآية ( قال الشافعي ) وبين أن موضع الحرث موضع الولد وأن الله تعالى أباح الإتيان فيه إلا في وقت المحيض و أنى شئتم من أين شئتم ( قال الشافعي ) وإباحة الإتيان في موضع الحرث يشبه أن يكون تحريم إتيان في غيره فالإتيان في الدبر حتى يبلغ منه مبلغ الإتيان في القبل محرم بدلالة الكتاب ثم السنة
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عمي محمد بن علي بن شافع عن عبد الله بن علي بن السائب عن عمرو بن أحيحة أوعن عمرو بن فلان بن أحيحة
الأنصاري قال: قال محمد بن علي وكان ثقة عن خزيمة بن ثابت أن سائلا سأل رسول الله عن إتيان النساء في أدبارهن فقال رسول الله حلال ثم دعاه أو أمر به فدعي فقال كيف قلت في أي الخربتين أو في أي الخرزتين أو في الخصفتين أمن دبرها في قبلها فنعم أم من دبرها في دبرها فلا إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن)
( قال الشافعي ) فأما التلذذ بغير إبلاغ الفرج بين الإليتين وجميع الجسد فلا بأس به إن شاء الله تعالى.
ومما يدل على التحريم كذلك الأحاديث التالية :-
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) صححه الشيخ الألباني ، وقال: رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وأبو داود إلا أنه قال فقد برىء مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
وعَنْ خُزَيْمَةَ بن ثابت رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحِي مِنْ الْحَقِّ لا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ رواه الإمام أحمد.
وعن ابن عباس قال : قال رسول الله (( لا ينظر الله إلى رجل أتى امرأته في الدبر )) أخرجه ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه.
والله أعلم .
ـــــــــــــــ(40/140)
إدخال الإصبع في الدبر
اود السؤال عن حكم ادخال اصبع الرجل في دبر المرأة وادخال اصبع المرأة في دبر الرجل اثناء المداعبة للابتعاد عن المعاشرة من الدبر
... السؤال
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :-
يباح للرجل أن يستمتع بزوجته كيفما شاء ، والذي يحرم عليه منها أمران:-
الأول: أن يجامعها في الحيض,
والثاني: أن يطأها في دبرها .
وأما ما وراء ذلك من صور الاستمتاع بين الرجل وزوجته فليس حراما طالما أنه كان بالتراضي وكان بعيدا عما فيه ضرر نفسي وبدني.
ومن صور الاستمتاع الجائزة أن يتحسس كل واحد منهما جسم صاحبه بيده أو إصبعه فهذا من المداعبة الجائزة.
أما إدخال كل واحد إصبعه في دبر صاحبه فهو مكروه كراهة شديدة لما فيه من مباشرة النجاسة والقذارة ، ولما قد يفضي إليه من الوقوع في الحرام البين الذي هو الوطء في الدبر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ ) . رواه البخاري، وإذا ثبت أنه يحدث ضررا فإنه يكون حراما، والذي يقرر حدوث الضرر هم الأطباء.
على أن وضع إصبع الزوجة في دبر زوجها يعد نوعا من اللواط مما يدخل في معنى الشذوذ، ويخشى منه أن يصير ذلك عادة متأصلة.. قد لا يكتفي فيها الرجل بعد ذلك بمجرد وضع الإصبع. فهذا كله يؤكد النهي عن ذلك.
والله أعلم.
ـــــــــــــــ(40/141)
إتيان المرأة في دبرها
أريد أن أسأل عن حكم الرجل إذا جامع زوجته بالدبر غصبًا عنها هل تطلق؟
وإذا كان برضاها؟ وما هي الكفارة؟
وما حكم الرجل إذا زنى هل تطلق زوجته، علمًا بأنه أنجب ولدًا من الزنى؟
وما حكم ذهابي إلى طبيبة يابانية؟ علمًا بأن الأطباء الماهرين هم رجال، ومن له الأولوية بالذهاب إليه؟ وجزاكم الله خيرًا.. وعذرًا على الإطالة.
... السؤال
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد..
حكم إتيان المرأة من الدبر حرام، وهو كبيرة إذا استحله يكفر وإذا تواطأ عليه (أي اتفق) فرق بينهما. والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: "ملعون من أتى امرأته في دبرها"، لكن المرأة بمجرد هذا الفعل لا تطلق، ويجب على زوجها أن يتقي الله عز وجل وأن يتوب توبة نصوحًا، ويحرم عليها تمكينه من نفسها، فلا يدع الحلال في الوطء في المكان المعروف ويذهب إلى الحرام، ومضار هذا الفعل كثيرة على الزوج والزوجة معًا، وليست هناك كفارة على من فعل هذا الفعل. والله تعالى أعلم.
أما بالنسبة لزنى الزوج فإنه لا يؤدي إلى طلاق زوجته، فأصل الزواج الأول صحيح ولم يطرأ عليه طارئ، لكن هذا الزوج عصى الله تعالى بالزنى بأخرى فزوجه الأولى على ذمته ولا دخل لها بكل هذا الفعل؛ إذ لا تزر وازرة وزر أخرى، والولد من الزنى ينسب إلى أبيه ولا دخل أيضًا للمرأة الأولى به.
بالنسبة للطبيبة اليابانية فالأصل أن المسلمة لا تكشف عورتها لآخر سوى زوجها، لكن يباح لها ضرورة أن يطلع على عورتها أفراد في حالات معينة منها الطب والعلاج، لكن هذا مرتب في أن الأصل أن تذهب إلى طبيبة مسلمة، فإذا لم تكن فكتابية، فإذا لم توجد كانت الطبيبة اليابانية كالكتابية في الترتيب بشرط عدم وجود الآخرين (أي المسلمة أو الذمية)، ووجود الحذق والأمانة في الطب فإذا تحقق لنا أن هذه مأمونة فلا بأس من الذهاب إليها، والله تعالى أعلم.
ـــــــــــــــ(40/142)
ما هو اللواط؟ وما الفرق بينه وبين الزنا؟
... السؤال
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،
اللواط هو عمل قوم لوط والعياذ بالله، وهو الإتيان من الدبر بدلا من الفرج سواء كان بين الذكر والذكر أو بين الذكر والأنثى فكل إتيان من الدبر فهو لواط،
وهو أشد حرمة وأقبح من الزنا؛ ولذلك يُحكم على الفاعل والمفعول بالقتل.
أما الزنا فهو الإتيان أو الوطء في الفرج من النساء بغير عقد نكاح شرعي
ولا خطأ ولا شبهة، وهو أيضا محرم يوجب الحد إما الرجم أو الجلد.
والله أعلم.
ـــــــــــــــ(40/143)
اللواط والسحاق في ميزان الإسلام ... العنوان
عرض برنامج تلفزيوني بعض الشباب من اللواطيين والسحاقيات ، وقال مقدم البرنامج : متى نحترم مشاعر الاخرين ورغباتهم ؟ متى نتعلم أن نعيش مع الآخرين ؟ وبصراحة كان الشيخ في البرنامج غير قادر على الرد ، وتم وصفه بالقاسي والمتشدد...
فما حكم الاسلام في المسألة ؟ وكيف يعاقبون ؟
... السؤال
01/08/2004 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
يشمل الشذوذ الجنسي مظاهر كثيرة، وقد انتشر في المجتمعات الغربية حيث وجد حماية دستورية واعترافاً في قوانين بعض البلاد التي تدّعي زورا و كذبا أنها تحافظ على حقوق الإنسان فإذا هي تقود الإنسان إلى مستوى تترفع عنه البهائم .
كما أنشأت تلك البلاد التي تتدعي التحضر لهؤلاء المنتكسين اتحادات دولية، يجتمعون فيها، ويقيمون المؤتمرات التي يقدمون فيها بحوثاً عن مشكلاتهم الخاصة ، ويمثل هذا المرض ظاهرة من ظواهر التدني في العلاقات و الانحطاط نحو البهيمية النكراء.
و يؤدي قبول الشذوذ والانحراف كبديل للوضع الطبيعي، أن تحل الفوضى البهيمية محل الناموس الكوني المنتظم. و نحن إذا تركنا الناس يعبثون في هذا الكون لا نحصد من وراء عبثهم إلا ما فيه دمار للبشرية و خراب.
وهذا العمل الخبيث انتكاس في الفطرة، وانغماس في حمأة القذارة وإفساد للرجولة، وجناية على حق الأنوثة.
يقول الدكتور عباس محجوب في كتابه الصادر عن سلسلة كتاب الأمة بعنوان مشكلات الشباب الحلول المطروحة .. والحل الإسلامي :
إنه يمكن إرجاع أسباب هذا الشذوذ إلى:
أولا: غياب التربية القائمة على الفهم الصحيح المرن للإسلام، والبعيد عن مظاهر الكبت، والقهر، والاضطهاد، والإحباط، وتحريم كل أنواع العلاقات الإنسانية - مما لم يحرمها الدين - بين الرجال والنساء بصرف النظر عن نوعها، ودرجتها، وطريقتها، مما يربي في الجنسين حساسية العلاقة بالجنس الآخر، واستبشاع أيّ شيء له علاقة به.
ثانيا: نوعية الرفاق الذين يمثلون الأصدقاء والصديقات، وبخاصة إذا تباينت الأعمار، واختلفت البيئات والثقافات، وعاش الجميع في فراغٍ روحي، واجتماعي.
ثالثا: عدم توجيه الأولاد والبنات إلى وظيفة الجنس في الحياة، والأساليب المشروعة لتلبية الغريزة الجنسية، والحكمة في تحريم العلاقات الجنسية بغير الطرق المشروعة، وحكم الشرع في عمليات الشذوذ، وتعارضها مع الحياة الطبيعية للإنسان.
رابعا: عدم الاهتمام بتلبية حاجات الجنسين ومطالبهم، وحرمانهم من أن يشبعوا ما في نفوسهم من حاجة إلى شراء ما يحتاجونه ممّا يناسبهم، وأن يكون لهم كيان اقتصادي يحسّون به، لأن هذا الحرمان كثيراً ما يؤدي إلى الانحراف، إمّا لإحساسهم بأن هذا هو المجال الذي يتصرفون فيه بحرية، أو لحاجتهم إلى المال مما يحتّم على الآباء والمربين أن يُعلِموا أبناءهم بإمكانية تلبية رغباتهم المادية بتوسّطِ واعتدال.
خامسا: عدم مراقبة الآباء لأبنائهم في تصرفاتهم وسلوكهم، إضافة إلى الإهمال وعدم المبالاة، والتطرف في إطلاق الحرية لهم، أو التعنت في كبتهم ومنعهم من كل شيء، فلو كان الآباء يوازنون بين الإفراط والتفريط في الحريات، ويصحبونهم في بعض مناشطهم ، ويحسنون توجيههم في اختيار أصدقائهم، ويجعلون منهم أصدقاء مسئولين ومحترمين، ولرأيهم مكانة وتقديراً؛ لو حصل ذلك كله لما كان للانحراف سبيل إليهم.
سادسا: عدم تبيان ما يترتب على الفاحشة في الدنيا من أمراض جسمية، ونفسية، وصحية، وردود أفعال على ممارسة الحياة الطبيعية؛ إلى جانب ما في الحياة الأخرى من عقاب عند الله، وغضب منه، ثم الحكم الشرعي المترتب على ممارسة الشذوذ الجنسي، ومدى استبشاع الشرع والمجتمع له . أ هـ
وهذا الشذوذ له صور منها : اكتفاء الرجال بالرجال و هو ما يطلق عليه باللواط ، أو اكتفاء النساء بالنساء و هو ما يسمى بالسحاق ، وفي ما يلي نبين موقف الإسلام من الشذوذ الجنسي:
أولا: فاحشة اللواط :
قص علينا القرآن الكريم نبأ قوم مما كانوا قبلنا انجرفوا نحو هذا المستنقع بشدة ، و لم يستجيبوا لنصح نبيهم فماذا كانت عاقبتهم؟: التدمير يقول تعالى : { ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين, وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين }الأعراف 80-84
يقول الشيخ الدكتور القرضاوي :
حرَّم الله الزنى وحرَّم الوسائل المفضية إليه،و حرم كذلك هذا الشذوذ الجنسي" الذي يعرف بعمل قوم لوط أو " اللواط ".
فهذا العمل الخبيث انتكاس في الفطرة، وانغماس في حمأة القذارة وإفساد للرجولة، وجناية على حق الأنوثة.
وانتشار هذه الخطيئة القذرة في جماعة، يفسد عليهم حياتهم ويجعلهم عبيدًا لها، وينسيهم كل خلق وعرف وذوق، وحسبنا في هذا ما ذكره القرآن الكريم عن قوم لوط الذين ابتكروا هذه الفاحشة القذرة، وكانوا يَدَعُون نساءهم الطيبات الحلال ليأتوا تلك الشهوة الخبيثة الحرام . ولهذا قال لهم نبيهم لوط: (أتأتون الذكران من العالمين، وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون). (الشعراء: 165، 166).
ودمغهم القرآن - على لسان لوط - بالعدوان والجهل والإسراف والفساد والإجرام، في عدد من الآيات.
ومن أغرب مواقف هؤلاء القوم التي ظهر فيها اعوجاج فطرتهم، وفقدان رشدهم، وانحطاط أخلاقهم، وفساد أذواقهم، موقفهم من ضيوف لوط الذين كانوا ملائكة عذاب أرسلهم الله في صورة البشر، ابتلاء لأولئك القوم وتسجيلا لذلك الموقف عليهم، وهو الذي حكاه القرآن :(ولما جاءت رسلنا لوطًا سيء بهم وضاق بهم ذرعًا وقال هذا يوم عصيب * وجاءه قومه يُهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات، قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم، فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي، أليس منكم رجل رشيد * قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد * قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد * قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك). (هود: 77 - 81).
وقد اختلف فقهاء الإسلام في عقوبة من ارتكب هذه الفاحشة:
أيحدان حد الزنى ؟ أم يقتل الفاعل والمفعول به ؟ وبأي وسيلة يقتلان ؟ أبالسيف ؟ أم بالنار ؟ أم إلقاء من فوق جدار ؟.
وهذا التشديد الذي قد يبدو قاسيًا إنما هو تطهير للمجتمع الإسلامي من هذه الجرائم الفاسدة الضارة التي لا يتولد عنها إلا الهلاك والإهلاك. أهـ
ويقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد من علماء السعودية:
إنّ الإسلام حرَّم هذا الفعل تحريما شديدا وجعل عقوبته عظيمة أليمة في الدّنيا والآخرة . كيف لا وقد قال نبي الإسلام عليه السّلام : " مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ . " أي إذا كان راضيا . والحديث رواه الترمذي في سننه 1376
وقال علماء الإسلام كمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ : إنّه يُقام عليه حدّ الرجم أحصن أو لم يُحصن.
والذي يخالف فطرة الله ، ويفعل ما يؤدي إلى اكتفاء الرّجال بالرّجال والنّساء بالنّساء ، وفساد الأُسر ، والتأثير على الإنجاب ، ونشر الانحلال في المجتمع ، وحدوث الأمراض الفتّاكة ، والإضرار بالأبرياء ، وسريان الأذيّة إلى الأطفال اغتصابا ونقلا للأمراض ، والفساد في الأرض عموما لا شكّ أنّه آفة يجب أن تُستأصل . أهـ
و الله سبحانه وتعالى لم يحرم علينا إلا ما فيه مفسدة تضر بنا ، وإذا أردنا أن نتلمس الحكمة من وراء تحريم الله تعالى للشذوذ الجنسي نجد أنه:
أولا: مفسدة لنفسية الشباب يزرع السلبية فيهم ولا يشبع عواطفهم، فهم لا يستطيعون ممارسته غالباً إلا بعد تعاطي الخمر أو المخدِّرات لخلق جو وهمي من المتعة بداخلهم؛ وهذا يعني أنه يجرُّهم إلى المزيد من الدمار والعدائية.
ويكفي أن يشعر الواحد منهم أنه قد سلبت عنه رجولته التي يفتخر بها ، والتي هي تاج فخر الرجل .
ثانيا: مفسدة للنساء اللواتي ينصرف أزواجهن عنهن إلى الرجال، ويقصِّرون فيما يجب عليهم من إحصانهن، فينجرفن إلى طريق الانحراف أو الشذوذ بين بعضهن، أو يرتمين في أحضان رجال غرباء عنهن. وبذلك تشيع الفاحشة في المجتمع ، وينقلب المجتمع إلى وكر كبير تصيح فيه الشياطين و تصرخ .
ثالثا: تقليل النسل؛ فمن وقع في براثن الشذوذ فرغب عن الزواج، وتنصَّل من تحمُّل مسؤوليته، فقد ساهم في تهديم مجتمعه، والحدِّ من نسبة التوالد فيه. ويكفيه أنه قطع نسبه وأوقف نسله .
رابعا: الأمراض الفتَّاكة القاتلة الَّتي تنجم عنه، والَّتي كان آخرها مرض فقد المناعة الخطير المعروف باسم الإيدز أو السِيدا.
لذلك كلِّه بعث الله الرسل، ليحذِّروا أقوامهم وينذروهم من أن يضلُّوا في شعاب الرذيلة الهمجية .
ثانيا: فاحشة السحاق :
أما السحاق فهو: أن تفعل المرأة بالمرأة مثل صورة ما يفعل بها الرجل . وهو يعنى أن تستغنى المرأة بالمرأة عن الرجل في عملية الجماع وهي انتكاسة للفطرة السوية التي خلق الله الناس عليها.
وليس فيه حد ، ولكن فيه التعزير ، والتعزير عقوبة الغرض منها زجر الجاني وتأديبه لكي يقلع عما فيه ، والتعزير يكون بما يراه الحاكم جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية عن عقوبة السحاق:
اتفق الفقهاء على أنه لا حد في السحاق ; لأنه ليس زنى . وإنما يجب فيه التعزير ; لأنه معصية . أهـ
وهذا الفعل مسقط للشهادة فشهادة من تساحق مردودة ؛لأن من تفعل هذا الفعل القذر المشين تجعل نفسها في زمرة الفساق المردودين في الشهادة ، جاء أيضا في نفس الموسوعة:
لا خلاف بين الفقهاء في أنه يشترط في قبول شهادة الشاهد أن يكون عدلا , فلا تقبل شهادة الفاسق . ولما كان فعل السحاق مفسقا ومسقطا للعدالة فإنه لا تقبل شهادة المساحقة . وهذا وإن لم يصرح الفقهاء برد الشهادة بالسحاق إلا أنه مفهوم من كلامهم وقواعدهم العامة في قبول الشهادة وردها . أ.هـ
ـــــــــــــــ(40/144)
حكم جماع الزوجة في دبرها
جامع رجل زوجته في دبرها، وفي حيضها، ثم تاب إلى الله، هل عليه من تعزير؟
... السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فمما هو معلوم للعامة والخاصة، أن جماع المرأة في دبرها حرام، وكذلك جماعها في حيضها، وحيث إن الرجل قد ندم على ما فعل، وعزم على عدم الرجوع إلى فعل هذه الأعمال الشنيعة مرة أخرى، وصدق عزمه، فامتنع فعلاً، فإن هذه توبة، نسأل الله أن تكون توبة نصوحًا، ونطلب منه أن يكثر من ذكر الله، ومن الاستغفار، ومن البر بالمحتاجين والفقراء والضعفاء والمساكين.
ـــــــــــــــ(40/145)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
الإسلام ومشكلات الشباب
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنَّة
علي بن نايف الشحود
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء المرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فإن الإسلام قد اهتم بالشباب اهتماماً بالغاً ، لأنهم عماد الأمة ورأسمالها .
فالشبابُ يُعتَبر ثروةَ الأمّة الغاليةَ وذخرَها الثمين، يكون خيرًا ونعمةً حين يُستَثمر في الخير والفضيلةِ والبناء، ويغدو ضررًا مستطيرًا وشرًّا وبيلاً حين يفترسه الشرُّ والفساد.
الانحرافُ في مرحلة الشّباب خطيرٌ ومخوِّف، فمنحرفُ اليوم هو مجرمُ الغدِ ما لم تتداركه عنايةُ الله، وعلى قَدرِ الرعاية بالشبابِ والعنايةِ بشؤونهم يتحدَّد مصيرُ الأمّة والمجتمع.
ولذلك ـ إخواني في الله ـ حث نبينا - صلى الله عليه وسلم - على اغتنام مرحلة الشباب قبل المشيب، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لرجل وهو يعظه: ((اِغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْل خَمْس: شَبَابك قَبْل هَرَمك, وَصِحَّتك قَبْل سَقَمك, وَغِنَاك قَبْل فَقْرك, وَفَرَاغك قَبْل شُغْلك, وَحَيَاتك قَبْل مَوْتك))أخرجه الحاكم وغيره .
والغنيمة لا تكون إلا لشيء يخشى فواته وضياعه إن لم يتدارك ويستغل.
ومما لا شك فيه أن الواجب في هذه الأمة مشترك بين المسلمين جميعا، شبابا وشيوخا، ولكن خص الشباب بالذكر لأنها مرحلة مهمة جدا في حياة المسلم نفسه، وفي حياة مجتمعه المسلم، فهم الذين يقومون بواجبهم بعد رحيل الجيل الذي سبقهم.
ومن أجل هذا المطلب أرشدنا نبينا إلى سلوك الطريق النبوي في تربية هذا النشء، بدءا من اختيارك لزوجتك الصالحة المؤمنة التي تعتبر بحق هي المدرسة الأولى لتربية النشء، إلى أن يكبر النشء من الأولاد والفتيات ليقوموا بدورهم من جديد. ولقد رسم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رسم منهجًا واضحًا للآباء والمربين لتربية شباب الأمة المحمدية، ممثلاً في ابن عمه الغلام عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، حيث قال: ((يَا غُلامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتْ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ)) أخرجه الترمذي.
إن أول لبنة في بناء الشباب لبنة العقيدة السليمة وقوة الإيمان وصدق التعلق بالله وحده، إن أولها حفظ الله بحفظ حقوقه وحدوده وحفظ أمره ونهيه، ومن ثم الاستعانة به وحده في الأمور كلها والتوكل عليه واليقين الجازم بأنه بيده سبحانه الضر والنفع، يأتي كل ذلك ليكون دافعًا للشاب وهو في فورته وطموحه وتكامل قوته ليكون قوي العزيمة عالي الهمة.
ثم ها هو نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه ينادي شباب أمته جميعا؛ ليوجههم إلى حفظ شهواتهم وغرائزهم حتى لا يسقطوا في وحل الإثم والمعصية، قال رسول الله : ((يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)) أخرجه البخاري.
ومن المنهج النبوي في تربية الشباب ذكورًا كانوا أو إناثًا قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ((مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ))أبو داود.
فبالرغم من أن ابن السابعة ليس مكلفًا بالواجبات، ولكنه يؤمر بالصلاة لأجل أن يعتادها ويألفها فتنطبع في ذهنه؛ وذلك لأن الصلاة فيها سر عظيم في تربية النشء على الإسلام الصحيح، قال تعالى في ذلك:{ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:45]، وقال عز وجل: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة:45، 46].
وقوله : ((وفرقوا بينهم في المضاجع)) أي: لا تتركوهم ينامون تحت غطاء واحد أو على فراش واحد؛ خشية أن يطلع بعضهم على عورات بعض، فتقع الفتنة التي لا تحمد عاقبتها.
ثم اعلم ـ أيها المربي وأنت أيها الشاب ـ أن تنشئة الولد أو البنت على طاعة الله ورسوله فيها الأجر العظيم عند الله، وذلك حتى قبل أن يدخل الجنة، فروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي قال: ((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ..)). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "خص الشاب لكونه مظنَّة غلبة الشَّهوة لما فيه من قُوَّة الباعث على متابعة الهوى، فإنَّ ملازمة العبادة مع ذلك أشَدُّ وأَدلّ على غلبة التَّقْوَى".
وروى الترمذي عن ابن مسعود عن النبي قال: ((لا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاه؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاهُ؟ وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ؟ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ؟))، فالشاهد من الحديث هو قوله : ((وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاهُ؟)). فأنت ـ أيها المسلم ـ مسؤول أمام الله يوم القيامة عن هذا الشباب، وهو المرحلة التي يكون الإنسان فيها قويًا فتيًا، ماذا عمل فيه؟ وبماذا استغله؟
إن مرحلة الشباب مرحلة مهمة جدا في حياة المرء المسلم، فبها ينجو من الخسران، قال تعالى: وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [سورة العصر]. فجنس الإنسان في خسارة إلا من اتصف بالإيمان والعمل به، ثم الدعوة إليه، وأخيرًا الصبر على الأذى فيه.
فما واجبات الشباب اليوم، إنها كثيرة ومن أهمها:
أولا: يجب على الشباب المسلم أن يعتني بتعلم العلم الشرعي بالقدر الذي يستقيم به دينهم وتصح به عبادتهم، فيجب عليهم أن يتعلموا التوحيد والعقيدة الصحيحة وما يخالفها من العقائد الفاسدة، كما يجب عليهم تعلم أحكام الصلاة والصيام والزكاة والحج وأركان الإيمان الستة ومعرفة نواقض الإيمان، وذلك حتى يقيموا دينهم على أساس صحيح. وإن الواقع لأليم يا أولياء الأمور، إننا نرى شبابا قد بلغ السابعة عشر من العمر وهو على وشك أن ينتهي من دراسته الثانوية، وللأسف لا يعرف كيف يقرأ كتاب الله عز وجل، بل جلهم لا يعرف كيف يقرأ الفاتحة بصورة صحيحة. فالله المستعان على هذه الصورة المخزية من صور التربية الفاشلة
ثانيًا: على شباب المسلمين أن يرتبطوا بعلماء المسلمين من أهل السنة والجماعة، وأن يرتبطوا بكبارهم، فالناس لا يزالون بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم، فإن أخذوه عن أصاغرهم هلكوا،والأصاغر هم علماء السوء من أهل البدع والضلالات. وإذا ما انفصل الشباب عن العلماء الربانيين وارتبطوا بعلماء السوء وعلماء الفضائيات تلقفتهم التيارات المنحرفة من خلال الجرائد أو الفضائيات أو الإنترنت، فأصبحوا لقمة سائغة لأصحاب الأغراض السيئة.
ثالثًا: على الشباب ـ وفقهم الله ـ أن يجتنبوا أصدقاء السوء؛ لأنهم سبب لشقاء الشاب في دينه ودنياه، والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل.
فالأسرةُ تفقد دورَها وتضيِّع رسالتها إذا انصرَف الآباءُ عن أُسَرهم، وكان همُّهم الأكبر توفيرَ مادّة الكسب مع ترك الحبلِ على الغارب للأولادِ والتقصيرِ في تربيتهم وعدم تخصيص وقتٍ لهم يمارسون فيه التوجيه والرعاية. فكثير من الآباء والأمهات يعتقد أن تربية الأولاد مقتصرة على توفير حاجاتِ الأولاد من أكلٍ وشُرب وكِسوةٍ وترفيه، أما تربيةُ الأخلاق وتهذيبُ السلوك وبناءُ الشخصية فليس بذي أهمية، وهذا خطأ بين واضح، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6]، وقال - صلى الله عليه وسلم - : ((والرجل راعٍ في أهله، وهو مسؤولٌ عن رعيَّته، والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولةٌ عن رعيتها)). الأسرةُ في الإسلامِ مسؤولةٌ عن حمايةِ الشباب من الانحرافِ.
راقبوا أبناءكم مع من يسيرون، ومتى إلى البيت يرجعون، تعاونوا مع المدارس في متابعتهم والسؤال عنهم وعن مستواهم الدراسي، لا تترك الإنترنت عند ولدك أو بنتك في غرفته الخاصة أبدًا، بل راقبه واجعله في مكان يراه كل أفراد الأسرة. وإن كنت غير محتاج إليه فمن الواجب عليك أن تخرجه من بيتك؛ لأنه وسيلة دمار على الشباب أكثر من كونه وسيلة تعلم واستفادة.
أيها الأب، لا تسرف على ولدك بالأموال بحجة أنه كبر ومصاريفه قد زادت، فالأموال سبب لفساد الأبناء، بل انظر ما يحتاجه واشتره له.
وفي هذا الملف تفصيل كامل لمشكلات الشباب المسلم التي يعاني منها اليوم ، وما أكثرها ، ففيه استشارات دينية وتربوية ونفسية ، وفتاوى وبحوث ومقالات وخطب تتعلق بهذا الجانب .
وقد جمعتها من مواقع كثيرة على النت ، ولاسيما الشبكة الإسلامية وصيد الفوائد ومشكاة وشبكة نور الإسلام ، والإسلام اليوم وغيرها كثير.
وكلها معزوة لأصحابها إما في البداية أو في النهاية
راجيا من الله تعالى أن تكون زادا للمربين والدعاة المصلحين لرد شبابنا لدينه قبل فوات الأوان .
قال الشاعر :
شباب ذللوا سبل المعالي وما عرفوا سوى الإسلام دينا
إذا شهدوا الوغى كانوا حماة يدكون المعاقل والحصونا
وإن جن المساء فلا تراهم من الإشفاق إلا ساجدينا
شباب لم تحطمه الليالي ولم يسلم إلى الخصم العرينا
وما عرفوا الأغاني مائعات ولكن العلا صيغة لحونا
ولم يتشدقوا بقشور علم ولم يتقلبوا في الملحدينا
ولم يتبجحوا في كل أمر خطير كي يقال مثقفونا
كذلك أخر الإسلام قومي شباباً مخلصاً حراً أمينا
وعلمه الكرامة كيف تبنى فيأبى أن يذل وأن يهونا
جمعه وأعده
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
في 14 صفر 1430 الموافق ل 9/2/2009 م
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عناية الإسلام بالجسم والعقل
ما هي مظاهر عناية الإسلام بالفرد من الناحيتينِ الجِسْميّة والعقلية؟
... السؤال
16/06/2005 ... التاريخ
الدكتور محمد البهي رحمه الله ... المفتي
... ... الحل ...
بسم الله ؛ والحمد لله ؛ والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:ـ
أخي الكريم: ما عرفت البشرية دينا حفظ للإنسان حريته وكرامته مثل الإسلام، فهو دين جاء ليحقق للفرد اتزانه في شتى الميادين، وما ترك جانبا من جوانب الحياة إلا نظمه بأسلوب يكفل للإنسان حريته وسعادته، قال تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطا" فالوسطية هي السمة التي يمتاز بها لإسلام.
ولقد اعتنى الإسلام بالفرد عناية فائقة ليرتقي به روحيا وجسديا وعقليا، فلم يهتم بجانب من الجوانب في حياة الفرد وأغفل جانبا آخر بل كفل للإنسان ما يحقق له السعادة ويلبي احتياجاته باعتباره مزيجا مختلطا من العقل والمادة والروح، فليس هناك تشريع يصطدم مع أي جانب من هذه الجوانب، فقد اهتم الإسلام بالجسم فقال صلى الله عليه وسلم "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف" واهتم بالعقل فحث المسلم على التدبر والتفكر فقال سبحانه "قل سيروا في الأرض فانظروا" وقال "قل سيروا في الأرض ثم انظروا" "أفلا تعقلون" "أفلا تتفكرون" ، وأعطى الإسلام للفرد الحرية الكاملة ليأخذ من متع الحياة كيف شاء، ويبدع كيف شاء لا لمجرد الحصول على المتعة في ذاتها ولكن ليعيش هادئ النفس مطمئن البال يحقق معنى عبوديته لله رب العالمين.
يقول فضيلة الدكتور محمد البهي -رحمه الله- عميد كلية أصول الدين الأسبق:ـ
طريق الإسلام في توجيه الإنسان هو طريق التوازن بين الجسم والعقل فلا هو يُقِرُّ الرهبانيّة والامتناع عن الزواج كسبيل لمَنع الزَّلل والخَطأ.. ولا هو يُقرُّ أيضًا الصيام طويل الأجل كما كانت تدعو بعض الاتجاهات الدينيّة الشرقية القديمة.. لا يُقِرُّ هذا وذاك؛ لأنّه يَحرص على سلامة البدن مِن جهة، واستمرار النوع الإنسانيّ مِن جهة أخرى.
وكذلك لا يُقِرُّ الإفراط في المُتعة المادية، محافَظة منه على أن تكون للعقل فعالية: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُوا واشْرَبُوا ولاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ). (الأعراف: 31) فهو يطلب الاستمتاع بمُتع الحياة المادِّيّة ولكنه ينهى عن الإسراف في الاستمتاع بها حتى لا يُضَارَّ العقل في وظيفته عن طريق الضررِ الذي يُصيب البدن.
وعناية الإسلام بالبدن ـ إذن ـ هي في حِلِّ الزواج والمعاشَرة الجنسية، وفي حِلّ الطعام بما لم يَنْهَ عنه الله، والله سبحانه لم ينْهَ إلا عن الميتة والدَّم المسفوح ولحم الخنزير: (قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) (الأنعام: 145).
وعناية الإسلام بالعَقل كما تكون بطلب الاعتدال في الاستمتاع بمتع الحياة المادية تكون بالحرِّيّة التي يُتيحها للإنسان في مُمارسة العقل فالإسلام لا يُكره الإنسان على الإيمان بالله أو البقاء على الكفر وإنَّما يضع أمامه الحقائق غير مغلَّفة.
ووظيفة الرسول هي فقط الكشف عن الحق وإبلاغه للناس: (وقُلِ الحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤمِنْ ومَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) (الكهف: 29).
والحُرِّيّة التي يُتيحها الإسلام للإنسان في ممارَسة العقل كما تتحقّق في عدم إكراهه على الإيمان تتحقق أيضًا بطلبه إبعاد مؤثِّرات البيئة من عادات وتقاليد عن التفكير حتى يتوفّر الجَوُّ الصالح للفكر الحُرِّ والإرادة الإنسانية الحُرّة؛ ولذا يَعيب الإسلام على الذين ينحرفون في تفكيرهم ويكفرون بالله بسبب التقاليد والعادات المسيطرة على بيئتهم: (وإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ وإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمونَ شَيْئًا ولاَ يَهْتَدُونَ). (المائدة: 104).
والعبادة من صلاة، وصوم، وزكاة: تُوفر الصلاحية التي يَطلبها البدن ليكون بعيدًا عن الانحراف، والتي يَطلبها العقل ليكون صاحب تفكير سليم.
والله أعلم
ــــــــــــــــــــ(41/1)
التأثر بالمناظر المثيره وأثره على الغسل
عدد مرات القراءة 1187
أنا طالب بالمرحلة الثانوية، أحب الدين، وأقبل على العبادة، ولكن تقف أمامي عقبة: هي سرعة انفعالي برؤية أي مناظر تؤثر في الشهوة الجنسية، ولا أكاد أملك نفسي من ذلك، وهذا يجعلني دائمًا في تعب ومشقة بسبب كثرة الاغتسال، وتطهير الثياب الداخلية، فهل عند سيادتكم حل سريع لهذه المشكلة حتى أظل محتفظًا بديني، محافظا على عبادتي ؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فنقول للسائل الكريم عليك بالابتعاد عن المناظر المثيرة التي توصلك إلى هذه الحالة من الإثارة، كما عليك أن تراجع طبيبا مختصا فقد تكون هذه حالة مرضية تعالج منها فتبرء بإذن الله تعالى، كما عليك أن تتبين السائل الذي نزل منك فقد يكون مذيا أو وديا، وهو السائل الذي يخرج بغير تدفق، ولا يشعر المرء بعده بفتور وضعف، والمذي والودي يكفيك فيهما الاستنجاء والوضوء .
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
أولا: نبارك في الشاب السائل هذا الاتجاه الديني الرشيد، ونطلب منه الاستمساك به والحرص عليه، والبعد عن قرناء السوء، والحفاظ على دينه من موجات المادية والانحلال، التي أفسدت كثيرًا من شبابنا، ونبشره باندراجه في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ما دام قد نشأ في طاعة الله تعالى.
ثانيًا: ننصح السائل أن يعرض نفسه على طبيب مختص، فربما كانت مشكلته مشكلة عضوية بحتة، وعند الأطباء العارفين أدوية لمثل هذه الأدواء، وقد قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) وقال رسوله عليه السلام: " ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ".
ثالثًا: ننصح له كذلك أن يتجنب - بقدر استطاعته - المواطن التي من شأنها أن تثير شهوته، وتجلب عليه المتاعب، وواجب المؤمن ألا يضع نفسه مواضع الحرج، وأن يسد كل باب تهب منه رياح الفتنة على نفسه ودينه، ومن الحكم المأثورة: " ليس العاقل الذي يحتال للشر بعد أن وقع فيه، ولكن العاقل الذي يحتال للشر ألا يقع فيه ".
ومن شيمة الصالحين أن يتجنبوا الشبهات حتى لا يقعوا في الحرام، بل يجتنبوا بعض الحلال حتى لا يقعوا في الشبهات، وفي الحديث: " لا يبلغ عبد درجة المتقين حتى يدع ما لا بأس به مخافة ما به بأس "
رابعًا: ليس كل ما يخرج من الإنسان - بعد رؤية المناظر الجنسية المثيرة - " منيًا " يوجب الاغتسال، فقد يلتبس هذا بالمذي وهو سائل أبيض رقيق لزج يخرج عند الملاعبة أو الرؤية أو التخيل الجنسي، بلا شهوة ولا تدفق، ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، وهذا المذي حكمه حكم البول ينقض الوضوء، ولا يوجب الغسل، بل ورد عن الرسول عليه السلام الترخيص في رش ما يصيب الثوب بدلاً من غسله.
عن سهل بن حنيف قال: كنت ألقي من المذي شدة وعناء، وكنت أكثر منه الاغتسال، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إنما يجزيك من ذلك الوضوء " فقلت يا رسول الله، كيف بما يصيب ثوبي منه ؟ قال: يكفيك أن تأخذ كفًا من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه قد أصاب منه ".
رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي وقال: حسن صحيح . ونضح الثوب بالماء رشه به، والرش لا شك أيسر من الغسل، وهو تخفيف وتيسير من الله لعباده في مثل هذه الحالة التي يشق فيها الغسل المتكرر، وصدق الله العظيم: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج، ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) .
والله أعلم
الدكتور الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي
عن موقع إسلام أون لاين
-ــــــــــــــــــــ(41/2)
إذا انتقض وضوء الإمام ماذا يفعل؟
إذا بطلت طهارة الإمام في الصلاة بطلت صلاته؛ لحديث ابن عمر في الصحيحين : (( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) . وأما صلاة المأمومين فصحيحة؛ لحديث أبي هريرة مرفوعاً: (( يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطئوا فلكم وعليهم)) رواه البخاري . ولأن عمر -رضي الله عنه- لما طُعن استخلف عبد الرحمن بن عوف.
والأفضل للإمام أن يستخلف كما فعل عمر، فإن لم يفعل استخلف المأموم، أو صلوا فرادى.
د خالد بن على المشيقح
عن موقع الاسلام اليوم.
ــــــــــــــــــــ(41/3)
هل الغسل بعد المجهود أو العمل يجزئ عن الوضوء إذا أحضرت النية أم يجب عليّ إسباغ الوضوء ؟
إذا نويت الوضوء ، ورتبت بين أعضائه ، وكملت غسل ما يغسل ، ومنه المضمضة والاستنشاق ، ومسح ما يمسح على الصفة الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث الوضوء ، ومن أجمعها حديث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنه دعا بوضوء ، فتوضأ ، فغسل كفيه ثلاث مرات ، ثم مضمض واستنثر ، ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ، ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك ، ثم مسح رأسه ، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم غسل اليسرى مثل ذلك ، ثم قال : رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم قام فركع ركعتين ، لا يحدّث فيهما نفسه ، غفر له ما تقدم من ذنبه " . قال ابن شهاب : ( وكان علماؤنا يقولون : هذا الوضوء أسبغ ما يتوضأ به أحد للصلاة) . أخرجه البخاري ( 159) ومسلم (226) واللفظ له .
إذا حصل ذلك فقد أجزأك وضوؤك، ولم يضرك كونه وقع أثناء غُسلك غير الواجب .
د.خالد بن محمد الماجد
عن موقع الاسلام اليوم
ــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ(41/4)
هل يجزئ في الاستنجاء أن يصب الرجل الماء على ذكره مرة واحدة،
أو ثلاث مرات (دون مسح الذكر باليد)، وذلك بعد أن يغسل الرجل دبره ثلاث مرات؟ جزاكم الله خيرا
الحمد لله، وبعد:
ليس في السنة الصحيحة ما يدل على تحديد عدد معين في الاستنجاء بالماء، فبناءً على ذلك يجزئ الإنسان أن يصب على ذكره مرة واحدة إذا طهر الذكر، أما إذا لم يطهر بأن بقي عليه شيء من أثر النجاسة، فيصب إلى أن يذهب أثرها. والله أعلم.
ًد.احمد بن محمد الخليل
عن موقع الاسلام اليوم
ــــــــــــــــــــ(41/5)
المقصود ببيت الخلاء!
عدد مرات القراءة 165
فضيلة الشيخ: سؤالي هو عن الخلاء، معروف أن الخلاء في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- يختلف عن الخلاء في وقتنا الحاضر؛ وذلك بظهور الحمامات، ومعلوم أن للحمامات مستحبات ومحظورات، لذا أسأل فضيلتكم عن الخلاء بمفهومه الجديد ما هو؟ هل يطلق على الحمام العربي والإفرنجي أم أن للإفرنجي ميزة تختلف؟ أم هما سواء؟ فكلاهما يقضى فيهما الحاجة، وإذا كان الحمام فقط للاستحمام أو قضاء البول هل يعتبر حماماً؟ وهل تجوز قراءة المجلات أو الكتب الثقافية أثناء قضاء الحاجة، سواء كان الحمام عربياً أو إفرنجياً؟. أرجو الإجابة ولكم جزيل الشكر والعرفان، وجعل ما تقومون به في ميزان حسناتكم
vبسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول، وبعد:
فإن قضاء الإنسان حاجته لم يختلف من لدن آدم -عليه السلام- إلى يومنا هذا، ولن يختلف إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وإنما الذي يختلف هو أماكن قضاء هذه الحاجة.
والأحكام التي شرعت عند قضاء الحاجة كثيرة جداً، منها ما له صلة بالفعل نفسه، ومنها ما يتعلق بالمكان.
أما ما له صلة بالفعل نفسه فلا يختلف سواء كان ذلك في حمام تركي أو إفرنجي أو في الخلاء، وسواء كان لبول أو غائط، وإنما قد تختلف بعض الأحكام المتعلقة بالمكان.
أما الأماكن المخصصة للاستحمام فقط دون قضاء الحاجة فهذه ليس لها حكم بيوت الخلاء لخلوها غالباً عن النجاسة، حتى إن الفقهاء حين ذكروا أحكام دخول الحمام -والذي يعنون به المستحمّ للاغتسال والتنظف- لم يذكروا من آدابه (آداب دخول الخلاء) إلا فيما له صلة بالعورات، فهذا النوع من الحمامات لو قيل بجواز مطالعة المجلات أثناء الاسترخاء فيها وكذلك كتب الأدب وما شابه ذلك لم يبعد. أما فعل ذلك في أماكن قضاء الحاجة فهو من سوء الأدب وقلته، وينبغي تجنبه. والله أعلم.
عبد الحكيم محمد ارزقى بلمهدى
عن موقع الاسلام اليوم
ــــــــــــــــــــ(41/6)
التحدث والاستماع في الحمام
عدد مرات القراءة 226
ما حكم الكلام في الحمام وكذلك النشيد أو سماعه أثناء الاستحمام؟ لأنه يوجد جاكوزي به راديو ومسجل يمكنك من الاستماع، وكذلك المشاهدة وأنت تستحم، فهل في هذا نهي؟
الحمد لله، قال الفقهاء: يكره الكلام في الخلاء (وهو موضع قضاء الحاجة) ولو كان سلاماً أو رد سلام، لما روى ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلاً مر، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبول فسلم، فلم يرد عليه. رواه مسلم (370) وقالوا: يكره ذكر الله -تعالى- في هذه الأماكن، كما يكره دخوله بما فيه ذكر الله بلا حاجة، والاستماع إلى النشيد أو إلى المسجل أو المذياع ونحوها لا يخلو في الغالب من ذكر الله -تعالى- أو لاسم من أسمائه، وهذا غير لائق ولا مناسب في الأماكن المعدة لقضاء الحاجة، وبالله التوفيق.
د.فهد بن عبد الرحمن المشعل
عن موقع الاسلام اليوم
ــــــــــــــــــــ(41/7)
القراءة داخل الحمام
عدد مرات القراءة 182
ما حكم القراءة داخل الحمام إذا كان الكتاب أو المجلة لا يحتوي على لفظ الجلالة أو هو كتابة باللغة الإنجليزية؟ ولكم جزيل الشكر
بالنسبة لدورات المياه هي أماكن تحضرها الشياطين، ولذا ينبغي لمن دخل هذا المكان أن يجلس فيه بمقدار الحاجة وألا يزيد على هذه الحاجة، وليس من المستحسن أن يقوم الشخص بقراءة أشياء أو فعل أشياء معينة في دورات المياه، وقد نص الفقهاء على أنه يحرم أن يلبث فوق حاجته عند قضاء الحاجة، ولا شك أن التشاغل بشيء آخر غير قضاء الحاجة كالقراءة والعمل يؤدي إلى زيادة لبث الشخص في هذا المكان، ولذا أنا أقول الشخص لا يقرأ وإنما يدخل هذا المكان للغرض الذي وضع له وهو قضاء الحاجة.
سعد بن عبد العزيزالشويرخ
عن موقع الاسلام اليوم
. ــــــــــــــــــــ(41/8)
غسل الدبر من الريح
عدد مرات القراءة 305
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إذا كان الشخص على طهارة ثم أخرج صوتاً أو ريحاً، هل يجب عليه أن يغسل دبره قبل الوضوء، أم يتوضأ مباشرة؟ أفتونا جزاكم الله خيرا
سئل فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، نذكر لك فيما يلي نص السؤال والإجابة:
سـ/ إذا خرج من الإنسان ريح، فهل يجب عليه الاستنجاء؟
جـ/ خروج الريح من الدبر ناقض للوضوء؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً" البخاري (137)، ومسلم (361)، لكنه لا يوجب الاستنجاء، أي لا يوجب غسل الفرج؛ لأنه لم يخرج شيء يستلزم الغسل، وعلى هذا فإذا خرجت الريح انتقض الوضوء، وكفى الإنسان أن يتوضأ، أي أن يغسل وجهه مع المضمضة والاستنشاق، ويديه إلى المرفقين، ويمسح رأسه، ويمسح أذنيه، ويغسل قدميه إلى الكعبين، وهنا أنبه على مسألة تخفى على كثير من الناس، وهي: أن بعض الناس يبول أو يتغوط قبل حضور وقت الصلاة، ثم يستنجي، فإذا جاء وقت الصلاة، وأراد الوضوء، فإن بعض الناس يظن أنه لا بد من إعادة الاستنجاء وغسل الفرج مرة ثانية، وهذا ليس بصواب، فإن الإنسان إذا غسل فرجه بعد خروج ما يخرج منه، فقد طهر المحل، وإذا طهر فلا حاجة إلى إعادة غسله؛ لأن المقصود من الاستنجاء أو الاستجمار الشرعي بشروطه المعروفة، المقصود به تطهير المحل، فإذا طهر فلن يعود إلى النجاسة إلا إذا تجدد الخارج مرة ثانية
عن موقع الاسلام اليوم.
ــــــــــــــــــــ(41/9)
تيمم المرأة خشية التكشف عند الأجانب
عدد مرات القراءة 146
في بعض الأحيان نكون في أماكن عامة مكتظة بالناس، حيث يصعب على المرأة أن تتخذ مكانا خالياً، وتكشف عن ذراعيها ورأسها لتتوضأ حين تدركها الصلاة, فهل يجوز لها أن تتيمم؟ أم أن هناك طريقة شرعية يمكن لها أن تتوضأ بها دون الكشف عن عورتها؟ وهل يجوز المسح على الخمار؟ وهل يجوز للمرأة أن تصلي أمام رجال أجانب؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالمرأة كلها عورة، لا يجوز لها أن تكشف شيئا من عورتها أمام الرجال الأجانب، وإذا اضطرت المرأة إلى الخروج من بيتها فينبغي أن تحتاط بالوضوء، وإن احتاجت إلى الوضوء في الأماكن العامة، ولم يتيسر مكان خاص فعليها أن تستتر بساتر، ولو بامرأة أخرى، أو بأحد محارمها، ونحو ذلك، ولا يجوز لها أن تتيمم وهي تجد الماء وتقدر عليه، ويجوز للمرأة أن تمسح على خمارها إذا احتاجت إلى ذلك قياساً على العمامة، والأولى أن تمسح على بعض الشعر، وتكمل على الخمار، كما أن من الأولى أن تكون قد لبسته على طهارة. والله أعلم.
محمد بن عبد الرحمن العمير
عن موقع الاسلام اليوم
ــــــــــــــــــــ(41/10)
التيمم مع قلة الماء
عدد مرات القراءة 176
نعاني من انقطاع المياه في المنطقة التي أسكن بها، وأحيانا لا يوجد ما يكفي إلا للاستعمال العادي من شرب وأكل، ولا يكفي للاغتسال معها، فهل هذا من مبيحات التيمم؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فإن الله قد شرع التيمم رحمة بعباده برفع للمشقة عنهم، قال تعالى: "وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم" الآية... [الحج: 78]، وقد جاء شرع التيمم مقيداً بأحوال:
أولها: عدم وجود الماء، وهذا صريح الآية الكريمة: "فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيبا"[المائدة:6]، ثانياً: خوف الضرر باستعمال الماء لمرض ونحوه؛ لحديث: "لا ضرر ولا ضرار". أخرجه أحمد (2865) وابن ماجه (2341).
ثالثاً: كون الماء قليلاً لا يكفي إلا للحاجات أو الضروريات كالأكل والشرب، ونحو لك؛ لأن بقاء النفس المسلمة من أعظم مقاصد الشارع الحكيم.
ففي هذه الحالات الثلاث يجوز العدول إلى التيمم، سواء كان ذلك في الطهارة الصغرى (الوضوء)، أو في الطهارة الكبرى (الغسل من الجنابة).
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد.
عبد العزيز بن احمد الدريهم
عن موقع الاسلام اليوم
ــــــــــــــــــــ(41/11)
أحكام التيمم
عدد مرات القراءة 220
السلام عليكم.
أرجو منكم إفادتي عن معنى التيمم، سننه وفرائضه ومبطلاته ومعناه في اللغة وفي الشرع وشروطه وأسبابه، ولكم مني وافر الاحترام، وشكراً.
الحمد لله وحده، وبعد:
التيمم لغة: القصد. وشرعاً: قصد الصعيد الطيب لمسح الوجه والكفين بنية رفع الحدث، أو استباحة الصلاة..
فأما أسبابه أو الأعذار المبيحة له، فهي اثنان: الأول: عدم وجود الماء الكافي للوضوء أو للغسل. والثاني: عدم القدرة على استعمال الماء مع وجوده، إما لمرض أو برودة ماء يخشى باستعماله حدوث مرض أو تأخر شفاء...، ونحو ذلك.
وأما شروطه فله شرطان خاصان به، وهما: أولاً: طلب الماء حتى يغلب على ظنه عدم وجوده، وثانياً: أن يكون التيمم بصعيد طاهر. وله شروط أخرى مشتركة بينه وبين الوضوء، وهي: أولاً: الإسلام. وثانياً: العقل. وثالثاً: التمييز. ورابعاً: انقطاع موجب (يعني: توقف خروج الناقض للطهارة). وخامساً: الفراغ من استنجاء أو استجمار واجب. وسادساً: النية على خلاف بين أهل العلم هل هي شرط، أو فرض؟).
وأما فرائضه، فهي أربعة، اثنان متفق عليهما، وهما: مسح الوجه، ومسح الكفين بالصعيد. واثنان مختلف فيهما: وهما الترتيب والموالاة.
وأما سننه: فهي التسمية في أوله كالوضوء والترتيب والموالاة -على الخلاف المشار إليه فيهما-.
وأما مبطلاته أو نواقضه فله ناقضان خاصان به، وهما: أولاً: العثور على الماء الكافي للطهارة. ثانياً: القدرة على الطهارة بالماء بعد زوال العجز أو المشقة في استعماله. فإن تحقق أحد الناقضين قبل الشروع في الصلاة بطل التيمم، وإن تحقق بعد خروج الوقت لم يبطل، وذلك بالإجماع في المسألتين، كما حكاه ابن المنذر في كتابه (الإجماع 34) وإن تحقق أحدهما في أثناء الصلاة، أو بعد الفراغ منها قبل خروج الوقت فعلى الخلاف فيهما.
وللتيمم نواقض أخرى مشتركة وهي كل ما ينقض الوضوء أو الغسل، ومنه الخارج من أحد السبيلين، وزوال العقل، والنوم المستغرق.
هذا ما ظهر بعد الاستقراء، علماً بأن فقهاء المذاهب يختلفون في تكييف بعض ما ذكر -أعلاه- من حيث هو سبب أو شرط أو فرض أو سنة؟ والله تعالى أعلم.
د.يوسف بن احمد القاسم
عن موقع الاسلام اليوم
ــــــــــــــــــــ(41/12)
ما حكم المذي؟
المذى :هو ماء أبيض لزج يخرج عند التفكير فى الجماع أو عند الملاعبة ، وقد
لا يشعر الإنسان بخروجه ، ويكون من الرجل والمرأة إلا أنه من المرأة أكثر ، وهو نجس باتفاق العلماء ، إلا أنه إذا أصاب البدن وجب غسله وإذا أصاب الثوب اكتفى فيه بالرش بالماء ؛ لأن هذه نجاسة
يشق الاحتراز عنها لكثرة ما يصيب ثياب الشاب العزب ، فهى أولى بالتخفيف من بول الغلام . وعن على رضى الله عنه قال : " كنت رجلاً مذاء فأمرت رجلاً أن يسأل النبى صلى الله عليه وسلم ، لمكان ابنته فسأل ، فقال : " توضأ واغسل ذكرك " رواه البخارى وغيره . وعن سهل بن حنيف رضى الله عنه قال : " كنت ألقى من المذى شدة وعناء ، وكنت أكثر منه الاغتسال ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إنما يجزيك من ذلك الوضوء فقلت : يا رسول الله ، كيف بما يصيب ثوبى منه ؟ قال : " يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه قد أصاب منه " رواه أبو داود وابن ماجه والترمذى وقال حديث حسن صحيح وفى الحديث محمد بن إسحاق ، وهو ضعيف إذا عنعن ، لكونه مدلساً ، لكنه هنا صرح بالتحديث . ورواه الأثرم رضى الله عنه بلفظ : " كنت ألقى من المذى عناء فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم ، فذكرت له ذلك . فقال : " يجزيك أن تأخذ حفنة من ماء فترش عليه".
الشيخ السيد سابق
ــــــــــــــــــــ(41/13)
التأثر بالمناظر المثيره وأثره على الغسل
عدد مرات القراءة 1188
أنا طالب بالمرحلة الثانوية، أحب الدين، وأقبل على العبادة، ولكن تقف أمامي عقبة: هي سرعة انفعالي برؤية أي مناظر تؤثر في الشهوة الجنسية، ولا أكاد أملك نفسي من ذلك، وهذا يجعلني دائمًا في تعب ومشقة بسبب كثرة الاغتسال، وتطهير الثياب الداخلية، فهل عند سيادتكم حل سريع لهذه المشكلة حتى أظل محتفظًا بديني، محافظا على عبادتي ؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فنقول للسائل الكريم عليك بالابتعاد عن المناظر المثيرة التي توصلك إلى هذه الحالة من الإثارة، كما عليك أن تراجع طبيبا مختصا فقد تكون هذه حالة مرضية تعالج منها فتبرء بإذن الله تعالى، كما عليك أن تتبين السائل الذي نزل منك فقد يكون مذيا أو وديا، وهو السائل الذي يخرج بغير تدفق، ولا يشعر المرء بعده بفتور وضعف، والمذي والودي يكفيك فيهما الاستنجاء والوضوء .
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
أولا: نبارك في الشاب السائل هذا الاتجاه الديني الرشيد، ونطلب منه الاستمساك به والحرص عليه، والبعد عن قرناء السوء، والحفاظ على دينه من موجات المادية والانحلال، التي أفسدت كثيرًا من شبابنا، ونبشره باندراجه في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ما دام قد نشأ في طاعة الله تعالى.
ثانيًا: ننصح السائل أن يعرض نفسه على طبيب مختص، فربما كانت مشكلته مشكلة عضوية بحتة، وعند الأطباء العارفين أدوية لمثل هذه الأدواء، وقد قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) وقال رسوله عليه السلام: " ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ".
ثالثًا: ننصح له كذلك أن يتجنب - بقدر استطاعته - المواطن التي من شأنها أن تثير شهوته، وتجلب عليه المتاعب، وواجب المؤمن ألا يضع نفسه مواضع الحرج، وأن يسد كل باب تهب منه رياح الفتنة على نفسه ودينه، ومن الحكم المأثورة: " ليس العاقل الذي يحتال للشر بعد أن وقع فيه، ولكن العاقل الذي يحتال للشر ألا يقع فيه ".
ومن شيمة الصالحين أن يتجنبوا الشبهات حتى لا يقعوا في الحرام، بل يجتنبوا بعض الحلال حتى لا يقعوا في الشبهات، وفي الحديث: " لا يبلغ عبد درجة المتقين حتى يدع ما لا بأس به مخافة ما به بأس "
رابعًا: ليس كل ما يخرج من الإنسان - بعد رؤية المناظر الجنسية المثيرة - " منيًا " يوجب الاغتسال، فقد يلتبس هذا بالمذي وهو سائل أبيض رقيق لزج يخرج عند الملاعبة أو الرؤية أو التخيل الجنسي، بلا شهوة ولا تدفق، ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، وهذا المذي حكمه حكم البول ينقض الوضوء، ولا يوجب الغسل، بل ورد عن الرسول عليه السلام الترخيص في رش ما يصيب الثوب بدلاً من غسله.
عن سهل بن حنيف قال: كنت ألقي من المذي شدة وعناء، وكنت أكثر منه الاغتسال، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إنما يجزيك من ذلك الوضوء " فقلت يا رسول الله، كيف بما يصيب ثوبي منه ؟ قال: يكفيك أن تأخذ كفًا من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه قد أصاب منه ".
رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي وقال: حسن صحيح . ونضح الثوب بالماء رشه به، والرش لا شك أيسر من الغسل، وهو تخفيف وتيسير من الله لعباده في مثل هذه الحالة التي يشق فيها الغسل المتكرر، وصدق الله العظيم: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج، ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) .
والله أعلم
الدكتور الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي
عن موقع إسلام أون لاين
ــــــــــــــــــــ(41/14)
الغسل من الجماع بحائل ( الواقي الذكري )
عدد مرات القراءة 1068
هل يجب على المرأة الغسل اذا تم الجماع بينها وبين زوجها وكان هو يرتدي الواقي فلم يمسها شيء من ماءه أبدا وإذا وصلت المرأة للذروة وأرتعشت هل يجب عليها الغسل حتى لو لم يحدث ايلاج نرجو توضيح لما يوجب الغسل؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
إذا حدث جماع بين الزوجين وجب الغسل، حتى لو كان الزوج مستعملا الواقي الذكري، لأنه لا يمنع الشعور باللذة ولا يمنع الشعور بحرارة العضو والفرج بين الزوجين، أما إذا كان كثيفا بحيث يمنع وصول حرارة العضو والفرج ويمنع الشعور باللذة فلا يجب الغسل إلا على من أنزل من الزوجين.
والاحتياط أن يغتسل الزوجان من أنزل منهما ومن لم ينزل، لأن العلماء اختلفوا في هذه الصورة ،والأحوط الاغتسال، لأن هذا يعد جماعا، ولا يخلو من اللذة.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
اختلف الفقهاء في وجوب الغسل من الإيلاج بحائل:
فذهب المالكية وبعض الحنفية إلى أنه لا يجب الغسل على من أولج حشفته أو قدرها ملفوفة بخرقة كثيفة تمنع اللذة, فإن كانت الخرقة رقيقة بحيث يجد معها اللذة وحرارة الفرج فإنه يجب عليه الغسل .
وذهب الشافعية في الصحيح وبعض الحنفية إلى أنه يجب عليه الغسل في الخرقة الكثيفة ; لأنه يسمى مولجا , ولقوله صلى الله عليه وسلم : { إذا التقى الختانان , أو مس الختان الختان فقد وجب الغسل }، والأحوط الوجوب , قال ابن عابدين ـ من الحنفية ـ : والظاهر أنه اختيار للقول بالوجوب .
وذهب الحنابلة إلى أنه لا يجب الغسل على من أولج بحائل مطلقا, من غير أن ينصوا على كون الحائل رقيقا أو كثيفا .
وإذا شعرت المرأة بلذة مصحوبة برعشة في فرجها فعليها الغسل ، وإن كان ذلك بدون إيلاج من زوجها، لأن هذا يعني نزول المني منها ، ونزول المني من موجبات الغسل بلا خلاف.
وإليك بيان الأمور الموجبة للغسل ، كما يبينها الشيخ سيد سابق رحمه الله :
يجب الغسل لأمور خمسة:
الأول: خروج المني بشهوة في النوم أو اليقظة من ذكر أو أنثى وهو قول عامة الفقهاء، لحديث أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الماء من الماء" رواه مسلم، وعن أم سلمة رضي الله عنها: أن أم سليم قالت: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ قال: "نعم، إذا رأت الماء"، رواه الشيخان وغيرهما.
الثاني: التقاء الختانين:
أي تغييب الحشفة في الفرج وإن لم يحصل إنزال، لقول الله تعالى: (وإن كنتم جنبًا فاطهروا)، قال الشافعي: كلام العرب يقتضي أن الجنابة تطلق بالحقيقة على الجماع وإن لم يكن فيه إنزال، قال: فإن من خوطب بأن فلانًا أجنب عن فلانة عقل أنه أصابها وإن لم ينزل. قال: ولم يختلف أحد أن الزنا الذي يجب به الجلد هو الجماع، ولو لم يكن منه إنزال، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب عليه الغسل. أنزل أم لم ينزل" رواه أحمد ومسلم، وعن سعيد ابن المسيب: أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه قال لعائشة: إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحي منك، فقالت: سل ولا تستحي فإنما أنا أمك، فسألها عن الرجل يغشى ولا ينزل، فقالت عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أصاب الختان فقد وجب الغسل رواه أحمد ومالك بألفاظ مختلفة. ولا بد من الإيلاج بالفعل، أما مجرد المس من غير إيلاج فلا غسل على واحد منهما إجماعًا.
الثالث: انقطاع الحيض والنفاس:
لقول الله تعالى: (ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله)، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، لفاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها: "دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، اغتسلي وصلي" متفق عليه، وهذا، وإن كان واردًا في الحيض، إلا أن النفاس كالحيض بإجماع الصحابة، فإن ولدت ولم ير الدم، فقيل عليها الغسل، وقيل لا غسل عليها، ولم يرد نص في ذلك.
الرابع: الموت:
إذا مات المسلم وجب تغسيله إجماعًا، على تفصيل.
الخامس: الكافر إذا أسلم:
إذا أسلم الكافر يجب عليه الغسل، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن ثمامة الحنفي أسر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يغدو إليه فيقول: ما عندك يا ثمامة؟ فيقول: إن تقتل تقتل ذام دم، وإن تمنن تمنن على شاكر، وإن ترد المال نعطك منه ما شئت، وكان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، يحبون الفداء ويقولون: ما نصنع بقتل هذا؟ فمر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم، فحله وبعث به إلى حائط أبي طلحة وأمره أن يغتسل، فاغتسل وصلى ركعتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد حسن إسلام أخيكم" رواه أحمد وأصله عند الشيخين.
والله أعلم.
مجموعة من الباحثين
عن موقع اسلام اون لاين
ــــــــــــــــــــ(41/15)
كيف أتوضأ؟
عدد مرات القراءة 918
أرجو بيان كيفية الوضوء. وما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لشدة الحاجة إلى ذلك جزاكم الله خيرا ؟
بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فيقول الشيخ ابن باز مفتي السعودية - رحمه الله- :
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه كان في أول الوضوء يغسل كفيه ثلاثا مع نية الوضوء ، ويسمي؛ لأنه المشروع ، وروي عنه صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة أنه قال : لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه
فيشرع للمتوضئ :
أن يسمي الله في أول الوضوء ، وقد أوجب ذلك بعض أهل العلم مع الذكر ، فإن نسي أو جهل فلا حرج .
ثم يتمضمض ويستنشق ثلاث مرات.
ويغسل وجهه ثلاثا .
ثم يغسل يديه مع المرفقين ثلاثا ، يبدأ باليمنى ثم اليسرى .
ثم يمسح رأسه وأذنيه مرة واحدة .
ثم يغسل رجليه مع الكعبين ثلاث مرات ، يبدأ باليمين ، وإن اقتصر على مرة أو مرتين فلا بأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة ، ومرتين مرتين ، وثلاثا ثلاثا ، وربما غسل بعض أعضائه مرتين وبعضها ثلاثا ، وذلك يدل على أن الأمر فيه سعة ، والحمد لله ، لكن التثليث أفضل ، وهذا إذا لم يحصل بول أو غائط ، فإن حصل شيء من ذلك فإنه يبدأ بالاستنجاء ثم يتوضأ الوضوء المذكور .
أما الريح ، والنوم ، ومس الفرج ، وأكل لحم الإبل ، فكل ذلك لا يشرع منه الاستنجاء ، بل يكفي الوضوء الشرعي الذي ذكرناه ، وبعد الوضوء يشرع للمؤمن والمؤمنة أن يقولا : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ويشرع لمن توضأ أن يصلي ركعتين ، وتسمى : سنة الوضوء ، وإن صلى بعد الوضوء السنة الراتبة كفت عن سنة الوضوء
ــــــــــــــــــــ(41/16)
هل يجوز تيمم العروس ليلة الزفاف ؟
عدد مرات القراءة 818
هل يجوز للعروس ليلة عرسها أن تتيمم في وجود الماء. لأنها تكون في كامل زينتهاوالماء يفسد زينتها؟
بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد
أباح الإسلام الزينة للزوجة ، ليس في ليلة زفافها فحسب، بل على الدوام، مادام لزوجها، لأن من الحقوق المشتركة بين الزوجين أن يتزين كل منهما للآخر، وإن كانت زينة ليلة الزفاف قد أخذت شكلا مميزا كما هو واقع الناس وأعرافهم ، فإن هذا لا يبيح للمرأة تغيير الأحكام الشرعية ، وخاصة أنه ليس في التزام الأحكام الشرعية مشقة ولا مضرة عليها في ذلك.
فلا يجوز للمرأة أن تتيمم حتى لا تتغير زينتها، ولكن لها أن تصلي قبل وضع الزينة، أو تكون متوضئة قبلها ، وتصلي بعد وضعها، وقد أباح الحنابلة جمع الصلاة في مثل هذه الظروف، فلها أن تصلي المغرب والعشاء، إما جمع تقديم أو تأخير.
كما يرى بعض الفقهاء جواز جمع الصلاة في غير مطر ولا سفر ،إن لم يكن على نوع من الدوام ، بل لما قد يطرأ من الظروف التي قد تلجئ الإنسان إلى الجمع ، ويمكن إدخال حالة العرس في تلك الظروف، ولما يكون في ذلك من التيسير على الزوجة، وهذا مأخوذ من روح الإسلام في التيسير على عباده ، وهذا ما نص عليه القرآن الكريم في أكثر من آية ، من ذلك قوله :"يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ".
وقال الإمام ابن القيم ( الشريعة بناؤها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها ).
ويقول الدكتور القرضاوي في جمع الصلاة لضرورة:
أجاز فقهاء الحنابلة للمسلم وللمسلمة الجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء في بعض الأحيان لعذر من الأعذار . وهذا تيسير كبير، فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في غير سفر ولا مطر، فسئل في ذلك ابن عباس فقيل له: ما أراد بذلك؟ فقال: أراد ألا يحرج أمته .. والحديث في صحيح مسلم.
فإذا كان هناك حرج في بعض الأحيان من صلاة كل فرض في وقته، فيمكن الجمع، على ألا يتخذ الإنسان ذلك ديدنًا وعادة، كل يومين أو ثلاثة .. وكلما أراد الخروج إلى مناسبة من المناسبات الكثيرة المتقاربة في الزمن.
إنما جواز ذلك في حالات الندرة، وعلى قلة، لرفع الحرج والمشقة التي يواجهها الإنسان.انتهى
وفي حادثة السؤال يقول الدكتور وهبة الزحيلي أستاذ الشريعة بالجامعات السورية:
لا يجوز التيمم مع وجود الماء ، والزينة لا تعد سبباً مبيحاً للتيمم ، وعليها أداء الصلاة قبل وضع الزينة ، ولها للحاجة وتقليداً للمذهب الحنبلي أن تصلي المغرب والعشاء جمع تقديم ، وتتوضأ قبل وضع الزينة.انتهى
وقد ذكر الفقهاء الحالات التي يجوز للإنسان أن يتيمم فيها ،من ذلك:
إذا لم يجد الإنسان الماء أصلا، أو وجده ولكن لا يكفيه للطهارة ، أو كان به جراحة أو مرض وخاف من الماء زيادة المرض أو تأخر الشفاء أو كان الماء شديد البرودة وغلب على ظنه حصول ضرر باستعماله وقد عجز عن تسخينه ، أو كان الماء قريبا منه وخاف من طلبه فوت الرفقة أو خاف على نفسه أو عرضه أو ماله ضرر من عدو أو حيوان مفترس مثلا، وكذلك إذا عجز عن استخراج الماء من العمق ، أو خاف تهمة له يتضرر بها عند استعمال الماء في الغسل ، كمن بات عند صديق متزوج وأصبح جنبا بالاحتلام مثلا أو كان محتاجًا إلى الماء في شرب أو طبخ أو عجن أو إزالة نجاسة ، أو خاف من استعماله خروج وقت الصلاة .
كما ينبغي على من يحضر حفلات العرس ألا يتغافل عن الصلاة ،لأنه ليس هناك في الإسلام وقت تلغى فيه أحكامه ،أو تعطل فيه شرائعه ، فحياة المسلم دائما طاعة لله تعالى ،سواء أكانت في عرس أم مأتم أم في غيرهما ، قال تعالى:"قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين .لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ".
فلا ينسى الزوجان أن هذه الليلة إنما هي ليلة طاعة ،وبداية بناء بيت مسلم ، فلا يبدئ بترك فريضة من فرائض الله تعالى ،ولا يتهاون فيها ولا يتكاسل.
والله أعلم
مجموعة من المفتين
عن موقع اسلام اون لاي
ــــــــــــــــــــ(41/17)
ما هي صفة الغسل من الجنابة ؟
بجزيء في غسل الجنابة تعميم البدن بالغسل مع المضمضة والاستنشاق وإذا نوى به الوضوء أيضاً كفاه عن الغسل والوضوء وهذا هو الغسل المجزئ.
و أما الغسل الكامل فأولاً يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يغسل رأسه ثم يغسل شقه الأيمن ثم الأيسر ثم يفيض الماء على سائر بدنه.
الشيخ. حمد حماد عبد العزيز الحماد
ــــــــــــــــــــ(41/18)
الاستنجاء بالورق
عدد مرات القراءة 714
نستعمل في بريطانيا المناديل والأوراق في الاستنجاء في الحمامات فهل يجب استعمال الماء بعد استعمال المناديل أم لا ؟
الحمد لله؛ والصلاة والسلام على رسول الله
يجوز استعمال المناديل والأوراق ونحوهما في الاستجمار ؛ وتجزئ إذا أنقت ونظّفت المحل من قُبُل أو دبر ، والأفضل أن يكون ما يُستجمر به وتراً كثلاث أوراق أو ثلاثة مناديل ونحو ذلك ، ويجب ألا ينقص عن ثلاث مسحات ولا يجب استعمال الماء بعده ، ولكنه سنة . والله أعلم.دار الافتاء السعودية
ــــــــــــــــــــ(41/19)
ما هى آداب قضاء الحاجة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وضحت لنا السنة المطهرة آداب قضاء الحاجة ومن هذه الآداب : ـ
1- عدم استقبال قبلة الصّلاة عند البول والغائط ( وقبلة المسلمين هي الكعبة التي بناها إبراهيم عليه السلام بأمر من الله في مكة ) وهذا من احترام القبلة وتعظيم شعائر الله وقد قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ عَلَى حَاجَتِهِ فَلا يَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَلا يَسْتَدْبِرْهَا . رواه مسلم 389.
2- أن لا يمسّ ذَكَرَه بيمينه وهو يبول لقوله صلى الله عليه وسلم : " إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلا يَأْخُذَنَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَلا يَسْتَنْجِي بِيَمِينِهِ وَلا يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ . " رواه البخاري 150
3- أن لا يزيل النّجاسة بيمينه بل يستخدم شماله لمباشرة النجاسة في إزالتها للحديث المتقدّم ولقوله صلى الله عليه وسلم : " إِذَا تَمَسَّحَ أَحَدُكُمْ فَلا يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ . " رواه البخاري 5199 ولما روته حفصة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْعَلُ يَمِينَهُ لأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَوُضُوئِهِ وَثِيَابِهِ وَأَخْذِهِ وَعَطَائِهِ وَيَجْعَلُ شِمَالَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ . رواه الإمام أحمد وهو في صحيح الجامع 4912 ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا اسْتَطَابَ أَحَدُكُمْ فَلا يَسْتَطِبْ بِيَمِينِهِ ، لِيَسْتَنْجِ بِشِمَالِهِ . " رواه ابن ماجة 308 وهو في صحيح الجامع 322
4- والسنّة أن يقضي حاجته جالسا وأن يدنو من الأرض لأنّه أستر وآمن من ارتداد رشاش البول عليه وتلويث بدنه وثيابه فإن أَمِن ذلك جاز البول قائما
5- أن يستتر عن أعين الناس عند قضاء الحاجة وقد كان أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ هَدَفٌ أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ ( أي مرتفع من الأرض أو حائط نخل وهو البستان ) . رواه مسلم ، وإذا كان الإنسان في الفضاء وأراد قضاء حاجة ولم يجد شيئا يستره فليبتعد عمن حوله من الناس لما رواه الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَتَهُ فَأَبْعَدَ فِي الْمَذْهَبِ رواه الترمذي
وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي قُرَادٍ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْخَلاءِ وَكَانَ إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ أَبْعَدَ . رواه النسائي 16 وهو في صحيح الجامع
6- أن لا يكشف العورة إلا بعد أن يدنو من الأرض لأنّه أستر لما رواه أَنَس رضي الله عنه قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ لَمْ يَرْفَعْ ثَوْبَهُ حَتَّى يَدْنُوَ مِنْ الأَرْضِ رواه الترمذي 14 وهو في صحيح الجامع 4652 .
وإذا كان في مرحاض فلا يرفع ثوبه إلا بعد إغلاق الباب وتواريه عن أعين النّاظرين ، ومن هذه النقطة والتي قبلها تعلم أيّها السائل الكريم أنّ ما يفعله كثير من النّاس في بلاد الغرب وغيرها من التبوّل وقوفا في المحلات المكشوفة داخل المراحيض العامة هو أمر مناف للأدب والحياء والحشمة والأخلاق الفاضلة الكريمة وتقشعرّ منه بدن كلّ صاحب فطرة سليمة وعقل صحيح ، إذ كيف يكشف الشّخص أمام النّاس عورته التي جعلها الله بين رجليه سترا لها وأمر بتغطيتها واستقرّ أمر تغطيتها عند جميع عقلاء البشر . وكذلك فإنّ من الخطأ أساسا بناء المراحيض بهذا الشّكل المُشين الذي يرى فيه مستعملوها بعضهم بعضا وهم يبولون متخلّفين في ذلك عن بعض البهائم التي من عادتها الاستتار عند التبوّل والتغوّط .
7- ومن الآداب الشّرعية عند المسلمين أذكار معيّنة يقولونها عند دخولهم الخلاء وعند خروجهم منه وهي مناسبة تمام المناسبة للحال والمكان فقد علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن يقول الواحد منا عند دخول الخلاء : بسم الله ، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ، فيستعيذ بالله من كلّ أمر خبيث ومن كلّ شيطان وشيطانة ، وعند الخروج يسأل الله المغفرة بقوله : غفرانك .
8- الاعتناء بإزالة النجاسة بعد الفراغ من قضاء الحاجة لقوله صلى الله عليه وسلم محذّرا من التساهل في التطهّر من البول : " أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْ الْبَوْلِ . " رواه ابن ماجة 342 وهو في صحيح الجامع 1202 وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا هَذَا فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ . " رواه البخاري 5592
9- أن يكون غسل النجاسة أو مسحها ثلاث مرات أو وترا بعد الثلاث بحسب ما تدعو إليه حاجة التطهير ، لما جاء عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْسِلُ مَقْعَدَتَهُ ثَلاثًا قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَعَلْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ دَوَاءً وَطُهُورًا . رواه ابن ماجة 350 وهو في صحيح الجامع 4993 ، ولما رواه أبو هُرَيْرََةُ رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا . " رواه الإمام أحمد وحسنه في صحيح الجامع 375
10- أن لا يستعمل العظم ولا الرّوث في الاستجمار ( وهو إزالة النجاسة بالمسح ) . وإنما يستعمل المناديل والحجارة ونحوها . لما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِدَاوَةً لِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَبَيْنَمَا هُوَ يَتْبَعُهُ بِهَا فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ ابْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا وَلا تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلا بِرَوْثَةٍ فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ أَحْمِلُهَا فِي طَرَفِ ثَوْبِي حَتَّى وَضَعْتُهَا إِلَى جَنْبِهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مَشَيْتُ فَقُلْتُ مَا بَالُ الْعَظْمِ وَالرَّوْثَةِ قَالَ هُمَا مِنْ طَعَامِ الْجِنِّ .. الحديث رواه البخاري 3571
11- أن لا يبول الإنسان في الماء الراكد . لما رواه جَابِر رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ . " رواه مسلم 423 ولأنّ في ذلك تنجيسا للماء وإيذاء لمستعمليه .
|12- أن لا يبول في طريق النّاس ولا في ظلّ يستظلّ به النّاس ، لأنّ في ذلك إيذاء لهم ، وقد روى أبو هُرَيْرَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ قَالُوا وَمَا اللاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ . " رواه أبو داود 23 وهو في صحيح الجامع 110
12- أن لا يسلّم على من يقضي حاجته ولا يردّ السّلام وهو في مكان قضاء الحاجة تنزيها لله أنْ يُذكر اسمه في الأماكن المستقذرة عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَيْتَنِي عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيَّ فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَمْ أَرُدَّ عَلَيْكَ . " رواه ابن ماجة 346 وهو في صحيح الجامع 575 .
وجمهور العلماء على كراهية الكلام في الخلاء لغير حاجة .
كانت تلك طائفة من الآداب والأحكام التي وردت في شريعة الإسلام بشأن هذا الموضوع الذي يتكرر من كلّ إنسان يوميا فاعتنت به الشّريعة غاية الاعتناء وبيّنت فيه كلّ التبيين فما بالك بما هو أعظم منه ، فهل تعلم أيها السائل الكريم دينا أو شريعة في العالم جاءت بمثل هذا ، إنّه كاف والله في إثبات كمالها وحسنها ووجوب اتّباعها ، نسأل الله لنا ولك التوفيق لكلّ خير والهداية إلى الحقّ وصلى الله على نبينا محمد .
والله أعلم.
دار الإفتاء بالأزهر
ــــــــــــــــــــ(41/20)
هل قيء الآدمي طاهر أم نجس؟
بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد
ذهب جمهور الفقهاء إلى نجاسة القيء إلا أنهم اعتمدوا في ذلك على حديث يدور بين الضعف والاختلاق، لذلك كان الراجح أن القيء ليس نجسا؛ لأن الأصل في الأشياء الطهارة إلا ما دل على نجاسته دليل، ولم يقم دليل صحيح على نجاسة القيء، وممن ذهب إلى طهارة القيء ابن حزم الظاهري، والشوكاني، وتلميذه صديق حسن خان.
يقول الدكتور حسام الدين عفانه أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس :-
القيء هو الطعام الذي يخرج من المعدة بعد استقراره فيها وذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن القيء نجس ووافقهم المالكية في حالة تغيره عن حال الطعام فإن لم يتغير فهو طاهر.
وخالف في ذلك جماعة من أهل العلم فذهبوا إلى أن القيء طاهر وهو الذي أرجحه لأن القائلين بنجاسته ليس معهم دليل يعتمد عليه ، وأما الذين قالوا بأنه طاهر فاعتمدوا على قاعدة أن الأصل في الأعيان الطهارة حتى يأتي دليل ناقل عنها ولا دليل يخرج قيء الآدمي عن الطهارة إلى النجاسة .
قال الشوكاني : [ والأصل الطهارة فلا ينقل عنها إلا ناقل صحيح لم يعارضه ما يساويه أو يقدم عليه ].
وقال صديق حسن خان شارحاً كلام الشوكاني ما نصه : -
[ لأن كون الأصل الطهارة معلوم من كليات الشريعة المطهرة وجزئياتها، ولا ريب أن الحكم بنجاسة شيء يستلزم تكليف العباد بحكم من أحكام الشرع والأصل البراءة من ذلك ولا سيما من الأمور التي تعم بها البلوى وقد أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السكوت عن الأمور التي سكت الله تعالى عنها وأنها عفو فما لم يرد فيه شيء من الأدلة الدالة على نجاسته فليس لأحد من عباد الله تعالى أن يحكم بنجاسته بمجرد رأي فاسد أو غلط في الاستدلال كما يدعيه بعض أهل العلم من نجاسة ما حرمه الله تعالى زاعماً أن النجاسة والتحريم متلازمان . وهذا الزعم من أبطل الباطلات فالتحريم للشيء لا يدل على نجاسته بمطابقة ولا تضمن ولا التزام فتحريم الخمر والميتة والدم لا يدل على نجاسة ذلك].
وقال الشوكاني في موضع آخر :[ حق استصحاب البراءة الأصلية وأصالة الطهارة أن يطالب من زعم بنجاسة عين من الأعيان بالدليل فإن نهض به كما في نجاسة بول الآدمي وغائطه والروثة فذاك وإن عجز عنه أو جاء بما لا تقوم به الحجة فالواجب علينا الوقوف على ما يقتضيه الأصل والبراءة ]
وقال أيضاً :[ الأصل في جميع الأشياء هو الطهارة وأنه لا ينقل عن ذلك إلا ناقل صحيح صالح للاحتجاج به غير معارض بما يرجح عليه أو يساويه فإن وجدنا ذلك فبها ونعمت وإن لم نجد ذلك كذلك وجب علينا الوقوف في موقف المنع ونقول لمدعي النجاسة : هذه الدعوى تتضمن أن الله سبحانه أوجب على عباده واجباً هو غسل هذه العين التي تزعم أنها نجسة وأنه يمنع وجودها صحة الصلاة بها فهات الدليل على ذلك . فإن قال حديث عمار :( إنما تغسل ثوبك من البول والغائط والقيء والدم والمني ) قلنا : هذا لم يثبت من وجه صحيح ولا حسن ولا بلغ إلى أدنى درجة من الدرجات الموجبة للاحتجاج به والعمل عليه فكيف يثبت به هذا الحكم الذي تعم به البلوى وهو لا يصلح لإثبات أخف حكم على فرد من أفراد العباد ]
وقال الشيخ الألباني:
إن دعوى اتفاق العلماء على نجاسة القيء دعوى منقوضة فقد خالف في ذلك ابن حزم حيث صرح بطهارة قيء المسلم، وهو مذهب الإمام الشوكاني في الدرر البهية وصديق خان في شرحها حيث لم يذكرا في النجاسات قيء الآدمي مطلقاً وهو الحق ثم ذكرا أن في نجاسته خلافاً ورجحا الطهارة بقولهما :[ والأصل الطهارة فلا ينقل عنها إلا ناقل صحيح لم يعارضه ما يساويه أو يقدم عليه ] وذكر نحوه الشوكاني أيضاً في السيل الجرار . انتهى.
واحتج الجمهور على نجاسة القيء بما روي في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( يا عمار إنما يغسل الثوب من الغائط والبول والقيء والدم والمني ] رواه الدار قطني . وهو حديث ضعيف لا يصح الاستدلال به .
قال الإمام النووي : - [ حديث عمار هذا رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده والدارقطني والبيهقي ، قال البيهقي : هو حديث باطل لا أصل له وبين ضعفه الدار قطني والبيهقي ] .
وتكلم الحافظ ابن حجر على حديث عمار وبين ضعفه وذكر أن فيه رجلاً متهماً بالوضع وذكر أن العلماء اتفقوا على ترك حديثه .
ويؤيد ذلك أن القيء عند الأطباء عبارة عن الطعام الذي أكله الشخص ومعه العصارات الهاضمة وخاصة حامض الهيدروكلوريك . هذا ما يتعلق بكون القيء طاهرا أم نجسا وقد تبين لنا أنه باق على أصل الطهارة ولم يثبت دليل صحيح ناقل له عنها .
والله أعلم
د.حسام الدين بن موسى عفانة
عن موقع إسلام اون لاين
ــــــــــــــــــــ(41/21)
هل مس الذكر بدون قصد ينقض الوضوء أم لا ؟
1 - عن بسرة بنت صفوان قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مس ذكره فلا يصلي حتى يتوضأ" رواه الخمسة وصححه الترمذي، قال البخاري: هو أصح شيء في هذا الباب.
2 - وعن بسرة أيضًا قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ويتوضأ من مس الذكر" رواه أحمد والنسائي.
3 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "ويل للذين يمسون فروجهم ولا يتوضأون". أخرجه الدارقطني.
4 - وعن أم حبيبة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مس فرجه فليتوضأ" رواه ابن ماجه وصححه أحمد.
5 - سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يمس ذكره: أعليه وضوء؟ فقال: "إنما هو بضعة منك" رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد، وصححه عمر بن القلاس، وقال: هو عندنا أثبت من حديث بسرة، وصححه ابن حبان.
بناء على الأحاديث الأربعة الأولى قال جماعة من الصحابة والتابعين بنقض الوضوء بمس الفرج، وعليه جمهور الفقهاء، على أن يكون المس بغير حائل، لحديث رواه أحمد وابن حبان والحاكم وصححاه "من أفضى بيده إلى ذكره ليس دونه ستر فقد وجب عليه الوضوء" وإليك بعض التفصيل لأقوال الفقهاء:
أ - قالت المالكية: ينتقض الوضوء بمس الإنسان ذكر نفسه المتصل به، فلو مس ذكر غيره يكون لامسًا يجري عليه حكم اللمس ويشترط أن يكون بدون حائل ويبطن الكف أو باطن الأصابع أو جنبها أو رأس الإصبع، ولا ينتقض بمس امرأة فرجها ولو أدخلت إصبعها ولو التذت ، ولا بمس حلقة الدبر، ولا بإدخال إصبعه فيه على الأصح وإن كان حرامًا لغير حاجة.
ب - وقالت الشافعية: مس الذكر المتصل أو المنفصل الذي لم يتجزأ ينقض الوضوء بشرط عدم الحائل، وأن يكون ببطن الكف أو الأصابع، ولا فرق بين ذكره نفسه أو غيره، ولو صغيرًا أو ميتًا، ومثله مس حلقة الدبر وقبل المرأة.
جـ- وقالت الحنابلة: ينتقض الوضوء بمس ذكر الآدمي من نفسه ومن غيره صغيرًا أو كبيرًا، حيًا أو ميتًا، بشرط الاتصال وبغير حائل وباليد ظهرًا أو بطنًا إلا الأظافر، وينتقض بمس حلقة دبره أو دبر غيره، وبمس فرج الأنثى، ولا ينتقض بمس امرأة فرج نفسها، إلا إذا أولجت إصبعها إلى الداخل.
وبناء على الحديث الخامس ذهب بعض الصحابة والتابعين، وعليه أبو حنيفة والثوري إلى أن مس الذكر غير ناقض للوضوء، وردوا على رأي الجمهور بأن الوضوء الوارد في الأحاديث الأولى هو الوضوء اللغوي أي غسل اليدين.
أما الجمهور فردوا رأي الأحناف بأن الحديث الخامس الذي اعتمدوا عليه ضعفه الإمام الشافعي وأبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني والبيهقي وابن الجوزي، وادعى ابن حبان والطبراني وآخرون أنه منسوخ، وقالوا: إن راوي هذا الحديث وهو طلق بن علي روي أيضًا حديث "من مس فرجه فليتوضأ" كما صححه الطبراني، فقيل سمع أولاً عدم النقض، ثم سمع آخرًا النقض.
وبهذا يظهر رجحان رأي الجمهور وهو النقض.
الشيخ عطية صقر
ــــــــــــــــــــ(41/22)
تدريس التربية الجنسية في المدارس والجامعات
هل يمكن تدريس مادة التربية الجنسية في المدارس ؟ ... السؤال
08/05/2005 ... التاريخ
الشيخ محمد حسين فضل الله ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
فلم يهمل الإسلام الجنس ، بل طرح الجنس في الفقه الإسلامي بصورة واضحة ، ووضع له الأطر الحاكمة ، وما يباح فيه وما يحظر .
وتدريس مادة التربية الجنسية لا حرج فيه شرعا ، بشرط أن تتناسب المادة المقدمة للمرحلة العمرية من الدراسة ، وأن يراعى فيها ما قد يثير الجنسين ، وأن تقدم بشكل علمي مع إبراز الجوانب الشرعية فيها، وهذا أفضل من معرفتها من وسائل الإعلام التي قد يغيب عنها الجانب الشرعي .
ولابد في عرض المسألة أن يركز على الجانب العلمي والبعد عن كل وسيلة من شأنها إثارة الشهوة الجنسية ، مع ذلك الانحراف المنتشر بين الشباب خاصة .
يقول العلامة الشيخ محمد حسين فضل الله المرجع الشيعي الكبير :
الجنس في الإسلام هو حاجة طبيعية إنسانية ويدخل ضمن ثقافة المسلم الروحانية والفقهية. فنحن نلاحظ أن القرآن تحدث عن موضوعات جنسية عدة بأسلوب معين. كما أن الفقه الإسلامي تحدث في الموضوعات الجنسية التي تقع ضمن الالتزامات الشرعية بشكل صريح .
وتحدث عن الجنس في الحديث عن الدورة الشهرية، الجنابة، والزنا والشذوذ، ما يعني أنه ليس هناك أية محرمات في الحديث عن الموضوعات الجنسية بصراحة. حتى أن كبار العلماء من مختلف المذاهب يتحدثون بطريقة أو بأخرى عن الموضوعات الجنسية، وعن طريقة ممارسة العلاقة الجنسية بكل صراحة. لذلك، فإن المسألة من ناحية المبدأ لا تمثل محرماً .
لكننا نعرف أن التطورات الحضارية التي مرت على الإسلام والمسلمين من خلال العلاقات مع الشعوب الأخرى أو في علاقاتهم ببعض الانتماءات الدينية الأخرى التي تعتبر الجنس عاراً أو عيباً ربما خلق ضبابية في الحديث الجنسي، وتطور ذلك إلى أن أصبح عيباً أو محرماً في المسألة الثقافية والاجتماعية. في ضوء هذا فإن للمجتمعات الإسلامية أو الشرقية وضعاً معيناً في المسألة الجنسية، بحيث إنه قد يثير أكثر من حساسية في ما يتعلق بالتقاليد الاجتماعية إلى الحد الذي قد يشعر الناس بأن التحدث في هذا الموضوع في الهواء الطلق قد يمثل دعوة إلى الانحلال والفساد والانحراف وما إلى ذلك... مما قد يعقد الدعوة إلى الثقافة الجنسية في المناهج التربوية، لا سيما في المراحل الابتدائية أو المتوسطة، وربما يتحرك في هذه المسألة بعض علماء الدين الذين قد يرون في هذا الاتجاه دعوة إلى إقحام الجيل المراهق في تجربة انحرافية جنسية، باعتبار أن الأجواء قد تثير في نفسه الفضول في اكتشاف الجنس من خلال علاقاتهم الخاصة ببعضهم البعض وقد يستشهدون على ذلك بالإحصاءات التي تنقلها الصحافة والكتب الاجتماعية حول الأوضاع الجنسية للمراهقين والمراهقات في بريطانيا وغيرها من الدول الغربية، حيث يكثر عدد الفتيات اللواتي يحملن من خلال علاقات جنسية .
وإن الثقافة الجنسية في عالمنا المعاصر أصبحت ضرورية، لأن أجهزة الإعلام المرئية والفضائيات وأفلام الفيديو أصبحت منتشرة داخل الأسرة العائلية، كما نلاحظ أن الكثير من الكتب الصفراء والأجواء الجنسية التي تحيط بالمجتمع بطريقة أو بأخرى، يحدث نوعاً من الفوضى في التطورات الجنسية للمراهقين والمراهقات وتقحمهم في حالة من حالات القلق، فيلجأون إلى اكتشاف هذه المسائل بطريقة غير علمية، وربما يحملون الكثير من الأفكار غير الواعية، إذ أن مسألة الجنس تعيش في المناخ الاجتماعي في شكل واسع، فالصغار قد يعرفون عن حقائق الجنس من خلال الأفلام، أكثر مما يعرفه الكبار .
ويجب أن يتم تدريس مادة التربية الجنسية من خلال إدخال الثقافة الجنسية بطريقة تربوية مدروسة ودقيقة، تحاول أن تدرس المستوى الذهني الذي يتمتع به الطلاب، سواء بقابليتهم لاستقبال هذه الثقافة، أو من خلال الإطار الاجتماعي الذي يتحركون فيه تبعاً للتقاليد الاجتماعية السائدة. كما يجب أن تتسع الدراسة مع تطور المراحل الدراسية. ومن الطبيعي أن يحتاج هذا إلى الكثير من التخصص التربوي والعلمي بالنسبة إلى من يقومون بتدريس المادة.
ومن الممكن أن نبدأ بتعليم الطلاب مفردات الجسم البشري، جميعها من دون استثناء سواء عند الذكر أو الأنثى، ليفهم الطلاب وظيفة هذه الأعضاء في شكل علمي، ولعلنا نعرف مثلاً أن الفقه الإسلامي أشار إلى علامات البلوغ عند الذكر. ما يعني أنه لا بد أن يعرف الطالب قبل مرحلة البلوغ هذه المسألة وماهية المادة التي تخرج منه وما هي وظيفتها .
أما مسالة الممارسة الجنسية وعملية الحمل ربما تحتاجان إلى الانتظار إلى مرحلة متقدمة من سني الدراسة، من خلال شرح تفاصيل الحمل عند الحيوانات أو ما شابه ذلك حتى نصل إلى الإنسان، لكن بطريقة علمية ومع إيجاد مناخ أخلاقي يبين حدود هذه العملية الجنسية من حيث الشرعية واللاشرعية والمسائل المترتبة عليها .
ولابد من التأكيد على المسألة العلمية في العرض ، إذ أن بعض الأفلام التي تعرض قد يخلق حالة من الإثارة مع وجود الجوع الجنسي والاجتماعي الذي يحيط الجنس بهالة من الحساسية، وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى نتائج سلبية، لكن الشرع لا يحرم ذلك، إذا لم يكن هناك عنصر إثارة.انتهى
يمكن الاستفادة من هذه الروابط
ــــــــــــــــــــ(41/23)
التربية الجنسية.. متى وكيف؟
إجابات أسئلة الجنس ... . محاذير وشروط
أولاً: المحاذير:
1 - التهرب من الأسئلة مهما كانت محرجة أو مُربكة، مهما كان سن الابن/ الابنة صغيرًا أو كبيرًا، مهما كانت دلالة السؤال أو فحواه؛ لأن ذلك يشعر الأبناء أن ميدان الجنس ميدان مخيف وآثم، فتتولد لديه مشاعر القلق والاضطراب والرفض، وهذا ما يسميه البعض ب "الكبت"، وقد يتعدى الأمر بالتأثير على نظرة الفتى / الفتاة إلى الجنس الآخر.
وللكبت نتائج أخرى كثيرة منها تأجيج الفضول الجنسي ليتحول الصغير إلى COLOMBO مفتش عن الأمور الغامضة ، يبحث عن إجاباته في كل حديث ، في كل مجلة ، وفي المراجع وعند الأقران والخدم ، وإذا واجهه الفشل في الوصول إلى إجابات مقنعة يفقد الصغير ثقته في قدرته العقلية ، وقد يؤدي ذلك إلى تعطيل رغبة المعرفة لديه فيلجأ إلى اللامبالاة المعرفية فيبدو الفتى/ الفتاة كالمتخلف عقليًّا ؛ لأن هناك عوامل انفعالية كبّلت قدراته العقلية ، كما يفقد الصغير ثقته بوالديه اللذين يفشلان في مواجهة أسئلته العفوية ، ويؤكد علماء النفس أن من توابع الكبت .. الاضطراب السلوكي ، فالاهتمام الزائد والمفرط للأبناء بموضوع الجنس قد يؤدي إلى الشرود والكذب والسرقة ، بالإضافة إلى القلق والعدوان ، وفي بعض الأحيان إلى اللا إنضباط المدرسي.
2 - تنجيس الجنس وتأثيمه أو اعتبار هدفه الأوحد هو الإنجاب ، ولكن هناك مرحلة من المراحل لا بد أن يتم تعريف الفتى/الفتاة معنى الحديث الذي جاء في سؤال الصحابة الكرام له (صلى الله عليه وسلم): "أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر " (رواه مسلم) فالجنس يعبر الزوجان من خلاله عن الحب ، المودة و الرحمة التي تجمع بينهما والشوق الذي يشدّ أحدهما إلى الآخر، ويمكن تقريب هذا الأمر من تصور الأولاد بالاستناد إلى خبرتهم الذاتية، بحيث يُقال لهم مثلاً، ألا يسرّكم أن تعبروا عن حبكم لإخوتكم بالمُهاداة ، والكلمة الطيبة، والابتسامة، ألا تعبّر الأم عن حبها لأولادها باحتضانهم وتقبيلهم ، كذلك الأزواج يملكون وسائل أخرى للتعبير عن مشاعرهم.
ثانياً: شروط الإجابة:
1- مناسبة لسن وحاجة الابن/ الابنة:
وبما إن الأسئلة سوف تتيقظ وفق سرعة النمو العقلي لكل طفل ، ووفق الظروف التي تحيط به فولادة طفل تثير تساؤل الصغار 3 - 4 - 5 سنوات ، مناظر الحب في التلفاز تثير نوعًا آخر من الأسئلة ، سماع آخر أخبار : قضية تأجير الأرحام يثير أسئلة أطفال بدءاً من سن الثامنة... إلخ).
المطلوب التجاوب مع أسئلة الابن/ الابنة في حينها وعدم تأجيلها لما له من مضرة فقدان الثقة بالسائل ، وإضاعة فرصة ذهبية للخوض في الموضوع ، حيث يكون الابن متحمسًا ومتقبلاً لما يقدّم له بأكبر قسط من الاستيعاب والرضى.
ولا داعي إطلاقًا لإعلامه دونما دافع منه ؛ لأنه في هذه الحالة سيكون استعداده للاستيعاب والتجاوب أقل بكثير ؛ ولذا تكون الإجابة منطلقها هو تصور الطفل نفسه ، الذي علينا بدورنا توضيحه ، تصحيحه ، إكمال النقص فيه وبلورته.
*مثال : لأطفال من 3 - 6 سنوات
الطفل : من أين يخرج الأطفال يا ماما؟
المربي : ماذا تعتقد؟
الطفل : الطبيب يشقّ بطن الأم بالسيف.
المربي : هل رأيت طبيبًا أبدًا يحمل سيفًا؟
الطفل : لا.
المربي : الله سبحانه وتعالى يخلق للأم فتحة معينة تساعد
المولود على الخروج من بطن الأم.
الطفل : أين هي؟
المربي و ببساطة : بجوار فتحة البول ، ولكنها ليست نفس الفتحة.
إذن الانطلاق يكون من تصورات الابن ، مستدرجين إياه إلىالتفكير والتحليل على ضوء ما يملكه من خبرة ومنطق ، ثم تقديم ما يحتاجه من معلومات بصورة مبسطة متناسبة لاستيعابه الذهني دون تطويل أو تعقيد في التعبير و تكون نبرة الحديث عادية مثل المستخدمة في أي إعلام آخر، حتى يفهم الابن أن مجال الجنس هو جزء من الحياة الطبيعية.
2 - متكاملة:
بمعنى عدم اقتصار التربية هنا على المعلومات الفسيولوجية والتشريحية ؛ لأن فضول الابن يتعدى ذلك ، بل لا بد من إدراج أبعاد أخرى كالبُعْد الديني كما أشرنا وذلك بشرح الأحاديث الواردة في هذا الصدد من أمثل ة سؤال الصحابة الكرام له (صلى الله عليه وسلم): "أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر " (رواه مسلم)
بمعنى لا نغفل بُعْد اللذة في الحديث، ولكن يُربط ذلك بضرورة بقاء هذه اللذة في ضمن إطارها الشرعي (الزواج) حتى يحصل الأجر من الله تعالى. فالابن يدرك في سن مبكرة جدًّا اللذة المرتبطة بأعضائه التناسلية وما يحتاجه هو الشعور بالأمان ، الشعور باعتراف الأهل بوجود اللذة وهذه الطاقة الجنسية ، ولكن مع إيضاح وتوجيه أن اللذة عليها بالضرورة أن تبقى في إطارها الشرعي ، في إطار النكاح الحلال و هنا يمكن ذكر حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم): ... أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني"(رواه البخاري)
3 - مستمرة:
هناك خطأ يرتكب ألا وهو الاعتقاد بأن التربية الجنسية هي عبارة من معلومات تُعطى مرة واحدة دفعة واحدة وينتهي الأمر، وذلك إنما يشير إلى رغبة الراشد في الانتهاء من واجبه " المزعج " بأسرع وقت ، لكن يجب إعطاء المعلومات على دفعات بأشكال متعددة (مرة عن طريق كتاب - شريط فيديو - درس مسجدي... إلخ)، كي تترسّخ في ذهنه تدريجيًّا ويتم استيعابها وإدراكها بما يواكب نمو عقله.
4- في ظل مناخ حواري هادئ:
المناخ الحواري من أهم شروط التربية الجنسية الصحيحة ، فالتمرس على إقامة حوار هادئ مفعم بالمحبة ، يتم تناول موضوع الجنس من خلاله ، كفيل في مساعدة الأبناء للوصول إلى الفهم الصحيح لأبعاد " الجنس " والوصول إلى نضج جنسي.
ــــــــــــــــــــ(41/24)
التربية الجنسية.. متى وكيف؟
أسئلة الأبناء الجنسية ... .. تختلف باختلاف المرحلة
الآن إليكم بعض التفاصيل الخاصة بكل مرحلة على حدة:
أولاً: الفترة من 3 - 6 سنوات :
تتركز الأسئلة في هذه الفترة حول الحمل والولادة ، والفارق بين الجنسين.
1- تساؤلات حول الحمل والولادة:
وهنا يمكن ببساطة شديدة شرح مراحل تطور النطفة ، والعلقة ، المضغة عن طريق الكتب أو شرائط الفيديو. ويكون السؤال المتوقع من الطفل في خلال هذه الشروحات هو:
الطفل: من أين جاءت البذرة التي تنبت في رحم الأم؟
هنا لا داعي إطلاقًا لا للكذب أو للإحراج فعلى المربي أن يجيب ببساطة ،
المربي: الأب لديه جزء معين يعطيه للأم ، والله سبحانه وتعالى بقدرته يحمي هذا الجزء ، وينفخ فيه الروح ، ويعطيه القدرة على النمو فيكبر ويكبر حتى ينمو الطفل ، ثم يولد.
الطفل: كيف يعطي الأب إلى الأم هذا الجزء؟
المربي: الله سبحانه وتعالى يُعلّم كل أب طريقة فعل ذلك.
2- تساؤلات حول الفارق بين الجنسين
يتبلور إدراك الفارق بين الجنسين بداية من سن الثانية والنصف ، وهنا يجدر الذكر أيضًا ضرورة إفهام الأبناء أن قضية وجود جنسين هي قضية اختلاف نوعي يعطي لكل من الجنسين دوره المتميز المكمل لدور الآخر، فلا بد أن تدرك الابنة أنها لا تملك شيئًا أقل من الولد ، ولكن الأعضاء المختلفة التي تملكها بداخل جسدها وهي الرحم ، ولا بد من الحديث هنا بنبرة الاعتزاز بهذا الفارق ، فهي إن شاء الله ستكون أمًّا تحمل وتلد، وتصبح الجنة تحت أقدامها وهو ما ليس بمقدور الولد ، ومن ناحية أخرى لا بد من تربية الابنة منذ الصغر (بدءاً من 7 سنوات) على إشعارها بأن جسدها شيء خاص بها غالٍ ، لا تفرط فيه ، فلا تسمح لأي أحد أن يختلس النظرات إليه ولا أن يلامسها.
ثانيًا: الفترة من 6 سنوات - إلى المراهقة:
في هذه المرحلة يبدأ الولد مرحلة الوصول إلى النضج الجنسي والنفسي ، وتهدأ حياته الانفعالية ، وتتزن وتنمو مشاعر هادئة كالرغبة في تحصيل المعلومات وتنمية المهارات المدرسية ، وهي "مرحلة الكمون" بلغة علماء النفس.. فنرى كيف أن تساؤلاته تطورت وفقًا لنموه العقلي واتساع خبرته، وأصبحت أكثر دقة، وقد يعتقد البعض أنه لا يجهل شيئًا بسبب غزو الفضائيات، والفيديو، والإنترنت.
الواقع أن الأبناء في مجتمعاتنا المشبعة بالمعطيات الجنسية التي تتساقط عليه من كل حدب وصوب، جهلاء جهلاً كاملاً بحقيقية قضية الجنس، فالمعلومات التي يتلقاها الأبناء على غزارتها الكمية، مجتزأة، مبعثرة، ناقصة، كما إنها تضفي على "الجنس" طابعًا دنيئًا من ناحية، وطابعًا عدوانيًّا يتداوله الأبناء على إنه "سلعة استهلاكية" مترفة معدَّة للأثرياء أو عصابات شيكاغو.
في نفس هذا الوقت نرى الفتى/ الفتاة يُظهر تحفظًا أكبر حيال الموضوع ؛ وذلك لعدة أسباب، أولها أن شخصيته بدأت في الاستقلال عن الأهل، كما أنه أصبح أكثر تحسسًا للموانع الاجتماعية، وسمت التكتم الذي يحيط بالعلاقة الحميمة. كما أنه في هذه الفترة يجد راحة أكبر في التحدث عن هذه الأمور الدقيقة مع أناس لا تجمعه بهم علاقة حميمة كالوالدين.
الاستعداد لمرحلة المراهقة
بدءاً من سن العاشرة عند الابن ، الثامنة عند الابنة لابد من إعدادهم لتحولات المراهقة بشرح وافٍ. وتُقدّم هذه التحولات لهما على أنها ترقية ومسؤولية ، فقد تبدو بوادر المراهقة في سن مبكرة ، خاصة عند البنات ؛ لذا ينبغي أن نسلّح الأبناء بمعلومات كافية حولها كي يدخلوها بحد أدنى من القلق ، وبحد أقصى من الشوق والرغبة. أما إذا حرم/حرمت من هذه المعلومات ، فقد يصدم بالتحولات المباغتة التي تطرأ عليه ، وقد يتوهم عند حدوثها أن ما يحصل في جسده من تغييرات وما يرافقها من أحاسيس جديدة ، إنما هي ظواهر غير طبيعية أو أعراض مرضية.
ابنتك على أعتاب الأنوثة
بالنسبة للفتيات ولموضوع الحيض تبرز أهمية موقف الأم وبديلاتها من المربيات؛ إذ يجب عليهن أن يؤكدن على الناحية الإيجابية من بدء الحيض للفتيات ، وأن يتحاشين التلفظ بعبارات يصفنها بها على أنها "العبء الشهري النسائي الذي نعاني منه كلنا، يا ابنتي المسكينة!"، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن إعلام البنت عما ينتظرها من تحولات في أوان المراهقة يتأثر تأثرًا بالغًا بموقف الراشدين حولها من هذه التحولات ، فكثيرًا من النساء تنتابهن - حيال الحيض - مشاعر الخجل والدنس ، ويعتبرنه بمثابة علامة لعنة وُصِم بها الوضع الأنثوي ، فإذا كانت أم الفتاة تنتمي إلى هذا الاتجاه ، يكون من الصعب عليها أن تساعد ابنتها على الوقوف من أنوثتها موقف الاعتزاز والترحيب.
على الأم أن تشرع في تعليم إبنتها الجوانب الشرعية للحيض ، وكيف تتعامل معه ، وكيفية النظافة الشخصية أثناءه، ثم كيف تتطهر منه، وما يترتب على ذلك من أحكام شرعية بالنسبة للصلاة والصيام ومسّ المصحف وغير ذلك.. وتتابعها عن كثب، وتجيبها على أسئلتها التي ترد على ذهنها بعد هذا الحوار بدون حرج وبصورة مفتوحة تمامًا، ولا تتحرج من أي معلومة أو تكذب ؛ لأن البنت إذا شعرت أن الأم لا تعطيها المعلومة كاملة فإنها ستبحث عنها وتصل إليها من مصدر آخر لا نعلمه ، وسيعطيها لها محملة بالأخطاء والعادات السيئة والضارة ، فنحن لن نستطيع وقتها أن نعلم ماذا سيقول لها هذا المصدر والذي غالبًا ما يكون هو زميلاتها.
ابنك والمراهقة
كذلك، ينبغي إعلام الصبي بعناية بكافة التغييرات التي سيشهدها جسده ، في الفترة المقبلة - بنفس نبرات الترحاب والتقبل ، ولا بد من إعلامه بأن السائل المنوي قد يُقذف في أثناء نومه ، وأن القذف الذي ترافقه لذة هو ظاهرة طبيعية ؛ لأنها دلالة على رجولته ، ولكن يستتبع ذلك آداب شرعية خاصة بالطهارة والغسل ، وإن الميل إلى الجنس الآخر شيء وارد ، ولكن الإسلام حدد لنا سبل التلاقي الحلال في إطار الزواج ، وشرع لنا الصيام في حالة عدم القدرة على الزواج ؛ لتربية النفس على تحمل الصعاب والتي منها الرغبة في لقاء الجنس الآخر - على أن يكون ذلك بنبرة كلها تفهم - ولا يغفل هنا القائم بالشرح ذكر " المودة والرحمة " التي يرزقها الله للأزواج.
أصعب الأسئلة
مع عتبات البلوغ يتم التطرق إلى موضوع شائع في تلك المرحلة وهو الزواج والجماع ولكن السؤال الصعب هو: كيف يتم شرح عملية الجماع في هذه السن؟
هناك مثال ورد في كتاب "كيف نواجه أسئلة أولادنا عن الجنس"، وهو شرح والد لابنه الذي يبلغ من العمر 11 سنة ، لوجاهته رأينا الاستشهاد به حيث رسم الأب فيما كان يشرح مثلَّثين ، رأس أحدهما متجهًا نحو قاعدة الآخر، وقال بالإجمال : فكأن هذا المثلث (الذي قاعدته لأعلى ورأسه لأسفل) هو الخصيتان والقضيب لدى الصبي، وكأن ذاك المثلث (الذي قاعدته لأسفل ورأسه لأعلى) هو المبيضان والرحم، عند البنت ... .
ثم تابع الأب ، الخصيتان هما الغدتان الموجودتان داخل الكيسين ، إنهما سوف تنضجان عندما تصبح أنت رجلاً وسوف تنتجان سائلاً ، كما تنتج الغدد اللعابية اللعاب في الفم ، والغدد الدمّعيه ، الدموع في العينين.. إنما الأمر هنا أهم بكثير من القدرة على البكاء أو البصق ؛ إذ إن تلك الغدد تنتج بذار حياة ، السائل الذي سوف يجري من القضيب عندما تصبح كبيرًا ، هذا السائل سيخولك لاحقًا أن تصبح أبًا.
أما البنت الصغيرة ، فستتحول لتصبح امرأة ، وعندما تصبح زوجة ، فإن بذار الأب الذي أودع فيها سوف ينبت على مَهَل ويكبر ، إلى أن يتمكن الطفل من العيش وحده ؛ إذ ذاك يخرج من الرحم ، هذا ما يسمّونه الوضع. في غضون ذلك كان القلم قد تابع مسيرة رأس المثلث الأول ليرسم في الثاني طفلاً صغيرًا جدًّا.
أليس هكذا يا بني الأمر يستحق أن يتحمل المرء بعض المضايقات ، كأن يضطر إلى الحلاقة كل يوم! ذلك أن الشعر يكون قد نبت في ذقنك آنذاك ! ولكن لا يزال أمامنا متسع كافٍ من الوقت لنفكر بإهدائك آلة حلاقة كهربائية.
ثالثا ً: التربية الجنسية ... ..من يقوم بها؟؟
هناك فكرة شائعة، ألا وهي أن الأب هو المحاور الطبيعي للولد الذكر في موضوع الجنس، وأن الأم - بالمقابل - هي المحاورة الطبيعية لابنتها في هذا الميدان؛ ولكن حتى يكون تناولنا للأمور تناولا واقعياً لابد من الاعتراف بأن هناك غياب معنوي للأب عن عالم الإبن نجده شائعًا في مجتمعنا الشرقي لا بسبب انشغال الآباء وحسب ، بل بسبب اعتقادهم أن أمور الأبناء - والبيت بشكل عام - شأن أنثوي بحت يتركونه للأم ، فيما ينصرفون هم إلى الأعمال والعلاقات الخارجية ، وإلى تحصيل المال لإنفاقه على الأسرة. لكن يؤكد علم النفس المعاصر على أهمية مشاركة الأب في تنشئة وتربية الأبناء بشكل فاعل لأن ذلك يساهم في اكتمال النمو النفسي لهم سواء كان الأبناء فتيان أو فتيات وذلك على صعيد " التربية الجنسية" أو على الصعيد العام.
باختصار إن إعداد الفتى إلى تحولات المراهقة العتيدة ، الأفضل أن يختص به الأب الذي من جنسه ، وذلك لأن الموضوع هنا يعني الفتى بصورة شخصية مباشرة ؛ مما يضفي على الحديث طابعًا حميمًا جدًّا ، مما يساعد على نمو الرجولة لدى الصبي ، وحديث الأم إلى ابنتها يقربهما من بعض ويساعد على نمو الأنوثة لدى البنت.
ولكن إذا وجد أحد الوالدين أنه غير قادر على خوض الموضوع بشكل سليم مع الفتى ، فالأفضل أن يترك هذا الإعلام للوالد الآخر إذا كان هذا - من جهته - يقف من الجنس موقفًا أكثر موضوعية وصفاء ، أو إذا كانت علاقته بالابن المعنيّ أقل توترًا واضطرابًا.
ــــــــــــــــــــ(41/25)
تتويج البلوغ بتاج المعرفة
الفتاة المذكورة(14 سنة) لها أخت توءم، والموضوع باختصار أنه حينما حاضت قبل أختها كانت طبيعية، ولكن بعد عدة أشهر حاضت أختها، وعند ذلك أصبحت تخفي موعد الحيض ولا تحب، بل تكره أن يعرف أحد أنها حائض، حتى أنها تتظاهر أحيانًا بالوضوء.
... السؤال
تربوي
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السائل الكريم/
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
نشكرك على اهتمامك وإرسالك للسؤال عما اعتبرته غريبًا في تصرف ابنتك، ولكن نطمئنك أن ما تفعله ابنتك ناتج عن غياب التوجيه الجنسي والتربية الجنسية إن صح التعبير التي تهيئ البنت لاستقبال هذه المرحلة المهمة في حياتها، والتي تحفل بالتغيرات الشديدة، والتي تفاجأ بها الفتاة، وتضطر للتعامل معها بما يهديها تفكيرها إليه أو كما يوجهها بعض زميلاتها، وهي عند ذلك عرضة للتصرف الخطأ أو المفهوم الخطأ، خاصة بالنسبة لمسألة الحيض؛ حيث يمكن أن يتكون لدى بعض الفتيات مفهوم أنه شيء معيب يجب أن تخفيه أو نقص يجب ألا تظهره؛ وذلك طبعًا لغياب التوجيه السليم والذي يجب أن تقوم به الأم قبل فترة مناسبة من حدوث الحيض، كدلالة على بلوغ الفتاة لسن المراهقة.
ويكون ذلك التوجيه مع ظهور العلامات الجنسية الثانوية، مثل ظهور الشعر تحت الإبط والعانة وبداية ظهور الصدر؛ حيث يكون ذلك إشارة لقرب حدوث الحيض فتقوم الأم بإعداد الفتاة نفسيًّا لذلك، بأن تجلس إليها وتخبرها أن ظهور العلامات الثانوية بداية لانتقالها من مرحلة الطفولة إلى مرحلة جديدة هي البلوغ.
وتبدأ الأم في شرح كيفية حدوث البلوغ من تغيرات هرمونية في الجسم، وما يتبعه من تغيرات جسمية أنثوية، ثم ما يطرأ إلى الجهاز التناسلي من تغيرات، والتطور الذي يحدث، وكيفية حدوث الحيض، وكيف أنه الاستعداد الشهري للرحم لاستقبال المولود أو البويضة الملقحة التي سوف تصبح مولودًا، وكيف أن هذه التغيرات كلها تحدث إعدادًا للمرأة لأداء دورها العظيم في الحمل والولادة من أجل استمرار النسل وتكاثره؛ لتحقيق رسالة خلافة الله - سبحانه وتعالى - في الأرض.
وأن هذا هو الغاية من تركيب المشاعر الفطرية الطبيعية في الانجذاب بين الرجل والمرأة، وتحدثها عن طبيعة هذه المشاعر وسمو وظيفتها بحيث يصبح الجنس مصدرًا للمتعة، ولكنه يؤدي أسمى رسالة يقوم بها الإنسان وهي خلافة الله في الأرض؛ ولذا يجب أن تحافظ على هذه المشاعر وتحفظها ليس لأنها عيب أو قذرة، ولكن لأنها مشاعر سامية لها رسالة عظيمة؛ ولذا فهي لا يجب أن تخجل مما يحدث بها من تغيرات، ولكن تتعامل معها بطريقة طبيعية كمرحلة في حياتها تمثل نقلة جديدة في حياتها كجسر لدخولها مرحلة الشباب.
وبعد ذلك تشرع الأم في تعليمها الجوانب الشرعية للحيض، وكيف تتعامل معه، وكيفية النظافة الشخصية أثناءه، ثم كيف تتطهر منه، وما يترتب على ذلك من أحكام شرعية بالنسبة للصلاة والصيام ومسّ المصحف وغير ذلك.. وتتابعها عن كثب، وتجيبها على أسئلتها التي ترد على ذهنها بعد هذا الحوار بدون حرج وبصورة مفتوحة تمامًا، ولا تتحرج من أي معلومة أو تكذب فيها؛ لأن البنت إذا شعرت أن الأم لا تعطيها المعلومة كاملة فإنها ستبحث عنها وتصل إليها من مصدر آخر لا نعلمه، وسيعطيها لها محملة بالأخطاء والعادات السيئة والضارة، فنحن لن نستطيع وقتها أن نعلم ماذا سيقول لها هذا المصدر والذي غالبًا ما تكون زميلاتها.
وتجعل الأم المجال مفتوحًا بينها وبين ابنتها بحيث إنه مع حدوث الحيض لأول مرة تكون الأم بجانب البنت تطمئنها وتذكرها بما قالته من معلومات وتطبقه معها بطريقة عملية، فتشعر الفتاة بالاطمئنان والثقة، وتشعر أن ما تمر به هي تغيرات طبيعية لا تستحق القلق أو الخجل، وهي أخطر مشاعر تشعر بها الفتاة في هذه السن.. بعدها تكون الأم بجوار الفتاة لأي مستجدات في هذه الفترة مثل العادة السرية أو المشاعر ناحية الجنس الآخر، حيث إن ما سمعت الفتاة من أمها من كلام نظري بدأ يظهر أمامها، فينتج عنه تساؤلات عديدة يجب أن تكون الأم مستعدة له بغير تخويف؛ حيث تلجأ بعض الأمهات للتخلص من هذا الموقف إلى التعامل مع الجنس وقضاياه كشيء محرم لا يجب الاقتراب منه أو عيب لا يصح الحديث فيه، فيكون أمام الفتاة أحد اختيارين كلاهما خطير.
إما أن تتقوقع على نفسها ويدخل في خلدها أن الجنس عيب أو أمر قذر أو شيء لا يصح الحديث فيه، ويتكون لديها موقف نفسي مضاد للجنس، أو خوف من ذلك المجهول يؤثر على علاقتها الجنسية مع زوجها عند الزواج، خاصة وأن هذه الأم سيستمر موقفها مع هذه البنت بنفس الصورة حتى عند زفافها، ولن تحدثها في هذا الأمر أو ما يجب أن تعلمه أو تعرفه عن هذه الليلة، فتستمر مشكلة البنت حتى تتحول إلى أزمة كبرى في حياتها.
أو الموقف الآخر هو أن تغري هذه الصورة الغامضة التي تقدمها الأم عن الجنس - ذلك المحرم الذي لا يجب الاقتراب منه البنت أن تخوض غمار ذلك المجهول بحثًا عن هذه المعلومة الغائبة، وتحصل عنها من أي مصدر، ويكون لديها شغف أن تسمع وتقرأ، بل وتجرب هذا العالم المجهول الذي لا يتحدث عنه أحد إلا سرًّا، في حين أن الأم لو تعاملت مع الأمر ببساطة، وشرحت الأمور لابنتها وكل ما تسأل عنه، كتعبير عن أن الجنس عملية طبيعية في حياة الإنسان يمارسها مثل ما يمارس أي شيء طبيعي في حياته، بشرط أن يكون ضمن الضوابط والقواعد الشرعية، حيث يكون الزواج هو الوسيلة والطريق لذلك، وفيما عدا ذلك فإن مضمون الأمر وأحداثه أمر عادي لا يتسم بهذا الغموض أو التحريم.
وهناك يكون دور الأم الواعية استكمالاً لتربيتها الجنسية الصحيحة لابنتها، والتي ستكون أمرًا طبيعيًّا في سياقه المعتاد هو أن تهيئ ابنتها لاستقبال مرحلة الزواج، سواء أثناء عقد الزواج وما هو مسموح به وما هو غير مسموح به، وما ستشعر به من مشاعر وما سيحدث من تغيرات، وما يترتب على ذلك أيضًا من أحكام شرعية، ثم الاستعداد لليلة الزفاف وطمأنة البنت لأحداثها، ولفض غشاء البكارة كحدث سيمضي سلسًا عاديًّا مثلما مرت بها كل أحداثها الجنسية السابقة، وكيفية تهيئتها لزوجها، وكيف تستمتع وتمتع زوجها في إطار من النظافة والصراحة والتعليم المنضبط.
هذا ما تحتاجه بناتنا من تهيئة للدخول إلى مرحلة المراهقة.. وإذا لم تكن حدثت فالوقت لم يفُت، ويمكن استدراك ما لم يتم بهدوء، وإذا لم تكن الأم مستعدة لذلك فلتتسلح بالقراءات التي تعينها على ذلك، خاصة المعلومات التشريحية والفسيولوجية الخاصة بالجهاز التناسلي للأنثى، وأيضًا تفاصيل المعلومات الفقهية.. هكذا تنشأ بناتنا سويات نفسيًّا من هذه الناحية.
ــــــــــــــــــــ(41/26)
مفتاح التفاهم: اللمسة الرفيقة والكلمة الرقيقة
أمي دائمًا تذكرني بأنني سمينة، ثم تتهمني بأنني حسَّاسة وعصبية، مهما فَعَلْتُ فإن أمي تجد عيبًا فيما أفعله، بعثت لها رسالة حميمة أبثها حبي وأشواقي وإذا بي أفاجأ بها تقرأ الرسالة لتصحح أخطائي اللغوية، أمي تنتقدني بكلمات لاذعة، ثم تتركني بسرعة دون أن تسمع ما يبرر لها ما حدث مني، أمي تلقبني دائمًا بالغبية، حب الأم المفرط يختفي، أمي تعاملني كأنني ملكية خاصة، أمي لا تفهمني، أمي لا تحترم خصوصياتي.
هكذا تصف الفتيات الأزمة.. التي تحولت إلى ظاهرة تكاد تنتشر في كثير من مجتمعاتنا العربية، الفجوة النفسية في العلاقة بين الأم وابنتها ما هي أسبابها؟ وما يمكن أن تقوم به الأم في أحد أهم أطراف الأزمة في تحقيق التقارب وسدِّ هذه الفجوة؟
حواء وآدم التَقت بمجموعة من المتخصصات في علاج أزمة المراهقة من اللائى تصدَّيْن لهذه الظاهرة في الكويت في محاولة للتعرف على أبعادها وتأثيراتها.
الأستاذة كماظر المطوع مراقبة الخدمة الاجتماعية والنفسية تلقي الضوء على أحد جوانب المشكلة، تقول: لا شك في أن الأم عليها دور كبير في تحقيق التقارب مع ابنتها المراهقة بحكم كونها الأكبر سنًّا والأكثر خبرة ومسئولية، ولكن الواقع أن هذه الأم مربية وزوجة وموظفة في أغلب الأحوال، هي امرأة منهكة تتكدس عليها وحولها أعباء الحياة؛ مما يؤثر بشكل كبير على طبيعة علاقاتها بابنتها التي تتحول نحو الفتور وفقدان الحوار البناء نسبيًّا أو نهائيًّا، وكما تؤيد الدراسات الميدانية التي أجريت على بعض المدارس المتوسطة (الإعدادية) للبنات في الكويت، فإن الفتيات يلجأن إلى أشخاص آخرين غير الأم يتنوعون ما بين الصديقة، والأخت، والخادمة.
ذلك كله وغيره يدل على فقدان التواصل والحوار بين هؤلاء الطالبات وبين أمهاتهن.
وسائل للتقارب
وعمَّا يمكن أن تقوم به الأم لتحقيق التقارب والتواصل مع ابنتها تقول المطوع: يجب على الأم كما أرى أن تعمل على:
1 - مراعاة صفات ابنتها ومستواها الفكري، ومن ثَّم تحديد الهدف من الحوار.
2 - تجنب الحديث عن الابنة في ظروف غير مناسبة تسبب بتر الحوار أو سلبيته، فمراعاة الظروف النفسية والاجتماعية للبنت مهم وضروري.
3 - تهيئة نفس الابنة لقبول النصح قبل الحوار معها، وذلك بذكر مميزاتها وصفاتها الحسنة.
4 - التبسم في وجه الابنة والتلطف معها في العبارات، فالكلمة الطيبة تقرب النفوس، قولي لها: يا حبيبة يا غالية.
5 - لا تقولي لها (أنت مخطئة) أو (أنا أكثر فهما منك)، فهذه الألفاظ تجرح شعورها.
6 - ساعدي ابنتك على توضيح ما تشعر به، فاستمعي جيدًا لآرائها وأعطيها الفرصة والوقت.
7 - ابتعدي نهائيًّا عن الاستهزاء والوعيد والتخويف، فتلك أساليب تنتج شخصيات سلبية تتلقى ولا تعطي، تتقبل ولا تبدع، وديعة تميل الخنوع.
8 - أَظْهِري لابنتك مشاعر الثقة، فذلك يدفعها لأن تكون أهلاً للثقة.
9 - لا تغرسي القيم الدينية والاجتماعية بأسلوب التوجيه المباشر وتريثي في إصدار الأحكام على مواقف ابنتك وتصرفاتها.
10 - انتبهي لتصرفاتك وأقوالك فأنتِ المثال لابنتك، وعليك احترام ذاتها واستقلالها وتشجيع روح النقد الذاتي بها لمراجعة أفكارها بين الحين والآخر.
افتقدتك اليوم
أما المربية والداعية خولة العتيقي فتتساءل: لماذا يضير الأم لو قالت لابنتها بعد يومها الدراسي على قصره، افتقدتك اليوم، أتوقع أن الرد سيكون متشابهًا وهو حتى أنا وَلهت عليك، وأقصد بذلك أنه من الضروري أن يكون التفاعل بين الأم وابنتها قائمًا على الحب والحنان، فنحن لسنا ممولين فقط لاحتياجات بناتنا وأبنائنا المادية، بل ممولين لاحتياجاتهم العاطفية التي هي أهم من الماديات.
وتستطرد العتيقي في حديثها تقول: هل هناك فتاة مراهقة يكون لها مع أمها جلسات مصارحة ومشاركة وأخرى خاصة، ثم نجدها تفضفض مع الصديقة أو حتى - للأسف - الخادمة؟ بالطبع لا، وما أريده أن الأم الواعية عليها أن تجلس مع ابنتها تسألها عن أحوالها، وعن مشاعرها، وعن صديقاتها، فهذه الجلسات تعطي الأم مؤشرات عن شخصية ابنتها، ولكل أم أقول: ابحثي عن ابنتك، ولا تدعيها تبحث عنك، كوني جزءاً من حياتها، عوِّدِيها من الصغر الدخول إلى غرفتها والجلوس معها ولا تبحثي في أشيائها، ولكن اسأليها عن الأشياء، إن كان كتابًا اسأليها متى اشتريته، اعرفي تضاريس غرفتها وأدواتها حتى تلاحظي أي تغير عليها، كأن تكون متدينة فتتبدل أو العكس، فأول ما يحدث التغير في شخصيتها ستتغير ملامح غرفتها، ونوعية ملابسها والكتب والمجلات التي تقرأها، كل ذلك يؤدي إلى تدارك الخطر قبل وقوعه، فلا يفوت الأوان في إصلاح المعوج، وتعزيز الجيد.
اللمسة الرفيقة والكلمة الرقيقة
وتشير الباحثة شريفة الخميس المعالجة النفسية بمكتب الإنماء الاجتماعي إلى أهمية الانتباه إلى لغة أخرى غير متحدثة، وهي لغة الجسد حركات اليدين ( Body Language)، ولغة العيون (Eye Contact)، فهي ذات أثر بعيد إضافة إلى لغة الحوار، ومهارة الإنصات والاستماع، وتضيف: لا بد من أن تلفت الأم ابنتها إلى أنها تتقبلها كما هي لا كما يجب أن تكون، وأنها تحبها بلا شروط، ولا أرى مانعًا من أن تستمتع الأم بالحياة مع ابنتها، فيخصصا وقتًا للخروج معًا، ويتبادلا أطراف الحديث الممتع والمرح؛ إذ يعني ذلك مزيدًا من الاقتراب بينهما، كما أن متابعة هوايات الابنة واهتماماتها طريق جيد لتعزيز ذلك.
... ...
...
...
«
...
... ...
ابحث
... ... ...
«
... ...
بحث متقدم
مصر بعد تعديل الدستور
السنة والشيعة.. من التقريب إلى التعايش
التحرش الجنسي.. كيف نواجهه؟
عيون المشاهد
Click Here!
الأحداث في صور
حدث في العام الهجري
نادي المبدعين
إصدارات إسلام أون لاين
» ملفات وصفحات خاصة
أدلة وخدمات
* دليل المواقع
* شريك الحياة
* بطاقات إلكترونية
* النشرة الإعلامية
* ميلادي/هجري
...
...
أقرأ في نفس الزاوية:
الباحثات عن الحب
العلمانية وقضية هروب الفتيات في تركيا
اقرأ أيضًا:
تحليل: هروب الفتيات.. أزمة مجتمع
مصر: المدن المتوحشة تفترس البنات
سوريا: هروب الفتيات.. من يملك الحلول؟
العربيات في سوق البغاء الأوروبي.. من المسؤول
ــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ(41/27)
علموا أولادكم الجنس
عائلي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لدي ثلاثة من الأبناء، أعمارهم 14 سنة_و13 سنة_ و10 سنوات، والمشكلة هي أنني لا أتصور نفسي جالسًا مع أحدهم، متناقشًا معه في الأمور الجنسية، مع أنكم تنصحون أن يقوم الآباء بهذه المهمة، فكيف ستكون نظرته إلي بعد ذلك، انصحوني كيف أبدأ معهم، وما طريق ذلك؟. وجزاكم الله خيرًا . ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نشكر لك اهتمامك؛ لخطورة هذا الأمر وتأثيره على مستقبل الأبناء، ونحن نرى أن المدخل الشرعي هو أنسب المداخل إلى هذا الموضوع، بمعنى أنه مع اقتراب سن البلوغ، والذي من علاماته بداية ظهور ما يسمى بالعلامات الجنسية الثانوية مثل: بداية ظهور الشارب، والشعر تحت الإبطين، وخشونة الصوت في الذكور، أو نعومته بالإضافة إلى بروز الصدر في الإناث، عند ظهور هذه العلامات يبدأ الأب والأم -حسب الحال- في الحديث عن انتقال الفتى أو الفتاة من مرحلة إلى مرحلة، فمن الطفولة التي لم يكن مكلفًا فيها شرعياً إلى البلوغ والمراهقة، التي أصبح مكلفًا فيها شرعياً، وأصبحت عليه واجبات والتزامات لم تصبح في حقه فضلاً أو مندوباً كما كانت في السابق، ومن هذه الواجبات الصلاة وأنها يشترط فيها الطهارة، وأن هذه الطهارة -وهو طفل- كانت تعني الوضوء فقط، ولكن نتيجة انتقاله من عالم الأطفال إلى عالم الكبار أصبح مطالبًا بطهارة من أمور أخرى؛ نتيجة لتغيرات فسيولوجية داخل جسمه ثم يشرح للطفل بطريقة علمية بسيطة التغيرات الهرمونية والعضوية التي تحدث في جسمه، وتؤدي إلى بلوغه سواء بالاحتلام في الذكور، أم بنزول دم الحيض في البنات.
ويجب أن يتسم الحديث بالوضوح والصراحة وعدم الحرج؛ لأن المشاعر الأولى في تناول هذا الأمر تنتقل إلى الطفل، وتظل راسخة في ذهنه، وتؤثر على حياته المستقبلية بصورة خطيرة، ثم تكون النقطة الثالثة التي يتم تناولها؛ وهي الحكمة من حدوث هذه التغيرات في جسم الإنسان، ودورها في حدوث التكاثر والتناسل من أجل إعمار الأرض، وأن التجاذب الذي خلقه الله بين الجنسين إنما لهذه الحكمة، وأنها رسالة يؤديها الإنسان في حياته؛ ولذا يجب أن تسير في مسارها الطبيعي وتوقيتها الطبيعي الذي شرعه الله وهو الزواج الشرعي؛ ولذا فيجب أن يحافظ الإنسان على نفسه؛ لأنها أمانة عنده من الله ثم يتم الحديث عن الصور الضارة من الممارسات والتصرفات، وكيف أنها خروج عن حكمة الله فيما أودعه فينا، ويتم ذلك بدون تخويف أو تهويل أو استقذار، ثم يتم فتح الباب بين الأب والأم وأبنائهم وبناتهم في حوار مستمر ومفتوح؛ بمعنى أن نخبره أننا مرجعه الأساسي في هذه المواضيع، وأنه لا حرج عليه إذا لاحظ في نفسه شيئاً، أو سمع شيئاً، أو قرأ شيئاً أو جاء على ذهنه أي تساؤل أن يحضر إلينا ليسألنا أو لتسألنا فسيجد أذناً وقلوباً مفتوحة، وأنه لا حرج ولا إحراج في التساؤل والنقاش حولها ولكن في الوقت المناسب، وبالطريقة المناسبة، ثم نكون قريبين منهم عند حدوث البلوغ ذاته فنطمئنه ونطمئنها، ونرفع الحرج عنهم، ونذكرهم بما قلناه سابقاً، ثم نعاونهم بطريقة عملية في تطبيق ذلك سواء بالاغتسال بالنسبة للبنين، أم بالإجراءات الصحيحة للتعامل مع الموقف مثل الفوط الصحية وما إلى ذلك بالنسبة للبنات، ونشعرهم أن ما حدث شيء يدعو للاعتزاز، لأنهم انتقلوا إلى عالم الكبار، وأن ما حدث شيء طبيعي لا يدعو للخجل أو الإحراج؛ حيث تنتاب هذه المشاعر الكثير من المراهقين خاصة البنات.
ثم يستمر ذلك الدعم بعد حدوث البلوغ بتحسس أخبارهم، والبحث عن مواضيع التساؤل عندهم وتَحَيُّن الفرصة لمزيد من الرد على ما يكون قد تَكَوّن في أذهانهم من تساؤلات عن الزواج، والجنس بطريقة بسيطة وواضحة، ليس فيها زجر أو هروب من السؤال؛ حيث إنهم إذا لم يحصلوا على الإجابة من الأب والأم فسيحصلون عليها من مصادرهم الخاصة بكل ما تحتويه من أضرار، وتضليل.
إنه أمر فعله رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين علّم الأصحاب والصحابيات بلغة راقية وبأسلوب بسيط لا إفراط فيه ولا تفريط؛ لأنه جزء من الحياة اعترف به الإسلام ووضع له الأطر الصحيحة للتعامل معه، وكانت أموره تناقش علناً في مجلس الرسول الكريم فأي معلم كان، وهو بالمؤمنين رءوف رحيم.
ــــــــــــــــــــ(41/28)
الهوية الجنسية عند طفل الثالثة
لدي ابن في الثالثة من العمر ودائما أثناء اللعب مع أختيه يقوم بتقليد تصرفاتهما كبنات ويزعم أنه امرأة ويستخدم تاء التأنيث في الحديث عن نفسه ويغضب إذا قلنا له أنك رجل ويعارض هذه الفكرة.
... السؤال
التقليد والبذاءة
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إن أسباب سلوك ابنك واضحة، وهي تقليد أخواته البنات؛ حيث إن ترتيبه الثالث بعد البنات.. وهذا السلوك يحتاج إلى وقفة؛ وذلك لخطورة هذه التصرفات على ما نسميه بالذاتية أو الهوية الجنسية والتي تبدأ في هذه السن المبكرة، والتي يجب مراعاتها حتى لا يحدث بها اختلال، بحيث يكون الطفل ذكرًا، ويدرك نفسه أنثى، وذلك لقيامه باللعب بلعب البنات؛ ولتقليده لتصرفاتهم، والحديث عن نفسه بتاء التأنيث.
لذا فإنه يجب أن يشجع الطفل من سن مبكرة يصل البعض في تحديدها إلى الأيام الأولى منذ ولادته على أن يعامل كذكر أو أنثى حسب طبيعته، فتكون لعبه وملابسه وطريقة التعامل معه هي المناسبة لنوعه، وبالنسبة لابنك فإنه يحتاج إلى ما نسميه بالعلاج السلوكي وهو يحتاج إلى وقت وإلى صبر حتى يؤتي ثماره بإذن الله، خاصة وأنه يبدو أنه كان يشجع على مثل هذا السلوك في بداية الأمر وربما حتى الآن، سواء باعتبار الأمر مضحكًا أم بكلمات الاستحسان لما يفعل.
والذي عليك فعله أنت والأم وجميع أفراد العائلة:
1. إظهار الرفض لهذا السلوك واستنكاره.. ليس باستخدام الضرب أو العنف بأي صورة من الصور.. ولكن بإعلامه أنه ولد وأن اسمه كذا، وأنه يشبه الأب ويشبه فلانا وفلانا من أقرانه أو من هم أكبر منه من الأطفال من ذكور العائلة أو ذكور الجيران الذين يعرفهم..
2. إظهار أنه مختلف عن أخواته البنات؛ حيث إنه يلبس ملابس مختلفة، ففي حين تلبس البنات الفساتين مثلاً.. يلبس هو ملابس الرجال مثل الأب.. ويتم شراء لعب مختلفة له، ولا يسمح له باللعب بالعرائس مثلاً وإظهار أن هذه لعب البنات وأن له لعبه الخاصة به، مثل: المسدس أو الدبابة أو الطائرة أو الكرة.
3. دمجه في مجموعة من الذكور واللعب معهم بألعابهم، وقضاء أوقات طويلة معهم، حتى لو استدعى الأمر إدخاله حضانة يكون كل أفرادها من الذكور.
4. تشجيعه عندما يتحدث عن نفسه بصيغة الذكورة أو يلعب بألعابه الخاصة، وعندما يذكر أنه "ولد"، ويكون ذلك بالكلمات والاستحسان ويكون أحيانًا بالتصفيق وأخرى بالأحضان والقبل.. ويمكن أن يصل الأمر إلى منحه جائزة من الحلوى أو لعبة ذكورية مثل حصان أو بندقية أو ...
5. قضاؤه وقتًا أطول مع الأب وأصدقائه بحيث يصطحبه الوالد كثيرًا في لقاءاته مع أصدقائه؛ حتى يرى الرجال ويدرك أنه يشبههم، ويدرك أن لهم دورًا في الحياة؛ حيث إن المشكلة في كثير من الأحيان تكون أن هذا الولد لا يرى إلا النساء سواء أخواته، أو أمه، أو صديقاتها، ولا يرى الأب إلا قليلاً نتيجة لانشغاله مما يجعله غير قادر على تمييز أو إدراك طبيعة هؤلاء الرجال، كما أن وجوده لمدة أطول مع والده يساعده على عملية التمثيل للوالد وتقليده لتصرفاته وطريقة كلامه والحديث عن نفسه بلغة المذكر.
وفي النهاية نكرر أن هذه الطريقة الجديدة في التعامل تحتاج إلى وقت قد تمتد إلى عدة شهور (6-12) شهرًا حتى يظهر التغيير على سلوك هذا الطفل. وأنه يحتاج إلى صبر بحيث لا نفقد أعصابنا أو نترك فرصة بدون ثنائية: (الرفض ـ التشجيع).. رفض السلوك غير المرغوب فيه، وتشجيع السلوك المرغوب فيه.
ــــــــــــــــــــ(41/29)
ثقافة جنسية بلا إثارة
كيف وبأى طريقة يمكن أن نخبر أطفالنا(7 و 8 سنوات) عن الفروق البيولوجية بين الذكر و الأنثى لأنهم بداوا في المدرسة هنا في ألمانيا دراسة الجينات . كيف نزود أبناءنا بهذه المعرفة بطريقة إسلامية ... السؤال
تربوي
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إن سؤالك عن كيفية إخبار الأولاد وإطلاعهم على الفروق بين الذكر والأنثى بطريقة تربوية سليمة، سؤال يحمل مسئولية كبيرة.
يجب أن تتسلح الأم للقيام بها بكثير من الحكمة والاطلاع، وأكثر منه حسن التوكل على الله أن يعينها على أداء هذه المهمة الشاقة، ولكنها ليست مستحيلة.
وإليك بعض المقترحات التي قد تعينك على أداء هذه المهمة:
حاولي تربية زوج من الطيور سريعة الإنجاب مثل العصافير، ودعيه يراقبهم ويعتني بهم، وقولي له هذا ذكر وهذه أنثى، وليخْتَر لهما اسمين، وتقولين إنهما عائلة جديدة، وسيكون لهما أولاد في المستقبل، كل ما علينا رعايتهم واجعلي هذا مهمته، فإذا ظهر البيض اشرحي له أن هذا البيض يحمل أبناءهم وسيظهرون بعد مدة، فإذا كنت لا تستطيعين انتظار وضع البيض وخروج النتائج، ففي هذه الحالة عليك بالبدء في الخطوة الثانية مباشرة، وهي:
1- اجلسي معه واحكِ له في جلسة هادئة قصة سيدنا آدم عليه السلام، وقصة البشر كلهم، وكيف كان الخلق، وخلق آدم عليه السلام، ثم نزوله على الأرض، وخلق حواء من آدم، وأن الله خلقها لتعيش معه وتؤنس وحدته وتشد من أزره، ويكوِّنان جماعة، ولو عاش كل واحد بمفرده لكان الإنسان فريسة للوحوش لا يستطيع أن يدفع عن نفسه، وأنه إذا لم يكن للناس أبناء، فكيف يكون هناك بشر على الأرض بعد موتهم.
وأن الله حتى يجعل لهم أبناء ولأبنائهم أبناء حتى تعمر الأرض بالبشر، خلق فيهم أجهزة لتقويتهم، وجعلهم يجابهون الأخطار ويتكاثرون، وهذه الأجهزة من نعم الله علينا.
وقد خلق الله في آدم وحواء نفس الأجهزة إلا جهازًا واحدًا خلق نصفه في الذكر وخلق نصفه في المرأة حتى يبقيا سويًّا وينجبا الأطفال، ويكون لكل طفل أم وأب، أم ترعاه وتحمله وأب يحمل اسمه وينفق عليه ... ، وهكذا تسترسلين في هذه الحكم والنعم بنوع من أنواع التشويق الذي توجهين به عقل الطفل، وتهيئيه إيمانيًّا لاستقبال المعلومات البيولوجية وهي محاطة بسياج روحي.
2 - بعد ذلك تبدئين في شرح المعلومات التي أخذها في المدرسة له، "وعليك عدم التوسع أو تقديم معلومات أكثر مما هو موجود في الكتاب"، ويكون الشرح بالطريقة الآتية:
- تبدئين بشرح الأجهزة من أعلى إلى أسفل، الجزء الذي عند آدم ومقابله عند حواء، وحكمة وفائدة كل جهاز.
- وعندما تنتهين من الشرح العلمي تقولين له: إن هذه الأجهزة نعمة تستوجب الشكر، وشكر النعمة يكون بالطاعة، بفعل ما أمر الله به علينا تجاه هذه الأجهزة حتى يرضى عنا، ومن أحسن ما قيل في ذلك قول ابن القيم في كتاب الفوائد:
"لله على العبد في كل عضو من أعضائه أمر، وله عليه فيه نهي، وله فيه نعمة، وله به منفعة ولذة، فإن قام لله في ذلك العضو بأمره واجتنب فيه نهيه، فقد أدى شكر نعمته عليه فيه، وسعى في تكميل انتفاعه ولذته به، وإن عطَّل أمر الله ونهيه فيه عطّله الله في انتفاعه بذلك العضو، وجعله من أكبر أسباب ألمِه ومضرّته".
ــــــــــــــــــــ(41/30)
نمو الأطفال الجنسي.. كيف نتعامل معه؟
لماذا ألاحظ أحيانا على ولدى بعض الحركات ذات الشكل الجنسي كأن ينام فوق أخته أو ما شابه؟ مع العلم بأنه لا يشاهد التلفزيون كثيراً، ولا يشاهد ذلك من أباه.
فهل هناك نمو جنسي مبكر؟ كما أنني ألاحظ أنه قد يعلق بعض التعليقات شريطة ألا أكون بالجلسة، كأن يقول لعمته العروس هل تنامين وزوجك في الفراش ،مع العلم بأن عمر ولدى 7 سنوات .
ما العلاج لمثل هذه التصرفات هل تجاهلها أم تأنيبه ولومه ليعلم أنى أعرف كل شيء حتى ولو لم أكن حاضرة؟؟؟ ... السؤال
تربوي
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نعتذر لك سيدتي عن التأخير في الإجابة ولكننا - لإحساسنا بأهمية الموضوع ولكثرة الأسئلة الواردة حوله - رأينا أن نوفيه حقه من الشرح والإيضاح؛ لذا نستسمحك أيتها الأم الحنون أن نقوم قبل الإجابة على سؤالك بتقديم،شرح مبسط للنمو الجنسي الطبيعي عند الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة ومرحلة المدرسة.
- أولاً: النمو الجنسي في مرحلة ما قبل المدرسة:
- أثناء نمو الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة "يحدث ما يطلق عليه" الفضول الجنسي عند الأطفال، ويتمثل في فضول الأطفال لاكتشاف أجزاء وأعضاء جسمهم أو أجسام أصدقائهم وإخوتهم حتى آبائهم، فالطفل في هذه السن كما يقوم باستكشاف رأسه أو يده... إلخ، يحاول استكشاف الأعضاء التناسلية - باعتبارها عضو من أعضاء جسمه أيضاً.
وبالتالي نرى كثيرًا منهم يلعب بأعضائه التناسلية (بأن يلمسها أو يحكَّها أو يكشفها للآخرين).
- أيضًا كثير من الأطفال يلعبون Sexual gamesأو ما يطلق عليه ألعاب قد تحمل دلالات جنسية عندنا نحن الكبار مثل لعبة (الدكتور والمريض، الحصان، لعبة الأم والأب).
ففي لعبة الدكتور يدَّعى أحد أطراف اللعبة - الولد مثلاً - كونه طبيبًا، فيطلب من الطرف الثاني [الأخت على سبيل المثال] أن تكشف جسدها ليقوم بالكشف عليها، فيرى بهذه الطريقة الأعضاء التناسلية للجنس الآخر، هذا طبيعي، ولكن ليس كونه طبيعيًّا، يعني أن نترك ذلك يحدث دون رقابة منا، نحن الأمهات أو الآباء، بل لا بد من المراقبة، ثم لا بد من شرح هادئ للطفل أن هذه الأجزاء هي ملك خاص بالإنسان لا يجوز أن يطلع عليها غريب.
واللعبة الثانية هي لعبة الحصان، حيث يركب الابن مثلاً على أخته كأنها حصان يُمْتطى، فيحدث ذلك حكَّة في الأعضاء التناسلية عن طريق حركة ركوب الخيل.
- قد يتطور هذا السلوك الجنسي عند الأطفال لما ما يطلق عليه masturbation "الاستمناء"، وهو عبارة عن أن يثير الطفل نفسه بأن يلمس أو يحكّ العضو التناسلي باستخدام رجله، فخذه، يده، أو أن يلعب مع لعبة، أو وسادة كأنه يركب حصان، وهذا جزء من الفضول الجنسي عند الأطفال.
- التشوق لمعرفة بعض المعلومات التي تخص الجنس، كمثال السؤال عن الفرق بين الذكر والأنثى، والسؤال عن كيفية مجيء الطفل للحياة.
- قد يميل الطفل في هذه المرحلة للجنس الآخر، أي ما معناه، كأن يحب أن يقترب الولد من أمه، والبنت من أبيها.
ثانيًا: مرحلة المدرسة:
كل ما ذكر خاص بمرحلة ما قبل المدرسة يستمر عند الأطفال في مرحلة المدرسة، مع ملاحظة أن كثيرًا من هذا الميل أو الفضول الجنسي وممارسة الألعاب الجنسية يقل إلى حدًّا ما خاصة عند البنات، وهذا ما يطلق عليه "مرحلة الخمول"latency، خاصة في المجتمعات المتحفظة، ولكن هذا السلوك قد يستمر عند بعض الأطفال، ولكنه يحدث بشكل أكثر سرية.
- ما ذكر في مرحلة ما قبل المدرسة ومرحلة المدرسة يعتبر طبيعيًّا تمامًا عند الأطفال، ولكن يجب أن ننتبه إلى شيئين:
الأول: إذا اكتشفنا أن الطفل يكثر جدًّا من هذا السلوك الجنسي، بمعنى أنه يكثر من الألعاب الجنسية التي ذكرت سابقًا.
الثاني: أو اكتشفنا أن الطفل يمارس الاستمناء بصورة متكررة، بمعنى أن يكون أكثر من مرة أسبوعيًّا أو عدة مرات يوميًّا، فيجب علينا أن نستبعد شيئًا هامًّا جدًّا، وهو أن يكون هذا الطفل قد تعرَّض لتحرش جنسي، واسمحي لي أن أوضح لك بصورة مبسطة ما معنى التحرش الجنسي عند الأطفال.
-التحرش الجنسي معناه" أن يجبر الطفل على مشاهدة الأعضاء التناسلية لشخص آخر غريب، أو يجبر على رؤية مناظر أو صور فاضحة في مجلات أو التلفزيون، أو يجبر الطفل على خلع ملابسه وأن يجبره الجاني على لمس أعضائه، أو ممارسة أشكال جنسية، أو أن يكون الطفل قد تعرَّض لاعتداء كامل".
سيدتي الأم حدوث هذا التحرش الجنسي عند الأطفال في مجتمعنا المتحفظ نادر، ولكنه غير مستبعد.
و يمكن عزيزتي الأم أن تعرفي إن كان الطفل قد تعرَّض للتحرش أم لا بسؤاله، وطمأنته، ومحاولة استدراجه لمعرفة إذا كان قد تمَّ تعرضه للأشياء السابقة أم لا.
فإذا استبعدنا تمامًا حدوث ذلك، فلا تقلقي نهائيًّا من مثل هذه التصرفات، وعمومًا إذا تعرض الطفل للتحرش الجنسي فهناك حلول لمواجهة ذلك.
أما فيما يخص سؤالك:
فلقد ذكرت أن طفلك يقوم ببعض الحركات التي قد يكون لها "دلالات جنسية"، قد تكون هذه الحركات إما مجرد لعب عابر وليس له أي مدلول جنسي، مثل ما ذكرت لك سابقًا من صور اللعب التي هي من قبيل الفضول جنسي عند الأطفال، مثل لعبة الحصان، فإذا كان الأمر كذلك، فما عليك إلا الأتي:
- مراقبة هذا الطفل عدة مرات عند لعبه بهذه الصورة، وملاحظة إذا ما كان هو مشغول فعلاً، ومهتم جدًّا، ومركَّز في هذه اللعبة، بمعنى أن: "أجد الطفل سرحانًا وعنده بعض الاحمرار في وجهه، ومشغول جدًّا لدرجة أنه لا ينتبه إليك إذا دعوتِه"، أو أنه يلهو هكذا، ولكنه ليس مشغولاً نهائيًّا بهذه اللعبة فهو يتحدث إليك، وأن اللعب ليس مستغرقًا.
إذا كان طفلك ممن ينطبق عليه الوصف الأول فعليك عمل الآتي:
- عليك مراقبته دائمًا عند لعبه سواء مع أخته أو مع غيره من الأقران،مع عدم ترك الابن يلعب مع أخته دونما مراقبة، بمعنى لا يغلق الباب عليهما أثناء لعبهما،بل لا بد أن تكون الحجرة مفتوحة حتى يمكنك مراقبة ما يحدث.
- كذلك لابد من ضرورة مراقبة سلوكيات الأخت نفسها قد تكون هي نفسها تحب هذا الأمر.
-عدم زجر الولد أو توبيخه أو السخرية منه، فكل هذا لا يجدي، بل له آثاره العكسية، وبدلاً من ذلك يمكن إيجاد بدائل لهذه اللعبة، وتشجيع الولد بأن يلعب مع أطفال آخرين - غير أخته - ولكن يظل دور الأم "كمراقب" قائمًا.
- أن تشغليه عن هذه اللعبة بسرعة بأن تطلبي منه مساعدتك في مناولة شيء أو محادثته، ولكن دون أن يلحظ أنك تريدين أن يترك هذه الممارسة.
- أن تتحدثي معه دائمًا عن الحلال والحرام وعن الخصوصية، وأن بعض أجزاء جسم الإنسان لها خصوصية لا يمكن أن يلمسها أو يراها أي شخص غريب.
- يجب عليك أن توضحي له هذا في حدود سنه وحدود أسئلته بحيث لا توضحي له ما لا يسأل عنه، وهذه فرصة ذهبية لشرح ما سبق ذكرناه من خصوصية هذه الأعضاء، والفقه الخاص بها، وما هو حلال وما هو حرام، كما أنها فرصة للإجابة على القيام بمهمة التربية الجنسية ، وذلك بالإجابة على كافة أسئلته (الجنسية) مهما كانت مربكة أو عجيبة،و سنورد لك في نهاية الاستشارة مقالة بها تفصيل لهذا الأمر.
- كذلك أرجو من سيادتك التأكد تمامًا لعدم تعرض الطفل لأي نوع من التحرش الجنسي، وإن كنت أستبعده في حالتك تمامًا،على أن يكون هذا أثناء مجالسته في جو من الصداقة والود، وسؤاله عن بعض الأمور، مثل: هل لامس أحدٌ أعضاءك التناسلية؟ هل تظهرها لأحد؟.
- أما بخصوص الجزئية الثانية من سؤالك بخصوص عمته العروس فأنا أرى التالي:
-مراجعة أمر هام -قد يكون السبب في سؤاله لعمته العروس-و هو هل يجلس الولد في مجالس الكبار، وسمع أحاديثهم؟ هل سأل يومًا سؤال كل الأطفال: لماذا لا تنامين معي وتنامي مع أبي؟ ماذا كانت الإجابة؟ قد تكون: لأننا متزوِّجون، فربط بذكائه بين فكرة الزواج والسرير الكبير والنوم، أو هل كنتم تصحبون الابن أثناء انتقاء حجرة نوم العروس فأدرك بذكائه العلاقة بين الزواج والسرير المشترك؟
هذه كلها احتمالات، ولكن عليك أيتها الأم الحنون إبعاد ابنك عن مثل هذه الأحاديث ومجالس الكبار، ورجاء حار بمراقبة ما يراه على التلفاز، وقصره على ما يفيد سنه وما يستوعبه عقله.
وفي النهاية، نودُّ أن نكرر ملحوظة طالما ذكرناها وركَّزنا عليها: لا بد من تناول الأمر بهدوء وفي جو من المحبة والود والألفة، فلن يسمع لك صغيرك أو يعيرك ويعير كلماتك ونصائحك اهتمامًا ما لم تكن الصداقة والمحبة هي جسر التواصل فيما بينكما، كما أن الكلام والحديث في مثل هذه الأمور الحساسة (التربية الجنسية) تحتاج إلى اختيار البيئة والزمان والمكان الملائمين - فاستغلي كل فرصة تتاح لتنفردي بالصغير، لا تتهربي من تساؤلاته، بل كوني أنت كنز المعرفة الأمين، فإحساسه بالأمان والطمأنينة يلعب دورًا كبيرًا في قدرته على البوح بما داخله.
وقبل أن نفارقك سيدتي نود أن نطمئنك بأن مثل تلك الأمور (الإثارة الجنسية إن وجدت أو حتى ممارسة عادة الاستمناء - إن حدث وهو شيء لا يمكننا أن نجزم به في حالة ابنك، كل هذه الأمور تدخل مرحلة الكمون، أي الخمول مع بداية دخول المدرسة (هي لا تختفي تمامًا ولكن تسكن وتهدأ)، وذلك يرجع إلى تعرض الطفل مع دخول المدرسة إلى العديد من الأوامر والتي يكون مضمونها لا تفعل لأن ذلك عيب، لا يصح، لا يجوز، حرام، ليس من الأدب، ليس من السلوكيات المستحبة ... ، فيتكون عنده رغبة داخليًّا في أن يكون متمشيًا مع تلك القيم والمبادئ والحدود، التي يرسمها المجتمع له، فيبدأ من تلقاء نفسه الإقلاع عن هذه السلوكيات
ــــــــــــــــــــ(41/31)
الإعلام الجنسي وثقافة الاستعفاف
سيدتي الاستشارية/ أسماء أبو سيف المحترمة.. سيدتي قرأت ردكم حول:(أسئلة جنسية.. الآباء يتهربون والأبناء يلحون). حقيقة إنه لأمر هام وموضوع يهمني كثيرًا في متابعة أبنائي حول ذلك. لفت انتباهي جملة (تدربه على مهارة تأجيل إشباع الحاجات الجنسية) وذلك دون انحراف. سيدتي هل يمكن التطرق حول الموضوع بإسهاب مع ضرب الأمثلة؟ ولكم جزيل الشكر. ... السؤال
تربوي
أ/أسماء جبر أبو سيف ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الفاضل.. أتوجَّه لك بالشكر مرتين الأولى: على متابعتك الدقيقة المتبصرة لصفحتنا وتفاعلك مع ما ينشر عليها، والثانية :على وعيك بضرورة تجاوز الارتباك أمام أسئلة الأولاد المحرجة إلى البحث عن العون عن أصول الإجابة عنها، إيمانًا بأهمية مردود هذا على تربية الأبناء.ونرجو أن تلقي الإجابة الضوء علي ما أردت الاستفسار بِشأنه علي نحو مرض و كاف.
".. الإعلام الجنسي لايحتاج فقط إلى توافر المعلومات اللازمة عن الجنس بكافة نواحيه من تشريحية وفسيولوجية ونفسية فحسب، مضافة إليها معلومات عن تدرج الحاجة إلى المعرفة الجنسية لدى الولد، وعن الأسلوب التربوي الصحيح لإشباع هذه الحاجة لديه، وفقًا للمراحل التي يمر بها، إنما يحتاج علاوة على ذلك إلى مراجعة الأهل لمواقفهم العميقة من الجنس، ومحاولة تصحيح ما أعوج منها، وهو ما يعني ضرورة مراجعة مواقفهم المعاشة وتطويرها نحو الأفضل، فالتربية عملية تبادلية، والوالدان لا يربيان أولادهما فحسب، بل يتلقيان منهم بالمقابل تربية تقودهم إلى مزيد من الاكتمال والنضج.." كانت هذه الكلمات مما أورده الكاتب "كوستي بندلي بمقدمة كتابه" كيف نواجه أسئلة أولادنا عن الجنس؟
ونلتقط خيط الحديث من سؤالكم وكلمات الكاتب لنقسم إجابتنا إلى محورين:
الأول: بماذا يجب أن يتسلح الوالدان ليشجعا أولادهم على أن يكونا مصدر معرفتهم الأول.
-الثاني: ما يجب مراعاته بشأن الإعلام الجنسي الوالدي، وكيفية بناء ثقافة الاستعفاف.
نأتي للمحور الأول: بماذا يجب أن يتسلح الوالدان ليشجعا أولادهم على أن يكونا مصدر معرفتهم الأول:
1 - الحرص على تثقيف الوالدين نفسيهما بثقافة جنسية تخص السن المطابقة لسن الفتى أو الفتاة. وقد نتساءل أنه من المضحك القول إن على الوالدين تكوين ثقافة جنسية واعية.. نعم أعني ذلك فعلاً، فكم من الآباء أنجبوا عشرة أبناء، ولكنهم يحمرّون ويخضرّون، ويربط على ألسنتهم عندما يسألهم ولدهم أو ابنتهم: ما هو الزواج؟!
فثقافة الوالدين حينما تكون واسعة -بغض النظر عن المستوى التعليمي- فإنها تعطي القدرة على تكوين معلومات أكثر منطقية وواقعية وصريحة حول الجنس في رأس الأبناء.
2 - الحرص على نقل شعور التوازن حيال الجنس إلى أبنائهما، والتفكير فيه باحترام وبتقبل، فالأبوين المنفتحين على أبنائهما بالحدود المطلوبة للتربية سيوجدان شخصية تنظر إلى الجنس بشكل سويّ وأنه حاجة طبيعية؛ فالميل نحو الجنس الآخر بحد ذاته ليس حرامًا، بل يدل على سلامة الفطرة، ولولاه لما استطاع ولدنا أو ابنتنا من الزواج والإنجاب، ولأخذناهما إلى أكبر الأطباء لمعالجة فتور الشعور الجنسي تجاه الآخر! ولكن الحرام والعيب هو أن يتحول الميل إلى رغبة جامحة في ممارسة الجنس أو أي شكل أو مقدمات له؛..لذلك علينا أن نعترف بمشاعرهم والتعامل معها بشكل طبيعي تمامًا.. هكذا لن نخشى بإذن الله على أبنائنا من السقوط؛ لأننا منحناهم الفرصة ليكوِّنوا نظرة مريحة وواسعة تجاه الجنس.
ويمكن ذلك عن طريق الاستجابة الإيجابية لأسئلة الأولاد، بـ:
1- التماسك أثناء الاستماع إلى السؤال..
2- عدم التحرج من الإجابة، أو محاولة التهرب؛ فأبناؤنا لا يقلون ذكاء عنا، وهم حينما يروننا زاغت عيوننا، وتلوّن وجهنا عند الاستماع أو الكلام في أمور الجنس، فإنهم يتأكدون أن الأمر "غير طبيعي"، ويصرُّون أكثر على البحث على أدق التفاصيل، خاصة وأنهم جيل واعٍ ومطلع على الإنترنت الذي يصب في رؤوسهم مئات الأفكار الجنسية التي تتحول إلى كل هذه التساؤلات عن الأعضاء الجنسية، و"السكس"، والشذوذ ... إلخ.
ونأتي للمحور الثاني: ما يجب مراعاته بشأن الإعلام الجنسي الوالدي، وكيفية بناء ثقافة الاستعفاف:
أولاً :
- يجب الوعي أن الأمر هنا ليس أمر التدريب على شكل برنامج بقدر ما هو أمر تغيير قناعات وتكوين ثقافة لدى الوالدين.
- لا بدّ من تعويد الأبناء على المناقشة والحوار الدائم وتخصيص سهرة أسبوعية مثلاً، خاصة بالفتى أو الفتاة كل على حدة أو بكل الأسرة إن كان السن متقاربًا، وهذا أفضل لتناول ما يدور في رأسهم من تساؤلات بكل ثقة ووضوح، فأهمية الحوار مع الأبناء تكمن في أنه يدرِّب الابن على مواجهة ضغوط الحياة اليومية الموجهة للإثارة، وأكثر ما يواجهه هذا الجيل هو ضغط الأصدقاء وثقافتهم.
ثانيًا:
- تعويد أبنائنا على اعتبار ارتباطهم واحترامهم لأوقات الأسرة شيئًا عظيمًا لا يتنازل عنه (كوقت الغداء، ووقت الاجتماع الأسري، أو وقت الشاي...)، فمن العادات الاجتماعية المنتشرة أن الفتيان يتأخرون خارج المنزل، وهذا يطيل فترة تعرضهم لمواضيع الجنس وانحرافاته.
- بالإضافة إلى أن الجلوس مع الأسرة يمنح الشاب سندًا عاطفيًّا ومتنفسًا آمنًا يحيطه دون أن يشعر، ويحيطه بسياج من الإشباع الاجتماعي، وهو ما يصرف تفكيره نوعًا ما عن مجتمع الشارع، ولكن هذا لا يعني أن لا نسمح له بالصداقات، بل يجب أن نعزِّز صداقاته المتنوعة ونحترمها؛ لأنها أيضًا جزء من تكوينه الاجتماعي، وتكوين نظرته المتوازنة والواقعية عن الحياة والمجتمع.
ثالثًا:
- على الأبوين أن يطرحا أفكار الاستعفاف وكيفيته باستمرار ودون يأس؛ فكثرة الحديث حول الاستعفاف يؤدي إليه فعلاً. إن طريقة تربيتنا لأبنائنا هي تدريب على الاستعفاف بحد ذاته، وذلك عن طريق:
1-تسليح الابن أو البنت بثقة النفس، وبثقافة إيمانية متنوعة عالية، وشعور بالمسؤولية تجاه الواجبات منذ صغرهم، فهذا يخفِّف من العبء على الوالدين، ويجعل مواجهة الوالدين لهذا الأمر أكثر سهولة؛ لأن أبناءهما يشاركاهما هذه المواجهة، ويقفان معهما معًا في خندق واحد، وليس ضد بعضهما البعض، وأعني بذلك الطاقة الروحية على سبيل المثال إذا تمت تقويتها، فإنها سوف تساعد الفتى أو الفتاة على القدرة على تأجيل التفكير بالجنس.
2 - العناية بالتربية الدينية، فالعبادات، والصيام، وتدريب الولد والبنت منذ صغرهما على غضِّ البصر، وحضور دروس الشباب الدينية، والذهاب يوميًّا إلى المسجد حتى لو مرة واحدة وقراءة الكتب والمجلات المفيدة، فكل ذلك يقوِّي لدى الابن أو الابنة القدرة على تمييز الصواب من الخطأ، ويوسِّع أفق اهتمامهم، بحيث لا يبقى محصورًا في دائرة الاهتمام فقط بالأمر الجنسي، وينصرف بدلاً من ذلك إلى الإنتاج والإبداع.
3 - تفهيم الأبناء أنه لا يمكنه ممارسة الجنس إلا في نطاق الزوجية، وأن هذا يتطلب منه إكمال تعليمه، وتحوله إلى فرد منتج قادر على العمل والكسب؛ ليتمكن من الزواج الصحيح الذي يشترط الإشهار.
4- بالإضافة إلى التغاضي أحيانًا عن الأسرار التي نعرفها خلسة عن أبنائنا ومتعلقة بالجنس دون أن يكون هناك حرام أو جريمة، ونحن أحيانًا نثق ببعض المعلومات الشعبية حول الأمر، وتكون لا أصل لها في الدين والطب، فإذا ما اكتشفنا أن ولدنا يمارس العادة السرية مثلاً لماذا ننهار؟ لماذا يعتقد الأب أو الأم أن الولد سوف يحدث له شيء؟ لقد أجاز بعض العلماء ممارستها ما لم يبالغ فيها أو تسبب له الضرر؛ لأن الطاقة الجنسية حاجة بشرية، وتحتاج إلى تصريف، وهي طاقة ضمن رزمة من الطاقات الأخرى إذا ما عولجت معًا سوف تؤدي إلى نتائج جيدة بإذن الله تعالى، وبدلاً من الانزعاج علينا تعليمهم طرق التنفيس المختلفة عن مكنوناتهم كالركض، والدعاء، والرسم، والحديث إلى صديق مخلص.
5- الحرص على دفع الأبناء إلى مزاولة الأنشطة التي تساعد على السيطرة على الذات كالرياضة التنافسية مثل كرة القدم، والسباحة، وركوب الخيل، والعبادات التي تساعد على نفس الهدف كالصيام، فحينما ذكره الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حديث: "يا شباب.. من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"، ذلك أن الصيام هو عبادة تساعد على السيطرة على الذات، بالإضافة إلى تدريب الطاقة الروحية وتقويتها.
6- لا بد من التغاضي أحيانًا عن بعض التصرفات الصغيرة، ويجب ألا ينتابنا الشعور بالإحباط أو بالرغبة في التفتيش عن كل صغيرة وكبيرة في خزائن أبنائنا وفراشهم وملابسهم، علينا أحيانًا أن ندعهم يتعلمون بأنفسهم، وأن نحترم خصوصياتهم لتعلموا المحافظة عليها، وتكون مدخلنا إلى تعريفهم أن للحياة الجنسية خصوصية يحرم الحديث فيها في بعض المواطن، حتى لا يؤدي كثرة الحديث فيها إلى نشر الفاحشة.
7- وفي النهاية.. أحب أن أذكِّر كل والدين أنه ينبغي عليهما أن يحيطا أبناءهم بالثقة، والمودة، والتعاطف، والعدل بينهم، والاهتمام التام بشؤونهم الدراسية وحياتهم العملية؛ لأن هذا كله يعلمهم أن يحافظوا بدورهم على أسرهم، ويكوِّن لديهم فكرة أن الأسرة ليست فقط حياة زوجية وجنس، بل تعاون، ومحبة، وعطاء، وإنجاز.
وأرجو من كل أب وأم لديهما تجربة في هذا المجال عرضها ليستفيد الآباء والأمهات، وذلك بأن يراسلونا على بريد الصفحة التالي:
tarbia@islamonline.net
اللهم احرس شباب الإسلام من كل انحراف، واجعل همَّهم تعمير دنياهم وآخرتهم بالحق والعدل والخير.. اللهم آمين.
ــــــــــــــــــــ(41/32)
ثقافة الاستعفاف ...أساس التربية الجنسية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. هناك أساليب غربية غريبة لجعل الأبناء يدركون الأمور الجنسية، كيف يمكن أن نحذرهم من الوقوع في الحرام؛ ليتم إدراك ذلك بشكل مفهوم؟ ... السؤال
التربية الناجحة
أ/منذر الحاج حسن ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لا شك أن خوف الآباء والأمهات له ما يبرره، فلم تَعُد الأسرة هي مصدر التربية الوحيد، بل لم تَعُد في بعض الأحيان المصدر الرئيسي، فلا نستطيع اليوم أن نضع أبناءنا في صندوق أو قمقم ونغلق عليهم، فلا تنفذ إليهم المعلومة إلا من خلال قمقمنا أو عبر قناتنا.
ولم يَعُد الوالدان وحدهما أو حتى المعلم من يمتلك مصدر المعلومات وتوجيه السلوك، فهناك العديد من المؤسسات التي تساهم اليوم إلى جانب الأسرة والمدرسة في تشكيل شخصية أبنائنا وتوجيه سلوكهم، وبث القيم في نفوسهم سلبًا أو إيجابًا، وخاصة ما تتيحه وسائل الإعلام والتقنيات الحديثة من معلومات وتبثه من قيم، في كثير من الأحيان يحكم المربون عليها بالسلبية، حيث لا تنسجم مع قيمنا وتراثنا الإسلامي، خاصة فيما يتعلق بالتربية الجنسية ومفهوم العلاقة بين الرجل والمرأة.. هذا المفهوم الذي نهرب منه كمربين آباء وأمهات ومعلمين؛ لندع للغير أن يتولى تلك المهمة نيابة عنا وبالصورة التي يراها سواء كان ذلك وسيلة إعلام أو موقع إنترنت أو عبر الأصدقاء أو حتى ما يسمعه في الشارع.
ولذلك يجب أن يتنبه الآباء والأمهات إلى مثل هذه القضايا، وسؤال الأخ السائل أو الأخت السائلة يدل على مدى الحرص والوعي، وخاصة التنبه له في المراحل المبكرة، وهي التفاتة مسؤولة؛ إذ إن البناء يبدأ في الصغر.
فلا بد لنا أولاً أن نحصن أبناءنا ونغرس فيهم المعاني والقيم التي تمكنهم من فهم الجنس، وما يتعلق به من قضايا فهمًا صحيحًا مبنيًّا على العفَّة، وحاجتنا إليه ضمن الأطر الشرعية، بل لا بد أن يعي أبناؤنا معنى المتعة والتمتع بالأشياء كي يدركوا أن المتعة تكتمل بأركانها، وأهم ركن فيها هو الاطمئنان المرتكز إلى الحلال، وهذا المفهوم يجب أن ينسحب على كافة أمور حياتنا بحيث نستطيع أن ندخله في التربية الجنسية، ومنذ الصغر لا بد للأسرة أن تتولى التربية الجنسية لأبنائها، وأن توضح تلك المفاهيم لهم حتى يستقوا من النبع الصافي، ويدركوا حقائق الأمور فلا يحتاجوا للمعلومة أن تصلهم من الغير.
والأسرة يجب أن تتدرج في بناء المفاهيم بدءاً ببيان كيفية وصول الطفل إلى هذه الدنيا وولادته، بحيث يعي الحقائق بالتدريج المناسب لسنه، بحيث لا نضعه أمام إجابات مبهمة غير واقعية، فنزيد من إثارة الطفل وندفعه إلى البحث في غير إطار الأسرة، ومرورًا بتوجيهات النبي -صلى الله عليه وسلم- للتفريق في المضاجع بين الأولاد في سن العاشرة وتعليمهم آداب الاستئذان في الدخول على الوالدين، وكذلك توجيهه -عليه الصلاة والسلام- إلى أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- بأن تتحجب، وبيان المواضع التي يجب على الفتاة أن تخفيها عن غير المحارم، وانتهاء بالمعاني السامية للزواج التي يجب أن يعيها الأولاد، وفضل الحلال ومخاطر الحرام.
أما الأمر الثاني: فهو يتعلق في ضرورة بناء علاقة ثقة بين الآباء والأبناء، فيكون الأب صديقًا للابن والأم صديقة للبنت تتيح لهم اللجوء للوالدين عند اعتراضهم لمشكلات أو حيرتهم في الإجابة على تساؤلات بكل راحة ودون تردد، وهذه العلاقة تُبنى تراكميًّا، ومن خلال الثقة التي نزرعها في أبنائنا، ومن خلال التعامل الواعي مع مشكلاتهم.
وأودّ أن ألفت نظر الأخ أو الأخت السائلة إلى ما ورد في المعلومات حول اضطراب العلاقة بين الوالدين، فهي لا شك منافية لزرع مثل هذه الثقة، فالطفل يعي كل حركات الوالدين ويدرك علاقاتهم، ولا شك أنها تنطبع في ذهنه، فكيف سنقول للولد أو البنت إن الحياة الزوجية سكن وإنها اطمئنان، وهما يريان المشكلات المتكررة بين الوالدين، وكيف سندخل مفهوم السعادة الذي تحدثنا عنه في العلاقة الزوجية المبني على الاطمئنان والحلال، وهو يرى عكس ذلك، فلذلك لا بد للأسرة والأخوين الكريمين أن يراجعا علاقتهما، وينظرا في سبب الاضطراب، ويسعيا في حلِّه، وهو بلا شك عامل مهم في حفظ أبنائكم.
أما الأمر الثالث: فهو يتعلق بمتابعة الأبناء، فبعد أن نغرس فيهم تلك المعاني، وبعد أن نتقرب إليهم لا بد من المتابعة، بحيث نتعرف على أصدقائهم وعلاقاتهم وارتباطاتهم وهواياتهم، وكيف يقضون أوقات فراغهم بحيث نتدخل في الوقت المناسب، ونصلح الأمور، وأي خلل لا قدر الله مبكرًا، فكما ورد في الاستشارة بأن هناك حقًّا أساليب عديدة يلج منها الشيطان إلى أبنائنا فلْنُعِنهم ونساعدهم على السلامة، حفظ الله أبناءنا، وأعاننا جميعًا على تربيتهم تربية صالحة، وجزاكم الله خيرًا. وينتهي كلام الأستاذ منذر.
السائل الكريم.. "ليس هناك وصفات محددة ناجعة، ذلك أن هذه الطرق والوسائل تختلف من مجتمع لآخر، ومن أسرة إلى أخرى، ومن فرد لآخر، ولكن ثمَّة أسس عامة مشتركة يجب الانطلاق منها والاستناد إليها دومًا، وهذه الأسس تختلف باختلاف سن الطفل واختلاف القائمين على تربيته" كما يذكر الأستاذ عبد الواحد علواني في كتابه "تنشئة الأطفال وثقافة التنشئة" في سياق حديثه عن اتجاهات التربية الجنسية، والتي حاول الأستاذ منذر تلخيصها في بعض الحقائق:
- أن الواقع يثبت أن الطفل لا يكون محميًّا إلا من خلال تعرضه لتربية جنسية صحيحة؛ فالتربية بشكل عام تتبع الواقع لتصححه وتنقذه من أمراضه، وأمام عصر إعلامي يهتك الأستار ويقتحم أكثر الأسر تحفظًا، فليس من سبيل للتعامل مع هذا الموضوع سوى الواقعية، بل إن علماء التربية المسلمين نبهوا إلى رفد(مد) الأجيال بالمفاهيم الجنسية السليمة قبل البلوغ؛ لتكون درعًا يحميهم من حيرتهم إزاء البلوغ، ويخفف عنهم هيجان المراهقة وثورتها.
- التعامل مع أسئلة الطفل بموضوعية، والإجابة عنها بصدق وضمن الحدود المعقولة، وفي هذا احترام لتوق الطفل للمعرفة؛ لأن الأسرة لو راوغت فإنها لن تمنع الطفل من استمداد المعرفة من مصادر لا نعرف حجم أو صدق ما تقدمه له، أو أن يقوم بتشكيل مفاهيم خاصة به إن لم يجد من يستمد منه معارفه التي قد تكون خاطئة يصعب تصحيحها فيما بعد.
- الابتعاد عن تزكية أوقات الفراغ بشكل سيئ، واستغلال أسمار الأسرة واجتماعاتها على نحو يزيد روابط الأسرة متانة وينشر فيها الوعي.
وأما عن تفاصيل القيام بهذه العملية، فقد كان لصفحات الموقع عدد من المعالجات في إطار اهتمامها بهذا الموضوع، من خلال معايشتها لأهميته من واقع ما يأتيها من مشكلات على صفحات - مشاكل وحلول الشباب ، وصفحتنا "معًا نربي أبناءنا"، وما تعالجه من موضوعات على زوايا صفحة- "حواء وآدم".. الأمر الذي يجعلنا يمكن ألا نكون مبالغين إذا قلنا كما قال الأستاذ عبد الواحد علواني: "إن التربية الجنسية وحدها كفيلة بغربلة أكثر من نصف أمراضنا المعاصرة" .
ــــــــــــــــــــ(41/33)
تصفح المواقع الإباحية : نصيحة واجبة
بعض الشباب هداهم الله يستغلون شبكة الانترنت فيما حرم الله من تصفح المواقع الإباحية ويضيعون أوقاتهم وأموالهم .
ما هي النصيحة التي تقدمونها شيخنا لهؤلاء الشباب ؟
... السؤال
06/01/2005 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فمن المعلوم بداهة حرمة الاطلاع على المواقع الإباحية ، للنهي الوارد عن الاطلاع على العورات ، وما في ذلك من أضرار نفسية واجتماعية ، كما أن الشباب يضيعون أعمارهم وأوقاتهم فيما حرم الله ، ومن النافع لهم البحث عما هو مفيد في حياتهم ، والنظر إلى بناء مستقبلهم ، بما هو نافع لهم في الدنيا والآخرة .
يقول الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي سلطنة عمان :
قبل كل شيء نصيحتي لهم أن يتقوا الله تعالى في حياتهم ، وأن يتقوا الله في شبابهم ، فالإنسان مسئول عن عمره كله ، ومسئول عن شبابه كله ، ( لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسئل عن خمس عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيما أنفقه ، وماذا عمل فيما علم ) ، يُسئل الإنسان عن ذلك كله ، يُسئل عن العمر لأنه الموهبة الكبرى ، وهؤلاء الذين يقضّون أوقاتهم في مطالعة هذه المواقع الإباحية إنما يضيعون أعظم شيء في حياتهم لأنهم يضيعون الحياة نفسها ، والحياة هي أعظم شيء لأن نعم الله تبارك وتعالى تنبني على هذه النعمة الكبرى ، فلولا نعمة الحياة لما أحس الإنسان بنعمة قط من نعم الله سبحانه وتعالى ، على أن هذه الحياة وهبت له لا لأجل أن يتهالك فيها على ملذاتها ، وإنما وهبت له من أجل أن يعمل فيها لحياة أفضل ، لحياة الخلود ، لحياة البقاء ، لحياة الجزاء ، لحياة لا يعقبها موت وكل ما فيها من خير لا يهدده شر ، فصحتها لا تكدر بمرض ، وغناها لا يهدده فقر ، وشبابها لا يكدره ذكر هرم ، وإنما تلكم حياة أبدية لمن آمن وعمل صالحاً ثم اهتدى بحيث سلك الطريقة القويمة التي تسعده في الدار الآخرة عند ربه سبحانه .
فعلى هؤلاء أن يتقوا ، وأيضاً عليهم أن يعرفوا نعمة شبابهم ، فالشباب ليس فرصة للتهالك على هذه الموبقات ، وإنما هو فرصة للعمل الصالح ، للطموح إلى معالي الأمور
فالأمم تقاس بشبابها رقياً وانحطاطا وتقدماً وتأخرا ، فبقدر ما تكون شبيبتها على صلاح واستقامة وبر ووفاء وحب لله تعالى وخشية منه تكون الأمة عزيزة تكون كريمة ذات شأن عظيم ، وبقدر ما يتهالك شبابها على موبقات الأمور تكون أمة ساقطة لا قيمة لها ، فمن هنا كانت الضرورة إلى تربية هؤلاء الشباب على الصلاح والاستقامة والبر والإحسان والطموح إلى معالي الأمور والترفع عن سفاسفها .
هؤلاء نصيحتي لهم أن يعرفوا قيمة شبابهم ، وأن يعرفوا قيمة عمرهم ، على أن الإنسان قد يكون في غضارة الشباب ، وفي أزهى الفتوة فإذا به يأتي ريب المنون ليقطع دابره فجأة واحدة فيتحول إلى جثة هامدة ثم يتحول بعد ذلك إلى عظام نخرة ، ولا يدري الإنسان متى يفجأه ريب المنون ، فالناس جميعاً مثلهم في هذه الحياة كمثل سجناء حكم عليهم جميعاً بالإعدام ولكن لا يدري الإنسان ساعة تنفيذ الحكم ، وأي حكم أبلغ من حكم الله تبارك وتعالى الذي يقول ( كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) ، جدير بالإنسان أن يتقي الله ، وأن ينهى نفسه عن هذه السفاسف ، وأن يربأ بنفسه عن الانحدار إلى هذه الدركات ، وعن الرعي في هذه المراعي الوبيئة . انتهى
ــــــــــــــــــــ(41/34)
مشاهدة الأفلام الإباحية والصور العارية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : ما حكم مشاهدة الأفلام الإباحية والصور العارية ؟ وجزاكم الله عنا خيراً
... السؤال
13/08/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
مشاهدة الأفلام الجنسية حرام لأنها من الوسائل المؤدية إلى الانحلال والفساد الأخلاقي، كما أن الصور العارية حرام لأن فيها انتهاكاً للمحرمات والنظر إلى ما حرم الله .
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة - أستاذ الفقه وأصوله - جامعة القدس - فلسطين :ـ
إن الإسلام يحارب الفساد والانحلال بمختلف ألوانه وأشكاله ويقطع كل الطرق التي تؤدي إليه ، ولا شك أن الأفلام الإباحية والصور العارية مظهر من مظاهر الانحلال والفساد وأنها من الوسائل المؤدية إليه ، لذلك لا شك لدي في حرمة مشاهدة الأفلام الإباحية والصور الخليعة لأن للوسائل أحكام المقاصد كما قرر فقهاء الإسلام .
قال العز بن عبد السلام : :[ للوسائل أحكام المقاصد فالوسيلة إلى أفضل المقاصد هي أفضل الوسائل والوسيلة إلى أرذل المقاصد هي أرذل الوسائل ] .
ومن المعروف عند العقلاء أن مشاهدة الأفلام الجنسية والصور الخليعة وسيلة من وسائل انتشار الفساد الخلقي والانحلال وانتشار الموبقات ،وقد تؤدي إلى الزنا واللواط واستعمال العادة السرية فما أدى إلى الحرام فهو حرام وقد سمعنا وقرأنا عن حوادث كثيرة كان سببها مشاهدة تلك الأفلام الساقطة والصور الخليعة كالزنا واللواط وغير ذلك من المفاسد الأخلاقية .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :( لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها ) رواه البخاري .
ومعنى الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم ينهى المرأة أن ترى امرأة أخرى وهي عارية وبعد ذلك تقوم بوصفها لزوجها فتجعله يفتتن بالمرأة الموصوفة .
ومن المعلوم أن هذا الوصف يجعل الزوج يتخيل تلك المرأة بصفاتها التي نقلت إليه من زوجته ،ومع أن الأمر يتعلق بالخيال فقط فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنه فما بالك بمشاهدة الأفلام الجنسية حيث الصوت والصورة ، فهذا يؤدي إلى مفسدة أعظم من مجرد التفكير بامرأة وصفت له .
قال الشيخ علي بن الحسن الحموي الشافعي رحمه الله معلقاً على الحديث السابق [ تالله لقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما ذكر لأن الرجل الأجنبي إذا سمع وصف امرأة أجنبية تشكلت في قلبه وانطبعت في مرآة نفسه ، ويوحي الشيطان لعنه الله له عند ذلك كلاماً من غروره وأمانيه ، ويحول بينه وبين تقوى الله ومرضاته ، وتخطر له هنالك خواطر قبيحة وهواجس ذميمة فتارة بالزنا وتارة بالفحشاء ...] أحكام النظر ص 58 - 59 .
إن كل هذا يحدث نتيجة التفكير في امرأة وإن ما ينتج عن مشاهدة الأفلام الجنسية لهو أعظم وأخطر بكثير مما وصف الشيخ المذكور رحمه الله .
إنني لا أظن أن مسلماً تقياً يعرف مقاصد الشرع الشريف يقول بجواز ذلك ، هذا إذا أضفنا إلى ما تقدم أن إعداد الأفلام الجنسية والصور العارية حرام لأن فيها انتهاكاً للمحرمات والنظر إلى ما حرم الله ، كما أن نشر تلك الأفلام حرام وطبع تلك الصور حرام ، وترويج ذلك ونشره حرام أيضاً فالقضية كلها تدور ضمن دائرة التحريم .
والله أعلم .
ــــــــــــــــــــ(41/35)
النظر بين الجنسين : حكمه وضوابطه
في مكان عملي يوجد معي بعض الأخوات وأثناء الحديث معهن يقع بصري أحيانا على من تكلمني ولا أقصد شيئا يغضب الله ولكن أجد في نفسي حرجا حيث إننا مأمورون بغض البصر فنرجو بيان الحكم الشرعي في ذلك؟ ... السؤال
30/01/2005 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فنظر الرجل إلى المرأة ونظر المرأة إلى الرجل مباح بشرط ألا يكون النظر لموضع عورة من الرجل أو المرأة وألا يقترن النظر بشهوة وإلا فيحرم النظر مطلقا.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور القرضاوي -حفظه الله-: يقول فيها:
مما حرمه الإسلام - في مجال الغريزة الجنسية- إطالة النظر من الرجل إلى المرأة ومن المرأة إلى الرجل. فإن العين مفتاح القلب، والنظر رسول الفتنة، وبريد الزنى. وقديما قال الشاعر:
كل الحوادث مبداها من النظر ** ومعظم النار من مستصغر الشرر
وحديثا قال آخر:
نظرة فابتسامة فسلام ** فكلام فموعد فلقاء
لهذا وجه الله أمره إلى المؤمنين والمؤمنات جميعا بالغض من الأبصار، مقترنا بأمره بحفظ الفروج: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم، إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن..) سورة النور:30-31.
وفي هاتين الآيتين عدة توجيهات إلهية منها توجيهان يشترك فيهما الرجال والنساء جميعا وهما الغض من البصر، وحفظ الفرج، والباقي موجه إلى النساء خاصة.
ويلاحظ أن الآيتين أمرتا بالغض من البصر لا بغض البصر، ولم تقل: "ويحفظوا من فروجهم" كما قالت (يغضوا من أبصارهم) فإن الفرج مأمور بحفظه جملة دون تسامح في شيء منه. أما البصر فقد سمح الله للناس بشيء منه رفعا للحرج، ورعاية للمصلحة كما سنرى.
فالغض من البصر ليس معناه إقفال العين عن النظر، ولا إطراق الرأس إلى الأرض، فليس هذا بمراد ولا مستطاع. كما أن الغض من الصوت في قوله تعالى: (واغضض من صوتك) سورة لقمان:19، ليس معناه إغلاق الشفتين عن الكلام، وإنما معنى الغض من البصر خفضه، وعدم إ رساله طليق العنان يلتهم الغاديات والرائحات أو الغادين والرائحين. فإذا نظر إلى الجنس الآخر لم يغلغل النظر إلى محاسنه، ولم يطل الالتفات إليه والتحديق به.
ولهذا قال الرسول عليه السلام لعلي بن أبي طالب: "يا علي! لا تتبع النظرة النظرة؛ فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة".
وقد جعل النبي عليه السلام النظرات الجائعة الشرهة من أحد الجنسين إلى الآخر زنى للعين، فقال: "العينان تزنيان وزناهما النظر". وإنما سماه (زنى) لأنه ضرب من التلذذ والإشباع للغريزة الجنسية بغير الطريق المشروع.
ويطابق هذا ما جاء في الإنجيل عن المسيح عليه السلام: "لقد كان من قبلكم يقولون لا تزن وأنا أقول لكم: من نظر بعينه فقد زنى".
إن هذا النظر المتلذذ الجائع ليس خطرا على خلق العفاف فحسب، بل هو خطر على استقرار الفكر، وطمأنينة القلب الذي يصاب بالشرود والاضطراب.
قال الشاعر:
وكنت إذا أرسلت طرفك رائدا ** لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر ** عليه ولا عن بعضه أنت صابر
تحريم النظر إلى العورات:
ومما يجب غض البصر عنه العورات، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النظر إلى العورات، ولو كان من رجل إلى رجل، أو من امرأة إلى امرأة بشهوة أم بغير شهوة، قال: "لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد، ولا المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد".
وعورة الرجل التي لا يجوز النظر إليها من رجل أو امرأة تتحدد فيما بين السرة والركبة، كما ورد في الحديث. ويرى بعض الأئمة كابن حزم وبعض المالكية أن الفخذ ليس بعورة.
وعورة المرأة بالنسبة للرجل الأجنبي عنها هي جميع بدنها ما عدا وجهها وكفيها.
وما لا يجوز النظر إليه من العورات لا يجوز أن يمس باليد أو بجزء من البدن. وكل ما ذكرنا تحريمه من العورات -نظرا أو لمسا- مشروط بعدم الضرورة أو الحاجة، فإذا وجدت كما في حالة الإسعاف أو العلاج فقد زالت الحرمة. وكل ما ذكرنا من جواز النظر مشروط بأمن الفتنة والشهوة، فإن وجدت فقد زالت الإباحة سدا للذريعة.
حدود إباحة النظر إلى الرجل أو المرأة:
ومما ذكرنا يتبين أن نظر المرأة إلى ما ليس بعورة من الرجل -أي ما فوق السرة وتحت الركبة- مباح ما لم تصحبه شهوة أو تخف منه فتنة وقد أذن الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة أن تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون بحرابهم في المسجد النبوي، وظلت تنظر إليهم حتى سئمت هي فانصرفت.
ومثل هذا نظر الرجل إلى ما ليس بعورة من المرأة -أي إلى وجهها وكفيها- فهو مباح ما لم تصحبه شهوة أو تخف منه فتنة.
فعن عائشة أن أسماء بنت أبي بكر -أختها- دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في لباس رقيق يشف عن جسمها، فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنها وقال: "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا" -وأشار إلى وجهه وكفيه-.
وفي الحديث ضعف ولكن تقويه أحاديث صحاح في إباحة رؤية الوجه والكفين عند أمن الفتنة.
وخلاصة القول: أن النظرة البريئة؟؟ إلى غير عورة من الرجل أو المرأة حلال ما لم تتخذ صفة التكرار والتحديق الذي يصحبه -غالبا- التلذذ وخوف الفتنة.
ومن سماحة الإسلام أنه عفا عن النظرة الخاطفة، التي تقع من الإنسان فجأة حين يرى ما لا تباح له رؤيته، فعن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة فقال: "اصرف بصرك" يعني: لا تعاود النظر مرة ثانية.
والله أعلم.
ــــــــــــــــــــ(41/36)
عورة المرأة أمام محارمها
ما حدود عورة المرأة بالنسبة لمحارمها؟ ... السؤال
07/11/1999 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
يقول الدكتور القرضاوي:-
عورتها بالنسبة للرجال الأجانب عنها وكذلك النساء غير المسلمات جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، على ما اخترناه، إذ أبيح كشفهما -كما قال الرازي- للحاجة في المعاملة والأخذ والعطاء، فأمرن بستر ما لا تؤدي الضرورة إلى كشفه، ورخص لهن في كشف ما اعتيد كشفه، وأدت الضرورة إلى إظهاره، إذ كانت شرائع الإسلام حنيفية سمحة. قال الرازي: ولما كان ظهور الوجه والكفين كالضروري، لا جرم اتفقوا على أنهما ليسا بعورة. أما القدم فليس ظهورها بضروري فلا جرم اختلفوا هل هي عورة أم لا؟.
وعورتها بالنسبة للأصناف الاثني عشر المذكورين في آية النور ، وهم :(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم، إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن..) سورة النور:30-31.
تتحدد هذه العورة فيما عدا مواضع الزينة الباطنة من مثل الأذن والعنق والشعر والصدر والذراعين والساقين، فإن إبداء هذه الزينة لهؤلاء الأصناف قد أباحته الآية.
وماعدا ذلك من مثل الظهر والبطن والسوءتين والفخذين، فلا يجوز إبداؤه لامرأة أو لرجل إلا للزوج.
وهذا الذي يفهم من الآية أقرب مما ذهب إليه بعض الأئمة؛ أن عورة المرأة بالنظر إلى المحارم ما بين السرة والركبة فقط. وكذلك عورتها بالنسبة إلى المرأة بل الذي تدل عليه الآية أدنى إلى ما قاله بعض العلماء: إن عورتها للمحرم ما لا يبدو منها عند المهنة. فما كان يبدو منها عند عملها في البيت عادة فللمحارم أن ينظروا إليه.
ولهذا أمر الله نساء المؤمنين أن يستترن عند خروجهن بجلباب سابغ كاس، يتميزن به عمن سواهن من الكافرات والفاجرات، وفي هذا أمر الله نبيه أن يؤذن في الأمة بهذا البلاغ الإلهي العام: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) الأحزاب:59. والجلابيب جمع جلباب، وهو ثوب واسع كالملاءة تستتر به المرأة.
وكان بعض نساء الجاهلية إذا خرجن من بيوتهن كشفن عن بعض محاسنهن، من مثل النحر والعنق والشعر، فيتبعهن الفساق والعابثون. فنزلت الآية الكريمة تأمر المرأة المؤمنة بإرخاء بعض جلبابها عليها، حتى لا ينكشف شيء من تلك المفاتن من جسدها، وبهذا يعرف من مظهرها أنها عفيفة مؤمنة، فلا يتعرض لها ماجن أو منافق بإيذاء.
فالواضح من تعليل الآية أن هذا الأمر خوف على النساء من أذى الفساق، ومعاينة المجان، وليس خوفا منهن ولا فقدانا للثقة بهن -كما يدعي بعضهم- فإن المرأة المتبرجة بزينتها وثيابها، أو المتكسرة في مشيتها، أو الطرية في حديثها، تغري الرجال بها دائما، وتطمع العابثين فيها، وهذا مصداق الآية الكريمة (فلا تخضعن بالقول، فيطمع الذي في قلبه مرض) الأحزاب:32.
وقد شدد الإسلام في أمر التستر والتصون للمرأة المسلمة. ولم يرخص في ذلك إلا شيئا يسيرا خفف به عن عجائز النساء. قال تعالى: (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة، وأن يستعففن خير لهن، والله سميع عليم) النور:60.
والمراد بالقواعد النساء اللاتي قعدن عن الحيض والولد لكبرهن فلا يطمعن في الزواج، ولا يرغبن في الرجال، كما لا يرغب فيهن الرجال. فهؤلاء قد خفف الله عنهن، ولم يجعل عليهن حرجا أن يضعن من بعض الثياب الخارجية الظاهرة كالملحفة والملاءة والعباءة والطرحة ونحوها.
وقد قيد القرآن هذه الرخصة بقوله: (غير متبرجات بزينة) أي غير قاصدات بوضع هذه الثياب التبرج، ولكن التخفف إذا احتجن إليه.
ومع هذه الرخصة، فالأفضل والأولى أن يتعففن عن ذلك، طلبا للأكمل، وبعدا عن كل شبهة (وأن يستعففن خير لهن).
الله أعلم
ــــــــــــــــــــ(41/37)
الجنس الإلكتروني: حكمه وعواقبه
نسمع عن انتشار الكلام الجنسي عبر الشات، أو ما يعرف بالجنس الالكتروني، أو السيبرسكس شات، وأنه يلجأ إليه بدلا من الزنى أو العلاقة الجنسية الفعلية المحرمة ،فما حكم هذا الأمر، وأليس هو أخف ضررا على المجتمع من العلاقات الجنسية المباشرة ؟
اسم المفتي
مجموعة من الباحثين
نص الإجابة
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الجنس الالكتروني من الأمور التي انتشرت مع انتشار الإنترنت، وخاصة في أوساط الشباب غير القادرين على الزواج، كما أنه تعدى إلى المتزوجين الذين قد لا يجدون المتعة مع أزواجهم، بل يسعى البعض إليه من باب الترفيه عن النفس وإشباع الغريزة الجنسية، ظنا أن فيه استمتاعا بلا مشاكل حقيقة كالزنى، أو الارتباط الحقيقي بين شاب وفتاة، أو ما قد ينجم عن العلاقة المباشرة من حالات الإجهاض أو فقد عذرية الفتاة، أو انتقال بعض الأمراض كالإيدز أو السيلان أو غيرهما من الأخطار التي تنجم عن العلاقة الجنسية المباشرة بين الجنسين .
وقد نظم الإسلام العلاقة بين الجنسين، وجعل العلاقة الجنسية مصونة بسياج الزواج، فكل علاقة جنسية بين الجنسين محرمة إلا الزواج.
كما أمر الإسلام الجنسين بالابتعاد عن كل ما يثير الغرائز، بل جاء الأمر لأمهات المؤمنين:"فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض " فلا يجوز الحديث بلين الكلام ولو كان بعيدا عن الكلام الجنسي، فكان الكلام الجنسي محرما من باب أولى، لما قد يترتب عليه من أضرار جسيمة .
يقول الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى : " فلا تخضعن بالقول " قال السدي وغيره يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال ولهذا قال تعالى : " فيطمع الذي في قلبه مرض " أي دغل " وقلن قولا معروفا " قال ابن زيد قولا حسنا جميلا معروفا في الخير ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم أي لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها. انتهى
وقال الإمام القرطبي :
أمرهن الله أن يكون قولهن جزلا وكلامهن فصلا، ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين، كما كانت الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال بترخيم الصوت ولينه، مثل كلام المريبات والمومسات . فنهاهن عن مثل هذا .
وعلى الجملة فالقول المعروف : هو الصواب الذي لا تنكره الشريعة ولا النفوس .انتهى
وفسر البعض قوله تعالى :"فيطمع الذي في قلبه مرض"، : أي يحدث تشوف للفجور، وهو الفسق والغزل لمن تتحدث إليه النساء.
إن الالتجاء إلى الجنس الالكتروني قد يفضي إلى ما يخشاه من يلجأ إليه،لأن إثارة الشهوة قد تفضي إلى العادة السرية، أو السحاق أو اللواط، أو الزنى، فتأثيره لا يقف عند حد الخيال،وإنما قد يترجم إلى الواقع بما هو محرم شرعا .
إن المجتمع المسلم يقوم على العفة وصيانة المحارم،والبعد عن الرذائل، بل قد جاء الإسلام ليحارب تلك الرذائل،فكل ما أفضى إليه،حرم شرعا .
كما أن كل ما أفضى إلى الحرام فهو حرام، وقد حرم الله تعالى كل الوسائل المفضية إلى الزنى، ولم يجعل الزنى وحده محرما،فقال تعالى :"ولا تقربوا الزنى " فحرم أسبابه والدواعي التي تؤدي إليه، من النظرة والكلام وغير ذلك.
كما أن الكلام الجنسي قد يفضي إلى خراب البيوت، وطلاق بعض النساء من أزواجهن، كما هو الحال المشاهد، ولا يجوز تخبيب المرأة على زوجها، ولو بحجة أنه يريد طلاقها من زوجها،ويتزوجها، فمثل هذا يحرم أيضا .
ويقول الشيخ القرضاوي حفظه الله في الحديث بين الجنسين:
الكلام بالمعروف لا ينكر شرعًا، والله تعالى قد قال: "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَض ... "، فما دام الكلام مشروعًا، وليست هناك خلوة، وكان الكلام في موضوعات نافعة مما يهم الطرفين، كأن يكونا مشغولين في الأدب فيتحدثا فيها أو في شؤون المسلمين، وغيرها إذا لم يُخْشَ من وراء ذلك فتنة، وكل إنسان أدرى بنفسه، لا ينبغي أن يكون همُّ الشاب الحديث مع الفتيات فقط، ولا يتحدث مع مثله من الشباب، وكذلك لا يكون همُّ الفتاة أن تتحدث مع الشباب، ولا تتحدث مع مثيلاتها من الفتيات، فهنا ينبغي التفتيش في دخائل النفس؛ ليعرف الإنسان حقيقة اتجاهاتها، ولا يخدع نفسه بما يعلم أنه يخالف الحقيقة، وإذا انتهت هذه العلاقة بالزواج فلا بأس بذلك .انتهى
وعلى الأمة أن تسعى لتوعية الشباب والفتيات والرجال والنساء لخطر هذا الأمر، وأن يقوم علماء النفس وعلماء الاجتماع مع علماء الشريعة ببيان خطره وأضراره .
ويجوز للحاكم المسلم أن يعزر كل من قام بمثل هذا الفعل بعد معرفة خطرها وضررها، لأنه هدم لأخلاق المجتمع بما يعود بالضرر على المسلمين جميعا، بل على الإنسانية كلها، لأن الإنسانية في حاجة إلى حياة نظيفة لا يشوبها التفكك الاجتماعي.
وما توصل أعداء الإنسانية والإسلام إلى درجة تفكك المجتمعات وانحلالها إلا من خلال العلاقة الجنسية المحرمة .
ــــــــــــــــــــ(41/38)
التربية الجنسية وحكم تعليمها للشباب
بسم الله الرحمن الرحيم، نريد أن نعرف ما حكم الإسلام في التربية الجنسية؟ وما السن الذي يمكن أن يبدأ معه هذا التوجيه؟
وجزاكم الله خيرا
... السؤال
01/11/2006 ... التاريخ
الشيخ فيصل مولوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
التربية الجنسية من وجهة النظر الإسلامية تعني تعريف الشاب والفتاة بكل ما يتعلق بالغريزة الجنسية، وبيان الحلال والحرام حولها مع إخضاعها لمقتضيات الدين والأخلاق ، مع البعد عن الإغراء المحرم شرعا ، والتربية الجنسية يمكن أن تبدأ مع سن البلوغ الشرعي ، وفي البلاد التي تعيش في الإباحية يمكن أن تبدأ هذه التوعية مع سن التمييز .
يقول المستشار فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء :
التربية الجنسية تعني تعريف الشاب والفتاة بمقتضيات الغريزة الجنسية، وبما شرعه الله حولها من أحكام شرعية تبين الحلال والحرام في ممارسة هذه الغريزة.
ولذلك كان من الطبيعي وجود مثل هذه التربية الجنسية في جميع المجتمعات الإسلامية طالما أنها تتعلق بتعليم الإنسان المسلم الأحكام الشرعية التي تتعلق بأفعاله الجنسية.
وقد كان الفقهاء حريصين على مثل هذا التعليم حتى انتشر بينهم الأثر القائل: لا حياء في الدين (ومعناه أن بيان حكم الدين ينبغي ألا يدخل إليه الحياء الذي يمنع الإنسان من الكلام عادة في المسائل الجنسية).
وبما أن المجتمعات الأوروبية تنتشر فيها التربية الجنسية مع إباحية كاملة تزين للشاب وللفتاة ممارسة الجنس الحرام، لذلك أصبح من أهم الواجبات على المسلمين في تلك البلاد تعليم أولادهم كل الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الموضوع، أي تلقينهم تربية جنسية من وجهة نظر إسلامية حتى لا يقعوا في الحرام.
والتربية الجنسية من وجهة النظر الإسلامية هي تعريف الشاب والفتاة بكل ما يتعلق بالغريزة الجنسية، وبيان الحلال والحرام حولها مع إخضاعها لمقتضيات الدين والأخلاق. ولا يجوز بحال تحت ستار التربية الجنسية اللجوء إلى الإغراء أو التشجيع على الممارسة الجنسية سواء كان ذلك عن طريق الصور أو عن طريق وصف هذه الأعمال.
وانطلاقاً مما تقدم، أعتقد أن التربية الجنسية يمكن أن تبدأ مع سن البلوغ الشرعي. ولا أرى مصلحة في أن تسبق هذه السن، ولا أن تتأخر عليه. لكن في المجتمعات الأوروبية حيث تبدأ الإباحية الجنسية في سن مبكر، فإنه لا بأس أن تبدأ التربية الجنسية الإسلامية في سن التمييز المقدر عادة بسبع سنوات.
ــــــــــــــــــــ(41/39)
عندما لا يستر الحجاب!
عماد الدين دهينة**
...
01/06/2005
أوجب الله الحجاب على النساء من خلقه رحمة بهن؛ فهو صيانة لهن وللمجتمع من الفجور والرذائل، كما يمثل الحجاب تحقيقا لعبودية الله تعالى، لأنه هو الذي أمر به، وهو يأمر ليطاع؛ ويشرع من الدين ما ينفع به العالم كله.
ولم يجعل الإسلام الحجاب طقوسا مبهمة أو مجرد شعار من شعاراته؛ بل جعله فرضا لازما من فروضه لا يسع مسلم ولا مسلمة جهله أو إنكاره، قال تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور:31).
في شكل الحجاب فسحة
هكذا كان الحجاب سترا لسائر الجسد باستثناء الوجه والكفين: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} على ما قاله كثير من العلماء، وهذا الستر موافقة أخرى للفطرة النقية؛ إذ فطرت المرأة على الحياء. ومعنى الستر ألا يشف ولا يصف أو ما من شأنه أن يخالف المقصود من الحجاب من ستر هذه العورات عن الأعين.
ولم يلزم الإسلام المرأة بهيئة محددة، فشكل الملبس واللون ونحوه يرجع إلى الأذواق والأعراف؛ فلم يكن هناك شكل محدد ولا لون معين فرضه الإسلام؛ فالخمار المصري مثلا غير السعودي غير الإيراني... ولم يضيق الإسلام في ذلك ما لم يكن اللون لافتا للأنظار مغايرا للأعراف. فلا قيود إذن تضيق بها النفس بل ترى انسجام الشرع مع فطرة الحياء التي فطر الله الناس عليها.
وقد تظهر مصطلحات بين الحين والآخر في واقع الناس، وقد بقي مفهوم الحجاب كما هو مع تنوعه، عند من يراه النقاب، أو من يراه الخمار، أو من يراه "الإيشارب" الطويل أو القصير، مع الالتزام بشروط الثياب الشرعي من كونه فضفاضا واسعا، لا يصف ولا يشف، وغيرها.
ولكن شاع حديثا ما عرف عند الناس بـ"حجاب الموضة"، ومفهومه يختلف من طبقة لأخرى، ومن بيئة لأخرى، والجامع بين من يلتزم بشروطه أو من لا يلتزم هو الاهتمام بالأناقة واختيار الألوان، أو الاهتمام بالقصات الحديثة، أو الأشكال التي تطرح في السوق، وهذا يعني أن "حجاب الموضة" مصطلح واسع، لا يمكن لنا أن نحكم عليه بالصواب والخطأ إجمالا، ولكن يحكم عليه حسب هيئته، وحسب قربه أو بعده من الشروط التي أوضحها الفقهاء، استنباطا من الكتاب والسنة، فالاهتمام بالموضة شيء لا بأس به، غير أنه لا ينبغي أن يجرنا إلى مخالفة مقصود الشارع من الحجاب، من الستر، ليس للرأس فحسب، ولكن للجسد إلا الوجه والكفين، مع بقية الشروط، ولتتخير المرأة بعد ذلك ما يناسب بيئتها وزمانها، وما تحب أن تكون عليه.
ستر رمزي باسم الحجاب
والواقع أن كثيرا من بناتنا وأخواتنا قد لامست بعض معاني الإيمان قلوبهن فأردن لبس الحجاب ولم يكتمل مفهومه في أذهانهن؛ أو ما زالت تتردد في اتخاذ القرار الصحيح فلم تغير من ملابسها وكل ما فعلته أنها سترت شعرها، أما بقية ملبسها فهو كما هو، أو ربما طال قليلا، أما فتحاته وقصاته فهي كما هي! وربما تركت من شعرها ما يدل على مكنون الجمال!
وهن يفعلن ذلك إما جهلا بمفهوم الحجاب الصحيح؛ وقد يكون لأن صاحبة الحجاب ولدت في بيئة محافظة وورثت الحجاب باعتباره عادة لا ديانة، فلم يكن الحجاب من الداخل بل كان من الظاهر فقط، فلم يستقر بها على حال، وقد تكون احتكت بشعوب أخرى أو بعض من ينظرون إلى الحجاب نظرة فوقية؛ وكأنه دال على الرجعية والتعصب ووقف على الخدم؛ وليس من الرقي بمكان؛ فتستحي الأخت مما هي عليه!
وتحدث في أمر الحرب الإعلامية ولا حرج؛ فقد راهن المعلنون على جسد المرأة بدعوى التحرر والتنوير والمساواة لكي يجلب لهم الخير الوفير؛ ولم يجن الغرب من ذلك إلا الشذوذ والامتهان وضياع الأسر وتشردها.
ومن حالات الواقع الأليم أن تولد البنت في بيئة لا تعرف معنى الحجاب فلا أم ارتدته ولا جدة إلا بعد الستين؛ حتى تواري عن الأنظار ما تستحي منه. فلما أرادت الفتاة لبس الحجاب واجهت من العنت الاجتماعي والنظرة الدنيا ما جعلها في اختبار شديد وهي في أول الطريق؛ فأرادت أن تأخذ في حجابها طريقا وسطا؛ للهروب من هذا الضغط النفسي والاجتماعي.
ولهذه فقط أقول لها: اصبري وصابري على الحق، وجاهدي وافعلي الخير والتزمي به لعلك تكونين من المفلحين وعند الله من الفائزين، وبقدر ما رزقت من قوة الشخصية والإصرار على الحق تحققين ما تأملين؛ يقول الله عز وجل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} (الطلاق: 2-3).
ولك في أخواتك اللاتي أصررن على ارتداء الحجاب وسط المجتمع الفرنسي وأثّرن في الرأي العام العالمي القدوة والمثل الحسن؛ أما غيرهن من الأصناف السابقة فنقول لهن: هذا حجاب على أعين من ترتديه وليس حجابا لها.
ومهما اختلفنا حول حجاب الموضة فالاتجاه للحجاب أمر فيه خير والنور الخافت سرعان ما يستحيل شمسا تضيء النهار وقطرات الندى يوشك أن يتبعها غيث وفير يحيي موات الأرض كما يحيي موات القلوب، ولكن تذكري دائما أيتها الأخت الكريمة: إن لم تكوني في زيادة فأنت في نقصان.
نداء الإيمان يغرس صحيح الدين
إن القضية في أساسها قضية دين وإيمان فمن ملكت قلبا نقيا، يرقى لمعاني الإيمان فسوف تنتفع بالذكرى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (الذاريات: 55). أما من لم يخفق لها قلب مع نداء الله للمؤمنين والمؤمنات، وتذكيره بآياته المحكمات، فعليها أن تسأل الله أولا أن يمن عليها بقلب حي، فيقول عز وجل: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (ق:37).
ووقتها لن نحتاج إلى كثير من الإقناع والجدال، واستقصاء كل حالات الزيغ والانحراف، ويكفيك نداء الله تعالى للمؤمنين: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون} (الأنفال 24).
ومثل هذا الإيمان النقي يظهر في الأخت التي تتحفظ في ملبسها بلبس البنطال تحت ما ترتديه من ملابسها حتى لا تنكشف قدمها وهي تركب السيارة مثلا، أو كتلك التي تضع يدها تحت خمارها إذا حركه الهواء حتى لا يلتصق فيصف ما تخشاه، هكذا يكون المحرك هو الإيمان والشعور بالمراقبة من الله تعالى، وجملة القول: إن الحجاب لن يكون حجابا حتى يكون من داخل الإنسان وليس خارجا عنه، وإلا كان حجابا على العيون أن ترى الحق؛ يقول تعالى: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ. كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (المطففين 14-15).
لا حجبنا الله وإياكم عنه أبدا...
ــــــــــــــــــــ(41/40)
محجبات أشكال وألوان
وسام كمال
...
25/05/2005
لم يعد التعجب سيد الموقف في رصد ظاهرة حجاب الموضة؛ فالمحجبات أصبحن يرتدين أشكالا وألوانا كثيرة من الحجاب، فهناك النقاب، والخمار، والإسدال، والإيشارب الطويل، والحجاب المتوسط، والطرحة القصيرة جدا، والبونيه؛ ولكل نوع مئات من الأشكال والألوان.
وقد ترى محجبة ترتدي الجلباب، وأخرى ترتدي البلوزة والجيب، أو البنطلون. ويوجد في ملابسهن الواسع والضيق؛ فالجلباب (العباية) التي ابتكرت لكي تكون ساترا للجسم ومظهرا من مظاهر الورع والحشمة والزهد وعدم جذب الأنظار تحولت لدي البعض وأصبحت أكثر ترفا ولفتا للأنظار من غيرها في ملابس المحجبات.
محجبات صنف ثالث
ورصدت لنا الكاتبة الإسلامية صافيناز كاظم في مقدمة كتابها "في مسألة السفور والحجاب"(1) صنفين من المحجبات في عصرها؛ وهما:
الملتزمة بالفريضة: التي ترتدي الحجاب الشرعي وفقا لشروطه لا لشكل معين؛ غير ممانعة من التفنن في التأنق في لون وشكل الخمار وأسلوب ارتدائه.
وتعلوها المتنفلة: وهي تلك التي تحب أن تقدم النافلة مع أداء الفريضة، والنافلة ما زاد تطوعا عند الإنسان في طاعته وعبادته قربة لوجه الله سبحانه وتعالى؛ وهي التي ترتدي النقاب.
ولم تعلم صافيناز وقتها أن الحجاب سيدخل على تعريف صنف آخر هو حجاب الموضة الذي أصاب مفهوم الحجاب ببعض الخدش، فبعد أن كان الناس متفقين على أن المباح هو الوجه والكفين، وسط جدال حاد حول فرضية النقاب وستر المرأة من رأسها لأخمص قدميها، الآن صار الواقع رغم وضوح المفاهيم نظريا يعكس اختلاطا وتحررا واسعا لدى المحجبات، فأصبحت بعضهن لا تتوارى وراء حجاب كامل؛ وتبدي بعض مفاتنها، فقد تظهر الرقبة مع جزء من الصدر، أو جزء كبير من شعر مقدمة الرأس، والعجيب أني رأيت ذات مرة إحدى الخليجيات ترتدي حجابا وجاكت وأسفل الجاكت بلوزة تظهر نصف بطنها!!!.
أسباب ارتداء الحجاب
لا يمكننا أن نفتش في ضمائر الناس، ولكن هناك مؤشرات تؤكد أن لكل فتاة منطقها في ارتداء الحجاب، فهناك من ترتديه ابتغاء وجه الله عز وجل وهن كثيرات، وهناك من ترتديه لأسباب اجتماعية متعلقة بالعادات والتقاليد؛ حتى أن بعض الفتيات المسيحيات في الريف المصري تلفحه على رأسها بمنطق البيئة الاجتماعية لا بغيره.
وهناك من تربت في أسرة متدينة فوجدت جميع نساء الأسرة يلبسن الحجاب، فلم تجد مناصا عنه ولا مفر من الاحتماء به -في عمر مبكر- من انتقادات الجميع، وأعرف فتيات يجدن فيه امتدادا لتكوينهن النفسي سواء الحياء أو الطبيعة الخجولة.
وهناك من ترتديه لأنها وجدت فيه موضة وتقليعة انتشرت بين الفتيات، أو لأن شعرها غير جميل، أو بهدف الزواج من عريس متدين. أعرف فتاة ارتدت الحجاب وخلعته أكثر من مرة حتى تلف الأنظار، ولكنها رغبت ذات مرة أن ترتديه فعلا، فلم يشجعها على ارتدائه سوى ارتباطها العاطفي بشخص اعتقدت فيه الالتزام، رغبة في الفوز به، وبعد فترة اكتشفت أنه راهن أصدقاءه أنها سترتدي الحجاب لأجله، وبعد علمها بنيته لم تخلع الحجاب؛ ربما لأنها اقتنعت به أو قد يكون لرغبتها في أن تثبت له العكس؛ وعدم قيامها بارتداء الحجاب لأجل سواد عيونه؛ لأنه ببساطة "لا يستحق".
موضة + عقيدة
وناقش موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" حجاب الموضة، في مقال بعنوان "العقيدة في الموضة"(2). تحدث التقرير عن فكرة ظهور جيل جديد من المسلمات يهتم بالموضة وآخر صيحاتها؛ وتحول إلى الثقافة الاستهلاكية في التعامل مع الملابس الإسلامية؛ خاصة في الأعياد والمناسبات؛ بعد أخذ قصات وإدخال ألوان مختلفة على أزياء المسلمات التقليدية؛ على يد مصممات مسلمات تلقين تعليمهن في الموضة في جامعات غربية.
ونقل المقال في تفسيره هذه الظاهرة تبريرا ذكرته أشهر مصممات الأزياء الإيرانيات قالت فيه: "العربيات والمسلمات يحببن الجمال والأناقة بصفة خاصة؛ فإن خلعن العبايات السوداء والطرح الطويلة؛ ستجد من تحتها نساء في غاية الأناقة"!!!.
استهلاك على الطريقة الإسلامية
وعندما تتصفح عبر الإنترنت المواقع الإسلامية التي تعرض أهم خطوط الموضة للحجاب والأزياء النسائية الإسلامية(3)، ربما يعجبك انفتاح المسلمين ورغبتهم عدم كبح حب الإنسان في التمتع بالحياة، لكن سيبادرك سؤال: هل ما يحرك هذه المواقع والمروجون للأزياء الإسلامية رغبة حقيقية في الترويج للبديل الإسلامي في الموضة؟ أم أن هذا البديل الإسلامي هو المفتاح الذي يروج به الراغبون في زيادة الاستهلاك لدى الإسلاميين؛ على طريقة "فوانيس رمضان" المبتكرة التي تصنعها الصين غير المسلمة وتصدرها لأسواق المسلمين رغبة في الرواج التجاري!.
المحجبات رقم (1)
وردت فقرة متميزة بشأن الحجاب في كتاب للمؤلف أحمد فؤاد بلبع بعنوان: "مؤسسة الرق من فجر البشرية حتى الألفية الثالثة"، قام د. عبادة كحيلة(4) بعرضه في مجلة وجهات نظر(5). يقول في الفقرة: "ارتبطت ظاهرة الرق بظاهرة الحجاب؛ فقد كان الأصل عند المرأة هو السفور، لكن مع ظهور مؤسسة الرق وازدياد أعداد الأرقاء من النساء، وتحدد وضع بعضهن كسرائر أو حظايا، وتحدد وضع بعضهن كبغايا، أضحت هناك ضرورة للتمييز بينهن وبين الحرائر، فبدأت ظاهرة الحجاب التي كانت قصرا عليهن، وربما كانت البداية الأولى للحجاب في فارس، حيث ألزم الأرقاء من النساء بالسفور، كما ألزم الأرقاء من الرجال بحلق شعر رءوسهم وذقونهم وشواربهم، تمييزا لهم جميعا عن الأحرار".
لست أود من هذا الاقتباس أن أدعي اصطفائية المحجبات دون غيرهن وكأنهن ملائكة لا يخطئون أبدا؛ إذ أن هناك غير محجبات أفضل بأخلاقهن من محجبات يفهمن الحجاب على أنه شكل فقط لا خلق؛ ولكنني أشعر أن الحجاب نفسه هو فكرة اصطفائية؛ بمعنى أن الله أراد بالمسلمات خيرا عندما أمرهن بالحجاب؛ لأنه يجعل من ينظر إليهن يقيِّمهن على أساس عقولهن لا أجسادهن.
هكذا أمرنا الله
لا أخلص إلى وضع المحجبة بحجابها الذي هو "على آخر موضة" في قفص الاتهام؛ بل على العكس، ربما التنوع والأناقة يكونان سببا في الإحسان إلى الدين وتيسيره على الملتزمات، وكل ما أود الإشارة إليه أن شروط الحجاب (أن يكون ساترا للبدن عدا الوجه والكفين + واسعا لا يصف + سميكا لا يشف + لا يلفت الأنظار + ألا يكون زينة في ذاته + ألا يكون لباس شهرة) هي الأولى في وضع الحجاب على الرأس؛ لأنها مواصفات أمر الله بها ولا يجوز المساومة عليها باستخدام مقولة: "هذا الحجاب غير الكامل أفضل من التبرج" و "نصف العمى ولا العمى كله". فالتبرج لا يعني خلع الحجاب؛ وإنما هو عدم استيفاء شروط الله في حجاب المسلمة؛ لأن المسلم مأمور بأن يعبد الله كما أمر لا أن يعبده على هواه {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} (الفرقان: 43).
ــــــــــــــــــــ(41/41)
أوصاف اللباس الشرعي للمرأة
نعرف أن من أوصاف الحجاب الشرعي أن يكون ساترا، وواسعا، وسميكا، ولكن ماذا عن اختيار ألوان صارخة تلفت الانتباه؟ ... السؤال
04/07/2006 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:-
الحجاب الشرعي الذي يخرج المرأة من الإثم هو ما يجمع الأوصاف التالية :-
1- أن يكون ساترا لا يظهر إلا الوجه والكفين .
2- أن يكون واسعا فضفاضا لا يبرز ، ولا يحدد أجزاء الجسم .
3- أن يكون سميكا ، لا يصف ما تحته ، ولا يشف.
4- ألا يكون من الملابس الخاصة بالرجال .
5- ألا يكون زينة في نفسه حتى لا يبطل المقصود به؛ فإن الحجاب شرع لوأد النظرة المشبوبة، فإن أظهرت المرأة زينتها سواء أكانت الزينة في اختيار لون للحجاب يلفت أنظار الرجال، ويسترعي فضولهم، أو في إظهار زينة الحلي، أو في اتخاذ عطور لها رائحة فإن ذلك يجعل المرأة متبرجة حتى لو كانت لا تظهر سوى الوجه والكفين.
ولم يشترط الإسلام لونا معينا لحجاب المرأة، ولم يمنعها من لبس لون معين ، فلها أن تلبس أي لون شاءت طالما كان اللون بعيدا عن الفتنة والإثارة وجذب الأنظار.
يقول الدكتور حسام الدين عفانه - أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين:-
من شروط الحجاب أن لا يكون زينة في نفسه؛ لقوله تعالى { ولا يبدين زينتهن } [ النور : 31 ]، فإنه بعمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينة تلفت أنظار الرجال إليها، ويشهد لذلك قوله تعالى في [ الأحزاب : 33 ] : { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } .
وقوله صلى الله عليه وسلم : (( ثلاثة لا تسأل عنهم - يعني لأنهم من الهالكين - : رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصياً، وأمة أو عبد أبق فمات، وامرأة غاب عنها زوجها، قد كفاها مؤونة الدنيا، فتبرجت بعده، فلا تسأل عنهم )) رواه الحاكم وأحمد وسنده صحيح وقال الحاكم : على شرطهما ولا أعرف له علة وأقره الذهبي .
(( والتبرج : أن تبدي المرأة من زينتها ومحاسنها وما يجب عليها ستره مما تستدعي به شهوة الرجل)).
والمقصود من الأمر بالجلباب إنما هو ستر زينة المرأة، فلا يعقل حينئذ أن يكون الجلباب نفسه زينة، وهذا كما ترى بيِّنٌ لا يخفى.
ولذلك قال الإمام الذهبي في (( كتاب الكبائر )) ( ص131 ) :
(( ومن الأفعال التي تُلْعَن عليها المرأة، إظهار الزينة والذهب واللؤلؤ تحت النقاب، وتطيبها بالمسك والعنبر والطيب إذا خرجت، ولبسها الصباغات والأُزر الحريرية والأقبية القصار، مع تطويل الثوب وتوسعة الأكمام وتطويلها، وكل ذلك من التبرج الذي يمقت الله عليه، ويمقت فاعله في الدنيا والآخرة، ولهذه الأفعال التي قد غلبت على أكثر النساء، قال عنهن النبي صلى الله عليه وسلم : اطلعت على النار فرأيت أكثر أهلها النساء )) .
قلت: وهو حديث صحيح، أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث عمران بن حصين وغيره.
قلت: ولقد بالغ الإسلام في التحذير من التبرج إلى درجة أنه قرنه بالشرك والزنى والسرقة وغيرها من المحرمات، وذلك حين بايع النبي صلى الله عليه وسلم النساء على أن لايفعلن ذلك، فقال عبد الله بن عمرو t:(( جاءت أميمة بنت رُقَيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام، فقال : أُبايعكِ على أن لا تشركي بالله شيئاً، ولا تسرقي ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك، ولاتنوحي، ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى )) رواه أحمد بسندٍ حسن .
قال العلامة الألوسي المفسر في روح المعاني - أحد كتب التفسير-:
( ثم اعلم أن عندي مما يلحق بالزينة المنهي عنها إبداؤها ما يلبسه أكثر مترفات النساء في زماننا فوق ثيابهن، ويستترن به إذا خرجن من بيوتهن، وهو غطاء منسوج من حرير ذي عدة ألوان، وفيه من النقوش الذهبية والفضية ما يبهر العيون، وأرى أن تمكين أزواجهن ونحوهم لهن من الخروج بذلك، ومشيهن به بين الأجانب، من قلة الغيرة، وقد عمت البلوى بذلك .
ومثله ما عمت البلوى به أيضاً من عدم احتجاب أكثر النساء من إخوان بعولتهن، وعدم مبالاة بعولتهن بذلك،، وكل ذلك مما لم يأذن به الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .
وأمثال ذلك كثير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم )) .
واعلم أنه ليس من الزينة في شيء أن يكون ثوب المرأة الذي تلتحف به ملوناً بلون غير البياض أو السواد، كما يتوهم بعض النساء الملتزمات، وذلك لأمرين :
الأول : قوله صلى الله عليه وسلم :(( طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه ... )) رواه أبو داود والنسائي وهو حديث صحيح.
والآخر : جريان العمل من نساء الصحابة على ذلك، وأسوق هنا بعض الآثار الثابتة في ذلك مما رواه الحافظ ابن أبي شيبة في (( المصنف )) :
1ـ عن ابراهيم ـ وهو النخعي ـ :
أنه كان بدخل مع علقمة والأسود على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فَيرا هُنَّ في اللحف الحمر .
2ـ عن ابن أبي مليكة قال :
رأيت على أم سلمة درعاً وملحفة مصبغتين بالعصفر .
3ـ عن القاسم ـ وهو ابن محمد بن أبي بكر الصديق ـ أن عائشة كانت تلبس الثياب المُعَصْفرة، وهي مُحْرِمة .
وفي رواية عن القاسم :أن عائشة كانت تلبس الثياب الموردة بالعصفر، وهي مُحْرِمَة .
4ـ عن هشام عن فاطمة بنت المنذرأن أسماء كانت تلبس المعصفر، وهي مُحْرِمة .
5ـ عن سعيد بن جبير أنه رأى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تطوف بالبيت وعليها ثياب معصفرة . انتهى.
ويقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي مبينا ما يجب على المرأة في وجود الرجال الأجانب:-
أن تلتزم الوقار والاستقامة في مشيتها وفي حديثها وتتجنب الإثارة في سائر حركات جسمها ووجهها؛ فإن التكسر والميوعة من شأن الفاجرات لا من خلق المسلمات. قال تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) سورة الأحزاب:32.
وألا تتعمد جذب انتباه الرجال إلى ما خفي من زينتها بالعطور أو الرنين أو نحو ذلك. قال تعالى: (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن).
فقد كانت المرأة في الجاهلية حين تمر بالناس تضرب برجلها، ليسمع قعقعة خلخالها فنهى القرآن عن ذلك، لما فيه من إثارة لخيال الرجال ذوي النزعات الشهوانية، ولدلالته على نية سيئة لدى المرأة في لفت أنظار الرجال إلى زينتها.
ومثل هذا في الحكم ما تستعمله من ألوان الطيب والعطور ذات الروائح الفائحة، لتستثير الغرائز، وتجذب إليها انتباه الرجال، وفي الحديث: "المرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا، يعني: زانية".
ــــــــــــــــــــ(41/42)
تقبيل الرجل ابنته في فمها
هل يجوز للرجل أن يقبل ابنته إذا كبرت وتجاوزت سن البلوغ سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة وسواء كان التقبيل في خدها أو فمها أو نحوه ، وإذا قبلته فما الحكم ؟. ... السؤال
23/09/2003 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فقد راعى الإسلام الفطرة البشرية ، ولم يمنع ما يدل على الحنان بين الأب وابنته ، على أن يكون ذلك بعيدا عن مظنة الشهوة درءا للفتنة .
و لم يمنع الفقهاء أن يقبل الرجل ابنته أو إحدى محارمه ، ما لم يكن هناك شهوة في الفعل، كما منعوا التقبيل في كل مكان يغلب على الظن أنه مظنة الإثارة الجنسية، ومن هنا لم يكن هناك بأس في تقبيل الرجل ابنته على رأسها ، أو جبهتها، أما في فمها أو غيره مما قد يثير الفتنة ، فإن كان بشهوة ؛ حرم قطعا ، وإن كان من غير شهوة ؛ نهي عنه ، لما فيه من مظنة الشهوة ، وابتعادا عن الشبهات التي أمرنا أن نتجنبها ، ويتأكد النهي كلما كانت الفتاة أكبر سنا.
كما أنه يمكن اعتبار العرف في مثل هذه الأمور ، إن خلا من مظنة الفتنة والإثارة ، على أن من الأولى التخفيف من هذه القبلات وإن خلت مما يشوبها.
وإن قال قائل : كيف يتصور أن يقبل الرجل ابنته بشهوة ؟ قيل : إن هذا غير مستبعد ، وهو مشهود في بعض من خرج عن فطرته الإنسانية ، فكان الاحتياط في هذا أولى .
وقد سئل الإمام أحمد عن تقبيل الرجل ذات محرم منه ، فقال : إذا قدم من سفر ولم يخف على نفسه. فقيدها الإمام أحمد أن تكون هناك مناسبة ، كسفر ، فيكون هناك داع للتقبيل ، لطول الغياب ، مع أمن الفتنة.
وسئل الإمام أحمد أيضا عن الرجل يقبل أخته ؟ قال قد قبل خالد بن الوليد أخته.
وقد ورد عن إسحاق بن راهويه أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم من الغزو قبل ابنته فاطمة رضي الله عنها.
قال ابن مفلح تعليقا على الحديث : ولكن لا يفعله على الفم أبدا , الجبهة أو الرأس .أ.هـ
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت أحدا أشبه سمتا وهديا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة ابنته , وكانت إذا دخلت عليه قام إليها يقبلها وأجلسها في مجلسه , وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها قامت له فتقبله وتجلسه في مجلسها. ( رواه الترمذي والحاكم ).
والله أعلم
ــــــــــــــــــــ(41/43)
تقبيل الآخرين .. حكمه وضوابطه
ما حكم تقبيل الآخرين في الإسلام؟ فنرى الرجال يقبل بعضهم بعضا والنساء تفعل ذلك بكثرة، وهل يجوز للرجل أن يقبل أخته أو أمه؟ وشكرا ... السؤال
16/11/2006 ... التاريخ
الشيخ عطية صقر ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
التقبيل بصفة عامة بين الرجال بعضهم بعضا وبين النساء بعضهن بعضا جائز إذا خلا من لذة أو فتنة أو كان لغرض فاسد كنفاق فاسق .
وتقبيل الرجل لأخته وأمه جائز إذا كان للعطف والحنو أو التكريم .
وأما تقبيل الرجل لزوجته فهو مندوب، والحرام هو تقبيل الأجانب .
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر من كبار علماء الأزهر:
إن كان التَّقْبيل بيْن الجنس الواحد، كالرَّجل للرجل والمرأة للمرأة فلا مانع منه شرعًا بشرْطين :
الأوَّل : ألا يَكون فيه لذَّة، والثاني: ألا يكون لغَرَض فاسِد، ومنه تقْبيل يدِ الفاسق لتكْريمه، أما إن كان خَوْفًا من بطْشه فهو جَائز للضَّرورة.
ومما أُثر في ذلك:
1 ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تلقَّى جعفرُ بن أبي طالب عند عوْدته من الحبَشة فالتَزَمه وقبَّل ما بيْن عينيه .
2 ـ لمَّا دَخل زيد بن حارثة عليه في بيت عائشة قام إليه عَرْيًا يجرُّ ثوبه، كما تقول عائشة والله ما رأيتُه عُرْيَانًا قبْله ولا بعْده، فاعتنَقَه وقبَّله .
3 ـ لما عاد الغُزاة من " مؤتة " قبَّلوا يد النبي صلى الله عليه وسلم .
4 ـ لما تاب الله على الذين خُلِّفوا عن غزوة تبوك قبَّلوا يد النبي صلى الله عليه وسلم .
5 ـ سمح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لوفد عبد القيس أن يُقبِّلوا يدَه، بل ورجْله .
6 ـ سمح لأُسَيْد بن حُضَير أن يقبِّله حين طلب أن يكشف عن جسمه ليقتصَّ منه لمَّا طَعَنَه بعُود، وكان ذلك تبرُّكًا .
7 ـ سألَهُ يهوديَّان عن تِسْع آيات بيِّنات، فلمَّا بيَّنها لهما قبَّلا يدَه ورِجْله وأسْلَما .
8 ـ لمَّا قَدِمَ عمر بن الخطاب الشام قبَّل أبو عبيدة يدَه، وجاء في رواية أنَّ أبا عبيدة أراد أن يُقبلها فقَبَضَها عُمر فتناول أبو عبيدة رِجْلَه وقبَّلها .
9 ـ قبَّل زيْد بن ثابت يدَ عبد الله بن عباس حينَ أَخَذَ بِرِكَابِه وَهُوَ يَرْكَب احْترامًا للعُلَماء، فقبَّلها زيْد احْتِرَامًا لآلِ بَيْتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم .
10 ـ قبَّل الناس يد سلمة بن الأكْوع لمَّا علموا أنه بايع النبي صلى الله عليه وسلم بها .
والذي رخَّص في التَّقبيل للتكريم والتديُّن أحمد بن حنبل وغيره من الأئمة، أما مالك وجماعة آخرون فقد كرهوه، أي كرهوا مَدَّ اليد ليُقبِّلها الناس؛ لأن ذلك مظْهر من مظاهر العُجب والكبرياء، واستأنسوا في المنْع بِقَبْض عمرَ يدَه لمَّا أراد أبو عبيدة تَقْبيلَها .
أما التَّقبيل بين الجنْسين فحُكمه يتحدَّد بسبب الغرض منه، وبحسب موضع التَّقبيل، فقد يكون للعطْف والحنُو، كتقْبيل الوالد لبنْته والوالدة لابنها، والأخ لأخْته والأخت لأخيها، وذلك لا مانع منه ما لم يكن بشَهْوة، وقد جاء من ذلك:
1 ـ أن النبيَّ ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ قبَّل بنتَه فاطمة حين دَخَلت عليه. فقام إليها وقبَّلها وأجلسَها في مجْلسه، بل صرَّحت بعض الروايات أنه قبَّلها في فَمِها، كما قبَّلها وهو في مرَضه الأخير .
2 ـ لمَّا دَخَل أبو بكر على أهله وكانت عائشة مضْطَجِعة قد أصابتْها حُمَّى، قبَّلها في خَدِّها. وكذلك قبَّل خالد بن الوليد أخته .
وقد يكون التَّقبيل للتَّكريم كتقْبيل الولد لأمه والبنت لأبيها، وتقبيل الكبير من العمات والخالات. وهو يكون غالبًا في الرَّأس أو اليد، ولا مانع منه، لكنَّه مكروه في المواضع الحسَّاسة كالخدِّ والفم إن كان بغير شَهْوة، فإن كان بشهْوة كانَ حرامًا .
وقد يكون التَّقْبيل بين الجنْسين للذَّة، وهو بيْن الزَّوجين لا مانع منه فإن ما هو أكبر من ذلك حلالٌ لهما. أما بين الأجانب فهو حرام .
هذا هو ملخَّص حكْم التَّقبيل، ومع كوْنه مُباحًا في بعض الصور فيَسْتَحسن الإقلال منه، والبعد عن الفم وما قد يكون منه ضرر صحِّي كما نصح الأطباء. وللاستزادة يُرجع إلى المراجع المذْكورة.أ.هـ
ويمكنكم مطالعة الفتوى التالية :
تقبيل زوجة الابن وأم الزوجة
والله أعلم
ــــــــــــــــــــ(41/44)
زينة المرأة أمام المحارم
ما هي الحدود التي يجوز للإنسان أن ينظر فيها إلى محارمه كأمه وأخته ، وخاصة ما نراه من الفتيات اللاتي يرتدين ثيابا غير مستورة ، فهل يحرم على الأخ مثلا ، أو العم أو الخال ،أن ينظر إلى إحدى محارمه ، وهي متبرجة ؟ وقد سمعنا أنه يجوز للإنسان أن يطلع على ما لا يطلع عليه الأجنبي من محارمه ، ولكن قد يحدث بسبب هذا القول ارتكاب الحرام بين المحارم والعياذ بالله، فكيف يكون حلالا، وهو يفضي إلى حرام؟
... السؤال
22/06/2006 ... التاريخ
مسعود صبري الباحث الشرعي بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فيجوز للمرأة أن تبدي ما يظهر منها عادة أمام محارمها، من إظهار الشعر والرقبة وجزء من الذراعين والساقين ، إن أمنت الفتنة ، فإن خيف حدوث حرام بين المحارم لم يجز لها إبداء ما كان جائزا .
فالشريعة لم تبح يوما ما يفضي إلى الحرام، بل قال الفقهاء : كل ما أدى إلى الحرام فهو حرام ، وهذه قاعدة يجب أن ينتبه إليها .
غير أن فطرة المحارم أنهم يحموا محارمهم، وكل خروج عن ذلك فهو خروج عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، ولهذا، فإن الشرع أباح للمحارم أن يروا من محارمهم ما يظهر في الخدمة ومن الزينة غالبا، والمقصود هنا بالزينة الظاهرة، أما الزينة الداخلية فلا يجوز إظهار ،لأنها مظنة الفتنة، وعند الشهوة ينسى المرء كل الحواجز، ويكون مغلوبا على عقله ، وحدود عورة المرأة مع المحارم وسط بين ما يظهر من المرأة خارج البيت وداخله، وبين المحارم والأجانب، وهو مبني على ألا يكون هناك تضييق على المرأة ، فهي مأمورة بالستر خارج البيت وأمام الأجانب ، فلا يضيق عليها ، فلا تؤمر بالحجاب داخل البيت أمام محارمها ،ولكنَّ الشريعة أيضا ما أباحت لها أن تظهر كل شيء ، ولكنها أباحت ما لا يدعو إلى الفتنة غالبا ، مع التيسير عليها .
و وضعت الشريعة ضابطا هاما ، فهي أباحت ما يظهر غالبا من المرأة ، لكن عند أمن الفتنة ، ولم يجد المحارم شهوة تتحرك تجاه محارمهم ، فإن وجدت الشهوة ، ولم تؤمن الفتنة ، حرم ما كان حلالا؛ سدرا لإتيان الحرام ، بناء على تغير العلة من الحكم، مع بقاء النص كقاعدة للأسوياء من الناس . ونأخذ بقاعدة " ما أدى إلى حرام فهو حرام"، وقاعدة :" الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما".
أما ما يجوز للرجال أن يروه من محارمهم من النساء ، فالأصل فيه قوله تعالى :" وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ " النور: 31.
و الأصناف التي ذكرتها الآية، والتي تجوز لهم رؤية ما ظهر من المرأة، هم: الزوج، والأب ، وأب الزوج، والأبناء، وأبناء الزوج والإخوة وأبناء الإخوة والأخوات و النساء المؤمنات، وألحق بهم البعض غير المؤمنات إن كن عفيفات مؤتمنات، وملك اليمين.
ويضاف إلى ذلك المحارم من الرضاع، قياسا على قوله صلى الله عليه وسلم :" يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب".
أما الحدود التي يجوز للمرأة أن تكشفها أمامهم، فقد اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز لهم النظر إلى ما بين السرة والركبة ، وكذلك لا يجوز للمرأة أن تكشف هذا أمامهم ،إلا الزوج ، فإنه يجوز له رؤية كل شيء؛ إذ لا عورة بين الزوجين .
وما سوى ذلك ، فقد تباينت أقوال الفقهاء بين موسع ومضيق، حسب فهم الزينة للمرأة ، فقال الأحناف : لهم النظر إلى الرأس والوجه والصدر والساق والعضد إن أمن شهوته ، وشهوتها أيضا، ولا ينظر إلى الصدر والبطن ، مع ما بين السرة والركبة .
و ضيق المالكية فلم يروا إلا أن ينظر المحرم إلى الذراعين والشعر وما فوق النحر وأطراف القدمين، وصرحوا قائلين :" فليس له أن يرى ثديها ولا صدرها ولا ساقها بخلاف شعرها" .بل قالوا :" لا يجوز ترداد النظر وإدامته إلى شابة من محارمه أو غيرهن إلا لحاجة أو ضرورة كشهادة ونحوها ، ويقيد أيضا بغير شهوة وإلا حرم حتى لبنته وأمه".
وللشافعية رأيان: الأول: يحل للمحرم أن يرى كل شيء عدا ما بين السرة والركبة ، والثاني: لا يحل النظر إلى إلا إذا ما يظهر في الخدمة عادة ، كالرأس والعنق والوجه والكف والساعد وطرف الساق ، إذ لا ضرورة إلى غيره.
وعند الحنابلة يجوز له أن ينظر إلى ما يظهر عادة كالوجه والرقبة والرأس واليدين إلى المرفقين والساق، وليس له النظر إلى ما يستر غالبا ، كالصدر والظهر ونحوهما. قال الأثرم : سألت أبا عبد الله - يعني الإمام أحمد - عن الرجل ينظر إلى شعر امرأة أبيه أو امرأة ابنه ؟ فقال : هذا في القرآن : { ولا يبدين زينتهن } إلا لكذا وكذا . قلت : فينظر إلى ساق امرأة أبيه وصدرها ؟ قال : لا ما يعجبني . ثم قال : أنا أكره أن ينظر من أمه وأخته إلى مثل هذا ، وإلى كل شيء لشهوة .
بل تشدد بعض الفقهاء ، ورأوا أنه لا يجوز للرجل النظر على شعر ذوات المحارم ، كما ذهب إليه الحسن والشعبي والضحاك، وهو مذهب متشدد يخالف صريح القرآن ، ولكن يمكن الأخذ به عند خشية الفتنة وتحريك الشهوة ، ولكنه ليس أصلا ، ولا نريد أن نضيق على الناس ما وسع الله تعالى عليهم.
والذي نرجحه أنه يجوز للمحارم النظر إلى ما يظهر من المرأة غالبا ، كالشعر والنحر وما يظهر من الأطراف .
ويمكن التفريق بين أنواع من المحارم حسب دين كل واحد ، بناء على حفاظه على المحرم، فلا يستوي الوالد مع والد الزوج ، ولا الأخ من النسب، مع الأخ من الرضاع، فتقدم المحارم الأصيلة على المحارم من النسب والمصاهرة .
ومن اللافت للنظر أن آية المحارم لم تذكر الخال والعم ، لأن العلماء اختلفوا : هل هما من المحارم أم لا؟
والراجح أنهما من المحارم ، كما ذهب إليه جمهور الفقهاء ، ورأى البعض كالشعبي وعكرمة أنهما ليسا من المحارم ، ولكن لم تذكرهما الآية ، لأنهما لا يعيشان مع النساء كباقي المحارم من النسب، ولم تذكر الآية المحارم من الرضاع، مع أنهم من المحارم.
على أن الحكم بجواز النظر إلى ما يظهر عادة مرتبط بغيرة المحرم على محرمه، وسعيه في الحفاظ عليها، فإن خرج عن فطرته وأصل خلقته، وجب الستر ، وحرم النظر .
والله أعلم
ــــــــــــــــــــ(41/45)
كتابة المحامي لعقد الزواج العرفي
هل يجوز للمحامي كتابة عقد زواج عرفي باعتباره عملا قانونيا أجازه القانون المصري إذا اشتمل العقد على إيجاب وقبول وولي ومهر وشاهدين وُوثق في المحكمة، ولكن افتقد لشرطي المأذون والإعلان؟
... السؤال
02/08/2005 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
يجوز كتابة المحامي لعقد الزواج إذا كان مشتملاً على أركان الزواج من إيجاب وقبول وولي ومهر وشاهدين، ولكن يجب إشهاره وإعلانه على الناس.
ولكن ننصح الزوجين بتوثيق عقد النكاح تجنباً للمشاكل التي ستحدث في المستقبل نتيجة عدم التوثيق، وخاصة المرأة حيث لا تستطيع أن تنال حقها رسميًّا لعدم توثيق عقد النكاح.
يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه بكلية الشريعة ـ جامعة الأزهر :
من المعروف أن النكاح العرفي في مقابلة النكاح الرسمي الذي يحرر على يد مأذون ويوثق في المحكمة، وأيًّا من كان من يحرر على يده عقد النكاح فلابد من الإعلان عن النكاح بأي وسيلة يتحقق بها ذلك، وعلى هذا اتفق الفقهاء، للحديث: "فرق بين النكاح والسفاح (أي الزنا)، الضرب بالدف"، وإن اعتبر الحنفية أن وجود شاهدين على العقد بمثابة الإعلان عنه حتى وإن اتفقا على كتمان أمره عن الناس.
أهـ
يقول الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون ـ جامعة الأزهر :
عقد الزواج كغيره من العقود له أركان وشروط صحة لا بدَّ أن تتوافر فيه حتى يكون صحيحاً، ومن أركان عقد الزواج الصيغة بمعنى أن يقول ولي أمر المرأة مثلا: زوجتك ابنتي أو أختي، ويقول الرجل الراغب في الزواج: قبلت زواجها.
فلا بد من هذه الصيغة للدلالة على إرادة المتعاقدين.
وأيضاً من أركان العقد ولي أمر المرأة بمعنى أن ولي أمر المرأة هو الذي يجب أن يتولى عقد الزواج بنفسه أو بوكالة، فيقول: زوجتك ابنتي أو موكلتي، ويقول الآخر: قبلت، وذلك بناء على أحاديث متعددة وردت في هذا المجال تبين أنه لا بد لعقد الزواج من وجود ولي أمر المرأة مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي" وقوله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل" قال ذلك ثلاث مرات.
وأيضاً من شروط الصحة أن يشهد العقد شاهدان على الأقل إلى آخر ما هو مطلوب في عقد الزواج من شروط كخلو المرأة من الموانع الشرعية التي تمنع العقد عليها ككونها بنتاً أو محرماً على العموم لمن يريد الزواج بها أو أختاً له من الرضاعة أو أماً أو عمة أو خالة، وأيضاً ألا تكون معتدة من طلاق أو وفاة إلى غير ذلك من شروط معروفة في فقه الإسلام.
فإذا توفرت في عقد الزواج الأركان وشروط الصحة كان عقداً صحيحاً، لا يحتاج من الناحية الشرعية إلى التوثيق عند الجهات التي خصصتها الدولة لتوثيق عقود الزواج، وهي المأذون إذا كان الزوجان مسلمين مصريين وتم العقد في مصر، أو مكاتب التوثيق إذا كان الزوجان غير مصريين أو كانت الزوجة غير مسلمة، أو القنصليات إذا كان الزوجان خارج جمهورية مصر العربية.
لا يشترط شرعاً توثيق عقد الزواج ما دام قد توفرت فيه الأركان وشروط الصحة، وهذا أمر يجب أن يكون بدهياً لشيء بسيط، وهو أن الإسلام ليس خاصاً بقوم دون قوم أو مستوى ثقافي دون مستوى ثقافي، ولكنه للجميع، فإذا كانت هناك بعض البيئات لا تعرف نظام التوثيق أو تنتشر فيها الأمية هل يتصور أن لا يتم في هذه البيئة عقود زواج؟
وعقود الزواج في عهد رسول الله والصحابة لم توثق، وأيضاً في عصر التابعين ومن بعدهم، وحتى وقت قريب في مصر إلى سنة 1936 عندما صدرت لائحة ترتيب المحاكم، وهي التي اشترط فيها لكي تسمع دعوى الزوجية عند الإنكار أن يكون عقد الزواج موثقاً عند إحدى الجهات التي خصصتها الدولة لتوثيق عقود الزواج.
لكن العقد يصح كما قلت دون توثيق كتابي، وغاية ما في الأمر أن القانون في مصر وفي غيرها من البلاد الإسلامية والعربية يشترط التوثيق حتى تسمع دعوى الزوجية، وحتى يترتب على العقد حقوق لكلا الطرفين، وهذا التوثيق دعا إليه شيوع الكذب وشهادة الزور في العصر الحديث، فكان من الشائع أن يدعي رجل على امرأة أنه تزوجها، ويستعين بشاهدي زور، أو تدعي هي الأخرى أنه تزوجها، وتستعين بشهود زور كذلك، فدرءاً لهذا الخطر الذي يفتح الباب أمام دعاوى الزواج، وقد تكون الدعوى من رجل ليس أهلاً للمرأة التي يدعي حصول عقد الزواج بها اشترط القانون لكي تسمع الدعوى عند الإنكار أن يكون عقد الزواج موثقاً.
وعلى هذا فالزواج العرفي بالمعنى الذي شرحته لا بالمعنى الحادث الآن، وهو ما يحدث بين الشباب في بعض الجامعات من أنهم يزوجون أنفسهم دون ولي للفتاة، ويتبادلون الشهادة مع بعضهم، فهذا نوع من الزواج الفاسد أو الباطل.
ويجب أن يعامل بشدة لمنع هذا العبث بالأعراض ،وهو إذا أفهم الشباب الحكم الشرعي له، وأنه باطل يكون من قبيل الزنا؛ لأنهم أعلموا ببطلانه، ومع ذلك أقدموا عليه، وأما إذا لم يعلموا ببطلانه فيجب أن نعلمهم بأن هذا العقد لا يجيزه الشرع، ويجب أن يُفرَّق بين الذين واللاتي تزوجوا وتزوجن بهذه الطريقة التي هي عبث للأعراض.
والله أعلم.
ــــــــــــــــــــ(41/46)
الزواج العرفي حكمه وأنواعه
الشيخ عطية صقر
السؤال:
يلجأ كثيرٌ من الناس إلى الزواج العُرْفِي الذي لا يُسجَّل في وثيقة رسمية، فهل هذا الزواج حلال؟
الجواب:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يُطْلَقُ الزواج العُرْفي على عقد الزواج الذي لم يُوثَّق بوثيقة رسمية، وهو نوعان: نوع يكون مستوفياً للأركان والشروط، ونوعٌ لا يكون مُسْتوفياً لذلك.
والأول عقدٌ صحيح شرعاً يَحلُّ به المتُّع وتَتَقَرَّر الحقوق للطرفين وللذُّرية الناتجة منهما، وكذلك التوارث، وكان هذا النظام هو السائد قبل أن تُوجد الأنظمة الحديثة التي توجِب توثيق هذه العقود.
أما النوع الثاني من الزواج العُرْفي فله صورتان: صورة يُكْتَفَى فيها بتراضي الطرفين على الزواج دون أن يَعْلَمَ بذلك أحدٌ من شهود أو غيرهم، وصورة يكون العقد فيها لمدة معيَّنة كشهر أو سنة، وهما باطلان باتفاق مذاهب أهل السنة.
وإذا قلنا إن النوع الأول صحيح شرعاً تحلُّ به المعاشرة الجنسية، لكنْ له أضرار، وتترتب عليه أمور مُحَرَّمة منها:
1 ـ أن فيه مخالفة لأمر ولي الأمر، وطاعته واجبة فيما ليس بمعصية ويُحَقِّق مصلحة، والله يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيُعوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ) (النساء: 59).
2 ـ أن المرأة التي لها معاش ستحتفظ بمعاشها؛ لأنها في الرسميات غير متزوجة، لكنها بالفعل متزوجة، وهنا تكون قد استولت على ما ليس بحقها عند الله؛ لأن نفقتها أصبحت واجبة على زوجها، فلا يصح الجمع بين المعاش الذي هو نفقة حكومية وبين المعاش المفروض على زوجها، وهذا أكل للأموال بالباطل وهو مَنْهِيٌّ عنه.
3 ـ كما أن عدم توثيقه يُعَرِّض حقها للضياع كالميراث الذي لا تُسمع الدعوى به بدون وثيقة، وكذلك يَضِيعُ حَقُّها في الطلاق إذا أُضيرَت، ولا يصح أن تتزوج بغيره ما لم يُطَلِّقْهِا، وربما يتمسَّك بها ولا يُطَلقها.
ومن أجل هذا وغيره كان الزواج العُرْفي الذي لم يُوَثَّق ممنوعاً شرعاً مع صحة التعاقد وحِل التمتُّع به، فقد يكون الشيء صحيحاً ومع ذلك يكون حراماً، كالذي يُصلِّي في ثوب مسروق، فصلاته صحيحة، ولكنها حرام من أجل سرقة ما يَسْتُرُ الْعَوْرَة لتصح الصلاة.
وكذلك لو حَجَّ من مال مسروق، فإن الفريضة تسْقُط عنه، ومع ذلك فقد ارتكب إثماً كبيراً من أجل السرقة. انتهى كلام الشيخ.
وجاء في كتاب بيان للناس الذي يصدره الأزهر تعريف للزواج العرفي والفرق بينه وبين الزواج السري، وهذا نص فتواه:
الزواج العُرْفي: اصطلاح حديث يُطلَق على عَقْد الزواج غير المُوَثَّق بوثيقة رسمية، سواء أكان مكتوباً أم غير مكتوب.
وهو نَوْعان: نوع يكون مستوفياً لأركانه وشروطه، ونوع لا يكون مستوفياً لذلك.
1ـ فالنوع الأول إذا تمَّ على هذه الصورة يكون عقداً صحيحاً شرعاً، وتترتب عليه كل أثاره من حِلَّ التمتُّع وثبوت الحقوق لكل من الزوجين، وللذرية الناتجة منه، وكذلك التوارُث عند الوفاة، وغير ذلك من الآثار، دون الحاجة إلى توثيقه توثيقاً رسميّاً، وكان ذلك هو السائد قبل أن تُوجَد الأنظِمَة الحديثة لتقييد العقود وسماع الدَّعَاوى والفصل في المنازعات.
ويُمكن إثبات هذا العقد أمام المحاكم بطرُق الإثبات المعروفة، وكان للتوثيق الرسمي أهميته في حفظ الحقوق الزوجية، ومنع سماع دعاوَى الزواج الذي يَتِمُّ لأغراض سيئة.
2 ـ والنوع الثاني يتم بعِدَّة صور، منها أن تجري صيغة العقد بين الرجل والمرأة دون شهود على ذلك، وهو الزواج السرِّي، ومنها أن يتم العقد أمام الشهود ولكن لفترة معينة.
وهاتان الصورتان باطلتان باتفاق مذاهب أهل السنة، لفُقْدان الإشهاد في الصورة الأولى، ولتحديد العقد في الصورة الثانية؛ لأن المفروض في عقد الزواج أن يكون خالياً من التحديد بمدة ليَتِمَّ السكَن والاستقرار في الأسرة.
والشيعة يَحْكُمون بصحة الصورة الأولى؛ لأن الشهادة ليست شرطاً عندهم لصحة الزواج بل هي مستَحَبَّة، وكذلك يحكمون بصحة الصورة الثانية؛ لأنه يكون زواج متعة وهو صحيح عندهم.
والذي يدعو إلى الزواج العرفي بنوعَيْهِ أمور، منها:
1ـ أن تكون الزوجة مُسْتَحِقَّة لمعاش من زوجها الأول، وتُريد أن تحتفظ به؛ لأنه يسقط بالزواج بعده إن وُثِّق، أو تكون مستحقة لمعونة أو مُتَمَتِّعة بامتيازات ما دامت غير متزوجة، كأن تكون حاضنة لأولادها تتمتَّع بالمسكَن وأجر الحضانة ووجود أولادها معها ولو تزَوَّجت زواجاً موثقاً من غير محرم لهؤلاء الأولاد سقط ما كانت تتمتع به.
2ـ أن يكون الزوج متزوجاً بزوجة أخرى، ويخشى من توثيق زواجِه الثاني ما يترتب عليه من مشاكل بينه وبين أسرته، وما يتعرَّض له من عقوبات تَفْرِضها بعض النظم.
3 ـ أن يكون الزوج مغترباً ويخشى الانحراف بدون زواج، لكن لو قيد رسميّاً تترتب عليه مشاكل فيلجأ إلى الزواج العرفي.
وإذا كان النوع الثاني من الزواج العرفي باطلاً ومحرماً باتفاق مذاهب أهل السنة، لعدم استكمال مقوماته؛ فإن النوع الأول ـ على الرغم من صحته ـ ممنوع للآثار التي لا يُقِرُّها الشرع، ومنها استيلاء صاحبه المعاش أو المُتَمَتِّعة بامتيازات أو مَعُونات أو حقوق على غير حقها الذي لا تستحقه بالزواج، ومعلوم أن أخذ ما ليس بحق حرام، فهو أكل للأموال بالباطل، وظُلْم لمَن يدفع هذا الحق، أو لمن ضاع عليه حق بسبب مُزاحمة الزوجة له، وكل ذلك حرام.
ومنها تعريض حقها أو حقه في الميراث للضياع، حيث لا تُسْمَع الدعوى بدون وثيقة، وكذلك حقها في النفقة على الزوج إذا هجرها، وكذلك في الطلاق إذا ضارَها، وفي الزواج من غيره إذا لم يطلقها، وفي غير ذلك من الحقوق التي تختلف النظُم في وسائل إثباتها وسماع الدعوى من أجلها.
ومن أجل هذه الآثار يكون الزواج العرفي الذي لم يُوَثَّق ممنوعاً ـ على الرغم من صحة المعاشرة الزوجية إن كان مستوفياً لأركانه وشروطه، فقد يكون الشيء صحيحاً ومع ذلك يكون حراماً، كالصلاة في ثوب مغصوب، والحج من مال حرام.
ولا مانع أن يتخذ أولياء الأمور إجراءات تُحِدُّ منه، وذلك لدَرْء المَفْسَدة في مثل الحالات المذكورة.أ.هـ
http://www.islamonline.net المصدر:
ــــــــــــــــــــ(41/47)
الحصول على الجنسية الأجنبية هل يخالف الإسلام؟
هل يعتبر من غير جنسيته وأصبح مواطنا فرنسيا أو إيطاليا ـ مثلا ـ كافرا قد بدل دينه ، فقد أفتى بعض (الطلبة) أحد الإخوة في حينا أن من بدل جنسيته المغربية بجنسية بلد كافر أصبح كافرا ، نرجو من فضيلتكم توضيح هذا الأمر؟ ... السؤال
27/08/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
يقول الشيخ عبد الباري الزمزمي ـ عضو لجنة علماء المغرب:
يقصد بالجنسية انتساب الشخص إلى وطنه أو إلى غيره من بلاد الدنيا ، فالذي ولد بالمغرب ـ مثلا ـ ونشأ في بلاده فهو معدود من المغاربة ومنسوب إلى أرض المغرب ، لكونها وطنه وأرض أصوله التي ينتمي إليها ، فإذا رحل إلى دولة أخرى كفرنسا ـ مثلا ـ وأقام بها واستقر له معاشه فيها جاز في العرف والقانون أن ينتسب إليها فيكون فرنسي الدار والإقامة ، مغربي النشأة والولادة، وهذا في الإسلام مشروع وغير ممنوع فالله عز وجل يقول :( إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)،والدين ليس له وطن، فسواء كان المسلم صينيا أو أمريكيا أو إيطاليا فانتسابه إلى الأرض لا يضره في دينه، وقد كان كثير من أعلام الإسلام ومشاهير أئمته أسبانيين وإيطاليين وبرتغاليين كابن عبد البر وابن حزم وابن رشد والباجي والجنوي ـ نسبة إلى جنوة بإيطاليا ـ وغيرهم من المعروفين ، وقد قال سبحانه :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، وقد تكون الجنسية خير وسيلة لتغلغل المسلمين في البلاد التي يقيمون بها وتمكنهم من الوصول إلى مراكز القرار ، وبذلك يستطيعون أن يخدموا دينهم وإخوانهم آمنين مطمئنين .أ.هـ
ــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ(41/48)
أخذ الجنسية من بلد غير إسلامي
ما حكم أخذ الجنسية من بلد غير إسلامي ؟ ... السؤال
19/08/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... أخذ الجنسية من بلد غير إسلامي يعتبر أحيانا خيانة لله ورسوله وللمؤمنين، وذلك في حالة الحرب بين المسلمين وغيرهم ممن يحاربون الإسلام ولذا أفتى علماء تونس وقت الاحتلال الفرنسي أن أخذ الجنسية الفرنسية يعد خروجًا وردة عن الإسلام ، لأن هذا سبيل من سبل المقاومة والاحتلال ، وسلاح من أسلحة الجهاد، ولكن في الأوقات العادية فالمسلم الذي يحتاج للسفر إلى بلاد غير إسلامية تعطيه الجنسية قوة ومنعة ، فلا يحق للسلطات طرده ، ويكون له الحق في الانتخاب ، مما يعطي قوة للمسلمين في هذه البلاد حيث يخطب المرشحون ودهم ، ولذا فحمل الجنسية ليس في ذاته شرًا ولا خيرًا ، وإنما تأخذ الحكم حسب ما يترتب على أخذ هذه الجنسية من النفع للمسلمين أو الإضرار بهم ،مثل أخذ الفلسطينين خاصة الجنسية الإسرائيلية ،فإن هذا يعد اعترافًا ضمنيًا بدولة إسرائيل ، ولكن أخذ الجنسية في دولة من دول الغرب بغرض تقوية شوكة المسلمين هناك فلا حرمة في هذا
ــــــــــــــــــــ(41/49)
حكم السفر للحصول على الجنسية
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا أتعرض لبعض المضايقات في بلدي لمجرد أنني ملتحٍ وكذلك لا أستطيع ممارسة شعائر ديني على الوجه الأكمل، وأنا أفكر حاليًا في الهجرة إلى كندا للحصول على جنسية أخري تساعدني في الحصول على حقوقي في بلدي، وأنالا أنوي الاستقرار في كندا لأنني متزوج ولي أطفال في سن يمكن السيطرة عليهم حاليًا، لذلك فبمجرد حصولي على الجنسية سأعود مع أولادي بإذن الله إلى بلدي وأنا والحمد لله متمسك بديني وأحرص على تنشئة أولادي على ذلك، ومن المتوقع أن مدة الحصول على الجنسية ستكون ثلاث سنوات، ولا يخفي على فضيلتكم أنه يوجد في كندا جالية إسلامية كبيرة، ويُدرس الدين الإسلامي هناك في المدارس الخاصة دون أي مشاكل، وأطمع أن أستغل سفري هذا أيضًا في الدعوة إلى ديني من خلال تصرفاتي، وتقوي الله والله المستعان، فما حكم ذلك ؟؟
وجزاكم الله خيرًا ... السؤال
الحل ...
يجوز السفر إلى بلاد الكفر لأجل الرزق ومن باب أولى لأجل الحصول على الحرية الكافية التي تتيح للمؤمن ممارسة شعائر الإسلام بصورة أفضل (مع الأسف الشديد) من البلاد الإسلامية ويدل على ذلك أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعض صحابته بالهجرة إلى بلاد الحبشة التي كانت في ذلك الوقت بلدًا غير إسلامية، ولكن كان ملكها عادلاً كما وصفه الرسول(صلى الله عليه وسلم)
ــــــــــــــــــــ(41/50)
الزواج للحصول على الجنسية
هل يجوز الزواج من أجل الحصول على الجنسية في البلاد الغربية ؛ علما أن هذا الزواج صوري فقط؟
... السؤال
12/09/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... هذا لا يجوز، الزواج الصوري ليس بقصد الزواج لا يجوز، وقد كنا في ندوة في الكلية الأوروبية في فرنسا وأجمع الحاضرون أن الزواج الذي لا يقصد به الزواج لا يجوز شرعاً، وهو الزواج الإسمي فقط الذي لا يترتب عليه أي حقوق أو واجبات ،أصل الزواج (لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) هذا أصل الزواج
ــــــــــــــــــــ(41/51)
مطالعة الكتب الجنسية
إنني من هواة المطالعة للكتب الثقافية خاصة المؤلفات الحديثة، فهل علي من جناح إن طالعت الكتب التي تتحدث عن الجنس ولو من باب العلم بالشيء أم أكون آثمًا إن فعلت وما حكم المال المبذول في شرائها وهل بذله حلال أم حرام؟ ... السؤال
15/07/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
يقول فضيلة الشيخ إبراهيم جلهوم -من علماء الأزهر-:
مطالعة الكتب الجنسية مثير للغريزة الكامنة محرك للشهوة والتشهي مؤد إلى الوقوع في الفتنة. والدين الإسلامي يسد أبواب الفتن ما ظهر منها وما بطن ليظل الإنسان على اعتداله وقصده واستقامته. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المعاصي حمى الله ومن يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه" رواه البخاري.
وقد يتأول بعض الناس بأن مطالعة الكتب الجنسية إنما هي من باب الثقافة العامة، أو من باب العلم بالشيء وذلك تأويل باطل فإن الطبع سراق، وكم من كلمة مسطورة أو مسموعة نبهت من قارئها أو سامعها غافلاً وأثارت فيه كامنًا، فإذا هو واقع في شر أعماله وسيئ أفعاله.
من أجل هذا كانت مطالعة الكتب الجنسية غير جائزة شرعًا لأنها مؤدية إلى حرام، وما أدى إلى حرام فهو حرام، والمال المبذول والمدفوع في شرائها مال مبذول ومدفوع في الحرام.
والله أعلم.
ــــــــــــــــــــ(41/52)
الصداقات عن طريق الشات
انتشرت ظاهرةو الحديث بين الجنسين عن طريق الماسنجر، وتكونت من خلال ذلك صداقات وعلاقات بين الجنسين من خلال ذلك، وقد يكون غرض كلا الطرفين نبيلا في باديء الأمر حيث يبث الرجل إلى المرأة همومه وأحزانه، وآلامه وآماله، وكذلك تفعل هي، وقد تقف العلاقة عند هذا الحد، وقد تتطور غالبا إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، ويحتج كثير من هؤلاء الشباب أن الحديث بين الرجال والنساء ليس حراما إذا كان بعيدا عن الفحش والبذاءة، فما رأي الإسلام في ظل هذه الأبعاد من هذه الظاهرة؟ ... السؤال
29/06/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
الإنترنت ولوازمه من المحادثة عبر الشات والماسنجر وسيلة قد تكون سببا في تحصيل الخير، من تبادل العلوم النافعة، والدعوة إلى الله، والتعرف على أحوال المسلمين، وقد تكون سببا للمفاسد والشرور، وذلك حينما تكون بين الرجل والمرأة.
ولذلك لا يجوز تكوين صداقات بين الرجال والنساء عبر هذه الوسائل للأسباب التالية:-
1- لأن هذا من اتخاذ الأخدان الذي نهى الله عز وجل عنه في كتابه الكريم.
2-لأنه ذريعة إلى الوقوع في المحظورات بداية من اللغو في الكلام، ومرورا بالكلام في الأمور الجنسية وما شابهها، وختاما بتخريب البيوت، وانتهاك الأعراض، والواقع يشهد بذلك ( ولا ينبئك مثل خبير).
3-لأنه موطن تنعدم فيه الرقابة، و لا توجد فيه متابعة ولا ملاحقة، فيفضي كلا الطرفين إلى صاحبه بما يشاء دون خوف من رقيب ولا حذر من عتيد.
4-لأنه يستلزم الكذب إن عاجلا أو لاحقا، فإذا دخل الأب على ابنته ، وسألها ماذا تصنع، فلا شك في أنها ستلوذ بالكذب وتقول: إنني أحدث إحدى صديقاتي ، وإذا سألها زوجها في المستقبل عما إذا كانت مرت بهذه التجربة فإنها لا شك ستكذب عليه.
5-لأنه يدعو إلى تعلق القلوب بالخيال والمثالية حيث يصور كل طرف لصاحبه أنه بصفة كذا وكذا، ويخفي عنه معايبه وقبائحه حيث الجدران الكثيفة، والحجب المنيعة التي تحول دون معرفة الحقائق، فإذا بالرجل والمرأة وقد تعلق كل منهما بالوهم والخيال، ولا يزال يعقد المقارنات بين الصورة التي طبعت في ذهنه ، وبين من يتقدم إلى الزواج به، وفي هذا ما فيه.
وليس معنى هذا حرمة الحديث بين الجنسين مطلقا عبر هذه الوسائل، ولكننا نتكلم عن تكوين العلاقات والصداقات بين الجنسين.
أما ما توجبه الضرورة، أو تستدعيه الحاجة مثل الحديث بين المراسلين الإخباريين، وبين العالم والمربي ومن يقوم على تربيتهن أو دعوتهن، والحديث الذي تقتضيه دواعي العمل بين الجنسين فليس حراما ما دام لم يخرج عن المعروف ، ولم يدخل دائرة المنكر، ولم يخرج عما تقتضيه الحاجة، وتفرضه الضرورة.
يقول الشيخ محمد صالح المنجد من علماء المملكة العربية السعودية:-
لا حرج على المرأة المسلمة في الاستفادة من الإنترنت، ودخول " البالتوك " ما لم يؤد ذلك إلى محذور شرعي ، كالمحادثة الخاصة مع الرجال ، وذلك لما يترتب على هذه المحادثات من تساهل في الحديث يدعو إلى الإعجاب والافتتان غالبا ، ولهذا فإن الواجب هو الحزم والابتعاد عن ذلك ، ابتغاء مرضاة الله ، وحذرا من عقابه .
وكم جَرَّت هذه المحادثات على أهلها من شر وبلاء ، حتى أوقعتهم في عشق وهيام ، وقادت بعضهم إلى ما هو أعظم من ذلك ، والشيطان يخيل للطرفين من أوصاف الطرف الآخر ما يوقعهما به في التعلق المفسد للقلب المفسد لأمور الدنيا والدين .
وقد سدت الشريعة كل الأبواب المفضية إلى الفتنة ، ولذلك حرمت الخضوع بالقول ، ومنعت الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية ، ولا شك أن هذه المحادثات الخاصة لا تعتبر خلوة لأمن الإنسان من إطلاع الآخر عليه ، غير أنها من أعظم أسباب الفتنة كما هو مشاهد ومعلوم .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : ما حكم المراسلة بين الشبان والشابات علما بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام ؟
فأجاب : ( لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه ؛ لما في ذلك من فتنة ، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة ، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها ، ويغريها به. وقد أمر صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن يبتعد عنه ، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه.
ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير يجب الابتعاد عنها وإن كان السائل يقول : إنه ليس فيها عشق ولا غرام )
انتهى ، نقلا عن : فتاوى المرأة ، جمع محمد المسند ، ص 96
ولاشك أن التخاطب عبر الشات أبلغ أثرا وأعظم خطرا من المراسلة عن طريق البريد ، وفي كل شر .انتهى.
ويقول الشيخ عبد الخالق الشريف- من علماء مصر- لشاب سأله عن نفس السؤال :-
ما الغرض من هذه المحادثة، وإذا كان بغية التبادل الثقافي والفكري والمعرفي والمحاورة، فلماذا لا يكون مع شاب مسلم، وماذا أنت قائل لشاب يفعل ذلك مع أختك أنت، واعلم أن الشاعر قد قال: كل الأشياء مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر... فالنار العظيمة التي تحرق المدن لا تبدأ إلا بشرارة قليلة، وقد قال شوقي: نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء..
فابتعد واستمع إلى هذا الحديث المتفق على صحته "الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات لا يعلمها كثير من الناس فمن بعد عن الشبهات (نكرر بعد) فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام"، أسأل الله أن يحفظك وأبناءنا وشباب المسلمين من هذا كله. انتهى.
ويقول الشيخ عبد الخالق الشريف في فتوى أخرى:-
فإن الله خلق هذا الجنس البشري من الرجال والنساء وجعل كل طرف يميل إلى الآخر بغريزة أودعت في النفس لبقاء النسل، ولبقاء هذه الحياة، ولقد حدد الإسلام طريقة ومنهج العلاقة التي يجب أن تكون بين الذكر والأنثى، فإما أنها علاقة مع المحارم كالأمهات والبنات، أو علاقة مع ما أحلها الله له من الزوجات بضوابطها الشرعية، أما كل علاقة بين الرجل والمرأة خارج هذا النطاق، فلا تتم من المسلم إلا على سبيل الاضطرار أو الحاجة، كشهادة المرأة أمام قاضٍٍ في محكمة، أو ما يضطر إليه مما لا يملك تغييره، كمدرس متدين عُيِّن في الجامعة يدرس للذكور والإناث، وفي هذه الحالة الاضطرارية يجب ألا تكون العلاقة إلا عابرة وفي حدود التعلم والتعليم؛ لأن الاختلاط منهي عنه شرعًًا، فإذا تطور إلى الخلوة كان محرمًًًا، وعلى هذا الأمر فإنه لا يوجد ما يُسمَّى علاقة عادية مع البنات، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدينا جميعًًًا إلى الحق. انتهى.
ويقول الشيخ نظام يعقوبي من علماء البحرين مبينا حكم المراسلة بين الجنسين عن طريق الوسائل الحديثة :-
هل تختلف المراسلة عبر البريد الإليكتروني عن المراسلة عبر البريد العادي، أو عبر صفحات الجرائد والمجلات؟ لا شك أن المحصلة واحدة مع فارق طبيعة الوسيلة، ولكن العبرة في الحكم بالجواز أو عدم الجواز ليست في الوسيلة الناقلة للخطاب، ولكن في مضمون الخطاب نفسه، وما إذا كان هذا المضمون منضبطاً بضوابط الشرع أم لا، وحيث إن هذه الوسيلة، وسيلة البريد الإليكتروني، تتيح لمستخدمها قدراً كبيراً من الخصوصية والبعد عن الرقيب وحرية التعبير والمراسلة بمختلف أنواع المصنفات الفنية، الصوتية والمرئية، فإنها تصبح أكثر إغراء من غيرها على التمادي والغواية، والاقتراب من خطوات الشيطان وقد نهانا الله تعالى عن اتباع خطوات الشيطان فقال تعالى {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} وقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}.
فالأولى الابتعاد عن ذلك، حتى لا ينجر المرء إلى ما بعد ذلك ؛ من التدرج في موضوعات المراسلة إلى ما نهى الله عنه، فعندما نهانا الله تعالى عن الزنا نهانا عنه وعن مقدماته وعما يقربنا إليه فقال تعالى {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا}. ولا نقول هنا أن مثل هذه المراسلات ستؤدي بالقطع إلى الوقوع في الزنا والعياذ بالله، ولكنها تظل مظنة الوقوع فيما لا يرضي الله.
وإذا كان لا بد للمرء أحياناً من المراسلة بغرض التبادل الثقافي والمعرفي في هذا الزمن الذي بدأت فيه وسيلة الإنترنت تحتل حيزاً كبيراً في حياة الناس، فالأولى أن تكون المراسلة بين أفراد من جنس واحد،ما لم يكن هناك ضرورة خاصة تقتضي المراسلة مع الجنس الآخر، وفي هذه الحالة يجب التأدب والاحتياط خشية الوقوع فيما يغضب الله.انتهى.
وجاء بموقع الشبكة الإسلامية:-
حرم الله سبحانه وتعالى اتخاذ الأخدان أي الأصدقاء والصديقات على كل من الرجال والنساء، فقال في خصوص النساء: ( محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان ) [النساء:25] وفي خصوص الرجال: ( محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ) [المائدة:5] واتخاذ الأخدان محرم سواء كان عبر الهاتف أو الدردشة في الإنترنت أو اللقاء المباشر، وغيرها من وسائل الاتصال المحرمة بين الرجل والمرأة.
وما يعرف اليوم بمواقع الدردشة فهي في معظمها أوكار فساد ومصايد للشيطان، أفسدت دين ودنيا كثير من أبناء وبنات المسلمين، فعلى المسلم أن يحذر منها، وأن يستغل وقته ويبذل جهده فيما يعود عليه بالنفع في دينه ودنياه.انتهى.
ويقول الشيخ عطية صقر من كبار علماء الأزهر:-
إن الصداقة بين الجنسين لها مجالات وحدود وآداب فمجالها الصداقة بين الأب وبناته والأخ وأخوته، والرجل وعماته، وخالاته، وهي المعروفة بصلة الرحم والقيام بحق القرابة، وكذلك بين الزوج وزوجته، وفي كل ذلك حب أن ضعفت قوته فهي صداقة ورابطة مشروعة، أما في غير هذه المجالات كصداقة الزميل لزميلته في العمل أو الدراسة، أو الشريك لشريكته في نشاط استثماري مثلا، أو صداقة الجيران أو الصداقة في الرحلات وغير ذلك، فلابد لهذه الصداقة من التزام كل الآداب بين الجنسين، بمعنى ستر العورات والتزام الأدب في الحديث، وعدم المصافحة المكشوفة، والقبل عند التحية، وما إلى ذلك مما يرتكب من أمور لا يوافق عليها دين ولا عرف شريف، والنصوص في ذلك كثيرة في القرآن والسنة لا يتسع المقام لذكرها.
إن الصداقة بين الجنسين في غير المجالات المشروعة تكون أخطر ما تكون في سن الشباب، حيث العاطفة القوية التي تغطي على العقل، إذا ضعف العقل أمام العاطفة القوية كانت الأخطار الجسيمة، وبخاصة ما يمس منها الشرف الذي هو أغلى ما يحرص عليه كل عاقل من أجل عدم الالتزام بآداب الصداقة بين الجنسين في سن الشباب كانت ممنوعة، فالإسلام لا ضرر فيه ولا ضرار، ومن تعاليمه البعد عن مواطن الشبه التي تكثر فيها الظنون السيئة، والقيل والقال، ورحم الله امرأ ذب الغيبة عن نفسه.
ولا يجوز أن ننسى أبدا شهادة الواقع لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرحال من النساء" رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم .
ــــــــــــــــــــ(41/53)
الهاتف والشات: وسائل اتصال لا تواصل
الإنترنت والهاتف
أنا طالبة في المرحلة الجامعية تعرفت على شاب من خارج الجامعة عن طريق الشات، وأصبحت أحادثه هاتفيًّا عن طريق هاتف صديقتي، علمًا بأنها المرة الأولى التي أحادث فيها شابًّا، ولكن عندما أنتهي من محادثة هذا الشاب تنتابني حالة من البكاء وعدم الرضا عن نفسي؛ لأني لم أكن في يوم من الأيام تلك البنت اللعوب.
في هذه الأيام أحاول ألا أتصل به ولكني لا أستطيع؛ لأنه أصبح بالنسبة لي كالمخدر، كلما حاولت الابتعاد عنه ازددت تعلقًا به. حاولت أن أقول لأمي كل شيء، لكني لا أستطيع لأني خائفة أن أفقد ثقتها. وفي هذه الأيام يحاول إقناعي أن أتصل به من هاتف المنزل لكني لا أريد وأخذ يقنعني بذلك، ولكن أنا أريد أن أسترد كرامتي التي أهينت من قبل تصرفاتي، أريد أن أعود تلك الفتاة التي كانت ملتزمة أرجو المساعدة.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة:
قلنا قبل ذلك: إن الطموح إلى الحب، وإلى الحصول على الحق في اهتمام الآخرين بنا خاصة من الجنس الآخر، أمر فطري وطبيعي، ولكن كيف يتم التعامل مع هذا الطموح، والتعبير عنه؟! هذا هو السؤال.
أنت اليوم تمرين بتجربة هامة ومؤلمة في الوقت نفسه، اتصالك بهذا الشاب يحقق لك بعض هذا الطموح المشروع، ولكن بأي ثمن يا أختي العزيزة؟!
أنت لست فتاة لعوبًا، ولن تكوني أبدًا بإذن الله، أنت فتاة طبيعية تريد أن تحب وأن تكون محبوبة، وعليك أن تسألي نفسك هل هذه هي الطريقة المناسبة للحصول على الحب؟! وما هي نهاية هذه المحادثات التليفونية مع شاب لم تعرفي عنه شيئًا سوى صوته في الهاتف، ومعلومات قالها عن نفسه، والله وحده يعلم دقتها وصحتها.
يا أختي، الشاب العربي يحب جدًّا أن تكون له صديقة أو عدة صديقات، ويحب أن يحادث هذه في الهاتف، ويجلس مع تلك على الشات، وربما يطمح إلى أكثر من هذا وذاك، ويحصل عليه من فتاة غافلة باسم الحب، والحب من ذلك براء؛ لأن الحب يعني الاحترام، ويعني المسئولية، والذي يطلبه منك هذا الشاب بأن تتصلي أنت به من منزلك، ودون علم أهلك لا ينطوي على أي احترام لك، أو أية مسئولية تجاهك.
هذا الشاب يتلاعب بك فلا تكوني أنت تلك اللعبة الرخيصة التي سيلقيها بعد حين، ولا تكوني أنت الغافلة التي يحصل منها على ما يريد دون مقابل سوى معسول الكلام. ولكي تتخلصي من مشاعر الذنب وتأنيب الضمير، ينبغي أولاً أن تصححي فهمك للأمر بمعرفة أن الحب حق مشروع، وفطرة إنسانية، وأن الذي بينك وبين هذا الشاب لا يمت إلى الحب الحقيقي بأية صلة من قريب أو من بعيد، وأن السبيل لإقامة علاقة حب جادة ومسئولة يكون في العلن، وفي إطار مسار الزواج والارتباط، والهاتف أو الشات مجرد وسيلة اتصال لا تكفي لإقامة علاقة تواصل وارتباط على أساس سليم من تفاهم وتعارف صحيح؛ لأن حب الهاتف والشات فيه من الأوهام والأحلام والأكاذيب والأماني أكثر مما فيه من الحقائق.
أنت محتاجة يا أختي إلى من تتبادلين معه الاهتمام الحق، والحب الصادق الجاد، وليس هذا الشاب بهذا الوضع يصلح لهذا، فإما أن يتقدم بالعلاقة إلى العلن وفق برنامج محدد، وخطوات ملموسة وسريعة، وإما أن تقطعي كل صلة بينك وبينه، ويكون هذا أولاً بالابتعاد عن أمثال تلك الصديقة التي سمحت لك بالاتصال به بدلاً من أن تنصحك وترشدك إلى الاختيار السليم، وتحتاجين ثانيًا إلى التشاغل عن هذا الشاب، والانشغال باهتمامات نافعة وممتعة تفتح لك باب التعارف العلني مع أخريات وآخرين في إطار حركة الحياة الاجتماعية العامة، والأنشطة الخيرية والثقافية التي تنشط في بلدكم، خاصة العام 2001م، حيث الكويت الحبيب هو عاصمة العرب الثقافية لمدة عام.
و لا تنسي بالطبع دراستك، فهي من مؤهلاتك حين تدخلين طرفًا في أية علاقة، والإنسان له جوانب متعددة منها العلم الذي حصل عليه، والشهادة التي يحملها، وكذلك الأخلاق ... .إلخ، فاهتمي بالدراسة؛ لأنها مرتبطة بوضعك الشخصي والاجتماعي حاليًا ومستقبلاً، وحبذا لو تحددين نشاطًا رياضيًّا أو ثقافيًّا أو اجتماعيًّا تركزين على تنميته في نفسك بحسب وقتك وجهدك، وأكرر وصيتي لك بالاهتمام بالصحبة الطيبة الصالحة، وأول صديقة هي أمك فكوني أقرب إليها، ولن تفقدي ثقتها بإذن الله حين تفهمين ما ينبغي عمله، وتقومين به في أسرع وقت.
أهلاً بهذا الشاب خاطبًا جادًّا يتقدم للارتباط بك في العلن، ولا حاجة لنا فيه إن كان غير ذلك، ونحن معك، فلا تسيري في هذه الطرق وحدك أبدًا؛ لأن الشيطان مع الواحد وهو عن الاثنين أبعد ... وفي انتظار رسائلك.
ــــــــــــــــــــ(41/54)
إنقاذ ضحايا الشات
الأخ الفاضل الدكتور أحمد عبد الله،أنا صاحبة مشكلة "
رائع في كل شيء: أطياف الواقع الافتراضي
- " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أولا: أحب أن أعتب عليك تأخير الرد، ولكن يشفع لك هذا التحليل الدقيق لجوهر المشكلة، فشكرا لك.
ثانيا: أرى أنه من حقك أن تعرف مني باقي فصول الرواية، وبالرغم من انتهاء شهر
رمضان موسم المسلسلات.. فإنها كانت رواية مثلت بعناية واقتدار، ولقد أحب بطلها الوحيد انتزاع التصفيق من المتلقي الوحيد عنوة.. كيف؟
لقد اعترف لي صديقي الأكثر من رائع بحقيقته، وهي:
أولاً السن 31 بدلا من 25 سنة. ثانيًا الاسم. ثالثًا الصورة ليست له.رابعًا متزوج من 10 أشهر، واكتشف أنها تحب واحدًا غيره، فانفصلا. خامسًا الجنسية: هندي يعمل بالسعودية.
سادسًا الديانة: مسيحي.. لم يدخل الجامع قط. سابعًا.. وثامنًا.. وعاشرًا...
لعلك تضحك الآن مثلما ضحكت أنا من أسبوعين على غبائي وعمى بصري وبصيرتي، ولكن الإنسان لا يتعلم مجانا ، والحمد لله الخسائر في حدود المحتمل، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
لعلك تتساءل الآن: وما الذي دفعه للاعتراف بحقيقته؟ لا أعرف...
لقد صارحني فجأة وبدون مقدمات، وقال إن صلواتي هي التي حمتني، وبأنه علمني ألا
أثق بأحد، وأن الشات سراب ما تظنه ماء تجده ترابا، وأن هذا سيجعلني أحب زوجي أكثر، قال وقال.. ثم أرسل صورته الحقيقية.. دميم جدا.. وصورة عائلية مع والديه وأخته.. واسم الشركة التي يعمل بها وأرقام تليفوناتها للتأكد من صدقه هذه المرة، وسألني هل سأستمر معه أم لا؟ شكرته على صراحته، ولم ألمه على الإطلاق، واعتذرت عن الاستمرار، فلقد أفقدني الثقة فعلا بالشات.. ما رأيكم دام فضلكم؟
المشكلة الآن أنني أحيانا أفتقده وأتساءل لماذا لا أحترم صراحته وأجرب معه مرة
أخرى عله يصبح إنسانًا أفضل ربما يعتنق الإسلام وأكسب ثوابا؟ لا أدري لكنني أخاف أن يكذب مرة أخرى، وأتساءل ترى كم مرة فعل ذلك؟
إنني بحاجة إلى رأيك هذه المرة أيضا، ولكن بسرعة قبل أن يهزمني الحنين، وبمعنى ، وشكرا من أعماق القلب، وجزاك الله خيرًا،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.. وصلتنا رسالتك، وأعطتني إياها أختي وزميلتي الأستاذة "سمر عبده" لأستكمل معك ما بدأناه في الرسالة السابقة، ولعلك تتوقعين أنني لم أتفاجأ بالمعلومات التي ظهرت أو بالأحرى التي اعترف بها صديقك الإليكتروني الرائع -سابقا- عن حقيقته، وأنا لم أضحك أبداً لأن الأمر خطير، ولا أقصد بالخطورة فقط قصتك معه، بل الأكثر من ذلك والأهم هو تلك التغيرات الجذرية التي تجتاح حياتنا بسبب الاتصالات وثورتها، والمعلومات وكثافة وطرق تدفقها.
أختي، نحن في محنة حقيقية؛ لأننا نتعامل مع أداة جديدة لم ندرك أبعاد تأثيراتها بعد، وأصبح من الأمانة والنصح لهذه الأمة أن تتواصى فيما بينها بسبل جلب منافعها وطرق استثمارها في الخير، وكذلك بأساليب مواجهة أضرارها، وعدم التورط في فخاخها، وهي كثيرة.
هذا النصح والتناصح أراه فرض عين على كل من مارس هذه الخبرة الجديدة غير المسبوقة بالنسبة له، ولا مسبوقة بالنسبة للبشر، وأجزم أن كل من له بالإنترنت صلة معقولة فستكون له بالتأكيد تجارب يرويها، ودروس يرشدنا إليها، ولا أذيع سرًّا إذا قلت إن هذا كله يأتي في صلب اهتمام موقعنا، وفى صلب همنا الشخصي اليومي الإنساني، ولا أذيع سرًا إذا قلت إننا نفكر في ورشة تدريبية تشبه تلك التي كانت على موقعنا في موضوع كتابة وتذوق القصة القصيرة، وذلك فيما يخص علاقتنا بالإنترنت، وما أحدثته هذه الشبكة من تغيرات في حياتنا وعلاقاتنا بالكون والبشر.
ولا أذيع سرًّا أن علاقتي شخصيًّا بهذه الشبكة تكشف لي كل يوم شيئًا جديدًا يتعلق بنفسي أو بمن حولي، وأن لدي في هذا حكايات ونظرات، وأيضًا آلامًا وخبرات قد أجد يومًا فرصة مناسبة لروايتها، وحتى هذا اليوم دعيني أنقل لك بعض النظرات التي أرجو أن تكون صحيحة بتوفيق من الله؛ لأنها محض اجتهاد جديد لم أطرقه من قبل، لا أنا ولا غيري، وسامحيني مرة أخرى على بعض التأخير في الرد عليك، ولعل التحليل هذه المرة يكون شفيعًا، كما كان أخوه من قبل:
أولاً: ألعاب نفسية:
تتحدثين في رسالتك عن رواية درامية ذات فصول، وفي الشبكة، وحجراتها، وأوديتها ملايين الروايات بل بلايين القصص والحكايات، وكما يضع المهرجون على وجوههم الأصباغ والألوان، وكما يرتدي آخرون أقنعة وأزياء تنكرية، نفعل نحن وراء حجاب الشبكة الذي يجعلنا نتخفف من القيود الاجتماعية، والمسافات النفسية في العالم الواقعي ونقترب ممن نحادث، نقترب منه جدًّا، حتى نكاد نتلامس، ورغم البعد المكاني في الواقع يحدث نوع من القرب والحميمية حتى نكاد نسمع أحياناً صوت الأنفاس أو نشعر بدقات القلوب، أو رعشة الرموش، والمشاعر تكون مرهفة أكثر فنبكي من القلب بحرقة وحرية؛ "لأننا وحدنا" دون رقيب أو محيط جماعي يضبط، وقد نضحك مقهقهين، وقد نشعر بخليط من الأنس أو الشجن أو الحنين، إذا تواصلنا، وأمام الشاشة تتفجر براكين مشاعرنا التي أصبحت جامدة في عالم الواقع، ونتزلزل أحياناً تحت وقع الكلمات التي نراها مكتوبة أمامنا تحمل نبضاً صادقاً أو حتى وهمًا كاذبًا، ونعبث -وهكذا نحن- حين نغفل أو نتغافل عن أنها أداة شديدة النفاذ تخترق كل الحواجز لتصيب القلب والعقل والروح، وكاذب من يقول إنه دخل التجربة ولم يتأثر أو إنها كانت عادية، أو إنها كانت مثل أي اتصال آخر بالهاتف أو ما شابه.
ويمكن أن أسترسل في الوصف، ولكنني أخشى الإملال، ولذلك أقول لك إننا نلعب على الشبكة ألعابًا مختلفة سواء ندري بها أو لا ندري، وظهر لي منها:
لعبة الكذب: وهي أسهل الألعاب على الإطلاق، وأكثرها بدائية، وغالباً ما نبدأ بها، والغرض الأساسي يكون أن نلفت الأنظار بشيء جذاب، ولذلك نضع صوراً أجمل، ومعلومات مشوقة، أو نخفي تفاصيل مهمة نشعر أنها تخل بالصورة الجذابة التي نحاول أن نرسمها لأنفسنا، وقد يحدث الكذب بوعي، وهذا معروف ويسهل التراجع عنه من قبل صاحبه، أو كشفه من الطرف الآخر بصورة أو أخرى، ولكن الخطر الأكبر يكون في الكذب الذي نمارسه دون وعي في كلمة هنا، أو لفظة هناك، فنكذب في مدح الطرف الآخر بما ليس فيه، أو نغفل التطرق إلى عيب قادح قد يظهر منه، وقد نتغاضى عن أشياء كثيرة لا نتغاضى عنها في التفاعل الحي بين الناس، ويحدث هذا من أجل عيون استمرار التواصل والاتصال الذي يخلق نوعاً من الإدمان والشعور بالاحتياج المستمر لجرعة متجددة من هذا الإكسير السحري، وبدونه -أي هذا الإكسير- وبدون رسالة أو أكثر كل يوم، وبدون الشات -عند البعض- يشعر الإنسان أن شيئاً ما ينقصه.
هل أبالغ إذا قلت إن الأمر يشبه المخدرات التي يشعر متعاطيها أنه يحلق فوق السحاب، ويحتضن النجوم؟!
هل أبالغ إذا قلت إن لهذه الرسائل - إذا كانت قوية ومكتوبة بعناية- فعل المساج أو التدليك للعقل والروح، والتأثير القوي للغاية على المشاعر والمزاج وسائر العمليات النفسية من تفكير ولغة؟!!
ومن أجل هذه اللذات جميعًا نتغافل عن الكذب، وبخاصة غير الواعي منه، والتمثيل يتضمن مسبقًا نوعًا من الاتفاق على الكذب، أو بعضه على الأقل!!
لعبة الصدق الكاذب: وهي أخطر وأعقد من لعبة الكذب، وفيها قد يبدأ الإنسان بالبوح عن نفسه وعن حياته، وعرض آرائه في الشئون المختلفة، وقد يبدأ في الحديث عن عيوبه الجسدية أو النفسية، ولكن يحدث هذا كله بأسلوب مثير للإعجاب، وأحياناً للشفقة، وأحياناً لهما معاً، وخطورة الصدق هنا أنه كذب، ولكنه من طراز فريد وشديد المراوغة، وصعب الكشف والاكتشاف، ففي حين يكون الكذب الواعي بدائيًّا، والكذب غير الواعي خفيًا، فإن الصدق هنا يكون جزئيًّا، وهنا تكمن المفارقة، كيف يحدث هذا؟!! دعيني أحاول الشرح:
إن لدى كل إنسان آليات نفسية دفاعية تحميه من أن يتعرى فيكشف نفسه أمام الآخرين بعوراته ونقائصه، وحين يختار الإنسان أن يقيم علاقة مستخدمًا الأداة العنكبوتية فهو يدرك مسبقًا أن الطرف الأخر لن يعرف عنه إلا ما يوفره هو له من معلومات عن نفسه.
ولعبة الصدق تتضمن إغفال أو تهميش التفاصيل غير المستحبة في مقابل إبراز التفاصيل المثيرة للإعجاب أو الرثاء أو الشهوة أحيانًا، ويتضمن الصدق الكاذب هنا نوعًا من إعادة ترتيب الأفكار والأحداث أو النظر إليها على نحو يبرز تميز الذات، ولو بتوجيه بعض النقد الخفيف أو غير الحقيقي لها بديلاً عن ذكر العورات الحقيقية، والثغرات الأكبر والأهم.
وكذب هذا النوع من الصدق يتمثل في إعادة ترتيب المفردات الواقعية، وإعطائها من الألوان والظلال ما يجعلها إجمالاً أبهى بكثير من الحقيقة، رغم ما قد يبدو فيها من مساحات ضعف أو انتقاد للذات أحياناً، لأنه ضعف و انتقاد محسوب بعناية لإسباغ البراءة على ملامح الأبطال في تلك الرواية الإليكترونية العجيبة، وبدلاً من التلاعب بالضوء والظل، واللون والزوايا في الصورة الفوتوغرافية فإن رسم الصورة نفسها بالريشة والأصباغ، أو الكلمات والتعبيرات يجعلها زاهية وباهرة، وأكثر تأثيراً في النفس، وأكثر بعدا عن الحقيقة.
لعبة التقمص: وهي مختلفة عما سبق، وغير منفصلة عنه في الوقت ذاته؛ لأن الواحد منا يضع لنفسه مثالاً يريد أن يكونه في المستقبل، أو يعجز أن يكونه في الحاضر، ولكن تقمص هذا المثال ممكن جدًّا في الاتصال الإليكتروني، وفي حالة سابقة على الصفحة حكت أستاذة جامعية أنها تتقمص دور فتاة في العشرينيات، وأن هذا التقمص يشعرها بسعادة شديدة، ونوع من الترويح أو التسرية عن الذات.
والتقمص فيه بعض الكذب طبعًا، ولكنه كذب منهجي محسوب أو مبرمج على مقاس مثال موجود في الذهن فعلاً، وقد تجدين امرأة لديها بعض المواهب في الطبخ أو الكتابة تتقمص دور مديرة الطهاة في أشهر المطاعم، أو تتقمص الأخرى دور الفيلسوفة التي لم تلد مثلها النساء، وتبدأ في التنظير لكل شيء من الإبرة إلى الصاروخ، أو من الجرة إلى المجرة، وهؤلاء جميعاً بدلاً من السعي الحثيث لتحقيق المثال فإنهم يتقمصونه.
والحقيقة أن الحوار الذي يدور على الإنترنت إنما يجري فعلاً بين هذه المحاولات أو الشخصيات المتقمصة منزوعة التشويش والألم والتداخل، منزوعة الكوابح والإعاقات الإنسانية الفعلية؛ فالإنسان المتحفظ، الخجول، غير الاجتماعي، ثقيل الظل، العاجز جنسيًّا أو نفسيًّا عن إقامة علاقة مستمرة وناجحة مع شريك واقعي بكل ما تحمله هذه العلاقة من تكاليف، وما تمليه من واجبات وحقوق، وما يترتب عليها من تبعات، هذا الإنسان يكون عذبًا رقراقًا، وجدولاً صافيًا، وخطيبًا مفوهًا، وشجاعًا لا يهاب ولا يتردد، ولطيفًا حلو المعشر، وسريع النكتة، وعلاوة على ذلك دونجوانًا رقيقًا، وفحلاً قادرًا، وكل ما يتمناه، وكل ما يحلم أن يكونه، ويعجز عن إنجازه في واقعه الفعلي.
والمرأة الفاترة النكدة، حادة الطبع، سريعة الغضب، قليلة البضاعة في الخلقة والخلق تكون حارة وضحوكة، لينة الجانب، ورائعة في كل شيء، كما وصفت أنت صاحبك الإليكتروني في المرة السابقة.
والتقمص هو ذروة تبلور مركب الصدق/ الكذب الذي حاولت شرحه لك هنا؛ ففيه من الصدق أنه قد يحتوي على أشياء حقيقية قد تكون موجودة في الشخص، ولكن بقدر أقل بكثير مما يبدو في الصورة التي تظهر، أو المثال الذي يحاوله، وفيه من الكذب أنه ليس الواقع كله، بدرجات تختلف من شخص لأخر، فقد تكون في هذه الأستاذة الجامعية روح شابة تحب التجدد، وربما التمرد، ولا تحصل على فرصة لاستثمار هذه النزعة التي يمكن أن تكون إيجابية، وقد تكون في الأخرى بدايات كتابة جيدة تحتاج إلى رعاية وتطوير، وقد يكون في صاحبنا ثقيل الظل مواهب أخرى فيها بعض الشبه من المثال الذي يطمح إلى أن يكونه، وبدلاً من الصبر على مسار التطوير يتم القفز إلى مساحة التقمص، وبدلاً من العلاقة المركبة بين إنسان وإنسان تجري العلاقة بين كائنات مصنوعة أو مصطنعة كل علاقتها بالبشر أن البعض يتقمصها!!
لعبة التمويه والخلط: هل يمكن أن نعترف بأننا نكذب أو نتقمص؟!
هل يمكن أن نكشف الأقنعة أو نتعرى حقيقة؟!
هل يمكن أن نعلن عن الكذب الكاذب أو الصدق الكاذب، ونستبدل الصدق الصادق بهذا وذاك؟
وبمعنى أدق هل يمكن أن تعترفي لنفسك أنك كنت معجبةً بهذا الكائن الخرافي رقيق الصوت، حلو الصورة؟!
هل يمكن أن تعترف امرأة مثلك أن تواصلها مع رجل أجنبي عنها فيه من المشاعر المختلطة ما فيه، وفيه من التأثير والتأثر المتبادل ما فيه، وفيه من الشبهات وبالتالي الفتن ما فيه؟!
وهل يمكن أن يعترف كل من يتورط في هذه المغامرة بأنه دخلها مدفوعًا بأحلام ورغبات، وهزائم وإحباطات، وحنين جارف لكلمة إعجاب أو تشجيع، وإنعاش نفسه التي أصابها الركود؟!! هل نعترف أنها مجرد محاولة لمقاومة الرتابة والملل؟!
هل يمكن أن نصارح أنفسنا بأننا لم نعد قادرين على التواصل مع من حولنا في الواقع -لسبب أو لآخر- على النحو الذي يملأ جوانحنا بالأمل والرضا عن النفس وعن الحياة، وأصبحنا نحتاج إلى مدد نلتمسه في هذا المصدر الإليكتروني؟!
إذا كنا شجعانًا وصادقين، أنقياء أتقياء راقبنا الله في كل كلمة قلناها وكتبناها، فهل لدينا الاستعداد لنشر كل هذه الكلمات أو الرسائل المتبادلة، أو نصوص الأحاديث في غرف الشات، أليس "الإثم ما حاك في صدرك، وخشيت أن يطلع عليه الناس"؟!
من منا يستطيع ذلك فهو صادق في دعواه، ومن لا يستطيع أن يواجه برسائله تلك الناس، فكيف يدعي النقاء والتقى؟! وكيف يدعي أنه كتبها لوجه الله ورسوله، وهو يستحي من الناس ولا يستحي من الله، وكيف سيقف بها أمام الله سبحانه، وهو الأعلم به، وهو البصير السميع؟! أحسب أننا في هذه نغتر برحمة الله، وبدلاً من المصارحة أو المواجهة أو الانكشاف أمام الذات، وأمام الطرف الآخر الشرعي نلعب معًا لعبة التمويه فيروي أحدهم عن أسرته، وتحكي تلك عبر الشبكة عن زوجها وحميد خصاله بما لا تذكره أمامه، ولا تشكره عليه، ولعلنا نجد مفردات أكثر في إطار الخلط والتمويه فيضع البعض مهام عاجلة أو متدرجة، وخططًا للتعاون أو المشاركة في خير عام أو خاص، ويحدث كل هذا لإسباغ نوع من المشروعية أو الخيرية على عملية الاتصال فهي تجرى لخير الأمة!! وباسم الله!! وفي إطار الحدود والضوابط!! والاحترام المتبادل!!
ولا داعي للسؤال: كيف هذا؛ لأنه لا داعي للإحراج؟
ولا داعي للتذكير بأنها محض علاقة فردية سرية، وعلاقة المؤمنين والمؤمنات جماعية وعلنية كما سأشرح لاحقًا.
وبدلاً من الوضوح الذي يختصر الطريق، فنقول: إننا أمام طرفين محتاجين بشدة إلى نوع تواصل إنساني، وربما علاج نفساني، ودعم اجتماعي في مواجهة الوحدة أو الافتقار إلى التقدير، أو العجز عن التحقق، أو الفشل في القيام بالواجبات المتوقعة أو المهام الأساسية التي تمليها حقوق النفس والآخرين، بدلاً من هذا نعمد إلى التمويه والخلط بين الذاتي والعام، بين اللائق والزائد عن الحد، بين ما يجوز شرعًا، وبين ما لا يجوز، ونحن نخلط هذا بذاك لتمر الطبخة أو الكذبة التي نكذبها على أنفسنا، فنحن نتلطف مع الشريك الإليكتروني لنحوز إعجابه وننتزع تصفيقه، ونضغط على إفراز غدد السرور عنده فيسعد هو ويسعدنا برد الفعل، ونحن قد نخدمه أحياناً لنظهر أروع ما يمكن، وقد نلومه أو نعاتبه بعذوبة لنصبح أقرب، وقد، وقد...
ونحن هنا مجرد كذبة نتقمص أدوارًا على غير حقيقتنا، ومن آيات كذبنا أننا لسنا كذلك مع الشريك الفعلي، لسنا لطفاء ولا مجاملين، ولا نبذل جهدًا كبيرًا في أن نحوز على إعجابه أو حتى مجرد رضاه، وإذا خدمناه مرة ولم يشكرنا، تبرمنا منه، وسحبنا اعترافنا به محبا وحميمًا، وحين نلومه نجلده، وحين نعاتبه نقصمه، وربما يفعل الشريك الفعلي ما يتبادل به معنا الجفاء بجفاء، وبدلاً من أن نقول هذا له ونتصارح، وبدلاً من أن ندرك الخطر ونتعاون ... نخلط ونذهب لنلتمس تمويهًا بأننا نتلطف مع الآخر لندعوه إلى الله، أو نخدمه
لنكسب قلبه للدين، أو نعاتبه نصيحة في الحق، وكله في سبيل الله!! وتحقيقاً لمعاني الأخوة!! أليس الشريك الفعلي أولى بهذا كله؟!
أليست معاني الدعوة ينبغي أن تدار في العلن؟ وعلاقات الأخوة بين المؤمنين والمؤمنات مشروطة بكونها تجري جماعية ومجتمعية؟
لعبة التمرير: وقد يشعر الطرف الآخر بضعفنا، ويعرف أننا صيد ثمين يمكنه أن يمارس معنا ألعابه جميعًا من صدق وكذب وتقمص وخلط، وقد يشعر كل طرف بضعف الآخر واحتياجه لهذا النوع من العلاقة الإليكترونية، وبدلاً من أن يرحم ضعفه ويبتعد نراه يوغل ويضغط أكثر. المرأة التي تشعر بالوحدة هي صيد سهل مثل الرجل المفتقد للحب أو الاهتمام أو الدعم النفسي، يلتقيان في الفضاء الإليكتروني فيحكي هذا، ويروي ذاك، وبدلاً من أن يكون اللقاء لخير الناس، ووجه الله، يكون العمل كله من أجل إرضاء الطرف الأخر، وحرصًا على استمرار العلاقة وتطورها، ويكون الكلام كله مسددًا إلى قلب الطرف الآخر ومشاعره، إلى عقله وروحه بتركيز فيأسره أو بالأحرى قد يصرعه، فهل هذا هو مقصد الأخوة؟!
والألعاب التي تحدثت عنها وغيرها لا تخفى على الأذكياء، ولكنهم يمررونها ويتغافلون عن تفاصيلها تلك لتستمر الكلمات المتبادلة المليئة بالتشجيع والإعجاب، والأخوة "الزائفة".
وأمام الذات يحدث نفس الشيء؛ فآليات التبرير والتمرير تفعل فعلها في تجاوز الإشارات الحمراء، ولافتات تجاوز السرعة، وتتكفل بإسكات صوت الضمير، أو تجاهل صيحات الواقفين على جانبي الطريق، ولا يسمع الإنسان عندئذ إلا صوت داخله المخمور بلذة التواصل، وحالة النشوة التي يعيشها تحت تأثير المخدر، وطعم الإشباع الكاذب المؤقت البديل عن الواقعي المفتقد، تنقلب أمام عينيه الحقائق، وتصيبه دفاعًا عن تصرفاته نوبة من جنون التبرير، ووهم القدرة والسيطرة فيهتف: "كل شيء تحت التحكم" يظن نفسه يدير التجربة باقتدار، بينما التجربة هي التي تديره فتقلبه وتعيده، وتخفضه وترفعه، وتلعب بمشاعره ومزاجه، وهو لا يرى هذا أو ذاك إنما يشعر بقوة غير عادية، وسيطرة زائدة عن الطبيعي، وهكذا تماماً يفعل الحشيش.
ولا يتسع المجال هنا لأصف ألعابًا أخرى إضافية، مثل: الإنكار والتخفي، والتصعيد، والانقطاع المؤقت، وخداع الذات، وغيرها مما يمكن استنتاج بعضه مما تقدم.
ثانياً: الهروب الكبير:
- هل يمكن عزل كل ما تقدم عن اندفاع الأطراف المتورطة في مثل هذه الاتصالات إلى عملية هروب كبيرة من الواقع الذي يبدو لهم مقبضاً وقاحلاً إلى مساحات أخرى أو ملاذات تقدم لهم أملاً يقيهم من الوقوع في الجنون أو الاكتئاب؟!!
- هل يمكن أن يرى الإنسان أمامه وعوداً بالنجاح، والتحقق، والتخلص من فشله الشخصي في هذه الناحية أو تلك، ويتركها ليبقى في واقعه بصدق ومسئولية رغم الآلام؟!
- هل يستطيع المدمن أن يستغني عن المخدر الذي يمنحه النشوة والسعادة، ولو لفترة محدودة، حتى لو كان يعود بعدها هائجًا يصرخ؟!
- هل الأسهل أن نستعيد الشريك الأصلي الحقيقي بكامله لنحصل على إشباع كلي، ولو بدرجة أقل من تلك التي يمنحنا إياها الشريك الإليكتروني بشكل زائف.. جزئي ومؤقت؟!!
- هل من الأسهل أن نستكمل نقص قدراتنا ونفوسنا، ونتعلم مهارات جديدة نقترب بها من واقعنا ومن شركائنا فيه، أم الأسهل أن نعيد تسويق وتذويق بضاعتنا القديمة لزبائن جدد فنحصل منهم على بعض الثناء والحمد؟!!
- هل من الأسهل أن نعترف بجهلنا وقصور معرفتنا بالشبكة وديناميات عملها في نفوسنا، وتأثيرها علينا وعلى حياتنا أم الأسهل أن نظل سادرين في غي ادعاء السيطرة، وخلط ما هو هدف نافع ونبيل بما هو وسيلة ملتبسة وملغومة؟!
- هل الأسهل هو المقاومة بكل ما تحتاجه أم الهروب؟ ونحن نرى الكل يقفز من السفينة الغارقة، ولكننا بدلاً من الهروب إلى البحر مثلهم نقفز إلى الفضاء الإليكتروني؟!!
- هل الأسهل أن ندخل في تحدي ما يواجهنا من مصاعب في سبيل تحقيق غاياتنا التي حددناها لأنفسنا سلفاً أم الأسهل أن ندخل في مغامرة مزدوجة تحقق لنا بعض الانتعاش، وتكون مناسبة للكذب على النفس، ووصفها على غير حقيقتها؟!
-هل نقبل بالتراجع بعد التورط، أم نتوغل أكثر وأكثر في سماء غير واضحة المعالم مدفوعين بالخوف من الوحدة، والرغبة في اقتحام المجهول، والفضول لكشف خريطة الألغام في هذا الفضاء الإليكتروني، مغترين بأن أحدها لم ينفجر فينا بعد؟!!!
- هل نحن مستعدون لوقفة حقيقية مع الذات بصراحة وجسارة لنضع الأمور في نصابها، ونقوم بما ينبغي أن نقوم به تجاه أنفسنا وأحبائنا وشركائنا في الحياة، وتجاه أمتنا، أم أننا نفضل الحصول على حقنة المخدر والحلم الذي هو في حقيقته فردي وخادع؟!!
- هل نحن مستعدون لاتهام أنفسنا ومراجعة المسافة والتفاصيل والمسار الماضي والحاضر لعلاقتنا بالله سبحانه، وبمن لهم حقوق علينا؟!
هل نحن مستعدون للاعتراف بأننا في موقف لا نحسد عليه، وأن التحدي أكبر منا، وأن التغيير المطلوب في أنظمة حياتنا يتجاوز ما نظنه من رسالة نرسلها أو نستقبلها، وأكبر من مجرد الفرجة والدهشة، واللعب بهذه الأداة الجديدة؟!
- هل نحن مستعدون لتفهم أنفسنا وغيرنا حين يتورط أحدنا في ذلك فنأخذ بيديه ولا نعيره أو نجلده، ونعامله بالحسنى على أنه مجتهد أخطأ؟! دون أن يعني هذا تبريرًا لقصور أو تزويرًا لحق؟!
- هل نحن من القوة النفسية بمكان حتى نستوعب أن الألم الحقيقي خير من التحقق الكاذب؟! وأن الفشل ليس بالضرورة مقدمة لمصارع السوء، ولكنه مجرد مرحلة تمر بكل إنسان، وأن الوحدة حالة إنسانية واردة، وأن حلها لا يكون هكذا؟! وبالجملة هل نحن مستعدون لوقف هذه الموجات الهائلة من أكبر هجرة عرفتها الإنسانية من الواقع الفعلي إلى الواقع الافتراضي؟! ومن الوجود الإنساني بمسئولياته ومصاعبه الثقيلة إلى الوجود الإليكتروني الخفيف اللطيف المتخلص من كل شائبة وكدر؟!
- هل نحن مستعدون لتسمية الأشياء بأسمائها بدلاً من الانتحال والتضليل، والكذب على الذات، فنسمي الوحدة وحدة، والغربة غربة، والاحتياج إلى التقدير وغير ذلك كما هو في الحقيقة؟!!
ثالثاً: ملاحظات ختامية وتوصيات عملية:
-لا أدري من أين جاءتك الفكرة أن صديقك الإليكتروني صادق هذه المرة؟!
أستطيع أن أجزم لك طبقاً لسوابقه، وطبقاً للتحليل الذي قدمته أنا هنا أنه ما زال يكذب بقدر أو بآخر!!!(41/55)
- العلاقة بين المؤمنين والمؤمنات من تواصٍ بالصبر وتواص بالحق، ومن تناصح ودعوة، أو تآزر إنساني أو موالاة لأهل الإيمان ومعاداة لأعدائه إنما تكون في العلانية، وضمن المجال العام الجماعي، ولا يجوز شرعاً أو منطقاً أن تكون غير ذلك، والعلاقة الإليكترونية هي علاقة سرية وشخصية فردية قد تجر إلى أي شيء، ومن يغشاها فلا يلومن إلا نفسه، ولو صلى وصام وزعم أنه مسلم.
- أن من طبيعة الاتصال الإليكتروني أن يتلاعب بالإدراكات والمنطلقات، فقد يبدأ الاتصال بهدف الدعوة، ثم يتطرق الأمر إلى التعارف،ن ثم إلى تبادل المجاملات والتشجيع الشخصي، ثم نوع من الألفة التي تخلق مناخًا مواتيًا ومفتوحًا على كل الاحتمالات، وفي هذا المسار يبدأ الإنسان في إعادة تفسير ذاته والطرف الآخر فيكتشف توافقًا بين الطرفين، ويتدعم هذا التوافق بالاتصال، وقد لا يكون هذا التوافق حقيقيًا أو بالقدر الذي يتخيله، وغالبًا ما يتغافل كل طرف عن التناقضات الموجودة بينهما، ويسود شعار "لم لا"؟! وبخاصة أن كل طرف يتفانى في إدخال السرور على قلب الآخر ليجازيه بالمثل، ولأنه عاجز عن منح السعادة لمن يحبهم أو يحبونه في الواقع!!!
- إن أي بشر معرض بطبيعة خلقته للضعف، واختلال المشاعر، واعتلال الإرادة، وانهيار المقاومة، وبالتالي فإن أي امرأة أو رجل يمكن أن يكونا إحدى ضحايا هذه التجربة، والسلامة لا يعد لها شيء، والعاقل حقاً من اتعظ بغيره، وكلنا معرضون لما أسميته أنت بحق "عمى البصر والبصيرة".. اللهم عافنا...
- إن إهمال الشريك الحقيقي وعدم منحه الثقة بنفسه، أو إعطائه التقدير الكافي، والعواطف المتدفقة المتجددة، وغيرها من دلائل الحب وبديهيات العلاقة بين زوجين، هذا الإهمال يسلم الطرفين غنيمة باردة لهلاوس الواقع الافتراضي، وسراب أمنياته يحسبه الظمآن ماءً، ولو لم يكن ظمأنا لاعتدلت رؤيته، واستطاع التمييز.
وقد يندهش البعض من قولي بأن الإهمال يضر بالطرفين، وأضيف موضحاً أن الإنسان مفطور على تبادل العواطف والاهتمام، وعلى الحب من طرفين، وحين لا يمنح هذا أو يحصل عليه تصيبه حالة من الفقد، ويظل معرضاً لأي سهم طائش يطلقه مجنون أو محروم، أو تمرضه أي جرثومة ضعيفة لأن مناعته أضعف.
إهمال الشريك فتنة للذات وله، ومدخل للانفتاح على حقل الألغام، والإشعار بالفشل أو انتقاد القصور دون التعاون لعلاجه لا يخلق دافعًا إلا للهروب من المواجهة إلى حيث الواحة الكاذبة، وبذلك فإن كل حياتنا الواقعية وبخاصة العائلية تبدو معرضة لنوع رهيب من التحدي على مستوى أن نكون أو لا نكون، فهل ننتبه؟!!
- إذا شعر أحد الشريكين في علاقة الزواج بأنه يعاني من أي مشاعر سلبية مثل الوحدة أو عزوف الشريك، أو خيانته الحقيقية أو المعنوية فلا يكتم هذا في نفسه، ولا يبحث هو الآخر عن بديل ظاناً بذلك أنه إنما يحل المشكلة أو يرد الصفعة، فهو في الحقيقة إنما يصفع نفسه ويخسرها حين يضعها في موضع الإمعة حين يسيء بحجة أن الشريك أساء، وفي حالة وجود هذا المناخ السلبي ينبغي أن يكون الحذر مضاعفًا في الاقتراب من الآخرين أو الدخول في علاقات جديدة، وبخاصة الإليكترونية، وإذا حدث هذا اضطرارًا فليكن في إطار تحديد صارم للعلاقة وأهدافها، وإدارتها في المجال العام العلني كما أسلفنا.
- أنت في أزمة حقيقية تحتاجين فيها إلى كل العون من زوجك ومنا ومن كل محبيك، ومن قبل هذا، ومن بعده فإنك تحتاجين إلى عون الله سبحانه وتسديده، وأنصحك بعمل خطة لرفع إيمانياتك إضافة إلى ما قلته لك من قبل بشأن إعادة تخطيط حياتك كلها، وتدعيم علاقاتك الاجتماعية، وأنشطتك العامة في أرض الواقع فتشعرين أن طاقتك تستثمر في مجالات خير فعالة وواضحة أمامك مما يمكن أن يشعرك بالتحقق، وينأى بك عن الشعور بالوحدة الذي تخافين منه، وفي حياتنا أمراض كثيرة تحتاج إلى كل جهد مخلص وطاقة مبدعة فكيف يشكو الوحدة من يعيش في أمة كأمتنا؟!!
أستطيع أن أدلك على بعض النماذج الممكنة للمشاركة في أنشطة جذابة ونافعة ولو دققت النظر حولك فستجدين بعضها مما يناسبك، وأرجو ألا يكون زوجك بمعزل عن هذه الخطط جميعًا، بدءًا من الإيمانيات واستعادة الحيوية والحرارة في العلاقة بالله سبحانه، ومرورًا بالمشاركة في النفع العام، وإعادة رسم خريطة العلاقة بينكما، ولا أحسبه إلا يحبك وسيدعمك مع إعادة تنظيم وقته، وبرمجة أسفاره، ورب ضارة نافعة؛ فأحسب أن دروس التجربة ستنضجك وتفيدك في كل نواحي حياتك وبخاصة في علاقتك بزوجك.
-أرجو ألا يفهم أحد من كلامي هذا أن كل اتصال على الإنترنت هو بالضرورة مدان وشر، أو سيجلب الشر حتمًا، ولكننا نريد أن نتعلم كيف نستثمر خير هذه الشبكة ونفعها -وهو كثير- وكيف نجتنب ألغامها، ومبدئيًا ننصح في أي اتصال أن يكون الهدف محددًا، ونرى أن الشات الأسرع أخطر من تبادل الرسائل الإليكترونية على فترات متباعدة؛ لأن التصعيد ومظنة الانزلاق تكون أقل، والاتصال المؤسسي أفضل من الشخصي بالنسبة لإنجاز الأعمال، والاتصال الجماعي أكثر أمنًا من الفردي في مسألة تدعيم الأواصر، وتبادل الآراء والأفكار حتى يمكننا القول إن الاتصال الجماعي عبر ساحات الحوار أو مجموعات الاهتمام وتبادل الرسائل المعلنة للجميع هي المعادل المكافئ لما نسميه بالمجال العام الذي نرى فيه المحيط المناسب للتفاعل بين الناس، والانطلاق إلى مبادرات الخير، وكلما صار المجال خاصًا لزم التحفظ والاحتراز، والتشدد في الضوابط والإجراءات، والله أعلم، وتابعينا بأخبارك.
ــــــــــــــــــــ(41/56)
لماذا فرض الله الحجاب؟
... السؤال
22/11/2006 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :-
حجاب المرأة بمعنى تغطية جميع جسدها سوى الوجه والكفين من الواجبات التي فرضها الله تعالى في محكم كتابه، وأكدتها السنة، والحشمة من الضرورات البشرية التي تضمن للمجتمع سلامته ونقاءه، وعفته وطهارته .
كما أمرت الشريعة الرجل أن يغض من بصره حتى لا تمتد عينه إلى ما لا يملك فترتد إليه نظرته حسرة ولوعة، ومن المعاني التي من أجلها فرض الإسلام الحجاب أن الغريزة الجنسية عاتية بطبعها تحتاج إلى ما يرشدها لا إلى ما يشعلها حتى لا تكون فتنة في الأرض وفساد عريض .
كما أن من فوائد الحجاب مع غض البصر أن يقنع الرجل بزوجته، ولا يضعها في مقارنات مع الساقطات من هنا وهناك. وهذا خلاصة ما جاء في فتوى للشيخ محمد متولي الشعراوي، وإليك نص فتواه - رحمهالله:-
يقول الإسلام : يا مسلمة .. أريد أن أؤمن حياتك بهذا التشريع .. لماذا ؟
لأن الإنسان المتزوج من امرأة وصلت إلى الأربعين أو الخمسين، وامرأته تعرضت لعمليات الخدمة والولادة والرضاع، وأثر الزمن في جمالها .. إذا خرج للشارع ورأى فتاة في مقتبل عمرها، على أحسن ما تكون من الزينة، وأحسن ما تكون من الشباب، ماذا يكون موقفه بالنسبة لها حين يراها ؟
إنها ستلتهب غرائزه بعد ما كانت طبيعية، وعندما يعود إلى امرأته يبدأ في المقارنة غير العادلة .
وهذه المسألة تؤدي لفساد أغلب البيوت .. إذن فالمرأة في الحالة الأولى وهي البنت الجميلة، ستصل إلى هذه السن بعد خمسة عشر عاما أو عشرين عاما ..
فيقول الإسلام لها : لا تتبرجي حتى لا تلهبي غرائز أناس تفسدين عليهم بيوتهم، حتى إنك عندما تصلين لهذه السن لا تأتي فتاة لتفسد عليك بيتك ورجلك. مثلما أفسدت أنت الآخرين .
فالإسلام لكي يرحمها ويؤمّن حياتها يمنعها أن تفسد على الناس حياتهم، وهو يريد بذلك تكريمها وجعلها في مكانها الطبيعي، وأن تمثّل السكن للزوج .. وأمّا تمثل الحضانة لأشرف جنس في الوجود .. ألا وهو الإنسان .
ويضيف حامد العطار الباحث الشرعي:-
الغريزة الجنسية عاتية بطبعها تحتاج إلى ما يصرفها عن استرسالها في الحرام، ولقد كان الإسلام منطقيا يوم شرع من التدابير ما يؤدي إلى هذا، فنصح الشباب بالزواج لمن كان يقدر منهم على ذلك، ومن لا يقدر فأرشده إلى الصيام ليكون أعون له على ضبط شهوته، وأمر الرجال والنساء جميعا بغض الأبصار عن فضول النظر، فرب نظرة أورثت ذلا وهوانا .
وأمر المرأة بالاحتشام، وستر العورات، وأمرها أن لا تستثير الرجال، فلا خضوع في الصوت، ولا ضرب بالأرجل، ولا تعطر في البدن أو الثياب في حضرة الأجانب .
فالمرأة مأمورة أن تخفي زينتها بقدر استطاعتها حتى لا تؤجج الشهوات، ولا تذكي النزوات، ولا تكون عونا للشيطان على الرجال .
وكم أفسد التبرج من بيوت بعدما كانت عامرة بالحب، دافئة بالحنان، قانعة بالحلال، ففض سامرها، وخرب عامرها .
يذهب الرجل إلى دور السينيما والمسارح فيجد نساء تفنن في إظهار المثيرات، يساعدهن شياطين الإنس والجن، حيث يستشرفهن الشياطين من الجن، ويزينهن الشياطين من الإنس لتصبح فتنة تعصف بقلوب الرجال، ثم يقبل الرجل على زوجته، وفي ذهنه وفكره تلك الصورة التي اختلطت بعصبه ولحمه، فيبدأ بعقد المقارنات بين امرأة خرجت لتجذب قلوب الرجال، وبين زوجة مسكينة تتنازعها أعمال بيتها من طبخ وكنس وتربية للأولاد، فيا لها من مقارنة ظالمة تسقط فيها الزوجة شر سقوط .
وقد يبدو له أن يستنسخ من زوجته صورة لما علق بذهنه فإذا بالصورة باهتة خافتة لا تضاهي الأصل، ولا تدانيه، فشتان بين امرأة تشغلها واجباتها وتحاول أن تصلح من شأنها لتحلو في نظر زوجها وبين امرأة عاونها شياطين الإنس والجن على إخراجها في صورتها التي خرجت بها .
لذلك ولكثير غيره فرض الإسلام الحجاب .
والله أعلم .
ــــــــــــــــــــ(41/57)
عواقب التبرج
يزعم البعض أن خروج المرأة متبرجة، حاسرةالرأس ،كاشفة عن سيقانها، أن ذلك من الصغائر التي يكفرها اجتناب الكبائر، فهل هذا صحيح؟
... السؤال
28/10/2006 ... التاريخ
مسعود صبري الباحث الشرعي بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فالتبرج هو إظهار الزينة التي يجب سترها لغير المحارم، كما أن التبرج يطلق أيضا على مشية المرأة بتكسر بين الرجال، وكل إظهار لما يجب إخفاؤه من العورة أو الزينة فهو من التبرج المحرم .
غير أن التبرج الذي ذكره الحديث الشريف وفيه الوعيد بعذاب الله هو ما ذكره الإمام ابن العربي المالكي من أن تلبس المرأة ثوبا رقيقا يصفها، وقال : وإنما جعلهن كاسيات؛ لأن الثياب عليهن ، وإنما وصفهن بعاريات لأن الثوب إذا رق يكشفهن ; وذلك حرام .
لم يقل أحد من فقهاء المسلمين أن التبرج من صغائر الذنوب ، بل إن علاج قضية التعري من أولى القضايا التي عالجها القرآن في حديثه عن قصة آدم -عليه السلام -،قال تعالى :"إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى،وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى"، وأوضح القرآن أن هدف الشيطان كان أن يعري آدم وحواء ، إشارة من القرآن إلى خطورة التعري ، فقال تعالى:"فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ماووري عنهما من سوآتهما "، وذلك لأن العري والتبرج من أسس هدم المجتمع ، وانحطاط أخلاقه، وما نجح الاستعمار وأعداء الإسلام في تدمير الشباب المسلم ، وإبعاده عن الإسلام إلا من خلال أسلحة كان أهمها نشر العري بين أوساط المجتمع المسلم ، حتى أضحى المرء يسير في الشوارع في بلاد إسلامية، وكأنها بلاد الغرب!
مع إدراك أن كثيرا من الفتيات المسلمات لا يضعن في أذهانهن التبرج لأجل الإغواء، وإنما هو عندهن عادة حسب الوسط الذي نشأوا فيه، أو نوع من التقليد والسعي للخروج عن تقاليد مجتمع يجدن فيه بعض المشكلات، أو محاولة الظهور بمستوى أعلى مما هن عليه ، غير أن النية شيء، و التبرج وما يترتب عليه شيء آخر.
ولقد جاء الوعيد لمن تبرجت ، وخلعت عنها خلق الحياء، وعيدًا شديدًا ، صيانة للمرأة أولاً ثم صيانة للمجتمع بأسره من الرذيلة، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم عقاب المتبرجة إن استمرت على تبرجها، ولم تتب منه وخيما ، فكان أجدر بالمرأة المسلمة أن تلتزم أمر الله تعالى ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، واستجابة لفطرتها النقية،لا خروجًا عن فطرة الله التي فطر الناس عليها .
يقول الدكتور يوسف القرضاوي :
وإني لأتعجب من قول أحد الكتاب في إحدى المجلات: إن خروج المرأة بالثياب العصرية التي تكشف معها السيقان والأذرع والصدور والشعور وما هو أكثر منها، والتي تشف وتصف وتحدد مفاتن الجسم، إنما هي من صغائر الذنوب، التي يكفرها مجرد اجتناب الكبائر !!!
وغفل هذا الكاتب عن الحديث الصحيح، الذي رواه مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ".
والحديث يصور في شقه الثاني ـ نساء عصرنا بثيابهن ورؤوسهن، كأنه يراهن رأى العين .
وقد جعلهن من أهل النار، ولو كان لبسهن للثياب التي تجعلهن كاسيات عاريات، من صغائر المحرمات، ما جعلهن من أهل النار، ولا حرم عليهن دخول الجنة ووجدان ريحها، فهذا من موجبات الكبائر من غير شك .
والله أعلم
ــــــــــــــــــــ(41/58)
خلع الحجاب وبر الوالدين
ما رأي الدين في رجل يمنع بنته من الالتزام بالزي الإسلامي للفتاة بحجة أنه يعيش في مجتمع من المجتمعات الراقية وبأن ظروف عمله لا تسمح بذلك. وهل للفتاة أن تطيع أباها فتخرج من بيتها متبرجة أم ماذا تفعل؟ ... السؤال
17/04/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
الزي الشرعي للفتاة التي بلغت سن التكليف متفق عليه بين الفقهاء بأنه لا يكشف مستورًا من البدن ولا يصفه ولا يشف عما تحته ولا يلفت النظر إلى الافتتان بالفتاة بل يكسبها هيبة واحترامًا، وجلالاً وقارًا.
يقول فضيلة الشيخ إبراهيم جلهوم من علماء الأزهر وشيخ المسجد الزينبي بالقاهرة
وحكمة التشريع في التزام هذا الزي الذي يستر جسد الفتاة أو المرأة كله عدا الوجه واليدين هي صيانة الفتاة والمرأة والحفاظ عليهما من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن فذاك هو ما أرشدت إليه تلك الآية المحكمة من كتاب الله "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورًا رحيمًا" (الآية 59 من سورة الأحزاب).
وأيام أن كان الالتزام بالزي الشرعي ساريًا بين السيدات والفتيات. كان المجتمع لا يخترق تماسكه الخلقي الرفيع انحلال ولا اعتلال ولا اضطراب، فلما حدثت المخالفات حلت المضرات والمتعبات بكثير جدًا من الرجال والنساء شيبًا وشبابًا، سيدات وفتيات، وصدق قول الله: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" (الآية 30 من سورة الشورى).
فلتلزم الفتاة زيها الشرعي، حتى تكون محتشمة في ملبسها وقورة في مظهرها، متكاملة في اتباع أوامر الله قولاً وعملاً وسلوكًا وزيًا كما يشير إليه قول الحق سبحانه وتعالى: "وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله" (الآية 33 من سورة الأحزاب)، فطاعة الله ورسوله تكون بالاعتصام والتصون والاحتشام، وبترك التبرج وبستر البدن بملابس فضفاضة. ليست بذات ألوان فاقعة تلفت النظر إليها، فإن أمر والد الفتاة بغير ذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وقوله بأنه يعيش في مجتمع راق. وبأن ظروف عمله لا تسمح بأن تتحشم ابنته قول داحض، فإن الرقي لا يكون إلا بسياج خلقي في المظهر والمخبر وظروف العمل الجاد الهادف المشروع لا تدعو والد الفتاة بأن يقول لها لا حشمة ولا توقر في ثياب تلبسينه، وأنت غادية ورائحة لمعالجة أمور الحياة. فليتق الله، وليكن عونًا لابنته على طاعة الله، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته" رواه ابن حبان في صحيحه.
والله أعلم
ــــــــــــــــــــ(41/59)
القنوات الإباحية.. كن شاباً يوسفياً
الأخلاق
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب- ولله الحمد- أصلي الصلوات في وقتها، حتى الفجر، وذلك في المسجد، جماعة، كما أواظب على صلوات النوافل مثل: الضحى والشفع والوتر، وأصوم يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، وإن شاء الله سأذهب لأداء العمرة في رمضان، وأبر والدي، وأخلاقي- ولله الحمد لله- عالية.
ولكن عندما أخلو بنفسي أقلب في الدش، وأفتح القنوات الإباحية على القمر الأوروبي، وقد فعلت ذلك حوالي أربع مرات، وقبل ذلك كنت لا اسمع هذه القنوات.
علما بأني أنهي الدوام في تمام الساعة الثالثة عصراً، وأسكن مع أخي وزوجته في شقة واحدة، وقد كنت رافضاً لذلك طوال 8 شهور، لكنني نزلت على رغبة أبي لأني لا أعصيه أبداً.
والمشكلة أنني أشعر أن كل أعمالي نفاق في نفاق، وربما هذا لأن الله ييسر لي حالي، أفيدوني و جزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله.
... السؤال
فريق الاستشارات الإيمانية ... المستشار
... ... الرد ...
...
... يقول الأستاذ عصام الشعار، الباحث الشرعي بشبكة إسلام أون لاين:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد..
اللهم إنا نعوذ بك من قلب لا يخشع ومن عين لا تدمع، ومن عمل لا يرفع، ومن دعاء لا يستجاب له..
أخي الكريم:
وقفت مع سؤالك أتفكر فيه مليا - على الرغم أن سؤالك ليس بجديد بل أجبنا عن مثله عشرات المرات- لماذا هذا الإصرار على إدمان هذه المواقع والقنوات الإباحية؟، على الرغم أن من يقدم عليها يوقن أنها حرام، بل تحرقه مرارة الذنب بعد أن مرغ الشيطان أنفه في وحل المعصية؟!، وهل خطورة الأمر تكمن في مقارفة العبد لهذا الذنب والذي سرعان ما ينتهي إذا تاب العبد إلى الله وأناب؟
وأبدأ فأقول: الإنسان عادة يحتاط لنفسه ويأخذ بأسباب الوقاية على قدر ما ينتظره من أخطار، ومن المؤسف أن شباب أمتنا - البنات منهم والبنين- لا يدركون حجم الخطر الحقيقي، والضرر الذي تخلفه مشاهدة القنوات الإباحية، فنظرتهم للأمر لا تعدو كونها مجرد معصية، ويعقبها السؤال عادة هل: مشاهدة هذه القنوات من الصغائر أم من الكبائر؟، وما كفارتها؟!
ولكن خطورة الأمر عندي في إدمان مشاهدة القنوات والمواقع الإباحية لا تكمن في مقارفة المعصية، فما ضر العبدَ ذنبٌ تاب إلى الله تعالى منه، ألم يخبرنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"؟.
ولكن لا ينبغي أن يُفهم من كلامي هذا الاستهانة بمبارزة الله تعالى بالمعصية، فلو لم يكن في الأمر معرة إلا هذه لكفت، ولكن يضاف إلى جرأة العبد على اقتراف المعصية أن الذنب وراءه ما هو أدهى وأمر.
وهذا الخطر يتمثل في أن إدمان مشاهدة القنوات والمواقع الإباحية يقتل العزيمة والإرادة، ويصبح المرء خائر النفس، ينهار أمام أي عاصفة تواجهه، ليس لديه القدرة على مواجهة ما قد يعترضه من عقبات، فضلا عن أن يكون قادرا على مواجهة عدو يهتك الأعراض ويدنس المقدسات!!
وهذا في تقديري ما يبرر البكاء - في كثير من الأحايين- الذي يعقب مقارفة هذا الذنب، فإحساس المدمن بالعجز عن عدم الرجوع إلى مشاهدة هذا العفن - مع اعترافه بأنه عفن- يجعله ينفث عن عجزه بالبكاء، ولذلك قد تجد من المدمنين لهذه المواقع من يقترف الكذب أو غيره من المعاصي.
ومع هذا لا يأبه بالكذب مع أن جرم الكذب أشد وأعظم، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم :".... أيكون المؤمن كذابا ؟ قال لا"، فالبكاء إذن لا علاقة له بقوة الإيمان أو ضعفه، ولكن البكاء هنا هو بكاء العاجز المنهزم، فحاله كحال الطفل العاجز الصغير إذا شعر بالخطر، فتراه يستغيث ويستنجد بارتفاع صوته بالبكاء تعبيرا عن عجزه وفشله!.
ولعل تحقيق هذا المعنى الخطير - وهو إصابة شبابنا وبناتنا بالشلل النفسي- هو الذي يبرر سر إنفاق الأموال الطائلة التي يغدقها القائمون على هذه القنوات والمواقع الإباحية ومن يعنيهم تدمير شباب هذه الأمة.
فقد أدرك القوم أن قوة الأمة تقاس بقوة شبابها فقديما قال أحد الحكماء "أخبرني بحال شباب الأمة أنبئك بمستقبلها"، ولذلك فالسهام تترى من أجل القضاء على مستقبل أمتنا بتدمير شبابها، بحيث يولد جيل خاوي الوفاض ليست له غاية ولا يرفع للحق راية، بل جل تفكيره هو البحث عن الشهوات والملذات بأي ثمن ومن أي طريق!
والذي يقرأ التاريخ سيفهم جيدا ما أقول، فكلنا يعرف كيف ضاعت الأندلس؟!؛ لقد ضاعت حين تمرغ القوم في الشهوات والملذات، ونسوا معنى الجهاد، وكرهوا الموت في سبيل الله!.
وما استطاع العدو أن ينال من سلطان المسلمين شبراً واحداً يوم أن كان أميناً عليه من طلبتهم الدنيا فزهدوا فيها، فقد دخلنا الأندلس على صيحات تكبير طارق بن زياد ومن معه ممن باعوا أنفسهم لله عز وجل، بجنة عرضها السموات والأرض.
كما دالت لنا الأندلس زمنا بهمة أقوياء العزيمة والإيمان أمثال عبد الرحمن الداخل، الذي قدموا إليه الخمر يوما فقال: إني بحاجة لما يزيد في عقلي لا ما ينقصه.
ولما أُهديت إليه جارية حسناء، أمعن النظر إليها ثم قال: إن هذه الجارية من القلب والعين بمكان، ولكن لا حاجة لي بها، وحين سأل عن السبب قال: إن أنا شغلت عنها برسالتي ظلمتها، وإن لهوت بها أضعت رسالتي، وقد كانت رسالته هي حب الجهاد والاستشهاد في سبيل الله، وحماية الثغور والحدود.
ولكن حين جاء الجيل المترف الذي وضع كنانة السهام، وبكى لوعة الوجد والغرام، ضاعت الأندلس على يديه!، ولن يعود الأقصى، ولن تعود فلسطين ما لم يستعل شباب الأمة على الشهوات والملذات، وتنتصر بداخله العزيمة والإرادة وينتصر داخله نداء الإيمان.
أعتذر لك - أخي الحبيب- عن هذه المقدمة الطويلة، فقد كان لزاما عليّ أن أقف معك هذه الوقفة حتى تفيق وتدرك مدى خطورة الأمر، فالأمر يتعلق بتدمير إرادة جيل بأكمله، بل ومستقبل أمة بأسرها.
فالمؤامرة قد دبرت بليل فانتبه ولا تقع في الشراك التي نصبها القوم ليفسدوا علينا الدنيا والدين، فقديما قال أحدهم "كأس وغانية تفعلان في أمة محمد أكثر مما يفعله ألف مدفع فأغرقوهم في حب المادة والشهوة".
فإلى كل حبيب آمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم- نبياً ورسولاً وبالكتاب والسنة شرعة ومنهاجاً، احذر أن تكون لقمة سائغة لأعدائك فبك يدفنون الأخلاق ويضعون أمة محمد تحت التراب، وكن على يقين أنه لن يرجى للأمة خير ما لم تكن انتفاضة وهمة وعزيمة نصلح بها أنفسنا ونستعلي بها على شهواتنا وملذاتنا حتى يصلح الله تعالى الكون من حولنا، وصدق تعالى إذ يقول: (إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).
فما أحوجنا إلى "شباب يوسفي" يستعلى على الشهوات، ويعتصم بالله، ويستمسك بحبله وهداه، لنكون أهلاً لنصره المبين، قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
خطوات عملية لهجر المواقع الإباحية:
وبعد أن وقفت معك عند هذا المعنى السابق، وحسبي ما ذكرت للتأكيد عليه، أرجع إلى سؤالك فأقول قد عرفنا موطن الداء فأين الدواء؟ .. فلن يجدي أي دواء ما لم يكن منك العزم والتصميم على عدم مشاهدة هذه المواقع الإباحية، أما صاحب النفس الخائرة فلن يجدي معه دواء، وليس لي معه حديث، وثمة خطوات عملية أسوقها إليك، وأرجو الله أن ينفعك بها :-
أولا: الوقاية خير من العلاج:اجعل شعارك قول الله تعالى: " قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ)[النور: 30-31].، ولما كانت النظرة الحرام لها خطرها على القلب وإيمان العبد أفرد الله سبحانه وتعالى كل من المؤمنين والمؤمنات بخطاب مستقل، على خلاف نسق القرآن في الأمر والنهي فما من خطاب إلا ويأتي للمؤمنين والمؤمنات على السواء ويكون النداء فيه: "يا أيها الذين آمنوا.."
فعليك بغض البصر وأنت تسير في الطريق، وأنت تجلس أمام التلفاز، وحين تدخل على الإنترنت، واعلم أن النظرة الحرام ستقودك إلى ما هو شر منها، ولن تقنع بما تقع عليه عينك بل ستفتش عما خفي عنك وكلما تأججت نار الشهوة بداخلك كلما كان البحث عن المزيد وحالك كحال من يطفئ النار بالبنزين!
فإياك والنظرة الحرام، جاهد نفسك، واصرف بصرك، وستجد حلاوة هذه المجاهدة ولذتها في القلب، فعن حذيفة- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله- صلَّى الله عليه وسلم- : (النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة، فمن تركها من خوف الله أثابه- جل وعز- إيمانا، يجد حلاوته في قلبه) رواه الحاكم في المستدرك.
ثانيا: تذكر أنك على ثغرة من ثغر الإسلام فاحذر أن يؤتى الإسلام من قبلك، فلا تكن لقمة سائغة لأعداء الله ، بل كن أبيا وترفع عن الدنايا وأفسد على أعداء الله سوء صنيعهم ، باعتصامك بحبل الله وبتجملك بالتقوى، ولست بأقل ممن يقدمون كل يوم أرواحهم فداء لدينهم ، فإذا لم يسعك أن تموت في سبيل الله فلا أقل من أن يكون عيشك في سبيل الله.
ثالثا: عليك بوصية الحبيب صلى الله عليه وسلم: "من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" فإن كنت تملك مؤنة النكاح فسارع بالبحث عن الزوجة الصالحة، ففي الزواج السكن والأنس والراحة، وفي الحلال غنية وكفاية عن كل صنوف الحرام.
رابعا: اجعل نشيدك الدائم "الله معي .. الله ناظري"، فإن كنت على يقين أن الله تعالى ناظر إليك ومطلع عليك فأعظم قدر الله تعالى في نفسك ولا تجعل الله أهون الناظرين إليك، قال تعالى: (مَا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ للهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا) ؟!. فأري الله من نفسك خيراً، واحذر أن تقع عين الله منك على معصية، ولا يغرنك حلمه فإن أخذه أليم شديد، فقد تأتيك منيتك وأنت على معصيتك فتسوء خاتمتك، فالأعمال بخواتيمها فاختر لنفسك خاتمة تسرك، فقد صح عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قوله: "من مات على شيء؛ بعثه الله عليه" أخرجه الحاكم وصححه الألباني.
خامسا: اصرف همتك وطاقتك إلى ما يقربك من الله تعالى ويرضيه عنك، فابحث لنفسك عند دور يناسبك وانهمك في معالي الأمور، واشغل نفسك بما يعود عليك وعلى أمتك بالخير والنفع في الدين والدنيا، وإياك أن تتخلف عن ركب المصلحين وانظر يوم القيامة مع أي الفريقين أنت والناس ساعتها فريقان "فريق في الجنة وفريق في السعير".
سادسا: إذا وجدت من نفسك ضعفاً، ولم تستطع أن تجاهد نفسك بالإقلاع عن مشاهدة هذه القنوات، فقم على الفور، وتخلص من كارت المودم، أو تخلص من جهاز الدش، ومهما كان فيه من فوائد فلا تلتفت إلى ذلك فإن فيه هلاكك، وأضعف الإمكان أن تهجر المكان الذي أنت فيه، وفتش عن الصحبة الصالحة التي تعينك إذا تذكرت وتذكرك إذا نسيت.
وختاماً؛
أسأل الله تعالى أن يحفظ عليك سمعك وبصرك وأن يحفظ عليك قلبك ودينك وعقلك، وأن يرزقنا وإياك شكر نعمته وأن يُحَبِبَ إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا، وأن يُكَرِهَ إلينا الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجعلنا من الراشدين.. آمين. وتابعنا بأخبارك لنطمئن عليك.
ــــــــــــــــــــ(41/60)
مشاهدة الأفلام وسماع الأغاني وأثرهما على الصوم
ما حكم مشاهدة الأفلام وسماع الأغاني في نهار رمضان؟ ... السؤال
11/11/2002 ... التاريخ
الشيخ عطية صقر ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فالأفلام والأغاني إما أن تكون حراما ومن ثم فيكون إثمها في رمضان أشد، ويبطل الصوم إن ترتب على مشاهدتها إثارة جنسية أعقبها إنزال المني، وإن كانت الأفلام والأغاني في دائرة المباح، فلا تأثير لذلك على صحة الصوم، بشرط عدم الإسراف.
والذي نود أن نشير إليه أن رمضان نفحة ربانية، فيه الرحمة، والمغفرة، والعتق من النار، فهل تعتق رقابنا من النار بمشاهدة الأفلام، وسماع الأغاني -لو سلمنا جدلا أنها خالية من الحرام- أم بالإقبال على الله والاجتهاد في العبادة والطاعة؟
وإليك فتوى فضيلة الشيخ عطية صقر -رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا-:
الحكم العام على مشاهدة الأفلام والمسرحيات والمسلسلات وسماع الأغاني: أنها إن كانت هذه المشاهدات والمسموعات تحمل كلامًا باطلاً أو تدعو إلى محرم، أو كانت تؤثر تأثيرًا ضارًا على فكر الإنسان وسلوكه، أو صرفته عن واجب، أو صاحبها محرم كشرب أو رقص أو اختلاط سافر كانت حرامًا؛ سواء أكان ذلك في رمضان أم في غير رمضان. فإن خلت من هذه المحاذير كان الإكثار منها مكروهًا، ولا بأس بالقليل منها للترويح.
وشهر رمضان له طابع خاص، فهو قائم على صيام النفس عن شهواتها والتدريب على سيطرة العقل على رغباتها، وليس ذلك بالامتناع فقط عن الأكل والشرب والشهوة الجنسية، فذلك هو الحد الأدنى للصيام، لا يكتفي به إلا العامة الذين يعملون فقط لأجل النجاة من العقاب، مع القناعة بالقليل من الثواب، أما غيرهم فيحرصون على الكمال في كل العبادات، فيمسكون عن كل شهوات النفس، وبخاصة ما حرَّم الله كالكذب والغيبة، ويسمو بعضهم في الكمال فيصوم حتى عن الحلال، مقبلاً على الطاعة في هذا الشهر بالذات ليخرج منه صافي النفس والسلوك من الرذائل متحليًا بالفضائل.
فلا ينبغي أن نضيِّع فرصة هذا الشهر الذي يضاعف فيه ثواب الطاعة، بصيام نهاره وقيام ليله بالتراويح وقراءة القرآن.
وضياع جزء كبير من الوقت في مشاهدة وسماع أنواع الترفيه خسارة للمؤمن العاقل، وعلى المسئولين جميعًا أن يراعوا حرمة هذا الشهر، فيهيئوا الفرصة للصائمين والقائمين أن يتقربوا إلى الله بالطاعات بدل اللهو الذي مللناه طول العام.
ومهما يكن من شيء فإن مشاهدة وسماع هذه الأشياء لا يبطل الصيام إلا إذا حدث أثر جنسي بسببها، ومع عدم البطلان فاتت فرص كثيرة لشغل الوقت بالعبادة وقراءة القرآن وسماع البرامج الدينية، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الطبراني: "أتاكم رمضان شهر بركة، يغشاكم الله فيه فيُنزل الرحمة، ويحُطُّ الخطايا، ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله إلى تنافسكم فيه ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرًا؛ فإن الشقي من حرم به رحمة الله عز وجل"، فليكن تنافسنا في رمضان في الخير لا في اللهو ولا في الإقبال على الملذات.
والله أعلم.
ــــــــــــــــــــ(41/61)
مشاهدة الأفلام الإباحية والصور العارية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : ما حكم مشاهدة الأفلام الإباحية والصور العارية ؟ وجزاكم الله عنا خيراً
... السؤال
13/08/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
مشاهدة الأفلام الجنسية حرام لأنها من الوسائل المؤدية إلى الانحلال والفساد الأخلاقي، كما أن الصور العارية حرام لأن فيها انتهاكاً للمحرمات والنظر إلى ما حرم الله .
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة - أستاذ الفقه وأصوله - جامعة القدس - فلسطين :ـ
إن الإسلام يحارب الفساد والانحلال بمختلف ألوانه وأشكاله ويقطع كل الطرق التي تؤدي إليه ، ولا شك أن الأفلام الإباحية والصور العارية مظهر من مظاهر الانحلال والفساد وأنها من الوسائل المؤدية إليه ، لذلك لا شك لدي في حرمة مشاهدة الأفلام الإباحية والصور الخليعة لأن للوسائل أحكام المقاصد كما قرر فقهاء الإسلام .
قال العز بن عبد السلام : :[ للوسائل أحكام المقاصد فالوسيلة إلى أفضل المقاصد هي أفضل الوسائل والوسيلة إلى أرذل المقاصد هي أرذل الوسائل ] .
ومن المعروف عند العقلاء أن مشاهدة الأفلام الجنسية والصور الخليعة وسيلة من وسائل انتشار الفساد الخلقي والانحلال وانتشار الموبقات ،وقد تؤدي إلى الزنا واللواط واستعمال العادة السرية فما أدى إلى الحرام فهو حرام وقد سمعنا وقرأنا عن حوادث كثيرة كان سببها مشاهدة تلك الأفلام الساقطة والصور الخليعة كالزنا واللواط وغير ذلك من المفاسد الأخلاقية .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :( لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها ) رواه البخاري .
ومعنى الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم ينهى المرأة أن ترى امرأة أخرى وهي عارية وبعد ذلك تقوم بوصفها لزوجها فتجعله يفتتن بالمرأة الموصوفة .
ومن المعلوم أن هذا الوصف يجعل الزوج يتخيل تلك المرأة بصفاتها التي نقلت إليه من زوجته ،ومع أن الأمر يتعلق بالخيال فقط فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنه فما بالك بمشاهدة الأفلام الجنسية حيث الصوت والصورة ، فهذا يؤدي إلى مفسدة أعظم من مجرد التفكير بامرأة وصفت له .
قال الشيخ علي بن الحسن الحموي الشافعي رحمه الله معلقاً على الحديث السابق [ تالله لقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما ذكر لأن الرجل الأجنبي إذا سمع وصف امرأة أجنبية تشكلت في قلبه وانطبعت في مرآة نفسه ، ويوحي الشيطان لعنه الله له عند ذلك كلاماً من غروره وأمانيه ، ويحول بينه وبين تقوى الله ومرضاته ، وتخطر له هنالك خواطر قبيحة وهواجس ذميمة فتارة بالزنا وتارة بالفحشاء ...] أحكام النظر ص 58 - 59 .
إن كل هذا يحدث نتيجة التفكير في امرأة وإن ما ينتج عن مشاهدة الأفلام الجنسية لهو أعظم وأخطر بكثير مما وصف الشيخ المذكور رحمه الله .
إنني لا أظن أن مسلماً تقياً يعرف مقاصد الشرع الشريف يقول بجواز ذلك ، هذا إذا أضفنا إلى ما تقدم أن إعداد الأفلام الجنسية والصور العارية حرام لأن فيها انتهاكاً للمحرمات والنظر إلى ما حرم الله ، كما أن نشر تلك الأفلام حرام وطبع تلك الصور حرام ، وترويج ذلك ونشره حرام أيضاً فالقضية كلها تدور ضمن دائرة التحريم .
والله أعلم .
ــــــــــــــــــــ(41/62)
مصافحة الرجل للمرأة : الحكم والضوابط
مشكلة تواجهني، ولا شك أنها تواجه غيري من الناس، وهي التعرض للسلام على النساء باليد، أعني المصافحة، وخصوصًا للقريبات منهن، ممن لسن محرمات عليَّ أي مثل ابنة خالي، أو ابنة خالتي، أو ابنة عمي، أو ابنة عمتي، أو امرأة العم، أو امرأة الخال، أو أخت زوجتي، أو غيرهن ممن تصلني بهم روابط قرابة أو مصاهرة، ولا سيما في مناسبات معينة كالقدوم من سفر، أو الشفاء من مرض، أو العودة من حج أو عمرة، أو نحو ذلك من المناسبات التي اعتاد الأقارب والأصهار ومثلهم الجيران والزملاء، أن يصل بعضهم بعضًا ويهنيء بعضهم بعضًا، ويصافح بعضهم بعضًا.
والذي أسأل عنه هو: هل ثبت في الكتاب أو السنة تحريم هذه المصافحة مع توفر ما ذكرت لكم من الدواعي الاجتماعية، والروابط العائلية، ومع التأكد من توفر جو الثقة، وأمن الفتنة، والبعد عن مثيرات الشهوة، ومع ما يثيره ترك المصافحة من النظر إلينا معشر المتدينين على أننا متزمتون متشددون، نحتقر المرأة، ونسيء الظن بها.. إلخ.
إذا كان هناك دليل شرعي، فنحن نحترمه من غير شك، ولا نملك إلا السمع والطاعة، بحكم إيماننا بالله ورسوله، وإن كان الأمر مجرد اجتهاد من فقهائنا القدامى، فقد يجوز لفقهاء عصرنا أن يخالفوهم، إذا أداهم إلى ذلك اجتهاد صحيح، بناءً على ما تقتضيه أوضاعنا المتغيرة، وظروف حياتنا المتطورة.
لهذا كتبت إليكم راجيًا بحث القضية من جذورها، على ضوء القرآن الكريم، والحديث الشريف، فإن قام الدليل على المنع امتنعنا ولا ريب. وإن كان في الأمر سعة، فلا نضيق ما وسع الله علينا، ولا سيما مع شدة الحاجة وعموم البلوى.
أرجو ألا تشغلكم أعباؤكم الكثيرة عن الرد على رسالتي، فإنها كما قلت لفضيلتكم ليست مشكلتي وحدي، بل مشكلة الملايين من أمثالي.
شرح الله صدركم للإجابة، ويسر لكم الوقت لتحقيق المسألة، ونفع بكم. ... السؤال
02/12/2001 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
لا أكتم الأخ السائل أن قضية مصافحة الرجل للمرأة التي
يسأل عنها قضية شائكة، وتحقيق الحكم فيها بعيدًا عن التزمت والترخص يحتاج إلى جهد نفسي وفكري وعلمي، حتى يتحرر المفتي من ضغط الأفكار المستوردة، والأفكار المتوارثة جميعًا إذا لم يكن يسندها كتاب ولا سنة، وحتى يستطيع مناقشة الأدلة وموازنة الحجج، بعضها ببعض، لاستخلاص الرأي الأرجح والأدنى إلي الحق في نظر الفقيه، الذي يتوخى في بحثه إرضاء الله، لا موافقة أهواء الناس.
وقبل الدخول في البحث والمناقشة أود أن أخرج صورتين من مجال النزاع أعتقد أن حكمهما لا خلاف عليه بين متقدمي الفقهاء فيما أعلم :.
الأولي: تحريم المصافحة للمرأة إذا اقترنت بها الشهوة والتلذذ الجنسي من أحد الطرفين: الرجل أو المرأة، أو خيفت فتنة من وراء ذلك في غالب الظن، وذلك أن سد الذريعة إلى الفساد واجب، ولا سيما إذا لاحت علاماته، وتهيأت أسبابه.
ومما يؤكد هذا ما ذكره العلماء أن لمس الرجل لإحدى محارمه، أو خلوته بها وهي من قسم المباح في الأصل تنتقل إلى دائرة الحرمة إذا تحركت الشهوة، أو خيفت الفتنة (انظر: الاختيار لتعليل المختار في فقه الحنفية 4/155)، وخاصة مع مثل بنت الزوجة أو الحماة أو امرأة الأب، أو أخت الرضاع، اللائي ليس لهن في النفوس ما للأم أو البنت أو الأخت أو العمة أو الخالة أو نحوها.
الثانية : الترخيص في مصافحة المرأة العجوز التي لا تشتهى، ومثلها البنت الصغيرة التي لا تشتهى ؛ للأمن من أسباب الفتنة، وكذلك إذا كان المصافح شيخًا كبيرًا لا يشتَهي.
وذلك لما روي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه كان يصافح العجائز، وعبد الله بن الزبير استأجر عجوزًا تمرضه، فكانت تغمزه وتفلي رأسه. (المرجع السابق ص 156، 155).
ويدل لهذا ما ذكره القرآن في شأن القواعد من النساء، حيث رخص لهن في التخفف من بعض أنواع الملابس ما لم يرخص لغيرهن: (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحًا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم). (النور: 60).
ومثل ذلك استثناء غير أولي الإربة من الرجال، أي الذين لا أرب لهم في النساء، والأطفال الذين لم يظهر فيهم الشعور الجنسي لصغر سنهم من نهي المؤمنات عن إبداء الزينة: (أو التابعين غير أولي الإرْبَةِ من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء). (النور 31).
وما عدا هاتين الصورتين، فهو محل الكلام، وموضع البحث والحاجة إلى التمحيص والتحقيق.
فالذين يوجبون على المرأة أن تغطي جميع جسمها، حتى الوجه والكفين، ولا يجعلونهما من المستثنى المذكور في قوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) بل يجعلون ما ظهر منها الثياب الظاهرة، كالملاءة والعباءة ونحو ذلك، أو ما ظهر منها بحكم الضرورة، كأن ينكشف منها شيء عند هبوب ريح شديدة أو نحو ذلك.
هؤلاء، لا عجب أن تكون المصافحة عندهم حرامًا لأن الكفين إذا وجبت تغطيتهما كان النظر إليهما محرمًا، وإذا كان النظر محرمًا كان المس كذلك من باب أولى، لأن المس أغلظ من النظر، لأنه أقوى إثارة للشهوة، ولا مصافحة دون أن تمس البشرة البشرة.
ولكن من المعروف أن أصحاب هذا القول هم الأقلون، وجمهور الفقهاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، يجعلون المستثنى في قوله تعالى: (إلا ما ظهر منها) الوجه والكفين.
فما الدليل عندهم على تحريم المصافحة إذا لم تكن لشهوة ؟.
الحقيقة أنني بحثت عن دليل مقنع منصوص عليه، فلم أعثر على ما أنشده.
وأقوى ما يستدل به هنا، هو سد الذريعة إلى الفتنة، وهذا مقبول من غير شك عند تحرك الشهوة، أو خوف الفتنة بوجود أماراتها، ولكن عند الأمن من ذلك وهذا يتحقق في أحيان كثيرة ما وجه التحريم ؟.
ومن العلماء من استدل بترك النبي -صلى الله عليه وسلم- مصافحة النساء عندما بايعهن يوم الفتح بيعة النساء المشهورة، على ما جاء في سورة الممتحنة.
ولكن من المقرر أن ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمر من الأمور لا يدل بالضرورة على تحريمه.. فقد يتركه لأنه حرام، وقد يتركه لأنه مكروه، وقد يتركه لأنه خلاف الأولى، وقد يتركه لمجرد أنه لا يميل إليه، كتركه أكل الضب مع أنه مباح.
وإذن يكون مجرد ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- للمصافحة، لا يحمل دليلاً على حرمتها، ولابد من دليل آخر لمن يقول بها.
على أن ترك مصافحته، -صلى الله عليه وسلم- للنساء في المبايعة ليست موضع اتفاق، فقد جاء عن أم عطية الأنصارية -رضي الله عنها- ما يدل على المصافحة في البيعة، خلافًا لما صح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، حيث أنكرت ذلك وأقسمت على نفيه.
روى البخاري في صحيحه عن عائشة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية: يقول الله تعالى: (يأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يُبَايِعْنَك على أن لا يُشْرِكن بالله شيئًا ولا يَسْرِقن ولا يَزْنِينَ ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين بِبُهْتان يَفْترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يَعْصِينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم) (الممتحنة :12)، قالت عائشة: فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " قد بايعتك " كلامًا ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله: " قد بايعتك على ذلك " (رواه البخاري في كتاب التفسير من صحيحه ـسورة الممتحنة باب :(إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات).
قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) في شرح قول عائشة " ولا والله " إلخ: فيه القسم لتأكيد الخبر، وكأن عائشة أشارت بذلك إلى الرد على ما جاء عن أم عطية. فعند ابن حبان، والبزار، والطبري، وابن مردويه، من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن عن جدته أم عطية في قصة المبايعة، قالت: فمد يده من خارج البيت، ومددنا أيدينا من داخل البيت، ثم قال: " اللهم اشهد".
وكذا الحديث الذي بعده يعني بعد الحديث المذكور في البخاري حيث قالت فيه: (فقبضت امرأة يدها) (المصدر السابق، باب :(إذا جاءكم المؤمنات يبايعنك) فإنه يشعر بأنهن كن يبايعنه بأيديهن.
قال الحافظ: ويمكن الجواب عن الأول: بأن مد الأيدي من وراء الحجاب إشارة إلى وقوع المبايعة وإن لم تقع مصافحة.. وعن الثاني: بأن المراد بقبض اليد: التأخر عن القبول.. أو كانت المبايعة تقع بحائل، فقد روى أبو داود في المراسيل عن الشعبي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين بايع النساء أتى ببرد قطري فوضعه على يده، وقال: (لا أصافح النساء) وفي مغازي ابن إسحاق: أنه كان -صلى الله عليه وسلم- يغمس يده في إناء وتغمس المرأة يدها معه.
قال الحافظ: ويحتمل التعدد، يعني أن المبايعة وقعت أكثر من مرة، منها ما لم يمس يد امرأة قط لا بحائل ولا بغيره إنما يبايع بالكلام فقط، وهو ما أخبرت به عائشة.. ومنها ما صافح فيه النساء بحائل، وهو ما رواه الشعبي.
ومنها: الصورة التي ذكرها ابن إسحاق من الغمس في الإناء، والصورة التي يدل عليها كلام أم عطية من المصافحة المباشرة.
ومما يرجح احتمال التعدد: أن عائشة تتحدث عن بيعة المؤمنات المهاجرات بعد صلح الحديبية، أما أم عطية فتتحدث فيما يظهر عما هو أعم من ذلك وأشمل لبيعة النساء المؤمنات بصفة عامة، ومنهن أنصاريات كأم عطية راوية الحديث.. ولهذا ترجم البخاري لحديث عائشة تحت عنوان باب: (إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات) ولحديث أم عطية باب: (إذا جاءك المؤمنات يبايعنك).
والمقصود من نقل هذا كله: أن ما اعتمد عليه الكثيرون في تحريم المصافحة من ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- لها في بيعة النساء، ليس موضع اتفاق، كما قد يظن الذين لا يرجعون إلى المصادر الأصلية، بل فيه الخلاف الذي ذكرناه.
وقد استدل بعض العلماء المعاصرين على تحريم مصافحة المرأة بما أخرجه الطبراني والبيهقي عن معقل بن يسار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " لأن يطعن في رأس أحدكم بِمخْيَط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له "، قال المنذري في الترغيب: ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح.
والمخيط: آلة الخياطة كالإبرة والمسلة ونحوها.
ويلاحظ على الاستدلال بهذا الحديث ما يلي:.
1ـ أن أئمة الحديث لم يصرحوا بصحته، واكتفى مثل المنذري أو الهيثمي أن يقول: رجاله ثقات أو رجال الصحيح.. وهذه الكلمة وحدها لا تكفي لإثبات صحة الحديث لاحتمال أن يكون فيه انقطاع، أو علة خفية، ولهذا لم يخرجه أحد من أصحاب الدواوين المشهورة، كما لم يستدل به أحد من الفقهاء في الأزمنة الأولى على تحريم المصافحة ونحوه.
2 أن فقهاء الحنفية، وبعض فقهاء المالكية قالوا: إن التحريم لا يثبت إلا بدليل قطعي لا شبهة فيه، مثل القرآن الكريم والأحاديث المتواترة ومثلها المشهورة، فأما ما كان في ثبوته شبهة، فلا يفيد أكثر من الكراهة مثل أحاديث الآحاد الصحيحة.. فكيف بما يشك في صحته ؟!.
3ـ على فرض تسليمنا بصحة الحديث، وإمكان أخذ التحريم من مثله، أجد أن دلالة الحديث على الحكم المستدل عليه غير واضحة ؛ فكلمة " يمس امرأة لا تحل له " لا تعني مجرد لمس البشرة للبشرة، بدون شهوة، كما يحدث في المصافحة العادية.. بل كلمة " المس " حسب استعمالها في النصوص الشرعية من القرآن والسنة تعني أحد أمرين:.
1 ـ أنها كناية عن الصلة الجنسية " الجماع " كما جاء ذلك عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: (أو لامستم النساء) أنه قال: اللمس والملامسة والمس في القرآن كناية عن الجماع.. واستقراء الآيات التي جاء فيها المس يدل على ذلك بجلاء، كقوله تعالى على لسان مريم: (أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر) (آل عمران: 47).(وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن). (البقرة: 237).
وفي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدنو من نسائه من غير مسيس.
2ـ أنها تعني ما دون الجماع من القبلة والعناق والمباشرة ونحو ذلك مما هو مقدمات الجماع، وهذا ما جاء عن بعض السلف في تفسير الملامسة:.
قال الحاكم في كتاب " الطهارة " من " المستدرك على الصحيحين".
"قد اتفق البخاري ومسلم على إخراج أحاديث متفرقة في المسندين الصحيحين يستدل بها على أن اللمس ما دون الجماع.
أ - منها: حديث أبي هريرة: " فاليد زناها اللمس...".
ب - وحديث ابن عباس: " لعلك مسست ".
جـ - وحديث ابن مسعود: " وأقم الصلاة طرفي النهار... " (يشير إلى ما رواه الشيخان وغيرهما من حديث ابن مسعود، وفي بعض رواياته: أن رجلاً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذكر أنه أصاب من امرأة، إما قبلة أو مسًا بيده، أو شيئًا. كأنه يسأل عن كفارتها، فأنزل الله عز وجل.. يعني آية :(وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات) (هود: 114) رواه مسلم بهذا اللفظ في كتاب التوبة برقم 40).قال: وقد بقى عليهما أحاديث صحيحة في التفسير وغيره.. وذكر منها:.
د ـ عن عائشة قالت: " قَلَّ يوم، إلا وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطوف علينا جميعًا تعني نساءه فيقبل ويلمس ما دون الوقاع، فإذا جاء إلى التي هي يومها ثبت عندها".
هـ وعن عبد الله بن مسعود قال: (أو لامستم النساء) هو مادون الجماع وفيه الوضوء".
و ـ وعن عمر قال: " إن القبلة من اللمس فتوضأ منها ". (انظر المستدرك 1/135).
ومن هنا كان مذهب مالك، وظاهر مذهب أحمد: أن لمس المرأة الذي ينقض الوضوء هو ما كان بشهوة، وبه فسروا قوله تعالى: (أو لامستم النساء) وفي القراءة الأخرى: (أو لامستم النساء.).
ولهذا ضعف شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاويه قول من فسروا الملامسة أو اللمس في الآية بمجرد مس البشرة البشرة ولو بلا شهوة.
ومما قاله في ذلك:.
(فأما تعليق النقض بمجرد اللمس، فهذا خلاف الأصول، وخلاف إجماع الصحابة وخلاف الآثار، وليس مع قائله نص ولا قياس.
فإن كان اللمس في قوله تعالى: (أو لامستم النساء) إذا أريد به اللمس باليد والقبلة ونحو ذلك كما قاله ابن عمر وغيره فقد علم أنه حيث ذكر ذلك في الكتاب والسنة، فإنما يراد به ما كان لشهوة، مثل قوله في آية الاعتكاف :(ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) ومباشرة المعتكف لغير شهوة لا تحرم عليه، بخلاف المباشرة لشهوة.
وكذلك قوله: (ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) وقوله: (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن)، فإنه لو مسها مسيسًا خاليًا من غير شهوة لم يجب به عدة، ولا يستقر به مهر، ولا تنتشر به حرمة المصاهرة باتفاق العلماء.
فمن زعم أن قوله: (أو لامستم النساء) يتناول اللمس وإن لم يكن لشهوة فقد خرج عن اللغة التي جاء بها القرآن، بل وعن لغة الناس في عرفهم، فإنه إذا ذكر المس الذي يقرن فيه بين الرجل والمرأة علم أنه مس الشهوة، كما أنه إذا ذكر الوطء المقرون بين الرجل والمرأة، علم أنه الوطء بالفرج لا بالقدم).ا.هـ (انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ط الرياض 21/223، 224).
وذكر ابن تيمية في موضع آخر: أن الصحابة تنازعوا في قوله تعالى: (أو لامستم النساء) فكان ابن عباس وطائفة يقولون: الجماع، ويقولون: الله حيي كريم، يُكَنِّي بما شاء عما شاء.
قال: وهذا أصح القولين.
وقد تنازع العرب والموالي في معنى اللمس: هل المراد به الجماع أو ما دونه ؟ فقالت العرب: هو الجماع، وقالت الموالي: هو ما دونه، وتحاكموا إلى ابن عباس فصوب العرب، وخطأ الموالي. (انظر المرجع السابق).
والمقصود من نقل هذا الكلام كله أن نعلم أن كلمة " المس " أو " اللمس " حين تستعمل من الرجل للمرأة، لا يراد بها مجرد وضع البشرة على البشرة، بل المراد بها إما الجماع، وإما مقدماته من التقبيل والعناق، ونحو ذلك من كل مس تصحبه الشهوة والتلذذ.
على أننا لو نظرنا في صحيح المنقول عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لوجدنا ما يدل على أن مجرد لمس اليد لليد بين الرجل والمرأة بلا شهوة ولا خشية فتنة، غير ممنوع في نفسه، بل قد فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- والأصل في فعله أنه للتشريع والاقتداء :(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة). (الأحزاب :21).
فقد روى البخاري في كتاب " الأدب " من صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "إن كانت الأمة من إماء أهل المدينة، لتأخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتنطلق به حيث شاءت".
وفي رواية للإمام أحمد عن أنس أيضًا قال:.
"إن كانت الوليدة يعني الأمة من ولائد أهل المدينة لتجيء، فتأخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت". وأخرجه ابن ماجة أيضًا.
قال الحافظ في الفتح: (والمقصود من الأخذ باليد لازمه، وهو الرفق والانقياد، وقد اشتمل على أنواع من المبالغة في التواضع، لذكره المرأة دون الرجل، والأمة دون الحرة، وحيث عمم بلفظ " الإماء " أي أمة كانت، وبقوله " حيث شاءت " أي مكان من الأمكنة، والتعبير بالأخذ باليد إشارة إلى غاية التصرف حتى لو كانت حاجتها خارج المدينة، والتمست منه مساعدتها في تلك الحاجة لساعد على ذلك.
وهذا دليل على مزيد تواضعه وبراءته من جميع أنواع الكبر -صلى الله عليه وسلم-). (فتح الباري جـ 13).
وما ذكره الحافظ -رحمه الله- مسلم في جملته، ولكن صرفه معنى الأخذ باليد عن ظاهره إلى لازمه وهو الرفق والانقياد غير مسلم ؛ لأن الظاهر واللازم مرادان معًا.. والأصل في الكلام أن يحمل على ظاهره، إلا أن يوجد دليل أو قرينة معينة تصرفه عن هذا الظاهر، ولا أرى هنا ما يمنع ذلك.. بل إن رواية الإمام أحمد، وفيها: " فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت "، لتدل بوضوح على أن الظاهر هو المراد، وأن من التكلف والاعتساف الخروج عنه.
وأكثر من ذلك وأبلغ ما جاء في الصحيحين والسنن عن أنس أيضًا " أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال من القيلولة عند خالته خالة أنس أم حرام بنت ملحان زوج عبادة بن الصامت، ونام عندها، واضعًا رأسه في حجرها وجعلت تفلي رأسه... "إلخ ما جاء في الحديث.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن حجر في بيان ما يؤخذ من الحديث، قال: (وفيه جواز قائلة الضيف في غير بيته بشرطه كالإذن وأمن الفتنة..، وجواز خدمة المرأة الأجنبية للضيف بإطعامه والتمهيد له ونحو ذلك.
وفيه خدمة المرأة الضيف بتفلية رأسه وقد أشكل هذا على جماعة، فقال ابن عبد البر: أظن أن أم حرام أرضعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو أختها أم سليم، فصارت كل منهما أمه أو خالته من الرضاعة، فلذلك كان ينام عندها، وتنال منه ما يجوز للمحرم أن يناله من محارمه.. ثم ساق بسنده ما يدل على أن أم حرام كانت منه ذات محرم من قبل خالاته، لأن أم عبد المطلب جده كانت من بني النجار... إلخ.
وقال غيره: بل كان النبي -صلى الله عليه وسلم- معصومًا، يملك إربه عن زوجته فكيف عن غيرها مما هو المنزه عنه ؟ وهو المبرأ عن كل فعل قبيح، وقول رفث، فيكون ذلك من خصائصه.
ورد ذلك القاضي عياض بأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال، وثبوت العصمة مسلم لكن الأصل عدم الخصوصية، وجواز الاقتداء به في أفعاله، حتى يقوم على الخصوصية دليل.
وبالغ الحافظ الدمياطي في الرد على من قال بالاحتمال الأول، وهو ادعاء المحرمية، فقال:.
ذهل كل من زعم أن أم حرام إحدى خالات النبي -صلى الله عليه وسلم- من الرضاعة أو من النسب، واللاتي أرضعنه معلومات، ليس فيهن أحد من الأنصار ألبتة، سوى أم عبد المطلب، وهي سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خراش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، وأم حرام هي بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر المذكور.. فلا تجتمع أم حرام وسلمى إلا في عامر بن غنم جدهما الأعلى.. وهذه خئولة لا تثبت بها محرمية، لأنها خئولة مجازية، وهي كقوله -صلى الله عليه وسلم- لسعد بن أبي وقاص :(هذا خالي)، لكونه من بني زهرة، وهم أقارب أمه آمنة، وليس سعد أخًا لآمنة، لا من النسب، ولا من الرضاعة، ثم قال: وإذا تقرر هذا فقد ثبت في الصحيح: أنه -صلى الله عليه وسلم- كان لا يدخل على أحد من النساء إلا على أزواجه، إلا على أم سليم، فقيل له أي سئل في ذلك فقال: "أرحمها، قتل أخوها معي ".يعني حرام بن ملحان.. وكان قد قتل يوم بئر معونة.
وإذا كان هذا الحديث قد خص أم سليم بالاستثناء، فمثلها أم حرام المذكورة هنا.. فهما أختان وكانتا في دار واحدة، كل واحدة منهما في بيت من تلك الدار، وحرام بن ملحان أخوهما معًا، فالعلة مشتركة فيهما كما ذكر الحافظ ابن حجر.
وقد انضاف إلى العلة المذكورة أن أم سليم هي أم أنس خادم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد جرت العادة بمخالطة المخدوم خادمه، وأهل خادمه، ورفع الحشمة التي تقع بين الأجانب عنهم.
ثم قال الدمياطي: على أنه ليس في الحديث ما يدل على الخلوة بأم حرام، ولعل ذلك كان مع ولد، أو خادم، أو زوج، أو تابع.
قال ابن حجر: وهو احتمال قوي، لكنه لا يدفع الإشكال من أصله، لبقاء الملامسة في تفلية الرأس، وكذا النوم في الحجر.
قال الحافظ: وأحسن الأجوبة دعوى الخصوصية، ولا يردها كونها لا تثبت إلا بدليل لأن الدليل على ذلك واضح). (انظر: فتح الباري 13/230 ،231 بتصرف).
ولا أدري أين هذا الدليل، غامضًا كان أو واضحًا ؟.
والذي يطمئن إليه القلب من هذه الروايات أن مجرد الملامسة ليس حرامًا.. فإذا وجدت أسباب الخلطة كما كان بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وأم حرام وأم سليم، وأمنت الفتنة من الجانبين، فلا بأس بالمصافحة عند الحاجة كمثل القادم من سفر، والقريب إذا زار قريبة له أو زارته، من غير محارمه، كابنة الخال، أو ابنة الخالة، أو ابنة العم، أو ابنة العمة أو امرأة العم، أو امرأة الخال أو نحو ذلك، وخصوصًا إذا كان اللقاء بعد طول غياب.
والذي أحب أن أؤكده في ختام هذا البحث أمران:.
الأول: أن المصافحة إنما تجوز عند عدم الشهوة، وأمن الفتنة، فإذا خيفت الفتنة على أحد الطرفين، أو وجدت الشهوة والتلذذ من أحدهما حرمت المصافحة بلا شك.
بل لو فقد هذان الشرطان عدم الشهوة وأمن الفتنة بين الرجل ومحارمه مثل خالته، أو عمته، أو أخته من الرضاع، أو بنت امرأته، أو زوجة أبيه، أو أم امرأته، أو غير ذلك، لكانت المصافحة حينئذ حرامًا
بل لو فقد الشرطان بين الرجل وبين صبي أمرد، حرمت مصافحته أيضًا.. وربما كان في بعض البيئات، ولدى بعض الناس، أشد خطرًا من الأنثى.(41/63)
الثاني: ينبغي الاقتصار في المصافحة على موضع الحاجة، مثل ما جاء في السؤال كالأقارب والأصهار الذين بينهم خلطة وصلة قوية، ولا يحسن التوسع في ذلك، سدًا للذريعة، وبعدًا عن الشبهة، وأخذًا بالأحوط، واقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، الذي لم يثبت عنه أنه صافح امرأة أجنبية قط . وأفضل للمسلم المتدين، والمسلمة المتدينة ألا يبدأ أحدهما بالمصافحة، ولكن إذا صوفح صافح.
وإنما قررنا الحكم ليعمل به من يحتاج إليه دون أن يشعر أنه فرط في دينه، ولا ينكر عليه من رآه يفعل ذلك ما دام أمرًا قابلاً للاجتهاد... والله أعلم.
ــــــــــــــــــــ(41/64)
العادة السرية : حكمها وأضرارها وكيفية علاجها
ماحكم العادة السرية؟ وما أخطارها على الصحة ؟ وما طرق علاجها؟ ... السؤال
29/11/2001 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
يقول فضيلة الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا رحمه الله
".العادة السرية (أي: الاستمناء باليد) ينظر فيها من ناحيتين: الناحية الصحية وانعكاساتها على الجسم وأثرها فيه، والناحية الشرعية لمعرفة حكم الشريعة فيها.
أ ) فأما من الناحية الصحية فمرجعها إلى الطب والأطباء، فهم أهل الاختصاص ببيان مضار هذه العادة من الناحية الصحية نوعًا ودرجة في مختلف الأحوال، أي: في حالة الإفراط أو الاعتدال. ولكني أستطيع هنا أن أقول: إن الشائع بين الناس أنَّ هذه العادة مضرة صحيًا في جميع الأحوال حتى في حالة عدم الإفراط، إلى درجة تورث أوهامًا لدى من يقع فيها، ولكن الذي يقوله الأطباء المحققون أنَّ الضرر الصحي فيها إنما ينشأ من الإفراط، لا من أصل الممارسة المقتصدة المقتصرة على حالات الدوافع الشديدة.
ب) وأما من الناحية الشرعية والحكم فيها، فيجب أن نشير أولاً وقبل البحث إلى انه يروى في هذا الصدد حديث نبوي يقول: "ناكح الكف ملعون".
فهذا الحديث شائع بهذا اللفظ، وهو في المصادر الحديثية التي تنقله جزء من حديث مروي أطول منه. وقد حكم علماء الحديث عليه كله بالوضع أو الضعف، فبعضهم طعن فيه بأنه موضوع، وبعضهم بأنه ضعيف، وفي كلا الحالتين لا يجوز اعتباره ولا بناء حكم عليه [هذا الحديث أورده ابن كثير بلفظ أخر عند تفسير قوله تعالى: "فأولئك هم العادون" من سورة المؤمنون. ثم قال: هذا حديث غريب، وإسناده فيه من لا يعرف لجهالته]. فالنظر الشرعي يجب أن يبنى على أساس عدم وجود هذا النص الشائع، بل على أساس الأدلة الشرعية الأخرى.
وبناء على ذلك نقول: إنَّ النص الوحيد الثابت الذي له صله بالموضوع هو قوله تعالى في القرآن العظيم في وصف المؤمنين: "والذين هم لفروجهم حافظون* إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين* فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون" [المؤمنون: 5-7].
فمن الفقهاء من يرى أن هذه العادة تدخل فيما (وراء ذلك) فتكون حرامًا لأنها اجتياز للحدود المسموحة، وهو المعنى المقصود من قوله تعالى: "فأولئك هم العادون". وإلى هذا يميل الشافعية.
ومنهم من يرى أن المقصود بالعدوان على الحدود إنما هو الزنى وما بمعناه، فلا تكون العادة السرية داخلة في عموم هذا النص، بل يجب أن تحكم فيها أدلة أخرى. وكلام فقهاء الحنفية أقرب إلى هذا المنحى، فهم قد عالجوا حكم هذه العادة، وقالوا: إنها من المحظورات في الأصل، ولكنها تباح بشرائط ثلاث:
1- أن لا يكون الرجل متزوجًا.
2- وأن يخشى الوقوع في الزنى إن لم يفعلها.
3- وأن لا يكون قصده تحصيل اللذة، بل ينوي كسر شدة الشبق الواقع فيه.
والحاصل أن القواعد العامة في الشريعة تقضي بحظر هذه العادة؛ لأنها ليست هي الوسيلة الطبيعية لقضاء الحاجة الجنسية، بل هي انحراف، وهذا يكفي للحظر والكراهة، وإن لم يدخل الشيء في حدود الحرام القطعي كالزنى.
ولكن تحكم هنا قاعدة الاضطرار أيضًا من قواعد الشريعة، فإذا خشي الوقوع في محظور أعظم كالزنى، أو الاضطرابات النفسية المضرة، فإنها تباح في حدود دفع ذلك، على أساس أن الضرورات تقدر بقدرها.
ومعنى ذلك أنَّ الإفراط في جميع الأحوال غير جائز لسببين:
أولاً: لأنه لا ضرورة فيه، إذ الدوافع إليه عندئذ ابتغاء اللذة لا تخفيف ألم الدوافع.
ثانيًا: لأنه مضر صحيًا دون ريب، وما كان مضرًا طبيًا فهو محظور شرعًا، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء.
ويجب الانتباه أخيرًا إلى أنَّ من الملحوظ في هذا الحكم شريطتان أخريان غير ما يصرح به الحنفية مفهومتان من القواعد العامة أيضًا، وهما:
1- عدم تيسر الزواج للرجل.
2- عدم تمكنه من الصيام الذي أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام في الأحاديث الثابتة؛ ممن لا تساعده ظروفه المادية على الزواج، حيث قال عليه الصلاة والسلام: "فعلية بالصوم فإنه له وجاء" [عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" أخرجه البخاري (5065) ومسلم (1400) في النكاح. والباءة: الجماع، والوجاء: نوع من الخصاء، أي أن الصوم يقطع شهوة الجماع]. أو إذا كان لجأ إلى الصوم، ولكنه لم يكف صومه لكسر شدة توقانه.
هذا ما أرى أنه الموقف الشرعي الصحيح في هذا الموضوع، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ويقول الشيخ عطية صقر : تحدث العلماء عن هذه العملية المرذولة فى كتب التفسير والفقه ،وبين حكمها الزبيدى فى شرحه للإحياء وتكلم عنها ابن القيم فى "بدائع الفوائد" . وخلاصة أقوال الفقهاء فيها وهو ما نختاره للفتوى، ما يأتى : حرمها الشافعية والمالكية ( شرح الإحياء) وحرمها الأحناف إذا كانت لاستجلاب الشهوة ( التشريع الجنائى جـ 2 ص 36 وما بعدها وقال الحنابلة : إنه جائز عند الحاجة .
ومما يساعد على التخلص منها أمور:
1-على رأسها المبادرة بالزواج عند الإمكان ولو كان بصورة مبسطة لا إسراف فيها ولا تعقيد .
2-وكذلك الاعتدال فى الأكل والشرب حتى لا تثور الشهوة .
3- والرسول فى هذا المقام أوصى بالصيام فى الحديث الصحيح "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"
4-ومنها البعد عن كل ما يهيج الشهوة كالاستماع إلى الأغانى الماجنة والنظر إلى الصور الخليعة ، مما يوجد بكثرة فى الأفلام بالذات
5-ومنها توجيه الإحساس بالجمال إلى المجالات المباحة ، كالرسم للزهور والمناظر الطبيعية غير المثيرة
.6-ومنها تخير الأصدقاء المستقيمين
7- والانشغال بالعبادة عامة
8-وعدم الاستسلام للأفكار
9- والاندماج في المجتمع بالأعمال التي تشغله عن التفكير في الجنس
10-وعدم الرفاهية بالملابس الناعمة والروائح الخاصة التي تفنن فيها من يهمهم إرضاء الغرائز وإثارتها
11-وكذلك عدم النوم في فراش وثير يذكر باللقاء الجنسي
12- والبعد عن الاجتماعات المختلطة التي تظهر فيها المفاتن ولا تراعى الحدود . وبهذا وأمثاله تعتدل الناحية الجنسية ولا تلجئ إلى هذه العادة التي تضر الجسم والعقل وتغرى بالسوء .
هذا وقد ورد في صفحة مشاكل وحلول بعنوان (الاستغناء عن الاستمناء )ما يلي:ـ
العادة السرية هي ممارسة جنسية شائعة بين الشباب يكثر اللغط حولها فقهياً وطبياً، ويبدو أن تأثيرها يتفاوت من شخص لأخر جسمانياً ونفسياً.
والدوافع إلى ممارسة العادة السرية متنوعة من حب الاستطلاع والاستكشاف، إلى محاولة "الاكتفاء الذاتي" لعدم وجود شريك، إلى تسكين الشهوة الثائرة ناراً مشبوبة في العقل والجسم.
ويشيع الإدمان على "العادة السرية" في أوساط البالغين من غير المتزوجين، وإذا مرت فترة العشرينات من العمر دون تورط في هذا الإدمان فإن ذلك التورط يصبح أصعب في السنوات التالية لأن الشهوة تختلف، والاهتمامات تزداد ، وإن كانت تستمر إدماناً لدى بعض المتزوجين.
وفي خبرة أطروحة للماجسيتر عن الجانب النفسي للعجز الجنسي عند الرجال، ومن خلال الحالات التي درست في إطار تلك الأطروحة أستطيع أن أقرر أن أية ممارسة جنسية غير الجماع الكامل المشبع مع المرأة الحلال "الزوجة" يؤدي إلى مشكلات نفسية وجنسية تتدرج من القلق والتوتر، وتصل إلى العجز الجنسي النفسي الكامل أحياناً.
المشكلة في ممارسة "العادة السرية" تظهر في آثارها على المدى المتوسط والبعيد، فهي تسكين مؤقت وخادع للشهوة، وهي في الوقت ذاته تدريب مستمر ومنظم على إشباع جنسي غير المنشود، والمشبع بالجماع الكامل.
إذن العادة السرية تخلق مشكلة من حيث تريد أن تقدم حلاً!!!
ولكن ماذا أفعل في هذه الطاقة التي تملأ جسدي، والخيالات التي تداعب ذهني؟! هنا والآن في هذه المرحلة التي أعيشها.
هذا هو سؤالك يا أخي بصيغة أخرى.. ربما تكون أكثر دلالة.
وهذه الطاقة هي طاقة النمو، وطاقة النضج، وطاقة الحياة.. والحياة ليست جنساً فقط!
صحيح أن الجنس يمثل موضوعاً مثيراً في مرحلة الشباب بخاصة، وهذا أمر طبيعي يتفق مع هذه المرحلة العمرية، لكنه ينبغي ألا يكون الاهتمام الأوحد.
إذا كنا نرى أن المصادرة على الاهتمام بالجنس في هذه السن أمر غير صحي، وغير إنساني، فإننا أيضاً نرى أن هذا الاهتمام ينبغي أن يأخذ أشكالاً واعية تشمل المعرفة العلمية بدلاً من الجهل المستشري. كما نرى أن الاقتصار على الجنس اهتماماً يشغل كل التفكير أمر غير سوي من ناحية أخرى.
الفراغ هو عدونا الأول فلا ثقافة هناك، ولا رياضة، ولا فنون، ولا علوم، ولا آدب ولا هدف للحياة ولا وجهة، والنتيجة أن الشباب من حيث هو حب للمعرفة، واقتحام الجديد، ومن حيث هو القدرة على المغامرة، والهمة على الفعل تتمحور كل طاقاته حول الجنس، وبشكل بدائي فج.
ذهب بعض الفقهاء إلى أن الاستمناء أفضل من الزنا، والعفة خير منهما.
ونعود للوصية الخالدة: "من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر.. وأحصن للفرج، ومن لم يستطيع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"
والصوم لغة الامتناع، وهو هنا ليس الامتناع عن الطعام والشراب فحسب، بل عن كل مثير ومهيج، ومن ثم صرف الاهتمام إلى أمور أخرى.
الطاقة البدنية في حاجة إلى استثمار في أنشطة تبنى الجسم الصحيح وتصونه.
والطاقة الذهنية في حاجة إلى استثمار في أنشطة تشبع حاجات العقل.
والطاقة الروحية في حاجة إلى استثمار بالعبادة وغيرها.
في عصر الانترنت لا عذر لمقصر عن متابعة اهتماماته الجادة، فأنت تعقد الصفقات، وتقيم الصداقات، وتتطلع على الثقافات، وتجوب العالم، وأنت على مقعدك، فتعرف على العالم، والمعرفة أوسع من مجرد حصة في مدرسة، أو محاضرة في جامعة، عسى أن تمر هذه المرحلة التي تعيشها من العمر على أفضل وجه من استثمار لكل الطاقات لا تبديدها أو تجاهلها.
والله أعلم
ــــــــــــــــــــ(41/65)
حكم الغزل والحب
ماحكم الغزل والحب؟ ... السؤال
21/11/1999 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... :
الحب في دنيا الناس تعلق قلبيّ يحس معه المحب لذة وراحة، وهو غذاء للروح، وشبع للغريزة، وري للعاطفة، أفرده بالتأليف كثير من العلماء الأجلاء.
يقول الله سبحانه: )قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [سورة آل عمران:31] . ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أصحاب السنن عن حبه لعائشة -رضي الله عنها-: اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلا أَمْلِكُ" ، ويقول فيما رواه مالك في الموطأ "قال الله تعالى: (وجبت محبتي للمتحابين فيّ، والمتجالسين فيّ، والمتزاورين فيّ)، ويقول فيما رواه مسلم:(الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف).
ومن جهة حكمه فإنه يعطى حكم ما تعلق به القلب في موضوعه والغرض منه؛ فمنه حب الصالحين، وحب الوالد لأولاده، وحب الزوجين، وحب الأصدقاء، وحب الولد لوالديه، والطالب لمعلمه، وحب الطبيعة والمناظر الخلابة والأصوات الحسنة وكل شيء جميل.
ومن هنا قال العلماء: قد يكون الحب واجبًا، كحب الله ورسوله، وقد يكون مندوبًا كحب الصالحين، وقد يكون حرامًا كحب الخمر والجنس المحرَّم.
وأكثر ما يسأل الناس عنه هو الحب بين الجنسين، وبخاصة بين الشباب، فقد يكون حبًا قلبيًا أي عاطفيًا، وقد يكون حبًا شهويًا جنسيًا، والفرق بينهما دقيق، وقد يتلازمان، ومهما يكن من شيء فإن الحب بنوعيه قد يولد سريعًا من نظرة عابرة، بل قد يكون متولدًا من فكر أو ذكر على الغيب دون مشاهدة، وهنا قد يزول، وقد يبقى ويشتد إن تكرر أو طال السبب المولد له. وقد يولد الحب بعد تكرر سببه أو طول أمده، وهذا ما يظهر فيه فعل الإنسان وقصده واختياره.
ومن هنا لا بد من معرفة السبب المولد للحب، فإن كان من النوع الأول الحادث من نظر الفجأة أو الخاطر وحديث النفس العابر فهو أمر لا تسلم منه الطبيعة البشرية، وقد يدخل تحت الاضطرار فلا يحكم عليه بحل ولا حرمه.
وإن كان من النوع الثاني الذي تكرر سببه أو طالت مدته فهو حرام بسبب حرمة السبب المؤدي له. وإذا تمكن الحب من القلب بسبب اضطر إليه، فإن أدى إلى محرم كخلوة بأجنبية أو مصافحة أو كلام مثير أو انشغال عن واجب كان حرامًا، وإن خلا من ذلك فلا حرمة فيه.
والحب الذي يتولد من طول فكر أو على الغيب عند الاستغراق في تقويم صفات المحبوب إن أدى إلى محرم كان حرامًا، وإلا كان حلالاً، وما تولد عن نظرة متعمدة أو محادثة أو ما أشبه ذلك من الممنوعات فهو غالبًا يسلم إلى محرمات متلاحقة، وبالتالي يكون حرامًا فوق أن سببه محرم.
وعلى كل حال فأحذِّر الشباب من الجنسين من أن يورطوا أنفسهم في الوقوع في خضم العواطف والشهوات الجنسية، فإن بحر الحب عميق متلاطم الأمواج شديد المخاطر، لا يسلم منه إلا قوي شديد بعقله وخلقه ودينه، وقَلَّ من وقع في أسره أن يفلت منه، والعوامل التي تفك أسره تضعف كثيرًا أمام جبروت العاطفة المشبوبة والشهوة الجامحة.
ويقول الدكتور يحيى إسماعيل
إن الحب من أنبل المشاعر الإنسانية، وعلى المسلم أن يحافظ عليه من أن يدنّس بدنس الرغائب البهيمية؛ وذلك بأن يربط مشاعره بالإيمان. يقول -صلى الله عليه وسلم-: "من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله: فقد استكمل الإيمان" ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "لم يُر للمتحابين مثل الزواج".
ــــــــــــــــــــ(41/66)
حكم الغناء : بين المانعين والمجيزين
ما حكم الإسلام في الغناء والموسيقي؟ ... السؤال
19/11/2001 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
سؤال يتردد علي ألسنة كثيرين في مجالات مختلفة وأحيانًا شتي.
سؤال اختلف جمهور المسلمين اليوم في الإجابة عليه، واختلف سلوكهم تبعًا لاختلاف أجوبتهم، فمنهم من يفتح أذنيه لكل نوع من أنواع الغناء، ولكل لون من ألوان الموسيقي مدعيًا أن ذلك حلال طيب من طيبات الحياة التي أباح الله لعباده.
ومنهم من يغلق الراديو أو يغلق أذنيه عند سماع أية أغنية قائلا: إن الغناء مزمار الشيطان، ولهو الحديث ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة وبخاصة إذا كان المغني امرأة، فالمرأة -عندهم- صوتها عورة بغير الغناء، فكيف بالغناء؟ ويستدلون لذلك بآيات وأحاديث وأقوال.
ومن هؤلاء من يرفض أي نوع من أنواع الموسيقي، حتي المصاحبة لمقدمات نشرات الأخبار.
ووقف فريق ثالث مترددًا بين الفريقين؛ ينحاز إلي هؤلاء تارة، وإلي أولئك طورًا، ينتظر القول الفصل والجواب الشافي من علماء الإسلام في هذا الموضوع الخطير، الذي يتعلق بعواطف الناس وحياتهم اليومية، وخصوصًا بعد أن دخلت الإذاعة -المسموعة والمرئية- علي الناس بيوتهم، بجدها وهزلها، وجذبت إليها أسماعهم بأغانيها وموسيقاها طوعًا وكرهًا.
والغناء بآلة -أي مع الموسيقي- وبغير آلة: مسألة ثار فيها الجدل والكلام بين علماء الإسلام منذ العصور الأولي، فاتفقوا في مواضع واختلفوا في أخري.
اتفقوا علي تحريم كل غناء يشتمل علي فحش أو فسق أو تحريض علي معصية، إذ الغناء ليس إلا كلامًا، فحسنه حسن، وقبيحه قبيح، وكل قول يشتمل علي حرام فهو حرام، فما بالك إذا اجتمع له الوزن والنغم والتأثير ؟
واتفقوا علي إباحة ما خلا من ذلك من الغناء الفطري الخالي من الآلات والإثارة، وذلك في مواطن السرور المشروعة، كالعرس وقدوم الغائب، وأيام الأعياد، ونحوها بشرط ألا يكون المغني امرأة في حضرة أجانب منها.
وقد وردت في ذلك نصوص صريحة - سنذكرها فيما بعد.
واختلفوا فيما عدا ذلك اختلافًا بينا: فمنهم من أجاز كل غناء بآلة وبغير آلة، بل اعتبره مستحبًا، ومنهم من منعه بآلة وأجازه بغير آلة، ومنهم من منعه منعًا باتًا بآلة وبغير آلة وعده حرامًا، بل ربما ارتقي به إلي درجة الكبيرة.
ولأهمية الموضوع نري لزامًا علينا أن نفصل فيه بعض التفصيل، ونلقي عليه أضواء كاشفة لجوانبه المختلفة، حتي يتبين المسلم الحلال فيه من الحرام، متبعًا للدليل الناصع، لا مقلدًا قول قائل، وبذلك يكون علي بينة من أمره، وبصيرة من دينه.
الأصل في الأشياء الإباحة: ـ
قرر علماء الإسلام أن الأصل في الأشياء الإباحة لقوله تعالي: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا) (البقرة: 29)، ولا تحريم إلا بنص صحيح صريح من كتاب الله تعالي، أو سنة رسوله -صلي الله عليه وسلم- أو إجماع ثابت متيقن، فإذا لم يرد نص ولا إجماع. أو ورد نص صريح غير صحيح، أو صحيح غير صريح، بتحريم شيء من الأشياء، لم يؤثر ذلك في حله، وبقي في دائرة العفو الواسعة، قال تعالي: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه). (الأنعام: 119).
وقال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسي شيئا"، وتلا: (وما كان ربك نسيا) (مريم: 64). رواه الحاكم عن أبي الدرداء وصححه، وأخرجه البزار.
وقال: "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودًا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها" أخرجه الداراقطني عن أبي ثعلبة الخشني. وحسنه الحافظ أبو بكر السمعاني في أماليه، والنووي في الأربعين.
وإذا كانت هذه هي القاعدة فما هي النصوص والأدلة التي استند إليها القائلون بتحريم الغناء، وما موقف المجيزين منها.
أدلة المحرمين للغناء ومناقشتها
استدل المحرمون بما روي عن ابن مسعود وابن عباس وبعض التابعين: أنهم حرموا الغناء محتجين بقول الله تعالي: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين). (لقمان: 6) وفسروا لهو الحديث بالغناء.
قال ابن حزم: ولا حجة في هذا لوجوه:
أحدها: أنه لا حجة لأحد دون رسول الله -صلي الله عليه وسلم-.
والثاني: أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة والتابعين.
والثالث: أن نص الآية يبطل احتجاجهم بها؛ لأن الآية فيها: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوًا) وهذه صفة من فعلها كان كافرًا بلا خلاف، إذ اتخذ سبيل الله هزوًا.
ولو أن امرأ اشتري مصحفًا ليضل به عن سبيل الله ويتخذه هزوا لكان كافرًا ! فهذا هو الذي ذم الله تعالي، وما ذم قط عز وجل من اشتري لهو الحديث ليتلهي به ويروح نفسه لا ليضل عن سبيل الله تعالي. فبطل تعلقهم بقول كل من ذكرنا وكذلك من اشتغل عامدًا عن الصلاة بقراءة القرآن أو بقراءة السنن، أو بحديث يتحدث به، أو بنظر في ماله أو بغناء أو بغير ذلك، فهو فاسق عاص لله تعالي، ومن لم يضيع شيئًا من الفرائض اشتغالاً بما ذكرنا فهو محسن. (المحلي لابن حزم (9/60) ط المنيرية). أ هـ.
واستدلوا بقوله تعالي في مدح المؤمنين: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) (القصص: 55). والغناء من اللغو فوجب الإعراض عنه.
ويجاب بأن الظاهر من الآية أن اللغو: سفه القول من السب والشتم ونحو ذلك، وبقية الآية تنطق بذلك. قال تعالي: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) (القصص: 55)، فهي شبيهة بقوله تعالي في وصف عباد الرحمن: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا). (الفرقان: 63).
ولو سلمنا أن اللغو في الآية يشمل الغناء لوجدنا الآية تستحب الإعراض عن سماعه وتمدحه، وليس فيها ما يوجب ذلك.
وكلمة اللغو ككلمة الباطل تعني ما لا فائدة فيه، وسماع ما لا فائدة فيه ليس محرمًا ما لم يضيع حقًا أو يشغل عن واجب.
روي عن ابن جريج أنه كان يرخص في السماع فقيل له: أيؤتي به يوم القيامة في جملة حسناتك أو سيئاتك ؟ فقال: لا في الحسنات ولا في السيئات؛ لأنه شبيه باللغو، قال تعالي: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم). (البقرة: 225، والمائدة: 89).
قال الإمام الغزالي: (إذا كان ذكر اسم الله تعالي علي الشيء علي طريق القسم من غير عقد عليه ولا تصميم، والمخالفة فيه، مع أنه لا فائدة فيه، لا يؤاخذ به، فكيف يؤاخذ بالشعر والرقص ؟!). (إحياء علوم الدين. كتاب السماع ص 1147 ط دار الشعب بمصر).
علي أننا نقول: ليس كل غناء لغوا؛ إنه يأخذ حكمه وفق نية صاحبه، فالنية الصالحة تحيل اللهو قربة، والمزح طاعة، والنية الخبيثة تحبط العمل الذي ظاهره العبادة وباطنه الرياء: "إن الله لا ينظر إلي صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلي قلوبكم وأعمالكم". (رواه مسلم من حديث أبي هريرة، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم).
وننقل هنا كلمة جيدة قالها ابن حزم في "المحلي" ردًا علي الذين يمنعون الغناء قال: (احتجوا فقالوا: من الحق الغناء أم من غير الحق ؟ ولا سبيل إلي قسم ثالث، وقد قال الله تعالي: (فماذا بعد الحق إلا الضلال) (يونس: 32). فجوابنا وبالله التوفيق: أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوي" (متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب، وهو أول حديث في صحيح البخاري). فمن نوي باستماع الغناء عونًا علي معصية الله فهو فاسق وكذلك كل شيء غير الغناء، ومن نوي به ترويح نفسه ليقوي بذلك علي طاعة الله عز وجل، وينشط نفسه بذلك علي البر فهو مطيع محسن، وفعله هذا من الحق. ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلي بستانه، وقعوده علي باب داره متفرجًا، وصبغه ثوبه لازورديًا أو أخضر أو غير ذلك ومد ساقه وقبضها، وسائر أفعاله). (المحلي. 9/60).
جـ- واستدلوا بحديث: "كل لهو يلهو به المؤمن فهو باطل إلا ثلاثة: ملاعبة الرجل أهله، وتأديبه فرسه، ورميه عن قوسه" رواه أصحاب السنن الأربعة، وفيه اضطراب، والغناء خارج عن هذه الثلاثة.
وأجاب المجوزون بضعف الحديث، ولو صح لما كان فيه حجة، فإن قوله: "فهو باطل" لا يدل علي التحريم بل يدل علي عدم الفائدة. فقد ورد عن أبي الدرداء قوله: إني لأستجم نفسي بالشيء من الباطل ليكون أقوي لها علي الحق. علي أن الحصر في الثلاثة غير مراد، فإن التلهي بالنظر إلي الحبشة وهم يرقصون في المسجد النبوي خارج عن تلك الأمور الثلاثة، وقد ثبت في الصحيح. ولا شك أن التفرج في البساتين وسماع أصوات الطيور، وأنواع المداعبات مما يلهو به الرجل، ولا يحرم عليه شيء منها، وإن جاز وصفه بأنه باطل.
واستدلوا بالحديث الذي رواه البخاري -معلقا- عن أبي مالك أو أبي عامر الأشعري -شك من الراوي- عن النبي -عليه السلام- قال: "ليكونن قوم من أمتي يستحلون الحر (الحر: أي الفرج والمعني يستحلون الزني). والحرير والخمر والمعازف". والمعازف: الملاهي، أو آلات العزف.
والحديث وإن كان في صحيح البخاري، إلا أنه من "المعلقات" لا من "المسندات المتصلة" ولذلك رده ابن حزم لانقطاع سنده، ومع التعليق فقد قالوا: إن سنده ومتنه لم يسلما من الاضطراب، فسنده يدور علي (هشام بن عمار) (انظر: الميزان وتهذيب التهذيب). وقد ضعفه الكثيرون.
ورغم ما في ثبوته من الكلام، ففي دلالته كلام آخر؛ إذ هو غير صريح في إفادة حرمة "المعازف" فكلمة "يستحلون" -كما ذكر ابن العربي- لها معنيان: أحدهما: يعتقدون أن ذلك حلال، والثاني: أن يكون مجازًا عن الاسترسال في استعمال تلك الأمور، إذ لو كان المقصود بالاستحلال: المعني الحقيقي، لكان كفرًا.
ولو سلمنا بدلالتها علي الحرمة لكان المعقول أن يستفاد منها تحريم المجموع، لا كل فرد منها، فإن الحديث في الواقع ينعي علي أخلاق طائفة من الناس انغمسوا في الترف والليالي الحمراء وشرب الخمور. فهم بين خمر ونساء، ولهو وغناء، وخز وحرير. ولذا روي ابن ماجة هذا الحديث عن أبي مالك الأشعري بلفظ: "ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف علي رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير"، وكذلك رواه ابن حبان في صحيحه.
هـ- واستدلوا بحديث: "إن الله تعالي حرم القينة (أي الجارية) وبيعها وثمنها وتعليمها".
والجواب عن ذلك:
أولا: أن الحديث ضعيف.
ثانيا: قال الغزالي: المراد بالقينة الجارية التي تغني للرجال في مجلس الشرب، وغناء الأجنبية للفساق ومن يخاف عليهم الفتنة حرام، وهم لا يقصدون بالفتنة إلا ما هو محظور. فأما غناء الجارية لمالكها، فلا يفهم تحريمه من هذا الحديث. بل لغير مالكها سماعها عند عدم الفتنة، بدليل ما روي في الصحيحين من غناء الجاريتين في بيت عائشة رضي الله تعالي عنها. (الإحياء ص 1148) وسيأتي.
ثالثا: كان هؤلاء القيان المغنيات يكون عنصرًا هامًا من نظام الرقيق، الذي جاء الإسلام بتصفيته تدريجيًا، فلم يكن يتفق وهذه الحكمة إقرار بقاء هذه الطبقة في المجتمع الإسلامي، فإذا جاء حديث بالنعي علي امتلاك "القينة" وبيعها، والمنع منه، فذلك لهدم ركن من بناء "نظام الرق" العتيد.
واستدلوا بما روي نافع أن ابن عمر سمع صوت زمارة راع فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل راحلته عن الطريق، وهو يقول: يا نافع، أتسمع ؟ فأقول: نعم، فيمضي، حتي قلت: لا. فرفع يده وعدل راحلته إلي الطريق وقال: "رأيت رسول الله يسمع زمارة راع فصنع مثل هذا" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة.
والحديث قال عنه أبو داود: حديث منكر.
ولو صح لكان حجة علي المحرمين لا لهم. فلو كان سماع المزمار حرامًا ما أباح النبي -صلي الله عليه وسلم- لابن عمر سماعه، ولو كان عند ابن عمر حرامًا ما أباح لنافع سماعه، ولأمر عليه السلام بمنع وتغيير هذا المنكر، فإقرار النبي -صلي الله عليه وسلم- لابن عمر دليل علي أنه حلال.
وإنما تجنب عليه السلام سماعه كتجنبه أكثر المباح من أمور الدنيا كتجنبه الأكل متكئًا وأن يبيت عنده دينار أو درهم .... إلخ.
واستدلوا أيضًا لما روي: "إن الغناء ينبت النفاق في القلب" ولم يثبت هذا حديثًا عن النبي -صلي الله عليه وسلم-، وإنما ثبت قولاً لبعض الصحابة، فهو رأي لغير معصوم خالفه فيه غيره، فمن الناس من قال -وبخاصة الصوفية- إن الغناء يرقق القلب، ويبعث الحزن والندم علي المعصية، ويهيج الشوق إلي الله تعالي، ولهذا اتخذوه وسيلة لتجديد نفوسهم، وتنشيط عزائمهم، وإثارة أشواقهم، قالوا: وهذا أمر لا يعرف إلا بالذوق والتجربة والممارسة، ومن ذاق عرف، وليس الخبر كالعيان.
علي أن الإمام الغزالي جعل حكم هذه الكلمة بالنسبة للمغني لا للسامع، إذ كان غرض المغني أن يعرض نفسه علي غيره ويروج صوته عليه، ولا يزال ينافق ويتودد إلي الناس ليرغبوا في غنائه. ومع هذا قال الغزالي: وذلك لا يوجب تحريمًا، فإن لبس الثياب الجميلة، وركوب الخيل المهلجة، وسائر أنواع الزينة، والتفاخر بالحرث والأنعام والزرع وغير ذلك، ينبت النفاق في القلب، ولا يطلق القول بتحريم ذلك كله، فليس السبب في ظهور النفاق في القلب المعاصي فقط، بل المباحات التي هي مواقع نظر الخلق أكثر تأثيرًا (الإحياء ص 1151) .
واستدلوا علي تحريم غناء المرأة خاصة، بما شاع عند بعض الناس من أن صوت المرأة عورة. وليس هناك دليل ولا شبه دليل من دين الله علي أن صوت المرأة عورة، وقد كان النساء يسألن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- في ملأ من أصحابه وكان الصحابة يذهبون إلي أمهات المؤمنين ويستفتونهن ويفتينهم ويحدثنهم، ولم يقل أحد: إن هذا من عائشة أو غيرها كشف لعورة يجب أن تستر.
فإن قالوا: هذا في الحديث العادي لا في الغناء، قلنا: روي الصحيحان أن النبي سمع غناء الجاريتين ولم ينكر عليهما، وقال لأبي بكر: دعهما. وقد سمع ابن جعفر وغيره من الصحابة والتابعين الجواري يغنين.
والخلاصة: أن النصوص التي استدل بها القائلون بالتحريم إما صحيح غير صريح، أو صريح غير صحيح. ولم يسلم حديث واحد مرفوع إلي رسول الله يصلح دليلاً للتحريم، وكل أحاديثهم ضعفها جماعة من الظاهرية والمالكية والحنابلة والشافعية.
قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب "الأحكام": لم يصح في التحريم شيء.
وكذا قال الغزالي وابن النحوي في العمدة.
وقال: ابن طاهر: لم يصح منها حرف واحد.
وقال ابن حزم: كل ما رُوي فيها باطل وموضوع.
أدلة المجيزين للغناء:
تلك هي أدلة المحرمين، وقد سقطت واحدًا بعد الآخر، ولم يقف دليل منها علي قدميه، وإذا انتفت أدلة التحريم بقي حكم الغناء علي أصل الإباحة بلا شك، ولو لم يكن معنا نص أو دليل واحد علي ذلك غير سقوط أدلة التحريم. فكيف ومعنا نصوص الإسلام الصحيحة الصريحة، وروحه السمحة، وقواعده العامة، ومبادئه الكلية ؟
وهاك بيانها:
أولا: من حيث النصوص:
استدلوا بعدد من الأحاديث الصحيحة، منها: حديث غناء الجاريتين في بيت النبي -صلي الله عليه وسلم- عند عائشة، وانتهار أبي بكر لهما، وقوله: مزمور الشيطان في بيت النبي -صلي الله عليه وسلم-، وهذا يدل علي أنهما لم تكونا صغيرتين كما زعم بعضهم، فلو صح ذلك لم تستحقا غضب أبي بكر إلي هذا الحد.
والمعول عليه هنا هو رد النبي -صلي الله عليه وسلم- علي أبي بكر -رضي الله عنه- وتعليله: أنه يريد أن يعلم اليهود أن في ديننا فسحة، وأنه بعث بحنيفية سمحة. وهو يدل علي وجوب رعاية تحسين صورة الإسلام لدي الآخرين، وإظهار جانب اليسر والسماحة فيه.
وقد روي البخاري وأحمد عن عائشة أنها زفت امرأة إلي رجل من الأنصار فقال النبي -صلي الله عليه وسلم-: "يا عائشة، ما كان معهم من لهو ؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو".
وروي ابن ماجة عن ابن عباس قال: أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار فجاء رسول الله فقال: "أهديتم الفتاة ؟" قالوا: نعم قال: "أرسلتم معها من يغني ؟" قالت: لا. فقال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "إن الأنصار قوم فيهم غزل، فلو بعثتم معها من يقول: أتيناكم أتيناكم .. فحيانا وحياكم ؟!
وروي النسائي والحاكم وصححه عن عامر بن سعد قال: دخلت علي قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس، وإذا جوار يغنين. فقلت: أي صاحبي رسول الله أهل بدر يفعل هذا عندكم ؟! فقالا: اجلس إن شئت فاستمع معنا، وإن شئت فاذهب، فإنه قد رخص لنا اللهو عند العرس.
وروي ابن حزم بسنده عن ابن سيرين: أن رجلاً قدم المدينة بجوار فأتي عبد الله بن جعفر فعرضهن عليه، فأمر جارية منهن فغنت، وابن عمر يسمع، فاشتراها ابن جعفر بعد مساومة، ثم جاء الرجل إلي ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن، غبنت بسبعمائة درهم ! فأتي ابن عمر إلي عبد الله بن جعفر فقال له: إنه غبن بسبعمائة درهم، فإما أن تعطيها إياه، وإما أن ترد عليه بيعه، فقال: بل نعطيه إياها. قال ابن حزم: فهذا ابن عمر قد سمع الغناء وسعي في بيع المغنية، وهذا إسناد صحيح لا تلك الأسانيد الملفقة الموضوعة.
واستدلوا بقوله تعالي: (وإذا رأوا تجارة أو لهو انفضوا إليها وتركوك قائمًا قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين). (الجمعة: 11).
فقرن اللهو بالتجارة، ولم يذمهما إلا من حيث شغل الصحابة بهما -بمناسبة قدوم القافلة وضرب الدفوف فرحًا بها- عن خطبة النبي -صلي الله عليه وسلم-، وتركه قائمًا.
واستدلوا بما جاء عن عدد من الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم باشروا السماع بالفعل أو أقروه. وهم القوم يقتدي بهم فيهتدي.
واستدلوا لما نقله غير واحد من الإجماع علي إباحة السماع، كما سنذكره بعد.
وثانيا: من حيث روح الإسلام وقواعده:
لا شيء في الغناء إلا أنه من طيبات الدنيا التي تستلذها الأنفس، وتستطيبها العقول، وتستحسنها الفطر، وتشتهيها الأسماع، فهو لذة الأذن، كما أن الطعام الهنيء لذة المعدة، والمنظر الجميل لذة العين، والرائحة الذكية لذة الشم ... إلخ، فهل الطيبات أي المستلذات حرام في الإسلام أم حلال ؟
من المعروف أن الله تعالي كان قد حرم علي بني إسرائيل بعض طيبات الدنيا عقوبة لهم علي سوء ما صنعوا، كما قال تعالي: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرًا. وأخذهم الربا وقد نهو عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل) (النساء: 160، 161). فلما بعث الله محمدًا -صلي الله عليه وسلم- جعل عنوان رسالته في كتب الأولين (الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم). (الأعراف: 157).
فلم يبق في الإسلام شيء طيب أي تستطيبه الأنفس والعقول السليمة إلا أحله الله، رحمة بهذه الأمة لعموم رسالتها وخلودها. قال تعالي: (يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات). (المائدة: 4).
ولم يبح الله لواحد من الناس أن يحرم علي نفسه أو علي غيره شيئًا من الطيبات مما رزق الله مهما يكن صلاح نيته أو ابتغاء وجه الله فيه، فإن التحليل والتحريم من حق الله وحده، وليس من شأن عباده، قال تعالي: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالاً قل آلله أذن لكم أم علي الله تفترون) (يونس: 59). وجعل سبحانه تحريم ما أحله من الطيبات كإحلال ما حرم من المنكرات، كلاهما يجلب سخط الله وعذابه، ويردي صاحبه في هاوية الخسران المبين، والضلال البعيد، قال جل شأنه ينعي علي من فعل ذلك من أهل الجاهلية: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء علي الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين). (الأنعام: 140).
ولو تأملنا لوجدنا حب الغناء والطرب للصوت الحسن يكاد يكون غريزة إنسانية وفطرة بشرية، حتي إننا لنشاهد الصبي الرضيع في مهده يسكته الصوت الطيب عن بكائه، وتنصرف نفسه عما يبكيه إلي الإصغاء إليه ولذا تعودت الأمهات والمرضعات والمربيات الغناء للأطفال منذ زمن قديم، بل نقول: إن الطيور والبهائم تتأثر بحسن الصوت والنغمات الموزونة حتي قال الغزالي في الإحياء: (من لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال، بعيد عن الروحانية، زائد في غلظ الطبع وكثافته علي الجمال والطيور وجميع البهائم، إذ الجمل مع بلادة طبعه يتأثر بالحداء تأثرًا يستخف معه الأحمال الثقيلة، ويستقصر -لقوة نشاطه في سماعه- المسافات الطويلة، وينبعث فيه من النشاط ما يسكره ويولهه. فتري الإبل إذا سمعت الحادي تمد أعناقها، وتصغي إليه ناصبة آذانها، وتسرع في سيرها، حتي تتزعزع عليها أحمالها ومحاملها) .
وإذا كان حب الغناء غريزة وفطرة فهل جاء الدين لمحاربة الغرائز والفطر والتنكيل بها ؟ كلا، إنما جاء لتهذيبها والسمو بها، وتوجيهها التوجيه القويم، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: إن الأنبياء قد بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها لا بتبديلها وتغييرها.
ومصداق ذلك أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قدم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: "ما هذان اليومان؟" قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية: فقال عليه السلام: "إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما: يوم الأضحي ويوم الفطر" رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
وقالت عائشة: "لقد رأيت النبي يسترني بردائه، وأنا أنظر إلي الحبشة يلعبون في المسجد، حتي أكون أنا التي أسأمه -أي اللعب- فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة علي اللهو".
وإذا كان الغناء لهوا ولعبًا فليس اللهو واللعب حرامًا، فالإنسان لا صبر له علي الجد المطلق والصرامة الدائمة.
قال النبي -صلي الله عليه وسلم- لحنظلة -حين ظن نفسه قد نافق لمداعبته زوجه وولده وتغير حاله في بيته عن حاله مع رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "يا حنظلة، ساعة وساعة" رواه مسلم.
وقال علي بن أبي طالب: روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا أكرهت عميت.
وقال كرم الله وجهه: إن القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة.
وقال أبو الدرداء: إني لأستجم نفسي بالشيء من اللهو ليكون أقوي لها علي الحق.(41/67)
وقد أجاب الإمام الغزالي عمن قال: إن الغناء لهو ولعب بقوله: (هو كذلك، ولكن الدنيا كلها لهو ولعب ... وجميع المداعبة مع النساء لهو، إلا الحراثة التي هي سبب وجود الولد، وكذلك المزح الذي لا فحش فيه حلال، نقل ذلك عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وعن الصحابة.
وأي لهو يزيد علي لهو الحبشة والزنوج في لعبهم، فقد ثبت بالنص إباحته. علي أني أقول: اللهو مروح للقلب، ومخفف عنه أعباء الفكر، والقلوب إذا أكرهت عميت، وترويحها إعانة لها علي الجد، فالمواظب علي التفكر مثلاً ينبغي أن يتعطل يوم الجمعة؛ لأن عطلة يوم تساعد علي النشاط في سائر الأيام، والمواظب علي نوافل الصلوات في سائر الأوقات ينبغي أن يتعطل في بعض الأوقات، ولأجله كرهت الصلاة في بعض الأوقات، فالعطلة معونة علي العمل، اللهو معين علي الجد ولا يصبر علي الجد المحض، والحق المر، إلا نفوس الأنبياء عليهم السلام، فاللهو دواء القلب من داء الإعياء، فينبغي أن يكون مباحًا، ولكن لا ينبغي أن يستكثر منه، كما لا يستكثر من الدواء. فإذًا اللهو علي هذه النية يصير قربة، هذا في حق من لا يحرك السماع من قلبه صفة محمودة يطلب تحريكها، بل ليس له إلا اللذة والاستراحة المحضة، فينبغي أن يستحب له ذلك، ليتوصل به إلي المقصود الذي ذكرناه. نعم هذا يدل علي نقصان عن ذروة الكمال، فإن الكامل هو الذي لا يحتاج أن يروح نفسه بغير الحق، ولكن حسنات الأبرار سيئات المقربين، ومن أحاط بعلم علاج القلوب، ووجوه التلطف بها، وسياقتها إلي الحق، علم قطعًا أن ترويحها بأمثال هذه الأمور دواء نافع لا غني عنه) انتهي كلام الغزالي (الإحياء: كتاب السماع ص 1152، 1153)، وهو كلام نفيس يعبر عن روح الإسلام الحقة.
القائلون بإجازة الغناء:
تلك هي الأدلة المبيحة للغناء من نصوص الإسلام وقواعده، فيها الكفاية كل الكفاية ولو لم يقل بموجبها قائل، ولم يذهب إلي ذلك فقيه، فكيف وقد قال بموجبها الكثيرون من صحابة وتابعين وأتباع وفقهاء ؟
وحسبنا أن أهل المدينة -علي ورعهم- والظاهرية- علي حرفيتهم وتمسكهم بظواهر النصوص -والصوفية- علي تشددهم وأخذهم بالعزائم دون الرخص- روي عنهم إباحة الغناء.
قال الإمام لشوكاني في "نيل الأوطار": (ذهب أهل المدينة ومن وافقهم من علماء الظاهر، وجماعة الصوفية، إلي الترخيص في الغناء، ولو مع العود واليراع. وحكي الأستاذ أبو منصور البغدادي الشافعي في مؤلفه في السماع: أن عبد الله بن جعفر كان لا يري بالغناء بأسًا، ويصوغ الألحان لجواريه، ويسمعها منهن على أوتاره. وكان ذلك في زمن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.
وحكي الأستاذ المذكور مثل ذلك أيضًا عن القاضي شريح، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، والشعبي) .
وقال إمام الحرمين في النهاية، وابن أبي الدنيا: (نقل الأثبات من المؤرخين: أن عبد الله بن الزبير كان له جوار عوادات، وأن ابن عمر دخل إليه وإلي جنبه عود، فقال: ما هذا يا صاحب رسول الله ؟! فناوله إياه، فتأمله ابن عمر فقال: هذا ميزان شامي ؟ قال ابن الزبير: يوزن به العقول !) .
وروي الحافظ أبو محمد بن حزم في رسالة في السماع بسنده إلي ابن سيرين قال: (إن رجلاً قدم المدينة بجوار فنزل علي ابن عمر، وفيهن جارية تضرب. فجاء رجل فساومه، فلم يهو فيهن شيئًا. قال: انطلق إلي رجل هو أمثل لك بيعًا من هذا. قال: من هو ؟ قال: عبد الله بن جعفر .. فعرضهن عليه، فأمر جارية منهن، فقال لها: خذي العود، فأخذته، فغنت، فبايعه ثم جاء ابن عمر ... إلخ. القصة) .
وروي صاحب "العقد" العلامة الأديب أبو عمر الأندلسي: أن عبد الله بن عمر دخل علي ابن جعفر فوجد عنده جارية في حجرها عود، ثم قال لابن عمر: هل تري بذلك بأسًا ؟ قال: لا بأس بهذا، وحكي الماوردي عن معاوية وعمرو بن العاص: أنهما سمعًا العود عند ابن جعفر، وروي أبو الفرج الأصبهاني: أن حسان بن ثابت سمع من عزة الميلاء الغناء المزهر بشعر من شعره.
وذكر أبو العباس المبرد نحو ذلك. والمزهر عند أهل اللغة: العود.
وذكر الأدفوي أن عمر بن عبد العزيز كان يسمع جواريه قبل الخلافة. ونقل ابن السمعاني الترخيص عن طاووس، ونقله ابن قتيبة وصاحب الإمتاع عن قاضي المدينة سعد ابن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري من التابعين. ونقله أبو يعلي الخليلي في الإرشاد عن عبد العزيز بن سلمة الماجشون مفتي المدينة.
وحكي الروياني عن القفال أن مذهب مالك بن أنس إباحة الغناء بالمعازف، وحكي الأستاذ أبو منصور الفوراني عن مالك جواز العود، وذكر أبو طالب المكي في قوت القلوب عن شعبة أنه سمع طنبورًا في بيت المنهال بن عمروا المحدث المشهور.
وحكي أبو الفضل بن طاهر في مؤلفه في السماع أنه لا خلاف بين أهل المدينة في إباحة العود.
قال ابن النحوي في العمدة: (وقال ابن طاهر: هو إجماع أهل المدينة. قال ابن طاهر: وإليه ذهبت الظاهرية قاطبة. قال الأدفوي: لم يختلف النقلة في نسبة الضرب إلي إبراهيم بن سعد المتقدم الذكر وهو ممن أخرج له الجماعة كلهم.
وحكي الماوردي إباحة العود عن بعض الشافعية، وحكاه أبو الفضل بن طاهر عن أبي إسحاق الشيرازي، وحكاه الإسنوي في "المهمات" عن الروياني والماوردي، ورواه ابن النحوي عن الأستاذ أبي منصور وحكاه ابن الملقن في العمدة عن ابن طاهر، وحكاه الأدفوي عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وحكاه صاحب الإمتاع عن أبي بكر بن العربي، وجزم بالإباحة الأدفوي.
هؤلاء جميعًا قالوا بتحليل السماع مع آلة من الآلات المعروفة -أي آلات الموسيقي- وأما مجرد الغناء من غير آلة فقال الأدفوي في الإمتاع: إن الغزالي في بعض تآليفه الفقهية نقل الاتفاق علي حله، ونقل ابن طاهر إجماع الصحابة والتابعين عليه، ونقل التاج الفزاري وابن قتيبة إجماع أهل الحرمين عليه، ونقل ابن طاهر وابن قتيبة أيضًا إجماع أهل المدينة عليه، وقال الماوردي: لم يزل أهل الحجاز يرخصون فيه في أفضل أيام السنة المأمور فيها بالعبادة والذكر. قال ابن النحوي في العمدة: وقد روي الغناء وسماعه عن جماعة من الصحابة والتابعين، فمن الصحابة عمر -كما رواه ابن عبد البر وغيره- وعثمان- كما نقله الماوردي وصاحب البيان والرافعي -وعبد الرحمن بن عوف- كما رواه ابن أبي شيبة- وأبو عبيدة بن الجراح- كما أخرجه البيهقي- وسعد بن أبي وقاص- كما أخرجه بن قتيبة- وأبو مسعود الأنصاري- كما أخرجه البيهقي- وبلال وعبد الله بن الأرقم وأسامة بن زيد- كما أخرجه البيهقي أيضا- وحمزة كما في الصحيح- وابن عمر- كما أخرجه ابن طاهر- والبراء بن مالك- كما أخرجه أبو نعيم- وعبد الله بن جعفر- كما رواه ابن عبد البر- وعبد الله بن الزبير- كما نقل أبو طالب المكي- وحسان- كما رواه أبو الفرج الأصبهاني- وعبد الله بن عمرو- كما رواه الزبير بن بكار- وقرظة بن كعب- كما رواه ابن قتيبة- وخوات بن جبير ورباح المعترف- كما أخرجه صاحب الأغاني- والمغيرة بن شعبة- كما حكاه أبو طالب المكي- وعمرو بن العاص- كما حكاه الماوردي- وعائشة والربيع- كما في صحيح البخاري وغيره.
وأما التابعون فسعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر وابن حسان وخارجة بن زيد وشريح القاضي وسعيد بن جبير وعامر الشعبي وعبد الله بن أبي عتيق وعطاء بن أبي رباح ومحمد بن شهاب الزهري وعمر بن عبد العزيز وسعد بن إبراهيم الزهري.
وأما تابعوهم فخلق لا يحصون منهم الأئمة الأربعة وابن عيينة وجمهور الشافعية) . انتهي كلام ابن النحوي. هذا كله ذكره الشوكاني في نيل الأوطار (جـ 8/264-266) .
قيود وشروط لابد من مراعاتها:
ولا ننسي أن نضيف إلي هذه الفتوي قيودًا لابد من مراعاتها في سماع الغناء.
فقد أشرنا في أول البحث إلي أنه ليس كل غناء مباحًا، فلابد أن يكون موضوعه متفقًا مع أدب الإسلام وتعاليمه.
فالأغنية التي تقول: "الدنيا سيجارة وكاس" مخالفة لتعاليم الإسلام الذي يجعل الخمر رجسًا من عمل الشيطان ويلعن شارب "الكأس" عاصرها وبائعها وحاملها وكل من أعان فيها بعمل. والتدخين أيضًا آفة ليس وراءها إلا ضرر الجسم والنفس والمال.
والأغاني التي تمدح الظلمة والطغاة والفسقة من الحكام الذين ابتليت بهم أمتنا، مخالفة لتعاليم الإسلام، الذي يلعن الظالمين، وكل من يعينهم، بل من يسكت عليهم، فكيف بمن يمجدهم ؟!
والأغنية التي تمجد صاحب العيون الجريئة أو صاحب العيون جريئة أغنية تخالف أدب الإسلام الذي ينادي كتابه: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ... وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) (النور: 30، 31). ويقول -صلي الله عليه وسلم- يا علي : "لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولي وليست لك الآخرة".
ثم إن طريقة الأداء لها أهميتها، فقد يكون الموضوع لا بأس به ولا غبار عليه، ولكن طريقة المغني أو المغنية في أدائه بالتكسر في القول، وتعمد الإثارة، والقصد إلي إيقاظ الغرائز الهاجعة، وإغراء القلوب المريضة- ينقل الأغنية من دائرة الإباحة إلي دائرة الحرمة أو الشبهة أو الكراهة من مثل ما يذاع علي الناس ويطلبه المستمعون والمستمعات من الأغاني التي تلح علي جانب واحد، هو جانب الغريزة الجنسية وما يتصل بها من الحب والغرام، وإشعالها بكل أساليب الإثارة والتهيج، وخصوصًا لدي الشباب والشابات.
إن القرآن يخاطب نساء النبي فيقول: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) . فكيف إذا كان مع الخضوع في القول الوزن والنغم والتطريب والتأثير ؟!
ومن ناحية ثالثة يجب ألا يقترن الغناء بشيء محرم، كشرب الخمر أو التبرج أو الاختلاط الماجن بين الرجال والنساء، بلا قيود ولا حدود، وهذا هو المألوف في مجالس الغناء والطرب من قديم. وهي الصورة المائلة في الأذهان عند ما يذكر الغناء، وبخاصة غناء الجواري والنساء.
وهذا ما يدل عليه الحديث الذي رواه ابن ماجة وغيره: "ليشربن ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها، يعزف علي رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير".
وأود أن أنبه هنا علي قضية مهمة، وهي أن الاستماع إلي الغناء في الأزمنة الماضية كان يقتضي حضور مجلس الغناء، ومخالطة المغنين والمغنيات وحواشيهم، وقلما كانت تسلم هذه المجالس من أشياء ينكرها الشرع، ويكرهها الدين.
أما اليوم فيستطيع المرء أن يستمع إلي الأغاني وهو بعيد عن أهلها ومجالسها، وهذا لا ريب عنصر مخفف في القضية، ويميل بها إلي جانب الإذن والتيسير.
هذا إلي أن الإنسان ليس عاطفة فحسب، والعاطفة ليست حبًا فقط، والحب لا يختص بالمرأة وحدها، والمرأة ليست جسدًا وشهوة لا غير، لهذا يجب أن نقلل من هذا السيل الغامر من الأغاني العاطفية الغرامية وأن يكون لدينا من أغانينا وبرامجنا وحياتنا كلها توزيع عادل، وموازنة مقسطة بين الدين والدنيا وفي الدنيا بين حق الفرد وحقوق المجتمع، وفي الفرد بين عقله وعاطفته، وفي مجال العاطفة بين عواطف الإنسانية كلها من حب وكره وغيره وحماسة وأبوة وأمومة وبنوة وأخوة وصداقة ... إلخ فلكل عاطفة حقها.
أما الغلو والإسراف والمبالغة في إبراز عاطفة خاصة فذلك علي حساب العواطف الأخري، وعلي حساب عقل الفرد وروحه وإرادته، وعلي حساب المجتمع وخصائصه ومقوماته، وعلي حساب الدين ومثله وتوجيهاته.
إن الدين حرم الغلو والإسراف في كل شيء حتي في العبادة فما بالك بالإسراف في اللهو وشغل الوقت به ولو كان مباحًا ؟!
إن هذا دليل علي فراغ العقل والقلب من الواجبات الكبيرة، والأهداف العظيمة، ودليل علي إهدار حقوق كثيرة كان يجب أن تأخذ حظها من وقت الإنسان المحمود وعمره القصير، وما أصدق وأعمق ما قال ابن المقفع: (ما رأيت إسرافًا إلا وبجانبه حق مضيع) وفي الحديث: "لا يكون العاقل ظاعنًا إلا لثلاث: مرمة لمعاش، أو تزود لمعاد، أو لذة في غير محرم"، فلنقسم أوقاتنا بين هذه الثلاثة بالقسط ولنعلم أن الله سائل كل إنسان عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه ؟
وبعد هذا الإيضاح تبقي هناك أشياء يكون كل مستمع فيها فقيه نفسه ومفتيها، فإذا كان الغناء أو نوع خاص منه يستثير غريزته، ويغريه بالفتنة، ويسبح به في شطحات الخيال، ويطغي فيه الجانب الحيواني علي الجانب الروحاني، فعليه أن يتجنبه حينئذ، ويسد الباب الذي تهب منه رياح الفتنة علي قلبه ودينه وخلقه فيستريح ويريح.
تحذير من التساهل في إطلاق التحريم:
ونختم بحثنا هذا بكلمة أخيرة نوجهها إلي السادة العلماء الذين يستخفون بكلمة "حرام" ويطلقون لها العنان في فتواهم إذا أفتوا، وفي بحوثهم إذا كتبوا، عليهم أن يراقبوا الله في قولهم ويعلموا أن هذه الكلمة "حرام" كلمة خطيرة: إنها تعني عقوبة الله علي الفعل وهذا أمر لا يعرف بالتخمين ولا بموافقة المزاج، ولا بالأحاديث الضعيفة، ولا بمجرد النص عليه في كتاب قديم، إنما يعرف من نص ثابت صريح، أو إجماع معتبر صحيح، وإلا فدائرة العفو والإباحة واسعة، ولهم في السلف الصالح أسوة حسنة.
قال الإمام مالك رضي الله عنه: ما شيء أشد علي من أن أسأل عن مسألة من الحلال والحرام؛ لأن هذا هو القطع في حكم الله، ولقد أدركت أهل العلم والفقه ببلدنا، وإن أحدهم إذا سئل عن مسألة كأن الموت أشرف عليه، ورأيت أهل زماننا هذا يشتهون الكلام في الفتيا، ولو وقفوا علي ما يصيرون إليه غدًا لقللوا من هذا، وإن عمر بن الخطاب وعليًا وعامة خيار الصحابة كانت ترد عليهم المسائل -وهم خير القرون الذين بعث فيهم النبي -صلي الله عليه وسلم- فكانوا يجمعون أصحاب النبي -صلي الله عليه وسلم- ويسألون، ثم حينئذ يفتون فيها، وأهل زماننا قد هذا صار فخرهم، فبقدر ذلك يفتح لهم من العلم قال: ولم يكن من أمر الناس ولا من مضي من سلفنا الذين يقتدي بهم، ومعول الإسلام عليهم، أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، ولكن يقول: أنا أكره كذا وأري كذا، وأما "حلال" و "حرام" فهذا الافتراء علي الله. أما سمعت قول الله تعالي: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالاً قل آلله أذن لكم أم علي الله تفترون) يونس: 59؛ لأن الحلال ما حلله الله ورسوله والحرام ما حرماه.
ونقل الإمام الشافعي في "الأم" عن الإمام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة قال:
(أدركت مشايخنا من أهل العلم يكرهون في الفتيا أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، إلا ما كان في كتاب الله عز وجل بينا بلا تفسير.
وحدثنا ابن السائب عن ربيع بن خيثم -وكان أفضل التابعين- أنه قال: إياكم أن يقول الرجل: إن الله أحل هذا أو رضيه، فيقول الله له: لم أحل هذا ولم أرضه، ويقول: إن الله حرم هذا فيقول الله: كذبت لم أحرمه ولم أنه عنه ! وحدثنا بعض أصحابنا عن إبراهيم النخعي أنه حدث عن أصحابه أنهم كانوا إذا أفتوا بشيء أو نهوا عنه، قالوا: هذا مكروه، وهذا لا بأس به، فأما أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام فما أعظم هذا) .
هذا ما ذكره القاضي أبو يوسف، ونقله الشافعي، ولم ينكر عليه هذا النقل ولا مضمونه بل أقره، وما كان ليقر مثله إلا إذا اعتقد صحته.
وقال الله تعالي: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا علي الله الكذب إن الذين يفترون علي الله الكذب لا يفلحون). (النحل: 116).
والله أعلم
ــــــــــــــــــــ(41/68)
خطورة الخلوة و الاستمتاع بالأجنبية
ما حكم الرجل الذي يختلي بامرأة أجنبية عنه سواء في العمل أو في أى مكان ليضمها و يقبلها دون أن يكون هناك عقد شرعي بينهما مبرراً ذلك بأنه يحبها وسيتزوجها في المستقبل عندما تتحسن ظروفه ...فهل يبيح الدين ذلك ؟
أفيدونا مأجورين ، والسلام عليكم ورحمة الله
... السؤال
27/05/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و بعد :
حرم الله سبحانه و تعالى أي اتصال بين الرجل و المرأة في غير الزواج لأن الزنا فساد كبير ، وشر مستطير ، أما الزواج فهو سكن ورحمة وقد جعل الله بين الأزواج هذه المودة والرحمة، لأن الأسرة في الإسلام هي قوام المجتمع وعماده. وقد اهتم بها الإسلام أيما اهتمام، ولذلك أرسى الله قواعد هذه الأسرة وأراد الله لهذه الأسرة أن تقوم على أساس من الطهر و العفاف فقال تعالى :
( فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ) النساء 25
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية :
وقوله تعالى : "محصنات" أي : عفائف عن الزنا لا يتعاطينه، ولهذا قال : "غير مسافحات" وهن الزواني اللاتي لا يمنعن من أرادهن بالفاحشة . قال ابن عباس : "المسافحات" هن الزواني المعلنات يعني الزواني اللاتي لا يمنعن أحدا أرادهن بالفاحشة .
وقال تعالى أيضاً: ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ (5) سورة المائدة ،
قال ابن كثير رحمه الله :
وقوله : " محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان " فكما شرط الإحصان في النساء ، وهي العفة عن الزنا كذلك شرطها في الرجال ، وهو أن يكون الرجل محصنا عفيفا ، ولهذا قال : غير مسافحين وهم الزناة الذين لا يرتدعون عن معصية ولا يردون أنفسهم عمن جاءهم ولا متخذي أخدان ـ أي : ذوي العشيقات الذين لا يفعلون إلا معهن ..
ومن أجل منع الإسلام الوقوع في الزنا حرم الخلوة بالمرأة الأجنبية ؛ لأن هذا مظنة الوقوع في فاحشة الزنا فمجالسة المرأة الأجنبية لا تجوز أن تكون فى خلوة بل لا بد من وجود طرف آخر يمنع وسوسة الشيطان لهما بالسوء على حد قول الحديث الشريف الذى رواه الطبرانى "إياك والخلوة بالنساء ، فوالذى نفسي بيده ما خلا رجل بامرأة إلا ودخل الشيطان بينهما" وقد صح فى تحريم الخلوة "لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذى محرم " رواه البخارى ومسلم .
وهذا لإن الغريزة الجنسية تتحين أية فرصة للاستجابة لرغبتها ، ومن أجل ذلك حرم الإسلام النظر واللمس والخضوع بالقول ، والخلوة ، أخرج أبو داود والنسائى أن رجلا من الأنصار مرض حتى صار جلدة على عظم ، فدخلت عليه جارية تعوده وحدها فهشَّ لها ووقع عليها، فدخل عليه رجال من قومه يعودونه فأخبرهم بما حصل منه وطلب الاستفتاء من النبى صلى الله عليه وسلم ، فقالوا لرسول الله : ما رأينا بأحد من الضر مثل ما الذى هو به ، ولو حملناه إليك لتفسخت عظامه ، ما هو إلا جلدة على عظم ، فأمر رسول الله : بإقامة الحد عليه ، بضربه بمائة شمراخ ضربة واحدة . أهـ
وعلى هذا فالاستمتاع ولو كان خارجيا بالأجنبية حرام قطعا، ولا يجوز لمسلم الالتجاء إليه مهما كانت الدواعى والبواعث . يقول فضيلة الشيخ حسن مأمون شيخ الأزهر الأسبق :
إن معاشرة الأجنبية والاختلاط بها وتقبيلها وضمها حرام قطعا . ولا يجوز لمسلم متمسك بدينه أن يلجأ إليه مهما كانت الدواعى والبواعث . أهـ
وعلى هذا فننصحك بالإكثار من الأعمال الصالحة والصلاة والاستغفار ، وابتعد عن هذه العلاقات المحرمة المشبوهة ، واعلم أن باب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها وأن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر .
وعليك أخيرا بالمبادرة إلى اتخاذ الطريق الشرعي الذي تحفظ به نفسك بإذن الله وهو الزواج الذي تدرأ به نفسك الوقوع في الحرام .
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد .
والله أعلم
ــــــــــــــــــــ(41/69)
الاستمناء بين الحل والحرمة
ما حكم العادة السرية أو الاستمناء حيث سمعنا أنها حرام،وقال بعض الفقهاء أنها حلال ،فأين الصواب في ذلك؟
... السؤال
16/08/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
الأصل في الاستمناء الحرمة ،وأباحه بعض الفقهاء عند غلبة ظن الإنسان في وقوعه في الفاحشة ،أخذًا بقاعدة أخف الضررين ،ولكن يبقى بعد ذلك على الأصل الذي هو الحرمة .
يقول الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي أستاذ الشريعة بسوريا :
أكثر الفقهاء وعلماء الشريعة الإسلامية قرَّروا حرمة الاستمناء باليد ، وفي مقدِّمتهم الفقهاء الشافعية والمالكية .
ومستندهم الأول في ذلك قول الله عزّ وجلّ : { والَّذينَ هُم لِفُروجِهِم حافِظونَ . إلاّ عَلى أزْواجِهِم أو ما مَلَكَتْ أيْمانُهُم فَإنَّهُم غَيْرُ مَلومينَ } [ المؤمنون : 23/5 ـ 6 ] .
قالوا : فإن مقتضى هذا الحصر الذي تنطق به الآية ، حرمة ممارسة المتعة الجنسية إلا بين الزوجين ، وما يلحق بهما من ملك اليمين ، وضمن الحدود المقررة .
غير أن الإمام أحمد أفتى به ، عند الحاجة . انظر ( الجامع لأحكام القرآن للقرطبي : 12/105 ، وأحكام القرآن لأبي بكر بن العربي : 3/1298 ) .
ولعلَّ مستنده ومستند من قال بجوازه عند الحاجة ما يروى أن ابن عباس رضي الله عنهما كان إذا سأله الشّاب عن الاستمناء يقول : نكاح الأمة خير منه ، وهو خير من الزِّنا . وجاءه مرة شابّ فقال : إني أجد غُلْمةً شديدة فأدلك ذكري حتى أُنْزِلَ . فقال : هو خير من الزِّنا . أما حديث : ( ( ناكح اليد ملعون ) ) فباطل لا أصل له .
والذي يبدو لي أن الخلاف في هذه المسألة لفظي . فإن الذين قالوا بالحرمة لعلهم إنما كانوا يقصدون عموم الأحوال ، أي بقطع النظر عن وجود حاجة أو ضرورة تُلْجئُ إلى ذلك . وأما الذين قالوا بالجواز فإنما قصدوا الحالات التي يقع فيها الشّاب بين اللجوء إلى هذا العمل والوقوع في الزِّنا .
ولا شكَّ أن كلا الموقفين ينبثقان من أساس ومنطلق واحد في الحكم .
وخلاصته أن الاستمناء عمل شاذّ ، لا يتَّفق والفطرة الإنسانية التي جعلت من الغريزة الجنسية وظيفة ذات هدف جليل في حياة الإنسان . ومن أوضح الأدلة على أنه عمل شاذّ فعلاً وخارج عن النَّهج الوظيفي المرسوم ، أن الذي يقع في أسر هذه العادة ينتابه شعور خفيّ بالتّأنيب والتّقريع والإحساس بالنقص والخروج عن اللياقة والنَّهج السّوي . .
غير أن الشّاب إذا وجد نفسه متعرِّضاً لمنزلق يهوي به إلى ارتكاب الفاحشة ، وأحسَّ أنه لا يجد من نفسه عاصماً عن الوقوع في تلك الوهدة ، إلاّ باللجوء إلى هذا العمل الذي لا نشكُّ في شذوذه ، ولكنّا لا نشكُّ أيضاً في أنه أقلُّ سوءاً وضرراً من ارتكاب الفاحشة ، فإن القاعدة الفقهية التي هي محلّ اتِّفاق ، تقضي بجواز اللجوء إلى هذا العمل في حدود الحاجة . . وبشروطها المعتبرة شرعاً ، ومن أبرزها وأهمّها أن يبقى هذا العمل في حدود الحاجة التي تفرض نفسها ، وألا يتحوَّل إلى عادة مهيمنة ، وذلك هو مقتضى قاعدة : ( ( الضرورات تُبيح المحظورات ) ) .
فمن أطلق القول بالتحريم إنما قصد عموم الأحوال وأساس الحكم . ومن قال بالجواز إنما لاحظ الحاجة ، كما يظهر ذلك واضحاً في كلام عبد الله بن عباس . فلا خلاف بينهم في منطلق الحكم وأساسه .
غير أني أنصح الشباب الذين تراودهم أنفسهم اللجوء إلى هذا العمل ، أن يتلمَّسوا العلاج في السبيل الأجدى والأكثر انسجاماً مع الفطرة ، ألا وهو الابتعاد عن الأجواء السَّيئة والموبوءة ، والانغماس بدلاً عن ذلك في مجتمعات إسلامية صغيرة تملأ الوقت وتشغل الفكر وتحجز عن الشَّر . هذا إلى جانب ضرورة السَّعي إلى الزّواج بكل الوسائل والسُّبل الممكنة .
ولا يعتذرنَّ أحد منهم بالفقر وقلَّة ذات اليد ، فلا معنى لهذا الاعتذار بعد قول الله عزّ وجلّ : { وأنْكِحوا الأيامَى مِنْكُم والصّالِحينَ مِنْ عِبادِكُم وإمائِكُم ، إن يَكونوا فُقَراءَ ، يُغْنِهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ } [ النُّور : 24/32 ] .
على أنه لا بدَّ من تجنُّب سُبل التَّعقيد والابتعاد عن المظاهر والقيود المرهقة . وليكن أولياء الفتيات عوناً للشّباب على السَّعي في هذا الطريق .
والله هو وليُّ كلّ توفيق أولاً وآخراً ، وملاذ كل ملهوف ومستجير في سائر الأحوال .
والله أعلم
ــــــــــــــــــــ(41/70)
الرد على شبهات أنصار الاختلاط المفتوح
بعد الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله الكريم : يقول بعض المشككين في الدين الحنيف بأن الكبت للشاب المسلم وعدم انفتاحه على الجنس الآخر هو سبب التحرشات الجنسية التي يعاني منها المجتمع الإسلامي ، فما الرد عليهم ؟ ولكم الخير الجزيل من الله تعالى
... السؤال
21/05/2001 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
نقول للسائل الكريم إن الإسلام لايعرف الكبت ولم يأمر به ولم يحث عليه ولكنه دعى إلى تهذيب الشهوة ولم يأمرنا بالكبت بل إنه دعى الشباب على لسان الرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )0
والواقع العملي خير دليل على هذا فإن الجرائم التي تنشأ بين المجتمعات المتساهلة التي تطلق العلاقة بين الجنسين وتطلق لهما العنان أكثر من أن تذكر اما في البيئات المتحفظة فما زالت بخير إن شاء الله قد تحدث بعض التجاوزات هنا أو هناك لكنها ليست بحال من الأحوال هي القاعدة التي يقاس عليها0
إن هؤلاء الذين يطلقون هذه الشائعات يغالطون أنفسهم لأن اختلاط الجنسين لايحد من هذه الشهوة ولكنه يزيدها اشتعالا ولن نطفىء هذه الشهوة إلا بإفراغها سواء بالطريق الحلال أم بالطريق الحرام
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في الرد على مثل هذه الشبهات
إن الاستعمار الفكري صنع في بلادنا قوماً يصمون آذانهم عن حكم الله ورسوله , ويدعوننا إلى أن ندع للمرأة حبلها على غاربها , حتى تثبت وجودها , وتبرز شخصيتها , وتستمتع بحياتها وأنوثتها !
تختلط بالرجل بلا تحفظ , وتخبره عن كثب , فتخلو به , وتسافر معه , وتصحبه إلى السينما وتسهر معه إلى منتصف الليل , وتراقصه على نغمات الموسيقى , وتعرف في تجوالها - بالتجربة لا بالسماع - الرجل الذي يصلح لها وتصلح له , من بين من عرفتهم من الأصدقاء والمعجبين , وبهذا تستقر الحياة الزوجية , وتصمد في وجه العواصف والأعاصير !
ويقول هؤلاء الذين يزعمون أنهم ملائكة مطهرون : لا تخافوا على المرأة ولا على الرجل من هذا الاتصال المهذب , والصداقة البريئة , واللقاء الشريف , فإن صوت الشهوة - لكثرة التلاقي - سيخفت , وحدتها ستفتر , وجذوتها ستخبو , ويجد كل من الذكر والأنثى لذته في مجرد اللقاء والاستمتاع بالنظر والحديث , فإن زاد على ذلك فمراقصة , هي ضرب من التعبير الفني الرفيع ! أما المتعة الحسية فلن يصبح لها مكان , إنه التصريف النظيف للطاقة لا غير وكذلك يفعل الغربيون المتقدمون بعد أن فكوا عقدة الكبت والحرمان .
وردنا على هذه الدعوى من جهتين :
أولاً : إننا مسلمون قبل كل شيء , ولا نبيع ديننا اتباعاً لهوى الغربيين أو الشرقيين , وديننا يحرم علينا هذا الاختلاط بتبرجه وفتنته وإغوائه : ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون * إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً , وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض , والله ولي المتقين ) .
ثانياً : إن الغرب الذي يقتدون به يشكو اليوم من آثار هذا التحرر أو التحلل , الذي أفسد بناته وبنيه , وأصبح يهدد حضارته بالخراب والانهيار , ففي أمريكا والسويد وغيرهما من بلاد الحرية الجنسية , أثبتت الإحصاءات أن السعار الشهواني لم ينطفئ بحرية اللقاء والحديث , ولا بما بعد اللقاء والحديث , بل صار الناس كلما ازدادوا منه عباً , ازدادوا عطشاً .
وعلينا أن نبحث : ماذا كان أثر هذا التحرر أو التطور , أو التحلل من الفضائل والتقاليد , في المجتمعات الغربية المتحضرة ؟
أثر الاختلاط المطلق في المجتمعات الغربية :
إن الأرقام والوقائع التي تفيض بها الإحصاءات والتقارير , هي التي تتكلم وتبين في هذا المجال , لقد ظهر أثر الانطلاق الجنسي , الذي زالت به الحواجز بين الذكر والأنثى فيما يلي:
1. انحلال الأخلاق :
فانحلال الأخلاق وطغيان الشهوات , وانتصار الحيوانية على الإنسانية , وضياع الحياء والعفاف بين النساء والرجال , واضطراب المجتمع كله نتيجة ذلك .
ولقد قال الرئيس الراحل « كنيدي » في تصريح مشهور له , تناقلته الصحف ووكالات الأنباء عام 1962 : « إن الشباب الأمريكي مائع مترف منحل , غارق في الشهوات , وان من بين كل سبعة شبان يتقدمون للتجنيد يوجد ستة غير صالحين , بسبب انهماكهم في الشهوات » . وأنذر بأن هذا الشباب خطر على مستقبل أمريكا .
وفي كتاب لمدير مركز البحوث بجامعة هارفارد بعنوان « الثورة الجنسية » يقرر المؤلف , أن أمريكا سائرة إلى كارثة في الفوضوية الجنسية , وأنها تتجه إلى نفس الاتجاه , الذي أدى إلى سقوط الحضارتين الإغريقية والرومانية في الزمن القديم , ويقول : « إننا محاصرون من جميع الجهات بتيار خطر من الجنس , يغرف كل غرفة من بناء ثقافتنا , وكل قطاع من حياتنا العامة » .
ومع أن الشيوعيين قليلو التحدث عن مثل هذه الأمور الجنسية , ومع عدم السماح لأجهزة الإعلام والتوجيه أن تتناولها , إلا أنه في عام 1962 صدر تصريح للزعيم الروسي خروتشوف , أعلن فيه أن الشباب قد انحرف وأفسده الترف , وهدد بأن معسكرات جديدة قد تفتح في سيبيريا للتخلص من الشباب المنحرف , لأنه خطر على مستقبل روسيا !
2. في انتشار الأبناء غير الشرعيين :
وهى ظاهرة لازمة لانطلاق الغرائز , وذوبان الحواجز بين الفتيان والفتيات , وقد قامت بعض المؤسسات في أمريكا , بعمل إحصاء للحبالى من طالبات المدارس الثانوية , فكانت النسبة مخيفة جداً .
ولننظر ما تقوله أحدث الإحصاءات بهذا الصدد .. تقول :
« إن أكثر من ثلث مواليد عام 1983 في نيويورك هم « أطفال غير شرعيين » أي أنهم ولدوا خارج نطاق الزواج , وأكثرهم ولدوا لفتيات في التاسعة عشرة من العمر وما دونها , وعددهم (353ر112 ) طفلاً أي 37% من مجموع مواليد نيويورك » !! .
3. كثرة العوانس بين الفتيات والعزاب من الشباب :
فإن وجود السبل الميسرة لقضاء الشهوة , بغير تحمل تبعة الزواج وبناء الأسرة , جعل كثيراً من الشباب يختارون الطريق الأسهل , ويقضون أيام شبابهم بين هذه وتلك , متمتعين بلذة التنويع , دون التقيد بالحياة المتشابهة المتكررة كما يزعمون ! ودون التزام بتكاليف الزوجية المسؤولة , والأبوة الراعية .
وكان من نتيجة ذلك وجود كثرة هائلة من الفتيات , تقضى شبابها محرومة من زوج تسكن إليه ويسكن إليها , إلا العابثين الذين يتخذونها أداة للمتعة الحرام , ويقابل هؤلاء الفتيات كثرة من الشباب العزاب المحرومين من الحياة الزوجية , كما تدل على ذلك أحدث الإحصاءات , فقد صرح مدير مصلحة الإحصاء الأمريكية في 22 من ذي القعدة 1402 هـ ( الموافق 10 سبتمبر - أيلول -1982 م ) : « أنه لأول مرة منذ بداية هذا القرن تصبح أغلبية سكان مدينة سان فرانسيسكو من العزاب » .
وأوضح « بروس شامبمان » في مؤتمر صحفي نظمته الجمعية الاجتماعية الأمريكية أنه « وفقا لأرقام آخر تعداد فإن 53% من سكان سان فرانسيسكو غير متزوجين » وأعرب عن اعتقاده بأن هذه الأرقام يمكن أن تكون مؤشراً على أفول الأنموذج العائلي التقليدي !!.
وأضاف شامبمان : « إن هذه التغييرات الاجتماعية ملائمة لتحقيق الرفاهية في المدينة التي زاد عدد سكانها من الشباب بين 25 و 34 سنة بمقدار (4ر40% ) خلال العشر سنوات الأخيرة » .
وقال : « إن التعداد لم يشمل عدد المصابين بالشذوذ الجنسي الذين يقطنون المدينة والذين يشكلون 15 % من السكان تقريبا » .
ولا عجب بعد ذلك أن نقرأ في الصحف مثل هذا الخبر : « خرجت النساء السويديات في مظاهرة عامة , تشمل أنحاء السويد , احتجاجا على إطلاق الحريات الجنسية في السويد , اشتركت في المظاهرة (000 ر100 ) امرأة , وسوف يقدمن عريضة موقعة منهن إلى الحكومة , تعلن العريضة الاحتجاج على تدهور القيم الأخلاقية » .
إن فطرة المرأة وحرصها على مصلحتها ومستقبلها , هو الذي دفع هذا العدد الهائل إلى التظاهر والاحتجاج .
4. كثرة الطلاق وتدمير البيوت لأتفه الأسباب :
فإذا كان دون الزواج هناك عقبات وعقبات , فإن هذا الزواج , بعد تحققه غير مضمون البقاء , فسرعان ما تتحطم الأسرة , وتنفصم الروابط لأدنى الأسباب .
ففي أمريكا تزداد نسبة الطلاق عاماً بعد عام إلى حد مفزع . والذي يقال عن أمريكا , يقال عن معظم البلاد الغربية .
5. انتشار الأمراض الفتاكة :
انتشار الأمراض السرية , والعصبية , والعقلية , والنفسية , وكثرة العقد والاضطرابات التي يعد ضحاياها بمئات الألوف .
ومن أشد الأمراض خطراً : ما اكتشف أخيراً وعرف باسم « الإيدز » الذي يفقد المناعة من الجسم ويعرضه للتهلكة وغدا يهدد الملايين في أوروبا وأمريكا بأخطر العواقب , كما دلت على ذلك التقارير الطبية والإحصاءات الرسمية التي نشرتها مجلات وصحف في العالم كله , وصدق بهذا ما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال في حديثه : « لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا » .
هذا غير الأمراض العصبية والنفسية التي انتشرت عندهم انتشار النار في الهشيم , وامتلأت بمرضاها المستشفيات والمصحات .
فهل يريد دعاة الاختلاط أن ينقلوا هذه العلل والأمراض إلى مجتمعاتنا وقد كفانا الله شرها وأعاذنا منها ؟! أم أن هذه الأرقام والإحصاءات غائبة من أذهانهم ؟!
لقد زعم « فرويد » ومن تبعه من علماء النفس أن رفع القيود التقليدية عن الغريزة الجنسية يريح الأعصاب , ويحل عقد النفوس , ويمنحها الهدوء والاطمئنان .
ها هي القيود قد رفعت , وها هي الغرائز قد أطلقت , فلم تزد النفوس إلا تعقيداً , ولم تزد الأعصاب إلا توتراً , وأصبح القلق النفسي هو مرض العصر هناك , ولم تغن آلاف العيادات النفسية عنهم شيئاً .
والله أعلم
ــــــــــــــــــــ(41/71)
الزواج للحصول على الجنسية
المجيب ... سلمان العودة
المشرف العام
التصنيف ... فقه الأسرة/النكاح/نكاح الكتابيات
التاريخ ... 1/8/1421
السؤال
عُرض علي الزواج من امرأة أمريكية، وبزواجي منها أستطيع الحصول على الجنسية الأمريكية، وبذلك أستطيع الحصول على العديد من المزايا المادية، فهل تنصحني بالزواج منها ؟
الجواب
نصيحتي الخالصة لك أن تحذر أشد الحذر من الزواج المبني على "المصلحة"، فهو محكوم بالفشل من بدايته، ولن يحقق لك الراحة النفسية والسكن الذي تنشده من الزواج.كما إنه لن يحقق لك المصالح المادية التي ترجوها من ورائه.وهل يمكن أن يضع الإنسان مالاً يتاجر به عند امرأة قد تتخلى عنه في أية لحظة؟ هذا خطأ كبير. فاصرف النظر عن هذا الموضوع.
ــــــــــــــــــــ(41/72)
أخذ الجنسية من بلد غير إسلامي
ما حكم أخذ الجنسية من بلد غير إسلامي ؟ ... السؤال
19/08/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... أخذ الجنسية من بلد غير إسلامي يعتبر أحيانا خيانة لله ورسوله وللمؤمنين، وذلك في حالة الحرب بين المسلمين وغيرهم ممن يحاربون الإسلام ولذا أفتى علماء تونس وقت الاحتلال الفرنسي أن أخذ الجنسية الفرنسية يعد خروجًا وردة عن الإسلام ، لأن هذا سبيل من سبل المقاومة والاحتلال ، وسلاح من أسلحة الجهاد، ولكن في الأوقات العادية فالمسلم الذي يحتاج للسفر إلى بلاد غير إسلامية تعطيه الجنسية قوة ومنعة ، فلا يحق للسلطات طرده ، ويكون له الحق في الانتخاب ، مما يعطي قوة للمسلمين في هذه البلاد حيث يخطب المرشحون ودهم ، ولذا فحمل الجنسية ليس في ذاته شرًا ولا خيرًا ، وإنما تأخذ الحكم حسب ما يترتب على أخذ هذه الجنسية من النفع للمسلمين أو الإضرار بهم ،مثل أخذ الفلسطينين خاصة الجنسية الإسرائيلية ،فإن هذا يعد اعترافًا ضمنيًا بدولة إسرائيل ، ولكن أخذ الجنسية في دولة من دول الغرب بغرض تقوية شوكة المسلمين هناك فلا حرمة في هذا
ــــــــــــــــــــ(41/73)
حدود الخلوة
أعمل مهندساً وفي طريقي للعمل كل يوم أصطحب معي بالسيارة إحدى زميلاتي في العمل مقابل أجر شهري. فهل تعتبر هذه خلوة؟
... السؤال
06/06/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... ،الأحاديث كثيرة فى النهى عن عدم خلوة المرأة برجل أجنبى عنها لخطورتها ، ومنها ما رواه البخارى ومسلم " لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذى محرم " وما رواه الطبرانى "إياك والخلوة بالنساء ، فو الذى نفسى بيده ما خلا رجل بامرأة إلا دخل الشيطان بينهما" .
إن الغريزة الجنسية تتحين أية فرصة للاستجابة لرغبتها ، ومن أجل ذلك حرم الإسلام النظر واللمس والخضوع بالقول ، والخلوة ، إن فرص الخلوة بين الجنسين كثيرة فى هذه الأيام ، فقد تكون فى البيوت والفنادق والمكاتب ودواوين القطارات المغلقة ، والسيارات الخاصة والمصاعد الكهربائية ، حتى فى الأماكن الخلوية البعيدة عن الأنظار .
إن مجرد الخلوة حرام حتى لو لم يكن معها سفور أو كلام مثير، والخلوة لا تجوز إلا للضرورة ، وليس من الضرورة كسب العيش بالعمل الذى يستلزمها ولو فى بعض الأحيان ، كما أنه ليس من الضرورة خلوة المدرس الخصوصى بالمتعلمة ، فقد يكون الشيطان أقوى سلطانا على النفس من العلم ، ومن مأثور السلف قول عمر بن عبد العزيز: لا تخلون بامرأة وإن علمتها سورة من القرآن ( المستطرف ج 2 ص 2 ) وليس من الضرورة خلوة المخدومة بخادمها ، أو المخدوم بخادمته ، فكم من مآسٍ ارتكبت بسبب ذلك ، وليس هؤلاء الخدم مملوكين ملك اليمين حتى يكون لهم مع سادتهم وضع خاص ، بل هم أجانب تجرى عليهم كل أحكام سائر الناس .
وفى حكم الخلوة سائقو السيارات الخاصة ، المترددون على النساء كثيرا فى البيوت ، دون أن يكون هناك من يخشى معهم السوء .
هذا ، ولا يعتبر من الخلوة المحرمة وجود الطالبات مع الطلبة فى أماكن الدراسة ، كما لا تتحقق الخلوة فى الشوارع والمحال التجارية والمواصلات التى تغص بالرجال والنساء ، وإنما المطلوب هو الحشمة فى الملابس والأدب فى الكلام ، وعدم الاحتكاك بين الطرفين ، وبخاصة فى الزحام ، وحديث الطبرانى يقول "لأن يزحم رجل خنزيرا متلطخا بطين أو حمأة خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له " وحديثه أيضا "أن يطعن فى رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له " وحديث البيهقى "إذا استقبلتك المرأتان فلا تمر بينهما ، خذ يمنة أو يسرة" .
ــــــــــــــــــــ(41/74)
خطورة الزنى وأثره على الفرد والمجتمع
ماذا يفعل من يرتكب جريمة الزنا ولايستطيع الإقلاع عنها ؟ ... السؤال
21/02/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... 1 - دعا الإسلام إلى الزواج وحبب فيه، لأنه هو أسلم طريقة لتصريف الغريزة الجنسية، وهو الوسيلة المثلى لإخراج سلالة يقوم على تربيتها الزوجان ويتعهدانها بالرعاية، وغرس عواطف الحب والود، والطيبة، والرحمة، والنزاهة، والشرف، والإباء وعزة النفس ولكي تستطيع هذه السلالة أن تنهض بتبعاتها، وتسهم بجهودها في ترقية الحياة وإعلائها.
2 - وكما وضع الطريقة المثلى لتصريف الغريزة ومنع من أي تصرف في غير الطريق المشروع، وحظر إثارة الغريزة بأي وسيلة من الوسائل، حتى لا تنحرف عن المنهج المرسوم.
فنهى عن الاختلاط، والرقص، والصور المثيرة، والغناء الفاحش، والنظر المريب، وكل ما من شأنه أن يثير الغريزة أو يدعو إلى الفحش حتى لا تتسرب عوامل الضعف في البيت، والانحلال في الأسرة.
3 - واعتبر الزنا جريمة قانونية تستحق أقصى العقوبة لأنه وخيم العاقبة، ومفض إلى الكثير من الشرور والجرائم.
فالعلاقات الخليعة والاتصال الجنسي غير المشروع، مما يهدد المجتمع بالفناء والانقراض فضلا عن كونه من الرذائل المحقرة. (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً).
4 - لأنه سبب مباشر في انتشار الأمراض الخطيرة التي تفتك بالأبدان، وتنتقل بالوراثة من الآباء إلى الأبناء، وأبناء الأبناء، كالزهري، والسيلان، والقرحة.
وهو أحد أسباب جريمة القتل إذ أن الغيرة طبيعية في الإنسان، وقلما يرضي الرجل الكريم، أو المرأة العفيفة الانحراف الجنسي، بل إن الرجل لا يجد وسيل يغسل بها العار الذي يلحقه ويلحق أهله إلا الدم.
5 - والزنا يفسد نظام البيت، ويهز كيان الأسرة ويقطع العلاقة الزوجية، ويعرض الأولاد لسوء التربية مما يتسبب عنه: التشرد، والانحراف، والجريمة.
6 - وفي الزنا ضياع النسب، وتمليك الأموال لغير أربابها عند التوارث.
7 - وفيه تغرير بالزوج، إذ أن الزنا قد ينتج عنه الحمل، فيقوم الرجل بتربية غير ابنه.
8 - إن الزنا علاقة مؤقتة لا تبعه وراءها، فهو عملية حيوانية بحتة ينأي عنها الإنسان الشريف.
وجملة القول أنه قد ثبت ثبوتًا لا مجال للشك فيه عظم ضرر الزنا، وأنه من أكبر الأسباب الموجبة للفساد وانحطاط الآداب، ومورث لأقتك الأدواء، ومروج للعزوبة واتخاذ الخدينات، ومن ثم كان أكبر باعث على الترف والسرف والعهر والفجور. لهذا كله وغيره جعل الإسلام عقوبة الزنا أقسى عقوبة. إذا كانت العقوبة تبدو قاسية، فإن آثار الجريمة المترتبة عليها أشد ضررًا على المجتمع.
والإسلام يوازن بين الضرر الواقع على المذنب، والضرر الواقع على المجتمع، ويقضي بارتكاب أخف الضررين، وهذه هي العدالة.
ولا شك أن ضرر عقوبة الزاني لا توزن بالضرر على المجتمع من إفشاء الزنا، ورواج المنكر. وإشاعة الفحش والفجور. إن عقوبة الزنا إذا كان يضار بها المجرم نفسه، فإن تنفيذها حفظ النفوس، وصيانة الأعراض، وحماية الأسرة، التي هي اللبنات الأولى في بناء المجتمع، وبصلاحها يصلح وبفسادها يفسد. إن الأمم بأخلاقها الفاضلة، وبآدابها العالية، ونظافتها من الرجس والتلوث، وطهارتها من التدلي والتسفل على. أن الإسلام -من جانب آخر- كما أباح الزواج أباح التعدد حتى يكون في الحلال مندوحة على الحرام، ولكي لا يبقى عذر لمقترف هذه الجريمة. وقد أحتاط في تنفيذ هذه العقوبة بقدر ما أخاف الزناة وأرهبهم.
انتهى كلام الشيخ
ونقول للسائل بعد أن عرفت أن الزنى من الكبائر المهلكة فى الدنيا والأخرة وعرفت أيضا أن الإسلام فتح لك باب الحلال على مصراعيه فتستطيع أن تتزوج امرأة أو اثنين أوثلاث أو أربع إن كنت مستطيعا وتعلم أنك لن تظلم أحدا منهن بعد أن عرفت ذلك كله فلعله يكون رادعا لك من أن تعود إلى مثل هذه الجريمة النكراء وتذكر كلما هممت بهذه الجريمة أن التى تفعل بها هذا الفعل أمك أو أختك أو زوجتك
وابنتك واعلم أن الزنا دين يعاقب به المرء فى الدنيا والآخرة
وفى هذا المعنى يقول الشاعر
إن الزنى دين فإن أديته كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
من بزن يزنى به ولو بجداره إن كنت ياهذا لبيبا فافهم
من يزن فى بيت بألفى درهم فى بيته يزنى بغير الدرهم
ياهاتكا ستر الرجال وقاطعا سبل المودةعشت غير مكرم
وأخيرا ندعوا الله لك أن يطهرقلبك ويحصن فرجك ويغفر ذنبك إنه ولى ذلك والقادر عليه
ــــــــــــــــــــ(41/75)
حكم مشاهدة الأفلام الجنسية
ما حكم مشاهدة الأفلام الجنسية في رمضان؟ ... السؤال
18/01/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الأفلام الجنسية هذه ليست مباحة لأنه يرى صورة امرأة أجنبية لا يحل له أن يراها بهذا الوضع، إنما الإثارة الناس عرفوا بالفطرة أنواعاً من الإثارة، الرجل يستطيع أن يثير امرأته بالكلام ويستطيع أن يثير امرأته باللمس، وتستطيع هي أن تستثيره بالعطر وتستطيع أن تثيره بالكلمة وتستطيع أن تثيره بالزي، كل هذا مباح لهما وليس في ذلك حرج، ولا ينبغي للمرأة أن تستحي من زوجها في هذا الأمر لأن الله سبحانه وتعالى أباح لكل منهما أن يستمتع بصاحبه، وهذا ما ذكرت من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها حين قالت "رحم الله نساء الأنصار لم يمنعهم الحياء أن يتفقهن في الدين" فكُنَّ يسألن في كل شيء.
وهكذا فإن مشاهدة الأفلام في الأصل محرم،وتعظم حرمته في رمضان وبناءعلى فتوى دار الإفتاء المصرية فإن أنزل من شاهدها وهو صائم بطل صيامه وعليه القضاء
والله أعلم
ــــــــــــــــــــ(41/76)
حكم النظر بشهوة
ما حكم النظر للصور الجنسية ؟ ... السؤال
17/01/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... مما حرمه الإسلام -في مجال الغريزة الجنسية- إطالة النظر من الرجل إلى المرأة ومن المرأة إلى الرجل. فإن العين مفتاح القلب، والنظر رسول الفتنة، وبريد الزنى. وقديما قال الشاعر:
ومعظم النار من مستصغر الشرر
كل الحوادث مبداها من النظر
وحديثا قال آخر:
فكلام فموعد فلقاء
نظرة فابتسامة فسلام
لهذا وجه الله أمره إلى المؤمنين والمؤمنات جميعا بالغض من الأبصار، مقترنا بأمره بحفظ الفروج: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم، إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن..) سورة النور:30-31.
وفي هاتين الآيتين عدة توجيهات إلهية منها توجيهان يشترك فيهما الرجال والنساء جميعا وهما الغض من البصر، وحفظ الفرج، والباقي موجه إلى النساء خاصة.
ويلاحظ أن الآيتين أمرتا بالغض من البصر لا بغض البصر، ولم تقل: "ويحفظوا من فروجهم" كما قالت (يغضوا من أبصارهم) فإن الفرج مأمور بحفظه جملة دون تسامح في شيء منه. أما البصر فقد سمح الله للناس بشيء منه رفعا للحرج، ورعاية للمصلحة كما سنرى.
فالغض من البصر ليس معناه إقفال العين عن النظر، ولا إطراق الرأس إلى الأرض، فليس هذا بمراد ولا مستطاع. كما أن الغض من الصوت في قوله تعالى: (واغضض من صوتك) سورة لقمان:19، ليس معناهإغلاق الشفتين عن الكلام، وإنما معنى الغض من البصر خفضه، وعدم إرساله طليق العنان يلتهم الغاديات والرائحات أو الغادين والرائحين. فإذا نظر إلى الجنس الآخر لم يغلغل النظر إلى محاسنه، ولم يطل الالتفات إليه والتحديق به.
ولهذا قال الرسول عليه السلام لعلي بن أبي طالب: "يا علي! لا تتبع النظرة النظرة؛ فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة".
وقد جعل النبي عليه السلام النظرات الجائعة الشرهة من أحد الجنسين إلى الآخر زنى للعين، فقال: "العينان تزنيان وزناهما النظر". وإنما سماه (زنى) لأنه ضرب من التلذذ والإشباع للغريزة الجنسية بغير الطريق المشروع.
ويطابق هذا ما جاء في الإنجيل عن المسيح عليه السلام: "لقد كان من قبلكم يقولون لا تزن وأنا أقول لكم: من نظر بعينه فقد زنى".
إن هذا النظر المتلذذ الجائع ليس خطرا على خلق العفاف فحسب، بل هو خطر على استقرار الفكر، وطمأنينة القلب الذي يصاب بالشرود والاضطراب.
قال الشاعر:
لقلبك يوما أتعبتك المناظر
وكنت إذا أرسلت طرفك رائدا
عليه ولا عن بعضه أنت صابر
رأيت الذي لا كله أنت قادر
ــــــــــــــــــــ(41/77)
حكم مصافحة النساء
ما هو حكم مصافحة الرجل للمرأة ؟وما مدى أثره على نقض الوضوء؟ ... السؤال
14/12/1999 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... لا أكتم الأخ السائل أن قضية مصافحة الرجل للمرأة التي يسأل عنها قضية شائكة، وتحقيق الحكم فيها بعيدًا عن التزمت والترخص يحتاج إلى جهد نفسي وفكري وعلمي، حتى يتحرر المفتي من ضغط الأفكار المستوردة، والأفكار المتوارثة جميعًا إذا لم يكن يسندها كتاب ولا سنة، وحتى يستطيع مناقشة الأدلة وموازنة الحجج، بعضها ببعض، لاستخلاص الرأي الأرجح والأدنى إلي الحق في نظر الفقيه، الذي يتوخى في بحثه إرضاء الله، لا موافقة أهواء الناس.
وقبل الدخول في البحث والمناقشة أود أن أخرج صورتين من مجال النزاع أعتقد أن حكمهما لا خلاف عليه بين متقدمي الفقهاء فيما أعلم :.
الأولي: تحريم المصافحة للمرأة إذا اقترنت بها الشهوة والتلذذ الجنسي من أحد الطرفين: الرجل أو المرأة، أو خيفت فتنة من وراء ذلك في غالب الظن، وذلك أن سد الذريعة إلى الفساد واجب، ولا سيما إذا لاحت علاماته، وتهيأت أسبابه.
ومما يؤكد هذا ما ذكره العلماء أن لمس الرجل لإحدى محارمه، أو خلوته بها وهي من قسم المباح في الأصل تنتقل إلى دائرة الحرمة إذا تحركت الشهوة، أو خيفت الفتنة (انظر: الاختيار لتعليل المختار في فقه الحنفية 155/4)، وخاصة مع مثل بنت الزوجة أو الحماة أو امرأة الأب، أو أخت الرضاع، اللائي ليس لهن في النفوس ما للأم أو البنت أو الأخت أو العمة أو الخالة أو نحوها.
الثانية : الترخيص في مصافحة المرأة العجوز التي لا تشتهى، ومثلها البنت الصغيرة التي لا تشتهى ؛ للأمن من أسباب الفتنة، وكذلك إذا كان المصافح شيخًا كبيرًا لا يشتَهي.
وذلك لما روي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه كان يصافح العجائز، وعبد الله بن الزبير استأجر عجوزًا تمرضه، فكانت تغمزه وتفلي رأسه. (المرجع السابق ص 156، 155).
ويدل لهذا ما ذكره القرآن في شأن القواعد من النساء، حيث رخص لهن في التخفف من بعض أنواع الملابس ما لم يرخص لغيرهن: (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحًا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم). (النور: 60).
ومثل ذلك استثناء غير أولي الإربة من الرجال، أي الذين لا أرب لهم في النساء، والأطفال الذين لم يظهر فيهم الشعور الجنسي لصغر سنهم من نهي المؤمنات عن إبداء الزينة: (أو التابعين غير أولي الإرْبَةِ من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء). (النور 31).
وما عدا هاتين الصورتين، فهو محل الكلام، وموضع البحث والحاجة إلى التمحيص والتحقيق.
فالذين يوجبون على المرأة أن تغطي جميع جسمها، حتى الوجه والكفين، ولا يجعلونهما من المستثنى المذكور في قوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) بل يجعلون ما ظهر منها الثياب الظاهرة، كالملاءة والعباءة ونحو ذلك، أو ما ظهر منها بحكم الضرورة، كأن ينكشف منها شيء عند هبوب ريح شديدة أو نحو ذلك.
هؤلاء، لا عجب أن تكون المصافحة عندهم حرامًا لأن الكفين إذا وجبت تغطيتهما كان النظر إليهما محرمًا، وإذا كان النظر محرمًا كان المس كذلك من باب أولى، لأن المس أغلظ من النظر، لأنه أقوى إثارة للشهوة، ولا مصافحة دون أن تمس البشرة البشرة.
ولكن من المعروف أن أصحاب هذا القول هم الأقلون، وجمهور الفقهاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، يجعلون المستثنى في قوله تعالى: (إلا ما ظهر منها) الوجه والكفين.
فما الدليل عندهم على تحريم المصافحة إذا لم تكن لشهوة ؟.
الحقيقة أنني بحثت عن دليل مقنع منصوص عليه، فلم أعثر على ما أنشده.
وأقوى ما يستدل به هنا، هو سد الذريعة إلى الفتنة، وهذا مقبول من غير شك عند تحرك الشهوة، أو خوف الفتنة بوجود أماراتها، ولكن عند الأمن من ذلك وهذا يتحقق في أحيان كثيرة ما وجه التحريم ؟.
ومن العلماء من استدل بترك النبي -صلى الله عليه وسلم- مصافحة النساء عندما بايعهن يوم الفتح بيعة النساء المشهورة، على ما جاء في سورة الممتحنة.
ولكن من المقرر أن ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمر من الأمور لا يدل بالضرورة على تحريمه.. فقد يتركه لأنه حرام، وقد يتركه لأنه مكروه، وقد يتركه لأنه خلاف الأولى، وقد يتركه لمجرد أنه لا يميل إليه، كتركه أكل الضب مع أنه مباح.
وإذن يكون مجرد ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- للمصافحة، لا يحمل دليلاً على حرمتها، ولابد من دليل آخر لمن يقول بها.
على أن ترك مصافحته، -صلى الله عليه وسلم- للنساء في المبايعة ليست موضع اتفاق، فقد جاء عن أم عطية الأنصارية -رضي الله عنها- ما يدل على المصافحة في البيعة، خلافًا لما صح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، حيث أنكرت ذلك وأقسمت على نفيه.
روى البخاري في صحيحه عن عائشة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية: يقول الله تعالى: (يأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يُبَايِعْنَك على أن لا يُشْرِكن بالله شيئًا ولا يَسْرِقن ولا يَزْنِينَ ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين بِبُهْتان يَفْترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يَعْصِينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم) (الممتحنة :12)، قالت عائشة: فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " قد بايعتك " كلامًا ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله: " قد بايعتك على ذلك " (رواه البخاري في كتاب التفسير من صحيحه ـسورة الممتحنة باب :(إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات).
قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) في شرح قول عائشة " ولا والله " إلخ: فيه القسم لتأكيد الخبر، وكأن عائشة أشارت بذلك إلى الرد على ما جاء عن أم عطية. فعند ابن حبان، والبزار، والطبري، وابن مردويه، من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن عن جدته أم عطية في قصة المبايعة، قالت: فمد يده من خارج البيت، ومددنا أيدينا من داخل البيت، ثم قال: " اللهم اشهد".
وكذا الحديث الذي بعده يعني بعد الحديث المذكور في البخاري حيث قالت فيه: (فقبضت امرأة يدها) (المصدر السابق، باب :(إذا جاءكم المؤمنات يبايعنك) فإنه يشعر بأنهن كن يبايعنه بأيديهن.
قال الحافظ: ويمكن الجواب عن الأول: بأن مد الأيدي من وراء الحجاب إشارة إلى وقوع المبايعة وإن لم تقع مصافحة.. وعن الثاني: بأن المراد بقبض اليد: التأخر عن القبول.. أو كانت المبايعة تقع بحائل، فقد روى أبو داود في المراسيل عن الشعبي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين بايع النساء أتى ببرد قطري فوضعه على يده، وقال: (لا أصافح النساء) وفي مغازي ابن إسحاق: أنه كان -صلى الله عليه وسلم- يغمس يده في إناء وتغمس المرأة يدها معه.
قال الحافظ: ويحتمل التعدد، يعني أن المبايعة وقعت أكثر من مرة، منها ما لم يمس يد امرأة قط لا بحائل ولا بغيره إنما يبايع بالكلام فقط، وهو ما أخبرت به عائشة.. ومنها ما صافح فيه النساء بحائل، وهو ما رواه الشعبي.
ومنها: الصورة التي ذكرها ابن إسحاق من الغمس في الإناء، والصورة التي يدل عليها كلام أم عطية من المصافحة المباشرة.
ومما يرجح احتمال التعدد: أن عائشة تتحدث عن بيعة المؤمنات المهاجرات بعد صلح الحديبية، أما أم عطية فتتحدث فيما يظهر عما هو أعم من ذلك وأشمل لبيعة النساء المؤمنات بصفة عامة، ومنهن أنصاريات كأم عطية راوية الحديث.. ولهذا ترجم البخاري لحديث عائشة تحت عنوان باب: (إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات) ولحديث أم عطية باب: (إذا جاءك المؤمنات يبايعنك).
والمقصود من نقل هذا كله: أن ما اعتمد عليه الكثيرون في تحريم المصافحة من ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- لها في بيعة النساء، ليس موضع اتفاق، كما قد يظن الذين لا يرجعون إلى المصادر الأصلية، بل فيه الخلاف الذي ذكرناه.
وقد استدل بعض العلماء المعاصرين على تحريم مصافحة المرأة بما أخرجه الطبراني والبيهقي عن معقل بن يسار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " لأن يطعن في رأس أحدكم بِمخْيَط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له "، قال المنذري في الترغيب: ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح.
والمخيط: آلة الخياطة كالإبرة والمسلة ونحوها.
ويلاحظ على الاستدلال بهذا الحديث ما يلي:.
1ـ أن أئمة الحديث لم يصرحوا بصحته، واكتفى مثل المنذري أو الهيثمي أن يقول: رجاله ثقات أو رجال الصحيح.. وهذه الكلمة وحدها لا تكفي لإثبات صحة الحديث لاحتمال أن يكون فيه انقطاع، أو علة خفية، ولهذا لم يخرجه أحد من أصحاب الدواوين المشهورة، كما لم يستدل به أحد من الفقهاء في الأزمنة الأولى على تحريم المصافحة ونحوه.
2 أن فقهاء الحنفية، وبعض فقهاء المالكية قالوا: إن التحريم لا يثبت إلا بدليل قطعي لا شبهة فيه، مثل القرآن الكريم والأحاديث المتواترة ومثلها المشهورة، فأما ما كان في ثبوته شبهة، فلا يفيد أكثر من الكراهة مثل أحاديث الآحاد الصحيحة.. فكيف بما يشك في صحته ؟!.
3ـ على فرض تسليمنا بصحة الحديث، وإمكان أخذ التحريم من مثله، أجد أن دلالة الحديث على الحكم المستدل عليه غير واضحة ؛ فكلمة " يمس امرأة لا تحل له " لا تعني مجرد لمس البشرة للبشرة، بدون شهوة، كما يحدث في المصافحة العادية.. بل كلمة " المس " حسب استعمالها في النصوص الشرعية من القرآن والسنة تعني أحد أمرين:.
1 ـ أنها كناية عن الصلة الجنسية " الجماع " كما جاء ذلك عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: (أو لامستم النساء) أنه قال: اللمس والملامسة والمس في القرآن كناية عن الجماع.. واستقراء الآيات التي جاء فيها المس يدل على ذلك بجلاء، كقوله تعالى على لسان مريم: (أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر) (آل عمران: 47).(وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن). (البقرة: 237).
وفي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدنو من نسائه من غير مسيس.
2ـ أنها تعني ما دون الجماع من القبلة والعناق والمباشرة ونحو ذلك مما هو مقدمات الجماع، وهذا ما جاء عن بعض السلف في تفسير الملامسة:.
قال الحاكم في كتاب " الطهارة " من " المستدرك على الصحيحين".
"قد اتفق البخاري ومسلم على إخراج أحاديث متفرقة في المسندين الصحيحين يستدل بها على أن اللمس ما دون الجماع.
أ - منها: حديث أبي هريرة: " فاليد زناها اللمس...".
ب - وحديث ابن عباس: " لعلك مسست ".
جـ - وحديث ابن مسعود: " وأقم الصلاة طرفي النهار... " (يشير إلى ما رواه الشيخان وغيرهما من حديث ابن مسعود، وفي بعض رواياته: أن رجلاً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذكر أنه أصاب من امرأة، إما قبلة أو مسًا بيده، أو شيئًا. كأنه يسأل عن كفارتها، فأنزل الله عز وجل.. يعني آية :(وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات) (هود: 114) رواه مسلم بهذا اللفظ في كتاب التوبة برقم 40).قال: وقد بقى عليهما أحاديث صحيحة في التفسير وغيره.. وذكر منها:.
د ـ عن عائشة قالت: " قَلَّ يوم، إلا وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطوف علينا جميعًا تعني نساءه فيقبل ويلمس ما دون الوقاع، فإذا جاء إلى التي هي يومها ثبت عندها".
هـ وعن عبد الله بن مسعود قال: (أو لامستم النساء) هو مادون الجماع وفيه الوضوء".
و ـ وعن عمر قال: " إن القبلة من اللمس فتوضأ منها ". (انظر المستدرك 135/1).
ومن هنا كان مذهب مالك، وظاهر مذهب أحمد: أن لمس المرأة الذي ينقض الوضوء هو ما كان بشهوة، وبه فسروا قوله تعالى: (أو لامستم النساء) وفي القراءة الأخرى: (أو لامستم النساء.).
ولهذا ضعف شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاويه قول من فسروا الملامسة أو اللمس في الآية بمجرد مس البشرة البشرة ولو بلا شهوة.
ومما قاله في ذلك:.
(فأما تعليق النقض بمجرد اللمس، فهذا خلاف الأصول، وخلاف إجماع الصحابة وخلاف الآثار، وليس مع قائله نص ولا قياس.
فإن كان اللمس في قوله تعالى: (أو لامستم النساء) إذا أريد به اللمس باليد والقبلة ونحو ذلك كما قاله ابن عمر وغيره فقد علم أنه حيث ذكر ذلك في الكتاب والسنة، فإنما يراد به ما كان لشهوة، مثل قوله في آية الاعتكاف :(ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) ومباشرة المعتكف لغير شهوة لا تحرم عليه، بخلاف المباشرة لشهوة.
وكذلك قوله: (ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) وقوله: (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن)، فإنه لو مسها مسيسًا خاليًا من غير شهوة لم يجب به عدة، ولا يستقر به مهر، ولا تنتشر به حرمة المصاهرة باتفاق العلماء.
فمن زعم أن قوله: (أو لامستم النساء) يتناول اللمس وإن لم يكن لشهوة فقد خرج عن اللغة التي جاء بها القرآن، بل وعن لغة الناس في عرفهم، فإنه إذا ذكر المس الذي يقرن فيه بين الرجل والمرأة علم أنه مس الشهوة، كما أنه إذا ذكر الوطء المقرون بين الرجل والمرأة، علم أنه الوطء بالفرج لا بالقدم).ا.هـ (انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ط الرياض 223/21، 224).
وذكر ابن تيمية في موضع آخر: أن الصحابة تنازعوا في قوله تعالى: (أو لامستم النساء) فكان ابن عباس وطائفة يقولون: الجماع، ويقولون: الله حيي كريم، يُكَنِّي بما شاء عما شاء.
قال: وهذا أصح القولين.
وقد تنازع العرب والموالي في معنى اللمس: هل المراد به الجماع أو ما دونه ؟ فقالت العرب: هو الجماع، وقالت الموالي: هو ما دونه، وتحاكموا إلى ابن عباس فصوب العرب، وخطأ الموالي. (انظر المرجع السابق).
والمقصود من نقل هذا الكلام كله أن نعلم أن كلمة " المس " أو " اللمس " حين تستعمل من الرجل للمرأة، لا يراد بها مجرد وضع البشرة على البشرة، بل المراد بها إما الجماع، وإما مقدماته من التقبيل والعناق، ونحو ذلك من كل مس تصحبه الشهوة والتلذذ.
على أننا لو نظرنا في صحيح المنقول عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لوجدنا ما يدل على أن مجرد لمس اليد لليد بين الرجل والمرأة بلا شهوة ولا خشية فتنة، غير ممنوع في نفسه، بل قد فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- والأصل في فعله أنه للتشريع والاقتداء :(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة). (الأحزاب :21).
فقد روى البخاري في كتاب " الأدب " من صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "إن كانت الأمة من إماء أهل المدينة، لتأخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتنطلق به حيث شاءت".
وفي رواية للإمام أحمد عن أنس أيضًا قال:.
"إن كانت الوليدة يعني الأمة من ولائد أهل المدينة لتجيء، فتأخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت". وأخرجه ابن ماجة أيضًا.
قال الحافظ في الفتح: (والمقصود من الأخذ باليد لازمه، وهو الرفق والانقياد، وقد اشتمل على أنواع من المبالغة في التواضع، لذكره المرأة دون الرجل، والأمة دون الحرة، وحيث عمم بلفظ " الإماء " أي أمة كانت، وبقوله " حيث شاءت " أي مكان من الأمكنة، والتعبير بالأخذ باليد إشارة إلى غاية التصرف حتى لو كانت حاجتها خارج المدينة، والتمست منه مساعدتها في تلك الحاجة لساعد على ذلك.
وهذا دليل على مزيد تواضعه وبراءته من جميع أنواع الكبر -صلى الله عليه وسلم-). (فتح الباري جـ 13).
وما ذكره الحافظ -رحمه الله- مسلم في جملته، ولكن صرفه معنى الأخذ باليد عن ظاهره إلى لازمه وهو الرفق والانقياد غير مسلم ؛ لأن الظاهر واللازم مرادان معًا.. والأصل في الكلام أن يحمل على ظاهره، إلا أن يوجد دليل أو قرينة معينة تصرفه عن هذا الظاهر، ولا أرى هنا ما يمنع ذلك.. بل إن رواية الإمام أحمد، وفيها: " فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت "، لتدل بوضوح على أن الظاهر هو المراد، وأن من التكلف والاعتساف الخروج عنه.
وأكثر من ذلك وأبلغ ما جاء في الصحيحين والسنن عن أنس أيضًا " أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال من القيلولة عند خالته خالة أنس أم حرام بنت ملحان زوج عبادة بن الصامت، ونام عندها، واضعًا رأسه في حجرها وجعلت تفلي رأسه... "إلخ ما جاء في الحديث.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن حجر في بيان ما يؤخذ من الحديث، قال: (وفيه جواز قائلة الضيف في غير بيته بشرطه كالإذن وأمن الفتنة..، وجواز خدمة المرأة الأجنبية للضيف بإطعامه والتمهيد له ونحو ذلك.
وفيه خدمة المرأة الضيف بتفلية رأسه وقد أشكل هذا على جماعة، فقال ابن عبد البر: أظن أن أم حرام أرضعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو أختها أم سليم، فصارت كل منهما أمه أو خالته من الرضاعة، فلذلك كان ينام عندها، وتنال منه ما يجوز للمحرم أن يناله من محارمه.. ثم ساق بسنده ما يدل على أن أم حرام كانت منه ذات محرم من قبل خالاته، لأن أم عبد المطلب جده كانت من بني النجار... إلخ.
وقال غيره: بل كان النبي -صلى الله عليه وسلم- معصومًا، يملك إربه عن زوجته فكيف عن غيرها مما هو المنزه عنه ؟ وهو المبرأ عن كل فعل قبيح، وقول رفث، فيكون ذلك من خصائصه.
ورد ذلك القاضي عياض بأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال، وثبوت العصمة مسلم لكن الأصل عدم الخصوصية، وجواز الاقتداء به في أفعاله، حتى يقوم على الخصوصية دليل.
وبالغ الحافظ الدمياطي في الرد على من قال بالاحتمال الأول، وهو ادعاء المحرمية، فقال:.
ذهل كل من زعم أن أم حرام إحدى خالات النبي -صلى الله عليه وسلم- من الرضاعة أو من النسب، واللاتي أرضعنه معلومات، ليس فيهن أحد من الأنصار ألبتة، سوى أم عبد المطلب، وهي سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خراش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، وأم حرام هي بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر المذكور.. فلا تجتمع أم حرام وسلمى إلا في عامر بن غنم جدهما الأعلى.. وهذه خئولة لا تثبت بها محرمية، لأنها خئولة مجازية، وهي كقوله -صلى الله عليه وسلم- لسعد بن أبي وقاص :(هذا خالي)، لكونه من بني زهرة، وهم أقارب أمه آمنة، وليس سعد أخًا لآمنة، لا من النسب، ولا من الرضاعة، ثم قال: وإذا تقرر هذا فقد ثبت في الصحيح: أنه -صلى الله عليه وسلم- كان لا يدخل على أحد من النساء إلا على أزواجه، إلا على أم سليم، فقيل له أي سئل في ذلك فقال: "أرحمها، قتل أخوها معي ".يعني حرام بن ملحان.. وكان قد قتل يوم بئر معونة.
وإذا كان هذا الحديث قد خص أم سليم بالاستثناء، فمثلها أم حرام المذكورة هنا.. فهما أختان وكانتا في دار واحدة، كل واحدة منهما في بيت من تلك الدار، وحرام بن ملحان أخوهما معًا، فالعلة مشتركة فيهما كما ذكر الحافظ ابن حجر.
وقد انضاف إلى العلة المذكورة أن أم سليم هي أم أنس خادم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد جرت العادة بمخالطة المخدوم خادمه، وأهل خادمه، ورفع الحشمة التي تقع بين الأجانب عنهم.
ثم قال الدمياطي: على أنه ليس في الحديث ما يدل على الخلوة بأم حرام، ولعل ذلك كان مع ولد، أو خادم، أو زوج، أو تابع.
قال ابن حجر: وهو احتمال قوي، لكنه لا يدفع الإشكال من أصله، لبقاء الملامسة في تفلية الرأس، وكذا النوم في الحجر.
قال الحافظ: وأحسن الأجوبة دعوى الخصوصية، ولا يردها كونها لا تثبت إلا بدليل لأن الدليل على ذلك واضح). (انظر: فتح الباري 230/13 ،231 بتصرف).
ولا أدري أين هذا الدليل، غامضًا كان أو واضحًا ؟.
والذي يطمئن إليه القلب من هذه الروايات أن مجرد الملامسة ليس حرامًا.. فإذا وجدت أسباب الخلطة كما كان بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وأم حرام وأم سليم، وأمنت الفتنة من الجانبين، فلا بأس بالمصافحة عند الحاجة كمثل القادم من سفر، والقريب إذا زار قريبة له أو زارته، من غير محارمه، كابنة الخال، أو ابنة الخالة، أو ابنة العم، أو ابنة العمة أو امرأة العم، أو امرأة الخال أو نحو ذلك، وخصوصًا إذا كان اللقاء بعد طول غياب.
والذي أحب أن أؤكده في ختام هذا البحث أمران:.
الأول: أن المصافحة إنما تجوز عند عدم الشهوة، وأمن الفتنة، فإذا خيفت الفتنة على أحد الطرفين، أو وجدت الشهوة والتلذذ من أحدهما حرمت المصافحة بلا شك.
بل لو فقد هذان الشرطان عدم الشهوة وأمن الفتنة بين الرجل ومحارمه مثل خالته، أو عمته، أو أخته من الرضاع، أو بنت امرأته، أو زوجة أبيه، أو أم امرأته، أو غير ذلك، لكانت المصافحة حينئذ حرامًا
بل لو فقد الشرطان بين الرجل وبين صبي أمرد، حرمت مصافحته أيضًا.. وربما كان في بعض البيئات، ولدى بعض الناس، أشد خطرًا من الأنثى.
الثاني: ينبغي الاقتصار في المصافحة على موضع الحاجة، مثل ما جاء في السؤال كالأقارب والأصهار الذين بينهم خلطة وصلة قوية، ولا يحسن التوسع في ذلك، سدًا للذريعة، وبعدًا عن الشبهة، وأخذًا بالأحوط، واقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، الذي لم يثبت عنه أنه صافح امرأة أجنبية قط . وأفضل للمسلم المتدين، والمسلمة المتدينة ألا يبدأ أحدهما بالمصافحة، ولكن إذا صوفح صافح.
وإنما قررنا الحكم ليعمل به من يحتاج إليه دون أن يشعر أنه فرط في دينه، ولا ينكر عليه من رآه يفعل ذلك ما دام أمرًا قابلاً للاجتهاد... والله أعلم.
ــــــــــــــــــــ(41/78)
حكم النظر إلى المرأة السافرة فى التليفزيون
ما حكم النظر إلى المرأة السافرة فى التليفزيون؟
08/12/1999 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
لقد تكلمت عن حكم "التليفزيون" قبل ذلك: هل هو حلال أم حرام؟ وذلك في أول حلقة قدمتها للمشاهدين في برنامج "هدي الإسلام" من "تليفزيون" قطر. وقلت في ذلك:
إن "التليفزيون" كالراديو وكالصحيفة وكالمجلة، كل هذه الأشياء أدوات ووسائل لغايات ومقاصد، لا تستطيع أن تقول: هي خير، ولا تستطيع أن تقول: هي شر. كما لا تسطيع أن تقول: إنها حلال أو إنها حرام ولكنها بحسب ما توجه إليه ... وبحسب ما تتضمنه من برامج ومن أشياء ... كالسيف، فهو في يد المجاهد أداة من أدوات الجهاد، وهو في يد قاطع الطريق أداة من أدوات الإجرام ... فالشيء بحسب استعماله. والوسائل دائمًا بحسب مقاصدها.
ممكن أن يكون "التليفزيون" من أعظم أدوات البناء والتعمير الفكري والروحي، والنفسي والأخلاقي والاجتماعي. و "الراديو" و "الصحيفة" كذلك.
وممكن أيضًا أن يكون من أعظم أدوات التخريب والإفساد، فهذا راجع إلى نوعية ما يتضمنه من مناهج وبرامج ومؤثرات.
الذي أستطيع أن أقوله: إن هذه الأشياء فيها الخير، وفيها الشر، وفيها الحلال وفيها الحرام. والذي قلته من أول الأمر: إن المسلم يستطيع أن يكون فقيه نفسه في هذه الأمور، فيفتح "الراديو" أو "التليفزيون" عندما يكون هناك خير، ويغلقه عندما يكون هناك شر، يسمع ويشاهد الأخبار والبرامج الثقافية، والبرامج الدينية والتعليمية والترفيهية المقبولة ، ويرى الأولاد الرسوم المتحركة والأشياء التي تسلي الأطفال.. أو تعلمهم ما ينفع.
وهناك بعض الأشياء لا تجوز رؤيتها. مثل كثير من "الأفلام". الأفلام العربية -للأسف- فإن معظم هذه الأفلام مدمر "مخرب" مفسد .. جل مضمونها أن كل بنت لابد أن يكون لها صاحب، لا بد أن تحب وتعشق، وبالتالي لا بد أن تكذب على أهلها، وتتعلم كيف تتسلل من البيت، وتتخلص بالكلام المعسول وبالقصص المفتراه، وبكذا وبكذا ..أفلام هي مدرسة لتعليم هذه الرذائل. ومعظم الأفلام -والحق يقال- لا تعنى إلا بهذه الناحية .. لا تخلو من مواقف الإغراء الجنسي، ومن شرب الخمر، ومن الرقص الخليع، ويقولون: إن الرقص أصبح في دنيانا ثقافة، وفنًا رفيعًا. الفتاة التي لا تتعلم الرقص لا تكون عصرية وهل حرام أن يجلس الشاب مع الفتاة ويكلمها وتكلمه ويعقدا صداقة بريئة؟.
هذا هو الذي جعل بعض المتدينين الحريصين على دينهم، المشفقين على أخلاق أبنائهم وبناتهم، يقاومون دخول هذه الأدوات إلى بيوتهم، لأن شرها أكثر من خيرها، وإثمها أكبر من نفعها، وما كان كذلك فهو حرام، ولا سيما أن هذه الوسائل شديدة التأثير على الأنفس والعقول، سريعة التسلل إلى الأفكار والعواطف، فضلا عما فيها من سرقة الأوقات والإلهاء عن الواجبات.
ولا شك أن هذا هو ما يقتضيه الاحتياط، عند غلبة الشر والفساد، ولكن البلوى عمت بهذه الأشياء، ولم يعد في مقدور أكثر الناس الاستغناء عنها، وخصوصًا أنها تتضمن جوانب إيجابية نافعة، ولهذا كان الأيسر على الناس، والأليق بالواقع، هو ما قلته من وجوب الحرص على الانتفاع بالخير، وترك الشر الخالص أو الغالب من "الأفلام الرديئة والتمثيليات وما في معناها".
فمثل هذا يمكن أن يتخلص الإنسان منه بإغلاق الراديو أو "التليفزيون" والصحيفة أيضًا إذا عرضت صورًا خليعة يمتنع عنها، أو مقالات سيئة يتجنب قراءتها.. وهكذا. فالإنسان مفتي نفسه..وبمقدوره أن يسد باب الفساد عن نفسه، وإذا كان لا يملك نفسه أو أسرته فالأولى ألا يدخل هذه الأدوات والأجهزة إلى منزله، سدًا للذريعة.
هذا هو رأيي في هذه الأمور، والله تعالى الهادي والموفق إلى سواء السبيل.
وتبقى في هذه الناحية المسئولية الكبرى على الدولة بصفة عامة، وعلى المسئولين عن هذه الأجهزة الإعلامية بصفة خاصة، فإن الله سائلهم عن كل ما تحمله هذه الأدوات للناس، فليحضروا للسؤال من الآن جوابًا ...
هذا عن حكم مشاهدة التلفاز أما عن حكم النظر فيقول فضيلته
النظر إلى الجنس الآخر بشهوة
ومما حرمه الإسلام -في مجال الغريزة الجنسية- إطالة النظر من الرجل إلى المرأة ومن المرأة إلى الرجل. فإن العين مفتاح القلب، والنظر رسول الفتنة، وبريد الزنى. وقديما قال الشاعر:
ومعظم النار من مستصغر الشرر
كل الحوادث مبداها من النظر
حديثا قال آخر:
فكلام فموعد فلقاء
نظرة فابتسامة فسلام
لهذا وجه الله أمره إلى المؤمنين والمؤمنات جميعا بالغض من الأبصار، مقترنا بأمره بحفظ الفروج: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم، إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن..) سورة النور:30-31.
وفي هاتين الآيتين عدة توجيهات إلهية منها توجيهان يشترك فيهما الرجال والنساء جميعا وهما الغض من البصر، وحفظ الفرج، والباقي موجه إلى النساء خاصة.
ويلاحظ أن الآيتين أمرتا بالغض من البصر لا بغض البصر، ولم تقل: "ويحفظوا من فروجهم" كما قالت (يغضوا من أبصارهم) فإن الفرج مأمور بحفظه جملة دون تسامح في شيء منه. أما البصر فقد سمح الله للناس بشيء منه رفعا للحرج، ورعاية للمصلحة كما سنرى.
فالغض من البصر ليس معناه إقفال العين عن النظر، ولا إطراق الرأس إلى الأرض، فليس هذا بمراد ولا مستطاع. كما أن الغض من الصوت في قوله تعالى: (واغضض من صوتك) سورة لقمان:19، ليس معناه إغلاق الشفتين عن الكلام، وإنما معنى الغض من البصر خفضه، وعدم إ رساله طليق العنان يلتهم الغاديات والرائحات أو الغادين والرائحين. فإذا نظر إلى الجنس الآخر لم يغلغل النظر إلى محاسنه، ولم يطل الالتفات إليه والتحديق به.
ولهذا قال الرسول عليه السلام لعلي بن أبي طالب: "يا علي! لا تتبع النظرة النظرة؛ فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة".
وقد جعل النبي عليه السلام النظرات الجائعة الشرهة من أحد الجنسين إلى الآخر زنى للعين، فقال: "العينان تزنيان وزناهما النظر". وإنما سماه (زنى) لأنه ضرب من التلذذ والإشباع للغريزة الجنسية بغير الطريق المشروع.
ويطابق هذا ما جاء في الإنجيل عن المسيح عليه السلام: "لقد كان من قبلكم يقولون لا تزن وأنا أقول لكم: من نظر بعينه فقد زنى".
إن هذا النظر المتلذذ الجائع ليس خطرا على خلق العفاف فحسب، بل هو خطر على استقرار الفكر، وطمأنينة القلب الذي يصاب بالشرود والاضطراب.
قال الشاعر:
لقلبك يوما أتعبتك المناظر وكنت إذا أرسلت طرفك رائدا
عليه ولا عن بعضه أنت صابر رأيت الذي لا كله أنت قادر
تحريم النظر إلى العورات
ومما يجب غض البصر عنه العورات، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النظر إلى العورات، ولو كان من رجل إلى رجل، أو من امرأة إلى امرأة بشهوة أم بغير شهوة، قال: "لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد، ولا المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد".
وعورة الرجل التي لا يجوز النظر إليها من رجل أو امرأة تتحدد فيما بين السرة والركبة، كما ورد في الحديث. ويرى بعض الأئمة كابن حزم وبعض المالكية أن الفخذ ليس بعورة.
وعورة المرأة بالنسبة للرجل الأجنبي عنها هي جميع بدنها ما عدا وجهها وكفيها، أما عورتها بالنسبة لمن كان ذا محرم منها كأبيها وأخيها فسيأتي الحديث عنها عند الكلام على إبداء الزينة.
وما لا يجوز النظر إليه من العورات لا يجوز أن يمس باليد أو بجزء من البدن. وكل ما ذكرنا تحريمه من العورات -نظرا أو لمسا- مشروط بعدم الضرورة أو الحاجة، فإذا وجدت كما في حالة الإسعاف أو العلاج فقد زالت الحرمة. وكل ما ذكرنا من جواز النظر مشروط بأمن الفتنة والشهوة، فإن وجدت فقد زالت الإباحة سدا للذريعة.
حدود إباحة النظر إلى الرجل أو المرأة
ومما ذكرنا يتبين أن نظر المرأة إلى ما ليس بعورة من الرجل -أي ما فوق السرة وتحت الركبة- مباح ما لم تصحبه شهوة أو تخف منه فتنة وقد أذن الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة أن تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون بحرابهم في المسجد النبوي، وظلت تنظر إليهم حتى سئمت هي فانصرفت.
ومثل هذا نظر الرجل إلى ما ليس بعورة من المرأة -أي إلى وجهها وكفيها- فهو مباح ما لم تصحبه شهوة أو تخف منه فتنة.
فعن عائشة أن أسماء بنت أبي بكر -أختها- دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في لباس رقيق يشف عن جسمها، فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنها وقال: "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا" -وأشار إلى وجهه وكفيه-.
وفي الحديث ضعف ولكن تقويه أحاديث صحاح في إباحة رؤية الوجه والكفين عند أمن الفتنة.
وخلاصة القول: أن النظرة البريئة إلى غير عورة من الرجل أو المرأة حلال ما لم تتخذ صفة التكرار والتحديق الذي يصحبه -غالبا- التلذذ وخوف الفتنة.
ومن سماحة الإسلام أنه عفا عن النظرة الخاطفة، التي تقع من الإنسان فجأة حين يرى ما لا تباح له رؤيته، فعن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة فقال: "اصرف بصرك" يعني: لا تعاود النظر مرة ثانية.
ــــــــــــــــــــ(41/79)
حكم العدسات اللاصقة
ما حكم العدسات اللاصقة الملونة بنية التغيير وليس خداع الآخرين
؟ ... السؤال
06/12/1999 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... أول ما سمعناه عن العدسات اللاصقة أنها بدل العدسات الموجودة في المنظار (النظارة) يستغني بها عن الإطارات "الشنابر" التي تؤثر على بعض مواضع في الوجه، وقد تقع أو تضيع فتكون الحيرة عند من يعتادها.
وفي أول استعمال العدسات اللاصقة كانت تحتاج إلى إجراءات في تركيبها وقد تحدث مضايقات للعين كجسم غريب ليس من جنسها، وحاول المختصون تسهيل هذه الإجراءات والتقليل من المضايقات وكان استعمالها أولاً لإصلاح النظر الطويل أو القصير، ولم يعلق عليها الناس بمدح ولا ذم كما لا يعلقون على "النظارة العادية".
ولكن جاء التعليق عليها عندما روعي فيها ناحية الجمال فاختيرت لها ألوان لتبدو العين في شكل جذاب يلفت النظر ويزيد من عدد المعجبين بالعيون الخضراء التي لا يفرق الناظر إليها بين ما هو طبيعي وبين ما هو صناعي، فما هو موقف الدين من الإقبال على هذه العدسات اللاصقة ذات الألوان الجذابة؟
اعتقد أن الجنس الخشن إذا استعمل العدسات اللاصقة إنما يستعملها لإصلاح نظره، وهو استعمال طبي يعالج به -كما قلت- قصر النظر أو طوله، وهذا أمر مستساغ ومشروع، مثله مثل "النظارة العادية" وكذلك الجنس الثاني إذا استعملها طبيا فلا غبار عليها شرعًا وعرفا.
ولكن إذا استعملت للزينة ولفت الأنظار، فإن لهذا القصد دخلا في تكييف الحكم عليها، مثلها مثل النظارات العادية قد تختار لها "شنابر" غالية وترصع ببعض الفصوص البراقة مع سلك ذهبي أو من معدن ثمين، وقد يكون أكثر من ذلك مما يتفنن فيه ذوو الخبرة الفاهمون لطبيعة الإنسان في علاقته بالمجتمع.
فإذا كان القصد مباهاة وفخرًا، أو جذبًا لأنظار الجنس الآخر كان ذلك ممنوعًا شرعًا دون خلاف في ذلك، والعدسات اللاصقة التي يختار لها اللون الأخضر تحرص عليها الفتيات بالذات، وهنا يدخل عامل النية والقصد في الحكم، فإن كانت النية الفتنة والإغراء، أو كانت النية التدليس والتغرير فلا شك في حرمتها، مثلها في ذلك الأصباغ التي تلون بها وجهها والأهداب الصناعية والأظافر الملونة والعطور النفاذة وما يماثل ذلك.
والإسلام قد نهي عن التدليس والتغرير الذي يخفي الحقيقة ويخدع الناظر. ففي الحديث "من غشنا فليس منا" ونهى المرأة بالذات عن أن تبدي مفاتنها بأية صورة من الصور، وذلك لغير زوجها، مع التحفظ فيها لأقاربها ومحارمها، كما نهاها عن الخضوع بالقول الذي يوقظ الغرائز ويلهب المشاعر(فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) [سورة الأحزاب:32] ونهاها عن التعطر ليعجب بها من تمر عليهم، والحديث يقول في ذلك "أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية" رواه أبو داود والترمذي وقال الترمذي: حسن صحيح وانظروا إلى كلمة "ليجدوا ريحها" لنعرف أن مناط الحكم في التعطر أمام الأجانب هو قصد الإعجاب بها بشد أنوفهم إليها وبالتالي شد ما تريده من سوء، والقرآن الكريم قد ذكر المنطلق الذي تحرم به كل المغريات وهو قصد إبراز ما خفي من زينتها إلى جانب ما ظهر منها، فقال:(ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) [سورة النور:31].
يتلخص من كل ذلك أن الإسلام يريد أن ينظم العلاقة بين الجنسين، ويجعلها في حَيّزٍ ينتج الخير والمصلحة للطرفين، فالغريزة الجنسية من أقوى الغرائز -إن لم تكن أقواها- تأثيرًا على سلوك الإنسان، والعدسات اللاصقة الملونة ومثلها كل زينة مثل النظارات العادية أو في غيرها، إن أريد بها العلاج فقط فلا ضرر فيها، وإن أريد بها الإغراء والفتنة أو التدليس والتغرير فهي محرمة، وإذا كانت المرأة تحرص عليها حرصها على كل زينة لافتة للنظر فإن الرجل لا يليق به أن يهبط إلى هذا المستوى، فالله قد لعن تشبه أحد الجنسين فيما هو من خصائص الجنس الآخر، وأقول للجنسين: نحن الآن في وضع اقتصادي واجتماعي يدعونا إلى الجد والانصراف إلى العمل المنتج ووضع كل شيء في موضعه اللائق به، والضرورات الملحة تشجب إهمالها وتشجب الانصراف عنها إلى العبث والإغراق في المتع والكماليات.
ــــــــــــــــــــ(41/80)
التحدث بين الجنسين عبر الإنترنت
س- ما حكم العلاقات الجنسية عبر الإنترنت مثل التعارف والمراسلات والشات؟
وما حكم الكذب فيها كذكر بيانات غير صحيحة عن السن أو الجنس؟ وهل الحكم يختلف حسب طبيعة المجتمع أو البيئة؟
... السؤال
... ... الحل ...
...
... نهى الله سبحانه عن اللغو وجعل من صفات المؤمنين الابتعاد عنه وقال: "قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون"، وكل هذا من اللغو المنهي عنه، والذي يُعَدُّ التنزه عنه من صفات المؤمنين. والله أعلم
ــــــــــــــــــــ(41/81)
التربية الجنسية للمراهقين
2004/04/07
...
د.عمرو أبو خليل
الثقافة الجنسية يمكن تقديمها في اطار جذاب
يمثل النمو الجنسي أحد المحاور الهامة لثورة النمو التي تحدث في سن المراهقة.. هذه السن التي تمثل الجسر الذي يعبر عليه الأبناء والبنات من عالم الطفولة إلى عالم الشباب الذي يصاحبه تغيرات نفسية وعاطفية وعقلية واجتماعية يكون لها أعظم الأثر في حياة الفرد المستقبلية.. ولكننا في هذا المقال سنتحدث عن مسألة أخرى.. وهي إعداد الطفل النفسي لاستقبال هذه التغيرات التي تصاحب المراهقة، وهي العملية التي نسميها إجمالا "التربية الجنسية للمراهق"، وهناك إعداد عام للمراهق سواء كان ولدًا أو بنتًا، ثم هناك إعداد خاص لكل جنس على حدة.
ويقصد بالبلوغ بلوغ سن الحلم أو الاحتلام عند الذكور، وحدوث الدورة الشهرية عند الإناث.. ويختلف سن البلوغ من بيئة لأخرى؛ بحيث يبلغ أبناء القرية والبدو قبل أبناء المدينة، وتبلغ الإناث قبل الذكور.. ومتوسط سن البلوغ عند الإناث يكون بين 11 و14 سنة، وعند الذكور بين 12 و15 سنة. ويقسم الأمر إلى ثلاث مراحل:
أولا: مرحلة ما قبل البلوغ
ثانيا: مرحلة البلوغ
ثالثا: مرحلة ما بعد البلوغ
ما قبل البلوغ
تبدأ هذه المرحلة أو تتحدد ببداية ظهور ما يسمى بالصفات الجنسية الثانوية، وهي التي تسبق حدوث البلوغ الفعلي؛ وهو ما يثير التساؤل لدى الطفل أو الطفلة، وتكون الفرصة التي يدخل منها الآباء والأمهات إلى أطفالهم بصورة طبيعية للحديث حول هذه التغيرات الجسمية ودلالاتها وأثرها على حياة الطفل في المستقبل.
1. بالنسبة للذكور:
ففي الذكور تتغير نبرة الصوت؛ فيصبح أكثر خشونة، ويبدأ ظهور الشارب، ويبدأ ظهور الشعر تحت الإبطين وحول العانة.
وهنا يقوم الأب أو من يقوم مقامه في حالة غيابه بشرح طبيعة هذه المرحلة للابن، ويمكن أن تقوم الأم بذلك بلا حرج، فعلى الأب والأم أن يدركا خطورة المصادر الخارجية في الحصول على المعلومة والتي قد تكون مغلوطة أو مخلوطة بالممارسات السيئة والشاذة؛ سواء كانت كتبًا ليس عليها رقابة، أو زملاء ليس لديهم الخبرة فيما يقال أو لا يقال.
يبدأ الأمر في صورة حوار لطيف يلفت فيه الأب نظر الابن إلى شاربه أو خشونة صوته.. فيبادره بالقول: "لقد كبرت يا فلان".. هاهو شاربك يحاول أن يجد له مكانًا للظهور.. أتدري ماذا يعني ظهور الشارب أو خشونة الصوت؟ إنك مقدم على مرحلة جديدة في حياتك.. نعم لقد كنت كبيرًا فيما مضى، ولكنك الآن رسميًا تبدأ مرحة جديدة.. هي مرحلة البلوغ.. هل تعرف ماذا تعني؟ إن الأمر أخطر من مجرد شارب أو خشونة صوت.. إنك تتحول إلى رجل.
ويبدأ في شرح أسباب حدوث هذه التغيرات وطبيعتها بصورة علمية تمامًا؛ فيتحدث عن هرمون التسترون Testosterone Hormone، وكيف أن إفرازه يبدأ في الزيادة لإحداث هذه التغييرات استعدادا لنضوج أعضائه التناسلية من أجل النضج الجنسي كرجل من الناحية البيولوجية.. وأن هذه التغيرات هي الخاصة بالمهمة التي أرادها الله للإنسان وهي عمارة الأرض.. فلا بد من وجود هذا التواصل الجنسي الذي تكون بدايته هو هذا الحدث في حياة الإنسان.. وأن بداية التكليف الإلهي للإنسان ومحاسبته تبدأ من لحظة دخوله عالم الرجال؛ فمثلما أظهر هذا النضوج الجنسي دخوله عالم الرجال فإنه يعلن أيضًا دخوله عالم المسئولية؛ فهكذا لكل أمر: فائدة وجائزة يحصل عليها.. وثمن يدفعه.
ويتم شرح مبسط لما يحدث من تغيرات ستؤدي إلى حدوث الاحتلام، ولا مانع من وجود رسم مبسط لتشريح الجهاز التناسلي للذكر يبين ما يحدث من تغيرات، خاصة إنتاج الحيوانات المنوية التي تأخذ مسارها للخروج عند بلوغ الإنسان وحدوث الاحتلام، وكيف أنه إعلان عن إتمام هذا النضج الذي يكتمل بالتدرج، وكيف أنه سيصاحب هذه التغيرات الجنسية والجسمية تغيرات في المشاعر نحو الآخرين خاصة الجنس الآخر. وأن الله قد خلق هذا الميل الفطري بين الجنسين حتى يحدث الاقتراب والارتباط بينهما ولكن في الوقت المناسب والمكان المناسب، وأن الزواج هو الصورة الشرعية لهذا الارتباط، وأن هذا الميل لا يعني الحب؛ لأن الحب مشاعر تنتج بين طرفين متكافئين في ظرف يسمح لهما بترجمة هذا الحب إلى ارتباط شرعي.. وأنه ليس كل ميل للطرف يكون حبًا ولكنه الرغبة في إثبات الذات وتقليد الكبار؛ لذا أمر الله بغض البصر عن الجنس الآخر حتى يمنع تطوير هذا الميل الفطري الطبيعي إلى حب أو عاطفة غير محسوبة في وقت غير مناسب؛ مما يؤدي إلى حدوث مشاكل لا داعي لها.
2. بالنسبة للإناث:
في البنات يصبح الصوت أكثر نعومة.. ويبدأ بروز الصدر مع بداية التوزيع الأنثوي للدهون؛ حيث تزيد في منطقة الأرداف، ويظهر الشعر أيضًا تحت الإبطين وحول العانة.
ويفضل أن تتحدث الأم أو من يقوم مقامها مثل الخالة أو العمة إلى البنت.. وقد تكون المناسبة أيضًا هي بداية ظهور الصفات الثانوية، وتعليق الأم عليها بلطف، وقد يكون هناك تساؤل من البنت حول سبب إفطار الأم في رمضان أو عدم صلاتها في بعض الأيام؛ حيث تشرح الأم بصورة علمية سبب حدوث هذه التغيرات الجسمية وهرمونات الأنوثة: الأستروجين والبروجسترون ودورها في ذلك، ثم شرح مبسط قد نستعين فيه برسم تخطيطي للجهاز التناسلي للأنثى يشرح كيفية حدوث التبويض، ورحلة البويضة، والتغيرات التي تحصل في الرحم، وانتهاء الأمر بنزول دم الطمث أو الحيض، والإشارة اللطيفة إلى أن هذه التغيرات هي إعلان لدخول هذه الفتاة إلى عالم الأمومة المرتبط بحفظ الجنس البشري، وقيامه بدوره في إعمار الأرض، وكيف أن كل هذه التغييرات هي من أجل القيام بهذه المهمة السامية.
ولذا فإن عاطفة الإناث تكون قوية من أجل القدرة على منح أولادهن فيضا من الحب والحنان.. وأن توضح لها أن الميل الفطري نحو الجنس الآخر -وهو ميل طبيعي- عليها أن تدركه وتضعه في مكانه وزمانه المناسبين؛ لأن هذه المشاعر يجب أن تخص به زوجها القادم؛ لأنها مشاعر ثمينة لا تمنحها لأي طارق بكلمات حلوة أو ادعاء حب لا يدرك هو قيمته، ويدرك أن الفتاة تتوق إليه لطبيعتها العاطفية فيستغله سلاحًا للإيقاع بها.. وأن الحب له وقته ومكانه وشخصه، وأنها مثلما تحفظ جمالها وحسنها بالحجاب تحفظ مشاعرها في قلبها؛ لأن مشاعر المراهقة بطبيعتها متقلبة متغيرة، وما تتصوره حبًا في هذه السن سيتغير ويتبدل مع نضجها النفسي وزيادة تجربتها وخبرتها واحتكاكها بآخرين في مجالات العلم والعمل.
مرحلة البلوغ
1. بالنسبة للذكور:
وميقاتها البيولوجي هو حدوث الاحتلام، ومن المهم أن يكون الأب مع ابنه عندما يحدث هذا الأمر؛ لأن هناك أمورًا سيترتب عليها دخوله هذا العالم، ويجعل شوق الابن لمعرفة ذلك داعيا لأن يخبر أباه.. ويستقبل الأب ذلك بنوع من الترحاب، ويتخذ بعض الإجراءات المعلنة لحدوث أمر مهم في حياة الابن مثل زيادة مصروفه.. وأن يوكل له بعض المهام الزائدة.. أن يسمح له ببعض الأمور مثل زيادة فترة السماح للخروج.. ثم يبدأ معه في المدخل الشرعي.. فيبين له ما يترتب على حدوث الاحتلام من وجوب الاغتسال ويشرح له كيفية الاغتسال.. ويشرح له كيف أنه أصبح مكلفًا بالصلوات والصيام وأنه محاسب حسابًا خاصًا به..
ويرتب له العديد من الأنشطة المفيدة الرياضية والثقافية التي تشغل وقته، ويفهمه أهمية شغل وقته حتى لا يصبح مستغرقًا في خيالاته وأفكاره، ويحذره من الوقوع في العادة السرية مع شرح بسيط لآثارها النفسية، وخروجها عن القيام بواجب الإنسان نحو جسمه، وكيف أنها إهانة للإنسان ولكرامته.. وكل ذلك في إطار الحوار المتبادل وانتهاز الفرصة المناسبة، خاصة أن الأسئلة من قبل الابن ستكون كثيرة ومتنوعة.
فعلى الأب ألا يتحرج من الإجابة على أي سؤال، ولا يتهرب، ولا يجيب إلا بما يعرفه، وإذا صعب عليه سؤال ما فعليه أن يمهل الابن حتى يسأل المختصين؛ وذلك حتى يكتسب الابن الثقة في الحوار والمعلومة التي يحصل عليها؛ فيظل الطريق مفتوحا بين الطرفين في كل ما يخص هذا الأمر، ولا يلجأ لمصادر أخرى أو ينغلق على نفسه ويعيش في عالمه الخاص، مع التأكيد على المعاني التي من المفترض أنها موجودة وراسخة منذ الطفولة؛ مثل معاني الحياء التي تظهر في عدم خلعه ملابسه أمام الآخرين، وعدم اطلاعه على عورات زملائه، وحدود التلامس بينه وبينهم، وعدم الإفضاء في ثوب واحد أو غطاء واحد مع أخيه أو أحد زملائه.
2. بالنسبة للإناث:
وميقاتها البيولوجي هو حدوث الدورة الشهرية، وهي في المرة الأولى ربما تكون بقعة صغيرة من الدم، يجب أن تستقبلها الأم بالسعادة؛ لأن ابنتها قد كبرت، وأصبحت أختها الصغرى بدلاً من ابنتها، وتجعل الأم لها مذاقًا خاصًا بحيث تنزل مع الابنة للسوق لاختيار ما تراه الابنة مناسبًا لها من ملابس كنوع من الاحتفال والاحتفاء، واستعدادا للبس الحجاب، واختيار المناسب للقيام به وارتدائه، ولا مانع من عمل حفل صغير تدعى فيه صويحبات الابنة للاحتفاء بلبس الحجاب ودخولها عالم الكبار.. وتشرع الأم في تعليم الابنة كيفية الحفاظ على نظافتها ورائحتها في أثناء الدورة، وتزيل عنها الإحساس بالحرج والخجل، وتؤكد لها على طبيعتها؛ لأن الكثير من البنات يصبن بنوع من الخجل والإحساس بالتوتر بل والرفض في بعض الأحيان لهذا الأمر؛ لذا يجب أن تكون الأم متفهمة قريبة.. حانية.. مشجعة.. مطمئنة.
وبعد ذلك تشرح الأم الأمور الشرعية التي تترتب على ذلك بالنسبة للصلاة والصيام ومس المصحف والاغتسال وكيفيته.. وأيضًا أنواع الإفرازات التي تبدأ في هذه المرحلة، خاصة مع الإحساس بالإثارة، وما يترتب على ذلك من أحكام في الوضوء والطهارة، مع التأكيد على معنى التكليف أمام الله، وغض البصر، وشغل الوقت بكل ما هو مفيد من أنشطة، مع التأكيد على الأم أيضًا بفتح الحوار وعدم التحرج أو التهرب من أي سؤال مهما كان.. وشرح ماهية غشاء البكارة ورمزيته إلى عفة المرأة.. وخطورة العبث في هذا المكان، وإزالة الأوهام الخاصة به حتى لا تقع البنت أسيرة الخوف أو القلق من هذه الناحية، مع بيان أمانة الجسد لدى صاحبته؛ بحيث لا تسمح لأحد بانتهاكه بعينه أو يده تكريمًا للإنسان؛ لأنه وعاء روحه في إطار الاعتدال بدون تخويف معطل أو تسهيل مفرط، والتأكيد على معاني الحياة أيضًا مثل عدم خلع الملابس أمام زميلاتها؛ حيث تزيد هذه الظاهرة لدى الإناث كنوع من التعبير عن العاطفة؛ فتحتاج أيضًا لوضعها في إطارها الشرعي الصحيح.
ما بعد البلوغ
وهي المرحلة العملية التي تشهد الاختبار الحقيقي لما تم بثه من معان وقيم وأفكار خلال المرحلتين السابقتين، وهي تتعامل مع الأحداث اليومية والتساؤلات التي تدور في ذهن المراهق أو المراهقة بعد نزوله إلى أرض الواقع، يمارس بنفسه ما سمعه أو تعلمه؛ حيث يسمع الولد أو البنت عن العادة السرية، ويجد من يدعوه إلى ممارستها، وقد يمارسها من باب التجربة أو الفضول أو إثبات الذات.. وقد يهديه زميله صورًا عارية، وقد تدعوها زميلتها لمشاهدة مواقع على الإنترنت.. وقد يسمع من زميله شرحًا وافيًا للعلاقة بين الزوجين وقد تتحدث زميلتها عن فض غشاء البكارة ليلة الزفاف وأماكن الإثارة في جسم الفتاة.. ويعود الابن أو الابنة إذا كان الحوار مفتوحًا وقد نجحت المرحلتان السابقتان في أداء دورهما في زرع جو الثقة بين الآباء والأمهات وأبنائهم وبناتهم.. إذا حدث ذلك فسيجد الأب والأم أنفسهما في مواجهة ذلك كله، وهنا يجب أن يدركوا أن المهمة لم تنته، وأن جو المصارحة والواقعية والموضوعية في هذه المرحلة أخطر.
فالمراهق في المرحلة السابقة كان يكتفي بالتلقي وهو مدهوش أو مصدوم بدخوله إلى هذا العالم العجيب، إنه يندهش لمشاعره، ويستغرب ما يدور داخله من رغبات وأحاسيس، ولكنه الآن قد تمكن منها وعرفها، وهناك جهات كثيرة تدعوه وتغريه.. وهو إذا لم يجد ما يقنعه ويمنعه من الدخول إلى هذه العوالم من باب التجربة والفضول.. فإنه سيفعلها؛ لأن روح المغامرة والتجريب وإثبات الذات ستغلبه إذا لم يجد من يساعده.. لذا فإن الحقيقة العلمية والحوار المفتوح هما سلاحا الأب والأم، وما قد يخجلان من ذكره سيحصل الابن والبنت على تفاصيله من مصدر آخر.
في النهاية ما نريد قوله: إن البعض قد يستغرب دعوتنا إلى التربية الجنسية المبكرة للمراهقين؛ فيتساءل أحدهم: هل سأدعو ابني أو ابنتي وأقول له تعال نتحدث في الجنس؟!! إنني سأفتح عينيه في أمور لا يعرفها.. ويقول الآخر: إن أهلنا لم يتحدثوا معنا في ذلك.. فلماذا نتحدث مع أولادنا في ذلك؟ ويعبر الآخرون عن خجلهم من الحديث في هذه الأمور، وغيرهم عن الجهل في طريقة التناول.
والحقيقة أن هؤلاء الآباء والأمهات لا يدركون أن أولادهم وبناتهم في عصر السماوات المفتوحة والإنترنت والقنوات الفضائية وحرية المعلومات.. إذا لم نتحدث معهم على قدر استطاعتنا وطاقتنا فإنهم سيحصلون على أكثر مما يتخيل الآباء، ولكن خارج المنظومة القيمية والمعرفية لمجتمعنا، خاصة أنه لا يوجد ما يغطي هذا النقص لدينا.. إننا يجب أن نتدخل حتى نضع الإطار الذي يعيد للأمر توازنه، وإلا فلا نلوم إلا أنفسنا بعد ذلك.
ــــــــــــــــــــ(41/82)
كيف تُكلم المراهق عن العادة السرية؟
الإخوة الكرام، السلام عليكم.
أخي الصغير عمره 15 سنة، وكما بدا لي فإنه قد بلغ منذ مدة قليلةالذي ألاحظه عليه، والذي يؤلمني أني أشك بأنه يمارس العادة السرية، ولست متأكدًا تمامًا، لكن هذا ما لاحظته. ولا أدري كيف أفاتحه بموضوعها؛ إذ إنني أخشى المواجهة المباشرة وأفضل الطرق غير المباشرة.
الأمر الثاني أنه يبحث في الإنترنت عن مواقع وصور إباحية، وأنا متألم لهذا جدًّا، ولا أريد أن يسلك هذا الطريق، وبنفس الوقت أريده أن يتركه من نفسه بدون أن أخبر أهلي أو أن آمره أو أنهاه. علمًا بأننا في عائلة ملتزمة ولله الحمد، وهكذا نحسب أنفسنا والله حسيبنا.
أرجوكم ساعدوني في إنقاذ أخي، وشكرًا.
... السؤال
تربوي
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لك اهتمامك البالغ بأخيك الصغير، ونشكر لك ملاحظته، ونشكر لك سعيك للحصول على المشورة حتى تتعامل معه بطريقة صحيحة.
إننا حينما نتحدث عن مشاكل المراهقة فإننا دائمًا نقول: إن حل مشاكلها له مدخل أساسي وهو إيجاد العلاقة الطيبة مع هذا المراهق، أي أننا لا نبدأ في التعامل مع أي مشكلة للمراهقة إلا انطلاقًا من أرضية صلبة من التفاهم والحوار في إطار الصداقة التي يشعر فيها المراهق بأننا نحترم ذاته ونقدرها ونشعر به، بل ونحن معه نريد أن نعاونه ونساعده دون أن نشعره بالعجز من ناحيته أو التسلط من ناحيتنا.
قد تكون فرصتك كأخ أكبر لتحقيق هذه العلاقة أكبر من بعض الآباء والأمهات؛ لأن بعضهم يفشل في تحقيق هذا التوازن بين سلطة الأبوة وتواصل الصداقة، ولكنك كأخ أكبر لا تغريك سلطة الأبوة ولا تملك إلا نصح الأخوّة، وسيكون إطار الصداقة هو الأنسب لك في التعامل مع هذا الأخ المراهق. هذا الإطار وهذا المفهوم في التعامل مع المراهق هو مسألة مبدئية تجعل التعامل مع أي مشكلة سهلاً ميسورًا بإذن الله تعالى.
النقطة الثانية -وهي مكملة للأولى- أنه نتيجة لهذه الصداقة فلن يكون التعامل مع مشكلة العادة السرية أو تصفح المواقع الإباحية مباشرًا، أو في إطار توجيه الاتهام أو ضبطه متلبسًا وهو يرتكب الخطأ، بل إن الحوار المفتوح المستمر بينك وبينه، والذي هو روح هذه العلاقة بينكما، يسمح بأن يفتح موضوع المراهقة وماهيتها وما يجري فيها من تغيرات على كل المستويات، وبالتالي فسيكون من الطبيعي أن تفتح مسألة المشاعر العاطفية ناحية الجنس الآخر بصورة عامة، والمشاعر الجنسية بصورة خاصة لتوضع في إطارها الصحيح.
إن مشكلة الكثير من المراهقين مع مشاعرهم الجنسية هو أنه لا يوجد من أفهامهم طبيعتها، فبين من يتجاهلها وكأنها غير موجودة، ويظل المراهق حائرًا لا يعرف من يسأله أو من يجيب عليه، وبين من يجرمها له ويضعها في إطار من الاستقذار والرفض يجعله يدخل في دائرة من الصراع بين ما يشعر به من مشاعر يراها طبيعية ولا ذنب له فيها وبين إحساسه بالذنب نتيجة لاعتقاده أنها خطأ في حد ذاتها؛ لينتهي به الأمر إلى عالم سري من الممارسات والأفعال يختاره بنفسه ليحقق ما يراه مناسبًا من وجهة نظره.
في حين أن هذا المراهق الصغير لو وجد من يفهمه أن هذه المشاعر التي أوجدها الله فيه لم يوجدها ليعذبه بها أو يؤلمه، وأنها مشاعر خلقها الله من أجل غاية سامية هي إعمار الأرض لربط الرجل والمرأة في رباط قدسي من المشاعر السامية، وأنها في حد ذاتها ليس بها خطأ، ولكن لا بد أن يتم ذلك في إطار شرعي، ويتعلم كيف يتعامل مع هذه المشاعر وكيف يوطنها وكيف يتسامى عليها لحين يأتي الوقت المناسب لإخراجها في إطارها الصحيح.
لو فهم المراهق ذلك وأجبنا على تساؤلاته وكنا بجانبه خطوة بخطوة وفكرة بفكرة وتساؤلاً بتساؤل ما حدثت الأزمة.
عندها ستكون الخطوة التالية هي أن يفتح المراهق قلبه ويتحدث عن ممارساته ويطلب المساعدة أو أن نفتح له نحن الطريق لذلك، وعندها أيضًا سيكون سهلاً أن نوجهه لبرنامج عملي نشترك في وضعه سويًّا، بل ويبدو أنه صاحب الحظ الأعظم في وضعه ويكون ذلك على خلفية أن يكون لدينا ما نقوله.
وعند هذا المستوى نتابع معه البرنامج بهدوء وصبر وبدون نقد ونشجعه كلما حقق نجاحًا ونشعره بالثقة فيه.. عندها سيعرف أن هناك من يريد مساعدته فعلاً وبصدق، وسيكون تجاوبه رائعًا.
من أجل برنامج عملي للتخلص من العادة السرية نرجو أن تراجع حلنا بعنوان:
- المواقع الساخنة.. الاستمناء .. وداعاً للإدمان
ومن أجل أن تجد ما نقوله في مسألة الجنس ودوره في الحياة تراجع:
- علموا أولادكم الجنس
ولا تتعجل الحديث معه في المشكلة أو في وضع برنامج للتخلص منها إلا بعد كل ما قدمناه من صداقة قائمة على التفاهم والحوار، ثم إطار شامل لفهم مرحلة المراهقة وما يتم بها، ثم الدخول في القضية الشائكة بهدوء، وستكون النتائج رائعة بإذن الله فاستعن بالله عز وجل . وجزاكم الله خيرًا على ما تفعله مع أخيك
ــــــــــــــــــــ(41/83)
اضطراب الهوية الجنسية في الطفولة
السلام عليكم.. بداية أود أن أوضح إعجابي الشديد بهذا الموقع الأكثر من رائع ما شاء الله، وأود أن أشكر القائمين عليه وأهنئهم على ما يبذلونه من جهد للتغلب على مشاكل التربية التي تواجه الأسرة العربية والإسلامية بارك الله فيهم، وبعد..
أنا والدة لفتاة في الحادية عشرة من العمر، لاحظت أنها كانت تميل للعب مع الصبيان من أولاد الجيران ومن الأقارب منذ أن كانت في الرابعة من عمرها، وشيئًا فشيئًا أصبحت ترتدي البنطالات والقمصان مثلما يرتديها الصبيان، ثم طلبت مني أن أقص شعرها مثلهم فرفضت، فما كان منها إلا أن قصته بنفسها بطريقة غير مرتبة، فاضطررت إلى الذهاب إلى أحد الصالونات، حيث تم قص شعرها كما تريد، ومنذ يومها أصبحت تقص شعرها على هذا الشكل، ومع مرور الأيام لاحظت أن أسلوبها في الكلام تغير، وأصبح خشنًا كالصبيان كما أنها أصبحت حركية جدًّا بل رياضية، وذلك كي تستطيع مجاراة الصبيان في لعبهم وجريهم بالكرة بخشونة، ومشكلتها تفاقمت أكثر وأكثر فعندما نذهب لشراء الملابس تشتري ملابسها من قسم الصبيان وإذا منعتها من ذلك تصرخ وتهدد، كما أنها تأخذ عطور والدها لترش منها، حتى غدا مظهرها كالصبي، وفي المدرسة تصادق فتيات ضعيفات الشخصية كي تفرض عليهن ما تريد، وإذا لم توافقنها الرأي ضربتهن بضراوة، لكنها بعد هذا تعتذر إليهن وتتودد لهن، فعلى الرغم من خشونتها فإنها كريمة وطيبة القلب وذكية لكنها لا تحب الدراسة، ومسامحة، كما أنها ذات إرادة قوية، فمرة سبقتها فتاة في الجري في حصة التربية البدنية، فلما عادت إلى المنزل أخذت تتدرب بطرقها الخاصة لمدة شهر تقريبًا، حتى استطاعت أن تسبق تلك الفتاة.
إن مشكلتي بدأت تكبر عندما لاحظت أن ابنتي بدأت تظهر عليها أمارات البلوغ منذ زمن قصير، فقبل هذا لم أكن واعية ومهتمة، ولكني الآن شعرت بخطورة الأمر فلا أستطيع منعها من اللعب مع الصبيان مباشرة، ولا يمكنني أن آمرها بالحجاب، فأرجوكم أن تفيدوني في مسألتي، وكيف يمكنني أن أحقق هدفي مستفيدة بما لديها من خصال حسنة في شخصيتها؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
عالم المراهقة
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الدكتور وائل ابو هندي أستاذ مساعد للطب النفسي جامعة الزقازيق - مصر:
الأخت السائلة أهلاً وسهلاً بك، وشكرًا جزيلاً على ثقتك، وإطرائك النبيل لموقعنا وصفحتنا معًا نربي أبناءنا. ما تعاني منه ابنتك هو في الغالب ما نسميه في الطب النفسي باضطراب الهوية الجنسية في الطفولة Gender identity disorder of childhood، وهو اضطراب يبدأ في الظهور عادة في مرحلة الطفولة المبكرة (ودائمًا قبل البلوغ بمدة طويلة)، ويتميز بضيق مستديم وشديد بشأن الجنس الفعلي، مع رغبة (أو إصرار) على الانتماء للجنس الآخر، ويكون هناك انشغال دائم بملابس أو نشاطات الجنس الآخر أو كليهما مع رفض للجنس الفعلي.
والمعتقد على نطاق واسع هو أن هذه الاضطرابات غير شائعة نسبيًّا وإن لم تكن هناك دراسات في بلادنا (على حد علمي) عنيت بهذا الأمر، وتشخيص اضطراب الهوية الجنسية في الطفولة يقتضي وجود اضطراب في الإحساس الطبيعي بالذكورة أو الأنوثة (بالرغم من عدم وجود أسباب عضوية لذلك)، أما مجرد السلوك الصبياني بين البنات أو السلوك "البناتي" بين الأولاد فليس كافيًا.
والسمة التشخيصية الأساسية هي رغبة عامة ودائمة عند الطفل للتحول إلى الجنس المقابل للجنس الفعلي (أو الإصرار على الانتماء إلى الجنس المقابل)، بالإضافة إلى رفض شديد لسلوك أو صفات أو ملابس الجنس الفعلي أو لهما جميعًا، وتظهر هذه الحالة أول ما تظهر بشكل نموذجي، أثناء سنوات ما قبل المدرسة.
ولاستخدام هذا التشخيص يجب أن تكون الحالة قد أصبحت جلية قبل الدخول في مرحلة البلوغ، وفي الجنسين قد يكون هناك رفض للأجزاء التشريحية الخاصة بالجنس الفعلي، ولكن هذه ظاهرة غير شائعة ولعلها نادرة.
والأطفال المصابون باضطراب الهوية الجنسية ينكرون وبشكل متميز أن هذا الاضطراب يسبب لهم أي إزعاج، وذلك على الرغم من احتمال ضيقهم بالاصطدام مع ما تتوقعه عائلاتهم أو أقرانهم منهم، وبالسخرية أو الرفض الذي قد يتعرضون له.
وما يعرف عن هذه الحالات أكثر في البنين منه في البنات، والنمط النموذجي هو أن يبدأ الأولاد من الذكور منذ سنوات ما قبل المدرسة بالانشغال بأنواع من اللعب والأنشطة الأخرى التي تمارسها الإناث بشكل نمطي ومتكرر، وكثيرًا ما يكون هناك تفضيل لارتداء ملابس الفتيات أو النساء، وقد تكون لديهم رغبة شديدة في المشاركة في ألعاب وهوايات الفتيات، ولعبتهم المفضلة هي غالبًا "العروسة"، كذلك فإن رفاق اللعب المفضلين يكونون عادة من الفتيات، ويبدأ النبذ الاجتماعي عادة أثناء سنوات الدراسة الأولى ويصل إلى ذروته غالبًا في مرحلة الطفولة المتوسطة في شكل سخرية مهينة من الأولاد الآخرين، وقد يقل السلوك الأنثوي كثيرًا أثناء بدايات المراهقة، مثلما قد يقل السلوك الذكوري في البنات أيضًا مع البلوغ.
ولكن قليلاً جدًّا منهم يبدون تحولاً جنسيًّا في الحياة البالغية (ذلك بالرغم من أن أغلب الكبار المصابين بالتحول الجنسي يذكرون أنهم كانوا يعانون من مشكلة في الهوية الجنسية أثناء الطفولة).
وفي عينات مأخوذة من العيادات وجد أن اضطراب الهوية الجنسية أقل معدلاً بين الفتيات عنها بين الفتيان، ولكن ليس معروفًا ما إذا كانت هذه النسبة بين الجنسين تنطبق على المجتمع بشكل عام، وكما هي الحال في الفتيان، تجد بين الفتيات مظاهر مبكرة للانشغال بسلوك يرتبط بشكل نمطي بالجنس المقابل، فالفتيات اللاتي يعانين من هذه الاضطرابات يتخذن رفاقًا من الذكور ويبدين اهتمامًا شديدًا بالرياضة واللعب العنيف، كما أنهن لا يبدين اهتمامًا بالدمى (العرائس)، وباتخاذ الأدوار النسائية في ألعاب الخيال مثل لعبة "الأمهات والآباء" أو لعبة "البيت". والبنات المصابات باضطراب الهوية الجنسية لا يتعرضن عادة لنفس الدرجة من النبذ الاجتماعي مثل الأولاد، بالرغم من أنهن قد يعانين من السخرية في أواخر الطفولة أو المراهقة، وأغلبهن يتخلين عن إصرارهن المبالغ فيه على أنشطة وملابس الذكور عندما يقتربن من المراهقة، ولكن بعضهن يحتفظن بهوية الذكور وقد يتابعن التوجه باشتهاء الجنس المماثل homosexual.
ومن المعروف أن السلوك الذكوري من بنت يقبلُ في مجتمعاتنا أكثر من السلوك الأنثوي من ولد، ولعل هذا هو سبب عدم أخذك الأمر بصورة جدية من وقت مبكر، ونادرًا ما يصاحب اضطراب الهوية الجنسية رفض مستديم للأعضاء التشريحية الخاصة بالجنس الفعلي، ففي الفتيات يأخذ ذلك تأكيدات متكررة على أن لديهن قضيبًا، أو أنه سينمو لهن قضيب، وقد يرفضن التبول وهن جالسات أو قد يؤكدن على رغبتهن في ألا تنمو لهن نهود أو تكون لديهن دورة شهرية.
معنى ذلك أن المشكلة التي تواجهينها مع ابنتك قد تكون أعمق بكثير من مشكلة الحجاب في حد ذاته، فالبنت تحتاج إلى علاج نفسي طويل الأمد، خاصة وأن الاحتمال التشخيصي الذي وضعناه لها يحتاج إلى تأكيد من قبل الطبيب النفسي، وكذلك إلى تحليل ما ستتجه إليه ميولها الجنسية في فترة المراهقة، وذلك كله بعد أن يتم فحص وتحليل للهرمونات وللكروموسومات، وتكون سلامتها مؤكدة من هذه الناحية.
وفقك الله عز وجل وأعانك، ونحن في انتظار موافاتنا بالتطورات الطيبة إن شاء الله تعالى.
ــــــــــــــــــــ(41/84)
بين الذاتية الجنسية والانحراف الجنسي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أودّ بداية أن أشكركم على هذا الموقع الرائع الذي أفادني كثيرًا.
بداية سأذكر لكم -عذرًا- تفاصيل حياتنا حتى يتسنى لكم معرفة الظروف التي يعيش بها الولد:
لزوجي طفلان: الأول 13 سنة، والآخر 10 سنوات ونصف من زوجته التي توفيت في حادث منذ 5 سنوات. تزوجته أنا من 3 سنوات، ولي منه طفلان (3 سنوات، والآخر10 أشهر).
المشكلة أن ابننا البكر (اسمح لي بالتحدث عنه كابني) انطوائي.. ليس من الآن ولكن من بداية زواجنا.. لا يحب التحدث مع الآخرين.. صوته في المنزل مع إخوته عالٍ، ويحب اللعب مع أخيه، ولكن إذا تحدث إلى الغرباء بالكاد أن تسمع صوته.. لا يحب المبادرة بإلقاء التحية أو الحديث.. أجوبته مقتضبة، كسول، وردود أفعاله إذا طلبت منه أمرًا بطيئة غالبًا. لا يركز فيما تطلبه منه؛ فإذا طلبت منه أمرين بالكاد يقوم بالأول وينسى الثاني (لا أدري ينسى أم يتناسى) هذا بالطبع معي أو مع والده. نحن لا نرهقه بالطلبات، ولكن نريد منه أن يشارك في المنزل مع الآخرين، سريع الاستفزاز، وأخوه الأصغر يستغل هذه النقطة معه.
هو في مدرسة أجنبية والأول على صفه، وهذا عزاؤنا الوحيد؛ حيث إنه للأسف شخصية غير محبوبة من الآخرين، وغير مكروهة بالطبع، ولكن لا أحد يلتفت إليه، عكس أخيه الأصغر منه مباشرة؛ فهو حركي محبوب من الجميع، اجتماعي ونشيط. يعطف على إخوته الصغار، ويحب ملاعبتهم، عنده هوايات مختلفة، أما ابننا البكر فنحن ندفعه دفعًا لممارسة الرياضة. نحاول أن نشركه في ألعاب جماعية فلم نترك كاراتيه، تنس، سباحة، كرة قدم، والده يفقد أعصابه بعض المرات، ويقوم بتأنيبه: لماذا أنت لست كأخيك؟ لماذا أنا لا أبذل معه الجهد الذي أبذله معك؟ أنا أخبرته أن المقارنة غير محببة؛ فنجلس مرات ونقول إنها شخصيته هكذا لا نستطيع أن نجعل منه اجتماعيًّا بالغصب، لكن نحاول قدر المستطاع.
ستقول إنه من الممكن أن تكون وفاة والدته هي التي أثّرت فيه، سأجيبك أن والده يؤكد أن مشاكله هذه بدأت بالظهور منذ سن مبكرة في وجود والدته رحمها الله؛ حيث لاحظا أنه انعزالي، ولكن كان بالطبع أصغر من الآن، والده يعزي مرات ذلك إلى أنه كانت هناك خلافات بينهما، وكانت تحصل أمامه، بالإضافة إلى اختلافهما الدائم في البداية في أسلوب تربيته، إلى أن تنبها أنه بدأ يستغل عطف والده في تعمده الشكوى من والدته أمامه، أو أن يعلي من صوته ليسمعه ويفزع له، ولكن نعود ونقول: هل هذا يؤثر في نفس الطفل إلى تلك الدرجة؟ ولماذا أخوه الأصغر طبيعي ولا يعاني من أي مشكلة؟ وللأسف بدأت المشكلة تأخذ منحى مختلفًا.
منذ سنة تقريبًا أو أكثر كنت نائمة في غرفتي بجانب والده، وهما نائمان أيضًا، وإذا بي أشعر أن أحدًا يمسك بقدمي، فاستيقظت فإذا به يمسك بي، طبعًا ارتبك، وقال: إنه يريد إيقاظي، لكن أكيد أن هذه ليست الطريقة لإيقاظي، ما علينا، لم نأخذ بالموضوع، ولكن والده أخبره أنه ما كان عليه أن يتسلل إلى الغرفة بدون طرق الباب، وأن يمسك بي كي لا أخاف، وما إلى ذلك.
الأسبوع الماضي كنت قد استيقظت على بكاء الصغير، فذهبت إلى غرفته، ونمت معهم، وحدث نفس الشيء، استيقظت مذعورة على أحد يمسك بقدمي، علمًا بأنني كنت ملتحفة، ولا يظهر مني حتى إصبع رجلي؛ فقد قام بالتسلل إلى غرفة نومي ولم يجدني، وذهب لغرفة إخوته، وفعل ما فعل، وتعلل بأنه يشعر بالبرد، ويبحث عن غطاء إضافي! أيقظت أباه، وأخبرته، حاولنا إيجاد أي مبرر، علمًا بأنه قبل أن ينام كان في مباراة لكرة القدم، وقد أتى منهك القوى، ونام متأخرًا، وذهب ليراه بعد نصف ساعة؛ فإذا هو مستيقظ، واعترف أنه كان متعمدًا، وأنه يميل إلى أقدام النساء!!
معقول طفل في 13 من عمره يقول ذلك؟! علمًا أنه لا يشاهد القنوات الفضائية، ونحن نحرص دائمًا على تجنيبهم تلك الأمور. تحدث معه والده مطولاً، فقال: إنه بدأ يشعر بذلك منذ سنة. عاتبه أبوه لماذا إذا كنت تعاني من مشكلة لا تخبرني، وأنا دائمًا أسألك عما يزعجك، أو تحدث لأمك (التي هي أنا)، وبعد ضغط شديد ولوم قال إنه تحدث إلى والدته عن ذلك زمان ولم تقل له شيئًا!
أخبرت زوجي أنه من الممكن أن يكون كذابًا؛ لأن المرحومة لم تخبره بذلك، وهل يعقل قبل خمس سنوات -يعني كان عمره 8 سنوات- أن يشعر بمثل تلك الرغبة؟!
الرجاء أن تشرحوا لنا ما هذا؟ أهو يعاني من الشذوذ أم معقد أم ماذا؟ آسفة مرة أخرى على الإطالة. ... السؤال
الخجل والانطواء
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لك اهتمامك بابن زوجك واعتباره ابنك، ولكن يجب أن تلاحظي أن هذا الطفل لم يَعُد طفلاً، وأنه على أعتاب المراهقة أو ربما قد يكون فعلاً بلغ سن الحلم، وهي المعلومة التي لم تذكريها في رسالتك بالرغم من أهميتها البالغة في مشكلة ابنك، وبالتالي فنحن لا نتعامل مع طفل في الثالثة عشرة كما تذكرين، ولكن مع مراهق في بداية مرحلة المراهقة، وهو أمر مختلف جدًّا؛ لأنه عندما يكون طفلاً لم يبلغ الحلم بعد، ويقول: "أميل إلى أقدام النساء" فهذا أمر وتلك قضية، وعندما يقولها مراهق صغير فإن المعنى يختلف، والدلالة التي يعنيها الميل تحتاج إلى إيضاح، والأمر جد مختلف، لو قالها من تعدى سن الثامنة عشرة، خاصة أننا لا نستطيع الحديث عن انحراف جنسي قبل هذه السن (الثامنة عشرة) بمعناه العلمي.
إن الابن وهو على أعتاب المراهقة يمر بمرحلة خطيرة، وهي تحديد هويته أو ذاته الجنسية، وهو أمر مختلف عن جنسه البيولوجي؛ فالجنس البيولوجي (Sex) تحدده الجينات الذكورية "XY" والأعضاء التناسلية الداخلية والخارجية، أما الذاتية الجنسية فهي إدراك الإنسان لنفسه كذكر أو أنثى، وهو أمر تتدخل فيه عوامل التربية وطريقة المعاملة وظروف البيئة المحيطة به بحيث في الظروف الصحية والسوية تتراكب مع جنسه البيولوجي؛ فيكون الولد ذكرًا بيولوجيًّا ويدرك نفسه وذاته أيضًا كذكر، ومن هنا لا يقع أي انحراف، وبالتالي تسير رغبته وشهوته الجنسية في طريق طبيعي، ويحصل على متعته، سواء على مستوى الخيال أو الأفكار أو بعد ذلك على مستوى الفعل في الاتجاه العادي.
أما إذا حدث أي خلل في إدراك الإنسان لذاته؛ فهنا يحدث الانحراف الذي ينتشر طيفه بين الانقلاب الجنسي؛ حيث يدرك نفسه على عكس جنسه البيولوجي، ووصولاً إلى المثلية الجنسية التي تجعله يميل لنفس الجنس، وبين الطرفين تقف باقي الانحرافات لأسباب في التربية أو التنشئة أو الظروف التي يتعرض لها أو تعرض لها هذا المراهق في طفولته أو في لحظة اختياره أو حسم ذاته الجنسية.
وبالتالي فالأمر ليس ببساطة أن طفلاً على أعتاب المراهقة قد أمسك بقدم زوجة أبيه التي هي في مقام أمه فيصبح شاذًّا، خاصة أنه كما يبدو من الرسالة أن هذا الطفل لم يتلقّ أي نوع من التربية الجنسية التي تؤهله لاستقبال هذا الخليط من المشاعر المتناقضة داخله، والتي لا يفهمها أو يدرك كنهها أو سبب شعوره به ناحية الجنس الآخر، خاصة أنك بالرغم من قيامك بدور الأم على أكمل وجه؛ فإنك من الناحية الواقعية والنفسية، خاصة بالنسبة لهذا المراهق الذي لم توجه مشاعره أو رغباته، أنتِ اليوم امرأة أجنبية.. ليس بالمعنى الشرعي، ولكن بالمعنى الجنسي إن صحّ التعبير؛ بمعنى أنه لا يوجد الحاجز النفسي الفطري الطبيعي بين الابن وأمه الحقيقية الذي يمنعه من إحساسه أو ميله الجنسي نحوك، خاصة في هذه المرحلة المضطربة، وبالتالي فليست القصة مرتبطة بإحكام غطائك وعدم ظهور أي جزء منك لحظة أن جاء يعبث بقدمك، ولكن بصورة ذهنية تكونت في خياله نحوك قد تكون القدم هي أهم مكوناتها، وقد تكون نقطة البداية التي لو لم تشعري به لجعلته يستمر ويستمر بالكشف وصولاً لما يتصور أنه يرضيه أو يشبعه.. وهو في الواقع ما لا يعرفه أو يدركه من مشكلة بين الذاتية الجنسية والانحراف الجنسي.
هو في الحقيقة ليس شاذًّا وليس منحرفًا وليس معقدًا، ولكنه في حالة اضطراب وتشويش، خاصة أنه من النوع الكتوم الذي لا يتحدث بسهولة ولا يعبّر عما بداخله بيسر؛ فتركيبته الشخصية جزء من المشكلة، ووفاة والدته زادت المشكلة معه ومقارنته بأخيه أزّمت المشكلة، وزادت من تأزمها مشكلته في الانعزال والتواصل مع الآخرين وأهمهم والده، خاصة أن أباه يفقد أعصابه أحيانًا ويقارنه بأخيه أحيانًا، وبالتالي لم ينجح في اختراقه ومصاحبته ومصادقته ومثله مثل كثير من الآباء لم يجلس إلى ابنه ويُعِدّه ويحضره لاستقبال مرحلة المراهقة بكل ما يجري فيها.
لقد حدّثه والده كثيرًا بعد ما وقعت الأزمة ولكنه لم يحدثه سابقًا؛ وبالتالي فإن المشاعر الجنسية النامية بداخل هذا الطفل وما تُحدثه من تغيرات البيولوجية والنفسية تعامل معها هذا الشاب الصغير منعزلاً عن دعمٍ والديٍّ لفهم وإدراك ما يجري بداخله نفسيًّا وجسديًّا، وعبّر عنها لحظة أن تفجرت الأزمة بجملة "إني أميل إلى أقدام النساء". إنه يستغيث بأبيه حتى يخرجه مما فيه، وليس من أجل أن يحاول والده تقييم الموقف وتحديد مدى خطورة هذا الابن المسكين.
الخلاصة أن هذا الموقف فرصة للأب للجلوس مع ابنه ليس لاستجوابه من أجل ما حدث، ولكن من أجل أن يبدأ معه فتح ملف التربية الجنسية؛ فيعلمه ماذا يحدث في أثناء البلوغ، وما معنى هذا الميل نحو النساء أو الجنس الآخر الذي يشعر به، ويسأله في إطار الحوار عن معنى ميله لأقدام النساء، وما الذي جعله يقرر وجود هذا الميل؟ وهل هو ميل للنساء عام تمثل فيه القدم أكثر الأجزاء إثارة أم أمر آخر؟ وما الذي لفت انتباهه لذلك؟
ونعود فنكرر أن هذا الأمر يكون بعد فتح الباب للحوار والتفاهم والتقارب بين الأب والابن بصورة عامة، وفي ملف الجنس بصورة خاصة، ثم يكون هذا الموضوع نموذجًا يقدمه الأب لاستعداده للتحاور حول هذه القضايا بدون حرج أو قيود.. تجعل هذا المراهق يجد مرجعية يستطيع أن يعود إليها.. بمعنى أن الأب يجلس إلى ابنه في الجلسة الأولى، ولا تكون جلسة رسمية يستدعيه فيها للمثول بين يديه، بل قد تكون دعوة للتمشية أو المصاحبة في مشوار مهم يتحدث فيه الأب عن اكتشافه كيف أن ابنه قد كبر ودخل مرحلة جديدة تحتاج منه إلى مصاحبته والتفاعل معه بصورة جديدة.
ثم يشرع في شرح تفهمه لأحاسيس ابنه في هذه المرحلة الجديدة، ويضرب أمثلة واقعية عن نفسه عندما مرّ بهذه المرحلة، وكيف شعر، وكيف فهم، وكيف اجتازها بصورة واقعية، ثم يطلب من ابنه أن يشرح له مشاعره وأحاسيسه وفهمه لما يجري من متغيرات، وقد يقف عند ذلك واعدًا إياه أن لديه معلومات مهمة علمية وشرعية تخص هذه المرحلة سيتحدث معه فيها. وتكون الجلسة الثانية من مدخل علمي يشرح التغيرات الفسيولوجية والنفسية ودورها في حياة الإنسان، وكيف أن الله عز وجل خلقها من أجل غاية عظمى هي إعمار الأرض والتواصل بين الرجل والمرأة من أجل ذلك، وأنها طاقة بنَّاءة إن كانت في إطارها الشرعي ووقتها الطبيعي، وكيف أن الله سبحانه ربط بهذا الحدث تكليف الإنسان شرعيًّا، وما معنى أن يكلف الله تعالى الإنسان في هذه السن، وما يترتب على ذلك من أحكام وأمور شرعية وغير شرعية، ودعوة في النهاية للحور وفتح الموضوع بغير حدود أو قيود.
ثم جلسة أخرى يحدثه فيها عن ميوله وطبيعتها، وما هي قصة أقدام النساء تلك، والوضع الشرعي لزوجة أبيه، وحدود غض البصر، والممارسات الخاطئة التي قد يقع فيها الإنسان لجهله، وفي ذلك كلما تحدث الابن أنصت الأب تمامًا وسكت ولا يتدخل حتى يستطيع أن يخرج كل ما في داخل الابن.
ما حدث لا يخيف، ولكنه جرس إنذار يقول لكم: في بيتنا مراهق فانتبهوا.. انتبهوا بالتربية الجنسية الصحيحة.. انتبهوا في طريق التعامل مع هؤلاء المراهقين التي عنوانها الصداقة والحوار والتفاهم.. انتبهوا فما كان مقبولاً في السابق غير مقبول في الحاضر والمستقبل.
انتبهي فقد أصبح عليكِ جزء من المسئولية ناحية هذا الذي ترينه طفلاً، وهو قد أصبح رجلاً صغيرًا، وتحتاجين إلى أن تزِني الموازنة الصعبة بين كونه ابنك بالتربية، ولكنه ابن زوجك في الحقيقة.
إنه أمر جديد يحتاج إلى دراسة فقهية.. فقه شرعي وفقه نفسي، ونطلب منك أن تعودي لمشاكلنا السابقة وحلولها الخاصة بالتعامل مع الطفل بعد أن يصبح مراهقًا. كيف تعاملين المراهق في حلول سابقة عديدة، ونحن معك إذا كان لديك ما تودين إضافته أو الاستفسار عنه.
ــــــــــــــــــــ(41/85)
الصداقة..الحوار..التفاهم ..مفاتيح المراهق
بسم الله الرحمن الرحيم، بداية أشكركم على الجهد المبذول في هذا الموقع، وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم، في الحقيقة لم أكتب أبدًا لأستشير أحدًا من قبل؛ لذلك لا أدري إن كنت سأنجح في رسم الصورة كاملة أم لا. الأمر يتعلق بأختي الصغيرة وهي في الرابعة عشرة من عمرها، والمشكلة أنني أشعر أنها تعيش في عالم آخر تمامًا بعيدًا عن الأسرة، ولا تكترث لذلك، بل هي سعيدة به، أدرك أن هذا ربما يكون عاديًّا في المرحلة العمرية التي تمر بها، وقد كنت أعتبر الأمر كذلك، وأحاول الاقتراب منها قدر ما أستطيع.
حيث إن فارق السن بيننا 8 سنوات، وكانت المشكلة أنني دائمًا أعتبرها طفلة، وكان هذا يضايقها بالطبع، ولكن بدأت نظرتي ومعاملتي تتغير كلية هذا العام، وبالفعل اقتربت منها أكثر، ولكن ما يحد من ذلك كوني أعيش بعيدًا عن الأسرة؛ بسبب ظروف الدراسة، وبالتالي لا أراها إلا مرة أو اثنتين في العام، وعدا ذلك فإن الإنترنت هو وسيلة التواصل الوحيدة بيننا.
أعتذر لهذه المقدمة الطويلة نوعًا، ولكني أحاول أن أوضح الظروف المحيطة. بدأت ألاحظ أنها تقضي معظم الوقت إن لم يكن كله بمفردها، وقد تغيرت شخصيتها كلية من البنت الاجتماعية المرحة التي كنا نضرب بها المثل في الأسرة إلى فتاة مختلفة تمامًا.. انطوائية تمامًا لا نعرف ما تفكر به ولا تتكلم مع أحد داخل المنزل، وقد لاحظت ذلك خلال زيارتي الأخيرة لهم، فهي لا تتحدث مع أمي في أي أمر إطلاقًا مهما يكن بسيطًا، حتى إنني قلت لها في نهاية الإجازة أنا لا أعرف أسماء أصدقائك، ولم أسمعك تذكرين شيئًا عما يحدث في المدرسة، حتى وإن كان كوميديًّا وليس ضروريًّا ما يضايقك، فلم ترد، وبعد ذلك قالت لا أحد يفهمني في البيت، وأنا لديّ عالمي الخاص.
وعندما أقول لها: إنني أفتقد جو الأسرة تقول لا فرق.. أنا أتمنى العيش بمفردي، ولا يهمّني الحديث معهم، لقد أخذت أتذكر كيف كنت أفكر عندما كنت في سنها، فوجدتني نعم كنت أعتقد دائمًا أنهم لا يفهمونني، وربما لم أصارح أمي بكل شيء، ولكن ليس لهذه الدرجة، فقد كنت أتحدث معهم بينما هي لا يعرفون عنها شيئًا، وهي لا تهتم بأخبارهم، لدرجة أنني أحيانًا وأنا هنا تخبرني بأمور ولا تخبر بها أمي، وعندما أخبرها بالطبع تتضايق أمي لذلك.
مشكلة أخرى أشعر أنها عرض لحالة الانفصال التام عن الأسرة هي ارتباطها الكبير بالإنترنت، وفي البداية أخذت الموضوع ببساطة، وطلبت منها أمي ألا تتحدث مع أحد إلا أصدقائها في المدرسة، ومن تعرفهم مسبقًا، ثم أخبرتني أمي أنها تغلق ما كانت تفعله بسرعة إذا دخل عليها أحد، وأنها أخبرتها ألا تفعل ذلك ما دامت لا تفعل شيئًا خطأ، ولكن لم يتغير الوضع، وعندما تسألها عما تفعله تقول أحدِّث إحدى صديقاتي، فقام أبي وأمي بتغيير كلمة السر وأصبحوا يسمحون لها بالجلوس لأوقات أقل، ولكن كما أعتقد لم يتغير شيء؛ لأن أخي لاحظ الأمر نفسه عندما كنا هناك، كما أننا عندما نتحدث معها على "النت" ألاحظ أنها تستخدم كلمات لا يستخدمها إلا الأجانب في الشات.
وبالطبع نحن خائفون عليها مما قد يقوله لها هؤلاء، خاصة أنها ما زالت صغيرة في السن، وتتأثر بسهولة، حيث ما زالت تكوِّن شخصيتها، وهي مرتبطة جدًّا بالأغاني الأجنبية فتدخل مواقع الفرق الأجنبية، وتتحدث في الشات الخاص بها، وأشعر أن الأمر تجاوز مجرد كونه مرحلة وستمر (فأنا أستمع للأغاني وعندما كنت في سنها كذلك، ولكن دون أن يكون ذلك كل حياتي ولا أرتبط به بشدة، وأدرك من داخلي أنه ليس صحيحًا تمامًا)، ولكن الأمر يحتل جزءاً كبيرًا من حياتها، فهي تضع الـ"ووكمان" في أذنها طوال النهار حتى عندما نخرج سويًّا، وبالطبع هذا لا يعجب أبي وأمي.
ومؤخرًّا اكتشفت أمي وجود شريط فيديو في المنزل عليه تصوير أغاني أجنبية تقول إنها غير مناسبة، وعندما سألتها بدأت تنكر أنها سجلته، وقالت إن الأمر تم عن طريق الخطأ، ولكن اتضح أنها سجلته منذ فترة من إحدى القنوات التي قامت بضبطها ومشاهدتها دون معرفة أبي وأمي، فقامت أمي بمعاقبتها وحرمتها من الجلوس على "النت" نهائيًّا ولأجل غير مسمى، حيث قالت لها لقد خنت ثقتي فيك، وقد قلت لأمي عندما أخبرتني ألا تغلق عليها "النت" تمامًا حتى لا يتفاقم الأمر، وتشعر أنها سيئة، فتفعل ما تريد ما دام الأمر متساوٍٍ في الحالتين وقد اقتنعت، ولكن ماذا تفعل لتعاقبها وفي الوقت نفسه لا تزيد الحواجز بينهما، مع العلم أن أمي تعاملها معاملة جيدة جدًّا مليئة بالحنان، وأنا لاحظت ذلك بنفسي، ولكن بلا استجابة منها، وأنا أشعر أن خطوط التواصل مقطوعة تمامًا؛ ولذلك عندما تخبرني بأمر أستمع إليها، حتى ولو كان خاطئًا، وأتمالك نفسي وأحاول أن أجعلها تفكر معي في الأمر، وتحكم هي بنفسها وأضرب لها المثل بنفسي.
أحاول الاقتراب منها، وهي تحبني جدًّا أشعر بذلك، ولكن لا أجد منها استجابة لكلامي، فلا ألومها حتى أبقي على الخيط الباقي في علاقتها بالأسرة، وعلى الأقل أجعلها تستمر في الحديث معي، ولكن دوري محدود طبعًا لبعدي، وكذلك؛ لأني لا أعرف الطريقة المثلى للتعامل معها، وفي الواقع أشعر بالعجز الشديد عندما أتعامل معها، وأحيانًا كثيرة يصيبني الاكتئاب وأحاول التفكير فيما يمكن فعله فلا أعرف!! أو أشعر أن أبي وأمي كذلك يحاولان معها بكل السبل الممكنة، ولكن بلا نتيجة، وأنا أخبرهما بما تقوله لي طبعًا دون أن تدرك هي الأمر؛ ليحيطا بالصورة كاملة، كما فكرت أن نبحث عن شيء يشغل اهتمامها كالقراءة مثلاً، أو أن أزيد من وازعها الديني، ولكنها لا تهتم بذلك مطلقًا وإذا أراد أبي وأمي على سبيل المثال أن تشاهد معهما أحد البرامج الدينية فهي ترفض وبشدة، بل وتخبرني أنها تكره هذا الداعية!! ولا تريد رؤيته.
مشكلة أخرى هي علاقتها بصديقتها الحميمة التي لا ترضى عنها أمي، حيث أخبرتها إحدى المدرسات أن أخلاقها ليست جيدة، وأن المدرسة كلها تتعجب لصداقتهما، فتحدثت معها أمي وحاولت إقناعها هذا في العام الماضي، ولكن طبعًا بلا جدوى، وهذا العام طلبت أن تكون كل منهما في فصل، ولكن لم يقلل ذلك شيئًا من العلاقة، وعندما كنت هناك علمت بالأمر مصادفة عندما أرادت شراء هدية لها فرفضت أمي، وتحدثت معها أنا في الأمر بهدوء، وقلت لها لا أحد يطلب منك أن تقاطعيها، ولكن لا تجعليها صديقتك المفضلة. ولم أكن أعلم مدى ارتباطها بها إلا منذ أيام عنما أخبرتني على النت أنهما اختلفتا منذ فترة، وراحت تصف لي المعاناة التي عاشتها لعدة أيام، وبكاءها ليلاً وفقدانها لشهيتها حتى تم الصلح، كل ذلك دون أن تعلم أمي شيئًا، فقد كانت لا تبدي أمامها أي علامات، وتقول لي أنا دائمًا متضايقة في المنزل فكيف سيلاحظون الفرق؟
قامت بالفعل بإعطائها هدية من صنعها طبعًا دون إخبار أمي (فهي تمتاز بمواهب فنية عالية، وتعتبر هذه هي هوايتها المفضلة أن تقضي ساعات وساعات في غرفتها لتخرج بأشياء مبتكرة)، وأنا لم أعطها أي ردِّ فعل، وبقيت على الحياد، بل وقلت لها لا أحد يحب أن تتشاجري مع صديقتك، وإنني أتضايق جدًّا عندما يحدث ذلك معي، مع العلم أنها في نهاية العام ستنتقل إلى مدرسة أخرى، ولكني لا أعلم إن كانت صديقتها ستنتقل إلى نفس المدرسة أم لا.
أعتذر بشدة للإطالة وربما تكون أفكاري غير مرتبة ويشوبها بعض التكرار؛ لأني حائرة بشدة في هذا الأمر، أرجو أن توضحوا لي السبيل الصحيح للتعامل معها سواء بالنسبة لي أو لأبي وأمي، وكيف نقترب منها أكثر ونحاول فهمها، وأيضًا توجيهها للصواب بصورة عامة أولاً، وفي موضوع الإنترنت، وصديقتها على وجه التحديد، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
تربوي
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نشكر لك اهتمامك بأختك.. ونقدِّر وعيك العالي بطبيعة المشكلة ربما نتيجة لقرب مرورك بهذه المرحلة التي تمر بها أختك (مرحلة المراهقة) أو لقراءة أو ثقافة، ولكن الحقيقة تشخيصك لمشكلة أختك هو تشخيص حقيقي، بل وأسلوبك في التعامل معها صحيح في غالب الأحيان، ولكنها ربما العاطفة والخوف على الأخت هو الذي جعلك تسألين وتبحثين، نعم.. إنها المراهقة، بما فيها من رغبة من إثبات الذات والاستقلال عن محيط الأسرة، رغبة في تأكيد ذلك، ثم الحديث عن عدم فهم الأسرة لها، والانتماء إلى مجموعة الأصدقاء أكثر من البيت؛ لأنها هناك وسط صديقاتها تشعر بذاتها وتشعر أن لها كيانًا خاصًّا، فلها أسرارها ولها عالمها.
نعم إنها كما قالت لك تريد لها عالمها الخاص، سواء في الواقع أو على الشات أو حتى في عالم الخيال، وكما أقول دائمًا فإن التعامل مع المراهقين والمراهقات يحتاج إلى حكمة وصبر؛ لأنهم مع رغبتهم في إثبات ذاتهم واستقلالها ورفضهم للسيطرة يكونون غير مؤهلين لذلك سواء معنويًّا أو ماديًّا، وهو ما يوقعهم في الأخطاء التي إذا انتقدوا بسببها زادت عزلتهم عمن ينتقدهم وشعروا بالإهانة والإحباط مع مشاعر سلبية نحو من كشف عجزهم وقصورهم أن يكونوا مستقلين؛ لذا فإن أولياء الأمور الأذكياء هم الذي يحققون هذه المعادلة الصعبة، بإعطائهم الإحساس بالحرية في التصرف الذي يشعرهم بذواتهم مع التوجيه غير المباشر لتلافي حدوث الأخطاء قدر الإمكان، ولا يكون ذلك إلا بصيغة الصداقة، والحوار، والتفاهم.
سيقول الآباء ولكنهم يرفضون صداقتنا وتقربنا إليهم؛ لأننا لا نزال ننتقدهم وعندما نتقرب منهم يكون لوعظهم وإرشادهم
إننا نريد صداقة حقيقية يشعرون فيها بأننا نحاورهم فعلاً، ونتفاهم معهم بناء على هذا الحوار، وليس مجرد شعار يرفعه أو طريقة نحصل بها منهم على ما نريده من أخبار ومعلومات من أجل أن نستخدمها ضدهم في انتقاد تصرفاتهم، وهذا يحتاج إلى صبر وزمن للوصول إليه فلا يصلح أن نقول إننا حاولنا مرة أو مرتين.
إن المراهق يراقب هذا التغير في سلوكياتنا نحوه ويختبر مدى جديته.. هل نحن فعلاً صادقون في احترام ذاته؟ هل نحن فعلاً صادقون في الحوار معه والوصول إلى النتيجة المرجوة من خلال التفاهم؟ إذا أدرك صدق ذلك تقدم خطوة نحونا ونحو الخروج من عالمه الخاص إلى عالمنا.. إنها حكمة التعامل التي تذكرني بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي يقول فيه: "مثلي ومثلكم مثل رجل انسلت منه دابته، فجعل الناس يسعون وراءها وهي تسعى، فجاء صاحب الدابة وقال خلوا بيني وبين دابتي، وجاء بشيء من خشاش الأرض وقدمه لها فجاءت طائعة مختارة".
إن أبناءنا وأخواتنا المراهقين هم هذه الدابة التي لو سعينا وراءها بالنقد والرفض والصراخ بالخطأ والصحيح، وما كان وما يجب أن يكون فإنهم سيسعون منا ويهربون إلى عالمهم الخاص الذي لن نستطيع أن نخرجهم منه، ولكنه خشاش الأرض مفتاح شخصية كل مراهق، وهو احترام ذاته، وإعطاؤه الإحساس بالتقدير والحوار والتفاهم معه حول كل الأمور بصبر وهدوء، ولا تغرينا سلطة الأبوة والأمومة في أن نفرض عليهم ما نريد، ولنعتبرهم أصدقاء وزملاء نريد أن نقنعهم بأمر أو نوصله إليهم بدون أي سلطة أو إجبار عندها سنجدهم طائعين مختارين.
إذا شعروا بثقتنا فيهم حرصوا عليها، ولن أنسى تلك المراهِقة التي حضرت إلى مركزي تشكو مشاكل الدراسة، وتحكي ضمن ما تحكي عن ذلك الشاب الذي حاول التقرب منها طالبًا صداقتها، فقالت لي: فعندما تذكرت ثقة أبي فيّ ... رفضت وقلت له لا أعرف صداقة بين فتي وفتاة في سننا.. تقول ذلك وعينها تلمع بالفخر لموقفها ولحريتها المسؤولة التي حصلت عليها بثقة أهلها فيها وثقتها فيهم.. إنها الصداقة.. الحوار.. التفاهم.. الحرية المسؤولة.. الثقة.. مفاتيح تلك المرحلة.
ــــــــــــــــــــ(41/86)
ابنتي ترفض الحجاب....ليست مشكلة
الابنة غير ملتزمة بالزي الإسلامي، وأنا كثيرة النصح لها بالالتزام به، ولكنها ترفض بشدة؛ لأن صديقاتها بالنادي والمدرسة والمجتمع المحيط بنا غير ملتزمات بهذا الزي، وأنا أخشى من حساب الله لي على عدم التزامها.. فماذا أفعل؟
أبوها يحملني مسؤولية عدم التزامها بالزي الإسلامي، علمًا بأنني وأختها الكبرى ملتزمتان بشرائع الله، ونرتدي الزي الإسلامي.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان
د/ليلى أحمد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الغالية:
فهمت من البيانات أن ياسمين -حماها الله وجعلها اسمًا على مسمى- أنها الصغيرة بين إخوتها، أي أنها كما يقول المثل العامي: "آخر العنقود.. سكر معقود"؛ فالهوينى الهوينى يا أختي ولا تستعجلي.. وكما يقول المثل الغربي: "امنح وقتًا للوقت.. فكل شيء يأتي في حينه".
لم تذكري الداعي لاستعجالك على التزامها بالحجاب، ولعلها بلغت سنّ المحيض، ومع ذلك فلن يختلف الرد في الحالتين، وأعرف أنك مسؤولة عنها، ولكن هذا لا يبرر لوالدها أن يزيد في معاناتك ويحملك أنت المسؤولية.. فأين دوره هو؟ أليس هو مسؤولا أيضًا؟
ولنفترض أنها بلغت السن التي يفترض فيها أن تحجب زينتها وفتنتها عن أعين الرجال، وأن الحجاب فرض عليها كالصلاة.. فهل يصح أن تلزميها به دون أن تكون راغبة أو مقتنعة به، وأنت ترين المجتمع كيف يمور مورًا بالفتن، وكيف يجذب دعاة الإباحية الشباب والفتيات بكل وسيلة مغرية؟ فكيف يمكن أن نقول: إن أحكام الله يجب أن تطبق وحالنا على ما هو عليه؟!
دين الإسلام لا يمكن أن تكون أحكامه مطبقة بشكل فردي ما لم تجِد لها سندًا في المجتمع.. فهو لا يقوم إلا على دعامتين اثنتين: دعامة من أخلاق الفرد، ودعامة من ثوابت المجتمع.
إذا كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قد ألغى حد السرقة في عام الرمادة -أيام القحط- فمالنا والله سوى التوسل لله سبحانه أن يرسل لنا رجلاً ملهمًا كعمر يستطيع أن يأخذ بيدنا في طريق الحيرة والليل الحالك الذي نعيشه.
يا أختي العزيزة، كان من المفروض أن تهيئيها نفسيًّا للحجاب قبل سنتين على الأقل، ولو لم تلزميها به، بل على الأقل تحببينه إليها بالكلام العاطفي، حيث كانت إلى سن الطفولة أقرب ويمكن أن تتأثر بكلامك، لكن الآن وقد تأخرت فلا أنصحك سوى بالصبر، ومع ذلك فلا تفهمي كلامي أنني أشجِّعك -لا سمح الله- أن تيئسي منها، بل تأكدي أننا في هذا الزمن أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما: إما أن ننشئ أولادنا على الإسلام الحقيقي أو أن شياطين الإنس والجن ستتخطفهم!.
ابنتك دخلت في سن المراهقة، وهي سن التمرد والبحث عن الذات، وسن الاضطرابات العاطفية والنمو الجسمي الذي لا يوافقه في منحاه النمو العقلي؛ ولذلك كانت مهمة التفاهم مع المراهقين من أصعب المهمات، فهم ليسوا أطفالاً ليتأثروا انفعاليًّا، وليسوا ناضجين ليقتنعوا منطقيًّا، بل هم في تخبط وحيرة، ومع ذلك لا يعترفون بها دائمًا إلا إذا وجدوا الصدر الحاني، والعقل المتفهم، والقلب المحب.. فهل تحاولين أن تكوني معها هكذا قبل أن تطلبي منها أي شيء آخر؟
طبعًا يجب ألا تقارني ياسمين بأختها الكبرى؛ فلكل فرد شخصيته المتميزة منذ ولادته، ولعلَّ أختها لم تخضع للمؤثرات والإغراءات التي تخضع هي لها في المدرسة والنادي والمجتمع.
المطلوب منك أن تحضِّيها على توثيق صلتها بالله سبحانه.. فهل هي تصلي؟ إذا لم تكن تصلي فهنا هو الخلل في الحقيقة؛ لأن الحجاب كما تعلمين لم يُفرض إلا في السنوات الأخيرة من حياة الرسول -عليه الصلاة والسلام-، أما الصلاة فقد فُرضت في الإسراء والمعراج عندما كان -عليه الصلاة والسلام- في مكة، ودليل أهمية الصلاة عن باقي الفرائض أنها لم تُفرض في الأرض، بل فُرضت في السماء مباشرة من الله عز وجل إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ لذلك فلا أنصحك أن تأمريها بأمر أو تنهيها عن شيء إلا إذا كنت واثقة من أدائها لصلاتها من نفسها دون أن تفرض عليها أو أن تؤديها لأن أحدًا ما يراقبها، أي يجب أن ينمَّى فيها مفهوم مراقبة الله سبحانه وتعالى قبل أي شيء، فإذا كانت تصلي وتؤدي الصلاة في أوقاتها فهي علامة خير إن شاء الله. فقد قال الله تعالى: "وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر". وروى الإمام القرطبي في تفسيره أن أنس -رضي الله عنه- قال: كان فتى من الأنصار يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يدع شيئًا من الفواحش والسرقة إلا ركبه، فذُكِر للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إن الصلاة ستنهاه"، فلم يلبث أن تاب وصلُحت حاله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألم أقل لكم؟!".
أما إذا لم تكن تصلي أو غير ملتزمة بأداء الصلاة في أوقاتها، فعليك أن تعيدي بناء الإيمان في نفسها، وابدئي معها بطريق الترغيب أولاً والترهيب ثانيًا، وذكِّريها بأفضال الله -عز وجل- علينا ونعمه، واغتنمي الفرص لتُذكِّريها بآلاء الله سبحانه، واشرحي لها أن الصلاة وإن كانت فريضة، وتحمل دلالة عبوديتنا لله سبحانه.. فهي شكر له سبحانه على ما أسبغه علينا من نعم، وحبِّبي الله تعالى إليها؛ فالله هو الرحيم، وهو الودود، وهو اللطيف، وهو الذي ندعوه إذا احتجنا، ونسأله إذا عجزنا، ونتوسَّل إليه إذا افتقرنا، وذكِّريها أنَّها مخلوقةٌ من تراب، ولكن فيها نفحة من روح الله، والجسم كما هو بحاجة للغذاء لينمو، كذلك فإنَّ الروح بحاجة أن تتَّصل بالله لتنمو، واذكري لها كم يعاني الغربيِّون من الضياع والقلق وحالات الانتحار بسبب فقدانهم صلتهم بالله عز وجل.
إذن يجب أن تقوِّي الجانب الروحي فيها كي يكون دافعًا لها على سلوك طريق الله في كل ما أمر ونهي، وذكِّريها باليوم الآخر وأن حياتنا الدنيا هذه هي سبيل لحياتنا الآخرة، وأن التزامنا بفرائض الإسلام نابع من كونه دين الله الذي ارتضاه لنا، وقربي لها مفهوم الدين كما يلي:
إذا اشترى الإنسان أي جهاز مثل تلفاز أو غيره فإنه يطلب من البائع كتيب التعليمات (الكاتالوج)؛ ليعرف كيف يعمل هذا الجهاز وكيف يصونه ويمنعه من الأعطال، فهكذا الدين بالنسبة للإنسان ما هو إلا كتيب التعليمات الخاص بحياته كي تستمر على أفضل حال، والصانع هو الخالق جل وعلا؛ فهو أعلم بما يصلح الإنسان؛ لأنه هو من خلقه وركب فيه الخير والشر "وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْن"، فلا بد للإنسان من التقيد بتعاليم الدين كي يعيش حياة طيبة في الدنيا، ويجزيه الله خير الجزاء في الآخرة، قال تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ".
طبعًا لا يفوتني أن أذكر لك شيئًا مهما، وهو أنها قد لا تقتنع بكلامك أنت؛ لأنك قريبة منها جدا، وكما يقول المثل: "زمّار الحي لا يُطرب"، فعليك في هذه الحالة أن توفري حولها جوا دينيا خارج المنزل أيضا بصديقات أو قريبات ملتزمات معتدلات يحببن الحجاب لها دون أن ترى فيهن المتشددات اللواتي حرمن أنفسهن من متع الحياة الحلال، فيجب أن تفهم أن الدين لا يمنعنا من التمتع بطيبات الحياة الدنيا "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا"، "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ". وقد أعجبت بظاهرة موجودة في النوادي في بلدك, وهي ممارسة الفتيات المحجبات لجميع الأنشطة الرياضية المختلفة مع محافظتهن على الحجاب, إذ لم يمنعهن حجابهن من ممارسة هواياتهن المحببة.
وعندما تجد حولها الرفقة الصالحة، فغالبًا ستنجذب إلى طريق التدين والالتزام "الصاحب ساحب"، وكما قال -عليه الصلاة والسلام-: "المرء على دين خليله.. فلينظر أحدكم من يخالل"، وفي نفس الوقت حاولي أن تخففي من تعلقها بالصديقات اللواتي يغريها منظرهن بعدم الحجاب بدون ضغط عليها لفعل ذلك.
قد يساعد أيضًا اصطحابها إلى دروس دينية ومواعظ ترقق قلبها أو سماع أشرطة جيدة لبعض الدعاة الشباب من أمثال "عمرو خالد"، أو متابعة برنامجه على قناة "اقرأ"، وأعتقد أن طريقته جيدة لجذب الشباب والفتيات إلى الدين ولو لم يتكلم بشكل مباشر عن الحجاب. المهم كما قلت لك غرس بذور الإيمان فيها، وقد عرفه -عليه الصلاة والسلام- أن الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل، فعليك أن تقوِّي إيمانها وصلتها بربها أولاً، ثم تحضيها على العمل ثانيًا.
وأجد من الواجب عليّ أن أنبهك يا أختي الكريمة ألا تجبريها على الحجاب إذا لم تقتنع به من ذاتها؛ لأنها قد تضعه أمامك بينما تخلعه في غيابك، وهذا يؤدي إلى إصابتها بازدواج في الشخصية ومعاناة قد لا يظهر أثرها الآن بقدر ما يبدو بعد حين؛ بحيث تنطلق غير عابئة بكم بمجرد أن تجد نفسها حرة من قيود المراقبة، وكم رأيت في الحياة من هؤلاء الفتيات اللواتي يخلعن حجابهن بمجرد وصولهن إلى آخر الشارع، فإياك أن تصلي بابنتك إلى هذه الحال، بل على العكس اغرسي فيها بذور الثقة بنفسها، وأنك واثقة من أخلاقها، ولا أدري مدى إمكانية إفهامها أن الحجاب لم يفرضه الله على الفتاة حرصًا على أخلاقها واستقامتها، بل فرضه كي يصون المجتمع من الفساد والرذيلة؛ لأن المرأة غير الرجل، والحجاب كي تختفي المثيرات عن أعين الرجال؛ فلا يروا في المرأة إلا شريكًا ندًّا له في الإنسانية؛ ليتم بناء المجتمع على أسس حضارية سامية، وربما كلامي هذا يناسبها عندما تصبح في سن أكبر قليلاً.
لا تنسي أن تحثيها دائمًا على الأخلاق السامية والأعمال الخيرة، وإذا كنت قد ربيتها التربية السليمة فإن الله سبحانه لن يخذلك، ولكن اجعليها دائمًا تتبنى موقفًا إيمانيًّا نابعًا من الوعي والقناعة، وبذلك تحترم التزامها وتستطيع أن تدافع عن قناعاتها.
وفقك الله في تربيتها وإخوتها كما يحب الله ويرضى، وأقرَّ عينك بهم في الدنيا، وجعلهم عملاً باقيًا وذخرًا لك في الآخرة، والسلام عليكم
ــــــــــــــــــــ(41/87)
المراهقات ..الصلاة.. الحجاب ..برنامج للاقتراب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة إلى الموقع وإلى صفحتكم الموقرة، وبعد.. لي بنت تبلغ من العمر ثلاثة عشر عامًا، أحاول معها جاهدة دعوتها إلى الصلاة في وقتها، ولكنها غالبًا ما ترفض، أحاول أن أقربها من الشرائط والخطب الدينية، ولكنها أيضًا تبتعد، حتى إنني أستشعر أنها تخاف من أن تتقرب إلى حقيقة الإسلام، حتى لا يضطرها ذلك إلى لبس الحجاب.
وإني أتساءل: كيف أقنعها بالصلاة والاستماع إلى الخطب الدينية عن اقتناع وحب لا عن تعسف منِّي أو ضرب؟ وكيف أقنعها بالحجاب وهي في سن صغيرة؟ باختصار كيف أقربها من بيئة الإيمان؟ وأيضًا زوجي ملتزم خلقيًّا جدًّا، ولكن مع الصلاة أجده يؤخرها عن وقتها؛ فكيف أوصل له تنبيهًا بعدم تأخير وقت الصلاة دون أن أسبب له إحراجًا؟ والسلام عليكم. ... السؤال
أبناؤنا والإيمان
أ/نيفين السويفي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة، أول شيء دعيني أرد عليك السلام، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وشكرًا لك على تحيتك الطيبة للموقع ولصفحتنا.
أختي الحبيبة، أريد منك الآن أن تفعلي شيئًا؛ فهل أنت مستعدة؟.. أغمضي عينك لنصف دقيقة، وخذي نفسًا عميقًا، والآن أخرجيه بقوة وأنت تقولين: "يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث"؛ فهو نعم الغوث ونعم العون على كل ما أحاط أبناءنا في هذا العالم من فتن وضغوط باتت فيها شياطين الإنس أقوى وأشد ضراوة وخطرًا على الإنسان من شياطين الجن أنفسهم.
قد يبدو ما سأقوله محبطًا، ولكنها الحقيقة التي يجب أن نتفهَّمها حتى نستطيع التعامل معها، فما تمر به ابنتك وما تجدينه من صعوبة في إقناعها أمر طبيعي جدًّا، خاصة في مرحلة المراهقة التي تتسم بالعند والرفض، والرغبة في إثبات الذات- حتى لو كان ذلك بالمخالفة لمجرد المخالفة- وتضخم الكرامة العمياء التي قد تدفع المراهق رغم إيمانه بفداحة ما يصنعه إلى الاستمرار فيه، إذا شعر أن توقفه عن فعله سيشوبه شائبة أو شبهة من أن يشار إلى أن قراره بالتوقف عن الخطأ ليس نابعًا من ذاته وإنما بتأثير أحد من قريب أو بعيد.
أختي الحبيبة، لن أطيل عليك، وسأبدأ معك في عرض اقتراحاتي لحل المشكلة، وأرجو منك أن تتفهميها وتسمعيني فيها إلى آخر الحديث:
دعيني أوضح لك شيئًا هامًّا، وهو أن أسلوب الدفع في توجيه البنت وتعديل سلوكها، لن يؤدي إلا إلى الرفض والبعد، فكما يقولون: "إن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه".
سأقترح عليك برنامجًا قد يستغرق منك 3 أشهر، وربما أقل أو أكثر حسب توفيق الله وقدره وتنظيمه، كالتالي:
المرحلة الأولى: وستستغرق منك 3 أسابيع إلى شهر:
قومي فيها بالتوقف عن الحديث في هذا الموضوع"الصلاة و الحجاب" تمامًا، ولا تتحدثي فيه من قريب ولا بعيد، ولو حتى بتلميح مهما بعد. أعلم ما قد تبدينه من استغراب قد يصل إلى الاستنكار، ولكن الأمر بالضبط كالدواء الذي يكتبه لنا الطبي و نأخذه رغم عدم درايتنا الكاملة بمكوناته و تأثيراته و لكننا تعلمنا من الرسول صلى الله عليه و سلم أن لكل داء دواء لتمرد المراهقة و هو الداء الذي يصيب أغلبية الشباب كما يصيب البرد أغلبية الأطفال في الشتاء.
تذكري أننا نربِّي ضميرًا ونعالج موضوعًا إذا لم يُعالج في هذه المرحلة فالله سبحانه وحده الذي يعلم إلى أين سينتهي،فلا مناص من الصبر و حسن التوكل على الله و جميل الثقة به سبحانه.
و نعود مرة أخرى إلى العلاج ألا و هو التوقف لمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع عن الخوض في موضوعي الصلاة و الحجاب ،والهدف من توقفك عن الحديث في هذا الأمر هو نسيان ابنتك له، حتى تفصل بين الحديث في هذا الأمر وبين علاقتك بها، لنصل بهذه العلاقة إلى مرحلة تشعر فيها البنت بالراحة، وكأنه ليس هناك أي موضوع خلافي بينكما، فتستعيد الثقة في علاقتك بها، وأنك تحبينها لشخصها، وأن الرفض هو للفعال السيئة وليس لشخصها.
فالتوتر الحاصل في علاقتكما الآن بسبب اختلافكما أحاطك بسياج شائك يؤذيها كلما حاولت الاقتراب منك أو حاولت أنت الاقتراب منها بنصحها حتى أصبحت تحس بأنها تصاب بالأذى النفسي كلما حاولت الكلام معك، وما نريد فعله في هذه المرحلة هو محاولة نزع هذا السياج الشائك الذي أصبح يفصل بينكما.
المرحلة الثانية: مرحلة الفعل الصامت من ثلاثة أسابيع إلى شهر:
في هذه المرحلة لن توجهي إليها أي نوع من أنواع الكلام، وإنما ستقومين بمجموعة من الأفعال المقصودة، فمثلا: تعمدي وضع سجادة الصلاة على كرسيها المفضل في غرفة المعيشة، أو تعمدي أن تتركي حجاب الصلاة على سريرها أو في مكان تواجدها المفضل في البيت، بحيث يكون على مقربة منها دائمًا.
ثم تعودين لأخذه وأنت تقولين وكأنك تفكرين بصوت مرتفع: أين حجاب الصلاة؟ أريد أن أصلي.. ياه لقد دخل الوقت.. يا إلهي كدت أن أنسى الصلاة ...
بين الفرض والآخر تسألينها: حبيبتي، كم الساعة؟ هل أذَّن المؤذن؟ كم بقي على الفرض؟ حبيبتي، هل تذكرين أنني صليت؟ آه لقد أصبحت أنسى هذه الأيام، لكن يا إلهي، إلا هذا الأمر..
واستمري على هذا المنوال لمدة 3 أسابيع أخرى أو أسبوعين حتى تشعري أن البنت قد ارتاحت، ونسيت الضغط الذي كنت تمارسينه عليها.
وساعتها ندخل في المرحلة الثالثة:
قومي بدعوتها- بشكل متقطع على فترات؛ حتى يبدو الأمر طبيعيًّا وتلقائيًّا- للخروج معك، ومشاركتك حضور أحد الدروس بدعوى أنك تريدين مجرد صحبتها وليس دعوتها لحضور الدرس، بقولك: حبيبتي أنا متعبة وأشعر بشيء من الكسل، ولكني أريد الذهاب لحضور هذا الدرس، تعالَي معي، أريد أن أستعين بك وأستند عليك.. فإذا رفضت لا تعلقي ولا تعيدي عليها الطلب، وأعيدي المحاولة في مرة ثانية.
ويتوازى مع هذا الأمر أن تشاركيها في كل ما تصنعينه في أمور التزامك في أول الأمر من خلال طلب رأيها ومشورتها، وكأن هدفك- بل هو في الحقيقة ما يجب- تقريب العلاقة وتحقيق الاندماج بينكما.. بمنتهى الحب والتفاهم تقولين لها: "حبيبتي تعالَي سمِّعي لي القرآن الكريم الذي حفظته"، "حبيبتي ما رأيك في هذا الحجاب الجديد"، "ما رأيك في هذه الربطة" ... كل هذا وأنت تقفين أمام المرآة، وحين تستعدين للخروج مثلاً تقولين لها: "تعالَي اسمعي معي هذا الشريط"، "ما رأيك فيه"، "سأحكي لك ما دار في الدرس هذا اليوم"، ثم تأخذين رأيها فيه، وهكذا بدون قصد أوصليها بالطاعات التي تفعلينها أنت.
اتركيها تتحدث عن نفسها، وعن رأيها في الدروس التي تحكين لها عنها بكل حرية وبإنصات منك جيد، واتركيها حتى تبدأ هي بالسؤال عن الدين وعن أموره.
وأود أن أوجِّه نظرك إلى أمور مهمة جدًّا:
- يجب ألا تتعجلي الدخول في مرحلة دون نجاح المرحلة السابقة عليها تمامًا، فالهدف الأساسي من كل هذا هو نزع فتيل التوتر الحاصل في علاقتكما، وإعادة وصل الصلة التي انقطعت بينها وبين أمور الدين؛فهذا الأمر تماما كالمضاد الحيوية يجب أن تأخذ رجعته بانتظام و حتى نهايتها،فإذا تعجلت الأمر و أصدرت لها و لو أمرًا واحدًا خلال الثلاثة أسابيع فتوقفي و ابدئي العلاج من البداية.
- لا تتحدثي في موضوع الحجاب أبدًا، أبدًا في هذا الوقت؛ فهو أمر يجب أن تصل إليه عن قناعة تامة، وإذا نجحتِ في كل ما سبق- وستنجحين بإذن الله، فأنت قد ربيتِ نبتة طيبة حسب ما تذكرين أنك ملتزمة وأن أباها على خُلُق- فسيأتي اليوم الذي تطلب منك هي شخصيًّا أن ترتدي الحجاب، بل قد يأتي اليوم الذي تشتكين فيه من سفر أغطية رأسك وحجابك وهجرتها إلى دولابها الخاص.
- لا تعلِّقي على ملابسها، إلا في أضيق الحدود، وتجاوزي عن بعض التجاوز فيه مثل ألوان لا تعجبك.
- اقصري الاعتراض واستخدام سلطتك في المنع على الأخطاء التي لا يمكن التجاوز عنها، مثل: لو أرادت الخروج مع صحبة غير مؤتمنة، أو أي شيء فيه انتهاك شرعي صريح،قد تعترضين و تقولين :"أليس عدم لبس الحجاب بعد البلوغ تجاوز شرعي؟"لا يُخالفك أحد في هذا الأمر و لكن هذا الموضوع نحن بصدد علاجه بصورة جذرية حتى نصل إلى تشكيل قناعة داخلية لا تجعل من موضوع الحجاب و الطاعة بصفة عامة رد فعل للأوامر الأهل.
- استعيني بالله ولا تحزني، وادعي دائمًا لها، ولا تدعي أبدًا عليها، وتذكري أن الأمر قد يحتاج إلى وقت، لكنه سينتهي بسلام إن شاء الله، فالأبناء في هذه السن ينسون ويتغيرون بسرعة، خاصة إذا تفهمنا طبيعة المرحلة التي يمرون بها وتعاملنا معها بمنتهى الهدوء والتقبل وسعة الصدر والحب.
ــــــــــــــــــــ(41/88)
البنات والموضة وحرية الاختيار
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، ابنتي 11 عاما، تريد دائما أن ترتدي الملابس مثل زميلاتها على الموضة ولكن والدها يرفض. وأنا أقول إنها صغيرة لأنها لم تبلغ، وأنا أريد توجيها بشكل مقنع وليس تعسفي لارتداء الزي المناسب؛ فأولاد عمتها وخالتها يرتدون ملابس الموضة، وهى دماغها صعبة وتريد أن تكون مثلهم، وهى عنيدة. ما الأسلوب المعالج لكي تقتنع؛ لأنها ممكن أن تنفذ ما نقوله، ولكن إذا سافرنا لأداء العمرة أو الحج تلبس كما تريد، معنى هذا أنها غير مقتنعة من داخلها. تحياتي والرجاء سرعة الرد.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان, العناد والعصبية
أ/نيفين السويفي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..سيدتي الفاضلة والأم الحنون.
معذرة لو وجدت مقدمة هذه الاستشارة على خلاف سابقتها.. فإليك لقطات، إنها ليست لقطات سينمائية ولا مسرحية ولا من مسلسل عربي.. إنها لقطات لأحداث واقعية وقعت لبنات في سن ابنتك منذ ما يقرب من 10 سنوات.
اللقطة الأولى:
بنت في الثانية عشرة من العمر تعيش في كنف أسرة مستقرة، ولكن تعاني من تعسف الأب في تقبل وتفهم طلباتها العادية.. أسبوعيا فستان جديد مثل باقي زميلاتها تختاره بنفسها، الخروج مع صديقاتها خلال عطلة الأسبوع كانت متفوقة حتى إنها فازت بجائزة السفر إلى إحدى دول أوربا وافق الأب، فهو من وجهة نظره قد ربى ابنته جيدا، ودخلت هذه الفتاة الطائرة، وما إن غادرت الطائرة أراضي الوطن حتى تعهدت الابنة أمام نفسها بأن تكسر خلال هذه الأسابيع الثلاثة القادمة (فترة السفر) كل أنواع القيود، وأن تعيش كما يحلو لها، فكفى بها متعة أن يختار المرء الحياة التي يعيشها وأسلوبها وقد كان.
اللقطة الثانية:
ابنة أخرى أكبر سنا (14 سنة) تعيش وسط أسرة تربي على التقاليد.. التقاليد فقط، وليس الدين، يطمح الوالدان أن يريا الابنة متفوقة في دراستها وعملها حتى يفتخر بها أمام الأعمام والخالات، المهم عندهم المظهر؛ لذا عملا على أن تلبس أحسن الملابس من أوربا وأن تسافر كل عام في الخارج لا مانع من أن تتعرف على الشباب طالما كانوا أولاد ذوات كما يقولون.
وفي حين غفلة من أهلها أخذت تقرأ بعض الكتب الدينية الإسلامية، وأخذت تسأل عن الدين ودون علمهم أخذت تستمع إلى الدروس الدينية في الشرائط، وتذهب لتحضر بنفسها لعدد من الشيوخ الأفاضل، باختصار هداها الله تعالى إلى الطريق المستقيم، فقامت الدنيا ولم تقعد، الأب ينهر ويسخر ويعترض، بل يضرب، والأعمام والخالات ما بين ساخر وناقد، ووقفت وحدها أياما، وأشهرا وسنين تدافع عن اختيارها، فهي اختارت واقتنعت وهداها الله أليس هذا سببا كافيا لتحمل المشاق والمتاعب؟
نرجع إلى واقعنا الحالي نرجع إلى ابنتك الحبيبة سوزي، فهي تحتاج إلى هذا الإحساس إحساس أنها اختارت بنفسها لنفسها يومها، يومها فقط ستجدينها تدافع عن رأيها واحتياجها النابع من داخلها، بل تقتنع كل من حولها به.
كيف السبيل إلى ذلك؟
في البدء لا بد أن نحمد لله سبحانه وتعالى أنها لم تدخل طور البلوغ والتكليف بعد، وهذا يجعل الأمور أسهل في التعامل كما يقول الإستراتيجيون: "الوقت في صالحنا"، هناك عدد من الأمور لا بد من اتباعها، وهي كلها من الأهمية بحيث لا يمكن إغفال واحدة منها أو التقليل من شأنها.
أولا: خلق الجو والبيئة المناسبة
والمقصود بذلك استبدال جو أولاد وبنات العم والخال بصحبة جديدة ذات أخلاق ودين وأمانة، تعيش معهم حياة تتسم بالطاعة وفي نفس الوقت حياة كلها انطلاق ومرح (مباح).
بمعنى صحبة تخرج معهم في نزهة إلى النادي، يقمن بالطهي سويا في المطبخ، يذهبن سويا لتعلم الكمبيوتر في الصيف، وفي نفس هذا الوقت يلتزمن سويا بالصلاة، تصحبينهم في اختيار الملابس المحترمة المناسبة، (أعرف أن إحدى المشاكل التي ستقابلك هي عدم وجود الملابس المناسبة لهذه السن في السوق المصرية، فقد تقررين - مثلي - العودة إلى الخياطة: وهذا فيه ميزة أن الابنة باختيارها للألوان والأقمشة ستشعر بأن مجال الاختيار مفتوح بالنسبة لها).
ما أريد أن أقوله: الصحبة.. الصحبة .. الصحبة.. وقد صدق رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل".
على أن يكون اختيار هذه الصحبة من قبلك انتقاء واعيا وغير متسرع، فعليك اختيار الشخصيات التي تتناسب مع شخصية ابنتك، فلا تختاري صحبة رياضية مثقفة ثقافة عالية جدا، وإن لم تكن ابنتك كذلك حتى يحدث الاندماج المطلوب.
كما أن الاختيار يحتاج إلى وعي وتدقيق ووقت ومجهود، كذلك طريقة تعرف ابنتك على هذه الصحبة لا بد أن يكون بصورة طبيعية غير تعسفية.
لا أدعو أبدا لأن تقطع صلة الرحم ببنات العم والخالة، ولكن ليكن تواجدها في الفترة القادمة وسط هذا الجو أقل ما يمكن وفي نطاق محدود؛ فنحن كلنا ندرك كم الضغوط النفسية وكم الآثار السلبية التي تمثلها مثل هذه الصحبة.
ثانيا: تدريب الابنة على مهمة الاختيار
الحمد لله مرة ثانية ابنتك لم تبلغ بعد، وهذا يجعلنا نقول (بقلب جامد) اجعليها تختار بين الحين والحين أشياء تروق لها؛ حتى وإن كانت في نظرك غير مناسبة مع إظهار الضيق وعدم الرضي الكامل عن هذا الأسلوب، ولكن هذا وحده لا يكفي لا بد من الكلام، لا عن موضوع اللبس فقط، بل اجعلي الملابس هذه مجرد مدخل لأمور أهم: لماذا نفعل ما نفعل؟ كيف نختار؟
لابد أن تعيش معني الآية "وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون" الموضوع ليس مشكلة ملابس مناسبة أو غير مناسبة، الموضوع أعمق من هذا.
عليك وبأسلوب المتفهم لطبيعة المرحلة التي تمر بها وبأسلوب الأم الحنونة أن تفهميها أننا نعيش حياتنا لغرض وهدف وغاية.
ألا وهي خلافة الله على الأرض، وكل ما يصب في هذا الهدف مما شرعه الله هو طاعة، فالمأكل الحلال طاعة، واللبس الحلال الأنيق المتناسق في ألوانه وشكله طاعة، تعلم اللغات طاعة .. كل ذلك نثاب عليه.. وبالتالي علينا دوما أن يقع اختيارنا على ما فيه الثواب وما جوهره الطاعة لله.
كيف؟ هذا هو السؤال
ولا إجابة على كيف هذه سوى القدوة، عليها أن ترى فيك الأم التي تعيش حياة الطاعة .
فمجرد تذكرها أننا سنخرج سويا للتنزه؛ لأن الترويح عن النفوس إن صاحبته النية الصالحة يكون طاعة، وأنها إن اختارت ملابس أنيقة ومتناسقة؛ ففي مظهر المسلم الجميل دعوة للغير، وأنك تبذل طاعة لله فالأصل في اختيارنا للأفعال والأقوال وأسلوب الحياة هو الطاعة لابد أن يكون هذا هو الهم الأكبر.
ولتنمية القدرات مع الاختيار إليك سيدتي بعض النقاط العملية:
لابد من أن يترك لها مساحة للاختيار في كل ما هو مباح والأمثلة كثيرة: اختيار نوع الرياضة التي ستمارسها، اختيار الطريق لاستثمار وقت الفراغ، اختيار المصيف مثلا إن أمكن ذلك، وتوجيهها بهدوء ولطف دون تعسف ودون ضغط.
وللأسف هناك خطأ شائع عند كثير من الأسر في عالمنا العربي، فنحن نضيق آفاق الاختيار لدى أبنائنا فينشئون بلا قدرة على الاختيار، وقد اعتادوا الانقياد إلى أوامر وتعليمات الأهل، وهذا يعني الحياة بلا قضية يدافعون عنها، وهذا هو "الوهن" والضعف، فالضعيف سبب ضعفه الأول إنه لم ينعم بحرية الاختيار، فلم يختر لنفسه هدفا ولا غاية؛ فعلام "القوة والشدة والبأس"؟ ولعلاج هذا الخطأ أرى أن نرفع شعار "ارفعوا أيديكم عن أولادكم فيما يخض حرية الاختيار".
ــــــــــــــــــــ(41/89)
ابنتي ترفض الحجاب.. المقدمات والنتائج
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
أمَّا بعد،
لي بنتٌ في سنِّ 12 عاما، وأردت أن ترتدي الحجاب ولكنَّها ترفض ذلك، وتقول: سوف أرتديه في يومٍ ما.
ولكن خفت أن تتثاقل في ارتدائه، وكما تعلمون لا نعلم كم سنعيش، وأنا في حيرةٍ من أمري المتعصِّب معها، وأمرها اللامبالي.
فانصحوني من فضلكم؛ وأجركم على الله. ... السؤال
الدعوة الفردية, الدعوة النسائية, العائلة
فريق الاستشارات الدعوية ... المستشار
... ... الحل ...
...
... تقول الأستاذة هبة عمرو من فريق الاستشارات:
"أختي الكريمة حياة،
بارك الله لك في ابنتك، وهداها إلى صراطه المستقيم.
ابنتك -سيِّدتي- في مرحلةٍ حرجةٍ وسنٍّ صعب، لذلك فتعاملك معها يحتاج إلى فطنةٍ وذكاءٍ شديدين، وسأحاول أن أطرح عليك بعض الأفكار للوصول إلى قلبها وعقلها حتى تلتزم بالحجاب بإذن الله تعالى، وإن كنت تمنَّيت أن أعرف بعض التفاصيل عن نشأتها، فلم تذكري لنا شيئاً عن تربيتك لها منذ كانت طفلة، وهل أعددتِّها للحجاب منذ صغرها أم فاجأتِها مرَّةً واحدةً بطلبك منها ارتداء الحجاب؟ وماذا عن صديقاتها والتزامهنّ؟ وماذا عن علاقتها بك وقربها منك؟
كلُّها أسئلةٌ أحببت أن أعرفها قبل أن أجيبك، وأرجو أن تضعيها في اعتبارك أثناء قراءتك للإجابة.
أختي حياة،
أوَّلا: يجب أن نُقدِّر جميعاً هذا الزمن الصعب الذي نعيش فيه، فزهرتك الصغيرة تفتح التلفاز فترى الرقص والاستعراضات، وتخرج إلى الشارع فترى الفتيات والشابَّات متبرِّجاتٍ متزيِّنات، وهي في سنٍّ تريد أن ترى نفسها جميلة.. تريد أن تنطلق وتتزيَّن مثل بقيَّة الفتيات.. تريد أن تلبس أحلى الملابس وأحدث الصيحات، بل إنَّ حبَّ التزيُّن والتجمُّل فطرةٌ سليمةٌ لدى الفتاة.
ولذلك، فإنَّ إدراكك لاحتياجاتها في هذه المرحلة، سييسِّر عليك المهمَّة إذا حاولت تلبية هذه الرغبات بما هو مُباح.. وأعني أن توفِّري لها مساحةً من الحرِّيَّة المباحة تُشبِع لديها هذه الرغبات، فمن الممكن أن تقترحي عليها أن تدعو صديقاتها عندكم في المنزل مثلا، وليلبسن ما يشأن ويتزيَّنَّ كما بدا لهنّ، بل من الممكن أن تضفي على الدعوة جوًّا من المرح وتجعليها حفلةً تنكُّريَّة، فالفتيات في هذه المرحلة يُحبِبن الأفكار الجديدة، والابتكارات الغريبة، مع حرصك على ألا تتضمَّن هذه الحفلة شيئاً ممَّا يغضب الله، فهذه الفكرة ما هي إلا وسيلةٌ لغايةٍ أرفع، وهي إرضائه سبحانه وتعالى بصلاح هؤلاء الفتيات وكما يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله طيِّبٌ لا يقبل إلا طيِّبا"رواه مسلم.
ثانيا: يقول صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله جميلٌ يحبُّ الجمال"رواه مسلم، فأفهميها أنَّ الحجاب ليس مظهراً قبيحاً أو لبساً غير جميل أو أنيق، ولا الإسلام يدعو المسلم أن يكون غير مهندمٍ أو رثَّ الثياب، بل إنَّ المحجَّبة يمكنها أن تلتزم بالحجاب وتكون غايةً في الأناقة، ولكنَّها أناقةٌ لا تغضب الله تعالى.
ثالثا: ابحثي عن مفتاحها، فلكلٍّ منَّا مفتاحٌ يمكِّن مَن يعرفه من الوصول إلى ما يريد، فالبعض مفتاحه الحديث المنطقيُّ والعقليّ، والآخر مفتاحه إثارة العواطف والمشاعر، وثالثٌ مفتاحه هو صديقه الصدوق ... إلخ، فمن أيِّ فريقٍ ابنتك؟ أنت الأقدر على إجابة هذا السؤال، فإن كانت زهرتك عقلانيَّة، فبحديثك الهادئ المدعَّم بالحجج يمكنك إقناعها، وإن كانت عاطفيَّة فما عليك إلا أن تُحيِطيها بحنانك الصادق عليها، وإشعارها بحبِّك الصادق لها ورغبتك في سعادتها في الدنيا والآخرة، أمَّا إن كان هناك من له تأثيرٌ قويٌّ عليها من صديقةٍ صالحةٍ أو معلِّمةٍ أمينة، فمن الأفضل أن تقوم هي بهذه المهمَّة معك، لأنَّه ليس من الضروريِّ أن تقومي أنتِ بالتوجيه في أمر الحجاب، بل بصراحةٍ ليس من المُحبَّذ، لا لشئٍ إلا لأنَّ ابنتك في هذه المرحلة تتَّسم بالعناد والرفض لتوجيهات من هم أكبر منها، وبشكلٍ عامٍّ كلُّنا -في أي سنٍّ- نرفض من يوجِّهنا بطريقةٍ مباشرة.
وأريد أن أشير إلى نقطةٍ هامَّة، وهي أنَّنا لا نبحث عن مفتاح ابنتك للتمثيل عليها، ومن ثَمَّ التأثير، فلسنا حملةً إعلانيَّةً تحاول الوصول إلى المستهلك والكسب منه، وإنمَّا أنت أمٌّ صادقةٌ تريد خيري الدنيا والآخرة لابنتها.
رابعا: يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله رفيقٌ يحبُّ الرفق في الأمر كلِّه"رواه البخاريّ، فأوصيك بالرفق معها والابتعاد عن الشدَّة، فمن رأيي ألا تُجبرِيها على الحجاب إلا بإرادتها، فلن نستفيد شيئاً إذا أُجبِرت على الحجاب لكنَّها تكرهه، بل وربَّما تفعل من ورائك ما هو أشدُّ من عدم حجابها كردِّ فعلٍ انتقاميٍّ من شئٍ فُرِض عليها، وكم رأينا من بناتٍ التزمن بالحجاب فقط أمام أهلهنّ، ومن وراء ظهورهم يفعلن المنكرات.. فالأصل أن نُربِّي أولادنا على حبِّ الله تعالى والرغبة في طاعته، حتى إذا كبروا وشبُّوا التزموا تلقائيًّا دون الحاجة لفرض شيءٍ عليهم، فلكلِّ شيءٍ مقدِّماتٌ ونتائج، فهل قمت أنت ووالدها بغرس أمر الحجاب في ذهن ابنتكما مذ كانت صغيرة؟؟
خامسا: مجرَّد تساؤلات وعليك الإجابة:
- أين موقع والدها؟ وما مدى عمق علاقتها به؟ وما مدى رغبته في حجابها؟ وهل يمكن أن يساعدك في هذا الأمر؟
- من صديقاتها المقرَّبات؟ فوجودها وسط صحبةٍ صالحةٍ من المحجَّبات يُيسِّر عليها اتِّخاذ هذا القرار، ولكن دون فرض صحبةٍ معيَّنةٍ عليها، لأنَّ ذلك سينفِّرها منهنَّ ومن الحجاب.
وأخيراً، أرى ابنتك لم تُظهِر ضجراً شديداً بالحجاب، ولكنَّها قالت سألبسه يوماً ما، ولذلك فلتتفاءلي طالما أنَّ لديها رغبةً ذاتيَّةً في الحجاب، وكلُّ ما سيكون عليك هو أن تجعليها تفهم أنَّه فرضٌ على الفتاة فور بلوغها سنَّ التكليف، مع العلم أنَّها وهي في سنِّ 12 عاماً قد لا تكون بلغت سنَّ التكليف، فلهذا البلوغ علاماتٌ ثمَّ سنٌّ حسب ما حدَّد الفقهاء، ويمكنك معرفة ذلك تفصيلاً من خلال الفتوى التالية:
في أي عمر يجب على البنت أن ترتدي الحجاب؟
ويمكنك أيضاً تشجيعها بأن تعديها بأن تشتري لها ما تشاء من الملابس إذا قرَّرت الحجاب، لأنَّ تفكيرها في الملابس والأزياء قد يكون أحد العوائق في طريق حجابها، ولكن لا تدفعيها دفعاً واجعليها هي صاحبة القرار.
بقي أن أزوِّدك ببعض ما يعينك في الحديث معها عن فرضيَّة الحجاب وفضله:
- حكم الحجاب وأوصافه
- لماذا الحجاب؟.. باختصار
وفقك الله.. ولا تنسي الرفق، واستعيني بالله تعالى أوَّلاً وقبل كلِّ شيء، وتذكَّري أنَّ أهمَّ ما في الأمر هو طريقة توجيهك لها.
والينا بأخبارك، ولا تنسِنا من دعائك"
ــــــــــــــــــــ(41/90)
لباس المرأة المسلمة: حكمه وأوصافه
ما هو حكم الحجاب ،وما هي أوصافه؟ ... السؤال
28/02/2006 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد
فيقول الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي:
المجتمع الإسلامي مجتمع يقوم - بعد الإيمان بالله واليوم الآخر- على رعاية الفضيلة والعفاف والتصون في العلاقة بين الرجل والمرأة، ومقاومة الإباحية والتحلل والانطلاق وراء الشهوات .
وقد قام التشريع الإسلامي في هذا الجانب على سد الذرائع إلى الفساد، وإغلاق الأبواب التي تهب منها رياح الفتنة كالخلوة والتبرج، كما قام على اليسر ودفع الحرج والعنت بإباحة ما لا بد من إباحته استجابة لضرورات الحياة، وحاجات التعامل بين الناس كإبداء الزينة الظاهرة للمرأة. مع أمر الرجال والنساء جميعا بالغض من الأبصار، وحفظ الفروج: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم)، (وقل للمؤمنات أن يغضضن من أبصارهن، ويحفظن فروجهن، ولا يبدين من زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن.(.
وقد روى المفسرون عن ابن عباس في قوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) ، قال: الكف والخاتم والوجه، وعن ابن عمر: الوجه والكفان، وعن أنس: الكف والخاتم، قال ابن حزم: وكل هذا عنهم في غاية الصحة، وكذلك عن عائشة وغيرها من التابعين.
وتبعا للاختلاف في تفسير (ما ظهر منها) اختلف الأئمة في تحديد عورة المرأة اختلافا حكاه الشوكاني في "نيل الأوطار"، فمنهم من قال: جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، وإلى ذلك ذهب الهادي والقاسم في أحد أقواله، وأبو حنيفة في إحدى الروايتين عنه، ومالك. ومنهم من قال: ما عدا الوجه والكفين والقدمين والخلخال. وإلى ذلك ذهب القاسم في قول، وأبو حنيفة في رواية عنه، والثوري، وأبو العباس.
وقيل: بل جميعها إلا الوجه، وإليه ذهب أحمد بن حنبل وداود.
الوجه ليس بعور:
ولم يقل أحد بأن الوجه عورة إلا في رواية عن أحمد -وهو غير المعروف عنه- وإلا ما ذهب إليه بعض الشافعية.
والذي تدل عليه النصوص والآثار، أن الوجه والكفين ليسا بعورة، وهو ما روي عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما من الصحابة والتابعين والأئمة، واستدل ابن حزم -وهو ظاهري يتمسك بحرفية النصوص- بقوله تعالى: (وليضربن بخمرهن) على إباحة كشف الوجه، حيث أمر بضرب الخمر على الجيوب لا على الوجوه، كما استدل بحديث البخاري عن ابن عباس أنه شهد العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه عليه السلام خطب بعد أن صلى، ثم أتى النساء، ومعه بلال، فوعظهن وذكرهن وأمرهن أن يتصدقن. قال: فرأيتهن يهوين بأيديهن يقذفنه -أي المال- في ثوب بلال. قال: فهذا ابن عباس بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أيديهن، فصح أن اليد من المرأة ليست بعورة.
وروى الشيخان وأصحاب السنن عن ابن عباس، أن امرأة من خثعم، استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، والفضل ابن العباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الحديث: أن الفضل إلى الشق الآخر، وفي بعض ألفاظ الحديث "فلوى صلى الله عليه وسلم عنق الفضل، فقال العباس: يا رسول الله لم لويت عنق ابن عمك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "أرأيت شابا وشابة، فلم آمن الشيطان عليهما" وفي رواية: فلم آمن عليهما الفتنة ".
وقد استنبط بعض المحدثين والفقهاء من هذا الحديث: جواز النظر عند أمن الفتنة حيث لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة بتغطية وجهها، ولو كان وجهها مغطى، ما عرف ابن عباس أحسناء هي أم شوهاء، وقالوا: لو لم يفهم العباس أن النظر جائز ما سأل النبي صلى الله عليه وسلم ولو لم يكن فهمه صحيحا ما أقره النبي عليه.
وهذا بعد نزول آية الحجاب قطعا، لأنه في حجة الوداع سنة عشر، والآية نزلت سنة خمس.
وبناء على ما سبق يكون اللباس الشرعي هو الذي يجمع الأوصاف التالية: ـ
أولا:أن يغطي جميع الجسم عدا ما استثناه القرآن الكريم في قوله(إلا ما ظهر منها) وأرجح الأقوال في تفسير ذلك أنه الوجه والكفان -كما سبق ذكره -.
ثانيا:ألا يشف الثوب ويصف ما تحته. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من أهل النار نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها. ومعنى "كاسيات عاريات" أن ثيابهن لا تؤدي وظيفة الستر، فتصف ما تحتها لرقتها وشفافيتها. دخلت نسوة من بني تميم على عائشة رضي الله عنها وعليهن ثياب رقاق فقالت عائشة: "إن كنتن مؤمنات، فليس هذا بثياب المؤمنات". وأدخلت عليها عروس عليها خمار رقيق، شفاف فقالت: "لم تؤمن بسورة النور امرأة تلبس هذا" فكيف لو رأت عائشة ثياب هذا العصر التي كأنها مصنوعة من زجاج؟.
ثالثا:ألا يحدد أجزاء الجسم ويبرز مفاتنه، وإن لم يكن رقيقا شفافا. فإن الثياب التي ترمينا بها حضارة الغرب، قد تكون غير شفافة، ولكنها تحدد أجزاء الجسم، ومفاتنه، فيصبح كل جزء من أجزاء الجسم محددا بطريقة مثيرة للغرائز الدنيا، وهذا أيضا شيء محظور وممنوع، وهو -كما قلت- صنع مصممي الأزياء اليهود العالميين الذين يحركون الناس كالدمى من وراء هذه الأمور كلها.
فلابسات هذا النوع من الثياب "كاسيات عاريات".. يدخلن في الوعيد الذي جاء في هذا الحديث ... وهذه الثياب أشد إغراء وفتنة من الثياب الرقيقة الشفافة.
رابعا:ألا يكون لباسا يختص به الرجال: فالمعروف أن للرجال ملابس خاصة وللنساء ملابس خاصة أيضا.. فإذا كان الرجل معتادا أن يلبس لباسا معينا، بحيث يعرف أن هذا اللباس هو لباس رجل ... فليس للمرأة أن ترتدي مثل هذا اللباس، لأنه يحرم عليها ... حيث لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال ... فلا يجوز للمرأة أن تتشبه بالرجل ولا للرجل أن يتشبه بالمرأة، لأن هذا عدوان على الفطرة ... فالله عز وجل خلق الذكر والأنثى، والرجل والمرأة، وميز كلا منهما بتركيب عضوي غير تركيب الآخر، وجعل لكل منهما وظيفة في الحياة، وليس هذا التميز عبثا، ولكن لحكمة، فلا يجوز أن نخالف هذه الحكمة ونعدو على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ونحاول أن نجعل من أحد الصنفين ما لم يخلق له وما لم يعد له بطبيعته وفطرته ... فالرجل حين يتشبه بالمرأة لن يكون امرأة، ولكنه لن يصبح رجلا لذلك.. فهو يفقد الرجولة، ولن يصل إلى الأنوثة، والمرأة التي تتشبه بالرجل، لن تكون رجلا ولن تصبح امرأة كما ينبغي أن تكون النساء.
فالأولى أن يقف كل من الجنسين عند حده، وعند وظيفته التي فطره الله عليها.
هذا هو الواجب، ما عدا هذه الأمور، يكون هذا الزي زيا غير شرعي وغير معترف به ... ولو أن الناس عقلوا وأنصفوا والتزموا الحدود الشرعية لأراحوا واستراحوا ولكن النساء -مع الأسف- فتن بهذا البدع الذي يسمى "الموضة" وفتن الرجال أو ضعفوا أو أصبحوا لا رأي لهم، وبعد أن كان الرجال قوامين على النساء أصبح الحال وكأن النساء هن القوامات على الرجال ... وذلك شر وفتنة من فتن العصر ... أن لا يستطيع الرجل أن يقول لزوجته ... قفي عند حدك ... بل لا يستطيع أن يقول ذلك لابنته ... لا يستطيع أن يلزم ابنته الأدب والحشمة ... ولا أن يقول لها شيئا من ذلك ... ضعف الرجال ... لضعف الدين ... وضعف اليقين ... وضعف الإيمان.
والواجب أن يسترجل الرجل، أن يعود إلى رجولته، فإن لم يكن إيمان، فرجولته يا قوم ... لا بد من هذا ... ولا بد أن نقاوم هذا الزحف ... وهذا التيار..
ومن فضل الله أن هناك مسلمين ومسلمات، يقفون صامدين أمام هذا الغزو الزاحف، يلتزمون آداب الإسلام في اللباس والحشمة ويستمسكون بدينهم ... وبتعاليمه القويمة ... سائلين الله عز وجل أن يكثر هؤلاء ويزدادوا، ليكونوا قدوات صالحة في مجتمعاتهم، ورمزا حيا لآداب الإسلام وأخلاقه ومعاملاته.
عادة الحجاب :
أما الغلو في حجب النساء عامة الذي عرف في بعض البيئات والعصور الإسلامية، فهو من التقاليد التي استحدثها الناس احتياطا منهم، وسدا للذريعة في رأيهم، وليس مما أمر به الإسلام.
فقد أجمع المسلمون على شرعية صلاة النساء في المساجد مكشوفات الوجوه والكفين -على أن تكون صفوفهن خلف الرجال، وعلى جواز حضورهن مجالس العلم.
كما عرف من تاريخ الغزوات والسير أن النساء كن يسافرن مع الرجال إلى ساحات الجهاد والمعارك، يخدمن الجرحى، ويسقينهم الماء، وقد رووا أن نساء الصحابة كن يساعدن الرجال في معركة "اليرموك ".
كما أجمعوا على أن للنساء المحرمات في الحج والعمرة كشف وجوههن في الطواف والسعي والوقوف بعرفة ورمي الجمار وغيرها، بل ذهب الجمهور إلى تحريم تغطية الوجه -ببرقع ونحوه- على المحرمة لحديث البخاري وغيره: "لا تتنقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين "
ومن الفتاوى السديدة ما أفتى به ابن عقيل الفقيه الحنبلي ردا على سؤال وجه إليه عن كشف المرأة وجهها في الإحرام -مع كثرة الفساد اليوم-: أهو أولى أم التغطية.</
فأجاب: بأن الكشف شعار إحرامها، ورفع حكم ثبت شرعا بحوادث البدع لا يجوز، لأنه يكون نسخا بالحوادث، ويفضي إلى رفع الشرع رأسا. وليس ببدع أن يأمرها الشرع بالكشف، ويأمر الرجل بالغض، ليكون أعظم للابتلاء، كما قرب الصيد إلى الأيدي في الإحرام ونهى عنه. اهـ. نقله ابن القيم في بدائع الفوائد.
والله أعلم .
ــــــــــــــــــــ(41/91)
المراهقة و عالم الأسئلة المحرجة
السلام عليكم ورحمة الله، وبعد.. نشكركم على جهودكم في خدمة أمة الإسلام، وأعرض مشكلة نتعرض لها مع انفتاح المجتمع والناس في مراحل سنِّهم المختلفة، حيث أن ابن أختي(12سنة) يريد أن يتعرف على كل شيء، ويطَّلع معي على الإنترنت ويقرأ حين يذهب إلى النادي للتريُّض، وفي يوم سألني حيث إنه يريد أن يعرف كيفية إنجاب الأولاد، فتحدثت له بشكل مبسط بما يتناسب مع سنه، فأوضح لي أنه يسمع الكثير من أصحابه.
وبعد فترة جاء من النادي وفي وجود أبيه وأمه وخاله قال إنه فتح مع زملائه الإنترنت في النادي، وفتح موقع "قلَّة أدب" ليرى ويعرف ما لم يُتَح له مع خاله، كما يعبر هو وهو يريد أن يعرف كل شيء، وقد تم المناقشة معه في هدوء عن الصحيح والخطأ في هذا الأمر، ولما سُئِل عن ماذا استفاد من ذلك، قال عرفت وعرفت أن هذه المواقع خطأ ولن يدخلها. فهل ما تم معه خطأ أم صواب، وما نفعل تجاهه في المرحلة المقبلة، فهل نمنعه من الذهاب للنادي أم نوسع له دائرة المعرفة في هذا المجال، وخاصة خوفنا عليه في مرحلة المراهقة.
... السؤال
تربوي
أ/أسماء جبر أبو سيف ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الخال الكريم، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرًا على هذه التحية الرقيقة التي بادرت الصفحة بها، ونتمنى أن نكون نعم العون لكم.
يشكِّل العم، والخال، والأخ الكبير، بالإضافة للوالدين، والعمة، والخالة، والأخت الكبيرة للأبناء والبنات في سن البلوغ أهمية في التوجيه والتربية، وتكوين جماعة الدعم الأسري حول الفتاة والفتى، وهو ما يكوِّن قاعدة عائلية آمنة ودافئة مساندة يأويان إليها باطمئنان؛ لأن الفتى في سن البلوغ يكون شرودًا حيرانًا ومشغولاً تمامًا بالتطورات التي تحصل له. واهتمام عبد الرحمن بالأسئلة المحرجة والصور المخلَّة بالآداب على الإنترنت هو اهتمام طبيعي ناتج عن تطوُّره الجسدي والجنسي، وبالتالي فهو لا يدعو إلى القلق، وإنما إلى الحكمة، والهدوء، والحنكة في التعامل مع الأمر.
ويبدو لي أن الوضع الأسري صحِّي، وذلك من عدد الساعات التي يقضيها مع والديه؛ وإن كانت صحة الوضع الأسري لا تعتمد على العدد بقدر اعتمادها على ماذا يقدم الوالدان لابنهما في هذه السويعات؛ فنصف ساعة من الحوار والتحادث الصريح مع الابن حول أسئلته وحياته كل يوم خير من ساعات طويلة فقط مليئة بالأوامر ومملَّة، يتم الحديث والحوار فيها مع الابن أو الابنة بكل صداقة وبدون تشنج، مع الصبر، والتفتّح، والأريحية، مهما كان ما يقوله حساسًا.
- وبالتالي معالجة الأمر تتطلب القيام بعدد من الأمور المهمة، وهي:
- أولاً: تخصيص وقت بصفة منتظمة للجلوس معه - سواء إذا كنت من ستطلع بهذه المهمة أو والده -، يكون الهدف منها أن يجاب على كافة أسئلته، والتي قد تبدو محرجة لنا، دون الدخول في تفاصيل بيولوجية دقيقة، وأنسب من يقوم بهذا الدور هو الوالد.
- ثانيًا: إشراك الولد في النشاطات الاجتماعية العائلية؛لأن ذلك سوف يساعده على تكوين صداقات أقرب لجو الأسرة، فالأصدقاء الصالحون ضروريون في حياة المراهق، يقوِّمونه، ويعلِّمونه، ويشكِّلون السند والتشجيع له، ويغيِّرون في شخصيته ما لا يقدر الأهل على فعله، وصدق رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم): "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"، فجماعة الأصدقاء لهم قوة ويمثلون جماعة ضغط، وثقته بهم أعلى من ثقته بأبويه في الغالب؛ لذلك يجب أن يبقى الأب على صلة بأصدقاء ولده، وأن يدعوهم على العشاء مثلاً، ويتعرف عليهم دون أن يفرض وجوده وآراءه، وقد تناولنا أهمية هذا الأمر في استشارة سابقة سنعرضها لكم في نهاية الاستشارة.
- يجب أن تتجنبوا الحرص على السيطرة الكاملة عليه، والرقابة على كل صغيرة وكبيرة في حياة الفتى، فلا داعي لكل هذا الخوف؛ لأنه يعيش وضعًا صحيًّا وسليمًا.
- أما بخصوص منعه من الإنترنت فلا أقترح منعه منه دون قناعة منه، فسيدفعه ذلك إلى المزيد من الفضول، ولكن إشغاله عنه بغيره من الأنشطة سواء الفكرية أو الرياضية.
- كما ننصح بتحويله إلى نادٍ رياضي جديد لا يوجد فيه إنترنت؛ بحيث تقوم هذه الأنشطة بامتصاص أكبر قدر من طاقته، وتوزيع اهتماماته، وهو ما سيكون له أثره في تقليص مساحة الاهتمام بالأمور الجنسية.
- وكذلك إشغاله مع الأسرة في مواعيدها الممتعة، واصطحابه إلى المسجد، وتنمية الوازع الديني لديه، وإشعاره بأهمية العفَّة والفضيلة، وأنها ليست سجنًا للمسلم وقيودًا، ولكن أمان للنفس، واحترام للحياة، ورضى من الله تعالى، ولن يكون ذلك إلا من خلال المناقشة الهادئة الواعية، يوضِّح له فيها أن الله سبحانه خلق الإنسان، وخلق له في جسده عددًا من الأجهزة؛ لتقوم بوظيفة معينة في منظومة من التفاعل مع بعضها، وأنه تعالى إذا منحنا هذه الأجهزة جعل لكل منها ضوابط وشروط لاستخدامها، وجعل شُكْر مَنْحها عدم تجاوز حدوده في استخدامها، ومن بينها الجهاز التناسلي للإنسان، والذي جعله الله لحفظ البشرية وسبب استمرارها.
وفي النهاية أحب أن ألفت نظرك إلى حقيقة مهمة، وهي أن المراهق عامة يمتلك قدرات إبداعية ذهنية في التأليف، والاستنتاج، والتفكير العلمي؛ فشجِّعه على الاختراع، والابتكار، والرسم، وإبداعات الكمبيوتر، حسب ميوله ورغباته، وأشعل فيه روح التفوق الدراسي، فالمراهق يعشق الإنجاز، ويجب أن ينتج ويبهر الآخرين، وبهذا تنطلق استغلالاً لامتيازات طبيعة المرحلة التي يمرّ بها إلى مساعدته على الاكتشاف المبكِّر لقدراته، وتوجيهها الوجهة الصحيحة، وتحديد مفهومه عن ذاته.
أهنئ عبد الرحمن على هذا الخال الحريص والصديق؛ فقد صدق من قال: "أن الخال والد"، وأتمنى لكما التوفيق.
ــــــــــــــــــــ(41/92)
علموا أولادكم الجنس
عائلي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لدي ثلاثة من الأبناء، أعمارهم 14 سنة_و13 سنة_ و10 سنوات، والمشكلة هي أنني لا أتصور نفسي جالسًا مع أحدهم، متناقشًا معه في الأمور الجنسية، مع أنكم تنصحون أن يقوم الآباء بهذه المهمة، فكيف ستكون نظرته إلي بعد ذلك، انصحوني كيف أبدأ معهم، وما طريق ذلك؟. وجزاكم الله خيرًا . ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نشكر لك اهتمامك؛ لخطورة هذا الأمر وتأثيره على مستقبل الأبناء، ونحن نرى أن المدخل الشرعي هو أنسب المداخل إلى هذا الموضوع، بمعنى أنه مع اقتراب سن البلوغ، والذي من علاماته بداية ظهور ما يسمى بالعلامات الجنسية الثانوية مثل: بداية ظهور الشارب، والشعر تحت الإبطين، وخشونة الصوت في الذكور، أو نعومته بالإضافة إلى بروز الصدر في الإناث، عند ظهور هذه العلامات يبدأ الأب والأم -حسب الحال- في الحديث عن انتقال الفتى أو الفتاة من مرحلة إلى مرحلة، فمن الطفولة التي لم يكن مكلفًا فيها شرعياً إلى البلوغ والمراهقة، التي أصبح مكلفًا فيها شرعياً، وأصبحت عليه واجبات والتزامات لم تصبح في حقه فضلاً أو مندوباً كما كانت في السابق، ومن هذه الواجبات الصلاة وأنها يشترط فيها الطهارة، وأن هذه الطهارة -وهو طفل- كانت تعني الوضوء فقط، ولكن نتيجة انتقاله من عالم الأطفال إلى عالم الكبار أصبح مطالبًا بطهارة من أمور أخرى؛ نتيجة لتغيرات فسيولوجية داخل جسمه ثم يشرح للطفل بطريقة علمية بسيطة التغيرات الهرمونية والعضوية التي تحدث في جسمه، وتؤدي إلى بلوغه سواء بالاحتلام في الذكور، أم بنزول دم الحيض في البنات.
ويجب أن يتسم الحديث بالوضوح والصراحة وعدم الحرج؛ لأن المشاعر الأولى في تناول هذا الأمر تنتقل إلى الطفل، وتظل راسخة في ذهنه، وتؤثر على حياته المستقبلية بصورة خطيرة، ثم تكون النقطة الثالثة التي يتم تناولها؛ وهي الحكمة من حدوث هذه التغيرات في جسم الإنسان، ودورها في حدوث التكاثر والتناسل من أجل إعمار الأرض، وأن التجاذب الذي خلقه الله بين الجنسين إنما لهذه الحكمة، وأنها رسالة يؤديها الإنسان في حياته؛ ولذا يجب أن تسير في مسارها الطبيعي وتوقيتها الطبيعي الذي شرعه الله وهو الزواج الشرعي؛ ولذا فيجب أن يحافظ الإنسان على نفسه؛ لأنها أمانة عنده من الله ثم يتم الحديث عن الصور الضارة من الممارسات والتصرفات، وكيف أنها خروج عن حكمة الله فيما أودعه فينا، ويتم ذلك بدون تخويف أو تهويل أو استقذار، ثم يتم فتح الباب بين الأب والأم وأبنائهم وبناتهم في حوار مستمر ومفتوح؛ بمعنى أن نخبره أننا مرجعه الأساسي في هذه المواضيع، وأنه لا حرج عليه إذا لاحظ في نفسه شيئاً، أو سمع شيئاً، أو قرأ شيئاً أو جاء على ذهنه أي تساؤل أن يحضر إلينا ليسألنا أو لتسألنا فسيجد أذناً وقلوباً مفتوحة، وأنه لا حرج ولا إحراج في التساؤل والنقاش حولها ولكن في الوقت المناسب، وبالطريقة المناسبة، ثم نكون قريبين منهم عند حدوث البلوغ ذاته فنطمئنه ونطمئنها، ونرفع الحرج عنهم، ونذكرهم بما قلناه سابقاً، ثم نعاونهم بطريقة عملية في تطبيق ذلك سواء بالاغتسال بالنسبة للبنين، أم بالإجراءات الصحيحة للتعامل مع الموقف مثل الفوط الصحية وما إلى ذلك بالنسبة للبنات، ونشعرهم أن ما حدث شيء يدعو للاعتزاز، لأنهم انتقلوا إلى عالم الكبار، وأن ما حدث شيء طبيعي لا يدعو للخجل أو الإحراج؛ حيث تنتاب هذه المشاعر الكثير من المراهقين خاصة البنات.
ثم يستمر ذلك الدعم بعد حدوث البلوغ بتحسس أخبارهم، والبحث عن مواضيع التساؤل عندهم وتَحَيُّن الفرصة لمزيد من الرد على ما يكون قد تَكَوّن في أذهانهم من تساؤلات عن الزواج، والجنس بطريقة بسيطة وواضحة، ليس فيها زجر أو هروب من السؤال؛ حيث إنهم إذا لم يحصلوا على الإجابة من الأب والأم فسيحصلون عليها من مصادرهم الخاصة بكل ما تحتويه من أضرار، وتضليل.
إنه أمر فعله رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين علّم الأصحاب والصحابيات بلغة راقية وبأسلوب بسيط لا إفراط فيه ولا تفريط؛ لأنه جزء من الحياة اعترف به الإسلام ووضع له الأطر الصحيحة للتعامل معه، وكانت أموره تناقش علناً في مجلس الرسول الكريم فأي معلم كان، وهو بالمؤمنين رءوف رحيم.
ــــــــــــــــــــ(41/93)
التربية الجنسية.. متى وكيف؟
أسئلة الأبناء الجنسية ... .. تختلف باختلاف المرحلة
الآن إليكم بعض التفاصيل الخاصة بكل مرحلة على حدة:
أولاً: الفترة من 3 - 6 سنوات :
تتركز الأسئلة في هذه الفترة حول الحمل والولادة ، والفارق بين الجنسين.
1- تساؤلات حول الحمل والولادة:
وهنا يمكن ببساطة شديدة شرح مراحل تطور النطفة ، والعلقة ، المضغة عن طريق الكتب أو شرائط الفيديو. ويكون السؤال المتوقع من الطفل في خلال هذه الشروحات هو:
الطفل: من أين جاءت البذرة التي تنبت في رحم الأم؟
هنا لا داعي إطلاقًا لا للكذب أو للإحراج فعلى المربي أن يجيب ببساطة ،
المربي: الأب لديه جزء معين يعطيه للأم ، والله سبحانه وتعالى بقدرته يحمي هذا الجزء ، وينفخ فيه الروح ، ويعطيه القدرة على النمو فيكبر ويكبر حتى ينمو الطفل ، ثم يولد.
الطفل: كيف يعطي الأب إلى الأم هذا الجزء؟
المربي: الله سبحانه وتعالى يُعلّم كل أب طريقة فعل ذلك.
2- تساؤلات حول الفارق بين الجنسين
يتبلور إدراك الفارق بين الجنسين بداية من سن الثانية والنصف ، وهنا يجدر الذكر أيضًا ضرورة إفهام الأبناء أن قضية وجود جنسين هي قضية اختلاف نوعي يعطي لكل من الجنسين دوره المتميز المكمل لدور الآخر، فلا بد أن تدرك الابنة أنها لا تملك شيئًا أقل من الولد ، ولكن الأعضاء المختلفة التي تملكها بداخل جسدها وهي الرحم ، ولا بد من الحديث هنا بنبرة الاعتزاز بهذا الفارق ، فهي إن شاء الله ستكون أمًّا تحمل وتلد، وتصبح الجنة تحت أقدامها وهو ما ليس بمقدور الولد ، ومن ناحية أخرى لا بد من تربية الابنة منذ الصغر (بدءاً من 7 سنوات) على إشعارها بأن جسدها شيء خاص بها غالٍ ، لا تفرط فيه ، فلا تسمح لأي أحد أن يختلس النظرات إليه ولا أن يلامسها.
ثانيًا: الفترة من 6 سنوات - إلى المراهقة:
في هذه المرحلة يبدأ الولد مرحلة الوصول إلى النضج الجنسي والنفسي ، وتهدأ حياته الانفعالية ، وتتزن وتنمو مشاعر هادئة كالرغبة في تحصيل المعلومات وتنمية المهارات المدرسية ، وهي "مرحلة الكمون" بلغة علماء النفس.. فنرى كيف أن تساؤلاته تطورت وفقًا لنموه العقلي واتساع خبرته، وأصبحت أكثر دقة، وقد يعتقد البعض أنه لا يجهل شيئًا بسبب غزو الفضائيات، والفيديو، والإنترنت.
الواقع أن الأبناء في مجتمعاتنا المشبعة بالمعطيات الجنسية التي تتساقط عليه من كل حدب وصوب، جهلاء جهلاً كاملاً بحقيقية قضية الجنس، فالمعلومات التي يتلقاها الأبناء على غزارتها الكمية، مجتزأة، مبعثرة، ناقصة، كما إنها تضفي على "الجنس" طابعًا دنيئًا من ناحية، وطابعًا عدوانيًّا يتداوله الأبناء على إنه "سلعة استهلاكية" مترفة معدَّة للأثرياء أو عصابات شيكاغو.
في نفس هذا الوقت نرى الفتى/ الفتاة يُظهر تحفظًا أكبر حيال الموضوع ؛ وذلك لعدة أسباب، أولها أن شخصيته بدأت في الاستقلال عن الأهل، كما أنه أصبح أكثر تحسسًا للموانع الاجتماعية، وسمت التكتم الذي يحيط بالعلاقة الحميمة. كما أنه في هذه الفترة يجد راحة أكبر في التحدث عن هذه الأمور الدقيقة مع أناس لا تجمعه بهم علاقة حميمة كالوالدين.
الاستعداد لمرحلة المراهقة
بدءاً من سن العاشرة عند الابن ، الثامنة عند الابنة لابد من إعدادهم لتحولات المراهقة بشرح وافٍ. وتُقدّم هذه التحولات لهما على أنها ترقية ومسؤولية ، فقد تبدو بوادر المراهقة في سن مبكرة ، خاصة عند البنات ؛ لذا ينبغي أن نسلّح الأبناء بمعلومات كافية حولها كي يدخلوها بحد أدنى من القلق ، وبحد أقصى من الشوق والرغبة. أما إذا حرم/حرمت من هذه المعلومات ، فقد يصدم بالتحولات المباغتة التي تطرأ عليه ، وقد يتوهم عند حدوثها أن ما يحصل في جسده من تغييرات وما يرافقها من أحاسيس جديدة ، إنما هي ظواهر غير طبيعية أو أعراض مرضية.
ابنتك على أعتاب الأنوثة
بالنسبة للفتيات ولموضوع الحيض تبرز أهمية موقف الأم وبديلاتها من المربيات؛ إذ يجب عليهن أن يؤكدن على الناحية الإيجابية من بدء الحيض للفتيات ، وأن يتحاشين التلفظ بعبارات يصفنها بها على أنها "العبء الشهري النسائي الذي نعاني منه كلنا، يا ابنتي المسكينة!"، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن إعلام البنت عما ينتظرها من تحولات في أوان المراهقة يتأثر تأثرًا بالغًا بموقف الراشدين حولها من هذه التحولات ، فكثيرًا من النساء تنتابهن - حيال الحيض - مشاعر الخجل والدنس ، ويعتبرنه بمثابة علامة لعنة وُصِم بها الوضع الأنثوي ، فإذا كانت أم الفتاة تنتمي إلى هذا الاتجاه ، يكون من الصعب عليها أن تساعد ابنتها على الوقوف من أنوثتها موقف الاعتزاز والترحيب.
على الأم أن تشرع في تعليم إبنتها الجوانب الشرعية للحيض ، وكيف تتعامل معه ، وكيفية النظافة الشخصية أثناءه، ثم كيف تتطهر منه، وما يترتب على ذلك من أحكام شرعية بالنسبة للصلاة والصيام ومسّ المصحف وغير ذلك.. وتتابعها عن كثب، وتجيبها على أسئلتها التي ترد على ذهنها بعد هذا الحوار بدون حرج وبصورة مفتوحة تمامًا، ولا تتحرج من أي معلومة أو تكذب ؛ لأن البنت إذا شعرت أن الأم لا تعطيها المعلومة كاملة فإنها ستبحث عنها وتصل إليها من مصدر آخر لا نعلمه ، وسيعطيها لها محملة بالأخطاء والعادات السيئة والضارة ، فنحن لن نستطيع وقتها أن نعلم ماذا سيقول لها هذا المصدر والذي غالبًا ما يكون هو زميلاتها.
ابنك والمراهقة
كذلك، ينبغي إعلام الصبي بعناية بكافة التغييرات التي سيشهدها جسده ، في الفترة المقبلة - بنفس نبرات الترحاب والتقبل ، ولا بد من إعلامه بأن السائل المنوي قد يُقذف في أثناء نومه ، وأن القذف الذي ترافقه لذة هو ظاهرة طبيعية ؛ لأنها دلالة على رجولته ، ولكن يستتبع ذلك آداب شرعية خاصة بالطهارة والغسل ، وإن الميل إلى الجنس الآخر شيء وارد ، ولكن الإسلام حدد لنا سبل التلاقي الحلال في إطار الزواج ، وشرع لنا الصيام في حالة عدم القدرة على الزواج ؛ لتربية النفس على تحمل الصعاب والتي منها الرغبة في لقاء الجنس الآخر - على أن يكون ذلك بنبرة كلها تفهم - ولا يغفل هنا القائم بالشرح ذكر " المودة والرحمة " التي يرزقها الله للأزواج.
أصعب الأسئلة
مع عتبات البلوغ يتم التطرق إلى موضوع شائع في تلك المرحلة وهو الزواج والجماع ولكن السؤال الصعب هو: كيف يتم شرح عملية الجماع في هذه السن؟
هناك مثال ورد في كتاب "كيف نواجه أسئلة أولادنا عن الجنس"، وهو شرح والد لابنه الذي يبلغ من العمر 11 سنة ، لوجاهته رأينا الاستشهاد به حيث رسم الأب فيما كان يشرح مثلَّثين ، رأس أحدهما متجهًا نحو قاعدة الآخر، وقال بالإجمال : فكأن هذا المثلث (الذي قاعدته لأعلى ورأسه لأسفل) هو الخصيتان والقضيب لدى الصبي، وكأن ذاك المثلث (الذي قاعدته لأسفل ورأسه لأعلى) هو المبيضان والرحم، عند البنت ... .
ثم تابع الأب ، الخصيتان هما الغدتان الموجودتان داخل الكيسين ، إنهما سوف تنضجان عندما تصبح أنت رجلاً وسوف تنتجان سائلاً ، كما تنتج الغدد اللعابية اللعاب في الفم ، والغدد الدمّعيه ، الدموع في العينين.. إنما الأمر هنا أهم بكثير من القدرة على البكاء أو البصق ؛ إذ إن تلك الغدد تنتج بذار حياة ، السائل الذي سوف يجري من القضيب عندما تصبح كبيرًا ، هذا السائل سيخولك لاحقًا أن تصبح أبًا.
أما البنت الصغيرة ، فستتحول لتصبح امرأة ، وعندما تصبح زوجة ، فإن بذار الأب الذي أودع فيها سوف ينبت على مَهَل ويكبر ، إلى أن يتمكن الطفل من العيش وحده ؛ إذ ذاك يخرج من الرحم ، هذا ما يسمّونه الوضع. في غضون ذلك كان القلم قد تابع مسيرة رأس المثلث الأول ليرسم في الثاني طفلاً صغيرًا جدًّا.
أليس هكذا يا بني الأمر يستحق أن يتحمل المرء بعض المضايقات ، كأن يضطر إلى الحلاقة كل يوم! ذلك أن الشعر يكون قد نبت في ذقنك آنذاك ! ولكن لا يزال أمامنا متسع كافٍ من الوقت لنفكر بإهدائك آلة حلاقة كهربائية.
ثالثا ً: التربية الجنسية ... ..من يقوم بها؟؟
هناك فكرة شائعة، ألا وهي أن الأب هو المحاور الطبيعي للولد الذكر في موضوع الجنس، وأن الأم - بالمقابل - هي المحاورة الطبيعية لابنتها في هذا الميدان؛ ولكن حتى يكون تناولنا للأمور تناولا واقعياً لابد من الاعتراف بأن هناك غياب معنوي للأب عن عالم الإبن نجده شائعًا في مجتمعنا الشرقي لا بسبب انشغال الآباء وحسب ، بل بسبب اعتقادهم أن أمور الأبناء - والبيت بشكل عام - شأن أنثوي بحت يتركونه للأم ، فيما ينصرفون هم إلى الأعمال والعلاقات الخارجية ، وإلى تحصيل المال لإنفاقه على الأسرة. لكن يؤكد علم النفس المعاصر على أهمية مشاركة الأب في تنشئة وتربية الأبناء بشكل فاعل لأن ذلك يساهم في اكتمال النمو النفسي لهم سواء كان الأبناء فتيان أو فتيات وذلك على صعيد " التربية الجنسية" أو على الصعيد العام.
باختصار إن إعداد الفتى إلى تحولات المراهقة العتيدة ، الأفضل أن يختص به الأب الذي من جنسه ، وذلك لأن الموضوع هنا يعني الفتى بصورة شخصية مباشرة ؛ مما يضفي على الحديث طابعًا حميمًا جدًّا ، مما يساعد على نمو الرجولة لدى الصبي ، وحديث الأم إلى ابنتها يقربهما من بعض ويساعد على نمو الأنوثة لدى البنت.
ولكن إذا وجد أحد الوالدين أنه غير قادر على خوض الموضوع بشكل سليم مع الفتى ، فالأفضل أن يترك هذا الإعلام للوالد الآخر إذا كان هذا - من جهته - يقف من الجنس موقفًا أكثر موضوعية وصفاء ، أو إذا كانت علاقته بالابن المعنيّ أقل توترًا واضطرابًا.
ــــــــــــــــــــ(41/94)
التربية الجنسية.. متى وكيف؟
إجابات أسئلة الجنس ... . محاذير وشروط
أولاً: المحاذير:
1 - التهرب من الأسئلة مهما كانت محرجة أو مُربكة، مهما كان سن الابن/ الابنة صغيرًا أو كبيرًا، مهما كانت دلالة السؤال أو فحواه؛ لأن ذلك يشعر الأبناء أن ميدان الجنس ميدان مخيف وآثم، فتتولد لديه مشاعر القلق والاضطراب والرفض، وهذا ما يسميه البعض ب "الكبت"، وقد يتعدى الأمر بالتأثير على نظرة الفتى / الفتاة إلى الجنس الآخر.
وللكبت نتائج أخرى كثيرة منها تأجيج الفضول الجنسي ليتحول الصغير إلى COLOMBO مفتش عن الأمور الغامضة ، يبحث عن إجاباته في كل حديث ، في كل مجلة ، وفي المراجع وعند الأقران والخدم ، وإذا واجهه الفشل في الوصول إلى إجابات مقنعة يفقد الصغير ثقته في قدرته العقلية ، وقد يؤدي ذلك إلى تعطيل رغبة المعرفة لديه فيلجأ إلى اللامبالاة المعرفية فيبدو الفتى/ الفتاة كالمتخلف عقليًّا ؛ لأن هناك عوامل انفعالية كبّلت قدراته العقلية ، كما يفقد الصغير ثقته بوالديه اللذين يفشلان في مواجهة أسئلته العفوية ، ويؤكد علماء النفس أن من توابع الكبت .. الاضطراب السلوكي ، فالاهتمام الزائد والمفرط للأبناء بموضوع الجنس قد يؤدي إلى الشرود والكذب والسرقة ، بالإضافة إلى القلق والعدوان ، وفي بعض الأحيان إلى اللا إنضباط المدرسي.
2 - تنجيس الجنس وتأثيمه أو اعتبار هدفه الأوحد هو الإنجاب ، ولكن هناك مرحلة من المراحل لا بد أن يتم تعريف الفتى/الفتاة معنى الحديث الذي جاء في سؤال الصحابة الكرام له (صلى الله عليه وسلم): "أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر " (رواه مسلم) فالجنس يعبر الزوجان من خلاله عن الحب ، المودة و الرحمة التي تجمع بينهما والشوق الذي يشدّ أحدهما إلى الآخر، ويمكن تقريب هذا الأمر من تصور الأولاد بالاستناد إلى خبرتهم الذاتية، بحيث يُقال لهم مثلاً، ألا يسرّكم أن تعبروا عن حبكم لإخوتكم بالمُهاداة ، والكلمة الطيبة، والابتسامة، ألا تعبّر الأم عن حبها لأولادها باحتضانهم وتقبيلهم ، كذلك الأزواج يملكون وسائل أخرى للتعبير عن مشاعرهم.
ثانياً: شروط الإجابة:
1- مناسبة لسن وحاجة الابن/ الابنة:
وبما إن الأسئلة سوف تتيقظ وفق سرعة النمو العقلي لكل طفل ، ووفق الظروف التي تحيط به فولادة طفل تثير تساؤل الصغار 3 - 4 - 5 سنوات ، مناظر الحب في التلفاز تثير نوعًا آخر من الأسئلة ، سماع آخر أخبار : قضية تأجير الأرحام يثير أسئلة أطفال بدءاً من سن الثامنة... إلخ).
المطلوب التجاوب مع أسئلة الابن/ الابنة في حينها وعدم تأجيلها لما له من مضرة فقدان الثقة بالسائل ، وإضاعة فرصة ذهبية للخوض في الموضوع ، حيث يكون الابن متحمسًا ومتقبلاً لما يقدّم له بأكبر قسط من الاستيعاب والرضى.
ولا داعي إطلاقًا لإعلامه دونما دافع منه ؛ لأنه في هذه الحالة سيكون استعداده للاستيعاب والتجاوب أقل بكثير ؛ ولذا تكون الإجابة منطلقها هو تصور الطفل نفسه ، الذي علينا بدورنا توضيحه ، تصحيحه ، إكمال النقص فيه وبلورته.
*مثال : لأطفال من 3 - 6 سنوات
الطفل : من أين يخرج الأطفال يا ماما؟
المربي : ماذا تعتقد؟
الطفل : الطبيب يشقّ بطن الأم بالسيف.
المربي : هل رأيت طبيبًا أبدًا يحمل سيفًا؟
الطفل : لا.
المربي : الله سبحانه وتعالى يخلق للأم فتحة معينة تساعد
المولود على الخروج من بطن الأم.
الطفل : أين هي؟
المربي و ببساطة : بجوار فتحة البول ، ولكنها ليست نفس الفتحة.
إذن الانطلاق يكون من تصورات الابن ، مستدرجين إياه إلىالتفكير والتحليل على ضوء ما يملكه من خبرة ومنطق ، ثم تقديم ما يحتاجه من معلومات بصورة مبسطة متناسبة لاستيعابه الذهني دون تطويل أو تعقيد في التعبير و تكون نبرة الحديث عادية مثل المستخدمة في أي إعلام آخر، حتى يفهم الابن أن مجال الجنس هو جزء من الحياة الطبيعية.
2 - متكاملة:
بمعنى عدم اقتصار التربية هنا على المعلومات الفسيولوجية والتشريحية ؛ لأن فضول الابن يتعدى ذلك ، بل لا بد من إدراج أبعاد أخرى كالبُعْد الديني كما أشرنا وذلك بشرح الأحاديث الواردة في هذا الصدد من أمثل ة سؤال الصحابة الكرام له (صلى الله عليه وسلم): "أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر " (رواه مسلم)
بمعنى لا نغفل بُعْد اللذة في الحديث، ولكن يُربط ذلك بضرورة بقاء هذه اللذة في ضمن إطارها الشرعي (الزواج) حتى يحصل الأجر من الله تعالى. فالابن يدرك في سن مبكرة جدًّا اللذة المرتبطة بأعضائه التناسلية وما يحتاجه هو الشعور بالأمان ، الشعور باعتراف الأهل بوجود اللذة وهذه الطاقة الجنسية ، ولكن مع إيضاح وتوجيه أن اللذة عليها بالضرورة أن تبقى في إطارها الشرعي ، في إطار النكاح الحلال و هنا يمكن ذكر حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم): ... أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني"(رواه البخاري)
3 - مستمرة:
هناك خطأ يرتكب ألا وهو الاعتقاد بأن التربية الجنسية هي عبارة من معلومات تُعطى مرة واحدة دفعة واحدة وينتهي الأمر، وذلك إنما يشير إلى رغبة الراشد في الانتهاء من واجبه " المزعج " بأسرع وقت ، لكن يجب إعطاء المعلومات على دفعات بأشكال متعددة (مرة عن طريق كتاب - شريط فيديو - درس مسجدي... إلخ)، كي تترسّخ في ذهنه تدريجيًّا ويتم استيعابها وإدراكها بما يواكب نمو عقله.
4- في ظل مناخ حواري هادئ:
المناخ الحواري من أهم شروط التربية الجنسية الصحيحة ، فالتمرس على إقامة حوار هادئ مفعم بالمحبة ، يتم تناول موضوع الجنس من خلاله ، كفيل في مساعدة الأبناء للوصول إلى الفهم الصحيح لأبعاد " الجنس " والوصول إلى نضج جنسي.
ــــــــــــــــــــ(41/95)
حكم السفر للحصول على الجنسية
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا أتعرض لبعض المضايقات في بلدي لمجرد أنني ملتحٍ وكذلك لا أستطيع ممارسة شعائر ديني على الوجه الأكمل، وأنا أفكر حاليًا في الهجرة إلى كندا للحصول على جنسية أخري تساعدني في الحصول على حقوقي في بلدي، وأنالا أنوي الاستقرار في كندا لأنني متزوج ولي أطفال في سن يمكن السيطرة عليهم حاليًا، لذلك فبمجرد حصولي على الجنسية سأعود مع أولادي بإذن الله إلى بلدي وأنا والحمد لله متمسك بديني وأحرص على تنشئة أولادي على ذلك، ومن المتوقع أن مدة الحصول على الجنسية ستكون ثلاث سنوات، ولا يخفي على فضيلتكم أنه يوجد في كندا جالية إسلامية كبيرة، ويُدرس الدين الإسلامي هناك في المدارس الخاصة دون أي مشاكل، وأطمع أن أستغل سفري هذا أيضًا في الدعوة إلى ديني من خلال تصرفاتي، وتقوي الله والله المستعان، فما حكم ذلك ؟؟
وجزاكم الله خيرًا ... السؤال
... ... الحل ...
...
... يجوز السفر إلى بلاد الكفر لأجل الرزق ومن باب أولى لأجل الحصول على الحرية الكافية التي تتيح للمؤمن ممارسة شعائر الإسلام بصورة أفضل (مع الأسف الشديد) من البلاد الإسلامية ويدل على ذلك أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعض صحابته بالهجرة إلى بلاد الحبشة التي كانت في ذلك الوقت بلدًا غير إسلامية، ولكن كان ملكها عادلاً كما وصفه الرسول(صلى الله عليه وسلم).ـ
ــــــــــــــــــــ(41/96)
حكم المحادثة بين الذكور والإناث على ا[نترنت
لاحظت في عديد من المواقع الإنترنت العربية والإسلامية تجاذب الحديث بين الذكور والإناث، ولا أدري هل جائز شرعًا أم لا؟ ... السؤال
الشيخ فيصل مولوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحديث بين الذكور والإناث أمر مباح من حيث الأصل الشرعي، بل هو أمر فطري يترتب على طبيعة الحياة الإنسانية التي تتناول الذكر والأنثى، وتجعل التعاون والتكامل بينهما أمراً طبيعيًّا
إلا أن هذا الحديث إذا خرج عن حدود الحاجة والأدب، ودخل دائرة الحرام فهو بطبيعة الحال حرام، والحرمة هنا تتعلق بموضوع هذا الحديث وليس بأصله، فحين يتناول أمورًا حرمها الله عز وجل، كالبحث في المسائل الجنسية أو غيرها فهو بلا شك حرام، وإذا كان الحديث من قبيل اللغو الذي لا فائدة منه فهو مكروه، لقوله تعالى: "وَالَّذِينَ إِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا"، وهذا اللغو يكون عادة بين رجل ورجل أو بين امرأة وامرأة، أما اللغو بين رجل وامرأة وهو الحديث الذي لا فائدة منه ولا حاجة إليه، فهو إلى الحرام أقرب؛ لأنه يفتح الطريق أمام كلام آخر يكون حراماً صرفاً؛ ولذلك فإني أحذر إخواني المسلمين وأخواتي المسلمات من أي حديث مباشر على الإنترنت بين رجل وامرأة، إلا إذا كان في موضوع ضروري أو مفيد
ــــــــــــــــــــ(41/97)
حكم النظر للصور الجنسية في وسائل الإعلام
ماهو حكم مشاهدة الصور الجنسية في وسائل الإعلام المختلفة؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... حرم الله النظر إلى العورات، قال تعالى "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم"، وقال تعالى: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن"؛ وذلك سدًّاً لباب الفتنة، وتعويدًاً للمسلم على الطهر والنقاء، والصور الجنسية المنشورة في وسائل الإعلام المختلفة وغيرها من ثقافة غير المسلمين ورؤيتهم المادية للإنسان والكون والحياة، وهي رؤية تخالف العقيدة الإسلامية جملة وتفصيلاًً؛ ولذلك فالنظر إلى تلك الصور يؤدي إلى الفتنة ظاهرًاً في سلوك المسلم وباطنًاً في عقيدته، فالنظر إليها حرام ونشرها حرام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تَصِفَنَّ المرأة المرأة لزوجها كأنه يراها"، فإذا كان الوصف الذي يرسم صورة ذهنية في ذهن المستمع منهيًّاً عنه فما بالك بالصورة التي تحكي الأصل تمامًا كما تحكيها المرأة، والله أعلم
ــــــــــــــــــــ(41/98)
حكم معاشرة امرأة بعلاقة صداقة في بلد أجنبي
سؤال من بعض الشباب المُقيمين في أمريكا:
العثور على الزوجة المسلمة المؤمنة في أمريكا أمْرٌ في غاية الصعوبة، خاصة أمام الشباب الذين لا يَمْتلكون الشهادات العالية أو الأرْصدة المالية الكبيرة، علاوة على أن نسبة سن الفتيات المسلمات هناك ينْحصر غالبًا تحت العشرينات مقابل نسبة كبيرة من الشباب جاوزوا الثلاثينات، وهم يبحثون عن الزوجة المسلمة ولم يوفَّقوا بعد..
هؤلاء الشباب يعيش غالبهم تحت وطأة المُغْريات الجنسية غير الاعتيادية، ويُحسُّون في الوقت نفسه بالإحباط من مواقف عدد من آباء الفتيات الذين إذا أرادوا التقدُّم لهن سألوا أول ما سألوا عن الشهادات والأرصدة البنكية والمنزلة الاجتماعية. وما أسهل أن يجد أولياء الأمور أولئك عشرات الأطباء يتقدَّمون لخِطبة بناتهم، وهم على أحسن ما يُرام ماليًا واجتماعيًّا. وتزداد معاناة الشاب المِسكين وهو لا يمتلك الوسيلة لخِطبة فتاة من بلده؛ لاعتبارات عديدة قد يكون المنْع من عودته لوطنه أحدها، أو عدم امتلاكه ثمن التذكرة من بينها، أو استحالة أن ينال تأشيرة قدوم لزوجته سببًا آخر لا أخيرًا.
وفي المقابل يتعرَّف الشاب على فتيات من الأمريكيات، ربما أحبَّ من بينهن واحدة أو أنس لها، لكنه إذا تزوجها فلسوف تكون ورطة محتملة إذا حدث الاختلاف في المُستقبل، فالقانون هناك يعطي الزوجة عند الطَّلاق حقًّا في الاستيلاء على نصْف أموال الرجل ومُمْتلَكاته على أقلِّ تقدير. ومهْما جَهِد العربيُّ في إبداء النوايا الحسنة، ومحاولة التَّأقْلم مع الزوجة الأمريكية، فإنه لا يوفَّق أغلب الأحيان. ولسوف تنْقضي فترة العسل بعد حين، وتبدأ الخلافات كما يحدث أغلب الأحيان هناك. فإذا كان هناك عقْد قانوني بينهما فالمرأة ستقود الرجل إلى سلسلة من المشاكل القانونية هو الطرف الضعيف والخاسر فيها، أما لو عاش مع نفس المرأة بما تعارف عليه المجتمع هناك وتحت مسمَّى علاقة الصَّداقة، والتي تَعني في مؤدَّاها الحياة الزوجية نفسها، ولكن من غير عقْد شرعيٍّ أو قانوني، وجعل نيَّته صادقة في عدم التلاعب بهذه المرأة أو خداعها، والاستمرار معها على هذه الحالة بنيَّة الاستمرار. فإذا وصل إلى نتيجة مؤدَّاها التفاهُم الكامل والشعور بالأمان تزوجها، وإلا تركها بإحسان، فحلَّ بذلك مشكلة العنَت، وارتاحت نفسه من الضغوط الهائلة، وأمِنَ ما لا يحمد عقباه. هل هناك مشروعية لمثل هذا التصرف تحت تلك الظروف؟
... السؤال
الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا _ رحمه الله.ـ ... المفتي
... ... الحل ...
...
... جواب السؤال فيمَن يريد أن يُعاشر امرأة من أهل البلد الأجنبي، ويعيش معها إلى أساس الصداقة كزوجين دون زواج.
هذا لا أرى له مَساغًا بوجْه من الوجوه، ومحْذورُه كبير، وهو نظير ما يُجيزه الشيعة الإمامية بطريق نكاح المتعة؛ الذي ليس زواجًا، وهو أقرب شبهًا إلى الزِّني المُقنَّع(13)، وأهل السنة مُجمعون على حُرمته الثابتة بالأحاديث النبوية الصحيحة التي نَسَختْ نِكاح المتعة فيما نسخت من عادات جاهلية العرب، بعد أن مورِس فترةً في صدْر الإسلام. فرأي الشيعة في نكاح المُتعة مرفوض بإجماع أهل السنة، وممارسته في صدر الإسلام في بعض الغزوات نظير شرب الخمر في صدر الإسلام إلى أن حرِّمت، فإن الأحكام الإسلامية إنما نزلت بالتدرج.
ثم يا أخي! أعود فأقول لك: أيُّ فرق يَبقى بين المسلم والكافر إذا كان المسلم الذي يعيش في بلاد الكُفار يعيش مثْلهم ويمارس ما يمارسونه؟ بل عليه أن يلتزم بأحكام الإسلام، ويكون سلوكه دعاية إسلامية. فأما إذا كان لا يستطيع ذلك فعليه أن يُهاجر إلى بلد إسلامي، لا يجد فيه حرَجًا في سلوكه وَفقًا للأسس الإسلامية. وإلا فلماذا شُرعَت الهجرة من بلاد الكفْر؟(14)
لقد قال الله ـ تعالى ـ في نظير حالكم: (قَالوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُم جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) (سورة النساء: 97).
هوامش
(12) من مجموعة الأسئلة الموجَّهة من الولايات المتحدة الأمريكية.
(13) لا أوافق شيخنا الكبير على هذا التعبير؛ لأن اعتبار نكاح المتعة زنى: مُقْتضاه أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أباح الزِّنى لأصحابه في بعض الأوقات، ومعْلوم أن الزِّنى لا يُباح لحاجة ولا ضرورة، فالأوْلى أن يقال: أنه (نكاح ناقص) أُجِيزَ للضرورة قبل استقرار التشريع (يوسف القرضاوي).
(14) بَقِيَ أن يُقال: إذا أمكن إنشاء هذه العلاقة عن طريق الزواج العُرْفي، بمهْر وشهود، دون تَسْجيل، إذا لم يكُن في ذلك مؤاخَذة قانونية، فلا حرج في ذلك (يوسف القرضاوي).
ــــــــــــــــــــ(41/99)
مقاطعة السجائر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ألا ترون معنا يا شيخي العزيز أنه لم يُذكر شيءٌ عن مقاطعة أهم شيء يُدِرُّ الأموال الطائلة على الكفرة وهي السجائر التي تُستهلك بشكل لحظي في كل أصقاع الأرض، ولم يُذكر هذا الشيء أحد أو ينبِّه عليه، فهلا قمتم بذلك. بارك الله بكم ... السؤال
أ.د.عبد الستار فتح الله سعيد ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن الدخان الذي يشربه الناس الآن هو مادة خبيثة، حرَّمَها الله تعالى حيث قال: "الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث"؛ ولذلك كنا نقول للناس قبل ذلك هذا الكلام وكانوا يستخفون به، إلى أن أجمعت أكاديميات الطب في العالم على أن الدخان ضارٌّ غاية الضرر بالإنسان، سواء الذي يشربه المدخن أو الذي يستنشقه الناس، وبالتالي نحن ندعو المسلمين إلى التنبه إلى هذه الأشياء الخبيثة التي أشاعها اليهود في العالم
ولكننا -بالمناسبة- نقول: إن اليهود أشاعوا كل الخبائث في العالم؛ فهم وراء تجارة الخمور العالمية، وهم وراء تجارة البغاء في العالم الغربي بما تدره من مليارات لا تُحْصى، وهم وراء المجلات الإباحية الجنسية الساقطة، وهم وراء جميع الأشرطة والأغاني الماجنة في العالم كله، ومن أراد أن يقرأ في ذلك، فليراجع كتاب يُسَمَّى: "اليهودي العالمي.. المشكلة الأولى التي تواجه العالم" من تأليف هنري فورد مخترع السيارة الفورد قديمًا، والكتاب تُرجم إلى اللغة العربية ومطبوع في بيروت في دار الآفاق، وهو يفصّل جرائم اليهود في إشاعة المنكرات في العالم، وصدق الله حين يقول عن اليهود: "كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادًا والله لا يحب المفسدين"؛ لذلك ندعو المسلمين إلى التمسك بدينهم؛ لأنه شرف الدنيا والآخرة، فإذا فعلوا ذلك سقطت كل حيل اليهود وموبقاتهم، وقد نبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لا تكونوا كاليهود يستحلّون محارم الله بأدنى الحيل"، والله تعالى يوفقنا جميعًا لما يحبه ويرضاه
ــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ(41/100)
يوميات اللدغ والعسل: صفحتنا تبرير وتغيير
الحب لا يكتمل, علاقات العمل, الزواج الثاني, صفحتنا في عيونكم
بسم الله الرحمن الرحيم السادة والسادات الأفاضل تحياتي لكم جميعا، ربما تقولون إني من المفترض أن أذهب إلى طبيب نفسي لكن للأسف ليس لدي مال!!
إخواني، شاب متزوج في أواخر العشرينيات رغب في الزواج بفتاة أحلامه التي تسير معه لتحقيق أحلام الدنيا والآخرة وكله لله. كان عنوان رحلته في البحث عنها من تعينني لننجب الخليفة عمر أو أبو بكر أو ماري كوين العرب. لم يجد مالا لم يجد عونا من الأهل ولا رغبة.. ازدادت الشهوة وخشي الانحراف أخبرهم بأنه يقبل الزواج بقريبته التي كانوا يريدونها له رحبوا وتزوج. وعشت معها قصة حب رائعة لازلنا نعيش في ظلالها -وإن تبعثرت الظلال.
وفي خلال ذلك أدركت شيئا أن حلمي سيزول لا محالة لأني كنت أحتاج قائدا أو على الأقل شريكا قويا ووجدت همة ضعيفة وأحلاما لا تعدو أحلام البسطاء ووجدتني أرجع خطوات إلى الوراء خطوة خطوة.. أنجبنا ابنة جميلة وهنا كان التحول بعدا وانشغالا وكل التغيرات التي تصاحب تلك الفترة والتي كنت دارسا لها بعمق وفلسفة فكنت نعم الزوج بشهادتها دفنت رأسي في الرمال أو قل تعلقت بأمل بعيد بعيد بعيد أن يصلح الله الحال.
و الآن جاء دوركم سنين كثيرة من عمري أمضيتها في مطالعة بابكم في الموقع تشكلت عقليتي وتغير تفكيري ونضجت مشاعري وفهمت ذاتي ومما فهمته "الزمالة الملتزمة" فتاتان الأولى متدربة عندي لم أكن أعيرها انتباها كباقي المتدربات وبحكم التزامي بديني ودعوتي في نهاية الدورة صارحتني أنها رأت رؤيا أنها تبكي وأني أضمها إلى صدري وهدأت من روعها وأخذت تبكي أمامي أخبرتها أن ذلك بشارة خير إن شاء الله وليس المقصود أنا بذاتي لكن الخير هو المقصود ظلت على اتصال بحكم عملي تطلب استشارات وفي كل مرة تذكر لي حلما مشابها وهي ولا أزكيها على الله فيها من علامات الصلاح الظاهرة وليست بوجه كذاب. تطورت العلاقة وكانت تعاني من مشاكل صحية فكنت اطمئن عليها.
عرفتأنها مطلقة ولديها ابن وتكبرني بـ3 سنين وكانت تظن أني أكبر منها بحكم أني أبدو كمعلم كنت أخفف عنها كثيرا فلقد كنت بارعا في الفلسفة وعلم النفس تعلقت بي بشدة وتعاطفت معها بشدة "المحتلي" بحبها فصارحتها بحبي وصارحتني بحبها. أمضينا في التخطيط للزواج وكنت أقنعها أن زوجتي تحبني وستحب لي الخير وكانت نيتي والله يشهد أن أدخل السعادة إلى قلب تلك المطلقة البائسة. صارحت زوجتي أثناء المزاح فبدت تعبيرات وجهها تتغير فسحبت الكلام وأخبرتها أني أمزح لكنها لم تنسها إلى الآن. أخبرت الفتاة بأنه لن يكون لنا نصيب تفهمت واتفقنا على الزمالة الملتزمة.. شهور من الاتصالات لتبادل التهاني في المناسبات والاطمئنان ومازال كلامنا لا يخلو من نبرة ولغة الحنين وما زلت أرتشف مرارة الزمالة الملتزمة لا أستطيع أن أعلن تلك العلاقة أمام المجتمع الجاهلي لا أستطيع أن أمحو ما في قلبي وقلبها لا أستطيع الزواج بها ولا أستطيع قطع العلاقة لأني أصلا لا أجد مبررا لذلك.
وأما الفتاة الأخرى في نفس التوقيت كانت مدربة معي تحت إشرافي أبهرت بها وانبهرت بي، وجدتها، نعم وجدت فتاة أحلامي يارب تكون من نصيبي لكن تذكرت أني متزوج.. فنسيتها وعقدت معها صفقة إلى الجنة "إخوة في الله" رضيت ورضيت أخبرتها أني أنوي الارتباط بالفتاة الأولى قالت زوجتك الأولى.. هذا لا يصح قلت سأقنعها قالت وحبي لك قلت أحبك قالت أحبك قالت هل ستتزوجها قلت زوجتي رفضت قالت الحمد لله قلت تتزوجيني قالت لا.. هذا لا يصح زوجتك الأولى قلت فلننعم بأخوة في الله والآن نتجرع عذاب الحب والهوى وضياع الأحلام.. محادثات نطمئن فيها على الصفقة لا تخلو من نغمة الحنين والألم. الآن: الأولى تقدم لها شاب يكبرها وهي وأهلها يمدحون فيه فهو على خلق وبدأت تنسى مشاعرها تجاهي فحمدت الله على ذلك. الثانية أقصد حبيبتي ربما لا تنام الليل من التفكير في مصيرها إن هي تزوجت بغيري لأنها تشعر تجاهي بحب كبير وزوجتي تسعى جاهدة لإرضائي -وإن كانت الفضة لا تصبح ذهبا- وأنا أريد حبيبتي وأريد أن أحافظ على بيتي.. متردد بين الهمة العالية وبين الخوف من أن أظلم زوجتي وأهدم أسرتي التي هي بالنسبة لي كالأرض البور التي تصعب الزراعة فيها فضلا عن أن تجني منها شيئا.
إخواني بالله عليكم أنقذوني.. تشتت، تبعثرت أفكاري ومشاعري، ضاقت بي الأرض بما رحبت. والله كنت أريد الخلافة، ووالله الآن أود أن أكون مسلما فقط.. اهدنا الصراط المستقيم.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم، أردت الخلافة ووصلت إلى الخلاف، حلمت بالصديق أبي بكر أو الفاروق عمر، وأنت اليوم حائر في دنيا الحب والهوى وضياع الأحلام، وأنت دخلت دائرة المعذبة بقدميك، وتقول إننا كنا دليلك إلى ما أسمته "الزمالة الملتزمة"، ولا أدري ما هي في تصورك تلك الزمالة شكلاً وحدوداً؟!
هلقرأت لنا شيئاً عن تبادل روايات الأحلام وتفسيرها، أو حتى تبادل التهاني والاتصالات، والمصارحة بالحب دون ترتيب أو تخطيط للزواج؟!!
هل أكرر لك ما قلته من قبل عن الجماعية والمجتمعية والعلانية؟!! أخي ما قام بينك وبين الأولي والثانية لم يكن سوى علاقات عاطفية مثل ما يقوم بين رجل وامرأة: رؤية- استلطاف- مشاعر تتصاعد- كلمات تتواصل- تفكير وتأمل وخيال، وغرام يبحث عن حل بالارتباط الحلال، ثم صدمة بصخرة الواقع، وهي هنا رفض الزوجة، وموقف المجتمع، فماذا تريد أو تتوقع منا بالضبط؟!.
الاختيارات واضحة مثل الشمس في نهار الربيع، إما أن تكف عن "الزمالة الملتزمة" على طريقتك تلك، أو أن تقرر أن ترتبط بالزواج ثانية مع كل عواقب هذا، وهو ليس غضب زوجتك الأولى، فهذا أهون شيء، ولكن مسئوليات جسام تنتظرك، وأنت تفتح بيتا وثانيا، وتقوم على رعاية زوجة وثانية، وستجد نفسك أبا لأطفال من هذه وتلك، وسيكون عليك تحمل لدغات نحلتين قبل أن تظفر بالعسل، هذا إذا تركت لك آلام اللدغ الاستمتاع بأي عسل.
إذاكنت ملتزماً ومسئولاً كما تقول فلماذا لا تبحث عن خبرة مجرب سبقك إلى هذا المضمار؟! اجلس إلى زوج لزوجتين، واستمع إلى تجربته، شريطة أن يكون من نفس مستوى دخلك، وملتزما ومسئولا، وليس مجرد عاطل أو بلطجي، أو شخص مهمل لا يراعي حقوق الله في رعيته!! ثم عد إلينا بما سمعت، وحبذا لو تجلس إلى أكثر من نموذج، وتستمع إلى أكثر من تجربة.
أخشى يا أخي أنك اندفعت إلى عش دبابير، وفيه لن تتلقى إلا لدغات، ولا عسل!! تذكر أن القانون المصري يعتبر الزواج من أخرى من موجبات الضرر التي تمنح الزوجة الأولى حق الطلاق تلقائيا بمجرد الزوج الثاني، وتذكر أن زوجتك الحالية لم تكون مسئولة عن فشلك في الاقتران بفتاة أحلامك، وليست مسئولة أنك تزوجتها رداً للشهوة، وخشية الانحراف، دون أن تنعقد تجاهها رغبتك فيها كأنثى!! وتذكر أن كل امرأة تقترب منها، إما ترضى بأن تكون زوجة ثانية، وهي هنا تسقيك عسلاً ثم بعد الزواج سيكون اللدغ، أو أنها ستطلب منك طلاق زوجتك لتنفرد هي باللدغ، وأخبرنا عن العسل الذي ذقته مع الأولى أقصد زوجتك الحالية وأصدقك أن الثانية لن تعطيك أكثر غالبا!!
بالمناسبة أتذكر معك أن أبا بكر وعمر وغيرهما إنما صنعا أنفسهما بفضل الله وليس بتربية أب أو أم، أما من ولدوا في الإسلام وبرزوا فأحسب أن الزمان أختلف والظروف كذلك فإذا أردت الحسين بن علي فابحث له عن إمام المتقين والزهراء ابنة الحبيب المصطفى. ما هذا يا رجل؟! سأدعو لك ولا تنسنا من دعائك.
ــــــــــــــــــــ(41/101)
نادية وسامح والدكتور مصطفى !!
د. نعمت عوض الله
هل يجب إخضاع الحب دائما لحسابات العقل ؟
كنت طول عمري أشاهد قصص الحب في الأفلام.. وأرى البطل والبطلة حين تلتقي عيونهما في مكان ما فتحدث الشعلة والشرارة.. ودخلتالجامعة أبحث عن هذا البرق اللذيذ الذي يسري بين القلوب انطلاقًا من العيون.. أعرف تمامًا أني جميلة.. بل أتمتع بقدر كبير من الأنوثة والدلال، وأعتقد أنه لن تكون أمامي أي مشكلة في الحصول على ما أريد.
من أول يوم في الكلية وأنا أتفرس في وجوه زملائي.. ولم يجذبني أحد.. جلست أنتظر صديقتي على حرف إحدى السيارات الصغيرة... فإذا بي أسمع صوتًا فيه شقاوة من خلفي:
- ولو أنها مش قد المقام يعني...
التفت لأجد شابًّا وسيمًا هادئ الملامح رغم خفة ظله..
- آسفة قوي.
- آسفة على إيه.. خدي راحتك... ده أنا اللي آسف أن العربية أي كلام.
- يا خبر.. ليه بتقول كده.. لأ دي حلوة وبنت حلال.. زي زقزوقة بتاعة الأفلام.
- والله فكرة أسميها زقزوقة.. وأنت اسمك إيه بقى.
- نادية.
- سامح.. سنة أولى برضه؟؟؟
- أيوه وأنت؟؟؟
- شرحه.
- عمري ما شفتك قبل كده؟؟
- هو أنت فتشت على الطلبة واحد واحد؟؟ محدش قال لي كنت وقفت في أول الصف.
لم أتمالك نفسي من الضحك على تعليقاته.. لم تكن شرارة، ولكنها كانت أنا وهو.
مرت السنين ونحن معًا.. يوصلني بسيارته إلى البيت.. وأنتظره على باب المدرج.. لينتهي من محاضراته... نقلت كل السكاشن الممكنة معه. ليكون حضورنا وانصرافنا معًا... وكان اسمي البادئ بحرف النون نكتة الأساتذة في مجموعة سامية وسهير وسامح وسارة...
كنا لا نشاهد إلا معًا.. في سيارته.. في الكافتيريا.. في كل مكان.
- نصَّك الحلو فين يا سامح؟؟؟؟
- مجتش النهاردة تعبانة شوية.
وتمر السنون بأسرع مما نتخيل أو نشعر... هل كنت أحبه؟؟... بالتأكيد... أو ربما أحببت فكرة وجودي معه.. أو ربما كنت أريد مثل هذه العلاقة التي رأيتها في السينما والتلفزيون.. لم أعد أعرف.. ولا أريد أن أعرف.. أريد أن أنسى الفكرة كلها.. أريد أن أمسح من ذاكرة كل الناس صورتنا معًا.
في أحد الدروس وكنا معًا أيضًا... بدأ المدرس الجامعي الشاب يلاحقني بكلمات خفيفة لها معنى واحد أني أعجبه... كانت كلمات ومغازلات من رجل ناضج... يعرف كيف يثير كل حواسي ويداعب أنوثتي... ووجدتني فجأة أتضايق من وجود سامح معي في نفس الدرس.
وحاولت أن أنتقل إلى مجموعة أخرى مع نفس المدرس وتعللت بمواعيدي الأخرى...
- نادية.. ليه مبتحضريش درس دكتور مصطفى؟
- أبدًا يا سامح... أنا بحضره بس في يوم تاني.
- يوم تاني إزاي يعني؟؟؟ ما قلتليش.
- أبدًا.. ما جاش في بالي.
- ما جاش في بالك يعني إيه؟؟؟ هي دي حاجة الواحد مياخدش باله منها.
- إنت بتزعق كده ليه؟؟؟ بأي مناسبة يعني... نبرة صوتك مش عاجباني.
- الله!!!! فيه إيه يا نادية... إيه النغمة والطريقة الجديدة دي؟؟
- ولا نغمة ولا طريقة... عن إذنك عندي مشوار... سلام.
- حشوفك بكرة؟؟
كنت قد أغلقت السماعة... لم أشعر سوى برغبتي في أن يختفي هذا السامح من على صفحة حياتي.. لم أكن أريد أن تعكر تجربة طفولية قصتي مع الدكتور مصطفى.
- أنت مرتبطة يا نادية؟؟
- هه!!! قصد حضرتك مخطوبة يعني... لا أبدًا... خالص...
- وعاطفيًّا؟؟
- أبدًا... حضرتك أسئلتك غريبة شوية؟؟
- أصل قالوا لي أنك مرتبطة بواحد زميلك.
- أولاً دي إشاعة!!! ثانيًا حضرتك بتسأل ليه؟؟؟
- تتجوزيني؟؟؟
لست أدري كيف أجبته... ولا كيف تمالكت نفسي واحتفظت بجسدي منتصبًا ولم أهوَ على الأرض مترنحة.
- الخبر صحيح يا نادية؟؟
- أهلاً أهلاً... خبر إيه؟؟
- خطوبتك للدكتور مصطفى؟؟
- ياااه... هي الكلية دي مفيهاش حاجة بتستخبى... أيوه صحيح.
- وإنت عاوزة تخبي ليه؟؟؟
- أبدًا كنا حنعلن جوازنا مرة واحدة وخلاص.. أصل مصطفى تقريبًا فرش الشقة.. وفاضل حاجات بسيطة كده.. يعني
- وأنا؟؟
- عقبالك أنت كمان يا سامح.. ربنا يرزقك ببنت الحلال.. إنت إنسان هايل وتستاهل كل خير.
- بس كده.
- وأكتر.. أنا عمري ما هنسى زمالتنا الجميلة ودايمًا هحكي لمصطفى أنت قد إيه كنت بتساعدني وواخد بالك مني!!
مستشار صفحة مشاكل وحلول للشباب، ويمكنكم التواصل معها عبر البريد الخاص بالصفحة holol@iolteam.com
ــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ(41/102)
كفانا صراخا.. نصرة قضايانا بالكتابة للأطفال
الشباب والقضايا العامة, الوعي السياسي
كيف أبدأ حياتي الثقافية؟وكيف أستطيع إيصال أفكاري وكتاباتي إلى النور؟
عمري 25 عاما وأنا كندي من أصل فلسطيني. قبل انتفاضة الأقصى لم تكن أحلامي تتعدى الحصول على شهادة جامعية ثم الحصول على عمل في مجال دراستي.
بعد سنة من أحداث الانتفاضة تغير كل شيء، قررت أن أكون إنسانا فاعلا، مؤثرا في مجتمعه، وخادما لقضية دينه ووطنه، فغدت أحلامي عريضة لا حدود لها.
منذ أن كنت في السابعة من عمري وأنا أقرأ عن قضية فلسطين (والفضل هنا يرجع لوالدي العزيزين)، ومع مرور الأيام، وقبل أن يتجاوز عمري 18 عاما، كنت ملما بكل جوانب القضية وتطوراتها.
فاجأني وأدهشني جهل عدد كبير من الطلاب العرب والمسلمين الذين درست معهم في المرحلة الجامعية بقضية فلسطين؛ هذا لا يعرف موقعها على خريطة العالم، وهذه تسألني ما إذا كانت غزة تقع في فلسطين أو فلسطين تقع في غزة، وثالث يجهل أن صفد مدينة فلسطينية، ورابع يجهل تاريخ القضية جهلا تاما، وخامس يعرفه ولكنه غافل عن خدمتها، متكاسل عن التعريف بها فيقول دائما باللهجة العامية: "خليها على الله، إحنا ما بنقدر نعمل إيشي".
للأسباب السابقة قررت أن يكون القلم سلاحي، وأن أساهم قدر ما أستطيع في تنشئة جيل جديد يكون أكثر وعيا من الجيل الحالي.
باختصار قررت الكتابة للأطفال؛ بدأت في مراجعة اللغة العربية ثانية بعدما كدت أنساها قراءة وكتابة، وقد نجحت والحمد لله، وكتبت مقالتين في صفحة نادي المبدعين في موقعكم الكريم، إنها بداية خير بالنسبة لي على الرغم من تواضعها.
قرأت العديد من روايات الأطفال الأجنبية وأحطت علما بأسلوب الكتابة للأطفال وفنه وأدواته.. وها أنا اليوم على وشك الانتهاء من كتابة أول رواياتي للأطفال، وهي قصة رمزية عن القضية الفلسطينية.
وأستغل الفرصة هنا لأسألكم عن دور النشر في العالم العربي وكيفية التواصل معها، فأنا لا أعرف شيئا عن هذا الموضوع، ولدي مشكلة أخرى تتمثل في شعوري بالوحدة، فلا أجد أحدا يناقش أفكاري أو يراجع معي ما أكتب. على العكس من ذلك أجد القريب والبعيد يدعوني إلى ترك ما أقوم به من عمل بزعم أنه عمل غير مربح أو بدعوى أن كل هذه الكتابات لن تغير في واقعنا شيئا.
أشكركم.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أخي الكريم.
خلق الله الناس مختلفين، وبرغم إدراكي ومعايشتي بعمق لتجليات هذه الحقيقة الوجودية إلا أنني لا أستطيع منع نفسي من الرثاء لأحوال البعض ولي في الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة وأسوة، وهو يشفق على الناس الذين لا يهتدون
أو لا يفقهون رغم أنه يعرف ابتداء وكما علمه الله أن مشيئة الخالق اقتضت أن يكونوا متنوعين باختيارهم الحر.
كثير من المسلمين كما ترى من حولك مثبطين، فترى الهمة محدودة الأفق والطموحات، وإذا كان الحديث حول واقع الإسلام والمسلمين سمعت صراخا وعويلا، ورأيت تشنجا ودموعا وقد يتبرع البعض بمال كثير أو قليل أو ينخرط في دعاء عريض أن يرفع الله البلاء ويهلك الأعداء ثم هو يعود إلى حياته اليومية يجمع المال ويتحسر على المال.
وإذا ذهبت تناقش أحدهم عن أسباب تخلف المسلمين ونهضة غيرهم من بني الأصفر والأحمر والأشقر أسمعك مواعظ وخطابة وهجوما على الأنظمة العربية جميعا وكيف أضلت وأفسدت وهو كلام حق ولكن يراد به باطل، هو تبرئة كل واحد منا من مسئولية لا يقوم بها إلا النذر القليل، ألا وهي مسئولية نصرة الإسلام بعمل إيجابي مبدع مفيد ولو كان بسيطا.
وأنت ما زلت في مقتبل عمرك، بارك الله لك فيه وبارك فيك، وستجد من هؤلاء كتلا هم بالملايين ومئات الملايين ولكن دون فاعلية كما تعرف ونعرف وترى ونرى.
لن أستطرد في وصف ما هو واضح ولكن أقول لك:
إنك ببعض الجهد ستجد بين المسلمين وغيرهم من يتجاوب معك ويعينك على ما تعتزم، وعليك بالبحث في مواقع الكتابة للأطفال وتجمعات من يكتبون وستجد ما يدهشك من الآفاق والإمكانات وبرامج التدريب والتطوير كما في كل مجالات الحياة التي تتيحها الشبكة العجيبة.
لقد جف حلقي من تكرار الترديد، ولم يجف وأنا أدعو إلى أن يكون عندنا مثل مؤلفة سلسلة "هاري بوتر" وهي كانت امرأة عادية مطلقة تكتب قصصا لترويها لابنتها قبل النوم، ثم صارت كما نرى، ولكن همم القوم خائرة ووجودنا هو ظاهرة صوتية غالبا إلا من بعض بقع الضوء التي أشكرك لو دأبت وواصلت لتكون إحداها.
وقل لي: كيف أساعدك أكثر؟!
ــــــــــــــــــــ(41/103)
أحتقر نفسي..أخطاء حب منتهي
للشباب فقط, الحب والخطئية
السلام عليكم ورحمة الله..
عندما كنت في السنة الرابعة بالجامعة نشأت علاقة عاطفية مع أخت لأحد أصدقائي عن طريق الهاتف في البداية بعد أن كنت رأيتها مرة واحدة، وقد علم صديقي بهذا وقال إنه يرحب بى في حالة طلبى الزواج منها.
وعلمت أمها وأبوها بالأمر على اعتبار أني كنت أدرس في كلية لها مستقبل جيد بعد التخرج، واستمرت العلاقة لمدة سنتين بين حديث في الهاتف بعلم الأهل أحيانا وبين خروج بدون علم الأهل، وبالتأكيد كان لا بد من وجود الشيطان في هذه العلاقة الغير محددة بخطوبة أو خلافه فحدث أنني كنت أذهب لألتقي بالفتاة في بيتها في غير وجود الأهل ويحدث بيننا كل شيء سوى الجماع الصريح.
ولكن حدث في مرة أن عادت الأم على غرة وكنت وقتها في حجرة الفتاة وكانت صدمتها شديدة وعندما واجهتني بالموقف أنكرت طبعا وأقسمت لها أنه لم يحدث بيننا أى شيء. من وقتها وأنا أحتقر نفسي كما يحتقرني الآن من يقرأ هذه الرسالة وذلك لأني خنت صديقي وخنت البيت الذى رحب بي زوجا لا خائنا، وعليه فقد قررت وقتها أن أنهي هذه العلاقة حتى أصبح على قدر المسئولية لأن أكون زوجا لا عابثا.
مرت الآن خمس سنوات وقد من الله علي بالالتزام من ثلاث سنوات، وأعمل بوظيفة محترمة، وأمتلك شقة وأرغب في الزواج. ومن هنا تبدأ أسئلتي:
1- هل يجب علي أن أتزوج هذه الفتاة حتى أكفر عما كان مني؟ وهل إذا لم أفعل سيكون هناك قصاص يوم القيامة بسبب هذا علما بأنني قد تبت من بعدها ولم أدخل في أى علاقة عاطفية مع فتاة أخرى؟
2- بعد الالتزام اختلفت صورة الزوجة التي أتمناها عما كان قبل التزامي من حيث الاستعانة بزوجة على أمر الدعوة وإنشاء ذرية صالحة، فهل من الممكن أن أفكر في بذل مجهود لتوجيه هذه الفتاة نحو هذه الطريق علما بأنها من أسرة على خلق وليست كما يبدو من كتابتي أنها أسرة متسيبة فهم على خلق ويؤدون الفرائض، ولكن لا يطلق عليه أنهم ملتزمون أم أن الأفضل أن أبحث عن أخرى تعينني على أمر ديني؟
*ملحوظة: يوجد بالفتاة بعض العيوب الشخصية مثل أنها كثيرة الكلام، غير كتومة للأسرار، عصبية المزاج برجاء الإفادة في أسرع وقت وجزاكم الله خيرا..
... المشكلة
د.حنان طقش ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
السلام عليكم..
عن نفسي لن أحتقرك فكما أكره أن تلام الفتاة على تهاونها واتباع هواها أكره أن يلام الشاب على جرأته لإشباع حاجته، ولكني بالتأكيد ألوم الأهل الأكثر دراية من صغارهم بمزالق الحياة والشيطان ونحن نضع الحدود الصارمة والضيقة ونعلم مسبقا.
بأن ما سيطبق هو بعضها فقط؛ ولذا فإن وضع حدود لينة يعني أن التجاوز سيكون كبيرا وهو ما حدث معك، ولكن اللوم لن يفيد أحدا. إن الأسر التي تتبنى جزء من الثقافة الغربية التي تسمح باختلاط الشباب والبنات خارج أطر الزمالة الرسمية في العمل والدراسة يجب عليها أن تتوقع مواجهة مشكلات مثل تلك التي تواجها الأسر الغربية فلا أنصاف حلول مع النفس البشرية، ولك أن تختار بأن تلجمها بشرع الله أو أن تطلقها ترتع.
يبدو من كلامك أن مسئوليتك من الناحية الشرعية هي الأكثر أهمية بالنسبة لك، ولكنك تعلم بأننا هنا أهل للإفتاء النفسي لا الشرعي، ومع ذلك فإن معرفتي العامة كمسلمة تقول إن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وأن كفارة الذنوب هي الاستغفار بعد إيقاف الذنب، وأن ما وقعت فيه هو من مقدمات الزنا؛ وبالتالي لا حد شرعي فيه إلا التعزير إن شاء الحاكم والاستغفار ومع ذلك كي يطمئن قلبك ارجع لبنك الفتاوى "اسألوا أهل الذكر" على الموقع.
وإن تخلصت من شعورك بالذنب لجرأتك على الحرام يبقى لديك حرجك ممن أتمنك على عرضه ومع تفهمي لهذا الحرج إلا أنه ليس دافعا قويا ولا حقيقيا لتأسيس أسرة وما يتبعها من تربية للأبناء.
لقد تغيرت مشاعرك بشكل طبيعي نتيجة النضج الذي حققته بالتقدم في العمر والخبرة الحياتية وزيادة توجهك الديني بحيث لم تعد صاحبتك الأولى هي الزوجة المناسبة لك فلا تتزوجها تحت ضغط الشعور بالواجب والذنب فأحدهما دون اجتماعهما كفيل بقتل فرص بناء الود والسكينة بينكم بينما من أهم أهداف الزواج تحقيق السكن والمودة.
إذن لا تتزوجها ما دمت غير راغب بها فإن كنت بها اليوم زاهدًا ستصبح أكثر زهدا بها وربما كرها مع الأيام وهي حياة لا ننصح بها ولا نرضاها لك أو لها، وما أدراك لعلك لم تعد أنت أيضا من تحلم به أو ترضاه.
وعسى الله أن يرزقك وإياها من ترضونه ويرضاكم فأنت ذكرت عيوبها وترى نفسك نزيها تستدرّ تعاطفنا بأن تسبقنا بلوم نفسك واحتقارها وليس هذا بالأمر ذي البال فما يعنيني حقا أن أراك وإياها مستقرين مع شريكين مناسبين لكما وسعيدين إن شاء الله.
ــــــــــــــــــــ(41/104)
أبي.. ذلك الشرير كيف أتعامل معه؟!..متابعة
البيت الكبير, علاقات أسرية
السلام عليكم ورحمة الله
الدكتورة وفاء جزاك الله خيرا، أنا صاحب مشكلة: أبي.. ذلك الشرير كيف أتعامل معه؟! أنا آسف لأنني لم أذكر بعض التفاصيل عن أبي، وإليك بعضها:
ليس له أهل أو محبون غير أخت في فرنسا لكنها لا تأتي للمغرب وهو يسبها وأعتقد أنه يكرهها، ليس بالضرورة أن يسب إنسانا لأنه يكرهه يمكن أن يحبه وفي نفس الوقت يسبه بأقبح الصفات، بمعنى أن سب الناس تحول إلى طبع وتعود مع مرور الوقت، لم يدرس في المدرسة لأنه عاش يتيما بدون أبوين، فوالدته توفيت وهو صغير جدا وأبوه مات قبل أن يولد، عاش في الريف مع أعمامه يشرف على الماشية وأعمال الحقل، بعد أن جمع القليل من المال أتى إلى المدينة وتقدم لوالدتي وبما أن والدتي هي الأخرى غير متعلمة فقد قبل أهلها تزويجها دون شروط ودون التأكد من هوية الزوج وأخلاقه.
مع مرور السنوات كانت تقع خلافات كثيرة جدا، أمي هي الأخرى لم تعش أي سعادة مع زوجها، بل بالعكس حياتها كلها نكد وخلافات كادت تصل إلى الطلاق في أحيان كثيرة. ونحن صغار كنا نذهب مع أبينا للحمام العمومي (عادة المغاربة يستحمون في حمامات عمومية بشكل شبه دائم) كنا نخشى من مرافقته لعدة أسباب منها أنه يعذبنا من حيث لا يشعر كأن يستعمل أقسى الطرق لتنظيفنا من الأوساخ، أحيانا للأسف كان ينزع ملابسنا الداخلية ليتباهى أمام الناس أن لديه أولاد (لا أعرف سبب هذا التصرف الغريب الشاذ، أعتقد أنه لا يصدر من إنسان عاقل).
نشأت لدينا عقدة من الحمامات لدرجة أنني بقيت 15 سنة لا أستطيع الذهاب إلى الحمام حتى تجاوزت هذه العقدة مؤخرا فقط.
أبي يشتغل في التجارة، وطبعا كل من يشتغل معهم اشتكوا من سوء أخلاقه فأحيانا يتعرض للضرب والجرح على أيدي أشخاص أساء إليهم علنا لأنه يعتقد نفسه أفضل.
أنا متفق معك على أن طاعة الوالد واجبة والله عز وجل قرنها بعبادته تقديرا لمكانة الوالدين العظيمة في الإسلام، لكن ما لا أعرفه هل تجب علي طاعته وهو يبدد ويهدم كل أشكال البر والطاعة التي من المفترض أن أقدمها له؟.
لا أحد يأتي إلينا للمنزل هربا من حقده وسلاطة لسانه، إذا أتى ضيف فإنه يسبب لنا حرجا شديدا بسبب مشاجراته مع إخوتي الكبار بكلام ساقط جدا. حتى أصدقاء الدراسة لا أستطيع إحضارهم للمنزل، وإذا صادف وسألني أحدهم هل هذا الشخص أبوك؟ فإنني أنكر على الفور وأخبره أنه عمي وليس أبي.
الانتماء إليه أصبح عارا ومذلة، ربما لم أصل إلى مرحلة أن أسبه بكلام ساقط مع أنني أفكر في ذلك دائما حتى أوقفه عند حده، لكن الأمر لن يأتي بأي نتيجة فإخوتي الكبار يسبونه بكلام سوقي ولا يحترمونه أبدا، بل لا يعتبرونه أبا، ومع ذلك لم يغير من معاملته، أعتقد أنه سينتصر في الآخر؛ لأنهم فعلا سئموا من سبه فهو لا يمل ولا يسأم، الحياة أصبحت جحيما لا يطاق، لا أجد الظروف المناسبة للعيش في المنزل خصوصا أنني طالب وأحضر لشهادة عالمية في البرمجة، لكن كيف أركز في دراستي وأنا لا أسلم من السب والشتم بدون سبب، حتى أنني فكرت في اكتراء غرفة في منطقة بعيدة عن المنزل لأتخلص من هذه المعاناة، لكن بطبيعة الحال لا أستطيع لأنني لا أملك دخلا ماديا.
أيضا ذكرت في رسالتي الأولى أنه لا يصرف علينا ولا يعطيني المال لأبسط الأمور، أود أن أشير أنني أرد له ما يلقيه لي عندما أحصل على المال من جهة أخرى، بمعنى أنني أقترض منه، أمي خرجت للعمل وهي لا تعود للمنزل إلا ليلا (تخرج من الساعة 3 فجرا) لذلك لا نراها طول اليوم، أمي لا تحترم أبي وتسبه هي الأخرى، وقد خرجت للعمل مكرهة لتصرف علينا. وهناك تصرفات غريبة يقوم بها فممنوع استعمال الكهرباء بشكل متصل بحيث يعمد إلى إطفاء النور علينا، وعادة عندما أذاكر طول الليل يأتي ويطفئ النور ويقول لي: اذهب لتعمل في رعي الماشية بدلا من تضييع الكهرباء، تصوروا كيف ستكون نفسيتي وأنا أحضر لامتحان أو مذاكرة.
أعتقد أن صلاته التي يؤديها في المنزل بشكل سريع -فلا يعطي للسجود والركوع أي حق- ستكون شاهدة عليه فأي صلاة هذه، وهو قبل أن ينهض من الصلاة ويطوي السجادة يبدأ في السب والشتم خصوصا أنه يكون مستمعا لحديثنا أثناء صلاته؟ يعتقد أن الإسلام صلاة روتينية يؤديها كل يوم فقط لا غير، فلديه جهل شديد بالإسلام.
إن المعاملة السيئة التي يعاملنا بها يوميا تجبرنا على عدم النسيان كما أن جراحنا لا يمكن أن تندمل ونحن نعيش مع الجلاد في منزل واحد.
إن الآلام والعقد التي سببها لنا لا تصدر من شخص سوي فكيف بأب من المفترض أن يقدم لأولاده القدوة الحسنة وكل أشكال العطف والحب.
هذا غيض من فيض.. لن أبره ولن أطيعه.. المعاملة الحيوانية التي يعاملنا بها لا تشفع لها أبوته وحقه في البر.
تمنيت لو أن لي أبا أحبه وأقدم له كل أشكال البر والاحترام لكن هيهات. أولاده أمانة وقد ضيعها، فالكل نشأت لديه عقد، وسلاطة لسانه انتقلت إلينا فنحن لا نسمع إلا الكلام الساقط والفاحش 24 ساعة، أما في رمضان والأعياد فتلك معاناة أخرى.
هو بحاجة للنفي من هذه الأرض فهو يفسد فيها ولا يصلح، ووالله سيسأل عن أمانات الناس وحقوقهم التي يغتصبها بدءًا من الغيبة والنميمة ثم الغش في التجارة والكذب.
لدي أخت واحدة من أصل 5 إخوة، هي الأخرى لم تسلم من كلامه الساقط فتصوروا كيف ستنشأ هذه الفتاة في هذه الظروف وهو ينعتها بأقبح الصفات خاصة أن عمرها 19 سنة.
بقي شيء أخير وهو أنه يغسل أي شيء يريد الأكل فيه أو الشرب فيه بمعنى أنه لديه وسواس نظافة لا لشيء سوى لأنه يكره أمي وأختي ولا يثق في نظافتهما مع أن أمي يضرب بها المثل في التنظيف، فلديها إتقان شديد جدا في التنظيف، كما أنه يشرب القهوة أكثر من 5 مرات في المنزل ويحضر لنفسه ما لذ وطاب ليأكله وحده.
هذا ما لدي وأعتذر على ذكر هذه الحقائق المرة عن أبي.
... المشكلة
د.نعمت عوض الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ولدي،
حين رددت عليك في المرة الأولى -إذا لم تخني الذاكرة- قد طلبت منك أن تحسن إلى أبيك وأن تجتهد لتتعلم أو تعمل لتنفق على نفسك وتهرب من إساءاته واليوم يأتي ردك وتعليقك توجهه للدكتورة وفاء وأنا لا أعرف بم نصحتك. ولكني لم أفهم ماذا تريد؟
أصدقك أن أباك رجل لا يعاشر.. سليط اللسان.. سافل وسفيه...
هل أسعدك أني سببته؟!
ربما، ولكني لست سعيدة فلم أعتد ذلك، لقد تربى تربية شديدة القسوة، فهو يقسو على الكون كله من حوله وما زال غليله لم يشف ما أصابه، ما زال يزيد في السباب والإساءة والإهانة، وكأنه ينتقم من كل الناس لما حدث له في صغره، وأنتم جميعا تعيشون في بيت يتعامل بالسوء، فحتى أمك تسبه ولا تحترمه، فماذا تريد أنت؟!.
تسأل عن الطاعة، أي طاعة وأي بر وأي حق تبحث عنه بعد كل ما تقوله؟ قلت لك ولا زلت: الحل الوحيد إذا كنت طموحا تريد أن تتعلم أن تعمل لتنفق على نفسك، شرعا هو ليس مكلفا بالإنفاق عليك، فالقادر على إنجاب مثله عليه أن يعول نفسه.. هذه قاعدة إسلامية.
إذا كنت لا تجد عملا، أو لا تستطيع أن تعمل فليس أمامك سوى أن تهادنه وتقبله وتحسن في معاملته فهو من يطعمك ويؤويك في بيته، وأنا لا أتعجب في دعوته لك أن تذهب لتعمل في رعي الماشية، وأن تترك ما يراه هو "غباء لا فائدة منه" ألم تكن هذه هي حياته؟ هل تعلم؟ هل أنفق عليه أي إنسان أي شيء؟ أوليس تاجرا ناجحا يملك المال الآن؟.
ليس كل أب حرم من التعليم والحنان في طفولته يكون مغدقا على أبنائه، ولا أجد في نفسي الجرأة أن أطلب منه أن ينفق على رجل ليحصل على شهادة عليا أو صغرى.
أليس الأولى أن يتكفل هذا الرجل بنفسه وبهذا الترف الذي يريده العلم وليس العمل؟
مشكلتك يا ولدي أنك ترى لنفسك حقوقا ليست لك.
أعود فأقول لك مرة أخرى: أعانك الله على بر أبيك. فمثل هذا الرجل بكل هذه البذاءة في التعامل والتربية والحوار يصعب الاقتراب منه، فما بالك ببره؟! أما الباقي فأنت مسئول عن نفسك فيه. ولن تكون أول ولا آخر من حفر في الصخر ليتعلم. وعمل ثلاث أو أربع ورديات ليتمكن من جمع مصاريف الجامعة، حتى لو كان أبوه بيل جيتس شخصيا.
ــــــــــــــــــــ(41/105)
أنا وزميلتي.. لماذا الحب ولماذا الزواج؟!
الحب والخطئية, تساؤلات حول الحب
أعطر وأطيب تحية لهذه الصفوة الصالحة والطيبة..
أنا شاب في العشرين، في كلية الصيدلة، متميز ومتفوق وناجح ولي مكانة كبيرة في كليتي وبين أساتذتي لدرجة أني أعد معهم وأقدم بعض المحاضرات والندوات بمعنى أني محاضر معهم في بعض الندوات العلمية.
لكن مشكلتي أننا تربينا في الخليج؛ وهي بيئة منغلقة جدا جدا جدا لا أعرف من العالم غير أهلي ويقومون بكل حاجياتي.. انتقلنا بعد الثانوية إلى بلدنا المنشأ تركني أهلي هنا لوحدي طيلة أربع سنوات مرت علي ظروف صعبة للوحدة. وبسبب قلة خبرتي مررت بتجارب ومشاكل قاسية لقلة الخبرة كادت تصل بي لحد الخوف من الرسوب إلا أن الله كان يسترها معي وأتدارك نفسي وأحصل على درجات عالية.
في السنة الثالثة أصابتني حالة فراغ عاطفي رهيبة وأحسست أني مريض وانتابني صداع شديد من شدة التفكير كنت أشعر بشيء قوي لدي يدفعني لأبحث عن الحب، ليس المهم من، لكن المهم أن أحب وأجد من يسمعني ويشاركني وحدتي ويرفع عني همومي بالإضافة للضغوط الرهيبة التي تحاصر الشاب الملتزم هنا في بلدنا خاصة في الحياة الجامعية والجرأة المعهودة من هذا الجيل وغير المسبوقة في العلاقات بين الشباب والبنات.. كنت خجولا جدا من البنات واستمر معي الصداع الشديد والاكتئاب واضطرابات النوم لدرجة أنه جاءني نوبات من البكاء الشديد غير المفسر.. هل هذا لأني تركت أهلي وكنت معتمدا عليهم في كل شيء؟
قابلت فتاة تصغرني وتعرفت عليها، جريئة جدا جدا جدا، من اللحظة الأولى وهي تبدي إعجابها بي، جريئة قد تعرض علي أن نجلس في مكان ما أو في كلية أخرى أو أن نتقابل للحديث بمنتهى الجرأة.. كلما اتصلت بها تبادرني بالسؤال أين سنلتقي؟ كنت سعيدا بصحبتها وحديثها شاركتني كل همومي وأفكاري وشعرت بارتياح لها. لكن هذه الجرأة القوية والغريبة على شاب ملتزم مثلي قادم من الخليج كانت غريبة.. استمرت العلاقة
وكانت تلمح لي بأن نبدأ قصة حب لكني كنت ألتزم الصمت وأغير الموضوعحتى فاجأتني مرة بسؤالي هل تحبني؟؟ وكان ردي نعم أحبك!!
هكذا خرج مني الرد وأنا في حالة من الدهشة والاستمتاع بصحبتها وكلامها ولأنها أخرجتني من حالة الوحدة والكآبة لكني تداركت نفسي وصارحتها أني لست كبقية الشباب إن وجد فتاة تحبه استغلها وأخذ منها ما يريد
وقلت لها بأني من شدة ارتياحي لها وإعجابي بها وتقديري لها أخاف عليها وأن هذا الكلام ليس وقته وأنه يجب علينا التمهل.. ففوجئت بها تقول لي إن كلامي هذا زاد من تعلقها بي وأنها أحبتني أكثر.
دخلت في دوامة فأنا مستمتع بها وبكلامها ومرتاح معها لكن لماذا الحب؟ أنا غير مستعد لارتباط ولا لزواج وقررت أن نبقى أصدقاء. وكلما فتحت موضوع الحب تكون إجابتي الصمت أو تغيير الموضوع.. في هذه اللحظات كانت تغريني وتحاول جذبي لها كانت ترتدي أحلى وأجمل الملابس شكلا وإثارة عندما نتقابل في كليتنا. وأنا كنت لا أقدر أن أخسرها أو أن أنهي علاقتي بها.. كنت مستمتعا وفرحا لأنها أخرجتني من حالة الاكتئاب والوحدة والتفكير في عالم البنات خاصة لشاب مثلي بعيد عن أهله وفي مجتمع مختلف عما تربى عليه من أساليب وأفكار. ومع الوقت ازدادت علاقتي بها وتعلقي بها.
هي فتاة متحررة تفعل ما تشاء وتعبر عن مشاعرها دون تحفظ. هي منطلقة وحرة وأنا واقع في دوامة من التفكير هل أحبها هل أعيش معها قصة؟ لكن حرام أنا غير مستعد للزواج منها أو قد أقابل من هي أفضل منها؟ خاصة أن هناك فرصة وهي وجود أستاذ يحبني وعلى علاقة طيبة به وبأهله وبابنته التي تصغرني بسنتين وهم عائلة كبيرة ويكفي أنه أستاذي في الجامعة.
قررت مقاطعتها حتى أنتبه لنفسي وكان رد فعلها عاديا وطبيعيا أي أنها لم تتصل بي كما هو المعتاد..
بدأ الحنين لبعضنا مرة أخرى ثم تركتها فترة 5 أشهر كاملةوتقابلنا في السنة الجديدة وأول سؤال وجهته لي؟
هل مازلت تحبني أم تغيرت؟ رددت عليها دعيني أفكر؟ وقاطعتهامدة شهرين كنا فقط نتبادل السلام أو التحية حتى طلبت مني أن أشرح لها موضوعا ويومها بدأت تغريني بكل ما لديها من جمال وملابس وبدأت عاطفة الحب تطغى علي مرة أخرى.. الآن نحن نتكلم يوميا في الهاتف وأعيش قصة حب معها في لحظتها لكن بعد انتهاء المكالمة ينتابني الشعور القوي مرة أخرى بتأنيب الضمير وأني مجرم وأني أتلاعب بها وأني غير مستعد!!.
وما أحزنني منها أنها بدأت تسلك معي طريقا خاصا في الحوار وطريقة أكثر تحررا وكأنه كلام زوجين يمارسان حياتهما الزوجية وبدأت أبادلها نفس الطريقة في التعبير عن مشاعر الحب وأتجاوب مع كلامها المتحرر والمثير لرغبتي كرجل في الهاتف دون حرج أو تكلف بيننا.
أنا في دوامة من الأفكار وعدم الاستقرار: هل أكمل قصة الحب معها إلى أن تنتهي من نفسها لسبب خارجي أم أتوقف؟ لكن إن توقفت فأنا لا أريد خسارتها.. هي إنسانة رائعة ولها مكانة في تفكيري وعقلي وإنسانة معروفة في كليتنا بالاحترام والأخلاق، لكن أنا لست مستعدا للزواج أو الارتباط وربما أجد الأفضل منها.. في نفس الوقت أنا منجذب لها لا أدري هذا الانجذاب هل هو لأني فعلا أحبها أم لأنها تقوم بجذبي لها بطريقة كلامها ولبسها وتحررها حتى إنه قد تحصل بعض الأمور المثيرة عند لقائي بها، وتفسيرها لذلك أننا نحب بعضنا ومستقبلنا مع بعضنا. حتى الآن لم تسألني عن موعد ارتباطي بها لكنها تلمح وأنا لا أرد، أسكت أو أغير الموضوع...
أفيدوني جزاكم الله خيرا
... المشكلة
د.حنان طقش ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
السلام عليكم ورحمة الله
استوقفني من بين كلماتك تساؤلك لماذا الحب ولماذا تفكر زميلتك في الزواج وسأجيبك ولكن بعد أن تجيب نفسك لماذا تأنس أنت بها وتستمتع وهي تكلمك وبالجلوس والحديث معها.
أما جوابي على سؤالك: قد يكون الحب أولا لأن لكل شيء في الحياة مقابلا وكل عطاء يجب أن يقابله عطاء يوازيه ولن نقول يماثله وأن هذا ناموس الحياة, فهي تعطيك الأنس وتبعد عنك الوحشة وتتوقع منك بالتالي أن تساعدها على الاستقرار من خلال سبل سليمة اجتماعيا وشرعيا، بدل أن يخوض الناس في أعراضكم وتكونا موضوعا للحديث, فهي تريد مقابلا لما تقدمه لك وهي في هذا طبيعية.. أنت يكفيك الحديث وهي يكفيها الحب والزواج.
وفكر بموضوعية: ما الذي تحصل عليه في الحياة دون مقابل حتى إن ربنا -وله المثل الأعلى- طلب منا الالتزام بعدد من العبادات والشعائر وهو الغني عنا وعنها كي يدخلنا الجنة، ولكن التبادل هو كما أسلفت ناموس الحياة. لن ننكر أن هناك فئة من البشر تحرص وتسعى لتأخذ دون أن تبادل العطاء ولكنها فئة توصف بالأنانية والانتهازية وتقابل بالرفض لأنها تخالف النواميس.
وقد يكون الحب أيضا لأن هذه الفطرة التي فطر الله الناس عليها من انجذاب الذكور والإناث بغض النظر عن إرادتهم أو مستواهم الديني والعلمي والثقافي فهذا جزء أساسي وضعه الخالق سبحانه وهو انجذاب الأضداد إن شئت، وكطالب صيدلة تعرف أن المكونات الموضوعة معا لا بد لها من تفاعل ضمن شروط، وتجنب هذا التفاعل لا يكون إلا بإضافة بعض العناصر المحايدة أو فصل المكونات المتفاعلة، وهكذا وضع المشرع أيضا قوانين تضبط التفاعل بين الذكور والإناث بتحريم الخلوة والاختلاط خارج حدود الأطر الشرعية المعروفة مثل ضرورة العمل.
بعد أن أجبتك على: لماذا الحب أجيبك بأنك لا تبادل زميلتك المشاعر ولا تهتم لأمرها إلا بمقدار استفادتك منها وأنسك بها وهذه حياتك تختار لها ما يناسبك سواء من اختيار ابنة أستاذك وقد تصادف من هي أقدر على تقديم المزيد لك في الحياة، ولكن ضع في اعتبارك وجوب مبادلة العطاء وإلا فلن تجد من يعطيك أو يقبل الدخول معك في شراكة من أي نوع.
رغم ما تسوقه من حجج ومبررات لنفسك كي تبيح وتحلل تجاوزك لحدود الله واستغلالك لمشاعر ووقت زميلتك فإنها لا تعفيك من المسئولية فأنت شريكها في هذه العلاقة وما لأحد عليك سلطة سوى رغباتك ونفسك.
لا تلم صديقتك وتغير الزمان؛ لأنك لا تستطيع الحصول على بلح الشام وعنب اليمن من رفقة صديقتك ودعم أستاذك.
قرر: تريد العنب أم البلح؟ كلاهما مفيد لك في الحياة، ولكن للأسف لا يمكن الجمع بينهما ويجب عليك أن ترتب أولوياتك في الحياة ثم تختار الأكثر أهمية على أن تكون واضحا مع نفسك أولا ومع من تتعامل معه ثانيا.
أرجو أن نكون أفدناك، وجزانا الله وإياك بخير أعمالنا.
ــــــــــــــــــــ(41/106)
أنا وأصدقائي .. لا اطيقهم ولا أستغني عنهم
علاقات الدراسة, للشباب فقط
أنا شاب جامعي ولي أكثر من مجموعة من الأصدقاء (شلة)، عندما أكون بينهم أشعر وكأني مراقب ومقيد الحرية، بمعنى أنه إذا أردت الخروج مع مجموعة منهم يجب عليَّ الحصول على موافقة المجموعة الأخرى حتى لا يغضبوا مني ويتهموني بأني تنازلت عن صداقتهم، وبنفس الكيفية لا أستطيع أن أبقى مع مجموعة منهم دون إذن الأخرى.
دائما أجد نفسي مطالبًا باستئذان أصدقائي قبل الإقدام على أي عمل حتى لو كان اللعب أو حتى التقديم في دورة كمبيوتر أو لغة، حتى عندما أذهب للجامعة يجب عليَّ إبلاغهم وسؤالهم إن كانوا يريدون الذهاب معي أو لا، كما أشعر دائمًا أنهم يراقبونني وأمشي وأنا أتلفت حولي، كما ينتابني إحساس بأني لو تصرفت أي تصرف أو تحدثت في أي موضوع فسيسخرون مني، ويعلقون عليَّ بشكل سلبي.
أحيانًا أفسر مشاعري هذه برغبتي في عدم إغضاب أحد، ولأنها أصبحت رغبة مبالغًا فيها، على الرغم أني لا أجد نفس الرغبة عند أصدقائي.
سأضرب لكم مثالا، إن حدث واتفقت مع أحد الأصدقاء على انتظاره في مكان ما ولم يحضر في الموعد، يمر الأمر بشكل عادي دون أن يعتذر أو حتى دون أن أعطي نفسي فرصة لأغضب منه، أما إن تخلفت أنا عن الموعد ينتابني شعور خانق بالذنب لأني أغضبته، حتى أني لا أستطيع النوم، وأبقى لفترة طويلة ألوم نفسي.. حتى الإحساس دفعني للشعور بأني أصبحت "دلدول" لهم ولست صديقا.
وبنفس الكيفية إذا قال أحدهم كلمة يمكن أن تغضبني أشعر أنه لا يكترث ولا يهتم، لكني أنتبه جدا لكل كلمة تخرج من فمي حتى لا تغضب أحدا.. بدأت أشعر أن أصدقائي لا يعبئون بي ولا بمشاعري بل ويعطون نفسهم الحق في التحكم في، وكان من نتيجة ذلك أني لم أعد أثق في نفسي مطلقًا، وفي نفس الوقت أشعر أن ثقتهم في أنفسهم تزداد ثباتا ورسوخا.
هناك مشكلة أخرى هي أنه لو تخاصم اثنان من أصدقائي أجد نفسي لا أعرف أتحدث مع من فيهما، وأخاف أن أتحدث مع أحدهما فيغضب الآخر.. أنا أرى الناس من حولي أقوياء الشخصية أولا يهتمون بغضبي ولا تعليقات أصحابهم...
لكن فكرة أني لا أحب أن أغضب أحدا تحولت عندي لخوف من الاعتراض على رأي أحد أو أقول لا لأي من أصدقائي، أو حتى أصنع ما يرضيني، بل المهم أني أفعل ما يرضي من حولي حتى وإن كان ذلك على حسابي.
رغم ذلك يهمني أن تعرفوا أن أصحابي يحبونني فعلا، وهذا الشيء ربما يدفعني أن أفكر بهذا الشكل.. لكن أيضا أحس أنهم يحبونني؛ لأني أسمع كلامهم في كل حاجة، وأخاف أن أعمل حاجة تغضبهم مني، وهذا يجعلني دائمًا أخاف من عمل أي حاجة تغضبهم مني ويتفقون عليَّ ويقاطعونني.
فكرت كثيرًا أن أعمل ما أريد دون الخوف من إغضاب من حولي "واللي يضايق يخبط رأسه في الحيط"، لكن هذا الموضوع سيجعل الناس يكرهونني، أنا حقا أحس أني أعيش في حلقة ضيقة جدا، لا أستطيع عمل أي حاجة براحتي، كل حاجة أريد عملها لا بد أن تكون بدون علمهم.
وأخيرا بعد كل هذه الفضفضة سأخبركم بإحساس يلخص كل ما أشعر به وهو أني أشعر بارتياح شديد وانطلاق عندما يسافر أو يغيب عني أحد من أصدقائي، كأني كنت في سجن وخرجت، وأشعر أني دخلت السجن مرة أخرى لو عاد... وهكذا.
... المشكلة
أ.أميرة محمد بدران ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
من وسط زحام الأسرى وجدتك أسيرا غريبا يا ولدي، والأسرى كثر!!؛ فهذا أسير "حرب" وهذا أسير "لذة"، وذاك أسير "موقف"، أما أنت فأسير فكرة!. فأجدك تكبل نفسك بقيود هذه الفكرة قيدا من بعد قيد، ثم تقول لا تفكوني أرجوكم، ولكنني لن أفعل وسأحدثك من وراء جدار أسرك السميك لعلك تسمع وتعي فتعال نراك معا يا أحمد.
هل لاحظت كم مرة قلت "أشعر" أو "شعرت"؟ فأنت تشعر أنه مفروض عليك الرجوع إليهم في شئونك.. تشعر أنهم يراقبونك... تشعر أنهم سيغضبون.. تشعر أنهم سيتفقون عليك حتى عندما يغادر أحدهم "تشعر" أنك سعيد! فأين الدليل على ما تشعر به؟ سؤال مهم أقدمه لك فلا تترك إجابته.
وقد أسرد عليك سلسلة من الوعظ حول الثقة بالنفس -ولكني سأترك لمحررة الصفحة وضع روابط تتعلق بها في نهاية حديثي لك- أو سلسلة من الاتهامات يشير بعضها لنشأتك التي غيبتها في حديثك ويشير البعض لصفات تحملها بداخلك ولكنني لا أتصور أنها النقطة الأهم -رغم أنها مهمة بل ومهمة للغاية- ولكن الأهم هو تأكيدك لذاتك أي قدرتك على التحرر من سيطرة الآخر وسلطته عليك لتقول "لا" ولو كانت سلطته وهمًّا يسكن بداخلك أنت فقط!!.
وستظل نقطة انطلاقك هي حين ترى نفسك بوضوح دون إزعاج مزيف من أفكارك أو حتى من تصرفات الآخرين ودون استهتار تضيع معه الحقائق أو تهون به صفات تحتاج للتهذيب بداخلك؛ فحينها ستعرف ما تهواه وما لا تهواه وتبدأ في تحسس طريقك للتعبير عن نفسك، وهنا عليك تبني مدرسة "الوسط"؛ فلا تعبر عما تريد دون أخذ في الاعتبار مشاعر وقيمة من حولك، ولا تكتم التعبير بداخلك فتقعد حبيس كمدك وهمك لما أضعت من فرص التعبير عن رغباتك المشروعة.
ولتتذكر معا أنه:
. ليس المهم أن ننصح من نريد بما يجب عليهم فعله، ولكن يبقى الأهم كيف ننصحه.
. ليس المهم أن يكون لدينا أصدقاء كثر، ولكن يبقى الأهم أن نجد أنفسنا معهم وإن كانوا قليلا.
. ليس المهم أن نخاف خدش مشاعر الآخرين، ولكن يبقى الأهم ألا نخدش مشاعرنا فهي غالية.
. ليس المهم أن نعبر عن رأينا ولكن يبقى الأهم كيف نعبر عنه دون خسارة دون تهور.
. ليس المهم أن نخطئ، ولكن يبقى الأهم أن نتدارك الخطأ ولو بعد حين؛ فالوقت دوما مناسب.
. ليس المهم أن نكون أحرارًا فيما سنأكل، ولكن يبقى الأهم أن نكون أحرار التصرف ما دمنا داخل مساحة الحلال والصحيح.
. ليس المهم التغيير، ولكن يبقى الأهم أن نبدأ في تنفيذ هذا التغيير.
. ليس المهم أن نحب، ولكن يبقى الأهم أن يحبنا الآخر كما نحن.
يبقى لك لدي أمران:
الأول: أن تدرك أن ما أنت عليه الآن أخذ وقتا ليحدث وعليه تشكلت علاقتك بأصدقائك، والتغيير كذلك سيأخذ وقتا ليس قصيرا، فقط تحتاج أن تدير دفته بهدوء لتحقق ذاتك فلا تتعجل النتيجة؛ فهل ستصبر؟.
الثاني: هناك برامج نطلق عليها "برامج توكيد الذات" يمكنك الالتحاق بها، ولكن لن تؤتي ثمارها ولن تؤثر فيك إلا إذا عزمت التغيير وبدأت ممارسته.
جميل أن تساعد الآخرين.. جميل أن تكون واحة راحة لهم.. جميل أن تحافظ على مشاعرهم، لكن الأجمل أن تفعل ذلك بعزة نفس وعن إرادة بحق؛ فلا يكون الثمن نظرة دونية لنفسك كما قلت "دلدول".
عد مرة أخرى لقراءة الإجابة وابحث بين كلماتها فستجد الحل عندك بين يديك؛ فهيا لا تتأخر أكثر من ذلك يا أحمد، تُرى هل ستفعل؟!.
ــــــــــــــــــــ(41/107)
على أعتاب النضوج.. حدود المسئولية
تحت العشرين, علاقات أسرية, مع الأهل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لا أدري إن كانت مشكلتي حقيقية أم لا.. لكنها بالنسبة لي فإنها مشكلة تخنقني وتشعرني بعدم الثقة بالنفس.. أنا فتاة عمري 16 عاما، فتاة متدينة ذات أخلاق حسنة -والحمد الله- بشهادة الجميع إلا والديَّ.. لا أدري لماذا مع أنني لا أفعل إلا كل ما يرضيهما.
فالمشكلة هنا والدي الذي لا يثق بي أبدا مهما فعلت، حيث إنني بنظره يجب أن أبقى تحت المراقبة لكي أبقى بأخلاق جيدة، وهذا الشيء فعلا يخنقني، حيث لم يبق شيء في البيت إلا ووضع له مراقبة.. التلفاز لم تبق قناة لنا، والكمبيوتر أيضا وضع له مراقبة، والهاتف أيضا، بالإضافة للتدخل في أبسط خصوصياتي، في لبسي وحركاتي.
أنا من طبعي أنني أكره أن يتدخل في تصرفاتي أحد؛ لأنني واثقة أنها صحيحة، أحس أنني أعيش في سجن كل أعمالي فيه مراقبة، ولا أستطيع أن آخذ راحتي في المنزل وأفعل ما أشاء، وبالطبع كلها تكون أشياء عادية.. أنا أريد فقط طريقة تجعله يثق بي وبما أفعله؛ لأنني قادرة على تحمل المسئولية بأحسن وجه.
وشكرا لكم.
... المشكلة
أ.سلمى عبده ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ابنتي الغالية..
قلبي معك.. ومع والديك، أقدر بشدة مشاعرك و"خنقتك", وأقدر بشدة حرصهما وخوفهما.
أتفهم مرحلتك السنية التي تختلط فيها المشاعر، وتتفجر فيها الحاجة الملحة إلى الحرية والانطلاق والاعتزاز بالذات والاستقلال بالشخصية، كما أتفهم خوف أهلك من المجتمع المليء بمظاهر الفساد والإسفاف الذي أصبح من أكثر ضحاياه مَنْ هم في مثل مرحلتك السنية، ومما يزيد من خوفهم هذه القصص الحقيقية التي تقع فيها البنات، وما بها من أخطاء وتجارب تنقلهم من حال الصلاح إلى حال الانحراف، فهم يخافون مما يقع فيه الآخرون، يخافون عليك وليس منك.
ابنتي..
لقد عبرت مرحلة الطفولة، وخطوت خطوات على أعتاب مرحلة النضج، فاعلمي أن من علامات النضج تقديرك لمشاعر الآخرين، وتفهمك لدوافع أفعالهم.
فإذا رأيت أن هناك نوعا من المبالغة من جانب أسرتك في مظاهر الخوف عليكِ فتأكدي أن لذلك أسبابا، فراجعي تصرفاتك، فقد تحكمين أنت على تصرفاتك بالانضباط، وقد تكون كذلك فعلاً، ولكنَّها ممكن أن تبدو لهما في ظاهرها مقلقة.
وقد تكون نظرتك للتعليمات والحدود لكونها مخالفة لحريتك ومقيدة لها يجعلك دائمة اختبار هذه الحدود، وهو ما يثيرهما ويدفعهما لكثير من الضغط، فانتبهي لذلك أيضاً.
ابنتي الحبيبة..
تقولين إنك على قدر المسئولية فاثبتي لهما ذلك، واعلمي أن قلقهما وخوفهما أمر مؤقت لن ينهيه إلا التصرفات التي تثبت نضجك، فالثقة تنشأ من تصرفات متلاحقة تدل على رزانة وحُسن تصرف.
• اجعلي لسان حالك يقول لهما: أنتما لا تحتاجان لوضع هذه القيود وإصدار التعليمات، فأنت دائماً مبادرة بالصواب.
• حاولي تجنب العناصر المتهورة من الأصدقاء، واجعلي علاقتك بهم سطحية.
• تجنبي الأوضاع الخاصة التي تزيد من مخاوفهما.
• حاولي أن تكوني عند حسن ظنهما في دراستك وتعاملاتك.
فأنت بذلك تمدين جسور الثقة معهما، وبمرور الوقت ستتطور العلاقة بشكل إيجابي بينكم، فإن لمسا منكِ النضج والاتزان فسيطمئن قلبهما وسيثقان في تصرفاتك وحكمك على الأمور، فينقلب هذا الخوف والشك إلى تفاهم وثقة.
ولا تيأسي ولا تتعجلي، فمن يزرع زرعا يتطلب منه ذلك وقتا وجهدا، ثم انتظار شهور لقطف الثمار، فما بالك بمن يزرع الثقة؟!.
ــــــــــــــــــــ(41/108)
مريض الفصام.. هل الزواج ممكن؟
إضطرابات نفسية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاكم الله خيرًا على ما تقدمون لخدمة الإسلام والمسلمين.
مشكلتي هي أن لي أخا مصابا بمرض انفصام الشخصية، وهو يأخذ علاجا فقط، ولكنه مع أخذه للعلاج يقول إنه لا يستطيع أن يوقف نفسه عن التفكير في أمور تزعجه وتشغل فكره دون داع، وإنه يستمر هكذا إلى أن يأخذ حبة الدواء وينام بعدها.. فهل هذا طبيعي بالنسبة لمرضه؟ وهل هناك من مساعدة يمكن أن يقوم بها أهل المريض له؟ وبالنسبة للزواج هل يعيقه المرض عن الزواج؟ وهل يمكن أن يقوم بمسئوليات الزواج كأي شخص عادي؟.
وشكرًا لكم.
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول د. هشام مصطفى أدهم أخصائي الأمراض النفسية والعصبية:
الأخت الفاضلة:
أنت قد سألت أسئلة دقيقة وغاية في الأهمية فيما يتعلق بمرض أخيك -الفصام- وهي مهمة كذلك بالنسبة لكل مريض فصام، وسوف نجيبك عنها إن شاء الله تعالى، إلا أنك عرضت حالة أخيك المريض وتاريخه المرضي في سطور وجيزة جدا لا تكفي لاستكشاف حالته المرضية وتطوره المرضي ولم تخبرينا بمجموعة معلومات غاية في الأهمية.
فكم نتمنى أن ترسلي إلينا فتحدثينا عن عمره؟ وترتيبه بين إخوانه وأخواته؟ وهل يعمل أم لا؟ ومنذ متى بدأ معه المرض؟ وما هي الأعراض التي ظهرت عليه في بداية المرض؟ وكيف تطورت؟ وهل تغيرت صورة المرض بعد العلاج أم لا؟ وهل سبق له الاحتجاز بمستشفى أمراض نفسية أم لا؟ ولكم يوم احتجز؟ وما مدى تأثير المرض على علاقاته الاجتماعية؟ وهل هو بطبعه شخصية اجتماعية أم انعزالية انطوائية؟ وما هو العلاج تحديدا الذي يأخذه وما هو تركيزه؟ وما هو مستواه العلمي؟ وكل شيء عنه قبل مرضه من صفاته الشخصية وتطوره الدراسي والاجتماعي والعاطفي والجنسي؟.
وبداية أقول لك إن المرض النفسي يختلف عن أي مرض عضوي في كونه يختلف في صفاته وتطوره وعلاجه باختلاف شخصية المريض ومدى تحمله للضغوط النفسية ومستواه التعليمي والثقافي وغير ذلك؛ فمرض الفصام الذي ابتلي به أخوك -على سبيل المثال- يختلف من مريض لآخر اختلافا كبيرا في استجابته للعلاج وتوقعاتنا لشفائه، بحيث يمكننا أن نعتبر فصام كل مريض مرضا خاصا بذاته ويختلف عن فصام مريض آخر وإن تطابق معه في نوع الفصام من بين أنواعه المختلفة؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى خلق كل شخصية متفردة بذاتها لها سماتها وشكلها وقوتها وعاطفتها وسلوكها بحيث لا يمكن تقليدها في صفاتها مجتمعة بأي حال من الأحوال.
وعلى العكس من ذلك يبدو المرض العضوي كالسكري ومرض ضغط الدم مثلا، فيمكن أن يبنى قرار علاج المريض على نتائج القياس والتحاليل مثلا، ولا يختلف الأمر كثيرا من مريض لآخر إذا صادف نفس نتائج التحاليل.
وعموما بالنسبة لتساؤلاتك أيتها الأخت الفاضلة:
فأولا: تفكير أخيك في أمور مزعجة تشغله وتضايقه ولا يستطيع أن يوقفها أمر يحتاج إلى توضيح؛ فما هي هذه الأمور على سبيل المثال؟ هل هي الهلاوس السمعية والبصرية التي تصيب مريض الفصام؟ أم هي بعض الأفكار الوسواسية؟ وأغلب الظن أنها تلك الهلاوس السمعية كأن يسمع أصواتا تحدثه أو يسمع أصوات أناس يتحدثون عنه، وهذه الأعراض طبيعية بالنسبة لمرضه، وعليه أن يراجع طبيبه إذا كانت تضايقه لمراجعة جرعات الأدوية الموصوفة.
وثانيا: فأنتم أهل المريض تستطيعون القيام بدور مهم وعظيم ليس فقط في أثناء المرض بل وبعد انتهاء الأعراض أيضا؛ ففي أثناء المرض عليكم أولا أن تفهموا طبيعة هذا المرض وفي أن هذا الرجل مريض فعلا ولا يدعي هذه الأعراض، ولا يتنافى هذا مع رؤيتكم له يتحرك ويتصرف وليس طريح الفراش، كما لا يتنافى مع رؤيتكم له يتصرف كشخص طبيعي في بعض الأحيان وعلى العكس في أحيان أخرى.
فهذه هي طبيعة المرض، وان أكثر الأوقات التي يحتاج إليكم فيها هذا المريض هي في هذه المرحلة؛ فمرض الفصام ما سمى كذلك إلا لأنه يحدث فصام وانفصال بين أفكار المريض وسلوكه وعاطفته؛ فهو قد يحبكم حبا بالغا إلا أن تصرفاته وأفكاره تسير في اتجاه معاكس لذلك، على العكس تماما من المريض بمرض عضوي -حيث إنه متماسك نفسيا- فهو يتبادل معكم المشاعر والامتنان لكم بحيث يكون ذلك كافيا لأن يجذب قلوبكم ومشاعركم وأنتم تتعاملون معه.
أما مرحلة ما بعد مرض أخيك فإن عليكم دورا كبيرا في ألا تضعوه تحت وطأة مسئوليات أو ضغوط نفسية شديدة خصوصا في بداية تعافيه ولكن يحدث هذا فيما بعد تدريجيا، وعليكم متابعته في العلاج وزيارة الطبيب لمتابعته، بل ونقل كل شيء يبدر عنه إلى طبيبه بمنتهى الدقة. وثالثا فعليكم بالصبر ثم الصبر؛ لأن سلوك المريض قد يسبب بعض المضايقات المؤلمة خاصة في الحالات الشديدة وإذا طالت فترة مرضه. وأخيرا عليكم بالدعاء له كثيرا، ولا تغفلوا أهميته فهو من الأسلحة الفعالة فعلا، ويأتي بنتائج يعجز عن شرحها العلماء.
ثالثا: بالنسبة لإمكانية زواجه؛ فلا مانع مطلقا من ذلك وهو قادر على أن يقوم بمسئوليات الزواج كأي شخص عادي، ولكن يجب أن يكون ذلك وفق شروط ثلاث:
أولاها: اختيار الوقت المناسب من جهة حالته المرضية، فعندما يصل إلى درجة معينة يحددها طبيبه المعالج من حيث اختفاء الأعراض المرضية كالهلاوس والأفكار الغريبة كالضلالات وعندما يكون مستبصرا بحالته المرضية وضرورة أخذه ومداومته على العلاج، وعندما يصل إلى درجة ملحوظة من الاندماج الاجتماعي، ويكون قادرا على أن يتحمل بعض المسئوليات وأعباء عمل ما يتكسب منه، وكل هذا ممكن مع العلاج، ليس العلاج الدوائي فقط ولكن مع جلسات العلاج النفسي والعلاج بالعمل والعلاج التأهيلي.
وثاني هذه الشروط ألا يقطع العلاج أو مراجعة طبيبه المعالج مطلقا؛ فلا بد أن يكون على اتصال دائم بطبيبه بحيث عند حدوث أي بوادر انتكاسة يسرع بمعالجتها سريعا.
وثالث هذه الشروط أن يخبر زوجته وبرفق عن طبيعة مرضه وأنه قد تعافى ولكن يجب أن يظل تحت العلاج تماما كمريض السكري والضغط؛ فهو يواصل العلاج مدى الحياة ويواصل حياته بشكل طبيعي، فإن هذا الأمر أيتها الأخت الفاضلة من الأهمية بمكان بما يسمح باستقرار حالته الزوجية ويحافظ عليه من حدوث انتكاسات شديدة إذا عرفت زوجته طبيعة مرضه وكانت لا تعرف بما يعرضه لضغوط نفسية ضارة وشديدة. وأخيرا كي تراعيه زوجته وتتابعه في أمور العلاج والمتابعة وكي تحنو عليه وتدعو له إذا تعرض لأي انتكاسة، وسوف يجد بعون الله من توافق عليه وترافقه في حياته بعد أن تتفهم طبيعة مرضه.
فالله نسأل له الشفاء ولجميع المسلمين العفو والعافية، والسلام عليكم ورحمة الله
ــــــــــــــــــــ(41/109)
ميليشيا الطلبة.. الضغط يولد الانفجار!
إيمان عبد المنعم**
"نحن أخطأنا وعلى استعداد لتقبيل رأس وأيدي أساتذتنا بالجامعة... ولكن اسمعونا قبل أن تحاكمونا وتعاقبونا... تعرفوا على مشاكلنا؛ فنحن أبناؤكم المحاصرون بالأمن من جهة والبلطجية من جهة أخرى، وضياع مستقبلنا من جهة ثالثة، واعتقالنا من جهة رابعة، لمجرد أننا نطالب بحقوقنا.. أنتم من علمتمونا أن التنازل عن الحق ليس من الرجولة في شيء! وأنتم اليوم أيضا من تلوموننا.. فلا تلمونا اليوم ولوموا أنفسكم".
بتلك الرسالة متعددة الجوانب لخص طلبة الإخوان بجامعة الأزهر أزمة ما سمي بميليشيات الإخوان الجامعية، وإذا أردنا أن نبتعد عن هوجة التحليلات السياسية التي حولت الأزمة إلى قضية عامة ومحطة من محطات الصدام بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام المصري، ونظرنا إلى أرض الواقع لنكتشف السر الحقيقي وراء ما حدث؛ فوفقًا لأساتذة الاجتماع، فسنجد أن الواقع الذي يحياه المجتمع الجامعي بشكل عام والبيئة السائدة داخل جامعة الأزهر بشكل خاص، كانت السبب الأول في الأزمة.
ووفقًا للطلبة، فالغربة ونقص الموارد والاضطهاد وكبت الحريات تمثل مربع معاناة طلبة جامعة الأزهر؛ فالطالب الذي درس وسط نضارة الخضرة وبكارة الحقول، بين أهلة وأقاربه، خرج اليوم ليدرس بالجامعة ويشعر بالحرية، جاء إلى القاهرة حاملا معه شعارات الأمل في الحرية والانطلاق والتعبير عن حماسة الشباب، ليصطدم بأضلاع مربع المعاناة السابق ذكره.
ويكفي الإشارة إلى أن الطلبة المغتربين يمثلون أكثر من 80% من طلاب جامعة الأزهر البالغ عددهم 400 ألف طالب بمختلف المراحل الدراسية.
.. وغاب الحلم
هذا ما يؤكده محمود إبراهيم الطالب بالفرقة الثالثة بكلية التجارة قائلا: يأتي الطالب من الثانوية العامة إلى الجامعة بالقاهرة ليتعلم كيف يعبر عن رأيه الحر كما كان يعبر عنه وسط أسرته الصغير -معتقدًا أن الأسرة الكبيرة ستخلق منه شخصية حرة معبرة عن آرائها مشاركة في صنع القرارات- ولكن الصدمة تبدأ مع أولى الخطوات داخل الجامعة -فالصورة ليست وردية كما كان يرسمها؛ فلن يصبح هذا الطالب عمر مكرم ولا الشيخ محمد عبده ولا الشيخ الشعراوي هؤلاء الرموز الذين انطلقوا بالدعوة التي تمثلها جامعة الأزهر- فاليوم أصبحت على الطراز الحكومي.
ويضيف: مع اليوم الأول يفاجأ الطلبة بمحاصرة الجامعة بسيارات الأمن المركزي لتتحول لما يشبه الثكنات العسكرية، خاصة أن الجامعة تقع بالفعل وسط العديد من مراكز تدريب القوات المسلحة، بالإضافة إلى مقر أمن الدولة الجديد والذي أصبح يمثل كارت تهديد لمئات الشباب الذين باتوا يخشون المرور بالقرب منه، مع أنه يبعد عن المدينة الجامعية بضعة أمتار لا غير.
وبعيدا عن المشهد الأول الذي قد لا يصلح تفسيرًا مناسبا لمعاناة الطلبة للوهلة الأولى، ولكن يدرك مغزاه مع الوقت، بتواتر التعليمات الأمنية المشددة من خطورة الاقتراب من العمل الطلابي أو المشاركة في الأسر خاصة أسرة "الجيل المنشود" والتي تمثل تيار الإخوان المسلمين داخل الجامعة.
ثم تبدأ المشكلات الطبيعية في سرد حالها بداية من ارتفاع أسعار شقق الطلبة -حيث إن المدينة الجامعية لا تستوعب كافة المغتربين- والتي تتراوح أسعارها من 2000 إلى 10 آلاف جنيه بينما متوسط مصروف الطالب 200 جنيه؛ فمن أين يدبر أمره ومأكله ومشربه وكتبه، وصولا إلى غياب التوعية والأنشطة.
ويتابع محمود أن فكرة الاتحاد الحر أو الموازي والتي أتاحت تمثيلاً طلابيا لا تسيطر عليه إدارة الجامعة، كانت في نظر البعض بمثابة طوق الحرية، ولكن يبدو أنها كانت بداية جديدة لمشكلات من نوع آخر.
بداية الأزمة
يقول الطالب محمد الصنهاوي الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الصيدلية نائب الأمين العام للاتحاد الحر بجامعة الأزهر، والذي صدر قرار بفصله عقب عرضه مع طلبة آخرين على مجلس تأديب: لم نسع لاختلاق أزمة، ونرفض أن نكون وسيلة للضغط على جماعة الإخوان؛ فما فعلناه خطأ نعتذر عنه ونعلن اعتذارنا عنه بكل شجاعة، رغم أنه كان مجرد فقرة رياضية تحولت إلى هوجة لم ندرك حسبانها.
ولكن قبل أن نحاسب على خطأ غير مقصود لِمَ لا نسأل عن سبب الاعتصام الذي تتضمن تلك الفقرات؟ لِمَ لا تستجوب قوات الأمن التي منعتنا من ممارسة حقنا في الترشيح لانتخابات الاتحاد الحر؟.
الحكاية ليست جديدة وسيناريو يتكرر كل عام، تعنت أمني وشطب ومنع ومجالس تأديب دون الوقوف على السبب الحقيقي لدفعنا نحو المشاركة في انتخابات الاتحادات الموازية التي مثلت لنا أولى خطوات الحرية والتعرف على مشكلتنا وحلها.
ويضيف: ما بدأناه يوم الخميس الماضي من اعتصام مفتوح جاء نتيجة تحويل 9 طلاب من المشاركين في انتخابات "الاتحاد الحر" إلى مجلس تأديب، ثم فصلهم رغم أنهم فقط قرروا الحصول على رفع مطالبهم إلى الإدارة عن طريق إجراء انتخابات حرة حتى وإن كانت في سياق اتحاد مواز.. وكانت النتيجة حرمانهم من دخول الامتحان وبالتالي ضياع سنة أو ربما ضياع مستقبل بعضهم الذي يحلمون مع آبائهم وأمهاتهم بتحقيقه.
لذلك خرجنا لنعتصم بعدما رفضت الجامعة رفع الظلم عنا، اعتقدنا أننا نمارس حقنا الطبيعي في الاعتصام السلمي حتى نحصل على حقنا.. ونظرا لطول الاعتصام جاءت فكرة البرنامج الترفيهي واستندت الفقرة الرياضية إلى طلاب كلية التربية الرياضية الذين قرروا استعراض مهارتهم من خلال عرض "حمساوي" كنوع من التضامن مع الشعب الفلسطيني، كما تعودنا أن ندعمه ونتذكر قضيته في كل مناسبة بعرض مماثل.
ويؤكد محمد، أنه بالفعل كان هناك خطأ في التوقيت، ولكننا لم نكن نقصد أي شيء من كل التفسيرات والتحليلات التي تناولت الحادثة.
وهذا ما يؤكده صهيب شوكت الطالب بكلية الطب أحد المفصولين أيضا، قائلا: لم نكن نقصد بأي حال من الأحوال ما حدث، حتى إطلاق كلمة عرض أو استعراض على الأمر مرفوض تمامًا؛ لأن كل ما قدم كان مجرد فقرة رياضية لا تحمل أكثر من ذلك.
ويتساءل صهيب: على من نمارس العنف أو استعراض العضلات، على إخواننا من الطلبة أم على أساتذتنا بالجامعة؟ الكل يدرك أن العلاقة بين طالب الأزهر وأساتذته هي علاقة روحية ونحن على استعداد تام لأن نقبل أيدهم ورؤوسهم، أم أنه استعراض على قوات الأمن أو كتائب الأمن المركزي التي تحاصر الجامعة ليل نهار؟.
ويؤكد أن طلاب الأزهر يرفضون العنف ولو كانوا يريدون ذلك لفعلوه أمام البلطجية أو عندما طردوا من المدينة الجامعية وحرموا من المبيت بها.
مطالب الطلاب
يشدد أحمد أنور الطالب بكلية الصيدلية نائب رئيس "الاتحاد الحر" أن برنامج الاتحاد يعبر عن كافة مطالب ومشكلات الطلبة، بداية من غياب ساحات التعبير عن الرأي، سواء من خلال الأسر أو الانتخابات الحرة، كما يعمل على محاولة توفير دعم مادي للطلبة الذين يعيش أكثر من 35% منهم تحت خط الفقر، من خلال محاولة توفير مساكن اقتصادية لإعاشة الطلبة المغتربين في ظل منع قوات الأمن لعشرات الشباب من حقهم في الانضمام إلى المدينة الجامعية؛ نظرا لانتمائهم إلى تيار معين.
ومن أهداف الاتحاد كذلك توفير الكتاب الجامعي أو دعمه بالاتفاق مع أعضاء هيئة التدريس، وأيضًا محاولة تثقيف شباب الجامعة، سواء على المستوى العلمي أو المجتمعي، وإنشاء صندوق للتكافل بين الطلبة لدعم ذوي الظروف القاسية وغيرها من الإشكاليات الغائبة عن أجندة إدارة الجامعات.
يؤكد الدكتور خيري حسان الأستاذ بكلية التربية بجامعة الأزهر، أن ما حدث في جامعة الأزهر أمر طبيعي ومسلسل متكرر منذ أكثر من 20 عاما، وقبل أن ننظر إلى تحليل المشكلة لا بد من رصد واقع الطلبة، خاصة أن الغالبية العظمى منهم شباب بائس يفتقد كل مؤهلات الحياة لا يجد التعليم أو الحرية ولا المال أو الزواج أو الحياة الكريمة، وهذا حال الجميع، وطلاب جامعة الأزهر نموذج من هؤلاء.
ويؤكد أن الطريقة التي عبر بها الطلبة عن غضبهم ما هي إلا اقتباس من أساليب النظام للتعامل معهم؛ فالضرب والعنف هي الوسيلة الأساسية لكبت الأصوات.
ومن جهته يرفض الدكتور أحمد عبد الله الطبيب النفسي تفسير ما قام به الطلاب بالعمل السياسي، مؤكدا أن الطلبة المصريين في الأساس لا يعرفون معنى السياسة ولا كيفية الاشتغال بها وليس هناك برنامج محدد يسيرون عليه.
ويضيف أن عملية الانتخابات والشطب ومجالس التأديب والمواقف غير المدروسة من الطلبة والاعتذار بعد ذلك والتأكيد على أن ما حدث تصرف غير مقصود ما هي إلا مسلسل متكرر يحتاج منا إلى وقفة لإعادة توجيه الطلبة وإرشادهم إلى كيفية رسم مستقبلهم والتخطيط له، من خلال خلق منظومة اجتماعية إدارية جماعية جديدة، لا تعمل بشكل فردي عشوائي كما هو سائد الآن.
ويعتبر الدكتور عبد الله أن غياب النسق الاجتماعي هو إحدى آليات المشكلة، وهو ما يخلق ما وصفه بعملية "العشوئة"، مطالبًا بضرورة خلق قنوات تدرب على النظام والتفكير بشكل سوي بعيدا عن تحدي السلطة وفكرة رد الفعل، تلك الفكرة القصيرة التي تودي بالشباب إلى ما آل إليه.
* تم اعتقال كل من الطالبين صهيب شوكت ومحمد الصنهاوي الخميس (14-12-2006)، وذلك بعد عدة ساعات من مشاركتهما في التحقيق، بالإضافة إلى أكثر من 180 طالبًا من المدينة الجامعية بجامعة الأزهر، وعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وذلك بحسب ما ذكره موقع إخوان أون لاين على الإنترنت.
** صحفية مصرية يمكنكم التواصل معها عبر البريد الخاص بالصفحة holol@iolteam.com.
ــــــــــــــــــــ(41/110)
سكن الطالبات.. البحث عن الحرية المفقودة!
طارق ديلواني**
على طول الشارع المحيط بالجامعة الأردنية بعمان أقدم الجامعات في المملكة، تمتد عشرات البنايات الخاصة بسكن الطالبات وتحاصرها من كل جانب عشرات المحلات التجارية والخدمية والمقاهي التي لا تنام مطلقا بفعل حشود من الشباب الذكور تغص بهم يوميا.
بهذا المشهد تتلخص ظاهرة سكن الطالبات كأحد إفرازات موجة التغريب التي طالت المجتمع الأردني منذ سنوات، حيث تغيب في هذه المساكن وما حولها أغلب المحرمات والتقاليد والأعراف والعادات المجتمعية ليحل محلها هاجس واحد ووحيد ألا وهو الاختلاط بين الجنسين والعلاقات الغرامية.
ويشكل سكن الطالبات واحدًا من مظاهر متعددة للدلالة على اتساع نطاق الانفتاح في العلاقة ما بين الشباب والفتيات في الأردن، حيث لا تفلح الأنظمة الصارمة في الحد من موجة التحرر التي تعصف بجيل الطلبة الجامعيين.
وتعتبر الكثير من الطالبات القاطنات في هذه البنايات أنهن يقطن في سجن معزول، وعلى حد تعبير آلاء حسين الطالبة في عامها الجامعي الأخير فإن الخروج من السكن إلى الجامعة فرصة مواتية للتحرر قليلا من الإجراءات والتعليمات الصارمة حيث لا هواتف خاصة ولا تأخير وأحيانا لا وسائل ترفيه!!.
سجن أم سكن!
على شاكلة مراكز الإصلاح والتأهيل تتبع إدارة بعض المساكن الجامعية للطالبات إجراءات صارمة؛ لدرجة أن إحدى الطالبات وهي من جنسية عربية تعتبر سنوات الدراسة الجامعية أسوأ سنوات عمرها.
وتقول مريم: إنه كان يفترض أن تعيش حياتها الجامعية بانطلاق وحماس وشغف، لكنها -وبحسب تعبيرها- تشعر أنها سجينة. وتصف زميلتها النظرة الاجتماعية لطالبات السكن الجامعي بأنها تفتقر إلى الثقة.
وتتابع قائلة إن السكن الجامعي إما أن يكون سمته التشدد والصرامة أو الانفتاح الزائد بحيث تنفلت الأمور، مضيفة أن بعض الفتيات يسهرن ليلا بكل حرية وحتى ساعات متأخرة دون حسيب أو رقيب، وأخريات يحظر عليهن التأخر عن السكن بعد الثامنة ليلا، وهو أمر مزعج برأيها؛ لأن ثمة احتياجات كثيرة تحتاج إليها أي طالبة في الليل مثل الإنترنت أو الاستجمام وتغيير الروتين اليومي أو حتى زيارة الأقارب.
كل شيء ممنوع!
للسكن التابع للجامعة الأردنية نظام صارم حيث تغلق أبوابه شتاء في تمام الساعة السابعة والنصف مساء، وصيفا في الثامنة والنصف، وبعد إغلاق الأبواب تقوم المشرفة بتفقد الطالبات في غرفهن ومن تحضر منهن متأخرة ولو لدقائق قليلة تعاقب؛ فعليها الانتظار في المدخل إلى أن تنتهي المشرفة من التفقد، أي حوالي ساعة كاملة، تخضع بعدها لاستجواب يصل في أحيان كثيرة إلى الإساءة للطالبة وإحراجها أمام زميلاتها، وبالطبع لا يسمح للطالبة بالمبيت خارج السكن إلا بإذن مسبق من ولي الأمر.
أما من تتأخر أكثر من مدة التفقد، ودون إذن مسبق بناء على طلب ولي أمر الفتاة، فتتصل المشرفة بالأهل لإبلاغهم بغياب ابنتهم.
تقول طالبة مقيمة في السكن الجامعي: "في بداية الفصل الدراسي يجمعون منا جداول المحاضرات لمعرفة المواعيد اليومية للمحاضرات. وإذا لم تعودي وقت انتهاء المحاضرات فإن الاتهامات تلاحقك".
وتتابع: حتى من تلتزم بالموعد المحدد وتتكرر عودتها عندما يوشك وقت إغلاق الباب، تتعرض لأسئلة وتعليقات المشرفة المسيئة والمشككة في صحة سلوكيات الفتاة، مثل "الله أعلم وين ومع من كنت"، "كنت في المقاهي"، وتصل أحيانا إلى الشتم والصراخ أمام زميلاتها: "أنت سايبة، أنت ماشية على حل شعرك".
ولا يسمح للطالبات استقبال الضيوف في غرفهن. وباستثناء الأب والأخ، لا يسمح باستقبال الذكور في قاعة الانتظار، أو حتى دخول بوابة السكن، رغم وجود لافتة في قاعة الانتظار تقول "الزيارة مسموحة للأهل والأقارب.. أوقات الزيارة من 1:00م وحتى6:00م".
والأنظمة مفروضة كذلك على استقبال المكالمات الهاتفية. فللمشرفة الحق في معرفة هوية المتصل ورفض تحويل المكالمة إذا كانت من ذكر من غير الأقارب. وعلمنا أن معظم طالبات السكن يدركن أن الهواتف مراقبة.
وللمشرفات على السكن الجامعي صلاحية التدخل في لباس ومكياج الطالبات، داخل وخارج السكن. كما يحق للمشرفة تفتيش الغرف في غياب قاطناتها بحجة الاشتباه باقتناء طالبة لأحد الممنوعات، مثل الدخان أو الأرغيلة.
الثقة مفقودة.. والاتهامات جاهزة!
الثقة كلمة مفقودة تماما في العلاقة بين الطالبات والمشرفات على السكن الجامعي، وغالبا ما تتسم هذه العلاقة بالعدائية الشديدة؛ وهو ما يضطر العديد من الطالبات إلى الانتقال لسكن خاص أقل تشددا وصرامة.
ولعل مشاهد تجمعات الطلاب والطالبات في شارع الجامعة مساء وهم في صورة حلقات حول بعضهم البعض تدفع الكثيرين إلى إطلاق الاتهامات والتشكيك بسلوكيات طالبات السكن اللواتي يدافع أغلبهن عن تصرفهاتن، كما تحدثت سوزان الطالبة في السنة الثانية والتي يقطن أهلها في الإمارات العربية المتحدة، حيث تعتقد أن حرية الفتاة تفهم بشكل خاطئ في كثير من الأحيان. وتضيف أن من حق الفتاة تكوين الصداقات وحرية المغادرة من السكن طالما أنها مسئولة عن تصرفاتها، وطالما أن هنالك عقوبات وضوابط.
لكن زميلتها "ربى" التي تسكن في شقة خاصة هي وزميلة أخرى تعتقد أن المتهم الأول في هذه الظاهرة هم الأهل أنفسهم الذين يدفعهم فقدان الثقة ببناتهم إلى زجهم في السكن الجامعي؛ وهو ما يضاعف أزمة الثقة بين الأهل والفتيات.
حرية أكثر.. انضباط أكثر!
يوضح د. بلال الجيوسي، أستاذ علم النفس وعميد شئون الطلبة في جامعة البتراء، إن كل محاولة للضغط على حرية الفرد دون أي مشروعية تسبب أذى نفسي في جوانب كثيرة. "منها أولا، إحساسه العميق بالحرية، وهو جزء من إحساسه بإنسانيته. وثانيا، التأثير على تقديره لذاته. وثالثا، دفعه إلى القيام بأعمال سرية وتعلم دروب من الكذب والتهرب لا داعي لها، بما يترك أثرا سيئا على علاقاته".
ويضيف: "عندما تكون الطالبة في غربة ويزيد من غربتها الضغوط الأكاديمية، تجدها تعيسة بدل أن تكون سعيدة بأحلى مرحلة في حياتها، وهذا يمكن أن يترك إحساسا قويا بالتمرد، والتمرد له جانب إيجابي، عندما يكون التمرد عقلانيا فيؤكد الإنسان ذاته، ولكن له جانب سلبي عندما يتمرد على السلطة أيا كانت".
"كما أن الضغط أكثر مما ينبغي على الطالبة يجعلها أكثر عصبية ويؤثر على دراستها وعلى علاقتها مع صديقاتها. المعادلة الأبدية من الحرية والنظام يجب أن تطرح في كل المساكن الجامعية وتصبح موضوع نقاش: متى تنتهي الحرية ليبدأ النظام، ومتى ينتهي النظام لتبدأ الحرية".
وترى بعض الفتيات أنه أحرى بالأهل ألا يسمحوا لبناتهم بالالتحاق بالجامعة ما دامت الثقة غير موجودة بهن، وتقول إحداهن: "إن الأهالي يعلمون طبيعة المجتمع الجامعي، وبالتالي لا يمكن أن يعزلننا عن هذا المجتمع؛ لأن المقابل لهذه العزلة هو الجلوس في البيت".
وتحاول بعض الفتيات إلقاء اللوم على المجتمع الذكوري الذي يحلل للذكور ما يحرمه على الإناث؛ فتقول بثينة الطالبة بالجامعة الأردنية: إن الأهالي لا يبالون إطلاقا بما يفعله أبناؤهم الذكور من تصرفات قد تكون فاضحة في كثير من الأحيان في سكن الطلاب، بل إنهم يتسترون عليهم في كثير من الأحيان.
وتؤكد بثينة التي تقطن في السكن الجامعي للعام الثالث على التوالي أن التعميم في الحكم على سلوك وأخلاق فتيات السكن الجامعي ظالم وغير منصف؛ فأغلب الفتيات القاطنات هنا جئن ليتعلمن ويجتهدن ويحققن مراتب عليا لا ليبحثن عن اللهو وتضييع الوقت.
زواج المساكنة!
رغم كل هذه النظرة السلبية لسكن الطالبات المغتربات فإن الأمر أكثر انفتاحا وحرية مما يبدو عليه؛ فمنذ سنوات انتشرت ظاهرة السكن المختلط بين الشباب والفتيات ونتج عن ذلك شكل جديد من أشكال الزواج بين الطلاب والطالبات تخطى الزواج العرفي وزواج فريند والمسيار وغيرها إلى شكل جديد عرف "بالمساكنة" نسبة إلى فكرة السكن المختلط بين الجنسين.
** صحفي أردني، يمكنكم التواصل معه عبر البريد الخاص بالصفحة holol@iolteam.com.
ــــــــــــــــــــ(41/111)
الحب هو ...نادية وسامح والدكتور مصطفى !!
د. نعمت عوض الله
هل يجب إخضاع الحب دائما لحسابات العقل ؟
كنت طول عمري أشاهد قصص الحب في الأفلام.. وأرى البطل والبطلة حين تلتقي عيونهما في مكان ما فتحدث الشعلة والشرارة.. ودخلتالجامعة أبحث عن هذا البرق اللذيذ الذي يسري بين القلوب انطلاقًا من العيون.. أعرف تمامًا أني جميلة.. بل أتمتع بقدر كبير من الأنوثة والدلال، وأعتقد أنه لن تكون أمامي أي مشكلة في الحصول على ما أريد.
من أول يوم في الكلية وأنا أتفرس في وجوه زملائي.. ولم يجذبني أحد.. جلست أنتظر صديقتي على حرف إحدى السيارات الصغيرة... فإذا بي أسمع صوتًا فيه شقاوة من خلفي:
- ولو أنها مش قد المقام يعني...
التفت لأجد شابًّا وسيمًا هادئ الملامح رغم خفة ظله..
- آسفة قوي.
- آسفة على إيه.. خدي راحتك... ده أنا اللي آسف أن العربية أي كلام.
- يا خبر.. ليه بتقول كده.. لأ دي حلوة وبنت حلال.. زي زقزوقة بتاعة الأفلام.
- والله فكرة أسميها زقزوقة.. وأنت اسمك إيه بقى.
- نادية.
- سامح.. سنة أولى برضه؟؟؟
- أيوه وأنت؟؟؟
- شرحه.
- عمري ما شفتك قبل كده؟؟
- هو أنت فتشت على الطلبة واحد واحد؟؟ محدش قال لي كنت وقفت في أول الصف.
لم أتمالك نفسي من الضحك على تعليقاته.. لم تكن شرارة، ولكنها كانت أنا وهو.
مرت السنين ونحن معًا.. يوصلني بسيارته إلى البيت.. وأنتظره على باب المدرج.. لينتهي من محاضراته... نقلت كل السكاشن الممكنة معه. ليكون حضورنا وانصرافنا معًا... وكان اسمي البادئ بحرف النون نكتة الأساتذة في مجموعة سامية وسهير وسامح وسارة...
كنا لا نشاهد إلا معًا.. في سيارته.. في الكافتيريا.. في كل مكان.
- نصَّك الحلو فين يا سامح؟؟؟؟
- مجتش النهاردة تعبانة شوية.
وتمر السنون بأسرع مما نتخيل أو نشعر... هل كنت أحبه؟؟... بالتأكيد... أو ربما أحببت فكرة وجودي معه.. أو ربما كنت أريد مثل هذه العلاقة التي رأيتها في السينما والتلفزيون.. لم أعد أعرف.. ولا أريد أن أعرف.. أريد أن أنسى الفكرة كلها.. أريد أن أمسح من ذاكرة كل الناس صورتنا معًا.
في أحد الدروس وكنا معًا أيضًا... بدأ المدرس الجامعي الشاب يلاحقني بكلمات خفيفة لها معنى واحد أني أعجبه... كانت كلمات ومغازلات من رجل ناضج... يعرف كيف يثير كل حواسي ويداعب أنوثتي... ووجدتني فجأة أتضايق من وجود سامح معي في نفس الدرس.
وحاولت أن أنتقل إلى مجموعة أخرى مع نفس المدرس وتعللت بمواعيدي الأخرى...
- نادية.. ليه مبتحضريش درس دكتور مصطفى؟
- أبدًا يا سامح... أنا بحضره بس في يوم تاني.
- يوم تاني إزاي يعني؟؟؟ ما قلتليش.
- أبدًا.. ما جاش في بالي.
- ما جاش في بالك يعني إيه؟؟؟ هي دي حاجة الواحد مياخدش باله منها.
- إنت بتزعق كده ليه؟؟؟ بأي مناسبة يعني... نبرة صوتك مش عاجباني.
- الله!!!! فيه إيه يا نادية... إيه النغمة والطريقة الجديدة دي؟؟
- ولا نغمة ولا طريقة... عن إذنك عندي مشوار... سلام.
- حشوفك بكرة؟؟
كنت قد أغلقت السماعة... لم أشعر سوى برغبتي في أن يختفي هذا السامح من على صفحة حياتي.. لم أكن أريد أن تعكر تجربة طفولية قصتي مع الدكتور مصطفى.
- أنت مرتبطة يا نادية؟؟
- هه!!! قصد حضرتك مخطوبة يعني... لا أبدًا... خالص...
- وعاطفيًّا؟؟
- أبدًا... حضرتك أسئلتك غريبة شوية؟؟
- أصل قالوا لي أنك مرتبطة بواحد زميلك.
- أولاً دي إشاعة!!! ثانيًا حضرتك بتسأل ليه؟؟؟
- تتجوزيني؟؟؟
لست أدري كيف أجبته... ولا كيف تمالكت نفسي واحتفظت بجسدي منتصبًا ولم أهوَ على الأرض مترنحة.
- الخبر صحيح يا نادية؟؟
- أهلاً أهلاً... خبر إيه؟؟
- خطوبتك للدكتور مصطفى؟؟
- ياااه... هي الكلية دي مفيهاش حاجة بتستخبى... أيوه صحيح.
- وإنت عاوزة تخبي ليه؟؟؟
- أبدًا كنا حنعلن جوازنا مرة واحدة وخلاص.. أصل مصطفى تقريبًا فرش الشقة.. وفاضل حاجات بسيطة كده.. يعني
- وأنا؟؟
- عقبالك أنت كمان يا سامح.. ربنا يرزقك ببنت الحلال.. إنت إنسان هايل وتستاهل كل خير.
- بس كده.
- وأكتر.. أنا عمري ما هنسى زمالتنا الجميلة ودايمًا هحكي لمصطفى أنت قد إيه كنت بتساعدني وواخد بالك مني!!
ــــــــــــــــــــ(41/112)
الخيانة الإلكترونية.. غواية الخجلاء
الخيانة الزوجية, الانترنت و الهاتف, شبابا.نت, للشباب فقط
أنا متزوج ولي ابن وبنت، أحب زوجتي وأولادي كثيرا، حياتي منذ طفولتي امتازت بالاستقامة لم أخطئ في حياتي أبدا وقد كان جميع الناس ينظرون إلي باحترام ويعتبرونني إنسانا مثاليا وما زالت هذه النظرة حتى الآن، في الجامعة لم تكن لي أي علاقة بأي بنت، وكذلك لم أتعرف على بنت قبل الزواج والحمد لله.
أصلي منذ كان عمري 10 سنوات وقد أديت فريضة الحج بالإضافة إلى قيامي بالعمرة أكثر من مرة والحمد لله. أتصدق من مالي وأخرج زكاة مالي... هذه الشخصية المضيئة الجميلة أمام الناس أشعر أنها تخبئ خلفها شخصية أخرى مختلفة شخصية حقيرة والسبب هو ما أقوم به من عمل سيئ وهو الشات.
لقد بدأت مشكلتي مع الشات منذ ثلاث سنوات، المشكلة في الشات أنه يكون مع نساء وبنات ويتطرق الحديث إلى مواضيع محرمة وقد وصل الأمر إلى مرحلة ممارس الجنس الإلكتروني وما ينتج عنه من ممارسة العادة السرية مع العلم أني متزوج وزوجتي على قدر من الجمال وتلبي جميع رغباتي وتهتم بي في هذه الأمور، وتكون مشكلة الشات كبيرة في حالة غياب الزوجة في بلدنا الأصلي حيث غالبا ما تكون إجازتي شهرا
واحدا وزوجتي تبقى في بلدنا الأصلي شهرا آخر، خلال هذا الشهر أقوم بالشات كل يوم لمدة ساعتين إلى ثلاث ساعات.
بعد كل مرة أقوم بهذا العمل أندم أشد الندم حتى إنني أبكي طويلا في الليل وحدي وأجهش بالبكاء، كيف يمكن أن أتخلص من هذه العادة، إنها تسبب لي ألما كبيرا وتعبا نفسيا كبيرا وتؤثر كثيرا على عملي من حيث عدم التركيز بالعمل، لماذا ابتليت بهذا الأمر وأنا لا أجرؤ على التكلم مع امرأة في الحقيقة، بينما في الشات أكون طليقا بالكلام، لقد بدأت أشعر أني منافق، لقد كرهت نفسي كثيرا، في بعض الأحيان أشعر برغبة في الموت،هل هناك مشكلة في حياتي الجنسية مع زوجتي لا أعرف عنها؟!! لكني أشعر بالرضا في هذا الأمر.
ما الحل أرجوكم ساعدوني....
... المشكلة
د.محمد المهدي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أخي العزيز، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكرت أن حياتك كانت تتسم بالاستقامة, ويبدو أن استقامتك كانت تقوم على عنصر الحياء فأنت -كما قلت- لا تجرؤ على أن تتكلم مع امرأة في الحقيقة, وأغلب مدمني الشات هم من هذه النوعية, الذين يتسمون بالخجل وعدم القدرة على المواجهة في الواقع ومع هذا ينطلقون خلف شاشات الكمبيوتر وتنفك عقدة لسانهم لأن العلاقة هنا غير اسمية وغير مباشرة, وهم لا يخشون نظرة الناس إليهم ولا يخشون من تشوه صورتهم الاجتماعية, وربما يقللون من خطورة العلاقات الإلكترونية على أساس أنها علاقة غير مباشرة, وهى علاقة مستترة, وغالبا لا تتطور إلى أشياء أكبر من ذلك إلا في ظروف خاصة.
إذن غياب عنصر الحياء, وغياب الضبط الاجتماعي إضافة إلى التهوين من شأن العلاقة الإلكترونية, كل هذا يشجعك على الاستمرار فيها. ومع تكرار مثل هذه العلاقات ثم ختامها في كل مرة بممارسة العادة السرية يحدث ارتباط شرطي موجب تجاهها فيتعود عليها الجهاز النفسي ويطلبها ويلح في طلبها, وهذا يشبه إلى حد كبير حالات إدمان المخدرات, وربما يفضل الشخص تلك العلاقات على علاقته الطبيعية بزوجته حيث تحظى تلك العلاقات الإلكترونية بالإثارة والجدة والتخيلات المثيرة, وهذا يؤدي إلى تسرب الطاقة العاطفية والجنسية في هذه المسارات الجانبية ويسهل على الشخص قبول العلاقات خارج إطار الزواج ويهيئه بعد ذلك لارتكاب محرمات أكثر.
وهذه العلاقات الإلكترونية حرام في حد ذاتها ويجب أن تعلم ذلك جيدا خاصة أن الأمور الدينية تشكل دافعا مهما في سلوكك, فإذا عرفت أنها خيانة حقيقية وأنك لا تحتمل أن ترى زوجتك تقوم بهذا الفعل مع رجل آخر فإن هذا ربما يشكل حاجزا بينك وبينها. وإذا عجزت أن تتوقف بدوافع داخلية أخلاقية كانت أو دينية فعليك باتخاذ تدابير واحتياطات معينة تقلل من تعرضك لهذا الإغواء, ومن هذه التدابير أن تضع الكمبيوتر في مكان مفتوح بالشقة بحيث تشعر بوجود زوجتك وتخشى أن تراك تفعل هذا مع امرأة غريبة, وأن تقلل من احتمالات غياب زوجتك عنك قدر الإمكان, وأن تقضي أوقات الفراغ في أنشطة مختلفة ومتعددة وممتعة خاصة ما يكون منها خارج البيت, وأن لا يكون وقت فراغك متجها بالكامل نحو شاشة الكمبيوتر, وأن تعتبر أن ما تقوم به من شات إباحي مع فتيات أو نساء ليس بالعمل البريء فأنت تسرق، فهذه المشاعر من حق زوجتك وفى نفس الوقت تفسد فتاة أخرى أو امرأة أخرى.
والتوقف عن هذا الأمر اختبار لإخلاصك في الاستقامة, وإذا كنت مستقيما أمام أعين الناس فلا تجعل الله أهون الناظرين إليك. ستقول لك نفسك إنني أريد أن أتوقف ولكنني لا أستطيع, وهذا خداع ووهم وتبرير فإذا أردت بصدق أن تتوقف وعرفت جرم ما تفعله دينيا وأخلاقيا فستتوقف فعلا. وإذا حدث أن ضعفت في أي وقت من الأوقات فعليك بتأديب نفسك وذلك بإلزامها بدفع مبلغ كصدقة لمحو ما فعلته أو صيام عدد من الأيام أو القيام ببعض العبادات التي تتطلب جهدا ومشقة ففي هذا تربية للنفس وتهذيب لها وتعويد على السيطرة والتحكم في نزواتها. وواصل فعل الخيرات طبقا للقاعدة المعروفة "إن الحسنات يذهبن السيئات".
وكما تعودت على استشعار اللذة في العلاقات الإلكترونية المحرمة فحاول تدريب جهازك النفسي على استشعار اللذة في أعمال الخير.
ــــــــــــــــــــ(41/113)
المهنة: حبيب.. عفوًا.. طبيب نفسي!
هشام عبد العزيز**
تتعدد العلاقات داخل المجتمع البشري وتتقاطع مستوياتها، لكن دائمًا تبقى كل علاقة من تلك العلاقات محكومة بحدود فاصلة، وأحيانا تبلغ تلك الحدود من الرقة بحيث قد لا يدركها أحد الأطراف فتتداخل معه في علاقة أخرى.
وفي مجال الطب النفسي هناك مساحة إنسانية مشتركة تجمع الطبيب المعالج بالمريض، ربما يتمكن الطبيب بفضل مهنته وخبرته من إدراك حدودها والتحكم في كيفية بدايتها وتوقيت نهايتها، إلا أن المشكلة تكمن عند المريض، خاصة أنه في الغالب تكون حدود علاقته بطبيبه المعالج غير منظورة وغير واضحة بالنسبة له، بحيث قد يتوهمها علاقة عاطفية متبادلة؛ فتنتهي إما بصدمة تزيد متاعب المريض أو علاقة حب من طرف واحد تدفع المريض إلى ملاحقة طبيبه وأحيانًا الادعاء عليه، ويمكن أن تؤدي علاقة الحب الوهمية تلك إلى متاعب للطبيب المعالج، مع تقاطع المساحة الطبية مع المساحة الإنسانية العاطفية في العلاقة.
ولكن يبقى التساؤل حول مدى مسئولية الطبيب في تصدير تلك المشاعر الزائفة لمريضه، وهل من مقتضيات العلاج النفسي خلق ذلك الرابط النفسي، والمساحة الودية بين الطرفين؟.
عقد وميثاق
وفي ذلك يقول الدكتور عمرو أبو خليل، أخصائي الطب النفسي بمستشفى المعمورة للطب النفسي بالإسكندرية، مستشار صفحة مشاكل وحلول بشبكة "إسلام أون لاين.نت": تعتبر المجتمعات الشرقية بيئة خصبة لمثل تلك العلاقات المتداخلة بين المريض والطبيب، أما المجتمعات الغربية فغالبًا ما يكون هناك تحديد أكبر لأبعاد تلك العلاقة.
ويضيف: إن المسألة تنظمها قواعد علمية وأصول يتم تلقينها للطبيب وقت أن يكون ممارسًا عاما.
ومن هذه القواعد ضرورة أن يرسم الطبيب حدودًا واضحة لعلاقته بالمريض خلال جلسة العلاج الأولى التي تكون -إلى جانب كونها جلسة تعارف- ميثاقًا وعقدًا يتفق فيه الطبيب مع المريض على تنفيذ تعليماته الطبية بدقة، كشرط لحصوله على المساعدة المطلوبة على طريق الشفاء.
ومن تلك القواعد أيضًا، أن يدرك الطبيب الفرق بين التعاطف الواجب أن يبديه تجاه مريض كنوع من توصيل الشعور بالاهتمام له والتعايش مع حالته، ومع العاطفة التي يجب ألا تنشأ بين الطرفين على غير أساس علاجي، خاصة إن كان المريض من الجنس الآخر، كما أن هناك ما يعرف بالتحول، ويسمى أحيانا الطرح في الطب النفسي، وهو أن يتمثل المريض بطبيبه، بمعنى أن يتخذه كقدوة له ونموذج. أما في حالة حدوث التحول العكسي التي تكون فيها علاقة المريض بطبيبه متشابهة لتلك العلاقة أو الأسباب التي أوصلت المريض لمرحلة العلاج النفسي، فهنا يحدث نوع من التفاقم في الحالة المرضية للمريض.
ويؤكد الدكتور عمرو أبو خليل على أن المسئولية الكبرى في تفادي التحول العكسي، تقع على عاتق الطبيب وليس المريض، أما إن حدثت ووجد المريض في نفسه نوعًا من الميل تجاه طبيبه؛ فعلى الطبيب أن يعيد التأكيد مجددًا على حدود العلاقة، فإذا رفض المريض ذلك فعلى الطبيب المعالج قطع العلاقة العلاجية على الفور، وتحويل المريض لمعالج آخر.
ضبط العلاقة
ويمكن للطبيب أن يتفادى الأمر في بدايته من خلال تجنب الاتصالات الهاتفية أو غير الهاتفية مع المريض، والتي لا يكون لها سبب واضح، كذلك تقييد العلاقة في حدود العلاج والعيادة بعيدًا عن التواصل الاجتماعي.
أما بالنسبة للأطباء الذين يعتبرون أن تدعيم العلاقة الشخصية بالمريض أو حتى إيصالها للسياق العاطفي جزء من مقتضيات العلاج، فإنهم غالبًا ما يكتشفون خطأ رؤيتهم بعدما يتبين لهم أنهم قد خرجوا من مشكلة مرضية إلى مشكلة أخرى أكبر تضر بالمريض والطبيب على حد سواء.
وحول مسئولية الأكاديميات الطبية والأطباء ذوي الخبرة في التوعية بحدود العلاقة وضبطها بين الطبيب والمريض، يقول الدكتور أبو خليل: إنه يجب أن يلتقي الأطباء النفسيون بشكل دوري لنقل الخبرات وتداول المشاكل التي تواجههم، مع بيان كيفية التعامل معها. كما أوضح أنه تعرض شخصيًا لحالات مماثلة، إلا أن أسلوب قطع العلاج كان طريقه الدائم للمواجهة.
حالات مرضية
ومن ناحيته يبين الدكتور أحمد عبد الله، الطبيب النفسي مستشار صفحة مشاكل وحلول، أن ظاهرة الطرح أو التحول وما يصاحبها من تعلق المريض بالطبيب، أو المريضة بالطبيب تزداد في حالات مرضية بعينها، مثل مرضى اضطرابات الشخصية، وبخاصة اضطراب الشخصية البينية، واضطراب الشخصية الهستيرية.
وقد تزداد الحالة سوءًا إذا كانت المريضة أو المريض يعاني من الوحدة أو الفراغ العاطفي مثلما هو الحال في حالات المطلقات والأرامل، والمتأخرات في الزواج.
وقد تختلط بأعراض الطرح أعراض مرضية أخرى أو تتشابه معها، مثل اضطراب الكَلف بالمشاهير، أو عشق النجوم، وذلك في حالة أن يكون الطبيب شخصًا معروفًا في المجتمع العام، أو أن تكون الطبيبة شخصية عامة.
وغالبًا ما تنعكس هذه الاضطرابات في شكل سلوكيات اندفاعية، تكون غير منضبطة في معظمها، كأن تهجم المريضة على الطبيب لتقبيله، أو أن تحاول لفت انتباهه بتعرية جسدها أو جزء منه، وتصل بعض الحالات إلى الملاحقة في الأماكن العامة أو التي يتردد عليها الطبيب.
وقد يتضمن الأمر صورًا متعددة ودرجات متباينة من التحرش بالطبيب المعالج، وأحيانًا الاعتداء المادي عليه.
وربما يفسر هذا ميل أكثر الأطباء إلى عدم الإقبال على علاج مثل هذه الحالات من الأساس، ليس فقط من أجل ما يمكن أن تسببه من مشكلات، ولكن أيضا لأن النتائج العلاجية الإيجابية لها تكون محدودة، على الرغم من الجهد الهائل الذي يبذله الطبيب المعالج مع الحالة.
ويؤكد الدكتور أحمد عبد الله أن هذا الأمر الذي نحن بصدده يتكرر في تعامل الأطباء بكافة تخصصاتهم، وليس فقط في تخصص الطب النفسي.
أما بالنسبة لمسئولية الطبيب، فإضافة إلى ما ذكره الدكتور عمرو أبو خليل، فإن هناك الرفض الذي يبديه المريض أو المريضة لفكرة التحويل للعلاج عند طبيب آخر، وفي كل الأحوال لا مفر من أن يقطع الطبيب علاقته العلاجية مع المريضة، من باب أن هذا هو أخف الأضرار في هذه الحالة، وأي استمرار للعلاقة العلاجية بعد ذلك يتحمل الطبيب وحده مسئولية ما سيترتب على ذلك الاستمرار
ــــــــــــــــــــ(41/114)
عندما تختلف الأحلام أوقف شلال الحب
اختيار شريك الحياة, الحب من طرف واحد
إخواني الأعزاء في قسم مشاكل وحلول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ها آنذا آتيكم سائلاً بعد أن كنت متابعا للقسم وقرأت معظم إن لم يكن كل المشاكل المنشورة على موقعكم.
بداية أعرفكم بنفسي أنا شاب أبلغ من العمر 24 عام حاصل على (...) المشكلة أنني أحببت بنت خالي وهي تبلغ من العمر 21 عاما، ومازالت تدرس بالسنة النهائية بالكلية، لكنني فكرت أن أصارحها بحبي وأنا كنت أدرس ولكنني قررت تأجيل هذه المصارحة لليوم الذي أرى نفسي فيه قادرا على تحمل الزواج بكل مشكلاته ومشتملاته، وحتى أكون كبيرا في نظر نفسي وأنا أصارحها وها قد جاء هذا اليوم أخيرا..
فبدأت أفكر جديا في مصارحتها بحبي وطلب الزواج منها ففكرت بعقلي فيها ووجدت فيها جميع المواصفات التي أوصى الرسول بالبحث فيها بداخل المرأة التي يتزوجها المسلم وهي الدين والجمال والمال والحسب والنسب بصراحة لم أر فيها إلا دينها وحسبها أما جمالها فلم أكن أفكر فيه كعامل أضعه في الحسبان مع أن جميع أقاربي يقولون عنها إنها جميلة جدا فقد أحببتها كما هي وفكرت بعقلي عندما فكرت في الزواج منها أما بعد، نظرا لأننى أسكن في محافظة أخرى بعيدة عنها بنحو ساعتين بالسيارة ولا أراها إلا أسبوعين في السنة..
وقررت مصارحتها في التليفون قالت لى مباشرة إنها فوجئت بطلبي وإنها لا تفكر في الزواج الآن وإنها تنظر لي كأخ وتخاف من زواج الأقارب وقالت لي إنك "حاتتدبس" بصراحة صدمت من ردها وأنا لمحت لها من قبل بالكلام والنظرات بحبي لها وإن لم أصارحها لأنني أعرف أنها ذكية جدا وستفهم ما أقصد فطلبت منها أن تفكر وتقلب الأمر وتفكر فيه وتستخير ربها قبل القرار، كما فعلت قالت لي صعب أن تغير تفكيرها وانتهت المكالمة عندما جئت لبلدها لم أستطع أن أنفرد بها لأسألها لأنني لم أكن أريد أن أحرجها أمام أهلها برفضها إذا رفضت فطلبت من والدتي أن تصارحها وقالت لها:
((إني أحترمه وهو أمامي ككتاب مفتوح وهو فعلا بيحبنى وبيخاف عليا اكتر من أي حد بس مهما كان هو زى اخويا قالت لها أمي صارحيه بهذا الكلام فلم تكلمنى لمدة يومين فاستخرت الله وقررت مكالمتها وقلت لها مفيش داعى للحساسيات دى وطالما أنت بتعتبرينى زى اخوكى أنا كمان بحبك زى أخواتك وكان الكلام ده من وراء قلبى فعلا بس ماكنتش عايزها تزعل لأنى لسة متمسك بيها ردت عليا أنها شايفة أنى بحبها اكتر من أخواتها ردها زادنى إصرارا عليها بعدما قررت أن أصرف نظرى عنها فقررت مفاتحة خالتى الكبرى وليست أمها في هذا الموضوع فقالت لى إنها تقدم لها الكثيرين ورفضتهم من أول قعدة وبيقولو عليها متكبرة مع أنها من نفس مستواى المادى والاجتماعي وبصراحة فيهم كتير عرسان من اللى بنسميهم في مصر لقطة بمعنى الكلمة وهى بتقولى أنها هى نفسها مش عارفة هيا عايزة إيه اصبر عليها لما تتخرج أكيد تفكيرها يتغير لأنها عايزة مواصفات خيالية مش موجودة.
في الواقع أنا مش عارف أعمل إيه في الموضوع ده حياتى بقت جحيم كل ما أصلى أدعى ربنا انه يصرف عنى الموضوع ده لو فيه شر ويوفقنى له لو فيه خير وصليت استخارة اكتر من مرة ,مش مركز بشكل عام في حياتى الموضوع مش عايز يبعد عنى ولا أنا قادر أخد منها كلمة وخايف استناها تفضل على تفكيرها أنا بكلمها كل شوية بحاول اخلق حوار معاها ومش عايز اخسرها يا ترى هيا مغرورة ولا بتفكر في الماديات رأى سيادتكم إيه؟)).
... المشكلة
د.حنان طقش ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم..
ليس كل من يرفضنا سيئ، كما أننا لسنا سيئين حتى وإن رفضنا، فسبب الرفض الحقيقي هو اختلاف أحلامنا وأهدافنا؛ ولذا نسير في دروب مختلفة.
لقد أخذت بالفعل بكل الخطوات التي قد أنصحك باتباعها مما يشير بالفعل أنك متابع جيد لنصائح الصفحة من مفاتحتها مباشرة ثم الاستعانة بوالدتك الحريصة على مصلحتك ولم تختلف الإجابة حتى مع استشارة قريبتكم فلماذا تشغل نفسك بها.
الحلم حق للجميع فلها الحق في أن تطمح فيما تراه أنت خيالي، ولكنه جزء من منظومتها المعرفية التي لن تتخلى عنها بسهولة، وإن اضطرت للتخلي عنها خوفا من العنوسة مثلا لن تكون رفيقة حلوة المعشر فستبقى أحلامها تطاردها ما لم تتخل عن هذه الأحلام طواعية منها.
لا أنصحك بأن تنتظر تغير رأيها فأنت بهذا تطيل عذابك دون داعٍ كما أن موقفها واضح وثابت من أول مرة فاتحتها مباشرة باهتمامك، وكما تعرف أن فضل الاستخارة التيسير وهو غير متوفر في حالتك فتوكل على الله وتوقف عن محاولة إبقاء الخطوط مفتوحة معها فهذا هو السبب في أنك غير قادر على التغلب على الموضوع ووراء التشويش في حياتك.
بُنيَّ ما كل ما يتمنى المرء يدركه، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، فتقبل أمر الله عليك واختياره لك، ولا توقف حياتك أكثر في هذه المحطة، بل ابحث عن شريكة مناسبة يكون أهم ما فيها كونها راغبة بما أن الله قد تفضل عليك بمميزات كثيرة فانشغالك بالبحث سيبعد الموضوع إن شاء الله بعد أن تقطع جميع الخطوط عدا خط حق القرابة.
ــــــــــــــــــــ(41/115)
تحيا الحرية ..حتى في الحب
الحب, الحب من طرف واحد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أشكركم على صفحتكم الممتعة والمفيدة، وجزاكم الله خيرا على كل ما تبذلونه من جهد وعطاء، وصفحتكم هذه واحتنا التي نلجأ إليها لنتعلم منها أمور ديننا ودنيانا، ونكتشف فيها خبايا أنفسنا ونتعرف فيها على مشاكل إخوتنا وأخواتنا.
كغيري من رواد الصفحة أواجه مشكلة عاطفية تتمثل في أنني تعرفت منذ سنوات الجامعة في بلادي على بنت في منتهى الأخلاق والحشمة والدين، كما أنها جميلة ورقيقة ونبيلة وكريمة، وباختصار لم تترك صفة حميدة إلا وكان لها منها نصيب، كما أنها متفوقة في دراستها ومحبوبة. لا أستطيع أن أقول إنه حدث بيننا شيء، رغم أننا كلما تبادلنا أفكارنا في أثناء دراستنا مع باقي الزملاء، ازداد تقديري لها وإعجابي بها. ولا أعرف هل تكن لي نفس الشعور؛ لأنها لا تتكلم أبدا في الأمور الخصوصية. ولم أعرف عنها سوى الخير، فهي بكل بساطة ممتازة في كل شيء. وهي ترتدي الحجاب، وتصرفاتها تتوافق مع الدين، دون أن يمنعها ذلك من أن تكون في منتهى الانفتاح بالمعنى الإيجابي، وتهتم بمشاكل الجميع وتساعد كل مَن بوسعها مساعدته، وهي طيبة جدا وتؤثر الجميع على نفسها، بل ترهق نفسها في مساعدة الجميع، وهذه سيرتها منذ عرفتها ويشهد لها الجميع بالذكاء والطيبة والكرم.
أما أنا فلست ملتزماً كثيراً، رغم أنني أحاول دائماً الحفاظ على صلاتي وهذا صعب، وأدعو أن يساعدني الله على الثبات فيها، كما أن معرفتي بالدين قليلة مقارنة بمعرفتها. ولكن رغم ذلك فأنا أيضا كنت متفوقا في دراستي، وكانت تجمعنا أحاديث شيقة يبدي فيها كل واحد منا رأيه في مسألة من المسائل، فأشعر أن تفكيري يعجبها، بقدر ما يعجبني تفكيرها.
المهم، لما أنهينا الدراسة، سافرت هي لتكمل تعليمها في الخارج. وبقيت أنا في الجزائر وعملت عدة أشهر، ثم سافرت أنا أيضا، دون أن تكون هناك أية علاقة بين قراري وقرارها بالسفر، فكنت قد قررت ذلك حتى قبل أن أعلم بسفرها. كما أنها لم تستشر أحدا من الزملاء ولم يكن أحد يعلم بمشروعها هذا حتى سمعنا بها وقد غادرت. وبمحض الصدفة، بعد عام من وجودي في أرض الغربة، ومن غير مقدمات، أجدها أمامي تمشي في شارع من الشوارع، في البداية ظننت أنني أحلم، لكنها عرفتني بدورها فحيتني بأدب وحييتها وسألتها عن أخبارها وتبادلنا أرقام الهاتف. لم أشأ أن أزعجها بالاتصال بها، ولم تتصل بي، فكنت من حين لآخر أرسل رسالة قصيرة عبر الجوال لأسأل عن أخبارها، فتجيبني برسالة قصيرة مثلها. ولأنها كانت في الغربة قبلي، وظروفها كانت أحسن من ظروفي، تمكنت هي بسرعة من إيجاد وظيفة، رغم كونها في فرنسا التي تحقد على المسلمين والمسلمات المحجبات بشكل خاص. وأخبرتني بعملها ذلك، وساعدتني على العمل معها في نفس الوظيفة.
وفي هذه الفترة التي أتيح لي التعرف عليها عن قرب أكثر من أي وقت مضى، بقيت مكانتها في قلبي هي هي. وكنا كثيراً ما نمضي أوقاتنا معاً حتى بعد العمل، مع باقي الزملاء أيضا (ومعظمهم هي التي ساعدتهم في الحصول على الوظيفة مثلي)، فاختصاصنا واحد، وإن اختلفت جامعات كل واحد منا، كما أن الوظيفة جمعتنا، والأقدار جمعتنا أيضاً من غير ميعاد. وكنت أدرسها بعناية، وأحاول معرفة طريقة تفكيرها، والأمور التي تستثير غضبها ورضاها، مما يجعلني اليوم أجزم أنني أعرفها وأعرف طبعها جيداً، وأنها هي من أريد، فهل تريدني هي؟ ولكنها غادرت هي الوظيفة بعد أن وجدت وظيفة أحسن منها، وهكذا نقصت فرص اللقاء من غير مقدمات، رغم أنها شرحت للجميع ظروف مغادرتها للعمل، إلا أنني وكل الزملاء والزميلات وحتى رؤساء العمل نفتقدها.
وتساءلت في نفسي قائلا هذه هي المرة الثانية التي تقبل فيها على تغيير دون استشارتنا مسبقا لتتركنا أمام الواقع، بالأمس رحلت من الجزائر إلى فرنسا واليوم من وظيفة إلى وظيفة، ولكني لا ألومها بل كنت سأفعل نفس الشيء لو سنحت لي الفرصة مثلها. أنا محتار الآن، لا أدري كيف أعبر لها عن حبي، رغم أنني حاولت ذلك مرارا. فأنا أخاف أن أتجاوز حدود الأدب أو الدين، كما أنني أخشى أن أفاجئها فتخاف وتضع حدا لعلاقتنا. ولا أدري كيف أعرف هل تبادلني هي هذا الحب؛ لأنها في منتهى اللطف مع الجميع، حتى وإن شعرت أحيانا أنها معي ألطف، لكنني لست متأكدا وأخشى أن تكون مخطوبة أو محبة لشخص غيري، ولكني أستبعد ذلك لأن تصرفاتها كلها تدل على عدم ارتباطها، فلم تتحدث أبدا عن خطيب ولم تصلها مكالمات تجعلني أشك بأمر ما، ولم يرها أحد رفقة شخص آخر من غير زملاء الدراسة والعمل ودائما في جماعات وليس أفرادا. وهناك مشكلة أخرى، هي أنني الآن في وضع مالي واجتماعي أقل من وضعها، فهي تعمل في وظيفة مرموقة بينما وظيفتي بسيطة، كما أنني أعرف أن أهلها من أحسن عائلات بلدتي، وأنا من عائلة متواضعة. ومشكلة التدين تشكل قلقا لي، لأنني أخشى أن ترفضني لأنني لست متدينا بما فيه الكفاية.
فهل أنتظر حتى تتحسن حالتي المادية، وأنهى دراستي وأستقر في وظيفة تمكنني من فتح بيت؟ هذا وقد عزمت على تغيير البلد إذا لم أجد بسرعة وظيفة في اختصاصي هنا فهل سترضى هي بتغيير البلد لأجلي؟ وكيف لي أن أتحسن من ناحية الدين؟ كما أخشى أن يكون هذا ليس صدقا مني مع الله إذ إنني أكذب على نفسي بمحاولة التدين التي في الحقيقة تخفي ربما رغبتي في استمالتها إلي. وإذا انتظرت إلى أن أتحسن على الصعيد الديني والمادي، فما الذي يضمن لي أنها ستقبلني أو أنها لن ترتبط بشخص آخر في الأثناء؛ لأنني لم أواجهها أبدا بمشاعري نحوها، كما أنني أفضل أن أضمنها صديقة عزيزة وأختا كريمة من أن أفقدها إن تقدمت لها ورفضتني. وربما هذا ما يجعلني لا أقوى على مصارحتها. ولكن الذي يؤرقني هو كيف لي أن أعرف مشاعرها هي؟.
وهناك مشكلة أخرى بدرجة أقل، هي أنني أخشى أنني أشعر بالدونية أمامها؛ لأنها ساعدتني كثيراً وسبقتني في عدة إنجازات مثل الدراسة والتفوق، وأحلم أن يأتي يوم أساعدها أنا فيه حتى أرد لها أفضالها، كما أخشى أن تشعر هي بالفوقية لهذا السبب رغم أنني ما رأيت منها سوى التواضع والطيبة. هذا وأنا أشكركم على مساعدتكم وأتمنى أن تدعوا لي ولها بالصلاح والتوفيق، سواء كانت من نصيبي أم لا.
... المشكلة
أ.أميرة محمد بدران ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم:
"If you love someone let him free if he comes back he is yours if he doesn't he was never!!!"
(وترجمة المثل: إذا أحببت شخصا فأعطه الحرية، فإذا عاد إليك فهو يحبك، وإن لم يكن يحبك فلن يفعل).
فكلنا ننشد الحرية ونحوم حولها طوال الوقت إلا في الحب والمشاعر؛ فالحرية تتحطم عند صخرة الأنانية وحب التملك والاحتفاظ بالحبيب حتى النفس الأخير!!!
فوصفك لمحبوبتك يصرخ بأنها فتاه "لقطة" يطمع الكثير بالفوز بها ولكن تصرفاتها تقول إنه لا شيء لديها تجاهك، ونسيت أن هناك بداخلنا ترمومترا يقيس ويشعر بالفروق بين البشر تجاهنا فهو لم يعمل لديك ألم تلاحظ ذلك؟.
فأنت تنسج الخيال وتتساءل وتتساءل وتعبر عن حيرتك دون التأكد من مشاعرها وحقيقتها تجاهك!! فما دام ترمومترك لم يقس حبها ومازال متخبطا فهذا يدل علي أن نقطة الانطلاق غير سليمة.
ولقد حاولت أن تثبت لي أنك تعرفها جيدا ولكنني ما زلت أقول "لا لم تعرفها" فالشخصية العامة التي تتميز بجميل وحلو الخصال لن تحب بسهولة ولن تعترف بمشاعرها بسهولة ولن تسمح بأن يقترب أحد بداخلها بسهولة فحتما أنت لا تعرفها كما تتصور.
وعليك أن تفرق بين حبك لشخص وحبك لصفات وخصال جميلة في الشخص فالفرق كبير.
ولكن أريد أن نتحدث عنك أنت أريدك أن تلتفت لنفسك، وأن تتحدث مع نفسك من أجل نفسك لا من أجل محبوبتك فأين أنت من هذا؟.
حيث تخشى أن يكون تدينك من أجلها فأنت تستحق أن تتقرب من الله عز وجل؛ لأنه الأفضل لك ولأن تقصيرك لن يعود إلا عليك، وأن قربك لن يعود إلا لك، ولا تشغل بالك بأن ذلك من أجلها لا من أجل الله عز وجل فقط افعل وواظب وستجد المفاجآت، نحن نتحدث عن إله يعرف ويقدر ويقبل ويعذر بل ويتودد لعباده.
وكذلك طموحك في عملك أمر جدير بالجد والاجتهاد لتكون إنسانا ناجحا راضيا عن نفسك دون الدخول في مقارنات لا تفيد، فيكفي أن تشعر أنك ناجح تحقق ما تريده لنفسك وأنك قادر على الإضافة، وبالتبعية ستتحسن أحوالك المالية، فالحياة التي نعيشها الآن لم يعد فيها مكان لمتخاذل أو كسول أو غير طموح؛ أنت تحتاج أن تهتم بنفسك أكثر لأنها غالية وتستحق الاهتمام والرعاية.
أما محبوبتك فأقترح أن تجعل دوما بابا مفتوحا بينكما لا تغلقه بالاعتراف المتهور الذي لن يتبعه إلا الكثير من التساؤلات والشكوك وعدم الاستعداد الحقيقي للزواج.
وما دمت ترضى بوجودها في حياتك ولو كصديقة ترجع إليها أفضل من فقدانها للأبد؛ فلتظل على ذلك حتى تتضح الأمور أكثر وستتضح أكثر بالفعل، واهتم بنفسك جيدا، وتذكر كذلك أننا نحتاج للحرية في الحب أيضا.
ــــــــــــــــــــ(41/116)
أخت صديقي أحبها.. فهل أصارحها؟
الحب من طرف واحد, اختيار شريك الحياة
لسلام عليكم و رحمة الله وبركاته.. أشكركم كثيرا كثيرا على هده المجهودات المبذولة من لدنكم و التي تصب في حل مشاكل مجتمعاتنا العربية راجيا من الله أن يسدد خطاكم و يلهمكم الصبر و السلوان والأجر الكثير يوم لا ينفع مال ولا بنين إلا من أتى الله بقلب سليم...
مشكلتي تتلخص في أني تعرفت على فتاة في نفس سني -21 سنة- حباها الله من الجمال والأخلاق الشيء الكثير؛ فقد وقعت في حبها ولا أعرف ما أفعل وسأحكي لكم القصة...
هذه الفتاة ولدت في بلد أوروبي وقضت فيه 7 سنوات وخوفا على تربيتها وإخوتها الاثنين، قرر والدها وهو طبيب بالرجوع إلى البلاد للعيش هناك.. وفي كل 3 إلى 5 سنوات يضطرون إلى السفر إلى مدينة أخرى بسبب عمل الوالد؛ الشيء الذي أثر عليها وجعلها لا تحتك بعدد من الصديقات وإقامة العديد من العلاقات، بل كانت ذات طابع خاص تقضي أغلب أوقاتها في البيت أو في المدرسة أو في نوادي التنس برفقة أسرتها.
كما أنها خلوقة إلى أبعد الحدود وهادئة كلامها بعيد كل البعد عن الغيبة والنميمة بل كلامها دائما ينم عن ثقافة وتربية وبراءة، كما أنها دائما متفوقة في دراستها وتحصد المرتبة الأولى دائما... أمها ربتها بشكل جيد؛ فأخوها الذي يشبهها في كل شيء وهو أحد أعز أصدقائي لم يكذب قط وهو في منتهى الأدب والصراحة وخفة الدم وهذا ما ينطبق عليها كذلك...
المهم أنها أصبحت تدرس بنفس المدينة التي أدرس بها فأوصاني أخوها بها خيرا، فأصبحت أقتنص أي فرصة للقاء بها، خاصة أنها لا تبعد عني سوى 5 دقائق، والأجمل في كل هذا أنها اقتنعت بالحجاب وتركت التنس دون إجبار من أحد بل عن قناعة تامة... كانت تحتاجني في أشياء كثيرة كالدراسة مثلا، فكنت أحاول أن أكون أفضل من يساعدها وأتصل بها مختلقا أي سبب فقط لأسمع صوتها أو أسمع ضحكتها...
الآن بقيت 4 سنوات لأصبح مهندس دولة؛ إذ ذاك يمكنني أن أخطبها رافعا رأسي، أما الآن فأنا ما زلت أدرس ولا أستطيع خطبتها، كما أني لا أعرف مشاعرها تجاهي هل تحبني أم لا.. فهل إذا فاتحتها بحبي لها أكون قد خنت أحد أعز أصدقائي، وهل يجوز لي البوح لها بذلك شرعيا؟ وإذا كان كذلك فهل البوح لها مباشرة هو الحل الأمثل أم لا؟...
أخاف أن لا أفصح لها فيخطبها الدكتور أو المهندس أو...فهي تمتلك جاذبية عالية وكل رجل يتمنى مثلها..
أرجوك دكتورة سحر أرجوك دكتور عمرو أعيناني على حل هده المشكلة خاصة و أني مستعد لأفعل أي شيء من أجل هده الجوهرة-في إطار المشروع دينيا- أن أدرس أن أتفوق خاصة و أنها متفوقة .. أن أكون لها الحبيب و الأخ والأب و الخطيب و الزوج ان شاء الله. والسلام عليكم و رحمة الله
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخ الكريم، أوقع القدر في طريقك فتاة خلوقة وجميلة ومرحة... وهي أخت لأعز أصدقائك، فوقعت في حبها وملكت عليك قلبك، ولكنك غير مستعد للزواج الآن ورغم ذلك تفكر في مصارحتها خوفا من أن يطلبها غيرك وتوافق عليه لعدم علمها برغبتك فيها، ورغم هذه الرغبة فإنك تتخوف من أن يكون في هذا الأمر خيانة لصديقك.
والسؤال هنا هو: لماذا اللف والدوران وسلوك السبل الملتوية؟ لماذا لا تسلك أقصر الطرق وأفضلها؟ أقصر الطرق هو مصارحة أهلك برغبتك في الارتباط بهذه الفتاة على أن تفاتحوا أهلها مع تأجيل أي خطوة رسمية لحين الانتهاء من دراستك واستقرار أمورك.
أما إذا تعذر عليك هذا الحل فأنا لا أحبذ مطلقا أمر مصارحتها، وأفضل أن تصارح أخاها -إذا كان ناضجا وحكيما في تصرفاته- برغبتك في الارتباط بأخته عندما تنتهي من دراستك، وفي هذه الحالة يمكن لأخيها أن يساعدك في التعرف على مدى قبولها لفكرة الارتباط بك بطريق غير مباشر، وبالتالي يوفر عليك وعليها الكثير من الحرج، ويمكنه أيضا أن يساعدها ويساعدك في تأجيل أي مشاريع للارتباط لو وجد عندها قبولا للارتباط بك.
أخي الكريم، أود أن أهمس همسة صغيرة في أذنيك... من الواضح أنك تحب هذه الفتاة حبا ملك عليك قلبك؛ وحبك الشيء يعمي ويصم كما تعلم.. فأنت الآن لا ترى إلا محاسن هذه الفتاة ولا تعرف لها عيوبا، فترو قبل أن تحادث أهلك أو أخاها... واجلس مع نفسك في رحلة للتبصر الداخلي لتجيب على هذه الأسئلة:
1. ما هي أبرز عيوبك؟
2. ما هي أبرز ميزاتك؟
3. ما هي العيوب التي لا تتحملها في شريكة حياتك؟ وهل هي موجودة في هذه الفتاة؟
4. ما هي الميزات التي لا يمكنك أن تتحمل غيابها في شريكة حياتك؟ وهل هي موجودة في فتاتك أم لا؟
من المهم والضروري أن تبذل جهدا للإجابة على هذه الأسئلة بدقة وصراحة؛ فالزواج رحلة عمر... ولا يمكن أن تبنى هذه العلاقة على الحب فقط؛ فالزواج كما يصفه أخونا الدكتور عمرو أبو خليل هو طائر لا يطير إلا بجناحي الحب والعقل.. فترو في أمرك ولا تنس أن تستعين باستخارة المولى عز وجل، مع دعواتنا أن يبارك الله لك وأن يقدر لك الخير حيث كان ويرزقك الرضا به.
ــــــــــــــــــــ(41/117)
يرحل الحب ويترك مساحات إنسانية أخرى
الحب لا يكتمل, للشباب فقط, الحب, الحب لا يكتمل, الحب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أولا: أود أن أشكركم على هذه الخدمة الجميلة التي أتاحت للجميع المشاركة فيها، وأود أن أشكر بالأخص الدكتور عمرو أبو خليل الذي أعجبتني كثيرا ردوده، وأتمنى أن يساعدني في حل هذه المشكلة.
ومشكلتي تكمن في أنى تعرفت على فتاة وأنا في الجامعة، وقد كنت أريد أن أتزوجها، ولكن عندما تقدمت لها رفضني والدها لأنني ما زلت أدرس ولم أعمل بعد، وحاولنا كثيرا معه، ولكنه رفض بشدة، بل وصمم أن يخطبها ويزوجها لابن شخص زميله في العمل، وهنا عندما تم الرفض بهذه الشدة افترقنا وقررنا أن ننهي أي شيء بيننا، وبالفعل بعدنا عن بعضنا وذهب كل منا في طريقه.
وبعدها بفترة منَّ الله عليا بالالتزام والعمل في الحقل الدعوي، والحمد لله أن هداني لهذا، وفى هذه الأوقات كنت قد علمت أن هذه الفتاة بالفعل خطبت، وحمدت الله على كل شيء، وأدركت أن الله لا يظلم أحدا أبدا، وعلمت أنه إن كانت من قدري فلن يبقى قدري إلا لي، وهكذا انتهى كل شيء بيننا. ولكن بعد فترة علمت أن هذه الفتاه قد مرضت، ودخلت المستشفى، وعندما سألت عن نوع المرض عرفت أن الله ابتلاها بمرض السرطان في الدم، وتعلمون مدى خطورة هذا المرض، ومدى تأثيره على صاحبه، وعلمت أنها لا تفارق المستشفى.
حدثتني نفسي أن أذهب للزيارة، ولكنى ترددت خشية أشياء كثيرة، أولها أن أفتن مرة أخرى، وأن أسبب لها أي مشاكل خصوصا أنه لا توجد لي علاقة الآن بهم، وأخيرا لم أرد أن أشغل عقلي بغير ديني، ولكني لم أعرف هل قراري هذا صائب أم لا ولكنى اتخذته.
وبعد فترة علمت أن خطيبها توفاه الله، وعلمت أنها كانت حزينة جدا، وبعدها بأشهر قليلة علمت أن والدها أيضا توفي، وهي أيضا ما زالت مريضة في المستشفى بمرض السرطان، وعلمت مدى حزنها، ومدى تردي حالتها النفسية، ولكنى لم أحرك ساكنا، أو اتصل بها لنفس الأسباب، ولكن هذه المرة اتصلت هي بي، ولم أقدر على منع نفسي من الكلام معها، وأخذت تحكي لي عن مرضها، ودخولها المستشفى، وموت والدها، وهي تعلم أني علمت، وأخذت تحكي لي عن مدى معاناتها، ومدى سوء حالتها النفسية، وكان ذلك واضح جدا من كلامها، وعلمت منها أنها في بعض الأحيان تذهب إلى مصحة نفسية عندما تسوء حالتها النفسية جدا بسبب المرض.
ولكن المشكلة الآن أنها تطلب مني أن أكون على اتصال بها مرة أخرى، وأن تعاود الاتصال بي لأنها كما تقول: حالتها النفسية سيئة جدا، وتحتاج لي، ولا تجد غيري، ولا تتحسن إلا عندما تتكلم معي، هذا كلامها بالنص، وقد قلت لها: إني الآن في نهاية الدراسة، وأستطيع أن أتقدم لها مرة أخرى، ولكنها هي التي رفضت هذه المرة؛ لأنها كما تقول مريضة، ولا تريد أن ترتبط بأي أحد نهائي وأيضا موت خطيبها من الواضح أنه سبب لها أزمة نفسية، وحاولت جاهدا أن أجعلها توافق على تقدمي لها حتى أبعد عن أي شبهة شرعية أو أي معصية، ولكنها رفضت بشدة، وكل ما تطلبه مني أن أكون أخا لها، وعلى اتصال دائم بها، وأنا أعلم أنها تريدني بشدة، ولكن لا تريد أن ترتبط بأي أحد، فقد أصبح عندها شعور بالخوف الدائم، وعدم الثقة بأي أحد، حتى والدتها وباقي أهلها، خصوصا أنهم كانوا يعاملونها معاملة سيئة قليلا، وأصبحت لا تثق بأي أحد غيري.
وأنا الآن في حيرة من أمري؛ لا أدرى ماذا أفعل، هل أرد طلبها وأرفضه وأشرح لها أنه لا يجب أن يوجد أي اتصال بيننا أو أي كلام، وفى هذه الخطوة يجب أن أتحمل ما لا يحمد عقباه من زيادة المرض عليها، وسوء حالتها النفسية أكثر وأكثر، ولا أعلم إن كان من الممكن أن تدخل في غيبوبة مرة أخرى، المهم أني إن فعلت هذا فسوف تسوء حالتها أكثر وأكثر؛ لأن المرض النفسي -كما تعلمون- أصعب من المرض العضوي، وكما قلت لك إنها لا تثق إلا بي، ولذا أعتقد أن حالتها ستكون سيئة جدا بعد قراري هذا.
والأمر الثاني: هو أنني في حال قبولي طلبها، وموافقتي عليه سيترتب عليه أشياء كثيرة، ومنها أنني سأكون مضطرا إلى زيارتها من وقت إلى آخر للاطمئنان على صحتها. وأيضا ذكرت سوف يكون بيننا اتصالات وأنا أخاف على نفسي أن تكون هذه فتنة أو معصية، ولا أريد أن أعيد فترة من حياتي أنا أكرهها وأبغضها؛ لأنني كما أعتقد إن فعلت هذا فأنا أعصي الله، ولا أعرف إن كان تفكيري صحيح أم لا، ولكنى أخاف على نفسي وأخاف من الله، وهذه هي المشكلة، وأنا في حيرة من أمري، فهل لكم أن تساعدوني؟
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
لقد انتهت علاقة الحب التي بينكما بدليل أنها خطبت لشخص آخر وارتبطت به عاطفيا لدرجة أن وفاته سببت لها أزمة نفسية دخلت على أثرها المصحة النفسية، أي أن ارتباطها بك كان ماضيا وانتهى، وأيضا بالنسبة لك سواء من باب العقل والرضوخ للأمر الواقع أو باب الالتزام واعتبار الأمر قدرا رضيت به، فإن الأمر عاطفيا بالنسبة لك قد انتهى.
وعندما عرضت عليها الارتباط كمدخل شرعي، لما تتصوره علاقة معها رفضت لأسبابها المرضية، ولو كان في نفسها ذرة عاطفة ناحيتك لتلقفت الأمر بترحاب، ولكن الصورة واضحة بالنسبة لها، وهي أنها تريد من يسمع لها وتثق في أنه لن يسيء فهمها، أو يحاول استغلالها؛ لأنها في ظرف مرضي ونفسي لا يسمح لها بأن تفكر بأي صورة أخرى على أي مستوى سواء كان عاطفيا أو غيره، وبالتالي فإن تطور العلاقة لتتحول إلى فتنة أو معصية يصبح بعيدا جدا؛ خاصة إذا فهمت أنت الآخر الأمر على هذه الصورة، وهي أنه يمكن أن تتعامل معها بمحددات ما نسميه نحن "الزمالة الملتزمة"، وهي فعلا زميلتك في الدراسة، ولو كانت غيرها في حالة مرض أما كنت ستتصل بها للاطمئنان على أحوالها؟ أما كنت ستذهب لزيارتها بين الحين والحين في مستشفاها مع الالتزام في موضوع الحديث وطريقته والحرص على غض البصر مع التزامها بحجابها الشرعي في أثناء الزيارة؟.
فإذا أضفنا لذلك طلبها المباشر لأن تساعدها بمجرد السماع لها والسؤال عنها.. لوجدنا أن الأمر ليس به أي مخالفة شرعية طالما التزمت بالحدود التي أوضحناها في ظل ظروف مرضها العضوي والنفسي الذي لا يسمح بأي تجاوز، مع الأخذ في الاعتبار أن الذي سيحكم الأمر ويسيطر عليه سيكون مراقبتك لله عز وجل؛ بمعني أن الالتزام لا يعني الهروب من التعامل في المواقف المختلفة، بل يعني أن نتفاعل ونتعامل، ولكن الله عز وجل يكون الحاضر الدائم في عقولنا وضمائرنا الذين يجعلنا نحاسب أنفسنا عند كل لفتة أو همسة، لذا فإذا حدث ما يخيفك ويجعلك تشعر بوقوع المخالفة الشرعية فلتقف لنفسك وقفة مراجعة ولتقيم الموقف، أما مجرد الاتصال بها وتدعيمها نفسيا كباب من أبواب الخير إن صلحت نيتك وعزمك فلا شيء فيه.
ــــــــــــــــــــ(41/118)
تخلى عن حبه فكان الفشل حليفه
الطريق إلى الزواج, معوقات الاختيار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أرغب في مساعدتي على حل مشكلتي، عمري 38 سنة، ومنذ 10 سنوات، تعرفت على فتاة تصغرني بثلاث سنوات، ولكن فكرها كان أكبر منها، ووجدت فيها فتاة أحلامي التي كنت أبحث عنها، من ناحية الدين والأخلاق والجمال والفكر، وكل ما أتمناه وأكثر؛ فأحببتها، ومعرفتي بها كانت صدفة، وسعيت للارتباط بها، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث رفض والدي فتاتي، وحاولت معه فأصر على موقفه ورفضه لها.
أبلغتها بذلك فبكت وسألتني عن السبب وسألتني عدم التخلي عنها، وتأثرت بشدة لما صارت عليه الأمور، وقالت إنها تحبني، واستسلمت للأمر الواقع طاعة لوالدي، وبعد خمسه أشهر رشحت لي والدتي فتاة أخرى للزواج منها، والفرق كان شاسعا بين فتاتي وهذه الفتاة، ولكنها لم تكن سيئة فارتبطت بها، وكان أهلي في قمة سعادتهم، وبعد خطبتي جاء صديق لي يستأذن في خطبة فتاتي السابقة، ويطلب مني تليفونها وعنوانها، وتعجبت لأن صديقي لم يرها، ولكن كوّن فكرته عنها عن طريق حديثي معه عن دينها وأخلاقها وأدبها.
ولأني أحب لها الخير ولأنه أفضل مني أعطيته ما أراد، وقلت لنفسي كل شيء نصيب، وجاءني عقد عمل بالخارج فأتممت زواجي وسافرت، وبعثت لزوجتي لتحضر إلي، وليتني ما تزوجتها، فهي إنسانة ليس لها أي هدف في الحياة، ولا تشعر بأي مسئولية كل حياتها تافهة وجدت فيها الاستهتار والإهمال لي ولبيتنا، تكلمت معها أكثر من مرة، ولكن دون جدوى، ولم أجد معها السكن، ورزقنا الله بطفل جميل، وقلت ربما الأمومة تغيرها، وتحدثت معها باللين وبالشدة حتى تتغير، وكأني "أؤذن في مالطة" -كما يقول المثل المصري المعروف- بل زاد إهمالها واستهتارها.
الشيء الوحيد الذي لا تهمل فيه هو نفسها، "زهقت منها ومن هيافتها"، حيث لم يخطر ببالها يوما أن تشاركني همومي ومشاكل عملي، وتذكرت فتاتي ومدى نضوجها ودينها وحبها لي وإحساسها بالمسئولية وسؤالها الدائم عني وعن أحوالي، وتحسرت لحالي، وبعد أربع سنوات عذاب ونكد طلقت زوجتي، وكنت وقتها في بلدي في إجازتي، وسألت عن صديقي، وعرفت أنه قد تزوج فتاتي السابقة، وبحثت عن عنوانه حتى أزوره وذهبت إليهم ووجدت صديقي في أسعد حال، ووجدت فتاتي السابقة أروع مما سبق، وحكى لي صديقي عما مر به خلال الأربع سنوات، ومساعدة زوجته له، وتشجيعها وحنانها ودعائها له، وطفلة بريئة جميلة، كلماتها البسيطة تعكس تربية أم فاضلة؛ فخرجت وأنا سعيد لهما، وبهما.
وانتهت الإجازة ورجعت لمقر عملي، وركزت فيه، وكل إجازة أطمئن على أهلي وابني الذي لا تعجبني طريقة تربيته، وأحاول أن أجد من أكمل معها بقية عمري فلا أجد، وأرجع كما جئت، ومنذ سنة ونصف علمت أن صديقي توفي بعدما تمكن منه المرض، وأن أرملته تبحث عن عمل، فحزنت على صديقي، وحتى لا أكون ثقيلا عليكم حاولت مساعدة أرملة صديقي فرفضت مساعدتي، ورفضت دخولي حياتها، وبعد خمسة أشهر أخذت إجازة، وتحدثت معها في أنني أريد أن أتزوجها، وكانت مفاجأة لها، ولكنها أجابت وقالت ووالدك؟ قلت لها موافق فقالت ولكني أنا الآن غير موافقة، وتعجبت من ذلك، وطلبت معرفة السبب فقالت لأنني إنسان ليس لي قرار، وأنا أعذرها، ولكن يكفي ما حدث لي، أنا أحاول معها كثيرا ولكنها تؤكد رفضها.
فأرجوكم، هي قارئة لكم قولوا لها تسامحني، ولا تفكر فيما مضى لأنني أحبها حبا كبيرا، ولن أتركها مرة أخرى؛ فأنا أحلم باليوم الذي توافق فيه، وطفلاها هم أطفالي كما أن طفلي طفلها، قولوا لها تسامحني وتعطيني فرصة، ولا تجعل الماضي يسيطر على قرارها.
... المشكلة
أ.نجلاء محفوظ ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
لنبدأ بتخليك عنها منذ عشر سنوات، وكان في ذلك ظلم فادح ليس لها وحدها ولكن لنفسك أيضا، فلماذا لم تكافح للزواج منها؟ ألم تستحق منك بذل الجهد المكثف لإقناع والدك؟ وما هي أسباب الرفض؟ نحن ننادي دوما باحترام رأي الأهل عند اختيار شريك الحياة ولكننا في الوقت نفسه نرفض الاستسلام لتعنت الأهل ونطالب الأبناء في هذه الحالة ببذل كل ما في وسعهم -باستماتة- من أجل الانتصار لأنفسهم بالتشبث بالشريك المناسب، وقد علمتنا الحياة أن ذلك ليس بالأمر الذي يسهل تعويضه ولعلك تعلمت ذلك الدرس.
ولم تكن موفقا عندما رضخت لاختيار أسرتك لفتاة لمجرد أنها (ليست سيئة) وكأنها سلعة يمكن بمضي الوقت تغييرها، أو إدخال التحسينات عليها. صدقني لا أريد لومك أو مضايقتك -على الإطلاق- وما أقصده هو أن أوضح لك ما عاشته فتاتك في هذه المرحلة الصعبة، ولم تكتف بذلك بل أرسلت صديقك ليخطبها وبررت ذلك بأنه أفضل منك، وأنك تتمنى لها الخير، ولم تتخيل وقع ذلك عليها، فأنت لم تتخل عنها فقط، بل أرسلت لها رسالة قاسية مؤداها أنك لا تهتم بأن تكون لغيرك، وأرسلت لها الخاطب بنفسك.
ثم نأتي لزوجتك، فلأننا لا نحصد إلا ما زرعناه، فقد كان من المتوقع أن تكون زوجتك سيئة بالفعل، لأن التوقعات تكون عالية قبل الزواج، ويتحقق القليل منها؛ خاصة في حالات الزواج التي لا يبذل الطرفان فيها المجهود الكافي للتعرف على عيوب كل طرف فيهما، ويكون هم الواحد منهما الزواج؛ إما تلبية للغريزة أو للتمتع بالواجهة الاجتماعية، وما شابه ذلك من أسباب تتسبب في فشل الزواج، سواء أكان هذا الفشل مؤديا إلى الطلاق أو إلى الموات العاطفي، ونشر التعاسة على كل الأطراف المعنية بما في ذلك الأولاد بالطبع.
ولم توفق عندما خدعت نفسك وتمنيت أن تغيرها الأمومة، وتناسيت أن أحدا في الكون لن يتغير إلا إذا أراد هو ذلك، ولتأكده من أنه سيربح إذا تغير وسيخسر الكثير إذا ظل على حاله، وقد أحسنت بطلاقها، ونتمنى أن ترعى طفلك منها، ولا تنساه في غمرة مشاكلك، وأن تحسن إليها من أجله، وأن تحرص على إعطائه كافة نفقاته وأن تهتم بالسخاء العاطفي معه وليس المادي فقط، ولابد أن تعوضه عن غيابك في الخارج، ولابد أن يكون لأسرتك وخاصة والدتك دور في تنمية ارتباطه بأسرتك خلال غيابك، وأن تكثر من الحديث إليه عبر الهاتف، وأن تأخذه يقضي معك أطول فترة ممكنة في الإجازات؛ لينشأ نشأة سوية وهذا من أهم حقوقه عليك، فلا ذنب له في سوء اختيارك لوالدته، وهذا بالطبع إذا لم تستطع أخذه من والدته بصورة ودية لينشأ معك بعد زواجك بمشيئة الرحمن.
وقد احترمنا رفض فتاتك السابقة لمساعدتك ولدخولك حياتها ولا شك أن ذلك يزيد من مكانتها لديك ولدينا أيضا، ومن حقها أن تتعجب لموافقة والدك الآن بعد أن أصبحت أرملة وأما لطفلين، ألا يدل ذلك على تعنته السابق أم كان يجب أن يرى بعينه سوء تصرف زوجتك السابقة ليقبل بها؟.
مرة أخرى كل ما نقوله هو ما يدور في ذهن فتاتك ولابد أن تعرفه أنت أيضا حتى تستطيع الرد عليها، وطمأنتها جيدا إلى أنك قد تغيرت إلى الأحسن (بالطبع)، وأن الحياة قد جعلتك تدرك أنه لا يوجد شيء في الحياة يستحق أن يضحي الإنسان براحته النفسية من أجله، وأنك ستقوم بتعويضها عن الألم العميق الذي تسببت فيه لاحقا، وأنك قد دفعت نصيبك مضاعفا من الخسائر لابتعادك عنها فقد فشلت في زواجك، وعانيت من ذلك، ودفعت الثمن باهظا، وتعاني من ابتعادك عن طفلك، بينما نعمت هي بالزواج من صديقك الراحل، رحمه الله، وبطفلين معها الآن وستنعم بزوج محب ووالد يحنو على طفليها ليس من أجلها فقط ولكن وفاء للصديق أيضا.
قلت: "قولوا لها أن تسامحني وتعطيني فرصة وألا تجعل الماضي يسيطر على قرارها"، ونقول لك: اطلب مسامحتها بدون إلحاح، وحتى لا تأتي النتائج عكسية، وأخبرها أن تعطيك فرصة لإسعادها هي وطفليها، ومسح دموع الماضي والحاضر عنها، واستبدال بسماتها وضحكاتها هي وطفليها بالماضي، وابذل مجهودا (واعيا) لطمأنتها، ولمداواة جراح الماضي، حتى لا تسيطر على قرارها، ونثق بمشيئة الرحمن من نجاحك في ذلك متى أدركت عمق الجرح وتعاملت معها بفطنة وكياسة الطبيب الماهر، الذي يطهر الجرح وينظفه ويداويه بلطف وكياسة، ويختار أدواته بعناية تامة، ويجعل المريض يرتاح نفسيا أثناء العلاج، بل ويصل به إلى (التلهف) على تعاطي العلاج؛ لأنه يتخيل روعة الشفاء، وما ينتظره من راحة وسرور بعده.
ولا تنس أن تكسب طفليها في جانبك، وأخبرها بأنك لن تثقل عليها؛ لأنك تود أن تأخذ قرارها بكل حرية، وأنها الآن في سن الخامسة والثلاثين، ومن الأفضل لها ولطفليها أن تكون إلى جوارها في الحياة، ليس من أجل الناحية المادية، ولكن لأنها بحاجة لزوج، وطفلاها سيكون حالهما أفضل مع وجود أب محب لهما، وأنك تضمن لها ذلك بمشيئة الرحمن وتعلم أنها تعرف ذلك وتثق أنك ستكون أفضل من تتزوجه بعد الراحل، وأعطها وقتا مناسبا للتفكير واطلب منها أن تحدد لك موعدا مع أهلها.. ونهنئك مسبقا بالزواج السعيد بمشيئة الرحمن.
ونطالبك بالالتزام بكل تعهداتك وأن تهتم بطفلك ليس الآن فقط ولكن بعد الزواج أيضا، وحتى لو أنجبت العديد من الأطفال فهذا الطفل من حقه أن يحتل مكانه دائما في أولويات حياتك، وأن تحرص على أن تنشأ بينه وبين زوجتك الجديدة وطفليها وأطفالك الجدد أفضل علاقة ممكنة، حتى تضمه إليك في السن القانونية ويعيش حياة سوية يستحقها بالتأكيد.
مع دعائنا لك بالتوفيق في جوانب حياتك المختلفة.
ــــــــــــــــــــ(41/119)
جروح القلب.. يداويها الجفا
تساؤلات حول الحب, الإنترنت والهاتف
بسم الله الرحمن الرحيم.. الإخوة الكرام في صفحة مشاكل وحلول، السلام عليكم..
لا أدري كيف أختصر لكم المشكلة؛ لأنني سوف أختصر معها مرحلة مهمة من عمري! المهم إخوتي الكرام أنني تعرفت على أخت عن طريق النت، وكان الهدف دعويا بحتا والله يشهد بذلك، المهم تطورت الأمور كما هو متوقع في مثل هذه الحالات، حتى أصبح تعلقا وحبا، حاولنا الخروج من الأمر بالزواج، ولكن عدم موافقة الأهل من الطرفين منع كل خطوة في هذا الاتجاه.
الأخت كانت متعلقة بي بشدة، وأصبح الأمر لديها مَرضا! وقفتُ معها كثيرا.. حاولت التخفيف عنها بشتى الوسائل، لكن مجرد ابتعادي كان يعني لها الانهيار التام، وأنا من طبيعتي -وهذه أعتبرها سلبية- رقيق جدا، أخاف على تأثر الآخرين وتعبهم؛ مما جعلني أتابع هذه الأخت؛ خوفا عليها وحرصا عليها. وهذا مما زاد الآلام لدي ولديها.
الآن.. هل تواصلي معها من أجل التخفيف عليها وخروجها من هذا المأزق صحيح أم خطأ؟ هل ارتكبت خطأ عندما عرضت عليها أمر الزواج، ثم لم أستطع الإكمال؟! وكيف أجعلها تبتعد عني لكي لا تتأذى بسبب هذه العلاقة المحكوم عليها بالإعدام؟
هناك أمر آخر متصل بهذه القضية.. هل إذا شعرت بالحب تجاه أكثر من إنسانة في نفس الوقت، هل هذا خداع أو تزييف؟ مع أن شعوري صادق في هذا الأمر.. أرجو أن تهتموا بالقضية؛ لأنني أرسلتها قبل ذلك، ولم أحصل على جواب.
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم:
بداية نحب أن نوضح أننا لا نهمل أي مشكلة تصل إلينا، وكل مشكلة تأخذ حقها من الاهتمام والرد، بعض المشاكل تظهر على الصفحة، وباقي المشاكل ترسل على البريد الخاص بأصحابها، والأغلب أن ما حدث هو أن مشكلتك لسبب أو لآخر لم تصل إلينا، وعموما نعتذر لك عن أي ضيق قد نكون سببناه لك.
وبعد ذلك نقول: إننا كررنا مرارا وتكرارا أن الحب يبدأ مثل النبتة الصغيرة التي تترعرع لتصبح شجرة وارفة تمد جذورها في القلب، وتنشر أفرعها حتى تلامس عنان السماء، ولكن هذه النبتة تحتاج دائما للماء والغذاء والهواء والرعاية، فإذا لم تجد هذه الاحتياجات فإنها حتما ستذبل وتموت بمرور الوقت، سيكون اقتلاع الجذور مؤلمًا، ولكنه ضروري لتخليص القلب مما علق به، وإعداده لتقبل نبتة جديدة أكثر تحملا وأكثر ملاءمة، ولقد تعلقت بك هذه الفتاة وتعلقت أنت بها، ولكنك كنت الأقدر على ضبط نفسك عندما استسلمتما لحقيقة أن أمر زواجكما أصبح مستحيلا؛ فهل تتصور أن رقتك معها ووقوفك بجانبها سيخفف عنها أم أنه سيزيد الأمور سوءا؟!
إن هذا التعاطف وهذا التواصل يمد النبتة بما تحتاجه لتبقى على قيد الحياة، والأولى بك أن تختفي تماما من حياتها، وأن تقطع كل علاقة لك بها، وأن تكف عن اللعب بالجرح الذي لم يندمل بعد، فأنت آخر من يصلح للتعاطف معها ومواساتها، ولا تستجب لها مهما استعطفتك، وتأكد أن الزمن كفيل بمداواة أشد الجراح إيلاما.
والدعم الوحيد الذي يمكنك أن تقدمه لها هو أن تدعو الله لها بظاهر الغيب أن يعينها، وأن يثبتها حتى تعبر هذه الأزمة، وقد تمثل مشكلتك والمشاكل المشابهة الناقوس الذي يحذر الرجال من التسرع في توزيع وعود الزواج قبل التأكد من حقيقة مشاعرهم، والتأكد من أن الظروف ملائمة للارتباط؛ فقلب الفتاة أكثر رقة وأكثر عرضة للانكسار.
أعلم أن حديثي هذا قد ينبه الجادين مثلك، ولكنه لن يهز شعرة لمن أراد اللهو واللعب بقلوب النساء، والذين وجدوا في هذه الأداة -المسماة بالإنترنت- خير وسيلة للإيقاع بفرائسهم من الغافلات، وحسب هؤلاء أن الله سبحانه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؛ فليعدوا العدة لليوم الذي سيأتونه حفاة عراة ليس بينهم وبينه حجاب.
أما بالنسبة لتساؤلك عن إمكانية أن تحب أكثر من إنسانة في وقت واحد؛ فما أراه أن هذا لا يُعتبر حبا حقيقيا، وأنه مجرد إعجاب ببعض السمات الشخصية، أما الحب الصادق فشيء آخر، وهذا لا يعني أنني أتهمك بالكذب والخداع، فأنا أعلم جيدا أن الأمر التبس عليك فتوهمته حبا، والأمر يحتاج لمراجعة النفس لتعلم أين قلبك بحق حتى تحسن الاختيار؟
أدعو الله سبحانه أن يعين هذه الأخت لتمر بهذه الأزمة، وأن يعوضها خيرا من عنده، وأدعوه أن يمن عليك بالزوجة التي تعينك على بره وحسن عبادته. وتابعنا بالتطورات.
وأدعوك بأن تقرأ موضوعنا حول" إنقاذ ضحايا الشات"من على صفحتنا.
ــــــــــــــــــــ(41/120)
التكافؤ هام حتى يدوم الحب
الحب الأول
بسم الله الرحمن الرحيم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
آبائي وأمهاتي الكرام (اسمحوا لي أن أناديكم بآبائي وأمهاتي)، أنا شاب عندي 21 عامًا تبدأ قصتي من الصغر وأنا عمري حوالي 14 عامًا أحببت قريبة لي تكبرني بعام، أنا أعرف أنه في هذه السن الصغيرة اسمه لعب عيال، ولكن ذلك استمر حتى الآن، أي حوالي7 سنوات أو أكثر، ونحن متعلقان ببعضنا بشدة.
ولكن المشكلة أن الفرق بيننا زاد في السنوات الأخيرة من ناحية التعليم، حيث أصبحت هي بالفرقة الخامسة في كلية الطب وأنا حاصل على دبلوم المدارس الصناعية، وأذاكر الآن الثانوية العامة مرة أخرى لكي لا أجعل لأهلها حجة لرفضي من ناحية التعليم، ولكني مهمل في مذاكرتي، وأنا أريدها وأقبلت على هذه الخطوة إرضاء لها، ولكني لا أقدر عليها.
من ناحيتنا لا يمثل هذا الفارق في التعليم شيئا بيننا، فهي متمسكة بي؛ لأنني والحمد لله محافظ على الصلاة من الفجر حتى العشاء في المسجد، وأحضر مجالس العلم، وهي متدينة وتحفظ أكثر من نصف القرآن، وعلى قدر عال من الجمال والذكاء والتدين والأخلاق؛ ولهذه المميزات أنا متمسك بها.
علاقتنا الآن من بعيد بالتليفون كل فترة للاطمئنان فقط لا غير عن أخبار المذاكرة وما إلى ذلك، ونعلم أن هذا الكلام البسيط الذي بيننا حرام شرعًا، ولكننا لا نستطيع البعد عن بعضنا كثيرا، فكلما قررنا إلغاء هذا الكلام (في التليفون) لا نلبث إلا قليلا ثم نعود من جديد.
وأنا أريد من حضراتكم أن تجدوا لى الحل في ذلك:
1- هل أنا ظالم لها بهذه العلاقة لفارق التعليم الواضح جدا بيننا رغم أنه لا يمثل شيئا بيننا؟
2- هل رفض الأهل وقولهم: "نحن نربي ونكبر ونزوج بنتنا في النهاية لشاب معه دبلوم المدارس الصناعية، لا يمكن أن نوافق على هذا الزواج"، رغم أني لم أتقدم لها رسميا، ولكن علموا ذلك وقالوا لها نريد طبيبا؟
3- أنا كثير المعاصي، ولكني لا أترك فرضًا من الفروض إلا وأقيمه في ميعاده، أرجو إرشادي إلى الطريق الصحيح ببعض النصائح بما أنكم أكثر خبرة؟
4- أنا عاق لوالدتي وذلك بعدم مذاكرتي؛ فهي حزينة لذلك، وكلما رأتني وبختني بكلمات كثيرة مثل: "خسارة فيك هذه البنت -قصدها من أحب- ذاكر ذاكر ذاكر...". أنا أحس أن عندها حقا، ولكن لا أقدر أن أنفذ.. فما الحل؟
5- في رمضان الماضي فعلت معصية كبيرة لا أريد ذكرها حياء من الله؛ فكنت أصلى بالناس مساعدة مع شيخ المسجد في صلاة التراويح، ولكن بعد هذا الذنب غيرت المسجد حتى لا أصلي بالناس وتبت إلى الله، وأكملت رمضان في مسجد آخر في نفس البلدة، وتأتي المفاجأة أن إمام المسجد طلب مني أن أصلي بالناس فقررت الاعتذار فألح علي؛ فقلت في نفسي لعل الله قد قبل توبتي وهذه هي البشرى، فاعتكفت في المسجد وكنت أصلي بهم قيام الليل، في رأيكم هل اعتقادي هذا صحيح؟
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الابن الكريم:
نشكرك على هذا التكريم الذي أسبغته علينا حيث وضعتنا في مقام والديك، وندعو الله أن نكون عند حسن ظنك بنا، ووضعنا في هذا المقام الكريم يقتضي أن نتحدث معا وبكل صراحة؛ فمسئوليتنا تحتم علينا أن نوضح ما خفي عليك من أمور قد تنتج عن هذه الزيجة، ولكما -بعد أن توضح لها هذه الأمور- أن تتخذا ما يناسبكما من الاختيارات على أن تتحملا مسئولية هذا الاختيار.
وقبل أن أخوض في موضوع الزواج سأنتهي أولا من النقطة الأخيرة التي أثرتها حيث تتساءل عن إمكانية أن يكون إصرار إمام المسجد على إمامتك للصلاة بشارة أو دليلاً على قبول التوبة.
والحقيقة أننا لا نحتاج بشارات لتدلنا على أن الله قبل توبتنا، فمن وقع في إثم -مهما عظم هذا الإثم- وستر الله عليه وستر هو على نفسه وندم على فعلته وتاب وأناب ورجع إلى الله بقلبه وعزم على عدم العودة إلى هذه المعصية ثانية؛ فإن الله سبحانه حتما سيقبل توبته ويغفر ذنبه ويبدل سيئاته حسنات فهو سبحانه غافر الذنب وقابل التوب وهو القائل في كتابه الكريم: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا} (نوح).
أحسن الظن بالله فمنه سبحانه الفضل والمنة، واطمع في رحمته يوم تلقاه ليس بينك وبينه حجاب، فيبسط الحجب بينك وبين سائر الخلق ثم يذكرك بذنبك ثم ترى كتابك وقد تحولت الذنوب إلى حسنات؛ فهذه البشارة الحق التي نتمنى أن نعايشها يوم يخبرنا سبحانه أنه برحمته وبفضله عنا راض، ولا تيئس أبدا من روح الله ولا تتبع خطوات الشيطان الذي يحاول أن يصرفك عن الصحبة الصالحة وأكثر من الحسنات فالحسنات يذهبن السيئات.
وهذا الكلام ينطبق على هذا الذنب وعلى كل المعاصي الأخرى التي ترتكبها، والعاقل من أدّب نفسه وهذبها وألزمها بعد كل ذنب بتوبة وحسنة، فهذا الذنب يتبعه صلاة، وهذا الذنب يتبعه قضاء حاجة من حوائج الناس، وهكذا فكل ذنب يتبع بحسنة.
ونأتي بعد ذلك لموضوع الزواج لنؤكد ما قلناه مرارًا وتكرارًا أن الزواج في وجود عدم التكافؤ البين في المستوى الدراسي -وبالذات لو كان هذا التكافؤ لصالح الزوجة- يعتبر مغامرة غير محسوبة العواقب؛ فالارتقاء في التعليم وبالذات في المرحلة الجامعية يضيف الكثير من الخبرات والتجارب الجديدة، ويتيح بشكل أو بآخر التعرف على ثقافات وعقول مختلفة.
وهذه الخبرات المكتسبة -إضافة لما تسبغه نظرة المجتمع من تقدير زائد للجامعي وخصوصا لو كان من خريجي ما يعرف بكليات القمة- تجعل الزوجة تشعر بقدر كبير من الاعتزاز والزهو بالنفس، وفي المقابل تشعر الزوج بنوع من الإحساس بأنه أقل منها.
هذه المشاعر والفوارق لا تكون واضحة في غمرة الغرق في بحور الحب، وأثناء حالة السكر الناتجة عن شرب كؤوس الهوى والغرام. وما يحدث عادة بعد الزواج أن هذه الفروق وهذه المشاعر تبدأ في الظهور رويدا رويدا لتنغص على كل من الزوجين حياته؛ فالزوجة تعمل -وفي حال الطبيبة ترتقي أيضا في دراستها العليا في مجال تخصصها- وهي في أثناء هذا تلتقي بمن يكافئونها علما وثقافة، وتبدأ لا شعوريًا في عقد المقارنات بينهم وبين زوجها، والمقارنة في هذه الحالة لن تكون في صالح الزوج، وقد يدفعها الحرج الاجتماعي للامتناع عن تقديمه لزميلاتها وزملائها.
ويجد الزوج نفسه في موقف لا يحسد عليه، زوجته -سواء شعرت بهذا أو لم تشعر- تنظر إليه من عل، وهذه النظرة تضاعف من شعوره بأنه أقل منها فيحاول أن يثبت أنه رجل البيت وأنه الآمر الناهي، فلا يقبل منها أي كلمة أو تصرف حتى ولو جاء في صورة مشورة أو توضيح وجهة نظر، ويحاول أن يحاربها ويمنع عنها ما يميزها عنه بأن يطلب منها -صراحة أو بالمضايقات والمنغصات المستمرة- أن تكف عن العمل أو الدراسة، وهذه التصرفات قد تدفع الزوجة للعناد من أجل تحقيق طموحاتها العلمية والمهْنية.
وكما ترى فالخلافات تبدأ صغيرة -بعد انحسار نشوة الحب وسكرته- ثم تتضخم بمرور الوقت، وتصبح كالسوس الذي ينخر في أساس هذا البيت الذي كان واعدًا بالسعادة والهناء، فهل تدركان وتعيان -أنت وهي- هذه الأمور وما هي ترتيباتكما للتعامل معها؟
الابن الكريم:
أرجو ألا تغضب من صراحتي فأنتما كأبنائي وأمركما يهمني، ولا أبغي لكما إلا سعادة الدنيا والآخرة، وما أردت أن أقوله إنه من الأفضل لكما أن تحاول أن ترتقي في تعليمك بعيدا عنها، ولتتوقف بينكما المكالمات التليفونية، ولتجعل فترة التوقف هذه فرصة لإعادة الحسابات وترتيب الأوراق، ولتجعل حبك لها دافعا على النجاح وإتمام الدراسة، فإذا نجحت في هذه الخطوة فهنيئا لك بها، وإذا قدر الله غير ذلك فوازن أمورك جيدا ولا تتسرع، وشجعها على أن تفعل هي الأخرى هذا، وضعا اعتبارات القلب جانبا لفترة وحكّما عقلكما، على أن تضع في اعتبارك أنك بإهمالك لهذا التفكير الهادئ المتعقل لا تظلمها هي فقط ولكن تظلم نفسك قبلها، فاستعن بالله واسأله التوفيق ولا تنس استخارته.وتابعنا بالتطورات.
وإرجع لمشاكلنا السابقه المعنونه:
عود على بدء .. معنى الاستخارة في الزواج
بعد غياب شهور.. هل يرغب في الارتباط؟
ــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ(41/121)
رسالة حب على المحمول
الحب الأول
بسم الله أبدأ وعلى الله أتوكل وعلى أهل السلام أسلم؛ فالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
تعجز كلماتي المتواضعة أن تعبر عن مدى إعجابي بل وافتخاري كعربي بهذا الموقع الغني بالمعلومات والخدمات عامة، وإعجابي الخاص بهذه الخدمة المتعلقة بحلول ومشاكل الشباب الظمآن للمشورة والرأي السديد المتعقل من ذوي الخبرة في الحياة وأسرارها، وهذا هو السبب الوحيد الذي أرشدني للكتابة إليكم.
أنا أعتمد على نفسي في اتخاذ القرارات والآراء التي يرزقني الله فيها الطريق السديد غالبا، بل ومصدر مشورة للعديد من الأصدقاء، ولكني أقف الآن عاجزًا عن اتخاذ أي قرار، خصوصا إذا كانت المشكلة مصيرية.
أعرفكم بنفسي فأنا شاب بالسنة النهائية بكلية الطب البشري، 22 عامًا، رزقني الله بالعديد من النعم التي أعمل جاهدا لشكره عليها سبحانه وتعالى، بداية من السمعة الطيبة والعقل الراجح الذي يجيد تحديد أهدافه.
منذ صغري أحلم بالارتباط في بداية الشباب لتكوين أسرة جميلة أوليها من الاهتمام والرعاية الكثير لأراها وقد أينعت وبدأت أزهارها بالتفتح عندما يتقدم بي العمر، ولكن كان لواقع الحياة رأي آخر؛ حيث إنني شخص طموح جدًا وأمامي العديد من المحطات التي رأيت سهولة الوصول إليها بدون تحمل مسئولية أسرة، هذا بالإضافة لمشكلة الشباب التقليدية من الناحية المادية.
على الرغم من ذلك لم يتوقف قلبي وعقلي عن البحث عن شريكة الحياة ولكن دون اتخاذ أي خطوة عملية، أي كنت أكتفي بترشيح بعض الأسماء بداخلي فقط حتى أتى ذلك اليوم الذي قلب الموازين بداخلي، حيث فوجئت برسالة على المحمول من إحدى الفتيات (اللاتي كنت قد رشحتهن من قبل وهي صديقة لأختي وسنها 17 عامًا) تعلن فيها عن حبها لي وتطلب رأيي في ذلك.
لا أخفيك سرًا عما كان بداخلي وقتها من تلك السعادة من ذلك التصريح الجريء من تلك الفتاة الجميلة المهذبة إلا من تلك المبادرة الطائشة بالتصريح عن حبها والتي عذرتها فيما بعد عندما اعترفت لي بعدم تصديقها لما حدث حتى تلك اللحظة، وأن كل ذلك تم بشكل سريع بتشجيع من إحدى صديقاتها في إحدى ليالي الصيف الحارة! ولكني متأكد بما لا يدع مجالاً للشك من أخلاقها، وما حدث ما هو إلا اندفاع وتهور فترة المراهقة المعروفة بذلك.
وتوالت المكالمات الهاتفية بعد ذلك وتعلق كل منا بالآخر أكثر وأكثر، ويشهد الله نيتي من هذه المكالمات، وهي الوقوف بجانبها في المرحلة الثانية من الثانوية العامة، خصوصا بعد إخفاقها قي المرحلة الأولى من الوصول للمجموع الذي تصبو إليه.
وبالفعل وجدت بعض الأخطاء في أسلوبها الدراسي فقمت باستدراكها وبث الأمل في تعويض العام السالف، ولكن رغم هذه المبررات فإني أعلم خطأ هذه العلاقة بهذا الشكل من الناحية الشرعية وهي أيضا تعلم ذلك، ولكن ليس منا من يملك الجرأة والمقدرة على فعل عكس ذلك.
وكان عندي المشكلة مضاعفة، فبالإضافة لعدم قدرتي على فراق من أصبح قلبي ينبض لها؛ فخوفي من استياء حالتها النفسية بعد فراقي لها في هذه السنة المهمة الحساسة في حياتها كان هو همي الحقيقي، خصوصا أنها تعلقت بي لدرجة جنونية، ولكني أقسم أن علاقتي بها كانت إيجابية بكل المقاييس من شحذ همم المذاكرة والأمل في مستقبل مشرق، ولكن وفقني الله إلى البدء بطلب قطع هذه العلاقة إلى أن يأذن الله لها أن تتم بصورة شرعية وأقنعتها وأقنعت نفسي أن وقوفي بجانبها ما هو إلا وسيلة للحصول على مجموع عال.
وما دام هذا الفراق المؤقت في سبيل الله فإن الله كفيل بأن يرزقها بأفضل مما لو كنت بجانبها بهذه الصورة غير الشرعية، وكانت تلك ليلة لا أنساها، فكيف لي أن أكون سببا لحزن بل وبكاء فتاتي على فراقي، ولم يهون عليها إلا أختي التي كانت بجانبها.
واتصلت بها لآخر مرة بعد ذلك لأوصيها الوصايا العشر الأخيرة قبل قطع هذه العلاقة لأجدها وقد تحسنت حالتها كثيرا بعد أن قامت تصلي بين يدي الله ليعينها على تلك الحياة الجديدة.
هكذا انتهت قصتي مع من ذقت معها الحب الحقيقي ووجدت فيها معظم ما كنت أحلم به في فتاة أحلامي من حسن الخلق إلى القلب الحنون الذي لا يكن إلا كل الحب لكل من يعرف ومن لا يعرف، بالإضافة للجمال الساحر وأجمل من كل ما سبق هو حبها المخلص لي.
استفساراتي هي:
1- ما رأيكم في مصارحتها لي بحبها في ضوء الظروف المذكورة؟
2- ما رأيكم في موقفي من تجميد هذه العلاقة في هذه الفترة الحساسة؟
3- كنت دائم الحلم بأن تكون شريكة حياتي في مستواي التعليمي، ولكن ذلك أصبح مستحيلاً بعد نتيجة العام الماضي؛ حيث إن الآمال الآن معلقة على دخول كلية نظرية، وماذا إذا علمتم رغبة والدي في الارتباط بطبيبة تمشيا مع اختيار الأسباب المثلى لسعادة الابن الوحيد. إني في غاية الحيرة من أمري أبمجموع الثانوية العامة تتم السعادة الأسرية في المستقبل؟ أنقذوني من هذه الحيرة أثابكم الله.
4- أسرتها ليست بالمتدينة وليست بالعاصية ولكنها كأغلب الأسر الغافلة، بينما فتاتي في معزل عنهم في ذلك؛ فعلاقتها بالله وثيقة ولله الحمد بل دائمة النصح لهم.. ولا تشغلهم الناحية التعليمة بهذا القدر (وذلك من أسباب إخفاقها في الوصول لبغيتها العام الماضي؛ فالوسط المحيط بها لا يشجع على ذلك بعكس آمالها ورغبتها الشخصية) فهل هذا يعيبها؟ وهل تحاسب على ذنب لم تقترفه؟! وهل آمن من هذه العائلة على أبنائي في المستقبل بإذن الله؟
لكي تكون الصورة كاملة بكل جوانبها أود أن أشير إلى أن وضعها ووضع أسرتها المادي أكبر بقليل من وضع أسرتي، وعلى الرغم من ذلك فإنها دائمة التأكيد على عدم اكتراثها بتاتًا بهذه النقطة بل تجد سعادة لوقوفها بجانبي في بداية حياتي وبناء مستقبلنا معًا، فهل هناك ما يعيبها؟
أسألكم بتخليصي من تلك الحيرة المستمرة التي أشعر فيها بخيانتي لتلك الفتاة عندما أفكر فيها بهذا الأسلوب العقلاني البحت، ولكني فعلا أحبها من كل روحي وقلبي وعقلي وأتمناها زوجة لي.
وأخيرا أقدم اعتذاري لطول رسالتي ولكن ليس لي من أثق في رأيه الحكيم ومشورته الصادقة بعد الله غيركم. جزاكم الله خيرا عنا، وجعل ذلك في ميزان حسناتكم.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لقد تلقيت الرسالة من صديقة أختك واستجبت للرسالة وطورت العلاقة معها حتى تحولت إلى حب مجنون من طرفها وحب تسميه أنت الحب الحقيقي من طرفك، وبعد هذا الاندفاع في الاستجابة والعلاقة وتطورها توقفت لتقيم الموقف، وهي وقفة محمودة ولا بد منها، ولكن هذا التقييم لكي يكون موضوعيًا يجب أن يتحمل فيه كل طرف مسئولية تصرفاته دون تحميل الأمر لطرف على حساب الآخر.
ونبدأ بسؤالك حول مصارحتها لك بحبها فنرى أنه سؤال متأخر في توقيته؛ لأنك إذا كنت رافضًا لمصارحة فتاة لفتى بحبها فكان يجب أن يكون هذا موقفك المبدئي والذي يكون رده في هذه الحالة هو عدم الرد على الرسالة أو تطوير العلاقة؛ لأنك بردك على الرسالة وتطويرك للعلاقة أصبحت حبًا متبادلاً ينتظر الارتباط.
وبمجرد ذلك أصبحت موافقًا بطريقة ضمنية عملية على هذا التصرف بل ومشاركًا فيه ومشجعًا عليه؛ لأنه أتى بالثمرة المرجوة له وهي تقدم عليه، فلا يصلح اليوم أن تسأل السؤال من جهة واحدة وتقول ما رأيكم في مصارحتها بحبها لي، ولماذا لم تسأل وتقول وما رأيكم فيمن استجاب لرسالة أتت له على المحمول من فتاة صغيرة هي صديقة أخته؟
نحن هنا لا نقيم صحة التصرف من خطئه، ولكننا نوضح المسئولية المشتركة عن التصرف والذي يجب أن تتحملاها معًا، خاصة أنكما في موقف تال أقررتما بخطأ هذا التصرف وما ترتب عليه من علاقة ليس لها إطار شرعي واتفقتما على تجميد العلاقة، وهو قرار صائب في مضمونه وفي توقيته؛ لأنكما اتخذتماه معًا وبتحمل عال للمسئولية ولإدراك عقلاني لطبيعة الموقف الذي تواجهانه، وكان لا يصلح أي تأجيل له تحت أي ادعاء؛ لأن سلبيات استمرار هذه العلاقة دون ارتباط شرعي أكبر من أي إيجابيات تترتب على استمرارها أو تأجيل تجميدها.
بل إن الآثار الإيجابية على قدرة الفتاة على المذاكرة والتحصيل ستكون عظيمة، وهي تدل على أن المشكلة ليست في الوقوع في الخطأ فكلنا معرض لذلك، ولكن في تدارك هذا الخطأ وعدم المكابرة في استدراكه، وهو سلوك إيجابي يحسب لك ولها في نفس الوقت، فكنت أنت الأقدر على اتخاذ القرار وكانت هي الأقدر على الاستجابة له.
أما بالنسبة للتفكير العقلاني في مسألة الارتباط بها فهو ليس خيانة لها بل هو وفاء حقيقي للعاطفة التي بينكما؛ لأنك لو اندفعت وراء عاطفتك دون حسابات عقلية متوازنة تؤدي بعد ذلك لفشل الارتباط فهذه هي الخيانة الحقيقية، لا بد من جناح العقل مع جناح العاطفة حتى يحلق طائر الزواج في سماء السعادة.
وحتى تستطيع أن تضع هذه الأمور في نصابها سواء فارق المستوى التعليمي أو مستوى تدين الأسرة أو مستواها الاقتصادي فيجب أن تنظر للأمر بصورة شاملة ولا تنظر لكل أمر على حدة، وفي ذلك ننصحك بقراءة مقالنا المعنون:"اختيار شريك الحياة.. السهل الممتنع" حتى تستطيع أن تقوم بعمل هذه الموازنة الدقيقة في حساباتك العقلية مع عاطفتك دون إفراط أو تفريط فنرجو الرجوع للمقال، ونحن معك في أي استفسار أو استيضاح، وفقك الله إلى الخير.
ــــــــــــــــــــ(41/122)
كيف أفاتحها؟ .... لا تفاتحها ...
الحب الأول
بسم الله الرحمن الرحيم، "مشاكل وحلول للشباب" أنا طالب في السادسة عشرة من عمري، التقيت منذ سنوات بابنة خالي أكثر من مرة في نطاق الحديث العام. وبصراحة أعجبت بها وأيقنت منذ الوهلة الأولى أنها تتمتع بذكاء عالٍ وقدرة عقلية تفوق سنها الذي يقل عن سني بعام واحد في العمر وعامين في الدراسة، ولكن ظروف إقامتي في محافظة أخرى جعلتني لا أحتك بها إطلاقًا فنحن من أسر متدينة، ونتمسك بالصلاة، وعلى قدر كبير من الالتزام الديني والحمد لله، وأنا الآن لا أحدثها إطلاقًا وهي كذلك، وأغض بصري عنها، كما أنها ملتزمة بحجابها الشرعي، والمشكلة تتلخص في أنني كل يوم أزداد تعلقًا بها وحبًّا لها، وأحاول قدر الإمكان أن أتسمَّع أخبارها، وهو ما قد يؤثر أحيانًا على دراستي وعلى حياتي بصفة عامة.
أريد حلاًّ لهذه المشكلة التي تؤرق حياتي بصورة مفزعة. وكيف أفاتحها بما أشعر به؟ وما مدى شرعية هذا الحب؟! وجزاكم الله خير الجزاء.
... المشكلة
د.علاء التهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
أخي الكريم.. هناك بعض المشكلات طالما بقيت داخل نطاق نفوسنا فنحن في خير ومعافاة، فإذا خرجت عن هذا النطاق أصابنا العنت والحرج، ولما كان رفع الحرج أصلاً من أصول ديننا لم يشأ الشرع أن يمد سلطانه داخل هذا النطاق -حديث النفس-، ففي حديث النبي (صلى الله عليه وسلم): "إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تتكلم أو تعمل".
أما مشكلتك، فهي تنقسم إلى قسمين:
قسم يتمثل في التعلق -الميل القلبي-، وهذا لا يمثل مشكلة بقدر ما يمثل ظاهرة طبيعية لمن هو في مثل ظروفك.. عليك أن تتفهمها وتحسن قيادتها، وقسم يتمثل في التأثير السلبي لهذا الأمر على دراستك وحياتك بصفة عامة، وهذا يتطلب منك وقفة لتضع الأمر في إطار سليم عندما يتحول من مانع من التقدم إلى دافع إليه.
وهنا يطرأ السؤال: كيف تضع الأمر في إطار سليم؟
أنت ذكرت أنك على قدر كبير من الالتزام الديني؛ ومعنى هذا أنك جعلت من الالتزام الديني هدفًا لك وحكمًا عليك، فإذا أردت أن تضع هذا الأمر في إطار سليم يجب أن تجعله يخدم هذا الهدف ويقويه، وهذا لا يتحقق إلا بالزواج، والزواج يتطلب القدرة على تحمل مسؤوليات محددة، فاعمل على امتلاك هذه القدرة، ولاحظ أنك في هذه الفترة من العمر مرور الزمن في صالحك، وكل يوم يمر يقربك من امتلاك هذه القدرة يقربك من هدفك، ومع مرور الأيام وتقلباتها قد تتغير المشاعر والآمال، فإذا حدث ذلك وأنت محتفظ بهذه المشاعر داخل نطاق النفس فلا لوم عليك، فأنت لم تخلف وعدًا، ولم تتملص من مسؤولية، واختر وقتها من يناسبك، وإذا بقيت مشاعرك على ما هي عليه فأقدم على ما تحب، وقد أعددت له العدة واستكملت القدرة.
وبهذا أكون قد أجبت على تساؤلك: كيف أفاتحها؟ وهو باختصار لا تفاتحها.. لا تفاتحها حتى تُعِدَّ العُدَّة وتستكمل القدرة، أما تساؤلك عن مدى شرعية هذا الحب، فالإجابة عليه في الجزء الأول من الرد على استشارتك.
وفقك الله وإيانا لما يحبه ويرضاه.
ــــــــــــــــــــ(41/123)
حواء.. ليست شيطانًا ولا ملاكًا
الحب الأول
مشكلتي تتمثل في موقفي من حواء، فقد أحببت في حياتي مرة واحدة، وقتها كنت طالبًا لا يملك المال الذي يمكنه من الزواج، وذات يوم تقدم رجل للزواج من الفتاة التي أحببتها، وتركتني دون حتى أن تطلب الصفح، ومنذ ذلك اليوم، وأنا أنظر للمرأة باعتبارها الجحيم وأنها كائن خطر، وحاولت مقاومة هذا الشعور، لكنني حتى اليوم أرى المرأة "شيطانًا"!.
أنا في حاجة لتكوين أسرة خاصة في هذا البلد الأجنبي الذي أعمل به، لكنني ليس لديّ الثقة الكافية، ولا أدري ماذا أفعل لأتخلص من هذه الأفكار السيئة، ساعدوني وجزاكم الله خيرًا.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم، تستطيع بمستواك العلمي المعرفي، وانفتاحك على العالم أن تفهم بسهولة أن هذا التعميم غير دقيق بالمرة.
فالنساء بشر مثل كل البشر، فيهن الصالحة والطالحة، الملاك والشيطان، والأغلب في البشر أن تجد بعضًا من هذا وذاك في شخص واحد، فهكذا الإنسان فيه نفخة من روح الله، وقبضة من تراب الأرض.
ورغم معرفتك العقلية أن منطق التعميم خاطئ تبقى صدمتك السابقة هي السبب وراء هذا الشعور أو الانطباع العاطفي بعدم الاطمئنان، وأود أن أنبهك إلى أن التجربة التي مررت بها ليست دالة، فقصتك هي سيرة ملايين الشباب الذين سبقت عواطفهم إمكاناتهم، وأمام هذا الوضع قد تصبر بعض الفتيات، وتؤثر أخريات المستقبل الآمن.
صدمة الحب الأول عندما تكون على هذا النحو ينبغي أن تؤخذ بهدوء أكبر، وبنضج أعلى، وألم أقل؛ لأنه رغم سخونة المشاعر غالبًا ما تكون مندفعة أو متأججة عمياء كما تعودنا وصفها في الآونة الأخيرة، والزمان كفيل بمداواة هذه الجزئية.
نعم، قد تكون المرأة جحيمًا، وكذلك قد يكون الرجل، ولكن لاحظ أن سابقة الحب الأول بتفاصيلها وحرارتها لا تتكرر أبدًا بنفس الحجم والشكل، وأنا واثق من أن الأقدار ستمنحك فرصة حقيقية لحب حقيقي أنضج وأروع، وأرجو أن تغتنم هذه الفرصة عندما تأتي، وتحسن معاملة تلك المرأة الرائعة حين تظهر، ولا تحاسبها بذنب غيرها الذي أوضحت لك توًا أنه أقل مما تتصور، كما أرجو حين تقابلها، وينفتح لها قلبك، وترى بعمق كم هي رائعة -رغم عيوبها، فلا يخلو بشر من عيوب- أرجو عندها ألا تعتقد أن كل النساء كذلك.
ــــــــــــــــــــ(41/124)
الحب تحت العشرين ... غموض وتناقض
الحب الأول
السلام عليكم، أنا فتى أبلغ من العمر 17 عامًا، مصري، وأقطن في بلد عربي أخرى، أدرس فيه لظروف عمل أهلي به، وفي إجازات الصيف هذه حين زرت مصر تعرفت على فتاة في نفس سني، تسكن بجوارنا، كانت على خلق، المهم تبادلنا أرقام الهواتف، وأصبحنا نتحدّث كأصدقاء عن الحياة والدراسة إلى أن جاءت اللحظة التي شعرنا فيها سويًّا بعواطفنا تتقارب.. واعترف كل منا بحبه تجاه الآخر، وأصبحنا نتحادث يوميًّا، ولم نعد نقدر على فراق بعضنا ليوم واحد، رغم أننا لم نكن نتقابل إلا نادرًا، وفي يوم أيضًا حدثتني في ساعة متأخرة من الليل، وظننت أن هناك أمرًا خطيرًا؛ فقالت لي: إنها تفكر في أن ترتدي الحجاب فساعدتها وشجعتها، وقبيل عودتي لبلد دراستي قالت لي: إنها لن تقوى على فراقي؛ حيث إنها تدرس في مصر وقالت: إن الفراق أفضل لكلينا، ووافقت لأني أدرك أن كلامها صحيح، فلا يعقل أن أربط مصيري بفتاه لا أراها إلا شهرين في السنة، وقالت لي: إني إنسان محترم وطيب وتود أن نبقى إخوة، وهذا ما نحن عليه الآن بالفعل، فأنا أحادثها كل شهر في الهاتف لأطمئن عليها. ومع ذلك.. فأنا لم أستطع نسيانها.. أعرف أنكم ستنصحونني بالنسيان والتركيز في دراستي.. فهذا ما يصدقه عقلي.. أما قلبي.. فلا يريد أن ينساها.. كلما شغلت نفسي بشيء .. دخلت صورتها أمامي.. لا أستطيع نسيانها.. والدراسة على الأبواب.. وأخاف أن يختل مستواي وقد كنت من المتفوقين، وفي الوقت ذاته لا أقوى أن أربطها معي بمصير مجهول.. وأن أعذبها معي دون أن أدرك ما نهاية الحب هذا.. فأنا أريدها زوجة المستقبل.. ولكن لأن كلا منا في بلد.. فمن الصعب أن نجتمع في مكان واحد.. إني أعاني من تناقض قلبي وعقلي.. ساعدوني قبل بدء دراستي أرجوكم
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
لا يمكن أن يمنع القارئ لمشكلتك نفسه من السؤال: هل ما تشعر به تجاه هذه الفتاة هو حب حقيقي ناضج مكتمل الأركان؟! أنت نفسك غير متأكد؛ ولذلك نحن نحيي فيك عقلك واتزانك الذي جعلك تتخذ القرار الصحيح، وتدرك أن هذه العلاقة في سنك وفي ظروفك قد لا تنمو النمو الطبيعي الذي يصل بها إلى النهاية الطبيعية من الارتباط.. ونظن أن هذا الصراع الذي وقع بين قلبك وعقلك كان لأسباب ثلاثة:
1- أنك لم تقطع صلتك تمامًا بهذه الفتاة، وما زلت على اتصال بها عن طريق التليفون.. مما يؤدي إلى استعادة المشاعر وتجديد الذكريات، ومما يؤدي إلى عدم قدرتك على نسيانها وعجز العقل على السيطرة على مشاعرك؛ والحل هو قطع الصلة تمامًا بها؛ لأن وجود أي اتصال يؤدي إلى تغذية العلاقة والمشاعر، فهل أنت جاد في وقف الانشغال بها؟
2- عدم مرور الوقت الكافي الذي تحتاجه عملية النسيان لتجربة عاطفية بشرط تحقق البند السابق.. بمعنى أنك عندما تقطع الصلة تمامًا بهذه الفتاة فسيظل لعامل الزمن دور حتى تستطيع التغلب على مشاعرك، فامنح نفسك الفرصة لذلك، ونحن نؤكد لك أن هذا سيحدث، إن البعض يظن باستحالة ذلك في بداية التجربة، ولكن الزمن كفيل بالعلاج.
3- عدم وجود ما يشغلك ويشغل تفكيرك مما يجعل معظم تفكيرك يتجه إلى هذا الموضوع، ونعتقد أنك مع بداية الدراسة ووجود ما يشغلك وعدم إعطاء الفرصة لنفسك للانشغال بهذا الموضوع ستكون الدراسة عونًا لك على النسيان وليس العكس إن كنت جادًا في قرارك.. وفقك الله واستعن به وبالدعاء وسترى خيرًا كثيرًا.ة وتستطيع أن تجعل من هذه التجربة، ومن صورة وذكرى تلك الفتاة دافعًا لك للتفوق والاجتهاد لتكون جديرًا بمن ستتزوجها.
اشتركت في هذه الإجابة الآنسة/ شيرين سامي المتطوعة ضمن فريق "مشاكل وحلول"
ــــــــــــــــــــ(41/125)
الحب تحت العشرين ... غموض وتناقض
الحب الأول
السلام عليكم، أنا فتى أبلغ من العمر 17 عامًا، مصري، وأقطن في بلد عربي أخرى، أدرس فيه لظروف عمل أهلي به، وفي إجازات الصيف هذه حين زرت مصر تعرفت على فتاة في نفس سني، تسكن بجوارنا، كانت على خلق، المهم تبادلنا أرقام الهواتف، وأصبحنا نتحدّث كأصدقاء عن الحياة والدراسة إلى أن جاءت اللحظة التي شعرنا فيها سويًّا بعواطفنا تتقارب.. واعترف كل منا بحبه تجاه الآخر، وأصبحنا نتحادث يوميًّا، ولم نعد نقدر على فراق بعضنا ليوم واحد، رغم أننا لم نكن نتقابل إلا نادرًا، وفي يوم أيضًا حدثتني في ساعة متأخرة من الليل، وظننت أن هناك أمرًا خطيرًا؛ فقالت لي: إنها تفكر في أن ترتدي الحجاب فساعدتها وشجعتها، وقبيل عودتي لبلد دراستي قالت لي: إنها لن تقوى على فراقي؛ حيث إنها تدرس في مصر وقالت: إن الفراق أفضل لكلينا، ووافقت لأني أدرك أن كلامها صحيح، فلا يعقل أن أربط مصيري بفتاه لا أراها إلا شهرين في السنة، وقالت لي: إني إنسان محترم وطيب وتود أن نبقى إخوة، وهذا ما نحن عليه الآن بالفعل، فأنا أحادثها كل شهر في الهاتف لأطمئن عليها. ومع ذلك.. فأنا لم أستطع نسيانها.. أعرف أنكم ستنصحونني بالنسيان والتركيز في دراستي.. فهذا ما يصدقه عقلي.. أما قلبي.. فلا يريد أن ينساها.. كلما شغلت نفسي بشيء .. دخلت صورتها أمامي.. لا أستطيع نسيانها.. والدراسة على الأبواب.. وأخاف أن يختل مستواي وقد كنت من المتفوقين، وفي الوقت ذاته لا أقوى أن أربطها معي بمصير مجهول.. وأن أعذبها معي دون أن أدرك ما نهاية الحب هذا.. فأنا أريدها زوجة المستقبل.. ولكن لأن كلا منا في بلد.. فمن الصعب أن نجتمع في مكان واحد.. إني أعاني من تناقض قلبي وعقلي.. ساعدوني قبل بدء دراستي أرجوكم
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
لا يمكن أن يمنع القارئ لمشكلتك نفسه من السؤال: هل ما تشعر به تجاه هذه الفتاة هو حب حقيقي ناضج مكتمل الأركان؟! أنت نفسك غير متأكد؛ ولذلك نحن نحيي فيك عقلك واتزانك الذي جعلك تتخذ القرار الصحيح، وتدرك أن هذه العلاقة في سنك وفي ظروفك قد لا تنمو النمو الطبيعي الذي يصل بها إلى النهاية الطبيعية من الارتباط.. ونظن أن هذا الصراع الذي وقع بين قلبك وعقلك كان لأسباب ثلاثة:
1- أنك لم تقطع صلتك تمامًا بهذه الفتاة، وما زلت على اتصال بها عن طريق التليفون.. مما يؤدي إلى استعادة المشاعر وتجديد الذكريات، ومما يؤدي إلى عدم قدرتك على نسيانها وعجز العقل على السيطرة على مشاعرك؛ والحل هو قطع الصلة تمامًا بها؛ لأن وجود أي اتصال يؤدي إلى تغذية العلاقة والمشاعر، فهل أنت جاد في وقف الانشغال بها؟
2- عدم مرور الوقت الكافي الذي تحتاجه عملية النسيان لتجربة عاطفية بشرط تحقق البند السابق.. بمعنى أنك عندما تقطع الصلة تمامًا بهذه الفتاة فسيظل لعامل الزمن دور حتى تستطيع التغلب على مشاعرك، فامنح نفسك الفرصة لذلك، ونحن نؤكد لك أن هذا سيحدث، إن البعض يظن باستحالة ذلك في بداية التجربة، ولكن الزمن كفيل بالعلاج.
3- عدم وجود ما يشغلك ويشغل تفكيرك مما يجعل معظم تفكيرك يتجه إلى هذا الموضوع، ونعتقد أنك مع بداية الدراسة ووجود ما يشغلك وعدم إعطاء الفرصة لنفسك للانشغال بهذا الموضوع ستكون الدراسة عونًا لك على النسيان وليس العكس إن كنت جادًا في قرارك.. وفقك الله واستعن به وبالدعاء وسترى خيرًا كثيرًا.وتستطيع أن تجعل من هذه التجربة، ومن صورة وذكرى تلك الفتاة دافعًا لك للتفوق والاجتهاد لتكون جديرًا بمن ستتزوجها.
اشتركت في هذه الإجابة الآنسة/ شيرين سامي المتطوعة ضمن فريق "مشاكل وحلول"
ــــــــــــــــــــ(41/126)
توابع ضياع الحب الأول
الحب الأول
أرشدوني إنني حائر، المشكلة هي أنني أحببت أخت صديقي قبل خمس سنوات في بداية دراستي الجامعية، وهي لا تعلم بهذا؛ لأنه ليس من الأدب عندنا أن يخبر الشاب الفتاة بحبه لها؛ إذا لم يكن ينوي الزواج منها مباشرة بعد ذلك؛ لذلك صبرت؛ حتى تخرجت في الجامعة، واستجمعت شجاعتي، وحدثت صديقي برغبتي في الزواج من أخته التي أحببتها طوال الفترة الماضية، غير أني فوجئت به يقول لي بكل أسف: إنها قد خُطبت قبل شهرين، وفي الحقيقة أُصبت بضربة لم أتحملها لشهور عدة، وقد تزوجت الفتاة الآن، وأنا أدعو لها بالتوفيق والحياة الهانئة مع زوجها، وإن كان ما زال في القلب شيء، المهم الآن أنا غير مقتنع بأي فتاة أخرى وأطلب المستحيل في الفتاة التي أرغب في الارتباط بها لدرجة أنني أرغب أن تكون أجنبية حتى تلبي مواصفاتي الجديدة، إلا أنني بدأت في العزوف عن موضوع الزواج حتى أبني وضعًا اجتماعيًّا خاصًّا بي، وأحقق التقدير لذاتي عند الناس عبر النجاح في مشروع تجاري أخطط للقيام به، وأنا الآن في حيرة من أمري، وأقول: إنني مشوش التفكير، لا أدري ما الصحيح الذي ينبغي أن أفعله، أرشدوني إنني حائر؟... المشكلة
د. أحمد عبدالله / د. عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ العزيز، أهلاً بك، وقلوبنا معك، وقد آثرت ألا تتكلم عن حبك الأول ـ أدباً ومسئولية ـ حتى قدر الله ما شاء، تفكيرك في عدم استعجال الارتباط والاتجاه إلى تكوين نفسك عبر مشروع تجاري هو تفكير سليم يتسق مع نضجك البادي في تصرفاتك السابقة، وكثير من الشباب يخرج من تجربة الحب الأول ـ حين لا تتم ـ مترنحاً يتخبط، وقد يرتبط في هذه الفترة مع ما فيها من عدم التوازن؛ فيشوب ارتباطه الكثير من عدم الحكمة، ويجني عاقبة هذا تعاسة وألماً له ولمن ارتبط بها، وانشغالك لفترة بتكوين البنية التحتية الاقتصادية لزواجك القادم ـ في حينه ـ بإذن الله، من شأنه أن يساعد على اندمال الجراح، والتخلص من الآثار الناتجة عن التجربة العاطفية السابقة، وهذه الآثار يا أخي، هي التي تسبب لك ما تشكو منه من حيرة وتشوش، وتضارب في مسألة الزواج بين التفكير في الارتباط بأجنبية أو العزوف عن المسألة برمتها.
إذن أعطِ الزمن الفرصة ليقوم بعمله فتنطوي تلك الصفحة الحزينة، وتصبح مجرد ذكريات، وقد يكشف لك القدر أن ما حفظته لك الأيام في باطن الغيب كان أغلى وأحلى مما كنت قد اخترته لنفسك.
أحياناً نظن يا أخي، أن الطريق إلى السعادة وراحة البال هو طريق واحد، وأن الفرصة الثانية لا تكون أبداً بنفس جودة الأولى، وقد نقضي العمر أسرى للنجاح الأول الذي فاتنا نتيجة لهذا الظن الخاطئ، ونظل نقارن بين كل فرصة تأتي، وبين تلك التي فاتت، وليس من شأن هذا إلا مضاعفة المعاناة وتضييع الوقت، والحق أن لكل فرصة معالمها وأبعادها، ومباراة الحياة مستمرة حتى يصفر الحكم، وإحراز الأهداف ممكن حتى آخر ثانية، لكن بعض الناس يتشاءمون من الفرص التي ضاعت في الدقائق العشر الأولى، رغم أن أكثر خبراء الكرة يقولون: إن هذه الدقائق العشر تكون مجرد جس نبض، نتمنى لك التوفيق، وندعو الله أن تذهب المرارة التي تشعر بها سريعاً؛ حتى تستطيع أن تتذوق الحياة بشكل طبيعي من جديد.. وكن على صلة بنا.
ــــــــــــــــــــ(41/127)
الحب الأول.. هكذا تكون الصدمات
الحب الأول
السلام عليكم ورحمة الله، أشرح لكم مشكلتي بشيء من التفصيل، كما أتمنى أن تتسع صدوركم لها، بدأت المشكلة وعندي من العمر 17 سنة، عندما كنت أرجع من المدرسة مشيًا على الأقدام، وقد شاهدت فتاة في نفس العمر تقريبًا فانجذبت إليها، المهم كنت دائمًا أتعمد التأخير أو التبكير؛ فقط لرؤيتها، وأنا لا أعرفها بتاتًا، مرت الأيام، وحاولت التعرف عليها (من تكون هي)؟ وكانت فتاة متحجبة أي ليست من أي نوع من البنات، توصلت إلى هويتها حيث إنها إحدى أخوات أحد أصدقائي غير القريبين جدًّا، الخطوة التالية كانت تتمثل في محاولة الدخول إلى حياتها؛ بقصد الزواج منها مستقبلا؛ وحتى لا ترتبط بأي شخص آخر بطريقة أو بأخرى استطعت أن أكلم هذه الفتاة عن طريق الهاتف بعد محاولات طويلة استمرت أكثر من شهرين باءت بالفشل، استطعت أن أتبادل معها أطراف الحديث، وهي قد تحدثت معي؛ لحل مشكلة الهاتف، واستطعت أن أقنعها بأني لست عدوًّا أو شخصًا لديه غرض ما، استمرت هذه المكالمات دون أن تعرف من أنا سوى اسمي الأول فقط، إلى أن اكتشف أهلها أن لها علاقة مع شخص ما بالهاتف ولم أكن معروفًا في ذاك الوقت؛ فانقطعت عنها لمدة 4 شهور، ولكن خلال هذه الأشهر لم أنقطع عن الاتصال، ولكني لا أستطيع الوصول إليها. أخيرًا استطعت الوصول إليها، وصرحت لي بحبها لي، اغتنمت الفرصة؛ لأعبر لها عن مشاعري، وعن القصد من هذه العلاقة كلها، وعرضت عليها الزواج مستقبلا؛ لأنني كنت في الثانوية العامة، وحال التخرج سوف أدرس في الجامعة خارج البلاد، وسوف أرجع وأتقدم لها تخرجت في الثانوية، وسافرت وأنا على علاقة وطيدة بها، أرجع من السفر فقط من أجلها، كنا نتراسل، وكانت دائمًا تكتب لي عن عدد الخاطبين الذين يأتون لها، وهي ترفضهم من أجلي، أيضًا هي التحقت بالدراسة الجامعية، واستطاعت العمل بنظام جزئي في مكتبة الجامعة، دام الحال دون مشاكل لمدة سنة ونصف، إلى أن وصلتني رسالة منها تقول: ( لا أستطيع الانتظار أكثر من ذلك؛ زاد عدد خطابي؛ وأخاف على نفسي من أهلي لكثرة الرفض ) فكرت واستخرت إلى أن قررت أن أترك الدراسة، وأعمل من أجلها عدت إلى البلاد باحثًا عن عمل وسط استنكار الأهل والأصدقاء وضغط شديد منهم من أجل تركي للدراسة، ولكني قلت: من أجلها سأعمل المستحيل، واستطعت الحصول على عمل، وحاولت أن أجمع مبلغًا من المال بأسرع ما يمكن، وانتقلت من عمل إلى آخر من أجلها أيضًا إلى أن استقررت في عمل مناسب، واستطعت أن أجمع المال من أجلها، وكانت علاقتنا تزداد قوة، وتقدمت لها - أبلغ من العمر الآن 21 سنة - لاقيت معارضة كبيرة من أهلها، ولكنها أصرت، واكتشف الأهل هذه العلاقة، وأخذوا يؤجلون الموضوع شهرًا بعد آخر، وكانوا يمارسون ضغوطًا عليها مثل: إنه صغير - لا يحمل شهادة جامعية - راتبه ضئيل - أين ستسكنين؟
وكانت هي في صفي وكنا متفقين، إلى أن جاءت الكارثة؛ حيث اتصلت لتقول: أنا لا أصلح لك أنت لا تناسبني أنت وأنت وأنت .. ماذا حدث ؟؟ لا أعرف بعد كل هذه التضحيات بعد فقدي لدراستي وثقة هذا الصديق - أخيها - وحياتي التي ضاعت من أجلها، عشت في حالة شبيهة بالموت، أحسست أني فقدت كل شيء، أصبح الوفاء لا قيمة له، أصبح الكلام المعسول سمًّا قاتلا، أعتقد أن هناك هوى آخر خالط هواي، هكذا ضاع الوفاء، فماذا أعمل ؟؟؟؟
... المشكلة
... ... الحل ...
...
... كلماتك التي تنعي بها الوفاء هل أنت من داخلك على اقتناع بها؟
مشكلتك يا أخي، التي لا تزال ممسكاً بأطرافها حتى الآن متمثلة في الكلام بالأساس.. فقط الكلام، فقبل أن تتهم أحدًا بالخيانة والتخلي عنك أنظر إلى نفسك وواقعك بشكل موضوعي، فقد زالت الآن الأسباب التي ربما جعلتك مغيباً عنه أو بالأحرى.. متظاهراً بتناسيه.
لقد ارتبط قلبك بهذه الفتاة وأنت في سن صغيرة لم تتعدَّ الـ 17 عامًا، وهذه السن هي البيئة الطبيعية التي تنمو فيها المشاعر غير الناضجة التي تنحي العقلانية جانباً وتجعل للميول والأهواء المكانة العليا، وربما بادلتك فتاتك نفس الشعور الذي بدا لكما حباً متبادلاً، بينما هو في حقيقته لا يعدو عن كونه تجربة حالة الحب الأول، ولكن فتاتك أفاقت على اصطدام أحلامها على صخور الواقع بمتطلباته وبشهادتك أنت، هي فعلت كل ما بوسعها فقد انتظرتك عاماً ونصفًا، ورفضت كل من تقدموا إليها، ووقفت صامدة أمام رفض أهلها المتواصل لهذه الزيجة، وتمسكت بك وسط كل هذه الأمواج الهادرة، ولكنك اتخذت موقفاً سلبيًّا، ولم تفعل شيئاً سوى أنك تركت دراستك، وهي لم تقل لك أن تفعل ذلك، وربما كان موقفك هذا هو الداعم لها كي تفكر في كلام أهلها الصائب، فأنت بالفعل لم تتعدَّ العشرين من عمرك، راتبك ضئيل بل وعملك نفسه غير مضمون، سواء لأنك بدون شهادة جامعية أم لاعتبارات التنقل الدائم بين الأعمال المختلفة كما قلت، فتاتك لم تخنك أو تضرب بمعاني الوفاء عرض الحائط، ولكنها كانت أكثر منك نضجاً وعقلانية؛ بدليل أنها لم ترفض الاستجابة ليديك الممدودة إليها من أجل الهرولة نحو يد أخرى ممتدة بالهدايا الثمينة والشقة والسيارة وغيرها من المغريات التي يمكن أن يقدمها إليها أي عريس آخر، ولكنها أفاقت على الواقع، وتعايشت معه كما يجب، ولتكن تجربتك هذه بمثابة الضربة التي إذا لم تميتك؛ فإنها ستقويك وتعلو بك فوق أنقاض فشلك نحو نجاح منتظر، فأنت صغير، والحياة أمامك، ويمكن العودة إلى دراستك من جديد، وتستمر في عملك في الوقت ذاته، وتحاشى تماماً أن تبحث عمن تنسيك فتاتك الأولى حاليًا، وإلا ستقع في نفس الخطأ، والزواج من الرزق وربما كان الله قد كتب لك من هي أفضل، فقط عليك الوصول بنفسك إلى الحالة التي تكون أنت فيها راضياً عن نفسك؛ حتى يرضى عنك الآخرون ولا تستعجل أبداً
ــــــــــــــــــــ(41/128)
التاريخ النفسجنسي لشاب عادي في بلادنا
الاكتئاب والاضطرابات المزاجية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية أود أن أشكر جهودكم المبذولة وأرجو من الله أن يعيننا ويعينكم على حل جميع مشاكل مجتمعنا الإسلامي للنهوض به من هذا الركود الذي نعيشه، ولسد الثغور التي يستغلها الغرب لإدخال السموم إلى أفراد مجتمعنا الإسلامي وتدميره، وأرجو أن يكون ذلك العمل في ميزان حسناتكم يوم القيامة.
جاء رمضان وقد قرأت موقعكم لأول مرة واستفدت منه في بعض الجوانب ولكن لدي قصة طويلة مفصلة ومليئة بالمشاكل وأرجو أن لا تطول قراءتها عليكم، لكنني كتبتها مفصلة لأنني علمت أن التفصيل في طرح المشكلة يساعد في إيجاد الحل بإذن الله تعالى. وبالرغم من أنني لست جريئا في طرح مثل هذه القضايا لكنني هذه المرة تجرأت في الكتابة لكم لأنني إن لم أكتب لكم فسوف تتأزم حالتي أكثر مما هي عليه.
أنا شاب عمري 22 عاما، نحيف البينة حسن المظهر ولدي أخوان يصغرانني سنا، عشت مدللا في بيت أهلي مع خادمتين أسلمتا فيما بعد في بيتنا. أعيش وحدة شبه دائمة منذ الطفولة، تغربت كثيرا مع الأسرة خارج الوطن وتنقلت في دول الخليج وتلقيت عدة مناهج مدرسية.
كانت أمي تهددني في طفولتي بحرق عضوي التناسلي لفطامه من التبول في الحفاض والفراش وخوفا من غضب جدتي -أم أبي- وقد عودتني عدم التبول واقفا كما يفعل الرجال حفاظا على نظافة الحمام. ولم يكن لدي أصدقاء في المراحل الدراسية سوى في الصفوف الابتدائية الأولى.
كنت دائما (ومازلت) منطويا على نفسي وكتوما، وقد سببت الوحدة لي مشاكل عديدة وفوائد قليلة، أهم المشاكل أنني عصبي وقليل الصبر وغير اجتماعي ولا أستطيع تشكيل صداقات أو زمالات لأنني لا أجيد التعامل مع الناس كما يقول لي من حولي -أقصد الأهل والعائلة- رغم أنني مطيع لأهلي و أحب مساعدة الناس جدا والأطفال خصوصا. وبالفعل فقد فشلت جميع محاولاتي أو ربما كانت تصرفاتي غير اجتماعيه لذا لم أستطع تكوين أي صداقات بالرغم من تفوقي بالمدرسة وحصولي على امتيازات وبراعتي الفنية في رسم الشخصيات الكرتونية والرسم والكتابة والموسيقى والأدب واللغات.
عانيت في طفولتي من وحدتي فكنت أستلقي على بطني في خلوتي وحزني وأتخيل الشخصيات الكرتونية.. كنت ناقما من أخي الأوسط الذي يتحكم بي رغم أنه يصغرني وينال الرضا من الناس لكونه أشقر وأجمل مني ولديه صداقات عديدة وكانت ومازالت شخصيته تطغى على شخصيتي.. أردت أن أجد مخرجا فانزويت على نفسي ووجدت في التلفاز إعلانات للأدوات الرياضية التي يظهر بها الرجال والنساء في لباس السباحة وكنت أنجذب للرجل أكثر من المرأة.
وكطفل كنت أشاهد أفلام الكرتون والأفلام الأجنبية وأشعر بالضعف في شخصيتي فكنت أعاشر الأصغر مني سننا لأنه لا يوجد أحد يماثلني سنا في عائلتي خصوصا في الغربة.. أحببت ابن خالي الصغير وكنت أقبله وهو نائم من خده وفمه عطفا عليه وحبا فيه. كان هذا جزءا من لعب الطفولة.
انتقلت في المرحلة الجامعية إلى وطني بعيدا عن أهلي المغتربين ودخلت كلية الهندسة المعمارية ليس رغبة مني بها ولكن ظنا مني أنها تدخل في مجال الفنون. وكنت أفضل أن أدخل كلية الفنون الجميلة ولكن لم يكن في مدينتي هذا الفرع بل في العاصمة البعيدة عنا.
أحببت ابنة خالي في الفترة التي كان يعيش فيها ابن عمي في حب لفتاة من عمره وربما أردت تقليده وتذكرت ابنة خالي وهي فتاة خلوقة خجولة لكنها مسيحية بسبب هجر خالي لها مدة تزيد عن 13 سنة وتسكن في أوروبا مع أمها ولا تستطيع العودة بسبب امرأة أبيها ولكن أردناها أن تسلم.
تخيلت ابنة خالي كثيرا وحبست نفسي ثلاث سنوات جامعية لأجلها وكنت أكتب القصائد لابنة خالي وكأنني أغرق في حلمها وأكتب فقط لنفسي فألفت لها ديوانا، واستمنيت وأنا أتخيلها مرة واحدة فقط مع العلم أنني لم أرها إلا من خلال الصور والفيديو ولكني أذكر والدتها. كان أهلي مترددين في فكرة زواجي. وقد تعلمت لغتين جديدتين لأجلها لكونها لا تعرف العربية وأردت أن أتزوجها ولكن بعد المسافة بيننا كان حاجزا كما أنها لم تعلم أنني أحببتها (أقصد حب الزواج).
ولذا لم تكن تبادلني المشاعر نفسها. وكانت تحبني ولكن لم تعرني أية أهمية حتى لأبيها الذي عاد لها مؤقتا وكان جدي رحمه الله يتمنى أن يزوجني إياها من أجل لم شمل العائلة ولكنه توفى ولم تتحقق أمنيته. فتألمت كثيرا ولم أسمع أخبارها وحاولت أن أنساها فتارة أكرهها وتارة أحبها حتى الآن وهي أصغر مني بثلاث سنوات.
مضت أول ثلاث سنوات جامعية بعيدا عن الأهل وكنت لا أذهب في رحلات جامعية وأكره الذهاب للجامعة بسبب انعزالي لحبي وفشل صداقاتي، فتفاقمت المشكلة، وكنت أمارس العادة السرية في سن 13 سنة وحتى الآن. أحسست بوحدة شديدة وكآبة مزمنة ولا أحد يشعر بي وكنت أسكن مع جدتي أم أبي في بيت صغير ولم يكن طبعي يوافق طبعها وشدتها وحزمها لأنني لم أتعود ذلك في أسرتي، هذا فضلا عن فارق الأجيال بيني وبينها. وقد دخلت مجال الإنترنت من الصغر ووجدت أشياء كثيرة وصورا إباحية للشذوذ وقد لعب التلفاز دوره أيضا وكنت أشتهي أن أكون قويا كالرجال ولم يتحقق لي ذلك على خلاف أخي الأوسط.
أخبرت أبي بأنني أشعر في بعض الأحيان أنني شاذ فلم يهتم لذلك وقال لي هذه فترة المراهقة وعليك بالوضوء بماء بارد. جربت نصيحته لكن لم تنفعني كثيرا وزاد الاستمناء فدفعني ذلك كله إلى انحرافي وشهوتي للرجال بدل النساء. أصبحت أمارس العادة السرية بشكل مزمن وغالبا يوميا مع أني حاولت إيقافها عدة مرات. أشتهي الذكر بدل الأنثى، والغريب أنني كنت في طفولتي أرغب المرأة الشقراء البيضاء ولكن ذلك انقلب إلى حبي للرجل الأشقر من رأسه وحتى قدميه.
عبر الإنترنت تعرفت على أصحاب سوء من مدينتي وكانوا يخططون للإيقاع بي ولنشر الفساد في وطني عبر نشر مقالات على الإنترنت.. تأزمت بي الحالة وأصبحت أكره تصرفاتهم معي وشعرت أنني لست منهم ولا هم مني فقطعتهم فجأة وأفشلت محاولاتهم عبر الإنترنت ومضت شهور ولكنني وجدت نفسي مجددا مازلت أبحث عن صديق فعدت إلى الأسوأ وتعرفت عن طريق الإنترنت على شخص من جامعتي يصغرني سنا ولم يحدث بيني وبينه شيء. هذا الشخص عرفني على مهندس مدرس عندنا في الجامعة وقد ساعدني هذا الشخص وأرادني أن أكون له ولذا هددني هذا الشخص وأراد أن يثبت فكرة أنني شاذ إن لم أمارس معه فوقعت في اللواط مرتين وكنت المفعول به، وأخطأت بحق ربي أولا وأسرتي ونفسي وشعرت بالندم الشديد وبعدما كنت متفوقا في مدرستي رسبت في السنة الجامعية الرابعة وتفاقمت الأمور حيث أرسل لنا دكتور مسيحي شاذ جنسيا ويتحرش بالشباب عكس العادة عندنا حيث البنات يحتلون الصدارة في العلامات والاهتمام في الجامعة.
أصبحت أكره جامعتي كثيرا وأكره طريقة التدريس فيها وشعرت أنها كلية مليئة بالشذوذ والمظاهر والمعاناة والاستغلال والواسطات. وبعد ارتكابي لفاحشة اللواط ابتلاني الله فمرضت بالتهاب الكبد وأنقذني الله منه. وضعت خططا وبرامج لأغير نفسي ولكنها كانت تفشل دائما رغم أنني أصلي جميع صلواتي ويعتقدني الناس متدينا ومهذبا ولكن أعلم أنه ينقصني الكثير والكثير من ديني.
أخاف من غضب الله وعقابه وأخشى أن تحلّ بي لعنته فأخلد في النار وأريد أن أجد حلا أو عملاََ صالحا كبيرا يرفعني من الهاوية التي وقعت فيها فأسأل نفسي هل لي من توبةٍ تقبل؟ وهل سأتغير ويغفر الله لي؟ نذرت عندما شفيت أن أحفظ القرآن الكريم كاملا وقد ختمت قراءته والحمد لله، وحفظت بعض سوره.
تألمت كثيرا وتمنيت أن أكون أعمى فلا أرى من الشهوات شيئا يجرفني إليها. وعلمت أن خير صديق للإنسان هو الله عز وجل وكتابه. ولكنني أشعر أنني مازلت عالة على المجتمع من حولي وضعيف الشخصية وطفولي التصرفات وأشعر أنني ميت يمشي على أقدام وفي أوقات خلوتي وقمة حزني أشعر أن الله مازال ينقذني ويحبني فيراقبني رغم أنني لا أستحق حبه ولكنني أطلب حبه ورحمته ومغفرته فأشعر أنني عُبيد الله بمرتبة أقل من عباده فأشتاق إليه أكثر وأحبه وأدعوه أن يصبرني ويكشف همي وغمي بإذنه تعالى.
مضت الأيام وأخبرت أمي وأبي بما يحدث معي فصعقوا لذلك ولم يصدقوا ووبخوني ولكن أرادوا مساعدتي. حللت فتبين أنني ضعيف جنسيا بسبب الاستمناء اليومي وقال الأطباء إنني أستطيع الشفاء بالأدوية وأردت أن أتلقى علاجا نفسيا ولكن أبي وأمي لا يريدونني أن أذهب إلى أطباء نفسيين خوفا من الفضيحة ومن تفاقم حالتي وعدم خبرة الأطباء وأنا لا أعرف أطباء هنا كما لا أملك المال والجرأة للتكلم في حالتي. مازلت وحيدا رغم بقاء جدتي معي ولا أعرف ماذا أفعل؟.
طموحاتي تبددت بسبب معاناتي وعزلتي عن العالم. ورغم ألمي فأحمد الله أنني وحيد ولكن عندما أرى الشباب من حولي يعيشون حياتهم بشكل طبيعي أتذكر نفسي وأرثى لحالي كثيرا وأتمنى الموت ولولا إيماني بالله تعالى وبرحمته لكنت مزقت نفسي أو انتحرت. أريد أن أتزوج لأتخلص مما أنا فيه وأخلف ذريه صالحه من بعدي وأحيانا لا أريد أن أظلم أي فتاة معي وأخشى من أن يكون زواجي محرما أو أن يؤدي بي إلى أمورٍ أعقد وأوخم مما أنا فيه كالخيانة الزوجية لا سمح الله أو أن أخلف ذريه فاسدة فأعدل عن الفكرة وأتردد كثيرا.
ولكن أشعر أنني بحاجة دائمة لمساعدة فلا أستطيع المتابعة وحدي وأخشى من كل شي يراود ذهني.أريد أن أطور نفسي وأغيرها. أردت أن أعمل في مكتب هندسي كزملائي في الجامعة ولم أجد فرصا للعمل كما أن أهلي لا يحبذون ذلك. ورغم بلوغي فمازالت لدي الرغبة لأن أبدع في رسم الرسوم المتحركة الثنائية الأبعاد والثلاثية ولكن أهلي يعارضون ذلك لأن التجسيم في الإسلام محرم ولكن ماذا لو كان هذا التجسيم يخدم الدين الإسلامي بقصص عن الصحابة والصالحين؟ ليس لدي علم بتفاصيل هذا الموضوع ومازلت أؤجله بسبب مشكلتي الحالية.
وحدتي تقتلني آلاف المرات وحاولت القضاء على وحدتي بالذهاب لنوادي رياضية وبشتى الوسائل المتاحة ولكنها لم تنجح سوى مؤقتا. أعاني من الأرق والقلق وقلة النوم أيضا بسبب تشغيل فكري وطبيعة وظائفي المعمارية وقد أثر ذلك كثيرا على تدهور حالتي الصحية والنفسية.
أخيرا لا أعتقد أنني سأصبح معماريا ناجحا فلست راغبا في ذلك برغم مقوماتي وقدراتي الفنية. الجميع في الأسرة يطالبني بأشياء معمارية ويلومني على عدم كفاءتي المعمارية وخالي مهندس أيضا مغترب ويريدني أن ألحق به ولكن ليس لدي الرغبة في العمل معه أو في مجال العمران. أريد أن أشتغل العمارة من خلال الكرتون وليس العكس وأشعر أنني متأخر عن ركب رفاقي الذين تدبروا أوضاعهم مع دكاترة الكلية (أقصد الواسطة في كليتنا).
تدهورت علاماتي في الكلية كثيرا والسنة القادمة لدي هي سنة التخرج ولدي فكرة مشروع تخرج ضخم ولا أعرف كيف سأنجزه.. هل سأنجزه وحدي أم سأضطر إلى انتقاء شريك لا أعرفه لتخفيف نفقاته؟.. أريد أن أخرج مما أنا فيه بأسرع وقت وأرغب في أن أسخر طاقاتي للخلاص مما أنا فيه ولخدمة ديني خصوصا في مجال الإعلام المرئي.
أحيانا أفكر في الهروب من الواقع أو أن أهاجر إلى مكانٍ بعيد لأبدأ صفحات جديدة ولكن أشعر أن شخصيتي لم تكتمل بعد لمثل هذا القرار الصعب. وأحيانا أفكر أنه علي الزواج بفتاة أجنبية مسيحية لكي تسلم وأكّفر عن ذنوبي بها وأعيش بمنعزل عن الوطن الذي أخشى أن يسبب ضررا لي. أو أن أتزوج بمسلمة ونسافر إلى الخارج كما فعل أهلي وعائلتي. لكن كلمة الخارج.. هل تعني قطع صلة الرحم؟ فقد يترتب عليها ذنوبٌ أخرى أكبر. لا أعلم ولكن أشعر أنني فاشل وضائع ومشتت الأفكار ومسلوب الإرادة رغم أنني مبدع وذكي دراسيا وربما غير متمرس اجتماعيا ولكن لدي المواد الأولية لأصحح وأغيّر نفسي وأريد أن أخرج من هذه الدوامة بأية وسيله لأنها إن بقيت فستؤدي بي إلى الهلاك والجحيم في الدنيا والآخرة وغضب الله عز وجل ولا أعلم ما هو الحل!؟؟؟.
آسف على الإطالة في طرح المشكلة ولكن أتمنى أن أجد الحل المناسب لمشكلتي عندكم ولكم جزيل الشكر.
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الابن العزيز أهلا وسهلا بك على صفحتنا مشاكل وحلول، وشكرا على ثقتك، أحييك أولا على حسن تعبيرك وسلامة لغتك مقارنة بكثير من الشباب من أقرانك في أيامنا هذه، فبلدك كما أشرت في إجابة لا أذكرها على هذه الصفحة هو البلد العربي الوحيد الذي ما يزال أهله يحسنون كتابة العربية على الإنترنت، وربما تختلف طريقة تفاعلي مع مشكلتك هذه المرة لأنني عرفت سوريا ورأيت شوارع دمشق وسرت فيها بعد أن ظل ذلك حلما يراودني طويلا.. وكان من حسن حظي أن مررت بسوريا ذهابا وإيابا وأنا في طريقي إلى لبنان الحبيب مع بعثة فريق المساندة النفسية التابع لإسلام أون لاين.
أحسب أن معاناتك الطويلة تلك ترجع بالأساس إلى افتقارك للمهارات الاجتماعية الذي أحسب أن لقضائك فترة في إحدى دول الخليج دورا فيها ويبدو أن انطواءك هذا مهّد لمعاناتك من اضطراب نسميه عسر المزاج وهو درجة خفيفة مزمنة من الاكتئاب، فأنت بسبب افتقارك للخبرات الاجتماعية تشعر بالدونية وعدم القدرة على أن تكون كما تحب.
من الواضح كذلك أنك تعرضت من بواكير عمرك لحدوث نوعٍ من التشوش في التوجه الجنسي وهو أمرٌ واردٌ في بدايات العقد الثاني من العمر، وقد يستمرُّ هذا التشوش لأعوام، وبالنظر إلى أسلوب تربيتك فإن حصول وتكريس هذا التشوش يبدو أمرًا واردًا، ويقصد بالتشوش عدم ثبات اليقين بالتوجه الجنسي، وهو جزءٌ من عدم اليقين النفسي الكلي الموصوف علميا في مرحلة المراهقة... إذن فمن الوارد أن يحدثَ لكل مراهق نوعٌ من الالتباس حول ذاته واختياراته الشخصية في ملابسه ومسلكه..إلخ، وربما أيضًا في هويته أو ميوله الجنسية، وربما تقول لي هنا يا دكتور أنا فعلا وقعت في اللواط وكنت الطرف السلبي وأقول لك... ثم ندمت وتبت وعزمت على ألا تعود وها أنت الآن اجتزت تلك المرحلة، ولا تنسى أن ديننا الحنيف هو الدين الوحيد الذي تبقى أبواب التوبة والاستغفار مفتوحة لأتباعه، وأرى أن التعامل مع هذا الأمر لا يجب أن يزيد عن كونه ذكرى سيئة مضت وانتهت ولا تكاد تكونُ مؤثرةً في حياتك الآن إلا كنوع من الاجترار للذنوب والمعاصي وهذا ردا على سؤالك (فأسأل نفسي هل لي من توبةٍ تقبل؟ وهل سأتغير ويغفر الله لي؟) وليس هذا الشعور المثقل بالذنب محبذا في ديننا فانسه تماما وانشغل بما هو أولى وأهم.
أما الذي هو أولى وأهم فهو:
أولاً: أن تبدأ في إقامة علاقة مع معالج نفسي يسهل عليك الخطو في طريق اكتساب المهارات الاجتماعية وكيف نكسب الأصدقاء، وألا تيأس من المحاولة خاصة أن العلاج الأمثل لعسر المزاج مبكر البداية -إن كان تخميني صحيحا- هو العلاج المعرفي السلوكي، وهذا أمر لابد أن تفعله.
ثانيا: أن تجاهد من أجل أن تمارس ما تحب من عمل ولا أستطيع أن أقتنع بما ذهبت إليه ويذهب إليه البعض من حرمة رسوم الكرتون ثلاثية الأبعاد بل أرى -ولست فقيها لأفتي- أن حكم هذا هو "حسنه حسنٌ وقبيحه قبيح"، وما أراك إلا تختار الحسن فلا مانع من إطالة النقاش مع أهلك في أمر رغبتك في الدمج بين تخصصك الدراسي كمهندس معماري وبين هوايتك كمصمم كرتون.
ثالثا : بالله عليك ما هي حكاية الضعف الجنسي الذي أظهرته التحاليل؟؟ من قال أصلا إن الاستمناء يسبب ضعفا جنسيا؟ أحسب أن الإجابة على هذا التساؤل ودحض هذا المفهوم الخاطئ تمتلئ به إجاباتنا على هذه الصفحة المباركة فهلا قرأتها لتعرف؟ صحيح أن كثيرين من الناس يرددون مثل تلك المقولات التي تجعل الاستمناء مصيبة لا تمحى آثارها ولا أقول لك إلا أنها كانت شماعة جهل وذابت.
إذن عليك أن تستخير ربك ثم تلجأ لأقرب طبيب نفسي لتبدأ معه رحلة العلاج الموفق بإذن الله وتابعنا بأخبارك.
ــــــــــــــــــــ(41/129)
يريد قناعا جلديا.. متابعة
إضطرابات نفسية, الاكتئاب والاضطرابات المزاجية
أوجه سؤالي إلى الأستاذ الدكتور الفاضل وائل أبو هندي، فأنا صاحب مشكلة يريد قناعا جلديا للهرب من الرهاب الاجتماعي..
طبيبي العزيز أرجو أن تقدر مشاعري وظروفي فأنا لا أستطيع مراجعة طبيب نفسي مختص لأن ظروفي المادية صعبة، لذلك أريد أن أسألك أين يمكنني الحصول على مثل هذا القناع الذي يكون لونه مطابقا للون الجلد، فأنا أحس بتحسن نوع ما نفسيا، وأحس أنني أستطيع أن أفعل أشياء كثيرة، لكن رعشة وجهي وملامحه هي التي تمنعني دائما من فعل أي شيء، أو أن أستخدم الكريمات التي تشد عضلات الوجه، إن كان هناك مثل هذا الكريم فما هو اسمه ..أرجو الإفادة يا طبيبي الفاضل فأنا لم أعد احتمل، وجزاكم الله ألف خير..
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الابن العزيز حسين، أهلا وسهلا بك وشكرا على متابعتك المبكرة والتي وصلتنا بعد عرض ردنا على المشكلة مباشرة، وهو شيء جميل أن نعرف رد فعلك على إجابتنا على الاستشارة، صحيح أن ردك جاء محبطا ومتهما في نفس الوقت لنا بأننا لا نقدر مشاعرك ولا ظروفك وهذا ما ننفيه بشدة، بل نحن لا نرضى لك بأن تكون ضحية للاستغلال ولو حتى من أفكارك الغريبة أو المتسرعة.
علاج حالة كحالتك يا حسين يستلزم المعاناة من أجل الخلاص من المشكلة كلية وليس التخلص من المعاناة بأي طريقة حتى لو أدى ذلك إلى استفحال المشكلة الأصلية وهو ما تود أنت بلوغه من خلال ذلك القناع المتخيل! يقول الإمام علي رضي الله عنه إذا هبت أمرا فقع فيه وفي مقولة الإمام علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه ما يضع اللبنات الأولى للعلاج السلوكي الذاتي الذي يستطيعه كل إنسان فقط إذا أحسن الفهم والتعاون والمثابرة، وهو يبين لنا كيف أن استجابة التجنب أو الهرب من الأمر المخشي منه أو المهاب إنما تعزز الخوف ولا تساعد في إزالته وهذا أحد مبادئ العلاج السلوكي أيضا لأن تجنبك للتوتر والحرج بأن تغطي وجهك بقناع يشبه جلدك لن يمثل إلا حلا مؤقتا يعزز رهابك الاجتماعي ويزيده تدهورا وهو ما يشير إليه قوله رضي الله عنه : (فإن شدة توقيه أعظم من الوقوع فيه).
لا أستطيع في إذن أن أقول لك جديدا وإنما أكرر ما قلته سابقا من أن عليك بأن تبحث عن طبيب نفسي يستطيع مناجزة Management الحالة بشكل إنساني سلوكي ومعرفي وليس فقط كيميائيا يصف عقَّاقير، ثم إن عليك أن تتابعه وتواظب على جلسات العلاج وتفعل ما تتفقان عليه بين الجلسة والجلسة، وإن شاء الله تزول معاناتك
ــــــــــــــــــــ(41/130)
الطريق إلى الزواج, اختيار شريك الحياة, الخطبة ...
الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أريد أن أتقدم لخطبة فتاة يوجد بيننا تناسب في المستوى الاجتماعي والاقتصادي ومعروف عنها الأدب وحسن الخلق ولكن هناك بعض الأشياء التي تجعلني قلقا ومترددا في الزواج منها.
أولها أن أباها كان معروفا عنه شرب الخمر والمخدرات وكان يقيم علاقات مع سيدات غير زوجته، ولكن من عدة سنوات انتظم في عملة حيث يعمل محاميا وأصبح يرى بشكل دائم في المحكمة بعكس السابق حيث كان مشغولا بالسهر والسكر والنساء، ولكن لا أعرف إن كان تاب عما كان يقوم به أم قلل منه فقط بحكم السن.
ثانيا أنه قد تم حبسه منذ مدة طويلة جدا لمدة عام في قضية شيك بدون رصيد. وما يجعلني مترددا في الابتعاد عنها أنه عندما سألت عن الأب داخل البيت من ناس قريبين منهم قالوا إنه مختلف في البيت عن خارجة، وأيضا إن أم البنت هي المسئولة عن تربيتها هي وأخواتها البنات، ولم يذكر أحد الأم بسوء بل دائما تذكر بالخير، وأيضا دائما تذكر البنت بالخير.
وإن كان لي ملاحظة على حجابها فهي محجبة ولكن مع ذلك تلبس ملابس ضيقة بعض الشيء أو بمعنى أصح حجابها لا تتوفر فيه كل المواصفات السليمة للحجاب الشرعي، ولكن هذا حال أغلب البنات الآن مع الأسف.
أنا محتار هل أتقدم لخطبتها، وفى فترة الخطبة أتعرف عليها جيدا قبل إتمام الزواج لكي أحكم هل أثر عليها أبوها أم لا وأيضا لأنها لا ذنب لها في تصرفات أبيها، أم أنه من الأفضل أن أبتعد عنها.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لم توضح في رسالتك: لماذا اخترت هذه الفتاة بالتحديد؟، وكيف تعرفت عليها؟ أم هو ترشيح من أحد الأشخاص؟ وما التأثير الذي تتوقعه أو تبحث عنه في تأثير أبيها عليها؛ لأن التحديد مهم جدا، لأنك من الممكن أن تكون في حالة تربص وتوجس لكل تصرف تقوم به.
بالطبع فترة الخطوبة هي فترة تعارف ولكنها لا تصلح لأن تكون فترة اختبار.. بمعنى أن الإنسان يحتاج أن يدخلها بصورة حيادية على الأقل إن لم يكن لديه الحد الأدنى من الميل والقبول.. أما الدخول بخلفيات سلبية ومخاوف مسبقة فهي تحتاج إلى الحسم من أول الأمر والوضوح فيما تبحث عنه.. بمعنى أن الكلام العام مثل البحث عن أثر أبيها عليها يؤدي إلى حالة من التشويش واختلاط الأمور.
ونحن عندما سألنا عن كيفية تعرفك على الفتاة كنا نبحث عن وجود الحب والعاطفة التي يمكن أن تغفر أو تتجاوز.. لا أن تبحث فيما وراء الظاهر والواضح.
كما أنه لا توجد قاعدة لمسألة تأثير الأب على بناته خاصة فيما يخص الخمر والعلاقات النسائية.. فالاحتمالات مفتوحة؛ ولذا فإن السؤال الذي نبحث عنه لا بد أن تكون إجابته واضحة لديك حتى تعرف عما تبحث.. ونحن في انتظار باقي التفاصيل التي سألنا عنها وأيضا تصورك عما تبحث عنه في فترة الخطبة.
ــــــــــــــــــــ(41/131)
أبي.. ذلك الشرير كيف أتعامل معه؟!
الأسرة والمجتمع, علاقات أسرية, للشباب فقط, الشباب و الأهل, العلاقات الأسرية
السلام عليكم ورحمة الله، وجدت باب الاستشارات مفتوحا وقلت أستغل الفرصة؛ لأنني كنت سأحضر موضوعا من 10 صفحات أصف فيها معاناتي مع شخص هو أبي، لا أعرف هل يوجد أب يسيء معاملة أولاده، ويسبهم بأقبح الأوصاف والصفات، ويتعامل معهم كما يتعامل الأطفال في الحي من سب وشتم، وكأنه عدو لنا وليس أبا.. لا يتوقف عن التجريح بكرامتنا، وأحيانا بكلام ساقط.
كما أنه يسب الناس بدون سبب ويغتابهم.. الحياة معه أصبحت لا تطاق، وأعتقد أن هذا الوالد ليس هو من أوجب الله فيه الطاعة والبر، إنه لا يستحق البر، إذا كان يحضر لنا الخبز فهو حقنا عليه، وليس منة تستوجب الشكر؛ لأنني إن طلبت 5 دراهم للذهاب إلى حمام عمومي فإنه يشبعني سبا وشتما، ثم في النهاية يلقيها في الأرض لأجمعها، وأنا ذليل حزين، جميع الناس يكرهونه القريبون والبعيدون على السواء، كما أنه السبب في فساد إخوتي وخروجهم عن الطريق المستقيم.
أمي إنسانة بمعنى الكلمة، أعتقد أنها الشخص الوحيد التي تستحق لقب إنسان، إنها مليئة بالعطف والحنان، وهي تعاني من ظلم أبي وأخلاقه السيئة.
صدقوني المشكلة أكبر مما أصف، ولعلي أكتب كافة التفاصيل في لقاء آخر.. للأسف أنا أكن له كرها شديدا ولا أبره، وأتمنى موته لأتخلص من شره... إنه يؤذينا كثيرا، والله شهيد على ما أقول. أخيرا أعتذر على تشابك الأفكار كوني كتبت الموضوع بدون تحضير.
... المشكلة
د.نعمت عوض الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ولدي العزيز..
الحمد لله أنك لم تحضر للموضوع، وإلا لوقعت في مشكلة شرعية بسبك لأبيك وإساءتك إليه؛ فالأب مهما كان فهو أب في النهاية، والله سبحانه وتعالى حين أمرنا بالطاعة والبر لم يحدد لأي من الأهل صفة؛ فنحن نطيع الله ببرهم، ولا دخل لاستحقاقهم الشخصي فعليا لحسن المعاملة من عدمه.
أتصور أباك وقد رأيت أمثاله أكثر من مرة، وكنت أود أن تقول لي ماذا يعمل؟ وتحدثني عن أحواله الاجتماعية، وكيف كان زواجه بأمك؟ وهل هناك فارق اجتماعي بينهما؟ فهذه عوامل مساعدة لرؤية الصورة الحقيقية لوالدك وتحليلها.. ولكني سأتحدث على العموم كما تكلمت أنت.
لم أفهم سبب طلبك للذهاب لحمام عمومي، أعرف أن الحمام المغربي مشهور في جميع البلاد العربية، ولكني ظننت أنكم تكتفون به في المناسبات الخاصة، أو من آن لآخر، وأرى أن سنك بين العشرين والخامسة والعشرين، ولم تذكر هل أنت طالب أم تعمل؟ لأنه يا ولدي أن تطلب منه دراهم لتستحم وأنت في هذه السن فعل لا أجده شخصيا مستساغا حتى ولو كان سمة اجتماعية.
أعود لأبيك ولسانه الطويل السبّاب، عادة لا يكثر من السب واللعن إلا أحد شخصين، شخص لديه كم هائل من الغضب والقهر، وليس لديه أي سبيل للتنفيس عنهما، وبالتالي فهو يلجأ لهذه السلاطة في اللسان؛ لأنه لا يملك غيرها لإخراج طاقة الغضب واليأس التي قد تكون ناتجة عن فرق اجتماعي مع زوجته، أو فشل في العمل، أو عن قلة دخل على كثرة المجهود.
المهم يا ولدي يندر أن تكون سلاطة اللسان نابعة بسعادة من داخل إنسان، هي غالبا رد فعل لألم نفسي وضعف داخلي.. فأي الصنفين أبوك؟ شيء آخر من قال إن إحضاره للخبز أو القيام على إطعامكم واجب وفرض عليه؟ هناك قاعدة إسلامية تقول إن القادر على إنجاب غيره يجب أن يعول نفسه، بمعنى أن الفتى المسلم بعد البلوغ يجب أن يعمل ليعول نفسه، أما أن النظم الاجتماعية تجعل من الشاب طفلا حتى يقترب من الثلاثين لظروف التعليم والعمل وخلافه فهذا لا يلغي فضل الأب في إعالة الأبناء وتفضله بذلك مشكورا.
هذه ملحوظة جانبية، ولكني رأيت فيها ظلما لأبيك، ولكل أب ينفق على أبناء من الرجال، ويرون فيما يفعل حقا مكتسبا، وفريضة يجب أن تؤدى، وهي ليست كذلك. وبما أنني لا أملك كل مفاتيح المشكلة، فكل ما أستطيع أن أقوله لك إن بر أبيك واجب وفرض عليك، ودع رب العباد يحاسبه على غلظته، وسوء معاملته لك ولغيرك بدل من أن تجد نفسك تدخل النار بسببه، فتصبح المسألة جهنم في الدنيا والآخرة.
وعليك أن تعينه على تحسين تدينه وعلاقته بالله؛ فهذا سبيله الوحيد بل لا أبالغ لو قلت إن هذا سبيل كل الناس للتحسين من أخلاقهم وطبائعهم، ولا تقل إن هذا مستحيل فليس هناك على الأرض مستحيل، وكل شيء بالمحاولة الجادة الصبورة يؤتي ثماره ولو بعد حين.
ولا تنس يا ولدي أنه أبوك مهما حدث وستظل تحمل اسمه شئت أم أبيت، وسيكون جدا لأولادك فيكون أفضل ما تستطيع عمله لتساعد نفسك وتنقذها من إساءاته هو أن تساعده هو أن يتخلص من ذلك أو على الأقل يقلل منه تدريجيا.. وأنتظر منك تفصيلات أخرى لو وجدت أن تحليلي العام بعيد كل البعد عن حقيقة الأوضاع في عائلتك.
ــــــــــــــــــــ(41/132)
قريبتي شكاءة بكاءة سليطة السلوك
علاقات أسرية, اضطرابات أخرى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
لا أعرف من أين أبدأ بالمشكلة التي هي مشكلة قريبتي، تجاوزت الخمسين من العمر، لم تتزوج، تعيش وحدها بعد أن توفي والديها، تعيش في وضع نفسي سيء للغاية، دائما في تشاؤم وإحباط، و99% من كلامها عن الموت، وأن الموت هو الذي ينتظرها، وأنها لم تأخذ شيئا من الدنيا، ولا يوجد لها شيء، لا أولاد ولا زوج ولا أسرة، مضغوطة، عصبية جدا، علاقتها مع جيرانها سيئة للغاية، وهذا الشعور دائم ومستمر وليس لوقت معين بالسنة، وإنما طيلة النهار، وعلى مدار السنة.
حتى للأسف مع والديها كانت سيئة أيضا، دائمة الدعاء عليهم بالمكروه... ولا تحب الأطفال، تقارن نفسها بالآخرين، خاصة صغيرات السن والمتزوجات... إلخ.
وبعد وفاة والدتها أصبحت متندمة على سلوكها السيئ معها وتمدحها، ولماذا لم يحجج أخوها أمها؟ ولماذا ولماذا؟؟ تصب كل الأسباب على أخيها وأخواتها..
وفعلت نفس الأمر بعد وفاة أبيها، حيث أصبحت متندمة على سلوكها السيئ معه قبل وفاته، ويا ليته لو بقي معها على قيد الحياة... وتلقي باللوم أيضا على أخيها وأخواتها بأنهم لم يهتموا بها ولم يزوجوها! ولم يحججوها هي وأمها.. وهي دائما في تذمر، ووالداها الآن بعد وفاتهما أصبحا كل حياتها وكأن الماضي لم يكن، كثيرا ما تذكرهما وكأنها شاعرة بالندم عما اقترفته بالسابق.
هذا وصف عام عن حالتها.. أصبحت لا أعرف ما الحل؟
حاولت تغيير جوها بزيارة أقارب، لكن زاد الطين بلة.. كانت عصبية جدا ومضغوطة لدرجة قد تؤدي إلى مشكلة مع الناس، أو التعارك مع الآخرين، وهي دائما في شكوى وتذمر حتى للناس الأغراب تشرح لهم معاناتها. حتى في الأماكن العامة صوتها مرتفع، تتحدث بشكل توجه توجيهات باعتقاد أنها هي "الصح" وهي "عملية" فلا تركن على أحد، كثيرة الكلام.
فكرت في سؤال طبيب نفسي، لكن الموضوع ليس بهذه البساطة.
حاولت التخفيف عن طريق إشعارها أننا أولادها وأننا معها إلى ما يشاء الله، وأنها ليست لوحدها... جوابها أن حياتها ضاعت هباء، وأنها بلا زوج و...
تكلمت معها عن القناعة وأن الله سيأجرها يوم القيامة، وأن هذا اختبار لها في الدنيا.. إلخ، ترد علي بالقرآن والدين، فهي تقرأ القرآن وتصلي كل صلاة بوقتها ونعطيها كتبا لتقرأ مثل كتاب "لا تحزن"، وتفسيرا للقرآن والسيرة النبوية...
أفيدوني بحل أرجوكم؛ لأن كل يوم تزيد الحياة تعقيدا بالنسبة لها.. وتفيد أمي بأنها بالماضي البعيد كانت متذمرة بعض الشيء، ولكن الآن الوضع زاد بشكل كبير.
هل يوجد طريقة للعلاج الذاتي؟
هل يوجد أدوية معينة تعالج ذلك؟ وكيف يمكن إقناعها بضرورة ذلك؟
والمشكلة هل يوجد زواج بعد الستين؟ وكيف؟ ومن يقبل؟ أشعر أنه لا يوجد حل، هي الدنيا تعيشها إلى ما يشاء الله... أرجوكم.. ردوا علي.. وبشرح واف.
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك، وشكرا على ثقتك،
أما وقد سألت:
(هل يوجد زواج بعد الستين؟ وكيف ومن يقبل؟)،
فأقول لك: ولم لا يمكن أن يكون زواج؟!!
ممكن طبعا، وقد يساعدها الانشغال فيه على تخفيف حدة ضجرها وتشاكيها الذي يزعج الجميع، خاصة أنه من حقها، فليس هناك ما يمنع من زواج في الستين ما دامت تجد في نفسها هي القدرة عليه، ويرزقها الله بمن يعينها على ما بقي من عمرها، هكذا يجب أن يكون الوضع في مجتمعات ما تزال اسمها مجتمعات المسلمين.. والزواج حقها في كل حال، لكنني لا أحسبه هو الحل لمشكلة نفسية سلوكية طويلة العمر، كما تحسب أو تظن أنت مع الأسف!
لا تحسبي أن زيارة الطبيب النفسي أمرا ميسورا لك أو بسيطا؛ فهو موضوع لا تؤتمن عواقبه الأسرية وربما الشخصية بالنسبة لك، حين تقولين: (فكرت في سؤال طبيب نفسي، لكن الموضوع ليس بهذه البساطة)، وأنا أحسب تحسن الأمر دون تدخل الطبيب النفسي غير وارد عادة في مثل تلك الحالات، بل إن التقدم مع الطبيب النفسي إذا استمرت معه في العلاج لن يكون سريعا.. ولا حل آخر، فأنت لا تملك ترف الاختيار.
هي في الأغلب ليست مكتئبة من نوع الاكتئاب الجسيم، وقد تكون مصابة بعسر المزاج، وهو اضطراب نفسي مزمن يعتبر اكتئابا من النوع الخفيف، ولكن هناك اضطراب أفكارها وسلوكياتها المتغلغل بهذا الشكل في مجالات واسعة ومناح متعددة من تعاملاتها على مضي السنين إضافة إلى تقلب مواقفها، وكأن ما كان لم يكن مثلما عبرت بذلك بقولك في إفادتك وأنت تصفين حالها بعد وفاة والديها اللذين أتعبتهما في حياتهما: (.. وهي دائما في تذمر، ووالداها الآن بعد وفاتهما أصبحا كل حياتها وكأن الماضي لم يكن)، فكأن الماضي لم يكن لأنها أو مواقفها هي وتوجهاتها هي النفسية قد تغيرت، وأصبحت حتى في كثير من الأحيان ناسية لما بدر منها من إساءة لهم، إذن فالماضي كان ولكن هي تنساه أو تتناساه، ولا تشعر بالذنب أيضا لأنها تغيرت، وبالمناسبة هي دائما تشعر بأنها الضحية المظلومة، فكيف تشعر بالذنب؟
هذا إذن هو الموضوع الجوهري في حالة قريبتك، وقد بدأ معها غالبا منذ أيام مراهقتها وربما قبل، ووالدتك قد أشارت إلى هذا المعنى، فهي كثيرة التذمر من يومها، عافاها الله، وأما زيادة حدة سلوكياتها أخيرا فقد تكون بسبب تأصل السلوك في قسمات شخصيتها من طول ما تعايشت به، وقبلها الناس، وقد تكون زيادة الحدة علامة على ما هو مشهور من زيادة اتضاح سمات الشخصية الشعورية والمعرفية والسلوكية مع التقدم في العمر، ويبقى احتمال العته (أو الفشل الدماغي) المبكر Presenile Dementia والذي لا يمكننا التخمين كثيرا بشأنه ونحن لا نعرف معلومات كافية عن ذاكرتها قصيرة الأمد Short Term Memory، وذلك الاحتمال أيضا قد يفسر زيادة حدة سلوكياتها في الفترة الأخيرة، وانفلاتها تحكي معاناتها للقريب والبعيد، وفي غياب معلومات أيضا عن حالتها البدنية بشكل عام، فهل هي مريضة بارتفاع ضغط الدم مثلا؟ أو غيره من الأمراض الباطنية المزمنة؟ لا أستطيع التخمين أكثر من ذلك، ولكن إذا كان الأمر فعلا يتعلق بوجود مرض عضوي مزمن يؤثر على قدراتها الشعورية والمعرفية فإن تأخير طلب الفحص العضوي والنفسي سيضيع عليها فرصا قد لا تعوض، لأن الأثر السلبي على المخ إذا تعدى حدودا معينة فإنه بعدها لا يرجى تحسنه.
في جميع الأحوال يبدو اضطراب قريبتك اضطرابا في سمات الشخصية، خاصة أن هذا حالها منذ زمن طويل، وقد يكون تفاقم بسبب الظروف الاجتماعية أو الحالة الجسدية العامة -الله أعلم-، ولا أحسب أن هناك إمكانية للعلاج الذاتي، ولا أجد مبررا لبقائها دون علاج لأنها على الأقل يمكن أن تتعايش بصورة أفضل إذا وفق الله المعالج النفسي معها، وأنصحك هنا بقراءة تصحيح المفهوم الخاطئ الشائع القائل بأن: لا فائدة من علاج المرض النفسي دون حل للمشكلات الحياتية
وكذلك يجب عليها أن تجد في الاقتراب من ربها، في الوقت الذي يكون الزواج إن توفر الزوج مفيدا لها، بشرط أن يكون زوجا متفهما يحاط علما بكل شيء قبل عقد القران، وأن يكون على علم بأن الاحتياج بعد لله إلى معالج نفسي أو فريق علاج نفسي متكامل هو أمر سيتعامل معه ويفي بالتزاماته تجاهه بعد الزواج.. بهذا الشكل يكون النجاح ممكنا، ويكون الزواج إذا توفر الزوج عاملا يساعدها كثيرا ولكنه وحده لا يكفي، فلا تحسبي أن الزواج سيحل المشكلة وتغفل طلب العلاج إذا رزقت بمن يطلب الزواج منها.. وأهلا بك دائما فتابعينا بالتطورات.
ــــــــــــــــــــ(41/133)
أبناء عمي.. والطاقات المهدرة
علاقات أسرية, الاغتراب والهوية
بسم الله الرحمن الرحيم، إلى إخواني الأعزاء في البداية أحيكم بتحية الإسلام العظيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
أنا شاب أبلغ من العمر 24 عاما، ملتزم والحمد لله، ويوميا أتصفح صفحتكم وأقرأ أغلب المشاكل والحلول التي تنشرونها؛ وذلك لكوني أحب هذا المجال التربوي وأستمتع بالتبحر فيه لما له أهمية مستقبلية، حيث أود أن أكوّن أسرة على أسس تربوية سليمة بإذن الله.
إخواني لا أعلم من أين أبدأ سرد مشكلتي، وهي ليست خاصة بي أنا وإنما هي مشكلة عامة حيث البلاء الذي اجتاح أمتنا جمعاء.
إخواني مشكلتي متعددة الأطراف ومتشعبة وطويلة جدا؛ فأرجو أن يتسع صدركم لما سأقول، المشكلة هي بيت عمي الذي هو بمثابة أبي وكذلك له محبة خاصة في نفسي. عمي هذا في القدم كان من أصحاب الفكر المتحرر وما زال؛ حيث تربى على الفكر الاشتراكي ومبادئ الحزب الشيوعي للأسف، وكانت هذه الأفكار هي السائدة حينها.
والمشكلة تكمن في تربيته لأولاده وبناته فلقد أطلق لهم الحبل كما يقال في كل شيء، فلا حدود ولا رقيب ولا ربط ولا شد، بل كل شخص في البيت مستقل عن الآخر وكله تحت مسمى أنا حر وما لكم شغل فيّ، والله المستعان؛ فالبيت يتكون من أربع فتيات وشابين أعمارهم متراوحة ما بين 22 و11 سنة، لا أخفيكم بيتهم فاقد لكل شيء.
وأصارحكم بأني أضع ابنة عمي في سلم الأولويات في هذا البيت، وهي تبلغ من العمر 14 عاما وتعنيني بالدرجة الأولى، وهذا لا يعني أن الباقي لا اكتراث لي بهم، ولكن ابنة عمي هذه هي الأقرب إليّ وفيها بعض الصفات التي تساعد على التفاهم معها، حيث إنها من النوع الهادئ جدا والمرح وتمتلك عقلية جيدة رغم حداثة سنها، ولكنها تختلف عن أخواتها.
المشكلة هي أنني أعلم أن تنشئة الإنسان السليمة يجب أن تتوفر لها عدة عوامل لكي تكون تربيته إسلامية سليمة، ومن وجهة نظري فتكوين الإنسان التربوي يجب أن تتوفر له ثلاثة أمور رئيسية، وهي: المربي الجيد، والمنهج السليم، والبيئة الجيدة، وللأسف كل هذه الأمور لا تتوفر لابنة عمي.
وكوني لست من عائلتها -أقصد الدرجة الأولى- يصعّب عليَّ المتابعة اليومية؛ فمن الممكن أن أراها كل أسبوع أو عشرة أيام مرة وأن أجلس معها وأنتم تعلمون المغريات والانحرافات التي تهدد هذا الجيل بالذات؛ فهناك الأغاني الهابطة التي تصور أن الخطأ هو الصحيح وتقنع هذا الجيل بذلك، وهناك المدرسة المختلطة والمناهج التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وهناك الأب والأم اللذان فرغا من معنى التربية السليمة، وهناك إخوة لا يمتون للتربية بصلة بل هم أقرب إلى الانحراف، وهناك مجتمع عمت فيه الفتنة والبلاء، وفوق كل هذا هناك ابنة عمي المراهقة التي أخشى عليها من أن تتنفس هذا الهواء النجس أعزكم الله.
إخواني، في الآونة الأخيرة علمت أن ابنة عمي تتحدث مع ابن جيرانها وهو يكبرها بسنة وشعوره اتجاهها شعور أي مراهق في هذه السن هيئت له فرصة أن يتحدث إلى فتاة جميلة.
إخواني إني أنظر إلى هذا الموضوع بالذات بخطورة شديدة، فلا أعلم ماذا أفعل لإنقاذ أسرة عمي وبالذات ابنة عمي، وإن لم يوجد سبيل فكيف يمكنني أن أبقي هذا التدهور التربوي إلى هذا الحد دون أن يتطور إلى الأسوأ وهو ما أخشاه عموما؟.
لا أريد أن أطيل عليكم، ولكن أرجو أن تضعوا مشكلتي ضمن أولوياتكم؛ لأني في حيرة وقلق شديد حتى بت أحلم بهذا الموضوع؛ فأرجو المساعدة قبل فوات الأوان، وأنا مستعد أن أرسل لكم أي تفاصيل تريدون معرفتها، ولكم مني كل الشكر.
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول لك د.محمد مهمدي:
أخي العزيز، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، غيرتك على أسرة عمك غيرة محمودة خاصة وقد قام بناء هذه الأسرة على منهج متهافت قد تهاوى في موطنه الأصلي ومع هذا ما زالت شوائبه متغلغلة في بعض العقول والبيوت وبعض المؤسسات الإعلامية في مجتمعاتنا العربية الإسلامية؛ فعلى الرغم من إفاقة معتنقي هذا المنهج في روسيا وبلاد أوربا الشرقية واكتشافهم فساده وإفلاسه فإننا في بلادنا نأخذ وقتا أطول لكي نفيق.
وعموما فإن مساحة الفكر الإسلامي على الساحة الثقافية والإعلامية آخذة في الازدياد يوما بعد يوم يغذيها ويؤكدها محاولات السحق الثقافي الآتية من الخارج (ورب ضارة نافعة)، وفي ذات الوقت تتقلص مساحة الفكر الشيوعي وتنويعاته اليسارية والاشتراكية على الرغم من تشبث بعض رموزه ببقايا سطوتهم القديمة وقيامهم بمحاولات يائسة لإحيائه.
كانت هذه هي الدائرة العامة للمشكلة، والآن ننتقل إلى دائرتها الخاصة حيث تأسس بيت عمك -الذي تحبه- على هذا المنهج، وكان نتيجة ذلك حالة من التشرذم داخل الأسرة يصاحبها حالة من التحلل من الكثير من القيم والأخلاق العربية والإسلامية، والصورة على هذا الوضع تبدو شديدة الصعوبة؛ فقد اعتنق عمك هذا الفكر وبثه في وعي بناته الأربع وابنيه الاثنين فنشئوا جميعا عليه بوعي أو بدون وعي وأصبح هو برنامج حياتهم، وأنت معني بأسرة عمك بوجه عام ولكنك معني أكثر وبوجه خاص بابنة عمك البالغة من العمر 14 عاما وتريد استنقاذها من هذا الجو؛ فهي -كما وصفتها- هادئة ومرحة ومهذبة وتمتلك عقلية جيدة على الرغم من صغر سنها.
وإني لألمح من بين سطور رسالتك ميلا (يبدو أنه عاطفي) نحو ابنة عمك، وقد أيقظ هذا الميل وأججه توجهها نحو ابن الجيران الذي يكبرها بعام، وكأن لسان حالك يقول سأحاول إنقاذ هذه الفتاة البريئة من جو بيت عمي المشبع بالفكر الشيوعي أو الاشتراكي وأنقذها أيضا من ابن الجيران الذي خطف أو يريد أن يخطف قلبها الغض البريء ويعبث به، وأنا أخاف عليها أن تتلوث بهواء أغاني الفيديو كليب والمناهج التربوية الملوثة.
إذن فرغبتك في الإنقاذ هنا وراءها دواع عامة (استنكارك للمنهج الشيوعي الذي تسلل للمنظومة التربوية في بيت عمك فأضر بها) ودواع خاصة (محبتك الشخصية لابنة عمك وخوفك على براءتها أن تتلوث داخل البيت أو خارجه)، وهذه الرغبة المزدوجة ربما تزيد من دوافعك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وأنا معجب جدا بتلخيصك للمنظومة التربوية في ثلاثة عناصر هي: المربى الجيد والمنهج السليم والبيئة الجيدة، ومطلوب منك الآن أن تطبق هذه العناصر في محاولتك لتعديل البرنامج التربوي لابنة عمك.
والمربى الجيد ليس هو الذي يكثر النصائح والمواعظ وإنما هو القادر على إعطاء النموذج الجيد والمحبوب لمن يربيه؛ فإذا استطعت أن تكون مثالا للشاب المسلم المتميز علما وخلقا ودينا فإن هذه أول خطوة تجعل ابنة عمك تلتفت لهذا النموذج الأخلاقي العالي وتحاول الاقتراب منه والتأسي به، خاصة أنها تعيش في أسرة مفككة ومنهارة فكريا ولا تربطها روابط حميمة (على حد وصفك).
فإذا نجحت في أن تحببها في النموذج الذي تتبعه فإنها ستتقبل في المرحلة التالية النهج الذي تعتنقه راضية مختارة؛ فأنت لن تفرضه عليها فرضا وإنما فقط تحببها فيه لكي تبحث عنه وتتمثله.
وبداية الخيط تكمن في إظهار اهتمامك بها (في حدود أنها ابنة عمك)؛ فالفتاة (والمرأة عموما) تهفو لمن يهتم بها ويرعى احتياجاتها (هكذا فطرتها) فإذا قدمت لها الاهتمام والرعاية في نموذج أخلاقي وديني رفيع ومتقبل ومتسامح فإنها يمكن أن تتحول شيئا فشيئا عما هي عليه.
وأوصيك بالصبر والنفس الطويل؛ فالتغيير في البشر يستغرق وقتا ويمر بمراحل صعود وهبوط قبل أن يستقر على حال، خاصة أن ابنة عمك ما زالت في مرحلة المراهقة وهي مرحلة شديدة التقلب والتغير بطبيعتها، وكونها في مرحلة المراهقة يعطيك فرصة ذهبية فهذه هي مرحلة البحث عن هوية، وهي مرحلة تتمرد فيها المراهِقة على النمط السائد في حياتها وتكون لديها الرغبة في رؤية الجديد المختلف، فإذا استطعت أنت أن تقدم لها نموذجك ومنهجك المختلف والمتميز فإنها ربما تميل إليه طائعة مختارة، وهنا يتوجب عليك تهيئة عناصر المنهج لها بشكل هادئ ومتدرج يبدأ بالحوار الهادئ المتقبل وينتقل إلى إهداء الأشرطة أو الكتيبات.
وتبقى هنا مشكلة تأثير البيئة عليها -أقصد بيئة البيت- وهذه يمكن التغلب عليها من خلال العمل على تحسين توجهات بعض أفراده بحيث يشكلون تيارا إصلاحيا جديدا ينمو مع الوقت، وفي حالة الفشل في ذلك يمكن تهيئة صحبة طيبة لها تمثل بيئة موازية أو بديلة، ويبقى بعد ذلك أن يهيئ الله لها زوجا صالحا يمنحها بيئة جديدة تكمل مسيرتها فيها.
فإذا نجحت في ذلك على الوجه الذي تتمناه فقد أصبت خيرا كثيرا، وإن لم يكن ذلك فيكفيك شرف المحاولة ونسأل الله أن يثيبك خيرا في كل الأحوال على صدق نيتك ونبل قصدك وإخلاص محاولتك، وتذكر قول الله تعالى "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" (أي أحيا النفس بالمحافظة عليها ورعايتها وهدايتها إلى الخير)، وتذكر قول الرسول الكريم: "لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم" (والمقصود هنا رجلا أو امرأة).
وتقول د.سحر طلعت:
الأخ الكريم، جميل أن تهتم بأمر التربية والتنشئة وأن تضع هذا الأمر في سلم أولوياتك، وجميل أن تسعى لتحصيل المعارف التي تعينك لتحقيق هذه الغاية، وجميل أيضا أن تهتم بأمر أبناء عمك وأن يؤرقك همهم وتحاول أن تجنبهم مشاكل عصرنا الحالي، والتساؤل الآن هو كيف يمكن أن يتم هذا؟.
من الواضح أنك تهتم بأمر ابنة عمك هذه لأمر في نفسك؛ فهل تريدها لنفسك؟ قد يكون هذا لأنها الأقرب لك، والأسلس قيادا، وقد تكون كذلك الأجمل، ولكنني أفضل الآن ألا تشغل بالك بهذا الأمر، ببساطة لأنك لا تنوي الزواج الآن ولأنك لا تعلم ما يخبئه الغد.. فقد تكتشف في فتاتك ما يصرفك عنها، وقد يتغير قلبك نحوها، وسبحان مغير القلوب، وقد لا ترتضيك هي زوجا لها، وفي كل الأحوال فمن الأفضل أن تتعامل مع المشكلة على أنها مشكلة أبناء عمك مجتمعين.
ومشكلة أبناء عمك لا تعتبر مشكلتهم وحدهم ولكنها كما ذكرت أنت مشكلة أجيال، أجيال لا تشعر بقيمة للحياة مع فقدان الدور في الحياة؛ يبحث الشباب عن مهرب.. أي مهرب.. فيديو كليب.. حلم حب.. إدمان.. جنس.. أي مهرب فالمهم هو الهروب، وفي ظل هذه الأوضاع وفي ظل شعور الضياع الذي يعاني منه الكثير من شبابنا يبرز السؤال: ما الذي يحتاجه أبناء عمك وغيرهم من الشباب؟ إنهم يحتاجون لمن يتقبلهم كما هم ثم يساعدهم في التعرف على قدراتهم ويمكنهم من استغلالها الاستغلال الأمثل، يحتاجون لمن يساعدهم علي إيجاد دور مؤثر وفاعل، فهل يمكنك أن تقوم بهذا الدور مع أبناء عمك؟.
لا تركز على ابنة عمك وحدها ولكن حاول أن تفعلهم جميعا أو من يستجيب منهم لك، لا تبدأ بنقد أسلوب حياتهم، ولكن تقرب إليهم وكن لهم أخا أكبر. ولتكن جلستك الأسبوعية معهم فرصة لنقاش متجدد حول الكثير من القضايا، يمكنك مثلا أن تستخدم بعضا من مشاكلنا، تحكيها لهم وتسمح لهم بعرض أفكارهم، بهدوء التقط الخيط وانطلق من نقاط الاتفاق، لا تسفه لهم رأيا وتجنب أن توحي لهم أنك أكثر منهم حكمة وعلما.
وكما يمكنك الانطلاق من مشكلات وواقع مجتمعاتنا، يمكنك أيضا الانطلاق في مرات أخرى مركزا على النقاط المضيئة، ويفضل أن تكون نماذج عصرية حتى تصلح أن تكون قدوة.. مثلا يمكنك أن تحكي لهم عن شباب جمعية رسالة على أرض مصر، وهم شباب في أعماركم أدركوا أنه: "ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط" وبإخلاصهم وجهدهم وأموالهم وبصبر الليالي وكد النهار، بهذه الأيادي الطاهرة وبإبداع الشباب وتوقدهم وحماسهم تستمر مؤسسة رسالة وتنمو وتتطور؛ فكل يوم هناك أفكار لخدمات جديدة، وفئات جديدة مستهدفة.. وحبذا لو كانت هذه النقاط والنماذج المضيئة من بلدكم، ومن خلال هذه النقاشات يمكن أن تبرز الأدوار التي تلائم كل واحد منهم.
ولا تنس الاستعانة بالله في كل أمرك، وكن واثقا أنت وكل من يتعامل مثلك مع المراهقين والشباب أن استغلال الطاقات المهدرة هو الأسلوب الأمثل للتعامل مع حالة الضياع التي يعيشها الكثير من شبابنا، ومع دعواتنا أن يعينك الله على أمرك، وأن يجعل جهدك مع أولاد عمك في ميزان حسناتك.
ويضيف د.عمر أبو خليل:
لا ندري ما هي الحدود المسموح لك بها في التعامل مع ابنة عمك والتي في كل الأحوال يجب أن تراعي فيها وأنت تتعامل معها ألا تحل مشكلة بمشكلة أخرى، بمعنى أنك في الواقع شاب صغير (24 عاما) معرض أن ترتبط بك ابنة عمك عاطفيا عندما ترى اهتمامك بها أو عندما تصبح أنت المرجع لها في مشاكلها.
لذا فالأمر يحتاج إلى نوع من الحذر والفطنة في التعامل، خاصة أنك شخصيا معرض أيضا للوقوع في مثل هذا الارتباط، خاصة أنها ستكون تحت تأثيرك المعنوي.
لذا فإن فهم حدود العلاقة مع ابنة عمك ووصفها في إطارها الصحيح بحيث لا يحدث أي تجاوز ينذر بالخطر هو أول أمر ينبه له، خاصة أن علاجك للموقف سيحتاج إلى حوار قريب تشرح لها فيه ما هي طبيعة الشعور الذي تشعر به نحو هذا الجار، وكيف أن هذا الميل هو ميل فطري طبيعي يجب أن تتعامل معه بفهم، وذلك من خلال استيعاب أنواع العلاقات بين البشر بصورة عامة وكيف أنها تدور بين الزمالة والصداقة والحب. وكيف وأن زمالة العلم أو العمل أو حتى الجيرة لها حدود هي الالتزام في القول والملبس والنظر بغض البصر وحفظه.. وكيف أنها يجب أن تحافظ على هذه الحدود حتى لا يتحول الأمر إلى عاطفة ليس هذا وقتها حيث الحب والعاطفة هي من أجل الارتباط، وبالتالي فسنها الآن لا تتناسب مع أي ارتباط؛ لذا فعليها أن تحفظ عاطفتها للوقت المناسب وللشخص المناسب وألا تتعجل الأمر حيث ستتغير عاطفتها ورؤيتها للأمور مع السن، وكيف أن الصداقة هي بين طرفين من جنس واحد بحكم تعريفها ووصفها لأي صداقة بين شابين صغيرين من جنسين مختلفين مع وجود الميل الطبيعي والفطري سيطور الأمور إلى عاطفة غير محسوبة تؤدي إلى نتائج غير محمودة.
الخلاصة أنه أمر يحتاج إلى حوار هادئ ومستمر يكون فيه التفاهم والفهم وإحساسها بتقديرك لمشاعرها ولعقلها وطريقة تفكيرها هو الأساس الذي يفتح قلبها وعقلها لما تقوله، ونعود لتكرار ما بدأنا به من أن طبيعة سن هذه الفتاة قد تجعلها تتعلق بك أنت؛ لذا فإننا نرى أنه لو كان لديك أخت أو قريبة فإنك تستطيع من خلالها القيام بهذا الدور دون أن تعرض نفسك أنت لهذه التجربة الصعبة التي تحتاج إلى حنكة وخبرة في إدارتها؛ لأنك أيضا شاب قد لا تستطيع التحكم في الأمر وضبطه.
قد تكون طباعتك لبعض الرسائل وحلولها التي تخص المراهقة والتعامل معها من على صفحتنا وأيضا المقالات الخاصة بالتربية الجنسية.. وإطلاعك من ستساعدك في هذا الأمر على هذه المقالات (أخت أو قريبة لكما) وتوصيلها أيضا لابنة العم من خلالها وإدارة حوار حولها ربما يكون من العوامل المساعدة ولكن ليس قبل فتح جسور التفاهم والحوار.
ــــــــــــــــــــ(41/134)
زمن الوصاية على الأب
علاقات أسرية
توفيت والدتي منذ عام، لدي 3 أخوات؛ واحدة متزوجة، والثانية 18 عاما، والثالثة 7 سنوات، ووالدي رجل في الستين من عمره، يعيش في الأردن مع شقيقتي الصغرى 7 سنوات، وهو صاحب عمل خاص، وأوضاعه المادية ليست جيدة جدا، ولديه قرض بنكي.
تعمل لدى والدي فتاة عمرها 21 عاما، أشعرته أنها متيمة في حبه وترغب في الزواج منه، فرق العمر بينهما قرابة 35 عاما، نحن علمنا بالأمر من الأقارب والأصدقاء لأنه لم يواجهنا بالموضوع، وهو دائم النكران، ويدعي أنه لا شيء من هذا الكلام صحيح، وأنه لا يوجد شيء بينهما، ولكن الأمر مؤكد 100%؛ فقد سمعنا حوارا بينهما.
وأبي لا يسمع لأحد في هذا الموضوع، ويرى فيها المرأة المناسبة، في حين أنها تحاول السيطرة عليه وإغواءه، وهي تخطط للأمر ولكنها للأسف لا تصلح لإدارة أمور العائلة معه، نحن لسنا ضد الفكرة للزواج ولكن ضد الاختيار، ولا أعلم الطريق الصحيح لإيقاف الموضوع، وهل يحل لي أن أعترض عليه أم ماذا أعمل برأيكم؟ شكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
رجل في الستين من عمره عاقل راشد مسئول عن تصرفاته لا يبدو منها ما يستحق الحجر عليه أو على قراراته، توفيت زوجته منذ عام وتعيش معه طفلة صغيرة 7 سنوات، ولا يبدو أن أحدا يقوم على خدمته من البنات؛ فإحداهن متزوجة، والثانية لا يبدو أنها تعيش معه، وأنت خارج الوطن.. فالرجل يحتاج إلى من يقوم بمساعدته، وهو في ذلك يختار بكامل إرادته وعقله.. وأنتم لستم ضد فكرة الزواج.. ولكن ضد الاختيار..
من أعطاكم الحق في التدخل في اختياره؟ إن صاحب الحق الوحيد في ذلك هو هذا الرجل البالغ من العمر ستين عاما، وهذه الفتاة البالغة من العمر واحدا وعشرين عاما، وهي أيضا بالغة عاقلة ولها أسرة ستراجع قرارها بالارتباط بهذا الأب.. فإذا كانت الأطراف المعنية بالأمر متفقة أو موافقة دون الدخول في قضية الإغواء والسيطرة وهذه الألفاظ الكبيرة التي قد تستخدم في وصف علاقة مراهق بفتاة تحاول إغواءه والسيطرة عليه، ولا تنطبق على رجل بالغ عاقل قد بلغ الستين..
إن أباك ليس صاحب ثروة كبيرة تغري هذه الفتاة بإغوائه والسيطرة عليه.. إنه صاحب قرض ودين وتجارة غير رابحة.. إذن فقضية السيطرة والإغواء غير واردة، إن الرجل يحتاج لمن يحبه ويرعاه ويرعى ابنته.. وهذه الفتاة المحبة التي لا يدفعها إلا الحب من أجل أن ترتبط بهذا الأب ذي الستين عاما ستكون حريصة على إرضائه وعدم إغضابه.. وأي أمور عائلية ستديرها هذه الزوجة؟ وأي عائلة هذه المكونة من هذا الأب الكبير والطفلة الصغيرة؟
الأمر لا يعدو رغبة في التدخل في حياة هذا الرجل دون مسوغ من منطق أو شرع.. فأنتم -كما تدعون- لا تعترضون على فكرة الزواج، وأنتم فعليا غير موجودين للقيام باحتياجات هذا الرجل وإثنائه عن الحاجة لزوجة تقوم برعايته.. فبأي حق تتدخلون في اختياره؟ إن حقكم الوحيد هو النصيحة له إذا علمتم سوءا في خلق هذه الفتاة أو دينها يجلب العار على هذا الأب، ولكن الكلام العام عن السيطرة والغواية لا معنى له ولا شيء يؤكده؛ بل الواقع يؤكد عكس ذلك.
اتركوا الرجل يعيش حياته كما يشاء؛ فهذه حياته، وهو من الرشد ورجحان العقل ما يجعله قادرا على الاختيار لما يناسبه، ولقد قام بدوره نحوكم ولم يقصر في حقوقكم؛ فلماذا لا تكونون له عونا الآن وهو يطلب العون من أجل أن تستقر حياته مع من تحبه؟
ــــــــــــــــــــ(41/135)
في البيت.. رأي الزوج استشاري!!
علاقات أسرية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
سأحاول الاختصار قدر المستطاع، وجزاكم الله خيرا..
أنا شاب في الثامنة والعشرين من عمري، أنعم الله علي بالحال الميسور، تعرفت بزوجتي وهي تصغرني بأربعة أعوام منذ حوالي السنة والنصف عن طريق بعض المعارف، وتمت الخطوبة، وكتب الكتاب ثم تزوجنا منذ ثلاثة شهور.
منذ فترة كتب الكتاب وأنا أرى أن أسلوب تفكير زوجتي مختلفا عن أسلوب تفكيري إلى حد كبير من حيث أولويات الحياة، فأولوياتي في الحياة هي تكوين الأسرة وبناء بيت يقوم على تقوى الله وطاعته والكفاح في الحياة بالعمل، وبذل الجهد لتدعيم هذا البيت. بينما تربت زوجتي منذ الصغر على أن العمل والطموح والمستقبل المهني (الـ career) هو أهم مقومات الحياة، وأن كل بنت لا بد أن ترسم لنفسها طريقا واضحا لمستقبلها في العمل حتى تصل إلى أعلى المناصب.
باختصار.. أنا أبحث عن تكوين البيت، ثم توفيق أوضاع العمل وفقا لمتطلبات هذا البيت، وزوجتي تبحث عن مستقبلها العلمي وتوفيق أوضاع البيت والزوج على أساسه.
دارت الكثير من المناقشات، وحدثت بعض الخلافات خلال فترة كتب الكتاب، ولكن ما حدث أننا اتفقنا على ما يرضي الطرفين، وأن الموازنة بين البيت والعمل أمر لا بد منه. ونصحني أهل الخير بأن هذه الأمور والخلافات ستستقيم وتهدأ بعد الزواج وبعد دخول الزوجة بيت الزوجية وإحساسها بالمسئولية الجديدة.
تم الزواج، ولم نكن نخطط للإنجاب في الفترة الأولى من حياتنا حتى تستقر أمورنا ومن ضمنها أنه كان من المخطط أن تسافر زوجتي للخارج لإجراء امتحان معادلة لشهادتها في ديسمبر القادم إن شاء الله.
ولكن أراد الله أن تحمل زوجتي بعد شهر من الزواج، ومن هنا بدأت المشاكل:
فزوجتي تصر على السفر لإجراء الامتحان في نفس التوقيت، بالرغم من أن هذا التوقيت سيوافق الشهر الثامن من الحمل، وعناء السفر ومشقته سيشكلان خطرا على زوجتي بشهادة الأطباء، مع العلم أنها تريد السفر وحدها، وستقيم عند عمتها في الخارج لمدة 10 أيام (وهي نقطة أرجو الإفادة في شرعية سفرها وحدها).
المشكلة أن زوجتي لا تصغي لكلامي، وتخبرني أنها قررت السفر بصرف النظر عن موافقتي من عدمها، بل إنها بدأت في استخراج بعض الأوراق والصور الخاصة بهذا الموضوع، ولا أجد أي نوع من الدعم أو التوعية من أهلها؛ لأنهم باختصار.. هم أصحاب الفكرة، ويعتقدون أنني أحاول فرض سيطرتي كرجل وتنفيذ أوامري دون النظر لأحلامها وطموحاتها.
ويعلم الله سبحانه وتعالى أنني لا أسعى سوى لمصلحتها، ولا أرفض سفرها وحدها إلا خوفا عليها، مع العلم أنني أخبرها دوما بذلك، وأخبرتها أنه يمكن أن تسافر بعد الولادة لإجراء امتحانها دون مشاكل.
أنا الآن في حيرة من أمري، فأنا أمام خيارين:
الخيار الأول هو تصعيد الأمور والإصرار على عدم سفرها ومحاولة منعها بأية طريقة، وذلك قد يؤدي إلى تنفيذ رغبتي، ولكنه قطعا لن يؤدي إلى وجود أي نوع من الاستقرار في البيت.
والخيار الثاني هو الصبر، وترك الأمور بين يدي الله، وتركها للأيام، فالله وحده أعلم ما قد تأتي به الأيام القادمة لحين ميعاد السفر، ولكن هذا الخيار قد يضعني في موقف حرج، حيث إنه توجد إجراءات قبل السفر وهي أخذ تصريح السفر من السفارة، وحجز الامتحان، وحجز تذكرة الطيران، وكلها خطوات قد تقدم عليها زوجتي بدون موافقتي، كما أخبرتني بنفسها أكثر من مرة، وفي هذه الحالة لا أدري ما العمل؟
مع العلم أيضا أني جلست مع والدها جلسة مطولة بالأمس لمدة حوالي 7 ساعات، وجدت نفسي خلالها أتعامل مع أسلوب تفكير غريب، فبدلا من مناقشة المشكلة الرئيسية، حاول والدها وبصورة مستميتة إقناعي بأمر آخر ألا وهو ضرورة سفرها للولادة في الخارج أيضا حتى يتمكن الطفل من الحصول على الجنسية ومزايا الجنسية... إلخ.
بالإضافة إلى أنه أخبرني أنه رباهم على أن رأيه استشاري!! وهي صاحبة القرار.
فماذا أفعل إذا وصلت الأمور إلى أن أجدها مسافرة بدون موافقتي؟ هل يمكن أن تستمر الحياة بيننا بهذه الطريقة؟ وما ذنب ذلك الطفل في أحشائها ما إذا قررت الانفصال عنها؟ الله وحده أعلم بمدى الحيرة التي أعاني منها. أرجو النصح والإرشاد، وجزاكم الله خير الجزاء.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أخي الكريم:
لقد تربت زوجتك في بيت رأي الأب فيه استشاري على حد وصفه؛ وبالتالي فهي تعودت على أن تسير الأمور وفق ما تريد، وألا تضع حسابا لأي شيء غير طموحها، والخلاف كان واضحا في طريقة التفكير منذ عقد الزواج، ولكن بطريقتنا المعتادة في حل المشاكل بالكلام العام غير المحدد، وبالأماني بأن كل الأمور ستتغير بعد الزواج، ثم الزواج ليكون هذا هو الاختبار الأول لحقيقة الاتفاق المحدد الذي تم، فحين أن اقتنعت بكون الأولوية ستكون للبيت، ويتم مؤامة الأمور الدراسية حسب ذلك فإنه عند الاختبار العلمي أعلنت الزوجة أنها ستسافر رغم عدم موافقتك، ورغم أن الأمر لم يعد متعلقا فقط بترتيب الأوليات، ولكن بمخاطر صحية على الجنين القادم ليصل الأمر إلى حد الولادة بعيدا عنك حتى يحصل الطفل على الجنسية.
إذن فالمنهج المراد تعميمه وتطبيقه هو أن الأولوية لطموحها العلمي، وأن الأسرة سواء كنت أنت أو ابنك القادم توفق ظروفهم طبقا لما يحقق هذا الطموح، وليصبح الخيار بالنسبة لك هو الخيار صفر خاصة أنك لست رافضا لهذا الطموح، ولكنك تريد إعادة ترتيبه، ولكن حتى هو المقصود بالخيار صفر أي لا خيار لك، ويصل الأمر إلى نقطة أبعد، وهي ليس السفر فقط للامتحان ولكن للولادة فالأمر واقع، والأب "رأيه استشاري"، والمطلوب بك أن تكون هذا الأب في بيتك بحيث تصبح زوجا "رأيه استشاري".
إن الاختبار الأول في الحياة الزوجية هو الاختبار الأهم والأخطر، لقد قبلت إلى الحل الوسط وهو إعادة ترتيب الأوليات، ولكن الزوجة تأبى إلا أن تفرض اختيارها، وتعتبر هذا هو الهدف الأول.
السؤال يصبح ببساطة أي منهج يسود؟ هل يمكن أن تستمر في أداء نفس الدور، ويصبح دورك استشاريا؟
إن الرد على سياسة حافة الهاوية التي تتبعها الزوجة والأب هو نفس السياسة وهي أن تعلن إصرارك على موقفك خاصة أنه موقف غير متعسف بأنك لا تقول إنني أرفض تماما أن تكمل زوجتي دراستها أو طموحها العلمي، ولكنك تقول يجب أن يكون ذلك في إطار احترام الأسرة والبيت وأولوياته يجب أن يبدأ الأمر بحوار هادئ مع الزوجة فهي الأولى بالسبع ساعات من الأب تعلن موقفك بهدوء وببساطة..وهو أنك ترفض تعريض طفلك القادم للخطر في سبيل طموح الزوجة، وتصر على ولادته في حضورك فهو ابنك، وتعتز بانتمائه لوطنه ولجنسيتك، وأنك الذي تحدد الأولويات وترتبها، وأنه في حالة الإصرار على السفر وحتى لو كان القانون يعطي الزوجة الحق في السفر بدون إذن زوجها ورضاه، فإن الشرع يظل معتبرا من تسافر من غير إذن الزوج آثمة وخارجة عن طاعته، وعندها سيكون الانفصال ليس قرارك ولكنه اختيارها.
إنه منهج كامل في إدارة الأسرة يبدأ من هذا الاختبار الأول، فإما أن تنجح في إقرار الأمور وحسمها وإظهار مصدر السلطة في الأسرة بحيث تستقيم الأمور، وإما أنك ستظل في هذا الصراع طوال حياتك، وستظل هذه السابقة هي ما يبنى عليه المواقف بعد ذلك فليروا طريقة جديدة، وهي أن الزوج في بيته ليس صاحب رأي استشاري، وإلا سيظل رأيك استشاريا طوال عمرك، وعندها لا تلومنَّ إلا نفسك.
ــــــــــــــــــــ(41/136)
أحوال المحتار: رشاقة نانسي، وتسالي الحب البديل
علاقات أسرية, الإنترنت والهاتف, عند الزوج
السلام عليكم، أرسل إليكم قصة حياتي، وأرجو من الله ألا تكلوا ولا تملوا منها، ولكن يعلم الله أني في نار بمعنى الكلمة، وأتمنى من الله أن تجدوا لي حلا يريحني ويرضي الله عز وجل.
أنا شاب عمري 30 عاما، وأنا عندي 18 سنة أحببت إنسانة، وكانت بالنسبة لي كل ما في الدنيا، وكنت بدون عمل مستقر وليس لي دخل ثابت وتقدمت لخطبتها، ولكن رفضني أهلها بسبب المادة (الفلوس)، وعلموا بأنها تحبني فأسرعوا بزواجها على الفور وأخرجوها من الدراسة وأبعدوها عني بكل معاني البعد؛ فزوجوها في دولة أخرى، وتهدمت كل أمالي وأحلامي والحب الذي فقدته إلى الآن ولم أجده فأردت أن أبحث عن الحب البديل، على أمل أن أجده في أي إنسانة أخرى تعوضني الحب والحنان الذي فقدته.
وقابلت فتاة أخرى وكانت بالنسبة لي (تسالي) تضييع وقت، ولما تعرفت عليها عن قرب فشعرت بمشاعرها وأحبتني بكل مشاعرها، ووجدت نفسي في مأزق لم أستطع الخروج منه؛ لأن مستواها المادي والأسري بسيط وفكرها وعقلها لم أكتشفه إلا بعد وقوع الطامة الكبرى وهى الزواج منها؛ فحاولت مرارا أن أبعد عنها لكن كانت تفعل أشياء مثل الإقدام على الانتحار أكثر من مرة فشعرت بالذنب تجاهها وكأن الله يختبرني لأني كنت في مثل هذا الموقف فقلت لنفسي المثل الشائع "خدوهم فقرا يغنيكم ربنا".
وتقدمت لخطبتها ومع أن أهلها بسطاء، ويعلم الله أني لا أقلل من شأنهم، ولكن الوصف لتحاولوا فهمهم من خلال كلامي عنهم، فقراء جدا، ومع ذلك بدأ الأب باستغلالي ماديا بكل السبل، وكنت أوافق لأنه أبوها، وظلت فترة الخطوبة أكثر من 5 سنوات، وكان أبوها السبب بحجة أنه ليس قادرا على الجهاز (العفش)، ولما وجدت أنه لا سبيل لي إلا أن أتحمل أنا كل شيء فعلت ذلك، وتحملت كل شيء من الألف للياء، وأخفيت عن أهلي ذلك منعا لإحراجها وسط عائلتي.
وأتى ميعاد الدخلة، ولكم أن تتخيلوا مدى الأسى الذي عشته؛ أبوها لم يأت إلى حفل الزفاف وترك البلد وذهب إلى بلد آخر بحجة أنه مشغول!! ولكن الحقيقة أنه لا يريد أن يتحمل أي شيء ولا يدفع أي شيء... وهذا هو الأب!! أما المشاكل التي عانيتها من الأم فحدث ولا حرج.
عانيت في حياتي العملية، وبدأت من تحت الصفر، وتحديت العالم بأثره لإثبات نفسي، وكأنني أقول للعالم أنا أعمل إذا أنا موجود، ووفقني الله تعالى في عملي، والحمد لله وصلت إلى وضع مالي ميسر، وبدأت حياتي الزوجية، ومن أول أيامي في هذه الحياة بدأت أشعر "بالمرار"، رأيت أنني مع إنسانة كأني أعرفها لأول مرة، وبدأت المشاكل تدخل البيت.
للعلم أنا عملي مرتبط بنسبة 75% مع النساء؛ فكل ما دق جرس التليفون قلبي يخفق لأني أعلم أنه بعد الانتهاء من التليفون تبدأ الحرب بينا!! (مين دي.. وتعرفها منين.. وبتتصل بك ليه.. وبتتكلم معاك كده ليه...) وأشياء من هذا القبيل، وبسبب كلامها هذا بدأت أتعلق بكل واحدة تكون السبب في مشكلة بيني وبينها، وبدأت أفكر في النساء، والرغبة تملكتني في كل امرأة أتعامل معها أشعر معها برغبة، وبدأ الشيطان يراودني ويخيل لي أشياء وصورا (أستغفر الله من كل ذنب).
وبدأت زوجتي في إهمال نفسها بطريقه ملحوظة (بشعة)، وأفرطت في السمنة، وتجاوزت الحدود المشروعة دوليا إلى أن وصل وزنها (120) كيلو، ولقيت نفسي تائها في الدنيا، كيف يصل بي الحال لذلك... وأعوذ بالله لا يظن أحدكم أني ساخط على قدري، ولكن هذا إحساسي بما أنا فيه؛ لأن من يراها معي يظن أنها والله أختي الكبيرة، ومنهم من قال إنها والدتي، ومنهم من لام علي كيف أتزوج أكبر مني، وكانوا يظنون أني تزوجتها بسبب أموالها!!
وبدأت أخبرها أن هذا خطأ، ولا بد أن تخسس نفسها من أجل صحتها، ولا حياة لمن ينادي، وكأني لست بإنسان معها، ورزقنا الله بطفل جميل أحمد الله عليه ليل ونهار، وبدأت أتحدث معها في جسمها ثانية.. إنها لا بد أن تخسس نفسها فكانت حجتها الرضاعة، وإذا بالمفاجأة الكبرى (حامل ثانية)، وكأنها أرادت أن تقيدني بالأولاد، وبدأت حياتي تنقلب رأسا على عقب بسبب هذا الحمل المفاجئ وبعد مرور 10 أشهر من المولود الأول أتت بالمولود الثاني، وقلت لنفسي نعمة وفضل من عند ربنا، لا تسخط على قدر الله (غيري مش لاقي).
وبدأ الاهتمام بالأطفال، وأما أنا فلا داعي للحديث عني، أنتم تعرفون في مثل هذه الحالات ماذا يحدث فكل شيء ضدي (وزنها زايد بطريقة ملحوظة.. الأولاد.. النساء التي أشوفهم، ونفسي مراتي تكون زيهم.. معاملتها اللي مفيهاش غير الغيرة اللي مالهاش معنى).
بدأت أهرب من الواقع المرير إلى (الإنترنت) الشبكة العنكبوتية التي زادت مشاكلي أكثر؛ بحثا عن الحب المفقود والعطف والحنان، بدأت أدخل الشات وتعرفت على أناس كثيرين جدا وكنت أجلس ساعات تصل إلى 10 ساعات يوميا... و7 ساعات... حسب الظروف وحياتي تغيرت بنسبة 180 درجة.
تعرفت على فتيات وشباب، وكنا نتحدث في المشاكل العائلية إلى أن سمعتني فتاة، وبدأت تحدثني على الخاص، وبدأ التعارف، وتفاعلت مع مشكلتي بشكل ملحوظ، وبدأت تأتي إليّ بالنصائح والحلول، وبدأت أنفذ ما قالت بالحرف، ومع ذلك لم يتغير شيء، وكنا قد تبادلنا أرقام التليفونات، وبدأنا نتحدث معا لفترات طويلة، شعرت معها بالارتياح النفسي، وبدأت أفكر فيها وتبادلنا المصارحة بالمشاعر، وصرحت لي بحبها بعد أن صارحتها بحبي.
وتقابلنا وتعلقت بي أكثر، وأنا كذلك واتفقنا على الارتباط، وتحدثت مع والدتها، وما إن عرفت أني متزوج وعندي أولاد حتى رفضت رفضا تاما، وكأن الفراق هذا من نصيبي في حياتي، وجاءت الأم وأقسمت على الابنة ألا تدخل الإنترنت نهائيا؛ ولأن البنت بارة بأمها أطاعت أمها وبدأت في البعد عن الإنترنت وأحسست أني تسببت لها في الآلام فانسحبت أنا بهدوء من حياتها؛ لأنها كانت لي الحب بكل معانيه، ولم يكن حبا مجردا من مشاعر وأحاسيس.
لكن قلت لنفسي قدر الله وما شاء فعل، وبدأت أبحث عن ضالتي (الحب المفقود)، وبدأت أتعلم الحوارات على الإنترنت، بمعنى تعلمت الخداع والغش والكذب فتعرفت على فتاة أخرى من مركز مرموق جدا، وبنت ناس مشهورين جدا لا داعي لذكر أسمائهم، وأوهمتها أني "فوق أوي"، وبدأت الحوارات بيننا، وأعجبت بها جدا بأسلوبها وحواراتها، وتمنيت أن تكون زوجتي مثلها.
وبدأت المقارنة بين البنات و(زوجتي) التي إذا جاء عليها المساء كانت في "سابع نومه.." أنا أعرف أنها تتعب في شغل البيت.. الله يعينها ويقويها، وبدأت الفتاة تبوح لي بأسرار خاصة جدا لها، ووضحت لي حسن نيتها بطريقة غريبة جدا؛ فبدأت أنصحها بألا تتحدث بهذه الأسرار على الإنترنت؛ فقالت لي إنها لا تعرف أحدا إلا أنا، ولا تكلم أحدا إلا أنا، وتعلقت بي جدا جدا.
وأنا لأني أعرف قدري وقدرها بدأت أتهرب منها؛ لأني أعرف أنها ستتعلق بي أكثر، إلا أنها فاجأتني بحبها لي، ومن المفروض أن هذه الكلمة تسعد أي إنسان، لكنها نزلت علي كالصاعقة؛ لأنني خدعتها.
وعاقبت نفسي بعدم دخول الإنترنت بسببها، إلا أنها بدأت تلاحقني في التليفون، وبدأت تطرح الأسئلة علي (لماذا الهروب منها؟)، فقلت لها سأدخل النت، وأتكلم معك وأفهمك كل حاجة، ووافقت لعلها تسامحني وتغفر لي هذه الغلطة، وبدأت الحديث معها بكل أمانة وصدق وعن ظروفي المادية والعائلية والقصة التي أحكيها هذه كلها، إلا وجاءت الطامة الكبرى قالت لي أنا لما أحببت أحببتك أنت.
ووافقت على الارتباط بي بكل ظروفي، وستقنع أهلها بطريقتها الخاصة، ولعلمي بالفارق العلمي والاجتماعي بدأت انسحب بهدوء من حياتها، وإلى الآن كل شهر أغير التليفون بسببها، وهذا الكلام منذ سنة ونصف.
وللعلم إلى كل من ينظر إليها نظرة غير مرغوب فيها هي إنسانة بسيطة جدا، لدرجة لا يتصورها أحد، وهي عندما قالت لي إنها لا تعرف أحدا على النت غيري كانت صادقة في كلامها؛ لأني قمت بعمل تجسس على جهازها، وفعلا لم أجد غيري.
نعود للبيت عندي (زوجتي)، لما وجدت نفسي تغيرت وأني أنجذب لأي إنسانة أقابلها على النت أو في الشارع أو الشغل بدأ تفكيري ينشغل بهن، وزادت عندي الرغبة في النساء لدرجة المرض لإحساسي بالحرمان من كل إنسانة.. رشيقة.. لبقة.. حنونة عطوفة.
وبدأت أفكر بالزواج من أخرى، وكعادتي إنسان واضح وصريح مع زوجتي صارحتها بكل أمانة عما يدور بداخلي، وإنني أريد الزواج حتى لا يأخذني الشيطان للحرام؛ لأنني لا أشعر معها بالسعادة، وأنني أضمن لها كل حقوقها المادية والمعنوية؛ فقالت لي بالحرف" "أنا عندي تروح تعمل أي حاجة ميهمنيش هي إيه.. بس جواز لا، لو فكرت تجوز اعرف أنك حكمت على نفسك بالموت.. هسمك، وبعدها أموت نفسي".
والحقيقة أنا قلقت منها جدا، وبدأت أتحرى أي أكل تعمله، أصبحت موسوسا بسببها، أشك في أي حاجة تعملها، إلى أن هداني الله إلى فكرة وهي التعامل معها بطريقة الإنترنت الخداع والغش والكذب والتدليس والمداراة، وبدأت تقتنع أنها أجمل الجميلات، وأنها الرشيقة التي في العالم كله.
وبدأت أرتاح قليلا نوعا ما، وبدأت أبحث في الشارع عن ضالتي، ولكن دون جدوى، لم أجد الحب المفقود والزوجة الحنونة، والمشكلة أني -والحمد لله- وسيم لدرجة أن أي واحدة تتحدث معي ولو لأول مرة تتعلق بي من أسلوبي معها، وهذا يرجع لفضل الله أولا ثم لعملي لأنه يتطلب مني اللباقة في الحوار.
وأنا كلما رأيت "نانسي عجرم" دعوت الله أن يجعل زوجتي في مثل قوامها؛ لأن الوضع عندي صعب للغاية ولا يقبل التغير.
ولأنني أحب زوجتي لأن بيننا عيشا وملحا لا أقبل أن أهينها يوما من الأيام بأي شكل، وإلى أن جاءت الليلة الموعودة.. ليلة زواج صديقة لها مطلقة، تزوجت من رجل متزوج عنده أولاد، وبدأنا في انتقاد الزواج هذا من ناحية السلب والإيجاب، وبحكم أنها لا تعرف معنى السلب أو الإيجاب انتهت الليلة بخناقة نقلت نفسي على إثرها للغرفة الأخرى؛ حتى أرحم نفسي من الدوشة والكلام الذي لن ينتهي.
وقالت لي "لو عايز تجوز روح اتجوز بس تطلقني، وأنا واخدة العهد دا على نفسي من زمان، وأنا عارفه أنك هتتجوز تاني وأنا متوقعاه من زمان)، وكأنها تعقد الأمر في وجهي، لا هي تريد أن ترحمني أو تتركني أرى حياتي مع احتفاظي والله بكل حقوقها المادية والمعنوية والمستوى الذي هي فيه حاليا (عرضت على أن أعمل أي شيء لأرضي رغباتي ونزواتي؛ لأنها تعلم تماما أنني أحب الجنس بطريقة لا يتخيلها أحد)، لكنها تريدني أن أرضيها وأرضي رغباتي وأعصي الله، وأستغفر الله العظيم.
وللعلم أهلها بسطاء للغاية، أي لا يتحملون إنفاق أي شيء عليها، ولا يوجد لهم مكان إقامة ثابت، يعني كل شهرين من شقة لشقة لطبع الأب الذي يمتاز بالمراوغة.. فماذا أفعل لكي أرضي ربي وأحافظ على بيتي وهاجس الجنس الذي يتملكني باستمرار وحرماني من الحب وعطشي لامرأة رشيقة تشعرني بالحياة؟ وزوجتي الآن تنكر كل جميل فعلته لها، وتريد أن تتملكني لها وحدها فقط.. فهل هذا من حقها الشرعي؟
وماذا أفعل في نفسي ونزواتي ورغباتي؟ إهمالها في نفسها وبيتها وفي تربيتها للأولاد ودائما تعاقبهم وكأنهم رجال بلغوا سن الرشد، وهم براعم زهور بريئة يحتاجون للعطف والحنان، الأولاد عندما يرونني يسرعون للجلوس معي ويتركونها وهي أمهم التي من المفروض أن تكون أحن لهم، إهمالها هذا جعلني لا أركز في أي تفكير صحيح.
أنا آسف لطول رسالتي، لكن ماذا أفعل؟ أنا في عذاب، والله محتار، أرجو أن تسامحوني للإطالة، ويا رب يهديني لطريق الهداية والصواب، ويكون عندكم حل لمشكلتي، مع مراعاة كل المشاكل الموجودة، وأعود لأذكركم بها ثانية رضاء الله.. الحفاظ على الأسرة والأولاد.. الرغبة الجنسية الشديدة الحرمان من الحب الحقيقي الذي هو أساس الحياة والحرمان من امرأة رشيقة تشعرني بطعم الحياة، مع مراعاة عدم تجاهل أي شيء، أسأل الله العلي القدير أن يوفق كل إنسان يساهم في حل مشكلتي إلى الصواب، وجزاكم الله خيرا.
الحائر.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
هل تعرف لماذا تأخرت في الرد على رسالتك؟!
لأنني كنت مغتاظا مما تقول أنت وتفعل، ورأيتها نموذجا للعديد من الأخطاء الشائعة المدمرة، ولكن هذا الغيظ كان ممتزجا -منذ اللحظة الأولى- بكثير من التعاطف معك، والإشفاق على أحوالك، ولذلك كله ستكون إجابتي عليك طويلة.
وأذكرك سريعا أنك تحصد اليوم نتائج سوء اختيارك للمرأة التي تزوجتها على طريقة "خذوهم فقراء يغنيكم ربنا"، وإذا بالمثل العامي يصدق، وتتيسر أحوالك المادية ثم تكتشف -ويا للمفاجأة- أن المال ليس هو كل شيء، وأن الحياة والزواج فيهما ما هو أهم -أحيانا- من الفقر والغنى!!!
تدفع أنت ثمن سوء اختيارك، وسوء تقديرك؛ فالحب يا سيدي عندما يكون تسلية، وينقلب إلى الجد بالزواج يفعل بصاحبه الأفاعيل، وقد تعلمت أنا مؤخرا من الحياة أن هناك أخطاء معينة نظل ندفع ثمنها طوال حياتنا، ومنها سوء الاختيار للزواج، فهل تستوعب أنت هذا لتتقبل نتائج اختيارك برجولة ومسئولية؟!!
ثم إنك لا تتعلم من الدروس ولا تستفيد من المعلومات الواضحة المتوافرة لديك، فأنت تقول إن عقل زوجتك وفكرها بسيط، وهي أقدمت على الانتحار أكثر من مرة، ومع ذلك تذهب أنت إليها لتصارحها وتناقشها حول رغبتك بالزواج الثاني، وتندهش من موقفها الذي هو المتوقع بداهة ممن هي في مثل تكوينها وعقلها وظروفها، وهي الفاقدة للثقة بنفسها بسبب أصولها المتواضعة، وبسبب حجمها الكبير "حاليا"، وبسبب نقدك المستمر لها... إلخ، فما هذا الذي تفعله يا أخي الكريم؟!!
وهل أنت متعلق بالنساء بسبب غيرتها!! والمشاكل التي تثيرها في وجهك!!
وهذا إنما يحدث منها بسبب خوفها المستمر وقلقها الضاغط على أعصابها أن تذهب أنت وتتزوج، وهي قد أفنت عمرها وشبابها في خدمة أولادك... كما ترى كل زوجة نفسها "ضحية" على طول الخط، وبالطبع بعض هذا الذي تعتقده هي عن تضحياتها صحيح، وأنت بنفسك تعترف به!!!
يعني حضرتك أسأت في اختيارها كزوجة ثم تصر على إساءة معاملتها، وتعلق على رأسها كل أخطائك أو بالأحرى كل أسباب ونواحي مشكلاتك في الحياة؟!!
ودعني هنا ألفت النظر إلى أن إساءة المعاملة لا تعني السب أو الضرب أو الإهانة فحسب، بل إن تكليف زوجتك ما لا يطيقه تكوينها ومخاطبتها على قدر أكبر من عقلها، وطاقة استيعابها للأمور، ورص التوقعات واحدا تلو الآخر بما يكلفها ما هو فوق طاقتها -المحدودة أصلاً- كل هذا وغيره مما تفعل معها هو أنواع من سوء المعاملة الذي تتورط أنت فيه حين تواصل نقدها، أو تطالبها بالتخسيس، دون جلب من يعاونها في شئون البيت.
إذا أردت أن تكسب زوجتك فليست طريقتك هذه هي المثلى، إنما ينبغي أن تتوقف عن الاعتراض والتهديد: "إما التخسيس... أو سأتزوج!!!"، إنما التركيز يكون أفضل على الكلمة الطيبة التي هي صدقة، والاعتراف بجميلها، وتقدير تعبها بالكلمة والهدية... إلخ، وإذا أردت منها تنحيف قوامها أو تحسين معاملتها للأولاد... أو غير ذلك من الأشياء التي تحتاج إلى طاقة نفسية، وإرادة، وتغيير فإن صناعة تغيير البشر لا تكون بالضغوط والترهيب غالبا، وإنما بالترغيب والمكافآت، وحسن المعاملة، وتذكر أنك مأمور مثلي -ومثل كل الرجال- بحسن معاملة الزوجة، وهو ما لا تقوم أنت به حاليا.
أما مسألة الزواج الثاني فلا يكون التفكير فيها بهذه العشوائية يا أخي، فأنت أولاً، ومن مصلحتك قبل كل شيء، ألا تشتت نفسك، وتصلح من شئون زوجتك ما استطعت وكما شرحت لك، ويمكنك بالتدريج أن تنتسب لنادي عشاق "الوزن الثقيل"، وترضى بالأمر الواقع، أو قد تجلب لها من يساعدها في شئون البيت ورعاية الأولاد لتتفرغ هي لك وللتخسيس، ولو بمقدار، وشيء أفضل من لا شيء، أما الظن بأن الزواج الثاني هو الحل لفشلك في الاختيار الأول، ونواحي قصورك في إدارته حتى الآن فهذا تبسيط للأمور بصيغة سطحية: "الزواج الثاني هو الحل، ولكنها ترفض وتمنعني"، يعني هي السبب للمرة العاشرة؟!!!
وأرجو أن تكون قد تعلمت من الحياة يا أخي الحبيب، فتعلم أن لكل شيء تبعاته، ولا تنظر إلى الجوانب الإيجابية فقط، وتعمي عينيك عن السلبيات سواء في اختيارك للبشر أو الظروف، فأنت مثلاً تحدثت عن إيجابيات ومميزات كل فتاة تعرفت عليها على الإنترنت، ولم تذكر كلمة واحدة عن سلبيات ظروفهن، فهل هن كاملات بلا عيوب أو نواقص؟!! أم أنك دائما تسعى للحب "البديل"؟!!!
لقد اندفعت في زواجك الأول، وأنت تدفع اليوم الثمن وتحصد ما ترى، فلا تندفع إلى زواج ثان دون أن تحسب حسابات الربح والمسئوليات المادية والتبعات الأسرية والاجتماعية؛ لأنك من بين الناس ينبغي أن تكون الأقدر على معرفة أن الزواج ليس مضاجعة لامرأة رشيقة أو بدينة فحسب، وزوجتك نفسها لم تكن بدينة، ولكنها كانت لا تعجبك بسبب عقلها وتفكيرها وأسلوب تعاملها!!!
أرجو أن تبدأ بالتوقف عن إلقاء مسئولية أخطائك وتعليقك إياها على شماعة الظروف أو زوجتك، وأن تبدأ في معالجة هذه الملفات بهدوء وعقل وحسن إدارة، وأحسب أنك تنضج ببطء، ولكنك تتعلم رويدًا رويدًا، وهذا ينبغي الإشادة به، ويغري بأنك قادر على حسن التعامل مع ما يواجهك، وعند الحكماء فإن إصلاح الأصل أوجب من البحث عن بديل.
أخي، إنك بأسلوبك الحالي في التفكير وإدارة الأمور لا تسير في طريق الحفاظ على الأسرة والأولاد، ولكن تضغط على أمهم البسيطة فتضغط هي عليهم في عملية نفسية معروفة تسمى: الإزاحة، والأفضل أن تعينها على حسن ترقية نفسها عقليا وشخصيا، وتنحيف جسدها وبمن يعينها على شئون البيت، وتستطيع اكتشاف جوانب كثيرة جديرة بالحب والتقدير في زوجتك وأم أولادك، ولا يخلو إنسان من جوانب طيبة، والرجل يكره من المرأة خلقا، ويرضى منها آخر.
وإذا أحسنت معاملتها حقا فستكون هي الأرق والأرقى، والأنثى المثيرة في فراشك لتستمتع أنت بها، ولو كانت بدينة، حتى يقل وزنها تدريجيا بمساعدتك ودعمك.
وإذا اخترت أن تتزوج ثانية فأرجو أن تتحرى مواضع قدمك جيدا، وتحتاط لنفسك واختياراتك هذه المرة؛ لأن لك سابقة سلبية تدفع ثمنها، ولا توجد أي ضمانات واضحة ألا تتكرر هذه الورطة فتصبح الورطة مزدوجة!!!
وفي كل الأحوال سيكون تعاملك الإيجابي، ودعمك لزوجتك بدلاً من جلدها ونقدها، وتعييرها الصريح أو الضمني ببساطة تكوينها وأصولها، وحجم جسمها، هذا التعامل سيكون المناخ المطلوب لإسعاد حياتك، سواء تزوجت ثانية أو اخترت الاكتفاء بزوجتك، وتذكر أن الزوجة غالبا ما ترضى بالأمر الواقع إذا تزوج زوجها ثانية في حالة أن يكون تعامله معها جيدًا.
أما من تجد نفسها قد رضيت بالهم، والهم لم يرض بها، فهذه غالبا ترفض وتثور وقد ترتكب الجرائم، وبالتالي فإن رفض زوجتك ليس هو السبب الأهم الذي ينبغي أن يجعلك مترددًا أو متأملاً في مسألة الزواج الثاني، ولكن حساباتك أنت للمكاسب والخسائر... إلخ.
أرجو أن تمتلك من الحكمة ما تدير به شئونك وتحسم أمرك، وطالما كتبت لي بالأمثال: "خذوهم فقراء..." فدعني أذكرك بمثل عامي آخر هو: "حمارتك العرجاء أكرم من سؤال اللئيم".
ــــــــــــــــــــ(41/137)
لواط بين أخوين.. ومن "أسرة محافظة"!!
علاقات أسرية, اللواط
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا شاب عمري 23 سنة، من أسرة محافظة، لكن للأسف أمارس اللواط مع أخي الذي يكبرني بسنتين منذ أن كان عمري 16 سنة، واستمررت على هذا الفعل حتى التحقت بالجامعة، وتعرفت على رفقة صالحة، وتبت إلى الله، والتزمت، وعاهدت نفسي ألا أكرر هذا العمل أبدا، وتخرجت في الجامعة، وأكرمني الله بأنني حصلت على أكثر من عرض للعمل في شركات مختلفة، وفقني الله وتوظفت بعد تخرجي فورا في أفضل شركة يتمناها زملائي، والحمد لله زاد لدي المال، وكل شيء يسير على أفضل ما يمكن..
ولكن للأسف قابلت كل هذه الأشياء والنعم بأنني عدت إلى فعلتي القديمة مع أخي منذ شهرين تقريبا؛ حيث إنه لا يرفض أو يقاوم ذلك، وفي كل مرة أعاهد نفسي أنني لن أكررها، لكن بلا فائدة، تعبت والله حيث إني أحتقر نفسي على هذا الفعل... وقد رأيت بأن الحل الوحيد لمشكلتي هو الزواج، ولكن لا يمكن ذلك إلا بعد سنة على أقل تقدير لظروف مختلفة..
أرجوكم ساعدوني، والله العظيم إني ما أقدر هذا الفعل الحقير، كل مرة أقول "خلاص تبت" لكن بعد أسبوع أرجع له، أنا أعرف أن السبب هو ابتعادي عن الله؛ لأني منذ تخرجي في الجامعة تغيرت أشياء كثيرة في تصرفاتي للأسوأ.
أرجوك ساعدني قبل أن أصل إلى طريق الضياع الذي لا رجعة فيه كالزنا، وترك الصلاة؛ حيث إنني حاليا أصلي ولكن ليس كالسابق، حيث أصلي الآن وذهني شارد ومشتت، ودائما أخطئ، ولا أتذكر كم ركعة صليت فأسجد سجود السهو.. وأيضا معظم الصلوات أصليها في البيت وأؤخر بعضها عن وقتها، أرجوكم أريد النصح.
أرجو أيضا أن تذكر لي أضرارها على مستقبلي في الزواج ومن ناحية الإنجاب والأمراض، وتذكرني بعذابها، وما ذكره الله والرسول صلى عليه وسلم عنها عسى أن يكون رادعا لي، وأن تذكر لي أسماء بعض المحاضرات والآيات أو موقعها على الإنترنت، أرجوكم ساعدوني لأنني والله كل يوم أرجع خطوة إلى الخلف.
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخ العزيز..
أهلا وسهلا بك على صفحتنا مشاكل وحلول للشباب وشكرا على ثقتك..
عادةً ما أجيب على الاستشارات التي تصلني من صفحات "إسلام أون لاين" المتعددة في خلال ثلاثة أو أربعة أيام من تسلمها، حتى أنني أقدمها على أسئلة استشارات موقعنا الوليد مجانين ، ذلك أنني أشعر أن التزامي أمام متصفحي إسلام أون لاين جزء مهم من الالتزام الأكبر في حياتي، مستشعرًا أنني سأسأل يوما أمام العليم القدير عما كتبته على إسلام أون لاين، وهو القبلة الإلكترونية لمعظم المسلمين الواعين على الإنترنت، أكثر مما سأسأل عن أي كلمات نشرتها على أي موقع آخر.
فأسئلة إسلام أون لاين إذن هي الأولى في كل شيء.. لكنني من بين دفعة المشكلات التي وصلتني في السابع من يونيو 2004، أجلت مشكلتك، وأجبت على الباقي وأرسلته، وسافرت في إجازة وأنا أسأل نفسي: ماذا أقول لك؟
أنت تتكلم عن شكل من أشكال اللواط تقع فيه منذ أن كنت في السادسة عشرة من عمرك؟ أي رجلا مكلفا كامل التكليف أمام القاضي المسلم، وباختصار تعرف أن ما تفعله لواط والعياذ بالله، ومع من؟ مع أخيك الذي يكبرك بعامين (والمكلف طبعا) والذي لا يرفض هذا الشيء!! أي أن هناك أيضا غشيان محارم في أسرة مسلمة وصفتها أنت بأنها "أسرة محافظة" وعلى مدى عدة سنوات، وبين ذكرين مكلفين اختارا أن يمارسا اللواط، ولا مجال هنا للكلام عن تحرش جنسي، ولا عن مشكلة ميول جنسية شاذة!!
وباختصار: رجعت وأنا لا أدري بعد ماذا أقول لك؟
وسأبعد السوط عنك قليلا؛ لأقول:
إن ما حدث واستمر سنوات قبل أن تفيق إفاقتك الأولى، بعد أن أنعم الله عليك برفقة صالحة ورزق صالح وفير إنما يفتح عيوننا التي لم يعد يجوز أن تغمض على ثقوب كبيرة في وعي المجتمع المسلم، تكشف عن خلل في ضوابط الأسرة المسلمة، وضوابط الجماعة الاجتماعية المسلمة، وإلا فإن ما حدث كان من الصعب أن يحدث، وما حدث واستمر يفهمنا كيف أن على الجميع جلد أنفسهم بنفس السوط، مثلما تجلد أنت الآن نفسيا.
وقبل الجميع أبدأ أنا لأقول جالدًا نفسي:
ماذا أقول أنا كطبيب نفسي أعد على الطراز الغربي (وإن ثار على ذلك) لسائل مثلك؟ أأقول: إن لديك مشكلة اجتماعية نفسية تتعلق باصطدام ما تفعل لإفراغ طاقتك الجنسية بقيم مجتمعك، ولكنك لا تعاني من أكثر من اكتئاب؟ وقد أصف لك بعض مخفضات الشعور بالذنب؟ مع أنني قلت من قبل: إن الشعور بالذنب قد يكون مفيدًا!في العملية العلاجية؟ هذا ما لن أفعل.
أأقول لك: ابحث عن وسائل أخرى لإفراغ طاقتك الجنسية، وتجنب الاختلاء بأخيك... إلى آخر الأساليب السلوكية لتثبيط ممارسة مرفوضة من يمارسها، متناسيا أن أخاك -أغاثه الله- لا يرفض، وأن ظروف ومشكلات مجتمعك كمعظم المجتمعات العربية تفرض عليك وعلى الآخرين ما لا يطاق في مثل هذا الزمان!
بماذا تراني أرد على قولك: "أرجوكم ساعدوني، والله العظيم إني ما أقدر أترك هذا الفعل الحقير، كل مرة أقول خلاص تبت لكن بالكثير أسبوع وارجع له، أنا عارف أنه السبب هو ابتعادي عن الله؛ لأني منذ أن تخرجت في الجامعة تغيرت أشياء كثيرة في تصرفاتي للأسوأ".. فهل تطلب منا المساعدة في الوقت الذي تقسم فيه بالله أنك لا تستطيع ترك هذا الفعل الحقير؟ هل هذا كلام يستقيم مع المنطق؟
ثم تقول: إنك تعرف أن السبب هو ابتعادك عن الله، وأنا أقر ذلك بالتأكيد، وأزيد عليه أن ابتعادك عن الله يجعلك فريسة أسهل للشيطان، ولكن طريق الاقتراب من الله أنت تعرفه ولا أظنه خافيا على مسلم يقرأ القرآن، وما يحدث منك ليس مرضا نفسيا، وإنما هو استجابة لشهوة يستغلها الشيطان فيك فيغويك.. فهل أنت تقسم بالله أنك لا تستطيع الكف عن الاستسلام للشيطان؟!
وبماذا أرد أيضا على قولك: "أرجوك ساعدني.. قبل أن أصل إلى طريق الضياع الذي لا رجعة فيه كالزنا".. فهل اللواط أقل جرما من الزنا؟! إن العكس هو الصحيح، وهذا أمر مشتهر لا داعي للخوض فيه، وأما ترك الصلاة وقولك "حيث إنني حاليا أصلي، ولكن ليس كالسابق، حيث أصلي الآن وذهني شارد ومشتت ودائما أخطأ ولا أتذكر كم ركعة صليت فأسجد سجود السهو..."، فهذا ما يكون علاجه بحمل النفس على الطاعات والزيادة فيها، وقد يكون ناتجا جزئيا عن قلقك وشعورك بالذنب، وهذا أمر محمود، علاجه أن تقلع عن الذنب، وليس أن تتناول عقارا يخفض من شعورك بالذنب.
تطلب منا بعد ذلك أن نذكرك بما تعرفه عن اللواط حكما وضررا، ولنقل إنه من باب: "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين"، وفي ذلك أفضل أن أحيلك إلى عدد من الروابط التي ستجد فيها ما تطلب أن نذكرك به، كما ستجد أيضا عواقب استمرارك في مثل هذه الكبيرة:
المثلية خلقة أم خلق؟! مطلوب الصبر والدأب
"غض البصر بريء من فخ المثلية".. مشاركة
الخروج من سجن المثلية: ما ظهر وما بطن!
الميول المثلية ووساوس من فقه السنة!
الميول المثلية ووساوس من فقه السنة متابعة ثانية
سجن الميول المثلية: قضبان وهمية!
سجن الميول المثلية: قضبان وهمية! متابعة ثانية
الميول المثلية: أحيانا مرحلية وطبيعية!
سجن الميول المثلية: بوادر الانعتاق متابعة!
الجنس الثالث والنفس اللوامة
الشعور يالذنب قد يكون مفيدًا متابعة ثانية
الميول المثلية والزواج: كل هم له انفراج
علاجك يا أخي لا يبدأ حين تتذبذب بين محاولة الالتزام بطاعة الله والوقوع في معصيته، وإنما يبدأ حين تلتزم بابه محسنا ظنك به سبحانه، وطالبا منه العفو والمغفرة، وعازما على عدم العودة إلى هذه المعصية الكبيرة، في الوقت الذي يلزمك فيه أن تأخذ إجراءات عملية في سبيل الزواج (فلديك من المال بفضل الله الكثير كما قلت؛ فلماذا تؤجل الزواج إذن وهو ضرورة لتصون نفسك؟) إن من المهم أن تحسب ماذا ستخسر إذا أقدمت الآن على الزواج؟ وماذا ستكسب إذا انتظرت؟ وما أراه أنه لا توجد خسارة أكبر من أن تخسر رضا الله عليك.. أليس كذلك؟
إذن لا نستطيع اعتبارك مريضا نفسيا، وإنما أنت مذنب وقعت في كبيرة من الكبائر، وباب التوبة مفتوح لا يغلق ما دمت تريد التوبة، وقد طلبت منا التذكير وذكرناك، وأؤكد لك أن الزواج يجب ألا يؤجل ما دام قد توفرت لديك الإمكانات اللازمة، وهناك أولوية للاستعفاف تأخذ حجما كبيرا في حالتك، وإلا فإن اللواط وغشيان المحارم في حالتك وفي مثل ظروفك مرشح للتكرار مع الأسف، كما أنصحك بأن تحاول مساعدة أخيك على طلب العلاج إن كان مريضًا أو التوبة إن كان مذنبا مثلك، وأهلا وسهلا بك فتابعنا بأخبارك .
ويقول أ.مسعود صبري من قسم الفتوى :
الأخ السائل:
سامحني إن قلت لك عجيب أمرك وأمر أخيك ، فأنتما تزعمان أنكما تربيتما في أسرة ملتزمة ، وهل التربية في أسرة ملتزمة ينتج مثل هذا السلوك القبيح؟!! إنكم تفهمون الالتزام خطأ !
إن الالتزام الحقيقي ينبع من خوف المرء من الله تعالى ، وأن الله تعالى سيحاسبه على كل صغيرة وكبيرة، ماذا تقول لربك حين يسألك عن أقبح الأفعال وأقذرها، حتى حدا ببعض الفقهاء أن يقولوا : إنه يقتل الفاعل والمفعول به؟ وهل لو كان هناك شرع مطبق، وأخذت الدولة التي تعيش فيها هذا المذهب أكنت تجرؤ على أن تفعل مع أخيك ، وأن يرضى هو بما تفعله ؟ أم أنكما كنتما ستخافان من إقامة الحد عليكما؟؟ فأين أنتما من الخوف من الله تعالى ؟
إنك ضعيف الإيمان، بل ليس عندك شيء من الالتزام حتى تترك أنت وأخوك هذه الجريمة التي تشبهتما فيها بأفعال العجموات ، وإن كان الإسلام حرم على الزوج أن يأتي زوجته التي أحلها الله تعالى له في دبرها، فكيف تأتي أنت هذا في أخيك ، أين عقلك، بل العجيب أنك مستمر على هذا لعدة سنوات ، باستثناء انقطاع فترة ، ثم تعود إليها مرة ثانية !!!
إن الإسلام يعلم فن الحياة ، يعلم المسلم كيف يعيش ويستمتع بحياته فيما أباحه الله تعالى لك ، ومن رحمته أن جعل مساحة الحرام قليلة محصورة ، ومساحة المباح واسعة ، فلماذا دائما نأكل من الشجرة المحرمة ونترك الأشجار الكثيرة؟
لقد أشار إليك أخي الدكتور وائل أن تسرع بالزواج ، حتى لو طالت فترة الخطوبة ، فإنها تعطي نوعا من الاستقرار النفسي ، والراحة النفسية للإنسان، تجعله يتعلق بمن يحب ، وأن تفكر في كيفية معيشية ، وترتيب بيتك مع زوجة المستقبل، فتشغل حيزا من تفكيرك ووقتك.
ومن الاقتراحات التي أطرحها عليك أن تبحث عن عمل آخر، حتى تقضي أكبر وقت بعيدا عن أخيك ، وحتى يهدر أكبر جهد ممكن من طاقتك في عملك، وبالتالي يعجل لك الزواج.
وابحث عن رفقة صالحة ، كتلك التي كنت معها ، حتى تعينك على طاعة الله تعالى ، وابتعد عن كل لقاء يجعلك أنت وأخوك وحدكما ، بل إن استطعت أن تمكث بعيدا عنه في بلدة أخرى ، بحيث لا يراك ولا تراه فترة من الزمن يكون أفضل.
واقرأ أيها السائل في حال شباب الصحابة والتابعين والسلف الصالح لنتحسر على أنفسنا ، كيف كانوا وكيف نحن الآن؟ ففي الاطلاع على سيرهم زاد لنا في حياتنا ، واقرأ أيضا في قصص التائبين إلى الله ، وكيف تابوا إليه، وكيف أصلحوا فيما بينهم وبين الله ، وكيف بدلوا سيئاتهم حسنات.
أخي، ابك على نفسك ، فأنت في لاه في غيك ،وغيرك يسبقك إلى جنان ربك ،وبدلا من أن تنضم إلى قوافل المصلحين ، ركنت إلى حزن العاصين ، وليتك كنت مع الصالحين دون المصلحين ، ولكن قصرت عليك نفسك، فلا أدري ، لأي شيء تعيش؟ وأي وظيفة تقوم بها في الحياة ؟
خذ الآن خطوات جادة لعلاج نفسك ، فأنت طبيب نفسك، وما صنعناه إلا إضاءة على الطريق ، إن أردت أن تسير في طريق النور ، أما إن كنت تريد طريق الظلام فأنت أعلم به ، " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" " نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم. وأن عذابي هو العذاب الأليم".
ــــــــــــــــــــ(41/138)