فالثيب هنا: من ذهبت عذرتها بمقاربة جنسية يتعلق بها ثبوت النسب وهي ما كانت بزواج صحيح أو فاسد أو بشبهة توجب لها المهر بالاتفاق بين الفقهاء.
أما من ذهبت بكارتها بعارض كوثبة أو ضربة أو جراحة أو دفعة حيض شديدة فتعامل معاملة البكر بالاتفاق مع كونها ثيب بالغة. لبقائها على حيائها حيث لم تمارس أحداً من الرجال، كما أنها لم تباشر الإذن بعقد الزواج، أو يقال: إنها بكر حقيقة. لأن مصيبها بعد زوال عذرتها أول مصيب لها. ومنه الباكورة وهي أول الثمار.
لكن الفقهاء اختلفوا فيمن زالت بكارتها بالزنى:
ذهب الشافعي في الأصح وأحمد في المشهور إلى أنها ثيب تعامل معاملة الثيب في الزواج لا فرق في ذلك بين المطاوعة والمكرهة.
قالوا: إن هذه ثيب حقيقة لغة وشرعاً بما حصل منها فإن مصيبها عائد إليها، ومنه المثابة الموضع الذي يرجع إليه، فدخلت في الثيب في الحديث. وقد فرق بينها وبين البكر.
ولأنها تشبه الموطوءة بشبهة، وقد اتفق الجميع على أنها ثيب فتكون هذه مثلها.
ولأن البكر يكتفى بسكوتها لحيائها وهذه قد ذهب حياؤها بمخالطتها الرجال بهذا الطريق المحرم على أن الحياء أمر خفي لا يمكن الوقوف عليه وإنما يعرف بمظنته وهي البكارة وقد زالت بالزنى.
وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية إلى أنها تعامل معاملة البكر إذا لم تشتهر بالزنى على الأصح، لأن علة الاكتفاء بصمات البكر الحياء كما جاء بالحديث، والحياء من الشيء لا يزول إلا بمباشرته، وهذه لم تباشره بالإذن في النكاح فبقي حياؤها منه بحاله.
ولهذا لم تدخل البكر التي زالت عذرتها بالوثبة ونحوها في الثيب في هذا الحديث وإن كانت ثيباً حقيقة، وأن الشارع ندب إلى الستر على الزنى، ومعاملتها معاملة الثيب في هذا الموضع تشهير بها يتنافى في الستر المطلوب.
أما ولاية الإجبار فقد اتفق أصحاب المذاهب الأربعة على أنها تثبت على الصغير والبكر الصغيرة والمجانين والمعاتية ذكوراً وإناثاً إذا وجدت مصلحة في تزويجهم.
واختلفوا في ثبوتها على الثيب الصغيرة والبكر البالغة العاقلة.
ذهب المالكية إلى ثبوت ولاية الجبر عليهما لأن علة الجبر عندهم إما الصغر أو البكارة.
وذهب الشافعية إلى ثبوتها على البكر الكبيرة فقط، لأن علة الجبر هي البكارة لجهلها بأمر الزواج لعدم ممارسته بالتجربة فتكون عاجزة عن اختيار الزوج الملائم، وعلى هذا لو زوج الأب الصغيرة ثم دخل بها الزوج ثم طلقت لا يجوز للأب تزويجها حتى تبلغ فتستشار إذ لا حاجة إلى زواجها ثانية حيث لم تنجح التجربة الأولى فلا داعي لتكرارها، وهي لا تزوج إلا بأمرها كما صرح الحديث "الثيب تستأمر" ولا أمر لها ما دامت صغيرة فينتظر حتى تبلغ ليكون لها أمر.
وذهب الحنفية والحنابلة في أرجح الرأيين عندهم إلى ثبوت الولاية الجبرية على الثيب الصغيرة دون البكر البالغة، لأن علة الجبر هي الصغر، ولذلك تثبت على(29/100)
الصغير وهو لا يوصف بالبكارة ولا بالثيابة، لأن الصغر، يصحبه العجز عادة عن اختيار الزوج ويلحق به ما في معناه من عته أو جنون.
والثيب الصغيرة كانت الولاية ثابتة عليها قطعاً قبل الثيوبة فكان الولي يملك جبرها على الزواج إذا وجد مصلحتها في ذلك لتستوفي حظها منه بعد البلوغ لعجزها عن ذلك بنفسها وقدرة الولي عليه، والثيابة التي عرضت لها لا تصلح مانعاً من تزويجها بل تجعلها أحوج إلى التزويج من البكر لأنها مارست الرجال وصحبتهم، فإذا ثبتت الولاية على البكر فأولى أن تبقى على الثيب الصغيرة.
من تثبت له ولاية الإجبار؟
للفقهاء في ذلك آراء، يثبتونها للأب والجد فقط لأن ثبوتها للأب ثبت بتزويج أبي بكر الصديق ابنته عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي صغيرة.
والجدُّ مثل الأب في كثير من الأحكام حيث يتصرف في مالها كالأب فيأخذ حكمه في ثبوت الولاية، ويقتصر على هذين لوفور شفقتهما التي لا تتوفر في غيرهما من العصبات.
وأضافوا الحاكم للأب والجد في ثبوت الولاية الجبرية على المجانين والمعاتية.
وذهب المالكية والحنابلة في المشهور عندهم إلى إثباتها للأب ووصيه، لأن الوصي قائم مقام الأب واختياره يدل على ذلك، فإن الأب لا يختار وصياً لتزويج ابنته إلا إذا كان موفور الشفقة حريصاً على مصلحة ابنته.
غير أن المالكية يقيدون ولاية الإجبار للوصي بحالتي ما إذا عين الأب الزوج أو فوض له الأمر بأن يزوجها من يشاء، فإذا ملك الوصي الإجبار لا يزوجها إلا بمهر المثل وبالزوج الكفء بخلاف الأب فإنه يملك الإجبار مطلقاً.
وذهب الحنفية إلى إثباتها للعصبات، واستدلوا بإجماع الصحابة، وبما روي عن علي كرم الله وجهه "النكاح إلى العصبات" فقد روى مرة موقوفاً عليه وأخرى مرفوعاً لرسول الله، ولوجود الشفقة عند سائر العصبات غير أنهم لما كانوا مختلفين في قوة القرابة والشفقة اختلف الحكم في تزويجهم حيث يكون تارة لازماً، وأخرى غير لازم:
ففي تزويج الأب والجد والابن بالكفء والمهر المناسب يكون العقد لازماً لا تخيير فيه، وفي تزويج غيرهم جعل للمولى عليه الخيار عند البلوغ إذا كان صغيراً أو الإفاقة إن كان مجنوناً ليتدارك الخطأ الذي يكون في تزويجهم.
ـــــــــــــــــــ
الفقه الإسلامي وأصوله - (ج 3 / ص 340)
الولاية:
الفَصل الأول
في الولاية على النفس
- تعريف ولاية النفس:
- ويراد بها هنا: سلطة الولي التي تتعلق بنفس المولى عليه من صيانته وحفظه وتأديبه وتعليمه العلم أو الحرف وتزويجه.(29/101)
ولما كان الطفل بعد انتهاء فترة الحضانة عاجزاً عن القيام بتلك الأمور بنفسه حيث لا يدرك وجه المصلحة فيها كان في أشد الحاجة إلى من يقوم بها، ويسمى ذلك الشخص بالولي.
ولما كان مدار ثبوتها عجز المولى عليه من إدراك وجه المصلحة فيما يحتاج إليه ثبتت على كل عاجز سواء كان صغيراً أو كبيراً مجنوناً أو معتوهاً.
فتثبت على الصغير حتى يبلغ عاقلاً مأموناً على نفسه، وعلى الصغيرة والكبيرة حتى تتزوج أو تتقدم بها السن وتصبح مأمونة على نفسها بكراً كانت أو ثيباً، كما تثبت على المجانين والمعاتيه حتى تزول علتهم.
- من تثبت له هذه الولاية؟
تثبت الولاية على النفس لأقارب المولى عليه من العصبات الذكور، وهم أصوله من الأب والجد أبي الأب وإن علا، وفروعه من الأبناء وأبناء الأبناء، وفروع الأبوين من الأخوة الأشقاء والأخوة لأب وأبنائهم، وفروع الأجداد وهم الأعمام وأبناؤهم، غير أن الولاية على الأنثى لا تكون إلا للعاصب المحرم فلا تثبت لابن العم، فإن لم يوجد من العصبات غيره أبقاها القاضي عند حاضنتها أو اختار لها شخصاً أميناً وضعها عنده.
وتثبت الولاية لهؤلاء على حسب ترتيبهم في الميراث. فالفروع ثم الأصول ثم الأخوة وأبناؤهم، ثم الأعمام وأبناؤهم بالنسبة لغير الصغار، أما الصغار فتثبت الولاية عليهم أولاً للأصول لعدم وجود أبناء يصلحون للولاية، فإن لم يوجد إلا واحد كانت الولاية له، وإن تعددوا قدم الأقرب، وإن تساووا في الدرجة قدم الأقوى قرابة كالأخ الشقيق على الأخ لأب، والعم الشقيق على العم لأب، فإن تساووا في الدرجة وقوة القرابة تثبت لهم جميعاً، ويختار القاضي أصلحهم للولاية. هذا في مذهب الحنفية.
- متى تنتهي هذه الولاية؟
تنتهي هذه الولاية بالنسبة للفتى بالبلوغ بالعلامات الطبيعية، فإن لم تكن فبالسن وهو خمس عشرة سنة عند جماهير الفقهاء، وهو ما يجري عليه العمل في القضاء، لأنه الراجح في مذهب الحنفية، فإذا بلغ بأحدهما وكان مأموناً على نفسه انتهت هذه الولاية، وكان له الخيار في الإقامة مع وليه أو الانفراد عنه في السكنى كما يقول الفقهاء.
أما الفتاة فلا تنتهي الولاية عليها بالبلوغ بل تستمر إلى أن تتزوج أو تتقدم بها السن حتى تصير مأمونة على نفسها فلها أن تنفرد بالسكنى أو تسكن مع أمها.
- شروط الولي على النفس:
يشترط في من تثبت له الولاية على النفس الشروط الآتية :
-1 أن يكون بالغاً عاقلاً، لأن غير البالغ العاقل لا ولاية له على نفسه بل هو محتاج لمن يلي عليه.
-2 أن يكون قادراً على القيام بما تتطلبه الولاية من أعمال، فلو كان عاجزاً لا يكون أهلاً لها.(29/102)
-3 أن يكون أميناً على المولى عليه في نفسه ودينه، فلو لم يكن أميناً بأن كان فاسقاً مستهتراً لا يبالي بما يفعل لا يكون أهلاً للولاية، لأنها شرعت لمصلحة الصغير وليس من مصلحته أن يوضع عند هذا الفاسق لأنه يخشى عليه أن يتخلق بأخلاقه، وكذلك لو كان مهملاً كأن يترك الصغير مريضاً بلا علاج أو يحرمه من التعليم وعنده استعداد له، فإذا كان كذلك انتقلت الولاية إلى من يليه من الأولياء محافظة على مصلحة الصغير.
-4 أن يكون متحداً مع المولى عليه في الدين، لأن اختلاف الدين يؤثر في رابطة القرابة الموجودة بينهما فيتعرض الصغير لخطر التأثر بدين وليه، فلو كانت الولاية للأخوة وكان للصغير أخوان أحدهما موافق له في الدين والآخر يخالفه فيه كانت الولاية للموافق في الدين.
وهذا الشرط في غير القاضي، لأنه نائب عن الحاكم صاحب الولاية على جميع الرعايا مسلمين وغير مسلمين، وكما تشترط هذه الشروط في ثبوت الولاية ابتداء يشترط بقاؤها طوال مدة الولاية، فإذا تغير شرط منها سلبت الولاية منه لأنه أصبح غير أهل لها.
الفَصل الثّاني
في الولاية على المال
- تعريف ولاية المال:
يراد بالولاية على المال: السلطة التي يملك بها الولي التصرفات والعقود التي تتعلق بمال المولى عليه من البيع والشراء والإجارة والرهن والإعارة وغيرها.
وهذه الولاية تثبت على العاجزين عن تدبير شئونهم المالية من الصغار والمجانين والمعاتيه باتفاق الفقهاء، كما تثبت على السفهاء وذي الغفلة عند جماهير الفقهاء خلافاً لأبي حنيفة.
أما الصغير: فيمر بمرحلتين حتى يبلغ. المرحلة الأولى: مرحلة عدم التمييز وتنتهي عادة ببلوغ سن السابعة وفي هذه المرحلة تكون الولاية عليه تامة، فجميع التصرفات لوليه، لأن الصغير فيها لا إدراك له ولا تمييز ومن ثم لا تكون له عبارة معتبرة، فأي تصرف يصدر منه يكون باطلاً.
فإذا بلغ سن السابعة من عمره بدأت المرحلة الثانية وهي مرحلة التمييز وفيها يدرك الفرق بين النافع والضار بصورة إجمالية، كما يعرف معاني العقود إجمالاً، فيدرك أن معنى بقت إخراج للشيء من حيازته، ومعنى اشتريت إدخال للمشتري في حيازته، فيتحقق له بهذا أهلية للتصرف لكنها ناقصة يحتاج معها إلى رأي وليه، ومن هنا قرر فقهاء الحنفية إن تصرفاته في هذه المرحلة ثلاثة أنواع :
-1 تصرفات نافعة نفعاً محضاً. كقبول الهبة أو الهدية، وهذه تصح منه وتنفذ ولا تتوقف على إذن وليه.
-2 تصرفات ضارة ضرراً محضاً كهبة ماله وإهدائه وإبراء المدين له من الدين وإقرار بالدين، وهذه باطلة لا تنفذ حتى ولو أجازها وليه، لأن الولي لا يملكها ابتداء فلا يملك تمليكها لغيره بالإجازة.(29/103)
-3 تصرفات مترددة بين النفع والضرر كالبيع والشراء والإجازة وعقود المعاوضات كلها، وهذه تصح باعتبار ما عنده من إدراك وتمييز وأهلية ناقصة، ولكنها تتوقف على رأي الولي. إن أجازها - في حدود ما يملكه من الولاية - ونفذت لظهور أن نفعها أكثر من ضررها، وإن ردها بطلت لظهور أن ضررها أكبر وتستمر هذه المرحلة إلى البلوغ، وهو يكون بالعلامات الطبيعية إن وجدت وبالسن إن لم توجد، وهو مقدر عند جمهور الفقهاء بخمس عشرة سنة، وعليه العمل في القضاء، وخالف أبو حنيفة فجعله ثماني عشرة سنة للفتى، وسبع عشرة سنة للفتاة، وجعله مالك ثماني عشرة سنة لها استناداً لقول ابن عباس في تفسيره لقوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الأنعام: 152] فقد فسر أشد اليتيم بثماني عشرة سنة فكان حد البلوغ بالسن، ولكن أبا حنيفة أنقص الفتاة سنة لأنها أسرع إلى البلوغ عادة من الفتى.
أما الجمهور فقد استندوا إلى ما رواه الجماعة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : "عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يُجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني".
فإجازة الرسول وإذنه بالقتال وهو ابن خمس عشرة سنة دليل على أن أدنى سن البلوغ مبلغ الرجال هو ذلك.
وإذا بلغ عاقلاً كملت أهليته ولكن لا يسلم إليه المال إلا إذا ثبت رشده، وهو الإحسان في التصرف في المال بحيث لا ينفقه إلا على مقتضى العقل والشرع، وما دام لم يسلم إليه ماله تبقى الولاية المقيدة لتصرفاته فلا يتصرف إلا بالإذن.
ولم يحدد الفقهاء للرشد سناً معينة، لأنه أمر يختلف باختلاف الأشخاص والأزمان، بل وكلوا ذلك إلى التجربة والاختيار وهو قول الجمهور، أيضاً وزادوا أنه يثبت بشهادة رجلين عدلين في الذكور والإناث وبشهادة النساء وحدهن أو مع الرجال في الإناث فقط.
وسند هذا الرأي قوله تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا * وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 5-6] فإذا ثبت الرشد بالفعل سلم إليه ماله.
وذهب أبو حنيفة إلى أن ذلك يستمر إلى خمس وعشرين، فإذا بلغها سلم إليه ماله وإن لم يرشد بالفعل، لأن الغرض من منع المال عنه تهذيبه وتأديبه بصورة حسية، فإذا بلغ هذه السن ولم تفد التجارب معه لم يكن هناك أمل في ذلك، وحينئذ يدور الأمر بين منع ماله عنه وفيه إهدار لكرامته وهو عاقل وبين دفع المال إليه والمحافظة على كرامته كإنسان، وإذا دار الأمر بين الإنسانية والمال رجحت كفة الإنسانية ومنع الحجر عليه، ولأنه يكون في هذه السن إمكان أن يكون جداً.
ولأنه مخاطب بالتكاليف الشرعية مأمور بالوفاء بالعقود في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] وفي الحجر عليه معارضة لهذه الآية.
أما المجنون: وهو عديم العقل فيأخذ حكم الصغير قبل سن التمييز إذا كان جنونه مطبقاً أو متقطعاً في حال الجنون، أما في حال الإقامة فهو كالعاقل.(29/104)
أما المعتوه: وهو قليل الفهم فاسد التدبير مختلط الكلام فيأخذ حكم الصغير بعد سن التمييز.
وأما ذو الغفلة: وهو الذي لا يهتدي إلى التصرفات النافعة ويغبن في البياعات لضعف إدراكه فيأخذ حكم السفيه، وهو البالغ العاقل غير الرشيد يحجر عليه ويمنع عنه ماله.
من تثبت له الولاية المالية:
ذهب الحنفية إلى أنَّ الولاية المالية تثبت على الصغير على الصغير عند الحنفية للأب ثم لوصيه ثم لوصي وصيه، ثم للجد الصحيح وهو أبو الأب وإن علا، ثم لوصيه ثم لوصي وصيه، ثم للقاضي ثم لوصي القاضي.
فهي تثبت للأب أولاً، فإن لم يوجد وكان قد أختار وصياً ليدير شئون أولاده المالية ثبتت لهذا الوصي وإن كان الجد موجوداً، وكذلك إذا اختار وصي الأب وصياً ليقوم بدله، فإن لم يوجد هذا الوصي أو كان وتوفي كانت الولاية للجد، ثم من بعده لوصيه ولوصي وصيه إن وجد، فإن لم يوجد واحد من هؤلاء كانت الولاية للقاضي الذي يعين في الغالب وصياً يتولى ذلك الإشراف.
وذهب المالكية والحنابلة إلى أن الولاية عندهم للأب ثم لوصيه ثم للقاضي ثم وصيه فلم يجعلوها للجد أصالة وإن كان يصح أن يكون وصياً من قبل الأب أو القاضي قالوا: لأنه لا يدلي إلى الصغير بنفسه وإنما يدلى إليه بالأب فلا تكون له الولاية على مال الصغير كالأخ.
ذهب الشافعية إلى جعل الولاية أولاً للأب ثم للجد ثم لوصي من تأخر موته منهما ثم للقاضي ثم لمن يقيمه وصياً، لأن الجد عندهم ينزل منزلة الأب عند عدمه لوفر الشفقة عنده مثل الأب ولذلك تثبت له الولاية في التزويج فتثبت ولايته في المال أيضاً.
وتقديم الأب على غيره أمر طبيعي لأنه أشفق الناس على أولاده وأحرصهم على مصالحهم، وكان وصي الأب مقدماً على الجد لأن اختيار الأب وصياً مع وجود الجد دليل على أنه أولى من الجد، لأنها تعتمد على الأمانة والتجربة والخبرة أكثر من اعتمادها على الشفقة التي يتميز بها الجد عن الوصي، وإرادة الأب في شئون ولده محترمة في حياته فكذلك تحترم بعد وفاته.
هذا وليس لأحد من العصبات غير الأب والجد حق في الولاية على المال إلا إذا جاءت بطريق الوصايا من الأب والجد أو الإختيار من القاضي وكذلك لا حق للنساء إلا من هذا الطريق.
أما الولاية على المجنون والمعتوه: فإذا كان الجنون أو العتة مصاحباً للبلوغ فإن الولاية تكون للأولياء السابقين لأنها كانت ثابتة بسبب الصغر ولم يوجد ما يقتضي رفعها فتستمر إلى الإفاقة قولاً واحداً في المذهب الحنفي.
أما إذا بلغ الصغير عاقلاً سليماً ثم طرأ عليه الجنون أو العته بعد رفع الولاية عنه فالراجح في المذهب الحنفي عود الولاية إلى الولي السابق لوجود العجز المقتضى للولاية وهو قول أبي حنيفة.
شروط الولي على المال:(29/105)
شرط الفقهاء لأهلية الولاية على المال الشروط الآتية:
-1 أن يكون كامل الأهلية بالبلوغ والعقل والحرية، لأن ناقصها لا ولاية له على ماله، فلا تكون له ولاية على غيره.
-2 ألا يكون سفيهاً يخشى على مال القاصر من تصرفاته، فإن كان محجوراً عليه بالفعل فالأمر ظاهر، لأن الممنوع من التصرف في ماله يمنع من التصرف في مال غيره من باب أولى، وإن كان غير محجور عليه بالفعل لكن يستحق الحجر فلا ولاية له أيضاً لعدم ائتمانه على المال.
-3 أن يكون متحداً مع القاصر في الدين، فإن كان الأب غير مسلم وأولاده مسلمون. كأن تكون أمهم قد أسلمت وهم صغار وبقي الأب على دينه فيكون الأولاد مسلمين تبعاً لأمهم، لأنهم يتبعون خير الأبوين ديناً فلا تثبت الولاية للأب عليهم في هذه الحالة، وكذلك لو كان الأب أسلم وتوفي وترك أولاده المسلمين فلا يكون لجدهم المخالف له في الدين ولاية عليهم.
وهذا الشرط في غير القاضي، لأن ولاية القاضي ولاية عامة مستمدة من رئيس الدولة الذي هو ولي من لا ولي له من رعاياه مسلمين وغير مسلمين.
- سلطة الولي في التصرفات:
الأصل في تصرفات الولي أنها غير مطلقة بل مقيدة بما فيه مصلحة المولى عليه، وعلى ذلك لا يملك التصرفات الضارة ضرراً محضاً، كهبة جزء من مال المولى عليه أو التصدق به، فإذا صدرت منه كانت باطلة، ويملك التصرفات النافعة نفعاً محضاً. كقبول الهبة والصدقة والوصية، ومثلها التصرفات الدائرة بين النفع والضرر كالبيع والشراء والإجارة والشركة بشرط ألا يكون فيها ضرر، فإن كان فيها ضرر كانت باطلة، هذا إجمال لحكم التصرفات، أما تفصيلها فإنها تختلف بإختلاف الشخص الذي يتولاها، وإليك البيان.
تصرفات الأب: يفصل الحنفية في الآباء فيصنفونهم أصنافاً أربعة.
الصنف الأول: أب معروف بالتبذير والإسراف وعدم الأمانة على المال، وهذا لا يستحق الولاية على أموال أولاده، فلو أعطيت له الولاية ثم ظهر كذلك سلبت ولايته وأخذ منه المال وسلم إلى من يستحقها إن كان موجوداً، وإلا سلم إلى وصي يختاره القاضي ليحقق للصغار ما ينفعهم ويحافظ على مصلحتهم.
الصنف الثاني: أب معروف بفساد الرأي وسوء التدبير لكنه أمين على المال غير مبذر فيه، وهذا يستحق الولاية نظراً لأمانته وعدم تبذيره، ولأنه أقرب الناس إلى أولاده وموفور الشفقة عليهم، ولكنه يراقب في تصرفاته فيمنع من كل ما يضر بمصلحة الصغير، فيشترط لصحة تصرفاته الدائرة بين النفع والضرر أن تكون فيها منفعة ظاهرة، فإن تحققت نفذت وإن لم تتحقق ألغى التصرف.
ولقد وضع بعض الفقهاء معياراً للمنفعة الظاهرة في بيع العقار أن يكون بضعف قيمته، وفي شرائه أن يكون بنصف القيمة، وفي بيع المنقول أن يكون بزيادة تساوي نصف قيمته وفي شرائه أن يكون بنقص يساوي ثلث قيمته فيبيع ما قيمته ستة بتسعة، ويشتري ما قيمته تسعة بستة.
وقيل غير ذلك لكن الفتوى على الأول.(29/106)
الصنف الثالث: أب معروف بحسن الرأي والتدبير والتصرف. وهذا والذي قبله تثبت لهما الولاية الكاملة ومطلق التصرف في أموال من في ولايتهما صغاراً كانوا أو غير صغار.
فيملك الواحد منهما كافة التصرفات التي يملكها في ماله، ولا يستثنى منها إلا ما فيه ضرر محض كالتبرع والصدقة وما في معناهما، لأن التبرع إخراج المال الصغير بدون عوض فيكون ضرراً محضاً.
وعلى هذا يكون له بيع أموال المولى عليهم عقاراً كانت أو منقولاً ويشتري لهم مادام ذلك البيع والشراء بمثل القيمة أو بغبن يسير مما يتغابن فيه الناس عادة، ولا يملك أحد نقص تصرفه حتى الصغير إذا بلغ لا يملك ذلك، لأنه صدر عن ولاية تامة.
أما إذا كان البيع والشراء بغبن فاحش فإنه لا يكون صحيحاً، لأنه في معنى التبرع وهو ممنوع منه فيبطل البيع وينفذ الشراء على الأب لإمكان تنفيذه بدون ضرر بالمولى عليه.
ويجوز له أن يشتري مال الصغير لنفسه أو يبيع ماله له مادام خالياً من الغبن الفاحش، ويتم العقد بعبارته وحدها. كبعت هذا إلى ابني أو اشتريت هذا من ابني، وهي من الصور المستثناة من القاعدة العامة عندهم التي تمنع تولي الشخص الواحد طرفي العقد في العقود المالية بعبارة واحدة، وخالف في ذلك بعض الحنفية تمسكاً بالقاعدة كما يجوز أن يؤجر ماله ويتأجر له بدون غبن فاحش، ولا يجوز له أن يؤجر أموال الصغير لمدة طويلة لأنها غالباً تكون بأجرة ناقصة ففيها ضرر بأموال الصغير.
وله أن يودع أموال القاصر ولو كان الإبداع بأجر، لأنه من طرق المحافظة على أموال القاصر.
كما أن له أن يعير أموال الصغير إذا كان العرف يجري بذلك، لأنه كما يعير آلاته يستعير له من غيره فهو من قبيل تبادل الخدمات.
تصرفات الجد في ولايته:
اختلف أئمة المذهب الحنفي في تحديد نطاق تصرفات الجد على رأيين:
فيرى أبو حنيفة أنه لا يملك كل ما يملكه الأب من تصرفات، بل تقتصر ولايته على ما يملكه وصي الأب -وسيأتي بيانها- لأنه يلي الوصي في المرتبة فلا يكون له اختصاص أكثر من ذلك الوصي، ولو كان مساوياً للأب لتلاه في المرتبة وتقدم على وصي الأب في الولاية المالية.
وفي رواية في المذهب أنه يملك ما يملكه الأب لا فرق بينهما، لأن ولايته أصلية أثبتها له الشارع ولم يستمدها من أحد حيث ثبتت له باعتباره أبا عند فقد الأب، ولأنه موفور الشفقة كالأب فيملك ما يملكه، وتأخره في المرتبة عن وصي الأب لاحترام إرادة الأب لا لأنه أضعف في ولايته من وصي الأب.
ومع وجاهة رأي الثاني فقد اختار الفقهاء الرأي الأول للفتوى.
وعلى القول بتساوي الجد مع وصي الأب في نطاق الولاية فرقوا بينهما في أمرين.(29/107)
أولهما: أن الجد يملك التعاقد لنفسه بالبيع والشراء من مال القاصر من غير غبن فاحش، أما الوصي فلا يملك ذلك إلا إذا كان في البيع والشراء مصلحة ظاهرة، كأن يشتري عقار الصغير بضعف قيمته وأن يبيع عقاره للصغير بنصف قيمته عند أبي حنيفة.
وثانيهما: أن وصي الأب يملك بيع أعيان التركة عقاراً أو منقولاً في سداد الديون وإن كان بعض الورثة كباراً لقيامه مقام الأب في تركته، فيتولى تسديد ديونه بمقتضى الإيصاء، وكذلك له تنفيذ الوصية.
أما الجد فلا يملك ذلك إلا إذا كان بعض الورثة كباراً، لأن ولايته بحكم الشرع على الصغار فقط فيقتصر تصرفه على بيع ما يخص الصغار فقط.
ـــــــــــــــــــ
نفقة صغير
المفتي
أحمد هريدى .
28 فبراير 1967م
المبادئ
1 - المقرر شرعا أن نفقة الصغير فى ماله سواء أكان الأب غنيا أو فقيرا .
2 - المقرر قانونا عدم محاسبة الوالد على ما أنفقه من ريع مال الصغير عليه .
3 - ليس للصغير محاسبة والده على ما أخذه وما أنفقه من ريع ماله
السؤال
بطلب تضمن أن ولدا صغيرا توفيت س ط ف والدته سنة 1933 تاركة له أرضا زراعية 20 م فى منزلين متواضعين .
ويطلب السائل بيان ما إذا كانت نفقة الصغير تجب على والده المتوسط الحال، أم تكون فى ماله، وإذا كانت فى ماله فهل للصغير أن يطلب محاسبة والده على ما أنفقه عليه من ريع ماله أولا
الجواب
المقرر شرعا أن نفقة الصغير تكون فى ماله سواء أكان الأب غنيا أم فقيرا .
والمقرر قانونا أن الوالد لا يحاسب على ما أنفقه من ريع مال الصغير طبقا لحكم المادة رقم 25 من المرسوم بقانون رقم 119 سنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال التى تنص فيما نصت عليه على الآتى ولا يحاسب الأب على ما تصرف فيه من ريع مال القاصر وليس لهذا الصغير محاسبة والده على ما أنفقه عليه من ريع ماله .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ـــــــــــــــــــ
تصرف الجد فى مال القصر
المفتي
أحمد هريدى .(29/108)
التاريخ 29 مارس سنة 1967 م
المبادئ
1 - الولاية على مال القصر للجد الصحيح إذا لم يكن الأب قد اختار وصيا مختارا قبل وفاته وليس للجد التنحى عنها إلا باذن من المحكمة مادام قد توافرت له الأهلية اللازمة لمباشرة هذا الحق .
2 - يجوز للجد قبض واستلام المبالغ المستحقة للقاصر بدون اذن المحمة على أن يحرر قائمة بما آل للقاصر من مال يودعها قلم كتاب المحكمة فى المواعيد التى حددها القانون .
3 - لا يجوز للجد التصرف فى مال القاصر ولا الصلح عليه ولا التنازل عنه إلا بعد الحصول على اذن من المحكمة المختصة
السؤال
من الأستاذ ب .
المحامى بالطلب المتضمن أن رجلا توفى عن أولاده القصر الذين شملوا بولاية جدهم لأبيهم الطبيعية بعد وفاته .
وطلب السائل بيان ما إذا كان يحق للجد بوصفه وليا طبيعيا على هؤلاء القصر قبض واستلام .
والتصالح عما قد يستحقه هؤلاء القصر من تعويض لهم لدى احدى الشركات نيابة عنهم دون الحصول على اذن بذلك من النيابة الحسبية أم يجب عليه الحصول على اذن منها بذلك
الجواب
تنص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال أن الولاية للأب ثم للجد الصحيح إذا لم يكن الأب قد اختار وصيا مختارا على مال القصر .
وعليه القيام بها ولا يجوز له أن يتنحى عنها إلا بإذن من المحكمة .
فإذا توافرت للجد الأهلية اللازمة لمباشرة هذا الحق فيما يتعلق بماله هو ولم يكن الأب قد اختار وصيا على مال القاصر .
كان للجد القيام على رعاية أموال القاصر .
وله ادارتها وولاية التصرف فيها مع مراعاة الأحكام المقررة فى القانون المذكور كما تقضى بذلك المادتان الثانية والثالثة من القانون المذكور .
وقد نصت المادة 15 من هذا القانون .
على أنه لا يجوز للجد بغير اذن المحكمة التصرف فى مال القاصر ولا الصلح عليه ولا التنازل عن التأمينات أو أضعافها كما نصت المادة 16 منه على على الأولى أن يحرر قائمة بما يكون للقاصر من مال أو ما يؤول إليه .
وأن يودع هذه القائمة قلم كتاب المحكمة التى يقع بدائرتها موطنه فى مدى شهرين من بداية الولاية أو من أيلولة هذا المال إلى الصغير وطبقا لما ذكر يجوز للجد قبض واستلام المبالغ المستحقة للقاصر بدون اذن المحكمة على أن يحرر عنها قائمة بما آل للقاصر من مال يودعها قلم كتاب المحكمة فى المواعيد التى حددتها(29/109)
المادة المذكورة، ولا يجوز له التصرف فى المال ولا الصلح عليه ولا التنازل عن التأمينات أو أضعافها الا بعد الحصول على اذن من المحكمة الحسبية لا من النيابة .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم
ـــــــــــــــــــ
ابن الأخت مع بنتى ابن الأخت وبنت بنت الأخت
المفتي
أحمد هريدى .
التاريخ 24 يونية سنة 1963 م
المبادئ
بنتا ابن الأخت وبنت بنت الأخت وابن الأخت من الصنف الثالث من ذوى الأرحام غير أن ابن الأخت أقرب درجة منهن ويتقدم عليهن لذلك يأخذ جميع التركة عملاى بالمادتين 31، 34 من قانون المواريث
السؤال
طلبت نيابة القوصية الولاية على المال - بكتابها رقم 126 بمرفقاته المقيد برقم 358 سنة 1963 توزيع تركة الأخرس عطية ميخائيل المتوفاة عن ابن أخته مختار عبد الله وعن بنتى ابن أخته وهما عزيزة ووزيرة بنتا جرجس .
وعن بنت بنت أخته نجية سليمان فقط
الجواب
أنه إذا كان الحال كما جاء بالأوراق تكون جميع تركة هذا المتوفى لابن أخته مختار عبد الله مقار سواء أكان ابن أخت شقيقة أم لأب أم لأم .
لأنه من الصنف الثالث من ذوى الأرحام ولا يوجد من هو أولى منه بالميراث .
ولا شىء لبنتى ابن أخته ولا لبنت بنت أخته لأنهن وأن كن من الصنف الثالث من ذوى الأرحام الا أنهن أنزل منه درجة فيقدم عليهن عملا بالمادتين 31 و 34 من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 .
ے الموضوع( 3048 ) بنات العمة مع بنات الخالة .
المفتى : فضيلة الشيخ أحمد هريدى .
محرم سنة 1383 هجرية - 11 يونية سنة 1963 م .
المبدأ :
بنات العمة وبنات الخالة من الطائفة الثانية من الصنف الرابع من ذوى الأرحام ويحوزون التركة بحق الثلثين لقرابة الأب والثلث لقرابة الأم لا تحادهن فى قوة القرابة وأختلافهن فى الحيز .
سئل :
توفيت بتاريخ 13/5/1963 عن ورثتها وهن بنات عمتها الشقيقة وبنتا خالتها الشقيقة فقط وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى كيفية تقسيم تركة هذه المتوفاة ونصيب كل وارث .
أجاب :(29/110)
بوفاة هذه المتوفاة عن ورثتها المذكورات يكون لبنات عمتها الشقيقة ثلثا تركتها بالتساوى بينهن ولبنتى خالتها الشقيقة الثلث يقسم بينهما مناصفة لأنهن جميعا من الطائفة الثانية من الصنف الرابع من ذوى الأرحام وقد اتحدن فى قوة القرابة واختلفن فى الحيز فقرابة الأب لها الثلثان وقرابة الأم لها الثلث وذلك عملا بالمادتين 31، 36 من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 وهذا إذا لم يكن للمتوفاة المذكورة وارث آخر .
والله أعلم .
الموضوع( 3049 ) الخال لأب و ابن الخالة وابناء العم لأم وأبناء ابن العم لأم .
المفتى : فضيلة الشيخ أحمد هريدى .
التاريخ 6 ربيع آخر سنة 1383 هجرية - 25 أغسطس سنة 1963 م .
المبادئ :
1 - الخال من الطائفة الأولى من الصنف الرابع من ذوى الأرحام .
2 - ابن الخالة الشقيقة وأبناء العم لأم وأبناء ابن العم لأم من الطائفة الثانية من الصنف الرابع من ذوى الأرحام .
3 أفراد الطائفة الأولى من الصنف الرابع من ذوى الأرحام مقدمون على من يليهم من الطوائف .
سئل :
توفى عن خاله لأبيه محمد أحمد وابن خالته الشقيقة أحمد محمد وابنى عم لأم رياض وتوفيق ابنى محمد حسن وأبناء ابن عم لأم حسن ومحمد وأحمد أبناء ربيع محمد فقط - وطلب السائل بيان من يرث ومن لا يرث ونصيب كل وارث .
أجاب :
بوفاة المرحوم عبد الرحمن عن المذكورين تكون جميع تركته لخاله لأبيه .
لأنه من الطائفة الأولى من الصنف الرابع من ذوى الأرحام .
ولا يوجد أحد أولى منه بالميراث . ولا شىء لابن خالته الشقيقة ولا لابنى عمه لأم ولا لأبناء ابن عمه لأم لأنهم وأن كانوا من الصنف الرابع من ذوى الأرحام إلا أنهم من الطائفة الثانية والطائفة الأولى أولى بالميراث من الطائفة الثانية عملا بالمادة رقم 31 من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 .
وهذا إذا لم يكن لهذا المتوفى وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة .
والله أعلم .
الموضوع( 3050 ) بنتا الأخوين مع أولاد الأخت ذكورا وأناثا .
المفتى : فضيلة الشيخ محمد خاطر .
التاريخ 8 أغسطس سنة 1968 م .
المبادئ :
1 - عند اتحاد أفراد الصنف الثالث من ذوى الأرحام فى الدرجة وقوة القرابة والادلاء بوارث مع عدم وجود صاحب فرض ولا عاصب ولا أحد من الأصناف المتقدمة عليهم من ذوى الأرحام يشتركون فى الارث للذكر منهم ضعف الأنثى .(29/111)
2 - بانحصار الإرث فى بنتى أخوين شقيقين وفى أولاد أخت شقيقة يشتركون فى الإرث للذكر منهم ضعف الأنثى .
سئل :
من ادارة الشئون القانونية لتفتيش عام ضغط النيل بوزارة الرى بكتابها المؤرخ 30/7/1968 م المتضمن وفاة آنسة عن بنتين لأخوين شقيقين وعن أولاد ( ذكور وأناث ) لأخت شقيقة فقط - وطلبت الافادة عمن يرث ومن لا يرث ونصيب كل وارث .
أجاب :
بوفاة الآنسة المذكورة عن المذكورين فقط تكون تركتها لبنتى أخويها الشقيقين وأولاد أختها الشقيقة للذكر منهم ضعف الأنثى لأنهم جميعا من الصنف الثالث من ذوى الأرحام .
وقد اتحدوا فى الدرجة وقوة القرابة والادلاء بوارث ولا يوجد أحد أولى منهم بالميراث من أصحاب الفروض والعصبات أو من الأصناف المتقدمة عليهم من ذوى الأرحام فيشتركون فى الإرث للذكر ضعف الأنثى وذلك تطبيقا للمواد 31، 34، 38 من القانون رقم 77 لسنة 1943 بأحكام المواريث .
وهذا إذا لم يكن لهذه المتوفاة وارث آخر غير من ذكر .
الموضوع( 3051 ) أولاد الخالين والخالة وابن خال الأم .
المفتى : فضيلة الشيخ أحمد هريدى .
شوال سنة 1388 هجرية - 31 ديسمبر سنة 1968 م .
المبادئ :
1 - أولاد الخالين وأولاد الخالة وابن خال الأم الذى هو فى الوقت نفسه ابن خالة الأب من الطائفة الثانية من الصنف الرابع من ذوى الأرحام .
2 - أولاد الخالين وأولاد الخالة أقرب درجة من ابن خال الأم الذى هو ابن خالة الأب .
ومن كان أقرب درجة أولى بالميراث من غيره .
سئل :
توفيت عن ابن خال أمها وهو فى الوقت نفسه ابن خالة أبيها وعن أولاد خاليها وعن أولاد خالتها فقط - وطلب السائل بيان من يرث ومن لا يرث ونصيب كل وارث .
أجاب :
بوفاة نزهة سعيد شحاتة عن المذكورين فقط تكون جميع تركتها لأولاد خاليها وأولاد خالتها للذكر منهم ضعف الأنثى لأنهم جميعا من الطائفة الثانية من الصنف الرابع من ذوى الأرحام وقد اتحدوا فى الدرجة وقوة القرابة ولا يوجد أحد أولى منهم بالميراث من أصحاب الفروض والعصبات أو من الأصناف المتقدمة عليهم من ذوى الأرحام ولا شىء لابن خال أمها الذى هو فى الوقت نفسه ابن خالة أبيها لأنه وأن كان من الطائفة الثانية من الصنف الرابع من ذوى الأرحام إلا أن أولاد الخالين والخالة أقرب درجة منه للمتوفاة المذكورة ومن كان أقرب درجة أولى بالميراث من غيره عملا بالمادتين 31، 34 من قانون المواريث 77 لسنة 1943 .(29/112)
وهذا إذا لم يكن لهذه المتوفاة وارث آخر غير من ذكروا .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
ولاية الجد ومدى حقه فى التصرف فى مال القاصر
المفتي
أحمد هريدى .
29 مارس 1967م
المبادئ
1- ولاية الجد الصحيح إنما تأتى إذا لم يكن الأب قبل وفاته قد اختار وصيا على مال القصر .
2- الواجب عليه القيام بأعبائها، ولا يجوز تنحيه عنها إلا بإذن .
3- عدم جواز تصرفه فى مال القاصر إلا بإذن من المحكم، وعليه إيداع قائمة بالمحكمة الحسبية بأموال القاصر فى مدى شهرين من بداية الولاية، أو من أيلولة المال إلى الصغير
السؤال
إن رجلا توفى عن أولاده القصر الذين شملوا بولاية جدهم لأبيهم الطبيعية بعد وفاته .
وطلب السائل بيان ما إذا كان يحق للجد بوصفه وليا طبيعيا على هؤلاء القصر القبض والاستلام والتصالح عما يستحقه هؤلاء القصر من تعويض لهم لدى إحدى الشركات نيابة عنهم دون الحصول على إذن بذلك من النيابة الحسبية، أم يجب عليه الحصول على إذن منها بذلك
الجواب
تنص المادة الأولى .
من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال .
- أن الولاية للأب ثم للجد الصحيح إذا لم يكن الأب قد اختار وصيا مختار على مال القاصر .
وعليه القيام بها ولا يجوز له أن يتنحى عنها إلا بإذن من المحكم .
فإذا توافرت للجد الأهلية اللازمة لمباشرة هذا الحق فيما يتعلق بماله هو ولم يكن الأب قد اختار وصيا على مال القاصر، كان للجد القيام على رعاية أموال القاصر وله إردارتها وولاية التصرف فيها مع مراعاة الأحكام المقررة فى القانون المذكور كما تقضى المادتان الثانية والثالثة من القانون المذكور .
وقد نصت المادة 15 من هذا القانون على أنه لا يجوز للجد بغير إذن المحكمة التصرف فى مال القاصر ولا الصلح عليه ولا التنازل عن التأمينات أو إضعافها - كما نصت المادة 16 منه على على الولى أن يحرر قائمة بما يكون للقاصر من مال أو ما يؤول إليه، وأن يودع هذه القائمة قلم كتاب المحكمة التى يقع بدائرتها موطنه فى مدى شهرين من بداية الولاية أو من أيلولة هذا المال إلى الصغير وطبقا لما ذكر يجوز للجد قبض واستلام المبالغ المستحقة للقاصر بدون إذن المحكمة على أن(29/113)
يحرر عنها قائمة بما آل للقاصر من مال يودعها فلم كتاب المحكمة فى المواعيد التى حددتها المادة المذكورة، ولا يجوز له التصرف فى المال ولا الصلح عليه ولا التنازل عن التأمينات أو إضعافها إلا بعد الحصول على إذن من المحكمة الحسبية لا من النيابة .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ـــــــــــــــــــ
قضايا المحجور عليه
المفتي
أحمد هريدى .
8 أغسطس 1968م
المبادئ
1- رفع المحجور عليه قضايا على الغير بنفسه غير جائز .
2- على القيم عليه رفع هذه القضايا، فإن رفض رفعها أو تأخر فى ذلك إضرارا به يجب على أى إنسان أن يرفع الأمر إلى النيابة المختصة لتتولى محاسبته، أو لتستبدل به غيره إذا ثبت لها عدم صلاحيته
السؤال
بالطلب المتضمن أن م ع قد تقرر توقيع الحجر عليه بجلسه 17-12-1940 وعينت والدته قيما عليه مع الإذن لها بصرف ما يستحقه من معاش بوزارة المالية للإنفاق فى شئونه أى يجعل المعاش نفقته .
وأرفق السائل بطلبه صورة طبق الأصل تحت مسئوليته من مجلس حسبى مصر فى القضية 802 سنة 1939 الخاصة بمادة منع بشأن الحجر عليه بجلسة 17/12/1940، وبالاطلاع عليه تبين أن الطبيب الشرعى فحص حالة الطالب بتاريخ 12/8/1940 وقرر أن حالته العقلية غير عادية وأن بعقله عاهة مظهر السكوت، وعدم الإجابة على ما يوجه إليه من أسئلة ولعل حالته هذه هى نوع من الضعف العقلى المتقطع الذى يظهر أحيانا ويختفى أحيانا، وعلى ذلك لا يمكنه إدارة شئونه بنفسه، وانتهى المجلس إلى القرار الآتى نصه (قرر المجلس توقيع الحجر على م .
ع وتعيين والدته قيما عليه وعليها تقديم محضر الجرد ومخابرة وزارة المالية بذلك وصرف المستحق له للقيمة المذكورة للإنفاق فى شئونه) .
ويطلب السائل بيان الرأى فيما يأتى : 1- هل لهذا المحجور عليه الحق فى رفع قضايا بنفسه أمام القضاء مثل رقع دعوى ضم ابنته لبلوغها أقصى سن الحضانة، لأن والدتها مطلقته قد تزوجت بأجنبى .
2- هل يجوز لهذا المحجور عليه أيضا رفع دعاوى إخلاء ضد أحد المستأجرين أمام دائرة الإيجارات بسبب التأجير من الباطن، لأن للمحجور عليه عقارا، وعقود الإيجار محررة باسمه، وهو الذى يقوم باستلام الإيجار شهريا بنفسه من المستأجرين .(29/114)
3- وعلى فرض أنه لا يحق للمحجور عليه رفع هذه الدعاوى بل الواجب أن يتولى رفع هذه القضايا القيم عليه - فما هو الطريق السليم الذى يسلكه المحجور عليه للحصول على حقوقه على فرض أن القيم رفض رفع هذه الدعاوى أو تأخر فى رفعها للإضرار بالمحجور عليه
الجواب
ثابت من تقرير الطبيب الشرعى المدون فى قرار الحجر المرافق أن المحجور عليه بعد فحصه تبين أن بعقله عاهة، وأن حالته العقلية غير عادية وأن حالته هذه من نوع الضعف العقلى المتقطع الذى يظهر أحيانا ويختفى أحيانا، وعلى ذلك لا يمكنه إدارة شئونه بنفسه، ومن ثم صدر القرار بالحجر عليه وتعيين والدته قيما عليه، ورفع القضايا لا يكون إلا من إنسان كامل الأهلية، والمحجور عليه بعد تقرير الطبيب الشرعى عنه ليس كذلك .
ومن هذا يتبين أن المحجور عليه المنوه عنه بالسؤال لا يجوز له شرعا ولا قانونا أن يرفع القضايا المشار إليها بنفسه، بل الذى رفه هذه القضايا هو القيم بنفسه دون غيره، وعلى فرض أن القيم رفض رفع هذه القضايا أو تأخر فى رفعها إضرارا بالمحجور عليه، ففى هذه الحالة يجب على من يهمه الأمر أو أى إنسان حسبه لله تعالى أن يرفع الأمر إلى النيابة المختصة بالولاية على المال لتتولى محاسبة هذا القيم على إهمال، أو تستبدل غيره به إذا ثبت لها عدم صلاحيته ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ـــــــــــــــــــ
دور الشريعة الإسلامية فى تحقيق أهداف المجتمع
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
1 أبريل 1979 م
المبادئ
1 - الأحكام الشرعية التى فصلها المصدران الأساسيان وهما القرآن والسنة، وما أجمع عليه المسلمون، وما ثبت بالقياس الصحيح، كل ذلك ثابت لا نقاش فيه، أما ما لم يرد فيه نص قاطع أو إجماع فهو محل اجتهاد .
2 - تطبيق الشريعة الإسلامية فى المجتع إنما يعنى ربطه بالأسس الشرعية الثابتة دون الجزئيات المتغيرة، على أن الأخلاق الإسلامية لا تدخل فى المتغيرات .
بل هى من الأعمال الثابتة التى يجب أن يلتزم بها المجتمع .
3 - لابد من التفريق بين أخلاقيات وعادات الناس وأعرافهم .
4 - شريعة الإسلام دواء لما أصاب المجتمع من علل وأمراض اجتماعية، تخلق فيه روح الصفاء والتآلف والبذل والعطاء .
5 - الضروريات الخمس وهى حفظ النفس والعقل والنسل والدين والمال اعتبرها الإسلام غاية وأساسا لقيام المجتمع السليم، وذلك لا يختلف فى القرن العشرين عنه فى القرون السابقة .(29/115)
6 - شريعة الإسلام قامت على اعتبارات من الدين والأخلاق والعدالة المطلقة بين الناس على اختلاف عقائدهم الدينية .
7 - غير المسلمين يلتزمون بالقانون الإسلامى كقانون فقط لا مساس فيه بالقعيدة ولا ما يتبعها من الأمور اللصيقة بها .
8 - الشريعة كقانون مطبقة فعلا على جميع المصريين دون حرج أو اعتراض فى الميراث والوصية والولاية على المال .
9 - طبيعة العقوبات فى الشريعة لا تسمح بالتفريق فى العقوبة بين الأفراد لأى سبب أو وصف من الأوصاف .
10 - تطبيق حد الردة على المسلم الذى يرتد عن الإسلام استقرار للعقائد الدينية السماوية المتآخية فى هذا الوطن .
11 - التريث غير مطلوب لتطبيق الشريعة الإسلامية فى الحكم والقضاء حتى نعد جيلا جديدا على أساس خلق الإسلام .
12 - الإسلام والسياسة متداخلان لا انقصام بينهما، وهو شريعة وعقيدة لا ينفصل عن السياسة ولا تضربه، لأنه صمام الأمن والأمان لها .
13 - يحكم العرف والعادة ما لم يصادما نصا قطعيا فى القرآن والسنة .
أو إجماعا سابقا للأمة فى عصر من العصور
السؤال
فى مجلة المصور بالآتى س 1 يقول السيد محمد رشيد رضا الأحكام المنزلة من الله تعالى .
منها (أ) ما يتعلق بالدين نفسه كأحكام العبادات وما فى معناها كالنكاح والطلاق وهذه لا تحل مخالفتها .
(ب) ومنها ما يتعلق بأمور الدنيا كالعقوبات والحدود والمعاملات المدينة والمنزل من الله تعالى فى هذا قليل وأكثره متروك للاجتهاد .
ويقول الكاتب توفيق الحكيم إن الثابت من أحكام الدين هو الإلهيات بما فى ذلك علاقة الإنسان بالله وإن المتغير هو الانسانيات مثل المعاملات والاخلاقيات .
فما هو رأى فضيلتكم فى نصيب هذين الرأيين من الصواب والخطأ فيما يتصل بالدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية
الجواب
ج - 1 كرم الإسلام الإنسان وسخر الله له ما فى الأرض جميعا وجعله خليفته فيها وعلمه ما لم يكن يعلم ليعمر هذا العالم وشاءت إرادته تعالى ألا يترك الناس تسودهم الأهواء يستقل القوى بكل شىء وتنحصر يد الضعيف صفرا بغير شىء فجاءت رسله تترى فى كل عصر وزمان للهداية والرشاد حتى كانت خاتمة الراسلات الإسلام الذى هدفت شريعته إلى تكوين مجتمع فاضل يضم الأسرة الإنسانية كلها فبدأت بتربية ذات المسلم ليكون عضوا سليما فى هذا المجتمع فهذبت نفسه بالعبادات { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } العنكبوت 45 ، ومن أجل هذا الهدف كانت الضروريات فى الشريعة الإسلامية خمسا لحفظ النفس الإنسانية سامية تقية نفية آمنة مطمئنة - حفظ النفس والدين والعقل والنسل والمال - ثم كانت أحكام هذه(29/116)
الشرعية بمعناها العام الشامل للعقيدة أى ما يجب الإيمان به فيما يتعلق بالله تعالى وصفاته والدار الآخرة والرسل السابقين والقضاء والقدر وغير هذا مما اصطلح العلماء على تسمية بحوثه بعلم الكلام أو التوحيد، وما يشمل ما نسميه بالعلاقات الاجتماعية وهو المثل الأعلى الذى يجب على الإنسان بلوغه فى التعامل مع مجتمعه .
واصطلح على أنه علم الإخلاق، ثم فقه الشريعة الشامل لأحكام الله تعالى فيما يخص العمل من عبادات ومعاملات وحدود وتعازير، فهذه الشريعة الخاتمة لابد أن تحكم أحوال الإنسان حتى غاية الزمان، ومن أجل هذا جاءت أحكام الله محددة فيما فرضه من عبادات وفيما يتصل بتكوين الأسرة وترتيب نظامها منذ بدء الولادة للطفل الإنسانى وحتى مماته وتوريث تركته كما جاءت الحدود العقابية على بعض الجرائم الماسة بنظام المجتمع محددة كذلك، ومن ثم فإن الأحكام الشرعية التى فصلها المصدران الأساسيان وهما القرآن والسنة وما أجمع عليه المسلمون وما ثبت بالقياس الصحيح كل هذا ثابت لا نقاش فيه، أما ما لم يرد فيه نص قاطع أو إجماع فهو محل الاجتهاد ويدخل فيه العقود المالية وغيرها من طرق الكسب والتجارة وعقوبات التعزير على ما جد من جرائم، واستنباط الأحكام لمثل هذا لابد أن يكون فى نطاق الضوابط العامة للتعامل بين الناس الواردة فى كتاب الله وسنة روسله صلى الله عليه وسلم مثل { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } النساء 29 ، ففى هذه الآية ضوابط عامة لا يسوغ لأحد مخالفتها وللمجتمع الإسلامى أن يقننها فى قواعد حاكمة لتعاملة، ويجوز أن تتغير أسماء التعرفات والتجارات بتغير العصر والزمن وانحسار العادات والأعراف ولكن يظل التعامل قائما فى هذا النطاق الذى أمرت به هذه الآية الكريمة، وعلى هذا فان تطبيق أحكام الشريعة الاسمية فى المجتمع إنما يعنى ربطه بالأسس الشرعية الثابتة دون الجزئيات المتغيرة، على أن الأخلاق الإسلامية لا تدخل فى المتغيرات بل هى من العمد الثابتة التى يجب أن يلتزم بها المجتمع، فالصدق والأمانة والعفة ليس التحلى بها موضع اجتهاد ، على أنه لا يغيب عن البال أن الإسلام قد ربط دائما العمل بالنية وحاسب عليها فقد يتصدق المسلم وينفق أمواله بغية الذكر
فى الدنيا أو التقرب من حاكم وهو فى هذا الحال مراء فلا يقبل الله منه هذا العمل، وفى سعى الرجل وكسبه للانفاق على زوجه وولده صدقة مع أنه يؤدى واجبا لزمه بعقد الزواج وبمقتضى الأبوة لطفله .
فالاجتهاد فى الأحكام الشرعية لا يدخل نطاق ما حدده المشرع سبحانه بنص قاطع فى القرآن الكريم أو بقول الرسول أو فعله أو تقريره كما لا يدخل الاجتهاد فى أخلاقيات هذا الدين ولابد أن نفرق بين أخلاقياته وعادات الناس وأعرافهم لأن هذين يكتسبان وقد ينشآن عن أصل فى الدين أو البيئة أو تقليدا للغير ويجب رد كل أوليئك إلى النصوص الأصلية للشريعة احتكاما إليها { قل لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث } المائدة 100 ، { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول } النساء(29/117)
59 ، ص 2 ما هو دور الشريعة الإسلامية فى تحقيق أهداف المجتمع روحيا وماديا ج - عنى الإسلام بتربية الفرد المسلم لأنه عماد الأسرة التى هى الخلية الأولى فى المجتمع الإنسانى فرباه على نقاء السيرة والسريرة وعلى الإخلاص والنصيحة لدينه وعشيرته لم يفرق بين بنى الإنسان بسبب اللون أو الجنس قال تعالى { إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم } الحجرات 13 ، وفرض الصلاة وسن فيها الجماعة خمس مرات فى اليوم والليلة ثم صلاة أسبوعية جامعة ثم مؤتمرا سنويا أشتمل فى الحج كل ذلك لتصفو نفس الجماعة المسلمة بل الأمة الإسلامية وتجتمع على كلمة سواء .
أرأيت كيف حث الله تعالى فى آياته على صدق العقيدة مع الإخلاص له وحده فى العبادة وعلى البر بالوالدين وصلة الرحم وإكرام اليتيم والمسكين والإحسان إلى الجار والرحمة بالفقير والمحتاج ومساعدة الضعفاء، ثم التحذير من البخل والرياء والنهى عن الكفر الجحود ومعصية الرسول إليك واحدة من هذه الآى { واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا } النساء 36 ، ورسول الله صلوات الله عليه يقول حماية للمجتمع (لا ضرر ولا ضرار) أرأيت أجمع وأشمل من هذه العبارة الوجيزة كيف جاءت بقاعدة شاملة تحمى الفرد والأمة .
وقول الله { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } المائدة 2 ، ثم ما فرضه الإسلام من تكافل بين الأسرة الواحدة ثم بين الأسر المتجاورة ثم الأمة كلها، كل هذا متمثل فى نظام الزكوات والكفارات والصدقات والنذور والوصايا، ثم مع هذا وقبله دعوة هذه الشريعة الإنسان للعمل والكسب والعمارة محاطا بقواعدها فى بيان والحلال والمحرم من الكسوب والأموال قال جل شأنه { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله } الجمعة 10 ، اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا .
وقال تعالى { وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه } الحديد 7 ، أليس الإنسان خليفة الله فى الأرض فما فى يده من مال ومتاع ملك لمولاه ومستخلف فيه، ومن هنا كانت شريعة الإسلام دواء لما أصابنا من علل وأمراض اجتماعية وتخلق فيه روح الصفاء والتآلف والبذل والعطاء ومع كل هذا تدفعه للعمل والكسب وعمارة الأرض حتى يكون قوى البناء كالجسد الواحد .
س 3 ما مدى ضرورة الشريعة الإسلامية فى القرن العشرين ج - الإسلام دين ودنيا غير موقوت بعصر وأوان وإنما هو دين الله ما دامت على الأرض حياة، أرأيت إلى شريعة حفظت حياة الإنسان وكرامته أى إنسان منذ تحرك فى بطن أمه جنينا فمنعت الاعتداء على نفس الإناسن أو أى جزء منه بل حافظت على سمعته وبعدت به عن مواطن الاحتقار والإهانة وقدست حريته وجعلت كل هذا ضروريا وشرعت عقوبات التعدى قال تعالى { ولكم فى القصاص حياة } البقرة 179 ، وعقوبة القذف والزنا ثم حافظت على عقل الإنسان وسلامته، ومن أجل هذا حرمت(29/118)
الخمر وكل ما يضر بعقل الإنسان ثم حافظت على النسل الإنسانى فكان على الوالد كفالة والده .
ومن هنا كان تنظيم الإسلام للزواج ومنع الاعتداء على الأعراض ثم حفظ الدين فكانت حماية العقيدة لأنها رابطة الإخلاص فى المجتمع، ونحن نرى من حولنا المجتمعات المادية منحلة متحللة لا تدعمها رابطة ولا تشدها عاطفة ثم المحافظة على المال، فبعد أن دعت إلى تحصيله بالطرث المشروعة وإنفاقه فى أوجه البر والخير منعت الاعتداء عليه بالسرقة أو الغصب أو أكله بالباطل رشوة أو تغريرا أو نصبا واحتيالا أو ربا .
هذه الضروريا الخمس اعتبرها الإسلام غاية وأساسا لقيام المجتمع السليم، وذلك لا يختلف فى القرن العشرين عنه فى القرون السابقة بل اننا لو رجعنا البصر كرتين فى تاريخ الإسلام لوجدنا أن الأمة الإسلامية سادت نفسها وغيرها حين سادتها أحكام شريعتها وحين غفل المسلمون عن تطبيقها غاض خيرهم وانفض جمعهم وهانوا على أنفسهم وعلى غيرهم حتى تخطفتهم الأمم من حولهم، أليس التاريخ خير شاهد ثم أرايت نظاما قانونيا عاش أربعة عشر قرنا فما وهن لما أصاب أهله وما استكان لانصرافهم، تلكم هى الشريعة الإسلامية بسطت ظلها على الإنسان فى المجتمع المسلم نفسا ومالا وعيالا تدعمه وتنفث فيه من قوتها حتى يستوى عوده على هدى الله قال تعالى { إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا } الإسراء 9 ، س 4 ما موقف غير المسلمين فى حالة تطبيق الشريعة الإسلامية وهل تضار الوحدة الوطنية ج - يلزم أن يستقر فى الأذهان أن شريعة الإسلام قامت على اعتبارات من الدين والأخلاق والعدالة المطلقة بين الناس على اختلاف عقائدهم الدينية وهى فى تقديسها لهذه العدالة لم ترع المسلمين وحدهم بل كافة المواطنين، وحين حرمت التعدى والظلم وغيرهما من الموبقات لم تفرق بين المسلم وغير المسلم قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله } المائدة 8 ، أى لا ينبغى أن يحملكم أى خلاف مع آخرين بسبب ما كالمخالفة فى الدين على مجانبة العدل فى الأحكام ن ومن ثم فان الإسلام سوى فى الحكم والأحكام بين طوائف الناس جميعا، ومن هنا فان غير المسلمين إنما يلتزمون بالقانون الإسلامى كقانون فقط لا مساس فيه بالعقيدة ولا ما يتبعها من الأمور اللصيقة بها كمسائل الزواج والطلاق، ففى هذا الخصوص يقرر فقه الإسلام أن غير المسلمين يتركون وما يدينون، فيجب إذا ألا
نخلط بين الإسلام كدين وبينه كقانون، وما لنا نذهب بعيدا فالشريعة كقانون مطبقة فعلا على جميع المصريين دون حرج أو اعتراض، فهذه قوانين الميراث والوصية الوقف والولاية على المال جميعها مصدرها الوحيد فقه الشريعة الإسلامية والك راض بها ووحدة الأمة مصونة فى ظلها، وقد كانت البلاد العربية فى إبان حضارتها يحكمها قانون واحد يتمثل فى الشريعة الإسلامية التى ظلت سائدة مطبقة تطبيقا شاملا فى مختلف النواحىة على مدى قرون طويلة دون تفريق بين المسلم وغير المسلم، بل الكل أمام قانونها سواء كما يأمر بذلك النص القرآنى الكريم سالف(29/119)
الذكر، فإذا عادت بلادنا إلى مقوماتها الأصلية تعين علينا الرجوع غلى هذه الثورة الفقهية لنقنن منها أنزة تتسق مع حاجات العصر، وإلا فهل يرضى غير المسلم أن لا يعاقب سارقه بقطع يده إذذا ثبتت السرقة ثبوتا شرعيا بل هل يليق أن يترك من يعتدى على عرض غير المسلم دون عقاب رادع إن نظام التجريم فى فقه الإسلام مقصوده الزجر والردع عن اقتراف تلك الجرائم، بل والعلاج الحاسم للعود، ثم هل هناك مجتمع يشفق أو يرحم من يسرق أمواله ويهتك أعراضه ويروع الأطفال والنساء، ان توفير الأمن فى الأمة وتقويم السلوك أمر متعلق بالنظام العام فى الدولة، وهو فى نفسه لا يمس عقيدة دينية ولا يحد منها، ولقد عاشت وحدة الوطن فى ظل القانون الإسلامى أكثر من ثلاثة عشر قرنا من الزمان أمن فيه غير المسلمين قبل المسلمين على أموالهم وأعراضهم وأنفسهم ، فالمسلم يقتص منه عدلا بقتل غير المسلم كما يرجم إذا زنى بغير المسلمة كما تقطع يده إذا سرق المال .
والحال كذلك بالنسبة للجانى إذا كان غير مسلم لأن القصد هو سلامة المجتمع كله ومعاقبة المجرم أيا كان دينه ليصلح المجتمع .
ومن هذا يتضح أن طبيعة العقوبات فى الشريعة لا تسمع بالتفريق فى العقوبة بين الأفراد لأى سبب أو وصف من الأوصاف إذ العقوبة مقررة للجريمة حتى تسرى النصوص الحنائية على الكافة .
س 5 ما هو رأى فضيلتكم فيما يثار حول الردة ج - ان الأساس فى الشريعة فى التجريم هو حماية الأمة، ومن أجل هذا كانت الحدود فى الإسلام حازمة بالقدر الذى يكفى لاستئصال الجريمة وتأديب المجرم على وجه يمنعه من العودة إلى ارتكابها، بل ويزجر غيره عن التفكير فى مثلها، وعقيدة الجماعة فى حاجة إلى هذه الحماية حتى تعيش مستقرة، من أجل هذا كان حد الردة كغيره من الحدود المكافحة للجريمة الماسة بأمن المجتمع ، ذلك لأن التساهل يؤدى حتما إلى تحلل الأخلاق وفساد المجتمع، وفى تطبيق حد الردة على المسلم الذى يرتد عن الإسلام استقرار للعقائد الدينية السماوية المتآخية فى هذا الوطن، ولمنع هؤلاء اذين يتنقلون بين الأديان لأهواء فاسدة لا يقرها الدين أى دين، والمحاكم مليئة بالمنازعات التى ثارت بين الأزواج، والتى لجأ بعض الأطراف فيها إلى اعتناق دين غير دينه هربا من الزوج أو من الزوجة .
أو قصدا للزواج بمن لا تدين بدينه، ومن الأمور الثابتة أن رجال القانون المصريين من غير المسلمين قد شاركوا فى تقنين المواريث والوصية ولاوقف والولاية على المال من فقه الإسلام، بل وكثير من أحكام التقنين المدنى من هذا الفقه .
ومن يتصفح محاضر لجان مجلس الشيوخ والنواب فيما قبل يوليه سنة 1952 يجد ذلك واضحا، كما يجد أن هؤلاء القانون لم يتعترضوا على هذا التقنين، وأمر آخر يجب أن يكون فى الحسبان أن آثار الردة مطبقة فعلا فى المواريث وغيرها، فإذا جاءت الدولة الآن لتقنن أمرا قائما تحمى به وحدة الأمة وهذه الوحدة مسألة أمن دولة يقضى بها الدستور فإن على جميع المواطين أن يعوانوا فى هذا السبيل، ثم أين هى حوادث الارتداد الفعلى ان الواقع هو حيل قانونية لا تتصل بالعقيدة وإنما تتخذ وسلة للهروب من التزامات أو الحصول على مكاسب ليست حقا ن ولعل الحقائق(29/120)
التاريخية الثابتة شاهدة على أن غير المسلمين عاشوا بين مواطنيهم المسلمين ثلاثة عشر قرنا من الزمان، وقد كان الجميع شركاء فى السراء والضراء والكل فى الوطن مواطن، وكما سبق أن قلت ان الحدود تطبيق قانونى على الجميع وإن إنفاذ حد الردة يحمى العقائد الدينية ويجعل الثبات عليها والالتزام أمرا مستقرا .
س 6 ما رأى فضيلتكم فى أن التشريع الإسلامى يعتمد اعمادا كبيرا على ضمير الفرد وإحساسه برقابة الله تعالى وأنه بغير هذا المضير وهذا الاحساس لا يمكن أن يستقيم التطبيق، وإنما يقتضى وجودهما إعداد جيل جديد على أساس خلق الإسلام وقيمة ومبادئه .
ج - إننا لا نبدأ من فراغ، فالدين الإسلامى قائم بحمد الله المعبود، ونحن نتلو القرآن الكريم ونسمعه ونعم بشرعه فى الكثير من نواحى الحياة وليست الصلة منقطعة بين الإسلام وواقع الحياة، فان التقنين المدنى فى مصر قد أخذ بالكثير من قواعد الفقه الإسلامى وقانون العقوبات أكثره يدخل تحت باب التعازير، والإسلام حين علم المسلم أن الله مطلع عليه ومراقب له قال تعالى { يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور } غافر 19 ، وقال جل شأنه { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم } المجادلة 7 ، وحين وضح الرسول صلوات الله وسلامه هذا بقوله (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى) إنما أراد بهذا أن يكون المسلم سليم السيرة والسريرة .
فالأخلاق ترتبط فى الإسلام أشد الارتباط بالقانون المستنبط من القرآن والسنة، ولكنه من الخطأ أن يقال أنه لا تمييز بين السلوك أو الأخلاق وبين القواعد القانونية، لأن الإسلام وإن جعل التربية الخلقية جزءا من العمل يخضع للثواب والعقاب، إلا أن الفقه الإسلامى قد ماز بين قواعد الأخلاق وقواعد القانون .
ففى كتب هذا الفقه على اختلاف مذاهبه يفرقون بين ما هو واجب قانونا ويعبرون عنه بقضاء وما هو واجب ديانة أى خلقيا دون جزاء دنيوى، بل ان القرآن الكريم قد جنب هذه عن تلك فجاءت نصوصه فى الحدود سابغة قاطعة وفى الأخلاق بقوله تعالى { ولا تطع كل حلاف مهين .
هماز مشاء بنميم .
مناع للخير معتد أثيم } القلم 10 ، 11 ، 12 ، { ويل لكل همزة لمزة .
الذى جمع مالا وعدده } الهمزة 1 ، 2 ، فهذا من قبيل قواعد الأخلاق التى يحاسب عليها المسلم فى الآخرة، ولم يفرض لها جزاء فى الدنيا، والإسلام حين يسبغ على القاعدة القانونية صفة الأخلاق إنما يريد أن يقرها فى نفس المجتمع ليحاسب كل فرد نفسه .
ومن هذا يتضح أننا لسنا فى حاجة إلى التريث فى تطبيق الشريعة الإسلامية فى الحكم والقضاء حتى نعد جيلا جديدا على أساس خلق الإسلام وقيمه ومبادئه، لأننا أمة مسلمة نقيم أمور الإسلام ولا ينقصنا إلا القليل نبغى استكماله، وبه يعتدل سلوكنا على الجادة .
س 7 هل تنفضل فضيلتكم بتفصيل العلاقة بين السياسة والدين فى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية .(29/121)
ج - لعل الرد على هذا التساؤل فى آيات من القرآن الكريم وعدة من أحاديث الرسول صلوات الله وسلامه عليه، ففى القرآن قول الله تعالى { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } النساء 58 ، إلى آخر هذه الآية والتى تليها .
فقد قال العلماء فى شأن هاتين الآيتين ان فيهما جماع السياسة العادلة والولاية الصالحة .
ومن هنا ندرك أن الإسلام نظم أمور الناس فى علاقتهم بربهم وفى علاقاتهم الأسرية وحقوق الجيرة، ثم سياسة الدولة، فجعل الحكم شورى ورسم طريق العدالة المطلقة، والمتتبع لآيات القرآن وأحاديث الرسول يرى صنوف السياسة وقواعدها فى إدارة أمور الناس وحسن اختيار الحكام والقضاة، كما يرى أن الإسلام والسياسة متداخلان لا انفصام بينهما لأنه دين ودنيا يسوس نفس الإنسان ويهذبها بالعبادات وصالح العمل، ويسوس علاقة الإنسان بزوجه وولده ووالديه والناس جميعا، ويضع لكل علاقة حكما وحدا ، ولكل عمل مواصفات العامل الذى يقول به، يتمثل هذا فى قول الرسول الأمين إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات .
حتى فى الصلاة وضع معايير لمن يؤم الناس فيها (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى فإن كانوا فى القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فان كانوا فى السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا فى الهجرة سواء فأقدمهم سلما ولا يؤمن الرجل الرجل فى سلطانه ولا يقعد فى بيته على تكرمته إلا بإذنه) رواه مسلم .
وقد حمل إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه مال عظيم من الخمس فقال (ان قوما أدوا الأمانة فى هذا لأمناء فقال له بعض الحاضرين انك أديت الأمانة إلى الله تعالى الأمانة إليك ولو رتعت رتعوا) من هذا وغيره مما تزخر به كتب هذه الشريعة من نصوص وآثار يبدون جليا أن الإسلام لا يفارق السياسة وإنما هو دين وسياسة، ولذلك فالنصوص التشريعية فى القرآن والسنة عامة تعرض لكليات الأمور مقرونة بحكمة تشريعها والمصلحة التى اقتضتها للارشاد إلى استنباط الأحكام لما يجد من أحداث فى العلاقات الخارجية كدولة وفى العلاقات بين الأفراد بل وبينهم وبين أولياء أمورهم على اختلاف صنوفهم .
أرأيت بعد هذه الإشارات كيف أن الإسلام شريعة وعقيدة لا ينفصل عن السياسة ولا تضر به لأنه صمام الأمن والأمان لها .
س 8 كيف يمكن استخلاص أسس التلاحم المنشود بين أصول الشريعة الإسلامية والتشريع العصرى بما يوافق البنيات أو التركيب الحضارى الراهن لعصرنا ومجتمعنا ج - لا جدال فى أن مصدر الأحكام فى الشريعة الإسلامية هو نصوص القرآن والنسة وما يلحق بهما مما أجمعت عليه الأمة ثم ما هدى إليها اجتهاد علمائها على أساس هذه الأصول، وأن النصوص منها العام القطعى مثل قول الله سبحانه { يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود } المائدة 1 ، { وما جعل عليكم فى الدين من حرج } الحج 78 ، { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } النساء 29 ، وهناك نصوص قطعية خاصة مثل آيات المواريث وتحريم الربا والزنا والخمر والميسر، ومما(29/122)
أجتمعت عليه الأمة بطلان زواج المسلمة بغير المسلم ووجوب نفقه الزوجة على زوجها ، ومما قطعت فيه السنة، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
وفى هذا النطاق يدور استنباط الأحكام من هذه المصادر فى باب المعاملا وفى التقنين الإدارى والاقتصادى والتجارى والجنائى ما دامت فى نطاق القواعد العامة لهذه الشريعة، ويضيق الوقت والنطاق عن تلاوة آيات القرآن الكريم التى نصت أو أشارت إلى قواعد قانونية فى شتى فروع القانون، كما اصطلحنا على تسميتها الآن، ففى كتاب الله أهم قواعد القانون الدولة المتعلقة بالسلم والحرب والمعاهدات، ففيه قاعدة المعاملة بالمثل وفيه حكم الأسرى فى الحروب والالتزام بالمبرم من المعاهدات والوفاء بها ووجوب إعلان إلغاء المعاهدات دون عذر، وفى هذا يقول فقيه مسلم (وفاء بعهد من غير غدر خير من غدر بغدر) وفى القرآن الدعوة إلى السلم وفيه العمل على الصلح بين التنازعين وردع المعتدين، وفيه المساواة بين الناس والدعوة إلى تحكيم الحجة والبرهان والمجادلة بالحسنى وصولا للحق، وفيه المساواة بين الرجل والمرأة فى الأهلية حيث حفظ لها رأيها وحريتها لا تذوب ولا تؤول إلىولاية زوجها كما تقرر أكثر قوانين الغرب الذى نسعى إلى تقليده، وفيه القواعد العامة للمعاملات المدينة، وفيه مبادىء قانون الإثبات مدنيا وجنائيا، وفيه أحكام الزواج والطلاق وتنظيم أمور حقوق الزوجين وفاقا وافتراقا، وحقوق الأولاد والوالدين وذوى القربى، وفيه عقوبات محددة للجرائم الماسة بأمن وسلامة المجتمع وثمة جرائم أخرى ناط تقدير العقوبة عليها بأولياء الأمور وهذه موضع الاجتهاد ومحل للتعديل والتبديل تبعا لتطور الأزمان، وكما قيل يحدث للناس أقضية بقدر ما يحدثون وهذا هو مؤدى القول المشهور .
إن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان .
إذ عموم قواعدها ومرونتها تجعلها غير جامدة ولا هامدة ، ولا مانع إطلاقا من تحكيم العرف والعادة إذا لم يصادما نصا قطعيا فى القرآن والسنة أو إجماعا سابقا للأمة فى عصر من العصور، وقد جرت نصوص الفقهاء المسلمين بذلك بل ان الدولة الإسلامية حين امتدت أطرافها نقل عمر بن الخطاب نظام الداوين وطرق جباية الموال عن الفرس والروم واستخدمهم فى هذه الأعمال للقيام بها ولتدريب المسلمين عليهيا .
ومن هنا كان لنا أن ننقل عن غيرنا ما لا يناقض أصول الإسلام .
وبعد فان كتب فقه الإسلام على اختلاف مذاهبه تحوى الكثير الوفير من القواعد العادلة التى تعالج مشاكل مجتمعنا بروج العصر دون تضييق أو خروج على أحكام الإسلام العامة والخاصة القطيعة، وأنه ينبغى أن تكون تلك القواعد هى المورد للمقننين والمصلحين بدلا من أن نستورد ما نشأ على غير أرضنا وفى غير بيئتنا وعادانا، وسنجد - ان فعلنا ذلك - أن تشريعنا المستمد من أصول الإسلام عصرى يواكب هذه الحضارات التى نعيشها، ويقول المجتمع إلى بر الأمن والسلام حافظا عليه دينه وتقاليده مشمولا برضى الله الذى رضى لنا هذا الدين وجعلنا خير أمة { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } آل عمران 110 .(29/123)
ـــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 8 / ص 169)
وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَخَلَّفَ بِنْتًا وَلَهُ أَوْلَادُ أَخٍ مِنْ أَبِيهِ وَهُمْ صِغَارٌ وَلَهُ ابْنُ عَمٍّ رَاجِلٌ وَلَهُ بِنْتُ عَمٍّ وَلَهُ أَخٌ مِنْ أُمِّهِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَوْلَادِ أَعْمَامِهِ : فَمَنْ يَأْخُذُ الْمَالَ ؟ وَمَنْ يَكُونُ وَلِيُّ الْبِنْتُ ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : أَمَّا الْمِيرَاثُ فَنِصْفُهُ لِلْبِنْتِ وَنِصْفُهُ لِأَبْنَاءِ الْأَخِ . وَأَمَّا حَضَانَةُ الْجَارِيَةِ فَهِيَ لِبِنْتِ الْعَمِّ ؛ دُونَ الْعَمِّ مِنْ الْأُمِّ ؛ وَدُونَ ابْنِ الْعَمِّ الَّذِي لَيْسَ بِمَحْرَمِ وَلَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْمَالِ الَّذِي لِلْيَتِيمَةِ لِوَصِيِّ أَوْ نُوَّابِهِ .
ـــــــــــــــــــ
الموسوعة الفقهية1-45 كاملة - (ج 2 / ص 691)
«د - الولاية على المال »
5 - لا تثبت هذه الولاية لغير المسلم على المسلم ، لقول اللّه تعالى.
«ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً» صرّح بذلك الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة.
ولم يصرّحوا بمنع ولاية المسلم على الكافر ، إلاّ أنّهم صرّحوا بولاية القاضي المسلم على المحجور عليه الذّمّيّ.
ولم يتعرّض المالكيّة لهذه المسألة وإن صرّحوا في الوصيّ خاصّةً أنّ من شرطه الإسلام.
«ثامناً : الولاية على المال»
44 - تنقضي الولاية على المال أيضاً ببلوغ الصّغير عاقلاً ، ذكراً كان أو أنثى ، وينفكّ الحجر عنه ، ولكن يشترط لذلك باتّفاق الفقهاء أن يكون رشيداً ، لقوله تعالى : «وابتلوا اليتامى حتّى إذا بلغوا النّكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم» وفي المسألة خلاف وتفصيل يرجع لمعرفته إلى أبواب الحجر.
تركة
التّعريف
1 - التّركة لغةً : اسم مأخوذ من ترك الشّيء يتركه تركاً.
يقال : تركت الشّيء تركاً : خلّفته ، وتركة الميّت : ما يتركه من الميراث ، والجمع تركات.
وفي الاصطلاح ، اختلف الفقهاء في تعريفها.
فذهب جمهور الفقهاء - المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة - إلى أنّ التّركة : هي كلّ ما يخلّفه الميّت من الأموال والحقوق الثّابتة مطلقاً.
وذهب الحنفيّة إلى أنّ التّركة : هي ما يتركه الميّت من الأموال صافياً عن تعلّق حقّ الغير بعينه.
ويتبيّن من خلال التّعريفين أنّ التّركة تشمل الحقوق مطلقاً عند الجمهور ، ومنها المنافع.
في حين أنّ المنافع لا تدخل في التّركة عند الحنفيّة.(29/124)
فإنّ الحنفيّة يحصرون التّركة في المال أو الحقّ الّذي له صلة بالمال فقط على تفصيل يأتي.
الألفاظ ذات الصّلة
«أ - الإرث»
2 - الإرث لغةً : الأصل والأمر القديم توارثه الآخر عن الأوّل.
والبقيّة من كلّ شيء.
ويطلق الإرث ويراد به : الموروث ، ويساويه على هذا الإطلاق في المعنى : التّركة واصطلاحاً : هو حقّ قابل للتّجزّؤ يثبت لمستحقّه بعد موت من كان له ذلك لقرابة بينهما أو نحوها.
ما تشمله التّركة وما يورث منها :
3 - ذهب جمهور الفقهاء - المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة - إلى أنّ التّركة تشمل جميع ما تركه المتوفّى من أموال وحقوق.
وقد استدلّوا بقوله صلى الله عليه وسلم : « من مات وترك مالاً فماله لموالي العصبة ، ومن ترك كَلّاً أو ضَياعاً فأنا وليّه » .
فقد جمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم بين المال والحقّ وجعلهما تركةً لورثة الميّت ، إلاّ أنّ هذه الحقوق أنواع مختلفة ، ولكلّ منها حكمه من ناحية إرثه ، أو عدم إرثه وذلك تبعاً لطبيعته وهي :
«أ - حقوق غير ماليّة» وهي حقوق شخصيّة لا تتعدّى إلى غير صاحبها بحال ما ، فهي لا تورث عنه مطلقاً ، كحقّ الأمّ في الحضانة ، وحقّ الأب في الولاية على المال ، وحقّ الوصيّ في الإشراف على مال من تحت وصايته.
«ب - حقوق ماليّة ، ولكنّها تتعلّق بشخص المورّث نفسه» ، وهذه لا تورث عنه أيضاً ، كرجوع الواهب في هبته ، وحقّ الانتفاع بشيء معيّن يملكه الغير ، كدار يسكنها أو أرض يزرعها ، أو سيّارة يركبها ، فهذا ونحوه لا يورث عن صاحبه.
ومن هذا النّوع الأجل في الدّين ، فالدّائن يمنح هذا الأجل للمدين لاعتبارات خاصّة يقدّرها الدّائن وحده ، وذلك من الأمور الشّخصيّة الّتي لا تورث عنه.
ولذلك يحلّ الدّين بموت المدين ، ولا يرث الورثة حقّ الأجل.
د- الميراث
ج- ثبوت الولاية 50- ثبوت النسب سبب للولاية في أمور منها استيفاء القصاص والنكاح والولاية على المال وذلك في الجملة . والتفصيل في ( قصاص ف 26 وما بعدها ، صغر ف 21 ، نكاح ، ولاية ) . 40 255 د- الميراث 51- اتفق الفقهاء على أن النسب سبب من أسباب الإرث في الجملة . والتفصيل في ( إرث ف 14 ) .
الفرع الأول: الولاية على المال
50 ـ الولاية على المال نوعان: قاصرة، ومتعدية.
فالقاصرة: هي سلطة المرء على مال نفسه، وهي ثابتة لكل من له أهلية الأداء الكاملة، وهو البالغ العاقل الرشيد من الذكور والإناث، فله أن يتصرف في مال نفسه بما يشاء من أنواع التصرفات السائغة شرعاً.(29/125)
-32-
والولايةالمتعدية: هي سلطة المرء على مال غيره. وهي قسمان:
أـ سلطة أصلية: وهي التي تثبت بإثبات الشارع من غير حاجة إلى مثبت من البشر، ولا يملك صاحبها عزل نفسه منها، لأنها لم تثبت له بإرادته، وتنحصر في ولاية الأب والجد على مال ولدهما القاصر.
ب ـ وسلطة نيابية: وهي التي يستمدها صاحبها من شخص آخر، كالوصي الذي يستمد ولايته من الأب أو الجد أو القاضي، والوكيل الذي يستمد ولايته من موكله، ونحو ذلك.
من تثبت عليه الولاية؟
51 ـ تثبت الولاية المتعدية شرعاً ـ في غير الوكالة ـ على المحجور عليهم، وهم الصغير والمجنون والمعتوه والسفيه وذو الغفلة، وتستمر مادام الوصف الموجب لها قائماً، فإن زال انقطعت.
وللتفصيل (ر: حجر ف 2 وما بعدها).
فأما الصغير: فهو الذي لم يبلغ الحلم ذكراً كان أو أنثى. فإذا مات أبوه وهو صغير، فهو يتيم أيضاً، وإذا بلغ الحلم زال عنه وصف الصغر واليتم معاً.
والصغير نوعان: مميز، وغير مميز.
فالمميز هو الذي يعقل معنى العقد ويقصده، ويستطيع إلى حد ما أن يعرف الضار من النافع، والمصلحة من غيرها في الأمور العامة.
وغير المميز: هو الذي لم يصل إلى سن التمييز الذي يدرك فيه ما أشرنا إليه. (ر: تمييز ف 1، صغر ف 1، 6، 19، 22، وحجر ف 6 وما بعدها)
-33-
وأما المجنون: فهو من زال عقله بحيث يمنع جريان الأفعال والأقوال على نهجه إلا نادرا. فإن استوعب جنونه جميع أوقاته فهو المجنون جنوناً مطبقاً، وتصرفاته كلها باطلة، لانعدام صلاحيته للأداء، فهو كالصغير غير المميز. وإن كان يجن تارة ويفيق أخرى فهو المجنون جنوناً متقطعاً، وتصرفاته حال جنونه باطلة، وحال إفاقته صحيحة نافذة.
(ر: جنون ف 1، و7، وحجر ف 9)
وأما المعتوه: فهو من كان قليل الفهم، مختلط الكلام، فاسد التدبير، لكنه لا يضرب ولا يشتم كما يفعل المجنون. وقد يكون بحالة لا يعقل فيها ألفاظ التصرفات وآثارها، فيكون كالصغير غير المميز، أو يكون بحالة يعقل فيها ألفاظ التصرفات وآثارها، فيكون كالصغير المميز.
(ر:عته ف 5، وحجر ف 10)
وأما السفيه: فهو من يسرف في إنفاق ماله، ويضيعه على خلاف مقتضى العقل أو الشرع فيما لا مصلحة له فيه، وباعثه خفة تعتري الإنسان من الفرح والغضب، فتحمله على الانفاق من غير ملاحظة النفع الدنيوي والديني. وقد اختلف الفقهاء في الحجر عليه، فذهب الشافعية والمالكية والحنابلة والصاحبان من الحنفية إلى جواز ذلك. وذهب أبو حنيفة إلى عدم جواز الحجر عليه.(29/126)
(ر: سفه ف 4 وما بعدها، وحجر ف 11ـ 14)
وأما ذو الغفلة: فهو من لا يهتدي إلى التصرفات الموفقة أو الرابحة، فيغبن في البيع والشراء لسلامة قلبه، فهو لا يتبع هواه، ولا يقصد الفساد كالسفيه. وحكمه من حيث الحجر عليه حكم السفيه. وقد جاء في م 946 من المجلة العدلية: والذين لا يزالون يغفلون في أخذهم وعطائهم، ولم يعرفوا طريق تجارتهم وتمتعهم بحسب بلاهتهم وخلو قلوبهم يعدون من السفهاء.
(ر.غفلة ف 4 وما بعدها، وحجر ف 15).
-34-
من له الولاية على مال المحجور عليهم:
52 ـ اختلف الفقهاء فيمن له الولاية على مال المحجور عليهم،
فذهب الحنفية إلى أن أولى الأولياء الأب، ثم وصيه، ثم وصي وصيه، ثم الجد، ثم وصيه، ثم وصي وصيه، ثم القاضي، ثم من نصبه القاضي وهو وصي القاضي، وإنما تثبت الولاية على هذا الترتيب لأن الولاية على الصغار باعتبار النظر لهم لعجزهم عن التصرف بأنفسهم والنظر على هذا الترتيب، لأن ذلك مبني على الشفقة، وشفقة الأب فوق شفقة الكل، وشفقة وصيه فوق شفقة الجد، لأنه مرضى الأب ومختاره فكان خلف الأب في الشفقة، وخلف الشيء قائم مقامه، كأنه هو وشفقة الجد فوق شفقة القاضي، لأن شفقته تنشأ عن القرابة والقاضي أجنبي، ولا شك أن شفقة القريب على قريبه فوق شفقة الأجنبي، وكذا شفقة وصيه لأنه مرضي الجد وخلفه، فكان شفقته مثل شفقته، وإذا كان ما جعل له الولاية على هذا الترتيب كانت الولاية على هذا الترتيب ضرورة، لأن ترتيب الحكم على حسب ترتيب العلة.
وليس لمن سوى هؤلاء من الأم والأخ والعم وغيرهم ولاية التصرف على الصغير في ماله، لأن الأخ والعم قاصرا الشفقة، وفي التصرفات تجري جنايات لا يهتم لها إلا ذو الشفقة الوافرة، والأم وإن كانت لها وفور الشفقة لكن ليس لها كمال الرأي لقصور عقل النساء عادة فلا تثبت لهن ولاية التصرف في المال، ولا لوصيهن لأن الوصي خلف الموصي قائم مقامه، فلا يثبت له إلا قدر ما كان للموصى، وهو قضاء الدين والحفظ لكن عند عدم هؤلاء (123).
-35-
وقال المالكية: هي للأب ثم وصيه ثم وصي الوصي وإن بعد، ثم للحاكم أو وصيه، ولا ولاية للجد ولا للأخ ولا للعم إلا بإيصاء من الأب(124).
وعند الشافعية: الولاية للأب ثم للجد، ثم لمن يوصي إليه المتأخر منهما، ثم للقاضي أو أمينه لخبر: "السلطان ولي من لا ولي له" (125)، ولا تلي الأم في الأصح كولاية النكاح، ومقابل الأصح تلي بعد الأب والجد وتقدم على وصيهما لكمال شفقتها، ولا ولاية لسائر العصبات كالأخ والعم(126).
وقال الحنابلة: الولاية تكون للأب لكمال شفقته، ثم لوصيه لأنه نائب الأب، أشبه وكيله في الحياة، ثم بعد الأب ووصيه فالولاية للحاكم لانقطاع الولاية من جهة الأب، فتكون للحاكم كولاية النكاح، لأنه ولي من لا ولي له، فإِنْ عُدِمَ حاكمٌ أهلٌ فأمينٌ يقوم مقام الحاكم. ولا ولاية للجد والأم وباقي العصبات (127).(29/127)
ما يجوز للولي من التصرفات:
53 ـ لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور إلا على النظر والاحتياط، وبما فيه حظ له واغتباط (128) لحديث: "لا ضرر ولا ضرار" (129).
وقد فرعوا على ذلك:
54ـ أن ما لاحَظَّ للمحجور فيه كالهبة بغير العوض والوصية والصدقة والعتق والمحاباة في المعاوضة لا يملكه الولي، ويلزمه ضمان ما تبرع به من هبة أو صدقة أو عتق أو حابى به أو ما زاد في النفقة على المعروف أو دفعه لغير أمين، لأنه إزالة ملكه من غير عوض فكان ضرراً محضاً (130).
-36-
أما الهبة بعوض فذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى أنه ليس له أن يهب بها، لأنها هبة ابتداء، بدليل أن الملك فيها يقف على القبض، وإنما تصير معاوضه في الانتهاء وهو لا يملك فلم تنعقد هبته.
وعند محمد له أن يهب بعوض، لأنها معاوضة المال بالمال فكانت في معنى البيع (131).
55 ـ للولي مطلقاً الاتجار بمال المحجور، وله دفعه لغيره مضاربة بجزء شائع من ربحه، وكذا بيعه نسيئةً لمصلحته، وإيداعه عند أمين ثقة عند قيام الحاجة إلى ذلك. وله شراء عقار له بمثل القيمة أو بأقل لاستغلاله بما فيه مصلحته، كما أن له بيع عقاره ومنقوله وإجارته للغير بثمن المثل أو بما فيه حظ للمولى عليه، وله أن يوكل الغير بذلك(132).
ولاية على المال
التعريف:
1ـ سبق تعريف الولاية في اللغة والاصطلاح، في مصطلح (الولاية).
ويؤخذ من عبارات الفقهاء أن الولاية على المال عندهم هي: قدرة الشخص شرعاً على التصرف في ماله أو مال الغير (1).
الألفاظ ذات الصلة:
الولاية على النفس:
2ـ المراد بالولاية على النفس عند الفقهاء: قدرة الشخص على التصرف في الشئون المتعلقة بشخص المولى عليه ونفسه.
والصلة بين الولاية على المال والولاية على النفس أن كلتيهما تشتركان في تنفيذ القول على الغير.
-1-
سبب الولاية على المال:
3ـ يقول الكاساني: سبب هذا النوع من الولاية في التحقيق شيئان: أحدهما: الأبوة، والثاني: القضاء، لأن الجد من قبل الأب أب لكن بواسطة، ووصي الأب والجد استفاد الولاية منهما فكان ذلك ولاية الأبوة من حيث المعنى، ووصي القاضي يستفيد الولاية من القاضي فكان ذلك ولاية القضاء (2).(29/128)
وللتفصيل في من يثبت عليه هذا النوع من الولاية، وترتيب الأولياء،وتصرفات الولي في مال المولى عليه وسائر الأحكام المتعلقة بالموضوع.
... انظر مصطلح (ولاية، ووصاية، وإيصاء ف 9 ـ 16، ونيابة)
بيع الأب مال ولده القاصر:
48ـ اتفق الفقهاء في الجملة على أنه يجوز للأب أن يبيع مال ولده القاصر لانتفاء التهمة في حقه، ولأنه أشفق على ولده من غيره فجاز له ذلك، ويجوز هذا للجد (أب الأب وإن علا) أيضاً عند الحنفية والشافعية، لأن له الولاية على المال عندهم كالأب. ولا يجوز له ذلك عند المالكية
والحنابلة لأنه لا ولاية له على مال الولد، لأنه لا يدلي بنفسه وإنما يدلي بالأب، فهو كالأخ والأم وسائر العصبات لا ولاية لهم، لأن المال محل الخيانة (65).
والتفصيل في مصطلح (ولاية)
ـــــــــــــــــــ
الفقه الإسلامي وأصوله - (ج 3 / ص 342)
في الولاية على المال
- تعريف ولاية المال:
يراد بالولاية على المال: السلطة التي يملك بها الولي التصرفات والعقود التي تتعلق بمال المولى عليه من البيع والشراء والإجارة والرهن والإعارة وغيرها.
وهذه الولاية تثبت على العاجزين عن تدبير شئونهم المالية من الصغار والمجانين والمعاتيه باتفاق الفقهاء، كما تثبت على السفهاء وذي الغفلة عند جماهير الفقهاء خلافاً لأبي حنيفة.
أما الصغير: فيمر بمرحلتين حتى يبلغ. المرحلة الأولى: مرحلة عدم التمييز وتنتهي عادة ببلوغ سن السابعة وفي هذه المرحلة تكون الولاية عليه تامة، فجميع التصرفات لوليه، لأن الصغير فيها لا إدراك له ولا تمييز ومن ثم لا تكون له عبارة معتبرة، فأي تصرف يصدر منه يكون باطلاً.
فإذا بلغ سن السابعة من عمره بدأت المرحلة الثانية وهي مرحلة التمييز وفيها يدرك الفرق بين النافع والضار بصورة إجمالية، كما يعرف معاني العقود إجمالاً، فيدرك أن معنى بقت إخراج للشيء من حيازته، ومعنى اشتريت إدخال للمشتري في حيازته، فيتحقق له بهذا أهلية للتصرف لكنها ناقصة يحتاج معها إلى رأي وليه، ومن هنا قرر فقهاء الحنفية إن تصرفاته في هذه المرحلة ثلاثة أنواع :
-1 تصرفات نافعة نفعاً محضاً. كقبول الهبة أو الهدية، وهذه تصح منه وتنفذ ولا تتوقف على إذن وليه.
-2 تصرفات ضارة ضرراً محضاً كهبة ماله وإهدائه وإبراء المدين له من الدين وإقرار بالدين، وهذه باطلة لا تنفذ حتى ولو أجازها وليه، لأن الولي لا يملكها ابتداء فلا يملك تمليكها لغيره بالإجازة.
-3 تصرفات مترددة بين النفع والضرر كالبيع والشراء والإجازة وعقود المعاوضات كلها، وهذه تصح باعتبار ما عنده من إدراك وتمييز وأهلية ناقصة، ولكنها تتوقف على رأي الولي. إن أجازها - في حدود ما يملكه من الولاية - ونفذت(29/129)
لظهور أن نفعها أكثر من ضررها، وإن ردها بطلت لظهور أن ضررها أكبر وتستمر هذه المرحلة إلى البلوغ، وهو يكون بالعلامات الطبيعية إن وجدت وبالسن إن لم توجد، وهو مقدر عند جمهور الفقهاء بخمس عشرة سنة، وعليه العمل في القضاء، وخالف أبو حنيفة فجعله ثماني عشرة سنة للفتى، وسبع عشرة سنة للفتاة، وجعله مالك ثماني عشرة سنة لها استناداً لقول ابن عباس في تفسيره لقوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الأنعام: 152] فقد فسر أشد اليتيم بثماني عشرة سنة فكان حد البلوغ بالسن، ولكن أبا حنيفة أنقص الفتاة سنة لأنها أسرع إلى البلوغ عادة من الفتى.
أما الجمهور فقد استندوا إلى ما رواه الجماعة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : "عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يُجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني".
فإجازة الرسول وإذنه بالقتال وهو ابن خمس عشرة سنة دليل على أن أدنى سن البلوغ مبلغ الرجال هو ذلك.
وإذا بلغ عاقلاً كملت أهليته ولكن لا يسلم إليه المال إلا إذا ثبت رشده، وهو الإحسان في التصرف في المال بحيث لا ينفقه إلا على مقتضى العقل والشرع، وما دام لم يسلم إليه ماله تبقى الولاية المقيدة لتصرفاته فلا يتصرف إلا بالإذن.
ولم يحدد الفقهاء للرشد سناً معينة، لأنه أمر يختلف باختلاف الأشخاص والأزمان، بل وكلوا ذلك إلى التجربة والاختيار وهو قول الجمهور، أيضاً وزادوا أنه يثبت بشهادة رجلين عدلين في الذكور والإناث وبشهادة النساء وحدهن أو مع الرجال في الإناث فقط.
وسند هذا الرأي قوله تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا * وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 5-6] فإذا ثبت الرشد بالفعل سلم إليه ماله.
وذهب أبو حنيفة إلى أن ذلك يستمر إلى خمس وعشرين، فإذا بلغها سلم إليه ماله وإن لم يرشد بالفعل، لأن الغرض من منع المال عنه تهذيبه وتأديبه بصورة حسية، فإذا بلغ هذه السن ولم تفد التجارب معه لم يكن هناك أمل في ذلك، وحينئذ يدور الأمر بين منع ماله عنه وفيه إهدار لكرامته وهو عاقل وبين دفع المال إليه والمحافظة على كرامته كإنسان، وإذا دار الأمر بين الإنسانية والمال رجحت كفة الإنسانية ومنع الحجر عليه، ولأنه يكون في هذه السن إمكان أن يكون جداً.
ولأنه مخاطب بالتكاليف الشرعية مأمور بالوفاء بالعقود في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] وفي الحجر عليه معارضة لهذه الآية.
أما المجنون: وهو عديم العقل فيأخذ حكم الصغير قبل سن التمييز إذا كان جنونه مطبقاً أو متقطعاً في حال الجنون، أما في حال الإقامة فهو كالعاقل.
أما المعتوه: وهو قليل الفهم فاسد التدبير مختلط الكلام فيأخذ حكم الصغير بعد سن التمييز.(29/130)
وأما ذو الغفلة: وهو الذي لا يهتدي إلى التصرفات النافعة ويغبن في البياعات لضعف إدراكه فيأخذ حكم السفيه، وهو البالغ العاقل غير الرشيد يحجر عليه ويمنع عنه ماله.
من تثبت له الولاية المالية:
ذهب الحنفية إلى أنَّ الولاية المالية تثبت على الصغير على الصغير عند الحنفية للأب ثم لوصيه ثم لوصي وصيه، ثم للجد الصحيح وهو أبو الأب وإن علا، ثم لوصيه ثم لوصي وصيه، ثم للقاضي ثم لوصي القاضي.
فهي تثبت للأب أولاً، فإن لم يوجد وكان قد أختار وصياً ليدير شئون أولاده المالية ثبتت لهذا الوصي وإن كان الجد موجوداً، وكذلك إذا اختار وصي الأب وصياً ليقوم بدله، فإن لم يوجد هذا الوصي أو كان وتوفي كانت الولاية للجد، ثم من بعده لوصيه ولوصي وصيه إن وجد، فإن لم يوجد واحد من هؤلاء كانت الولاية للقاضي الذي يعين في الغالب وصياً يتولى ذلك الإشراف.
وذهب المالكية والحنابلة إلى أن الولاية عندهم للأب ثم لوصيه ثم للقاضي ثم وصيه فلم يجعلوها للجد أصالة وإن كان يصح أن يكون وصياً من قبل الأب أو القاضي قالوا: لأنه لا يدلي إلى الصغير بنفسه وإنما يدلى إليه بالأب فلا تكون له الولاية على مال الصغير كالأخ.
ذهب الشافعية إلى جعل الولاية أولاً للأب ثم للجد ثم لوصي من تأخر موته منهما ثم للقاضي ثم لمن يقيمه وصياً، لأن الجد عندهم ينزل منزلة الأب عند عدمه لوفر الشفقة عنده مثل الأب ولذلك تثبت له الولاية في التزويج فتثبت ولايته في المال أيضاً.
وتقديم الأب على غيره أمر طبيعي لأنه أشفق الناس على أولاده وأحرصهم على مصالحهم، وكان وصي الأب مقدماً على الجد لأن اختيار الأب وصياً مع وجود الجد دليل على أنه أولى من الجد، لأنها تعتمد على الأمانة والتجربة والخبرة أكثر من اعتمادها على الشفقة التي يتميز بها الجد عن الوصي، وإرادة الأب في شئون ولده محترمة في حياته فكذلك تحترم بعد وفاته.
هذا وليس لأحد من العصبات غير الأب والجد حق في الولاية على المال إلا إذا جاءت بطريق الوصايا من الأب والجد أو الإختيار من القاضي وكذلك لا حق للنساء إلا من هذا الطريق.
أما الولاية على المجنون والمعتوه: فإذا كان الجنون أو العتة مصاحباً للبلوغ فإن الولاية تكون للأولياء السابقين لأنها كانت ثابتة بسبب الصغر ولم يوجد ما يقتضي رفعها فتستمر إلى الإفاقة قولاً واحداً في المذهب الحنفي.
أما إذا بلغ الصغير عاقلاً سليماً ثم طرأ عليه الجنون أو العته بعد رفع الولاية عنه فالراجح في المذهب الحنفي عود الولاية إلى الولي السابق لوجود العجز المقتضى للولاية وهو قول أبي حنيفة.
شروط الولي على المال:
شرط الفقهاء لأهلية الولاية على المال الشروط الآتية:(29/131)
-1 أن يكون كامل الأهلية بالبلوغ والعقل والحرية، لأن ناقصها لا ولاية له على ماله، فلا تكون له ولاية على غيره.
-2 ألا يكون سفيهاً يخشى على مال القاصر من تصرفاته، فإن كان محجوراً عليه بالفعل فالأمر ظاهر، لأن الممنوع من التصرف في ماله يمنع من التصرف في مال غيره من باب أولى، وإن كان غير محجور عليه بالفعل لكن يستحق الحجر فلا ولاية له أيضاً لعدم ائتمانه على المال.
-3 أن يكون متحداً مع القاصر في الدين، فإن كان الأب غير مسلم وأولاده مسلمون. كأن تكون أمهم قد أسلمت وهم صغار وبقي الأب على دينه فيكون الأولاد مسلمين تبعاً لأمهم، لأنهم يتبعون خير الأبوين ديناً فلا تثبت الولاية للأب عليهم في هذه الحالة، وكذلك لو كان الأب أسلم وتوفي وترك أولاده المسلمين فلا يكون لجدهم المخالف له في الدين ولاية عليهم.
وهذا الشرط في غير القاضي، لأن ولاية القاضي ولاية عامة مستمدة من رئيس الدولة الذي هو ولي من لا ولي له من رعاياه مسلمين وغير مسلمين.
- سلطة الولي في التصرفات:
الأصل في تصرفات الولي أنها غير مطلقة بل مقيدة بما فيه مصلحة المولى عليه، وعلى ذلك لا يملك التصرفات الضارة ضرراً محضاً، كهبة جزء من مال المولى عليه أو التصدق به، فإذا صدرت منه كانت باطلة، ويملك التصرفات النافعة نفعاً محضاً. كقبول الهبة والصدقة والوصية، ومثلها التصرفات الدائرة بين النفع والضرر كالبيع والشراء والإجارة والشركة بشرط ألا يكون فيها ضرر، فإن كان فيها ضرر كانت باطلة، هذا إجمال لحكم التصرفات، أما تفصيلها فإنها تختلف بإختلاف الشخص الذي يتولاها، وإليك البيان.
تصرفات الأب: يفصل الحنفية في الآباء فيصنفونهم أصنافاً أربعة.
الصنف الأول: أب معروف بالتبذير والإسراف وعدم الأمانة على المال، وهذا لا يستحق الولاية على أموال أولاده، فلو أعطيت له الولاية ثم ظهر كذلك سلبت ولايته وأخذ منه المال وسلم إلى من يستحقها إن كان موجوداً، وإلا سلم إلى وصي يختاره القاضي ليحقق للصغار ما ينفعهم ويحافظ على مصلحتهم.
الصنف الثاني: أب معروف بفساد الرأي وسوء التدبير لكنه أمين على المال غير مبذر فيه، وهذا يستحق الولاية نظراً لأمانته وعدم تبذيره، ولأنه أقرب الناس إلى أولاده وموفور الشفقة عليهم، ولكنه يراقب في تصرفاته فيمنع من كل ما يضر بمصلحة الصغير، فيشترط لصحة تصرفاته الدائرة بين النفع والضرر أن تكون فيها منفعة ظاهرة، فإن تحققت نفذت وإن لم تتحقق ألغى التصرف.
ولقد وضع بعض الفقهاء معياراً للمنفعة الظاهرة في بيع العقار أن يكون بضعف قيمته، وفي شرائه أن يكون بنصف القيمة، وفي بيع المنقول أن يكون بزيادة تساوي نصف قيمته وفي شرائه أن يكون بنقص يساوي ثلث قيمته فيبيع ما قيمته ستة بتسعة، ويشتري ما قيمته تسعة بستة.
وقيل غير ذلك لكن الفتوى على الأول.(29/132)
الصنف الثالث: أب معروف بحسن الرأي والتدبير والتصرف. وهذا والذي قبله تثبت لهما الولاية الكاملة ومطلق التصرف في أموال من في ولايتهما صغاراً كانوا أو غير صغار.
فيملك الواحد منهما كافة التصرفات التي يملكها في ماله، ولا يستثنى منها إلا ما فيه ضرر محض كالتبرع والصدقة وما في معناهما، لأن التبرع إخراج المال الصغير بدون عوض فيكون ضرراً محضاً.
وعلى هذا يكون له بيع أموال المولى عليهم عقاراً كانت أو منقولاً ويشتري لهم مادام ذلك البيع والشراء بمثل القيمة أو بغبن يسير مما يتغابن فيه الناس عادة، ولا يملك أحد نقص تصرفه حتى الصغير إذا بلغ لا يملك ذلك، لأنه صدر عن ولاية تامة.
أما إذا كان البيع والشراء بغبن فاحش فإنه لا يكون صحيحاً، لأنه في معنى التبرع وهو ممنوع منه فيبطل البيع وينفذ الشراء على الأب لإمكان تنفيذه بدون ضرر بالمولى عليه.
ويجوز له أن يشتري مال الصغير لنفسه أو يبيع ماله له مادام خالياً من الغبن الفاحش، ويتم العقد بعبارته وحدها. كبعت هذا إلى ابني أو اشتريت هذا من ابني، وهي من الصور المستثناة من القاعدة العامة عندهم التي تمنع تولي الشخص الواحد طرفي العقد في العقود المالية بعبارة واحدة، وخالف في ذلك بعض الحنفية تمسكاً بالقاعدة كما يجوز أن يؤجر ماله ويتأجر له بدون غبن فاحش، ولا يجوز له أن يؤجر أموال الصغير لمدة طويلة لأنها غالباً تكون بأجرة ناقصة ففيها ضرر بأموال الصغير.
وله أن يودع أموال القاصر ولو كان الإبداع بأجر، لأنه من طرق المحافظة على أموال القاصر.
كما أن له أن يعير أموال الصغير إذا كان العرف يجري بذلك، لأنه كما يعير آلاته يستعير له من غيره فهو من قبيل تبادل الخدمات.
تصرفات الجد في ولايته:
اختلف أئمة المذهب الحنفي في تحديد نطاق تصرفات الجد على رأيين:
فيرى أبو حنيفة أنه لا يملك كل ما يملكه الأب من تصرفات، بل تقتصر ولايته على ما يملكه وصي الأب -وسيأتي بيانها- لأنه يلي الوصي في المرتبة فلا يكون له اختصاص أكثر من ذلك الوصي، ولو كان مساوياً للأب لتلاه في المرتبة وتقدم على وصي الأب في الولاية المالية.
وفي رواية في المذهب أنه يملك ما يملكه الأب لا فرق بينهما، لأن ولايته أصلية أثبتها له الشارع ولم يستمدها من أحد حيث ثبتت له باعتباره أبا عند فقد الأب، ولأنه موفور الشفقة كالأب فيملك ما يملكه، وتأخره في المرتبة عن وصي الأب لاحترام إرادة الأب لا لأنه أضعف في ولايته من وصي الأب.
ومع وجاهة رأي الثاني فقد اختار الفقهاء الرأي الأول للفتوى.
وعلى القول بتساوي الجد مع وصي الأب في نطاق الولاية فرقوا بينهما في أمرين.(29/133)
أولهما: أن الجد يملك التعاقد لنفسه بالبيع والشراء من مال القاصر من غير غبن فاحش، أما الوصي فلا يملك ذلك إلا إذا كان في البيع والشراء مصلحة ظاهرة، كأن يشتري عقار الصغير بضعف قيمته وأن يبيع عقاره للصغير بنصف قيمته عند أبي حنيفة.
وثانيهما: أن وصي الأب يملك بيع أعيان التركة عقاراً أو منقولاً في سداد الديون وإن كان بعض الورثة كباراً لقيامه مقام الأب في تركته، فيتولى تسديد ديونه بمقتضى الإيصاء، وكذلك له تنفيذ الوصية.
أما الجد فلا يملك ذلك إلا إذا كان بعض الورثة كباراً، لأن ولايته بحكم الشرع على الصغار فقط فيقتصر تصرفه على بيع ما يخص الصغار فقط.
ـــــــــــــــــــ(29/134)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
أحكام سفر المرأة
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(30/1)
يتأكد منع سفر المرأة في مثل حال الأخت السائلة
تاريخ الفتوى : ... 10 ربيع الأول 1428 / 29-03-2007
السؤال
أنا طالبة في كلية علمية يعرض علي السفر إلى خارج البلاد للقيام بمرحلة تربص ويكون السفر صحبة زملائي (11 فتاة و7 شبان والمدرس)، لمدة 20 يوماً، فهل يجوز لي السفر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولاً نشكر الأخت السائلة لحرصها على معرفة الحكم الشرعي قبل إقدامها على السفر، ونسأل الله أن يوفقها لكل خير، ثم اعملي أنه قد دلت الأدلة الصحيحة على المنع من سفر المرأة بدون محرم، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها ذو محرم. رواه البخاري ومسلم. وانظري الفتوى رقم: 20009، والفتوى رقم: 29759.
ويتأكد المنع في مثل حال الأخت السائلة لسفرها مع جمع من الرجال والغالب أنه سيحصل اختلاط أثناء الدراسة أو أماكن تناول الطعام ونحو ذلك، وهذا كله شر مستطير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... أحكام إقامة المرأة وحدها خارج وطنها
تاريخ الفتوى : ... 25 صفر 1428 / 15-03-2007
السؤال
أنا فتاة
عمري 25 سنة مقيمة بدولة عربية خارج بلدي الأصلي لمدة سنة ونصف تقريبا وأعيش لوحدي في غرفة مستأجرة في شقة مع عائلة، وأعرف شابا كان يدرس معي في بلدي الأصلي و يشتغل الآن هناك وما زلنا على اتصال والآن يريد أن يتقدم لخطبتي من أهلي و لكن لما سألته عن وقت الزواج قال إنه مازال حتى يجهز نفسه ماديا, فرفضت أن يتقدم لخطبتي الآن حتى يكون مستعدا تماما و يحدد تاريخ الزواج, خيفة من كلام الناس و سوء نية البعض منهم خلال فترة الخطوبة, بالرغم من أننا بعيدون عن بعض, فوافق على ذلك و قال إنه لن يتقدم لأهلي حتى يوفر السكن, و قد قررت أن أساعده في دفع تكاليف السكن حينها لنعجل في هذا الزواج لأنه دائما أحس و أنا مقيمة هنا مغتربة أنني أقوم بشيء خطأ اتجاه ربي العلي الكريم, فقد قررت إن شاء الله تعالى بإذنه تيسر الأمور ,أن يكون الزواج قبل اكتمال العام بإذن الله تعالى و أسال الله أن يسهل لي هذا, حتى لا أتواصل في ارتكاب الذنوب.
لذا أرجو من سماحتكم أن تنظروا في هذا الموضوع و تفيدوني فيما إذا كنت مخطئة باتخاذي هذا القرار أو أتركه يتقدم لأهلي الآن و بعدها يأتي تاريخ الزواج, و ما(30/2)
هي في نظركم آخر مدة يمكن أن لا أتجاوزها للرجوع إلى بلدي و الزواج من هذا الشاب , على علم أنه شاب ذو خلق و متدين. أرجو أن تردوا علي على موقعكم, وجزاكم الله خير جزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر لنا من خلال المبررات التي ذُكِرَتْ في السؤال أن قرارك في تأخير الخطوبة حتى يكون مستعداً هو الأفضل والأحسن.
ولكن عليك أيتها الأخت الكريمة أن تتقي الله تعالى حق التقوى، واعلمي أن الدنيا كلها بما فيها من اللذات والمتاع والشهوات تذهب وتزول، وتنسى عند أول غمسة في جهنم، فنرجو الله لك التوفيق والخير والهداية والثبات.
وإن كان في مقامك بهذا البلد خطر عليك في دينك أو عرضك فلا يجوز لك البقاء فيه، وعليك أن تعيشي وسط أهلك،.
وليس لمقامك خارج بلدك حدٌّ لا يجوز لك تجاوزه، فالأمر يرجع إلى الأمن على نفسك ودينك، فإذا أمنت على ذلك فلك أن تقيمي وإن طال الزمن، وإن خشيت على دينك ونفسك فلا ينبغي أن تستمري وإن قصر الزمن، وراجعي الجواب رقم:76042، في ضوابط مساكنة المرأة لأسرة فيها أجانب، والفتوى رقم: 10146.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم سفر المرأة بغير محرم لزيارة زوجها المعتقل
تاريخ الفتوى : ... 30 محرم 1428 / 18-02-2007
السؤال
رجل معتقل على مسافة 350 كم من أهله وتزوره زوجته مع نساء أخريات بدون حضور محرم معها لأنه لا يوجد لها محرم ما حكم الشرع فى ذلك ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مسافة 350 كيلومتر تعد سفرا والأصل عدم جواز سفر المرأة بغير محرم إلا للضرورة.
وعليه، فلا يجوز لهذه المرأة السفر لزيارة زوجها لمجرد الزيارة إلا أن تكون هناك ضرورة أو حاجة ماسة تدعو لذلك فلا بأس، وانظر الفتاوى التالية:44801، 20014.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم سفر المرأة للعمل بدون محرم
تاريخ الفتوى : ... 05 ذو القعدة 1427 / 26-11-2006(30/3)
السؤال
هل يجوز لفتاة السفر من السودان للعمل في دولة خليجية (دولة قطر)، مع العلم بأنه ليس لها محرم في دولة قطر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وجدت المرأة محرماً يوصلها للمكان الذي تسافر إليه فإنه لا يشترط في إقامتها بعد الوصول أن يسكن معها المحرم، فلو وجدت سكناً آمناً من الاختلاط فلا حرج عليها في ذلك، ولكنه تتعين صحبة المحرم لها في السفر، ويدل لوجوب أن يصحبها المحرم في السفر، حديث الصحيحين: لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم.
وقد حكى ابن حجر الإجماع على منع سفرها دون المحرم إلا في الحج والعمرة والذهاب من دار الحرب إلى دار السلام، وقد جوز بعضهم سفرها للحاجة إن تؤكد من أمن الطريق وكان السفر لما هو طاعة مع رفقة مأمونة، نقله ابن مفلح في الفروع عن شيخ الإسلام وعن بعض الشافعية وعن بعض السلف، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72047، 64047، 63745، 46251، 51037، 68348.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... السفر بدون محرم عند الحاجة
تاريخ الفتوى : ... 03 رمضان 1427 / 26-09-2006
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 26 سنه أعيش مع جدتي بمصر. وأمي تعمل بالسعودية وتعيش هناك مع إخوتي . الآن أمي أرسلت زيارة لي أنا وجدتي لنسافر نقيم معهم عدة أشهر ( تقول أمي : نجلس مع بعض بدل ما كل واحد في بلد وتقمن بالحج والعمرة كما أن أمي مريضة وتحتاج لمساعدتي في أعمال البيت وتربية إخوتي الصغار ) الآن لايوجد محرم ليسافر معنا . عندما قلت لأمي أنني لن أسافر بدون محرم غضبت مني غضبا شديدا وقالت نحن مضطرون( من أين أشتري لك محرما ) وعندما أصر على رأيي تفهمني خطأ وتظن بأني أصبح عندي جفاء من ناحيتها . هل تبيح لي ظروفي هذه السفر بدون محرم ؟ ماذا أقول لأمي؟ وماذا أفعل؟ أرجو إفادتي بالتفصيل ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم : 14798 تفصيل كلام أهل العلم حول سفر المرأة لفريضة الحج دون محرم، وقد ذكرنا أن الراجح من كلام أهل العلم جواز سفرها بدون محرم لأداء فريضة الحج إذا سافرت مع رفقة مأمونة مع أمن الفتنة ، والعمرة أيضا واجبة في العمرة مرة واحدة على الصحيح من أقوال أهل العلم في حق من توفرت لديه الاستطاعة كما تقدم في الفتوى رقم : 28369 .(30/4)
وبناء عليه، فإذا كنت لم تؤدي فريضة الحج والعمرة جاز لك السفر بدون محرم، وكنت آمنة من حصول فتنة، ووجدت رفقة مأمونة من النساء فقط أو النساء والرجال، وبذلك تفوزين مع ذلك برضى والدتك الحريصة على وجودك بقربها. وراجعي الفتوى رقم : 60915 ، ففيها ترجيح القول بجواز سفر المرأة بدون محرم عند الضرورة أو الحاجة .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يسمح لزوجته بالسفر للخارج للدراسة
تاريخ الفتوى : ... 03 رمضان 1427 / 26-09-2006
السؤال
هل يجوز للرجل أن يسمح لزوجته بالسفر إلى الخارج لغرض الدراسة بعد حصولها على منحة دراسية ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع محرم لها، لما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها . وهذا لفظ مسلم.
وعليه، فإذا كانت الزوجة المذكورة سيصحبها أحد محارمها في السفر، وستكون آمنة من الفتنة والاختلاط بالرجال في إقامتها للدراسة، وستكون محافظة وواقفة عند حدود الله، فلا حرج في أن يسمح لها زوجها بالدراسة في الخارج.
وإن اختل شيء من هذه الشروط لم يجز له أن يسمح لها بذلك، ولم يجز لها أن تسافر ولو سمح لها زوجها . فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ{التحريم:6}.
علما بأن الأفضل للمرأة أن تقر في بيتها على كل حال، فقد قال الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب: 33 }.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة للحج والعمرة الواجبين بدون محرم
تاريخ الفتوى : ... 03 رمضان 1427 / 26-09-2006
السؤال
أنا أبلغ من العمر 32 سنة، ولدي المال لعمل عمرة وأشتاق للعمرة كثيراً، ولكن مشكلتي في المحرم، والدي متوفى وليس لدي شخص آخر أستطيع السفر معه، وأنا غير متزوجة، فما الحكم في هذه الحالة أيضا بالنسبة للحج، وهل يوجد أي حل آخر غير المحرم حتى أستطيع السفر؟ وشكراً.
الفتوى(30/5)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 14798 تفصيل كلام أهل العلم حول سفر المرأة لفريضة الحج بدون محرم، وقد ذكرنا أن الراجح جواز سفرها بدون محرم لفريضة الحج إذا سافرت مع رفقة مأمونة مع أمن الفتنة، والعمرة أيضاً واجبة في العمر مرة واحدة على الصحيح من أقوال أهل العلم في حق من توفرت لديه الاستطاعة، كما تقدم في الفتوى رقم: 28369.
وبالتالي فإذا توفرت لديك الاستطاعة للحج أو العمرة ووجدت رفقة مأمونة وأمنت حصول فتنة جاز لك السفر في هذه الحالة بدون محرم، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 22299.
والاستطاعة لأداء الحج والعمرة سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 22472.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل تغني مرافقة الأم عن المحرم في السفر
تاريخ الفتوى : ... 01 رمضان 1427 / 24-09-2006
السؤال
أنا فتاة غير متزوجة وأعمل في شركة، هذه الشركة منحتني فرصة لتكملة دراستي العليا في دولة أجنبية وهذه الدولة ترفض أن تعطي أحد أخوتي التأشيرة لدخولها وأعطت أمي التأشيرة لمرافقتي، مع العلم بأن الشركة ستكون مسؤولة عن كل شيء هناك، فهل أذهب أنا وأمي، مع العلم بأن أمي تبلغ من العمر 68 سنة، أم أسافر وحدي طالما أن الشركة ستكون مسؤولة عن كل متطلباتي، وهل جائز لي أن يرافقني أحد أفراد عائلتي لفترة معينة ثم أقضي باقي المدة وحدي، أم ماذا أفعل أفيدوني أفادكم الله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع محرم لها، لما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها. وهذا لفظ مسلم.
والذين رخصوا من أهل العلم في سفر المرأة دون محرم إذا كانت مع رفقة آمنة، قصر أكثرهم ذلك على سفر الحج الواجب، وعليه، فهذا السفر الذي تنوين القيام به غير مباح ما لم يرافقك فيه محرم، ولا يغني عن ذلك مرافقة أمك لك فيه.
وإذا رافقك أحد أفراد عائلتك في السفر فلا مانع بعد ذلك من أن تقضي باقي المدة وحدك بشرط أن يكون المكان والبيت الذي سوف تسكنينه آمنين، وكنا قد بينا هذا من قبل، ولك أن تراجعي فيه الفتوى رقم: 30583.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(30/6)
سفر المرأة للحج مع الرفقة المأمونة
تاريخ الفتوى : ... 23 شعبان 1427 / 17-09-2006
السؤال
بمشيئة الله وتوكلنا عليه أنوي الذهاب إلى بيت الله لأداء فريضة الحج، وأريد السفر مع والدتي لأن والدي صحته لا تسمح وليس لدي إخوة، فهل يجوز الذهاب مع رفقة مأمونة أو إذا ذهب زوج أختي مع أمه وأخته وأختي تبقى مع ابنها ووالدي، أرجوكم أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا حكم سفر المرأة للحج مع الرفقة الآمنة في الفتوى رقم: 22299، والفتوى رقم: 3096.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
سفر الفتيات للعمرة مع رفقة مأمونة
تاريخ الفتوى : ... 13 شعبان 1427 / 07-09-2006
السؤال
نحن منذ فترة ننوي الذهاب للعمرة ولكن لايوجد معنا محرم .. أي جميع محارمنا يتعذر عليهم السفر لظروف العمل أو ظروف عائلية وكل ما ننوي الذهاب لايكتب لنا ذلك ودائماً يقول لنا البعض إذا طلبكم الله سوف تذهبون .
سؤالي الأول هو:
1)هل يجوز لنا شرعاً كفتيات السفر مع حملة (رفقة آمنة) ؟
2)هل يطلب الله تعالى عباده لزيارة بيته الشريف أم على العبد نفسه السعي لذلك حتى لو تعذر الأمر وما ذا يعني لو تعسرت الأمور ؟
3) هل صحيح بأن أول 3 أدعية يدعو بها المسلم عند رؤيته الكعبة المشرفة ولأول مرة مستجابة , وهل نذكر في الدعاء مثلاً الرغبة بالزواج من شخص ما، أي أحدد اسم الشخص أم أقول أن يكتب لي الزواج بدون تحديد ..علماً بأنني سمعت من يقول عن الدعاء بأن يحدد الشخص مطلبه ويلح في الدعاء أفضل من قول إذا خير لي يسره وإذا كان شرا أبعده، إلا في حال الاستخارة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تمت الإجابة على هذا السؤال في الفتوى رقم : 76701 ، فالرجاء مراجعتها والاطلاع عليها .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... هل تسافر بلا محرم لتتعلم اللغة العربية(30/7)
تاريخ الفتوى : ... 05 شعبان 1427 / 30-08-2006
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 23 ولدت في فرنسا وأريد السفر إلى بلد عربي قصد تعلم اللغة العربية لكوني لا أجيدها وطلب العلم الشرعي، ولكن المشكلة لي إخوة ذكور لا يريد أي أحد منهم السفر معي لاشتغالهم بشؤونهم، ٍُّفهل يجوز السفر وحدي أو مع قريبةٍ لي مع زوجها ?
وجزاكم الله كل خير .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع زوج أو محرم لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم . ويمكنك تعلم اللغة العربية عبر الوسائل الحديثة أو عن معلم يوجد في البلد الذي تقيمين فيه، وعلى كل حال فلا يسوغ لك أن تسافري بلا محرم لأجل تعلم اللغة العربية .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... تحويل المرأة مالها إلى رجل أجنبي وسفرها بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 28 جمادي الأولى 1427 / 25-06-2006
السؤال
اتصلت بي فتاة مسلمة من بلاد
ساحل العاج عبر الايميل قالت فيه إنها فقدت أباها الوزير والذي مات مقتولا ثم التحقت به زوجته فظلت هي يتيمة لا سند لها. مشكلتها تكمن في كون أبيها ترك لها مبلغا هائلا من المال ولكنها لا تستطيع التصرف فيه تريد أن أساعدها و ذلك بتحويل المال إلى حسابي الخاص في بلادنا لتسافر هي بعد لأعيد لها مالها وتستقر عندنا نهائيا وقد وعدتني بنصيب من هذا المال كمقابل لذلك.
فما رأي الشريعة في ذلك وهل مثل هذا المال حلال؟
جزاكم الله كل خير .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المستبعد أن لا تجد هذه الفتاة في دولتها وفي مجتمعها من يمكنها الاعتماد عليه في حفظ مالها.
كما أنه من المستبعد أيضا أن تضع الفتاة كامل ثقتها في شخص لم تره ولم تعرف شيئا عن أمانته، بحيث تحول أموالا طائلة إلى حسابه.
وعلى أية حال، فقد أجمع أهل العلم على تحريم سفر المرأة بدون محرم إذا خيفت الفتنة، واختلفوا فيما إذا بعدت الشبهة وموطنها. فذهب بعضهم إلى تحريم سفر المرأة دون محرم أخذا بعموم ألفاظ الأحاديث الواردة في منع المرأة من السفر دون(30/8)
محرم، ومنها ما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم. وما رواه الشيخان أيضا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال: انطلق فحج مع امرأتك.
ثم إن هبة المرأة شيئا من مالها إلى رجل إذا خلت من الأغراض الفاسدة والمقاصد الخبيثة لا مانع منها، بل هي مستحبة بين الناس، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا، أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والبيهقي من حديث أبي هريرة بسند جيد.
ويستثنى من هذا الهدية في معصية الله تعالى، كمن يهدي لامرأة ليستميل قلبها إليه، أو يجرها إلى الوقوع فيما حرم الله من نظر أو لمس أو خلوة ... ونحو ذلك، أو تهدي هي له لشيء من تلك الأغراض.
والحاصل أن سفر تلك الفتاة إلى بلدك من دون محرم غير مباح، وبناء عليه، فلا نرى إباحة شيء مما ذكرت.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة بغبر محرم لزيارة زوجها السجين
تاريخ الفتوى : ... 08 جمادي الأولى 1427 / 05-06-2006
السؤال
هل يجوز سفر المرأة من الفجر حتى المغرب لزيارة زوجها في المعتقل دون محرم لها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ذلك يعتبر سفراً في العرف أوخيفت الفتنة... فإنه لا يجوز للمرأة أن تسافر هذه المدة بدون محرم، فقد أجمع أهل العلم على تحريم سفر المرأة بدون محرم إذا خيفت عليها الفتنة وعدم الأمن إلا لضرورة ملجئة، وذهب أكثرهم إلى القول بالتحريم مع أمن الفتنة وقولهم هو الراجح، لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. وفيهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم.
وإذا كانت زيارة الأقارب مستحبة فإن سفر المرأة بدون محرم محرم، ولا يجوز للمسلم أن يفعل مباحاً بانتهاك محرم، هذا إذا كانت المسافة بعيدة وتسمى سفراً في العادة أو خيفت الفتنة أو عدم الأمن، أما إذا كانت قريبة بحيث لا يسمى ذلك سفراً في العرف وكانت الفتنة لا تخشى منه، فإنه لا مانع من ذلك إن شاء الله تعالى،(30/9)
وللمزيد من الفائدة والتفصيل عن هذا الموضوع نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3096، 44801، 54772، 29263.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة بغير محرم لحفظ القرآن
تاريخ الفتوى : ... 03 جمادي الأولى 1427 / 31-05-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
يا شيخ عندي مشكلة وهي: أن والدي مصاب بداء البخل وعندما أريد أن أطلب منه أي نقود أكون خائفة جداً بالرغم من أني لا أريد هذه النقود في أي أشياء ترفيهية، ولكني أريدها في الضرورات، وأنا يا شيخ بفضل الله أتممت دراستي الجامعية ولكن لم يمن الله علي بالعمل وذلك لقلة فرص العمل في بلدي ولأنها أيضا تتطلب أن يكون المتقدم حاصلا على الكثير من دورات الكمبيوتر والتي رفض أبي أن أدرس أيا منها، ولكن لأن الله عالم بالحال كما يقولون فقد وفقني الله إلى دورة كمبيوتر تعتبر شبه مجانية أي أنهم يجمعوا منا بعض المبالغ الرمزية كل فترة لكتابة استمارة لتعلم برنامج جديد أو لشراء كتاب ولم أكن أعلم بهذه المبالغ الرمزية في بداية الدورة ولذلك فقد قلت لأبي إنها دورة مجانية ولكن بعد ذلك كنت أضطر أن أطلب منه هذه المبالغ فكان يعنفني لكثرة مطالبي ولأني قد قلت له إنها دورة مجانية، وسؤالي يا شيخ هو: أني في بعض الأحيان أضطر للكذب عليه لكي آخذ منه بعض النفقات التي أحتاج إليها وذلك فى أي أمر، فهل ما أفعله حرام، علما بأني لا أنفق النقود إلا في أشياء أحتاج إليها بالفعل، عرفت معلومة يا شيخ وهي أن الرسول قد أجاز لزوجة أبي سفيان أن تأخذ من ماله دون علمه، ولكن على قدر كفايتها دون تبذير، فهل يحق لي أنا أيضا أن آخذ من مال أبي هذه المبالغ الرمزية التي قد ذكرتها من قبل دون علمه تجنبا لكلامه الجارح وغضبه، ويعلم الله يا شيخ أني لن أنفق هذه النقود على نفسي ولكن سوف أقوم بدفعها للدورة، علما بأن هذا المبلغ هو 15 جنيها مصريا إني لا أريد أن أغضب الله يا شيخ ولكني تعبت نفسيا جدا من بخل أبي فأرشدني إلى الطريق المستقيم؟
سؤال آخر يتعلق بأبي أيضا وهو أنني يا شيخ فتاة منقبة وأقوم الآن بحفظ القرآن في مسجد في محافظة غير التى أسكن بها ولكنها تبعد عن محافظتي 45 دقيقة بالأتوبيس وسبب إصراري على الحفظ في هذا المسجد بالذات أن هذا المسجد يوم الحفظ وهو يوم واحد في الأسبوع يكون أشبه ما يكون بخلية النحل ويملأه جو روحاني لم أجده في الكثير من المساجد فى محافظتي حيث تجد الجدية والإصرار واتباع منهج النبي وسنته فى كل شيء، ولكن المشكلة يا سيدي في والدي أنه لو علم أني أسافر إلى مدينة أخرى لمجرد حفظ كتاب الله فلن يوافق أبداً وهذا ليس خوفا علي، ولكن بسبب ما يدفعه لي من نقود ثمنا لمواصلاتي ما بين البلدتين ولذلك فقد قلت له إني أتدرب فى أحد المكاتب الهندسية وذلك دون مقابل طبعا فوافق على(30/10)
مضض، علما يا شيخ أن أمي جزاها الله كل الخير تعلم كل تحركاتي جيداً ولا أخفي عنها أي شيء لأنها تعلم جيداً أني أريد فعلا حفظ كتاب الله وقد قال الرسول الكريم: (اطلبوا العلم ولو في الصين)، فهل على إثم لكذبي على والدي ولكني يا شيخ إذا اضطررت إلى الحفظ في البيت فلن أحفظ أي شيء فأنت يا شيخ تعلم جيدا ما تفعله الصحبة الصالحة حيث إنني أعيش في بيت بعيد تماما عن التدين بسبب والدي وأخي, فأبي يصلي ولكن معاملته مع أمي ومعي وإخوتي سيئة جداً، ولذلك فأنا أعتبر الفترة التي أقضيها في المسجد من أحب الأوقات لدي وتكون حافزاً نفسيا على تحمل الحياة مع أبي، فأبي يا سيدي لا يهمه شيء في هذه الحياة إلا النقود ونفسه فقط وهو يا سيدي لم يكن يريدني أن أرتدي النقاب أبداً إلى أن أحضرت له ما يثبت أن النقاب فرض وأني غير مرتاحة نفسيا لكشف وجهي في ظل تفشي الفساد في مجتمعاتنا وهو لم يقتنع أيضا، ولكن قال لي اعملي ما تريدين وأبي أيضا يا سيدي جالس أمام التلفاز ليلا نهارا ويرى الكثير من الأشياء التي لا تليق وبعضها يكون إباحيا وأخي مثله تماما بل أكثر لأنه ما زال في عنفوان
شبابه، سيدي أردت أن أوضح لك الصورة كاملة لكي ترى مدى احتياجى لتلك الفترة التي أقضيها بالمسجد بعيداً عن هذا البيت الذي أحس أن الشياطين تملأه، أرجو أن تدعو لي ولأمي بالصبر والثبات ولأبي وأخي بالهداية، وآسفة لطول رسالتي؟ ولكم مني جزيل الشكر والعرفان، أوردت في رسالتي أكثر من نقطة للرد عليها فأرجو كل الرجاء ألا تغفلوا عن أي نقطة منها، أرجو الرد على البريد الإلكتروني الخاص بي وعدم نشره في الموقع إلا إذا كنتم ترون عكس ذلك.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يمن عليك وعلى أمك بالصبر والثبات، وعلى أبيك وأخيك بالهداية، وقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن خبر: اطلبوا العلم ولو بالصين. حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، كما بين ذلك الشيخ الألباني وغيره.
كما ينبغي أن تعلمي أن سوء أخلاق الوالد وتقصيره في الحقوق الواجبة عليه سواء كانت لله تعالى أو كانت للمخلوقات، لا تسقط من حقه على الأبناء شيئاً، فالوالد مهما كانت حالته يجب بره والإحسان إليه، ويحرم عقوقه ولو كان كافراً، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24}.
فننصحك أولاً بالحد من هذه اللهجة والكلام النابئ تجاه والدك، ثم مما يجب معرفته أن المرأة لا يجوز أن تسافر إلا مع ذي محرم، كما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. فما تقومين به من الذهاب كل أسبوع إلى مدينة أخرى غير التي تسكنينها لا يجوز دون محرم إن كان في العرف عندكم أنه سفر.(30/11)
وبالنسبة لما سألت عنه من الكذب للحصول على بعض مال الأب، وكذا التحايل من أجل ذلك، فمن المعلوم أن الكذب حرام، ولكن جوزه المحققون من أهل العلم في كل ما فيه مصلحة دون مضرة للغير، يقول ابن الجوزي ما نصه: وضابطه أن كل مقصود محمود لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب، فهو مباح إن كان المقصود مباحاً، وإن كان واجباً فهو واجب.
وقال ابن القيم في زاد المعاد ج2ص145: يجوز كذب الإنسان على نفسه، وعلى غيره إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه.... كما أنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لهند بنت عتبة -لما ضن أبو سفيان رضي الله عنه عليها بحقها في النفقة-: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. وهو دليل على أن التحايل لأخذ الحقوق إذا منعت من مستحقيها جائز.
ولكن ينبغي أن تعلمي أن أباك ليس ملزماً شرعاً بمصاريف دراستك، ولا بما تحتاجين إليه من دورات كومبيوتر أو غيره، وقد بينا ذلك من قبل، فلك أن تراجعي فيه الفتوى رقم: 59707.
وبناء على جميع ما ذكر فما تقومين به من الكذب للحصول على بعض مال أبيك لا يجوز، ولا يجوز كذلك أخذه دون علمه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مشروعية سفر المرأة للعمرة مع الرفقة المأمونة
تاريخ الفتوى : ... 03 جمادي الأولى 1427 / 31-05-2006
السؤال
قرأت إجابتين متناقضتين في شبكتكم الكريمة فيما يتعلق بموضوع سفر المرأة إلى العمرة بدون محرم : الأولى أجازت سفر المرأة وذلك في الفتوى رقم 64047 (( وقد ذكر ابن حجر في الفتح والنووي أن هذا متفق عليه بين العلماء؛ إلا في الحج والعمرة والهجرة من دار الحرب))
والثانية حرمت سفرها وذلك في الفتوى رقم 5936 (( لا يكفي وجود مجموعة من النساء في السفر لأجل العمرة )).
أرجو الإيضاح وبيان أية كفة ستكون أرجح في حال سفر المرأة إلى العمرة بدون محرم معها ، كفة الأجر أم كفة الإثم والمعصية، فأنا أحلم منذ زمن بزيارة بيت الله الحرام ولا أستطيع الذهاب إلى الحج في الوقت الحاضر حيث هنا في العراق تتبع عملية القرعة بين كبار السن الذين هم فوق الخمسين وأنا في (42) ولا أشمل بها ؟
جزاكم الله خير جزاء . مع شكرنا وامتناننا لجهودكم الصالحة .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل الراجح إن شاء الله مشروعية سفر المرأة للعمرة مع الرفقة المأمونة ، وهو مذهب مالك والشافعي ورجحه شيخ الاسلام ابن تيمية ، فأكثري الدعاء بتسهيل سفر العمرة ، وابحثي عن المحرم واسعي في تحصيله ، فإن لم يتيسر فلا حرج عليك إن(30/12)
شاء الله في السفر للعمرة بصحبة الرفقة المأمونة مع الالتزام بالضوابط الشرعية في الستر والبعد عن مس الأجانب ، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها : 3096 ، 14798 ، 3665 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... سفر المرأة للحج الواجب مع رفقة مأمونة
تاريخ الفتوى : ... 10 ربيع الثاني 1427 / 09-05-2006
السؤال
لقد تم عقد قراني ولم يتم الزفاف بعد نظراً لأن شقة الزوجية لن نستلمها لا بعد عام ونصف وخطيبي أو زوجي مستقبلا يعمل بالسعودية، ولقد قررنا أن نبدأ حياتنا بشيء صالح، ولذلك قررنا أن نحج سويا هذا العام أي قبل موعد زفافنا "ليلة الدخلة" قبل انتهاء مدة عقد عمله بالسعودية، فهل يجوز أن أسافر إليه عن طريق البر لوحدي لمدة ليلتين وهي مدة المسافة بين مصر والسعودية براً مع مجموعة من الأسر الصالحة المشهود لهم بالتدين والإيمان وينتظرني الشخص الذي عقد قراني بمكة، ويكون محرمي أثناء الحج ونقوم بعمل مناسك الحج سويا وأعود بعدها مع نفس مجموعة السفر لوحدي مرة أخرى لمدة ليلتين أيضا مع مراعاة أن أقيم في الفندق المخصص لمجموعة الحج مع بعض النساء اللاتي ذهبن معي في الرحلة بعيدا عن مسكن زوجي مستقبلا المشهود له بالخلق والتدين وحفظ الوعود مع أهلي ومن حوله حيث إن أهلي لا مانع لديهم من السفر وحدي إذا لم يتعارض مع الشرع، أرجو الفتوى في ذلك، وهل يجوز ذلك أيضا في حالة العمرة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم حكم سفر المرأة مع الرفقة المأمونة بغير محرم، وأن في المسألة خلافاً بين أهل العلم، وتراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28235، 63745، 60915، 14798.
والراجح - والله أعلم- جواز سفر المرأة للحج الواجب مع رفقة مأمونة عند أمن الفتنة، وأمن الفتنة يحدده الزمان والمكان ووسيلة السفر والرفقة فيه وحالة المرأة، فهو أمر يختلف باختلاف الأشخاص والأزمان والأحوال.
وعليه فإذا أمنت الأخت الفتنة، مع هذه الرفقة، وفي زمن السفر ومكانه ووسيلته وأذن لها الزوج بالسفر فلا حرج في ذلك، ولمعرفة ما يمنع منه من أحرم بالحج أو العمرة حتى يتحلل مما أحرم به، فراجعي الفتوى رقم: 14432 ومن مقدمات الجماع النظر بشهوة واللمس بشهوة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا تسافر المرأة بدون محرم(30/13)
تاريخ الفتوى : ... 11 ربيع الأول 1427 / 10-04-2006
السؤال
أنا شاب متزوج ولكن لم أدخل بها وهي تعمل مهندسة في الجامعة وقد طلب منها أن تذهب إلى ألمانيا من أجل تربص يدوم 7 أيام وذلك بتكفل تام مع العلم أننا نقطن بالجزائر، أفيدوني و شكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للمسلة السفر وحدها بدون محرم، وذلك لما في الصحيحين وغيرهما، واللفظ لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها ذو محرم منها.
ولذلك فإن عليك أن تسافر مع زوجتك حتى توصلها إلى المكان المقصود، وبإمكانك أن تعود وتتركها هناك إذا كان المكان آمنا ثم تعود إليها إذا أرادت الرجوع، فإذا لم تستطع السفر معها فليسافر معها أحد محارمها كأبيها أو أخيها أو غيرهما من محارمها.
وللمزيد من التفصيل عن هذا الموضوع نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 68348.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... سفر الفتاة وأمها بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 27 صفر 1427 / 28-03-2006
السؤال
هل يصح أن أذهب مع أمي إلى العمرة بدون محرم وأمي تبلغ من العمر 48 سنه فهل يصح أن أذهب معها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسفر المرأة بدون محرم لقصد العمرة أو غيرها فصلنا القول فيه في الفتوى رقم : 7384 ، والفتوى رقم : 46933 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الحالات المبيحة لسفر المرأة بدون محرم، وتحديد المسافة
تاريخ الفتوى : ... 18 صفر 1427 / 19-03-2006
السؤال
علماءنا الأفاضل،
أسأل الله تعالى أن يجزيكم خير الجزاء، وأرجو منكم الإجابة على هذا السؤال بجزئيته وليس بشكل عام إذا أمكن.
سؤالي هو التالي:(30/14)
نحن نعلم أن المرأة لا تجوز أن تسافر بغير محرم،
أولا أرجو منكم تحديد المسافة التي بعدها تعتبر المرأة مسافرة. ثانيا هل هناك حالات مسموح للمرأة أن تسافر فيها وحدها كالدعوة مثلا. ثالثا سمعت من أحدهم أن المرأة تستطيع أن تسافر وحدها إذا أوصلها أحد محارمها إلى المطار واستقبلها أحد محارمها في البلد الآخر، فما صحة هذا القول، وإذا كان صحيحا فما الدليل؟
رابعا، إذا كان لا يجوز السفر بغير محرم وفعلته المرأة فما مدى الإثم الذي ارتكبته وكيفية التوبة منه؟
سامحوني على الإطالة وأرجو منكم الجواب على كل جزئية وجزاكم الله خيرا ونفعكم ونفع بكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد النهي عن سفر المرأة بدون محرم في أحاديث عدة بعضها جاء في النهي عن مطلق السفر بدون محرم, وبعضها جاء فيه النهي عن السفر إذا كان يوما وليلة, وبعضها ثلاثة أيام، وكلهاصحيحة، وقد جمع أهل العلم بينها بأن كل ما يسمى في العرف سفرا تنهى المرأة عنه بدون زوج أو محرم بغض النظر عن مسافته أو زمنه.
أما الحالات التي يجوز للمرأة أن تسافر فيها بدون محرم أو زوج فهي: الخروج من دار الشرك، أو الفرار من الأسر، والخروج للحج المفروض إذا كانت مع رفقة مأمونة عند بعضهم، أما سفرها بدون محرم في الطائرة إذا ودعها أحد محارمها من المطار واستقبلها آخر فإنه يعتبر سفرا كغيره من الأسفار. وقد بينا مخاطره في الفتوى رقم: 6219، نرجو أن تطلع عليه لمعرفة الأدلة والمزيد من الفائدة وأقوال أهل العلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم سفر المرأة المضطرة بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 28 محرم 1427 / 27-02-2006
السؤال
سؤالي هو: اضطررت للسفر لوحدي من منطقتي إلى منطقة أخرى تبعد عنا " 7 ساعات" وذلك بالباص وفيه عوائل. فهل أعتبر آثمة لأني سافرت بدون محرم؟ علماً بأني كنت مضطرة جداً للسفر ولا يتوفر معي إطلاقاً المحرم؟ فإن كنت آثمة فما هي كفارة ذلك ؟ أفيدوني يجزيكم الله عنا كل الخير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت مضطرة ضرورة معتبرة شرعا أو كنت محتاجة حاجة شديدة لهذا السفر الذي ذكرت أنك اضطررت إليه ولم تجدي محرما فنرجو أن لا يكون عليك إثم لأن الضرورة تستباح بها المحرمات؛ لقول الله تعالى:(30/15)
فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {البقرة: 173} ولقوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119} وللقاعدة الشرعية: الضرورات تبيح المحظورات. وقاعدة الضرر يزال.
ويضاف إلى هذا أن هناك قولا لبعض أهل العلم بجواز سفر المرأة لحاجتها مع الرفقة المأمونة، ولكن الجمهور على منعه، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها:3096، 67874، 63745، 66905، 64047.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... إكمال المرأة سفرها بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 22 محرم 1427 / 21-02-2006
السؤال
هل يجوز أن أسافر مع محرم ثم يتركني لوحدي لأكمل بقية المسافة علما أن المسافة المتبقية لا تتجاوز أربع أو خمس ساعات وأنا مضطرة للسفر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم سفر المرأة دون محرم وذكرنا حكم الضرروة في ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية : 3096 ، 3420 ، 54920 ، 6219 .
وفي مثل هذه الحالة فإنه لا يجوز للمحرم مفارقتك وتركك دون أن يوصلك إلى بلد تقيمين فيه إن لم يضطر إلى ذلك، وإن تركك فلا يجوز لك إكمال المسافة دون محرم وتجب عليك العودة معه إن كان سيعود أو الإقامة معه إن كان سيقيم، فإن مات أو اختفى مثلا وكانت المسافة المتبقية قليلة وإكمالها أهون وآمن من العودة فيتعين إكمالها ، وأما ما عدا ذلك فلا يجوز لك إكمالها ومواصلة السفر دون محرم إلا إذا اتصفت بحالة من الحالات التي أباح بعض أهل العلم للمرأة السفر فيها دون محرم. وقد بيناها في الفتاوى المحال إليها سابقا .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
كل ما يسمى سفرا فالمرأة منهية عنه إلا بالمحرم
تاريخ الفتوى : ... 01 ذو الحجة 1426 / 01-01-2006
السؤال
ما هي المسافة التي يمكن للمرأة أن تسافر دون محرم؟ وهل ذهاب النساء في رحلة باستئجار باص لهن دون محرم هل هو جائز؟ وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها ذو محرم. رواه البخاري(30/16)
فالمرأة ممنوعة شرعا من السفر من غير محرم، وليس هناك مسافة محددة للسفر، بل كل ما يسمى عرفا سفرا فإن المرأة تمنع منه، وما ذكر في بعض الأحاديث من ذكر ثلاثة أيام ونحوها ليس المراد منه التقييد بدليل الحديث المتقدم الذي ليس فيه تقييد بمسافة معينة. قال النووي رحمه الله تعالى: ليس المراد من التحديد ظاهره، بل كل ما يسمى سفرا فالمرأة منهية عنه إلا بالمحرم. اهـ.
ويستوي المنع المرأة الواحدة والمجموعة من النساء، فلا يجوز لهن السفر من غير محرم، وانظر الفتوى رقم: 8281.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إجماع العلماء على حرمة سفر وخلوة المرأة بالرجل الأجنبي
تاريخ الفتوى : ... 27 ذو القعدة 1426 / 28-12-2005
السؤال
أختي تعمل سكرتيرة قي شركة أسبانية وتضطر للسفر خارج المدينة مع رئيسها في سيارته طبعا، وفي بعض الأحيان تغيب عن المنزل أياما عديدة، وكل هذا بموافقة أبي وأمي، فهل مالها الذي تجنيه من هذا العمل حرام، وهل هدايا رئيسها أيضا حرام، مع العلم بأني لا أشك أبداً في سلوكها؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن سفر أختك وخلوتها مع رئيسها في العمل من المحرمات الظاهره والكبائر الماحقة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والدخول على النساء. رواه البخاري، ويقول: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها محرم. رواه مسلم. ويقول صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وأجمع العلماء على حرمة خلوة المرأة بالرجل الأجنبي عنها، وكذا يحرم على المرأة أن تسافر بدون محرم؛ لحديث: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم. رواه مسلم.
وعليه؛ فعمل أختك سكرتيرة لهذا الرجل مع تضمن هذا العمل لهذه المحاذير المتقدمة حرام، والمرتب والهدايا التي تحصل عليها مقابل ذلك حرام أيضاً، ويجب عليها التوبة إلى الله عز وجل وترك هذا العمل فوراً.
وأما إذن أبويها لها بالعمل مع وجود هذه المحرمات فلا عبرة به، وكان أجدر بالأبوين أن يحافظا على ابنتهما من أسباب الفتنة، وكذا لا عبرة بمقولة إن هذه الفتاة مستقيمة السلوك! فأي استقامة تبقى مع هذه البلايا؟!!. نسأل الله العافية.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم سفر المرأة للحج عن ابنتها بغير محرم(30/17)
تاريخ الفتوى : ... 26 ذو القعدة 1426 / 27-12-2005
السؤال
أريد الذهاب إلى الحج هذا العام لأحج لابنتي المتوفاة وأنا امرأة كبيرة في السن ولا يوجد لدي محرم وحيث إني لي الرغبة الشديدة في الحج وبعض الناس أفتوني بأنه لا يجوز الذهاب مع الرفقة الآمنة ؟
أفتوني مأجورين.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تذهب لحج الفريضة مع الرفقة الآمنة ، وأما حج النفل أو الحج عن الغير فلا يجوز لها الذهاب إليه إلا بمحرم ولو كانت كبيرة في السن ، وعليه فيمكنك أن تدفعي المال لمن يحج عن ابنتك ولا تذهبي بنفسك، وقد بينا هذه المسألة بالتفصيل في الفتوى رقم : 14798 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة في بعثة بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 17 رمضان 1426 / 20-10-2005
السؤال
جزاكم الله عنا خير الجزاء على جهودكم،، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منكم وألا يحرمكم الأجر، ويجعل عملكم هذا شاهدا لكم يوم نلقاه.. وبعد
أما سؤالي، فأحببتُ أن أبدأه بمقدمة، لعلها تساعد في توضيح الأمر بشكل أفضل:
أختي الكبرى تعمل في وظيفة حكومية بإحدى الوزارات، وقد تم ترشيحها مؤخرا لحضور دورة في إحدى الدول الغربية (تحديدا الولايات المتحدة الأميريكية)هي وزميلتها بالعمل لمدة ثلاثة أشهر تقريبا، وبعض الزملاء من الرجال بالعمل، وقد رحبت أسرتي كلها بهذا الأمر ووافقت وشجعت أختي عليه،، إلا أنا فقد رفضتُ تماما هذا الأمر لما يترتب عليه من مخالفة شرعية في سفر أختي بغير محرم خصوصا لدولة كافرة..
كما أن سفرها هذا يتيح لها العديد من الميزات ، بما فيها زيادة الراتب طوال فترة السفر إلى أكثر من الضعف، والعديد من الميزات الأخرى، فلم يكن من أختي إلا أن تمسكت بهذا الأمر، رغم علمها بحرمة سفر المرأة بغير محرم، ورغم أني نصحتها بترك هذا الأمر، وعدم بيع رضا الله والأخرة بعرض زائل من الدنيا، إلا أنها أصرت على رأيها، ورفضت السماع لي فضقتُُ ذرعا بذلك.. والله المستعان .
وقد حاولت دوما تجنب أي حديث معها حول ترتيبات السفر والوضع هناك، حتى لا أكون مشجعة لها على ذلك فآثم.
وقد تم ذلك وسافرت قبل أيام قليلة.. والله المستعان
مع العلم أن سكن كل فرد منهم هناك يكون بشقة مستقلة خاصة به لا يشاركه فيها أحد(30/18)
أما سؤالي ، فهو من شقين، و كالتالي:
1/ هل إني بنصحي لها وتذكيري وتنبيهي لها بأن هذا الأمر غير جائز شرعا، وعلمها هي بحرمته، أكون قد أبرأت ذمتي (رغم ضيقي الشديد الذي يعلمه الله من أمر سفرها هذا) أم أني أعتبر مقصرة في النهي عن المنكر أو آثمة؟
2/ اعتادت أختي أن تعطيني مصروفا في كل شهر عند استلامها للراتب،، ولعلها الآن تزيد هذا المصروف لي، أو تعطيني مبلغا من المال بسبب الزيادة التي ستحصل عليها من هذا السفر، والمخصص الذي سيتم إعطاؤها إياه،،
فهل أقبل منها المبلغ أو هذه الزيادة في المصروف؟
كما أنها وعدتني بتحمل ودفع تكاليف (شيء ما كنت أريده وأحتاجه) عند عودتها من السفر، إلا أني لم أسمع لها،، خشية أن تكون استفادتي من هذا المال الذي ستحصل عليه نتيجة سفرها غير جائزة..
فهل أقبل بذلك؟؟
هذا وجزاكم الله عنا خير الجزاء ولا حرمكم الأجر والمثوبة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتوب على أختك مما فعلت وأن يرزقها الإنابة إليه والتوكل عليه وأن يشرح صدرها لقبول أحكام دينها دون أن يكون في صدرها حرج منه ، وما يلزم أختك من التوبة يلزم الذين شجعوها على ذلك كذلك . فقد أخطأت أختك حينما سافرت إلى هذا الدورة بغير محرم إلى بلد تكثر فيه الفتن ويخشى فيه التقي على نفسه ، مع ما في الدراسة هناك (الدورة ) من اختلاط مذموم ، وتوقع الخطر على النفس في أي وقت وفي كل حين ، وقد ذكر العلماء أن المحرم لا يجب عليه أن يمكث مع المرأة التي سافر معها إذا كان البلد الذي ستقيم فيه آمناً، أما إذا غلبت فيه الحوادث وكثرت فيه الفتن فإنه يجب عليه أن يقيم معها حتى تعود هذا فضلاً عن وجوب صحبته لها أثناء سفرها ليعينها على الركوب والنزول والطعام والحاجة ونحو ذلك . وراجعي في هذا الفتويين التاليتين:6015 ،65710 .
ولا شك أن دراسة العلوم مطلوبة لكن بشرط ألا تؤدي إلى محرم أو تؤثر على دين المرء ، والنظر إلى زيادة المال بسبب ذلك نظر قاصر لأن المال عرض زائل سرعان ما يفنى ويذهب وتبقى تبعته على المرء إلى أن يلقى الله تعالى ، وراجعي الفتوى رقم : 18523 .
وقد أحسنت أيتها الأخت حينما نصحت أختك ولم تعاونيها في إجراءات السفر وإعداداته لئلا يقع منك إعانة لها على ما تريد أو تشجيعاً لها على الوقوع في الإثم ولا نرى عليك إثماً بعد نصحك لها ما دامت هذه هي حدود قدرتك . أما عن المال الذي تعطيه لك أختك فلا مانع لك من قبوله مع الزيادة التي ستحصل لك بعد سفرها ، لأن حصولها على المال عند سفرها ليس لمجرد السفر ، وإنما للدورة التي ستقوم بدراستها ، لكن إذا وجدت أن في رفضك لهذا المال زجراً لها عن الذي وقعت فيه وكان ذلك سبيلاً إلى إصلاحها فالمتعين رفض هذا المال ، لأن الهجر وسيلة من(30/19)
وسائل النهي عن المنكر ، والنهي عن المنكر واجب على القادر عليه ، وراجعي الفتويين التاليتين : 18611 ،16505 .
وحكم الشيء الذي ستشتريه لك بعد عودتها هو نفس حكم المال الزائد الذي ذكرناه ، ويشترط في كل الأحوال لقبول جميع عطاياها أن يكون العمل الذي تتقاضى منه هذا المال (الراتب) مشروعاً في أصله .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
السفر للنزهة والعمرة بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 06 رمضان 1426 / 09-10-2005
السؤال
لماذا تسافر المرأة لأي مكان للترفيه و لا أحد يمنعها بينما إلى العمرة غير جائز.
مع العلم أن ذهابي مع رفقة مأمونة وأنا أحب كثيراً أن أزور بيت الله الحرام, الرجاء الرد سريعا؟
ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في اشتراط المحرم للمرأة في الحج والعمرة، والراجح أنه لا يشترط في الحج والعمرة الواجبين بل يجوز لها السفر لهما بلا محرم أو زوج بل يكفي أن تسافر مع الرفقة الآمنة وهو قول الشافعية ،
وعليه فيكفي وجود النسوة الثقات لأن الرفقة تقطع الأطماع فيهن ، ولأنه سفر واجب لا يشترط له المحرم ، كالمسلمة إذا تخلصت من أيدي الكفار .
وذهب ابن تيمية رحمه الله إلى جواز سفر المرأة بدون محرم لكل طاعة مع الرفقة إذا أمنت على نفسها . أما ذهابها للنزهة ونحوها فلا يجوز قولاً واحداً إلا مع ذي محرم منها.
وكون بعض النساء هداهن الله يخرجن لسفر للنزهة بدون محرم هو أمر محرم كما هو معلوم، ولكنه لا يسوغ لغيرهن ممن يتقين الله تعالى السفر بدون محرم إلا ما استثناه بعض أهل العلم كما قدمنا .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة مع صبي لها
تاريخ الفتوى : ... 07 شعبان 1426 / 11-09-2005
السؤال
أرجو التكرم بالإجابة على سؤالي هذا تحديدا دون تحويل الأمر إلى فتوى سابقة أو رد على سؤال سابق السؤال هل يجوز أن أسمح لزوجتي ومعها ابني وعمره عام ونصف بالسفر إلى أمريكا لزيارة أختها المتزوجة هناك وأخيها؟(30/20)
ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لك أن تأذن للمرأة بالسفر بدون محرم إلى أمريكا ولا إلى غيرها، لما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة أن تسافر ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم منها. والحديث في الصحيحين .
ولا شك أن السفر بدون محرم يزداد تحريماً إذا كان إلى بلاد الكفر التي نهى الشرع عن الإقامة فيها، إضافة إلى ما هم عليه من الانحلال والتفسخ والفساد الأخلاقي، قال النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم. وفي رواية: فوق ثلاث. وفي رواية: ثلاثة. وفي رواية: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم. وفي رواية: لا تسافر المرأة يومين من الدهر إلا ومعها ذو محرم منها أو زوجها. وفي رواية: نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين. وفي رواية: لا يحل لامرأة مسلمة تسافر ليلة إلا ومعها ذو حرمة منها. وفي رواية: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم.
وفي رواية: مسيرة يوم وليلة. وفي رواية: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. هذه روايات مسلم.
وفي رواية لأبي داود: ولا تسافر بريداً. والبريد مسيرة نصف يوم. قال العلماء: اختلاف هذه الألفاظ لاختلاف السائلين، واختلاف المواطن، وليس في النهي عن الثلاثة تصريح بإباحة اليوم والليلة أو البريد، قال البيهقي: كأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن المرأة تسافر ثلاثاً بغير محرم فقال: لا. وسئل عن سفرها يومين بغير محرم فقال: لا. وسئل عن سفرها يوما فقال: لا. وكذلك البريد. فأدى كل منهم ما سمعه، وما جاء منها مختلفاً عن رواية واحدة فسمعه في مواطن، فروى تارة هذا، وتارة هذا، وكله صحيح، وليس في هذا كله تحديد لأقل ما يقع عليه اسم السفر، ولم يرد صلى الله عليه وسلم تحديد أقل ما يسمى سفراً، فالحاصل أن كل ما يسمى سفراً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، سواء كان ثلاثة أيام أو يومين، أو يوماً، أو بريداً، أو غير ذلك، لرواية ابن عباس المطلقة، وهي آخر روايات مسلم السابقة: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. وهذا يتناول جميع ما يسمى سفراً. والله أعلم. انتهى من شرح مسلم للنووي.
وقد حكي الإجماع على تحريم سفر المرأة بلا محرم، إلا السفر للحج والعمرة، والخروج من دار الشرك، أو الفرار من الأسر، قال الحافظ ابن حجر في شرح حديث الصحيحين السابق: واستدلوا به على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم، وهذا إجماع في غير الحج والعمرة، والخروج من دار الشرك.(30/21)
ونقل النووي عن القاضي عياض قوله: واتفق العلماء على أنه ليس لها أن تخرج في غير الحج والعمرة إلا مع ذي محرم، إلا الهجرة من دار الحرب فاتفقوا على أن عليها أن تهاجر منها إلى دار الإسلام، وإن لم يكن معها محرم...
قال القاضي عياض: قال الباجي: هذا عندي في الشابة، وأما الكبيرة غير المشتهاة فتسافر في كل الأسفار بلا زوج ولا محرم.
وهذاالذي قاله الباجي لا يوافق عليه، لأن المرأة مظنة الطمع فيها، ومظنة الشهوة ولو كانت كبيرة، وقد قالوا: لكل ساقطة لاقطة. ويجتمع في الأسفار من سفهاء الناس، وسقطهم ما لا يترفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها، لغلبة شهوته وقلة دينه ومروءته، وخيانته، ونحو ذلك. والله أعلم. انتهى من شرح النووي.
واعلم أن الولد الصغير لا يعتبر محرماً للمرأة لأن المحرم المطلوب في السفر لابد أن يكون بالغاً عاقلاً على الراجح من أقوال أهل العلم، قال ابن قدامة: ويشترط في المحرم أن يكون بالغاً عاقلاً، قيل لأحمد: فيكون الصبي محرماً؟ قال: لا، حتى يحتلم لأنه لا يقوم بنفسه فكيف يخرج مع امرأة؟. وذلك لأن المقصود بالمحرم حفظ المرأة، ولا يحصل إلا من البالغ العاقل فاعتبر ذلك.
وقال الأحناف كما نص عليه صاحب الهداية: ولا عبرة بالصبي والمجنون لأنه لا تتأتى منهما الصيانة.
وقال زكريا الأنصاري الشافعي في شرح البهجة: وينبغي عدم الاكتفاء بالصبي لأنه لا يحصل معه الأمن على نفسها، إلا مع مراهق ذي وجاهة، بحيث يحصل معه الأمن لاحترامه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يعتبر المراهق محرما
تاريخ الفتوى : ... 08 شعبان 1426 / 12-09-2005
السؤال
يا شيخ أنا مطلقة ولي طفل عمره 12 سنة وأعيش في بريطانيا منذ 5 سنوات أريد أن أذهب إلى الدول الإسلامية وخاصة البلد الذي ولدت فيه ولكن لا أستطيع بسبب عدم وجود كفيل ربما سيرد سؤال في ذهنكم
لماذ أنا في هذه الدولة؟ بقضاء الله وبسبب ذنوبي والله يغفر الذنوب أرجو من الله ثم منكم المساعدة لا أريد لابني أن يضيع في هذه الدولة.
والله المستعان على ما أقول.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نفهم المراد من عدم وجود الكفيل الذي كان سببا في عدم إمكانية السفر، فإن كان مرادك به رفيق السفر فنرى أن تسافري بصحبة ولدك الذي بلغ اثني عشر عاماً، لأن أهل العلم قد استثنوا من سفر المرأة المجمع على منعه دون محرم استثنوا(30/22)
من ذلك سفرها من دار الشرك إضافة إلى أن الولد المراهق يعتبر محرماً عند المالكية والشافعية.
وأما إن كنت تقصدين بالكفيل وجود من يكفلك من مواطني الدولة التي تسافرين إليها، فنوصيك بالاستعانة بالله في تحقيق ذلك، فهو مجيب دعاء المضطر، الكريم الذي لا يبخل، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 23842، 43346، 25109.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا يشترط وجود المحرم في محل الإقامة
تاريخ الفتوى : ... 30 رجب 1426 / 04-09-2005
السؤال
أنا أرمله ولدي بنتان وانتقلت للعيش في مدينه أخرى من بلادي وذلك طلبا للعيش لي ولبناتي، فأنا أعيش حاليا مع أمي وبناتي فقط، ولا يوجد محرم خاصة وأن ظروف العيش هي التي تحكم، وللعلم أنا ملتزمه جداً بتعاليم ديني، ما حكم الشرع في ذلك أفيدوني؟ جزاكم الله عنا كل الخير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المتوفى عنها زوجها بعد إكمال العدة، من الانتقال عن بيت الزوج ومدينته، ولها أن تسكن حيث تريد، واشتراط المحرم إنما هو في السفر لا في محل الإقامة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
بداية حساب مسافة السفر
تاريخ الفتوى : ... 30 رجب 1426 / 04-09-2005
السؤال
أحسن الله إليكم لدي استفسار عن عمل المرأة، امرأة محتاجة للعمل والتحقت بوظيفة خاصة بالنساء (مطابقة صور جوازات)، وهذه الوظيفة تضطرها للمبيت خارج المنزل لمدة يومين، مع العلم بأن الحدود تبعد عن منزلها ما يعادل 85 كم، وهي تذهب بدون محرم مع نساء أخريات يعملن في نفس المكان، فهل عملها هذا جائز، وبالنسبة لمسافة السفر هل تحسب من المنزل أم من خارج العمران، وإذا كان من خارج العمران فبالنسبة للبلاد الصغيرة التي تتلاصق فيها المدن و يتصل عمرانها، فهل تحسب مسافة السفر من آخر العمران في الدولة أم من نهاية المدينة التي يقيم فيها المسافر؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(30/23)
فنسأل الله أن يجزيك خيراً على تحريك للحلال وابتعادك عن الحرام، واعلمي أن عملك إذا كان خاصاً بالنساء وسالماً من الاختلاط بالرجال فهو جائز من حيث الأصل، ولكن لا يجوز لك السفر إليه بدون محرم، كما لا يجوز لك المبيت خارج المنزل، إذا ترتبت عليه مفسدة كالاختلاط أو الخلوة برجل أجنبي ونحو ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 3859، والفتوى رقم: 51331.
والمسافة التي تتعلق بها أحكام السفر تحتسب من آخر عمران البلد التي ينشئ منها المسافر السفر إلى الموضع الذي يقصده، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: ابتداء سفره بمفارقة العمران حتى لا يبقى بيت متصل ولا منفصل والخراب المتخلل للعمران معدود من البلد.
أما بالنسبة للبلاد التي يتصل فيها العمران بعضه ببعض، فهي في حكم البلد الواحد لا تحتسب المسافة إلا من آخر عمران لا يتصل به عمران آخر، قال الإمام النووي في الكتاب المذكور: إذا كانت قريتان ليس بينهما انفصال فهما كمحلتين من قرية فيشترط مجاوزتهما بالاتفاق. وراجعي الفتوى رقم: 6851، والفتوى رقم: 8528.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... سفر المرأة سفرا غير واجب بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 26 رجب 1426 / 31-08-2005
السؤال
أرغب في السفر لزيارة أهلي في بلدنا
وزوجي مرتبط بعمل لن ينتهي منه قبل عدة شهور ولن نستطيع أن نتكلف بمصاريف الطيران ولنا قريب هو أخو زوجة خالي وهو رجل كبير عمره 50 سنة ومعه زوجته وأولاده الصغار وسوف يسافر في الأيام القادمة بإذن الله فهل يجوز لي أن أسافر معهم أنا وأولادي برا وليس طيرانا على أساس أنها صحبة آمنه بإذن الله ويكون أبي في انتظاري عند وصولنا بلدنا حيث إني أرغب بشدة في رؤية أبي وأمي أرجو منكم الإفادة جزاكم الله خيرا وعندي نقطة أخرى متعلقة بنفس الموضوع هل يجوز السفر بالطائرة مع عدم وجود صحبه آمنة أي المرأة وأولادها فقط مع انتظار أهلها لها عند الوصول بإذن الله . وعلما أن قريبنا هذا رجل فاضل ومحترم، وأنا أناديه عمى وهو و زوجته سوف يكونون حريصين علينا بإذن الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى سابقة كثيرة أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم سواء كان السفر جوا أو برا إلا أن يكون سفرا واجبا كحج واجب أو عمرة واجبة أو هجرة من بلاد الكفر عند العجز عن إقامة الدين وخوف الفتنة، ففي هذه الحالات يجوز السفر مع رفقة آمنة وفي الهجرة ولو مع غير رفقة .
وليس سفرك هذا واجبا ، وانظري الفتاوى التالية برقم 63745، ورقم 56689، ورقم 31850 .(30/24)
ونرجو الله تعالى أن يسهل أحوالنا وأحوالكم وأن ييسر لنا كلما هو عسير.
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المحرم إذا كان هو السائق
تاريخ الفتوى : ... 27 رجب 1426 / 01-09-2005
السؤال
هل يعتبر سائق الطائرة محرما لأخته إذا كانت مسافرة معه بنفس الطائرة علما بأنه لا يلتقي بها أبدا
فقط في مطار الذهاب ومطار الوصول
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوما وليلة إلا مع ذي محرما عليها.
ولا مانع شرعا إن شاء الله تعالى أن يكون محرم المرأة المسافرة معها هو سائق الوسيلة التي تنقلهم في السفر من الطائرة أو غيرها.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 3096.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة بدون محرم للحاق بزوجها
تاريخ الفتوى : ... 16 رجب 1426 / 21-08-2005
السؤال
هل بعد الزوج عن زوجته لأكثر من عام أخف ضرراً أم استقدامها بدون محرم لتعذر ذلك ماديا؟ وهل هناك جهات يمكنها المساعدة في توفير مكان إقامة بمبلغ معقول وسط هذ الغلاء الفاحش في الإيجارات ذلك ولو لمدة شهر من قبيل تفريج الكرب عن المسلمين والتعاون على البر والتقوى وإذا لم يتوفر ذلك نأمل دراسة هذا الأمر وعرضه على المصرف الوقفي لمدى الحاجة إليه في هذا البلد؟
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في فتاوى عدة منها الفتوى رقم: 9035 أن الرجل لا يحق له أن يغيب عن زوجته أكثر من ستة أشهر إلا بإذنها، أما سفر المرأة بدون محرم فلا يجوز كما هو معلوم ولو كان لغرض الالتحاق بالزوج، إلا ومعها محرم لها، فإن تعسر وجود المحرم أو تعسر وجود نفقته فلها أن تسافر مع رفقة آمنة، وهذا من باب ارتكاب أخف المفسدتين، وانظر الفتوى رقم: 29263، والفتوى رقم: 52715.(30/25)
وأما بشأن غلاء الأسعار، فيراجع فيه الجهات المختصة، والجمعيات الخيرية في البلد الذي أنت فيه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المرأة.. وقضية سفرها بدون محرم
تاريخ الفتوى : ... 23 جمادي الأولى 1426 / 30-06-2005
السؤال
أنا صحفية بجريدة إخبارية تصدر يوميا ، محررة في القسم السياسي ، عمري 39 سنة ولا زلت عزباء و لم يحصل أن ارتبطت قط.
طبيعة عملي تستدعي مني التنقل و السفر إلى حيث الحدث، سواء كان محليا ببلدي أو خارج البلد، لم يحصل أن بتّ قط خارج البيت و أنا أعيش مع عائلتي في كنف والدي وسط عائلة محافظة ، و لأني تربيت بهذا الشكل أتحفظ كثيرا على المهمات الخارجية التي أضطر أن أبيت فيها خارج بيتي.
و لأن شرط السفر بالنسبة لعائلتي هو وجود محرم معي ، فقد تحججت كل مرة بحجج منعتني حتى الآن من السفر والمبيت خارجا.
ولأنني أعيش في بلد مسلم وتسافر النساء فيه بحرية أصبحت أجد صعوبة في التنصل من المهمات التي يفرضها العمل، مع العلم أنها قليلة وليست كثيرة لأن كثيرين وكثيرات يقبلون بها بدلا عني.
اسأل إذا كان هناك ترخيص شرعي لسفر المرأة دون محرم للمهمات في إطار العمل، أي تسافر المرأة في مجموعة ويكون التكفل فيها تاما، بل قد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى عدم مغادرة المكان الذي يجري فيه الحدث، مؤتمر مثلا.
كما أسأل عن الطريقة المثلى التي يمكن لامرأة في سني أن تسير بها حياتها في ظل عدم وجود زوج ، لأن الله لم يكتبه بعد ، ثم أن الإخوة تزوجوا و أصبحت لكل منهم حياته والوالد مسن، ثم إن الحالة المادية لا تسمح بالتكفل بالمحرم في كل مرة أرادت المرأة فيها أن تسافر أو تتحرك، حتى داخل البلد.
الرجاء الرد بإسهاب وجزاكم الله عنّي خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإسلام يحرص على الحفاظ على النساء وعفتهن وسلامة دينهن وأعراضهن مما يخدشها، فقد أمرهن بالقرار في البيوت، كما قال تعالى:
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ {الأحزاب: 33} وأباح لهن الخروج لقضاء حاجتهن في حدود الشرع، كما في حديث البخاري: قد أذن الله لكن أن تخرجن لحوائجكن.
ويتعين أن تحرص الخارجة عند الحاجة على الالتزام بالحكم الشرعي في لباسها وبعدها عن مخالطة الأجانب والسفور والخضوع بالقول عند لقائهم وعدم الكلام لغير حاجة معهم، وعليها أولاً أن تسعى في عمل منزلي كالخياطة والصناعة المنزلية وتتخذ من محارمها من يسوق لها إنتاجها، أو على عمل يختص بالنساء(30/26)
كالتطبيب والتدريس للنساء ، فإن اضطرت لعمل آخر يضطرها للخروج من المنزل فلتلتزم بالضوابط الشرعية، فإن احتاج العمل لسفرة داخل المدينة فلا حرج في ذلك، ما لم تحصل خلوة بالسائق الأجنبي، وإن كانت السفرة خارج المدينة وكانت تعتبر سفرا في العرف، فعلى المرأة أن تحتاط في ذلك فتصطحب معها محرما، لحديث البخاري ومسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. وفي رواية: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة.
قال النووي: كل ما يسمى سفرا تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، لرواية ابن عباس المطلقة: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم.
وقد ذكر ابن حجر في الفتح والنووي أن هذا متفق عليه بين العلماء؛ إلا في الحج والعمرة والهجرة من دار الحرب.
وبناء عليه، فإن لم يتيسر المحرم فأقنعي أصحاب العمل بعدم استطاعتك للسفر خارج المدينة، واعلمي أن التزامك بتقوى الله سيعوض لك ما قد يفوتك من أجرة السفر، فقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3} وفي الحديث: إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا أبدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط والألباني.
وأما عن سؤالك عن الطريقة المثلى لامرأة في سنك؟ فإنا ننصحك بالاستعانة بالله وبذل الأسباب المشروعة في الزواج بمن يرتضى دينه وخلقه، فإنه لا شيء أمثل للمرأة من عيشها في بيتها بين زوجها وأولادها، فإن الله شرع رعاية المرأة في كل أحوالها، فأوجب على الأب نفقتها ورعايتها حال الصغر، وأوجب على الزوج والأبناء رعايتها حال الكبر.
ولا بأس أن تعرضي نفسك على من ترتضينه من الأكفاء بواسطة محرمك أو إحدى محارمه أو بواسطة المراسلة، ولا بأس كذلك بقولك بأن تكوني زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة عند رجل مسلم ملتزم بدينه، وإن لم يتيسر ذلك فعليك بالاقتصار على كسب لا يستدعي منك السفر دون محرم والظهور أمام الأجانب والاختلاط، فقد كانت أم المؤمنين زينت بنت جحش صناع اليد، وكانت كثيرة الصدقات من إنتاج شغل يدها.
وراجعي للمزيد في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 6219، 52709، 59752، 46251، 47332، 3859، 10021، 32981.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم سفر المرأة مع رفقة مأمونة لتلحق بزوجها
تاريخ الفتوى : ... 15 جمادي الأولى 1426 / 22-06-2005
السؤال
تزوجت منذ 3 سنوات، ولكني لم أر زوجي إلا عاما واحداً على فترات متقطعة تبعا لاجازاته من عمله فهو يعمل بالخارج وهذه الغربة بيننا خلقت عدم تفاهم بيننا مما دعا إلى مشاكل عديدة لا تحل وكل واحد منا ببلد هذا بالإضافة إلى أن كل واحد منا(30/27)
يتأذى من هذه الغربة، وأخيراً تفهم زوجي أن غربتنا هي سبب كل هذه المشاكل وأراد أن يرسل لي أنا وابنتنا للعيش معه فى الرياض حيث مركز عمله وطبعا أنا أتمنى أن أسافر له اليوم قبل الغد، ولكن المشكلة هي أن زوجي لا يملك ثمن تذكرة السفر وأنه يريد مني أن أسافر له من القاهرة مع صديقه وزوجته اللذين سيسافران بسيارتهما الخاصة مما لا يشكل عليه العبء فى مصاريف السفر، وهذا السفر سوف يستغرق حوالي ثلاثة أيام فى الطريق، فهل يجوز لي أن أطيع زوجي وأسافر له مع صديقه وزوجة صديقه أم لا يجوز، علما بأنني أريد أن أسافر له حتى يتم بيننا التفاهم الذى يحدث بين أي زوجين ولأنني فى الحقيقة أتأذى من غربته بعيدا عني فأرشدني أرشدك الله إلى طريق الجنة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن سفر المرأة بدون محرم لا يجوز شرعاً، قال في الموسوعة الكويتية: اتفق الفقهاء على أنه يحرم على المرأة أن تسافر بمفردها، وأنه لا بد من وجود محرم أو زوج معها. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة. ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم، فقال رجل: يا رسول الله إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأتي تريد الحج، قال: اخرج معها.
وأجاز المالكية والشافعية للمرأة أن تسافر للحج الواجب مع الرفقة المأمونة، وألحق المالكية بالحج سفرها الواجب، فيجوز لها أن تسافر مع الرفقة المأمونة من النساء الثقات في كل سفر يجب عليها. انتهى.
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز سفر المرأة مع الرفقة المأمونة في كل سفر قربة، والمانعون يقولون إذا كان هناك ضرورة معتبرة شرعاً تدعو إلى سفرها بغير محرم فإنه لا بأس في ذلك.
وعليه، فلا بأس من سفر الأخت مع هذه الرفقة إذا كانت متضررة من بعد زوجها عنها وكانت الرفقة مأمونة، وينبغي أن تأخذ كامل احتياطاتها في سفرها، ويكون الزوج على معرفة بيوم سفرها ووقت وصولها، بحيث لو قدر الله حصول شيء تمكنه متابعة الأمر، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20014، 34279، 44801.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... السفر الذي يحرم على المرأة أن تسافره بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 04 جمادي الأولى 1426 / 11-06-2005
السؤال
هل يجوز للمرأة أن تسافر وحدها من مراكش إلى الصويرة؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى(30/28)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم المسافة الواقعة بين البلدين إلا أن سفر المرأة بدون محرم، محرم فكل ما يسمى سفراً عرفاً يحرم على المرأة فعله بدون محرم، فقد ثبت النهي عنه في الأحاديث، وراجعوا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3096، 5936، 6219، 54920.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هجرة المرأة إلى حيث يمكنها أن تقيم دينها
تاريخ الفتوى : ... 28 ربيع الثاني 1426 / 06-06-2005
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي ذو شقين أولاً بارك الله فيكم: هناك فتاة تحيا مع أهلها.. والدتها نصرانية.. والدها تارك للصلاة، وهي ولله الحمد ملتزمة.. فهل يجوز لها أن تترك أهلها وتهاجر في سبيل الله، علما بأن والدها من النوع الشبه علماني.. يعني مثلا يعارض أن ابنته ترتدي النقاب بل الحجاب نفسه يقول لها خففي فيه وأحيانا يطلب منها أن تظهر بعض شعرات رأسها وله ابنة أخرى لا يفرض عليها الحجاب.. كذلك هو يجبرها على الخروج للدراسة هكذا.. أيضا هو عاقد العزم على السفر للإقامة بين المشركين ويرى في التزام ابنته تشددا وأحيانا يسب الدين.. كذلك أجبر ابنته على نزع الحجاب لأخذ صور! عدا هذا فإنه لكي يسهل بعض الإجراءات وافق أن ابنته يتم تعميدها في الكنيسة على أنها نصرانية كل هذا عدا المشاكل اليومية بالطبع ومن إخراجها للتنزه بغير إرادتها وما إلى ذلك.. فما حكم أنها تهاجر في سبيل الله إذا تيسر لها ذلك، وهي مفتونة في دينها؟
الشق الثاني: ما حكم أنها تهاجر بدون محرم.. وهل هناك من النصوص ما يفيد بهذا، لأنه والله أعلم الهجرة فرض وتسقط فرضية اصطحاب المحرم لأنها أوجب..
نرجو لو تكرمتم أن يكون الجواب مدعوما بأدلة قاطعة من قرآن وسنة وأقوال العلماء حفظكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجعل لهذه الفتاة ولأمثالها وللمسلمين جميعاً من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجا.
ومن المفروض أن يكون الأهل وخاصة الأب حرزاً لبناته، وعونا لهن على طاعة الله تعالى، والبعد عن معصيته.. امتثالاً لأمر الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6}، وما دام هذا الأب على الوصف الذي ذكر من سب الدين والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف.. فإن على ابنته أن تحاول التخلص منه والبعد عنه إذا لم تنفع فيه النصيحة.(30/29)
ويجب أن يكون ذلك بطريقة شرعية بحيث لا تهاجر إلى جهة غير مأمونة أو تسافر وحدها... فإن الهجرة لا تكون إلا إلى بلد يستطيع المسلم أن يقيم فيه دينه.. وسفر المرأة بدون محرم لا يجوز إلا لضرورة، فلو قدر أنها وجدت جهة تستطيع أن تقيم فيها شعائر دينها ولم تجد محرما يرافقها، فإن لها أن تسافر بدون محرم إذا كان الطريق آمناً، وبإمكان هذه الفتاة أن تبحث لنفسها عن زوج صالح يخلصها من هذا البيت الذي لا تستطيع فيه القيام بدينها، ويمكن أن تستعين في ذلك بمن تعرف من الصالحين وأهل الخير.
وقد سبقت الإجابة على مثل هذا السؤال بالتفصيل في الفتوى رقم: 56445، والفتوى رقم: 48251 نرجو الاطلاع عليهما وعلى ما أحيل عليه فيهما للوقوف على الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم السفر مع الخطيب بدون محرم
تاريخ الفتوى : ... 01 ربيع الثاني 1426 / 10-05-2005
السؤال
أريد استشارتكم في أمر ما.. هل أستطيع أنا وأمي السفر مع خطيبي وأهله إلى مكان قريب.. لقضاء يوم والرجوع فى نفس اليوم.. من غير بيات، هل يجب أن يكون هناك محرم أم ماذا، أرجو الإفادة؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن الخطيب إذا لم يعقد على المرأة فهو أجنبي لا يجوز له الخلوة بالمخطوبة ولا أمها ولا السفر معهما بدون محرم، سواء بعد السفر أو قرب، وراجعي الفتوى رقم: 3096، والفتوى رقم: 54920.
وبهذا يتضح لك حكم السفر مع هذا الخطيب بدون محرم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
قضاء أحد الزوجين العطلة الصيفية في بلد آخر
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الأول 1426 / 24-04-2005
السؤال
هل من الجائز أن يبتعد أحد الزوجين عن الآخر ليقضي عطلة الصيف لوحده في بلد آخر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(30/30)
فلا بأس من ذلك بشرطين بالنسبة للزوجة وهما إذن الزوج وكونها مع محرم، وهذا في السفر المباح الذي ليس فيه محذور شرعي، فإن كان فيه محذور شرعي ووقوع في ما حرم الله عز وجل فلا يجوز لأحد الزوجين ولا لكليهما.
ولا شك أن السفر إلى البلاد غير الإسلامية لا يخلو في الغالب من اشتمال على محاذير شرعية لا يجوز الإقدام عليها لمجرد النزهة، إضافة إلى ما قد يتعرض له الشخص هناك من فتن، كما أن ما ينفق في أسفار النزهة هذه من الأموال الطائلة على التذاكر والفنادق ودخول المناطق السياحية وما يهدر فيها من الطاقات ويضيع فيها من الأوقات يصعب أن يبرر كله شرعاً، هذا بالإضافة إلى ما يكون في أماكن السياحة -غالباً- من عري ومجاهرة بالفحشاء، وقد نص أهل العلم على أن سفر المرء إلى مكان يرى فيه المنكر ولا يقدر على تغييره أو يخاف من الوقوع فيه محرم إلا لضرورة ملجئة.
مع التنبيه على أن المرء مسؤول أمام الله عز وجل عن وقته وعن ماله وعن جسمه ، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه ما فعل فيه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟. كما في الترمذي.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
عودة المرأة من سفر الحج بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 02 ربيع الأول 1426 / 11-04-2005
السؤال
نحن نعلم بأن السيدة التي تريد الحج يجب عليها إيجاد محرم في السفر، السؤال هو: هل يجوز أن ترجع من الحج برفقة سيدات معها بدون محرم، حيث يكون المحرم قد رجع؟ بارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلماء قد اختلفوا فيما إذا وجدت المرأة رفقة مأمونة هل يجوز لها أن تسافر معها، أم لا؟ فذهب الحنابلة والظاهرية إلى عدم جواز ذلك مستدلين بما رواه الشيخان بروايات مختلفة عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم. وفي رواية: سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا. وفي رواية: ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. قال النووي: واختلاف تلك الروايات لاختلاف السائلين.
وذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية إلى جواز سفر المرأة دون محرم إذا وجدت رفقة مأمونة، كما قال ابن عبر البر في الاستذكار، والشربيني في التحفة. واستدل هؤلاء بحديث: لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا(30/31)
تخاف أحدا إلا الله. أخرجه البخاري في صحيحه، وله روايات كثيرة لدى أصحاب السنن.
قال ابن العربي: وهذا يدل على أن علة المنع هي الخوف فتزول بوجود الرفقة المأمونة، وقد كان عمر يبعث مع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحج من الصحابة من ليسوا بمحارم لهن كلهن، وإنما هم رفقة مأمونة.
وعلى هذا القول فلا مانع من سفر المرأة مع غير ذي محرم إذا هي وجدت رفقه مأمونة من الرجال والنساء، أو من النساء فقط، ولا سيما في مثل الحالة المسؤول عنها.
والذي نراه راجحاً هو أنه لا يجوز سفر المرأة بدون محرم ولو وجدت رفقه آمنة، إلا في حال الضرورة، أو الحاجة المنزلة منزلة الضرورة أو المقاربة لذلك ومن ذلك سفرها لأداء فريضة الحج.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... سفر المرأة بغير محرم عند الضرورة
تاريخ الفتوى : ... 02 ربيع الأول 1426 / 11-04-2005
السؤال
أنا فتاة عندي20 سنة أعيش مع أمي وأبي متوفى، أهل أبي يعيشون في بلد آخر تبعد عن بلدتنا حوالي120 كيلو مترا، وأضطر إلى السفر إلى أهل أبي لأنه يوجد معاملات مالية لا بد أذهب لإحضارها مع العلم أني وحيدة ليس لدي أخوات وخالي دائما مشغول ولا يستطيع السفر معي ووالدتي كبيرة في السن لا تستطيع السفر كثيرا فهل يجوز لي أن أسافر وحدي?
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن سفر المرأة بدون محرم لا يجوز شرعاً، كما هو مفصل في الفتوى رقم: 6219.
ويستثنى من ذلك حالة الضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، ولهذا فما دامت السائلة الكريمة مضطرة لهذا السفر فلا مانع منه إن شاء الله تعالى، وعليها أن تتخذ لذلك الاحتياطات اللازمة للأمان، من التحرك في الأوقات المناسبة، ومصاحبة الرفقة المأمونة، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 21715، والفتوى رقم: 29263.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... فتح الكتاب وأخذ الفأل من المصحف
تاريخ الفتوى : ... 26 صفر 1426 / 06-04-2005
السؤال(30/32)
جزاكم الله كل خير على كل ما تبذلونه من جهود، شيخي العزيز الرجاء الإجابة في أقرب وقت ممكن، أنا فتاة جزائرية ولدت في فرنسا وكبرت في الجزائر مع عائلتي عانيت ويلات الفقر لهذا قررت العودة إلى فرنسا خاصة بعد وفاة والدي ومعاناة والدتي في تحمل مسؤولية 9 من أفراد العائلة وفعلا بدأت في الإجراءات وكنت أواجه صعوبات ولم أتمكن من السفر حتى مجيئ صديقي وزوجته وتكفلوا بكل المصاريف وتم السفر، وقبل مجيئنا أخبرتني الزوجة بأنه علي دفع 5 ملايين للحصول على التذكرة فارتعشت وخفت كثيرا ورفضت، لكنها قالت لي لا يوجد مجال للرجوع وتم السفر وبعد شهر تقريبا من وصولي أخبرني زوجها بأن المال لشيخ فتح لي الكتاب ووجد بأني سأمر بسلام فغضبت غضبا شديدا، وقلت لهم هذا حرام فلم يعجب الأمر زوجته مع أني حاولت الإقناع بكل الوسائل لكن بدون فائدة، ماذا أفعل جزاكم الله كل خير، أستطيع الرفض لكثرة خيرهم علي وحسن معاملتهم لي خلال فترة إقامتي عندهم بفرنسا مع أنهم فعلوا هذا بحسن نية؟ وأشكركم مسبقا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة عن سؤال السائلة الكريمة ننبهها إلى أن الهجرة إلى بلاد غير المسلمين لا تجوز إلا لمن كان قادراً على إقامة دينه، وأمن على نفسه من الوقوع في الفتن.. كما ننبهها إلى أنه لا يجوز للمرأة المسلمة السفر لغير ضرورة إلا مع ذي محرم؛ لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم.
ونسأل الله تعالى أن يجعل لها من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا، ونوصيها بتقوى الله تعالى أينما كانت وكيفما كانت، فهو القائل في محكم كتابه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}.
وبخصوص السؤال فإن كان قصدها بقولها.. (شيخ فتح لي الكتاب...) أن الشيخ فعل ذلك للتفاؤل به فاستنتج منه أنها ستمر بسلام أو ما في هذا المعنى، فإن هذا العمل لا يجوز على الراجح، وقد نص أهل العلم على أنه نوع من الاستقسام الذي حرمه الله تعالى في محكم كتابه، حيث يقول في سياق الأشياء المحرمة: .... وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ {المائدة:3}.
قال النفراوي في الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد المالكي عند قوله: ويحب الفأل الحسن. وفي معنى هذا مما لا يجوز فعله استخراج الفأل من المصحف فإنه نوع من الاستقسام بالأزلام، ولأنه قد يخرج له ما لا يريد فيؤدي ذلك إلى التشاؤم بالقرآن.
وهو ما درج عليه علماء المالكية كالعدوي وغيره، فإذا كان ذلك حراماً في القرآن الكريم فغيره أحرى.
أما إذا كان قصدها غير ما ذكرنا فنرجو توضيحه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(30/33)
ركوب المرأة الحافلة مع جمع من الركاب
تاريخ الفتوى : ... 15 صفر 1426 / 26-03-2005
السؤال
ما حكم ركوب المرأة في الحافلة لتعلم القرآن، علما بأن السائق يستمع للموسيقى و المسجد يبعد مسافة 7 كيلو متر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من ركوب المرأة في الحافلة مع جمع من الركاب داخل المدينة ولو كان أكثر مما ذكرت ما لم يكن سفراً في العرف، فإن السفر لا يجوز للمرأة إلا مع ذي محرم، وما دامت متأدبة بالآداب الشرعية من الحجاب وغض البصر وعدم التبرج ولمس الأجانب... فإنه يجوز لها التنقل في وسائل النقل ما لم تحصل خلوة أو سفر بغير محرم، سواء كان ذلك لطلب العلم أو تعليمه أو غير ذلك من المباحات.
وعلى ركاب الحافلات من النساء والرجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا رأوه، فإذا كان السائق يستمع إلى الموسيقى فعليهم أن ينصحوه فإذا استجاب فذلك المطلوب وإلا رفعوا أمره إلى من هو مسؤول عنه حتى يحول بينه وبين المنكر، فإذا فعلوا ذلك فقد أدوا الذي عليهم.
أما ركوب المرأة مع السائق الأجنبي وحدهما فلا يجوز لأنه في معنى الخلوة المنهي عنها شرعاً، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 19160، والفتوى رقم: 56523.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
سفر الخادمات بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 25 محرم 1426 / 06-03-2005
السؤال
أنا من اندونسيا أفتى مجلس علماء اندونيسيا بأن الخادمات اللاني يعملن في الخارج يحرم عملهن بدون محرم والسؤال هل صدرت عن العلماء السعوديين فتوى بشأن الخادمات اللاتي يعملن في السعودية واللاتي خرجن بدون محارم؟ أرجوا الافادة .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سفر المرأة بدون محرم حرام عند كثير من علماء السعودية، لحديث الصحيحين: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم.
ويرى بعض أهل العلم جواز السفر مع الرفقة المأمونة إذا كانت الطريق مأمونة، ولكنه إذا سافر معها محرمها ووصلها إلى المكان المراد لا يلزم المحرم بعد ذلك أن يبقى معها، بل يمكنه الرجوع لبلده إذا شاء إذا وجدت سكنا مأمونا عليها، بحيث تسلم من مخالطة الرجال على وضع محرم ومن الخلوة بهم، وراجع فتاوى علماء السعودية في موقع الشيخ ابن باز والشيخ العثيمين.(30/34)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حجاب المسلمة لا يعفيها عن المحرم في السفر
تاريخ الفتوى : ... 14 محرم 1426 / 23-02-2005
السؤال
أنا طالبة في السنة الرابعة من التعليم الجامعي ولم يبق لي من الزمن سوى شهرين لأنهي دراستي ولكن كليتي تقع في مدينة تبعد عن مكان إقامتي حوالي 90 كم وأنا أسافر كل يوم وأرجع فما حكم الدين في ذلك خاصة وأنا أسافر بالزي الإسلامي الكامل (النقاب- والملحفة....) ويوجد مجال للدعوة بالنسبة لي هناك ...فهل في ذلك معصية لله ...أرجو الله أن تفيدوني أفادكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. ولهذا فإنه لا يجوز الذهاب إلى تلك الجامعة إلا مع ذي محرم لبعد المسافة فهذا سفر يستدعي وجوب اصطحاب المحرم أو الزوج، ولا يسقط ذلك أنك ترتدين الزي الإسلامي فالمخاطب في ذلك الوقت بالحديث المذكور نساء فاضلات يرتدين الحجاب الإسلامي. وعلى ذلك فإذا كان معك محرم وكانت الجامعة غير مختلطة ولا تحصل فيها خلوة أو مخالفة شرعية فلا مانع من مواصلة الدراسة فيها وإلا فلا. وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 50982.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الصحبة الآمنة وسفر المرأة
تاريخ الفتوى : ... 29 شوال 1425 / 12-12-2004
السؤال
هل سفر المرأة بدون محرم حرام أم حلال، وإذا كان حراما فبماذا نرد على من يستند إلى موضوع الصحبة الآمنة في تحليل هذا الأمر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسفر المرأة بدون محرم حرام، لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهي عنه، وقد ورد هذا النهي بألفاظ مختلفة، منها ما هو في الصحيحين وما هو في غيرهما، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة وليس معها حرمة. رواه البخاري، وفي رواية لمسلم: لا يحل لامرأة مسلمة أن تسافر مسيرة ليلة إلا معها رجل ذو حرمة منها.
وجاء في رواية أخرى لمسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم.(30/35)
وأما موضوع الصحبة الآمنة فإن القائلين بأنها تبيح للمرأة السفر بدون محرم، إنما يقصرون ذلك على الحج والعمرة الواجبين وحالة الضرورة الملجئة.
وأما الأسفار الأخرى فذكر بعض العلماء الاتفاق على امتناعها للمرأة دون محرم، ويمكن أن تراجع في تفصيل هذا الموضوع فتوانا رقم: 46251.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة التي ليس لديها محارم
تاريخ الفتوى : ... 24 شوال 1425 / 07-12-2004
السؤال
امرأة ليس لديها أي محارم, هل يجوز لها السفر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل عدم جواز سفر المرأة بغير محرم لما رود في ذلك من الأدلة الصحيحة الصريحة، وقد تقدم لنا تبيين ذلك في فتاوى عديدة، ولك أن تراجع فيه الفتوى رقم:
6219 . ولكن إذا وجدت ضرورة معتبرة شرعا تدعو إلى سفر المرأة بغير محرم فإنه لا حرج عليها فيه لأن الضرورات تبيح المحظورات. وعليها حينئذ أن لا تزيد على السفر المضطرة إليه لأن الضرورة تقدر بقدرها، وأن تحتاط لنفسها في الابتعاد عما يدعو إلى الفتنة. وأن تبحث عن رفقه مأمونة تصحبها ونحو ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم ركوب المرأة سيارة الأجرة مع أجانب عنها
تاريخ الفتوى : ... 24 شوال 1425 / 07-12-2004
السؤال
هل في ركوب سيارة الأجرة أي حرج؟ علما أن السائق ليس من المحارم وذلك مع أشخاص آخرين من الجنسين.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصدين بركوب سيارة الأجرة الذهاب لقضاء بعض الحاجات داخل المدينة فهذا إنما يحرم إذا كانت تحصل فيه خلوة بين المرأة والسائق، فقد روى الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. وفي حديث آخر: ما خلا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. رواه الترمذي وأحمد.
وأما إذا انتفت الخلوة بوجود أشخاص آخرين من الجنسين فلا حرج حينئذ في ركوب المرأة في السيارة المذكورة، وعليها أن تجتنب كل ما يؤدي إلى الفتنة وأن لا تزاحم الرجال، وإذا كنت تقصدين بركوب سيارة الأجرة السفر إلى مدينة أخرى(30/36)
مما يعد في عرفكم سفراً، فهذا لا يكفي فيه وجود أشخاص آخرين من الجنسين ما لم يكن من بينهم محرم للمرأة أو زوج، وراجعي في أقوال أهل العلم في سفر المرأة فتوانا رقم: 3096.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
متى يجوز للمرأة السفر بدون محرم
تاريخ الفتوى : ... 19 شوال 1425 / 02-12-2004
السؤال
هل يجوز للمرأة أن تسافر لوحدها بهدف ممارسة الدين بحرية (لأنها لا تستطيع لبس الحجاب في بلادها ولا تعلم الدين ولا الدعوة إلى الله) وهي أيضا تريد السفر من أجل مزاولة الدراسات الإسلامية لأن في بلادها لا يوجد مجال لهذه الدراسات ولا يوجد الكثير من الناس الذين هم على قدر كاف من العلم ولا دعاة جديرين بهذه التسمية(أو ربما هم لا يستطيعون القيام بالدعوة) مع العلم أن ليس لديها لا أب ولا أخ و لا زوج(أي محرم قريب لكي يسافر معها) 2-هل يجوز أن يكون لدي أصدقاء غربيون وأصدقاء من البلاد التي هي في حال حرب مع المسلمين.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة إذا كانت في بلد لا تستطيع فيه القيام بدينها، ولا يمكنها أن تقر في بيتها لحاجتها للخروج لحوائجها، وكانت يفرض عليها عدم التمسك بدينها إذا خرجت، فإنه يجوز لها الهجرة منه لبلد تحافظ فيه على دينها وأخلاقها وعرضها من دون محرم إذا تعسر وجود محرم. فإن أمكن وجود المحرم أو أمكن أن تعرض نفسها على رجل صالح يتزوجها فإن عليها أن تحرص على خروج المحرم معها حتى يوصلها لمكان هجرتها، ولا يلزم أن يجلس معها بل يكفي أن يسافر معها حتى تصل ثم يرجع. ويدل لجواز هجرتها من دون محرم في الحالة السابقة ما ثبت من هجرة بعض الصحابيات من دون محرم إلى المدينة، فقد هاجرت أم سلمة رضي الله عنها من دون محرم. وراجع للزيادة في هذا الموضوع الفتاوى التالية أرقامها:
31768 ، 47032 ، 12498 ، 48251 .
وأما اتخاذ الأصدقاء فإن كان المسؤول عنه اتخاذ المرأة أصدقاء رجالا فهو محرم، وأما اتخاذ الرجل أصدقاء أو اتخاذ المرأة صديقات ففيه تفصيل قدمنا فيه فتاوى سابقة خلاصتها أنه لا يجوز محبة الكفار ولا موالاتهم، ويجوز التعامل معهم في حدود الشرع ومجالستم لحاجة، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 23135 ، 10327 ، 25510 ، 7885 ، 11507 ، 15030 ، 11945 ، 54149.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ضوابط إقامة المرأة ببيت فيه أجانب عنها(30/37)
تاريخ الفتوى : ... 19 رمضان 1425 / 02-11-2004
السؤال
ماذا نقول للفتاه التي تبلغ من العمر 24 عاما وهي تقيم مع خالتها وزوج خالتها وابن خالتها في دولة عربية للعمل هناك مع العلم بأن ابن خالتها يبلغ الـ 20 عاما؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن إقامة المرأة مع خالتها في مسكن واحد فيه زوج الخالة وابنها البالغ مباح إذا التزمت بضوابط الشرع من حجاب وستر لسائر بدنها وتجنب للخلوة بأي من الرجلين، وترك الحديث معهما فيما لا تدعو إليه حاجة، وإن احتاجت إلى الكلام معهما تجنبت الخضوع بالقول وكل ما يؤدي إلى الفتنة، والأحوط للبنت أن لا تلجأ إلى الإقامة المذكورة إلا إذا لم يتوفر لها مكان مناسب غير منزل الخالة، وراجع في ضوابط عمل المرأة الفتوى رقم: 522. وفي حكم سفر المرأة للعمل الفتوى رقم:3859
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
متى تجوز النيابة في الحج والعمرة الواجبتين
تاريخ الفتوى : ... 14 رمضان 1425 / 28-10-2004
السؤال
أرجو أن يتسع صدركم للإجابة على سؤالي هذا فأنا في أمس الحاجة إلى مساعدتكم العاجلة. أنا أبلغ من العمر 35 عاماً وأريد أن أعتمر ولا أجد لي محرما وقد جاء إلى ذهني أن أبعث أمي حتى تقوم بالعمرة لها ولي (أي تقوم بالإنابة عني في العمرة) أي تعتمر لها ثم بعد ذلك تعتمر لي، فهل تقبل لي العمرة أم لا؟ وهل إن نوت الإنابة لي تدعو لي بصيغة (مثلاًً اللهم اغفر لها) أم بصيغة (اللهم اغفر لى باعتبارها أنا )وهل تستطيع القيام بأكثر من عمرة؟ وهل يصح لها الشراء أم لا وإن صح متى؟ قبل أم بعدالعمرة؟
وشكراً جزيلاً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم:
14798، أن الراجح من أقوال أهل العلم أنه يجوز للمرأة السفر للحج مع الرفقة المأمونة إذا لم تجد محرما ومثله العمرة الواجبة. وعليه فإنه لا يجوز لك أن تستنيبي أمك في أداء العمرة الواجبة ولا تجزئ عنك لأنك غير عاجزة بدنيا، وكنا قد أوضحنا في الفتوى رقم: 11165، والفتوى رقم: 11927، أنه يشترط في جواز النيابة في الحج والعمرة الواجبين أن يكون الشخص المستنيب عاجزا بدنيا، أما في عمرة التطوع فقد تقدم في الفتوى رقم: 39917، والفتوى رقم: 10014، جواز النيابة فيها بشرط أن يكون النائب قد أدى العمرة عن نفسه، وفي حال النيابة فيلبي(30/38)
الشخص النائب عن المنوب عنه، فيقول لبيك عن فلان أو فلانة ويدعو دعاءه العادي وإذا أراد أن يدعو للمنوب عنه فيجوز له ذلك ولكن لا يدعو ويقول اللهم اغفرلي باعتباره هو ولذلك يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 3292، ولجوز تكرار العمرة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 16798. ولا بأس بشراء المعتمر والحاج ما لم يشغله عن واجب أو مستحب، قال في مطالب أولي النهي: ولهما يعني الرجل والمرأة المحرمين اتجار وعمل صنعة ما لم يشغلا عن واجب فيحرم أو مستحب فيكره. انتهى. وذلك يجوز قبل العمرة وبعدها، لكن لا ينبغي الإكثار منه بعد طواف الوداع كما أوضحنا في الفتوى رقم: 2790.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... زوجها يقصر معها في النفقة والمبيت ويرفض سفرها للعمرة فهل تدعو الله أن يخلصها منه
تاريخ الفتوى : ... 12 رمضان 1425 / 26-10-2004
السؤال
أنا سيدة أبلغ من العمر 54 عاماً. تزوجت منذ 15 عاماً من (ابن عم أولادى ). وزوجي هذا متزوج بأخرى وله منها 6 أولاد ويعيش معهم فى بلدة تبعد عني 70 كم. ولم يقضى معي سوى 6 أشهر متفرقه على مدى ال 15 عاما الماضية. وبعد أن أعانني الله فى تزويج ولدي الاثنين منذ أربع سنوات وأنا أعيش بمفردي في شقتي أنا من مالي الخاص. وخلال هذه الأربع سنوات الماضية أصبح زوجى يأتى إليَّ لمدة يوم واحد فقط كل 3 أو 4 شهور. ووصل الأمر إلى أن تمر الأعياد والمناسبات دون أن يتصل بي تليفونياً على الأقل ! ،،، وأنا مريضة وآّخذ علاج للسكر والضغط . وتأتيني وعكه صحّية من حين لآخر. وأحياناً تزيد جداً هذه الوعكه ورغم علمه بذلك إلا أنه لم يقم بالاتصال بي تليفونياً على الأقل !! وأيضاً لا يقوم بأداء أي مصلحه أو خدمة أو أي شيء يخصنى ... أي أنني لا أنتفع منه مطلقاً . وهو شخص كذاب ولا يفي بوعوده ولا يحب الخير للآخرين. علاوة على أن علاقته بأحد أبنائي سيئة جداً وهذا بالطبع يؤلمني من أجل أبنائي ،،، وأنا موظفه وراتبى الشهرى يكفيني ولذلك فهو لم يقم بالإنفاق عليَّ في أي شيء بل أنا التى كنت قد أعطيته مبالغ وهدايا تبلغ قيمتها 6 آلاف جنيه وذلك حينما ذهبت منذ 9 سنوات لإحدى الدول العربية ( إعارة للتدريس ) ... ولقد طلبت منه الطلاق كثيراً جداً جداً ولكنه يريد أن يساومني و يبتزَّني لأخذ مبلغ من المال حتى يطلقني ... ... ... ... وسؤالى هو ،،، أولاً ::: (1) هل مثل هذا الزوج يحق له أن يرفض سفري ويمنعني من أداء العمرة ؟؟ حيث إنني نويت الذهاب للعمرة في رمضان القادم بعد 3 أسابيع من الآن. علماً بأنني إذا أعطيته مبلغا من المال وليكن 200 جنيه ، ففي هذه الحاله سيوافق على سفرى !! ... (2) هل إذا أعطيته هذا المال ثمناً للموافقه فأكون بهذا الفعل (راشية) ؟؟ ... (3) هل إذا رفض سفري وذهبت أنا رغماً عنه و بدون علمه أكون بذلك آثمة ولن يقبل الله مني العمرة ؟(30/39)
أم أن زوجي هذا لا يحق له الاعتراض على سفري و منعي من أداء العمرة... (4) هل إذا دعوت الله عند الكعبة أن يخلصني الله منه أكون بذلك آثمة ؟؟ ... ... ... ... ثانياً ::: هل يجوز لي طلب الطلاق بالمحكمة ؟؟ أم أكون آثمة بطلبي هذا وأدخل فى الحديث الذى يقول (( أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة )) ؟؟ وإن كان الأمر كذلك فهل يجوز لى أن أختلع منه أم أكون آثمة بالخلع أيضاً ؟؟ ... ... ... ... ثالثاً ::: لقد تزوجت هذا الزوج منذ 15 عاما دون موافقة أهلي وأنا بالطبع كنت ثيباً وقتها ومعى ولدان أي أن أخي الأكبر و الوحيد لم يكن وليي بل كان معترضأً على زواجى أصلاً،،، فتزوجت رغماً عن أخي و أهلي وذلك على مذهب أبي حنيفة... فهل زواجي هذا باطل من البداية حيث أني سمعت حديثا يقول (( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل )) ... أعتذر كثيراً على الإطاله ،،، والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل، ثم اعلمي أيتها الأخت أنه إذا كان زوجك على نحو ما ذكرت من التقصير في حقوقك فإنه بذلك آثم، لأن الله تعالى لما أباح التعدد اشترط وجود العدل فقال سبحانه: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء: 3}.وقد ورد الوعيد الشديد لمن لم يعدل بين زوجتيه في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل. رواه أبو داود وصححه الألباني. وعلى هذا فالواجب على هذا الرجل أن يتقي الله تعالى ويتدارك نفسه بالتوبة وإعطائك كامل حقوقك بما في ذلك النفقة والمبيت فإن تاب وأدى إليك حقوقك فاحمدي ربك على تفريج الهم. وإن أصر على عصيانه فينبغي أن تحاولي نصحه في ذلك لعله يرجع، ووسطي ذوي قراباته ومن له جاه مقبول عنده فإن لم يفد هذا كله معه فلا مانع من طلب الطلاق منه لرفع هذا الضرر الحاصل، ولو أدى ذلك إلى رفع أمره إلى القاضي وكذلك لوحصل ذلك مقابل ما تتراضيان عليه من مال وهو الخلع، وليس في هذا تعارض مع الحديث الذي ذكرت لأن الحديث إنما عنى التي تطلب الطلاق من غير ضرر. ولا حرج عليك في الدعاء بالخلاص ممن هو مقصر في حقوقك الواجبة. أما مسألة السفر إلى العمرة وأحرى غيرها من الأسفار غير الواجبة، فاعلمي أنه لا يجوز لك السفر إلا بإذن هذا الرجل ما دمت زوجة له ولك أن تعطيه من المال ما يرضيه به إن أصر على طلب ذلك، هذا إذا كانت العمرة المذكورة غير عمرتك الأولى، وإلا فلا يحتاج إلى إذنه عند من يقول بوجوبها في العمر مرة كالحج. وننبهك إلى أن السفر عموما سواء كان للحج أو للعمرة لا بد فيه من وجود محرم، وانظري الفتوى رقم:
5936، أما بخصوص الإقدام على الزواج بغير ولي فالجمهور من أهل العلم على بطلانه، لكن ما دمت قد أقدمت على هذا النكاح مقلدة الإمام أبا حنيفة الذي يجيز ذلك فالنكاح صحيح، وهذا نص علماء مذهبه كما يقول السرخسي في المبسوط: بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن امرأة زوجت ابنتها برضاها فجاء(30/40)
أولياؤها فخاصموها إلى علي فأجاز النكاح، وفي هذا دليل على أن المرأة إذا زوجت نفسها أو أمرت غير الولي أن يزوجها جاز النكاح ومنه أخذ أبو حنيفة. اهـ.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المحرم يلزم للمرأة فيما يعتبر سفرا
تاريخ الفتوى : ... 10 رمضان 1425 / 24-10-2004
السؤال
إخوتي الكرام أحب أسأل عن وجوب المحرم في الكيلومترات أنا عندي أختي تسكن في منطقة أخرى وتبعد عني 90 كيلومترا هل ضرورى وجود محرم، وكم عدد الكيلومترات التي لايجب تجاوزها ؟جزاكم الله خير جزاء وإحسان.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر وحدها أو دون محرم في المسافة المذكورة، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ولا تسافر المرأة إلا مع ذي
محرم. رواه مسلم، وفي رواية في الصحيحين: لا يحل لامرأة تومن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم. ولا شك أن السفر مسافة تسعين كيلو مترا يعتبر سفرا شرعا وعرفا لأن أهل العلم أجازوا لمن سافر مسيرة ثمانين كيلو قصر الصلاة والجمع والإفطار.. ولم نقف على قول لأهل العلم يحدد المسافة التي لا تسافر فيها المرأة بدون محرم بعدد الأميال أو الكيلوات، وإنما العبرة في ذلك بما يعتبر سفرا في العادة. ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 3096 ، 11744 ،46069.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... إذا تعارض واجب ومحرم أيهما يقدم
تاريخ الفتوى : ... 10 رمضان 1425 / 24-10-2004
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أدرس بالجامعة في بلدي في السودان وأمي وأبي مقيمان في السعودية في إجازاتي أسافر إليهما لقضاء الإجازة وتجديد الإقامة، علمت يومها أن سفر المرأة بغير محرم لا يجوز وأنا يتعذر علي تماما أن يرافقني محرم وظروف عمل والدي لا تسمح وليس لي إخوان، طلبت منهما مرات أن يعفوني من السفر إليهما لهذا السبب ولكنهما يقولان إنها ضرورة وإذا قعدت ولم أسافر حزنا علي حزنا شديداً أرجو أن تساعدوني في أمري؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(30/41)
فقد أجمع العلماء على تحريم سفر المرأة بدون محرم إذا خيفت الفتنة، واختلفوا في سفرها دون محرم مع أمن الفتنة، فذهب البعض إلى تحريم سفرها ولو أمنت الفتنة أخذا بعموم ألفاظ الأحاديث الواردة في المنع، والتي منها ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم. وفي حديث آخر: ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. فمنهم من أخذ بالمنع، سواء قرب السفر أو بعد، شابة كانت أو عجوزاً، معها رفقة مأمونة أم لا.
وذهب المالكية والشافعية إلى أنها يجوز أن تسافر بدون محرم إذا وجدت معها رفقة مأمونة، وخص هذا الحكم بعض أهل العلم بحجة الضرورة، أي حجة الفرض.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وتحج كل امرأة آمنة مع عدم محرم لزوال العلة.
وعلى كل حال، فإن أمن الفتنة بالنسبة للشابة لا يكاد يتحقق في هذا الزمان، وعليه فالواجب أن لا تسافري بدون محرم، لأن ذلك محرم، وبر والديك واجب، وإذا تعارض الواجب مع المحرم، كان ترك الحرام أولى من فعل الواجب، إذ لا طاعة في المعصية، كما في الحديث الشريف.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل تسافر المرأة لزيارة أهلها أو لتعزيتهم بدون محرم
تاريخ الفتوى : ... 06 رمضان 1425 / 20-10-2004
السؤال
إني متزوجة من شخص يعيش في الخارج أي في بلاد أوروبية، فهو لا يستطيع الذهاب إلى بلادنا لأمور سياسية، وأنا زوجته أريد زيارة أهلي وخاصة بعد موت والدي رحمه الله وغفر له، فهل أستطيع أن أذهب لزيارة الأهل بدون زوجي أي محرم؟
سؤالي الآخر: إن والدي توفى ولم أكمل إجراءات إقامتي بعد وإذا خرجت من البلاد في ذلك الوقت لن أستطيع العودة إلى زوجي لأني لم تكن لي إقامة لذلك لم أحضر عزاء والدي رحمه الله، فهل علي إثم في حق أبي علي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسفر المرأة دون محرم أو زوج لا يجوز لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم.
فلا يجوز أن تذهبي لزيارة أهلك إلا بصحبة محرم إلا أن تضطري إلى السفر لموجب آخر غير مطلق زيارة الأهل، وراجعي في هذا فتوانا رقم: 29263.
وتعزية الأهل في أي مصيبة نزلت بهم مستحبة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من عزى مصاباً فله مثل أجره. رواه الترمذي وابن ماجه، ولابن ماجه: من عزى أخاه بمصيبة كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة. ويتأكد استحباب التعزية إذا كان(30/42)
المتوفى كالأب ونحوه، ولكن ترك ما هو مستحب لا إثم فيه، مع أن سفرك إذا لم يكن معك محرم أو لم يقبله الزوج ليس مشروعاً.
وعليه، فلست آثمة بتركك الذهاب إلى أهلك للتعزية لا سيما وأن السفر إليهم إذا لم يصحبك فيه زوج أو محرم لا يجوز عند الجمهور.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مسألة حول سفر المرأة للحج بدون محرم
تاريخ الفتوى : ... 11 شعبان 1425 / 26-09-2004
السؤال
أبلغ من العمر 33 سنة وغير متزوجة ووالدي متوفى وأغلى أمنياتي الحج ولكني لا أملك نقوداً كافية لأداء هذه الفريضه .. ولكن جاءت لي فرصة عظيمة للسفر بدعوة من صديقة سعودية تستطيع باتصالاتها أن تدخلني السعودية بدون محرم وأن أقوم بأداء الفريضة معها هي وزوجها وبعض من عائلتهم ..فهل يجوز أداء الحج بدون محرم مع العلم بأن أسرة صديقتى وأسرة زوجها على علاقه عائلية بأسرتي أي أنهم صحبة آمنة .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا حكم سفر المرأة بدون محرم في الفتوى رقم: 46933 وذكرنا هنالك اختلاف العلماء في سفر المرأة إلى الحج الواجب مع الرفقة الآمنة، ونضيف هنا بخصوص السائلة أنها إذا لم تكن من أهل الاستطاعة -بمعنى أنها لم تكن عندها القدرة المالية على أداء الحج -فإنه لا يجب عليها ولو وجدت الرفقة الآمنة أو وجدت من يتبرع لها بتكاليف الحج، ولذلك فإنا ننصحها بالمقام في بلدها وأن لا تعرض نفسها لسفر يحرمه كثير من أهل العلم لتحقيق أمر لا تأثم بتركه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم سفر المرأة مع زوج الأم السابق
تاريخ الفتوى : ... 20 رجب 1425 / 05-09-2004
السؤال
السؤال: هل يجوز لفتاة أن تذهب للعمرة مع رجل كان زوجا لأمها أي كمحرم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تسافر مع من كان زوجاً لأمها بشرط أن يكون قد دخل بأمها، لأن مجرد العقد على الأمهات ثم مفارقتهن قبل الدخول لا يحرم نكاح بناتهن، وذلك لقول الله تعالى: وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ {النساء:23}.(30/43)
أي في نكاحهن لأنهن لا يحرمن عليكم بمجرد العقد على أمهاتهن، وعليه فلا حرج على المرأة أن تسافر مع من كان زوجاً لأمها بالشرط السابق، وبشرط أمن الفتنة، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 42029.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
السفر بدون محرم للحاق بالزوج
تاريخ الفتوى : ... 15 رجب 1425 / 31-08-2004
السؤال
إخواني في مركزالفتوى أرجو مساعدتي في حل مشكلتي وجزاكم الله خيرا على هذا الجميل.
أنا أبلغ من العمر 19 سنة كنت أعيش في السعودية من يوم ما ولدت حتى السنة 2001 سافرت إلى امريكا في هذا العام كنت أعيش مع عمتي في السعودية كانت قاسية جدا علي، أبي توفي في العام 1997 ولم أر امي أبدا الآن أعيش مع عمتي الثانية في أمريكا عمتي الأولى كانت قاسية أما عمتي الثانية في أمريكا فأمرها غير، أنا والحمدلله أصلي وأخاف الله وأقرأ القرآن وأحفظ الحديث الصحيح في البيت إني أحب الله ورسوله وأتمنى الخير للجميع لقد تقدم لخطبتي شاب في الشهر الماضي لا أعرف إذا كان يصلي ويصوم ويقرأ القرآن المهم قلت لا ولكن عمتي لا يهمها ما قلت أتى الأصدقاء لكي يكلموني في الموضوع والشاب قال للناس إنه سيتزوجني وطال الكلام في هذا الموضوع لا أطيل عليكم لقد تقدم لخطبتي منذ 4 سنوات ابن عمتي الثالثة الذي يعيش في بلادنا هذا كان الحل لمشكلة الشاب فأنا متزوجة من ابن عمتي منذ شهر الآن ولكن أنا اعيش في أمريكا وهو يعيش في بلادنا ولكن نتكلم في الهاتف المشكلة هي أن عمتي الثانية تقول للناس إنني بنت غير صالحة مع أن الناس يحترموني جدا ولأنها لا تريدني أن أعيش عندها فأنا سأرحل إلى بيت أم زوجي في السنة القادمة إنها غاضبة مني لأنني تزوجت وأنا فعلت ذلك خوفا على نفسي لأن عمتي تصاحب رجالا كثيرين ولا تصلي ولا تخاف الله، أما أم زوجي فإنها تشرب الخمر وتدخن وتصاحب الرجال وإنها مطلقة
هل أرحل لها وهي في هذا لحال فأنا أدرس في أمريكا لا أدري أين أذهب وماذا أفعل فأنا أخاف أن أعصي الله ولكن أهلي لا يخافون الله أبدا إنهم غاضبون علي لأني أخاف الله وأصلي يريدوني أن أصبح مثلهم مشكلتي الكبيرة هي لقد ضاع حب أهلي لي وأنا برا بهم وأخاف أن يضيع حب ربي لي وأخسر في الدنيا والآخرة أرجوكم ساعدوني جزاكم الله خيرا فأنا لا أنام وأفكر كثيرا وتعبانة جدا فساعدوني .
شكرا وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على حرصك على الخير وأن يثبتنا وإياك على الحق.(30/44)
واعلمي أنه لا يجوز للمسلم الإقامة ببلاد الكفر ما لم تكن هناك ضرورة أو حاجة، وراجعي في هذا الفتوى رقم: 35082 والفتوى رقم: 38352 ولا نظن أن هناك ضرورة أو حاجة لدراستك بتلك البلاد، ثم إن إقامتك عند عمتك التي أنت عندها الآن أو التي ستنتقلين إليها فيه خطر عظيم عليك مادام حالهما على ما ذكرت، وتراجع الفتوى رقم: 9017 فالذي نراه أن تسافري إلى زوجك وأن تقيمي عنده، فإن هذا أحفظ لدينك وأصون لعرضك، ولو اقتضى الأمر سفرك من غير محرم فلا حرج عليك في ذلك إن شاء الله تعالى، وراجعي الفتوى رقم: 6219.
وننبهك إلى أمرين:
الأول: أن تجتهدي في نصح عمتيك هاتين لأن هذا من أعظم البر والصلة.
الثاني: أن لا تلتفتي إلى كره أهلك لك بسبب دينك، وتذكري قول النبي صلى الله عليه وسلم: من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس. رواه الترمذي.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم أخذ الأجرة في مقابل السفر بغير محرم برفقة مريض
تاريخ الفتوى : ... 03 رجب 1425 / 19-08-2004
السؤال
أنا أعمل كممرضة وبسبب عملي أضطر أحيانا للسفر مع المرضى كمرافق طبي لهم بالطائرة مع العلم أني لست مجبرة على السفر للعلم أيضا أرافق مريضة أي امرأة أو الأطفال المرضى ولا أرافق الرجال المرضى وطبعا سفري هذا بدون محرم فهل يجوز شرعا أم أنه حرام ؟
وللتوضيح أنا أوصله فقط إلى المستشفى وهذا بالطائرة وسفرنا هذا يكون مع المريضة وأهلها يعني عائلة وبعد توصيلهم أستريح أياما من رحلة السفر، وبعدها أرجع لبلدي مرة ثانية وللعلم أن مرافقتي للمرضى آخذ عليها أجرا من المال يضاف إلى راتبي الشهري فإن كان بسفري هذا بدون محرم حرام فهل تعتبر هذه الأجرة حرام أيضا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك السفر بدون محرم لعموم قوله
صلى الله عليه وسلم: لا يحل لا مرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم. متفق عليه. وراجعي الفتوى رقم: 6219، والفتوى رقم: 19929.
أما الأجرة التي تتقاضينها عن مرافقتك للمريضة أو الأطفال المرضى، فهي حرام لأنها مقابل السفر معهم، والسفر معهم بدون محرم لا يجوز كما تقدم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(30/45)
ـــــــــــــــــــ
هل تسافر المرأة مع الرفقة المأمونة
تاريخ الفتوى : ... 02 رجب 1425 / 18-08-2004
السؤال
أنا لي أخت من المغرب عمرها 30 عاما وغير متزوجة وتوفرت لها فرصة عمل بأجرة جيدة جداً كمساعدة اجتماعية عند أسرة مسلمة أصلها من المغرب ومتدينة، وترددت في أخذ الخيار، ثم استشرت فأرشدوني إلى صلاة الاستخارة فصليتها، وحدث لي الرغبة في الذهاب لكن أخي يعارض وبقوة، بحجة أنه لا يجوز لي السفر دون محرم، فهل هناك من مخرج، أغيثوني يرحمكم الله فأنا محتاجة جداً لهذا العمل؟ وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حرمة السفر بدون محرم يدل لها ما في حديث الصحيحين: لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم. وعلى هذا فإن عليك أن تبحثي عن محرم ليسافر معك، واعتبري تذكرة سفره جزءاً من تكاليف سفرك، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز سفر المرأة مع الرفقة المأمونة إذا كانت هناك ضرورة أو حاجة للسفر.
هذا وليعلم أنه إذا كان السفر لبلد من بلاد الكفر، فإنه يتعين الاحتياط فيه أكثر فلا بد من التأكد من القدرة على الاستقامة على الدين هناك وتوفر جو آمن، ثم إنا ننبهك إلى أهمية أن تعرضي نفسك على من يرتضى دينه وخلقه ليتزوجك، فإن الزواج وإنجاب الأولاد أكبر مساعدة للمرأة في مستقبلها، وقد كان من هدي السلف عرض المرأة نفسها على من يتزوجها، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 3096، 3420، 3859، 47664، 49749، 32981، 18430.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الشريعة مبنية على تكميل المصالح وتقليل المفاسد
تاريخ الفتوى : ... 02 رجب 1425 / 18-08-2004
السؤال
نحن عرب 48 في فلسطين المحتلة الدولة ليست مسلمة وكذلك نظام الحياة نعيش في قرية عدد سكانها عشرة آلاف جميعهم مسلمون في القرية مرافق صحية حيث تتداوى نساؤنا بها لا يوجد في القرية طبيبة أنثى وإنما تعالج نساؤنا على أيدي أطباء رجال منهم مسلمون ومنهم مسيحيون ومنهم كذلك يهود وأحيانا نادرة طبيبات وغالبا يهوديات إن إمكانية تعلم مهنة الطب شبه مستحيلة لنا في هذا البلد حيث يلجأ الكثيرون إلى التعلم خارج البلاد في أوروبا أو في الأردن وهذا يكلفنا المبالغ الطائلة جدا والتي تقف حاجزاً أمام الكثيرين من تعلم هذه المهنة.
لي ابنة أنهت الصف الثاني عشر هذه السنة بامتياز وقد بدأنا نحلم منذ ثلاث سنوات بأن تتعلم مهنة الطب ونحن نعلم أن الطريق طويل لا يقل طوله عن مدة سبع أو(30/46)
ثمان سنين ولا يقل عن دفع مبالغ طائلة مئات الألوف من الدولارات ولكن الهدف عظيم إنساني ديني والمحافظة على شرف نسائنا.
وضعنا نصب أعيننا بأن تتعلم مهنة الطب في الأردن وبذلك عليها أن تمكث وتبيت في عمان حيث الجامعة ولكنها تبيت برفقة بنات مثلها وكذلك مساكن خاصة للبنات أما التعلم في الجامعة فهو مختلط كما تعلمون والسفر من فلسطين وإليها كل شهر أو أكثر يكون بمفردها وليس بمقدورنا أن يكون معها محرم.
هل يجوز لنا ذلك؟.
القرية كلها تعاني من هذا الوضع الصعب ولكن الكثيرين لا يبالون ولا يهتمون وأما الغيورون على دينهم وشرفهم فماذا يعملون؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن ييسر أمركم، وأن يكبت عدوكم، وأن يوفقكم إلى ما يحبه ويرضاه، وإذا كان الأمر كما ذكرت في السؤال، فيجوز -إن شاء الله- لابنتك أن تلتحق بالجامعة في الأردن، على أن تتحفظ قدر الإمكان من الاختلاط والسفر بدون محرم، وقد أفتينا بالجواز مع أن كلاً من الدراسة المختلطة والسفر بدون محرم لا يجوز، لأن مفسدة ذلك أقل بكثير من مفسدة إطلاع اليهود والنصارى على عورات المسلمات مع ما قد يترتب على ذلك الاطلاع من مفاسد عظيمة، ومعلوم أن الشريعة مبنية على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وترجيح خير الخيرين بتفويت أدناهما ودفع شر الشررين باحتمال أدناهما.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: مدار الشريعة على قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ.
وعلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم. أخرجاه في الصحيحين، وعلى أن الواجب تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فإذا تعارضت كان تحصيل أعظم المصلحتين بتقويت أدناهما، ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناهما هو المشروع، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 27185.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا يعتبر رفض البنت السفر دون محرم عقوقا
تاريخ الفتوى : ... 25 جمادي الثانية 1425 / 12-08-2004
السؤال
أعمل بالسعودية والأسرة تعيش بمصر نظرا لدراسة ابنتي بالجامعة- طلبت من أسرتي زيارتي بالصيف كالعادة إلا أن ابنتي البالغة رفضت الاستجابة بحجة أنها لا تستطيع السفر من مصر للرياض بالطائرة بدون محرم مع والدتها وأختيها وظروف عملي لا تسمح لي بالسفر لاصطحابها في تلك الرحلة - السؤال هل تلك المسافة(30/47)
التي لا تستغرق أكثر من ساعتين بالطائرة المؤمنة تحتاج إلى محرم وهل هي برفضها الحضور تكون عصت أمري وعقتني أم لا ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد نهي المرأة عن السفر دون محرم مع تقييد السفر بثلاثة أيام، وبيومين وليلة، وبيوم، وببريد، كما جاء النهي لها عن السفر بلا محرم مطلقا من غير تحديد مدة. ففي صحيح مسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. فدل اختلاف ألفاظ الحديث على أن المقصود إنما هو النهي عن سفر المرأة دون محرم، وليس ذكر الزمن أو المسافة في بعض الروايات؛ إلا لكون السائلين حددوا ذلك في الأسئلة التي طرحوها على النبي صلى الله عليه وسلم، وراجع في هذا فتوانا رقم: 6219.
وعليه، فالمسافة التي ذكرتها لا يمكن للمرأة أن تستغني فيها عن محرم.
ولا يعتبر رفض البنت السفر دون محرم عقوقا، لأن المحافظة على طاعة الله باتباع أوامره واجتناب نواهيه أولى من طاعة الأب. ففي الصحيحن من حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة لمخلوق في معصية، إنما الطاعة في المعروف.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تعلم الفتاة ببلاد الكفر والتعلل بإرسال بعض العلماء بناتهن للدراسة بها
تاريخ الفتوى : ... 18 جمادي الثانية 1425 / 05-08-2004
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
من المعلوم أن الخلوة والاختلاط وغيرها من المحرمات التي استهان بها الناس في هذه الأيام وأنا الآن أستفسر عن حالة أرجو منكم أن تبينوها لي بالأدلة حتى تقام الحجة على من أقدمت على هاته المحرمات ونسأل الله أن يرزقنا وإياها حسن فهم مقاصد هذا الدين وحسن اتباع علماء هذه الأمة.
أسأل عن فتاة واصلت تعليمها وبعد أن تحصلت على الإجازة قررت مواصلة تعليمها في بلاد الكفر فرنسا وهي مستعدة للسفر في الطائرة بدون محرم والسكن في فرنسا مع خالتها وزوجها وابنيها البالغين من العمر 15 و 16 سنة في نفس المنزل, فهل الإقدام على هذا العمل جائز وبماذا تنصحون هذه الفتاة
ومن أمن الفتنة يوما لا يضمن ذلك بقية الدهر
وهاته الفتاة تتعلل بأن الشيخ الشعراوى رحمه الله درس ابنته في لندن وأن الشيخ فلان أفتى بجواز ذلك إلى غير ذلك من الشبهات, فهل يجوز اتباع أعمال الصالحين والعلماء أم لا نقتدي إلا بكلامهم وما صلح من أعمالهم "فبهداهم اقتده"
وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(30/48)
فقد اشتمل السؤال على الأمور التالية:
1- مواصلة المرأة تعليمها في بلد أهله غير مسلمين وتنتشر فيه الفواحش والمنكرات.
2- سفر المرأة دون محرم.
3- السكن مع الخالة ومعها زوجها وابناها البالغان.
4- هل الواجب اتباع الصالحين والعلماء أم لا يقتدى إلا بأقوالهم وما صلح من أعمالهم؟.
5- طلب النصح لهذه الفتاة.
وحول النقطة الأولى نقول: إن المرأة إذا احتاجت إلى العمل لعدم من ينفق عليها وكان عملها يتوقف على حصول شهادة معينة ولم يتوفر لها إمكان تحصيل تلك الشهادة في بلدها ومحل إقامتها فلا مانع من السفر للدراسة بما سنذكره من الشروط من أجل تحصيل تلك الشهادة.
ويشترط لدراسة المرأة أن لا تسكن في أماكن مختلطة، وأن لا تكشف شيئا من بدنها أمام الرجال الأجانب، وأن لا تخلو بطالب ولا أستاذ، وأن لا تركب بمفردها مع سائق، وأن لا تخرج متطيبة، وأن تتجنب الخضوع بالقول، وكل ما يثير الفتنة.
وهذا كله إذا كانت الدراسة واقعة في بلد مسلم، وأما أن يكون السفر المذكور هو إلى بلد غير مسلم فإن الخطب في ذلك أعظم والأمر أشد، ولا يجوز إلا للضرورة الملجئة.
وإذا قلنا بإباحته للضرورة فإنه يزاد معه شروط أخرى ودرجة عالية في الاحتياط، فلا يجوز الكشف عن العورة بحضرة الطالبات الكافرات، ولا يجوز الاستماع إلى المناكر التي لا يتصور خلو أي مكان منها، ويتحتم على المسلمة أن تبحث عن مسلمات تصحبهن في المسكن وفي الصف وفي التنقل ونحو ذلك.. ولا نرى أن هذه الشروط ستتاح للأخت المذكورة، فالواجب ترك هذه الدراسة إذاً.
أما عن سفر المرأة بدون محرم فقد وردت السنة الصحيحة بتحريمه، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم. وراجع في هذا الفتوى رقم: 6015.
وعن إقامة المرأة مع خالتها في البيت ومعها في البيت من هم أجانب فالأصل أنه مباح إذا احتيج إليه، ويجب عليها أن تتجنب الخلوة بأي من أولئك الرجال، وكذلك كشف العورة أمامهم والحديث معهم فيما لا تدعو إليه الحاجة، فإن احتاجت إلى الحديث تجنبت الخضوع بالقول وتجب مراعاة الضوابط الموجودة في الجواب رقم: 10146.
وعن النقطة الرابعة فنقول: إن واجب المسلم أن لا يعمل إلا بما علم صحته من الفتاوى، وأن لا يستفتي إلا من ضم الورع إلى العلم، قال صاحب مراقي السعود:
وليس في فتواه مفت يتبع **** إن لم يضف للدين والعلم الورع
وقال العلماء: إنه لا يحل لامرئ أن يفعل فعلا حتى يعلم حكم الله فيه، ويسأل العلماء ويقتدي بالمتبعين خاصة.(30/49)
وإذا كان الشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى درس ابنته في دولة كفر فإنه لا يجوز لها أن تقتدي به في ذلك، لأنه إما أن يكون خطأ وهو غير معصوم من الخطإ، نسأل الله أن يتجاوز عنا وعنه، وعن سائر المسلمين، وإما أن يكون له فيه من التعليل ما لا ينطبق على حالتها.
والنصيحة التي نقدمها لهذه الفتاة هي أن تحذر الفتنة وتبتعد عن أسبابها، وتعلم أن الشهادات والمناصب في هذه الحياة الدنيا لا تساوي شيئا في مقابلة سخط الله وغضبه، وأن تقوى الله يجلب السعادة والرزق من حيث لا يحتسب، فلتترك عنها هذا السفر المحرم إذا كان لها غنى عنه، فإن الدراسة المذكورة محفوفة بالمخاطر والفتن التي لا يتصور أن يفلت منها إلا من رحم الله.
ولتقتصر على العمل الذي تتيحه لها الشهادة التي تحصلت عليها ولتتق الله في ذلك أيضا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يجوز للمرأة السفر ضمن وفد رسمي
تاريخ الفتوى : ... 11 جمادي الثانية 1425 / 29-07-2004
السؤال
أنا آنسة أعمل في شركة وكانت هناك سفرية للصين وكنت قد بحثت عن موضوع سفر المرأة بدون محرم وقرأت فتاوى تقول إنه إذا أمنت المرأة الطريق و كان معها صحبة آمنة (حيث كنت في وفد رسمي وكانت إقامة سهلة ومرتبة مسبقا ) فإنها تسافر إلا أنني بعد فترة قابلت من شككني فيما اقتنعت به وقررت بيني وبين نفسي ألا أكرر موضوع السفر بدون محرم والمشكلة أنني حصلت على مبلغ بالدولار كبدل سفر (من الشركة ) ومبلغ بعملة الصين (اليوان) من الجهة الصينية للإنفاق منه هناك وقد قمت بتحويله لدولارات وادخرته مع مبلغ بدل السفر فهل تلك المبالغ حلال أم حرام ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسفر المرأة بدون محرم لايجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يخلون رجل بامرأة إلا معها ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم" . رواه الشيخان
وقد بينا ذلك جلياً واضحاً مع ذكر خلاف العلماء في ذلك وراجعي الفتويين: 3096 ، 14798 .
ولمعرفة الضرورة المبيحة للسفر بدون محرم وتقديرها راجعي الفتوى رقم: 3420
وإننا لا نرى ضرورة في سفرك هذا، والظاهر من حالك هو جواز الامتناع من هذا السفر دون ضرر يعود عليك من ذلك.
أما عن المبالغ التي تمت استفادتها من هذا السفر فلا مانع من أن تستفيدي منها، ما لم يكن عمل الوفد الذي سافرت معه محرماً كأن يكون الوفد قد شُكل لشراء خمر ونحوها من المحرمات.(30/50)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم مبيت المرأة بدون محرم في غير بلدها
تاريخ الفتوى : ... 03 جمادي الثانية 1425 / 21-07-2004
السؤال
أنا فتاة من فلسطين وأريد الالتحاق بالجامعة الأردنية، ولحكم المسافة بين فلسطين والأردن سأبيت في الأردن. فهل أستطيع السفر بدون محرم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك السفر بدون محرم، وليست الدراسة ضرورة يباح بها المحرم، ويمكنك مراجعة الفتوى رقم: 6219.
وأما البقاء في مكان دون سفر فلا يشترط فيه المحرم، ولكن يشترط فيه الأمن على النفس.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تريد السفر بغير محرم لتدرس العلوم الشرعية
تاريخ الفتوى : ... 02 جمادي الثانية 1425 / 20-07-2004
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا وقبل كل شئ: أود أن أشكركم جزيل الشكر على ما تقدمونه من خدمة لصالح الأمة, فجزاكم الرحمن كل خير وجعله ذخيرة لكم يوم لقاء وجهه الكريم.
أما عن سؤالي: فأنا فتاة أبلغ 18 من عمري, أكملت دراستي الثانوية هذه السنة، وأحلم باليوم الذي أرى فيه الإسلام عزيزا منتصرا. ففكرت كيف يمكنني خدمة الأمة عن طريق دراستي, فوجدت أني أريد أن أدرس العلوم الشرعية، فقد اخترت طريق الدعوة إلى الله. كما أريد دراسة علم النفس لأنني أحبه كثيرا ولأن الدعوة في النهاية هي فن التعامل مع تلك النفس البشرية.
المشكلة تكمن في كون دراسة العلوم الشرعية في بلدى ليست في مستوى طموحاتي, كما أنني أحلم بالدراسة في الازهر الشريف.(فهل يجوز لي شرعا أن أسافر من بلدي إلى مصر لطلب العلم في الأزهر الشريف بدون محرم).
وعذرا على الإطالة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العلي القدير أن يتقبل منك حرصك على خدمة الإسلام والأمة الإسلامية، واهتمامك بدراسة العلوم الشرعية.(30/51)
واعلمي أن علم النفس الذي يعرف حاليا في المؤسسات التعليمية هو شعبة من شعب الفلسفة. والفلسفة في الكثير من البرامج والمناهج التعليمية إنما هي عبارة عن تراث الفلاسفة اليونانيين ومن بعدهم ممن لا يدينون بدين صحيح. وراجعي في حكم الفلسفة الفتوى رقم: 15514.
فعليك وأنت تدرسي علم النفس أن تتنبهي إلى هذا الموضوع، وتحذري كل الحذر مما تجره هذه الدراسات من الانزلاق ومجانبة الطريق المستقيم.
وأما عن سفر المرأة دون محرم لغير فريضة الحج، فالصحيح من أقوال أهل العلم أنه لا يجوز، لما رواه الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم. وراجعي في هذا الفتوى رقم: 3096.
فالصواب إذا؛ أن لا تسافري السفر المذكور، وأن تسعي في تحصيل العلم الشرعي في بلدك وفي بيتك إن أمكن، لأن شأن المرأة هو القرار في البيت، كما أمر الله تعالى. قال: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى[سورة الأحزاب: 33]. ولعل الله تعالى ييسر لك إكمال المراحل الأخرى من التعليم كالماجستير والدكتوراه في الأزهر تحت ظل زوج أو محرم يباح لك السفر معه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المحرم لا يشترط إلا في حال السفر
تاريخ الفتوى : ... 25 جمادي الأولى 1425 / 13-07-2004
السؤال
يا شيخ: الآن إذا كان لا يجوز للمرأة السفر لوحدها ، فهل يجوز أن يسافر معها أبوها ثم يتركها في المنطقة ثم يرجع ، أم جلوسها في البلاد المسافرة لها يستلزم جلوس المحرم معها، أم فقط شرط لسفرها في الطريق؟
وشكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة لا تسافر بغير محرم، لما ثبت من النهي عن ذلك في حديث الصحيحين: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم.
فإن سافر معها محرمها فإنه لا يجب جلوسه معها إذا وجدت سكنا مأمونا، فالمحرم لا يشترط إلا في حالة السفر، أما في غيره فالمهم أن لا تكون خلوة مع أجنبي وأن يكون المكان مأمونا عليها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم صحبة الأم والأخوات إذا كن يسافرن لارتكاب الحرام
تاريخ الفتوى : ... 12 جمادي الأولى 1425 / 30-06-2004(30/52)
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا طلبت مني الوالدة والأخوات السفر معهم لحاجتهم لمحرم ، ولكنهم في السفر سوف يفعلون بعض الأشياء غير الجائزة كالذهاب إلى السينما والذهاب إلى مطاعم فيها رجال وأغان .... إلخ ، وأنا سوف أترك صلاة المسجد أو الجماعة لان المسجد سوف يكون بعيدا، فهل يجوز لي الذهاب معهم لحاجتهم لمحرم أم لا ؟؟؟
وجزاك الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأم هي أحق الناس بحسن الصحبة، وبرها آكد من كل بر، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال:جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي، قال: أمك، قال: ثم من، قال: أمك، قال: ثم من، قال: أمك، قال: ثم من، قال: أبوك. وفي حديث ابن ماجة عن معاوية بن جاهمة السلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن الأم: ويحك الزم رجلها فثم الجنة.
ومع كل هذا التأكيد والحث على بر الأم فإن طاعتها في الأمور المحرمة لا تجوز، فعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه. وفي رواية: لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل.
وبناء على جميع ما تقدم؛ فإذا كان السفر الذي تطلب منك أمك وأخواتك أن ترافقهن فيه مطلوبا شرعا كالسفر للحج أو لصلة الرحم أومباحا كالسفر للنزهة المباحة ونحو ذلك فاذهب معهن، ولا تسمح لهن بارتكاب المحرمات، فإن علمت أنهن يسافرن من أجل ذلك وكنت غير قادر على أن تحول بينهن وبين فعل ما حرم الله فلا تذهب معهن إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الله.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
يأمرها أبوها بالسفر إليه وتتضرر من ذلك
تاريخ الفتوى : ... 09 جمادي الأولى 1425 / 27-06-2004
السؤال
أنا فتاة في العقد الثالث وأريد أن أعرف حكم عدم طاعة والدي في عدم سفري إلى البلد العربي الذي يعيش فيه وحده ولا يحب أن يقيم في مصر سوي شهور مع أنه لا يعمل هناك ولا يوجد لي عمل كما أن لنا بيت مستقر في مصر ويتركنا هناك لعدة شهور مما يسيء الي حالتي الصحية والنفسية مما أدى العام الماضي إلى تناولي مضادات لاكتئاب أنا وأختي وتعرضي إلى نزيف في القولون العصبي ولكن أبي لا يبالي مع أنه لا يوجد ضرورة إلى سفرنا ولا أي عمل نقوم به هناك سوى الفراغ حيث إنه لا يعمل كما أني أفقد عملي كل مرة نسافر فيها ولا نستطيع العودة الا بأذن الكفيلة مع انة يمكن لامي ان تسافر له بمفردها(30/53)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ترتب على سفرك إلى أبيك ضرر أو مشقة كأن تفقدي عملك الذي تعملينه وليس لك مصدر رزق يكفيك غيره، أو كان سفرك محرما كأن يكون بغير محرم، أو كان أمره لك بالسفر أمر تعنت قامت القرائن على ذلك، فلا يلزمك طاعته في ذلك، أما إذا لم يترتب على سفرك ضرر ولا معصية أو كان في بقائك في مصر تعرض للفساد والفتنة فتجب عليك طاعته والاستجابة لأمره.
وفقك الله لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل للمرأة أن تسافر بغير محرم للعمل عند الضرورة
تاريخ الفتوى : ... 21 ربيع الثاني 1425 / 10-06-2004
السؤال
حكم السفر إلى الإمارات مثلا بدون محرم حيث لا محرم من أخ أو زوج أو ابن وليس للتجارة حسبما جاءني الرد قبل أسبوع ولكن لتحصيل مبلغ من المال لعثرات الزمن لئلا أحتاج لبشر؟ أرجو تفصيل الرد لحالة كهذه كيف يكون سفري حلالا؟
أظنني والله أعلم على خلق ودين ولا أزكي نفسي على الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل عدم جواز سفر المرأة دون محرم، لما صح من النهي في ذلك.
روى الشيخان من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعهما ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلى مع ذي محرم.
وكنا قد بينا حكم سفر المرأة دون محرم، فراجعي فيه الفتوى رقم: 6219، والفتوى رقم: 3096.
وبالنسبة لما ذكرته من عدم وجود المحرم، فإذا كنت لا تحتاجين حاجة ماسة إلى هذا السفر، فالأحوط أن تتركيه نظراً لقوة مستند القائلين بتحريم سفر المرأة ولو أمنت الطريق.
وإن كنت مضطرة إلى المال الذي ذكرت أو محتاجة له الحاجة التي تتنزل منزلة الضرورة فلا حرج عليك إن شاء الله في هذا السفر، لأن القاعدة: أن الضرورات تبيح المحظورات.
وعليك حينئذ أن تزيدي من الاحتياط في التستر والتحجب والابتعاد عن كل ما يثير فتنة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(30/54)
تريد السفر وزوجها لا يمكنه أن يرافقها
تاريخ الفتوى : ... 10 ربيع الثاني 1425 / 30-05-2004
السؤال
السادة العلماء، أما بعد:
أنا استاذة جامعية، أعمل في السعودية مع زوجي، ومضطرة للسفر إلى بلدي سورية لحضور امتحان يتوقف عليه مصير دراستي العليا، ولا يستطيع زوجي مرافقتي بسبب ظروف عمله في الوقت المحدد للامتحان، ولذلك أريد أن تفيدونا عن حكم الإسلام في سفر المرأة بمفردها، علما بأن السفر بالطائرة لا يستغرق سوى ساعات محدودة، وأذكر أن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن المنع محدد بسفر اليوم والليلة، وإن كان الفقهاء قد فرعوا ذلك على مسافة القصر، فهل الحكم للزمن أم للمدة، وهل لظروف الأمن دور في ذلك، أم أنه لا دور للاجتهاد في هذه المسألة، أفيدونا أفادكم الله ونفع بكم المسلمين؟ ودمتم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد دلت الأدلة الصحيحة الصريحة من السنة على النهي عن سفر المرأة بدون محرم وهي أدلة مطلقة لم تقيد بحال الخوف ونحوه (إذ الخوف على المرأة المسافرة بدون محرم أو زوج أمر لازم غالباً فهو كالمشقة اللاحقة من السفر المبيحة للقصر والجمع)، وقد نقل غير واحد من العلماء الإجماع على حرمة سفر المرأة بدون زوج أو محرم في غير الحج والعمرة ولم يقيدوا ذلك بخوف أو أمن.
وقد سبق أن أصدرنا عدة فتاوى في ذلك، وبينا أن كل ما يسمى سفراً تنتهي عنه المرأة بدون زوج أو محرم سواء كان يوماً أو ليلة أو أقل أو أكثر وذكرنا أقوال العلماء في ذلك.
وإن كان الحنفية قالوا إن المنع مقيد بالثلاث لأنه متحقق وما عداه مشكوك فيه، قال الشوكاني رحمه الله راداً عليهم: ونوقض بأن الرواية المطلقة شاملة لكل سفر فينبغي الأخذ بها وطرح ما سواها فإنه مشكوك فيه والأولى أن يقال:إن الرواية المطلقة مقيدة بأقل ما ورد وهي رواية الثلاثة الأميال إن صحت وإلا فرواية البريد.
ونحن نحيل الأخت السائلة إلى الفتاوى التي أشرنا إليها وهي بالأرقام التالية: 6219، 6015، 3096، 29263.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
التوبة واجبة لمن سافرت بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 16 ربيع الأول 1425 / 06-05-2004
السؤال
والدتي تبلغ قرابة الستين عاما من العمر وترغب في السفر إلى الولايات المتحدة لزيارة أختي وأخي، بسبب طول السفر وفترات الانتظار أرغب بالسفر معها ومن أجل زيارة أشقائي أيضاً، إلا أن زوجتي لا ترغب بأن أسافر وأتركها وحيدة، علما(30/55)
بأن أهل زوجتي يعيشون بنفس المدينة وزوجتي لا تقدر على مرافقتنا بسبب عملها، ووالدي لا يقدر أن يسافر مع والدتي لظروف عمله أيضاً، علما أيضاً بأن والدتي قامت برحلات مشابهة في السابق لوحدها إلا أننا لا نستهين بهذا العمل، فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن تقنع زوجتك بالقبول بسفرك وتتحول هي إلى الإقامة مع أهلها ما داموا يعيشون معها في مدينة واحدة، وتسافر أنت مع والدتك حتى تكون محرماً لها فإن سفر المرأة لا يجوز بدون محرم، وتفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 6219.
ويجب على والدتك المبادرة إلى التوبة الصادقة والإكثار من الاستغفار بسبب ما أقدمت عليه من سفر بدون محرم، ولمعرفة أحكام الإقامة في بلاد الكفر راجع الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا ضرورة تبيح سفركِ إلى بلاد الكفر
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الأول 1425 / 05-05-2004
السؤال
أنا فقط أريد أن أسأل حسب ظروفي
أنا أريد إنسانا على قدر حاله وأنا أريد أن أدرس مجالا ليس متوفرا في اليمن وأبي لا يستطيع أن يسفرني على حسابه والحمد لله حصلت على منحة في الصين فأبي قلق على حكاية المحرم
فلو سمحتم أجيبوني كيف الحكم في حالي و شكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر بدون محرم، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة أن تسافر ثلاثة أيام إلا ومعها ذو محرم.
هذا إذا كان السفر في بلاد الإسلام أو إليها.
أما السفر إلى بلاد الكفر والإقامة بها، فإنه لا يجوز أصلا إلا في حالة الضرورة والحاجة الملحة، ولا توجد ضرورة عند السائلة الكريمة، وعلى ذلك، فلا يجوز السفر إلى بلاد الكفر، وبالإمكان أن تتابعي دراستك في المجالات والتخصصات الموجودة في بلدك إذا لم تجدي من يسافر ويقيم معك هنالك من زوج أو محرم.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتاوى: 19009، 9017، 18523.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(30/56)
ـــــــــــــــــــ
حكم سفر المرأة للدراسة في عربة خاصة بالنساء
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الأول 1425 / 05-05-2004
السؤال
أنا طالبة في جامعة الملك فيصل بالإحساء، وخلال السنة القادمة سننتقل إلى الدمام وسيتم نقلي إلى فرع الجامعة في الدمام، السؤال: هل يعتبر حراماً إذا أتيت إلى الإحساء بالقطار علما بأنه توجد مركبة خاصة لطالبات الدمام وأنني لا أستطيع الدراسة في الدمام لأنني لا أشعر بالراحة، أشعر بالحزن والضيق إذا دخلتها ولن أعثر على صديقات ملتزمات.. أفيدوني؟ جزاكم الله على كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر بغير محرم ولو كانت في عربة خاصة بالنساء، وليست الدراسة بضرورة تجيز ذلك، وراجعي التفاصيل في الفتوى رقم: 17103.
ونرجو أن تجدي في الفرع الجديد للجامعة صديقات صالحات، وإذا لم تجدي فاجتهدي في إيجادهن بالدعوة إلى الله، وكان الله في عونك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم سفر المرأة للعمل في السلك الدبلوماسي
تاريخ الفتوى : ... 02 ربيع الأول 1425 / 22-04-2004
السؤال
أريد أن أسأل عن حكم المرأة التي تعمل في السلك الدبلوماسي و تسافر للعمل بمقر السفارة في بلد أجنبي (بلد مسلم أو كافر) لبضع سنوات.
بارك الله فيكم و جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل هو قرار النساء في بيوتهن والتزامهن بحجابهن وعدم مخالطة الرجال، ويدل على ذلك قول الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ(الأحزاب: من الآية33)، وقوله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ (الأحزاب: من الآية53)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم لنسائه لما حج بهن في حجة الوداع هذه ثم ظهور الحصر. رواه أحمد وأبو داود وأبو يعلى وصححه الألباني وقد جوز الرسول صلى الله عليه وسلم خروجهن لحاجة كما في الحديث: قد أذن الله لكن أن تخرجن لحوائجكن. رواه البخاري.
ويشترط في جواز خروجها وسفرها للعمل أن تنضبط بالضوابط الشرعية فلا تسافر إلا مع محرم لما في حديث الصحيحين: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم، وفي رواية لهما: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، ولا تخالط الأجانب إلا بقدر(30/57)
الحاجة مع البعد عن الخلوة والخضوع بالقول وإبداء الزينة والتزام الحجاب، لحديث الصحيحين: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. ولقوله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً)(الأحزاب: من الآية32)، ولقوله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(النور: من الآية31).
ويزداد الأمر سوء إذا كان السفر إلى بلاد تنتشر فيها المنكرات ويخشى من الوقوع فيها وراجع الجواب رقم: 3859، والجواب رقم: 9017.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إقامة الفتاة في غير بلد إقامة أبيها
تاريخ الفتوى : ... 22 صفر 1425 / 13-04-2004
السؤال
جزاكم الله عن المسلمين خيرا لما تقدمونه من خدمات جليلة أعانكم الله وسدد خطاكم في درب الحق أرجو شاكرة لو تكرمتم السرعة في الرد
أود أن أحكي عن ظروفي أولا لو سمحتم لي
أنا فتاه في العشرينات توفيت والدتي وتزوج والدي بأخرى وأبعدتني الأخرى عن المنزل برضاء والدي أنا الآن مقيمة في إحدى الدول العربية مع إخوتي ووالدي في بلدة أخرى لكنه موافق علي سفري وعملي في الخارج أنا أخشى أن أكون أفعل معصية ببعدي عن منزل والدي وأنا أعمل لأساعده وأساعد أسرتي فهل أنا مخطئة ببعدي عن والدي علما بأني لم أتزوج ولم أرتبط والحمد لله أتقي ربي كثيرا في عملي وعلاقاتي فقط أردت التأكد هل أنا علي صواب علما بأن والدي لا يعترض على بقائي مع إخوتي وإخوتي يرون أني يجب أن أعود إلى بلدي أرجو إفادتي من الناحية الدينية هل أنا مخطئة وجزاكم الله عني وعن المسلمين خير الجزاء
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع للمرأة أن تقيم في بلد إسلامي غير البلد الذي يقيم فيه أبوها، وأن تعمل إذا احتاجت إلى العمل بشرط السلامة من كل ما يدعو إلى الفتنة، وأن لا تكون عاصية لوالدها في شيء من ذلك، وأن تلتزم بضوابط الشرع، ويمكنك أن تراجعي في ذلك الفتويين رقم: 36657، ورقم: 27721.
وبناء على هذا، فإنك لست مخطئة طالما أنك على الصفة التي ذكرت.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(30/58)
ـــــــــــــــــــ
تريد أن تسافر إلى مكة بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 20 صفر 1425 / 11-04-2004
السؤال
أنسة عمري 44 سنة أحببت الأرض المباركة مكة المكرمة والكعبة الشريفة حبا لا يعلمه إلا الله جل جلاله ومند أن زرت البيت العتيق في شهر رمضان المبارك الماضي وأنا أحلم به ليلا و نهارا إلى درجة البكاء لفراقه. ساداتي مشكلتي هي أن ليس لي محرم يرافقني إلى مكة حبيبتي وأحيطكم علما بأني موظفة بإحدى الشركات ولكي يتسنى لي الزيارة إلى مكة المكرمة علي أن أشتغل سنتين لكي أحصل على المال مصاريف السفر الإجازة الصيفية علما بأنني اخترت مكة لقضاء عطلتي بدل من أي بلد آخر، و سؤالي هو هل سفري إلى مكة لقضاء عمرة أو حج بدون محرم جائز أم لا؟ آنسة تتمنى أن تعيش بقية عمرها في مكة أو طيبة أو على الأقل أموت فيها ولكم الشكر الجزيل.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن ييسر لنا ولك كل أمر عسير، وأن يثبتنا وإياك على الإيمان، ولتعلمي أن الخير كل الخير في اتباع شرع الله تعالى، وقد اتفق أهل العلم على أنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر وحدها مسيرة يوم وليلة إلا مع زوج أو ذي محرم من أهلها.
وذلك لما ورد في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها.
هذا في السفر عموماً، وقد رخص أهل العلم ومنهم المالكية للمرأة أن تسافر للفريضة خاصة مع الرفقة المأمونة، قال الشيخ خليل المالكي في المختصر: كرفقة أمنت بفرض.
وعلى هذا فليس لك أن تسافري وحدك إلى مكة أو غيرها، حتى تجدي محرماً أو زوجاً، إلا إذا كان ذلك حج الفريضة، فتكفي الرفقة المأمونة على قول المالكية ومن وافقهم.
ولمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها:5936/3665/28235.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
خلوة المرأة بالسائق سفراً وحضراً
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1425 / 07-04-2004
السؤال
س1-ما حكم ذهاب المعلمة مع سائق بدون محرم علماً بأن المسافة تبعد تقريباً عن منطقة سكنها حوالي (70-80 كلم) حيث يتواجد معها مجموعة معلمات ؟(30/59)
س2- هل تقدر مسافة السفر من حين خروجها من منزلها أو من حين خروجها من منطقة سكنها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية لا تجوز، ويستوي في ذلك السفر والحضر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. رواه الترمذي، والإمام أحمد في مسنده.
كما لا يجوز للمرأة الإقدام على ما يسمى سفرا بدون محرم، قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: ولم يُرِدْ صلى الله عليه وسلم تحديد أقل ما يسمى سفرا، فالحاصل أن كل ما يسمى سفرا تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوما أو بريدا أو غير ذلك، لرواية ابن عباس المطلقة، وهي آخر روايات مسلم السابقة: لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، وهذا يتناول جميع ما يسمى سفرا. انتهى.
والرفقة من النساء لا تقوم مقام المحرم للمرأة في السفر عند جمهور أهل العلم.
قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم أيضا: واختلف أصحابنا في خروجها لحج التطوع وسفر الزيارة والتجارة ونحو ذلك من الأسفار التي ليست واجبة، فقال بعضهم: يجوز لها الخروج فيها مع نسوة ثقات كحجة الإسلام، وقال الجمهور: لا يجوز إلا مع زوج أو محرم، وهذا هو الصحيح، للأحاديث الصحيحة. انتهى.
ويمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 8282.
ومسافة القصر يعتبر قدرها من نهاية بيوت القرية التي هي محل سكن الشخص المسافر، وهو المكان الذي تشرع منه بداية القصر، قال ابن قدامة في المغني: وجملته أنه ليس لمن نوى السفر القصر حتى يخرج من بيوت قريته ويجعلها وراء ظهره، وبهذا قال مالك والشافعي والأوزاعي وإسحاق وأبو ثور، وحكي ذلك عن جماعة من التابعين. انتهى.
وحاصل الأمر أن المرأة لا تجوز لها الخلوة بالسائق المذكور، ولو داخل المدينة.
كما أن مرافقتها المعلمات المذكورات لا تقوم مقام المحرم شرعا، وبالتالي، فلا يجوز لها هذا السفر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تدرس في كلية السياحة والفنادق وتسافر لها بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1425 / 07-04-2004
السؤال
أنا طالبة فى السنة الثالثة من التعليم الجامعي وأسافر إلى مدينة السادات وهي مقر دراستي بكلية السياحة والفنادق وعندما التحقت بها لم أكن أعرف أنه من اللازم على أن أسافر ويرافقني محرم وأحب أن أوضح أنني كنت أجلس في بيت الطالبات(30/60)
ولكني تركته في الوقت الحالي فما حكم الدين في ذلك الوقت الذي مازلت أدرس فيه بالجامعة.... هل أترك الكلية ولم يتبق لي سوى سنة واحدة أم أستمر فيها أم ماذا
وجزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أصدرنا عدة فتاوى في حرمة سفر المرأة بدون محرم، راجعي منها الفتوى رقم: 3096 والفتوى رقم: 6015 وهذا هو القول الذي دلت عليه الأدلة من السنة.
فالواجب عليك أختي السائلة أن تتقيدي بالأوامر الشرعية، ويحرم عليك مخالفتها، ثم إننا نهمس في أذنك همسة نصح وإرشاد فنقول:
ما حكم الدراسة في كلية السياحة والفنادق لا سيما للمرأة؟
لا يخفى على أحد أن مجال السياحة من المجالات التي تكثر فيها المعاصي، ويكثر فيها الفجور والتبرج والسفور، ولا يكاد المسلم يجد سياحة خالية من المحاذير الشرعية.
وكذلك الفنادق وما فيها من معاص لا سيما الفنادق التي تتعامل مع السائحين الأجانب، فهل يجوز لمسلمة تؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا أن تدرس في كلية هذا هو مجالها، السياحة والفنادق ؟! لا، لا يجوز، لا أظن ذلك يخفى على المسلم العاقل.
فالحذر الحذر من ذلك، واعلمي أن الله عز وجل لن يسألك يوم القيامة عند عدم إكمال الدراسة في كلية السياحة والفنادق، وإنما سيسألك عن صلاتك وحجابك، وعن أوامره التي أمرك بها.
فالواجب الاستيقاظ من الغفلة والابتعاد عن هذه الأجواء الموبوءة ولو تطلب ذلك قطع الدراسة فيها والانتقال إلى كلية أخرى لا محذور فيها.
وراجعي الجواب: 33891.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... مناقشة من أجاز للمرأة السفر بدون محرم
تاريخ الفتوى : ... 06 صفر 1425 / 28-03-2004
السؤال
أعلم بأن سفر المرأة دون محرم تم الاختلاف عليه فمنهم من قال إنه لا يجوز أن تسافر إلا بوجود محرم استنادا على أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهم أجاز أن تسافر وحدها إذا أمنت الطريق كما قال ابن تيمية وغيره بالاستناد إلى عدة أمور لكن سؤالي من أجاز للمرأة السفر وحدها بماذا شرح الأحاديث وما حجته في عدم قبولها(الأحاديث)
وجزاكم الله خيرا
الفتوى(30/61)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجدر التنبيه إلى أن الغالبية العظمى من الذين أجازوا للمرأة السفر بلا محرم إنما قصروا ذلك على سفر الحج الواجب، والعمرة الواجبة عند من أوجب العمرة، ولم يجيزوا لها السفر مطلقا بلا محرم كما هو حادث اليوم وعمت به البلوى وانتشرت بسببه المخازي والمصائب التي لا ينكرها إلا مكابر، وشذ بعضهم فأجاز للمرأة السفر بلا محرم في كل الأسفار، قال الحافظ في "فتح الباري": قال البغوي: لم يختلفوا في أنه ليس للمرأة السفر في غير الفرض إلا مع زوج أو محرم، إلا كافرة أسلمت في دار الحرب، أو أسيرة تخلصت، وزاد غيره: أو امرأة انقطعت من الرفقة فوجدها رجل مأمون، فإنه يجوز له أن يصحبها حتى يبلغها الرفقة... وقد روى الدارقطني وصححه أبو عوانة حديث الباب من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار بلفظ لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم، فنص في نفس الحديث على منع الحج، فكيف يخص من بقية الأسفار، والمشهور عند الشافعية اشتراط الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات، وفي قول: تكفي امرأة واحدة ثقة، وفي قول نقله الكرابيسي وصححه في المهذب: تسافر وحدها إذا كان الطريق آمنا، وهذا كله في الواجب من حج أو عمرة، وأغرب القفال فطرده في الأسفار كلها واستحسنه الروياني، قال: إلا أنه خلاف النص.
والذين أجازوا للمرأة سفر الحج الواجب والعمرة الواجبة استندوا إلى أدلة رأوا أنها تخصص الأحاديث الدالة على نهيها عن السفر بلا محرم.
فمن هذه الأدلة:
- أن الله تعالى قد أوجب الحج على الرجل والمرأة على السواء، ولم يقيد ذلك بوجود محرم، فقال عز من قائل: [وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ] (آل عمران: 97).
- ونوقش هذا الدليل بأن النصوص دلت على تحريم سفر المرأة بلا محرم، ولم يخصص سفرا دون سفر، مع أن سفر الحج من أشهرها وأكثرها، فلا يجوز أن يغفله ويهمله، بل قد جاءت نصوص تفيد منعها من سفر الحج بلا محرم، وقد سبقت الإشارة إلى الحديث الذي رواه الدار قطني وصححه أبو عوانة بلفظ: لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم. وذلك في كلام الحافظ الذي تقدم، ومن الأدلة أيضا: ما رواه البخاري عن عدي بن حاتم قال: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل، فقال يا عدي: هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها قال: فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله.
ونوقش هذا الدليل بأنه يدل على وجود السفر لا على جوازه، ولذا لم يذكر فيه وجود غيرها معها، والذي أجازوا لها السفر إلى الحج الواجب والعمرة الواجبة بلا محرم قد اشترطوا وجود غيرها معها.
ومن الأدلة أيضا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لزيد بن حارثة: ألا تنطلق فتأتي بزينب؟ قال: بلى، فانطلق فأتى بها. رواه الطحاوي في "مشكل الآثار" وزينب كانت بمكة وزيد كان بالمدينة، ونوقش هذا الدليل بما قاله الطحاوي: تأملنا ما كان(30/62)
من رسول الله عليه السلام في هذا الحديث من إطلاقه لزيد السفر بزينب فوجدنا زيدا قد كان حينئذ في تبني رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه حتى كان يقال له بذلك زيد بن محمد، ولم يزل بعد ذلك كذلك إلى أن نسخ الله ذلك، فأخرجه من بنوته ورده إلى أبيه في الحقيقة.. فوقفنا على أن ما كان أمر به عليه السلام زيدا قبل ذلك في زينب وفي إباحته لها وله السفر من كل واحد منهما مع صاحبه كان على الحكم الأول، وفي الحال التي كان زيد فيها أخا لزينب، فكان بذلك محرما لها جائزا له السفر بها، كما يجوز لأخ لو كان لها من النسب من السفر بها فهذا وجه هذا المعنى من هذا الحديث. والله أعلم.
ومن الأدلة أيضا: ما رواه البخاري من أن عمر أذن لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حجة حجها فبعث معهن عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف.
ونوقش هذا الدليل بأنه لا يدل على أنهن سافرن بلا محرم، فمثلا حفصة كان محرمها والدها عمر رضي الله عنهما، ولا يعدم أن يكون مع عائشة أخوها عبد الرحمن، ولا مع ميمونة ابن أختها ابن عباس، وهكذا.
كما أن من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من امتنعت من السفر، روى أحمد وأبو داود وصححه الحافظ في "الفتح" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنسائه في حجة الوداع: هذه ثم ظهور الحصر... فكن نساء النبي صلى الله عليه وسلم يحججن إلا سودة وزينب، فقالتا: لا تحركا دابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد تم سفر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في غاية الحيطة والتحفظ، ففي بعض طرق الأثر كما في "الفتح" أن عثمان كان ينادي ألا يدنو أحد منهن ولا ينظر إليهن وهن في الهوادج على الإبل، فإذا نزلن أنزلهن بصدر الشعب، فلم يصعد إليهن أحد، ونزل عبد الرحمن وعثمان بذنب الشعب، ومعلوم أن هذه صفة لا تتوفر لأي امرأة الآن.
وهناك أدلة أخرى تركنا ذكرها اختصارا، وجميعها لا تدل على ما ذهبوا إليه، وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 3096.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة بغير محرم حرام بعد السفر أو قرب
تاريخ الفتوى : ... 01 صفر 1425 / 23-03-2004
السؤال
زوجتي طبيبة وهي ملتزمة وتلبس ألزى الإسلامي (مغطية الوجه والكفين) ولا تكشف على الرجال ، ولكنها تريد إكمال دراستها ألعليا وذلك يستدعي سفرها مسافة 60 كيلومترا وسيكون ذلك دون محرم وكذلك حضور محاضرات قد يكون بها مخالفات (اختلاط وكشف على رجال ) ، هل هناك مانع شرعى (بالذات أننى لا آخذ منها أي مال من عملها وهي تعمل بعيادتنا الخاصة وهي بالمنزل ولا تخرج لوحدها منذ أن من ألله عليها بألهداية) لخروجها لمثل هذا السبب؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(30/63)
فقد بينا في فتاوى عديدة خلاف أهل العلم في سفر المرأة بدون محرم، والذي رجحناه هو التحريم بَعُد السفر أو قرب، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 3096، والفتوى رقم: 7577.
أما بخصوص الدراسة في أماكن مختلطة فقد سبق حكمها في الفتوى رقم: 2523، والفتوى رقم: 4030.
وعلى هذا فإن سفر هذه المرأة المذكورة لهذه المسافة بدون محرم، ودراستها في هذه الجامعة المختلطة وكشفها حجابها أمام الرجال الأجانب، كل ذلك محرم، لا يجوز ارتكابه لغير ضرورة أو حاجة شديدة تدعو إليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... سفر مراهقين ومراهقات لحضور مخيم إسلامي
تاريخ الفتوى : ... 19 محرم 1425 / 11-03-2004
السؤال
هل يجوز أن يسافر مجموعة من الشبان المراهقين من 18-25سنة مع فتيات في سن المراهقة 17-20 سنة
لرحلة عدة ساعات علما بأن الهدف من الرحلة حضور مخيم إسلامي بدون مشرف-أي أحد الآباء-
وأن يكون أحد الشباب هو المشرف
وللتوضيح فإنه أثناء الرحلة يجلس الشباب في مقدمة الباص والفتيات في مؤخرته
ونضيف أنه إذا لم يسافروا بدون مشرف -أي أحد الآباء-
ستلغى الرحلة وعليها سيحرم هؤلاء من الاستفادة
أفيدونا وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة لا يجوز لها أن تسافر إلا ومعها ذو محرم منها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. رواه مسلم.
وأجاز بعض العلماء أن تسافر المرأة إلى الحج الواجب مع رفقة مأمونة، رجالا كانوا فقط أو نساء فقط وأولى إذا اجتمعوا، ولكن سفر هؤلاء النسوة الشابات إلى هذا المخيم ليس حجا ولا واجبا، فكيف يجوز لهن السفر بلا محرم؟! ولو كان معهن واحد من الآباء، فهو محرم لبنته لا لسائر البنات.
أما خروج النساء مع الرجال في غير السفر، فقد بينا شروط جوازه في الفتوى رقم: 13456.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مذاهب العلماء في سفر المسلمة مع محرم كافر(30/64)
تاريخ الفتوى : ... 19 محرم 1425 / 11-03-2004
السؤال
ما حكم الدين في سفر مسلمة إيطالية مع أختها وابن أختها في سيارة خاصة ومدة السفر سبع ساعات ذهابا وإيابا؟ علما بأنهم مازالوا على الكفر وسبب السفر لزيارة أخيها المريض ربما مرض الموت والله أعلم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمهور على أن المحرم الذي يجوز السفر معه لا فرق فيه بين مسلم وكافر، وخالف في ذلك أحمد رحمه الله تعالى، والراجح -والله أعلم- هو قول الجمهور.
وعليه؛ فابن أخت المرأة إن كان بالغاً فهو محرم لها فلا مانع من السفر معه إن أذن زوجها إن كان لها زوج.
قال السرخسي في المبسوط: ويستوي أن يكون المحرم حراً أو مملوكاً مسلماً أو كافراً لأن كل ذي دين يقوم بحفظ محارمه؛ إلا أن يكون مجوسياً فحينئذ لا تخرج معه لأنه يعتقد إباحتها له فلا ينقطع طمعه عنها، فلهذا لا تسافر معه، ولا يخلو بها.
قال الحافظ في الفتح: وضابط المحرم عند العلماء من حرم عليه نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها، فخرج بالتأبيد أخت الزوجة وعمتها، وبالمباح أم الموطوءة بشبهة وبنتها، وبحرمتها الملاعنة. واستثنى أحمد ممن حرمت على التأبيد مسلمة لها أب كتابي فقال: لا يكون محرماً لها، لأنه لا يؤمن أن يفتنها عن دينها إذا خلا بها. ا.هـ
قال الشوكاني رحمه الله تعالى: ومقتضاه إلحاق سائر القرابة بالأب لوجود العلة.
وقال الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى: تنبيه: ولا تسافر مسلمة مع أبيها الكافر، لأنه ليس محرماً لها في السفر، نصا، وإن كان محرماً في النظر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الترقية الوظيفية لا تبيح السفر بدون محرم
تاريخ الفتوى : ... 08 محرم 1425 / 29-02-2004
السؤال
أعمل بشركة كبرى منذ 15 عاما ولي مركز جيد جدا بها ويرغب مديري بإرسالي إلى الإمارات لحضور تدريب لمدة 4 أيام لمصلحة العمل .
وهذه أول مرة أسافر بها من أجل التدريب خارج البلد
أديت فريضة الحج والحمدلله لهذا العام وخائفه من المعصية من السفر للتدريب بدون محرم علما أن زوجي رفض مرافقتي لأسباب مادية كذلك يصعب علي رفض طلب مديري من السفر للتدريب خوفا أن يؤثر هذا على ترقيتي وزيادة راتبي مستقبلا
ارجو الافاده .
الفتوى(30/65)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليست الترقية ضرورة تستباح من أجلها المحرمات والسفر بدون محرم حرام لا يجوز، وقد ذكرنا أدلة ذلك في الفتوى رقم: 43943، والفتوى رقم: 6219.
وطاعتك لربك سبب الرزق في الدنيا والخير في الآخرة، فلا تقدمي على السفر إلا بمحرم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تريد أن تقيم في بريطانيا مع أرملة لحضور دورة إنجليزية
تاريخ الفتوى : ... 08 محرم 1425 / 29-02-2004
السؤال
أعمل كمعلمة لغة إنجليزية عرض علي دورة في بريطانيا لمدة شهر مع معلمة أخرى و الإقامة مع أرملة بريطانية هل هذا مسموح؟؟؟؟؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن في ذهابك إلى هذه الدورة عدة محذورات: منها الإقامة في بلاد تنتشر فيها أنواع المنكرات بلا عذر شرعي، فإن بالإمكان تحصيل هذا العلم في بلدك، ومنها سفرك بلا محرم، وفي الحديث: لا يحل لامرأة مسلمة أن تسافر مسيرة ليلة إلا معها رجل ذو محرم منها. ومنها: إقامتك مع امرأة بريطانية، ولا يخفى أن خلطة هؤلاء خطر لما اعتادوا عليه من الفساد والتحلل.
فالمقصود أننا لا نجد لك رخصة في هذا السفر لوجود هذه المحاذير، ولأنه لا ضرورة داعية له.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... سفر المرأة وحدها بدون محرم للضرورة.. رؤية شرعية
تاريخ الفتوى : ... 05 محرم 1425 / 26-02-2004
السؤال
أعيش مع زوجتي مؤقتا في أمريكا لدراسة الدكتوراه. وقد رجعنا مع ابننا الرضيع لزيارة أهلنا وكنت قد قررت أن أرجع إلى أمريكا وحدي لكي تتاح الفرصة لزوجتي أن تجلس مع أبيها وأمها وأقاربها مدة أطول حيث إنها لم تكن رأتهم منذ أن تزوجنا ورحلنا من حوالي عامين.
وقد أكملت زيارتي ورجعت إلى أمريكا وحدي على وعد من أبي أنه سيصحب زوجتي وابني لكي يأتوا جميعا إلى أمريكا لعلمي يقينا بحرمة سفر المرأة وحدها دون محرم لها, كما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال َ لا يَحِلُّ لامرأة تُؤْمِنُ(30/66)
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِر مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْها ولكن شاء الله ألا تسمح حالة والدي الصحية أن يقدر على السفر.
الشاهد أننا جميعا وقعنا في هذه المشكلة، خاصة وأنني غير قادر على النزول إلى مصر لاصطحاب أهلي في السفر، كما أنه لا يوجد أحد من محارم زوجتي الآخرين قادر على هذا العمل.
بالإضافة، فإن والدي ووالد زوجتي كليهما يحاولان إقناعي بسفرها وحدها خاصة أنهم يقولون أنها مجرد رحلة طائرة
السؤال هنا: هل يعتبر سفر زوجتي وحدها مباحا في هذه الحالة (كونه ضرورة) أم لا؟
أفتونا، جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت لا تستطيع الرجوع إلى زوجتك للسفر بها، ولا تستطيع النفقة على محرم لها يسافر بها أو تستطيع لكنك لم تجد ذلك الشخص، وكنت محتاجا لها لتحصين نفسك ورعاية أولادك، فلا حرج عليك أن تأذن لها بالسفر إليك بغير محرم لهذه الاعتبارات.
وينبغي أن تأخذ كامل احتياطاتها في سفرها، وذلك بأن تتحرى السفر مع رفقة مأمونة، وتكون لك معرفة بيوم سفرها ووقت وصولها، بحيث لو قدر الله حصول شيء تمكنك متابعة الأمر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم مبيت المحرم في غير مكان مبيت من سافر معها
تاريخ الفتوى : ... 08 محرم 1425 / 29-02-2004
السؤال
لي أخت في كلية العلوم لديهم في هذا العام رحلة علمية إلى مدينة الغردقة لجمع عينات من البيئة الصحراوية والتي هي غير متوفرة في القاهرة وذلك ليزدادوا خبرة عملية بالإضافة أن هذا الجزء من المنهج تشرح محاضراته خلال هذه الرحلة
ويتم التدريب من خلال لقاءات أخرى على تحنيط بعض الزواحف الذي هو جزء من المنهج والذي ستسأل عنه في امتحان نهاية العام وهذه الرحلة إجبارية وعليها 50 درجة من أعمال السنة مع العلم بأن الرحلة لمدة 4 أيام بدون مرافق وإذا كان هناك مرافق فإنه لن يكون مبيته في نفس المكان حيث إن مبيت الرحلة في بيوت الشباب مبنى للفتيات ومبنى آخر للفتيان والأساتذة المشرفين من قبل الجامعة والمسؤولين عن هذه المادة.. وأختي والحمد لله على قدر من الإيمان ولكن زميلاتها أقل منها قليلا فهل يجوز لأختي أن تسافر في هذه الرحلة خاصة أنها لو لم تسافر سيفوتها 50 درجة ومجموعة المحاضرات الخاصة بهذا الجزء من المنهج بالإضافة إلى التدريب العملي وهل يجيز لها التزامها أن تسافر بدون محرم مع ما نراه الآن(30/67)
من أوضاع مخيفة وهل يجوز أن تسافر إذا اعتبرنا أن الأساتذة المشرفين في سن ومقام آبائها وهل لو سلحناها بكل المفاهيم والفكر الذي يحميها يكون ذلك حافظاً لها وللعلم لم يحدث أي شيء خطأ في السنوات السابقة في هذه الرحلة أو على الأقل ذلك هو المشاع أرجو الإفادة بالتفصيل و بأسرع ما يمكن بأسرع ما يمكن حيث إن السفر سيكون الأحد القادم إن شاء الله وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب أن يكون مع أختك محرم لها في هذا السفر، ولا يجوز لها السفر بدونه، ولا يضر بعد ذلك أن يكون مبيت المحرم في غير مكان مبيتها وسكنها، وهذا إذا كانت أختك لن تقع في محظورات أخرى من تبرج أو اختلاط محرم أو غير ذلك، واعلم أخي أن دراسة العلوم ليست ضرورة تبيح ارتكاب المحظورات، وليس تعلم هذا العلم واجبا على الأعيان.
وانظر الفتوى رقم: 7384 وقد ذكرنا للرحلات العلمية ضوابط تنبغي مراعاتها في الفتوى رقم: 13456.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الرحلات المختلطة لاتخلو من الفتنة
تاريخ الفتوى : ... 19 ذو الحجة 1424 / 11-02-2004
السؤال
أنا طالبة فى السنة الأخيرة كلية الآداب بالمنيا وإنى والحمد لله ألبس الخمار لكن بعض زميلاتي يصررن على ذهابي معهن فى رحلات إلى البلاد المجاورة، مع العلم بأنها رحلات مختلطة فيها ذكران وإناث، وحجتهم أنها آخر سنة ولا بد من أن أمتع نفسي، فما رأي الشريعة الإسلامية فى ذلك؟ ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً على التزامك بالحجاب، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منك ذلك وأن يثبتك عليه، ونشكرك على حرصك على الوقوف عند حدود الشرع.
وبخصوص سؤالك فلا يجوز لك السفر والحال ما ذكرت، لأن ذلك قد تضمن عدة أمور مخالفة للشرع، ومنها:
السفر بلا محرم، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أنه قال: لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها ذو محرم.
وهذا الحكم يشمل السفر مطلقاً من غير تحديد مدة لإطلاق الروايات الأخرى، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 6219.
الأمر الثاني: الاختلاط بين الفتيان والفتيات، والذي يغلب في مثل هذه الأحوال أن يكون على وجه تترتب عليه الفتنة، وهو قد حرمه الشرع، وراجعي الفتوى رقم: 11320.(30/68)
وتنبهي إلى أن الإسلام لا يمنع من الاستمتاع والترويح عن النفس إلا أن ذلك مقيد بما أباحه الشرع، روى أحمد في المسند عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يومئذ لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني أرسلت بحنيفية سمحة.، يعني بذلك حديث الحبشة ولعبهم في المسجد بالسهام.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... تسافر للعمل يوميا بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 19 ذو الحجة 1424 / 11-02-2004
السؤال
أنا معلمة أسافر يوميا مسافة 520 كيلو، هل يجوز لي قصر الصلاة وجمعها (صلاتي الظهر والعصر)، مع العلم بأني أسافر بدون محرم مع رفقة من المعلمات (8 معلمات)، ومع العلم بأني أصل إلى المنزل تقريبا مع آذان صلاة العصر أو بعده بساعة، يعني يختلف وقت الوصول من يوم لآخر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله صحبه أما بعد:
فالأصل هو أن من سافر مسافة تبلغ 83 كيلو متراً فأكثر، وكان السفر مباحاً فإنه يشرع له الترخص برخص السفر من القصر والجمع ونحو ذلك، قال ابن قدامة في المغني عند قول الخرقي: "إذا كان سفره واجباً أو مباحاً": وجملته أن الرخص المختصة بالسفر من القصر والجمع والفطر والمسح ثلاثاً والصلاة على الراحلة تطوعاً، يباح في السفر الواجب والمندوب والمباح كسفر التجارة ونحوه، هذا قول أكثر أهل العلم. انتهى.
ومن المعلوم أن المرأة إذا سافرت مثل هذه المسافة في مثل هذا السفر بغير محرم أنها عاصية بسفرها هذا، لما رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم.
وذكر اليومين ليس مقصوداً، بل لو سافرت هذه المسافة في أي جزء من الزمن لحرم عليها ذلك، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 6219.
إذا ثبت ما ذكرنا فلا يجوز للأخت السائلة ولا لغيرها السفر هذه المسافة بلا محرم، والواجب عليها التوبة وترك هذا العمل الذي تترتب عليه معصية، وإن حدث وأن سافرت فلا يجوز لها الترخص، قال ابن قدامة في سياق كلامه المتقدم: ولا تباح هذه الرخص في سفر المعصية. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... زوج الأخت ليس محرما(30/69)
تاريخ الفتوى : ... 01 ذو الحجة 1424 / 24-01-2004
السؤال
زوجتي أخذت زوج أختها كمحرم لأ داء مناسك الحج 2004م بعد ملء وثيقة إدارية.وقت الذهاب كان مقررا يوم الاثنين12/01/2004 على الساعة الثالثة صباحابعدما هيات كل الاغراض .وفي اخر المطاف (يوم السبت 10/01/2004) فوجئنا بان السفارة السعودية رفضت منح التأشيرة لكون زوج الأخت ليس محرما والغريب في الأمر هو أن الزوج سترافقه زوجته إلى الديار المقدسة. ولكم جزيل الشكر
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسفر المرأة للحج من غير محرم أمر مختلف فيه بين أهل العلم بين الإباحة والحظر، وقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 4130، ورقم: 14798.
وعلى القول بتحريم سفر المرأة للحج بغير محرم إن كانت زوجتك غير محرمة على هذا الرجل برضاع أو نسب، فليس لها أن تسافر معه، وإن كان زوجاً لأختها، إذ المحرم هو من تحرم عليه على التأبيد، وزوج الأخت ليس كذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المطلقة لا تسافر إلا مع محرم
تاريخ الفتوى : ... 29 ذو القعدة 1424 / 22-01-2004
السؤال
ماهو حكم سفر المطلقه للعمل وكسب الرزق و الصرف على ابنتها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس للمطلقة ولا المتزوجة السفر إلا مع محرم، غير أن المطلقة في زمن العدة تجب عليها ملازمة بيتها، ولها الخروج في النهار للعمل وقضاء الحوائج، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتاوى التالية برقم: 25969، ورقم: 11576، فإن لم تجد في موطن إقامتها من ينفق عليها، ولم تجد عملاً فالضرورات تبيح المحظورات، ويجب أن يكون لها في سفرها محرم، وانظري الفتوى رقم: 6219.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
سفر الأجنبي مع الأجنبية
تاريخ الفتوى : ... 25 ذو القعدة 1424 / 18-01-2004
السؤال
هل يجوز أن أسافر مع إحدى صديقاتي لزيارة الأهل ؟
الفتوى(30/70)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم، ولا يجوز الخلوة بها كذلك إلا مع ذي محرم، ففي الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخلونّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: انطلق فحج مع امرأتك."
وبناء على ذلك فإن كنت أجنبيا على التي سميتها صديقة لك فإن سفركما غير مباح، سواء كان لزيارة الأهل أو لغير ذلك.
ثم اعلم أن ما يسمى بالصديقة أو العشيقة لا يجوز في الإسلام.
وقد فصلنا القول في ذلك فراجعه في الفتوى رقم: 11945 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المحرم يشترط للسفر لا للإقامة
تاريخ الفتوى : ... 22 شوال 1424 / 17-12-2003
السؤال
حكم الذهاب إلى مكة وأخذ العمرة مع محرم ثم أجلس عشرة أيام عند أختى مع العلم أن المحرم ذهب إلى مدينة جدة وأنامن مدينة جدة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فليس في ذلك شيء لأنه لا يشترط لإقامة المرأة في بلد أن يكون معها فيه محرم، ولكن إذا أردت السفر إلى جدة فاطلبي من أحد محارمك أن يرافقك، وراجعي الفتاوى التالية: 8281/ 17758/ 20009 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
خسارة ثمن التذكرة لا يقارن بسفر الزوجة بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 25 رمضان 1424 / 20-11-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله أنا طالب في فرنسا ومتزوج وزوجتي الآن في البلد تنتظر التأشيرة. سؤالي هو هل يجوز أن تسافر زوجتي لتلحق بي هنا في فرنسا لوحدها وبدون محرم? علما بأني لا أستطيع الغياب عن دراستي لإحضار زوجتي كذلك أرغب في توفير ثمن التذكرة(300دولار تقريبا) وزمن الرحلة 3ساعات تقريبا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن المرأة لا يجوز لها السفر بغير محرم، سواء كانت مسافرة في الطائرة أو غيرها، وتفصيل ذلك في الجوابين التاليين: 6219/ 9017 وبإمكان زوجتك أن تسافر صحبة أحد(30/71)
محارمها من أخ أو غيره، بأجرة على ذلك، أو تسافر أنت لمرافقة زوجتك، ولو خسرت التذكرة، فهذا كله سهل بالمقارنة مع سفر امرأتك بدون محرم. والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم سفرالزوجة مع أخي زوجها
تاريخ الفتوى : ... 17 رمضان 1424 / 12-11-2003
السؤال
هل يجوز أن تسافر زوجة أخي معي مسافة بحدود 150كيلو علماَ بأني رجل كبير بالسن
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فأخو الزوج ليس من محارم الزوجة، ولذا، فإنه لا يصح للزوجة أن تسافر معه أو مع غيره من غير المحارم، ولا فرق بين كبير السن وصغيره في هذا الحكم، والواجب على الزوج ألا يترك امرأته تفعل ذلك، كما يحرم على المرأة فعله أو الإقدام عليه، وراجع الفتوى رقم: 34048، والفتوى رقم: 1067. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة جوا بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 01 رمضان 1424 / 27-10-2003
السؤال
امرأة تسافر لوحدها مع أبنائها إلى الدمام جوا ما رأيكم في ذلك؟ رجل يوصل نساء كبيرات في السن لا يكشف عليهم إلى منطقة مقدارها 5كيلومتر بدون محرم ما رأيكم في ذللك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا كان أحد أبناء المرأة المذكورة قد بلغ سن الاحتلام راشداً، فيجوز لها السفر لأنه يعتبر محرماً لها، أما إذا كان الأولاد لا يزالون صبية صغاراً، فلا يعتبر واحد منهم محرماً لها لعدم توافر الشروط فيه، ولتراجِع الفتويين رقم: 6744ورقم: 6219 وأما الجواب عن السؤال الثاني، فنقول إذا كان توصيل النساء للمسافة المذكورة فلا مانع منه، بشرط ألا تتحقق الخلوة في أي من الأوقات بين السائق وإحدى النساء، ولتراجِع الفتويين رقم: 17926ورقم: 10690 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من شروط خروج المرأة من البيت
تاريخ الفتوى : ... 28 شعبان 1424 / 25-10-2003
السؤال(30/72)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا فتاة غير متزوجة وأعيش مع أهلي، وسؤالي هو: هل يجوز لي الخروج من بيتي بعد غروب الشمس لقضاء حاجيات أهلي للضرورة؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا مانع من خروجك لقضاء حاجات أهلك ما لم تخشي على نفسك من الخروج في هذا الوقت، وهذا يختلف باختلاف البلدان، ويجب عليك عند الخروج الالتزام بآداب الإسلام في الحجاب والمشي والحديث مع من تحتاجين إلى الحديث معه من الرجال. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... السفر لبلاد الكفر بدون محرم يزداد تحريماً
تاريخ الفتوى : ... 15 شعبان 1424 / 12-10-2003
السؤال
أنا فتاة في الثلاثين لست متزوجة، لدي دبلوم في علم المكتبات وأعمل به حاليا في مكتبة جامعية أقترح علي السفر إلى الخارج (فرنسا) للقيام بتكوين في إطار العمل وذلك من أجل تحسين المستوى ولكن لمعرفتي أن السفر إلى بلاد الخارج بغير محرم حرام فقد تماطلت في تحضير جواز سفري وبه وجدت عذرا كي لا أسافر وأنا أسأل سيادتكم رأيكم، مع العلم بأني أشعر بالغيرة وأنا أرى زميلاتي يتحضرن للسفر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنشكر السائلة أولاً على اهتمامها بمعرفة الحكم الشرعي والتقيد به، وهكذا ينبغي أن يكون المسلم كما قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ (الأحزاب: من الآية36)
ثانياً: لا يجوز لك السفر بدون محرم إلى فرنسا ولا إلى غيرها، لما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم.
ولا شك أن السفر بدون محرم يزداد تحريماً إذا كان إلى بلاد الكفر التي نهى الشرع عن الإقامة فيها، إضافة إلى ما هم عليه من الانحلال والتفسخ والفساد الأخلاقي.
فننصح السائلة بالامتناع عن السفر، ولتعلم أن الله سبحانه وتعالى يقول: ومن يتق الله يجعل له مخرجاً*ويرزقه من حيث لا يحتسب[الطلاق:2-3]، ومن ترك شيئاً لله عز وجل عوضه الله خيراً منه.
ولمزيد من الفائدة حول موضوع سفر المرأة بدون محرم نحيل السائلة إلى الفتوى رقم: 9017 والفتوى رقم:
19009
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(30/73)
ـــــــــــــــــــ
هل يشترط للمحرم الإقامة مع المرأة
تاريخ الفتوى : ... 20 جمادي الأولى 1424 / 20-07-2003
السؤال
سيدي أنا غير متزوجة وعمري 37 سنة وأعمل حالياً في عمل حكومي بإحدى الدول العربية وبالفعل فانا أحتاج لهذا العمل نظراً للديون التي تعاني منها أسرتي منذ10 سنوات علما بأن والدي متوفى وإخوتي يشتغلون في بلدي ودخلهم والحمد لله يكفي مصاريفنا ولكن بدون أن نسدد ديوننا أو ندخر منه ومن الصعب كذلك أن يأتي أخي ليجد عملاً هنا معي أليست هذه فرصة كي أستغل شبابي قبل هرمي وأسدد ديون أبي براً به (رحمه الله)؟ وأساعد نفسي وإخوتي؟ أفتوني وشكراً جزيلاً لكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإنا نقول للسائلة: لا يجوز لكِ السفر إلا مع ذي محرم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ~لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ليلة إلا مع ذي محرم.~~ متفق عليه . ولا يشترط للمحرم الإقامة معك إذا تحقق لكِ الأمان في محلِّ الإقامة، فإذا تحقق ذلك مع التزامك بالحجاب الشرعي، وعدم الاختلاط، وأَمْن الفتنة، وكان العمل مباحًا جاز لكِ العمل، وإلا فلا. واعلمي أن برِّك لأبيك وأهلك لا يجوز بمعصية الله، وأن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته. ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 8360. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
السفر بالخادمة الكافرة إلى مكة بدون محرم.
تاريخ الفتوى : ... 20 جمادي الأولى 1424 / 20-07-2003
السؤال
ننوي الذهاب لأداء العمرة إن شاء الله تعالى، ولدي خادمة نصرانية، مضطرة إلى أخذها معي في السفر، لأن لدي ثلاثة أطفال دون سن الخامسة، وسؤالي: هل يمكن اصطحابها معنا إلى مكة، ولكن لا ندخلها معنا الحرم؟ أم لا يجوز ذلك؟ أفيدونا وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فذهابك بالخادمة النصرانية إلى مكة لا يجوز؛ لأن المشركين لا يجوز السماح لهم بدخول مكة، وإذا كان السفر بهذه الخادمة بدون محرم، فهذا منكر آخر يجعل الأمر أشد حرمة. وراجعي الفتوى رقم: 20913. وأما عن أطفالك فيمكن أن تستغني عن هذه الخادمة وتأتي بأخرى مسلمة مع محرمها، أو تتركيهم عند بعض الأقارب، أو تذهبي بهم وتصبري عليهم، أو تستأجري حاضنة لهم خلال فترة العمرة، والحلول كثيرة. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(30/74)
ـــــــــــــــــــ
حكم الخروج مع الخطيب في السفر وداخل البلد بوجود امرأة
تاريخ الفتوى : ... 17 جمادي الأولى 1424 / 17-07-2003
السؤال
سؤال خاص: إن كان جائزاً الخروج معه بمحرم، هل يجوز لي أن يكون المحرم صديقتي المقربة (هي في نفس الوقت ابنة عمة خطيبي، وفي نفس الوقت أخت زوجة عمي) وهي سيدة في الأربعين من عمرها ذات خلق ودين، وأحسبها كذلك والله حسيبها ولا أزكي على الله أحدا، وبوجود أخته معنا أيضاً؟ وأخيراً آسف على الإطالة وعلى ضعف التعبير والإملاء، وأرجو من الله العلي القدير أن يسدد خطاكم شيخنا الفاضل ويهدينا إلى سواء السبيل. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اشترط الإسلام لجواز خروج المرأة للسفر وجود رجل محرم معها، ولا يغني عن ذلك وجود امرأة ولا أكثر، لما في الصحيحين، واللفظ لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ليلة إلا مع ذي محرم.
وانظر الفتوى رقم: 6015 والفتوى رقم: 28672.
هذا فيما يتعلق بخروجها للسفر، أما في داخل المدينة فإن كان معهما ما يمنع حصول الخلوة بينهما وبين الأجنبي جاز، ومن ذلك وجود امرأة -كما أشارت إليه السائلة- على الراجح كما سبق في الفتوى رقم: 9786.
فإن لم يوجد معهما شخص حرم الخروج مع الأجنبي ولو كان خطيبًا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
اشتراط المحرم في حق المرأة لا الرجل
تاريخ الفتوى : ... 10 جمادي الأولى 1424 / 10-07-2003
السؤال
هل يشترط في المحرم أن يكون من كلا الطرفين؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن وجود المحرم في الحال الذي يشترط وجوده فيه من سفر أو غيره، إنما هو في حق المرأة لا الرجل، كما جاءت بذلك نصوص الشرع في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولتراجع في هذا الفتوى رقم: 6219. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(30/75)
أحوال سفر المرأة بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 03 جمادي الأولى 1424 / 03-07-2003
السؤال
يا شيخ أنا أعيش في أمريكا ومن فترة طويلة ما رأيت أهلي وزوجي ظروف دراسته والظروف التي حدثت بأمريكا ما تسمح له بالرجوع إلى البلاد وأنا أود أن أرجع مع ولدي لرؤية أهلي لأن الوالدة كبيرة في السن وتعبانة فهل يجوز لي أن أرجع أو أرجع مع ناس ثقات؟ وكم جزيل الشكر
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالأصل عدم جواز سفر المرأة بغير محرم، لما ثبت في السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهي عن ذلك، ولما قد يترتب على ذلك من فتن ومخاطر لا تخفى على ذي عقل سليم، وقد سبق أن بينا هذا مفصلاً بالفتوى رقم: 6219، فمهما أمكن تحقيق هذا الشرط - يعني وجود المحرم - فهو واجب. لكن إذا تحققت الضرورة ولم يكن بالإمكان وجود المحرم فلا حرج إن شاء الله حينئذ في السفر من غير محرم، مع اتخاذ الاحتياطات لسلامة هذه المرأة والتي قد سبق ذكرها بالفتوى رقم: 20014. وننبه هنا إلى وجوب الرجوع إلى ديار الإسلام إذا لم تكن ثمة ضرورة للإقامة في بلاد الكفر. ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 31862. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... أخو الزوج ليس من المحارم، والمرأة لا تعتبر محرما
تاريخ الفتوى : ... 28 ربيع الثاني 1424 / 29-06-2003
السؤال
هل يجوز أن أسافر مع أخي زوجي وخالتي وابنتها؟ علما بأن زوجي لا يستطيع السفر معنا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا يجوز للمرأة السفر إلا مع محرم لها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ~لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم.~~ متفق عليه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: ~لا يخلونّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: انطلق فحج مع امرأتك.~~ متفق عليه. ومن المعلوم أن أخا الزوج ليس من المحارم، بل جاء التنصيص على حرمة الخلوة به، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ~إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله؛ أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت.~~ متفق عليه. والحمو هو قريب الزوج من أخٍ أو عمٍ ونحوهما، فشبه النبي صلى الله عليه وسلم دخول قريب الزوج ممن ليس بمحرم بدخول الموت عليها؛ وذلك لأن دخوله وخروجه من عندها لا يثير ريبة، بخلاف الغريب، فكان الوقوع في المعصية أسهل، والإغواء على الشيطان أيسر. وليست(30/76)
المرأة محرماً لغيرها، سواء خالتك أو ابنة خالتك أو كلاهما، وإنما المحرم هو الرجل الذي تحرمين عليه بنسب كالأب والأخ، أو بسبب مباح كالزوج وأبي الزوج، وكالأب والأخ من الرضاع ونحوهما. وأما كون زوجك لا يستطيع السفر معك، فيمكنك السفر مع غيره من محارمك، إذ ليس ذلك عذراً لك في السفر مع أخيه، فلا ينبغي التهاون في هذا الأمر. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
منع الشرع المرأة من السفر بدون محرم
تاريخ الفتوى : ... 20 ربيع الثاني 1424 / 21-06-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أولاً بارك الله فيك يا شيخ وجزاك الله عنا كل خير وأسال الله أن يجعل عملك هذا في ميزان حسناتك يوم القيامة، سؤالي يا شيخ هو: هل يجوز لأخت زوجتي أن تسافر معي إلى مدينة تبعد 120 كيلو متراً عن مكان إقامتي وليس معها محرم سوى أُمها وزوجتي أي أختها ؟؟ وبارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإنه لا يجوز لأخت زوجتك أن تسافر معكم السفر المذكور إلا إذا كان معكم محرم لها، لأن الشرع منع المرأة من السفر بدون محرم معها، وذلك تخوفاً من الوقوع في الفتنة المترتبة على ذلك، والدليل على ما قلناه موجود ذلك في الفتوى رقم: 5936. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
قد فعل صوابا إذا كان السفر غير مشروع
تاريخ الفتوى : ... 16 ربيع الثاني 1424 / 17-06-2003
السؤال
ما الحكم في أخ منع أخته من السفر إلى خارج البلد حتى لو أدى ذلك إلى قطيعة بينهما مع العلم بأن الأخت ليست قاصرة وعمرها فوق الأربعين، وقد سبق لها الزواج ولكنها الآن مطلقة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن هذا الأخ قد فعل صواباً عندما منع اخته من السفر إذا كان هذا السفر غير مشروع، كأن تكون مسافرة بدون محرم أو تخشى عليها فتنة مثلاً، فقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ~لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ألا مع ذي محرم.~~ لكن ينبغي أن يعاملها بحكمة ويبين لها خطورة هذا السفر، وما قد يترتب عليه من نتائج قد لا تحمد عقباها، وأن ما قد تحصل عليه من هذا السفر المحرّم لن تكون فيه بركة ما دام السفر غير مشروع،(30/77)
وللمزيد من التفصيل يمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 3096، والفتوى رقم: 9017. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... سفر المرأة مظنة الفتنة ولو قصرت مدته
تاريخ الفتوى : ... 06 ربيع الثاني 1424 / 07-06-2003
السؤال
هل يجوز لي السفر بالطائرة لمدة ساعتين بدون محرم معي، بسبب أن زوجي في فتن شديدة ولا يستيطع أن يجيء ويسافر معي، ولا يوجد أحد يسافر معي بسبب الظروف المادية ولكن زوجي يواجه فتنا كثيرة وبالتالي لا بد من السفر إليه، وزوجي أحسبه على خير وأنا أعلم أن السفر بدون محرم لا يجوز، فهل لي رخصهةفي السفر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فاعلمي أن سفر المرأة بدون محرم لا يجوز لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصريحة في النهي عنه، والذي عليه الجمهور أنه لا فرق بين طول مدة السفر وقصرها، لأن سفر المرأة مظنة الفتنة ول و قصرت مدته، انظري الفتوى رقم: 3096، والفتوى رقم: 6219 ويستثنى ما إذا كانت ثمة ضرورة قصو ى تلجئ إلى السفر، قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج. [الحج:78]. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا تسافر المرأة بدون زوج أو محرم
تاريخ الفتوى : ... 09 ربيع الثاني 1424 / 10-06-2003
السؤال
السلام عليكم أنا متزوجة ومقيمة في الدنمارك وأريد أن أزور أهلي في لبنان، هل يجوز أن أسافر بدون محرم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لك السفر بدون زوجك أو محرم لك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل للمرأة أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم. رواه البخاري ومسلم.
وذلك لأن سفرك إلى زيارة أهلك ليس ضرورة تبيح لك السفر بدون محرم، إذ يمكنك أن تصليهم عن طريق المراسلة بالبريد أو الهاتف أو غيرهما من وسائل الاتصال، وإن كان بإمكان زوجك أن يسافر معك لزيارة أهلك فذلك أمر حسن وطيب، ولمزيد من الفائدة نرشدك إلى مراجعة الفتوى رقم: 29263، الفتوى رقم: 6219، 16982.
والله أعلم.(30/78)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم سفر المرأة مع رفقة مأمونة
تاريخ الفتوى : ... 09 ربيع الأول 1424 / 11-05-2003
السؤال
أنا امرأة متزوجة أسافر لزوجي كل عام مع بناتي بالطائرة لقضاء العطلة الدراسية ولكن نظراً لظروفه المادية فقد طلب منا السفر هذا العام بالباص أنا وبناتي واللاتي تبلغ أكبرهن 23 عاماً وذلك لتجديد الإقامة ومدة الرحلة بالباص 24 ساعة فهل يجوز ذلك؟ مع العلم بأن هذا السفر ضروري للحفاظ على الإقامة. أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسفر المرأة بدون محرم غير جائز، سواء كان بالطائرة أو بالباص أو بغير ذلك من وسائل السفر، فالنص جاء بالنهي عن سفرها بدون محرم ولم يحدد نوع السفر أو وسيلته، ففي الحديث لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم رواه مسلم.
فكل ما سمي سفراً عرفاً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، وذهب بعض العلماء إلى جواز سفر المرأة بدون محرم إذا كانت في رفقة مأمونة، وخصه بعضهم بالسفر الواجب، والذي نقوله للأخت الكريمة هو أن تطلب من زوجها أن يأتي ليرافقهن إلى البلد المقيم فيه، فإن عجز وكانت الضرورة تقتضي أن تسافر مع بناتها إليه فلا بأس مع رفقة مأمونة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يشترط أن يبقى محرم المرأة معها في البلد الذي ستسافر إليه
تاريخ الفتوى : ... 09 صفر 1424 / 12-04-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
أود أن اسأل سيادتكم عن مدى مشروعية سفرى للعمل بإحدى الدول العربية وحدى بدون محرم حيث إنى أم لثلاثة أطفال أنا العائلة الوحيدة لهم ومنفصلة عن أبيهم ولا ينفق عليهم وموردي هنا لا يسمح بإعاشتهم حياة كريمة ومن الممكن أن يسافر معي أخي ثم يعود بعد أن يطمئن على مسكني وهو سكن مخصص وآمن وسوف أصطحب معي أبنائي؟
الرجاء إفادتي ونصحي ولكم خالص الشكر.
والسلام عليكم ورحمة الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(30/79)
فإذا كان الواقع ما ذكرت فلا حرج في سفرك بشرط أن تسافري مع محرم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسافرنّ امرأة إلا ومعها محرم... رواه البخاري.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، فإذا كان أخوك بالغاً فهو من محارمك الذين يجوز لك السفر معهم، ولا يشترط أن يبقى معك إذا كان المكان والبيت الذي سوف تسكنينه آمنين، وقد بينا ضوابط سفر المرأة وعملها، فلتراجع للأهمية تحت الفتوى رقم: 3859.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... أداء الامتحان ليس ضرورة تبيح للزوجة السفر بدون محرم
تاريخ الفتوى : ... 28 محرم 1424 / 01-04-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أعمل بالمملكة العربية السعودية وزوجتي مازالت تدرس بجامعة الأزهر بمصر وهي ترغب في النزول لأداء الامتحانات فهل علي إثم إذا نزلت عن طريق البر؟ علماً بأن طريق البر يأخذ حوالي يومين سفراً وعلماً أيضا بأنني ليس لي حاجة في سفرها أو دراستها وإنما إرضاءً لرغبتها وقد كنت ساعدتها في النزول بالطائرة لمدة سنتين بمعدل مرتين في السنة ولكن الآن ظروفي المادية لا تسمح لنزولها بالطائرة.
أرجو افادتي مأجورين.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر دون محرم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" رواه مسلم.
وفي الصحيحين عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعهما ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال: انطلق فحج مع امرأتك".
وانظر للتفصيل الفتوى رقم: 3096، والفتوى رقم: 3859.
ولا ريب أن سفر زوجتك بدون محرم قد يعرضها لكثير من المفاسد، وليس سفرها لأداء الامتحان ضرورة تبيح لها الإقدام على ذلك، ولْتُعْلِمْ زوجتك وفقها الله أن في طاعة الله سعادة الدنيا والآخرة، قال تعالى:(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِين) [النساء:14].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الطفل في عمر سبع سنوات لا يصلح محرماً(30/80)
تاريخ الفتوى : ... 27 محرم 1424 / 31-03-2003
السؤال
هل يجوز للمرأة التنقل بدون محرم مسافة 3 ساعات وليس لها سوى طفل يبلغ 7 سنوات وهي تتنقل للحاجة وكسب العيش وبعض الأحيان لزيارة الأهل والمعارف وكسب العلم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكل ما يسمى سفراً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، وهذا الطفل الذي عمره سبع سنوات لا يصلح أن يكون محرماً، لا سيما أنه لم يقارب سن المراهقة، لأنه يشترط في المحرم أن يكون بالغاً في أرجح أقوال أهل العلم، وهذا لأن المقصود حفظ المرأة، ولا يحصل إلا من البالغ العاقل، وانظر تتميما للفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6744، 17103، 6219.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... السفر بلا محرم لا يجوز
تاريخ الفتوى : ... 05 محرم 1424 / 09-03-2003
السؤال
هل يجوز للمرأة أن تسافر إلى الخارج لغرض التجارة بدون محرم وذلك لغلاء تذكرة سفر المحرم مع ملاحظة أنها تسافر مع مجموعة من النساء لغرض التجارة؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلا ومعها ذو محرم، وقد جاءت بذلك السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سبق ذكرها في الفتوى رقم: 3859.
وإذا وجب وجود المحرم في سفر المرأة على ما هو الراجح من أقوال أهل العلم لأداء الحج الذي هو أحد أركان الإسلام، فوجوبه في السفر للتجارة أولى، وما ورد في السؤال من ارتفاع قيمة التذكرة لا يعتبر ضرورة تبيح السفر بدون محرم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... ماهية الضرورة الملجئة لجواز سفر المرأة بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 24 ذو الحجة 1423 / 26-02-2003
السؤال
ماحكم من تسافر من دون محرم لضرورة ملحة؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(30/81)
فإن سفر المرأة دون محرم لا يجوز شرعاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم.. رواه البخاري ومسلم.
ويستثنى من ذلك حالة الضرورة الملجئة إذا كانت في مكان غير آمن وخافت على نفسها، وكذلك الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، وألحق بعضهم بذلك السفر للحج والعمرة إذا كان مع رفقة مأمونة، وهذا من باب الضرورات التي تبيح المحظورات وتقدر بقدرها.
ولمزيد من التفصيل والأدلة عن أحكام سفر المرأة نحيلك إلى الفتوى رقم: 3096.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا تسافر المرأة من جدة إلى الرياض بدون محرم
تاريخ الفتوى : ... 18 ذو الحجة 1423 / 20-02-2003
السؤال
ما حكم السفر بالطائرة من الرياض إلى جدة بدون محرم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسافة بين الرياض وجدة تعد مسافة سفر عرفاً وشرعاً، ولانعلم في ذلك خلافاً، وعليه فيحرم على المرأة المسلمة أن تسافر فيها بغير محرم، ولوكان السفر بالطائرة، كما هو مبين في الفتوى رقم:
6219.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... سفر المرأة للعمل في الخارج
تاريخ الفتوى : ... 17 ذو القعدة 1423 / 20-01-2003
السؤال
ماحكم الشرع في سفر المرأة في الشريعة للعمل في الخارج وذلك نظراً للظروف الصعبة المادية وهل الحكم واحد إذا كانت المرأة متزوجة أوغير متزوجة وإذا كانت قد سافرت فعلا ماذا تفعل لإرضاء رب العالمين
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تعنين بالخارج بلاد الكفر فإن السفر إليها لا يجوز للمسلم لما يترتب على ذلك من خطر عظيم على الدين والأخلاق بسبب ما يدعونه من الحرية وعدم إنكار المنكر، والمنع هنا آكد في حق المرأة لاسيما غير المتزوجة لما يخشى عليها من الفساد بسبب كثرة المغريات ودواعي الفحش والفجور، وقد ثبت في الحديث الصحيح عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا(30/82)
بريء من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين، لا تراءى نارهما. رواه أبو داود والترمذي
أما إن كنت تعنين سفرك إلى بلد إسلامي فهو جائز إن كان معك محرم، وتوفرت الضوابط الشرعية للعمل الذي ستزاولينه.
فإن لم يكن معك محرم فلا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة أن تسافر ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم. والحديث في الصحيحين وغيرهما.
ومن فعلت فعليها أن تتوب إلى الله عز وجل توبة نصوحاً وتعقد العزم على عدم العود لمثل ما فعلت.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا بد من المحرم في عمرة التطوع
تاريخ الفتوى : ... 16 رمضان 1423 / 21-11-2002
السؤال
أنا امرأة بالغة من العمر 39 سنة ومتزوجة أريد الذهاب إلى العمرة في شهر رمضان مع أختي الكبرى وزوجها فهل يمكن أن تكون أختي وزوجها محرماً لي ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت هذه العمرة هي العمرة الواجبة عند من يقول بوجوب العمرة وهم الشافعية والحنابلة فيجوز للمرأة السفر لأدائها مع نسوة ثقات إن عدم المحرم، وتفصيل ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 22299 -
14798، أما إن كانت عمرة تطوع فلا بد من المحرم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... السر في إباحة سفر المرأة مع رفقة مأمونة لمكة دون المدينة
تاريخ الفتوى : ... 15 رمضان 1423 / 20-11-2002
السؤال
سمعنا في فتوى أن اعتمار مجموعة من النساء مع بعضهن البعض يجوز ولكن ذهابهن إلى المدينة لا يجوز بتاتاً إلا بمحرم فما تعليقكم على ذلك؟ وما الحكمة في التحريم في المدينة والجواز في مكة؟ إن كان هناك تحريم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تسافر مع الرفقة الأمينة للحج أو العمرة الواجبين على الصحيح من أقوال العلماء، وليس لها أن تسافر مع الرفقة الآمنة سفراً مباحاً أو مستحبّاً، وهذا هو سر التفريق بين جواز ذهابها إلى مكة لأداء الحج أو العمرة أو هما معاً، وبين عدم جواز ذهابها إلى المدينة النبوية؛ لأنه غير واجب عليها.(30/83)
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 3096، والفتوى رقم: 22299.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... من شروط المحرم أن يكون بالغًا عاقلاً
تاريخ الفتوى : ... 06 رمضان 1423 / 11-11-2002
السؤال
هل يجوزالسفر مع صبي عمره 14سنة وأربعة شهور هل يعتبر محرما ؟؟؟ وشكراً...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الصبي قد بلغ بالاحتلام أو بإنبات الشعر فيصح أن يكون محرمًا للمرأة وإلا فلا ، إذ من شروط المحرم أن يكون بالغًا عاقلاً على الراجح من أقوال أهل العلم، كما هو مبين في الفتوى رقم:
6744.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الزوج لا يكون محرما لأخت الزوجة من الرضاعة
تاريخ الفتوى : ... 27 شعبان 1423 / 03-11-2002
السؤال
هل يمكن أن يكون زوجي ( محرماً للذهاب إلى عمرة) لابنة عمي التي هي أختي من الرضاعة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زوجك لا يعتبر محرماً شرعياً لتلك المرأة.
وعليه، فلا يجوز أن تسافر معكم على اعتبار أنه محرم لها يبيح وجودها معها إلى السفر إلى الحج أو العمرة أو غيرها من الأسفار التي يشترط لها وجود محرم، وراجعي الفتوى رقم:
1067
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... النظرة الشرعية من سفر المرأة وحدها فرارا من دار الشرك
تاريخ الفتوى : ... 08 شعبان 1423 / 15-10-2002
السؤال
شيخي الكريم،السلام عليكم(30/84)
هناك فتاة صالحة، في الثامنة عشر من العمر. تعيش مع والدتها منذ طفولتها بعد أن انفصل والداها..والدتها ألمانية مسلمة، لكنها (الأم) تفضل المكوث مع أهلها، وابنتها هذه تتمنى لواستطاعت السفر إلى مصر لتتعلم الإسلام واللغة العربية. خاصة بعد المضايقات والمعاناة التي تواجهها في بلاد الكفر. وكانت تعرف امرأة صالحة من مصر علمتها الكثير من أمور الدين وأخبرتها أنه بإمكانها العيش معها هناك.
ما حكم الشريعة في سفر هذه الفتاة بمفردها وعيشها في البلاد المسلمة فراراً بدينها ونفسها، مع العلم أن والدتها لا تمانع، ووالدها المسلم لم يعد يصلها. وهل تستطيع العيش مع معلمتها الصالحة والمتزوجة، وهل يجوز لها العيش بمفردها كالسكن في مبنى خاص بالطالبات؟
ارجو الرد سريعا للحاجة، و جزاكم الله خيراً.....
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما وصفت في السؤال، فإنه لا مانع والحالة هذه من سفر تلك الفتاة وحدها في الطائرة إلى بلدها الإسلامي فراراً بدينها وعرضها، فقد نص أهل العلم على أنه لا يجوز للمرأة السفر من غير محرم إلا في حالات منها هذه، قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند شرحه لحديث ابن عباس المخرج في صحيح البخاري: : لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم..... قال: واستدلوا به على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم، وهذا إجماع في غير الحج والعمرة والخروج من دار الشرك.
أما بخصوص سكنها مع المعلمة المذكورة أو مع الطالبات، فهذا ينظر فيه.. فإن كان سكن الطالبات المخصص لهن آمنا، وليس فيه اختلاط، فلها أن تسكن فيه. ولمزيد الفائدة، راجعي الفتوى رقم:
22179.
كما أن لها أن تسكن مع معلمتها إذا لم يترتب على سكناها معها اختلاط بزوجها أوأولادها أو غير ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة مع زوج أختها غير مشروع
تاريخ الفتوى : ... 01 ذو الحجة 1424 / 24-01-2004
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماحكم سفر المرأة مع زوج أختها مع العلم بوجود أختها الزوجة وأختها الأخرى ووالدتهن ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلاَّ مع محرم -كما صحت بذلك الأحاديث- وزوج الأخت ليس محرمًا للمرأة، فالمحرم: كل رجل بالغ تحرم عليه المرأة حرمة مؤبدة.(30/85)
وزوج الأخت ليس كذلك، ولكنه محرم لأم زوجته.
وراجعي الفتوى:
6015، والفتوى رقم:
6219.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل تكون المرأة محرماً للمرأة
تاريخ الفتوى : ... 06 شعبان 1423 / 13-10-2002
السؤال
السلام عليكم ,
لدي قريبة لديها دورة تدريب في بلد عربي مجاور لمدة شهر ونظرًا لانشغال أبيها وإخوتها وعدم قدرتهم على السفر معها هل يجوز شرعا ذهابها هي ووالدتها أم لا؟
أرجومن حضرتكم التكرم بالإسراع بالرد و جزاكم الله كل خير وعون والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر بدون زوج أو محرم كما هو مبين في الفتوى رقم:
6219
والمرأة لا تكون محرماً للأخرى، ولو كانت إحداهن أم الأخرى، ومن أجاز من العلماء سفر المرأة مع الرفقة، فقد اشترط أن تكون هذه الرفقة مأمونة، وأن يكون ذلك في السفر الواجب دون غيره، والسفر لمثل هذه الدورة ليس واجباً، ولو فرضنا وجوبه، فإن سفر أمها معها لا تتحقق به الرفقة الآمنة، وعلى هذا فلا يجوز لها السفر على قول أحد من أهل العلم، وعليها أن تتقي الله، وتترك ذلك، وإذا كانت لها حاجة في هذه الدورة، ولا تتيسر لها في بلدها، فليسافر معها أبوها أو أخوها أو أحد محارمها، حتى يوصلها إلى المكان الذي هي ذاهبة إليه ثم يعود إن شاء، ولا يجوز لهم تركها تسافر من غير محرم.
وإذا سافرت بمحرم، فعليها أن تتقي الله في نفسها أثناء سفرها وإقامتها، ويلزمها التقيد بالضوابط المبينة في الفتوى رقم: 3859
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
نصيحة لمقيمة تعمل في بلاد الكفر
تاريخ الفتوى : ... 06 شعبان 1423 / 13-10-2002
السؤال(30/86)
أعيش في فرنسا مند10 سنين,ذهبت إلى فرنسا لأتم دراستي وفقني الله فحصلت على شهادة عملت في شركة في فرنسا أعمل فيها منذ 4 سنوات
علما أنني قد ذهبت إلى العمرة في رمضان وأعانني الله أن أتحجب و قد علم المديرأنني لن أترك الحجاب في فرنسا وأراد أن يغريني بمنصب راق في الشركة يشترط فيه أن لا أرتدي الحجاب رفضت اقتراحه فأنا أعلم أنهم يحاولون التخلص مني بضغوط حتى أمل وأستقيل وأنا حائرة لأنني كنت قد قررت العمل معهم لأحاول أن اقنع ولوالقليل من زملائي أن الإسلام مختلف عما يسمعون عنه وأود أن أغير بمشيئة لله نظرية ولوشخص واحد وأنا أعرف أن الله اكبر من أي مدير لا أخشى إلا الله ولكن ما يقلقني هو هل يصح لي أن أسكن في بلد وحدي بدون محرم و باستطاعتي أن أجد عملا في بلدي قرب أسرتي المرجو النصيحة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنشكر السائلة الكريمة على اهتمامها بدينها، وحرصها على تحري الحلال ونسأل الله تعالى أن يثبتها، ونقول لها بأن سفر المرأة دون محرم لا يجوز شرعاً، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما واللفظ للبخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن المرأة إلا ومعها محرم. فقام رجل فقال: يا رسول الله اكتتبت في غزوة كذا وكذا وخرجت امرأتي حاجة؟ قال: اذهب فحج مع امرأتك"
فإذا كنت تسافرين فلا بد أن يكون معك زوج أو أب أو أخ، وإذا كان السفر أو الإقامة في بلد ما سيؤدي إلى ترك الصلاة أو تضييعها أو خلع الحجاب أو غير ذلك من الواجبات الشرعية، فإنه لا يجوز، وبإمكانك أن تبحثي عن العمل - إذا كنت تحتاجين إليه - في بلد أو غيره من بلاد المسلمين التي تحتاج إلى تخصصك وتمارسي الدعوة إلى الله من خلاله، وبكل وسيلة مشروعة كما هو واجب كل مسلم، ويمكن أن يكون تأثيرك حينئذ أقوى، وعطاؤك أكثر.
ولتعلمي أن المسلم لا يسد عليه باب، فمن اتقى الله تعالى جعل له مخرجاً قال تعالى: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) (الطلاق:2- 3)
والذي ننصحك به هو تقوى الله تعالى، والإقامة ببلدك مع أهلك وذويك، وأداء ما فرض الله عليك من الدعوة إلى هذا الدين العظيم.
وبإمكانك الاطلاع على المزيد من الفائدة والأدلة في الفتوى رقم: 5807والفتوى رقم 3859
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل تسافر لزيارة أهل زوجها بغير محرم
تاريخ الفتوى : ... 03 شعبان 1423 / 10-10-2002
السؤال(30/87)
السلام عيكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة من مصرأبلغ من العمر 27 عاما عُقد قراني منذ 3 شهور وزوجى يعمل بالخارج وهو من محافظة أخرى غير محافظتي و منذ ارتباطنا لم أزر أهل زوجي غير مرة واحدة مع أبي وأمي , وأهل زوجي يريدون مني أن أزورهم لكي يتعرفوا علي أكثر ويحدث بيننا الود حيث أنني لم أكن أعرفهم قبل ارتباطنا وهم عبارة عن أخواته البنات حيث إن أمهم وأباهم متوفيان , فهل يجوز لي السفر إليهن مع أمي بلا محرم حيث إن أبي لا يستطيع السفر معنا وليس لي إخوة , والمسافة بين المحافظتين 3 ساعات بالأتوبيس والطريق يعتبر آمنا وسنعود في نفس اليوم, كما أنهن لا يستطعن السفر إلي بأطفالهن الصغار, وأنا والحمد لله أرتدي الخمار وأمي سيدة كبيرة عمرها 63 عاما.
أفيدوني أفادكم الله
السلام عيكم ورحمة الله وبركاته
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للمرأة أن تسافر بغير محرم، كما تقدم ذلك في الفتوى رقم20009 والفتوى رقم 6219
وما ذكرته لا يسوغ ذلك فيمكنك التواصل معهم عبر الهاتف حتى يتيسر لأحد محارمك السفر معك أو يسافر أخوات الزوج إليكم رفقة أحد محارمهن.
وصحبة أمك لك في هذا السفر لا تغير الحكم بل إنها تزيد لأنها هي الأخرى تحتاج إلى محرم، فهي بسفرها آثمة كما أنك أنت آثمة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يجوز للصغيرة السفر للحج دون محرم
تاريخ الفتوى : ... 28 رجب 1423 / 05-10-2002
السؤال
أنا مازلت قاصر وأود الّذهاب للعمرة والحج وسؤالي هل يصح السفر مع رحلات الحج والعمرة النسائية فقط؟.... والسلام عليكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح -والعلم عند الله تعالى- أنه يجوز للمرأة أن تسافر لأداء الحج والعمرة الواجبين مع الرفقة الصالحة المأمونة من النساء، سواء كانت المرأة بالغة أو غير بالغة لكنها تشتهى، وقد مضى بيان ذلك بضوابطه في الفتوى رقم:
14798، والفتوى رقم:
22299.
فإذا كانت البنت ممن لا تشتهى "وهي صغيرة السن" جاز لها السفر للحج والاعتمار بدون محرم إذا أمن عليها وليها، قال ابن نجيم في البحر الرائق: وأطلق المرأة(30/88)
فشمل الشابة والعجوز لإطلاق النصوص، والمرأة هي البالغة، لأن الكلام فيمن يجب عليه الحج، فلذا قالوا في الصبية التي لم تبلغ حد الشهوة، تسافر بلا محرم، فإن بلغتها فلا تسافر إلا به، والمراد خطاب وليها بأن يمنعها من السفر، فإن لم يكن لها ولي، فلا تستصحب في السفر، لا أن المراد أنها يحرم عليها، لأنها غير مكلفة حتى تبلغ. انتهى
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... هل تسافر المرأة مع زوج أختها؟
تاريخ الفتوى : ... 02 ذو الحجة 1424 / 25-01-2004
السؤال
هل يجوز السفر مع الأخت وزوجها على أنه محرم مؤقت
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع محرم، لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم، فقال رجل: يا رسول الله إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج ، فقال أخرج معها " متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنه.
والمحرم هو من يحرم على المرأة على التأبيد.
وعليه فلا يصلح زوج أختك أن يكون محرماً لك، وراجعي الفتوى رقم 10542 ورقم 21040 للفائدة .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم سفر المرأة دون محرم لزيارة أمها المريضة
تاريخ الفتوى : ... 10 رجب 1423 / 17-09-2002
السؤال
أنا رجل مسافر خارج المملكة لخمسة أشهر وتركت زوجتي عند والدتها لمدة شهرين ثم رجعت إلى المنطقة الشرقية بوجود محرم تكفل بتوصيلها إلى منزلي ولا زلت معها في اتصال شبه يومي حتى أتاكد أن كل الأمور ميسرة لهم مع العلم أني موفر لها كل ما ترغب ولكن حدثت وعكة صحية لوالدتها سخونة واتصلت أخواتها بها وقلن إن والدتك مريضة وتريد مشاهدتك فطلبت مني زوجتي الذهاب لمشاهدة والدتها بالخطوط السعودية بدون أي محرم ومدة الطيران ساعتين ولم أوافق على ذلك ولكن قالت إن هذا المنع سوف يكون حاجزاً بيني وبينك كل ماشفتك فماذا علي أن أفعل وهل ما قمت به صحيح؟ أفتوني جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(30/89)
فيجب على الزوجة أن تتقي الله تعالى، وتبادر إلى طاعة زوجها في المعروف، وعليها أن تحذر من إسخاطه ففي الترمذي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون " .
ولا ينبغي أن يكون منعه لها من الخروج حاجزاً بينها وبين طاعته والإحسان إليه والتلطف معه، وانظر الفتوى رقم:
6478 والفتوى رقم: 19419والفتوى رقم: 19940 والفتوى رقم:4180
ونقول للزوج: إن أصرت الزوجة على زيارة والدتها لكونها مريضة مرضاً يغلب على الظن أنه مرض الموت، فلا بأس أن يأذن لها بالسفر مع أحد محارمها أو مع رفقة مأمونة، أما في المرض المعتاد فلا يأذن لها إلا بالسفر مع محرم، وانظر الفتوى برقم: 20014 والفتوى رقم: 17758والفتوى رقم: 16051
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل تستمرّ في عمل تختلط فيه بالرجال
سؤال:
السؤال : أنا مسلمة ، أبلغ من العمر 31 عاما ، وقد تلقيت أساسيات عن الإسلام لكن بطريقة غربية عموما - فقد تعلمت في الخارج في جامعة أوروبية ، وعملت بعد ذلك في شركة عالمية كبيرة تتبنى الطريقة المعروفة بسبيل الكفاءات! Career path. وقد دأب والداي وأسلوب الحياة التي رُبيت بها على تشجيع طريقة الحياة هذه . وعلاوة على ذلك ، فأنا أعول عائلتي لأنهما (والدي ووالدتي) لا يعملان حاليا . وأنا أعيش الآن بمفردي في بلد غربي لا عرب فيه ولا مسلمون . وحيث أني نشأت نشأة إسلامية ، فأنا أجد نفسي منعزلة عن المجتمع من حولي فأنا لا أرغب في حضور الحفلات أو الذهاب إلى البارات أو الخروج في مواعيد مع رجال ...الخ
والخياران المتوفران أمامي هما : أما أن أعود إلى البيت وأعيش تحت مظلة الأب والأم وأبحث عن أي عمل يشغلني وإذا كنت محظوظة فسأجد شخصا أتزوج به. وسيعني ذلك التضحية بالدخل لفترة محددة على الأقل مما سيؤثر سلبا على عائلتي بالإضافة على التضحية بالمنصب المرموق في الشركة التي أعمل فيها . أو يكون الخيار الثاني وهو الاستمرار في الوظيفة وأعيش على أمل أن أجد مسلما صالحا يوما ما يساعدني في أن أعيش حياة إسلامية.
ما هو رأي الإسلام حول هذا الموضوع ؟
الجواب:
الجواب :
1. إن الخيارين المطروحين من قِبَل الأخت السائلة هما خياران بين الصواب والخطأ وبين الحلال والحرام .
لذا فإننا لا يمكن لنا أن نشير على أختنا السائلة إلا بحفظ رأس مالها وهو دينها وعفافها وأن تظلّ بين أهلها تحافظ على نفسها وتكون بين من يحميها ، ولعل الله أن(30/90)
ييسر لها عملاً شرعياً وزوجاً صالحاً ، ونبشرها بحديث النبي صلى الله عليه وسلم " من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه " - صححه الشيخ الألباني رحمه الله في " حجاب المرأة المسلمة " ( ص 49 ) .
2. فكم من أخ وأخت تركوا ما هم عليه من الأعمال والبيئات وقد كانوا يكسبون فيها المال الوفير، فما هو أن تركوا ذلك لله تعالى بعد علمهم بما هم عليه من المخالفات : حتى فتح الله لهم طرقاً كثيرة في الرزق ، ووسَّع الله عليهم ، وهدى قلوبهم لأحسن مما كانوا عليه .
ونذكر الأخت السائلة بوالديها ، وأن بقاءها بجانبهما والقيام على رعايتهما أفضل بكثير من الفراق لهما ، ولا تهتم بما يريدانه منها من العمل غير الشرعي ، فالعامة يحرصون على الدنيا ، وقد لا يخطر ببالهم المحاذير الشرعية التي تحيط بعمل بناتهم وأولادهم .
3. وأما السعي في هذه الدنيا الفانية على حساب الدين فهذا لا نرضاه لأخواتنا وبناتنا ولا للأخت السائلة .
4. ولا عليكِ من كون الشركة عالمية أو أن معاشها مغرٍ ، فإن ذلك لا يساوى شيئاً إذا كان في سخط الله تعالى ، ويكفي أن معك رجال أجانب في العمل ، فضلا عن كونك في بلدٍ ليس فيه مسلمون ، ثمّ قد تسافرين بغير محرم إلى بلاد الكفّار وتقيمين بينهم وقد تسكنين في بيت بمفردك وفي ذلك من الخطر على الدّين والنّفس والعرض ما لا يخفى وقد دلّت النصوص الشرعيّة على حرمة اختلاط النساء بالرجال وسفر المرأة بغير محرم والإقامة بين ظهراني الكفّار .
5. وانعزالك الذي تحدّثت عنه قد لا يدوم كثيراً بسبب كثرة المغريات ، وقلة المعين والناصح.
وطريق الشر يبدأ بخطوة ، فإذا سلكه الإنسان قد يصعب عليه التفكير بنفسه وآخرته .
ومن فضل الله عليكِ أنك تريدين النصيحة ومعرفة الحكم الشرعي ، فلا تأسفي على الدنيا والشيء اليسير يكفي القانع ، لكنه الطمع الذي يهلك ، ولا يبقي عقلا للتفكير ، ولا ورعاً في السؤال .
5. ليس هناك ما يمنع من أن تبحثي عن عمل شرعيّ وخصوصا أنّ بعض الشركات توظّف أشخاصا في البيوت يقومون بأعمال عبر شبكة الإنترنت وقد يكون هذا بديلا شرعيا وجيدا للنساء المسلمات .
ونسأل الله تعالى أن يأخذ بيدكِ لما فيه نفعك ، وأن يحفظ عليكِ دينكِ ، هو ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
حكم الحج من غير محرم
سؤال:(30/91)
السؤال :
عندما كان عمر زوجتي 14 سنة حجت مع والدتها وأختيها وزوج أحد أختيها وهو ليس بمحرم لها ، لم تكن تعلم ذلك الوقت بأن المرأة يجب أن تحج مع محرم ، فهل حجها مقبول أم أنها يجب أن تعيد الحج ؟
أرجو أن تذكر بعض الأدلة وبعض آراء العلماء في هذا الموضوع .
جزاك الله خيرا.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
أولاً : حجها صحيح إن شاء الله ، ولكن سفرها بدون مْحرَم أمر مُحرّم ومعصية للرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ) وهذه سافرت بدون محرم ، فإن كانت جاهلة فأرجو أن تكون معذورة وعليها الاستغفار ، وإن كانت عالمة بالحكم فعليها التوبة والاستغفار .
ولكن يأتي سؤال آخر وهو هل هذه الحجة كافية عن حجة الإسلام ؟
إن كانت بالغة حينما حجت تلك المرة فحجتها كافية عن حجة الإسلام ولو بدون محرم ، وإن كانت لم تبلغ فلا بد أن تحج مرة أخرى وتكون حجتها الأولى نافلة - والمقصود بالبلوغ أن تظهر إحدى علاماته كالحيض أو الإنبات أو الاحتلام . والغالب أن المرأة في الرابعة عشر تكون بالغة . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
مشكلة ترك الزوجة في غياب الزوج الطويل في عمله
سؤال:
السؤال :
هل من الخطأ ترك الزوجة في البيت ؟ وعدم السماح لها بمغادرة البيت إلا وأنا معها ؟
سوف تمل فأنا أعمل 15 ساعة في اليوم و7 أيام في الأسبوع وأحصل على يوم راحة كل 3 أسابيع إذا كنت محظوظاً .
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
1. لاشك أن المغريات في هذه الحياة كثيرة ، وطرق إضلال الشيطان لابن آدم متنوعة ومتعددة ، لذا يجب على الزوج أن يحتاط لهذا ، وقد أوكل الله إليه مهمة عظيمة وهي رعاية زوجته وأبنائه ، وجعل مسئولية تربيتهم وحفظهم عليه . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ .. وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا .. " رواه البخاري 893(30/92)
2. والزوجة بشر من لحم ودم ، تتأثر بما ترى وما تسمع من أهل الفتنة والسوء ، لذا ينبغي أن يكون هذا في حسبان الزوج . فيمنع عنها المؤّثرات المُفْسدة ويجنّبها الذّهاب إلى أماكن الشرّ .
3. وعلى الزّوج المسلم أن لا يعيش لدنياه فقط ويعمل كالآلة الصماء ، ولئن كان المال مغرياً : فما عند الله خير وأبقى ، فليحاول أن يجد عملا بوقت أقلّ ولو كانت الأجرة أقلّ ما دامت تكفيه وتسدّ حاجته وبذلك يوفّر وقتا لرعاية أهله وتربية أولاده .
4. ليس من المناسب ترك الزوجة هذا المقدار من الزمن ، اللهم إلا إن كان هناك ما يعوض المرأة في غياب زوجها ، كدراسة شرعية ، أو اجتماع مع من يخاف الله ويدلها على الخير ، وما أشبه ذلك . أما أن يكون تركاً مجرداً أو تركا مع جهاز لهو وبرامج تلفزيونية سيئة أو جيران السوء ، وصحبة فاسدة : فهو تفريط مذموم وكثيرا ما يرى المفرِّط جزاءه في الدنيا قبل لقاء ربه .
5. أما بالنسبة لخروج المرأة من بيتها فلا يُشترط شرعا أن يكون مع زوج أو محرم ما دامت موثوقة وتذهب إلى مكان لا يُخشى عليها فيه والطّريق مأمونة ، ووجود المَحْرم شرط في السفر ولا يجب أن يُرافق المرأة في البلد في كلّ مكان ، اللهم إلا أن يكون هناك سوءٌ أو فتنة في خروجها المسافة القصيرة ، فحينها لا تخرج المرأة وحدها ، بل عليها أن تحتاط فلا تخرج إلا مع زوج أو مع من يحافظ عليها ويحميها .
6. إن وجود المسلم في بلاد الكفار يفرض نوعا من السعي لحماية نفسه وأهله مثل أن يجتمع عدد من العائلات المسلمة ويستأجرون عمارة أو يكونون بجانب بعضهم البعض ليوفّر ذلك نوعا من الحماية والبيئة الطّيبة للأهل والأولاد وفي الوقت نفسه تجد المرأة المسلمة من الصالحات والطيّببات من تسلّي نفسها معهن في غياب الزوج .
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرّة أعين واجعلنا للمتقين إمام وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة بغير محرم
سؤال:
أعلم أن سفر المرأة بدون محرم لمدة يوم وليلة محرم .
هل يجوز للمرأة أن يوصلها المحرم لمكان إقلاع الطائرة ويستقبلها محرم آخر عند النزول من الطائرة ؟ المدة كاملة تستغرق 10 ساعات.
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تسافر من غير محرم لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم )(30/93)
ولأن الهدف من وجوده حفظها وصيانتها والقيام بأمرها ولا سيما حيث يقع شيء من الأمور الإضرارية والسفر عرضة لذلك بغض النظر عن المدة ، فما عده الناس سفراً كان كذلك ، وتنطبق عليه أحكام السفر حينئذٍ .
وللمزيد عن أحكام المحارم أنظر سؤال رقم ( 5538 ).
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
خروج المرأة للترفيه وشراء الحاجات
سؤال:
السؤال :
أنا قلقة بشأن ما يقوله الناس عن خروج الفتيات وأنه لا بد من وجود غرض غير نبيل من خروجهن . هل الخروج لقضاء حاجات بسيطة (أو الخروج للترفيه الحلال) يعتبر حراماً حتى لو خرجت بالحجاب الكامل ؟.
الجواب:
الجواب :
جاء الإسلام ليحفظ للمرأة كرامتها وعرضها ، وشرع لها من الأحكام ما يحافظ على ذلك ، وقال الله تعالى :{ وقرن في بيوتكن } [ الأحزاب 33 ] وبناء على ذلك فإنّ الأصل : بقاء المرأة في بيتها ، وعدم خروجها إلا لضرورة أو حاجة ، وجعل الإسلام صلاة المرأة في بيتها خيرا لها من صلاتها في المسجد - ولو كان المسجد الحرام - .
وهذا لا يعني أن تظل المرأة حبيسة البيت ، بل أباح لها الإسلام الذهاب إلى المسجد ، وأوجب عليها الحج والعمرة وصلاة العيد وغير ذلك ، ومن الخروج المشروع لها خروجها لزيارة أهلها ومحارمها والخروج للاستفتاء وسؤال أهل العلم وكذلك أُذَن للنساء أن يخرجن لحوائجهن ، لكن كل هذا لا يكون إلا وفق ضوابط الشرع من حيث المحرم للسفر ، والأمن في الطريق في الحضر ، وكذا أن تخرج بحجابها الكامل ، وأن لا تكون متبرجة أو متزينة أو متعطرة .
وقد ورد في ذلك بعض النصوص الشرعية ومنها :
أ. عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها" . رواه البخاري ( 827 ) ومسلم ( 442 ) .
ب. عن زينب امرأة عبد الله قالت قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم"إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا" . رواه مسلم ( 443 ) .
ج. عن جابر بن عبد الله يقول طُلِّقت خالتي فأرادت أن تَجدَّ نخلها ( أخذ ثمار الشجر) فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال بلى فجُدِّي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفا . رواه مسلم ( 1483 ) .
والترفيه الذي أشير إليه في السؤال قد يكون مع وجود الأجانب خلطة ونظراً ، أو بسفر من غير محرم ، أو يكثر في غير فائدة ؛ لذا وجب التنبه لأن يكون الترفيه مباحاً حلالاً حقيقة ، ويخلو من المحرَّمات الموجبة لعقوبة الله تعالى ، فإذا كان(30/94)
خروج المرأة إلى مكان لا يحدث فيه محرّم ولم يكثر خروجها من أجله فلا بأس بذلك ، نسأل الله العفّة والصيانة وحسن الدّيانة وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة مع المرأة بدون محرم
سؤال:
السؤال : هل تعد المرأة محرماً للمرأة الأجنبية في السفر ، ونحو ذلك أم لا ؟.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
ليست المرأة محرماً لغيرها ، وإنما المحرم : هو الرجل الذي تحرم عليه المرأة بنسب ، كأبيها ، وأخيها ، أو بسبب مباح ، كالزوج وأبي الزوج وابن الزوج ، وكالأب من الرضاع ، والأخ من الرضاع ونحوهم .
ولا يجوز للرجل أن يخلو بالمرأة الأجنبية ، ولا أن يسافر بها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) متفق على صحته ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يخلون رجل بامرأة ، فإن ثالثهما الشيطان ) رواه الإمام أحمد وغيره ، من حديث عمر رضي الله عنه بإسناد صحيح .
والله ولي التوفيق .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/8ص / 336
ـــــــــــــــــــ
المرأة بين تكريم الإسلام وإهانة الجاهلية
سؤال:
يتهم الغرب الإسلام بأنه يظلم المرأة ، فما هي مكانة المرأة في الإسلام ؟.
الجواب:
الحمد لله
بلغت المرأة في الإسلام مكانة عالية , لم تبلغها ملة ماضية , ولم تدركها أمة تالية , إذ إن تكريم الإسلام للإنسان تشترك فيه المرأة و الرجل على حد سواء , فهم أمام أحكام الله في هذه الدنيا سواء, كما أنهم أمام ثوابه وجزاءه في الدار الآخرة سواء , قال تعالى : ( ولقد كرمنا بني آدم ) سورة الإسراء /70 , وقال عز من قائل : ( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ) سورة النساء/7, وقال جل ثناؤه ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) سورة البقرة / 228, وقال سبحانه : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) سورة التوبة /71 , وقال تعالى ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إمَّا يبلُغنَّ عندك الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً(30/95)
كريماً - واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رًّب ارحمهما كما ربياني صغيراً ) سورة الإسراء / 23 ,24 .
وقال تعالى : ( فاستجاب لهم ربهم أنّي لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ) سورة آل عمران / 195, وقال جل ثناؤه : ( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحييه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) سورة النحل /97 , وقال عز من قائل : ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً ) سورة النساء/124 .
وهذا التكريم الذي حظيت به المرأة في الإسلام لا يوجد له مثيل في أي ديانة أو ملة أو قانون فقد أقرت الحضارة الرومانية أن تكون المرأة رقيقاً تابعاً للرجل , ولا حقوق لها على الإطلاق , واجتمع في روما مجمع كبير وبحث في شؤون المرأة فقرر أنها كائن لا نفْس له , وأنها لهذا لن ترث الحياة الأخروية , وأنها رجس .
وكانت المرأة في أثينا تعد من سقط المتاع , فكانت تباع وتشترى , وكانت تعد رجساً من عمل الشيطان .
وقررت شرائع الهند القديمة : أن الوباء والموت والجحيم وسم الأفاعي والنار خير من المرأة , وكان حقها في الحياة ينتهي بانتهاء أجل زوجها - الذي هو سيدها - فإذا رأت جثمانه يحرق ألقت بنفسها في نيرانه , وإلا حاقت عليها اللعنة .
أما المرأة في اليهودية فقد جاء الحكم عليها في العهد القديم ما يلي : ( درت أنا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمة وعقلاً , ولأعرف الشر أنه جهالة , والحماقة أنها جنون ؛ فوجدت أمرّاً من الموت : المرأة التي هي شباك , وقلبها شراك , ويدها قيود ) سفر الجامعة , الإصحاح 7 : 25 , 26 , ومن المعلوم أن العهد القديم يقدسه ويؤمن به اليهود والنصارى .
تلك هي المرأة في العصور القديمة , أما حالها في العصور الوسطى والحديثة فتوضحها الوقائع التالية :
شرح الكاتب الدانمركي wieth kordsten اتجاه الكنيسة الكالوثوليكية نحو المرأة بقوله : ( خلال العصور الوسطى كانت العناية بالمرأة الأوربية محدوداً جداً تبعاً لاتجاه المذهب الكاثوليكي الذي كان يعد المرأة مخلوقاً في المرتبة الثانية ) , وفي فرنسا عقد اجتماع عام 586 م يبحث شأن المرأة وما إذا كانت تعد إنساناً أو لا تعد إنساناً ؟ وبعد النقاش : قرر المجتمعون أن المرأة إنسان , ولكنها مخلوقة لخدمة الرجل .
وقد نصت المادة السابعة عشرة بعد المائتين من القانون الفرنسي على ما يلي : ( المرأة المتزوجة - حتى لو كان زواجها قائماً على أساس الفصل بين ملكيتها وملكية زوجها - لا يجوز لها أن تهب , ولا أن تنقل ملكيتها ولا أن ترهن , ولا أن تملك بعوض أو بغير عوض بدون اشتراك زوجها في العقد أو موافقته عليه موافقة كتابية ) .
وفي إنجلترا حرّم هنري الثامن على المرأة الإنجليزية قراءة الكتاب المقدس وظلت النساء حتى عام 1850 م غير معدودات من المواطنين , وظللن حتى عام 1882 م(30/96)
ليس لهن حقوق شخصية , سلسلة مقارنة الأديان , تأليف د . أحمد شلبي , ج3 , ص: 210 - 213 .
أما المرأة المعاصرة في أوروبا وأمريكا وغيرها من البلاد الصناعية فهي مخلوق مبتذل مستهلك في الأغراض التجارية , إذ هي جزء من الحملات الإعلانية الدعائية , بل وصل بها الحال إلى أن تجرد ملابسها لتعرض عليها السلع في واجهات الحملات التجارية وأبيح جسدها و عرضها بموجب أنظمة قررها الرجال لتكون مجرد متعة لهم في كل مكان.
وهي محل العناية ما دامت قادرة على العطاء والبذل من يدها أو فكرها أو جسدها , فإذا كبرت وفقدت مقومات العطاء تخلى عنها المجتمع بأفراده ومؤسساته , وعاشت وحيدة في بيتها أو في المصحات النفسية .
قارن هذا - ولا سواء - بما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى : ( المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) سورة التوبة/71 , وقوله جل ثناؤه : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) سورة البقرة / 228 . وقوله عز وجل : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إمَّا يبلُغنَّ عندك الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً - واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رًّب ارحمهما كما ربياني صغيراً ) سورة الإسراء / 23, 24 .
وحينما كرمها ربها هذا التكريم أوضح للبشرية قاطبة بأنه خلقها لتكون أماً وزوجة وبنتاً وأختاً , وشرع لذلك شرائع خاصة تخص المرأة دون الرجل .
من كتاب الإسلام أصوله ومبادؤه تأليف : د محمد بن عبد الله بن صالح السحيم.
ـــــــــــــــــــ
تحريم سفر المرأة بغير محرم وشروط المحرم
سؤال:
أمي تريد الذهاب لأداء العمرة إن شاء الله تعالى ، وزوجها وإخوتها لا يستطيعون الذهاب معها ، وابن عمها وهو أخو زوجها وهو زوج أختها أيضاً سيذهب للحج مع زوجته فهل يجوز لأمي أن تذهب معهما لأداء مناسك العمرة ؟ .
الجواب:
الحمد لله
من صيانة الإسلام للمرأة أنّه أوجب المحرم لسفرها ليحفظها ويصونها من أصحاب الشهوات والأغراض الدنيئة وأن يُعينها لضعفها في السّفر الذي هو قطعة من العذاب ، فلا يجوز سفر المرأة بغير محرم لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا وَخَرَجَتِ امْرَأَتِي حَاجَّةً قَالَ اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ ) البخاري فتح 3006
ومما يدلّ على وجوب المحرم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر هذا الرّجل بترك الجهاد مع أنّه قد كُتب اسمه في إحدى الغزوات ، وأنّ سفر المرأة في طاعة وقُربة وهو الحجّ وليس في سياحة أو سفر مشبوه ، ومع ذلك أمره أن ينصرف ليحجّ مع امرأته .(30/97)
وقد اشترط العلماء في المحرم خمسة شروط وهي : أن يكون ذكرا – مسلما – بالغا - عاقلا – وأن يحرم عليها تحريما مؤبدا كالأب والأخ والعم والخال وأبي الزوج وزوج الأم والأخ من الرضاع ونحوهم ( بخلاف المُحرَم المؤقت كزوج الأخت وزوج العمة وزوج الخالة ) .
وبناء على هذا فإن أخا زوجها وكذا ابن عمها أو ابن خالها ليسوا من المحارم فلا يجوز لها أن تُسافر معهم . والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
ركوب المرأة مع الأجنبي
سؤال:
ما حكم شراء الملابس التي فيها صور للحيوانات والإنسان للأطفال ؟
ما حكم ركوب المرأة مع زوج أختها في السيارة برفقة الأخت ؟ أو ركوبها مع أخي زوجها برفقة أمه ؟ .
الجواب:
الحمد لله
بالنسبة للملابس التي فيها صور فإنه يحرم لبسها للكبار والصغار ذكوراً وإناثاً ..
أنظر السؤال (10439) .
وأما ركوب المرأة مع الرجل الأجنبي فلا يخلو من حالتين :
الأولى : أن تركب بمفردها معه ، فهذه خلوة محرمة نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها بقوله : " لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ " . رواه أحمد والترمذي في سننه 2091 وهو في صحيح الجامع 2546 .
أنظر السؤال رقم (2986) .
الثانية : أن تركب ومعها مجموعة من النساء مع الأجنبي فيجوز بشرطين :
1- أن يكون الرجل أميناً .
2- أن لا يكون في سفر ، بل داخل المدينة ، أما لو كان سفراً فإنه يحرم عليها السفر بدون محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ إِلا وَمَعَهَا رَجُلٌ ذُو حُرْمَةٍ مِنْهَا " رواه البخاري (1088) ومسلم (1339) واللفظ لمسلم .
وبناءً عليه فيجوز للمرأة أن تركب مع زوج أختها برفقة الأخت ، وكذلك يجوز لها أن تركب مع أخي الزوج برفقة أمه ، إذا أُمنت الفتنة .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
إنفراد سائق الحافلة بالمرأة
سؤال:(30/98)
هناك مشاركات في أحد مراكز تحفيظ القران يتم تجميعهم بحافلة والسائق لا يوجد معه محرم كزوجته والسؤال هو: بالنسبة للراكبة الأولى صباحاً والأخيرة ظهراً ، وهل يعتبر وجودها مع السائق خلوة محرمة ؟.
الجواب:
الحمد لله
تتابعت فتاوى أهل العلم على تحريم خلوة السائق بالمرأة الأجنبية ، للنص على تحريم الخلوة بالأجنبية ، ولما يترتب على ذلك من مفاسد لا تخفى على أحد ، سواء كان الذهاب إلى مراكز التحفيظ أو إلى المساجد ، ومن باب أولى إلى الأسواق وما شابهها ، وهذا الحكم يتعلق – كما في السؤال – بالراكبة الأولى صباحاً ، وبالأخيرة ظهراً ، وحتى يرتفع الحرج هنا فينبغي أن تركب طالبتان صباحاً معاً ، وتنزل طالبتان ظهراً معاً ، وهذه بعض فتاوى أهل العلم :
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
لم يبق شك في أن ركوب المرأة الأجنبية مع صاحب السيارة منفردة بدون محرم يرافقها : منكر ظاهر ، وفيه عدة مفاسد لا يستهان بها ، ... ، والرجل الذي يرضى بهذا لمحارمه ضعيف الدين ، ناقص الرجولة ، قليل الغيرة على محارمه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " – رواه الترمذي ( 2165 ) وصححه الألباني ( 1758 ) ، وركوبها معه في السيارة أبلغ من الخلوة بها في بيت ونحوه ؛ لأنه يتمكن من الذهاب بها حيث شاء من البلد أو خارج البلد ، طوعاً أو كرهاً ، ويترتب على ذلك من المفاسد أعظم مما يترتب على الخلوة المجردة .
ولا يخفى آثار فتنة النساء والمفاسد المترتبة عليها ؛ ففي الحديث " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " رواه البخاري ( 5096 ) ومسلم ( 2740 ) ، وفي الحديث الآخر " اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " رواه مسلم ( 2742 ) .
لهذا وغيره مما ورد في هذا الباب ، وأخذاً بما تقتضيه المصلحة العامة ويحتمه الواجب الديني علينا وعليكم : نرى أنه يتعيَّن البت في منع ركوب أي امرأة أجنبية مع صاحب التاكسي بدون مرافق لها مِن محارمها أو مَن يقوم مقامه مِن محارمها أو أتباعهم المأمونين المعروفين .. ..
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 553 ، 554 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
لا يجوز ركوب المرأة مع سائق ليس محرماً لها وليس معهما غيرهما ؛ لأن هذا في حكم الخلوة ، وقد صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يخلونَّ رجل بامرأةٍ إلا ومعها ذو محرَم " رواه البخاري ( 5233 ) ومسلم ( 1341 ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يخلونَّ رجل بامرأة ، فإن الشيطان ثالثهما" .
أما إذا كان معهما رجل آخر أو أكثر أو امرأة أخرى أو أكثر : فلا حرج في ذلك إذا لم يكن هناك ريبة ؛ لأن الخلوة تزول بوجود الثالث أو أكثر .(30/99)
وهذا في غير السفر ، أما في السفر : فليس للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرَم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرَم " متفق على صحته .
ولا فرق بين كوْن السفر من طريق الأرض أو الجو أو البحر ، والله ولي التوفيق .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 556 ) .
وقال الشيخ محمد الصالح العثيمين :
إنه لا يجوز للرجل أن ينفرد بالمرأة الواحدة في السيارة إلا أن يكون محرَماً لها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يخلونَّ رجل بامرأة إلا مع ذي محرم " .
أما إذا كان معه امرأتان فأكثر : فلا بأس ؛ لأنه لا خلوة حينئذٍ بشرط أن يكون مأموناً وأن يكون في غير سفرٍ ، والله الموفق .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 554 ، 555 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
لا يجوز للمرأة أن تركب السيارة وحدها مع سائق غير محرم ، لا في الذهاب إلى المسجد ولا إلى غيره ؛ لما جاء من النهي الشديد عن خلوة الرجل بالمرأة التي لا تحل له .
وإذا كان مع السائق جماعة من النساء : فالأمر أخف لزوال الخلوة المحذورة ، لكن يجب عليهن التزام الأدب والحياء ، وعدم ممازحة السائق والتبسط معه ؛ لقوله تعالى { فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً } الأحزاب / 32 .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 556 ، 557 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
حج المرأة في رفقة نساء دون محرم
سؤال:
امرأة تقول : إنني مقيمة في المملكة بحكم عملي بها ، وقد ذهبت للحج العام الماضي، وكان معي اثنتان من زميلاتي وليس معنا محرم. فما هو الموقف من ذلك؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله - : " هذا العمل وهو الحج بدون مَحرم : مُحرَّم لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو يخطب : لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، فقام رجل فقال : يا رسول الله ، إن امرأتي خرجت حاجة ، وإنني قد اكتُتِبتُ في غزوة كذا وكذا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : انطلق فحج مع امرأتك " رواه البخاري (3006) ومسلم (1341) .(30/100)
فلا يجوز للمرأة السفر بدون محرم ، والمحرم : من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح ، ويشترط أن يكون بالغا عاقلا ، وأما الصغير فلا يكون محرما ، وغير العاقل لا يكون محرما أيضا ، والحكمة من وجود المحرم مع المرأة حفظها وصيانتها ، حتى لا تعبث بها أهواء مَن لا يخافون الله عز وجل ولا يرحمون عباد الله .
ولا فرق بين أن يكون معها نساء أو لا ، أو تكون آمنة أو غير آمنة ، حتى ولو ذهبت مع نساء من أهل بيتها وهي آمنة غاية الأمن ، فإنه لا يجوز لها أن تسافر بدون محرم ؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر الرجل بالحج مع امرأته لم يسأله ما إذا كان معها نساء وهل هي آمنة أم لا ، فلما لم يستفسر عن ذلك دل على أنه لا فرق ، وهذا هو الصحيح .
وقد تساهل بعض الناس في وقتنا الحاضر فسوَّغ أن تذهب المرأة في الطائرة بدون محرم ، وهذا لا شك أنه خلاف النصوص العامة الظاهرة ، والسفر في الطائرة كغيره تعتريه الأخطار .
فإن المسافرة في الطائرة إذا شيعها محرمها في المطار فإنه ينصرف بمجرد دخولها صالة الانتظار ، وهي وحدها بدون محرم وقد تغادر الطائرة في الوقت المحدد وقد تتأخر . وقد تقلع في الوقت المحدد فيعتريها سبب يقتضي رجوعها ، أو أن تنزل في مطار آخر غير المطار المتجهة إليه ، وكذلك ربما تنزل في المطار الذي تقصده بعد الوقت المحدد لسبب من الأسباب ، وإذا قُدِّر أنها نزلت في وقتها المحدد فإن المحرم الذي يستقبلها قد يتأخر عن الحضور في الوقت المعين لسبب من الأسباب ، إما لنوم أو زحام سيارات أو عطل في سيارته أو لغير ذلك من الأسباب المعلومة ، ثم لو قدر أنه حضر في الوقت المحدد واستقبل المرأة فإن من يكون إلى جانبها في الطائرة قد يكون رجلا يخدعها ويتعلق بها وتتعلق به .
والحاصل أن المرأة عليها أن تخشى الله وتخافه فلا تسافر لا إلى الحج ولا إلى غيره إلا مع محرم يكون بالغًا عاقلا . والله المستعان " انتهى .
المرجع كتاب دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر
ـــــــــــــــــــ
خصوصيات النساء في الحج
سؤال:
لقد عزمت على الحج هذا العام إن شاء الله ، فأرجو تزويدي ببعض النصائح والتوجيهات التي تنفعني في الحج . كما أود طرح هذا السؤال : هل للنساء خصوصيات في الحج تتميز بها عن الرجال ؟.
الجواب:
الحمد لله
أختي المسلمة هنيئا لك ما عزمت عليه من الذهاب إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج ، تلك الفريضة التي غابت عن كثير من نساء المسلمين، فبعضهن يجهلن أن الحج فريضة عليهن ، وبعضهن يعلمن ولكن يركبن مركب التسويف حتى يفجأهن(30/101)
الأجل وهن تاركات للحج ، وبعضهن لا يدرين شيئا عن المناسك ، فيقعن في المحظور والمحرم ، وربما بطل حجهن دون أن يشعرن ، والله المستعان .
والحج فريضة الله على عباده ، وهو ركن الإسلام الخامس ، وهو جهاد المرأة ؟ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها : "جهادكن الحج " رواه البخاري
- وهذه أختي المسلمة- بعض النصائح والتوجيهات والأحكام التي تختص بها من أرادت الحج ، وهي مما يعين على جعل الحج متقبلا مبرورا ، والحج المبرور كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " ليس له ثواب إلا الجنة " متفق عليه .
1- الإخلاص لله شرط في صحة وقبول أي عبادة ومنها الحج ، فأخلصي لله تعالى في حجك ، وإياك والرياء فإنه يحبط العمل ويوجب العقوبة .
2- متابعة السنة ووقوع العمل وفق هدي النبي صلى الله عليه وسلم شرط ثان في صحة وقبول العمل ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " رواه مسلم.
وهذا يدعوك إلى تعلم أحكام الحج وفق سنة النبي صلى الله عليه وسلم مستعينة على ذلك بالكتب المفيدة التي تعتمد على الأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة.
3- احذري الشرك الأكبر والأصغر والمعاصي بجميع أنواعها ، فإن الشرك الأكبر يوجب الخروج من الإسلام وحبوط العمل والعقوبة ، والشرك الأصغر يوجب حبوط العمل والعقوبة ، والمعاصي توجب العقوبة .
4- لا يجوز للمرأة أن تسافر للحج أو لغيره بدون محرم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم " متفق عليه .
والمحرم هو الزوج وكل من تحرم عليه المرأة تحريما دائما بقرابة أو رضاعة أو مصاهرة، وهو شرط في وجوب الحج على المرأة ، فإذا لم يكن للمرأة محرم يسافر معها لم يجب عليها الحج .
5- للمرأة أن تحرم فيما شاءت من الثياب من أسود أو غيره ، مع الحذر مما فيه تبرج أو شهرة كالثياب الضيقة والشفافة والقصيرة والمشقوقة والمزخرفة ، وكذلك يجب على المرأة الحذر مما فيه تشبه بالرجال ، أو مما هو من ألبسة الكفار .
ومن هنا نعلم أن تخصيص بعض العامة من النساء للإحرام لونا معينا كالأخضر أو الأبيض ليس عليه دليل ، بل هو من البدع المحدثة .
6- يحرم على المحرمة بعد عقد نية الإحرام التطيب بجميع أنواع الطيب ، سواء كان في البدن أو في الثياب .
7- يحرم على المحرمة إزالة الشعر من الرأس وجميع البدن بأي وسيلة وكذلك تقليم الأظافر.
8- يحرم على المحرمة لبس البرقع والنقاب ، ولبس القفازين ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين " رواه البخاري .
9- المحرمة لا تكشف وجهها ولا يديها أمام الرجال الأجانب ، متعللة بأن النقاب والقفازين من محظورات الإحرام ، لأنها يمكن أن تستر وجهها وكفيها بأي شيء كالثوب والخمار ونحوهما، فقد قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : " كان(30/102)
الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات ، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه " رواه أبو داود وصححه الألباني في حجاب المرأة المسلمة .
10- بعض النساء إذا أحرمن يضعن على رءوسهن ما يشبه العمائم أو الرافعات حتى لا يلامس الوجه شيء من الخمار أو الجلباب ، وهذا تكلف لا داعي له ؛ لأنه لا حرج في أن يمس الغطاء وجه المحرمة .
11- يجوز للمحرمة أن تلبس القميص والسراويل والجوارب للقدمين ، وأساور الذهب والخواتم والساعة ونحوها ، ولكن يتعين عليها ستر زينتها عن الرجال غير المحارم في الحج وفي غير الحج .
12- بعض النساء إذا مرت بالميقات تريد الحج أو العمرة وأصابها الحيض ، قد لا تحرم ظنا منها أن الإحرام تشترط له الطهارة من الحيض ، فتتجاوز الميقات بدون إحرام ، وهذا خطأ واضح ، لأن الحيض لا يمنع الإحرام ، فالحائض تحرم وتفعل ما يفعله الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت ، فتؤخر الطواف إلى أن تطهر ، وإن أخرت الإحرام وجاوزت الميقات بدونه ، فالواجب عليها الرجوع لتحرم من الميقات ، فإن لم ترجع فعليها دم لترك الواجب عليها .
13- للمرأة أن تشترط عند الإحرام إذا خافت من عدم إكمال نسكها فتقول : " إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني " فلو حدث لها ما يمنعها من إتمام الحج تحللت ولا شيء عليها .
14- تذكري أعمال الحج :
أولا :- إذا كان يوم التروية ، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، اغتسلي وأحرمي ولبي قائلة : لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك .
ثانياً : اخرجي إلى منى ، وصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر مع قصر الصلاة الرباعية ركعتين بدون جمع .
ثالثاً :- إذا طلعت شمس يوم التاسع سيري إلى عرفة ، وصلي بها الظهر والعصر جمعا وقصرا في وقت الظهر ، وامكثي في عرفة داعية ذاكرة مبتهلة تائبة إلى غروب الشمس .
رابعاً :- إذا غربت الشمس اليوم التاسع سيري من عرفة إلى مزدلفة ، وصلي بها المغرب والعشاء جمعا وقصرا ، وامكثي بها إلى صلاة الفجر، واجتهدي بعد الفجر في الذكر والدعاء والمناجاة حتى يسفر جدا .
خامساً :- انطلقي من مزدلفة إلى منى قبل شروق شمس يوم العيد، فإذا وصلت إلى منى فافعلي ما يلي :
أ أرمي جمرة العقبة بسبع حصيات ، وكبري مع كل حصاة .
ب اذبحي الهدي بعد ارتفاع الشمس .
ج قصري من كل أطراف شعرك قدر أنملة . ( 2 سنتيمتر تقريبا )
د انزلي إلى مكة ، وطوفي طواف الإفاضة ، واسعي بين الصفا والمروة سعي الحج إذا كنت متمتعة ، أو لم تسعي مع طواف القدوم إذا كنت مفردة أو قارنة .(30/103)
سادساً : ارمي الجمرات في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بعد الزوال إذا أردت التأخر، أو الحادي عشر والثاني عشر إذا أردت التعجل ، مع المبيت بمنى تلك الليالي .
سابعاًَ : إذا أردت الرجوع إلى بلدك فطوفي للوداع ، وبهذا تنتهي أعمال الحج .
15- المرأة لا تجهر بالتلبية ، بل تسر بها فتسمع نفسها ومن بجوارها من النساء ، ولا تسمع الرجال الأجانب حذرا من الفتنة ولفت الأنظار إليها . ووقت التلبية يبدأ من بعد الإحرام بالحج ويستمر إلي رمى جمرة العقبة يوم النحر .
16- إذا حاضت المرأة بعد الطواف وقبل السعي ، فإنها تكمل بقية المناسك فتسعى ولو كان عليها الحيض؛ لأن السعي لا يشترط له الطهارة.
17- يجوز للمرأة استعمال حبوب منع الحيض لتتمكن من أداء نسكها بشرط عدم حدوث ضرر عليها .
18- احذري مزاحمة الرجال في جميع مناسك الحج ، وبخاصة في الطواف عند الحجر الأسود والركن اليماني ، وكذلك في السعي وعند رمي الجمرات ، وتخيري الأوقات التي يخف فيها الزحام ، فقد كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تطوف في ناحية منفردة عن الرجال ، وكانت لا تستلم الحجر أو الركن إن كان هناك زحام .
19- ليس على المرأة رمل في الطواف ولا ركض في السعي : والرمل هو إسراع الخطا في الأشواط الثلاثة الأولى من الطواف ، والركض يكون بين العلمين الأخضرين في جميع أشواط السعي، وهما سنة للرجال .
20- احذري هذا الكتاب : وهو كتاب صغير يحوي بعض الأدعية المبتدعة، وفيه دعاء مخصوص لكل شوط من أشواط الطواف أو السعي، وليس في ذلك دليل من كتاب أو سنة، فالدعاء مشروع في حال الطواف والسعي بما شاء الإنسان من خيري الدنيا والآخرة، وإن كان دعاء مأثورا عن النبي صلى الله عليه وسلم كان أولى .
21- للمرأة الحائض أن تقرأ كتب الأدعية والأذكار الشرعية ، ولو كان بها آيات من القرآن ، ويجوز لها أيضا أن تقرأ القرآن دون أن تمس المصحف .
22- احذري كشف شيء من بدنك : وبخاصة في الأماكن التي يمكن أن يراك فيها الرجال ، كأماكن الوضوء العامة ، فإن بعض النساء لا تبالي بوجود الرجال قريبا من تلك الأماكن ، فينكشف منها حال الوضوء ما لا يجوز كشفه من وجه وذراعين وساقين ، وربما خلعت ما على رأسها من خمار ، فتظهر الرأس والرقبة ، وكل ذلك محرم لا يجوز ، وفيه فتنة عظيمة لها ولغيرها من الرجال .
23- يجوز للنساء الدفع من مزدلفة قبل الفجر : فقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم لبعض النساء ولا سيما الضعيفات بالانصراف من مزدلفة بعد مغيب القمر في آخر الليل ، وذلك حتى يرمين جمرة العقبة قبل الزحام ، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن سودة رضي الله عنها استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم ليلة جمع- أي مزدلفة- أن تدفع قبل حطمة الناس ، وكانت امرأة ثبطة - أي ثقيلة- فأذن لها .(30/104)
24- يجوز تأخير الرمي إلى الليل إذا رأى ولي المرأة أن الزحام قد اشتد حول جمرة العقبة ، وأن في ذلك خطرا على من معه من النساء ، فيجوز تأخير رميهن الجمرة حتى يخف الزحام أو يزول، ولا شيء عليهن في ذلك .
وكذلك الحال عند الرمي في أيام التشريق الثلاثة ، يمكن أن يرمين الجمرات بعد العصر ، وهو وقت يخف فيه الزحام جدا كما هو مشاهد ومعلوم ، فإن لم يمكن فلا حرج في تأخير الرمي إلى الليل .
25- احذري احذري :
لا يجوز للمرأة أن تمكن زوجها من جماعها أو مباشرتها طالما أنها لم تتحلل التحلل الكامل ، ويحصل هذا التحلل بثلاثة أمور :
الأول : رمي جمرة العقبة بسبع حصيات .
الثاني : " التقصير من جميع الشعر قدر أنملة ، وهي ما يقدر بـ (2 سنتيمتر) .
الثالث : طواف الحج (طواف الإفاضة) .
* فإذا فعلت المرأة هذه الثلاثة مجتمعة جاز لها كل شيء حرم عليها بالإحرام حتى الجماع ، وإذا فعلت اثنين منها جاز لها كل شيء إلا الجماع .
26- لا يجوز للمرأة أن تبدي شعرها للرجال الأجانب وهي تقصر من أطرافه ، كما تفعل كثير من النساء عند المسعى ؛ لأن الشعر عورة لا يجوز كشفه أمام أحد من الرجال الأجانب .
27- احذري النوم أمام الرجال : وهذا ما نشاهده من كثير من النساء اللاتي يحججن مع أهاليهن دون مخيم أو أي شيء يسترهن عن أعين الرجال، فينمن في الطرقات وعلى الأرصفة وتحت الجسور العلوية وفي مسجد الخيف مختلطين مع الرجال ، أو قريبا من الرجال ، وهذا من أعظم المنكرات التي يجب منعها والقضاء عليها .
28- ليس على الحائض والنفساء طواف وداع ، وهذا من تخفيف الشرع وتيسيره على النساء ، فللمرأة الحائض أن تعود مع أهلها وإن لم تطف طواف الوداع ، فاحمدي الله أيتها المرأة المسلمة واشكريه على هذا التيسير وتلك النعمة .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
إذا قررت المرأة السفر من بلد زوجها السابق ، فلمن تكون حضانة ابنهما
سؤال:
إذا قررت الزوجة أن تنتقل للعيش في مدينة أخرى بعد الطلاق فسيكون من الصعب على الزوج أن يذهب لرؤية ولده حيث يجب عليه طلب إجازة والسفر بالطائرة للمدينة التي ستنتقل إليها الزوجة فهل يكون للزوج الحق في رعاية الطفل ما دام أنه سيبقى في نفس المدينة ؟
وهل يجوز الاحتكام للمحاكم في البلاد غير الإسلامية للبت في حق الرعاية للطفل حيث إن الوالدين يعيشان في بلد غير مسلم وكلاهما يقول إن حق الرعاية له ؟ وإذا تزوجت المرأة فهل تفقد حقها في الرعاية تلقائياً ؟.
الجواب:
الحمد لله(30/105)
بالنسبة للحضانة إذا اختلف بلد الزوجين الأصل في الحضانة - ما دام أن الطفل لم يبلغ السابعة - فهي للأم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنت أحق به ما لم تنكحي ) أخرجه أبو داود 1938 ، هذا من حيث الأصل .
ولكن هناك أصلاً آخر وقاعدة أخرى ، وهي أن أمر الحضانة مبني على مصلحة الطفل ، فإذا كان في سفر الطفل مع أمه أو مع والده ضرر عليه ، فإنه تنتقل الحضانة إلى الوالد الذي لا يتضرر الولد بسفره ، فإذا كان سفر الأم إلى بلد آخر لا يترتب عليه مضرة للطفل ، فالأصل أن الحضانة تكون لها .
أما الاحتكام إلى المحاكم في البلاد غير الإسلامية للبت في مسائل الحضانة فإن هذا لا يجوز ؛ لأن هذا احتكام إلى الطاغوت ، والله عز جل يقول : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) المائدة / 44 ، وقوله تعالى : ( فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً ) المائدة / 48 .
فعلى الزوجين أن يذهبا إلى المراكز الإسلامية ، وأن يسألا أهل العلم ، و يحتكما إليهم .
وإذا تزوجت المرأة سقط حقها من الحضانة ؛ للحديث المتقدم . انظر السؤال رقم ( 9463 ) .
الشيخ الدكتور / خالد بن علي المشيقح
ـــــــــــــــــــ
تريد العمرة ولا تجد محرماً
سؤال:
أريد أن أذهب للعمرة ولكن لا يوجد لدي محرم وهذا الأمر يحزنني ، فزوجي مشغول دائماً بعمله ولا يستطيع ترك عمله لمدة 8 أو 10 أيام ، أرجو أن ترشدني كيف أستطيع أن أعتمر ؟.
الجواب:
الحمد لله
المرأة التي لا تجد محرماً تسافر معه لا يجب عليها الحج ولا العمرة ، وهي معذورة في ترك ذلك ، ويحرم عليها السفر للحج أو لغيره من غير محرم ، وعليها أن تصبر حتى ييسر الله أحد محارمها ليسافر معها .
وسبل الخير كثيرة ، فإذا لم يستطع المسلم فعل بعض العبادات ، فإنه يجتهد فيما يستطيعه من العبادات حتى يوفقه الله وييسر له ما لا يستطيعه من العبادات .
ومن فضل الله تعالى على عباده المؤمنين أن العبد إذا عزم على فعل طاعة ولكنه لم يستطع فعلها لعذر ، فإنه يثاب الفاعل لها روى البخاري (4423) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ : ( إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلا كَانُوا مَعَكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ )
قال علماء اللجنة الدائمة :(30/106)
المرأة التي لا محرم لها لا يجب عليها الحج ؛ لأن المحرم بالنسبة لها من السبيل ، واستطاعة السبيل شرط في وجوب الحج ، قال الله تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ) ، ولا يجوز لها أن تسافر للحج أو غيره إلا ومعها زوج أو محرم لها ؛ لما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم " ، فقام رجل فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، قال : " انطلِق فحج مع امرأتك " ، وبهذا القول قال الحسن والنخعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي ، وهو الصحيح ؛ للآية المذكورة ، مع عموم أحاديث نهي المرأة عن السفر بلا زوج أو محرم ، وخالف في ذلك مالك والشافعي والأوزاعي ، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له عليه ، قال ابن المنذر : تركوا القول بظاهر الحديث ، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له عليه .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 90 ، 91 ) .
وقالوا :
إذا كان الواقع كما ذكر - من عدم تيسر سفر زوجك أو محرم لك معك لتأدية فريضة الحج - فلا يجب عليك مادمت على هذه الحال؛ لأن صحبة الزوج أو المحرم لك في السفر للحج شرط في وجوبه عليك، ويحرم عليك السفر للحج وغيره بدون ذلك ، ولو مع زوجة أخيك ومجموعة من النساء، على الصحيح من قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ) متفق على صحته ، إلا إذا كان أخوك مع زوجته فيجوز السفر معه ؛ لأنه محرم لك ، واجتهدي في الأعمال الصالحات التي لا تحتاج إلى سفر، واصبري رجاء أن ييسر الله أمرك ، ويهيء لك سبيل الحج مع زوج أو محرم .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 96 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
هل تسافر بلا محرم لزيارة الوالدين ؟
سؤال:
أعيش في بلاد الغربة منذ ثلاث سنوات ولم أزر بلدي منذ ذاك الوقت . عندي طفلان لم يرهما والديّ حتى الآن. ووالديّ يفتقدان لرؤية أطفالي كثيرًا . وزوجي لا يستطيع أن يأخذ إجازة من عمله. فهل يجوز لي في هذه الحالة السفر إلى والديّ دون محرم ؟ علمًا بأن هذا السفر فقط لأجل إدخال السرور على أبوي وإسعادهما .
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم ، سواء كان السفر سفرَ قربة كالحج وزيارة الوالدين وبرهما أو سفراً مباحا كالسياحة وغير ذلك ، والدليل على ذلك ما يلي :(30/107)
1-عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ اخْرُجْ مَعَهَا " . رواه البخاري ( 1862 ) .
وروى مسلم ( 1339 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ " وقد رويت أحاديث كثيرة في النهي عن سفر المرأة بلا محرم وهي عامة في جميع أنواع السفر .
2-ومن المعقول أن السفر مظنة التعب والمشقة ، والمرأة لضعفها تحتاج لمن يؤازرها ويقف إلى جوارها ، وقد ينزل بها ما يفقدها صوابها ، ويخرجها عن طبيعتها ، في حال غياب محرمها ، وهذا مشاهد معلوم اليوم لكثرة حوادث السيارات وغيرها من وسائل النقل . وأيضا : سفرها بمفردها يعرضها للإغراء والمراودة على الشر ، لاسيما مع كثرة الفساد ، فقد يجلس إلى جوارها من لا يخاف الله ، ولا يتقيه ، فيزين لها الحرام . وكذلك لو فرض أنها تسافر وحدها في سياراتها ، فهي معرضة لمخاطر أخرى من نحو تعطل سيارتها ، أو تآمر أهل السوء عليها ، وغير ذلك . فمن تمام الحكمة أن تصاحب محرما في سفرها ؛ لأن الهدف من وجود محرمها حفظُها وصيانتها والقيام بأمرها ولاسيما حيث يقع شيء من الأمور الضارة والسفر عرضة لذلك بغض النظر عن المدة .
قال النووي رحمه الله : ( فَالْحَاصِل أَنَّ كُلّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا تُنْهَى عَنْهُ الْمَرْأَة بِغَيْرِ زَوْج أَوْ مَحْرَم ) اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة عن جواز سفر المرأة للحج بدون محرم فأجابت بما يلي : " لا يجوز أن تسافر المرأة لحج أو غيره بدون محرم " فتاوى اللجنة الدائمة 11/97 .
وبهذا يتضح أن الإسلام سبق النظم كلها في رعاية المرأة وحفظها واحترامها وتقديرها، واعتبارها درة ثمينة يجب أن تصان عن المفاسد والشرور.
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
هل هناك سن لا تحتاج فيه المرأة لمحرم
سؤال:
أنا آنسة في سن 38 ، مدرِّسة ، لم أتزوج بعدُ ، الوالد متوفى ، وأنا أعول والدتي إلى حد ما في نفقات المنزل ، رغبت في الحج ، وتقدمت ، وفزت بالقرعة ، ولكن أحتاج لمحرم ، وأخي المحرم لا يملك النفقات الخاصة به ، وأعلم أنني يجب أن أسدد عنه ، ولكن أنا مستقبلا في حاجة لما معي ، فقررت أن أؤجل الفريضة إلى سن لا أحتاج فيه لمحرم ، ما جزاء هذا الفعل ؟ أرجوكم إفادتي لشدة قلقي .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :(30/108)
لا يجب الحج إلا على المستطيع لقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) آل عمران/97 . ومن الاستطاعة بالنسبة للمرأة أن تجد محرماً ويوافق على السفر معها ، فإذا لم تجد لم يجب عليها الحج .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة ( 11/93 ) : من شروط الحج الاستطاعة ، ومن الاستطاعة وجود المحرم للمرأة ، فإذا فقد المحرم فلا يجوز لها السفر ، ولا يجب عليها الحج إلا بوجوده وموافقته على السفر معها ، قال تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) آل عمران/97 .
راجع السؤال رقم (316 ) ، ( 5207 ) ، ( 34380 ) .
ثانياً :
ليس هناك سن تبلغه المرأة لا تحتاج فيه لمحرَم ، بل في جميع سني عمرها بعد بلوغها لا يحل لها السفر إلا مع ذي محرم ، من غير تفريق بين شابة وعجوز ، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) رواه البخاري ومسلم .
وقد سبق بيان هذا في أجوبة الأسئلة : ( 47029 ) و ( 25841 ) .
ثالثاً :
إن وجدت المرأة محرَماً : وجبت عليها نفقته .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
ونفقة المحرم في الحج عليها ، نص عليه أحمد ؛ لأنه من سبيلها ، فكان عليها نفقته كالراحلة ، فعلى هذا يعتبر في استطاعتها أن تملك زادا وراحلة لها ولمحرمها . " المغني " ( 3 / 99 ) .
وقال السرخسي :
المحرم إذا كان يخرج معها فنفقته في مالها . " المبسوط " ( 4 / 163 ) .
رابعاً :
وأما تأخيرك للحج بسبب حاجتك للنفقة ، فيراجع السؤال رقم ( 11534 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
خال المرأة محرم لها يجوز له أن ينفرد بها
سؤال:
ما حكم زيارة خال الزوجة على الزوجة وهي تكون وحيدة في فترة عمل الزوج ؟ حيث تكرر الموضوع أكثر من مرة .
الجواب:
الحمد لله
الخال محرم لجميع بنات أخواته وبناتهن ، لقوله تعالى في بيان المحرمات في سورة النساء : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ ) النساء/23 .(30/109)
فلا حرج في زيارته لبنت أخته وخلوته بها ، وسفره معها ، ما لم تكن هناك ريبة ، كما لو كان فاسقاً غيرَ مأمونٍ على بنت أخته ، فإن وجدت ريبة ، مُنع من الخلوة بها وزيارتها في غياب زوجها .
وراجع للفائدة السؤال رقم (21953) .
وقد ذهب بعض السلف – كعكرمة والشعبي - إلى أن الخال والعم وإن كان يحرم عليه أن يتزوج بابنة أخته ، وابنة أخيه إلا أنه لا يجوز لها أن تبدي زينتها أمامه ، ويلزمها الحجاب معه ، واستدلوا على ذلك بدليلين :
1- أن الخال والعم لم يُذكرا في آية سورة الأحزاب التي تبيح للمرأة أن تبدي زينتها أمام المحارم ، قال الله تعالى : ( لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ) الأحزاب/55 . فلم يذكر الله تعالى العم والخال .
2- قالوا : ولأن الخال والعم قد يصفان المرأة لأبنائهم .
وذهب عامة أهل العلم إلى أن الخال والعم من المحارم الذين يجوز للمرأة أن تبدي زينتها أمامهم ، وأجابوا عن عدم ذكر الخال والعم في الآية :
1- بأنهما لم يُذكرا لأنهما بمنزلة الوالدين ، ولذلك سمى الله تعالى العم أباً في قوله : ( أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) البقرة/13 . وإسماعيل عم ليعقوب ، عليهما الصلاة والسلام .
2- أو لم يُذكرا اكتفاء بذكر ابن الأخ وابن الأخت ، فالعم والخال أولى منهما بهذا الحكم .
قال السعدي رحمه الله (ص 788) :
" ( لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ ) أي في عدم الاحتجاب عنهم ، ولم يذكر فيها الأعمام والأخوال لأنهن إذا لم يحتجبن عَمَّن هُنَّ عماته وخالاته من أبناء الإخوة والأخوات مع رفعتهن عليهم ، فعدم احتجابهم عن عمهن وخالهن من باب أولى " انتهى .
وأما ما ذكروه من التعليل وهو قولهم : ( لأن الخال والعم قد يصفان المرأة لأبنائهم ) فأجاب الجمهور عن هذا التعليل بأنه ضعيف ، لأنه لو قيل بهذا ، لكان لازم ذلك أنه لا يجوز للمرأة أن تبدي زينتها أمام أي امرأة لأنها قد تصفها لأبنائها !
ومما يدل على صحة ما ذهب إليه الجمهور من جواز إظهار المرأة زينتها لعمها وخالها ، وجواز دخولهما عليها والخلوة بها ، ما رواه البخاري (4796) ومسلم (1445) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ ، فَقُلْتُ : لا آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ فِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي ، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَا مَنَعَكِ أَنْ تَأْذَنِي ؟ عَمُّكِ ! قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ ! فَقَالَ : ائْذَنِي لَهُ ، فَإِنَّهُ عَمُّكِ ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ.(30/110)
فإذا كان العم من الرضاعة يجوز له الدخول على المرأة والخلوة بها ، فالعم من النسب أولى ، والخال مثله .
انظر : تفسير القاسمي (13/298)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
حج المرأة عن الرجل
سؤال:
هل يجوز للمرأة أن تحج عن أبيها ؟.
الجواب:
الحمد لله
نعم ، يجوز أن تحج المرأة عن الرجل .
روى البخاري (1513) ومسلم (1334) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : جَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ .
قال ابن حزم في "المحلى" (5/317) :
" وَجَائِزٌ أَنْ تَحُجَّ الْمَرْأَةُ عَنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ , وَالرَّجُلُ عَنْ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ , لأَمْرِ النَّبِيِّ عليه السلام الْخَثْعَمِيَّةَ أَنْ تَحُجَّ عَنْ أَبِيهَا , وَأَمْرِهِ عليه السلام الرَّجُلَ أَنْ يَحُجَّ عَنْ أُمِّهِ ; وَالرَّجُلَ أَنْ يَحُجَّ عَنْ أَبِيهِ , وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَقَالَ تَعَالَى : ( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ ) وَهَذَا خَيْرٌ , فَجَائِزٌ أَنْ يَفْعَلَهُ كُلُّ أَحَدٍ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (5/27) :
" يَجُوزُ أَنْ يَنُوبَ الرَّجُلُ عَنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ , وَالْمَرْأَةُ عَنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ , فِي الْحَجِّ , فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ . لا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا , إلا الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ , فَإِنَّهُ كَرِهَ حَجَّ الْمَرْأَةِ عَنْ الرَّجُلِ . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : هَذِهِ غَفْلَةٌ عَنْ ظَاهِرِ السُّنَّةِ , فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ الْمَرْأَةَ أَنْ تَحُجَّ عَنْ أَبِيهَا " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز للمرأة أن تحج عن والدها ولو كان لها إخوة ذكور بالغون ؟
فأجاب :
" يجوز للمرأة أن تحج عن والدها ، ولو كان لها إخوة ذكور بالغون ، والنيابة يقوم بها الرجال والنساء ، ولهذا سألت امرأة من خثعم النبي صلى الله عليه وسلم . . وذكر الحديث المتقدم ثم قال : فأذن لها أن تحج ، وهي امرأة عن رجل . ولكن لابد من المحرم في كل سفر ، سواء سفر الحج أو غيره ، وسواء سافرت المرأة لحجها عن نفسها ، أو لحجها عن غيرها " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/247) .
الإسلام سؤال وجواب(30/111)
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة مع ابن جارتها أو زوج بنت زوجها
سؤال:
امرأة تريد أن تذهب لأداء الحج مع أنها قامت بهذه الفريضة من قبل وسوف تذهب معها ربيبتها ، وزوج ربيبتها هل يعتبر محرما لها وهل يجوز لها السفر معه ؟
وهناك حالة أخرى : وهى امرأة ستذهب مع ابنها وتريد أن تذهب معهم جارتها ، هل يجوز ذلك علما أن الجارة ليست محرمة على ابن جارتها ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
يشترط لوجوب الحج على المرأة وجود محرم يرافقها في سفرها ؛ لما روى البخاري (1862) ومسلم (1341) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ . فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ . فَقَالَ : اخْرُجْ مَعَهَا ) .
ورخص بعض أهل العلم أن تسافر المرأة في حج الفريضة مع نسوة ثقات أو رفقة مأمونة ، وهو قول مرجوح . والراجح أنه لا بد من محرم ، سواء كان ذلك في حج الفريضة أو النافلة .
انظر السؤال (316) ، (47029) .
ثانيا :
لعل السائل يقصد بالربيبة هنا بنت زوج المرأة المسئول عنها .
والجواب أن هذا الزوج ليس محرما لتلك المرأة ، فلا يجوز لها أن تسافر معه .
وأما الربيبة الواردة في قوله تعالى : ( وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ) النساء /23 . فالمراد بها : " بنت امرأة الرجل من غيره ، سميت بذلك لأنه يربيها في حجره ، ... واتفق الفقهاء على أن الربيبة تحرم على زوج أمها إذا دخل بالأم وإن لم تكن الربيبة في حجره " تفسير القرطبي" (5/101) .
ثالثا :
ليس للمرأة أن تسافر مع جارتها ، بدون محرم . وابن جارتها ليس محرما لها .
سئلت الجنة الدائمة للإفتاء :
هل يحق للمرأة المسلمة أن تؤدي فريضة الحج مع نسوة ثقات ، إذا تعذر عليها اصطحاب أحد أفراد عائلتها معها ، أو أن والدها متوفى ؟ فهل يحق لوالدتها اصطحابها لتأدية الفريضة أو خالتها أو عمتها أو أي شخص تختار ليكون معها محرماً في حجها ؟
فأجابت :
" الصحيح أنها لا يجوز لها أن تسافر للحج إلا مع زوجها أو محرم لها من الرجال ، فلا يجوز لها أن تسافر مع نسوة ثقات أو رجال ثقات غير محارم ، أو مع عمتها(30/112)
أو خالتها أو أمها ، بل لا بد من أن تكون مع زوجها أو محرم لها من الرجال ، فإن لم تجد من يصحبها منهما فلا يجب عليها الحج ما دامت كذلك ؛ لفقد شرط الاستطاعة الشرعية ، وقد قال تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ) " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/91) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
حكم خروجها من البيت دون إذن زوجها وسفرها دون محرم ؟
سؤال:
أريد أن أسأل إلى أي درجة تصل واجبات الزوج تجاه أهل زوجته ؟ سؤالي هذا لأنني عانيت مشكلة كبيرة مع زوجي نظراً إلى تعامله السيئ جدّاً مع أمي عندما قامت بزيارتنا ( نتيجة لمشاجرة حدثت بين حماتي وأمي ) وانتهت بأن زوجي طرد أمي أو ما شابه ، وأنا نتيجة إلى هذا اضطررت أن أغادر مع أمي البيت ضد رغبة زوجي في البقاء معه ( علما بأنني كنت أقطن في بلد آخر وسافرت مع أمي إلى بلادنا ) ومعاملة زوجي لي جيدة غير أنى غضبت من معاملته لها بهذا الشكل ، مع أنه تأسف لها في اليوم التالي , لكنها لم تسامحه ، فهل تصرفي كان صحيحاً ، أم أنني لم أطع زوجي كما وصى الله سبحانه وتعالى ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ينبغي للزوج أن يصل أهل زوجته ، ويحسن إليهم ، فإن هذا من حسن معاشرة زوجته ، وفعله هذا يُدخل السرور إلى قلبها ، ويجعله محل احترامها وتقديرها ، ويزيد في المحبة والمودة بينهما .
قال الله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 .
قال ابن كثير :
" أي : طيِّبوا أقوالَكم لهنَّ ، وحسِّنوا أفعالَكم وهيئاتكم حسب قدرتكم كما تحبُّ ذلك منها ، فافعل أنت بها مثله كما قال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي ) صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (285) " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (1/477) .
ثانياً :
وأما طرد زوجكِ لأمكِ من بيته فقد اعتذر عن ذلك ، وينبغي لمن اعتذر له أخوه أن يقبل اعتذاره ويتجاوز عن زلته .
ولتعلم المرأة المتزوجة أن طاعة زوجها مقدمة على طاعة والديها ، فالرجل لا يقدِّم أحداً على أمه في البرِّ ، والزوجة لا ينبغي لها أن تقدِّم أحداً على زوجها في الطاعة(30/113)
؛ وذلك لعِظَم حقه عليها ، ومن عظم حق الرجل على المرأة أن الشرع كاد يأمرها بالسجود له لولا أنه لا يجوز لأحد أن يسجد لأحد من البشر .
ولا يحق للزوج منع أهل زوجته من زيارة ابنتهم ، إلا إن كان يخشى منهم إفساداً لها أو تحريضاً على النشوز ، فله – حينئذٍ – منعهم .
ثالثاً :
وأنتِ قد أخطأتِ مرتين ووقعتِ في مخالفة الشرع فيهما ، أما الأولى فهي خروجكِ من البيت من غير إذن زوجك ، والثانية هي سفركِ من غير محرَم .
أما الخروج من البيت دون إذن الزوج فهو من المحرمات ، بل إن الله تعالى منع المرأة المطلقة رجعيّاً أن تخرج من بيتها فكيف إن لم تكن كذلك ؟! قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) الطلاق/1 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" وقال زيد بن ثابت : الزوج سيد في كتاب الله , وقرأ قوله تعالى : ( وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ) يوسف/25 ، وقال عمر بن الخطاب : النكاح رق , فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته ، وفي الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ – أي : أسيرات- ) ، فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير , فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة " انتهى .
"الفتاوى الكبرى" (3/148) .
قال ابن مفلح الحنبلي :
" ويحرم خروج المرأة من بيت زوجها بلا إذنه إلا لضرورة ، أو واجب شرعي " انتهى .
"الآداب الشرعيَّة" (3/375) .
وأما سفر المرأة من غير محرم ، فهو حرام ، وقد جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال النووي :
" فالحاصل أن كل ما يسمى سفراً تُنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوماً أو بريداً أو غير ذلك لحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ) وهذا يتناول جميع ما يسمى سفراً ، والله أعلم " انتهى بتصرف من "شرح مسلم" (9/103) .
والبريد : مسافة تقدر بنحو عشرين كيلو متر تقريباً .
ونرجو النظر في جواب السؤال ( 10680 ) ففيه بيان حقوق الزوج وحقوق الزوجة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ(30/114)
هل يلزم أهله بالسفر بعيدا عنه حتى لا يعيشوا في بلاد الكفر؟
سؤال:
أنا مسلم متزوج من مسلمة من إحدى الدول الإسلامية . ولا أريدها أن تعيش هي وأطفالي خارج بلاد المسلمين . أنا أعيش وأعمل الآن في أمريكا، حيث ولدت . ولا يزال أمامي أن أعمل 3 سنوات تقريبا وأخطط بعد ذلك أن أعيش وأدرس في البلد الإسلامي الذي تتبع له زوجتي وأهلها إن شاء الله . وأسأل إن أنا أجبرتها على العودة وأمرتها بالبقاء في ذلك البلد الإسلامي (ومنعتها من الرجوع لزيارتي هنا) وتربية أطفالنا هناك في فترة بقائي هنا فقط بحيث أبقى أنا هنا وأزورهم (مدة 8 أسابيع في العام) فهل يعد هذا العمل محرما ؟ وهل يجب علي السماح لها بالبقاء معي مع العلم أن البلد دار كفر وأنها سيئة جدا ؟ هل يجب لها قبول الموقف الذي قررته ؟ ثم ما هي الأدلة من الكتاب والسنة حول الموضوع فلربما تفهمت الموضوع بشكل أفضل .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا ينبغي التساهل في الإقامة في بلاد الكفر ، فإن ذلك له آثاره السيئة على دين المسلم وعقيدته ، ولذلك حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من الإقامة بين الكفار ، فقال : ( أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ ) رواه أبو داود (2645) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وهناك حالات يجوز فيها إقامة المسلم في بلاد الكفر ، لكن بشروط معينة ، يقصد منها ألا يتضرر المسلم في دينه بالإقامة بينهم ، ولمعرفة ذلك راجع الأسئلة (13363) و (27211) .
ثانياً :
ينبغي أن تقارن بين المصلحة في بقاء أهلك إلى جوارك ، تقوم على رعايتهم وخدمتهم ، وتربيتهم ، وتتحصن بهم من الفتن ، وبين مفسدة بقائهم في هذه البلاد (بلاد الكفر) ، وما يمكن أن يصيبهم في دينهم وأخلاقهم ، ومفسدة بقائك بمفردك أيضا ، بعيدا عنهم ، وينبغي أن يكون هذا بالمشاورة مع أهلك ، والرغبة منكما جميعا في تقوى الله تعالى ، واختيار ما يرضيه . فإذا ترجح لديك أن الأفضل هو إبعادهم عن هذه البلاد ، وإرجاعهم إلى بلدهم الإسلامي ، فلا حرج عليك في ذلك ، وتلزم الزوجة طاعتُك وتنفيذُ أمرك .
وقد دل على وجوب طاعة الزوجة لزوجها – في غير المعصية – أدلة منها : ما رواه أحمد (18233) والحاكم عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ ( أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ : كَيْفَ أَنْتِ لَهُ ؟ قَالَتْ : مَا آلُوهُ إِلا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ . قَالَ : فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ ؟ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ ) والحديث جَوَّد إسناده المنذري في الترغيب والترهيب وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1933) .(30/115)
ومعنى : ما آلوه : أي لا أقصّر في حقه .
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ ) رواه البخاري (5195)
قال الألباني رحمه الله معلقا على هذا الحديث : " فإذا وجب على المرأة أن تطيع زوجها في قضاء شهوته منها ، فبالأولى أن يجب عليها طاعته فيما هو أهم من ذلك مما فيه تربية أولادهما ، وصلاح أسرتهما ، ونحو ذلك من الحقوق والواجبات " انتهى من "آداب الزفاف" ص 282 ، وانظر السؤال (43123) .
ثانيا :
للزوج أن يسافر ويتغيب عن أهله ، لأجل الدراسة أو العمل ونحوه من المصالح المشروعة ، مدة لا تزيد على ستة أشهر ، فإن زاد على ذلك فلا بد من استئذان زوجته ، والأصل في ذلك أن عمر رضي الله عنه سأل النساء : ( كم تصبر المرأة عن الزوج ؟ فقلن : شهرين ، وفي الثالث يقل الصبر ، وفي الرابع ينفد الصبر . فكتب إلى أمراء الأجناد أن لا تحبسوا رجلا عن امرأته أكثر من أربعة أشهر ) ، وفي رواية ( فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر ، يسيرون شهرا ، ويقيمون أربعة ، ويسيرون شهرا ). ينظر : "المغني" ( 7/232 ، 416) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " سفر الرجل عن زوجته إذا كانت في محل آمن : لا بأس به ، وإذا سمحت له بالبقاء أكثر من ستة أشهر فلا حرج عليه ، أما إذا طالبت بحقوقها ، وطلبت منه أن يحضر إليها فإنه لا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر ، إلا إذا كان هناك عذر كمريض يعالج وما أشبه ذلك ، فإن الضرورة لها أحكام خاصة . وعلى كل حال فالحق في ذلك للزوجة ، ومتى ما سمحت بذلك وكانت في مأمن فإنه لا إثم عليه ، ولو غاب الزوج عنها كثيرا " انتهى من "فتاوى العلماء في عشرة النساء" (ص 106) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
لا يجوز للمرأة أن تسافر للحج إلا مع محرم
سؤال:
هل يجوز للمرأة أن تذهب للحج أو العمرة مع مجموعة من الناس أو مجموعة من النساء إذا لم يوجد محرم ليذهب معها ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
اختلف العلماء قديماً وحديثاً في هذه المسألة فقال بعضهم : يجوز للمرأة إن أمنت الطريق وكانت مع رفقة مأمونة أن تحج من غير محرم .
وقال بعضهم : لا يجوز لها السفر إلا بمحرم يحميها ولو كانت في رفقة مأمونة ، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد ، واستدلوا بما يلي :(30/116)
أ . عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم ، فقال رجل : يا رسول الله ، إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج ، فقال : اخرج معها ) رواه البخاري ( 1763 ) ومسلم ( 1341 ) .
ب. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها ) رواه البخاري (1038) ومسلم (133) . وعند البخاري (1139) ومسلم (827) من حديث أبي سعيد : ( مسيرة يومين ) .
قال ابن حجر :
" وقيده في حديث أبي سعيد فقال : ( مسيرة يومين ) وفي حديث أبي هريرة مقيداً بـ ( مسيرة يوم وليلة ) وعنه روايات أخرى ، وحديث ابن عمر فيه مقيداً بـ " ثلاثة أيام " ، وعنه روايات أخرى أيضاً .
وقد عمل أكثر العلماء في هذا الباب بالمطلق لاختلاف التقييدات .
وقال النووي : ليس المراد من التحديد ظاهره بل كل ما يسمى سفراً فالمرأة منهية عنه إلا بالمحرم ، وإنما وقع التحديد عن أمر واقع فلا يعمل بمفهومه ، وقال ابن المنير: وقع الاختلاف في مواطن بحسب السائلين " انتهى .
" فتح الباري " ( 4 / 75 ) .
ثانياً :
استدل القائلون بعدم وجوب المحرم بما يلي :
أ. عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : ( بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل فقال : يا عدي هل رأيت الحيرة ؟ قلت : لم أرها وقد أنبئت عنها . قال : فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله ، قال عدي : فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله ) رواه البخاري ( 3400 ) .
والظعينة : هي المرأة .
ويجاب عن هذا الاستدلال بأن هذا إنما هو خبر من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوقوع هذا الأمر ، ولا يعني الإخبار بحصول أمر ما أنه يكون جائزاً ، بل قد يكون جائزاً ، أو غير جائز ، حسب الأدلة الشرعية ، كما أخبر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن انتشار شرب الخمر والزنا وكثرة القتل قبل قيام الساعة ، وهي أمور محرمة من كبائر الذنوب .
فالمقصود من الحديث : أنه سينتشر الأمن ، حتى إن بعض النساء تجترئ وتسافر وحدها من غير محرم ، وليس المقصود أن سفرها بلا محرم جائز .
قال النووي رحمه الله " لَيْسَ كُلّ مَا أَخْبَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَوْنِهِ مِنْ عَلامَات السَّاعَة يَكُون مُحَرَّمًا أَوْ مَذْمُومًا , فَإِنَّ تَطَاوُلَ الرِّعَاءِ فِي الْبُنْيَان . وَفُشُوَّ الْمَالِ , وَكَوْنَ خَمْسِينَ اِمْرَأَةً لَهُنَّ قَيِّمٌ وَاحِدٌ لَيْسَ بِحَرَامٍ بِلا شَكٍّ , وَإِنَّمَا هَذِهِ عَلامَات(30/117)
وَالْعَلامَة لا يُشْتَرَط فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ; بَلْ تَكُون بِالْخَيْرِ وَالشَّرّ وَالْمُبَاح وَالْمُحَرَّم وَالْوَاجِب وَغَيْره وَاَللَّه أَعْلَمُ " انتهى .
وينبغي أن يعلم أن اختلاف العلماء في اشتراط المحرم لسفر المرأة إلى الحج إنما هو في حج الفريضة ، أما النافلة فقد اتفق العلماء على أنه لا يجوز لها السفر إلا مع محرم أو زوج ، كما في "الموسوعة الفقهية" (17/36) .
وقد قال علماء اللجنة الدائمة : " المرأة التي لا محرم لها لا يجب عليها الحج، لأن المحرم بالنسبة لها من السبيل، واستطاعة السبيل شرط في وجوب الحج، قال الله تعالى: ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) آل عمران / 97 .
ولا يجوز لها أن تسافر للحج أو غيره إلا ومعها زوج أو محرم لها؛ ... وبهذا القول قال الحسن والنخعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي، وهو الصحيح ؛ للآية المذكورة مع عموم أحاديث نهي المرأة عن السفر بلا زوج أو محرم ، وخالف في ذلك مالك والشافعي والأوزاعي، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له عليه، قال ابن المنذر: تركوا القول بظاهر الحديث، واشترط كل منهم ما لا حجة له عليه " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 90 ، 91 ) .
وقالوا أيضاً :
" الصحيح أنها لا يجوز لها أن تسافر للحج إلا مع زوجها أو محرم لها من الرجال ، فلا يجوز لها أن تسافر مع نسوة ثقات غير محارم ، أو مع عمتها أو خالتها أو أمها بل لا بد من أن تكون مع زوجها أو محرم لها من الرجال .
فإن لم تجد من يصحبها منهما فلا يجب عليها الحج ما دامت كذلك " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" ( 11 / 92 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
هل للطبيبة أن تسافر مع حملة الحج دون محرم ؟
سؤال:
أعلم أن حج المرأة بغير محرم غير جائز , وقد سافرت العام الماضي مع إحدى الحملات للحج مع وجود المحرم . هذا العام لا يتوفر لدي محرم ليسافر معي , والحملة ملزمة بسفر طبيبة معها , علما بأنه لا يوجد وقت الآن حتى تجد الحملة طبيبة أخرى . أفيدوني ماذا أفعل أثابكم الله ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تسافر بدون محرم ، ولو كان سفرها للحج الواجب أو العمرة الواجبة ، لما روى البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا ، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ . فَقَالَ : اخْرُجْ مَعَهَا ) .(30/118)
وأما حج النافلة ، فتمنع المرأة من السفر إليه بلا محرم عند أكثر العلماء ، بل حكى بعضهم اتفاق العلماء على ذلك .
وكون الحملة ملزمة بسفر طبيبة معها ، والوقت لا يتسع للبحث عن طبيبة أخرى ، كل ذلك لا يبيح لك السفر معهم بلا محرم ، وكيف يتقرب العبد إلى ربه بالحج أو بمساعدة الآخرين ، عن طريق المعصية ؟!
نسأل الله لك التوفيق والثبات والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
لديها مال يكفي للحج ولا تجد محرما
سؤال:
أنا آنسة من المغرب أبلغ من العمر 35 سنة ، توفر لدي قدر من المال (لا أظن أني سأملك مثله يوما ما)، بعد تفكير طويل لم أجد خيرا من صرفه في الذهاب إلى بيت الله الحرام ، لأداء فريضة الحج علما أني أتشوق لزيارة ذلك المقام ، هذه هي أمنيتي في الحياة وأتمنى أن لا يحرمني الله من هذا الأمل , المشكلة هي أنني لا أتوفر على محرم ، أخي لا يمكنه الذهاب نظرا لضائقته المالية وكذلك والدي . أرجو منكم أن ترشدوني وتجدوا لي حلا لهذه المشكلة .
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تسافر بدون محرم ، ولو كان سفرها للحج الواجب أو العمرة الواجبة ، لما روى البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ . فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا ، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ . فَقَالَ : اخْرُجْ مَعَهَا ) .
فلهذا الحديث وغيره من الأحاديث التي تدل على تحريم سفر المرأة بلا محرم ذهب جماعة من العلماء إلى أن وجود المحرم شرط لوجوب الحج على المرأة ، فإذا لم تجدي محرما يسافر معك ، فالحج غير واجب عليك ، وأنت معذورة ، مأجورة على نيتك إن شاء الله .
وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن امرأة موسرة , لم يكن لها محرم , هل يجب عليها الحج ؟ فقال : لا .
"المغني" (3/97) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : إن لي مشكلة أريد أن أجد لها حلاً من عند الله الرحيم بعباده ، وهي خاصة بأمر تأديتي لفريضة الحج . فأنا امرأة في الخمسين من عمري ، وأريد من فترة سنتين أن أسافر لأداء فريضة الحج ، والذي يعوق سفري هو أنني ليس لي محرم لكي يسافر معي ، فزوجي لا هم له سوى الأموال والدنيا ولا ينوي السفر للحج ، اللهم إلا إن كانت منحة من الشركة التي يعمل بها ، وهذا أمر لن يتأتى له إلا حينما يأتي دوره وأخاف أن يأتيني الأجل وأكون مقصرة في(30/119)
ذلك ، وقد ملكت الزاد والراحلة ... خلاصة الأمر : أن محارمي جميعاً لا يستطيعون السفر معي لمشاغلهم ، وعدم إمكانية السفر .
فأجابوا :
" إذا كان الواقع كما ذكر - من عدم تيسر سفر زوجك أو محرم لك معك لتأدية فريضة الحج - فلا يجب عليك ما دمت على هذه الحال ؛ لأن صحبة الزوج أو المحرم لك في السفر للحج شرط في وجوبه عليك ، ويحرم عليك السفر للحج وغيره بدون ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ) متفق على صحته.
واجتهدي في الأعمال الصالحات التي لا تحتاج إلى سفر ، واصبري رجاء أن ييسر الله أمرك ، ويهيئ لك سبيل الحج مع زوج أو محرم " انتهى باختصار .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/95) .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة لطلب العلم بلا محرم
سؤال:
ما حكم الإسلام في سفر المرأة لطلب العلم بغير محرم ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
دلت الأدلة الصحيحة الصريحة على أن المرأة ليس لها أن تسافر إلا مع محرم ، وهذا من كمال الشريعة وعظمتها ، ومحافظتها على الأعراض ، وتكريمها للمرأة ، واهتمامها بها ، والحرص على صيانتها وحفظها ووقايتها من أسباب الفتنة والانحراف ، سواء كانت الفتنة لها أو بها .
ومن هذه الأدلة : ما رواه البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ . فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ . فَقَالَ : اخْرُجْ مَعَهَا ) .
وبناء على ذلك فلا يجوز للمرأة أن تسافر لطلب العلم بغير محرم ، وعليها أن تحصّل العلم الواجب عليها بالطرق الكثيرة المتاحة ، كالاستماع للأشرطة ، وسؤال أهل العلم عن طريق الهاتف ، ونحو ذلك مما يسره الله تعالى في هذه الأزمنة .
وقد سئلت اللجنة الدائمة : هل خروج المرأة لتعلم الطب إذا كان واجبا أو جائزا ، إذا كانت سترتكب في سبيله هذه الأشياء مهما حاولت تلافيها :
أ - الاختلاط مع الرجال : في الكلام مع المريض - معلم الطب - في المواصلات العامة.(30/120)
ب السفر من بلد مثل السودان إلى مصر ، ولو كانت تسافر بطائرة ، أي لمدة ساعات وليست لمدة ثلاثة أيام.
ج- هل يجوز لها الإقامة بمفردها بدون محرم من أجل تعلم الطب ، وإذا كانت إقامة في وسط جماعة من النساء مع الظروف السابقة.
فأجابت :
أولا : " إذا كان خروجها لتعلم الطب ينشأ عنه اختلاطها بالرجال في التعليم أو في ركوب المواصلات اختلاطا تحدث منه فتنة فلا يجوز لها ذلك ؛ لأن حفظها لعرضها فرض عين ، وتعلمها الطب فرض كفاية ، وفرض العين مقدم على فرض الكفاية . وأما مجرد الكلام مع المريض أو معلم الطب فليس بمحرم ، وإنما المحرم أن تخضع بالقول لمن تخاطبه وتلين له الكلام ، فيطمع فيها من في قلبه مرض الفسوق والنفاق ، وليس هذا خاصا بتعلم الطب .
ثانيا : إذا كان معها محرم في سفرها لتعلم الطب ، أو لتعليمه ، أو لعلاج مريض جاز. وإذا لم يكن معها في سفرها لذلك زوج أو محرم كان حراما ، ولو كان السفر بالطائرة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) متفق على صحته ، ولما تقدم من إيثار مصلحة المحافظة على الأعراض على مصلحة تعلم الطب أو تعليمه ... إلخ .
ثالثا : إذا كانت إقامتها بدون محرم مع جماعة مأمونة من النساء من أجل تعلم الطب أو تعليمه ، أو مباشرة علاج النساء جاز ، وإن خشيت الفتنة من عدم وجود زوج أو محرم معها في غربتها لم يجز. وإن كانت تباشر علاج رجال لم يجز إلا لضرورة مع عدم الخلوة " انتهى من "فتاوى الجنة الدائمة" (12/178) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
حكم السفر فيما يسمى بـ "شهر العسل"
سؤال:
يسافر الزوجان بعد الزواج إلى بلد بقصد السياحة والترفيه ، وهذا يسمى بشهر العسل . فما حكم هذا ؟
الجواب:
الحمد لله
ما يسميه الناس بـ ( شهر العسل ) وهو أن يصحب الزوج زوجته ويسافر بها إلى مدينة أو بلد آخر .
الغالب على هذا السفر أنه يكون إلى أماكن اللهو والمعصية ، وبذلك يكون من العادات المنكرة والظواهر السيئة .
ويزيد هذا السفر قبحا إذا كان إلى بلاد الكفار ، إذ يترتب عليه مفاسد كثيرة وأضرار تعود على الزوج والزوجة معا ، فقد يتأثر الزوج بعادات الكفار وتقاليدهم فيزهد في دينه وعاداته الطيبة ، وتتأثر الزوجة بالكافرات فتخلع ربقة الدين وتاج(30/121)
الحياء ، وتزهد في أخلاق وعادات أهلها الطيبة ، وتنجرف في تيار الفساد والخلاعة والتبرج .
قال الشيخ صالح الفوزان في "الملخص الفقهي" (2/581) :
" وما تعورف عليه في هذا الزمان لدى كثير من المترفين من الشباب وذوي الثروة من السفر صبيحة الزواج إلى البلاد الخارجية الكافرة لإمضاء شهر العسل كما يسمونه ، وهو في الواقع شهر السم ؛ لأنه شهر محرم ، يؤدي إلى شرور كثيرة ؛ من خلع الحجاب ، والتزيي بزي الكفار، ومشاهدة أفعال الكفار وتقاليدهم السخيفة ، وزيارة أمكنة اللهو ، حتى ترجع المرأة متأثرة بتلك الأخلاق الرذيلة ، زاهدة بأخلاق مجتمعها المسلم ، فإن هذا السفر حرام شديد التحريم ، يجب الأخذ على يد مرتكبيه ، ومنعهم منه ، ويجب على أولياء المرأة منعها من ذلك السفر " انتهى .
نعم ، إذا سافر الزوجان إلى مكان ما بقصد الترفيه ، ولم يكن في هذا السفر شيء من المنكرات ، أو سافروا سفراً مشروعاً ، كالسفر لأداء العمرة مثلا ، فإن هذا السفر لا بأس به .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
سمعة أهلها سيئة وتريد السفر بعيداً عنهم !!
سؤال:
أنا حياتي في البيت لا تطاق ، ومن كثرة ما حصل من أهلي - أمي ، وأبي - كرهت نفسي وكرهتهم ، وأدى بي ذلك إلى عقوقهم ، ولا أقدر أن أبرَّهم تحت أي ظرف ، وأرجو أن الرد يكون غير المحاولة مرة أخرى ، سمعتهم سيئة ، فيه طلاق لكن بطريقة لا أقدر أن أقولها ، أنا قررت أن أبعد عنهم وأسافر مكاناً أعيش فيه وأشتغل بعيداً عن سمعتهم .
أنا منقبة بسبب المشاكل ، المكان يشترط عدم وجود النقاب ، ولكن فقط محجبة ، أنا قررت أسافر وأعيش بعيداً عن كل هذا ، أن أكون محجبة أحسن من أن أكون منقبة قد وصلتْ- والعياذ بالله - للكفر !
بالله عليكم أفيدوني ، أنا محتاجة أتكلم مع أي أحد ، بالله عليكم حلوا مشكلتي، أنا قربت أن أيأس من رحمة ربنا ! أنا لو مت والعياذ بالله خايفة أكون كافرة ،لأنكم لا تعرفون ما بداخلي .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا تخلو هذه الدنيا من هموم وغموم ، والمسلم يعلم ذلك ، بل كل الناس يعلمون ذلك ، وكل الناس يعانون من الدنيا نعيمها وبؤسها ، رخاءها وشقاءها :
فيومٌ علينا ، ويوم لنا ويوما نُساءُ ، ويوما نُسرُّ
والفرق بين المؤمن والكافر في ذلك ، أن المؤمن يرجو من الله في الشدة والرخاء من الأجر ، ما حرم منه الكافر لأجل كفره . قال الله تعالى : ( إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ(30/122)
فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ) النساء/104
والمؤمن يعلم أن ما يراه في هذه الدنيا من الخير ما هو إلا طرف وبارق منه ، وما يراه من الشر في هذه الدار ، أيا كان هذا الشر ، فهو لفحة من الشر , وطرف منه ؛ الخير الحقيقي في الجنة ، والشر الحقيقي في النار :
كان شداد بن أوس رضي الله عنه يقول : إنكم لن تروا من الخير إلا أسبابه ، ولن تروا من الشر إلا أسبابه ؛ الخير كله بحذافيره في الجنة ، والشر بحذافيره في النار ، وإن الدنيا عرض حاضر ، يأكل منها البر والفاجر ، والآخرة وعد صادق ، يحكم فيها ملك قاهر ، ولكل بنون ؛ فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ) صفة الصفوة (1/709)
ولأجل هذه الحقيقة ، ينسى هذا الخير كله عند أول صبغة لصاحبه في النار ، إن كان من أهلها ، وينسى هذا الشر كله ـ أيضا ـ عند أول غمسة لصاحبه في الجنة ، إن كان من أهلها!!
فتلك حكمة الله تعالى ، التي يراها المؤمن فيما يقدره الله تعالى عليه : أن يبتلي عباده بالسراء والضراء : ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) الأنبياء/35
إن كلام الإيمان ، ودعوى الصدق سهلة على كل أحد ؛ لكن بالاختبار ، يتبين الصادق من الكاذب ، والمؤمن من المنافق . قال تعالى : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) العنكبوت/2-3.
ولذلك فإن المؤمن يختلف عن غيره من الناس عندما يُبتلى بالسراء والضراء ، فهو شاكر في السراء ، صابر في الضرَّاء ، ولا خير في غير ذلك :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) . رواه مسلم ( 2999 ) .
ومن أسمائه تعالى التي سمى بها نفسه : ( الحكيم ) وفي أفعاله من الحكمة ما يعجز العقل عن الوقوف على أسرارها جميعا ، وفيما تبين لنا منها ما يُثَبِّت المؤمن على سبيل التصديق ، وباب الصبر والثبات . وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم : ( 35914 ) بعض الحِكَم والمصالح المترتبة على حصول الابتلاء ، فلينظر فهو مهم .
وهناك أمور إذا تأملها من أصيب بمصيبة هانت عليه مصيبته وخفت ، وقد ذكر ابن القيم في كتابه " زاد المعاد " ( 4 / 189 – 195 ) جملة منها ، كنا قد ذكرناها في جواب السؤال رقم : ( 71236 ) فلينظر ؛ فهو مهم .
ثانياً :
برُّك لوالديكِ واجب شرعي ، ويحرم عقوقهما حتى ولو كانت أخلاقهما ، أو معاملتهما سيئة ، وحتى لو كان بينهما ما كان ، وقد أمر الله بمصاحبتهما بالمعروف ، وإن جاهداكِ على الكفر ، كما قال تعالى : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا(30/123)
لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/15 .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصلتهما والإحسان إليهما حتى ولو كانا كافرين ، كما قال لأسماء رضي الله عنها وقد جاءت إليها أمها تزورها وهي كافرة لحاجة فقال لها : " صلي أمَّك " كما رواه البخاري ( 2477 ) ومسلم ( 1003 ) .
ثالثاً :
ابتعادكِ عن أهلك وسفرك بمفردك ، ليس حلا شرعيا للمشكلة ، بل هو نوع من المعالجة الخاطئة ، لوضع غير صحيح ؛ كالمتسجير من الرمضاء بالنار .
عن ابن عباس قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول : ( لاَ يَخْلونَّ رَجُلٌ بِامْرَأةٍ إِلاَّ وَمَعَها ذُو مَحْرَم ، وَلاَ تُسَافِر المَرْأةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ... )
رواه البخاري ( 1763 ) ومسلم ( 1341 ).
فدل هذا الحديث على أن سفر المرأة منفردة ، من غير زوج ولا محرم لها ، من المحرمات .
ولفظ " السفر " في الحديث عام ، وهو شامل للسفر إلى الحج أو العمرة أو طلب العلم ، فما تنوين فعله داخل في السفر المنهي عنه في الحديث ، فإذا كان السفر إلى بلاد الكفر : فهو أشد حرمة وأعظم خطراً .
رابعاً :
لا يجوز للمرأة أن تتخلى عن حجابها ورمز عفافها وعنوان دينها وحيائها ، وطاعة الله تعالى مقدمة على الشهوات والملذات وأمور الدنيا الزائفة .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
يجب على المرأة أن تحتجب عن الأجانب في الداخل والخارج ، لقوله سبحانه : ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) وهذه الآية الكريمة تعم الوجه وغيره ، والوجه هو عنوان المرأة وأعظم زينتها ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) وقال سبحانه : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ) الآية .
وهذه الآيات تدل على وجوب الحجاب في الداخل والخارج ، وعن المسلمين والكفار .
ولا يجوز لأي امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تتساهل في هذا الأمر ؛ لما في ذلك من المعصية لله ولرسوله ؛ ولأن ذلك يفضي إلى الفتنة بها في الداخل والخارج .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 446 ، 447 ) .
خامساً :
لا ينبغي لكِ القنوط من رحمة الله تعالى ، فما جاء في سؤالك من كلام يدل على أنكِ قد فقدتِ الثقة بنفسك ، وقطعتِ الأمل والرجاء بربك تعالى ، وودَّ الشيطان لو ظفر منكِ بهذا أن يدوم ويستمر ، فإياك أن تنساقي وراء مكائد الشيطان ، وإياك أن تقعي في شرَكِه .(30/124)
نعم ، نقرأ في رسالتك الحزن والأسى على الحال الذي وصل إليه أهلك ، وما وصلت إليه سمعتهم التي آذتك ، والتي سببت لك التفكير في الرحيل عنهم ، لكننا نريد التفكير بروية ودون تعجل خشية أن تقعي فريسةً بين أنياب أهل الشر ، وبخاصة إذا علموا حال أهلكِ ، ووجودك وحيدة بينهم ، لذا فيجب عليكِ التخطيط للخلاص من تلك المشكلات دون الوقوع في المحرَّمات .
ونقترح عليكِ عرض مشكلتكِ على أحد أقربائك العقلاء من المحارم عليك مثل العم أو الخال ، ليخلصك من مشكلات البقاء بين أهلك ، فالانتقال إلى بيت أحد محارمك هو المقدَّم في حل مشكلتك ، إذا كانت الحياة معهم على ما وصفت ، ولم يكن هناك أمل في صلاحهم ، ويمكن بعدها أن ييسر الله لك زوجاً صالحاً ، تسعدين بالعيش معه ، ويرزقك الله تعالى منه ذرية طيبة .
ولا مانع من أن يسعى أقرباؤك لتتزوجي من رجلٍ صالح ، وهم لو فعلوا ذلك لاستحقوا المدح والثناء ، بل لا مانع من أن تسعي أنت ، عن طريق من تثقين في عقله ودينه ، ونصحه لك ، أن يبحث لك عن زوج مناسب ، أو يذكرك عند شخص معين تتوسمين فيه الصلاح ، وتأملين أن يكون مأمونا عليك .
لكننا على أية حال ، لا ننصحك بالسفر وحدك ، ولا الانتقال لبيت وحدك ، بل ننصحك بالسكن مع أحد أقربائك من المحارم ، إن أمكن ذلك ، على أن تختاري بيتاً صالحاً يصلح أن تعيشي فيه ، فإن لم يتيسر فننصحك بالبحث عن أخوات مستقيمات من الطالبات – مثلاً – وتسكنين معهنَّ ، فإن لم يتيسر فابحثي عن أخت صالحة تعيش مع أخواتها أو أمها ، يصلح أن تكوني بينهن ، والمهم في ذلك كله تجنب العيش وحدك ، وتجنب السفر ، وخاصة لبلاد الكفر ، والحرص على وجود بيئة صالحة ملائمة تصلح أن تحافظي على دينك فيها .
ولا يجوز لك الاستسلام لأوهام الشيطان بأنك من اليائسات أو من القريبات للكفر ، فكل ذلك يساهم في كثرة الهموم والغموم .
وتأملي معي ـ أيتها الأخت الصابرة إن شاء الله ـ قول الله تعالى : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) البقرة/214 ، فستعلمين أن الأزمة متى اشتدت ، ووصلت هزتها أن تكون زلزالا ، فإن الفرج بعدها قريب برحمة أرحم الراحمين .
وتأملي قول الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) ، وقوله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) الطلاق/4 ، وقوله تعالى : ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس : ( يا غلام ؛ أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ ؟ فَقُلْتُ : بَلَى !! فَقَالَ : احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ، قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ ، فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ(30/125)
لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا ، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) رواه أحمد ( 2800) ، وصححه الألباني .
وأخيراً : نوصيك بالدعاء ، مع تحري الأوقات الفاضلة كالثلث الأخير من الليل ، وكثرة الدعاء في السجود ، وأخلصي في دعائك ، وتذللي لربك عز وجل أن يهدي والديك ، وأن يصلح شأنهما ، وأن يوفقك لما يحب ويرضى .
وانظري ـ أيضا ـ كتاب " علاج الهموم " في قسم الكتب من موقعنا .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
والدتها تطلبها لرؤيتها وهي لا تستطيع السفر إليها
سؤال:
أقيم في بلد غربي منذ 11 عاما بعيدا عن والديّ ، وقد توفي أبي ، وأمي وأخواتي الأربع يقمن في العراق ، ولدي 8 أطفال سنهم يتراوح بين سنتين وثلاث عشرة سنة ، وأمي مسنة ومريضة وهي تتصل بي دائما وتطلب مني أن أعود لبلدي لأراها قبل أن تموت ، والعودة صعبة لأني لا أستطيع أن أترك أطفالي وحدهم ، وزوجي لا يوافق على عودتي وتركي أولادي وحدهم ، وليس لي محرم أسافر معه ، وأنا أرسل لأمي نقودا ، وأتصل بها كثيرا وأبكي دائما ، وأنا أعلم أن عليّ أن أرضي أمي ، ولكني لا أستطيع أن أترك أطفالي في بلد كافر ، وزوجي يعمل بالنهار والليل ، وليس لي أقارب هنا ، ولا أدري ماذا أفعل ، هل أطيع أمي وأترك أولادي وأعود إلى بلدي دون إذن زوجي ؟ أم أطيع زوجي وأبقى مع أولادي ؟ أرجو الإجابة بأسرع ما يمكن والسلام عليكم .
الجواب:
الحمد للّه
أسأل الله تعالى المعافاة التامة لوالدتك ، وأن يجمع بينكما على الخير والسعادة والعافية في الدنيا والآخرة .
وأبشرك – أختي الكريمة – بأن الله سبحانه وتعالى حين يعلم منك حب الوفاء لوالدتك والسعي لتحقيق مرضاتها وطلب رضاها والعمل على برها سيكتب لك ثواب ذلك كله بمنه وكرمه وفضله .
ومفتاح الأمر الصبر ، إذ به تنال الرغبات وتفرج الكربات ، فلعل الله سبحانه وتعالى ابتلاكم بهذا الفراق كي يرى منكم الصبر والتصبر ، ثم يكون فرجه بأن ييسر أمر اجتماعكم من حيث لم تحتسبوا ، وينعم عليك بقرب والدتك ولو بعد حين .
إلا أنه لا يفوتني تنبيهك على بعض الأحكام الشرعية المهمة في هذا الشأن :
1- التذكير والتأكيد على حرمة سفر المرأة من غير محرم .
قال البغوي :
" لم يختلفوا في أنَّه ليس للمرأة السفر في غير الفرض إلا مع زوج أو محرم " انتهى .(30/126)
نقله في "فتح الباري" (4/76)
وقد سبق بيان ذلك في موقعنا في أجوبة الأسئلة الآتية :
(9370) ، (25841) ، (47029) ، (52703) ، (82392)
2- من حق الزوج أن يمنع زوجته من السفر لزيارة والديها إذا كان يترتب على سفرها بعض المفاسد ، مثل الخوف على الأبناء ، أو الخوف على حياة الزوجة إذا عدم الأمان في البلد الذي ستسافر إليه ، أو عدم توفر محرم وانشغال الزوج بعمله ، وحينئذ لا يجوز للمرأة أن تخالف زوجها فتسافر من غير إذنه ، وقد نقل ابن المنذر الإجماع : على أن للرجل منع زوجته من الخروج في الأسفار كلها . وإنما اختلفوا في السفر لحج الفريضة . انظر "فتح الباري" (4/77) ، هذا في الأسفار التي يترتب عليها المفاسد السابقة .
فإن أمنت جميع هذه المفاسد ، وتوفر المحرم ، فلا يجوز للزوج حينئذ أن يمنعها من بر والديها وزيارتهم بما يحقق المقصود ، فإن بر الوالدين من أوجب الواجبات ، ولا شك أن من البر زيارة الوالدة المريضة التي تسأل ابنتها أن تراها قبل أن يحل أجلها وقد طال غيابها عنها.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (19/110) :
" ولا ينبغي للزّوج منع زوجته من عيادة والديها وزيارتهما ؛ لأنّ في منعها من ذلك قطيعةً لهما ، وحملاً لزوجته على مخالفته ، وقد أمر اللّه تعالى بالمعاشرة بالمعروف ، وليس هذا من المعاشرة بالمعروف " انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (25/387) :
" يجب على الزوج أن يحسن عشرة زوجته ، امتثالا لقول الله تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف ) ومن العشرة بالمعروف الإذن للزوجة بزيارة أهلها وإيصالها إليهم ، ولا يكون سوء التفاهم لا سيما في الأمور الدنيوية حائلا دون ذلك ، أما إذا كان يترتب على زيارة الزوجة لأهلها مفسدة فإن للزوج أن يمنع الزوجة من الزيارة ؛ لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح " انتهى .
فإن أصر الزوج على منع زوجته من زيارة الوالدين ، فهل يجوز لها أن تخالفه وتخرج لزيارتهم ؟ اختلف في ذلك أهل العلم على قولين سبق ذكرهما في موقعنا في جواب السؤال رقم (83360) .
ونحن لا نختار للمرأة أن تخالف زوجها فتخرج من بيته بغير إذنه ، لما في ذلك من المفاسد العظيمة على البيت والأسرة والعلاقة بين الزوجين ، ودرء هذه المفسدة أولى من جلب المصلحة في زيارة الوالدين ، خاصة وأن التأني ومحاولة التفاهم مع الزوج كي يسمح ويساعد في سفر المرأة لرؤية والدتها أمر قريب ممكن ، ومع حسن الأدب والحوار والخطاب بالخير والحسنى يلين الله القلوب بإذنه ، ويعطفها إلى الوفاق إن شاء الله تعالى .
وانظري سؤال رقم (1426) (10680)
3- ونذكركم أيضا بما سبق تقريره في موقعنا تحت رقم (11793) ، (14235) ، (27211) من التحذير من الإقامة في بلاد الكفار ، لما في ذلك من المفاسد العظيمة على الدين والأخلاق ، نرجو الاطلاع عليها والاستفادة منها ، فإن دين المسلم رأس(30/127)
ماله ، ولا يجوز له أن يفرط فيه فيضيع نفسه وأبناءه مقابل دراهم يتلقاها من بلاد الكفر والرذيلة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
السفر إلى البلاد التي تنتشر فيه المنكرات
سؤال:
ما حكم السفر إلى البلاد العربية الإسلامية ، والتي تنتشر فيها المنكرات والمحرمات حيث إن كثيراً من المتزوجين حديثاً يسافرون إليها لقضاء نزهة أو ما يسمى (شهر العسل) وما الذي يجب على من سافر إليها ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
سبق في جواب السؤال (67587) بيان أن ما يسميه الناس "شهر العسل" : من العادات المنكرة التي انتشرت في أوساط المسلمين ، ويترتب عليه أضرار تعود على الزوجين معاً .
ثانياً :
وأما السفر إلى البلاد التي تنتشر فيها المنكرات والمحرمات فهو محرم ولا يجوز إلا للحاجة أو الضرورة ، وليس السفر من أجل السياحة والترفيه من الضرورة التي تبيح فعل هذا المحرم .
والسفر إلى هذه البلاد التي تنتشر فيها المعاصي والمنكرات ، سواء كانت دولاً إسلامية أو غير إسلامية فيه أخطار ومحظورات كثيرة ، منها :
1- الجلوس في أماكن اللهو والمعصية كشرب الخمور ولعب القمار ودخول الملاهي والمراقص وعدم الإنكار على أهلها ، وهذا فعل لمحرم وترك لواجب يأثم به المسلم .
2- نزع الحياء وخدشه بما يراه من مشاهد فاتنة ومناظر مخجلة وتصرفات بهيمية في تلك الدول .
وقد ذكر فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين مجموعة من هذه المفاسد والمخالفات الشرعية في جوابه لما سئل عن ظاهرة سفر العائلات لدول عربية أو غربية .
فأجاب :
" قد وردت أحاديث كثيرة في تحريم التصوير . . . وهي عامة في كل التصوير منقوشة أو منحوتة أو مرسومة أو مجسدة أو لا ظل لها ، وورد الأمر بطمس الصور وأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ، وحيث وُجدت ضرورة في هذه الأزمنة لضبط الحدود والحقوق فقد رخص المشايخ والعلماء في الأشياء الضرورية : كالحفائظ والجوازات ، ونحوها لمن أراد السفر لعلاج ، أو دراسة ضرورية أو نحوهما ، فله أن يصوّر في الجواز لعدم التمكن إلا بذلك ، فأما سفر السياحة(30/128)
والفرجة فليس من الضروري ، فأرى أنه لا يباح لأجله التصوير ، سيما السفر بالنساء والعوائل لأجل النزهة والتمشية فإنه يترتب عليه مفاسد كثيرة ، أولها : التصوير للمحارم بحيث يكشف عليهن رجال في الحدود ومداخل الدول مع تحريم كشف المرأة وجهها أمام الرجال الأجانب .
وثانيها : أن هذه الأسفار لا فائدة فيها أصلاً ، بل هي إضاعة للوقت الثمين وذهاب للعمر في غير فائدة ، وادّعاء أن هذه من باب الاطلاع ومعرفة أحوال البلاد وما تحويه من المنافع ونحوها غير صحيح ، فإن المسافرين لها لا يجعلون سفرهم للعبرة والموعظة والتذكر ، وإنما يجعلونه لتسريح الأفكار وتقليب الأنظار .
وثالثها : ما في هذه الأسفار من إضاعة المال الذي ينفقه مثل هؤلاء وينتفع به قوم كُفّار هم أعداء للإسلام يقوون به على دعم الكفر والدعاية للأديان الباطلة وحرب الإسلام والمسلمين .
ورابعها : توسّعهم في المباحات التي تشغل عن الطاعات وربما تناول الكثير من المكروهات وقد تجرّهم إلى المحرمات فكثيراً ما نسمع أن أولئك المسافرين يقصدون الإباحية ، فيقعون في الزنا وشرب الخمور وسماع الأغاني وحضور مواضع الرقص والطرب ويصرفون في ذلك أموالاً طائلة في مقابلة تناول المحرّمات أو المكروهات ونفع أهل الكفر وحرب المسلمين .
وخامسها : وقوع نساء المؤمنين في مخالفة الشرع حيث إن المرأة المسلمة تخلع جلباب الحياء وتكشف وجهها ورأسها وتبدي زينتها وتقلّد نساء الكفر بحجة أنها لا تقدر على التستر بين نساء متبرجات فتقع في المعصية ، وتتشبه بالكافرات أو العاصيات ولا يقدر وليها على ردعها .
وسادسها : أن في السفر إلى تلك البلاد لغير ضرورة وسيلة إلى فعل المعاصي أو احتقار المسلمين وازدرائهم بحيث يسب التعاليم الإسلامية ويُعظم قدر الكفار في القلوب ، فننصح المسلم أن يحفظ نفسه وعقله ونساءه وأمواله ودينه ودنياه وأن لا يسافر إلا لضرورة شديدة .
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل ، وصلى الله على محمّد وآله وصحبه وسلم " انتهى .
وقد سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان مجموعة أسئلة عن سفر الشباب بعد الزواج أو في الإجازات بزوجاتهم ، وموقف أولياء أمور الفتيات من سفرهن مع أزواجهن ، وهذه بعض تلك الأسئلة وجوابه عليها :
السؤال الأول : إذا علم الأب أن ابنه سيسافر للخارج بعد زواجه فهل يجب عليه وجوباً أن يمنعه ؟ وما الدليل على ذلك ؟
الجواب : يجب على الأب أن يمنع ابنه من السفر إلى الخارج إذا كان سفره لمجرد النزهة إذا كان يقدر على منعه لما في السفر من الضرر على دينه وعلى نفسه . وإن كان لا يستطيع منعه ، فعليه بمناصحته وعدم إمداده بالمال لأن في ذلك إعانة له على الإثم والعدوان .(30/129)
السؤال الثاني : إذا علم والد الزوجة أن زوج ابنته سيسافر بها بعد الزواج مباشرة للخارج فهل يجب عليه أن يمنعها ؟ وهل تجب عليها طاعة والدها بعدم السفر أم طاعة زوجها بالسفر للخارج للنزهة والترفيه ؟!
الجواب : لأبي الزوجة أن يمنعها من السفر إلى الخارج مع زوجها إذا كان السفر لمجرد النزهة ، وعلى الزوجة أن لا تطيع زوجها في ذلك السفر لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
ثالثاً :
وأما الواجب على من سافر إلى تلك البلاد ، إذا كان سفره لضرورة تبيح ذلك كالعلاج ونحوه ، فقد قال فضيلة الشيخ صالح الفوزان :
" ونصيحتي لمن يسافرون للخارج ممن يجوز لهم السفر شرعًا أن يتقوا الله ويحافظوا على دينهم ويظهروه ويعتزوا به ويدعوا إليه ويبلغوه للناس ، وأن يكونوا قدوة صالحة يمثلون المسلمين تمثيلاً صحيحًا ، وأن لا يبقوا في بلاد الكفار أكثر من الحاجة الضرورية " انتهى .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
أذِن لها زوجها في السفر لحج النافلة ثم تراجع فهل تسافر دون إذنه ؟
سؤال:
أنا متزوجة منذ أربع سنوات ، ولكني لم أشعر بالسعادة يوماً طوال هذه الزيجة ، لقد ارتكبت بعض الأخطاء التى تعلمت منها ، لكن زوجي لم يغفر لي هذه الأخطاء ، فهو أقرب لكونه ديكتاتوراً منه كزوج ، قامت إحدى الصديقات بدفع مصاريف الحج ولكني لم أقبلها إلا بعد الحصول على إذن من زوجى لأنها ليست حجة الفريضة ، ولكنه قام بالتراجع عن هذا الإذن بعد عمل جميع الترتيبات بسبب بعض الخلافات البسيطة التى بيننا ، الآن إذا لم أذهب للحج ستغضب صديقتي لأنه قد تم غلق الباب أمام إصدار تأشيرة أخرى لشخص آخر . فهل لزوجي الحق في أن يفعل ذلك أم أنه يسيء استخدام سلطته كزوج ؟ برجاء تقديم الإرشاد .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الواجب على الزوج أن يتقي الله في معاملته لزوجته ، وأن يعاشرها بالمعروف ، وإن كان كره منها خلُقاً فليعلم أن لها أخلاقاً أخرى تستحق رضاه عنها ، وعليه أن يعلم أنه هو لا يسلم من الخطأ والزلل ، فليعفُ عن خطئها ، وليصفح عن زللها إن هي تابت لربها وأنابت ، وليحسن معاملتها حتى يجعل الله تعالى بينه وبين زوجته مودة ورحمة .
ثانياً :
لا يحل للمرأة أن تسافر للحج أو لغيره إلا مع ذي محرَم ، ولم يرِد في سؤالك أية إشارة إلى وجود محرم معك أو عدم وجوده ، فإن لم يكن معك محرم في السفر فلا يجوز لك السفر سواء أذن زوجك أو لم يأذن ، ولو كان ذلك في حج الفريضة .(30/130)
قال علماء اللجنة للإفتاء:
" قد تقرر في الشرع المطهر تحريم سفر المرأة بلا محرم ؛ للأدلة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن ذلك ، وهذا يعم أي سفر كان ، سواء لغرض مباح ، أم واجب ، أم مسنون ، وقد صدرت منا فتوى في تقرير ذلك برقم ( 16042 ) هذا نصها :
" لا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر بدون محرم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) رواه أحمد والبخاري ومسلم ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو يخطب ( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، فقام رجل فقال : إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، فقال : انطلق فحج مع امرأتك ) رواه أحمد والبخاري ومسلم .
فالمرأة ممنوعة من كل ما يسمَّى سفراً ، إلا إذا كان معها محرم يصونها ويحفظها ويقوم بمصالحها ، والمحرم هو : زوجها ، أو من تحرم عليه على التأبيد ، لقرابة ، أو رضاع ، أو مصاهرة : كأبيها ، وابنها ، وأخيها ، وابن أخيها ، وعمها ، وخالها ، وأبي زوجها ، وابن زوجها ، وابنها من الرضاع ، أو أخيها من الرضاع ، ونحوهم ، وسواء كانت المرأة شابة ، أو عجوزاً ، وسواء كانت وحدها ، أو مع نساء ، ومجموعة النساء لا تكفي عن المحرم ؛ لعموم الأحاديث ؛ ولعدم انتفاء المحذور .
فالواجب على النساء وعلى أوليائهن تقوى الله ، والمحافظة على أوامر الله ورسوله ، وترك ما نهى الله عنه ورسوله ، خصوصا في المحافظة على الحياء والعفة ، وتجنب وسائل الشر والفساد ، ولا يجوز أن يحملهم الطمع في الدنيا على التساهل في هذا الأمر " .
لهذا : فإنه لا يجوز سفر المرأة لأداء فريضة الحج من غير محرم لها ، ويجب منع أصحاب حملات الحج من ذلك ؛ حذراً من إثم الوقوع فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وسدّاً لأبواب الشر والفساد ، والله سبحانه وتعالى يقول : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ) ، والمرأة من شروط استطاعتها : وجود محرمها ، وبذله نفسه للسفر بها ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 17 / 334 – 336 ) .
ثالثاً :
كما ينبغي أن تعلمي أنه لا يجوز لك للمرأة أن تسافر إلا بإذن الزوج ، وقد اتفق العلماء على أنه لا يجوز للمرأة الذهاب لحج النافلة إلا بإذن زوجها .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
فأما حج التطوع : فله منعها منه ، قال ابن المنذر : أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن له منعها من الخروج إلى الحج التطوع .
وذلك لأن حق الزوج واجب ، فليس لها تفويته بما ليس بواجب .(30/131)
" المغني " ( 3 / 192 ) .
ولا يجوز لك السفر للحج – ولو وجد المحرَم – إذا كان زوجك قد تراجع عن إذنه .
ولا ينبغي للزوج أن يمنع زوجته من سفر الطاعة إن كان منعه لها من غير سبب شرعي ، وهو شريك في الأجر الذي تحصله إن أذن لها ، فإن أعانها ازداد أجره .
وقد ذكر ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/283) : أن الزوج إذا أذن لزوته بالحج نافلة ، فله الرجوع في الأذن قبل أن تحرم ، فإن أحرمت لم يجز له الرجوع في الإذن .
وعليك أن تعتذري لصديقتك وتبيني لها سبب عدم سفرك معها ، وأن ذلك طاعة لله تعالى وفراراً من معصيته ، وليس للمسلم أن يقدم إرضاء مخلوق كائناً من كان على إرضاء الله تعالى .
نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك ، ويصلح ما بينك وبين زوجك .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
امرأة بدينة وتستعين برجل أجنبي لصعود ونزول الحافلة
سؤال:
إذا أحد أمسك بيدي عند نزولي من ( الأتوبيس ) أو ( الميكروباص ) علماً بأنني لا أستطيع النزول أو الصعود بمفردي ؛ لأن قدمي يؤلمني وجسمي بدين فهل هذا حرام ؟ .
الجواب:
الحمد لله
الأصل في المرأة المسلمة ألاّ تخرج من بيتها ، إلا إذا دعت حاجة لذلك ، فإن لم تدعُ حاجة للخروج فهي مأمورة بالقرار في البيت بقول الله تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) الأحزاب/33 .
قال ابن كثير - رحمه الله - :
هذه آداب أمر الله تعالى بها نساء نبيه صلى الله عليه وسلم ونساء الأمة تبع لهن في ذلك .
" تفسير القرآن العظيم " ( 3 / 482 ) .
فإن دعت الحاجة للخروج من البيت فلتخرج بالشروط الشرعية ، كالحجاب الشرعي وعدم التطيب والتزين ، وإن خرجت لمسافة سفر فلا بد لها من المحرم .
وإن كانت المرأة كبيرة في السن أو بدينة أو مريضة تحتاج إلى رجل يعينها على صعود الحافلة أو النزول منها ، فعندئذ لا يجوز لها الخروج إلا بمحرم أو امرأة تعينها على ذلك ، ولا يجوز للمرأة أن تمكن رجلاً من يدها فيلمسها أو يمسك بها لأنها أجنبية عنه .
وانظري تفصيل حكم مس الأجنبية جواب السؤال رقم : ( 21183 ) .(30/132)
فإن اضطرت المرأة للخروج ، وليس لها من محارمها من يعينها على صعود ونزول الحافلة ، فلتستعن بامرأة ممن في الحافلة على ذلك .
فإن تعذر ذلك كله ، جاز لها الاستعانة برجل ؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات ، والضرورة تقدر بقدرها ، والقاعدة الشرعية المشهورة عند أهل العلم : " المشقة تجلب التيسير " .
ويجدر التنبيه إلى أن هذا الظرف الذي تتعرضين له لا يجعل الحرام حلالاً ، وإنما هو حرام باقٍ على حكمه إلى يوم القيامة ، هذا من حيث العموم ، وإنما يرخص فيه للمحتاج ، وقت حاجته فقط .
فإن زالت الضرورة ، أو أمكن معالجتها بطريقة شرعية ، كالاستعانة بالمحرم أو المرأة رجع الحكم إلى التحريم والإثم ، فليحذر من التمادي فيه .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
تريد السفر إلى كندا لإكمال دراستها
سؤال:
أنا شاب ولي خمسة إخوان ذكور ولي أخت تريد إكمال دراستها في كندا وإنني رافض هذه الفكرة وإخواني يريدون أن تذهب أختي بمفردها فأنا رفضت بشدة وقالوا لي إن كنت تقصد المحرم فاذهب أنت معها وإنني الآن في حيرة من أمري هل أذهب معها أم ماذا ؟ وإن لم أذهب تركوها تذهب بمفردها علما أنني حاولت إقناع أختي فرفضت وقالت لي أريدك أن تذهب معي أفيدوني جزاكم الله كل خير.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
سفر المرأة بلا محرم ، لا يجوز ، سواء كان للدراسة أو لغيرها . وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم (82392)
ثانيا :
الإقامة في بلاد الغرب ، الأصل فيها المنع ، ولا تباح إلا في حالات ضيقة . وإذا كانت المقيمة والدارسة امرأة ، فالأمر أشد . وراجع في ذلك جواب السؤال رقم (2956)
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في رسالة وجهها لمسلم يقيم في إيطاليا : " فإشارة إلى رسالتك التي تذكر فيها أنك شاب مسلم تقيم في إيطاليا , وأن بها شبابا من المسلمين كثيرين , وأن أغلبهم استجاب لرغبة الصليبيين في إبعادهم عن دين الإسلام وتعاليمه السامية , فأصبح أغلبهم لا يصلي , وتخلق بأخلاق سيئة , ويعمل المنكرات ويستبيحها . . إلى غير ذلك مما ذكرته في رسالتك .
وأفيدك بأن الإقامة في بلد يظهر فيها الشرك والكفر , ودين النصارى وغيرهم من الكفرة لا تجوز , سواء كانت الإقامة بينهم للعمل أو للتجارة أو للدراسة , أو غير ذلك ; لقول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا(30/133)
كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ) .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ).
وهذه الإقامة لا تصدر عن قلب عرف حقيقة الإسلام والإيمان , وعرف ما يجب من حق الله في الإسلام على المسلمين , ورضي بالله ربا , وبالإسلام دينا , وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا .
فإن الرضا بذلك يتضمن من محبة الله , وإيثار مرضاته , والغيرة لدينه , والانحياز إلى أوليائه ما يوجب البراءة التامة والتباعد كل التباعد من الكفرة وبلادهم , بل نفس الإيمان المطلق في الكتاب والسنة , لا يجتمع مع هذه المنكرات , وصح عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله بايعني واشترط ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تعبد الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتناصح المسلمين وتفارق المشركين ) أخرجه أبو عبد الرحمن النسائي ، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث السابق , وهو قوله عليه الصلاة والسلام : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( لا يقبل الله عز وجل من مشرك عملا بعد ما أسلم; أو يفارق المشركين ) والمعنى حتى يفارق المشركين .
وقد صرح أهل العلم بالنهي عن ذلك , والتحذير منه , ووجوب الهجرة مع القدرة , اللهم إلا رجل عنده علم وبصيرة , فيذهب إلى هناك للدعوة إلى الله , وإخراج الناس من الظلمات إلى النور , وشرح محاسن الإسلام لهم , وقد دلت آية سورة براءة : ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) على أن قصد أحد الأغراض الدنيوية ليس بعذر شرعي , بل فاعله فاسق متوعد بعدم الهداية إذا كانت هذه الأمور أو بعضها أحب إليه من الله ورسوله , ومن الجهاد في سبيل الله . وأي خير يبقى مع مشاهدة الشرك وغيره من المنكرات والسكوت عليها , بل وفعلها , كما حصل ذلك من بعض من ذكرت من المنتسبين للإسلام .
وإن زعم المقيم من المسلمين بينهم أن له أغراضا من الأغراض الدنيوية , كالدراسة , أو التجارة , أو التكسب , فذلك لا يزيده إلا مقتا .
وقد جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى الوعيد الشديد والتهديد الأكيد على مجرد ترك الهجرة , كما في آيات سورة النساء المتقدم ذكرها , وهي قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) الآيات وما بعدها . فكيف بمن يسافر إلى بلاد الكفرة , ويرضى الإقامة في بلادهم , وكما سبق أن ذكرت أن العلماء رحمهم الله تعالى حرموا الإقامة والقدوم إلى بلاد يعجز فيها المسلم عن إظهار دينه , والمقيم للدراسة أو للتجارة أو للتكسب , والمستوطن ,(30/134)
حكمهم وما يقال فيهم حكم المستوطن لا فرق , إذا كانوا لا يستطيعون إظهار دينهم , وهم يقدرون على الهجرة .
وأما دعوى بغضهم وكراهتهم مع الإقامة في ديارهم فذلك لا يكفي , وإنما حرم السفر والإقامة فيها لوجوه , منها :
1 - أن إظهار الدين على الوجه الذي تبرأ به الذمة متعذر وغير حاصل .
2 - نصوص العلماء رحمهم الله تعالى , وظاهر كلامهم وصريح إشاراتهم أن من لم يعرف دينه بأدلته وبراهينه , ويستطيع المدافعة عنه , ويدفع شبه الكافرين , لا يباح له السفر إليهم .
3 - من شروط السفر إلى بلادهم : أمن الفتنة بقهرهم وسلطانهم وشبهاتهم وزخرفتهم , وأمن التشبه بهم والتأثر بفعلهم .
4 - أن سد الذرائع وقطع الوسائل الموصلة إلى الشرك من أكبر أصول الدين وقواعده; ولا شك أن ما ذكرته في رسالتك مما يصدر عن الشباب المسلمين الذين استوطنوا هذه البلاد هو من ثمرات بقائهم في بلاد الكفر , والواجب عليهم الثبات على دينهم والعمل به , وإظهاره , واتباع أوامره , والبعد عن نواهيه , والدعوة إليه , حتى يستطيعوا الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام .
والله المسئول أن يصلح أحوالكم جميعا , وأن يمنحكم الفقه في دينه والثبات عليه , وأن يعينكم على الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام , وأن يوفقنا وإياكم وجميع المسلمين لكل ما يحبه ويرضاه , وأن يعيذنا وإياكم وسائر المسلمين من مضلات الفتن ومن نزغات الشيطان , وأن يعيننا جميعا على كل خير , وأن ينصر دينه , ويعلي كلمته , وأن يصلح ولاة أمور المسلمين ويمنحهم الفقه في دينه , وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في بلادهم , والتحاكم إليها , والرضا بها , والحذر مما يخالفها , إنه ولي ذلك والقادر عليه . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (9/403).
وبهذا يتبين أنه ليس لك ولا لأختك السفر إلى هذه البلاد ، والواجب عليك أن تنصحها وتنصح والدك بمنعها من هذا السفر ، فإن حفظ الدين مقدم على المال والجاه والشهادة وغيرها .
نسأل الله لك التوفيق والثبات .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... سفر المرأة المعتدة
تاريخ الفتوى : ... 20 جمادي الثانية 1423 / 29-08-2002
السؤال
قريبتي توفي زوجها مؤخرا وهي مضطرة للسفر مع أخي زوجها وأسرته لعلاج ابنتها التي تعاني من وجود ثقب في قلبها علما بأن أي تأخير سوف يؤدي إلى اتتهاء فترة صلاحية التقرير الطبي الممنوح من الدولة وأن العدة لم تنقض بعد فهل من فتوى تجيز لها السفر(30/135)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر في عدة الوفاة ولو إلى الحج وعدتها تنتهي بمضي أربعة أشهر وعشرة أيام،أو بوضع حملها إن كانت حاملا ولا يجوز لها الخروج من بيتها أثناء العدة إلا لأمر ضروري، وحيث إن عم ابنتها سيسافر معها للعلاج فإن سفرها معها لا يعتبر ضرورة تجيز لها السفر أثناء العدة إلا إذا كانت ابنتها تحتاج إلى خدمة ورعاية ولم تجد من يقوم بذلك غيرها، ولا يمكن تأخير السفر إلى وقت انتهاء العدة، فلا حرج عليها في السفر معها للضرورة.
لكن عليها أن تعلم أن أخا زوجها وإن كان محرماً لبنتها فإنه لا يعتبر محرماً لها هي في السفر ولو كان معه أهله، وفي حالة سفرها فلا يجوز لها السفر إلا أن يسافر معها أحد محارمها، إلا إذا لم يوجد محرم مستعد للسفر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم مجرد خروج المرأة أو سفرها بدون محرم
تاريخ الفتوى : ... 12 جمادي الثانية 1423 / 21-08-2002
السؤال
حكم خروج المرأة بدون محرم ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على تحريم سفر المرأة بدون محرم إذا خيفت الفتنة، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم.
واختلفوا فيما إذا أمنت الفتنة، فذهب بعضهم إلى الجواز، وذهب آخرون إلى المنع عملاً بعموم الأحاديث الدالة على المنع، وهذا القول هوالراجح، لا سيما وأن العلة في المنع -وهي خوف الفتنة- أكثر وجوداً في هذا الزمان.
هذا فيما إذا كان الخروج للسفر، أما مجرد الخروج فإن الأصل فيه الجواز إلا إذا خافت على نفسها الفتنة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الخادمة كغيرها في لزوم المحرم
تاريخ الفتوى : ... 02 جمادي الثانية 1423 / 11-08-2002
السؤال
هل يجوز أن آخذ الخادمة غير المسلمة معي إلى المدينة المنورة
*علما أنها نصرانية وهي لوالدتي(30/136)
أجيبوني جزاكم الله خيرا وأحسن اليكم
أبو أنس من الرياض
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لهذه الخادمة وإن كانت نصرانية أن تسافر معك إن لم يكن معها محرم، كما لا يجوز لكم استقدام مثل هذه الخادمة غير المسلمة إلى مثل بلادك، كما أنه يجب على من أراد استقدام أي خادمة أن يتجنب المحاذير الشرعية المبينة في الفتوى رقم: 1962
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
يشتد تحريم سفر المرأة للدراسة في الجامعات المنحلة
تاريخ الفتوى : ... 07 جمادي الثانية 1423 / 16-08-2002
السؤال
ما حكم الدين في سفر المرأة للدراسة في جامعة بعيدة عن مدينة إقامتها علما أن جامعاتنا يكثر فيها الانحلال وكذا الخوف عليها من أن تفتن في دينها وأخلاقها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر إلا مع زوجها أو ذي محرم من أهلها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم. رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس.
وفي رواية: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. رواه مسلم.
ويزداد الأمر خطورة ويشتد التحريم إذا كانت الجامعة مختلطة ويكثر فيها الانحلال.. والخوف من الفتنة .
فهذا النوع من الجامعات لا تجوز فيه الدراسة ولو لم يكلف ذلك سفرًا ؛ لأن هذا من أخطر أسباب الفساد والإسلام يسد منافذ الفساد وما يؤدي إليها .
وننصح الفتاة المذكورة بالتوجه إلى جامعة مأمونة أو الدراسة بالمراسلة والانتساب إلى جامعة من الجامعات التي تقبل المراسلة.
ولمزيد التفاصيل والأدلة والتوجيهات يرجى الاطلاع على الفتوى رقم:
18523 والفتوى رقم: 9017.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا يجوز سفر المرأة بغير إذن زوجها
تاريخ الفتوى : ... 28 جمادي الأولى 1423 / 07-08-2002
السؤال
السلام عليكم(30/137)
باختصار زوجتي من بيئة غير دينية وأعيش في أمريكا وحالتي المادية صعبة والنفسية لذلك تريد الرجوع إلى أهلها في تونس حيث هناك تخلع حجابها وفي بيت والدها يشرب أخوها وأبوها الخمر فماذا أفعل؟ علما أنني أحاول الذهاب إلى مكة لطلب العلم ولكن الله المستعان.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي على المرأة أن تصبر على ما يعتري زوجها من الفقر والفاقة، فذلك من المعروف الذي تقوم عليه الحياة الزوجية، وهو الذي يتناسب مع المودة والرحمة التي هي نتاجٌ حتمي للزواج الصحيح.
فإذا حصل للزوج ضيق في المعيشة، أو قلة لذات اليد، وأثر ذلك على توفير ما يلزم للزوجة من مسكن ونفقة وكسوة، فإنه يجوز للزوجة طلب الفراق منه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 13182.
وإن كان صبرها على ذلك خيراً لها من طلب الفراق، لما ذكرنا في أول الفتوى.
فإذا صبرت الزوجة على ذلك، فيجب عليها طاعة زوجها فيما يأمرها به، لأن طاعة الزوج واجبة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 19419.
وبناءاً على ذلك، فلا يجوز لزوجتك السفر بغير إذنك إلى والديها، لا سيما إذا كان ذلك سيؤثر على دينها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 7260، والفتوى رقم: 19940.
واعلم أيها الأخ الكريم أن طلب العلم قد يكون فرض عين، وقد يكون فرض كفاية، فإذا كان العلم الذي ترغب في طلبه فرض عين عليك، فإن سفرك لطلبه واجب ولو ترتب عليه خلع زوجتك للحجاب، لأنك مسؤول عما كلفت به، وهي مسؤولة عما كلفت به، ، ولا يجوز للعبد ترك ما فرض عليه إلا في حال العجز عنه، والله تعالى يقول: (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [النحل:111].
أما إذا كان هذا العلم فرض كفاية أو نافلة، فإن معاونتك لزوجتك والحفاظ على دينها أولى منه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم:6].
وراجع في شأن الحجاب الفتوى رقم: 1225، والفتوى رقم: 8219.
ونوصيك بالصبر على ما أنت فيه من ضيق العيش، ونذكرك بقول الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2-3].
ونوصي الزوجة كذلك بالصبر على زوجها، والتمسك بدينها، فإن ما يعانيه الإنسان من آلام في الدنيا أهون مما يعانيه يوم الحساب من مرارة السؤال والحساب والجزاء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم بقاء المسافرة بدون محرم(30/138)
تاريخ الفتوى : ... 21 جمادي الأولى 1423 / 31-07-2002
السؤال
هل يجوز لي السفر للعمرة مع ابني ويعود ابني إلى البلاد وأبقى في مكة خمسة أيام مع خادمتي ( بدون محرم ) وبعد خمسة أيام يعود ابني لاصطحابي إلى بلدي ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا مانع من بقاءك في مكة بدون محرم، لأنك لست على سفر، وراجعي الفتوى رقم:
13511
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... سفر المرأة مع زوج أختها لا يجوز
تاريخ الفتوى : ... 21 جمادي الأولى 1423 / 31-07-2002
السؤال
هل يجوز سفر أختي معي وزوجي للعمرة على اعتبار أن زوجي يحرم عليها حرمة مؤقتة علما بأنها غير متزوجة وليس لها محارم آخرين في حدود الأسرة وترغب في أداء العمرة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس زوجك محرماً لأختك والحرمة المؤقتة لا أثر لها في هذا الباب، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها:
5936
8654
10542.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم سفر المرأة دون محرم للضرورة
تاريخ الفتوى : ... 15 جمادي الأولى 1423 / 25-07-2002
السؤال
أنا في امريكا للعلاج ولا أستطيع السفر بسبب حالتي الصحية فهل يجوز لزوجتي السفر لوحدها ؟ وشكرا....
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر بغير محرم، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم:
6219.(30/139)
ولكن إذا كانت هناك ضرورة معتبرة شرعاً تدعو إلى سفرها بغير محرم فإنه لا بأس في ذلك.
وعليه، فإذا كان لابد من سفر زوجتك، وليس لديها محرم غيرك فإنه لا بأس عليها في ذلك، وحاول اتخاذ كافة الاحتياطات لسلامتها، ومن ذلك الرفقة الآمنة أثناء السفر، واستقبال المحرم في المطار الآخر، ونحو ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم
تاريخ الفتوى : ... 02 رجب 1423 / 09-09-2002
السؤال
أختي تريد السفر إلى مكه مع والدتي حيث إن والدتي محرمها ابن أختها وأختي ليس عندها محرم فهل يجوز أن تسافر من غير محرم مع العلم أن والدتي مريضة للغاية وبحاجة لابنتها جداً جداً فما الحكم ؟ونحيطكم علماً أنني أنا أخوها لا أستطيع الذهاب معهم لارتباطي بعملي ودمتم ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز سفر أختك معهما بدون محرم، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. رواه مسلم.
وابن خالتها ليس محرماً لها، وننبه السائل الكريم إلى أنه لا ينبغي على أولياء المرأة أن يتساهلوا مع أقاربهم -الذين ليسوا بمحارم لنسائهم، في الاختلاط بهم أو الخلوة معهم أو السفر بصحبتهم، لما في ذلك من الخطر العظيم، روى البخاري في صحيحه عن عقبه بن عامر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله ، فرأيت الحمو، قال: الحمو الموت. ورواه مسلم أيضاً في صحيحه.
والحمو هو أخو الزوج وابن أخيه وعمه وابن عمه، وقال بعض العلماء، هو أبو الزوج، قال ابن حجر في الفتح: وقد جزم الترمذي وغيره، وتبعه المازري بأن الحمو أبو الزوج، وأشار المازري إلى أنه ذكر للتنبيه على منع غيره بطريق الأولى، وتبعه ابن الأثير في النهاية. انتهى
ولمعرفة المزيد عن حكم سفر المرأة بدون محرم راجع الفتوى رقم:
6219.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مرافقة الزوجة في السفر مقدم على الخروج في سبيل الله
تاريخ الفتوى : ... 15 جمادي الأولى 1423 / 25-07-2002
السؤال(30/140)
أختي منقبة وزوجها يسافر ويخرج في سبيل الله بشكل متواصل وهي مقيمة في بلد لا يوجد به أي محارم لها وأهلها لم يروها لسنوات وهي تريد أن تصل الرحم وتزورهم هل يجوز لها أن تسافر إليهم مع أطفالها وأمها من دون محرم . زوجها سوف يأخذها للمطار وسوف يستقبلها محرم عندما تصل وفي الطائرة سيجلس معها أطفالها وأمها أي أنها لن يجلس بجانبها أي أجنبي وزمن الرحلة ساعة ونصف فقط وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم. فقام رجل، فقال: يا رسول الله، اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وخرجت امرأتي حاجة. قال: اذهب فاحجج مع امرأتك.
فالجهاد ذروة سنام الإسلام، كما صح الحديث بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحج ركن عظيم من أركان الإسلام، ومع هذا فقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم للرجل في ترك الجهاد وأمره بمرافقة امرأته في الحج، وهذا يدل على تأكد وجوب المحرم للمرأة في السفر وأهميته.
وقد سبق أن ذكرنا أقوال العلماء في هذه المسألة مفصلة في الجواب رقم:
6219.
وهنا ننبه إلى أن النقطتين اللتين أشار لهما السائل لا تبرران سفر المرأة بدون محرم:
النقطة الأولى: قوله إنها في بلد ليس فيه محرم لها وذلك أن المرأة في بيتها لا تحتاج إلى محرم، وإنما تحتاج للمحرم إذا سافرت أو كانت في خلوة.
النقطة الثانية: قوله إنها لن يجلس بجانبها في الطائرة إلا أولادها وأمها وإن زمن الرحلة قصير فنقول: إن العلة التي من أجلها حرم سفر المرأة بدون محرم لا تزال قائمة مع هذا كله إن صح إذ من المعروف والواقع عملياً أن وقت الرحلة المقرر اتجاهها المعلن عنه قد يتخلف كل منهما فقد تتعطل الطائرة لسبب قاهر، وقد يحدث بها خلل أثناء الرحلة فتضطر إلى الهبوط في مطار آخر، وهذا مشاهد، وهنا تكمن الخطورة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا بد من المحرم ولو لسفر طاعة
تاريخ الفتوى : ... 12 جمادي الأولى 1423 / 22-07-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أستفسر منكم عن هذا الموضوع:(30/141)
أريد الذهاب إلى العمرة برفقة والدتي وجدتي وخالاتي وأزواجهن وبنات خالاتي حيث أن محرم والدتي هو ابن أختها. هل أحتاج إلى محرم في هذه الحالة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه إذا لم يكن من بين المسافرين معكم محرم لك فإنه لا يجوز لك السفر معهم، إذ أن ابن أخت والدتك الذي هو محرم لها لا يعتبر محرماً لك لأنه ابن خالتك، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
شروط جواز مبيت الفتيات في سكن الجامعة
تاريخ الفتوى : ... 03 جمادي الأولى 1423 / 13-07-2002
السؤال
السلام عليكم
أسأل هل يجوز أن أترك أختي تسافر إلى منطقة مجاورة تبعد حوالي 200 كلم للدراسة بالجامعة والسكن بالمبيت الجامعي مدة أسبوع ثم تعود في الإجازة الأسبوعية ثم تعود للمبيت لنفس المدة إلى نهاية السنة الجامعية مع العلم أنّه ليس بالمبيت محرم لها.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه.
وأنت محرم لشقيقتك فيجب عليك أنت أو أحد محارمها الآخرين إن وجدوا أن تصحبها في سفرها ذهاباً وإياباً، إما بالنسبة لإقامتها بالجامعة فإذا كانت برفقة زميلاتها فلا بأس بذلك إذا كان السكن تحت حراسة مأمونة، وكان الفتيات فيه يلتزمن فيما بينهن بالآداب الشرعية.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مخاطر سفر المرأة للتعلم في بلاد الكفر
تاريخ الفتوى : ... 26 ربيع الثاني 1423 / 07-07-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
أرجو من فضيلتكم أن توضحوا لي الحكم الشرعي في هذه المسألة:(30/142)
سفر المرأة العازبة إلى بلاد الكفار ( بلجيكا) لتحضير شهادة الدكتوراة في مجال الطب ( الموضوع داء السكر) ولإنجاز هذا البحث يتطلب على الأكثر ثلاث سنوات. مع العلم أن الوسائل العلمية غير متوفرة في بلادنا.
أنتظر الرد في أقرب وقت ولكم مني جزيل الشكر وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك السفر من غير محرم لأجل الدراسة، وتزداد الحرمة وتشتد الخطورة إذا كان السفر إلى بلاد من بلاد الكفار المنهي عن السفر إليها ولو مع محرم، بالإضافة إلى ما هو شائع في تلك المجتمعات ومؤسساتها التعليمية من الاختلاط والتبرج ومظاهر الفسق والفجور، والذي سيؤثر على مخالطهم في دينه وخلقه.
وانظري الأجوبة التالية أرقامها:
9017 3859 18523
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... شروط جواز سفر المرأة للتعلم في جامعات الغرب
تاريخ الفتوى : ... 29 ذو القعدة 1424 / 22-01-2004
السؤال
أنا عندي قبول لدراسة الماجستير في علم المناعة ببريطانيا ودرست لمدة سنة اللغة الإنجليزية ثم واصلت دراسة الماجستير بنفس الجامعة ولكن لأسباب صحية أجلت دراستي إلى السنة القادمة ولكن مشكلتي أنني ليس معي "محرم" علما أنني درست السنة الماضية بدون محرم ولكن بصحبة صديقاتي ولم يكن معي في نفس السكن فهل إذا ذهبت بصحبة صديقتي وعشنا مع بعض في السكن جائز؟ أو إذا ذهبت برفقة أختي جائز؟ أرجو الحصول على الرد سريعا" لأن ردكم ستترتب عليه أمورا كثيرة. وجزاكم الله تعالى خير الجزاء
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة المسلمة السفر بلا محرم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة أن تسافر ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم منها. رواه البخاري ومسلم. وهذا في بلاد الإسلام. أما سفرها إلى بلاد الكفار فلا شك أنه آكد في الحرمة وأعظم في الإثم.
ومن رخصوا من أهل العلم في سفر المرأة مع رفقة آمنه، فقد صرح كثير منهم بأن ذلك مقصور على السفر الواجب كالحج، أما السفر إلى بلاد الكفار لغير ضرورة أو حاجة فهو سفر محرم أصلاً ولو كان مع محرم، فما بالك إذا كان مع غير محرم.
وعلى كلٍ، فلا يجوز لك السفر إلا بمحرم، وبشرط أن يكون العلم الذي تريدين دراسته غير متوفر ومتيسر في بلدك الذي أنت فيه، وأن تكون دراستك في جامعة تأمنين فيها من الفتنة وتلتزمين فيها بأحكام الإسلام بعيدة عن الاختلاط بالرجال والخلوة بهم، وهذا أمر متعذر في جامعات الغرب إن لم يكن مستحيلاً.(30/143)
وننصحك بالرجوع إلى الفتوى رقم:
9017 والفتوى رقم:
3420.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المعتبر في حكم سفر المرأة المنهي عنه
تاريخ الفتوى : ... 05 ربيع الثاني 1423 / 16-06-2002
السؤال
السلام عليكم
هل تعتبر المسافة من مكة إلى جدة سفراً فنحن مجموعة من الطالبات نسكن في جدة ونذهب يومياً إلى مكة في باص فما الحكم .أفيدونا مأجورين؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن سفر المرأة من غير محرم في الصحيحين وغيرهما، وقد اختلفت القيود التي قيد بها النبي صلى الله عليه وسلم هذا السفر، ففي بعض الروايات: لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلاَّ مع ذي محرم. رواها البخاري . وفي أخرى: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم. رواها البخاري . وفي رواية: لا تسافر المرأة إلاَّ مع ذي محرم. رواها مسلم . هكذا بدون قيد.
وعند أبي داود تقييد المسافة بالبريد. وقد اختلف أهل الحديث في تصحيح هذه الرواية.
وقد سبق أن بينا في جواب سابق برقم 6219 أن كل ما يسمى سفراً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم وذكرنا فيه أقوال أهل العلم فليرجع إليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل للمرأة أن تترك زوجها وتسافر لإضراره بها
تاريخ الفتوى : ... 01 ربيع الثاني 1423 / 12-06-2002
السؤال
زوجي يرتدي بعض الأحيان ملابس نساء وهذا يسبب لي ألماً نفسياً شديداً ويحاربني في حجابي والتزامي ويسكر ذهبت عند الطبيب وقال مريض نفسي دعيه يلبس وسايريه ولكن لم ترضني هذه الحاله ما رأيكم أصبر على أذاه أو أسافر حل الطبيب لن أعمله مع العلم عندي 7 أولاد الأصغر5 سنوات أفيدوني الله يرضى عليكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(30/144)
فإن الله عز وجل لم يحرم الخمر إلاَّ لما فيها من المفاسد والمضار، ولذلك قال سبحانه:يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا [البقرة: من الآية219].
وقد تذهب الخمر بعقل الإنسان جملة فيتصرف بعد ذلك تصرف المجانين كما هو حال المدمنين عليها نسأل الله العافية.
وأما عن حال هذه المرأة فنقول: قد تقرر عند أهل العلم أن من حقوق المرأة على زوجها معاشرتها بالمعروف، ومن المعروف أن يوفيها حقها من المهر والنفقة والقسم وترك أذاها بالكلام الغليظ والإعراض عنها وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب، لقوله تعالى:وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19].
قاله الجصاص رحمه الله في أحكام القرآن: وعليه فنقول: إذا كان الضرر حاصلاً من هذا الزوج كأن يؤذي زوجته في دينها ويمنعها من القيام بما أوجب الله عليها من الحجاب والتزام ما أمرها الله به ورسوله، فإن لها أن ترفع أمرها إلى المحكمة لتلزمه بكف الأذى عنها أو بطلاقها.
وأما إن كان مع هذا البلاء لا يصلي فهذا شأن آخر قد سبق وأن أجبنا عنه في جواب سابق برقم:
11530 فليراجع.
وإذا تحقق هذا الضرر الديني الذي سبق ذكره ولم تجد من يرفع عنها هذا الأذى من ولاة الأمر فللمرأة أن تسافر، وينبغي أن يكون بصحبتها محرم إن وجد، فإن لم يوجد فبصحبة نسوة ثقات فإن لم تجدهن سافرت على الحال التي تستطيعها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
وجود محرم لبعض النساء لا يكفي
تاريخ الفتوى : ... 20 ربيع الأول 1423 / 01-06-2002
السؤال
ما حكم سفر المرأة مع جماعة للترفيه أو كرحلة مدرسية والمسافة مقدار ساعتين ما حكم ذلك إذا كنا وحدنا؟ وما حكمه إذا كان معنا محرم لواحدة منا فقط؟ وما الحكم إذا كان هذا السفر للتعلم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر بغير محرم طال السفر أم قصر، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" رواه مسلم .
ووجود محرم لبعض النساء لا يكفي، بل لا تسافر المرأة إلا ومعها محرم، ولا يجوز للمرأة أن تسافر بغير محرم لغرض الدراسة، وإنما اختلف العلماء في سفر المرأة بغير محرم بصحبة رفقة آمنة لأداء فريضة الحج أو لقربة من القربات.
هذا وقد سبق بيان هذه المسألة مفصلة في أجوبة سابقة، فليراجع منها الفتوى رقم: 3096، والفتوى رقم: 6219، والفتوى رقم: 3420، والفتوى رقم: 3859.(30/145)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
البلوغ شرط في المحرم المرافق
تاريخ الفتوى : ... 14 ربيع الأول 1423 / 26-05-2002
السؤال
هل يجوز السفر بالطائرة للرجوع إلى بلدي بدون وجود الزوج؟ مع العلم أن معي خمسة أولاد وخادمة.
وهل يكون أبني وعمره 12 سنة محرما لي؟
جزيت خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
سبقت الإجابة على حكم سفر المرأة في الطائرة بدون محرم في الفتوى رقم: 6219.
كما سبق أيضاً بيان مواصفات المحرم في الفتوى رقم: 6744.
وبناء على ما في الجوابين المحال عليهما، فنقول للسائلة: لا يجوز لك السفر إلا إذا كان ابنك بالغاً أي ظهرت عليه إحدى علامات البلوغ المعروفة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... إنقاذ حياة المسلم لا يقل عن حكم الاضطرار المبيح للمحظورات
تاريخ الفتوى : ... 17 صفر 1423 / 30-04-2002
السؤال
أنا مغتربة في أمريكا وأتمنى الذهاب إلى بلدي حيث أن والدتي مريضة بعدة أمراض ومتأثرة بابتعادي وهي الآن ولله الحمد مستقرة نوعا ما لكن الطبيب أكد على عدم إزعاجها خاصة خوفا من الجلطة والسكر وغيرها المشكلة أن زوجي لا يستطيع السفر معي فهل أسافر مع أطفالي علما أنه سيسافر معي داخل أمريكا ثم يبقى معي حتى أركب في الطائرة المتجهة إلى بلدي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الجواب رقم :
6219 حكم سفر المرأة بدون محرم، وذكرنا هناك حرمة ذلك.
وعليه، فإذا لم يكن في عيالك ذكر بالغ ولم يستطع الزوج السفر معك إلى أن يبلغك بلد أمك ولم تجدي محرماً فلا يجوز لك السفر؛ إلا إذا ترتب على عدم سفرك ضرر محقق أو غالب يلحق والدتك بسبب طول غيبتك فحينئذ يكون في سفرك ارتكاب لأخف الضررين، وإنقاذ حياة المسلم لا يقل عن حكم الاضطرار الذي يبيح المحظورات.(30/146)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الكبيرة السن كغيرها في السفر
تاريخ الفتوى : ... 07 ذو الحجة 1422 / 20-02-2002
السؤال
أنا طبيب أعمل في السعودية وزوجتي أيضا طبيبة وجاءتنا أم زوجتي في زياره من مصر وتتنقل بين بيتنا وبيت أختها في مدينة أخرى وكذلك بيت ابنتها الأخرى في بلدة ثالثه وسؤالي هل يجوز شرعا أن تقيم أم زوجتي عند أختها مع العلم أنها فوق الستين من العمر وأختها تقيم مع زوجها وليس عندها أولاد وعمر أختها وزوجها أيضا فوق الستين مع العلم أن أم زوجتي أرملة من حوالي ثلاثين عاما؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فلا يحل لأم زوجتك السفر بدون محرم - ولو كان عمرها فوق الستين سنة - لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" رواه البخاري.
وأما المساكنة فينظر لحكمها جواب رقم: 10146.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... تتصرف المرأة كالمقيم في المكان الذي سافرت إليه من حيث الخروج
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
1-أنا امرأة سافرت إلى مكة مع زوجي وأولادي للعمرة وعندما وصلنا إلى مكة سكنا في فندق قرب الحرم ثم بقي زوجي في الفندق ونزلت للحرم معي ابني البالغ من العمر 13 عاما فهل هو يعد محرماً أم لا وهل عمرتي صحيحة أم لا؟ افتونا جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للمرأة أن تسافر بدون محرمٍ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها" متفق عليه من حديث أبي هريرة.
ويشترط في المحرم أن يكون بالغاً عاقلاً مأموناً، لأن المراد منه الحفظ والصيانة، ولا يتأتى ذلك من صبي ولا مجنون، هذا إذا كانت المرأة مسافرة، أما إذا وصلت إلى المكان الذي تريد، فإنها تتصرف كما يتصرف المقيم، فيجوز لها الخروج وحدها، إلا إذا خشيت على نفسها الضرر، فإنها تستعين عند خروجها بمن معها من ابن أو زوج أو أب ، لدفع ما قد تتعرض له من خطر، ولا يشترط فيه ما يشترط في المحرم، لأنها ليست على سفر.(30/147)
وبناءً على ما سبق، فإنه يجوز لك الخروج بدون محرم ما دمت مقيمة في المكان الذي سافرت إليه، وذكرت أنه قرب الحرم، فإذا خفت على نفسك من الخروج وحدك، وجب عليك أن تصحبي أحد محارمك الذين يستطيعون حمايتك وصيانتك، وهذا يستوي فيه بلدك الأصلي، والبلد الذي سافرت إليه.
واعلمي أن عمرتك صحيحة إذا استوفت أركانها وواجباتها الأخرى، وهي الإحرام والسعي والتقصير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الانتظار ليبلغ بنك أو وجود المحرم
تاريخ الفتوى : ... 16 ذو القعدة 1422 / 30-01-2002
السؤال
1- ابني في العاشرة من عمره وأصبح لي غائبة عن أهلي 4سنين وأسكن في كندا فهل أنتظر حتى يبلغ أم أستطيع السفر؟
2- طلب زوجي أن أزيل ما بين الحاجبين ولكني أزلت قليلا من الشعر الطائش منه من الأسفل والأعلى فهل يجوز؟ وما حكم إزالته لأول مرة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصدين أنه هل يصح أن يكون أبنك هذا محرماً لك في السفر، فقد تقدم الجواب عن مثل ذلك في الفتوى رقم: 6744.
وبناء على ذلك، فعليك أن تنتظري حتى يبلغ ابنك وهو عاقل، أو تجدين من يسافر معك: زوجاً أو محرماً معتبراً شرعاً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم خروج المرأة إلى الجامعة بدون محرم
تاريخ الفتوى : ... 22 رمضان 1422 / 08-12-2001
السؤال
1- هل يجوز لامرأتي أن تذهب للجامعة وحدها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت مسافة الجامعة التي تذهب زوجتك إليها تسمى سفراً فلا يجوز لها أن تخرج إليها وحدها، كما لا يجوز لك أنت أن تتركها تخرج إليها وحدها، لما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" أما إذا كانت قريبة من مكان سكنى الزوجة، وخروجها إليها لا يسمى سفراً، ولا تخاف فيه من محذور، ولا يلزم عليه خلوها بأجنبي، فلا حرج في خروجها.(30/148)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أدلة من أجاز سفر المرأة بلا محرم .. وجوابها
تاريخ الفتوى : ... 05 شعبان 1422 / 23-10-2001
السؤال
سيدة مقيمة في الولايات المتحدة ترغب في العمرة وزوج ابنتها مقيم في جدة وينتظرها هناك. هل سفرها بالطائرة وحدها جائز؟
هل يجوز لها أداء العمرة من جدة وحدها؟ وهل السفر مع صحبة آمنة من النساء جائز؟
ما معنى حديث الرسول-صلى الله عليه و سلم- لعدي عن خروج الظعينة من الحيرة وطوافها بالبيت. وأن أمهات المؤمنين حججن في خلافة عثمان-رضوان الله عليهم أجمعين-. و من أن السيدة عائشة –رضي الله عنها- خرجت في موقعة الجمل وغير ذلك من خروج النساء في الجهاد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدمت الفتوى بشأن سفر المرأة للحج والعمرة بدون محرم برقم:
4130 ورقم: 5936
وأما حديث عدي بن حاتم في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " فإن طالت بك حياة يا عدي لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله" فهو من باب الإخبار ، وليس من باب الإقرار ، أو هو عند الأمن على نفسها في سفر الحج الواجب.
وأما خروج أمهات المؤمنين للحج في خلافة عثمان رضي الله عنه ، فلا تعدم كل واحدة أن يكون لها محرم ، وعائشة رضي الله عنها خرجت مع أخيها عبد الرحمن وابن أختها عبد الله بن الزبير، وأما خروج النساء للجهاد فإنه كان مع محارمهن ، ولم يكنَّ يخرجن للقتال ، بل لمداواة الجرحى ، وسقي الماء ، ونحو ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... ابن الأخت محرم لخالته
تاريخ الفتوى : ... 22 جمادي الأولى 1422 / 12-08-2001
السؤال
هل يجوز للخالة أن تصطحب ابن أختها ليكون لها محرما في سفرها لأداء العمرة ؟
الفتوى
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فابن الأخت يعتبر محرما لخالته ، وعلى ذلك فيجوز أن يصحبها في السفر إذا كان عاقلا مميزا.(30/149)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... مخاطر السفر بدون محرم
تاريخ الفتوى : ... 19 ذو الحجة 1424 / 11-02-2004
السؤال
امرأة ملتزمة عازمة على السفر لبلاد أجنبية لتكملة الدراسة والحصول على الماجستير وهي ستذهب بدون محرم مع علمها بحكم ذلك في الإسلام ولكنها تقول بأنها ملتزمة بالإسلام وتعاليمه أينما كانت ..أرجو التوجة بالنصيحة لها مع العلم أن سفرها قد أصبح أمرا حتميا وهي متوكلة على الله راجية منه أن يوفقها ويحفظ دينها. أرجو أن لا تحال الإجابة إلى فتوى سابقة فقد سبق وأن قرأت كثيرا عن سفر المرأة بدون محرم.. ما أريده هو نصائح في الله لتعين هذه المرأة على دينها هناك... جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنقول لهذه الأخت: اتقي الله تعالى وخافي عاقبه، فإن إصرارك على السفر مع علمك بالتحريم أمر عظيم، وكيف يقدم الإنسان على عمل محرم، ثم يقول: إني ملتزم بالإسلام وتعاليمه، وكيف تسمع المسلمة قول نبيها صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة، وليس معها حرمة" أي: رجل محرم.
فمن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر حقاً لزمها أن تقول: سمعنا وأطعنا، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) [الأحزاب:36].
وياليت الأمر اقتصر على هذا السفر المحرم، لكن البلية أنه سفر إلى بلد أجنبي، وإقامة هناك زمناً وسط الكافرين والكافرات، في أماكن ربما لا يسمع فيها صوت الأذان، تتعرض فيها المرأة لرؤية البلاء والمنكر صباحاً ومساءً، فيا لله كم معصية ستتعرض لها المسكينة في يومها وليلتها، ولا ندري كيف سيكون أمرها في هذه الجامعات المختلطة، هل تستطيع أن تبقي على حجابها وحشمتها؟ وهل يمكنها أن تتحفظ من الاختلاط والحديث مع الرجال؟
وكيف ستعيش وحيدة فريدة تصارع الباطل من حولها في سكنها، ومدخلها ومخرجها؟.
وأما زعمها بأنها متوكلة على الله، فينبغي أن تعلم أن التوكل مبني على سلوك الأسباب المشروعة، وأن التوفيق إنما يكون لأهل الطاعة لا لمن اختار المعصية، وسار في طريقها.
ولا ينبغي لمسلم أن يثق بنفسه، ولا أن يركن إلى التزامه، فإن القلوب ضعيفة، والشبه حظافة، ومن أورد نفسه موارد الهلاك فقل أن ينجو ويسلم، إلا أن يشاء الله.(30/150)
وإذا كان الرجل يعسر عليه أن يحافظ على دينه في تلك المجتمعات، فكيف بالمرأة التي هي محل أطماع أصحاب الشهوات وأرباب المنكرات.
وحيث قد طلبت نصحنا ورغبت في توجيهنا، فوالله إنا لا نرضى لك إلا ما نرضاه لأمهاتنا وبناتنا وأخواتنا، فاحذري الفتنة، وتجنبي أسبابها، وتضرعي إلى الله تعالى أن يلهمك رشدك، وأن يردك إلى صوابك، واعملي أن شهادات الدنيا ومناصبها لا تعدل لحظة واحدة تذل فيها بمعصية، أو ينظر الله إليها فيها نظر غضب ومقت.
وتذكري أن الإقامة بين المشركين لا تجوز إلا بشروط، لا نرى توفرها في مسألتك، وقد برئ النبي صلى الله عليه وسلم ممن يقم بين أظهر المشركين، فقال: "أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" رواه أبو داود والترمذي.
واعلمي أنه لا يجوز للمرأة أن تدرس في جامعة مختلطة إلا إذا احتاجت إلى عمل، لعدم من ينفق عليها، وكان عملها متوفقاً على الحصول على شهادة جامعية، ومن اضطرت إلى ذلك لزمها:
1- ألا تسكن في مساكن مختلطة، ولا في بيت إحدى العوائل، كما هو الحال في الغرب.
2- ألا تكشف عورتها على امرأة كافرة.
3- ألا تكشف شيئاً من بدنها - عدا الوجه والكفين - أمام الرجال، وهذا بالاتفاق، وألا تكشف وجهها وكفيها على الراجح.
4- ألا تخلو بطالب أو أستاذ.
5- ألا تسمع إلى شيء من الحرام في مسكنها، أو قاعة دراستها، أو وسيلة انتقالها، ومن الحرام استماع الموسيقى.
6- أن تبحث عن مسلمات صادقات تصاحبهن، فإن الذئب يأكل من الغنم القاصية.
7- ألا تركب بمفردها مع سائق.
8- ألا تخرج متطيبة بحيث يشم ريحها.
هذا كله لمن اضطرت للدراسة في جامعة مختلطة، ولا نراك مضطرة إلى ذلك، ولا إلى هذا السفر المخوف.
والله نسأل أن يحفظ نساء المسلمين، وأن يجنبهن الفتن والشرور.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الخلاف حول سفر المرأة بدون محرم لا يعني الجواز
تاريخ الفتوى : ... 20 محرم 1422 / 14-04-2001
السؤال
أرجو إفادتي حول سفر المرأة فكما ذكر وفي جزء من الفتوى الخاصة بهذا الموضوع على أنه ليس كل المذاهب تحرم سفر المرأة دون محرم تحريماً مطلقاً خاصة إذا كان السفر آمناً وليس فيه خطر، فأنا أذهب عادةً مع وفد رسمي يتضمن وزراء عرب وشخصيات نسائية ذات مركز وزاري كبير لتنظيم اجتماع في إحدى الدول العربية لمدة 3 أو 4 أيام بحد أقصى وهذا الأمر من مهام عملي. كما أن(30/151)
مسئولي المباشر من ذوي الأخلاق العالية جدا ويراعي كوني سيدة ومثل ابنته فيبعدني عن المخاطر ومواقف الإحراج. فهل في سفري هذا تحريم؟ أرجو الإفادة جزاكم الله الخير الكبير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكرنا في أكثر من فتوى في موقعنا خلاف الفقهاء في سفر المرأة دون محرم، ورجحنا المنع مطلقاً، وهو مذهب الأحناف والحنابلة والظاهرية، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم".
وذكرنا من قال من المالكية والشافعية بجواز سفر المرأة دون محرم إن أمنت الفتنة، ولكن وجود الخلاف لا يعني أن يأخذ المسلم بأي الآراء دون تمحيص ونظر في الأدلة إن كان أهلاً لذلك، أو بسؤال أهل العلم عن الراجح من تلك الآراء، فإن أفتاك أحد العلماء في هذا الزمن بعدم اشتراط المحرم إن كان الطريق آمنا، وكانت المرأة بصحبة رفقة مأمونة، فلا يعني ذلك جواز ما تقومين به حتى ينظر في عملك، وهل هو منضبط بضوابط الشرع وانظري في ذلك لزاماً فتوانا في ضوابط عمل المرأة برقم "3859" حتى تكوني على بينةٍ من أمرك وفقنا الله وإياك لطاعته ووقانا شر معصيته. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم سفر المرأة للعلاج بدون محرم
تاريخ الفتوى : ... 04 محرم 1422 / 29-03-2001
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز سفر المرأة مع خالتها وابنتها للعلاج من غير محرم لأن الزوج يتولى تربية الأبناء ولأن المرأة ستصل للمستشفى مباشرة بعد المطار؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة لا يجوز لها أن تسافر بدون محرم، لا لعلاج ولا لغيره، ووجود امرأة أخرى - بنتها أو خالتها - معها في السفر لا يغنيها عن المحرم، بل ولا يسوغ لها ولا لهن السفر، وإنما يزيد عليهن الإثم لوقوع المخالفة منهن جميعاً، والخطر المترتب على سفر المرأة بلا محرم حاصل ومتوقع، حتى ولو كان السفر بالطائرة، فهو غير مأمون عند اجتماع الركاب في الصالة ينتظرون، وكذلك عند الهبوط في المطار المقصود وأثناء الرحلة، وفي المستشفى.
إذن فسفر المرأة بدون محرم لا يؤمن غالباً من الفتنة، والوقوع فيما لا تحمد عقباه، ولهذا فقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بدون تفصيل ولا تقييد، فقال كما في الصحيحين: "ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" وكان من الواجب في مثل ظروف هذه المرأة التي لها زوج، ولها قريبات أن يسافر معها زوجها ليعالجها، وتبقى ابنتها أو خالتها مع الأطفال، فالرجل هو الأقوى على السفر، والأنسب له، كما أن المرأة(30/152)
هي الأولى بالبقاء مع الأطفال في البيت، بل هذه هي وظيفتها الأولى. والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
يشترط في المحرم الذي تسافر معه المرأة أن يكون بالغا
تاريخ الفتوى : ... 28 شوال 1421 / 24-01-2001
السؤال
في أي سن يعتبرالطفل محرما لوالدته ، بعبارة أخرى هل ابن 12 سنة يمكن أن يحج أويعتمر مع والدته ويغنيها عن المحرم ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المحرم المطلوب في السفر لا بد أن يكون بالغاً عاقلاً على الراجح من أقوال أهل العلم، قال ابن قدامة: (ويشترط في المحرم أن يكون بالغاً عاقلاً، قيل لأحمد: فيكون الصبي محرما؟ قال: لا، حتى يحتلم لأنه لا يقوم بنفسه فكيف يخرج مع امرأة؟!. وذلك لأن المقصود بالمحرم حفظ المرأة، ولا يحصل إلا من البالغ العاقل فاعتبر ذلك).
وقال الأحناف كما نص عليه صاحب الهداية: (ولا عبرة بالصبي والمجنون لأنه لا تتأتى منهما الصيانة).
وقال ابن الوردية الشافعي في البهجة: (وينبغي عدم الاكتفاء بالصبي لأنه لا يحصل معه الأمن على نفسها، إلا في مراهق ذي وجاهة، بحيث يصل معه الأمن لاحترامه) فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر لحج أو غيره إلا مع محرم بالغ عاقل، أو زوج بالغ عاقل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... أصناف المحارم الذين يصاحبون المرأة في السفر
تاريخ الفتوى : ... 28 شوال 1421 / 24-01-2001
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ثم الصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. السؤال هو: توجد امرأة من أسرتي تريد الحج إلى بيت الله الحرام فأود معرفة من هم المحارم من الرجال الذين يمكن لهذه المرأة السفر والحج في صحبة أحدهم؟.
وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمحرم المرأة الذي يمكنها السفر بصحبته هو زوجها، أو من تحرم عليه المرأة على التأبيد بنسب أو سبب مباح لحرمتها. هكذا عرف الفقهاء المحرم، واحترزوا بقولهم:(30/153)
على التأبيد من أخت الزوجة وعمتها وخالتها، فإن هؤلاء وإن كُنَّ يحرمن على الرجل إلا أن تحريمهن تحريم مؤقت فلا يكون محرماً لهن. واشترطوا كذلك أن يكون التحريم بسبب مباح، وهو احتراز من أم الموطوءة بشبهة وبنتها، فإنهما تحرمان على التأبيد، وليستا محرمين، لأن وطء الشبهة لا يوصف بالإباحة.
وأخرجوا كذلك المُلاعِنة بقولهم (لحرمتها)، فإنها وإن كانت محرمة على التأبيد وبسبب مباح، فليست محرماً لأن تحريمها ليس لحرمتها بل هو عقوبة وتغليظ عليهما..
والمحارم من جهة النسب هم الآباء وإن علو، سواء أكانوا من جهة الأم أو الأب، والأبناء وأبناء الأبناء وأبناء البنات وإن نزلوا.
والأخوة أشقاء أو لأب أو لأم، وأبناء الأخوة والأخوات من الجهات الثلاث السابقة، والأعمام والأخوال سواء كانوا أشقاء أو لأب أو لأم.
ومثل هؤلاء المحارم من الرضاع، لقوله صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" متفق عليه.
وأما المحارم من جهة المصاهرة فهم أبناء الزوج وإن نزلوا، سواء أكانوا أبناءه المباشرين، أم كانوا أبناء أولاده الذكور أو الإناث، وآباء الزوج وإن علو من جهة الأب أو الأم.
وأزواج البنات وإن نزلن، وكذلك أزواج الأمهات، ويشترط في أزواج الأمهات أن يكون الزوج قد دخل بالأم، لقوله تعالى: (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) [النساء: 22].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... حكم سفر المرأة بالطائرة دون محرم
تاريخ الفتوى : ... 29 ذو القعدة 1424 / 22-01-2004
السؤال
أود سؤالكم عن الحديث الشريف التالي :
" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة" رواه البخاري
فهل المقصود بقوله عليه الصلاة و السلام "مسيرة يوم و ليلة" المسافة المقطوعة في يوم و ليلة ، أم أن المقصود هو الزمن "يوم و ليلة " بغض النظر عن المسافة.
و هل الحديث المذكور هو قطعي الدلالة لفظا أم ظني الدلالة لفظاً ؟
و إذا أردت أن أسافر بالطائرة وحدي من دولة مسلمة إلى أخرى مسلمة وكان زوجي في وداعي و سيكون أخي في استقبالي في الدولة الأخرى، فهل أنا من المقصودين في حديثه عليه الصلاة و السلام أم لا؟
و جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(30/154)
فالنهي عن سفر المرأة بلا محرم جاء مقيدا بسفرها مسيرة يوم وليلة، كما في الحديث المذكور. وجاء مقيداً في روايات أخر بسفرها ثلاثاً، وفوق ثلاث، ويومين، وليلة، ويوما واحد، وبريداً، وهو مسيرة نصف يوم.
وجاء النهي عن سفرها بلا محرم مطلقاً من غير تحديد مدة السفر. فدل على أن كل ما يسمى سفراً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، وقد قرر ذلك الإمام النووي ـ رحمه الله ـ في شرحه على صحيح مسلم في كلام جامع نافع ننقله بلفظه. قال رحمه الله:
( قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم" وفي رواية "فوق ثلاث" وفي رواية "ثلاثة" وفي رواية "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم" وفي رواية "لا تسافر المرأة يومين من الدهر إلا ومعها ذو محرم منها أو زوجها" وفي رواية "نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين" وفي رواية "لا يحل لامرأة مسلمة تسافر ليلة إلا ومعها ذو حرمة منها" وفي رواية "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم".
وفي رواية "مسيرة يوم وليلة" وفي رواية "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم". هذه روايات مسلم.
وفي رواية لأبي داود "ولا تسافر بريدا" والبريد مسيرة نصف يوم. قال العلماء: اختلاف هذه الألفاظ لاختلاف السائلين، واختلاف المواطن، وليس في النهي عن الثلاثة تصريح بإباحة اليوم والليلة أوالبريد. قال البيهقي: كأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن المرأة تسافر ثلاثاً بغير محرم فقال: لا. وسئل عن سفرها يومين بغير محرم فقال: لا. وسئل عن سفرها يوماً فقال: لا. وكذلك البريد. فأدى كل منهم ما سمعه، وما جاء منها مختلفاً عن رواية واحدة فسمعه في مواطن، فروى تارة هذا، وتارة هذا، وكله صحيح، وليس في هذا كله تحديد لأقل ما يقع عليه اسم السفر، ولم يرد صلى الله عليه وسلم تحديد أقل ما يسمى سفراً، فالحاصل أن كل ما يسمى سفراً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، سواء كان ثلاثة أيام أو يومين، أو يوماً، أو بريداً، أو غير ذلك، لرواية ابن عباس المطلقة، وهي آخر روايات مسلم السابقة: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" وهذا يتناول جميع ما يسمى سفراً. والله أعلم). انتهى من شرح مسلم للنووي.
وحيث صح النهي عن سفر المرأة بلا محرم، لزم امتثاله، ولايتوقف ذلك على كون الحديث قطعي الدلالة، أو ظني الدلالة.
وقد حكي الإجماع على تحريم سفر المرأة بلا محرم، إلا السفر للحج والعمرة ، والخروج من دار الشرك، أو الفرار من الأسر، قال الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث: "واستدلوا به على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم، وهذا إجماع في غير الحج والعمرة، والخروج من دار الشرك".(30/155)
ونقل النووي عن القاضي عياض قوله: ( واتفق العلماء على أنه ليس لها أن تخرج في غير الحج والعمرة إلا مع ذي محرم، إلا الهجرة من دار الحرب فاتفقوا على أن عليها أن تهاجر منها إلى دار الإسلام، وإن لم يكن معها محرم...
قال القاضي عياض: قال الباجي: هذا عندي في الشابة، وأما الكبيرة غير المشتهاة فتسافر في كل الأسفار بلا زوج ولا محرم.
وهذا الذي قاله الباجي لا يوافق عليه، لأن المرأة مظنة الطمع فيها، ومظنة الشهوة ولو كانت كبيرة، وقد قالوا: لكل ساقطة لاقطة. ويجتمع في الأسفار من سفهاء الناس، وسقطهم من لا يترفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها، لغلبة شهوته وقلة دينه ومروءته، وخيانته، ونحو ذلك. والله أعلم) انتهى من شرح النووي.
وعليه فإنه لا يجوز لك السفر بلا محرم من دولة مسلمة إلى أخرى مسلمة حسبما ورد في سؤالك.
ومن تأمل ما في السفر في هذا الزمن من المخاطر، كجلوس المرأة إلى جانب رجل أجنبي عنها ، واضطرار الطائرة للهبوط في دولة أخرى وتأخر موعد رحلتها ونحو ذلك ، من تأمل هذا علم حكمة الشرع في تحريم سفر المرأة بلا محرم ولو كان ذلك بآلة تقطع المسافة في ساعة أو أقل فإن هذه الأحكام شرعها من يعلم حال خلقه وما يصيرون إليه من تطور وتقدم ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم سفر المرأة وحدها للدراسة
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
أنا طالبة أدرس في الخارج.. فما حكم سفري في الطائرة بدون محرم(خصوصا وأنني في الغالب أرافق طالبة أو طالبتين.. ولكن أحيانا لا أجد أبدا مرافقاً) .. فما حكم السفر لوحدي في مثل تلك الظروف؟!!
الرجاء بيان الأمر من جميع النواحي ..
شكراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع محرم لها، لما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها" وهذا لفظ مسلم.
والذين رخصو من أهل العلم في سفر المرأة دون محرم إذا كانت مع رفقة آمنة. قصر أكثرهم ذلك على سفر الحج الواجب.
ومن قال منهم: إنه يجوز لها أن تسافر مع رفقة آمنة في كل سفر طاعة. فإن قولهم يكاد يكون قولاً مهجوراً، ومع ذلك فإن الرفقة الآمنة التي اشترطها هؤلاء لا تتحقق في طالبة أو طالبتين.(30/156)
وذهابك للدراسة بالخارج لا ينبغي إلا إذا كان التخصص الذي تدرسينه مما يتلائم مع المرأة ويوافق فطرتها، مع عدم وجوده أو عدم تيسره لك في البلد الذي أنت فيه.
فإذا كان التخصص مما يتلائم مع المرأة وطبيعتها، ولا يوجد في بلدها أو غير متيسر لها، فينبغي أن يكون معها من محارمها من يقيم معها ليرعى شؤونها، لأنه قد يعرض للمرأة في إقامتها بالخارج ما يستلزم معه وجود هذا المحرم. والله ولي التوفيق.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم سفر المرأة للتعلم.
تاريخ الفتوى : ... 13 صفر 1422 / 07-05-2001
السؤال
زوجتي مهندسة ، وجاء لها تدريب على نظام جديد بالعمل في إحدى الدول الاوربية ، وإن لم تسافر فاتها العلم فهل يحق لها السفر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت زوجتك مهندسة في مجال ملائم، وكانت بحاجة إلى هذا السفر، وكنت أنت أو أحد محارمها على استعداد للسفر معها والإقامة معها حتى ترجع، فلا حرج في ذلك، إن شاء الله.
واعلم أن وظيفة المرأة الأساسية التي تتناسب تماماً مع طبيعتها وتتلاءم مع خصوصياتها، والتي هي أحفظ لها وأصون لعرضها ولدينها، هي أن تقر في بيتها كما أمرها ربها، وتدير شؤون بيتها، وتقوم بتربية أولادها ورعايتهم صحياً وخلقياً ودينياً وتربوياً، ما أمكنها ذلك.
ولهذا أوجب الله تعالى على الرجل النفقة على الزوجة والأولاد، وأمره بالتكسب، وطلب المال من حله، ليقوم بما أوجبه الله تعالى عليه، ولم يجعل شيئاً من ذلك على المرأة.
ولكن إذا احتاجت المرأة إلى العمل، أو احتيج لها في عمل كالتدريس في مدارس البنات، أو تطبيب النساء أو نحو ذلك من العلوم أو الحرف التي تختص بالنساء، فعليها أن تدرس ما يؤهلها للقيام بهذا العمل، بشرط أن لا تدرس في مدارس مختلطة، وأن لا تسافر مع غير ذي محرم، ولا تقيم مع غير ذي محرم، أما مهنة الهندسة فهي لا تتناسب مع طبيعة المرأة أصلاً، ولا أظن أنها سيحتاج إليها فيها تلك الحاجة التي لا تدفع إلا بممارستها لها، ولا داعي إلى ترقيها في علم الهندسة، ومع ذلك إن عملت مهندسة في مجال يتلاءم مع طبيعتها وخصوصيتها، كمجال الكمبيوتر مثلاً، وراعت في ذلك الضوابط الشرعية في خروجها وفي زينتها وفي زيها وفي طبيعة عملها، ولم تضيع حق الله تعالى خلال تأديتها لعملها، ولم تضيع حق زوجها، ولا حق بيتها وأولادها، فلا حرج في عملها في ذلك المجال، ولا حرج أن تدرس ما يؤهلها لذلك العمل بالضوابط الشرعية المتقدمة.(30/157)
وننه إلى أن السفر إلى بلاد غير المسلمين لا يجوز إلا لضرورة أو حاجة لا تدفعان إلا بذلك، لما ينتشر في تلك البلاد من الفساد والخطر على المرء في دينه
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ضوابط سفر المرأة وعملها
تاريخ الفتوى : ... 19 ذو الحجة 1424 / 11-02-2004
السؤال
ما قولكم في دراسة الفتاة في الخارج بدون وجود محرم أو عملها في أماكن مختلطة مع التزامها بالحجاب الشرعي والأداب الإسلامية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر وليس معها محرم لها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة أن تسافر ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم منها" والحديث في الصحيحين وغيرهما. وإذا كان العلماء اختلفوا في جواز سفر المرأة مع الرفقة المأمونة لأداء فريضة الحج فلا شك أن سفرها بدون محرم للدراسة ممنوع شرعاً. أما عمل المرأة المتحجبة في الأماكن المختلطة فلا يخلو من حالتين الأولى: أن تكون المرأة مضطرة للعمل لضرورة حقيقية معتبرة شرعاً حيث لا يكون لها من يقوم عليها ويوفر لها ضروريات الحياة. ولم تجد مكاناً غير مختلط تعمل فيه ولم تكن تحسن صنعة تعملها في بيتها كالخياطة والحياكة والنسيج، أو تحسنها ولكن دخلها لا يفي بضرورياتها وضروريات من تعول. ففي هذه الحال يجوز لها أن تعمل في ذلك المكان المختلط مع التزام الحذر التام ومراعاة الضوابط الشرعية لخروج المرأة فلا تخرج إلا وهي محتشمة متحجبة الحجاب الشرعي الكامل ويشترط في ذلك الحجاب أن يكون صفيقا فضفاضاً لا يصف شيئاً من مفاتنها ولا يلفت انتباه الرجال إليها. وكما يجب عليها أن تحذر مس الطيب عند خروجها لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذر النساء من الخروج متطيبات إلى المسجد، وغير المسجد مثله في الحكم. من ذلك ما في المسند وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة خرجت من بيتها متطيبة تريد المسجد لم يقبل الله لها صلاة حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة". كما يحرم عليها أن تخضع بالقول عند مخاطبة الرجال إذا احتاجت إلى ذلك لقول الله تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً)[سورة الأحزاب:32] إذا تحققت هذه الحالة والتزمت المرأة بهذه الضوابط يجوز لها العمل ما دامت بحاجة إليه فإذا زالت حاجتها أو وجدت فرصة عمل لا يوجد فيها اختلاط وجب عليها ترك ذلك العمل. الحالة الثانية: أن لا تكون مضطرة إلى العمل في الأماكن المختلطة إما لعدم حاجتها إلى العمل أصلاً
وإما لوجود فرصة عمل غير مختلطة. ففي هذه الحال لا يجوز لها العمل في الأماكن المختلطة لما يترتب على ذلك من مفاسد ولما ينطوي عليه من مخاطر. ويكفي من ذلك أنه إذا اختلطت المرأة بالرجل في مكان واحد باستمرار يصعب(30/158)
عليهما أن يمتثلا أمر الله سبحانه في غض البصر الذي أوجب الله عليهما. ومن المخاطر أيضا أنه ليس كل الرجال الذين تتعامل معهم من الأتقياء الأعِفَّاء غالباً. بل إن الكثيرمنهم لا يؤمَن على الأعراض ولا يتقي الله تعالى في نظراته وكلماته وتصرفاته في بعض الأحيان وقد ينشأ عن ذلك ما لا تحمد عقباه. كما هو مشاهد. وبالجملة فالأسلم للمرأة في دينها وعرضها أن تشتغل في مجالها الخاص بها وأن تبتعد عن مكان الريبة والفساد. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لاتسافر المرأة بغير إذن زوجها ولو كانت مع ذي محرم إلا لضرورة
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
ما حكم الشرع في سفر المرأة بدون محرم وبدون إذن زوجها ؟ وجزاكم الله خيرا والسلام
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع محرم لها، لما في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ليلة إلا معها رجل ذو حرمة منها" وهذا لفظ مسلم. وفيهما أيضا: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" ولا يجوز لها أيضاً أن تسافر إلا بإذن زوجها ولو كانت مع محرم إلا إذا كان السفر لأداء فريضة الحج أو لضرورة ملجئة كعلاج مرض مستعص فلها في الحالتين أن تسافر ولو لم يأذن لها الزوج إن وجدت محرماً يرافقها خلال سفرها. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تقدير الضرورة المبيحة لسفر المرأة
تاريخ الفتوى : ... 19 ذو الحجة 1424 / 11-02-2004
السؤال
أنا فتاة أنهيت دراستي الأكاديمية هذه السنة، وأنا متفوقة في دراستي والحمد لله، اُتيحت لي الفرصة للحصول على درجة الماجيستير خارج البلاد (بلد أجنبية)، وهي مهمة جداً لحياتي العملية حيث ما سيتحقق لي وما سأستطيع أن أقدمه إن شاء الله في مجال التدريس في الأكاديمية.
المشكله عدم وجود محرم متفرغ للعناية بي في السفر إلا والدتي حيث إن خطيبي (سوف يتم الزواج هذه السنة إن شاء الله) لا يستطيع مرافقتي بعد الزواج فترة الدراسة والسفر لارتباطه بعمله، ولكنه سيقضي فترات متقطعه معي، ولا يوجد لي أخ، وأبي مرتبط بعمل في القطاع الخاص، وسيفقد عمله لو سافر معي، وبالتأكيد هذه مشكلة.(30/159)
والدتي سترافقني الفترة كاملة ولن تتركني يوماً واحداً إن شاء الله. ما يحيرني هو حديث قرأته عن الرسول صلى الله عليه و سلم: "إن أرادت امرأة أن تدخل الجنة لا تسافر مسافة يوم بدون محرم".
فما الحكم في ذلك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالذي يظهر أنك على معرفة بوجوب وجود محرم يصحب المرأة أثناء سفرها، وهذا الحكم ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم بعدة ألفاظ في الصحيحين وغيرهما. من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة وليس معها حرمة" رواه البخاري أي: رجل محرم لها كما هو مبين في رواية مسلم "لا يحل لامرأة مسلمة أن تسافر مسيرة ليلة إلا معها رجل ذو حرمة منها".
وهذا الحديث واضح الدلالة على عدم جواز سفر المرأة بدون محرم لها. وإذا كان العلماء اختلفوا في جواز سفر المرأة بدون محرم لها مع الرفقة المأمونة لأداء فريضة الحج فإنه من الجلي أن سفرها لغير ذلك غير مأذون فيه، لاسيما في البلاد الأجنبية، ثم إن مايخصك ليس هو السفر فقط، بل السفر والإقامة والدراسة، وفي ذلك من مطالب الحياة وضرورة التصرفات مايفوق أضعافا مضاعفة مخاطر السفر العابر المحدود الوقت.
ومما ينبغي معرفته أن والدتك ليست محرماً لك، لأنها هي بحاجة إلى محرم، فلينتبه لذلك.
وهناك مشكلة أخرى واقعة في الجامعات في البلاد الأجنبية لعلك ما انتبهت لها وهي مشكلة الاختلاط بين الجنسين، وهي مشكلة جد خطيرة تكفي لوحدها أن تمنعك من السفر إلى تلك البلاد والدراسة في جامعاتها حتى لو وجدت محرماً يسافر معك.
فعليك أن تتقي الله تعالى وتقري في بيتك وتواصلي دراستك – إن أحببت – عن طريق المراسلة في إحدى الجامعات التي عندها ذلك النظام أو في بلدك إذا كان بغير إختلاط محرم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يجوز للمرأة أن تسافر دون محرم لحضور مخيم أو ندوة
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
في أوروبا يدخل الكثير من أهل البلاد في الإسلام وأغلبهم من النساء ، و أحيانا تقام مخيمات ودورات إسلامية تتطلب من النساء السفر إلى مدن أخرى ، و لكن لا يوجد معهن محرم فهل يسافرن أم لا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:(30/160)
فإنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر من بلدها إلى بلد آخر إلا مع زوج أو محرم مثل الأب والأخ والابن والخال والعم وابن الأخ وابن الأخت ، فلا يجوز لها السفر ولو كانت مع جماعة من النساء . لأنها مأمورة بستر نفسها ، أما الدعوة إلى الله تعالى فتقوم بها على قدر استطاعتها ، يقول تعالى : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ). [البقرة : 286]. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة الاّ مع ذي محرم عليها".
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
عنوان الفتوى : ... أقوال أهل العلم في سفر المرأة
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
ما هو حكم سفر المرأة من دون محرم على المذاهب الأربعة ؟ وما هو الصواب منها بالنظر إلى عموم الأدلة ومقاصد الشريعة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على تحريم سفر المرأة بدون محرم إذا خيفت الفتنة، واختلفوا فيما إذا بعدت الشبهة وموطنها. فذهب بعضهم إلى تحريم سفر المرأة دون محرم أخذا بعموم ألفاظ الأحاديث الواردة في منع المرأة من السفر دون محرم، ومنها ما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم" وما رواه الشيخان أيضا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم" فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال: انطلق فحج مع امرأتك". فأخذ هؤلاء وهم الحنابلة والأحناف والظاهرية. بالمنع من سفر المرأة دون محرم سواء قرب السفر أم بعد، شابة كانت المرأة أم عجوزاً، معها رفقة من النساء أم لا. وذهب الشافعية والمالكية إلى أنه يجوز لها أن تسافر بدون محرم إذا أمنت الطريق بوجود رفقة من نساء أو نحو ذلك. وخصه بعضهم بسفر الحج الواجب وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: "وتحج كل امرأة آمنة مع عدم محرم لزوال العلة" وفرق آخرون بين الشابة والمرأة الكبيرة فأباحوا ذلك للمرأة الكبيرة ومنعوه للشابة. واشترط بعض أهل العلم في الرفقة أن تشتمل على نساء. وعلى كل فلا يخفى أن العلة التي كان الحكم بها محل اتفاق لم تتحقق في زمن مثلما هي متحققة في زمننا هذا. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم السفر بالزوجة ... العنوان(30/161)
نحن صحبة من الرجال أكثرنا يترك زوجته ويسافر بدونها لعدم رغبة الزوجات في السفر بصحبة أزواجهن ، بزعم أن الشرع لا يجيز نقل الزوجة إلى بلد آخر، فيقع الرجال في مشقة شديدة لعدم وجود أهله معهوقد يؤدي ذلك إلى ما حرم الله ، فهل يوجد نص شرعي على حقيقة ما يدعي نساؤنا أم هن يعملن بحكم العادة ؟ وإذا طلب أحد من المحكمة الشرعية إلزام زوجته بالسفر معه فماذا يكون الحكم ؟ ... السؤال
23/01/2007 ... التاريخ
الشيخ محمد رشيد رضا ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
فيقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-ردا على سؤال مماثل :
السبب الحقيقي لعدم رضاء النساء بالسفر مع أزواجهم هو فساد التربية وقلة الدين أو كراهية الزوج لسوء معاملته ، ولا يوجد نص في الكتاب أو السنة يبيح للمرأة عصيان زوجها في مثل هذا السفر الذي لا ضرر فيه ولا ضرار ، بل الكتاب والسنة يوجبان على المرأة طاعة زوجها بالمعروف .
ومعاذ الله أن تبيح الشريعة هذا الخلل الذي يخرب البيوت ويفرق بين المرء وزوجه ويرهقه من أمره عسرًا ، نعم إنها تحرم على الرجل أن يضارَّ المرأة بسفر أو غيره ليضيق عليها ، وإذا ثبت ذلك عند الحاكم فله أن يمنعه، وفي هذه الصورة يجب على الحاكم أن يلزم المرأة بطاعة زوجها .
وأما المحاكم الشرعية في هذه البلاد فلا نبحث عن أحكامها في باب الفتوى ؛ لأن غرضنا من هذا الباب بيان أن أحكام الشريعة توافق مصالح البشر في كل مكان وزمان ، وأنها قائمة على أساس العدل والإحسان ، وأن ما يسمع عنها أو يرى من أهلها مخالفًا لذلك فهو بعيد عنها وهي بريئة منه .
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
إقامة الزوجة مع زوجها حيث أقام ... العنوان
السلام عليكم .. أتقدم إليكم بحالتي هذه راجيا منكم الرأي والإرشاد ولمعرفة حكم الدين في هذه الحالة.
لقد أقمت فترة في بلد أجنبي غير مسلم والذي سافرت إليه لغرض الدراسة والعمل وطالت الإقامة لسنوات طويلة. وتزوجت هناك بقريبتي التي كانت تقطن هناك وأنجبت منها أربعة أطفال انتهت سنوات الدراسة و أصبحت بمهنة مرموقة ودخل جيد والحمد لله.
في السنوات الأخيرة كنت أنا وزوجتي نفكر في السفر لبلد عربي لتربية الأولاد على اللغة العربية والديانة الإسلامية بعدما رأينا بأنهم كانوا يكبرون ويدخلون مرحلة جديدة في نموهم. لم يكن هناك بلد معين ولكن أسهل الأماكن وأقربها للفكر كان مسقط رأسينا حيث الناس الذين نعرف ومسار الحياة الذي يسهل التعود عليه.(30/162)
للأسف هذا المكان لم يرق لزوجتي كثيرا بعد زيارات مؤقتة صيفية خصوصا عندما يقارن هذا المكان بالرفاهية في البلد الذي نعيش فيه حاليا. ورفضت رفضا باتا الإقامة أو الزيارة إلي هذا البلد وللأبد.
هذا الموقف منها قضى على حلمي في العودة يوما ما إلى موطني. لقد أثارني هذا الموقف منها مما دفعني إلى الإشارة إلى احتمال سفري بالأولاد فقط إن لم تحب السفر معنا. وهنا كان جوابها الذي أدى إلى بداية المشاكل والصورة التي انتهينا إليها، لقد أجابت زوجتي بالتهديد بالاستعانة بالقضاء لمنع سفر الأولاد إن أنا حاولت فعل ما أشرت إليه. بمعنى آخر أنا أصبحت زوجا ورجلا وأبا لا يملك السلطة الكاملة في التقرير في اختيار مكان أقامة أبنائه حتى وإن شعر بأهمية ذلك لدينهم ومستقبلهم.
في هذا الوضع أصبحت في حالة من قيدت يداه ورجلاه وفرضت عليه الحدود وتوجه إليه التهديد بالعواقب إن عصى أو حاد عن الطريق هذا بلغة القانون السائد هناك. عرضت على زوجتي دولة أسلامية أخرى أحسن حالا كحل وسط بيننا ولكنها ماطلت و طلبت أن ننتظر سنوات قليلة. ولكن الوقت كان يمضي بسرعة والأولاد يكبرون وفرصة نجاح اندماجهم في دولة عربية كانت تتضاءل مع الوقت والانتظار.
بعد تفكير طويل أحسست بأنه لا مناص لي من التدبير للخروج بأولادي ومن ثم دعوة زوجتي إلى مكان يمكننا فيه تربية أولادنا التربية الحسنة وحيث نحاول أن نعيد طريق زواجنا إلى ما كانت عليه من الطبيعة التي كنا عليها ومن المفترض أن نكون فيها. وسافرت بالأولاد وأعلمت زوجتي بنيتي بالبقاء ودعوتها للحاق بنا بمودة ورجاء ووعود بإسعادها هنا بكل ما استطعت.
للأسف الرياح لم تسر بما تشتهى السفن. الزوجة رفضت أن تتبع زوجها إلى حيث ارتحلنا. وبدلا من رؤية الأمر كما رآه كثير من الناس قلبت الصورة وفسرتها بأنها هروب للزوج بالأولاد وحرمان أم من أولادها!
زوجتي رفضت المتابعة بحجة وضع المرأة في البلد الذي انتقلنا إليه وخوفها من احتمال معاملتها بما يعامل به النساء حسب العادات والتقاليد هنا رغم معرفتها لي وبحسن معاملتها بعد 13سنة من الزواج!
ثم إنها غدت تتظاهر بالظلم والقسوة لأنها حرمت من أولادها ولأن زوجها قد مكر بها. ومن ثم مضت إلى إجراءات الشكوى وطلب الطلاق من المحاكم الأجنبية و تبذير المال الذي تركه زوجها لها في ذلك الإجراء والشروع في العمل والخروج المطلق من البيت دون مشاورة زوجها وقبل طلب أي عون منه. ثم رفض التحدث إلى زوجها وقفل كل أبواب الاتصال والمحاورة.
نعم لقد خرجت بدون إخبارها بنيتي وكذبت عليها ولكني أعلم مما قد أخبرت من قبل بأنها ليست فقط تعارض هذا الرأي بل أنها لن تدع ذلك يحدث وبأنها ستقف في طريقي بالاستعانة بالقانون المتبع في هذا البلد وإن لم يوافق ديننا وشريعتنا.
لقد دفعتني إلى هذا الأسلوب وما كنت أحتاج إلى هذه الطريقة لو أن الأمور كانت تسير حسب الأصول في رأيي.(30/163)
أود أن أعرف رأي الدين في ذلك؟... هل أنا مخطئ فيما فعلت؟...هل زوجتي مخطئة؟... ما لي وما لها في حالة الطلاق؟
بارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
... السؤال
17/12/2006 ... التاريخ
السيد مبروك صقر ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد..
هذه مسألة فيها تنازع بين طرفين ونحن نحب أن ننبه في بداية الجواب أن هذا التنازع لا يتم حله إلا بعد الاستماع إلى الطرفين أمام أحد المحكمين أو مجموعة منهم يرتضيه الطرفان.
ولكن إذا كان الأمر كما تقول فالجواب أن زوجتك خاطئة في امتناعها عن السفر إلى حيث أنت، وحيث مصلحة الأولاد ، وإذا طلبت الطلاق فهي مختلعة ولا حق لها لأنها ناشز، ويمكنك أن تطلقها وتعطيها مؤخر الصداق والنفقة إن شئت أو اضطررت .
لأن المرأة إذا نشزت على زوجها سقط حقها في النفقة، ومن النشوز الذي يسقط حق المرأة في النفقة: الامتناع عن السفر معه إلى حيث يشاء من البلدان مع أمن الطريق، ولا يكون هذا الامتناع نشوزاًَ إلا بشرطين:
الأول: أن لا تكون قد شرطت عليه في العقد أن لا يخرجها من بلدها.
الثاني: أن يكون قد وفاها مهرها.
قال العلامة السرخسي الحنفي في المبسوط: وإذا تغيبت المرأة عن زوجها أو أبت أن تتحول معه إلى منزله أو إلى حيث يريد من البلدان وقد أوفاها مهرها، فلا نفقة لها لأنها ناشزة . اهـ
ويقول ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في المقنع: وإذا امتنعت من السفر معه أو من المبيت عنده أو سافرت بغير إذنه سقط حقها من القسم . اهـ
ويقول الرملي الشافعي في فتاويه: وقال الماوردي في حاويه: وأما التمكين فيشتمل على أمرين لا يتم إلا بهما أحدهما: تمكينه من الاستمتاع بها، والثاني: تمكينه من النقلة معه حيث شاء في البلد الذي تزوجها فيه، وإلى غيره من البلاد إذا كانت السبيل مأمونة . اهـ
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الذهاب إلى الشواطىء: حكمه وآدابه ... العنوان
سمعنا في الآونة الأخيرة عن ظاهرة نزول الإسلاميين إلى الشواطئ، كيف ترون هذه الظاهرة؟(30/164)
وما هي التوجيهات التي تقدمونها لكل من يرغب في الذهاب إلى الشواطئ؟ وهل يجوز للزوج أن يصحب زوجته معه للمصيف ؟
... السؤال
14/06/2006 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالذهاب إلى المصايف أمر مباح، والمباح في الشرع يتقيد بشرط السلامة (أي سلامة الفعل من المحظورات الشرعية )، وقد يكون واجبا إذا كان القصد منه الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر وبخاصة في هذه الأماكن التي يكثر فيها الاختلاط وتكشف العورات وغالباماتنتهك الحرمات، وقد يكون مستحبا إذا استعان المسلم بهذه الراحة القصيرة على أداء واجباته، وقد يكون حراما إذا صاحبه اختلاط غير مشروع أو نظر إلى العورات ممنوع، أو غير ذلك من المحرمات، وذهاب الرجل بزوجه إلى المصايف جائز ما دام سيلتزم الزوجان بحدود وضوابط الشرع .
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :
الذهاب للشواطئ للاستجمام حق لكل مواطن ولكل إنسان؛ فليس الاستجمام حقًا لكل اللادينيين وحدهم، حتى إذا ذهب الإسلاميون أُنكر عليهم ذلك: فهل هواء البحر محرّم على أهل الدين؟
فإذا جاء وقت الصلاة جاء المسلمون على شواطئ البحر ليصلوا، فلماذا هذا الإنكار على المسلمين ا لما ذهبوا إلى الشواطئ؟ فهذه الظاهرة طيبة، فمنذ سنوات امتدت الصحوة الإسلامية، وربما مر الإنسان على شواطئ الإسكندرية الآن ليرى الملتزمين وهم يصلون، وقد ترى المحجبات والمصلين عند البحر؛ وهذا أمر نحبذه، ولا نرى فيه منكرًا شرعًا
ويقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر:
التمتُّع بالحلال الطيب من نِعَم الله جائز، ومنه مشاهد الطبيعة والنسيم العَليل والحدائق والزُّهور قال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعَبَادِهِ وَالطَّبِّيَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) (سورة الأعراف:32)، وقال: (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَواتِ وَالأرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) (سورة الأعراف: 135)، وكل ذلك في نطاق قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ) (سورة المائدة:87)، وقوله: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ) (سورة الأعراف : 31)، فالتَّمتُّع بِالطَّيِّباتِ يَكُون في اعْتِدَالِ وَبِقَدَر، ولا يَتَعدَّى حُدُودَ المَشْروع.
وشواطئ البحار يَقْصدها الكثيرون في الصيف لطِيب الهواء والاستحمام بالماء وهدوء الأعصاب ولغير ذلك من الأغراض التي لها علاقة بالحكم؛ لأن الأعمال بالنيات. ولو التزمَ الإنْسان، وخاصَّة النساء، بالحِشْمة المطلوبة والأدب في السلوك عامة ما كان هناك مانع من ارتيادها. والحفاظ على الآداب من الناحية تقع مهمَّتُه(30/165)
الأولى على أولياء الأمور، من الأزواج والآباء، إلى جانب الجهات المسئولة عن الأمن والآداب، فلا بد من تعاون الجميع شَعبًا وحكومة على ذلك. مع العلم بأن "التصْييف" ليس أمرًا ضروريًّا حتميًّا حتى يُسْمح فيه ببعض التجاوزات، على قاعدة الضرورات تُبيح المَحْظورات، وإنَّما هو أمْر تَرْفِيهِيٌّ كَمَالِي، لا بدَّ فيه مِن مُراعاة كل الاحتياطات حتى لا تكون نتيجتُه إفساد الأخلاق والإسراف والتبذير، وبالتالي غضب الله سبحانه قال تعالى: ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (سورة الشورى : 30)
ويقول الشيخ محمد حسين عيسى من علماء ودعاة مصر:
الله سبحانه وتعالى لا يحرم على الزوج والزوجة أن يعيشا حياة البشر، كل ما أباحه الله عز وجل للمسلمين مباح للزوج والزوجة، بل مطلوب في صحبة الزوجية أن تكون هناك مواقف عاطفية متجددة، مواقف بين الزوجين متجددة لدوام هذه العلاقة الزوجية، وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يخرج كما قالت أم المؤمنين عائشة معها إلى التلاع، والتلاع هي مساقط المياه في الصحراء، حيث الخضرة وانسياب الماء، وكان ذلك عندهم يسمى البادية، وأن الرسول كان يخرج مع زوجته يتبدى "كما نقول نحن نصيف"، إذن الخروج إلى الأماكن المختلفة تعيد الذكريات الطيبة بين الزوجين، وتنشط الحياة الزوجية وتسري متاعب العمل خارج البيت، ذلك من المطلوب ومن المستحب، بل هو نفسه في شرع الله عز وجل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ بعض زوجاته في الأسفار، وكان يطلب من أصحابه أن يتقدموا عنه في مراحل السفر ثم يخلو مع بعض نسائه كعائشة ويتريض معها أي يتسابق، وكان يسبقها وكانت تسبقه.
إن الخروج لا غبار عليه إذا خرج الزوج مع زوجته، بل هو مستحب، لكن أقول إذا كان الخروج إلى أماكن البحر فيها معاص كالخلطة المفسدة بين الرجال والنساء أو التعري وكشف عورة المرأة وكلها عورة إلا الوجه والكفين، وكذلك الرجل عورته من السرة حتى الركبة، فهذا حرام، أما إذا لم تكن هناك خلطة مفسدة ولم يكن هناك تعرٍّ ، نقول كما قال الله تعالى "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق" فربنا لم يحرم إلا الحرام، وليس خروج الرجل مع زوجته للتريض والنزهة حراما، بل نحن نطالب كل زوج أن يفعل ذلك؛ لدوم العشرة وكي تجدد الأسرة نشاطها؛ وكي تستمر الحياة بلا متاعب ويسعد الزوجان.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة بغير محرم للمؤتمرات العلمية ... العنوان
أعمل أستاذة في الجامعات المصرية ، ويضطرني عملي أحيانا للسفر لحضور المؤتمرات العلمية ، فهل يجوز السفر بدون صحبة معروفة، وبدون إذن الزوج ؟ ... السؤال
12/06/2005 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...(30/166)
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
على المرأة أن تستأذن زوجها عند خروجها من المنزل إذا أردت أن تذهب لمكان لا يعرفه الزوج وليس لديها أذن عام بالخروج إلى مثل هذا المكان أما خروجها لحاجتها اليومية كالعمل وغيره فيكفي الاتفاق بين الزوجين على ذلك ولا تحتاج إلى إذن خاص مادام هذا العمل متكررا .
أما سفرها دون محرم فالأصل عدم جوازه وقد أباحه بعض الفقهاء – بشرط إذن الزوج - إذا كان في صحبة آمنة تأمن فيها المرأة على نفسها وعرضها ، وهذا يشمل كل سفر، سواء كان واجبًا كالسفر لزيارة أو تجارة أو طلب علم أو نحو ذلك. والأحوط أن تمكث المرأة خلال فترة المؤتمر عند أسرة مسلمة أو يسافر معها محرم ، أمنا لها .
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :
الأصل المقرر في شريعة الإسلام ألاّ تسافر المرأة وحدها، بل يجب أن تكون في صحبة زوجها، أوذي محرم لها.
ومستند هذا الحكم ما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم ".
وعن أبي هريرة مرفوعًا: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم " (رواه مالك والشيخان وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة).
وهذه الأحاديث وغيرها تشمل كل سفر، سواء كان واجبًا كالسفر لزيارة أو تجارة أو طلب علم أو نحو ذلك.
وليس أساس هذا الحكم سوء الظن بالمرأة وأخلاقها، كما يتوهم بعض الناس، ولكنه احتياط لسمعتها وكرامتها، وحماية لها من طمع الذين في قلوبهم مرض، ومن عدوان المعتدين من ذئاب الأعراض، وقطاع الطرقات، وخاصة في بيئة لا يخلو المسافر فيها من اجتياز صحار مهلكة، وفي زمن لم يسد فيه الأمان، ولم ينتشر العمران.
ولكن ما الحكم إذا لم تجد المرأة محرمًا يصحبها في سفر مشروع: واجب أو مستحب أو مباح ؟ وكان معها بعض الرجال المأمونين، أو النساء الثقات، أو كان الطريق آمنًا.
لقد بحث الفقهاء هذا الموضوع عند تعرضهم لوجوب الحج على النساء . مع نهي الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن تسافر المرأة بغير محرم.
( أ )فمنهم من تمسك بظاهر الأحاديث المذكورة، فمنع سفرها بغير المحرم، ولو كان لفريضة الحج، ولم يستثن من هذا الحكم صورة من الصور.
( ب ) ومنهم من استثنى المرأة العجوز التي لا تشتهي، كما نقل عن القاضي أبي الوليد الباجي، من المالكية، وهو تخصيص للعموم بالنظر إلى المعنى، كما قال ابن دقيق العيد، يعني مع مراعاة الأمر الأغلب فتح الباري ج 4 ص 447.(30/167)
( ج ) ومنهم من استثنى من ذلك ما إذا كانت المرأة مع نسوة ثقات . بل اكتفى بعضهم بحرة مسلمة ثقة.
( د ) ومنهم من اكتفى بأمن الطريق . وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
ذكر ابن مفلح في (الفروع) عنه قال: تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم، وقال: إن هذا متوجه في كل سفر طاعة .. ونقله الكرابيسي عن الشافعي في حجة التطوع . وقال بعض أصحابه فيه وفي كل سفر غير واجب كزيارة وتجارة. (انظر: الفروع ج 3، ص 236، 237، ط.ثانية).
ونقل الأثرم عن الإمام أحمد: لا يشترط المحرم في الحج الواجب، وعلل ذلك بقوله: لأنها تخرج مع النساء، ومع كل من أمنته.
بل قال ابن سيرين: مع مسلم لا بأس به.
و قال الأوزاعي: مع قوم عدول.
و قال مالك: مع جماعة من النساء.
و قال الشافعي: مع حرة مسلمة ثقة . وقال بعض أصحابه: وحدها مع الأمن. (الفروع ج 3، ص 235 - 236).
وإذا كان هذا قد قيل في السفر للحج والعمرة، فينبغي أن يطرد الحكم في الأسفار كلها، كما صرح بذلك بعض العلماء (فتح الباري ج 4 ص 447، ط. مصطفى الحلبي) . لأن المقصود هو صيانة المرأة وحفظها وذلك متحقق بأمن الطريق، ووجود الثقات من النساء أو الرجال.
والدليل على جواز سفر المرأة من غير محرم عند الأمن ووجود الثقات:
أولاً:ما رواه البخاري في صحيحه أن عمر رضي الله عنه أذن لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر حجة حجها، فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن، فقد اتفق عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ونساء النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولم ينكر غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك . وهذا يعتبر إجماعًا. (المصدر السابق).
ثانيًا: ما رواه الشيخان من حديث عدي بن حاتم، فقد حدثه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مستقبل الإسلام وانتشاره، وارتفاع منارة في الأرض. فكان مما قال: " يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة (بالعراق) تؤم البيت لا زوج معها، لا تخاف إلا الله ... إلخ " وهذا الخبر لا يدل على وقوع ذلك فقط، بل يدل على جوازه أيضًا، لأنه سبق في معرض المدح بامتداد ظل الإسلام وأمنه.
هذا ونود أن نضيف هنا قاعدتين جليلتين :
أولأً: أن الأصل في أحكام العادات والمعاملات هو الالتفات إلى المعاني والمقاصد بخلاف أحكام العبادات، فإن الأصل فيها هو التعبد والامتثال، دون الالتفات إلى المعاني والمقاصد . كما قرر ذلك الإمام الشاطبي ووضحه واستدل له.
الثانية: إن ما حرم لذاته لا يباح إلا للضرورة، أما ما حرم لسد الذريعة فيباح للحاجة . ولا ريب أن سفر المرأة بغير محرم مما حرم سدًا للذريعة.(30/168)
كما يجب أن نضيف أن السفر في عصرنا، لم يعد كالسفر في الأزمنة الماضية، محفوفًا بالمخاطر لما فيه من اجتياز الفلوات، والتعرض للصوص وقطاع الطرق وغيرهم.
بل أصبح السفر بواسطة أدوات نقل تجمع العدد الكثير من الناس في العادة، كالبواخر والطائرات، والسيارات الكبيرة، أو الصغيرة التي تخرج في قوافل . وهذا يجعل الثقة موفورة، ويطرد من الأنفس الخوف على المرأة، لأنها لن تكون وحدها في موطن من المواطن.
ولهذا لا حرج أن تسافر مع توافر هذا الجو الذي يوحي بكل اطمئنان وأمان. أ.هـ
وإليك فتوى المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء :
استئذان المرأة عند الخروج من المنزل أمر واجب على المرأة إذا أرادت الخروج من منزلها أن تعلم زوجها بذلك. والخروج من المنزل بالنسبة للمرأة إن كان للعمل أو الدراسة أو لقضاء شؤون المنزل والأولاد فإن هذا الخروج لا يحتاج إلا إلى موافقة عامة من الزوج، ولا تحتاج الزوجة أن تستأذن في كل مرة، وهذا أمر يحكمه العرف.
أما إذا كان هذا الخروج إلى زيارة أسرة غير معروفة عند الزوج، أو أن هذا الخروج يترتب عليه مبيت خارج بيت الزوجية، فهذا لا بد فيه من إذن وموافقة الزوج. فإن لم يوافق لا يصح للمرأة الخروج.
والخلق الإسلامي يقتضي أن الرجل أيضاً إذا أراد أن يسافر أو يبيت خارج المنزل أن يخبر زوجته بذلك؛ لأن من حقها أيضاً أن تعرف مكان زوجها عند غيابه من المنزل.
أما سفر المرأة دون محرم فالأصل فيه عدم الجواز لما ورد في ذلك من أحاديث ، قال فيها بعض أهل العلم بعدم جواز سفر المرأة وحدها.
وقيد آخرون جواز السفر بوجود رفقة مؤمنة من الرجال أو من الرجال والنساء معاً. والنهي في الحديث معلل بالخوف على المرأة من الأذى الذي قد يلحقها، وبالفتنة إذا سافرت وحدها، خاصة وأن مخاطر الأسفار قديماً كثيرة. وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أذن لأمهات المؤمنين أن يسافرن إلى الحج مع الرفقة المؤمنة، وأرسل معهن عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف أخرجه البخاري (رقم: 1761) والبيهقي (4/326-327).
هذا في السفر الذي تسافره المرأة من مدينة إلى أخرى أو من بلد إلى آخر وتصل في نفس اليوم الذي سافرت فيه حيث تجد الرفقة الآمنة. أما إذا كان السفر يتطلب مبيتاً في الطريق كالفنادق، أو أن السفر للقيام بعمل معين يتطلب إقامة مدة معينة، فالأصل في هذه الحالة أن تسافر المرأة مع محرم لها، أو تقيم المدة المطلوبة مع أسرة مسلمة في ذلك البلد، سداً لذريعة الفتنة أو الأذى الذي قد يحصل للمرأة. أ.هـ
وتقول الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه بجامعة الأزهر :
اختلف الفقهاء في اشتراط المحرم لسفر المرأة، فمذهب الحنفية والحنابلة على ضرورة وجود المحرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر امرأة فوق ثلاث إلا مع زوج أو محرم". وذهب الشافعية والمالكية إلى عدم اشتراط المحرم والاكتفاء(30/169)
بالنسوة الثقات، واشتراط المحرم كان نتيجة عدم الأمان في الطريق طريق السفر وفي وسيلة السفر، ومع تقدم هذه الوسائل فإننا نرجح مذهب الشافعية والمالكية بشرط أن يكون السفر بإذن الزوج إن كانت متزوجة أو بإذن الولي إن لم تكن متزوجة.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة للحج بغير محرم ... العنوان
ما رأي الإسلام في حج المرأة دون محرم وبخاصة في هذه الأيام التي تأمن فيها المرأة على نفسها ؟ ... السؤال
09/01/2005 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد
فسفر المرأة دون محرم لأداء الحج محل خلاف بين الفقهاء، ويرى فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، وفضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر وغيرهم من الفقهاء المعاصرين جواز ذلك إذا كانت هناك رفقة آمنة، أو أمنت المرأة الطريق في الذهاب والإياب، أو كانت هناك هيئة مؤتمنة على تنظيم رحلة السفر أو غير ذلك ، حيث إن التحريم هنا سدا للذرائع ، وخوفا على المرأة فإذا انتفت العلة انتفي الحكم وإليك نص فتواه كاملة :
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
الأصل المقرر في شريعة الإسلام ألا تسافر المرأة وحدها، بل يجب أن تكون في صحبة زوجها، أوذي محرم لها.
ومستند هذا الحكم ما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم ".
وعن أبي هريرة مرفوعًا: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم " (رواه مالك والشيخان وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة).
وعن أبي سعيد عنه - صلى الله عليه وسلم -: " لا تسافر امرأة مسيرة يومين ليس معها زوجها أو ذي محرم ". (رواه الشيخان في رواية لهما عن أبي سعيد).
وعن ابن عمر: " لا تسافر ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم ". (متفق عليه من حديث ابن عمر).
والظاهر أن اختلاف الروايات لاختلاف السائلين وسؤالهم، فخرجت جوابًا لهم، غير أن أبا حنيفة رجح حديث ابن عمر الأخير، ورأى أن لا يعتبر المحرم إلا في مسافة القصر . وهو رواية عن أحمد.(30/170)
وهذه الأحاديث تشمل كل سفر، سواء كان واجبًا كالسفر لزيارة أو تجارة أو طلب علم أو نحو ذلك.
وليس أساس هذا الحكم سوء الظن بالمرأة وأخلاقها، كما يتوهم بعض الناس، ولكنه احتياط لسمعتها وكرامتها، وحماية لها من طمع الذين في قلوبهم مرض، ومن عدوان المعتدين من ذئاب الأعراض، وقطاع الطرقات، وخاصة في بيئة لا يخلو المسافر فيها من اجتياز صحار مهلكة، وفي زمن لم يسد فيه الأمان، ولم ينتشر العمران.
ولكن ما الحكم إذا لم تجد المرأة محرمًا يصحبها في سفر مشروع: واجب أو مستحب أو مباح ؟ وكان معها بعض الرجال المأمونين، أو النساء الثقات، أو كان الطريق آمنًا.
لقد بحث الفقهاء هذا الموضوع عند تعرضهم لوجوب الحج على النساء . مع نهي الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن تسافر المرأة بغير محرم.
( أ ) فمنهم من تمسك بظاهر الأحاديث المذكورة، فمنع سفرها بغير المحرم، ولو كان لفريضة الحج، ولم يستثن من هذا الحكم صورة من الصور.
( ب ) ومنهم من استثنى المرأة العجوز التي لا تشتهي، كما نقل عن القاضي أبي الوليد الياجي، من المالكية، وهو تخصيص للعموم بالنظر إلى المعنى، كما قال ابن دقيق العيد، يعني مع مراعاة الأمر الأغلب فتح الباري ج 4 ص 447.
( ج ) ومنهم من استثنى من ذلك ما إذا كانت المرأة مع نسوة ثقات . بل اكتفى بعضهم بحرة مسلمة ثقة.
( د ) ومنهم من اكتفى بأمن الطريق . وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية . ذكر ابن مفلح في (الفروع) عنه قال: تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم، وقال: إن هذا متوجه في كل سفر طاعة .. ونقله الكرابيسي عن الشافعي في حجة التطوع . وقال بعض أصحابه فيه وفي كل سفر غير واجب كزيارة وتجارة. (انظر: الفروع ج 3، ص 236، 237، ط.ثانية).
ونقل الأثرم عن الإمام أحمد: لا يشترط المحرم في الحج الواجب . وعلل ذلك بقوله: لأنها تخرج مع النساء، ومع كل من أمنته.
بل قال ابن سيرين: مع مسلم لا بأس به.
*و قال الأوزاعي: مع قوم عدول.
*و قال مالك: مع جماعة من النساء.
*و قال الشافعي: مع حرة مسلمة ثقة . وقال بعض أصحابه: وحدها مع الأمن. (الفروع ج 3، ص 235 - 236).
قال الحافظ ابن حجر: والمشهور عند الشافعية اشتراط الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات . وفي قول: تكفي امرأة واحدة ثقة . وفي قول نقله الكرابيسي وصححه في المهذب تسافر وحدها إذا كان الطريق آمنًا.
وإذا كان هذا قد قيل في السفر للحج والعمرة، فينبغي أن يطرد الحكم في الأسفار كلها، كما صرح بذلك بعض العلماء (فتح الباري ج 4 ص 447، ط. مصطفى(30/171)
الحلبي) . لأن المقصود هو صيانة المرأة وحفظها وذلك متحقق بأمن الطريق، ووجود الثقات من النساء أو الرجال.
والدليل على جواز سفر المرأة من غير محرم عند الأمن ووجود الثقات :
أولأً: ما رواه البخاري في صحيحه أن عمر رضي الله عنه أذن لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر حجة حجها، فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن، فقد اتفق عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ونساء النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولم ينكر غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك . وهذا يعتبر إجماعًا. (المصدر السابق).
ثانيًا: ما رواه الشيخان من حديث عدي بن حاتم، فقد حدثه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مستقبل الإسلام وانتشاره، وارتفاع مناره في الأرض. فكان مما قال: " يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة (بالعراق) تؤم البيت لا زوج معها، لا تخاف إلا الله ... إلخ " وهذا الخبر لا يدل على وقوع ذلك فقط، بل يدل على جوازه أيضًا، لأنه سبق في معرض المدح بامتداد ظل الإسلام وأمنه.
هذا ونود أن نضيف هنا قاعدتين جليلتين : أولأً: أن الأصل في أحكام العادات والمعاملات هو الالتفات إلى المعاني والمقاصد بخلاف أحكام العبادات، فإن الأصل فيها هو التعبد والامتثال، دون الالتفات إلى المعاني والمقاصد . كما قرر ذلك الإمام الشاطبي ووضحه واستدل له.
الثانية: إن ما حرم لذاته لا يباح إلا للضرورة، أما ما حرم لسد الذريعة فيباح للحاجة . ولا ريب أن سفر المرأة بغير محرم مما حرم سدًا للذريعة.
كما يجب أن نضيف أن السفر في عصرنا، لم يعد كالسفر في الأزمنة الماضية، محفوفًا بالمخاطر لما فيه من اجتياز الفلوات، والتعرض للصوص وقطاع الطرق وغيرهم.
بل أصبح السفر بواسطة أدوات نقل تجمع العدد الكثير من الناس في العادة، كالبواخر والطائرات، والسيارات الكبيرة، أو الصغيرة التي تخرج في قوافل . وهذا يجعل الثقة موفورة، ويطرد من الأنفس الخوف على المرأة، لأنها لن تكون وحدها في موطن من المواطن.
ولهذا لا حرج أن تحج مع توافر هذا الجو الذي يوحي بكل اطمئنان وأمان.
ويقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر: روى البخاري ومسلم أن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرًا يكون ثلاثة أيام فصاعدًا إلا ومعها أبوها أو أخوها أو زوجها أو ابنها أو ذو محرم منها". ورويا أيضًا أن رجلاً قال للنبي –صلى الله عليه وسلم- إنه اكتتب في الغزو، وإن امرأته قد خرجت للحج، فقال له "حج مع امرأتك".
إزاء هذين النصين وغيرهما اختلف العلماء في اشتراط المحرم في وجوب الحج على المرأة، وبعيدًا عن اختلافهم في تقدير المسافة، قال الحنفية: لابد من وجود الزوج أو المحرم، إلا أن يكون بينها وبين مكة دون ثلاث مراحل. وقال الشافعي في المشهور عنه كما ذكره النووي في شرح صحيح مسلم "ج9 ص104": لا يشترط المحرم بل يشترط الأمن على نفسها.(30/172)
وقال أصحابه: يحصل الأمن بزوج أو محرم أو نسوة ثقات، وقال بعضهم: يلزمها –أي الحج- بوجود امرأة واحدة، وقد يكثر الأمن ولا تحتاج إلى أحد، بل تسير وحدها في جملة القافلة وتكون آمنة، ويقول النووي: المشهور من نصوص الشافعي وجماهير أصحابه هو الأول، أي الأمن على نفسها بالزوج أو المحرم أو النسوة الثقات.
والإمام مالك لا يشترط الزوج أو المحرم في سفر الفريضة، وقال الباجي من المالكية: إن الكبيرة غير المشتهاة يجوز سفرها بلا زوج ولا محرم، ورفض القاضي عياض هذا القول لأن المرأة مظنة الطمع والشهوة حتى لو كانت كبيرة، ولوجود السفهاء الذين لا يتورعون عن الفحشاء في الأسفار.
والإمام أحمد اشترط وجود الزوج أو المحرم في وجوب الحج عليها، وفي رواية أخرى عنه: لا يشترط ذلك في سفر الفريضة.
يقول النووي بعد حكاية مذهب الشافعي: إن هذا الخلاف إنما هو في الحج الواجب، أما حج التطوع وسفر الزيارة والتجارة وما ليس بواجب، فقال بعضهم: يجوز خروجها مع نسوة ثقات، وقال الجمهور: لا يجوز إلا مع زوج أو محرم، وهذا هو الصحيح، ونوجه النظر إلى أن من اشترط المحرم أو الزوج اشترطه لوجوب الحج عليها، ولرفع الإثم والحرج عنها لو سافرت بدونه، لكن لو خرجت للحج بدون ذلك فإن حجها صحيح متى استوفى أركانه وشروطه، وتسقط به الفريضة عنها ولا تلزمها إعادته مع محرم، وإن كانت قد أثمت لخروجها بدون الزوج أو المحرم أو ما يقوم مقامهما على الوجه المذكور.
والحكمة في اشتراط المحرم أو الزوج هي توفير الأمن للمرأة في السفر، ومساعدتها على قضاء مصالحها التي تحتاج إلى اختلاط أو تعب، وقد يكون لتطور وسائل السفر وقصر مدة الغياب عن الوطن، مع توافر كل المستلزمات من ضروريات وكماليات، وسهولة الحصول عليها، ومع استتباب الأمن حيث تؤدي الشعائر بيسر، بالقياس إلى أزمان سبقت قد يكون لكل ذلك أثره في تغير النظرة عند فهم الحديث الخاص بسفر المرأة وحدها. وقد صح في البخاري من حديث عدي بن حاتم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذكر أنه قد يستتب الأمن حتى ترتحل الظعينة من الحيرة وتطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله.
وقد رأينا في استعراض آراء الفقهاء –حتى بين علماء المذهب الواحد- اختلاف وجهات النظر في حتمية المحرم أو الزوج ومكان الاستعاضة عنهما بالرفقة المأمونة، بل في جواز حجها بدون مرافق، حتى إن ابن حزم في "المحلى" رجح عدم وجوب الزوج أو المحرم في سفر الحج، فإذا لم تجد واحدًا منهما تحج ولا شيء عليها.
ولذلك أرى أن المدار هو على توفر الأمن والراحة لها، فإذا حصل ذلك بأية صورة من الصور، كزوج أو محرم أو رفقة مأمونة أو إشراف رسمي مسئول أو غير ذلك؛ وجب عليها الحج وسافرت، وقد حج نساء النبي –صلى الله عليه وسلم- بعد أن أذن لهن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- وبعث معهن عثمان بن عفان وعبد(30/173)
الرحمن بن عوف –رضي الله عنهما- وكان ذلك سنة لأنهن حججن مع الرسول صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
هل الرفقة الآمنة للمرأة بديل للمحرم في الحج؟ ... العنوان
طالعتنا الصحف بمنع القنصلية السعودية بباريس عدم منح بعض الفتيات المسلمات حديثا تأشيرات للحج ، مما تسبب في كثير من المشاكل ، والتي من أهمها حرمان الفتيات المسلمات الجديدات من الحج، مسلمات جدد في فرنسا محرومات من الحج مع محاولة البعض تشويه صورة الإسلام خاصة لهؤلاء المسلمات الجديدات ، فهل يجوز منع هؤلاء الفتيات من الحج؟
... السؤال
13/01/2005 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فإن كان الحكم الشرعي في مسألة حج المرأة بلا محرم من الأمور التي اختلف فيها الفقهاء، فإن ترجيح رأي الجواز في المسألة المسئول عنها هو الأولى ، نظرا لطبيعة الحالة المذكورة، وتغير الزمان والمكان والأحول، وهذا لا ينكر أثره في تغير الفتوى فضلا عن ترجيح رأي على آخر. سفر المرأة بغير محرم لأداء فريضة الحج
يقول الأستاذ مسعود صبري الباحث الشرعي بكلية دار العلوم :
المطالع للمسألة في كتب الفقه يجد فيها رأيين :
الأول: وجوب المحرم في الحج، وهو رأي الأحناف والإمام أحمد والنخعي وإسحاق، وقالوا: ويعتبر في المرأة أن يكون لها محرم تحج به أو زوج، ولا يجوز لها أن تحج بغيرهما إذا كان بينها وبين مكة مسيرة ثلاثة أيام.
الثاني: يجوز الحج مع محرم أو بلا محرم عند أمن الفتنة، أو في وجود نسوة ثقات ونحو ذلك، وهو رأي الحسن البصري و الشافعية وداود ومالك، ولكن الإمام مالك منع أن تكون امرأة ثقة واحدة ، بل لابد من جماعة من النساء .
وقال أصحاب هذا الرأي : إن كان الحج فرضا جاز لها الخروج مع زوج أو محرم أو نسوة ثقات، ويجوز مع امرأة ثقة . قال الماوردي من فقهاء الشافعية: ومن الأصحاب من قال: إذا كان الطريق آمنا لا يخاف خلوة الرجال بها جاز خروجها بغير محرم، وبغير امرأة ثقة" .
"الرفقة الآمنة" بديل "المحرم" في الحج
واستدل الأحناف ومن وافقهم على وجوب المحرم للحج بما يلي:
1- ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا فوق ثلاث إلا مع ذي محرم أو زوج) متفق عليه .(30/174)
2- وروى عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس قال: (خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: لا تسافر امرأة إلا ومعها ذو محرم. فقال رجل: يا رسول الله إني قد اكتتبت في غزوة كذا، وقد أرادت امرأتي أن تحج؟ فقال رسول الله: احجج مع امرأتك) متفق عليه .
واستدل الشافعية ومن وافقهم بما يلي:
حديث عدي بن حاتم قال (بينما أنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أتى رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل، فقال: يا عدي هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها وقد أنبئت عنها . قال: فإن طال بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف إلا الله . قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله) أخرجه البخاري .
وقد رد من أوجب المحرم في الحج بأن حديث عدي إخبار وجود، ولا يدل على الجواز .
وأجاب من رأى عدم اشترط المحرم أن الحديث في مقام المدح، ورفع منار الإسلام فيحمل على الجواز.
كما ردوا بأن الأحاديث الواردة في اشتراط المحرم أحاديث عامة، وحديث عدي يخصصها.
كما فرقوا بين حج الفريضة وحج النافلة، فيشترط المحرم في حج النافلة دون الفريضة.
ومع هذا فالذي يترجح في المسألة كحكم شرعي أنه يجوز الحج بلا محرم عند توافر الأمن ، لما يلي:
أنه يمكن الجمع بين الأحاديث، فهي تشير إلى فترات زمانية متباعدة، لها خصائصها الاجتماعية والعرفية، فقطع الطريق والخوف على النفس كان هو السائد في العهد النبوي وما قبله.
ثم أخبر - صلى الله عليه وسلم - بتغير الحال، وقد ارتبط الحكم بعلته، وهو عدم الأمن والخوف على النفس، فلما زال ذلك، عاد الحكم إلى الإباحة.
كما أن هناك من الأحاديث التي ترهب من ترك الحج، فإن كانت المرأة مستطيعة، وجب عليها الحج، وإن منعها زوجها، فلا يسقط عنها الفريضة، ولها الحج دون إذنه، كما يرى بعض الفقهاء ، ومن الفقهاء من يرى أنه يجب عليها استئذانه ، ويجبر على الإذن لها .
على أنه إن كان الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما، فإنه يحكم بأنه لا يجوز للمرأة الحج وحدها، إن خافت على نفسها، أو لم تأمن الطريق، فيجب عليها ساعتها أن يكون معها محرم أو زوج .
أما في مقال الحادثة ، وهي التي تعتبر بمثابة الفتوى لا الحكم الشرعي، فإن اعتبار الرأي بجواز سفر المرأة للحج بلا محرم ( عند أمن الفتنة ووجود نسوة ثقات ) هو الأصلح للحالة بسبب حداثة إسلام هؤلاء الفتيات ، حتى نعطي لهم فرصة في إتيان الأركان الأساسية للإسلام، وهذا يعمق الإيمان في قلوبهن ويؤسسه في نفوسهن،(30/175)
ويربطهم بالتاريخ الإسلامي الخاص بالمناسك من لدن إبراهيم الخليل عليه السلام وحتى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
الزواج الصوري لفقدان المحرم في الحج ... العنوان
أنا أرملة ارغب بالحج هذا العام عرض علي أحد الإخوة بمنحة للحج مع العلم أنني قادرة ماديا على الحج فهل يصح هذا الحج هذا أولا أما ثانيا بالنسبة للمحرم ليس لدي محرم عرض علي نفس الشخص أن يعقد علي في المحكمة صوريا دون الزواج فقط كي يكون بالاسم محرما علي فما الحكم؟ ... السؤال
04/10/2003 ... التاريخ
أ.د. عبد الفتاح إدريس ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
يُشترط في المرأة التي تخرج للحج أن تكون مع ذي محرم أو نسوة ثقات ، وإلا فإن الحج لا يجب عليها لفقدانها شرط الاستطاعة، وهذا الزواج الصوري قد اتفق الفقهاء على حرمته لافتقاده مقصود الزواج.
والحج عن طريق المنحة لا شيء فيه أما في هذا السؤال فإننا نخشى أن المنحة حيلة لكي يتزوجك الرجل ويعقد عليك وعلى هذا فعليك إما أن تقبليه زوجا أبديا أو رفض منحته، وأن تدبري لك محرما يخرج بك للحج.
يقول فضيلة الدكتور عبد الفتاح إدريس ـ أستاذ الفقه بجامعة الأزهر :
أراد الله تعالى بالزواج أن يكون علاقة دائمة، ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة " انظر إليها عسى أن يؤدم بينكما" أي: تدوم المودة والألفة، ولأن مقصود الشارع من الزواج هو إنجاب النسل، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " تزوجوا تناسلوا تكثروا فإني مباه بكم الأنبياء يوم القيامة"، والزواج الصوري هذا أشبه إلى حد كبير بالزواج المؤقت، الذي اتفق الفقهاء على حرمته.
ولذا فلا يجوز هذا الزواج حتى ولو كان لغرض الرفقة في الحج، كما أن الحج فريضة تتعلق ببدن المكلف وماله، فإذا كان للمكلف مال فينبغي أن يحج من ماله، إلا إذا كان غير واجد للمال، وبذل له بعض الناس مالا ليحج به من غير منة عليه، فله أن يحج به في هذه الحالة عند الشافعية والظاهرية، وإن منعه المالكية والحنفية والحنابلة، وصاحبة السؤال لديها مال، إلا أنها لا تجد رفقة مأمونة تحج معها، فلا يجب عليها الحج عند الحنفية والحنابلة، لعدم وجود زوج أو محرم يطيعها في الحج معها، ولذا فلا حج عليها حتى تجد محرما أو زوجا يرافقها في رحلة الحج هذه . أ.هـ
ويقول محمد سعدي الباحث الشرعي بالموقع:(30/176)
إذا كانت المرأة ممن تحتاج إلي وجود المحرم لعدم وجود نساء ثقات مثلا أو أن السلطات المنظمة للحج تشترط عليها وجود محرم، فإن المحرم يكون لها حينئذ بمنزلة الزاد والراحلة ، فإن كانت واجدة له، وكان متمكنا من الخروج على نفقته أو كانت تقدر على أداء نفقته فإن الحج في هذه الحال يجب عليها، وإلاّ فلا يجب لعدم الاستطاعة، ومن لم يوجب المحرم من الفقهاء فإنه قد أوجب وجود رفقة آمنة مأمونة ثقات.
والزواج الصوري الخالي من مضمون الزواج لا يكون طريقا للحج؛ والمرأة إذا فقدت المحرم والنساء الثقات فلا حج عليها ولم يكلفها الله بالحج لأنها غير مستطيعة.
قال الجصاص في أحكام القرآن:
وعندنا [أي الحنفية]أن وجود المحرم للمرأة من شرائط الحج ؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا فوق ثلاث إلا مع ذي محرم أو زوج .. فثبت بذلك أن وجود المحرم للمرأة من شرائط الاستطاعة ، ولا خلاف أن من شرط استطاعتها أن لا تكون معتدة ؛ لقوله تعالى : { لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة } فلما كان ذلك معتبرا في الاستطاعة وجب أن يكون نهيه للمرأة أن تسافر بغير محرم معتبرا فيها.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: : لا يجب الحج على المرأة إلا إذا كان لها محرم.
وقال الشافعية :
لا يجب الحج على المرأة إلا إذا وجدت من يخرج معها للحج من محرم لها أو زوج أو نسوة ثقات، فأي هذه الثلاثة وجد لزمها الحج، وإن لم يكن شيء من الثلاثة لم يلزمها الحج، لأن الشرط عند الشافعية لوجوب الحج على المرأة حصول الأمن لها على نفسها، وهذا الأمن يحصل لها بمصاحبة الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات الجامعات لصفات العدالة.
وقال ابن دقيق العيد : هذه المسألة تتعلق بالعامين إذا تعارضا ، فإن قوله تعالى : { ولله على الناس حج البيت } الآية ، عام في الرجال والنساء ، فمقتضاه أن الاستطاعة على السفر إذا وجدت وجب الحج على الجميع . وقوله صلى الله عليه وسلم : { لا تسافر المرأة إلا مع محرم } عام في كل سفر فيدخل فيه الحج ، فمن أخرجه عنه خص الحديث بعموم الآية ، ومن أدخله فيه خص الآية بعموم الحديث فيحتاج إلى الترجيح من خارج انتهى . ويمكن أن يقال : إن أحاديث الباب لا تعارض الآية لأنها تضمنت أن المحرم في حق المرأة من جملة الاستطاعة على السفر التي أطلقها القرآن.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الزواج الصوري بغير مسلم للإقامة في الخارج ... العنوان
أردت السفر إلى الخارج من أجل العمل، نظرا لظروفي العائلية ولكن الوسيلة التي بها السفر هي عقد زواج مع رجل أجنبي، وهو زواج صوري لا تتحقق فيه الخلوة(30/177)
بين المتزوجين، وبعد الوصول إلى البلد المقصود يتم الطلاق، فهل هذه الطريقة مشروعة؟ ... السؤال
30/09/2003 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
من شروط الزواج أن تتزوج المسلمة من مسلم، ولا يجوز بحال من الأحوال أن تتزوج غير مسلم لاعتبارات كثيرة أهمها النص القرآني الذي يحرم زواج المسلمة من كافر، ومنها القوامة، ومنها الأولاد، مهما كان الغرض من الزواج، بالإضافة إلى ما فيه من غش وخديعة وتحايل على القوانين.
يقول الشيخ عبد الباري الزمزمي عضو رابطة علماء المغرب:
لا يجوز للمسلمة أن تعمل بهذه الوسيلة من أجل سفرها إلى الخارج لأن زواجها من رجل غير مسلم عمل محرم وعقد باطل، ولو كان صوريا وغير جدي، فالزواج يتم بالرضا والقبول بين الطرفين، ولو كان ذلك القبول والتراضي شكليا أو هزلا ولعبا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "ثلاث جدهن جد وهزلن جد:النكاح والطلاق والرجعة"، يعني أن من عقد على امرأة لزمه ذلك العقد وصارا زوجين بالفعل ولو كانا مازحين في ذلك العقد وغير صادقين، وعليه فإن المرأة المسلمة التي يعقد عليها رجل أجنبي غير مسلم تكون قد أحلت ما حرم الله برضاها بالزواج من رجل لا يحل لها، ولا يرفع عنها هذا الإثم كونها غير جادة في هذا الزواج ولا صادقة في قبوله والرضى به للحديث الآنف الذكر.أ.هـ
ويقول الدكتور يوسف القرضاوي:
المسلمة لا تتزوج إلا مسلماً، والله تعالى يقول (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) وقال (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) ثم استثنى قال وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) فأباح زواج المحصنات من أهل الكتاب ولم يجز زواج الرجال من نساء المسلمين.
ويقول فضيلة الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء:
لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج من غير مسلم، فإن فعلت ذلك فقد عصت الله عز وجل. هذا الحكم انعقد عليه إجماع الفقهاء والمذاهب بناء على قول الله -عز وجل-: "وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا"، وقوله تعالى: "لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ".
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة لدراسة الطب ... العنوان
هل يجوز للمرأة السفر لدراسة الطب ، فقد سمعت أنه لا يجوز للمرأةم السفر بدون محرم مسافة تزيد على ثمانين كيلو؟ ... السؤال
18/02/2003 ... التاريخ(30/178)
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فسفر المرأة للعلم يجب له أن تكون مع محرم ، فإن تعذر ، فمع نسوة ثقات ، فإن تعذر، فيباح السفر والإقامة إن كان مع طالبات ، هذا إن كان السفر أكثر من ثمانين كيلو ، أما إن كان أقل من ثمانين فيجوز السفر للدراسة ، وقد يباح السفر الطويل إن كانت المرأة لا تجد في بلدها مكانا لهذا العلم الذي قد يعود بالنفع عليها وعلى بنات جنسها كالطب ، مع شرط أمن الفتنة أو النسوة الثقات .
يقول الشيخ المستشار فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث
إنّ سفر البنت لمتابعة الدراسة جائز بشرط أن تكون الإقامة في البلد الذي تسافر إليه منضبطة بالقيود الشرعية وهي على التتابع: الإقامة مع محرم لها إن تيسّر ذلك. وإلاّ فالإقامة مع امرأة مسلمة صالحة أو نسوة ثقات. وإلاّ فلا بأس من الإقامة في سكن خاصّ بالطالبات .
أمّا السفر، فإذا كان لأقلّ من ثمانين كليومتراً فهو جائز عند أغلب المذاهب، أمّا إذا كان لأكثر من ذلك فقد يتشدّد كثير من العلماء ويمنعونه، لكنّي أرى مع كثير من العلماء المعاصرين أنّه جائز في هذا العصر، إذا كانت البنت تأمن على نفسها في الطريق، وإذا كان سفرها جائزاً شرعاً (كأن يكون لطلب العلم أو لزيارة الأقرباء المحارم ..) وإذا كانت إقامتها أثناء السفر منضبطة بالقيود الشرعية.
أمّا دراسة الطب للفتاة المسلمة فهو جائز، بل ومستحبّ لأنّه يغطّي حاجة المسلمات إلى طبيبات بدل الأطباء. لكن ممارسة مهنة الطب بعد ذلك تخضع لموافقة الزوج وظروفه، ولا بدّ من أن تنظّم الطبيبة المسلمة وقتها، وتعطي زوجها حقّه.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
حج المرأة دون محرم ... العنوان
ما القول الفصل في حج المرأة دون محرم، لأننا سمعنا كلامًا كثيرًا بين مؤيد ومعارض؟
ولكم الشكر ... السؤال
25/01/2003 ... التاريخ
أ.د. عبد الفتاح إدريس ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يجوز للمرأة أن تخرج لأداء فريضة الحج بل يجب عليها ذلك، وإن لم يكن معها زوج أو محرم، ويكفي أن تكون المرأة آمنة على نفسها في سفرها.
وإليك فتوى فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الفتاح إدريس -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر-:(30/179)
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يشترط في استطاعة المرأة لأداء الحج خروج محرم معها، أو زوجها إذ تكون المرأة مستطيعة لأداء هذه الفريضة إذا توافرت لها مؤن الحج ونفقاته وخرجت مع رفقة مأمونة فيها رجال ونساء، والدليل على هذا ما روي أن نساء النبي رضي الله عنهن قد خرجن في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في آخر حجة حجها، وكان حجهن معه بالنسبة لهن تطوع، وقد بعث عمر في رفقتهن عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف وإذا جاز خروج المرأة مع غير محرم أو زوج في حج التطوع؛ إذا خرجت مع رفقة مأمونة كالتي خرجت فيها عائشة وغيرها من نساء النبي فإن هذا يدل بالأولى على جواز خروج المرأة لأداء الحج المفروض عليها بدون محرم أو زوج.
وقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن سفر المرأة مع محرم فقالت ليس كل النساء يجدن محرمًا، إلا أن الحنفية والحنابلة اشترطوا لوجوب الحج على المرأة وجود محرم أو زوج يطيعها في الحج معها، وبعبارة أخرى أن يخرج معها محرم أو زوج يرافقها في حجها؛ فإن لم يكن لها محرم أو زوج فلا يجب الحج عليها، إلا أن الحنفية يقولون إذا كانت سفرتها هذه ثلاثة أيام فأكثر وجب عليها أن تخرج لأداء هذه الفريضة مع زوج أو محرم، وإذا كانت مدة هذه السفرة دون ذلك فلا يجب عليها أن تسطحبها محرمًا أو زوجًا . واستدل هؤلاء جميعًا -الحنفية والحنابلة- على ما ذهبوا إليه بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرًا يكون ثلاثة أيام ولياليها إلا مع ذي محرم منها أو زوج .
وروى عن ابن عباس أن رجلاً قال يا رسول الله: إن امرأتي خرجت حاجة، وأني أكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق فحج مع امرأتك، وهذا يدل على أن المرأة لا تخرج لأداء هذه الفريضة إلا مع زوجها أو مع ذي محرم منها . ولكن المذهب الراجح هو ما ذهب إليه جمهورالفقهاء لما استدلوا به على مذهبهم بوجوب الحج على المرأة وإن لم تجد محرمًا أو زوجًا يرافقها في حجها هذا. وحديث ابن عباس محمول على أن هذه المرأة التي خرجت حاجة وقد اكتتب زوجها في الجهاد مع رسول الله (ص) لم يكن لها من يرافقها في حجها هذا غير الزوج، فلهذا أوجب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرافقها في الحج.
وحديث لا يحل لامرأة إلى آخره محمول على من خرجت بدون رفقة أصلاً إذ لا يحل لها أن تخرج في سفرة لا يكون معها فيه رفقة؛ حفظًا على نفسها؛ وذلك لأن حفظ النفس إحدى الضرورات الخمس. ولكن إذا وجدت هذه الرفقة المأمونة فإنه يجب على المرأة أداء حجة الإسلام. وهذا هو ما فعله عمر مع زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحضر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه ولا عليهن أحد منهم، فكان هذا إجماع من الصحابة في زمن عمر على وجوب الحج على المرأة وإن خرجت بدون محرم أو زوج.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
استئذان المرأة للخروج وسفرها دون محرم ... العنوان(30/180)
هل يجب على المرأة أن تستأذن عند خروجها من المنزل ؟ وهل يحل لها السفر بغير محرم ؟
... السؤال
18/08/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
على المرأة أن تستأذن زوجها عند خروجها من المنزل إذا أردت أن تذهب لمكان لايعرفه الزوج وليس لديها أذن عام بالخروج إلى مثل هذا المكان أما خروجها لحاجتها اليومية كالعمل وغيره فيكفي الاتفاق بين الزوجين على ذلك ولاتحتاج إلى إذن خاص مادام هذا العمل متكررا
أما سفرها دون محرم فالأصل عدم جوازه وقد أباحه بعض الفقهاء إذا كان في صحبة آمنة تأمن فيها المرأة على نفسها وعرضها
وإليك فتوى المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء في هاتين المسألتين :
استئذان المرأة عند الخروج من المنزل أمر واجب على المرأة إذا أرادت الخروج من منزلها أن تعلم زوجها بذلك. والخروج من المنزل بالنسبة للمرأة إن كان للعمل أو الدراسة أو لقضاء شؤون المنزل والأولاد فإن هذا الخروج لا يحتاج إلا إلى موافقة عامة من الزوج، ولا تحتاج الزوجة أن تستأذن في كل مرة، وهذا أمر يحكمه العرف.
أما إذا كان هذا الخروج إلى زيارة أسرة غير معروفة عند الزوج، أو أن هذا الخروج يترتب عليه مبيت خارج بيت الزوجية، فهذا لا بد فيه من إذن وموافقة الزوج. فإن لم يوافق لا يصح للمرأة الخروج.
والخلق الإسلامي يقتضي أن الرجل أيضاً إذا أراد أن يسافر أو يبيت خارج المنزل أن يخبر زوجته بذلك؛ لأن من حقها أيضاً أن تعرف مكان زوجها عند غيابه من المنزل.
أما سفر المرأة دون محرم فالأصل فيه عدم الجواز لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها". متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 1038) ومسلم (رقم: 1339) من حديث أبي هريرة.
ومن هذا النص العام قال بعض أهل العلم بعدم جواز سفر المرأة وحدها.
وقيد آخرون جواز السفر بوجود رفقة مؤمنة من الرجال أو من الرجال والنساء معاً. والنهي في الحديث معلل بالخوف على المرأة من الأذى الذي قد يلحقها، وبالفتنة إذا سافرت وحدها، خاصة وأن مخاطر الأسفار قديماً كثيرة. وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أذن لأمهات المؤمنين أن يسافرن إلى الحج مع الرفقة المؤمنة، وأرسل معهن عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف أخرجه البخاري (رقم: 1761) والبيهقي (4/326-327).(30/181)
وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم: "فإن طالت بك حياة لترَيَنَّ الظَّعينة ترتحلُ من الحِيرَة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحداً إلا الله". أخرجه البخاري (رقم: 3400) من حديث عدي بن حاتم وهذا يؤكد أن العلة هي الخوف، فإن تحقق الأمن وانعدم الخوف جاز للمرأة أن تسافر، خاصة إذا نظرنا إلى سهولة السفر في الوقت الحاضر، وأصبح السفر في الطائرات والقطارات والحافلات، وفي جميع هذه الوسائل تتحقق الرفقة ويتحقق الأمن للمرأة المسلمة.
هذا في السفر الذي تسافره المرأة من مدينة إلى أخرى أو من بلد إلى آخر وتصل في نفس اليوم الذي سافرت فيه حيث تجد الرفقة الآمنة. أما إذا كان السفر يتطلب مبيتاً في الطريق كالفنادق، أو أن السفر للقيام بعمل معين يتطلب إقامة مدة معينة، فالأصل في هذه الحالة أن تسافر المرأة مع محرم لها، أو تقيم المدة المطلوبة مع أسرة مسلمة في ذلك البلد، سداً لذريعة الفتنة أو الأذى الذي قد يحصل للمرأة.
وأخيراً فإن المجلس يوصي الآباء بتربية بناتهم والأزواج بتربية زوجاتهم على منهج الله تعالى، فالمرأة المسلمة إذا أخذت حقها في التربية والتوجيه وتعلمت أحكام شرعها وفقهت دينها كان ذلك هو الضمان الأساسي للاستقامة على منهج الله تبارك وتعالى
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
سفر الزوجة للعلاج والدراسة ... العنوان
ما حكم الزوج الذي يمنع زوجته من السفر ؟ وهل يجوز للزوجة أن تسافر بدون إذنه إذا تعسف في منعها ؟ حيث إن بعض الكُتَّاب يُرددون إسقاطَ حق الزوج في منع زوجته من السفر، ويطالبون بتعديل القرارات التي تُجيز للزوج الحقَّ في منع سفر زوجته إلى الخارج، وتُرَدِّد بعضُ السيدات أن بعضَ الأزواج يَستخدم حقَّه بشكل فيه إساءة استعمال هذا الحق للإضرار بزوجاتهم، خاصة إذا كانت الزوجة تريد السفر للدراسة أو للعلاج ، كما ترى بعضُ السيدات أن السماح للمرأة بالسفر إلى الخارج دون وجود قيود من جانب الزوج من شأنه هدم كيان الأسرة ، فهل هناك ضوابط شرعيّة في ذلك ؟
... السؤال
16/07/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإنه لا بد للزوجة من إذن الزوج لها بالخروج أو السفر ، وقد يكون إذن الخروج عاما تخرج به متى احتاجت للخروج ، أما السفر فلا بد من إذن خاص، فإذا ما أذن لها سافرت مع محرم أو رفقة مأمونة ـ على الراجح ـ ، فإن تعسف في منعها وكانت في حاجة ملحة للسفر فلها أن ترفع أمرها للقضاء لتحصل على إذن بالسفر ، وعلى القضاء تعجيل البت في أمرها.
يقول الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر :(30/182)
قال الله تعالى في كتابه العزيز: (ولَهُنَّ مِثْلُ الذي عَلَيهِنَّ بالمعروفِ وللرجالِ عليهنَّ درجة) (البقرة: 228).
فالأساس الذي وضعه الإسلام للتعامل بين الزوجين وتنظيم الحياة الزوجية بينهما فطريّ وطبيعيّ، فالرجل أقدر على العمل والكَدْح والكسب خارج المنزل.
والمرأة أقدر على تدبير المنزل، وتربية الأولاد، وتيسير أسباب الراحة والطمأنينة المنزلية. فيُكَلَّف الرجلُ بما هو مُناسِب له، وتُكَلَّف المرأةُ بما هو من طبيعتها، وبهذا ينتظم البيت من ناحية الداخل والخارج.
والإسلام أعطى الزوج الحق في أن يكون هو المسؤول عن البيت ومسؤول عن زوجته وأولاده ومسؤول عن الإنفاق عليهم لقوله تعالى: (الرجالُ قَوَّامونَ على النساءِ بما فَضَّلَ اللهُ بعضَهم على بعضٍ وبما أنْفَقوا مِن أموالِهم) (النساء: 34) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلُّ راعٍ مسؤولٌ عن رعيته.. " فالزوج وهو رَبُّ الأسرة هو المسؤول عنها.
وإن الإسلام نَظَّم حقوقًا على الزوج لزوجته، وهذه الحقوق منها حقوق مالية، وهي المَهْر والنفقة، وحقوق غيرُ مالية، وهي عدم الإضرار بالزوجة والمعاملة بالمعروف، وأوجب على الزوجة حق الطاعة ، ولكنه مُقَيَّد بالمعروف "فإنه لا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق" فلو أَمَرَها بمعصية وجب عليها أن تخالفه.
ومن طاعتها لزوجها ألا تصوم نافلة إلا بإذنه، وألا تحج تطوعًا إلا بإذنه، وألا تَخْرج من بيتها إلا بإذنه، هذا بخلاف زيارة أبوَيها فلها أن تزورَهما حسَب العُرْف والعادة المشروعَيْن ولو لم يأذَن لها؛ لأن ذلك من صلة الرَحِم الواجبة التي أوجبها الإسلام.
فإذا ما استعمل الزوج حقَّه في أنها لا تسافر إلا بإذنه، وأساء استعمالَ هذا الحق وكان مُتعسّفًا وألحَق ضررًا بزوجته، فيكون آثمًا شرعًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ضَرَرَ ولا ضِرار" ولها الحق أن تلجأ للقضاء لمنع هذا الضرر عنها بمُقْتضى هذا التعسف غيرِ المشروع من الزوج، ولها أن تطلب الإذن لها من القاضي بالسفر؛ لأن القاضيَ وليُّ من لا وليَّ له شرعًا.
والمبادئ الإسلامية التي أَقَرَّتْها الشريعة ونَظَّمَتْها هي الواجبةُ الاتباعُ في جميع الأحوال، ومن ضمنها أيضًا قوله تعالى: (فمَنْ اضطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ فلا إثمَ عليه إنَّ اللهَ غفورٌ رحيم) (البقرة: 173) وقوله تعالى: (ولا تُلْقوا بأَيْديكم إلى التَّهْلُكَةِ وأَحْسِنُوا إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسنين) (البقرة: 195). وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "طَلَبُ العلمِ فريضةٌ على كل مسلمٍ ومسلمة".
ومن هذه المبادئ يتضح الآتي جوابًا عن المسؤول عنه:
1 ـ فبالنسبة لخروج الزوجة لطلب العلم، فالقاعدة العامة تُقَرِّر أن عَقْد الزواج شريعة المُتعاقدَين، وبمقتضى هذا العقد يترتب عليه حقوق وواجبات مُتبادَلة بالنسبة لكلا الزوجين. وبمقتضى هذا العقد فإن الزوجة مُحْتَبَسَة لحق الزوج في مقابل الإنفاق عليها بجميع أنواعه التي تجب عليه، وعليها الطاعة والاحتباس له في مقابل ذلك، وهذا هو الأصل، لكن يجوز اشتراط الزوجة لنفسها في عَقْد الزواج من الإذن(30/183)
ما يُحِلُّه الله، كخروجها لطلب العلم أو العمل، فإذا ما وافق الزوج على هذا الشرط يلتزم به ويجب عليه الوفاء به، لقوله تعالى: (يا أيُّها الناسُ آمنوا أوْفُوا بالعقود).
وهذا الشرط إما أن يكون صريحًا أو ضمنًا، فالصريح هو المذكور بالعقد ولا يحتاج إلى إذن جديد.
أما الضمنيّ فكما إذا تزوجها وهي تعمل أو كانت طالبة، ومُدَوَّن بالعقد أنها تعمل، ولم يشترط الزوج في العقد عدم خروجها للعمل أو للعلم إلا بإذنه، أو المنع من العمل والاحتباس في منزله لطاعته، وكان العلم الذي ستسافر إليه مفروضًا عليها، وفيه نفع للصالح العام، ولم يكن فيه إضرار بالأسرة أو المجتمع، فإنه بمقتضى هذا الإذن الضمنيّ يكون لها حق الخروج للعمل بدون إذنه؛ لأن الإذن في هذه الحالة ضمنيّ وعُرْفيّ، والمعروفُ عُرْفًا كالمشروط شرطًا، يجب الوفاء به شرعًا.
فإن مَنَعَ هذا الإذنَ كان متعسفًا في استعمال الحق، فلها أن تلجأ إلى القاضي لمنع الضرر عنها بمقتضى هذا التعسف وطلب الإذن بالخروج أو السفر من القاضي؛ وذلك لأن القاضيَ وليُّ من لا وليَّ له. وإذنُ القاضي رخصةٌ قائمة على الضرورة الشرعية، والرخصة والضرورة تُقَدَّر بقَدْرها.
وبناءً على ذلك فلها أن تَخرج لاستكمال تعليمها بناءً على الإذن الصريح أو الضمنيّ، بشرط ألا يترتب على ذلك ضررٌ شديد بالحياة الزوجية يُؤثر على كيان الأسرة.
2 ـ أما بالنسبة لسفر الزوجة للعلاج في الخارج فنفيد بالآتي:
إذا لم يوجد طبيب مُعالِج ثقة له الخبرة والدراية في علاجها في مَحَل إقامتها، وقرَّر الأطباء المتخصصون أنه لا علاج لها داخل البلاد، وأن هناك ضرورةً قُصوى وأمرًا مُحَتِّمًا لسفرها للعلاج خارج البلاد، فلا مانع من سفرها شرعًا مع مَحْرَم أو جمع ثقاة للعلاج حتى لا تتعرض للتَّهْلُكة، لقول الله تعالى: (ولا تُلْقُوا بأيديكم إلى التَّهْلُكة) ولأن القاعدة الشرعية العامة تُقَرِّر أن الضروراتِ تُبيح المَحْظورات، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "تَدَاوَوْا عبادَ اللهِ فإنَّ اللهَ لم يَضَعْ داءً إلا وَضَعَ له دواء" والضرورة تُقَدَّر بقَدْرها.
فإن لم يأذن الزوج لزوجته لسفرها للعلاج وهي في هذه الحالة كان متعسفًا في استعمال حقه الشرعيّ، فلها أن تلجأ إلى القضاء المُخْتَصّ لطلب الإذن من الزوج أو الحكم به من القاضي لإزالة الضرر عنها؛ لأنه لا ضَرَرَ ولا ضِرار في الإسلام.
ومما ذُكِرَ يُعْلم الجواب عما جاء بالسؤال إذا كان الحال كما ورد به.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة بغير إذن زوجها ... العنوان
هل يجوز للمرأة السفر بدون إذن زوجها ،حيث إنه يرفض سفرها؟
... السؤال
21/05/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...(30/184)
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
لم يبح الشرع للمرأة أن تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها،ولم يستثن العلماء من ذلك إلا صلة الرحم ،وهو أمر خلافي بين الفقهاء،ولكن لم يبح أحد للمرأة أن تسافر بغير إذن زوجها،سواء أكان ذلك للعمل ،أم للدراسة ،أم لأي أمر آخر،لما في سفر المرأة من تفويت كثير من الحقوق على الزوج بدون رضاه،ولا يعني ذلك حبس المرأة،بل هو تنظيم للحياة الاجتماعية،فإنه لامانع من سفرها ،ولكن بعد إذن الزوج في ذلك ،والأمور تقدر بقدرها،فإن دعوى حرية المرأة أقل بكثير من تفويت حقوق الزوجية،التي على أساسها تبنى البيوت .
يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر :
اهتم الإسلام بالمرأة وجعل لها من الحقوق مثل ما جعل للرجل، وراعَى الشارع في بعض الأحكام طبيعة المرأة وما جُبلَت عليه فاختصَّها ببعض الأحكام التي تتحقق بها صيانتها وحمايتها ومصلحتها. وعقد النكاح كسائر العقود الشرعية رتَّب الشارع عليه حقوقًا والتزاماتٍ متقابلةً بالنسبة لكل من الزوجين في مقابلة الآخر، ومن هذه الحقوق القَرارُ في بيت الزوجية وعدم خروج الزوجة منه إلا بإذن الزوج، وقد ورد في ثبوت هذا الحق للزوج أحاديثُ، منها ما رُوي عن ابن عمر قال: أتت امرأة إلى النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت: يا رسول الله، ما حق الزوج على زوجته؟ قال: "حقه عليها ألاّ تخرج من بيتها إلا بإذنه، فإن فعَلَت لَعَنَتها ملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع إلى بيتها أو تتوب" قيل: يا رسول الله، وإن ظَلَمَها؟ قال: "وإن ظَلَمَها".
وعدم خروج المرأة من منزل الزوجية إلا بإذن الزوج وإن كان أصلًا إلا أن الفقهاء أوردوا عليه استثناءً بمقتضاه يكون للزوجة الحقُّ في زيارة والدَيها وعيادتِهما في مرضهما، بل وتمريضهما وخدمتهما ومواساتهما في مُصابهما والخروجِ لذلك وإن لم يأذَن الزوج، وأجازوا لها الخروج لبعض ذلك مع سائر الأقارب غير الوالدَين بضوابط اعتبروها لذلك، ولا تُعَدّ ناشزًا بخروجها لذلك باعتباره من الإحسان للوالدَين وصلة الرحم المأمور بهما.
وقرار الزوجة في منزل الزوجية كحقٍّ قرَّره الشارع للزوج على زوجته لم يُقصد منه حبس الزوجة في منزل الزوجية أو تقييد حريتها في الخروج منه أو الدخول إليه، وإنما قُصد به القيام على أمر هذا المنزل ورعايته والمحافظة على ما فيه، باعتباره الواحةَ التي تَفَيَّأ الزوجُ المكدود ظلَّها بعد عناء البحث عن أسباب الحياة له ولزوجه وأولاده، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها". ومقتضى مساءلتها عن رعايتها لهذا البيت أن تَقَرَّ فيه ولا تخرجَ منه إلا لما تقتضيه مصلحته إن أَذِنَ لها في الخروج، وليس من رعايتها لبيت الزوجية أن تخرج منه مسافرةً للعلم بدون رفقة الزوج وبدون إذنه، بل هو تقويض لبنيانه وتفويتٌ لحقٍّ شرعيٍّ أوجبه الشارع للزوج على زوجته، وإخلافٌ لقول الحق سبحانه: (ومن آياته أن خلَق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها) لفوات الاستئناس(30/185)
والاستراحة إلى الزوجة بسفرها بدون رفقه الزوجة، ومعصيةٌ لله سبحانه الذي رتَّب هذا الحقَّ للزوج على عقد النكاح الصحيح. وإذا كان الحق سبحانه قد أوجب على كل من الزوجين معاشرة الآخر بالمعروف بقوله سبحانه: (ولهنَّ مثلُ الذي عليهنَّ بالمعروفِ وللرجالِ عليهنَّ درجةٌ) وقوله تعالى: (وعاشروهنَّ بالمعروف) فإن سفر المرأة بدون إذن الزوج ليس من المعاشرة بالمعروف، وتلك معصية أخرى تضاف إلى السابقة، فضلًا عما فيه من حرمان الزوج من حق معاشرة زوجته وما يقتضيه من قضاء الوَطَر فيما أحلَّ له بعقد النكاح، وتَسَبُّبُها في حرمانه من ذلك معصيةٌ ثالثة قد تستتبع العديد من المفاسد إذا قلَّ الوازع الدينيّ لدى الزوج أو اندثَرَ، وقد تَهوِي في هذه المفاسد إذا توافر لها أسبابها.
والغالب في سفر المرأة الذي لا يأذن به الزوج السفرُ للعمل، ولا يُعَدّ هذا مبرِّرًا مشروعًا لسفر المرأة بعد أن أوجب الشارع نفقتها على زوجها بنصوص عدة، منها قول الله تعالى: (لِيُنْفِقْ ذو سَعَةٍ من سَعَتِه ومن قُدِرَ عليه رزقُه فليُنْفِقْ مما آتاه اللهُ لا يُكلِّفُ اللهُ نفسًا إلا ما آتاها سيَجعل اللهُ بعد عُسرٍ يُسرًا) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله في النساء؛ فإنهنَّ عوان عندكم، أخذتموهنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله، لكم عليهنَّ ألا يوطِئْنَ فُرُشَكم أحدًا تَكرهونه، ولهنَّ عليكم رزقُهنَّ وكسوتُهنَّ بالمعروف".
ولم يوجب على الزوجة في حال عسر الزوج أن تتكسب لتنفق على نفسها أو زوجها أو بنيها، ليكونَ لها تبعًا لذلك السفرُ للعمل، وإنما أوجب الشارع للزوجة هذا الحقَّ على الزوج في جميع الأحوال. ودعاوى الحاجة وزيادة النفقة وأعباء الحياة ونحو هذا، مما يُبديه البعض مبرِّرًا لتكسُّب المرأة وسفرها لأجله، لا يُلغي نصوص الشرع ولا يُخصصها، ومن ثَمَّ فإن سفر المرأة للعمل أو نحوه بدون استئذان الزوج لا يَحلّ، لما سبق ذكره، وتُعَدّ به المرأةُ ناشزًا، وَفْقًا لما قرره الفقهاء في أسباب النشوز وما يترتب عليه.
واشتراط سفر المرأة، وإن لم يأذن الزوج فيه، في صلب عقد النكاح هو من قبيل اشتراطِ ما لا يَقتضيه العقد ولا يؤكد مقتضاه، ولم يَقُمْ دليل شرعيّ على وجوب الوفاء به، ومثل هذا يكون شرطًا باطلًا فيُلغَى، عند جمهور الفقهاء، ولا يؤثر على عقد النكاح ولا يجب الوفاء به.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
حج المرأة وهي في عدة الوفاة ... العنوان
ما حكم الشرع فى سفر المرأة وهى فى عدة الوفاة، إلى أداء فريضة الحج؟
... السؤال
23/09/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... إن الحج من فرائض الإسلام، التى فرضها الله سبحانه وتعالى على المستطيع من الرجال وعلى المستطيعة من النساء، ففى القرآن الكريم قول الله تعالى { ولله على(30/186)
الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } آل عمران 97 ، وهو من العبادات الأساسية .
ففى السنة الشريفة قول الرسول صلى الله عليه وسلم فى بيان حقيقة الإسلام والإيمان ( شرح صحيح مسلم للنووى على هامش ارشاد السارى بشرح صحيح البخارى الجزء الأول، الطبعة السادسة بالمطبعة الأميرية ببولاق سنة 1304 هجرية فى كتاب الأيمان ص 185، 219 فى باب السؤال عن أركان الإسلام ) ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا، والإيمان أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره ) ووجوب الحج مشروط بالاستطاعة، كما هو صريح القرآن والسنة وبإجماع المسلمين، غير أن الفقهاء اختلفوا فى حقيقتها وفى شروطها بوجه عام .
كما اختلفوا فيها بالنسبة للمرأة .
ففى مذهب الإمام أبى حنيفة إن من الاستطاعة أن يكون معها زوجها، أو محرم لها من النسب، أو من المصاهرة، أو من الرضاع، إذا كان بينها وبين مكة سفر ثلاثة أيام فأكثر، أما إذا كانت مسافة السفر دون هذه المدة، وتوافرت لها باقى عناصر الاستطاعة كان عليها أداء الحج ولو بغير زوج ولا محرم، ولا فرق فى كل هذا بين الشابة والمسنة، ويشترط فى المحرم أن يكون بالغًا، عاقلا، مأمونًا ( الاختيار شرح المختار ج - 1 ص 139 - 140 طبعة الحلبى لسنة 1355 هجرية - 1936 م )
وفى فقه الإمام مالك إنه لا يشترط لسفر المرأة أن تكون مع زوجها، أو مع محرم، وأنه يجوز لها السفر لأداء هذه الفريضة، إذا وجدت رفقة مأمونة ( بداية المجتهد لابن رشد ج - 1 ص 189 و 190 طبعة الحلبى ).
وفى فقه الإمام الشافعى إنه إذا لم يتيسر للمرأة الخروج للحج مع زوجها أو أحد محارمها ،كان لها أن تحج مع رفقة مأمونة ، فيهم جمع من النساء موثوق بهن ( اثنتان فأكثر ) ويجوز مع امرأة واحدة فى حج الفرض، بل صرح فقهاء المذهب للمرأة أن تخرج وحدها عند الأمن فى حج الفريضة، أما فى حج النفل، فليس لها الخروج مع نسوة، ولو كثرن، ولا تسافر فى النفل إلا مع زوج أو ذى رحم لأنه سفر غير واجب ( المجموع للنووى شرح المهذب للشيرازى ج - 7 ص 86 و 87 ومعه فتح العزيز للرافعى شرح الوجيز ص 22 و 23 )
وفى فقه الإمام أحمد بن حنبل إنه يشترط لوجوب الحج فورًا على المرأة مع باقى عناصر الاستطاعة أن يسافر معها زوجها، أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب، أو سبب مباح كالرضاع والمصاهرة ( الروض المربع للبهوتى شرح زاد المستنقع للحجاوى ص 194 طبعة دار المعارف ) ومن ثم يكون عناصر الاستطاعة أن تسافر لأداء فريضة الحج، دون اشتراط أن تكون بصحبة زوجها أو محرم لها، وإنما تكفى رفقة مأمونة مطلقًا كما هو فقه الإمام مالك، أو رفقة مأمونة فيها جمع من النساء الثقات، كما فى فقه الإمام الشافعى، وامرأة واحدة تكفى، بل وعند الأمن والأمان تخرج وحدها فى حج الفرض .
ذلك شأن المرأة المتزوجة، والتى ليست ذات زوج .(30/187)
أما المعتدة من طلاق بائن أو من وفاة فقد جرى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة، على أن كلا منهما تقضيان مدة العدة فى البيت الذى كانت تقيم فيه وقت وقوع الفرقة بالموت أو بالطلاق البائن، ولا يحل للمطلقة الخروج منه إلا للضرورة، ويحل للمتوفى عنها زوجها الخروج نهارًا لقضاء حوائجها ويحرم عليها الخروج ليلا خوف الفساد ودرءًا للقيل والقال .
وفقه مذهب الإمام مالك جاءت عبارته وسكنت المعتدة مطلقة أو متوفى عنها زوجها على ما كانت تسكن مع زوجها فى حياته صيفا وشتاء، ورجعت إن نقلها منه مطلقها، أو مات من مرضه ورجعت وجوبا لتعتد بمنزلها إن بقى شىء من العدة لو كانت قد خرجت لحجة الإسلام إن كان بعدها عن منزلها أربعة أيام فأقل، فإن زاد على هذا لم ترجع بل تستمر، كما لو دخلت فى الإحرام ( الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقى ج - 2 ص 548 و 549 باب العدة والتاج والاكليل للمواق مع مواهب الجليل للحطاب ج - 4 ص 162 و 163 فى باب العدة )
وفى كتاب الأم المروى عن الإمام الشافعى فى باب العدة - تحت عنوان مقام المتوفى عنها زوجها والمطلقة فى بيتها .
دلت السنة على أن على المتوفى عنها زوجها، أن تمكث فى بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله إلى أن قال وإن أذن لها بالسفر فخرجت، أو خرج بها مسافرًا إلى حج، أو بلد من البلدان فمات عنها، أو طلقها طلاقًا لا يملك الرجعة فسواء، ولها الخيار فى أن تمضى فى سفرها ذاهبة أو جائية وليس عليها أن ترجع إلى بيته قبل أن ينقضى سفرها ( ج - 5 طبعة الأميرية ببولاق 1322 هجرية ص 208 و 210 ) وفى مختصر المازنى تحت ذات العنوان السابق ولو خرج مسافرًا بها أو أذن لها فى الحج، فزايلت منزله فمات أو طلقها ثلاثًا فسواء .
لها الخيار فى أن تمضى لسفرها ذاهبة وجائية وليس عليها أن ترجع إلى بيته قبل أن تقضى سفرها ( هامش المرجع السابق ص 32، ومثله فى تحفة المحتاج وحواشيها ج - 8 ص 264 و 265، وفى حاشية البيجرمى على شرح منهج الطلاب ج - 4 ص 91 ، وفى حاشية البيجرمى على تحفة الحبيب شرح الخطيب ج - 4 ص 51 و 53 )
وفى فقه مذهب الإمام أحمد بن حنبل قال ابن قدامة فى المغنى ولو كانت عليها حجة الإسلام، فمات زوجها لزمتها العدة فى منزلها وإن فاتها الحج، لأن العدة فى المنزل تفوت ولابدل لها والحج يمكن الإتيان به فى غير هذا العام .
وإن مات زوجها بعد إحرامها بحج الفرض، أو بحج أذن لها فيه نظرت فإن كان وقت الحج متسعًا لا تخاف فواته، ولا فوت الرفقة، لزمها الاعتداد فى منزلها، لأنه أمكن الجمع بين الحقين، فلم يجز إسقاط أحدهما، وإن خشيت فواتها الحج لزمها المضى فيه، وبهذا قال الشافعى وقال أبو حنيفة يلزمها المقام وإن فاتها الحج، لأنها معتدة فلم يجز لها أن تنشىء سفرًا، كما لو أحرمت بعد وجوب العدة عليها .
ولنا أنهما عبادتان استوتا فى الوجوب وضيق الوقت، فوجب تقديم الأسبق منهما، كما لو كانت العدة أسبق، ولأن الحج آكد لأنه أحد أركان الإسلام، والمشقة بتفويته تعظم فوجب تقديمه ، كما لو مات زوجها بعد أن سفرها إليه ( ج - 9 من المغنى(30/188)
مع الشرح الكبير ص 185 طبعة المنار ) ونقل ابن هبيرة الحنبلى فى كتابه الإفصاح عن معانى الصحاح فى باب العدة أن الفقهاء اختلفوا فى المتوفى عنها زوجها وهى فى الحج .
فقال أبو حنيفة تلزمها الإقامة على كل حال إن كانت فى بلد أو ما يقاربه، وقال مالك والشافعى وأحمد إذا خافت فواته إن جلست لقضاء العدة جاز لها المضى فيه ( ص 364 و 365 طبعة المطبعة الحلبية بحلب لسنة 1366 هجرية - 1947 م ) .
وإذا كان هذا حال المسئول عنها، وهو حال اضطرار واعتذار وسنوح فرصة قلما يتيسر الحصول عليها، كان ذلك بمثابة وفاة الزوج وهى فى الحج فعلاً يجرى عليه ما قال به ابن قدامة ( المرجعان السابقان ) واحتج له بالحجة القوية المقبولة فى النص الآنف .
وما نقله ابن هبيرة عن الأئمة مالك والشافعى وأحمد من أنه إذا خافت فوات الحج إن جلست لقضاء العدة جاز لها المضى فيه ( المرجعان السابقان ) لما كان ذلك كان جائزًا للسيدة المسئول عنها السفر لأداء فريضة الحج، وإن كانت فى عدة وفاة زوجها، لأن الحج آكد باعتباره أحد أركان الإسلام، والمشقة بتفويته تعظم فوجب تقديمه ، لاسيما وقد دخلت فى مقدماته فى حياة الزوج وبإذنه، وذلك تخريجًا على تلك النصوص من فقه الأئمة مالك والشافعى وأحمد .
والله سبحانه وتعالى أعلم .
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة لضرورة ... العنوان
هل يجوز للمرأة السفر من محافظة إلى أخرى لضرورة مثل العمل وإذا كان السفر في صحبة ٌآمنة مثل الأتوبيس؟
... السؤال
08/09/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
الأصل المقرر في شريعة الإسلام ألا تسافر المرأة وحدها، بل يجب أن تكون في صحبة زوجها، أوذي محرم لها.
ومستند هذا الحكم ما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم ".
وعن أبي هريرة مرفوعًا: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم " (رواه مالك والشيخان وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة).
وعن أبي سعيد عنه - صلى الله عليه وسلم -: " لا تسافر امرأة مسيرة يومين ليس معها زوجها أو ذي محرم ". (رواه الشيخان في رواية لهما عن أبي سعيد).(30/189)
وعن ابن عمر: " لا تسافر ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم ". (متفق عليه من حديث ابن عمر).
والظاهر أن اختلاف الروايات لاختلاف السائلين وسؤالهم، فخرجت جوابًا لهم، غير أن أبا حنيفة رجح حديث ابن عمر الأخير، ورأى أن لا يعتبر المحرم إلا في مسافة القصر . وهو رواية عن أحمد.
وهذه الأحاديث تشمل كل سفر، سواء كان واجبًا كالسفر لزيارة أو تجارة أو طلب علم أو نحو ذلك.
وليس أساس هذا الحكم سوء الظن بالمرأة وأخلاقها، كما يتوهم بعض الناس، ولكنه احتياط لسمعتها وكرامتها، وحماية لها من طمع الذين في قلوبهم مرض، ومن عدوان المعتدين من ذئاب الأعراض، وقطاع الطرقات، وخاصة في بيئة لا يخلو المسافر فيها من اجتياز صحار مهلكة، وفي زمن لم يسد فيه الأمان، ولم ينتشر العمران.
ولكن ما الحكم إذا لم تجد المرأة محرمًا يصحبها في سفر مشروع: واجب أو مستحب أو مباح ؟ وكان معها بعض الرجال المأمونين، أو النساء الثقات، أو كان الطريق آمنًا.
لقد بحث الفقهاء هذا الموضوع عند تعرضهم لوجوب الحج على النساء . مع نهي الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن تسافر المرأة بغير محرم.
( أ ) فمنهم من تمسك بظاهر الأحاديث المذكورة، فمنع سفرها بغير المحرم، ولو كان لفريضة الحج، ولم يستثن من هذا الحكم صورة من الصور.
( ب ) ومنهم من استثنى المرأة العجوز التي لا تشتهي، كما نقل عن القاضي أبي الوليد الياجي، من المالكية، وهو تخصيص للعموم بالنظر إلى المعنى، كما قال ابن دقيق العيد، يعني مع مراعاة الأمر الأغلب فتح الباري ج 4 ص 447.
( ج ) ومنهم من استثنى من ذلك ما إذا كانت المرأة مع نسوة ثقات . بل اكتفى بعضهم بحرة مسلمة ثقة.
( د ) ومنهم من اكتفى بأمن الطريق . وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية . ذكر ابن مفلح في (الفروع) عنه قال: تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم، وقال: إن هذا متوجه في كل سفر طاعة .. ونقله الكرابيسي عن الشافعي في حجة التطوع . وقال بعض أصحابه فيه وفي كل سفر غير واجب كزيارة وتجارة. (انظر: الفروع ج 3، ص 236، 237، ط.ثانية).
ونقل الأثرم عن الإمام أحمد: لا يشترط المحرم في الحج الواجب . وعلل ذلك بقوله: لأنها تخرج مع النساء، ومع كل من أمنته.
بل قال ابن سيرين: مع مسلم لا بأس به.
*و قال الأوزاعي: مع قوم عدول.
*و قال مالك: مع جماعة من النساء.
*و قال الشافعي: مع حرة مسلمة ثقة . وقال بعض أصحابه: وحدها مع الأمن. (الفروع ج 3، ص 235 - 236).(30/190)
قال الحافظ ابن حجر: والمشهور عند الشافعية اشتراط الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات . وفي قول: تكفي امرأة واحدة ثقة . وفي قول نقله الكرابيسي وصححه في المهذب تسافر وحدها إذا كان الطريق آمنًا.
وإذا كان هذا قد قيل في السفر للحج والعمرة، فينبغي أن يطرد الحكم في الأسفار كلها، كما صرح بذلك بعض العلماء (فتح الباري ج 4 ص 447، ط. مصطفى الحلبي) . لأن المقصود هو صيانة المرأة وحفظها وذلك متحقق بأمن الطريق، ووجود الثقات من النساء أو الرجال.
والدليل على جواز سفر المرأة من غير محرم عند الأمن ووجود الثقات :
أولأً: ما رواه البخاري في صحيحه أن عمر رضي الله عنه أذن لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر حجة حجها، فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن، فقد اتفق عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ونساء النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولم ينكر غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك . وهذا يعتبر إجماعًا. (المصدر السابق).
ثانيًا: ما رواه الشيخان من حديث عدي بن حاتم، فقد حدثه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مستقبل الإسلام وانتشاره، وارتفاع مناره في الأرض. فكان مما قال: " يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة (بالعراق) تؤم البيت لا زوج معها، لا تخاف إلا الله ... إلخ " وهذا الخبر لا يدل على وقوع ذلك فقط، بل يدل على جوازه أيضًا، لأنه سبق في معرض المدح بامتداد ظل الإسلام وأمنه.
هذا ونود أن نضيف هنا قاعدتين جليلتين :
أولأً: أن الأصل في أحكام العادات والمعاملات هو الالتفات إلى المعاني والمقاصد بخلاف أحكام العبادات، فإن الأصل فيها هو التعبد والامتثال، دون الالتفات إلى المعاني والمقاصد . كما قرر ذلك الإمام الشاطبي ووضحه واستدل له.
الثانية: إن ما حرم لذاته لا يباح إلا للضرورة، أما ما حرم لسد الذريعة فيباح للحاجة . ولا ريب أن سفر المرأة بغير محرم مما حرم سدًا للذريعة.
كما يجب أن نضيف أن السفر في عصرنا، لم يعد كالسفر في الأزمنة الماضية، محفوفًا بالمخاطر لما فيه من اجتياز الفلوات، والتعرض للصوص وقطاع الطرق وغيرهم.
بل أصبح السفر بواسطة أدوات نقل تجمع العدد الكثير من الناس في العادة، كالبواخر والطائرات، والسيارات الكبيرة، أو الصغيرة التي تخرج في قوافل . وهذا يجعل الثقة موفورة، ويطرد من الأنفس الخوف على المرأة، لأنها لن تكون وحدها في موطن من المواطن.
ولهذا لا حرج أن تسافر مع توافر هذا الجو الذي يوحي بكل اطمئنان وأمان.
وبالله التوفيق .
ـــــــــــــــــــ
الخروج مع الزوجة إلى البحر ... العنوان
هل خروج الزوج مع زوجته إلى البحر حرام؟
... السؤال(30/191)
13/06/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الله سبحانه وتعالى لا يحرم على الزوج والزوجة أن يعيشا حياة البشر، كل ما أباحه الله عز وجل للمسلمين مباح للزوج والزوجة، بل مطلوب في صحبة الزوجية أن تكون هناك مواقف عاطفية متجددة، مواقف بين الزوجين متجددة لدوام هذه العلاقة الزوجية، وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يخرج كما قالت أم المؤمنين عائشة معها إلى التلاع، والتلاع هي مساقط المياه في الصحراء، حيث الخضرة وانسياب الماء، وكان ذلك عندهم يسمى البادية، وأن الرسول كان يخرج مع زوجته يتبدى "كما نقول نحن نصيف"، إذن الخروج إلى الأماكن المختلفة تعيد الذكريات الطيبة بين الزوجين، وتنشط الحياة الزوجية وتسري متاعب العمل خارج البيت، ذلك من المطلوب ومن المستحب، بل هو نفسه في شرع الله عز وجل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ بعض زوجاته في الأسفار، وكان يطلب من أصحابه أن يتقدموا عنه في مراحل السفر ثم يخلو مع بعض نسائه كعائشة ويتريض معها أي يتسابق، وكان يسبقها وكانت تسبقه.
إن الخروج لا غبار عليه إذا خرج الزوج مع زوجتها، بل هو مستحب، لكن أقول إذا كان الخروج إلى أماكن البحر فيها معاص كالخلطة المفسدة بين الرجال والنساء أو التعري وكشف عورة المرأة وكلها عورة إلا الوجه والكفين، وكذلك الرجل عورته من السرة حتى الركبة، فهذا حرام، أما إذا لم تكن هناك خلطة مفسدة ولم يكن هناك تعرٍّ ، نقول كما قال الله تعالى "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق" فربنا لم يحرم إلا الحرام، وليس خروج الرجل مع زوجته للتريض والنزهة حراما، بل نحن نطالب كل زوج أن يفعل ذلك؛ لدوم العشرة وكي تجدد الأسرة نشاطها؛ وكي تستمر الحياة بلا متاعب ويسعد الزوج
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة بدون محرم للدراسة ... العنوان
لي صديقةمتدينة و محجبةوهي مهندسة وحصلت علىالماجيستير وعمرها 32 سنة،ولم تتزوج بعد؛ وتريد السفر للخارج لتكمل دراستها فهل يجوز سفرها بمفردها؟
... السؤال
28/03/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرًا يكون ثلاثة أيام فصاعدًا إلا ومعها أبوها أو أخوها أو زوجها أو ابنها أو ذو محرم منها" ورويا أيضًا أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم إنه اكتتب في الغزو؛ وإن امرأته خرجت للحج، فقال له "حج مع امرأتك"(30/192)
إزاء هذين النصين وغيرهمااختلف العلماء في اشتراط المحرم في وجوب الحج على المرأة, وفي سفرها لعمل شيء واجب ومحتم، وبعد استعراض وجهات نظرهم فهناك اتفاق على أن الحج الواجب يكفي فيه حصول الأمن عنها بأية وسيلة من الوسائل. كصحبة الزوج أو المحرم أو الرفقة المأمونة أو الإشراف الرسمي المتدين.
ومثل الحج الواجب السفر لواجب آخر كالعلاج الذي ينقذ حياة المريض. أما الأمور المندوبة أو الكمالية غير الواجبة فلا بد للسفر لها من صحبة الزوج أو المحرم.
وإذا كان سفر المرأة لزيادة التفوق فإن تعلم الهندسة وإن كان مشروعًا وهامًا وبخاصة في العصر الحديث، فإنه ليس فرضًا عينيًا يجب على كل واحد، بل هو فرض كفائي إن وصل إلى هذه الدرجة لو قام بها البعض سقط الطلب عن الباقين. وهو ممكن للرجال ولا داعي للنساء. فلهن مهمات أخرى مناسبة، وبالتعاون بين الجنسين تتم الفائدة ويؤمن الزلل.
على هذا يحرم سفر المرأة إلى الخارج لهذه الدراسة بدون زوج أو محرم، ولا تكفي رفقة الزميلات والزملاء وبخاصة ما نراه في تلك البلاد من التمتع غير المحدود بالحرية المزعومة، ومن المغريات التي تشتد شدًا من يعيش في جوها إلى مجاراة العصر بكل ما فيه مما يشكو منه العقلاء المنصفون.
وأرجو أن يتنبه الجميع إلى أن الوقوع في المعصية مع الشعور بأنها معصية أخف من الوقوع فيها مع اعتقاد أنها حلال أو طاعة، فإنه في الحالة الأولى يمكن التوبة والتزام الطريق الصحيح، أما في الحالة الثانية فقل أو ندر أن يكون ثمة رجوع واستقامة. والواقع أثبت صدق ما أقول، والشواهد كثيرة في القديم والحديث.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 5 / ص 110)
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَصْلٌ فِي " اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ " وَهُوَ أَخْذُ الزِّينَةِ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ : الَّذِي يُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ : ( بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ طَائِفَةً مِنْ الْفُقَهَاءِ ظَنُّوا أَنَّ الَّذِي يُسْتَرُ فِي الصَّلَاةِ هُوَ الَّذِي يُسْتَرُ عَنْ أَعْيُنِ النَّاظِرِينَ وَهُوَ الْعَوْرَةُ وَأَخَذَ مَا يُسْتَرُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ قَوْلِهِ : { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } ثُمَّ قَالَ { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } يَعْنِي الْبَاطِنَةَ { إلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ } الْآيَةَ . فَقَالَ : يَجُوزُ لَهَا فِي الصَّلَاةِ أَنْ تُبْدِيَ الزِّينَةَ الظَّاهِرَةَ دُونَ الْبَاطِنَةِ . وَالسَّلَفُ قَدْ تَنَازَعُوا فِي الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ فَقَالَ : ابْنُ مَسْعُودٍ وَمَنْ وَافَقَهُ ؛ هِيَ الثِّيَابُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَنْ وَافَقَهُ : هِيَ فِي الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ مِثْلُ الْكُحْلِ وَالْخَاتَمِ . وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي النَّظَرِ إلَى الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ . فَقِيلَ : يَجُوزُ النَّظَرُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ إلَى وَجْهِهَا وَيَدَيْهَا وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَقَوْلٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد . وَقِيلَ : لَا يَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَد ؛ فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهَا عَوْرَةٌ حَتَّى ظُفْرِهَا . وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ . وَحَقِيقَةُ الْأَمْرِ : أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ الزِّينَةَ زِينَتَيْنِ : زِينَةً ظَاهِرَةً وَزِينَةً غَيْرَ ظَاهِرَةٍ وَجَوَّزَ لَهَا إبْدَاءَ زِينَتَهَا الظَّاهِرَةَ لِغَيْرِ الزَّوْجِ وَذَوِي الْمَحَارِمِ . وَكَانُوا قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ(30/193)
آيَةُ الْحِجَابِ كَانَ النِّسَاءُ يَخْرُجْنَ بِلَا جِلْبَابٍ يَرَى الرَّجُلُ وَجْهَهَا وَيَدَيْهَا وَكَانَ إذْ ذَاكَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُظْهِرَ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَكَانَ حِينَئِذٍ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهَا لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا إظْهَارُهُ ثُمَّ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آيَةَ الْحِجَابِ بِقَوْلِهِ : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ } حَجَبَ النِّسَاءَ عَنْ الرِّجَالِ وَكَانَ ذَلِكَ لَمَّا تَزَوَّجَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ فَأَرْخَى السِّتْرَ وَمَنَعَ النِّسَاءَ أَنْ يَنْظُرْنَ وَلَمَّا اصْطَفَى صَفِيَّةَ بِنْتَ حيي بَعْدَ ذَلِكَ عَامَ خَيْبَرَ قَالُوا : إنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ . وَإِلَّا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ فَحَجَبَهَا . فَلَمَّا أَمَرَ اللَّهُ أَنْ لَا يَسْأَلْنَ إلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَمَرَ أَزْوَاجَهُ وَبَنَاتَه وَنِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ - و " الْجِلْبَابُ " هُوَ الْمُلَاءَةُ وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ الرِّدَاءَ وَتُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ الْإِزَارَ وَهُوَ الْإِزَارُ الْكَبِيرُ الَّذِي يُغَطِّي رَأْسَهَا وَسَائِرَ بَدَنِهَا . وَقَدْ حَكَى أَبُو عَبِيدٍ وَغَيْرُهُ : أَنَّهَا تُدْنِيهِ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا فَلَا تُظْهِرُ إلَّا عَيْنَهَا وَمِنْ جِنْسِهِ النِّقَابُ : فَكُنَّ النِّسَاءُ يَنْتَقِبْنَ . وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ الْمُحْرِمَةَ لَا تَنْتَقِبُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ فَإِذَا كُنَّ مَأْمُورَاتٍ بِالْجِلْبَابِ لِئَلَّا يُعْرَفْنَ وَهُوَ سَتْرُ الْوَجْهِ أَوْ سَتْرُ الْوَجْهِ بِالنِّقَابِ : كَانَ الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ مِنْ
الزِّينَةِ الَّتِي أُمِرَتْ أَلَّا تُظْهِرَهَا لِلْأَجَانِبِ فَمَا بَقِيَ يَحِلُّ لِلْأَجَانِبِ النَّظَرُ إلَّا إلَى الثِّيَابِ الظَّاهِرَةِ فَابْنُ مَسْعُودٍ ذَكَرَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ وَابْنُ عَبَّاسٍ ذَكَرَ أَوَّلَ الْأَمْرَيْنِ . وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ : { أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهَا أَنْ تُبْدِيَ الزِّينَةَ الْبَاطِنَةَ لِمَمْلُوكِهَا . وَفِيهِ قَوْلَانِ : قِيلَ الْمُرَادُ الْإِمَاءُ وَالْإِمَاءُ الْكِتَابِيَّاتُ . كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَرَجَّحَهُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ وَقِيلَ : هُوَ الْمَمْلُوكُ الرَّجُلُ : كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ أَحْمَد . فَهَذَا يَقْتَضِي جَوَازَ نَظَرِ الْعَبْدِ إلَى مَوْلَاتِهِ وَقَدْ جَاءَتْ بِذَلِكَ أَحَادِيثُ وَهَذَا لِأَجْلِ الْحَاجَةِ ؛ لِأَنَّهَا مُحْتَاجَةٌ إلَى مُخَاطَبَةِ عَبْدِهَا أَكْثَرَ مِنْ حَاجَتِهَا إلَى رُؤْيَةِ الشَّاهِدِ وَالْمُعَامِلِ وَالْخَاطِبِ فَإِذَا جَازَ نَظَرُ أُولَئِكَ فَنَظَرُ الْعَبْدِ أَوْلَى وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحْرَمًا يُسَافِرُ بِهَا . كَغَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ ؛ فَإِنَّهُمْ يَجُوزُ لَهُمْ النَّظَرُ وَلَيْسُوا مَحَارِمَ يُسَافِرُونَ بِهَا فَلَيْسَ كُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ النَّظَرُ جَازَ لَهُ السَّفَرُ بِهَا وَلَا الْخَلْوَةُ بِهَا ؛ بَلْ عَبْدُهَا يَنْظُرُ إلَيْهَا لِلْحَاجَةِ وَإِنْ كَانَ لَا يَخْلُو بِهَا وَلَا يُسَافِرُ بِهَا فَإِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { لَا تُسَافِرْ امْرَأَةٌ إلَّا مَعَ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ } " فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا عَتَقَ كَمَا يَجُوزُ لِزَوْجِ أُخْتِهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا
إذَا طَلَّقَ أُخْتَهَا وَالْمَحْرَمُ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ ؛ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ : سَفَرُ الْمَرْأَةِ مَعَ عَبْدِهَا ضَيْعَةٌ . فَالْآيَةُ رَخَّصَتْ فِي إبْدَاءِ الزِّينَةِ لِذَوِي الْمَحَارِمِ وَغَيْرِهِمْ وَحَدِيثُ السَّفَرِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا ذَوُو الْمَحَارِمِ وَذَكَرَ فِي الْآيَةِ نِسَاءَهُنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَغَيْرَ أُولِي الْإِرْبَةِ وَهِيَ لَا تُسَافِرُ مَعَهُمْ . وَقَوْلُهُ : { أَوْ نِسَائِهِنَّ } قَالَ : احْتِرَازٌ عَنْ النِّسَاءِ الْمُشْرِكَاتِ . فَلَا تَكُونُ الْمُشْرِكَةُ قَابِلَةً لِلْمُسْلِمَةِ وَلَا تَدْخُلُ مَعَهُنَّ الْحَمَّامَ لَكِنْ قَدْ كُنَّ النِّسْوَةُ الْيَهُودِيَّاتُ يَدْخُلْنَ عَلَى عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا فَيَرَيْنَ وَجْهَهَا وَيَدَيْهَا بِخِلَافِ الرِّجَالِ فَيَكُونُ هَذَا فِي الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ فِي حَقِّ النِّسَاءِ الذِّمِّيَّاتِ وَلَيْسَ لِلذِّمِّيَّاتِ أَنْ يَطَّلِعْنَ عَلَى الزِّينَةِ الْبَاطِنَةِ وَيَكُونُ الظُّهُورُ وَالْبُطُونُ بِحَسَبِ مَا يَجُوزُ لَهَا إظْهَارُهُ ؛ وَلِهَذَا كَانَ أَقَارِبُهَا تُبْدِي لَهُنَّ الْبَاطِنَةَ وَلِلزَّوْجِ خَاصَّةً لَيْسَتْ لِلْأَقَارِبِ . وَقَوْلُهُ : { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا تُغَطِّي الْعُنُقَ فَيَكُونُ مِنْ الْبَاطِنِ لَا الظَّاهِرِ مَا فِيهِ مِنْ الْقِلَادَةِ وَغَيْرِهَا .(30/194)
ـــــــــــــــــــ
المنتقى من فتاوى الفوزان - (ج 49 / ص 30)
أحكام السفر تبدأ بالخروج من البلد، إذا خرج الإنسان من بلد إقامته؛ بأن فارق عامر البلد؛ أي : فارق البنيان؛ فإنها تبدأ أحكام السفر في حقه؛ من قصر الصلاة والفطر في رمضان وغير ذلك من أحكام السفر، أما ما كان داخل البنيان؛ فإنه لا تبدأ في حقه أحكام السفر .
وإذا وجبت عليه الصلاة وهو في داخل البنيان؛ فإنه يصليها تمامًا وفي وقتها؛ كالحاضرين؛ لأنه لم يبدأ السفر في حقه، حتى ولو انتقل من حارة إلى حارة في طريقه إلى السفر؛ فإن هذا لا يعتبر مسافرًا، حتى يخرج من جميع البنيان ومن عامر البلد . والله أعلم .
93 ـ هل يجوز سفر المرأة بدون محرم ؟ مثلاً : اتصل زوجها وهو في مدينة ما على زوجته، وأخبرها بأنه حدث له عارض؛ أي : مرض، فقال لها : احجزي على أقرب طائرة واحضري لي؛ فما حكم سفرها لوحدها ؟
لا يجوز سفر المرأة مسافة ثمانين كيلو مترًا فأكثر؛ إلا مع ذي محرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يومين إلا مع ذي محرم ) [ رواه البخاري في " صحيحه " ( 2/35، 36 ) ، وانظر كذلك : ( 2/58 ) من الصحيح ] ، والمراد مسيرة يومين مشيًا على الأقدام، وهو ما يساوي ثمانين كيلو مترًا تقريبًا؛ لأن في سفر المرأة بدون محرم خطرًا عليها من ناحية تعرضها للفتنة وطمع الرجال الفاسدين بها، والمحرم يصونها ويحفظها، ولا فرق في ذلك بين السفر على الطائرة أو السيارة أو الدابة أو غير ذلك؛ لعموم النهي الوارد في الأحاديث؛ ولأن العلة موجودة، وهي الخوف عليها .
94 ـ ما رأيكم فيمن يسمح لزوجته بالسفر بالطائرة مع طفلها الصغير ولا يسافر معها هو بحجة أنه مشغول ولا يسمح له عمله بذلك ؟
لا يجوز للمرأة أن تسافر بدون محرم لا في الطائرة ولا في غيرها؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله أن تسافر مسيرة يوم وليلة - وفي رواية أخرى : مسيرة يومين - ؛ إلا مع ذي محرم ) [ رواه البخاري في " صحيحه " ( 2/35، 36 ) ، وانظر كذلك : ( 2/58 ) من الصحيح ] .
( المحرم ) : هو الرجل البالغ الذي يحرم عليه نكاحها على التأبيد بنسب أو سبب مباح، وغير البالغ والطفل لا يكفي محرمًا .
ولما أراد رجل أن يخرج في الجهاد، وكانت امرأته تريد الحج؛ أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يحجَّ مع امرأته، ولم يرخص له بالخروج في الغزو (17).
فكيف يتعلل بعض الناس بأن عمله لا يسمح له بالسفر مع امرأته وعمل الجهاد لم يعتبر عذرًا ؟ !
والخطر على المرأة في الطائرة أعظم من الخطر في غيرها؛ لأن الطائرة قد يتغير مسارها واتجاهها إلى مطار آخر لسبب من الأسباب؛ فمن يستقبل المرأة ؟ ! وأين تذهب إذا هبطت في غير المطار الذي اتجهت إليه ؟ !
ـــــــــــــــــــ(30/195)
دروس وفتاوى الحرم المدني - (ج 1 / ص 30)
حكم سفر المرأة مع مجموعة نساء
ــــــــــــــــــــــــ
[ السؤال ] هل يجوز للمرأة أن تسافر مع مجموعة من النساء للقيام بالتدريس في قرية من القرى بدون محرم؟
الجواب: إذا كانت القرية قريبة بحيث لا يعد الذهاب إليها سفراً وترجع في يومها، والسائق مؤتمن فلا بأس.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى ( سؤال من حاج ) - (ج 1 / ص 55)
حكم سفر المرأة للحج بدون محرم
[ السؤال ] هناك امرأة تريد أن تحج, ولكن لا يوجد لها محرم, وهي فريضة، فهل يصح لها ذلك؟
الشيخ / لا يمكن أن تحج إلا بمحرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم, فقال له رجل: يا رسول الله! إن امرأتي خرجت حاجة, وإني اكْتُتِبْتُ في غزوة كذا وكذا, فقال: انطلق فحج مع امرأتك) والمرأة إذا لم تجد محرماً فإنه لا إثم عليها بتأخير الحج, بل إن المشهور من مذهب الحنابلة أنه لا حج عليها, وأنها كالفقير ليس عليها حج.
السائل / جزاك الله خيراً.
الشيخ / ولا يُقضى عنها من تركتها، فلتطمئن ولا تتكدر, ولتعلم أنه لا حج عليها ما دامت لا تجد محرماً.
السائل / وإذا كانت في سفر من جدة إلى الرياض أو من الرياض إلى جدة مثلاً؟
الشيخ / لا، لا تسافر أي سفر كان.
السائل / ولو بالطائرة يا شيخ؟!
الشيخ / ولو بالطائرة.
السائل / حسناً! وإذا ذهَبََت مع نساء؟
الشيخ / حتى ولو ذهبت أو سافرت مع نساء؛ لأن الحديث الذي أشرتُ إليه؛ حديث ابن عباس ، لو كانت الأحوال تختلف لاستفصل النبي صلى الله عليه وسلم, وعند أهل العلم قاعدة معروفة وهي: أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال يُنَزَّل منزلة العموم في المقال، فلما لم يَسْتَفْصِل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه المرأة, بل قال لزوجها: اترك الغزو واذهب وحج معها, دل ذلك على أنه لا فرق بين أن تكون وحدها أو معها نساء, أو أن تكون آمنة أو خائفة.
السائل / جزاك الله خيراً يا شيخ!
الشيخ / الله يبارك فيك.
السائل / السلام عليكم.
الشيخ / بارك الله فيك.
ـــــــــــــــــــ
لقاءات الباب المفتوح - (ج 31 / ص 30)(30/196)
حكم سفر المرأة بدون محرم:
________________________________________
السؤال: يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (لا تسافر المرأة بدون محرم أكثر من يوم وليلة) أو كما قال، فكأن مفهوم الحديث أن ما قل عن ذلك أنه يجوز لها أن تسافر أقل من يوم وليلة؟
________________________________________
الجواب: التحديد بيوم وليلة أو بأكثر مختلف، ولهذا أخذ العلماء بالعموم، قالوا: ما دام ورد في يوم وليلة وثلاثة أيام علم أن القيد ليس بواجب.......
حكم سفر المرأة مع محرمها إلى الخارج بدون حاجة:
________________________________________
السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم سفر المرأة إلى الخارج بدون عذر، يعني: لغرض السياحة فقط مع محرم؟
________________________________________
الجواب: سفر المرأة إلى الخارج مع زوجها أحسن من بقائها في بلدها لها وله أيضاً، فلا أرى مانعاً، لكن أصل سفر الزوج من أجل السياحة -كما قلت- لا أرى جوازه لأن فيه محاذير: المحظور الأول: أن الإنسان يقدم إلى بلاد كافرة، ربما يتأثر بدينهم أو أخلاقهم أو عاداتهم. ثانياً: أنه يصرف أموالاً كثيرة في السفر إلى تلك البلاد. ثالثاً: أنه يثري أموال هؤلاء ويدخل عليهم فوائد كثيرة. رابعاً: أنه ربما يقتدى به فيتهافت الناس على هذه المسألة. خامساً: أنه بلغنا عن أناس كانوا مستقيمين فذهبوا في إجازة الصيف إلى بلاد الكفر، ثم رجعوا منحرفين والعياذ بالله، وهذا ليس ببعيد. لذلك نرى أنه لا يجوز السفر إلى بلد الكفر إلا لمصلحة دينية أو دنيوية بشروط: - أولاً: أن يكون الإنسان عنده علم يدفع به الشبهات؛ لأنه هناك سوف يعرضون عليه أشياء ويشككوه في دينه. - الثاني: أن يكون عنده دين يمنعه من الشهوات؛ لأن هناك خمور ودعارة وكل ما تتصور من الشر فإنك تجده هناك والعياذ بالله. - الثالث: المصلحة أو الحاجة. فإذا تمت هذه الشروط الثلاثة فلا بأس، وأما إذا اختل شرط واحد منها فلا أرى جواز السفر إلى تلك البلاد.
حكم سفر المرأة بدون محرم:
________________________________________
السؤال: ما حكم سفر المرأة من مدينة إلى مدينة بدون محرم لطلب العلم؟
________________________________________
الجواب: لا يحل للمرأة أن تسافر بدون محرم لا للعلم ولا للحج ولا للعمرة ولا للزيارة ولا لغير ذلك, لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) لكن قد يظن بعض الناس أن هذا سفر وليس بسفر, مثل بعض النساء الآن يذهبن من بلدهن إلى بلد آخر قريب للتعلم أو للتعليم ويرجعن في نفس اليوم, فهذا ليس بسفر, فعلى هذا لو ذهبت امرأة من عنيزة إلى بريدة للتعلم أو للتعليم ومعها نساء ويرجعن بعد انتهاء الدرس إلى بيوتهن فهذا ليس بسفر, فللمرأة أن تذهب وترجع, لكن لا يجوز لها أن تخلو بالسائق إذا لم يكن محرماً لها. حتى في(30/197)
الطائرة لا يجوز لها أن تسافر, نقول: أولاً أن المحرم الذي في البلد الذي طارت منه إذا أوصلها إلى قاعة الانتظار يرجع, وتبقى وحدها مع الرجال, ثم لو فرض أنه أوصلها إلى أن دخلت الطائرة, فالطائرة قد تقلع في وقتها المحدد وقد تتأخر لخلل فني أو طقس أو غير ذلك, ثم إذا استقلت طائرة فربما يمنعها مانع من الهبوط في المطار الذي قصدته إما سوء الأحوال الجوية كما يقولون, وإما خلل فني كما لو امتنعت الكفرات من النزول، أو غير ذلك من الأسباب, فتبقى تذهب إلى بلد آخر, ثم على فرض أنها سلمت من هذا ونزلت في المطار الذي تريده, فمحرمها الثاني الذي يستقبلها قد يحضر في الوقت المحدد وقد لا يحضر, فقد ينام وقد يمرض، قد يمنعه السير من ازدحام السيارات, قد تتعطل سيارته ولا يحضر إلى المطار, ثم إذا سلم من هذا وصار كل شيء على ما يرام فمن الذي يجلس بجانبها في الطائرة؟ قد يجلس بجانبها رجل سفيه سافر, فيغريها ويغرها, كما يقع هذا أحياناً, لذلك كانت حكمة الشرع في نهي المرأة أن تسافر على الإطلاق هي الحكمة الصحيحة, وهي التي بها السلامة.
حكم سفر المرأة مع السائق إذا كان معها نساء:
________________________________________
السؤال: ما حكم سفر المعلمة لوظيفة في قرية من قرى المنطقة التابعة لتخرج مع السائق التابع لنقل المعلمات، ومعه والدته أو زوجته أو أخته، ومع مجموعة من المعلمات؟
________________________________________
الجواب: خروج المرأة مع السائق إذا كان معها نساء، وليس سفراً بل لضواحي البلد أو أبعد من ذلك؛ لكنها ترجع في يومها فلا حرج في ذلك؛ لأن الممنوع واحد من أمرين: إما السفر. وإما الخلوة. وهنا لا سفر، ولا خلوة.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الشيخ ابن جبرين - (ج 97 / ص 7)
السؤال:-
ما حكم سفر المرأة وحدها في الطائرة لعذر، بحيث يوصلها المحرم إلى المطار ويستقبلها محرم في المطار الآخر؟
الجواب:-
لا بأس بذلك عند المشقة على المحرم كالزوج أو الأب إذا اضطرت المرأة إلى السفر ولم يتيسر للمحرم صحبتها فلا مانع من ذلك بشرط أن يوصلها المحرم الأول إلى المطار فلا يفارقها حتى تركب الطائرة ويتصل بالبلاد التي توجهت إليها ويتأكد من محارمها هناك أنهم سوف يستقبلونها في المطار ويخبرهم بالوقت الذي تَقْدُمُ فيه ورقم الرحلة، وذلك لعدم الخلوة المنهي عنها ولعدم المحذور من سفرها وحدها الذي تكون عرضة للضياع أو لاعتراض أهل الفساد، وأيضاً فالمدة قليلة إنما هي ساعة أو بضع ساعات، هذه المدة قد لا تسمى سفراً أصلاً، لأن السفر هو الذي يسفر عن أخلاق الرجال، فلا ينطبق على المدة القصيرة ولأن الضرورات لها أحكامها، والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(30/198)
ـــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و مقالات ابن باز - (ج 8 / ص 300)
حكم سفر المرأة للعمرة في حافلة النقل الجماعي بلا محرم..
س : الأخت التي رمزت لاسمها بأم محمد صالح من المدينة المنورة تقول في سؤالها : امرأة مطلقة تبلغ من العمر أربعين سنة ليس لها محرم حيث أنها تعيش وحدها في المدينة المنورة ، لأن أبناءها وأكبرهم 16 سنة يعيشون مع أبيهم في مدينة أخرى ، هذه المرأة ذهبت في رمضان المبارك إلى مكة المكرمة للعمرة في حافلة النقل الجماعي الذي يوجد فيه مكان خاص للنساء ، وقد أوصلها النقل الجماعي أمام الحرم ، وبعد انتهائها من العمرة استقلت حافلة أخرى تابعة للنقل الجماعي إلى الموقف الرئيسي خارج مكة الكرمة ، ومن هناك سافرت إلى المدينة في حافلات النقل الجماعي ، فهل هي آثمة بسفرها وهي في هذا السن وهذه الظروف؟
ج : إذا كان الواقع هو ما ذكرته السائلة فالسفر المذكور محرم ، وعلى المرأة المذكورة التوبة إلى الله من ذلك ، وذلك بالندم على ما وقع منها ، والعزم الصادق على أن لا تعود لذلك ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم متفق عليه ، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما . وقد قال الله سبحانه : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
والله الموفق .
سفر المرأة مع المرأة بدون محرم
س : هل تعد المرأة محرما للمرأة الأجنبية في السفر ، ونحو ذلك أم لا؟
ج : ليست المرأة محرما لغيرها ، إنما المحرم : هو الرجل الذي تحرم عليه المرأة بنسب ؛ كأبيها ، وأخيها ، أو بسب مباح . كالزوج ، وأبي الزوج ، وابن الزوج ، وكالأب من الرضاع ، والأخ من الرضاع ونحوهم .
ولا يجوز للرجل أن يخلو بالمرأة الأجنبية ، ولا أن يسافر بها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم متفق على صحته ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان رواه الإمام أحمد وغيره ، من حديث عمر رضي الله عنه بإسناد صحيح ...
والله ولي التوفيق .
نشرت في مجلة الدعوة في العدد ( 1497 ) بتاريخ 1 / 2 / 1416 هـ ...
ـــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و مقالات ابن باز - (ج 14 / ص 251)
ضابط المحرم
س: هل تعتبر المرأة محرماً للمرأة الأجنبية في السفر والجلوس ونحو ذلك أم لا ؟ (2)
ج: ليست المرأة محرماً لغيرها ، إنما المحرم هو الرجل الذي تحرم عليه المرأة بنسب كأبيها وأخيها ، أو سبب مباح كالزوج وأبي الزوج وابن الزوج ، وكالأب من الرضاع والأخ من الرضاع ونحوهما .(30/199)
ولا يجوز للرجل أن يخلو بالمرأة الأجنبية ولا أن يسافر بها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم " (3) متفق على صحته ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : "لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان" (4) رواه الإمام أحمد وغيره من حديث عمر رضي الله عنه بإسناد صحيح .
س: عم الوالدة وخالها هل هم من محارمي ؟ (5)
ج: نعم عمها وخالها من المحارم ، قاعدة في المحرم : كل من تحرم عليه بالنسب كخالها أو عمها أو أبيها ، أو سبب كرضاع أو مصاهرة كأب الزوج وابن الزوج هؤلاء هم المحارم.
__________
(2) نشر في جريدة (الرياض) العدد 10917 في 19/1/1419هـ ، وفي المجلة العربية ، شعبان عام 1413هـ
(3) رواه البخاري في (الحج) باب حج النساء برقم 1862 ، ومسلم في (الحج) باب سفر المرأة مع محرم برقم 1339
(4) رواه الإمام أحمد في (مسند العشرة المبشرين بالجنة ) أول مسند عمر بن الخطاب برقم 178 ، والترمذي في (الرضاع) باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات برقم 1171
(5) من برنامج نور على الدرب الشريط رقم 11
ـــــــــــــــــــ
فالخال من المحارم والعم من المحارم ، وإن كان خال أبيها ، وإن كان خال أمها ، وإن كان عم أبيها وعم أمها ، فإن عم أبيها عم لها وعم أمها عم لها ، وهكذا خال أبيها وخال أمها أخوال لها فهم محارم وإن علوا ، كأخي جدها وأخي جدتها هم أخوال لها .
والد الزوج محرم لزوجة ابنه
س: هل يجوز أن يكون والدي محرماً لزوجتي لأداء العمرة وأنا داخل الرياض ؟ (1)
ج: أبو الزوج محرم لزوجة الابن في الحج وغيره .
يشترط في المحرم البلوغ
س: ما هو أدنى سن للشاب حتى يكون محرماً للمرأة إذا أرادت السفر ؟ (2)
ج: أدنى سن يكون به الرجل محرماً للمرأة هو البلوغ ، وهو إكمال خمسة عشر سنة ، أو إنزال المني بشهوة ، أو إنبات الشعر الخشن حول الفرج ويسمى العانة .
ومتى وجدت واحدة من هذه العلامات الثلاث صار الذكر بها مكلفاً ، وجاز له أن يكون محرماً للمرأة ، وهكذا وجود واحدة من الثلاث تكون بها المرأة مكلفة وتزيد المرأة علامة رابعة وهي الحيض ، والله ولي التوفيق .
حكم سفر المرأة في الطائرة بدون محرم
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم الأستاذ / أ . س . ع . وفقه الله لكل خير آمين (3) .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد(30/200)
كتابكم المؤرخ في 15/1/1394هـ وصل وصلكم الله بهداه ، وما تضمنه من الإفادة أنك اختلفت مع أحد زملائك في جواز سفر المرأة المسلمة بالطائرة بدون محرم ، مع أن وليها يكون معها حتى تركب الطائرة ، ومحرمها الآخر يكون في استقبالها في البلد المتوجهة إليه ، ورغبتك في الفتوى كان معلوماً.
__________
(1) من أسئلة دروس بلوغ المرام
(2) من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من (المجلة العربية)
(3) خطاب صدر من مكتب سماحته برقم 1803/ خ في 5/8/1395هـ إجابة على سؤال مقدم من أ . س. ع.
ج: لا يجوز سفر المرأة المسلمة في الطائرة ولا غيرها بدون محرم يرافقها في سفرها ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم " (1) متفق على صحته ؛ ولأنه من المحتمل تعرضها للمحذور في أثناء سير الطائرة بأية وسيلة من الوسائل ، ما دامت ليس لديها من يحميها ، وأمر آخر وهو أن الطائرات يحدث فيها خراب أحياناً ، فتنزل في مطار غير المطار الذي قصدته ، ويقيم ركابها في فندق أو غيره في انتظار إصلاحها ، أو تأمين طائرة غيرها ، وقد يمكثون في انتظار ذلك مدة طويلة أو يوم أو أكثر ، وفي هذا ما فيه من تعرض المرأة المسافرة وحدها للمحذور ، وبالجملة فإن أسرار أحكام الشريعة الإسلامية كثيرة ، وعظيمة ، وقد يخفى بعضها علينا ، فالواجب التمسك بالأدلة الشرعية، والحذر من مخالفتها من دون مسوغ شرعي لا شك فيه . وفق الله الجميع للفقه في الدين، والثبات عليه . إنه خير مسؤول ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
س: امرأة مطلقة تبلغ من العمر أربعين سنة ليس لها محرم حيث أنها تعيش وحدها في المدينة المنورة ؛ لأن أبنائها وأكبرهم (16) سنة يعيشون مع أبيهم في مدينة أخرى، هذه المرأة ذهبت في رمضان المبارك إلى مكة المكرمة للعمرة ، في حافلة النقل الجماعي ، الذي يوجد فيه مكان خاص للنساء ، وقد أوصلها النقل الجماعي أمام الحرم ، وبعد انتهائها من العمرة استقلت حافلة أخرى تابعة للنقل الجماعي إلى الموقف الرئيسي خارج مكة المكرمة ، ومن هناك سافرت إلى المدينة في حافلات النقل الجماعي ، فهل هي آثمة بسفرها وهي في هذه السن وهذه الظروف ؟ (2)
__________
(1) رواه البخاري في (الحج) باب حج النساء برقم 1862 ، ومسلم في (الحج) باب سفر المرأة مع محرم برقم 1339
(2) نشر في مجلة (الدعوة) العدد 1634 في 21/11/1418هـ
ج: إذا كان الواقع هو ما ذكرته السائلة ، فالسفر المذكور محرم ، وعلى المرأة المذكورة التوبة إلى الله من ذلك ، وذلك بالندم على ما وقع منها ، والعزم الصادق على ألا تعود لذلك ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم " (1) ، متفق عليه ، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما .
وقد قال الله سبحانه : "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب " (2) والله الموفق .(30/201)
__________
(1) رواه البخاري في (الحج) باب حج النساء برقم 1862 ، ومسلم في (الحج) باب سفر المرأة مع محرم برقم 1339
(2) سورة الحشر ، الآية 7
ـــــــــــــــــــ
حكم سفر المرأة للحج وحدها بدون محرم
س امرأة تقول والدتي في المغرب وأنا أعمل في السعودية وأنا أريد أن أرسل لها حتى تحضر لتقوم بأداء فريضة الحج وليس معها محرم لأن والدي متوفي وإخواني ليس عندهم القدرة على الذهاب لأداء فريضة الحج؟.
ج لا يجوز لها أن تأتي للحج وحدها لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم))، قاله النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يخطب الناس فقام رجل فقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((انطلق فحج مع امرأتك)).
والمرأة إذا لم يكن معها محرم فإن الحج لا يجب عليها إما أن الفريضة سقطت عنها لعدم القدرة على الوصول إلى مكة وعدم القدرة عجز شرعي، وإما أنه لا يجب عليها أداء، بمعنى أنا لو ماتت حج عنها من تركتها.
على كل حال إني أقول للسائلة لا يلحق المرأة إثم إذا ماتت ولم تحج بسبب عدم وجود المحرم ولا يضرها ذلك لأنها معذورة غير مستطيعة شرعاً، وقد قال الله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا). [آل عمران 97].
الشيخ ابن عثيمين
ـــــــــــــــــــ
لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم
س - ما حكم الشرع في مجيء الخادمة بدون محرم وهل المحظور مجيئها من بلدها بدون محرم أم وجودها بالبيت الذي تخدم فيه وحدها وليس معها محرم ؟
ج - لا يجوز سفر المرأة بدون محرم سواء كانت خادمة أو غيرها لقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم " . متفق عليه ، أما وجودها في البيت إلى محرم لكن ليس للرجل الأجنبي من المرأة أن يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم " . متفق عليه ، وقوله ، - صلى الله عليه وسلم - ، " لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان " . خرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر - رضي الله عنه .
الشيخ ابن باز
ـــــــــــــــــــ
حكم إقامة المرأة في غير بلدها بدون محرم
س - سؤالي عن عمل المرأة وإقامتها بدون محرم في غير بلدها علما بأنني أعمل حالياً في المملكة وفي مكان كله نساء وأقيم في القسم الداخلي التابع للعمل ، أو السكن وقد حاولت استقادم أخي كمحرم شرعي لي ولكن لم أوفق ، فما حكم الشرع في وضعي الحالي وإقامتي هنا بدون محرم علما بأنني أولا استخرت الله - عز(30/202)
وجل - كثيراً قبل حضوري إلى هنا وأحسست أن الله يسر لي أمور كثيرة . ثانيا الوضع في بلدي من حيث الاختلاط وسوء الأخلاق في مجال العمل لا يشجع الإنسان المسلم الملتزم على الاستمرار فيه على ضوء ما ذكرت لكم فما رأيكم ؟
ج - نسأل الله لنا ولك التوفيق وصلاح الحال ، أما هذا الذي فعلت فلا بأس به ، فإقامة المرأة في بلد بدون محرم لا ضرر فيه ولا حرج فيه ، ولاسيما إذا كان ذلك لا خطر فيه طالما أن العمل بين النساء ومصون عن الرجال ، مما أباح الله - عز وجل - أو في قسم داخلي بين النساء كل هذا لا حرج فيه ، ولكن الممنوع السفر بمفردك فلا تسافري إلا بمحرم ، ولا تقدمي إلا بمحرم ، فإذا كنت قدمت من بلادك بدون محرم فعليك التوبة إلى الله والاستغفار وعدم العودة إلى هذا ، وإذا أردت السفر فلابد لك من محرم فاصبري حتى يأتي المحرم لقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم " . وإن تيسر المحرم من جهة الأقارب أو بالزواج فيكون لك زوجك محرما في السفر ، فالأمر في يد الله وعليك أن تعملي ما تستطيعين عند السفر حتى يتوفر المحرم ، وأما إقامتك الآن بين النساء وفي عمل مباح فلا حرج فيه والحمد لله .
ولا ريب أن سفر المرأة بدون محرم عمل خطير وفيه خطر وفتنة ، ولهذا ننصح أخواتنا في الله الحذر من ذلك والا يسافرون إلا بمحارم وننصحهن أيضا بالحذر من الاختلاط مع الرجال أو العمل مع الرجال أو الخلوة بالرجال كل هذا يجب الحذ منه سواء كان في المستشفيات أو في غير ذلك . نصيحتي للجميع أن لا يستقدم امرأة إلا بمحرم ولا تسافر المرأة إلا بمحرم وألا تعمل مع الرجال ولا تخلو بأي رجل من غير محارمها ، لأنه طريق للفتنة والرسول ، - صلى الله عليه وسلم -، منع ذلك وحرمه وقال " لا يخلو رجال بامرأة فإن ثالثهما الشيطان " . والمقصود من هذا أن الواجب فلا بأس أن تعمل المرأة بين النساء في عمل مباح لا يضر دينها لا يسبب الفتنة مع الرجل .
الشيخ ابن باز
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 11750 )
س: يتقدم أولياء أمور الطالبات اللاتي يدرسن بالدمام التي تبعد عن مدينة الخفجي بحوالي 300 كيلو متر، وذلك لعمل توكيل للسفر بهن إلى الجامعة بالدمام والعودة بهن إلى الخفجي بصفة جماعية، وذلك لشخص مع زوجته أو ابنته أو أخته أو أحد محارمه، وينص على ذلك في الوكالة، مثلا: (وكلت فلانا وابنته فلانة.. إلخ للسفر بابنتي إلى الدمام والعودة بها مع زميلاتها..) فما رأي سماحتكم إذا كان السفر بالمرأة أو الطالبات بهذه الصفة الجماعية ووجود أحد محارم قائد السيارة معه، كذلك التوكيل على استلام خادمة من المطار والسفر بها إلى مكفولها؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.
ج: السفر المذكور لا يجوز؛ لأنه بدون محرم، كما أن التوكيل
(الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 307)(30/203)
لا يصح ولا يفيد شيئا في ذلك ولا يحل سفر المرأة بدون محرم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 17702 )
س: أرجو أن تبينوا لي حكم سفر امرأتي بالطائرة من الظهران إلى الطائف وهي برفقة أختها المتزوجة من أخي، ومعهم أخي وأبناؤنا الصغار، مع العلم أنه ليس باستطاعتي السفر معها لإيصالها والعودة، حيث إن مادياتي لا تسمح لي بذلك، وسوف يكون في استقبالهم في الطائف والدهم ووالدتهم، (مدة السفر ساعتان).
ج: لا يجوز سفر المرأة في الطائرة ولا في غيرها إلا مع محرم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: أحمد 2 / 13، 19، 142-143، والبخاري 2 / 35، ومسلم 2 / 975، برقم (1338)، وأبو داود 2 / 348 برقم (1727)، وابن أبي شيبة 4 / 5، وابن خزيمة 4 / 133 برقم (2521)، والطحاوي في (شرح المعاني) 2 / 113، وابن حبان 6 / 434، 440، 441 برقم (2720، 2729، 2730)، والبيهقي 3 / 138، 5 / 227 كلهم من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم متفق على صحته وزوج أختها لا يعتبر محرما لها، وكذلك أختها ليست محرما لها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 2642 )
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه
(الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 310)
وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم من عميد شؤون الطلاب بجامعة الرياض عن طريق الدكتور محيي الدين خليل، رئيس قسم الثقافة الإسلامية، إلى سماحة الرئيس العام، والمحال إلى اللجنة برقم (2554 / 2 / د) وتاريخ 7 / 8 / 99 هـ، ونصه:
إن طالبات الجامعة من خارج مدينة الرياض يقمن بوحدة أم المؤمنين السكنية، وتسافر الطالبات إلى بلادهن في الإجازات الرسمية أو في نهاية الأسبوع، وغالبيتهن يتوجهن إلى جدة أو الظهران بالطائرة، وتشترط العمادة أن يرافق كل طالبة محرم، ولكن هذا لا يتيسر لجميعهن وفي كل الأحوال، وقد تكون الطالبة راغبة في السفر تحت ظروف اضطرارية، ويشكو البعض من هذا الإجراء، ويرون أن الشرع في مثل حالتنا هذه يبيح السفر بدون محرم، إذ أنه لا يتجاوز ساعات(30/204)
محدودة، مستندين إلى: صحيح البخاري الحج (1765),صحيح مسلم الحج (1340),سنن الترمذي الرضاع (1169),سنن أبو داود المناسك (1726),سنن ابن ماجه المناسك (2898),مسند أحمد بن حنبل (3/34),سنن الدارمي الاستئذان (2678). لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو أخوها أو زوجها أو ابنها أو ذو حرمة منها وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-أنه قال: الشافعي (بترتيب السندي) 1 / 286، وأحمد 1 / 222، 346، والبخاري 2 / 219، 4 / 18، 6 / 159، ومسلم 2 / 978 برقم (1341)، واللفظ له، وابن ماجه 2 / 968 برقم (2899، 2900)، وابن أبي شيبة 4 / 6، وابن خزيمة 4 / 137 برقم (2529، 2530)، وابن حبان 6 / 441، 9 / 72، 72-73 برقم (2731، 3756، 3757)، وأبو يعلى 4 / 279، 394 برقم (2391، 2516)، والطبراني 11 / 335، 336 برقم (12201 - 12205)، والبيهقي 5 / 226. لا تسافر امرأة مسيرة يوم
وليلة إلا ومعها محرم وعن أبي هريرة أيضا أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: صحيح البخاري الجمعة (1038),صحيح مسلم الحج (1339),سنن الترمذي الرضاع (1170),سنن أبو داود المناسك (1723),سنن ابن ماجه المناسك (2899),مسند أحمد بن حنبل (2/506),موطأ مالك الجامع (1833). لا يحل لامرأة مسلمة تسافر
(الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 311)
مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها . لذا نأمل إفادتنا عما إذا كان يجوز شرعا السماح للطالبة بالسفر إلى جدة أو الظهران بالطائرة بدون محرم .
وأجابت بما يلي: إن الشريعة الإسلامية مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد، ومن مقاصدها الضرورية المحافظة على الأنساب والأعراض، وقد ثبت في الكتاب والسنة ما يدل دلالة واضحة على سد الذرائع التي تفضي إلى اختلاط الأنساب، وانتهاك الأعراض: كتحريم خلوة المرأة بأجنبي، وتحريم إبدائها زينتها لغير زوجها ومحارمها، ومن في حكمهم بمن ذكرهم الله تعالى في سوره النور: كالأمر بغض البصر، وتحريم النظرة الخائنة، ومن الذرائع القريبة التي قد تفضي إلى الفاحشة، واختلاط الأنساب، وهتك الأعراض - سفر المرأة دون من فيه صيانة لها في اعتبار الشرع، من زوجها أو أحد محارمها، فكان حراما؛ لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: أحمد 2 / 13، 19، 142-143، والبخاري 2 / 35، ومسلم 2 / 975، برقم (1338)، وأبو داود 2 / 348 برقم (1727)، وابن أبي شيبة 4 / 5، وابن خزيمة 4 / 133 برقم (2521)، والطحاوي في (شرح المعاني) 2 / 113، وابن حبان 6 / 434، 440، 441 برقم (2720، 2729، 2730)، والبيهقي 3 / 138، 5 / 227 كلهم من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا ومعها ذو محرم رواه
(الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 312)
الفتوى رقم ( 16949 )(30/205)
س: بحكم أني أعمل في مكتب خدمات عامة واستقدام، أقوم بإنجاز بعض المعاملات: كاستقدام الخادمات بلا محارم، وقد
(الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 331)
يكن غير مسلمات، وكذلك استقدام السائقين والأيدي العاملة التي فيها نسبة ظاهرة من غير المسلمين، فهل يجوز هذا العمل، وما حكم ممارستي له؟ وهل أعتبر شريكا في الإثم؟ أفيدونا أفادكم الله.
ج: إن قاعدة الشريعة المطهرة تحريم كسب المال من عمل لا يجوز شرعا، وقد علم من نصوص السنة النبوية المشرفة أن سفر المرأة بلا محرم لا يجوز شرعا، وأنه لا يجتمع دينان في جزيرة العرب، فلا يجوز استيطان الكفار في جزيرة العرب ولا استقدامهم للعمل فيها من غير ضرورة، وعليه فإن مباشرة عمل يؤدي إلى هتك هذه الحرمات لا يجوز. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 17280 )
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام، من معالي وزير الحج، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (2313) ،
(الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 332)
وتاريخ 9 / 6 / 1415هـ، وقد سأل معاليه سؤالا هذا نصه:
"أفيد سماحتكم بأني سبق أن تلقيت من معالي الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خطابا برقم (6531 / 9) وتاريخ 26 / 11 / 1414 هـ،- المرفق نسخته- يتضمن قيام مؤسسات الداخل بتسيير حملات تشتمل على خادمات ومن في حكمهن، مع عدم وجود محارم لهن، وأن هذا العمل الذي تقوم به تلك الحملات مخالف للشرع الحنيف، الذي ينهى عن سفر المرأة بدون محرم، وطلب معاليه منع تلك الحملات من أخذ النسوة بدون محارم.
وقد أجبنا معاليه بخطابنا رقم 6313 / 414 / ب / ح)، وتاريخ 4 / 12 / 1414هـ، بأنه قد تم توجيه الجهة المختصة لتعميد مؤسسات حجاج الداخل المصرح لها بالخدمة لمراعاة ما أشار إليه معاليه، وبتاريخ 13 / 4 / 1415هـ، رفع سعادة وكيل الوزارة بخطابه رقم (2505 / 1 / 17) مفيدا بأن بعض مؤسسات حجاج الداخل تخصص للنساء اللاتي يفدن للحج من داخل المملكة بدون محارم وبشكل جماعي خياما خاصة بهن، وأن الأخذ بهذه الفتوى معناه حرمان جميع القادمات للعمل بالمملكة بدون محرم من أداء فريضة الحج، ومعظمهن يقمن داخل المملكة ويعملن بها منذ عدة سنوات، وينتظرن هذه الفرصة للحج،
(الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 333)(30/206)
فبعضهن يحججن مع كفلائهن، والبعض الآخر مع مؤسسات الداخل. وأشار إلى أن بعض الفقهاء أجازوا سفر النساء بدون محرم إذا كن في جماعات، وتوفر لهن الأمان أثناء السفر والإقامة.
وتجنبا لعدم إثارة أي استغراب أو تساؤل حول هذا المنع من قبل بعض الدول الإسلامية رغبنا في إطلاع سماحتكم لمعرفة مرئياتكم حياله، راجيا التكرم بالاطلاع وإشعاري بما ترونه. سدد الله رأيكم".
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بما يلي: قد تقرر في الشرع المطهر تحريم سفر المرأة بلا محرم؛ للأدلة الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في النهي عن ذلك، وهذا يعم أي سفر كان، سواء لغرض مباح أم واجب أم مسنون، وقد صدرت منا فتوى في تقرير ذلك برقم (16042) هذا نصها: "لا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر بدون محرم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عباس أحمد 2 / 13، 19، 142-143، والبخاري 2 / 35، ومسلم 2 / 975، برقم (1338)، وأبو داود 2 / 348 برقم (1727)، وابن أبي شيبة 4 / 5، وابن خزيمة 4 / 133 برقم (2521)، والطحاوي في (شرح المعاني) 2 / 113، وابن حبان 6 / 434، 440، 441 برقم (2720، 2729، 2730)، والبيهقي 3 / 138، 5 / 227 كلهم من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم رواه أحمد والبخاري ومسلم وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو يخطب: الشافعي (بترتيب السندي) 1 / 286، وأحمد 1 / 222، 346، والبخاري 2 / 219، 4 / 18، 6 / 159، ومسلم 2 / 978 برقم (1341)، واللفظ له، وابن ماجه 2 / 968 برقم (2899، 2900)، وابن أبي شيبة 4 / 6، وابن خزيمة 4 / 137 برقم (2529، 2530)، وابن حبان 6 / 441، 9 / 72، 72-73 برقم (2731، 3756، 3757)، وأبو يعلى 4 / 279، 394 برقم (2391، 2516)، والطبراني 11 / 335، 336 برقم (12201 - 12205)، والبيهقي 5 / 226. لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. فقام رجل فقال: إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا. فقال:
(الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 334)
انطلق فحج مع امرأتك رواه أحمد والبخاري ومسلم . فالمرأة ممنوعة من كل ما يسمى سفرا إلا إذا كان معها محرم يصونها ويحفظها ويقوم بمصالحها، والمحرم هو: زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد، لقرابة أو رضاع أو مصاهرة: كأبيها وابنها وأخيها وابن أخيها وعمها وخالها وأبي زوجها وابن زوجها وابنها من الرضاع أو أخيها من الرضاع ونحوهم، وسواء كانت المرأة شابة أو عجوزا، وسواء كانت وحدها أو مع نساء. ومجموعة النساء لا تكفي عن المحرم؛ لعموم الأحاديث ولعدم انتفاء المحذور، فالواجب على النساء وعلى أوليائهن تقوى الله، والمحافظة على أوامر الله ورسوله، وترك ما نهى الله عنه ورسوله، خصوصا في المحافظة على الحياء والعفة، وتجنب وسائل الشر والفساد، ولا يجوز أن يحملهم الطمع في الدنيا على التساهل في هذا الأمر". لهذا فإنه لا يجوز سفر المرأة لأداء(30/207)
فريضة الحج من غير محرم لها، ويجب منع أصحاب حملات الحج من ذلك؛ حذرا من إثم الوقوع فيما نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسدا لأبواب الشر والفساد، والله سبحانه وتعالى يقول: سورة آل عمران الآية 97 وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا
(الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 335)
والمرأة من شروط استطاعتها وجود محرمها، وبذله نفسه للسفر بها، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ابن باز - (ج 9 / ص 36)
حكم سفر المرأة للعمرة في حافلة النقل الجماعي بلا محرم
(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 335)
س : الأخت التي رمزت لاسمها بأم محمد صالح من المدينة المنورة تقول في سؤالها : امرأة مطلقة تبلغ من العمر أربعين سنة ليس لها محرم؛ حيث إنها تعيش وحدها في المدينة المنورة ؛ لأن أبناءها وأكبرهم 16 سنة يعيشون مع أبيهم في مدينة أخرى ، هذه المرأة ذهبت في رمضان المبارك إلى مكة المكرمة للعمرة في حافلة النقل الجماعي الذي يوجد فيه مكان خاص للنساء ، وقد أوصلها النقل الجماعي أمام الحرم ، وبعد انتهائها من العمرة استقلت حافلة أخرى تابعة للنقل الجماعي إلى الموقف الرئيسي خارج مكة المكرمة ، ومن هناك سافرت إلى المدينة في حافلات النقل الجماعي ، فهل هي آثمة بسفرها وهي في هذا السن وهذه الظروف؟
ج : إذا كان الواقع هو ما ذكرته السائلة فالسفر المذكور محرم ، وعلى المرأة المذكورة التوبة إلى الله من ذلك ، وذلك بالندم على ما وقع منها ، والعزم الصادق على أن لا تعود لذلك ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الحج (1763),صحيح مسلم الحج (1341). لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم متفق عليه ، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما . وقد قال الله سبحانه : سورة الحشر الآية 7 وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
والله الموفق .
ـــــــــــــــــــ
(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 336)
سفر المرأة مع المرأة بدون محرم
نشرت في مجلة الدعوة في العدد ( 1497 ) بتاريخ 1 / 2 / 1416 هـ .
س : هل تعد المرأة محرما للمرأة الأجنبية في السفر ، ونحو ذلك أم لا ؟(30/208)
ج : ليست المرأة محرما لغيرها ، إنما المحرم : هو الرجل الذي تحرم عليه المرأة بنسب ; كأبيها ، وأخيها ، أو بسب مباح ؛ كالزوج ، وأبي الزوج ، وابن الزوج ، وكالأب من الرضاع ، والأخ من الرضاع ونحوهم .
ولا يجوز للرجل أن يخلو بالمرأة الأجنبية ، ولا أن يسافر بها ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الحج (1763),صحيح مسلم الحج (1341). لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم متفق على صحته ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : مسند أحمد بن حنبل (1/26). لا يخلون رجل بامرأة ؛ فإن ثالثهما الشيطان رواه الإمام أحمد وغيره ، من حديث عمر رضي الله عنه بإسناد صحيح .
والله ولي التوفيق .
ـــــــــــــــــــ
حكم حج الخادمات بلا محرم
س : إذا جمعوا مجموعة من الخادمات في سيارة واحدة وذهبوا بهن للحج هل يأثمون ؟ من أسئلة دروس بلوغ المرام .
ج : الصواب أنهم يأثمون إلا بمحرم ، لقول النبي - صلى
(الجزء رقم : 16، الصفحة رقم: 380)
الله عليه وسلم - : رواه البخاري في (الحج) باب حج النساء برقم (1862) ، ومسلم في ( الحج) باب سفر المرأة مع محرم برقم (1339) لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، وهو يعم سفر الحج وغيره . وليس على المرأة حج إذا لم تجد محرما يسافر معها ، وقد رخص بعض العلماء في ذلك إذا كانت مع جماعة من النساء بصحبة رجال مأمونين ولكن ليس عليه دليل ، والصواب خلافه للحديث المذكور .
ـــــــــــــــــــ
ضابط المحرم
س : هل تعتبر المرأة محرما للمرأة الأجنبية في السفر والجلوس ونحو ذلك أم لا ؟ نشر في جريدة (الرياض) العدد (10917) في 19 / 1 / 1419هـ ، وفي (المجلة العربية) شعبان عام 1413هـ .
ج : ليست المرأة محرما لغيرها ، إنما المحرم هو الرجل الذي تحرم عليه المرأة بنسب كأبيها وأخيها ، أو سبب مباح كالزوج وأبي الزوج وابن الزوج ، وكالأب من الرضاع والأخ من الرضاع ونحوهما .
ولا يجوز للرجل أن يخلو بالمرأة الأجنبية ولا أن يسافر بها ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : رواه البخاري في (الحج) باب حج النساء برقم (1862) ، ومسلم في (الحج) باب سفر المرأة مع محرم برقم (1339) لا تسافر المرأة إلا مع
(الجزء رقم : 16، الصفحة رقم: 381)
ذي محرم . متفق على صحته ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - : رواه الإمام أحمد في (مسند العشرة المبشرين بالجنة) أول مسند عمر بن الخطاب برقم (178) ، والترمذي في الرضاع باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات برقم (1171) لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان رواه الإمام أحمد وغيره من حديث عمر - رضي الله عنه - بإسناد صحيح .(30/209)
ـــــــــــــــــــ
(الجزء رقم : 16، الصفحة رقم: 383)
حكم سفر المرأة في الطائرة بدون محرم
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم الأستاذ / أ . س . ع . وفقه الله لكل خير آمين خطاب صدر من مكتب سماحته برقم 1803 / خ في 5 / 8 / 1395 هـ إجابة عن سؤال مقدم من أ . س . ع . .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد :
كتابكم المؤرخ في 15 / 1 / 1394 هـ وصل وصلكم الله بهداه ، وما تضمنه من الإفادة أنك اختلفت مع أحد زملائك ، في جواز سفر المرأة المسلمة بالطائرة بدون محرم ، مع أن وليها يكون معها حتى تركب الطائرة ، ومحرمها الآخر يكون في استقبالها في البلد المتوجهة إليه ، ورغبتك في الفتوى كان معلوما .
ج : لا يجوز سفر المرأة المسلمة في الطائرة ولا غيرها بدون محرم يرافقها في سفرها ؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : رواه البخاري في (الحج) باب حج النساء برقم (1862) ، ومسلم في (الحج) باب سفر المرأة مع محرم برقم (1339) . لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم متفق على
(الجزء رقم : 16، الصفحة رقم: 384)
صحته ؛ ولأنه من المحتمل تعرضها للمحذور ، في أثناء سير الطائرة بأية وسيلة من الوسائل ، ما دامت ليس لديها من يحميها ، وأمر آخر وهو أن الطائرات يحدث فيها خراب أحيانا ، فتنزل في مطار غير المطار الذي قصدته ، ويقيم ركابها في فندق أو غيره في انتظار إصلاحها ، أو تأمين طائرة غيرها ، وقد يمكثون في انتظار ذلك مدة طويلة أو يوم أو أكثر ، وفي هذا ما فيه من تعرض المرأة المسافرة وحدها للمحذور ، وبالجملة فإن أسرار أحكام الشريعة الإسلامية كثيرة ، وعظيمة وقد يخفى بعضها علينا ، فالواجب التمسك بالأدلة الشرعية ، والحذر من مخالفتها من دون مسوغ شرعي لا شك فيه . وفق الله الجميع للفقه في الدين ، والثبات عليه ، إنه خير مسئول والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ـــــــــــــــــــ
(الجزء رقم : 16، الصفحة رقم: 385)
س : امرأة مطلقة تبلغ من العمر أربعين سنة ليس لها محرم حيث إنها تعيش وحدها في المدينة المنورة ؛ لأن أبناءها وأكبرهم (16) سنة يعيشون مع أبيهم في مدينة أخرى ، هذه المرأة ذهبت في رمضان المبارك إلى مكة المكرمة للعمرة ، في حافلة النقل الجماعي ، الذي يوجد فيه مكان خاص للنساء ، وقد أوصلها النقل الجماعي أمام الحرم ، وبعد انتهائها من العمرة استقلت حافلة أخرى تابعة للنقل الجماعي إلى الموقف الرئيسي خارج مكة المكرمة ، ومن هناك سافرت إلى المدينة في حافلات النقل الجماعي ، فهل هي آثمة بسفرها وهي في هذه السن وهذه الظروف ؟ نشر في مجلة(الدعوة) العدد (1634) في 21 / 11 / 1418هـ .
ج : إذا كان الواقع هو ما ذكرته السائلة ، فالسفر المذكور محرم ، وعلى المرأة المذكورة التوبة إلى الله من ذلك ، وذلك بالندم على ما وقع منها ، والعزم الصادق(30/210)
على ألا تعود لذلك ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : رواه البخاري في (الحج) باب حج النساء برقم (1862) ، ومسلم في (الحج) باب سفر المرأة مع محرم برقم (1339) . لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، متفق عليه ، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما .
(الجزء رقم : 16، الصفحة رقم: 386)
وقد قال الله سبحانه : سورة الحشر الآية 7 وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ والله الموفق .
ـــــــــــــــــــ
س 104 : أنا شخص أعمل في إحدى الدوائر الحكومية ، وزوجتي تعمل مدرسة ، ولدينا أولاد ولله الحمد ، فأتينا بخادمة من الخارج من غير محرم فما الحكم ؟ من ضمن أسئلة حج عام 1415هـ ، شريط رقم ( 6/ 49 ) . ج : وجود الخادمة في البيت الذي ليس فيه إلا الزوجة خطر ؛ الأحوط لك أن لا تطلب الخادمة فقد تخلو بها ويحصل شر بينك وبينها وبين الزوجة ، أما إذا كانتا خادمتين فهذا أحوط ، أو في البيت أمك أو أخوات غير الزوجة فهذا أسهل . وأما المحرم فلا بد من المحرم إذا تيسر ذلك ، لا بد من المحرم والواجب على أهلها أن لا يرسلوها إلا مع محرم ، وعليك أن تلتزم بذلك إذا يسر الله ذلك ؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام عمم فقال : رواه البخاري في ( كتاب الحج ) باب حج النساء ، حديث رقم ( 1729 ) ورواه مسلم في ( كتاب الحج ) باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره ، حديث رقم ( 2391 ) . لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم . والواجب على أهلها أن لا يرسلوها إلا مع محرم ، لكن الغالب عليهم الطمع ، وقلة المبالاة يرسلونها هكذا ، نسأل الله السلامة .
ـــــــــــــــــــ
129 - حكم سفر المرأة وحدها ، وإن قل عن يوم وليلة
س : أريد أن أسألكم عن حديث : صحيح البخاري الجمعة (1036),صحيح مسلم الحج (1338),سنن أبو داود المناسك (1727),مسند أحمد بن حنبل (2/13,2/143,2/143,2/19). لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسير يومين إلا ومعها محرم هل إن كانت تصل في أقل من يومين في طريق مأمون هل يجوز ذلك أم لا؟ من أسئلة حج عام 1407ه ، الشريط الثاني . ج : الأحاديث متنوعة في هذا فيها يومان وفيها يوم وليلة وفيها يوم وفيها ليلة وفيها ثلاثة أيام وفيها مطلق ، هذا على
(الجزء رقم : 25، الصفحة رقم: 360)
اختلاف الأسئلة يجيبهم على قدر سؤالهم عليه الصلاة والسلام في الحديث الجامع ما رواه الشيخان في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أخرجه البخاري في كتاب النكاح ، باب لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ، برقم 4832 ، ومسلم في كتاب الحج ، باب سفر المرأة مع محرم ، برقم 2391. لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم . فقال رجل : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت(30/211)
في غزوة كذا وكذا ، فقال له النبي : انطلق فحج مع امرأتك والحديث الجامع : صحيح البخاري الجمعة (1036),صحيح مسلم الحج (1338),سنن أبو داود المناسك (1727),مسند أحمد بن حنبل (2/19). لا تسافر إلا مع ذي محرم أي سفر يوم أو ليلة أو يومين أو ثلاث أو أكثر أو أقل ، لأنها عورة وفتنة ، وإذا لم يكن معها محرم يصونها ويلاحظها عن الخطر العظيم عليها . فالشيء الجامع هو السفر وما يعد سفرا هو الممنوع قد يكون يوما ، قد يكون يومين ، قد يكون ثلاثة ، وقد يكون أكثر من ذلك ، ولا فرق بين الطائرة وبين القطار والسيارة وبين الجمل ، فإن الذي أخبر عن هذا يعلم سبحانه ما في السماء والأرض وما يكون في آخر الزمان ، والرسول صلى الله عليه وسلم إنما يخبر عن مشروعية ذلك ة لقوله سبحانه : سورة النجم الآية 3 وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى سورة النجم الآية 4 إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى فهو يعلم عن شرع الله ويخبر عن شرع الله في الحاضر والمستقبل ، والله سبحانه يعلم ما يكون في آخر الزمان في القرن الرابع عشر والخامس عشر من الطائرات والسيارات والقطارات والبواخر العظيمة السريعة وغير ذلك ، فحكمه واحد بينه لعباده ولم يقل إلا إذا كان في آخر الزمان وجاءت مراكب سريعة فلا بأس ، قد جعل الحكم واحدا .
(الجزء رقم : 25، الصفحة رقم: 361)
ـــــــــــــــــــ
الموسوعة الفقهية1-45 كاملة - (ج 2 / ص 3065)
«ب - سفر المرأة والمبيت خارج بيت الزّوجيّة»
6 - يرى الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة جواز خروج المرأة من بيت الزّوجيّة لأداء الحجّة المفروضة ، ولا يجوز للزّوج منعها لأنّ الحجّ فرض بأصل الشّرع ، ولا يملك تحليلها إذا أحرمت بإذنه بحجٍّ غير مفروضٍ ، لوجوب إتمامه بشروعها فيه.
ويرى الشّافعيّة جواز خروج المرأة للحجّ بإذن الزّوج ، إذ ليس للمرأة الحجّ إلاّ بإذن الزّوج للفرض وغيره.
«ج - الاعتكاف»
7 - يرى الفقهاء جواز خروج المرأة من بيت الزّوجيّة بإذن زوجها للاعتكاف في المسجد مطلقاً ، والمكث فيه مدّته.
«د - رعاية المحارم»
8 - ذهب جمهور الفقهاء - خلافاً للحنابلة - إلى أنّ للمرأة أن تخرج من بيت الزّوجيّة لرعاية محارمها ، كأبويها وإخوتها ، وذلك لتمريض المريض أو عيادته ، إذا لم يوجد من يقوم عليه واحتاجها ، وعليها تعاهده بقدر احتياجه ، وكذا إذا مات أحد من أقاربها تخرج لشهود جنازته ، ويستحبّ لزوجها إذنها بالخروج ، لما في ذلك من صلة الرّحم ، وفي منعها من ذلك قطيعة رحمٍ ، وربّما حملها عدم إذنه على مخالفته ، وقد أمر اللّه سبحانه وتعالى بالمعاشرة بالمعروف ، فلا ينبغي للزّوج منعها.
ولم يصرّح الحنابلة بحكم هذه الصّور.
«هـ - الخروج لقضاء الحوائج»(30/212)
9 - يرى جمهور الفقهاء أنّه يجوز للمرأة أن تخرج من بيت الزّوجيّة بلا إذن الزّوج إن كانت لها نازلة ، ولم يغنها الزّوج الثّقة أو نحو محرمها ، وكذا لقضاء بعض حوائجها الّتي لا بدّ لها منها ، كإتيانها بالماء من الدّار ، أو من خارجها ، وكذا مأكل ، ونحو ذلك ممّا لا غناء عنه للضّرورة إن لم يقم الزّوج بقضائه لها ، وكذا إن ضربها ضرباً مبرّحاً ، أو كانت تحتاج إلى الخروج لقاضٍ تطلب عنده حقّها.
وصرّح الحنفيّة بأنّ للمرأة أن تخرج من بيت الزّوجيّة إن كان البيت مغصوباً ، لأنّ السّكنى في المغصوب حرام ، والامتناع عن الحرام واجب ، ولا تسقط نفقتها.
وكذا لو أبت الذّهاب إليه.
وصرّح الشّافعيّة والحنابلة بأنّ للمرأة أن تخرج من بيت الزّوجيّة للعمل إن أجاز لها زوجها ذلك ، لأنّ الحقّ لهما لا يخرج عنهما ، ولها الخروج للإرضاع إن كانت آجرت نفسها له قبل عقد النّكاح ثمّ تزوّجت ، لصحّة الإجارة ، ولا يملك الزّوج فسخها ، ولا منعها من الرّضاع حتّى تنقضي المدّة ، لأنّ منافعها ملكت بعقدٍ سابقٍ على نكاح الزّوج مع علمه بذلك.
وصرّح الشّافعيّة بأنّ للمرأة أن تخرج من بيت الزّوجيّة إن كانت تخاف على نفسها أو مالها من فاسقٍ أو سارقٍ ، أو أخرجها معير المنزل ، كما صرّح الشّافعيّة بأنّ لها الخروج والسّفر بإذن الزّوج مطلقاً مع محرمٍ.
وصرّح الحنفيّة والشّافعيّة أنّه يجوز للمرأة الخروج من بيت الزّوجيّة ولو بغير إذن الزّوج ، إن كانت في منزلٍ أضحى كلّه أو بعضه يشرف على الانهدام ، مع وجود قرينةٍ على ذلك.
ولها الخروج إلى مجلس العلم برضا الزّوج ، وليس لها ذلك بغير رضاه.
«ما يترتّب على رفض الزّوجة الإقامة في بيت الزّوجيّة»
10 - يرى الفقهاء أنّ المرأة إذا امتنعت عن الإقامة في بيت الزّوجيّة بغير حقٍّ ، سواء أكان بعد خروجها منه ، أم امتنعت عن أن تجيء إليه ابتداءً بعد إيفائها معجّل مهرها ، وطلب زوجها الإقامة فيه ، فلا نفقة لها ولا سكنى حتّى تعود إليه ، لأنّها بالامتناع قد فوّتت حقّ الزّوج في الاحتباس الموجب للنّفقة ، فتكون ناشزاً.
الموسوعة الفقهية1-45 كاملة - (ج 2 / ص 8705)
ب - تحريم السّفر على المرأة إلاّ مع زوج أو محرم
17 - اتّفق الفقهاء على أنّه يحرم على المرأة أن تسافر بمفردها ، وأنّه لا بدّ من وجود محرم أو زوج معها.
لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : » لا يحلّ لامرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة « ، ولحديث ابن عبّاس رضي الله عنهما مرفوعاً : » لا تسافر المرأة إلاّ مع ذي محرم ، ولا يدخل عليها رجل إلاّ ومعها محرم ، فقال رجل : يا رسول اللّه إنّي أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا ، وامرأتي تريد الحجّ.
قال : اخرج معها «.
18 - ويستثنى من منع سفر المرأة بدون زوج أو محرم المهاجرة والأسيرة.(30/213)
فقد اتّفق الفقهاء على أنّ المرأة إذا أسلمت في دار الحرب لزمها الخروج منها إلى دار الإسلام وإن لم يكن معها ذو محرم ، وكذا إذا أسرها الكفّار وأمكنها أن تهرب منهم فلها أن تخرج مع غير ذي محرم ، ولا يعتبر الحنفيّة خروج المرأة في هذه الحالة سفراً.
قال الكمال بن الهمام : لأنّها لا تقصد مكاناً معيّناً بل النّجاة خوفًا من الفتنة ، فقطعها المسافة كقطع السّائح.
ولذا إذا وجدت مأمناً كعسكر من المسلمين وجب أن تقرّ ولا تسافر إلاّ بزوج أو محرم.
على أنّها لو قصدت مكاناً معيّناً لا يعتبر قصدها ولا يثبت السّفر به ، لأنّ حالها وهو ظاهر قصد مجرّد التّخلّص يبطل تحريمتها.
قال الدّسوقيّ : إن كان يحصل لها ضرر بكلّ من إقامتها وخروجها دون رفقة مأمونة خيّرت إن تساوى الضّرران.
كما أجاز المالكيّة والشّافعيّة للمرأة أن تسافر للحجّ الواجب مع الرّفقة المأمونة.
ولم يقل بذلك الحنفيّة والحنابلة ، وقد سبق تفصيله في مصطلح ' رفقة ف 9 / 22 /299 ' وألحق المالكيّة بالحجّ سفرها الواجب ، فيجوز لها أن تسافر مع الرّفقة المأمونة من النّساء الثّقات في كلّ سفر يجب عليها.
قال الباجيّ : ولعلّ هذا الّذي ذكره بعض أصحابنا إنّما هو في الانفراد والعدد اليسير ، فأمّا في القوافل العظيمة والطّرق المشتركة العامرة المأمونة فإنّها عندي مثل البلاد الّتي يكون فيها الأسواق والتّجّار فإنّ الأمن يحصل لها دون ذي محرم ولا امرأة وقد روي هذا عن الأوزاعيّ.
قال الحطّاب : وذكره الزّناتيّ في شرح الرّسالة على أنّه المذهب فيقيّد به كلام غيره.
أمّا سفرها في التّطوّع فلا يجوز إلاّ مع زوج أو محرم.
كما أجاز الفقهاء للمرأة الّتي وجبت عليها العدّة في سفرها أن تسافر بغير محرم.
قال الحنفيّة : إن لزمتها العدّة في السّفر ، فإن كان الطّلاق رجعيّاً فإنّها تتبع زوجها حيث مضى لأنّ النّكاح قائم وإن كان بائناً أو مات عنها وبينها وبين كلّ من مصرها ومقصدها أقلّ من السّفر ، فإن شاءت مضت إلى المقصد وإن شاءت رجعت سواء كانت في مصر أو لا ، معها محرم أو لا ، لأنّه ليس في ذلك إنشاء سفر ، وخروج المطلّقة والمتوفّى عنها زوجها ما دون السّفر مباح إذا مسّت الحاجة إليه بمحرم وبغيره ، إلاّ أنّ الرّجوع أولى ليكون الاعتداد في منزل الزّوج.
فإن كانت مسافة أحدهما أقلّ تعيّن ، ونحوه مذهب الحنابلة إلاّ أنّهم قالوا إنّ مضيّها في سفرها لا يجوز إلاّ إذا كان معها محرم ، لكن إن كان في رجوعها خوف أو ضرر فلها المضيّ في سفرها.
وأوجب المالكيّة عليها في تلك الحالة أن ترجع إلى منزلها إن بقي شيء من العدّة ولكن مع ثقة ولو غير محرم وقال الشّافعيّة الأفضل عود المرأة إلى بيتها ولا يلزمها ذلك إن مات زوجها وهما في السّفر.
الموسوعة الفقهية1-45 كاملة - (ج 2 / ص 13314)(30/214)
«سفر المرأة بدون محرمٍ»
«أ - سفر المرأة لغير الفرض بدون محرمٍ»
14 - ذهب الفقهاء إلى أنّه ليس للمرأة أن تسافر لغير الفرض كحجّ التّطوع والزّيارة والتّجارة والسّيّاحة وطلب العلم , ونحو هذا من الأسفار الّتي ليست واجبةً إلا مع زوجٍ أو محرمٍ .
قال النّووي : اتّفق العلماء على أنّه ليس لها أن تخرج في غير الحجّ والعمرة إلا مع ذي محرمٍ , إلا الهجرة من دار الحرب , فاتّفقوا على أنّ عليها أن تهاجر منها إلى دار الإسلام وإن لم يكن معها محرم , والفرق بينهما أنّ إقامتها في دار الكفر حرام إذا لم تستطع إظهار الدّين وتخشى على دينها ونفسها , وليس كذلك التّأخر عن الحجّ فإنّهم اختلفوا في الحجّ هل هو على الفور أم على التّراخي .
ومستند ذلك ما وردّ عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « لا يخلونّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرمٍ , ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرمٍ , فقام رجل فقال : يا رسول اللّه إنّ امرأتي خرجت حاجّةً , وإنّي اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، قال : فانطلق فحجّ مع امرأتك » .
ولفظ المرأة عام بالنّسبة إلى سائر النّساء , هذا ما اتّفق عليه الجمهور .
واستثنى بعض المالكيّة المتجالّة أي العجوز الّتي لا تشتهى فلها أن تسافر كيف شاءت . وللتّفصيل : « ر : سفر ف 17 » .
«ب - سفر المرأة للحجّ بدون محرمٍ»
15 - اختلف الفقهاء في وجوب حجّ الفريضة على المرأة إذا لم يكن لها زوج أو محرم أو رفقة مأمونة :
فذهب المالكيّة والشّافعيّة إلى وجوب الحجّ عليها إذا وجدت زوجاً أو محرماً أو رفقةً مأمونةً .
وذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّ الحجّ لا يجب على المرأة إلا إذا وجدت زوجاً أو محرماً , ولا يعتد بالرفقة المأمونة .
إلا أنّ للحنفيّة قولين في حكم المحرم : قول أنّه شرط وجوبٍ , وقول أنّه شرط وجوب أداءٍ . كما اختلفوا في وجوب نفقة المحرم عليها إذا امتنع عن مرافقتها بدونها .
وينظر تفصيل ذلك في مصطلح : « حجّ ف 28 » .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتاوى الزحيلي - (ج 1 / ص 190)
سمعت كثيراً عن فتاوى تبين أن سفر المرأة لأكثر من يوم وليلة دون محرم لا يجوز شرعاً . ولكن بوجود الطائرة أسافر وأقيم وحدي ولا تنطوي على السفر بالطائرة مشاكل لأن الرحلة لا تتعدى ثلاث أو أربع ساعات غالباً . ما حكم ذلك وما حكم العيش وحيدة علماً أن متطلبات الحياة ووفاة والدي دفعتني إلى العمل في أبو ظبي وأخي الوحيد يحتاج لمساعدتنا لأن راتبه يكاد لا يكفيه هو؟
إذا تعذر وجود المحرم في السفر والإقامة في بلد آخر وكانت هناك ضرورة معيشية متحققة بحيث يكون هناك خطر على الحياة ، فيمكن السفر عملاً برأي المالكية في(30/215)
الوسائط العامة لا الخاصة ، وتحرص المرأة على العيش مع امرأة أخرى إن أمكن في بلدها أو غير بلدها ، بشرط توافر الضرورة أو الحاجة الشديدة .
فتاوى الزحيلي - (ج 1 / ص 298)
ماحكم العمل كمضيفة جوية هل هو حرام حسب تحريم سفر المرأة المسلمة بدون محرم أم ماذا؟ لقد سنحت لي الفرصة للعمل كمضيفة جوية على الخطوط العربية السعودية وأنا فتاة محجبة وملتزمة وقد تأكدت من الفتيات العاملات في تلك الخطوط أنني لن أواجه أية مشاكل في التزامي بحجابي أو حتى بأداء أي من عباداتي ولكن هل طبيعة العمل كمضيفة حرام؟ وهل المال المكتسب من هذا العمل مال حرام؟
1- عمل المضيفة تقديم خدمات ، وهو جائز للحاجة فقط .
2- المال المكتسب على كل جائز مشروع طيب إن شاء الله .
ـــــــــــــــــــ(30/216)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
أزواج وزوجات
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(31/1)
الملل .. فيروس الحياة الزوجية
ميرهان محسن 19/1/1428
07/02/2007
الحياة الزوجية لا تسير في كل الأحوال على وتيرة واحدة، وبين هذا وذاك فترات عصيبة تمر بالحياة الزوجية.. لكن يبقى الملل فيروساً يضرب الحياة الزوجية بعنف، وقد يصيبها في مقتل إن لم يتم علاجه..
الملل الزوجي آفة تتعرض لها العلاقة الزوجية وخاصة في ظل طول الفترة التي يرتبط فيها الطرفان، والمحصلة النهائية للواقع الأسري هو الإحساس بالملل الذي يقود إلى التعاسة الزوجية، وليست المشكلة في الإحساس بالملل الزوجي، وإنما تبقى الإشكالية في عدم قدرة البعض على التغلب على هذا الملل الذي يضرب أواصر الحياة الزوجية فيصل بها إلى هاوية الطلاق أحيانًا، وعديدة هي قصص الإحساس بالملل بين الزوجين..
تعترف السيدة منال (زوجة وأم) .. أن الملل بدأ يدب في حياتها الزوجية منذ العام الثاني من زواجها؛ إذ تراكمت عدة ظروف منها وفاة والدها، ومشكلاتها المستمرة مع زوجها، والحمل والولادة.. كلها ظروف أدت إلى تزايد الفجوة بينها وبين زوجها بشكل كبير، وهي منهكة بالمسؤوليات والإحباطات وزوجها في عالم "تاني" يريدها هي التي تتغير وهو لا يريد بذل أدنى عطاء..
وتقول منال: كان إحساسي بالملل يتفاقم يومًا بعد يوم، بدأت بنفسي أجذب زوجي للرحلات، والخروج للتغيير خارج المنزل، ولكنني تعبت، أشعر وكأنني أقود طفلاً وأبذل مساعي ومجهودات عظيمة لإقناعه بالخروج أو السفر، أعترف بأنه شخص جيد وهادئ ولكنه تقليدي، ليس له أصدقاء، وبالتالي يريدني أيضًا أن أكون بلا أصدقاء، وساد الصمت حياتنا الزوجية، وحاولت جاهدة أن أطلب منه أن يحتويني بعد وفاة أبي، وأن يشعرني بكياني كزوجة، أخفق وأخفقت حياتنا، والآن نعيش حالة ملل صامتة، ولا أعلم ما هي النهاية، ولكن لا تسأليني عن بذل مزيد من المحاولات لتجديد الحياة الزوجية؛ لأن الخلاصة هي أن من يبذل هذه المساعي لتجديد الحياة الزوجية هما زوجان يرغبان معًا في الاستمرار بسعادة، وليس طرفاً دون آخر، وليس الاستمرار لمجرد الاستمرار ..
لكن سهام إسماعيل تقول: "إن الفتور الزوجي أو الطلاق العاطفي والنفسي بين الزوجين هو مشكلة تواجه معظم العلاقات الزوجية، ولكن الذكاء هو في كيفية إدارة الزوجة لآلية الفتور".
فالتحولات التي اجتاحت العالم من حولنا أثرت بشكل أو بآخر على علاقاتنا الاجتماعية، وعلى الرغم من أن مجتمعاتنا الشرقية تتميز بدفء العواطف وحرارة المشاعر، إلاّ أن نسبة كبيرة أصبحت تعاني كالغرب من حاله الفتور، وأصبح الجليد هو الذي يكسو البيوت، وباتت لغة الصمت هي اللغة المعتمدة، وأصبحت هذه النماذج من البيوت تعرف "ببيوت الثلج" .. وعلى الرغم من ذلك تضع سهام معظم المسؤولية على الزوجة، وتعتقد أن الحل يتطلب بذل مجهود مضاعف من قبلها لكسر(31/2)
الجليد الذي قد يتراكم في علاقتها بزوجها، بمعنى أن تكون المرأة عامل جذب قوي لزوجها نحو البيت مرة أخرى..
أما أمل إبراهيم (مهندسة كمبيوتر) فقد عبّرت عن رأيها بشكل مختلف عن الإحساس بالملل الزوجي؛ إذ رفعت شعار: نعم للتجديد الزوجي، وتقول: إن الملل الزوجي إحساس طبيعي في تصوري؛ خاصة وأن الرجل بطبعه يشعر بالملل سريعًا وبشكل أكبر من المرأة.
وتشير أمل إلى أن أبرز أسباب الملل الزوجي في رأيها ترجع إلى المرأة بالدرجة الأولى، وخاصة في الفترة التي تلي الزواج مباشرة ومع الحمل والإنجاب وانشغال المرأة بالطفل الجديد، هذا يكون مدعاة لتسرب الملل في العلاقة بين الزوجين.. إذ يشعر الزوج بتجاهل الزوجة له، والزوجة تكون مشغولة بالطفل الجديد، وتشعر أنها وحدها تتحمل عبء الطفل الجديد، والزوج غائب عنها لفترات طويلة؛ إما بسبب الشغل أو الهروب من البيت.. ناهيك عن الروتين اليومي، ورتابة الحياة في المأكل والملبس وكل شيء..
وتواصل أمل حديثها قائلة: ولأنني متزوجة عن حب فإنني لا أترك إحساس الملل يتسرب إلى سريعًا، وأقضي عليه فورًا، لذلك فإن الإجازة بالنسبة لي فرصة جميلة للتجديد والتغير بغض النظر عن المكان، بمعنى أن الإجازة بالسفر أو دون السفر هي فرصة رائعة لتجديد الحب، والمشاعر الجميلة بين الزوجين معًا، كما أنها فرصة للتقريب بين الزوجين خاصة في ظل إيقاع الحياة السريع ومسؤوليات العمل الطاحنة، وتستطرد أمل قائلة: اعتدت السفر والعودة مع زوجي؛ إذ أشعر بارتياح وسعادة أكبر، والعام الوحيد الذي اضطرتني فيه الظروف للسفر بمفردي لم أستطع؛ لأنني اعتدت ألا أفترق عن زوجي في الإجازات .. فمعًا تكون أفضل وأجمل..
الأزواج يتكلمون
الأزواج بدورهم كانت آراؤهم مختلفة ومسوغاتهم عن الملل أيضًا مختلفة؛ فالرجل كالطفل إذا شعر بالملل فهذا الأمر قد يدفعه بعيدًا عن حدود البيت، ربما إلى الخيانة أو إلى الزواج بأخرى ..
حاتم فهمي (طبيب) يري الأمر من وجهة نظره قائلاً: إن السبب في أن يسود الملل حياة الزوجين هو الروتين القاتل، فالملل إحساس طبيعي يعتري البشر سواء كانوا في علاقة الزواج أم لا، ولكن ربما يزداد الأمر خطورة في علاقة الزواج؛ لأنها علاقة أبدية، فالزوج عادة والزوجة أيضًا يكون لديهما توقعات تجاه الطرف الآخر بأنه سيرسم حياة وردية له، وسيكون الطرف الآخر هو مصدر التغيير والتجديد في الحياة في كل شيء، ولكن مع تعقيدات الحياة، وتزايد المسؤوليات يومًا بعد يوم، تتبدل الصورة وتخيب توقعات كل طرف، لظروف خارجة عن الإرادة؛ وفي تصوّري هنا يأتي دور الزوجة في المقام الأول لتجديد مياه الحياة الزوجية الراكدة، ولابد من مساندة الزوج ووجود مبادرات إيجابية منه حتى لا تشعر الزوجة أنها الوحيدة المسؤولة عن ذلك ..(31/3)
ويلتقط إيهاب (محامي) طرف الحديث مؤكدًا على أن الزوجات بأيديهن يضيعن أزواجهن. مشيرًا إلى أن من أبرز أسباب الفتور الزوجي النكد الروتيني للزوجة، والشكوى الدائمة، والتذمر، والمشاكل التي تثيرها بسبب وبلا سبب.
ويواصل إيهاب حديثه قائلاً: إن العلاقة الزوجية هي شراكة بين طرفين، وأي خلل يطرأ على العلاقة سببه أيضًا الطرفان، ولكن أحيانًا يقود القدر بعض الأزواج إلى زوجات يعشقن النكد، وهذا هو حالي، فزوجتي كانت ملاكاً بريئاً قبل الزواج، ولكن بعد الزواج أصبحت عصبية، وصراخ متواصل مع الأطفال، وأصبحت هوايتها النكد.. وطبيعة عملي تفرض علي وجودي خارج البيت فترات طويلة، وعندما أعود للبيت عدة ساعات أعيش نفس الحياة مع العصبية والصراخ والروتين اليومي من النكد، في الإجازات أحاول تغيير الروتين بالتجديد والتغيير خارج البيت، ولكن ترافقنا العصبية والنكد لأتفه الأسباب، مللت زوجتي ومللت من حياتي الزوجية، أصبحت أهرب من البيت، وبكل صراحة تعرفت بامرأة أخرى، هي زميلة لي في العمل، وحاليًا أفكر جديًا في الارتباط بها، أنا لم ألجأ للخيانة فسأتزوج على سنه الله ورسوله.. هل لديكم حل آخر؟
الفتور .. مراحل عمرية
"إذا ساد الصمت في الحياة الزوجية فهذا مؤشر خطير لفتور العلاقة الزوجية، وهو الطريق إلى الطلاق العاطفي".. هذا ما استهل به الدكتور أحمد المجدوب، المستشار الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، قائلاً: إن الفتور في العلاقة الزوجية إحساس طبيعي للغاية وخاصة في ظل وجود طرفين يشتركان في كل تفاصيل الحياة اليومية، وله أسبابه المتعددة في كل مرحلة من مراحل الحياة، ففي بداية الزواج ربما ترجع الأسباب إلى اختلاف الشعور بامتلاك الطرف الآخر الذي كان بمثابة هدف، فالإنسان عندما يظل تراوده الأحلام بامتلاك شيء ما؛ يظل يسعى إليه بكل قوة، ولكن بمجرد أن يملكه يشعر إزاءه بالملل، والأمر ذاته ينطبق إلى حد كبير في العلاقة بين الزوجين حديثي العهد.
أما في السنوات الخمس أو السبع الأولى من الزواج، فإن الملل يكون مبعثه عدم التوافق أصلاً بين الزوجين، روتين الحياة اليومي، عدم التجديد والتغيير، الأعباء النفسية والهموم التي قد تؤثر على الزوجين بسبب ضغوط الحياة، مما يؤثر سلبًا على العلاقة بين الزوجين فيدب الملل في أواصر الزوجين، أما في المرحلة المتأخرة من العمر وبعد التحرر من مسؤوليات الأبناء، هنا تكون الرغبة في التجديد أكبر وخاصة بعد مضي ما يربو على (15 أو 20) عامًا على الزواج، حتى لا يكون الإحساس بالملل مضاعفًا، ويلجأ الأزواج إلى الزواج بصغيرات السن كما نرى.
ويواصل د. المجدوب حديثه قائلاً: الخطورة في مسألة الملل الزوجي هي أن يسود الصمت بين الطرفين وتتراكم الهوة النفسية، ويتفاقم الإحساس بالملل، دون أن يصرح بذلك أي طرف للآخر، وتصبح الحياة بينهما وكأنها تحصيل حاصل، أو حياة زوجية تسير بقوة الدفع.. ومن خلال التجارب الميدانية وُجد أن أحد أبرز الدوافع الأساسية لوصول الزوجين إلى حالة الفتور هو عدم إيجاد صيغة للحوار بين الزوجين، وكأن الحديث عن الإحساس بالملل "عيب"، على الرغم من كونه إحساساً(31/4)
طبيعياً .. ويحذر د. المجدوب من الصمت القاتل بين الزوجين الذي قد يدفع يهما إلى هاوية الطلاق أو العلاقات غير الشرعية، وخاصة لدى الأزواج كنوع من البديل التعويضي للملل في البيت، ويشدد على ضرورة تكاتف الزوجين معًا للتخلص من حالة الفتور في علاقتهما؛ لأن كليهما مسؤول ومنوط ببذل الجهد لاستمرارية الحياة بشكل متجدد..
ملل من نوع آخر
الملل في العلاقة الحميمة أيضًا يُعدّ أحد أشكال الملل الذي يخجل الكثيرون من الحديث عنه ولكنه واقع، وترى الكاتبة والمستشارة الاجتماعية نجلاء محفوظ في كتابها (أسرار الزواج الناجح) أن الاعتياد والرتابة قد يقتلان الشوق إلى الزوجة في نفس الزوج، والذكاء يقود إلى التغيير منعًا للملل الزوجي، حتى لا تمضي الأيام، وتضعف العلاقة، ويبدأ الشعور بأنه واجب لابد من أدائه، وهنا لابد من التوقف وتدبر أهمية عدم المبالغة في الحديث عن الملل في العلاقة الحميمة، فالحياة الزوجية يمكن أن تزدهر وتتجدد، ولا بأس بفترات من الملل المؤقت والعابر، أما إذا زاد الملل وأوشك أن يصبح ظاهرة، فلا مفرّ من التغيير في كل شيء؛ في الأجواء المحيطة وفي تغيير ديكور حجرة النوم، بإضافة لمسات خاصة من الورود والإضاءة والاهتمام بأغطية الفراش والوسائد، ولابد من اهتمام المرأة برشاقتها وجمالها والتجديد دائماً في المظهر والملبس والعطر المستخدم، وهذا دور على الزوج أن يتجمل لزوجته من خلال ارتداء ملابس جذابة واستخدام عطر مميز.. مع ضرورة التغيير في مكان وزمان اللقاء الزوجي بأن يكون في الصباح مثلاً وخارج غرفة الزوجين، وينصح الخبراء بضرورة الابتعاد الجسدي من آن لآخر حتى يتجدد الاشتياق، كأن تقضي الزوجة بضعة أيام عند الأهل مثلاً أو أن يسافر الزوج في مهمة عمل وحده، وذلك كله من شأنه تجديد الرغبة، بدلاً من هروب الزوج، أو لجوء الزوجات إلى المشاعر السلبية، والتعويض بالاهتمام بالأطفال أو بالعمل.
أما عن البعد النفسي لمسألة الفتور الزوجي فيحللها الدكتور طارق عبد الله (استشاري الطب النفسي) قائلاً: أن تجربة الإحساس بالفتور الزوجي من الأحاسيس النفسية الصعبة التي تشوب العلاقة بين الطرفين في أي علاقة، ولا شك أن هذا الفتور يؤثر بشكل أو بآخر على نفسية الزوجين، وخاصة إن كانا في بداية حياتهما الزوجية، وغير مدركين بأن إحساس الفتور الزوجي طبيعي، ويمكن التغلب عليه، ولكن بمعالجته سريعًا، فالمرأة من وجهة نظرها ترى أن زوجها تغير، ولم يعد يحبها مثل فترة الخطبة، وتبدأ تطاردها الهواجس والوساوس، وينتابها الإحساس بالإحباط والفشل المرتقب، والزوج بدوره يشعر بالتوتر والقلق ويراوده الإحساس بخيبة الأمل من تهديد حياته بالفشل والخوف من شبح الطلاق، ويكون الرجل هنا فريسة سهله للوقوع في علاقة شرعية أو غير شرعية مع أخرى.
وينصح د. طارق كلا الزوجين بضرورة الخروج من دائرة الملل وتداعياته النفسية والاجتماعية، ومعالجة الأمر بمرونة وبالحوار البناء، خاصة وأن الحب يمكن أن يتجدد بإضفاء الدفء على العلاقة والإحساس بالأمان، وتأكيد كل طرف على تمسكه بالعلاقة وإمكانية تجديد الحياة بقليل من الجهد، مع الابتعاد عن الروتين والتكرار في(31/5)
جوانب الحياة الزوجية، وإضفاء البهجة وإن كان الدور الكبر للزوجة هنا بلمساتها الأنثوية، إلاّ أن الرجل أيضًا له دور بارز في ذلك..
ـــــــــــــــــــ
لماذا ترفضين الزوجة الثانية؟
د. سلوى أحمد 4/1/1428
23/01/2007
لماذا ترفض الزوجة أن يتزوج زوجها زوجة ثانية؟ وهل تعدد الزوجات في معظم البلدان العربية، ونتيجة لظروف مجتمعية أهمها تزايد معدلات العنوسة، صار مقبولاً لدى النساء؟
وما بين تنامي معدلات تعدد الزوجات في بعض البلدان العربية وتناقصها في بلدان أخرى، نغوص في عقول بعض الشخصيات النسائية التي عاشت التعدد، ونحاول أن نقترب من الموقف الاجتماعي من تلك القضية الاجتماعية الهامة.
تقول عزة حسين: لقد تزوّجت وأنا في سن الثامنة عشرة، حينما كنت أدرس في كلية الآداب. والدي رجل متشدد في معاملتنا، وأمي ضعيفة هي الأخرى تجاه قرارات والدي في البيت؛ ولذلك أسأت اختيار زوجي الأول؛ لأنني انسقت إليه بشكل عاطفي، فهو حاصل على دبلوم متوسط، وتجمعنا به صلة قرابة.
وعلى الرغم من أن والدي ووالدتي لم يكونا موافقين على هذا الزوج، إلاّ إنني تمسكت به، على الرغم من أن بعض أشقائي لم يحضروا خطوبتي ولم يزوروني.
المهم بعد الزواج عانيت كثيراً مع هذا الزوج الذي عاملني بقسوة شديدة، وكان متعنتا في أكثر الأمور الحياتية، وتحملت الكثير، حتى إن والدي كان يقوم بجزء من الإنفاق عليّ وعلى أولادي. وما آلمني وكان نقطة الانفصال بيننا عندما علمت بأنه تزوج بأخرى، دون أن أعرف، وطلبت الطلاق وتم لي هذا الأمر بعد معاناة.
ولما كانت مسؤولية ثلاثة أطفال بالنسبة لي مسألة شاقة، وكذلك طلاقي وأنا في سن الخامسة والثلاثين، فقد فكرت في الزواج مرة ثانية؛ حلاًّ لمشكلتي المعنوية والمادية أيضاً، ولم أجد الزوج المناسب إلاّ أن يكون متزوجاً بأخرى.
فوافقت مضطرة أن أكون زوجة ثانية بعد أن جربت معاناة الوحدة، وخصوصاً أن زوجي الثاني متيسر مادياً ووعدني برعاية بناتي. لكن ما يؤلمني أحياناً أن الزوجة الأولى لا تعلم عن هذا الزواج شيئاً، لكن يبدو أنها سيدة مسالمة، ولا تهتم بإثارة المشاكل، وهذا من فضل الله علينا.
تزوج ثانية بعدما اغتنى
الحاجة أم خيري وهي من صعيد مصر تقول: إنني امرأة بسيطة، تزوجت وأنا صغيرة وأنجبت ثمانية من الأولاد، وكان زوجي عاملاً في مهنة البناء، سافر إلى العديد من البلاد العربية، ولما فتح الله عليه تزوج بأخرى من القاهرة، وهي سيدة مطلقة ولديها أربعة من الأولاد، هي مختلفة عني في حديثها وملابسها ونمط حياتها. كان زوجي يعيش معظم وقته معها، ويراعي أولادها قبل أولادنا، وقد استحوذت على معظم أمواله.(31/6)
أما نحن فقد رضينا بالقليل، ولم يكن لي اختيار في ذلك، لكن عندما مرض زوجي ونقصت أمواله تركته الزوجة الثانية، ولم تقبل أن تقوم على رعايته، لكنني فتحت له بيتي، وهو الآن بيننا يحتاج إلى رعايتي ورعاية الأولاد ... والحمد لله أنا لست نادمة، لكنني بصدق أدعو له بالشفاء.
زواج في السر
السيدة لبنى صالح تقول: كنت متزوجة من طبيب وتوفاه الله فجأة، وكنت في ريعان شبابي ومعي ثلاث بنات، ارتديت الحجاب، وبدأت أتعرف أكثر على ديني، وعندما تقدم لي رجال متزوجون وعرضوا عليّ أن أكون زوجة ثانية، حتى ولو بعيداً عن موافقة ومعرفة الزوجة الأولى وافقت وهذا لعدة أسباب:
أولاً: أن أعف نفسي.
ثانياً: أن يكون هذا الزوج بمثابة أب لبناتي حتى ولو كان هذا لبعض الوقت؛ لأنه في أحيان كثيرة يتغيب زوجي عني لمدة أسابيع.
ومسألة عدم العدل هنا لا تهمني؛ لأن تمام العدل يحدث عندما تكون الزوجة الأولى مدركة ومتفهمة لهذا الوضع، وكذلك فإن أولاد زوجي لن يتفهموا هذا الأمر، ولذا كانت السرية وعدم العدل في المبيت أفضل لي من القلق وحدوث المشاكل، وأنا أريد أن أطيع زوجي وأحصل على الثواب من رضاه عني، والحمد لله هو راضٍ عني، وسعيد بالساعات القليلة التي يعيشها معنا.
تزايد الزواج الثاني بين المصريين
الداعية الشابة أمل توفيق من ناحيتها ترى أن النساء في مصر أولاً غير مؤهلات لتقبل تعدد الزوجات، وكثيراً ما تعتقد الزوجة الأولى أن زوجها ملك لها، وكل ماله الذي اكتسبه وهو معها ملك لها ولأولادها، وقد لاحظت في محيطي الاجتماعي كثيراً من حالات تعدد الزوجات، لكنه يحدث في السر خوفاً من بطش الزوجة الأولى.
ومشكلة التعدد وما يخلفه من مشاكل اجتماعية ناتجة من انحياز الرجل لإحدى الزوجتين ومراوغاته، وعدم تمكنه من تحقيق العدل بينهما؛ وهذا لأنه لا يكون في العلن، وما يحدث في الخفاء غالباً تحيط به الشكوك.
ومن ناحية أخرى فإن الرجل الآن يعاني من القهر على مستويات عدة، ولا يستطيع أن يمارس حقوقه العامة والمهنية في المجتمع؛ ولذا فهو أحياناً يتجرأ على زوجاته، ويعاملهن بقسوة، وقد ينحاز لإحدى زوجاته، وهذا ما يجعل كثيراً من النساء يتخوفن من التعدد.
أما د.سلوى صالح طبيبة نساء فتقول: لقد عملت في الخليج حوالي عشر سنوات، وعلى الرغم من أن التعدد كان موجوداً بكثرة في العديد من الأسر التقليدية، إلاّ أن الفتيات ومعظم الشباب في الخليج وأيضاً في السعودية لا يقبلن تعدد الزوجات مثلما كان في الماضي مع جيل الأمهات، وهذا في الأساس سببه وسائل الإعلام.
أما من الناحية الاجتماعية فهناك بالتأكيد أخطاء في تطبيق العدل بين الزوجات أدى إلى تقليل نسبة التعدد. أما في مصر فإني ألاحظ أن التعدد بدأ يتزايد بين طبقات وفئات معينة؛ فالعنوسة وكذلك الظروف الاقتصادية تدفع بكثير من الفتيات أو حتى المطلقات بقبول الزواج الثاني سراً.(31/7)
يرفضن الزواج الثاني
هدى وصفي تقول: أرفض التعدد؛ لأن النساء غير مؤهلات لتطبيقه، فبعضهن يقبلنه على المستوى النظري فقط، أما على المستوى التطبيقي فالزوجة الأولى تستخدم كل الوسائل لمحاربة هذا الزواج، وأنا لا أحب أن أعيش في جو المشاحنات.
سلوى الصناديلي تقول: أرفض التعدد؛ لأن ما لا أقبله على نفسي لا أقبله على غيري.
المهندسة فتحية الجمال تقول: أرفض التعدد؛ لأنه لا يوجد أمامي نماذج لرجال حققوا العدل حتى بين أبنائهم، فما زال هناك رجال ونساء أيضاً يتحيزون للذكر دون الأنثى، فكيف يتحقق العدل بين الزوجات؟
منى حامد تقول: أرفض التعدد؛ لأن الزوجة الأولى غالباً هي التي تقوم بالتضحيات في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وتقدم العديد من التضحيات في بداية الزواج، ثم بعد أن يستقر الزوج مادياً وأسرياً تأتي أخرى لتحصد ما زرعته الأولى، فهذا ليس عدلاً.
حاجة المرأة هي الفيصل
د. إلهام فرج أستاذة علم الاجتماع تقول: تعدد الزوجات لا يكون بقرار أو دعم إعلامي بقدر ما هو احتياج وضرورة قد تلجأ إليها المرأة لمواجهة ظروفها الصعبة. فقد ترى بعض الفتيات الآن أن التعدد أفضل من العنوسة، والزوجة الثانية غالباً هي الموافقة على طول الخط، أما المشكلة فهي عند الزوجة الأولى التي توافق أحياناً مضطرة، وأحياناً أخرى تعلن الحرب أو تنسحب.
بينما يؤكد د. رأفت عثمان الأستاذ بكلية الشريعة أن تحقيق العدل بين الزوجات هو الأساس الشرعي للتعدد، وليس أن تقبل الزوجة الأولى أو ترفض.
وتحقيق العدل مسؤولية الرجل، وهى ليست مسؤولية سهلة أو هينة، لكنها تحتاج لمجهود؛ فالتعدد يحقق عموماً مصلحة النساء، وهو مسؤولية شرعية ومادية ومعنوية على الرجال.
ـــــــــــــــــــ
الحوار بين الزوجين..عندما يصل إلى طريق مسدود
هناء الحمراني 8/11/1427
29/11/2006
في جلسة هادئة كانت سمر وزوجها محمد يرتشفان الشاي معاً، ويأكلان بعض المكسرات.. تلفّت محمد بعد دقائق من الهدوء..
- أين الصغار..؟!
مدّت سمر قطعة من البسكويت لزوجها:
- إنهم في غرفتهم يلعبون..
يهز محمد رأسه.. تتذكر سمر مشكلة ابنتها لمياء والتي حدثت صباح ذلك اليوم في المدرسة:
- جاءت لمياء باكية اليوم من المدرسة..
قطّب حاجبيه:(31/8)
- لماذا؟
- ضربتها معلمة الرياضيات؛ لأنها نسيت قلم الرصاص..
غضب محمد:
- أنت أم مهملة.. لو كنت تولين ابنتك بعض الاهتمام لما ذهبت من دون القلم..!!
الانفجار غضباً.. والدفاع عن النفس.. هو التصرف التلقائي الذي يمكن أن تقوم به سمر دفاعاً عن نفسها.. ولكن هذا التصرف ذاته سيكون التصرف الخاطئ الذي لن يؤدي إلى حل المشكلة..أو بحثها بطريقة صحيحة.. وعندها.. تبدأ السفينة بالتأرجح.. ويبدأ الشجار بين الزوجين في تبادل الاتهامات..
***
أهمية الحوار بين الزوجين
في الحوارات الزوجية والتي ربما تبدأ هادئة.. وربما تبدأ متفجرة!! قد يتحوّل الحوار إلى شجار، وربما يتعدّى ذلك إلى العراك بالأيدي والضرب.. وربما إلى الطلاق أيضاً.. وتذكر الكاتبة "سهير الغالي" إحصاءات مثيرة للاهتمام بخصوص الحوارات الزوجية فيقول: "لقد أصبح "الحوار" من أكثر المواضيع بحثاً؛ نظراً لأهمية الحوار في عملية الاتصال والتواصل الإنساني ونجاح هذه العلاقات. كما اعتبر انعدام الحوار بين الزوجين من الأسباب الأولى المباشرة المؤدية إلى الطلاق وفقاً لما ورد في دراسات عديدة، نذكر منها: الدراسة الإحصائية التي أعدّتها "لجنة إصلاح ذات البين" في المحكمة الشرعية السنية في بيروت-لبنان عام 2003 تبين فيها أن انعدام الحوار بين الزوجين هو السبب الرئيس الثالث المؤدي إلى الطلاق. وفي دراسة علمية أعدها الباحث الاجتماعي علي محمد أبو داهش، والذي عمل (18) سنة في مكاتب الاجتماع بالرياض والمتخصصة في حل المشكلات الاجتماعية وأهمها الطلاق، تحت إشراف مجموعة من الباحثين الاجتماعيين، أوضح أن أهم أسباب الطلاق المبكر هو عدم النضج، وعدم التفاهم، وصمت الزوج. وأشار أبو داهش إلى أن مشكلة انطواء الأزواج وصمتهم في المنزل أصبحت من القضايا التي تُخصّص لها نقاشات في الندوات العالمية لما لها من تأثير سلبي على نفسية الزوجة والحياة الزوجية عامة. وفي دراسة ثالثة (نُشرت في إحدى صفحات المواقع الإلكترونية) أُقيمت على نحو مائة سيدة، اخترن كعينة عشوائية، بهدف الكشف عن أبرز المشكلات الزوجية التي تواجه أفراد العينة، تراوحت الإجابات بشكل عام ما بين الصور التالية: بقاء الزوج فترة طويلة خارج المنزل، والاختلاف المستمر في الآراء ووجهات النظر، ورغبة الزوج في الانعزال عن الآخرين أو الاختلاط في المجتمع المحيط، وانعدام الحوار!
وعندما طُرح في هذه الدراسة ما هو الأسلوب الأمثل لحلّ هذه المشكلات الزوجية، تبين أن ما يزيد على (87%) من إجابات أفراد العينة يفضلن الحوار المباشر لحل أية مشكلات، وفسّرن ذلك بأنه أقصر الطرق لحل أي خلاف ينشب. كما أشارت نسبة (4%) منهن أنهن يلجأن لوسائل أخرى لحل الخلافات الزوجية أبرزها كتابة الرسائل المتبادلة التي توضح وجهة نظرهن في المشكلة المثارة".ا.هـ
ما الذي يستفزك؟!(31/9)
في استطلاع أجريناه مع العديد من الأزواج والزوجات سألناهم عن التصرفات التي يقوم بها أحد الزوجين أو كلاهما ليحول دفّة الحوار إلى معركة اتهامات وإهانات ومضاربات..
آراء الزوجات:
ترى أم. جوري أن الجمل التي تبتر المناقشات هي أكثر ما يزعجها كقوله "انتهى ..أغلقي الموضوع..لا فائدة من النقاش..لن يتغير شيء!!"
وتعبر أم.سليمان عن رأيها فيما يستفزها أثناء مناقشة زوجها فتقول: "عندما يلقي أحد الطرفين اللوم على الآخر.. عندما لا يعترف بخطئه.. التجاهل.. الصمت.. عدم الموافقة على المناقشة.. استعجال الآخر وإخفاء الحقائق.. نعت الآخر بعدم الفهم.. الشتم.. تجاهل وجود المشكلة أساساً"
وتقول أم.محمد: أحياناً دعوى أن وضع هذه المشكلة أمر نهائي غير قابل للنقاش!!
وتعلق أم صهيب على الموضوع: من جهتي أن يتم النقاش أمام الأطفال.. أن يتخلّى الزوج عن الرحمة والحنان خصوصاً إذا رأى دموع زوجته..
وترى أم أحمد أن من أكثر ما يستفزها في النقاشات الزوجية هو استخدام اليد بالإشارة إلى الطرف الآخر بصيغة النفي لا يقوله.. أو الاستهتار أو التهديد.. وترى في ذلك مدعاة إلى ارتفاع الصوت دفاعاً عن النفس معتبرة تلك الإشارات محاولة صريحة للاستفزاز..
وتقول أم إبراهيم: عدم احترام أحدهما للآخر.. إعطاء الموضوع أكبر من حجمه.. عدم المبالاة أثناء المناقشة.. تلفظ أحدهما بالألفاظ السيئة..أن يعتبر أحدهما أن هذه المشكلة خاصة به وله فقط حق القرار.. عدم توفر الجو المناسب للمناقشة حيث الهدوء.. إظهار المشكلة للآخرين.. وهناك وصية مني بتقوى الله والدعاء بإصلاح الأحوال..
وكذلك مها تعتبر أكثر التصرفات التي تثير الغضب بالنسبة للزوج كثرة اللوم من الزوج، ولو على أتفه الأشياء، وكلمة "سأتزوج"، ولو كان مازحاً..
وتوافقها أم حازم الرأي بأن التهديد بالزواج من أساليب الاستفزاز في الحوارات.. بالإضافة إلى إهمال رأي الطرف الآخر..
وأخيرا تدلي أم عبد الله بدلوها بأن جملة "أنت لا تعرفين شيئاً من الأساس"، وعدم الرد واللامبالاة في الكلام من أسباب استفزاها في الحوارات الزوجية..
آراء الأزواج:
وفي الجانب الآخر من الموضوع يعبر الرجال أيضاً عن رأيهم بخصوص هذا الموضوع
فيقول أبو عبد الرحمن: أثناء رفع الزوجة صوتها على الزوج..
ويرى أبو فيصل أن ما يستفزه في الحوارات الزوجية هو طلب المرأة للطلاق عند اشتداد غضبها.. وكفر العشير..
وأما أبو عبد الله فيرى أن من أهم ما يستفزه هو الجحود والنكران.. وكثرة تكرار الكلام الذي لا طائل من ورائه.. وعدم الوضوح في التعامل.. واستخدام عبارات التهديد والعبارات الجارحة..(31/10)
وأيضا يرى أبو(ص) أن رفع الزوجة لصوتها على زوجها من أهم التصرفات الاستفزازية في النقاشات..
***
وما الحل إذاً؟
إذاً.. ما الحل إذا كانت هذه هي المشكلة؟ هل يمكن لتجنب أحد الطرفين هذه التصرفات الاستفزازية أن يجعل الحوار يسير هادئاً ويحقق الفائدة المرجوة منه؟ وماذا لو استمر الطرف الآخر في إهاناته واستفزازه؟
ست خطوات ذهبية لحوار هادئ ناجح بين الزوجين:
يذكر لنا الأستاذ جاسم المطوع ست نقاط ذهبية يمكن الاستفادة منها لإدارة حوار ناجح بين الزوجين كما يلي:
لكي يتهيأ الزوجان للمصارحة ندرج لهما ست خطوات باتباعها تصبح المصارحة بها سهلة ومقبولة:
1)التمييز بين الخطأ والإنسان:
إذا رسب أحد الأبناء في مادة الرياضيات مثلاً فلا يحق لأبيه أو أمه – أن يسبه في شخصه كأن يقول له: إنك لا تفهم.. أو غشيم، فهنا يهاجم الشخص نفسه بتجريح وإهانة .. ولا يحاول تقويم الخطأ في نفسه، فهذا يحدث أثراً عكسياً.
2) الموضوعية:
يجب على أحد الزوجين ألاّ يخلط بين ما حدث في الوقت الحاضر والزمن الماضي، كأن يحدث خطأ بسيط من زوجته فينهال عليها لوماً، بأنها ومنذ زمن حدث كذا وكذا، وينسى أن ينصح للخطأ نفسه فقط.
3) اختيار الكلمات:
الأسلوب أو انتقاء الكلمات سلاح ذو حدين؛ فهو إما أن يزيد المشكلة اشتعالاً أو يقضي على الخلاف قبل تفاقمه. إذن فالوضوح مطلوب وتجنب الغموض أيضاً مطلوب في المصارحة، فعلى الزوجين ألاّ يحوّرا الكلمات، ولكن يحدّدان نطقهما فهو أجدى للمصارحة.
4) اختيار الأسلوب الهادئ المباشر:
الصوت مهم في المصارحة أي الأفضل أن يكون هادئاً؛ لأن ارتفاع الصوت يظهر الغضب، ويقطع الحوار، وكذلك إشارات الأيدي بانفعال.
5) التجزئة في المصارحة:
كأن يجلس الزوجان معاً، فتسأل الزوجة عن عيوبها فلا يصارحها بجميعها مرة واحدة، ولكن الأفضل أن تكون مجزّأة.
أي كل شهر يقول واحدة.. وهكذا حتى لا تكون صعبة.
6) اختيار الوقت المناسب: أنسب وقت للمصارحة متى كان الطرفان هادئين.
وإذا كان أحدهما متوتراً .. فلن تكون هناك مصارحة بينهما.
ـــــــــــــــــــ
هموم زوج معاصر
عاصم السيد 29/10/1427(31/11)
20/11/2006
على الرغم من السهولة النسبية التي وفرتها الأجهزة الكهربائية والإليكترونية، والتي جعلت الأعباء المنزلية خفيفة قدر الإمكان على الزوجة، إلاّ أن الزوجة ما زالت تئنّ بالشكوى من كثرة الأعباء.
لكن، وفي الاتجاه المقابل، فإن الزوج المعاصر يرى أنه مظلوم أكثر من الزوجة في الأعباء والمسؤوليات.
* يقول وجدي عبد اللطيف –مهندس-: زوجتي منتقبة، وهي لا تخرج من المنزل إلاّ لضرورة، ولا تذهب إلى الأسواق، وأنا الذي أحضر حاجيات الأسرة ومتطلباتها من السوق، كما أقوم بتوصيل الأبناء إلى مدارسهم والعودة بهم بعد انتهاء اليوم الدراسي، ثم أذهب إلى العمل مرة أخرى، وأعود لأتابع مذاكرة الأبناء.
أشعر بأن العبء كبير على عاتقي، ولكن هذا كله يهون أمام غلاء الأسعار والوفاء بحاجات الأسرة المادية، خاصة إذا كان الإنسان يطمح في السكنى في وسط محترم، ويحرص على أن يتعلم أبناؤه في مدارس محترمة.
وتكون المشكلة قاسية حينما يحتاج بعض الأبناء أو كلهم دروسًا خصوصية بأسعار فوق طاقة ميزانية الأسرة.
* سالم محب -أخصائي اجتماعي- يقول: إنني أعمل في اليوم (15) ساعة، فأنهي العمل في المدرسة، ثم أتوجه للعمل في القطاع الخاص، ولا أعود للمنزل إلاّ متأخرًا يوميًا، من أجل توفير متطلبات الأسرة، وزوجتي متعاونة معي، وهي تقوم بأعباء المنزل على خير وجه، ولكنها مسرفة، وهذا يسبب لي مشكلات كثيرة. فالضغط الرئيس الذي أتعرض له هو ضغط مادي.
المشاركة في أعمال المنزل
* أما رءوف سليم -موظف بأحد المصانع الخاصة- فيقول: زوجتي موظفة وتعود من العمل مرهقة، وتريدني أن أشارك في أعمال المنزل، وأن أساعدها في أعمال المطبخ، وهي تصر على ذلك، وتحزن إذا لم أفعل. وهي تعايرني بأنها تعمل مثلي، وتساهم في مصروف المنزل مثلي، وهذا الموضوع يؤلمني، وكثيرًا ما أدى إلى وقوع خلافات بيننا.
* ويعرض إبراهيم الوحش -بائع في محل أقمشة- لتجربته الخاصة فيقول: في بداية الزواج كانت لدي ميول منزلية، فكنت أحب الوقوف في المطبخ وتجهيز الطعام بنفسي، وأحيانًا كنت أغسل الملابس وأنشرها، وأنظف الشقة، تعاونًا مع زوجتي.
وهي في البداية كانت تسر لذلك، ولكنها رويدًا رويدًا أصبحت لا تراه تفضلاً مني بل واجباً عليّ، وأصبحت تطلب مني أن أقوم بهذا الواجب لو لم أقم به. وكثيرًا ما كانت غير مشغولة، وتطلب مني ذلك. فرسمت خطة الخلاص، وهي الانسحاب التدريجي وليس مرة واحدة. ففي البداية أقلعت عن دخول المطبخ، وظللت أغسل الملابس وأنشرها وأنظف الشقة، وبعد شهور امتنعت عن تنظيف الشقة، ولم أعد أعمل إلاّ نشر الملابس، وأخذت أتباطأ في هذا الأمر مع الوقت حتى امتنعت عنه تمامًا.
والآن صار لي أكثر من عامين لا أفعل أي شيء في المنزل، وزوجتي هي التي تفعل كل شيء، وأنا سعيد بذلك، وأرى أن هذه الأعباء هي واجب الزوجة.(31/12)
زيادة حالات الطلاق
في دراسة علمية للمركز القومي للبحوث الاجتماعية في مصر أكدت أن الأعمال المنزلية وراء انتشار الخلافات بين الأزواج، ووقوع الطلاق خلال الفترة الأخيرة. وأشارت الدراسة إلى أن العداوة الصامتة التي تقع بين الأزواج تكون بسبب رفض الزوج مشاركة زوجته في الأعمال المنزلية، ومنها إعداد الطعام بالمطبخ وتنظيف المنزل، كما أن رفض الأزواج الاستجابة لمساعدة زوجاتهم يعرض الحياة والعلاقة الزوجية للخطر، وقد يكون السبب في نهاية الزواج.
وطالبت الدراسة الزوجات بالقيام بتدريب أزواجهن على جميع الأعمال المنزلية من طبخ ونظافة، بالإضافة إلى ضرورة فهم الأزواج للأعباء الكثيرة التي تواجه المرأة في المنزل.
ثلاثة أنواع
تقول د. هناء الطوخي -أستاذة الخدمة الاجتماعية-: إن الأزواج ينقسمون إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: هو الزوج المتطفل الذي بمجرد دخوله إلى المنزل يتجه إلى المطبخ؛ ليملي شروطه، ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة، ويكتفي بالأوامر والإرشادات، ولا يعجبه بأي حال من الأحوال ما تقوم به الزوجة.
أما النوع الثاني من الأزواج: فهو الرجل المحب للطعام الذي يحب دخول المطبخ للطهي، ويدّعي أنه "طبّاخ ماهر" وهو ليس كذلك، وهو دائم الانتقاد لما تقوم به الزوجة من مهام.
أما النوع الثالث وهو الأكثر شيوعًا: فهو الزوج الأناني الذي يعتقد أن مساعدة الزوجة في الأعمال المنزلية ينتقص من رجولته.. لذلك قد نرى أن هذا النوع من الأزواج ينتظرون من زوجاتهم "تلميع الحذاء" قبل خروجه للعمل، أو كي ملابسه
ولا يوجد رجل يساعد زوجته في أعمال البيت إلاّ إذا كان الزواج قد تم بينهما عن تفاهم وحب، وهو بذلك يقوم بهذه الأعمال بإرادته الكاملة، وبالأعمال التي تتناسب معه، كإصلاح الأجهزة المعطلة، وتجهيز المشروبات في بعض الوقت، أو كي الملابس، وغيرها مما يمكن أن يقوم به، وفي بعض الأحيان لا مانع من أن يتبادل الزوج رعاية الطفل مع زوجته.
الحياة الحديثة معقدة
ويرى د. هشام ذهني -الباحث في العلوم الاجتماعية- أن أكبر الهموم التي يعاني منها الزوج المعاصر هي الوفاء بالمتطلبات المادية للأسرة، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية لكثير من مجتمعاتنا، وانتشار البطالة في هذه المجتمعات.
وكثير من الأزواج يلجؤون إلى الأعمال غير المشروعة كالاختلاس للوفاء بمطالب الزوجة، خاصة لو كانت هذه الزوجة ممن لا تعذر زوجها، ولا تتفهم أوضاعه وظروفه، وإنما تقارن بين حالة أسرتها وحالة أسر الأقارب والمعارف والأصدقاء.
وكثير من الأزواج يصبح همهم الأول هو مدى تفهم الزوجة وتعاونها وعدم ضغطها عليه للحصول على المال بأي شكل.
الهم الثقافي أكبر(31/13)
بينما يرى د. عبد الرازق عثمان -أستاذ التربية- أن الأمور المادية هامة جدًا، وتثقل عاتق أي زوج معاصر، ولكن لا ينبغي أن نغفل الجوانب التربوية.
فالزوج الملتزم المثقف يشعر أن أولاده محاصرون في الشارع والمدرسة ووسائل الإعلام؛ فهم لا يتلقون المثل والأخلاق المطلوبة في هذه الأماكن، وبالتالي فإن هذا الزوج يدخل في صراع شديد، وألم نفسي رهيب من أجل أن يحل هذه المعضلة؛
فهو يحاول أن يشرف بنفسه، ويتأكد من تربية ضمير الابن، ويصلح ما أفسده المدرس والصديق والتلفاز. وهو يحاول أن يوجه الأبناء نحو قراءات معينة، ويراقب مشاهدتهم للتلفاز والإنترنت. وهو يشعر بالخطر المحدق من الفيديو وقنوات الأغاني والفيديو كليب والقنوات الإباحية.
والزوج إذا كان مثقفًا يكون همه أكبر، فلو تأكد من الضمير الأخلاقي لدى الأبناء، فهو يريد أن يتأكد من أن المستوى الثقافي ليس ضحلاً، ويريد أن يغرس في الأبناء حب القراءة، واختيار نوعية الكتاب.
وهناك مستوى آخر يواجه هذا الزوج المعاصر المسكين وهو تطوير نمط تفكير الأبناء، حتى يتجنبوا الاستسلام لأنماط الثقافة الراكدة، وأن يتبنوا نمط الثقافة الراشدة العميقة المنفتحة الهادئة، وفي نفس الوقت يتجنبوا ثقافة التطرف وعدم التسامح.
ـــــــــــــــــــ
أسرار البيوت: زوجات شاكيات.. وأزواج متذمرون
بشار دراغمة 28/10/1427
19/11/2006
حياة تستمر أو تتعثر، وأيام تمضي بكشف مزيد من تفاصيل لم تكن معلنة. كل منهما يكتشف الآخر أكثر من أي وقت مضى. تتكون الحياة ومعها تنشأ الأسرار الزوجية وتزداد أكثر من ذي قبل. وتبقى المهمة الأصعب كيفية الحفاظ على هذه الأسرار.
أزواج وزوجات نجحوا في الحفاظ عليها، فكان ذلك عموداً أساسياً في بيت يسكنه النجاح والسعادة. وآخرون فرّطوا بما يملكون من أسرار فحلّ عليهم "خراب البيوت". بدلاً من الثقة والأمان.
ولعل المثل الشعبي القائل"البيوت أسرار" مدخل إيجابي لهذا التقرير الذي حاورنا فيه أزواجاً وزوجات كانت نهايتهم الطلاق بسبب "إفشاء الأسرار الزوجية". وتحدثنا مع آخرين حافظوا على أسرارهم فكان البناء الناجح لحياة أسرية سعيدة.
نهاية سريعة
إبراهيم وأمل لم يمض على زواجهما سوى عام واحد. وكانت نهاية هذا الزواج هي الطلاق.
التقينا إبراهيم وتحدثنا إليه عن تفاصيل كثيرة في ذاك العام الذي عاشه مع زوجته. يتحدث بمرارة: "كانت نهايتنا الطلاق". نسأله بشكل مختصر "لماذا؟"، يجيب: لم تكن زوجتي تحفظ الأسرار، كنت أشعر أن كل أهل الحي، وربما المدينة يعرفون تفاصيل حياتي، حاولت دائماً أن أرشدها، وأخبرتها مراراً أنه لا يجوز أن تتحدث بأمور بيتنا خارج المنزل لكن دون جدوى".(31/14)
ويتابع إبراهيم:" ذات مرة التقيت أنا وأحد جيراننا في الشارع، وقال لي إن زوجته تحدثه دوماً عن الخلافات الذي تحدث بيني وبين زوجتي، طالباً مني أن أوصي زوجتي بعدم الحديث عما يدور بيننا للجارات، وبعدما ذهبت إلى البيت راجعت زوجتي بالموضوع، وما كان منها إلاّ أن ذهبت إلى زوجة جارنا الذي التقيت به، ونشبت خلافات بين الاثنتين، وحاولت أن أخفف من التوتر بإجبار زوجتي على الذهاب إلى المنزل".
ويتابع إبراهيم: "كانت تلك مجرد بداية لمعرفتي بنقل زوجتي لأسرارنا الداخلية، وتوالت بعد ذلك إلي المعلومات حول الأسرار التي تنقلها زوجتي إلى خارج المنزل، وعندما أراجعها في هذا الموضوع تنفي ذلك، إلاّ أن الحقائق كانت تثبت العكس؛ فالكل كان يحدثني بما يحدث بيني وبين زوجتي".
يوضح إبراهيم أن زوجته كانت تنقل حتى الحديث الذي يدور بينه وبينها إلى الخارج، ويعلم به الجميع، ويختم حديثه قائلاً: "لم يكن أمامي سوى خيار الطلاق.. كان خياراً صعباً لكنني كنت مجبراً عليه".
زوجة شاكية باكية
محمود لم يعد يحتمل تصرفات زوجته التي يصفها بأنها "شاكية باكية" ويقول: "زوجتي لا تكفّ عن الشكوى نهائياً، ولا تتفهم طبيعة الظروف الصعبة التي أمر بها، وعلى الرغم من أنني أسعى جاهداً للقيام بكل واجبات البيت إلاّ أنه لا يعجبها ذلك، ولا تكتفي بعدم الإعجاب فقط، وإنما تذهب لوالدتها ولأخواتها لتشتكي دوماً عن ظروف حياتها، دون أن تقدر شيئاً من الظروف الصعبة التي أعيشها".
ويضيف: "كنت دائماً أوجه لها النصيحة، وأذكرها بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحض على حفظ أسرار البيت لكن دون جدوى. وأصبحت تدخلات أهلها في حياتنا بشكل مستمر، وباتوا يعلمون بكل شيء يحدث في حياتنا وبأدق التفاصيل، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل باتت والدتهم تراجعني، وتشتكي من منعي لزوجتي من نقل ما يحدث بيننا، طلقتها وكان ذلك خياراً نهائياً أمامي".
زوج يُشهر بزوجته
إذا كان المثال السابق عن تجربة مريرة قامت بها الزوجة بنقل أسرار بيتها إلى الخارج فإن الزوج أيضاً مارس هذا الدور، وإن كانت المحطة التي ينقل إليها الأسرار هذه المرة هي عائلته وليس الجيران.
فتعاني "م.س" من كثرة استغابة زوجها لها، وتقول:" كلما يذهب سعد إلى بيت أهله يتحدث عني بقسوة. يتهمني بعدم النظافة، وعدم ترتيب البيت وعدم إجادة طهي الطعام. فكان الأولى بزوجي إذا لاحظ خللاً ما أن يراجعني به لكي أصلحه لا أن ينقله إلى خارج المنزل. على الرغم من أنني متأكدة من قيامي بكل شيء على ما يرام، لكن لا أعلم لماذا كان يتصرف بهذا الشكل".
وتضيف "م.س": "الأمور وصلت إلى مرحلة صعبة جداً، فإذا ما ذهبت إلى السوق يخبر أهله، وأحياناً أهلي أني ذهبت إلى السوق، حتى إنني فوجئت ذات مرة بأنه ينقل أخباراً لوالدته عما يحدث بيننا في فراش الزوجية. ووقعت معرفتي بهذا الأمر مثل(31/15)
الصاعقة عليّ، وما كان مني إلاّ أن طلبت الطلاق وأنا متوترة، إلاّ أنه لم يتردّد في تنفيذ طلبي، وطلقني على الفور".
أسرار محصنة
تلك التجارب السلبية لا يمكن اعتبارها حالة عامة تشهدها البيوت العربية كافة، وإنما هي أزمة تمر بها بعض البيوت. وفي المقابل هناك أزواج وزوجات حافظوا على أسرارهم فأقاموا بيوتهم بنجاح وسعادة.
محمد الذي يعمل مدرساً للغة العربية: "يؤكد أن أساس سعادته مع زوجته هو حفظها لأسراره".
يقول محمد: "أحمد الله دوماً أنني رُزقت بزوجة تحفظ سري وسر بيتي، ولا تفشه لأي شخص كان، حتى إنني أستغرب أحياناً من قدرتها الفائقة على حفظ أسراري، مما يجعلني أدعو الله بأن يرزق شباب المسلمين بزوجات مثل زوجتي".
ويضيف محمد: "لا يمكن لي أن أتخيل قيام زوجتي بنقل أسرار البيت إلى أهلها وإلى الجيران، فلا أعتقد أنني سأتحمل مثل هذا الأمر".
هذه تجربة ناجحة يعيشها محمد بكل تفاصيلها، و تلك تجارب سابقة عن الإخفاق والوصول إلى نهاية مؤلمة تحدثنا عنها في التقرير، وكل ذلك أساسه "الأسرار الزوجية"
ـــــــــــــــــــ
بيتك .. أيتها الزوجة
رحمه الغامدي 15/9/1427
08/10/2006
أيتها الفاضلة: منزل الزوجية هو المحطة التي يستريح فيها الزوج من عناء يومه، وهو المدرسة التي يتعلم فيها الأبناء دروس الحياة والآداب العامة والأحكام الشرعية، وهو اللبنة التي يقوم بها المجتمع المسلم، فمتى كانت هذه اللبنة قوية كان البناء قوياً لا يتصدع بكثرة الزلازل، ولا ينشرخ بشدة الرياح وغزارة الأمطار..
وإنما تستمد هذه اللبنة قوتها من المادة الأساسية التي قامت عليها ابتداء وهي: أنتِ أيتها المسلمة؛ فأنتِ الزوجة، الأم، المعلمة، فهلاّ نظرتِ وتمعنتِ قليلاً كيف أرادك الله تعالى ورسوله أن تكوني في بيتك مع زوجك، ومع أبنائك؟
إن أول ما أمر الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- به المرأة في بيتها أن تقوم على رعاية زوجها وأبنائها بالمعروف، وأن تقوم على خدمتهم وتوفير ما يحتاجون إليه من الهدوء والراحة والتربية الحسنة، وما إلى ذلك من تعاهد المنزل بالإعداد والنظافة والتهيئة؛ فإن هذه الخدمة لها أثر كبير في نفس الزوج والأولاد، وهي تقابل بخدمتها ما يلاقيه الرجل من توفير احتياجات المنزل والأسرة، وقد ذكر الله تعالى (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ). [سورة النساء: من الآية 34]، وقد استدل بهذه الآية الكريمة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله-على وجوب طاعة المرأة زوجها مطلقاً، ويدخل ذلك في عمومه الخدمة له ولأبنائه، والقيام على تربية الأبناء، ثم أنتِ كذلك مأمورة أختي في الله بتعاهد الأبناء بالتربية الإسلامية الصحيحة، وبالتنشئة المستقيمة(31/16)
على أصول شرعية، وأن تتعاهدي بناتك بالرعاية، وتكوني لهن القدوة الصالحة في أعمالك، ولا تخالفي قولك بفعلك.
كذلك الاجتهاد في تعليم الأبناء أحكام هذا الدين بالحكمة والموعظة الحسنة، وحثهم على فعل الخيرات وأن تكوني حنوناً عليهم رحيمة بهم؛ فالأم لا تضرب إلاّ على شيء كبر جرمه، لئلاّ تسقط هيبة الضرب في نفوس الأبناء، ثم إن الأم مطالبة أيضاً إذا ما رأت على زوجها ما يشكل عليها من سلوكه مما يُرى في ظاهره مخالفة الكتاب والسنة، أن تبادره بالاستفسار عن ذلك، سؤال الرحيمة به، الخائفة عليه من مخالفة الشرع، لا سؤال المتعنتة أو الشامتة فيه أو المعيّرة.
ثم يجب عليها أن تنفق من ماله على بيتها ونفسها وأولادها بالمعروف، وألاّ تتخطّى ذلك إلى التبذير والإسراف.. فقد قال تعالى:(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ). [سورة الأعراف: من الآية 31]، وعليها أن تطيعه في غير معصية الله، وتحفظه في سره وبيته وماله، ولقد جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رضا الزوج عن زوجته من أسباب دخول الجنة، فروى الترمذي من حديث أم سلمة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة".
فإذا فعلت المرأة المسلمة ذلك فإنها تكون قد أدّت ما عليها، وما أراده لها الله -عز وجل-، ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- تجاه بيتها وأسرتها إن شاء الله.
ـــــــــــــــــــ
قرار الرجل في بيته!!
عزيزة بنت محمد الشهري 24/8/1427
17/09/2006
دائماً ما نطالب المرأة، وهي مطالبة بالقرار في مملكتها امتثالاً لأمر ربها وحفظاً لنفسها و(لسعادتها)، إلاّ أن الأمر يبدو صعباً على كثير من النساء، وقد استطعت -بتوفيق الله- من خلال حوارات ومصارحات مع بعض النساء –اللاتي عجزن عن القرار- معرفة العامل الأكبر تأثيراً على قرار المرأة في بيتها.
إنه باختصار: طبيعة علاقة الرجل بأسرته.
بمعنى: أنه كلما كانت علاقة الرجل بأسرته جيدة، وكان قيامه بواجباته جيداً، وكانت سعادته وراحته في بيته؛ كانت المرأة أكثر قراراً في بيتها، وأكثر قناعة بذلك، وكان ذلك أحب إليها وأكثر سعادة على قلبها، وكان –بذلك- المجتمع نقياً طاهراً.
هذه ليست فرضية، إنها نظرية أو قاعدة ثابتة بنص كلام المصطفى -صلى الله عليه وسلم- كما روى الطبراني: "عُفّوا عن نساء الناس تعفّ نساؤكم، وبرّوا آباؤكم تبرّكم أبناؤكم.....".
إنه أول الحلول لمشاكل الأسرة المسلمة، أن يكون رب الأسرة رجلاً، يقوم بمهام (ملكه)، يبتغي بذلك وجه الله، وليهنأ بعدها بسعادة الدنيا والآخرة.
تخيّلوا أن ملكاً لبلد من البلدان يعيش خارج مملكته، ولا يعود إليها إلاّ إذا أراد متاعاً منها أو استقبال زائر أتاها، وعلى الفور بعد ذلك يهرول إلى حيث الراحة والاسترخاء عن المسؤوليات وهموم المحكومين!!(31/17)
أللناس حاجة في هذا الملك؟
أليس أريح له وأربح لهم أن يدع هذا المُلك لغيره؟
إن واقع غالب الذكور اليوم في مجتمعنا السعودي والخليجي عموماً واقع مرير، والذي يكشف هذا الواقع حديث النساء عن حياتهن مع أولئك الذكور، حتى إن هؤلاء الذكور أصبحوا سبباً لأزمات اجتماعية في مجتمعنا والمجتمعات المجاورة التي رخصت فيها المرأة حتى تحوّلت إلى سلعة تُباع وتُشترى على أيدي السماسرة وسائقي الأجرة والخدم في المقاهي والمطاعم!! هذا بالنسبة لحال الصنف المفرط منهم.
وهناك صنف أخر، أقل شراً من الأول، حياته بين المطاعم والاستراحات و(كشتات) البر والصيد، حتى لا يكاد جدوله يحتمل وقتاً للنوم والاسترخاء من إغراقه في مواعيد (دائرات) الأصحاب والجيران والأقارب والزملاء، القدامى والجدد، مما يجعل الأسرة تبدو حملاً ثقيلاً كئيباً، يحتاج الذكر لتحمل الجلوس معهم والصبر على مشاكلهم!! إلى ما لا يقل عن مائة قناة فضائية -في البيت- للتخفيف من الضغط النفسي الذي يعيشه -هذا الذكر- بين زوجه وأبنائه، عبر مشاهد ومسامع تقتل ما تبقى من الاحترام والحب بين الزوجين من جهة، وبين الوالدين والأولاد من جهة أخرى.
هؤلاء الذكور هم سبب غالب أزمات المجتمع الاجتماعية.
فلولا أن ذكوراً "يتميلحون" في الشوارع والأسواق ووسائل الإعلام!!.. لما كان "تميلحاً" في الشق الآخر!!
ولولا أن أعين الذكور زائغة لما وصل حال العباءة والحجاب إلى ما وصل إليه!!
ولولا أن ذكوراً لا يعلمون عن نسائهم: أين يذهبن، ومع من، لما كانت قضايا هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الخاصة بالخلوة المحرمة والمعاكسات بعشرات الآلاف!! في كل عام.
المشكلة تبدو حتى في تربيتنا لأبنائنا؛ إذ يُتاح للأبناء الخروج كيف شاؤوا ومتى شاؤوا وبدون رقابة أو توجيه.
في حديث الأمهات -المربيات- هناك شكوى من المد الذكوري (النعيم خارج البيت) الذي انتقلت عدواه إلى الأجيال الجديدة من الفتيات، فأصبحن يرغبن في الخروج إلى الملاهي والمطاعم –بل البر أحياناً و(السفر مستقبلاً)- مع الصديقات بشكل يومي، والأمهات يجاهدن في منعهن، ويراقبن ردّات فعلهن، ويلحظن علواً في أصوات هؤلاء الفتيات وتذمراً من الحرمان الذي يعشنه؛ لأن زميلاتهن يتمتعن بالحرية!!
ترى ما الحل؟ لمثل هذه الأزمات الخطيرة والمنعطفات القاتلة في حياة الأسرة الخليجية؟
لقد كان الحل الناجح لفك هذا الوضع المختنق في بعض البيوتات أن استطاعت المرأة –بفضل الله- أن تسيطر على البنات من خلال السيطرة على الأبناء، وأن تربي البنات من خلال تربية الأبناء، وأن تحكم الإناث من خلال حكم الذكور.
تخيّلوا كم مرة ستخرج البنت -والمرأة عموماً- من بيت الرجال لا يخرجون للترفيه خارجه إلا مرة في الأسبوع، ومع أخيار، وفي أماكن محترمة معروفة في الهواء الطلق..(31/18)
وتخيّلوا ما نوع الصداقات التي ستعقدها الفتيات مع زميلاتهن وحدودها إذا كن يعلمن أن مفهوم الصداقة في أسرهن ليس (الغثاثة) والتعري النفسي والاجتماعي، وإنما تعاون على الخير ومحبة في الله وصدق في النصح والمشورة....
وتخيّلوا ما مطالب المرأة أماً كانت أو بنتاً أو أختاً في بيت فيه رجال. نعم، رجال يحفظون أنفسهم عن أعراض الناس ليُحفظ عرضهم، ويحفظون أوقاتهم عن الهدر أمام الشاشات أو في الاستراحات، ويحبون أسرهم، ويؤدون واجباتهم على الوجه المطلوب، وزيادة بكل قناعة واحترام...
إن البيت الذي تكون فيه المرأة محترمة يعني: –غالباً- أن في البيت رجالاً محترمين، والبيت الذي تكون فيه المرأة تائهة، يعني: أن في البيت (ذكوراً) غير محترمين... وهذا لا يعني أنه لا يوجد في بيوتات الذكور نساء محترمات،، لكنهن مقهورات ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أتذكر تلك الفتاة الشريفة -في دار الحكمة بجدة- التي قالت لـ(هيوز) الأمريكية: أنا لا أريد أن أقود السيارة، أنا أملك خمسة سائقين ومرافقين أو مساعدين أو رجال حماية سميهم كما تشائين، فقالت: ليس كل النساء مثلك. فقالت لها: بل كلهن لهن آباء وإخوان وهم من أعني...
ولكن أيضاً هناك مجاهدات يجاهدن الحياة ومشكلاتها وشهواتها في بيوتات ذكور لا يليق بأحدهم أن يكون زوجاً لامرأة شريفة عفيفة فضلاً عن أن يكون أباً لأطفال تنتظر منهم مجتمعاتهم وأمتهم أن يكونوا طاقة لنهضتها.
هذه ... صرخات أصرخها في أسماع (الرجال –الصنف الثالث الذي لم أذكره-) من مفكري الأمة ومثقفيها وعلمائها ودعاتها ورجالاتها أن يهبوا لإعادة الذكور إلى رجولتهم وإلى أسرهم عبر برامج توعوية وكتب ومقالات تكشف حال هؤلاء التائهين الذين تاه معهم خلق كثير، وأن يقدموا الحلول لمشكلاتهم، فتخفيف الرجل من حياة الشوارع والاستراحات ولزومه لأسرته في حلها -قدر المستطاع- وفي ترحالها –دائماً- علاج لكثير من مشاكل مجتمعاتنا التي نتجت عن عدم (قرار المرأة) في بيتها.
وليحمد الله من عافاه الله مما ابتلاهم به، وفضّله على كثير ممن خلق.
ولتحمد الله كل أسرة رزقها الله أباً رجلاً وأبناء رجالاً يقوم بواجباتهم من الرعاية والمسؤولية والغيرة وصون العرض والشرف.
ـــــــــــــــــــ
التقنيات الحديثة.. تقنيات للجنس والإثارة !!
كتبت/ ليلى بيومي 16/8/1427
09/09/2006
جاءت ثورة الاتصالات الحديثة لتشكل مرتكزاً أساسياً من مرتكزات تقدم البشرية في القرن الحادي والعشرين.. فمثل الإنترنت والفضائيات وقبلهما (الفيديو والكاسيت) ثورة لا مثيل لها في مجال الاتصالات.(31/19)
وقد استفادت البشرية - بلا شك – استفادة لا مثيل لها من هذه الثورة.. ولكن على الجانب الآخر ظهرت لهذه الثورة نقطة شديدة السلبية، وهي ما يمكن أن نسميه " تقنية الجنس".
فهناك الآلاف من المواقع الإباحية على الشبكة العالمية، كما أن هناك العشرات من المحطات الفضائية المتخصصة في بث الأفلام الجنسية.
فما هي انعكاسات هذه التقنية الجديدة على الفرد والأسرة والمجتمع؟
يبدأ د. محمد علي عطية خبير الاستشارات الأسرية بسرد وقائع حالة من الحالات التي عُرضت عليه ليبحث لها عن علاج لأزمتها.. فقال: كلما جاء ذكر المواد الإباحية تذكرت حالة لا يمكن أن أنساها أبداً، فقد جاءتني تبحث عن حل، ولكني تألمت من أجلها ألماً لا يوصف، ومكثت أياماً وأسابيع مهموما بهذه الحالة.
فقد كانت السيدة صاحبة المشكلة زوجة بسيطة غير متعلمة، وكان زوجها من أصحاب الصنائع الذين يكسبون كثيراً، فأعدّ لها شقة بها كل الكماليات كي تسعد بها هي وأبناؤها. ثم اشترى لها جهاز (فيديو) في بداية ظهوره. وكانت الأسرة تشتري الأفلام من محل مجاور لتأجير الأفلام.. وهي الأفلام المصرية المعروفة التي يذيعها التلفاز ودور السينما.
وفي أحد الأيام جاءتها جارتها لتزورها وتبارك لها بالجهاز الجديد.. وسألتها عن الأفلام التي عندها، فلما أخبرتها قالت لها: لا .. سوف أرسل لك فيلما لاستخدامك الشخصي. وأرسلت لها فيلما "إباحيًّا" فلما شاهدته الزوجة كان كالنار التي أحرقت بيتاً لقوم آمنين. لقد تغيّرت الزوجة الصالحة البسيطة إلى إنسانة بهيمية تبحث عن شهوتها فارتكبت الفاحشة مرات كثيرة. وفي إحدى المرات نسيت شريط (الفيديو) بجوار جهاز التلفاز. وأتى الأبناء فشاهدوه ومن يومها انقلبت حياة هذه المسكينة إلى جحيم، وتغيرت نفسيتها ونفسية أبنائها ونفسية زوجها، وتعرضت لمشكلات انتهت بطلاقها.
لقد دفعت المسكينة ثمناً باهظاً للحظة ضعف شاهدت فيها فيلماً قذراً.. وانقلبت حياة الأسرة من السكينة والطمأنينة إلى التشتت والتفرق والاكتئاب.
فما بالنا بالأسرة التي يشاهد الأب فيها والأم أو الأبناء هذه الأمور على الإنترنت أو عبر الفضائيات.
إفساد للسلام النفسي
يرى د. المحمدي عبد الواحد أستاذ علم النفس، أننا كعرب ومسلمين دنيانا بسيطة غير معقدة، وحياتنا كأمة يكفيها القليل.. وتعوّدنا على حياة الندرة وضيق ذات اليد.. وكم عاش أجدادنا في بيوت متواضعة، ولكنهم كانوا يحفظون القرآن، ويعرفون الحلال والحرام والعيب ومكارم الأخلاق.. لهذا كانوا يعيشون في سلام مع النفس و طهارة للروح والبدن.
لكن مشاهدة الأمور الإباحية يخرج الإنسان من سلامة النفس ومن طهارة الروح، ويدخله في حالة من الدنس النفسي والروحي التي تؤرقه وتنغص عليه حياته وتقض مضجعه.(31/20)
فالإنسان المسلم يعيش بذهنية وعقلية تعلي قيمة العفة، وتزدري الفحش والابتذال. ولذلك فعندما يشاهد هذه الأمور يحدث له ازدواجية وتناقض في نفسيته.
فكيف يكون بين زوجته وأولاده راعي الفضيلة والأخلاق، ثم بينه وبين نفسه إنساناً فاسقاً مشاهداً للفحش والدعارة والزنا والابتذال.
إن الإنسان في هذه الحالة يشعر بوخز الضمير، كما يحدث لكل إنسان مقيم على معصية، كمن يسرق ومن يشرب الخمر، ومن يسعى بالغيبة والنميمة بين الناس، فهو يشعر ويعرف الذنب الذي اقترفه وضميره يؤنبه ..
وهكذا يعيش في رحلة تأنيب للضمير وازدواجية في النفس والروح.. وهذه أسوأ حياة يمكن أن يحياها الإنسان.
مسؤولية مؤسسات التربية
يرى د. سليمان صالح أستاذ الإعلام أنه غير خاف ما أصبحت تلعبه شبكة الإنترنت من دور كبير في تشكيل ثقافة الأجيال الصاعدة وخاصة في مجال السلوك الجنسي. فنتائج الأبحاث النوعية التي تمحورت حول مدى تأثير وسائل الاتصال في سلوك المراهقين، أظهرت أن المواقع الإباحية لإطفاء الغريزة الجنسية من لدن الشباب في تنامٍ مستمر مقارنة مع المواقع الثقافية والعلمية والصحية. ولمواجهة هذا الخطر الداهم فإن على مؤسسات التربية والتعليم بذل المزيد من الجهد للاستجابة لاحتياجات المراهقين في مجال الثقافة والمشورة الجنسية وتزويدهم بالمعلومات الدينية الصحيحة التي تكون لهم بمثابة درع منيع يحصنهم من الانحراف، ويجنبهم الوقوع في الرذيلة والفساد والدعارة والمخدرات، وتذكيرهم بالدور الحقيقي للإنسان في الحياة، والغاية من خلق الذكر والأنثى، والسبل الشرعية لتفريغ الطاقة الجنسية، والإجراءات الواجب اتباعها للمحافظة على صحة وسلامة البدن والجهاز الإنجابي.
ضرر ثلاثي الأبعاد
يقول د. أحمد عبد الله استشاري الطب النفسي: مشاهدة الصور الإباحية تضر من ثلاثة جوانب:
أولاً: ناحية الصورة؛ إذ إن تكرار مشاهدة الصور يرسم خيالاً محددًا فيما يخص معايير ومقاييس الجمال والجسد المثير، وقد رأينا الكثيرات ممن ينفقن مالاً وجهدًا ووقتًا هائلاً في الجري وراء سراب وصفات التنحيف "الريجيم" للوصول إلى هذا الجسد المنشود، ومن ناحية أخرى فإن تكرار رؤية المواد الإباحية يؤدي إلى كسر الحياء، والضغط النفسي الذي نرى من آثاره أشكال الحجاب "المودرن" المزركش والضيّق، بما يغري ويثير أكثر من التبرج.
ثانياً: إن هذه الصور غالبًا ما تكون مصدرًا لمعرفة مشوهة حول الجنس والعلاقات الجنسية السوية بين الرجل والمرأة، كما ينبغي أن تكون إنسانيًا وإسلاميًا؛ فالضرر متعدد الجوانب والمستويات، ومتحقق حتمًا، لذا يلزم التنبيه.
ثالثاً: ومن بين الآثار التي تفضي إليها مشاهدة القنوات والأفلام والصور الإباحية، ما قد يطرأ على البعض من تغييرات جنسية في حياته الزوجية، مثل ممارسة العادة السرية باستمرار، وحرمان الزوجة من العلاقة الجنسية أياماً متتالية دون ذنب منها.(31/21)
وعن المنع من مشاهدة ما لا نفع فيه، يقول د. أحمد عبد الله: أعتقد أنه غير مجد والتعامل مع ظاهرة الغثائية يجب أن يبدأ منذ الصغر، بغرس القيم الأصيلة، ومراقبة الله -عز وجل- في نفس الفتاة أو الفتى، وبعدها من الطبيعي أن تكون هناك حيدة عن الخطأ، ولولا ذلك لما كان الفضل العظيم للشاب الذي نشأ على طاعة الله، النموذج المثالي استثناء إذن، المهم هو التعامل بحكمة مع الأبناء، وتنمية الرقابة الذاتية، والنقاش الهادئ مع توفير البدائل.
الإباحية وانحطاط القيم
يؤكد د. محمود شوكت أستاذ القانون الجنائي أن الذين يخوضون في الدعارة والإباحية غالباً ما يؤثر ذلك في سلوكهم من زيادة في العنف، وعدم الاكتراث لمصائب الآخرين، وتقبّل لجرائم الاغتصاب.
وقد وجد الباحثون أن مثل هذه الإباحية تورث جرائم الاغتصاب، وإرغام الآخرين على الفاحشة، وهواجس النفس باغتصاب الآخرين، وعدم المبالاة لجرائم الاغتصاب وتحقير هذه الجرائم.
وقد درس باحث كندي عدداً من الرجال الذين تعرّضوا لمصادر مواد إباحية بعضها مقترنة بالعنف وبعضها لا تختلط بعنف. وكانت نتيجة هذه الدراسة أن وجد هذا الباحث أن النتيجة واحدة في كلتا الحالتين، ووجد تأثيراً ملحوظاً في مبادئهم وسلوكهم وتقبلهم بعد ذلك لاستعمال العنف لإشباع غرائزهم.
وأثبتت الدراسات أن أكثر مَن تداول هذه المواد أصبح لا يرى أن الاغتصاب جريمة جنائية، بل هو شغوف على كل ما يتعلق بالإباحية الأخلاقية: كالاغتصاب، وتعذيب المُغتَصَبين، واللواط، واغتصاب الأطفال، وفعل الفاحشة بالجمادات، والحيوانات، وفعل الفاحشة بالمحارم وغير ذلك.
كما أثبتت الدراسات أن جرائم العنف والاغتصاب تزداد عند متداولي المواد الإباحية بنسبة 30%. وأن نسبة الانحطاط في العلاقات الزوجية والقدرة الجنسية مع الزوجة تتدنى بنسبة 32%. ونسبة تقبل جرائم الاغتصاب وعدم المبالاة بها تزداد بنسبة 31%.
وفي بحث علمي اعترف 86% من المغتصبين بأنهم يكثرون من استخدام المواد الإباحية، واعترف 57% منهم أنه كان يقلد مشهداً رآه في تلك المصادر حين تنفيذه لجريمته.
الطلاق بسبب غرف الدردشة على الإنترنت
تقول د. إلهام فراج أستاذة علم الاجتماع: إن أعداداً متزايدة من المتزوجين يدخلون إلى غرف الدردشة على شبكة الإنترنت من أجل الإثارة الجنسية، فشبكة الإنترنت أصبحت أكثر الطرق شيوعاً للخيانة، وغرف الدردشة هي أكثر الأسباب وراء انهيار العلاقات الزوجية. والمشكلة ستزداد سوءاً مع ازدياد أعداد الأشخاص الذين يتصلون بالشبكة.
إن أغلب الأشخاص يدخلون إلى غرف الدردشة بسبب الإحساس بالملل، أو نقص الرغبة الجنسية للطرف الآخر، أو الرغبة في التنويع والاستمتاع، وربما يرجع ذلك إلى قلة العلاقات الجنسية مع زوجاتهم.(31/22)
وأغلب العلاقات بدأت بشكل ودي على الإنترنت ثم تحوّلت إلى شيء آخر أكثر جدية. وثلث الأشخاص الذين دخلوا على غرف الدردشة التقوا بعد ذلك بمن اتصلوا بهم إذا كانوا يقيمون في نفس البلد.
وتؤكد د. إلهام فراج أن هناك ست نوعيات من المواقع الخطيرة على الإنترنت يتعين المسارعة لتصفيتها وهذه النوعيات هي:
أولاً: المواقع الإباحية التي تقدم موضوعات مثيرة للغرائز، وتتنافى مع القيم والأخلاق.
ثانياً: مواقع العنف التي تعرض مشاهد للعنف والقتل والاغتصاب وتخلي الإنسان عن السلوك الآدمي السليم، وقد تعرض هذه المواقع مشاهد لعمليات انتحار أو موضوعات تبرر هذه الجريمة، أو تقدم يد العون لمن يفكرون في قتل أنفسهم.
ثالثاً: مواقع المخدرات والمسكرات التي تشجع على تعاطي المخدرات أو المشروبات الكحولية أو التدخين، وأيضاً المواقع التي تقدّم معلومات عن كيفية الحصول على هذه المواد الخطيرة أو عن كيفية تصنيعها والتعامل معها.
رابعاً: مواقع المقامرة التي تقدم لزوارها ألعاب القمار، أو تشجع عليها سواء بالصورة أو بمواد مكتوبة، وأيضاً كازينوهات القمار التي تتيح اللعب بأموال حقيقية، أو التي تتيح المراهنات على المباريات الرياضية أو سباقات الخيل.
خامساً: مواقع الكراهية التي تقدم مواد تشجع على التفرقة العنصرية أو اضطهاد طائفة أو فئة معينة من البشر، وهذه المواقع قد تكون من تصميم أفراد أو جماعات، وتؤدي إلى نشر روح الكراهية داخل المجتمعات.
سادساً: مواقع عن الأسلحة وهي التي تعطي زوارها معلومات عن الأسلحة النارية أو الأسلحة البيضاء، وكيفية استخدامها، وأماكن شراء هذه الأسلحة، كما تعطي هذه المواقع بيانات عن الذخيرة المستخدمة في الأسلحة النارية والمتفجرات.
خطر يهدد الصحة النفسية
أكد باحثون وأطباء نفسيون أن الاعتياد على المشاهد الإباحية يؤدي إلى حالة من الإدمان أخطر من إدمان الكوكايين، وقد يؤدي إلى اضطرابات نفسية وجسدية كبيرة، وذلك في جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأميركي للجنة العلوم والتكنولوجيا والفضاء يوم الخميس الماضي.
وقد اعتبرت الدكتورة (ماري آن لايدن)، الباحثة بمركز العلاج الإدراكي بجامعة بنسلفانيا، والتي أدلت بشهادتها كمتخصصة أمام لجنة مجلس الشيوخ- أن المواقع الإباحية هي أخطر مهدّد للصحة النفسية نعرفه اليوم، وذلك حسب ما أوردت مجلة (وايرد) الأمريكية.
وعزت خطورة تلك المواقع إلى كونها متاحة عبر وسيلة توصيل تتميز بكفاءة عالية - وهي الإنترنت- كما أنها متاحة بصورة دائمة ومجانية.
ومن ثم، بمقارنة هذا النوع بإدمان الكوكايين مثلاً، فإن الأول أخطر؛ لأنه لا قيود عليه، ولا يمكن التعرّف على من يتعاطاه، كما أن أثره لا يمكن أن يمّحى من أدمغة المصابين به، إذ تظل المشاهد الإباحية عالقة بمخيلة من شاهدوها، بينما يمكن أن تمّحى بصورة نهائية تقريباً آثار الكوكايين من جسم المدمن بعد مضي بعض الوقت.(31/23)
أما الدكتور (جيفري ساتينوفر) - وهو طبيب نفسي وأحد المختصين الذين أدلوا بشهاداتهم- فقال: إن المشاهد الإباحية، وما يتبعها من استثارة جنسية، تستحث الجسم لإفراز أشباه الأفيون الطبيعية، وبذلك يكون أثر مواقع الإنترنت التي تبث هذا المحتوى الإباحيّ أقوى من أثر مخدر الهيروين.
وقد اقترح بعض أعضاء اللجنة في جلسة الاستماع رصد تمويل من ميزانية الحكومة الفيدرالية لدراسة الآثار الجسدية للإدمان على المحتوى الإباحي. واقترح آخرون توجيه بعض الدعم الحكومي لبرامج توعية المواطنين بمخاطر التعرض للمحتوى الإباحي.
يُذكر أن المحكمة العليا بالولايات المتحدة قرّرت أواخر يونيو/ حزيران الماضي إعادة النظر في القانون الصادر عام 1998 لحماية الأطفال من التعرّض لمواد إباحية عند تصفح الإنترنت، بصفة أن ذلك القانون غير دستوري ويتعارض مع حرية التعبير.
كما أن قاضياً فيدرالياً قضى في سبتمبر/أيلول الماضي بعدم دستورية القانون الذي صدر في ولاية بنسلفانيا لإرغام الشركات المقدمة لخدمة الإنترنت على منع استضافة أي مواقع إباحية على حاسوباتها الخادمة.
الجنس في الإسلام ثقافة
يقول د. عبد الرحمن طه أستاذ الفلسفة الإسلامية: إن الإسلام قد تحدث عن المسألة الجنسية وعن الأعضاء الجنسية بشكل صريح في الكتاب والسنة، الأمر الذي يعني أن مفردات الجنس ليست أشياء معيبة في الثقافة الإسلامية، حتى إن الإسلام يعبر عن عقد الزواج بكلمة: النكاح التي هي أقرب الكلمات إلى العملية الجنسية في الجانب العملي منها. لذلك نحن لا نرفض الثقافة الجنسية، ولكن لابد لها من أن تبتعد عن أجواء الإثارة، وذلك باتباع اللغة العلمية في هذه المسائل، لا بالانطلاق مع الأفلام الجنسية أو مع أساليب الإثارة المتّبعة لدى الناس.
لذلك لابد من الحذر لدى الشباب والشابات من الانفتاح على تلك الكتب والوسائل التي وُضعت من أجل الإثارة، ولم توضع من أجل أي هدف ثقافي إنساني. وإذا كان بعض الناس يستفيد من هذه الأمور في إثارة بعض الحالات الراكدة في جسده، فإنه يخسر مقابل ذلك الكثير من مناعته الروحية والأخلاقية وتوازنه النفسي، فينفتح على هذا العالم من الموقع القذر لا من الموقع النظيف. والإسلام يريد للإنسان في مفرداته الثقافية، وحتى فيما يحتاجه من عناصر الإثارة، أن يتبع الوسائل التي تحقّق له رغبته في الوقت نفسه الذي لا تهدم فيه روحيته وأخلاقيته ونفسيته النظيفة.
ـــــــــــــــــــ
أغضب وتغضبين!
د/ فيصل بن سعود الحليبي * 9/8/1427
02/09/2006
تعجبني تلك الإطلالة الوردية التي يستشرفها الزوجان قبل حياتهما الزوجية، إنك ترى كلاً منهما يحلم بالورود وهي تتناثر على جنبات دروب حياتهما، تدغدغها الأمواه رائحة وغادية، وتنهل منها قطرات الندى كدموع فرحٍ في ليلة فرح ...(31/24)
حقاً إنها لحظات حلوة، كم ودّ الإنسان أن تبقى له ولأحبابه.. لكن الإنسان والحياة، وما فُطر عليه كلٌ منهما من التقلب وعدم بقاء الحال ربما نغّصا على المتفائل حلمه، وعكّرا عليه صفو أمله.. وتظل الجنة التي وُعد المتقون هي دار الفرحة التي لا يكدّرها حزن، ولا يطرأ عليها تقلّب.
وأن نُقْدِمَ على حياتنا الزوجية بروح التفاؤل .. مطلب نفسي وإيماني مهم ، فإن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: "يُعْجِبُنِي الْفَأْلُ؛ الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ، الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ" رواه مسلم.
ولا صراع بين الأمرين: التفاؤل.. وحصول الأكدار.. فالمؤمن يستبشر خيرًا بالكلمة الطيبة، ويستعد للأقدار بيقين الإيمان.
ويبقى بين يدي الزوجين تقلّب هذه الروح التي بين جوانحهما، وتأثرها بشواغل الحياة وأوصابها ومثيراتها.. فهل استعدت النفوس لمثل هذا كله؟
تعب العمل.. والمرض.. والطبع.. وسوء الظن.. والوسواس.. والغيرة.. والأنانية.. والتدخل الخارجي في بيت الزوجية.. وَنَصَبُ تربية الأولاد.. والمال كثرة وقلّة.. .. أسباب لاستثارة روح الغضب لدى الزوجين، والنفس لن تستطيع أن تتخلّى عن كل تلك الأسباب إن استطاعت أن تتخلّى عن بعضها، ولكن ما الشأن في نتيجتها، وهي: الغضب؟
حلقة الوصل بين الإطلالة الوردية قبل الزواج.. وفترة العسل في أوله.. والغضب لأي سبب بعده.. هو أن نعرف أن كلاً من الزوجين يحب الآخر، ويأنس به، ويأمل في حياةٍ معه لا غضب فيها ولا اختلاف، وهذا أساس يغيب عن الذهن في حالة فوران النفس، ولذا ألتمس من الزوجين كخطوة أولى أن يحاولا استذكار الأيام الأولى من زواجهما في حال الاقتراب من حال الغضب أو بعد الوقوع فيه؛ فإن هذا سيخفف من وطأته على الروح، ويقلّل من آثاره على البدن.
وما أجمل أن يبادر الغضبان من الزوجين أو أن يذكّر أحدهما الآخر بما أمر به النبي- صلى الله عليه وآله وسلم - في مثل هذه الحال، فيتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم - وَرَجُلَانِ يَسْتَبَّانِ، فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ، وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وآله وسلم-: إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ؛ لَوْ قَالَ : "أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ". رواه البخاري.
فما أسهل هذه الكلمة على اللسان، لكنني أعلم أنها في تلك اللحظة لن تكون ثقلية عليه بقدر ما هي بعيدة عن ذهنه، ولا تحتاج سوى همسة ممن يواجه غضب صاحبه يذكره بها بكل لطف ورفق.
ولعل معرفة الزوجين لبعضهما من حيث طبيعة العمل أو الطبع أو الصحة سوف يعطي مساحة جيدة في سعة الصدر وطلب المعذرة والصفح وتحمّل بعض الغضب؛ فالمرأة ينبغي أن تعرف ما يتعرض له الرجل في عمله من تعب أو مواقف أو مسؤوليات تملأ عليه تفكيره حتى يضيق بها صدره، فلا يبقى له من الحلم ليرى خطأ ولو يسيرًا من زوجته أو ذريته، الأمر الذي يجعله في حالة طوارئ.. على مَنْ حوله أن يعذره فيها، ولا يؤاخذه على سرعة غضبه ونفور نفسه، وهذه المعرفة لدى(31/25)
الزوجة تمنحها الكثير من الطمأنينة وحسن التصرف، وأقل شيء سوف تتيقنه أن زوجها لا يكرهها، وأن غضبه ليس من خطأ فادح وقعت فيه، وإنما لأنه في توتر عارض سيمرُّ مرور الكرام فحسب، فتصبر ولا تعطي الأمر أكثر من حجمه الذي هو فيه.
والرجل كذلك، فإنه حينما يعرف ـ على سبيل المثال ـ ما تمر به المرأة من أعراض الضعف في دورتها الشهرية أو وهن الحمل أو آلام الولادة ونحو ذلك، فإنه يدرك أن تصرفاتها في مثل هذه الأحوال ستكون ممزوجة بشيء من العصبية وتقلّب المزاج، فيعذرها، بل وإن كان حكيمًا يجدها فرصة لمنح الحنان والعطف عليها!!
لقد أدرك النبي- صلى الله عليه وآله وسلم - كم تحمل أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- من غيرةٍ عليه من زوجاته رضي الله عنهن، فكان أوسع صدرًا لغضبها وغيرتها، ولو تعدّى الغضب بها من الشعور إلى العمل، فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا أَتَتْ بِطَعَامٍ فِي صَحْفَةٍ لَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وآله وسلم - وَأَصْحَابِهِ، فَجَاءَتْ عَائِشَةُ مُتَّزِرَةً بِكِسَاءٍ وَمَعَهَا فِهْرٌ [أي: حَجَر]، فَفَلَقَتْ بِهِ الصَّحْفَة،َ فَجَمَعَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ فِلْقَتَيِ الصَّحْفَةِ، وَيَقُولُ: كُلُوا؛ غَارَتْ أُمُّكُمْ ـ مَرَّتَيْنِ ـ ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صَحْفَةَ عَائِشَةَ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَأَعْطَى صَحْفَةَ أُمِّ سَلَمَةَ عَائِشَةَ". رواه النسائي وأصله في البخاري.
ولله در بعضنا في غضبه مع زوجه أو زوجته كيف يتفنن في القدرة على إنهاء حالة الغضب في سرعةٍ ولباقة؛ فإنك تراه قد أخذ على نفسه عهدًا ألاّ يبيت ليلة وفي نفسه شيء على حبيبته، أو أنك تراها حينما يعلو صوت زوجها عليها غاضبًا في حالة سكون وهدوء تهرول إلى كأس الماء البارد لتأتي به إلى زوجها مذكرة له بالبسملة!! أو أنك تجد من تسبب في ذلك منهما لا يتردّد لإنهاء الغضب أن يعترف بالتقصير واقتراف الخطأ، فترى الغضبان مع هذا التصرف الحكيم والرائق في منتهى الحيرة والحياء.. وربما تورّط كيف ينهي غضبه بطريقة تدريجية!
وخذ هذا المثال، وأتركُ لك الحكم عليه، فإن إحدى الزوجات تقول: أغضبت زوجي مرة، فنشب خلاف بيني وبينه، وحينما وصل إلى قمة غضبه عزم على أن يدعني ويخرج من المنزل، فناديته قائلة: إن أنوار المنزل سوف تُطفأ بعد قليل فلا تتركني بمفردي، فتعجّب قائلاً: ومن أخبرك بهذا؟ فقالت: إنك إن خرجت من المنزل لا يبقى لي فيه نور بعد نورك!!
وبالتجربة نلاحظ أن أكثر سنيّ الزواج غضبًا هي السنوات الأولى، مع أنها الأقرب من نشوة فرحة النكاح، والسبب بلا ريب أن الزوجين ما زالا في بداية التعرف على بعضهما من حيث التفكير والتعامل، ولذا فإن ما آمله فيهما هو أن يبذل كلٌ منهما جهده لمعرفة ما يثير صاحبه عليه، فيقطعه بكل وسيلة ما دام أن ذلك ممكن شرعًا وعرفًا، وأن ينظرا بعين الرحمة لأنفسهما وذريتهما، و بعين العقل لمستقبل حياتهما، ليحققا في سبيل التسامح والصفح معاني السكن والمودة والرحمة التي قال الله فيها : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). [الروم:21].
* كلية الشريعة بالأحساء(31/26)
ـــــــــــــــــــ
خلاف مفيد
أم البنين بنت محمد 26/7/1427
20/08/2006
لكي يكون الخلاف بين الزوجين مفيداً وجاداً ينبغي ألا يصبح مجرد فرصة للتفريج عن النفس وإفراز نواتج الضغط والتوتر لدى كل طرف على حساب الآخر، أو أن يصبح التنازع هادفاً لتحطيم معنويات الآخر وإهانته، أو وسيلة لإظهار سلطة أحدهما على الآخر، فمثل هذه الخلافات تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها.
أما الخلافات الجادة والنافعة هي التي تتيح للطرفين فرصة للاتصال الفعال، والحوار الجاد، وتشكل مجالاً لإظهار الانفعالات الذاتية دون إلقاء اللوم على الطرف الآخر، ودون محاولة إلصاق أسبابها به.
لا لتجاوز الحدود: وهذا خطأ فادح يقع فيه الزوجان حين يختلفان، فينتقلون من قضية الخلاف إلى خلافات ثانوية أو وهمية مصطنعة، فأحياناً قد يبدأ الخلاف حول أمور منزلية كالنظافة والترتيب، ثم ينتهي إلى خلاف حول مصاريف الأسرة والزيارات وغير ذلك...
اعتد ألا تقول إلا خيراً: ومن الضروري أيضاً ضبط النفس ومراقبة اللسان، والتذكر بأن التراجع عن زلات اللسان وإهانة الآخرين بالكلام الجارح أمر لا ينسى ويبقى عالقاً في الذهن بحيث يصبح من الصعب إزالة آثاره.
قاوم حظوظ النفس واعتذر إن أخطأت: ليكن هدفك أثناء الخلاف، بيان الحق وإيضاحه.. اسأل نفسك دائماً ماذا تريد من وراء رفع الصوت والنقاش؟ وماذا تخفي وراء عدوانيتك وانفعالاتك؟. كم هو جميل أن يرجع الإنسان إلى ربه عندما يشعر أن وراء كل هذه الانفعالات حظاً للنفس، أو رغبة في البحث عن كبش فداء يحمله المسؤولية، ويتنصل هو منها، أو اتخاذ الخلاف ذريعة للتعبير عن الغضب والتوتر.
لا للشهود والجمهور!!: هناك من الأزواج من يحاول إقحام الآخرين في مشاكله الزوجية وخلافاته -ولو كانت بسيطة- من أجل تحويلهم إلى حلفاء ومساندين له. إن هذا السلوك يؤدي إلى نتائج تهدد العلاقة الزوجية برمتها، تكفي الحالة المؤسفة التي يراهما الآخرون عليها، بل قد يصبح هذا الطرف الثالث مصدر إزعاج للزوجين من خلال تضخيم الخلاف وتحويل الأمر إلى مشكل يصعب حله، ولا ننسى أن وجود شاهد على الخلاف أمر مربك ومخجل للزوجين غالباً، ولا سيما الزوجة.
لا تختصما أمام الأطفال: في حال نشوب الخلاف أمام الأبناء يجب ألا يقلل أي من الطرفين من احترامه للطرف الآخر، وأن يتم الحفاظ على الاحترام المتبادل، فكلما نشأ الأولاد وترعرعوا وهم ينظرون إلى الخلافات بين والديهم تتم بأسلوب متحضر؛ كلما شكل ذلك بالنسبة إليهم رسالة تربوية تعطي للطفل القدوة للتماسك والترابط مع الاحتفاظ بالاحترام المتبادل بالرغم من وجود الخلافات.
اشرح وجهة نظرك كتابة: قد تكون الخلافات عرفت لهجة حادة، والحالة خرجت نسبياً من مجال التحكم. بالرغم من ذلك فلا شيء يمنع بعد هدوء العاصفة من الرجوع إلى الموضوع بكل هدوء وتعقل لتوضيح وجهات النظر، وهناك من يفضل(31/27)
في هذه الحالة اللجوء إلى الورقة والقلم، فالكتابة تهدئ الأعصاب وتخفف التوتر، ومن يقرأ يحسب أنه غير مهاجم ويكون أكثر استعداداً للتأمل في وجهات النظر الأخرى.
لا لرفع الصوت أمام الأطفال الصغار: إذا كان لديكما أطفال صغار فإن رفع الصوت يفزعهم، ولذلك إذا تحاور الزوجان أمام الأطفال، فإن عليهما أن يعودا ليؤكدا أمامهم حب بعضهما بعضاً، لأن الابن يحتاج إلى الشعور بالأمن وأي خلاف بين أبويه يشكل بالنسبة إليه توتراً يؤثر على نموه العاطفي والنفسي.
ـــــــــــــــــــ
زواج العوانس..مشروع ينطلق لأول مرة من فلسطين
بشار دراغمه 23/7/1427
17/08/2006
من قطاع غزة حيث الألم هناك بصورة يومية ينطلق برنامج تزويج العوانس في خطوة رائدة تهدف إلى الحد من ظاهرة العنوسة. وفي سبيل إنهاء هذه الظاهرة أخذ القائمون على المشروع على عاتقهم تقديم أكبر قدر ممكن من المساعدة في شتى المجالات، خاصة المالية منها. وفي تطوّر آخر باتت زوجات الشهداء من المشمولات في هذا البرنامج. شبكة (الإسلام اليوم) أجرت لقاء خاصا مع الشيخ الدكتور رمضان طنبورة رئيس جمعية الفلاح الخيرية المشرفة على هذا المشروع، وفيما يلي نص الحوار.
ما هو الأساس الذي قام عليه هذا المشروع؟
الأساس الذي يقوم عليه البرنامج هو النقلة النوعية للعمل الخيري بفلسطين، وذلك بتنفيذ برنامج جديد يُضاف إلى نشاطات جمعية الفلاح الخيرية في فلسطين إسهاماً منها في الحد من ظاهرة العنوسة، والتي تزداد انتشاراً في القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية يوماً بعد يوم؛ نظراً للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني، وما يرافقه من غلاء في المهور وتكاليف الزواج، و سقوط الكثير من الشهداء، وزيادة نسبة البنات على البنين بشكل ملحوظ، ونتيجة لانتشار ظاهرة الزواج المبكر، مما يجعل الفتاة التي لم تتزوج مبكراً كأنه فات عليها قطار الزواج لتنضم إلى قافلة العوانس، مما حدا بجمعية الفلاح الخيرية البدء بمشروع دعمها مادياً وعينياً ومعنوياً لكل إنسان يتقدم للزواج من إحدى الفتيات العوانس.
بحيث تقوم الجمعية بتقديم كافة ما يلزم من تكاليف الزواج وتجهيز غرفة النوم وإقامة الحفل الجماعي لتزويج العوانس اللاتي لا تقل أعمارهن عن ثلاثين عاماً كخطوة أولى، على أن يتم في خطوات قادمة تخفيض شرط العمر, وتقديم الدعم والمساعدة لمن يتزوج الصبايا من الأرامل والمطلقات وزوجات الشهداء.
كيف يمكن لهذا البرنامج الحد من ظاهرة العنوسة؟
يستطيع هذا البرنامج أن يخفف من ظاهرة العنوسة والحد منها من خلال تشجيع الناس على تعدّد الزوجات، وذلك باغتنام الدعم المادي والمعنوي لهذا البرنامج, وتشجيع الشباب على المبادرة بالزواج من هذه الشريحة، مما يكسر الحاجز النفسي لدى المجتمع، والذي بدوره كان سبباً في وجود هذه الظاهرة الاجتماعية.(31/28)
خلال الفترة القادمة ما هي النتائج التي تتوقعونها لهذا المشروع؟
نتوقع للبرنامج أن يحقق نتائج كبيرة بحيث يمتاز بأنه برنامج جديد ونقلة نوعية غير تقليدية في العمل الخيري، وكذلك رفع الروح المعنوية لدى الفتيات العوانس بعد فقدانهن الأمل في الزواج والتركيز على هذه الظاهرة، وبذلك يشعرن بأن الدنيا فيها خير؛ فهناك من يشعرون بمشاعرهن, وكذلك يعمل على الحد من ظاهرة الزواج المبكر، ويجعلهن يتمسكن بمواصلة مراحل التعليم الجامعي على سبيل المثال من أجل أن تأخذ المرأه دورها في بناء الوطن ومؤسساته دون خوف أو وجل على مستقبلها، وذلك بوجود من يهتم بقضاياها وحقوقها الشرعية.
هل لديكم قناعة بأنه سيكون هناك إقبال من قبل المواطنين على البرنامج؟
نتوقع أن يكون هناك إقبال كبير على هذا البرنامج، والذي بات واضحاً جلياً من خلال آلاف المتصلين على الجمعية ومراكزها، منهم من يؤيد ويؤازر الجمعية في هذه الخطوة الجريئة، لتناولها هذا البرنامج، ومنهم من يتساءلون عن الشروط المطلوبة من أجل التسجيل والاستفادة من هذا المشروع.
وقد جاءتنا نداءات كثيرة من المخاتير والوجهاء ولجان الإصلاح المؤيدة للبرنامج من مختلف محافظات غزة والضفة الغربية، والتي ألّحت علينا بأن نلحق المرحلة الثانية للأولى، وهي دعم الزواج من نساء الشهداء، ونحن بصدد دراسة تلك النداءات والنظر فيها.
هل هناك جهات معينة خارجية ترعى هذا المشروع؟
تم طرح المشروع على العديد من المؤسسات الخيرية وفاعلي الخير في دول الخليج العربي ومسلمي أوروبا، وقد أبدوا موافقتهم المبدئية وتشجيعهم على دعم البرنامج، وبدأ بدعمه فاعلو خير في دول الخليج والدعوة مفتوحة للمؤسسات الخيرية من أجل دعم البرنامج كي تتم زيادة الأعداد.
هناك الكثير من مشاريع الزواج المنتشرة في مجتمعنا الإسلامي. ما الذي يميّزكم عن تلك المشاريع؟
لا شك أنها مشاريع جيدة، والهدف منها تشجيع الشباب والفتيات على الزواج، وهذا ما أحلّته الشريعة الإسلامية، فقد أحل الله النكاح، وحرّم السفاح ونظراً للظروف الصعبة التي يعيشها شعبنا فقد ساهمت تلك البرامج في توفير الكثير من تكاليف العرسان، مما يشجعهم على الزواج والابتعاد عن الفساد, ولكن سجّلنا انتقاداً على بعض الانحراف في تلك البرامج عن مسارها الصحيح بحيث أصبحت بعض المؤسسات المنظمة لتلك البرامج تعطي اهتماماً كبيراً للجانب الإعلامي على حساب الضوابط والمعايير الى توضع لتلك البرامج، بحيث أصبحت تهتم بعدد العرسان المشاركين، وليس بالبحث عن العريس الفقير والأخذ بيده ودعمه وتشجيعه على الزواج، بل أصبح يشارك فيها من هو متزوج، ومنهم من رُزق بمولود أو أكثر، ومنهم لم يكن حفل زفافه الفعلي بل يكون زواجه بعد أسابيع أو شهور، ولكن الهدف هو كسب الدعم المادي والعيني له في تلك المناسبة، بحيث يصبح قيمة المبلغ الذي يدفع للعريس الواحد، والذي من شأنه أن يشجعه على الزواج أصبح يقسّم على عشرة، مما يجعل العشرة العرسان ما يحصلون عليه من دعم لا يكفيهم ولا يشجعهم(31/29)
على الزواج، فمثلاً لو منح العريس ألف دينار أردني، إضافة إلى الدعم العيني ليس كمن يمنح مائة دينار، فهي لا تشجعه على التفكير في الزواج؛ لأنها لاتحل له مشكلة، وهكذا.
هل هناك شروط معينة يجب توافرها في الشخص من أجل التقدم لهذا البرنامج؟
المرحلة الأولى سيتم تنفيذها في محافظات غزة، أما المرحلة الثانية فسوف تكون -بعون الله- في محافظات الضفة، وإن كنا لا نحبذ الفصل بين كافة محافظات الوطن وإتاحة الفرصة للجميع، لكن الحواجز الاحتلالية هي التي تعيق التواصل. ويُشترط في الفتاة ألا يقل عمرها عن الثلاثين عاماً، أما الشباب فلا تحديد للعمر؛ فالمجال مفتوح لكل مسلم بالغ عاقل حسب الضوابط الشرعية.
هل هناك مدة زمنية محدّدة لاستمرار هذا البرنامج أم أنه دائم؟
البرنامج هو البداية لافتتاح مركز خاص يُضاف إلى مراكز جمعية الفلاح الخيرية المتواجدة في القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية، وسيكون هذا المركز باسم مركز الفلاح للمساعدة في الزواج, يشمل العوانس وغير العوانس، ويشترط فيه فقط حاجة الحالة للمساعدة.
فالآن تم فتح باب التسجيل على أن يتم حفل الزفاف الجماعي في شهر 10 / 2006م بعد عيد الفطر مباشرة بعون الله تعالى، والبرنامج قابل للاستمرار والتطوير بعد تنفيذ المرحلة الأولى، والدعوة مفتوحة إلى أهل الخير والمؤسسات الخيرية لدعم هذا البرنامج من أجل زيادة عدد العرسان.
هل لديكم إحصائيات معينة حول ظاهرة العنوسة دفعتكم إلى الخروج بهذا المشروع؟
بخصوص الإحصائيات حول ظاهرة العنوسة لا يوجد لدينا إحصائيات دقيقة، ولكن الذي دفعنا للشروع بهذا البرنامج كثرة أعداد الفتيات العوانس اللواتي يزرن جمعية الفلاح الخيرية من أجل طلب المساعدة، ونتيجة لطرح الإحصائيات قبل فترات تبين حجم ومعاناة تلك الشريحة، ولعدة لقاءات أجريناها بهذا الخصوص مع قضاة شرعيين، وسنقوم بالتنسيق والتعاون مع دائرة الإحصاء والمركزية من أجل عمل دراسات واستبانات خاصة بهذا الخصوص، ونأمل من جامعاتنا الفلسطينية أن تمدّ يد العون في هذا المجال، وذلك للاستفادة من كوادر الطلبة في ممارساتهم العملية حيث تحيل إلينا بعض الجامعات طلابها كي يكتسبوا خبرات عملية في العمل الميداني الاجتماعي، وهم يعتمدون تقييم الجمعية لمستوى الطالب في هذا المجال، وخاصة في تخصص التنمية الاجتماعية، ونحن نقدر لهم هذه الثقة بالجمعية والقائمين عليها.
ونتمنى من الجميع العمل الدؤوب وتكاثف الجهود من أجل دعم وإنجاح هذا البرنامج حتى نراه جميعا بعون الله عما قريب على أرض الواقع، وحينها نشاهد سوياً آثاره الطيبة بإذن الله تعالى.
ـــــــــــــــــــ
ما العمل إذا استحالت العشرة بين الزوجين؟
د. ليلى بيومي 21/7/1427
15/08/2006(31/30)
تتكاثر المشاكل، ويتراكم الفشل، ويفقد كل من الزوجين قناة التواصل مع الآخر، وتغيب الأرضية المشتركة التي يمكن أن ترد الطرفين إلى التمسك بالميثاق الغليظ، ويصبح كل طرف هو مصدر الهم والنكد والبلاء للطرف الآخر، بدلاً من أن يكون سبب راحته وسعادته.
وهكذا سُدّت كل الطرق المؤدية إلى التصالح والتفاهم والوئام... فكيف يمكن التصرف في هذه الحالة؟
يرى د.أحمد عبد الراضي أستاذ علم الاجتماع أنه قد يقع الزوجان فريسة انفعالات حادة ومتوالية، ربما تكون لأسباب قوية، وربما تكون لأسباب بسيطة يمكن التغلب عليها وحلها، ولذلك ينبغي على الزوجين بمجرد إحساسهما بهذه الانفعالات أن يخرجا في رحلات للترويج عن نفسيهما، حتى يتغير لديهما جو هذه الانفعالات. فالابتعاد عن مسرح الانفعالات والتوتر ضروري عند الإحساس بتفجر المشكلات الزوجية.
ويمكن أيضاً الاتفاق بين الزوجين على تحكيم الأصدقاء المشهود لهم بالنزاهة والإخلاص والنصح لوجه الله، وأن يكونوا من أهل الخبرة والتجربة.
ويمكن بعد ذلك استدعاء حكمٍ من أهل الزوج وحكمٍ من أهل الزوجة، من ذوي الخبرة والدين ليتفحصا المشكلة، ويساعدا الزوجين في تجاوز الخلافات.
وممكن أيضاً أن يبتعد الطرفان عن بعضهما مؤقتاً لعدة أيام أو حتى لعدة أسابيع، يراجع كل طرف مسيرة حياته بأمانة، فربما وقف على أخطاء معينة وقع فيها فيعاهد نفسه على تصحيحها.
إن كثيراً من الأزواج بعد أن يقع الطلاق، وتهدأ الانفعالات الحادة، وينسحب كل طرف من حياة الطرف الآخر، يتأكد كلاهما أنه كان على خطأ، وأنه ما كان ينبغي أن يسمح للمشاكل بأن تتضخم بهذا الشكل الذي أدّى إلى هذا الطلاق، وأن هذه النهاية ما كان ليتمناها، وعندها يبدأ كل من الزوجين بتذكّر الأيام الحلوة والمواقف الجميلة التي كانت تربطه بالآخر، فيحاول أن يجعل هذا الارتباط ممتداً أو يتصور كذلك، فيبدأ بشكل تلقائي في محاولة معرفة أخبار من كان شريكه في هذه الذكريات.
المجتمع يظلم المطلقة!!
وترى د. وجيدة إبراهيم خبيرة الاستشارات الأسرية أن الطلاق يكون حلاً عندما تصبح العلاقة الزوجية مستحيلة، أي حينما تكون العلاقة بين الطرفين دائما علاقة متوترة؛ إذ يكون الزوجان في صراع دائم وشجار دائم، وحينما ينعدم الاحترام بين الزوجين، وحينما يلجأ الزوج مثلاً إلى العنف الجسدي، وإلى العنف اللفظي، فيشتم زوجته أو يضربها أمام الأطفال.
وتضيف د. وجيدة أن الطلاق يكون حلاً أيضاً حين يمنع حدوث ضرر أكبر، أو من وقوع الحياة المشتركة في خانة الإلزام، يعني حينما يصبح أحد الطرفين ملزماً باستمرار الزواج، أي عندما تكون الحياة المشتركة غير طوعية وإنما تكون حياة إلزامية إجبارية.
إلا أن د. وجيدة تتطرق لنقطة أخرى وهي أن المجتمع يظلم المرأة في هذا الوضع، يظلم المرأة أكثر مما يظلم الرجل، فالرجل بعد الطلاق يمكنه أن يبني حياته من جديد(31/31)
فيتزوج بشكل كثير طبيعي وبشكل سهل جداً، بينما المرأة المطلقة فإن النظرة لها غير منصفة، ويتم تحميلها مسؤولية الطلاق.
فالمجتمع ظالم وغير عادل بالنسبة للنظر للمرأة؛ إذ يجعل العبء والوزر على المرأة، وقد لا يكون لها أي علاقة بما حدث. وفي أحيان كثيرة لا يكون الحرج على أي واحد من الزوجين، فقد تُطلّق المرأة من الرجل؛ لأنها غير متوافقة معه؛ ثم تتزوج رجلاً تتوافق معه، وهو يتزوج امرأة يتوافق معها، وفي هذا يقول القرآن (وإن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ). فأحياناً يكون الطلاق فيه خير للرجل، وفيه خير للمرأة.
حرب غير مسوّغة
وتؤكد د.إلهام فراج أستاذة علم الاجتماع أن الملاحظ في مجتمعاتنا أنه حينما يحدث الطلاق فإن كلاً من الطرفين يشن هجوماً على الطرف الآخر، ويتهمه بكل النقائص الممكنة، ويسيء إلى سمعته، ويحمّله مسؤولية إخفاق الزواج، مما يجعل الطلاق يتم بطريقة غير كريمة تفتقر إلى الاحترام بين الطرفين؛ فالزوج يشهّر بزوجته، والزوجة تشهر بزوجها، وفي بعض الأحيان تصطدم أسرة الزوج مع أسرة الزوجة، وتتوسع دوائر الخلاف ومساحات الكراهية.
وتزداد المشكلة تعقيداً وخطورة عندما يكون الزوج والزوجة من نفس العائلة كأن تكون الزوجة ابنة عم الزوج أو ابنة خاله أو ابنة خالته، فيسود العداء بين أجنحة العائلة الواحدة، وتحدث القطيعة بينهم، الأمر الذي يتنافى مع الغاية التي من أجلها شُرِع الطلاق، والذي يهدف لوضع حد ونهاية لمسلسل الآلام والمشاكل الأسرية التي استعصت بين الزوجين، وأصبح من مصلحة كلٍ منهما الفراق.
لكن الملاحظ أنه في الكثير من حالات الطلاق أن الروابط والعلاقات بين أسرتي الزوج والزوجة تنقطع، وتصل المأساة إلى ذروتها في حالة زواج البدل؛ فتكون الخسارة أفدح، ويدفع الأبرياء ثمن أخطاء لم يرتكبوها.
وحينما يقع الطلاق، فإن الزوجة تحاول بكل السبل تشويه صورة زوجها في أذهان أطفالها، وتنعته بأبشع الصفات، وهي تحسب أنها بذلك تكسبهم لصفها لتبعدهم عن والدهم، أو لتنتقم من والدهم بحرمانه من رؤيتهم، ليس هذا فحسب بل تعمل جاهدة على تشويه صورة عائلة والدهم من أجداد وأعمام وعمات...الخ.
فينشأ الأبناء وهم يحملون في قلوبهم كراهية والدهم وكراهية أعمامهم وعماتهم وجدهم وجدتهم، فتكون بذلك قد ساهمت بقطع كل صلة بينهم في الوقت الذي هم فيه بحاجة لتقوية الروابط مع أسرة أبيهم، ومع أقاربهم ومع عائلتهم الممتدة؛ لأنهم جزء لا يتجزأ منها حتى بعد الطلاق.
وتؤكد د.إلهام أن الشعور بالإحباط والاكتئاب يلازم المطلّق والمطلّقة في فترة ما بعد الطلاق، وهو أمر طبيعي، ولكنه يؤثر على سير العلاقة الطبيعية، ومن الضروري تجاوز الأحقاد والضغائن والالتفات إلى المشاركة في المسؤوليات عوضا عن المحاربة النفسية المستمرة. فليس هناك ضير أن يتفق الطليقان على نظام معين لمواصلة حياتهما بشكل طبيعي، وتقاسم المسؤوليات في حالة وجود أبناء يعكس أرقى صور التقدم المجتمعي، ولكن المسألة لا تعتمد على المطلّقين فقط بل على(31/32)
الظروف الاجتماعية المحيطة وخاصة الأهل. فمسؤولية الأسرة وخاصة الأبناء لا يمكن أن تنتهي لأحد الطرفين بمجرد أن ينفصلا، فهناك التزامات سواء كانت للأب أو للأم يجب أن يلتزم كلا الطرفين بها، وهناك مسؤوليات يتحتم أن يشترك فيها الطرفان حتى بعد الطلاق، فهما اللذان كوّنا هذه الأسرة، وأصبحت جزءًا من مجتمع بل ومن وطن بأكمله، وبالتالي تكون عملية تجاهلها أمراً غير منطقي، بل وغير أخلاقي.
الطلاق لم يعد كارثة
وتقول د. سعاد شعبان أستاذ علم النفس: إن الطلاق لم يعد شبحاً يهدد حياة المرأة، فمع ازدياد نسبة الطلاق في كل دول العالم صارت المرأة تخرج من محنتها هذه أكثر قوة وثقة في مواجهة مجتمعها والحياة عموماً
الزواج لا يدوم بالإكراه
بينما يؤكد د. محمد المسير الأستاذ بجامعة الأزهر أن الأصل في الطلاق أنه لا يجوز إلا لأسباب قوية جداً، وإذا وقع الطلاق فيجب أن يكون التسريح بإحسان كما قال القرآن الكريم (فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسَانٍ)، ومن روائع الشريعة الإسلامية أنها جعلت للرجل أكثر من فرصة، فلم تجعل الطلاق مرة واحدة وبه ينتهي الأمر، ولكن جعلت الأصل فيه أن يكون رجعياً، ومعنى ذلك أن الزوج يستطيع أن يعيد زوجته ما دامت في العدة، وأمامه فرصه ثانية إذا وقع الطلاق الثاني، أما إذا وقع الطلاق الثالث فهنا يختلف الأمر، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
ويضيف د. المسير: إن فلسفة الإسلام الراشدة جعلت من حق الزوج أن يعيد زوجته إليه خلال فترة الثلاثة شهور الأولى، وهى فترة العدة، ويتم ذلك دون إذن من الزوجة حرصاً على أشياء كثيرة يمكن أن تتحطم من خلال الطلاق. فهناك أبناء قد يتشرّدون، وأسرة قد تنهار، وتتفكك وظروف نفسية قد تصل إلى حالة مرضية، وامرأة قد تتشرّد أو تلجأ إلى الانحراف، وهناك رجل في سن معينة قد يكون في أشد الحاجة إلى زوجته التي يعتمد عليها، ولذلك أعطى الشرع فرصة للرجل لأن يعيد النظر مرة ثانية في قضية الطلاق الذي وقع خلال ثلاثة أشهر، فقد يكون هذا الطلاق قد وقع نتيجة لحالة انفعالية أو تحت ضغط ظروف غير طبيعية، وهنا يصبح من الممكن تدارك مثل هذه الظروف لإعادة الحياة إلى مجاريها.
إن الإسلام يبيح الطلاق؛ لكنه لا يأمر به إلا عندما تتعرض الزوجة للضرر من زوجها، وتكاد العشرة بينهما تصبح مستحيلة.
إننا نسأل المعترضين على إباحة الطلاق في الإسلام: ماذا ترَوْن إذا بلغت العشرة بين الزوجين حالة لا يطيق فيها أحدهما صاحبه؟ هل ننتظر حتى يتخلص أحدهما من الآخر بقتله؟أو يبحث عن شريك آخر بطريقة غير شرعية؟
وهل مما يجوز في منطق العقلاء أن نفرض على الزوج والزوجة أن يبقيا بالإكراه في سجن لا يستطيعان الخروج منه إلا بطريق غير مشروع؟
العدة فرصة للمراجعة
وترد د. نادية هاشم أستاذة الفقه بجامعة الأزهر على من يحاول من خصوم الإسلام والحاقدين عليه جعْل من مسألة الطلاق في الإسلام جريمة تهدم الأسر وتشرّد(31/33)
الأولاد، فتقول: إن الطلاق لم يكن هو الخطوة الأولى في علاج النشوز، وإنما سبقته المراحل التي تحدث عنها القرآن من الموعظة ثم الهجر في المضاجع ثم الضرب. وفى النهاية إذا أصبحت العشرة مستحيلة، فلم يشأ الإسلام أن يفرض على الزوجين هذه العشرة بالإكراه، وإنما شرع لها حلّين سلميين هما: الطلاق، والخُلع.
والإسلام جعل الطلاق آخر سبل العلاج إذا أخفقت كل محاولات الإصلاح، ومع أن الإسلام يبيح الطلاق ويؤكد مشروعيته، لكنه يعدّه أمرًا بغيضًا عند الله، لا يحبه ولا يشجع عليه، ولكنه آخر الدّواء إذا استعصى داء النشوز على كل الأدوية السابقة.
وهنا نسأل الذين يعيبون تشريع الإسلام للطلاق فنقول: أيهما أفضل للطرفين: أن يعيشا في بيت الزوجية، وكأنهما سجينان في سجن مشترك، بما يمكن أن يؤدي إليه الشقاق بين الزوجين من آثار سلبية على الأولاد وعلى المناخ العام داخل الأسرة؟ بل وربما أدّى فرض استمرار العشرة في ظل النفور الدائم بين الزوجين إلى انحرافات أخلاقية خطيرة ومدمرة.
فهل هذا أفضل؟ أم أن يكون الطلاق فرصة إلى مراجعة كل من الزوجين موقفه من الطرف الآخر، وقد يهدأ الغضب ويخف التوتر، وتكون المصالحة وإعادة الحياة في ظل السلام العائلي؟ خاصة إذا عرفنا أن للطلاق في الإسلام صفتين يسميهما الفقهاء وهما: طلاق رجعى، يمكن أن يراجع فيه الزوج زوجته خلال فترة زمنية محددة، وطلاق بائن لا رجعة بعده، ولكل من النوعين شروطه وضوابطه.
والمهم في ذلك أن الطلاق الرجعي يُعطي فرصة زمنية خلال العدة، للطرفين خلالها أن يراجع كلٌ منهما نفسه بعيدًا عن مثيرات التوتر والنشوز.
وقد لوحظ في حالات كثيرة أن الطلقة الرجعية تكون بمثابة تنبيه وتحذير للطرفين؛ فيراجعان موقفيهما ويعودان إلى حياة مستقرة هادئة.
ـــــــــــــــــــ
هل تخاف زوجتَك ؟
أشرف نبوي 13/7/1427
07/08/2006
سؤال يطرح دوماً، ويأتي الجواب عليه انفعالياً، فنجد غير المتزوج يستنكر السؤال، وقد يسخر من سائله، والمتزوج؛ إما سيدَّعي عكس ما يستشعره ويسهب في وصف شدته مع زوجته وحالها حين تراه من الهلع والارتجاف، أو سيعدد لك مرات دخولها المستشفي من جراء قسوته معها، وهو في هذا يغالب رغبة مكبوتة يتمني تحقيقها!.
أو سيقلب الحديث إلى السخرية هازئاً بكل الرجال، وهو يضحك ويقول: ومن منا لا يخاف من زوجته؟.
وأظن الحال كذلك بالنسبة للنساء مع اختلاف الموقع وانعكاس الشعور،
ولعلنا حين نطالع سيرة النبي - صلي الله عليه وسلم - وحياته مع زوجاته أمهات المؤمنين؛ نري نعم الأسوة، ونتعلم كيف تكون الحكمة في التعامل مع الآخر، سواء من قبل الرجل الذي هو ربان سفينة الحياة المشتركة، أو المرأة التي بدونها وبدون مشورتها لا يستطيع الربان إكمال الإبحار.(31/34)
وبعيداً عن القوالب الموضوعة، والأسئلة التي تدفع البعض دفعا للخطأ، وتأخذه العزة بالإثم؛ فإن عودتنا لما جاء في السيرة النبوية العطرة ودراسة تفاصيل حياة النبي - صلي الله عليه وسلم-، والتعلم من أدق تفاصيلها،
وأبسطها يمهد الطريق لإقامة علاقة مميزه بين أي زوجين.
فمن حرص النبي - صلي الله عليه وسلم- من تحري موضع شرب السيدة عائشة رضي الله عنها ليشرب من نفس الموضع .. إلى مسابقته إياها عدواً، ومروراً ببسط كتفه الشريف لتسنح لها رؤية احتفالات الإماء والحبش بالعيد وإنشادهم.
والقارئ لسيرته صلي الله عليه وسلم يري الكثير من رحمته وعطفه وأحياناً شدته مع زوجاته من غير غلو ولا إيذاء، وكأنه يعلِّم أمته كيف تكون المودة والرحمة التي ذكرها المولي عز وجل بين الزوجين.
حتى وصيته الأخيرة قبل موته صلى الله عليه وسلم " أوصيكم بالنساء خيرًا".
وأخيراً؛ هل نجد بعد ذلك مكانا لهذا السؤال؟
هل تخاف زوجتك؟!
ـــــــــــــــــــ
حل الخلافات الزوجيّة لا مستحيل أمام الإرادة والحوار
بشار دراغمة 9/7/1427
03/08/2006
كرب وهم، حيرة وتخبّط، البحث عن الحل دون نتيجة، زوج يحاول إنهاء خلاف دون جدوى، وزوجة لم تترك وسيلة إلاّ اتّبعتها من أجل إرضاء زوجها، وحسم خلاف بات يتكرر بشكل شبه يومي. كلها صور بتنا نشهدها بشكل متكرر في مجتمعنا العربي. وفي هذا السياق تفتح شبكة (الإسلام اليوم) الباب واسعاً من أجل تقديم أفضل الحلول في هذا المجال، والتعرّف على أفضل الطرق لإنهاء الخلافات الزوجية، بعد الاطّلاع على مسببات هذه الخلافات ودواعي حدوثها.
لماذا الخلافات الزوجيّة
سألت أحدهم: "لماذا أنت على خلاف مع زوجتك؟" فأجاب: "من كثرة الأسباب!! لم أعد أتذكر لماذا اختلفنا أمس، ولماذا اختلفنا أمس الأول، واليوم الذي سبقه".
أمل متزوجة منذ ثلاث سنوات سألتها: "هل تختلفين مع زوجك؟" قالت: "هذا أمر طبيعي وسنة الحياة"، تتوقف قليلاً ثم تتابع: "لكن لاحظت أن خلافاتنا زادت حِدّتها في الفترة الأخيرة. أعتقد أن هناك أموراً كثيرة خطأ يجب إصلاحها لكن.. ما الحل؟".
يتساءل الكثير عن تلك الأسباب التي تؤدي إلى نشوب الخلافات الزوجية بين الزوج وزوجته، وفي أحيان كثيرة هناك من يلقون اللوم على الزوجة بأنها السبب الرئيس لهذا الخلاف. وهنا تستطلع شبكة (الإسلام اليوم) آراء عدد من الأزواج حول السبب في هذه الخلافات.
مجدي عامر (35 عاماً) يعتبر أن السبب الرئيس لخلافه مع زوجته في كثير من الأحيان يعود إلى اختلاف المستوى التعليمي بين الاثنين ويقول: "أنا أنهيت درجة جامعية عليا، وزوجتي لم تنه المرحلة الأساسية بالمدرسة، وبالتالي فإنني ألحظ أن هناك اختلافاً كبيراً في المستوى الثقافي بيننا". ويضيف قائلاً: "أحاول دائماً أن(31/35)
أرشدها إلى الطريق الصواب، لكنني ألحظ أنها لا تتقبل مني النصيحة، وأعتقد أنها ترفض ذلك؛ لأنني أعلى ثقافة منها، وترى أنني أحاول فرض رأيي عليها لهذا السبب".
أما عصام فيعتبر أن السبب الرئيس في الخلافات التي تنشب مع زوجته يعود إلى اختلاف البيئة بين الاثنين، موضحاً أنه عاش طيلة فترة حياته في قرية صغيرة، وتزوج فتاة من مدينة بعيدة عن قريته يقول: "فوجئت أن الكثير من الأمور تختلف بين أهل المدن والقرى، هناك عادات لا نقبل بها، لكنها بالنسبة لهم شيء طبيعي. هذا الأمر يسبب خلافات دائماً مع زوجتي".
بينما يرى سعيد أن السبب الرئيس لخلافه الدائم مع زوجته يعود إلى رفض زوجته له عندما تقدم لخطبتها. إلا أن أهلها أجبروها على الزواج منه بحكم علاقة القرابة بين الاثنين. ولم يخفِ سعيد أنه بات يتعامل مع زوجته بقسوة بسبب رفضها له مضيفاً: "لاحظت أنها كانت ترفض ما أطلبه منها فاضطرني الأمر إلى معاملتها بقسوة، وباتت الخلافات بيننا مستمرة بشكل دائم ومن كثرتها لم أعد أبحث عن حل لها وهي أيضاً كذلك".
سهام تؤكد أن الخلاف الأساس مع زوجها ينشب بسبب عصبيته الزائدة عن حدّها على حد قولها وتضيف: "عندما يطلب مني أن أعدّ له فنجان قهوة فإنه يثير مشكلة كبيرة إذا تأخرت دقيقة واحدة في إعدادها، هو لا شك يحبني كثيراً لكن عصبيته تجعلني على خلاف متواصل معه".
أما سلام فإنها تختلف مع زوجها لسهره لأوقات متأخرة خارج المنزل. بينما أماني تختلف مع زوجها لأن زوجها متقلب المزاج، ويتغير حاله بسرعة. و وِداد ترى أن العامل الأهم في خلافاتها مع زوجها هو تدخُّل والدته في شؤونها الخاصة.
الأسباب التي تؤدي إلى الخلافات الزوجية لا يمكن حصرها، وما تقدم هي نماذج بسيطة وتجارب لأشخاص محددين اختلفوا مع أزواجهم وزوجاتهم.
كيف نحل الخلافات
الخبير الاجتماعي والمتخصص في القضايا الأسرية الأستاذ مهيب فلاح يرى أن الاعتماد الأساسي على حل الخلافات الزوجية هو لغة الحوار. مؤكداً على أهمية وجود مثل هذه اللغة لكي يكون الانطلاق نحو حل الخلافات على أسس سليمة. أما القضية الأخرى التي تحدّث عنها فلاح فهي استعداد الطرفين لتحمل مسؤولياتهم من أجل القضاء على الخلافات بشكل نهائي أو على الأقل تقليصها إلى أعلى حد ممكن.
ويرسم فلاح مخططاً محدداً من أجل إنهاء هذه الخلافات مبيناً أن العامل الأساس الأول في هذا المجال هو الرغبة الجادة في إنهاء الخلاف ومنع حدوثه مرة أخرى. ويقول: "الرغبة هي القاعدة للانطلاق، ويأتي بعد ذلك أمر هام جداً وهو الحديث مع النفس؛ إذ يكون الزوج والزوجة كل أمام مسؤوليته، ويطرح الزوج سؤالاً على نفسه: "هل أخطأت بحق زوجتي؟" وتطرح هي ذات السؤال، وهنا قطعاً سيتبين مَن المخطئ؛ لأن مَن ارتكب خطأً لا يمكن أن ينكره مع نفسه، على الرغم من أنه قد ينكره أمام الغير، مع الإشارة إلى أنه قد يكون الخطأ ناجماً من الاثنين، وليس من شخص واحد".(31/36)
وبعد ذلك يؤكد الخبير الاجتماعي على ضرورة اتخاذ كلا الزوجين أو على الأقل المخطئ منهما موقفاً حازماً بتجنّب السبب الذي أدّى إلى الخلاف، وبالتالي منع حدوث هذه الخلافات مرة أخرى.
ويرى فلاح أن الاعتذار لا يعيب الرجل إذا كان مخطئاً، واعتذر لزوجته، وكذلك الحال بالنسبة للزوجة. مؤكداً على أهمية التركيز على نقطة هامة جداً وهو المصارحة بين الاثنين بحيث يجلس الزوجان إلى بعضهما ويتحدثان عن كل شيء ممكن أن يسبب خلافاً. وبالتالي يتعرف الاثنان على الأمور التي تغضب الطرف الآخر. وعلى سبيل المثال كما يقول فلاح :"إذا كان الزوج عصبياً جدا فإن عليه أن يخبر زوجته بذلك، ومن هنا يتم البدء بحل هذه القضية من خلال أمرين:
الأول: هو أن الزوجة تكون على علم بأن زوجها عصبي المزاج، وبالتالي تهيئ نفسها لمثل هذا الأمر، وتحاول أن تتجنّب ما يسبب ذلك.
أما الأمر الثاني: فهو أن الزوجة تكون قد عرفت السبب الذي يؤدي للخلاف مع زوجها، وبالتالي تكرس طاقتها لنزع هذه الصفة منه كونها صفة سلبية، وهناك أمر آخر يجب مراعاته وهو أن الزوج عليه أن يساعد نفسه على التخلص من هذه العادة السيئة، وهي العصبية، واضعاً نصب عينه هدفاً رئيساً وهو أنه لا يريد خلافاً مع زوجته".
وحول الخلافات التي تنشب بين الزوجين على أساس الفارق في المستوى التعليمي يقول فلاح: "الأساس في الأمر المساواة، يعني أن يختار الرجل شريكة حياته، ويحاول جاهداً أن تكون من مستواه الثقافي، لكن في حال حدوث الزواج ووقوع مشاكل لهذا السبب فإن الحل يكون بالحوار أولاً، وعلى كل منهما أن يتقبل الآخر. وإذا كان الزوج ذا مستوى تعليمي عال، والزوجة تعليمها متدنٍّ فعليه ألاّ يشعرها بهذا الفرق، وألاّ يكثر الحديث حول تعليمه وسنوات دراسته في الجامعات، وكذلك على الزوجة ألاّ تشعر بالغيرة من هذا الأمر، بل تشعر زوجها أنها فخورة بتعليمه، وتبدي دوماً فرحها بذلك أمامه".
ويشدّد فلاح على أهمية عدم تدخل الأهل والأقارب في أي مشكلة تحدث بين الزوجين إلاّ إذا اقتضت الضرورة ذلك، ويقول: "يجب أن يدرك الزوجان أنه لا يوجد هناك من يحل لهما خلافاتهما، وعليهما إنهاء أي مشكلة بنفسيهما".
ويوضح الخبير في شؤون الأسرى أن هناك أهمية بالغة وهي بأن يدرك الزوجان أن لديهما أطفالاً، وأن أي خلاف بينهما سينعكس سلباً على حياة أطفالهما من عدة نواح، ويضيف: "مثلاً بعض الخلافات الزوجية تسبب حالة من القلق والتوتر الدائم لدى الأطفال. وفي حالات أخرى يصبح هناك مشكلة في النطق والكلام لديهم وبطء في المشي، وما إلى ذلك من مشاكل صحية لا يمكن حصرها، وبالتالي من الأهمية أن يدرك الزوجان مصلحة أطفالهما".
ـــــــــــــــــــ
أعمال المنزل.. بين معاناة الزوجات ومشاكسة الأزواج
إبراهيم الزعيم 20/6/1427
16/07/2006(31/37)
الحديث عن مساعدة الزوجة في أعباء المنزل، يشوبه شيء من الحياء لدى الرجل العربي في كثير من الأحيان؛ لإحساس بعضم أن مساعدة الرجل لزوجته في المنزل قد ينقص من هيبته أمامها، أو يقلل من رجولته في مجتمعه حينما يعلم ذلك.
(الإسلام اليوم) قامت باستطلاع سريع بين فلسطين والسعودية، حول مدى مساعدة الرجل لزوجته في أعباء المنزل، النتيجة مالت لصالح الأزواج الذين لا يساعدون زوجاتهم في أعباء المنزل، مع فارق ليس بالكبير عن الأزواج الذين يساعدون زوجاتهم.
النتيجة أوضحت أن 60% من أفراد المُستطلعين لا يساعدون زوجاتهم، مقابل 40% يساعدون زوجاتهم في أعمال المنزل.
وعن أسباب مساعدة الزوجة أوضح 25% أنهم يساعدون زوجاتهم عند مرضهن فقط، فيما أشار 16% أنهم يساعدون زوجاتهم من أجل تقوية العلاقة، وبين 41% من المستطلعين أنهم يساعدون زوجاتهم لأجل سرعة الإنجاز، كما بين 16% أنهم يساعدون زوجاتهم أملاً في أن تساعدهم زوجاتهم في أعمال أخرى.
وعن أسباب عدم مساعدة الزوجة، بيّن 33% من الرجال أنهم لا يساعدون زوجاتهم لاعتقادهم أن عملها خاص بها، لا يصلح أن يساعدها أحد فيه، فيما بيّن 44% منهم أن عدم وجود وقت فراغ هو السبب في عدم مساعدة الزوجة، وبيّن 22% منهم أنهم لا يجيدون أداء الأعمال المنزلية، ولذا لا يساعدون زوجاتهم.
وعن أسباب المساعدة من عدمها يشير محمد بن طالب (30 عاماً) أنه يستحسن مساعدة زوجته في المنزل، لكنه لا يعرف كيف ذلك، مشيراً إلى أن زوجته لا تستحسن وجوده في المطبخ أثناء عملها، ويشاركه في ذلك أبو صقر (28عاماً) الذي يشير إلى أنه لا يساعد زوجته مطلقاً، وحينما يخطر بباله أن يساعد زوجته يدخل إلى المطبخ فيحدث بلبلة، مضيفاً: "أُكثرُ من الحديث والحركات مما يضطر زوجتي لإخراجي عنوة من المطبخ".
وتوافقه زوجته الرأي فتقول: "إنه لا يساعدني أبداً، وإن دخل إلى المطبخ يضايق أكثر مما يساعد؛ إذ يكون مسروراً، ويأخذ الأمور بمزاح فيؤخرني عن إتمام عملي مما يضطرني إلى إخراجه من المطبخ".
أحمد الرماني (30 عاماً) الذي بدا متحمساً لمساعدة زوجته في أعمال المنزل، يؤكد أن مساعدته لزوجته تضفي على حياته الزوجية شيئاً من التعاون والألفة الذي تفتقده كثير من الأسر في ظل الحياة المعقدة، مشيراً إلى أنه يساعد زوجته في أعمال الترتيب والتنظيف بعيداً عن المطبخ الذي لا يعرف أبجديات العمل فيه.
ويقول محمود غراب (37 عاماً): إنه من الممكن أن يساعد الزوج زوجته في أعمال المنزل وخاصة إذا كانت مشغولة أو مريضة، فعمله في المنزل لا يقلل من رجولته؛ إذ إنه من الخطأ أن يترك الزوج كل أعمال المنزل لتقوم بها الزوجة، ويكون دوره في المنزل فقط النوم، ولكن ليس معنى هذا أن يجلس هو في المنزل لمتابعة كل شيء، وهي تخرج إلى أي مكان تريده.
وقال: إنني لا أجيد طهي الطعام، ولكن ومع ذلك فأنا أساعد زوجتي ولو بالكلمة، مضيفاً: "قبل دقائق من حديثي معك خرجت زوجتي إلى منزل عائلتها، ووجدت(31/38)
المنزل غير مرتب فرتبته؛ لأنه إذا جاء إلينا زائر والمنزل على هذا الحال فسيأخذ فكرة سلبية عنا".
ويتذكر سعد الأحمد (26 عاماً) أن زوجته فوجئت ذات يوم -وقد عادت من عملها- بأن المنزل مرتب ونظيف عكس ما تركته عليه قبل خروجها؛ فقد قام بترتيب المنزل قبل عودتها من يوم عمل شاق، مؤكداً أن المفاجأة تركت جواً من البهجة والضحك مدة طويلة، وعدّ ذلك سعد بداية لمشاركة الزوجة في أعبائها ولو مشاركة تشجيعية فقط.
جهاد الشرقاوي (41 عاماً) قال: لقد عشت فترة دراستي في الخارج، وهو ما سهّل عليّ هذا الأمر، ولذلك فأنا لا أجد حرجاً في دخول المطبخ والمساعدة في أعماله، بل على العكس أشعر بسعادة كبيرة، وأنا أشارك زوجتي في المطبخ، بالإضافة إلى ترتيب المنزل، ومما يزيد هذا الأمر أهمية كون الزوجة عاملة وأماً لطفلين، غير أن هناك أعمالاً خاصة بالمرأة مثل رعاية الأطفال.
وأضاف الشرقاوي في البداية كانت زوجتي تتحسّس من دخولي للمطبخ، ولكن بعد أن أحدثت ثورة في المائدة، وطوّرت أطعمة جديدة، كان لابد من قبول زوجتي لهذا الطعام، ولأني أعمل في مجال التوعية الاستهلاكية فأنا أحاول تغيير الأنماط السلوكية في منزلي، ومن بينها: ماذا أستهلك؟ وكيف أرشّد الاستهلاك؟ وكيف أستخدم مواد غير ضارة بالصحة والبيئة قدر الإمكان؟ وكيف أقلل من نفايات المنزل وخاصة العضوية والكيماوية؟ ولهذا فإنك عندما تأتي بشيء جديد بلمسات فنية تستحسنها الزوجة فإنها تشجعك على ذلك؛ ولأن العلاقة بين الزوجين تكاملية فإنها لا تتوانى عن مساعدتي عندما أكون متعباً.
من جانبهم نفى العديد من الأزواج أن يكونوا قد ساعدوا زوجاتهم في أعمال المنزل، ويرجعون ذلك لعدة أسباب، منها: عدم وجود الوقت الكافي، وعدم وجود المزاج الذي يجعل الزوج يقبل على أعمال لم يقم بها من قبل، كما أرجع بعضهم عدم مساعدة زوجته في أعمالها إلى أن الأعمال المنزلية شأن خاص بالزوجة لا يجوز للزوج أن يتدخل فيه، عادّين ذلك تدخلاً في خصوصياتها، الأمر الذي قد يسبب ربكة في سير العمل المنزلي.
أمّا محمد أبو شرخ (27 عاماً) فقال: لقد كنت قبل الزواج أنجز كل الأعمال المنزلية بمفردي من طبخ وتنظيف، لكننني اليوم -وبعد الزواج- لا أشارك في أي من هذه الأعمال، وذلك لأن مشكلة هذا العصر أنك لا تعود إلى المنزل مبكراً، فأنا أعود في السابعة أو الثامنة مساء، والوقت المتبقي لا يكاد يكفي للأكل والنوم، لكن في المقابل هناك نوع آخر من المساعدة مثل تربية الأبناء، فأنا كثيراً ما أسهر بجوار ابنتي حتى تنام.
الأستاذة جميلة الشنطي - المحاضرة في قسم أصول التربية بالجامعة الإسلامية بغزة – تقول: إن حرج بعض الأزواج من مساعدة زوجاتهم يعود بالدرجة الأولى إلى ثقافتهم، فإذا عاد هذا الزوج إلى الثقافة الإسلامية لن يجد حرجاً في ذلك؛ لأن الموروث الاجتماعي في الإسلام يؤكد أن البيت شراكة بين الزوجين، أما امتناع بعض الأزواج فهو بسبب تدني الثقافة الإسلامية، بالإضافة إلى العادات والتقاليد التي(31/39)
جعلت الرجل سيداً آمراً ناهياً، مما يجعل قيامه بعمل في البيت عملاً ينقص من رجولته، لذلك يبتعد عن ذلك.
وحول أثر هذه المساعدة على البيت تقول "الشنطي": إن البيت السعيد هو عبارة عن أدوار مقسّمة بين الزوجين، فالزوج له أدوار خاصة عليه القيام بها تتمثل في رعاية وكفالة الأسرة، والزوجة لها أدوار تتمثل في الإنجاب والرضاعة، وهناك أدوار يلتقي فيها كل منهما، فكل منهما بحاجة إلى الآخر، ولذلك قد يساعد الزوج زوجته في أعمالها الخاصة، والعكس صحيح، أما إن كانت اللغة السائدة بينهما أن هذا دوري وهذا دورك، هذا حدّي وهذا حدّك، فمعنى هذا أن السعادة لن تجد طريقها إلى هذا البيت.
وحول ما إذا كانت مساعدة الزوج في أعمال المنزل صفة مكتسبة أم صفة وراثية، أشارت الأستاذة جميلة الشطي إلى أن الإنسان يولد على الفطرة "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه او يمجّسانه او ينصّرانه"، ولا ينبغي أن يُفهم من هذا الدخول في إطار اليهودية والنصرانية والمجوسية كديانة، ولكنْ هناك معانٍ أبعد من ذلك، فكل شيء يتم تعلمه من الأبوين؛ إذ من الممكن أن يوجد طفل في أسرة تشجّعه على السلبية، بحيث يكون على الأخت أن تفعل كل شيء لأخيها، وهو ما سيوّرث عنده السلبية وعدم المشاركة في المستقبل، أما إن كانت التربية على أساس تعويد الأطفال على المشاركة وخدمة بعضهم بعضاً فسيؤدي هذا إلى احترام كل منهما الآخر، وهو ما سينعكس على سلوكهما في المستقبل بعد الزواج، ولهذا فإن هذه الصفة صفة مكتسبة.
ونظراً لأن بعض الأزواج من الدعاة قد يظن أنه معافى من هذه المشاركة لانشغاله في الدعوة إلى الله -عز وجل- كان لابد أن نتطرق إلى هذه المسألة، وكان رأي الأستاذة جميلة في ذلك أن الداعية يحمل دعوة الله سبحانه وتعالى، وعندما ننظر إلى حديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم- "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"، نعلم أن الخيرية تقوم على أساس المساعدة في المنزل، فهو أولى الناس بهذا، ولن ينقص هذا من قدره شيئاً، وهذا يتطلّب أن تقدّر الزوجة دور زوجها، وتوفّر له المناخ الذي يستطيع العمل فيه، فقوّته في الدعوة نابعة من متانة منزله، وهي رسالة إلى المرأة، فقد نزل جبريل عليه السلام على النبي الكريم مبشراً خديجة -رضي الله عنها- بقصر في الجنة من قصب، لا نصبَ فيه ولا وَصب. ووجّهت "الشنطي" وصية للأسرة المسلمة بأن تشكل حماية أسرية تقوم على دعامة قوية، أساسها الشراكة البيتية، والتعاون في تربية الأبناء، وتحمّل المسؤولية، واقتسام الهموم حتى تصل إلى بر الأمان
ـــــــــــــــــــ
السعادة الزوجيّة والحل السهل للباحثين عنها
بشار دراغمة ومحمد جمال 13/6/1427
09/07/2006
زوجان حائران يبحثان عن سعادتهما المشتركة لكن الإخفاق حليفهما، يحاولان دائما الاقتراب إلا أن لعنة الإخفاق تلاحقهما، وآخران جعلا من البعد سبب لتعاسة لم(31/40)
يريداها في يوم من الأيام. كل يبحث عن سعادة دون أن يبحث عن الأسباب المؤدية إلى الهدف المطلوب. زوج يسعى لهدفه النبيل في إسعاد زوجته، لكن ترك الأسباب خلف ظهره، وزوجة تحاول تحقيق الهدف نفسه، إلا أنها لم تدرك بعد طريق الوصول.
في هذا التقرير تبحث شبكة (الإسلام اليوم) عن أسرار في السعادة الزوجية، تستقيها من العلماء والمختصين ومن تجارب الحياة اليومية.
أيتها المرأة... البداية بنفسك
يعتبر الدكتور جمال حشاس أستاذ الفقه والتشريع بكلية الشريعة في جامعة النجاح الوطنية أن السعادة الزوجية تبدأ من المرأة نفسها، وبالتحديد من أبسط الأمور، وهي القيام بالواجبات المنوطة بها كما كلفتها الشريعة الإسلامية، منها طاعة زوجها وعدم العبوس والتضجر في وجهه، والقيام بمهام تربية الأطفال، وفق أسس التربية الصحيحة.
ودعا حشاش المرأة إلى ضرورة الاهتمام بمظهرها وقال: "وعلى المرأة أن تتزين لزوجها، كما أن على الزوج كذلك أن يتزين لزوجته ويحرص على كل ما يحقق لها السعادة والاستقرار والراحة النفسية وتكون في كل حين آخذة استعدادها لقدوم زوجها واستقباله بشكل لائق بعيداً الوجه النكد".
ويبيّن "حشاش" أن من أسرار السعادة الزوجية أيضاً حفاظ الزوجة على الأسرار الزوجية، وبشكل خاص أسرار الحياة الجنسية بين الطرفين، وكل ما يجري داخل البيت، ثم عدم نقل الأحاديث بين أفراد العائلة، وعدم نقل الكلام والمحافظة على لسانها وأخلاقها.
وعن سؤال "حشاش" عن أهم أسباب السعادة الزوجية حسب رأي الشريعة الإسلامية؟ قال: "الإسلام أحاط عقد الزواج بالكثير من العناية، والرعاية والاهتمام، والهالة القدسية؛ لأنه عقد على النفوس، ومعنى هذا أنه ليس عقد مادي على الفلوس، بل إنه عيشة إلى الأبد وتكوين أسرة مطمئنة.
وأضاف: "أقام الإسلام العلاقة بين الزوجين على أساس سابق لعقد الزواج، وهو اختيار كل من الطرفين للآخر، وهو حسن الاختيار، على الدين والخلق، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه".
وبين "حشاش" أن العلاقة بين الزوجين أساس التفاهم، والود والرحمة، التي ينتج عنها المحبة الأبدية. ويلخص "حشاش" بعض النصائح من أجل السعادة بما يلي:
1- بالتزام كل من الزوجين بواجبه تجاه الآخر؛ لأن ذلك هو طريق إحقاق الحقوق.
2- الاهتمام بالبيت والأسرة بالدرجة الأولى، في أن يكون ذلك الأولوية، وإعطاء الأهل والزوج والزوجة الاهتمام كل منهما للآخر.
3- المحافظة على تربية الأطفال، وخدمتهم ورعايتهم.
4- بيّن الإسلام أن هناك حقوقاً وواجبات تُناط بكلا الزوجين، أي لكل منهما حقوق وواجبات.(31/41)
5- إذا أخطأت الزوجة فالإسلام اتبع طرقاً عدة منها الوعظ والإرشاد، والإصلاح والتأديب والهجر والضبط وتدخل الأهل للإصلاح، وجعل الإسلام حكم الطلاق آخر حل في ذلك.
ويضيف قائلاً: "وترى الشريعة أن من واجب الرجل رعاية البيت والإنفاق على أطفاله، في المقابل تبذل الزوجة كل ما في وسعها لإسعاد زوجها".
أيها الرجل... تذكّرْ واجباتك
وبيّن "حشاش" أن السعادة الزوجية لا تقوم على المرأة وحدها، وإنما يتحمل الزوج الجزء الخاص به من أجل تحقيق السعادة، ويقول: "من واجب الرجل لنجاح العلاقة الزوجية القيام بالواجبات الدينية ومصاريف واحتياجات الأسرة، وألاّ يكون الزوج كسولاً، وعلى الزوج أن يرعى زوجته، ويتودّد إليها، ويحسن إليها، ويشعرها بالمحبة والقرب، ويبادلها العواطف".
وكذلك يدعو "حشاش" الزوج إلى ضرورة قيامه بتخصيص أوقات من يومه من أجل الحديث مع زوجته، والاطلاع على رغباتها، وعدم تجاهلها في الأمور الممكن تحقيقها.
الاحتياجات النفسية هدف أساسي
ويعتبر أخصائي علم النفس الأستاذ فاخر الخليلي أن الشيء الأساسي الذي يؤثر على السعادة الزوجية هو اختيار كل من الزوجين للآخر؛ لأن كلاً منهما يجب أن يتحمل الآخر. فهما اللذان اختارا وليس غيرهما. ويقول: "وهناك حالات كثيرة تحصل بينهم مشاكل زوجية بسبب عدم التوافق على الزواج، وخصوصاً في قضية الاختيار، والسؤال هنا: هل أنا اخترت شريك حياتي من تلقاء نفسي أم أُجبرت عليه، واخترته لهدف مادي أو لسبب معين؟!".
ويوضح "الخليلي" أنه إذا تم اختيار شريك الحياة بطريقة صحيحة فإن كل من الزوجين يشبع القضايا النفسية لدى الآخر؛ لأن نجاح العوامل النفسية في الحياة الأسرية أساس واضح في السعادة الزوجية.
ويضيف: "لأن كلاً منهما يجب أن يتحدث للآخر عن همومه ومشاكله النفسية أي بمعنى التفريغ النفسي الذي يجب أن يصاحب العلاقة الزوجية، وعدم كتمان الأسرار عن بعضهم البعض لأنهم شكلواً جسداً واحداً".
وبحسب أقوال الخليلي فإن السعادة الزوجية من وجهة نظر علم النفس تدل على توفير كل من الزوجين احتياجات الآخر القائمة على القضايا النفسية والجنسية والمالية ومتطلبات الحياة، دون الحديث عمّا يشوبها من مشاكل، أي بالتغلب على المشاكل.
ويضيف: "هناك عوامل تؤثر على السعادة الزوجية، وهي القضايا المالية، وعدم العملن وسوء الأوضاع الاقتصادية التي تؤثر على نفسية الزوجين؛ لأن السعادة الزوجية ليست مسؤولية أحد دون الآخر من الزوجين، وهي مسؤولية مشتركة على كليهما البحث عنها؛ لأن الأسرة تقوم في الأساس على الحب والمودة والسكينة.
أما الأخصائي الاجتماعي يونس عادل فيقول: "الظروف المحيطة بالحياة الزوجية من النواحي الاجتماعية تؤثر على الحياة الخاصة للزوجين، وبالتالي على سعادتهما،(31/42)
والمقصود هنا بالوضع الاجتماعي الذي يقوم على نوعية الأسرة، هل هي ممتدة أم أسرة صغيرة"؟
ويضيف: "والمعلوم أن الأسر الممتدة يتدخل فيها الأهل، بالتالي فإن العوامل الاجتماعية المحيطة بالأسرة تؤثر على السعادة الزوجية، ومن هذه العوامل طبيعة السكن وطبيعة الأسرة والأطفال وعددهم".
ويبين عادل أنه إذا كانت الظروف الاجتماعية للزوجين مواتية، مثل طبيعة كل عائلة، أي الوسط الاجتماعي الذي انحدر منه كل زوج، حتى لا يعيّر الآخر بوضعه الاجتماعي، إضافة إلى مكانته الاجتماعية، فمن المفروض وجود تناسق كامل في الوضع الاجتماعي لكل من الزوجين، حسب قوله.
ويضيف: "من المعلوم أن السعادة الزوجية يتمناها كل زوجين في الأسرة الآمنة، المحاطة بوضع يقودها إلى تربية الأطفال وتأدية المقاصد الأساسية للزواج".
ـــــــــــــــــــ
زوجتي .. هديّتك أسرجت قناديل أشواقي
محمد شلال الحناحنة 28/5/1427
24/06/2006
زوجتي الغالية...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هديّتك الناعمة المعبّرة عن وجدانٍ حيٍّ صادق، ومعنًى سامٍ، وصلت إليّ موقّعة بذوقك الرفيع، وعذوبة سطورك اللطيفة الحانية، وقد أعادتني إليك، أعادتني إلى بنفسج الحبّ الأول والآخر، أعادتني إلى هدوئك، ورقّة شعورك، أعادتني إلى أكمام الورود التي تداعب النسيم مع خلجات الأصيل! كان لهديتك وقعٌ خاصٌ بأسر الروح، فسبحان الله الذي أنطق نبيه -صلى الله عليه وسلم- بنور الحكمة من فوق سبع سماوات: "تهادوا تحابوا".
فقد أحسست أنك معي بكل روعة الذكرى، معي بهذا القلب الوفيّ الأبيض كأزهار النرجس، معي بعطر الماضي، وأنفاس الحاضر، وبهاء المستقبل الواعد بإذن الله، على الرغم مما يعجّ في فضاء الأمة من حرائق! فهل لنا –أيتها الرائعة- أن نسرّج قناديل أشواقنا؟! وهل لنا –يا واحة حبّي- أن نسيّج هذا التواصل بقبسات الإيمان؟! فأنا زهرة حزينة في هذه الغربة، وأنتِ بستانيَ الرحب، أنا كتاب مغلق وأنتِ تفاصيلي، أنا في غربتي خفقة طيبٍ وأنتِ كل هذا الشذى، أتراني أحبّك أنهارًا من الفلّ، أناديك أنت يا قامة النخل.. يا أغلى حروفي!! أنتِ توقّعين مع كل نبضٍ إليّ: ما أجمل عودتك!! وهل تظنين –يا عبق أيامي- أني لن أعود؟! أنا عائد إليكم بعون الله! عائد إلى حمائم الروح، عائد إلى أشجار عائلتي غصناً غصناً، عائد إلى رُبا بلادي حيث أبتكر مواعيد خضراء تليق بأحجارها وأطيارها! عائد إلى شموسها الطازجة حيث الضياء يوصلنا بالضياء، عائد إلى مرابع الأهل حيث المؤانسة تجدّد إلى المؤانسة، عائد إليك حيث تنتظرين إيابي ساعة ساعة!! عائد إليك –يا وجد عمري- كي نطرّز معًا بساط أحلامنا القادمة، عائد إليك مع أناشيد العنادل كي نقنص لحظات الفرح من بين دفاتر الأسى!! عائد إليك كي أغادر ما لم أكن أغادر، عائد إليك من(31/43)
صقيع النفي كي أرسو على شواطئك الدافئة!! فهل أليقُ الآن يا غاليتي بأقمار وصلك!
ـــــــــــــــــــ
قبل أن تُغيّر عتبة بابك؟
فوزية الخليوي 26/5/1427
22/06/2006
لماذا لا يتذمّر الفقراء من زوجاتهم...ويعدّدون مثالبهنّ كما يفعل الأغنياء؟
هل لأن الحظ أسبغ عليهنّ هالةً من الرحمة! ومسحةً من السكينة..رأفة بحالهنّ!!!
إن المشاهَد من حال بعض الرجال مع زوجته غريب... فبعد أن يتبدل عيشه من العسر إلى اليسر..ومن الجوع إلى الشبع..ومن الظمأ إلى الريّ.
يصبح مرآها يقضّ مضجعه وصوتها يؤلم مسمعه!!
عندها يطلقها أو يستبدلها بأخرى مع هجرانه لها....
إذا انصرفت نفسي عن الشيء ... ...
لم تكدْ إليه بوجه آخر الدهر تقبلُ
بعد أن كانت يداها تمتد إليه إذا أرِق ليلة..أو ضجِرساعة..
تمسح على رأسه بطيب الكلام.. فما تلبث أن تطرد الآلام..فهي معه كالنهر الجاري المتدفق الذي يحمل معه كل الأقذار والأكدار!! لينوء بها كاهلها فتتجرع غصاتها .. وتبتلع آهاتها!!
فمنهنّ من كانت تسهر الليالي تحيك الملابس لتعينه.
ومنهنّ من كانت تقرأ وتكتب له درسه.
ولكل منهنّ أحلامها وآفاقها البعيدة.
فكان العالم كله مملكتها الواسعة.
تركب مطيّتها كل ليلة وهى تؤنس وحشتها...وتبعد غربتها مؤمّلة نفسها بالعيش الناعم المترف..فى ظل حبيبها ومع ذريتها!!
ولكن سرعان ما تنقلب هذه الحديقة إلى فلاة موحشة مظلمة لايضيئُها كوكب ولا يلمع فيها نجم ..
فيا أسفي عليك وطولَ شوقي ... ...
إليك لو أن ذلك ردّ شيئا
فليت شعرى ما الذي حلّ بها ..من خطب جسيم وبلاء عظيم.
حزينة تتلظى بنارها..وتعتلج أُوارها.
يجيش صدرها بكوامن الحب ولواعج الهوى..
فلماذا عندما حلّ المال فى جيبك فارقَت الرحمةُ قلبَك؟!
لماذا طار لبّك..واضطغن عليها صدرك،
وأصبح مرآها يقضّ مضجعك..ويطيل غمّك؟
إن الجمال الحقيقي الذي فقده الزوج بنكرانه كاللؤلؤ المكنون في صدفاته لايمكن إدراكه إلاّ بعد الغوص فى غياهبه.(31/44)
عن عائشة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة، فيحسن الثناء عليها، فذكرها يوماً من الأيام فأخذتني الغيرة فقلت: هل كانت إلا عجوزاً قد أبدلك الله خيراً! منها، فغضب ثم قال: لا والله ما أبدلني الله خيراً منها! آمنت إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذّبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء!!
قالت عائشة: فقلت في نفسي لا أذكرها بعدها بسبة أبداً.
ولم يكن ينافح عنها فقط في القول بل كان يترجمه إلى أفعال، ففي الصحيح عن عائشة كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذبح الشاة يقول: أرسلوا إلى أصدقاء خديجة!!
فقال: فذُكرت له يوماً فقال: إني لأحبّ حبيبها؟!
أنت روحي إن كنتُ لستُ أراها ... ...
فهي أدنى إليّ من كلّ داني
ولهذا صدرت مواقف من بعض النساء يعجب لها السامع عند أول وهلة ولكن لها مسوّغاتها:
• فقد نشرت الصحف الأردنية عن عجوز طالبت زوجها بالطلاق حتى لاتكون زوجته في الجنة؟!!
• وقد حُدّث عن امرأة فى أوساطنا أوصت أولادها بعدم إشراكها هي وأبوهم فى أضحية واحدة بعد موتها؟؟
• ولأن الطبيعة البشرية واحدة ففى الغرب حيث انقلبت الأدوار، فقام الزوج بدور الزوجة والعكس, فكان تولستوي الروائي الروسي صاحب أشهر الروايات مبيعاً, بعدما هرب من منزله ذات ليلة على غير هدى, وقد ركب أحد القطارات فى جو بارد مثلج وُجد ميتاً بعد إحدى عشرة ليلة فى القطار, وقد ترك بجانبه ورقة أوصى فيها ألاّ تراه زوجته بعد موته, ولا تشارك فى جنازته؟
ـــــــــــــــــــ
زواج البدل .. عربة في قطار أنواع الزواج
بشار دراغمة ومحمد جمال 24/5/1427
20/06/2006
صفحات من ظلم المرأة العربية. نجدها بحسرة في زوايا هذا الوطن الممتد على هامش كبير من الألم. عندما نكون في قرن يحمل الرقم (21) بينما لا تزال المرأة سلعة يهديها الأب أو الأخ لصديق، فيرد الصديق الجميل، ويقدم شقيقته أو ابنته دون أي حقوق شرعية تُذكر تحت اسم يُعرف مجازاً بـ"زواج البدل". تلك الحقوق التي حفظها ديننا الإسلامي الحنيف أضاعها الكثير منا بجهل وأحياناً بقصد.
ينتشر زواج البدل في العديد من البلدان العربية، وهنا في فلسطين، فهو ظاهرة لا زالت قائمة خاصة في المجتمع الريفي. وتتلخص قصته بأن يتزوج شخص ما من فتاة فيقوم هذا الشخص بتزويج أخته لأخ زوجته، وبذلك يتفق الاثنان على عدم دفع مهر المرأة. ويكتفيان بأن قدم كل منهما للآخر شقيقته كزوجة شرعية، دون أي حقوق في المهر الذي أوصى بها القرآن الكريم.(31/45)
العائلية هي السبب
وتروي عائشة الأسباب التي دفعت عائلتها إلى تزويجها عن طريق زواج البدل بسبب العائلية والقرابة؛ إذ إن "والدي يؤمن بالعائلية أكثر من غيره؛ فقد تحدث مع عمي، واتفّقا على أن نتزوج دون مهر، ولا ذهب، وغير ذلك من الحقوق المشروعة في الزواج العادي، وكانت ابنة عمي "لطيفة" مقابلي في هذا الزواج".
مضيفة:" لم يستمر زواجنا سوى أربع سنوات، تبعتها المشاكل نتيجة خلاف حصل مع زوجة أخي أدى في النهاية إلى انفصالهما. نتيجة لخلافهما انفصلت عن زوجي، وحصل خلاف حادّ داخل العائلة بحيث بات الخصام والصدام واضحاً بين والدي وعمي.
زواج كله مشاكل
وتذكر سامية بأن تجربتها مع هذا النوع من الزواج سيئة لكثرة المشاكل التي تحصل معها؛ إذ لا تمر بضعة أسابيع دون حصول مشكلة معهم، لكثرة تدخل الأهل في حياتهم الخاصة داخل البيت، الذي لا تستطيع من خلاله الإحساس بنوع من الاستقلالية الحقيقية بحيث لا توجد حرية كاملة حتى في الحياة الخاصة بيني وبين زوجي، لان أهل زوجي ما زالوا يعيشون على نظام العائلة الممتدة، وكل شيء بيننا مشترك من الطعام على راتب زوجي الذي لا ننعم به أبداً.
مضيفة: "لا أنصح الفتيات بزواج البدل؛ لأنه عادة قديمةه يجب أن تتلاشى آثارها من مجتمعنا، بشكل ينتقص من حقوق المرأة المسلمة التي كفلتها لها الشريعة الإسلامية، من المهر والذهب والبيت والحياة المستقرة داخل العائلة، بعيداً عن تدخل أحد في حياة الأزواج الخاصة.
ومن جانبها ترى لطيفة الغزاوي متزوجة عبر زواج البدل قبل عشرين عاماً أن زواج البدل يمكن أن يكون ناجحاً إذا كان هناك تفاهم بين الزوج وزوجته، يحصل هذا من خلال منع الآخرين من التدخل في شؤون العائلة الداخلية، بهدف الحفاظ على الرباط الأسري، وحماية الأطفال، مع إعطاء الزوجة حقها الشرعي في المهر والمسكن وغيره. وتضيف: "والحمد لله استطعت أنا وزوجي الحفاظ على أسرتنا، وتربية أطفالنا حتى أصبحوا رجالاً في الجامعات، ولم تحصل معنا أي مشاكل صعبة، وفي حال حدوثها كنا نحلها داخلياً، وسراً، دون علم أحد من أهلنا، هكذا اتفقنا منذ البداية، حتى تكون حياتنا ناجحة".
وأضافت الغزاوي: مع كل هذا الأمر الذي أعيش فيه بسعادة، فإنني أحبذ أن يتم زواج الأبناء في هذه الأيام بعيداً عن زواج البدل، حتى لا تكون هناك مسوّغات لأحد في هدم أي أسرة نتيجة لحصول خلافات عائلية، ومشاكل بين الزوجين.
زواج مرفوض
ومن جانبها ترفض رانيا هذا النوع من الزواج على الرغم من أنها لم تتزوج بعد وتقول: بهذه الطريقة يتم الانتقاص من حقوق المرأة، وبالتالي تكون المشاكل الزوجية كثيرة، وأنا لن أقبل بزواج البدل أبداً، مهما كلف الأمر، وقد رأيت زميلتي في الجامعة تعاني من هذا الزواج، بعد إكراهها على الزواج من قريب لها، بالتالي لا(31/46)
يمكن أن تأخذ المرأة مهرها على الورق دون أن يكون مهراً حقيقياً، وفي أغلب الأحيان لا تحصل المرأة على حقوقها الشرعية المطلوبة في ذلك.
وتضيف: هذا الزواج يُعدّ بيعاً للمرأة وانتقاصاً من حقوقها الشرعية والقانونية، والتي كفلتها الشريعة الإسلامية، بحيث لا يمكن الانتقاص من تلك الحقوق المشروعة، ولا أحد يستطيع مصادرتها أبداً.
موقف الدين
وقال محمد فخر الدين أستاذ الشريعة الإسلامية: إن هذا النوع من الزواج مباح من الناحية الشرعية، لكن بشرط حفظ حق المرأة في المهر، إلا إذا استغنت هي عنه عن طيب خاطر، ودون أن تكون مجبرة على ذلك امتثالاً لقوله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً). [النساء:3-4] أوضح "فخر الدين" أن سلبيات زواج البدل كثيرة جداً على الرغم من أن مقاصد الزواج تهدف إلى تقوية العلاقات الاجتماعية مع الناس، ولكن إذا كان هذا النوع من الزواج يؤدي إلى كثير من المشاكل بين العائلات، فإنه يفقد المقاصد الأساسية المتضمنة حماية الأسرة وعيشها بجو من الرحمة والسكينة. مضيفاً بأن زواج البدل نادراً ما ينجح لكثرة المشاكل التي تحصل بين الزوجين، ممّا يعكر الحياة الزوجية، وقد يؤدي في كثير من الأحيان إلى انهيارها، عبر الوصول إلى الطلاق؛ إذ يترك الزوجان خلفهما الأطفال دون حماية وإعالة حتى عاشوا مع والدهم أو والدتهم، تبقى المعضلة الأساسية في عدم تحقيق المقاصد الشرعية من هذا الزواج.
ويضيف "فخر الدين": "تتعرض المرأة في حال حصول خلاف مع زوجة أخيها إلى إجحاف حقيقي، وخصوصاً إذا كانت تعيش حياة مستقرة مع زوجها؛ إذ تصل تلك المشاكل إلى حد الطلاق، إذا لم ينجح الزواج في الطرف الآخر، وإذا حصل طلاق يتم بدون دفع مستحقات الزوجتين؛ لأنه يقوم على التبادل بحيث لا تأخذ كل منهما مهرها من خلال هذا النوع من الزواج.
لا يجوز ربط زوجة بأخرى
ويدعو الدكتور محمد شرف أخصائي علم الاجتماع والأسرة إلى فصل كل زيجة عن الأخرى، لأجل التعامل مع كل زوجه بمهر منفصل، لا أن يكون المهر على الورق دون تطبيقه على أرض الواقع، لوجود اتفاق بين أهل الأزواج، موضحاً: "لا يجوز بأي حال من الأحوال ربط أي زوجة بالأخرى، وبالتالي لا يحق ربط السابق باللاحق أي في حال حصول الطلاق يجب أن تحصل الزوجات المطلقات على حقوقهن كاملة".
ويذكر الدكتور شرف بأن زواج البدل له مفاهيم اجتماعية مختلفة تقوم في أساسها على تبادل الزوجات ويضيف: "وكانت هذه الظاهرة قديمة منذ عصر الجاهلية، بدأت في ذلك الوقت عن طريق عندما كان يبادل الأب ابنته ليتزوج هو امرأة مقابلها من العائلة التي يزوج ابنته لها".(31/47)
ويختم قائلاً: "يتحمل مسؤولية إخفاق زواج البدل أكثر من طرف، وعلى رأسهم المحيطون بالأسرة من العائلة الممتدة حتى الأب والأم، وبطبيعة الحال سيعيش الأطفال بعيداً عن الأب والأم، وهذا بحد ذاته له تأثيرات سلبية على المجتمع بشكل عام".
ـــــــــــــــــــ
الزوجة النكديّة!!
فوزية الخليوي * 5/5/1427
01/06/2006
من هي الزوجة التي أحالت حياتها وعائلتها إلى جحيم لايُطاق؟!
وهل خلت فعلاً من الأحاسيس والمشاعر المرهفة؟!
وهل الصفات التي تتصف بها خارجة عن إرادتها وشعورها أم هو منهج اتخذته فى حياتها؟! ومنها:
* النقد الدائم:
عندما دخل إبراهيم الخليل على زوجة ابنه إسماعيل، وسألها عن عيشهم، وكان رجلاً غريباً عليها، ومع ذلك لم تبالِ أن تبدي تذمرها، وقالت: نحن بأشر عيش؟!
*التلفظ بألفاظ مؤلمة:
قد تتلفظ بالكلمة لا تلقي لها بالاً، فتكون سبباً في إيغار صدر زوجها عليها مدة طويلة، وقد تكون فيها نهايتها كما جاء فى المرأة التى تزوج بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلما دخل بها قالت: أعوذ بالله منك!! قال: لقد عذت بعظيم الحقي بأهلك!! (طبقات ابن سعد8-108).
* التحقيروالاستهزاء بالطرف الآخر:
أن تعيّره بفقره، و بقلة ثقافته وشهاداته، أو ببيئته المتوسطة الحال!!...مع أنها لاتستغنس عنه وهذا دأبها فى الجد أو الهزل!!
* التفسير السلبي للآخر:
بعد أن يسيطر عليها الشك! وتحيط بها الظنون تعجز أن تلتمس له العذر بتأخره أو غيابه أو حديثه الخافت في الهاتف.....فتساورها المخاوف وتفقد ثقتها فيه، فتعجز عن صدها، ومن ثم تستسلم لها!!
* الشعور بالتعاسة:
مع توالي النعم عليها وأفضاله لها!! يظل حنينها لماضيها مما يؤلم زوجها هذه زوجة معاوية بن أبي سفيان عندما دخل عليها، وهي تنشد حنينها لديارها في البدو:
لبيت تخفقُ الأرواح فيه ... ...
أحبّ إليّ من قصر مشيد
سرّحها إلى أهلها.
* لا تستخدم الحوار الهادئ:
فهي لا تكف عن إثارة الضوضاء والجدال معه حتى وإن كانت في جلسة هادئة سرعان ما ينقلب الحد يث الودي إلى سباب وشتم و ألم وبكاء...
وقال أحد الشعراء يحكي حواره مع زوجته:(31/48)
ولما التقينا غُدوةً طال بيننا ... ...
سبابٌ وقذفٌ بالحجارة مطّرح
أجلي إليها من بعيد وأتقي ... ...
حجارتَها حقاً ولا أتمزّح
فهذه قريبة بنت حرب عندما تزوجت بعقيل بن أبي طالب اختارته؛ لأنه كان مع قرابتها الذين قتلوا في بدر!! وكانت لاتكفّ عن ملاحاته وندب آبائها!! فقالت له يوماً: ياعقيل! أين أعمامي! أين أخوالي كأن أعناقهم أباريق فضة؟
قال لها: إذا دخلت النار فخذي على يسارك!!فغضبت وخرجت من بيته!!( العقد الفريد6-99)
*تثور عندكل موقف:
لا تستطيع الأمساك بزمام نفسها...
فهي تشعر بالغليان الداخلي وعند كل موقف تثور ثائرتها فتجعل منه متنفساً لما يعتمل في صدرها ويؤلم أحساسها!! فقد كان اسم زوجة عمر بن الخطاب عاصية فأسلمت فأتت عمر فقالت: قد كرهت اسمي فسمني، فقال: أنت جميلة! فغضبت وقالت: ما وجدت اسماً تسميني به إلاّ اسم أمة؟؟
فأتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته فأقرّ فعل عمر.
*ليس له مكان فى قلبها:
فهى تعلن بغضها له دونما سبب مع كمال إحسانه وحسن دينه!
وقد تصرح به إلى الآخرين ذهبت جميلة زوجة ثابت بن قيس إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يارسول الله! إني لا أعيب على ثابت فى دين ولا خلق!! وإني لا أطيقه بغضاً!!(الإصابة 10983).
وكذلك صرحّت سلمى زوجة صخر أخو الخنساء عندما مرض، وبقي على فراشه سنة كاملة قبل موته فكانت إذا سُئلت عنه تقول: لاحيّ فيُرجى ولا ميت فيُنعى!!
وكانت أمه إذا سُئلت عنه قالت: أصبح بنعمة الله سالماً.فقال:
أرى أم صخر ما تجفّ دموعُها ... ...
وملّت سُليمى مضجعي ومكاني
(الأدب العربى 1-168)
*تطلب الطلاق على الدوام:
تماضر بنت الأصبغ زوجة عبد الرحمن بن عوف
كان في تماضر سوء خلق، وكانت على تطليقتين فلما مرض عبدالرحمن جرى بينه وبينها شيء، فقال لها: والله لئن سألتني لأطلقنّك؟
فقالت: والله لأسألنّك.
فقال: إما لا فأعلميني إذا حضت وطهرت، فلما حاضت وطهرت أرسلت إليه تعلمه، قال: فمر رسولها ببعض أهله, فقال: أين تذهب؟
قال: أرسلتني تماضر إلى عبدالرحمن أعلمه أنها قد حاضت ثم طهرت, قال: ارجع إليها، فقل لها: لا تفعلي، فوالله ما كان ليردّ قسمه!
فقالت: أنا والله لا أردّ قسمي!! قال: فأعلمه فطلقها؟(الإصابه10951)(31/49)
وتستخدم الزوجة جاهلة في هذا السياق العديد من الرسائل السلبية محاولة منها للفت أنظار الزوج إلى ما يجيش فى صدرها من ألم وقلق...والتي تتراوح بين النظرة الغاضبة, والحواجب المقطبة, والجلوس وحيدة في غرفتها, ورفض الطعام...ولا تعلم أنها بهذا التجاهل تمسّ كرامته وتجرح رجولته!! تقود الزوج إلى درجة من الاستفزاز سرعان ما يبدأ بعدها بالغليان ثم الانفجار!!
ونظراً لطبيعة المرأة العاطفية...وإحساسها المرهف فأشد ما يؤلمها من زوجها المواقف المعنوية من ملاحظة قاسية, أو عتاب عنيف, أو عبارة جارحة..!!
بينما لطبيعة الرجل المادية فسرعان ما يتذكر المواقف التى أحسن فيها من هدية ثمينة, أو نزهة عابرة...فيبدأ كلٌ منهما بهجوم مضاد، سرعان ما ينقلب إلى معركة خاسرة من الشجاراليومي ...بسبب اختلاف دفاع كل طرف عن الآخر...!!
* عضو الجمعية العلمية للسنةالنبوية
ـــــــــــــــــــ
كيف يتجنب الزوجان خطر الغيرة ؟!
خالد النجار 18/4/1427
16/05/2006
تعتبر الغيرة من أخص صفات الرجل الشهم الكريم , وإن تمكنها منه يدل دلالة فعلية على رسوخه في مقام الرجولة الحقة الشريفة , فالغيرة المعتدلة شيء مطلوب ومهم ، ومن لا يغار على أهله فهو ديوث ومطرود من رحمة الله تعالى ، فغيرة الرجل على أهله أن يأتين ما حرم الله أو يخلون مع غير ذي محرم ، أو يتحدثن مع أحد بخضوع في القول .. كل هذه غيرة محمودة ، بل واجبة لحماية شرفه وصيانة عرضه ، قال الحسن البصري: أتدعون نساءكم ليزاحمن العلوج في الأسواق قبح الله من لا يغار
والغيرة تختلف من شخص لآخر ، فهي درجات متفاوتة عند البشر كل حسب شخصيته وصفاته النفسية وطريقة تربيته ، لكن الهوس في الغيرة والتشكك من كل شيء والنظر لشريك الحياة بعين الريب .. هذا ما يمثل لهيباً يحرق الحياة الزوجية ويجعل منها جحيماً لا يطاق , فالغيرة المفرطة ليست سوى تعبير عن اضطراب نفسي شديد أساسه عدم الثقة بالنفس وبالطرف الأخر , وإذا عدمت الثقة بينهما فتح باب الشك , وإن شك أحدهم بالأخر هدم الزواج .
أما كيف يتجنب الزوجان خطر الغيرة ؟ فيكون بالخطوات التالية :
1- لا يتبع الزوج ظنونه وشكوكه فيدفعه الشك تلو الآخر إلى عواقب وخيمة ، وإنما عليه أن يطرد تلك الأفكار الشيطانية , وأنه يعلم حال زوجته ويطمئن إلى سلوكها , وليطرد الشك إلى اليقين .
2- أن يقنع الزوج زوجته بالتزام الحجاب إن لم تكن ملتزمة به ، فستر الجسد فريضة إسلامية وهي تقي المجتمع من شرور التسول الجنسي ، ولست أدري كيف يغار الزوج على زوجته وهو يتركها تسير هكذا تلبس لباس الكاسيات العاريات ؟!! فالأولى له أن يلزمها بحجاب ربها بدلاً من النظر إلى من ينظر إليها بعين الغيرة والريبة .(31/50)
3- على الزوجة أن لا تقوي شك الزوج أو تخالفه في نفسها وتعصي أوامره فتزيد شكوكه ، فلتتعامل معه على أنه شخص يمر بأزمة يحتاج إلى من يقف بجانبه ويحيطه بالعطف والحب والحنان ، فلترحب به دائماً ولتقابله بوجه بشوش ولا تنفعل عليه حين تجده يسألها عن أمر ما ، بل عليها أن توضح له كل شبهة فيطمئن بذلك ويطرد أفكاره ووسوسته .
4- أن تحترم المرأة آراء زوجها الخاصة بعلاقتها بالجنس الآخر سواء كانوا أقارب أو زملاء في العمل أو الجيران
5- لا جدال في أن الغيرة تزداد قوة وتفاقما بالسكوت عليها وعدم الجهر بها، فمثلا أنت أيتها الزوجة، لم لا تناقشين زوجك في أمر هذه الغيرة إذا باتت مشكلة من مشاكل حياتك الزوجية؟ فقد تكونين أنت السبب في إحجام زوجك عن مصارحتك بالحقيقة ، إذا لم يكن لغيرتك أساس حقيقي أو مبرر ؟ وأنت أيها الزوج ، هل أنت من أولئك الرجال الذين يتهكمون على زوجاتهم إذا ما رغبن في محادثتهم عما يشعرن به من الغيرة ، حتى لو كانت تلك المشاعر وهمية ؟ إن أول ما يجدر بالغيور فعله ، في سبيل الخلاص من غيرته، هو الإعلان عن شكوكه الخفية والإعراب عن ريبته بصراحة , ليستطيع بعد سماع وجهة نظر الطرف الآخر التأمل والتفكير فيما إذا كانت بواعث غيرته ,بوادر فعلية في تصرفات الآخر أو كانت من نبع خياله
ـــــــــــــــــــ
مشكلات راتب الزوجة والابنة.. الطمع هو السبب
د. ليلى بيومي 8/4/1427
06/05/2006
كثر الحديث عن راتب الزوجة واعتبر البعض أن اقتطاع المرأة جزءاً من وقتها للعمل خارج المنزل يكون على حساب مسؤوليتها الأسرية ورعايتها لزوجها وأولادها، وفي مقابل هذا يجب أن يكون لها نصيب في تحمل نفقات المنزل. كما أصبحت قضية راتب الابنة مثارة بشدة في مجتمعاتنا العربية، ونسمع في شأنها حكايات لا نكاد نصدقها من غرابتها..وحول تلك القضية كان لنا هذا التحقيق الصحفي .
سألت الدكتورة نجوى المحمدي وهي طبيبة حديثة التخرج عن راتبها، فقالت: انطلاقًا من الحديث النبوي "أنت ومالك لأبيك" فأنا أعطي كل راتبي على الرغم من تواضعه لأبي؛ لأنه تحمل أولاً مسؤوليات تعليمي على مدى سنوات طوال، إلى جانب أن أشقائي أصغر مني، وهم جميعًا في مراحل التعليم المختلفة. وقد وعدني أبي بأنه عند خطبتي سنتعاون سويًا في جهازي، وأنا -إن شاء الله- حتى لو تزوجت سأحاول دائمًا مساعدة أبي ما دامت ظروفه المعيشية وظروف إخوتي تحتاج إلى ذلك.
أما سلوى صالح (24 عامًا)، وتعمل معلمة في إحدى مدارس اللغات، فتقول: على الرغم من أنني أحصل على راتب جيد، لكن أبي يرفض أن أساهم في نفقات البيت؛ لأن لديه حساسية شديدة من هذا الأمر، وعلى الرغم من أن والدتي امرأة عاملة(31/51)
وتساهم بكل راتبها في المنزل، لكنّ كليهما يصر على أن أدّخر راتبي لشراء جهاز لي، ويقولان: يكفينا أنك ستتحملين تلك المسؤولية.
وتقول سلوى: إن كثيرًا من الآباء يتعاملون بحساسية، ولا يقبلون أي مساعدة من قبل الأبناء على أساس أنه سيكون أمامهم مسؤوليات يجب أن يبدؤوا في تحمّلها، في حين أن كثيرًا من الأزواج يرون أنه لا غضاضة في أن تشارك الزوجة بكل راتبها في المنزل، وعليها فقط مثل الزوج أن تحصل على مصروفها اليومي، وبما يكفي نفقاتها الشخصية.
المهندسة نهاد عياد (45 سنة) تقول: زوجي ميسور ماديًا، وحتى في بداية زواجنا كانت ظروفه غير ذلك، ولم يسألني مطلقًا عن راتبي، وكان يرفض أحيانًا مساهماتي، وهذا دفعني لتقديره، والإصرار على أن أساهم في مصروف البيت بشكل غير مباشر، وقد فتح الله علينا، وتحسنت ظروفه الاقتصادية. والآن وبعد أن صار لدينا أولاداً كباراً فلا فرق بيننا، وأنا أدبر ميزانية البيت بشكل لائق، مع ادّخار جزء من المال للطوارئ والمستقبل للأولاد.
(ك. ز مدرسة ثانوي) تقول: لقد سبّب لي راتبي مشكلات كثيرة مع زوجي، فهو إنسان غير متعاون، فبعد زواجنا كنت أعطي لزوجي كل راتبي، وكنت أقول: إن هذه مسؤولية يجب أن أتحملها معه، خاصة في ظل الأزمات المالية والأوضاع الاقتصادية غير المواتية. لكنني بالتدريج شعرت أن زوجي يعدّ ذلك حقاً أصيلاً من حقوقه. كما وجدته يساعد أهله بمبالغ كبيرة، في الوقت الذي يحتاج أهلي مني لأية مساعدة، ولا أعطيها لهم لأنه يأخذ كل شيء. كما أنني لاحظت أن إدارته لشؤون المنزل ليست رشيدة، وأنه ينفق على أموره الشخصية أكثر بكثير مما ينفق على المنزل. كما لاحظت أنه لا يلبي مطالبي بل يرفضها، وعندئذ قرّرت أن أحتفظ براتبي، وحدثت بيننا مشكلات كثيرة كادت تؤدي إلى الطلاق، وتدخّل فيها الأهل والأصدقاء، وحكموا بأن أساهم بنصف راتبي في مصروف البيت، وأحتفظ لنفسي بالنصف الآخر.
التفاهم والرضا هما الحل
الدكتورة إلهام فراج أستاذ علم الاجتماع ترى أن راتب الزوجة يختلف عن راتب الابنة، وكلها مسائل تخضع لرضا الطرفين ومستوى التفاهم بينهما، وإذا كان هذا الأمر في حقيقته ليس فرضًا على المرأة سواء كانت زوجة أو ابنة، لكنها مسألة احتياجات وفهم من كل الأطراف. وكثير من الفتيات الآن يعملن ولديهن انتماء لأسرهن، وليس لديهن مطلقًا أي مانع لمساعدة الأب أو الأم.
إما إذا امتنعن عن هذا الأمر فإنني أرى أن الأب لا يجب أن يكون متعنتًا مع ابنته مثلما يقابل هذا الأمر من قبل زوجته، وإذا كان المفهوم الشرعي يشجع الابن أو الابنة دائمًا على بر والديهما، فإن هذا الراتب أو جزءًا منه هو جزء من هذا البر، وخصوصًا إذا كان الوالدان في حاجة إلى هذا المال. أما راتب الزوجة ففي كل الظروف الاقتصادية الحالية، أرى أن مسؤولية البيت تقع على عاتقهما، وإلا فلماذا تخرج المرأة من منزلها وتتخلى لبعض الوقت عن مسؤوليتها الأسرية إلا لكي تساهم في الجوانب المادية. أما إذا كان الزوج متيسرًا ماديًا، ولا يحتاج لهذا الراتب فهي(31/52)
أولى به، والأصل أنه لها حق التصرف فيه بالادخار أو حتى التصدق بجزء منه، كما ترى هي.
شراكة تقتضي المساعدة
د. مصطفى عبد الفتاح أستاذ علم النفس يقول: الحياة في مجتمعاتنا العربية الحديثة معقدة، فالظروف الاقتصادية في غالبية هذه الدول غير مواتية، وهناك مشكلات بطالة تضرب هذه البلدان، والذي يجد عملاً من الشباب لا يصدق نفسه من الفرح، رغم ضآلة مرتبه. وتواجه الشباب مشاكل العثور على السكن ثم تأثيثه ثم مصروفات الزواج، وبعد الزواج تأتي مشكلة نفقات المنزل من إيجار ومواصلات وطعام وعلاج وتعليم للأبناء.
وفي ظل هذه الأوضاع، وفي ظل انتشار تعليم البنات، أصبحت الفتاة تنزل إلى العمل ولا تفضل الجلوس في المنزل.
ويفضل الأزواج الشباب أن تعمل زوجاتهم لمساعدتهم اقتصادياً.
وأمام هذا كله فإنه من غير المعقول أن تعمل الزوجة وتحصل على راتبها وتضعه في جيبها، وتترك زوجها يواجه مصيره بنفسه دون مد يد العون لمساعدته، فالحياة الزوجية الحديثة هي شراكة تقتضي مساعدة كل طرف للطرف الآخر.
ظاهرة جديدة
يلفت د. صابر سليمان أستاذ علم الاجتماع النظر إلى ظاهرة جديدة انتشرت في بعض مجتمعاتنا العربية، وتتمثل في تلاعب بعض العائلات في راتب الابنة الموظفة، بمجرّد أن تتم خطبتها؛ إذ يجبرها الأهل على شراء سيارة لأخيها أو والدها، أو شراء عمارة أو قطعة أرض عن طريق قرض بنكي، فتبقى تسدد الأقساط لعدة سنوات من بعد زواجها، لئلا يذهب أي شيء من راتبها إلى زوجها.
ويرى د. صابر شوكت أن الأصل في الأب والأم أنهما ينظران لمصلحة ابنتهما ومستقبلها، ويضحيان من أجل سعادتها، وغير مقبول أن يسبّبا لها مشكلات مع زوجها قد تؤدي إلى كراهيته لها، بل من الممكن أن تؤدي إلى أن يطلقها. فيجب أن تنظر الأسرة إلى المستقبل، ولا تجعل الأمور المالية هي الفيصل. و على الرغم من هذه الظواهر إلا أنني أعرف بعض الآباء الذين يستمرون في الإنفاق على بناتهم حتى بعد زواجهن؛ لأنهم يعدون ذلك واجباً يتحملونه حتى نهاية أعمارهم، طالما كان ذلك في استطاعتهم.
حفظ حقوق المرأة
تقول الاختصاصية الاجتماعية عفاف عايش: أمام حاجة سوق العمل إلى الكوادر النسائية المتخصصة لخدمة بنات جنسهن، خرجت المرأة من بيتها، والتحقت بالركب السائر، وتنوّعت أهداف الرغبة في العمل بين إثبات الذات، و الحاجة المادية لمواجهة الظروف، والنهل من ينابيع العلم والمعرفة، وحتى شغل أوقات الفراغ.
وترتب على هذا الخروج العديد من المشاكل الأسرية التي أعضلت الكثيرات، من بينها الاستيلاء على رواتبهن أو منعهن تعسفياً من الخروج للعمل، سواء أكان هذا الظلم من قبل الأب أو الأخ أو الزوج، مما دفع بعضهن إلى رفع قضايا في المحاكم لرفع الظلم الذي تطور خطره إلى منع تزويجهن من أجل حصد أموالهن.(31/53)
هذه القضايا أخذت منحى آخر؛ إذ تشارك المرأة زوجها في بناء السكن وتجهيزه، ثم ينتهي الأمر باستحواذ الزوج عليه دونها أو إيقاعها في فخ الكفالة الغارمة أو الشراء المباشر باسمها، ثم توريطها في التسديد وتحمل تبعات الديون.
ولو ناقشنا هذا الأمر فسنجد له أكثر من بعد، فمن ناحية نجد أن للوالدين حقاً في راتب الابنة بعد أن قاما برعايتها وتربيتها، ومهما أنفقت عليهما فلن تصل إلى تمام برّهما.
ثم للزوج الحق في أن تنفق من مالها على بيتها وأطفالها، طالما أنها تستقطع من وقته وراحته وواجباته حتى لو كان التحاقها بالعمل بموافقته، أما الأبناء و الإخوة فلا مانع من مدّ يد العون لهم من باب البر والتواصل والتراحم.
و لكن من ناحية أخرى من المهم وضع ضوابط تضمن حقوق المرأة في حالة المشاركة المادية سواء أكانت هذه المشاركة في أرض أو عقار أو سيارة، خاصة أن العلاقة الزوجية معرضة للطلاق والوفاة، وهذان الأمران من أهم مسببات ضياع الحقوق في حالة الشراكة بدون إثبات.
وهنا على المجتمع واجب ضمان حقوق المرأة وتوعيتها بطرق الحفاظ عليها، خاصة أن شعور المرأة بالأمان سوف يعطيها دافعاً أكبر للعمل والعطاء في بيئة مستقرة.
الحكم الفقهي
وعن الحكم الفقهي في قضية راتب الزوجة والابنة يقول د. محمد المسير الأستاذ بجامعة الأزهر: إن للزوجة أن تتصرف في مالها بدون إذن زوجها، وراتب الزوجة جزء من مالها الذي تملكه، فلها أن تتصرف فيه بما شاءت ما دام هذا التصرف داخل دائرة الحلال، لأن ذمة المرأة المالية مستقلة عن ذمة الرجل، سواء كان أباً أو أخاً أو زوجاً، فالشريعة الإسلامية أعطت المرأة أهلية كاملة في التملك والتصرف.
وهكذا فإن الزوجة مستقلة في مالها، فمال الزوجة الخاص بها كالمرتب مثلاً لا يجوز قطعًا للزوج أن يأخذ منه شيئًا، إلا برضا الزوجة وطيب نفسها، وأخذ شيء منه كرهًا - سواء أكان هذا الإكراه مقنّعًا أو مكشوفاً- فإنه يعتبر غصبًا. والغصب حرام على المغتصب، ويجب عليه رد المغصوب لمن اغتصب منه. وعقد الزوجية لا يسوّغ أي ضغط على الزوجة، سواء في مالها، أو فيما تراه وتعتقده.
وإذا حدث تراضٍ بين الزوج وزوجته بشأن الخروج للعمل أو راتب الزوجة أو النفقة، فإن الإسلام يتعامل مع الأمر بالتيسير والسماحة، ويقر هذا التراضي، فيجوز شرعاً أن يتنازل كل واحد من الزوجين للآخر عن حقه أو بعضه.
لكن إذا خرجت الزوجة للعمل بدون إذن زوجها، فإنها عاصية لزوجها ومقترفة لمحرَّم، آثمة في فعلها هذا، وتسقط نفقتها، فلا تجب على زوجها باتفاق الأئمة الأربعة.
وإذا عملت المرأة خارج بيتها، ثم أعطت راتبها لأسرتها (والدها أو والدتها أو أشقائها أو شقيقاتها) على الرغم من عدم حاجتهم إلى هذا المال، وامتنعت في نفس الوقت عن مساعدة زوجها وأولادها على الرغم من حاجتهم إلى ذلك المال، فهي امرأة مجافية للحق والعدل، فقد أصبح من العرف المستقر بين الناس، والذي لا(31/54)
ترفضه الشريعة، أن الزوجة الموظفة تساهم بقدر ما في نفقات أسرتها، خصوصاً إذا كانت هذه الأسرة في حاجة ماسة إلى مالها.
أما إذا كان الزوج في غير حاجة إلى زوجته، وكانت أسرة الزوجة في حاجة إلى شيء من مالها، فيستحب مساعدتها إياهم من باب الصلة والبر.
وللزوج أن يرفض خروج زوجته إلى العمل، ما دامت الأسرة لا تستفيد من هذا الخروج، على الرغم من حاجتها إليه، إلا إذا كانت قد اشترطت عليه في صلب العقد أن تعمل، فإن هذا ليس من حقه لرضاه منذ البداية بحق منقوص.
لكن هل يحق للأب أن يأخذ من راتب ابنته شيئاً؟ ذلك يتعلق بكل حالة على حدة، يعني نجد الآن الكثير من الأسر لا يوجد لهم معيل إلا هذه الابنة العاملة التي تعول أهلها جميعهم، وهي راضية بذلك. الأب لا يحق له أن يأخذ مالها دون رضاها إلا في حالة واحدة، وهي أن يكون في حاجة ماسة لمساعدة ابنته، ولكن إذا كان ذا سعة، وليس بحاجة لها فلا يجوز له ذلك.
ـــــــــــــــــــ
عمل الزوجات ... طفلك وبيتك في خطر
بشار دراغمة ومحمد جمال 28/3/1427
26/04/2006
السابعة صباحاً، حالة استنفار كاملة في المنزل، طفل لا يزال نائماً، والأب ارتفع صوته مطالباً زوجته بالإسراع، وتلك الأم تجبر طفلها ابن الأعوام الثلاثة على النهوض من نومه بعدما أمضى ثلثي ليله بصراخ وبكاء بسبب مرضه ليوصلاه إلى حضانته قبل ذهابهما إلى عملهما، تلك هي نماذج من يوميات الزوجة العاملة خارج المنزل في مجتمعنا. فالكثير من المشاكل الأسرية كان سببها عمل الزوجة، وتتراكم تلك المشاكل عندما يكون لدى تلك الزوجة أطفال تضطر لوضعهم في الحضانات، ولدى المربيات بالأجور أو عند الأقارب والجيران مما يؤثر بشكل كبير على تربيتهم وسلوكهم وحتى عاداتهم وتقاليدهم. والكثير من حالات الطلاق حدثت للسبب نفسه، فلا طعام للغداء ينتظر الزوج عند وصوله للبيت؛ لأن الزوجة لم تصل بعد، وربما تتأخر ساعة أو ساعتين عن موعد دوامها الرسمي بسبب ضغط العمل لديها. ويتزامن كل هذا في الوقت الذي يجمع فيه أخصائيو التربية وعلم الاجتماع والنفس والدين على أن عمل الزوجة إذا لم يكن مدروساً ووفقاً لضوابط معينة والتزام كامل فإنه سيكون حتماً مدخلاً لمشكلات لا حدود لها.
طلاق بعد شهرين من العمل
فرحت أمل كثيراً عندما وجدت لنفسها عملاً في إحدى الشركات الكبرى بعد أن قدّمت على مدار ستة أعوام طلبات للتوظيف، لكن دون فائدة، ولم يكن هدفها من العمل سوى مساعدة زوجها في متطلبات الحياة. إلا أن العمل الذي وجدته انقلب نقمة عليها وعلى بيتها وزوجها. وتروي أمل تلك الحكاية بقولها: "فرحت كثيراً عندما حصلت على هذا العمل، فقد كان الراتب الشهري مغرياً جداً، لكن ساعات الدوام طويلة جداً، ولا ينتهي عملي إلا في الثامنة مساء بينما ينهي زوجي عمله في الثانية بعد الظهر".(31/55)
وتوضح أمل -وهي أم لطفلين اثنين- أنها شعرت بصعوبات كبيرة في أولى أيام العمل، ولم يعد بإمكانها التنسيق بين عملها ومتطلبات بيتها وطفليها وزوجها، فكل يوم تعود وتجد زوجها ملقى على تلك الكنبة ينتظر طعام الغداء الذي لن يتم تجهيزه قبل العاشرة مساء، وبعد تناول الطعام يذهب الاثنان للنوم بعد أن يكون قد أنهكهما التعب. بينما الطفلان محمد وأسامة لا يزالان مستيقظين، ولا أحد يعلم متى سينامان.
وتضيف أمل: "لم أعد أجد فرصة للحديث مع زوجي في شؤون البيت، كما أنني -ومن شدة التعب- لم أعد أرى أبنائي إلا دقائق معدودة، ولم أعد أتحدث معهم مطلقاً، وشعرت أن زوجي بدأ يمل من هذا الوضع، ولاحظت أن حالة من العصبية بقيت مرافقه له، وذلك بسبب وضع الأطفال الذين لم أعد أعرف ماذا يريدون، ولم أعد قادرة على تربيتهم، حتى إنني لم أعد أعرف إذا ما كانوا أصحاء أم مرضى".
أما مراد زوج أمل فإنه يتحدث بمرارة عما كان يحدث معه خلال فترة عمل زوجته. ويقول: "بسبب وضع الأطفال في الحضانة فإنني بت أرى أطفالي يتحدثون بكلمات نابية ولا أخلاقية. لقد دهشت كثيراً عندما سمعت أحدهم يشتم الآخر بطريقة لا أريد ذكرها، وفي نفس الليلة طلبت من زوجتي أن تترك عملها بشكل فوري، وتتفرغ لشؤون البيت وتربية الأطفال بدلاً من وضعهم في الحضانة إلا أنها أخبرتني بأن عقدها مع الشركة مدته ثلاث سنوات، وأن هناك شرطاً جزائياً على هذا العقد يشترط دفع مبلغ كبير جداً إذا تركت العمل قبل انتهاء مدة العقد".
مراد الذي وجد نفسه محاصراً، وبات يعاني كل يوم من وضع بيته الأسرى لم يقدر على الاستمرار في تلك الحياة، فما كان منه إلا تطليق زوجته بعد شهرين فقط من عملها.
زوجات عاملات ... نجحْن مرّتين
لم يكن عمل الزوجة عائقاً أمام العديد من العائلات في تحقيق النجاح، فتلك الزوجة التي اختارت لنفسها عملاً في إحدى مدارس الإناث كانت موفقة جداً في عملها، والتنسيق بين العمل وكافة شؤون بيتها. هذا النموذج لخّصته أم عامر من خلال مخطط كامل وضعته بالتنسيق مع زوجها، لكيلا تحدث أي مشاكل في المستقبل بسبب عملها. وفي البداية اتفق الاثنان على أن عمل أم عامر يجب أن يكون في مدرسة للإناث فقط، وينتهي دوامها في وقت مبكر وقبل انتهاء عمل الزوج بثلاث ساعات على الأقل. وتضيف أم عامر: " قرّرنا وضع الأطفال في الحضانة، واخترت حضانة أطفال قريبة جداً من المدرسة التي أعمل بها، وصباحاً كنت آخذ أطفالي معي، وأضعهم في الحضانة، وأطمئن عليهم، وبين كل حصة وأخرى كنت أذهب لرؤيتهم والحديث معهم مدة دقيقتين لكي أبقى على تواصل معهم". أم عامر حققت نجاحها في عملها، وفي الوقت نفسه فقد نجحت في تربية أطفالها وإدارة شؤون بيتها على أكمل وجه.
الحضانة تقود ابنك للعزلة
الدكتور فيصل الزعنون أخصائي علم الاجتماع يرى في حديثه مع شبكة (الإسلام اليوم) بأن عمل النساء المتزوجات يؤثر بشكل مباشر على تربية الأطفال الصغار إذا لم تقم الأم بدورها التربوي، وهي بحاجة إلى مضاعفة جهدها في تربية الأطفال(31/56)
وخصوصاً في مثل هذه الفترة الحساسة للطفل؛ إذ يكون البديل إما في دور الحضانة أو في رياض الأطفال، أو أن تقوم الأم بإرسال الطفل إلى أحد أقاربها أو جاراتها، وهذا يؤثر على عملية التنشئة، وبالتالي على التربية.
ومن ناحية اجتماعية يرى الدكتور الزعنون أن وضع الأطفال في الحضانات يؤدي إلى عزلة الطفل عن المجتمع، وهذا يخالف ما يُعرف عن مجتمعاتنا العربية التي تحتفظ بعلاقات اجتماعية قوية بين أفرادها، أي أن مجتمعنا اجتماعي بطبيعته، عكس المجتمعات الأوروبية.
وأضاف الزعنون بأن أطفال النساء العاملات لا يتلقون التنشئة الصحية عندما يكونون بعيدين عن أمهاتهم إذا كانت فترة العمل طويلة، ولكن على المرأة أن تنسق وقتها لأجل الاهتمام ببيتها وزوجها.
وأضاف الزعنون: "يجب على الزوجين تنسيق الأدوار من أجل تربية الأطفال بطريقة صحيحة لأجل البعد عن حدوث مشاكل قد تؤدي في نهاية المطاف إلى الطلاق، وهي المشكلة التي يكون الاطفال ضحيتها في الحقيقة؛ إذ يثبت علم الاجتماع بأن عدم التفاهم بين الزوجين قد يؤدي إلى الطلاق، وقد يكون من هذه المشاكل عمل الزوجة نتيجة تأخرها إلى ساعات متأخرة خارج البيت".
وقال: "عمل الزوجة بالدرجة الأساسية على الأطفال الصغار؛ لأن هذه المرحلة تُعدّ مرحلة اجتماعية حسّاسة لها تأثيراتها السلبية على الطفل".
الخوف من الآخرين
عملك يجعل طفلك خائفاً
الدكتور عبد عساف رئيس قسم علم النفس في جامعة النجاح الوطنية يؤكد لـ(الإسلام اليوم) بأن هناك دراسات متباينة في علم النفس حول تأثيرات عمل الزوجة على الأطفال والبيت بشكل عام، منها ما يقول إن عمل الزوجة لا يؤثر على الحالة النفسية للأطفال، ودراسات أخرى تبين التأثير السلبي من حيث عدم إعطاء الأم الرعاية الكافية لأطفالها، بحيث لا تشبع تلك الأم الحاجات النفسية لأطفالها بسبب قضاء وقت طويل خارج البيت، ومن الضروري الانتباه إلى إشباع تلك الحاجات، وفي حال عدم إشباعها يؤدي ذلك إلى مشاكل نفسية لدى الطفل، قد تسبب له الخوف وعدم القدرة على التعامل مع الآخرين.
وأضاف "عساف" بأن تغير طبيعة الوضع في المجتمعات العربية والظروف الاقتصادية الصعبة يتطلب من المرأة أن تخرج للعمل بما يناسبها، ولكن يجب ألاّ يكون ذلك على حساب الراحة النفسية للطفل؛ إذ إن حنان الأم لا يُعوضّ في كل الحضانات المنتشرة داخل مجتمعاتنا، حيث تكون هناك نتائج سلبية للحضانات إذا تعاملت الحضانات مع الأطفال بطريقة خاطئة، ولكن في المجمل هناك تناقض في نتائج دراسات علم النفس حول تأثيرات عمل الزوجة على الأطفال والبيت.
وتطرق "عساف" إلى ضرورة أن تكون الحضانات التي يُرسل إليها الأطفال مؤهلة للتعامل النفسي معهم، بحيث تكون جزءاً من المرحلة الأساسية للطفل قبل إرساله إلى المدرسة، وأنه لا مانع من عمل المرأة، ولكن عليها تقديم المزيد من الاهتمام لأطفالها(31/57)
داخل البيت وخارجه؛ لتدارك المشاكل النفسية التي يمكن أن تنتج عن عملها، وخصوصاً إذا كانوا صغار السن.
وأضاف "عساف": "هناك مسؤولية مباشرة تُلقى على عاتق الزوج من خلال قيامه بدور تكاملي مع زوجته، بتحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقه في التربية التي تُعدّ أساساً في تربية الطفل من حيث تفهم وضع الزوجة، التي تحتاج إلى العمل بسبب الظروف الاقتصادية لتحسين وضع العائلة الاقتصادي، أو من أجل تحقيق ذاتها في المجتمع".
الإسلام لم يمنع عمل المرأة
من جهته أكد الدكتور محمد حافظ الشريدة المحاضر في كلية الشريعة بأن الإسلام لم يمنع المرأة من العمل، موضحاً أن عليها أن تختار العمل المناسب واللائق لها بعيداً عن الاختلاط والسفور، و بشرط ألاّ يؤثر عملها على الوظيفة الأساسية التي خُلقت من أجلها، وهي تربية الأطفال وصناعة الأبطال.
وأضاف "الشريدة": "هناك نماذج وردت في السنة النبوية حول عمل المرأة، ومنها رفيدة الأسلمية التي راقبت الأسواق بتكليف من عمر بين الخطاب رضي الله عنه، إضافة إلى مشاركة فعلية للصحابيات في المعارك، وديننا لا يتعارض مع عمل الزوجة، ولكن بشرط الاهتمام بالأطفال وعدم إهمالهم، وخصوصاً عند إرسالهم إلى الحضانات أو أحد الجيران و الأقارب؛ إذ من الواجب تفقّد الطفل جسمياً وتعليمياً ونفسياً بعد عودته من الحضانة".
وقدم "الشريدة" نصائح دينية للنساء العاملات المتزوجات في أن تحرص الزوجة على ملازمة البيت أكبر قدر ممكن من الوقت بهدف إعطاء الزوج والأطفال فرصة مناسبة تؤدي في النهاية إلى التآلف داخل البيت بين العائلة الواحدة.
وأضاف "الشريدة": "لا تحصل -بإذن الله تعالى- أي مشاكل إذا تم كل شيء على أساس التفاهم بين الزوج والزوجة، وإذا فهم كل منهم الآخر وعرف دوره، وفي حال حدث نوع من المشاكل بسبب عمل المرأة فيجب حلها بالتفاهم داخل البيت وليس خارجه".
ـــــــــــــــــــ
أزواج يضربون زوجاتهم!!!
فوزية الخليوي 5/2/1427
05/03/2006
باختلاف النفوس وطبائعها تختلف ردة الفعل عند الغضب، وأثناء النقاش الحاد عند الأزواج، فمنهم من يستطيع أن يملك زمام أعصابه، وأن التحدث بهدوء وروية عند أي مشكلة أو تقصير !! بينما صنف آخر يستعمل يديه قبل لسانه، فما تشعر المرأة إلا ويداه تهوي عليها بالضرب!.
وليس مدار حديثي عن الضرب الشرعي الذي نص الشارع الحكيم عليه في حال النشوز كما قال الله تعالى(واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن) والنشوز هو العصيان والتعالي، وفسر المحدثون الضرب في هذه الحالة أن يكون خفيفًا كالسواك ونحوه!.(31/58)
إن هذا الصدام بين المرأة والرجل، ليس صدامًا ذا هوية، أو مختصًا بشعب أو طبقة معينة من الرجال، أو محكومًا بعادات أو تقاليد، أو حتى ديانة.. إنه صدام بين الرجولة والأنوثة، حيث الرجل والمرأة في كل زمان ومكان.
أنه نابع من إحساس الرجل برجولته، فيظنه أن هذا لا يزيده إلا قوة وشرفًا. ولا يزيد المرأة إلا استكانة وخضوعًا.
أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامةٌ ربواء تجفلُ من صَفِير الصافرِ
حيث ردة الفعل من المرأة باختلاف أجناسهن واحدة. حيث المرأة خالصة الإنسانية لها إحساس بقيمة ذاتها ومعنى وجودها ورفضها الساحق لهذا الأمر.. لماذا؟!!
لأن فيه إهدارًا لكرامتها!!
وسحقًا لآدميتها!!
وجرحًا لكبريائها!!
فقد روى أبو داود في الحديث الصحيح ( أن -النبي صلى الله عليه وسلم- قال: لقد طاف بآل محمد سبعون امرأة كل امرأة تشتكي زوجها، فلا تجدون أولئك خياركم). ومرورًا بوقتنا الحالي فقد ذكر الكاتب (عبد الرحمن السماري) في جريدة "الجزيرة" عن الرسائل الكثيرة التي تصله من الزوجات أو آبائهن أو أمهاتهن والتي تشتكي عنف بعض الأزواج مع زوجاتهم والذي يمتد إلى الضرب الشديد، كاستخدام العصا، أو الحذاء أو توجيه اللكمات على سائر الجسد.
وانتهاءً بإحصائية تتعلق بالولايات المتحدة أن هناك 6 ملايين زوجة يتعرضن لحوادث الضرب من جانب الزوج كل عام وأن عددًا يتراوح بين 2000-4000 زوجة يتعرض للضرب الذي يفضي إلى الموت كل عام، ويضيع ثلث وقت رجال الشرطة في الرد على مكالمات هاتفية للإبلاغ عن حوادث العنف المنزلي.
قد لا يدرك!!
قد لا يدرك الرجل عندما ترتفع يده عاليًا ثم تهوي على وجه المرأة أنه يهوي أيضًا بالمواقف الجميلة السابقة في حقها!!
قد لا يدرك الرجل أن بصمات أصابعه هذه لم تطبع على الوجه إنما طبعت على صفحة إسمنتية رطبة فبقيت شاهدة عليه على مر السنين!!
حقيقة الأنوثة
أن تمييز الرجل لامرأة دون أخرى غلط فاحش فكما تساوت تركيباتهن الجسدية فكذلك النفسية بكون المرأة لها إحساس بقيمة ذاتها ووجودها واعتزازها بإنسانيتها، وأخيرًا في رغبتها في التقدير.
ومن ألطف الدلائل هذه اللفتة من إحدى النساء في هذه القصة؛ فتدبر!
في عهد يوسف بن ناشفين -ملك المغرب والأندلس- تمنى ثلاثة نفر: فالأول تمنى ألف دينار، والثاني تمنى عملاً يعمل به للأمير، وتمنى الثالث زوجته وكانت من أحسن النساء، ولها الحكم في بلاده، فبلغه الخبر فأعطى الأول والثاني ما تمنيا، وقال للثالث: يا جاهل ما حملك على هذا الذي لا تصل إليه! ثم أرسله إليها؛ فتركته في خيمة ثلاثة أيام تحمل إليه في كل يوم طعامًا واحدًا، ثم أحضرته، وقالت له: ما أكلت(31/59)
في هذه الأيام؟ فقال: طعامًا واحدًا، فقالت له: كل النساء شيء واحد، وأمرت له بكسوة ومال وأطلقته!.
أقسام الرجال في هذا الباب:
(1) القابضون على الجمر!!
رأيتُ رجالاً يضربون نساءَهم ... ...
فشلّت يميني يوم أضربُ زينبا
أدرك هذا الصنف أن الرجولة ليست بالسلطة وممارسة القوة! بل هي مصدر للأمان وملاذ للحنان.. تعامل مع المرأة على أنها خالصة الإنسانية، مكتملة الأنوثة، نظر إليها من خلال منظارها هي (على أنه الواحة الخضراء التي تتفيؤ من ظلها وتنهل من معينها، ترتوي به، وتستقر معه) هذا المعنى توّجه عمرو بن العاص فقال: لا أمِلُّ ثوبي، ما وسعني، ولا أملُّ زوجتي ما أحسنت عشرتي، وإن المُلال من سيئ الأخلاق.
وانظر إلى أفعالهم حيث جعلوها خبيئة لهم يحتسبونها عند الله وقد تجاوزوا بذلك حظوظ نفوسهم.
قال قبيضية بن عبد الرحمن : تزوجت بأم أولادي هؤلاء؛ فلما كان بعد الأملاك بأيام قصدتهم للسلام، فاطَّلعت من شق الباب فرأيتها فأبغضتها وهي معي منذ ستين سنة.
أماأبو عثمان الحيري لما سئل عن أرجى عمل عمله فقال: لما ترعرعت ولم أتزوج بعد، جاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان، قد أحببتك حبًّا ذهب بنومي وقراري، وأنا أسألك بمقلب القلوب أن تتزوج بي، فقلت: ألك والد؟ فقالت: فلان الخياط، فراسلته فأجاب فتزوجت بها فلما دخلت وجدتها عوراء، سيئة الخلق؛ فقلت: اللهم لك الحمد على ما قدرته علي، وكان أهل بيتي يلومونني على ذلك، فأزيدها برًّا وكرمًا إلى أن صارت لا تدعني أخرج من عندها، فتركت حضور المجلس إيثارًا لرضاها وحفظًَا لقلبها، وبقيت معها على هذه الحالة خمس عشرة سنة، وكنت في بعض أحوالي كأني قابض على الجمر، ولا أبدي لها شيئًا من ذلك إلى أن ماتت، فما شيء أرجى عندي من حفظي عليها ما كان في قلبي من جهتها!!
(2) أسود في عرين المرأة
أعرفنّك بعد الموتِ تندبُني ... ...
وفي حياتِي ما زوّدتني زادا
نعم لا أنكر أن عدم ارتياح الرجل لشكل المرأة وهيئتها أو تركيبتها النفسية هي من أهم الضغوط التي يواجهها الرجل في حياته الزوجية، مما تجعله يثور لأتفه الأسباب ويلجأ إلى الضرب والسباب أو يجعلها مثارًا للتندر والسخرية، وليس لها أن تنبس ببنت شفه.
ليس معنى هذا ألا يرى للمرأة أي حق في التقدير والتعزيز لصفاتها الإيجابية؛ فكل امرأة تحمل كمًّا هائلاً من العاطفة، فما أن تطأ قدماها بيت الزوجية إلا وهي تحمل أمنياتها وأحلامها وإن اختلف عمق هذه الأحلام من فتاة لأخرى. فمن الخطأ تجاهل جميع ذلك ووأده، وإلغاء مكنونات نفسها بالشتيمة والسخرية، مما يقود إلى اتساع(31/60)
الهوة بينهما.. فما تزيدهما العشرة إلا غربة وكربة، ولا يزيدهما الزواج إلا قهرًا وكبتًا.
ومن أخبارهم أن أحدهم طلق امرأته فقالت بعد عِشرة خمسين سنة، قال: مالك عندي ذنب غيره.
وقيل لأعرابي: كيف حبك لزوجتك؟ قال:ربما مدت يدها إلى صدري فوددت والله أن آجرة خرّت من السقف فقدت يدها وضلعين من أضلاع صدري.
وإلى هؤلاء ما قاله الرافعي رحمه الله:إن زوجة الرجل إنما هي إنسانيته ومروءته؛ فإن احتملها أعلن أنه رجل كريم، وإن نبذها أعلن أنه رجل ليس فيه كرامة.
الآثار السلبية للضرب:
1-النفور بين الزوجين:
عندما يجعل الزوج الضرب متنفسًا للمشاعر السلبية، يجمع بذلك بين الألم النفسي والجسدي، وهو الذي نهى عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فقال: "لا يجلد أحدكم زوجته جلد البعير، ثم يجامعها آخر اليوم" [رواه البخاري].
وهنا تحدث الجفوة النفسية بينهما، والتي تكون سببًا مباشرًا للتباعد بين الزوجين، وإن جمعهما سقف واحد، وأدى كل منهما حقوقه وواجباته.
2-أثر المشاجرات على نفسية الطفل:
إن الشجار وضرب الأم أمام أعين الأبناء يفقدهم الشعور بالأمن، ويجعلهم حائرين بين الولاء لأبيهم أو لأمهم. وقد يستغل الطفل أحدهما ضد الآخر، إضافة إلى أنه يعطيه فكرة سيئة عن الحياة الزوجية، والطمأنينة في البيت.
3-حدوث الطلاق:
لا عجب أنه عند تفاقم العنف ضد المرأة، تلجأ إلى الطلاق كحل سلمي، كما فعلت حبية زوجة ثابت بن قيس، عندما ضربها فكسر بعضها، فجاءت إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فقالت: لا أنا ولا ثابت، فقال: أتردين عليه حديقته، فقالت: نعم، فطلقها.
ولعل ارتفاع نسبة الطلاق يؤيد بعضًا من ذلك؛ ففي إحصائية نشرتها جريدة "اليوم" السعودية (11128) أن المحاكم السعودية تسجل يوميًّا ما بين 25-35 حالة طلاق، أي معدل 16 ألف حالة سنويًّا مقابل 66 ألف حالة زواج.
ـــــــــــــــــــ
الخيانة الزوجيّة... أزواج وزوجات في قفص الاتهام.. من منهم يقتل الحياة؟
بشار دراغمة وخلف خلف / فلسطين / خاص 29/1/1427
28/02/2006
الزواج رباط مقدس وعهد وثيق. الأصل فيه الاستقرار والطمأنينة والأمانة. بصفته أنه سيكون أسرة تكون لبنة أساسية في المجتمع. إلاّ أن بعض البيوت باتت مغلقة على مآسي بسبب الخيانات الزوجية، وقاعات المحاكم تعج بالقضايا، وتطالعنا الصحف على صفحاتها اليومية بحالات كثيرة وقصص بشعة، وما خفي منها أعظم. ومن فينا لم يقرأ أو يسمع عن حالات خيانة أزيل الغموض الذي يلفها وأخرى ما زالت مجهولة الأسباب؟(31/61)
الخيانة بدأت تظهر للسطح بسبب عوامل عدة. أهمها انتشار ثقافة الغرب في صفوف الشباب والفتيات في المجتمعات العربية والإسلامية. في وقت بات بعض الناس ينظر فيه لخيانة الرجل أمراً طبيعياً يحتاج "المسامحة" أحياناً، بعكس خيانة المرأة. ولم يكن أحداً يسمع في خيانة زوجة مسلمة أو زوج طوال سنين حينما كانت الأمة العربية والإسلامية في أوج عهدها إلا في حالات نادرة؛ إذ كان الحد الشرعي والخوف من الله كفيلين في ردع تفشي مثل هذه الظاهرة.
إذاً ما الأسباب التي سمحت بتفشي هذه الرذيلة في المجتمعات العربية والإسلامية في هذه الأيام؟ وكيف نوقفها؟ هل القانون المطبق كافياً لردعها؟ وكيف تنعكس الخيانة على استقرار الأسرة وتماسك المجتمع؟ وما هو الدور الذي لعبته وسائل الاتصال كالهاتف المحمول والإنترنت وبعض الفضائيات في تفشي هذه الظاهرة؟ كل هذه الأسئلة سنحاول الإجابة عنها في محاولة للوقوف على الأسباب ووضع أيدينا على الحلول.
اختلاط وفروق وخيانة "متبادلة"
يقول الخبير الاجتماعي مهند حماد: إن الخيانة الزوجية بدأت تشق طريقها مع بداية السماح للمرأة بالعمل في أماكن مختلطة بشكل غير شرعي. وكذلك إهمال إحدى الزوجين للآخر، وهذا أصبح منتشراً بشكل كبير في عالمنا المتسارع، وأيضاً الحرية الزائدة التي يمنحها الزوج لزوجته في بعض الأحيان. الكذب في العلاقة الزوجية؛ فإنه يعصف بأركان هذه العلاقة ويثير قلاقل ومشاكل قد تؤدي لعلاقات غير شرعية لدى الزوجين. ناهيك عن الزواج الخاطئ من البداية حين يكون بين الزوجين فرق شاسع في العمر. وتفضيل ذات الحسب والنسب والمال على صاحبة الأخلاق. والأمر ذاته بالنسبة للفتيات. وأيضا الفرق في المستوى التعليمي يكون باباً لعدم التفاهم أحياناً. بسبب تباعد مشاعر الزوجين أو سوء التفاهم المتبادل فيما بينهما، وإهمال أحدهما أو كلاهما أواصر الحياة الزوجية وحسناتها، عندئذ تكون بداية الغرس غير المشروع لفكرة الخيانة، العلاقات غير الشرعية، وما يُطلق عليها صداقة بين الشاب والفتاة، وبخاصة رفقاء ورفيقات السوء. ولا نغفل هنا دور الإنترنت في عصرنا؛ إذ تكشف معظم العلاقات غير الشرعية أنها بدأت عن طريق التعرف من خلال شبكة الإنترنت.
الرجل السبب أم المرأة؟
أما أخصائية التربية والاجتماع عهود الماني فإنها ترى أن الرجل والمرأة كليهما يتحمل جانباً من المسؤولية؛ إذ إن المرأة يجب ألاّ تشغل نفسها دائماً في أمور البيت وتربية الأطفال دون أن تلتفت لتجديد مظهرها وتنمية ثقافتها لكي لا تسمح للرجل أن يبحث عن شيء مفقود لديه في الخارج بطريقة محرمة.
كما أن الرجل أيضاً يكون سبباً لخيانة زوجته، حين يمارس ضدها عنفاً جسدياً ونفسياً. مثل منعها من إبداء الرأي أو ضربها أو منعها من حقوقها كزوجة. كل هذه الأمور من المحتمل أن تقود لخيانة الزوجة وبخاصة إذا كانت الظروف لديها مهيأة لمثل هذا الأمر.(31/62)
وأضافت "الماني": "ناهيك أن معظم الدراسات تؤكد أن الخيانة تكون عادة متبادلة. إذا انحرف الزوج وخان هناك احتمالية كبيرة أن تقبل زوجته على مثل هذا الأمر. وهذا نابع عن جهل أحياناً حين يعتبر أحد الزوجين أن في ذلك انتقاماً. ويؤكد الخبير الاجتماعي أن هذه الثقافة منتشرة بشكل كبير في المجتمعات الغربية وبدأت تتسلسل لدى المجتمعات العربية".
أمور هامة يجب معرفتها
ويؤكد "حماد" على أنه من الضروري على الأزواج معرفة الأمور الهامة التي قد تؤدي لانتشار حالات الخيانة لإزالة هذه الظاهرة البشعة من المجتمع. ويختتم الدكتور قوله: من يتعرف على أسباب الفساد والشر لا يقع فيهما، بل يعمل قدر طاقته على تلافي هذه الأسباب، وتحصين أهله منها، ليتجنب جمارها وأهوالها.
وفيما إذا كان للتطور التكنولوجي دور في تفشي ظاهرة الخيانة الزوجية يؤكد "حماد" أن التكنولوجيا بجميع حالاتها سلاح ذو حدين، قائلاً: الهاتف المحمول والإنترنت مما لا شك فيه أنها مثلت طفرة نوعية في حياتنا اليومية وجعلتها أفضل. ولكن هناك من يستخدمها بالوجه الآخر. ولا نستطيع الإنكار هنا أن الهاتف المحمول والانترنت سهلا عملية الخيانة الزوجية للذين يسعون إليها. بمعنى أنه على الرغم من تطور وسائل الاتصال لم يوجد ذلك الخيانة الزوجية بل أتاح الفرصة أمام من لديهم الرغبة في الخيانة، والنتيجة انهيار الأسرة وضياع الأبناء.
الجانب النفسي
الدكتور في علم النفس فايز عقل يقول: الأسباب التي تقود للخيانة تتعدد وتُردّ في بعض أحيانها إلى جذور العلاقة الزوجية وعدم التوافق والانسجام بين الزوج والزوجة سواء كان انسجاماً فكرياً أو عاطفياً، وهما جانبان مهمان لإنجاح أي زواج، وفي حال افتقاد أحدهما فإن الحياة الأسرية قد تتعرض للانهيار أو حدوث شروخ فيها مثل الخيانة.
ويضيف دكتور علم النفس: العيادات النفسية تسجل حالات كثيرة لأزواج وزوجات من مشاكل الخيانة. ويرى الدكتور أن التربية في المجتمعات العربية تنشئ أجيالاً بتصور خاطئ عن المرأة والعكس صحيح. ولكن الدكتور يرى أن المرأة يُلقى على كاهلها مسؤولية كبيرة؛ إذ إنها التي تربي وتعلم وتثقف، وهي التي تتحمل في النهاية مسؤولية الخيانة الزوجية.
وعن الطرق التي يمكن للزوجين اكتشاف خيانة أحدهما يقول الدكتور عقل: الجانب النفسي يلعب دوراً، فمجرد سؤال أحد الزوجين عن المكان الذي تواجد فيه أو أي شيء من هذا القبيل والتقاء العينين يتضح كل شيء.
وكما أن الإنسان في حالة الكذب يقوم بإغلاق يده اليسرى كونها مرتبطة بالدماغ؛ إذ يدلل ذلك على أن العقل الباطني يرفض الإفصاح عما يجول بداخله.
وعن الحلول التي يقترحها الدكتور يقول: العلاقة السليمة بين الرجل والمرأة يجب أن تقوم بالأساس على الاختيار السليم لبعضهما بعضاً، والمرأة لا يمكنها أن تقضي حياتها تكافح من أجل ألاّ يخونها زوجها.(31/63)
وفي رده على كيفية تصرّف كلا الزوجين في حال اكتشف خيانة الطرف الآخر قال الدكتور عقل: أستطيع القول: إن ذلك بداية سيسبب النقمة، وسيشكل جرحاً نرجسياً للطرف الذي صُدم بالخيانة. أما فيما يتعلق بالحلول فأعتقد أن لكل حالة لها ظروفها، ولا نستطيع الحكم هكذا. فالشريعة الإسلامية أوضحت العقاب الذي يستحقه الخائن. ولكن في ضوء تعطيل العمل بالشريعة في هذا الجانب يُترك الباب مفتوحاً لاجتهادات المجتمع
ـــــــــــــــــــ
الفتور الزوجي.. هل يحتاج إلى عيد لإنعاشه؟!
مصطفى الأزهري 24/1/1427
23/02/2006
هناك حالة شبه عامة لا تكاد تخلو منها حياة زوجية، مهما تكون حالة الحب والتوافق والانسجام التي تظلل حياة الزوجين فيها، فهناك شكوى متكررة من حالة فتور أو خمول أو تراخٍ تصيب مشاعر الزوجين بعد مرور وقت على الزواج، طال هذا الوقت أم قصر، المهم أن هذا الإحساس يحدث بالفعل، وقد يهدد العلاقة الزوجية نفسها في بعض -أو ربما- في كثير من الأحيان. ومن هنا كان هذا التساؤل فإن الأمر يحتاج إلى وقفة تأمل وبحث في الأسباب المؤدية لهذا الفتور في حياة الأزواج، وكيف يمكن تدارك ذلك وعلاجه.
السعادة الزوجية بين مدّ وجزر
السعادة الزوجية هدف يسعى إليه كل من يفكر في الزواج؛ فالهدف من إنشاء هذه العلاقة أصلاً هو نشدان الاستقرار النفسي والوصول إلى حالة الأمن العاطفي، لكن في ذات الوقت علينا أن نعترف بأن السعادة الزوجية مفهوم نسبي لا يسهل قياسه وتعميمه.. وهو يعني فيما يعني رضا الزوجين عن حياتهما الزوجية بشكل عام وبدرجة عالية..
وتقييم العلاقات الزوجية بأنها سعيدة أو تعيسة، لابد له أن يرتبط بمرحلة زمنية معينة تمر فيها هذه العلاقة.. وبعض العلاقات تكون في قمة السعادة الزوجية في فترة معينة.. ثم تتغير الأمور والأحوال.. وهناك لحظات سعيدة جداً.. أو ساعات، أو أيام، أو أسابيع، أو سنوات.. أو العمر كله... وبالطبع كلما طالت المدة السعيدة كلما كان ذلك أفضل.
وترتبط السعادة الزوجية بنجاح العلاقة الزوجية في وظائفها ومهماتها والتي تتمثل في الجوانب التالية:
تأمين العيش المشترك، والسكن والحب، وتلبية الرغبات النفسية والعاطفية والجنسية للطرفين، وفي إنجاب الأطفال وتربيتهم، وفي تلبية متطلبات المنزل والمعيشة، وفي تحقيق المتطلبات والأدوار الاجتماعية المتنوعة، وغير ذلك.
وتتأثر السعادة الزوجية بالنجاح أو الإخفاق (النسبي) في تحقيق الوظائف السابقة بالنسبة للزوج أو الزوجة أو كليهما وبشكل مُرض ومقنع.. وبعض العلاقات تنجح في تحقيق عدد من الوظائف الزوجية، ولكنها تخفق في بعضها الآخر.. ولا بد من القول بأن العلاقة الزوجية هي مشروع طويل الأمد يتطلب الإعداد والجهد والجد، وفيه(31/64)
مسؤوليات متنوعة .. وكلما أُنجزت مهمات معينة ظهرت مهمات ومسؤوليات أخرى يجب إنجازها..
من أين يأتي الفتور الزوجي؟!
إذا قلنا إن السعادة الزوجية هدف نهائي ترمي إليه الأسرة بركنيها الأساسيين: الزوج والزوجة، فإن تلك السعادة تتأثر بعدد من المشكلات الحياتية التي يمكن أن تجعل من هذا الزواج زواجاً تعيساً أو مضطرباً..
فمثلاً الشخصية النكدية، أو الشخصية الأنانية، أو الشخصية العدوانية المضطربة، أو الشخصية ضعيفة المهارات، أو المفرطة في الحساسية نحو الآخر.. يمكن لها إذا كانت تنطبق على أحد الزوجين، أن تحوّل الحياة الزوجية إلى لغم موقوت، وإلى مشكلات لا تنتهي.
ويلعب الملل الزوجي أو الفتور الزوجي دوراً كبيراً سلبياً في التعاسة الزوجية.. وأسبابه متنوعة، وبعض أسبابه ترتبط بالمجتمع وثقافته، وتكوين الزوجين وثقافتهما وعقدهما النفسية وتاريخهما الأسري..
وفي حالات الملل الزوجي تزداد المشكلات الزوجية، ويزداد الخصام والصراخ والسلبية وابتعاد كل طرف عن الآخر في نشاطاته وأهدافه اليومية.. ويلجأ البعض إلى الاستغراق في العمل أو في هوايات أو نشاطات خاصة يهدف من خلالها أن يثبت نفسه، وأن يخفف من إحباطاته، وأن يعطي نفسه شيئاً من التوازن والمتعة والتجديد، ولكنه يضيف بذلك مزيداً من الضغوط على علاقته الزوجية، ويساهم بزيادة تسميم أجوائها، ومن ثم ينشأ في نفس طرفي هذه العلاقة "جدار عازل" يحول بين الأمل الجميل الذي كان، والواقع الجاف الكائن فعلاً،
ومن الممكن أن يتورّط أحد الزوجين ـ إن لم يكن هناك سياج حافظ من الدين والتقوى ـ في علاقة عاطفية مخفقة أو مزيفة أو متسرعة.. يمكنها أن تضيف إلى مشكلات العلاقة الأصلية المضطربة، وربما تؤدي إلى مرحلة اللا عودة أو الطلاق.
ترميم العلاقة وتجديدها
ومن الممكن بالطبع حدوث الترميم أو الإصلاح أو التجدد خلال مرحلة الملل الزوجي.. وربما يكون الملل والروتين والجمود دافعاً طبيعياً إلى تجدّد العلاقة، وإلى اقتراب الزوجين من بعضهما في كثير من الحالات..
وأخيراً.. لا بد من التأكيد على أن السعادة الزوجية والعلاقة الزوجية الناجحة ترتبط مفاتيحها بعدد من الأمور والصفات والسلوكيات، ومنها: المسؤولية، والتفاعل، والتعاون، والمشاركة، والحوار، و الصداقة، والحب، والحساسية للطرف الآخر، وعين الرضا، والتكيف، والتوافق، والتكامل، والمرونة، والواقعية، ولعل الحفاظ على نبع المودة والرحمة هو ما يضمن لهذه العلاقة الاستمرار والتجدّد حتى وإن وصلت إلى حد الفتور؛ فالعاطفة المشبوبة المتوهجة ليست أبدية، وجذوتها ليست مشتعلة باستمرار؛ لكن الأبقى هنا هو "المودة والرحمة"، وهي صفات إنسانية تمثل وقاية وحماية لمشاعر الزوجين من التآكل والانهيار. ولعل هذا ما أشارت إليه الآية الكريمة في قول الله تعالى:(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة..).(31/65)
وأيضاً فإن العلاقة الزوجية تبدأ وتكبر وتنضج وتشيخ وتموت.. ولابد من التنبه لهذه الدورة الطبيعية والتدخل المستمر لرعايتها وتصحيح أخطائها ومشكلاتها وضمان حياتها لسنوات طويلة..
حساسية المشاعر وعدوى السعادة
وفي تشخيصه لأسباب إصابة الأزواج بالفتور العاطفي وكيفية علاج هذه المشكلة يقول د. إلهامي عبد العزيز ـ أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس ـ: إن هناك حقائق تتعلق بالعلاقة العاطفية لا يدركها الكثير من الناس ومنها: أن هذه المشاعر تتسم بالحساسية الشديدة وسرعة التأثر، فهي بالضبط كالزهور أو النباتات إذا لم تلق الاهتمام والعناية والمناخ الملائم سرعان ما تذبل وتموت.. وفي رأيي ـ يضيف د. إلهامي ـ فإن أول أسباب الفتور للعلاقة العاطفية بعد الزواج هو عدم وجود أحلام جديدة مشتركة بين الزوجين يسعيان لتحقيقها. فقبل الزواج كان لهما حلم وحيد هو الارتباط، فلا بد أن تستمر الأحلام بعد الزواج ومنها: الحفاظ على الحب وإنجاب أطفال ناجحين في الحياة وتحقيق نجاحات عملية في مجال العمل، وغير ذلك من الطموحات والأحلام المشروعة.
من جانبها، ترى د. سهير عبد العزيز ـ مدير مركز دراسات الأسرة بجامعة الأزهر ـ أن سعادة أحد الزوجين أو حزنه ينعكسان بشكل مباشر على الآخر، وصدق من يقول: إن السعادة عدوى والحزن عدوى أيضاً.. وعلى كل منهما أن يحرص على السعادة النفسية والانسجام الذاتي مع نفسه أولاً، وذلك بتحقيق علاقة طيبة مع الله، ومصارحة مع النفس والرغبة الحقيقية في إسعاد الزوج واعتباره طريقاً لإرضاء الله تعالى. . وتضيف د. سهير: إن من بين وسائل تحقيق السعادة الذاتية "الكلمة الطيبة" لما لها من أثر طيب في دعم المشاعر بين الزوجين، وفي تخفيف كل منهما عن الآخر؛ فالكلمة الطيبة ـ كما تؤكد د. سهير عبد العزيز ـ إلى جانب تأثيرها الطيب فهي في الآخرة صدقة باقية.. إلى جانب العناية بالنفس والتزين، وكلها أمور حث عليها الدين لدعم الرابطة العاطفية بين الزوجين.
والكلمة الطيبة لها دورها دائماً.. وكذلك الحوار والتفاهم ورفع الظلم وتعديله، وأخذ كل ذي حق حقه.. وتبقى السعادة الزوجية مطلباً وحلماً يسعى الجميع نحوه.
ـــــــــــــــــــ
زيجات القرن الحادي والعشرين..الطوابع والوشم والكاسيت!
د. ليلى بيومي 20/1/1427
19/02/2006
تُعدّ ظاهرة الزواج السّري إحدى الظواهر الغريبة التي طرأت على المجتمع المصري خلال السنوات الأخيرة بين شباب الجامعات والمدارس الثانويّة؛ بل والإعداديّة أيضاً، وتطور الأمر من كتابة العقد على ورق الكراسة إلى عقود مطبوعة تُباع في المكتبات بخمس جنيهات، ويقوم الطالب والطالبة بالتوقيع عليه دون شهود أو بوجود أحد الأصدقاء، وبدون مهر، ولا ولي ولا إشهار ولا توثيق، وقد ظهرت منه أنواع أخرى، مثل: زواج الكاسيت.. الوشم.. الطوابع.(31/66)
فزواج الكاسيت لا يحتاج إلى ورقة أو شهود، وإنما يكتفي الطرفان بوجود كاسيت وشريط، ويسجل عليه كلٌّ منهما الكلمات التي يردّدها المأذون الشرعي، ويحتفظ كل منهما بنسخة منه.
أما زواج الوشم فهو عبارة عن كتابة وثيقة الزواج بالوشم على الجلد. وزواج الطوابع أسهل الأنواع، حيث يقوم كل طرف بلصق طابع بريد على جبين الآخر فيصيرا زوجين!!
جولة مع الطالبات حول "العرفي"
تقول سارة شعبان (ربة منزل عمرها 38عاماً): لقد تزوجت زوجي ووالد أولادي زواجاً رسمياً، وبعد سنوات قليلة تدهورت حالتنا الاقتصادية نتيجة توقفه عن العمل، وكثرت المشاكل بيننا، وانفصلت عنه، وأخذت الأبناء معي لأربيهم، وبهذا الانفصال حصلت على معاش والدي الذي كان موظفاً كبيراً.
ولاحقاً تدخل الأقارب والأصدقاء للإصلاح بيني وبين زوجي، واتفقنا على الاستمرار معاً، لكن كان الحل الأمثل هو عقد زواج عرفي عند المحامي. بسبب الحاجة إلى معاش والدي.
تستعرض (منى) والتي رفضت ذكر اسمها كاملاً – ربما خجلاً – تجربتها مع الزواج العرفي, تلك التجربة التي بدأت مع مقدمها للقاهرة للالتحاق بالجامعة قادمة من الخليج وتقول: عندما التحقت بالجامعة جاءت والدتي معي في العام الدراسي الأول، ثم ما لبثت أن لحقت به، وتركتني مع أخي. وأنا وأخي لا ينقصنا شيء، فعندنا الشقة المجهزة والمال.. لكن ينقصني أمي وأبي، ووجدت ضالتي في زميلي بالكلية، وهو شاب يعيش في منطقة شعبية.. ذكي ولبق.. ولا تملك أسرته أية إمكانات لزواجه.. وأحياناً يعمل في مجال النقاشة لكي يساعد نفسه.. وهو يرتدي ثياباً أنيقة في الجامعة، وبالطبع أهلي لن يوافقوا على هذا الزواج، فكان الحل هو الزواج العرفي، وأحتفظ معي بورقة الزواج، وأمّنت نفسي بعدم الحمل، ولا أدري حتى الآن هل سيستمر زواجنا أم لا؟!
وتعترف (سها طايل) الطالبة بكلية الإعلام من جانبها بأن ما يحدث الآن من علاقات بين الشباب ليست زواجاً عرفياً لكنه زواج سريّ، لأنه يتم بعلم الشاب والفتاة فقط، وأحياناً كثيرة تكون ورقة إثبات الزواج مع الشاب الذي يمزقها وقت اللزوم. ولأنه شيء جديد على مجتمعنا فقد سبب صدمة، وأنا أعرف طالبات تزوجن عرفياً في معظم الكليات النظرية (آداب- حقوق- تجارة) لكن الكليات العملية تقل فيها هذه الزيجات تماماً؛ لأن الجدول الدراسي مشحون، ولا وقت فيه لمثل هذه الأمور.
"م.ع" إحدى الطالبات بالسنة الثالثة بكلية التجارة قالت: أنا لا أرى في الزواج العرفي حرجاً، والفتاة تتزوج من الشاب عرفياً تجنباً لتعقيدات الزواج، والتي قد تطول وتدوم لسنوات ونحن الآن في عصر السرعة، وكل شيء أصبح سهلاً وميسوراً، وماذا ننتظر أن يحدث بعد أن يتصادق الفتاة والشاب لسنوات، والجميع على علم بذلك فكل فتاة لها صديق، ومع التعود ومرور الوقت، وقضاء معظم أوقات اليوم سوياً يشعران باحتياجهما للزواج فيتم الزواج العرفي مؤقتاً كتجربة حتى يتم الزواج الرسمي!(31/67)
تداعيات تعقيد الزواج
تقرّ "ر.ص" وهي فتاة جامعية بأنها لجأت إلى الزواج العرفي بعدما ضاقت ذرعاً برفض أهلها لعدد العرسان الذين تقدموا إليها من الباب بحجة أنهم دون المستوى المادي أو الثقافي، وترى أن المتهم في هذه القضية هم الأهل الذين يدفعون أولادهم للزواج السري أو العرفي الذي سيحقق أحلامهم في الارتباط بفارس الأحلام وفتاة الأحلام في غيبة عن الأهل الرافضين للزواج الرسمي بكل ضماناته التي يكفلها للطرفين على حد سواء، وكم من مآسٍ تسبب فيها الأهل لأبنائهم وبناتهم جرّاء دفعهم دفعاً للزواج العرفي.
فما أجمل الركون إلى حكم الله ودينه وتنفيذ سنة نبيه -صلى الله عليه وآله وسلم- القائل: "إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه... إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"
ـــــــــــــــــــ
هل في الزواج مكان للصداقة؟!
إبراهيم الزعيم 27/8/1426
01/10/2005
العلاقة الزوجية أساس متين من أسس الحياة أرسى قواعده الإسلام العظيم؛ فقد جعل المودة والرحمة عنواناً لهذه العلاقة التي تميزت عن غيرها من العلاقات التي قد تنشأ بين أي طرفين، ولكن السؤال الذي أحببنا إثارته هو: إلى أي مدى يمكن أن يعد كل من الزوجين زوجه صديقاً له؟
حول هذه القضية كان لنا في شبكة (الإسلام اليوم) هذا التحقيق.
أساسها تقوى الله وطاعته
نادر شبلاق (48 عاماً) قال: إن الحياة الزوجية قائمة على المودة والرحمة؛ فالزوجة سكن لزوجها والزوج سكن لزوجته، فإذا ما عد كلا الزوجين الآخر شريك حياته في حلوها ومرها فإن العلاقة الزوجية تتطور إلى أرقى مستوياتها، وتذوب معها كل الخلافات التي قد تعكر صفو الحياة.
ويضيف شبلاق " إذا بنى الزوجان حياتهما على تقوى الله - سبحانه وتعالى- وطاعته، فإن الصداقة والشراكة ستكون عنوان حياتهما، الأمر الذي سيمنحهما السعادة والطمأنينة؛ لذلك أدعو الأزواج إلى تطبيق هذا الأساس العظيم؛ لأنه ركن مهم في صداقة أي اثنين، وخاصة إذا كان هؤلاء الصديقان هما الزوجين".
وأكد أن المصارحة بين الزوجين تُعد بداية لصداقة وشراكة بين الأزواج؛ إذ إنها تقرب القلوب من بعضها، مضيفاً " إذا كانت البداية كذلك فإن الفوارق النفسية والفكرية بينهما ستزول، وترفرف عليهما السعادة والطمأنينة والراحة النفسية".
اعتبار كل من الزوجين زوجه صديقاً له يعد عاملاً رئيساً من عوامل استمرار الحياة الزوجية، فهو يساعدهما على الاقتراب من بعضهما أكثر فأكثر، بحيث تزول كل الحواجز التي كانت بينهما في السابق، بهذه الكلمات بدأ محمد الأستاذ (22 عاماً) حديثه معنا، مضيفاً " إنني أعد زوجتي صديقة لي وشريكة حياتي، لذلك أصارحها في كل مايخصنا، وأسعى دائماً لاستشارتها".(31/68)
ليس في كل الأحوال
أما محمد (27 عاماً) فقد خالف رأيه رأي سابقيه؛ إذ يرى أنه لا يمكن اعتبار الزوجة صديقاً في كل الأحوال، ويفسر محمد -الذي تزوج منذ عامين- رأيه هذا فيقول: " الكذب هو سر نجاح الزوجين؛ لأن النساء عندهن حساسية من تصديق الصدق، فطالما أن الزوج صادق فيجب أن يكذبوه، الزوج حتى ينجح في حياته، وخاصة بعد مرور سنوات على الزواج يحتاج إلى نفاق زوجي أحياناً، فأحياناً يكون غير راغب في الجلوس مع زوجته ويضطر أن يحدثها قليلاً حتى تتركه وشأنه" .
أم عبد الله (32 عاماً) ترى أن اعتبار كل من الزوجين الآخر صديقه أمر يقزم العلاقة الزوجية، مشيرة الى أن الصداقة لاتنطبق على العلاقة الزوجية؛ إذ إنها تُعدّ أعم من هذا الوصف، إلا أنها استدركت قائلة: " إذا عددنا المصارحة والمشورة صداقة فقد يكونان صديقين، إلا أن العلاقة في المجمل لايمكن حصرها في هذه الكلمة" .
في الحياة العامة
أم أحمد (20 عاماً) قالت لنا: إنه من الممكن أن يكون الزوجان صديقين، إلا أنها بينت أن ذلك ليس حالة عامة؛ إذ إن هناك أموراً لا يمكن أن يكون فيها الزوجان أصدقاء.
وبينت لنا ذلك بقولها: " في الحياة العامة من الممكن أن يكونوا أصدقاء من خلال نقاشهم في القضايا التي تهم المجتمع بشكل عام، أما في القضايا التي تتعلق بحياتهما الخاصة فإن الصداقة ستكون جزءاً بسيطاً من حياتهما".
أما زوجها أبو أحمد (26 عاماً) فقال: إن الزواج نعمة من الله - سبحانه وتعالى- وهذه النعمة تُعدّ مثلاً يحتذى في العلاقة، فهي جامعة لكل الأوصاف الحسنة التي قد تجمع اثنين.
ويضيف أبو أحمد -الذي أبدى إعجابه بهذا الموضوع الذي تناقشه شبكة (الإسلام اليوم) على بساط البحث- أن الصداقة حب وإخلاص ومودة ورحمة، مؤكداً أن هذا مايفتقده الكثير من الأزواج في هذه الحياة.
مكمّل للآخر
الشيخ علي غراب - الداعية الإسلامي – قال: إن المشاركة بين الزوجين يجب أن تكون من الناحية النفسية والإنسانية التي أمر بها الشارع الحكيم؛ إذ قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم:21]. فهذه الرحمة لا تتم إلا عبر تآلف الزوجين، بحيث يشعر كل منهما أنه مكمل للآخر، فلا يكون الزوج متسلطاً على زوجته، ظاناً أن له اليد الطولى في الإنفاق والقوامة، فالأمور لاتتم على هذا النحو، ولكن وفق منظومة إسلامية أمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم – بقوله: "رفقاً بالقوارير".
وأضاف الداعية الإسلامي أن الإسلام اعتنى عناية فائقة بالعلاقة الزوجية، وغلفها بغلاف الرحمة والرأفة والمودة، مؤكداً أن الغرب الذي يتشدق بحرية المرأة ويزايد على الإسلام لم يصل إلى ما وصل إليه الإسلام في احترامه وتقديره لهذه العلاقة.(31/69)
ويوضح أنه من خلال هذه العلاقة التي تربط الزوجين ببعضهما تنبع أهمية مشاركة كل منهما الآخر في تطلعاته وهمومه، وهو الأمر الذي لربما لايوجد بين اثنين آخرين، فالحب والرحمة والصداقة لابد أن يدفع كلاً منهما إلى إفشاء أسراره للآخر، ليس من باب الفضيحة، وإنما من باب النصيحة، حتى تُبنى الأسرة على لبنة متينة، بحيث يُعرف من خلالها مواطن الضعف فتقوى، ومواطن القوة فتصبح أشد قوة.
شراكة لا تنتج سلعاً
أما محمد السويركي - باحث فلسطيني ومهتم بشؤون التنمية البشرية – فقال: إن العلاقة الزوجية من الأمور التي حيّرت الكثيرين، فهي وعلى الرغم من كونها في ظاهرها علاقة شراكة إلا أن طبيعتها مختلفة، فهي من ناحية علاقة بين طرفين، وفق شروط معينة تخص مصالح الطرفين يمثلها عقد الزواج، لكنها من الناحية الأخرى (وعلى العكس من الشراكات العادية) يمكن أن تختل، بل ويمكن أن تستمر في حالة الخلل دون احتجاج من الطرف الآخر (المرأة في الغالب الأعم)، ذلك أن ما ينتج عن هذه الشراكة شيء مختلف عما تنتجه الشراكة العادية، فهي شراكة لا تنتج سلعاً، أو تحقق أرباحاً يمكن اقتسامها، بل تكون نتيجتها أسرة وأبناء لا يمكن اقتسامهم، أو إعطاؤهم لفريق دون الآخر؛ لأن البناء الأسري ساعتها سيختل من أساسه، موضحاً أنه من هنا يجب رؤية الأمر من خلال نظرة صحيحة، وهي أن الزواج مؤسسة قائمة على الشراكة، لكن شراكة مرنة من نوع خاص، ومرونة هذه الشراكة تنبع بشكل أساس من الطبيعة اللطيفة للمرأة، ومن الحرص الذي ميزها الله به على المحافظة على بنيان الأسرة.
ويضيف الباحث الفلسطيني متسائلاً: " فما هي طبيعة هذه العلاقة؟ وما هي الأشكال التي يمكن أن تتخذها؟ ". ويجيب قائلاً: " العلاقة الزوجية- وبلا مبالغة- يمكن أن تبين لنا نوعية المجتمع الذي نحن بصدد دراسته، فكلما اختلت العلاقة بين الرجل والمرأة نمّ ذلك عن اختلال في القيم المجتمعية، لذا لن نجد مجتمعاً يحترم نفسه يقبل على نفسه أن يظلم المرأة، ونحن في منطقتنا العربية نجد هذا الأمر واضحاً؛ ففي الوقت الذي اختلت فيه موازين المجتمع؛ إذ ابتعد الناس عن دينهم، وجدناهم - والرجال تحديداً- يصبحون أكثر جرأة على اقتراف الظلم بحق المرأة، والعكس صحيح، فكلما لمسنا آثار عودة الشباب إلى دينهم وإلى ربهم وجدنا أن تلك العلاقة تعود إلى شكلها الصحيح الذي أراده الله لنا، ولا ننسى أن ننوه إلى ما للعلم وانتشار التعليم من أثر إيجابي في زيادة ثقة الرجل بنفسه، مما يمكنه من أن يكون طرفاً فاعلاً في علاقة زوجية سليمة.
وحول وصف العلاقة الزوجية بالصداقة أشار إلى أن كلمة "صداقة" هي كلمة جميلة، لكن العلاقة الزوجية يمكن أن تكون أجمل، فبينما نتعامل مع الأصدقاء على قاعدة الندية، فإن علاقة الرجل بالمرأة يجب أن تكون أكثر رقياً، بحيث يمكن للرجل أن يكون أكثر استيعاباً لزوجته، وللمرأة أن تكون أكثر انحيازاً لزوجها دون أن ترى فيه خصماً كما يحاول البعض أن يقنعنا، وقد وصف الله -عز وجل- الحياة الزوجية بأنها بنيان قائم على أساس من "المودة" و "الرحمة" (وجعل بينكم مودة ورحمة)، والمودة والرحمة هما أجمل وأرق وألطف المشاعر الإنسانية التي يمكن أن تقوم(31/70)
عليها شراكة، مضيفاً أن علاقة الزوج بزوجته يمكن أن تقترب من شكل الصداقة إذا ما توفر بين الطرفين مجموعة من الأخلاق ومنها: الاحترام المتبادل، حصر الخلافات الزوجية في أضيق نطاق، الفخر بالطرف الآخر أمام الآخرين، حسن الإنصات للآخر، الشكر الدائم كل للآخر على ما يقدمه من جهد. وهي أخلاق إذا ما تم التعامل وفقها، فإنها تفرض على الزوجين احترام كل منهما للآخر، وهو الأساس الطبيعي لعلاقة زوجية سليمة.
مفاهيم مغلوطة
د حمدان الصوفي -أستاذ مساعد في قسم أصول التربية بالجامعة الإسلامية – قال: لو قلنا إن الزواج في الإسلام يُعدّ صداقة وشراكة لكانت التسمية دقيقة جداً، والسبب في ذلك أنها تشبه الشراكة من ناحية المصالح المشتركة والضريبة المطلوبة من كل طرف؛ إذ يتصف الزواج بعدة أوصاف وهي أنه حقوق وواجبات، ورعاية ومسؤولية، فعلى كل من الزوجين أن يقدم الرعاية للحياة الزوجية، والنبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها" ، بالإضافة إلى أنه يتطلب تحمل الأذى والصبر عليه، فالصداقة لا يمكن أن تتم بدون صبر وتحمل، والله يقول: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا...)[طه: من الآية132]، كما أن الخطاب موجه إلى المرأة في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "لو كنت آمر أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"، موضحاً أن النصوص القرآنية توضح هذا المعنى بشكل كبير، وذلك من خلال قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1]. فهذه الآية توضح أن هذه النفس مشتركة - وهي نفس آدم عليه السلام - وخلق الزوجين منها، مضيفاً أن التسمية ذاتها (الزوجان) توضح مدى حقيقة الشراكة والصداقة الزوجية.
وحول طبيعة الرابطة بين الزوجين يقول د. الصوفي: إن الله - سبحانه وتعالى- وضح هذه العلاقة من خلال العديد من الآيات، منها قوله تعالى: (...وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً) [النساء: من الآية21]، فطبيعة العلاقة قوية، والإسلام أضفى عليها نوعاً من القدسية والاحترام، مشيراً إلى أنه إذا كانت طبيعة الرابطة بهذه القوة فإن طبيعة العلاقة كذلك تتجاوز حد الصداقة، فإذا قلنا: إنه صداقة، فإنه من خلال وجه من وجوهه صداقة، لكنه أعمق من الصداقة والشراكة؛ إذ إن الصداقة والشراكة والتكافل كل واحدة منها تعدّ وجهاً من وجوه العلاقة الزوجية"، كما يتضح ذلك من قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم:21]. فطبيعة العلاقة الزوجية تشمل السكن والطمأنينة والمحبة والرحمة التي تظهر على الجوارح، كما يقول سبحانه وتعالى: (...هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ...) [البقرة: من الآية187]، وهذه الكلمة فيها معاني تربوية كثيرة، فكلمة اللباس توحي بمعاني كثيرة وهي: الستر؛ فالزوجان كل منهما ستر للآخر: ستر مادي ومعنوي. والزينة؛ فالزواج زينة.(31/71)
والحماية؛ فالزواج يحمي الزوجين من الوقوع في المهالك. والقرب والالتصاق؛ فالزوجان كل منهما قريب من الآخر نفسياً وعقلياً. والإمتاع؛ فالحياة الزوجية فيها متعة عقلية وجسمية ووجدانية.
وأضاف أن الحديث عن الصداقة والشراكة لا يلغي شخصية أحد الزوجين؛ إذ إن هناك استقلالاً كاملاً لكل منهما، كما أن العلاقة بين الزوجين ليست قائمة على التنافس وتنازع الأدوار، مضيفاً أن الزواج قائم على تكامل الأدوار والوظائف.
وأشار الى أن هناك الكثير من المفاهيم المغلوطة حول العلاقة الزوجية، مثل الخلط بين الاستبداد والتحكم والقوامة؛ إذ يحرم الزوجة من إبداء الرأي والتصرف بحجة أن له القوامة، وبين المشاورة والرضوخ؛ إذ إن البعض يعتقد أن من يشاور زوجته يُعدّ محكوماً لزوجته أو راضخاً لها، و من المفاهيم المغلوطة الخلط بين العنف والرجولة؛ إذ يعد بعض الأزواج أن الرجل هو "العنيف" مع زوجته وأبنائه، والليّن هو الضعيف
ـــــــــــــــــــ
للطلاق ...وجهُ مشرق؟!!
فوزية الخليوي 4/8/1426
08/09/2005
يسير كلٌّ منا إلى الأمام، وقد وضع نصب عينيه آمالاً يريد تحقيقها، وفجأة تحدث الكارثة، وتنقلب حياته رأساً على عقب بوقوع الطلاق!!
إن أزمة الطلاق ليست فقط حالة نفسية صعبة!!
فداخلياً: هي حالة تتكاتف فيها النفس والجسد معاً من انكسار للقلب و ضيق بالنفس وإحساس بالمرارة وخيبة الأمل، والشعور بالوحدة وفقدان النوم.
وخارجياً: تكمن في الموروث الثقافي الاجتماعي كقولهم: (ظل راجل ولا ظل حيطة) ، (دخول الرجل البيت رحمة ولو كان فحمة )... مما يهدّد المرأة بالنبذ الاجتماعي مستقبلاً!!
ومما يزيد من حيرتها في أمرها وإن كانت على شفا جرف هارٍ!!
وخسارة المرأة عاطفية أكثر منها مادية؛ لأنه موجود في إدراكها وعقلها ووجدانها!!
أرِقْت فبات ليلي لا يزولُ ... ...
وليل أخي المصيبة فيه طولُ
وفقد الزوج بالطلاق أصعب من فقده بالموت؟!
فكلاهما موجع ولكن الأول يشوبة الإحساس بالخيانة والظلم وخيبةالأمل!! مما لايحدث في الثاني!!
ثم إن نظرة المجتمع للمرأة المطلقة نظرة فيها الكثير من الريبة وتحميلها المسؤولية!! بينما فى الثاني هي نظرة عطف وشفقة!!
وحالة الاحباط هذه تقودها إلى الشعور بالاكتئاب مما يمنحها إحساساً بالذنب والندم تتسع هوتّه بوجود الأبناء الذين سيدفعون الثمن من مشاعرهم ومستقبلهم!!
لو ذاق طعم الفراق رضوى ... ...
لكاد من وجده يميد(31/72)
قد حمّلوني عذاباً شوقاً ... ...
يعجز عن حمله الحديد!!
وما يحدث نتيجة هذة الضغوطات أن يدخل كل من الرجل والمرأة في حالة نفسية قد لا يستطيع الخروج منها فمن تناول الحبوب المهدئة إلى التردّد على العيادات النفسية؟؟ ولأن الكثير منا لايتقن فنّ قلب الصفحات بسهولة!! ولطيّ هذه الصفحة من حياتنا علينا التفكير ببعض الأمور الإيجابية:
(1) تكفير الذنوب:
فإنه ما أصاب المؤمن من همّ ولا غمّ ولا أذى إلا كفّر الله به من خطاياه قال ابن القيم فى مدارج السالكين: أذى الخلق لك كالدواء الكريه من الطبيب المشفق عليك! فلا تنظر إلى مرارة الدواء وكراهته!!ومن كان على يديه!! وانظر إلى شفقة الطبيب الذى ركّبه لك وبعثه على يدي من نفعك بمضرته!!
(2) تهذيب النفس:
هى فرصة كبيرة لأن يتأمل الفرد حاله وينظر فى عيوبه والأخطاء التي بدرت منه فى حق الآخرين على المدى الطويل.
(3) المناجاة مع الله:
عندما تدلهمّ الخطوب وتنغلق الأفهام يعلم المرء يقيناً أن لامناص إلا في القرب من الله قال ابن القيم: أقرب ما يكون الله من عبده عند ذله وانكسار قلبه ولأجل هذا كان " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" رواه مسلم لأنه مقام ذل وانكسار بين يدي ربه!!
(4) تعزيز الثقة بالنفس:
ففى اتخاذ قرار مصيري كالطلاق والمضي فى تحقيقه! على سلبيّته يعزز من ثقة المرء بنفسهوقدراته!!!
(5) العدل مع العباد:
وأكثر ما يتحقق ذلك فى النساء فمتى ما رأت الظلم الواقع عليها من تسريحها دونما سبب! أو تفضيل زوجة أخرى عليها! أو ضربها وشتمها! وما يسبق الطلاق من تبادل للاتهامات بين الزوجين! وكيل كل منهما التهم للآخر فى أمور قد تخفى ويتفاجأ فيها الطرف الآخر!! فهنا يدرك المرء مدى خطورة بخس العباد لحقوقهم؟!
(6) لمّ الشمل:
ما يحدث من التفاف الأسرة على المطلق وإسباغهم الحنان ومؤازرته في هذه المرحلةلأمر إيجابي لايحدث دائماً فى زحمة الحياة!
(7) تقوية أواصر الصداقة:
تتقوى العلاقة مع الأصدقاء الذين يبث لهم المطلق شكواه مما يخفف من ألم المعاناة على نفسه ويجد في ذلك الكثير من المشاركة الوجدانية التي تساهم في رفع الدعم المعنوي له!
(8) الاعتبار في تقلّب الأحوال:
في خوض غمار تجربه الطلاق حيث تكمن صعوبتها في الانقلاب الشديد عما كان المرء عليه؛ إذ تفقد المرأة الزوج المنزل وقد يشمل الأمر الأبناء أيضاً!!(31/73)
وهذا من أشد العظات في أن الدنيا لا تدوم على حال!! ومما يخفّف من وطأة هذا الأمر على النفس أن يرى المطلق أن هذا ليس له وحده!! بل هو سنةٌ كونيةٌ ماضيةٌ في الخلق، وأن هناك الآلاف ممن خاضوا هذه التجربة!!
وفي قصة عشق عبد الرحمن بن أبى بكر لزوجته ليلى بنت الجودي لعبرة؛ إذ إنه شُغف بها فكانت أخته عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها تكلمه في هذا!!
فقال لها: دعيني فوالله إني لأرشف من ثناياها حب الرمان!!
فسقطت أسنانها فتركها؟! فكانت عائشة تكلمة في رحمتها فيأبى!! وكان أقصى ما فعله أن سرحها إلى أهلها!! فكانت عائشة تعجب من حاله معها!!
فَما لِيَ وَقِرناً لا يُغالَبُ كُلَّما ... ...
مَنَعتُ أَمامي جاءَني مِن وَرَآئِيا
(9) املئي قلبك بحب الله:
محبة الله هي البلسم الشافي لكل جراحناوقد قدّر الله أن المرء مع من أحب يوم القيامة...
والمحبة عندما سئل عنها الجنيد؟ قال: عبدٌ ذاهبٌ عن نفسه متصلٌ بذكر ربه قائمٌ بأداء حقوقهناظرٌ إليه بقلبه فإن تكلم فبالله وإن نطق فعن الله وإن تحرّك فبأمر الله وإن سكن فمع الله فهو باللهولله ومع الله!!!
ولأن الرجل هو صاحب السلطة والكلمة الأخيرة إذ إن من كمال رجولته أن يقدم بعض التنازلات!!! صيانةً للزوجة وحفظاً لماء وجهها!!
فله أقول:
(1) لاتلتمس العثرات:
ما أجمل أن يذكر كل من الزوجين صاحبه بالخير. ولا يبدي هفواته وسقطاته للآخرين ولو كانوا من أقرب الناس إليه!!
وقد بوّب النسائي" باب النهي عن التماس عثرات النساء" لحديث: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يطرق الرجل أهله ليلاً. أن يتخوّنهم أو يلتمس عثراتهم" رواه البخارى 5243
وهذا من تمام الرجولة في حق الزوج ومن تمام العقل في حق الزوجة!!
تَعَمَّدَني بِالضَيمِ حَتّى شَكوتُهُ ... ...
وَمَن يَشكُ لا يَعدَم مِنَ الناسِ شاكِيا
(2)لاتمعن فى القسوة:
ففى الطلاق نفسه من الألم ما يكفى المرأة ويجرحها!!!فيا حبذا لو تنازل الرجل عن بعض الأمور ووضع نصب عينيه معاناتها المكبوتة!!
وصرخاتها المخنوقة!!
ويمضي قدماً دون وضع العراقيل أو محاولات التشفي!!
ولا أشك أن في هذه الحادثة شيء من القسوة عندما طلقت والدة الحجاج بعث زوجها لها من يبلغها على ألاّ يتعدى كلمتين!!!فقال لها الرسول: كنتِ فبِنتِ؟
فردت : كُنا فما حمدنا!!
وبِنا فما ندمنا!!!(31/74)
وإنه لفرق واضح بين فعل الحسن بن علي عندما طلق زوجته الخثعمية؛ إذ بعث لها مبلغاً كبيراً من المال تطييباً لخاطرها فقالت: متاعُ قليل من زوج مفارقّ!!
(3)لاتنسيا الأيام الجميلة:
حتى إذا تُجُرّعت الغصّاتوانطلقت الآهات.... لايمنع أن نذكر الأيام الجميلة واللحظات الهانئة.....
ولا شك إن لتذكرها بلسماً شافياَ لجراحنا ..مما يخفف من وطأة المعاناة!!!!
(4) أنفق على عيالك:
تبقى مسألة النفقة الورقة الرابحة في يد الزوج بعد الطلاق وكثير من الأزواج يستخدمها لليّ يد الزوجة وإذلالها!!
والزوج العاقل هو الذي يفصل أبنائه عن المشكلة بل ويعدّهم جزءاً منه وإنفاقه عليهم كإنفاقه على نفسه!!
ورحم الله أيوب السختياني العالم الرباني الذي قال لتلامذته: لو أعلم أن أبنائي يحتاجون إلى بقلة ما جلست معكم ساعة!!
(5) كن فتياً:
الفتوة : هى فضيلة تأتيها ولا ترى نفسك فيها!
وقد سئل الأمام أحمد عن الفتوة؟ فقال: ترك ما تهوى لما تخشى!
ومن مظاهرها: ترك الخصومة والتغافل عن الزلة ونسيان الأذية.
ينسى صنائعه والله يظهرها ... ...
إن الجميل إذا أخفيته ظهرا
ـــــــــــــــــــ
قصص من الحياة
الإسلام اليوم - الرياض 3/8/1426
07/09/2005
قصص الطلاق كثيرة، وحكاياه لاتنتهي، وردة فعله تتفاوت من امرأة إلى أخرى، منهن ما يرونه نهاية الحياة – وقد تكون محقة ولها ما يبرر نظرتها تلك – ومنهن من يرونه مجرد حدث من أحداث حياتها يتم التعامل معه ومعالجته في حينه – وقد تكون محقة ولها ما يبرر نظرتها هذه –.
وللطلاق أسباب ومسببات، منها ما هو متصل بطرف دون آخر، ومنها ما سببه الطرفين جميعاً، ومنها ما تكون الظروف المحيطة هي المجبرة على مثل هذا الأمر، وقصص الطلاق في هذا الجانب كثيرة ومتعددة، نحاول في هذا التحقيق أن نستعرض ونتناول أبرز مشاكله من خلال ما يصل إلى بريد الموقع في نافذة الاستشارات..
هل الخلع يحقق لي السعادة؟
موقف من ضمن المواقف الجريئة التي وصلت إلى بريد (الإسلام اليوم) تقول صاحبته: كنت موظفة بسيطة، قابلت رجلاً يكبرني في السن بأكثر من عشرين سنة، وأقمنا علاقة جنسية ولمدة طويلة، ثم تزوجنا، هو متزوج من زوجة أخرى، ومع ذلك(31/75)
وافقت، علاوة على أنني كانت لي علاقات سيئة مع رجال أجانب، وقد تزوجت زواجاً عرفياً أكثر من مرة، وقمت بأربع عمليات إجهاض، وغير ذلك من الذنوب والمعاصي والآثام والمنكرات، وطبعاً أهلي لا يعرفون شيئاً عن هذا، وقد حججت أنا وزوجي، لكني لا أصلي ولا ألتزم بالحجاب الشرعي، ومنذ حوالي ثلاث سنوات وأنا أفكر في الطلاق، رغم أنني مازلت أحبه وهو يحبني جداً، أنا أحس أنه يكذب علي كثيراً، أنا متأكدة أنه لا يخونني، ولكن إحساسي يقول لي يوجد شيء خطأ، وهو رافض الطلاق ويحاول أن يجعلني أُصلِّي، ولكني عنيدة، وكلما يسألني صليتِ؟ أقول: لا، هذا أمر بيني وبين ربنا، وأنا لا أحب أي شخص يفرض علي شيئاً، وحتى أجبره ليطلقني أقوم بالخروج من البيت كل يوم لوحدي، أذهب عند أهلي، ونروح سينما، أو أجلس على مقهى، وألبس لبساً ضيقاً، وأعمل مكياجاً جميلاً، وأرجع منتصف الليل، وأذهب إلى المصيف مع البنات لوحدنا، وألبس (المايوه)، وحتى الآن هو رافض موضوع الطلاق، ويقول غداً ربنا يهديني، والآن أنا أفكر في الخلع، ولكن ليس عندي سبب غير أنني غير مرتاحة، وأنا متأكدة أن مستقبلي سوف يكون أحسن بدون زوجي هذا، صديقة لي قالت: إذا طلبت الخلع سوف يأخذ منك كل شيء مثل الشقة، والسيارة، والذهب، وحتى الملابس من حقه أن يطلبها، وصديقة أخرى قالت: طالما كتب هذه الأشياء باسمك فلا يستطيع، أريد أن أعرف هذه الأشياء حتى أعرف ما أفعل، زوجي لم يضربني مرة واحدة، ولم يسبني أيضاً، ولم يعايرني بالماضي، ولكن أنا لا أريده، علماً أن ظروفه المالية الآن تعتبر حرجة، ولكن ليس هذا هو السبب. ماذا أفعل؟ والسلام عليكم.
أجاب على هذه الرسالة فضيلة الدكتور سليمان بن إبراهيم الأصقه بقوله:
الأخت السائلة: لقد قرأت كلامك في هذا السؤال أكثر من مرة، ووجدت أنك تكلمت بكل صراحة ووضوح، ولذا فإني أطلب منك أن تفتحي لي قلبك وترعي لي سمعك، وتقرئي ما سأكتبه لك؛ لأني سأتكلم بكل صراحة ووضوح، فأقول:
واضح أنك تبحثين عن الراحة والسعادة، ولكنك والله أخطأت طريقها، واضح أنك غافلة عما خلقت لأجله، قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"[الذاريات: 56] إنك – يا أختي – في أمسّ الحاجة إلى شيء واحد، هو التوبة النصوح مما اقترفتيه من الذنوب، أنت تعلمين أن الصلاة واجبة، بل هي ركن من أركان الإسلام الخمسة، وفي الحديث قول النبي –صلى الله عليه وسلم- "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله" أخرجه الترمذي (2616)، وغيره من حديث معاذ بن جبل –رضي الله عنه-، وأنت تعلمين أن ترك الصلاة حرام، بل هو كفر، قال صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل والكفر أو الشرك ترك الصلاة" أخرجه مسلم (82) من حديث جابر –رضي الله عنه-، وقال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه-: (لا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة) أخرجه مالك (84) في الموطأ، وقال ابن مسعود – رضي الله عنه-: (من ترك الصلاة فلا دين له). فكيف تريدين السعادة والراحة وأنت لا تغتسلين من الجنابة ولا تصلين؟!
إنه يجب عليك أن تتوبي إلى الله –تعالى- من الفواحش التي اقترفتيها بأي اسم سميتيها، فهي الزنا بعينه الذي قال الله – عز وجل- عنه: "ولا تقربوا الزنى إنه كان(31/76)
فاحشة وساء سبيلاً"[الإسراء: 32]، لقد وصف النبي –صلى الله عليه وسلم- حال الزناة والزواني في قبورهم أنهم في تنّور أسفله واسع، وأعلاه ضيق، وهم عراة يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا – أي صاحوا من شدة حرّه-. انظر ما أخرجه البخاري (1386) من حديث سمرة بن جندب –رضي الله عنه- نسأل الله العافية. عند قوله تعالى: "لها سبعة أبواب" أي لجهنم، قال بعض السلف: (أشد الأبواب غمًّا وحرًّا وكرباً وأنتنها ريحاً للزناة الذين ارتكبوا الزنا بعد العلم).
أنت تعلمين أنه يجب عليك أن تتحجبي، وقد ذكرت أنك حاولت ولم تفعلي كيف لا تفعلين ذلك، وقد أمرك ربك وخالقك والذي شق سمعك وبصرك، وأصحّ بدنك، ورزقك العافية بقوله سبحانه وتعالى: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن" [النور: 31]، فيأمر الله –تعالى- المؤمنات -أسأل الله أن يجعلك منهن- ألا ينظرن بأبصارهن إلى ما حرم الله، ويحفظن فروجهن من الزنا والفواحش، ولا يظهرن زينتهن إلا ما ظهر منها، ولا يمكين سترة من الثياب والعباءة ونحوها، وليرخين بخمرهن -أي حجابهن- على جيوبهن أي أعلا صدورهن، ولا يظهرن زينة إلا للمحارم ثم ذكرهم وهم: (الزوج، والأب، والابن... إلخ..)، وقال تعالى: "وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب" [الأحزاب: 53]، وقال تعالى: "وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى"[الأحزاب: 33]، أتدرين ما هو تبرج الجاهلية الأولى الذي نهى الله –عز وجل- عنه؟ إنه خروج المرأة ومشيها بين الرجال متكشفة -كما هو حالك الذي ذكرتيه في السؤال-، وقال تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً"[الأحزاب: 59]، فهذا أمر الله –تعالى- لنبيه- صلى الله عليه وسلم- أن يأمر النساء بإدناء أي تقريب جلابيبهن، والمراد بها العباءة أن تقربها من رأسها وبدنها حتى تسترها وتتميز المرأة الحرّة بذلك.
يا أختي الكريمة: إن الحجاب للنساء عبادة وفطرة وحياء، وطهارة، وعفة، وكرامة، وسعادة، فإذا كنت تريدينها فدعي عنك التبرج والتهتك والتفسخ، ولا عذر لك في ذلك. إنني أنصحك بالبقاء مع زوجك هذا ما دام يحبك وتحبينه، وتتوبي إلى الله أنت وإياه مما اقترفتموه سابقاً، وتنجبون الأولاد، وتعيشون حياة هانئة سعيدة، إنه زوج فيه خير كثير، يأمر بالصلاة، ولا يعيرك، ولا يسبك، ويحبك، وأنت متأكدة أنه لا يخونك، فكيف تفرطين فيه؟ إن سبب ذلك هو ما تعيشينه من غفلة عما خلقت له حتى ظننتي أن السعادة في الحرية من كل شيء، لا تريدين أحداً يفرض عليك شيئاً، كأنك تريدين أن تعودي لما كنت عليه سابقاً من علاقات كثيرة، وزواج عرفي، وفساد، وهذا والله هو الضياع والتعاسة؛ ولذا أنت تقولين: (إن إحساسي بيقول فيه حاجة غلط، (إنني غير مرتاحة)، (وأنا متأكدة أن مستقبلي سوف يكون أحسن بدون زوجي هذا)، وأنا والله الذي لا إله غيره ولا رب سواه – سبحانه وتعالى- متأكد أن حالك سيكون أشد تعاسة إذا طلقك زوجك وبقيت على حالة الغفلة التي أنت فيها.(31/77)
إنه لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها بدون سبب مقنع -كما هو حالك-، قال صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غيرما بأس فحرام عليها رائحة الجنة" أخرجه الترمذي (1187)، وأبو داود (2226)، وابن ماجة (2055) من حديث ثوبان –رضي الله عنه-، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن المختلعات هنّ المنافقات" أخرجه الترمذي (1186)، وأبو داود (2226)، وابن ماجة (2055) من حديث ثوبان –رضي الله عنه-، إنني أكرر عليك مرة أخرى بأن تتوبي إلى الله –تعالى- وتعودي إليه، فإنه يحب التوابين ويفرح بهم، ويغفر ذنوبهم، ويستر عيوبهم، ويسعدهم مهما كانت الذنوب عظيمة، فإن الله يغفرها لمن تاب. قال عز وجل: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم" [الزمر: 53]. احمدي الله –تعالى- أنه أمهلك إلى الآن ولم يقبضك وأنت على تلك الفواحش والعظائم، واستدركي حالك قبل أن يفاجئك الموت فتندمي ولا ينفع الندم، إنك مع الإيمان والتوبة النصوح والعمل الصالح، وتلاوة القرآن الكريم وتدبره، تسعدين وينشرح صدرك، وستقولين أين أنا من هذه السعادة، وعند الموت تعودين إلى ربك الذي وعد المؤمنين بالروح والريحان، ودخول الجنان، والنجاة من النيران، كم ستعيشين؟ مائة سنة؟ ثمانين سنة؟ سبعين سنة؟ أقل؟ أكثر؟ وكلها مليئة بالمنكرات والمنغصات، ثم تنتقلين إلى الآخرة، وهناك السعادة الأبدية أو التعاسة والشقاوة السرمدية. إن تلك السنوات المعدودة لا تساوي شيئاً عند حياة أبدية لا تنقطع، فلا تضيعيها بشهوة عابرة وضحكة ساخرة، وضياع وغفلة، قال تعالى: "يا قومي إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار" [غافر: 39].
أسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، واسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب أن يشرح صدرك، ويتوب عليك، ويمن عليك بالسعادة. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
استغلني ثم طلقني!
من ضمن القصص المؤلمة أيضاً التي وصلت إلى بريد الموقع تقول فيها صاحبتها: لقد تزوجت قبل سنوات ، وذهبت إليه في بلدنا، حيث كان هناك، وتم الزواج ورجعت إلى محل إقامتي؛ لكي أعمل له الأوراق، وأخذت مني مدة سنة وأربعة أشهر، وطيلة هذه الفترة كان أهلي يبعثون له مصروفه في بلدنا، من مسكن ومأكل ومشرب، حيث كانت التكاليف كثيرة- كما تعلمون كم تكلف مثل هذه الأمور- أكملت المعاملة وبعثت له أجور التذكرة، وجاء إلى البلد الذي أقيم فيه وفرحنا بقدومه كثيرًا بعد صبر طويل، وحمدت الله على سلامته. لقد فوجئت بعدم شوقه لي، وعدم تحدثه بكلام الحب الذي أسمعني إياه عندما كنت في بلدنا، بعد أسبوعين من وجوده معي وإذا بي أفاجأ بأنه يتصل بي ويخبرني بأنه ترك البيت، لم أصدق، ذهبت إلى غرفتي، وفعلًا رأيت أنه قد أخذ معه حقيبته، كانت صدمتي كبيرة لدرجة؛ ولا زلت إلى هذا الحين تحت العلاج طيلة هذه السنين وحتى الآن وأنا معلقة لم يسأل عني، ولم يبعث لي أي مصروف، وأذكر أنه قبل يومين من تركه البيت قال لي: طالق. وكنت أتصوره يعاني من مشكلة نفسية، وقد تأكدت عندما قالت لي والدتي بأنه قد قال لها(31/78)
بأنه قد طلقني، وفي نفس اليوم ترك البيت بعد أن وجد صديقه ليسكن معه، حيث إنه استغلني وأهلي في سبيل الحصول على تسهيلات السفر والهجرة! وعدم مخافة الله في أنه قد ظلمني وحطمني وأساء إلى سمعتي، وبقيت أخاف أن أخرج من البيت لكي لا أواجه الناس؛ لأن زوجي تركني بعد أسبوعين من مجيئه، ولا زال الناس تأتي لكي تبارك لي زواجي الفاشل مع الأسف. شيخنا الفاضل: إنني ضحية البساطة والطيبة في هذا الزمن الذي كثر فيه الغدر و الكذب والخداع، فضيلة الشيخ الجليل: ما الحكم الشرعي لحالتي هذه؟ هل أعتبر طالقًا؟ حيث إنني أريد أن أخرج من أزمتي هذه وأرى مستقبلي؛ لأنني أشعر أنني مكبلة بالهموم والخوف، و عدم الثقة بالبشر- مع الأسف الشديد- حيث كنت بكامل ثقتي بنفسي وبالناس. شيخنا الفاضل: إنني بانتظار رأيكم السديد، الرجاء عدم وضع رسالتي هذه في الصفحة. أثابكم الله.
وقد أجاب عليها نزار بن صالح الشعيبي بقوله: أختي السائلة: لا تحزني ولا تقلقي على ما جرى لك، وأوصيك بالصبر والاحتساب، وإني على يقين تام بأن الله تعالى- قد رحمك بأن صرف عنك هذا الرجل الاستغلالي اللئيم، وقد اختار الله تعالى- لك ما هو خير لك في دينك ودنياك، وأحب- يا أختي- أن أذكرك بأمور:
1) أن المؤمن في هذه الحياة مبتلى، فدار الدنيا دار ابتلاء وامتحان، والله سبحانه وتعالى- يبتلي عباده المؤمنين، وكلما زاد إيمان الشخص زاد بلاؤه، فنوحٌ عليه السلام، ابتلي بابنه وزوجته، وإبراهيم عليه السلام، أمر بترك زوجته وابنه الرضيع في وادٍ غير زرعٍ، ولما بلغ ابنه معه السعي أمر بذبحه، فامتثل لأمر ربه، ورُمي به في النار، فصبر، وأيوب عليه السلام، مرض سنين عددًا، وموسى عليه السلام، خرج من مدينته خائفًا يترقب، وأمر بإعلان الدعوة فلحقه من الأذى من قومه عنادًا واستكبارًا ما بسط بآيات من القرآن الكريم، ويوسف عليه السلام، رُمي في الجُبِّ مِن قِبَل أقرب الناس إليه (إخوانه)، ويباع رقيقًا بثمن بخس، وهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، ثم تعرض عليه الفتنة فيرفضها حتى أودع في السجن بضع سنين، ها هو ذا والده يعقوب عليه السلام، تبيضُّ عيناه من الحزن على ابنه يوسف عليه السلام، وهو كظيم، فدعا بدعائه المشهور: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ)[يوسف: 86]. وقال عندما وصله نبأ ابنيه: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)[يوسف: 83]. ونبينا وحبيبنا محمد صلى الله وعليه وسلم، خليل الرحمن المبعوث رحمة للعالمين، ينشأ يتيم الأبوين، ويُرمَى عليه سَلَا الجَزُورِ، وهو ساجد لربه تعالى عند الكعبة، وتتوالى عليه الأحزان في عام الحزن، فتموت أحب الناس إليه زوجته خديجة، رضي الله عنها، وعمه أبو طالب، ويخرج من أحب البلاد إليه، ويقاتله قومه حتى يُشجَّ جبينه الشريف، وتُكسر رَبَاعِيَتُه، وهو صابر لله تعالى، ومحتسب، وتتوالى المصائب والابتلاءات عليه حتى آخر لحظة من حياته، فتتوالى عليه سكرات الموت حتى يغمى عليه، صلى الله عليه وسلم، ويدخل عليه الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، ويلاحظ شدة الألم عليه، صلى الله عليه وسلم، فيقول له: يا رسول الله، إنك توعك وعكًا شديدًا. قال صلى الله عليه وسلم: "أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ". أخرجه البخاري (5648) ومسلم (2571). ويسأله، صلى الله عليه وسلم، سعدُ بن أبي وقاص، رضي الله عنه- عن أشد الناس بلاء؟ فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم:(31/79)
"الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ؛ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ". أخرجه ابن ماجه (4023) والترمذي (2398) وقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وصححه الألباني.
2) أن المصائب التي تصيب الإنسان، وإن كانت في الظاهر شرًّا له إلا أنها في الحقيقة تحمل معها خيرًا للمؤمن إذا صبر واحتسب، ولم يجزع ويسخط؛ فعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مُصِيبَةٍ يُصَابُ بِهَا الْمُسْلِمُ إِلَّا كُفِّرَ بِهَا عَنْهُ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا". أخرجه البخاري (5640) ومسلم (2572) واسمعي هذه البشرى العظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم، والتي يزفها لنا الصحابيان الجليلان أبو هريرة وأبو سعيد الخدري، رضي الله عنهما؛ إذ يرويان لنا حديثًا هو سلوى لكل مسلم؛ إذ يقول صلى الله عليه وسلم: "مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ ". أخرجه البخاري (5642) ومسلم (2573). ويقول أيضًا، صلى الله عليه وسلم: "مَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ". أخرجه الترمذي (2399) وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وحسنه الألباني. وكلنا ذو خطأ ومعصية، وتقصير، وكلنا بحاجة إلى تطهير من الذنوب والمعاصي.
3) أن على المسلم الصبر والاحتساب إذا أصابته مصيبة، والشكر والحمد عند حصول السراء، وهذا من خصائص المؤمن فهو بين الصبر والشكر، هكذا يسير في حياته، ويروي لنا صهيب، رضي الله عنه، تعجب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم- من حال المؤمن، فيقول صلى الله عليه وسلم: "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ". أخرجه مسلم (2999). فهذا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم- يخبر بأن الصبر عند الضراء هو خير للمؤمن.
4) أن الصبر خير عطاء يمنحه الله تعالى- لعبده المؤمن؛ فعن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَصْبِرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِنْ عَطَاءٍ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنْ الصَّبْرِ". أخرجه البخاري (1469) ومسلم (1053)
5) تذكري- يا أختي- أن على العبد ألا يستسلم لمثل هذه الأحزان، وأن عليه أن يواجهها بقوة وشجاعة وإيمان؛ فالمصيبة الكبرى هي مصيبة الدين، وكل ما سواها هين وسهل، وعليه أن يتجاوزها؛ فهي فترة زمنية يعقبها فرج الله تعالى، فليس من الصواب أبدًا استمرار هذا الحزن معك سنتين كاملتين، واسمعي إلى هذه التوجيهات العظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم- لابن عمه عبد الله بن عباس، رضي الله تعالى عنهما، وهو غلام، وكان رديف النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: "يَا غُلَامُ، أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ؟". فَقُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ: "احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ؛ فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ(31/80)
يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا". أخرجه أحمد (2803) والترمذي (2516) وقال: حسن صحيح. وصححه أحمد شاكر.
6) أن المشروع للمؤمن في مثل هذه الحالات الإكثار من الدعاء والابتهال إلى الله سبحانه وتعالى- يسأله تفريج الكرب، وإزالة الهم، ويلح على الله تعالى بالدعاء؛ فالدعاء هو العبادة، والله سبحانه وتعالى- يحب الملحِّين في الدعاء، وهناك أدعية مأثورة يستحب للمسلم الإكثار منها، من ذلك قول العبد عند المصيبة: (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)[البقرة: 156]. قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)[البقرة: 155-157]. وعن أم سلمة، رضي الله تعالى عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا. إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا ". أخرجه مسلم (918). ولقد كانت أم سلمة، رضي الله عنها، تدعو بهذا الدعاء عندما فقدت زوجها أبا سلمة، رضي الله عنه، فأبدلها الله تعالى- خيرًا من أبي سلمة، رضي الله عنه، حيث تزوجت بعده رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ونالت شرف أم المؤمنين.
7) تذكري أن الصابر يوفَّى أجرَه بغير حساب؛ قال تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)[الزمر: 10]. والصبر من صفات البر؛ قال تعالى: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ والضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)[البقرة: 177].
فلا تكبلي نفسك بالهموم واتركي عنك الخوف، وسيري على توجيهات ربك، ونبيك صلى الله عليه وسلم، وعاهدي نفسك بفتح صفحة جديدة من حياتك، ولا تسمحي لمثل هذا المخادع أن يدمر حياتك، واحمدي الله تعالى- أن صرفه عنك في أول حياتك قبل أن تتورطي معه بأطفال، وتذكري دومًا قول الله تعالى: (فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)[النساء: 19].
وأما سؤالك: هل يعتبر ما صدر من زوجك طلاقًا؟ أقول: إذا صدر هذا اللفظ منه صريحًا، كما تذكرين فهذا طلاق، إلا أني أنصحك أن تقومي بتوثيق هذا الطلاق بصفة رسمية لدى أقرب محكمة.
وأسأل الله تعالى– لك التوفيق والرشاد في الدنيا والآخرة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
هل تصبر أم تسأله الطلاق؟!(31/81)
ومن المشاكل الاجتماعية التي وصلت إلى بريد الموقع من سائلة تقول: أنا متزوجة منذ ثمانية أشهر، والآن حامل في شهري الثالث، هذا الحمل الذي منذ بدأ بدأت المشاكل، طلب مني زوجي مساعدته في مصاريف البيت، ففعلت، ولكن أصبح مؤخراً يطالبني بمرتبي كله، أقوم بجميع الأشغال المنزلية لوحدي؛ لأنه لا يريد أن آتي بخادمة لمساعدتي، ولا يريد هو مساعدتي، بل يريد فقط إعطائي الأوامر، وإذا أجبته بكلمة يقوم بضربي؛ مدعياً أنه الرجل، أفكر أحياناً في طلب الطلاق، ولكن أفكر في الجنين الذي في أحشائي، فمادياً لن ينقصه شيء، ولكن لا أريد أن يكبر بدون أب. أرشدوني جزاكم الله خيراً.
أجاب عليها فضيلة الشيخ د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري، بقوله: ما ذكرتِه من تصرفات زوجك تصرفات خاطئة محرمة لا يقرها الإسلام ولا يجيزها، والإسلام أمر الرجل بالإنفاق على المرأة والقوامة عليها، لا أن يقتات من عملها وكدها وجهدها.
وليست الرجولة في ضرب المرأة، وإنما الرجولة في القوامة عليها، وإكرامها وإعزازها، وتوفير ما تحتاج إليه، فما يفعله زوجك -حسب ما ذكرته- خطأ كبير.
تبقى القضية: هل الأولى الاستمرار معه، أو المفارقة؟ أقول هذا أمر لا يستطيع أحد تقديره أكثر منك، فإن كنت ترين أن أمامك فرصة بالزواج ممن هو أفضل منه إذا تركتِه فإنني أرى أن تتركيه، لعل الله يبدلك خيراً منه، وكونك حملت بجنين فهذا الجنين لن يضيع –بإذن الله-، ولا يصح أن تكون حياتك كلها مرتهنة لهذا الطفل، فالذي جاء بالطفل سيأتي بأطفال آخرين، وأبوه هو الملزم به أن يتولى رعايته والقيام عليه وليس أنت، وأنت الآن في مستقبل حياتك والمستقبل أمامك، فإن كنت ترين أن لديك فرصة في الزواج من رجل أفضل من هذا الرجل، فلا تلامي في البحث عن خيار أفضل، خاصة أن سلوك زوجك معك بهذه الطريقة في أول سنة الزواج، بل في أشهُره الأولى يدل بوضوح على ضعف عاطفته تجاهك، وأن محبته لك قليلة أو معدومة، وسوء عشرته في هذا الوقت الباكر لا يبشر بخير في المستقبل. وأما إذا كنت ترين أن الفرص أمامك ستكون معدومة، وأنك أن تعيشي مع هذا الرجل أولى من أن تعيشي بدون رجل، فهذا أمر آخر يرجع لك أنت، ولكن أرى مع ذلك أن تطالبي بحقوقك، وألا تخضعي لطلباته؛ فراتبك حق لك، وضربه لك -بغير حق- لا يجوز ولا يحق له، والمحاكم لم تقم إلا لرفع الظلم عن المظلومين، وحماية حقوق المستضعفين، وهناك صنف من الرجال لا يعطي الحق من نفسه إلا أن يؤخذ منه. والله يعينك ويتولاك.
هل الطلاق حل مشكلتي؟
ونقتطف أخيراً هذه المشكلة الواصلة إلى بريد الموقع حيث تقول صاحبتها: مشكلتي أني تزوجت منذ سنوات عدة، من شاب يكبرني بقليل، ومتزوج من بنت عمته، ورزقت منه بأولاد ذكوراً وإناثاً، أخبرنا أن حالته جيدة، وصاحب تجارة، ولكن المفاجأة بعد الزواج اكتشفت أن عليه ديوناً وكل يطلبه، مما اضطره لبيع محلات كانت عنده وبخسارة، كان يطلب ذهبي لبيعه ليصرف علينا، وإخوانه الذين يسكنون معنا، والمشكلة أنه كلما باشر عملاً خسر فيه وزادت الديون، وأصبح الراتب لتسديد(31/82)
الديون،حتى حاجاتنا الأساسية يبخل بها علي، وخاصة أنني اضطررت للعمل بعد الزواج بسنتين، لا يعطينا إلا القليل جداً، وحجته الدين وزوجته الأولى وعيالها يصرف عليهم حتى الجوال أخرجه لهم بدون حاجة له، اشتريت بيتاً وسيارة لأنني إدارية فقط، ولم يفد فيه ذلك، بل أخذ يطالبني بجميع المصاريف، وأن أبحث له عمَّن يسدد له، مع العلم أن أخلاقه ساءت معي، يسهر وأحياناً ينام في الاستراحات، وذلك كل يوم، لا يأتي للبيت إلا للنوم والأكل وتغيير الملابس، ولا يعرف أي توجيه أو تربية لأولاده، إلا إذا أخطأ أحدهم ضربه في وجهه، ويقول: أنتِ فرقت بيني وبين عيالي، وقد أصبت ببعض الأمراض بسبب سوء معاملته لي وللأولاد، أنا أعيش ضغوطاً نفسية شديدة منه، لدرجة أحياناً إذا ناقشته ضربني ضرباً مبرحاً وكل المسئولية على عاتقي، علما بأنه يسافر للخارج أو الداخل بدون أن يخبرنا، أو يضع مصروفاً حتى للأولاد. سؤالي: هل أنفصل عنه وأرتاح منه، أم ماذا أفعل؟ حيث إنني تعبت من الوظيفة ولا أستطيع تركها، فماذا أفعل؟.
وقد أجاب عليها فضيلة الشيخ عبد الله عبد الوهاب بن سردار، فقال:
1) لاحظت أن زوجك كثير الأخطاء بحقك من الناحية المالية والاجتماعية، ولا شك أنه مفرط كثيراً بحقوقك – كما ذكرت-.
2) أرى ألا تنفصلي عنه رغم السوء الكثير الصادر منه؛ لأن الانفصال قد يكون أكثر ضرراً من الناحية المعنوية والناحية الاجتماعية، فقد يحرمك من أولادك، وهذا حرمان من القرب منهم والأنس بهم، وحرمان لهم من رعايتك وتربيتك لهم، وبخاصة أنه –كما ذكرت- لا يهتم بالتربية والتوجيه، والانفصال يشتِّت شمل الأسرة، وهذا يؤدي على المدى البعيد إلى أضرار نفسية واجتماعية على الأولاد.
3) ومع بقائك زوجة له أوصيك بما يلي:
أ- الصبر حتى يقضي الله أمراً حسناً طيباً.
ب- احتساب الأجر عند الله –عز وجل-.
ج- محاولة إصلاح الزوج عن طريقك أو طريق غيرك، مثل كبار العائلة أو لجنة إصلاح ذات البين.
د- المطالبة بحقوقك الاجتماعية والمالية؛ حتى لا يألف التفريط فيها ولا يتمادى في الاعتماد على جهودك.
هـ- دعاء الله – عز وجل- أن يصلحه ويوفقه للصواب.
أسأل الله برحمته أن يهدي زوجك للصواب، وأن يؤلف بينكما، وأن يسعد العائلة كاملة تحت مظلة الحب والتعاون والوفاء.
ـــــــــــــــــــ
زوجي بخيل... ماذا أفعل؟!
سهير الجبرتي 17/7/1426
22/08/2005
كل فتاة تتمنى أن ترتبط بزوج تتوافق صفاته بصفاتها، وطباعه بطباعها؛ كي يبنوا سوياً بيتاً سعيداً وعشاً هادئاً، تكسوه السكينة وترفرف عليه السعادة، ورويداً رويداً يتحقق الحلم، ولكن لا تجد المرأة في زوجها كل ما تريد ..فمع الحياة الزوجية تتكشف(31/83)
صفات وتظهر العيوب، والمرأة الذكية هي التي تتغلب على عيوب زوجها تباعاً، وتسعى لإصلاحه، وتمد جسور المودة والمحبة مع زوجها؛ فالحياة أخذ وعطاء، ولابد من التغاضي عن أشياء كثيرة حتى تسير القافلة وترسو إلى بر الأمان، ولكن بعض الزوجات ..يدخلن في مشاكل عارمة بسبب بخل الأزواج، ويؤكدن أنه لا يمكن قبول الرجل البخيل حتى إن إحداهن تقول: أستطيع أن أقبل كل صفات الرجل وأهضمها إلا واحدة وهي صفة البخل .. وحول هذه المشكلة التي تؤرق كثيراً من الزوجات وتهدد العديد من الأسر نطرحها على علماء الإسلام والاجتماع لبحث أسبابها وطرق علاجها.
البخل في العواطف
في البداية تقول الدكتورة أمينة كاظم -أستاذة علم النفس والاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس-: إن البخل ليس في الأمور المادية فقط بل يكون بخيلاً أيضاً في العواطف والمشاعر الإنسانية مع الآخرين؛ فالبخل عنده عامل عام، فالشخصية بوجه عام ليست معطاء، ولكنْ هناك فرق بين البخل والحرص؛ فالحرص ممكن أن يُقبل، فأحياناً تكون المرأة مسرفة، ويرى الزوج أن زوجته ليست لديها المقدرة على إدارة البيت فيتعامل معها بنوع من التوازن والحرص، ويحاول أن يوفق أوضاعه وإمكانياته حتى يتمشى مع أحواله، أو يكون الزوج من متوسطي الحال فترى الزوجة نتيجة لتبذيرها وإسرافها أن ذلك بخل مع أنه في الحقيقة حرص مقبول.
أما البخل فهو أن يكون الزوج يملك ويستطيع، ولكن لا يصرف على بيته إلا القليل، ولا يريد مساعدة الآخرين سواء مساعدة مادية أو معنوية.
وعلى الزوجة في هذه الحالة أن تتعايش مع واقعها وتسعى لإصلاح زوجها وتعويده على العطاء.
هل البخل مكتسب أم وراثة؟
تجيب الدكتورة أمينة على هذا السؤال قائلة: أنا -في رأيي- صفة البخل مكتسبة، وقد تبدو أنها موروثة، ولكن الأرجح اكتسابها من الأهل والبيئة؛ فهناك أسر تملك المال، ولكن عندما تتصرف فيه تشعر أنها اقتطعت جزءاً من حياتها؛ فأسلوب النشأة عامل أساسي في إكساب هذه الصفة.
وأحياناً يتصف الأهل بالبخل، ويكون رد الفعل عند الأولاد مغايراً لما تربوا عليه، فيصرف الأولاد ببذخ وبلا معنى، ويقول الله في كتابه الكريم : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) [الاسراء:29].
" بعيد من الله ..بعيد من الجنة"
وسألنا الدكتور عبد المنعم البري عن رأي الإسلام في الزوج البخيل وكيف تتعامل معه الزوجة فقال فضيلته: النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن البخيل الشحيح بعيد عن الله، بعيد عن الجنة، قريب من النار والمؤمن الكريم قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة بعيد عن النار، فالله كريم يحب كل كريم".
وقد يجتمع البخل والإيمان ..سئل الرسول -صلى الله عليه وسلم- "أيكون المؤمن بخيلاً قال: نعم، أيكون المؤمن جباناً قال: نعم، قالوا: يا رسول، الله أيكون المؤمن كذّاباً؟ قال: لا".(31/84)
فالبخل ابتلاء من الله، ولا تصبر عليه إلا مؤمنة سعيدة الدارين، وقال تعالى: (ضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون ..)
فزوجها طاغية .. ومع ذلك رضيت والتزمت جانب الرضا، وقالت: (...رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ...)[التحريم: من الآية11] فاختارت الجار قبل الدار ..فالمرأة الصابرة المحتسبة عند الله -عز وجل- تلحق بامرأة فرعون ..ومن طريف ما يُعلم عن العرب أن البخل عند المرأة ميزة، وعند الرجل معرة فقالوا في المرأة: الجبن، الكبر، البخل ..فالجبن ميزة عند المرأة حتى لا تقدم على المغامرات، فالبخل عيب كبير في الرجل؛ إذ هو ضد المروءة والشهامة، وهما من أبرز الصفات المطلوب أن يتحلى بها الرجال.
هل للبخل علاج؟!
ليس في شريعة الإسلام داء إلا وله دواء وعلاج؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء" أخرجه البخاري وغيره؛ فالبخل كغيره من الأمراض والأخلاق الذميمة له علاج بشرط:
• أن يعترف صاحب المرض بمرضه وألاّ يكابر أو يحاول تفسير الأمور حسب هواه، فمن صفات المؤمنين (عباد الرحمن) التوسط في الإنفاق، وذلك هو المقياس أو المعيار الذي يُحكم به على المرء في عملية الإنفاق، فيقول الله تعالى في سورة الفرقان:( وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) [الفرقان:67].
• أن يعرف أن جمع المال ليس هدفاً لذاته، وأن البخل به شر محض يجني البخيل عاقبته. قال تعالى: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ...)[آل عمران: من الآية180]
• أن يعلم أن بخله على أهله هو الإثم بعينه، قال صلى الله عليه وسلم: " كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته " [مسلم] ، وقال صلى الله عليه وسلم : "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكاً تلفاً" [متفق عليه] .
وقال صلى الله عليه وسلم : "دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة (أي عتق رقبة) ، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك".
• أن تعلم زوجة البخيل أن الله –تعالى- جعل لها مخرجاً من بخل زوجها بالمعروف، وهي أن تأخذ ما يكفيها بالحق دون زيادة أو إسراف؛ فقد جاء في الصحيحين عن عائشة – رضي الله عنها – أن هنداً قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك" .
• أن تحفز أبناءها على الكسب من عمل أيديهم ـ في فترة الإجازات الصيفية ـ فربما يساعد ذلك في التغلب على مشكلة بخل الزوج.(31/85)
• أن يحاول أهل الزوجة تعويض ابنتهم عن بخل زوجها بتوفير جزء من المال يعينها على الحياة تفادياً للصدام مع الزوج، وهذا موجود في بعض العائلات، ويُعدّ جزءاً من حل هذه المشكلة
ـــــــــــــــــــ
آسف أنتِ مطلقة....
(دعوة لإعادة تأهيل المطلقة)
مروان بن صالح الصقعبي * 10/7/1426
15/08/2005
تعاني المطلقة في المجتمعات العربية والخليجية خصوصاً-ولو لفترة مؤقتة-نوعاً من الجفوة الاجتماعية التي تسبب التغييب والتعطيل لدورها الحقيقي في المجتمع.. هذا التغييب الذي يمارسه المجتمع سواء في مؤسساته الرسمية, أومعظم أفراده..هذا الشعور يدفع كثيراً من المطلقات إلى أن تنزوي ولو لفترة مؤقتة، وتغيب عن ممارسة دورها الحقيقي في المجتمع، حتى ينسى المجتمع جرمها وخطيئتها!!
هذا الحياء والخجل من المجتمع يولّد لدى المرأة المطلقة عزلة اجتماعية..مما يعطلها عن دور كبير كانت تستطيع القيام به, لولا هذا الحكم الجائر من المجتمع وكأنه قد بنى حكمه على القاعدة الفقهية (ما أبين من حي فهو كميتته)
فهذه المطلقة هي فرد منتج في المجتمع، مُورست عليه الضغوط الاجتماعية التي شتت تفكيره وبعثرت جهوده!!
فالمجتمع يخسر هذه المطلقة التي قد تكون معلمة في مدرسة, أو أستاذة جامعية, أو باحثة تربوية, أو طبيبة، أو حتى أماً تمارس دورها التربوي والفطري في تربية أبنائها وبناتها..
وقد تمارس الدوائر الحكومية والمؤسسات الرسمية دوراً غيرمقصود في زيادة هذا العبء الاجتماعي على المطلقة؛ فقد أفادت بعض التقارير أن (350) سيدة لم يستطعن إجراء معاملاتهن الرسمية بسبب عدم وجود الإثبات الرسمي معهن(بطاقة العائلة) وذلك بسبب مماطلة الأزواج في تسليمهن!!
مما يسبب لهن تعطيلاً كاملاً في معاملتهن الوظيفية والبنكية, بل إن بعض المطلقات لم يتمكّنّ من إلحاق أبنائهن في المدارس رغم بلوغهم السن النظامي لعدم توفر الأوراق الرسمية!!
هذا الأسلوب في التعامل مع المطلقة سواء من الأفراد أو المؤسسات الرسمية يوجِد جوّاً من الضغط والشحن النفسي لدى هذه المطلقة..مما يخلق لها بيئة مليئة بالاضطراب والتوتر والخلل في حياتها الطبيعية..
ذلك وإذا علمنا أن الخسائر الاجتماعية التي نخسرها بمثل هذا العزلة التي يمارسها المجتمع على المطلقة ليست قليلة؛ فقد ذكر باحث اجتماعي في جامعة الملك سعود أن المحاكم الشرعية في السعودية تستقبل يومياً مابين (30-35) حالة طلاق بشتى مسبباتها.. وفي دراسة أعدتها وزارة التخطيط في السعودية بينت أن (33) حالة طلاق يومياً تقع في المملكة، وفي مدينة الرياض فقط (3000) حالة طلاق من أصل (8500) حالة زواج..!!(31/86)
فإذا كنا سنمارس هذا الأسلوب والدور السلبي مع كل هؤلاء المطلقات، فنحن في الحقيقة نخسر ثروة ونبدّد قدرات وطاقات كان بالإمكان استغلالها والتعامل معها بشكل أفضل وأوعى.. يقودنا إلى توظيف وتأهيل هذه المطلقة مرة أخرى بدلاً من ممارسة هذا القمع الاجتماعي المزعج!!
وقد يستطيع البعض من المطلقات تجاوز هذا الصدود, والتسلّق على هذه السدود الاجتماعية..بحكم تأهيلهم الاجتماعي, أو تأهيلهم العلمي, أو تأهيلهم الأسري..
ولكن نسبة كبيرة منهن قد تخفق في تجاوز مثل هذه العقبات التي يزرعها المجتمع في طريق عودتها إلى مسارها الصحيح..
وأجد أن العبء الأكبر في توجيه المجتمع وتغيير نظرته تجاه المطلقة ..وإعادة تأهيل المطلقة نفسها تأهيلاً كاملاً يقع على المؤسسات الاجتماعية والتربوية الرسيمية، سواء كانت مؤسسات الإرشاد الأسري والاجتماعي أو أفراد مثلاً كالقاضي في محكمته الذي يقرّر ويصدّق حكم الطلاق، فيستغل هذا الموقف في توجيه المطلقة، أو الخطيب في جامعة أوالمثقف في أسرته..
كل هؤلاء يتحملون إعادة تأهيل المطلقة تأهيلاً كاملاً سواء كان بتوعية المجتمع وذكرالموقف الشرعي للدين الاسلامي في التعامل مع المطلقة أو حتى إعادة تأهيل المطلقة نفسها وتوجيهها، وذلك بإقامة الدورات الاجتماعية، والعودة لممارسة دورها في الحياة في ميادين التربية والعمل.
إن المطلقة في مجتمعنا العربي والخليجي تعيش في سجن مفتوح تُراقَب بالأعين والهمسات ..وتُجلد بسياط الظن والشكوك!!
أخشى ما أخشاه أن يأتي اليوم الذي نقول فيه للمطلقة: لا نستطيع مساعدتك..آسف أنت مطلقة!!
* مشرف تربوي .
ـــــــــــــــــــ
الزوج والزوجة .. مَنْ ينفق على مَنْ؟!
(الحلقة الأولى)
د/ فيصل بن سعود الحليبي 24/6/1426
30/07/2005
لا تبادرني ـ أيها القارئ الكريم ـ بالتعجّب والاستغراب من عنواني هذا؛ لحضور الجواب التلقائي في عقلك، وانطلاقه على أطراف لسانك؛ لأني استغربت مثلك حينما سُئلت هذا السؤال!!
غير أني بعد أن أمعنت النظر في أحوال بعض بيوتنا رأيت حاجتنا الملحة لطرق هذا الموضوع بكل وضوح وشفافية!
وسرعان ما زال الاستغراب عني وسيزول عنك بلا ريب حينما رأيت سلف الأمة قد أعطوا هذا الموضوع نصيبه من التفصيل العلمي الدقيق في كتاباتهم الفقهيّة.
وإن من المُسَلّمات هنا أن الله سبحانه وتعالى قد أوكل مهمة الإنفاق على الزوج تجاه زوجته، بل عدَّ ذلك مما فضّله به عليها فقال: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ).(31/87)
وهنا تأتي رحمة الله بالمرأة حينما جعلها مكفولة في نفقتها، لا تحتاج إلى أن تمدّ يديها إلى أحد من الناس ما دام هناك من تجب عليه نفقتها من الرجال، أمًا كانت أو أختًا أو بنتًا أو زوجة. فيالها من صيانة للمرأة تتميّز بها شريعة الإسلام؛ لترفع بها المرأة إلى قدر كبير من التبجيل لها والاحترام لأنوثتها ورقتها.
ولا يخفى عليك ـ أيها الحبيب ـ كم للتفكير في النفقة وجلبها من هَمٍّ يؤرق الرجال فكيف نريد أن تتحمله المرأة!!
لقد أنزل الله تعالى هذا الحق لها من فوق سبع سماوات فقال سبحانه :(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً).
فليست كفايتها في حقها بالنفقة حكمًا بشريًا ربما يزول أو يتغيّر، بل هو حق رباني لا يحق لأي قوة مهما بلغت أن تحجبه عنها أو تفكر في منعها منه.
لقد عَجِبَت تلك المرأة الكافرة التي أتت إلى مكان لتقضي فيه وطر الزنا مع رجل مسلم حينما سألته عن تتابع الاتصالات الهاتفية عليه فسألته عن ذلك، فقال لها: إنها زوجتي تريد بعض حوائجها وحوائج أبنائها من السوق، فقالت: ولماذا لا تشتري هي هذه الأشياء بنفسها ومن مالها؟ فأجابها بكل عفويّة: إن هذا من واجبي نحوها، فزاد عجبها فقالت: ومن الذي أوجب عليك هذا؟ فقال: ديني، فأُصيبت بالذهول .. كيف لا .. وهي تلقي بنفسها بين أحضان الشهوة المحرمة، وتقدم عِرضها سلعة رخيصة مهينة لكل من يريدها .. في مقابل ما تراه يوفر لها المعيشة والحياة كالآخرين.. لم تقطع حديثها بل واصلت تسأل عن هذا الدين الذي يكفل للمرأة النفقةَ عليها والرعاية لها ولأولادها.. فأجابها: إنه الإسلام .. فبحثت عن تعاليمه ..وقرأت عنها ..وسرعان ما هداها الله تعالى إليه.. بل وهدى على يديها أمثالها..وليس المقصود من هذه الواقعة اتخاذ الزنا المحرم ذريعة إلى الدعوة إلى الله!
كلا.. فهذا لا يشك في منعه عاقل.. وإنما لمّا رأيت فيها من عظة تدل على نبل الإسلام وتشريفه للمرأة وتكريمها.
وإن الزوج حينما يقوم بمسؤولية الإنفاق على زوجته يهيئها لمسؤولية أليق بها وأنسب، يعود نفعها عليه وعليها، وعلى أسرتهما بل وعلى المجتمع كله أيضًا، فهي التي توفر الراحة النفسية والبدنية له، وتمنحه المزيد من السعادة والمودة، حتى إنك لترى ذلك واضحًا على نتاج الرجل في حياته العلمية والعملية، أضف إلى ذلك مهمة تربية الأجيال، وصناعة المستقبل، وأكرم بها من مهمة، ولقد تجرّع المجتمع المسلم مرارة تقصير الأمهات في هذه الوظيفة الشريفة، حينما نشأ لنا جيل تربى على أيدي الخادمات والمربيّات، وقد تنكّر لوالديه أولاً، ولأحكام دينه وجميل عادات بلده وتقاليده ثانيًا.
إنه لن يكون لحديثنا داعٍ حينما نرى الزوجين يعيشان حياة الوئام والصفاء، يقوم كل واحد منهما بالحقوق الواجبة عليه تجاه الآخر، فالزوج ينفق كما شُرع له أن ينفق، والزوجة تمنحه من السعادة والأنس ما تنسيه به تعبه ونصبه، حتى إنك لا تسمع للماديات في كلامهم همس ولا حرف، تشرق عليهما أطياف المودة بكل ألوانها البهيجة، ولا أجمل من وصف حياتهم الهانئة من وصف الله تعالى لها حيث(31/88)
قال:(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
ولكن حينما يدب داء التقصير في زوايا البيت، تتسلل الخلافات إليه، لتعكر صفو السكن، وتحيل هدوءه إلى صخب وضجيج، فما أسباب الخلافات حول النفقة على الزوجة خصوصًا وعلى المنزل عمومًا؟ يمكننا بالاستقراء أن نلخصها في عدد من الدواعي:
أولاً: ضعف الدخل المادي لبعض الرجال؛ لأن من طبع الرجل السويّ أنه يأنف أن يكون عالة على زوجته في النفقة، ولكن ضيق ذات اليد تلجئه أحيانًا أن يطلب من زوجته النفقة، ولو أدّى هذا الأمر لأن تعمل هي خارج المنزل، هذا في حالة الضعف المادي، فما بالك إذا سقط الرجل في هوة البطالة، وأصبح فردًا ضمن نسبة تقول: إن (12.5) مليون عاطل في الوطن العربي يبحثون عن العمل!!
ثانيًا: البخل والشحّ الذي يُصاب به بعض الرجال بحيث يقصّر في نفقته عن قدر الكفاية الذي يجب عليه إنفاقه، وهو الحال الذي ذكرته هند -رضي الله عنها- لرسول الله فقالت: "إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ سِرًّا؟ قَالَ: خُذِي أَنْتِ وَبَنُوكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ" رواه البخاري.
فأمرها بأن تأخذ ما يكفيها وولدها بالمعروف بإذن أو بدون إذن، ما دامت أنها قامت بحقوقه، وقد قصّر في حق النفقة تجاهها وولدها، ولكن بالمتعارف عليه في المجتمع.
ولقد أظهرت دراسة اختارت لها عينة تمتد من الخليج العربي إلى لبنان إحصائية تقول: إن النساء اللواتي يواجهن بمثل هذا الشح في النفقة عليهن تصل إلى 75% مع أنها نسبة عالية، ولذا فإني أنقلها وأتحفظ عليها!!
ثالثًا: الجهل بالأجر العظيم الذي أعدّه الله تعالى للمنفقين عمومًا في سبيل الله، وعلى المنفقين على أهليهم بالدرجة الأولى، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ؛ أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ)رواه مسلم.
فليس من الصواب أبدًا أن يقابل الإنسان نفقته على زوجته وبيته بالتذمر والتأفّف، أو بالمن والأذى، والله تعالى يقول: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى)، وإذا كان الله تعالى قد أخبر ببطلان الصدقة المطلقة إذا أتبعها بالمن والأذى فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى)، فلا يبعد أن يبطل ثواب النفقة على الأهل والذرية مع أنها أعظم أجرًا من الإنفاق في سبيل الله كما في الحديث السابق.
رابعًا: عدم زرع المودة والسكن والمحبة بين الزوجين في بداية الزواج، وعدم الشعور بالنفس الواحدة أو بالثقة بينهما، فتجد أن الزوج يحسب ما أنفق على زوجته وعلى بيته ويذكّرها بذلك دائمًا بمنة وأذى!! كما أن الزوجة ذات المال تتردّد في المشاركة بالنفقة، لأنها تقول: أنا لا أضمن إن أعطيته مالي لينفق على البيت أو لعمارة البيت وتأثيثه أو شراء سيارة أنه بعد ذلك يطلقني أو يتزوج بأخرى بسبب(31/89)
تعاوني معه في تخفيف مصاريف النفقة على المنزل!! ويقوّي هذا الظن في عقول بعض الزوجات تصرفات بعض الرجال الذين لم يعرفوا لهذا الإحسان حقه.
وللحديث عن بقية أسباب اختلاف الزوجين على النفقة بقية نتناولها في المقال القادم بإذن الله تعالى.
الزوج والزوجة .. مَن ينفق على مَنْ؟! (2/2)
د/ فيصل بن سعود الحلبيي 2/7/1426
07/08/2005
إن معرفة الأسباب سبيل سريع النتيجة لحل أي مشكلة، وخصوصًا فيما يتعلق بالحياة الزوجية، التي يُفترض فيها الوئام والحب والصفاء، وقد ذكرت في العدد السابق أربعة أسباب لاختلاف الزوجين حول النفقة: الضعف المادي لدى الزوج أو بطالته عن العمل، والبخل، والجهل بأجر الإنفاق على الأهل، وعدم بناء المنزل على التعاون والألفة.
وأما السبب الخامس: فهو انبهار الزوجة أحيانًا بالمال وبالوظيفة حتى إنها تجعلهما في مقابل حياتها الزوجية السعيدة، فهي تريد أن تجمع بين الخروج من المنزل للعمل واكتساب المال منه، مع الاستمتاع بحياة زوجية هانئة، وعدم حدوث أيَّ مشكلة بسبب هذا كله، وألاّ يطالبها الزوج بحقوقه، وهذا ربما كان عسيرًا في تقبّله أو التأقلم معه، فلو أن الزوجة كانت حريصة فعلاً على هذه المكتسبات المادية والمعنوية، لرأيتها تضاعف شيئًا من جهدها لتقوم على زوجها خير قيام إذا أتت إلى منزلها، حتى لا يشعر بتقصيرها معه، بل ولا يفكر في مطالبتها بترك وظيفتها، وإذا كانت لا تستطيع ذلك لأي عذر في صحتها أو طبعها، فلا أقل من أن تشاركه بالنفقة مقابل ذلك بالمعروف وبما يناسب اكتسابها.
وأما السبب السادس: تورّط الزوج في المحرمات من قروض ربوية تلاحقه، أو إدمان المخدرات والمسكرات، وما يعقبه أحيانًا من سجن ونحوه، فهذا يجعل العبء على المرأة كبيرًا وثقيلاً، وخصوصًا إذا كان الزوج لا يحمل في قلبه مسؤولية البيت، ولا هم معيشة الأولاد أو رعايتهم.
كتبت إحداهن عن نفسها فقالت: "عشت مع زوجي في بداية حياتنا حياة هانئة، فزوجي الحنون الكريم تغيّر بعد سنة واحدة من الزواج، وكنت قد أنجبت طفلتي الأولى.. ومن بين دموعها تضيف عائشة: لقد دخل زوجي عالم المخدرات من خلال الصحبة السيئة التي كان يقضي معها معظم وقته؛ إذ صار راتبه مخصصًا لهذه الآفة..، عندها وجدت نفسي مضطرة لأن أقوم بالنفقة على البيت، وذلك بعد أن حاولت إقناعه بدخول المستشفى للعلاج لكنه رفض ذلك تماماً.. وبقلب مؤمن ورضا تقول عائشة: إنني أحمد ربي وأشكره لأن راتبي كبير بحيث يكفي لجميع نفقات البيت بالإضافة إلى مرتب الخادمة، وتضيف أنا راضية بقدري وهو مع هذا السوء أفضل من الطلاق الذي نصحني به البعض"!!
ونحن نقول: ماذا عمّن ليس لها راتب كبير أو ليس لها راتب إطلاقًا!!(31/90)
وأما السبب السابع: الظروف الطارئة من موت أومرض أو إعاقة، وهذا ظرف خاص له أحكامه الخاصة به، وليس موضع حديثنا؛ لعدم وجود عنصر الاختلاف فيه.
ولهذه الأسباب ونحوها أظهرت إحصائية في مدينة القاهرة أن 31% من أسرها تعولها النساء، وفي عمّان الأردن تصل نسبة النساء المنفقات على أسرهن إلى 20%.
ومعرفة الأسباب وواقع الإحصائيات يهيب بأهل الدراية والمسؤولية أن يلتفتوا إلى هذا الموضوع بجدية والعمل على كل الأصعدة.
لماذا وجبت النفقة على الزوج؟
والجواب يوجزه ابن قدامة قائلاً: هو أن المرأة محبوسة على الزوج ـ أي مقصورة عليه ـ يمنعها من التصرف والاكتساب، فلا بد أن ينفق عليها" المغني : 11/348.
وهذا منتهى العدل والضمان الحقيقي لحق المرأة المسلمة، فليس نفقة الزوج عليها من باب التفضل منه والمنّة عليها، وإنما هو من فضل الله الذي منحه إياه، وكتبه لها مقابل معاشرتها له بالمعروف، والقيام على إسعاده وراحته، وبهذا الانسجام في القيام بهذه الحقوق تعيش الأسرة المسلمة حياة سعيدة رغيدة.
وتأمل معي ـ يا رعاك الله ـ كيف شقيت المرأة الغربية حينما نزلت إلى حضيض الإهانة فابتذلت إنسانيتها فضلاً عن أنوثتها، وكسرت حياءها إلى أن قامت ليس بأعمال البشر، ولو كانت فاحشة وساء سبيلاً كالزنا، وإنما بأعمال الجمادات، فقد حدثني أحد الإخوة أنه حينما زار بلدًا أوروبيًا رأى في الأسواق ما يقف الإنسان العاقل أمامه مشدوهًا، إنها المرأة تقوم خلف زجاج المحلات التجارية مقام الدمى التي توضع عليها الملابس بكل أشكالها، حتى لتظن أنها من جمودها كأنها من الشمع، وإذا بها تتحرك بين الفترة والأخرى بحركات ترى أنها تثير إعجاب المتسوقين، فإذا انتهت فترة عملها، جاءت غيرها مكانها، وذهبت إلى منزلها بنفسٍ تحمل في ذاكرتها أنظار المتفرجين والمتفرجات بكل ما تعنيه من مهانة لها وإكبارٍ أو إسفاف لما ارتدته من أزياء، وكأني بها تقول في نفسها كما قالت عارضة الأزياء الفرنسية المشهورة: "إن بيوت الأزياء جعلت مني مجرّد صنم متحرك مهمته العبث بالقلوب والعقول"، والتي أضافت قائلة: "عشت أتجوّل في العالم عارضة لأحدث خطوط الموضة بكل ما فيها من تبرج وغرور، ومجاراة لرغبات الشيطان في إبراز مفاتن المرأة دون خجل ولا حياء" وقد ختمت آهاتها المحرقة قائلة: " لم أكن أشعر بجمال الأزياء فوق جسدي المفرغ إلا من الهواء والقسوة، بينما كنت أشعر بمهانة النظرات واحتقارهم لي شخصيًا واحترامهم لما أرتديه"، هذا ما قالته (فابيان) الفرنسية البالغة من العمر ثمانية وعشرين عامًا، وذلك بعد إسلامها وفرارها من ذلك الجحيم الذي لا يُطاق.
والمرأة المسلمة التقيّة حتى لو خرجت للعمل، فإنها خرجت لأداء رسالة يأمر بها دينها، وهي تعليم بنات جنسها دين ربها، أو معالجة أدوائهن، أو نشر الفضيلة عبر الصحافة النقية، أو المشاركة في أعمال البر والإحسان في مجتمعها بما لا يخلّ(31/91)
بحشمتها ولا يعرّضها للفتنة، وهي بتقواها وصلاحها تسعى ألاّ يؤثر هذا على سعادتها مع زوجها أو يقلل من رعايتها لأبنائها، ولو أخذ منها هذا أو ذاك جهدًا أكبر؛ لأنها تعلم علمًا يقينيًا أن الحياة جهاد، وما أجمله أن يُبذل لسعادة الأسرة ونهوض الأمة.
ولفتة أتمنى من الزوج صاحب النظرة الثاقبة البعيدة أن يلتفت إليها، وهي أننا نعلم بلا ريب أنك ترغب في زوجة لا تُنقِص من حقوق إسعادك شيئًا، ولكن هل لك أن تعذرها فيما يبدو منها من نقص في بعض حقوقك؟ فهي تظل بشرًا، وإذا علمت أن سبب تقصيرها هو عملها الشريف الذي تخدم به مجتمعك وأمتك، فهذا يشفع لها في غضّ النظر عما يبدر منها من تقصير، فلتكن عونًا لها، ولتكن عونًا لك؛ لتسير دفّة المنزل والمجتمع نحو السعادة والنجاح.
ـــــــــــــــــــ
فقر المشاعر في الحياة الزوجيّة
من البيوت ما يخيّم عليها الصّمت المطبق، ويسودها السكون الموحش؛ فلا تأنس الزوجة فيها بحديث زوجها، ولا هو يأنس بحديثها، ولا يسمع أحدهما من الآخر كلمة حبّ أوعطف أو حنان.
ومن الأزواج من يكثر لوم زوجته، وانتقادها في كل صغيرة وكبيرة ؛ فتراه ينتقد الطعام الذي تعدّه الزوجة، ويعاقبها إذا بكى أولاده الصغار، أو كثر عبثهم، وتراه يبالغ في تأنيبها إذا نسيت أو قصّرت في أي شأن من شؤونه.
وأقبح ما في ذلك أن يعنّفها فيما لا قدرة لها عليه، كأن يلومها إذا كانت لا تُنجب، أو لا تُنجب إلا بنين وحسب، أو بنات وحسب. ويلومها إذا أنجبت ولداً مصاباً ببعض العيوب الخلقية؛ فيجمع بذلك بين ألمها في نفسها وبين إساءته البالغة بقوارصه التي تقضّ مضجعها، وتؤرق جفنها.
وما هذا بمسلك العقلاء؛ ذلك أن كثرة اللوم لا تصدر من ذي خلق كريم، أو طبع سليم، ثم إن ذلك يورث النفرة، ويوجب الرهبة.
َدَعِ العتابَ فربَّ شرْ *** ر هاج أوّله العتاب
فالزوج العاقل الكريم لا يعاتب زوجته عند أدنى هفوة، ولا يؤاخذها بأول زلة.
بل يلتمس لها المعاذير، ويحملها على أحسن المحامل.
وإن كان هناك ما يستوجب العتاب عاتبها عتاباً ليّناً رقيقاً تدرك به خطأها دون أن يهدر كرامتها، أو ينسى جميلها.
ثم ما أحسن أن يتغاضى المرء ويتغافل؛ فذلك من دلائل سموّ النفس وشفافيّتها وأريحيّتها، كما أنه مما يُعلي المنزلة، ويريح من الغضب وآثاره المدمّرة.
وإن أتت المرأة ما يوجب العتاب فلا يحسن بالزوج أن يكرّر العتاب، وينكأ الجراح مرة بعد مرة؛ لأن ذلك يفضي إلى البغضة، وقد لا يبقي للمودة عيناً ولا أثراً.
ومما يعين الزوج على سلوك طريق الاعتدال في عتاب الزوجة أن يوطّن نفسه على أنه لن يجد من زوجته كل ما يريد، كما أنها لن تجد فيه كل ما تريد؛ فلا يحسن به - والحالة هذه - أن يُعاتِب في كل الأمور، وأن يتعقّب كل صغيرة وكبيرة؛ فأيّ الرجال المهذب؟ ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كلها؟(31/92)
ثم إن الإنسان لا يستطيع أن يتخلص من كثير من عيوبه؛ فعلامَ نُحمِّل الآخرين فوق ما يطيقون، ونحن عن تلافي كثير من عيوبنا عاجزون؟
ولا يعني ما مضى أن يتساهل الزوج في تقصير الزوجة في الأمور المهمة من نحو القيام بالواجبات الدينية، أو رعاية الآداب المرعية، أو التزام ما تقضي به الصيانة والعفة؛ فهذه أمور يجب أن تُوضع على رأس الأشياء التي لا يُقبل التنازل عنها بحال.
قال النبي - عليه الصلاة والسلام -: "استوصوا بالنساء؛ فإن المرأة خُلقت من ضِلَع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه"(1).
فالحديث الشريف يعلّم الرجل كيف يسلك في سياسة الزوجة طريق الرفق والأناة؛ فلا يشتدّ ويبالغ في ردّها عن بعض آرائها التي بها عِوَج؛ فإن ذلك قد يفضي إلى الفراق.
كما أنه لا يتركها وشأنها، فإن الإغضاء عن العوج مدعاة لاستمراره أو تزايده.
والعوج المستمر أو المتزايد قد يكون شؤماً على المعاشرة، فتصير إلى عاقبة مكروهة.
وبعد ذلك فقد يقع من الزوج شدة في العتاب، أو إسراف في اللوم؛ فيحسن به إذا وقع منه ذلك أن يبادر إلى الاعتذار، أو الهديّة، وإظهار الأسف، والاعتراف بالخطأ دون أن تأخذه العزة بالإثم؛ فما هو إلا بشر، وما كان لبشر أن يدّعي أنه لم يقلْ إلا صواباً.
فإذا أخذ الزوج بهذه الطريقة قلَّ عتابه، وأراح نفسه، وسما بخُلُقِه، وحافظ على مَشاعِر مُعاشِره.
قال ابن حبان -رحمه الله-: "من لم يعاشرِ الناس على لزوم الإغضاء عما يأتون من المكروه، وترك التوقّع لما يأتون من المحبوب كان إلى تكدير عيشه أقرب منه إلى صفائه، وإلى أن يدفعه الوقت إلى العداوة والبغضاء أقرب منه أن ينال منهم الوداد وترك الشحناء".
وكما أن من الأزواج من يكثر انتقاد الزوجة ولومها إذا هي أخطأت أي خطأ - فكذلك تجد من هؤلاء من لا يشكر زوجته إذا هي أحسنت، ولا يشجّعها إذا قامت بالعمل كما ينبغي؛ فقد تقوم الزوجة بإعداد الطعام الذي يَلَذُّ للزوج، وقد ترفع رأسه إذا قدم عليه ضيوف، وقد تقوم على رعاية الأولاد خير قيام، وقد تظهر أمامه بأبهى حلّة، وأجمل منظر، وقد، وقد، وقد...
ومع ذلك لا تكاد تظفر منه بكلمة شكر، أو ابتسامة رضًا، أو نظرة عطف وحنان، فضلاً عن الهدية والإكرام.
ولا ريب أن ذلك ضرب من ضروب الكزازة والغلظة، ونوع من أنواع اللؤم والبخل.
وقد يلتمس الزوج لنفسه العذر بأنه يخشى من تعالي الزوجة وغرورها إذا هو شكرها أو أثنى عليها.
وهذا الكلام ليس صحيحاً على إطلاقه؛ فيا أيها الزوج المفضال، لا تبخل بما فيه سعادتك وسعادة زوجتك، ولا تهمل اللفتات اليسيرة من هذا القبيل؛ فإن لها شأناً جللاً، وتأثيراً بالغاً.(31/93)
فماذا يضيرك إذا أثنيت على زوجتك بتجمّلها، وحسن تدبيرها؟ وماذا ستخسر إذا شكرتها على وجبة أعَدَّتها للضيوف؟ أو ذكرت لها امتنانك لرعايتها وخدمتها لبيتك وأولادك - وإن كان ذلك من اختصاصها، وإن كانت لا تقدمه إلا على سبيل الواجب -؟
لكن ذلك من قبيل الكلمة الطيبة التي تؤكد أسباب المودة والرحمة.
إن الزوجة إذا وجدت ذلك من زوجها ستسعد، وتشعر بالنشاط، والاندفاع والإخلاص لخدمته، والمسارعة إلى مراضيه؛ لما تلقاه منه من حنان وعطف وتقدير.
وإذا أصبح قلبها مترعاً بهذه المعاني عاشت معه آمنة مطمئنة، وعاد ذلك على الزوج بالأنس والمسرّات.
وكما أن كثرة اللوم وقلة الشكر يصدر من بعض الأزواج فكذلك يصدر من بعض الزوجات؛ فمن الزوجات من هي كثيرة التسخّط، قليلة الحمد والشكر، فاقدة لخلق القناعة، غير راضية بما آتاها الله من خير.
فإذا سُئلت عن حالها مع زوجها أبدت السّخط، وأظهرت الأسى واللوعة، وبدأت بعقد المقارنات بين حالها وحال غيرها من الزوجات اللائي يحسن إليهن أزواجهن.
وإذا قدم لها زوجها مالاً سارعت إلى إظهار السخط، وندب الحظ؛ لأنها تراه قليلاً مقارنة بما يقدم لنظيراتها.
وإذا جاءها بهدية احتقرت الهدية، وقابلتها بالكآبة، فَتُدْخِل على نفسها وعلى زوجها الهمّ والغمّ بدل الفرح والسرور؛ بحجة أن فلانة من الناس يأتيها زوجها بهدايا أنفس مما جاء به زوجها.
وإذا أتى بمتاع أو أثاث يتمنى كثير من الناس أن يكون لهم مثله قابلته بفظاظة وشراسة منكرة، وبدأت تُظْهِر ما فيه من العيوب.
وبعضهن يحسن إليها الزوج غاية الإحسان، فإذا حصلت منه زلّة، أو هفوة، أو غضبت عليه غضبة نسيت كلّ ما قدّم لها من إحسان، وتنكّرت لما سلف له من جميل.
وهكذا تعيش في نكد وضيق، ولو رزقت حظَّاً من القناعة لأشرقت عليها شموس السعادة.
ومثل هذه المرأة توشك أن تُسلب منها النعم، فتقرع بعد ذلك سنّ النّدم، وتعض أنامل التفريط، وتقلِّب كَفَّيْها على ما ذهب من نعمها.
إن السعادة الحقة إنما هي بالرضا والقناعة، وإن كثرة الأموال والتمتع بالأمور المحسوسة الظاهرة - لا يدل على السعادة؛ فماذا ينفع الزوجة أن تتلقى من زوجها الحليّ والنفائس والأموال الطائلة إذا هي لم تجد المحبة، والحنان، والرحمة، والمعاملة الحسنة؟
وماذا ستجني من جراء تسخّطها إلا إسخاط ربها، وخراب بيتها، وتكدير عيشة زوجها؟
فواجب على المرأة العاقلة أن تتجنب التسخّط، وجدير بها أن تكون كثيرة الشكر؛ فإذا سُئلت عن بيتها وزوجها وحالها أثنت على ربها، وتذكرت نعمه، ورضيت قسمته؛(31/94)
فالقناعة كنز الغنى، والشكر قيد النعم الموجودة، وصيد النعم المفقودة؛ فإذا لزم الإنسان الشكر درّت نعمه وقَرَّت؛ فمتى لم ترَ حالك في مزيد فاستقبل الشكر.
كيف وقد قال ربنا - عز وجل -: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 7].
بل يحسن بالزوجة أن تشكر ربها إذا نزل بها ما تكرهه؛ شكراً لله على ما قدّره، وكظماً للغيظ، وستراً للشكوى، ورعاية للأدب.
ثم إن الشكوى للناس لا تجدي نفعاً، ولا تطفئ لوعة - في الغالب -.
ولهذا رأى بعض السلف رجلاً يشكو إلى رجل فاقته وضرورته فقال:
"يا هذا، والله ما زدت على أن شكوت من يرحمك إلى من لا يرحمك".
وإذا عرتك بليّة فاصبر لها *** صبر الكريم فإنه بك أعلم
وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما *** تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم
وإن كان هناك من حاجة لبثّ الشكوى لمن يعنيهم الأمر؛ طلباً للنصيحة، أو نحو ذلك - فلا بأس، وإلا فلماذا نثير انتباه الذين لا يعنيهم أمرنا، ولا ننتظر منهم أي فائدة لنا، فنفضح أنفسنا، ونهتك أستارنا، ونُبين عن ضعفنا وخورنا في سبيل الحصول على شفقة أو عطف ليس له من نتيجة سوى ازدياد الحسرة وتفاقم المصيبة.
ثم إن من حق الزوج على زوجته أن تعترف له بنعمته، وأن تشكر له ما يأتي به من طعام، ولباس، وهدية ونحو ذلك مما هو في حدود قدرته، وأن تدعو له بالعوض والإخلاف، وأن تظهر الفرح بما يأتي به؛ فإن ذلك يفرحه، ويبعثه إلى المزيد من الإحسان.
كما يحسن بالزوجة أن تستحضر أن الزوج سببُ الولدِ، والولدُ من أجل النعم، ولو لم يكن من فضل الزوج إلا هذه النعمة لكفاه؛ "فمهما تكن الزوجة شقيّة بزوجها فإن زوجها قد أولدها سعادتها، وهذه وحدها مزيّة ونعمة".
أما كفر النعمة، وجحود الفضل، ونسيان أفضال الزوج - فليس من صفات الزوجة العاقلة المؤمنة؛ فهي بعيدة عمّا لا يرضي الله - عز وجل - فجحودُ فضل الزوج سماه الشارع كفراً، ورتب عليه الوعيد الشديد، وجعله سبباً لدخول النار.
قال - عليه الصلاة والسلام -: "رأيت النار ورأيت أكثر أهلها النساء".
قالوا: لم يا رسول الله؟
قال: "يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان؛ لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط"(2).
وعن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله ": "لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه"(3).
وعن أسماء بنة يزيد الأنصارية قالت: "مرَّ بيَ النبي"وأنا وجوارٍ أتراب لي فسلّم علينا، وقال: "إياكنَّ وكفرَ المُنْعمِين"، وكنتُ من أجرئهن على مسألته، فقلت: يا رسول الله، وما كفرُ المنعمين؟
قال: "لعل إحداكنَّ تطول أيْمَتُها من أبويها، ثم يرزقها الله زوجاً، ويرزقها ولداً، فتغضب الغضبة، فتكفر، فتقول: ما رأيت منك خيراً قط"(4).(31/95)
ومن الخلل الذي تقع فيه بعض الزوجات في هذا الباب قلة المراعاة لأحوال الزوج ومشاعره؛ فقد تزعجه بالأخبار السيئة، وتكثر الطلبات منه إذا عاد إلى المنزل منهكاً مكدوداً قد بلغ به الإعياء مبلغه.
وقد تكثر من ترداده إلى السوق؛ ليأتي بما يحتاجه المنزل، فإذا رجع إلى المنزل ذكرت حاجة أخرى، فعاد إلى السوق مرة أخرى، وقد يرجع أكثر من ذلك، وقد يتكرّر هذا منها مرات متعدّدة.
وقد يكون الزوج حادّ المزاج، شديد التأثر لأقل الأشياء المخالفة لذوقه؛ فلا تراعي الزوجة فيه هذه الخصلة، فربما تضحك وهو في حالة غضب أو حزن، وقد يوجِّه لها الخطابَ، فَتُعْرِضَ وتشيح بوجهها عنه، وقد يتكلم بكلمة غضب فتجيبه بعشر كلمات.
وقد تتعمد إغضابه، وإثارته، فما هي إلا أن تتحرك العاصفة، وينفجر البركان، ويحصل ما لا تُحمد عقباه.
ومن قلة المراعاة لأحواله ومشاعره قلة المراعاة لوقت نومه، وأكله، وقراءته، ونحو ذلك.
ومن ذلك قلّة العناية بمخاطبته ومحادثته، فلا تناديه بأحب الأسماء إليه، ولا تخفّض صوتها إذا خاطبته، إلى غير ذلك مما ينافي أدب المخاطبة والمحادثة.
ومن ذلك أن تبدأ بتنظيف البيت، أو مكافحة الحشرات بالمبيدات إذا دخل الزوج المنزل، أو همّ بالنوم، أو الأكل، فتزعجه بالجلبة، وتزكم أنفه بالروائح التي لا تروقه.
فمثل هذه الأعمال تقصير في حقّ الزوج، ودليل على حمق المرأة، وخفّة عقلها، وقلّة ذوقها.
فالذي تقتضيه الحكمة أن تراعي الزوجة أحوال زوجها، ومشاعره، وأن تعمل ما في وسعها لإدخال السرور عليه، وإزالة الهمّ والغمّ عن قلبه، فتفرح لفرحه، وتحزن لحزنه؛ حتى يشعر بأنها تتعاون معه؛ إذ يسرها ما يسره، ويحزنها ما يحزنه.
ولا ينبغي لها أن تظهر بمظهر السرور إذا كان محزوناً، كما ينبغي أن تكظم حزنها إذا رأته مسروراً؛ فإنّ ذلك أدعى لدوام الأُلفة، وأدلّ على كرم نفس الزوجة.
ومما ينبغي لها أن تجمع ما يحتاجه المنزل، وتخصّص وقتاً في الأسبوع أو الشهر أو نحو ذلك، فتكتب ما تحتاجه في ورقة؛ كي يأتي به مرة واحدة بدلاً من كثرة ترداده في حاجات يسيرة.
ولا يعني ذلك أن تكون هذه قاعدة مطّردة؛ فقد تقتضي الحال إرساله أكثر من مرة في اليوم، ولكن تحاول قدر المستطاع أن تختصر ذلك.
ومما ينبغي لها في هذا الصدد أن ترعاه في طعامه، فتصنع له ما يشتهيه، وتنوّع له الطعام كيلا يسأم، وتلاحظ الوقت الذي تقدّم له الطعام؛ فلا تؤخّره ولا تقدّمه إلا بإذنه.
كما يحسن بها أن تراعي أوقات نومه، فتحرص على تهدئة الأطفال؛ ليأخذ راحته الكافية؛ فإذا أخذ قسطه من الراحة انشرح صدره، وهدأت أعصابه، وإلا بقي قلقاً مستفَزاً.
ومما يدخل السرور عليه أن تحرص الزوجة على نظافة المنزل، وأن تُعنى بثياب الزوج؛ كي يظهر بالمظهر اللائق.(31/96)
وإن كان طالب علم، أو صاحب قراءة وبحث فلتحرصْ على العناية بمكتبته، وكتبه ترتيباً، وتنظيماً، وتنظيفاً.
وإذا مرّت به أزمة، أو مشكلة فلتقفْ معه بالدعاء، والرأي، والتثبيت، ونحو ذلك.
وإذا أرادت مخاطبته خاطبته بأسلوب لبِق جذّاب، يشعر من خلاله باحترامها وتوقيرها له.
قال ابن الجوزي -رحمه الله-: "وعن عثمان بن عطاء عن أبيه قال: قالت ابنة سعيد بن المسيب: ما كنا نكلّم أزواجنا إلا كما تكلّمون أمراءكم.
وعنه - أيضاً - قال: قالت امرأة سعيد بن المسيب: ما كنا نكلّم أزواجنا إلا كما تكلّمون أمراءكم: أصلحك الله، عافاك الله".
وبالجملة فلتحرص على كل ما يسرّه، وأن تتجنب كل ما يسوؤه وينوؤه.
وإن حصل منها تقصير في حقه فلتبادر إلى الاعتذار، ولتتلطف في ذلك.
وإذا روعيت هذه المشاعر بين الزوجين, وحرص كل منهما على عشرة الآخر بالمعروف - حلّت الأفراح, وزالت أو قلّت المشكلات, وكان لذلك أبلغ الأثر في صلاح الأسرة, وقوة الأمَّة.
-----------------------------------------------------
[1] رواه البخاري (3331)، ومسلم (1468).
[2] رواه البخاري (29) ومسلم(907).
[3] رواه النسائي في الكبرى(9135-9136) والبيهقي 7/294، والحاكم 3/78، وقال: "صحيح الإسناد" وقال الهيثمي 2/309: "رواه البزار بإسنادين والطبراني، وأحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح" وصححه الألباني في الصحيحة (289).
[4] رواه أحمد 6/457، والبخاري في الأدب المفرد(148) والترمذي(2697) وحسنه، والطبراني في الكبير 24/177، والحميدي في مسنده 1/179، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (800).
محمد بن إبراهيم الحمد
ـــــــــــــــــــ
السعوديّة.. العوانس فوق المليون!
الرياض- عبدالله بالخيل 11/5/1426
18/06/2005
كشفت دراسة مَسْحيّة حديثة أن نسبة العنوسة في المجتمع السعودي قد وصلت إلى أكثر من مليون ونصف المليون عانس خلال الفترة الأخيرة.
وأشارت الدراسة التي أعدّتها وزارة التخطيط السعوديّة إلى أن عدد الفتيات اللواتي لم يتزوجن، وبلغن سن الزواج وصل عددهن (1.529.418) فتاة في مختلف المدن السعودية، وقد احتلت مدينة مكة المكرمة النسبة الكبرى بوجود (396248) فتاة، ثم منطقة الرياض بوجود(327427) فتاة، وفي المنطقة الشرقية (228093) فتاة، ثم المنطقة الشمالية ووصل عدد العوانس فيها إلى (159.392), بينما وصل مجموع العوانس في المنطقة الجنوبية من السعودية إلى(311199) ألف عانس.(31/97)
وأوضحت الدراسة أن عدد الفتيات المتزوجات في السعودية بلغ مليونين و(638) ألفاً و(574) امرأة، من مجموع عدد الإناث البالغ أربعة ملايين و(572) ألفاً و(231) أنثى، كما أن هناك ما بين عشر وخمس عشرة حالة زواج لسعوديين من إندونيسيات شهرياً، وتبلغ أحياناً (25) زيجة، حيث يعمل معظمهن خادمات في المنازل.
وترتفع المهور بشكل لافت في السعودية مما حدا بالمسؤولين إلى السعي في تشكيل لجان خيرية لمساعدة الشباب على الزواج بتحمل جزء من تكلفة مستلزمات الزواج عنهم, وفي شكل موازٍ تنتشر مؤسسات الإسكان الخيري التي تبني شققاً سكنية وتؤجرها بمبالغ مخفضة للمتزوجين حديثاً وفق أولويات الترشيح.
كما ظهرت هناك دعوات من شيوخ بعض القبائل في السعودية إلى تقليل المهور وتكاليف الزواج, وبعض هذه القبائل استن قانوناً يمنع تقديم مهر فوق المبلغ المقرّر من شيخ القبيلة للحدّ من ظاهرة العنوسة وسط فتياتهم.
ـــــــــــــــــــ
الزوجة والحماة.. صراع قلبين على قلب!
عبد الفتاح الشهاري- ليلى بيومي - ضحى الحداد - إبراهيم الزعيم 9/5/1426
16/06/2005
الرياض ... عبد الفتاح الشهاري
القاهرة ... ليلى بيومي
بغداد ... ضحى الحداد
غزة ... إبراهيم الزعيم
- الفضائيّات أساءت لسمعة الحماة في المجتمع وصوّرتها كبُعبع.
- المعاملة الحسنة طريق معبّد للوصول إلى قلب أم الزوج.
- باحثة اجتماعية: تراثنا مليء بالحموات العادلات والحازمات.
- غياب بيت العائلة الكبير أحدث شرخاً في قيمنا.
درجت الأسر على استقبال زوجة الابن بالأفراح والزغاريد .. لكن ما أن تمضي شهور حتى يتم إعادة تشكيل العلاقة بين هذه الوافدة الجديدة زوجة الابن (الكَنّة) ووالدة الزوج (الحماة)، وفي تلك اللحظات يتحدّد شكل المسار المستقبلي لهذه العلاقة، فإما أن تسير كعلاقة بين أم وابنتها، أو تبدأ كعلاقة عِدائية يحاول كل منهما أن يلغي الآخر، وينال منه ويقتنص زلاّته، ويصوّره أمام الطرف الثالث (الزوج- الابن) كبُعبع ينبغي الحذر منه بل والخلاص منه أحياناً.
يحكي لنا الآباء والأجداد وكبار السن أن الفتاة كانت تُوصَى يوم زفافها من الجميع -وخاصة أمها- بحماتها (أم زوجها)، وبضرورة طاعتها قبل أن تطيع زوجها.
لكن جيل التلفاز تغيّرت مفاهيمه، وأصبحت الفتاة وأهلها يشترطون على من يتقدم للزواج منها أن يبعد أمه عن ابنتهم. وأصبحنا لا نرى مسلسلاً ولا فيلمًا إلا وأظهر الحماة في صورة السيدة الشريرة المتسلطة حتى ساءت سمعتها تمامًا.
الزوجة وأم الزوج، أو الكَنّة أو الحماة أو العمّة، بأيّ الأسماء يحب البعض أن يسميها، قضية اجتماعية مهمة، سعت (الإسلام اليوم) أن تضعها على طاولة البحث،(31/98)
متسائلةً: هل علاقة هذين الطرفين ببعضهما علاقة نزاع وشقاق أم علاقة حبّ وتفاهم؟ وما أسباب توتر هذه العلاقة؟ وما موقف الابن بين الطرفين؟ وهل لوسائل الإعلام دور في هذه القضية؟
تعتقد "أم أحمد" من الرياض(متزوجة وأم لثلاثة أبناء) أن هناك غيرة متبادلة ومشتركة بين القلبين، ومن الصعب أن نقول عكس ذلك، ولكن في أحيان كثيرة قد يكون منشأ هذا الصراع مؤثرات أخرى خارجية مثل أخوات الزوج، فأحياناً – كما تقول (ن. ش)– قد تكون الحماة فيها شيء من الغيرة البسيطة التي يمكن أن تتجاوزها الزوجة، أو تتفهمها ولكن عندما تكون المسألة متعلقة بأخوات الزوج فإن غالبية إثارة الحماة تكون عن طريقهن..
خدمة سوبر ستار
وتبدي (أ .ع) تعجّبها الشديد من الشكل الذي تصوّر به الفضائيات صورة (الحماة) وتقول: إن الكنّة (زوجة الابن) تستطيع أن تكسب حماتها إذا أحسنت معاملتها، واستعرضت مع (الإسلام اليوم) تجربتها؛ ففي الأيام الأولى لزواجها كانت أم زوجها شديدة للغاية في معاملتها وقاسية في تصرفاتها, فرغم أن لها شقة منفصلة عن بيت العائلة إلا أنها تجبرها أن تمكث عندها كل النهار، لتقوم لها بالأعمال المنزلية، واستقبال الضيوف، والعديد من الأعمال الشاقّة الأخرى، ومع ذلك فقد تحلّت زوجة الابن بالصبر إلى أن شاءت الأقدار أن تقع أم زوجها طريحة الفراش، فلم تجد من يقوم بخدمتها غير زوجة ابنها، فوقفت زوجة الابن إلى جانبها في أزمتها، ومكثت بجوارها إلى أن استعادت صحّتها، وشعرت الأم بمقدار اهتمامها بها، ومن ذلك الوقت وهي تعاملها بأسلوب حسن، واستطاعت أن تستقلّ بمنزلها الخاص، ولم يمنعها ذلك من تلبية حاجات أم زوجها من وقت لآخر.
غيرة بالإكراه
ومثلما تنظر بعض الفتيات إلى (العمّة) -باللهجة العراقية- كامرأة ظالمة, فإن صورة زوجة الابن تعكس نفسها في داخل العمة, وهذا ما ثبّتته إحدى العمّات أو الحموات بصراحة تامة، بأنها تغار من زوجة ابنها عندما تدخل معه إلى غرفة النوم أو إذا تسامرا أو ضحكا! وهي تحاول جاهدة التخلي عن هذه الأحاسيس لكنها تأتيها رغماً عنها، وتضيف بأنها سعت في زواج ابنها لابنة أختها حتى لا تشعر بالغيرة في حال إذا كانت الزوجة غريبة، لكن كونها خالة وعمّة في آن واحد فهذا أمر صعب عليها.
مبالغات بعيدة عن الصِحّة
س . ر (من فلسطين) تتفق في أن أم الزوج ليست دائما الوجه السيّئ، فهي تسمع العديد من القصص التي يردّدها الناس عن أعمال الحموات وأفعالهن بالرغم من أن زوجات الأبناء قد يكنّ أكثر قسوة على أمهات أزواجهنّ، وتتساءل: لماذا تكون الحماة هي الضحية دائماً؟!
وتوضّح في حديثها أنها لم تجد ما يسيء لها من قبل أم زوجها، فحماتها كما تقول سيدة فاضلة جديرة بالاحترام، وتعاملها بكل حب واحترام، وهي تبادلها الشعور نفسه.
جانب مشرق(31/99)
وعلى الرغم من الصورة التقليدية السيّئة التي يُروّج لها إلا أن السيدة هدى (25 عاماً من العراق) عبَّرت عن سعادتها بحماتها التي طالما أحسنت معاملتها، فحماتها اشترت لها قلادة من ذهب غالية الثمن تعبيرًا عن حبّها, وعندما سألنا حماتها (أم علي) أجابت بأن كَنّتي (أي زوجة ابني) تعاملني أحسن معاملة، كما أنها تراعي زوجها وتقوم بواجبات ابني الآخر غير المتزوج، فأحببت أن أكافئها وأعبر لها عن امتناني لها، وتختم حديثها: "أتمنى أن تحصل جميع الحموات على زوجات لأولادهن مثل زوجة ابني".
لؤم وخداع
وعلى الجانب المضادّ تقف الحاجة رئيفة أبو السعد (من مصر)؛ فزوجة ابنها رفضت أن تقيم معها في منزل الأسرة، وتمسّكت بأن تكون لها شقة جديدة ومستقلة، وبالفعل ضغطت على زوجها حتى استأجر لها شقة بعيدة يتطلب الانتقال إليها استخدام أكثر من وسيلة مواصلات، ولذلك فلم يكن هناك مجال كبير لزيارتهم. ولم تكتف زوجة الابن بذلك بل أخذت تعمل على أن تفصل بين زوجها وأشقائه مع أنهم يعملون في مجالات عمل متصلة ببعضها، ورفضت أن يشارك زوجها إخوته، وطلبت أن يشارك أصهاره بدلاً عنهم، وتحكي "أم السعد": "عندما نزورها تصرّ على استقبالنا في الصالون استقبالاً رسميًا، وتنشغل بالمهام المنزلية، أي أنها تريد أن تقول: إنكم لستم مرغوبين عندي ولا في بيتي".
دعوة على فراش الموت
مثل آخر وصورة إيجابية لتعامل الزوجة مع أهل زوجها يرويه الشيخ رجب سالم -إمام وخطيب وخريج كلية الشريعة من مصر- فيقول: تزوج أشقائي وشقيقاتي، وسافرْتُ للعمل في الخارج، ورافقتني زوجتي عدة سنوات في السفر، ثم بقيت هي والأولاد في منزل الأسرة مع والدي ووالدتي المسنّيْن، وعملت على خدمتهم بطريقة جعلتهما يدعوان لها ليلاً ونهارًا، بل أقول: إنهما أحبّاها أكثر من بناتهما؛ لأنها أكرمتهما، وكان أبي يقول لي: لا نريدك طالما معنا زوجتك، ومات أبي وهو يدعو لها على فراش الموت.
الواقع يكذّب التلفاز
وتتفق سامية المنجد -وهي مهندسة بهيئة التلفونات المصرية- مع من يقول بأن الحموات لسن كلهن سيئات، وأن علاقتهن مع زوجات أبنائهن ليست علاقة ضد, فحماتها تحبّها وهي تعاملها مثل أمها تماماً, وكانت سامية المنجد تعتقد في بداية زواجها أن حماتها تخصها وحدها بهذا الحب دون زوجات أبنائها الأخريات, لكن بمضي الزمن أدركت أن ديدن حماتها نشر الحب على الجميع, فالكل يلتف حولها ويبثّ إليها همومه فلا تبخل عليهم بالنصح الجميل والرأي السديد, لذلك كان موت هذه الحماة يوماً عصيباً على كل الأسرة, وبكتها زوجات أبنائها كما لو كنّ فقدْن أمهاتهن، بل وأطلقت إحداهن اسمها على ابنتها الصغيرة التي وُلدت بعد وفاتها.
أغار .. ولكني أتودّد
نوع آخر من التعامل الحسن ترويه لـ(الإسلام اليوم) "أم طيف" من السعودية, فرغم الغيرة المشتركة بينها وبين أم زوجها على الابن, إلا أنها لم تتعدّ حدود المعقول،(31/100)
وظلت خامدة لا تثير المشاكل, وعملت كل من زوجة الابن والأم على بقائها -أي الغيرة- في إطار محدّد، بل حاولتا التخلص منها؛ فوالدة الزوج تحاول قدر طاقتها أن تخفي هذه الغيرة، أما زوجة الابن فكانت تتودّد لحماتها بالهدايا والمعاملة الحسنة، وبذلك سارت العلاقة داخل البيت تسودها المحبة ومراعاة كل واحدة منهما للأخرى.
هل أكون عاقاً؟!
يقع الزوج غالباً في حرج تعامله مع القلبين، فهو يريد أن يكون بارًّا بوالدته، ومحبًّا بما يرضي الله لزوجته، يتمثل هذا الإشكال في أكبر جوانبه في جانب الأعطيات، والهبات؛ إذ يجد الزوج حرجاً دائماً أمام زوجته وأمّه.. وهنا يرى المستشار النفسي (فهد السنيد) أنه لا يجب العدل بين الزوجة والأم، فالزوجة لها نفقة خاصة بعقد النكاح؛ لأن فيه استمتاع، ولا يُلزَم المرء أن ينفق على أمّه كلما أنفق على زوجته، إلا إذا كانت الأم بحاجة إلى نفقة وكان الابن غنياً، فالأم ليست بِضَرّة حتى يعدل بين زوجته وبينها في الكسوة والسفر، والمبيت، ونحو ذلك.. الأم لها نفقة خاصة بشرط أن تكون محتاجة ويكون الابن غنياً، أما الزوجة فلها نفقة واجبة بكل حال، ولو كانت غنية والزوج فقيراً. ويستطرد السنيد "لكن في حالة الغيرة الشديدة من الأم بسبب ما ينفقه الزوج على زوجته فلا شك أن الأحسن أن يداري أمه، ولا يُظهر لها أنه أنفق على زوجته، وإذا جعل ذلك سراً ولم تعلم به فهذا طيب، ومع ذلك لا ينسى أمّه من الهدايا ونحو ذلك، وإذا كانت محتاجة فيجب عليه أن ينفق عليها.
أنماط مستوردة
تُرجع الباحثة في العلوم الاجتماعيّة (أميمة نوير) جذور مشكلة الحماة مع زوجة الابن (الكَنّة) إلى أن العرب والمسلمين درجوا على استيراد أنماط لا تتناسب ولا تعبّر عن مجتمعاتهم؛ فهناك أسر لا تستطيع أن توفر سكنًا خاصًّا لابنها الشاب المقبل على الزواج خاصة في القرى، ولذلك يتحتّم أن تسكن زوجة الابن مع حماتها وتختلط بها، وترى أميمة نوير أن مجتمعاتنا فقدت الكثير من القيم يوم فقدنا بيت العائلة الكبير؛ فهذا المنزل كانت الأم فيه "ملكة متوّجة"، وكان لكل ابن حجرة خاصة مع زوجته، أمّا الآن فجاءت الشقق الصغيرة الخانقة، وتفرّق الأبناء، وكبرت الأم فلم تجد صدرًا حانيًا. بالرغم من أن تراثنا مليء بالحموات الحازمات العادلات اللاتي كنّ مضرب المثل. وتقول الباحثة: أنا لم أرَ حماتي؛ فقد ماتت قبل أن أتزوج ولكن أسمع عنها كل خير، ولا أدري من أين جاء الإعلام بهذه الافتراءات
ـــــــــــــــــــ
انكسار امرأة!!
فوزيه الخليوي * 4/4/1426
12/05/2005
ترقد في مستشفى النقاهة في الرياض, مشلولة شللاً رباعياً!! عندما سُئلت عن السبب؟ قالت: دخل زوجي عليّ, وبصحبته امرأة معلناً زواجه بها؟!!
لم أتحمل الخبر. أسرعت إلى النافذة، وألقيت بنفسي من الدور الثالث!!
هذه اللحظات عندما يعلن الزوج زواجه بامرأة أخرى هي أصعب ما تواجهه الزوجة الأولى في حياتها!!(31/101)
هو شعورٌ لا يوصف
وجذوةٌ لا تجفّ
حالةٌ من الضياع والانحدار للهاوية، مدى ارتفاعها هي السنون التي قضياها معاً بحلوها ومرّها!!
والزوج للمرأة في العالم بأسره هو الركن الشديد, والملاذ الوحيد!!
هو القلب الشفيق, والحصن الرفيق!!
هو من يشاركها الأفراح والأتراح
يواسيها في حال التعب
وتداويه عند الكرب
تهرعُ إليه عندما تشتدّ بها الخطوب
وتدلهمّ الحروب
تُسرّ إذا ضمّ صغاره
وتبقى دوماً في انتظاره
تُعدّ له الطعام بيديها
وتفتديه بأغلى ما لديها
لأنه أنيس وحشتها..
ورفيق غربتها....
ولهذا لا نستطيع أن نقيس الفترة التي عاشها الزوجان سوياً, لأنها لا تكون بالأيام, ولا الأسابيع, ولا بالشهور!!
بل باللحظات....بالأنفاس!!
إنها أنفاس اللحظات ولحظات الأنفاس!!
والمرأة عندما تتزوج تحوك لنفسها عالماً خاصاً
فأما نهاره فأبناؤها وزوجها وبيتها
وأما ليله فالضياء والأمل
سعادتها برؤية الوجوه مبتسمة
هناؤها باستتباب الأمن بمنزلها
سماؤها ليست بالسماء التي نعرف!!
وأرضها ليست بالأرض التي نطأ!!
هي جنة داخلية, وسعادةٌ سرمدية
وعندما ينصرف عنها الزوج بالزواج, تنهال غيمة الكبرياء التي لطالما ارتفعت في سمائها, فهي بين خيارين:
إما أن تطلب حريتها وتلِجّ في طلبها
أو أن تمزق كبرياءها وتلملم شتاتها, وتطأ جراحها!!
إنه انكسار الأنثى
ولا تنكسر إلا بإهمال الأنوثة فيها!!!
ولهذا لا تعجب مما تسمعه من القصص في هذا الشأن, وتُعدّه ضرباً من الخيال, لنساء أصابتهنّ سهام الفجيعة, وجرحتهنّ نِصالُ الفُرقة!!(31/102)
فإحداهنّ صلّت بغير اتجاه القبلة, وواحدة أعطاها مبلغاً كبيراً من المال فأحرقته في الحال!!
ومنهن من أبلغها زوجها بخبره قبيل صلاة التراويح في رمضان فدخلت لتصلي في قسم الرجال!
ومن شدّة الهمّ تُصاب بعض النساء بجلطة دماغية قد تسبب لها الشلل أو فقدان إحدى حواسها الخمس!!
وقد تقودها الغيرة إلى مالا تُحمد عقباه, كالقتل مثلاً, كما جاء في الخبر التالي: من أن إحداهنّ عندما سمعت بشائعات زواج زوجها عليها, فتراكم عندها مخزون هائل من الغضب, والرغبة في الانتقام فأخذت تجادل زوجها في هذا الشأن وقد أخفت سكيناً تحت ملابسها, فلمّا استخف بها الزوج أخرجت السكين وطعنته فسقط قتيلاً, ثم سلمت نفسها وقالت: إنّ حبها الشديد لزوجها هو الذي دفعها لقتله؛ لأنها لم تكن تسمح لأي إنسانة مهما كانت أن تنتزعه منها (جريدة اليوم 11314).
ولعل هذا هو مصداق حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما خرج من عند عائشة ليلاً قالت: فغِرت عليه, فجاء فرأى ما أصنع! فقال: مالك يا عائشة! أغِرت؟
فقلت: وما لي؟ لا يغار مثلي على مثلك!
فقال: لقد جاءك شيطانك!
قلت: يا رسول الله! أمعي شيطان؟
قال: نعم, قلت: ومعك يا رسول الله!
قال: نعم, ولكن أعانني الله عليه حتى أسلم. رواه مسلم* عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
ـــــــــــــــــــ
في الحياة الزوجية .. من هو صاحب القرار؟
ميرفت سعيد 19/3/1426
28/04/2005
إذا كنا نتكلم عن "مؤسسة اجتماعية" أي الأسرة مبنية على شراكة زوجية، فكيف ينتظر أحد الشركاء أن تنمو هذه الشركة إذا لم يكن كل واحد منهما على بينّة لكل الأمور الطارئة في الحياة ؟ ومن الأمور التي يجب أن يتصارح بها الزوجان: الوضع الاقتصادي، المشكلات الطارئة في الأسرة، الهموم الخاصة بكل من الطرفين وغيرها من الأمور التي تعزز صفاء العلاقة وتمتّن الشراكة.
فالمشاورة مطلوبة من قبل الشريكين، الزوجة من زوجها والزوج من زوجته ولن تنقص قيمة أحد منهما أو كرامته أو رجوليته كما يظن البعض إن هو أخذ بمشورة الآخر. ويجب أن نبين أن المشورة لا تعني الأمر ولا تعني الفرض، يعني إذا تم التشاور بين الزوجين ثم قرر الزوج خلاقاً لما أشارت إليه الزوجة فإن ذلك لا يعني شماتة أو نقص بثقة الآخر ولا يصح لها أن تغضب، ويمكنها طلب توضيح ذلك فقط دون ممارسة الضغط النفسي أوالمعاتبة.
استشارة المرأة حق شرعي(31/103)
وقد ثبت من هديه صلى الله عليه وسلّم أنّه استشار أم سلمة رضي الله تعالى عنها، وقد كانت راجحة العقل نافذة البصر ففي الجامع الصحيح للإمام البخاري برقم (1566) من حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه في قصة الحديبية وفيها: قال فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه :" قوموا فانحروا ثم احلقوا "، قال فو الله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات. فلما لم يقم منهم أحد، دخل على أم سلمة رضي الله عنها فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك ؟ اخرج لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحَرَ بُدْنَك وتدعو حالِقَك فيحلِقَك، فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك: نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه ، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا ، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً" .
وقد أوضح الحسن البصري ما يؤخذ من هذه الواقعة ، من شرعية استشارة النساء ، فقال : إنْ كان رسول الله لفي غنى عن مشورة أم سلمة ، ولكنه أحب أن يقتدي الناس في ذلك ، وأن لا يشعر الرجل بأي معرّة في مشاورة النساء .
طرح مفهوم الندِّية
وعلينا أن نضع نصب أعيننا أن الزوج ليس ندًا أو عدواً أو منافساً يجب أن نواجهه ونتحداه، وأن الحياة الزوجية ليست معركة علينا أن نخوض غمارها وننتصر فيها. ولابد لنا أن نقف عند نقطة هامة وجوهرية ونعي أنه ليس المهم من بيده سلطة اتخاذ القرار بقدر ما هو مهم أن يكون القرار المتخذ والمعمول به قراراً سليماً وفي صالح الحياة الزوجية.
في إطار هذه المفاهيم قام العديد من الباحثين الاجتماعيين بدراسات حول الأدوار الزوجية ولعلَ أبرزها دراسة: "الشراكة في الأسرة العربية" التي قامت بها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا التابعة للأمم المتحدة. تناولت هذه الدراسة 3 بلدان عربية وهي: لبنان، العراق، اليمن. تكونت عينة البحث من : 602 من الأسر اللبنانية، و500 أسرة يمنية من مدينة صنعاء، إضافة إلى 600 أسرة عراقية. وتم طرح استبيان على هذه العينة تضمّن 34 سؤالا ذات أجوبة محددة للزوج والزوجة من ضمنها أسئلة تتعلق بالأعمال والمهام المنزلية، وتربية الأولاد، والمساعدة في الأعمال المنزلية، كيفية اتخاذ القرارات بين الزوجين واحترام خصوصيات الزوج والزوجة، الأنشطة المشتركة بين الزوجين وطرق حلّ المشكلات الزوجية. وتركز البحث الميداني على العلاقة بين المستوى العلمي والاقتصادي للزوج والزوجة وأثر ذلك على الشراكة بينهما ولا سيما فيما يتعلق باتخاذ القرار داخل الأسرة وفي شتى المجالات.
وكانت أبرز النتائج المشتركة لهذه الدراسة على صعيد البلدان الثلاث أنه كلما ارتفع المستوى العلمي للزوجين ومستوى الدخل ارتفعت الشراكة بينهما. ومن النتائج المشتركة أيضاً أن الأعمال المنزلية غالباً ما تكون على عاتق الزوجة. ويتشارك الأزواج باتخاذ القرار الموحد في الأمور التالية: الإنفاق، الإنجاب، الذهاب إلى الطبيب، سياسة تربية الأولاد. بينما تتحمل غالب النساء مسؤولية تربية الأولاد. كما يوجد تفاوت بين البلدان من حيث تفرّد المرأة باتخاذ القرارات المالية الخاصة بها.(31/104)
وفيما يتعلق بطرق حلّ النزاعات بين الزوجين اعتبر الحوار وأسلوب المناقشة كمعدّل وسطي لأجوبة العينة. كما يوجد حالات نزاعات زوجية قائمة على مشكلة التنافس والتحدي بين الزوجين.
صراع الأدوار بين الزوجين
وحول من يتخذ القرار في المنزل، وهو ما يسمّى في علم الاجتماع "صراع الأدوار بين الزوجين". .وسننتقل للحديث عن: من هو أكثر عرضة لمشكلة "صراع الأدوار"؟ وما هي الإرشادات الوقائية لتفادي هذه المشكلة الزوجية؟ وما هي الإرشادات العلاجية لمثل هذه الحالات؟؟
أولاً: التصنيفات الاجتماعية للحالات الأكثر عرضة لـ"صراع الأدوار".
إن أكثر الأزواج عرضة للتنازع على سلطة أخذ القرار في الحياة الزوجية هم:
-الزوجة المتسلطة والزوج المتسلط في منزل واحد حيث لا يمكن لأحدهما أن يتنازل عن رأيه.
-اختلاف البيئة الأسرية بين الزوجين أي أن تكون الزوجة من بيئة أسرية تربت على التشاور والاحترام المتبادل بين الزوجين بينما يكون الرجل من بيئة أسرية تربى فيها على أن الرجل وحده الآمر والناهي (والعكس صحيح).
-التفاوت الطبقي والثقافي بين الزوجين: عندما تكون الزوجة أغنى من الرجل أو من طبقة اجتماعية أعلى والعكس صحيح.
-عدم الانسجام الفكري وعدم النضج العاطفي والعقلي المتبادل بين الزوجين.
-النقص المعرفي في الحقوق والواجبات الشرعية بين الرجل والمرأة.
-فقدان الثقة المتبادلة بين الزوجين (الثقة هنا فيما يتعلق بالقدرة على اتخاذ القرارات السليمة).
-إصابة أحد الزوجين بأمراض نفسية واضطرابات سلوكية (مثال البارانويا، العدوانية، النرجسية).
بعد الانتهاء من ذكر هذه التصنيفات لابد لنا من التحدث عن كيفية الوقاية من الوقوع في مشكلة صراع الأدوار، وكيف يتخذ الزوجان القرار في حياتهما الأسرية؟
إرشادات مهمة قبل اتخاذ القرار
في الحديث عن الإرشادات الوقائية التي يجب أن نسترشد بها لتفادي النزاع الزوجي حول اتخاذ القرار، لا بد لنا أن نتوقف لتفسير لماذا يختلف الزوجان عند اتخاذ القرار وكيف نتعامل معه؟
1-وجهات النظر: ينظر الرجل والمرأة إلى أمور الحياة ومجرياتها من نقاط أفضلية متغايرة إذ كل منهما ينظر إلى نفس الموضوع بصورة مختلفة. وعادة ما يكون الاختلاف في وجهات النظر لكثير من الأمور نظراً لاختلاف تكوين الشخصية والخبرة الحياتية عند كل من الزوجين. لذلك على كل منهما أن يسعى لفهم وجهة نظر الآخر واحترامها وتقبلها. ومن الأمور التي تختلف وجهات نظر الزوجين فيها، هي:
- أولويات الإنفاق: يختلف الرجل عن المرأة في تحديد أولويات الانفاق في المنزل. لذلك يستحسن منذ البداية تحديد هذه الأولويات بين الزوجين والاتفاق عليها، مثال : إعداد ميزانية العائلة، إعداد خطة لطرق الإدخار..(31/105)
- تربية الأبناء: يختلف الزوجان في أسلوب تربية الأبناء. وعادة ما تكون المسؤولية مشتركة بين الزوجين في تربية الأبناء بنسب متفاوتة. فقد تكون وظيفة الأم أكبر من وظيفة الأب في مرحلة معينة أو في ظروف خاصة وقد تكون وظيفة الأب أكبر من وظيفة الأم في مراحل معينة أو في ظروف خاصة، والمهم أن يتفق الزوجان على سياسة تربوية موحدة يعتمدونها في تربية الأبناء تفادياً لنشوء خلافات زوجية حول هذا الموضوع.
2-أسلوب المحادثة بين الرجل والمرأة: يتكلم الرجل بلغة مختلفة عن لغة المرأة أي أن طريقة تعبير الرجل عن ما يريده وما يفكر فيه مختلف عن طريقة تعبير المرأة. عادة ما يكون الرجل دقيق في اختيار عباراته وواضح. كما يعبرّ عن احتياجاته ومطالبه بطريقة مباشرة ومحددة. بينما نرى المرأة تتكلم بلغة المشاعر قبل توضيح المعلومات التي تريدها (أي تعبّر عن مشاعرها بالدرجة الأولى قبل الخوض بالمسألة المطروحة بين الزوجين)، وعادة ما تستعمل المرأة أساليب خاصة في الكلام مثل صيغة التفضيل أو صيغة المبالغة وأسلوب المجاز والاستعارة. وهذه الاختلافات في أسلوب المحادثة تخلق مشاكل زوجية نتيجة سوء فهم مقصد الطرف الآخر لعدم تفهّم أسلوب المحادثة المتغاير بين كل من الزوج والزوجة.
هي اتساع أفق .. هو أسلوب تركيزي
يختلف الرجل عن المرأة في اتخاذ القرارات لاختلاف أسلوب التفكير. فإن أسلوب تفكير الرجل في الحياة هو أسلوب تركيزي أما أسلوب المرأة هو التعميم وسعة الأفق. فالمرأة بسبب سعة الأفق في التفكير لا تتمكن من التركيز على أمر واحد بل تنظر إلى الاحتمالات الأخرى التي تكون لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بذلك الأمر.
فعلى الرجل أنه عندما يطرح قضية للتشاور عليه أن يصبر ويتفهم حاجة زوجته في جمع المعلومات والتكلم عن الاختيارات والبدائل والخوض في تفاصيل الموضوع . كذا على الزوجة ألا تغضب إن رأت زوجها يستغرق في التفكير بمفرده فهذه مرحلة من مراحل تفكيره ريثما ينتهي منها سيعود ليشاورك حتى تتخذا القرار النهائي معاً .
وفي نهاية الأمر علينا أن نؤكد أن الاختلافات في اتخاذ القرارت خلال السنوات الخمس الأولى من الحياة الزوجية طبيعية ينتج عنها التعارف الحقيقي بين الشريكين والوصول بالنهاية إلى الانسجام الفكري والعاطفي
ـــــــــــــــــــ
لكم يا أهل العوانس!!
د/ فيصل بن سعود الحليبي * 3/3/1426
12/04/2005
في المنطقة الوسط لقضية العنوسة سوف أقف عدة وقفات، أجعل فيها الأسباب على جهة، والعلاج على جهة أخرى، متجاهلاً هذه أو تلك، لأن كلتا الجهتين قد نال حظًا وافرًا من الحديث والبحث ..(31/106)
وبقينا في المعاناة نفسها والواقع ذاته.. حينما تتوفر أسبابه ويصعب علاجه .. إنها الآن فتاة عانس .. وحسب .. أقرب الناس لها أهلها الذين يعيشون معها .. ويعايشون مأساتها، ويصلهم لهيبها بعد أن يحرقها..
دعوني أتطفل عليكم يا أهل العوانس لأتحدث إليكم في موضوع ذي حساسية بالغة فأقول لكم: بأنها ابنتكم فلن أكون حينها أرقّ منكم عليها، ولا أعرف بأحاسيسها ومشاعرها منكم، ولكنها محاولة في تخفيف همها، وتسليتها عن غمها ..
ربما يكون من المستغرب في التعامل مع هذه الفتاة أن نحذِّر من مزيد العطف والإرضاء لها بما يميّزها عن أقرانها في الظاهر؛ لأن هذا النوع من التعامل سوف يذكرها بحالها التي تحاول نسيانه، ولا يعني هذا أيضًا ألا نعوّضها شيئًا من الحنان والرعاية اللتين تنشدهما كأقرانها المتزوجات، ولكن بطريقة تلقائية غير متكلفة.
وإن من أسهل الأشياء وأكثرها أثرًا في نفس هذه الفتاة هو الابتسامة المشرقة التي يجب أن تستقبل بها أو تودّع، بها تنسى أحزانها، وتستقبل بها ساعات أكثر أملاً وسعادة، فكيف لو أُلحقت هذه الابتسامة بسؤال عن حالها وصحتها وما فعلته في دراستها أو عملها أو نحو ذلك، إنها بلا ريب ستشعر بأن قلوبًا صافية أخرى قد انضمت إلى قلبها ليحمل عنه شيئًا من همومها.
والحياة الزوجية التي تفتقدها العانس لا تخلو من أخطاء ترتكبها الزوجة، غير أن الزوج ربما تغاضى عن زلاتها وعفا عن أخطائها؛ لتسير دفة الحياة بمزيد من الحب والألفة، والزوجة لا ريب تجد لذة في هذا الإغضاء، وذلك العفو؛ لأنها تقيس به مكانتها في قلب زوجها وحبّه لها .. بمثال هذا التعامل يجب أن تُعامل به العانس.. بل بأحسن منه وأكرم؛ لأن الجود الخلقي في التعامل مع العانس مبرّأ عن حظوظ النفس ورغباتها، ولأنها حينما تحس بفقدان ما يكون سببًا للعفو عنها من التودّد القريب من نفس الزوج تزداد لوعتها وحنينها إليه، وإذا كان غضّ الطرف عن الخطأ سجيّة العظماء والقادرين مع الناس أجمعين فلأن يتعامل به مع أحوج الناس إليه أبلغ في العظمة وكمال الشخصية.
ومفاجأة العانس بهدية جميلة لمناسبة ما أو بدون مناسبة، أمر سينقُش في خاطرها المكلوم ذكريات تفيض بالمحبة لمن حولها، وتجعلها معهم أكثر صفاءً ونقاءً، ولو أنك اطلعت عليها وقد تفردت بهديتك الكريمة فسوف تجدها تردّد النظر إليها بين الفينة والأخرى، وتطيل التأمل فيها، وربما ضمّتها إلى صدرها، ولهج لسانها بالدعاء الصادق لمهديها إليها.
وقل مثل ذلك في كل أمر حسي تخصّ به هذه الفتاة كوجبة عشاء تحبّها أو حلوى تستلذها، أو حاجة كانت تسأل وتبحث عنها فيوفرها أحد أهلها لها، الأمر الذي سيترك حتمًا لمسات حانية على فؤادها، تكون ثمارها الفرحة والبهجة على محيّاها وقلبها.
ويا له من يوم سعيد على هذه الفتاة حينما نفرّحها بطلب مشاركتنا في رحلة خلوية أو سفر قريب، ليكون لها نصيب من المتعة المشتركة، والنزهة الخارجية، إنه يوم لن يُنسى، وساعات ستبقى.(31/107)
ولفتة جميلة من أهل العانس ينبغي أن يمكنوها من الاستمتاع بها، وهي فسح المجال لإمتاع أطفالهم وملاعبتهم وتوجيههم والحديث إليهم، وعدم ردّ هداياها لهم، ولو تكررت منها؛ لأن في هذا محاولة لإشباع روح الأمومة التي فُطرت عليها.
كما أن على أهل بيت العانس أن يتجنّبوا - بطريقة طبيعية- الحديث عن أخبار الفتيات اللواتي خطبن قريبًا أو أوشكن على الزواج؛ لأن هذا ربما أثار أشجانها، وأعاد إليها أحزانها.
وإذا كنا نوجّه بعدم إسماعها مثل هذه الأخبار والأحاديث، فإننا نحذِّر بشدة من أن نمكّنها من إثارة مشاعرها الإنسانية، وذلك بتوفير كل ما فيه اطلاع على الجنس ومثيراته بكل أصنافها من قنوات فضائية لا ترعى لفتاة حشمة ولا حياءً، أو غرف الدردشة الملغومة بالمغريات عبر شبكة الإنترنت، أو المجلات التي تغريها بالفتن وتحببها لها، فهي أمانة يجب أن تُرعى، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) رواه البخاري.
ولا يعني الاهتمام بخاطر العانس أن نعين الفراغ القاتل على نفسها، بل يجب توفير كل ما فيه نفع لها، وذلك بفتح آفاق الثقافة والإبداع لفكرها، من أجهزة مساعدة لذلك كجهاز الحاسوب والمسجل والكتب المفيدة والمجلات النافعة والأشرطة الطيبة، أو حثها على الاشتراك في المناشط المفيدة المختلفة، كالدورات العلمية بكل أصنافها الشرعية وغيرها، ومراكز تحفيظ القرآن والجمعيات الإغاثية ونحوها، يحفّ ذلك كله إشراف مباشر على ما تنتجه من عمل، وما تقدّمه من خدمات لنفسها ولأمتها، ويراعي من يقوم على ذلك مزيد التكريم لها والتشجيع والمكافأة على ما تبذله من عطاء، وما تقدّمه من إبداع، لتبحر سفينتها بأمان دون سآمة أو ملل.
ولنتذكر أخيرًا حديث عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا أنها قَالَتْ: دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ) رواه البخاري.(*) كلية الشريعة بالأحساء
ـــــــــــــــــــ
صرخات عوانس وهدية ماليّة للزوجة الأولى
عمان- سماح بيبرس 26/2/1426
05/04/2005
باتت مواجهة العنوسة بالزواج الثاني محطّ اهتمام و جدل طريف في المجتمع الأردني لأكثر من أسبوعين بين مؤيد ومعارض، وذلك بعد أن دعا نداء موجه للمتزوجين من الرجال بالتفكير جدياً في الزواج للمرة الثانية مع تقديم التسهيلات المالية اللازمة لهم، مع تعهد بتحمل نفقات الزواج الثاني، "وبشرط موافقة الزوجة الأولى التي ستحصل بدورها على هدية مالية نقدية".
وكان النداء الذي بدأ تداوله على نطاق واسع قد وصل إلى المواطنين عبر فاكسات مواقع عملهم، وفي المؤسسات الرسمية والخاصة والمكاتب والمحال التجارية، حيث بات الكثيرون من أبناء مدينتي إربد و الزرقاء يتناقلونه عبر الفاكس أو يدوياً.(31/108)
وبحسب ما ورد في النداء فإن دراسات أجريت في الجامعة الأردنية وبالاستناد إلى ملفات دائرة الأحوال المدنية الأردنية أظهرت أن نسبة العزوف عن الزواج تجاوزت الـ70 بالمئة، الأمر الذي زاد من نسبة العنوسة إذ تجاوزت 67 بالمئة.." لهذا وحرصاً على أعراض المسلمين اللاتي هن أخواتنا وبناتنا نهيب بجميع الإخوة المسلمين، وخاصة المتزوجين بالمبادرة بالتفكير جدياً بالزواج الثاني".
كما جاء في النداء بأنه سيتم تحمل جميع تكاليف الزواج، وذلك بالتعاون مع المركز الإسلامي العربي - الرياض، وهنالك هديّة مالية للزوجة الأولى في حالة الموافقة مقدارها ثلاثة آلاف دينار، وقد تضمن النداء أيضاً أسماء الذين قاموا بالإشراف على الدراسة المذكورة.
في هذا التحقيق استطلع موقع (الإسلام اليوم) آراء فئات اجتماعية مختلفة في موضوع العنوسة والزواج الثاني، وحاور عدداً من الخبراء والمتخصصين في هذا الموضوع..
الناس والزواج الثاني بين القبول والرفض
رأى الشاب محمد سالم بأنه لا يجد ما يمنع أن يتزوج الرجل مرتين طالما أنه مقتدر مادياً، كما قال أحمد (40 عاماً): إن هذا النداء"غريب نوعاً ما" فليس هناك منطق في هذا النداء الذي يستهزئ بعقول الناس، ويجعل من الزواج أمراً مادياً بحتاً خصوصاً بعرض النداء مبلغاً من المال للزوجة الأولى لترضى بزواج زوجها بأخرى. فيما قالت السيدة مرام عبيدات: إنه ليس هناك امرأة ترضى بأن يتزوج زوجها امراة أخرى إلا في ظروف معينة وهي قليلة جداً ومشروطة مشيرة إلى أن الدعوى السابقة مشبوهة ويجب متابعة ناشريها لمعرفة الهدف من مثل هذا النداء الغريب.
أما الموظفة مها فقالت: إنها ستقبل بأن يتزوج زوجها بأخرى إن هو أصر، فهي لا تستطيع أن تمنعه من استخدام حقه الشرعي في ذلك، أو مخالفة ما أحلّه الله له، ولكنها بالمقابل لن ترضى بأخذ أي مبلغ مالي مهما بلغت قيمته لقاء موافقتها، فهي إن رضيت فمن منطلق شرعي وحسب، وإن كانت لا تستطيع إنكار تفضيلها لأن يبقى زوجها لها ولأسرته فقط.
مواجهة العنوسة بتيسير تكاليف واستحقاقات الزواج
في المقابل أكّد رئيس جمعية العفاف الخيرية عبد اللطيف عربيات أن مشكلة العنوسة مشكلة محلية و عالمية، ولها أسباب اجتماعية واقتصادية و تعليمية إضافة إلى العادات الاجتماعية التقليدية التي لا تقدر ظروف الشباب وحاجاتهم، و الظروف الاقتصادية السيئة لهم، مضيفاً أن الأهل و العادات الاجتماعية التي تفرض متطلبات ومهوراً عالية من المشاكل التي تزيد العنوسة.
وأكد عربيات على ضرورة محاربة العادات السيئة، وتقديم الدعم للشباب وذلك من خلال تقديم القروض الميسرة، ومن غير فوائد إضافة إلى عمل حفلات الزفاف الجماعي التي تقلّل من تكاليف حفلات الزفاف، ومثال ذلك ما تقوم به جمعية العفاف الخيرية في الأردن.
العنوسة مرتبطة بمظاهر اجتماعية وشروط اقتصادية(31/109)
أما نوال فاعوري -إحدى أبرز القيادات الإسلامية النسوية في الأردن- فرأت أن أهم أسباب العنوسة هو الحالة الاقتصادية و المغالاة في المظاهر الاجتماعية كالمغالاة بالمهور، واعتبارها دالّة على المكانة الاجتماعية للفتاة و عائلتها، والمباهاة في المظاهر الاجتماعية إضافة إلى التصاعد المستمر في تكاليف المعيشة الذي أدّى إلى تآكل الدخول. وأضافت الفاعوري أن ارتفاع مستويات البطالة التي تتجاوز 15% من إجمالي القوى العاملة إضافة إلى تأثير ما لا يقل عن (300) ألف أردني بعد أزمة الخليج عادوا من الكويت، مما أدّى إلى ارتفاع مستويات البطالة وانخفاض تحويلات الأردنيين.
وسائل الإعلام ساهمت في مشكلة العنوسة
من جهته بيّن أستاذ الشريعة بجامعة اليرموك عبد الرزاق أبو البصل أن الانفلات الأخلاقي وعدم الالتزام بتعاليم الشريعة في الحياة من أهم مسبّبات العنوسة في الأردن و العالم العربي، وذلك من خلال أثره في سمعة الفتاة المقبلة على الزواج، و في النظرة لها خصوصاً بعد زيادة نسبة النساء العاملات، وانخراطهن في الحياة مشيراً إلى أن زيادة نسب التعليم ومستوياته لدى المرأة زاد من هذه النسبة.
وأضاف أبو البصل أن وسائل الإعلام وما تبثه من مسلسلات و أفلام تصور الحب و الزواج بأسلوب غير أخلاقي يبلور تصوّرات لدى الشباب و الشابات للزوج و الزواج لا يتناسب مع الواقع و البيئة التي يعيشون فيها، مع الإشارة إلى روايات الحب والكتب التي تصوّر الزواج بأسلوب رومانسي غير واقعي.
وألمح أبو البصل إلى دور الجمعيات والمؤسسات في محاربة العنوسة من خلال إعادة ثقافة ومفهوم المجتمع حول الزواج ودوره في القضاء على الرذيلة في المجتمع.
في حين تشير الأرقام الإحصائية في الأردن إلى وجود (71) ألف فتاة تجاوزن عمر الزواج ولم يتزوجن، ووجود 000ر105 فتاة تجاوزن العمر 25 سنة، و لم يتزوجن، و000ر85 ألف شاب تجاوزوا عمر ألـ (30 ( سنة ولم يتزوجوا، كما تجدر الإشارة إلى أن نسبة البطالة بين الشباب الفقراء في الأردن تصل إلى 43% ، و75% من الذين يعانون من البطالة هم من الشباب من فئة العمر (20-30) سنة.
ـــــــــــــــــــ
د. رضا: رسالتي للمتزوجين (لاتنسوا الفضل بينكم)
حوار: مي محمود 24/2/1426
03/04/2005
الثمرة معظمها حلوة فلماذا يحرص البعض على تذوقها من جانبها المرّ وهو محدود، هذا ما يقوله الدكتور أكرم رضا الخبير التربوي واستشاري المشاكل الزوجية، وهو يحدثنا عن كيفية تحقيق السعادة الزوجية في حواره الممتع مع شبكة (الإسلام اليوم) حول آفاق نجاح الحياة الزوجية وكيفية تذليل الصعوبات التي تواجهها الأسرة المسلمة من أجل إقامة حياة زوجية سعيدة وناجحة؛ إذ ينصح الدكتور أكرم رضا كل زوجين بالاسترشاد الربّاني من القرآن والسنة والاستضاءة النورانيّة بخبرات الصالحين ويدعو إلى تدعيم الحب والتآلف والتفاهم الزواجي، ويحذر من خطورة(31/110)
عدم وجود عدد كافٍ من خبراء ومتخصصين في الإرشاد الزواجي ببلادنا العربية، مشدداً على أن الأسرة هي اللبنة الأولى لاستقرار المجتمع .. وهذا نص الحوار...
من وجهة نظركم ما هي معايير اختيار الزوج والزوجة؟
الاختيار له شقان: شق إرشادي وشق نفسي، الشق الإرشادي ينبع من هويتنا الإسلامية؛ فالله خالقنا هو الذي يرشدنا وهو سبحانه الخبير بطبيعة البشر (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) فالله -عز وجل- عن طريق نبيه -صلى الله عليه وسلم- وضع لنا ضوابط مثل قوله -صلى الله عليه وسلم- "تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ونسبها ودينها"، فقد وضع الصفات الأساسية التي لا يخرج عنها بشر في الاختيار بالترتيب، ثم يقول "فاظفر بذات الدين" وهنا يقدم الدين لأهميته في الاختيار وعلى أنه أساس، وكذلك لقوله سبحانه في النكاح (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم) ويرشد في لمحة خفية إلى أن الفقر يُعوّض بنكاح الصالحين، ولقوله سبحانه (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله)، وفي حالة الزوج يرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى اختيار الدين والخلق، وأضاف الخلق إلى الدين؛ لأن الأصل في الدين الخلق ولا دين بغير خلق، وكذلك الأمانة لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر "إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه"، وذلك لأن الأمانة فرع من الخلق، وكذلك الآية القرآنية التي أوضحت لنا اختيار سيدنا شعيب لسيدنا موسى لاتصافه بالأمانة (إن خير من استأجرت القوي الأمين)، أما الشق النفسي فهذا يصاحب الشخصية فكلما ارتقى صاحب الاختيار ارتقى مستوى اختياره؛ فإذا كان داخل الشخص الإيمان فيختار الأساس الدين أما إذا كان داخله وطموحاته أن يختار على أساس الجمال أو النسب فيختار على هذا الأساس لقوله سبحانه (الطيبات للطيبين) لذلك لا يستطيع إنسان أن يضع معايير اختيار؛ لأن المفروض أن يختار الإنسان من مستوى الإرشاد القرآني والسنة وخبرات الصالحين، ومثال ذلك عندما جاء الحسن البصري أحد الصالحين يسأله يقول: جاءني رجل غني وآخر صاحب دين لابنتي فماذا أختار؟ قال له: اختر صاحب الدين؛ لأنه إذا أحبها أكرمها وإذا كرهها لم يظلمها.
الفهم والتنشئة
كيف تفهم الزوجة شخصية زوجها وتستوعبها؟
أساس الاختيار في الإسلام يقوم على الحرية المطلقة فليس لأحد أن يجبر أحداً في أمر الزواج فالزوجة لا يستطيع أبوها أن يجبرها على الزواج لذلك فإن مسؤولية الاختيار متوفرة للزوجة ومن خلال فترة الخطوبة قد يكتشف كل طرف في الآخر عيوبه وميزاته، وتستطيع زوجة المستقبل أن تتقبل هذه العيوب وتتكيف معها؛ لأن هذه الفترة تُعتبر دراسة للطرفين وفرصتها أحسن للاختيار السليم ثم بعد ذلك فترة العقد، وهي فترة أكثر اتساعاً لذلك يشرع ربنا سبحانه الزواج على مراحل حتى تستطيع الزوجة أن تفهم شخصية زوجها، وكذلك الزوج حتى يصلا إلى التوافق المطلوب.
هل التنشئة الاجتماعية لها دور في تحديد شخصية كل من الزوجين؟(31/111)
الدراسات أثبتت أن الإنسان يبني نفسه، وأن هناك اختلافاً في شخصية كل من الزوج والزوجة من الناحية الفسيولوجية فهم مختلفون في الشكل والعقل والطباع مثل النهرين الأزرق والأبيض، ولكن عندما يلتقيان يحدث الخصب أي الاتفاق ويطعم كل منهما الآخر.
احذروا هذه المشكلات
كيف نستطيع التغلب على المشكلات الزوجية التي قد تنشأ في السنة الأولى من الزواج؛ إذ ثبت أن 45 % من حالات الزواج يتم الطلاق فيها خلال السنة الأولى للزواج طبقاً لأحدث إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء؟
في السنة الأولى يحدث الكثير من المشكلات، وذلك يرجع إلى محاولة كل واحد منهما فرض طباعه، ويستغرب طباع الآخر بالإضافة إلى الضغط الاجتماعي على الزوج نتيجة الأعراف السيئة كالقول (أذبح لها القطة أو غير ذلك)! مما يؤدي إلى التناطح، ومحاولة كل منهما أن يكسر قرون الآخر ـ إن صح التعبيرـ وهذا لا يصلح في بيت مبني على المودة والرحمة، ولكن غالباً ما تمرّ هذه المشكلات، وعندما يتذكرها الزوجان بعد ذلك يشعران بأنها مشكلات تافهة لا قيمة لها، وذلك بعد الزواج بفترة طويلة.
ما أهم المشكلات الزوجيّة من وجهة نظرك؟
أهم المشكلات الزوجية محاولة الزوج إثبات الذات ورجولته في البيت ويعامل زوجته على أنها خادمة في البيت بالإضافة إلى قول كل منهما للآخر .. أمي وأمك، والمقارنة المستفزة بينهما، وكذلك قد تكون المشكلات نتيجة عقدة المال والمقارنة كالقول فلوسي وفلوسك وأيضاً القول: إنهما متساويان في التعليم، وكذلك قول الزوج لزوجته في أول الزواج: أتزوج عليك! ويريد أن تعامله معاملة سي السيد!
في هذه المرحلة ننصح بالاسترشاد الزوجي، وأنا أدعو المجتمع وخاصة الجمعيات الأهلية إلى إيجاد مثل هذه النوع في حياتنا؛ فاليوم لا يكفي الطبيب النفسي في الإرشاد الزواجي أو الشيخ في المسجد، إنما يجب أن يكون هناك متخصص ومكتب ليؤدي الإرشاد الزواجي لحلول للمشكلات الزوجية، وذلك تلافياً لانعدام الخبرة بين الزوجين. وأناشد المسؤولين تواجد مثل هذه المكاتب حتى نستطيع أن نتغلب على هذه المشكلات.
كيف تكون الزوجة مثقفة سلوكياً ؟
الثقافة السلوكية تنبع من العلم والخبرة معاً؛ فالعلم يعمل نوعاً من الاستبيان النفسي للزوجة حتى تصحّح سلوكها، والثقافة السلوكية عبارة عن علم ومهارة تكتسبها الزوجة بالتدريب؛ لأنه ينقصنا مراكز للتدريب والتنمية البشرية برغم وجود مثل هذه المراكز بكثرة في البلاد الغربية على أعلى مستوى ليستفيدوا منها، وتعطي لهم خبرة كبيرة في مختلف المجالات، لذلك لا بد من العمل على تطوير المهارة السلوكية عندنا بالنسبة للمرأة والرجل، ولا يتحقق ذلك إلا بالعلم والتدريب.
صراحة ونصائح
ما هي حدود الصراحة بين الزوجين من وجهة نظركم؟(31/112)
الصراحة والمصارحة قائمة على فاتورة الإخلاص، يعني أن كلاً من الزوجين أخلص للآخر، ولا توجد لديه نية ترك الآخر، فكأن الزوج يحدث نفسه عندما يتحدث مع زوجته، والصراحة تكون في كل شيء حتى في الهوايات والطموحات، وحتى مع الأولاد لكيلا يكذبوا، وقد كان صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يفعلون الخطأ؛ لأنهم تعوّدوا أن يردّوا كل شيء للنبي -صلى الله عليه وسلم- وبالتالي لا يخجلون أمامه؛ لذلك فالمصارحة تساعد على التقوى.
كيف نحقق الصداقة والحبّ بين الزوجين؟
الزوجة تكون صديقة لزوجها، وكذلك الزوج يكون صديقاً لزوجته بشرط أن تكون الزوجة على هوى زوجها وكذلك الزوج؛ ففي بعض الأحيان تكون الصداقة بينهما أن يعيشوا الفترة الأولى من الزواج في الخروج والتنزه، لكن بشرط الانضباط بشرع الله مثلما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ كان يداعب نساءه، ويتسابق مع السيدة عائشة، ولكن عندما يأتي وقت الصلاة كنا لا نعرفه ولا يعرفنا.
وأخيراً ما أهم النصائح والإرشادات التي توجّهها للفتيات والشباب المقبلين على الزواج حتى تتحقق السعادة الزوجيّة؟
أقول للشباب : كونوا شجعانًا وتحملوا مسؤولية قراركم، ولا بد أن تضع لنفسك أيها الشاب ضوابط صحيحة وحقيقية للاختيار، أما الفتاة فأقول لها: كوني صادقة مع نفسك، وضعي ضوابط حقيقية للاختيار، وللمتزوجين حديثاً أقول لهم: لا تتذوّقوا الثمرة من جانبها المر: الثمرة كلها حلوة بلين كل منا للآخر ..
وللمتزوجين منذ فترة طويلة أقول لهم: (لا تنسوا الفضل بينكم).
أخيراً أوجّه رسالة إلى المجتمع في وطننا العربي بضرورة تواجد مكاتب الإرشاد الزوجي الشاملة لأننا في مجتمع نحتاج فيه إلى جلسات وتمهيد الطريق بين الزوجين حتى يحدث التوافق الزواجي حفاظاً على الأسرة باعتبارها صمام الأمان لسفينة المجتمع
ـــــــــــــــــــ
المرأة الصمغيّة..!!
فوزية منيع الخليوي* 21/2/1426
31/03/2005
تتردّد في الأروقة النسائية الكثير من الروايات والقصص عن قيام بعض الأزواج بالاستيلاء على أموال زوجاتهم الموظفات, ومن ثمّ الزواج بامرأة أخرى! وهو ليس ضرباً من الخيال, ولا أمراً من المُحال!
ونتيجةٌ لهذا الخطب المُفجع, والواقع الموجع!! لجأت النساء إلى أسلوب آخر في الردّ على هذه الضربات المتتالية!! بالتخلي عن الأبناء لتحيا فى هناء؟!!
وبداية المشكلة عندما يتفق الزوج وزوجته الموظفة على التخفيف عن كاهله ببعض النفقات لقاء استمرارها بالوظيفة, وشيئاً فشيئاً تبدأ تكثر هذه النفقات على الزوجة, فمن أبنائها, إلى الخادمة, إلى الفواتير المنزلية, إلى أثاث المنزل..!!
حتى لقد وصل الأمر ببعضهنّ إلى شراء المأكولات بشكلٌ يومي.. عندها تبدأ المرأة بالتذمر والتشكي وتكون بمثابة بركان يغلي!!(31/113)
فإلى الزوجة أقول: احتسبي الأجر فيما تنفقينه حتى يكون قربةٌ وطاعة لكِ, فقد دلّل الرسول على ذلك عندما دخل بلال على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: على الباب زينب؟ قال: أيّ الزيانب؟
قال: زينب امرأة عبد الله, وزينب امرأة من الأنصار تسألانك النفقة على أزواجهما وأيتام في حجورهما.
فقال: لهما أجران: أجر القرابة, وأجر الصدقة" رواة البخاري.
وفي الجانب الآخر دعنا نهمس في أُذن الرجل: إن من كمال مروءة الرجل وقِوامته, ألاّ يستغل أموال زوجته فضلاً عن أن يحاول الاستيلاء عليها!!
وليعلم أنّ النفقة من الأمور الواجبة عليه, بدلالة حديث هند بنت عتبة عندما قالت للرسول -صلى الله عليه وسلم-: إنّ أبا سفيان رجلٌ شحيح, ليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي إلاّ ما أخذت منه وهو لا يعلم!!
فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف!
قال ابن القيم: فيه دليل على تفرّد الأب بنفقة أولاده, ولا تشاركه فيه الأم, وهذا إجماعٌ من العلماء, إلا قولٌ شاذ لايُلتفت إليه" زاد المعاد 5/ 502 ولكن إذا وقع ما لم يكن في حسبان المرأة أو خيالها!! فهل لها أن تسارع لإلقاء فلذات أكبادها!! في اعتراضٍ على الطبيعة, وضربٍ من الغطرسة!! بنوعٍ من الكبرياء على الأنوثة والذكورة معاً!! وتنقلب من امرأة خالصةِ الإنسانية.. إلى ذات فطرة وحشية!!
وقد آلمني, بل أحزنني, بل أبكاني أن ترمى إحدى الموظفات أبناءها الثمانية بعد زواج زوجها لتعيش فى منزلها وحيدة؟!
ولم يخلق الله المرأة ويبدعها إلا لتكون قوةً فى العاطفة والرحمة , وما كان هذا يُعدّ منها ضعفاً ولا نقصاً!!
إن روز كيندي, امرأة ذات شخصيةٍ متميزة, أنتجت العديد من القادة السياسيين, من بينهم رئيس الولايات المتحدة!!
سخّرت حياتها لأبنائها الاثني عشر, وعندما بدأ زوجها يبتعد عنها ليلاحق النساء! أخفت الخبر عن الجميع حتى عن أولادها! لا, بل ذهبت مع صديقته للتسوق إسكاتاً للإشاعات والأخبار المُغرضة!! وتتالت عليها المصائب في فقد أبنائها وكانت تقول: أن العصافير تُغرّد بعد العاصفة, لِمَ لا نفعل هكذا أيضاً!!
قال عنها ابنها رئيس الولايات المتحدة: إنها كانت" الصمغ الذي ألصق العائلة ببعضها بعضاً" فلم لا تكوني امرأةً صمغية؟!* عضو الجمعية العلمية للسنة
ـــــــــــــــــــ
زوجة أخرى .. وحب يتيم
إعداد: عبد الفتاح الشهاري 20/2/1426
30/03/2005
شارك في التحقيق:
من السعودية ... منال الدغيم
من العراق ... ضحى الحداد
من فلسطين ... براهيم الزعيم(31/114)
من الجزائر ... سامية مرزوقي
الزواج سنة من سنن الله في خلقه أوجبه الله –تعالى- للمحافظة على النسل والنفس
وتكوين الأسر والمجتمعات، وهو أيضاً من أهم عوامل الاستقرار النفسي والاجتماعي
والبناء الحضاري؛ فكانت الزوجة الأولى والثانية وحتى الرابعة في الدين الإسلامي
الحنيف لحل الكثير من المشاكل الاجتماعية، وإذا كان أسلافنا قد تجاوزوا هذا
الإشكال، وأخذوه بكل معانيه السامية فإنه -في وقتنا الحالي- لا يزال حبر الكثير
من المنظرين يسيل بين القبول و الرفض متجاهلين
بذلك الواقع المعيش، فمتى ولماذا يضطر الزوج للزواج بأخرى؟ وهل دائماً تكون الزوجة هي المظلومة في هذا الموقف؟ ألا يمكن أن تتحقق السعادة في ظل وجود الزوجة الأخرى؟ وهل يحقّ للزوج التلويح بالزواج بأخرى تهديداً لزوجته فيما يخالف هواه؟ ثم أخيراً ما هو الموقف الشرعي والنفسي من هذا الزواج؟ وما مدى قبول هذه القضية في المجتمع؟ للاطّلاع على مختلف الآراء كان لنا هذا التحقيق.
عدم الإنجاب هو السبب
السيدة فضيلة (من الجزائر) تقول: إن السبب الذي من أجله تزوّج زوجها بأخرى هو عدم قدرتها على الإنجاب، وقد قامت هي بإقناع زوجها بذلك خاصة بعد كبرها في السن، بل وتوضح لنا السيدة فضيلة أنها هي التي قامت بنفسها بخطبة المرأة الثانية؛ قائلة: أنه لا يمكن لها أن تحرم زوجها من الأولاد خاصة وأنه كان طيباً معها، ويعاملها معاملة حسنة.
الزوج الطائش
السيدة لبنى، تقول كان زوجي طائشاً وغير مبالٍ؛ فقد ارتمى في حب فتاة بعمر ابنته بعد أن جرى المال في يده، فأهمل بيته وأولاده، وبدأ بضربي وإهانتي، وكان يريد تطليقي لولا أن أهله وقفوا إلى جانبي وأجبروه أن يتكفل بفتح منزلٍ خاصٍ لي ولأولادي؛ إلا أني لم أسلم مع هذا أيضاً من إزعاج زوجته الثانية لي عن طريق الهاتف لكي أترك لها زوجي.
الزواج الثاني.. تهديد × تهديد
يجد بعض الرجال التهديد بالزوجة الأخرى سلاحاً يشهره في وجه زوجته عند كل اختلاف، لكن هل هذا التهديد سيعالج حقاً المشكلة؟
الأخت ليلى الزايد (جامعية)، توافق على أن الغضب ورؤية التقصير يثيران تهديد الزوج بالأخرى، لكنها لم تبدِ رأيها حول حقّه في ذلك، وإن لمّحت بأنه يؤثر على الزوجة ضيقاً وحنقاً، وقد يؤدي بها إلى التحسّن!
وترى السيدة سلافة أنه يحق للزوج أن يهدّد زوجته بأخرى كوسيلة ضغط، إذا رأى أن الزوجة قد أخلّت بحقوقه الزوجية إخلالاً كبيراً، ولم تُجْدِ معها النصيحة تلو الأخرى.
الزوجة الأخرى.. للقبول أسباب
من الأسباب التي تدعو المرأة لأن تكون ضرّة لغيرها هو (العنوسة)، فالسيدة كريمة (من الجزائر) تقول: أنا ضرّة وقد رضيت بذلك لأن قطار الزواج قد فاتني، وأنا(31/115)
أفضّل أن أكون زوجة ثانية بدلاً من أن أكون عانسًا، وتضيف: إنني أبحث بالدرجة الأولى عن الاستقرار النفسي، وتؤيدها في هذا السيدة (نصيرة) التي تقول: لقد عانيت كثيراً من العنوسة ونظرة المجتمع لي، وقد أجبرني أهلي على أن أكون ضرّة، فالمهم أنني تزوجت.
الزوج أيضاً ضحيّة
موضوع تعدد الزوجات لا يستلزم فقط معرفة رأي الزوجات بل الأزواج أيضا؛ فالسيد علي (من الجزائر) يقول: اضطررت للزواج مرة أخرى لسوء أخلاق زوجتي فهي صعبة المزاج وطلباتها لا تنتهي، ولا شيء يرضيها، فهي لا ترى في شخصي سوى راتبي لتصرفه في أمور الزينة وعلى صديقاتها وقريباتها. ويضيف السيد علي: حاولت أن أغير طباعها، ولكني لم أستطع فاضطررت للزواج من أخرى لأجد عندها الاستقرار العائلي.
ويؤيده في الرأي الأستاذ أبو محمد من السعودية؛ إذ يقول إن زواجي المبكّر من الثانية جاء لرفض زوجتي الأولى كثيراً من حقوقي الزوجية، فحاولت أن أتجاوز المشكلة بزواجي من الثانية.
ويرى الأستاذ أبو فيصل من السعودية أن هناك عدة أسباب تدفع الرجال للتعدّد، فهناك الرغبة في كثرة الأولاد، كما أن بعضهم يودّ إعفافاً أكثر من امرأة، وبعضم يتزوج بأخرى لعدم كفاية زوجته من الناحية الجسديّة.
الرغبة في التعدد
الدكتور مازن هنية رئيس لجنة الإفتاء بالجامعة الإسلامية بغزة (والمتزوج بأكثر من واحدة) سألناه عن رأيه في الدوافع الشخصية لتعدّد الزوجات، فقال: عندما نسأل عن الدوافع الشخصية لتعدد الزوجات فهذا سؤال ساذج في ظني؛ لأن الشخص قد تكون له دوافع كثيرة، لكن إن لم تكن الرغبة موجودة لما وُجد التعدّد بغض النظر عن كافة الدوافع الجانبية، لأن الزواج نفسه في حد ذاته مسؤولية بدون تعدّد، ولو لم يوجد الدافع من ذات الإنسان والرغبة للزواج لتقاعس الكثيرون عن الزواج، وهذا يشهد له المجتمع الغربي، فحيث إن الناس يستطيعون تحقيق رغباتهم بغير الزواج فقد اكتفوا بتحقيق هذه الرغبة، وعزفوا عن الزواج لئلا يتحملوا المسؤولية والآثار المترتبة على ذلك الزواج، فتعدّد الزوجات قد تكون له دوافع كثيرة ومتعددة ومختلفة من شخص إلى شخص، لكن أساسها هي الرغبة في التعدّد هذا إذا تحدثنا عن القضية بشكل كلي لا جزئي.
وأضاف هنية: إن تعدد الزوجات في الشريعة الإسلامية أمر أباحه الله سبحانه وتعالى، ويمكن لأي شخص استناداً لرغبته في التعدّد أن يعدّد لأن الإنسان أسير فكره. وأوضح أن التعدّد مشروع، وما دام كذلك فإنه يجوز لأيّ شخص القيام به، ولا غضاضة ولا حرج في ذلك حيث قال تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) وهذا نص صريح وواضح في إباحة التعدد، فمحاسنه الإيجابية بقدر آثاره على الأزواج ومساوئه أيضا بقدر آثاره السلبية على الأزواج.
التعدّد عندما يكون إيجابياً(31/116)
يوضح د. مازن هنية رئيس لجنة الإفتاء بالجامعة الإسلامية بغزة بأنه لو تم تقييم الموضوع من ناحية المجتمع، فتعدد الزوجات مما لا شك فيه أمر ايجابي على المجتمع؛ لأننا عندما نرى أن الفتيات قد حصل لهن الإحصان فان هذا يؤدي إلى أمان المجتمع، ٍأما إذا وجدنا الكثير من الفتيات لم يحدث لهن هذا الإحصان في الزواج فهذه تُعدّ مشكلة.
اختراق وتفكيك للأسرة
في الجانب الآخر تقول أ.د فوزية العطية (أستاذة علم الاجتماع - كلية الآداب - جامعة بغداد): الزواج بأخرى - من وجهة نظر علم الاجتماع- دون سبب قويّ هو تفكيك للأسرة، وذلك لاختلال وزن الأسرة من خلال توزيع الحب والعاطفة والمال والوقت بين عائلتين أو أكثر, والضحية الكبرى دائما الأطفال الذين سمعنا وشاهدنا منهم الكثير ممن سلكوا مسلكاً غير صحيح لانعدام التربية أو الرقابة عليهم بسبب اهتمام الوالدين بأنفسهم فقط، تاركين أولادهم في مهب الريح، والزواج بأخرى هو حلال شرعاً، ولا يتم إلا بأسباب مثلاً إذا كانت الزوجة الأولى عاقراً، أو إذا كان مكتفياً مادياً أراد أن يتزوجها للإحسان أو لأسباب أخرى تستدعي لذلك، وبالطبع فكما يقول عز وجل: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) فالإنسان عبارة عن كتلة من المشاعر والأحاسيس التي لا يستطيع السيطرة عليها، فالرجل لا يقدر أن يوازن في حبه لزوجاته؛ فهو بالتأكيد سيفضل واحدة على أخرى, من هنا يبدأ الصراع وتعيش العائلتان في دوامة كبيرة, وما يهمّنا هنا الأسرة، فهي مؤسسة اجتماعية مهمتها تنشئة الأطفال في بيئة هادئة وسعيدة بعيدة عن النزاعات، ومع وجود هذه المشاكل تتفكك العائلة بسهولة ويسهل على أي غريب التسلل وتجزئتها؛ ففي سجون الأحداث مثلا تمتلئ بالأولاد الذين دخلوا بسبب تزوج الأب من أخرى، وتفكك العائلة مما يؤدي إلى ضياع هذا الولد, وفي سجن النساء أيضا هنالك نساء دخلن السجن بسبب قتلها لزوجها الذي فضّل أخرى عليها، ومن وجهة نظري فسبب ميل الرجل الزواج بأخرى حالياً هو زيادة الإنجاب وخصوصاً من ذكور إذا كانت زوجته تنجب البنات, والسبب الآخر هو أنه يحس بأن الزواج بأخرى له مكانة وهيبة اجتماعية، وإذا كان مثلاً غنياً يحب أن يتزوج، وهنالك أسباب أخرى مثل عامل الجنس وغيرها.
قضية مقبولة
من جهته يقول د جميل الطهرواي أستاذ الخدمة الاجتماعية: إن علم الاجتماع والعلوم الإنسانية علوم متغيرة في كل مجتمع يكون لها نظرة خاصة؛ فهي ليست كالعلوم الأخرى التي وصلت إلى حد كبير من الموضوعية مثل علوم الفيزياء والكيمياء؛ فبالنسبة إلى نظرة الاجتماعيين ستكون نظرة الاجتماعيين نابعة من تقييمها لثقافة المجتمع وما يهم هذا المجتمع، أما بالنسبة لمجتمعنا الفلسطيني الذي يتميز بانتمائه إلى الدين الإسلامي فيعتبر تعدّد الزوجات قضية مقبولة بدون طرح المبررات العقلية كارتفاع عدد نسبة الإناث، كذلك إصابات العمل في كل العالم في الذكور أكثر، فنحن المسلمين نقبل بدون مناقشة؛ لأنه إما أن نؤمن أو لا نؤمن، لأن الله تعالى أباح تعدّد الزوجات .(31/117)
وللشرع رأيه
حول هذه الظاهرة وآثارها، يقول الشيخ أ.د. فالح بن محمد الصغير، أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية:
إن الزواج الناجح يقوم على المودة والرحمة، وغض النظر عما في الطرف الآخر من تقصير، ولن ينجح الزواج القائم على البغض والكراهية والتعنيف والإيذاء، ومما يؤذي الزوجة ويحرمها الراحة النفسية ويسبّب لها الهمّ والغم، ويوقعها في حرج من أمرها، هو تهديدها من الزوج بالتزوّج بأخرى لما خلق الله الغيرة في النساء.
وظن الرجل أن معنى قِوامته هو أن يتسلط عليها بالسبّ والشتم وإثارة الغيرة فيها حتى تفقد عقلها ظن في غير محلّه، بل يصل الأمر إلى ضرب الزوجة ضرباً مبرحاً كأول علاج للتقصير من الزوجة سواء أكان هذا التقصير بقصد أو بدون قصد!
أما شرعنا الحنيف، فإنه يعلمنا أن معنى القِوامة ليس في التشديد والتعنيف والتوبيخ والتهديد، إنما هو توجيه برفق ولطف وإرشاد بالحكمة والإحسان، ولا يكون ذلك إلا بالاقتداء بقدوتنا محمد -صلى الله عليه وسلم- القائل: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"، الذي لم يكن يواجه الناس بالعتاب فضلاً عمن هن أقرب الناس إليه من الزوجات والبنات.
ـــــــــــــــــــ
التهديد بالزوجة الثانية!
منال الدغيِّم 3/2/1426
13/03/2005
لم يعجبه الأكل، فلفظ ما في فيه غاضباً، وصاح بانفعال: لأتزوجنّ عليك!
ساءه عبث الصغار ولعبهم، فانفجر في أمهم: لأتزوجنّ عليك!
أقلقه تأخر زوجته عند أهلها، بينما كانت تبحث عمن يرجعها من إخوتها إلى منزلها، فاستقبلها بقوله ثائراً: لأتزوجنّ عليك!
لم يعجبه أن تساهم زوجته براتبها في مشاريع استثمارية دون أن تنفق على البيت(!)، فهددها حانقاً: لأتزوجنّ عليك!
وهكذا، يجد بعض الرجال التهديد بالزوجة الأخرى سلاحاً يشهره في وجه زوجته عند كل اختلاف، قد يكون في أحيان ظالماً لها، وقد تكون أحياناً مقصرة حقاً ومخطئة، لكن هل ترون أن هذا التهديد سيعالج حقاً المشكلة، أم أنه سيضيف هوة أخرى سحيقة ملأى بالمشاكل بينهما؟
من العجيب أن يتفق أفراد الشريحة التي استطلعنا رأيها حول هذه الظاهرة على انتشارها الواسع بالفعل، وتحديداً بين تلك الطبقة ذات التعليم ما دون الجامعي، والظروف الاقتصادية المتوسطة أو أقل، مما يعني ضعفاً في الوعي الشرعي والاجتماعي وسبل التعامل مع الزوجات وحقوقهن عليهم.
متى يهدّد؟
تقول الأخت سارة السالم (محو أمية): يهدّد الزوج زوجته بالضرة غالباً عند غضبه، فالغضب معقد كل شر، لكنني أرى أنه يحقّ له ذلك إذا لمس من الزوجة تقصيراً حقيقياً أو إساءة مقصودة.(31/118)
وتوافقها كذلك الأخت ليلى الزايد(جامعية)، على أن الغضب ورؤية التقصير يثيران تهديد الزوج بالأخرى، لكنها لم تبدِ رأيها حول حقه في ذلك، وإن لمّحت بأنه يؤثر على الزوجة ضيقاً وحنقاً، وقد يؤدي بها إلى التحسن!
لكن الأخت (مها الصالح/ جامعية) ترى أن الرجل يهدّد دائماً بالزوجة الثانية بسبب و بدون سبب، وهي ترى أنه لا يحقّ له ذلك بحال، حتى لو كانت الزوجة مقصرة.
وتقف الأخت (سلافة محمد/ جامعية) موقف الوسط من انتشار الظاهرة، فهي لا ترى أنها تصل إلى مستوى الظاهرة المتفشية، كما أن الرجل لا يهدّد بالزوجة الثانية إلا في حال وجود عدم توافق من الأصل بين الزوجين، أو أن تكون الزوجة ليست كما تخيّلها زوجها، أو لمس من الزوجة قصوراً في جوانب كان يتمناها فيها، فكلما وجد الزوج مناسبة أو ثغرة دخل منها برغبته الموجودة أصلاً وأخذ يهدّد بالثانية، ومن ناحية أخرى، قد تكون الزوجة قد عوّدت زوجها على معاملة حسنة وحسن تبعّل، ثم فترت هذه المعاملة لسبب ما، فتتبدل العلاقة ويلجأ الزوج إلى تهديدها بأخرى علها تعود لما كانت عليه من قبل.
وتتابع سلافة: يحق للزوج في رأيي أن يهدّدها بأخرى كوسيلة ضغط، إذا رأى أن الزوجة قد أخلّت بحقوقه الزوجية إخلالاً كبيراً، ولم تُجْدِ معها النصيحة تلو الأخرى.
ومن زاوية أخرى، ترى الأخت (لمياء العاصم/ جامعية) أن التهديد بالزوجة الأخرى عند أغلب الرجال، وأغلبهم يهدّد بها في جميع الحالات، فعندما يكون راضياً منشرحاً يهدّد بها مازحاً، وعندما يكون غاضباً يهدّد بها تخويفاً وانتقاماً، ولعل هذا يرجع إلى فهم الرجل للزواج من أخرى على أنه رجولة وفخر وقوة، وإذا كان يحق له أن يهدّد إذا رأى تقصيراً من زوجته، أفلا يرى تقصيره هو كذلك؟!
ومن جانب الرجال، يقول الأخ (إبراهيم علي/ مدرس): ربما يهدّد الرجل بالزوجة الثانية في حال تقصير متكرّر مقصود، كإبراز لقوة الرجل، فالمرأة تحتاج للقوة أحياناً، لكنني لا أرى أن كثيراً يفعلون ذلك، بل الشائع هو التهديد بأخرى كنوع من المزاح وليرى الرجل ما في قلب زوجته له من غيرة وحب!
كما وافقه على وجهة نظره الأخيرة (خالد الأحمد/ رجل أعمال)، و(بدر الهذيلي/ طالب جامعي).
ثمرة التهديد.. حلوة أم مرة؟!
وبعد أن هدّد الرجل بضَرّة فوق الأولى جمالاً وطيبة وتدبيراً وطاعة بالطبع، هل نرى ذلك يثمر تحسناً في الزوجة وانصياعاً تاماً للأوامر رغبة في الزوج ورهبة من الضّرة، أم لعله لا يزيد الزوجة إلا حنقاً وخوفاً، فتلفح نيران التهديد برعم محبتهما وثقتهما واحترامهما، فيغدو كهشيم المحتظر؟!
تعدّد الأخت (مها الصالح) الآثار السيئة للتهديد فتقول: لن يجني الزوج في قلب الزوجة سوى الإحباط، الحقد، العقد النفسية، والخوف الدائم من المستقبل.
وتذهب الأخت (سارة السالم) بعيداً فتقول: لا يؤدي ذلك إلى تحسنها، بل إلى سوء حالتها كانعكاس لتضايقها من ذلك وحقدها على الزوج.
وتوضح الأخت آثار التهديد فتقول: لا شيء يدمر طمأنينة المرأة مثل موضوع الزواج من أخرى، لدرجة أنها قد تنفعل غيرة من امرأة لم تعرف بعد!! إن التهديد(31/119)
سلاح خطير لا ينبغي للزوج أن يستغله، فالتعدّد شرعه الله للزوج،وجعل لذلك شروطاً وضوابط، ولم يدع الأمر للهوى وما تشتهي الأنفس.
لكن الأخت (لمياء العاصم) ترى أثر ذلك بنظرة مفصلة فتقول: أثر ذلك على الزوجة يختلف باختلاف الزوج، فعندما نرى أن الزوج دائماً يهدّد بالزواج في كل المناسبات فإن الزوجة تفقد الرهبة والخوف ويؤدي بها إلى التبلد وعدم الاكتراث، أما إذا كان لا يهدّد إلا في أوقات نادرة وفي أوقات تستلزم ذلك التهديد فإنه في أغلب الأحوال يدفعها إلى التحسن والتقدم إلى الأفضل، أما حين تكون مظلومة فربما سبب لها الإحباط وعدم الثقة بالنفس أو بالزوج، وعموماً ردة الفعل ترجع إلى ثقة الزوجة بنفسها وحبها لزوجها.
تكليف لا تشريف!
يرى بعض الرجال (المهددون) أن تهديدهم مرتكز على قِوامتهم على المرأة، وأن من حقه – كزوج – أن يهدّدها بما أباحه الله تعالى له، وأن يتبع الأسلوب الذي يراه مناسباً في تأديب زوجته وتقويمها!
كيف ترى المرأة وجهة النظر هذه؟!
تقول (سارة السالم) باقتضاب لا يخلو من غضب: عدم فهم الرجل للقِوامة ناتج عن (نقص عقله) حتى لو كان رجلاً؛ إذ لو كان عاقلاً لأحسن إليها إما أمسكها بمعروف أو سرحها بإحسان!
فيما تتفق بقية المشاركات على أن السبب الأول للفهم الخاطئ هذا هو ضعف الوازع الديني والوعي الشرعي، والفهم الصحيح لسماحة الشريعة الإسلامية فيما يختص بنظرة الدين الشاملة للعلاقات الزوجية ودور الرجل والمرأة في منظومتها.
ثم يلي ذلك، شبه تأكيد على أن تربية المجتمع والعادات المتعصبة للذكر، التي تعطي الرجل حقه كاملاً وتبخس المرأة ما لها، فضلاً عن إهانتها، فتفرض على المرأة السمع والطاعة للرجل في المنشط والمكره دون مناقشة، لمجّرد أنه رجل وهي أنثى.
لكن الأخوات يرجعن فيوضّحن أن هذه التقاليد البالية منتشرة في أغلب العالم، وليست في البلاد العربية فحسب، في طبقة معروفة بقلة التعليم وتعظيم عادات القبائل، وتضخيم العار والعيب الاجتماعي بين أفرادها.
كما اتفقت الأخوات على أن ضعف المرأة وحاجتها الدائمة إلى الرجل، وأنها لا يمكن أن تعيش بأمان واستقرار بدونه، حين يبدو هذا الضعف الجميل أمامه قد يستغله بجهله وغروره ونظرته للمرأة كجسد فحسب، يستغله في الظلم والتسلط، خاصة وأن المرأة قليلاً ما تدافع عن نفسها عند وقوع الظلم عليها.
لكن الأخ (خالد الأحمد) يرى أن الفهم الخاطئ للقِوامة موجود، لكن الجيل الشاب الجديد، ذا العلم العالي والثقافة الأوسع، ينظر إلى المرأة نظرة ملؤها الاحترام والتقدير، ونوّه بضرورة نشر الوعي في وسائل الإعلام وخاصة الشرعي منها، من خلال الدروس والمحاضرات وخطب الجمعة، خاصة وأن تقديم المجتمع للحقائق الشرعية على العادات والتقاليد صار أقوى من قبل بكثير.
ويوافقه على ذلك الأخ بدر الهذيلي، ويضيف باختصار: إن كان ثمة تقصير في تعامل الرجل مع المرأة كقَوّام عليها، فلتكن المرأة شجاعة وتسأل نفسها عن مظاهر(31/120)
تقصيرها في حقه، وتبادر إلى علاجها، أما إذا كان ظالماً لها فالسبب الأول لذلك هو جهل الرجل، وجهالته التي تدفعه إلى استغلال ضعف المرأة.
وللشرع مقال..
حول هذه الظاهرة وآثارها، يقول الشيخ أ.د. فالح بن محمد الصغير، أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية:
إن الزواج الناجح يقوم على المودة والرحمة، وغض النظر عما في الطرف الآخر من تقصير، ولن ينجح الزواج القائم على البغض والكراهية والتعنيف والإيذاء، ومما يؤذي الزوجة ويحرمها الراحة النفسية ويسبّب لها الهمّ والغم، ويوقعها في حرج من أمرها، هو تهديدها من الزوج بالتزوج بأخرى لما خلق الله الغيرة في النساء.
وظن الرجل أن معنى قِوامته هو أن يتسلط عليها بالسبّ والشتم وإثارة الغيرة فيها حتى تفقد عقلها ظن في غير محلّه، بل يصل الأمر إلى ضرب الزوجة ضرباً مبرحاً كأول علاج للتقصير من الزوجة سواء أكان هذا التقصير بقصد أو بدون قصد!
أما شرعنا الحنيف، فإنه يعلمنا أن معنى القِوامة ليس في التشديد والتعنيف والتوبيخ والتهديد، إنما هو توجيه برفق ولطف وإرشاد بالحكمة والإحسان، ولا يكون ذلك إلا بالاقتداء بقدوتنا محمد -صلى الله عليه وسلم- القائل: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"، الذي لم يكن يواجه الناس بالعتاب فضلاً عمن هن أقرب الناس إليه من الزوجات والبنات.
كيف نعالج ذلك؟
يتابع أ.د.فالح الصغير حديثه، متطرقاً إلى العلاج فيقول:
- تقوية جانب الفقه في الدين، والتعريف بمعنى القِوامة بأنها إرشاد وتوجيه وتصحيح وتقويم، والقِوامة تظهر في أداء حقوقها في المطعم والمشرب والملبس والمسكن والمبيت وتعليمها أمور دينها، والتي لا تطيعه في غير معصية الله فعليه موعظتها، فإن لم ترتدع فله أن يهجرها، فإن لم ترتدع بالموعظة ولا بالهجران فله أن يعاقبها عقاباً خفيفاً، ولحظة عودتها إلى صوابها يُحرّم عليه أي من الهجران والعقاب، يقول تعالى: (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا)، وقوله تعالى بعد ذلك: (إن الله كان عليّا كبيرا) تهديد للرجال إذا بغوا على النساء بغير سبب، فإن الله العلي الكبير وليُّهن ينتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن. كما يجب معرفة حقوق المرأة على الزوج، ومن حقوقها عليه ضبط اللسان عند حدوث مشكلة وارتفاع سوْرة الغضب، فالسكوت حينئذ أفضل وليذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم"
ـــــــــــــــــــ
متاعٌ قليلٌ من زوجٍ مفارق
فوزية الخليوي 6/1/1426
15/02/2005
كانت الغرفة ممتلئة بالنساء ويلفّها الهدوء ويتوشّحها السواد كانت تعابير الوجوه خالية القسمات مُسلطةٌ على امرأة ممدّدة في الفراش، وقد بدا من نظراتهنّ أن المنظر مألوفٌ لديهنّ!!(31/121)
وكانت المرأة شبه غائبة عن الوعي ينساب من عينيْها خطّان من الدموع لا يتوقفان وكأنما تأهّب جسدها لهذا الحادث المؤلم والفقد المُفجّع!!
كأنّ عيني لذكراه إذا خطرتْ ... ...
فيضٌ يسيلُ على الخدّين ِمدرارُ
إنّ هذه الانتقالية في المشاعر من جزع وحزن وحسرة لتترجم -وبكل صدق- ما عليه المرأة الوفيّة لزوجها من حبّ وشوق و شفقة!!
وقد تختلف ترجمة هذا الزخم الهائل من امرأةٍ لأخرى في بعض التجافي والصدود ولكنه كما قيل:
إني لأمنحك الصدودَ وإنني ... ...
قسماً إليك مع الصدود لأميلُ
فالمرأة منذ أن تخطو خطواتها الأولى في الحياة وقد وضعت نُصب عينيها في كنف زوج كريم.
فما ظنك بعدها بمن يتقوّض بنيانها في لحظة واحدة بموت زوجها وأنيس وحشتها!!
اصبرْ لدهرٍ نال منك ... ...
فهكذا مضت الدُّهورُ
فرحٌ وحُزنٌ مرّةً ... ...
لا الحُزنُ دام ولا الُّسرورُ
إنها الفضيلة التي قصرت طرف المرأة في زوجها وجعلتها تحيا بحياته وتموت بمماته!!
لا تنظر للعالم إلا بمنظاره!
ولا تعيش إلا بين أسواره!
ولا ترى بذلك قوّة ولا وجبروتاً، وسلطة!!
كما يحلو للبعض التسمية!!
بل ترى فيه أُنساً وعِزةً وشرفاً!!
وهذه خولة الفزارية عندما نام زوجها الحسن بن علي فوق سطح عمدت إلى رجله فربطت رجله بخمارها إلى خلخالها!! فلما استيقظ قال لها: ماهذا؟
فقالت: خشيت أن تقوم من شدّة النوم فتسقط فأكون أشأم سخلة على العرب فأعجبه ذلك منها!!
فهي ترقبه في حال حياته وتندبه في حال مماته!!
ولا تجد من ملذات الدنيا ما يؤنسها إلا كما حكت زوجة عبيد الله بن زياد عندما سُئلت عنه بعد مماته فقالت: ودِدْت أن القيامة قامت لأراه وأشتفي من حديثه!!
ولعلي لا أحيد عن الحق عندما أقول: إن هذا التقدير والتبجيل من المرأة لزوجها إنما ينبع من تربية ونشأة تُساق إليها!!
فهذا البيت النبوي: قد بلغ الأوج وطُهِّر من كل عوج، فإليك حال الأم وهى الرباب بنت أُنيف زوجة الحسين لما قُتل بكربلاء وَجَدت عليه وَجْداً شديداً وذُكِر أنها بكت عليه سنة ثم أنشدت
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ...(31/122)
ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر
وقد خطبها عِدّة فقالت: ما كنت لأتخذ صهراً بعد رسول الله ووالله لا يؤويني ورجلاً بعد الحسين سقفٌ أبداً ولم تزل عليه كَمِدةً حتى ماتت!
أما ابنتها سكينة زوجة مصعب بن عمير فكانت معه لما قُتل فطلبته في القتلى حتى عرفته بشامة في خدّه فقالت: نعم بعْل المرأة المسلمة كنت!! أدركك والله ما قال عنتر:
وخليلُ غانيةٍ تركت مجندلاً ... ...
بالقاع لم يعهد ولم يتلثمِ
فهتكت بالرمحِ الطويل إهابه ... ...
ليس الكريمُ على القنا بمحرّمِ
وهنا يحول الجريضُ دون القريض بهذه القصّة والتي ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية عن عمرو بن الحمق الذي قُتل وبُعث برأسه إلى زوجته آمنة بنت الشريد وكانت في السجن فأُلقي في حِجرها!! فوضعت كفها على جبينه ولثمت فمه وقالت:
غيّبتموه عني طويلاً ... ...
ثم أهديتموه إليّ قتيلاً
ـــــــــــــــــــ
ضرب الحبيب ليس كأكل الزبيب !!
د . حياة بنت سعيد با أخضر 23/12/1425
03/02/2005
ضرب الزوجات ظاهرة تعني تصعير الخد للأخلاق الإسلامية وإدارة الظهر للحقوق المشروعة والمفروضة على الزوج، وعندما نريد أن نطرحها على بساط البحث؛ فإننا نقول لهذا الزوج بهدوء وتذكير بإسلامه وإثارة لمشاعر المودة والرحمة التي زرعها الله تعالى في قلبه فطرة نحو زوجته، وقبل ذلك وبعده إيقاظه من غفلته بأن الله تعالى القادر يبصره في كل وقته ويحيط به علما وأنه توعدنا بقوله (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) [الزلزلة آية 7].
فمن المنطق السابق نقول للزوج:
* • إن الرجولة الحقيقية تكون في ضبط غضبك وسيطرتك على انفعالاتك، وليس في ضعف شخصيتك حتى على نفسك فتغدو بركاناً ثائراً يأكل الأخضر واليابس, يقول تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) [فصلت آية 34], ويقول صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"
* إن المسلم الحقيقي يتعبد لله بفعل أوامره واجتناب نواهيه بذل وخضوع ومحبة فيقرأ قوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)[الروم 21]، وقوله تعالى: ( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) [النساء 19]، ويقرأ قوله صلى الله عليه وسلم "خياركم خياركم لنسائهم" [صحيح سنن ابن ماجه رضي الله عنه وقال عنه الألباني: صحيح]، وقوله صلى الله(31/123)
عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص: "يا عبد الله ألم أخبرك أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: فلا تفعل، صم وأفطر وقم ونم فإن لجسدك عليك حقاً وإن لعينيك عليك حقاً وإن لزوجك عليك حقاً" وقوله صلى الله عليه وسلم :من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع أعوج وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً) صحيح البخاري كتاب النكاح .
* بعد قراءة الزوج المسلم لهذه النصوص المقدسة سيعرف معنى الزواج وحقيقة الزوج المسلم الذي يحفظ وصية الرسول صلى الله عليه وسلم في النساء عموماً وزوجته خصوصاً، ويجاهد نفسه ليكون ممن زكاهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنهم من خيار الناس ويظل يأمل في كل خير يعقبه من حسن معاملته لزوجته فينعم بحياة سعيدة كلها آمال لغد أفضل وأيام قادمة تحمل الخير والمودة والرحمة والحب.
* نقول للزوج المسلم الذي يضرب زوجته: أترضاه لأمك ؟ أترضاه لأختك ؟ أترضاه لابنتك ؟ أترضاه لخالتك؟ فكيف ترضاه لمن تعاشرها؟
* أيها الزوج المسلم اقرأ هذه الأحاديث التي تحمل أكثر من دلالة يقول الحبيب الرحيم بأمته صلى الله عليه وسلم: "لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها آخر اليوم" [صحيح البخاري كتاب النكاح]، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خادماً له ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئاً" [صحيح سنن ابن ماجه كتاب النكاح]. وأول دلالة له بيان حجم بشاعة هذا الفعل بتشبيه المرأة بالعبد مع البون الشاسع بينهما في حقيقتهما البشرية ومنزلة كل منهما في المنزل. فهل زوجتك كالعبد؟ وحتى العبد لا يجلد؛ بل نهى عن جلده وإيذائه فهل زوجتك أقل قيمة منه؟!
ثم ما تظهر بشاعة هذا الفعل أكثر بكونه يضاجعها آخر اليوم وكأنها قطعة حجر خالية من المشاعر والعواطف، يقلبها كيفما يشاء فكيف يستلذ بمعاشرتها؟ وكيف يطمع في تجاوبها؟ وكيف ينجب منها الولد؟
وأشد هذه العلامات المخالفة الصريحة للرسول -صلى الله عليه وسلم- وكفى به ذنباً عظيماً.
* أيها الزوج المسلم إذا كان الطفل الصغير لا يضرب إلا إذا بلغ العشر وعلى أمر عظيم هو ترك الصلاة فكيف تضرب أمه على خصومة بينكما قد يضحك منها صغاركما؟ وحتى ضرب الصغير أو الضرب عموما له شروطه وآدابه فهل قرأتها ووعيتها؟
* أيها الزوج المسلم، ماذا بقي للزواج إن قام على الضرب والإهانة؟ وماذا يحدث في مجتمعنا المسلم ثم في أجيالنا ونسائنا؟ فكّر؛ فقد تكون أول من يشعل النار التي تحطم كل ما سبق وعقاب الله في انتظارك.
* أيها الزوج المسلم إن لجأت إلى الضرب الذي أباحه الله لك؛ فهل هذا هو العلاج الثالث بعد فشل العلاجين السابقين تماماً وهما: الوعظ والهجر في المضجع؟ وبالتالي يمنع أن يكون الضرب تعذيباً للانتقام والتشفي أو إهانة للإذلال والتحقير والقهر والإرغام على معيشة لا ترضاها؛ بل يكون ضرب تأديب مصحوباً بعاطفة المؤدب(31/124)
المربي ولا يكون له موضع في حالة الوفاق بين الزوجين وإنما هو لمواجهة خطر الفساد والتصدع.
* تذكر أيها الزوج المسلم خاتمة الآية التي تبيح ضرب الزوجات ضرباً غير مبرح حيث يقول العليم بنا سبحانه: (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً)؛ فهو أكبر سبحانه من كل شيء والعلي والأعلى سواء: علو الذات, أو علو القدر, أو علو قهر، عظيم الذات والصفات, فلا تنسيك قوتك البدنية كل هذا
ـــــــــــــــــــ
زوجات .. خلف أسوار الإنترنت (2/2)
إعداد: عبدالفتاح الشهاري 1/12/1425
12/01/2005
شارك في التحقيق:
من السعودية ... مها الزهير
من الأردن ... سماح بيبرس
من الجزائر ... سامية المرزوقي
من العراق ... ضحى الحداد
من مصر ... د. ليلى بيومي
الإنترنت والزواج، عالم كبير وعميق من الحكايات والقصص. قبل عدة سنوات بدأ الموضوع بنكتة كانت تُتَداوَل اسمها "الزواج بالكمبيوتر"، أدخلْ مواصفاتك، ومواصفات شريك حياتك فتأتيك النتائج، ولكنه اليوم بات واقعاً ملموساً، وللمتزوجين والمتزوجات مع هذه التكنولوجيا وقَفَات ومحطات، فنجد النماذج السيئة في هذا الإطار، وبجانبها النماذج التي يمكن أن تحظى بشيءٍ من القبول إذا ما رُوعيت فيها القيم والأخلاق والمبادئ، وقد حاولنا أن نسبر أغوار هذه الشريحة من نساء الإنترنت من المتزوجات، أو الداخلات إلى عالم الزواج.. هدفنا هو تقديم هذه النماذج للقرّاء حتى تستفيد من هذه الوقائع الحالات التى ترى بينها وبين هذه القصص تطابق، وتحاول أن تقف مع نفسها وتراجعها حتى تصل الى الحقيقة، وتعرف أنها تسير في طريق صحيح أو في طريق خاطئ.
أخلاق حسب الطلب
هيأت خدمات مواقع الزواج عبر الإنترنت خدمة جديدة وهي تفصيل أخلاق العريس، ومواصفاته. هذا إضافة إلى اللوحات التشكيلية الخداعة التي يرسمها كل طرف عن الآخر، تقول (فاتن) البالغة من العمر 26 عاماً: "تعرفت على زوجي من خلال "الشات" حيث كنت أجلس لساعات أتحدث مع شباب أعرفهم ولا أعرفهم، وأتصفح مواقع متعددة للتسلية كمواقع الأغاني ومواقع أخرى"، وتكمل (فاتن) قصة زواجها قائلة: "في يوم كنت جالسة كعادتي على الشات فظهر شخص على شاشتي، و بدأنا الحديث، ولاحظت أنه كان مختلفاً عن غيره من الشباب الذين كانوا يحاولون –دائماً- الحديث بمواضيع تافهة وغير أخلاقية؛ فقد حاول فتح ومناقشة مواضيع عامة وجادة وصدف أن كنت أجلس في نفس الفترة التي يجلس فبها، ثم بدأنا نتواعد للجلوس في نفس الوقت والدردشة، وبدأ كل منا يتحدث عن نفسه و مشاكله".(31/125)
(فاتن): اكتشفت بعد مرور ثمانية أشهر على زواجي أنني غير سعيدة لأن الشخص الذي تعرّفت عليه من خلال "الشات".
وتضيف: "طلب مني أحد الأيام أن نلتقي في مكان عام ونرى بعضنا، ولم أمانع، ووافقت على الفور؛ إذ كنت أعتقد أنني عرفته بما فيه الكفاية كما أنني بدأت أتعلق به، وعندما تعارفنا بدأت العلاقة تتطور، وبدأنا نخرج دائماً وبعد ذلك بدأت أضغط عليه كي يتقدم لخطبتي ونتزوج، في البداية كان يماطل إلا أنني هدّدته بأنه لن يراني إذا لم نرتبط رسمياً".
وتعترف فاتن قائلة: "اكتشفت بعد مرور ثمانية أشهر على زواجي أنني غير سعيدة؛ لأن الشخص الذي تعرّفت عليه من خلال الشات، والمبادئ والأخلاقيات التي كان يتحدث عنها لم أجدها على أرض الواقع، بل وجدت شخصاً مختلفاً تماماً عمّا توقعت".
الفراغ .. وعدم استغلال الوقت
رئيس قسم علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور محمد الدقس قال: إنه مع الاستخدام الفعّال و التوسع في امتلاك أجهزة الكمبيوتر وتوفرها في العمل و في المنازل لدى الأسر؛ إلاّ أنه يلاحظ إقبال بعض الفتيات على الدخول لمواقع الدردشة ومواقع أخرى غير مرغوبة، وإن بداية انتشارهذه الظاهرة يعود لعدة أسباب، أولها مشسكلة قضاء وقت الفراغ أي عدم الاستغلال الأمثل للوقت من قبل بعض الفتيات نتيجة لعدم توفر المكتبات و النوادي الخاصة و الحدائق والمتنزهات، إضافة إلى أن الجوّ الأسري قد يدفع إلى تلك الظاهرة، و الصديقات السيئات قد يكون لهن تأثير كبير على اكتساب العادات السيئة.
وبيّن أن هناك نتائج سلبية تترتب على إدمان الإنترنت؛ إذ إنه قد يؤدي إلى سلوك غير سوي من قبل بعض الفتيات كالتعرف على أصدقاء السوء، كما أنه قد يجر إلى نتائج سلبية أخرى كالانحراف والإدمان على عادات سيئة أخرى.
زواج عرفي .. والثمن غالٍ
"سمحة. ر".. الطالبة الجامعية بجامعة القاهرة كانت مشكلتها أكثر تعقيداً فهي تقول: "تعلمت الكمبيوتر، ولم يكن لدينا جهاز في المنزل ولكني كنت أذهب إلى صديقتي وأدخل على الإنترنت، ووجدت عالماً ساحراً غرقت فيه تماماً".
(سمحة): ، تزوجنا عرفياً في حجرة مستأجرة فوق السطوح، وبعد أن انكشف أمرنا تمّ الطلاق، وأدفع ثمن خطئي غالياً..
"سمحة. ر".. الطالبة الجامعية بجامعة القاهرة كانت مشكلتها أكثر تعقيداً فهي تقول: "تعلمت الكمبيوتر، ولم يكن لدينا جهاز في المنزل ولكني كنت أذهب إلى صديقتي وأدخل على الإنترنت، ووجدت عالماً ساحراً غرقت فيه تماماً".
ثم رحت أذهب إلى مقاهي الإنترنت وأجلس بالساعات أمام "الشات"، وتعرفت على شباب كثيرين وأحببت أحدهم، وسرقتني أوهام الحب، ولأنه طالب، وأنا طالبة وليس لدينا إمكانات للزواج، ولأن الأهل بالتأكيد سيرفضون، تزوجنا "عرفياً" في حجرة مستأجرة فوق السطوح، وبعد أن انكشف أمرنا تمّ الطلاق، وأدفع ثمن خطئي غالياً".
جحيم الانتقام..(31/126)
"سهام"، شابة في الخامسة والعشرين، خريجة جامعية من القسم الأدبي بتقدير متوسط من إحدى الجامعات السعودية، ولم تتيسر لها وظيفة حتى الآن..، متزوجة وأم لثلاثة أطفال. لا تنفي "سهام" أن زوجها سامي الأخلاق، طيب كريم، إلا أن تنافراً شديداً كان يباعد بينهما. اختلاف في الاهتمامات وطريقة التفكير، فبينما كانت جدّيته ترسم جفاف شخصيته نوعاً ما، وصعوبة في التعبير المباشر عن المشاعر، كانت "سهام" قد عانت من قسوة أسرتها، مما جعل دمها يغلي بشوق شديد إلى حنان يحتويها ويشبع عاطفتها، وذلك الذي لم تجده – كما تتصور- في زوجها، وزاد الطين بلة خلافات شديدة بين سهام وأهل زوجها الذين يسكنون قربها، وقد كان زوجها يقف بالطبع في صف أهله، ويصرح ببرود مغيظ أنه لا يجد غضاضة في طلاقها إن أرادت غير مأسوف عليها.. هذا الإحباط، جعل الحِمم في قلب "سهام" تثور يوماً بعد يوم فلا تجد لها منفذاً، إلا إهمالاً لبيتها، وقسوة على صغارها، يأكل قلبَها الندمُ عليها عند هدوئها، ولم تكن تجد من حولها من يفهمها أو يستمع لمشاكلها..
(سهام) .. الانتقام الساخط من زيجتها المتعثرة وزوجها الجاف دفعها لخيانة زوجها بلا أي مبالاة بدين أو أخلاق..
ثم دخلت إلى بيتهم "شبكة النت".. وأخذت "سهام" بلهفة الغريق إلى الحياة، تهرب من واقعها المؤلم إلى عالم الإنترنت الوهمي، كانت تقضي الساعات الطوال في غرف المحادثة، وقد صمّمت أن تنتقم من كل شيء: كلام فاحش بذيء، وضحك مع الشباب والفتيات، ومجون وسخف، وهي مبتهجة بالاهتمام الذي يوليه إياها الشباب؛ لأنها قادرة على دغدغة عواطفهم بكلماتها المحمومة..
قوة هائلة كانت تدفع "سهام" إلى ذلك، وهي الانتقام الساخط من زيجتها المتعثرة وزوجها الجاف بلا مبالاة بدين أو أخلاق..، فكانت تمضي الليل منذ منتصفه وحتى قريب الفجر على الإنترنت، وخلال ليال معدودة، وزّعت رقم هاتفها النقال على شباب التشات، وأضافت إلى هواياتها التلذّذ بالحديث المباشر الماجن معهم، والزوج البائس ينام في سكينة وغفلة..
هدف بائس..
لا يفتأ قلق "ندى"، تلك الفتاة الجامعية الذكية، يزداد يوماً بعد يوم.. فعمرها الذي تجاوز الخامسة والعشرين، وأختاها اللتان تكبرانها، ولم يتقدم لهما أحد مقبول من الخطّاب- كلّ يصيبها بتوتر شديد وخوف من عدم الزواج.. خاصة مع الضغط الإعلامي الرهيب حول "كارثة العنوسة!!".
وحين دخلت "ندى" النت، أثارها ما تراه من شخصيات الشباب الجذابة في المنتديات، فهذا واسع الثقافة، وهذا بارع الذكاء، وذاك مرح للغاية، والآخر مرهف المشاعر؛ فتشكل لديها -يوماً بعد يوم- هدف واحد عظيم، وهو أنها ستجد رفيق دربها في دهاليز الإنترنت حتماً؛ إذ سيكفل لها ذلك اختيار شخصيته وطباعه بعناية وتأنٍ، وهذا إنجاز رائع بلا شك..
كانت تكتب أحيانا في المنتديات، وبين ناظريها هم واحد: "هل سيحوز ما أكتب على إعجابهم؟"، وقد كانت ذات أسلوب آسر تبدو عاطفتها عليه بشفافية ونقاء، فكتبت عن(31/127)
المشاعر والأدب، عن علاقة الرجل بالمرأة، عن حلم الأسرة، وعن أشياء شتى، وكل مقال كان بمثابة سهم مسدّد إلى الهدف.. بتفوق..
ولهذا، لا نعجب لما أبدى "الفارس" -وهذا اسمه المستعار- اهتماماً بتلك الفتاة الرقيقة، التي فرحت كثيراً كثيراً بذلك، وبادلته نفس الشعور خفية، إذ يبدو شاباً مثقفاً ذكياً، مرحاً ذا شخصية ودودة لا تملّ..
كانت "ندى" تهوي يوما بعد آخر في مجاهل عشق يائس. كل مكالمة تزيد ظمأها وكل رسالة تجدب مشاعرها أكثر
أضافته إلى "الماسنجر" بعد إباء مصطنع وحياء متكلف، وكان حديثهما بدءاً يقتصر على التعليق على كتابة فلان، ومقال فلانة من روّاد ذلك المنتدى، وهي تجاهد في كبت لهفتها للتصريح له بإعجابها، خشية من عدم تقبله لذلك، إذ يبدو – فيما يبدو – أنه رزين نوعاً ما، وقد علمت منه يوماً أنه متزوج وغير سعيد -نوعاً ما- في زيجته، لكن ذلك لم يثبط من عزمها، فعمرها وظروفها في نظرها لا تسمحان لها باشتراط عدم الزواج بِ "فارس الأحلام"..
توالت الأيام والليالي، والشيطان ثالثهما في تلك الخلوة على "الماسنجر" بلا حاجة ولا ضرورة، حتى صرّح لها بطريقة ذكية أنه يهتمّ بها ومعجب بشخصيتها، ويودّ لو يتخذها زوجة ثانية له..
عصفت بها الفرحة العارمة، ووافقت فوراً دون أي تحفظ! وتبادلا أرقام الهاتف والأسماء الحقيقية فهما الآن (خطيبان) رغم أنف الجميع! وانتقلا إلى المحادثة عبر الهاتف، وبعد أيام تقدم –فعلاً- ذلك الشاب المتزوج في خطوة غير مفهومة الدوافع إلى أبيها يخطبها منه، لكن أسرتها رفضت ذلك بشدة زاعمة أن "الكبيرة" في الزواج قبل "الصغيرة" بلا أي تنازل..
بكت "ندى" وغضبت، واحتجت وسخطت، لكن في الخفاء؛ إذ عليها ألاّ تظهر معرفة سابقة بهذا الرجل لخوف اجتماعي هائل، لكن حديثها معه استمر عبر الهاتف والإنترنت بعد ذلك..
د. ناهدة: أهم مساوئ الإنترنت متمثلة في الاختراق الفكري، والمرأة تحتاج هذه التقنية.
كانت "ندى" تهوي يوماً بعد آخر في مجاهل عشق يائس، كل مكالمة تزيد ظمأها، وكل رسالة تجدب مشاعرها أكثر، فقرّرت في لحظة شجاعة أن تقطع العلاقة فوراً.. وبلا أي توانٍ أو مواربة..
الاختراق الفكري أهم المساوئ
الإنترنت سلاح ذو حدين كما أخبرتنا به ( الأستاذة الدكتورة ناهدة عبد الكريم رئيسة قسم الاجتماع في كلية الآداب جامعة بغداد) فبرغم الفائدة الكبيرة له إلا أن له مساوئ كثيرة تتمثل بمخاطبة الفرد، وهو بمعزل عن مرجعيته الشخصية والاختراق الفكري فهو مثل السوق المفتوح يسمح لكل الناس من مختلف الشرائح والأعمار بدخول أي موقع يرغبون بدخوله، فتقع المسؤولية الكبيرة على عاتق الأهل أولا في التربية، ومن ثم على المدرسة والمجتمع، ولا ننسى الفائدة الكبيرة في مجال البحوث والدراسات والمجالات العلمية والمعرفية، إلا أن هذا الجانب اقتصر مؤخراً –(31/128)
وللأسف- على فئة قليلة، لذلك يحتاج مجتمعنا الآن إلى توحيد طاقاته وتكثيف جهوده في توجيه الشباب والشابات على الاستخدام الصحيح والمواقع المهمة التي تجمع الدين والعلم والتسلية في آن واحد، فهذا الاندفاع المعلوماتي يوفر مخزناً كبيراً من جميع المواقع التي تخطر على بال بشر كالدين والدراسات والأغاني والإثارة؛ فنحن نعيش في مرحلة خطيرة، والمرأة تحتاج إلى تعلم هذه التقنية لأهميتها الكبيرة، وحتى لا تكون منغلقة على نفسها، وأسباب هذا الانغلاق كثيرة، كالحالة الاجتماعية والطبيعة الاجتماعية التي أبعدتها عن منافذ المعرفة، ومع هذا فقد وصلت المرأة مراحل متقدمة في هذه التكنولوجيا، وفي فترة وجيزة مما أتاح لها مجالات أوسع .
نماذج ناجحة
لا تخلو الحياة، في كل جهاتها من محطات إيجابية مقابل المواقف السلبية وهذا ما يحدث في الإنترنت، فأمام حالات عبث الزوجات، وخيانة الأخريات، إلا أن هناك نماذج مشرّفة، وليس لدينا الحق في إلغاء هذا النجاح بل يجب الاعتراف به، فهناك عوامل عديدة تساعد على هذا النجاح، منها الوضوح، ودخول البيوت من أبوابها، وقبل كل ذلك الحياة المبنية على الصراحة والصدق بين أفراد الأسرة..
إعجاب.. في وضح النهار..
"دانة" فتاة في الثالثة والعشرين، مهذبة وذكية، ومثقفة ومتدينة..
ذاقت "دانة" مرارة اليتم منذ سن مبكرة، وانتشر إخوتها المتزوجون في أنحاء البلاد سعياً وراء الرزق، ولذا فهي تعيش مع والدتها وحدهما في منزل صغير.
ودانة، تدرس صباحاً في معهد للحاسب الآلي بـ(جدة)، وهي تحب دراستها بقوة رغم استيائها من الاختلاط في المعهد، لكن هذا -ويا للأسف- ما تيسر لها، وتقضي المساء في مجاذبة أطراف الحديث مع والدتها الطيبة المسنة، أو في تصفح الإنترنت..
تقضي "دانة" جلّ وقتها على الشبكة في تحميل البرامج التي تساعدها في دراستها، وفي تصفح المواقع الإسلامية والإخبارية وقراءة المنتديات الراقية، وقد تعرفت على مجموعة من الصديقات في المعهد، يقمن بالكتابة في منتدى رصين مفيد، فوجدت أنه ما من بأس لو انضمت إليهن، كتجربة جديدة شيّقة..
تقدم "مناضل" إلى إخوة "دانة" طالباً يدها في وضح العفة وجهار الفضيلة، لم يسلك طرقاً خلفية مشبوهة أو دهاليز ملتوية
كانت كتاباتها راقية حول المرأة وطلب العلم، وأوضاع المسلمين وأخبارهم، أو في مواضيع تقنية تخص دراستها، وأسلوبها متحفظ جداً خاصة مع الرجال لحسن أدبها وتربيتها، فردودها عليهم مهذبة، ولا تسمح بإهانة نفسها أبداً بالمزاح معهم أو تبادل التعليقات الضاحكة، فضلاً عن وضع الوجوه التعبيرية المتبسطة..
وقد كان أحد المشرفين في المنتدى، واسمه المستعار (مناضل)، طالب علم على دين وخلق، لفتت نظره هذه الفتاة باسمها المستعار المتحفظ، وأسلوبها الرصين المفيد، وحسن أدبها في محادثة الرجال، وواسع ثقافتها وذكائها الجلي..، ووجد أنها ستكون خير زوجة له، مناسبة لشخصيته قريبة من تفكيره واهتماماته..
لكن، لم يتجرأ "مناضل" أبدا لمحادثة "دانة" مباشرة، فهذا ليس من خلقه، ولا يرضاه لها كذلك، لكنه قام بخيانة بسيطة بالنسبة لأمانة عمله؛ فقد وصل "مناضل" بحكم(31/129)
علمه كمشرف في المنتدى إلى رقم (الآي بي) الخاص بدانة، فوجد أنها من دولة مجاورة في الخليج، وعن طريق أحد زملائه الدهاة (!) هناك، استطاع الحصول على اسم الفتاة الحقيقي وعنوانها..
تقدم "مناضل" إلى إخوة "دانة" طالباً يدها، في وضح العفة وجهار الفضيلة، وبعد سؤال عنه واستقصاء، رضي أهلها به خلقاً وعلماً وديناً، فرضيت "دانة" برضا أهلها، وكانت من نصيب مناضل..
زواج من وراء المحيطات
أمّا "لبنى. ف" فهي طالبة بكلية الحقوق بمصر، والدها طبيب ووالدتها مهندسة، والمستوى المعيشي للأسرة مرتفع، والمستوى الثقافي أكثر ارتفاعاً، ولأنها تجلس أمام الشاشة (12) ساعة يومياً فكانت لها قصة ترويها فتقول: "تعرفت على شاب باكستاني وأحببته، وجاء إلى مصر وقابلته، وضغطت على والدي ووالدتي ليجلسوا معه، وفعلوا ولكنهم رفضوه زوجاً لي، إلا أنني مصرة على الزواج منه وسأحاول معهم مرة ثانية وثالثة".
(م. عطيات): في داخلي مرارة لا يمكن تصورها... تزداد هذه المرارة بتشبث ابنتي بالزواج من الباكستاني الذي عرفته عبر الإنترنت.
تقول المهندسة عطيات عبده والدة (لبنى. ف): "إنني ليس عندي وقت لمراقبة ابنتي في كل صغيرة وكبيرة.. ووالدها يقضي كل وقته خارج المنزل، ولا يأتي إلا ليلاً.. لقد أعطينا ابنتنا ثقة كبيرة، ولكنها لم تقدرها... وعلّمناها حرية التفكير والاستقلالية... وكل ذلك عاد علينا بالسلب. إن في داخلي مرارة لا يمكن تصوّرها... تزداد هذه المرارة بتشبث ابنتي بالزواج من الباكستاني الذي عرفته عبر الإنترنت.
يسافر ليتأكد من صفات العريس
تروي نجوى أحمد سمير قصتها فتقول: "كنت طالبة في كلية التجارة، وعرفت كيف أتعامل مع الكمبيوتر وأدخل على الإنترنت ... وشغفت بغرف "الشات" والدردشة عبر الشبكة العالمية، وتعرفت على كثير من الشباب إلا أن معرفتي بالشاب أحمد "التركي" كانت أكبر ... وكنت أدخل يومياً وأحدثه عبر "الشات" لعدة ساعات، وأحببته وأحبني بعنف ... وصارحت أسرتي بذلك، فقامت عليّّ الدنيا ولم تقعد، ومع ذلك لم تستطع الأسرة أن تزحزحني عن موقفي، ولم يجدوا بداً من إرسال أخي إلى تركيا ليسأل عن هذا الشاب وأخلاقه وأصله. وعاد أخي ليقول لهم: إنه شاب متدين ومجتهد... وتزوجنا وسافر زوجي إلى الولايات المتحدة للعمل ثم لحقت به.
(نجوى):ولم يجد أهلي بداً من إرسال أخي إلى تركيا ليسأل عن الشاب وأخلاقه وأصله... ثم تزوجنا وسافر زوجي إلى الولايات المتحدة للعمل ثم لحقت به.
أما المعلمة الفاضلة الحاجة "إنصاف محمود" والدة نجوى أحمد سمير التي تزوجت بأحمد "التركي" وسافرت معه إلى الولايات المتحدة.. فتقول: إن أولادي كلهم مطيعون ومتدينون.. لكن ابنتي الصغرى نجوى.. ربما "لتدليلها" أكثر من اللازم تعوّدت على العناد. وقد لاحظت ذلك لدى العديد من الأسر الصديقة.. فإعطاء الابن أو الابنة المزيد من الحرية يأتي بآثار عكسية في النهاية. والحمد لله أن تجربة ابنتي(31/130)
انتهت بالزواج الشرعي، ومن حسن حظنا أنّ من تعرفت عليه عبر الإنترنت اتضح أنه شاب متدين ومجتهد لكنني أنصح بإبعاد الفتيات قدر الإمكان عن الإنترنت.
(علياء): أستعمل الجهاز فيما يخدم دراستي في طب الأسنان.
استفادة علمية
(علياء الجزار)... طالبة بكلية طب الفم والأسنان تقول: "كافأني والدي بجهاز كمبيوتر حينما تفوقت في الثانوية العامة، ودخلت كلية طب الأسنان.. ولأن المذاكرة كثيرة والدراسة صعبة وجادة.. وأنا بطبيعتي جادة.. فلم استعمل الجهاز إلا فيما يخدم دراستي.. وكنت أحضر اسطوانات عليها شروح للمحاضرات وصور طبية.. وقد استفدت منها كثيرًا.. واشتريت طابعة كنت أطبع عليها هذه المعلومات القيمة وأعطيها لزملائي.
القيمة الحقيقية
قيمة الإنسان الحقيقية تكمن في إدراكه لما حوله من نعمٍ حباه إياها الله سبحانه وتعالى، وتكمن أيضاً في مستوى تعامله مع هذه النعم، وأنت أختي الكريمة.. قيمتك، وآدميتك، وفضيلتك في يدك، فإن أدركتها انحنت لك الدنيا إكباراً وإجلالاً، وإن فقدتها فقدت كرامتك وإنسانيتك
ـــــــــــــــــــ
سنة أولى محبّة
فوزية الخليوي 23/8/1425
07/10/2004
يخطو كلٌّ من الزوجين, خُطا متثاقلة إلى منزل الزوجيّة! بعد انشغال طال أمده, بأعباء وتكاليف الزواج: من تجهيز ملابس, وإقامة حفل, إلى تأثيث منزل الزوجيّة, ورصيد شبه خاو عن الطرف الآخر... فما أن يقضيا أيامهما الأولى حتى يتفاجآ بجهلهما بطبيعة بعضهما النفسيّة!! وكيفيّة التعامل مع بعضهما البعض! فيهرعا إلى الاستعانة بآراء الآخرين من أصدقاء وأقارب, هي في مجموعها حصيلة من تجارب منتهية الصلاحية، أو لا تنطبق على شخصيتهما؟!
فتارة نجد الشاب ينساق إلى التعامل باللين, وتارة بالشدة منذ البداية!! , كما حدث مع هند بنت معاوية بن أبي سفيان: فقد تمنعت على زوجها فضربها, فصرخت فلما سمعت الجواري صوتها صرخن، وعلت أصواتهن!! فسمع معاوية، فدخل عليه وقال: ويحك!! مثل هذه تضرب في مثل هذه الليلة؟!
عندها تقع الزوجة حديثة العهد بالزواج بحيرة شديدة، وخاصة أنها قدِمت من بيئة محافظة, الأحاديث الزوجية فيها ضرب من المُحال؟!
ولعل هذا يفسر سبب ارتفاع نسبة الطلاق في المملكة: ففي الشرقية 60% وفي الرياض 52% أي أن نسبة الطلاق في الشرقية تصل إلى ست حالات طلاق من كل عشر حالات زواج, وحالة طلاق من كل حالتي زواج في الرياض؟!( مجلة حياة 20).
ولأن نسبة كبيرة من الطلاق تقع في السنة الأولى للزواج, ولأسباب غير مقبولة!! فضّلت أن أذكر شيئاً من الأساسيّات في المعاملة الزوجيّة:(31/131)
(1) اعرفا بعضكما:
يجب أن يتفرغ كل من الزوجين للحديث عن طبيعتهما, وآمالهما وتطلعاتهما المنشودة من وراء الزّواج!
فهذا الفعل يوفّر عليهما الكثير من المجهود المستقبلي، ويجعل حياتهما الزوجية تنساب بهدوء!!فهذا القاضي شريح يحكي عن زوجته: ليلة تزوّجت بها قامت فحمدت الله، وقالت: إنني امرأة غريبة عليك !! فما يعجبك فآتيه، وما تكره فأجتنبه!! قال: فقلت: إنني أحب كذا وأكره كذا! قال: فعشت معها في أرغد عيش وأهنئه!!
(2) لاتختلفا:
يجب أن يسعى كلا الزوجين عند حدوث أي مشكلة إلى تضييق دائرة الخلاف, وعرضها بهدوء, دون نقلها إلى أهليهما !! فكم من المشاكل انتهت بالطلاق على بساطتها بسبب تضخيمها من جانب أهل الزوجين, ولكن ليس معنى هذا عدم أخذ المشورة بتاتاً!!
بل متى ما رأى الزوجان تعسّر الفهم والإصلاح نتيجة إصرار كل منهما على موقفه فلهما ذلك! كما جاء في الأثر أن زوجة عبد الله بن عمرو بن العاص شكت إلى والد زوجها إهمال زوجها لها، وانشغاله بالعبادة! لما قال لها: كيف وجدت بعلك؟ قالت: خير الرجال من رجل لم يفتش لنا كنفاً, ولم يقرب لنا فراشاً؟! فكلّمه وعنّفه !!
(3) لا تُسِئْ للآخرين:
بألاّ يذكر الزوج أهل زوجته وخاصّتها إلا بخير!! وهى كذلك!! فهذا مما يوغر الصدور, ويثير الأحقاد!! فقد ذكرت عائشةُ خديجةَ زوجة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ما تريد من عجوز حمراء الشّدقين أبدلك الله خيراً منها !! فغضب منها وقال : لا والله ما أبدلني الله خيراً منها!!
فأهله وأصدقاؤه هم بوابة احترامه وتقديره!! فبتحمّلهم والتجاوز عن أخطائهم يكون ذلك سبباً لتحقيق السعادة, وإغلاقاً لباب دلف منه العديد من الأزواج، وخرجوا منه منفصلين؟!
(4) تحمّل التقصير:
نتيجة للحياة المترفة التي تعيشها بعض النساء, كوْنها مخدومة في منزل أهلها!! لا تستطيع هذه الزوجة استيعاب هذا الزخم الهائل من العناية بمرافق المنزل, وشيئاً فشيئاً تستطيع تقبّل الوضع!! فلا بأس إذن من مساعدة الزوجة كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل, فكان يخيط ثوبه ويخصف نعله!! مع صغر الغرف التي كانت تؤوي نساءه، وخلوّها من الأثاث.
هبيني امرأً إنْ تحُسني فهو شاكر ٌ *** لذاك, وإن لم تحُسني فهو صافحُ
(5) اقنع بها:
القناعة هي خير ما يجلبه الرجل معه إلى منزل الزوجيّة, فقبوله بهذه الزوجة وقناعته بها وبهيئتها!! هو الأمر الذي سيحفظ المودة والمحبّة في قلبه لها, وكم أضاع كثير من الرجال حياتهم في الحسرة والندم على حظه العاثر بزعمه! فلا هو كسب ودّ زوجته ولا حصّل غيرها!
جُنِنّا بليلى وهي جُنّت بغيرنا *** وأخرى بنا مجنونةٌ لا نُريدها(31/132)
(6) كنّ ايجابياً:
ضع الصفات الإيجابية بين عينيك, فإن كانت الزوجة محدودة الجمال انظرْ إلى تفانيها في خدمتك, وإن كانت غير مثقّفة فانظر إلى احترامها وتقديرها لعلمك...ودلالته حديث" لايفرك مؤمنٌ مؤمنة إنْ كره منها خلقاً رضي منها آخر".
فها هي خديجة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم, عندما تزوجت به كان فقيراً, ومع هذا كانت لا تكُفّ عن ترديد صفاته الإيجابيّة!! فبعد نزول الوحي عليه ودخوله عليها خائفاًً قالت له: والله لا يُخزيك الله أبداً, إنك لتصل الرحم, وتحمل الكلّ, وتُكسب المعدوم, وتقري الضيف, وتعين على نوائب الحق!!
وهذا علي بن أبي طالب يذكر شيئاً من صفات زوجته فاطمة الإيجابية, وكانت من أحب الناس إليه!! إنها جرّت بالرحى حتى أثّرت في يدها, واستقت بالقربة حتى أثّرت في نحرها, وكنست البيت حتى اغبرّت ثيابها !!
ومن فوائد ترديد الصفات الإيجابيّة قناعة الطرف الأول بقيمة الآخر والسعي لتقديره!! و أيضا يعزّز الثقة عند الآخر!!
(7) كُنّ أماناً:
يجب أن يتيقن الزوج عظيم مكانته في نفس المرأة, وأنه ملاذها الآمن من شرور الأيام ونكبات الزمان, ولم تخطئ الصحابية حمنة بنت جحش عندما نُعِيَ لها أخوها وخالها فقد استرجعت واستغفرت!! ثم نُعِيَ لها زوجها مصعب بن عمير فصاحت وولولت، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: إنّ زوج المرأة منها لبمكان"
فعليه أن يلتزم بهذه القِوامة الرّبانية !! لا أن يقوم بإذلالها من منطلق أنه الأقوى!! فيأمر وينهى لا لشيء إلا لإخضاعها!!
ولا ضير إن كرّر على أسماعها حرصه عليها, وغِيرته على عِرضها!!
وقصة المرأة التي اشتكت زوجها عند القاضي مدّعية على زوجها بصداقها, وأتت بشهود فقالوا: نريد أن تسفر عن وجهها حتى نعلم أنها الزوجة أم لا!! فلما صمّموا على ذلك, قال الزوج: لا تفعلوا هى صادقة فيما تدّعيه؟!!ليصون زوجته عن النظر إلى وجهها, فقالت المرأة حين عرفت أنه أقرّ إنّما ليصون وجهها عن النظر: هو في حلّ من صداقي في الدنيا والآخرة!!
(8) دعِ الكبرياء:
على كلٍّ من الزوجين أن يخلعا ثوب الكبرياء والتحدي والكرامة المزعومة!! لأنها مصطلحات قابله للانفجار في أي لحظة!!
واعتبر بقصة لبابة بنت الحسين عندما رمى لها هشام بن عبد الملك بتفاحة بعدما عضّها وهو خليفة!! فدعت بسكين لتقطعها ! فسألها: فقالت: أميط عنها الأذى!! فطلّقها!
فما أجمل أن نتفقد الآخر دون مقدمات, كما كانت تفعل زوجة طلحة بن عبيد الله, عندما دخل عليها وهو خاثر النفس قالت: مالك! أَرابك مني شيء؟ قال: لا,ونعم حليلة المسلم أنت!!
ولا بأس من العِتاب بالتلميح دون التصريح كما كانت تفعل فقيهة الأمة عائشة رضي الله عنها, في هذا ا لحوار العاطفي عندما قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم:" إني(31/133)
لأعلم إذا كنت عنّي راضية، وإذا كنت عليّ غضبى !! إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد !! وإذا كنت عني غضبى تقولين: لا ورب إبراهيم!!
قالت: أجل, والله ما أهجر إلا اسمك!!
(9) غضّ الطّرف:
لقد حكى الشارع عن طبيعة متأصلة في المرأة, وهى غلبة العاطفة, حتى إذا غضبت لم تعِ أقوالها فقال:" لعلّ إحداكن تغضب الغضبة فتكفر فتقول:ما رأيت منك خيراً قط"!!
ومن هذا المنطلق ساس الرسول الكريم نساءه التسع, غاضاً الطّرف عمّا يدور بينهن من خصومة, فها هي عائشة تقول: ما علمت حتى دخلت عليّ زينب بغير إذن, وهى غضبى, تجادل عائشة! فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: دونك فانتصري؟! فأقبلت عليها..فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتهلّل وجهه؟!!فهذا هو الهدي النبوي في بيته, فاجعل منه قدوة لك, ولا تستنكف من التبسّط مع زوجتك والتودّد لها, فقد تلجأ المرأة للزوم الصّمت، وعدم إظهار المحبّة بسبب جفائِك لها وغِلظتك معها؟!
إنّ النساءَ رياحينٌ خُلِقْنَ لنا *** وكلّنا يشتهي شمَّ الرياحين
ـــــــــــــــــــ
كيف تحولين طلاقك إلى حياة إيجابية
إعداد: عبدالفتاح الشهاري 9/8/1425
23/09/2004
شارك في التحقيق:
من السعودية: فاطمة سعد الجوفان
من فلسطين: إبراهيم الزعيم
من مصر: هدى سيد أحمد
من العراق: ضحى الحداد
على الرغم من كون الزواج حلم كل شاب وفتاة إلا أن الحياة الزوجية قد تعوقها مشكلات وعراقيل كثيرة تحول دون استمرارها .. والطلاق رغم أنه أبغض الحلال عند الله -عز وجل- إلا أنه الحل الذي يعالج هذه النفوس المشحونة بعدم القدرة على الاندماج والتفاهم والاستمرار في الحياة .. لكن الكثيرين ينظرون للطلاق على أنه الطامة الكبرى أو نهاية المطاف، خاصة للفتاة وأهلها.. لكن المسلمة المؤمنة لابد أن تتعامل بإيجابية مع تلك المحنة التي ألمَّت بها وتعاود الحياة بكل ثقة وإيمان تحاول جاهدة إثبات نجاحها في الحياة؛ لتؤكد أن الطلاق ليس نهاية المطاف، ولن تتوقف الحياة بعده..
وأرقام الطلاق في عالمنا العربي والإسلامي أرقام مهولة وتنبئ عن وجود شرخ في الحياة الاجتماعية، تتفاوت نسبياً من مجتمعٍ إلى آخر، وتتداخل عوامل تؤجِّج من جذوة هذا الشرخ، وفي جولة خاطفة وسريعة لأرقام الطلاق في معظم الدول العربية اصطاد موقع (الإسلام اليوم) عدداً من المعلومات الإحصائية المتكئة إلى بيانات رسمية، أو دراسات بحثية، ونعرض عليكم فيما يلي خلاصة موجزة لهذه الجولات:(31/134)
* يتم طلاق 33 امرأة يومياً في السعودية، وبلغت الحالات (12192) حالة في السنة، وفي مدينة الرياض وحدها طلقت 3000 امرأة من أصل 8500 حالة زواج.
* أشارت دراسة أعدتها وزارة التخطيط السعودية إلى أن نسبة الطلاق في السعودية ارتفعت خلال الأعوام الأخيرة بنسبة 20%، كما أن 65% من حالات الزواج التي تمت عن طريق طرف آخر أو ما يعرف بـ(الخاطبة) تنتهي هي الأخرى إلى الطلاق.
* سجلت المحاكم والمأذونون أكثر من 70 ألف عقد زواج ونحو 13 ألف صك طلاق خلال العام 2001م.
...
السعودية
أكدت دراسة تناولت ظاهرة الطلاق في المجتمع القطري وجود 319 حالة طلاق مقابل 987 حالة زواج، وأن أكبر نسبة من المطلقين 47% تتركز في الفئة العمرية 15 – 29 سنة، مما يعني أن أغلب المطلقين والمطلقات من الشباب.
...
قطر
أظهر تقرير إحصائي صدر حديثاً أن إجمالي المتزوجين في الكويت بلغ ما يقارب 976 ألف متزوج ومتزوجة حتى العام 2002، وأوضح التقرير الذي أصدره قطاع الإحصاء والمعلومات في وزارة التخطيط أن إجمالي عدد المطلقين في الكويت حتى العام المذكور بلغ ما يقارب 36 ألف حالة طلاق.
...
الكويت
أوضحت إحصاءات أنه في عام واحد وصلت حالات الطلاق في مدينة الرباط 1262 حالة من أصل 2735 زيجة أي بنسبة 43%.
...
المغرب
يظهر التقرير الإحصائي السنوي لدائرة قاضي القضاة في الأردن أن عدد حالات الطلاق في العاصمة عمَّان بلغ 4201 حالة.
...
الأردن
أشارت دراسة أعدتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أن 76% من المطلقات لم تتجاوز أعمارهن 39 عاماً، وهذا يدل على أن غالبيتهن من متوسطات الأعمار.
...
الإمارات
تشير إحصاءات أعدها مركز سلمان الاجتماعي إلى نتائج سلبية في الطلاق إذ وصلت نسبة الطلاق إلى 34% من حالات الزواج
...
البحرين(31/135)
إصرار على النّجاح ، تحدّي الآلام والمعاناة ، تحويل المِحْنة إلى مِنْحة، هذه هي حال كثير من النساء المطلّقات التي لم تنجح لسبب أو لآخر في حياتها الزوجيّة، ومع ذلك فقد أدركن أنّ الطّلاق ليس نهاية المطاف، ومازالت الحياة مستمرّة، وبإمكانهن أنْ يُضفن شيئاً للحياة، ولايستسلمن للأمر الواقع .. قد يبدو هذا الكلام صعباً، إلا أنّه ليس مستحيلاً، ولعلّ البداية هي التغيير الداخليّ، ومن ثم تأتي الخطوات تباعاً.
قام موقع (الإسلام اليوم) بعمل تحقيق موسع لعينات عدة ممن تغلبن على الحياة وواصلن مشوارهن بكل ثقة وعزم وتحد، الهدف منه أن نفتح آمال المستقبل أمام أولئك اللواتي انكفأن على أنفسهن، وطلَّقنَ الحياة كما طُلِّقن، فازدادت حياتهن بؤساً ودماراً، نقدمه لأولئك النساء اللاتي يبحثن عن السعادة لنقدم لهن نماذج قاومن المعوقات وتغلبن عليها..
من السعودية
مها القحطاني (معلمة)، تقول: بعد طلاقي كنت أظن أن حياتي انتهت، وخاصة أنه تم بعد شهرين فقط، ولكن - بحمد الله - كنت مقتنعة أن نصيبي لم يكن معه رغم أنه رجل طيب؛ بعدها سلطت جهودي على تطوير نفسي في جميع النواحي وخاصة من الناحية الاجتماعية.. أصبحت اجتماعية أكثر؛ متواصلة مع الأقارب وركزت اهتمامي بوالدي المقعد أكثر وأكثر بالرغم أنه مشلول منذ زمن طويل إثر إصابته في حادث مروري، لكني كنت بعيدة عنه، وحالياً أشعر بسعادة حقيقة وأنا أقوم برعايته وعندما يدعو لي بالتوفيق والذرية الصالحة، وأشعر كأنه لأول مرة يدعو لي؛ مما أكسبني ودًّا وتقديرًا لكبار السن، لأحسن التعامل معهم، وبعد أربع سنوات من زواجي الأول تزوجت، وكأني أخرج لأول مرة؛ فقد أحسست أني الآن مستعدة للبيت والمسؤولية وقادرة على التعامل مع الزوج بشكل أفضل، وأنا الآن لي سنتان ورُزقت بطفلة وأصبحت أشعر بسعادة كبيرة بفضل الله.
هيا بنت سليمان: أنا الآن أملك رصيدًا كبيرًا وأسهمًا وعقاراتٍ، والأهم من ذلك راحة البال والرضى بالنصيب
هيا بنت سليمان (موظفة)، تقول: زواجي كان مجرد صفقة بين والدي وصديقه الثري الذي تجاوز الستين، تزوجت بدون إرادتي وطُلِّقت بعد معاناة سنة كاملة كلها ذكريات مؤلمة، بعدها قررت عدم الخضوع لكائن من كان، حينها ركزت نشاطي في التجارة - وبدعم من صديقتي وبنت عمي - وقدمنا بعض الاستشارات النسائية البسيطة، كسبنا وخسرنا في البداية، ولكننا اكتسبنا خبرة، ودخلت عالم المال وتعلمت الكثير من طبائع البشر وأساليب التجارة، فأنا أدعو لله لأبي وطليقي السابق فهما مصدر غير مباشر لدخولي عالم التجارة، ولله الحمد والفضل أنا الآن أملك رصيدًا كبيرًا وأسهمًا وعقاراتٍ، والأهم من ذلك راحة البال والرضى بالنصيب، وخاصة إني أهتم بـ 14 طفلاً وطفلة وأحبهم كثيرًا واستمتعت بقضاء أسعد الأوقات معهم رغمًا أني لم أتزوج ثانية، ولكنهم أطفال رعاية الأيتام أهتم بهم وأخصص لهم مصروفًا شهريًا والتقيهم كل أسبوع، ومعهم أصل إلى قمة فرحتي.
لطيفة المطيري: الحياة جميلة حتى وإن قال الناس عني مطلقة، بل أنا طير طليق يحلق في الحياة بكل رضا(31/136)
لطيفة المطيري (جامعية)، فضلت الزواج وتركت الدراسة وأنا في الصف الثاني الثانوي؛ لأني بصراحة كنت أريد أن أتزوج وأسعد بحياتي، وأقضي يومي في الأسواق والمطاعم، ولكن الأحلام لم تتحقق؛ فقد كنت بحق مراهقة لا أعرف معنى الزواج الحقيقي، فكان طلاقي شيئًا طبيعيًا ومن ثم وقوف أهلي ضدي، عندها غرقت في حزني كثيرًا، ولكن أمي - حفظها الله - جعلتني أعود للحياة بشكل آخر، وخاصة أنها كانت رافضة لمبدأ الزواج قبل إتمام الدراسة؛ فرجعت للدراسة من جديد رغم رسوبي، ولكن هذا لم يمنعني من المواصلة وخاصة أن فكرة الزواج لم تعد تشغلني فنجحت في الدور الثاني في الثانوية بمعدل ممتاز، وأنا الآن في السنة النهائية بالجامعة.. تعلمت في هذه السنين أشياء كثيرة وتغيرت شخصيتي، لم أعد أهتم كثيرًا بالموضة والسهرات، وبتشجيع إحدى أستاذاتي في الجامعة عملت في المراكز البحثية التابعة للجامعة بمكافأة بسيطة ولكنها تعني الشيء الكثير، وتعرفت على أساليب التعامل الجيد مع الناس، واستفدت من فرص العمل غير المباشرة، فلقد أحضرت آلة تصوير وكمبيوتر وأصبحت أطبع البحوث والملازم للطالبات وتعاونت مع مركز خدمات طالب قريب من منزلنا لكي يكون لدي رأس مال كي أفتتح محلاً خاصاً بي بعد التخرج، وبمشاركة أختي الصغيرة وإحدى قريباتي يتم إنجاز الأعمال عندما يكون هنالك ضغط بالعمل. والآن أنا فخورة جدًا بنفسي وبمستقبلي القادم - إن شاء الله - والزواج عندما يكون في السنوات القادمة سيكون بشكل مختلف وبعقلية مختلفة وناضجة؛ فالحياة جميلة حتى وإن قال الناس عني مطلقة، بل أنا طير طليق يحلق في الحياة بكل رضا.
منيرة بنت محمد (أم عبد المجيد)، تقول: طلاقي بعد عِشرة 12 سنة كانت بداية جديدة لتربية أبنائي من جديد بعيدًا عن أب لا يهمه إلا نفسه ورغباته الشخصية. وعندما أصبح الجو في المنزل أفضل (لا مشاكل ولا زعل) مما جعلني أسخّر حياتي لأبنائي، ولله الحمد فابني عبد المجيد مهندس والآخر مدرس، والبنات إحداهن معلمة والأخرى طالبة في كلية الطب، سعيدة أنا بنجاح أولادي، وخاصة أنهم يملكون كنوزًا من الحب والحنان حتى بعد زواجهم واستقلالهم بحياتهم؛ فهم يزورونني كل يوم ويلبّون كل طلباتي وكل منهم يعطيني مبلغ من راتبه كل شهر بدون طلب مني؛ بل دائمًا يقولون عندما أرفض: نحن كلنا ملك لكِ يا أمي والمال يرخص لك والجنة تحت أقدامك.
من فلسطين
ن . ع أوضحت أنّها بعد تجربة مريرة مرت بها قرّرت "ألا تضيع" ، موضّحة أنّ ما حدث معها ليس نهاية العالم ، وأنّ احترام الناس وتقديرهم لها ودعمهم لها أعطاها دعماً نفسياً، وأضافت: إن احترام أهلي ودعمهم لي كان كبيراً جداً ، فهم لم يشعروني أبداً بأنّني ثقيلة على نفوسهم ، وأنّه بإمكاني أنْ أنجح في حياتي على الرّغم من المعاناة التي مررت بها.
وقالت ن. ع والتي تعمل مدرّسة للّغة الإنجليزيّة وقد حصلت هذا العام على لقب " المُدَرّسة المُتَمَيّزة ": بعد أنْ حُرِمتُ من رؤية أبنائي انتقلت عاطفة الأمومة من أبنائي إلى طلابي ، وذلك بعد أنْ انتقلتُ من مدرسة إعداديّة إلى أخرى ابتدائيّة ، وقد تفهّم(31/137)
طلابي ذلك. مضيفةٌ "إن التزامي في المسجد أسعدني كثيراً ، فقد زاد التزامي بعد الطّلاق، وأصبحت من المداومات على حضور النّدوات الدينيّة ، كما أنّني التحقت بدورة أحكام تأهيليّة ، ثم دورة أحكام عليا ، وأقبلت أكثر على القرآن الكريم ، ولي مجموعة من الأخوات في الله ألتقي بهن باستمرار ، لقد شعرت أنّه لا يوجد في المسجد من يذكرني بمشكلتي ، حتى إنّني كنت كلّما نظرتُ في وجه إحدى زميلاتي كانت تبتسم في وجهي فأزداد ثقة وحباً لهنّ". مضيفة "إنّنا نسعى جاهدات لخدمة الأطفال الفقراء والأيتام ، حيث نجمع كلّ مدّة مبلغاً من المال ونوزّعه على المحتاجين فيزيدني ذلك رضاً عن نفسي، كما أنّني نقلت ذلك بين عائلتي".
ـــــــــــــــــــ
الرقيب!
نورة بنت سلمان الخاطر 14/7/1425
30/08/2004
يتمادى في تعذيبها بأشكال عدة غير أن أقساها على نفسها هو نعتها المتكرر بالخيانة وعدم الوفاء, وهي الطاهرة قلبًا وقالبًا, هي تعلم أنه يعاني من مرض نفسي منذ صباحات الطفولة الأولى, بسبب فقده لوالدته مما رسب في اللاوعي من نفسه وفي عقله الباطن عقدة, ظهرت على شكل إحساس دائم بالخيانة تجاه الأنثى, بأنها تركته يعاني اليُتم منذ لحظات ولادته.. تحاول قدر طاقتها أن تتقرب إليه, ولكنه لسبب أو لآخر ينبذها. عانت كثيرًا وكثيرًا, ولا تزال تعاني, ومع كل معاناتها إلا أنها لا تزال تحبه؛ بل وتعشقه لدرجة لا تستطيع فكاكًا منه, ربما شفقة عليه, وربما لتثبت له أن الدنيا لا تزال بخير, وأنها لن تغدر به, وترحل ذات مساء كما فعلت أُمّه, تلك الراحلة من غير موعد رحيل مناسب, مع أن رحيل الأم كان قسريًّا وليس إراديًّا.. حالته المزرية, والمثيرة للعطف, جعلتها ترأف به من حيث تنامى إليها شعوره أنه ربما اغتالت أمه أيد خفية، وهو تربى في أحضان من اغتال والدته الجميلة ذات حقد أعمى..لا تدري, الله وحده يعلم غيب السماوات والأرض ومغيبات الأقدار, وغيابات النفوس..لا تفهمه أبدًا, حاولت بكل ما أوتيت من صبر وحكمة أن تكون له قلب يصد عنه أحزان الدنيا ومواجعها بقدر ما تستطيع, ولكنه يرفض قربها, وقرباتها إليه, وكثيرًا ما يردد معرضًا بها:
دنيا ليس من طبعها الوفاء لأنها أنثى... وفي الأنثى الوفاء بعد لم يخلق.
وقد جعل من مباغتاته لها رقيبًا عليها, مع أنها ابتهلت إليه مرات عديدة
أن لا داعي لهذا (الرقيب) في محاولة لإقناعه أن الرقابة الحقيقية هي ما كانت من الداخل, عن قناعة, وحب لله, وخوفًا منه, وطلبًا لرضاه, قبل أن تكون حبًّا للبش, أو خوفًا منهم, أو طلبًا لرضاهم, وعن قناعة شخصية بجدوى الحفاظ على القيم والمبادئ..
يا إ لهي كم صبرت وتحملت مالا تطيقه الجبال, من أجل ألا ينهار سد الأحاسيس الخضراء, وتموت آمال قلب في بناء علاقة مشرقة واضحة كالنهار, تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها, ولكنه يُصرّ -بتكراره لحماقاته- على هدم العلاقة بمعول الشك, والشك غير المبرر إلا بدلالات واهية كخيوط العنكبوت, من عند ذاته المريضة..(31/138)
أخيرًا قررت وبعد صراع مع ذاتها ترْكه.. تركتْه ولم يتركها, فكثيرًا ما كان يتربص بمساحات الذاكرة, ليحتل منها جزءًا يرهقها لعدة أيام, ولكن كان الفراق قدرًا لا بد منه. كم تتمنى أن يرقد كلٌّ منهما في ذاكرة الآخر بسلام, فربما تنكشف الحقيقة في بعث جديد، في زمن يكون فيه الندم سيد المشاعر.. ولات حين مندم, وبرغم معاناتها منه ومعه؛ إلا أنها لا تزال إلى الآن حديقة نابضة بالجمال والنضارة, مشرعة له كل المساحات في أرضها, وفي سماوات كيانها بلا حدود.
ـــــــــــــــــــ
وَصِيّة حَكِيم
يوسف العمري 29/6/1425
15/08/2004
الوصايا بالمحبّة والموّدة وإحسان العِشرة قبل الزّواج ومن الوالديْن أوْ أولياء الأمور لها دورها في الأدب والتوجيه السّديد؛ لأنّها قبل الزواج تخرج من قلب شفوق، وتتجاوز الآذان إلى القلوب، ومن أولى الأمر أدعى بالقبول والاحترام، وأجدر بالإبقاء عليها وممارستها عمليًّا بعد ذلك.
وقد كان للعرب – وهم أمّة أُميّة- وصايا في هذا الجانب خلدت على الزمن، لأنّها وافقت فطرة الطبيعة، وسنن الكمال، والتجرِبة التي امتحنت عمليًّا وكانت نتائجها طيّبة في مسيرة الحياة السّعيدة للأسرة الناشئة، ويجدُر بنا أنْ نسوق بعضها لتكون نِبراسًا يهدي، وقوّة تُتّبع.. فما زالت على قدمها حديثة، وعلى بداوتها مدنيّة، وعلى بساطتها عميقة، فحبّذا لو حفظها أولياء الأمور ليُلقّنوها فِلْذات الأكباد، وتشيّعها وسائل الإعلام لعموم النفع، وندرّسها للشّبان والشابات لترسخ في الأذهان، وتعيها القلوب، وتنفعل بها حياتهم، فتكون سننًا سهلاً للمِران والدّربة والسلوك بعد الانفعال على نحو ما يربّي الغرب أبناءه على طاعة القانون، والأمانة، والسّلوك القويم، فأصبح مضرِب المثل في ذلك، والمسلمون أولى بذلك منهم في كلّ مكان يحِلّون فيه؛ لأنّها من وصايا الإسلام وشعائره وهديه وتعاليمه.
روى البيهقي في الشعب عن أسماء بن خارجة الفزاري – وكان من حكماء العرب- أنه قال لابنته عند زفافها:
- يا بُنَيّة قد كانت والدتك أحقّ بتأديبك مني أنْ لو كانت باقية، أما الآن فأنا أحقّ بتأديبك من غيري، فأفهمي عنّي ما أقول:
- إِنّك خرجت من العُشّ الذي فيه دَرَجْت، وصِرت إلى فراش لا تعرفينه وقرين لا تألفينه.
- فكوني له أرضًا مطيعة يكنْ لك سماء. ( أي كوني منقادة له يظلّل عليك برأفته وإحسانه).
- وكوني له مِهادًا يكن لك عمادًا. ( أي كوني له فراشًا مطيعة يكنْ لك عونًا في كلّ أمرك).
- وكوني له أمَة يكنْ لك عبدًا ( أي تفاني في خدمته يتفانى في الإحسان إليك).
- ولا تلحفي به فيقلِيك. ( أي لا تلحّي عليه في أشياء لا يودّها فيكرهك ويبغضك).
- ولا تباعدي عنه فينساك. ( أي كوني دائماً قريبة منه، مستعدّة لتلبية حاجياته).(31/139)
- إنْ دنا منك فادني منه ( أي إنْ كان منبسطًا ومنشرحًا، فاقتربي منه كما اقترب منك).
- وإنْ نأى عنك فابعدي عنه ( لعله يكن مهمومًا أو في شغل شاغل عنك فلا تشغليه بأمرك).
- واحفظي أنفه وسمْعه وعيْنه، فلا يشمّ منك إلا طيباً، ولا يسمع إلا حسنا، ولا ينظر إلا جميلا).
- وكوني كما قلت لأمّك ليلة ابتدائي بها:
خذي العفو مني تستديمي مودّتي ... ...
ولا تنطقي في ثروتي حين أغضب
ولا تنقريني نقرة الدّف مرّة ... ...
فإنّك لا تدرين أين المغيب
ولا تكثري الشكوى فتذهب بالهـ ... ...
ـوى فيأباك قلبي والقلوب تقلّب
فإنّي رأيت الحبّ في القلب والأذى ... ...
إذا اجتمعا لم يلبث الحبّ يذهب
قام هذا لشيخ الحكيم مقام الأم – لموتها- والأمّ أقرب إلى قلب البنت وأعرف.. فقدّم وصايا وتجارب عاشها الشيخ، وعاشتها الأجيال قبله، فكانت العيشة راضية والرّحلة هنيئة، والمسيرة حكيمة.
فالطاعة والانقياد تفجّر الإحسان في قلوب العظماء، وتستدني مودة وحلم الإنسان بينما الشّجار والعِصيان يدفع إلى مثله، فتستعصي العُقدة على الحلّ، بل تزداد تعقيدًا، والمصير قد يكون الهجر والانفصال.
وللتضحية من الجانبين شأنها من استدامة الحياة الزوجيّة، أمّا الأنانية والأثَرَة فلا تأتي بخير إطلاقًا، ولكن يحس كل من الزوجين بشعور الآخر، حتى يقول له: ( يا أنا) كما يقولون، فيكون التفاني من كل جانب لإسعاد الآخر، وينعكس ذلك بالتالي عليه غبطة وسرورًا.
ولبعض الزوجات عادات في الإلحاف والإلحاح، تنفّر الزوج حتى من أداء الواجب، وتدعوه إلى العِناد وعدم القيام به، أو القيام به على كُرْه.. فلو قلّ الإلحاف لصدر كل شيء بدافع ذاتيّ وعن طواعية واحترام.
وتُسرف بعض النسوة –أحيانًا- في البُعد عن الزوج والمنزل، ولا تُبالي بما يترتب على ذلك وتحسبه هيّنًا، ولكنّه حين يتراكم يترك أسوأ الآثار.
وسبحان مقلّب القلوب قبْضًا وبسْطًا– فالإنسان يضيق بمن يطارده وهو في شغل وهمّ ، ولا يتصف بذلك عادة إلا الذين لا يدركون من الأطفال و أشباهم، وإنْ كانت لهم جسوم الكبار- وقد تلبّي أمر الصغير وقتئذٍ، وقد يدعونا ذلك إلى الحِرمان تأديبًا له.
وغالباً ما تتألق النساء زينة وعناية بالمظهر واللّفظ قبل الزواج، أما بعده فكثيرات يُهملْن كلّ شيء، فتذبل المحبّة، وتضعف المودّة وكأنّما الزّينة وحُسْن الهندام والعناية للغرباء والأجانب أو من هم في الشارع، أمّا الزوج فلا عناية به ولا بشأنه والأمر بالعكس.. وإلا فتحنا له بابًا للمقارنة، وآخر للنظر، وثالث للتفكير المهلك والمردِي.(31/140)
ولئن سرّنا ذلك من أبٍ حكيم ناب مناب زوجه التي لحقت بربّها، فحمل رسالتها مع رسالته، فإنّا نسوق مثلاً آخر لامرأة لا تقلّ حكمة عن الرّجل السابق، إنْ لم تزدْ، لأنّها نفذت إلى بواطن الأمور، ولها إحاطة وشمول، وتبثّ المعرفة في صورة العِظة ممزوجة بالحكمة والتجرِبة.
يحدّث التاريخ أنّ الحارث بن عمرو ملك كندة تزوّج ابنة عوف بن محلم الشيباني فأوصتها أمّها ليلة زفافها إليه بقولها:
- أيْ بُنَيّة، إنّ الوصية لو تُرِكت لفضل أدب تركت لذلك منك، ولكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل.
- ولو أنّ امرأة استغنت عن الزّوج لغنى أبويها، وشدّة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عنه، ولكنّ النساء خُلِقْن للرّجال، ولهن خُلق الرّجال.
- أيْ بُنَيّة، إنّك فارقْت الجوّ الذي منه خرجْت ، وخلّفْت العشَّ الذي فيه درجْت إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملْكه عليك رقيبًا ومليكًا. كوني له أمة يكن لك عبدًا وشيكًا،
- يا بنيّة، احملي عني عشر خِصال، تكنْ لك ذخرًا وذكرًا:
- الصّحبة بالقناعة، والمعاشرة بحُسن السّمع والطاعة.
- والتعهّد لموقع عينه، والتفقّد لموضع أنفه؛ فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشمّ منك إلا أطيب ريح، والكُحل أحسن الحُسن، والماء أطيب الطّيب المفقود.
- والتعهّد لوقت طعامه، والهدوء عند منامه.
- والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله، فإنّ الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء على العيال والحشم جميل حسن التدبير.
- ولا تفشي سرّه ؛فإنّك إنْ أفشيت سرّه لم تأمني غدره، وإنْ عصيت أمره أوغرْت صدره.
- ثم اتقي – مع ذلك- الفرح إنْ كان ترِحًا، والاكتئاب عنده إنْ كان فرحًا ؛فإنّ الخصلة الأولى من التّقصير، والثانية من التّكدير.
- وكوني أشدّ ما تكونين له إعظامًا يكن أشدّ ما يكون لك إكرامًا.
- وكوني أشدّ ما تكونين له موافقة يكنْ أطول ما تكونين له مرافقة.
- واعلمي أنّك لا تصِلين إلى ما تحبّين حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك، فيما أحببت وكرهت، والله يخير لك.
ويحدثنا التاريخ أنها حُمِلت إليه، فعظُم موقعها منه، وولدت له الملوك السّبعة الذين ملكوا اليمن بعده.
فأيّ امرأة حكيمة وعظيمة هذه، وأيّ ابنة سامعة ومطيعة هذه!!
إنّها تشيد بابنتها في أوّل الأمر لتعظّم إليها نفسها وتكبر، وإنّ مفارقتها تعِز عليهم -لا شك في ذلك- لمنزلتها في الأسرة، ولكنّ عِمارة الكون تتم بامتزاج الذكر والأنثى، وتكميلهما لبعضهما.
ولنُدرة الطّيب ومشتقاته في ذلك الوقت.. ناب الماء عنه، فنعم الطّهور هو.
ثم تتوالى النصائح ذكيّة مضيئة وضيئة، سُلِكت في سلك منظوم، تعين على حُسْن العِشرة، ودوام الأُلفة، وتمكين الروابط والمودّة.. وتدفع كلّ ما من شأنه يكدّر الصّفو،(31/141)
ويزعزع البِناء، ويُنَمّي المُنَغّصات والمُزعجات التي تقصّر الأجل، وتعجّل بِفَصْم عُرى الحياة الزوجيّة.
فأين هذه الوصايا العاقلة، مما شاع وذاع واستشرى في دنيانا اليوم، من موروث جاهل، أو مألوف عابث، أو معتاد باطل، أدّى إلى فشل كثير من الزيجات أو جعل الملل يتخلّلها، وللمناكفات تعتريها، وقد تصل إلى المحاكم.. الخ.
فالمرأة التي نالت قِسطًا من الثقافة اليوم، لا تحاول إطلاقًا تنميته، والتزام العبرة منه أو التماس العِظة فيه، وتكون الثقافة حينئذٍ حجّة عليها لا لها ، وعامل استنامة وتثبيط.
وبعض من نلن درجات علميّة استكنّ إلى ذلك، ورُحْن يبحثن عن قضايا أملاها الوهم وسوء الفهم، كالطّلاق، وتعدّد الزوجات.. الخ. ولو تدبّرتها المرأة لعلمت أنّها قضايا كانت قبل الإسلام في منتهى القسوة والاستعمال السّيئ فهذّبها الإسلام وأصبحت – لو تدبّرتها المرأة- لعدتها من محاسن الإسلام وإحسانه إلى المرأة.
لقد كنا نؤمّل أنْ تكون كل تكتّلات النّساء، في جمعيّات الخير والبرّ والرّحمة، وكل ما من شأنه أنْ يخفف من صعوبات الحياة في المراحل الحرِجة التي تحياها أمتنا الإسلاميّة.
لقد احترم الإسلام المرأة عاملة في مجالها حين تُلجئها الحاجة، أو تضطرّها الظروف، وعلى المجتمع حينئذٍ صيانتها ورعايتها وتمكينها في عفّة واحتشام واحترام من أداء مهمّتها.
وقدّرها الإسلام صاحبة تجارة وصناعة ومهارة تغني النساء في مجالها وخبرتها.. واحترمها الإسلام عالمة ومثقّفة ونافعة، فالكلب المعلم 0 لا الإنسان فقط- نأكل صيده، ويحترم أكثر من غيره.
خير للمرأة أنْ تنسى وصايا ظالمة وجاهلة، مثل:
(قصقصي طيرك حتى لا يلوف بغيرك)، فتهلك نفسها وزوجها في تكديس شراء ما لا لزوم له، فتجني على الاقتصاد العام قبل الخاص.
وألا تسمع إلى من ينصحها بأنْ تغلبه بكثرة الخلف حتى لا يهرب.. ففي هذا قد يكون هلاكها وفراره.
وإذا أردنا أن تكون للمرأة حياة عزيزة كريمة – كما شاء الإسلام لها- فلنحاول أنْ نفهم وصايا الإسلام، من كتاب الله، ومن سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أفعال وأقوال الراشدين والحكماء، حتى ترتقي إلى المستوى الفاضل في الإنسانيّة الرشيدة، ويرتقي معها المجتمع.
ولا ننسى في هذا المقام أنْ نحذّر المرأة المسلمة مما يبهرها في حياة المرأة الغربيّة: فهي هنا تعيش في ضوء و وضاءة، ويحفظ لها الإسلام كرامتها واعتبارها كإنسانة في مكانة لائقة ومشرّفة.
أما المرأة في الغرب فقد شقيت وأشقت بما زيّن لها شياطين الإنس والجنّ، من مزالق وقعت فيها؛ فانسلخت عن أنوثتها، ولم تعدْ أنثى بكل معنى هذه الكلمة، وبالتالي لم تصبح جنساً آخر له كلّ المقوّمات والخصائص التي هي من شأنه، ومعنى آخر أصبحت بهذا الانسلاخ مسخًا مشوّهًا، وتبكي مصيرها، وتحسد الشرقيّة أو المسلمة(31/142)
من بنات جنسها، على ما تتمتع به من حفظ وكرامة وصِيانة ومكانة وفّرها لها الإسلام بتعاليمه، والشّرق بتقاليده، والرّجل بمهمته وشرفه وموروثه.
والله يقول الحق وهو يهدي السّبيل.
ـــــــــــــــــــ
في الصّيف ضيّعْتِ اللّبن !!.
فوزية الخليوي 15/6/1425
01/08/2004
كانت لمساته الحانية ومودته الباقية بلسمًا شافيًا لنفس الشابّة الوفيّة المكلومة في فقد عائلها تُعاني ألم الوحدة وقسوة الغربة!! فتهرع بإرسال قلادة من جزْع ارتدتها يوم زفافها هي ما تبقى لها من ذكرى طيّبة من والدتها المتوفاة!
فيرقّ والدها لرؤية القلادة! وكيف لا وهو أرحم الأمة- صلى الله عليه وسلم- ويطلق سراح زوجها، فيعود إليها ثم يفترق الشّمل من جديد!
تفضّلت الأيّام بالجمع بيننا ... ...
فلما حَمدنا لم تُدمنا على الحَمدِ
فجُدْ لي بقلب إذا رحلْت فإنّني ... ...
ُمخلّفٌ قلبي عند مَنْ فضُله ِعنِدي
وبعد سنوات طال أمدها في نفس الزوجيْن الشابّين كانا يقاسيان فيها لوا عج الفراق! يستيقظ المسلمون لصلاة الصبح وإذ بزينب تصدحُ عاليًا: إنّي أجرتُ أبا العاص!!
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل سمعتم ما سمعت؟
قالوا : نعم !
قال : والذي نفسي بيده ما علمت شيئا مما كان! حتى سمعت ، وإنّه يُجير على المسلمين أدناهم!!
ثم تسطّر إحدى النساء موقفاً رائعًا في الوفاء الزّوجي!
فعندما ُقدّم هدبة بن خشرم للقِصاص نظر الى امرأته فدخلته غيرة وكان أنفه قد جُدِع في الحرب! فقال :
فإنْ يكُ أنفي بان منه جماله ... ... فما حسبي في الصالحين بأجدعا
فلا تنكِحي إنْ فرّق الدهرُ بيننا ... ...
أغمّ القفا والوجه ليس بأنزعا
فقالت : قِفوا ساعة!!
ثم مضت ورجعت وقد قطعت أنفها ،فقالت : أهذا فِعْل من له في الرجال حاجة؟؟
فقال : الآن طاب الموت!
وكذلك فعلت نائله بنت الفرافصة زوج عثمان بن عفان بعد وفاته فدعت ب ِفِهْر َ ( حجر) فكسرت أسنانها!!
فهل بقيّة النساء بحاجة للتمثيل بأجسادهن ليُثبتن للزّوج صدق وفائهن ؟!
وما الحال مع الرجل ؟!
لماذا إذن تزاحمت الُمغريات أمام الرجل وقالت : هيْت لك؟
لماذا لا يتّخذ الزوج موقفا جاداً ! ويقول: إنها زوجي أحسنت مثواي ؟!(31/143)
لماذا يجعل حياة زوجيّة مليئة بالعطاء والودّ الزوجي في كِفة! مقابل كِفة من المُغريات الدنيويّة الزّائفة؟!
فعندما تصدم الزوجة بتخلي الزوج عنها بأيّ شكل كان!
تُظلِم الدنيا أمام عينيها وتتقافز أمامها صور عديدة مرّت بها مع شريك حياتهاكانت بمثابة إشراقات نورانيّة .
تمدُّها بالقوّة في زمن الضّعف !
وتمدُّها بالرحمة في زمن القسوة؟!
والمرأة العربيّة تُكِنّ للرجل عاطفة جيّاشة! فهي تمتثل للأمر الإلهيّ في قِوامته عليها!
وقيادته لسفينتها ! وقيامه بحاجاتها! ورعايته لأبنائها !
وكانت منذ العصر الأوّل تتداول هذه الطريقة وتحتفظ بها في غياهب مكنوناتها!! وقرارة جوفها !
فها هى حمْنة بنت جحش عندما نُعِي لها أخوها و خالها استرجعت ! واستغفرت ! ولما نُعِي لها زوجُها مصعب بن عمير : صاحت و وَلْوَلَتْ ؟! فقال الرسول صلى الله عليه وسلم " انّ زوج المرأة منها لبمكان"
فهذا الجزع والحزن الذي صورته هذه المرأة ليبيّن مدى الضّياع الذي تشعر به المرأة لفقدها حبيبها وعائلها وقائدها !
سواء بموته أو زواجه بأخرى أو إعراضه وجفوته لها !
ثم ما يلبث أنْ يقوى الألم وتشتدّ اللّوعة في نفسها وما تلبث أنْ تتهاوى تلك الصور الجميلة على مدى سنيّ حياتهما الزوجيّة!
ولا تلبث أنْ يعتريها اليأس وتأكلها الحسرة ويحُمّها البيْن و يجزعها الفِراق!
وكيف لها أنْ تتجلّد؛ وقد انطفأ ذلك النور الذي يبعثه شريك حياتها في قلبها !
فأصبح صلدًا يمزّقه الظّمأ!!!ويفلقه الهَجْر!!
ما أقتل البين للنفوس! وما ... ...
أوجع فقد الحبيب للكبد!!
ولقد كنت أعجب من أحوال بعض النساء وتقلّب أوضاعهن بعد تخلّي أزواجهنّ عنهنّ!! فسرعان ما تنقلب من مُحِبّة مشفقة إلى عدوّة متكبّرة !
فتهجر الزوج ! أو تطالب بالانفصال !
حتى قرأت تلك العبارة لمصطفى صادق الرافعي" كم من عاشقة متكبرة على من تهواه تصدّه و تباعده وهى في خَلوتها ساجدة على أقدام خياله تمرّغ وجهها هنا وهناك على هذه القدم وعلى هذه القدم!!
وعلمت حينئذ أنّه "كبرياء الأنثى"!!
حينئذ تثور فتسدّد له ضرَبَات من قلبٍ مكلوم وجرحٍ نازف!!
عذلٌ وبينٌ وتوديعٌ ومرتَحَلٌ ... ...
أيُّ العيون على ذا ليس تنهَمِلُ ؟
تالله ما جَلدِي من بعدهم َجَلدٌ ... ...
ولا اختزانُ دموعي عنْهُمُ بُخْلُ(31/144)
أما الوفاء من قبل الرجل فها هو يقف غاضبًا , مُزَمْجِرًا , عندما طلبت منه زوجته السابقة مستجدية بعض اللّبن!!
ليصدّها قائلاً : في الصيّف ضيّعْتِ اللّبن !
ـــــــــــــــــــ
شهر العسل
تهنئة من أم عمر 10/6/1425
27/07/2004
في البدء أقول لك : بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير وعافية ..
أخيتي : أرق التهاني بمناسبة زواجك، أدعو لك بالتوفيق الدائم ، أظنك الآن تعيشين أحلى أيام عمرك ـ جعل الله عمرك كله سعادة وهناء ـ .
كأني بك الآن تستعدين للسفر ، وها أنت تقومين بحزم الحقائب بسرعة وارتباك، هدئي من روعك فزوجك هو من أبناء أبي بكر وعمر، وأنت من بنات خديجة وعائشة ،ستعيشان بإذن الله حياة هانئة وسعيدة.
أود أن أذكرك بحمل كتاب الله فهو أنيسك في السفر وربيع قلبك ونور صدرك ...،لا بأس بحمل بعض الكتيبات والأشرطة الدينية.
أخيتي : كأني بك تأملين بسفر سعيد، وهذا لك بإذن الله إن حافظت على أورادك في الصباح والمساء وبعد كل صلاة لأنها حصنك الحصين.
لا تكثري من التفكير بأهلك، فهم سعداء بك إن سُعدت، ومسرورين إن سُررت.
عيشي مع زوجك كما يحب وكما تحبين.
اذكري له بعض القصص المفيدة والمسلية.
استمعي له بأدب وإنصات.
شاركيه الحديث، تحري أطايب الكلام وأحسنه.
وليس ذلك بالعسير عليك؛ فأنت مع صويحباتك البقة المؤدبة، وهو أولى منهن بذلك.
حفظكِ الله ورع
عفواً ... زوجي قادم
الآن قرب عودة زوجك، المنزل نظيف ومرتب، وأنتِ في أجمل زينة وأطيب رائحة.
ولكن فجأة يُدوِّي صوت الهاتف ليقطع ذلك السكون، تأتين إليه مسرعة أثناء انشغالك بالحديث مع إحدى قريباتك إذا بزوجك يدير المفتاح بالباب. إذاً لا بد من إنهاء المكالمة فزوجك الأهم، وليس هناك حرج من قولك: "عفواً زوجي قادم".
استقبليه بابتسامتك اللطيفة، صافحيه لكي تتحات الخطايا، وتزداد المودة بينكما.
ثم سارعي بتقديم كوب من الماء أو العصير ..
اعلمي أن تصرفك هذا سينزع عنه التعب والمشقة بإذن الله تعالى .
أيضاً سيشعر بالراحة والاطمئنان والدفء والأمان، فأنت حقاً الزوجة التي يسابق الخطا إليها، ويستبعد طول الطريق عنها.
على مائدة الغداء.
الآن قرب عودة زوجك، المنزل نظيف ومرتب، وأنتِ في أجمل زينة وأطيب رائحة.(31/145)
ولكن فجأة يُدوِّي صوت الهاتف ليقطع ذلك السكون، تأتين إليه مسرعة أثناء انشغالك بالحديث مع إحدى قريباتك إذا بزوجك يدير المفتاح بالباب. إذاً لا بد من إنهاء المكالمة فزوجك الأهم، وليس هناك حرج من قولك: "عفواً زوجي قادم".
استقبليه بابتسامتك اللطيفة، صافحيه لكي تتحات الخطايا، وتزداد المودة بينكما.
ثم سارعي بتقديم كوب من الماء أو العصير ..
اعلمي أن تصرفك هذا سينزع عنه التعب والمشقة بإذن الله تعالى .
أيضاً سيشعر بالراحة والاطمئنان والدفء والأمان، فأنت حقاً الزوجة التي يسابق الخطا إليها، ويستبعد طول الطريق عنها.
على مائدة الغداء.
زوجك الآن جائع، لتجهزي الآن طعام الغداء، احرصي على أن يكون الطبق الذي يحبه زوجك هو الطبق الرئيس على المائدة.
ولكن عليك بالتنويع فيه، وتعلم جميع أنواعه.
السلطة مفيدة ومهمة، ولكن تمل إن كانت على نمط واحد ، إذاً لا بد من التنويع ..
بالجملة عليك أن تبحثي عما يحب زوجك وما لا يحب، واحرصي على تحقيق رغباته، ولكن بشرط أن تطيبي نفساً بذلك، مع احتساب الأجر عند الله؛ لتكوني زوجه في الجنة أيضاً.
كما عليك أن تكون الكلمة الطيبة هي لفظك الدائم لتعتادي عليها فينفر أن يقول لك الكلمة النابية، بل يحرص على البحث عما يرضيك.
إن المرأة الصالحة هي زهرة الحياة وخير متاعها، فلقد قال صلى الله عليه وسلم : "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة".
إذاً استشعري نعم الله تجاهك، فهذه قدوتك أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قد صبرت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الفقر والجوع، حتى كانت تمر عليها الأيام الطويلة، وما يوقد في بيته عليه الصلاة والسلام نار، إنما كانا يعيشان على التمر والماء!.
ضيفٌ قادم .
دائماً أنت مستعدة لاستقبال الضيوف؛ رجالاً كانوا أم نساءً.
البيت نظيف، هناك بعض الحلويات في (الفريزر) ، إذاً ليس هناك داعٍ لحمل الهم، فقط عليك إظهار الابتسامة والسرور، لأنك حين تسرين بقدوم ضيفك يشعر وكأنه في منزله، فلقد دعانا ديننا الحنيف إلى إكرام الضيف، وقد ذكر في القرآن الكريم عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: (فما لبث أن جاء بعجل حنيذ).
أما إذا كان الضيف من الفقراء؛ فلقد ربحت أجر إكرام الضيف والصدقة على المساكين مع طاعتك لزوجك، كل ذلك في آن واحد، وهذا من واسع فضل الله ومنِّ وجوده.
استمعي إلى قصة أم الدحداح -رضي الله عنها- وكيف كانت مساندتها إلى زوجها وحبها للإنفاق.
لقد كان لأبي الدحداح أرض وفيرة في مائها، غنية في ثمارها، فلما نزل قوله تعالى : (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسناً).(31/146)
قال أبو الدحداح : فداك أبي وأمي يا رسول الله ، إن الله يستقرضنا، وهو غني عن القرض؟
قال : " نعم ، يريد أن يدخلكم الجنة به".
ثم انطلق إلى أم الدحداح وقال:
فقد مضى قرضاً إلى التناد ... ...
بيني من الحائط بالوداد
قالت أم الدحداح رضي الله عنها: ربح بيعك، بارك الله لك فيما اشتريت.
ثم قالت:
مثلك أدى ما لديه ونصح ... ...
بشرك الله بخير وفرح
اهتمام العروس بملابس الزوج
كوني حريصة على غسل ملابسه أولاً بأول.
اجعلي العود والعطور تنبع منها.
أما حين يريد تبديل ملابسه سارعي بنقل ما بداخل ملابسه المتسخة وإدخالها في ثوبه النظيف كلٌّ في مكانه.
جهزي بعض المناديل وضعيها في جيبه، ثم نظفي سواكه وقدميه له.
أما حين يريد الاستحمام؛ جهزي له ملابسه واجعليها قريبة منه.
اجعلي أشياءه الخاصة في علبة أو درج مخصص لذلك.
احتسبي الأجر في كل عمل تعمليه.
لقد عظم الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر طاعة المرأة لزوجها في قوله: "لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظيم حقه عليها".
زوجك سيسافر
ها أنت تجهزين حقيبة زوجك، شعورك بالفراق صعب للغاية، لم لا تسجلي ذلك في ورقة صغيرة
"يا من يعز علينا أن نفارقهم وجداننا كل شيء بعدكمُ عدمُ"؟
ضعي مصحفاً صغيراً في حقيبته، وكذا بعض الكتيبات الدينية والثقافية.
عليك بأن تشعريه بما ينتابك من أحاسيس ومشاعر تجاهه، اطلبي منه أن يدعو لك في سفره فدعاء المسافر مستجاب، ودِّعيه وكلِّك أمل بعودته سالماً غانماً.
ثم اذكريه في غيبته بخير ما تذكر به امرأة صالحة زوجها، فلقد روت أسماء بنت يزيد رضي الله عنها: مرَّ بي النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا في جوار أترابٍ لي، فسلم علينا وقال : "إياكن وكفر المنعمين".
تقول : وكنت من أجرئهن في مسآلته، فقلت : يا رسول الله ، وما كفر المنعمين ؟
قال : "لعل إحداكن تطول أيمتها بين أبويها ثم يرزقها الله زوجاً ويرزقها منه ولداً، فتغضب فتكفر؛ فتقول : ما رأيت منك خيراً قط ".
زوجك عائد من سفره
شعور غريب ينتابك هذا اليوم، فهم مختلج بين الفرح والهيبة، نظفي بيتك وغيري في تنسيقه، جهزي الطبق الذي يحبه.(31/147)
ثم اهتمي بنفسك وتجملي له كأجمل عروس في الوجود.
استقبله بالبخور والعود.
سجلي له بعض الكلمات سواءً الشعرية أو النثرية كتابة؛ لتعبري عن شعورك نحوه وعن اشتياقك له، ثم قدميها إليه في أبهى حلة.
زوجك مريض.
ماذا حدث ؟!
زوجك مريض!
لا بأس طهور إن شاء الله.
ثقي تماماً بأنه سيشفى من مرضه ويخف ألمه حين تكوني الزوجة الحنون والممرضة الرؤوم.
اسأليه عما تشتهيه نفسه، وقدميه له مع كلمة طيبة ونفس راضية وابتسامة لطيفة .
امسحي على رأسه ثم ضعي يدك على الموضع الذي يؤلمه، واقرئي عليه الأذكار الواردة في الرقية.
ثم قولي له: اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، اهتمي بشأنه، وجهي إليه بعض الأسئلة التي تدل على اهتمامك به؛ كأن تقولي: لم لا تأكل ؟ لم لا تريح نفسك ؟.
هي كلمات فيها معاتبة ولكنها محمودة.
احرصي على تقديم الدواء له في حينه، وذكريه بالتسمية وطلب الشفاء من الله.
وماذا بعد أن يشفى؟
بعد شفائه؛ هنئيه بذلك، ولا بأس بعمل حفلة بسيطة، وكتابة بعض عبارات التهنئة، والسؤال بدوام الصحة والعافية.
ولكن لا تكرري هذا الفعل بعد كل مرض حتى لا تكون بدعة مستحدثة.
المنزل المتجدد
المنزل يحتاج إلى تنظيم آخر.
اجعلي التغيير في ترتيب الأثاث يتم كل أسبوع أو كل شهر على الأقل، من الممكن نقل ذلك المنظر إلى مكان آخر.
أيضاً تلك الزهور حين تنقل إلى الغرفة الأخرى تبدو بشكل أجمل.
من الممكن أيضاً إضافة لوحة جميلة بخط يدك ولو برسم بسيط، حتى وإن كان الرسم على لوحات صغيرة؛ فإنه سيضفي على الغرفة رونقاً آخر.
أما إن كنت لا تجيدين الرسم فلا أرى أن هناك مانعاً من نقل رسومات الآخرين ثم إضافة لمساتك عليها.
اجعلي النظافة هي الميزة لمنزلك.
والرائحة الطيبة هي المنبع لبيتك.
لقد اختلفت الآراء
لك رأي ولكنه في هذه المرة قد خالف رأي زوجك، لا بأس من التنازل؛ فالدنيا لا تساوي شيئاً أمام رضى زوجك.(31/148)
لا تنسي أن له القوامة، فقد قال تعالى : (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم).
إذاً ما المانع من قبول رأيه، كما أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
ثم بادري بقول: الحمد لله على كل حال.
ثم ابحثي عما يرضي زوجك، فلقد قال أبو الدرداء -رضي الله عنه- لامرأته : "إذا رأيتني غضباً فرضيني، وإذا رأيتك غضبى رضيتك، وإلا لم نصطحب".
وأكثري أخيتي من الاستغفار؛ فلقد ذكر الله تعالى على لسان نوح عليه السلام : (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً * يرسل السماء عليكم مدراراً * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً)
ثم عليك بكثرة الدعاء والإلحاح فيه، واسألي له الهداية والتوفيق والسداد، فهو من يستحق أن يُدعى له، لأن في صلاحه صلاح لحالك وسعادة لحياتك.
ثم أوصيك بترك المراء وإن كنت على حق لتنعمي ببيت في ربض الجنة، وهذه بشرى عظيمة لك.
استمعي معي إلى هذا الحديث عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه؟.
محبة أهل الزوج
أهل الزوج هم أهلك حين تجعلين والدة زوجك كأمك، ووالد زوجك كأبيك، وأخواته كأخواتك.
تذكري دائماً ما لقياه من تعب وعناء في تربيته وتنشئته حتى وصل إليكِ، فلماذا لا تردين الجميل بالجميل؟!.
والداه قد كبرا في السن، فهما يحتاجان إلى معاملة حسنة لطيفة، قبِّلي رأسيهما كلما قدِمت إليهما، واستفسري عن أحوالهما باهتمام بالغ وحرص شديد، وليس كروتين دائم.
لم لا تحملين معك طبقاً من الحلوى أو غيرها حين ذهابك إليهم؟ فقد قال صلى الله عليه وسلم : "تهادَوا تحابوا".
احرصي على تقديم المعروف حسِّياً ومعنوياً.
أكثري من الاتصال بهم ومتابعة أحوالهم، ودعوتهم إلى القدوم إلى بيتك ليشعروا بقربك منهم.
اجعلي العفو والصفح سمة من سماتك، فلا تتعقبي الزلات والأخطاء، فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
مُصاب الزوج
أما إن أصيب زوجك بمصيبة لا سمح الله، فأحسبك الزوجة الصالحة الحنون الصبورة الرزينة العاقلة التي تقاسمينه أعباءه ومسؤوليته بنفس راضية وقلب محب ومشفق.
ولك في أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها أسوة حسنة.(31/149)
انظري إلى موقفها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين جاءها خائفاً بعد نزول الوحي وهو يقول : "زمِّلوني ، زمِّلوني" فزمَّلته حتى ذهب عنه الروع.
ثم قال لها وأخبرها الخبر : "لقد خشيت على نفسي".
فقالت : "كلا والله، لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق".
إن هذا يدل على عظم الثقة وشدة التفاهم، ثم تهوين الأمر وإزالة الوحشة واللفظ الندي والكلمات العذبة التي تجعل الشدة برداً وسلاماً.
لذا كان فراقها أمراً صعباً على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فسمي العام الذي توفيت فيه عام الحزن..
ولقد كان يحن لذكراها ويصل رحمها ويكرم صديقاتها.
لا تكوني مثلهن ..
ومن تلك الأخطاء :
1- ـ مقارنة الزوج بالآخرين :
(زوجي لم يقدم لي هدية يوماً ما ..، زوجي لم يسافر بي هذه الإجازة على عكس صديقاتي .. ".
هذه العبارات كثيراً ما تتردد على ألسن البعض من النساء هداهن الله.
احذري أن تقارني زوجك بالآخرين، فلكل شخصية تميزه وظروف تحكمه.
لذا عليك بصرف النظر عن الغير، ولتعيشي حياتك كما هي، فحتماً هناك أمور تؤنسك غير هذه التي تؤنس غيرك، فاحمدي الله دائماً، واتجهي إليه بالشكر لتدوم لك النعمة.
2 ـ عدم إعطاء الرجل حقه من التوقير:
احترام الزوج فرض واجب، ولكن تلك المرأة تغفل هذا الأمر؛ بل ليس له مكان في شخصيتها، إنها تعامله كما تعامل أخيها الأصغر سناً، تريد منه أن يقوم بخدمتها في أسرع وقت، وتغضب إن رفض لها طلباً.
أخيتي:
أين أنت من فاطمة -رضي الله عنها- التي كانت تطحن وتخبز وتعلف الدابة دون سخط أو تضجر، استعيني على قضاء حاجاتك بالله تعالى، فهو المعين لكل شدة، والمفرج لكل كربة.
3 ـ عدم الإحساس بالجميل:
مهما قدم إليها لا تشعر بقيمته، فهي دائمة التضجر والجزع، وتتوالى عليها محاسن زوجها ثم حين يزلُّ يوماً ما تنسى ذلك الجميل، وتتناسى ذلك الإحسان.
أنصحك بأن تجعلي جميل زوجك ومحاسنه أمام عينيك دائماً وأبداً، وأن تمسكي نفسك حين الغضب، أما إن حدث؛ فعليك بالاعتذار فوراً.
4 ـ بيتها من زجاج:
فما يحدث في الداخل حتماً ستنشره بين الناس ، فليس هناك أسرار عندها.(31/150)
فعليك أن تحفظي أسرار زوجك وجميع ما استأمنك عليه، فلقد ورد عن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود؛ فقال: "لعل رجلاً يقول ما فعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها".
فأرم القوم، فقلت : إي والله يا رسول الله ، إنهن ليفعلن وإنهم ليفعلونه.
قال : "فلا تفعلوا؛ إن ذلك الشيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون".
5 ـ الغيرة في غير محلها:
البعض من النساء هداهن الله شديدة الغيرة على زوجها، فلو أطال الحديث مع أمه لأقامت الدنيا ولم تقعدها، ولو استشار أخته في أمر معين لاستشاطت غضباً ولو .. ..
مهلاً أخيتي..؛ فالقلب يحوي الكثير من الحب والتقدير لك ولغيرك، فلا تظني حين يفعل ذلك أن سينقص من قيمتك أو سيحط من قدرك.
6 ـ اعتقاد أن المحبة تكون قبل الزواج:
كثيراً ما تخدعنا وسائل الإعلام بأفكار خاطئة، منها: أنهم يشترطون للزواج أن يسبق بمحبة وتعارف، ولو رجعنا إلى كتاب الله تعالى في قوله : (وجعل بينكم مودة ورحمة) لعلمنا أن المودة لا تشترط أن تبسق الزواج؛ لأن (جعل) تفيد التحول من حال إلى حال.
وهذا يحدث بعد أن تتم المعاشرة وتعرف الطبائع والصفات ويحصل الأمن والألفة بينهما.
فحين تضع الفتاة في مخيلتها أنه لا مودة حقيقية إلا بعد الزواج؛ لما تركت زوجها من أجل أنها لا تشعر بمحبة له؛ بل ستحاول زيادة تلك المحبة والمودة بزيادة مسبباتها.
7 ـ عدم الاهتمام بالأهل:
جلُّ همها رضى زوجها، متجاهلة أن رضاه يكمل بحسن معاملتها لأهله.
والمؤمن الحق حسن الخلق مع الناس جميعاً، ومن أولى الناس بحسن الخلق بعد الزوج هم أهله؛ بل إن هذا يزيد من رضاه ومحبته، فاحرصي -حفظك الله- على تقدير أهله واحترامهم؛ لتكسبي ود زوجك.
خاتمة لا بد منها
قال تعالى : (فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا).
إن الله تعالى جعل الزواج سنة عظيمة، وأوجب بين الزوجين حقوقاً، عليهما مراعاتها والحفاظ عليها، لتدوم السعادة ويعم الهناء.
أما حين يزلُّ أحدهما في جانب، أو يخطئ جانب آخر؛ فالعفو والصفح هو السمة والشعار لهما، وأي صفح هو ؟!
إنه الصفح الجميل عملاً بقوله تعالى : (فاصفح الصفح الجميل).
نعم إن من يعمل بكتاب الله يهنأ ويسعد في الدارين؛ لأنه تخلق بأخلاق القرآن وآدابه.
نسأل الله أن يسعد كل زوجين في الدنيا والآخرة، وأن ينفع بهذه الأقوال قارئها وكاتبها.
ـــــــــــــــــــ
وصايا ليلة العرس
شيخة القريني 10/6/1425(31/151)
27/07/2004
1- العروس
أهم ليلة في حياة الفتاة هي هذه الليلة فيا ترى كيف تستقبل الفتاة هذه الليلة ؟ وما شعورها فيها ؟ وما هي الاستعدادات التي تقوم بها الفتاة لهذه الليلة؟.
الحقيقة الحديث عن تلك الليلة حديث ذو شجون, تميل إليه النفس لما في تلك الليلة من المشاعر والطرائف والعجائب.
يبدأ الاستعداد من كافة الجوانب لهذه الليلة قبل قدومها بفترة تختلف من فتاة لأخرى، لكن دعونا نفتح صفحة من صفحات حياة تلك الفتاة المثالية، التي تقرّ عين كل رجل إذا رُزق بمثلها.. فتاة رزقها الله الجمال خلقاً وخُلُقاً.
- أقبلت على هذه الليلة وقد تزودت بالعلم الذي ينفعها في دينها ثم دنياها.
- ما فتر لسانها عن الدعاء والذكر؛ لعلمها بأنّ الذكر سبب لإطمئنان القلوب.
- وضعت لنفسها موعداً مع من اتفقت معها لتزيينها لزوجها بعد صلاة العشاء, بعد أن تؤدي فريضة الصلاة، وبعد أن تصلي الوتر. فمن الفتيات -هداهن الله- من قد تتهاون هذه الليلة في الصلاة؛ فقد تؤخر صلاة العشاء, أو تجمع بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تقديم؛ بل قد تصلي وتجعل لنفسها الأعذار الباطلة، وما علمت أن ذلك محرم!.
- لم تعمد إلى ما عمدت إليه بعض النساء من نمص الحواجب( تلك الكبيرة من كبائر الذنوب التي استهين بها -والعياذ بالله-)؛ لعلمها بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله النامصة والمتنمصة".
- رفضت الموسيقى بأي شكل من أشكالها ابتعاداً عمّا يغضب خالقها, رفضت أن تعكر صفو ليلتها الإيمانية؛ لعلمها يقيناً أن من الممكن أن يفرح الإنسان في طاعة الله، وليست الفرحة بمعصية الله وارتكاب الذنوب والمعاصي, ولفقهها في دين الله؛ فهي تعلم أن المعاصي والذنوب لها شؤم؛ ومن شؤمها عدم استجابة الدعاء, وعدم التوفيق, وضيق الرزق....
- كلما شعرت بالهم والإرتباك أكثرت من الاستغفار فمن لزم الاستغفار جعل الله له من كل همّ فرجاً, ومن كل ضيق مخرجاً, ومن كل بلاء عافية, ورزقه من حيث لايحتسب.
- اتفقت مع عريسها على الذهاب أولاً لمكة المكرمة لأداء العمرة، ومن ثم السياحة في ربوع المملكة الغالية التي ميّزها الله عن غيرها بالأمن والأمان.
ترى من كانت هذه بدايتها؛ فكيف ستكون حياتها الزوجية؟ ستكون بالفعل حياة ناجحة لتحقيق العبودية لله -عز وجل- وحده لا شريك له, حيث لم تعبد هواها ولا شيطانها, ولم تستمع لكل ناعق يريد الضلال والإضلال.
2- لباس المرأة في حفلات الأعراس.
إن مما يدمي القلب ويدمع العين ما وصل إليه لباس المرأة في حفلات الأعراس.
فأصبحت حفلات الأعراس أماكن تتنافس فيها النساء.. أيّهن تبرز وتتقدم على غيرها بما تبرزه من مفاتنها, وتظهره عارياً من جسدها.(31/152)
فهناك القصير الذي قد وصل إلى نصف الفخذ -والعياذ بالله-، وهناك الشفاف الذي لا يكاد يستر شيئاً مما تحته، والضيق الذي قد ضاق حتى يتساءل المرء: كيف استطاعت لبسه؟! نسأل الله العافية والسلامة.
بل والأدهى والأمر ما وصلت إليه فتياتنا من ضعف الإيمان الذي أوصلهن إلى التشبه بفرعون -والعياذ بالله- وهو ما يسمى بالكتف الفرعوني؛ كما تنافست النساء في اللباس الهندي الذي يظهر فيه البطن والظهر (هدى الله نساء المسلمين لما فيه صلاحهن).
إن المتأمل في حال بعض نساء هذه الحفلات -وليس كلهن لأن هناك من كساها الرحمن أبهى حلل الحياء؛ فسترت نفسها ولم يُنقص ذلك من جمالها شيئاً- إن المتأمل ليتألم ويحزن على هذا المستوى والجهل الذي وصلت له عقول بعض النساء في هذا العصر، حين نسوا، بل تناسين حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "صنفان من أهل النار لم أرهما ...وذكر منهما :نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنّة و لا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا" رواه مسلم.
وقال في حق الكاسيات العاريات: "العنوهن فإنهن ملعونات".
إن المسؤولية في هذا الأمر تكون على:
- المرأة والفتاة نفسها حين تنزع جلباب الحياء منها؛ فتلبس ما لا يرضي الله, وهذا يدل على ضعف الإيمان، وعدم استشعار الرقابة ونسيان الموت والقبر والحساب والجنة والنّار، والغرق في شهوات الدنيا -نسأل الله أن يتجاوز عنا وعن المسلمين-.
- الأم في تضييعها للأمانة الملقاة على عاتقها، والتي ستسأل عنها يوم القيامة؛ ففي الحديث "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته"، ومن حقوق الرعية تربيتها على التقوى والصلاح.
- الرجال والآباء في مراقبة لباس الزوجات والبنات والأخوات, فالغيرة تكاد تموت في بعض القلوب إن لم تكن قد انتهت وفقدت فيها.
- أصحاب المحلات التجارية حين جعلوا من أنفسهم مفاتيح للشر في بلاد المسلمين، وفي الحديث "شر الناس من كان من مفتاحاً الشر مغلاقاً للخير"؛ فيا أيها التجار وأصحاب المحلات التجارية لاتكونوا عوناً للشيطان على أخواتكم المسلمات، واعملوا وفق قوله سبحانه: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)
ـــــــــــــــــــ
هُمُومُ الزّوْجات
مشعل العتيبي 1/6/1425
18/07/2004
أتساءل كثيرًا عن زوجات مكتويات بنار أزواج لا يخافون الله ولا يبالون بعاقبة الظلم!(31/153)
أتساءل متعجّبًا عن مدى تحمل تلك المحرومات ،اللواتي يكابِدْن الألم والحسرة في بيوتهن، وهن حريصاتٌ على ألا يعلم أحد بما يجري في بيوتهن ، أو يحسّ بمصابهن من أهل أو جيران أو حتى أبناء !
نساء ابتلاهُنّ الله بأزواج مدمنين على المسكرات من خمور وحشيش وغيرها من السموم التي يتعاطونها؛ ليفقدوا بذلك عقولهم وإنسانيّتهم ويهربوا من مجتمعهم، ليصبّوا ويلات سكرهم على زوجاتهم المسكينات الصابرات المداريات ، وعلى أبنائهم الأبرياء!
كنت أسمع عن الكثير من الزوجات اللّواتي يشتكين ويتألّمن لوضعهن ، فهن صابرات محتسبات على ما ابتلاهن الله به من ذهاب مؤقت لعقول أزواجهن ، أولئك الأزواج الذين يدفعهم ضعفهم، وأنانيّتهم، وقلّة دينهم إلى التخلي عن أسرهم من أجل سويعات يلهون بها مع الشيطان وأدواته !
تقول إحدى الأخوات في رسالتها : ( في كل يوم أعاني الحسرة والألم وأنا أرى زوجي وقدوة أولادي انتبذنا؛ ليخلو إلى مكانه الذي اعتاد عليه ليتعاطى الخمر ويقلب ليلنا جحيمًا ، وأنا أحاول دائمًا أنْ أُغطّي عليه؛ فلا يلحظ أبناؤنا التغّير الذي يعتريه ، ولكن بعد أنْ افتضح أمره بدأت أوصي أبنائي ألا يحكوا شيئاً مما يرونه لأقاربنا، أو أصحابهم فيفتضح أمره، وتقلّ هيبته، ويفقد احترامهم ؛ فيفقد أبنائي ثقتهم بأنفسهم ، وأنا حريصة كل الحرص على ألا يشعر أحد من أهلي بوضع زوجي المزري حتى لا يؤثر ذلك على مكانته عندهم ، ولكنّ حرصي هذا، وتكتمي سيدفعني في يوم ما إلى الجنون أو الانهيار ، فما عدت أطيق هذا الوضع حتى أصبحت أخشى على أولادي منه!
أنا محتاجة فعلاً إلى أحد أبثّه همومي ومعاناتي ، أحد بعيد عني لا يعرفني، أصارحه دون خجل، أو خوف؛ فيسمعن، وينصحني، ويصبّرني دون أنْ ينظر في يوم من الأيام إليّ أو إلى أبنائي بعين الشّفقة، وإلى زوجي بعين الازدراء!!
مساكين هؤلاء النّسوة ، وكان الله بعونهن؛ فهن يعشْن بين نارين تأكل من شبابهن وصحتهن ، فهن ما بين حال أزواجهن المتضعضع، وبين خوفهن من أنْ يُفتضح أمره؛ فيوصم اسمه واسم أولاده بما قد يسيء إليهم .
النساء اللواتي يكابدْن هذا الوضع...، أزواجهن في النّهار من أعقل الناس وأكثرهم هيبةً، وأحسنهم رأياً وقولاً ، ويحتلّون مناصب، ومراكز لا تليق إلا بالأكفاء الصالحين الناجحين من هذا المجتمع ، وفي الليل ينقلب حالهم فيتحول ذلك الرجل العامل المثقف إلى حيوان وضيع بلا عقل ، روحه معلقة بلحظات النشوة التي تتبع الكأس الذي يشربه ، أو الحشيش الذي يدخّنه يداري على نفسه في بيته حتى لا يفتضح أمره، وتهتز صورته، ليبتلي أبناؤه، وزوجته بفضائح سُكره .
وهذه فتاة أخرى تشتكي والدمع يقطر من عينيها ، والكلمات تعجز عن وصف ما ترى وما تسمع . كدت أصعق من هول ما قالت ، وليتها ما قالت . قالت وليتها سكتت! قالت كلمات يندى لها الجبين ، ويشفق لها القلب!
فهي تعيش مع زوج خائن، لا يعرف للحقوق الزوجيّة شيئاً، ولا يقيم لها وزنًا ولا قيمة . تقرأ زوجته من خلال جوّاله، رسائل جنسيّة فضائحيّة من صديقاته ، والطّامة(31/154)
الكبرى أنهن يتّصلن به؛ ليتبادلن معه عبارات الغرام، والحرام، و البغاء، والشّقاء، والتّيه، والضّياع .
ولا حول ولا قوة إلا بالله . هل وصل الحال إلى هذا ؟ والمرأة صابرة ومحتسبة ، بل وتدعو له آناء الليل وأطراف النهار بالهداية والصلاح . على الرغم من أنّه زوج فاضل و خلوق، ولكنه أرخى لشهوته العِنان، فصارت تسبح في الأرض والفضاء ، تعانق بغايا النساء، ولا تخاف من ربّ الأرض والسّماء .. محادثات شيطانية ، ومعاكسات مسعورة ، وتهييج للشّهوة ، واتباع للهوى والنفس الأمارة بالسّوء!
وكثيراً ما يقول لها دعيني وشأني ، وابحثي عن غيري ، فمن ضعف إيمانها انغمست في الكبائر والشهوات .
أما زوجها فلقد أخذت الخمرة عقله ، واستأسدت على شهوته، ووقته، وماله، وصحّته، وحياته، ، بل ودينه.
ولقد ضبطته متلبسًا يكلّم فتاة مدّعياً أنّه أستاذ بالجامعة ، والمضحك والمبكي في آنٍ واحد أنًه كان يعاكس إحدى زميلاتها!!
هذه المرأة ابتليت بهذا الزوج الخائن ،والمصيبة أنّ لديها منه بنتًا، فكيف تطلب الطلاق منه ؟! ثم إنّه حسن الخلق والتعامل ، ويبادلها المحبّة والإخاء ، والشعور المتبادل ولكن يقول: إنّ الشّيطان ( شاطر) وهؤلاء النّسوة الشّيطانات ( أشطر ) ويزعم أنّه ليس بينه وبينهنّ سوى الكلام ، والمحادثات الهاتفيّة ، والرسائل القصيرة عبر الجوال وقد يحدث اللّقاء ولكنه لا يهتك عِرضًا -هكذا زعم - والعلم عند الله .
هذه المرأة تعيش أتعس أدوار حياتها ، فهي بين فكي كماشة ، وأمرين أحلاهما مرّ: إمّا الطلاق والفراق أو تبقى الأسرة في شِقاق . مع هذا الخائن .. إنّه يعترف لها بجرمه .. ويتألّم بشدّة لما يصدر منه ، ويبكي على ذلك ، ويعدها بألا يعود .. ولكنه يعود ويعود و يعود؛ حتى أدمى قلبها ، وأصبحت لا تطيق أنْ تجامله .. وإذا كلّمها بأيّ كلمة ، تقول في نفسها وداخل قلبها: أيّها الكاذب المنافق ، كم من امرأة ب في اليوم تسمع منك هذه الجمل! حتى أصبحت لا تطيق النّظر إلى وجهه ، وكأنّ هناك حاجزًا كبيرًا يحول بينهما. فيا لها من حياة لا تُطاق!
وذلك الرجل الذي رأيته منذ أيام يطارد زوجته في الشارع، وخطف أطفالها منها وحملهم معه في سيّارته وقد كانت مع أطفالها في (الليموزين)وتركها في سيّارة (الليموزين) وحدها.
وهرب بالأطفال من منتصف الطريق! ما هذا الذي يجري ؟
زوجة أخرى تحكي أنّ زوجها قد طلّقها، لكنه لا يفارق باب العمارة، في حِراسة مستمرة على الباب؛ ليعرف أين تذهب؟ وأين تغادر؟ ويهدّدها بأطفال في سن الحضانة .
وأمّا حال هذه الزوجة إذا تحجّبت قال لها زوجها: أنت مثل القرد ،و أهله يعينونه على الإثم والعّدوان، ويقولون لزوجته : أنت عجوز.. أنت قبيحة.. أنت كبرت، استهزاء بالحجاب؟!
وهذه زوجة قد أمهلها زوجها ثلاثة أيّام لتكشف وجهها أمام إخوانه، وإلا فإنّه سيطلّقها إذا رفضت، وهو لا يدخل بيته، ولا ينام معها؛ حتى تنتهي المُهلة.(31/155)
أقول: هذا قليل من كثير ...
فماذا بعد هذا ؟! إلى متى أيّها الأزواج ؟ إلى متى يستشعر هذا الزّوج المسؤولية، ويقدر المعنى الحقيقي للزواج؟!
ـــــــــــــــــــ
حقائب الشوق والشجن!
نوره بنت سلمان الخاطر 2/5/1425
20/06/2004
يعود من سفره الطويل .. يجر خلفه حقائب تفيض بالآلام والمواجع يقضم أظافره ندماً على الشباب الجميل الذي أفناه في لذائذ ومتع تزيد على ما تحتمله نفسه المسجونة داخل نفسه .. التي طالما حملها فوق طاقتها ليرضي فلان وفلان من الناس .. تلوح له صورته قبل عشرين سنة من الزمن المبحر في مياه الغرور المتلاطم كل من كان يدعوه للسفر كان يطاوعه؛ فقد كان يمتلك كل مقومات الشخصية الجذابة كان لديه الثراء ولديه الروح الخفيفة الحلوة والقدرة على كتمان السر ويتميز بالأمانة والقامة الفارهة وموهبة إلقاء الطرائفكان يبهج ويدخل السرور على قلب كل من يراه..
كان لديه المال الكافي للسفر والترحال في أرجاء الأرض .. والسفر يحتاج إلى رفيق وكان هو الرفيق وكان هو الضحية ..
الآن في صحبة هذه الكسور التي لا تجبر وهذه الانكسارات التي تملأ نفسه يفقد كل الرغبات في الحديث غير أن لحناً قديماً يلوح له من بعيد.. استدعته الذاكرة بغرابة:
لا تعذليه فإن العذل يوجعه ... ...
قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه
نعم كانت تقول له كلاماً جميلاً مقنعاً .. ولم يكن يسمع أو يقتنع .. كان صوتها يزعجه كصرير الجنادب .. إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى البصائر .. كان يصر ويستكبر استكبارًا عن سماع نفثات صدرها المشتعل بحبه ودموعها المنحدرة على وجنات كالورد قبل أن تذبل تحت لفح المعاناة وجحيم الانتظار .. انتظاره هو.. نعم هو من جعل من حب ذاته رمزاً يتفوق على كل حب وبطريقة قاتلة أحب ذاته أو ظن أنه يحبها .. حيث منحها كل ما كانت تتوق له وكل ما تطلبه لم يقل لنفسه مرة واحدة: "لا .. كفاك شرهاً .. أفيقي ..". لم يكن يعلم كيف يتحدث إلى نفسه برفق .. ومحبة .. لقد أحبها لدرجة أنه ملأها بالموبقات والآثام ولم تكن تستحق ذلك منه أبدًا .. كان الأولى به أن يعرف نفسه وأي فتى رائع جميل ذكي موهوب هو .. ولكنه لم يعرف ولم يعطي أحدًا يحبه فرصة تعريفه بنفسه واكتشاف مواهبه .. ربما لأنه تعرض للنقد الدائم المتكرر في صغره ممن أحبوه .. لذلك لم يعد يجدي معه نقد أو انتقاد ربما .. الآن يقلب صفحات فكره يفتش عن الأسباب التي دفعته يرتكب حماقاته فلا يجد غير ذلك اللحن الحزين يشتعل في وجدانه فكأنما يسمعه لأول مرة :
جاوزت في لومه حداً أضر به ... ...
من حيث قدرت أن اللوم ينفعه(31/156)
يا لهذه المعرفة التي جاءت متأخرة جداً .. الآن وقد أوشك العمر على حزم أمتعة السفر .. الآن يعرف أنه كان مخطئاً .. ليس ثمة قيمة للمعرفة .. في هذا الوقت .. ليس من هاجس يراوده الآن غير مفردات: ليت ..، لو ..، ليتني فعلت كذا ..، ولو أنى لم أفعل كذا ..، ليت العمر يرجع للوراء عشرين سنة ..، لو أن العمر عاد يا ترى .. هل أكون إنسانًا مختلفًا، أم سأكون كما أنا؟! .. ليت مركب الأيام يرجع بي في حركة دوران عكسي .. وأنا أحمل ذات التجارب التي أعلمها الآن وليس ذلك الشاب الطروب النزق .. آه لو أني أعود لذلك الزمن .. ذي السنوات الخضراء .. ولدي عقلي هذا الذي صقلته التجارب حتى صار خبيراً في شؤون الحياة . العقل.. أتراه هبة تولد معك، أم هو صناعة التجارب .. والاحتكاك ومعاصرة الأحداث المؤلمة؟ تعطيكها الأيام بعد أن تدفع لها ثمناً غالياً وغالياً جداً .. لقد قسا على نفسه الآن حيث لا جدوى .. غير أن اللحن القديم يدق نوافذ الذاكرة .. كالطائر مهاجرًا يعود:
استعملي الرفق في تأنيبه بدلاً ... ...
من لومه فهو مضنى القلب موجعه
يضم ما تبقى من نبضات قلبه بين أضلاعه .. ويغلق جفنيه على وجع اللحن ويغفو على وسادة الندم.
أتراه يولد الآن؟
ـــــــــــــــــــ
الزواج الجماعي دعوة للعفاف
الرياض:عز الدين فرحات القاهرة:هدى السيد عمان:هيام ضمرة 24/4/1425
12/06/2004
الزواج من السنن الإسلامية التي شرعها الإسلام لمقاصد سامية، ولتحقيق غايات عظيمة جليلة، منها: أنه وسيلة من وسائل العفاف والإحصان، كما أنه سبب لبقاء النوع البشري والإنساني. والزواج ـ بلا شك ـ وسيلة إيجابية لتحقيق الأمومة والأبوة وصناعة الأجيال المتلاحقة لإقامة المجتمع المسلم، وقطعًا هذه الأهداف وتلك الغايات السامية تختل وتضطرب إذا انتشرت العنوسة وتعطلت مسيرة الزواج.
وبنظرة سريعة على بعض الإحصاءات الرسمية حول نسبة الفتيات غير المتزوجات في بعض الدول العربية يتضح لنا أن من أهم أسبابها : غلاء المهور ، و نفقات الزواج الباهظة ، وعادات وتقاليد مرهقة ماديا خصوصا للشباب المقبل على الزواج في بداية حياته.
الحاجة أم الاختراع
حين يستشري في الجسم داء، فهناك دائماً من يعنيه أن يبحث عن الدواء، ومن هنا نشأت فكرة حفلات الزواج الجماعي ، والتي انتشرت في عدد كبير من البلاد العربية والإسلامية حيث تمثل شكلًا من أشكال المساهمة الفعّالة في زواج الشباب والفتيات بل تمثل حلاً عصرياً لمشكلة ارتفاع نفقات الزواج ، بالإضافة إلى أنها تكتسي ثوبًا إسلاميًا بعيدًا عن المخالفات الشرعية التي تشهدها معظم حفلات الزواج .
شيرين يونس: ألغيت زواجي بسبب التكاليف(31/157)
تقول شيرين يونس – من مصر- (مقبلة على الزواج): إن إقامة مثل هذه المشروعات والحفلات أمر جيد حيث تقتصد في تكاليف الفرح خاصة أن الشباب المقبل على الزواج يكون في بداية حياته وغير قادر على إقامة حفلة زواجه بتكاليف كبيرة.
وتضيف: أنا شخصيًا ألغيت فكرة إقامة حفل زواجي الذي تقرر قريبًا لأن تكاليف الفرح بلغت عدة آلاف في وقت لم يزد عن ثلاث ساعات، والحفلات التي يقيمها بعض الأفراد تتكلف مبالغ باهظة وتعتمد في مجملها على المظاهر فقط، وبخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشباب هذه الأيام.
فأنا لا أمانع من إقامة مثل هذه الحفلات وأشارك فيها مع آخرين فرحتهم؛ فإن هذا سيقلل من التوتر والضغط النفسي الذي قد يصيب البعض في هذه الأثناء.
ويرى عبد الفتاح حنفي أن التجربة رائعة تغرس القيم الدينية والاجتماعية ، وتيسر على الشباب غير القادر على اختصار نفقات الزواج الباهظة .
أما إبراهيم حمد - من الكويت- فيقول : لن يلجأ الشباب بعد اليوم للاستدانة من أجل إقامة حفل العرس ؛ فالأعراس الجماعية كلفتها في متناول الشاب ذي الدخل المحدود والذي لا يملك سوى راتبه.
ويتفق معه علي الديحاني من أن الأعراس الجماعية حدت من المغالاة في إقامة حفلات الأعراس والولائم ، إضافة إلى أن تدخل لجنة شرعية أدّى إلى خفض المهور المُغالَى فيها لدرجة أظهرت عجز الشباب على الاقتران في السن المناس !
الأردن: جمعية العفاف رائدة في الوطن العربي
كانت فكرة جمعية العفاف، فكرة ريادية غير مسبوقة على نطاق الوطن العربي، لاقت رواجاً واستحساناً، وتلقفتها الكثير من الدول العربية في مصر والسودان والإمارات العربية والسعودية وسورية .. إلخ.
وبدأت باكورة الأزواج المشاركين في العرس الجماعي الأول بأربعة أزواج، والآن أصبح عدد المشاركين يتجاوز المئة، وهذا العام سوف تقيم الجمعية عرسها الجماعي العاشر وستقدم هذه المناسبة بتميز خاص.
وقد كان الحفل الجماعي الأول الذي شارك فيه أحد المهندسين المتحمسين للفكرة، الحالة الريادية التي كسرت حاجز الرهبة وغلاف العيب الذي كان المجتمع يقوقع نفسه داخل صدفتها، وانفتحت بعد ذلك آفاق الوعي الاجتماعي لتصبح الفكرة مقبولة جداً في محيط واسع من المجتمع، وليصبح موسم الصيف محطة الانتظار لهذا الفرح الشعبي العارم، تتضافر من خلاله عدة جهات اجتماعية لإنجاحه وإظهاره بالمظهر اللائق.
لجنة زكاة العثمان أول تجربة كويتية
ورغم الصعاب في درب الزواج الجماعي فإنه أثبت جدواه في الكويت، وأكد قدرته على الاستمرار بالزخم المحيط به، وإذا كانت لجنة زكاة العثمان أطلقته إلى النور، فإنه أصبح يافعاً بعد خمس سنوات ، فقامت مجموعة من رجال الأعمال ومسؤولي الجمعيات الأهلية والخيرية بتأسيس "صندوق الزواج" أسوة بدولة الإمارات وذلك للتوفيق بين الراغبين في الزواج ، واستهدف المشروع إيصال رأس مال الصندوق(31/158)
إلى عشرة ملايين دينار لإعطاء قروض بدون فوائد ، وميسرة السداد للراغبين في الزواج مع إقامة حفلات زواج جماعي لكل مجموعة في أحد الفنادق .
ويتلقى الصندوق تبرعات من الأفراد والشركات ودعماً حكومياً لتلبية نفقات الراغبين في الزواج باعتباره جزءًا أساسيًا من علاج ظاهرة العنوسة .
الإمارات: 70 ألف إمارات استفاد من صندوق الزواج
تجربة الإمارات التي بدأت حفلات الزواج الجماعي من سنوات طويلة ، وتخطط سنوياً لإضافة الجديد لتحقيق التجربة الناجحة كاملة ، وتصبح الفوائد جمة ، وتحقيق أكبر استفادة لشريحة عريضة من الشباب للقضاء على العنوسة .
وحسب الإحصاءات فهناك نحو 70 ألف إماراتي وإماراتية استفادوا من صندوق الزواج منذ تأسيسه العام 1993 حيث يمنح الشباب مبلغا ماليا عقب عقد القران مباشرة ومبلغا آخر عقب إتمام مراسيم الزواج ليساعدهم على بدء حياة جديدة .
كما أصدر رئيس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان قراراً بقصر الفرح على يوم واحد ، وحفلة واحدة للرجال وأخرى للنساء توفيراً للنفقات ، وحدد عدد الذبائح بتسعة قعدان (جمال صغيرة) لأي عرس من أعراس الإماراتيين ، ووضع غرامة مالية لمن يخالف ذلك .
السعودية: تم انتفاع أكثر من 18 ألف شاب من الفكرة
فضلا عن وجود مشروع ابن باز الخيري لمساعدة الشباب على الزواج ، فهناك نماذج أخرى للزواج الجماعي منها ما اعتادت عليه محافظة الإحساء وقراها من إقامة مهرجانات للزواج الجماعي مع بداية كل إجازة صيفية، حتى باتت خطوة مألوفة لدى بعض القرى في المحافظة وانتشرت منذ 15 عاماً ، وزوجت أكثر من 18 ألف شاب وفتاة من مختلف مدن وقرى المحافظة.
وقد تكرر ذلك في كل من الرياض وجدة ومكة وغيرها من مدن المملكة برعايه أمراء المناطق ومحافظي المحافظات .
مصر: مسابقات والجائزة اشتراك في عرس جماعي
يقول أسامة طه خبير الإعلان المصري ومدير شركة "رؤية" إن حفلات الزواج الجماعي هي مشروعات لها قيمة وهدف كبير في المجتمع، وهي تعد محاولة لحل جزء من الأمراض الاجتماعية التي انتشرت في مجتمعاتنا الآن ، ومنها: تأخر سن الزواج لعدم قدرة الشباب على تحمل تكاليف ونفقات ذلك، مما يكون له أثر سلبي من الناحية الإنسانية والاجتماعية.
من هنا جاءت هذه الفكرة؛ فمع وجود شريحة كبيرة من الشباب مقبلة على الزواج ويسعدون بأي مشاركة جماعية ولو بسيطة، فكرنا في إقامة مسابقة دينية عن سيرة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأذيعت بالفعل على القناة الثانية في التليفزيون المصري رمضان قبل الماضي، وكانت جوائزها رحلة عمرة وإقامة حفل زفاف جماعي للفائزين المقبلين منهم على الزواج، ومنهم بالفعل الذين طالت خطبتهم عدة سنوات.
حفلات الزواج الجماعي تزيد من ترابط المجتمع وتزيد من حس الانتماء له؛ فالشاب أو الفتاة الذي يعرف أن المجتمع لم يدر ظهره له ، بل شجعه وساعده سيزداد احترامًا(31/159)
له وتعلقًا به ، ويكون حريصًا على الحفاظ عليه، وقد جاءت آراء الشباب متوافقة مع هذا الأمر.
شريف همام (ضابط) وأحد الذين شاركوا في هذه المسابقة وفاز بحضور الحفل يقول: "إنها فكرة رائعة حقًا أن تقوم إحدى الشركات أو المؤسسات بعمل فرح جماعي لشباب مقبل على الزواج بغض النظر عن قدراتهم وإمكاناتهم المادية، فهناك فئات كثيرة مستواها المادي مرتفع وقادر على إقامة حفلة زواج كبيرة ولكن مع ذلك حضروا الحفل ضمن عدد كبير من الأهل والأصدقاء.
علماء الاجتماع: أي عمل جماعي لابد أن يكون ذو فائدة
يرى علماء الاجتماع أبعادًا أخرى للأعراس الجماعية بخلاف المساهمة في حل أزمة العنوسة ، وهي زرع قيم التضامن وعدم الإسراف في نفوس الشباب والفتيات المشاركين في الزواج الجماعي بعد سنوات طويلة من اتجاه المجتمع إلى وضع شروط تعجيزية لإتمام الزواج بفرض مهور لا قِبَل للشباب بها إضافة إلى تجهيز بيت وأثاث وفق شروط قاسية .
يؤكد د. عبد الغني عبّود ـ الأستاذ بكلية أصول التربية- ، جامعة عين شمس: "إن أي عمل جماعي أيًا كان لونه شيء مفيد ومجزٍ، وإذا كان العمل لمشروع زواج جماعي فأجل فائدة أساسية له هي تقليل التكلفة لمتطلبات الزواج من شقة وشبكة ومصاريف وغيرها .. والأهم هنا أن نرى أبناءنا وبناتنا على الرضا وتقبل الحياة البسيطة والتي لا تستحق كل هذا التعقيد ...فليس بالضرورة أن تنتظر الفتاة الشاب الثري الذي لديه شقة فاخرة وسيارة فارهة وراتب مرتفع، ولكن عليها أن تحسن اختيار من ستتزوجه بأن يكون صاحب دين وخلق فهذا هو الأمان الحقيقي لها ، ومشروع حفلات الزواج الجماعي يعد أحد الحلول العملية لمشكلة تأخر الزواج ، فجزى الله كل من يساهم أويشارك فيه خيرا ..
وتؤيد د. إجلال حلمي أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب (جامعة عين شمس) فكرة حفلات الزواج الجماعي ، وتنادي كذلك بإنشاء صندوق للزواج تتبناه الجمعيات الأهلية ويتوجه له جزء من أموال الزكاة ، ويساهم فيه رجال الأعمال والشركات .
فليس هناك مانع من إنشاء جمعية خيرية في كل حي من الأحياء تقوم بدراسة حالة الشباب المقبل على الزواج ، ومعرفة متطلباته ، ومحاولة الإسهام في حل مشاكله حتى يبدأ الشاب حياته الزوجية بلا ديون تنغص عليه حياته، وتقلل من فرحته بالزواج كي يعيش مستقرًا نفسيًا واجتماعيًا .
ـــــــــــــــــــ
طلاق بعد الستين!
منال الدغيم 13/3/1425
02/05/2004
تتعدد وجهات النظر حول سر السعادة الزوجية، فحين يرى البعض أن "طول العشرة" كفيل ببناء السعادة والتقارب النفسي بين الزوجين، وإلغاء كافة الحواجز بينهما، يبرز لنا الواقع وجهًا كالحًا لصور عديدة، لم يزدها اختلاف الليل والنهار إلا(31/160)
تنافرًا وشقاقًا، وتراكمًا لظلمات المشاكل بعضها فوق بعض، فتصير الحياة جحيمًا دائمًا من البؤس والجفاء!
ولدينا هاهنا إحداها، فرغم عمر الكفاح المشترك الطويل، إلا أن حياة "أبي صالح" وزوجته كانت مشحونة بالمشاكل والتوتر، تتخللها أيام كثيرة من القطيعة والخصام، حتى بعد أن كبر أبناؤهم وتزوجوا!
وفي نهار يوم قائظ، أخذ أبو صالح يرن جرس منزله بإلحاح ولكن ما من مجيب، فاشتدت أعصابه وأخذ منه الغضب كل مبلغ، فلم يكن منه بعد أن فتحت زوجته الباب أخيرًا، وهي التي لم تسمعه من قبل، إلا أن رمى في وجهها كلمة الطلاق البائن إلى الأبد، ففرحت الزوجة كثيرًا بشهادة الحرية هذه، ورفضت كل محاولات أبنائها وأحفادها للعودة إلى "شايبها"، وهي الآن تنعم بحياة مستقرة هانئة في منزل مستقل، بعيدًا عن توتر ما يزيد على ثلاثين سنة!
أما "أم عبد الواحد"، فقد طلبت الطلاق وأصرت عليه رغم تجاوز عمر "آخر العنقود" الثلاثين، ورغم العدد الكبير من الأبناء والأحفاد وسنين العمر المشتركة، لكنها لم تحتمل الوضع، فزواج "أبي عبد الواحد" من أجنبيات لمرات عديدة، وإهمال النفقة والحقوق، جعلها تقسم بالله وهي تشد رحالها إلى مدينة أخرى، أنها لن تبقى معه يومًا واحدا "لئلا تحد عليه"!! فهو لا يستحق، خاصة وقد أعطاها ورقة الطلاق بنفس راضية غير آسفة!!
هذه الظاهرة الغريبة التي شاعت بين المجتمع في الآونة الأخيرة، وهي الطلاق بين كبار السن من الأزواج، بعد عقود من الرباط الزوجي وعدد من الأبناء الكبار، وبعد قصة كفاح وحياة مشتركة، لتعبر بقوة عن هشاشة بالغة في العلاقة رغم السني الكثيرة لها، ونما عن خلل في أساس العلاقة قامت عليه فكان بناؤها متداعيًا سرعان ما انهار وتحطم..
ما السبب في انفصال هذه الزيجات التليدة؟ ولماذا انتشرت هذه الظاهرة وما مدى ذلك؟ وما حقيقة الألفة الزوجية إذًا وما مقوماتها حتى لا تنتهي بعد مدة بمأساة؟ وما تأثير هذا الانفصال على أفراد الأسرة؟ وكيف يكون للتوعية أثر نافع في منع انفصام هذه الروابط، وعلاج المشاكل التي تعصف بها؟
هذه هي الأسباب!
يشاركنا الشيخ د.إبراهيم بن صالح الخضيري القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض في أسباب هذه الظاهرة، فيشير بدءًا إلى أهمية الحديث عنها، فهي أمر حساس ويعاني منه القضاة كثيرًا، ثم يعدد أسبابه قائلاً:
1) معاصي الله عز وجل المنوعة.
2) السحر.
3) الزواج بأجنبية.
4) الضعف الجنسي.
5) الأولاد في سلوكياتهم وانحيازهم إلى أحد الطرفين.
6) الإعلام السيئ والسهر أمام الفضائيات ثم الانحراف الجنسي وضياع الحقوق الزوجية.(31/161)
ونتناول بالنظر بعض هذه الأسباب مفصلة، لنلحظ مدى تأثيرها على الواقع المرير الذي تشهده كثير من العلاقات الطويلة.
نرى أن الانحراف الديني لأحد الزوجين له مؤثرات سلبية عليهما؛ فالسهر والسفر للخارج والشرب وتضييع الصلاة، معاص عظيمة تخنق بشؤمها كل برعم سعادة أو نسمة أنس، ويجعل البيت لقمة سائغة للشياطين توقد نيران الشقاء فيها وتثير الخصام والمشاكل.
وإضافة إلى ذلك، نرى أنه مما يزيد الإحباط كون الزوجين كبارا في السن، وأولي مسؤولية وأولاد، فما ينتظر منهما هو الرزانة والتعقل والنظر المتوازن، لا اللهث وراء المعاصي والمنكرات، فيلاشي كل شعور بالصبر وانتظار ركود فورة الصبا، والتي غالبا ما تكون الأمل للأزواج الشباب حين ينحرف أحدهما عن الجادة.
أما الزواج بأجنبية، فهو سبب منتشر ومهم، فلقلة تكاليف الزواج هذا ومميزاته، نجد كبار السن من الأزواج يلهثون خلفه ضاربين بزوجاتهم وحقوقهن عرض الحائط، فتتجرع المسكينة غيرتها وأسفها مرارة وحسرة، وهو غافل في السعادة الجديدة والشباب العائد، ثم لا يجد غضاضة في الانفصال عن أم أولاده طلبًا للراحة من إزعاجها ونصح المحيطين بشأنها!
كما تشاركنا الأستاذة هيفاء الميموني، وتوضح أسباب الطلاق بعد الستين بقولها:" لقد شرع الله الطلاق لعباده رحمة منه، لفض زواج قد استحال استمراره، ولم يكن مرتبطًا بعمر أو بسن، غير أن المستغرب هو الطلاق بعد عشرة طويلة!! فأين هو السبب الذي أدى إلى الطلاق خلال هذه السنوات الطويلة؟ هل هو أمر قد طرأ على الحياة أو معاناة مستمرة أم ماذا؟!
برأيي الشخصي أرى أن هناك ثلاثة أسباب رئيسة:
1- المشاكل الزوجية المتراكمة، فقد تمضي العشرات من السنوات بين الزوجين ولا يكاد أن يخرجان من مشكلة أو خلاف حتى يقعان في أخرى وتبقى هذه الملفات مفتوحة عبر الزمن متراكمة يؤزم بعضها بعضاً غير أن الأبناء وصغر سنهم يشكل عائقًا دون هذا الانفصال فلما زال هذا المانع حدث ما كان منطقياً طوال هذه السنين.
2- هوان أمر الطلاق: ففي عصر تشكل وسائل الإعلام شخصية المجتمع وثقافته أصبحنا نلمس هوان شأن الطلاق عند الناس تفاعلاً مع ما يُطرح من صور الطلاق وتفشيه وهوان أمره عبر وسائل الإعلام المختلفة.
3- الخطأ البشري: فلماذا نستبعد بشرية الزوجين واحتمال تسرعهما في اتخاذ مثل هذا القرار؟! فقد يطرأ شجار فيبادر الزوج على أثره بالطلاق أو تبادر الزوجة بطلبه، فهما بشر يغضبون ويوّزهم الشيطان وحتى إن تقدم بهم العمر وطالت سنوات العشرة.
وأين الألفة؟!
ما يعجب منه المرء حقيقة هو عدم حصول الألفة رغم العشرة الطويلة والحياة المشتركة، فالزواج ليس رباطًا جسديًّا فحسب، إذا زالت أصر هذا الرباط تداعى الزواج وانهار؛ بل هو كما يؤكد الشيخ د.إبراهيم الخضيري: "ألفة الزواج هي (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن)، و(لا تنسوا الفضل بينكم)، و(وجعل بينكم مودة ورحمة)،(31/162)
و"رفقا بالقوارير"، و"واستوصوا بالنساء خيرا"، و"خيركم خيركم لأهله"، فالاستقامة على طاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وتحقيق العبودية لله والصبر على المحن والفتن هي مقومات الألفة الزوجية.
ونضيف إلى ذلك، أن حسن الخلق وسمو النفس، والشكر لرفيق الدرب ومعرفة فضله، وترك الغيرة من الناس والتنافس غير الشريف، والرضا بالقضاء والقدر، ومعرفة إنتاج السعادة من الذات والنظر بمنظار ملون مشرق إلى الحياة، كل هذه عوامل مهمة في حسن العشرة ودوام الألفة.
كيف نوعيهم؟!
ويتابع الشيخ د.إبراهيم الخضيري حديثه، فيوضح أهمية توعية الناس بخطر المشاكل المتراكمة المؤدية إلى الطلاق بعد الستين، داعيًا إلى استصلاح التعليم والإعلام والدعوة، ومعالجة الفقر، وإنارة عقول الناس بالعلم المكافح للجهل.
كما أنه حين ينتشر الشريط الإسلامي الذي يوعي الناس على أسس قويمة من العلم والنصح، والتعاون على الخير وعبادة الله تعالى حق العبادة، وهيمنة الوازع الديني على دوافع الناس وتصرفاتهم، يكون للتوعية حينئذ أثرًا فاعلاً..
ويؤكد الشيخ إبراهيم الخضيري على أهمية معالجة ظلم الأزواج حين يعدد أو حين يجعل سفره للخارج على حساب قيمه وماله وعياله، أوحين يجعل همه الأكبر رفقاء السوء، وكذلك حين تصغي المرأة للمفسدات من النساء وتطالب الزوج بما فوق طاقته.
إذًا فهذا الموضوع المهم، مسؤولية المسجد وإرشاده، ومؤسسات التعليم، والإعلام بوسائله، مع التركيز على دور الخطباء في توعية الناس بالحقوق الزوجية وحسن العشرة وخطر الطلاق، خاصة ونحن نرى أن أهم رسالة دينية توجه إلى كبار السن – الأميين غالبًا – هي خطبة الجمعة ودروس المسجد.
كما يقع على عاتق الأبناء كذلك مسؤولية الإصلاح بين الوالدين، وتطييب خواطرهما، وإرشادهما بالأسلوب المناسب إلى فضل الوئام وحسن العشرة، وطرق ذلك.
نسأل الله تعالى أن يمن بفضله على كل بيت مسلم، سرورًا واستقرارًا وسعادة وألفة.
ـــــــــــــــــــ
زواج خارج الحدود..!!
تحقيق :فوزية الخليوي 6/3/1425
25/04/2004
كانت مسألة التفكير بالزواج - في السابق - من خارج حدود ابن العم وابنة العم شيئاً خارجًا عن المألوف ويستحق مرتكبه ازدراء الأسرة والأهل، ناهيك عن الزواج من خارج القبيلة أساسًا.
أما اليوم فقد برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة زواج الشباب حتى من خارج إطار بلدانهم وليس على المحيط العربي والإسلامي فقط، بل تعدوه إلى الزواج من أجنبيات من دول غربية، وقد ساهم في ذلك بشكل كبير ظاهرتان مهمتان، أولاهما: سهولة السفر إلى الخارج وإجراءات الزواج، والثانية وهي الأهم: الإنترنت؛ بعد أن كانت(31/163)
هذه المسألة تنحصر في السابق على بعض الطلبة المبتعثين للدراسة بالخارج أو المنتدبين للعمل وبعض كبار السن على اعتبارها زوجة ثانية!!
ولكن مع الانفتاح الإعلامي عبر الفضائيات والتوسع المادي لأكثرية الشباب الذين أصبحوا يفضّلون قضاء إجازاتهم في الخارج ساعد عليه العروض الميسرة بمبالغ زهيدة من وكالات السفر والسياحة!!
فتغير على إثر ذلك نظرة الشاب إلى التفكير الجدي في الزواج من غير بنت بلده سواء من دولة عربية أخرى أو دولة غربية، وخاصة من دول شرق آسيا.
فكان حال بنت بلاده كما قال الشاعر:
وإذا تكون كريهة أُدعى لها ... ...
وإذا يُحاس الحيس يُدعى جندبُ
هذا على اعتبار كونها مسلمة؛ أما في حال كونها كتابية! فهناك عدّة تساؤلات تطرح نفسها وبقوة, وهي: هل هذه الكتابية عفيفة, محصنة ؟؟! وهل هي من قوم لا يُعادون المسلمين ولا يحاربونهم؟ وهل أُمِن حدوث الفتنة أو الضرر المحقق؟! وهل ستقدّر الحياة الأسرية وتكون جادة في تحمل مسؤولياتها؟!!
تبدأ الكتابية حياتها الزوجية مندفعة بالعلاقة العاطفية! ومن ثم تصطدم هذه العلاقة بمطالبة الزوج لها بارتداء الحجاب واتباع التقاليد والعادات!! (كأخذ إذن الزوج عند خروجها, و...) وقد لا تظهر المشكلات على السطح إلا بعد الإنجاب مبتدئة باختيار اسم المولود, ومنتهية بطريقه التربية والتي تمثل نزاعاً هائلاً بين ثقافتين مختلفتين تماماً!
مثاله: ما أثار تفاعل الأوساط السويدية حينما قتل رجل تركي كردي ابنته بسبب رغبتها في الزواج من سويدي, وكذلك فعل رجل فلسطيني مسيحي؛ وكان كلاهما متزوج بامرأة سويدية ونصّت د. آن صوفي عن وقوع حالات كثيرة مشابهة ( في مقابلة لها مع قناة الجزيرة) !!
وقد لا يقف النزاع عند هذا الحد؛ بل يمتد حين ترفض الزوجة الأولى وخصوصاً عندما تكون هي ابنة البلد السكن مع الأخرى التي تكون من بلاداً أخرى، مما يمثل للمبتعث الطامة الكبرى، حيث انقطاع مصدر رزقه!!
ويعزو الكثير من الباحثين ذلك إلى عدة أسباب:
(1) غلاء المهور.
(2) قلة المساكن المناسبة.
(3) ارتفاع تكاليف الزواج.
(4) تشدد أهل الفتاة في المواصفات المطلوبة في الزوج:( كالشهادة الجامعية, الراتب المناسب, الجذور العائلية..)
(5) زهد تكلفة الزواج من امرأة من خارج بلاده.
السلبيات:
(1) انتشار العنوسة:
عدّ إبراهيم الضبيعي في كتابه (تعدد الزوجات):
1- العنوسة في مصر:(31/164)
ذكرت جريدة المسلمون عدد (335) عدد الشباب والشابات الذين في سن الزواج يقدر بحوالي 470ألف لم يتزوجوا, وأن هذه النسبة تزداد في المدن وتقل في الأرياف.
2- العنوسة في السودان:
في تحقيق لجريدة "المسلمون" عدد (330) كان بعنوان ( قطار الزواج متوقف ..من المسؤول؟) ذكرت فيه معاناة الفتيات بسبب العنوسة!
3- العنوسة في المغرب:
ذكرت الجريدة السابقة, اتجاه الشباب للزواج بأجنبيات بغية كسب العيش في بلادهن!!
4- العنوسة في الأردن:
بسبب سفر الكثير من الشباب للخارج طلباً للرزق, ازدادت نسبة العنوسة, في حين اقتصرت نسبة الزواج من ثانية على 10 %.
(5)العنوسة في عُمان:
تفاقم الأمر, مما استدعى أن تصدر السلطات أمراً بمنع الزواج من غير العمانيات إلا في حالات محدودة؛ بل وصل إلى سحب الجنسية العمانية ممن يخالف!!... [إلى هنا من كتاب تعدد الزوجات للضبيعي].
(6) العنوسة في الكويت:
" بلغت نسبة العنوسة في الكويت 30% حسب الإحصائيات الرسمية, كما أن الشباب الكويتي بدأ يتأخر في الزواج نظراً للأعباء الاقتصادية الباهظة. [عن موقع إسلام أون لاين].
(7) العنوسة في الإمارات:
يجري حالياً التحضير في الدولة على إبراز قانون جديد, نظراً للإقبال الشديد من الزواج بأجنبيات, وذلك بأن تكون الزوجة عربية مسلمة, ولا يكون المتقدم متزوجاً بأكثر من واحدة, ولا يكون طلق أكثر من مرة, ولا يزيد الفارق العمري بين الاثنين عن 25 عاماً [جريدة السياسة 28 -3 – 204].
(8) -العنوسة في السعودية:
جاء في إحصائية لوزارة التخطيط أن العنوسة شملت ثلث عدد الفتيات, وجاء فيها أن عدد الفتيات اللاتي لم يتزوجن وتجاوزن سن الزواج الاجتماعية (30) عاماً حتى نهايه1999مليون و529 ألف و 418 فتاة.
وأن عدد المتزوجات في السعودية بلغ : مليونين و 638 ألف و 574 أنثى.
من مجموع عدد الإناث البالغ 4 ملايين و 572 ألف و231 أنثى .
ويقول الشيخ عبد الله الكثيري القاضي في المحاكم الشرعية إن عدد زواج السعوديين من فتيات غير سعوديات بلغ العام الماضي 1200 حالة, وقد سجلت مكة المكرمة أعلى نسبه عنوسة تليها الرياض ثم المنطقة الشرقية!!
وأن عدد غير السعوديات اللاتي حصلن على الجنسية السعودية خلال الخمس سنوات الماضية9000زوجة.
( 2) الانفلات الأخلاقي(31/165)
حث الشارع الحكيم على اختيار الزوجة الصالحة وهي ذات الدين كما جاء في الحديث -قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تنكح المرأة لأربع: لمالها , ولحسبها, ولجمالها , ولدينها , فاظفر بذات الدين تربت يداك" رواه البخاري ومسلم.
ولهذا يجب أن يضع في اعتباره قبل الاختيار, بيئة بعض الزوجات والتي تتميز بالانفلات الأخلاقي , مما سيكون مسبباً للطلاق، ولكن بعد ماذا؟!!
تحكي إحداهن عن أخيها (م) الذي بدأ حياته باكراً بالزواج من من فتاة, من إحدى الدول العربية, وأسفر عن إدمانه على المخدرات, والتي كان يتناولها بصحبة أقاربها في بلدها, ومن ثم حدث الطلاق وأسفر عنه خمسة من البنات, قامت بتربيتهن والدته الكبيرة في السن, والتي سرعان ما توفيت كمداً على ابنها الذي أصبح عمره الآن 45 سنة , ويعيش مدمناً , منبوذاً, وحيداً.
(3)تذبذب نفسية الأبناء:
يعيش الأبناء في صراع بين هويتين , مختلفتين!! تحمل كل هويه في طياتها كمًّا من السلبيات والإيجابيات!! فيتذبذب الابن في أيهما يتبع, وعلى هدي من يسير؟! ومن الملاحظ غالباً طغيان هوية الأم على الأبناء سواء باللهجة, أو بالسلوك, مما يسبب عدم شعورهم بالاستقرار, أو الانغماس كليهٌ في المجتمع!!
أما في حال انفصال الزوجين , فقد أجرت جريدة الرياض تحقيقاً العدد (12800) عن معاناة المواطنين المنقطعين في الخارج من أمهات غير سعوديات بعد أن تركهم آباؤهم يعانون في الغربة دون الوقوف معهم, (كعدم ضمهم لجنسياتهم, وانقطاع الاتصال , عدم الإنفاق عليهم,....)
(4) الرفض الاجتماعي:
ويتمثل في رفض الزوجة الأخرى الاندماج في المجتمع الجديد, بكل تقاليده وعاداته , وإصرارها على الاحتفاظ بهويتها!!ومن طرف آخر تصطدم بقلة الترحيب من الأسر الخليجية, نظراً لعدم التمسك الديني والأخلاقي في بعض الجنسيات!! مما يفرض عليها نوعا ًمن العزلة والوحدة, وشعوراً بالخيبة والعجز على الزوج!! من جّراء زوجة مرفوضة اجتماعياً,,وبين عاطفة احترامه لنفسه!!
(5) انعدام الثقة بين الزوجين:
نظراً لما تتميز به الزوجات الأخريات وخصوصاً الشرق آسوية أو الغربية من جمال ظاهري؛ كان هو الدافع الأساسي لاختيارها من قبل الزوج؟!!!
سرعان ما تساوره الظنون والشكوك , في ماضي زوجته , خاصة ما تتميز به بعض البيئات من اختلاط بين الجنسين في جميع المراحل التعليمية, والعملية, وسرعان ما تشتد ذروة هذه الشكوك مع إصرار الزوجة في قضائها للإجازات بقرب أهلها!!
وبدلاً من أن يعمل جاهداً لحل المشكلة, إذ به يلجأ إلى أساليب معوّجة تنقذه مما يكابده من توتر وتأزم نفسي, من إدمان للخمر أو المخدرات أو الإصابة بمرض نفسي!!
وفي ( مجلة اليمامة ,1769) هذه القصة, عن المهندس محمد عيد39 عاماً, والذي تزوج بفتاة ألمانية وخلال خمس سنوات أنجب منها 3 أطفال, ثم فوجئ بعلاقة خاصة لزوجته مع شابين ألمانيين !! وعندما حاول محاسبتها على ذلك ردّت بأنهم أصدقاؤها منذ عهد بعيد!!حتى قبل أن تعرفه, وان هذا ليس جرماً في عرفها(31/166)
وتقاليدها!! وان كل صديقاتها هكذا؟!!!ثم تساءل عن حكم الشرع في هؤلاء الأطفال, الذين يشك في انتسابهم له ولا يعرف إن كانوا أبناءه أم لا؟!!
(6) ارتفاع نسبة المطلقات والأرامل المواطنات:
فعلى سبيل المثال ذكرت أن نسبة الطلاق في الكويت بلغت 35%
وفي تحقيق نشرته (مجلة حياة العدد 22) عن الطلاق إذ أن أعلى نسبة طلاق كانت في الشرقية تصل إلى 6 حالات من عشرحالات زواج, وحالة طلاق من كل حالتيزواج في الرياض, وتحدثت عن أسباب الطلاق غير الوجيهة!! والتي تدل على عدم الخلفية الثقافية بين الزوجين, وخاصة أن غالبيته يتم في السنة الأولى من الزواج!! مما يترك شريحة كبيرة من المطلقات الصغيرات في السن!!
أما بالنسبة عن عدد الأرامل في المملكة , فقد حذّر إبراهيم الضبيعي في كتابه ( تعدد الزوجات ) من خطورة ارتفاع أعدادهن فقال : نتيجة لكثرة حوادث الطرق في المملكة , تشير الإحصائيات أن حوادث الطرق في المملكة عام 1417 بلغ24ألف توفي منها 3آلاف رجل, وعلى هذه النسبة يكون عندنا بعد عشر سنوات ما يقارب 35 ألف أرملة!! هذا بالإضافة إلى من يترملن بسبب الأمراض والحروب والكوارث الطبيعية؟!!
الحلول:
(1) عدم المغالاة في المهور.
(2) تشجيع الزيجات الجماعية.
(3) إطلاق حملة توعوية في جميع وسائل الإعلام , لتسليط الضوء على الزواج من أجنبيات, وقد أجرت وزارة الداخلية السعودية دراسة اتضح فيها حدوث مشاكل , بعد الإقبال الذي لاحظته من المواطنين ( جريدة الرياض 12800)
(4) قيام جمعيات لتيسير الزواج , ففي مصر ( جمعيه تدعيم الأسرة ) وفي جدة ( جمعيه تيسير الزواج) بعناية الشيخ الغامدي, وفي القصيم توجد مجهودات فرديه للتوفيق بين الأزواج .
(5) العمل على نشر إيجابيات التعدد للزوجات.
(6) إلقاء الدروس والمحاضرات في الجامعات النسائية, في التشجيع على الزواج المبكر.
(7) حثّ رجال الأعمال على التبرع دعماً لتخفيف العبء على المقبلين على الزواج.
ولا يعني هذا عدم وجود بعض الإيجابيات للزواج من الأجنبية, لبعض الفئات من المجتمع, وتحت ظروف خاصة , قد لا تقبل المواطنة بهم ( كزواج الذي يعاني من بعض الأمراض النفسية كالعته , والرهاب ,..) مع قبول الأجنبيات بوضعه رغبه منها في تحسين وضعها المادي, وزواج كبار السن الذين يحتاجون للرعاية, ورب العائلة صاحب الأطفال الفاقد لزوجته بالوفاة مثلاً
ـــــــــــــــــــ
أم زرع عام 2004
غادة أحمد 22/2/1425
12/04/2004(31/167)
منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، و بعد أن استمع الحبيب -صلى الله عليه وسلم- إلى حديث السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن نسوة اجتمعن، وتحدثت كل واحدة منهن عن زوجها، وكان من بينهن من تُدعى "أم زرع"، والتي أثنت كثيرًا على زوجها، وعلى الرغم من طول الحديث، وثقل المسؤوليات الملقاة على عاتق الحبيب - صلى الله عليه وسلم-؛ إلا أنه أعطاها من وقته، وفي نهايته قال لها: ألم أكن لك خير من أبي زرع لأم زرع؟
وفي ليلة شاتية من ليالي هذا الزمان ذهبت ببردها آهات دفينة وزفرات حارة انبعثت من صدور نسوة جمعهن حديث أجبر قلمي على تسطير مكنونات نفوسهن....
تساءلت والحيرة بادية على نبرات صوتها: كان في الماضي وفي بداية زواجنا يستوعب أخطائي، ويرشدني بكل الحب والحنان، ويوصيني دومًا بالهدوء والصبر حيال الأولاد وكل من أتعامل معهم، ومرت الأعوام وكبر الأولاد، وأصبحوا على مشارف الجامعة، وتوفر لي من الوقت ما أتاح لي كثرة الاطلاع والقراءة ومتابعة الأخبار، في الوقت الذي أصبح فيه مكتفيًا بما عنده من معلومات قديمة، ورغمًا عنه ولظروف عمله لا يستطيع أن يطور نفسه؛ فإذا دار بيننا حوار أو نقاش حاولت فيه إقناعه بفكرة جديدة، أو رأي آخر أجده ضيق الصدر غير صبور على الحوار، لا يقبل آراءً غير آرائه؛ بل ربما تطور الأمر لأكثر من ذلك وبخاصة إذا كان النقاش حول ما يخص البيت والأولاد، فإذا به يتهمني بمحاولة الانفراد بالقرار داخل الأسرة، و السيطرة عليها...
استشعر توقفًا في النمو الفكري بدأ في الزحف على عقول الرجال، ربما لطحنهم في لقمة العيش، أو للوسط المحيط في العمل والذي لا يشجع على الثقافة والاطلاع..
توقفت عن الحديث ولفها صمت طويل وكأنها تبحث عن الإجابة...
قطع صمتَها تنهُد الثانية؛ فقالت: أما أنا وتحت مسمى القوامة ...تلك القيمة السامقة والتي شُوَّهت كثيرًا يريدني أن أتقبل تدخله في كل ما أسمع وأقرأ وأن كل ذلك لابد أن يمر من خلاله أولاً.. أبعد كل هذه السنوات؟ أين الثقة إذًا؟ ومن قال له أن ذلك يدخل في قوامته؟ إن هذا الأسلوب يحق له ممارسته مع أولاده، أما أنا وهو يعلم تمامًا أني لا أخفي عنه شيئًا فهلاّ كان أسلوبه أرق من ذلك ؟ ليته حاول إقناعي بدلاً من إصدار الأوامر!!
أما الثالثة بدت وكأن الكلمات تستعصي عليها للدهشة التي أصابتها، وللذهول الذي أخذ منها كل مأخذ عندما تشاجرت معه في إحدى المرات، وهل تخلو أي حياة زوجية من مشاحنات من حين لآخر؟! ، فإذا به يفاجئها بقوله: لقد قلت نفس الكلمة التي تلفظت بها منذ ستة أعوام، وأنا احتفظ بالتاريخ عندي باليوم والشهر والسنة.
انعقد لساني ولم أدر بماذا أجيبه، ولكنني عندما هدأت قليلاً تعجبت..إن من عادة الناس أن يحتفظ الكثير منهم بكل ما يذكرهم بالأوقات والمناسبات السعيدة في هذه الحياة..فماذا يفعل هو؟
هلاّ تبصر بحقيقة نفسه وأحصى عيوبه وأخطاءه ليحاول إصلاح نفسه بدلاً من أن يرد عليّ بقوله: انصحي نفسك ،أنا أعرف نفسي جيدًا؟!(31/168)
وهل يتصور أنني وبعد علمي بذلك سأكون على طبيعتي وغير متكلفة في حديثي معه؟ لقد كسر شيئًا ما بداخلي!
وتبسمت الرابعة، ولكنها كانت ابتسامة حزينة انسابت من خلالها كلماتها: نعم هو طفلي الأكبر، نعم هو صاحب الحق الأول في حبي وحناني، وله أوفر الحظ والنصيب من مشاعري ... قبل أولادي وقبل الناس جميعًا، هكذا من المفترض أن أكون؛ لكنه لم يكلف نفسه مشقة السؤال يومًا: لماذا أبخل عليه بتلك المشاعر والأحاسيس ...لم يفطن يومًا لهذا الحاجز النفسي الذي وضعه بإحكام واقتدار بيني وبينه بسبب كلماته الجارحة وانتقاصه مني كلما أخطأت - ومن منا لا يخطئ؟!- وهل أخطائي تبيح له تجريحي إهانتي ؟ ثم يعود ويلومني أنه ما عاد يجد حتى الابتسامة، تلك التي صهرها تمامًا في أتون مفرداته اللاذعة ونقضه الملتهب ...
لا.. والله ..لست جامدة المشاعر ولا بليدة العواطف. إن بداخلي الكثير من الحب والرغبة في العطاء ، ولكن كيف لهذه الأحاسيس أن تنبت، وتتطاول فروعها وتزهو ثمارها، وقد خنقتها أنت بدخان غضبك المتهور ورذاذ سخريتك المتبعثر؟
أما الخامسة فكانت أكثر انفعالاً، فلم يكن وقع الكلمات عليها هينًا عندما أخبرها أن القرار فيما يخص الصغار من شأنه وحده ... لم أستطع أن أتقبل ذلك منه، وعندما سألته: أين الشورى، والتي ذكرها القرآن فيما هو دون ذلك، عند فطام الطفل؟ وعندما ضربت له المثل باستشارة الحبيب -صلى الله عليه وسلم- للسيدة أم سلمة في ما يخص سياسة الدولة؛ إذا به يرد و بهدوء شديد -أحرق أعصابي- هذه (اليفط) لا أعرفها ... من الممكن أن أستمع فقط .... مجرد استماع إن كان عندك شيء، ولن يزيد الأمر عن ذلك، ثم تركني .. فمن أتحدث معه سواه؟
وتسللت الضحكات الخافتة على حياء عندما تحدثت السادسة زوجي عند خروجه من بيتي أراه عريسًا يزف إلى حسناء جميلة تنتظره، فما أبهى حلته! وما أرقى عطره! وما أروع سمته وأناقته! ، أما عند مكوثه معي فما...، وما....، وما....!!!
وجاء دور السابعة؛ فقالت: أعلم أنه لم يقصر في حقي إلا قليلاً ورغمًا عنه، ولا أنكر ذلك أبدًا، ولكن لا أدري لماذا يتركني في فترات مرضي وعند ولادتي لغيره يمرضونني ؟، مهما كان عطف صديقاتي علي و تفانيهم في خدمتي، إلا أنني أشد ما أكون احتياجًا إليه في هذا الوقت، و ليست حاجتي فقط في توفير الدواء ونفقات العلاج، وقوفه بجانبي وعطاؤه لي من وقته واهتمامه ألا يكون ذلك من حقي عليه؟
وتحدثت الثامنة قائلة: مثل كل الزوجات أنتظر قدومه بشوق ولهفة، و يعلم الله كم اجتهد لحسن لقائه، ولا أذكر أنني أخبرته بشيء يزعجه بمجرد دخوله البيت، واحرص على تناوله قسطًا من الراحة، وأحاول أن أتلمس مداخل لطيفة لأستشيره وأخبره بما في بيتنا من مشاكل الأولاد المعتادة، أو ما يعرض لنا عمومًا، فلا أجد إلا مفردات ثابتة غير قابلة للتجديد:
أنا ليس عندي وقت .. عندي ما يكفيني.. أنا مرهق نفسيًّا وعصبيًّا .. مشاكل البيت والأولاد يمكنك تحملها والعمل على حلَّها ... المشاكل الخارجية لن يحلها غيري ... ألا يوجد رحمة في هذا البيت؟! طاقتي محدودة ... ارحميني...
ومع ارتفاع نبرات صوته انتبهت على إغلاق باب البيت بشدة وعنف ...!!(31/169)
ودق الجرس بعد فترة قليلة وأخبرني الأولاد بمجيء إحدى صديقاتي و نسيت أنني على موعد معها، استقبلتها وبي من الهمَّ ما لا يعلمه إلا الله... كانت مسترسلة في حديثها، ولكني كنت سارحة بعيدًا عنها بما أثقل رأسي من أسئلة كثيرة، أما آن لهذه الطاقة التي يدعي زوجي فناءها أن تستحدث؟ ماذا أفعل معه؟ وإذا بي أفيق على كلماتها...
والله إن زوجي يمدح كثيرًا في زوجك، تعلمين بالطبع أن عملهما سويًا جعل كل منهما يقترب من الآخر ويعرفه أكثر، ولكم أثنى زوجي على صبر زوجك وما يلاقيه من مشاكل العمل ومع إخوانه، وعلى حكمته في توجيه من حوله، وقدرته على تحكمه في أعصابه، وتميزه بالهدوء الشديد !!
ألجمتني كلماتها فلم أدر جوابًا، وعندما واجهته قائلة (خيركم خيركم لأهله)؛ قال ومن قال لك أنني منهم ؟!
وسيطر الغضب على التاسعة إلى حد كبير ... مع طول العشرة أصبح شحيحًا في كلمات المدح والإطراء.. متصورًا أنني ما عدت بحاجة إليها، في الوقت الذي حرص فيه -وبدون حكمة- منه على نقل كل ما يقال في حقي من ثناء حسن يتردد على ألسنة أقاربه أو أصدقائه بسبب طعام طيب مثلاً تناولوه عندي أو أي تصرف حسن صدر عنى وسمعوا به (ربما منه هو شخصيًّا !) ودون أي قصد مني، في الوقت الذي افتقرت فيه للمثل منه مما جعلني أعيش في صراع مرير مع نفسي، ولا أدري لماذا حصرنا فهمنا للحصانة في زاوية واحدة فقط، فهلاّ انتبه زوجي لحصانتي النفسية؟
أما العاشرة وعلى غير ما عرفناها وألفناها كانت غير مكترثة بهيئتها ولباسها وزينتها؛ فقد كنا نضرب بها المثل في حفاظها على رشاقتها و بهاء طلعتها داخل البيت وخارجه أيضًا ...لاحظت علامات الاستفهام على وجوهنا، قالت: أعلم ما يدور في أذهانكن، و كن ما حيلتي بعد ما سمعته منه عندما دخل البيت يومًا وهو غاضب ورغمًا عني وبسبب كثرة الأعمال الملقاة على عاتقي وعلى غير عادتي لم أكن وقتها في هيئة حسنة، وكنت منهكة القوى، فلم أستطع التجاوب معه على ندرة مني، فإذا به يصدمني وبكل تهكم: أنا لا أدري لماذا لا تكونين مثل فتيات (...) ألا تتعلمين، ألا كنت عونًا لي على العفة وغض البصر؟ حسنًا ..هنيئًا لك بسخط الله عليك ولعن الملائكة لك ....
كدت أبكي من قسوة كلماته، ولا أدري والله ماذا كنت أفعل فيما مضى من زواجنا، حاولت أن أتمالك نفسي، وقلت له لقد استمعت لتعليق أحد العلماء على هذا الحديث، وأن الذي يتسبب في إغضاب صاحبه هو الذي يحمل الوزر؛ فرد بقوله (أنت تسمعين الفتاوى على مزاجك) ....
خرج وتركني بين دموعي ... كيف هان عليه وبعد كل هذه السنوات أن يقارن بيني و بين هؤلاء اللاتي لا يعرفن أي قيمة للزواج ولا البيت ولا تربية الأولاد؟! وهل أستطيع أنا أن أتفوه بكلمة واحدة بمثل ما شنَّف به سمعي، لماذا لم يضع نفسه مكاني؟ لماذا سيكون شعوره لو قارنته بغيره مثل ما فعل معي؟ أم يحسب الرجال أنا لا أعين لنا نبصر بها، أو آذان نسمع بها؟(31/170)
وألقت الحادية عشرة سؤالاً يشبه الفوازير: من منكن تستطيع أن تخبرني ماذا تعني كلمة (الحرملك)؟
فأجابت إحدانا ..هذا مصطلح ولّى زمانه وانتهى، وكان يطلق على مكان تتجمع فيه الحريم.. أقصد النساء، ولكن في الماضي كانت تطلق عليه هذه التسمية...
قالت أمّا عندي فلا يزال المعنى يتردد على مسامعي، إذا أخطأت قال لي زوجي هذا شغل (حريم) إذا لم أضبط موعدًا لي من عدة مواعيد منضبطة ...ها هي مواعيد الحريم)...حتى أصبحت هذه الكلمة تشعرني بالانتقاص والمهانة ، كنت أظنها مشتقة من الحرمة ...فهل يحل له همزي ولمزي بدعوى إصلاح أخطائي؟
تساءلت الأخيرة ...لا أدري لماذا لا يكون صادقًا مع نفسه ... هل يريدني رجلاً أم امرأة ؟
كنت كلما ثقلت على مسؤولية الأولاد، أو آلمني شيء، أو ازدادت معاناتي مع أهله، أتيته والدموع في عينيّ، أخفف عن نفسي بحديثي معه، وأنتظر كفه الحانية لتمسح دموعي، وتحتوي لحظات انفعالي، ولكنه كثيرًا ما نصحني؛ بل وطالبني بالصبر التجلد والشدة وعدم الضعف، فأجدني مضطرة أن أكتم ذلك الفيض الغامر من مشاعري فتغيب عنى الابتسامة، ونضرة الوجه وطلاقته أيامًا ، فلا أراه يتحمل ذلك، ويتساءل في دهشة يشوبها الكثير من الاستنكار:
أين ابتسامتك الرقيقة، وكلماتك العذبة؟ ، أين سحر الأنثى بداخلك، ودلالك ورقتك في تعاملك معي؟
ألا يرى أنه ما أفسح لها مكانًا في نفسي بعد ما أجبرني على ملء المساحة المخصصة لها بما طالبني به ؟
ألم أكن أنثى حين أتيته أشكو إليه ؟
أم أنه أرادني وقتها رجلاً، والآن يريدني امرأة؟
ولا يزال حديثهن يتدفق ، تسمعه أذناي، ويجري به القلم رغمًا عني، ولكن عقلي ذهب بعيدًا، أسائل نفسي: أليس من بينهن أم زرع كالتي حكت لنا عنها السيدة عائشة، أين ذهبت؟ أتراها خشيت على نفسها (العين) فتوارت بعيدًا؟
أم أن أبا زرع هو الذي ندر وجوده في هذا الزمان؟!
فهلاّ عدت إلينا يا أبا زرع ...هلاّ عدت زوجًا حنونًا هادئًا وصبورًا؟! هلاّ عدت صديقًا وحبيبًا؛ لتخرج لنا من بين حناياك وأضلعك أم زرع، وأبناء أبي زرع؟ فما أحوج أمتنا الإسلامية لهم اليوم!!
هلاّ عدت لتقول لزوجتك بكل الحنان والثقة... ألم أكن خيرًا لك من هؤلاء الذين تحدثت عنهم زوجاتهم؟
هيا يا أبا زرع...ألست صاحب القوامة والدرجة ملك لك، خذ بزمام المبادرة.. واجه نفسك.. لا تنهك قوى الوقت معك في التفسيرات والتبريرات... كن واثقًا أنك عندما تتخذ قرارك بالتغيير؛ فلن يطول بك الوقت في البحث عن أم زرع، فسرعان ما ستعود إليك وبأفضل مما كانت...(31/171)
وما أعظم أجرك وثوابك حين تعود الابتسامة إلى ثغرها، وتهدأ بعذب كلماتك نفسها، وتملأ السكينة والمودة جنبات البيت، وترفرف أجنحة الحب على عش لم تجد يومًا أفضل من أم زرع لتبنياه سويًّا.
فجدد البناء ... وأكمل.
ـــــــــــــــــــ
المصارحة الزوجية نعمة أم نقمة؟!
إبراهيم الزعيم 14/2/1425
04/04/2004
العلاقة بين الزوجين تعتمد على التفاهم، وذلك لا يتأتى إلا من خلال المصارحة التي تسمح لكل طرف بالتعرف على أسلوب وطريقة الطرف الآخر في الحياة، فضلاً عن أنها تخلق جوًّا من المشاركة النفسية بينهما، فكيف ينظر الأزواج للمصارحة، هل هي مبدأ ضروري لا غنى عنه أمام متطلبات الحياة، أم أنها لاتجر إلا المشاكل والخلافات. (الإسلام اليوم) التقى العديد من الأزواج والزوجات والمختصين للتعرف على موقف كل طرف من هذه المسألة.
تحلى بالحكمة
أم بلال (38عامًا) قالت إنه من يعيش على مبدأ المصارحة يعيش سعيدًا طول عمره، والمصارحة ليست بكل أشكالها جميلة؛ فهناك مصارحة بناءه وأخرى هدامه؛ فعلى سبيل المثال المصارحة البناءة تكون بشكل عام في أمور البيت والأولاد.
وحول ما إذا كانت عصبية الزوج تمنع الزوجة من مصارحة زوجها خشية من غضبه؛ قالت أم بلال: ولماذا تخاف الزوجة من مصارحة زوجها إذا كانا متفقين بالأساس على المصارحة، إلا أنه يتوجب عليها اختيار الوقت المناسب للمصارحة، وسواء كانت المشكلة صغيرة أو كبيرة؛ فإن حلها بسيط، ولكن على الزوجة أن تتحلى بالحكمة، فتعرف ما يسعد زوجها وما يغضبه، وكيف تصارحه وفي أي وقت؛ فعلى سبيل المثال: لا يعقل أن تقابل الزوجة زوجها بعد عنائه من العمل وبمجرد دخوله إلى المنزل وبدون مقدمات بحديث جاف، وتسمي ذلك مصارحة؛ لأن ذلك سيؤدي إلى غضبه بلا شك، بل يجب عليها أن تختار الوقت والمكان المناسبين.
وأوضحت.. لا أغضب من زوجي عندما أعلم أنه أخفى عني أمرًا أبدًا، لأنه يكون حريصًا على مشاعري، وفي كثير من الأحيان يعترف لي بذلك بعد مدة من الوقت، وأسامحه؛ لأني متأكدة من إخلاصه لي، فهو أحن عليّ من نفسي.
أما ميرفت (32عامًا)؛ فقالت: إن المصارحة تساعد على استمرار التفاهم بين الزوجين، لكن هذه المصارحة ليست مطلقة، بمعنى أنها ليست في كل شيء؛ فلزوجي خصوصيات لا يصارحني بها لسبب ما، وأنا كذلك لا أصارح زوجي في كل شيء خشية أن يغضب؛ لأن المصارحة في بعض الأحيان تؤدي إلى نتائج عكسية قد تعكر صفو الحياة, فلكل منا خصوصياته التي يحتفظ بها لنفسه, ومع ذلك فأحيانًا أجد أنه من الضروري مصارحة زوجي مع علمي التام أن ذلك سوف يغضبه مني، ولكني أجد نفسي مضطرة لذلك لأحافظ على استمرار حياتي, وإذا علمت أن(31/172)
زوجي لا يصارحني؛ فهذا سيحزنني كثيرًا لأن ذلك يعني أنني لا أمثل شيئًا في حياته, ولا أعني له شيئًا.
أم عمر (22عامًا) قالت: إن زوجي لا يعطيني مساحة كبيرة للمصارحة والحوار.. صحيح أنه يصارحني في بعض القضايا التي تخصنا، إلا أنني اشعر أحيانًا أنه يخفي عني الكثير، وذلك يتمثل عندما ألاحظ استغراقه في التفكير، وعندما أسألة عن سبب ذلك، وألح عليه ليخبرني، حتى أني أكاد أسحب الكلام من بين فكيه، فيتهرب من الإجابة، الأمر الذي يضايقني كثيرًا، حيث أشعر بأن بيننا فجوة كبيرة، ثم أحاول بعد ذلك أن أجدله مبررًا، فلا أشعره بغضبي.
وأضافت أم عمر.. إنني لا أريد أن يخبرني زوجي بكل شيء، ولكني أريد أن أعرف ما يخصنا نحن الاثنين، وكذلك ما يسرق تفكيره حتى أتمكن من مساعدته، أو على الأقل مشاركته همومه وآلامه.
لا تصارح في كل شيء
أبو أشرف العامودي (34 عامًا) قال: إن المصارحة بين الزوجين عنصر أساسي من عناصر الحياة الزوجية، وإن لم يكن موجودًا أدى ذلك إلى هدم الأسرة؛ لأن الحياة الزوجية عبارة عن أسس، وإذا ذهب أي أساس منها، كان سببًا في تدمير هذه الحياة.
وأضاف العامودي أن المصارحة ضرورية من ناحية الزوجة في كل شيء حتى تستمر الحياة بين الرجل والمرأة؛ لأن الرجل هو الذي يمتلك زوجته، أما المرأة فلا تمتلك زوجها، وهي من ناحية الزوج ليست ضرورية في كل شيء، فهناك بعض الأمور لا تحسن فيها المصارحة، وأوضح انه إذا كانت نسبة الضرر جراء المصارحة بسيطة ويستطيع تحملها فعليه أن يصارح، لأنه لاشيء أفضل منها، أما إذا علم أن الضرر سيكون كبيرًا وسيؤدي إلى متاعب كبيرة فعليه ألا يصارح.
وحول شعور الزوج إذا علم أن زوجته تخفي عنه بعض الأمور؛ قال: إنه إذا كان الرجل عاقلاً فإنه يستطيع أن يستدرج زوجته، ويعلم ما هو سبب عدم مصارحتها له، ويحاول أن يعالج ذلك بحكمة، أما إذا كان متهورًا فإنه سيتهمها بالخيانة. موضحًا أنه على سبيل المثال لو علم أن زوجته تخفي بعض النقود؛ فقد يتهم زوجته بسرقة ماله لأن وساوس الشيطان كثيرة، وقد تكون الزوجة ادخرت هذا المال بحسن نية، لذلك لابد للزوجة أن تصارح زوجها في كل صغيرة وكبيرة.
تعويد النفس عليها
أما عادل الركن (32عامًا) فقال: إن المصارحة مبدأ لابد منه؛ إلا أن المصارحة لا تجب في كل أمر؛ فهناك الكثير من الأمور التي تخص الزوج وحده مثل علاقته بأصدقائه، موضحًا أن الزوج لو علم بأن زوجته تخفي عنه بعض الأمور؛ فعليه أن يعلم هذه الأمور، وما سبب إخفائها لها، فإن كان الأمر الذي أخفته الزوجة مهمًّا، ومن الضروري أن يعلمه الزوج، فإنه من الممكن أن يترتب على صنيعها هذا مقاطعة الزوج لزوجته.
وقدم الركن نصيحة لكل اثنين يقبلان على الزواج أن يبادرا إلى مصارحة بعضهما البعض منذ فترة الخطوبة؛ لأن المصارحة تبدأ من خلال تعويد النفس عليها، وقد تكون ثقيلة في البداية؛ إلا أنها سرعان ما تصبح بعد ذلك أسلوب حياة. مشيرًا إلى أنه(31/173)
لو تعود كل شخص إخفاء بعض الأمور عن الآخر فسيؤدي ذلك إلى المشاكل والخلافات، وخاصة إذا كان هناك تدخل من الأهل وغيرهم.
أبو أحمد هنية (28عامًا) قال: إنني متفاهم مع زوجتي إلى أبعد الحدود، وأشاركها أفراحي وأحزاني، وقد تعودنا ألا نخفي عن بعضنا أي أمر يخصنا نحن الاثنين، أو يخص أحدنا؛ لأنني أعلم أن الزوجة سكن لزوجها وهي سكن له، موضحًا أنه مع ذلك لا يخبر زوجته ببعض خصوصياته مع أصدقائه.
وأوضح هنية أنه يضع مصروف البيت مع زوجته، وكانت زوجته تدخر منه دون علمه، وحدث أن مر بضائقة مالية واحتاج لبعض النقود لتأمين بعض الحاجيات الأساسية للمنزل؛ فلم يكن معه شيء، إلا أن زوجته قدمت له ما ادخرته. مشيرًا إلى أنه تصرف جيد يجعلك تقدر زوجتك، مع أنها لم تصارحك بذلك.
وقال: إنه ينبغي أن يصارح الزوج زوجته من بداية الطريق: ماذا يحب، ماذا يكره، علاقاته، وضعه المالي، حتى لا يحدث الخلاف والشقاق.
أما أبو محمد (43عامًا) فقال: إن المصارحة أمر سليم جدًّا وهو ما يساعد على بناء روابط الثقة والتفاهم بيني وبين زوجتي؛ فهو يجعل الثقة متبادلة بين الزوجين، ولكن في بعض الأحيان يحدث أن تكون المصارحة سببًا في تعاسة الزوجين، وتعطي نتائج سلبية إذا كانت هذه المصارحة لا ترضي أحد الزوجين، والمصارحة بيني وبين زوجتي ليست في كل شيء، وإنما هناك حدود لهذه المصارحة وفق ما يساعد على استمرار الحياة الزوجية بلا مشاكل، فإن كانت المصارحة ستثير حنق وغضب زوجتي فلا أصارحها، ولكن في المقابل أغضب كثيرًا إذا علمت أن زوجتي لا تصارحني بكل شيء، وهذا ليس من باب التسلط على المرأة، ولكن من باب حرصي على استمرار الحياة الزوجية بتفاهم وثقة متبادلتين.
المصارحة أمر إلهي
د. حمدان الصوفي -الأستاذ المساعد في كلية التربية ومشرف الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية-؛ قال: إن القرآن الكريم عرض العلاقة بين الزوجين بطريقة واضحة وصريحة، فعندما وصف الله -عز وجل- العلاقة بين الزوجين وصفها في آيتين كريمتين؛ فقال (الذي خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) ، وقال تعالى: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن)، من هنا فإن الإسلام في هذه الآيات يوجب الصراحة بين الزوجين لدواع عدة وهي: أولاً: إن الله سبحانه وتعالى وصف الزوجين بأنهما نفس واحدة ، والإنسان أصرح ما يكون مع نفسه. ثانيًا إن مهمة الزواج تحقيق السكن النفسي والاجتماعي، والسكن النفسي والاجتماعي يقتضى نوعًا من عدم التكلف والصراحة والتلقائية، كما أن المودة والرحمة جاء وصفها في القرآن الكريم (وجعل بينكم مودة ورحمة)؛ فالرحمة هي جانب وجداني وانفعالي في الإنسان، والمودة هي جانب وجداني كذلك؛ ولكن لابد أن يظهر على شكل ممارسة في حياة الإنسان توحي بهذا الشيء وتدلل على الرحمة الموجودة في النفس.
وحول فوائد المصارحة؛ قال الصوفي: للمصارحة فوائد عديدة منها: إخراج مكنونات النفس وعدم تراكمها، والتقريب بين وجهات النظر وأنماط السلوك،(31/174)
والشعور بالثقة المتبادلة، والوقاية من كثير من المشكلات وحلها في مهدها قبل تفاقمها، بالإضافة إلى أن فيها إشعارًا لكل طرف بأهميته عند الطرف الآخر.
وعن آداب المصارحة الزوجية أوضح الصوفي أن للمصارحة آدابًا منها: أن تكون المصارحة لينة رقيقة، لا تؤذى شريك الحياة؛ كالمصارحة بعدم حب أحد الزوجين للآخر، فهذه مصارحة من النوع المؤذى، ولكن كيف يحولها الزوج إلى مصارحة إيجابية؟ من الممكن أن يقول مثلاً: "نريد أن نذكر بعض الوسائل التي من خلالها يمكن أن يزداد الحب بيننا "، بمعنى أنه يقول إن الحب موجود ولكننا نريد أن نزيده. ويجب اختيار الظرف المناسب للمصارحة، فليس من المعقول أن تتم المصارحة في حال الغضب أو بعد مشكلة معينة، وأن تحمل المصارحة معنى النصيحة الصادقة لا التعيير أو التشنيع أو التوبيخ أو التشفي، وأن يكون أسلوبها هادئًا ولا تتحول إلى مجادلات.
وأشار إلى أن هناك جملة من الضوابط والحدود للمصارحة وهي، أن تكون المصارحة فيما يمكن تداركه مثل الطعام والشراب، وليس في ما لا يمكن تداركه مثل الأمور التي جبل عليها المرء مثل شكله أو غير ذلك، وألا تتناول المصارحة الذنوب والمعاصي التي سترها الله على أحد الزوجين، وألا تتناول أسرار الزوج مع أصدقائه أو العكس
ـــــــــــــــــــ
الرجل .. مودة ورحمة
فوزية الخليوي 7/2/1425
28/03/2004
دأبت وسائل الإعلام الغربية وبعضها من العربية على تصوير الرجل المسلم بصورة قاسية، همجية، جافة، لا تعرف الرحمة طريقها إلى قلبه، يتبعه نسوة من خلفه لا حول لهن ولا قوةّّ!! وهو تصوير ظني به امتداد للصورة الأولى المأخوذة للرجل الجاهلي، الذي لا يتورع عن دفن فلذة كبده وهي حية!!.
أما الزوجة فكانت إذا توفي عنها زوجها: دخلت حفشاً ضيقاً مبني من خوص أو غيره ولبست شر ثيابها ولم تمس طيباً حتى تمر بها سنة، ثم تؤتى بدابة (حمار أو شاة أو طائر) فتمسح به جلدها فيموت ثم تخرج!!.
ويشهد لذلك قول عمر بن الخطاب في البخاري:" كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئاً، فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأين لهنَّ بذلك علينا حقاً..".
ثم يأتي المنهج القولي والفعلي لنبي الرحمة مع زوجاته فكانت بحق:
محبةُ صدقٍ لم تكن بنتَ ساعةٍ ... ... ولا وُريت حين ارتفاد زنادها
ولكن على مهلٍ سَرت وتولدت ... ... بطول امتزاجٍ فاستقرّ عمادها
فها هي عائشةتحدث عن خديجة -رضي الله عنهما- أولى زوجاته فتقول: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة.. ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين لما كنت أسمعه يذكرها..
ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت من قصب وكان يذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها!!(31/175)
فلم يكفّ -صلوات الله وسلامه عليه- عن ذكرها والثناء عليها الحسن بانتهاء العلاقة الزوجية في الدنيا، بل ها هو يصل حتى صديقاتها معيداً إلى أذهانهن حُسن عشرتها معهنّ، ومردداً لطيب ذكرها على أفواههنّ!!.
ولا أدلّ أيضاً على صدق مودته ورحمته بنسوته من احتماله لزوجاته، وما يحدث بينهن من ارتفاع الصوت وخصومة! علاوة على ما يعانيه من معالجة للوحي وتدبير للأمة، وليس هذا لنقص فيه وحاشاه، ولكن لعلمه بما ركبَّه الله في المرأة من رقة الطبع وجيشان العاطفة!!
ثم يأتي أبو بكر الصديق الذي يتدفق رحمة، فكان بحق كما قالت عنه ابنته عائشة :"رجلٌ أسيف أي (سريع الدمعة)، لا يملك نفسه من البكاء إذا سمع القرآن".
ثم مع كثرة مشاغله لا يغفل أن يوصي الجيوش الإسلامية بعدم التعرض للنساء والأطفال والشيوخ بالقتل والإيذاء!!
ثم ما ظنك برجلين نهلا من معينه المعطاء، فعبد الله بن أبي بكر الصديق يقول في زوجته عاتكة عندما رأى والده أن من الأصلح له طلاقها لانشغاله بها عن الجهاد:
يقولون طلَّقها وخيّم مكانها ... ... مقيماً تمنى النفس أحلام نائمِ
وإن فراقي أهل بيت جمعتهم ... ... على كرهٍ منى لإحدى العظائمِ
ثم تتجلى الرحمة الأبوية عندما يسمعه قائلاً:
و لم أر مثلي طلق اليوم مثلها ... ... ولا مثلها من غير جرم تطلق
فيأذن له والده بإرجاعها!!
أما الخليفة عمر بن الخطاب، فقد خالطت رحمة الإسلام شغاف قلبه، وجعلته يفيض رقة، فعندما يتشفع الحطيئة عنده بهذه الأبيات:
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ ... ... زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
تفيض عيناه بالدموع!!
وعثمان بن عفان (ذي النورين) وهو جدير بهما، فحيي به رجلاً بلغ الحياء عنده مبلغاً عظيماً حتى استحت منه الملائكة!
فيحكي عن نفسه عند سماعه لخط رقية البضعة النبوية، لعتبة بن أبي لهب فيقول: دخلتني حسرة ألا أكون سُبقت إليها، ثم يشاء الله أن يتزوج بها بعد ذلك، فيضرب مثلاً رائعاً لجميع الأزواج بتقديره وحنوه عليها حتى في اللحظات الأخيرة من حياتها، فيمكث لتمريضها والقيام عليها، فيتخلف عن غزوة بدر! فيُكبر فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الموقف الرائع ويضرب له سهماً!!
أما الخليفة الرابع علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- -، وهو من تقلب في كنف النبي -صلى الله عليه وسلم- شاباً يافعاً، نراه يزفر الحسرات زائغ النظرات، عندما يوسد البضعة النبوية وسيدة نساء العالمين فاطمة الهاشمية في قبرها قائلاً:
لكل اجتماع من خليلين فرقة ... ... وكل الذي دون الممات قليل
وإن افتقادي واحداً بعد واحد ... ... دليل على أن لا يدوم خليل
وما ظنك برجل عليّ أبيه وفاطمة أمه، والنبي -صلوات الله عليه وسلامه- جدّه! هو الشهيد الحسين بن علي حيث يصدح بها عالية حاكياً ما يعتمل في صدره من مودة لزوجته الرباب وابنتها:(31/176)
لعمرك إنني لأحب دارًا ... ... تحل بها سكينة والربابُ
أحبهما وأبذل جلّ مالي ... ... وليس للائمي فيها عتابُ
ولست لهم وإن عتبوا مطيعاً ... ... حياتي أو يعلوني الترابُ
أما الراكب المهاجر أبو سلمة وقد استلقى على فراشه يعالج سكرات الموت وألم الفراق، وبجانبه زوجته أم سلمة تغالب الغصات وفاء بحقه حتى الممات، قائلة له: بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها وهو من أهل الجنة، ثم لم تتزوج بعده إلا جمع الله بينهما في الجنة.
قال: أتطيعينني؟
قالت: ما استأذنتك إلا وأنا أريد أن أطيعك!
قال: فإذا مت فتزوجي، ثم قال: "اللهم ارزق أم سلمة بعدي رجلاً خيراً مني لا يؤذيها ولا يخزيها".
فلله درها من كلمات بلغ بها قمة الإيثار في لحظاته الأخيرة، عندما يطلب منها الزواج بغيره ثم يتبعها بالابتهال إلى الله أن يرزقها زوجاً لا يؤذيها، يريد الإيذاء الجسدي، ولا يخزيها يريد الإيذاء النفسي
ـــــــــــــــــــ
الزواج: مشاركة
د. سامي السويلم 18/1/1425
09/03/2004
الزواج مشاركة، هذا ما قرره فقهاء المسلمين منذ قرون، وهو النتيجة التي توصل إليها الاقتصاديون اليوم.
فقد ذكر السرخسي (483هـ) رحمه الله أن "عقد النكاح عقد ازدواج"(1) والمراد بالازدواج معنى المشاركة.
وذكر القرافي (684هـ) رحمه الله "أن الزوج والزوجة كالشريكين المتعاونين على المصالح"(2).
وأشار شيخ الإسلام (728هـ) رحمه الله إلى خلاف الفقهاء في تكييف المعقود عليه في النكاح، وذكر القول بأن المعقود عليه: "هو الازدواج"، وأن "العقد نفسه من جنس المشاركة التي يعبر عنها بالازدواج"، ولذلك فرق الله تعالى بين الازدواج وملك اليمين بقوله سبحانه: (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم)(3).
وذكر الحافظ ابن رجب (795هـ) رحمه الله أن شيخ الإسلام يميل إلى هذا القول. وعلق على ذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله (1421هـ) بقوله: "والذي مال إليه ابن تيمية هو الصحيح: أنه من باب المشاركات(4)." هذه نظرة فقهائنا إلى عقد الزواج منذ أكثر من 900 سنة، إنه علاقة مشاركة بين الرجل والمرأة، ليست علاقة استبداد ولا استعباد ولا استغلال.
وإذا كانت المشاركات المالية هدفها تنمية المال، وإذا كانت المزارعة والمساقاة مشاركة هدفها تنمية الحرث والزرع، فإن الزواج مشاركة هدفها أعظم من ذلك كله: إنه تنمية الإنسان، كمًّا وكيفًا.(31/177)
وكما أن شركة المال تقوم على التكامل بين الشركاء؛ فهذا يشارك ببعض المال، وهذا بالبعض الآخر، وذاك يشارك بجانب من جوانب العمل، والآخر بجانب آخر، فكذلك الزواج: مشاركة قائمة على التكامل بين الزوجين. كل منهما يشارك بالجانب الذي يحسنه ويستطيع أن ينفع به الآخر.
وكما أن شركات الأموال لا بد فيها من توزيع الحقوق والمسؤوليات بين الشركاء، وإلا دبّ بينهم الخلاف وضاع المال وفسدت الشركة، فكذلك الحال بالنسبة للزواج، لا بد فيه من تحديد مسؤوليات كل من الطرفين وواجباتهما. ولذلك أوجب الشرع للزوجة حقوقاً على الزوج، وأوجب للزوج حقوقاً على الزوجة (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة).
إن هذه النظرة للعلاقة بين الرجل والمرأة لا يمكن مقارنتها بما كانت عليه المرأة في الغرب (الولايات المتحدة وبريطانيا خصوصًا) إلى مطلع القرن العشرين، أي قبل مئة سنة فقط. كانت المرأة المتزوجة لا تملك حق التعاقد، ولا حق البيع والشراء، ولا حق المقاضاة أو التقاضي، ولا حتى كتابة الوصية!(5) كان الاعتداء على المرأة يُعدّ اعتداءً على حق من حقوق الرجل، واغتصابها يمثل اعتداء على حق الرجل فيها. وإذا عملت المرأة فإن الأجر الذي تقبضه ملك للزوج وليس ملكًا لها. وبعد التغير الجوهري الذي طرأ على الغرب في نظرته للمرأة، صار لها من الحقوق نحو ما للمرأة المسلمة قبل 1400 سنة. وليس بعيدًا أن تغير نظرة الغرب كان متأثرًا بالحضارة الإسلامية، التي ثبت تأثيرها في الغرب في جوانب متعددة.
واليوم يرى الاقتصاديون أن علاقة المرأة بالرجل علاقة مشاركة (marriage is a share contract).
(6)ويتم تحليل العقد ودراسته من هذا الجانب. أي أن مفكري الغرب وصلوا اليوم إلى ما وصل إليه علماء الإسلام قبلهم بقرون متطاولة.
أليس من حقنا أن نعتز بهذا التاريخ وبهذه الحضارة؟ أليس من واجبنا أن نقول للعالم: إنا نملك نظامًا سبق الجميع في حفظ الحقوق وإقامة العدل؟
بلى؛ ولكن الأهم من ذلك أن نحول هذا التاريخ وهذه المبادئ إلى واقع عملي نعيشه نحن أولاً، قبل أن ندعو إليه الآخرين، لتكون دعوتنا قولاً وعملاً، وليست قولاً فحسب.
1-المبسوط 5/109.
2-الذخيرة 13/34.
3-نظرية العقد ص186، 188.
4-القواعد 2/289.
5-Geddes and Lueck (2002) "The Gains from Self-Ownership and the Expansion of Women's Rights," American Economic Review, Sep.
6- Allen (1992) "What Does She See in Him? The Effect of Sharing on the Choice of Spouse," Economic Inquirey, Jan.
ـــــــــــــــــــ
أزواج يضربون زوجاتهم!!!(31/178)
فوزية الخليوي 2/1/1425
22/02/2004
باختلاف النفوس وطبائعها تختلف ردة الفعل عند الغضب، وأثناء النقاش الحاد عند الأزواج، فمنهم من يستطيع أن يملك زمام أعصابه، وأن التحدث بهدوء وروية عند أي مشكلة أو تقصير !! بينما صنف آخر يستعمل يديه قبل لسانه، فما تشعر المرأة إلا ويداه تهوي عليها بالضرب!.
وليس مدار حديثي عن الضرب الشرعي الذي نص الشارع الحكيم عليه في حال النشوز كما قال الله تعالى(واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن) والنشوز هو العصيان والتعالي، وفسر المحدثون الضرب في هذه الحالة أن يكون خفيفًا كالسواك ونحوه!.
إن هذا الصدام بين المرأة والرجل، ليس صدامًا ذا هوية، أو مختصًا بشعب أو طبقة معينة من الرجال، أو محكومًا بعادات أو تقاليد، أو حتى ديانة.. إنه صدام بين الرجولة والأنوثة، حيث الرجل والمرأة في كل زمان ومكان.
أنه نابع من إحساس الرجل برجولته، فيظنه أن هذا لا يزيده إلا قوة وشرفًا. ولا يزيد المرأة إلا استكانة وخضوعًا.
أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامةٌ ... ... ربواء تجفلُ من صَفِير الصافرِ
حيث ردة الفعل من المرأة باختلاف أجناسهن واحدة. حيث المرأة خالصة الإنسانية لها إحساس بقيمة ذاتها ومعنى وجودها ورفضها الساحق لهذا الأمر.. لماذا؟!!
لأن فيه إهدارًا لكرامتها!!
وسحقًا لآدميتها!!
وجرحًا لكبريائها!!
فقد روى أبو داود في الحديث الصحيح ( أن -النبي صلى الله عليه وسلم- قال: لقد طاف بآل محمد سبعون امرأة كل امرأة تشتكي زوجها، فلا تجدون أولئك خياركم). ومرورًا بوقتنا الحالي فقد ذكر الكاتب (عبد الرحمن السماري) في جريدة "الجزيرة" عن الرسائل الكثيرة التي تصله من الزوجات أو آبائهن أو أمهاتهن والتي تشتكي عنف بعض الأزواج مع زوجاتهم والذي يمتد إلى الضرب الشديد، كاستخدام العصا، أو الحذاء أو توجيه اللكمات على سائر الجسد.
وانتهاءً بإحصائية تتعلق بالولايات المتحدة أن هناك 6 ملايين زوجة يتعرضن لحوادث الضرب من جانب الزوج كل عام وأن عددًا يتراوح بين 2000-4000 زوجة يتعرض للضرب الذي يفضي إلى الموت كل عام، ويضيع ثلث وقت رجال الشرطة في الرد على مكالمات هاتفية للإبلاغ عن حوادث العنف المنزلي.
قد لا يدرك!!
قد لا يدرك الرجل عندما ترتفع يده عاليًا ثم تهوي على وجه المرأة أنه يهوي أيضًا بالمواقف الجميلة السابقة في حقها!!
قد لا يدرك الرجل أن بصمات أصابعه هذه لم تطبع على الوجه إنما طبعت على صفحة إسمنتية رطبة فبقيت شاهدة عليه على مر السنين!!
حقيقة الأنوثة(31/179)
أن تمييز الرجل لامرأة دون أخرى غلط فاحش فكما تساوت تركيباتهن الجسدية فكذلك النفسية بكون المرأة لها إحساس بقيمة ذاتها ووجودها واعتزازها بإنسانيتها، وأخيرًا في رغبتها في التقدير.
ومن ألطف الدلائل هذه اللفتة من إحدى النساء في هذه القصة؛ فتدبر!
في عهد يوسف بن ناشفين -ملك المغرب والأندلس- تمنى ثلاثة نفر: فالأول تمنى ألف دينار، والثاني تمنى عملاً يعمل به للأمير، وتمنى الثالث زوجته وكانت من أحسن النساء، ولها الحكم في بلاده، فبلغه الخبر فأعطى الأول والثاني ما تمنيا، وقال للثالث: يا جاهل ما حملك على هذا الذي لا تصل إليه! ثم أرسله إليها؛ فتركته في خيمة ثلاثة أيام تحمل إليه في كل يوم طعامًا واحدًا، ثم أحضرته، وقالت له: ما أكلت في هذه الأيام؟ فقال: طعامًا واحدًا، فقالت له: كل النساء شيء واحد، وأمرت له بكسوة ومال وأطلقته!.
أقسام الرجال في هذا الباب:
(1) القابضون على الجمر!!
رأيتُ رجالاً يضربون نساءَهم ... ... فشلّت يميني يوم أضربُ زينبا
أدرك هذا الصنف أن الرجولة ليست بالسلطة وممارسة القوة! بل هي مصدر للأمان وملاذ للحنان.. تعامل مع المرأة على أنها خالصة الإنسانية، مكتملة الأنوثة، نظر إليها من خلال منظارها هي (على أنه الواحة الخضراء التي تتفيؤ من ظلها وتنهل من معينها، ترتوي به، وتستقر معه) هذا المعنى توّجه عمرو بن العاص فقال: لا أمِلُّ ثوبي، ما وسعني، ولا أملُّ زوجتي ما أحسنت عشرتي، وإن المُلال من سيئ الأخلاق.
وانظر إلى أفعالهم حيث جعلوها خبيئة لهم يحتسبونها عند الله وقد تجاوزوا بذلك حظوظ نفوسهم.
قال قبيضية بن عبد الرحمن : تزوجت بأم أولادي هؤلاء؛ فلما كان بعد الأملاك بأيام قصدتهم للسلام، فاطَّلعت من شق الباب فرأيتها فأبغضتها وهي معي منذ ستين سنة.
أماأبو عثمان الحيري لما سئل عن أرجى عمل عمله فقال: لما ترعرعت ولم أتزوج بعد، جاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان، قد أحببتك حبًّا ذهب بنومي وقراري، وأنا أسألك بمقلب القلوب أن تتزوج بي، فقلت: ألك والد؟ فقالت: فلان الخياط، فراسلته فأجاب فتزوجت بها فلما دخلت وجدتها عوراء، سيئة الخلق؛ فقلت: اللهم لك الحمد على ما قدرته علي، وكان أهل بيتي يلومونني على ذلك، فأزيدها برًّا وكرمًا إلى أن صارت لا تدعني أخرج من عندها، فتركت حضور المجلس إيثارًا لرضاها وحفظًَا لقلبها، وبقيت معها على هذه الحالة خمس عشرة سنة، وكنت في بعض أحوالي كأني قابض على الجمر، ولا أبدي لها شيئًا من ذلك إلى أن ماتت، فما شيء أرجى عندي من حفظي عليها ما كان في قلبي من جهتها!!
(2) أسود في عرين المرأة
أعرفنّك بعد الموتِ تندبُني ... ... وفي حياتِي ما زوّدتني زادا
نعم لا أنكر أن عدم ارتياح الرجل لشكل المرأة وهيئتها أو تركيبتها النفسية هي من أهم الضغوط التي يواجهها الرجل في حياته الزوجية، مما تجعله يثور لأتفه الأسباب(31/180)
ويلجأ إلى الضرب والسباب أو يجعلها مثارًا للتندر والسخرية، وليس لها أن تنبس ببنت شفه.
ليس معنى هذا ألا يرى للمرأة أي حق في التقدير والتعزيز لصفاتها الإيجابية؛ فكل امرأة تحمل كمًّا هائلاً من العاطفة، فما أن تطأ قدماها بيت الزوجية إلا وهي تحمل أمنياتها وأحلامها وإن اختلف عمق هذه الأحلام من فتاة لأخرى. فمن الخطأ تجاهل جميع ذلك ووأده، وإلغاء مكنونات نفسها بالشتيمة والسخرية، مما يقود إلى اتساع الهوة بينهما.. فما تزيدهما العشرة إلا غربة وكربة، ولا يزيدهما الزواج إلا قهرًا وكبتًا.
ومن أخبارهم أن أحدهم طلق امرأته فقالت بعد عِشرة خمسين سنة، قال: مالك عندي ذنب غيره.
وقيل لأعرابي: كيف حبك لزوجتك؟ قال:ربما مدت يدها إلى صدري فوددت والله أن آجرة خرّت من السقف فقدت يدها وضلعين من أضلاع صدري.
وإلى هؤلاء ما قاله الرافعي رحمه الله:إن زوجة الرجل إنما هي إنسانيته ومروءته؛ فإن احتملها أعلن أنه رجل كريم، وإن نبذها أعلن أنه رجل ليس فيه كرامة.
الآثار السلبية للضرب:
1-النفور بين الزوجين:
عندما يجعل الزوج الضرب متنفسًا للمشاعر السلبية، يجمع بذلك بين الألم النفسي والجسدي، وهو الذي نهى عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فقال: "لا يجلد أحدكم زوجته جلد البعير، ثم يجامعها آخر اليوم" [رواه البخاري].
وهنا تحدث الجفوة النفسية بينهما، والتي تكون سببًا مباشرًا للتباعد بين الزوجين، وإن جمعهما سقف واحد، وأدى كل منهما حقوقه وواجباته.
2-أثر المشاجرات على نفسية الطفل:
إن الشجار وضرب الأم أمام أعين الأبناء يفقدهم الشعور بالأمن، ويجعلهم حائرين بين الولاء لأبيهم أو لأمهم. وقد يستغل الطفل أحدهما ضد الآخر، إضافة إلى أنه يعطيه فكرة سيئة عن الحياة الزوجية، والطمأنينة في البيت.
3-حدوث الطلاق:
لا عجب أنه عند تفاقم العنف ضد المرأة، تلجأ إلى الطلاق كحل سلمي، كما فعلت حبية زوجة ثابت بن قيس، عندما ضربها فكسر بعضها، فجاءت إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فقالت: لا أنا ولا ثابت، فقال: أتردين عليه حديقته، فقالت: نعم، فطلقها.
ولعل ارتفاع نسبة الطلاق يؤيد بعضًا من ذلك؛ ففي إحصائية نشرتها جريدة "اليوم" السعودية (11128) أن المحاكم السعودية تسجل يوميًّا ما بين 25-35 حالة طلاق، أي معدل 16 ألف حالة سنويًّا مقابل 66 ألف حالة زواج.
ـــــــــــــــــــ
متى تستميل قلب شريكك؟
هيام فؤاد ضمرة * 17/12/1424
08/02/2004(31/181)
رغم أن الفتاة قديماً كانت تعفى من إبداء رأيها في شأن اختيار شريك حياتها إلا أنها ظلت تتحمل بإباء واجباتها نحو زوجها وأولاده، وكثير من الأحيان تجاه والدي زوجها بكل ما أوتيت من جلد وحسن معاملة؛ لأنها كانت ترى فيهم قدرها المحتوم ونصيبها المقسوم، والأنثى بطبيعتها يفيض قلبها بالرقة والحنان، وتتكون مشاعرها على الرهافة والعاطفية بتكوين إلهي خارق، حيث وضع الله -سبحانه وتعالى- هذه الصفات في تكوين الأنثى كتهيئة لها للدور العظيم الذي اختاره الخالق لها.. ألا وهو دور الأمومة، والذي تمتد منه المشاعر لتعم بالحنان واللطف على كل من الوالدين والأشقاء ثم الزوج كعواطف طبيعية متناسقة مع تكوينها العاطفي.
واليوم حين تدخلت الرومانسية في العلاقة الطبيعية بين الزوج وزوجته بعد اتساع الأفق الثقافي والنفسي، أصبح كل منهما يتحمل دوراً عظيماً بالاضطلاع بما يتطلبه دوره نحو شريكه لإنجاح المؤسسة الزوجية التي هي أساس المجتمع المثالي المتحضر.
والحمد لله الذي أسبغ علينا من فضله من هدي الإسلام كل حق، فهو دين التكامل والشمولية.. حيث الإسلام لم يبتعد أبداً عن تصور هذه الناحية في ربط أواصر المحبة والترابط بين الأزواج، فجاءت إلينا أنوار الآيات القرآنية، وتنوير السنن المحمدية، لتوضح لنا الكثير مما يساعد الأزواج في تقريب عواطفهما وأفكارهما وحتى رؤيتهما.
مظهر كل من الزوج والزوجة عامل هام جداً في استمالة قلب كل منهما للآخر، فالمظهر المجمل يعمل عمل الكلمة الطيبة، والمعاملة الحسنة، ويترك التأثير العميق على مشاعر الأزواج وقناعاتهم، فعناية الأزواج بشكلهم العام من ترتيب ونظافة (المقصود هنا الزوج والزوجة) يشكل إنصافاً فعلياً لكل منهما لنفسه وشريكه.
فعلى كل منهما أن يكون للآخر كما يحب شريكه أن يكون له، فكم من القناعات تكونت لدينا للأشخاص المهتمين بشكلهم العام، فتعاملنا معهم ونفوسنا لهم مستريحة.
ولنسمع محدثنا أبا الحسن -رضي الله عنه- حين يقول الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: " هيئة الرجل للمرأة مما يزيد في عفتها"، وهو قول يدعم فكرة القناعة التي أكد عليه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام كلما لبس جديداً " الحمد لله الذي كساني ما أتجمل به"، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب الطيب والتطيب، ويحض على استعماله واستعمال المسواك في تنظيف وتطييب الفم.
وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- يقتدون بنبيهم الكريم، وها نحن نسمع عن ابن عباس -رضي الله عنه- قوله: إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي، وما أحس أن استنظف (آخذ) كل حقي الذي لي عليها فتستوجب حقها الذي لها علي، لأن الله -تعالى- يقول: ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) صدق الله العظيم.
ومن المهم جداً أن زينة كل من الزوجين بما يناسب الأحوال، ويوافق المناسب، فليس المقصود هنا البهرجة المنبوذة، أو الذي يتجاوز حدود الطبيعي إلى الغرابة، ولكن أن تكون زينة كل منهما كما يحب أن يرى كل منهما في صاحبه ويرتاح إليه، فكما زينة المرأة المتجملة لزوجها تعفه عن النظر إلى سواها من النساء، فإن اهتمام الرجل بنظافته وترتيبه وحسن مظهره تعف الزوجة عن النظر إلى غيره من الرجال.(31/182)
ومن أخطر الأمور على الزواج أن ينفر أحد الزوجين من شريكه بسبب عادات غير مستحبة أو تلفظات خشنة غير مهذبة أو بسبب أمور شاذة بالشخصية أو النظافة أو الشكل العام، وليحذر الأزواج من كلا الجنسين، وليتقوا الله في أنفسهم وأزواجهم، فالتجمل هو احترام للذات، واحترام لمشاعر الشريك الذي يجد كل الفخر بشريكه المرتب والمتأنق بما يناسب.
وهنا سؤال يفرض ذاته: فهل تأنق الشكل كاف لزرع القناعة والثقة في نفوس الشركاء؟
بالتأكيد لا ... فالتأنق لا يكون متكاملاً إلا إذا شمله تأنق الفكر، والثقافة، والذوق، والخلق والدين ومخافة الله -سبحانه وتعالى-، وهي بمجملها صورة الجمال الحقيقية في الشخص التي من شأنها تثبيت الثقة والقناعة في نفس الشريك والمحيطين على السواء.
البعض يعتقد أن الزواج نهاية المطاف في تحقيق الأماني، فيعمد بعد وقت قصير إلى إهمال شكله، وعدم إعطاء النواحي النفسية والعاطفية بالحياة الزوجية أدنى اهتمام، وهي من الأخطاء الشائعة الضارة بالمؤسسة الزوجية... ولنتخيل تأثير فقدان الجاذبية إضافة إلى ضغوط الحياة اليومية والعملية التي تصيب كلاًّ من الزوجين باضطراب النفس والأعصاب، وبالتالي العواطف والاهتمامات، فمن المؤكد أنها تؤدي إلى التوتر والاكتئاب، ثم إلى النفور والبحث عن المعوضات، وهو رد الفعل العكسي لتولد عدم الثقة والقناعة والشعور المغرق بالحرمان النفسي والعاطفي.
ولنكن أكثر واقعية حين نعترف أن كلاًّ الزوجين ما هما إلا طفلين من الداخل، ومن الخطأ الشائع استعمال التعبير عن الرجل وحده، فقد ثبت أن لكل من الرجل والمرأة نفس الحاجات في رعاية المشاعر كل منهما للآخر، فتقصير أي من الطرفين في إشباع حاجة شريكه النفسية قبل أي أمر آخر، يؤدي حتماً إلى تدهور العلاقة بينهما، لأن سهم الخراب يكون قد أصاب القناعة والثقة في الصميم.
فإذا كان العلاج على هذا النحو من اليسر والبساطة، فما الذي يمنع الأزواج من توجيه اهتمامهم لهذه النواحي... إلا من أوقعه سوء حظه تحت طائلة البلادة، والعناد المريض، وبالتالي هو الجاني على نفسه وعلى شريكه، وعلى مجتمعه، وربما على مؤسسات حكومته.
والمؤمن الصادق، غالباً ما يكون الزوج الناجح، لأنه يقترب من التمعن في الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، فهي تكفي المؤمن في تهذيب نفسه والاستدلال إلى حقوقه وحقوق شريك حياته... فيقول تعالى: ( أزواجًا لتسكنوا إليها) أي سكناً لنفس الرجل والمرأة سواء بسواء.
وإذا كانت الزوجة المجتهدة في استمالة قلب زوجها بالشكل المتجمل، والشذى المتعطر وحسن الخلق، فهي تنتظر من زوجها بالمقابل الشيء ذاته، لأن المرء يجب أن يأخذ بقدر ما يعطي، فالعطاء دون مقابل يؤدي بصاحبه إلى الخيبة والملل، ثم ينعطف نحو التوقف عن العطاء، وربما أدى إلى ما هو أخطر من ذلك وأشد أذى مثل الاكتئاب والجنوح، وهو ما يجدر على الأزواج التنبه له وأخذ الحيطة منه.(31/183)
والمرأة يروقها في الرجل كرمه، وشهامته، وشجاعته، وسخاؤه، وتثير فيها هذه الصفات دفء المكنونات إلى دافع الحب والاقتراب والقناعة، بينما هنالك شيئان يقتلان فيها هذه المشاعر، بل وينفرانها منه، ألا وهما: اللؤم والجبن، وعلى ذلك صدقت أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- حين جاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد تلقيه الوحي لأول مرة وقد أخذته في حضنها وزملته ( أدفأته) وهي تقول "كلا: والله ما يخزيك الله أبداً .. إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل، وتكسب العدو، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الدهر" معبرة بذلك عن سمو صفاته التي حببته إليها، واحترمته لها، ووثقت به بسببها، وأدخلت في نفسها القناعة بشخصه ومن ثم بالدين الذي جاء به من عند الله.
والرجل يجذبه في المرأة حسن خلقها ولطفها ووداعتها، والتحلي بروح العطاء والتخلق الديني والورع، وهي الصفات المجملة في صورتها الحقيقية لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:" فاظفر بذات الدين تربت يداك"، وفي قوله أيضاً: " لا تزوجوا النساء لحسنهن، فعسى أن يردين، ولا تزوجوهن لأموالهن، فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأمة خرماء ذات دين أفضل".
وحين سئل الرسول -صلى الله عليه وسلم- أي النساء خير؟ قال:" التي تسره إذا نظر، وتطعمه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها وحالها بما يكره"، وفي مناسبة أخرى قال: " إن الدنيا متاع.. وخير متاعها المرأة الصالحة".* عضو رابطة الأدب الإسلامي - وعضو هيئة إدارية في جمعية العفاف الخيرية
ـــــــــــــــــــ
الأسرة بين الشرق والغرب
الحسن سرات 25/11/1424
17/01/2004
روى الخبير النفسي والمعالج المتخصص في مشاكل الزوجين (جاك أنطوان مالاريويتش) شهادات تتقطر لها القلوب بالألم وتتوجع منها النفوس لما آل إليه حال الأسرة في الغرب بعد زحف الماديات وانحسار الروحانيات والأخلاقيات. ومن شهدها وعلمها أدرك بسهولة قيمة الاستقرار وحلاوة السعادة التي تحققها الأسرة عندما يستمسك الزوجان والأبوان بحبل الله المتين وتعاليم الدين القويم. فلا سعادة ولا راحة ولا طمأنينة للآباء والأبناء والأحفاد والأقربين والأبعدين إلا في ظل الله، إذ لا ظل إلا ظله. وأولو الألباب يعتبرون بالذين سبقوهم وقدموا لهم دروسًا عملية. الكاتب النفسي جاك أنطوان مالاريويتش (51 عامًا) معالج ومحلل نفسي مختص في "علاج العلاقات الزوجية" منذ عشرين عاما. اشتغل أول أمره في القطاع الاستشفائي العام ثم فتح عيادة خاصة, وكتابه هذا صدر في يناير 2001 وأعيد طبعه عام 2002. وله بالإضافة إلى كتابه الحالي كتب أخرى منها: "عقدة الأمير الصغير: المراهقة في أزمة بين الطفولة غير المنتهية وسن النضج المستحيل بلوغه" (سبتمبر2003), و"الزوجية: أربعة عشر تعريفًا غير مشجعة ونافعة إذًا"(1999).
أسرة مجتثة(31/184)
أطلق المعالج الفرنسي على كتابه عنوانًا بليغًا فسماه "إعادة التفكير في الزوجين" وفسره بعبارة صغرى تحت العنوان الأكبر قائلاً: "الرجال والنساء: كيفية العيش معًا في هذا الزمان". وأكد الخبير في مطلع كتابه أن الأغلبية الساحقة من "مرضاه" هن نسوة وأن الرجال من أكبر الغائبين, وتؤكد إحصائيات أخرى أن 70% من حالات الطلاق المسجلة في فرنسا مثلاً تكون المرأة فيها هي صاحبة الطلب, وأن السبب الأول للفراق هو الزنى. فالأسرة في الغرب عمومًا وصلت إلى حال من التمزق والتشرذم أصبحت المرأة فيها سببًا وضحية. ومما رواه جاك أنطوان مالاريويتش في كتابه من شهادات هذه الحالة:
" هذه المرأة - التي سأسميها ميراي- لها إذًا طفل. انفصلت عن الأب منذ حوالي خمس سنوات, لكن أي إجراء من إجراءات الطلاق لم يتخذ لا من الرجل ولا من المرأة. أخذت تشرح لي طويلاً أن الرجل يعيش مع امرأة أخرى هي حامل منه. ودون أن تكون متأكدة قالت لي إن للرجل طفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات مع امرأة أخرى. وهو الآن عاطل عن العمل ويكافح من أجل الحصول على تعويضات من مشغل سابق له متعلقة بحادثة شغل. لم أفاجأ عندما علمت أنه لم يقدم لها أبدًا نفقاتها ولم يساعدها أدنى مساعدة. هذا هو حال الأب أو الوالد. أما الباقون فمن نفس الحال. ميراي لها أخوان اثنان أصغر منها. انفصل الأول عن زوجته ولم تعد تعلم عنه شيئًا منذ ثلاث سنوات, والثاني يسعى إلى إنشاء علاقة شاذة فاشلة مع زوج وأب لطفلين. أما الأب فقد انتحر منذ خمس عشرة سنة نتيجة مغامرات متتالية مع الإدمان وفي ظروف ما زالت غامضة وغير مفهومة إلى الآن. وأمها تعيش معها وتساعدها في العناية بولدها. وهذا الأخير موضوع الاستشارية العلاجية مهدد بالانزلاق في مهاوي الانحراف واجتمعت أمامه كل الشروط الممهدة."
معمل بويضات
حسب بعض الدراسات, 10% من الرجال المتزوجين لهم أطفال هم ليسوا آباء لهم. هذا يعني أن عددًا لا يستهان به من الآباء لهم أطفال لم يخرجوا من أصلابهم, وأن عددًا آخر من الأطفال لا يهتدون إلى آبائهم البيولوجيين. ولا يعلم سرهم وأصلهم إلا اللاتي ولدنهم أو كثير منهن) أكثر من 40% من الأطفال يولدون خارج الزواج في فرنسا, فأي تصور يحمله هؤلاء عن قوة الرباط الجامع بين أبويهم أو هشاشته. وكيف يمكن أن نمرر لهم فكرة المقدس وفكرة السلطة المرتبطة بمؤسسة الأمومة؟ هكذا انهارت صورة الرجل من أب إلى مجرد مصدر لصنع الحيوانات المنوية ولم يعد لديه الالتزام بما فوق الدافع الحيوي.
أصبح الآن من الممكن أن نتساءل الأسئلة التالية التي لم تكن تطرح من قبل: لماذا نتزوج؟ في أي لحظة من عمرنا نتزوج؟ كل شيء أصبح الآن متداخلاً بين الزواج والامتناع عن الزواج وتأخير الزواج والزواج ثم الطلاق ثم إعادة الزواج.
مستغنية عنه..
اكتشفت المرأة أن بإمكانها الاستغناء عن الرجل وأنها يمكن أن تعيش بدونه مع شعور كامل بأنها امرأة. وكما أسلفت القول فإن الرجل نفسه من المحتمل جدًا جدًا أن يكون أول من ساعدها على ذلك (...) واختزال الإنسان في الأذهان إلى مجر ماء(31/185)
مهين ليس شيئًا جديدًا. إن مرحلتنا التي تضع حداثتها حججًا جديدة تساعدهن على إعادة اكتشاف تفقير العلاقات العاطفية. وكما أسلفت القول فإن العمل النسائي وما نطلق عليه اسم التطور. تطورات الطب سهلت بشكل كبير إقامة منطق ييسر للمرأة تصور تربية طفل واحد أو أكثر وحدها وبطريقة أسهل من العقود الماضية.
امرأة "قوية جدا"!
ما هي العوامل التي تجتمع لتمكن هذه المرأة "الحداثية" بتصور عالم بغير رجل (رجال)؟
هذه المرأة تعرف جيدًا ماذا يعني أن تكون وحيدة. غير أنها معتمدة على ذاتها أكثر من أن تكون مستقلة. بمعنى آخر هي تعرف كيف تكون معتمدة على نفسها في نوع من الارتباط, لأنها ليست وحيدة بصورة تامة. وهذا الاعتماد الذاتي يعبر عن نفسه في المجال المالي كما يعبر عن نفسه في المجال العاطفي. يتعلق الأمر إذًا, بصورة عامة, بامرأة عاملة لها حياتها الاجتماعية الخاصة بفضل هذا العمل. وهي لا تنتمي لطبقة ذات امتيازات خاصة, ولكنها تعلمت كيف تدبر ماليتها. وفضلاً عن هذا فهي تعرف جيدًا حقوقها في الميدان الاجتماعي المهني. هي ليست محرومة لا عائل لها إلا إذا كانت غير مسنودة من أسرتها الأصلية.
استقلالها المالي لا يكفيها لتأمين اختياراتها العاطفية, فهي في حاجة إلى استقلال في هذا المجال. عليها إذًا أن تكون قادرة على التعبير عن استقلالها العاطفي أيضًا. بالنسبة لمراقب خارجي تبدو هذه المرأة قاسية وباردة. وبكل بداهة ذلك لا يكون بدون آلام "تدخلها" هذه المرأة في تعلمها للوحدة.
ومع شعورها بالتخوف والتردد تقيم مع الاستقلال المنشود علاقة مبهمة. محاولة تبنٍ كأنها تحدٍ وهو تخوف من الفراغ. ولتجاوز هذا الغموض تميل إلى الاعتماد على نساء أخريات يعشن الوضعية نفسها ويقاسمنها الشكوك نفسها. هذا الاستقلال يُبنى على مدى سنوات تتخلله لحظات متناوبة من الإحباط وارتفاع الهمة.
رجل كأنه طفل
وتريد هذه المرأة, ما أمكنها ذلك, أن تجتنب كل علاقة عاطفية مع البالغين الآخرين, وخصوصًا الرجال منهم. وكل ما يشبه قصة حب خطير عليها لا بد من إبعاده بقوة. وكل ما يمكن أن يشكل تهديدًا بالارتباط ينبغي اجتنابه. كل ما يمكن أن يظهر على أنه ضعف غير متصور لديه) بالنسبة للآخرين الذين تعتبرهم جاهلين تبدو لهم أنها تتخلى عن وضعيتها كامرأة, في حين أنها مقتنعة تمامًا بالعكس. إلا أنه بالنسبة لها أن تكون امرأة, هو قبل كل شيء, واستثناء أيضًا أن تكون أمًّا.
وهكذا نصل إلى هذا التناقض: في الوقت الذي تكافح فيه نساء من أجل تحسين علاقاتهن الزوجية, تتخلى أخريات عن هذه الغاية للاستغناء عن العلاقة الزوجية. هل المطالب مهمة جدًا؟ الرجال هم بالفعل مصدر إحباط؟ لا يبقى في النهاية سوى أن هؤلاء النسوة لا يلتقين الرجال إلا لماما لإرواء اللذة وكفى, وليس من أجل حياة يومية تجلب الصراع والشقاق والاختلاف وانعدام التفاهم. العلاقة الوحيدة المقبولة من لدنهن مع الرجل (للتذكير) مشروطة بأن يكون هذا الأخير طفلاً وأن يبقى طفلاً.
لا مكان للإرواء العاطفي(31/186)
وبداهة, ليس صحيحًا أن يقال إن هؤلاء النسوة لا جنسانية لهن. ويبدو صعبًا أيضًا أن نعتبر جنسانيتهن متفتحة راغبة رغم ـ أنهن يظهرن بعض التردد في الاعتراف بها.
وبالفعل, يتعلق الأمر بجنسانية تجد قيمها -دون علم منها- في رصيد قديم من المعتقدات الدينية الموروثة عن الثقافة اليونانية الرومانية. قيم تمكن - في حيز كبير منها- من تفسير قمع الديانة الكاثوليكية لكل شكل من أشكال الجنسانية التي لا تؤدي إلى النسل والولادة. والأهم بالنسبة للرجل هو ما يتفوق به على المرأة أي ماؤه الدافق. ماء اعتبرته المعرفة الطبية الغربية إلى غاية القرن الثامن عشر تدفقًا دماغيًا. فكل ضياع لهذا السائل وكل استخدام غير مشروع لا يمكن أن تتحمله الكنيسة ولا يجلب لصاحبه سوى غضبها وسخطها. ومن ثم كان لزامًا على النساء ألا يبحثن عن شيء آخر سوى ماء الولادة والتخصيب ولا مكان للإرواء العاطفي والارتباط المستمر. العلاقة الجنسية لم تكن سوى مناسبة لنقل المعلومات الصبغية الوراثية من الرجل للمرأة بلا إحساس ولا تعبير.
وهذه الجنسانية جديدة باعتبارها لا تسعى سوى إلى الولادة والإخصاب, جنسانية توريثية لا تلقي بالاً للعلاقات المعقدة للروح. جنسانية لا تعير اهتمامًا لمصير الولد ولا يقلقها ذلك.
إعادة بناء العلاقات
قبل أن يقدم المعالج النفساني الحلول التي يراها جديرة بإعادة الارتباط بين الزوجين وتمتين العلاقات فيما بينهما, يعرض لبزوغ مجموعة من الحركات والتيارات المراجعة لأوضاع الأسرة والعلاقات بين الزوجين. وهي تيارات ومجموعات وصفها بأنها تمتد من أقصى طرف في السذاجة إلى أقصى طرف في القلق. ويضرب لذلك بعض الأمثال:
غواية الصياد
تحت هذا العنوان يكشف الخبير المعالج عن ظهور مؤسسات جديدة لتعليم "فن الغواية والمراودة" للرجل. مؤسسات تشرف عليها نساء للعودة بالذكر إلى حالته البدائية حيث لا يتكلم إلا قليلاً, تكفي قوته الجسدية لتسكت الآخرين وتجعل كلمته هي العليا. إنه "صياد جيد, وكما هو معروف, مثل الحيوان لا يتكلم". وهو أيضا يستجمع شخصيته في نظرة عينيه, بها يبصر الفريسة ويحددها وسط القطيع وينقض عليها. "الصياد الماهر يشبه المنوم المغناطيسي". وهو بالإضافة إلى كل هذا ينقل المرأة إلى عالم الأحلام, وبكلمات بسيطة قليلة يستطيع الفوز بالقطعة المرجوة، وربما اقتضى الأمر ما دون الكلمات, أي نخيرا كنخير فحول الحيوانات. "وأفضل فريسة لديه تلك التي تقبل - ببداهة واستسلام- التضحية والموت مسرورة نشيطة".
الرجال الحقيقيون
"الرجال الحقيقيون يعودون في الولايات المتحدة, وفي البلدان الأخرى المصابة بالحنين المازوخي. يعودون على الأقل في شكل مجموعات صغيرة, لكنها نشيطة جدًا وحاضرة بقوة في وسائل الإعلام, وخاصة في شبكات الإنترنت. يختارون الأسماء لأنفسهم مثل "بروميس كيبير" أي "الأوفياء بوعودهم", أو "أنغري وايت مالز" أي "الرجال البيض الغاضبون". في أوروبا, وخاصة في سويسرا, يتطور(31/187)
"منتدى الرجال", وهو تجمع يتماثل مع "الأوفياء بوعودهم". وهذه التيارات الصاعدة تعكس الواقع المؤلم والبئيس الذي توجد فيه وضعية الرجل والمرأة في الغرب عمومًا بعد العاصفة الحداثية التي شتت عشها ضياع القيم والبوصلة الهادية. منتدى "الأوفياء بوعودهم" مجموعة دينية أو متعاطفة مع التيار الديني, ولدت في الولايات المتحدة عام 1990 على يد "بيل ماكارثي" القادم من منطقة "كولورادو", اشتغل مدربًا لفريق كرة القدم الأمريكي إلى سنة 1995. يرى أن الرجال مسؤولون عن أهم المشاكل الموجودة بأمريكا. فهم الذين تخلوا عن التزاماتهم وهم الذين تركوا الفوضى الأخلاقية والاجتماعية تنتشر وسط الإباحية والعنف... وعليهم اليوم أن يتحملوا مسؤوليتهم ويجددوا التزاماتهم ابتداءً من أسرهم وانتهاءً بمجتمعهم. عليهم أن يعودوا مندمجين وطاهرين. ويحتل الإنجيل مكانة عالية لدى هؤلاء الرجال, ويوظفوا مقاطع منه في مواجهة حركات الإجهاض والشذوذ الجنسي وتحرير المرأة. ويحمل خطابهم عنصرية واضحة متعصبة للرجل الأبيض, مصحوبة بالشعور بالاختيار الإلهي لهم لإنقاذ البلد والعالم. عرفت هذه الجماعة أوجها في 1997 عندما حشدت في إحدى تجمعاتها بواشنطن حوالي 500 ألف مشارك. وعلى نفس المنوال والمثال ظهرت منظمات نسائية تحمل الأفكار والقيم ذاتها تسند ظهر المنظمات الذكورية وتملأ فراغ الساحة النسائية وتواجه الحركات النسائية المتحررة.
حلول الخبراء
عبر المعالج المتخصص في العلاقة بين الزوجين عن حساسية وظيفته وخطورتها, في الوقت الذي ينتظر فيه الطرفان المتخاصمان المتباعدان أن يكون إلى جانب أحدهما, أو يقدم لهما الحل الناجع. وفي طريق العلاج اقترح الخبير خطوات عملية للاستماع إلى الطرفين معًا, لكنه ركز على سؤالين هامين لا بد من الإجابة عنهما، وهما "لماذا" و "كيف", حتى إذا اتضحت الحالة أمام الطرفين دفعهما الخبير إلى بذل مجهود مضاعف للتحول الذاتي لديهما معًا, وإعادة الاعتبار لكل طرف, والتخلي عن الصور الموروثة للأسرة الأصلية التي جاء منها الزوجان.
ويقترح الخبير المعالج للعلاقات بين الأزواج "عقدًا جديدًا" بين الزوجين عندما تصل علاقاتهما إلى نقطة الانسداد التام. تجديد العقد -حسب هذا الخبير- يمكَّن الزوجين من إعادة تحديد وتعريف العلاقات بين الطرفين. اتفاق أشبه ما يكون بزواج جديد تحدد فيه الأهداف والوسائل بدقة, غير أنه أبعد ما يكون عن الزواج لأول مرة بين المتزوجين الشباب. الأهداف ليست كثيرة ولكنها تقصد إبقاء العلاقات حتى لا ينفرط العقد ويضيع الأطفال.
التحولات الكبرى
يختم جاك أنطوان مالاريويتش كتابه القيم بخاتمة يجمع فيها أفكاره ويجملها, كما يضيف إليها ما لم يتمكن من قوله في صلب الكتاب. ومن أهم ما قاله في الخاتمة تحليله الجامع لأوضاع الأسرة عمومًا, والمرأة خصوصًا, وعرضه للتحولات الكبرى التي لم تستقر بعد. قال الكاتب في هذا السياق: "نحن خاضعون لنوعين اثنين من القوى. الأولى: هي القوة المالية التي تختفي بسهولة وراء ذريعة العولمة. الثانية: هي القوة التكنولوجية التي تحاول دوما ارتداء ملابس التقدم, وهو شيء صعب عليها(31/188)
منذ اكتشاف الذرة. وهاتان القوتان تؤديان بنا حتما إلى قبول تحولات كبرى في طريقة عيشنا وعلاقاتنا مع الآخرين, وخاصة أولئك الأكثر قربًا منا, أي ما بين الزوجين والأسرة." ويشير المعالج إلى الانعكاس الأكبر للتحولات المقصودة على النساء بصفة أساسية, ومشاركة الحركات النسوانية فيما حصل, وشكواهن من أضرار التحولات وآلامها. قال عن هذا الأمر: "هؤلاء النسوة يشتكين من الرجال, وقد أعطيت أمثلة كثيرة عن ذلك. إنهن يظهرن كأنهن ضحايا العنف الذكوري. ولكن, ربما كن في حاجة إلى معرفة أنهن شريكات بالقدر نفسه الذي يتحمل به شركاؤهم هذه التحولات, فذلك أمر يعني الجميع." ويزداد الأمر جلاء عندما يحدثنا عن موقف الرجال وسلوكهم المتجاهل لما يحدث, سلوك يعكس الخوف والقلق العميق: "الرجال أصعب في "التعبئة", ولكن لأسباب أخرى ذات علاقة بالقلق والتخوف. إنهم خائفون من تحولات لا يتحكمون فيها جيدا, ويشعرون أنهم "أُصيبوا" بها. ولذلك, يميلون إلى تجاهلها, أو يتركون أمرها لصاحباتهم أو لمعالجيهم إذا لو التقوهم."
ـــــــــــــــــــ
تعدد الزوجات مشكلة أم حل للمشكلات؟!
تحقيق: عواطف عبد الحميد 12/11/1424
04/01/2004
- التغريب والموروثات الاجتماعية والإعلام وراء تشويه سمعة تعدد الزوجات
هل يمثل تعدد الزوجات مشكلة، أم هو حل للمشكلات الأسرية والاجتماعية؟ هل تكفي زوجة واحدة ؟ .. أم أن التعدد مطروح كحل يجب اللجوء إليه فقط عند الضرورة ؟ لماذا تثار هذه القضية كثيراً في الفترة الأخيرة؟ هل بسبب المشكلات التي يواجهها المجتمع العربي: العنوسة وارتفاع سن الزواج، أم أنها رخصة وأمر مباح يستغله الرجال على حساب النساء؟.
الأرقام الإحصائية تشير إلى أن ظاهرة الزواج المتعدد ليست واسعة الانتشار في البلدان العربية، وطبقاً للإحصائيات المتاحة فإن النسبة في مصر هي 4% من حالات الزواج، وتزيد قليلاً لتصل إلى حوالي 5% في سوريا والعراق بينما تصل في دول الخليج إلى نحو 8% ، لكن هذه الأرقام الرسمية لا تعبر عن واقع الحال، حيث توجد نسبة أخرى من الحالات تمثل الزواج غير الرسمي أو غير الموثق الذي يطلق عليه أحياناً "العرفي" أو "السري"؛ لكن الغريب أن تصدر في بلادنا الإسلامية قوانين لمنع وتقيد تعدد الزوجات؛ ففي المغرب يذكر أن الملك الحسن الثاني كان قد أدخل تعديلات مهمة على مدونة الأحوال الشخصية في مطلع التسعينيات، ومن أهم تلك التعديلات: منع زواج الشخص المتزوج إلا بإذن صريح ومكتوب من زوجته، وتوفر وثيقة طبية تثبت سلامة الشخص من أي مرض ... وغيرها،
و يتراوح الاتجاه الاجتماعي لتعدد الزوجات في المجتمعات العربية بين التسامح مع الظاهرة وقبولها في دول الخليج إلى القبول الجزئي في أماكن أخرى مثل المجتمع المصري، أو الرفض التام والمنع بموجب قوانين مثل ما يحدث في تونس، ولكن في بلد آخر هو السودان هناك دعوة رسمية وتشجيع لتعدد الزوجات، لكن الغالب أن(31/189)
(وصمةً) ما ارتبطت بالزواج المتعدد، ونظرة عامة اجتماعية لا ترحب بتكرار الزواج وتنظر لمن يفعل ذلك على أنه قام بعمل غير مقبول!.
ولكن ما رأي النساء والرجال في قضية تعدد الزوجات؟ وهل أصبح تعدد الزوجات قضية سيئة السمعة في بلادنا الإسلامية رغم شرعيتها؟ وما السبب في ذلك؟.
نساء ورجال يشجعن التعدد
يقول محمد عبد الكريم –مهندس-: على الرغم أنني لم أفكر بعد في تعدد الزوجات أو الزواج على زوجتي، لكنني أقول إن الزوجة هي المسؤولة عن زواج زوجها بأخرى؛ فالزوجة التي تهمل بيتها وزوجها تستحق أن تعاقب بالزوجة الشريكة ما دام الزوج قد بذل جهده لإصلاحها ونصحها وتوضيح خطئها، وفي الحياة نماذج كثيرة لزوجات مهملات لمتطلبات واحتياجات الزوج يتزوج عليهن أزواجهن؛ فيراجعن أنفسهن ويعترفن بالخطأ بعد فوات الأوان.
ويقول أحمد كمال -مدرس-: أؤيد فكرة الزواج الثاني ولكن إذا مرضت الزوجة الأولي، ولم تعد قادرة على تلبية مطالب زوجها، هنا تكون فكرة تعدد الزوجات أمرًا مشروعًا.
وأما عبد الحليم محمد -صاحب مزرعة-؛ فيقول: أنا متزوج من اثنتين وكنت في الحقيقة غير مقتنع بالفكرة، ولكن زوجتي الأولى اقنعتني لأنها لا تنجب، وأنا احترمها جدًا وأحبها كثيرًا، ولكنني كنت أتمني أن يكون لي طفل، ووجدت بالفعل أن الزواج الثاني هو الحل لمشكلتي، وقد قبلته هي مني، وطلبت أن أبقي عليها في عصمتي ولا أطلقها، وبالفعل هي تعيش في راحة تامة، ويسود التفاهم بين الزوجتين وحتى أطفالي من الزوجة الثانية ينادونها بأمي، لأنها تعاملهم معاملة الأم.
وإضافة إلي آراء الرجال؛ فهنا بعض النساء أيضاً يؤيدن فكرة تعدد الزوجات؛ فتقول فاطمة صلاح -ربة منزل-: قد تكون الفكرة صعبة على المرأة في بدايتها، لكن لو نظرنا إلى القضية بنظرة أكثر شمولية؛ سنجد أن تعدد الزوجات في الأساس يعتبر رادعًا للمرأة إذا تجاوزت حدودها مع زوجها، وفشلت كل الأساليب والحلول لإصلاحها؛ وبالتالي كما أنه أيضا يحل مشكلة العنوسة التي ازدادت هذه الأيام فالمرأة لا بد لها من زوج يحقق لها الحماية والاستقرار، ويوفر لها الأمان بدلاً من المضي في دروب الانحراف والضياع.
وتقول السيدة ألفت حسين –محامية-: ما دام الرجل قادرًا ماديًّا أن يتزوج من أخرى، وقادر على العدل بين زوجاته؛ فلم نحرم الأخريات من الزواج برجل متزوج ما دام يوفر للزوجتين كافة حقوقهن ولا يظلم أيًّا منهن؟.
وتعدد الزوجات لا يضر المرأة بشيء إذا أسعدت زوجها وحققت له السعادة؛ فليس مهمًّا أن تكون لديه زوجة أو اثنتان، وهذا أفضل لها بدلاً أن يتخذ زوجها خليلة أو صديقة أو يطلقها أو ينحرف أو يصاحب أصدقاء السوء فتعدد الزوجات أسلم للمرأة.
وتقول نوال محمود -وهي زوجة ثانية -: على الرغم من أن تعدد الزوجات أمر أقره الشرع؛ إلا أن اعتراف المجتمع به في بلادنا يأتي على استحياء، حيث يتهم الرجل بـ " فراغة العين " وأنه جاحد وناكر لجميل زوجته الأولى التي ربما تذيقه الأمرين(31/190)
محتمية بوضعها كأم أولاده، وبتعاطف الأهل والأقارب فهي المظلومة، مهيضة الجناح، المغلوبة على أمرها.
وعلى جانب الطرف الآخر؛ وهو الزوجة الجديدة نجد نظرة الاتهام توجه لها على اعتبار أنها المسؤولة عن عذاب امرأة مثلها لأنها أخطفت زوجها، وأنها المشجعة والمحرضة الأولى للرجل في الإقدام على تلك الخطوة، ويجب أن تتحمل أي مشكلة أو أزمة بعد زواجها - كنوع من العقاب - لأنها وافقت منذ البداية على الزواج من رجل متزوج.
فهل يستطيع المجتمع حل مشكلة رجل وقع في شرك سوء الاختيار في بداية حياته مع زوجة لم تفهمه أو تلبي احتياجاته، أو ربما تزوجها تحت ضغط الأهل ...إلخ؟ أيهما أشرف للرجل وللزوجة الأولى نفسها: أن يتزوج عليها، أم يخونها؟!.
فمتى يفهم المجتمع أن ما يقره الشرع خير ألف مرة من الوقوع في الخطيئة التي يدفع إليها الرجل دفعاً ثم يعاقبه عليها!.
وتختم السيدة نوال محمود دفاعها بقولها: مع كل ذلك أنا لا أؤيد موضوع التعدد على المطلق، بل لابد أن يكون بدوافع قوية، ولحالات خاصة تحددها ظروف كل من الرجل والزوجة الثانية، وأن يأتي التعدد كحل لمشكلة قائمة بالفعل وليس البحث - ببلاهة - عن مشكلة جديدة.
نساء يعارضن تعدد الزوجات
تقول إيمان سيد -مدرسة-: تعدد الزوجات في أغلب الأحوال لا يحل المشاكل بل يعقدها؛ لأن الزوج يميل إلى الزوجة الجديدة، ويقدم لها كل حبه واهتمامه ويهمل الأخرى ولا يسأل عنها؛ بل يتجاهلها دون أن يفكر في حاجتها إليه وحاجة أطفاله لوجوده ولرعايته لهم.. وتشير إيمان إلى أن الزوج في أغلب الأحوال ينكر الجميل ويجحد مواقف زوجته إزاءه، وأول ما تصاب بمرض معين يقعدها في الفراش فترة معينة يفكر مباشرة في الزواج عليها متعللاً بمرض زوجته دون أن يسعى لعلاجها.
تقول حنان علي -ربة منزل-: لا شك في أن تعدّد الزوجات قد ألحق ظلماً بالمرأة؛ ففي التعدد هوى للرجل، وإن كان ثمة مصلحة لأحد الطرفين في التشريع له، ففيه للرجل مصلحة أكثر مما فيه للمرأة. ولا جدال في ذلك.. فتعدد الزوجات ليس حلاً لمشكلة العنوسة الموجودة داخل المجتمعات العربية الموجودة، فحل المشكلة عن طريق التعدد سينجم عنه مشكلة أكبر وهي الطلاق؛ وذلك لأن الكثير من الزوجات لن تقبل بوجود امرأة أخرى في حياة زوجها!.
فكيف نطالب النساء المتزوجات بفتح بيوتهن على مصراعيها لاستقبال الزوجات المستجدات وهدم الاستقرار؟ هل هذا يعقل؟؟ أنا ضد بناء سعادة بيتي على تعاسة بيت آخر..
أما نادية مصطفى –طالبة- فترى أن زواجها من رجل متزوج له حياته وأسرته أمر صعب على النفس ولا يمكن أن تتقبله، وتقول: إنني بذلك أهدم كل ما بناه هو وأسرته، كذلك لو قبلت الزواج من رجل متزوج، فهذا يعني أن أقبل بزواجه عليّ من امرأة أخرى بعد ذلك، وهو أمر لا أرضاه لنفسي، وبالتالي لا أرضاه لامرأة غيري.(31/191)
وتقول جيهان مسعود - زوجة أولى تزوج عليها زوجها-: أنا ضد موضوع تعدد الزوجات تماماً، يكفي أنني فقدت الاستقرار في حياتي بعدما تزوج زوجي ولم أعد أجده بجواري.
وتضيف.. زواج الرجل بأكثر من واحدة لا يبرر طلب الطلاق، كما أنني أحب زوجي ولا أستطيع أن أحرم أولادي منه. وبالتالي أحاول التكيف راضية بالأمر الواقع.
رأي الشرع
وحول رأى الشرع في قضية تعدد الزوجات وأبعادها يقول الدكتور طه أبو كريشة -نائب رئيس جامعة الأزهر-: بداية لابد أن نسلم بأن تعدد الزوجات جائز شرعاً كما جاءت الإشارة إلى ذلك في كتاب الله تعالي وسنة رسوله -صلي الله عليه وسلم-، ولكن التعدد بزوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة مشروط بشرط عام، هذا الشرط هو التأكد من إقامة تحقيق جميع الحقوق الواجب تحقيقها بالنسبة لكل زوجة من حيث النفقة والسكن والنفقة ومتطلبات الحياة التي تطلب من أي قائم على الزواج، كما يشير إلي ذلك قول النبي -صلي الله عليه وسلم-: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم" فما يشترط في الزواج الأول يشترط في الثاني والثالث والرابع، والإسلام حينما شرع التعدد إنما كان ذلك لمعالجة بعض المشكلات التي تظهر في مجتمع من المجتمعات، ومنها علي سبيل المثال زيادة عدد الرجال على عدد النساء نتيجة الحروب أو أسباب أخرى، عندها يكون من الأفضل للمرأة والأكرم لها أن تكون زوجة ثانية أفضل من لا زوج، فالحلال بيِّن والحرام بيِّن.
هذا عن الحالة العامة للمجتمع - كما يقول الدكتور طه-؛ أما الحالات الخاصة فيضيف قائلاً: من الحالات أيضاً التي يباح فيها التعدد أن تكون الزوجة مريضة مرضاً يعوقها عن أداء مهامها الزوجية في هذه الحالة يصير من الأفضل للزوج وللزوجة أيضاً أن يتزوج بأخرى على أن تظل الزوجة الأولى تحت رعايته، كذلك الأمر عندما تكون الزوجة عقيماً لا تنجب وفي الوقت نفسه يكون زوجها يشتاق إلى الذرية والأبناء هنا يصبح من الأفضل أن يتزوج بأخرى، وتظل الأولى لها مكانتها دون أن يطلقها.
ويؤكد د. طه أن الأصل إذًا في التعدد هو الإباحة لكنها إباحة مشروطة.
التغريب والموروثات اجتماعية
يؤكد الدكتور محمد المنسي -أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم. جامعة القاهرة- أن رفض التعدد في بعض المجتمعات سببه مجرد موروثات اجتماعية حيث كان الظاهر أن من يتزوج باثنتين يكون ظالماً مع إحداهما؛ فالخطأ هنا ليس في التشريع ولكن في التطبيق، السبب الثاني هو الثقافة الاجتماعية التي شاعت في الأجيال الجديدة، والتي أدت إلى النظر لموضوع التعدد من منظور غربي واستبعاده أحياناً كحل مفيد وآمن للعديد من المشاكل الاجتماعية.(31/192)
كما أن وسائل الإعلام في بعض البلدان العربية أيضاً - كما يقول د. المنسي - تعارض فكرة التعدد؛ بل وتظهرها بشكل منفر جداً الأمر الذي يجعل المجتمع ينفر منها.
والسبب الثالث -وعلى حد قول د. المنسي-: القوانين الجديدة، فبعض المجتمعات التي تطالب بضرورة إبلاغ الزوج للزوجة الأولي بأنه يريد الزواج بأخرى وهو أمر صعب، كما أن الظروف الاقتصادية التي منعت الكثير من الرجال بالتزامات الزواج حتى بواحدة صعبت أمر التعدد.
ويري د. المنسي أن في تعدد الزوجات أمرًا مشروعًا وحلاً لكثير من المشكلات الاجتماعية؛ فهو يتيح الفرصة لكثيرات ممن فاتهن قطار الزواج أو طلقت أو توفي عنها زوجها أن تشعر بشيء من الاستقرار والأمان في كنف رجل يرعاها، الأمر فقط يحتاج إلى منهج إسلامي وثقافة إسلامية في التعامل مع القضية.
الخطأ في التنفيذ
أما الدكتورة عزة كريم -أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث-؛ فتؤكد أن التعدد وإن كان مقبولاً شرعاً إلا أن المنفذ لأمر التعدد لا يراعي الضوابط التي وضعها الشرع حين شرع التعدد، حيث يصير للرجل الأمر المطلق والحرية الكاملة في الاستفادة من الرخصة الشرعية دون مراعاة لحق الزوجة الأولي أو دون مراعاة لشرط العدل، وهو ما يخلق نوعاً من الصراع والشعور بالإحباط بين نساء المجتمع، فلم يعد الزواج الثاني يتم إلا بغرض إشباع النزوات فقط، دون النظر إلى كونه وسيلة من وسائل إصلاح خلل ما في المجتمع كارتفاع نسبة العنوسة وما إلى ذلك
ـــــــــــــــــــ
كأني ومالكاً لم نبت ليلة معاً
فوزية الخليوي 27/10/1424
21/12/2003
وكنا كندمانَيْ جذيمة حقبة ... ...
من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فلما تفرقنا كأني ومالكاً ... ...
لطول اجتماع لم نبت ليلة معاً
لا أدري لم تتبادر إلى ذهني هذه الأبيات بعد السماع عن حادثة انفصال بين زوجين مستقرين !! أو عند كل شقاق عاطفي يتأزم!!
وأعتقد أن كلاًّ من الزوجين سيردد معي هذه الأبيات معيدين إلى أذهانهما الذكريات الجميلة التي قضياها معاً!.
فما أن يلقي الرجل عصا الترحال، ويرتبط برباط الزوجية واضعاً في اعتباره المسؤوليات المناطة على كاهله، عازماً على القيام بها على خير وجه! وكذلك تفعل المرأة، حيث يبدأ حينئذٍ عطاؤها اللامحدود، فتكون بحق راعية لبيتها، ولشؤون أبنائها! وتعقد على زوجها جميع الآمال بما فيها الوفاء، المحبة، الإخلاص، ولا شك أن العديد من الخلافات ستتخلل هذه الفترة وأصعبها هي التي تصل إلى حد الانفصال!.(31/193)
فما هي طبيعة هذا الخلاف؟!
وما الذي يجعل المرأة تثور في لحظة قد تكون في ظاهرها لحظة صفاء وهدوء؟!
والسبب... أنه عندما تستشكل الأفهام، وتنغلق الأسماع، عند أي مشكلة زوجية، يبدأ الرجل فوراً بتوجيه سلاحه إلى الزوجة! فيجعله خلاف بين (الرجولة والأنوثة)؟! فيتغير الخلاف من خلاف حول فكرة، أو رأي أو كلمة، إلى خلاف بين الرجولة (القوة) والأنوثة ( الضعف)!.
فيلجأ الرجل فوراً إلى مخزونه الاحتياطي!
فإما أن تمتد يده ببعض اللكمات!
أو يهدد بحرمانها من الأبناء!
فما حال المرأة حينها حينما تفجع:
إما بكرامتها من جراء اللكمات؟!
أو بزوجها الذي ستفقده بالطلاق؟!
أو بأمومتها التي ستفقدها بفقد الأبناء؟!
فمن جراء هذه الجراحات التي توالت على كبرياء الزوجة، وإهدار كرامتها، وسحق آدميتها، تثور فيها الأنثى؟! مما يجعلها تتمسك بموقفها حتى وإن ترددت في قرارة نفسها حفاظاً على كبريائها أمام الرجل! الذي ما لبث منذ برهة أن استخدم ضدها أسلحته الفتاكة متناسياً ضعفها كامرأة لا حول لها ولا قوة!.
فمن الخطأ اللجوء لأسلوب الوعيد والتهديد بترك المنزل أو أخذ الأبناء عند أي مشكلة، وكأن الطرف الآخر طفل يحتاج لشد الأذن من فترة لأخرى!.
وهذا مصداق حديث نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم-: "إن المرأة كالضلع إن ذهبت تقيمها كسرتها، وإن تركتها استمتعت بها على عوج" [رواه مسلم].
وما أجمل ما قاله قيس للُبنى:
هبيني امرأ إن تحسني فهو شاكر ... ...
لذاك، وإن لم تحسني فهو صافح
حتى لا تكوني شقية!
لقد أصابت تلك المرأة كبد الحقيقة، عندما قالت لأهلها، بعدما طلقها الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند الدخول بها، فقالت: أعوذ بالله منك؟!
فقال: لقد عذت بعظيم ارجعي إلى أهلك.
فرجعت وقالت: سمّوني الشقية!
ورفيقات تلك الشقية كثيرات عبر التاريخ الإنساني للمرأة إلى وقتنا الحالي!.
فكم من المواقف العابرة خسرت بها المرأة الرجل، وتقوضت أركان بيتها! بسبب تعليقات عابرة ولكن كانت سهامها نافذة، وجراحها مدمية، أصابت الرجل في إحدى مقاتله!.
كما خسرت هذه المرأة رسول البشرية!.
هذه ميسون زوجة معاوية بن أبي سفيان تنشد:
لبيت تخفق الأرواح فيه أحب إليّ من قصر مشيد
فطلقها وأرسلها إلى البادية، فخسرت خليفة الأمة!(31/194)
وهذه لبابه بنت الحسين، عندما رمى لها هشام بن عبد الملك بتفاحة بعدما عضها! دعت بسكين لتقطعها، فقال لماذا؟
فقالت: أميط عنها الأذى؛ فطلقها، فخسرت خليفة الأمة.
وفي الوقت الذي ضلت فيه كبيرات القوم وسيداته، وأبعدن النجعة في فهم طبيعة الرجل، وسبر أغواره، فهمت تلك الأعرابية بذكائها الفطري كنه أسراره.
فقالت: إن انطق أطلق، وإن أسكت أعلق!
ولله در أم صالح زوجة الإمام أحمد بن حنبل، عندما قال فيها: مكثت أنا وأم صالح ثلاثين سنة لم نختلف أنا وهي في كلمة!
ولعل هذه المقولة صائبة – إن الزواج الموفق مزيج من زوج لا يسمع، وزوجة لا ترى.
طبيعة بشرية أم سنة كونية؟!
تبقى أحاديث رسول البشرية جمعاء نبراسًا يضيء للأمة في كل زمان ومكان، يفوق جميع الدراسات الإنسانية، والاجتماعية، عندما يقرر حقائق الفطرة والطبيعة البشرية؛ ففي الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- قال : " إياكن وكفر النعمة".
قلت : يا رسول الله ما كفر النعمة؟
قال: لعل إحداكن تطول أيمتها من أبويها ثم يرزقها الله زوجاً ويرزقها منه ولداً، فتغضب الغضبة تكفر؛ فتقول: ما رأيت منك خيراً قط؟ [رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني].
فقد أصاب كبد الحقيقة، وقرر طبيعة المرأة التي جبلها الله عليها، ولعلي أسوق هنا بعضاً من الآثار التي تثبت هذه الجبلة في المرأة، راجية أن يتفهم الرجل ذلك فيها ويغض الطرف عن بعض هناتها.
فابتداء من المشرق، حيث خرج الرشيد يوماً من عند زبيدة وهو يضحك، فقيل له: لم تضحك يا أمير المؤمنين؟
فقال: دخلت اليوم إلى هذه المرأة ( يعني زبيدة) فأقلت عندها وبت، فما استيقظت إلا على صوت ذهب يُصب.
قالوا: هذه ثلاثمائة ألف دينار قدمت من مصر.
فقالت زبيدة: هبها إلي يا ابن العم.
فقلت : هي لك ثم ما خرجت حتى عربدت عليّ وقالت: أي خير رأيته منك؟
ونهاية بالغرب حيث اعتماد الرميكية زوجة المعتمد بن عباد: أترف أهل زمانه، فقد دخل عليها وهي تنظر من نافذة القصر على شاطئ النهر، فسألها فأشارت إلى جوار كن يملأن ماءً من النهر وهن حافيات في الطين، فأمر المعتمد بماء الورد وعجن مع المسك والسكر، وجعل في ساحة القصر، فأخذت تسير فيه، فقالت له يوماً: لم أر منك خيراً قط!
فقال: ولا يوم الطين؟!
ومن زوجة أحد الصحابة الفضلاء، والقواد الأفذاذ سعد بن أبي وقاص، وأثناء معركة القادسية حين كان في القصر لقروح أصابته، وعنده امرأته سلمى بنت حفص، وكانت قبله عند المثنى بن حارثة أحد القواد الأفذاذ الذين قتلوا؛ فلما فرت(31/195)
الخيل فزعت وقالت : وامثنياه ولا مثنى لي اليوم؟ فغضب سعد من ذلك ولطم وجهها!.
فقالت: أغيرة وجبناً؟! (يعني أنها تعيره بجلوسه في القصر أثناء الحرب وهذا عناد منها لأنها أعلم بمرضه).
أما في الجاهلية حيث كان صخر أخو الخنساء، في أشد ما يكون من المرض، وكانت أمه وزوجته سلمى تمرضانه، فضجرت زوجته منه فمرت بها امرأة فسألتها عن حاله فقالت: لا هو حي فيرجى ولا ميت فينسى.
فسمعها صخر فقال:
أرى أم صخر لا تمل عيادتي ... ...
وملت سليمى موضعي ومكاني
لعمري لقد نبهت من كان نائماً ... ...
وأسمعت من كانت له أذنان
وأي امرئ ساوى بأمٍّ حليلةً ... ...
فلا عاش إلا في شقا وهوان
أهم بأمر الحزم لو أستطيعه ... ...
وقد حيل بين العير والنزوان
أما على الصعيد اليومي عند المرأة: فقد أكدت الإحصاءات أن 90 بالمائة من الزوجات يسألن أزواجهن يومياً هذه الأسئلة: لماذا تأخرت؟ إلى أين أنت ذاهب؟ هل ستعود باكراً؟ مع من تتكلم في الهاتف؟ وإن تغيرت لدى كل منهم صيغة السؤال وطريقة طرحه؟
وأكدت هذه الإحصاءات أن هذه الأسئلة سبب معظم مشاحنات الأزواج أو على الأقل السبب في بدئها.
والحديث في هذا الباب ذو شجون!
وليس لك إلا أن تردد بعد هذه القناعة قول الشاعر:
ومكلف الأيام ضد طباعها ... ...
متطلبٌ في الماء جذوة نار
الوفاء للطرف الآخر
بعد أن يُقدر الله الفرقة أو الشقاق بين الزوجين، يجب أن يتسما بالهدوء، والعقلانية حفاظاً على اللحظات الجميلة التي قضياها سوياً، والذرية التقية التي أنجباها معاً من أن تدنسها الترهات وتُكال لها الاتهامات.
لكل اجتماع من خليلين فرقة ... ...
وكل الذي دون الممات قليل
وإن افتقادي واحداً بعد واحد ... ...
دليل على أن لا يدوم خليل
فهذا نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم- كما قالت عنه عائشة رضي الله عنها: "ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة، ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين،(31/196)
لما كنت أسمعه يذكرها ولقد أمره ربه -عز وجل- أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب، وإن كان ليذبح الشاة ثم يهدي في خلائلها منها" [رواه البخاري].
ولقد ضربت بعض النساء أروع الأمثلة في الوفاء للطرف الآخر:
تزوج علي بن أبي طالب أسماء بنت عميس؛ فتفاخر أبناها محمد بن جعفر ومحمد بن أبي بكر، فقال كل منهما: أنا أكرم منك وأبي خير من أبيك!
فقال لها علي: اقضي بينهما يا أسماء
فقالت: ما رأيت شاباً من العرب خيراً من جعفر، ولا رأيت كهلاً خيرًا من أبي بكر.
فقال لها علي: ما تركت لنا شيئا ًولو قلت غير الذي قلت لمقتُّكِ.
فقالت : إن ثلاثة أنت أخسهم لخيار.
قيل لهند بنت أسماء بن خارجه وكانت قد تزوجت بعدة أزواج: من أعز أزواجك عندك وأكرمهم عليك؟
فقالت : ما أكرم النساء أحد إكرام بشير بن مروان، ولا هاب النساء هيبة الحجاج بن يوسف، وودت أن القيامة قد قامت فأرى عبيد الله بن زياد، وأشتفي من حديثه والنظر إليه، وكان من أول أزواجها.
ـــــــــــــــــــ
كنز اسمه لعل
هناء الحمراني 20/10/1424
14/12/2003
هناك كثير من المشكلات التي تمر علينا في حياتنا اليومية، ننظر إليها بعواطفنا فنشعر أننا دائماً مظلومين وطيبين أكثر مما يجب، وأن الأطراف الأخرى مخطئة ظالمة وشريرة، تأتي إليك رفيقتك شاكية: حدث بيني وبين زوجي خلاف وأنت تعرفين طبيعتي؛ لا أحب أن أظلم أحداً، ولقد كان هو المخطئ و... تسترسل صاحبتنا لتحكي لك قصة خلافها مع زوجها القاسي!.
لنفترض أنكِ إنسان عاقل ولستِ ممن يحبون (التحريش) وتخريب البيوت، فتنساب الكلمات الناصحة من فمك تلقائياً وبحسن نية: الحق معك، ولكن اصبري عليه فهو زوجك ورفيق دربك وجنتك ونارك، وليس للمرأة العاقلة إلا أن تصبر وتتحمل، و .. تسترسلين أنت أيضاً لتحكي لها قصص البطولات النسائية في مضمار الصبر على الأزواج.
وبعد أن تهدأ أعصاب رفيقتك، تتعشم لك شاكرة: فعلاً أنت الصديقة الصدوق، لا بد أن أصبر عليه: جزاك الله خيراً، وتقوم داعية لك بكل خير.
ولنتخيل حالها مع زوجها بعد ذلك، إن المبدأ الذي سوف تمارسه معه هو مبدأ (الصبر) ولكن, وإن كان الصبر على الأذى محموداً لننال الرضى، فإن هناك كنزاً آخر يمكنك أن تهديه رفيقتك ليظل معها في كل موقف تواجهه في حياتها، وعندما تعرفين ما هو هذا الكنز، فسوف تعرفين قيمته في حياة كل إنسان يريد أن يحقق معنى الأخوة الحقة في الله.
لنسر مع الموقف خطوة خطوة.(31/197)
المشكلة – أي مشكلة – تتكون من أكثر من طرف، جاءك أحد هذه الأطراف ليحكي القصة كما يراها هو والطرف الآخر قد لا يأتي ليقدم أقواله أمامك لكي تري من هو المخطئ فعلاً.
كل من يحكي مشاكله، لا يحكيها بعواطف محايدة، إنما يحكيها كما يراها هو، وبما لديه من مشاعر سلبية تجاه الطرف الآخر، فلا يرى أخطاء ذاته، أو يتجاهلها فلا يذكرها لك.
قد لا يكون الطرف الآخر مخطئاً على الإطلاق، وهذا لا يعني أن صاحبتنا الشاكية كاذبة، ولكن لسوء تعاملها مع الموقف رأته خطأً فادحاً فنقلت لك الموقف بهذه الصورة.
بعد هذه الملاحظات على (وثيقة الشكوى) التي قدمتها رفيقتك لننظر إلى الكنز الذي نريد منك تقديمه لها كهدية تبقى معها إلى الأبد. ولنبدأ بجملتك (الحق معك) أظن أنك ستقومين بتغييرها بعد أن افترضت أن الحق مع الطرف الآخر. و(اصبري) ليس هذا وقتها، بل إن كنزنا أولى بالتقديم منها، (لعل) ، فـ(لعل زوجك رأى منك تصرفاً أغضبه)،( لعله جاء مرهقاً من العمل وقمت بسلوك جعله يثور رغماً عنه)، ( لعله لم يدرك أن تصرفه أغضبك)...، آلاف الأعذار يمكن أن يخلقها (حسن الظن) في عقلك إن أنت فعلاً حاولت استخدامه.
إن هذا الكنز يجعلها تعود إلى زوجها بحب أكثر لهذا الإنسان الطيب الحنون الذي لم يخطئ؛ بل.. بل.. سنبحث بعين الإنصاف عن الخطأ وقد تفاجئين بها معتذرة إليه عما بدر منها من خطأ!.
ما أجمل أن تقدمي لكل إنسان هذا الكنز الرائع، لتكوني سبباً في رتق خلاف حصل بين أخوين أو زوجين أو رفيقين.
وعند تقديم هذا الكنز في كل مرة تأتي إليك شاكية، تعطينها دورة تدريبية رائعة في مجال حسن الظن، فلا تحتاج بعد ذلك إلى بسط شكواها أمام أحد؛ وإنما تحسن الظن تلقائياً، فلا تغضب أو تسئ الفهم، ثم بعد ذلك صبريها إذا كانت فعلاً بحاجة إلى التصبير.
خاتمة:
قال عبدالله بن زيد الجرمي: إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه، فالتمس له العذر جهدك، فإن لم تجد له عذراً فقل في نفسك: لعل لأخي عذراً لا أعلمه.
ـــــــــــــــــــ
إلى العروسين قبل فوات الأوان
صالح بن مقبل العصيمي التميمي 13/10/1424
07/12/2003
جاءني على استحياء وقال: أرجو أن تبحث لي عن عروس أتمّ معها نصف ديني، ففتشت له، واقتنع بها واقتنعت به، وتمّ الزفاف، وبعد مضيّ ثلاثة أيام جاءني والحزن يلفّه، فقال لي على استحياء: أرجو أن تعذرني فقد أتعبتك في البداية، وأنا الآن على وشك إحراجك.
فقلت له: ولِمَ؟(31/198)
فقال: لي لقد قررت أن أطلق زوجتي، فأنا أشعر بضيق وقلق وعدم ارتياح؛ فنصحته بأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وألا يفكّر في مثل هذا الموضوع، فقال لي: إن الأمر قد انتهى، ولا مجال للتراجع؛ فرجوته بعدما رأيت إلحاحه بأن يمكث معها مراعاة لخاطري؛ لأنني أنا الذي دللته عليها، وأثنيت عليه شهراً، فقبل على مضض، ومضى الشهر ثم الشهور، بل السنون ولله الحمد، وهو يعيش معها بأفضل حال، وأنجبت
منه بضعة أطفال، وهنا يحسن أن يطرح سؤال: لماذا يستعجل الشباب بطلب الطلاق؟
ولماذا نلحظ أن نسبة كبيرة من المتزوجين يبادرون بالطلاق خلال الستة شهورالأولى، والأسباب كثيرة:
1) قلّة الوعي عند الشباب في مسألة الزواج، حيث إن النسبة الكبيرة من الشباب يقدم على الزواج لهدف واحد فقط وهو الإشباع الغريزي وعندما يقضيه خلال الأسابيع الأولى يشعر بأنه لم يعد بحاجة إلى الزوجة ويشعر بأنها حمل ثقيل عليه، فلا يجد وسيلة أفضل لإزالة هذا الحمل غير الطلاق، وهذا الشاب لو كان واعياً لعلم أنّ الإشباع ليس هو الهدف الوحيد للزواج، كما أنه لو علم بأن الإشباع مؤقّت، ولو أنّه فارق الزوجة، ومضت أيام لعادت إليه الرغبة أكثر من ذي قبل، لما تسرّع
بقراره الجائر.
2) كثير من الشباب يريد أن يأخذ محاسن الزواج، ولا يريد سلبياته، فهو يريد مثلاً تلك المرأة المطيعة المنفِّذة للأوامر، المنظّمة للوقت المهيّئة للطعام المشاركة في الفِراش، بدون أن تكون لهذه المرأة احتياجات ورعاية وحقوق وقوامة، فهو يريد خيرها، ويتخلّى عن مسؤوليته تجاهها، ويريد أن يجمع إلى محاسن الزواج محاسن العزوبية التي تجعله حرًّا طليقاً، يبيت كلّ يوم في مكان، ويسافر كل يوم إلى مكان دون قيود أو أسرة يسعى لأن يقوم بتدبير شؤونها قبل سفره.
إن الزواج الناجح هو الذي يعي فيه الزوج النقلة التي يعيشها ومن أهمّها: أن ينسى حياة العزوبية بحلوها ومرّها، وإيجابياتها وسلبياتها، وأن ينتقل إلى الزواج بحلوه ومرّه، وسلبياته وإيجابياته، أما الجمع بين مزايا العزوبية، ومزايا الزواج، ورفض مساوئ العزوبية ومساوئ الزواج؛ فهذه أنانية مفرطة، وتحقيقه يحمل صورة من صور الاستحالة، وهذا ينطبق أيضاً على من يتزوّج للمرّة الثانية، وغالباً ما يكون فشله أنه يريد مزايا الزواج الأوّل ومزايا الزواج الثاني، وينجو من سلبيات الزواجين.
3) ومن الأسباب أن بعض الشباب يعاني من اضطرابات وقلق قبل الزواج، وهذا يؤثر على نفسيته، وخاصة إذا كان الزوج لم يرَ زوجته، فإن التوتر عنده يزداد ليلة الزفاف ممّا يؤثر على قدرته الجنسية، فيؤدي هذا إلى فشله، فيزداد اضطرابه، ويعاود الكرّة فيجد أن الفشل أشد، وعندئذ يشعر بالخجل، ويحسّ بأن رجولته ناقصة ويريد أن يهرب من الواقع حتى لا يوصف بالنقائص، فيتسرّع بالطلاق ولو علم الشاب أن هذا الأمر طبيعيّ ويحصل لعشرات الآلاف من الشباب،؛ بل إنّ الفشل قد يقع من المتزوّجين، وهو فشل وإن شئت فقل: كسلٌ مؤقت، يزول بزوال آثاره، وهذا(31/199)
الجانب يتحمله أولياء الأمور والمربّون الذين عليهم أن يقوموا بتوعية الشاب وتنبيهه، إلا أن هذه من الأمور الطبيعية التي على الشاب أن يعيها جيّداً.
4) هناك حقائق ثابتة من وقائع التجارب، ولو أن الكثير من المدارس الطبية لا تؤمن بها، فإن التجارب حقائق يجب أن توضع في الاعتبار، وذلك أن بعض النساء تصاب بما يسمّى بالوحم عند حملها، وقد يشتد الوحم عندها فترفض الزوج وتكره رائحته والاقتراب منه، وقد يحدث الحمل عندها في الأيام الأولى من الزواج دون أن تشعر أو يشعر الزوج ثمّ تبدأ بإعلان رفضها لزوجها، وتصارحه بأنها لا تطيقه ولا تطيق رائحته؛ فيصدم بذلك ويبادر بتحقيق طلبها ثم يقوم بتطليقها. فلابد للشباب أن يعي هذه الأمور، وأن يثقف نفسه بها.
5) استعجال المودة والرحمة والمحبة ظاهرة في قضايا الزواج، حيث إن الكثير من الشباب يريد أن ينال محبة زوجته بين يوم وليلة، والمحبة طبعاً لابد أن تكون تراكميّة، والمودة لا تنال إلا بعد طول عشرة، قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ
بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم:21]، فالمودة يجعلها الله بين الزوجين، وهي لا تكون إلا بعد مدّة.
6) التأثر بالفضائيات التي تبرز الحياة الزوجية بأنها حياة وردية مليئة بالحب والرومانسية والاشتياق، وتبرز الزوجين بكامل زينتهما لا يتحدثان إلا بأرق الألفاظ وأجملها، وخاصة المسلسلات التي تستمر أكثر من مائتين حلقة كل حلقة أكثر من ساعة، فتتغلغل الأفكار والأيدلوجيات إلى أذهان وقلوب من يتابع هذه المسلسلات, فإن رأى أحد الزوجين من الآخر قصوراً ـ وهو من لوازم الزواج وقد حصل في أشرف البيوت.. بيت النبي صلى الله عليه وسلم ـ؛ كره الآخر وظن أن الأزواج كلهم
سعداء إلا هما وهذا من الوهم الذي تبثه الفضائيات.
7) عدم التأهيل قبل الزواج؛ فلابد أن يدرك الزوجان ما في الزواج من المسؤوليات وتغير الحال.
وفي الجملة، هذه أسباب رأيت بأنّها مهمة، وقد تكون هناك أسباب أهم وأكثر وأولى وأجدر، والله أعلم وأحكم.
ـــــــــــــــــــ
البلسم المفقود
قذلة القحطاني * 6/10/1424
30/11/2003
يعود الزوج إلى منزله منهكًا متعبًا قد أعيته متاعب الحياة ومتطلباتها، فتقابله الزوجة بوجه شاحب عابس يشكو هموم الأولاد ومسؤوليات المنزل، متذمرة من غياب زوجها الطويل عنهم، ومن رغبات وطلبات كثيرة لم تحقق، فلا يجد الزوج عندئذ بُدًّا من أمرين: إما أن يصب عليها وابل همومه ومتاعبه في صورة غضب يهز كيانهما ويقضي على أنسهما لتنقلب حياتهما صحراء جرداء لا أنيس فيها ولا جليس، ويعيش كلا الزوجين في أقصى نقطة من الخط منعزلاً عن صاحبه أيامًا بل شهورًا، وربما أعوامًا، لا يلتقيان بالود فيها أبدًا!(31/200)
وإما أن يتمالك الزوج نفسه ويلتمس لها العذر وينسحب بكل هدوء إلى مخدعه مستسلمًا لنوم عميق، وتبقى الزوجة تعاني الحسرة والهم والشعور بالتعاسة!.
وفي المقابل، قد تعاني أيضًا الزوجة من مسؤوليات رعاية الأسرة المتعددة، ومسؤوليات الزوج الجسيمة، وقد يكون ثم حمل يثقل كاهلها تحمله كرهًا على كره، وربما كانت عاملة خارج المنزل يستنزف عملها جهدًا ونشاطًا، وإذ بالزوج يفاجئها كل يوم بضيف وضيفين، وكل أسبوع بوليمة ووليمتين، فلا تكاد تنتهي من واحدة حتى تُعدَّ للأخرى، ثم نجده كذلك لا يتنازل عن أبسط حقوقه ولو كان تلميع حذائه أو تأخيرًا لفنجان قهوته، ثم تنفجر الحال بالزوجة إلى أن ترفع صوتها بالرفض لكل ذلك، فتشتعل نار الخلاف يؤججها إبليس بخيله ورَجله، حتى تكون نهايتها أمورًا لا تحمد عقباها وانهيارًا لصرح الزوجية، وتشتيت أولاد وتفريق بين زوجين..
من المسؤول عما حصل في الصورتين، الزوج أم الزوجة؟!
لا شك أن كلا الزوجين يتحمل جزءا من المسؤولية، وله دور لا بد أن يعيه في مثل هذه القضايا التي لا يمكن تمثيلها بموقف عابر، بل هي هم عميق تحتاج إلى فهم وبصيرة، وتفتقد إلى بلسم يضفي عليها الدفء والتفاهم والود.
إن هذا البلسم المفقود، يمكن أن يكون قاعدة عظيمة تندرج تحته أصول حل الكثير من مشاكل حياتنا الزوجية، فكثير ممن يتصدون للكتابة في الإصلاح بين الزوجين وسبل حل المشاكل، يغفلون عن قضية مراعاة ظروف الشريك الآخر، لتمتلئ حياتهما بالحب والحنان، ويكون كل واحد عونا للآخر على أداء مهامه وواجباته وعيش حياته بهناء تام.
إن الزوج بدءًا يمر بظروف كثيرة لا بد أن تراعيها الزوجة وتقدرها ولو على حساب حقوقها، وكذلك الزوجة، فليست الحياة الزوجية ثكنة عسكرية لا بد لكل فرد فيها أن يؤدي ما عليه بدقة متناهية بدون أي تأخير، بل هي مودة ومحبة وأنس ورحمة، وآية من آيات الله في جعل الألفة بين قلبين غريبين مختلفين، قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) [الروم: 21].
ومن أمثلة تقدير الظروف في حياتنا اليومية:
قدري ظروف زوجك الداعية
تقدير ظروف الزوج إن كان داعية أو طالب علم، يصرف الكثير من وقته وجهده في دعوة الناس وإصلاحهم، أو يصرف جل وقته في طلب علم شرعي يتقرب به إلى الله تعالى ويدعو الناس على بصيرة، فهنا يتضاعف دور الزوجة لتسد كثيرًا من النقص الذي يخلفه غياب الأب، ولا بد أن تتحمل ذلك بصبر واحتساب، ولا تدع مجالاً للمقارنات بحال غيرها ممن أزواجهن متفرغون لمتطلباتهم، ولتنتظر عظيم الأجر والمنزلة الرفيعة عند الله في تهيئة المكان لراحة زوجها، وتتذكر الدور العظيم الذي قامت به خديجة -رضي الله عنها- في إعانة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لتحمل أعباء الرسالة، كيف كانت تحمل له الطعام وهو يتعبد ويتحنث الليالي ذوات العدد في غار حراء.(31/201)
وفي المقابل، ليقدر الزوج هذه التضحية وهذا الصبر من زوجته، وليعط أهل بيته شيئًا من وقته ويفرغ نفسه للجلوس معهم ومؤانستهم، ويحاول أن يعوض فترات غيابه الطويلة عنهم.
قدري ظروف زوجك مع أهله
ومنها تقدير ظروف الزوج مع أهله، وخصوصًا الوالدين، فقد يكونان بحاجة إلى عونه ومساعدته وجلوسه معهم، فعلى الزوجة أن تظهر الاحترام لهذا البر وتعينه عليه، مظهرة المحبة لهم والاعتناء بشؤونهم، وتلتمس العذر لزوجها إن قصر في حقوقها وحقوق أبنائها قليلاً لأجل هذه الصلة.
وبالمقابل، على الزوج أن يحرص على القيام بقصارى جهده في حقوق زوجته، ويقدر تنازلاتها ويخصها بشيء من اهتمامه وإكباره وتقديره، ويسمعها الثناء على إعانتها إياه في بر والديه وأهله.
قدري ظروف زوجك في عمله
ومنها تقدير ظروف العمل، فبعض الأزواج يكدح ويسعى ليلاً ونهارًا لجمع المال وتوفير الحياة الكريمة لأسرته، ولا شك أن هذا السعي سيأخذ جهدًا وطاقة، فلا بد من مراعاة الزوجة لذلك، وأن تعد نفسها لتخفف عنه أعباء الحياة، ويجد لديها متنفسًا لمتاعبه ونصبه طوال اليوم، وليكن حديثك عن المشاكل والهموم في وقت آخر مناسب.
وفي المقابل، على الزوج أن يضع نصب عينيه أن أولاده وأسرته أهم من المال، فلا يكن كل غايته فيضحي دونه بكل شيء، فربما سعى لجمع ثروة عظيمة على حساب راحته وتربية أبنائه، الذين ربما تمر الأيام لم يروه ولم يجالسوه، وربما أسلمهم لوسائل لهو مفسدة مضلة.
قدري ظروف زوجك المالية
قد يكون الزوج مدينًا أو قليل ذات اليد، ومع ذلك تصر الزوجة على كماليات ومظاهر ترهق كاهله وتزيد من همه، بدلاً من مساعدة الزوجة له والوقوف معه في كربته.
وفي المقابل على الزوج أن يكون كريمًا مع أهله قدر إمكانه، فلا يقبح الرجال مثل خصلة البخل الذميمة.
***
وفي الجانب الآخر، هناك ظروف تمر بها الزوجة لا بد من مراعاة الزوج لها، ومنها:
قدر ظروف زوجتك المريضة
الحياة لا تدوم على حال، وربما يصاب أحد الزوجين بمرض عضال يجعله طريح الفراش، فتتجلى حقيقة الوفاء والتضحية.
والزوجة في مرضها أو في حملها، تلتمس يد الزوج الحانية لتخفف معاناتها، فنجد البعض من الأزواج يهجر المنزل ويتركها تعاني مع الأولاد، وهناك من يصر على طلباته ويغضب لعدم تنفيذها مع علمه بمرضها، وربما أسمعها غليظ القول وأذاقها مرير الهجران، وهذا من سوء الخلق وقبح العشرة.(31/202)
قدر ظروف زوجتك الداعية
إن النساء الداعيات وطالبات العلم فئة قليلة، وكثير منهن من يخبو نشاطها وتفتر همتها بعد الزواج، والسبب غالبًا يكمن وراء الزوج الذي لم تجد منه المرأة عونًا لها على الاستمرار؛ بل ربما كان قيدًا لها عن الانطلاق مع شدة الحاجة إلى جهدها ودعوتها.
ومع ذلك فهناك صور مشرقة لأزواج ضربوا أروع الأمثال في عون الزوجة على الدعوة وطلب العلم، فربما تكفل برعاية الأولاد لتحضر الأم درسًا أو تلقي محاضرة، فيجني الزوج من ذلك رقيًا في فكر زوجته وصلاحًا في نفسها وبركة في حياتها، وآخر يشجع زوجته على حفظ قرآن أو طلب علم، وربما سهر الليل في ليالي امتحاناتها ليعتني برضيعها.
فلو وضع الزوجان نصب أعينهما التعاون معًا لخدمة دين الله وطلب رضاه، وليس لمكانة علمية أو اجتماعية، أو لنيل شهادة أو شهرة، لتسامت النفوس وارتقت الآمال وعلت الأهداف لتصل إلى جنة عرضها السموات والأرض.
قدر ظروف زوجتك العاملة
هناك من تعمل لهدف سامٍ وغاية نبيلة في الدعوة إلى الله تعالى وإصلاح واقع النساء، وهناك من تعمل لتعين زوجها على مطالب الحياة، وهناك من اشترطت ذلك في عقد النكاح فحق عليه أن يسمح لها بالعمل، وهي مع ذلك تسدد وتقارب لكي لا تخل بإحدى الأمانتين، فلا بد من بعض المراعاة والتنازلات من الزوج، وليغض الطرف عن بعض التقصير، فقد يكون في عملها مصلحة بشغل وقت فراغها بأمور نافعة وأعمال مباحة، بدلاً من صرفه في أمور محرمة يجني عاقبتها هو وأولاده، فربما كان هناك خادمات ومربيات، والزوجة لا تعمل خارج المنزل ولا داخله، فلا يكون فراغها إلا مضيعة للوقت.
وعلى الزوجة أيضًا بالمقابل أن تحرص على القيام بحقوق زوجها على أكمل وجه، وأن تضع نصب عينيها عظم حقه عليها، وأن واجباتها نحوه أعظم من أي شيء آخر، وتسأل الله البركة في الوقت وتتعلم حسن تنظيم يومها، لتوازن بين عملها وبيتها.
***
أسس هامة
وأخيرًا أختم بوضع بعض الأسس الهامة في ترسيخ قاعدة "تقدير الظروف بين الزوجين"، لتسير سفينة الحياة الزوجية بود وأمان بإذن الله تعالى وتوفيقه:
- الشعور بالمسؤولية تجاه الآخر، فما يعد نجاحًا لأحدهما هو نجاح لشريكه، وكذلك إخفاق أحدهما هو إخفاق للآخر، وبالتالي تتحد الجهود والأهداف فلا فرق بينها.
- التحمل والصبر، فسفينة الحياة عمومًا لا تسير إلا بهما.
- كظم الغيظ وامتصاص الغضب، بالكلمة الحانية واللمسة الرقيقة التي تزيل متاعب الروح وتنسي أحزان الحياة.
- فهم معنى القوامة للرجل بمعناها الصحيح، فهي مسؤولية وقيادة وتربية وترشيد، وقدوة حسنة وليست أوامر صارمة وطاعة عمياء.(31/203)
- تحقيق السكن النفسي لدى المرأة، فالزوج يبحث عند زوجته عن السكن النفسي والألفة وراحة البال، فلتكن له صدرًا حانيًا وقلبًا عطوفًا، وليجد منها البسمة والخدمة والطاعة في غير معصية الله (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) [البقرة: 87].
- تحقيق الرفق في جميع الأمور، ففي الحديث عن عائشة -رضي الله عنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أراد الله عز وجل بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق" [رواه أحمد].
- فهم النفسيات وكيفية التعامل معها، ومعالجة أمراضها وعللها، ففهم كل من الزوجين لطبيعة الآخر، ما يفرحه وما يغضبه، يجعل التعامل معه سهلاً والدخول إلى قلبه ميسورًا.
- التنازل عن الأهواء والرغبات، وهي في جانب المرأة أهم وآكد لتصل إلى رضا زوجها، ولا تستعجل الثمار فقد تأتي ولو بعد حين.
- الاحترام المتبادل بين الزوجين حتى في أوقات الخلافات.
- تعزيز الدور الإيجابي عند كل طرف وتذكر المحاسن والغض عن العيوب ومغفرة الهفوات والتغافل، فهو قارب نجاة لكثير من المشكلات بإذن الله.
أسأل الله تعالى أن يمن علينا وعليكم بالسعادة في الدنيا والآخرة، وأن يقينا جميعًا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ويثبتنا على الحق وعلى صراطه المستقيم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
* محاضِرة في العقيدة بكلية الخدمة الاجتماعية بالرياض، ومشرفة مركزية للعلوم الشرعية بالإدارة العامة للإشراف التربوي سابقً
ـــــــــــــــــــ
رفقاً بكيس الشاي
فوزية الخليوي 2/10/1424
26/11/2003
تعددت التشبيهات من الشارع الحكيم للمرأة!! فمن وصفها كالقوارير، من حيث رقة طبعها وانكسارها!! إلى كونها كالضلع الأعوج، لتقبلها كما هي، بسلبياتها وإيجابياتها!! داعياً السامع لفهم نفسية المرأة، وطبيعتها التي جبلها الله عليها!! أما من حيث انخراطها في أكاديمية الحياة والصبر، وراعية مع الرجل في مملكتهم الصغيرة.
فأقرب التشبيهات لها عندئذٍ مقولة: إن المرأة مثل كيس الشاي لا تعرف مذاقه إلا بعد أن تسكب عليه الماء المغلي عندها يتبين لك الطعم واللون الحقيقي.
ولا يمنع من وجود هذا الطعم الرائع، من كونه تارة يطفو، وتارة يغوص في كأس الرجل؟ فبالطفو تطفو معه المشاعر السلبية العميقة التي تختزنها المرأة في ذاكرتها ويأتي هنا دور الرجل بأن يكون أكثر اتزاناً وتعقلاً.
أليس الشاعر يقول:
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى ... ...
ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه(31/204)
وكروعة الشاي طعماً ولوناً ورائحة كانت روعة المرأة في الحقبة الأولى من التاريخ الإسلامي، تضحية، ومحبة، وعطاء.
من الخفرات البيض، أما حرامها ... ...
فصعب وأما حلها فذلول
فهذه البضعة النبوية فاطمة رضي الله عنها وأكرم الخلق على نبيه، قد أعطت زوجها علي بن أبي طالب، حتى بذلت راحتها ووسعها فقد جرحت بالرحا يدها واستقت بالقربة حتى أثرت القربة بنحرها، وقمت البيت حتى أغبرت وأوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها، وأصابها من ذلك ضر.
نعم، تخلل هذه العلاقة بعض الوهن فها هو علي بن أبي طالب يخطب ابنة أبي جهل! وها هو النبي-صلى الله عليه وسلم- يغضب، كما جاء في رواية البخاري: فلا آذن، ثم لا آذن، إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم. ثم هو يحكي تألم فاطمة ويترجم مشاعرها فإنما هي بضعة مني، يريبني ما آرابها، ويؤذيني ما آذاها" وهذا الحدث بين الزوجين هو ما يسميه بعض النفسيين أزمة منتصف الزواج وسرعان ما تتخطى سفينة الزوجية هذه الصعاب حتى تخترم المنية فاطمة رضي الله عنها فنجده رضي الله عنه واقفاً على قبرها في لحظة من أصدق لحظات الإخلاص العاطفي من محب لحبيبته فيقول:
لكل اجتماع من خليلين فرقة ... ...
وكل الذي دون الممات قليل
وإن افتقادي واحدا بعد واحد ... ...
دليل على أن لا يدوم خليل
ولهذا الطعم الرائع عدة مزايا:
وفائها بلا حدود:
1-فهذه قصة الحب الرائعة بين الحسين بن علي- رضي الله عنه- وزوجته الرباب بنت أنيف أم ابنته سكينة حيث بذر البذرة الأولى من غراس المودة، فما لبثت إلا قليلاً حتى أينعت وأصبحت شامخة في وجه أعاصير الحياة، فها هو يصدح بها عالية أمام قومه
لعمرك إنني لأحب دارًا ... ...
تحل بها سكينة والرباب
أحبهما وأبذل جل مالي ... ...
وليس للائمي فيها عتاب
ولست لهم وإن عتبوا مطيعا ... ...
حياتي أو يعليني التراب
فهذا الموقف القوي والصريح في إعلان مودته أثمر لديها وفاء لا محدود، بعد مقتله، حيث وجدت عليه وجدا ًشديداً ، وقالت:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ...
ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر(31/205)
وقد خطبها بعده أشراف قريش فقالت: ما كنت لأتخذ صهراً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووالله لا يؤويني ورجلاً بعد الحسين سقف أبداً، ولم تزل عليه كمدة حتى ماتت!.
2-تقديم محبته على جميع أهلها:
فهذه أم حبيبة بنت أبي سفيان، زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، عندما دخل عليها والدها أبو سفيان بعد صلح الحديبية قبل فتح مكة، أراد أن يجلس على فراش النبي -صلى الله عليه وسلم-، فطوته فقال: يا بنيه! أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه قالت: بل هو فراش رسول الله وأنت امرؤ نجس مشرك.
فانظر إلى عظيم ودها، على أنها قدمت من الحبشة، ولم تر والدها لمدة طويلة ولم تلهها حرارة اللقاء عن غيرتها على محبها، أو حتى المساس بخصوصياته.
3-تقدم تضحيات جبارة:
عندما يملأ الزوج عليها عقلها، ويسلب بوده مشاعرها، يترجم من قبل المرأة إلى مواقف بطولية جبارة، وما حدث في هذه القصة مصداقاً لذلك، وقد ذكرها ابن سعد في طبقاته، حينما دخل مسلم بن عقبة المدينة المنورة في موقعة الحرة، قتل يزيد بن زمعة، فتبعته أم ولد ليزيد، حزينة، وقد ملأت ناظريها بصورة المحب المغدور به! وهي تسير وراء العسكر يومين أو ثلاثة، ومات مسلم ودفن بثنية المشلل (وهو جبل يبعد عن مكة 85 ميلاً) فما كان منها إلا أن نبشته ثم صلبته على الثنية.
رفقاً بكيس الشاي
فهذه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وهي ممن ساهموا في إنجاح الهجرة النبوية بمواقفها المشرفة، فمن قصة ذات النطاقين إلى تسكينها لجدها، وقد ذهب والدها بجميع ماله، فأتته ببعض الأحجار وقالت: يا أبه ضع يدك على هذا المال.
ثم يتم التزاوج بين شخصيتها، ذات المبادئ والقيم بشخصية أيضاً عظيمة ذات فكر وطموح، هي شخصية الزبير بن العوام، ثم لا يمنعها رضاها به مع مالها من شرف، أن تمارس العديد من الأعمال الشاقة، وأن تعطي بلا حدود.
فتقول: تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك، فكنت أعلف فرسه، وأسقي الماء، وأخرز دلوه، وأعجن، ولم أكن أحسن أعجن، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير وهي على ثلثي فرسخ إلى بيتي.
ولكن كان يتخلل هذا التزواج بين أصحاب المثل والمبادئ بعض المنغصات كعصبية الزبير الشديدة، حيث كان شديداً على النساء، وكان يكسر عليهن عيدان المساحب، كما جاء في المصنف، لقد كان الزبير من ذلك النوع الذي يملأ عقل المرأة قبل قلبها.
فقد كان فارساً شجاعاً جريئاً كان يحمل صفات القوة بكل معاني الكلمة، مما يحقق للزوجة الصفة التي تنشدها في بيت الزوجية، وهي الإحساس بالأمان، ولكنه لا يستطيع أن يملك نفسه عند الغضب فيضربها.
وهذا أثر طبيعي من أثر القوة الغضبية التي يحملها بين جنبيه مما أهلته لأن يكون من فرسان الإسلام المشهورين على مر التاريخ.(31/206)
وهنا ينفرط كيس الشاي، وينشق ويخرج ما به من وريقات دفعة واحدة، فلا يستمتع حينئذ لا بطعمه ولا بمذاقه لأنه من توالي اللكمات، أقصد السكبات المغلية استنفذ طعمه، وعندها نفقده بالكلية.
وهذا ما حدث بين الشخصيتين العظيمتين إذ انفرط عقد الزوجية كانفراط كيس الشاي.
ولا يمنع ذلك من نتاج تربوي هائل، يتمثل في أبنائهما وعلى رأسهم عبد الله الخليفة المجاهد، وعروة العالم الورع، ومصعب القائد الشجاع.
ـــــــــــــــــــ
السبت.. الأحد.. الجمعة!
صالحة عبد الله 29/9/1424
23/11/2003
السبت
ارتجفت يدي وأنا أمسك بورقة التقويم، وأغمضت عيني بتأمل عميق، شعرت برهبة تقبض علي بأنامل ثلجية، لم يبق على رمضان سوى يومين، ما أسرع ما تطوينا هذه الأيام اللاهثة، ونحن في غفلة معرضون..
شئنا أم أبينا، كل ثانية تفر من بين أيدينا هي من أعمارنا، هي لنا أو علينا، حتى إن فاتت فارغة من كل خير وشر، تظل حسرة وندامة في قلوبنا إذا فرطنا في الاستزادة من الطاعة فيها..
خرجت من غرفتي إلى غرفة الصغار، بالكاد أسمع ضحكاتهم السعيدة بين أصوات ألعاب الفيديو الصاخبة، أمسكت بمقبض الباب أريد الدخول عليهم، لكن خاطرا قويا وقع في قلبي، فترددت لحظات، ثم عدت أدراجي إلى غرفتي..
ابني عبد الله بسنواته العشر، وأخوه عبد الرحمن الذي يصغره بعام، وريحانة البيت فرح التي أكملت ربيعها الخامس قريبا، هؤلاء هم زينة حياتي ودم قلبي، ماذا زرعت في نفوسهم من محاسن، وعلى أي شيء عودناهم وربيناهم أنا وأبوهم؟!
أشعر بروحي اليوم، كأنها أجنحة طائر أبيض يسمو بنقاء إلى قمم عليا، بقلب منشرح شفيف، متأمل مذعن، وقد انكشفت كل أوراقي أمام عيني.. وأعترف كم أنا مقصرة..
غاية جهدي، أن أصرخ في وجوههم بضجر: إنني مشغولة، اذهبوا إلى التلفاز أو الفيديو أو التسالي، أريحوني من ضوضائكم قليلا!! فإذا بهم ينشأون أمامي، بلا همة عالية ولا مبدأ راسخ، ولا علم مؤصل ولا مواهب مباركة.. رباه! كم أبدو أنانية!
لكن.. بعد غد إن شاء الله رمضان، وسيكون رمضان هذا العام مختلفا تماما.. فلأعقدن العزم وأجتهد، وابدأ في التخطيط!
الأحد
صفق عبد الله بيديه جذلا وهو داخل من المدرسة، وصاح: يا أمي.. غدا رمضان.. يقول الأستاذ غدا رمضان! وأخذ عبد الرحمن يردد نشيدا جميلا مرحبا بقدوم الشهر، بينما رمقتهم الصغيرة وفي عينيها تساؤل كبير..
قال عبد الرحمن: يا سلام! سنشاهد في التلفاز كذا، وسنأكل كذا، وسنذهب إلى كذا، كم أحب شهر رمضان!(31/207)
ورغم الصدمة العميقة التي أحسست بها لما سمعت مدى تفكير طفلي، إلا أني تماسكت، ودعوتهم جميعا إلى غرفة المعيشة، بانتظار قدوم والدهم من عمله، وجلسنا سويا نشرب العصير المفضل لديهم.
سألتهم: من يسرد لي الشهور القمرية؟! فأجابني عبد الله بها، الذي سألته ثانية عن ترتيب شهر رمضان، لأجد منه مدخلا لحديثي معهم.
حدثتهم كيف فرض الصوم وفي أي سنة، وما أحداث ذلك العام من غزوة بدر وغيرها، مما جرنا للحديث عن غاية الصوم وفضل الشهر، وأنه ليس للنوم والإسراف في المأكل، ومشاهدة البرامج التافهة، بل هو عبادة وصلة، وفيه هبات من القوة للمؤمن والصبر والتحمل كبرى..
لم أتوقع أن يشد الحديث صغاري بذلك الشكل، حتى إنهم لم يسألوا عن الفيديو الذي أخفيته صباح ذلك اليوم عنهم، بل ظلوا يسألون بتشوق وحماس، لم يقطعه علينا سوى قدوم والدهم، وقيامنا لتناول طعام الغداء.
في المساء، أخبرتهم أن هذه أول ليلة من رمضان، وعلى الأولاد الذهاب مع والدهم لصلاة التراويح، فرغبوا في ذلك بحماس طاغ، وبقيت أنا والصغيرة، أعد العشاء وهي تلهو بالدمى، حتى جاء الأب والأولاد فتناولوا العشاء وخلدوا إلى النوم منهكي القوى.
الاثنين
بينما كان الأولاد يذاكرون دروسهم، دخل علي ابني عبد الرحمن في المطبخ وقال بشكوى: إنني جائع جدا يا أمي! فقلت له أن يجمع إخوته فلدى والدهم حديثا مفيدا لهم.
وباتفاق مسبق، أخذ الأب يحدثهم بحنان فياض ووُدّ ناهل، عن فضيلة الصبر وأجره، وقص عليهم قصة أيوب عليه السلام، وعظيم ابتلاء الله له، ثم ما ناله من الأجر والثواب.
شعرت حقا ببهجة خافقة، وأنا أرى الأنس على ثغور الصغار، محتسبين صيامهم صابرين على شهوات أنفسهم، مظهرين تحملا صلبا وقوة شديدة.
وبعد العصر، اتفقنا أن نعقد جلسة عائلية لتصحيح تلاوة القرآن الكريم، كان الأب فيها هو المعلم، والصغار يقرأون خلفه ويتعلمون بإقبال وشغف، بينما كنت أعد لهم الفطور، حتى غربت الشمس.
ولما رجع الأولاد من صلاة المغرب، أجريت منافسة بينهم فيمن يقوم ببر والدته ومساعدتها في تنظيف المطبخ، فأقبلوا على العمل بسرعة وهمة، ونحن نتبادل الأحاديث الودية الجميلة، ونسوا أمر التلفاز الذي لم يعمل ذلك اليوم، وشعرت بانتصار فائق.
الثلاثاء
اليوم، سعدنا برؤية ابننا عبد الله، وقد أعد برنامجا ثقافيا رائعا لأسرته بعد العصر، فيه حكمة اليوم، وقصة قصيرة، وطرفة تاريخية، وفقرات جميلة من "هل تعلم".
شكرنا عبد الله بعمق على جهده الرائع، وقد ختمه بمسابقات سريعة على والده وأخيه، بينما كنت أعد طعام الفطور.(31/208)
وبعد المغرب، لم يتخل الصغار عن مساعدتي في المطبخ، وقد اتخذنا ورقة ببيان الأعمال التي أنجزوها معي، إشعالا للمنافسة الشريفة فيما بينهم على ذلك.
ثم صحبوا والدهم إلى المسجد، حتى إذا رجعوا تناولوا العشاء ثم خلدوا للنوم.
الأربعاء
رغم قصر برنامج عبد الرحمن عن أخيه، إلا أنه لم يقل عنه فوائد وحكم، وشعرت ووالدهم فعلا ببهجة عظيمة، ونحن نرى صغارنا يبدعون وبمواهبهم يبرزون، ونحن الذين قد أهملناهم من قبل، وقتلنا أوقاتهم وطاقاتهم أمام تلفاز وألعاب فيديو سخيفة.
استغللنا الوقت المتبقي حتى صلاة المغرب في عمل جميل، فقد أخبرتهم أننا سنزور جدتهم اليوم، وعليهم أن يجهزوا هدايا لها، فيضعون بضع تمرات في ورق ملون، مع كسرة من البخور الذي تحبه، ثم نربط ذلك بشريط لامع، متصل ببطاقة تحوي فائدة عن فضل الصيام والقيام، وقد جهزت لهم كل هذه الخامات أثناء الصباح.
وعند الجدة، سعدنا بالصغار يقرأون علينا الفوائد، وسعدنا بدعوات العجوز الصادقة لهم بالتوفيق والصلاح والنفع والهداية، وكانت جلسة عائلية حميمة.. لا تنسى.
الخميس
قضينا الصباح أنا والصغار في تنسيق الحديقة وتنظيف الفناء، حتى إذا كان بعد الظهر، أخذنا نصنع أشغالا يدوية جميلة، أثرت المواهب الحركية لدى صغاري بشكل ملحوظ، بينما كانت الصغيرة تلهو بالأقلام الملونة.
وفي العصر، وبعدما قرأوا على والدهم الحزب اليومي لهم من القرآن، استمعوا معا إلى شريط نافع عن قصص الأنبياء، بأسلوب مشوق مناسب لعمرهم، وقد وعدتهم بمسابقة على الشريط بعد صلاة المغرب.
وحين انتهينا معا من أعمال المطبخ، طرحت أسئلة المسابقة، وكان الفائز فيها جميع الأبناء بتفوق واقتدار!
الجمعة
اليوم عيد، ولقد قررنا أن نظهر تميز هذا اليوم في حياة المسلم من أيام الأسبوع، فنهضنا باكرا، واغتسل الجميع غسل الجمعة، وارتدوا ملابسهم النظيفة والروائح الزكية تفوح منهم، ثم خرجوا إلى الصلاة باكرا، ليقرأوا سورة الكهف في المسجد وينالوا الأجر الأعظم.
بعدما عادوا من الصلاة، أخذنا نستمع إلى خطبة الحرم المكي معا، ودار نقاش بيننا حول موضوعها، ثم طلب الأب من عبد الله أن يبحث في تفسير سورة الأعلى، ومن عبد الرحمن أن يبحث في الغاشية اللتين قرأهما الإمام، وبعد ذلك يخبرون أفراد الأسرة بما فيهما من المعاني الجليلة، وقد أرشدهم إلى كتاب ميسر في المكتبة، وهو "أيسر التفاسير لكلام العلي القدير" للشيخ أبي أبكر الجزائري حفظه الله، فأثرى بذلك عقليهما، وحفزهما إلى حب القراءة والبحث، والتفوق في العلم والاطلاع.
وبعد صلاة العصر، ظلوا مع والدهم في المسجد، مغتنمين ساعة الإجابة، وهم صائمين منيبين.
خاطرة(31/209)