سِيرِينَ وَالنَّخَعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَلَوْ أَقَرَّ بِنَسَبٍ أَوْ شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ نَوْعِ هَذَا بَلْ هَذَا رُومِيٌّ وَهَذَا فَارِسِيٌّ فَهَذَا فِي وَجْهِ نَسَبِهِ تَعَارَضَ الْقَافَةُ أَوْ الْبَيِّنَةُ وَمِنْ وَجْهِ كِبَرِ السِّنِّ فَهَذَا الْمُعَارِضُ الْبَاقِي لِلنَّسَبِ هَلْ يَقْدَحُ فِي الْمُقْتَضِي لَهُ .
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ : هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ حَدَثَتْ وَسُئِلْت عَنْهَا وَكَانَ الْجَوَابُ أَنَّ التَّغَايُرَ بَيْنَهُمَا إنْ أَوْجَبَ الْقَطْعَ بِعَدَمِ النَّسَبِ فَهُوَ كَالسِّنِّ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا حَبَشِيًّا وَالْآخَرُ رُومِيًّا وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهُنَا يَنْتَفِي النَّسَبُ وَإِنْ كَانَ أَمْرًا مُحْتَمَلًا لَمْ يَنْفِهِ لَكِنْ إنْ كَانَ الْمُقْتَضِي لِلنَّسَبِ الْفِرَاشَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى الْمُعَارَضَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُثْبِتُ لَهُ مُجَرَّدَ الْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ فَاخْتِلَافُ الْجِنْسِ مُعَارِضٌ ظَاهِرٌ فَإِنْ كَانَ النَّسَبُ بُنُوَّةً فَثُبُوتُهَا أَرْجَحُ مِنْ غَيْرِهَا إذْ لَا بُدَّ لِلِابْنِ مِنْ أَبٍ غَالِبًا وَظَاهِرًا قَالَ فِي الْكَافِي وَلَوْ أَنْكَرَ الْمَجْنُونُ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى إنْكَارِهِ .
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ : وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يُقْبَلَ لِأَنَّهُ إيجَابُ حَقٍّ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ غَيْرِهِ مَعَ مُنَازَعَتِهِ كَمَا لَوْ حَكَمْنَا لِلَّقِيطِ بِالْحُرِّيَّةِ فَإِذَا بَلَغَ فَأَقَرَّ بِالرِّقِّ قَبِلْنَا إقْرَارَهُ وَلَوْ أَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا أَمَتَهَا إنْ ظَنَّ جَوَازَهُ لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ وَيَكُونُ حَرَامًا عَلَى الصَّحِيحِ إنْ ظَنَّ حِلَّهَا بِذَلِكَ وَإِذَا وَطِئَ الْمُرْتَهَنُ الْأَمَةَ الْمَرْهُونَةَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ ، وَظَنَّ جَوَازَ ذَلِكَ لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَانْعَقَدَ حُرًّا وَإِذَا تَدَاعَيَا بَهِيمَةً أَوْ فَصِيلًا فَشَهِدَ الْقَائِفُ أَنَّ دَابَّةَ هَذَا تُنْتِجُهَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَتُقَدَّمُ عَلَى الْيَدِ الْحِسِّيَّةِ وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْقِيَافَةِ فِي الْأَمْوَالِ كُلِّهَا كَمَا حَكَمْنَا بِذَلِكَ فِي الْجِذْعِ وَالْمَقْلُوعِ إذَا كَانَ لَهُ مَوْضِعٌ فِي الدَّارِ وَكَمَا حَكَمْنَا فِي الِاشْتِرَاكِ فِي الْيَدِ الْحِسِّيَّةِ بِمَا يَظْهَرُ مِنْ الْيَدِ الْعُرْفِيَّةِ فَأَعْطَيْنَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَا يُنَاسِبُهُ فِي الْعَادَةِ وَكُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّانِعِينَ مَا يُنَاسِبُهُ .
وَكَمَا حَكَمْنَا بِالْوَصْفِ فِي اللُّقَطَةِ إذَا تَدَاعَاهَا اثْنَانِ وَهَذَا نَوْعُ قِيَافَةٍ أَوْ شَبِيهٍ بِهِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَنَازَعَا غِرَاسًا أَوْ تَمْرًا فِي أَيْدِيهِمَا فَشَهِدَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَنَّهُ مِنْ هَذَا الْبُسْتَانِ وَيُرْجَعُ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ حَيْثُ يَسْتَوِي الْمُتَدَاعِيَانِ كَمَا رُجِعَ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالنَّسَبِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَنَازَعَ اثْنَانِ لِبَاسًا أَوْ بَغْلًا مِنْ لِبَاسِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ تَنَازَعَا دَابَّةً تَذْهَبُ مِنْ بَعِيدٍ إلَى إصْطَبْلِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ تَنَازَعَا زَوْجَ خُفٍّ أَوْ مِصْرَاعٍ مَعَ الْآخَرِ شَكْلُهُ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ عَلَامَةٌ لِأَحَدِهِمَا كَالزُّرْبُولِ الَّتِي لِلْجُنْدِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعِي فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ فِي يَدِ ثَالِثٍ .
أَمَّا إنْ كَانَتْ الْيَدُ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَالْقِيَافَةُ الْمُعَارِضَةُ لِهَذَا كَالْقِيَافَةِ الْمُعَارِضَةِ لِلْفِرَاشِ فَإِذَا قُلْنَا بِتَقْدِيمِ الْقِيَافَةِ فِي صُورَةِ الرُّجْحَانِ فَقَدْ نَقُولُ هَاهُنَا كَذَلِكَ ، وَمِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ ذَهَبَ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ وَيَثْبُتُ ذَلِكَ فَيَقُصُّ الْقَائِفُ أَثَرَ الْوَطْءِ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان آخَرَ فَشَهَادَةُ الْقَائِفِ أَنَّ الْمَالَ دَخَلَ إلَى هَذَا الْمَوْضِعِ تُوجِبُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ إمَّا الْحَاكِمَ بِهِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ بِهِ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُدَّعِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَمَارَةَ تُرَجِّحُ جَانِبَ الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ مَشْرُوعَةٌ فِي أَقْوَى الْجَانِبَيْنِ وَلَوْ مَاتَ الطِّفْلُ قَبْلَ أَنْ تَرَاهُ الْقَافَةُ قَالَ الْمُزَنِيّ : يُوقَفُ مَالُهُ وَمَا قَالَهُ ضَعِيفٌ وَإِنَّمَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لِلْقُرْعَةِ وَيَحْتَمِلُ الشَّرِكَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرِثَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا .
ــــــــــــــ
فتاوى الرملي - (ج 5 / ص 404)(26/135)
( سُئِلَ ) عَنْ شَهَادَةِ النَّسَبِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهَا قَوْلُ الشَّاهِدِ سَمِعْت النَّاسَ يَقُولُونَ أَنَّهُ ابْنُهُ وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الْمِلْكِ سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ إنَّهُ لَهُ بَلْ يَشْهَدُ بِأَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ بِأَنَّهُ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ بِخِلَافِ مَا سَمِعَهُ كَمَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَحَمَلَهُ السُّبْكِيُّ عَلَى مَا إذَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الِارْتِيَابِ أَمَّا لَوْ بَتَّ شَهَادَتَهُ ثُمَّ قَالَ مُسْتَنِدِي الِاسْتِفَاضَةُ فَتُقْبَلُ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي الِاسْتِصْحَابِ حَيْثُ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ مَا حَاصِلُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْقَبُولِ إذَا صَرَّحَ الشَّاهِدُ بِأَنَّهُ مُعْتَمَدُهُ وَقَدْ قَالَا فِي شَهَادَةِ الْجَرْحِ يَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ الْجَرْحِ عَنْ رُؤْيَتِهِ أَوْ سَمَاعِهِ فِي أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ فَيَقُولُ رَأَيْته يَزْنِي أَوْ سَمِعْته يَقْذِفُ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يَقُولُ فِي الِاسْتِفَاضَةِ اسْتَفَاضَ عِنْدِي قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَحَاصِلُهُ الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِهِ هَلْ الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ أَوْ الْحَمْلُ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْإِطْلَاقِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ بِالْجَرْحِ ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ .
ــــــــــــــ
الفتاوى الفقهية الكبرى - (ج 6 / ص 124)
رَفْعُ الشُّبَهِ وَالرِّيَبِ عَنْ حُكْمِ الْإِقْرَارِ بِأُخُوَّةِ الزَّوْجَةِ الْمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ تَأْلِيفُ كَاتِبِهِ فَقِيرُ عَفْوِ رَبِّهِ وَكَرَمِهِ الْمُلْتَجِئُ إلَى بَيْتِهِ وَحَرَمِهِ عِيَاذًا بِهِ مِنْ بَوَائِقِهِ وَزَلَلِهِ وَجُرْمِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ سَامَحَهُ اللَّهُ بِغُفْرَانِهِ وَأَفْرَغَ عَلَيْهِ سِجَالَ قُرَبِهِ وَرِضْوَانِهِ إنَّهُ الْجَوَّادُ الْكَرِيمُ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ لَا إلَه إلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْت وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَافِعِ غَيَاهِبِ الْغَوِيصَاتِ وَغَرَائِبِ الْمُشْكِلَاتِ بِوَاضِحِ الدَّلَائِلِ وَمَانِعِ ثَوَاقِبِ الْأَفْهَامِ عَنْ سَوَابِقَ الْأَوْهَامِ فِي مُعْضِلَاتِ الْمَسَائِلِ وَمَانِحِ سَوَاطِعِ الْبَصَائِرِ أَحْكَامَ الْبَوَاطِنِ وَالظَّوَاهِرِ وَالظَّفْرَ مِنْهَا بِكُلِّ طَائِلٍ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَه إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً أَنْجُو بِهَا مِنْ الْهَوَى وَأَعُوذُ بِهَا مِنْ التَّوَى الْمُوجِبِ لِاتِّبَاعِ الْحُظُوظِ وَالرَّذَائِلِ وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ سَيِّدُ الْأَوَاخِرِ وَالْأَوَائِلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ مُتَكَرِّرَيْنِ بِتَكَرُّرِ الْبُكَرِ وَالْأَصَائِلِ آمِينَ .
( وَبَعْدُ ) .
فَهَذَا كِتَابٌ لَقَّبْته رَفْعَ الشُّبَهِ وَالرِّيَبِ عَنْ حُكْمِ الْإِقْرَارِ بِأُخُوَّةِ الزَّوْجَةِ الْمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ دَعَانِي إلَى تَأْلِيفِهِ أَنَّهُ كَانَ بَلَغَنِي اخْتِلَافُ عُلَمَاءِ مِصْرَ فِيهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَتَنَاقُضُهُمْ فِي الْإِفْتَاءِ فِيهَا تَنَاقُضًا عَجِيبًا شَهِيرًا لَكِنْ عَلَى طَرِيقِ الْإِجْمَالِ لَا التَّفْصِيلِ فَإِنَّا لَمْ نَسْمَعْ ذَلِكَ إلَّا مِنْ غَيْرِ ذَوِي التَّحْصِيلِ إلَى أَنْ قَدِمَ بَعْضُهُمْ إلَى مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ أَوَاخِرَ ذِي الْقَعْدَةِ الْحَرَامِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ فَأَخْبَرَ بِأَنَّ مَا أُشِيعَ مِنْ اخْتِلَافِهِمْ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ أَصِيلٌ وَلَا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ التَّعْوِيلِ وَإِنَّمَا اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى جَانِبٍ وَاحِدٍ هُوَ حُرْمَتُهَا عَلَيْهِ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا وَبِذَلِكَ أَفْتَى سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ شَافِعِيًّا وَشَذَّ بَعْضُهُمْ فَأَفْتَى بِالْحِلِّ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَبَعْضُهُمْ فَأَفْتَى بِالْحُرْمَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَلَمَّا سَمِعْت مِنْهُ ذَلِكَ وَكَانَ مُخَالِفًا لِمَا انْقَدَحَ عِنْدِي فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ تَعَجَّبْت مِنْ هَذِهِ الْإِطْلَاقَاتِ وَقُلْت لَا بُدَّ وَأَنْ أُنْتَدَبَ لِبَيَانِ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ فَحِينَئِذٍ بَادَرْت إلَى بَيَانِ مَا فِي كُلٍّ مِنْ تِلْكَ الِاحْتِمَالَاتِ ، ثُمَّ إلَى تَرْجِيحِ أَظْهَرِهَا نَقْلًا وَأَدَقَّهَا مُدْرَكًا وَعَقْلًا وَمَا عَلَيْهِ مِنْهَا(26/136)
التَّعْوِيلُ وَمَا هُوَ الْأَوْفَقُ بِمَا حَقَّقُوهُ مِنْ التَّفْرِيعِ وَالتَّأْصِيلِ بِتَأْلِيفِ هَذَا الْكِتَابِ وَرَفْعِ ذَلِكَ الِارْتِيَابِ وَرَتَّبْته عَلَى ثَلَاثِ مُقَدِّمَاتٍ وَثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ رَاجِيًا مِنْ اللَّهِ الْكَرِيمِ
الْوَهَّابِ الْإِعَانَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِلصَّوَابِ مَعَ الْقَبُولِ وَجَزِيلِ الثَّوَابِ لَا إلَه إلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْت وَإِلَيْهِ مَآبِ .
( الْمُقَدِّمَة الْأُولَى ) فِي بَيَانِ الْوَاقِعَةِ بِحَسَبِ مَا بَلَغَنَا هِيَ أَنَّ رَجُلًا بِدَمَنْهُورَ الْوَحْشِ بَلْدَةٌ كَبِيرَةٌ بِإِقْلِيمِ الْبُحَيْرَةِ مِنْ رِيفِ مِصْرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُخْتِهِ الْمَعْرُوفَةِ مِنْ أَبِيهِ تَخَاصُمٌ فِي إرْثٍ طَالَ بَيْنَهُمَا فِيهِ التَّنَازُعُ وَعَظُمَ التَّخَاصُمُ وَالتَّمَانُعُ وَأَرَادَ أَنْ يَنْجُوَ مِنْهَا بِحِيلَةٍ وَإِنْ بَاءَ بِأَقْبَحِ رَذِيلَةٍ فَجَاءَ بِزَوْجَتِهِ الْمَشْهُورَةِ النَّسَبِ إلَى قُضَاةِ الشَّرْعِ وَشُهُودِهِ الَّذِينَ خَاصَمَ أُخْتَهُ الْمَعْرُوفَةَ إلَيْهِمْ بَيْنَ أَيْدِيهمْ مِرَارًا مُتَعَدِّدَةً وَأَجْلَسَهَا عِنْدَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ هَذِهِ أُخْتِي فُلَانَةُ الَّتِي مِنْ أَبِي وَقَدْ أَبْرَأَتْنِي فَاشْهَدُوا عَلَيْهَا فَاسْتَرْعَوْا عَلَيْهَا فَكَشَفُوا وَجْهَهَا ، ثُمَّ كَتَبُوا حِلْيَتَهَا ، ثُمَّ شَهِدُوا عَلَيْهَا بِالْإِبْرَاءِ الْعَامِّ وَحُكِمَ بِهِ فَلَمَّا عَلِمَتْ الْأُخْتُ جَاءَتْ إلَيْهِمْ مُنْكِرَةً عَلَيْهِمْ فَكَشَفُوا سِجِلَّهُمْ فَرَأَوْا حِلْيَتَهَا غَيْرَ مَا عِنْدَهُمْ فَأَحْضَرُوا أَخَاهَا وَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَقَرَّ أَنَّهُ اصْطَنَعَ ذَلِكَ وَافْتَعَلَهُ لِيَبْرَأَ عَنْهَا فَقُبِضَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ فِي بَقَاءِ زَوْجَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي عِصْمَتِهِ فَكَتَبَ سُؤَالًا لِمُفْتِي تِلْكَ الْبَلَدِ فَأَفْتَى بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ فَخَالَفَهُ بَعْضُ فُضَلَائِهَا فَأَرْسَلُوا يَسْتَفْتُونَ عَنْ ذَلِكَ عُلَمَاءَ مِصْرَ فَقِيلَ إنَّ بَعْضَهُمْ أَفْتَى بِحِلِّهَا لَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَبَعْضَهُمْ
بِحُرْمَتِهَا كَذَلِكَ وَبَعْضَهُمْ بِحِلِّهَا بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا ، ثُمَّ رُفِعَ الْأَمْرُ لِحَاكِمِ الشَّوْكَةِ فَنَفَّذُوا الْإِفْتَاءَ الْأَوَّلَ وَمَكَّنُوهُ مِنْهَا وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ ( الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ ) فِي تَحْرِيرِ السُّؤَالِ الَّذِي أَجَابُوا عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَّضِحْ لَنَا تَحْرِيرُهُ إلَى الْآنَ فَوَجَبَ أَنْ نُحَرِّرَهُ لِيَقَعَ الْكَلَامُ فِي صُورَةٍ خَاصَّةٍ وَيَتَوَارَدَ الْمُخْتَلِفُونَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فَنَقُولَ إنْ كَانَتْ صُورَةُ السُّؤَالِ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ هَذِهِ أُخْتِي فُلَانَةُ ذَاكِرًا لِاسْمِ زَوْجَتِهِ أَوْ هَذِهِ أُخْتِي الَّتِي وَقَعَ الْخِصَامُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا عِنْدَكُمْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْوَاقِعَةِ السَّابِقُ فَيُتَعَجَّبُ مِنْ الْخِلَافِ فِيهَا حِينَئِذٍ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا تَصْرِيحٌ مِنْهُ بِالْإِقْرَارِ بِأُخْتِيَّتِهَا لَهُ أَصْلًا وَإِنَّمَا فِيهِ الْحُكْمُ بِأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ الشَّخْصِيَّةَ هِيَ تِلْكَ الصُّورَةُ الذِّهْنِيَّةُ وَهَذَا أَمْرٌ يُكَذِّبهُ الْحِسُّ فِيهِ وَكُلُّ إقْرَارٍ يُكَذِّبُهُ الْحِسُّ فِيهِ لَا يَرْتَبِطُ بِهِ حُكْمٌ أَصْلًا اتِّفَاقًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي نَحْوِ هَذِهِ بِنْتِي أَوْ أُخْتِي أَوْ ابْنَةُ أُخْتِي أَوْ بِنْتِي لِمَنْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ صُورَةُ السُّؤَالِ هَذِهِ أُخْتِي مِنْ أَبِي فَهَذِهِ هِيَ الَّتِي يَتَّجِهُ فِيهَا جَرَيَانُ الْخِلَافِ بَلْ هِيَ الْمَنْقُولَةُ فِي كَلَامِهِمْ بِالشَّخْصِ لَا بِالْأَخْذِ ( الْمُقَدِّمَةُ الثَّالِثَةُ ) فِي تَحْرِيرِ الْجَوَابِ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِصَارِ اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ تَصْرِيحًا وَتَلْوِيحًا أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ
النَّسَبِ هَذِهِ أُخْتِي أَوْ أَنْتِ أُخْتِي سَوَاءٌ أَضَمَّ إلَيْهِ مِنْ أَبِي أَمْ سَكَتَ عَنْهُ لَمْ تُحَرَّمْ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ سَوَاءٌ أَقَصَدَ الْكَذِبَ أَمْ أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا عَلَى خِلَافِ مَا يَقْتَضِيه كَلَامُ الْخُوَارِزْمِيِّ الْآتِي بِمَا فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الِاسْتِلْحَاقَ أَوْ صَرَّحَ بِهِ وَهِيَ مِمَّنْ يُمْكِنُ لُحُوقُهَا بِأَبِيهِ لَوْ فُرِضَ جَهْلُ نَسَبِهَا كَمَا يَأْتِي فَإِنَّهُ إنْ صَدَقَ لِكَوْنِهَا مُلْحَقَةً بِفِرَاشٍ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ وَهُوَ يَعْلَمُ لُحُوقَهَا بِأَبِيهِ بِحُكْمِ الْبَاطِنِ لِوَطْئِهِ أُمَّهَا بِشُبْهَةٍ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بَاطِنًا وَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَطْرُقَهُ خِلَافٌ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَكَذَا ظَاهِرًا عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَهَذَا حَاصِلُ مَا يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا سَتَعْلَمُهُ مِمَّا يُتْلَى عَلَيْك وَبِهِ يَزْدَادُ عَجَبُك مِنْ الْإِطْلَاقَاتِ(26/137)
السَّابِقَةِ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْقَائِلِينَ بِالْحِلِّ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الْكَذِبَ أَوْ أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَالْقَائِلِينَ بِحُرْمَتِهَا كَذَلِكَ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الِاسْتِلْحَاقَ وَصَدَقَ فِيهِ وَالْقَائِلِينَ بِحُرْمَتِهَا ظَاهِرًا وَحِلِّهَا بَاطِنًا عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الِاسْتِلْحَاقَ وَكَذَبَ فِيهِ وَهَذَا الْحَمْلُ مُتَعَيَّنٌ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتِلْكَ الْإِطْلَاقَاتِ وَجْهٌ أَلْبَتَّةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ وَإِذْ قَدْ تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَلْنَشْرَعْ الْآنَ فِي ذِكْرِ الْأَبْوَابِ الثَّلَاثَةِ الْمُشْتَمِلَةِ
عَلَى تِلْكَ الْأَجْوِبَةِ الثَّلَاثَةِ وَنَتَكَلَّمُ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا مِمَّا يَشْفِي الْعَلِيلَ وَيُبْرِدُ الْغَلِيلَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَهِدَايَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَإِسْعَافِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَوِقَايَتِهِ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ .
ــــــــــــــ
الفتاوى الهندية - (ج 11 / ص 281)
الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ قَالَ أَصْحَابُنَا : لِثُبُوتِ النَّسَبِ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ ( الْأُولَى ) النِّكَاحُ الصَّحِيحُ وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ : وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ غَيْرِ عَوْدَةٍ وَلَا يَنْتَفِي بِمُجَرَّدِ النَّفْيِ وَإِنَّمَا يَنْتَفِي بِاللِّعَانِ ، فَإِنْ كَانَا مِمَّنْ لَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا لَا يَنْتَفِي نَسَبُ الْوَلَدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ .
( وَالثَّانِيَةُ ) أُمُّ الْوَلَدِ ، وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنْ يَثْبُتَ النَّسَبُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ وَيَنْتَفِيَ بِمُجَرَّدِ النَّفْيِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ .
وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ إنَّمَا يَمْلِكُ نَفْيَهُ مَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِهِ أَوْ لَمْ يَتَطَاوَلْ ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِهِ فَقَدْ لَزِمَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ وَكَذَا بَعْدَ التَّطَاوُلِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ فِي بَابِ الِاسْتِيلَادِ .
قَالُوا : وَإِنَّمَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ بِدُونِ الدَّعْوَةِ إنْ كَانَ يَحِلُّ لِلْمَوْلَى وَطْؤُهَا أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَحِلُّ فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِدُونِ الدَّعْوَةِ كَأُمِّ وَلَدٍ كَاتَبَهَا مَوْلَاهَا أَوْ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ اسْتَوْلَدَهَا أَحَدُهُمَا ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِدُونِ الدَّعْوَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ .
وَكَذَا لَوْ حَرُمَ وَطْؤُهَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِوَطْءِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ بِوَطْئِهِ أُمَّهَا أَوْ بِنْتَهَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ مَا تَلِدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا بِالدَّعْوَةِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ .
( الثَّالِثَةُ ) الْأَمَةُ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِدُونِ الدَّعْوَةِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ .
وَحُكْمُ الْمُدَبَّرَةِ كَحُكْمِ الْأَمَةِ فِي أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ بِدُونِ دَعْوَةِ الْمَوْلَى كَذَا فِي النِّهَايَةِ ، وَإِنْ كَانَ يَطَأُ الْأَمَةَ وَلَا يَعْزِلُ عَنْهَا لَا يَحِلُّ لَهُ نَفْيُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَعْتَرِفَ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ يَعْزِلُ عَنْهَا وَلَمْ يُحْصِنْهَا جَازَ لَهُ النَّفْيُ لِتَعَارُضِ الظَّاهِرَيْنِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ .
زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ رَضِيعٍ ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ عَبْدُهُ وَلَيْسَ لَهُ نَسَبٌ فَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَجْبُوبًا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْ الْمَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ عَبْدُهُ لَكِنْ لَهُ نَسَبٌ مَعْلُومٌ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً فَجَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ اعْتَرَفَ بِهِ الزَّوْجُ أَوْ سَكَتَ ، فَإِنْ جَحَدَ الْوِلَادَةَ تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ تَشْهَدُ بِالْوِلَادَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ وَلَدَتْ أَحَدَ الْوَلَدَيْنِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ بِيَوْمٍ وَالْآخَرُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ .(26/138)
الْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَإِنَّ نَسَبَ وَلَدِهَا لَا يَثْبُتُ مِنْ الزَّوْجِ إلَّا إذَا عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُ مِنْهُ وَهُوَ أَنْ يَجِيءَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَكُلُّ امْرَأَةٍ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَإِنَّ نَسَبَ وَلَدِهَا يَثْبُتُ مِنْ الزَّوْجِ إلَّا إذَا عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَهُوَ أَنْ يَجِيءَ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ ، فَإِذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ : رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ يَثْبُتُ النَّسَبُ ، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ .
وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ : إذَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ ، ثُمَّ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِتَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَوْ جَاءَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ وَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَى سَنَتَيْنِ وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِهِ وَلَوْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَصِيرُ مُرَاجِعًا لَهَا ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مَا لَمْ يَدَّعِ الزَّوْجُ ، فَإِذَا ادَّعَى الزَّوْجُ يَثْبُتُ مِنْهُ وَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقِهَا أَمْ لَا فِيهِ رِوَايَتَانِ رِوَايَةٌ يَحْتَاجُ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَحْتَاجُ هَذَا إذَا طَلَّقَهَا وَلَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ مِنْ وَقْتِ الْوَفَاةِ إلَى سَنَتَيْنِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْوَفَاةِ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، وَإِنْ أَقَرَّتْ ، وَذَلِكَ فِي مُدَّةٍ تَنْقَضِي فِي مِثْلِهَا الْعِدَّةُ الطَّلَاقُ وَالْوَفَاةُ سَوَاءٌ ، ثُمَّ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَإِلَّا فَلَا هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ كَبِيرَةً سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ أَوْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً طَلَّقَهَا زَوْجُهَا إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ يَثْبُتُ النَّسَبُ ،
وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَإِذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ ، فَإِنْ ادَّعَتْ الْحَبَلَ فَفِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا وَفِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ إلَى سَنَتَيْنِ وَلَوْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ يَثْبُتُ النَّسَبُ ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَوْ سَكَتَتْ عَنْ الدَّعْوَى فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - سُكُوتُهَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَدَعْوَى الْحَبَلِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ .
امْرَأَةٌ قَالَتْ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ : لَسْتُ بِحَامِلٍ ، ثُمَّ قَالَتْ مِنْ الْغَدِ : أَنَا حَامِلٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا ، وَإِنْ قَالَتْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ لَسْت بِحَامِلٍ ، ثُمَّ قَالَتْ : أَنَا حَامِلٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ مَوْتِ زَوْجِهَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا وَيَبْطُلُ إقْرَارُهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ .
الصَّغِيرَةُ إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا ، فَإِنْ أَقَرَّتْ بِالْحَبَلِ فَهِيَ كَالْكَبِيرَةِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ إلَى سَنَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ ، وَإِنْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ ، ثُمَّ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْهُ ، وَإِنْ لَمْ تَدَّعِ حَبَلًا وَلَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَشْهُرِ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ . الْمَبْتُوتَةُ إنْ جَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَالْآخَرُ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَبَيْنَ الْوِلَادَتَيْنِ يَوْمٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ .(26/139)
وَلَوْ خَرَجَ بَعْضُ الْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَبَاقِيهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ حَتَّى يَكُونَ الْخَارِجُ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ نِصْفَ بَدَنِهِ أَوْ يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ الرِّجْلَيْنِ أَكْثَرُ الْبَدَنِ لِأَقَلَّ وَالْبَاقِي لِأَكْثَرَ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ .
وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ مِنْ وَفَاةٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ إلَى سَنَتَيْنِ فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ الْوِلَادَةَ أَوْ الْوَرَثَةُ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَادَّعَتْ هِيَ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ أَقَرَّ بِالْحَبَلِ وَلَا كَانَ الْحَبَلُ ظَاهِرًا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا بِشَهَادَةِ رِجْلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ أَقَرَّ بِالْحَبَلِ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ ظَاهِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي الْوِلَادَةِ ، وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ لَهَا قَابِلَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَكَذَلِكَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ .
وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ : الَّذِي وَلَدَتْهُ غَيْرُ هَذَا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ ، وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً عَنْ وَفَاةٍ وَصَدَّقَتْهَا الْوَرَثَةُ فِي الْوِلَادَةِ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْوِلَادَةِ أَحَدٌ فَهُوَ ابْنُهُ عِنْدَهُمْ وَيَرِثُهُ ، وَهَذَا فِي حَقِّ الْإِرْثِ ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهِمْ وَفِي حَقِّ النَّسَبِ إنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ بِأَنْ صَدَّقَهَا رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِنْهُمْ وَجَبَ الْحُكْمُ بِإِثْبَاتِ نَسَبِهِ حَتَّى شَارَكَ الْمُصَدِّقِينَ وَالْمُنْكِرِينَ وَيُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ عِنْدَ الْبَعْضِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ كَذَا فِي الْكَافِي .
وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمُعْتَدَّةُ بِزَوْجٍ آخَرَ ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فَهُوَ لِلثَّانِي وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي لَمْ يَكُنْ لِلْأَوَّلِ وَلَا لِلثَّانِي وَهَلْ يَجُوزُ نِكَاحُ الثَّانِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى جَائِزٌ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ قَبْلَ التَّزْوِيجِ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا ، فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ وَوَقَعَ النِّكَاحُ الثَّانِي فَاسِدًا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ مِنْ الْأَوَّلِ إنْ أَمْكَنَ إثْبَاتُهُ بِأَنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الثَّانِي فَاسِدٌ وَمَهْمَا أَمْكَنَ إحَالَةُ النَّسَبِ إلَى الْفِرَاشِ الصَّحِيحِ كَانَ أَوْلَى ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إثْبَاتُهُ مِنْهُ وَأَمْكَنَ إثْبَاتُهُ مِنْ الثَّانِي فَالنَّسَبُ يَثْبُتُ مِنْ الثَّانِي بِأَنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الثَّانِي ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لَكِنْ لَمَّا تَعَذَّرَ إثْبَاتُ النَّسَبِ مِنْ
النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فَإِثْبَاتُهُ مِنْ الْفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ الْحَمَلِ عَلَى الزِّنَا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ
رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَجَاءَتْ بِسِقْطٍ قَدْ اسْتَبَانَ خَلْقُهُ ، فَإِنْ جَاءَتْ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ جَازَ النِّكَاحُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الزَّوْجِ الثَّانِي ، وَإِنْ جَاءَتْ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَّا يَوْمًا لَمْ يَجُزْ النِّكَاحُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ .
رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَاخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ : تَزَوَّجْتُك مُنْذُ شَهْرٍ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ : لَا بَلْ مُنْذُ سَنَةٍ فَالْوَلَدُ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الزَّوْجِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ .
وَيَجِبُ أَنْ يُسْتَحْلَفَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْكَافِي .(26/140)
وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مُنْذُ شَهْرٍ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْهُ ، فَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ التَّصَادُقِ عَلَى تَزَوُّجِهِ إيَّاهَا مُنْذُ سَنَةٍ قُبِلَتْ وَهَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ مُسْتَقِيمٌ فِيمَا إذَا أَقَامَ الْوَلَدُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَمَا كَبِرَ أَمَّا إذَا كَانَ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ حَالَ صِغَرِ الْوَلَدِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ : لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مَا لَمْ يُنَصِّبْ الْقَاضِي خَصْمًا عَنْ الصَّغِيرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ وَالْقَاضِي يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْصِبَ عَنْهُ خَصْمًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ .
رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَلَدَتْ وَلَدًا لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ فَقَالَ الزَّوْجُ الْوَلَدُ : وَلَدِي بِسَبَبٍ أَوْجَبَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ لِي وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا بَلْ هُوَ مِنْ الزِّنَا فِي رِوَايَةٍ الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّجُلِ وَفِي رِوَايَةٍ الْقَوْلُ قَوْلُهَا ، وَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة .
وَلَوْ نَكَحَ أَمَةً فَطَلَّقَهَا فَاشْتَرَاهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ لَزِمَهُ وَإِلَّا لَا إلَّا بِالدَّعْوَةِ ، وَهَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ ، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ لَا يَلْزَمُهُ ، وَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ مِنْهُ لَزِمَهُ إذَا وَلَدَتْهُ لِتَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ التَّزَوُّجِ ، وَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ لَا يَلْزَمُهُ ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحْكَامِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ .
وَإِنْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ حَتَّى حَرُمَتْ عَلَيْهِ حُرْمَةً غَلِيظَةً يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ ، وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْمَوْطُوءَةَ ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ اشْتَرَاهَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ الزَّوْجُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ بِلَا دَعْوَةٍ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُعْتِقْهَا وَلَكِنْ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ بَاعَهَا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ ، وَإِنْ ادَّعَاهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَثْبُتُ بِلَا تَصْدِيقٍ كَذَا فِي الْكَافِي .
أُمُّ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ عَنْهَا مَوْلَاهَا أَوْ أَعْتَقَهَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ ــــــــــــــ
تنقيح الفتاوى الحامدية - (ج 2 / ص 59)
( بَابٌ ثُبُوتُ النَّسَبِ ) ( سُئِلَ ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ حُبْلَى مِنْ زِنًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى وَلَدَتْ وَلَدًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ تَزَوَّجَهَا وَادَّعَتْ أَنَّهَا حُبْلَى مِنْهُ وَأَنَّ الْوَلَدَ لَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهَا عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَا تُصَدَّقُ فِي حَقِّهِ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ بِذَلِكَ ؟ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَصَحَّ نِكَاحُ حُبْلَى مِنْ زِنًا لَا حُبْلَى مِنْ غَيْرِهِ ا هـ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ مِنْ بَابِ التَّعْزِيرِ إنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ يَثْبُتُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ وَلَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ مِنْ الزِّنَا وَفِي التَّنْوِيرِ قَالَ إنْ نَكَحْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَنَكَحَهَا فَوَلَدَتْ لِنِصْفِ حَوْلٍ مُنْذُ نَكَحَهَا لَزِمَهُ نَسَبُهُ احْتِيَاطًا ا هـ .
( سُئِلَ ) فِي الزَّانِي إذَا أَرَادَ أَنْ يَنْكِحَ مَزْنِيَّتَهُ الْحُبْلَى مِنْهُ هَلْ يَصِحُّ ؟ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ وَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَالْوَلَدُ لَهُ وَتَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ .
( أَقُولُ ) لَيْسَ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هُوَ فِيمَا إذَا وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ وَفِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ نِكَاحِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ رَجُلٌ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَلَمَّا(26/141)
اسْتَبَانَ حَمْلُهَا تَزَوَّجَهَا الَّذِي زَنَى بِهَا فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ فَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ النِّكَاحِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ لِأَنَّهُ جَاءَتْ بِهِ فِي مُدَّةِ حَمْلٍ تَامٍّ عَقِبَ نِكَاحٍ صَحِيحٍ ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ فَلَا ا هـ .
( سُئِلَ ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا ابْنُهُ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَحَبِلَتْ مِنْهُ وَوَلَدَتْ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ بَيْعَهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ ؟ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ وَلَوْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ امْرَأَتِهِ وَقَالَ ظَنَنْت حِلَّهَا لِي فَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ وَلَا نَسَبَ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فِيهِمَا وَإِنْ مَلَكَهُ يَوْمًا عَتَقَ عَلَيْهِ مِنْ شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ آخِرِ بَابِ الِاسْتِيلَادِ وَأَجَابَ الْمُؤَلِّفُ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَيْضًا فِيمَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ .
( سُئِلَ ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ وَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا لِمُدَّةِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَتِسْعَةِ أَيَّامٍ فَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ ؟ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ .
( سُئِلَ ) فِيمَنْ وَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا وَادَّعَتْ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ لِكَوْنِهِ كَانَ يَطَؤُهَا وَالْحَالُ أَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَدَّعِ الْوَلَدَ وَلَا أَقَرَّ بِهِ فَهَلْ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا ؟ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ .
( سُئِلَ ) فِي الْمُعْتَدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ إذَا تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا تَامًّا بَعْدَ ذَلِكَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ نِكَاحِ الثَّانِي فَهَلْ يَكُونُ الْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ لِفَسَادِ النِّكَاحِ الثَّانِي ، وَلِلزَّوْجِ الثَّانِي أَنْ يُجَدِّدَ الْعَقْدَ عَلَيْهَا بِرِضَاهَا ؟ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ إذَا تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ فِي الْعِدَّةِ وَوَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ نِكَاحِ الثَّانِي كَانَ الْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ طَلَاقِ الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُ الْأَوَّلَ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ نِكَاحِ الثَّانِي فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي وَإِلَّا فَلَا خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ النَّسَبِ .
( سُئِلَ ) فِي رَجُلٍ وَطِئَ جَارِيَةَ أُمِّهِ فَحَبِلَتْ مِنْهُ وَأَقَرَّ بِأَنَّ الْحَمْلَ مِنْهُ وَادَّعَاهُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَصَدَّقَتْهُ الْأُمُّ فِي الْإِحْلَالِ وَكَوْنِ الْوَلَدِ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ عَنْ الِابْنِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ ؟ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا مَرَّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
ــــــــــــــ
لقاءات الباب المفتوح - (ج 65 / ص 24)
اختلاف العلماء في اعتبار زوجة الابن من الرضاع كزوجة الابن من النسب:
________________________________________
السؤال: رجل رضع من زوجة أخيه رضاعاً كاملاً، هل يجوز للأخ من النسب -الأب من الرضاعة- أن يسلم على زوجة أخيه وابنه من الرضاعة؟
________________________________________
الجواب: يعني: هل زوجة الابن من الرضاع كزوجة الابن من النسب؟ معلوم أن زوجة الابن من النسب محرم لأبيه، أما زوجة الابن من الرضاع ولو كان أبوه من الرضاع أخاً له هذه فيها خلاف بين العلماء، فأكثر العلماء على أن زوجة الابن من الرضاع كزوجة الابن من النسب، يعني: أنها محرم لأبيه من الرضاعة، وتكشف له؛ لأنه محرم، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنها ليست بمحرم، وكل منهم استدل بالحديث نفسه، الذين قالوا: إن زوجة الابن من الرضاع كزوجة الابن من النسب(26/142)
قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وشيخ الإسلام رحمه الله الذي قال: إن زوجة الابن من الرضاع ليست كزوجة الابن من النسب، وأنها ليست محرم لأبيه من الرضاع، وأنه يجب عليها أن تحتجب عنه، ولا يجوز أن يخلو بها، استدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) واستدل بقوله الله تعالى: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23] أيهما في نظركم أقرب؟ السائل: النسب. الشيخ: كيف يكون أقرب وزوجة ابنه من النسب حرام؟ إذاً: زوجة الابن من الرضاع حرام (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) . نسأل: زوجة الابن هي حرام على أبيه من النسب أو حرام من الصهر؟ من الصهر، ليس بينه وبين أبيه نسب والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب) وزوجة ابنك ليست حرام عليك من جهة النسب، لكن حرام عليك بالصهر؛ لأنه لا نسب بينك وبينها، ولهذا كان رأي شيخ الإسلام رحمه الله عندي هو الراجح، وأن زوجة الابن من الرضاع ليست محرماً، وزوجة الابن من النسب ليست محرماً من جهة النسب، أما الآية التي استدل بها شيخ الإسلام وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23] فجمهور العلماء الذين يقولون: إن زوجة الابن من الرضاع كزوجة الابن من النسب يقولون: هذه الآية قيدت احترازاً من ابن التبني،
فنقول: إن ابن التبني ليس ابناً حتى يحترز منه، فهو غير داخل بالبنوة إطلاقاً، حتى يأتي بقيد يخرجه، فالصحيح عندي ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
ــــــــــــــ
لقاءات الباب المفتوح - (ج 91 / ص 13)
ما يحرم ويجوز من النسب والمصاهرة:
________________________________________
السؤال: رجل متزوج وله بنت من غير زوجته فهل والد زوجته محرم لابنته بالنسب والمصاهرة أم لا؟
________________________________________
الجواب: والد الزوجة ليس محرماً لبنت زوج ابنته؛ لأنه لا علاقة بينها وبينه، بل لو شاء أن يتزوجها فله ذلك، يعني: ليس بينهما نسب ولا مصاهرة، المصاهرة تنحصر في أصول الزوج وفروعه وأصول الزوجة وفروعها فقط، أصول الزوج وفروعه حرام على الزوجة، وأصول الزوجة وفروعها حرام على الزوج، وهذه الأربعة تحرم أو يثبت فيها التحريم بمجرد العقد إلا بنات الزوجة فلا بد من الدخول، لقوله تعالى: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23] فأنت إذا أردت أن يسهل عليك الأمر فانظر: هل هو من أصول الزوجة وفروعها أو من أصول الزوج وفروعه إذا لم يكن كذلك فلا تحريم.
ــــــــــــــ
لقاءات الباب المفتوح - (ج 185 / ص 9)
المراد بالأخوة بين شعيب ومدين أخوة النسب:(26/143)
________________________________________
السؤال: ذكر الله عز وجل في القرآن الكريم قوله تعالى: كَذَّبَ أَصْحَابُ لْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ [الشعراء:176]، وقال تعالى في آية أخرى: وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً [العنكبوت:36] فهل مدين هم أصحاب الأيكة؟
________________________________________
الجواب: أصحاب الأيكة ليسوا من قوم شعيب، ولهذا قال في قومه: (أخاهم) وقال في هؤلاء: كَذَّبَ أَصْحَابُ لْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ [الشعراء:176] لكنهم قومٌ كلف الله شعيباً أن يذهب إليهم، فذهب إليهم بأمر الله، ومن ثم نعرف ضلال من قال: إن قوله: وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً [العنكبوت:36] أن هؤلاء إخوة له في الإنسانية، وأن الأخوة الإنسانية الشاملة لكل إنسان، فالكافر على تقدير قول هؤلاء يكون أخاً لنا، وهذا لا شك أنه خطأٌ عظيم، بل هي أخوة النسب؛ لأنهم قومه فهم إخوانه، ولا يمكن أن نقول: إن بني آدم إخوة في الإنسانية أبداً؛ لأنه لا ولاية ولا إخوة بين المؤمن والكافر.
ــــــــــــــ
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
س - أفيد سماحتكم أن والدتي كانت متزوجة من رجل قبل والدي وأنجبت منه ولداً وأرضعت مع هذا الولد أختا لها ودامت الرضاعة حوالي أسبوع ثم انفصلت والدتي عن هذا الرجل وأخذها والدي فهل يجوز لنا نحن أبناء الرجل الثاني أن نتزوج من بنات خالتنا التي رضعت من أمنا أم لا ؟
ج- لا يجوز لكم أن تتزوجوا من بنات خالتكم المذكورة لأنها بالرضاع المذكور صارت أختاً لكم وصرتم أخوالاً لأولادها وقد صح عن رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " متفق على صحته .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
س - ابني رضع من جدته لأمه وطبعاً صار أخاً من الرضاعة لخالاته وأخواله ، فهل يجوز له أن يتزوج من بنات خالاته أو بنات أخواله ؟
ج- إذا كان الطفل المذكور ارتضع من جدته لأمه خمس رضعات أو أكثر حال كونه في الحولين صار بذلك أخا لأخواله وخالاته وعما لأولاد أخواله وخالاً لأولاده خالاته فلا يجوز له أن يتزوج من بنات أخواله ، لأنه صار عماً من الرضاع ولا من بنات خالاته لأنه صار خالاً لهن من الرضاع ما تناسلوا . وبالله التوفيق .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 335)
لحوق النسب
السؤال الثالث من الفتوى رقم ( 8576 )(26/144)
س3: ما حكم الإسلام إذا تزوج الرجل ومضت ستة شهور فقط، ثم وضعت المرأة ولدا هل هو ولد أبيه حقا أم لا؟ وكذلك المرأة من أحسن الصادقين هل هو ولد أبيه أم لا؟
ج3: إذا وضعت المرأة لستة أشهر فأكثر بعد دخول زوجها بها فالولد للزوج؛ لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر؛ لقوله تعالى: سورة الأحقاف الآية 15 وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا مع قوله: سورة لقمان الآية 14 وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ فإذا أخذ للفصال حولان: أربعة وعشرون شهرا لم يبق للحمل إلا ستة أشهر. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ــــــــــــــ
إعلام الموقعين عن رب العالمين - (ج 6 / ص 2)
فَصْلٌ : [ ثُبُوتُ النَّسَبِ ] { وَاخْتَصَمَ إلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي الْغُلَامِ ، فَقَالَ سَعْدٌ : هُوَ ابْنُ أَخِي عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ ، اُنْظُرْ إلَى شَبَهِهِ ، وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ : هُوَ أَخِي ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي مِنْ وَلِيدَتِهِ ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى شَبَهِهِ ، فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ ، فَقَالَ : هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ، وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ فَلَمْ تَرَهُ سَوْدَةُ قَطُّ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ : { هُوَ أَخُوكَ يَا عَبْدُ } .
وَعِنْدَ النَّسَائِيّ : { وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ فَلَيْسَ لَكِ بِأَخٍ } .
وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ : { أَمَّا الْمِيرَاثُ فَلَهُ ، وَأَمَّا أَنْتِ فَاحْتَجِبِي مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكِ بِأَخٍ } فَحَكَمَ وَأَفْتَى بِالْوَلَدِ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ عَمَلًا بِمُوجَبِ الْفِرَاشِ ، وَأَمَرَ سَوْدَةَ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْهُ عَمَلًا بِشَبَهِهِ بِعُتْبَةَ ، وَقَالَ : { لَيْسَ لَكِ بِأَخٍ } لِلشُّبْهَةِ ، وَجَعَلَهُ أَخًا فِي الْمِيرَاثِ ، فَتَضَمَّنَتْ فَتْوَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْأَمَةَ فِرَاشٌ ، وَأَنَّ الْأَحْكَامَ تَتَبَعَّضُ فِي الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ عَمَلًا بِالِاشْتِبَاهِ كَمَا تَتَبَعَّضُ فِي الرَّضَاعَةِ ، وَثُبُوتُهَا يَثْبُتُ بِهَا الْحُرْمَةُ وَالْمَحْرَمِيَّةُ دُونَ الْمِيرَاثِ وَالنَّفَقَةِ ، وَكَمَا فِي وَلَدِ الزِّنَا ، هُوَ وَلَدٌ فِي التَّحْرِيمِ ، وَلَيْسَ وَلَدًا فِي الْمِيرَاثِ ، وَنَظَائِرُ ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ ؛ فَيَتَعَيَّنُ الْأَخْذُ بِهَذَا الْحُكْمِ وَالْفَتْوَى ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ .
ــــــــــــــ
زاد المعاد - (ج 5 / ص 366)
فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي
لُحُوقِ النّسَبِ بِالزّوْجِ إذَا خَالَفَ لَوْنُ وَلَدِهِ لَوْنَهُ
ثَبَتَ عَنْهُ فِي " الصّحِيحَيْنِ أَنّ رَجُلًا قَالَ لَهُ إنّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ كَأَنّهُ يُعَرّضُ بِنَفْيِهِ فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ " هَلْ لَكَ مِنْ إبِلٍ " ؟ قَالَ نَعَمْ . قَالَ " مَا لَوْنُهَا ؟ " قَالَ حُمْرٌ . قَالَ " فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ ؟ " قَالَ نَعَمْ . قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ(26/145)
عَلَيْهِ وَسَلّمَ " فَأَنّى أَتَاهَا ذَلِكَ ؟ " قَالَ لَعَلّهُ يَا رَسُولَ اللّهِ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْقٌ . فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ " وَهَذَا لَعَلّهُ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْقٌ . [ ص 367 ]
ــــــــــــــ
زاد المعاد - (ج 5 / ص 368)
[ جِهَاتُ ثُبُوتِ النّسَبِ ]
فَأَمّا ثُبُوتُ النّسَبِ بِالْفِرَاشِ فَأَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمّةُ وَجِهَاتُ ثُبُوتِ النّسَبِ أَرْبَعَةٌ الْفِرَاشُ وَالِاسْتِلْحَاقُ وَالْبَيّنَةُ وَالْقَافَةُ فَالثّلَاثَةُ الْأُوَلُ مُتّفَقٌ عَلَيْهَا وَاتّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنّ النّكَاحَ يَثْبُتُ بِهِ الْفِرَاشُ وَاخْتَلَفُوا فِي التّسَرّي فَجَعَلَهُ جُمْهُورُ الْأُمّةِ مُوجِبًا لِلْفِرَاشِ وَاحْتَجّوا بِصَرِيحِ حَدِيثِ عَائِشَة َ الصّحِيحِ وَأَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَضَى بِالْوَلَدِ لِزَمْعَةَ وَصَرّحَ بِأَنّهُ صَاحِبُ الْفِرَاشِ وَجَعَلَ ذَلِكَ عِلّةً لِلْحُكْمِ بِالْوَلَدِ لَهُ فَسَبَبُ الْحُكْمِ وَمَحَلّهُ إنّمَا كَانَ فِي الْأَمَةِ فَلَا يَجُوزُ إخْلَاءُ الْحَدِيثِ مِنْهُ وَحَمْلُهُ عَلَى الْحُرّةِ الّتِي لَمْ تُذْكَرْ الْبَتّةَ وَإِنّمَا كَانَ الْحُكْمُ فِي غَيْرِهَا فَإِنّ هَذَا يَسْتَلْزِمُ إلْغَاءَ مَا اعْتَبَرَهُ الشّارِعُ وَعَلّقَ الْحُكْمَ بِهِ صَرِيحًا وَتَعْطِيلَ مَحَلّ الْحُكْمِ الّذِي كَانَ لِأَجْلِهِ وَفِيهِ . ثُمّ لَوْ لَمْ يَرِدْ الْحَدِيثُ الصّحِيحُ فِيهِ لَكَانَ هُوَ مُقْتَضَى الْمِيزَانِ الّذِي أَنْزَلَهُ اللّهُ تَعَالَى لِيَقُومَ النّاسُ بِالْقِسْطِ وَهُوَ التّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ فَإِنّ السّرّيّةَ فِرَاشٌ حِسّا وَحَقِيقَةً وَحُكْمًا كَمَا أَنّ الْحُرّةَ كَذَلِكَ وَهِيَ تُرَادُ لِمَا تُرَادُ لَهُ الزّوْجَةُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَالِاسْتِيلَادِ وَلَمْ يَزَلْ النّاسُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا يَرْغَبُونَ فِي السّرَارِيّ لِاسْتِيلَادِهِنّ وَاسْتِفْرَاشِهِنّ وَالزّوْجَةُ إنّمَا سُمّيَتْ فِرَاشًا لِمَعْنًى هِيَ وَالسّرّيّةُ فِيهِ عَلَى حَدّ سَوَاءٍ . [ ص 369 ] وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا تَكُونُ الْأَمَةُ فِرَاشًا بِأَوّلِ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ مِنْ السّيّدِ
فَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ إلّا إذَا اسْتَلْحَقَهُ فَيَلْحَقَهُ حِينَئِذٍ بِالِاسْتِلْحَاقِ لَا بِالْفِرَاشِ فَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَحِقَهُ إلّا أَنْ يَنْفِيَهُ فَعِنْدَهُمْ وَلَدُ الْأَمَةِ لَا يَلْحَقُ السّيّدَ بِالْفِرَاشِ إلّا أَنْ يَتَقَدّمَهُ وَلَدٌ مُسْتَلْحَقٌ وَمَعْلُومٌ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَلْحَقَ الْوَلَدَ بِزَمْعَةَ وَأَثْبَتَ نَسَبَهُ مِنْهُ وَلَمْ يُثْبِتْ قَطّ أَنّ هَذِهِ الْأَمَةَ وَلَدَتْ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ غَيْرَهُ وَلَا سَأَلَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْ ذَلِكَ وَلَا اسْتَفْصَلَ فِيهِ . قَالَ مُنَازِعُوهُمْ لَيْسَ لِهَذَا التّفْصِيلِ أَصْلٌ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنّةٍ وَلَا أَثَرٍ عَنْ صَاحِبٍ وَلَا تَقْتَضِيهِ قَوَاعِدُ الشّرْعِ وَأُصُولُهُ قَالَتْ الْحَنَفِيّةُ : وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ كَوْنَ الْأَمَةِ فِرَاشًا فِي الْجُمْلَةِ وَلَكِنّهُ فَرَاشٌ ضَعِيفٌ وَهِيَ فِيهِ دُونَ الْحُرّةِ فَاعْتَبَرْنَا مَا تَعْتِقُ بِهِ بِأَنْ تَلِدَ مِنْهُ وَلَدًا فَيَسْتَلْحِقَهُ فَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَحِقَ بِهِ إلّا أَنْ يَنْفِيَهُ وَأَمّا الْوَلَدُ الْأَوّلُ فَلَا يَلْحَقُهُ إلّا بِالِاسْتِلْحَاقِ وَلِهَذَا قُلْتُمْ إنّهُ إذَا اسْتَلْحَقَ وَلَدًا مِنْ أَمَتِهِ لَمْ يَلْحَقْهُ مَا بَعْدَهُ إلّا بِاسْتِلْحَاقِ مُسْتَأْنَفٍ بِخِلَافِ الزّوْجَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا : أَنّ عَقْدَ النّكَاحِ إنّمَا يُرَادُ لِلْوَطْءِ وَالِاسْتِفْرَاشِ بِخِلَافِ مِلْكِ الْيَمِينِ فَإِنّ الْوَطْءَ وَالِاسْتِفْرَاشَ فِيهِ تَابِعٌ وَلِهَذَا يَجُوزُ وُرُودُهُ عَلَى مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا بِخِلَافِ عَقْدِ النّكَاحِ . قَالُوا : وَالْحَدِيثُ لَا حُجّةَ لَكُمْ فِيهِ لِأَنّ وَطْءَ زَمْعَةَ لَمْ يَثْبُتْ وَإِنّمَا أَلْحَقَهُ النّبِيّ
صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِعَبْدٍ أَخًا لِأَنّهُ اسْتَلْحَقَهُ فَأَلْحَقَهُ بِاسْتِلْحَاقِهِ لَا بِفِرَاشِ الْأَبِ . قَالَ الْجُمْهُورُ إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ مَوْطُوءَةً فَهِيَ فِرَاشٌ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَاعْتِبَارُ وِلَادَتِهَا السّابِقَةِ فِي صَيْرُورَتِهَا فِرَاشًا اعْتِبَارُ مَا لَا دَلِيلَ عَلَى اعْتِبَارِهِ شَرْعًا وَالنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يَعْتَبِرْهُ فِي فِرَاشِ زَمْعَةَ فَاعْتِبَارُهُ تَحَكّمٌ .(26/146)
وَقَوْلُكُمْ إنّ الْأَمَةَ لَا تُرَادُ لِلْوَطْءِ فَالْكَلَامُ فِي الْأَمَةِ الْمَوْطُوءَةِ الّتِي اُتّخِذَتْ سُرّيّةً وَفِرَاشًا وَجُعِلَتْ كَالزّوْجَةِ أَوْ أَحْظَى مِنْهَا لَا فِي أَمَتِهِ الّتِي هِيَ أُخْتُهُ مِنْ الرّضَاعِ وَنَحْوُهَا . [ ص 370 ] زَمْعَةَ لَمْ يَثْبُتْ حَتّى يُلْحَقَ بِهِ الْوَلَدُ لَيْسَ عَلَيْنَا جَوَابُهُ بَلْ جَوَابُهُ عَلَى مَنْ حَكَمَ بِلُحُوقِ الْوَلَدِ بِزَمْعَةَ وَقَالَ لِابْنِهِ هُوَ أَخُوك . وَقَوْلُكُمْ إنّمَا أَلْحَقَهُ بِالْأَخِ لِأَنّهُ اسْتَلْحَقَهُ بَاطِلٌ فَإِنّ الْمُسْتَلْحَقَ إنْ لَمْ يُقِرّ بِهِ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ لَمْ يَلْحَقْ بِالْمُقِرّ إلّا أَنْ يَشْهَدَ مِنْهُمْ اثْنَانِ أَنّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ الْمَيّتِ وَعَبْدٌ لَمْ يَكُنْ يُقِرّ لَهُ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ فَإِنّ سَوْدَةَ زَوْجَةَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أُخْتُهُ وَهِيَ لَمْ تُقِرّ بِهِ وَلَمْ تَسْتَلْحِقْهُ وَحَتّى لَوْ أَقَرّتْ بِهِ مَعَ أَخِيهَا عَبْدٍ لَكَانَ ثُبُوتُ النّسَبِ بِالْفِرَاشِ لَا بِالِاسْتِلْحَاقِ فَإِنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ صَرّحَ عُقَيْبَ حُكْمِهِ بِإِلْحَاقِ النّسَبِ بِأَنّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ مُعَلّلًا بِذَلِكَ مُنَبّهًا عَلَى قَضِيّةٍ كُلّيّةٍ عَامّةٍ تَتَنَاوَلُ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ وَغَيْرَهَا . ثُمّ جَوَابُ هَذَا الِاعْتِرَاضِ الْبَاطِلِ الْمُحَرّمِ أَنّ ثُبُوتَ كَوْنِ الْأَمَةِ فِرَاشًا بِالْإِقْرَارِ مِنْ الْوَاطِئِ أَوْ وَارِثِهِ كَافٍ فِي لُحُوقِ النّسَبِ فَإِنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَلْحَقَهُ بِهِ بِقَوْلِهِ ابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ كَيْفَ وَزَمْعَةُ كَانَ صِهْرَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَابْنَتُهُ تَحْتَهُ فَكَيْفَ لَا يَثْبُتُ عِنْدَهُ الْفِرَاشُ
الّذِي يَلْحَقْ بِهِ النّسَبُ ؟ . وَأَمّا مَا نَقَضْتُمْ بِهِ عَلَيْنَا أَنّهُ إذَا اسْتَلْحَقَ وَلَدًا مِنْ أَمَتِهِ لَمْ يَلْحَقْهُ مَا بَعْدَهُ إلّا بِإِقْرَارِ مُسْتَأْنَفٍ فَهَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ هَذَا أَحَدُهُمَا وَالثّانِي : أَنّهُ يَلْحَقُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْنِفْ إقْرَارًا وَمَنْ رَجّحَ الْقَوْلَ الْأَوّلَ قَالَ قَدْ يَسْتَبْرِئُهَا السّيّدُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَيَزُولُ حُكْمُ الْفِرَاشِ بِالِاسْتِبْرَاءِ فَلَا يَلْحَقُهُ مَا بَعْدُ الْأَوّلِ إلّا بِاعْتِرَافِ مُسْتَأْنَفٍ أَنّهُ وَطِئَهَا كَالْحَالِ فِي أَوّلِ وَلَدٍ وَمَنْ رَجّحَ الثّانِيَ قَالَ قَدْ يَثْبُتُ كَوْنُهَا فِرَاشًا أَوّلًا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْفِرَاشِ حَتّى يَثْبُتَ مَا يُزِيلُهُ إذْ لَيْسَ هَذَا نَظِيرَ قَوْلِكُمْ إنّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِوَطْئِهَا حَتّى يَسْتَلْحِقَهُ وَأَبْطَلُ مِنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إنّهُ لَمْ يَلْحَقْهُ بِهِ أَخًا وَإِنّمَا جَعَلَهُ لَهُ عَبْدًا وَلِهَذَا أَتَى فِيهِ بِلَامِ التّمْلِيكِ فَقَالَ هُوَ لَكَ أَيْ مَمْلُوكٌ لَك وَقَوّى هَذَا الِاعْتِرَاضَ بِأَنّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ " هُوَ لَكَ عَبْدٌ " وَبِأَنّهُ أَمَرَ سَوْدَةَ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ أَخًا لَهَا لَمَا أَمَرَهَا بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ فَدَلّ عَلَى أَنّهُ أَجْنَبِيّ مِنْهَا . قَالَ وَقَوْلُهُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ تَنْبِيهٌ عَلَى عَدَمِ لُحُوقِ نَسَبِهِ بِزَمْعَةَ أَيْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأَمَةُ فِرَاشًا لَهُ لِأَنّ [ ص 371 ] سَوْدَةَ مِنْهُ قَالَ وَيُؤَكّدُهُ أَنّ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ " احْتَجِبِي مِنْهُ فَإِنّهُ لَيْسَ لَك بِأَخٍ " قَالُوا : وَحِينَئِذٍ فَتَبَيّنَ أَنّا أَسْعَدُ بِالْحَدِيثِ وَبِالْقَضَاءِ
النّبَوِيّ مِنْكُمْ . قَالَ الْجُمْهُورُ الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ وَالْتَقَتْ حَلْقَتَا الْبِطَانِ فَنَقُولُ - وَاَللّهُ الْمُسْتَعَانُ - أَمّا قَوْلُكُمْ إنّهُ لَمْ يُلْحِقْهُ بِهِ أَخًا وَإِنّمَا جَعَلَهُ عَبْدًا يَرُدّهُ مَا رَوَاهُ مُحَمّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيّ فِي " صَحِيحِهِ " فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ لَك هُوَ أَخُوك يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ وَلَيْسَ اللّامُ لِلتّمْلِيكِ وَإِنّمَا هِيَ لِلِاخْتِصَاصِ كَقَوْلِهِ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ فَأَمّا لَفْظَةُ قَوْلِهِ هُوَ لَك عَبْدٌ فَرِوَايَةٌ بَاطِلَةٌ لَا تَصِحّ أَصْلًا . وَأَمّا أَمْرُهُ سَوْدَةَ بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ فَإِمّا أَنْ يَكُونَ عَلَى طَرِيقِ الِاحْتِيَاطِ وَالْوَرَعِ لِمَكَانِ الشّبْهَةِ الّتِي أَوْرَثَهَا الشّبَهُ الْبَيّنُ بِعُتْبَةَ وَإِمّا أَنْ يَكُونَ مُرَاعَاةً لِلشّبَهَيْنِ وَإِعْمَالًا لِلدّلِيلَيْنِ فَإِنّ الْفِرَاشَ دَلِيلُ لُحُوقِ النّسَبِ وَالشّبَهَ بِغَيْرِ صَاحِبِهِ دَلِيلُ نَفْيِهِ فَأَعْمَلَ أَمْرَ الْفِرَاشِ بِالنّسْبَةِ إلَى الْمُدّعِي لِقُوّتِهِ وَأَعْمَلَ الشّبَهَ بِعُتْبَةَ بِالنّسْبَةِ إلَى ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيّةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَوْدَةَ وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْأَحْكَامِ وَأَبْيَنِهَا وَأَوْضَحِهَا وَلَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ النّسَبِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَهَذَا الزّانِي يَثْبُتُ النّسَبُ مِنْهُ(26/147)
بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَلَدِ فِي التّحْرِيمِ وَالْبَعْضِيّةِ دُونَ الْمِيرَاثِ وَالنّفَقَةِ وَالْوِلَايَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ يَتَخَلّفُ بَعْضُ أَحْكَامِ النّسَبِ عَنْهُ مَعَ ثُبُوتِهِ لِمَانِعِ وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الشّرِيعَةِ فَلَا يُنْكِرُ مَنْ تَخَلّفَ الْمَحْرَمِيّةَ بَيْنَ سَوْدَةَ وَبَيْنَ هَذَا الْغُلَامِ لِمَانِعِ الشّبَهِ بِعُتْبَةَ وَهَلْ هَذَا إلّا مَحْضُ الْفِقْهِ ؟ وَقَدْ
عُلِمَ بِهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ " لَيْسَ لَكِ بِأَخٍ " لَوْ صَحّتْ هَذِهِ اللّفْظَةُ مَعَ أَنّهَا لَا تَصِحّ وَقَدْ ضَعّفَهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَلَا نُبَالِي بِصِحّتِهَا مَعَ قَوْلِهِ لِعَبْدٍ هُوَ أَخُوك وَإِذَا جَمَعْت أَطْرَافَ كَلَامِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَرَنَتْ قَوْلَهُ " هُوَ أَخُوك " بِقَوْلِهِ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحُجْرُ تَبَيّنَ لَك بُطْلَانُ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ التّأْوِيلِ وَأَنّ الْحَدِيثَ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ لَا يَحْتَمِلُهُ بِوَجْهِ وَاَللّهُ أَعْلَمُ . وَالْعَجَبُ أَنّ مُنَازِعِينَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَجْعَلُونَ الزّوْجَةَ فِرَاشًا لِمُجَرّدِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزّوْجِ بُعْدَ [ ص 372 ] سُرّيّتَهُ الّتِي يَتَكَرّرُ اسْتِفْرَاشُهُ لَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا فِرَاشًا .
ــــــــــــــ
زاد المعاد - (ج 5 / ص 373)
[ الِاسْتِلْحَاقُ ]
الثّانِي : الِاسْتِلْحَاقُ وَقَدْ اتّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنّ لِلْأَبِ أَنْ يَسْتَلْحِقَ فَأَمّا الْجَدّ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ مَوْجُودًا لَمْ يُؤَثّرْ اسْتِلْحَاقُهُ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا وَهُوَ كُلّ الْوَرَثَةِ صَحّ إقْرَارُهُ وَثَبَتَ نَسَبُ الْمُقَرّ بِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْضَ الْوَرَثَةِ وَصَدَقُوهُ فَكَذَلِك وَإِلّا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ إلّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الشّاهِدَيْنِ فِيهِ . وَالْحُكْمُ فِي الْأَخِ كَالْحُكْمِ فِي الْجَدّ سَوَاءٌ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنّ مَنْ حَازَ الْمَالَ يَثْبُتُ النّسَبُ بِإِقْرَارِهِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً وَهَذَا أَصْلُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَالشّافِعِيّ لِأَنّ الْوَرَثَةَ قَامُوا مَقَامَ الْمَيّتِ وَحَلّوا مَحَلّهُ . وَأَوْرَدَ بَعْضُ النّاسِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ أَنّهُ لَوْ كَانَ إجْمَاعُ الْوَرَثَةِ عَلَى إلْحَاقِ النّسَبِ يُثْبِتُ النّسَبَ لَلَزِمَ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَى نَفْيِ حَمْلٍ مِنْ أَمَةٍ وَطِئَهَا الْمَيّتُ أَنْ يَحِلّوا مَحَلّهُ فِي نَفْيِ النّسَبِ كَمَا حَلّوا مَحَلّهُ فِي إلْحَاقِهِ وَهَذَا لَا يَلْزَمُ لِأَنّا اعْتَبَرْنَا جَمِيعَ الْوَرَثَةِ وَالْحَمْلُ مِنْ الْوَرَثَةِ فَلَمْ يُجْمِعْ الْوَرَثَةُ عَلَى نَفْيِهِ . فَإِنْ قِيلَ فَأَنْتُمْ اعْتَبَرْتُمْ فِي ثُبُوتِ النّسَبِ إقْرَارَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَالْمُقِرّ هَاهُنَا إنّمَا هُوَ عَبْدٌ وَسَوْدَةُ لَمْ تُقِرّ بِهِ وَهِيَ أُخْتُهُ وَالنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَلْحَقَهُ بِعَبْدِ بِاسْتِلْحَاقِهِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِلْحَاقِ الْأَخِ وَثُبُوتِ النّسَبِ بِإِقْرَارِهِ وَدَلِيلٌ عَلَى أَنّ اسْتِلْحَاقَ أَحَدِ الْإِخْوَةِ كَافٍ . قِيلَ سَوْدَةُ لَمْ تَكُنْ مُنْكِرَةً فَإِنّ عَبْدًا اسْتَلْحَقَهُ وَأَقَرّتْهُ سَوْدَةُ عَلَى
اسْتِلْحَاقِهِ وَإِقْرَارُهَا وَسُكُوتُهَا عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الْمُتَعَدّي حُكْمُهُ إلَيْهَا مِنْ خَلْوَتِهِ بِهَا وَرُؤْيَتِهِ إيّاهَا وَصَيْرُورَتِهِ أَخًا لَهَا تَصْدِيقٌ لِأَخِيهَا عَبْدٍ وَإِقْرَارٌ بِمَا أَقَرّ بِهِ وَإِلّا لَبَادَرَتْ إلَى الْإِنْكَارِ وَالتّكْذِيبِ فَجَرَى رِضَاهَا وَإِقْرَارُهَا مَجْرَى تَصْدِيقِهَا هَذَا إنْ كَانَ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهَا تَصْدِيقٌ صَرِيحٌ فَالْوَاقِعَةُ وَاقِعَةُ عَيْنٍ وَمَتَى اسْتَلْحَقَ الْأَخُ أَوْ الْجَدّ أَوْ غَيْرُهُمَا نَسَبَ مَنْ لَوْ أَقَرّ بِهِ مُوَرّثُهُمْ لَحِقَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَا وَارِثٌ مُنَازِعٌ فَالِاسْتِلْحَاقُ مُقْتَضٍ لِثُبُوتِ النّسَبِ وَمُنَازَعَةُ غَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ مَانِعٌ مِنْ الثّبُوتِ فَإِذَا وُجِدَ الْمُقْتَضِي وَلَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ مِنْ اقْتِضَائِهِ تَرَتّبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ . [ ص 374 ] حَازَ الْمِيرَاثَ وَاسْتِلْحَاقَهُ هَلْ هُوَ إقْرَارُ خِلَافَةٍ عَنْ الْمَيّتِ أَوْ إقْرَارُ شَهَادَةٍ ؟ هَذَا فِيهِ خِلَافٌ فَمَذْهَبُ أَحْمَد وَالشّافِعِيّ رَحِمَهُمَا اللّهُ أَنّهُ إقْرَارُ خِلَافَةٍ فَلَا تُشْتَرَطُ عَدَالَةُ الْمُسْتَلْحِقِ بَلْ(26/148)
وَلَا إسْلَامُهُ بَلْ يَصِحّ ذَلِكَ مِنْ الْفَاسِقِ وَالدّيّنِ وَقَالَتْ الْمَالِكِيّةُ : هُوَ إقْرَارُ شَهَادَةٍ فَتُعْتَبَرُ فِيهِ أَهْلِيّةُ الشّهَادَةِ وَحَكَى ابْنُ الْقَصّارِ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ : أَنّ الْوَرَثَةَ إذَا أَقَرّوا بِالنّسَبِ لَحِقَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عُدُولًا وَالْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِك ٍ خِلَافُهُ .
فَصْلٌ
الثّالِثُ الْبَيّنَةُ بِأَنْ يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنّهُ ابْنُهُ أَوْ أَنّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ وَإِذَا شَهِدَ بِذَلِكَ اثْنَانِ مِنْ الْوَرَثَةِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى إنْكَارِ بَقِيّتِهِمْ وَثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَا يُعْرَفُ فِي ذَلِكَ نِزَاعٌ .
فَصْلٌ
الرّابِعُ الْقَافَةُ حُكْمُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَضَاؤُهُ بِاعْتِبَارِ الْقَافَةِ وَإِلْحَاقُ النّسَبِ بِهَا . ثَبَتَ فِي " الصّحِيحَيْنِ " : مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا قَالَتْ دَخَلَ عَلَيّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ذَاتَ يَوْمٍ مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ " أَلَمْ تَرَيْ أَنّ مُجَزّزًا الْمُدْلِجِيّ نَظَرَ آنِفًا إلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ إنّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ فَسُرّ [ ص 375 ] صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِقَوْلِ الْقَائِفِ وَلَوْ كَانَتْ كَمَا يَقُولُ الْمُنَازِعُونَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيّةِ كَالْكِهَانَةِ وَنَحْوِهَا لَمَا سُرّ بِهَا وَلَا أُعْجِبَ بِهَا وَلَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْكِهَانَةِ . وَقَدْ صَحّ عَنْهُ وَعِيدُ مَنْ صَدّقَ كَاهِنًا . قَالَ الشّافِعِيّ : وَالنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَثْبَتَهُ عِلْمًا وَلَمْ يُنْكِرْهُ وَلَوْ كَانَ خَطَأً لَأَنْكَرَهُ لِأَنّ فِي ذَلِكَ قَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ وَنَفْيَ الْأَنْسَابِ انْتَهَى . كَيْفَ وَالنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ صَرّحَ فِي الْحَدِيثِ الصّحِيحِ بِصِحّتِهَا وَاعْتِبَارِهَا فَقَالَ فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ إنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيّةَ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ
كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ فَلَمّا جَاءَتْ بِهِ عَلَى شَبَهِ الّذِي رُمِيَتْ بِهِ قَالَ لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ وَهَلْ هَذَا إلّا اعْتِبَارٌ لِلشّبَهِ وَهُوَ عَيْنُ الْقَافَةِ فَإِنّ الْقَائِفَ يَتْبَعُ أَثَرَ الشّبَهِ وَيَنْظُرُ إلَى مَنْ يَتّصِلُ فَيَحْكُمُ بِهِ لِصَاحِبِ الشّبَهِ وَقَدْ اعْتَبَرَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الشّبَهَ وَبَيّنَ سَبَبَهُ وَلِهَذَا لَمّا قَالَتْ لَهُ أُمّ سَلَمَةَ أَوَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ فَقَالَ " مِمّ يَكُونُ الشّبَهُ " . وَأَخْبَرَ فِي الْحَدِيثِ الصّحِيحِ أَنّ مَاءَ الرّجُلِ إذَا سَبَقَ مَاءَ الْمَرْأَةِ كَانَ الشّبَهُ لَهُ وَإِذَا سَبَقَ مَاؤُهَا مَاءَهُ كَانَ الشّبَهُ لَهَا فَهَذَا اعْتِبَارٌ مِنْهُ لِلشّبَهِ شَرْعًا وَقَدْرًا وَهَذَا أَقْوَى مَا يَكُونُ مِنْ طُرُقِ الْأَحْكَامِ أَنْ يَتَوَارَدَ عَلَيْهِ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ وَالشّرْعُ وَالْقَدْرُ وَلِهَذَا تَبِعَهُ خُلَفَاؤُهُ الرّاشِدُونَ فِي الْحُكْمِ بِالْقَافَةِ . قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ : حَدّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ [ ص 376 ] فَقَالَ الْقَائِفُ قَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا فَجَعَلَهُ بَيْنَهُمَا . قَالَ الشّعْبِيّ : وَعَلِيّ يَقُولُ هُوَ ابْنُهُمَا وَهُمَا أَبَوَاهُ يَرِثَانِهِ ذَكَرَهُ سَعِيدُ أَيْضًا . وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي طُهْرِ امْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ فَوَلَدَتْ غُلَامًا يُشْبِهُهُمَا فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ فَدَعَا الْقَافَةَ فَنَظَرُوا فَقَالُوا : نَرَاهُ يُشْبِهُهُمَا فَأَلْحَقَهُ بِهِمَا وَجَعَلَهُ يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ وَلَا يُعْرَفُ قَطّ فِي الصّحَابَةِ مَنْ خَالَفَ عُمَرَ
وَعَلِيّا رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ بَلْ حَكَمَ عُمَرُ بِهَذَا فِي الْمَدِينَةِ وَبِحَضْرَتِهِ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فَلَمْ يُنْكِرْهُ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ .
[ حُجَجُ مَنْ أَنْكَرَ ثُبُوتَ النّسَبِ بِالْقَافَةِ ](26/149)
قَالَتْ الْحَنَفِيّةُ : قَدْ أَجْلَبْتُمْ عَلَيْنَا فِي الْقَافَةِ بِالْخَيْلِ وَالرّجْلِ وَالْحُكْمُ بِالْقِيَافَةِ تَعْوِيلٌ عَلَى مُجَرّدِ الشّبَهِ وَالظّنّ وَالتّخْمِينِ وَمَعْلُومٌ أَنّ الشّبَهَ قَدْ يُوجَدُ مِنْ الْأَجَانِبِ وَيَنْتَفِي عَنْ الْأَقَارِبِ وَذَكَرْتُمْ قِصّةَ أُسَامَةَ وَزَيْدَ وَنَسِيتُمْ قِصّةَ الّذِي وَلَدَتْ امْرَأَتُهُ غُلَامًا أَسْوَدَ يُخَالِفُ لَوْنَهُمَا فَلَمْ يُمَكّنْهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ نَفْيِهِ وَلَا جَعَلَ لِلشّبَهِ وَلَا لِعَدَمِهِ أَثَرًا وَلَوْ كَانَ لِلشّبَهِ أَثَرٌ لَاكْتَفَى بِهِ فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى اللّعَانِ وَلَكَانَ يَنْتَظِرُ وِلَادَتَهُ ثُمّ يُلْحَقُ بِصَاحِبِ الشّبَهِ وَيَسْتَغْنِي بِذَلِكَ عَنْ اللّعَانِ بَلْ كَانَ لَا يَصِحّ نَفْيُهُ مَعَ وُجُودِ الشّبَهِ بِالزّوْجِ وَقَدْ دَلّتْ السّنّةُ الصّحِيحَةُ الصّرِيحَةُ عَلَى نَفْيِهِ عَنْ الْمُلَاعِنِ وَلَوْ كَانَ الشّبَهُ لَهُ فَإِنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ أَبْصِرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيّةَ وَهَذَا قَالَهُ بَعْدَ اللّعَانِ وَنَفْيِ النّسَبِ عَنْهُ فَعُلِمَ أَنّهُ لَوْ جَاءَ عَلَى الشّبَهِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ وَإِنّمَا كَانَ مَجِيئُهُ عَلَى شَبَهِهِ دَلِيلًا عَلَى كَذِبِهِ لَا عَلَى لُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ . قَالُوا : وَأَمّا قِصّةُ أُسَامَةَ وَزَيْدٍ فَالْمُنَافِقُونَ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِهِ مِنْ زَيْدٍ [ ص
377 ] لِمُخَالَفَةِ لَوْنِهِ لَوْنَ أَبِيهِ وَلَمْ يَكُونُوا يَكْتَفُونَ بِالْفِرَاشِ وَحُكْمِ اللّهِ وَرَسُولِهِ فِي أَنّهُ ابْنُهُ فَلَمّا شَهِدَ بِهِ الْقَائِفُ وَافَقَتْ شَهَادَتُهُ حُكْمَ اللّهِ وَرَسُولِهِ فَسُرّ بِهِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِمُوَافَقَتِهَا حُكْمَهُ وَلِتَكْذِيبِهَا قَوْلَ الْمُنَافِقِينَ لَا أَنّهُ أَثْبَتَ نَسَبَهُ بِهَا فَأَيْنَ فِي هَذَا إثْبَاتُ النّسَبِ بِقَوْلِ الْقَائِفِ ؟ قَالُوا : وَهَذَا مَعْنَى الْأَحَادِيثِ الّتِي ذُكِرَ فِيهَا اعْتِبَارُ الشّبَهِ فَإِنّهَا إنّمَا اعْتَبَرَتْ فِيهِ الشّبَهَ بِنَسَبِ ثَابِتٍ بِغَيْرِ الْقَافَةِ وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ ذَلِكَ . قَالُوا : وَأَمّا حُكْمُ عُمَرَ وَعَلِيّ ٍ فَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَى عُمَرَ فَرُوِيَ عَنْهُ مَا ذَكَرْتُمْ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنّ الْقَائِفَ لَمّا قَالَ لَهُ قَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ قَالَ وَالِ أَيّهمَا شِئْت . فَلَمْ يَعْتَبِرْ قَوْلَ الْقَائِفِ . قَالُوا : وَكَيْفَ تَقُولُونَ بِالشّبَهِ وَلَوْ أَقَرّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِأَخٍ وَأَنْكَرَهُ الْبَاقُونَ وَالشّبَهُ مَوْجُودٌ لَمْ تُثْبِتُوا النّسَبَ بِهِ وَقُلْتُمْ إنْ لَمْ تَتّفِقْ الْوَرَثَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ لَمْ يَثْبُتْ النّسَبُ ؟
[ رَدّ الْمُثْبِتِينَ عَلَى النّافِينَ ]
قَالَ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِنْ الْعَجَبِ أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْنَا الْقَوْلَ بِالْقَافَةِ وَيَجْعَلَهَا مِنْ بَابِ الْحَدْسِ وَالتّخْمِينِ مَنْ يُلْحِقُ وَلَدَ الْمَشْرِقِيّ بِمَنْ فِي أَقْصَى الْمَغْرِبِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنّهُمَا لَمْ يَتَلَاقَيَا طَرْفَةَ عَيْنٍ وَيُلْحِقُ الْوَلَدَ بِاثْنَيْنِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنّهُ لَيْسَ ابْنًا لِأَحَدِهِمَا وَنَحْنُ إنّمَا أَلْحَقْنَا الْوَلَدَ بِقَوْلِ الْقَائِفَ الْمُسْتَنِدِ إلَى الشّبَهِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا وَقَدْرًا فَهُوَ اسْتِنَادٌ إلَى ظَنّ غَالِبٍ وَرَأْيٍ رَاجِحٍ وَأَمَارَةٍ ظَاهِرَةٍ بِقَوْلِ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ قَوْلِ الْمُقَوّمِينَ وَهَلْ يُنْكِرُ مَجِيءَ كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ مُسْتَنِدًا إلَى الْأَمَارَاتِ الظّاهِرَةِ وَالظّنُونِ الْغَالِبَةِ ؟ وَأَمّا وُجُودُ الشّبَهِ بَيْنَ الْأَجَانِبِ وَانْتِفَاؤُهُ بَيْنَ الْأَقَارِبِ وَإِنْ كَانَ وَاقِعًا [ ص 378 ] أَسْوَدَ فَهُوَ حُجّةٌ عَلَيْكُمْ لِأَنّهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنّ الْعَادَةَ الّتِي فَطَرَ اللّهُ عَلَيْهَا النّاسَ اعْتِبَارُ الشّبَهِ وَأَنّ خِلَافَهُ يُوجِبُ رِيبَةً وَأَنّ فِي طِبَاعِ الْخَلْقِ إنْكَارَ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَمّا عَارَضَ ذَلِكَ دَلِيلٌ أَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ الْفِرَاشُ كَانَ الْحُكْمُ لِلدّلِيلِ الْقَوِيّ وَكَذَلِكَ نَقُولُ نَحْنُ وَسَائِرُ النّاسِ إنّ الْفِرَاشَ الصّحِيحَ إذَا كَانَ قَائِمًا فَلَا يُعَارَضُ بِقَافَةِ وَلَا شَبَهٍ فَمُخَالَفَةُ ظَاهِرِ الشّبَهِ لِدَلِيلِ أَقْوَى مِنْهُ - وَهُوَ الْفِرَاشُ - غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ وَإِنّمَا الْمُسْتَنْكَرُ مُخَالَفَةُ هَذَا الدّلِيلِ الظّاهِرِ بِغَيْرِ شَيْءٍ . وَأَمّا تَقْدِيمُ اللّعَانِ عَلَى الشّبَهِ وَإِلْغَاءُ الشّبَهِ مَعَ وُجُودِهِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا هُوَ(26/150)
مِنْ تَقْدِيمِ أَقْوَى الدّلِيلَيْنِ عَلَى أَضْعَفِهِمَا وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْعَمَلَ بِالشّبَهِ مَعَ عَدَمِ مَا يُعَارِضُهُ كَالْبَيّنَةِ تُقَدّمُ عَلَى الْيَدِ وَالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيّةِ وَيُعْمَلُ بِهِمَا عِنْدَ عَدَمِهِمَا . وَأَمّا ثُبُوتُ نَسَبِ أُسَامَةَ مِنْ زَيْدٍ بِدُونِ الْقِيَافَةِ فَنَحْنُ لَمْ نُثْبِتْ نَسَبَهُ بِالْقِيَافَةِ وَالْقِيَافَةُ دَلِيلٌ آخَرُ مُوَافِقٌ لِدَلِيلِ الْفِرَاشِ فَسُرُورُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَفَرَحُهُ بِهَا وَاسْتِبْشَارُهُ لِتَعَاضُدِ أَدِلّةِ النّسَبِ وَتَضَافُرِهَا لَا لِإِثْبَاتِ النّسَبِ بِقَوْلِ الْقَائِفِ وَحْدَهُ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْفَرَحِ بِظُهُورِ أَعْلَامِ الْحَقّ وَأَدِلّتِهِ وَتَكَاثُرِهَا وَلَوْ لَمْ تَصْلُحْ الْقِيَافَةُ دَلِيلًا لَمْ يَفْرَحْ بِهَا وَلَمْ يُسَرّ وَقَدْ كَانَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَفْرَحُ وَيُسَرّ إذَا تَعَاضَدَتْ عِنْدَهُ أَدِلّةُ الْحَقّ وَيُخْبِرُ بِهَا الصّحَابَةَ وَيُحِبّ أَنْ يَسْمَعُوهَا مِنْ الْمُخْبِرِ بِهَا لِأَنّ النّفُوسَ تَزْدَادُ تَصْدِيقًا بِالْحَقّ إذَا تَعَاضَدَتْ أَدِلّتُهُ وَتُسَرّ بِهِ وَتَفْرَحُ وَعَلَى هَذَا فَطَرَ اللّهُ عِبَادَهُ فَهَذَا حُكْمٌ اتّفَقَتْ عَلَيْهِ الْفِطْرَةُ وَالشّرْعَةُ وَبِاَللّهِ التّوْفِيقُ . وَأَمّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنّهُ قَالَ وَالِ أَيّهمَا شِئْتُ فَلَا تُعْرَفُ صِحّتُهُ عَنْ [ ص 379 ] لَكَانَ قَوْلًا عَنْهُ فَإِنّ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي غَايَةِ الصّحّةِ مَعَ أَنّ قَوْلَهُ وَالِ أَيّهمَا شِئْت لَيْسَ بِصَرِيحِ فِي إبْطَالِ قَوْلِ الْقَائِفِ وَلَوْ كَانَ صَرِيحًا فِي إبْطَالِ قَوْلِهِ لَكَانَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ إذَا أَلْحَقَهُ بِاثْنَيْنِ كَمَا يَقُولُهُ الشّافِعِيّ وَمَنْ وَافَقَهُ . وَأَمّا
إذَا أَقَرّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِأَخٍ وَأَنْكَرَهُ الْبَاقُونَ فَإِنّمَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ لِمُجَرّدِ الْإِقْرَارِ فَأَمّا إذَا كَانَ هُنَاكَ شَبَهٌ يَسْتَنِدُ إلَيْهِ الْقَائِفُ فَإِنّهُ لَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُ الْبَاقِينَ وَنَحْنُ لَا نَقْصُرُ الْقَافَةَ عَلَى بَنِي مُدْلِجٍ وَلَا نَعْتَبِرُ تَعَدّدَ الْقَائِفِ بَلْ يَكْفِي وَاحِدٌ عَلَى الصّحِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنّهُ خَبَرٌ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى : أَنّهُ شَهَادَةٌ فَلَا بُدّ مِنْ اثْنَيْنِ وَلَفْظُ الشّهَادَةِ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ اللّفْظِ .
[ إذَا أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَب فَهَلْ يَلْحَقُ بِهِمْ ]
فَإِنْ قِيلَ فَالْمَنْقُولُ عَنْ عُمَر أَنّهُ أَلْحَقَهُ بِأَبَوَيْنِ فَمَا تَقُولُونَ فِيمَا إذَا أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَبَوَيْنِ هَلْ تُلْحِقُونَهُ بِهِمَا أَوْ لَا تُلْحِقُونَهُ إلّا بِوَاحِدِ وَإِذَا أَلْحَقْتُمُوهُ بِأَبَوَيْنِ فَهَلْ يَخْتَصّ ذَلِكَ بِاثْنَيْنِ أَمْ يَلْحَقُ بِهِمْ وَإِنْ كَثُرُوا وَهَلْ حُكْمُ الِاثْنَيْنِ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْأَبَوَيْنِ أَمْ مَاذَا حُكْمُهُمَا ؟ قِيلَ هَذِهِ مَسَائِلُ فِيهَا نِزَاعٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَقَالَ الشّافِعِيّ وَمَنْ وَافَقَهُ لَا يَلْحَقُ بِأَبَوَيْنِ وَلَا يَكُونُ لِلرّجُلِ إلّا أَبٌ وَاحِدٌ وَمَتَى أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِاثْنَيْنِ سَقَطَ قَوْلُهَا وَقَالَ الْجُمْهُورُ بَلْ يَلْحَقُ بِاثْنَيْنِ ثُمّ اخْتَلَفُوا فَنَصّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنّا بْنِ يَحْيَى : أَنّهُ يَلْحَقُ بِثَلَاثَةِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَمُقْتَضَى هَذَا أَنّهُ يَلْحَقُ بِمَنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِهِ وَإِنْ كَثُرُوا لِأَنّهُ إذَا جَازَ إلْحَاقُهُ بِاثْنَيْنِ جَازَ إلْحَاقُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ لَكِنّهُ لَا يَقُولُ بِالْقَافَةِ فَهُوَ يُلْحِقُهُ بِالْمُدّعِينَ وَإِنْ كَثُرُوا وَقَالَ الْقَاضِي : يَجِبُ أَنْ لَا يَلْحَقَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ لَا يَلْحَقُ بِأَكْثَرَ مِنْ [ ص 380 ] أَبِي يُوسُفَ فَمَنْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ قَالَ قَدْ أَجْرَى اللّهُ سُبْحَانَهُ عَادَتَهُ أَنّ لِلْوَلَدِ أَبًا وَاحِدًا وَأُمّا وَاحِدَةً وَلِذَلِكَ يُقَالُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَفُلَانُ بْنُ فُلَانَةَ فَقَطْ . وَلَوْ قِيلَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَفُلَانُ لَكَانَ ذَلِكَ مُنْكَرًا . وَعُدّ قَذْفًا وَلِهَذَا إنّمَا يُقَالُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ أَيْنَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ؟ وَهَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَلَمْ يُعْهَدْ قَطّ فِي الْوُجُودِ نِسْبَةُ وَلَدٍ إلَى أَبَوَيْنِ قَطّ وَمَنْ أَلْحَقَهُ بِاثْنَيْنِ احْتَجّ بِقَوْلِ عُمَرَ وَإِقْرَارِ الصّحَابَةِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ . وَبِأَنّ الْوَلَدَ قَدْ يَنْعَقِدُ مِنْ مَاءِ رَجُلَيْنِ كَمَا يَنْعَقِدُ مِنْ مَاءِ الرّجُلِ وَالْمَرْأَةِ ثُمّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إنّمَا جَاءَ الْأَثَرُ بِذَلِكَ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ . وَقَالَ الْقَاضِي : لَا يَتَعَدّى بِهِ ثَلَاثَةً لِأَنّ(26/151)
أَحْمَد إنّمَا نَصّ عَلَى الثّلَاثَةِ وَالْأَصْلُ أَلّا يُلْحَقَ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَقَدْ دَلّ قَوْلُ عُمَرَ عَلَى إلْحَاقِهِ بِاثْنَيْنِ مَعَ انْعِقَادِهِ مِنْ مَاءِ الْأُمّ فَدَلّ عَلَى إمْكَانِ انْعِقَادِهِ مِنْ مَاءِ ثَلَاثَةٍ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَمَشْكُوكٌ فِيهِ . قَالَ الْمُلْحِقُونَ لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ إذَا جَازَ تَخْلِيقُهُ مِنْ مَاءِ رَجُلَيْنِ وَثَلَاثَةٍ جَازَ خَلْقُهُ مِنْ مَاءِ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسَةٍ وَلَا وَجْهَ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَقَطْ بَلْ إمّا أَنْ يُلْحَقَ بِهِمْ وَإِنْ كَثُرُوا وَإِمّا أَنْ لَا يُتَعَدّى بِهِ أَحَدٌ وَلَا قَوْلٌ سِوَى الْقَوْلَيْنِ وَاَللّهُ أَعْلَمُ . فَإِنْ قِيلَ إذَا اشْتَمَلَ الرّحِمُ عَلَى مَاءِ الرّجُلِ وَأَرَادَ اللّهُ أَنْ يَخْلُقَ مِنْهُ الْوَلَدَ انْضَمّ عَلَيْهِ أَحْكَمَ انْضِمَامٍ وَأَتَمّهُ حَتّى لَا يَفْسُدَ فَكَيْفَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ مَاءٌ آخَرُ ؟ قِيلَ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَصِلَ الْمَاءُ الثّانِي إلَى حَيْثُ وَصَلَ الْأَوّلُ فَيَنْضَمّ عَلَيْهِمَا وَهَذَا كَمَا أَنّ الْوَلَدَ يَنْعَقِدُ مِنْ مَاءِ الْأَبَوَيْنِ وَقَدْ سَبَقَ مَاءُ الرّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ وَمَعَ هَذَا فَلَا
يَمْتَنِعُ وُصُولُ الْمَاءِ الثّانِي إلَى حَيْثُ وَصَلَ الْأَوّلُ وَقَدْ عُلِمَ بِالْعَادَةِ أَنّ الْحَامِلَ إذَا تُوبِعَ وَطْؤُهَا جَاءَ الْوَلَدُ عَبْلُ [ ص 381 ] أَلْهَمَ اللّهُ سُبْحَانَهُ الدّوَابّ إذَا حَمَلَتْ أَنْ لَا تُمَكّنَ الْفَحْلَ أَنْ يَنْزُوَ عَلَيْهَا بَلْ تَنْفِرُ عَنْهُ كُلّ النّفَارِ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إنّ الْوَطْءَ الثّانِيَ يَزِيدُ فِي سَمْعِ الْوَلَدِ وَبَصَرِهِ وَقَدْ شَبّهَهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِسَقْيِ الزّرْعِ وَمَعْلُومٌ أَنّ سَقْيَهُ يَزِيدُ فِي ذَاتِهِ وَاَللّهُ أَعْلَمُ .
[ لَوْ اسْتَلْحَقَ الزّانِي وَلَدًا لَا فِرَاشَ هُنَاكَ يُعَارِضُهُ فَهَلْ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ ]
فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ دَلّ الْحَدِيثُ عَلَى حُكْمِ اسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ وَعَلَى أَنّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ فَمَا تَقُولُونَ لَوْ اسْتَلْحَقَ الزّانِي وَلَدًا لَا فِرَاشَ هُنَاكَ يُعَارِضُهُ هَلْ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ وَيَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ النّسَبِ ؟ قِيلَ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ جَلِيلَةٌ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهَا فَكَانَ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ يَذْهَبُ إلَى أَنّ الْمَوْلُودَ مِنْ الزّنَى إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْلُودًا عَلَى فِرَاشٍ يَدّعِيهِ صَاحِبُهُ وَادّعَاهُ الزّانِي أُلْحِقَ بِهِ وَأُوّلَ قَوْلِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ عَلَى أَنّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ عِنْدَ تَنَازُعِ الزّانِي وَصَاحِبِ الْفِرَاشِ كَمَا تَقَدّمَ وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيّ رَوَاهُ عَنْهُ إسْحَاقُ بِإِسْنَادِهِ فِي رَجُلٍ زَنَى بِامْرَأَةِ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَادّعَى وَلَدَهَا فَقَالَ يُجْلَدُ وَيَلْزَمُهُ الْوَلَدُ وَهَذَا مَذْهَبُ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ ذَكَرَ عَنْهُمَا أَنّهُمَا قَالَا : أَيّمَا رَجُلٍ أَتَى إلَى غُلَامٍ يَزْعُمُ أَنّهُ ابْنٌ لَهُ وَأَنّهُ زَنَى بِأُمّهِ وَلَمْ يَدّعِ ذَلِكَ الْغُلَامَ أَحَدُ فَهُوَ ابْنُهُ وَاحْتَجّ سُلَيْمَانُ بِأَنّ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ كَانَ يُلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيّةِ بِمَنْ ادّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَام وَهَذَا الْمَذْهَبُ كَمَا تَرَاهُ قُوّةً وَوُضُوحًا وَلَيْسَ مَعَ الْجُمْهُورِ أَكْثَرُ مِنْ الْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ وَصَاحِبُ هَذَا الْمَذْهَبِ أَوّلُ قَائِلٍ بِهِ وَالْقِيَاسُ الصّحِيحُ يَقْتَضِيهِ فَإِنّ الْأَبَ أَحَدُ الزّانِيَيْنِ وَهُوَ إذَا كَانَ يُلْحَقُ بِأُمّهِ وَيُنْسَبُ إلَيْهَا وَتَرِثُهُ وَيَرِثُهَا وَيَثْبُتُ النّسَبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَقَارِبِ أُمّهِ مَعَ كَوْنِهَا
زَنَتْ بِهِ وَقَدْ [ ص 382 ] مَاءِ الزّانِيَيْنِ وَقَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ وَاتّفَقَا عَلَى أَنّهُ ابْنُهُمَا فَمَا الْمَانِعُ مِنْ لُحُوقِهِ بِالْأَبِ إذَا لَمْ يَدّعِهِ غَيْرُهُ ؟ فَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ وَقَدْ قَالَ جُرَيْجٌ لِلْغُلَامِ الّذِي زَنَتْ أُمّهُ بِالرّاعِي : مَنْ أَبُوك يَا غُلَامُ ؟ قَالَ فُلَانٌ الرّاعِي وَهَذَا إنْطَاقٌ مِنْ اللّهِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْكَذِبُ . فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمٌ ؟ قِيلَ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِيهَا حَدِيثَانِ نَحْنُ نَذْكُرُ شَأْنَهُمَا .
فَصْلٌ ذِكْرُ حُكْمِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي اسْتِلْحَاقِ وَلَدِ الزّنَى وَتَوْرِيثِهِ
ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ فِي " سُنَنِهِ " مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا مُسَاعَاةَ فِي الْإِسْلَام مَنْ سَاعَى فِي الْجَاهِلِيّةِ فَقَدْ لَحِقَ بِعَصَبَتِهِ وَمَنْ ادّعَى وَلَدًا(26/152)
مِنْ غَيْرِ رِشْدَةِ فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ . الْمُسَاعَاةُ الزّنَى وَكَانَ الْأَصْمَعِيّ يَجْعَلُهَا فِي الْإِمَاءِ دُونَ الْحَرَائِرِ لِأَنّهُنّ يَسْعَيْنَ لِمَوَالِيهِنّ فَيَكْتَسِبْنَ لَهُمْ وَكَانَ عَلَيْهِنّ ضَرَائِبُ مُقَرّرَةٌ فَأَبْطَلَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمُسَاعَاةَ فِي الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُلْحِقْ النّسَبَ بِهَا وَعَفَا عَمّا كَانَ فِي الْجَاهِلِيّةِ مِنْهَا وَأَلْحَقَ النّسَبَ بِهِ . وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ يُقَالُ زَنَى الرّجُلُ وَعَهَرَ فَهَذَا قَدْ يَكُونُ فِي الْحُرّةِ وَالْأَمَةِ وَيُقَالُ فِي الْأَمَةِ خَاصّةً قَدْ سَاعَاهَا . وَلَكِنْ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ فَلَا تَقُومُ بِهِ حُجّةٌ . وَرَوَى أَيْضًا فِي " سُنَنِهِ " مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ " أَنّ [ ص 383 ] صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَضَى أَنّ كُلّ مُسْتَلْحَقٍ اُسْتُلْحِقَ بَعْدَ أَبِيهِ الّذِي يُدْعَى لَهُ ادّعَاهُ وَرَثَتُهُ فَقَضَى أَنّ كُلّ مَنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا يَوْمَ أَصَابَهَا فَقَدْ لَحِقَ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ وَلَيْسَ لَهُ مِمّا قُسّمَ قَبْلَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَمَا أَدْرَكَ مِنْ مِيرَاثٍ لَمْ يُقَسّمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ وَلَا يُلْحَقُ إذَا كَانَ أَبُوهُ الّذِي يُدْعَى لَهُ أَنْكَرَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا أَوْ مِنْ حُرّةٍ عَاهَرَ بِهَا فَإِنّهُ لَا يُلْحَقُ وَلَا يَرِثُ وَإِنْ كَانَ الّذِي يُدْعَى لَهُ هُوَ ادّعَاهُ فَهُوَ مِنْ وَلَدِ زَنْيَةٍ
مِنْ حُرّةٍ كَانَ أَوْ أَمَةٍ . وَفِي رِوَايَةٍ وَهُوَ وَلَدُ زِنًى لِأَهْلِ أُمّهِ مَنْ كَانُوا حُرّةً أَوْ أُمّةً . وَذَلِكَ فِيمَا اُسْتُلْحِقَ فِي أَوّلِ الْإِسْلَام فَمَا اقْتَسَمَ مِنْ مَالٍ قَبْلَ الْإِسْلَام فَقَدْ مَضَى " وَهَذَا لِأَهْلِ الْحَدِيثِ فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ لِأَنّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمّدِ بْنِ رَاشِدٍ الْمَكْحُولِيّ .
وَكَانَ قَوْمٌ فِي الْجَاهِلِيّةِ لَهُمْ إمَاءٌ بَغَايَا فَإِذَا وَلَدَتْ أَمَةُ أَحَدِهِمْ وَقَدْ وَطِئَهَا غَيْرُهُ بِالزّنَى فَرُبّمَا ادّعَاهُ سَيّدُهَا وَرُبّمَا ادّعَاهُ الزّانِي وَاخْتَصَمَا فِي ذَلِكَ حَتّى قَامَ الْإِسْلَامُ فَحَكَمَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْوَلَدِ لِلسّيّدِ لِأَنّهُ صَاحِبُ الْفِرَاشِ وَنَفَاهُ عَلَى الزّانِي . ثُمّ تَضَمّنَ هَذَا الْحَدِيثُ أُمُورًا . مِنْهَا : أَنّ الْمُسْتَلْحَقَ إذَا اُسْتُلْحِقَ بَعْدَ أَبِيهِ الّذِي يُدْعَى لَهُ ادّعَاهُ وَرَثَتُهُ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا الْوَاطِئُ يَوْمَ أَصَابَهَا فَقَدْ لَحِقَ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ يَعْنِي إذَا كَانَ الّذِي اسْتَلْحَقَهُ وَرَثَةُ مَالِكِ الْأَمَةِ وَصَارَ ابْنَهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ لَيْسَ لَهُ مِمّا قُسّمَ قَبْلَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ لِأَنّ هَذَا تَجْدِيدُ حُكْمِ نَسَبِهِ وَمِنْ يَوْمئِذٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ فَلَا يَرْجِعُ بِمَا اُقْتُسِمَ قَبْلَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ إذْ لَمْ يَكُنْ حُكْمُ الْبُنُوّةِ ثَابِتًا وَمَا أَدْرَكَ مِنْ مِيرَاثٍ لَمْ يُقَسّمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ مِنْهُ لِأَنّ الْحُكْمَ ثَبَتَ قَبْلَ قَسْمِهِ الْمِيرَاثَ فَيَسْتَحِقّ مِنْهُ نَصِيبَهُ [ ص 384 ] أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ قَسْمِهِ قُسِمَ لَهُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ إحْدَى الرّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد َ وَإِنْ أَسْلَمَ
بَعْدَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ فَلَا شَيْءَ لَهُ فَثُبُوتُ النّسَبِ هَاهُنَا بِمَنْزِلَةِ الْإِسْلَامِ بِالنّسْبَةِ إلَى الْمِيرَاثِ . قَوْلُهُ " وَلَا يَلْحَقُ إذَا كَانَ أَبُوهُ الّذِي يُدْعَى لَهُ أَنْكَرَهُ " هَذَا يُبَيّنُ أَنّ التّنَازُعَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَأَنّ الصّورَةَ الْأُولَى أَنْ يَسْتَلْحِقَهُ وَرَثَةُ أَبِيهِ الّذِي كَانَ يُدْعَى لَهُ وَهَذِهِ الصّورَةُ إذَا اسْتَلْحَقَهُ وَرَثَتُهُ وَأَبُوهُ الّذِي يُدْعَى لَهُ كَانَ يُنْكِرُ فَإِنّهُ لَا يُلْحَقُ لِأَنّ الْأَصْلَ الّذِي الْوَرَثَةُ خَلَفٌ عَنْهُ مُنْكِرٌ لَهُ فَكَيْفَ يُلْحَقُ بِهِ مَعَ إنْكَارِهِ ؟ فَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا أَمّا إذَا كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا أَوْ مِنْ حُرّةٍ عَاهَرَ بِهَا فَإِنّهُ لَا يُلْحَقُ وَلَا يَرِثُ وَإِنْ ادّعَاهُ الْوَاطِئُ وَهُوَ وَلَدٌ زَنْيَةٍ مِنْ أَمَةٍ كَانَ أَوْ مِنْ حُرّةٍ وَهَذَا حُجّةُ الْجُمْهُورِ عَلَى إسْحَاقَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ إنّهُ لَا يَلْحَقُ بِالزّانِي إذَا ادّعَاهُ وَلَا يَرِثُهُ وَأَنّهُ وَلَدُ زِنًى لِأَهْلِ أُمّهِ مَنْ كَانُوا حُرّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً . وَأَمّا مَا اُقْتُسِمَ مِنْ مَالٍ قَبْلَ الْإِسْلَام فَقَدْ مَضَى فَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدّ قَوْلَ إسْحَاقَ وَمَنْ وَافَقَهُ لَكِنّ فِيهِ مُحَمّدَ بْنَ رَاشِدٍ وَنَحْنُ نَحْتَجّ بِعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ(26/153)
فَلَا يُعَلّلُ الْحَدِيثُ بِهِ فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ تَعَيّنَ الْقَوْلُ بِمُوجَبِهِ وَالْمَصِيرُ إلَيْهِ وَإِلّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ إسْحَاقَ وَمَنْ مَعَهُ وَاَللّهُ الْمُسْتَعَانُ .
ذِكْرُ الْحُكْمِ الّذِي حَكَمَ بِهِ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ
فِي الْجَمَاعَةِ الّذِينَ وَقَعُوا عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ
ثُمّ تَنَازَعُوا الْوَلَدَ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فِيهِ ثُمّ بَلَغَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَضَحِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ وَالنّسَائِيّ فِي " سُنَنِهِمَا " مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْخَلِيلِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيُمْنِ فَقَالَ إنّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أَتَوْا عَلِيّا يَخْتَصِمُونَ إلَيْهِ فِي وَلَدٍ قَدْ وَقَعُوا عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَقَالَ لِاثْنَيْن : طِيبَا بِالْوَلَدِ لِهَذَا فَغَلَيَا ثُمّ قَالَ لِاثْنَيْنِ طِيبَا بِالْوَلَدِ لِهَذَا فَغَلَيَا ثُمّ قَالَ لِاثْنَيْنِ طِيبَا بِالْوَلَدِ لِهَذَا فَغَلَيَا فَقَالَ أَنْتُمْ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ إنّي مُقْرِعٌ بَيْنَكُمْ فَمَنْ قُرِعَ فَلَهُ الْوَلَدُ وَعَلَيْهِ لِصَاحِبَيْهِ ثُلْثَا الدّيَةِ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَجَعَلَهُ لِمَنْ قُرِعَ فَضَحِكَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى بَدَتْ أَضْرَاسُهُ أَوْ نَوَاجِذُهُ [ ص 385 ] يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّهِ الْكِنْدِيّ الْأَجْلَحُ وَلَا يُحْتَجّ بِحَدِيثِهِ لَكِنْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنّسَائِيّ بِإِسْنَادِ كُلّهُمْ ثِقَاتٌ إلَى عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ . قَالَ أُتِيَ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِثَلَاثَةٍ وَهُوَ بِالْيَمَنِ وَقَعُوا عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَسَأَلَ اثْنَيْنِ أَتُقِرّانِ لِهَذَا بِالْوَلَدِ ؟ قَالَا : لَا حَتّى سَأَلَهُمْ جَمِيعًا فَجَعَلَ كُلّمَا سَأَلَ اثْنَيْنِ قَالَا : لَا فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِاَلّذِي صَارَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ وَجَعَلَ عَلَيْهِ ثُلْثَيْ الدّيَةِ قَالَ فَذَكَرَ ذَلِكَ
لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَضَحِكَ حَتّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ وَقَدْ أُعِلّ هَذَا الْحَدِيثُ بِأَنّهُ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ بِإِسْقَاطِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَيَكُونُ مُرْسَلًا . قَالَ النّسَائِيّ : وَهَذَا أَصْوَبُ . وَهَذَا أَعْجَبُ فَإِنّ إسْقَاطَ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ لَا يَجْعَلُهُ مُرْسَلًا فَإِنّ عَبْدَ خَيْرٍ أَدْرَكَ عَلِيّا وَسَمِعَ مِنْهُ وَعَلِيّ صَاحِبُ الْقِصّةِ فَهَبْ أَنّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ لَا ذِكْرَ لَهُ فِي السّنَدِ فَمِنْ أَيْنَ يَجِيءُ الْإِرْسَالُ إلّا أَنْ يُقَالَ عَبْدُ خَيْرٍ لَمْ يُشَاهِدْ ضِحْكَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَعَلِيّ إذْ ذَاكَ كَانَ بِالْيَمَنِ وَإِنّمَا شَاهَدَ ضِحْكَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الصّحَابَةِ وَعَبْدُ خَيْرٍ لَمْ يَذْكُرْ مَنْ شَاهَدَ ضَحِكَهُ فَصَارَ الْحَدِيثُ بِهِ مُرْسَلًا . فَيُقَالُ إذًا : قَدْ صَحّ السّنَدُ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ مُتّصِلًا فَمَنْ رَجّحَ الِاتّصَالَ لِكَوْنِهِ زِيَادَةً مِنْ الثّقَةِ فَظَاهِرٌ وَمَنْ رَجّحَ رِوَايَةَ الْأَحْفَظِ وَالْأَضْبَطِ وَكَانَ التّرْجِيحُ مِنْ جَانِبِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلِيّ قَدْ أَخْبَرَهُ [ ص 386 ] تَكُونَ مُرْسَلَةً وَقَدْ يَقْوَى الْحَدِيثُ بِرِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى مُتّصِلًا .
[ اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي حُكْمِ عَلِيّ ]
وَبَعْدُ فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْحُكْمِ فَذَهَبَ إلَيْهِ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَقَالَ هُوَ السّنّةُ فِي دَعْوَى الْوَلَدِ وَكَانَ الشّافِعِيّ يَقُولُ بِهِ فِي الْقَدِيمِ وَأَمّا الْإِمَامُ أَحْمَدُ فَسُئِلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَرَجّحَ عَلَيْهِ حَدِيثَ الْقَافَةِ وَقَالَ حَدِيثُ الْقَافَةِ أَحَبّ إلَيّ . وَهَاهُنَا أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا : دُخُولُ الْقُرْعَةِ فِي النّسَبِ وَالثّانِي : تَغْرِيمُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ ثُلْثَيْ دِيَةِ وَلَدِهِ لِصَاحِبَيْهِ . وَأَمّا الْقُرْعَةُ فَقَدْ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ فُقْدَانِ مُرَجّحٍ سِوَاهَا مِنْ بَيّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ قَافَةٍ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ تَعْيِينُ الْمُسْتَحِقّ بِالْقُرْعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالِ إذْ هِيَ غَايَةُ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْ أَسْبَابِ تَرْجِيحِ الدّعْوَى وَلَهَا دُخُولٌ فِي دَعْوَى الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ الّتِي لَا تَثْبُتُ بِقَرِينَةٍ وَلَا أَمَارَةٍ فَدُخُولُهَا فِي النّسَبِ الّذِي يَثْبُتُ بِمُجَرّدِ الشّبَهِ الْخَفِيّ الْمُسْتَنِدِ إلَى قَوْلِ(26/154)
الْقَائِفِ أَوْلَى وَأَحْرَى . وَأَمّا أَمْرُ الدّيَةِ فَمُشْكِلٌ جِدّا فَإِنّ هَذَا لَيْسَ بِمُوجِبِ الدّيَةِ وَإِنّمَا هُوَ تَفْوِيتُ نَسَبِهِ بِخُرُوجِ الْقُرْعَةِ فَيُقَالُ وَطْءُ كُلّ وَاحِدٍ صَالِحٌ لِجَعْلِ الْوَلَدِ لَهُ فَقَدْ فَوّتَهُ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبَيْهِ بِوَطْئِهِ وَلَكِنْ لَمْ يَتَحَقّقْ مَنْ كَانَ لَهُ الْوَلَدُ مِنْهُمْ فَلَمّا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ لِأَحَدِهِمْ صَارَ مُفَوّتًا لِنَسَبِهِ عَنْ صَاحِبَيْهِ فَأُجْرِيَ ذَلِكَ مَجْرَى إتْلَافِ الْوَلَدِ وَنَزَلَ الثّلَاثَةُ مَنْزِلَةَ أَبٍ وَاحِدٍ فَحِصّةُ الْمُتْلِفِ مِنْهُ ثُلْثُ الدّيَةِ إذْ قَدْ عَادَ الْوَلَدُ لَهُ فَيَغْرَمُ لِكُلّ مِنْ
صَاحِبَيْهِ مَا يَخُصّهُ وَهُوَ ثُلْثُ الدّيَةِ . وَوَجْهٌ آخَرُ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا أَنّهُ لَمّا أَتْلَفَهُ عَلَيْهِمَا بِوَطْئِهِ وَلُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُ قِيمَتِهِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ شَرْعًا هِيَ دِيَتُهُ فَلَزِمَهُ لَهُمَا ثُلْثَا قِيمَتِهِ وَهِيَ ثُلْثَا الدّيَةِ وَصَارَ هَذَا كَمَنَ أَتْلَفَ عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكَيْنِ لَهُ فَإِنّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ثُلْثَا الْقِيمَةِ لِشَرِيكَيْهِ فَإِتْلَافُ الْوَلَدِ الْحُرّ عَلَيْهِمَا بِحُكْمِ الْقُرْعَةِ كَإِتْلَافِ الرّقِيقِ الّذِي بَيْنَهُمْ . [ ص 387 ] قِيمَةَ أَوْلَادِهِ لِسَيّدِ الْأَمَةِ لَمّا فَاتَ رِقّهُمْ عَلَى السّيّدِ لِحُرّيّتِهِمْ وَكَانُوا بِصَدَدِ أَنْ يَكُونُوا أَرِقّاءَ وَهَذَا أَلْطَفُ مَا يَكُونُ مِنْ الْقِيَاسِ وَأَدَقّهُ وَأَنْتَ إذَا تَأَمّلْتَ كَثِيرًا مِنْ أَقْيِسَةِ الْفُقَهَاءِ وَتَشْبِيهَاتِهِمْ وَجَدْت هَذَا أَقْوَى مِنْهَا وَأَلْطَفَ مَسْلَكًا وَأَدَقّ مَأْخَذًا وَلَمْ يَضْحَكْ مِنْهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سُدًى . وَقَدْ يُقَالُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ حَدِيثِ الْقَافَةِ بَلْ إنْ وُجِدَتْ الْقَافَةُ تَعَيّنَ الْعَمَلُ بِهَا وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ قَافَةٌ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ تَعَيّنُ الْعَمَلِ بِهَذَا الطّرِيقِ وَاَللّهُ أَعْلَمُ .
ــــــــــــــ
تبرؤ الزوج ممن ولدته زوجته ... العنوان
هل يجوز للزوج إذا تيقن من زنا زوجته وحملها بماء الزنا أن يتبرأ مما في أحشائها، أم يلزمه أن يسكت؟ ... السؤال
10/08/2005 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:-
جاء في فتوى للدكتور القرضاوي خلاصتها أن الإسلام عظم من شأن النسب لما يترتب عليه من حقوق وواجبات، ولم يجز الإسلام للولد أن ينتفي من نسب أبيه، وسماه كفرا، وإن كان المقصود أنه مثل الكفر في الشناعة والقبح.
وكذلك لم يبح الإسلام للزوج أن يتبرأ ممن يولد على فراشه إلا في حالتين:-
الحالة الأولى:-إذا تيقن من زنا زوجته في طهر لم يمسسها فيه، ثم اعتزلها فلم يقربها فجاءت بولد بعد ستة أشهر فهنا يلزم الزوج أن يتبرأ من هذا الولد حتى لا يضيف إلى نسبه من ليس منه.
الحالة الثانية:- إذا قوي ظنه، ولم يصل إلى درجة اليقين بأن الولد ليس ولده. أما في حالات الشك والارتياب فلا يجوز نفي النسب.
وإليك نص فتواه في ذلك:-
الإسلام لا يَقبل أن يُضيف الإنسان إلى نفسه مَنْ ليس مِنْ نَسَبِه، كما لا يُجيز أبدًا أن يَنتفِيَ الإنسان من نَسَبٍ ثابت، وأن ينفي الأب نسب ابن منه بغير حق؛ ولذلك نجد(26/155)
الفقهاء قالوا: لا يجوز لرجل أن ينفي نَسَبَ ولده إلا إذا رأى امرأته تزني في طهر لم يَمَسَّها فيه، واعتزلها حتى ولدت بعد ذلك بستة أشهر أو أكثر.
في هذه الحالة يجوز له ـ بل قالوا يجب عليه ـ أن يَنفيه، لماذا؟ خشية أن تترتب عليه أحكام أخرى مثل:-
1ـ أنه يَرِثُ وهو لا يَستحق الميراث.
2ـ أن يَحجُب مَنْ يَستَحق الميراث.
3ـ أن ينظر إلى مَحارم ليسوا بمَحارَمَ له، فينظر إلى زوجة مُتبنِّيه على أنها أمه، ويُقبِّلها ويُعانِقها وهي أجنبية عنه، ويَنظر إلى بنات الرجل على أنهن أخواته وهن غريبات عنه، وإلى أخواته على أنهن عمّاته وهنَّ لسنَ كذلك في الحقيقية، وإذا كانت المُتبناة بنتًا ستُعامِل الرجل على أنه أبوها وهو أجنبيّ منها، يَحِلُّ له أن يَتزوجها، وكذلك أبناؤه على أنهم إخوة لها وليسوا كذلك، وإلى إخوانه على أنهم أعمام لها، وليسوا بأعمام.
فمن أجل هذا قالوا: يجب عليه أن ينفيه إذا تَيَقّن أنه ليس ولده.
وأحيانًا قالوا: إذا كان هناك ظَنٌّ راجح يقوم مقام التحقيق واليقين ـ كأن رآها تزني في طُهْر مَسَّها فيه وجاءت بولد شبيهٍ بالزاني، أو كان الرجل عقيمًا ثابتَ العُقم لا يُنجِب ـ يجوز له أن يَنفيه.
في الحالة الأولى يجب عليه أن يَنفيه، وفي الحالة الثانية يجوز له أن ينفيه.
(جاء في "مطالب النُّهى شرح غاية المُنتهى" من كتب الحنابلة: يَلزمُه نفي الولد في حالتين: -
1ـ إن رآها تزني في طُهْر لم يَمسَّها فيه، فيَعتزلها ثم تَلِدُ ما يمكن كونه من الزاني، فيلزمه حينئذ قَذْفُها ونَفْيه باللِّعان، لجريان ذلك مجرى اليقين في أن الولد من الزاني... وإن لم يَنْفِ الولدَ لَحِقَه وورِثَه وورِثَ أقاربه ووَرِثُوا منه، ونَظَر إلى بناته وأخواته ونحوهن، وذلك لا يَجوز، فوَجَبَ نَفْيُه إزالةً لذلك؛ ولحَديث "أيَّما امرأةٍ أَدْخَلَتْ على قوم مَنْ ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يُدخِلَها اللهُ جنته، وأيَّما رجلٍ جَحَدَ ولدَه وهو يَنظر إليه احتجب الله عنه وخَصَمَه على رؤوس الأولين والآخرين" رواه أبو داود.
وقوله: "وهو ينظر إليه" يَعني: يرى الولد منه، فكما حَرَّم على المرأة أن تُدخِل على قوم مَنْ ليس منهم، فالرجل مثلُها.
وكذلك إنْ رآها تَزني في طُهْر وَطِئها فيه، وقَوِيَ في ظَنِّه أن الولد من الزاني لشَبَهِهِ به، ونحو ذلك كأن يكون الزوج عقيمًا؛ لأن ذلك ـ مع تحقيق الزنى ـ دليل أنه الولد مِنْ نَهْرِ الزاني؛ ولقيام غَلَبةِ الظن مقام التحقيق "مطالب أُولي النُّهى شرح غاية المنتهى: 6/198)
أما غير هذا فلا يجوز أن يَنفي الولد؛ لأنَّ نفيَه إضاعة له، كما لا يجوز له أنْ يَنسِبَ أحدًا إليه بغير حق؛ لأنه تزوير في أمر خطير، وهذا هو التبنِّي الذي حَرَّمه الله ورسوله، وأجمعتِ الأمة.
والله أعلم .
ــــــــــــــ(26/156)
الزواج من شيوعية وممن زنى بها ... العنوان
مسلم تزوج من روسية غير مسلمة، ثم وقع في الفاحشة مع امرأة أخرى ثم تاب واعتنقت المرأة الإسلام ولم يتم الزواج بينهما، وهي الآن حامل، فكيف يتصرف مع زوجته الأولى وهي الزوجة المعترف بها حسب القانون الروسي؟ ... السؤال
15/10/2003 ... التاريخ
أ.د. عجيل النشمي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فالزواج من المشركة التي لا دين لها لا يجوز شرعا، أما الزواج من الكتابية فهو جائز وفق شروط محددة تكفل للزوج قوامته، وللأولاد معيشة إسلامية طيبة.
وبالنسبة للأولاد فمن جاء من علاقة غير مشروعة فهم غير شرعيين ولكن لا يعني هذا أن يتركوا، بل يجب إحسان تربيتهم .
ويجوز – على خلاف فقهي – أن يتزوج الرجل ممن زنى بها كما يجوز له أن ينسب أولاده ممن زنى بها أو يستلحقهم به.
يقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت:</<B>
إذا لم تكن المرأة الروسية التي تزوجها من أهل الكتاب فالعقد باطل، ولا يجوز للمسلم أن يتزوج المشركة أو المجوسية أو غيرهما من غير أهل الكتاب، والقانون الروسي لا يحل زواجه منها، فيجب مفارقتها، أو تسلم.
وأما وقوعه في الزنى والعياذ بالله مع المرأة الثانية، ففعل من الكبائر يستحق عليه عقوبة الزنى، فإذا تاب فلعل الله أن يتوب عليه.
وما بينهما من أولاد قبل أن تسلم ويعقد عليها هم أولاد غير شرعيين، وهم أبناء زنى لا ذنب عليهم، والذنب على الزاني والزانية، وأما ما يُرزقانه بعد إسلامها وإبرام عقد زواج شرعي صحيح، فهم الأبناء الشرعيون.
وعليه أن ينتظر حتى تضع المرأة حملها لأنه لا يجوز أن يتزوج المسلم المرأة الحامل من الزنى حتى تضع حملها، وهذا ما نص عليه المالكية والحنابلة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا توطأ حامل حتى تضع" (أبو داود 2-614 والبيهقي 7-449 قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم)، وهذا الحكم يشمل الزاني بها نفسه أو غيره.
وذهب الشافعية والحنفية إلى جواز نكاحها لأنه لا حرمة لماء الزنى، وبدليل أنه لا يثبت به النسب، والقول الأول بالحرمة أولى لقوة العلة.</<B>
وأما بالنسبة لزوجته الأولى، فيمكنه أن يجمع بينها وبين الثانية، إذا لم يمنعه القانون ويرتب عليه عقوبات يستطيع تحملها، وهو حينئذ بالخيار بين الثنتين، هذا إذا عرض عليها الإسلام فأسلمت، فإن لم تسلم فعليه أن يفارقها ويتزوج الثانية المسلمة زواجاً صحيحاً بشروطه وأركانه.(26/157)
وأما الأولاد من الثنتين؛ إن وجدوا قبل العقد فهم غير شرعيين كما سبق، وعليه أن يحسن تربيتهم، وينشئهم على الإسلام، ويتحمل نفقتهم لئلا تسوء أحوالهم وينحرفوا عن السلوك السليم.أ.هـ
ــــــــــــــ
إجهاض الجنين المشوه ... العنوان
لي صديقة حامل وقرر الأطباء أن الجنين مشوه ونصحها الأطباء بضرورة إسقاط الجنين فما حكم الشرع في ذلك؟
... السؤال
30/07/2003 ... التاريخ
د.حسام الدين بن موسى عفانة ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فحياة الجنين حياة محترمة يجب المحافظة عليها، وإذا قرر الأطباء أن الجنين به تشوهات خلقية فإذا كانت هذه التشوهات يعيش معها الجنين عادة كالعمى ونحوه من العاهات ففي هذه الحالة يحرم إسقاطه مطلقا، إما إن كانت هذه التشوهات خطيرة فيجوز إسقاطه قبل نفخ الروح فيه، أما بعد نفخ الروح فلا يجوز الاعتداء عليه، وإذا كان في بقاء الجنين خوف على حياة الأم فيجوز إسقاطه مطلقا.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
ينبغي أن يُعلم أولاً حكم الإجهاض وإسقاط الحمل بشكل عام قبل الحديث عن إسقاط الجنين المشوه .
فقد اتفق أهل العلم على تحريم الإجهاض بعد مرور مائة وعشرين يوماً على الحمل؛ لأن الروح تنفخ في الجنين عند مرور تلك المدة على رأي كثير من العلماء لما ثبت في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث الله ملكاً فيأمر بأربع : برزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح ... ) رواه البخاري.
ويستثنى من هذا الحكم حالة واحدة فقط، وهي إذا ثبت بتقرير لجنة من الأطباء الثقات أهل الاختصاص أن استمرار الحمل يشكل خطراً مؤكداً على حياة الأم فحينئذ يجوز إسقاط الحمل.
وقد جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ما يلي : [ إذا كان الحمل قد بلغ مائة وعشرين يوماً لا يجوز إسقاطه ولو كان التشخيص الطبي يفيد أنه مشوه الخلقة إلا إذا ثبت بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين أن بقاء الحمل فيه خطر مؤكد على حياة الأم فعندئذ يجوز إسقاطه سواء كان مشوهاً أم لا دفعاً لأعظم الضررين ] قرارات المجمع الفقهي الإسلامي ص 123 .(26/158)
وأما الإجهاض قبل مرور مائة وعشرين يوماً على الحمل ففي حكمه خلاف بين العلماء والذي عليه جمهور العلماء هو تحريم الإجهاض بمجرد ثبوت الحمل إلا لعذر شرعي، وهذا هو القول المعتمد عند المالكية، والإمام الغزالي من الشافعية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وقول بعض الحنفية والحنابلة وأهل الظاهر، واختاره كثير من العلماء المعاصرين كالشيوخ محمود شلتوت والقرضاوي والزحيلي وغيرهم . وهذا القول هو الذي أميل إليه وتطمئن إليه نفسي.
وأما إسقاط الجنين المشوه، فلا بد من إثبات أن الجنين مشوه حقيقة، والفحوصات الحالية قد لا تتيح التأكد من التشخيص، والتأكد من التشوهات في الأسابيع الأولى للحمل، أما بعد ستة عشر أسبوعاً من الحمل فإن معظم التشوهات القاتلة في الجنين يمكن تشخيصها فعند ذلك الوقت يمكن تشخيص تشوهات القلب والدماغ وغيرها بصورة واضحة وقاطعة ... والتشوهات الخلقية لدى الجنين يمكن تشخيصها من قبل اختصاصي الأمراض النسائية أو اختصاصي الأشعة التشخيصية عن طريق السونار وغيره.
ويمكن تقسيم التشوهات الخلقية عند الجنين إلى ثلاثة أقسام:
1. تشوهات لا تؤثر على حياة الجنين .
2. تشوهات يمكن للجنين أن يعيش معها بعد الولادة . وبعض هذه التشوهات يمكن إصلاحها بعد الولادة مثل تشوهات المعدة والأمعاء . وبعضها قد يتدرج في شدته وفي المدة الزمنية التي يعيشها الطفل بعد الولادة مثل استسقاء الرأس الذي قد يكون بسيطاً أو شديداً يولد معه الطفل حياً ويموت خلال أيام أو أشهر . والطفل الذي يولد مختل العقل أو لديه شلل جزئي فإنه يمكن أن يعيش وكذلك الطفل الذي يولد بكلية واحدة فهو يعيش بالكلية الأخرى .
3-وهناك تشوهات خطيرة لا يرجى معها للجنين حياة بعد الولادة فهو سيموت قطعاً عند الولادة أو بعيدها مباشرة .
وكما يقول المختصون من أهل الطب إن ضرر الإجهاض قد يكون أكبر بكثير من الضرر المتوقع لاستمرار الحمل كما يقول الأطباء فالتدخل الطبي المبكر قد تنتج عنه أخطار في بعض الحالات فإذا قارنَّا ووازنا بين نسبة المشاكل التي قد تحدث نتيجة لإنهاء الحمل عند 16-24 أسبوعاً سواءً بالأدوية المعتادة أو بإجراء تنظيفات فإذا قارناها بالمشاكل التي قد تحدث للأم نتيجة لاستمرار الحمل إلى حين الولادة الطبيعية فإننا نجد أن المشاكل المحتملة للأم هي أكثر بكثير منها في حالة التدخل المبكر عنها في الولادات الطبيعية.
وإذا تقرر هذا فإن العلماء قد قرروا جواز إسقاط الجنين المشوه تشويهاً خطيراً قبل مرور مائة وعشرين يوماً على الحمل فقد جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي ما يلي : [ قبل مرور مائة وعشرين يوماً على الحمل إذا ثبت وتأكد بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين الثقات وبناءً على الفحوص الفنية بالأجهزة والوسائل المختبرية أن الجنين مشوه تشويهاً خطيراً غير قابل للعلاج وأنه إذا بقي وولد في موعده ستكون حياته سيئة وآلاماً عليه وعلى أهله فعندئذٍ يجوز إسقاطه بناءً على(26/159)
طلب الوالدين . والمجلس إذ يقرر ذلك يوصي الأطباء والوالدين بتقوى الله والتثبت في هذا الأمر ] قرارات مجمع الفقه الإسلامي ص 123.
وأخيراً لا بد من التنبيه على أن بعض النساء قد يبادرن إلى الإجهاض بمجرد أن يقول طبيب واحد إن الجنين مشوه، وهذا أمر خطير لا يقبل فيه رأي طبيب واحد لأن احتمالات خطأ الطبيب واردة ولا بد من وجود لجنة طبية من ثلاثة أطباء على الأقل من الأطباء الثقات العدول ومن أهل الاختصاص ومن ذوي الخبرة قبل القيام بإسقاط الجنين.
وأخيراً أدعو نقابة الأطباء وغيرها من الجهات الصحية إلى تشكيل لجنة موسعة من الاختصاصيين في الأمراض النسائية والتوليد وغيرهم من ذوي التخصصات المتعلقة بهذه القضية لوضع قواعد وضوابط للحالات التي تعتبر تشوهات خطيرة في الجنين ولا يرجى للجنين معها حياة حتى لا يبقى الأمر خاضعاً لتخمينات بعض الأطباء لما قد يترتب على ذلك من مفاسد وأضرار.
والله أعلم
ــــــــــــــ
لبن الزانية والملاعنة وأثره في ثبوت الحرمة ... العنوان
ما الحكم لو أرضعت الزانية طفلا من هذا اللبن الذي ينزل من ثديها بسبب ولادتها من الزنا فهل ينشر هذا الرضاع حرمة بين الرضيع وبين الزانية، وبين الرضيع وبين من زنى بها" وهل يختلف الأمر في الحكم في لبن الرضاع من الزوجة التي لاعنها زوجها بعد ولادتها له، فأرضعت بهذا اللبن صغيرا، فهل تنشر الحرمة أيضا بين الصغير وبينها، وبين الصغير وبين الزوج الملاعن؟ ... السؤال
07/06/2003 ... التاريخ
د- محمد نجيب المغربي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فقد اتفق الفقهاء عدا الشيعة الإماية على أن الزانية إذا ولدت سفاحا فنزل لها لبن فأرضعت به قامت حرمة الرضاع وثبتت الحرمة بهذا اللبن بين المرضع والرضيع، وكذا الحال بالنسبة للملاعنة فقد اتفق الفقهاء على نشر حرمة اللبن بالرضاع من الزوجة التي لاعنها زوجها بينها وبين من أرضعته.
أما بالنسبة للزاني أو الملاعِن فالمسألة محل خلاف، فذهب جمهور الفقهاء إلى أن لبن الزانية أو المنفي ولدها باللعان من أبيه لا ينشر الحرمة بين الرضيع وبين الزاني ولا بينه وبين الملاعن، وذهب الحنفية وبعض الشافعية والحنابلة، وهو المشهور عند المالكية إلى أن التحريم لا يقتصر على الزانية والملاعنة بل يثبت التحريم أيضا للزاني والملاعن، وعند الشيعة الإمامية لبن الزانية والملاعنة لا يثبت به التحريم مطلقا لا بين المرضعة ولا بين من كان سببا في هذا اللبن.
وهذا ملخص ما جاء في فتوى فضيلة الدكتور محمد نجيب المغربي –أستاذ الشريعة بجامعة الكويت- وإليك نص الفتوى:(26/160)
اتفق الفقهاء على أن من ولدت من زنى فنزل لها لبن فأرضعت به صبيا قامت حرمة الرضاع، وثبتت الحرمة بهذا اللبن، ذلك لأن هذا اللبن نشأ عن وطء الحمل وإن لم يكن نكاحا لكن ثاب هذا اللبن وتجمع غزيرا لمناسبة ذلك فهو في حرمته مثل اللبن الناشئ عن الزواج والوطء فيه وإن كان هذا من نكاح وذلك من سفاح لكن هذا فعل ونحن بصدد الحديث عن سبب الفعل ومصدره وهو ثوبان اللبن.
واتفق الفقهاء أيضا: على نشر حرمة اللبن بالرضاع من الزوجة التي لاعنها زوجها إذا أرضعت صغيرا باللبن الذي ترضع منه منفي النسب، وقال الفقهاء إنه رضاع معنى تنتشر الحرمة به فيستوي فيه مباحه ومحظوره، فالوطء في الموقفين حصل منه لبن وولد.
هذا بالنسبة للحرمة بين المرضعة والرضيع في هاتين الحالين فما موقف الحرمة بين الرضيع وبين الرجل سبب اللبن "الزاني والملاعن"
اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
القول الأول: هو لجمهور الفقهاء، وذهب أصحابه إلى القول إن لبن الزانية أو المنفي ولدها باللعان من أبيه لا ينشر الحرمة بين الرضيع وبين الزاني ولا بينه وبين الملاعن، فحرمة الرضاع تكون للمرضعة فقط وليس للزاني، ذلك لأن النسب في الزنى يكتب لها لا إلى الزاني، ومن يثبت منه النسب يثبت منه الرضاع والعكس، وما دام النسب للمرأة يثبت منها بالرضاع وليس بالرجل، فالقاعدة أن كل من يثبت منه النسب يثبت منه الرضاع ومن لا يثبت منه النسب لا يثبت منه الرضاع.
كما اشترط الفقهاء لنشر الحرمة بين المرتضع وبين الرجل لكي يعتد بها أن يكون له حمل ينتسب إليه. إما لكونه في نكاح أو نكاح بشبهة، ومن ثم فإن لبن الزاني أو النافي للبن باللعان لا ينشر لبنهما الناشئ بسبب فعلهما حرمة بينهما وبين المرتضع، وقد نص على ذلك "أبو حامد الخرقي" من الحنابلة وكذا "أبو الخطاب" وهو قول للإمام الشافعي أيضا؛ لأن اللبن الأول انقطع فالظاهر أنه حدث للحمل والحمل للزوج الثاني فكان المرضع باللبن ابنه.
كما ذكر "الحلي" في المختصر النافع أن شرط نشر حرمة اللبن بالرضاع كون اللبن فقط عن نكاح أي زواج المرضعة فقط دون قيد الحمل أو الولادة.
فيستفاد من النص الأول أن حرمة الرجل الناشئة عن الرضاع من لبن زوجته تستمر ما دام لبنها قائما، حتى لو انفصلت عنه فيقاس على ذلك ما لو استمرت كذلك دون زواج، فلو تزوجت بغيره كما جاء النص فأرضعت صغيرا من لبنها نسب اللبن إلى الرجل الثاني لأن الحمل والوطء أصبح منه، ويدخل في ذلك لمجرد المعاشرة ولو لم يتم حمل ولا ولادة كما جاء في النص الثاني الذي اشترط لمجرد نشر الحرمة وجود المرضعة في زوجية.
كما برر هؤلاء وجهة نظرهم بأن الحرمة بين الرضيع وزوج المرضعة إنما هي فرع لحرمة الأبوة، وهنا لم تثبت أبوة في الحالة الأولى لأن الفاعل زان لا زوج، وفي الثانية لنفيه سبب الولادة واللبن أصلا. فبانتفاء شرعيته انتفت الأبوة أيضا، فلا تثبت حرمة بالرضاع بهذا اللبن بين الرضيع وبين النافي باللعان لأنها فرع الأبوة(26/161)
كما ردوا على من قال لهم: إن ابنة الزاني من الزنى تحرم عليه فلم لا تحرم بينه وبين من يرتضع لبنه الذي هو سببه؟ ردوا بأن الأمر مختلف فابنته من الزنى من نطفة حقيقية مباشرة خلافا للرضاع.
وذهب جانب آخر من الفقهاء وهم الأحناف والمشهور المالكية وبعض الشافعية وبعض الحنابلة: إلى القول إن لبن الزاني والنافي للولد باللعان ينشر الحرمة بينهما أي بين الزاني والملاعن وبين المرتضع.
وذلك لأن اللبن في ذاته معنى ينشر الحرمة فاستوى في ذلك مباحه ومحظوره.
وقالوا: إن الوطء في النكاح حصل منه ولد ولبن. فكما الولد تنتشر الحرمة بينه وبين الزوج الواطئ فكذلك اللبن وحده وما دام الرضاع ينشر الحرمة إلى المرضعة فكذلك ينشرها إلى الواطئ.
وذهب الإمامية: إلى أن اللبن الناشئ عن حمل الزنى لا يحرم لا بين المرضعة ولا بين الزاني فهم يشترطون في المرضعة أن يكون لبنها ناشئا عن نكاح صحيح أو مخالطة بشبهة، وهو الصحيح عندهم لأن الحرمة تابعة لثبوت النسب فإذا انتفى النسب بزنى أو بلعان فلا تحريم بالرضاع والناشئ عنهما.
والراجح: ما ذهب إليه أصحاب الاتجاه الأول من أن اللبن الناشئ عن وطء غير مباح كما في الزنى أو عن نفي الولد باللعان لا ينشر حرمة بين الرضيع وبين الرجل المتسبب في اللبن لانتفاء الأبوة من النسب لأنها الأصل والرضاع فرع لها مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" فمادام النسب منفيا بالزنى واللعان فما دام النسب منفيا بالزنى واللعان فتنتفي حرمة الرضاع.
كما أن الشرع الحنيف يعمل على مسح آثار الزنى بعد توقيع حد الزنى في حال عدم الإحصان، ومن بين هذه العقوبات التغريب للزاني، لينسى الناس فعلته، فهل ننشر حرمة الرضاع بينه وبين من رضع من اللبن الذي تسبب فيه بزناه أو اتهمت فيه الزوجة باللعان ؟ فيستمر الأمر فيقال هذا فلان الابن من الرضاع لفلان الزاني بالرغم من أنه لا علاقة له بهذه التهمة، كما أنه لم يأت من نطفة الزنى المحرمة، على عكس نسبته للمرضعة فإنه يقال: ولدها من الرضاع دون تعرض لمسبب اللبن فالأولى ترجيح هذا الرأي.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
اتهام الزوجة بالزنى ونفي الولد عنه ... العنوان
كنت على علاقة ببعض الشباب قبل الزواج ، غير أن هذا - وربي يعلم – أنه لم يحدث كبيرة من الكبائر ، وأنه لم يذهب عرضي، وإنما كانت علاقات شبابية في المرحلة التي كنت أعيشها ، غير أن زوجي علم بذلك ، وقد أنجبت منه ولدا ، وقد ثارت الشكوك في نفسه ، واتهمي في عرضي ، وأن بريء من اتهامه لي ، وهو ينفي ولده مني ، فماذا أفعل ، وما حكم الشرع في هذا؟ ... السؤال
21/05/2003 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي(26/162)
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فخلاصة ما قاله الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي أنه من الواجب على الزوج ألا يشك في زوجته إلا إذا رأى شيئا يدعو لهذا، ولا يجوز له اتهامها بالزنى إلا بدليل قاطع، ولا يجوز له نفي الولد لمجرد الشك ، فإن أصر تلاعنا أمام القاضي .
وإليك نص كلام الشيخ :
الولد سر أبيه، وحامل خصائصه، وهو في حياته قرة عينه، وهو بعد مماته امتداد لوجوده، ومظهر لخلوده. يرث منه الملامح والسمات، والخصائص والمميزات، يرث الحسن منها والقبيح، والجيد والرديء. وهو بضعة من قلبه، وفلذة من كبده.
لهذا حرم الله الزنى، وفرض الزواج، حتى يصون الأنساب، ولا تختلط المياه، ويعرف الولد من أبوه، ويعرف الوالد من بناته وبنوه؟ فبالزواج تختص المرأة برجلها ويحرم عليها أن تخونه، أو تسقي زرعه بماء غيره. وبذلك يكون كل من تلدهم في فراش الزوجية أولاد زوجها. بدون أن يحتاج ذلك إلى اعتراف أو إعلان من الأب أو دعوى من الأم فالولد للفراش كما قال رسول الإسلام.
من هنا لا يحل للزوج أن ينكر نسب ولد ولدته زوجه في فراشه أي في حالة قيام زوجية صحيحة بينهما. فإن إنكاره هذا يلحق أكبر الضرر، وأقبح العار بالزوجة والولد فلا يباح له الإقدام عليه لشك عارض أو وهم طارئ أو إشاعة خبيثة. أما إذا جزم بأن امرأته خانته بأدلة تجمعت لديه، وقرائن لا يستطيع أن يدفعها عن نفسه، فإن شريعة الإسلام لم ترض أن تدعه يربي من يعتقد أنه ليس بابن له، ويورث من لا يرثه في رأيه، أو على الأقل يكون فريسة للشك طول حياته. وقد جعلت الشريعة له مخرجا من ذلك بما عرف في الفقه باسم (اللعان) فمن تأكد أو ظن ظنا راجحا أن زوجته قد لوثت فراشه بماء غيره وجاءت بولد منه وليس له بينة على ذلك، فله أن يرفع ذلك إلى القاضي ويجري القاضي بينهما الملاعنة التي فصلها القرآن الكريم في سورة النور: (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) سورة النور:6-9. ثم يفرق بينهما إلى الأبد، ويلحق الولد بأمه.
والله أعلم
ــــــــــــــ
ميراث ولد الزنى من أبيه ... العنوان
هل من حَقِّ الطِّفل غير الشرعيّ ـ نِتاج سِفاح ـ أنْ يَرِثَ أباه؟ ... السؤال
18/01/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:(26/163)
فقد ذكر الفقهاء من شروط الإرث أن يكون بين الوارث وصاحب الإرث زواج أو قرابة أو عصوبة سببية ، والمولود من الزنى لا يثبت له شيء من هذه الثلاث ، فلا يحق أن يرث المولود من الزنى من أبيه الزاني ، ولكن يرث من أمه اتفاقا.
يقول الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق – رحمه الله - :
إنَّه باستقراء نصوص القرآن والسُّنّة النبويّة الصحيحة ثبت أن أسباب الإرث ثلاثة: الزَّوْجِيّة، والقَرابة، والعُصوبة السَّببيّة.
والمراد بالزوجيّة الزَّوجيّة الصحيحة القائمة إلى حين وفاة أحد الزَّوجين حقيقة بأن لم تقع فُرقة بطلاق باتٍّ، أو حكمًا بأن كانت الزوجة حين وفاة أحدهما في عدة طلاق رجعي أو طلاق بائن أوقعه الزَّوج وهو في مرض الموت بغير رِضاها، على نحو ما هو مُفصَّل في موضعه من كتب الفقه.
والمراد بالقَرابة رابطة النَّسَب الصحيح التي تربط المتوفَّى بأصوله: الأبِ والجَدِّ للأبِ.. إلخ، وبفروعه: وأولاده أولاده.. إلخ، وحواشيه المتفرّعة عن أصوله وهم الإخوة والعمومة والخُؤُولة وفروعها والمراد بالعُصوبة السَّببيّة (الولاء) وهو الصِّلة الناتجة عن العِتق.
ولما كان الطفل الذي وُلِدَ من سفاح ليس له نسب صحيح إلى أب مُعيّن إذ لم يكن نِتاج زواج صحيح، ومن ثَمَّ فلا يرث من الرجُل بوصفه ابنًا له، وإنَّما يرِث من والدته؛ لأنَّ أمومتَها له ثابتة بالولادة وفي الحديث الشريف: "الولد للفِراش" أي لِعَقد الزواج الصحيح.
والله أعلم
ــــــــــــــ
زواج الابن من بنت زوجة الأب ... العنوان
لي أخت من أمي، وأخ من أبي. فهل يجوز لأخي هذا أن يتزوج من أختي تلك؟
... السؤال
04/01/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
فالزواج من أخت الأخ جائز ، وإنما المحرم الزواج من الأخت ، ولأنه ليس هناك دواع شرعية للتحريم ، فيبقى الحكم على الأصل الذي هو الإباحة.
يقول الشيخ القرضاوي حفظه الله :
يجوز للابن أن يتزوج من بنت زوجة أبيه ، والتي ولدت من أب آخر لأنها ليست أخته. وقد رأينا هذا كثيرا ما يحدث، لأنه إنما يتزوج أخت أخيه لا أخته هو. فأخت الأخ من النسب وأخت الأخ من الرضاع، تتساويان في الحكم بهذا الصدد.
وإذا أنجبت هذه الزوجة ولدا قيل عنه: عمه خاله.
أي يصبح عمه هو خاله. عمه من جهة الأم وخاله من جهة الأب أو بالعكس.(26/164)
فهذا الزواج مشروع وصحيح ولا حرج فيه، إذ ليس فيه أي سبب من أسباب التحريم شرعا، لا من جهة النسب، ولا من جهة المصاهرة، ولا من جهة الرضاع. قال تعالى بعد أن ذكر المحرمات من النساء: (وأحل لكم ما وراء ذلك) .انتهى
ولمعرفة ما يحرم على الرجل الزواج من النساء ، يرجى قراءة هذه الفتوى :
المحرمات من النساء
والله أعلم
ــــــــــــــ
الولد يتبع خير الأبوين دينا ... العنوان
إذا كانت امرأة كتابية وتزوجت بمسلم ـ وقد أباح الإسلام للرجل أن يتزوج كتابية ـ وبقيت على دينها فكيف تكون عقيدة الأولاد ، حيث إنها أكثر ملازمة لهم في المنزل من الأب. فهل يكونون على دين أبيهم أم على دين أمهم ؟
... السؤال
03/04/2002 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فالولد يتبع خير الأبوين دينًا ، فمن كان أبوه مسلما وأمه كتابية فهو مسلم ، ومن أجل الحفاظ على دين الأبناء وضع الإسلام ضوابط للتزوج بالكتابية ، بحيث يأمن عليهم منها ، فإن خيف على الأولاد وعقيدتهم وأخلاقهم منها فلا يجوز للمسلم أن يقدم على التزوج بها.
وإن كان متزوجا منها وخاف على نفسه أو أولاده منها الفتنة في الدين وجب عليه طلاقها والبعد عنها .
ومع أن زواج المسلم من المرأة الكتابية مُباح وحلال؛ فإن هذا الزواج مكروه، لأن اختلاف الدِّينِ يؤدي في كثير من الأحيان إلى الخلاف والجدال والشقاق، وقد تؤثر الزوجة الكتابية في زوجها بجمالها أو احتيالها، فيترك دينه، ويدخل في دينها مرتدًّا والعياذ بالله، أو يهادن أهل دينها، وفي ذلك من الضرر ما فيه، وكذلك قد تؤثر الزوجة غير المسلمة في أولادها، فَيَميلون إلى دينها، وذلك شرٌّ مستطير.
يقول الدكتور القرضاوي :
من المقرر فقها أن الولد إذا اختلف دين أبويه، يتبع خير الأبوين دينا .
والزواج من الكتابية يجوز بشروط :
أولها: أن يستوثق من كتابيتها فقد تكون مسيحية اسمًا؛ ولكنها ملحدة حقيقة أو بهائية أو نحو ذلك.
الشرط الثاني: أن تكون محصنة أي عفيفة لا تبيع جسدها لمن يريد، أو على الأقل تكون تائبة مما وقعت فيه من أخطاء.
الشرط الثالث: ألا تكون من قوم معادين للمسلمين كاليهودية في عصرنا.(26/165)
الشرط الرابع: ألا يكون في ذلك مضرة على الزوج أو على أولاده منها أو على بنات المسلمين كأن تكون الجالية الإسلامية محدودة العدد فإذا تزوج غير مسلمة كسدت سوق مسلمة مقابلها.
بهذه الشروط الأربعة يجوز التزوج من الكتابيات. ( انتهى).
ويقول الدكتور عبد الفتاح عاشور ، الأستاذ بجامعة الأزهر :
أباح الله سبحانه وتعالى الزواج من الكتابيات (اليهوديات والنصرانيات)، والدليل على هذا قول الله سبحانه وتعالى: "وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، والمقصود بالمحصنة هي المرأة العفيفة، فالزواج من المرأة الكتابية إذا كانت عفيفة، ليست لها تجارب سابقة على الزواج ،أي لا ترتكب الفاحشة ، فإن هذا أمر مشروع، كما قال الحق سبحانه وتعالى.
وقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأة يهودية، ومن امرأة نصرانية، فأما اليهودية فهي: صفية بنت حيي بن أخطب، وأما النصرانية فهي: مارية القبطية، وكذلك فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت أن كانت الكتابيات عفيفات، لا خطورة منهن على المجتمع المسلم، ولا على الذرية.
أما الآن فإن الزواج من الكتابية (اليهودية والنصرانية) فيه محاذير إسلامية، سواء فيما يتعلق بالتربية أو بالسلوك أو نحو هذا. (انتهى).
وجاء في كتاب " رد المحتار على الدر المختار" لابن عابدين الحنفي :
الولد يتبع خير الأبوين دينا ، وهذا يتصور من الطرفين في الإسلام العارض ، بأن كانا كافرين فأسلم أو أسلمت ثم جاءت بولد قبل العرض على الآخر ، والتفريق أو بعده في مدة يثبت النسب في مثلها أو كان بينهما ولد صغير قبل إسلام أحدهما فإنه بإسلام أحدهما يصير الولد مسلما . وأما في الإسلام الأصلي فلا يتصور إلا أن تكون الأم كتابية والأب مسلما فتح ونهر .
ويشعر التعبير بالأبوين إخراج ولد الزنا . ورأيت في بعض الفتاوى الشهاب : مسلم زنى بنصرانية فأتت بولد فهل يكون مسلما ؟ أجاب بعض الشافعية بعدمه وبعضهم بإسلامه . وأفتى قاضي القضاة الحنبلي بإسلامه أيضا .
ويظهر لي الحكم بالإسلام للحديث الصحيح { كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه } فإنهم قالوا إنه جعل اتفاقهما ناقلا له عن الفطرة ، فإذا لم يتفقا بقي على أصل الفطرة أو على ما هو أقرب إليها ، حتى لو كان أحدهما مجوسيا والآخر كتابيا فهو كتابي ، وهنا ليس له أبوان متفقان فيبقى على الفطرة ولأنهم قالوا إن إلحاقه بالمسلم أو بالكتابي أنفع له ، وذكر البعض أن الصغير تبع لأبويه أو أحدهما في الدين فإن انعدما فلذي اليد فإن عدمت فللدار ويستوي فيما قلنا أن يكون عاقلا أو غير عاقل لأنه قبل البلوغ تبع لأبويه في الدين ما لم يصف الإسلام.(انتهى مختصرا)
والله أعلم.
ــــــــــــــ
حكم انتساب الزوجة لزوجها ... العنوان(26/166)
لقد شاع بين كثير من الناس انتساب المراة إلى زوجها لا إلى أبيها وصار يستعمل في الكثير من المعاملات الرسمية فما حكم ذلك ؟ ... السؤال
06/01/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
يجيب فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة- أستاذ الفقه وأصوله - جامعة القدس - بقوله :ـ
إن من أمراض الأمة الإسلامية الشائعة اليوم تشبهها بغيرها من الأمم وتقليدها في كثير من الأمور ؛ وهذا الأمر - وهو أن تسمى الزوجة باسم زوجها- من التقاليد الغربية الوافدة وهي تقاليد غريبة عن المجتمع المسلم ؛ وهذا الأمر صار شائعاً ومنتشراً بين الناس ومستعملاً في كثير من المعاملات ، وهو تقليد سخيف لغير المسلمين.
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن هذه الأمة وللأسف تتبع الأمم الأخرى في كثير من أمورها ؛ وهذا دليل على الضعف وعلى الهوان ، إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذعاً بذراع حتى لو دخل جحر ضب لدخلتموه ) .
وجاء في حديث آخر قوله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم سنة سنة ) رواه الترمذي وأحمد وقال الترمذي حسن صحيح .
وانتساب المرأة لغير أبيها لا يجوز شرعاً وهو حرام .
وإذا كانت الزوجة منكرة لنسبها قد يكون كفراً والعياذ بالله فقد ورد في جملة أحاديث صحيحة وثابتة عن الرسول عليه الصلاة والسلام منها :
1. عن أبي ذر رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :( ليس من رجل ادعى لغير أبيه إلا كفر بالله ... ) رواه البخاري ومسلم وذكر الرجل في الحديث خرج مخرج الغالب والمرأة كذلك .
2. وعن وائلة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه ... ) رواه البخاري والفرى جمع فرية وهي الكذب .
3. وعن أبي بكر وسعد رضي الله عنهما كلاهما يقول : سمعته أذناي ووعاه قلبي محمداً صلى الله عليه وسلم يقول :( من ادعى لغير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام ) رواه مسلم .
وهذه الأحاديث تحمل على من انتسب لغير أبيه واستحل ذلك .
وأما الشائع اليوم من انتساب المرأة لزوجها وإن كان لا إنكار فيه للأبوة وللعائلة إلا أنه محرم أيضاً لأن فيه تشبهاً بغير المسلمين وفيه تلبيس على الناس فعلى المرأة أن تتسمى باسم أبيها فتقول فلانة بنت فلان وزوجة فلان .
والله أعلم
ــــــــــــــ(26/167)
إدرار اللبن من العقيم قصد التبني ... العنوان
أنا لا أستطيع الإنجاب و قد سمعت بوجود جهاز يساعد على إيجاد اللبن فى ثديى بحيث أستطيع تبنى طفلا عن طريق كونى أمه بالرضاع ... فهل تبنى طفلا بهذه الطريقة حرام شرعا ؟؟ ... السؤال
09/12/2001 ... التاريخ
الشيخ جعفر أحمد الطلحاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
التبني المحرم هو نسب الابن لغير أبيه ،أماالرعاية والتربية فلا تحرم ،ويجوز للمرأة العقيم أن تدر اللبن منها مادام اللبن قد خرج منها ،فهو لبن طبيعي،ويكون الولد الذي رضع منها ابنا لها من الرضاعة .
يقول الشيخ جعفر أحمد الطلحاوي من علماء الأزهر:
كون التبني حرامًا فذلك صحيح على معنى أن ينسب الرجل الطفل إليه فيحمل نسبه اسمًا ولقبًا، وذلك منهي عنه شرعًا لقوله تعالى: "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله، فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم.." الآية.
ولا يمنع هذا من التعهد والتربية والكفالة لهذا الطفل؛ حتى يبلغ أشده ورشده، ويستقل بخدمة نفسه، ويشق طريقه في الحياة راشدا. فذلك من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها العبد إلى الله عند الاحتساب.
وكون الابن المتبنَّى وجوده في البيت يُوجِد حرجًا بالنسبة لزوجة المربي؛ لكونه ليس محرما، فهو صحيح، وتشتد الحرمة عند البلوغ؛ لأنه يكون بذلك قد ظهر على عورات النساء.
وليس الأمر قاصرا على الابن المتبنى الذكر فحسب، وإنما يتجاوزه إلى البنت كذلك إذا بلغت، فوجودها في البيت بعد بلوغ الرشد، وليست بمحرم للمربي، فيه من الحرمة ما يترتب عليه من مفاسد كثيرة؛ فليس لها أن تبدي زينتها لمن رباها.
أما بالنسبة للإرضاع الذي تترتب عليه الحرمة؛ فهو مرهون بأمرين: السن بالنسبة للطفل، والأمر الثاني لعدد مرات الإرضاع.
أما السن ففي الحديث: "ما أنبت اللحم وأنشذ العظم.." الحديث. وذلك لا يكون إلا في العامين الأولين من سني حياة الطفل أو الطفلة.
وبالنسبة للعدد فلابد أن يبلغ 5 رضعات متفرقات مشبعات، فإذا وقعت رضاعة بعد العامين الأولين، أو وقعت خلال العامين الأولين ولم تبلغ العدد المذكور؛ فلا يؤثر في التحريم؛ إذ لا تحرم الماصة ولا المصتان، كما ورد في الحديث.
وقد قلنا: إن الرضاعة التي تؤثر ويترتب عليها التحريم أن يكون الطفل في العامين الأولين من سني حياته، وأن تبلغ عدد مرات الرضاعة خمس مرات متفرقات.
ولعل مما يرد إلى الذهن مما يعترض به على هذا، ويأخذه البعض دليلا يتكئ عليه؛ فيجيز لهذه المرأة هذا الصنيع- ما ورد من رضاعة "سالم" مولى "أبي حذيفة"، ولم(26/168)
يكن في العامين الأولين؛ فلعلها واقعة عين، ومن المعلوم أصوليا أن واقعة العين لا تأخذ حكم التعميم.
بالنسبة لعملية إدرار اللبن من الثديين؛ سواء كان طبيعيا وبدون تدخل الآلات الحديثة، أو باستخدام أدوية تؤدي إلى الإدرار، وما دام لبنا طبيعيا فهي من المباحات، ولا يترتب عليها حكم شرعي، والاعتبار لسن الطفل الذي يتم إرضاعه، وعدد مرات الإرضاع في المقام الأول، والله أعلم.
ــــــــــــــ
بنوك الحليب والتحريم بالرضاع ... العنوان
الطفل الوليد الخديج الذي ولد قبل أوانه .. قد يدعو الأمر لعزله تمامًا في حاضنة صناعية لفترة قد تطول حتى يفيض حليب أمه من ثديها.
ثم يتقدم رويدًا لدرجة لم تزل حرجة ولكن تسمح له بتلقي الحليب، ومعروف أن أنسب الحليب وأرفقه به هو الحليب البشرى ..
وقد درجت بعض المؤسسات على أن تستوعب الوالدات المرضعات بعضًا من حليبهن .. "تسخو كل بما تشاء ويجمع ذلك ويعقم ثم يكون في خدمة هؤلاء المواليد المبتسرين في هذا الدور الحرج الذي قد تضرهم فيه أنواع الحليب الأخرى".
فالذي يحدث أنه يستعمل خليط من حليب عشرات الأمهات بل مئاتهن .. وعليه يتغذى غير مواليدهن عشرات بل مئات من المواليد الخدج ذكرانًا وإناثًا .. على غير معرفة في الحال والاستقبال.
ولكن يتم ذلك دون لقاء مباشر أي دون مص الثدي.
فهل هذه أخوة شرعية من الرضاع؟ وهل يحرم حليب البنوك رغم مساهمته في إحياء النفوس؟
فإن كان مباحًا حلالاً فما مسوغات الإباحة؟ ترى هل هي عدم مص الثدي؟ أم عدم إمكان التعرف على أخوات الرضاع وهن في مجتمع بذاته يمثلن القلة بين الكثرة؟
القلة التي تذوب ولا يمكن تتبعها أو الاستدلال عليها؟ ... السؤال
19/11/2001 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلا ريب أن الهدف الذي من أجله أنشئت "بنوك الحليب" كما عرضها السؤال هدف خير نبيل يؤيده الإسلام. الذي يدعو إلى العناية بكل ضعيف أيًا كان سبب ضعفه وخصوصًا إذا كان طفلاً خديجًا لا حول له ولا قوة.
ولا ريب أن أية امرأة مرضع تسهم بالتبرع ببعض لبنها لتغذية هذا الصنف من الأطفال، مأجورة عند الله، ومحمودة عند الناس، بل يجوز أن يشترى ذلك منها إذا لم تطب نفسها بالتبرع، كما جاز استئجارها للرضاع كما نص عليه القرآن، وعمل به المسلمون.(26/169)
ولا ريب كذلك أن المؤسسة التي تقوم بتجميع هذه "الألبان" وتعقيمها وحفظها لاستخدامها في تغذية هؤلاء الأطفال في صورة ما سمى "بنك الحليب" مشكورة مأجورة أيضًا.
إذن ما المحذور الذي يخاف من وراء هذا العمل؟
المحذور يتمثل في أن هذا الرضيع سيكبر بإذن الله، ويصبح شابًا في هذا المجتمع، ويريد أن يتزوج إحدى بناته، وهنا يخشى أن تكون هذه الفتاة أخته من الرضاع وهو لا يدرى، لأنه لا يعلم من رضع معه من هذا اللبن المجموع، وأكثر من ذلك أنه لا يعلم مَن مِنْ النساء شاركت بلبنها في ذلك، مما يترتب عليه أن تكون أمه من الرضاع، وتحرم هي عليه ويحرم عليه بناتها من النسب ومن الرضاع، كما يحرم عليه أخواتها لأنهن خالاته، ويحرم عليه بنات زوجها من غيرها على رأى جمهور الفقهاء لأنهن أخواته من جهة الأب إلى غير ذلك من فروع وأحكام الرضاع.
ولابد لنا هنا من وقفات، حتى يتبين الحكم جليًا.
1 - وقفة لبيان معنى "الرضاع" الذي رتب عليه الشرع التحريم.
2 - وقفة لبيان مقدار الرضاع المحرم.
3 - وقفة لبيان حكم الشك في الرضاع.
معنى الرضاع:
أما معنى الرضاع الذي رتب عليه الشرع التحريم. فهو عند جمهور الفقهاء ومنهم الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك والشافعي كل ما يصل إلى جوف الصبي عن طريق حلقه أو غيره، بالامتصاص أو غيره. مثل الوجور، وهو أن يصب اللبن في حلقه، بل ألحقوا به السعوط وهو أن يصب اللبن في أنفه، بل بالغ بعضهم فألحق الحقنة عن طريق الدبر بالوجور والسعوط.
وخالف في ذلك كله الإمام الليث بن سعد، معاصر الإمام مالك ونظيره. ومثله الظاهرية، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد.
فقد ذكر العلامة ابن قدامة عنه روايتين في الوجور والسعوط:
الأولى: وهى أشهر الروايتين عنه والموافقة للجمهور ـ: أن التحريم يثبت بهما. أما الوجور فلأنه ينبت اللحم وينشز العظم، فأشبه الارتضاع، وأما السعوط، فلأنه سبيل لفطر الصائم، فكان سبيلاً للتحريم بالرضاع كالفم.
الرواية الأخرى: أنه لا يثبت التحريم، لأنهما ليسا برضاع.
قال في المغنى: وهو اختيار أبى بكر ومذهب داود وقول عطاء الخرساني في السعوط، لأن هذا ليس برضاع، وإنما حرم الله تعالى ورسوله الرضاع، ولأنه حصل من غير ارتضاع، فأشبه ما لو دخل من جرح في بدنه.
ورجح صاحب المغنى الرواية الأولى بحديث ابن مسعود عند أبى داود: "لا رضاع إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم".
والحديث الذي احتج به صاحب المغنى لا حجة فيه، بل هو عند التأمل حجة عليهم، لأنه يتحدث عن الرضاع المحرم، وهو ما كان له تأثير في تكوين الطفل بإنشاز عظمه وإنبات لحمه، فهو ينفى الرضاع القليل، غير المؤثر في التكوين، مثل(26/170)
الإملاجة والإملاجتين، فمثل هذا لا ينشز عظمًا ولا ينبت لحمًا. فالحديث إنما يثبت التحريم لرضاع ينشز وينبت، فلابد من وجود الرضاع أولا وقبل كل شيء.
ثم قال صاحب المغنى: ولأن هذا يصل به اللبن إلى حيث يصل بالارتضاع، ويحصل به من إنبات اللحم وإنشاز العظم ما يحصل من الارتضاع، فيجب أن يساويه في التحريم، ولأنه سبيل الفطر للصائم، فكان سبيلاً للتحريم كالرضاع بالفم.
ونقول لصاحب المغنى رحمه الله: لو كانت العلة هي إنشاز العظم وإنبات اللحم بأي شيء كان، لوجب أن نقول اليوم بأن نقل دم امرأة إلى طفل يحرمها عليه، بل التغذية بالدم في العروق أسرع وأقوى تأثيرًا من اللبن. ولكن أحكام الدين لا تفرض بالظنون، فإن الظن أكذب الحديث، وإن الظن لا يغنى من الحق شيئًا.
والذي أراه أن الشارع جعل أساس التحريم هو "الأمومة المرضعة" كما في قوله تعالى في بيان المحرمات من النساء: (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة) (1، 2 النساء: 23) . وهذه الأمومة التي صرح بها القرآن لا تتكون من مجرد أخذ اللبن. بل من الامتصاص والالتصاق الذي يتجلى فيه حنان الأمومة، وتعلق البنوة، وعن هذه الأمومة تتفرع الأخوة من الرضاع، فهي الأصل، والباقي تبع لها.
فالواجب الوقوف عند ألفاظ الشارع هنا، وألفاظه كلها تتحدث عن الإرضاع والرضاعة، ومعنى هذه الألفاظ في اللغة التي نزل بها القرآن وجاءت بهما السنة واضح صريح، لأنها تعنى إلقام الثدي والتقامه، وامتصاصه، لا مجرد الاغتذاء باللبن بأي وسيلة.
ويعجبني موقف الإمام ابن حزم هنا، فقد وقف عند مدلول النصوص، ولم يتعد حدودها، فأصاب المحز، ووفق فيما أرى للصواب.
ويحسن بي أن أنقل هنا فقرات من كلامه لما فيها من قوة الإقناع ووضوح الدليل.
قال: (وأما صفة الرضاع المحرم، فإنما هو ما امتصه الراضع من ثدي المرضعة بفيه فقط، فأما من سقى لبن امرأة فشربه من إناء أو حلب في فمه فبلعه أو أطعمه بخبز أو في طعام أو صب في فمه أو في أنفه أو في أذنه، أو حقن به، فكل ذلك لا يحرم شيئًا ولو كان ذلك غذاءه دهره كله.
برهان ذلك قول الله عز وجل: (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة) (النساء: 23) . وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" فلم يحرم الله تعالى ولا رسوله -صلى الله عليه وسلم- في هذا المعنى نكاحًا إلا بالإرضاع، والرضاعة والرضاع فقط، ولا يسمى إرضاعًا إلا ما وضعته المرأة المرضعة من ثديها في فم الرضيع، يقال: أرضعته ترضعه إرضاعًا. ولا يسمى رضاعة ولا إرضاعًا إلا أخذ المرضع أو الرضيع بفيه الثدي وامتصاصه إياه. تقول: رضع يرضع رضاعًا ورضاعة، وأما كل ما عدا ذلك مما ذكرنا فلا يسمى شيء منه إرضاعًا ولا رضاعة ولا رضاعًا، إنما هو حلب وطعام وسقاء وشرب وأكل وبلع وحقن وسعوط وتقطير، ولم يحرم الله عز وجل بهذا شيئًا.
قال أبو محمد: وقد اختلف الناس في هذا فقال الليث بن سعد: لا يحرم السعوط بلبن المرأة، ولا يحرم أن يسقى الصبي لبن المرأة في الدواء، لأنه ليس برضاع، إنما(26/171)
الرضاع ما مص من الثدي، هذا نص قول الليث وهذا قولنا وهو قول أبى سليمان يعنى داود إمام أهل الظاهر وأصحابنا، يعنى الظاهرية.
ورد على الذين احتجوا بحديث: "إنما الرضاعة من المجاعة" فكان مما قاله:
أن هذا الخبر حجة لنا، لأنه عليه الصلاة والسلام إنما حرم بالرضاعة التي تقابل بها المجاعة، ولم يحرم بغيرها شيئًا، فلا يقع تحريم بما قوبلت به المجاعة من أكل، أو شرب، أو وجور، أو غير ذلك، إلا أن يكون رضاعة، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، (ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون). (المحلى لابن حزم 10 / 9 - 11). اهـ.
وبهذا نرى أن القول الذي يطمئن إليه القلب، هو الذي يتمشى مع ظواهر النصوص التي ناطت كل الأحكام بالإرضاع والرضاع. كما يتمشى مع الحكمة في التحريم بالرضاع، وهو وجود أمومة تشابه أمومة النسب، وعنها تتفرع البنوة والأخوة وسائر القرابات الأخرى. ومعلوم أن الرضاع في حالة "بنوك الحليب" غير موجود، إنما هو الوجور الذي ذكره الفقهاء.
على أننا لو سلمنا برأي الجمهور في عدم اشتراط الرضاع والامتصاص لكان هنا مانع آخر من التحريم.
وهو أننا لا نعرف من التي رضع منها الطفل؟ وما مقدار ما رضع من لبنها؟ هل أخذ من لبنها ما يساوى خمس رضعات مشبعات؟ على ما هو القول المختار الذي دل عليه الأثر، ورجحه النظر، وبه ينبت اللحم، وينشز العظم، وهو مذهب الشافعية والحنابلة.
وهل للبن المشوب المختلط حكم اللبن المحض الخالص؟ ففي مذهب الحنفية من قول أبى يوسف أن لبن المرأة إذا اختلط بلبن أخرى، فالحكم للغالب منهما، لأن منفعة المغلوب لا تظهر في مقابلة الغالب.
والمعروف أن الشك في الرضاع لا يترتب عليه التحريم.
قال العلامة ابن قدامة في "المغنى":
(وإذا أوقع الشك في وجود الرضاع، أو في عدد الرضاع المحرم، هل كملا أو لا؟
لم يثبت التحريم، لأن الأصل عدمه، فلا نزول عن اليقين بالشك، كما لو شك في وجود الطلاق وعدده) (المغنى مع الشرح الكبير 9 / 194) وفى "الاختيار" من كتب الحنفية:
(امرأة أدخلت حلمة ثديها في فم رضيع، ولا يدرى: أدخل اللبن في حلقه أم لا؟
لا يحرم النكاح.
وكذا صبية أرضعها بعض أهالي القرية، ولا يدرى من هو، فتزوجها رجل من أهل تلك القرية، يجوز، لأن إباحة النكاح أصل، فلا يزول بالشك.
قال: ويجب على النساء ألا يرضعن كل صبي من غير ضرورة، فإن فعلن فليحفظنه، أو يكتبنه احتياطًا) (الاختيار لابن مودود الحنفي 3 / 120، وانظر كذلك: شرح فتح القدير لابن الهمام على الهداية 3 / 2، 3) .اهـ.
ولا يخفى أن ما حدث في قضيتنا ليس إرضاعًا في الحقيقة، ولو سلمنا بأنه إرضاع فهو لضرورة قائمة وحفظه وكتابته غير ممكن، لأنه لغير معين، وهو مختلط بغيره.(26/172)
والاتجاه المرجح عندي في أمور الرضاع هو التضييق في التحريم كالتضييق في إيقاع الطلاق، وللتوسيع في كليهما أنصار.
الخلاصة:
أننا لا نجد هنا ما يمنع من إقامة هذا النوع من "بنوك الحليب"، مادام يحقق مصلحة شرعية معتبرة، ويدفع حاجة يجب دفعها. آخذين بقول من ذكرنا من الفقهاء، مؤيدًا بما ذكرنا من أدلة وترجيحات.
وقد يقول بعض الناس: ولماذا لا نأخذ بالأحوط، ونخرج عن الخلاف، والآخذ بالأحوط هو الأورع والأبعد عن الشبهات.
وأقول:
عندما يعمل المرء في خاصة نفسه، فلا بأس أن يأخذ بالأحوط والأورع، بل قد يرتقى فيدع ما لا بأس به حذرًا مما به بأس.
ولكن عندما يتعلق الأمر بالعموم، وبمصلحة اجتماعية معتبرة، فالأولى بأهل الفتوى أن ييسروا ولا يعسروا، دون تجاوز للنصوص المحكمة، أو القواعد الثابتة.
ولهذا جعل الفقهاء من موجبات التخفيف: عموم البلوى بالشيء مراعاة لحال الناس ورفقًا بهم، هذا بالإضافة إلى أن عصرنا الحاضر خاصة أحوج ما يكون إلى التيسير والرفق بأهله.
على أن مما ينبغي التنبيه عليه هنا هو أن الاتجاه في كل أمر إلى الأخذ بالأحوط دون الأيسر أو الأرفق أو الأعدل، قد ينتهي بنا إلى جعل أحكام الدين مجموعة "أحوطيات" تجافي روح اليسر والسماحة التي قام عليها هذا الدين. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "بعثت بحنيفية سمحة"، "إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين".
والمنهج الذي نختاره في هذه الأمور هو التوسط والاعتدال بين المتزمتين والمتهاونين (وكذلك جعلناكم أمة وسطًا). (البقرة: 143).
والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.
والله أعلم
ــــــــــــــ
أقل مدة للحمل ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد: هل أقل الحمل ستة أشهر بحيث يمكن أن يولد الطفل سليما معافا بعد ستة أشهر من الحمل؟ وهل فهم ذلك الإمام على من قوله تعالى :( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا)، وقوله تعالى :( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) ومعناها أن الرضاعة 24 شهرا إذا عندما ننقص 24 من 30 يبقى 6 أشهر وهي للحمل ؟ أفيدوني جزاكم الله.
... السؤال
23/10/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...(26/173)
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيرا، وبعد:
نعم أخي الكريم يمكن أن يولد الطفل سليما بعد ستة أشهر من الحمل به ويعيش ، وقد حدث هذا سالفا ، حيث ولد عبد الملك بن مروان لستة أشهر كما ذكر الإمام القرطبي ، ويحدث أيضا في عصرنا ، ولكن يحتاج الطفل إلى "حضانة" ، وإذا ولد بعد ستة أشهر من الدخول بأمه ثبت نسبه من زوجها الذي دخل بها ، ويكون هذا الطفل ابنا أو بنتا لهذا الزوج ، بخلاف ما إذا تزوج رجل امرأة فولدت قبل الستة أشهر هلالية فلا يثبت نسبه منه ، إلا أن المالكية قالوا : لو نقصت الستة أشهر ثلاثة أيام ثبت نسبه ، لاحتمال أن تكون الشهور ناقصة .
وهذه المدة ـ الستة أشهر ـ قد فهمها الإمام علي رضي الله عنه ـ كما ذكرت ـ من قوله تعالى : ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) الأحقاف: 15، حيث تفيد هذه الآية أن الحمل والرضاع ثلاثون شهرا، مع قوله تعالى : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين )البقرة: 233 ، وقوله تعالى : ( وفصاله في عامين ) لقمان: 14، حيث تفيد هاتان الآيتان أن مدة الرضاع سنتان ـ أربعة وعشرون شهراـ فلا يبقى للحمل إلا ستة أشهر.
يقول الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى : {الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال} لقمان : 8 .9 ، يقول :
في هذه الآية دليل على أن الحامل قد تضع حملها لأقل من تسعة أشهر ولأكثر، وأجمع العلماء على أن أقل الحمل ستة أشهر، وأن عبدالملك، بن مروان ولد لستة أشهر. وهذه الستة الأشهر هي بالأهلة كسائر أشهر الشريعة؛ ولذلك قد روي في المذهب عن بعض أصحاب مالك، وأظنه في كتاب ابن حارث أنه إن نقص عن الأشهر الستة ثلاثة أيام فإن الولد يلحق لعلة نقص الأشهر وزيادتها.
ثم يقول : وقد استنبط علي رضي الله عنه مدة أقل الحمل - وهو ستة أشهر - من قوله تعالى: "وحمله وفصاله ثلاثون شهرا "[الأحقاف:15] وقوله تعالى: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين" [البقرة: 233] فإذا فصلنا الحولين من ثلاثين شهرا بقيت ستة أشهر(انتهى).
ويقول الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ( وَحَمْله وَفِصَاله ثَلَاثُونَ شَهْرًا ):
وَقَدْ اِسْتَدَلَّ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بِهَذِهِ الآيَة مَعَ الَّتِي فِي لُقْمَان " وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ " وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى في البقرة :" وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمّ الرَّضَاعَة" عَلَى أَنَّ أَقَلَّ مُدَّة الْحَمْل سِتَّة أَشْهُر وَهُوَ اِسْتِنْبَاطٌ قَوِيٌّ صَحِيح وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ عُثْمَان وَجَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة .
وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا فَرْوَة بْن أَبِي الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُسْهِر عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ : إِذَا وَضَعَتْ الْمَرْأَة لِتِسْعَةِ أَشْهُر كَفَاهُ مِنْ الرَّضَاع أَحَد وَعِشْرُونَ شَهْرًا وَإِذَا وَضَعَتْهُ لِسَبْعَةِ أَشْهُر كَفَاهُ مِنْ الرَّضَاع ثَلَاثَة وَعِشْرُونَ شَهْرًا وَإِذَا وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُر فَحَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ (انتهى).(26/174)
وروى الإمام المتقي الهندي في كتابه: كنز العمال :
عن قتادة عن أبي حرب بن الأسود الدؤلي عن أبيه، قال: رفع إلى عمر امرأة ولدت لستة أشهر فأراد عمر أن يرجمها فجاءت أختها إلى علي بن أبي طالب فقالت: إن عمر يرجم أختي فأنشدك الله إن كنت تعلم أن لها عذرا لما أخبرتني به فقال علي: إن لها عذرا فكبرت تكبيرة سمعها عمر ومن عنده، فانطلقت إلى عمر فقالت: إن عليا زعم أن لأختي عذرا، فأرسل عمر إلى علي : ما عذرها؟ قال: إن الله عز وجل يقول: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين}، وقال: {حمله وفصاله ثلاثون شهرا} فالحمل ستة أشهر والفصل أربعة وعشرون شهرا فخلى عمر سبيلها، قال: ثم إنها ولدت بعد ذلك لستة أشهر.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
الحكمة من إبطال التبني في الإسلام ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم
أريد أن أعرف الحكمة من إبطال الإسلام للتبني فهناك الكثير قد غابت عنه هذه الحكمة فهلا أوضحتموها لنا ؟ وجزاكم الله خيرا
... السؤال
04/09/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
أحيانا قد تدعو العاطفة الإنسان أن يَضُمَّ إليه وَلَدًا يَعرف أنه ابن غيره وينسبه إلى نفسه نِسْبَة الابن الصحيح، وتثبت له جميع حقوقه، وذلك بدافع من الشفقة ، وهذا الفعل محرم في الإسلام لأن " الولد للفِرَاش ".
والحكمة من منع التبني يوضحها فضيلة الدكتور وهبة الزحيلي رئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه بكلية الشريعة بجامعة دمشق فيقول فضيلته :
ظل العمل بالتبني بين العرب في الجاهلية بعد ظهور الإسلام الذي لم تتقرر فيه أحكام التشريع الإلهية دفعة واحدة، وإنما على منهج التدرّج والتربية شيئاً فشيئاً، فكان العربي في تلك الفترة الجاهلية إذا أعجبه من الفتى قوته ووسامته (أو جَلَده وظَرْفه) ضمه إلى نفسه، وجعل له نصيب أحد من أولاده في الميراث، وكان ينسب إليه، فيقال: فلان بن فلان.
وتمشياً مع هذه الظاهرة تبنى محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يصبح رسولاً برسالة إلهية شاباً من سبايا بلاد الشام، سباه رجل من تهامة، فاشتراه حكيم بن حزام بن خويلد، ثم وهبه لعمته خديجة زوجة النبي الأولى، ثم وهبته للنبي، فأعتقه وتبناه، وهو زيد بن حارثة الذي آثر البقاء مع النبي على هذا النحو، على العودة لأهله وقومه في بلاد الشام، وحينما تبنّاه النبي r قال: ((يامعشر قريش اشهدوا أنه ابني يرثني وأرثه)). هذا الوضع المتعلق بالتبني كشأن كثير من الأوضاع والمسائل التي ظلت سائدة في فترة زمنية مؤقتة بعد ظهور الإسلام، مثل(26/175)
الخمر والربا وبعض العادات الجاهلية، وكان زيد هذا يدعى ((زيد بن محمد)) ثم حرّم الإسلام التبني تحريماً صريحاً، لأن رسالة الإسلام والقرآن الإصلاحية كانت تعالج أوضاع المجتمع العربي الجاهلي تدريجاً، فقال النبي r: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) أو ((صالح الأخلاق)) .
وكان تحريم النبي بنصوص آيات ثلاث هي:
گ {وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ(1) أَبْناءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: 33/4].
گ {ادْعُوهُمْ لآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ(2) وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ(3) فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب: 33/5].
گ {ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [الأحزاب: 33/40] أي ليس محمد بأب حقيقي لأحد من رجالكم، وليس هو بأب فعلي لزيد بن حارثة، حتى تحرم عليه زوجته، فصار زيد يدعى ((زيد بن حارثة)) وهو النسب لأبيه الحقيقي بعد أن كان يدعى ((زيد بن محمد)) وبالتالي كانت عادة الجاهلية تقضي بتحريم زواج المتنبي من زوجة الابن المتبنى بعد طلاقها.
وجاء في السنة النبوية الصحيحة ما يدل على منع الإنسان من انتمائه أو انتسابه إلى غير أبيه الحقيقي، قال النبي r: ((من ادعى إلى غير أبيه، وهو يعلم، فالجنة عليه حرام))(4) ، وفي حديث آخر: ((من ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة))(5) .
لقد أبطل الإسلام عادة التبني التي كانت شائعة في الجاهلية العربية وفي العالم القديم والمعاصر الآن، وأمر ألا ينسب الولد إلا إلى أبيه الحقيقي، ولاينسبه نسبة الدم والولادة إلى نفسه، هذا إن كان للولد أب معروف، فإن جهل أبوه دعي ((مولى)) أي نصيراً، و((أخاً في الدين)) وهذا نسب إلى الأسرة الإسلامية الكبرى القائم نظامها على أساس متين من الأخوة والتعاون والود والتراحم، والحرص على عدم الضياع والتشرد.
والحكمة في إبطال نظام التبني في الإسلام تظهر فيما يأتي:
1- إن روابط الأسرة الصغرى في الإسلام من الأبوين والأولاد تعتمد على رابطة الدم الواحد والأصل المشترك، وهي رابطة أو علاقة ((الرحم المحرم)) لذا حرَّم الإسلام التزاوج بين الأقارب المحارم حفاظاً على سمو العلاقة وقطع الأطماع في علاقة زوجية تقوم أساساً على الاستمتاع الجسدي وإفراغ الشهوة، وتبادل المصالح المادية أو الإنسانية، وقد تؤدي هذه المصالح إلى تصادم في الرغبات والأهواء والشهوات، فإذا وجدت بين الأرحام كانت سبباً في القطيعة، والنزاع والخصام، والسب والشتم والنفور، وفي الجملة: إن نظام التبني يتعارض مع حقائق وأصول الشرع الإلهي والأخلاق القويمة والولد المتبنى غريب عن هذه الأسرة، فلايكون له حكم قرابة الأرحام.(26/176)
2- إن الإسلام يقوم في جميع علاقاته الاجتماعية على أساس من الحق والعدل ورعاية الحقيقة، وهذا يقتضي نسبة الولد إلى أبيه الحقيقي، لا لأبيه المزعوم أو المزوَّر، والحق أحق أن يتبع ويحترم.
3- إن نظام الإرث في الإسلام مقصور على القرابة القريبة، لا البعيدة نسبياً، ومن باب أولى حال عدم وجود القرابة، والولد المتبنَّى ليس له أية قرابة بالأسرة الصغرى، فكيف يحق له أن يرث فيما لو أجيز نظام التبني؟ إن صون حقوق الأقارب الورثة هو الواجب المتعين، فلابد من الحفاظ على حقوقهم من الضياع أو الانتقاص فيما لو تسرب جزء من التركة أو قرر لغيرهم من الأجانب عن الأسرة الصغيرة حق في الميراث.
4- التبني مجرد تحقيق نسب مزعوم أو قول باللسان، لا أساس له من شرع أو منطق أو حكمة ثابتة، وحينئذ لا تكون نسبة الولد إلى غير أبيه الصحيح نسبة صحيحة، وإنما هي مزورة، ولا تكون زوجة الولد المتبنى إذا طلقها مثلاً حراماً على الوالد المتبني.
والواجب دعوة الولد لأبيه الحقيقي صاحب الحق في النسب، لا من طرق التبني، والله تعالى إنما يشرع ويقول الحق، وهو يهدي البشرية إلى سواء السبيل ومنهج الأصالة والعدل، فيجب إبطال تلك العادة غير القائمة على أسس صحيحة، ونسبة الولد إلى أبيه المعروف، وهو معنى قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} أي أحق وأعدل.
5- إن الولد المتبنى غريب عن الأسرة الصغيرة، ذكراً كان أو أنثى، فلا ينسجم معها في خلق ولا دين، فإذا كان الولد أنثى، اطلع الرجل على جسدها، وهذا ممنوع شرعاً ، وربما تورط في الاتصال الجنسي بها ؛ لأنه في قرارة نفسه يعتقد أنها غريبة أو أجنبية عنه، وإذا كان الولد ذكراً ربما اعتدى على زوجة الرجل المتبني، أو على ابنته أو أخته، لأنه لابد من أن يعرف يوماً ما أنه غريب عن هذه الأسرة، سواء في الحاضر أو المستقبل، وبخاصة في عهد الشباب، وقد يكون الاعتداء جريمة قتل أو جرح أو سلب مال حينما يدرك الولد المتبنى أنه ليس ابناً حقيقياً لمن تبناه، وهذه مفاسد ومنكرات جنّب (باعد) الإسلام عنها.
6- التبني يكون ظلماً للوالد الحقيقي وإهداراً لمعنوياته ومساساً بكرامته وحقوقه.
7- التجانس الاجتماعي في العادات والتقاليد بين أفراد الأسرة الواحدة أساس في استقرار الأسرة، وطمأنينتها، وتبادل عاطفة المحبة السامية غير النفعية فيما بين الكبار والصغار فيها.
والتناغم الثقافي والمعرفي الممتد تلقائياً في أجواء الأسرة الواحدة يساهم مساهمة فعالة في تماسك البنية المعرفية للثقافة الواحدة، والانتماء العقدي، وتطبيق شرعة الدين الواحد للأسرة، ومعطياتها المتنوعة من موروثات عريقة قادرة على مواكبة العصر، واستمرار الحياة الآمنة المطمئنة، في إطار من الحفاظ على خصوصية الهوية وتفرد شعار ورموز الشخصية الذاتية.(26/177)
وإذا تحقق الانسجام العاطفي والمعرفي، وتوحدت المصلحة، ساعد كل ذلك على بناء مجتمع متماسك، لايعكر صفوه لون غريب، أو شخص بعيد، تختلف فطرته ومشاعره وطموحاته عن ثوابت الأسرة الواحدة.
والاستظلال بمظلة المبدأ الواحد، والمنشأ الواحد، يساعد في الغالب على تكوين مجتمع قوي منسجم، يمارس نشاطه الأسري والاجتماعي من خلال وحدة المنطلق، ووحدة الغاية، والولد المتبنَّى غريب عن هذه الأسرة في طبعه وميوله، ومشاعره ومبادئه، وعقيدته في الحياة، وتطلعاته في المستقبل، مما يعكر صلته بالتأكيد مع أسرة تختلف عنه في كل ذلك، ويؤدي إلى هزّ كيان هذا المجتمع الصغير، ويشكك في صدق الانتماء إليه، ويخل بمقتضيات الثقة ووحدة العلاقة.
8- تختلف مقومات فلسفة الأسرة في الإسلام عن غيرها من الأسر التي لاتأبه عادة بالأخلاق والقيم، ورعاية مقررات الحلال والحرام، والحفاظ على العرض، وخلق الحياء، ونقاء الأصل والفرع، ووحدة الأصل والدم. وهذا يتنافى مع نظام التبني الذي يعكّر صفو كل هذه المعاني، مما يجعل التبني مفسدة أو مضرة اجتماعية، وفي غير مصلحة الإنسان نفسه، سواء المتبني أو المتبنَّى.
أما ظروف اللقيط أو مجهول النسب أو المتشرد فقد تستدعي من الناحية الإنسانية ضرورة الحفاظ على وجوده، ومعاملته معاملة كريمة تقوم على الود والرحمة، وحفظ أخ في الإنسانية من الضياع. وهذا الملحظ سليم نقره ولانتصادم معه، بل يجب التوصل إلى حلّ عاجل له.
وهذا الحل ليس كما يظن من طريق التبني في الماضي والحاضر، وإنما يتم من طريق آخر، وهو ((التربية)) والمعاونة، لحاجة من ليس له عائل أو مربّ يريبه، ويرشده ويعلمه، ويصونه ويحفظه من عاديات الزمان، ويحميه من ألم الفقر والحاجة، ويرعى ضعفه وغربته عن المجتمع.
والله أعلم .
ــــــــــــــ
حمل المرأة من مني غير الزوج ... العنوان
زوج أثبت الطب أنه غير قادر على الإنجاب ولكنه لشدة حبه لزوجته أخفى عليها هذا الأمر، وهذه الزوجة أثبت الطب – أيضًا – أنها صالحة للإنجاب وليس بها أي عيب يمنع ذلك. فوقعت هذه الزوجة فريسة للحيرة والقلق إلى أن وقعت في أيدي إحدى النساء التي أعطتها مني رجل آخر على أن تضعه في فرجها، وبعد فترة من الزمن حدث الحمل فعلاً ، فلما علم الزوج اتهم زوجته بالزنى بناء على حالته المرضية وتقارير الأطباء. فما موقف الشرع من هذا الحمل الذي جاء عن هذه الطريقة، وهل تعتبر الزوجة زانية في هذه الحالة، وهل يباح إجهاض هذا الحمل؟ وإذا بقي الحمل فلمن ينسب؟ نرجو الإجابة الشرعية لهذه الحالة، ولكم من الله حسن الجزاء.
... السؤال
29/08/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...(26/178)
...
... بسم الله ، والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
من المقرر شرعًا أن الولد للفراش ،فينسب الولد لأبيه إلا أن يثبت الزوج أن الولد ليس له ،وإن ثبت أن الحمل جاء بإدخال مني رجل آخر فلا يقام الحد على المرأة ،وينسب الولد لأمه ، فإن لم يثبت الزوج أن الماء ليس منه ،فينسب الولد له ،لأن العقم مرض قد يبرأ المرء منه.
وإليك فتوى دار الإفتاء بالأزهر:
بأن نطفة الرجل لا تتخلق إلا إذا وصلت إلى رحم المرأة المستعد لقبولها عن طريق الاتصال الجنسي المعتاد بين الزوجين وعندئذ يكون نسب الولد من هذا الاتصال إلى أبيه قطعًا. وذلك لحديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" [رواه الجماعة]. وقد يكون الاتصال عن طريق إدخال نطفة الزوج في رحم زوجته – بغير الاتصال الجسدي المعتاد، وذلك لما جاء عن أبي حنيفة – رضي الله عنه – في البحر الرائق – "إذا عالج الرجل جاريته فيما دون الفرج فأخذت الجارية ماءه وولدت فالولد ولده، والجارية أم ولد له" ومن هذا يتبين أن الصلة العضوية بين الزوجين والاختلاط الجسدي هو الوسيلة الأساسية لإفضاء كل منهما إلى الآخر.
أما إذا أدخلت الزوجة مني رجل آخر غير زوجها إلى فرجها فإن هذا يكون محرمًا شرعًا لما يترتب عليه من اختلاط الأنساب ونسبة الولد إلى أب لم يتخلق من مائه، وهذا الإدخال إذا حدث الحمل بسببه يكون في "معنى الزنى" والزنى محرم في كل الشرائع السماوية. أما عن التساؤلات التي وردت في السؤال. فنجيب:
بخصوص حدوث الحمل نتيجة استدخال الزوجة مني رجل غير زوجها ممكن ومحتمل ويعتبر الحمل حمل سفاح إذا ثبت ذلك.
ولا يقام على هذه الزوجة حد الزنى، لأن هذا الحد إنما يقام على المباشرة الجنسية الفعلية وثبوت ذلك بالإقرار به أربع مرات أو شهادة أربعة شهود بواقعة الزنى أمام القضاء.
وأما بالنسبة لإباحة الإجهاض في هذه الحالة فنقول: إن هذا الجنين نفس محترمة له مقومات النفس الإنسانية منذ انعقاد الحمل، ومن ثم يحرم على هذه المرأة أن تجهض نفسها تخلصًا من هذا الجنين، ولا يحتج هنا بقاعدة: الضرورات تبيح المحظورات".
وعن نسب الولد نقول: إذا استكمل الحمل الموصوف في هذه الواقعة أشهره الرحمية ووضعته أمه كان نسبه إلى الزوج ثابتًا بحكم الفراش القائم بين الزوجين وذلك للحديث السابق: الولد للفراش.." فإذا أنكر الزوج أنه منه وأقام الدليل الصحيح وأنه عقيم حتى تاريخ هذا الحمل وطلب من القضاء نفي نسب هذا الطفل إليه، قضى له بذلك، وفي هذه الحالة لا ينسب هذا المولود إليه وإنما ينسب إلى أمه التي ولدته باعتبار أن الولادة واقعة مادية لا يمكن إنكارها.
فإن عجز الزوج عن إثبات الواقعة لسبب أو لآخر، ثبت النسب إليه بالقرينة الشرعية وباعتبار أن العقم قد يزول فيبرأ من عقمه ويصير صالحًا للإنجاب،(26/179)
وإثبات النسب في هذه الحالة أولى من نفيه خصوصًا وأن التقدم في مجال الطب فتح آفاقًا واسعة، وأحيا آمالاً كانت في حكم المعدومة، وفي النهاية فإن قدرة الله فوق كل شيء وهو على كل شيء قدير.
هذا إذا كان الحال كما ورد في السؤال والله أعلم.
ــــــــــــــ
إلحاق النسب في التبني ... العنوان
هل يجوز أن يتبنى الإنسان طفلاً أو طفلة ويكتبه باسمه ويرثه؟ وما حكم الشرع في ذلك؟
... السؤال
14/08/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
السائل الكريم
المجتمع المسلم قائم على التعاون والتكافل بين أبنائه؛ فقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: "ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع"، وفى الحديث الآخر: "أيما أهل عرصة بات فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله"، كما حض صلى الله عليه وسلم على إفشاء السلام وإطعام وإكرام الضيف، وأوضح أن كافل اليتيم معه في الجنة فقال: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا" وأشار بالسبابة والوسطى وفرّج بينهما".
ومع كل ذلك فقد حرم الإسلام تحريمًا قاطعًا أن يلحق الكافل أو المتبني أو غيرهما من يقومون برعايتهم بنسبهم لما في ذلك من تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحله، وضياع حقوق العباد.
هذا ويقول الشيخ عبد الخالق عطية نصير (الأمين العام للجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف):
لقد اهتم الإسلام بالطفل اللقيط أو الذي لا يعرف أبوه وأمه، أو اليتيم الذي لا يجد من يكفله فأمر بالرفق به وكفالته وإنقاذه من الهلاك، وقد وضع الفقهاء في الإسلام على اختلاف مذاهبهم بابًا سموه "باب اللقيط" ونقلوا أدلة مرغبة في العناية به بوصفه إنسانًا ليس له ذنب في الوضع الذي أصبح فيه أو في وضعه الاجتماعي.
ومع هذه الرعاية فقد حرم الله تعالى في القرآن الكريم نسبته إلى متبنيه أو ملتقطه أو من يقوم بكفالته وتربيته؛ قال تعالى: "وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله، فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم، وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورًا رحيمًا" آية 4، 5 من سورة الأحزاب.
وعلى ذلك يحرم إلحاق اللقيط أو الطفل المتبنى بإطلاق اسم من قام بتربيته عليه باعتباره ولدًا له لأنه ليس ابنًا على الحقيقة سواء كان اللقيط في الأصل مجهول النسب أو معلوم النسب، وذلك نزولاً على حكم النص القرآني، والطفل المتبنى بهذا(26/180)
الاعتبار لا يرث من قام بتربيته بعد الوفاة لأن الإرث يكون بسبب البنوة الصحيحة أي للطفل المولود على فراش زوجية صحيحة، ويترتب على كتابة الطفل المتبنى أو اللقيط، باسم من يربيه واعتباره ابنًا له محرمات كثيرة: منها أنه يرثه؛ وهو غريب لا يستحق من الميراث شيئًا، ويحرم القريب الذي يستحق الميراث، ويكبر المتبنى ويبلغ ويخلو من أم ليست أمًا له على الحقيقة ومع أخوة وأخوات ليسوا إخوة أو أخوات على الحقيقة فيخلو ببنات وهن لسن محرمات عليه في الحقيقة فيحدث ما لا تحمد عقباه، وكذلك البنت المتبناة إذا ألحق نسبها بمن يربيها فإنها تخلو معه وليس أبًا لها على الحقيقة وتجلس مع أولاده الذكور وليسوا أخوة لها على الحقيقة فيترتب على ذلك حرمات كثيرة، بالإضافة لتحريم الميراث على القريب وتحليله للغريب لأن أسباب الإرث ثلاثة: الزوجية، والقرابة، والعصوبة السببية؛ وبذلك يحل المتبنى ما حرم الله ويُحرم ما أحل الله بسبب هذا التبني الذي يلحق النسب بالمربي، وهو حرام قطعًا بنص القرآن.
والخلاصة أن الإسلام لا يمنع أن يتكفل الإنسان بالطفل إنفاقًا وتربية ووصية شرعية أو هبة منجزة في الحال، ويحرم إلحاق اللقيط أو الطفل المتبنى بإطلاق اسم من قام بتربيته عليه باعتباره ولدًا له.انتهى (نقلا عن مجلة صوت الأزهر)
وهناك مسألة هامة في هذا الصدد يجب التنبيه إليها وهي مسألة الخلوة التي من الممكن التغلب عليها بإرضاع المكفول من زوجة الكافل، وذلك لو كان في سن الرضاع، ومن ثم يصبح الكافل أبوه من الرضاع وزوجته أمه من الرضاع وكذلك الأولاد سيصبحون أخوة له. (المحرر)
والله أعلم
ــــــــــــــ
نسب الولد من الزنى ... العنوان
اقترف أحدهم الزنا بامرأة، ثم لما حملت منه تزوجها. فهل ينسب له هذا الولد الذي جاءه عن طريق الزنا؟ وهل يعتبر محرما لأخواته؟ وهل له حق الإرث من أبيه (خاصة وأن أباه قد تزوج بالأم بعد أن علم بحملها) لأني سمعت في التلفاز أحد المشايخ يقول بأن ابن الزنا لا يرث، ولا يكون محرما لأخواته، ولا ينسب لأبيه حتى وإن تزوج أبوه بأمه أثناء الحمل الناتج عن الزنا؟.
... السؤال
27/07/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،و الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
من زنى بامرأة جاز له الزواج منها ،يقول الشيخ عطية صقر من علماء الأزهر :
هذا ، وقد يحصل أن يزنى رجل بامرأة فتحمل منه ثم يتزوجها إما سترا عليها وتوبة إلى الله ، وإما لغرض آخر، وهنا يصح العقد عليها على رأى الشافعى وأبى حنيفة ويجوز له وطؤها ، لأن الحمل منه وليس فيه سقى زرع غيره بمائه . انتهى(26/181)
وفي نسبة ولد الزنى إلى أبيه يقول الدكتور صبري عبد الرؤوف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر:
إذا تزوج الرجل المرأة التي زنا بها وأتت بولد بعد ستة أشهر من الدخول الشرعي بها، فإن الولد ينسب إلى أبيه؛ لأنه أتى عن طريق مشروع، أما إذا أتت به المرأة قبل ستة أشهر من تاريخ الدخول بها، فإن الولد لا ينسب إلى الرجل وإنما ينسب إلى الأم فقط.
وإذا تأكدت المرأة أنها قد حملت من زنا من نفس الرجل الذي عقد عليها بعد الحمل، فإن هذا الولد ابن زنا ولا ينسب إلى أبيه، ولا توارث بينهما، إنما يرث أمه فقط.
أما بخصوص المحرمية فإن أولاد الرجل الذين أنجبهم من هذه المرأة يعتبرون إخوته لهذا الولد من الزنا من جهة الأم، ومن المقرر شرعًا أن ابن الزنا يرث أمه ولا يرث أباه، وليست له حقوق لدى الرجل. انتهى
ومن العلماء من يرى جواز أن ينسب الولدمن الزنى لأبيه إن أقر أنه ولده ،ولا يذكره أنه من الزنى .
والله أعلم
ــــــــــــــ
نسب الولد لأمه ... العنوان
ما حكم انتساب الرجل إلى أمه بدلاً من أبيه ؟
... السؤال
13/02/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
اهتم الإسلام بالابن من حيث التربية واختيار الزوجة وحسن اختيار الاسم ،والأوجب أن ينسب الولد إلى أبيه ؛لأن ثبوته إلى أمه لا يحتاج إلى دليل ،يقول الدكتور عبد الكريم زيدان:
الغالب في استعمال النسب أن ينسب الرجل إلى أبيه،ولهذا لما أبطل الله نظام التبني وأمرنابإرجاع نسب الأولاد بالتبني إلى أنسابهم الحقيقية ،قال تعالى:(ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله )[الأحزاب :5].قال القرطبي في هذه الآية :فأرشد تعالى بقوله هذا إلى أن الأولى والأعدل أن ينسب الرجل إلى أبيه .
وصرح الفقهاء بأن نسب الولد لأبيه مما يدل على أن الغالب في إطلاق نسب الإنسان ،جاء في "شرح منتهى الإيرادات "في فقه الحنابلة :"إذا شهدت امرأة مرضية بولادتها له ،لحقه نسب الولد.وتبعية نسب للأب إجماعًا لقوله تعالى :(ادعوهم لآبائهم)[الأحزاب :5].
ويقول ابن القيم :إن النسب في الأصل للأب ،ولكن هذا لايعني أنه غير منسوب لأمه أو لا ينسب إليها ؛لأن نسبه إليها ثابت قطعًا لأنفصاله منها،وإن المقصود أن الإنسان ينسب إلى أبيه عادة .
وإذا انقطع نسب الولد عن أبيه كما في اللعان،فإن نسب الولد يكون للأم فقط.(26/182)
ومما تقدم يعرف أن الإنسان يعرف بنسبه إلى أبيه ،وإذا أريد تعريفه ذكر نسبه إلى أبيه لا إلى أمه وإن كان نسبه ثابتًا من أمه .ويقول الدكتور عبد الستار سعيد فتح الله ،الأستاذ بجامعة الأزهر:يجب أن ينسب الولد إلىأبيه ؛لأن هذا الحكم عليه الناس من أول آدم ،وحتى عصرنا هذا ،وذلك لأن الأب هو المتكفل بالنفقة ،وهو الذي ينسب الولد إلىعائلته وقبيلته ،ولم يحدث أن نسب الولد لأمه إلا مع سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام ؛لأنه لا أب له،ولذلك لايجوز أن ينسب الولد إلى أمه إلا إذاكان مجهول النسب .انتهى
والخلاصة أن النظرة إلى نصوص القرآن الكريم ،من قوله تعالى:"ادعوهم لآبائهم"،ونصوص السنةالنبوية ،كقوله صلى الله عليه وسلم فيمارواه أبوداود بسنده :"إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم ،وأسماء آبائكم،فأحسنوا أسماءكم"،ومادرج عليه الناس من نسبةالولد إلى أبيه توجب النسبة للأب لا للأم ،ولاسيما أنه قد يترتب على ذلك من الضرر البالغ ،كضياع النسب إلىالأب،وفقدالميراث ،والمساعدة على انتشار الزنى ،وغير ذلك
والله أعلم
ــــــــــــــ
زواج الرجل من ابنته من الزنى ... العنوان
يدعي البعض أنه يجوز للرجل أن يتزوج ابنته من الزنى،فهل هذاصحيح؟
... السؤال
25/01/2001 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... جاء في فتاوى ابن تيمية بتصرف
مذهب الجمهور من العلماء أنه لا يجوز التزويج بها ، وهو الصواب المقطوع به ؛ حتى تنازع الجمهور ؛ هل يقتل من فعل ذلك ؟ على قولين .
والمنقول عن أحمد ؛ أنه يقتل من فعل ذلك فقد يقال ؛ هذا إذا لم يكن متأولاً .
وأما " المتأول " فلا يقتل ؛ وإن كان مخطئًا . وقد يقال ؛ هذا مطلقًا ، كما قاله الجمهور ؛ إنه يجلد من شرب النبيذ المختلف فيه متأولاً ؛ وإن كان مع ذلك لا يفسق عند الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين ، وفسقه مالك وأحمد في الرواية الأخرى .
والصحيح ؛ أن المتأول المعذور لا يفسق ؛ بل ولا يأثم . وأحمد لم يبلغه أن في هذه المسألة خلافًا ؛ فإن الخلاف فيها إنما ظهر في زمنه ، لم يظهر في زمن السلف ؛ فلهذا لم يعرفه .
والذين سوغوا " نكاح البنت من الزنى " حجتهم في ذلك أن قالوا ؛ ليست هذه بنتًا في الشرع ؛ بدليل أنهما لا يتوارثان ؛ ولا يجب نفقتها ؛ ولا يلي نكاحها ، ولا تعتق عليه بالملك ، ونحو ذلك من أحكام النسب ، وإذا لم تكن بنتًا في الشرع لم تدخل في آية التحريم ، فتبقى داخلة في قوله ؛ { وأحل لكم ما وراء ذلكم } .(26/183)
وأما حجة الجمهور فهو أن يقال ؛ قول الله تعالى ؛ { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم } الآية هو متناول لكل من شمله هذا اللفظ ، سواء كان حقيقة أو مجازًا ؛ وسواء ثبت في حقه التوارث وغيره من الأحكام ؛ أم لم يثبت إلا التحريم خاصة ، ليس العموم في آية التحريم كالعموم في آية الفرائض ونحوها ؛ كقوله تعالى ؛ { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } وبيان ذلك من ثلاثة أوجه ؛ " أحدها " أن آية التحريم تتناول البنت وبنت الابن وبنت البنت ؛ كما يتناول لفظ " العمة " عمة الأب ؛ والأم ، والجد . وكذلك بنت الأخت ، وبنت ابن الأخت . وبنت بنت الأخت . ومثل هذا العموم لا يثبت ، لا في آية الفرائض ، ولا نحوها من الآيات ، والنصوص التي علق فيها الأحكام بالأنساب .
" الثاني " إن تحريم النكاح يثبت بمجرد الرضاعة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ؛ { يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة } " وفي لفظ { ما يحرم من النسب } " وهذا حديث متفق على صحته ، وعمل الأئمة به ؛ فقد حرم الله على المرأة أن تتزوج بطفل غذته من لبنها ، أو أن تنكح أولاده ، وحرم على أمهاتها وعماتها وخالتها ؛ بل حرم على الطفلة المرتضعة من امرأة أن تتزوج بالفحل صاحب اللبن ، وهو الذي وطئ المرأة حتى در اللبن بوطئه . فإذا كان يحرم على الرجل أن ينكح بنته من الرضاع ، ولا يثبت في حقها شيء من أحكام النسب - سوى التحريم وما يتبعها من الحرمة - فكيف يباح له نكاح بنت خلقت من مائه ؟ ! وأين المخلوقة من مائه من المتغذية بلبن در بوطئه ؟ ! فهذا يبين التحريم من جهة عموم الخطاب ، ومن جهة التنبيه والفحوى ، وقياس الأولى .
" الثالث " إن الله تعالى قال ؛ { وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم } قال العلماء ؛ احتراز عن ابنه الذي تبناه ، كما قال ؛ { لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرًا } ومعلوم أنهم في الجاهلية كانوا يستلحقون ولد الزنى أعظم مما يستلحقون ولد المتبني ، فإذا كان الله تعالى قيد ذلك بقوله ؛ { من أصلابكم } علم أن لفظ " البنات " ونحوها يشمل كل من كان في لغتهم داخلاً في الاسم .
وأما قول القائل ؛ إنه لا يثبت في حقها الميراث ، ونحوه . فجوابه أن النسب تتبعض أحكامه ، فقد ثبت بعض أحكام النسب دون بعض ، كما وافق أكثر المنازعين في ولد الملاعنة على أنه يحرم على الملاعن ولا يرثه . انتهى
والخلاصة أنه لايجوز أن يتزوج الرجل من ابنته من الزنى،والقول المخالف فيه ضعف ظاهر،فرأي الجمهور أقوى حجة ،وأقرب إلى روح الشريعة .
والله أعلم
ــــــــــــــ
ثبوت البنوة من الزواج العرفي ... العنوان
تم زواج عرفي مستوف للشروط،من الإيجاب والقبول،والشاهدين ،والمهر،وأنجبت الزوجة ،فهل يحق لها ثبوت ولدهالأبيه ،أم لا؟
... السؤال
13/01/2001 ... التاريخ(26/184)
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاةوالسلام على رسول الله،وبعد
إن الزواج العرفى وهو الذى لم يوثق على يد الموظف العمومى المختص بإصدار عقود الزواج هو زواج صحيح شرعًا طبقًا لأحكام الشريعة الإسلامية متى استوفى أركانه وشروطه المنصوص عليها فقهًا، وأهمها أن يتم بإيجاب وقبول من طرفيه ،وأن يحضره شاهدان ،وأن يكون الزوجان خاليين من الموانع الشرعية ،ويثبت به نسب الطفل ولو لم يوثق رسميًا على يد الموظف العمومى المختص متى ولد لستة أشهر فأكثر من تاريخ العقد العرفى، أما إذا ولد لأقل من هذه المدة فلا يثبت نسب هذا الطفل من هذا الزوج لولادته لأقل من مدة الحمل المقررة شرعًا إلا إذا أقر الزوج ببنوته له ،فيثبت نسبه منه بشرط ألا يقول إنه من الزنى ،وأن يكون هذا الولد غير منسوب لرجل آخر .
والله تعالى أعلم
انتهى
ويمكن معرفة الأب الحقيقي من خلال الطب الشرعي ،فهو يمكن أن يثبت بنوة الابن لأبيه إن كان منه، كماتجدر الإشارة أن هناك فرقًا بين الزواج السري الذي لا تستوفى فيه الشروط،وبين الزواج العرفي المستوفي للشروط الشرعية،فالزواج السري نوع من الزنى ،وينبه على أنه يجب طاعة ولي الأمر في توثيق العقد،ومن لم يوثق فهو آثم عند الله تعالى،لأن في عدم التوثيق ضياعًا لحقوق النساء،والله أعلم
المحرر
ــــــــــــــ
المنتسب لغير أبيه ... العنوان
ما حكم أن يغيّر الإنسان نسبه ليحصل على جنسية دولة فيها مزايا مادية ؟ ... السؤال
11/10/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله ؛ والصلاة والسلام على رسول الله
لا يحل لإنسان أن ينتسب إلى غير أبيه ، لأنه يترتب عليه الكذب ، ويترتب عليه الميراث ، ويترتب عليه المحرمية ، ويترتب عليه كل ما يترتب على النسب ، ولهذا جاءت النصوص بالوعيد على من انتسب إلى غير أبيه ، "( كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ انْتَسَبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ .. فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ . " رواه ابن ماجه 2599 وهو في صحيح الجامع 6104 ، وهذا العمل أيضاً من كبائر الذنوب بل يجمع بين كبيرتين ، وهما الكذب لأكل المال بالباطل والانتساب إلى غير أبيه .
والواجب على الإنسان أن يعود إلى الحق في هذه المسألة ، وأن يمزق الجنسية غير الحقيقية ويعود إلى أوراقه الأصلية المثبوت فيها نسبه الحقيقي ، هذا الواجب عليه ، وإني لأعجب أن يُقدم الإنسان على هذا العمل المحرم من أجل طمع الدنيا ، وقد قال(26/185)
تعالى : ( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلها مذموماً مدحوراً ) فعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله وعفا الله عما سلف ، وما أخذه بهذه الجنسية من الأموال ، فإن الله تعالى يقول : ( فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ) يقول هذا في آكل الربا ، وما دونه من باب أولى . والله أعلم
ــــــــــــــ
نسبة المرأة لزوجها ... العنوان
هل يجوز أن تُسمى المرأة بلقب زوجها؛ حيث إن هذا هو المعتاد في بلادنا؟ ... السؤال
13/06/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
نسبة المرأة إلى زوجها دون نسبتها إلى والدها نوع من أنواع الادعاء، والله تعالى يقول: "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله" فالزوجة ينبغي أن يقال عنها:فلانة بنت فلان بالإضافة إلى والدها الذي أنجبها ، أما نسبتها إلى زوجها تقليدًا للأجانب فهذا ادعاء باطل ومحرم شرعًا. والحل في هذا الموضوع أنه ينبغي على المسلم أن يكون له شخصيته وقيمه التي يلتزم بها في كل مكان، ولا بد أن تذكر في بعض الأوراق الرسمية أنها فلانة منسوبة إلى زوجها؛ فإن هذا يكون في حدود الضرورة؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات. أما في غير ذلك من المعاملات أو مناداتها باسمها فيجب أن تكون مضافة إلى والدها الذي أنجبها
والله أعلم
ــــــــــــــ
ادعاء النسب ... العنوان
تزوّجت أمّى بعد وفاة أبي بحوالي 6 سنوات وكان عمري آنذاك 10 سنوات .فتبنّاني زوج أمّي أنا وأخي وأصبحنا نحمل اسمه على وثائق الحالة المدنيّة كأنّه أبانا الشّرعي . .مشكلتي هي كلّما تعرّضت إلى حديث الرّسول عليه الصلاة والسّلام فيمن ينتسب إلى غير أبيه أشعر كأنّي قد اقترفت جرما عظيما أفتوني رحمكم اللّه ماذا علّيّ فعله؟ علماأنّ استرجاع لقبي الحقيقي قد يتطلّب محاكم ووقتا كثيرا ؟
... السؤال
05/06/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
لا يجوز شرعا إضافة الأطفال إضافة نسب يسمى فيها الولد باسم من تبناه وينسب إليه ؛ ولكن نسبة الولد تكون إلى أبيه وإلى قبيلته ، لما في ذلك من الكذب والزور واختلاط الأنساب والخطورة على الأعراض ، وتغيير مجرى المواريث بحرمان(26/186)
مستحق وإعطاء غير مستحق وإحلال الحرام وتحريم الحلال في الخلوة والنكاح وما إلى هذا من انتهاك الحرمات وتجاوز حدود الشريعة ، لذاك حرم الله نسبة الولد إلى غير أبيه أو غير مواليه قال الله تعالى : " وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ، أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما " .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام " . رواه احمد والبخاري ومسلم . وقال صلى الله عليه وسلم : من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة " ، وعليه فينبغى استرجاع النسب الحقيقى لكما ولو أخذهذا العمر كله . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وسلم .
اللجنة الدائمة
فتاوى إسلامية 3/12-13
ــــــــــــــ
نكاح الحامل من الزنى ... العنوان
أود أن أسأل فضيلتكم عن حكم الشرع والأراء المتعددة في زواج الرجل من الحبلى من زنى منه؟ وما الحكم من الناحية القضائية والديانية في استلحاق الولد؟
... السؤال
09/03/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
يحل بالاتفاق للزاني أن يتزوج بالزانية التي زنى بها، فإن جاءت بولد بعد مضي ستة أشهر من وقت العقد عليها، ثبت نسبه منه، وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت العقد لا يثبت نسبه منه، إلا إذا قال: إن الولد منه، ولم يصرح بأنه من الزنا.
إن هذا الإقرار بالولد يثبت به نسبه منه لاحتمال عقد سابق أو دخول بشبهة،حملاً لحال المسلم على الصلاح وسترًا على الأعراض.
أما زواج غير الزاني بالمزني بها، فقال قوم كالحسن البصري: إن الزنا يفسخ النكاح. وقال الجمهور: يجوز الزواج بالمزني بها. ومنشأ الخلاف آية: (والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك، وحرم ذلك على المؤمنين) [النور24/3] الفريق الأول يأخذ بظاهر الآية، والكلام خرج مخرج التحريم. والفريق الثاني (الجمهور) حملوا الآية على الذم، لا على التحريم، لما أخرجه ابن ماجه عن ابن عمر والبيهقي عن عائشة: "لا يحرم الحرام الحلال".
ثم اختلف الجمهور في التفصيل، فقال الحنفية: إذا كانت المزني بها غير حامل، صح العقد عليها من غير الزاني، وكذلك إن كانت حاملاً يجوز الزواج بها عند أبي حنيفة ومحمد، ولكن لا يطؤها ، أي لا يدخل بها حتى تضع الحمل، للأدلة الآتية:(26/187)
أولاً: لم تذكر المزني بها في المحرمات، فتكون مباحة، ، لقوله تعالى: (وأحل لكم ما وراء ذلكم) [النساء 4/24].
ثانيًا: لا حرمة لماء الزنا، بدليل أنه لا يثبت به النسب، للحديث السابق: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر"، وإذا لم يكن للزنا حرمة، فلا يكون مانعًا من جواز النكاح.
وإنما امتنع الدخول بالحامل من الزنا حتى تضع الحمل، فلقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يسقين ماءه زرع غيره" يعني وطء الحوامل من غيره.
وقال أبو يوسف وزفر: لا يجوز العقد على الحامل من الزنا؛ لأن هذا الحمل يمنع الوطء، فيمنع العقد أيضًا، كما يمنع الحمل الثابت النسب، أي كما لا يصح العقد على الحامل من غير الزنا، لا يصح العقد على الحامل من الزنا.
وقال المالكية: لا يجوز العقد على الزانية قبل استبرائها من الزنا بحيضات ثلاث أو بمضي ثلاثة أشهر، فإن عقد عليها قبل الاستبراء، كان العقد فاسدًا، ووجب فسخه، سواء ظهر بها حمل أم لا ، أما الأول (ظهور الحمل) فللحديث السابق: "فلا يسقين ماء زرع غيره" وأما الثاني فللخوف من اختلاط الأنساب.
وقال الشافعية: إن زنى بامرأة، لم يحرم عليه نكاحها، لقوله تعالى: (وأحل لكم ما وراء ذلكم) [النساء 4/24] ولحديث عائشة السابق: "لا يحرم الحرام الحلال".
وقال الحنابلة: إذا زنت المرأة، لم يحل لمن يعلم ذلك نكاحها إلا بشرطين:
أحدهما: انقضاء عدتها، فإن حملت من الزنا، فقضاء عدتها بوضعه، ولا يحل نكاحها قبل وضعه، للحديث السابق: "فلا يسقين ماءه زرع غيره" والحديث الصحيح: "لا توطأ حامل حتى تضع" وهذا رأي مالك.
والثاني: أن تتوب من الزنا، للآية السابقة: (وحرم ذلك على المؤمنين) [النور 24/3] وهي قبل التوبة في حكم الزنا، فإذا تابت زال التحريم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له". ولم يشترط باقي الأئمة هذا الشرط
ــــــــــــــ
لمن ينسب الطفل الذي ولد نتيجة زواج عرفي ... العنوان
ماحكم الابن الذي جاء نتاج زواج عرفي تم دون ولي وشهود< ... السؤال
... ... الحل ...
...
... يفتقر الزواج العرفي إلى الشرط القانوني الذي أخذت به قوانين البلاد الإسلامية جميعها التي صدرت في هذا القرن وهو شرط توثيق عقد الزواج . والخلاف بين هذه القوانين في الجزاء المترتب على مخالفة شرط التوثيق إذ أخذت بعض البلاد بالجزاء العقابي (الباكستان مثلا) على حين أخذت بعض البلاد بالجزاء الإجرائي الذي يمنع المحكمة من سماع دعوى الزوجية إذا لم يتم توثيق عقد الزواج (مصر والبلاد المتأثرة بها) .
غير أن هذه القوانين تستند إلى مقررات الفقه الإسلامي والأحكام الشرعية في الاعتراف بهذا الزواج إذا توافرت له أركانه وشروطه.(26/188)
ومن شروط صحة الزواج عند جمهور الفقهاء وجود الولي وشاهدي عدل. ولهذا يرى فقهاء الشافعية والحنابلة والمالكية أن الزواج الذي لا يعقده الولي زواج غير صحيح لا تترتب عليه أثاره الشرعية ، ومنها حل المعاشرة وثبوت النسب .
ولكن فقهاء الأحناف لا يرون ذلك ويصححون الزواج إذا عقدته المرأة لنفسها دون ولي.
أما وجود الشهود فهو شرط لكي يكون الزواج صحيحا وتترتب أثاره الشرعية عليه. ولذلك فإنه إذا عقد الزواج دون شهود لم يكن زواجا صحيحا ولا تترتب الأثار الشرعية عليه.
ومن هذا كله يتضح أن الزواج العرفي الذي يتم دون شهود زواج غير صحيح لا يترتب عليه حل عشرة ولا يكون فراشا لثبوت النسب فالولد الذي ينتج من هذا الزواج ينسب إلى أمه ولا ينسب إلى أبيه لعدم وجود الفراش الصحيح المثبت للنسب من الوالد. وبالله التوفيق
ــــــــــــــــــــــــــــ
هل يكفي التشابه بين الأبناء والاباء لإثبات النسب ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل هناك علاقة بين تشابه الأبناء والآباء من ناحية الوراثة ,وهل هذا التشابه يؤخذ به فى عملية النسب خاصة بعد التقدم العلمى الكبير فى مجال الهندسة الوراثية
... السؤال
الدكتور أحمد محمد كنعان ... المفتي
... ... الحل ...
...
... إن الجنين يتكون من إلتقاء نطفة الأب ببويضة الأم ، أي إنه يأخذ نصف صفاته الوراثية من أبيه و نصفها الآخر من أمه ، إذاً ؛ هناك علاقة أكيدة بين صفات الجنين و صفات أبويه إلا أن الولد عادة لا يكون صورة طبق الأصل عن أبيه وأمه بل يختلف عنهما غالباً في بعض الصفات و السبب في هذا ما يحصل من تبدل في مواقع بعض المورثات على الصبغيات عند التقاء النطفة بالبويضة ، و لا شك بأن التشابه الظاهري الذي يكون بين الولد و أبيه أو أمه يعتبر من القرائن التي تدل على نسبه إليهما و هذا ما يعرف بعلم القيافة أي معرفة النسب من خلال النظر في الصفات الظاهرة لكل من الولد و أبويه ، ولكن القيافة لا تفيد العلم اليقيني بالنسب بل تبقى علماً ظنياً و لا شك بأن التقدم العلمي المعاصر في علم الهندسة الوراثية قد قدم دلائل علمية أكثر يقينية من خلال ما يعرف بالبصمة الوراثية التي تدل دلالة يقينية أو هي أقرب إلى اليقين في تحديد نسب الولد لوالديه ، ولهذا نرى عدم الإكتفاء بالقيافة في هذا العصر و الإعتماد بدل من ذلك على البصمة الوراثية في تحديد النسب ، والله أعلم .
ــــــــــــــ
حكم أن تسمى المرأة بلقب زوجها ... العنوان(26/189)
هل يجوز أن تُسمى المرأة بلقب زوجها؛ حيث إن هذا هو المعتاد في بلادنا؟ مع الشكر ... السؤال
... ... الحل ...
...
... نسبة المرأة إلى زوجها دون نسبتها إلى والدها نوع من أنواع الادعاء، والله تعالى يقول: "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله" فالزوجة ينبغي أن يقال عنها:فلانة بنت فلان بالإضافة إلى والدها الذي أنجبها ، أما نسبتها إلى زوجها تقليدًا للأجانب فهذا ادعاء باطل ومحرم شرعًا. والحل في هذا الموضوع أنه ينبغي على المسلم أن يكون له شخصيته وقيمه التي يلتزم بها في كل مكان، ولا بد أن تذكر في بعض الأوراق الرسمية أنها فلانة منسوبة إلى زوجها؛ فإن هذا يكون في حدود الضرورة؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات. أما في غير ذلك من المعاملات أو مناداتها باسمها فيجب أن تكون مضافة إلى والدها الذي أنجبها.
ــــــــــــــ
النسب والتوارث في نكاح المتعة ... العنوان
: هل نِكاح المُتعة يثبُتْ به النَّسب للمولود، وهل فيه توارث، وهل يحتاج إلى طلاق؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... زواج المُتْعَة هو زواج مُؤقت لمُدة مُعينة، وقد أُبيح في أيام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقتًا ما لحاجة الغزاة إليه ثم حُرِّم بعد ذلك ـ ولم يخالف في تحريمه إلا بعض الشيعة، مُدَّعين أن حِلَّه لم ينسخ بالتحريم، وتوضيح ذلك موجود في الجزء الأول من موسوعة "الأسرة تحت رعاية الإسلام".
وأكثر المسلمين على حُرمة هذا الزواج ورأى ابن مسعود وابن عباس أن الحُرْمَة مَشْروطة بعدم الاضطرار، فذلك كأكل المَيْتة يُباح للمُضطر فقط، ولكن أدلتهم في ذلك غير سليمة، وجاء في كتاب النهاية، والفتاوى لأبي جعفر محمد بن الحسن أبي علي الطوسي المُتوفى سنة 460هـ وهو من كُتَّاب الشيعة، ونُشِرَ بكتابه في طهران سنة 1342هـ ما يأتي:
"وليْس في نِكاح المُتْعَة تَوَارث، شرط نَفي الميراث أولم يشترط، اللهم إلا إن شُرِطَ أن بينهما التوارث، فإن شرط ذلك ثبتت بينهما الموارثة..ويجوز للرجل العَزْل ـ لمنع الحمل ـ وإن لم يكن شرط، ومتى جاءت بولد كان لاحقًا به ، سواء عَزَلَ أو لم يَعْزِل.
وجاء في هذا الكتاب أيضًا: وعِدة المُتَمتعة إذا انقضى أجلها أو وهب لها زوجها أيامها حيضتان أو خمسة وأربعون يومًا إذا كانت لا تحيض وفي سِنها من تحيض "من ص 497ـ 502).
كما جاء في "ص 182" من كتاب المُخْتَصر النافع لأبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي المُتوفى سنة 676هـ والذي طبعته وزارة الأوقاف المصرية سنة 1376هـ عند الحديث عن أحكام النِّكاح المُنْقَطِع "نكاح المتعة" ما يلي:(26/190)
يجوز العَزل من دون إذنها، ويلحق الولد، وإن عزل، ولكن لو نفاه لم يحتج إلى اللِّعان ولا يقع بالمُتعة طلاق إجماعًا ولا لِعَان عَلَى الأظهر، ولا يثبُتْ بالْمُتْعَة ميراث بين زوجين.
وقال المُرْتَضي: يثبت ما لم يشترط، السقوط نعم لو شرط الميراث لزم، وإذا انقضى أجلها فالعدة حيضتان على الأشهر، وإن كانت ممن تحيض ولم تحض فخمسة وأربعون يومًا.
وزواج المُتعة يترفع عنه كبار القوم الذين يرون حِله، ولا يرغبون بديلاً عن الزواج الدائم؛ لأنه الجدير بقيام الأسرة المُسْتَقِرة، ولا عِبْرَة بما يقال من أن الأطفال يوضعون تحت رعاية المسئولين، فإن الأسرة المُسْتَقرة لا يُنْكَرُ أثرها في تنشئة الجيل الصالح.
ــــــــــــــ
النسب والورث لأبن الزنا ... العنوان
اقترف أحدهم الزنا بامرأة، ثم لما حملت منه تزوجها. فهل ينسب له هذا الولد الذي جاءه عن طريق الزنا؟ وهل يعتبر محرما لأخواته؟ وهل له حق الإرث من أبيه (خاصة وأن أباه قد تزوج بالأم بعد أن علم بحملها) لأني سمعت في التلفاز أحد المشايخ يقول بأن ابن الزنا لا يرث، ولا يكون محرما لأخواته، ولا ينسب لأبيه حتى وإن تزوج أبوه بأمه أثناء الحمل الناتج عن الزنا؟.
... السؤال
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
إذا تزوج الرجل المرأة التي زنا بها وأتت بولد بعد ستة أشهر من الدخول الشرعي بها، فإن الولد ينسب إلى أبيه؛ لأنه أتى عن طريق مشروع، أما إذا أتت به المرأة قبل ستة أشهر من تاريخ الدخول بها، فإن الولد لا ينسب إلى الرجل وإنما ينسب إلى الأم فقط.
وإذا تأكدت المرأة أنها قد حملت من زنا من نفس الرجل الذي عقد عليها بعد الحمل، فإن هذا الولد ابن زنا ولا ينسب إلى أبيه، ولا توارث بينهما، إنما يرث أمه فقط.
أما بخصوص المحرمية فإن أولاد الرجل الذين أنجبهم من هذه المرأة يعتبرون إخوته لهذا الولد من الزنا من جهة الأم، ومن المقرر شرعًا أن ابن الزنا يرث أمه ولا يرث أباه، وليست له حقوق لدى الرجل، والله أعلم.
ــــــــــــــ
زواج مجهول النسب من معروفة النسب ... العنوان
هل يجوز لمجهول الأبوين الزواج من معروفة النسب، رغم أنه ليس كفئا لها؟
... السؤال
ا.د رفعت فوزي ... المفتي
... ... الحل ...
...(26/191)
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يجوز لمجهول الأبوين الزواج من فتاة معروفة النسب، والكفاءة هي حق للفتاة وأهلها، ولهم أن يتمسكوا بهذا الحق، فلا يزوجوا مثل هذا ابنتهم، ولهم أن يتنازلوا عن هذا الحق وأن يزوجوه ابنتهم على سنة الله وسنة رسوله، ولكن يشترط أيضًا أن يكون على خلق ودين كما قال صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير". والله تعالى أعلم.
ــــــــــــــ
الزواج بمن زنا بها ... العنوان
فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله و بركاته، لدي مشكلة عويصة، وأرجو منك فتوى بخصوصها.
أنا شاب وقعت قي الزنا مع فرنسية والآن هي حامل، وأردت الزواج منها، لكن والديَّ رفضا ذلك، وأسئلتي هي:
1-هل يجب الانتظار حتى تلد؟
2-هل قبول الوالدين شرط لصحة الزواج؟
3- قيل لي بأن العقد المدني شرط لصحة الزواج، وأن العقد الشرعي وحده لا يكفي؛ لأنه غير معترف به في فرنسا، وبالتالي لا يضمن حقوق الزوجين، خاصة الزوجة، فما صحة ذلك.
... السؤال
الشيخ عبد الخالق الشريف ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إن جريمة الزنا من أشنع الجرائم الأخلاقية التي يتردى فيها الشباب؛ ولذلك يخشى على الإسلام من التهلكة في هذا الباب.
وموافقة والديه ليست شرطا في الزواج، والأولى به أن يسارع إلى هذا الزواج؛ حفاظا على هذا النسب وأن يتنسب إليه.
والعقد الشرعي يرفع الإثم أو الحرج بين يدي الله سبحانه وتعالى، وأما العقد المدني فهو لإثبات الحقوق؛ لأنه يخشى من هذه المرأة ألا ترضى بنسبة الطفل إليه، خاصة أن من يفعل منهن كذلك فليست حافظة لا لدين ولا لمال.
كما يخشى على مثل هذا المولود أن أمه هي التي سوف تتصرف في تربيته، ولا ندري على أي دين سوف تنشئ هذا المولود، وكثير من الحالات التي عرفناها تلفظ هذا الرجل أو تطلق نفسها منه أو عن طريق المحكمة تطلق، وبالتالي يصبح الأب مسلما والولد كافرا وهذا من الجرائم الشنيعة التي تتم نتيجة الذهاب إلى مثل هذه البلدان والانفلات في هذا المجتمع بأخلاقياته الباطلة. وندعو الله أن يهدي أبناءنا جميعا، ويبعد عن هذه الفاحشة.
والله أعلم.
ــــــــــــــ(26/192)
إرضاع المتبنى ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، من المعروف شرعًا أن التبني حرام، ومن أحد أسباب التحريم أن الابن المُتبنَّى سيكون -عند بلوغه- من المحرم شرعا وجوده مع أمه بالتبني، وهذا في حالة تبنى الولد المذكر.
ولكن قرأت مؤخرا أنه يمكن بطرق صناعية استدرار اللبن من ثدي المرأة حتى لو لم تحمل، وبذلك يمكن أن ترضع الأم الولد المتبنَّى فيصبح ابنها شرعًا بالإرضاع، كما نعرف من الدين؛ فما حكم الدين؟
هل هذا حلال أم يعد تحايلا فيصبح حراما؟
وما حكم التوريث إن كان حلالا؟
أفتونا، جزاكم الله خيرا؛ لأن هذا من الممكن أن يحل مشكلة كبيرة.
... السؤال
الشيخ جعفر أحمد الطلحاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أما ما ورد في سؤالك من كون التبني حرامًا فذلك صحيح على معنى أن ينسب الرجل الطفل إليه فيحمل نسبه اسمًا ولقبًا، وذلك منهي عنه شرعًا لقوله تعالى: "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله، فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم.." الآية.
ولا يمنع هذا من التعهد والتربية والكفالة لهذا الطفل؛ حتى يبلغ أشده ورشده، ويستقل بخدمة نفسه، ويشق طريقه في الحياة راشدا. فذلك من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها العبد إلى الله عند الاحتساب.
وما ورد في سؤالك من كون الابن المتبنَّى وجوده في البيت يُوجِد حرجًا بالنسبة لزوجة المربي؛ لكونه ليس محرما، فهو صحيح، وتشتد الحرمة عند البلوغ؛ لأنه يكون بذلك قد ظهر على عورات النساء.
وليس الأمر قاصرا على الابن المتبنى الذكر فحسب، وإنما يتجاوزه إلى البنت كذلك إذا بلغت، فوجودها في البيت بعد بلوغ الرشد، وليست بمحرم للمربي، فيه من الحرمة ما يترتب عليه من مفاسد كثيرة؛ فليس لها أن تبدي زينتها لمن رباها.
أما بالنسبة للإرضاع الذي تترتب عليه الحرمة؛ فهو مرهون بأمرين: السن بالنسبة للطفل، والأمر الثاني لعدد مرات الإرضاع.
أما السن ففي الحديث: "ما أنبت اللحم وأنشذ العظم.." الحديث. وذلك لا يكون إلا في العامين الأولين من سني حياة الطفل أو الطفلة.
وبالنسبة للعدد فلابد أن يبلغ 5 رضعات متفرقات مشبعات، فإذا وقعت رضاعة بعد العامين الأولين، أو وقعت خلال العامين الأولين ولم تبلغ العدد المذكور؛ فلا يؤثر في التحريم؛ إذ لا تحرم الماصة ولا المصتان، كما ورد في الحديث.
أما ما ورد من كون أن الرضاعة تؤدي إلى التوريث؛ فسواء كانت في العامين الأولين أو بعدهما، فليست الرضاعة من أسباب الميراث؛ إذ الابن -وكذا البنت-(26/193)
وكل من كان السبب في صلته الرضاعة، لا حظَّ له في الميراث؛ لا بالفرض، ولا بالتعصيب، ولا بالرحم.
وقد قلنا: إن الرضاعة التي تؤثر ويترتب عليها التحريم أن يكون الطفل في العامين الأولين من سني حياته، وأن تبلغ عدد مرات الرضاعة خمس مرات متفرقات.
ولعل مما يرد إلى الذهن مما يعترض به على هذا، ويأخذه البعض دليلا يتكئ عليه؛ فيجيز لهذه المرأة هذا الصنيع- ما ورد من رضاعة "سالم" مولى "أبي حذيفة"، ولم يكن في العامين الأولين؛ فلعلها واقعة عين، ومن المعلوم أصوليا أن واقعة العين لا تأخذ حكم التعميم.
وللقارئ الكريم أن يرجع إلى فتوى مفصلة في هذا الموضوع للشيخ القرضاوي على موقع "إسلام أون لاين.نت" عنوانها: "لبن الفحل" بالنسبة لعملية إدرار اللبن من الثديين؛ سواء كان طبيعيا وبدون تدخل الآلات الحديثة، أو باستخدام أدوية تؤدي إلى الإدرار، وما دام لبنا طبيعيا فهي من المباحات، ولا يترتب عليها حكم شرعي، والاعتبار لسن الطفل الذي يتم إرضاعه، وعدد مرات الإرضاع في المقام الأول، والله أعلم
ــــــــــــــ
معنى القيافة ... العنوان
قرأت في مؤلفاتكم عن إثبات النسب بالقيافة، فما معنى القيافة؟ وما مدي قدرتها على إثبات النسب؟ وهل الفحوصات الطبية قادرة على إثبات النسب؟
... السؤال
أ.د أنور يوسف دبور ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
معنى إثبات النسب بطريق القيافة، أي إثبات النسب بطريق الشبه، فيقوم شخص عنده معرفة بالنسب برؤية الطفل ورؤية من يراد الانتساب إليه، فيحكم بناءً على معرفته بأن هذا الطفل من ذاك الرجل أو لا.
وقد عرفت القيافة في زمن الرسول (صلى الله عليه وسلم)؛ حيث إن المشركين شكوا وطعنوا في نسبة أسامة من زيد؛ وذلك لأن زيدًا كان شديد البياض وأسامة كان شديد السواد، فدعا النبي (صلى الله عليه وسلم) القائف وهو الشخص القادر على معرفة النسب بطريق الشبه، وهو مجزز المدلجي، ثم غطى كل جسدي زيد وأسامة ولم يظهر منهما إلا قدماهما، فلما رآهما القائف قال بأن هذه الأقدام وهي أقدام أسامة من تلك، أي من أقدام زيد، وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام السيدة عائشة بما قاله هذا القائف، وهو مسرور جدًا بما سمع؛ فدل هذا الحديث على أنه يجوز إثبات النسب بطريق القيافة، أي بطريق الشبه.
الفحوصات الطبية التي تبنى على الفصائل أي فصائل الدم، لا تثبت النسب، ولكن يمكن الاستفادة بها في نفي النسب، فيقول علماء الطب إنه إذا كان الزوجان من فصيلة (أ) فمن المستحيل أن يأتي الابن من فصيلة (ب).(26/194)
والله أعلم.
ــــــــــــــ
اثبات النسب ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، أنا رجل قد أثبتت الفحوصات الطبية أنني لا أنجب ثم بعد ذلك حملت امرأتي، وأنا الآن محتار، هل ينسب هذا الولد لي، مع أن الطب أثبت أنني لا أنجب، أم أتهم امرأتي بالزنا وأنفي نسب الطفل؟
... السؤال
أ.د أنور يوسف دبور ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لا شك أن فراش الزوجية ما دام قائمًا، فإن المولود ينسب إلى أبيه، وبناءً على ذلك فإن الولد ينسب إلى السائل بلا خلاف، وإذا كان هذا الأمر مستبعدًا من الناحية الطبية فهناك أمور كثيرة استبعدت طبيا ولكن جاءت الأقدار على خلافها، ولا يصح اتهام المرأة بالزنا في هذه الحالة فيعتبر اتهامها بالزنا نوعا من القذف المعاقب عليه شرعًا.
والله أعلم.
ــــــــــــــ(26/195)
دائرة معارف الأسرة المسلمة - أحكام النظر والاختلاط(27/1)
اخْتِلاَطُ الرِّجَال بِالنِّسَاءِ :
4 - يَخْتَلِفُ حُكْمُ اخْتِلاَطِ الرِّجَال بِالنِّسَاءِ بِحَسَبِ مُوَافَقَتِهِ لِقَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ أَوْ عَدَمِ مُوَافَقَتِهِ ، فَيَحْرُمُ .
الاِخْتِلاَطُ إِذَا كَانَ فِيهِ :
أ - الْخَلْوَةُ بِالأَْجْنَبِيَّةِ ، وَالنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ إِلَيْهَا .
ب - تَبَذُّل الْمَرْأَةِ وَعَدَمُ احْتِشَامِهَا .
ج - عَبَثٌ وَلَهْوٌ وَمُلاَمَسَةٌ لَلأَْبْدَانِ كَالاِخْتِلاَطِ فِي الأَْفْرَاحِ وَالْمَوَالِدِ وَالأَْعْيَادِ ، فَالاِخْتِلاَطُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مِثْل هَذِهِ الأُْمُورِ حَرَامٌ ، لِمُخَالَفَتِهِ لِقَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ .
قَال تَعَالَى : { قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ } . . . { وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ } .
وَقَال تَعَالَى عَنِ النِّسَاءِ : { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } وَقَال : { إِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } (1) . وَيَقُول النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ (2) وَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَِسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلاَّ هَذَا وَهَذَا وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ (3) .
كَذَلِكَ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ لَمْسِ الأَْجْنَبِيَّةِ ، إِلاَّ إِذَا كَانَتْ عَجُوزًا لاَ تُشْتَهَى فَلاَ بَأْسَ بِالْمُصَافَحَةِ . وَيَقُول ابْنُ فَرْحُونَ : فِي الأَْعْرَاسِ الَّتِي يَمْتَزِجُ فِيهَا الرِّجَال وَالنِّسَاءُ ، لاَ تُقْبَل شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إِذَا كَانَ فِيهِ مَا حَرَّمَهُ الشَّارِعُ ؛ لأَِنَّ بِحُضُورِهِنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ تَسْقُطُ عَدَالَتُهُنَّ .
وَيُسْتَثْنَى مِنَ الاِخْتِلاَطِ الْمُحَرَّمِ مَا يَقُومُ بِهِ الطَّبِيبُ مِنْ نَظَرٍ وَلَمْسٍ ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ ، وَالضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ .
--------
(1) سورة النور / 30 ،31 ، وسورة الأحزاب / 53
(2) حديث : " لا يخلون . . . " أخرجه الترمذي ( تحفة الأحوزي 6 / 384 )
(3) حديث : " يا أسماء " أخرجه أبو داود ( عون المعبود 4 / 106 )(27/2)
5 - وَيَجُوزُ الاِخْتِلاَطُ إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ حَاجَةٌ مَشْرُوعَةٌ مَعَ مُرَاعَاةِ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ وَلِذَلِكَ جَازَ خُرُوجُ الْمَرْأَةِ لِصَلاَةِ الْجَمَاعَةِ وَصَلاَةِ الْعِيدِ ، وَأَجَازَ الْبَعْضُ خُرُوجَهَا لِفَرِيضَةِ الْحَجِّ مَعَ رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ مِنَ الرِّجَال .
كَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ مُعَامَلَةُ الرِّجَال بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ . وَلَقَدْ سُئِل الإِْمَامُ مَالِكٌ عَنِ الْمَرْأَةِ الْعَزَبَةِ الْكَبِيرَةِ تَلْجَأُ إِلَى الرَّجُل ، فَيَقُومُ لَهَا بِحَوَائِجِهَا ، وَيُنَاوِلُهَا الْحَاجَةَ ، هَل تَرَى ذَلِكَ لَهُ حَسَنًا ؟ قَال : لاَ بَأْسَ بِهِ ، وَلْيُدْخِل مَعَهُ غَيْرَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ ، وَلَوْ تَرَكَهَا النَّاسُ لَضَاعَتْ ، قَال ابْنُ رُشْدٍ : هَذَا عَلَى مَا قَال إِذَا غَضَّ بَصَرَهُ عَمَّا لاَ يَحِل لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهِ (1) .
----------
(1) ابن عابدين 5 / 243 ط ثالثة والبدائع 5 / 125 ط الجمالية والاختيار4 / 154 - 156 ، والمغني 3 / 237 - 372 و2 / 200 - 204 و 6 / 558 ، ومنتهى الإرادات 3 / 5 - 7 ، والمهذب 1 / 71 ، 100 ، 126 و 2 / 35 ، ومغني المحتاج 1 / 467 ، ومنح الجليل 1 / 133 ، 231 ، 275 ، 439 ، 484 و3 / 738 ، والمدخل لابن الحاج 1 / 237 ، 275 و 2 / 17 ، 53 ، والتبصرة بهامش فتح العلي 1 / 296،الموسوعة الفقهية الكويتية - (ج 2 / ص 290)(27/3)
حكم تعرف الرجل على أجنبية لتقوم بخدمته
تاريخ الفتوى : ... 09 صفر 1428 / 27-02-2007
السؤال
تعرفت علي فتاة علي الإنترنت لأنني أريد أن تجد لي بيتا أسكن فيه وأن تغسل لي الملابس عندما أتعرف عليها جيداً لأنني أعيش في مدينة لا يوجد بها أهلي سوى أبي وأرى ذلك مصلحة لي، فهل يجوز شرعا ساعدوني؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تقيم علاقة غير شرعية مع تلك الفتاة أو غيرها من النساء الأجنبيات عنك لهذا الغرض أو غيره، ويجب عليك قطع تلك العلاقة والتوبة إلى الله عما سلف منها.
وإذا أردت من يخدمك أو ييسر لك شأن المسكن أو غيره فينبغي أن تبحث عن ذلك بالطرق المشروعة فتبحث عن فتاة ذات خلق ودين وتخطبها وتعقد عليها عقد نكاح شرعي.
وحينئذ تجوز لك محادثتها والخلوة بها وكل ما يجوز للرجل من زوجته، فتخدمك بصورة مشروعة لا تغضب الله عز وجل، فاتق الله تعالى ييسر لك أمرك ويفرج كربك، قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}، وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21582، 10146، 29672.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
الأفضل توجيه الأولاد إلى عدم الاختلاط
تاريخ الفتوى : ... 08 صفر 1428 / 26-02-2007
السؤال
أنا سيدة متزوجة عندي ثلاثة أولاد (ولدان وبنت) في التاسعة من عمرها، أحد أقارب زوجي (ابن ابن عمه) وهو طفل عمره 7 سنوات يقيم معنا في المنزل(27/4)
ودائماً أقول لابنتي لا تجلسي معه أو تذهبي معه للمدرسة وحدكما، فهل أنا مخطئة كما يقول زوجي ويتحجج بأنه ما زال طفلاً؟ بارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما هو معلوم أن مستويات الأطفال تختلف بحسب الذكاء والفطنة والبيئة، وخاصة في المجتمعات المنفتحة على الشرور والآثام، وعليه فقد يُخشى من طفل اطلع على العورات، ما لا يخشى من غيره، ولذا فإن الله تعالى أجاز للنساء الظهور أمام الأطفال الذين لم يظهروا على عورات النساء، قال تعالى: أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء {النور:31}، وعموماً فإن المحافظة على البنت، والعناية بها خير من إهمال ذلك، فلا لوم عليك فيما تقومين به من توجيه لها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الخادمة أجنبية لا تمس ولا يختلى بها
تاريخ الفتوى : ... 01 صفر 1428 / 19-02-2007
السؤال
لدي مشكلة أسأل الله تعالى أن أجد الإجابة الشافية لدى فضيلتكم...
زوجي رجل كبير تجاوز الـ65 عاماً... وهو مريض بمرض السكر مما كان له أثر كبير في حياتنا الزوجية...وأنا لا أشكو من هذا ولله الحمد وليست هذه مشكلتي، أنا راضية بما قسمه الله ولله الحمد. نحن قد مضى على زواجنا 30 عاماً تقريباً وكنت له مخلصة متفانية في خدمته ويعلم الله أني لا أزكي نفسي ولكن المشكلة هي أني اكتشفت مؤخراً عن طريق الصدفة أنه يراود إحدى الخادمات في بيتي عن نفسها ويقول لها (أنتِ جميلة، سأضعكِ فوق رأسي، أعطيني قبلة وسأعطيكِ 500 ريال) فتمنعت الخادمة وهربت ...والخادمة ليست جميلة بل متواضعة الجمال ولكنها أصغر مني سناً...ودخلت عليه الغرفة في أحد الأيام(27/5)
ووجدت خادمة أخرى لديه تدلك فخذيه فغضبت كثيراً وقلت له أنا موجودة لماذا لم تطلب مني أن أدلك لك فخذيك؟ وطول عمري وأنا أدلك له ولم أتذمر ولم أشك ويعلم الله أني احتسب الأجر عند رب العالمين، رد علي أنا لم أفعل حراماً، فهي تدلكني من فوق السروال، لماذا تحرمين هل رأيتني أزني بها؟! (ولم يقل هذا اللفظ، بل أنا هذبته قدر المستطاع لأني لم أجد لفظاً شنيعاً كهذا).
استدعيت الخادمة التي طلب منها القبلة وسألتها عما حصل فلم تنكره...وقلت لها أنا لا أرضى بالحرام، ولم تخالفني الرأي..فاتفقت معها على أن تعود لبلادها في أقرب فرصة، وبعذر سوء حالتها النفسية واشتياقها لأهلها دون أن يعلم زوجي بمعرفتي بموضوع طلبه للقبلة...
الخادمة الأخرى التي وجدتها تدلك فخذيه لم تنكر ما رأيت بعيني وفسرت ما فعلت بأنها اعتبرته في سن أبيها وأنه كبير في السن على الرغم من أنه ليس بالكبير العاجز بل يعيش حياته بشكل طبيعي (مثل أي إنسان) فقلت لها إن هذا حرام وحذرتها من أن تطيعه مرة أخرى...
المشكلة أني لا أستطيع أن أطرد كل خادمة يضع عينه عليها!! ولا أستطيع أن أمنع الخادمة من دخول غرفته لأنه يطلب منها أن تدخل رغماً عني وبغير رضاي، ولا أستطيع أن آمره أو حتى أكلمه بالحسنى لأنه لا يحب حتى أن يسمع مني كلمة، فلو تكلمت يهددني بترك المنزل والأولاد...
المصيبة أنه يقول في المجالس إن الخادمات هن من قصدهن الله في القرآن بلفظ (وما ملكت أيمانكم)...لذا هن في نظره ملك اليمين، وأنا أعلم يقيناً أنهن ليس كذلك.
هل يجوز أن يفعل هذا يا فضيلة الشيخ؟! وما الحل لهذه المصيبة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز له لمس الخادمة، ولا الخلوة بها، وهي أجنبية عنه، وليست من ملك يمينه، ولاهي المذكورة في الآية إنما هي مستأجرة لديه(27/6)
ولا يملكها، وهي حرة لا تملك. فعليه أن يتقي الله تعالى في قوله وفعله، ويعلم أنه مسؤول بين يدي الله عن أقواله وأفعاله، وقد قال تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا {الإسراء:36}
وانظري الفتويين رقم:37893، 29672، وينبغي أن تبيني له ذلك وتطلعيه على هذه الفتوى وما أحيل إليه خلالها من فتاوى؛ ليصحح خطأه إن كان واهما، أو يعلم أنه على خطر كبير ووزر عظيم إن كان مكابرا ولعله يرتدع. وإذا استطعت الاستغناء عن الخادمات والتفرغ لشؤون بيتك ورعاية زوجك فذلك أولى وأدرأ لشرهن، وقطعا للذريعة بينهن وبين زوجك.
وأما هو فننصحك بالصبر عليه وحسن التبعل له، ومناصحته بالحكمة والموعظة الحسنة، وتلبية رغباته سيما في الفراش. نسأل الله أن يهدي قلبه، ويرده إليه ردا جميلا، إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم استعانة المرأة بأخرى لإزالة شعر فخذها
تاريخ الفتوى : ... 30 محرم 1428 / 18-02-2007
السؤال
زوجي تجد صعوبة في إزالة شعر فخذها اليسرى، فهل لها أن تستأجر من تزيله لها من الثقات؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليها في إزالته بنفسها أو أن تزيله أنت عنها، وأما أن يتولى ذلك غيركما، فلا يجوز إلا إذا كان يؤذيها أو يؤذيك ولا تستطيعان أنتما أن تتوليا ذلك، لما فيه من الاطلاع على العورة المحرمة.
وأما مجرد الصعوبة في إزالتها هي لذلك بنفسها فلا يبيح لها أن تكشف عورتها لمن لا يحل له النظر إليها، إذ ليس ذلك ضرورة ولا حاجة قوية فيترخص لها.(27/7)
وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1926، 2734، 8009، 17481، 20244.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
سبل الوقاية من فتنة النساء
تاريخ الفتوى : ... 18 محرم 1428 / 06-02-2007
السؤال
أنا شاب أدرس في المرحلة الجامعية ومن وسط عائلي فقير ومشكلتي هي شابة من الأقارب تزورنا في البيت عندما تدخل للبيت تخلع حجابها وتخلع جلبابها وتتجول في البيت وكأنه بيتها ثم هي كثيرة التغنج والتَّكسر وترقق وخاصة عندما تخاطبني أو توجه إليّ الكلام، ومع هذا فإني أبدي لها الجفاء ولكن تصرفها يؤثر عليّ حين أكون خاليا ويدفعني إلى الاستمناء حينما تتأجج نيران الشهوة في داخلي، وإني أخاف إن لم أصرف هذه الشهوة بالاستمناء أن أزني بهذه الفتاة والعياذ بالله، فما هو العمل يا شيخ، مع العلم بأنني فكرت بهجرة البيت إلى مكان آخر آمن فيه على نفسي الفتنة إلا أن ظروفي المادية لا تسمح بحكم أنني لازلت طالبا في الجامعة، ويعلم الله أنني حين أستمني أشعر بالذنب والآسى والإحباط وكم أود أن أستعف عن هذه الرذيلة إلا أنني كلما أردت الإقلاع زارتنا هذه الفتاة فتحبط محاولاتي، فأرجو أن تفتونا مأجورين؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يقيك الفتن ما ظهر منها وما بطن، وليس من شك في أن فتنة النساء هي أشد الفتن، ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. وروى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.(27/8)
فعليك أن تحافظ على غض بصرك، وأن تستشعر دائماً عظمة الله، وأنه مطلع على نياتك وجميع تصرفاتك، وإذا حافظت على ذلك فلن تضطر -إن شاء الله تعالى- إلى العادة السرية، والله تعالى يقول: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}، واعلم أن العادة السرية محرمة، ولا يسوغ لك فعلها، كما بينا ذلك في فتاوى كثيرة ويمكنك أن تراجع منها الفتوى رقم: 7170.
ومن وصل به الأمر إلى حال تجعله إما أن يزني وإما أن يفعل العادة السرية، فليرتكب حينئذ أخف الضررين، مع علمه بأنه آثم على كل حال، ولكن بعض الشر أهون من بعض.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... العلاقات بين الجنسين من طرق الشيطان
تاريخ الفتوى : ... 18 محرم 1428 / 06-02-2007
السؤال
ماذا أفعل لو أحد غضب مني سواء كنت أنا مخطئا أم لم أكن مخطئا فى حقه، وعندما أصالحه لا يرضى ولا يرد على التليفون، فهل أتصل به أكثر مع أنني أشعر بالذل ولا أنا خلاص ما دام اتصلت به مرة، فأرجو إفادتي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تعنين أن رجلا غضب من بعض تصرفاتك، وصار لا يرضى بمصالحتك ولا يرد على اتصالاتك، فإن كان هذا الرجل أجنبياً عليك فإن العلاقة به محرمة في الأصل، ولا يجوز الخطاب معه إلا لحاجة، وإذا دعت الحاجة إلى الخطاب بينك وبينه فليكن ذلك في حدود الأدب والأخلاق، قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ {الأحزاب:53}، وقال تعالى: إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ(27/9)
مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا {الأحزاب:32}، فالواجب على المسلمين الحذر من جميع طرق الشيطان، وإن هذه الاتصالات والعلاقات لمن طرق الشيطان، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ {النور:21}، وإذا كنت تسألين عن غير ما أجبنا عليه فوضحي لنا السؤال.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ما يفعل المرء إذا وقعت عينه على صور إباحية
تاريخ الفتوى : ... 16 محرم 1428 / 04-02-2007
السؤال
عند تصفحي الإنترنت شاهدت مقطع فيديو لبنتين تمارسان السحاق هل أخبر الشرطة أم أشهر بهما في الجرائد، علما بأن البنتين عربيتان وتنتميان لبلدي وإن البحث عن المقطع لا يستدعي خبيرا في الإنترنت أي طفل يستطيع أن يجده بإدخال اسم مدينة البنتين قصد البحث عن خصائص تلك المدينة مثلا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن المسلم لا يجوز أن يطلق لنفسه العنان في تصفح مواقع الإنترنت، لأنها ممتلئة بالغث والسمين والضار والنافع، وإذا وقع بصره على بعض ما لا يسمح الشرع بالنظر إليه وجب الكف عن استدامة متابعته، ثم اعلم أن ما يشاهد على الشاشات ليس بالضرورة حقيقياً، لأن المختصين في ذلك المجال يستطيعون تغيير الحقائق بتركيب رأس شخص مع جسم آخر ليس له، ويستطيعون إظهار الشخص في هيئة ووضعية لم يكن قد وجد عليها في أي وقت من عمره، فما شاهدته من أمر الفتاتين لا يدل حتما على أنهما مارستا بالفعل تلك الممارسة القبيحة، وبالتالي فليس من حقك أن تخبر الشرطة عنهما ولا أن تشهر بهما.(27/10)
ولو افترضنا صحة ما شوهدتا عليه، فالواجب عليك هو أن تنصحهما بالتوبة، وتخوفهما من مغبة هذا العمل المشين، وكل ذلك يكون بواسطة من تثق به من النساء الصالحات بشرط أن تأخذ عليها تعهدا بألا تخبر أحداً غير البنتين، ولا تخبر أنت أحداً بما رأيت غير من ذكرناها لك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... المجالس التي يجتمع فيها الرجال بالنساء
تاريخ الفتوى : ... 13 محرم 1428 / 01-02-2007
السؤال
اضطرتني الظروف أن أذهب لزيارة خطيبة أخي لأتعرف عليها هي ووالدتها فجلسنا جميعا أنا ووالدتي وأخي ووالدتها ووالدها فى مكان واحد، علما بأني منتقبة أنا ووالدتي ووالدتها وتحدثنا جميعا فى مواضيع عامة بجدية تامة، فهل هذا فيه مخالفة فى الشرع.
وهل يجوز لي إذا كنت عند والدتي أزورها وقمت بالرد على الهاتف ووجدت ابن خالتي أن أسلم عليه وأبارك له على زواجه أو أبلغه أن يرسل سلامي إلى زوجته أو ما شابهه.
وهل أيضا يجوز لزوجي إذا قام بالاتصال بعمه وردت ابنة عمه أن يسلم عليها ويسألها عن حال زوجها، أرجوكم أجيبوني بالتفصيل ولا تحيلوني إلى فتاوى مشابهة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمتوقع في مثل هذه المجالس التي يجتمع فيها الرجال والنساء ثلاثة أمور:
الأول: الخلوة بين رجل وامرأة أجنبيين، كأن يخلو الرجل ببنت عمه أو عمته وبنت خاله أوخالته، وهذا محرم اتفاقاً، ودليله قوله صلى الله عليه وسلم: لا يخلون(27/11)
رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. فقام رجل، فقال: يا رسول الله امرأتي خرجت حاجة واكتتبت في غزوة كذا وكذا قال: انطلق فحج مع امرأتك. متفق عليه، فإذا كان الجلوس بلا خلوة، ومنضبطاً بالضوابط الشرعية التي أشرنا إليها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4031، 17926، 26838 فلا مانع منه والأفضل اجتنابه بتاتاً.
الثاني: الحديث بينهم، وهذا يجب أن يكون مع الحشمة والأدب، وعدم الخضوع بالقول، قال الله تعالى: يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا {الأحزاب:32}.
قال الإمام ابن العربي المالكي رحمه الله: أمرهن الله تعالى أن يكون قولهن جزلاً، وكلامهن فصلا، ولا يكون على وجه يحدث في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين المطمع للسامع. انتهى من كتاب أحكام القرآن.
وقال العلامة الخادمي الحنفي رحمه الله في كتابه بريقة محمودية: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة لأنه مظنة الفتنة. انتهى.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى في أسنى المطالب: (لا أجنبي شابة) فلا يعزيها إلا محارمها وزوجها وكذا من ألحق بهم في جواز النظر فيما يظهر. انتهى.
وقال الإمام ابن مفلح الحنبلي رحمه الله في الفروع: وليس صوت الأجنبية عورة على الأصح، ويحرم التلذذ به ولو بقراءة. انتهى.
وقال العلامة منصور بن يونس البهوتي الحنبلي رحمه الله في كشاف القناع: وإن سلم الرجل عليها -أي على الشابة- لم ترده دفعا للمفسدة. انتهى.
وانظري الفتوى رقم: 73220، والفتوى رقم: 78561، وبخصوص الكلام عبر الهاتف على التحديد تراجع الفتوى رقم: 61560.
والثالث: النظر من كل منهما للآخر، وهذا محرم على الصحيح ولو أمنت الفتنة، لقوله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ... {النور:31}، وانظر الفتوى رقم: 50794.(27/12)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
كيف تفعل إذا أحبت أجنبيا عنها حبا شديدا
تاريخ الفتوى : ... 09 محرم 1428 / 28-01-2007
السؤال
أريد أن أرى حلا لمشكلتي وهي أني أحب إنسانا حبا ليس له مثيل في الدنيا ولكن الظروف القاسية تريد أن تمنعنا عن بعض وأنا لا أقدر على فراقه وهو مثلي أيضا فماذا أفعل بالله عليكم وياليت الإجابة ترضيني وترضي جميع الأطراف ؟
وشكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها السائلة الكريمة أن المرأة إن أصيبت بعشق رجل أجنبي عنها فإنها قد أصيبت بداء عظيم ومرض خطير، ينبغي لمن أصيب به إن ينبذ أسبابه ويطلب علاجه، ويتداوى منه، كما يتداوى من سائر الأمراض الظاهرة والأسقام الحسية التي تعيق الصحة وتتلف البدن. ولمعرفة كيفية علاج العشق وداء الحب انظري الفتوى رقم : 9360 .
كما ننبهك أيتها السائلة الكريمة إلى أن الحب منه ما هو مشروع ومنه ما هو ممنوع كما بينا في الفتوى رقم : 5707 ، فانظري ما أصابك من أي النوعين فإن كان من الممنوع فعليك أن تتوبي إلى الله توبة نصوحا، وتقلعي عن ذلك الحب الآثم وتلك العلاقة المحرمة، فلا يجوز في الإسلام اتخاذ الأخدان وإقامة العلاقات بين الأجانب ولو كانت بغرض الزواج. فانظري ذلك في الفتاوى التالية أرقامها : 9463 ، 27530 ، 33959 ، وبعد التوبة النصوح منكما معا ينبغي أن تسعيا في الزواج من بعضكما البعض بالطرق الشرعية، إن كان الفتى من ذوى الخلق والدين، وكنت أنت كذلك، لما أخرجه ابن ماجه في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لم ير للمتحابين مثل النكاح . ورواه البيهقي بلفظ : ما رأيت(27/13)
للمتحابين مثل النكاح . ومعنى الحديث أن الرجل إذا نظر إلى المرأة وأحبها فعلاج ذلك الزواج بها ، قال المناوي في فيض القدير بعد ذكره لهذا الحديث : إذا نظر رجل لأجنبية وأخذت بمجامع قلبه فنكاحها يورثه مزيد المحبة ، كذا ذكر الطيبي وأفصح منه قول بعض الأكابر المراد أن أعظم الأدوية التي يعالج بها العشق النكاح ، فهو علاجه الذي لا يعدل عنه لغيره ما وجد إليه سبيلا . اهـ . وانظري الفتوى رقم : 31612 ، فإن تيسر ذلك فبها ونعمت, وإلا فكفي عنه، واتقي الله تعالى فيه، وسيجعل لك من أمرك يسرا، ويرزقك خيرا منه. واعلمي أن المرء قد يكره ما فيه الخير له ويحب ويحرص على ما فيه شره كما قال تعالى : وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216 } .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
العلاقة بين الرجل والمرأة عن طريق الشات
تاريخ الفتوى : ... 03 محرم 1428 / 22-01-2007
السؤال
تعرفت على شاب من الشات وهو من غير جنسيتي كانت علاقتي فيه في البداية علاقة أخوة وبعد ذلك تطور الأمر إلى حب وتعلق به وهو أيضا صارحني بحقيقة مشاعره مع العلم يا والدي / والدتي أنني كنت على علاقة بشاب قبله واكتشفت من أول مكالمة هاتفية أنه يخدعني وانقطعت علاقتي به منذ ذلك اليوم مع أنه حاول الاتصال بي أكثر من مرة لكنني لم أجب عليه والشخص الذي أحبه الآن يعلم كل شئ عن علاقتي السابقة وقف بجانبي طوال صدمتي فيه أنا يا والدي لم أفكر يوما أن أدخل الشات ولم أفكر أيضا أن أتعرف على شباب لكنني لا أعلم ما الذي جعلني أفعل ذلك أنا الآن أشعر بتأنيب الضمير لكنني لا أستطيع أن أترك الشخص الذي وقف بجانبي لا أستطيع أن أقول لشخص اتركني بعد أن أحبني وتعلق بي أنا كل يوم أطلب من الله أن يسامحني ويغفر لي صارحت الذي أحبه(27/14)
بأنني أشعر بتأنيب الضمير وقال لي إذا كنت أنا سببا في ضيقتك وتأنيب ضميرك سوف أبتعد عنك لأنني أريد راحتك لكنني قلت له لا أريد أن أبتعد عنه قلبي لا يطاوعني بأن أصدمه أو أظلمه معي والدي لا أعلم ماذا أفعل ؟ إن ابتعدت عنه هو يعرف رقم تليفوني لكنني طلبت منه أن لا يتصل بي وأن لا يرسل لي أية رسائل وهو وعدني وإلى الآن لم يتصل بي مع العلم أن علاقتي به عبر المسنجر ورسائل على الإيميل أنا أحبه يا والدي ولا أستطيع أن أستغني عنه ولو طلبت منه الزواج بي سوف يرفض أهلي وأيضا أعتقد أن أهله سوف يرفضونني ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن تعلمي أولا أن الحب بين الرجل والمرأة إذا كانت أجنبية عنه وإقامة علاقة بينهما حرام ولا يقرها شرعنا. وراجعي ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية : 5707 ، 1072 ، 30194 ، 24284 .
ولمعرفة كيفية علاج العشق انظري الفتوى رقم : 9360 ، وبناء عليه فيجب عليك قطع كل أنواع الاتصال بذلك الفتى، سيما وأن السبيل إلى زواجكما تكتنفه جملة من العوائق كما ذكرت. واعلمي أن هذه المعصية إن لم تقلعي عنها ربما جرتك إلى ما هو أعظم منها وأشنع، لأن المعاصي يجر بعضها بعضا، ولا يستهان بشيء منها مهما ظنه المرء خفيفا لأن عاقبته ستكون مؤلمة ، وكذا يجب عليك ترك تلك الوسائل التي قد تفضي بك إلى مثل ذلك كالدخول إلى الشات وغيره سدا للذريعة الحرام. فاتق الله تعالى في سمعك وبصرك، واسأليه أن يرزقك زوجا صالحا تقر به عينك وتسعد به نفسك ويعفك عن الحرام، ومن يتق الله ييسر أمره ويفرج كربه ويرزقه من حيث لا يحتسب كما قال تعالى : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق: 2 ـ 3 } .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(27/15)
حكم تقبيل الصغيرة بشهوة
تاريخ الفتوى : ... 27 ذو الحجة 1427 / 17-01-2007
السؤال
هل تعتبر مداعبة البنت الصغيرة السن وملاعبتها وحصول إنزال بعد ذلك في الملابس مرتبة من مراتب الزنا
مع العلم أنه حصل مرة واحدة فقط وتاب فاعلها إلى ربه توبة نصوحا، نريد معرفة هل ذلك العمل من الكبائر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتقبيل الصغيرة بقصد الشهوة منكر من المنكرات وهو نوع من أنواع الزنا فالواجب الحذر، وقد أحسن هذا الرجل بتوبته من هذا الذنب، ومن تاب توبة نصوحا تاب الله تعالى عليه، ويجب عليه سد كل ذريعة قد تقوده إلى الوقوع في مثله مستقبلا، وتراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 24392.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
اختر أقل الأمور ضررا عليك
تاريخ الفتوى : ... 25 ذو الحجة 1427 / 15-01-2007
السؤال
أنا صاحب الفتوى رقم 79802 أريد أن أخبركم أنه يمكن لي أن أقتصر على حضور الامتحانات فقط لكني قد أحرم من اجتياز الدورة الرئيسية في مواد بسبب الغيابات أي أجتازهم في دورة المراقبة (يذهب إليها كل من لم يأتي بمعدل 10من 20في الدورة الرئيسية) وهذا ما أقصد( كثير من المواد يجب علي حضورها ) فهل يمكن لي أن أجتاز الامتحانات فقط وأن أبحث عن عمل حتى أتمكن من الزواج، وماذا ترونه الأكثر صلاحا. أنا أدخن فهل يمكن أن يعسرها الله علي بسبب تدخيني في أمور الزواج، أرجوكم أدعو لي كي أترك التدخين .(27/16)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا لك في الفتوى التي أشرت إلى رقمها حد الضرورة التي يباح لها ما هو محرم، وقلنا إنه إذا تحقق هذا الحد فيك، ولم تجد وسيلة تغني عن شيء مما ذكرت، فلا بأس حينئذ بأن ترتكب أخف الأمور المتاحة لك.
وبينا أن مدارس التكوين المهني التي ذكرت أنها تقل فيها نسبة البنات، تعتبر أخف مما فيه اختلاط كبير، وأن فتنة النساء أعظم من حلق اللحية.
فلم يبق -إذاً- إلا أن تنظر أنت في الأمور المتاحة لك لتعرف أيها أيسر عليك، وأقل خطرا بالنسبة لك.
والذي يستطيع تحديد الأصلح من ذلك هو أنت؛ لأنك أدرى بنفسيتك وبمحيطك.
وعليه، فإذا كنت ترى أن المشاركة في الامتحانات لا تجلب لك فتنة، وأن ذلك هو الأيسر عليك، فلا بأس بالمشاركة فيها في انتظار حصولك على عمل.
إلا أنه يجب أن لا يغيب عن ذهنك ما ورد في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. وما رواه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
وأما ما ذكرته من أمر التدخين فنحيلك فيه على فتوانا رقم: 1671.
وفيما إذا كان من الممكن أن يعسر الله عليك أمور الزواج بسبب تدخينك، فإننا لا نملك الجواب على ذلك؛ لأنه من أمر الغيب، ولكنه قد ورد في الحديث الشريف قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه أحمد وابن ماجه وحسنه السيوطي.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم تعلق الفتاة بأخرى(27/17)
تاريخ الفتوى : ... 18 ذو الحجة 1427 / 08-01-2007
السؤال
أعاني من مشكلة وهي أني تعرفت منذ فترة على صديقة وهي مقربة لي أصبحت علاقتنا قوية جدا..المشكلة في أنا ..إنني حين أكلمها إذا حاولت هي أن تمسك يدي أو تضمني..أحس برغبة لا أعرف كيف أفسرها..حتى أحس بأني أعاني من نزول شيء من الأسفل...وهذه
الحالة أول مرة تحدث معي هذه الحالة أنا لي صديقات كثير وعلاقتي بهن مقربة ولكن لا أعلم لماذا هي بالذات إذا مسكت يدي أو حاولت التقرب مني أحس برغبة لا أعلم كيف أفسرها حتى إنني أعيد وضوئي دائما خوفا أني لا أكون على طهارة.. أنا في تعب نفسي وأدعو الله كثير أن تكون علاقتي معها في الله وأن لا تنحرف إلى مسار آخر من الشذوذ وغيره وهي بنت محترمة جدا وخاصة أني ملتزمة ولله الحمد أرجو منكم النصيحة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يحدث منك مع هذه الفتاة قد يكون مدخلا من مداخل الشيطان ليوقعك به في حبائله بالتعلق المحرم بها، فيقودك إلى الوقوع معها في العشق المحرم، فيترتب على ذلك ما لا تحمد عقباه، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {النور: 21}
فنوصيك بتقوى الله تعالى، ووجوب الحذر مما قد تحصل لك به مع هذه الفتاة الشهوة المحرمة من لمس ونحوه وإن لم يكن بد من دفع ذلك إلا باجتناب مصاحبتها بالكلية فيجب عليك أن تفعلي، إذ السلامة لا يعدلها شيء، وراجعي لمزيد الفائدة الفتاوى التالية:8424، 31486، 71712.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم من قبلته فتاة بدون إرادته(27/18)
تاريخ الفتوى : ... 17 ذو الحجة 1427 / 07-01-2007
السؤال
قررت أن أسأل حضراتكم سؤالنا لطالما أخجلني.. أنا طالب أدرس في جامعه أوروبية وكنت بانتظار إحدى النتائج من أحد المحاضرين وعندما عرفت النتيجة وكان قد أعلنها قامت طالبة من الطالبات الموجودات بتقبيلي لم أعرف ما كان يجب أن أفعله فقط شكرتها... سؤالي هل أنا آثم بهذا علما بأني لم أتوقع أنها ستقبلني (هم يفعلون ذلك من باب التهنئة)؟وهل أنا مذنب لأني لم أنهها بل شكرتها؟؟؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا لأن الموضوع جدا أقلقني....
جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فربما كان سبب تقبيل الفتاة لك هو عدم معرفتها بأن هذا لا يجوز في دينك، ولو أنها علمت ذلك لما فعلت، فاللوم ليس عليها بل عليك وعلى الشباب المسلم في تلك البلاد، لأنهم لا يتمسكون بدينهم ولا يعتزون بالانتماء إليه، ولا يظهرون شعائره، ولا يتخلقون بأخلاق أهله إلا من رحم الله، ولو أنهم فعلوا ذلك لحازوا احترام الآخرين ولتأثر بهم من حولهم.
وعلى العموم فلا إثم عليك من هذه القبلة طالما أنك لم تتعمدها، ولم ترض بها، فقد قال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ {الأحزاب:5}.
ولكن بين لها أن ما فعلته لا يجوز في ديننا، وأنك لا تقبل به مرة أخرى.
وراجع في ضرورة التمسك بالدين والاعتزار به الفتاوى التالية أرقامها:31768 ، 53773.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
استقبال الأجنبية والخلوة بها حرام(27/19)
تاريخ الفتوى : ... 17 ذو الحجة 1427 / 07-01-2007
السؤال
شيخي الفاضل:
أنا شاب أبلغ من العمر 26 عاما عندي مشكلة تؤرقني ولا أجد لها حلا.
منذ ما يقرب من 4 سنوات أو يزيد تعرفت على فتاة مسلمة من بلد إسلامي ولكنها بالكاد تعرف عن الإسلام شيئا وهي تكبرني بنحو أربع سنوات المشكلة أن هذا التعارف عبر الانترنت وأنا متعلق بها جدا لدرجة أني أريد الزواج بها ولكن المشكلة التي تواجهني هي أنها من بلد بعيد عن بلدي تماما كنت قد قررت أن أسافر لبلدها لكي أقابلها على الطبيعة ونقرر ما نهاية هذه العلاقة الغربية ولكن لم يتسن لي استخراج فيزة لزيارة هذا البلد وقد عرضت عليها أن تأتي هي للبلد الذي أقيم فيه نتقابل وهي تبحث عن فرصة عمل لأن أحوالهم المادية غير مستقرة وقد وافقت وهي الآن بصدد إرسال صورة من جوازها لكي أستخرج لها فيزة وتأتي لست أدري ما هذا الوضع؟ وهل حرام أن أنفق مالي في إحضارها ومقابلتها؟ وما المخرج من هذا مع كوني متعلق بها بشدة وقد حاولت أكثر من مرة إنهاء علاقتي بها ولكن كل محاولاتي تبوء بالفشل.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن هذه العلاقة محرمة، وأن الواجب عليك قطعها نهائيا، والتوبة إلى الله مما سلف، وإذا كنت جادا في الزواج بهذه المرأة، فيمكنك أن توكل من يعقد لك عليها في بلدها ثم تقوم باستقدامها إليك.
أما أن تأتي بها وتستقبلها، وهي لا تزال أجنبية عنك، فهذا لا يجوز لما فيه من دواعي الخلوة والنظر إلى امرأة لا تحل لك.
وننصحك بالتريث في اختيار الزوجة، ولا نرى أن الإنترنت مكان صالح للتعرف على شريكة الحياة.
والله أعلم.(27/20)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ضوابط النظر بين الرجل والمرأة ... العنوان
نريد أن نعرف ما الذي يجوز، وما الذي لا يجوز من نظر الرجل إلى المرأة ونظر المرأة إلى الرجل، وخصوصًا الشق الثاني من السؤال، وهو نظر المرأة إلى الرجل، فقد سمعنا من بعض الوعاظ أن المرأة لا يجوز أن تنظر إلى الرجل لا بشهوة ولا بغير شهوة واستدل لذلك بحديثين :.
الأول: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل ابنته فاطمة رضي الله عنها: " أي شيء أصلح للمرأة "؟ قالت: ألا ترى رجلاً ولا يراها رجل ! فقبلها وقال: "ذرية بعضها من بعض ".
والثاني: حديث أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها، قالت: كنت عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعنده ميمونة، فأقبل ابن أم مكتوم، وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- :.
" احتجبا منه " فقلنا: يا رسول الله، أليس هو أعمى ؟ لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : " أفعمياوان أنتما ؟ ! ألستما تبصرانه ؟ ! ".رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح سيأتي تخريجهما.
وكيف يمكن للمرأة ألا ترى رجلاً ولا يراها رجل، وخصوصًا في عصرنا هذا ؟ وما المراد بهذه الأحاديث إن كانت صحيحة ؟.
أرجو ألا تهمل رسالتي، وأن تلقي الضوء على الموضوع، بما يضيء الطريق للحائرين والحائرات، الذين طال جدالهم في هذه الأمور، دون طائل.
وفقكم الله. ... السؤال
14/02/2007 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد(27/21)
فالراجح من أقول الفقهاء أن النظر بين الرجل والمرأة جائز لما دون عورة المرأة أي الوجه والكفين ، ولما دون عورة الرجل وهو كل الجسم ما عدا ما بين السرة والركبة .
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في شأن نظر الرجل إلى المرأة:.
قد رجحنا قول الجمهور الذين فسروا قوله تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) النور جزء من الآية 31
بأن ما ظهر من الزينة هو الوجه والكفان وأن للمرأة أن تبدي وجهها وكفيها - بل وقدميها عند أبي حنيفة والمزني.
وإذا كان للمرأة أن تبدي هذا منها، فهل يجوز النظر إليه أم لا ؟.
أما النظرة الأولى فلا مفر منها بحكم الضرورة، وأما النظرة الآخرة فهي التي اختلفوا فيها.
والممنوع بلا شك هو النظر بتلذذ وشهوة، فهذا هو باب الخطر وموقد الشرر، ولهذا قيل: النظرة بريد الزنى ..ولله در شوقي حين قال :.
نظرة، فابتسامة، فسلام فكلام، فموعد، فلقاء !.
كما أن النظر إلى غير الزينة الظاهرة كالشعر والنحر والظهر والساقين والذراعين ونحوها، لا يجوز لغير محرم بالإجماع.
وهناك قاعدتان تحكمان هذا الأمر وما يتعلق به.
الأولى: أن الممنوع يباح عند الضرورة أو الحاجة، مثل الحاجة إلى التداوي والعلاج، والولادة ونحوها، والتحقيق في القضايا الجنائية، وأشباه ذلك، مما تدعو إليه الحاجة، وتحتمه الضرورة الفردية أو الاجتماعية.
والثانية: أن المباح يمنع عند خوف الفتنة، سواء كان الخوف على الرجل، أو على المرأة.. وهذا إذا قامت دلائل بينة على ذلك، لا مجرد هواجس وتخيلات عند بعض المتخوفين والمتشككين في كل أحد، وفي كل شيء.
ولهذا لوى النبي - صلى الله عليه وسلم- عنق ابن عمه الفضل بن العباس، وحول وجهه عن النظر إلى المرأة الخثعمية في الحج، حين رآه يطيل النظر إليها، وجاء(27/22)
في بعض الروايات أن العباس سأله: لماذا لويت عنق ابن عمك ؟ قال: " رأيت شابًا وشابة، فلم آمن الشيطان عليهما ".
والمرجع في خوف الفتنة هو ضمير المسلم، وقلبه، الذي يجب أن يفتيه في هذه المسائل، وعليه أن يستمع إليه، وإن أفتاه الناس وأفتوه.
وذلك إذا كان قلبًا سليمًا لم تلوثه الشهوات، ولم تفسده الشبهات، ولم تعشش فيه الأفكار المنحرفة.
نظرة المرأة إلى الرجل:.
وأما الشق الثاني من السؤال، وهو ما يتعلق بنظر المرأة إلى الرجل، فمن المتفق عليه: أن النظر إلى العورة حرام، بشهوة أم بغير شهوة، إلا إن وقع ذلك فجأة بغير قصد ولا تعمد، وهو ما جاء فيه الحديث الصحيح الذي رواه جرير بن عبد الله: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن نظر الفجأة فقال: " اصرف بصرك ".رواه مسلم.
ولكن يبقى البحث هنا عن عورة الرجل ما هي ؟.
فالسوءتان عورة مغلظة متفق على تحريم كشفها أو النظر إليها، إلا في حالة الضرورة كالعلاج ونحوه، وحتى لو كانت مغطاة بما يجسمها ويبرزها أو يشف عنها، فهو محظور شرعا.
وأكثر الفقهاء على أن الفخذين من العورة، وأن عورة الرجل ما بين السرة والركبة، وقد استدلوا على ذلك ببعض الأحاديث التي لم تسلم من التعليل، وبعضهم حسنها وربما صححها بمجموع طرقها، وإن كان كل واحد منها في ذاته يقصر عن الاحتجاج به على إفادة حكم شرعي.
وذهب بعض الفقهاء إلى أن الفخذ ليس بعورة، مستدلين بحديث أنس أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- حسر عن فخذه في بعض المواضع، ونصر هذا المذهب أبو محمد بن حزم.
ومذهب المالكية المنصوص عليه في كتبهم أن العورة المغلظة من الرجل هي السوءتان فقط أي القبل والدبر.. وهي التي تبطل الصلاة بكشفها أبدًا مع القدرة.(27/23)
وحاول فقهاء الحديث الجمع بين الروايات المتعارضة إن أمكن ذلك، أو الترجيح بينها، فقال الإمام البخاري في صحيحه: (باب ما يذكر في الفخذ: وروي عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي-صلى الله عليه وسلم-: أن الفخذ عورة، وقال أنس: " حسر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن فخذه "، وحديث أنس أسند أي أقوى سندًا وحديث جرهد أحوط) (يلاحظ أن البخاري علق الحديث بصيغة التضعيف " روي " مما يدل على ضعفه عنده، كما ذكر في الترجمة).
واتجه الشوكاني في " نيل الأوطار " إلى توجيه الأحاديث التي ذكرت أن الفخذ عورة على أنها حكاية حال لا عموم لها.
أما المحقق ابن القيم فقال في " تهذيب سنن أبي داود " :.
(وطريق الجمع بين هذه الأحاديث ما ذكره غير واحد من أصحاب أحمد وغيرهم: أن العورة عورتان: مخففة ومغلظة، فالمغلظة السوءتان، والمخففة الفخذان، ولا تنافي بين الأمر بغض البصر عن الفخذين لكونهما عورة، وبين كشفهما لكونهما عورة مخففة، والله أعلم).
وفي هذا رخصة للرياضيين وغيرهم ممن تستلزم هواياتهم وممارساتهم الملابس القصيرة، مثل "الشورت " ونحوه، وكذلك من يشاهدونهم.. وكذلك الكشافة والجوالة، وإن كان يجب على المسلمين أن يفرضوا على تلك المنظمات العالمية طابعهم الخاص وما تقتضيه قيمهم الدينية ما استطاعوا.
وينبغي التنبيه هنا، أن ما كان عورة من الرجل، فالنظر إليه حرام من المرأة والرجل جميعًا وهذا أمر واضح.
وأما ما لم يكن عورة من الرجل، كالنظر إلى وجهه وشعره وذراعيه وساقيه وما إلى ذلك، فالقول الصحيح أنه جائز، ما لم يصحب ذلك شهوة، أو خوف فتنة.. وهذا هو رأي جمهور فقهاء الأمة، وهو الذي دل عليه عمل المسلمين منذ عصر النبوة، وما بعده من خير القرون، ودلت عليه أحاديث صحيحة صريحة لا تقبل طعنًا(27/24)
وذهب بعض الفقهاء إلى منع المرأة من رؤية الرجال عامة، مستدلين بما ذكرته السائلة في سؤالها.
أما حديث فاطمة رضي الله عنها، فلا قيمة له من الناحية العلمية، ولم أره في كتاب من كتب أدلة الأحكام، ولا استدل به فقيه من الفقهاء، حتى المتشددون الذين منعوا المرأة من النظر إلى الرجل لم يذكروه، وإنما ذكره الإمام الغزالي في " الإحياء "، وقال الحافظ العراقي في تخريجه: رواه البزار والدارقطني في "الأفراد " من حديث على بسند ضعيف. (ذكره في كتاب النكاح، باب آداب المعاشرة، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد جـ 2/202 وقال: رواه البزار وفيه من لم أعرفه).
وأما الحديث الآخر، فنجد الرد عليه فيما ذكره ابن قدامة في تلخيص الرأي في المسألة، حيث قال في " المغني " فأوجز وأحسن:.
(فأما نظر المرأة إلى الرجل ففيه روايتان:.
إحداهما: لها النظر إلى ما ليس بعورة.
والأخرى: لا يجوز لها النظر من الرجل إلا إلى مثل ما ينظر إليه منها اختاره أبو بكر، وهذا أحد قولي الشافعي.
لما روى الزهري عن نبهان عن أم سلمة قالت: كنت قاعدة عند النبي - صلى الله عليه وسلم-، فاستأذن ابن أم مكتوم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " احتجبا منه "، فقلت: يا رسول الله، إنه ضرير لا يبصر، قال: " أفعمياوان أنتما لا تبصرانه ؟ " رواه أبو داود وغيره.
ولأن الله تعالى أمر النساء بغض أبصارهن كما أمر الرجال به.
ولأن النساء أحد نوعي الآدميين فحرم عليهن النظر إلى النوع الآخر قياسًا على الرجال.
يحققه أن المعنى المحرم للنظر خوف الفتنة، وهذا في المرأة أبلغ، فإنها أشد شهوة وأقل عقلاً، فتسارع الفتنة إليها أكثر.
ولنا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لفاطمة بنت قيس: " اعتدي في بيت ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك، فلا يراك " متفق عليه. (وفي رواية لمسلم:(27/25)
" فإني أكره أن يسقط عنك خمارك، أو ينكشف الثوب عن ساقيك، فيرى القوم منك بعض ما تكرهين " ومعنى هذا أنه أراد الرفق بها والتيسير عليها، فلا تظل طوال اليوم ملتزمة بالثياب الساترة للجسم كله إذا بقيت عند أم شريك كثيرة الضيفان.. أما ابن أ م مكتوم فإنه لا يراها، فيمكنها بعض التخفف).
وقالت عائشة: " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد " متفق عليه.
ويوم فرغ النبي -صلى الله عليه وسلم- من خطبة العيد " مضى إلى النساء فذكرهن ومعه بلال، فأمرهن بالصدقة ".
ولأنهن لو منعن النظر لوجب على الرجال الحجاب، كما وجب على النساء لئلا ينظرن إليهم.
فأما حديث نبهان، فقال أحمد: نبهان روى حديثين عجيبين. يعني هذا الحديث، وحديث " إذا كان لإحداكن مكاتب فلتحتجب منه " وكأنه أشار إلى ضعف حديثه، إذ لم يرو إلا هذين الحديثين المخالفين للأصول.
وقال ابن عبد البر: نبهان مجهول، لا يعرف إلا برواية الزهري عنه هذا الحديث، وحديث فاطمة صحيح، فالحجة به لازمة.
ثم يحتمل أن حديث نبهان خاص لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، كذلك قال أحمد وأبو داود.
قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: كأن حديث نبهان لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة، وحديث فاطمة لسائر الناس ؟ قال: نعم. (وقال أبو داود بعد رواية الحديث: وهذه لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة، ألا ترى إلى اعتداد فاطمة بنت قيس عند ابن أم مكتوم ؟.انظر سنن أبي داود، حديث 4112).
وإن قدر التعارض، فتقديم الأحاديث الصحيحة أولى من الأخذ بحديث مفرد في إسناده مقال). (المغني لابن قدامة 6/563،564).
بقي هنا قيد مفروغ منه، وهو ما ذكرناه في نظر الرجل إلى المرأة، وأعني به ألا يكون مصحوبًا بالتلذذ والشهوة، وإلا حرم، ولهذا أمر الله المؤمنات أن يغضضن(27/26)
من أبصارهن، كما أمر المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم سواء.. قال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ
ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ
يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ...). (النور: 30، 31.الآية).
صحيح أن المرأة تثير الرجل وتحرك شهوته، أكثر مما يثير الرجل المرأة، وأن المرأة أكثر جاذبية للرجل، وهي المطلوبة غالبًا والرجل هو الطالب، ولكن هذا كله لا يمنع أن من الرجال من يجذب عين المرأة وقلبها بشبابه ووسامته، أو بقوته وفحولته، أو بغير ذلك من المعاني التي ترنو إليها أعين بعض النساء، أو تهفو إليها قلوبهن.
وقد قص علينا القرآن الكريم قصة امرأة العزيز مع فتاها يوسف، الذي شغفها حبًا وكيف غدت هي الطالبة لا المطلوبة، وكيف راودته عن نفسه وقالت: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ). (يوسف :23).
كما قص علينا موقف نسوة المدينة حينما رأين يوسف لأول مرة بما آتاه الله من شباب وحسن ونضارة وقوة: (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ {31} قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ). (يوسف "31،32).
فإذا نظرت المرأة إلى رجل معين، فتحركت فيها عوامل الأنوثة، فعليها أن تغض بصرها، ولا تتابع النظر إليه، بعدًا عن مظنة الفتنة، ويزداد الأمر خطرًا إذا بادلها الرجل النظر بنفس الرغبة والشهوة.. فهذا هو النظر الذي سموه (بريد الزنى) والذي وُصِف بأنه (سهم مسموم من سهام إبليس) وهو الذي قال فيه الشاعر:.
كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر!.
فالسلامة في البعد عن مواضع الشرر، ومواقع الخطر، ونسأل الله العافية في الدين والدنيا... آمين.(27/27)
والله أعلم
ــــــــــــــ
يجب على هذه المرأة قطع علاقتها مع هذا الرجل
تاريخ الفتوى : ... 06 ذو الحجة 1427 / 27-12-2006
السؤال
لي زميل في العمل استغل ضعف زميلة لنا وأخذ يلح عليها بمعسول الكلام حتى ضعفت وكانت تريد أن تنفصل عن زوجها لكنها فجأة اكتشفت أنه يستغلها لأغراض شخصية
فلما رجعت إلى رشدها وندمت على ما فعلت أصيبت بأمراض لأنها تشعر بالندم وفي نفس الوقت تشعر أن حياتها انقلبت رأسا على عقب فاضطرت أن تبوح لي بهذا السر الذي لا تقدر أن تبوح به لأقرب الناس إليها لأنها تثق بي فبماذا أنصحها؟ وهل يجوز أن تتعامل مع هذا الشخص مجددا في حدود الزمالة. أفيدوني وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى تلك المرأة أن تتوب إلى الله تعالى من علاقتها الآثمة بذلك الرجل، كما عليه هو أن يتوب إلى الله تعالى من تلك المعصية الشنيعة التي ارتكبها، ألا وهي تخبيب تلك المرأة على زوجها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ليس منا من خبب امرأة على زوجها، فعليهما أن يبادرا بالتوبة إلى الله تعالى مما وقعا فيه، وننصح بمراجعة الفتويين رقم: 1728، 30425.
ولمعرفة حكم تخبيب المرأة على زوجها وحكم نكاح المخبب تراجع الفتويين رقم: 7895، 21551.
ويجب على تلك المرأة أن تقطع كل اتصالاتها بذلك الرجل، ومنها علاقة الزمالة في العمل سدا لذريعة الفساد وإغلاقا لباب الفتنة. وعليها أن تعلم أن عمل المرأة محفوف بكثير من المخاطر، ولذا اشترط أهل العلم لجوازه شروطا وضوابط يمكن مراجعتها في الفتويين رقم: 522، 1734، وكما تجب عليهما التوبة وقطع أي(27/28)
علاقة قد تفضي إلى محرم، ويجب عليك أنت أيضا أن تعلم أن هذه المرأة أجنبية عنك ولا يجوز لك الخلوة معها ولا أن ترى منها ما لا يراه الأجنبي من الأجنبية بل ولا محادثتها إلا في حدود ضيقة وبقدر الحاجة.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... حكم الجلوس مع طالبات متبرجات لشرح الدروس لهن
تاريخ الفتوى : ... 30 ذو القعدة 1427 / 21-12-2006
السؤال
أود أن أسألكم هذا السؤال للمرة الثالثة لأنني لم آخذ الجواب الكافي منكم بسبب إحالتي الى فتاوى سابقة لا تلائم وضعي .
أنا شاب ذكي ومتقدم جدا في الدراسة وجميع زميلاتي غير محجبات وأضطر في بعض الأحيان للذهاب إلى منازلهن لأفهمهن المادة أو أن أجلس معهن في الجامعة وخلال الحديث نمزح مع بعضنا البعض . فهل هذا يجوز ؟؟ مع العلم أنهن غير محجبات . وارجوكم ألا تحيلوني إلى فتاوى سابقة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يخلو بأجنبية محجبة كانت أو غير محجبة، ولا يجوز له أن يتمادى في الحديث مع أجنبية، بل لا يجوز له أن يحدثها إلا بقدر الحاجة مع الأدب والحشمة، وترك الخضوع بالقول، ويكره له أن يبدأها بالسلام، بل حتى العزاء وهو الموقف الذي ربما غلب فيه ألَمُ الحزنِ التفكيرَ في شهوة أو لذة، فإذا مُنِعَ حديث الرجل مع المرأة في هذه الحالة فكيف بغيرها، قال شيخ الإسلام
زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (لا أجنبيٌ شابةً) فلا يعزيها إلا محارمها وزوجها وكذا من ألحق بهم في جواز النظر فيما يظهر. اهـ(27/29)
وقال سليمان الجمل الشافعي في حاشيته على شرح منهج الطلاب: أما الأجنبي فيكره له ابتداؤها بتعزية والرد عليها ويحرمان منها. اهـ
ولذا فعليك أخي أن تتقي الله تعالى، وتترك الجلوس مع النساء فإنه محرمٌ، وهو أيضاً باب فتنة لبلاء أعظم.
وقولك: (وأضطر في بعض الأحيان للذهاب إلى منازلهن)، ليس بصحيح، فليست هذه ضرورة تبيح لك ما ذكرت، واعلم أنه لا يجوز للأجنبي أن يعلم الأجنبية كلام رب العالمين، إذا كان سيترتب على ذلك خلوة أو فتنة، فكيف بغير ذلك.
قال الإمام الرملي في نهاية المحتاج: فقد صرحوا - يعني علماء الشافعية - بكراهة جهرها في الصلاة بحضرة أجنبي، وعللوه بخوف الافتتان.اهـ
وفي كشاف القناع لمنصور بن يونس البهوتي من علماء الحنابلة: وتسر بالقراءة إن كان يسمعها أجنبي، وقال في رواية مهنا عن أحمد: ينبغي للمرأة أن تخفض من صوتها في قراءتها إذا قرأت بالليل. اهـ
ولكن إذا دعت الحاجة إلى تعليم الأجنبي الأجنبية لعدم وجود من يعلمها من النساء وكان العلم الذي يعلمها مما يُحْتَاج إليه فلا بأس أن يعلمها بشروط:
أولها: أن تُؤمن الفتة من الطرفين.
ثانيها: أن يكون التعليم بغير خلوة، بل يكون في وجود من تنتفي بوجوده الخلوة.
ثالثها: أن تكون المرأة متحجبة متسترة.
وهذا ما ليس متحققاً في وضعك، ولذا فلا يجوز لك أن تقوم بتعليم النساء المذكورات إلا بالشروط السابقة.
قال الإمام الشربيني في مغني المحتاج: والمعتمد أنه يجوز النظر للتعليم للأمرد وغيره، واجبا كان – العلم - أو مندوبا، وإنما منع من تعليم الزوجة المطلَّقة لأن كلا من الزوجين تعلقت آماله بالآخر، فصار لكل منهما طمعه في الآخر، فمنع عن ذلك. اهـ
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(27/30)
حول الدراسة المختلطة
تاريخ الفتوى : ... 28 ذو القعدة 1427 / 19-12-2006
السؤال
طالب تونسي أدرس سنة أولى، مدة دراستي 4 سنوات كثير من المواد يجب علي حضورها جامعتي مختلطة وأنا أغض بصري .قرأت أغلب فتاواكم حول هذا الموضوع ولا أعلم إن كنت سأواصل دراستي أم سأقطعها. إن قطعتها لا أعرف ما أفعل هل سأخدم في وظيفة عمومية وبالتالي حلق اللحية كليا أم أدرس في مدارس التكوين المهني التي تقل فيها نسبة البنات كثيرا 2 أو 3 في القسم أخاف أن أجد نفسي عاطلا عن العمل بعد ذلك وقال لي من يدرسون هناك إن اللحية ممنوعة .فاتحت الوالدين بموضوع الزواج فوافقا وأيضا أهلها وقال أبوها أن أصبر قليلا لأني غير مستقر (تارة أدرس تارة أقول لن أدرس وسأفتش عن عمل . أفكر أيضا في أن أعمل بعيدا عن كل شيء كبناء أو عامل في البحر لكن لم أعمل من قبل وأخاف أن أجد صعوبة ومشقة. عملت من قبل في البناء وفررت لصعوبته .لا أريد السفر إلى بلاد أخرى لأني عصيت والدي كثيرا قبل الصلاة وقطعت رحمي وأريد أن أصلح ما فعلته ؟
أفتوني جزاكم الله خيرا
أحبكم في الله .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من معصية الوالد، وقطعية الرحم، هي في الحقيقة معاص كبيرة تستوجب التوبة والإنابة إلى الله تعالى.
كما أن قولك: لأني عصيت والدي كثيرا قبل الصلاة، يفهم منه أنك كنت في فترة من عمرك لا تصلي، وهذه أكبر من سابقاتها. ولك أن تراجع في موضوع ترك الصلاة فتوانا رقم: 17277.
ولكن من سعة رحمة الله أنه جعل التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وهو يغفر الذنوب جميعا كما ورد في محكم كتابه حيث قال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى(27/31)
أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، ويقول جل وعلا: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها. رواه مسلم. ويقول صلى الله عليه وسلم: لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة. رواه البخاري.
واختلاط الرجال بالنساء الأجنبيات، وحلق اللحية، يتنافيان مع التوبة، ويمكنك أن تراجع في أولاهما فتوانا رقم: 2523 ، وفي الثانية فتوانا رقم: 37208.
وعليه، فلا ننصحك بمواصلة دراستك في الجامعة التي ذكرت أنها مختلطة، كما أننا لا ننصحك بالخدمة في وظيفة يتحتم عليك فيها حلق اللحية ما لم تضطر إلى شيء من ذلك.
والذي نراه أقرب إلى الصواب هو أن تبحث عن التعلم في مؤسسة لا اختلاط فيها ولو خارج بلدك إن أمكنك ذلك، أو أن تبحث عن عمل حر إن كنت تستطيعه. وإذا لم يتيسر لك شيء من ذلك، واضطررت –حقا– إلى الوظيفة، فإن الضرورات تبيح المحظورات، وحد الضرورة هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء.
فإذا تحقق هذا الحد فيك، ولم تجد وسيلة تغني عن شيء مما ذكرت، فلا بأس حينئذ بأن ترتكب أخف الأمور المتاح لك.
ولا شك في أن مدارس التكوين المهني التي ذكرت أنها تقل فيها نسبة البنات، تعتبر أخف مما ليس كذلك.
كما أنك إذا علمت أنك قد لا تنجو من فتنة النساء –ومعلوم أنها أعظم فتنة-، فإن حلق اللحية في مقابل ذلك يكون أخف.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(27/32)
ــــــــــــــ
الفتوى : ... ارتباط المرأة بالأجنبي بغير رباط الزوجية لا يجوز
تاريخ الفتوى : ... 13 ذو القعدة 1427 / 04-12-2006
السؤال
كنت أحب شخصا وهو يحبني وفي يوم جاء وقال إنه كان موجودا بمنزل أخيه وبات معه تلك الليلة وكانت هناك ابنة خالته وفي الصباح طلبت منه أن يقوم بتوصيلها إلى المنزل وقام بذلك ولم يكن أحد هناك على قوله وأخطأت واعترف لي وقال لا بد من أن يتزوجا .
فهل هذا زنا؟
وهل يمكن أن يتركها ويتزوج بأخرى ؟
وهل أقوم بالرجوع إليه كصديقة أم أتركه؟
وأسامحه أم لا ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ندري ما نوع الخطأ الذي ارتكبه الشاب مع هذه الفتاة، فإن كان جماعا فلا شك أنه زنا لأنه لا يربطه بها علاقة زواج شرعي، وإن كان غير ذلك فهو حرام ومنكر وهو زنا ولكنه دون الزنا الذي يوجب الحد، وعلى كل حال يجب عليهما التوبة إلى الله من هذا الفعل. وله الزواج بها إن كان الفعل دون الزنا، فإن كان زنا فمن العلماء من قال بعدم جواز الزواج إلا بعد التوبة. وانظري الفتوى رقم: 9644.
وهو ليس ملزما بالزواج بها في كل الأحوال.
أما أنت فلا يجوز لك أن ترتبطي مع هذا الشاب أو غيره بغير رباط الزوجية لأنه أجنبي عنك، وعليك قطع هذه العلاقة والتوبة إلى الله عز وجل منها.
وانظري حكم الحب في الإسلام في الفتوى رقم: 5707.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(27/33)
ــــــــــــــ
وجوب السعي في الفصل بين الجنسين
تاريخ الفتوى : ... 05 ذو القعدة 1427 / 26-11-2006
السؤال
هل أبقى في هذا العمل أم أنني آثمة إذا بقيت فيه، أنا فتاة محجبة وملتزمة أعمل في إحدى النقابات في مكتب للعمل والتدريب، وأنا مديرة هذا المكتب، حيث أقوم بعقد دورات تقوية للغة الإنجليزية وهذه الدورات مختلطة، حيث يجلس الطلاب على طاولة واحدة كبيرة ووجوههم متقابلة، كما أن المدرسة غير محجبة وترتدي ملابس ضيقة جداً ولافتة، فهل يقع علي أي إثم لأنني أنا التي أسعى لنجاح هذه الدورة وتنظيمها (أنا والمسؤول عن المكتب)، آخذين بعين الاعتبار أنني لا أستطيع تجنب هذا الاختلاط ولا إحضار مدرس أو مدرسة ملتزمة في كل دورة نعقدها (لأنني سأضطر إلى استخدام أي مدرس أو مدرسة حسب الكفاءة العلمية)، وعلى الأغلب لن أستطيع إيقاف هذه الدورات لأنها ضمن السياسة الأساسية للمكتب، وعملي يحتم علي أن يقوم الأطباء الطالبون للعمل بالجلوس في المكتب وتعبئة الطلبات الضرورية، أنا أحاول أن أختصر الحديث وأتحدث بالضروري فقط، فهل أبقى في هذا العمل أم أنني آثمة إذا بقيت فيه؟ وجزاكم الله عنا كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يشك عاقل ذو فطرة سليمة في خطر اختلاط الطلاب الأجانب، وقد فطن لهذا الأمر بعض الكفار فبدؤوا يدعون للفصل بين الطلاب، والتراجع عن التعليم المختلط، ويتعين على من كانت عنده سلطة أن يسعى في تخفيف الشر قدر ما يمكنه قياماً بمسؤولية الله له عما يرعاه وقياماً بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وكل من رأى منكراً أو علم به يتعين عليه السعي في تغييره.
ولهذا فننصحك بالسعي في تخفيف الشر ما أمكن، فاحرصي على الفصل بين الطلاب، فاجعلي الدارسات بالدورة على حدة، والدارسين على حدة، واستخدمي(27/34)
للذكور ذكرا وللنساء أنثى، ولو استدعى الحال رفع المكافأة أو زيادة التكاليف، فالسلامة من الذنوب لا يعدلها شيء، وأما إن غُلبت على الأمر وعلمت أنك لا تستطيعين التأثير وأمكنك ترك العمل دون لحاق ضرر بك يصعب تحمله عادة فيتعين عليك الاحتياط لنفسك والبعد عن القيام بما يجر للاختلاط، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 48092، 62390، 50494، 5310، 48184، 3539، 70489.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ضوابط تدريس المرأة لشاب
تاريخ الفتوى : ... 28 شوال 1427 / 20-11-2006
السؤال
زوجتي مدرسة لغة عربية بمدرسة بنات ثانوية وهي ملتزمة بما أمر الله من الحجاب والالتزام وهي تعطي بعض الدروس في بيتنا لغير طالباتها بمبالغ رمزية وحتى بالمجان لمن هي محتاجة ابتغاء الأجر من الله، ولزوجتي صديقة حميمة حالتها المادية ضعيفة، ولهذه الصديقة ولد بالمرحلة الثانوية يحتاج لتقوية في هذه المادة وقد طلبت من زوجتي إن أمكن أن تعطيه بعض الدروس بحضور والدته فطلبت منها زوجتي الانتظار لسؤال عالم قبل الجواب بالإيجاب أوالرفض ؟
أفيدونا أفادكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج إن شاء الله على زوجتك في تدريس هذا الولد إذا راعت الضوابط الشرعية؛ ومنها التزام الستر، وعدم الخضوع في القول، وانتفاء الخلوة، وإذنك لها ونحو ذلك. وتراجع الفتوى رقم : 56317 ، وإن أمكن أن يوجد من يقوم بذلك من الرجال فهو أولى .
والله أعلم .(27/35)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تجنب أماكن المنكرات مطلوب ومحمود
تاريخ الفتوى : ... 24 شوال 1427 / 16-11-2006
السؤال
لقد قمت في الأيام الأخيرة برحلة إلى بعض الدول الإفريقية وبعد مشاهدتي لمدى تبرج النساء عندهم قررت أن لا أعود إلى هناك مرة أخرى في أية مهمه سواء كانت تجارية أو غير ذلك هل يجوز هذا أم لا ؟
وشكرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك عدم الذهاب إلى هذه الدول وإن لم يكن فيها ما ذكرت من أمر التبرج، وترك الذهاب مع وجود هذا التبرج أولى، إذ إن المسلم مطالب شرعا باجتناب الأماكن التي تكثر فيها المنكرات طلبا للسلامة في دينه وخاصة إن كانت هذه الدول من الدول الكافرة، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم : 74183 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نقل الرجلين مجموعة من النسوة في سيارة
تاريخ الفتوى : ... 24 شوال 1427 / 16-11-2006
السؤال
هل يجوز لي نقل النساء لوحدهن بالسيارة، وهل يجوز أن يجلس أخي معي منعاً للخلطة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/36)
فإن كان النساء اللاتي تنوي إيصالهن بالسيارة ملتزمات بالحجاب الشرعي وكان أخوك معك، فنرجوا أنه لا حرج عليك في إيصالهن لانتفاء الخلوة، ولا يجوز لهن الجلوس بجوارك أو جوار أخيك، كما ينبغي لك ولأخيك تجنب الحديث معهن إلا لحاجة، ولا يجوز لهن أن يخضعن بالقول لقول الله تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ {الأحزاب:32}، وانظر الفتوى رقم: 31014 في أقوال العلماء في حكم خلوة الرجل بأكثر من امرأة والعكس.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ثمرات وفوائد غض البصر
تاريخ الفتوى : ... 23 شوال 1427 / 15-11-2006
السؤال
أرجو أن تحدثونا عن فوائد غض البصر. و جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن غض البصر له فوائد عظيمة، فمن فوائده:
أولا: أنه طاعة لله تعالى الكبير المتعال الذي أمر بغض البصر فقال: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ {النور: 30-31}
ثانيا: أنه طاعة لرسول الله صلوات ربي وسلامه عليه القائل: لا تتبع النظر النظرة، فإن لك الأولى وليس لك الآخرة. رواه أبو داود والترمذي.
ثالثا: أن غض البصر يورث الحكمة والنور في القلب والبصيرة، فمن ترك النظر إلى ما حرم الله بنور عينه عوضه الله تعالى نورا في القلب، فيطلق له نور بصيرته يبصر به الحق من الباطل، والجزاء من جنس العمل، ولعل هذا هو السر في ذكر آية غض البصر في سورة النور؛ كما أشار إليه شيخ الإسلام.(27/37)
رابعا: أن غض البصر من أعظم السبل لحفظ الفرج، فإن الله تعالى أمر بغض البصر قبل أن يأمر بحفظ الفرج، وتأمل الآية الكريمة.
خامسا: أن غض البصر فيه تزكية للنفس وتطهير لها من أوحال الرذيلة، ولذا قال تعالى بعد الأمر بغض البصر: ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ .
سادسا: أن في غض البصر شكرا لله تعالى على نعمة البصر، فإن البصر نعمة من الله تعالى؛ كما قال تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ {الملك: من الآية23} وحق النعم الشكر عليها، فمن غض بصره فقد شكر الله تعالى حيث لم يستعمل نعمة الله في معصيته.
سابعا: أن غض البصر يورث محبة الله تعالى، قال مجاهد: غض البصر عن محارم الله يورث حب الله.
ثامنا: أن في غض البصر استعلاء على النفس الأمارة بالسوء، وإغلاقا للنافذة الأولى من نوافذ الفتنة والغواية، ودليلا صادقا على قوة العزيمة.
تاسعا: أن في غض البصر سلامة القلب من أمراض الشهوات وراحة له مما لا صبر له عليه، ورب نظرة أورثت ذلا في الدنيا وخزيا في الآخرة.
ورحم الله من قال:
كل الحوادث مبدأها من النظر**** ومعظم النار من مستصغر الشرر
والمرء ما دام ذا عين يقلبها **** في أعين العين موقوف على الخطر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها **** فتك السهام بلا قوس ولا وتر
يسر ناظره ما ضر خاطره **** لا مرحبا بسرور عاد بالضرر
عاشرا: أن في غض البصر حفظا للمجتمع أجمع من الانزلاق وراء سعار شهواني لا ينطفئ ولا يرتوي، وحماية له من الوقوع في حمأة الرذيلة والفاحشة.
الحادي عشر: أن غض البصر من حسن الخلق وأفعال ذوي المروءة، حتى إن أهل الجاهلية كانوا يفتخرون بغض البصر، وقد قال عنترة الجاهلي:
وأغض طرفي ما بدت لي جارتي **** حتى يوراي جارتي مأواها
وما أقبح منظر الرجل هو يقلب عينه في المحرمات، ورحم الله القحطاني حيث قال في النونية:(27/38)
إن الرجال الناظرين إلى النساء **** مثل الكلاب تطوف باللحمان
الثاني عشر: أن غض البصر يورث الفراسة، فمن غض بصره وداوم على أكل الحلال لم تكد تخطئ له فراسة.
قال أحد السلف: من عمر ظاهره باتباع السنة، وباطنه بدوام المراقبة، وغض بصره عن المحارم.. لم تخطئ له فراسة.
وانظر كيف أخبر الله عن قوم لوط فقال عنهم: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ {الحجر:72} لأن التعلق بالصور يوجب فساد العقل وعمى البصيرة وسكر القلب والعياذ بالله .
هذه بعض فوائد غض البصر وإلا فهي كثيرة لا تدخل تحت حصر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
إقامة علاقة مع فتاة أجنبية بعلم أهلها دون أبيها
تاريخ الفتوى : ... 21 شوال 1427 / 13-11-2006
السؤال
أنا مرتبط ببنت بعلم والدتها وأخواتها دون علم والدها إلى أن تسمح الظروف كي أذهب لخطبتها فهل يجوز ذلك أم لا, ونتكلم في الهاتف أمام أهلنا ولو خرجنا يكون مع أخيها فهل يجوز ذلك ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز إقامة علاقة مع فتاة أجنبية لما يترتب عليها من محظورات شرعية من نحو خلوة أو نظر شهوة أو محادثة لغير حاجة سواء بعلم أهلها أو بدون علمهم، وعليه يجب عليك قطع هذه العلاقة والتوبة إلى الله عز وجل مما سلف ثم لا حرج عليك في التقدم لخطبتها من وليها ، وتراجع الفتوى رقم : 20021 ، والفتوى رقم : 35987 .
والله أعلم .(27/39)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتنة بين الرجال والنساء وحكم عدم الوفاء بالوعد
تاريخ الفتوى : ... 21 شوال 1427 / 13-11-2006
السؤال
السؤال الأول : أخي يبلغ من العمر حوالي 14-16 ، وعده صديقه الذي يبلغ من العمر 25-27 بأن يعطيه 300 درهم إن نجح ، فنجح أخي وأعطاه 100 درهم وقال بأنه سيكمل بقية المبلغ في حين آخر ... فأعطيت أنا أخي 200 درهم بنيابة عنه على أساس أن يرجع لي المبلغ صاحب الوعد... فعرف بين الجميع أنه أعطى أخي 300 درهم (علماً أنه لم يكمل المبلغ، و اعتذر عن إكمال المبلغ) فهل تعتبر هذه كذبة ؟؟ (علماً كانت النية بنيت على الاتفاقية!!)
السؤال الثاني: صاحب المبلغ أرسل لي رسالة قائلا إنه يعتذر عن دفع المبلغ لي ويريد أن أعفو عنه شخصيا، فأخبرت أخي الأصغر (عمره7-8) بأن يخبره بأني عفوت عنه عن المبلغ و لكن بشرط بأن يحفظ أخي الأصغر القرآن الكريم إلى سورة معينة..
أكثر العتاب علي وأرسل لي رسائل قائلاً بأن ليس كان علي أن أتدخل بينه وبين أخي .. ولا يحق لي أن أشترط ..وأنني أصبحت فتنة ، وأنه بذلك قد تنقطع الثقة بينه وبين أهلي وصلة الأرحام بين أهلنا بسبب عدم دفعه للمبلغ ! (علماً لم يعلم أغلب الأهل عن هذه الاتفاقية) وماكان ردي إلا أني أخبرته بأني لا أريد المال ولا أريد تحفيظ أخي القرآن . ونبهته عدة مرات بأن لا يرسل لي رسائل (عبر الهاتف). فاعتذر وقال بأنه سيرد المبلغ وسيحفظ أخي القرآن طوال حياته ... وبدأ يشكرني ويعتذر ويمدحني السؤال يا شيخ أليس كل هذا فتنة وابتلاء؟؟ ولا أريد أن أفتتن بأي أحد ، قد تقول يا شيخ علي الابتعاد عنه ولكن هو إمام مسجد كما يدعي ..ووالدي أغلب الأحيان في ذلك المسجد يصلي وأهلي يعرفون أهله وهو يعرفنا ويعاشر جميع إخواني من أكبر واحد إلى أصغر واحد وحتى والدي ... وفي ذلك(27/40)
المسجد حتى أخواتي يتعلمن القرآن! حاولت أن أبتعد ولكن الشيطان يحاول أن يتبعني ، ماذا أفعل ؟ وما هو الملجأ؟؟ما هي توجيهاتكم المفيدة ؟
وجزاكم الله أعلى الجنان .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي -أيتها الأخت الكريمة- أن الفتنة بين الرجال والنساء هي أشد الفتن في الدين وأخطرها. ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء. ومن رأى افتتان الشباب بالنساء، وكثرة ما يقع من الشر بمصادقتهن، أو النظر إليهن، علم صدق نصح النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وكمال شفقته ورحمته بهم.
واعلمي أن ما ذكرته من أن هذا الشاب هو إمام مسجد، وأن والدك في أغلب الأحيان يصلي في ذلك المسجد، وأن أهلك يعرفون أهله، وأنه هو يعرفكم ويعاشر جميع إخوانك من أكبرهم إلى أصغرهم، إلى غير ذلك مما ذكرته وفصلته تفصيلا...
أقول: إن هذا كله إذا لم يكن دليلا على فتنة بعضكم ببعض، فإنه على الأقل ليس دليلا على البراءة من ذلك، وإنما هو في الحقيقة حبالة من حبائل الشيطان ومكيدة من مكائده. فابتعدي وانأي بنفسك عن هذا الشر المستطير.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن ما ذكرته من أن صديق أخيك سيعطيه 300 درهم إن نجح في الامتحان هو وعد من صديق أخيك لأخيك، والوعد قد ذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة وبعض المالكية إلى أن الوفاء به مستحب وليس بواجب، فمن ترك الوفاء به فلا إثم عليه، لكن يكون قد ارتكب مكروها كراهة تنزيهية، وذهب بعض العلماء إلى وجوب الوفاء به مطلقا.(27/41)
ويعني أصحاب القول الأخير: أن الواعد إذا لم يف فهو آثم، وذهب بعض العلماء إلى التفصيل في ذلك، فقال: إن كان الموعود دخل بسبب الوعد في شيء يناله ضرر بالتراجع عنه، وجب الوفاء به، وإلا لم يجب الوفاء به، وكان مستحبا.
وهذا هو مشهور مذهب مالك، وهو أقرب هذه الأقوال إلى الصواب، وأشبهها بما يتماشى مع مقاصد الشرع وقواعده.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مشاهدة المرأة مباريات كرة القدم للرجال ... العنوان
هل يجوز للنساء مشاهدة مبارايات كرة القدم للرجال ،مع الوضع في الاعتبار عورة الرجل بالنسبة للمرأة ... السؤال
28/01/2007 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فنظر المرأة إلى الرجل في مباريات كرة القدم جائز ما لم تنظر المرأة بشهوة، ونظر الرجل إلى المرأة والمرأة إلى الرجل جائز ـ على ما نرجحه ـ بشرطين ، ألا يكون النظر إلى العورة، وألا يكون النظر بشهوة، أما كون الفخذ عورة فمحل خلاف بين الفقهاء والراجح أنه ليس بعورة .
وقد تحدث الفقهاء عن نظر المرأة للرجل ، ولا خلاف عند الفقهاء في جواز نظر المرأة للرجل عند الحاجة أوالضرورة ، كما لا خلاف بينهم في حرمة النظر إن كانت هناك شهوة أو تلذذ، ولكنهم اختلفوا في نظر المرأة للرجل من غير حاجة ،وليست هناك شهوة ، فيرى الأحناف والصحيح عند الشافعية ورواية عن الإمام أحمد أنه يجوز للمرأة النظر إلى الرجل من غير حاجة ، بعيدا عن عورته ،أي لا تنظر إلى مابين السرة والركبة، وعند بعض الحنابلة كل جسده عدا السوأتين.(27/42)
ويرى بعض الشافعية وبعض الحنابلة أن ما يجوز للمرأة النظر إلى الرجل ، هو ما يجوز للرجل أنينظر إليه من المرأة من غير شهوة ولا تلذذ ، وهو الوجه والكفان.
ويرى البعض أن للمرأة أن تنظر من الرجل ما ينظره هو من ذوات محارمه، فينظر إلى الوجه والشعر والأذن والعنق والصدر واليد إلى المنكب والرجل إلىالركبة.
وذهب فريق إلى أن لها أن تنظر منه ما يظهر عند الخدمة ، وهو : الوجه والرأس والعنق واليد إلى المرفق ، والرجل إلى الركبة.
والمختار من الفتوى أن للمرأة أن تنظر من الرجل ما لا يثير غريزتها، ولا يحرك شهوتها، فإن كانت مشاهدة المرأةللرجل وهو يلعب الكرة لا يحرك فيها شيئا، فلا يمكن القول بحرمته وهو مباح .
والدليل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن عائشة قالت :رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما على باب حجرتي ،والحبشة يلعبون في المسجد ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه أنظر إلى لعبهم"، فهذا نص على جواز رؤية المرأة الرجال وهم يلعبون ، وما قد يتبع هذا من كشف لبعض أعضاء الجسد غير العورة.
ولعب الكرة إن كان كرة قدم، فإن ظهور شيء من الفخذ ليس بعورة عند بعض الفقهاء.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما يلي :ـ
اختلف الفقهاء في عورة الرجل بالنسبة للأجنبية، فيرى الحنفية أن لها النظر إلى ما عدا ما بين السرة إلى الركبة إن أمنت على نفسها الفتنة .
والمالكية يرون أن لها النظر إلى ما يراه الرجل من محرمه وهو الوجه والأطراف عند أمن الفتنة .
أما الشافعية فلا يجيزون لها النظر إلى ما هو عورة وإلى ما هو غير عورة منه من غير سبب , بدليل عموم آية : { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } وبدليل ما روت أم سلمة رضي الله عنها قالت { كنت عند رسول الله صلى الله(27/43)
عليه وسلم وعنده ميمونة , فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب ، فقال صلى الله عليه وسلم : "احتجبا منه "فقلنا : يا رسول الله أليس أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه } .
والقول الراجح عند الحنابلة يجيز نظر المرأة إلى ما ليس بعورة من عورة الرجل بالنسبة للرجل : الأجنبي , لحديث عائشة رضي الله عنها { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه , وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد."
يقول الدكتور القرضاوي في نظر المرأة إلى الرجل:
من المتفق عليه: أن النظر إلى العورة حرام، بشهوة أم بغير شهوة، إلا إن وقع ذلك فجأة بغير قصد ولا تعمد، وهو ما جاء فيه الحديث الصحيح الذي رواه جرير بن عبد الله: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم- عن نظر الفجأة فقال: " اصرف بصرك " رواه مسلم.
ولكن يبقى البحث هنا عن عورة الرجل ما هي ؟.
فالسوءتان عورة مغلظة متفق على تحريم كشفها أو النظر إليها، إلا في حالة الضرورة كالعلاج ونحوه، وحتى لو كانت مغطاة بما يجسمها ويبرزها أو يشف عنها، فهو محظور شرعا.
وأكثر الفقهاء على أن الفخذين من العورة، وأن عورة الرجل ما بين السرة والركبة، وقد استدلوا على ذلك ببعض الأحاديث التي لم تسلم من التعليل، وبعضهم حسنها وربما صححها بمجموع طرقها، وإن كان كل واحد منها في ذاته يقصر عن الاحتجاج به على إفادة حكم شرعي.
وذهب بعض الفقهاء إلى أن الفخذ ليس بعورة، مستدلين بحديث أنس أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حسر عن فخذه في بعض المواضع، ونصر هذا المذهب أبو محمد بن حزم.
ومذهب المالكية المنصوص عليه في كتبهم أن العورة المغلظة من الرجل هي السوءتان فقط أي القبل والدبر.. وهي التي تبطل الصلاة بكشفها أبدًا مع القدرة.(27/44)
وحاول فقهاء الحديث الجمع بين الروايات المتعارضة إن أمكن ذلك، أو الترجيح بينها، فقال الإمام البخاري في صحيحه: (باب ما يذكر في الفخذ: وروي عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي-صلى الله عليه وسلم-: أن الفخذ عورة، وقال أنس: " حسر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن فخذه "، وحديث أنس أسند أي أقوى سندًا وحديث جرهد أحوط) (يلاحظ أن البخاري علق الحديث بصيغة التضعيف " روي " مما يدل على ضعفه عنده، كما ذكر في الترجمة).
واتجه الشوكاني في " نيل الأوطار " إلى توجيه الأحاديث التيذكرت أن الفخذ عورة على أنها حكاية حال لا عموم لها.
أما المحقق ابن القيم فقال في " تهذيب سنن أبي داود " :.
وطريق الجمع بين هذه الأحاديث ما ذكره غير واحد من أصحاب أحمد وغيرهم: أن العورة عورتان: مخففة ومغلظة، فالمغلظة السوءتان، والمخففة الفخذان، ولا تنافي بين الأمر بغض البصر عن الفخذين لكونهما عورة، وبين كشفهما لكونهما عورة مخففة.
وفي هذا رخصة للرياضيين وغيرهم ممن تستلزم هواياتهم وممارساتهم الملابس القصيرة، مثل "الشورت " ونحوه، وكذلك من يشاهدونهم.. وكذلك الكشافة والجوالة، وإن كان يجب على المسلمين أن يفرضوا على تلك المنظمات العالمية طابعهم الخاص وما تقتضيه قيمهم الدينية ما استطاعوا.
وينبغي التنبيه هنا، أن ما كان عورة من الرجل، فالنظر إليه حرام من المرأة والرجل جميعًا وهذا أمر واضح.
وأما ما لم يكن عورة من الرجل، كالنظر إلى وجهه وشعره وذراعيه وساقيه وما إلى ذلك، فالقول الصحيح أنه جائز، ما لم يصحب ذلك شهوة، أو خوف فتنة.. وهذا هو رأي جمهور فقهاء الأمة، وهو الذي دل عليه عمل المسلمين منذ عصر النبوة، وما بعده من خير القرون، ودلت عليه أحاديث صحيحة صريحة لا تقبل طعنًاوذهب بعض الفقهاء إلى منع المرأة من رؤية الرجال عامة، مستدلين بما ذكرته السائلة في سؤالها.(27/45)
أما حديث فاطمة رضي الله عنها، فلا قيمة له من الناحية العلمية، ولم أره في كتاب من كتب أدلة الأحكام، ولا استدل به فقيه من الفقهاء، حتى المتشددون الذين منعوا المرأة من النظر إلى الرجل لم يذكروه، وإنما ذكره الإمام الغزالي في " الإحياء "، وقال الحافظ العراقي في تخريجه: رواه البزار والدارقطني في "الأفراد " من حديث على بسند ضعيف. (ذكره في كتاب النكاح، باب آداب المعاشرة، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد جـ 2/202 وقال: رواه البزار وفيه من لم أعرفه).
وأما الحديث الآخر، فنجد الرد عليه فيما ذكره ابنقدامة في تلخيص الرأي في المسألة، حيث قال في " المغني " فأوجز وأحسن:.
فأما نظر المرأة إلى الرجل ففيه روايتان:.
إحداهما: لها النظر إلى ما ليس بعورة.
والأخرى: لا يجوز لها النظر من الرجل إلا إلى مثل ما ينظر إليه منها اختاره أبو بكر، وهذا أحد قولي الشافعي.
لما روى الزهري عن نبهان عن أم سلمة قالت: كنت قاعدة عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فاستأذن ابن أم مكتوم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " احتجبا منه "، فقلت: يا رسول الله، إنه ضرير لا يبصر، قال: " أفعمياوان أنتما لا تبصرانه ؟ " رواه أبو داود وغيره.
ولأن الله تعالى أمر النساء بغض أبصارهن كما أمر الرجال به.
ولأن النساء أحد نوعي الآدميين فحرم عليهن النظر إلى النوع الآخر قياسًا على الرجال.
يحققه أن المعنى المحرم للنظر خوف الفتنة، وهذا في المرأة أبلغ، فإنها أشد شهوة وأقل عقلاً، فتسارع الفتنة إليها أكثر.
ولنا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لفاطمة بنت قيس: " اعتدي في بيت ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك، فلا يراك " متفق عليه. (وفي رواية لمسلم: " فإني أكره أن يسقط عنك خمارك، أو ينكشف الثوب عن ساقيك، فيرى القوم منك بعض ما تكرهين " ومعنى هذا أنه أراد الرفق بها والتيسير عليها، فلا تظل طوال(27/46)
اليوم ملتزمة بالثياب الساترة للجسم كله إذا بقيت عند أم شريك كثيرة الضيفان.. أما ابن أ م مكتوم فإنه لا يراها، فيمكنها بعض التخفف).
وقالت عائشة: " كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد " متفق عليه.
ويوم فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم- من خطبة العيد " مضى إلى النساء فذكرهن ومعه بلال، فأمرهن بالصدقة ".
ولأنهن لو منعن النظر لوجب على الرجال الحجاب، كما وجب على النساء لئلا ينظرن إليهم.
فأما حديث نبهان، فقال أحمد: نبهان روى حديثين عجيبين. يعني هذا الحديث، وحديث " إذا كان لإحداكن مكاتب فلتحتجب منه " وكأنه أشار إلى ضعف حديثه، إذ لم يرو إلا هذين الحديثين المخالفين للأصول.
وقال ابن عبد البر: نبهان مجهول، لا يعرف إلا برواية الزهري عنه هذا الحديث، وحديث فاطمة صحيح، فالحجة به لازمة.
ثم يحتمل أن حديث نبهان خاص لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، كذلك قال أحمد وأبو داود.
قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: كأن حديث نبهان لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة، وحديث فاطمة لسائر الناس ؟ قال: نعم. (وقال أبو داود بعد رواية الحديث: وهذه لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة، ألا ترى إلى اعتداد فاطمة بنت قيس عند ابن أم مكتوم ؟.انظر سنن أبي داود، حديث 4112).
وإن قدر التعارض، فتقديم الأحاديث الصحيحة أولى من الأخذ بحديث مفرد في إسناده مقال). (المغني لابن قدامة 6/563،564 ).
بقي هنا قيد مفروغ منه، وهو ما ذكرناه في نظر الرجل إلى المرأة، وأعني به ألا يكون مصحوبًا بالتلذذ والشهوة، وإلا حرم، ولهذا أمر الله المؤمنات أن يغضضن من أبصارهن، كما أمر المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم سواء.. قال تعالى: (قل للمؤمنين يَغُضُّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما(27/47)
يصنعون.. وقل للمؤمنات يَغْضُضْنَّ من أبصارهن ويحفظن فروجهن...). (النور: 30، 31.الآية).
صحيح أن المرأة تثير الرجل وتحرك شهوته، أكثر مما يثير الرجل المرأة، وأن المرأة أكثر جاذبية للرجل، وهي المطلوبة غالبًا والرجل هو الطالب، ولكن هذا كله لا يمنع أن من الرجال من يجذب عين المرأة وقلبها بشبابه ووسامته، أو بقوته وفحولته، أو بغير ذلك من المعاني التي ترنو إليها أعين بعض النساء، أو تهفو إليها قلوبهن.
وقد قص علينا القرآن الكريم قصة امرأة العزيز مع فتاها يوسف، الذي شغفها حبًا وكيف غدت هي الطالبة لا المطلوبة، وكيف راودته عن نفسه وقالت: (هيت لك قال معاذ الله). (يوسف :23 ).
كما قص علينا موقف نسوة المدينة حينما رأين يوسف لأول مرة بما آتاه الله من شباب وحسن ونضارة وقوة: (فلما رأينه أكْبَرْنَه وقَطَّعْن أيديهن وقُلْن حاش لله ما هذا بشرًا إن هذا إلا ملك كريم.. قالت فَذَلِكُنّ الذي لُمْتُنَّني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجَنَنَّ وليكونًا من الصاغرين). (يوسف "31،32)
فإذا نظرت المرأة إلى رجل معين، فتحركت فيها عوامل الأنوثة، فعليها أن تغض بصرها، ولا تتابع النظر إليه، بعدًا عن مظنة الفتنة، ويزداد الأمر خطرًا إذا بادلها الرجل النظر بنفس الرغبة والشهوة.. فهذا هو النظر الذي سموه (بريد الزنى) والذي وُصِف بأنه (سهم مسموم من سهام إبليس) وهو الذي قال فيه الشاعر:.
كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر!.
فالسلامة في البعد عن مواضع الشرر، ومواقع الخطر، ونسأل الله العافية في الدين والدنيا... آمين.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
مذاهب العلماء في محادثة الشابة ابتداء أو عبر النت
تاريخ الفتوى : ... 20 شوال 1427 / 12-11-2006(27/48)
السؤال
أنا شاب أعيش في أوربا وأحسب نفسي عند الله ملتزما، صدفة تعرفت على بنت عبر الانترنت وهي تعيش في بلد عربي في أسرة مسلمة ولكن متحررة حاولت دعوتها للإسلام وفعلا استجابت وتحجبت ولبست الجلباب وأصبحت تصلي دون انقطاع ولكن تواجه رفضا كبيرا من أهلها لكل شيء فعلته وتجد صعوبة كبيرة في الاستمرار وهي تجد بكلماتي حين أكلمها عونا لها وتقول لولا وقوفك بجانبي لخلعت الحجاب والجلباب
أنا أريد الزواج منها لكن ظروفي الآن لا تسمح فهل إذا استمررت في الكلام معها عبر النت حرام، مع العلم أن كلامي معها كله كلام مفيد وغالبا في الدين.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم –وفقنا الله وإياك للخير- أن فتنة النساء من أعظم الفتن وأكثرها خطرا وضررا، كما ورد ذلك في الصحيحين وغيرهما من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
وروى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
والكلام مع امرأة شابة، وإنشاء علاقة معها عبر الأنترنت أو غيره من أعظم الوسائل التي قد تجر إلى الوقوع في الحرام، وإن زين الشيطان ذلك في أول الأمر وأظهره على أنه علاقة بريئة من كل ما يدعو إلى الحرام.
وقد نص الفقهاء رحمهم الله على المنع من التكلم مع المرأة الشابة خشية الفتنة، وهذا ما لم يكن هناك ضرورة أو حاجة للكلام، فقال العلامة الخادمي رحمه الله في كتابه: بريقة محمودية وهو حنفي قال: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة لأنه مظنة الفتنة.
وقال صاحب كشاف القناع من الحنابلة: وإن سلم الرجل عليها -أي على الشابة- لم ترده دفعا للمفسدة.(27/49)
ونص فقهاء الشافعية على حرمة ابتداء الشابة الرجل الأجنبي بالسلام، وكذا ردها عليه، وكرهوا ابتداء الرجل لها بالسلام، وعللوا التفريق بينها وبينه أن ردها عليه أو ابتداءها له مطمع له فيها.
وإذا كان الأمر كذلك علمت أنه لا يجوز لك التمادي في محادثة هذه الفتاة عن طريق الأنترنت قطعا لدابر الفتنة، وعليك التوبة مما مضى.
وطالما أنك تريد الزواج منها فعليك أن تجتهد في تدبير أمور زواجك، وفي الحلال غنية عن الحرام.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
... إثم مشاهدة اللواط
تاريخ الفتوى : ... 16 شوال 1427 / 08-11-2006
السؤال
هل مشاهدة اللواط تجعل المرء يستحق عقوبة اللواط؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مشاهدة مثل هذه الأفعال محرم شرعاً، ويجب على العبد البعد عنه والتوبة مما حصل منه سابقاً، ولكنها لا تجعل العبد يستحق عقوبة اللواط التي هي الحد الشرعي.
وننصحك أن تشغل نفسك ووقتك بما يفيدك في الدنيا والآخرة، من تعلم علم نافع، ومن تكسب مباح ورياضة مشروعة، وعليك أن تصحب الأخيار وتكثر من مجالستهم، وتواظب على الصلاة في الجماعة، وعلى الأذكار النبوية المقيدة والمطلقة، ونسأل الله أن يعفك، ويعينك على الطاعة والبعد عن المعاصي، وعليك أن تتزوج إن أمكنك، فالزواج أنفع الوسائل المساعدة على غض البصر وحفظ الفرج، كما في حديث الصحيحين: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج.(27/50)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الضوابط في مسألة النظر للعورة في العلاج
سؤال:
السؤال :
أرجو أن توضح لي أمر اختيار الطبيب ، فقد قالت مدرستي بأن المرأة المريضة يجب أن تختار طبيبة مسلمة ثم الطبيبة الكافرة ثم الطبيب المسلم ثم الطبيب الكافر ، ولا نذهب لطبيب إلا إذا عدم وجود طبيبة ونحتاج لمختص .
قالت صديقتي بأن مدرستها قالت بأن الخيار الأول أن يكون مسلماً سواءاً طبيب أو طبيبة ، ثم يأتي الكافر طبيب أو طبيبة .
أنا محتارة ، فأنا أفهم أن الأطباء المسلمون عندهم أمانة أكثر من غير المسلمين ولكن ألا تأتي مسألة العورة أكثر أهمية ثم تجنب الفتنة ؟
بعض أصدقائي النساء يفضلون الذهاب لطبيب مسلم في مراجعتهم فترة الحمل وكذلك حين الوضع بينما يوجد الكثير من القابلات مسلمات وغير مسلمات .
أرجو أن تنصحنا يا أستاذ
جزاك الله خيرا
الجواب:
الجواب :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين : نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
ففيما يلي ذِكْر لبعض القواعد والضوابط في مسألة : " النظر للعلاج "
أولا : عورة الرجل ما بين السرّة والركبة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما بين السُّرَّة والركبة عورة ) حديث حسن رواه أحمد وأبو داود والدار قطني . وهذا قول جمهور أهل العلم .(27/51)
ثانيا : المرأة كلها عورة أمام الأجنبي لقوله تعالى : { وإذا سألتموهنّ متاعا فاسألوهن من وراء حجاب } ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( المرأة عورة ) رواه الترمذي بسند صحيح وهذا القول هو الصحيح من المذهب عند الحنابلة وإحدى الروايتين عند المالكية وأحد القولين عند الشافعية .
ثالثا : تَعمّد النظر إلى العورات من المحرمات الشديدة ويجب غضّ البصر عنها لقوله تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون . وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن .. الآية } وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ، ولا المرأة إلى عورة المرأة .. ) رواه مسلم وقال لعلي رضي الله عنه : ( لا تنظر إلى فخذ حيّ ولا ميّت ) رواه أبو داود وهو حديث صحيح
رابعا : كلّ ما لا يجوز النّظر إليه من العورات لا يحلّ مسّه ولو من وراء حائل وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم : ( إني لا أصافح النساء ) رواه مالك وأحمد وهو حديث صحيح ، وقال : ( لأن يُطعن في رأس أحدكم بمِخْيَط من حديد خير له من أن يمسّ امرأة لا تحلّ له ) رواه الطبراني وهو حديث صحيح . قال النووي رحمه الله : وحيث حَرُم النظر حَرُم المسّ بطريق الأَوْلى ، لأنه أبلغ لذّة .
خامسا : العورات أنواع ودرجات فمنها العورة المغلّظة ( السوأتان : القُبُل والدُّبُر ) والعورة المخففة كفخذي الرّجل أمام الرّجل .
والصغير دون سبع سنين لا حكم لعورته ، والصغير المميِّز ـ من السابعة إلى العاشرة ـ عورته الفرجان ، والصغيرة المميِّزة عورتها من السرّة إلى الركبة ، ( وكلّ ذلك عند أَمْن الفتنة ) وعورة الميّت كعورة الحيّ ، والأحوط إلحاق الخنثى بالمرأة في العورة لاحتمال كونه امرأة .
سادسا : الضرورات تبيح المحظورات ، ولا خلاف بين العلماء في جواز نظر الطبيب إلى موضع المرض من المرأة عند الحاجة ضمن الضوابط الشرعية ، وكذلك القول في نظر الطبيب إلى عورة الرجل المريض ، فيباح له النظر إلى موضع العلّة بقدر الحاجة ، والمرأة الطبيبة في الحكم كالطبيب الرجل . وهذا(27/52)
الحكم مبني على ترجيح مصلحة حفظ النفس على مصلحة ستر العورة عند التعارض .
سابعا : " الضرورة تُقدَّر بقدرها " : فإذا جاز النظر والكشف واللمس وغيرها من دواعي العلاج لدفع الضرورة والحاجة القويّة فإنه لا يجوز بحال من الأحوال التعدّي وترك مراعاة الضوابط الشرعية ومن هذه الضوابط ما يلي :
1ـ يقدّم في علاج الرجال الرجال وفي علاج النساء النساء وعند الكشف على المريضة تُقدّم الطبيبة المسلمة صاحبة الكفاية ثمّ الطبيبة الكافرة ثمّ الطبيب المسلم ثمّ الطبيب الكافر ، وكذلك إذا كانت تكفي الطبيبة العامة فلا يكشف الطبيب ولو كان مختصا ، وإذا احتيج إلى مختصة من النساء فلم توجد جاز الكشف عند الطبيب المختص ، وإذا كانت المختصة لا تكفي للعلاج وكانت الحالة تستدعي تدخّل الطبيب الحاذق الماهر الخبير جاز ذلك ، وعند وجود طبيب مختص يتفوّق على الطبيبة في المهارة والخبرة فلا يُلجأ إليه إلا إذا كانت الحالة تستلزم هذا القدر الزائد من الخبرة والمهارة . وكذلك يُشترط في معالجة المرأة للرجل أن لايكون هناك رجل يستطيع أن يقوم بالمعالجة .
2ـ لا يجوز تجاوز الموضع اللازم للكشف فيقتصر على الموضع الذي تدعو الحاجة إلى النظر إليه فقط ، ويجتهد مع ذلك في غضّ بصره ما أمكن ، وعليه أن يشعر أنه يفعل شيئا هو في الأصل محرّم وأن يستغفر الله عما يمكن أن يكون حصل من التجاوز .
3ـ إذا كان وصف المرض كافيا فلا يجوز الكشف وإذا أمكن معاينة موضع المرض بالنظر فقط فلا يجوز اللمس وإذا كان يكفي اللمس بحائل فلا يجوز اللمس بغير حائل وهكذا .
4ـ يُشترط لمعالجة الطبيب المرأة أن لا يكون ذلك بخلوة فلا بدّ أن يكون مع المرأة زوجها أو محرمها أو امرأة أخرى من الثقات .
5ـ أن يكون الطبيب أمينا غير متهم في خلقه ودينه ويكفي في ذلك حمل الناس على ظاهرهم .(27/53)
6ـ كلما غَلُظت العورة كان التشديد أكثر قال صاحب كفاية الأخيار : واعلم أن أصل الحاجة كان في النظر إلى الوجه واليدين ، وفي النظر إلى بقية الأعضاء يُعتبر تأكّد الحاجة ، وفي النظر إلى السوأتين يُعتبر مزيد تأكُّد الحاجة . ولذلك لا بدّ من التشديد البالغ في مثل حالات التوليد وختان الإناث اليافعات .
7ـ أن تكون الحاجة إلى العلاج ماسة كمرض أو وجع لا يُحتمل أو هُزال يُخشى منه ونحو ذلك أما إذا لم يكن مرض أو ضرورة فلا يجوز الكشف عن العورات كما في حالات التوهّم والأمور التحسينية .
8ـ كلّ ما تقدّم مُقيّد بأمن الفتنة وثوَران الشهوة من كلّ من طرفي عملية المعالجة .
وختاما فإنه لا بدّ من تقوى الله في هذه المسألة العظيمة التي احتاطت لها الشريعة وجعلت لها أحكاما واضحة وحازمة . وإن مما عمّت به البلوى في هذا الزمان التساهل في مسائل الكشف عن العورات في العيادات والمستشفيات وكأن الطبيب يجوز له كلّ شيىء ويحلّ عنده كلّ محظور . وكذلك ما وقع في البرامج التعليمية المأخوذة نسخة طبق الأصل مما هو موجود في بلاد الكفّار تشبها بهم من التساهل في عدد من حالات التعليم والتدريب والاختبار .
وواجب على المسلمين الاعتناء بتخريج النساء من أهل الكفاية في التخصصات المختلفة للقيام بالواجب ، وحسن إعداد جداول المناوبات في المستوصفات والمستشفيات لئلا تقع نساء المسلمين في الحرج ، وأن لا تُهمل المريضة أو يتبرّم منها الطبيب إذا طلبت طبيبة لعلاجها .
والله المسؤول أن يفقهنا في الدين وأن يعيننا على القيام بأحكام الشريعة ورعاية حقوق المسلمين .
وهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
الفتوى : ... يشك أن زوجته لا تغض بصرها(27/54)
تاريخ الفتوى : ... 13 شوال 1427 / 05-11-2006
السؤال
ماذا يفعل من يشك أن زوجته لا تغض بصرها وهو مجرد شك فقط ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي العلم أن الأصل في المسلم السلامة والبراءة من الفسق، كما لا يجوز التجسس على المسلم؛ لقول الله تعالى : وَلَا تَجَسَّسُوا {الحجرات: 12 } وقوله صلى الله عليه وسلم: لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم. رواه أحمد .
لكن ليس معنى هذا أن يترك الزوج لزوجته الحبل على الغارب ويغمض عينيه عما تفعل، بل إذا رأى منها ما يريبه قام بنصحها وبين لها حكم فعلها وأخذ على يدها حتى تتركه، وينبغي للرجل أن يبعد عن أهله أسباب الفساد والانحراف، وأن يوفر لهم البيئة الصالحة ولو على الأقل داخل البيت، أما أن يتركهم تحيط بهم أسباب الفساد من كل مكان ثم يلومهم على النظر ونحوه فهذا حال كمن قال فيه الشاعر :
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
متى يجوز للمرأة كشف وجهها
سؤال:
نحن نعلم أن الراجح من أقوال أهل العلم وجوب تغطية المرأة ولكن هناك حالات متعددة لا تستطيع المرأة فيها تغطية الوجه فهل يمكن إلقاء الضوء على هذا الموضوع ؟
الجواب:
الحمد لله(27/55)
القول الراجح الذي تشهد له الأدلة هو : " وجوب ستر الوجه " ، وعليه فإن المرأة الشابة تُمنع من كشفه أمام الرجال الأجانب سداً لذرائع الفساد ، ويتأكد ذلك عند الخوف من الفتنة .
وقد نص أهل العلم على أنّ ما حرم سداً للذريعة يباح من أجل مصلحة راجحة .
وبناءً علي ذلك نص الفقهاء على حالات خاصة يجوز للمرأة عندها كشف وجهها أمام الرجال الأجانب عندما تدعو الحاجة إلى كشفه أمامهم ، كما يجوز لهولاء أن ينظروا إليه ، شريطة أن لا يتجاوز الأمر في الحالتين مقدار الحاجة ، لأن ما أبيح للضرورة أو حاجة يقدر بقدرها .
ونجمل هذه الحالات فيما يلي :
أولاً : الخِطبة :
يجوز للمرأة كشف وجهها وكفيها أمام مريد خطبتها ، لينظر إليهما في غير خلوة ودون مسّ ، لدلالة الوجه على الدمامة أو الجمال ، والكفين على نحافة البدن أو خصوبته .
وقال أبو الفرج المقدسي : " ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر إلى وجهها .. مجمع المحاسن ، وموضع النظر .. "
ويدل على جواز نظر الخاطب إلى مخطوبته أحاديث كثيرة منها :
1- عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : " إن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، جئت لأهب لك نفسي ، فنظر إليها رسول الله صلى الله عيله وسلم ، فصعّد النظر إليها وصوّبه ، ثم طأطأ رأسه ، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست ، فقام رجل من أصحابه فقال : أي رسول الله ، لَإِن لم تكن لك بها حاجة فزوجنيها .. ) الحديث أخرجه البخاري 7/19 ، ومسلم 4/143 ، والنسائي 6/113 بشرح السيوطي ، والبيهقي 7/84 .
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : " كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنظرت إليها ؟ قال : لا ، قال : فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً " أخرجه أحمد ( 2/286،299 ) ، ومسلم 4/142 ، والنسائي 2/73 .(27/56)
3- وعن جابر رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ( إذا خطب أحدكم المرأة ، فإن استطاع أن ينظر إلى مايدعوه إلى نكاحها فليفعل ) أخرجه أبو داود والحاكم ، وسنده حسن ، وله شاهد من حديث محمد بن مسلمة ، وصححه ابن حبان والحاكم ، وأخرجه أحمد وابن ماجه ، ومن حديث أبي حميد أخرجه أحمد والبزار ، كذا في فتح الباري ( 9/181 ) .
قال الزيلعي : ( ولا يجوز له أن يمس وجهها ولا كفيها - وإن أَمِن الشهوة - لوجود الحرمة ، وانعدام الضرورة أ.هـ ، وفي درر البحار : لا يحل المسّ للقاضي والشاهد والخاطب وإن أمنوا الشهوة لعدم الحاجة .. أ.هـ ) رد المحتار على الدر المختار 5/237 .
وقال ابن قدامة : ( ولا يجوز له الخلوة بها لأنها مُحرّمة ، ولم يَرد الشرع بغير النظر فبقيت على التحريم ، ولأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة المحظور ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يخلون رجل بإمراة فإن ثالثهما الشيطان ) ولا ينظر إليها نظر تلذذ وشهوة ، ولا ريبة . قال أحمد في رواية صالح : ينظر إلى الوجه ، ولا يكون عن طريق لذة .
وله أن يردّد النظر إليها ، ويتأمل محاسنها ، لأن المقصود لا يحصل إلا بذلك " أ.هـ
ثانياً : المعاملة :
ويجوز لها كشف وجهها وكفيها عند حاجتها إلى بيع أو شراء ، كما يجوز للبائع أن ينظر إلى وجهها لتسليم المبيع ، والمطالبة بالثمن ، ما لم يؤد إلى فتنة ، وإلا منع من ذلك .
قال ابن قدامة : ( وإن عامل امرأة في بيع أو أجارة فله النظر إلى وجهها ليَعْلَمَها بعينها فيرجع عليها بالدّرَك ( وهو ضمان الثمن عند استحقاق البيع ) ، وقد روي عن أحمد كراهة ذلك في حق الشابة دون العجوز ، وكرهه لمن يخاف الفتنة ، أو يستغني عن المعاملة فأما مع الحاجة وعدم الشهوة فلا بأس " المغني 7/459 ، والشرح الكبير على متن المقنع 7/348 بهامش المغني ، والهداية مع تكملة فتح القدير 10/24 .(27/57)
وقال الدسوقي : إن عدم جواز الشهادة على المتنقبة حتى تكشف عن وجهها عام في النكاح وغيره ، كالبيع ، والهبة ، والدين ، والوكالة ، ونحو ذلك ، واختاره شيخنا " حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4/194 .
ثالثاً : المعالجة
يجوز للمرأة كشف مكان العلة من وجهها ، أو أي موضع من بدنها لطبيب يعالج علتها ، شريطة حضور محرم أو زوج ، هذا إذا لم توجد امرأة تداويها ، لأن نظر الجنس إلى الجنس أخفّ ، وأن لا يكون الطبيب غير مسلم مع وجود طبيب مسلم يمكنه معالجتها ، ولا يجوز لها كشف ما يزيد عن موضع المرض .
ولا يجوز للطبيب نظر أو لمس ما يزيد على ما تدعو الحاجة إليه ، قصْراً للأمر على الضرورة التي تقدر بقدرها .
قال ابن قدامة : ( يباح للطبيب النظر إلى ما تدعوا إليه الحاجة من بدنها من العورة وغيرها ، فإنه موضع حاجة .
وعن عثمان أنه أتي بغلام قد سرق فقال : انظروا إلى مؤتزره ( أي موضع شعر العانة الدالّ على البلوغ من عدمه ) ، فلم يجدوه أنبت الشعر ، فلم يقطعه " المغني 7/459 ، وغذاء الألباب 1/97 .
وقال ابن عابدين : ( قال في الجوهرة : إذا كان المرض في سائر بدنها غير الفرج يجوز النظر إليه عند الدواء ، لأنه موضع ضرورة ، وإن كان موضع الفرج فينبغي أن يعلّم امرأة تداويها ، فإن لم توجد وخافوا عليها أن تهلك ، أو يصيبها وجع لا تحتمله يستروا منها كل شيء إلا موضع العلة ، ثم يداويها الرجل ، ويغض بصره ما استطاع إلا عن موضع الجرح ) رد المحتار 5/237 ، وانظر : الهدائية العلائية ص/245 .
ومِثله من يلي ( يتولى ويُباشر ) خدمة مريض ولو أنثى في وضوء واستنجاء . أنظر : غذاء الألباب 1/97 .
قال محمد فؤاد : ويدل على جواز مداواة الرجل للمرأة - بالقيود التي سبق ذكرها - ما رواه الإمام البخاري بسنده عن الربَيِّع بنت معوذ ، قالت : ( كنا نعزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نسقي القوم ونخدمهم ، ونرد القتلى والجرحى(27/58)
إلى المدينة ) أخرجه البخاري 6/80و10/136 فتح الباري ) ، وأخرجه بنحوه عن أنس : مسلم (5/196) ، وأبو داود ( 7/205 مع عون المعبود ) ، والترمذي ( 5/301-302 ) وقال : حسن صحيح .
وقد ترجم الإمام البخاري لهذا الحديث بقوله : ( باب هل يداوي الرجل المرأة ، والمرأة الرجل ) ؟ فتح الباري ( 10/136 )
قال الحافظ ابن حجر : " ويؤخذ حكم مداواة الرجل المرأة منه بالقياس ، وإنما لم يجزم - يعني البخاري - بالحكم ، لاحتمال لأن يكون ذلك قبل الحجاب ، أو كانت المرأة تصنع ذلك بمن يكون زوجاً لها أو محرماً ، وأما حكم المسألة : فتجوز مداواة الأجانب عند الضرورة ، وتقدر بقدرها فيما يتعلق بالنظر ، والجسّ باليد ، وغير ذلك " فتح الباري (10/136) .
رابعاً : الشهادة
يجوز للمرأة كشف وجهها في الشهادة أداءً وتحملاً ، كما يجوز للقاضي النظر إليه لمعرفتها صيانة للحقوق من ضياع .
قال الشيخ الدردير : ( ولا تجوز شهادة على امرأة متنقبة حتى تكشف عن وجهها ليشهد على عينها ووصفها لتتعين للأداء ) .الشرح الكبير للشيخ الدردير ( 4/194 )
وقال ابن قدامة : ( وللشاهد النظر إلى وجه المشهود عليها لتكون الشهادة واقعة على عينها ، قال أحمد : لا يشهد على امرأة إلا أن يكون قد عرفها بعينها ) المغني 7/459 ، والشرح الكبير على متن المقنع (7/348 ) بهامش المغني ، والهداية مع تكملة فتح القدير 10/26 .
خامساً : القضاء
يجوز للمرأة كشف وجهها أمام قاض يحكم لها أو عليها ، وله - عند ذلك - النظر إلى وجهها لمعرفتها ، إحياء للحقوق ، وصيانة لها من الضياع .
و..أحكام الشهادة تنطبق على القضاء سواءً بسواء ، لاتحادهما في علة الحكم . انظر : الدرر المختار (5/237) ، الهدية العلائية ( ص/244) ، والهدية مع تكملة فتح القدير ( 10/26) .(27/59)
سادساً : الصبي المميّز غير ذي الشهوة
يباح للمرأة - في إحدى الروايتين - أن تُبدي أمام الصبي المميز غير ذي الشهوة ما تبديه أمام محارمها ، لعدم رغبته في النساء ، وله أن يرى ذلك كله منها .
قال الشيخ أبو الفرج المقدسي : ( وللصبي المميز غير ذي الشهوة النظر إلى المرأة إلى ما فوق السرة وتحت الركبة في إحدى الروايتين ، لأن الله تعالى قال : ( ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم من بعض ) النور :58 وقال تعالى : ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلُم فليستأذنوا كما استئذن الذين من قبلهم ) النور : 59 فدل على التفريق بين البالغ وغيره .
قال أبو عبد الله : حجم أبو طيبة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام .
والرواية الأخرى : حكمه حكم ذوي المحارم في النظر إذا كان ذا شهوة ، لقوله تعالى : ( أو الطّفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ) النور : 31
قيل لأبي عبد الله : متى تغطي المرأة رأسها من الغلام ؟ قال : إذا بلغ عشر سنين ، فإذا كان ذا شهوة فهو كذي المحرم لقوله تعالى : ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم ) الآية النور : 59
وعنه : أنه كالأجنبي لأنه في معنى البالغ في الشهوة ، وهو المعنى المقتضي للحجاب وتحريم النظر ، ولقوله تعالى : ( أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ) النور 31 فأما الغلام الطفل غير المميز فلا يجب الاستتار منه في شيء . الشرح الكبير على متن المقنع 7/349، وانظر : المغني 7/458 ، وغذاء الألباب 1/97 .
سابعاً : عديم الشهوة
ويجوز للمرأة أن تُظهر لعديم الشهوة ما تظهره أمام محارمها ، ولكونه لا أرَب له في النساء ، ولا يفطن لأمورهن ، وله أن يرى ذلك كله منها ، قال : ابن قدامة : " ومن ذهبت شهوته من الرجال لكِبَر ، أو عُنّةٍ ، أو مرض لا يُرجى برؤه ، والخصيّ .. ، والمخنث الذي لا شهوة له ، فحكمه حكم ذوي المحرم في النظر ، لقوله تعالى : ( أو التابعين غير أولِي الإربة ) أي غير أولي الحاجة إلى النساء ،(27/60)
وقال ابن عباس : هو الذي لاتستحي منه النساء ، وعنه : هو المخنث الذي لا يكون عنده انتشار ( أي مقدرة على الانتصاب ) .
وعن مجاهد وقتادة : الذي لا أرب له في النساء ، فإن كان المخنث ذا شهوة ويعرف أمر النساء فحكمه حكم غيره ، لأن عائشة قالت : دخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة من الرجال فدخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينعت امرأة أنها إذا أقبلت أقبلت بأربع ، وإذا أدبرت أدبرت بثمان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا أرى هذا يعلم ما ههنا ، لا يدخلنّ عليكم هذا ) فحجبوه . رواه أبو داود وغيره .
قال ابن عبد البر : ليس المخنث الذي تُعرف فيه الفاحشة خاصة ، وإنما التخنيث بشدة التأنيث في الخلِقة حتى يشبه المرأة في اللين والكلام والنظر والنغمة والعقل ، فإذا كان كذلك لم يكن له في النساء أرب ، وكان لا يفطن لأمور النساء ، وهو من غير أولي الإربة الذين أبيح لهم الدخول على النساء ، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنع ذلك المخنث من الدخول على نسائه فلما سمعه يصف ابنة غيلان وفَهِم أمر النساء أمر بحجبه ) المغني 7/463 ، الشرح الكبير على متن المقنع 7/347-348 )
تاسعاً : العجوز التي لا يُشتهى مثلها
ويجوز للعجوز التي لا تُشتهى كشف وجهها وما يظهر غالباً منها أمام الأجانب ، والستر في حقها أفضل .
ألا ترى أن الله تعالى قال : ( والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن ) النور:60 ، قال ابن قدامة : ( العجوز التي لا يُشتهي مثلها لا بأس بالنظر منها إلى ما يظهر غالباً ، لقول الله تعالى : ( والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً ) الآية ، قال ابن عباس في قوله تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) النور : 30 ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ) الآية النور : 31 ، قال : فنسخ ، واستثنى من ذلك القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً ،(27/61)
الآية . وفي معنى ذلك الشوهاء التي لا تشتهى ) المغني 7/463 ، الشرح الكبير على متن المقنع 7/347-348 .
تاسعاً : كشف الوجه أمام الكوافر
اختلف أهل العلم في المسلمة من الكافرة :
قال ابن قدامة : ( وحكم المرأة مع المرأة حكم الرجل مع الرجل سواء ، ولا فرق بين المسلمين ، وبين المسلمة والذمية ، كما لا فرق بين الرجلين المسلمين وبين المسلم والذمي في النظر ، قال أحمد : ذهب بعض الناس إلى أنها لا تضع خمارها عند اليهودية والنصرانية ، وأما أنا فأذهب إلى أنها لا تنظر إلى الفرج ، ولا تقبلها حين تلد . ( أي لا تكون قابلة لأنها ستطلّع على العورة المغلّظة عند الولادة إلا في حالات الضرورة كما تقدّم ) .
وعن أحمد رواية أخرى : أن المسلمة لا تكشف قناعها عند الذمية ، .. لقوله تعالى : ( أو نسائهن ) ، والأول أولى ، لأن النساء الكوافر من اليهوديات وغيرهن قد كن يدخلن على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فلم يكنّ يحتجبن ولا أُمرْن بحجاب ، وقد قالت عائشة : جاءت يهودية تسألها ، فقالت : أعاذك الله من عذاب القبر ، فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ، وذكر الحديث ، وقالت أسماء قدمت عليّ أمي وهي راغبة - يعني عن الإسلام - فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أصِلُها ؟ قال : نعم . ولأن الحجب بين الرجال والنساء لمعنى لا يوجد بين المسلمة والذمية فوجب أن لا يثبت الحجب بينهما كالمسلم مع الذمي ، ولأن الحجاب إنما يجب بنص أو قياس ولم يوجد واحد منهما .
فأما قوله تعالى : ( أو نسائهنّ ) فيحتمل أن يكون المراد جملة النساء . المغني 7/464 ، الشرح الكبير على متن المقنع 7/351 بهامش المغني .
قال ابن العربي المالكي : ( الصحيح عندي أن ذلك جائز لجميع النساء وإنما جاء بالضمير للإتباع ، فإنها آية الضمائر ، إذ فيها خمسة وعشرون ضميراً لم يروا في القرآن لها نظيراً ، فجاء هذا للإتباع ) أحكام القرآن 3/326 .(27/62)
وقال الآلوسي : ( وذهب الفخر الرازي إلى أنها كالمسلمة ، فقال : والمذهب أنها كالمسلمة ، والمراد بنسائهن جميع النساء ، وقول السلف محمول على الاستحباب .
ثم قال : وهذا القول أرفق بالناس اليوم ، فإنه لا يكاد يمكن احتجاب المسلمات عن الذميات " تفسير الآلوسي 19/143 .
قال محمد فؤاد : إن كان ذلك القول أرفق في زمانهم ، فلا شك أنه أولى ، وأكثر رفقاً ، وأعظم يسراً في زماننا هذا ، سيما لمن ألجأتهم أسباب قاهرة للإقامة في غير بلاد المسلمين ، فاختلطت المسلمات بالذميات ، وتشابكت ظروف الحياة ، بحيث أصبح احتجابهن عنهن مليء بالصعوبات فإنا لله وإنا إليه راجعون .
عاشراً :
يجب على المرأة أن تكشف وجهها وكفيها حالة إحرامها بالحج أو العمرة ، ويحرم عليها - عند ذلك - لبس النقاب والقفازين ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تتنقب المرأة المُحرمة ، ولا تلبس القفازين )
فإن احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال بقربها ، أو كانت جميلة وتحققت من نظر الرجال إليها ، سدلت الثوب من فوق رأسها على وجهها ، لحديث عائشة رضي الله عنها ، قالت : ( كان الركبان يمرون بنا ونحن مُحرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها ، فإذا جاوزنا كشفناه )
قال الجزيري حكاية عنهم : ( للمرأة أن تستر وجهها لحاجة كمرور الأجانب بقربها ، ولا يضر التصاق الساتر بوجهها ، وفي هذا سعة ترفع المشقة والحرج ) الفقه على المذاهب الأربعة /645 .
هذه جملة حالات يصح للمرأة معها كشف وجهها وكفيها حسب التفصيل الذي نص عليه الفقهاء ، وحرره العلماء ، ولكن بقيت مسألة أخرى جديرة بالنظر والاهتمام ، ألا وهي : " حالة الإكراه " التي يفرض بموجبها على المرأة المسلمة كشف وجهها ، فما الحكم في ذلك ؟
الحادي عشر : حالة الإكراه(27/63)
فرضت بعض الأنظمة المتسلطة أحكاماً جائرة ، وقوانين ظالمة ، خالفت بها دين الإسلام ، وتمردت على الله ورسوله ، ومنعت بموجبها المرأة المسلمة من الحجاب ، بل وصل الحال ببعضها إلى إزاحته عنوة عن وجوه النساء ، ومارست ضدهن أسوأ أنواع التسلط والقهر والإرهاب..
كما حدثت مضايقات للمنقبات في بعض البلاد الأوربية .. وتعرض بعضهن إلى الإيذاء تارة ، والتعرض للإسلام أو الرسول صلى الله عليه وسلم تارة أخرى ..
وإزاء ذلك فإنه يجوز للمرأة في حال الضرورة التي تتيقّن فيها أو يغلب على ظنّها حصول الأذى الذي لا تُطيقه أن تكشف وجهها ، وإن الأخذ بقول مرجوح أولى من تعرضها للفتنة على أيدي رجال السوء .
ولئن جاز للمرأة كشف وجهها وكفيها في الحالات المتقدمة التي لا تصل إلى حد الإكراه ، فإن جواز كشفهما لأذى يلحقها في نفسها أو دينها من باب الأولى ، خاصة إذا كان نقابها سيعرضها لجلاوزة يرفعون حجابها عن رأسها ، أو يؤدي بها إلى عدوان عليها ، والضرورات تبيح المحظورات ، وما أبيح للضرورة يقدر بقدرها ، كما نص على ذلك أهل العلم .. ولا ينبغي التساهل في هذا الأمر ويجب إحسان التّقدير للظّرف والوضع الذي تعيش فيه المرأة المسلمة والاعتبار بالتجارب والمواقف التي حصلت لغيرها حتى يكون تقديرها للضرورة صحيحا لا يُصاحبه الهوى ولا الضّعف والخوَر .
وحيث جاز للمرأة كشف وجهها وكفيها في الحالات الاستثنائية المتقدمة ، فلا يجوز لها ذلك مع الزينة بالمساحيق والحلي الظاهر ، إذ يحرم عليها إظهارها أمام الرجال الأجانب عند جميع الفقهاء ، لقوله تعالى : ( لا يبدين زينتهن ) ولعدم وجود ضرورة أو حاجة ماسة تدعو إلى ذلك . حجاب المسلمة بين انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ص/239
والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
هل تغسل الأم ابنتها في ليلة زفافها بمعاونة سائر بناتها(27/64)
تاريخ الفتوى : ... 07 شوال 1427 / 30-10-2006
السؤال
قبل ليلة زفافي قامت أمي و أخواتي بتنظيفي من الشعر وغسلوني في الحمام فهل هذا جائز شرعا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان التنظيف والغسل المذكور لما عدا العورة كالأطراف مثلا، ولم يكن فيه اطلاع على العورة فلا بأس، وأما
إن كان فيه اطلاع على العورة وأولى مباشرتها فلا يجوز، ففي الترمذي وأبي داود وابن ماجه من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت يا نبي الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قلت يا رسول الله إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يراها، قلت يا نبي الله إذا كان أحدنا خاليا؟ قال: فالله أحق أن يستحيا منه من الناس.
وقال الإمام النووي في المجموع: ويحلق عانته بنفسه ويحرم أن يوليها غيره إلا زوجته أو جاريته التي تستبيح النظر إلى عورته ومسها فيجوز مع الكراهة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ــــــــــــــ
التربية الجنسية وحكم تعليمها للشباب ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، نريد أن نعرف ما حكم الإسلام في التربية الجنسية؟ وما السن الذي يمكن أن يبدأ معه هذا التوجيه؟
وجزاكم الله خيرا
... السؤال
01/11/2006 ... التاريخ
الشيخ فيصل مولوي ... المفتي(27/65)
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
التربية الجنسية من وجهة النظر الإسلامية تعني تعريف الشاب والفتاة بكل ما يتعلق بالغريزة الجنسية، وبيان الحلال والحرام حولها مع إخضاعها لمقتضيات الدين والأخلاق ، مع البعد عن الإغراء المحرم شرعا ، والتربية الجنسية يمكن أن تبدأ مع سن البلوغ الشرعي ، وفي البلاد التي تعيش في الإباحية يمكن أن تبدأ هذه التوعية مع سن التمييز .
يقول المستشار فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء :
التربية الجنسية تعني تعريف الشاب والفتاة بمقتضيات الغريزة الجنسية، وبما شرعه الله حولها من أحكام شرعية تبين الحلال والحرام في ممارسة هذه الغريزة.
ولذلك كان من الطبيعي وجود مثل هذه التربية الجنسية في جميع المجتمعات الإسلامية طالما أنها تتعلق بتعليم الإنسان المسلم الأحكام الشرعية التي تتعلق بأفعاله الجنسية.
وقد كان الفقهاء حريصين على مثل هذا التعليم حتى انتشر بينهم الأثر القائل: لا حياء في الدين (ومعناه أن بيان حكم الدين ينبغي ألا يدخل إليه الحياء الذي يمنع الإنسان من الكلام عادة في المسائل الجنسية).
وبما أن المجتمعات الأوروبية تنتشر فيها التربية الجنسية مع إباحية كاملة تزين للشاب وللفتاة ممارسة الجنس الحرام، لذلك أصبح من أهم الواجبات على المسلمين في تلك البلاد تعليم أولادهم كل الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الموضوع، أي تلقينهم تربية جنسية من وجهة نظر إسلامية حتى لا يقعوا في الحرام.
والتربية الجنسية من وجهة النظر الإسلامية هي تعريف الشاب والفتاة بكل ما يتعلق بالغريزة الجنسية، وبيان الحلال والحرام حولها مع إخضاعها لمقتضيات الدين والأخلاق. ولا يجوز بحال تحت ستار التربية الجنسية اللجوء إلى الإغراء أو التشجيع على الممارسة الجنسية سواء كان ذلك عن طريق الصور أو عن طريق وصف هذه الأعمال.(27/66)
وانطلاقاً مما تقدم، أعتقد أن التربية الجنسية يمكن أن تبدأ مع سن البلوغ الشرعي. ولا أرى مصلحة في أن تسبق هذه السن، ولا أن تتأخر عليه. لكن في المجتمعات الأوروبية حيث تبدأ الإباحية الجنسية في سن مبكر، فإنه لا بأس أن تبدأ التربية الجنسية الإسلامية في سن التمييز المقدر عادة بسبع سنوات
ــــــــــــــ
حكم تعامل المرأة ماليا مع الأجنبي
تاريخ الفتوى : ... 25 رمضان 1427 / 18-10-2006
السؤال
أنا مرتبطة بشخص لكن لم تتم خطبتنا بعد، وهو يريد أن يدخل شريكا في مشروع ويريد أن يأخذ من مال يخصني لكي يكمل نصيبه من الشركة فماذا أفعل، مع العلم بأني أثق فيه جداً؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك أن تسلفيه أو تسلفي غيره من مالك أو تتخذيه شريكاً ونحو ذلك من المعاملات شريطة أن تكوني ممن يصح لهم التصرف في أموالهم، والأولى أن يتولى ذلك أحد محارمك من الرجال، وننبهك إلى أن مجرد الوعد بالزواج بل والخطبة قبل عقد القران كل ذلك لا يبيح أمراً محرماً كالخلوة أو اللمس أو الحديث أو النظر أو غير ذلك مما لم يشرع، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 828، والفتوى رقم: 1753.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
العلاقة بين الشباب والفتيات
تاريخ الفتوى : ... 25 رمضان 1427 / 18-10-2006
السؤال
أنا(27/67)
أحب شخصا جدا لكن المشكلة أني كل ما أقول له: تعالى عندنا البيت. يقول لي: بعد فترة. أنا لا أعرف ماذا أعمل هل أتركه أم كيف أتصرف؟ وشكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الشخص الذي تحبينه والذي تطلبين منه اللقاء رجلا أجنبيا أي غير محرم لك فاتقي الله تعالى، واعلمي أنه لا تحل لك الخلوة به ولا الحديث معه أو النظر إليه بشهوة أو ربط علاقة به ما لم يعقد عليك عقدا شرعيا. واعلمي أن من المنكرات العظيمة والمخاطر الجسيمة ما يكون بين الشباب والفتيات من علاقات وجلسات وحب وغرام ولو كان ذلك بغرض الزواج كما بينا في الفتاوى التالية أرقامها:9629، 5707.
ولمعرفة كيفية علاج العشق المحرم والتخلص منه انظري الفتوى رقم: 9360.
وإذا كان ذا خلق ودين ويريدك زوجة له فليتقدم لولي أمرك ويطلبك منه، ويسلك الأسباب والوسائل الصحيحة لذلك، وإلا فدعيه لحرمة اللقاء به والحديث معه ونحو ذلك مما ذكرنا، واسألي الله تعالى أن يرزقك غيره من أصحاب الدين والخلق. وللفائدة انظري الفتوى رقم: 25824.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الخلوة بالأجنبية وحكم رضاع الكبير
تاريخ الفتوى : ... 24 رمضان 1427 / 17-10-2006
السؤال
في البداية أرجو منك أن تساعدني في حل مشكلة تحيرني هذه الأيام، القصة بدأت وأنا عمري 13 سنة حيث تعرفت على جارتنا في الحي، ثم بدأت تعاملني كابن لها وأنا كذلك حيث كنت أشفق عليها لأنها كانت تعيش وحيدة بعيدة عن أبنائها وذلك هو السبب الذي كان يجرني عندها، بدأت العلاقة تقوى وأخذت أتعامل معها كوالدتي، ومرت الأيام وتحسن وضعها المادي بسفرها إلى الخارج ثم عادت بعد(27/68)
مدة واجتمعت مع أولادها، وفي هذه اللحظة بدأت المشكلة، بدأ الناس يقولون لها إن ذلك الولد الذي ربيته ليس محرماً لك وعليك أن ترضعيه لكي يكون محرما لك، وهل إن قامت بإرضاعي ستصبح ابنتها أختا لي، فبماذا تنصحني أن أفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك قد أخطأت بما ذكرته من المعاملة والخلوة مع تلك المرأة التي ذكرت من أمرها ما ذكرت، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. واتفق الفقهاء على أن الخلوة بالأجنبية محرمة، وإذا كان يحصل بينك وبينها ملامسة ونحوها كان التحريم آكد، فعن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه الطبراني والبيهقي، قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وقال المنذري: رجاله ثقات.
وفيما يخص موضوع رضاعك منها، فمذهب الجمهور والأئمة الأربعة وغيرهم أن رضاع الكبير لا يحرم، وذهبت عائشة وبقولها قال ابن حزم: إلى أن رضاع الكبير يحرم مستدلة بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر امرأة أبي حذيفة أن ترضع سالما مولى أبي حذيفة فقال: أرضعيه تحرميه عليك. وفي رواية: أرضعيه حتى يدخل عليك. وفي رواية أنها قالت له: وكيف أرضعه وهو رجل كبير فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد علمت أنه رجل كبير. والحديث في صحيح مسلم وغيره.
وفي الموطأ والمسند وسنن أبي داود أن عائشة رضي الله عنها كانت تأمر أخواتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال. والحديث طويل وفيه فوائد وهو صحيح، واستدل الجمهور بقول الله تعالى: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ {البقرة:233}، وبما في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الرضاعة من المجاعة. والكبير لا تسد الرضاعة جوعته.(27/69)
والذي عليه الجمهور هو الراجح، ولك أن تراجع للاستزادة الفتوى رقم: 32501، وعليه فإذا قامت تلك المرأة بإرضاعك فإنها لا تصير محرماً لك، فتب إلى الله تعالى وابتعد عنها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ما حكم مص لبن الزوجة ؟
سؤال:
السؤال : وأنا أجامع زوجتي المرضع ، شربت لبنها ، هل لبنها حلال لي ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
قبل الإجابة على السؤال لا بد من تقرير أمور مهمة في أحكام الرضاع :
1. أن الرضاع ثابت بالكتاب والسنة والإجماع .
أما من كتاب الله فقد قال تعالى : ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ) . وأما من السنة حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب . متفق عليه (البخاري ، مسلم 1444) . أما الإجماع فقد أجمع العلماء على أثر الرضاع في تحريم التناكح والمحرمية وجواز النظر والخلوة .
2. أن الرضاع المؤثر بانتقال نفعه من المرضعة إلى الرضيع له شروط وهي :
- أن يكون الرضاع في الحولين ( عامين ) لقوله تعالى : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) {البقرة : 233} .
- أن يكون عدد الرضعات خمس رضعات معلومات بحيث تكون وجبة للطفل ، كالأكلة من الأكلات والشربة من الشربات أما قطع الطفل الثدي لعارض كالتنفس أو نقله من ثدي لآخر فهذه لا تعتبر رضعة وهو مذهب الشافعي واختيار ابن القيم ، وتعريف الرضعة أن يلتقم الطفل الثدي فيمصه حتى يدخل اللبن إلى جوفه ثم(27/70)
يتركه من تلقاء نفسه ، ودليل الخمس رضعات ما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان فيما أنزل من القران عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن . رواه مسلم (1452) أي أن نسخ تلاوة ذلك تأخر جدا حتى إنه توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض الناس لم يبلغه نسخ تلاوته ، فلما بلغهم نسخ تلاوته تركوه وأجمعوا على أنه لا يتلى مع بقاء حكمه ، وهو من نسخ التلاوة دون الحكم وهو أحد أنواع النسخ . فإذا تقرر هذا فإن الرضاعة بعد الحولين لا تحرم شيئا وهذا هو رأي جمهور أهل العلم ومن أدلتهم الآية السابقة وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يُحِّرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام " . رواه الترمذي (رقم 1152) وقال : هذا حديث حسن صحيح . والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين وما كان بعد الحولين الكاملين فإنه لا يحرم شيئا .ا.هـ.
وثمَّ جملة آثار عن الصحابة منها ما جاء عن أبي عطية الوادعي قال : جاء رجل إلى ابن مسعود فقال : إنها كانت معي امرأتي فحُصر لبنها في ثديها فجعلت أمصه ثم أمجُّه فأتيت أبا موسى فقال ما أفتيت هذا ؟ فأخبره بالذي أفتاه فقال ابن مسعود ، وأخذ بيد الرجل : أرضيعاً ترى هذا ؟ إنما الرضاع ما أنبت اللحم والدم ، فقال أبوموسى : لا تسألوني عن شيء ما كان هذا الحَبْر بين أظهركم . رواه عبدالرزاق في المصنف (7/463 رقم13895) .
وروى مالك في الموطأ (2/603) من حديث ابن عمر قال : لا رضاعة إلا لمن أُرضع في الصغر ولا رضاعة لكبير . وإسناده صحيح .
وروى مالك أيضا في الموطأ عن عبد الله بن دينار أنه قال : جاء رجل إلى عبد الله بن عمر وأنا معه عند دار القضاء يسأله عن رضاعة الكبير ؟ فقال عبد الله بن عمر : جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال إني لي وليدة وكنت أطؤها فعمدت امرأتي إليها فأرضعتها ، فدخلت عليها فقالت : دونك ، فقد والله أرضعتها . فقال عمر : أوْجِعْها وأْتِ جاريتك فإنما الرضاعة رضاعة الصغير . وإسناده صحيح .(27/71)
وبهذا يتبين أن مص لبن الزوجة لا يؤثر في المحرمية قال ابن قدامة في المغني (9/201) : فإن من شرط تحريم الرضاع أن يكون في الحولين وهذا قول اكثر أهل العلم روي نحو ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم سوى عائشة وإليه ذهب الشعبي وابن شبرمة والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور ورواية عن مالك .
وبناء على ما تقدّم فإنّ مصّ لبن الزّوجة لا يؤثّر وإن كان الأولى ترك ذلك .
وقد سُئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن هذه المسألة فأجاب : رضاع الكبير لا يؤثّر لأنّ الرضاع المؤثّر هو ما كان خمس رضعات فأكثر في الحولين قبل الفطام ، وعلى هذا فلو قُدِّر أنّ أحدا رضع من زوجته أو شرب من لبنها فإنه لا يكون ابنا لها . فتاوى إسلامية 3/338 والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
الفتوى : ... النظر إلى قدم الأجنبية هل هو من زنا النظر
تاريخ الفتوى : ... 23 رمضان 1427 / 16-10-2006
السؤال
هل يعد النظر إلى أصابع قدم المرأة من زنا النظر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحل للمسلم النظر إلى شيء من جسد المرأة الأجنبية لغير ضرورة أو حاجة معتبرة شرعاً، ويدخل في ذلك ما ذكره السائل وهو قدمها لعموم النصوص الواردة بهذا الشأن، وقد ذكرنا بعضها في الفتوى رقم: 5776، والفتوى رقم: 69057.
والنظر إلى ما لا يجوز النظر إليه من الأجنبية يعد من زنا النظر وخاصة إذا كان بقصد الشهوة والالتذاذ بذلك.
والله أعلم.(27/72)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم إجراء عملية رتق غشاء البكارة
سؤال:
امرأة فقدت لسبب ما غشاء البكارة فهل يجوز لها رتق الغشاء بواسطة عملية جراحية ؟
الجواب:
الحمد لله
هذه المسألة تعتبر من المسائل النازلة في هذا العصر . ولهذا من المناسب ذكر كلا قولي العلماء في هذه المسألة وترجيح إحداهما :
القول الأول :
لا يجوز رتق البكارة مطلقاً
القول الثاني : التفصيل :
1- إذا كان سبب التمزق حادثة أو فعلاً لا يعتبر في الشرع معصية ، وليس وطئاً في عقد نكاح يُنظر :
فإن غلب على الظن أن الفتاة ستلاقي عنتا وظلما بسبب الأعراف ، والتقاليد كان إجراؤه واجباً .
وإن لم يغلب ذلك على ظن الطبيب كان إجراؤه مندوباً .
2- إذا كان سبب التمزق وطئاً في عقد نكاح كما في المطلقة ، أو كان بسبب زنى اشتهر بين الناس فإنه يحرم إجراؤه .
3- إذا كان سبب التمزق زنى لم يشتهر بين الناس كان الطبيب مخيراً بين إجرائه وعدم إجرائه ، وإجراؤه أولى .
تحديد محل الخلاف :
ينحصر محل الخلاف بين القولين في الحالة الأولى ، والثالثة ، أما في الحالة الثانية فإنهما متفقان على تحريم الرتق .
الأدلة :(27/73)
(1) دليل القول الأول : ( لا يجوز مطلقاً )
أولاً : أن رتق غشاء البكارة قد يؤدي إلى اختلاط الأنساب ، فقد تحمل المرأة من الجماع السابق ، ثم تتزوج بعد رتق غشاء بكارتها ، وهذا يؤدي إلى إلحاق ذلك الحمل بالزوج واختلاط الحلال بالحرام .
ثانياً : أن رتق غشاء البكارة فيه اطّلاع على العورة المغلّظة .
ثالثاً : أن رتق غشاء البكارة يُسهّل للفتيات ارتكاب جريمة الزنى لعلمهن بإمكان رتق غشاء البكارة بعد الجماع .
رابعاً : أنه إذا اجتمعت المصالح والمفاسد فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلنا ذلك ، وإن تعذر الدرء والتحصيل ، فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة ولا نبالي بفوات المصلحة كما قرر ذلك فقهاء الإسلام .
وتطبيقاً لهذه القاعدة فإننا إذا نظرنا إلى رتق غشاء البكارة وما يترتب عليه من مفاسد حكمنا بعدم جواز الرتق لعظيم المفاسد المترتبة عليه .
خامساً : أن من القواعد الشريعة الإسلامية أن الضرر لا يزال بالضرر ، ومن فروع هذه القاعدة : ( لا يجوز للإنسان أن يدفع الغرق عن أرضه بإغراق أرض غيره ) ومثل ذلك لا يجوز للفتاة وأمها أن يزيلا الضرر عنهما برتق الغشاء ويلحقانه بالزوج .
سادساً : أن مبدأ رتق غشاء البكارة مبدأ غير شرعي لأنه نوع من الغش ، والغش محرم شرعاً .
سابعاً : أن رتق غشاء البكارة يفتح أبواب الكذب للفتيات وأهليهم لإخفاء حقيقة السبب ، والكذب محرم شرعاً .
ثامناً : أن رتق غشاء البكارة يفتح الباب للأطباء أن يلجأوا إلى إجراء عمليات الإجهاض ، وإسقاط الأجنّة بحجة السّتر .
دليل القول الثاني :
أولاً : أن النصوص الشرعية دالة على مشروعية الستر وندبه ، ورتق غشاء البكارة معين على تحقيق ذلك في الأحوال التي حكمنا بجواز فعله فيها .(27/74)
ثانياً : أن المرأة البريئة من الفاحشة إذا أجزنا لها فعل جراحة الرتق قفلنا باب سوء الظن فيها ، فيكون في ذلك دفع للظلم عنها ، وتحقيقاً لما شهدت النصوص الشرعية باعتباره وقصده من حسن الظن بالمؤمنين والمؤمنات .
ثالثاً : أن رتق غشاء البكارة يوجب دفع الضرر عن أهل المرأة ، فلو تركت المرأة من غير رتق واطلع الزوج على ذلك لأضرها ، واضر بأهلها ، وإذا شاع الأمر بين الناس فإن تلك الأسرة قد يمتنع من الزواج منهم ، فلذلك يشرع لهم دفع الضرر لأنهم بريئون من سببه .
رابعا : أن قيام الطبيب المسلم بإخفاء تلك القرينة الوهمية في دلالتها على الفاحشة له أثر تربوي عام في المجتمع ، وخاصة فيما يتعلق بنفسية الفتاة .
خامسا : أن مفسدة الغش في رتق غشاء البكارة ليست موجودة في الأحوال التي حكمنا بجواز الرتق فيها .
الترجيح :
الذي يترجح والعلم عند الله هو القول بعدم جواز رتق غشاء البكارة مطلقاً لما يأتي :
أولاً : لصحة ما ذكره أصحاب هذا القول في استدلالهم .
ثانياً : وأما استدلال أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي :
الجواب عن الوجه الأول :
أن الستر المطلوب هو الذي شهدت نصوص الشرع باعتبار وسيلته ، ورتق غشاء البكارة لم يتحقق فيه ذلك ، بل الأصل حرمته لمكان كشف العورة ، وفتح باب الفساد .
الجواب عن الوجه الثاني :
أن قفل باب سوء الظن يمكن تحقيقه عن طريق الإخبار قبل الزواج ، فإن رضي الزوج بالمرأة وإلا عوضها الله غيره .
الجواب عن الوجه الثالث :
أن المفسدة المذكورة لا تزول بالكلية بعملية الرتق لاحتمال اطلاعه على ذلك ، ولو عن طريق إخبار الغير له ، ثم إن هذه المفسدة تقع في حال تزويج المرأة(27/75)
بدون إخبار زوجها بزوال بكارتها ، والمنبغي إخباره ، واطلاعه ، فإن أقدم زالت تلك المفاسد وكذلك الحال لو أحجم .
الجواب عن الوجه الرابع :
أن هذا الإخفاء كما أن له هذه المصلحة كذلك تترتب عليه المفاسد ، ومنها تسهيل السبيل لفعل فاحشة الزنا ، ودرء المفسدة أولى من جلب المصلحة .
الجواب عن الوجه الخامس :
أننا لا نسلم انتفاء الغش لأن هذه البكارة مستحدثة ، وليست هي البكارة الأصلية ، فلو سلمنا أن غش الزوج منتف في حال زوالها بالقفز ونحوه مما يوجب زوال البكارة طبيعة ، فإننا لا نسلم أن غشه منتف في حال زوالها بالاعتداء عليها .
ثانياً : أن سد الذريعة الذي اعتبره أصحاب القول الأول أمر مهم جداً خاصة فيما يعود إلى انتهاك حرمة الفروج ، والإبضاع والمفسدة لا شك مترتبة على القول بجواز رتق غشاء البكارة .
ثالثاً : أن الأصل يقتضي حرمة كشف العورة ولمسها والنظر إليها والأعذار التي ذكرها أصحاب القول الثاني ليست بقوية إلى درجة يمكن الحكم فيها باستثناء عملية الرتق من ذلك الأصل ، فوجب البقاء عليه والحكم بحرمة فعل جراحة الرتق .
خامساً : أن مفسدة التهمة يمكن إزالتها عن طريق شهادة طبية بعد الحادثة تثبت براءة المرأة وهذا السبيل هو أمثل السبل ، وعن طريقه تزول الحاجة إلى فعل جراحة الرتق .
ولهذا كله فإنه لا يجوز للطبيب ولا للمرأة فعل هذا النوع من الجراحة ، والله تعالى أعلم .
أنظر كتاب أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها /د.محمد بن محمد المختار الشنقيطي ص 403
وقد أفتى بعض أهل العلم المعاصرين بجواز إجراء عملية الرّتق للمغتصبة والتائبة وأمّا غير التائبة فلا لأنّ في ذلك إعانة لها على الاستمرار في جريمتها ، وكذلك التي سبق وطؤها لا يجوز إجراء العملية لها لما في ذلك من الإعانة على الغشّ(27/76)
والتدليس حيث يظنّها من دخل بها بعد العملية بكرا وليست كذلك ، والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
علم الأهل لا يبيح العلاقة المحرمة بين الأجنبيين
تاريخ الفتوى : ... 12 رمضان 1427 / 05-10-2006
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 24 سنة، درست ككل الفتيات في بلدي بمعهد مختلط فتيان وفتيات, درس معي شاب بمنتهى الأخلاق والطيبة جمعتنا علاقة صداقة وطيدة ودامت إلى اليوم أي أني أعرفه منذ ما يقارب 13 سنة هو أكثر من تفهمني منذ الصغر. المشكلة أن علاقتنا تطورت فجأة سنة 2004 لتصبح علاقة عاطفية، لم يحدث بيننا شيئ مما نراه اليوم في العلاقات العاطفية فقط هو مجرد اتفاق بيننا على الزواج لكن علاقتنا بقيت كما هي عليه لا نلتقي إلا نادرا وأقسم لكم أنه خلال هذه الفترة التقينا صدفة ما يقارب 3 مرات ومرة واحدة عن سابق اتفاق لأنه آخر لقاء ، ما حدث أن صديقي قد هاجرمنذ سنة إلى أوروبا قبل أن يتقدم لخطبتي من والدي مع العلم أن والدته وجميع عائلته على علم بعلاقتنا وقد التقيتهم أكثر من مرة ونحن دوما على اتصال رغم أنه لا تربطني بهم أي صلة قرابة ولا جيرة وعائلتي بما فيها إخوتي الكبار جميعا على علم بعلاقتنا ما عدا والدي فقط. صديقي يتصل بي أسبوعيا وأنا أحاول جاهدة أن أساعده حتى يتمكن من التأقلم والعمل هناك دون التأثر ولا الغوص في متاهات الغرب، مع العلم أنه لن يعود إلا بعد سنتين أو أكثر ولا أريد من عائلته أن تتقدم لخطبتي دون وجوده لأني أخاف أن يرفض والدي لأنه ليس موجودا وهولا يعرفه فكيف يوافق وهو لم ير من سيكون زوج ابنته ويتفقا على عدة أمور.
المشكلة أن هاجس الخوف من غضب الله يؤرقني، أخاف أن تكون علاقتنا لا ترضي الله، أخاف أن أكون قد أرضيت نفسي على حساب رضا المولى عز وجل.(27/77)
لذلك اتصلت مؤخرا ببرنامج ديني وطرحت عليه الإشكال فنصحني بقطع العلاقة فورا لأن ذلك يغضب الله وقد أخبرت عائلتي بالأمر فرفضوا الفكرة وقالت لي أختي الكبرى إن الجميع يعلم بعلاقتكما والجميع يعلم أنه بمجرد عودته ستتزوجان، بالإضافة أكيد أنكم تتفهمون الوضع ومدى تعلق كل منا بالآخر وهي أول علاقة عاطفية لكلينا فقد كان كل منا ضد العلاقات العاطفية الساذجة التي باتت ظاهرة هذا العصر وأخاف أن أتركه الآن فيتهمونني أني تخليت عنه وقت الشدة وربما إذا تخليت عنه قد يصدم فينتقم من نفسه بارتكاب المحرمات المعروضة بأسعار زهيدة في الغرب رغم ثقتي التامة بمدى رصانته ورباطة جأشه.
وأريد التأكيد مجددا, أهلي وأهله على علم ما عدا والدي فأرجوكم أفتوني في أمري
أرجوكم أجيبوني، هل علاقتنا تغضب الله؟ وإن كانت الإجابة بنعم فقولوا لي أرجوك ماذا أفعل لكي لا أغضب الله وأخسر صديقي؟
شكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لكما إقامة علاقة غير شرعية ولو كان غرضكما صحيحا، والغرض الصحيح هو الزواج، فالعلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه محظورة، في الإسلام، ولا يغير علم الأهل من واقع ذلك شيئا فرضاهم عن العلاقة المحرمة لا يبيحها، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20296، 14126، 4220.
فلا يجوز لكما البقاء على علاقة تجر إلى محرم ما لم يتم عقد القران بينكما، ولا يعني ذلك عدم الرد على اتصال خطيبك إن اتصل لحاجة مثل ترتيب أمور الزواج ونحوه إذا أمنت الفتنة ولكن ليكن الحديث بينكما في حدود الأدب والشرع، والأولى أن يكون ذلك مع محارمك كإخوانك أو أبيك، وبيني له أن حديثكما في غير ذلك كالكلام عن الحب والغزل محرم، وإنما أبيح لكما من ذلك ما أبيح للخاطب من النظر والحديث للحاجة والضرورة، فيقدر ذلك بقدره ولا يتجاوز فيه، والأولى قطع الاتصال والتركيز على الاتصال بأخواته وأمه بدلا منه وطلب الإسراع في(27/78)
إكمال الأمر وعقد القران، ولا يعني ذلك رقض الخاطب أو التخلي عنه، ولا ضير في تبيين ذلك له لئلا يتوهمه، وللفائدة انظري الفتويين: 1847، 3179.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
قتل الشرف بين الحل والحرمة ... العنوان
فضيلة الشيخ: كثر الحديث في الآونة الأخيرة عما يسمى (جرائم الشرف ) وهي الجرائم التي ترتكب داخل العائلة أو القبيلة ، كأن يقتل الأب ابنته البكر العذراء عمداً ، أو يقتل الأخ أخته عمداً ، بدعوى الدفاع عن الشرف ، والغيرة على العرض ، حين تتهم الفتاة ـ صدقا أو كذبا ـ بارتكاب الزنى ، فتثور ثائرة الأب أو الشقيق ،ولا يطفئ ناره ولا يمحو عالاه إلا أن يتخلص منها بقتها .
فهل نعامل هذه الجريمة معاملة الجريمة العادية بما لها ، وتحكمها القوانين العامة التي تحكم الجميع أو نعاملها معاملة خاصة ، نظرا للدوافع التي أدت إليها ، وهي دوافع الغيرة على العرض والشرف العائلي ، التي تقتضي التخفيف عن القاتل ، والنظر إلى بواعثه للجريمة بعين العطف والرحمة ؟
لقد عرضت هذه القضية على كثير من البرلمانات في بعض الدول العربية ، واحتد الجدل حولها ، بين المؤيدين والمعارضين ، ونريد من فضيلتكم بيان الموقف الشرعي في هذه القضية ، كما نريده من خلال النظر في الأدلة الشرعية ، والاعتبارات الواقعية كماهو عهدنا بكم .
نفع الله بكم وجزاكم خيراً .
... السؤال
02/10/2006 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :(27/79)
الحالة الوحيدة التي رخص فيها الإسلام في قتل الشرف هي: أن يجد الزوج رجلا أجنبيا على فراشه يزني بزوجته، وما عدا ذلك فهو باق على أصل الحرمة، وجريمة الزنا لها عقوبة محددة والرجل والمرأة فيها سواء، والواجب أن نقف عند حدود الله وأن نغلبه على الأعراف القبلية التي كثيرا ما يحكمها الشطط والتجاوز والتعدي (ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) المائدة:5 .
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي –حفظه الله-:
لا يعرف الإسلام ما يسمى: جرائم الشرف ، إلأ أن يجد رجل مع زوجته في فراشه رجلا أجنبيا يرتكب معها الفاحشة ، فتأخذه الغيرة فيقتله ، دفاعا عن عرضه. فهذا قد وجده متلبسا بالجريمة الكبرى في قلب بيته ، ومع زوجته . ولكن لابد أن يثبت ذلك بالبينة ، أو باعتراف ولي المقتول ، الذي له حق القصاص من القاتل. وإلا استحق العقوبة الشرعية اللازمة لمثله .
يقول العلامة ابن ضويان الحنبلي في كتابه (منار السبيل) وقد لخص فيه ما جاء في (المغني ) لابن قدامة في هذه القضية :
(ومن قتل شخصا في داره ، وادعى أنه دخل لقتله أو أخذ ماله ، أو وجده يفجر بأهله ، فأنكر الولي: فعليه القود (أي القصاص) ، لأن الأصل عدم ذلك. قال في المغنى : ولا أعلم فيه مخالفا .
وروى عن علي ، رضي الله عنه ( أنه سئل عمن وجد مع إمرأته رجلا فقتله ، فقال: إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته ،
فإن اعترف الولي بذلك فلا قصاص ولا دية ، لاعتراف الولي بما يهدر الدم. ولما روي عن عمر رضي الله عنه (أنه كان يوما يتغدى ، إذ جاء رجل يعدو، وفي يده سيف ملطخ بالدم ، ووراءه قوم يعدون خلفه، فجاء حتى جلس مع عمر، فجاء الآخرون ، فقالوا: يا أمير المؤمنين إن هذا قتل صاحبنا ، فقال له عمر: ما نقول ؟ فقال : يا أمير المؤمنين إني ضربت فخذي امرأتي، فإن كان بينهما أحد فقد قتلته ! فقال: ما تقولون ؟ قالوا : يا أمير المؤمنين إنه ضرب بالسيف، فوقع في وسط الرجل وفخذي المرأة ، فأخذ عمر سيفه فهزه ، ثم دفعه إليه ، وقال : إن عادوا فعد ) رواه سعيد .(27/80)
هذا ما ذكرته كتب الفقه بالنسبة لقتل المعتدي على زوجته في هذه الحالة وبهذه الضوابط .
وماعدا ذلك فالأصل في الجريمة: أنها سواء في حق الرجال والنساء، وليس في الشرع أن العمل الواحد يكون جريمة، بل جريمة كبيرة، بل كبرى ، في حق المرأة ، ولكنه لا يجرّم ولا يعاقب في حق الرجل، وهذا ليس من منطق الإسلام في شيء . كما نرى الرجل يزني ابنه فلا يتمعض وجهه ولا ينكر عليه ، وتزني ابنته فتثور ثائرته ، ويرى إنها ارتكبت ما يوجب قتلها، والعمل محرّم على الابن والبنت معا .
أجل، إن الزنى حرام في حق الرجال والنساء جميعا، وهو كبيرة من الكبائر بغض النظر عن جنس من ارتكبه ، يقول تعالى : ( ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة ، وساء سبيلا ) الإسراء: 32 .
وفي جرائم الشرف تقع جملة من الأخطاء الشرعية :
أولا: التفرقة بين الرجال والنساء ، أو بين الأبناء والبنات ، فلا يوجه الآباء أو الاخوة كلمة لوم واحدة إلى الفتى الزاني ، ويقتلون البنت الزانية .
ثانيا: أنهم يحكمون بالقتل على الفتاة البكر ، وعقوبتها الشرعية – لو ثبت عليها الزنى بالبينة أو الإقرار الحر اربع مرات – هو الجلد .
ثالثا :أنهم كثيرا ما يحكمون عليها بكبيرة الزنى ، وهي لم تزن ، بل ربما كان لقاء بينها وبين رجل ، اقتصرا في لقائهما على المقدمات ، ولم ينتهيا إلى النتائج. أي بقيا في مرتبة " إلا اللمم " والله تعالى يقول في وصف المحسنين: (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ) النجم : 31 ، ويقول: ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ) النساء : 31. وهذا الذي يعتبرصغيرة لا شك أنه حرام ، ولكنه لا يوجب القتل ، بل لايبيح القتل .
رابعا: أنهم كثيرا ما يأخذون بالإشاعات ، ويصدقون الاتهامات الباطلة، ولا يحققون فيها تحقيقا قضائيا عادلا مثبتا ، ناسين أو متناسين: أن الأصل في الإنسان السلامة، وفي المتهم البراءة ، وخصوصا في قضية (الزنى) التي شدد الشرع في(27/81)
إثباتها تشديدا لا نظير له ، فاشترط أربعة شهود عدول ، يرون عملية الزنى بوضوح ينفي كل احتمال ، ويقطع كل شبهة .
الحقيقة: أنهم يعطون أنفسهم: سلطة المفتي والمحقق والقاضي والشرطي جميعا !!
ولا غرو أن يقعوا في أخطاء جسيمة ، كثيرا ما تتبين لهم ، بعد تنفيذ العقوبة على الفتاة ، ووقوع الفأس على الرأس ، وحينئذ يندمون حيث لا ينفع الندم .
والواجب في هذه القضية: الوقوف عند حدود الله تعالى، والتقيد بأحكام شرعه، وتغليبها على الأعراف القبلية التي كثيرا ما يحكمها الشطط والتجاوز والتعدي (أفحكم الجاهلية يبغون، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) المائدة: 5.
ومما ينبغي أن يذكر هنا: أن القاتل إذا كان هو الأب: لا يحكم عليه بالقصاص شرعا ؛ لأنه لا يقتل والد بولده . كما هو مذهب الفقهاء .
وإذا كان القاتل هو الأخ فلا بد أن يوافق جميع أولياء الدم على طلب القصاص ، فإذا عفا واحد منهم عن حقه : سقط القصاص . ويبعد جدا في مثل هذه الحالة : أن يوافق الأب إن كان حيا ، أو الأخوة جميعا على القصاص من أخيهم الذي لم يرتكب جريمته إلا دفاعا عن شرفهم . وحتى لا تتضاعف الخسارة عليهم ، فتقد العائلة اثنين بدل فقد واحد .
وفي هذه الحالة تنتقل العقوبة من القصاص إلى التعزير المفوض إلى المحكمة ، فتحكم عليه بالسجن المدة التي تراها .
وبهذا نرى:التخفيف هنا قائم ، بحكم طبيعة الجريمة واطارها وظروفها .
ومن المتعذر أن نحكم بالإعدام ـ أو ينفذ الحكم به ـ وفق أحكام الشريعة ، لاشتراط إجماع أولياء الدم على القصاص من القاتل . ومن الصعب جدا أن يتحقق هذا الإحماع .
والله أعلم
ــــــــــــــ
احمل نفسك على العفة واصطبر
تاريخ الفتوى : ... 11 رمضان 1427 / 04-10-2006
السؤال(27/82)
في بادىء الأمر نشكركم على هذا الموقع الرائع الذي يعتني بحل مشكلات شباب المسلمين أما بعد : لا أعرف من أين أبدأ مشكلتي لكن وهي أني أعاني من فراغ عاطفي كبير وأحس أني أريد أن أتعرف على فتاة لأملأ هذا الفراغ الكبير وقد دعوت الله أن يعينني على ملئ الفراغ بالحلال حتى لا أملأه بالحرام ولكنني يا شيخ وأستغفر الله على ما فعلت فقد بدأت بملاحقة الفتيات محاولا إعطاءهن رقم تلفوني ماذا أفعل أرشدوني بارك الله فيكم ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك أن تملأ قلبك بمحبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن توظف طاقتك وفراغك في مطالعة وحفظ وفهم كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم؛ وإلا ففي شغل نافع أو رياضة تنفع البدن، وأن تبحث عن صحبة صالحة تأنس بمجالستهم وتعلو همتك للمعالي عندما تلقاهم وتحاورهم، وابتعد عن البحث عن الفتيات ومحادثتهن بالهاتف، واحمل نفسك على العفة واصبر حتى يفتح الله لك باب الزواج، فقد قال الله تعالى : وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ {النور: 33 } وفي الحديث : ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله . متفق عليه .
واعلم أن التلذذ بمحادثة الفتيات وسماع صوتهن من أنواع الزنى المحرم فاحرص على البعد عن ملاحقة بنات المسلمين كما تحب أن يحمي الله أخواتك وقريباتك من أن يتعرض لهن ، وراجع الفتاوى التالية أرقامها : 72497 ، 70674 ، 34932 ، 32928 ، 71891 ، 36364 ، 12744 ، 59139 ، 31768 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم التداوي وأخذ إذن المريض
سؤال:
السؤال :(27/83)
ما حكم التداوي في الإسلام وخصوصا في الأمراض الميؤوس منها ؟ وهل يجب أخذ إذن المريض قبل البدء في العلاج وخاصة في حالات الطوارئ ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
أولاً : التداوي :
الأصل في حكم التداوي أنه مشروع ، لما ورد في شأنه في القرآن الكريم والسنة القولية والفعلية ، ولما فيه من حفظ النفس الذي هو أحد المقاصد الكلية من التشريع .
وتختلف أحكام التداوي باختلاف الأحوال والأشخاص :
- فيكون واجباً على الشخص إذا كان تركه يفضي إلى تلف نفسه أو أحد أعضائه أو عجزه ، أو كان المرض ينتقل ضرره إلى غيره ، كالأمراض المعدية .
- ويكون مندوباً إذا كان تركه يؤدي إلى ضعف البدن ولا يترتب عليه ما سبق الحالة الأولى .
- ويكون مباحاً إذا لم يندرج في الحالتين السابقتين .
- ويكون مكروهاً إذا كان بفعل يخاف منه حدوث مضاعفات أشد من العلة المراد إزالتها .
ثانياً : علاج الحالات الميؤوس منها :
أ - مما تقتضيه عقيدة المسلم أن المرض والشفاء بيد الله عز وجل ، وأن التداوي والعلاج أخذ بالأسباب التي أودعها الله تعالى في الكون وأنه لا يجوز اليأس من روح الله أو القنوط من رحمته ، بل ينبغي بقاء الأمل في الشفاء بإذن الله . وعلى الأطباء وذوي المرضى تقوية معنويات المريض ، والدأب في رعايته وتخفيف آلامه النفسية والبدنية بصرف النظر عن توقع الشفاء أو عدمه .
ب - إن ما يعتبر حالة ميؤوساً من علاجها هو بحسب تقدير الأطباء وإمكانات الطب المتاحة في كل زمان ومكان وتبعاً لظروف المرضى .
ثالثاً : إذن المريض :(27/84)
أ - يشترط إذن المريض للعلاج إذا كان تام الأهلية ، فإذا كان عديم الأهلية أو ناقصها اعتبر إذن وليه حسب ترتيب الولاية الشرعية ووفقاً لأحكامها التي تحصر تصرف الولي فيما فيه منفعة المولي عليه ومصلحته ورفع الأذى عنه . على أن لا يُعتد بتصرف الولي في عدم الإذن إذا كان واضح الضرر بالمولى عليه ، وينتقل الحق إلى غيره من الأولياء ثم إلى ولي الأمر .
ب - لولي الأمر الإلزام بالتداوي في بعض الأحوال ، كالأمراض المعدية والتحصينات والوقائية .
جـ- في حالات الإسعاف التي تتعرض فيها حياة المصاب للخطر لا يتوقف العلاج على الإذن .
د- لابد في إجراء الأبحاث الطبية من موافقة الشخص التام الأهلية بصورة خالية من شائبة الإكراه - كالمساجين - أو الإغراء المادي - كالمساكين - ويجب أن لا يترتب على إجراء تلك الأبحاث ضرر . ولا يجوز إجراء الأبحاث الطبية على عديمي الأهلية أو ناقصيها ولو بموافقة الأولياء .
مجمع الفقه الإسلامي ص 147
-ــــــــــــــ
حسن الظن بزوجتك وألزمها بالحجاب من ابن عمتك
تاريخ الفتوى : ... 10 رمضان 1427 / 03-10-2006
السؤال
رأيت زوجتي وهي مريضة، وضع ابن عمتها يده على جبينها وعلى كتفها ، هذا الموضوع جعلني أشك فيهما فماذا رأيكم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن ابن العم والعمة أجنبي عن المرأة، وليس محرما لها، فلا يجوز له الخلوة بها، أو لمسها ، أونحو ذلك.
ومن المؤسف تساهل بعض النساء في الاحتجاب من الرجال لا سيما الأقارب، وكأنهم ليسوا أجانب عنهن، ومن المؤسف أن ذلك يتم تحت سكوت وعدم إنكار(27/85)
من الأولياء والأزواج، فيدخل الشيطان من هذا الباب فيقذف بالظنون والشكوك السيئة التي تعصف بالنفوس، وتنخر في القلوب، ولو التزم الجميع بشرع الله ما حصلت هذه المشاكل ولسلمت النفوس والقلوب ولما وجد الشيطان مدخلا إليها. فعلى الأخ أن يلزم زوجته بالاحتجاب من ابن عمتها ومن غيره من الرجال، فالوقاية خير من العلاج.
وعليه أن يتقي الله ولا يذهب به الشيطان بعيدا فإن بعض الظن إثم، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12} ، والظن أكذب الحديث كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فننصيحتنا للأخ أن يحسن الظن بزوجته، ويلزمها بالحجاب الشرعي من الرجال الأجانب، البعيد منهم والقريب على حد سواء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مواعدة الأجنبية بالزواج وإهداؤها هدية مباحة
تاريخ الفتوى : ... 05 رمضان 1427 / 28-09-2006
السؤال
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وبعد:- أنا شاب أدرس في الجامعة سنة ثالثة والحمد لله أنا من الشباب الملتزم وأحافظ على الصلوات الخمسة، عن طريق الصدفة أعجبت بفتاة متدينة ذات خلق ودين وبعد تفكير وبحث وجدت أن هذه الفتاة تناسبني وأيضا صليت صلاة الاستخارة عدة مرات وفي كل مرة كان يزيد تعلقي بهذه الفتاة ولكن الآن لا أستطيع أن أخطبها أوأن أتزوجها لأنني أدرس والوضع المادي للعائلة لا يسمح الآن بذلك، أود من خلال محارمها أن أصارحها بأنني أود أن أخطبها وأتزوجها بعد أن أنهي دراستي الجامعية إن شاء الله (( التواعد على الزواج)) فهل يجوز شرعا ذلك مقابل أن لا أتكلم معها ولا أن أخرج معها حتى يحدث الله أمرا كان مفعولا، وهل يجوز لي إن(27/86)
وافقت الآن أن أهديها مصحفا وغطاء رأس((منديل)) وميدالية مكتوبا عليها كلام ديني؟؟ وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في مواعدة الفتاة على الزواج وسبق في الفتوى رقم: 9158. كما أنه لا حرج في إهدائها هدية مباحة، وتراجع الفتوى رقم: 63617.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حدود العلاقة بين المرأة والمرأة
تاريخ الفتوى : ... 05 رمضان 1427 / 28-09-2006
السؤال
أحببت أن تفيدوني بحدود العلاقة بين المرأة والمرأة، فلا يخفى عليكم ما انتشر بين الفتيات تحت مسمى الأخوة في الله، وأود معرفة الضوابط لذلك، وهل جائز تقبيل واحتضان الأخت في الله، وما هي الضوابط لذلك؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحب في الله من أوثق عرى الإيمان كما ورد بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سبق بيان حكم الحب بين النساء، مع ذكر أقسامه في الفتوى رقم: 8424، ومن تلك الأقسام ما كان باعثه الشذوذ، كتعلق المرأة بالمرأة، وحقيقته أنه من العشق المحرم، فمتى وجدت المرأة ميلاً غير طبيعي نحو من تحبها في الله فلتعلم أن هذا الحب ليس حباً في الله وأن للشيطان فيه نصيباً، ويجب عليها اجتناب أسباب هذا الميل ودواعيه من نظر ولمس وغير ذلك.
أما عن حكم التقبيل والمعانقة بين المرأة والمرأة ففيه خلاف بين العلماء وسبق بيانه في الفتوى رقم: 20802، وهذا في الأحوال العادية الطبيعية ودون الإحساس بميل غير طبيعي، أما مع وجود هذا الميل فيجب اجتناب ذلك، قال ابن تيمية في(27/87)
الفتاوى الكبرى: والتلذذ بمس الأمرد: كمصافحته، ونحو ذلك: حرام بإجماع المسلمين، كما يحرم التلذذ بمس ذوات محارمه والمرأة الأجنبية، بل الذي عليه أكثر العلماء أن ذلك أعظم إثماً من التلذذ بالمرأة الأجنبية. انتهى.
ويقاس عليه مس المرأة للمرأة أو الرجل للرجل لشهوة، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 71712.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم الكلام بالهاتف مع فتاة ينوي خطبتها
تاريخ الفتوى : ... 04 رمضان 1427 / 27-09-2006
السؤال
هل يجوز للرجل أن يكلم خطيبته هاتفيا بعد أخذ الإذن من أهلها, وهل يجوز أن يتكلم مع فتاة هاتفيا وهو ينوي خطبتها وقد أخذ إذنا مسبقا من أهلها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمخطوبة أجنبية عن الخاطب حتى يتم عقد النكاح، فحكمها في كل من النظر والكلام وغير ذلك حكم الأجنبية ، ولا حرج في أن يكلم الرجل المرأة الأجنبية للحاجة عند أمن الفتنة مع التزام الأدب وعدم الخضوع في القول ونحو ذلك، وتراجع الفتوى رقم: 32171 .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم تقبيل والد الزوج والخاطب
تاريخ الفتوى : ... 04 رمضان 1427 / 27-09-2006
السؤال
ما حكم تقبيلي لوالد زوجي أو خطيبي على الخدين مع العلم بأنه طاعن في السن؟
الفتوى(27/88)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا جواز تقبيل والد الزوج الطاعن في السن في الفتوى رقم:
13120.
وأما والد الخاطب فإن خطيب المرأة قبل أن يعقد عليها ليس زوجا لها بل هو أجنبي عنها لا يجوز له الخلوة بها ولا مصافحتها وبالتالي فوالده أجنبي عنها أيضا وليس من محارمها فلا يجوز لها تقبيله ولا الخلوة معه.
وانظري الفتوى رقم:24997 ، 25624، عن حدود العلاقة بين الخاطب والمخطوبة والفتوى رقم:11977، عن حكم تقبيل الخاطب لأم خطيبته.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام
تاريخ الفتوى : ... 03 رمضان 1427 / 26-09-2006
السؤال
أنا سيدة عمري 28 سنة متزوجة ولدي ثلاثة أطفال، بعد زواجي بمدة قصيرة وأنا أعاني من سلوك زوجي فهولا يغض بصره، دائما أطلب الهداية له ولكن دون جدوى، فهو يريد أن يعمل علاقة مع أي سيدة تضحك في وجهه، مع أني أقف بجانبه دائما ولا يوجد في حياتي شيء غير رضا ربي وزوجي وأهلي، تكلمت معه كثيرا فكان رده أنه يريد أن يتزوج من سيدة ثرية ليسعدني أنا وأولاده، أنا دائما أحس بالظلم من زوجي، أنا يئست من حياتي عندما أشكو لأهله يقولون لا هذا خطأ، وعندما أكلمه يقول أنت تغارين من أي أحد أكلمه، أنا أريد الحل الذي أحس فيه بالعدل معي، مع الشكر الجزيل للموقع.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/89)
فإن من طبيعة المرأة التي جبلت عليها الغيرة على زوجها، وهذا شيء لم تسلم منه أي امرأة مهما بلغت من الدين والتقوى، ولو سلمت امرأة من هذا لكان أولى بذلك أمهات المؤمنين الطاهرات المطهرات.
أخرج مسلم في صحيحه عن عروة أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلاً، قالت: فغرت عليه، فجاء فرأى ما أصنع، فقال: ما لك ياعائشة أغرت؟ فقلت: وما لي لا يغار مثلي على مثلك... الحديث.
والحقيقة أنه ليس في الغيرة حرج ما دام ذلك في حدود المعقول.
أما إذا كانت المرأة تحاسب زوجها، وتغار عليه في كل صغيرة وكبيرة يعملها، وتشك في كل تصرفاته التي قد لا تكون محل ريبة فهذا غير مقبول لأنه يحول الحياة الزوجية إلى جحيم لا سعادة فيها ولا هناء، وانظري الفتوى رقم: 1995.
ولكن إن كان زوجك كما ذكرت فإنه على خطر عظيم، لمخالفته لأمر الله بغض البصر عما لا يحل النظر إليه، كما قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ {النور:30}.
ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم القائل: يا علي: لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة. رواه الترمذي وأبو داود.
والنظر بريد القلب إلى الزنا، وسبب لسقمه ومرضه، ففي المستدرك عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة، فمن تركها من خوف الله أثابه الله عز وجل إيماناً يجد حلاوته في قلبه.
والقلب إذا مرض وسقم أثر ذلك على البدن كله، وإذا تطور الأمر وصار عشقاً هلك البدن والدين جميعاً.
فمن نظر نظرة العاقل إلى هذه المفاسد أقلع عن هذا الذنب، ولا يهلك على الله إلا هالك.
ولله در القائل.
كل الحوادث مبداها من النظر **** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها **** فتك السهام بلا قوس ولا وتر(27/90)
والمرء ما دام ذا عين يقلبها**** في أعين العين موقوف على الخطر
فعلى زوجك أن يتقي الله تعالى في نظره ولسانه، فليس هذا طريق البحث الصحيح عن الزوجة كما يدعي، بل لذلك وسائله وطرقه كما بينا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 621، 5814، 14799. وعليك أن تصبري عليه وأن تحسني تبعلك له، وأن تنصحيه وتأمريه بالمعروف وتنهيه عن المنكر بحكمة وموعظة حسنة، وينبغي إطلاعه على هذه الفتوى وغيرها مما أحيل إليه من فتاوى خلالها، وللفائدة ننصحك بمراجعة الفتوى رقم:21915.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ما يشرع فعله لمن وقع في معصية
تاريخ الفتوى : ... 01 رمضان 1427 / 24-09-2006
السؤال
ذهبت لأداء العمرة وحيث أنا هناك كنت على اتصال بصديقة لي وبعدها أتت مع أهلها لأداء العمرة وقابلتها وتكلمت معها قرب الحرم ولم أخل بها، بل كنت أمام المارة وفي السوق، وأنا أعلم أن أي امرأة لا تربطني بها صلة شرعية محرم علي مصادقتها والتكلم معها، هل هذا يعتبر حدثا في الحرم، هل هناك كفارة أو أي شيء يجب علي القيام به لأبرئ نفسي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فربط علاقة مع فتاة أجنبية واللقاء بها والحديث معها ممنوع شرعاً في الحرم وفي غيره، إلا أن المعصية في الحرم أشد إثماً من غيرها، وكفارة هذه المعصية أن تتوب إلى الله تعالى، وتعزم على عدم العودة إلى هذه المعصية مرة أخرى، وتندم على ما فات، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.(27/91)
والتائب من الذنب كمن لا ذنب له وهو حبيب الله، كما قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {البقرة:222}، فتب إلى الله وأقبل عليه يغفر لك ما سلف. ولو تصدقت بصدقة فهو حسن، فقد كان من عادة السلف أنهم إذا وقعوا في ذنب تصدقوا، فعن كعب بن مالك رضي الله عنه عند البخاري: إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... النساء أشد فتنة على الرجال من الرجال عليهن
تاريخ الفتوى : ... 03 رمضان 1427 / 26-09-2006
السؤال
دائما يتكلم الشيوخ عن شهوة الرجال
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن أضر فتنة على الرجال هم النساء فلماذا لا يهتم الشيوخ بنصح النساء أيضا بغض البصر ؟.....أليس الرجال هم أيضا أضر فتنة على النساء ؟ فهن أيضا يشتهين كل الجسد للرجل. 2 - أحيانا تنظر إليّ إحدى المحارم نظرة شهوة إذا ظهر ما فوق السرة و ما تحت الركبة فهل علي إثم ؟ أم علي أن أرتدي ما يستر هذه الأجزاء؟ رغم أن هذه المناطق ليست عورة لكن المرأة تشتهي هذه الأجزاء أيضا؟ لماذا لم يجعل الإسلام كل جسد الرجل عورة فالمرأة تشتهي الجسد كله أيضا؟ ..أرجو عدم الإحالة إلى فتاوى أخرى فإني أريد الجواب أمامي ..وأرجو الإجابة على جميع الأسئلة .....وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فغض البصر واجب على الرجال والنساء على حد سواء، قال تعالى:
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30} وقال سبحانه: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ(27/92)
وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ {النور:31} ، ولكل من الرجل والمرأة عورة أمام الآخر لا يجوز له كشفها أمامه، ولا يجوز للآخر النظر إليه، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 67491.
كما لا يجوز لكل من الرجل والمرأة النظر إلى غير العورة بشهوة، ولا يلزم الرجل ستر ما سوى العورة، قال في حاشية الدسوقي: فما زاد على العورة وهي ما بين السرة والركبة لا يجب على الرجل ستره وإن حرم على المرأة الأجنبية النظر إليه. انتهى.
وقال أيضا ما معناه في شأن ما ليس بعورة من المرأة وهو وجهها -على خلاف بين أهل العلم فيه- أنه يجب عليها ستره إذا خيفت الفتنة بكشفه.
والفرق أن النساء محل الشهوة أصالة وأن سترهن أسهل من ستر الرجال ولقلة بروزهن في الأسواق ونحوها. قاله زكريا الأنصاري في شرح البهجة.
والحاصل أن الفتنة واقعة من النساء على الرجال ومن الرجال على النساء، لكن النساء أشد فتنة على الرجال من الرجال عليهن، دل على ذلك الشرع وشهد به الحس والواقع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
من هم المحارم الذين تكشف أمامهم المرأة
سؤال:
السؤال :
من هم الناس الذين يجوز للمسلمة أن تخلع حجابها أمامهم ؟
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
.يجوز للمرأة أن تخلع حجابها أمام محارمها .(27/93)
والمحرم للمرأة هو من لا يجوز له مناكحتها على التأبيد بقرابة ( كالأب وإن علا والابن وإن نزل والأعمام والأخوال والأخ وابن الأخ وابن الأخت ) أو رضاع ( كأخي المرأة من الرضاعة وزوج المرضعة ) أو صهرية ( كزوج الأم وأبي الزوج وإن علا وولد الزوج وإن نزل ) . وإليك أيتها السائلة تفصيلا للموضوع :
المحارم من النسب :
وهؤلاء هم المذكورون في سورة النور في قوله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن .. ) سورة النور/31 . وقد قال المفسرون : إن محارم المرأة من الرجال بسبب النسب على ما صرحت به هذه الآية الكريمة أو دلت عليه هم من يأتي :
أولاً : الآباء ، أي آباء النساء وإن علوا من جهة الذكور والإناث كآباء الآباء وآباء الأمهات ، أما آباء بعولتهن فهم من المحارم بالمصاهرة كما سنبينه .
ثانياً : الأبناء : أي أبناء النساء ، فيدخل فيهم أولاد الأولاد وإن نزلوا من الذكور والإناث مثل بني البنين ، وبني البنات ، أما ( أبناء بعولتهن ) في الآية الكريمة فهم أبناء أزواجهن من غيرهن ، وهؤلاء محارم بسبب المصاهرة لا بسبب النسب كما سنبينه لاحقاً .
ثالثاً : إخوانهن سواء كانوا اخوة لأم وأب ، أو لأب فقط أو لأم فقط .
رابعاً : بنو إخوانهن وإن نزلوا من ذكران وإناث كبني بنات الأخوات .
خامساً : العم والخال وهما من المحارم من النسب ولم يذكروا في الآية الكريمة لأنهما يجريان مجرى الوالدين ، وهما عند الناس بمنزلة الوالدين ، والعم قد يسمى أبا قال تعالى : ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي ، قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق .. ) البقرة /133 . وإسماعيل كان العم لبني يعقوب . تفسير الرازي 23/206 ، وتفسير القرطبي 12/232و233 ، وتفسير الآلوسي 18/143، وفتح البيان في مقاصد القرآن لصديق حين خان 6/352 .
المحارم بسبب الرضاع(27/94)
ومحارم المرأة قد يكونون بسبب الرضاع ، جاء في تفسير الآلوسي : ( ثم إن المحرمية المبيحة لإبداء الزينة للمحارم كما تكون من جهة النسب تكون من جهة الرضاع ، فيجوز أن يبدين زينتهن لآبائهن أو أبنائهن من الرضاع تفسير الآلوسي 18/143 لأن المحرمية بسبب الرضاع كالمحرمية بسبب النسب تمنع النكاح على التأبيد بالنسبة لأطراف المحرمية ، وهذا ما أشار إليه الإمام الجصاص وهو يفسر هذه الآية فقال - رحمه الله - : ( لما ذكر الله تعالى مع الآباء ذوي المحارم الذين يحرم عليهم نكاحهن تحريماً مؤبداً ، دل ذلك على أن من كان في التحريم بمثابتهم فحكمه حكمهم مثل أم المرأة والمحرمات من الرضاع ونحوهم ) أحكام القرآن للجصاص 3/317 .
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب :
وقد جاء في السنة النبوية الشريفة : " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " ، ومعنى ذلك أن المحارم للمرأة كما يكونون بسبب النسب يكونون أيضاً بسبب الرضاع ، فقد جاء في صحيح البخاري عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : ( إن أفلح أخا أبي قٌعيس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب ، فأبيت أن آذن له ، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعت فأمر أن آذان له ) صحيح البخاري بشرح العسقلاني 9/150 وقد روى هذا الحديث الإمام مسلم ولفظه : ( عن عروة عن عائشة أنها أخبرته أن عمها من الرضاعة يسمى أفلح استأذن عليها فحجبته ، فأخبرت الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لها : لا تحتجبي منه ، فإنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ) صحيح مسلم بشرح النووي 10/22 .
محارم المرأة من الرضاع مثل محارمها من النسب :
وقد صرح الفقهاء متبعين ما دل عليه القرآن والسنة ، بأن محارم المرأة بسبب الرضاع مثل محارمها من النسب ، فيجوز لها أن تبدي زينتها لمحارمها من الرضاع كما تبدي زينتها لمحارمها من النسب ، ويحل لهم النظر من بدنها ما يحل لمحارمها من النسب من النظر إلى بدنها .
المحارم بسبب المصاهرة :(27/95)
محارم المرأة بسبب المصاهرة هم الذين يحرم عليهم نكاحها على وجه التأبيد ، مثل زوجة الأب ، وزوجة الابن ، وأم الزوجة شرح المنتهى 3/7 .
فالمحرم بالمصاهرة بالنسبة لزوجة الأب هو ابنه من غيرها ، وبالنسبة لزوجة الابن هو أبوه ، وبالنسبة لأم الزوجة هو الزوج ، وقد ذكر الله تعالى في آية سورة النور : ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن .. ) وآباء بعولتهن وأبناء بعولتهن من محارم المرأة بالمصاهرة ، وقد ذكرهم الله تعالى مع آبائهن وأبنائهن وساواهم جميعاً في حق إبداء الزينة لهم . المغني 6/555
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
حكم دعوة المرأة لأصدقائها في العمل لحفل الزفاف
تاريخ الفتوى : ... 01 رمضان 1427 / 24-09-2006
السؤال
أنا فتاة مسلمة أعمل في جامعة حكومية، ومن باب المجاملة أتكلم من زملائي الموظفين بشكل عادي جداً، والسؤال هل هذا من الناحية الشرعية أمر عادي ، وقد اقترب حفل زفافي، هل يجوز أن أقوم بدعوتهم (الحفلة منفصلة) على أساس أننا زملاء ونرى بعضنا كل يوم وأتعامل معهم وبعض منهم قام بدعوتي لحضور حفل زفافه وأنا أخجل من أن لا أدعوه. فهل هذا جائز وحرام أم ماذا ؟ أرجو الحصول على الرد في أقرب فرصة ممكنة حتى أعرف كيف سأتصرف معهم في المستقبل ؟
ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/96)
فقد تقدم أن خروج المرأة للعمل جائز، إذا التزمت بضوابط خروج المرأة، ومن ذلك الحجاب الشرعي الساتر، وعدم الاختلاط بالرجال الأجانب، وعدم الكلام معهم إلا للحاجة وفي حدود الأدب، وتراجع الفتوى رقم: 3859.
وعليه، فيجب على الأخت أن تلتزم بتلك الضوابط، ومنها: أن لا يكون بينها وبين أحد من الرجال أي نوع من العلاقة، ولا يجوز لها الكلام معهم لغير حاجة، ولا الانبساط معهم في الكلام، بل تقتصر في الكلام معهم فيما يحتاج إليه وما لا بد منه.
ولا بأس بدعوة المرأة للرجال لحضور حفل زفاف ونحوه، إذا روعيت الضوابط السابقة، ولم يكن في هذا الحفل اختلاط محرم بين الرجال والنساء ، هذا هو الأصل.
أما ما يعرف من واقع بعض النساء اللاتي يعتبرن من يعمل معهن من الرجال زملاء عمل، فتدعوهم ويدعونها، وتأكل معهم وتشرب في جو مختلط مريب فهذا لا يقره الشرع ولا يرضاه.
وننبه إلى أنه إذا كانت الدعوة لوليمة العرس ، فالحق للزوج في أن يدعو من يشاء ، لأنه صاحب الطعام، فلا يدعو غيره إلى طعامه إلا بإذنه ، فإذا أذن فلا حرج في دعوتهم بالضوابط السابقة .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خروج المرأة للتنزه وارتيادها الأماكن التي تكثر فيها المعاصي
تاريخ الفتوى : ... 27 شعبان 1427 / 21-09-2006
السؤال
ما هو حكم خروج البنات أو السيدات وحدهن للتنزه أو الجلوس في أحد المطاعم أو الكافيتريا لتناول الطعام أو الشراب منفردات، هل هو جائز ابتداء أم لا، إذا كان جائزاً، فهل هو لا يتعارض مع الأمر في سورة الأحزاب "وقرن في بيوتكن" ثم هل معنى الآية كما جاء في مختصر تفسير ابن كثير أن النساء يجب عليهن التزام(27/97)
المنزل وعدم الخروج إلا لضرورة، فهل التنزه والفرجة على المحلات من الضروريات (خاصة ولو كان الزوج يحاول إيجاد البدائل عن طريق الخروج معها أو مطالبته لها بدعوة أصدقائها للمنزل أو زيارتهم بمنزلهم)، فقد قمنا بسؤال بعض مشايخنا وحدث أن جاءتنا فتاوى مختلفة بل قد تكون متعارضة، أيضا هل لو سلمنا بجواز هذا المبدأ ابتداء، فهل هو جائز فيما يحدث الآن في مصر، اعني من الاختلاط وفساد بعض ولا أقول معظم الشباب، كما أن معظم العاملين بهذه الأماكن يكونون من الرجال في الغالب ومعظم هذه الأماكن تمتلئ بالموسيقى والمعاصي الكثيرة، أيضا هل يجب على من يحاول الالتزام بمبادئ الإسلام أن يتواجد في الأماكن التي تكون المعصية هي العامل الغالب عليها مثل مارينا، شرم الشيخ، سيتي سنتر مول وبعض المولات الأخرى التي تمتلئ بالعاريات على كل لون وشكل والموسيقى والمعاكسات والاختلاط؟ عفواً للإطالة... وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في المرأة القرار في البيت، قال الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى.... {الأحزاب:33}، وكون الأصل في المرأة أن تقر في بيتها لا يعني أن تحبس، وأن لا تخرج مطلقاً، بل لها أن تخرج للحاجة، من تعليم وعمل ملائم لفطرتها وخلقتها، ونزهة وترويح وزيارة ونحو ذلك، بعيدة عن الاختلاط بالرجال ملتزمة بالحجاب، وقد ذكر ابن كثير في تفسير قوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ، قال: أي ألزمن فلا تخرجن لغير حاجة. انتهى. وهذا هو عين الصواب.
وخروج البنات أو السيدات وحدهن للتنزه أو الجلوس في أحد المطاعم أو الكافيتريات لتناول الطعام أو الشراب، مع قولك إن معظم العاملين بهذه الأماكن يكونون من الرجال في الغالب، ومعظم هذه الأماكن تمتلئ بالموسيقى والمعاصي الكثيرة، فلا شك في أن خروجهن إلى مثل هذه الأماكن لا يجوز، بل وليس من شك في أن خروج الرجال إلى الأماكن الممتلئة بالموسيقى والمعاصي الكثيرة لا(27/98)
يجوز، ومعلوم كذلك أن التنزه إذا كان بقصد الفرجة على المحلات لا يعتبر حاجة فضلاً عن أن يكون من الضروريات، كما أن خروج المرأة مقيد برضا زوجها، وإذا كان الزوج يحاول إيجاد البدائل عن طريق الخروج معها أو مطالبته لها بدعوة صديقاتها إلى المنزل أو زيارتهن بمنازلهن، فإن خروجها إلى غير الأماكن التي يرضى بها الزوج لا يجوز، وما ذكرت من الاختلاط والفساد فليس من شك في أنه مانع من خروج المرأة إذا خيف عليها منه الفساد أو الفتنة والتواجد في مكان المعصية لا يجوز لأي مسلم ذكراً أو أنثى إلا لضرورة أو حاجة أمر كأن تقصد الإنكار على أصحابها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تقبيل الرجل أمه وأخواته في المناسبات
تاريخ الفتوى : ... 25 شعبان 1427 / 19-09-2006
السؤال
أمتنع أحيانا عن تقبيل أمي وأخواتي خاصة في المناسبات والأعياد، والسبب في ذلك خوفي أن تكون قبلتي فيها نوع من الشهوة، فما الحل وما هي خير منطقة لتقبيل الأم، وهل أعتبر غير حنون أو مقصرا مع الرحم في تلك الحالة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بتقبيل يد الأم ورجلها ورأسها إكراماً لها وبراً بها، روى معاوية السلمي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد، وذكر الحديث إلى أن قال: أحيةٌ أمك؟ قال: نعم، قال: الزم رجلها فثم الجنة. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه. قال في رد المحتار: لعل المراد -والله أعلم- تقبيل رجلها.
وقد قال العلماء المتقدمون: للرجل أن يقبل أخته إذا قدم من سفر بشرط ألا يكون تقبيله لها تقبيل شهوة، فتقبيل المحارم بشهوة من أغلظ المحرمات، وقيد الحنابلة جوازه بأن لا يكون في الفم، وهو تقييد وجيه، لأن التقبيل على الفم مظنة للشهوة،(27/99)
فتقبيل الأخوات يكون على اليد والرأس والجبهة بشرط أمن المقبل على نفسه إثارة الشهوة وحدوث الفتنة.
ففي سنن الترمذي وأبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل فاطمة وتقبله، وسئل الإمام أحمد بن حنبل عن الرجل يقبل ذات محرم منه قال: إذا قدم من سفر ولم يخف على نفسه.
وعليه فترك تقبيل ذوات المحارم في حال الخوف من الفتنة متحتم واجب، ولا يعتبر ذلك تقصيراً في حق ذي الرحم ولا جفاء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... مصادقة المرأة الأجنبي ومحاورته لدعوته للإسلام
تاريخ الفتوى : ... 18 شعبان 1427 / 12-09-2006
السؤال
أنا أحببت رجلا غير عربي من بلجيكا وهو يريد دخول الإسلام ولكن أنا ليس عندي الكثير لأنه يتكلم بالفرنسية لذلك لا أود أن أوصل له شيئا خطأ، أرجو منكم مساعدتي. وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولا أيتها السائلة الكريمة إلى أن الحب بين الأجانب قبل الزواج الشرعي ممنوع في الإسلام لما قد يؤدي إليه من مفاسد،
وقد بينا ذلك مفصلا في الفتويين رقم: 4220، ورقم : 5707.
ولاينبغي للمرأة أن تتصدى لمخاطبة الأجنبي ومحاورته ولوكان ذلك بغرض دعوته إلى الإسلام، بل الأولى أن يكون ذلك من رجل كما ذكرنا في الفتوى رقم: 30911.
فإذا كان الرجل يرغب في دخول الإسلام فينبغي أن تسلطي عليه من الدعاة الرجال من يرشدونه ويدعونه ويؤازرونه حتى يدخل الإسلام في قلبه. وحينئذ(27/100)
يجوز لك أن تتزوجي منه ولا اعتبار لكونه غير عربي فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض . رواه الترمذي و ابن ماجه.
وانظري الفتويين رقم: 15412، 66880.
ولكن ننبهك إلى أن الزواج لابد أن يتم بشروطه وأركانه المعتبرة شرعا ليكون نكاحا صحيحا، ولمعرفة شروط النكاح وأركانه انظري الفتوى رقم: 1766.
نسال الله تعالى أن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه، وأن يباعد بيننا وبين معاصيه كما باعد بين المشرق والمغرب إنه سميع مجيب .
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتور بين الزوجين لا يسوغ مشاهدة الأفلام الإباحية
تاريخ الفتوى : ... 18 شعبان 1427 / 12-09-2006
السؤال
هل يجوز للمرأة التى أصيبت حياتها الزوجيه بالفتور مما قد يؤدى إلى المشاكل المستمرة مع زوجها أن تشاهد أفلاما جنسية أو صورا إباحية أو تقرأ عنهما ؟ حتى تتحرك الغريزة التى فترت فتستمر حياتها طبيعية ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم سواء كان رجلا أو امرأة أن يشاهد الأفلام الجنسية لأي غرض كائنا ما كان، ودعوى أن مشاهدتها قد تخفف من الفتور وقلة الشهوة حيلة إبليسية يريد الشيطان أن يغوي بها. وقد قال تعالى : وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {النور: 21 } فنظر العورات من المحرمات، ولا يجوز إلا للضرورات، وليس هذا بضرورة، فقد يكون عارضا، وقد يعالج بالأمور الطبيعية من غذاء ودواء ونحوه، كما قد يعالج بالقراءة في كتب أهل العلم التي تحدثت عن(27/101)
ذلك وعن أسبابه وعلاجه. وقد بينا طرفا من ذلك مفصلا في الفتاوى ذات الأرقام التالية : 3605 ، 2778 ، 18636 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
موقف الفتاة من خالها الذي يتحرش بها
تاريخ الفتوى : ... 17 شعبان 1427 / 11-09-2006
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر21 مشكلتي أن لي خالاً يبلغ من العمر 27 ودائما يحاول الانفراد بي والتحرش بي وكثير الاتصال بي ولما هددته بإخبار أمي جلس يبكي ويقولي الله لا يسامحك أنا أحبك ومتعلق فيك وأهلي زوجوني واحدة ما أحبها وأنا ضحية ومن هذا الكلام الفاضي وأنا بصراحة من قوة كلامه (أعطيته كفا) وقلت اتق الله وأغلقت علي غرفتي ومن ذاك اليوم وهو حاقد علي وصار يرسل علي رسائل تهديد وأني بنت متخلفة لأني ما ألبس بناطيل مثل بنات خالاتي وأنت واحدة حقيرة ..ماذا أفعل مع هذا الخال مع العلم أنه متزوج وعنده بنت ولا يتعاطى ولكنه مدمن أفلام جنسية والمشكلة لها خمس سنوات وصار يزعجني في كل الأوقات باتصالاته ويدبر خططا للانفراد بي والحمد لله تخلصت من الجوال مع أني في أمس الحاجة له... والمصيبة أني أخبرت أمي وضربتني على وجهي وقالت إخواني متربين أحسن منك ويا ويلك لو أسمع هذا الكلام مرة ثانية ...وأنا من كثرة تفكيري في هذا الموضوع نزل معدلي وصرت أفكر بترك الدراسة في دار التحفيظ مساءً بسبب عدم التركيز ساعدوني ؟
جزاكم الله خيرا هل أهجر خالي ولا أسلم عليه بسبب أذاه لي أم ماذا أفعل ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يحرم على المرأة أن تمكن نفسها من محارمها وغيرهم حتى يتمتعوا بها ، فإذا علمت من خالك أنه يريد التحرش بك فيجب عليك منعه من ذلك، والبعد عن(27/102)
الخلوة به وإظهار زينتك أمامه، فعليك أن تعامليه كغيره من الرجال الأجانب ولا تطيعي أحدا في خلاف هذا ، ونوصيك أن تصرفي التفكير عن هذا وتواظبي على الاشتغال بطلب العلم الشرعي وتلاوة القرآن الكريم، وتحافظي دائما على التعوذات والأذكار الصباحية والمسائية ، وتسألي الله أن يحفظك ويعافيك في دينك ودنياك وبدنك وعرضك، وأن يرزقك زوجا صالحا يكون عونا لك على دينك وآخرتك، ويساعدك في حمايتك نفسك من شر الذئاب البشرية. هذا ويتعين على أمك أن تكون عونا لك على الطاعة والبعد عن المعاصي عملا بواجبها المتعلق بحضانتك ووقايتك من النار. وراجعي الفتاوى التالية أرقامها : 46891 ، 69728 ، 34277 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
سفر المرأة بغير محرم
سؤال:
أعلم أن سفر المرأة بدون محرم لمدة يوم وليلة محرم .
هل يجوز للمرأة أن يوصلها المحرم لمكان إقلاع الطائرة ويستقبلها محرم آخر عند النزول من الطائرة ؟ المدة كاملة تستغرق 10 ساعات.
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تسافر من غير محرم لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم )
ولأن الهدف من وجوده حفظها وصيانتها والقيام بأمرها ولا سيما حيث يقع شيء من الأمور الإضرارية والسفر عرضة لذلك بغض النظر عن المدة ، فما عده الناس سفراً كان كذلك ، وتنطبق عليه أحكام السفر حينئذٍ .
وللمزيد عن أحكام المحارم أنظر سؤال رقم ( 5538 ).
الشيخ محمد صالح المنجد(27/103)
ــــــــــــــ
العمل في مكان مختلط
تاريخ الفتوى : ... 13 شعبان 1427 / 07-09-2006
السؤال
أنا شاب عمري 27 عاما من مصر منّ الله علي بالالتزام من 4 سنوات في نفس اليوم الذي أنهيت فيه الدراسة بالجامعة وخلال ال4 سنوات مكثت سنة واحدة بالجيش وباقي ال3 سنوات أبحث عن عمل ووجدت أكثر من عمل ولكن كل مرة بعد استلام العمل لا أستمر أكثر من أسبوعين وأترك العمل وفي كل مرة يكون السبب إما أنني لا أتمكن من الصلاة جماعة في المسجد أو لا أدرك الصلاة أصلاً في وقتها أو نتيجة الاختلاط بالنساء وكما هو معلوم وضع النساء في مصر فالغالبية العظمى منهن تمشى شبه عارية وتضع المساحيق على وجهها ولا تجد أي حرج في الحديث مع الرجال بل والمزاح معهم. وأحياناً أترك العمل بسبب طول ساعات العمل 12 ساعة وبالتالي لن أستطيع توفير الوقت الكافي لطلب العلم والعمل به أو يكون العمل أصلاً محرما ، بالطبع عانى أهلي كثيراً وفي أغلب الأحيان كانوا لا يوافقونني على ترك العمل وأجد منهم انتقادا كبيرا لي ولطريقة تفكيري ، المهم بعد البحث والمعاناة وجدت فرصة عمل في الحكومة وهو أمر نادر هذه الأيام عندنا في مصر وبعد أن استلمت العمل وجدت أني سوف أعمل في مكتب كبير ينقسم من الداخل إلى 3 مكاتب مكشوفة كلها على بعضها بمعنى أني أجلس في مكتبي وأرى كل أو معظم من في المكتبين الآخرين وهذه المكاتب الثلاثة فيها 15 امرأة ما بين امرأة وفتاة وما بين مسلمة ونصرانية حيث من ال15 يوجد 6 نساء نصارى والمكتب الذي أنا فيه يوجد به 8 نساء منهن 3 فتيات عملي متصل بهن بشكل مباشر بل إن التحاقي بهذا المكتب كان بناءً على ترشيح إحدى الفتيات الثلاثة لي عند مديرة العمل ولا يوجد معي من الرجال إلا رجل واحد وهو يتعامل مع هؤلاء النساء بدون أي ضوابط شرعية ويضاحكهن ويحضر لهن الأكل والمشروبات على حسابه وهذا خاص بالثلاث فتيات وعند دخولي للمكتب أخذ يعطيني النصائح التي تركزت كلها في أنه يجب علي أن أتعامل مع(27/104)
هؤلاء النساء بشكل طبيعي من وجهة نظره أي أتحدث معهن وأضاحكهن لأنهن يحببن الضحك كثيراً ويقول لي عاملهن على أنهن أخواتك ، وكان أول يوم لي وطول اليوم رغم أن الشغل كان كثيرا وطبيعة عملنا مع الجمهور ورغم ذلك يأتين ويرحبن بي ويبتسمن في وجهي وأنا أضطر للرد عليهن وما كان مني بعد انتهاء العمل وذهابي للبيت إلا أني قررت ألا أذهب للعمل مرة أخرى بسبب هذا الاختلاط الذي أخشى منه على نفسي حيث إني غير متزوج وأمامي الكثير حتى أتمكن من الزواج لأني لا أملك أي شيء بل إني إذا أردت الخروج من بيتي آخذ ثمن المواصلات من أبي أو أمي ، فهل ما فعلته صواب فالكل يلومني على ما فعلت ويقولون لي إنها فرصة لن تأتي مرة ثانية وأنت كبرت في السن وإلي متى ستجلس بدون عمل ومتى تستطيع أن تتزوج وتكون مسئولا عن أسرة وإلى متى ينفق عليك أبوك ، دلوني على الصواب بالله عليكم فأنا في حالة حزن شديد ، وفي النهاية فإني لم أرسل رسالتي هذه لقسم الاستشارات لأني أريد معرفة الحكم الشرعى في تركي للعمل بسبب الاختلاط مع النساء والذي يصاحبه كلام ومزاح وكذلك حكم تركي للأعمال السابقة للأسباب السابقة الذكر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نهنئك بما أنعم الله به عليك من الالتزام، ونفيدك أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فإن كان عملك في المجال المختلط تخشى منه الفتنة على نفسك، فإن تركه واجب؛ لأن سلامة الدين أهم من كل شيء، وهي الوسيلة المحققة للاستفادة من الكسب، ولكنه لا بأس أن تحاول معهم قبل الانفصال عن العمل أن يوفروا لك عملا في مكان لا يوجد به اختلاط.
ونسأل الله أن يوفق إدارة المحل لمساعدتك في الموضوع، وعليك أن تستعين بالدعاء آخر الليل وبعد الفرائض ليحقق الله ذلك لك، فقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز. رواه مسلم.(27/105)
وفي الحديث أنه سئل أي الدعاء أسمع؟ فقال: جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات. رواه الترمذي وقال الألباني في صحيح الترغيب: صحيح لغيره.
وإن تعذرت الوسائل التي يمكن بها تفادي الوقوع في الحرام فيتعين ترك العمل ما لم تكن هناك ضرورة أو حاجة ملحة إليه، وتقدر الضرورة حينئذ بقدرها.
وأما ما حصل منك سابقا من ترك العمل لكونه فيه اختلاط فهو صواب إن كنت تخشى على دينك، ولم يمكنك تفادي تلك الفتنة.
ومثل ذلك ترك المكان الذي لا تستطيع فيه أن تتمكن من صلاة الجماعة إن كنت لا تتضرر في نفسك إن تركت العمل، وإلا كان ذلك عذرا في ترك الجماعة، إلا أنه يتعين التنبه إلى أن صلاة الجماعة ليس من حق صاحب العمل منع الموظف أن يصليها فإن منع من المسجد وأمكنهم أن يكونوا جماعة فهذا يجزئهم إن شاء الله.
وأما ترك العمل بسبب طول الوقت فهو غير مناسب، فالأكمل هو الصبر عليه حتى تجد عملا آخر يناسبك، وفي أثناء ذلك تحاول توظيف ساعتين أو أكثر إن تيسر في طلب العلم الشرعي، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 71139، 8677، 52712، 53143، 16879، 8528، 65294، 47332، 58722، 29129.
والله اعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... العلاقة خارج إطار الزواج
تاريخ الفتوى : ... 12 شعبان 1427 / 06-09-2006
السؤال
منذ سنوات كنت مرتبطا مع فتاة بعلاقة غير شرعية أي عن طريق الهاتف وقد رأيتها أكثر من مرة عن بعد , وكانت تقول إنها تحبني حبا كبير وأنا لا أستطيع العيش من دونك, حلفتها بالمصحف أي وضعت
يدها على القرآن وقلت لها احلفي أنك لم تخونيني مع أحد سواء عن طريق الهاتف أو غيره، وحلفت أنها لم تخنني ولن تكلم أحدا بعدي إن طال الزمان أو قصر, في(27/106)
الفترة الأخيرة زاد شكي فيها وتركتها وقلت سأحاول أن أبتعد عنها هي تعبت نفسيا وجسديا عندما عرفت بقراري معها، وقالت إنها هذه البلوى التي أصابتها في ذمتي ليوم القيامة وقالت لي (( إذا ابتعدت عني سوف أسجد لصورتك )) وإنك ستلقاها في مستقبلك وفي أهلك وفي أولادك.
ومع مرور والوقت اكتشفت أنها مع شخص آخر تكلمه بالهاتف يعني هل ما أصبها ذنب في رقبتي .؟
وهل أنا مذنب عندما تركتها وأصابتها مصيبتها.؟
وهي كذبت وحلفت على القرآن لي أنها لم تخن ولن تكلم شخصا آخر بعدي أي يعني أنها تستهزئ بكلام الله .
وقد أتعبني التفكير في هذه المصيبة ولا أعرف هل أنا مذنب بشيء أو يجب علي فعل شيء ؟
أرجو منكم المساعدة بأسرع وقت وجعل الله ما تفعلون في ميزان حسناتكم يوم القيامة .
وجزاكم الله ألف خير
في انتظار الرد .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا في عدة فتاوى أنه يحرم على الرجل والمرأة إقامة علاقة خارج إطار الزواج وأن من ابتلي بذلك وجب عليه أن يقطع تلك العلاقة فورا، وانظر على سبيل المثال الفتوى رقم: 1072، والفتوى رقم: 10522
.
فالواجب على الأخ السائل أن يتوب إلى الله تعالى من تلك العلاقة المحرمة، وليحمد الله أنه لم يقع فيما هو أكبر من مجرد علاقة، وليعلم أنه ليس مذنبا في قطع علاقته بل قد أحسن صنعا لأنه فعل الواجب عليه، فلا داعي لإشغال ذهنه بالتفكير فيما مضى وليجدد التوبة إلى الله ويبدأ صفحة جديدة يملؤها بطاعة الله تعالى والبعد عن كل ما يسخطه، وانظر لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 9463.(27/107)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
كيف يُعالج الإنسان نفسه إذا دعته إلى الرياء
سؤال:
السؤال :
كلما فعلت شيئاً جيداً أنظر للناس لكي يقدروا عملي ، وبعبارة أخرى فأنا أرائي ، أعلم بأن الرياء غير مسموح به في الإسلام ولكن كيف أستطيع أن أتخلص من الرياء وهذا الشعور ؟.
الجواب:
الجواب :
على الراغب في التخلص من الرياء أن يسلك هذه السبل في علاج نفسه منه ، ومن ذلك :
1. استحضار مراقبة الله تعالى للعبد .
وهي منزلة " الإحسان " التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل ، وهي " أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك " . رواه مسلم ( 97 ) .
فمن استشعر رقابة الله له في أعماله يهون في نظره كل أحد ، ويوجب له ذلك التعظيم والمهابة لله تعالى .
2. الاستعانة بالله تعالى على التخلص من الرياء
قال الله تعالى عن المؤمنين { إياك نعبد وإياك نستعين } [ الفاتحة 5 ] ، ومن الأشياء التي تنفع في هذا الباب الاستعانة بالله في دعائه ، قال صلى الله عليه وسلم : "أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل فقال له من شاء الله أن يقول :وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله ؟ قال قولوا اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلم " . رواه أحمد (4/403) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 3731 ) .(27/108)
3. معرفة آثار الرياء وأحكامه الأخروية .
حيث أن الجهل بذلك يؤدي إلى الوقوع أو التمادي فيه ، فليعلم أن الرياء مُحبط للأعمال ، وموجب لسخط الله ، والعاقل لا يتعب نفسه بأعمال لا يكون له أجر عليها ، فكيف إذا كانت توجب سخط الله وغضبه .
ومن أعظم الأحاديث في عقوبة المرائين في الآخرة ما أخبرنا به صلى الله عليه وسلم : " أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَرَجُلٌ يَقْتَتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَارِئِ أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي قَالَ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ قَالَ كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلائِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ فُلَانًا قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ قَالَ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ قَالَ كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلانٌ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ فِي مَاذَا قُتِلْتَ فَيَقُولُ أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلائِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلانٌ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". رواه الترمذي ( 2382 ) وحسّنه ، وصححه ابن حبان ( 408 ) ، وابن خزيمة ( 2482 ) .
4. النظر في عقوبة الرياء الدنيوية .
وكما أن للرياء عقوبة أخروية ، فكذلك له عقوبة دنيوية ، وهي أن يفضحه الله تعالى ، ويظهر للناس قصده السيّئ ، وهو أحد الأقوال في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم " من سمَّع : سمَّع الله به ، ومَن راءى : راءى الله به " رواه البخاري ( 6134 ) ومسلم ( 2986 ) . قال ابن حجر : قال الخطابي معناه : من عمل عملا على غير إخلاص وإنما يريد أن يراه الناس ويسمعوه جوزي على ذلك بأن يشهره الله ويفضحه ويظهر ما كان يبطنه .(27/109)
وقيل : من قصد بعمله الجاه والمنزلة عند الناس ولم يرد به وجه الله فإن الله يجعله حديثا سيئا عند الناس الذين أراد نيل المنزلة عندهم ولا ثواب له في الآخرة . أ.هـ " فتح الباري " ( 11 / 336 ) .
5. إخفاء العبادة وعدم إظهارها .
وكلما ابتعد الإنسان عن مواطن إظهار العبادة : كلما سَلِم عمله من الرياء ، ومن قصد مواطن اجتماع الناس : حرص الشيطان عليه أن يظهر العبادة لأجل أن يمدحوه ويُثنوا عليه .
والعبادة التي ينبغي إخفاؤها هنا هي ما لا يجب أو يُسنُّ الجهر به كقيام الليل والصدقة وما أشبههما ، وليس المقصود الأذان وصلاة الجماعة وما أشبههما مما لا يُمكن ولا يُشرع إخفاؤه .
نسأل الله الإخلاص في القول والعمل وأن يغفر لنا ما وقعنا فيه من الرّياء والسمعة وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
حكم تبادل رسائل الحب قبل الزواج
تاريخ الفتوى : ... 12 شعبان 1427 / 06-09-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية أود أن أشكركم على هذا الموقع الجميل جدا وجزاكم الله خيرا
أنا شاب أحببت بنت جارنا منذ الصغر ولم أصارحها بذلك خشية من ردها لي وفي آخر سنة في الثانوية حصل لي حادث وأصبت إصابات بليغة وكانت نفسيتي تعبانة وكانت أختي تواسيني وتطلب مني أن أصارحها بكل ما بي من هموم لكي تساعدني فما كان مني إلا أن حكيت لها حبي لبنت جارنا ورغبتي بالزواج بها فما كان من أختي إلا أن قامت وأخبرتها بحبي لها فكان ردها أنها كانت أيضا تحبني فكانت أختي الواسطة بيني وبينها وتوصل رسائلي لها ورسائلها لي لمدة ثلاث(27/110)
سنوات ولم نلتق قط خشية أن نقع في الحرام ولم نكلم بعضنا أبدا إلا عن طريق الرسائل فقط وبعد ثلاث سنوات تقدمت وخطبتها وعقدت القران عليها واستمرت الحال على ذلك وبعد سنة تزوجنا ولم نر بعضنا إلا بعد الزواج، فهل علينا إثم في هذا؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا
علما بأن حبنا لبعضنا كان والله شريفا والرسائل كانت في غاية الاحترام والشرف والعفة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعلوم أن الرجل أجنبي عمن يعتزم نكاحها فلا تحل له الخلوة بها ولا تبادل رسائل الحب ولا غير ذلك من وسائل إثارة العواطف ولا النظر إليها إلا عند خطبتها، فله أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فقد روى الترمذي عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل نظرت إليها قال: لا، قال: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما.
وعليه، فما جرى من مراسلة بينكما إن كان مما وصفنا في مطلع الجواب فعليكما أن تتوبا، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له كما جاء بذلك الحديث.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... مذاهب العلماء في نظر الرجل إلى المرأة ونظرها إليه
تاريخ الفتوى : ... 05 شعبان 1427 / 30-08-2006
السؤال
ما حكم نظر المرأة الى الرجل سواء كانت نظرة بشهوة أو بدون شهوة؟ و ماذا يفرق نظر المرأة إلى الرجل عن نظر الرجل إلى المرأة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/111)
فيحرم نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية مع الشهوة وخوف الفتنة بالاتفاق، واختلفوا في نظره إلى وجهها وكفيها مع أمن ذلك.
فذهب الحنفية والمالكية إلى جوازه.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى حرمته وهو الصحيح؛ لقول الله تبارك وتعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ {النور: 30} ولما في الصحيح من حديث جرير رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فقال: اصرف بصرك. وقال لعلي كما عند أصحاب السنن: لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الثانية.
وأما نظر المرأة إلى الأجنبي فقد اختلفوا فيه أيضا:
فيرى الحنفية أن لها النظر إلى ما عدا ما بين السرة إلى الركبة إن أمنت على نفسها الفتنة.
ويرى المالكية أن لها النظر إلى ما يراه الرجل من محرمه وهو الوجه والأطراف عند أمن الفتنة.
ويرى الشافعية أنه لا يجوز لها النظر إلى ما هو عورة وإلى ما هو غير عورة من غير حاجة كعلاج؛ بدليل عموم آية: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ{النور: 31}
وبدليل ما روت أم سلمة رضي الله عنها قالت: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة، فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب، فقال صلى الله عليه وسلم: احتجبا منه، فقلنا: يا رسول الله: أليس أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه.
والقول الراجح عند الحنابلة يجيز نظر المرأة إلى ما ليس بعورة من الأجنبي؛ لحديث عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد. انتهى. ملخصا من الموسوعة الفقهية.
والحاصل أن الشافعية لا يفرقون بين نظر الرجل إلى المرأة ونظرها إليه، فيحرم على كلٍ النظر جميع بدن الآخر، وهذا هو الأحوط.(27/112)
ومن أهل العلم من فرق فأجاز للمرأة دون الرجل على خلاف بينهم فيما يجوز للمرأة، وهذا كله إن كان النظر لغير شهوة، أما مع الشهوة فإنه لا يجوز لأي منهما أن ينظر إلى الآخر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم مداعبة المحارم والنظر إليهن بشهوة
تاريخ الفتوى : ... 03 شعبان 1427 / 28-08-2006
السؤال
هل نظر الأم إلى ابنها أو نظر الابن إلى أمه بشهوة حرام أم لا، وهل مداعبة الابن لأمه كما لو كان يداعب زوجته حرام أم حلال؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمعت الشرائع السماوية والقوانين الأرضية، واتفقت العقول الصحيحة والفطر السليمة على حرمة النكاح بين المحارم، وحرمة مقدمات النكاح من النظر واللمس بشهوة ونحو ذلك. ولم يخالف فيه إلا منكوس الفطرة، عليل القلب، فاسد النظر، وإذا كان الأصل جواز النظر من ذات المحرم إلى ما يظهر غالباً كالرأس والرقبة والقدمين والكفين ونحو ذلك إلا أنه يحرم النظر إلى شيء من ذلك بشهوة ويحرم النظر إلى ما يستر غالباً كالصدر والظهر ونحوهما. قال ابن قدامة: ويجوز للرجل أن ينظر من ذوات محارمه إلى ما يظهر غالباً كالرقبة والرأس والكفين والقدمين ونحو ذلك، وليس له النظر إلى ما يستتر غالباً، كالصدر والظهر ونحوهما... وما لا يظهر غالباً لا يباح، لأن الحاجة لا تدعو إلى نظره، ولا تؤمن معه الشهوة ومواقعة المحظور، فحرم النظر إليه كما تحت السرة. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(27/113)
حكم نظر المرأة إلى المنشدين في القنوات الفضائية
تاريخ الفتوى : ... 03 شعبان 1427 / 28-08-2006
السؤال
أريد
حكم الشرع فيما يحصل في القنوات التي تسمى إسلامية، وبالذات في مسألة ظهور شباب أمرد، وأنتم تعلمون كم حذر السلف من هذا، فليت شعري ماذا كانوا سيقولون لو كانوا معنا ورأوا النساء تتفرجن على المنشدين بوجوههم الجميلة وحركاتهم الفاتنة، أسألكم أيها المشايخ الأفاضل، هل يجوز ذلك، هل يمكن أن تتفرج المرأة على المنشدين ليلا نهارا والكاميرات تقترب من وجوههم وأجسادهم دون أن تفتتن بتلك الوجوه الجميلة، هل أنا على خطأ؟ هل أسأت الظن بالنساء؟ هل يأمن الرجل على أهله يا كرماء؟؟؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيتعين على الرجل أن يحافظ على رعاية أهله وإبعادهم عن النظر للشباب بشهوة عملا بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً {التحريم: 6} وبقوله تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ {النور: 31}
وعليه أن يكون معتدلا في الغيرة فلا يفرط ويتهم النساء، ولا يهمل ما استرعاه الله تعالى وكلفه به من السعي في هدايتهن وحمايتهن مما يخدش دينهن وأعراضهن، ففي الحديث: إن من الغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، فأما الغيرة التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، والغيرة التي يبغضها الله فالغيرة من غير ريبة. رواه أبو داود
وعليه أن يوفر البديل الصالح لأهله بدلا عما يرى فيه إفسادا لهم.
وأما من يقومون على هذه القنوات فنحسن الظن بهم ونرى أنهم إنما يريدون الخير بإيجاد بعض المسائل الترفيهية الهادفة السليمة من الموسيقى المحرمة وسفور النساء، فظهور الشاب الأمرد جائز سواء كان مباشرا أو بواسطة فيديو أو تلفزيون. ويجب على من يخاف الافتتان به أن يغض بصره سواء كان امرأة أو(27/114)
رجلا، وعلى العقلاء أن يبحثوا عن وسائل تحقق الأهداف المنشودة وتسلم من جميع الشرور.
وراجع للمزيد في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها:
66054، 71340، 76189، 76255، 1886،7997، 29144، 35048، 56356، 59782.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... هل تحتجب المرأة من المراهق
تاريخ الفتوى : ... 02 شعبان 1427 / 27-08-2006
السؤال
ابن خالتي يبلغ من العمر 12 سنة وهو عندما يأتي لزيارتنا يبقى معنا أسابيع في البيت، فهل أتحجب عنه في هذا السن أم لا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصبي إذا بلغ اثنتي عشرة سنة ولم يكن قد بلغ بعلامة أخرى من علامات البلوغ كالاحتلام فهو في سن المراهقة، والمراهقة مقاربة الشخص للبلوغ ولما يصل إليه بعد، وفي هذه الحالة يجب على المرأة الاحتجاب منه، ولا يمنع من الدخول على النساء، لأنه ليس ببالغ، ولا يلزمه الاستئذان في الدخول عليهن، إلا في الأوقات التي يضعن فيها ثيابهن، ولكن إذا دخل وجب على المرأة أن تبتدر حجابها، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (والمراهق كالبالغ في) حرمة (النظر) فيلزم الولي منعه منه... لظهوره على العورات (لا) في حرمة (الدخول) على النساء الأجانب بغير استئذان، بل يجوز بدونه (إلا) في دخوله عليهن (في الأوقات الثلاثة) التي يضعن فيها ثيابهن، فلا بد من استئذانه في دخوله فيها عليهن لآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ... (ويمنعه الولي) وجوباً من النظر إليهن، كما يمنعه وجوباً من الزنا وسائر(27/115)
المحرمات، ويلزمهن الاحتجاب منه (كالمجنون) في ذلك. انتهى، أما البالغ فحكمه حكم الرجال.. وفقك الله لنيل رضاه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مراسلة النساء الأجنبيات من دواعي الفتن
تاريخ الفتوى : ... 27 رجب 1427 / 22-08-2006
السؤال
سافرت في دورة تدريبية لمدة أسبوعين بإنجلترا منذ أكثر من شهرين . خلالها قابلت فتاة متدربة لبنانية نصرانية ولم تربطني بها أي علاقة في غير حدود التدريب. هل يجوز شرعا أن أرسل لها بريدا إلكترونيا للاطمئنان عليها هي وأسرتها بعد الحرب الجارية على لبنان. جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا داعي للاتصال بهذه الفتاة، والأسلم للمسلم أن يبتعد عن مواطن الشبه ودواعي الفتن.
والإسلام يمنع العلاقة والصداقة بين الرجال والنساء الأجانب إلا في ظل الزواج الشرعي سدا لكل ما يمكن أن يجر إلى الفساد، ولذلك ننصحك بالابتعاد عن الاتصال أو العلاقة بالنساء الأجنبيات فإن السلامة لا يعدلها شيء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
وصف المرأة لجسمها عن طريق النت باب للفتنة
تاريخ الفتوى : ... 27 رجب 1427 / 22-08-2006
السؤال(27/116)
لو سمحتم عندي سؤال حيرني انا أعرف شابا عن طريق النت وطلب مني صورة حتى يشوفني ورفضت، وطلب مني بعدها وصفا لحالي ووصفت كل شيء بجسمي بالدقة، ما رأي الدين في ذلك؟ الرجاء الرد ولكم جزيل الشكر
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المحادثة بين الفتيان والفتيات أمر لا يجوز، هي من أسباب الفتنة وانتشار الشر والبلاء في الأمة، وقد سبق أن حذرنا من ذلك في عدة فتاوى، راجعي منها الفتوى رقم: 18297 . وسي
تبين لك بذلك أنك قد أتيت منكرا من هذه الجهة، وانضم إلى ذلك منكر آخر وهو وصفك محاسن جسدك له، وهذا من أسباب الفتنة أيضا، وراجعي الفتوى رقم: 16397 ، فالواجب عليك التوبة إلى الله، ونوصيك بالحرص على طاعته والبعد عن معصيته، وشغل نفسك بما ينفعها في دينها ودنياها، وصحبة الصالحات من النساء ليكن عونا لك على الخير، وقد أحسنت في رفضك إرسال صورتك له فجزاك الله خيرا.
وننبه إلى أنه ينبغي للمسلم السؤال عن الحكم الشرعي للفعل المعين قبل الإقدام عليه، لا فعله ثم السؤال بعد ذلك.
كما ننبه إلى أن أكثر هؤلاء الشباب الذين يحصل التعرف عليهم عن طريق النت أصحاب مجون وعبث، همهم -إلا من رحم الله- هو اصطياد الغافلات المؤمنات، ومن كان جادا في الزواج فطريقه الشرعية معروفة وهي المأمونة العواقب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ما تفعله المرأة إذا تحرش بها زوج أختها
تاريخ الفتوى : ... 27 رجب 1427 / 22-08-2006
السؤال(27/117)
سيدي الفاضل أنا سيدة متزوجة. مشكلتي أن زوج أختي تحرش بي في بيته وكانت صدمة كبرى بالنسبة لي. صارحت زوجي بالذي حصل
وكذلك أختي و طلبت الطلا ق. ضميري يعذبني ولا أعرف هل أنا مذنبة؟هل أخطأت حينما اعترفت لها؟ أرجو الإجابة في أسرع وقت ولكم مني كل التقدير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما بدر من زوج أختك هو هفوة غير مسبوقة، ولم يتكرر منه ذلك فالأولى ستره ونصحه وتذكيره بالله تعالى وأليم عقابه، وهذا الستر لمجموعة من المصالح الشرعية المعتبرة، منها: الستر على المسلم عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة. متفق عليه، ومنها: المحافظة على أسرة أختك من التفكك.
وعموما فنرشدك إلى ما يلي:
أولاً: انصحي أختك بالصبر، وأن تضع لزوجها فرصة أخرى، ولا تتعجل بطلاب الطلاق.
ثانياً: اكتمي الأمر ولا تخبري به أحداً حفظاً لسمعة هذا المسلم.
ثالثاً: التزام الحجاب الشرعي أمام غير المحارم من الرجال ومنهم زوج الأخت والحذر من الخلوة بهم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
يحبّ ابنة خاله جدا ويريد الزواج منها
سؤال:
السؤال :
هل يجوز أن أتزوج من بنت خالي التي تصغرني بسنة ونصف ؟ أحبها كثيراً.(27/118)
الجواب:
الجواب :
ابنة خالك لا تعد من المحارم بالنسبة لك ، فيجري عليها ما يجري على غيرها من النساء الأجنبيات من الأحكام ومن ضمنها جواز الزواج منها ، لكن ينبغي التنبيه إلى أمر مهم وهو : أن الحب مع كونه أمرا حسنا بين الزوج وزوجته ، وأنه يستحب للمرء أن يتزوج المرأة التي يحبها لأنّ النبي صلى الله عليه و سلم : ( لم ير للمتحابين مثل النكاح ) صحيح الجامع برقم 5200 ، لكن ينبغي أن لا يطغى هذا الحب فيحجب عن الإنسان صفات مهمة يجب توافرها في من يريد الزواج منها ، وأهمها الدين ، قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك ) متفق عليه . فإن كانت ابنة خالك على دين وخلق فنعم ما اخترت ، ونسأل الله أن يحقّق رغبتك ويجمع بينكما في خير وإن كانت على غير ذلك فأعد النظر في اختيارك ، وفقك الله لما يحبّ ويرضى .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
وضع الحجاب في البيت ورؤية الأجنبي المرأة بغير علمها
تاريخ الفتوى : ... 25 رجب 1427 / 20-08-2006
السؤال
إذا كنت في البيت ومن طبيعة الحال لن أكون مرتدية الحجاب داخل البيت ودخل أحد ما ووجدني غير مرتدية الحجاب، فهل علي إثم وأنا بطبيعة الحال لن أستطيع أن ألبس الحجاب في البيت، فماذا أفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حق المسلمة إذا كانت في بيتها أن تضع حجابها، ولا يجوز لأحد أن يدخل بيتاً غير بيته إلا بعد الاستئذان... كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا(27/119)
بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {النور:27}، ولذلك فإذا استأذن أجنبي على امرأة بالدخول فإن عليها أن ترتدي حجابها أو تجلس في مكان آخر لا يراها فيه الأجانب.
وأما إن دخل عليها بدون علم أو نظر إليها فإنه لا إثم عليها لكن يجب عليها أن ترتدي حجابها بمجرد علمها أنها في مكان يراها فيه، فقد نهى الله تعالى المرأة أن تكشف شيئاً من بدنها أو تظهر شيئاً من زينتها لغير زوجها ومحارمها المذكورين في الآية الكريمة: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ {النور:31}، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 47117، والفتوى رقم: 65675.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
محادثة الرجال الأجانب بحجة الأخوة في الله من تلبيس إبليس
تاريخ الفتوى : ... 21 رجب 1427 / 16-08-2006
السؤال
أنا فتاة مخطوبة وأخاف من الله والحرام والحمد لله ، ومسجلة في معهد وعندنا في المعهد شاب عزب صاحب دين وذو أخلاق حميدة ونحن نتحدث مع بعض في كل فترة استراحة في المعهد على اعتبار أننا أخوان في الله فهل حديثنا فيه أي نوع من الحرام وأنا خائفة أن يكون حديثنا مرافقا لمشاعر سواء عندي أو عنده فماذا علي أن أفعل لكي أتجنب الحرام والمشاكل أيضا وخاصة أنه يشبه خطيبي كثيرا شكلا وأفعالا وطباعا ؟ أرجو الرد بسرعة ؟
جزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/120)
فاعلمي أيتها الأخت الكريمة أن حديثك مع هذا الرجل الأجنبي لا يجوز إلا عند الحاجة. ودوام المحادثة بهذه الطريقة مؤذن بفتح باب من الشر عظيم يجركم إليه الشيطان، ولذا فعليك بقطع هذه العلاقة مباشرة طاعة لربك، وصيانة لنفسك ومشاعرك. وانظري الفتوى رقم : 56052 ، ومحادثة ومخالطة الرجال الأجانب بحجة المحبة والأخوة في الله من تلبيس إبليس ليوقع الإنسان في حبائله وشراكه. وفقك الله لمرضاته .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... إثم من يتحرش بمحارمه
تاريخ الفتوى : ... 19 رجب 1427 / 14-08-2006
السؤال
السؤال :
والدي حاول أن يتحرش بأختي جنسياً وبعد إخبار أختي لي بالأمر أخبرتني أنه حاول أكثر من مرة حيث قد لامس صدرها ( ثدييها ) وأماكن أخرى حساسة، فما هو الحل والعلاج لهذا الأمر من الناحية الشرعية ؟؟!!! ولكم جزيل الشكر
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن أباك إذا كان ما نسب إليه صحيحا قد خالف الشرع والطبع وارتكب أمراً عظيماً لأنه إذا كان الإنسان ممنوعاً من فعل ذلك مع الأجنبية فمع ذات المحرم أشد وأعظم؛ لما روى أحمد والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من وقع على ذات محرم فاقتلوه. وذلك لأن المحرم مطلوب منه الحفاظ على عرض محارمه والذود عنه، لا أن يكون هو أول الهاتكين له.
فعليه التوبة إلى الله من هذه المعصية الكبيرة، قبل أن يفجأه الموت وهو على هذه الحال، ونصيحتنا لك أخي السائل أن تبذل جهدكً في نصح والدك، ولا تتركه يخلو بأختك في مكان واحد يتمكن فيه من المساس بها، ولا تمكنه هي أيضا من ذلك،(27/121)
فلربما جره ذلك إلى الزنا بالمحارم والعياذ بالله، ولا بأس أن تستعين على ذلك ببعض أهل الرشد والصلاح من أهله أو غيرهم.
وننبهك إلى أن حق الأب في الإحسان بالمعروف أمر أوجبه الشرع، ولا يسقط مهما بلغ من العصيان.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مخاطبة الأجنبية المتزوجة وتخبيبها على زوجها
تاريخ الفتوى : ... 18 رجب 1427 / 13-08-2006
السؤال
أنا متزوج وعندي أولاد قبل الزواج كنت أعرف فتاة وهي الآن متزوجة ومقيمة مع زوجها بالخارج تزور مصر في الصيف لمدة 20 يوما وفي هذه المدة أنشغل بها تماماً من مدة 10 سنوات، الآن أريد أتكلم معها بأي شكل لدرجة أني أرسلت لها ( تلغراف ) على المنزل بعد ما رأيتها مرتين وتبادلنا النظرات، فما هو رأيكم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مخاطبة الأجنبية برسالة ونحوها والنظر إليها تشهيا وتلذذاً بها عمل محرم، وتحريمه واضح، قال الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}، فهو مع النهي الصريح عنه وسيلة إلى محرم أعظم، ومن المعلوم أن كل وسيلة إلى الحرام فهي حرام، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 1529، والفتوى رقم: 6402.
هذا وقد اجتمعت فيما تمارسه وتقوم به مع هذه المرأة أمور تجعله أشد تحريماً:
أولها: كون هذه المرأة ذات زوج، وعملك هذا انتهاك لحرمة زوجها، وهتك لعرضه، وفي الحديث: كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه. رواه البخاري ومسلم.(27/122)
ثانيها: كونك متزوجاً، والمتزوج مؤاخذ في هذه الأمور أكثر من الأعزب والدليل حد الزنا.
ثالثها: أن في ذلك تخبيب المرأة على زوجها، وفي الحديث: ليس منا من خبب امرأة على وزجها، أو عبداً على سيده. رواه أبو داود وغيره.
رابعها: عدم شعورك بالذنب، وهذا ما نلمسه من كلامك، فعليك أن تتوب إلى الله تعالى من هذا العمل، وأن تصرف فكرك عن هذه المرأة التي لا تحل لك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
دخول الأهل إلى صالة النساء لتقديم الهدايا للعروس
تاريخ الفتوى : ... 07 رجب 1427 / 02-08-2006
السؤال
لدى الناس عادة يوم العرس وهو أن يدخل أهل العروس والدها وإخوانها على الصالة عند النساء، فما حكم الدخول ؟ يدخلون كي يقدموا الهدايا للعروس ثم يخرجوا فما الحكم؟.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغالب أن النساء في اجتماعهن في حفلات العرس أو غيره يكن متزينات ومتجملات بل ومتبرجات، ولا شك أن دخول الرجل الأجنبي عليهن في هذه الحالة لا يجوز، لما يترتب عليه من النظر إليهن عادة ووقوع بصره على ما لا يجوز له أن ينظر إليه منهن.
وعليه، فإذا ترتب على دخول ابن الزوجة أو أخيها أو غيرهما من الأجانب لتأدية الهدية المذكورة محظور- وهو أمر يصعب التحرز منه كالنظر إلى هؤلاء النسوة وهن على ما هن عليه من الزينة أو التبرج- فإنه يحرم، ويجب أن تنبذ أي عادة تفضي إليه.
والله أعلم.(27/123)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يؤاخذ إذا أحب امرأة أجنبية عنه
تاريخ الفتوى : ... 07 رجب 1427 / 02-08-2006
السؤال
أنا شاب في 17 سنة، وأحب بنتا ويعرف أهلها أني أحبها، أنا أكلم أهلها وأسأل عنها، لكني أتسنى أكلم البنت نفسها بعد ما أدخل الكلية لأن أهلي اتفقوا مع أهلها على أني أخطبها في 2 كلية ، فهل حبي لها حلال أم حرام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يؤاخذ الإنسان فيما ليس من كسبه، ولا في ما لا يملك مثل الحب، فإن الحب لا يملكه المرء، وفي الحديث: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك، يعني القلب، رواه أبوداود وغيره.
وإنما يؤاخذ المكلف على فعل الجوارح من العين والأذن واللسان واليد، فإذا نظر أو لمس أو سمع أو تكلم بشيء لا يحل له وقع في الإثم والحرام، مع العلم أنه يجوز للخاطب أن ينظر عند الخطبة إلى خطيبته كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 27234.
وفقك الله لكل خير وعصمنا وإياك من الحرام.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم معانقة العائد من السفر زوجته في مكان عام
تاريخ الفتوى : ... 08 رجب 1427 / 03-08-2006
السؤال
هل يجوز للمرء أن يعانق زوجته في مكان عمومي (عند الرجوع من السفر مثلاً، أو غير ذلك من المواقف)؟ جزاكم الله خيراً.(27/124)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعانقة الزوجة في مكان عمومي إن كانت بقصد الشهوة والاستمتاع، فإن ذلك ينافي الحياء وكمال المروءة، والحياء من الإيمان، كما ورد في الحديث الشريف، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء شعبة من الإيمان. رواه البخاري.
وإن كانت المعانقة لا بقصد الشهوة والاستمتاع، كما إذا كانت عند الرجوع من السفر فلا نرى بها بأساً، مع أن تركها أسلم من أن يظن بالفاعل ظن لا يليق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
... سكن المرأتين مع شاب أجنبي في شقة واحدة
تاريخ الفتوى : ... 28 جمادي الثانية 1427 / 25-07-2006
السؤال
أنا فتاة أعيش مغتربة في وطن عربي إسلامي, و أسكن في غرفة ماستر لحالي في شقة مع عائلة عربية مسلمة و تسكن في غرفة أخرى فتاة من نفس جنسيتي, و في فترة الصيف سافرت العائلة التي نسكن معها, وقامت بتأجير الصالة التابعة لشقتهم لشاب مسلم لمدة شهرين على أساس أن تلتحق به زوجته التي تعيش في بلد آخر. و لكن مضى على إقامته في الشقة لوحده مدة أسبوعين حيث إن الصالة التي يسكن فيها بعيدة عنا ومنفصلة عن غرفنا, فلدينا ممر خاص بنا و ممر خاص به، فقط الباب الرئيسي الخارجي الذي يؤدي إلى الشارع مشترك. و لا نلتقي به بتاتا، و كذلك يستعمل نفس مطبخنا, و لهذا الأخير بابان , باب خاص بنا و باب في الجهة الأخرى من الصالة خاص به, و عندما يكون في المطبخ لا ندخل حتى يخرج و يغلق الباب الخاص به إذ أنه يدخل المطبخ فقط لاستعمال الثلاجة. لذا فجزاكم الله خيرا أريد أن تفيدونني إذا كان هذا الأمر حراما أم لا, أي السكن مع(27/125)
شخص أجنبي في شقة واحدة بالرغم من أننا منفصلين عنه تماما و لا نراه. و ما عساي أفعل , أفيدوني أفادكم الله.
أرجو أن تكتبوا الإجابة مباشرة تحت السؤال ضمن موسوعتكم, و أن لا ترسلوا الجواب على بريدي الإلكتروني لأنني لا أستطيع قراءته.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وجود فتاة وشاب أجنبيين في شقة واحدة ليس بها غيرهما أو غير فتاة أخرى يعتبر من أكبر جوالب الفتنة، وقد اشترط أهل العلم لإباحة مساكنة الرجل للنساء من غير محارمه أن لا تتحد المرافق بينهما كالممر والمطبخ أو الخلاء ونحو ذلك، قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى: فإذا سكنت المرأة مع أجنبي في حجرتين أو في علو وسفل أو دار وحجرة اشترط أن لا يتحدا في مرفق كمطبخ أو خلاء أو بئر أو سطح أو مصعد فإن اتحدا في واحد مما ذكر حرمت المساكنة لأنها حينئذ مظنة الخلوة المحرمة وكذا إن اختلفا في الكل ولم يغلق ما بينهما من باب أو يسد أو أغلق لكن ممر أحدهما على الآخر أو باب مسكن أحدهما في مسكن الآخر انتهى . وأنت ذكرت أن الباب الرئيسي الخارجي الذي يؤدي إلى الشارع مشترك بينكما وبين ذاك الشاب وأنه يستعمل نفس المطبخ الذي تستعملانه، وعليه فالواجب أن تتركا مساكنة هذا الشاب إن وجدتما إلى ذلك سبيلا، وإن لم يتيسر لكما ذلك وكنتما مضطرتين إلى ما أنتما عليه من مساكنته فإن الضرورات تبيح المحظورات، وينبغي في تلك الحالة أن تسكن إحداكما مع الأخرى فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الرسائل المتبادلة بين الفتى والفتاة الأجنبيين
تاريخ الفتوى : ... 28 جمادي الثانية 1427 / 25-07-2006
السؤال(27/126)
أنا شاب في العشرين من عمري
تعرفت على بنت من عائله محترمة وقد بدأت معها برسائل ثم زاد الحب بيني وبينها إلى أن أصبح كل منا لا يحتمل فراق الآخر وأنا صرت أكلمها دون علم أهلها وكنت لا أصلي وقد علمتني الصلاة والحلال والحرام وطيبة القلب والمسامحة على من اعتدى علي برغم أنها أصغر مني سنا بأربع سنين
وأنا أحبها كثيرا لكن حب كلام فقط ولم يحدث شيء بيني وبينها لأننا نحب بعضا ونحترم بعضا
وفي يوم الثلاثاء 11/7/2006 صادت الأم بنتها وهي تكلمني وقامت الأم وابنها بضرب البنت وإبعادها عني وقد قاموا بسحب التلفون وحبسها في البيت، وقامت البنت بحرمان نفسها من الأكل إلى اليوم 17/7/2006
ولم أعرف ماذا أفعل هل أقابل أباها أو أعلمه أني لا أستطيع الابتعاد عنها أو ماذا أفعل، أنا كلمت أبي وأمي لكي يخطبوها لي، لكن الخوف من أبيها لأنه لا يرضي بي لأنني أقل منه في اسم العائلة والناس لا يقدرون الحب بل يقدرون التفاخر والشخصيات، وأنا سوف أنتظر الرد لكي أفعل ما تأمروني به
جزاكم الله ألف خيرا، وأسكنكم الفردوس الأعلى.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمحادثة بين الشباب والشابات في التليفون أو الإنترنت أو غيرهما باب فتنة، والواقع خير شاهد على ذلك، وادعاء أن هذه الفتاة هي التي علمتك الصلاة والحلال والحرام وطيبة القلب والمسامحة لمن اعتدى عليك غير مُسلًّم، لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وفتنة النساء من أعظم الفتن، وأكثرها خطرا وضررا، كما في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
وروى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.(27/127)
وإذا تقدم الشاب للخطبة، فهذا هو الصواب، وينبغي أن يُعْلَم أن الخاطب أجنبي عن خطيبته ما لم يتم عقد القران بينهما.
وعليه، فالذي ننصحك به في هذا الموضوع هو أن تتقدم لخطبة الفتاة بواسطة أبيك وأهلك أو بأية واسطة أخرى تراها مناسبة، فإن استجاب أهلها لطلبك فذاك، وإلا فاقطع صلتك بها نهائيا. واعلم أن النساء غيرها كثيرات، والعاقل من لا يعلق نفسه فيما هو يائس من الحصول عليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خروج المرأة مع أجنبي بصحبة أخته
تاريخ الفتوى : ... 26 جمادي الثانية 1427 / 23-07-2006
السؤال
أنا طالبة جامعية ولي زميلة اخترقت حياتي وخصوصياتي، وأخيرا طلبت مني أن أخرج معها في نزهة على أن يكون أخوها معنا، وأنا رفضت وبعدها تباعدت عني ولكن المشكلة أن أخاها زميل لي، ولكن كلما يراني أشعر أنه يمارس عادتة السرية وهو يراني أمامه، وهذا مما جعل الشك بين الناس أن فلانا سيخطب فلانة، وأنا لا أعرف كيف أنزع هذا الشك من الناس حتى لو أنه هناك شخص يريد الارتباط بي يتراجع فورا وهذا حق ولكن ماذا أفعل مع أني ملتزمة جدا ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يحتمل أن تكون هذه المرأة قصدت التعرف عليك لتساعد أخاها في الزواج بك، وأرادت أن تلتقيا في تلك النزهة، وبناء على هذا الاحتمال فعلى الأخ أن يتقدم للأمر من بابه المشروع فيتقدم لخطبتك ويكلم أهلك في الموضوع، وإذا ظهر لك أنه مرضي خلقا ودينا فاستخيري الله تعالى في الزواج به وتوكلي على الله، وقد أحسنت في عدم الذهاب للنزهة معهم إذ لا يؤمن من حصول خلوة أو غير ذلك من المحظورات، وإذا لم يتقدم لخطبتك وخشيت أن يحول ما شاع عند الناس عن(27/128)
تقدم غيره من الخطاب لك فيمكنك الاستعانة بزميلتك لتكلمه حتى يعلن أنه لا يريد الارتباط بك، وعليك بغض البصر عن الرجال والبعد عن زمالتهم والاختلاط بهم، وادعي الله أن يرزقك زوجا صالحا مرضي الدين والأخلاق، واستعيني بالعفة، ولا مانع أن تعرضي الأمر على من ترضينه بواسطة إحدى محارمه أو أحد محارمك ، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها : 11045 ، 32981 ، 65760 ، 9990 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الدروس الخصوصية لخليط من الأولاد والبنات
تاريخ الفتوى : ... 14 جمادي الثانية 1427 / 11-07-2006
السؤال
ما حكم
الدروس الخصوصية التي يتم فيها الاختلاط بين الأولاد والبنات. وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الاختلاط بين الذكور والإناث البالغين على وجه محرم، وهو ما كان اجتماعا في مكان واحد دون مراعاة للضوابط الشرعية من غض البصر وعدم الخضوع في القول والتبرج واللمس ونحو ذلك فهذا الاختلاط بهذه الصورة منكر عظيم يحرم حضوره إلا لمنكر على فاعليه فعلهم، لقوله تعالى:
وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ {النساء:140} وعليه لا يجوز التدريس الخصوصي في مثل هذا الاختلاط لما في ذلك من الإقرار بهذا المنكر، ولما يعود به من الضرر والفتنة على المدرس نفسه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(27/129)
ــــــــــــــ
الخروج مع الأجنبية ومجالستها
تاريخ الفتوى : ... 22 جمادي الأولى 1427 / 19-06-2006
السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 26عاماً وشهادتي بكالوريوس، بعد تخرجي وذلك منذ حوالي سنة تعرفت على فتاة وتعلقت بها كثيراً وأحببتها وبعد تطور العلاقة التي بيننا أصبحت تواعدني وتخرج معي وهي أول فتاة تخرج معي وإن شاء الله آخر فتاة وقد خرجت معي حوالي 10 مرات لا أكثر، وبعد أن أصبحت تخرج معي أصبحت أفقد حبي لها لأني أصبحت أقول في نفسي أنها سلمت نفسها لي فمن الممكن أن تسلم نفسها لغيري، وفي آخر مرة وذلك منذ فترة قصيرة جداً خرجت معي وذهبنا إلى أحد الغابات وبينما أنا جالس معها هجم علينا 8 أشخاص وضربوني إلى أن فقدت الوعي ثم ضربوا الفتاة واغتصبوها ولكن الفتاة لم تفقد (عذريتها) وأصبحت الفتاة حالتها سيئة جداً وأصبحت لم أعد أفهمها، فيمكن ذلك من شدة الصدمة من الذي حصل لها، وأصبحت بعد ذلك متعلقاً بها أكثر لأني أعتبر نفسي أني المسؤول عما حصل لها وأريد أن أقف لجانبها لأنها كانت معي ولم أستطع أن أحميها من أولئك الأوغاد وأن ذنبها في رقبتي ففكرت وقررت أن أتقدم لخطبتها وأتزوجها لكي أستر عليها، ولكني خائف جداً من هذا القرار فأنا أخاف أن لا أتفاهم معها في حياتنا الزوجية لأني لا أدري ما هي نظرة الفتاة لي بعد الذي حصل ونظرتي لها رغم أن الذي حصل ليس بيدها ولا بيدي ذنب وأنا الآن لا أستطيع أن أفمهما ربما من شدة الصدمة من الذي حصل لها ورغم أن أهلي معارضين لزواجي لأنهم قالو إن سني مبكرة على الزواج ولست جاهزاً الآن، ولكني قلت لهم أني أريد أن أخطبها الآن فقط وبعد سنتين سأكون جاهزاً بإذن الله وأتزوجها وذلك لأني أريد علاقتي بها رسمية وبالحلال أمام الناس وأمام الله، فهل ذلك هو القرار السليم، أرجو أن تساعدوني لأني لم أعد أستطيع، ماذا أفعل أرجوكم أرشدوني الله يوفقكم..! هل أتزوجها ويغفر لي ولها الله لأني أصبحت أحس أن ذنبها في رقبتي... وما هي نظرة الفتاة لي بعد الذي حصل،(27/130)
وهل نستطيع أن نستمر في حياتنا إذا شاء الله وتزوجنا، وهل ستكون ذريتنا صالحة...! أريدكم أن ترشدوني وتعطوني حلاً سريعاً لأسئلتي لأني لا أنام من قلقلي من هذا الموضوع وشعوري بالذنب.. رغم أني أرسلت لأكثر من موقع ولم يجبني أحد؟ والله ولي التوفيق.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أخي الكريم قبل أن تفكر فيما تفكر فيه أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً مما بدر منك، وأن تعلم أنه لا يجوز لك أن تخرج وتخالط هذه الفتاة لأنها أجنبية عنك، وأنك ولو خطبتها فستبقى أجنبية عنك، لا يحل لك النظر إليها ولا الجلوس أو الخروج معها، حتى يتم عقد النكاح، فإن تم عقد النكاح فهي زوجتك وإن لم يتم الزفاف.
وأما عن نصيحتنا لك فنقول: إن كانت هذه المرأة قائمة بحدود الله تعالى محافظة على أركان هذا الدين العظيم، ولكنها وقعت في زلة وهفوة، ويغلب على ظنك أنها ستستجيب لنصحك وتذكيرك، فلا مانع من الزواج بها، بل هو الأفضل ستراً لها، وتكفيراً عما فعلته معها من خروج وغيره، وكان الواجب عليك أن تبتعد عنها، وتنصحها بخطر هذا الطريق غير الشرعي في العلاقة، ولكنك تماديت معها وغررت بها، عفا الله عنكما وتجاوز عن ذنبكما.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... جلوس المرأة في المسجد مع طفلها ومعلمه
تاريخ الفتوى : ... 14 جمادي الأولى 1427 / 11-06-2006
السؤال
هل وجودي في المسجد بعد الصلاة ومعي طفلي لتسميع ومراجعة القرآن الكريم وقراءته على إمام المسجد وقد نكون وحدنا هناك، فهل ذلك يعتبر خلوة، وجزاكم الله خيرا(27/131)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الطفل الذي معك قد بلغ من العمر والدراية ما يؤهله لأن يستحى منه فلا يعتبر انفرادكما مع الإمام المذكور خلوة، وإن كان صغيرا أو كان لا يعقل اعتبر وجوده كالعدم، واعتبر جلوسك مع هذا الرجل خلوة محرمة، فيجب عليك الابتعاد عنها والتوبة إلى الله مما مضى، وانظري الفتوى رقم: 50082 ، وننبه الأخت السائلة إلى أن جواز قراءة المرأة على الرجل الأجنبي مقيد بعدم الخلوة والأمن من الفتنة وعدم التكشف والخضوع في القول، وإلا حرم ذلك كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 36174 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
كلام المرأة مع الرجال بواسطة الإنترنت
تاريخ الفتوى : ... 10 جمادي الأولى 1427 / 07-06-2006
السؤال
أنا فتاة في أوائل العشرينيات، في عمر المراهقة تعرفت على شاب ومارست معه الحرام وأعطيته نفسي، المهم بعد حوالي سنتين بهذه الطريقة مع هذا الشاب انفصلت عنه وأنا نادمة أشد الندم على ما فعلته وقلت لنفسي بأن لن أعطي نفسي لشاب بهذه الطريقة من ممارسة الحرام، والآن بعد مرور حوالي سنتين وأنا أصلي وأكثر من لبس الحجاب لكي أنوي نية الحجاب عن قريب وأحاول من الإكثار من عمل الخير، ولكن لدي أسئلة أتدري لو هذه الأشياء أثرت أو تؤثر على توبتي، السؤال الأول: يوجد شاب هو بمثابة أخ لي رغم أنه كان سوف يتقدم لي لكنني رفضت وهو يعلم الآن أنني أعتبره أخا، فهل حرام إذا اتصلت به لأسأل عنه كما هو يتصل ليسأل عني أو حتى إن لم يتصل، هل حرام إذا اتصلت عليه في يوم عيد مثلا لأهنئه أو إذا وجدته على(27/132)
net مثلاً أو إذا أعطيته رقمي الجديد، هل هذا عادي ولم يؤثر أو لم يكن يؤثر على توبتي, مع العلم بأنه في بلاد أخرى؟
السؤال الثاني: يوجد شاب في بلد آخر أيضا يريد أن يتقدم لخطبتي وأنا موافقة إلى حد ما، ولكن قلت له بأنني أريد أن أكمل تعليمي، فهل عادي أيضا في هذا السؤال أن أتحدث مع هذا الشاب في الـ net أو أن أسأل عنه عندما يسأل عني إن كان هذا عن طريق رسالة أو اتصال أو حتى إن لم يتصل عادي أتصل به في يوم عيد مثلاً أو عادي أن أعطيه رقمي الجديد، فهل هذا يؤثر على توبتي, كما ترى من السؤالين أنهما تقريبا متشابهان، ولكن لا أدري يمكن لكل حالة جواب، فهل ما أفعله حرام ويؤثر على توبتي أو أنه شيء عادي أن أسأل على من يسأل علي أو أنه بحسن نية مني أن أتصل وأبارك في العيد مثلاً حتى إن لم يتصل، وهذا لاحترامي لذاك الشخص أو أن أسأل عليه حتى إن لم يسأل، خاصة في السؤال الثاني طبعا كل هذا وأنا أحترم نفسي لقد تعلمت مما سبق وأنا الآن عقلت عن قبل ولا أريد أن أغضب الله سبحانه وتعالى في شيء أريد أن أسير في الدرب الصحيح، وإن كان هذا حراما فماذا أفعل أترك من يسأل علي أو ماذا أقول خاصة لسؤال الثاني, فكما ترى أنها أشياء فيها صفاء نية إن كانت في السؤال الأول فهو كأخ وفي السؤال الثاني فهو شخص يريد أن يتقدم لي؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئاً لك بالتوبة, واحرصي على الاستقامة, وابتعدي عما يجرك لماضيك. وأما الكلام مع الرجال فهو مباح إذا ضبط بالضوابط الشرعية، بأن كان في حدود الأدب ولم يكن فيه خضوع بالقول ولا ما يثير الريبة ولم تحصل خلوة شرعية.
إلا أن الأولى البعد عنه إذا كان بواسطة الإنترنت لأن كلا من المتحدثين يتحدث وهو خال بنفسه وبمحدثه, وقد يغويه الشيطان فيضعف أمام نفسه وينجر للرذيلة والفساد. وعليك بدعاء الله أن ييسر أمورك ويرزقك زوجاً صالحاً، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30792، 11507، 38423، 20415، 61937، 32981.(27/133)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يجب على المرأة أن تستتر من الطفل الصغير؟ ... العنوان
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته:
سؤالي عن السن التي إذا بلغها الطفل الذكر وجب علي الحجاب أمامه
وان قلنا إن العبرة بالبلوغ فهل يجوز عدم الحجاب أمام من هو في سن الحادية عشر مثلا ؟
... السؤال
30/07/2006 ... التاريخ
الشيخ حامد العطار ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد: -
إذا كان الطفل غير مميز لا يفرق بين معنى عورة الرجل والمرأة فلا يجب الاستتار منه، وهذا ما عناه ربنا بقوله تعالى { أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء }. حينما استثنى هذا الصنف من وجوب ستر العورة عليه.
وأما إذا بلغ الطفل الحلم فقد صار رجلا له أحكام الرجال.
بقي الكلام في الطفل الذين بين هذين، أعني الطفل الذي يفهم ويميز ويحكي، ويستطيع أن يحكي ما يرى فمثل هذا ينزل منزلة المحرم من المرأة فلا يرى منها سوى ما يبدو منها غالبا عند المهنة، وهو العنق، والرأس، والقدمان.
يقول العلامة الجصاص في تفسير قوله تعالى { أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء }.
قال مجاهد : ( هم الذين لا يدرون ما هن من الصغر ) . وقال قتادة : ( الذين لم يبلغوا الحلم منكم ) .(27/134)
قال أبو بكر : قول مجاهد أظهر ; لأن معنى أنهم لم يظهروا على عورات النساء أنهم لا يميزون بين عورات النساء والرجال لصغرهم وقلة معرفتهم بذلك , وقد أمر الله تعالى الطفل الذي قد عرف عورات النساء بالاستئذان في الأوقات الثلاثة بقوله : { ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم } وأراد به الذي عرف ذلك واطلع على عورات النساء .
والذي لا يؤمر بالاستئذان أصغر من ذلك . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع } , فلم يأمر بالتفرقة قبل العشر، وأمر بها في العشر ؛ لأنه قد عرف ذلك في الأكثر الأعم ولا يعرفه قبل ذلك في الأغلب. انتهى.
ويقول الشيخ ابن قدامة الحنبلي في المغني:-
فأما الغلام , فما دام طفلا غير مميز , لا يجب الاستتار منه في شيء , وإن عقل , ففيه روايتان إحداهما : حكمه حكم ذي المحرم في النظر . والثانية : له النظر إلى ما فوق السرة وتحت الركبة ; لأن الله تعالى قال { ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم } إلى قوله تعالى { ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض } إلى قوله : { وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم } فدل على التفريق بين البالغ وغيره .
وقال أبو عبد الله : أبو طيبة حجم نساء النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام . ووجه الرواية الأولى قوله { أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء } وقيل لأبي عبد الله : متى تغطي المرأة رأسها من الغلام ؟ قال : إذا بلغ عشر سنين .
والله أعلم .
ــــــــــــــ
زنا لا يجب فيه الحد
تاريخ الفتوى : ... 08 جمادي الأولى 1427 / 05-06-2006
السؤال(27/135)
أنا رجل متزوج تعمل معي امرأة مطلقة في محل فيه أنا وهي فقط، لقد فتنت بها حتى راودتني نفسي أن أعمل معها الحرام ووقعت معها في ملامسات عديدة، إني أحمد الله أنني لم أقع معها في الجماع، عرضت عليها أن ترتدي الخمار فرفضت لأن لباسها مجسد، لم أطردها
من المحل خوفا من الله، وأنا الآن نادم، وأسأل الله أن يتوب علي فما الحكم في مشكلتي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من الخلوة بتلك المرأة مما أدى إلى فتنتك بها ومراودة النفس لفعل الحرام معها، وما وقعت فيه من الملامسات العديدة لبدنها، كلها أمور محرمة. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما. رواه أحمد، والترمذي، والحاكم.
ونقل الإمام الشوكاني الإجماع على تحريم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية.
وعن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه الطبراني والبيهقي. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
واعلم أن ما وقعت فيه مع تلك المرأة يعتبر زنا بالمعنى الأعم وإن لم يجب فيه الحد. ففي الحديث الشريف: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. رواه مسلم.
ثم اعلم أنك إذا كنت –حقا- تخاف من الله فالصواب هو أن تفصل تلك المرأة عن العمل معك، أو أن تتزوجها إذا كنت تطمع في تعديل سلوكها وحملها على تطبيق أوامر الله في الزي وفي غيره.
والله أعلم.(27/136)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
غلو الفتاة في حب معلمتها
تاريخ الفتوى : ... 09 جمادي الأولى 1427 / 06-06-2006
السؤال
سؤالي هو : هل يعتبر حب الشخص لذاته وأخلاقه نوعا من الاعجاب ؟ علما بأن ابنتي تحب معلمتها حبا كثيرا ولكنها تحبها لدينها وأخلاقها لدرجة أنها تقلدها في الصلاة وفي التستر ولكنها تحبها حبا كثيرا مثل ما ذكرت سابقا ومستعدة لتنفيذ أي عمل تطلبه منها فهل يعتبر ذلك نوعا من الإعجاب وما حكمه ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم العشق وأنواعه ودواعيه وكيفية علاجه وذلك في الفتوى رقم : 8424 ، وهنا قد يكون حب الفتاة لمعلمتها حبا أخويا مصدره إعجاب بأخلاق معلمتها والتزامها وسلوكها فتقلدها في طريقة أدائها أو حديثها أو هيئة لباسها العفيف المشروع ونحو ذلك, وهذا لا حرج فيه ما لم يصل إلى الغلو الممنوع كأن تعجب وتبارك كل ما يصدر منها سواء أكان مشروعا أم غير مشروع, وكأن تقلدها في كل شيء تفعله دون أن تعلم حكمه هل هو مشروع أم لا وهكذا ، ومما هو ممنوع أيضا أن يكون حبها لمعلمتها فيه شذوذ كأن تلتذ بصوتها أو جمالها ونحوه. وقد بينا حرمته في الفتوى المحال إليها سابقا .
ومهما يكن من أمر فتشبه المرأة بمثلها من أخواتها المسلمات لا حرج فيه ما لم يكن في أمر محرم ، مع التنبيه إلى أن الغلو في ذلك لا ينبغي؛ لأن الإفراط في محبة أي شخص قد ينعكس سلبا. ولذا قيل أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما .
وقد تؤدي كذلك إلى أمر محرم فلا تنبغي المبالغة في شيء من ذلك, ولكن تضبط المحبة بضوابط الشرع وتكون لله وفي الله, حينئذ تدوم وتنفع أصحابها, وما عدا ذلك فهو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ، فننصح(27/137)
تلك الفتاة أن تضبط حبها لمعلمتها بضوابط الشرع, وأن لا تغالي فيه, وأن يكون لله وفي الله.
ونسأل المولى جل وعلا أن يهدي قلبها وأن يرشدها إلى سواء الصراط, وأن يرزقها رفقة صالحة تعينها على طاعة ربها والتزام أوامره واجتناب نواهيه, وأن يجعلها ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إنه سميع مجيب .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مواصفات الزوج المسلم
سؤال:
أنا فتاة عمري 18 عاما وقد طُلبت للزواج 5 مرات ورفضتهم جميعاً لأنني كنت صغيرة والآن أفكر بالزواج ، وسؤالي هو :
ما هو الشيء الذي يجب أن أبحث عنه لكي أحصل على مسلم جيد ؟
ما هي أهم الأشياء ؟.
الجواب:
الجواب :
نشكر لك حرصك أيتها الأخت السائلة على تحري الصفات التي تعينك على اختيار زوج صالح إن شاء الله تعالى ، وفيما يلي ذكْر أهم الصفات التي ينبغي توفرها فيمن تختارينه أو ترضين به زوجا لك ويكون أبا لأبنائك إن قدر الله بينكما أبناء .
- الدين : وهو أعظم ما ينبغي توفره فيمن ترغبين الزواج به ، فينبغي أن يكون هذا الزوج مسلما ملتزما بشرائع الإسلام كلها في حياته ، وينبغي أن يحرص ولي المرأة على تحري هذا الأمر دون الركون إلى الظاهر ، ومن أعظم ما يُسأل عنه صلاة هذا الرجل ، فمن ضيّع حق الله عز وجل فهو أشد تضييعا لحق من دونه ، والمؤمن لا يظلم زوجته ، فإن أحبّها أكرمها وإن لم يحبها لم يظلمها ولم يُهنها ، وقلَّ وجود ذلك في غير المسلمين الصادقين . قال الله تعالى : ( ولعبد مؤمن خير(27/138)
من مشرك ولو أعجبكم ) ، وقال تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وقال تعالى : ( والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ) رواه الترمذي 866 وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 1084 .
- ويستحب مع الدّين أن يكون من عائلة طيبة ، ونسب معروف ، فإذا تقدم للمرأة رجلان درجتهما في الدين واحدة ، فيُقدَّم صاحب الأسرة الطيبة والعائلة المعروفة بالمحافظة على أمر الله ما دام الآخر لا يفضله في الدين لأنّ صلاح أقارب الزوج يسري إلى أولاده وطِيب الأصل والنّسب قد يردع عن كثير من السفاسف ، وصلاح الأب والجدّ ينفع الأولاد والأحفاد : قال الله تعالى : ( وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك ) فانظري كيف حفظ الله للغلامين مال أبيهما بعد موته إكراما له لصلاحه وتقواه ، فكذلك الزوج من الأسرة الصالحة والأبوين الكريمين فإن الله ييسر له أمره و يحفظه إكراما لوالديه .
- وحسن أن يكون ذا مال يُعفّ به نفسه وأهل بيته ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها لما جاءت تستشيره في ثلاثة رجال تقدموا لخطبتها : ( أما معاوية فرجل تَرِب ( أي فقير ) لا مال له .. ) رواه مسلم 1480 . ولا يشترط أن يكون صاحب تجارة وغنى ، بل يكفي أن يكون له دخْل أو مال يعفّ به نفسه وأهل بيته ويغنيهم عن الناس . وإذا تعارض صاحب المال مع صاحب الدين فيقدّم صاحب الدين على صاحب المال .
- ويستحب أن يكون لطيفا رفيقا بالنساء ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت قيس في الحديث السابق : ( أما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه ) إشارة إلى أنّه يُكثر ضرب النّساء .
- ويحسن أن يكون صحيح البدن سليما من العيوب كالأمراض ونحوها أو العجز والعقم .(27/139)
- ويستحب أن يكون صاحب علم بالكتاب والسنة ، وهذا إن حصل فخير وإلا فإنّ حصوله عزيز .
- ويجوز للمرأة النظر إلى المتقدم لها كما يستحب له ذلك ، ويكون هذا النظر بوجود محرم لها ولا يجوز التمادي في ذلك بأن تراه وحدها في خلوة أو تخرج معه لوحدها أو أن يتكرر اللقاء دون حاجة لذلك .
- ويشرع لوليّ المرأة أن يتحرى عن خاطب موليته ويسأل عنه من يعاشره ويعرفه ممن يوثق في دينه وأمانته ، ليُعطيه فيه رأيا أمينا ونُصْحا سديدا .
- وقبل هذا كله ومعه ينبغي التوجه إلى الله عز وجل بالدعاء واللجوء إليه سبحانه أن ييسر لك أمرك وأن يعينك على حسن الاختيار ويلهمك رشدك ، ثم بعد بذل الجهد واستقرار رأيك على شخص بعينه يُشرع لك استخارة الله عز وجل
- ولمعرفة صفة صلاة الاستخارة ينظر السؤال رقم 2217 - ثم التوكل على الله عز وجل بعد استنفاذ الجهد فهو نعم المعين سبحانه . جامع أحكام النساء للشيخ مصطفى العدوي مع زيادة .
نسأل الله العلي القدير أن ييسر لك أمرك ويلهمك رشدك ويرزقك الزوج الصالح والذرية الطيبة إنه ولي ذلك والقادر عليه . وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
تدريس النساء في المسجد بغير ستار
تاريخ الفتوى : ... 10 جمادي الأولى 1427 / 07-06-2006
السؤال
ما هي النصيحة التي توجهونها للأئمة الذين يدرسون النساء في بيت الله بدون ستار؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصح به الأئمة والمدرسين وغيرهم هو تقوى الله عز وجل، وإذا وجدوا من يدرس النساء من بنات جنسهن فلا شك أن ذلك أفضل وأولى، وإذا درسهن(27/140)
الرجال فلا مانع من ذلك، ولكن عليهم أن يحذروا مما يخالف الشرع من الخلوة, وعلى النساء أن يلتزمن بالتستر وعدم الخضوع بالقول, وإذا استطاعوا أن يضعوا ساتراً فلا شك أن ذلك أفضل وأحوط. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 36174.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفصل بين الجنسين قدر الإمكان متعين
تاريخ الفتوى : ... 01 جمادي الأولى 1427 / 29-05-2006
السؤال
أود أولا أن أشكركم علماءنا الأفاضل على مجهوداتكم الطيبة لنصرة دين الله عز وجل.. بارك الله فيكم
المشكلة هي على الشكل الآتي:
لقد تم بفضل الله إنشاء جمعية إسلامية خيرية بإحدى المدن المغربية .. المهم أن الجمعية الآن تحتاج لمقر والذي سيتم كراؤه عما قريب.. السؤال الذي يحيرني هنا هو كالآتي:
الجمعية تضم شبابا وبنات، الحمد لله كلهم على خلق جيد وهم متأدبون بآداب الإسلام، لكن هل هذا يمكننا من الاجتماع سويا في المقر قصد الإعداد للمشاريع وتطويرها؟ هل يعتبر هذا الأمر خلوة ؟
للإشارة فالجمعية تضم حوالي 40 شخصا عدد الإناث فيها أكبر من الذكور، أضف إلى ذلك أن هناك منهم من غير فئة الشباب ( رجل أعمال، مدرسة، ربة بيت...) لكن عددهم قليل جدا.
وقد كنا نستفيد إلى حدود الأيام الأخيرة من مقر بمؤسسة دار الشباب إلا أن هذه الإمكانية الآن أصبحت غير متوفرة..
عذرا على الإطالة وجزاكم الله خيرا.
الفتوى(27/141)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن فتنة النساء من أعظم الفتن وأكثرها خطرا وضررا؛ كما في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء . وروى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فاتقوا الدنيا واتقوا النساء, فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء .
واختلاط الرجال بالنساء على الوضع الشائع الآن يعد من أكبر دواعي الفتن والفساد. قال الله تعالى : قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ { النور: 30 - 31 } وروى عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إياكم والدخول على النساء, فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال: الحمو الموت . متفق عليه.
لذلك فإن نصيحتنا لكم هي أن تفصلوا بين الجنسين في المدخل والمخرج والمرافق وغير ذلك, وأن يكون التواصل بينهما عبر الأزواج والزوجات أو الإخوة والأخوات, وإذا احتيج إلى غير ذلك فليكن عبر الهاتف وفي حدود ما تدعو إليه الحاجة دون دخول فيما لا تدعو إليه, ودون أي خضوع في القول, فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح, والسلامة لا يعدلها شيء .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
أضرار العلاقات المحرمة(27/142)
تاريخ الفتوى : ... 25 ربيع الثاني 1427 / 24-05-2006
السؤال
أنا امرأة متزوجة منذ حوالي السنة لدي طفلة صغيرة ، في الفترة الأخيرة لاحظت بعض التغيرات من تصرفات زوجي وذلك عن طريق توصيله لزميلته في العمل وفي بعض الأحيان في المساء مع عدم اقتناعة بأن ذلك خطأ مع العلم أنه يعمل خارج مدينة الدوحة أي هناك مسافة كبير من العمل للمنزل ، وقد ذهب أحد أقربائي لزيارته في عمله ووجده في مكتبها والباب مغلق عليهما، وقد دفعني في الآونة الأخيرة لتفتيش هاتفه المحمول ووجدت أن رقم هاتفها يتكرر أكثر من مرة خلال ساعات العمل ولا أدري ما حاجتهما للاتصال ببعضهما أثناء الدوام مع العلم أن مكتبه بالقرب من مكتبها وعندما واجهته لم يجب شيئاً وأصبح يمسح المكالمات من هاتفه، هل أقوم بالاتصال بها وأخبرها أن تبعد عن طريق زوجي، حياتي معه أصبحت جحيما ومشاكل وشك ولا أدري ماذا أفعل مع العلم أننا شباب في مقتبل العمر ونتساعد معاً من أجل بناء حياتنا ولا يوجد أي مشاكل بيننا وأضع كل راتبي في البيت ولا أدخر منه شيئاً، وأريد أن أغير وأدخر شيئاً للمستقبل لتربية طفلتي ، مع العلم أنني لا أريد أن أهدم بيتي ، وعندما تزوجنا أخبرني بأنه يصلي وهو الآن لا يصلي مع تذكيري الدائم له بالصلاة مع العلم بأنني ملتزمة والحمد لله .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يفرج عن الأخت السائلة، وأن يصلح زوجها، ويلهمه رشده، ويتوب عليه من هذه العلاقة المحرمة ، وأن يصرف عنه هذه المرأة ، وعليها بالصبر والاستعانة بالله عز وجل وبذل النصيحة له ، وتذكيره بالله عز وجل وعقوبته، ويمكن أن تستعين على ذلك بمن تراهم أهل صلاح ودين، فينصحونه ويخوفونه بالله لعله يعود إلى رشده وينتهي عن غيه.
ولتكثر من الدعاء له بالاستقامة والرجوع إلى الله تعالى، وخاصة في أوقات الإجابة في الثلث الأخير من الليل ودبر الصلوات المكتوبة وفي أثناء السجود لعل الله تعالى يهدي قلبه .(27/143)
ويجب على الزوج أن يتقي الله وأن يتوب من هذه المعصية ، ومن ترك الصلاة ، وتراجع نصائح وتوجيهات في شأن الصلاة في الفتوى رقم :4510 ، أما عن اتصالها بهذه المرأة ؟ فلها ذلك إن تأكدت حقا بأن لها علاقة مع زوجها .
وما سبق بيانه هو الحكم شرعي ، ونرشد الأخت إلى مراسلة قسم الاستشارات بالشبكة للمزيد من التوجية وأخذ المشورة .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
... العلاقة مع امرأة أجنبية قبل زواجها وبعده
تاريخ الفتوى : ... 23 ربيع الثاني 1427 / 22-05-2006
السؤال
إلى جميع من هو قائم بالعمل في هذه الشبكة الموفقة والدالة على الخير.. أخبركم أني أحبكم في الله وسؤالي هو:
أحببت فتاة تكبرني بـ 7 سنوات وأنا عمري الآن ولله الحمد 32 سنة وهي 39 سنة وكانت علاقتنا كبيرة جدا تحتوي ( غفر الله لنا ) مكالمات هاتفية ومقابلات غير شرعية وقد تمسكت بقراري بعدم الزواج بغيرها وجاهدت أمي وأبي على الموافقة طيلة 3 سنوات فلم يوافقوا حتى أن الفتاة التي أحببتها تقدم شخص أخر وقد ملت من الانتظار ويشهد الله أني فعلت جميع ما بوسعي لأتزوجها وتدخل في الموضع أخوالي وأعمامي ولكن رفض والدي ووالدتي هو :
1 ـ أن الفتاة تكبرني ب7 سنوات
2 ـ أنها خانت أهلها وتكلمت معك بالهاتف وقد عرف الوالد أنا تخرج معي وأن هناك مكالمات ومقابلات .
3 ـ أنها في نظر أمي غير جميلة وأنا ولله الحمد شاب وسيم .
تغيرت أحوالي بعد أن عقد قرانها على شخص غيري فتغيرت أحوالي مع أمي وأبي وإخوتي وكل من حولي فلا أطيق أن أسمع لهم أو أكلمهم حتى أني أقضي وقت الوجبات مثل الغذاء فقط أمامهم دون الحديث معهم من شدة حبي للفتاة وأنها(27/144)
قد عقد قرانها لجأت إلى الله عز وجل أن يبدلني خيرا منها علما أني ولله الحمد شاب متدين محافظ على الصلاة وبر الوالدين ومن نعم الله علي أني دائم الابتسامة ومحب للخير للمساكين والمحتاجين ( لا أزكي نفسي والله أعلم بما أقول ) حافظت على الصلاة مبكرا لكي أقوم بقراءة القرآن وإكثار دعاء الهم والحزن والكرب ودعاء المصائب ولكن بعد فترة من خطوبة الفتاة التي كنت أحبها لم تستطع هي البعد عني وقامت بمراسلتي عبر الجوال وتتصل علي وتخبرني أنها غير سعيدة بهذا الرجل الذي تزوجها وهي تفكر ليل ونهار حتى أنها أخبرتني أنه حين يريد أن يقبلها تفكر أنه أنا ولا زالت تكلمني بالهاتف ووالله أني أقوم بردها على ما تفعله وأقدم لها النصيحة بأن تلجأ إلى الله والدعاء آخر الليل وأن تقوم الليل ولكن ما هو الحل وما هو الحكم علينا في مثل هذه الأمور .. علما أن أبي رجل شديد التعامل معه ولكبر سنه وتمسكه بالعادات القديمة ويقول إنها خانت أهلها وممكن أن تخونك في يوم من الأيام .. أتأكد أني على ثقة من هذه الناحية فحبها لي كبير جدا ..
أرجو إفادتي جزاكم الله خيرا وما هو الشيء الذي تنصحوني به في مثل هذه العلاقة وخاصة بعد عقد قرانها .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم – بارك الله فيك أنك رتكبت ذنبا وقارفت إثما بعلاقتك بهذه المرأة قبل زواجها وبعد زواجها، والأخيرة أشد، أما قبل زواجها فإنه لا يحل لك أن تربط علاقة مع فتاة أجنبية، وتحادثها عبر الهاتف، وتقابلها، ونحو ذلك، لغير داع يقتضي ذلك بدعوى محبتها ورغبتك في الزواج بها.
وأما العلاقة بها بعد زواجها فالأمر أشد، والإثم أعظم، لما فيها من افساد للزوجة على زوجها, وهذا من الذنوب العظيمة، وفي الحديث: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. أخرجه أحمد وابن حبان.
ولذلك يجب عليك قطع علاقتك بها، ومن ذلك عدم الرد على اتصالها مطلقا.(27/145)
وعليك التوبة إلى الله من هذه العلاقة بشروط التوبة من الندم على ما فعلت, والإقلاع عن هذا الذنب, والعزم على ألا تعود، إن كانت لك يد في استمرار هذه العلاقة.
ولتحرص على بر والديك رضاهما، ولتأخذ برأيهما في موضوع زواجك، ونسال الله أن يدفع عنك حب هذه المرأة، ويصرف قلبك عنها، وراجع الفتوى رقم:9360، في علاج العشق، كما قرره ابن القيم رحمه الله، واعلم أن ما تخوف منه والدك وارد جدا, ولا يغرك زخرف القول منها الآن, فالشيطان يدفعها ويدفعك إلى هذه العلاقة المحرمة, وربما إذا ظفرت منها بالحلال تغير الأمر وتبدل كما هو مشاهد مجرب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عورة المرأة أمام الأطفال ... العنوان
ما حدود عورة المرأة أمام الأطفال الصغار، فقد أذهب لإحدى صديقاتي ، وأجد عندها أطفالها، فيدخلون علي ويخرجون، فكيف يجب أن يكون شكلي أمامهم . ... السؤال
05/07/2006 ... التاريخ
الشيخ حامد العطار ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:-
إذا كان الطفل غير مميز لا يفرق بين معنى عورة الرجل والمرأة فلا يجب الاستتار منه، وهذا ما عناه ربنا بقوله تعالى { أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء}. حينما استثنى هذا الصنف ممن وجب ستر العورة عليه.
وأما إذا بلغ الطفل الحلم فقد صار رجلا له أحكام الرجال.(27/146)
بقي الكلام في الطفل الذين بين هذين، أعني الطفل الذي يفهم ويميز ويحكي، ويستطيع أن يحكي ما يرى فمثل هذا ينزل منزلة المحرم من المرأة فلا يرى منها سوى ما يبدو منها غالبا عند المهنة، وهو العنق، والرأس، والقدمان.
يقول الله عز وجل مبينا الأصناف الذين يجوز للمرأة إظهار العورة أمامهم : { أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء }.
ويقول العلامة الجصاص في تفسير هذه الآية:-
قال مجاهد : ( هم الذين لا يدرون ما هن من الصغر ) . وقال قتادة : ( الذين لم يبلغوا الحلم منكم ) .
قال أبو بكر : قول مجاهد أظهر ؛ لأن معنى أنهم لم يظهروا على عورات النساء أنهم لا يميزون بين عورات النساء والرجال لصغرهم وقلة معرفتهم بذلك ، وقد أمر الله تعالى الطفل الذي قد عرف عورات النساء بالاستئذان في الأوقات الثلاثة بقوله : { ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم } وأراد به الذي عرف ذلك واطلع على عورات النساء .
والذي لا يؤمر بالاستئذان أصغر من ذلك . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع } ، فلم يأمر بالتفرقة قبل العشر، وأمر بها في العشر ؛ لأنه قد عرف ذلك في الأكثر الأعم ولا يعرفه قبل ذلك في الأغلب. انتهى.
ويقول الشيخ ابن قدامة الحنبلي في المغني:-
فأما الغلام ، فما دام طفلا غير مميز ، لا يجب الاستتار منه في شيء ، وإن عقل ، ففيه روايتان إحداهما : حكمه حكم ذي المحرم في النظر . والثانية : له النظر إلى ما فوق السرة وتحت الركبة ؛ لأن الله تعالى قال { ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم } إلى قوله تعالى { ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض } إلى قوله : { وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم } فدل على التفريق بين البالغ وغيره .(27/147)
وقال أبو عبد الله : أبو طيبة حجم نساء النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام . ووجه الرواية الأولى قوله { أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء } وقيل لأبي عبد الله: متى تغطي المرأة رأسها من الغلام ؟ قال:إذا بلغ عشر سنين .
والله أعلم ..
ــــــــــــــ
إيضاح حول فتويين تتعلقان بالدراسة المختلطة
تاريخ الفتوى : ... 09 جمادي الأولى 1427 / 06-06-2006
السؤال
لاحظت أنكم أحيانا تحرمون الدراسة في الجامعات المختلطة للبنات مثل الفتوى رقم 10308، و أحيانا تغضون الطرف عنها مثل الفتوى رقم 48805، فإلى ماذا يرجع الاختلاف في رؤية هذه المسألة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الفتويين اللتين أشرت إلى رقميهما ليس بينهما تعارض. ذلك أن الأولى يقول السائل في سؤاله: قرر أبي منع أختي البالغة من العمر 16 سنة من مزاولة الدراسة بحجة الحفاظ عليها من شرور حثالة المجتمع.
ما هو رأي الشريعة في هذا الأمر؟
فأجبناه بأن منع أبيه لأخته من مزاولة الدراسة في المدارس المختلطة حفاظا عليها من الفساد صواب، بل إن ذلك مما أوجبه الله تعالى عليه من رعاية ما استرعاه الله فيه، والقيام بالمسؤولية التي جعلها الله ملقاة على عاتقه...
وقلنا إنه إن وجد مدارس للبنات وكانت مناهجها خالية من الانحراف العقدي والفكري، فلا بأس أن يدرس ابنته فيها ما ينفعها من أمر دينها ودنياها.
أما إن لم يجد إلا المدارس المختلطة أو المنحرفة في مناهجها، فلا يجوز له أن يسمح لابنته بالدراسة فيها، بل لا يجوز لأي أحد من المسلمين - ذكرا كان أو أنثى - أن يدرس فيها، لما فيها من الخطر على المرء في دينه وخلقه.(27/148)
ولا نظن أن أحدا من المسلمين يمكن أن يشك في أن ما ورد في هذه الفتوى هو الجواب المناسب لهذا السؤال.
وأما السؤال الثاني فلم يكن موضوع الاختلاط هو المشكلة المطروحة فيه، لأن السائلة صرحت فيه بقولها: أنا لا أخالط أحدا من الزملاء ولا أتعامل معهم ولا حتى أبدأهم بالتحية إلا إذا حياني أحدهم أرد بما يرضي الله. فموضوع الاختلاط لم يكن يشكل مشكلة كبيرة، فأنا كما ذكرت لا أخالط أحدا من الشباب... إلى آخر ما ذكرته.
فأجبناها بأننا لا نرى مانعا من عودتها إلى الدراسة، إذا كانت محتاجة إليها، بشرط أن لا تخل بشيء من الواجبات الشرعية، وأن تحافظ على أداء الصلوات في أوقاتها. وأنه ليس في عودتها هذه إخلاف لوعد الله وعهده، لأن ما ذكرته في السؤال لا يعدو قولها (تضيع الدراسة ولا تضيع الصلاة)، وهذا عهد كل مسلم وواجبه.
فإذا قارنت بما أجبنا به هنا وهناك وجدت أن كلا من الفتويين كانت حسب المعطيات الواردة في السؤال.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خلوة الأجنبي بالأجنبية من غير ثالث حرام
تاريخ الفتوى : ... 23 ربيع الثاني 1427 / 22-05-2006
السؤال
سؤالي خاص جدا وأتمنى أن تردوا علي بأسرع وقت ممكن لأني أعيش في قلق لا يعلمه إلا أرحم الراحمين وجزاكم الله عني كل خير.
كما تعلمون أنا من أشد المعجبين بموقع هذه الشبكة العزيزة على قلبي كثيرا وربنا يعلم.فقد سبق وأن استفسرت هل هناك إثم في عيشي مع أمي وبناتي وأنا أرملة وبدون محرم في نفس وطني ولكن في مدينة غير مدينتي وذلك بسبب ظروف وظيفتي وأجبتوني شاكرين أنه لامانع بإذن الله لأن المحرم يجب حضوره عند(27/149)
السفر فقط.هذا تذكير فقط لكي أتطرق لسؤالي وهو: عندما يخرب شيء في بيتي مثل إصلاح كهرباء أو إصلاح نجارة أو فرش سجاد جديد أو ضرب بويه لغرف البيت " رنج " أو إصلاح الستلايت ...........إلخ أضطر إلى إدخال هؤلاء العمال إلى بيتي بوجود والدتي وبناتي لإصلاح تلك الأشياء المتعطلة علماً بأني ألبس كامل حجابي الشرعي وأنتظر حتى يكمل الشخص عمله وأعطيه أجرته ويذهب في حال سبيله والله يعلم بذلك ,, فهل هناك إثم فيما أعمله ؟ ولكن قد وضحت لكم بأنه لايوجد معي محرم ولا أحد معي في هذه المدينة إلا الله سبحانه وتعالى وهو أرحم الراحمين، وأنا أخاف الله في جميع تصرفاتي، فأفيدوني جزاكم الله عني كل الخير . فإن كنت آثمة فبماذا تنصحوني وهل أترك الأشياء تخرب في بيتي لعدم توفر محرم معي فأرجو منكم الجواب الشافي وبأسرع وقت فأنا قلقة وحزينة .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في ذلك إن شاء الله ، إذا التزمت بالحجاب الشرعي الكامل المبين في الفتوى رقم :6745 ولم يكن هناك خلوة بهذا العامل ، والخلوة منتفية بوجود الأم أو الأبناء أو البنات المميزين ، قال الإمام النووي عند كلامه على حديث: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، وأما إذا خلا الأجنبي بالأجنبية من غير ثالث معهما فهو حرام باتفاق العلماء، وكذا لو كان معهما من لا يستحيى منه لصغره كابن سنتين وثلاث ونحو ذلك فإن وجوده كالعدم. انتهى كلامه.
وفي حاشية الجمل من كتب الشافعية رحمهم الله : يجوز خلوة رجل بامرأتين ثقتين يحتشمهما ، وهو المعتمد . وتراجع الفتوى رقم:50082
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
وسائل للتخلص من العلاقات المحرمة
تاريخ الفتوى : ... 19 ربيع الثاني 1427 / 18-05-2006
السؤال(27/150)
أهل الدين والفضيلة سؤالي يتلخص في أنني وللأسف فتاة زنيت مع شاب يصغرني بأربع سنوات وقد شغفني حبه فلم أستطع أن أتمالك نفسي أنا وهو، وبعد أسبوع وجدت نفسي أرغب به من كل قلبي، فهل علي أن أطلب منه الزواج حتى لا نسقط مرة ثانية في الزنا، وهل هذا يجوز شرعاً وكيف علي أن أتخلص من آفة الزنا، مع العلم بأنه قرر السفر بعيداً للعمل وقد يتركني وأنا خائفة من أن أسقط في هذه الرذيلة مرة ثانية يحدث لي هذا بعد سنوات طويلة من الكبت والحرمان كنت أسيطر فيها على نفسي، أما حالياً فقد فلت مني كل شيء، ذلك للتعب والحرمان الذي أعيشه ويجعلني أنسى أن كل شيء بإذن الله، فإنا أخاف من ردة فعل الشاب وقد أسقط في نظره بعد أن رأى مني كل مفاتني، أرجوكم دلوني على الخير وادعو لي بالمغفرة وكذلك الزواج من هذا الشاب؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر ذنبك ويهدي قلبك ويرزقك زوجاً صالحاً تقر به عينك في الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب، ونقول لك أولاً إنه يجب عليك قطع تلك العلاقة فوراً فإنها علاقة محرمة آثمة، لا يحل لك التمادي فيها، وعليك التوبة والندم مما ارتكبتِه من الزنا، فإنه من كبائر الذنوب الجالبة لغضب الله وسخطه، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32}
وفي الحديث: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. رواه البخاري، وأما هل يجوز لك الزواج منه قبل التوبة من الزنا، فالجواب أنه يجوز لدى بعض أهل العلم ومنهم المالكية المفتى بمذهبهم في تلك البلاد. قال الحطاب في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المالكي: وفي المدونة لا بأس أن ينكح الرجل امرأة كان زنى بها بعد الاستبراء. اهـ أي بعد أن تستبرئ رحمها بحيضة من ماء الزنى, واشترط بعض أهل العلم لصحة زواج الزانية بمن زنى بها أن يتوبا إلى الله وهو الذي ننصحك به أن لا تتزوجي منه حتى يتوب إلى الله تعالى ويظهر توبته كما تتوبين أنت.(27/151)
والأولى أن تبحثي عن صاحب الخلق والدين فهو الذي يعرف لك حقك, ويصونك في عرضك, ويعينك على الالتزام والطاعة. وانظري في ذلك الفتوى رقم: 39905.
واعلمي أن سبب تعلقك بذلك الفتى أو غيره من قرناء السوء إنما هو تزيين الشيطان ليوقعك في الفاحشة, ومما يعين على التخلص من ذلك الحب الآثم ويبعد عن تلك العلاقات المحرمة أمور نجملها فيما يلي:
أولاً: استحضار عذاب أصحاب الزنا والفواحش وتصور ذلك.
ثانياً: صدق الالتجاء إلى الله والتضرع إليه.
ثالثاً: اتخاذ الرفقة الصالحة والبعد عن قرينات السوء، ولمعرفة تلك الأمور بالتفصيل انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16688، 5874، 9163، 7312، ولمعرفة كيفية علاج العشق المحرم انظري الفتوى رقم: 9360، والفتوى رقم: 5707.
وإذا التزمت بما ذكرنا وأرشدناك إليه فلن تقعي بإذن الله في تلك الفواحش ثانية, وإن وقعت في بعضها زلة منك فباب التوبة مفتوح ورحمة الله وسعت كل شيء، كما بينا في الفتوى رقم: 17308، والفتوى رقم: 5091، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب, ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الصداقة بين الأجنبيين هل يقرها الإسلام
تاريخ الفتوى : ... 19 ربيع الثاني 1427 / 18-05-2006
السؤال
أنا فتاة جامعية عمري 32، لدي وبحمد الله عمل ناجح جداً ونشاطات متنوعة رياضية وسياحية، وأسرة متفاهمة ومثقفة..تعرفت على شاب على درجة عالية من الأخلاق والتدين، يصغرني بعامين. وتطورت علاقتنا بقدر المسموح من صداقة(27/152)
إلى إعجاب ثم حب. ولكي لا نعتمد على العواطف وحدها فقد درسنا الموضوع بطريقة عقلانية وحاولنا تحديد نقاط الالتقاء والاختلاف بيننا وأحلامنا المشتركة وما يمكن لنا أن نحققه معاً، فلم نزدد إلا اقتناعاً بصحة ارتباطنا وبأن كلاً منا مكمل للآخر. وعندما اتضح قرار الارتباط بهذه القوة أردنا تحويله إلى علاقة شرعية على سنة الله ورسوله، وكتمهيد تعرف هو على أهلي الذين رحبوا به وأحبوه جداً، وتعرفت أنا على عائلته وهنا كانت المفاجأة أنهم رفضوني بحجة فرق السن، والاختلاف في البيئة بيننا. فهو من عائلة محافظة وتقليدية جداً بينما عائلتي –نسبياً- أكثر انفتاحاً وتحرراً. الحقيقة أننا كنا قد أدركنا هذا الفرق من قبل، وهو ليس أمراً جوهرياً فكلانا نتبع نفس الدين ونفس المذهب لكن هناك اختلافات في طريقة حياة كل منا، فهم على سبيل المثال يعتبرون محاربة الاختلاط بين الرجال والنساء أحد أهم ركائز التدين ولا يمانعون في حرمان المرأة من المشاركة في الحياة العامة في سبيل منعها من الاختلاط مع الجنس الآخر، ويصرون على ارتداء نمط معين من الملابس بطريقة محافظة جداً. أما أنا فلي دوري ورسالتي في المجتمع وأعرف حدودي وأقف عندها لكنها لا تمنعني عن ممارسة حياتي بطريقة إيجابية، وهو أيضاً يؤيد جداً طريقتي في الحياة ويرفض طريقة أهله المتزمتة.
بعد معاناة طويلة تمكن من فرض خياره على الجميع ما عدا الأم التي تشبثت أكثر بالرفض. علماً أنها مصابة باكتئاب لذلك يصعب عليه مناقشتها في الأمر. حتى الآن قررنا أن نصبر ونحتسب إلى أن يقدر الله تعالى لنا حلاً، ونحن على هذا الحال منذ حوالي سنة. ماذا نستطيع أن نفعل في هذه الحالة؟
جزاكم الله الخير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاختلاف بين الناس سنة من سنن الله عز وجل في هذه الحياة قال سبحانه : وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ { هود : 118ــ 119 } ونتيجة لهذا الاختلاف ، والتباين في طريقة التفكير وأسلوب الحياة يصف بعضهم بعضا بأوصاف ،(27/153)
وينبز بعضهم بعضا بألقاب تكون في الكثير من الأحيان بعيدة عن العدل والإنصاف, ومن ذلك ما ورد في سؤال الأخت من وصف لعائلة الشاب بأنها تقليدية ومتزمتة ، في حين وصفت عائلتها بأنها منفتحة ومتحررة والميزان الصحيح والذي لا ينازع فيه مسلم هو هذا الدين الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم من رب العالمين ، فهو الميزان الذي نزن به الأشخاص والأفعال والأقوال والقيم والعادات . ومن القضايا التي يختلف حولها الناس ، قضية المرأة ومشاركتها في العمل خارج البيت ، ولبيان ميزان الإسلام في هذه القضية ، نقول : بداية لا بد من بيان القاعدة في الإسلام في تقسيم المهام والوظائف بين الرجل والمرأة ، وهذا ما سبق بيانه في الفتوى رقم :54957 ، فيلزم مراجعتها أولا .
وإذا تبين ذلك تأتي الاستثناءات من هذه القاعدة فعند وجود حاجة في المجتمع أو حاجة في الأسرة لخروج المرأة للعمل ، فلا مانع من خروجها ولكن بضوابط تحفظ للمرأة كرامتها, وللمجتمع عفته وطهارته, وسبق بيانها في الفتوى رقم : 19233 . وأما عن سؤال الأخت عن الحل لمشكلتها ، فهذه العلاقة التي أسمتها الأخت صداقة ووصفتها بأنها مسموح بها هي في الحقيقة غير مسموح بها ، ولا يقرها الإسلام ولا يعترف بها ، لأن المرأة جوهرة ودرة مصونة ، لا تمتد إليها يد إلا يد من يريد حفظها وأخذها بالميثاق الغليظ وهو الزواج الشرعي, أما من يريد أن يجعل منها فرجة ولعبة وتسلية ، فلا .
فعلى الأخت أن تضع حدا لهذه العلاقة ، ولا تضيع من عمرها أكثر مما مضى ولتطلب من الشاب إما أن يجعل هذه العلاقة شرعية بالزواج ، وإما أن يسير كل في طريقه ويبحث عن شريك لحياته . وأما الشاب فعليه أن يحاول إقناع والدته بهذا الزواج فإن لم تقتنع فليبحث عن غير هذه البنت فإنه يجب عليه طاعة والدته في مثل هذا الأمر, ولا سيما إذا كان لرفضها ما يبرره ، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 17763 ، وعليه قطع هذه العلاقة مع امرأة لا تحل له . والتوبة إلى الله منها ، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(27/154)
ــــــــــــــ
الفتوى : ... آداب الخروج إلى الأسواق
تاريخ الفتوى : ... 17 ربيع الثاني 1427 / 16-05-2006
السؤال
ما حكم الذهاب إلى أسواق فيها اختلاط وتزاحم لأن أمي
تجبرني أن أذهب معها.
ماذا أفعل من فضلكم هل أهجر الحجرة أم ماذا؟
شكرا لحضرتكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك أن تصحب أمك إلى السوق إن دعتك إلى ذلك ولم يترتب على ذهابك معها معصية. لأن طاعتها واجبة في المعروف, ومن المعروف أن لا تكون في معصية الله, وإذا خرجت معها فيجب عليك أن تغض بصرك عن الحرام. وانظر الفتوى رقم: 19075.
وينبغي أن تنصح أمك بحكمة وموعظة حسنة لتقلل من الذهاب إلى السوق فلا تخرج إليه إلا لحاجة لكونه أبغض الأماكن إلى الله؛ كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحب البلاد إلى الله مساجدها, وأبغض البلاد إلى الله أسواقها. وعنده أيضا من حديث سلمان موقوفا عليه قال: لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها, فإنها معركة الشيطان، وبها ينصب رايته.
ولا تخرج إلا وهي محتشمة ملتزمة بأدب الشرع في ثيابها ومشيتها وحديثها .
وليكن ذلك منك بأسلوب هين لين لا جدال فيه ولا استعلاء. وانظر الفتوى رقم:20901، لمعرفة النظرة الشرعية لخروج المرأة من بيتها إلى السوق أو غيره وما يشترط لجواز ذلك.(27/155)
ولا يجوز لك هجر أمك أو عصيان أمرها ما لم تأمرك بمعصية . فإن أمرتك بها فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق, فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
فأحسن صحبتها واخرج معها في حاجتها وانصحها إن تصرفت تصرفا يخالف أدب الشرع في خروجها أو ولوجها بحكمة وموعظة حسنة, وليكن لك أثر على أهلك في توجيههم ودعوتهم وامتثالهم لأمر الله واجتنابهم لنواهيه .قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ {التَّحريم:6}
وللفائدة انظر الفتويين رقم:29505، 65179.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الأعراس التي يختلط فيها الرجال بالنساء
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الثاني 1427 / 14-05-2006
السؤال
أنا فتاة مخطوبة، وأستعد حاليا للزواج بعد عدة شهور إن شاء الله ومن خلال تحضيراتنا لليلة الزفاف، ظهر خلاف بيني وبين أهل خطيبي بخصوص ترتيبات العرس ، خطيبي يصر أن يكون مختلطا بحجة أنه النوع المتعارف عليه عندهم ولأنه أجمل وأبهج، ويقلل عليه التكلفة المترتبة من حجز صالتين منفصلتين ، وأنا فتاة متحجبة وأسعى دائما لما يرضي الله، ولم أقبل هذه الفكرة، وحاولنا التوصل إلى حل وسط ، بأن يكون مختلطا ولكن أقوم أنا بعدم كشف شعري أو أي شيء من جسمي( لباس شرعي نوعا ما) بصراحة أنا خائفة من جواز هذا الحل من الناحية الشرعية ، فهل لكم أن تفيدوني ؟
جزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/156)
فإن إقامة الأعراس المختلطة بين الرجال والنساء مع ما يكون عليه النساء من التكشف والتعري أمر محرم لا شك في حرمته ، وعلى المسلم الذي يخشى الله سبحانه وتعالى أن يجتنب هذا المنكر ، وأن يفرح بنعمة الزواج فرحا في حدود الشرع ، وانظري للفائدة الفتوى رقم : 67217 ، فإن أصر الزوج على قيام العرس مع الاختلاط المحرم فيجب عليك عدم الحضور ، وننصح بفعل حفل مبسط لا تبذير فيه ولا اختلاط ، وانظري الفتوى رقم : 40051 ، وننصحك أيتها الأخت الكريمة أن تعرضي الفتاوى السابقة على خطيبك ، وظننا به أنه سيستجيب لشرع الله .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ظاهرة التقاء الفتيان والفتيات وتزويجهم إذا ضبطوا متلبسين
تاريخ الفتوى : ... 11 ربيع الثاني 1427 / 10-05-2006
السؤال
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وسلم... أما بعد:
في بلدتي ظهرت ظاهرة غريبة، بعض الشباب يتعرفون على فتيات ويتم اللقاء بينهما، وعند كشفهما متلبسين يقوم الأهل بعقد القران عليهما وذلك للستر حسب قولهما، فهل هذا العمل يجوز شرعاً، أفيدوني أثابكم الله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه ظاهرة منكرة يجب إنكارها وتغييرها، ويقع العبء الأكبر في ذلك على أولياء أمور الفتيات والشباب، ولا شك أن هذه الظاهرة -إن صح كونها ظاهرة- تنم عن خواء من يمارسونها أو يقرونها من قيم الإسلام وآدابه، وبعد أهلها عن أحكام الإسلام وشرعه.
وأما عن حكم تزويج الفتاة بمن زنى بها للستر عليها، فقد تقدم حكمه في الفتوى رقم: 1880، وتراجع الفتوى رقم: 1591.(27/157)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم دخول الرجل على أخوات زوجته
تاريخ الفتوى : ... 09 ربيع الثاني 1427 / 08-05-2006
السؤال
زوجتى تريد أن تقيم فى منزل أهلها خلال فترة الإجازة الصيفية القادمة ورغم عدم موافقتى على ذلك لما يحدث من مشاكل من تواجد أخواتها و أزواج أخواتها المستمر ودخولهم وخروجهم في أي وقت وهذا الأمر يضايقني جدا رغم علم زوجتي بذلك إلا أن أخا الزوجة لا يرى أي مشكلة في ذلك و يرجع هذا الأمر للذوقيات أي من شاء أن يدخل من أزواج أخوات الزوجة فله ذلك و لاحرج ومن لايدخل فذلك من ذوقه رغم اعتراضى الشديد على ذلك مع العلم أن أخوات الزوجة يسكنون بنفس المنزل و هل يجوز لي منع الزوجة من دخول بيوت أخواتها و الاكتفاء بتواجدهن في منزل أهل الزوجة علما بأن تواجد زوجتي بأي مكان يتواجد فيه أزواج أخواتها يضايقني بشدة وزوجتى تعلم بذلك جيدا أرجو الإفادة.هل لي الحق في ذلك أم لا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زوج الأخت أجنبي، لا يجوز له النظر ولا الخلوة ، فإذا كان ذهاب زوجتك إلى بيت أهلها أو أختها يترتب عليه شيء من ذلك وجب عليك أن تمنعها صيانة لها وأمرا لها بالمعروف ونهيا لها عن المنكر ، وأما إذا كان ذهابها لا يترتب عليه شيء من المنكرات فلك الحق أيضا أن تمنعها ويجب عليها أن تطعيك في الحالتين ، ولكن الأفضل والأولى في هذه الحالة الثانية أن تسمح لها بالذهاب لأن في ذلك إعانة لها على بر والديها وصلة أخواتها ، وانظر الفتوى رقم : 1780 ، والفتوى رقم : 19419 ، وإذا كان لك منعها من الزيارة فلك منعها من الإقامة أثناء العطلة من باب أولى . وما قاله أخو زوجتك من أن دخول الرجل على أخوات(27/158)
زوجته مسألة ذوقية غير صحيح ، بل هي مسألة شرعية واضحة الحكم ، فإن الله تعالى بين في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم المحارم الذين يجوز لهم النظر والخلوة ، وليس أخو الزوجة محرما بالإجماع ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : إياكم والدخول على النساء, فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت . متفق عليه .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... إقامة علاقة مع امرأة أجنبية بعد زواجها
تاريخ الفتوى : ... 09 ربيع الثاني 1427 / 08-05-2006
السؤال
شيخنا الفاضل أنا كنت أكلم بنتا وهذه البنت متدينة والحمدلله وعلاقتنا كانت مدتها تقريباً 8 شهور و كانت هذه العلاقة بالتلفون و ما نظرت إليها إلا مرة بحياتي من بعيد لكي أقتنع بها للزواج و أنا ارتحت لها كثيراً و ارتحت لأخلاقها و اتفقنا على أني آتي لخطبتها بعد أسبوعين و خلال هذه المدة جاء رجل لخطبتها و تزوجته من أجل رضا أهلها ، و لكنها لا تزال متعلقة في و أنا أحبها كثيراً ، و أخطأت و أصبحت أكلمها بالشات وهي متزوجة ، و في يوم حصلت مشكلة بينهما وهي حاولت تكبير الموضوع من أجل أن تطلق كي ترجع لي من أجل أن أتزوجها ، و عندما علمت بالموضوع طلبت منها كثيراً أن تتصل به و تتسامح منه لكي لا أكون أنا السبب في طلاقها و لكي لا أظلم الرجل و لكنها مصرة على أن لا تتصل به و مصرة على الطلاق منه مع أنها لم تر منه إلا كل خير مع العلم أن زواجهما استمر حتى الآن 20 يوماً ، فيا شيخنا الكريم ما موقفي من هذا الطلاق وهل أنا ظلمت زوجها أم اني برأت ذمتي، و هل يحق لي الزواج منها اذا تطلقت هذه المرأة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/159)
فاعلم هداك الله وأصلحك أنك مرتكب ذنبا ومقارف إثما ، بعلاقتك بهذه المرأة ، قبل زواجها وبعد زواجها والأخيرة أشد ، أما قبل زواجها فإنه لا يحل لك أن تربط علاقة مع فتاة أجنبية ، وتحادثها عبر الهاتف بدعوى الحب وبزعم نية الزواج بها وما ذلك إلا من خطوات الشيطان ، فالشرع رخص للخاطب في النظر إلى المخطوبة بقدر ما يدعوه إلى نكاحها ، وأما العلاقة بعد زواجها فالأمر أشد ، والإثم أعظم ، لما فيها من إفساد للزوجة على زوجها، وهذا من الذنوب العظيمة ، وفي الحديث : ليس منا من خبب امرأة على زوجها : أخرجه أحمد وابن حبان . وهو من أحب الأعمال إلى إبليس كما في صحيح مسلم : إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه ، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة ، يجيء أحدهم فيقول :فعلت كذا وكذا فيقول :ما صنعت شيئا ، ثم يجيء أحدهم فيقول : ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته ، فيدنيه منه ويقول نعم أنت فيلتزمه ، وأما عن سؤالك : عن موقفك من هذا الطلاق ، فإن استمرار علاقتك بهذه المرأة واتصالك بها سبب في حصول الطلاق فربما كان الحامل لها وهذا هو الغالب على طلب الطلاق ما ترجوه من زواجك بها بعد الطلاق، ولذلك يجب عليك قطع علاقتك بها ، وقطع رجائها وطمعها في زواجك بها لكي تبرأ ذمتك من إثم الطلاق إن وقع ، ومن ظلم الزوج، فإذا فعلت ما ذكر ثم حدث الطلاق فلا إثم عليك إن شاء الله لأنه لا يد لك فيه ، ولا تزر وازرة وزر أخرى ، وننصح هذه المرأة بتقوى الله عز وجل وأن لا تطلب من زوجها الطلاق لغير عذر ، ومن غير بأس ، فإنه لا يجوز لها ذلك ، وتراجع الفتوى رقم 1114 ، وأما عن سؤالك عن حكم الزواج بهذه المرأة في حال حصل الطلاق ، فقد سبق في الفتوى رقك 7895 ، خلاف العلماء والراجح صحته مع الإثم .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
التصوير التلفزيوني والسينمائي والتصوير بالفيديو
سؤال:(27/160)
عندي سؤال بخصوص الصور . هل صور الفيديو والكومبيوتر التي تظهر على الشاشة مباحة ؟
هل لك أن توضح لنا هذا مع الدليل ؟.
الجواب:
الحمد لله :
الحكم على الشيء فرع عن تصوُّره ، ولا بد من معرفة طريقة التصوير المذكور وكيفيَّته .
قال صاحب رسالة أحكام التصوير
1- التصوير السينمائي أو صورة الشريط السينمائي :
وهو الذي ينقل الصورة المتحركة مع الصوت على امتداد فترة زمنية محددة ، وبكل ما تضمنته هذه الفترة من أحداث ووقائع ، وهذه الصورة التي يظهرها الشريط على الشاشة هي خيال ذلك الشيء ، لا حقيقته بعد تثبيته على الشريط المذكور . وقد جاء في كتاب " الشريعة الإسلامية والفنون " أن السينماء سميت أخيلية : " لأنها تعرض خيالات الأشياء لا حقيقتها .
2- التصوير التلفزيوني :
وهو الذي ينقل الصورة والصوت في وقت واحد بطريق الدفع الكهربي ، وذلك نتيجة لتأثير الضوء المنعكس من الجسم المراد تصويره على لوح الميغا ، والمغطى بعدد هائل من الحبيبات الدقيقة المصنوعة من مادة حساسة للضوء ، تُصنع من أكسيد الفضة ، والسيزيوم ، منفصلة عن بعضها ومعزولة كهربياً .
وهذا القسم من التصوير بواسطة الآلات وإن كان شبيهاً تماماً بصورة الشريط السينمائي إلا أن التصوير التلفزيوني يحوِّل الصور إلى إشارات إلكترونية ، ثم إلى موجات كهرمغناطيسية ، إما أن ترسل عبر هوائي الإرسال لتستقبلها هوائيات الاستقبال لأجهزة التلفزيون ، ضمن المدى الذي يمكن أن تصل إليه ، وإما أن توجه إلى جهاز يختزن تلك الموجات على شكل تغيرات مغناطيسية في شريط بلاستيكي طلي بمادة مغناطيسية مناسبة ، يصلح لاختزان تلك الموجات ، التي طلي بها .(27/161)
ولعرض ما سجَّله هذا الشريط المذكور يمر بعد اختزانه تلك الموجات على رأس يتحسس لها ، فيحولها مرَّة أخرى إلى إلكترونات ثم يرسلها إلى الشاشة على شكل إشارات كهربية ، لتظهر على شكل صورة ، ولكن بعد عملية معقدة .
فجهاز التلفزيون هو الذي يستقبل الموجات الكهربائية ويجمعها ثم يخرجها منتظمة على شكل صورة ذات ملامح كاملة .
وهناك نوع آخر مما يمكن أن يعتبر جزءاً من هذا التصوير ، وذلك مثل أجهزة الهاتف في بعض البلدان المتقدمة صناعياً ، والتي تنقل صوت المتكلم وصورته ، فيشاهد كل منهما الآخر على شاشة الجهاز الذي يتكلم منه .
ومثل الأجهزة التي أصبحت تركب على أبواب المنازل ، فإن هذا الجهاز يلتقط صوت القادم وصورته إلى شاشة جهاز داخل المنزل ، فيشاهدها من في البيت بكل وضوح ، وقُل مثل ذلك في الأجهزة التي تستخدم لمراقبة المجرمين من السَّرق ونحوهم في البنوك والمحلات التجارية ، وغير ذلك .
فهذه الأجهزة تعد نوعا واحداً تستخدم لأغراض مختلفة ، حيث تسلط آلة الكاميرا على المكان الذي يراد مراقبته ، فتنقل تلك الآلة الصورة إلى شاشة جهاز مثل جهاز التلفاز ، فتظهر الصورة فيه بوضوح ، ولا زالت الأيام تأتي بجديد ما بين كل فترة وأخرى ، ولا ندري ما الذي سيظهر مستقبلاً ، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على التوسع الهائل والمذهل في استخدام التصوير الآلي بنوعيه الثابت والمتحرك في مجالات ونواحي متعددة كثيرة ، ومن ذلك على سبيل المثال المجال الصناعي والحربي والأمني والتعليمي والطبي والاجتماعي وغير ذلك .
أحكام التصوير لأحمد بن على واصل 65-67 .
قال الشيخ ابن عثيمين : " والصُّور بالطُّرُقِ الحديثة قسمان :
الأول : لا يَكُونُ له مَنْظَرٌ ولا مَشْهَد ولا مظهر ، كما ذُكِرَ لِي عن التصوير ، بِأَشرطة الفيديو ، فهذا لا حُكْمَ له إطلاقاً ، ولا يَدْخُل في التحريم مطلقاً ، ولهذا أجازه العلماء الذين يَمْنَعونَ التّصوير على الآلة الفوتوغرافية على الورق وقالوا : إن هذا لا بأس به ، حتى إنه قيل هل يجوز أن تصوَّر المحاضرات التي تلقى في(27/162)
المساجد ؟ فكان الرأي ترك ذلك ، لأنه ربما يشوش على المصلين ، وربما يكون المنظر غير لائق وما أشبه ذلك .
القسم الثاني : التصوير الثابت على الورق ......
ولكن يبقى النظر إذا أراد الإنسان أن يُصوِّر هذا التصوير المباح فإنه تجري فيه الأحكام الخمسة بحسب القصد ، فإذا قصد به شيء مُحَرَّما فهو حرام ، وإن قصد به شيء واجب كان واجباً . فقد يجب التصوير أحياناً خصوصاً الصور المتحركة ، فإذا رأينا مثلاً إنساناً متلبساً بجريمة من الجرائم التي هي من حق العباد كمحاولة أن يقتل ، وما أشبه ذلك ولم نتوصل بإثباتها إلا بالتصوير ، كان التصوير حينئذٍ واجباً ، خصوصاً في المسائل التي تضبط القضية تماماً ، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد . إذا أجرينا هذا التصوير لإثبات شخصية الإنسان خوفاً من أن يُتَّهم بالجريمة غيره ، فهذا أيضاً لا بأس به بل هو مطلوب ، وإذا صوّرنا الصورة من أجل التمتع إليها فهذا حرام بلا شك ... والله أعلم . انظر الشرح الممتع 2/197-199.
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
حكم حج من نظر إلى عورة امرأة
تاريخ الفتوى : ... 08 ربيع الثاني 1427 / 07-05-2006
السؤال
أنا أتممت فريضة الحج وكافة أركانها وكانت والحمد لله فيها الطاعة والذكر والدعاء والتقوى إلا أنني في آخر يوم في منى قبل طواف الوداع ارتكبت ذنبا أستغفر الله عليه حيث في المخيم شاهدت عورة امرأة قاصدا ذلك من خلال تجاور الحمامات دون رؤية وجهها ودون أن تراني أسأل الله القبول في العمل وهل تم حجي بانتهاء كل أعمال الحج دون طواف الوداع الذي أتممته بعد ذلك ؟
والله الموفق .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/163)
فحجك المذكور صحيح -إن شاء الله تعالى- إذا لم تكن فعلت أثناءه ما يبطله،
فوقوعك في تلك المعصية لا يؤثر على صحة الحج, وإن كان ما أقدمت عليه معصية قبيحة تنقص ثواب حجك وخاصة أن تلك المعصية وقعت منك في حرم الله تعالى وأثناء تلك العبادة العظيمة ، فبادر إلى الإكثار من الاستغفار, وتب إلى الله تعالى توبة صادقة, وراجع الفتوى رقم:32893 ، ومن صدق توبتك عدم العودة إلى تلك المعصية القبيحة, فجاهد نفسك على غض البصر عن كل ما حرم الله تعالى النظر إليه امتثالا لقوله تعالى :قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {المؤمنون: 30 } وراجع الفتوى رقم: 2862 ، والفتوى رقم: 3908 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم دعوة النساء الأجنبيات لحفل الزفاف
تاريخ الفتوى : ... 08 ربيع الثاني 1427 / 07-05-2006
السؤال
هل يجوز أن أدعو نساء أجنبيات لحضور حفل زفافي؟ وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يبارك لك ويوفقك لما يحبه ويرضاه.
وبخصوص دعوة النساء الأجنبيات لحضور حفل الزفاف فلا مانع منه شرعا إذا كن متميزات عن الرجال الأجانب, ولم يختلطن بهم, ولم يؤد ذلك إلى منكر. أما إذا كانت دعوتهن يحصل بها ما هو حرام كالتبرج والخلوة والاختلاط فإنها لا تجوز، وانظر الفتويين:8320، 9661.
هذا إذا كان قصدك بالأجنبيات أنهن مسلمات ولكنهن أجنبيات عن الرجال المدعوين.(27/164)
أما إذا كان قصدك أنهن غير مسلمات فلا مانع من ذلك أيضا ما لم يكن هناك مانع خارجي من وقوع المنكرات والمخالفات الشرعية، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل دعوة غير المسلمين؛ كما في مسند الإمام أحمد وغيره: أنه صلى الله عليه وسلم أجاب دعوة يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة. وعلى ذلك فلا مانع من دعوة غير المسلمين بالشروط والضوابط الشرعية, ولكنك عليم بأن غير المسلمات لا يلتزمن بالزي الشرعي, فمن الصعب بل من المستحيل أن تخلو دعوتهن من أن تشتمل على ما هو محرم فتنبه
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حديث المرأة مع الأجنبي ودعاؤها أن يكون من نصيبها
تاريخ الفتوى : ... 08 ربيع الثاني 1427 / 07-05-2006
السؤال
أريد أن أشكركم على موقعكم هذا الذي أسأل الله أن يجعل فيه الخير للناس وأن يثيبكم عنه كل الخير لهذا أتمنى أن أجد لديكم المساعدة . مشكلتي هي أني مغتربة عن بلدي مع البعض من أهلي والحمد لله أنا فتاة متدينة وأقيم الصلاة وأقوم الليل وأقرأ القرآن وبمساعدة الله أحاول أن أحفظه وأذكر الله كثيرا ولله الحمد وجدت في هذا شفاء للنفس لكن في هذه الغربة احتجت لشخص أتكلم معه شخص يفهمني أو حتى يسمعني مع أني حاولت أن أتقرب من والدتي في هذه الفترة لكني كل ما أحاول أن أتقرب منها أبعد أكثر لأنها لا تفهمني ولا تحاول أن تفهمني وحتى أنها لا تشجعني على شيء أريد فعله أو فعلته وطلبت من أهلي أن أدرس أي شيء لكي لا أفكر ببلدي لكنهم رفضوا هذا الشيء وفي هذه الفترة تعرفت على شخص في النت من بلدي مغترب أيضا وهو إنسان مؤدب وذو أخلاق وعرفت ذلك من طريقة حديثه معي وكنا نتحدث بمواضيع عامة والحمد لله لم نتجاوز في الحديث حدود الأدب والأخلاق والدين لكني وجدت فيه الإنسان الذي أتمنى أن أكمل حياتي معه وقبل فترة تركت الكلام معه بعد أن عرفت أنه هذا الشيء حرام لكني بين(27/165)
فترة وفترة أطمئن عليه عن طريق الرسائل فقط لأني لا أستطيع أن أتركه لأني أجد أن حياتي معه لهذا كل يوم ومع كل صلاة أدعو من الله أن يجعله زوجا صالحا لي وأن يجمعنا في الحلال فهل يجوز أن أدعو بهذا الدعاء وهل اطمئناني عليه عن طريق الرسائل حرام، أرجو منكم مساعدتي لأني أخاف أن أخطئ في شيء وأيضا أخاف أن أقع في اليأس من هذه الحياة لأني وحيدة في هذه الغربة ولا أحد يسمعني وأتمنى لكم كل النجاح والخير
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك الثبات على دينه ، وأن يصلح حالك ، أما عن تحدثك مع هذا الشاب الأجنبي فإنه لا يجوز ، وسبق بيانه في الفتوى رقم : 10570 ، والرسائل مثل غيرها ، فكل صلة تربطك به عليك قطعها ، وتراجع الفتوى رقم: 11723 ، وننبهك أيتها الأخت الفاضلة إلى أن الحكم على شخص بأنه مؤدب وذو أخلاق وغير ذلك لا يكون عن طريق هذه الشبكة (الأنترنت) فما أكثر من خدعن عن طريق هذه الشبكة، ولك أن تختبري صدق هذا الشاب بأن تضعيه أمام أحد خيارين ، إما أن يتقدم لخطبتك من أهلك ، وإما أن تقطعي علاقتك به ، وبهذا تعلمين إن كان صادقا أم مخادعا ، ونحذرك من حبائل هذه الشبكة ومزالقها ، وننصحك بأن يكون الله تعالى وكلامه القرآن أنيسك في وحدتك وغربتك، أما الدعاء بأن يجعل الله عزوجل هذا الشاب من نصيبك فلا حرج في ذلك، والأفضل هو الدعاء بأن يرزقك الله الزوج الصالح، وترك الاختيار لله سبحانه فالخير في ما اختاره الله ، وتراجع الفتاوى التالية :65665 /65932 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عواقب التساهل في الحديث مع الأجنبيات
تاريخ الفتوى : ... 09 ربيع الثاني 1427 / 08-05-2006
السؤال(27/166)
أنا شاب ملتزم أتقي الله ما استطعت (لا أزكي نفسي على الله) إخواني من أجل التوضيح لأن الأمر بالسهل الذي أريد أن أطرحه، بحيث إني أعمل بمؤسسة حكومية والحمد لله، تعرفت على أخت ليست عاملة دائمة بل هي مؤقتة أصبحت تعمل معي في المكتب وكنت أقترب منها بكثرة وهي متحجبة ومحافظة على دينها، وبطبيعتنا يا إخواني نحب الأخوات الملتزمات كنت أتبادل معها الكلام في أمور الدين والإدارة وكنت أحكي معها بكثرة، نيتي لم تكن قصد الزواج حيث لم أصارحها لأنه لم تكن لدي فكرة الزواج، بدأت تقول في قرارة نفسها ماذا يريد مني؟ هل يريد التقدم إلي ولا يستطيع؟ أم ماذا؟ طال الحال على هذا الإشكال هي نيتها الزواج وأنا ليست لدي نية الزواج بل إخواني مجرد محبة أخوية فقط، بعد سنتين تقريبا تشجعت وقالت هل تريد الزواج بي أم لا فقلت لها يا أختاه لم أعدك بذلك ولم أقل لك أي شيء في هذا الموضوع، فصدمت ومرضت لأيام بسبب رفض الزواج، فيا إخواني طلبت منها المعذرة والسماح، لكن يا إخواني زاد التعلق بيننا ولكن بدون زواج حتى صرحت لها إني أحبك حتى أردتها للزواج، لكن يا إخواني الوالدة طلبت مني أن أختار زوجة عاملة وألحت علي في الطلب بكثرة حتى نزلت يا إخواني عند رغبتها وطلبت منها أن أختار زوجة في سلك التعليم أو مرشدة تابعة للشؤون الدينية مع اشتراط ذات الدين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت للأخت معذرة أريد المفارقة معك فتحسرت، وفي إحدى... قالت خذ برأي أمك حتى لا يكون هناك عصيان وتصبح ندمان في المستقبل ... .. مرت الأيام أعيد الحديث من طرفها لماذا لا تريد الزواج بي، حيث إن طرح الوالدة لم يكن مقنعا لها فأصبحت مترددة وفي حالة نفسية صعبة أحببتها حبا شديداً ولم أستطيع الزواج بها، بحيث إني أبحث عن زوجة عاملة كما قلت سابقا ولحد الآن لم أجد ما أصبو إليه، بعد أيام تقدمت إلي برسالة خطية تحكي فيها قصتها معي قالت فيها لقد عذبتني وأشغلتني كثيرا وسببت لي أمراضا بين الحين والآخر وكنت لا تريد إلا الحب وضياع الوقت معي وهذا ليس من طبعك وكنت تعطيني أهمية من جانب الحديث معي والسؤال عني والارتباط بي.... وقالت في آخر الرسالة لا أريد الزواج بك حتى لو غيرت أمك رأيها لأنك عذبتني قبل الزواج وربما تزيدني(27/167)
عذابا بعد الزواج قالت كما قال تعالى (عسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم) واطلب منك أن تعاملني كأخت ولا تطلب الخروج معي ولا تتركني أضعف أمامك، سؤالي يا إخواني هو: كيف أقنعها بالسماح والمعذرة على ما سببت لها من المشاكل والأمراض و ... ... . و ... ... ، ما حكم هذا العمل شرعا، أحاول إخواني أن أبحث لها عن زوج من أجل الراحة لي ولها، ما رأيكم، أنا أدعو لها الله أن يرزقها الزوج الصالح، أرجو منكم إخواني توجيهي ونصحي؟ وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في حرصك على أن تكون مسلماً مستقيماً على طاعة الله تعالى، وزادك الله حرصاً على الخير، ولكنك قد أسأت حين فتحت باباً من أبواب الفتنة ومدخلاً من مداخل الشيطان إلى نفسك وعلى غيرك، بتساهلك في التعامل مع هذه المرأة والحديث إليها على هذا النحو الذي ذكرت وهي أجنبية عنك، فالواجب عليك التوبة وقطع العلاقة معها لئلا يحدث ما لا تحمد عقباه.
وقد جنت هي على نفسها حين تجاوزت ضوابط الشرع في التعامل مع الرجل الأجنبي، فكان عاقبة ذلك ما وجدت من آلام ومصائب، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 37015.
وإن كانت لك رغبة في الزواج من هذه المرأة فيمكنك محاولة إقناع أمك بكل سبيل مشروع، فإن النكاح خير ما يوصى به من وقع في حب امرأة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 31741.
وأما الدعاء لها بأن يرزقها الله زوجاً صالحاً فلا حرج فيه، وكذا البحث لها عن زوج صالح بشرط أن لا تجعل ذلك سبيلاً للحديث إليها ونحو ذلك، ما لم تكن حاجة فتتحدث إليها بقدر الحاجة وفقاً لضوابط الشرع من عدم الخلوة ونحو ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(27/168)
شروط جواز رؤية المرأة لغرض الخطبة بدون علمها
تاريخ الفتوى : ... 08 ربيع الثاني 1427 / 07-05-2006
السؤال
أعطى الله رخصة لمن يريد الزواج بالسؤال عن من يريد الارتباط بها ورؤيتها بعلمها أو بدونه ولكن تعرضت لهذا الموقف ولي أسرار تخص أهلى أخفيها عن كل من أعرفهم ولا أنوي الزواج الآن لظروف عائلية، فقام هذا الشخص بأخذ عنواني دون معرفتي من صاحب العمل الذى أعمل لديه وأتى لعنواني وسأل عني الجيران وقد اعتذرت عن الارتباط لظروف أسرية ولكن ما زلت أتذكر ما تعرضت له من أخذ عنواني واسمي وتاريخ ميلادي ورؤيتي من دون علمي ومعرفه أسرار تخصني لشخص غريب لم أرتبط به وأشعر أنه اخترق حياتي بدون مبرر وأشعر بالمرارة من صاحب العمل أنه أعطاه عنواني وهو لا يعرفه بل يعرف قريبا له من دون مراعاة كون عنواني لدواعي العمل فقط وأننا ثلاث سيدات أنا وأمي وأختي فقط في المنزل ولا يوجد رجل معنا وصاحب العمل يعلم وبالرغم من ذلك أعطى له العنوان دون حتى التلميح لي أعطاه لشخص لا يعرف أخلاقه أو سلوكه فما رأيكم بالشاب واستخدامه الرخصة بهذه الطريقة، وما رأيكم بصاحب العمل وهل لي حق أطالبهم به يوم القيامه علما بأنه هناك أسرار مخجلة تخص أهلي قد يكون علمها هذا الشاب حتى وإن لم يفشها سبب معرفته لها آلمني، وعلما أن هذا الشاب اختار له أهله صديقة لي من قبلي وقد أطلعوها ألمحوا لها بوجود شخص يرغب في الارتباط بها ثم غيروا رأيهم وقرروا توجيه الارتباط لي دون سؤالي كما فعلوا مع صديقتي من فضلكم الإفاده ؟
وجزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رخص الشرع للخاطب في رؤية من يريد خطبتها ، وحثه على السؤال عنها من يعرفها ، لكي يقدم على العقد إن أعجبته , ويحجم عنه إن لم تعجبه لخبر : إذا خطب أحدكم امرأة , فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل .(27/169)
وهذه الرخصة ، إنما تكون عند رجاء إجابتها وموافقتها ، قال ابن عبد السلام في قواعد الأحكام :
قد ندب الشارع الخاطب إلى رؤيتها ليعلم ما يقدر عليه فيرغب في النكاح ويكون على بصيرة من الإحجام أو الإقدام، وإنما جوز ذلك ليرجو رجاء ظاهرا أن يجاب إلى خطبته دون من يعلم أنه لا يجاب , أو يغلب على ظنه أنه لا يجاب , وإن استوى الأمران ففي هذا احتمال من جهة أن النظر لا يحمل إلا عند غلبة الظن بالسبب المجوز . انتهى
وقال شهاب الدين الرملي الشافعي جاعلا ذلك شرطا في جواز النظر : ( وإذا ) ( قصد نكاحها ) ورجا الإجابة رجاء ظاهرا كما قاله ابن عبد السلام ; لأن النظر لا يجوز إلا عند غلبة الظن المجوز , ويشترط أيضا ... ( سن نظره إليها ) انتهى من كتاب نهاية المحتاج شرح المنهاج .
فإذا كان هذا الشاب يرجو أن يجاب لخطبته ، فلا بأس فيما فعله ، وكذا من أعطاه العنوان ، أما الإقدام على هذا العمل مع العلم بعدم رغبة المرأة في الزواج فلا يجوز لأنه وسيلة إلى الاطلاع على ما لا يجوز الاطلاع عليه ، ولأن فيه استخدامه لهذه الرخصة في غير محلها ، فإنما شرعت لعلة وهي ديمومة النكاح ، فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه خطب امرأة , فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أنظرت إليها ؟ قال : لا . فقال : اذهب فانظر إليها , فإنه أحرى أن يؤدم بينكما . ومعنى يؤدم يدوم , وقيل من الإدام مأخوذ من إدام الطعام ; لأنه يطيب به ، وقد تكون نية الرجلين حسنة ولم يقصدا إيذاء الأخت ، ولذا ينبغي للأخت أن تحملهما على المحمل الحسن ، وأن تحسن بهما الظن .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم تبرع المرأة بالدم بحضور الأجانب
تاريخ الفتوى : ... 01 ربيع الثاني 1427 / 30-04-2006
السؤال(27/170)
وقعت حملة تبرع بالدم في مكان مختلط وبما أنني وزميلاتي متحجبات وجدنا إحراجا في التبرع أمام الرجال فهل في صورة التبرع نكون قد ارتكبنا إثما وهل في عدم التبرع يكون الإثم أكبر ؟
وجزاكم الله عنا كل الخير؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التبرع بالدم من فضائل الأعمال عند الحاجة وليس من الواجبات إلا إذا كانت هناك ضرورة تدعو إليه وتعينت على المتبرع ، فقد قال الله تعالى : وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا {المائدة: 32 } ولذلك فإذا كان في الاختلاط المذكور ريبة أو خشية فتنة أو خلوة بأجنبي أو كشف لبعض يد المرأة أمام الرجال الأجانب فإنه لا يجوز لكن القدوم عليه، وفي هذه الحالة تكن مأجورات لاجتناب الحرام ، أما إذا كانت هذه الموانع منتفية فلا حرج عليكن في الدخول إلى ذلك المكان والتبرع بالدم فيه ، ولا إثم عليكن ولا حرج في عدم القدوم عليه والتبرع فيه ما لم تكن هناك ضرورة تدعو للتبرع ولم يوجد من يتبرع لها ، فإذا تعين عليكن التبرع ولم يوجد مانع ولم تتبرعن فهنا يقع الإثم ، وللمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية : 648 ، 61556 ، 11994 ، 17164 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
محبة الشخص الأجنبي وكثرة التفكير فيه
تاريخ الفتوى : ... 01 ربيع الثاني 1427 / 30-04-2006
السؤال
هل يوجد تفسير لهذه المشكلة
فتاة تحب حبيبها لدرجة الجنون ولكن حين تختلي بنفسها تبدأ بتفكير وتخيل فتيان آخرين يدرسون معها أو رأتهم فى الطريق وتتخيل أنها تمارس معهم الجنس(27/171)
أوتتحدث معهم. حاولت أن لا تفكر بأي شخص إلا حبيبها ولكن التخيلات تزداد وحاولت غض النظر ولكن شيئا بداخلها يدفعها للتفكير حتى في الصلاه و بدأت تنهار نفسيا لأنها تحس أنها تخون حبيبها.سِِؤالي هو:
هل هذا شيء طبيعي، أي فتاة لها بعض التخيلات، وما تفسير هذه التخيلات؟ وماالعلاج؟
هل هذا يدل على أنها لا تحب حبيبها ؟ هل هذا مرض نفسي ؟
هل هذه التفكيرات والتخيلات من نفس خبيثة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه ، نريد أولا أن ننبهك إلى أن الحب بين الفتيان والفتيات لا يقبله الشرع إلا في إطار الزوجية . وإذا أراد الرجل الزواج من امرأة ، فإنه يجوز له النظر إلى وجهها وكفيها فقط ، وبدون شهوة ليتبين ما هي عليه من الجمال . روى جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا خطب أحدكم المرأة ، فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل. رواه أحمد وأبو داود . ولا يجوز النظر إلى غير ذلك من بدنها ، قال تعالى : قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا { النور: 30 ـــ 31 } ولا تجوز الخلوة بينهما لما ينجر عن ذلك من فتنة ، روى عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار : يارسول الله أفرأيت الحمو؟ قال الحمو الموت. متفق عليه ، ولا تجوز له ملامسة جسدها ، روى معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه الطبراني وصححه الشيخ الألباني . وفيما يتعلق بموضوع سؤالك ، فإننا نحيلك إلى فتوانا رقم : 35373، المتعلقة بالتفكير في الجنس ، وما له من أسباب وعلاج ، ونلفت انتباهك إلى أنه لا فرق(27/172)
بين أن يكون هذا التفكير متعلقا بمن ذكرت من الأشخاص أو بمن سميته حبيبا فإن كل ذلك منهي عنه ، مالم يكن الشخص موضوع التفكير زوجا .
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نية الزواج لا تبيح العلاقات المحرمة
تاريخ الفتوى : ... 19 ربيع الأول 1427 / 18-04-2006
السؤال
.يا شيخ أنا في حيرة عميقة، يا شيخ أنا عمري الآن في 18، وأسأل الله أن يبارك في أعمارنا في عبادته.أنا على علاقة منذ عامين وكنت فيه 16 عاما. والله ما كان في رأسي شيئا أن أعمل علاقة مع فتاة وهي كذلك. ولكن كان في رأسي حتى أكون بلغت سنة 23,24أتزوج إن شاء الله مباشرة بدون علاقة قبلها. ولكن يا شيخ الشيطان فعلها. والآن لا أقدر أن أذهب عنها وهي كذلك لا تقدر نحب بعضنا. وأنا الحمد الله أحفظ 30 حزبا. ونحن نريد الزواج على سنة الله ورسوله. ولكن إن قلتها لوالدي ربما يضحك فقط. وسيقول لي أنت صغير. ونحن لا نريد إلا الحلال. يا شيخ هل سيبارك الله في زواجنا بعد هذه العلاقة مع العلم أنا نعلم أن العلاقة حرام. لكن نيتنا أن نتزوج. لا أستطيع أن أذهب عنها. وأنا مرة أراها. أعطوني جوابا أفهمه جيدا، يا شيخ ماذا أفعل ؟
جزاكم الله خيرا الجزاء .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية عليك أن تقلع عن هذه العلاقة المحرمة الآثمة فورا ، وتتوب إلى الله تعالى منها ، ولا اعتبار لحسن نيتك أو سوئها، فإن تيسر لك أن تتزوج بها زواجا شرعيا صحيحا وكانت ذات دين وخلق فنعمّا هي، وإلا فيجب عليك الكف عن لقائها والخلوة بها والحديث معها فيما لا يجوز ، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية : 68863 ، 1422 ، 8757 .(27/173)
واعلم أنه إذا امتلأ قلبك من حب الله وخشيته ومراقبته سوف يزول عنك ما تجده من حب غيره، سيما ما كان من الحب محرما، وقد بينا حكم الحب في الإسلام ما يجوز منه وما لايجوز، وحكم ما يسمى بالحب قبل الزواج والأسباب المعينة على التخلص منه، وذلك في الفتويين رقم : 5707 ، 4220 .
نسأل الله تعالى أن يعينك على طاعته وأن يبعدك عن معصيته وييسر لك سبل الهدى ويهيئ لك من أمرك رشدا إنه ولي ذلك والقادر عليه .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حرمة علاقة المسلمة بالكافر من غير زواج
تاريخ الفتوى : ... 17 ربيع الأول 1427 / 16-04-2006
السؤال
لصديقتي علاقة مع شاب عربي وليس بمسلم فنصحناها بترك تلك العلاقة، علماً بأنها مقيمة في فرنسا منذ 25 سنة فلم تقتنع بنصيحتنا ثم بدأنا نشرح لها عواقب تلك العلاقة، وأخيراً اقتنعت ولكن بتردد، لهذا نود من فضيلتكم دليلاً قاطعاً بخصوص تلك العلاقة، وكذلك نود أن تترجم باللغة الفرنسية؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالله سبحانه وتعالى حرم اتخاذ الأخدان أي الأصدقاء والصديقات على كل من الرجال والنساء، فقال في خصوص النساء: مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ {النساء:25}، وفي خصوص الرجال: مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {المائدة:5}.
وهذا كله فيما إذا كان الخدن مسلماً، وأما إن كان كافراً فإن التحريم يكون آكد، لأن زواج المسلمة من الكافر محرم بالكتاب والسنة والإجماع، قال الله تعالى: وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ {البقرة:221}، وقد كان بعض المسلمات في أول الإسلام تحت أزواج كافرين حتى(27/174)
نزل قوله تعالى: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ {الممتحنة:10}، وقد أجمع المسلمون على تحريم زواج المسلمة ممن ليس على دينها.
وإذا تقرر ذلك فمن باب أولى تحريم علاقة المسلمة بالكافر من غير زواج، ثم إن الإنسان مجبول على الاستفادة من أصدقائه والتأثر بهم، وكما قيل: الطباع سراقة. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أحمد وأبو داود والترمذي. والمرء يكون يوم القيامة مع من أحب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: المرء مع من أحب. متفق عليه.
لهذا كله ننصح الأخت موضوع السؤال بالابتعاد عن هذه العلاقة الآثمة، وأن تتوب إلى الله من كل ذلك قبل فوات الأوان، فإن المقام في هذه الدار قصير -كما هو مشاهد- ثم ينتقل الإنسان إلى دار الجزاء، فيجد ثمت ما عمل من خير محضراً، وما عمل من سوء يود لو أن بينه وبينه أمداً بعيداً، ونسأل الله أن يهدينا جميعاً، ويأخذ بنواصينا إلى الخير، وإلى الصراط المستقيم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم حضور المصايف مع التزام غض البصر
تاريخ الفتوى : ... 14 ربيع الأول 1427 / 13-04-2006
السؤال
هل يجوز لي أن أذهب إلى المصايف إذا كنت قادرا ولله الحمد أن أغض بصري وأبتعد عن ما هناك من منكرات؟
وجزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من النزهة والترويح عن النفس والأهل إذا التزم المرء بحدود الله، ومن حدود الله تحريم اختلاط الرجال بالنساء في جو من التعري والابتذال والنظر إلى(27/175)
العورات مما يشيع الفاحشة ويدعو إلى الزنا ، كما هو حاصل في المصايف المختلطة، فوجود المسلم في هذه الأماكن محرم ولو كان سيغض بصره، لأن المكان غير صالح للتواجد فيه، فهو محط نزول غضب الله ومقته لما فيه من التبرج والفواحش ، وقد قال الله تعالى : وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب: 33 } ولا شك أن ما يحدث في هذه المصايف أعظم من تبرج نساء الجاهلية حتى إن كلمة التبرج لم تعد كافية لوصف ما يحدث، وأنسب وصف له هو التعري ، فكيف يجوز للمسلم أن يحضر مثل هذه الأماكن ؟ وأن يقابل نعمة الله عليه بمثل هذا العمل ، والمطلوب منك أيها الأخ الفاضل إذا أردت النزهة أن تذهب إلى أماكن بعيدة عن مثل تلك المنكرات .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
استأجر امرأة لخدمته ثم اتفق معها على أن تكون امة له
سؤال:
قبل عدة سنوات احتجت لبعض الخدم لأجل راحتي ومساعدتي ولكي أتمكن من تحقيق أعمالي ، كانت عندي الاستطاعة أن أدفع للخدم ما أرادوه وأن أريحهم حسب شروطهم .
كان بينهم امرأة صغيرة السن وقد وافقت على شروط العقد ، هذه الخادمة تكون موجودة فقط حين حاجتي لها وتذهب حين عدم الحاجة لها .
بما أن تلك الفتاة لا زالت تسكن مع أهلها وليست متزوجة فقد وافقت بأن أكون سيدها وسمحت لي بأن ألمسها وأنظر إليها ، أمضينا الكثير من الأوقات سويّاً ثم حررتها من العقد المبرم بيننا وتزوجتها .
- يمكن أن نتخذ العبيد وقت الحرب ، ولكن متى يكون هذا ؟
- كيف نتخذ العبيد وما هي الشروط الشرعية ؟
- هل يجوز للسيد والأمة أن تكون بينهما علاقة جسدية وإلى أي حد ؟
- هل هناك حدود للفارق في العمر بين السيد وأمته ؟(27/176)
- هل يمكن أن يتم هذا بالسر أم يجب إعلانه ؟
- ما هو الحد الأدنى للعمر الذي يجب أن يكون عليه السيد والأمة ؟
- هل توجد الإماء في وقت الحرب فقط ؟ وهل هناك طريقة أخرى لامتلاك أمة ؟
- هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يملك العديد من العبيد ؟.
الجواب:
الحمد لله
بعض الأسئلة متكررة ومتداخلة ولذا سنجيب عليها – إن شاء الله – جميعها في هذه النقاط :
أولاً :
فعلُك الذي فعلتَ مع الخادمة حرام لا يحل لك ، والخادمة ليست أمَة حتى تستحل لمسها ومعاشرتها ، فالخادمة حرَّة لا تحل لك إلا بالزواج وهو الذي فعلتَه لكن متأخراً – مع الأسف - .
والعقد الذي بينك وبين الخادمة هو عقد إجارة على عمل وهو الخدمة في المنزل ، وليس عقداً تستحل فيه معاشرتها ، فقولك "أنها وافقت بأن تكون سيدها وسمحت لك بلمسها والنظر إليها وأنك قد حررتها من العقد المبرم بينكما " كل هذا ليس له أصل من الصحة الشرعيَّة بالمعنى الذي ذهبتَ إليه . فالحرة لا يمكن أن تصير أمة إلا كانت كافرة من دولة محاربة للمسلمين وتم للمسلمين الإستيلاء عليها ، وهذا مفقود في الحال التي تسأل عنها .
ثانياً :
يمكن اتخاذ العبيد والإماء من الحروب التي تكون بين المسلمين والكفار ، لا ما يكون بين المسلمين أنفسهم في وقت الفِتَن .
فقد حصر الإسلام مصادر الرق التي كانت قبل الرسالة المحمدية في مصدر واحد وهو : رق الحرب الذي يفرض على الأسرى من الكفار وكذا على نسائهم وأولادهم .
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله : وسبب الملك بالرق : هو الكفر ، ومحاربة الله ورسوله ، فإذا أقدر اللهُ المسلمينَ المجاهدين الباذلين مُهَجهم وأموالهم وجميع قواهم(27/177)
وما أعطاهم الله فتكون كلمة الله هي العليا على الكفار : جعلهم ملكاً لهم بالسبي إلا إذا اختار الإمام المنَّ أو الفداء لما في ذلك من المصلحة للمسلمين . أ.هـ " أضواء البيان " ( 3 / 387 ) .
ثالثاً :
يمتلك المجاهدون الإماء كما يمتلكون الغنائم ، ويجوز لمن تملَّك أمَةً أو عبداً أن يبيعهما ، وفي كلا الحالتين – التملُّك من المعركة أو من البيع – لا يجوز للرجل أن يعاشر الأمَة إلا بعد أن تحيض حيضة يُعلم بها براءة رحمها من الحمل ، فإن كانت حاملاً : فعليه أن ينتظر حتى تضع حملها .
فعن رويفع بن ثابت الأنصاري قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم حنين قال : " لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره - يعني : إتيان الحبالى - ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنما حتى يقسم " .
رواه أبو داود ( 2158 ) ، وحسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " ( 1890 ) .
رابعاً :
يجوز أن تكون علاقة جسدية بين الرجل وأمَته كما يكون بين الرجل وزوجته إلا أن يكون قد زوجها من غيره فليس له أن يعاشرها لأن المرأة لا تحل لرجلين في وقت واحد .
خامساً :
لا حدود للفارق في السنِّ بين الرجل وأمَته ، إلا أنه لا يجوز له معاشرتها إلا بعد أن تكون مطيقةً لذلك .
سادساً :
ينبغي أن تكون العلاقة بين الرجل وأمَته معلَنة غير سريَّة ؛ وذلك لترتب أحكامٍ على هذا الإعلان ، ومنها : ما قد يكون بينهما من أولاد ، ومنه دفع الريبة عنه وعنها من قِبل الناس ومن يشاهدهما سويّاً .(27/178)
سابعاً :
كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك بعض الإماء والعبيد ، ومنهم :
قال ابن القيم :
زيد بن حارثة بن شراحيل ، حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أعتقه وزوَّجه مولاته أمَّ أيمن ، فولدت له أسامة ، ومنهم أسلم ، وأبو رافع ، وثوبان ، وأبو كبشة سُلَيم ، وشقران - واسمه صالح - ، ورباح - نوبي - ، ويسار - نوبي أيضاً ، وهو قتيل العرنيين - ، ومِدْعَم ، وكِرْكِرَة - نوبي أيضاً - ، ... وكلاهما قُتل بخيبر ، ومنهم : أنجَشَة الحادي ، وسفينة بن فروخ - واسمه مهران ، وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفينة ؛ لأنهم كانوا يحمِّلونه في السفر متاعهم ، فقال : أنت سفينة – قال أبو حاتم : أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال غيره : أعتقته أم سلمة ، ومنهم أنَسَة ، ويكنى أبا مِشرح ، وأفلح ، وعُبيد ، وطهمان – وهو كيسان - ، وذكوان ، ومهران ، ومروان – وقيل : هذا خلاف في اسم طهمان ، والله أعلم - ، ومنهم حُنين ، وسندر ، وفضالة – يماني - ، ومابور – خصي - ، وواقد ، وأبو واقد ، وقسام ، وأبو عسيب ، وأبو مُويهبة .
ومن النساء : سلمى - أم رافع - ، وميمونة بنت سعد ، وخضرة ، ورضوى ، ورزينة ، وأم ضميرة ، وميمونة بنت أبي عسيب ، ومارية ، وريحانة .
" زاد المعاد " ( 1 / 114 – 116 ) .
ثامناً :
يندر الآن وجود الرقيق بالمعنى الشرعي الذي يجوز معه ما ذُكر من أحكام الاستمتاع ونحوها ، وذلك لتخلي عامة المسلمين عن فريضة الجهاد في سبيل الله منذ زمن بعيد مع ما يعانونه من ضعف وذل ومهانة أمام أعدائهم الكفار ، حتى وقّعت كثير من الدول التي أكثر شعوبها من المسلمين البروتوكول الخاص بمنع الرق والعمل للقضاء عليه ، والمحرر في مقر الأمم المتحدة عام 1953 م .
وعليه فينبغي التحري الشديد في إثبات الرق لمن قد يُباع ويشترى الآن ، وكذلك الحذر من الفهم الخاطيء لبعض الترجمات لكلمة الأمة والإماء حيث يفهم بعض المسلمين الجدد أن الاسترقاق يحصل بمجرد دفع المال للمرأة والاتفاق على(27/179)
الاستمتاع بها وذلك كالبغايا اللاتي ينتشرن الآن في أماكن الفسق والفجور والملاهي الليلية وخدمات الزنا بالهاتف .
ونسأل الله أن يبصرنا وإياك بأمور ديننا وأن يكفينا شر مساخطه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
معاشرة غير المسلمين
سؤال:
أنا طالب مسلم ، وأنا أعيش حالة ضياع بين مصاحبة المسلمين وغير المسلمين . ففي أيام الجمع عادة، فأنا أبقى مع المسلمين ، أما في باقي أيام الأسبوع، فأبقى مع غير المسلمين في الجامعة . ومشكلتي هي أني أميل إلى قضاء جزء كبير من وقتي مع غير المسلمين. ومع وجود الإغراءات من حولي ، فأنا لا أعرف كيف أفعل مع النساء . أنا لا أشرب الخمر، ولا أدخن، لكن عندما يتعلق الأمر بالنساء ، فإني أصبح ضعيفا . وبسبب مواقفي الإسلامية ، فإن الفتيات يجدنني لطيفا بالمقارنة مع أصدقائي الآخرين . وأنا أتمنى لو أني أعرف بعض الأخوات المسلمات ، اللآتي أحترمهن حقا ، لأتمكن من التحدث إليهن (من منظور إسلامي) ولا أضطر عندها لأن أقضي وقتي مع الفتيات غير المسلمات . كنت أحاول منذ وقت طويل ، لكن أحيانا يكون مجرد المحاولة لا يكفي . فبماذا تنصحني ؟.
الجواب:
الحمد لله
سؤالك يدل على وجود الخير في قلبك ومحبتك له وحرصك ورغبتك في الالتزام الكامل بما أمر الله عز وجل به .
وقد ذكرت في سؤالك عدة قضايا :
الأولى :
أنك تخالط المسلمين وغير المسلمين , فاعلم يا أخي أن علاقة المسلم مع المسلمين تختلف عن علاقته مع غيرهم , وذلك أن المسلم يجب عليه أن يوالي أخاه المسلم ,(27/180)
بأن يكن له المحبة القلبية والتقدير والاحترام , كما قال الله عز وجل : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) التوبة / 71 ولإخوانك المسلمين عليك حقوق يجب أن تؤديها إليهم , وليس هذا المقام مقام بيانها وبإمكانك الإطلاع على بعضها في إجابة السؤال رقم : 11413 .
أما غير المسلم فالواجب على المسلم أن يتبرأ منه , ولا يُكِن له أي مودة قلبية , كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) الممتحنة / 1 . وقال تعالى : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة / 4 .
ولكن هذا لا يمنعه من التعامل معه بأسلوب حسن ترغيبا له في الإسلام , على أن يكون ذلك وفق الضوابط الشرعية , كما قال تعالى : ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة / 8 .
وعلى المسلم أن يحرص كل الحرص على دعوة غير المسلمين إلى الإسلام بكل الوسائل الشرعية الممكنة , والتي يرجى معها النفع والاستجابة , كما قال تعالى : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) النحل / 125 .
وقال تعالى : ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) فصلت /33 .
وروى مسلم في "صحيحه" (2674) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص(27/181)
ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه ، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا " .
الثانية :
أنك تميل إلى قضاء جزء كبير من وقتك مع غير المسلمين , وقد عبرت عن ذلك بأنه مشكلة , وهو كذلك بالفعل , لأن مخالطة المسلم لغير المسلمين وفي مجتمع غير إسلامي مع الميل إليهم , هذا مما يؤثر على الإنسان في عقيدته ودينه وخلقه ( لا سيما وقد ذكرت في سؤالك بأنك لا تشرب الخمر ولا تدخن _ وهذا من فضل الله عليك _ مما يفهم منه وقوع مثل هذه الأشياء من أولئك القوم ) ولهذا جاءت النصوص الشرعية بالتحذير من مخالطة ومعاشرة غير المسلمين , فقد أمر الله عز وجل بالهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام , كما قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً .إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ) النساء /97_ 98 .
وروى أبو داود في "سننه" (2645) والترمذي في "جامعه" (1640) من حديث جرير بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين " . قالوا : يا رسول الله ، ولم ؟ قال : " لا ترايا ناراهما " . والحديث صححه الألباني في "الإرواء" (1207) .
قال ابن القيم في "تهذيب السنن" (عون _ 7/304) : ( والذي يظهر من معنى الحديث : أن النار هي شعار القوم عند النزول وعلامتهم , وهي تدعو إليهم , والطارق يأنس بها , فإذا ألم بها جاور أهلها وسالمهم , فنار المشركين تدعو إلى الشيطان وإلى نار الآخرة , فإنها إنما توقد في معصية الله , ونار المؤمنين تدعو إلى الله وإلى طاعته وإعزاز دينه , فكيف تتفق الناران , وهذا شأنهما ؟! وهذا من أفصح الكلام وأجزله , المشتمل على المعنى الكثير الجليل بأوجز عبارة ) ا.هـ .
وروى أبو داود (2787) من حديث سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله " . ورواه الحاكم (2/141)(27/182)
بإسناد آخر عن سمرة ولفظه : " لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فليس منا " . والحديث حسنه الألباني في "الصحيحة" (2330) بمجموع طريقيه .
وروى الإمام أحمد (4/365) والنسائي(4177) من حيث جرير قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبايع , فقلت : يا رسول الله ابسط يدك حتى أبايعك , واشترط علي , فأنت أعلم . قال : " أبايعك على أن تعبد الله , وتقيم الصلاة , وتؤتي الزكاة , وتناصح المسلمين , وتفارق المشرك " . والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" (636) .
فهذه النصوص تدل على أن الأصل في المسلم أن لا يقيم مع الكفار في بلادهم , وأن الواجب عليه الانتقال منها إلى بلاد الإسلام , ويستثنى من ذلك من كانت إقامته لضرورة , ولكن الضرورة تقدر بقدرها , فعلى المسلم أن يكون مع أولئك بقالبه لا بقلبه ، وعليه أن يجتنب مخالطتهم بدون حاجة .
فالواجب عليك يا أخي أن تبحث عن رفقة صالحة من المسلمين يعنونك على تعلم دينك والاستقامة عليه , وعليك أن تستغل أوقات فراغك بقراءة القرآن , وقراءة الكتب النافعة في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه , وفي أحكام الدين وآدابه وأخلاقه , وبذكر الله عز وجل , قال ابن القيم في "الوابل الصيب" (86) وهو يعدد فوائد الذكر : ( أنه أيسر العبادات , وهو من أجلها وأفضلها , فإن حركة اللسان أخف حركات الجوارح وأيسرها , ولو تحرك عضو من الإنسان في اليوم والليلة بقدر حركة لسانه لشق عليه غاية المشقة , بل لا يمكنه ذلك ) ا.هـ .
ويمكنك أيضا أن تشغل وقتك بالاستماع إلى الأشرطة النافعة , وبتصفح المواقع المفيدة على شبكة "الانترنت" .
وإن مما يعينك على الانصراف عن مخالطة غير المسلمين : تذكر أن هؤلاء الكفار _ وإن كانت معاملتهم حسنة ولهم حسنات _ إلا أنهم قد جمعوا جملة من المنكرات العظيمة واحد منها كفيل بأن يحبط كل عمل عملوه , ومن تلك المنكرات ما يعتقده النصارى _ مثلا _ من أن الله ثالث ثلاثة ، كما قال تعالى : ( لَقَدْ كَفَرَ(27/183)
الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) المائدة / 73 .
وبقية الملل الكفرية كلها تجعل لله شريكا , أو لا تؤمن بوجود الإله أصلا .
والكفار عموما لا يؤمنون بالقرآن ولا برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , بل يكذبون بالقرآن ويكذبون بنبينا صلى الله عليه وسلم , فكيف يميل إليهم المسلم مع كفرهم وضلالهم .
فهم وإن أعطوك شيئا من حقك بمعاملتك بالحسنى فقد سلبوا الله حقه وسلبوا القرآن حقه وسلبوا نبينا صلى الله عليه وسلم حقه , وحق الله وحق كتابه وحق نبيه أعظم من حقنا الشخصي , فتذكر هذا ، فإنه ممن يعينك على بغضهم وعداوتهم حتى يؤمنوا بالله وحده , كما سبق في الآية الكريمة : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة / 4 .
ولكن نؤكد على أنه لا مانع من أن يحسن المسلم إليهم وفق الضوابط الشرعية , لا سيما إذا كانوا ممن يحسنون إلينا , فقد قال تعالى : ( هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ ) الرحمن / 60 .
الثالثة :
مخالطتك للفتيات غير المسلمات , ورغبتك في التعرف على فتيات مسلمات , اعلم يا أخي أن من مقاصد الشريعة الإسلامية الأساسية حفظ الأعراض , وقد فرضت شريعتنا الغراء تدابير كثيرة لتحقيق هذا المقصد السامي , ومن ذلك المنع من اختلاط الرجال بالنساء حتى في أشرف المواضع وعند طلب أسمى المقاصد , فمن هدي الإسلام فصل الرجال عن النساء في المساجد , روى مسلم في "صحيحه" (440) من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها , وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها " .(27/184)
قال النووي في شرح صحيح مسلم (4/159) : ( والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثوابا وفضلا وأبعدها من مطلوب الشرع وخيرها بعكسه وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك وذم أول صفوفهن لعكس ذلك والله أعلم ) ا.هـ
وروى البخاري في "صحيحه" (837) من حديث أم سلمة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه , ومكث يسيرا قبل أن يقوم . قال الزهري : فأرى _ والله أعلم _ أن مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم .
فإذا كانت المساجد التي هي أشرف المواضع قد جاءت الشريعة بفصل الرجال عن النساء فيها فغيرها من باب أولى .
وأيضا التعليم الذي هو أسمى المقاصد , ومع هذا فقد راعت الشريعة فيه فصل النساء عن الرجال ، روى البخاري (101) ومسلم (2633) من حديث أبي سعيد الخدري قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه ، تعلمنا مما علمك الله ، قال : " اجتمعن يوم كذا وكذا " فاجتمعن ، فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله ... الحديث , واللفظ لمسلم .
وروى مسلم (885) من حديث جابر بن عبد الله قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد ، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ، ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ، ووعظ الناس وذكرهم ، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن .
ومن الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الباب أن الله عز وجل أمر الرجال والنساء بغض البصر , فالمسلم لا يجوز له أن ينظر إلى امرأة أجنبية عنه , وكذلك المرأة لا يجوز لها أن تنظر إلى أجنبي عنها , قال الله تعالى : )قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُلْ(27/185)
لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) الآية النور / 30 _ 31 .
وروى مسلم في "صحيحه" (2159) من حديث جرير بن عبد الله قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة ؟ فأمرني صلى الله عليه وسلم أن أصرف بصري .
وروى أبو داود (2149) والترمذي (2777) من حديث بريدة بن الحصيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي : " يا علي ، لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى ، وليست لك الآخرة " . والحديث حسنه الألباني في "جلباب المرأة المسلمة" (ص:77) .
وأيضا جاءت الشريعة بالنهي عن خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية , وجاءت بالمنع من مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية ، وغير ذلك من الأحكام التي لا يتسع المقام لبسطها [ للاستزادة بإمكانك مراجعة أجوبة الأسئلة التالية : 2459 ، 2986 ، 9989] .
وهذه الأحكام تنطبق على المرأة المسلمة وغير المسلمة ما لم تكن من محارم الرجل .
وعليه يا أخي فالواجب عليك أن تبتعد عن مخالطة النساء الأجنبيات وإن كن مسلمات , وأن لا تستجيب إلى ما يوقعه الشيطان في قلبك من نزغات , من إعجاب بعض الفتيات بك ونحو ذلك , واجعل تحقيق رضى الله هو غايتك , روى الترمذي (2414) من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس " . والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" (2311) .
أخي اعلم أنك قد تجد صعوبة في تطبيق ذلك في بادئ الأمر , ولكن عليك أن تجاهد نفسك , فقد قال تعالى : )وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) العنكبوت / 69 .
وعليك أن تصبر وتصابر وتحتسب , كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) آل عمران / 200 .(27/186)
واعلم أنك إذا حرصت على تقوى الله فإنك في النهاية سوف تجد لك مخرجا من كل ضيق , كما قال تعالى : (ِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ) الطلاق / 2 .
وسوف يسهل عليك كل ما كنت تجده صعبا , فالله عز وجل وجل يجعل الحَزْن إذا شاء سهلا .
وأيضا سوف يعرف عنك الآخرون التزامك بما أمرك به دينك , مما يجعلهم يحترمون ذلك منك ويقدرونه لك .
وفي الختام أوصيك بالإكثار من دعاء الله عز وجل , لاسيما في أوقات الإجابة ومواضعها , كالسجود وقبل السلام من الصلاة وفي الثلث الأخير من الليل , وبين الأذان والإقامة , فأدعو الله بأن يثبتك على الإسلام , واستعن بالله على التمسك بأوامره والبعد عن معاصيه , واسأل الله أن يجعل لك من كل ضيق مخرج ومن كل هم فرجا , والله معك .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
موقف الشرع من اتخاذ امرأة أجنبية في أختا في الله
تاريخ الفتوى : ... 12 ربيع الأول 1427 / 11-04-2006
السؤال
لي أخ في الله, وبإذن الله وقدره،هوأرسل الى السجن قبل ثلاثة أشهر والآن هو فى السجن. وزوجته هي امرأة عفيفة متحجبة. وأنا جعلتها أختا في الله، وأنا أحبه في الله ، وهي تحبني فى الله. وهي تسكن مع أم زوجها، وأنا أزورها صباحا ومساء آكل وأتحدث وأشاور معهم في أمر ما. وأحيانا أبيت عندهم. ولكن لا أخلو معها. ولها ثلاثة أولاد صغار, ولها أخ كافر فاسق وأسرتها بعيدة عن هذا البلد وهي تسعى إلى أن تنقذ زوجها من السجن لأنه سجن بغير حق وبدينه. وإنى أساعدها فى أمورها وأحيانا أكون معها في طريق وفي البنك وهكذا. وزوجها يثق بي وأنا أتقي الله في زوجته. وإني ما أحببتها إلا في الله ولأن هذه المرأة عفيفة حنينة رحيمة ولأني ليست لي أخت وجعلتها أختا. في هذه الحال : أولا هل يجوز لي أن(27/187)
تكون أو تسكن في بيتها مع وجود أم زوجها أو أختها أو امرأة صالحة ؟ وهل تكون هذه هي الخلوة التى حرمها الإسلام؟
ثانيا : هل يجوز لي أن أجعلها أختا في الله ؟ هل هذا ثابت أو مشروع في الاسلام أن يجعل امرأة أختا أو بنتا أو أما في وجه البر أو في الله لا في النسب ؟ يا معشر العلماء أرجو من فضيلتكم أن تبينوا هذه المسألة مع الدليل الواضح وأن تشرحوها تفصيلا ؟
جزاكم الله خيرا!
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
واعلم أخي الكريم أن من مقاصد الشريعة سد الذرائع التي قد توصل إلى الحرام، وأن الصداقة مع المرأة والقرب منها على النحو الذي ذكرت، يعتبر من أعظم الوسائل التي قد تجر إلى الوقوع في الحرام، وإن زين الشيطان ذلك في أول الأمر وأظهره على أنه علاقة بريئة ، وقد نص الفقهاء رحمهم الله على المنع من التكلم مع المرأة الشابة خشية الفتنة، فقال العلامة الخادمي رحمه الله في كتابه: بريقة محمودية وهو حنفي قال: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة لأنه مظنة الفتنة.
وقال صاحب كشاف القناع من الحنابلة: وإن سلم الرجل عليها -أي على الشابة- لم ترده دفعاً للمفسدة.
ثم إن سماع الأجنبية لصوت الأجنبي والعكس، ما هو إلا حظ من الزنا الذي يدركه صاحبه لا محالة، وهو موجب لعقاب الله في الآخرة، وإن لم يوجب الحد في الدنيا. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا،(27/188)
مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. رواه البخاري ومسلم.
وبناء على ما ذكر، فإنا لا نرى إباحة العلاقة التي وصفتها مع تلك المرأة، ولا أن تتخذها أختا ، واعلم أن السلامة لا يعدلها شيء، ففر بدينك وانج بنفسك، فسائر ما ذكرته، لا يعدو حبالة من حبائل الشيطان.
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
كشف وجه المرأة ... العنوان
كثر الخلاف حول جواز كشف وجه المرأة ، فبعض العلماء قالوا بجواز كشف المرأة وجهها ، لحديث عائشة عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال : ( يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا ) وأشار إلى وجهه وكفه ، وبعضهم قالوا : إن سَتْرَ وجه المرأة فَرْض ، فالمأمول منكم بيان الحق من الأقوال .
... السؤال
22/02/2006 ... التاريخ
الشيخ محمد رشيد رضا ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فكشف المرأة الحرة وجهها جائز لقول الله : "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" وهو ما فسره كثير من العلماء بأنه الوجه والكفان ، وكشف المرأة لوجهها هو الأصل الذي كان عليه الناس وأقرّه الإسلام ، بل أوجبه في الإحرام والصلاة ، وهو ما كان عليه النساءُ في عهد السَّلَف.(27/189)
يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-إجابة عن مثل هذا السؤال :
حديث عائشة لا تنهض به الحُجّة ، فإنه مُرْسَل , وفي إسناده مَن تُكُلِّمَ فيه ، والأصل في المسألة قوله تعالى : ]وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا [ ( النور : 31 ) فقد روي عن ابن عباس أنه قال : الظاهر منها الكحل والخدان ،وفي رواية عنه : الزينة الظاهرة : الوجه وكحل العين وخضاب الكف والخاتم .
وعن سعيد بن جبير و الضحاك : الوجه والكف . وعن عَطَاء : الكفان والوجه . وسئل الأوزاعي عن قوله تعالى : ]إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا [ ( النور : 31 ) فقال : الكفين والوجه ، ذكر ذلك كله ابن جرير في تفسيره , وذكر أقوالَ مَن قالوا : إنها الثياب والحلي , أو الوجه والثياب ، ثم قال : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول مَن قال عُنِيَ بذلك الوجه والكفان يدخل في ذلك إذا كان كذلك الكحل والخاتم والسِّوَار والخضاب .
وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل ؛ لإجماع الجميع على أن على كل مصلّ أن يستر عورته في صلاته وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها ، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها ، إلا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح لها أن تبديه مِن ذراعها إلى قدر النصف . فإذا كان ذلك من جميعهم إجماعًا كان معلومًا بذلك أن لها أن تبدي مِن بدنها ما لم يكن عورةً كما ذلك للرجال ؛ لأن ما لم يكن عورةً فغير حرام إظهاره ، وإذا كان لها إظهار ذلك كان معلومًا أنه مما استثناه الله تعالى ذكره بقوله : ]إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا [ ( النور : 31 ) ؛ لأن كل ذلك ظاهر منها . وقوله : ]وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [ ( النور : 31 ) يقول تعالى ذكره : وَلْيُلْقِينَ خُمُرَهُن وهو جَمْع خِمَار على جيوبهن ؛ لِيَسْتُرْنَ بذلك شعورَهن وأعناقَهن وقرطهن ا.هـ كلام ابن جرير.
والجيوب جمع جيب ، وهو فتحة القميص على الصدر ، وكانت المرأة تضع الخمار على رأسها وتسدله إلى الوراء ؛ فيظهر عنقها وصدرها ، فأُمِرْنَ بِأَنْ يَجْعَلْنَ طرفه على الجيب لِيَسْتر العنق والصدر . ولم يؤمرن بوضعه على الوجه ، فلو لم يقل إلا ما ظهر منها لَكَان يصحّ أنْ يقال : إن كشف الوجه باقٍ على أصل الإباحة ، فكيف وقد أمر بستر الجيب , ولم يأمر بستر الوجه ! وناهيك بحكاية ابن(27/190)
جرير : الإجماع على ذلك , وهو ما كان عليه النساءُ في عهد السَّلَف ، فقد كن يأتين المساجد , ويغشين الأسواق , ويسعفن الجرحى في مواقع القتال , ويخطبن على الرجال , ويناقشن الأمراء والحُكّام . تفعلن ذلك وأمثاله مكشوفات الوجوه .
ومن جال في أرض المسلمين في الأقطار المختلفة يرى أن أكثرهن يخرجن مكشوفات الوجوه , ولا يستره منهن إلا بعض نساء المدن ، وهي عادة حكمت بها غيرة الرجال عندما دخل المسلمون في الحضارة , وانغمسوا في الترف الذي يستلزم الفسق والفجور ، ولذلك ترى أكثر الفقهاء عللوا وجوب ستر المرأة وجهها عن الرجال بخوف الفتنة ، وابتدأ هذا البحث والخلاف في القرن الثاني .
هل يمكن لمكابر أن يقول : إن النساء كن يصلين مكشوفات الوجوه في مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حياته ولا يراهن أحد ؟ إذا كابر أحد نفسَه , وقال : يحتمل أن الرجال لم يكونوا يرون النساء في المسجد ؛ لأنهن يصلين وراءهم , ولم يخشَ أن يقال له : إنهم كانوا يرونهن قبل الصلاة ، إذ كن ينتظرن الجماعة معهم وبعدها عند الانصراف كما هو مأثور مشهور - فهل يسفه نفسه , ويقول : إن الرجال لم يكونوا يرون وُجُوهَ النساء وأيديهن في أثناء أعمال الحجّ مِن طواف , وسَعْي ووقوف بعرفة وجولان في أرض الحرم , ومعلوم لكل مَن يعرف أحكام الحج في الإسلام أن كشف المرأة وجْهَها في الإحرام واجب , ومن النساء من تحرم بالحج من أول أشهره , فتكون أكثر من شهرين محرمة مكشوفة الوجه واليدين أينما كانت , وحيثما حَلَّتْ , وهي مع الرجال في جميع الأعمال .
ومن نظر إلى كلام فقهاء القرون الوسطى الذين رجّحوا تحريمَ النظر إلى الوجه والكفين يجد أنهم لم يأتوا عليه بدليل من الكتاب ولا من السنة ولا من عمل أهل الصدر الأول ، وإنما عللوه بخوف الفتنة وسدّ الذريعة ، وقد قالوا بحرمة النظر إلى وجه الأمرد , وعللوه بتلك العلة ، ومِن العَجَب أن إمام الحرمين من الشافعية اغترّ بمنع الحكام النساء من الخروج في زمنه , وظنّ أنّ عليه جميع المسلمين .
قال الرملي في شرح المنهاج عند تصحيح المتن لحرمة النظر إلى وجه المرأة وكفيها حتى عند الأمن من الفتنة : ( والثاني لا يحرم , ونسبه الإمام للجمهور والشيخان للأكثرين ، وقال في المهمات : إنه الصواب . وقال البلقيني : الترجيح(27/191)
بقوة المدرك والفتوى على ما في المنهاج , وما نقله الإمام من الاتفاق على منع النساء , أي منع الولاة لهن , معارض لِمَا حكاه القاضي عياض عن العلماء : إنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها ، وإنما ذلك سنة , وعلى الرجال غضّ البصر عنهن للآية ، وحكاه المصنف عنه في شرح مسلم , وأقره عليه ) , إلخ ما ذكره ، ومنه أنه يحرم النظر إلى المرأة المتنقبة التي لا يرى منها غير عينيها ومحاجرها , وإلى العجوز والمشوهة .
وفي حاشية المقنع من كتب الحنابلة : ( لا يجوز له النظر إلى الأجنبية قصدًا وهو المذهب . وقال القاضي : يحرم النظر إلى ما عدا الوجه والكفين ؛ لأنه عورة , ويباح له النظر إليهما مع الكراهة إذا أمن الفتنة , ونظر بغير شهوة وهذا مذهب الشافعي . قال في الإنصاف : وهذا الذي لا يسع الناس غيره خصوصًا للجيران والأقارب غير المحارم الذين نشأ بينهم ) , ثم نظر في هذا بأن فيه تجريئًا للفساق , وهو مخالف لمقاصد الشرع في إصلاح أمر الدنيا والآخرة . وبمثل هذا صرح الحنفية مع أن الجميع يَرْوُونَ عن أئمتهم أن الوجه والكفين غير عورة ، وعن ابن عباس تفسير الآية بذلك .
أقول مسألة الخوف من الفتنة العارضة أو سدّ ذريعتها لا يصحّ أن تجعل دليلاً لتغيير حكم من أحكام الدين التي كان عليها السلف بحظر أو إباحة تغييرًا مطلقًا كأن يقال مثلاً : إن صلاة النساء مع الرجال في المساجد حرام في الإسلام ، بناءً على ما يقولون به من فساد الزمان ، ومثله كشف المرأة وجهها.
وإنما يصرح بأن حكم الإسلام هو الذي كان عليه السلف اتباعًا للكتاب والسنة ، ولكن إذا عرض ما يمنع من العمل به بِنَاءً على قاعدة دَرْءِ المفاسد ، فإننا نمتنع عنه مادامت المفسدة متوقعة .
فحاصل الجواب أن كشف المرأة لوجهها هو الأصل الذي كان عليه الناس , وأقرّه الإسلام , بل أوجبه في الإحرام , وادِّعَاء حُرْمَته في أصل الدين جناية على الدين ، وتحكم فيه بالرأي أو الهوى , وإثبات للحرج والعسر فيه ، وقد نفاهما الله عنه ؛ لأن أكثر المسلمات يشق عليهن ذلك مع الحاجة إلى العمل والسفر , وإنْ تَحمَّله من نساء الأمصار من تَعوَّدْنَه أو من كفتهن الثروةُ مزاولةَ الأعمال . ودعوى(27/192)
خوف الفتنة من كشفهن لوجوههن لا تُسلّم على إطلاقها ، فإننا نعرف من نساء الفلاحين والبدو السافرات من نقطع بأنهن أبعد عن الريبة من نساء المدن المتنقبات ، ولكن المرأة التي تعلم أن في كشف وجهها مفسدة يحرم عليها كشفه بلا شك .
والله أعلم .
ــــــــــــــ
الفتوى : ... توبة الزوجة التي أقامت علاقة مع أجنبي عنها
تاريخ الفتوى : ... 11 ربيع الأول 1427 / 10-04-2006
السؤال
زوجة أخطأت في علاقة مع رجل آخر وكانت خلال تلك الفترة لا تمارس أي علاقة زوجية مع زوجها. هل يمكنها بعد أن تركها الآخر وبعد أن تتوب أن تعود لزوجها وتعيش معه أم أنه يجب عليها أن تطلب الطلاق ؟ وهل من الممكن أن تقبل توبتها وتعود مثلما كانت قبل أن تزل قدمها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يحرم على المرأة أن تكون لها علاقة مع رجل أجنبي عنها ، ويعظم الأمر إن كانت هذه المرأة ذات زوج ، لما في ذلك من الخيانة للزوج ، ويعظم الذنب ويزاد الإثم بقدر ما وقعا فيه من المحرمات ، وما تعديا من حدود الله ، وأعظم ذلك الفاحشة الكبرى (الزنا) ، فعلى المرأة التوبة إلى الله من هذه العلاقة ، ولا يجب عليها طلب الطلاق من الزوج لهذا السبب ، بل عليها أن تتوب إلى الله ، وتستر على نفسها ، ولتكن توبتها لله ، وليس لأن صاحبها قد تركها ، وإذا تابت توبة نصوحا فلتبشر بتوبة الله عليها فإنه سبحانه لا يتعاظمه ذنب تاب منه صاحبه أن يغفره ، فقد قال سبحانه : قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ {الزمر: 53 ـ 54 } وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يبسط يده بالليل ليتوب(27/193)
مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها . أخرجه مسلم عن أبي موسى.
بل إنه سبحانه يبدل سيئات التائب حسنات، قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 68-69-70}. فعلى الأخت أن تبادر إلى التوبة وتبدأ صفحة جديدة ، ولتحذر من هذا الذئب وأمثاله- الذي نهشها ثم تركها- أن تقع بين أنيابه ومخالبه مرة أخرى، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
موقف المرأة من زوج أختها الذي يكثر الزيارة
تاريخ الفتوى : ... 10 ربيع الأول 1427 / 09-04-2006
السؤال
زوج أختي يزورنا كثيرا، هم جيراننا وهو يصلي ويذهب مرات للمسجد ونحن نعيش في أوربا
وأنا أعيش مع أمي وتكلمت في هذا الموضوع مرارا مع أمي، أنا محجبة وأتضايق من هذه الحالة من كثرة زيارتهم لنا، زوج أختي وأختي يتغدون ويتعشون معنا في أغلب الأوقات، وأنا أقول لأمي حسب الشرع لا يجوز أن يخالطنا بهذا الشكل، ولكن أمي تقول هو مثل أخيك وغريب في هذا البلد ليس له أقارب هنا، وأنا مللت من كلام أمي، أنا لا آخذ راحتي في بيتي وأنا محجبة ودائما اخطي شعري وألبس ملابس واسعة وأرجع من شغلي متعبة، فماذا علي أن أفعل، أرشدوني وقلت لأختي لا أريد زوجك أن يزورنا كثيرا، ولكن بدون فائدة، نحن جيران، أرشدوني جزاكم الله خيرا، أرجوكم لا تحولوني إلى فتاوى سابقه، وشكرا
الفتوى(27/194)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يزيدك تمسكاً بدينك، واعتزازا بعفافك، وزوج الأخت أجنبي عنك فلا يحل له النظر إليك ولا الخلوة بك، ويمكن بقاؤه عند الزيارة في مجلس الضيوف ليمكنك الحركة في البيت كيف شئت، وحتى تحظى أمك بالجلوس مع أختك، وأما الجلوس على مائدة واحدة مع زوج أختك لتناول الطعام فلا ينبغي لأنه سيترتب عليه ولا شك نظرٌ ومبادلة حديث وانبساط، ولربما ظهرت بعض مفاتنك، ولذا فاجتناب هذا هو الأمر الذي ينبغي أن يفعل، وننصح زوج الأخت أن يقلل من الزيارات بما يرفع الحرج عن أخت زوجته، وننصح بمطالعة الفتاوى التالية برقم:50794، ورقم:21040، ورقم: 36257
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
موقف الشرع من الكلام والسلام على الأجنبية
تاريخ الفتوى : ... 07 ربيع الأول 1427 / 06-04-2006
السؤال
لدي قصة طويلة ولكن سأكتفي بذكر المهم، وأما بعد: أنا فتاة عمري 24 سنة خلصت دراستي بالجامعة وكنت مخطوبة لشاب يكبرني ب13 سنة، وقبل خطبتنا كنت قد اشترطت عليه أن نعيش في بلد آخر فوافق على فكرتي وكانت سببا لبداية ومواصلة علاقتي معه، ولكن مع مرور الوقت وتطورت الأمور بيننا, عملنا الكتاب ( الفاتحة) وأوشكنا على الزواج، مع العلم أني كنت دائما أذكره بأنني فور انتهائي من الدراسة سنسافر على البلد المتفق عليه وكان دائما يؤيدني علما أنه يعلم أني سأشترط هذا السفر عند القيام بعقد الزواج ولما جاءتني فرصة المغادرة إلى هذا البلد شاورته في الأمر فوافق على أساس أن أسافر أنا ثم يلتحق بي بعد أن يرتب بعض أعماله, مع العلم أن أموره المادية لم تسمح له بتعجيل الزواج أنذاك، لهذا اضطررت إلى السفر وكانت أختي الكبرى المتواجدة في هذا البلد مع زوجها قد ساعدتني في نجاح هذا السفر, وبعد ما طلعت التأشيرة وحجزت التذكرة(27/195)
وبقي يومان على المغادرة’, فجأة هاتفني كي يقول لي إنه غير موافق على السفر وإن سافرت سوف ينهي كل شيء, فاستغربت لهذا الأمر غير المنتظر وحاولت إقناعه بشتى الطرق لكنه أصر على رأيه , فشاورت أهلي في الأمر واستخرت كثيرا، فما كان لي إلا أن أسافر مع العلم أن أهلي لم يتدخلوا بنعم أولا كي لا يؤنبهم ضميرهم مرة أخرى، لكن أحسست وكنت واثقة أن أبي وأمي فضلا أن أسافر وأشتغل بهذا البلد وذلك لعدم اقتناعهم بهذا الخطيب لكبر سنه ومستواه العلمي الذي لم يكن مؤهلا, كما كنت على اتصال بزميل لي بالجامعة كنت أثق فيه كثيرا قصصت عليه أمري وحيرتي آنذاك فنصحني بالتفكير جيدا حتى لا أندم بعدها, وبعد رحيلي بقيت على اتصال مع هذا الزميل وفسخ خطيبي الكتاب بعد محاولة منه للرجوع فرفضت نظرا لقراره المفاجئ الذي أغضبني وأغضب أهلي, وأنا الآن والحمد لله في هذا البلد الذي حلمت به منذ زمن طويل وأنا أشتغل والحمد لله , والزميل الذي معه على اتصال, يريد خطبتي الآن, كلم أباه وأمه عني وطلب مني أن أكلم أيضا أهلي وأنا مقتنعة جدا به من ناحية الخلق , الدين والتكافؤ العلمي والاجتماعي, وأهلي أيضا كذلك, علما أنه سيلتحق بي إلى البلد الذي أتواجد فيه حاليا للزواج بعد أن يكون مستعدا لذلك في أقرب وقت إن شاء الله تعالى.
لذا فأرجو من حضرتكم أن تفيدوني في هذه القصة وهل ما قمت به عند سفري خطأ أم لا علما أنني ما كنت مقتنعة بذلك الخطيب وكنت دائما أخجل أمام زميلاتي إذا سألوني عن عمره أو مستواه العلمي وكنت دائما أخاف من المستقبل معه أن لا أعيش سعيدة، فكنت أحسه دائما أكبر مني بكثير ويعرف أشياء أنا أجهلها ولا زال الوقت لمعرفتها حتى طريقة كلامه لم تكن تعجبني وللأسف ندمت للقبول به من المرة الأولى وأهلي لم يكونوا صارمين معي لمنعي من هذه العلاقة ومنع تطورها وذلك بنظرهم لعدم إزعاجي وعدم التدخل بين متحابين بالرغم من أنهم لم يقتنعوا به كثيرا, وأريد أن تنصحوني في علاقتي مع هذا الشاب الذي كان زميلي بالجامعة وهو يكبرني بسنتين. وأسأل الله بما فيه الخير للجميع . والله أعلم
الفتوى(27/196)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في رفض ذلك الخطيب لسبب أو لغير سبب، إذ لا يجب على المرأة القبول برجل محدد، ولا مانع من قبول هذا الشاب الثاني إذا كان مقبولا في دينه وخلقه ، ولكننا ننبهك إلى أمرين اثنين:
الأول: أنه يحرم على المرأة أن تسافر بدون محرم؛ كما سبق توضيح ذلك في الفتوى رقم: 3096.
الثاني : أنه لا يجوز للمسلمة أن تقيم علاقة مع أجنبي عنها ، فتظل تواصله بالكلام وتشرح له حالها، وتحكي له ظروفها، فإن ذلك ولا شك باب فتنة وشر، وقد كان من نتيجة تلك الاتصالات ميل كلٍ منكم إلى الآخر، وهذا دليل على أن هذه العلاقة قد فعلت فعلها في القلوب، ولولا لطف الله بكم لحدث بسببها ما لا يحمد، وقد بينا سابقا في فتاوى كثيرة أن الرجل لا يجوز له أن يبتدئ السلام على المرأة ، بل ولا أن يعزيها عند موت قريب لها، مع أن التعزية تكون في حالٍ من تألُّم النفوس وانقباضها وفي ذلك ما يشغلها عن التفكير في الشهوات التافهة ، فإذا منع حديث الرجل مع المرأة في هذه الحالة فكيف بغيرها، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: ( لا أجنبي شابة) فلا يعزيها إلا محارمها وزوجها وكذا من ألحق بهم في جواز النظر فيما يظهر. اهـ. وقال سليمان الجمل الشافعي في حاشيته على شرح منهج الطلاب: أما الأجنبي فيكره له ابتداؤها بتعزية والرد عليها ويحرمان منها. اهـ. ويحرم على الأجنبية ابتداء السلام، ويكره للرجل ابتداء أجنبية بالسلام عند الشافعية وجماعة من أهل العلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا يجوز للرجل الدخول على القريبات غير المحارم
تاريخ الفتوى : ... 06 ربيع الأول 1427 / 05-04-2006
السؤال(27/197)
ما حكم زيارة الأقارب غير المحارم كالأنساب وغير ذلك وهم لا يتسترون مني علما أنا في نفسي حرج لذلك وأنا لا أستطيع أن أنهاهم وكذلك التسليم علي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقريبات من النساء غير المحارم لا يجوز الدخول عليهن، كغيرهن من الأجنبيات، ويجب عليهن أن يحتجبن من قريبهن غير المحرم، وعليهن ستر جميع بدنهن عنه، وقد أوجب الله تعالى الستر على المرأة، وعدم إبداء الزينة، إلا لزوجها أو أبيها ومن في حكمهما من محارمها، قال تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ {
النور:31}.
وإذا كانت زيارة المحارم كالعمة والخالة تتطلب الدخول على غيرها من غير المحارم، كبناتها فلا بد أن يتسترن ويلبسن الحجاب الشرعي، ولا يجوز مصافحتهن ولا الخلوة بهن. ولغير المحرم من الرجال صلة قريباته من النساء غير المحارم من دون حصول تلك المحظورات الشرعية، وبالضوابط التي سبق بيانها في الفتوى رقم:29848، 4031.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
كيف ينصح امرأة أجنبية ؟
سؤال:
كانت لي زميلة أيام دراستي بالسنة المتوسطة ، ولكن الحمد لله أنني ألتزمت بقوله صلى الله عليه وسلم الذي نص فيه بتحريم الخلوة بالأجنبية ، وسؤالي هو : أنني أعلم أن لها أخلاقاً حسنة وحميدة ، وأريد نصحها وإرشادها ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخلوة ، والله سبحانه وتعالى نهى عن النظر الأجنبية ، فكيف أقوم بدعوتها ؟.(27/198)
الجواب:
الحمد لله
الأمر كما ذكرت من تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية وتحريم النظر إليها ، وإذا أردت نصيحتها فبالإمكان تكليمك لها بذلك مع تسترها عنك ، ومن غير خلوة بها ، وبالإمكان أيضاً إهداء الكتاب المفيد والشريط المفيد لها في أحكام دينها ، وكتابة النصيحة لها إلى غير ذلك من الوسائل المفيدة التي لا يترتب عليها فتنة ، وهي تؤدي الغرض المطلوب .
وبالله التوفيق
اللجنة الدائمة 14/70 .
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يليق بالمسلم إقامة علاقات مع أجنبيات عنه
تاريخ الفتوى : ... 06 ربيع الأول 1427 / 05-04-2006
السؤال
أنا خاطب فتاة متدينة وبنت ناس طيبين وأنا مبسوط معها وهذه كانت اختيار العائلة لي بعد رفض أكثر من فتاة من أختياري وتحديدا اثنتان وهما في نفس صفات خطيبتي ولكن قد تسببت لهم بمشاكل صحية ونفسية ولا يستطيعون نسياني وأنا كذلك ونحن على اتصال مستمر مع بعض للاطمئنان ونشد عزم بعض وأريد أن أتابعهم كما كان يحدث من قبل على العبادة وطاعة الله وأحتسب عند الله خيرا فأريد بأن أطوي صفحة الماضي بشكل سليم وصحيح. للعلم هن تحباني كثير ا وأنا أيضا وقلوبنا تعبانة فأنا لا أحب واحدة واثنان بل ثلاثة وكلهن يحببنني وأنا بالمثل وأتعذب من ذلك الحمل الثقيل في التخفيف عنهن فإني أشعر بالذنب الكبير نحوهن وأقول كقول الرسول صلى الله علية وسلم : اللهم هذا قسمي في ما أملك فلا تؤاخذني في ما لا أملك . الرجاء الرد بارك الله فيكم وجزاكم عنا خيرا ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/199)
فعليك أخي الكريم أن تقطع علاقاتك بتلك النسوة حتى خطيبتك لأنها قبل العقد عليها أجنبية عنك ، واعلم أن تلك العلاقة محرمة لا تجوز ، ولو تخللها أمر بالصلاة ونهي عن المنكر ، ويكفي في بيان شرها ما ذكرت في السؤال من تعلقك بهن ، وتعلقهن بك ، فاتق الله يا أخي واعلم أنك موقوف بين يدي ربك الذي نهاك عما أنت فيه ، وأنك محاسب على الصغيرة والكبيرة ، فتب إلى الله ودع النساء وشأنهن ، فلست مكلفا أن تخفف عنهن ، بل أنت مأمور أن تجتنب الحديث مع النساء حتى في أضيق الظروف ما لم تدع لذلك حاجة ، وانظر الفتوى رقم : 56052 ، وأما استدلالك بحديث : اللهم هذا .... . فهو استدلال عجيب ، ولا ندري هل أنت جاد فيما تقول أم هازل ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا في زوجاته ، فكيف تذكر هذا الحديث وأنت تقيم علاقات حب محرمة بينك وبين نساء أجنبيات عنك .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الخلوة بخطيب بنت الزوج والتجسس عليه
تاريخ الفتوى : ... 07 ربيع الأول 1427 / 06-04-2006
السؤال
أرجو أن تعطوني رأيكم وجزاكم الله خير الجزاء
الموضوع هو : أنني أتيت من بلد عربي محافظ على العادات والتقاليد وأعيش الآن في أمريكا بسبب الظروف المعيشية . حيث أقيم أنا وزوجي وبنته وخطيبها في نفس البيت . فهدا الشخص أحيانا يبقى معي بدون وجود زوجي في البيت أو خطيبته . في يوم من الأيام شككت في سلوك هذا الشخص مع العلم أنه محترم جدا وهو يحافظ علي مثل أخت له ولكن مجرد شكي لأقطع الشك باليقين لأنه ذات يوم تفاجأ بوجودي في غرفته عن طريق الصدفة وتغير لونه هذا الأمر بات محيرني لدرجة أني عبثت في غرفته بحثا عن أشياء لأعرف ما به تغير لونه عندما وجدني في الغرفة فإذا به يخفي أفلاما خليعة في جيبه وهي ما تعرف بأفلام(27/200)
السكس وهذا الشيء أذهلني وتكلمت مع زوجي وقلت له إنني وجدت هذه الأفلام في غرفته فأنبني زوجي لدخول غرفة الشاب وقال لي إنني تدخلت في شيء لم يعنني مع العلم أني ملتزمة دينيا وقال لي هو حر في تصرفاته ويحق له ذلك وأنت ما دخلك ولماذا تبحثين في غرفة الشاب . مع العلم أني تكلمت مع الشاب بخصوص هذا الموضوع وقال لي أنا آسف ولكن هذه الأفلام ليس لي هي بالأصل لابن زوجي وهو الذي أعطاني إياها .
فسؤالي هو : هل أنا آثمه لأني عبثت في محتويات الشاب كونه يعيش معي في نفس البيت والبيت لي وليس له؟. وهل أنا مسؤولة أمام الله إذا أنا سكت عن ذلك؟
وهل أنا أخطأت لأني أخبرت زوجي عنه؟ مع العلم أن أم الشاب وضعته أمانة في عنقي عندما سافرنا وقالت لي هو مثل ابنك خذي بالك منه ما حكم إقامة هذا الشاب عندي في نفس البيت وأرجو من فضيلتكم توضيح كل شيء على حدة لكي أقرأه لزوجي لأنه زعلان مني ؟
وجزاكم الله كل خير عنا خير الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائلة الكريمة على اهتمامها بدينها وحرصها على تغيير المنكر وإزالته ، ولتعلمي أن هذا الشاب يعتبر أجنبيا عنك ولا يجوز لك الخلوة معه في غرفته أو في غيرها ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم . متفق عليه .
وكذلك لا يجوز لك التجسس عليه ولا البحث عن ما يخفيه في غرفته أو جيبه ، ولو كان ذلك بحجة أن أمه أوصتك عليه ، فقد قال الله عز وجل : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ {الحجرات: 12 } وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله . رواه الترمذي .(27/201)
وكان عليك أن تنصحي هذا الشاب وتحذريه من هذه المخالفات الشرعية ، وعليك أن تستري عليه ما دام يعتذر عن ذلك ولم يجاهر به ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة . رواه مسلم .
وما دام ذلك قد حصل فعليك أن تستغفري الله تعالى وتتوبي إليه وتستسمحي الشاب وتنصحيه بتقوى الله تعالى .
وعليك أن تسترضي زوجك ، ولتعلمي أن ما قاله : إن الشاب حر في تصرفاته غير صحيح بالنسبة للحرام فلا يجوز للمسلم أن يفعل الحرام بحجة أنه حر ، وأما الحلال فله أن يفعل ما شاء منه ويترك ما شاء ، فهو حر في ذلك .
وبخصوص حكم إقامته عندك في البيت فلا مانع منها ما لم تحصل خلوة أو يكون ضرر ، وأما الخلوة معه فلا تجوز في البيت ولا في غيره كما قدمنا ، سواء تم عقده على بنت زوجك أم لا؛ لأن زوج بنت الزوج لا يكون محرما إلا إذا كان محرما من جهة أخرى بالرضاع أو النسب .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... اليد تزني وزناها اللمس
تاريخ الفتوى : ... 20 صفر 1427 / 21-03-2006
السؤال
أنا فتاة مسلمة كنت متدينة أكثر من الآن، ولكن ابتليت بالمعاصي، الحمد لله على كل شيء، سؤالي هو: أنني أحب الجنس كثيراً ولا أريد الوقوع بأي شيء من الزنا والآن لم يتقدم أي شاب يستطيع أن يؤمن لي الحياة الطبيعية لجأت إلى العادة السرية، منذ فترة التقيت بشاب كنت أعرفه منذ سنين ونحن على علاقة في بعض الأحيان يتحسس أعضائي بيده من فوق الملابس، أنا لا أريد هذا ولكن أستمتع به وأحياناً نجلس بطريقة كأننا نعاشر بعضنا، ولكن فوق الملابس، فما حكم ما أقوم به الآن، وماذا أفعل لكي أكون بأمان الله، وما هي الوسيلة الحلال التي يمكن أن(27/202)
تجمعنا الآن، وهل إذا تعاهدنا أنا وهو أمام الله بأنه زوجي يعتبر مباحا؟ فأفيدوني؟ أرجوكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يحصل بينكما حرام شرعاً، فلا يجوز نظر الرجال للنساء ولا نظر النساء للرجال عند خوف الفتنة, ولا الخلوة بينها, ولا لمس أحدهما للآخر, ولا كشف المرأة عن جسدها أمام الأجانب، فقد قال الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور:30-31}.
وفي الحديث: لا يخلون رجل بامرأة. متفق عليه، وفي رواية: لا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما. رواها الحاكم وصححها ووافقه الذهبي.
وفي الحديث: العين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها السمع، واليد تزني وزناها البطش. متفق عليه، وفي رواية لأحمد صححها الأرناؤوط: واليد تزني وزناها اللمس... وراجعي في حل المشكلة, وفي تحريم الاستمناء والزواج دون ولي وشهود الفتاوى ذات الأرقام التالية: 69097، 72497، 5524، 32981، 27626، 69124، 32647، 65295, 3395، 5855، 53539 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
المراهق كالبالغ في حرمة النظر والاختلاط(27/203)
تاريخ الفتوى : ... 19 صفر 1427 / 20-03-2006
السؤال
أرغب في الزواج من امرأة مطلقة ولديها طفلان ذكر وأنثى، وأنا لدي طفلة وجميعهم أعمارهم لم تتعد 4 سنوات، فهل يجوز إقامة كريمتي معي في ذات المسكن مع ابن المرأة التي أريد الزواج بها مع تخصيص حجرة منفصلة لكل منهما حتى بعد سن البلوغ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من ذلك، فإن هذا السن لا يتصور فيه وقوع المحذور الشرعي، ولكن إذا وصل كل منهما سن المراهقة والشهوة وإن لم يبلغا فيجب الحيلولة بين نظر بعضهم إلى بعض، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (والمراهق كالبالغ في) حرمة (النظر) فيلزم الولي منعه منه.... لظهوره على العورات (لا) في حرمة (الدخول) على النساء الأجانب بغير استئذان، بل يجوز بدونه (إلا) في دخوله عليهن (في الأوقات الثلاثة) التي يضعن فيها ثيابهن فلا بد من استئذانه في دخوله فيها عليهن لآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ. (ويمنعه الولي) وجوبا من النظر إليهن كما يمنعه وجوبا من الزنا وسائر المحرمات، ويلزمهن الاحتجاب منه (كالمجنون) في ذلك (وللمميز) غير المراهق (والمحرم بنسب أو رضاع أو مصاهرة الخلوة ونظر ما فوق السرة وتحت الركبة) لقول الله تعالى في المحرم: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ... الآية، ولأن المحرمية معنى يمنع المناحكة أبداً فكانا كالرجلين والمرأتين، والمميز غير المراهق في معنى المحرم. انتهى، وانظر الفتوى رقم: 63990 وفقك الله لنيل رضاه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم وجود امرأة في مكان له باب زجاجي من قاعة بها رجال(27/204)
تاريخ الفتوى : ... 07 صفر 1427 / 08-03-2006
السؤال
إغلاق باب الزجاج في قاعة الإنترنت وأنا بالداخل ويوجد في نفس الوقت شباب بداخل القاعة هل يعتبر خلوة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان بإمكان رواد القاعة الدخول والخروج دون استئذان أو مانع ولم تكن هناك ريبة فإن ذلك لا يعتبر خلوة، فالخلوة المحرمة أن ينفرد رجل وامرأة أجنبيان لا يكون معهما ثالث، وكذلك إذا انفردت أجنبية برجلين أو رجال أجانب لأن ذلك لا ينفي الخلوة إذا أمكن تواطؤهم على الفاحشة، ومن المعلوم المتفق عليه أنه يحرم الخلوة بين الأجنبين لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. وفي رواية: لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما. رواه أحمد وغيره.
وللمزيد نرجو أن تطلعي على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 15566، 41400، 61721.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
... الاختلاط.. تعريفه.. حكمه.. وخطره على الأمة
تاريخ الفتوى : ... 06 صفر 1427 / 07-03-2006
السؤال
ما هو التعريف اللغوي والشرعي للاختلاط ؟ وما حكمه الشرعي بالتفصيل والدليل مع ذكر أوجه الخلاف إن وجد ؟
وجزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/205)
فالاختلاط في اللغة مشتق من الخلط ، قال ابن منظور في لسان العرب: خلط الشيء بالشيء يخلطه خلطا وخلطه فاختلط : مزجه واختلطا ، وخالط الشيء مخالطة وخلاطا : مازجه. والاختلاط اصطلاحا هو اجتماع الرجال والنساء بمكان واحد دون مراعاة من الجميع لضوابط الشرع ، وهو مما قد يكون سببا إلى الفاحشة والعياذ بالله .
قال سيد قطب رحمه الله في تفسيره الظلال: الفواحش: جمعها لأن هذه الجريمة ذات مقدمات وملابسات كلها فاحشة مثلها ، فالتبرج ، والتهتك والاختلاط المثير ، والكلمات والإشارات والحركات والضحكات الفاجرة ، والإغراء والتزيين والاستثارة ، كلها فواحش تحيط بالفاحشة الأخيرة ، وكلها فواحش منها الظاهر ومنها الباطن ، منها المستسر في الضمير ومنها البادي في الجوارح ، منها المخبوء المستور ومنها المعلن المكشوف ، وكلها مما يحطم قوام الأسرة وينخر في جسم الجماعة ، فوق ما يلطخ ضمائر الأفراد ، ويحقر من اهتماماتهم ، ومن ثم جاءت بعد الحديث عن الوالدين والأولاد . انتهى منه بتصرف يسير .
وقد بينا حكم الاختلاط, وعواقبه, ومتى يجوز, وشروط الجواز, وضوابطه, وغير ذلك مما يتعلق به, وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية : 3539 ، 35079 ، 48092 ، 4030 ، 9855 ، 8975 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ضوابط جلوس الطلاب والطالبات في الجامعة
تاريخ الفتوى : ... 05 صفر 1427 / 06-03-2006
السؤال
هل الوضع الصحيح للجلوس بالفصل بالجامعة لاضطرارنا للاختلاط كما هو بالصلاة،الرجال في المقدمة والنساء خلفهم وما حكم التحدث بين الإخوه والأخوات بحجة الزمالة أو التبادل العلمي ؟
الفتوى(27/206)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوجود الرجال والنساء تحت سقف واحد أو في مكان واحد ليس ممنوعا إذا كان الرجال على حدة والنساء على حدة ، وانضبط الجميع في ذلك بالضوابط الشرعية من حجاب وحشمة وعدم خلوة وعدم خضوع بالقول ، وغض للبصر ، وغير ذلك من الضوابط، مع أن الأفضل والأسلم للجميع هو أن تدرس الطالبات في جامعات خاصة بهن ، وأن يدرس الطلاب في جامعات خاصة بهم .
ثم إن مخاطبة الرجل للمرأة الأجنبية أو المرأة للرجل الأجنبي لا تجوز إلا بشروط :
1 ـ أن تكون المخاطبة لحاجة .
2 ـ التزام المرأة للحجاب الشرعي .
3 ـ ألا تكون هناك خلوة .
4 ـ عدم خضوع المرأة بالقول قال الله تعالى : وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ {الأحزاب: 53 } وقال تعالى : فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ {الأحزاب: 32 } وأما التحدث بحجة الزمالة أو التبادل العلمي فلا نرى إلا أنه حبالة من حبائل الشيطان ووسيلة إلى الحرام ، وقد تقرر عند أهل العلم أن الشارع حرم الوسائل المفضية إلى الحرام ، وقالوا : ما أفضى إلى الحرام فهو حرام .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
العلاقة بين الرجل والمرأة قبل الزواج
تاريخ الفتوى : ... 27 محرم 1427 / 26-02-2006
السؤال
أريد أن أضيف إليكم أن الشخص الذي يحبني وأحبه قد حدث له حادث منذ شهر تقريبا، وإلى الآن لم يكلمني وابتعد عني شهرا كاملا ولكني إلى الآن أحبه.. وأفكر فيه ليلا نهارا.. وبسبب شوقي له.. تركت معاصي وذنوبا كثيرة.. مثل أنني(27/207)
أصبحت أصلي كل الصلوات وتركت سماع الأغاني وأصبحت اقرأ القرآن ليلاً إلى الفجر وأدعو الله أن يغفر لي.. واقتربت من أمي وأهلي.. وتركت الشات.. فهل باعتقادك يا أخي أن هذه التوبة لفترة وسأعود للمعاصي مع أنني أتمنى أن أستمر في عبادة الله سبحانه وتعالى.. وهل من الممكن أن أكون زوجته في المستقبل، وأرجو أن لا تؤاخذوني أيها الأفاضل بكلامي الصريح، ولكنني لو لم أحس بالضيق والحزن لما شكوت لغير الله.. وأرجو أن تدعو لي يا شيخنا الفاضل بأن يوفقني الله لما يحبه ويرضاه.. وأن إذ أراد الله أن يجعله من نصيبي.. آمين، وأرجو الإفادة أفادكم الله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها الأخت الكريمة أن الله تعالى قدر المقادير ودبر أمور خلقه قبل أن يخلق الخلق، والمؤمن ما عليه إلا أن يرضى بما قدره الله وقضاه، واعلمي أن الله تعالى أرحم بك من نفسك، وثقي بقدرة الله تعالى وحكمته، وخلصي قلبك من العشق فإن له تأثيراً سلبياً، وقد أوضحنا علاج ذلك في الفتوى رقم: 9360.
واعلمي أن العلاقة بين المرأة والرجل قبل الزواج علاقة غير شرعية، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 37015، ونسأل الله تعالى إن كان هذا الرجل صالحاً في دينه وخلقه أن يجعله الله تعالى زوجاً لك، وأن يجمع بينك وبينه على خير.
وأما توبتك فنرجو الله تعالى أن يثبتك عليها، ولا ينبغي أن تفكري أبداً في العودة إلى ترك الصلاة أو سماع الأغاني، واعلمي أن ترك الصلاة من أقبح الذنوب وأكبر الكبائر، وانظري الفتوى رقم: 68656، والأغاني كذلك من الذنوب التي يجب التوبة منها، وعدم العودة إليها، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 21716.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
العمل في النيابة والقضاء والمحاماة ... العنوان(27/208)
أنا شاب تخرجت حديثًا في كلية الحقوق وأردت أن أحاول الالتحاق بالنيابة العامة، ولكني قد عدلت عن هذه الفكرة بسبب أن في بلدنا تم تبديل في أكثر الحدود، وأنا تركتها لله -والله على ما أقول شهيد-.
ولكن من فترة تكلمت مع بعض طلبة العلم الشرعي، ونصحوني بعدم العدول على أن أحاول الالتحاق بالنيابة؛ وذلك لأن النيابة لا تحكم بل هي تحقق وتدين وتحيل للقضاء.
ولكن في بعض الأحيان إذا عرض عليها موضوع ما من الجرائم وكان غير مجرم في القانون لا ترفع الدعوى أمام القضاء، ومن ذلك ما أخافني مثل الزنا إذا كان بالتراضي وكانوا غير متزوجين فالقانون في بلدنا لم يجرم هذه الحالة، وأهدر الحد .
وسألت بعض العلماء فقال: اقبل العمل ، والإثم على الحاكم وأن الشاب المسلم سوف يفعل ما بوسعه لإقامة شرع الله والعدل.ما رأيكم فيما سبق وهل أقدم أم لا؟. ... السؤال
01/02/2006 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:-
على الحكومات أن تعمل على سيادة شرع الله وتحكيمه، فمن حق المسلمين أن يتحاكموا إلى شريعة الله خالقهم وإلههم، وحتى يكون هذا فإنه يجوز للمسلمين أن يعملوا في النيابة والقضاء والمحاماة بشرط أن لا يباشروا الحكم بما يتعارض مع شرع الله تعالى، وهذا ممكن بأن يكيفوا الدعوى بما يتوافق مع شرع الله ، أو أن يتوقفوا رسميا عن القضاء في قضية تصطدم بشرع الله تعالى .
يقول الدكتور سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً :-(27/209)
أرى أن تقدم على التوظف في النيابة العامة؛ عسى الله أن ينفع بك، وعمل النيابة العامة يكاد ينحصر في التحقيق ثم الادعاء العام أمام القضاء، والتحقيق عادة يكون في أمور إجرائية وإدارية، وإن كان فيه قضاء في بعض الأحيان فباستطاعتك -وأنت المسلم الملتزم والحقوقي المتخصص- أن تُكيِّف المادة القانونية وتخرجها تخريجاً لا يخالف الشريعة – إن شاء الله- حيث القاعدة القانونية الشهيرة تقول: (العدل في ضمير القاضي لا في نص القانون).
أي أن القاضي الناجح يحكم بروح القانون ولا يقف عند نصه، وهذا معنى (الفهم) الذي أوصى به عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- القضاة في عهده، ولعل هذا المعنى استحضره الشهيد عبد القادر عودة، حين تولى القضاء، وكان يقول: (أنا قاض ولكني مسلم)، ووجود مواد قانونية مخالفة للشريعة الإسلامية يقع إثماً على المشرع لها.
والقاضي الحقوقي المسلم يستطيع أن يتجاوز المادة المخالفة للشرع ويحكم بغيرها مما يوافق الشريعة، أو يحمل الخصوم على الصلح أو التنازل عن الدعوى ونحو ذلك.
والعمل بالنيابة العسكرية أو الإدارية أهون وأخف مسؤولية من النيابة العامة، والعمل في هيئة الدفاع عن الدولة جائز؛ لأن أكثر أنظمة الدولة ومؤسساتها لا تخالف الشريعة، والقليل منها عكس ذلك، والحكم دائماً للكثير الغالب، وعملك بالقسم الأول من أقسام مجلس الدولة جائز لا غبار عليه، وهو أولى من القسمين الآخرين.
وأخيراً: تقدم للوظيفة في النيابة العامة لأهميتها، وكونك متخصصاً في الحقوق يضاعف عليك المسؤولية في هذا المجال.. انتهى.
وقد عرض سؤال قريب من هذا على الشيخ حسن البنا – مؤسس جماعة الإخوان المسلمين- منذ أكثر من ستين سنة ، وكان السائل من مصر، فأجابه الشيخ حسن البنا بقوله :-(27/210)
قرأت كتابك فأكبرت فيك هذا الاستمساك القوي بدينك وهذا الحرص العظيم على إصابة الحق والعمل على مناصرة الشريعة وتلمس طريق الخير في الدنيا والآخرة.
وحقًا يا أخي إن القوانين المصرية بما فيها من نصوص تخالف أحكام القرآن تجعل مركز رجل القضاء وأسرته في حرج عظيم، ومن واجب الحكومات الصالحة أن تدفع هذا الحرج من نفوس شعبها وموظفيها، وبخاصة في ناحية لا تنفع فيها ولا يجدي إلا نقاء الضمير وارتياح النفس، فالله نسأل الله أن يلهم الحكام الرشد ويوفقهم إلى الخير.
أما ما سالت عنه فإن القوانين كما قلت: فيها ما يوافق الإسلام وأحكامه وهو الغالب، وفيها ما يخالف النصوص الإسلامية وأحكام القرآن.
ويكون جميلاً جدًا أن تكون محاميًا أو قاضيًا أو وكيلاً عن النائب العام فتبين في كل هذه المواقف عن وجهة نظرك وتتوقف رسميًا عن الترافع أو النظر في هذه المخالفات.
حينئذ يكون موقفك حجة إيجابية وصوتًا ينادي بوجوب إعادة النظر في هذه القوانين، أما السلاح السلبي سلاح المقاطعة والابتعاد في هذا الوقت فأظنه لا يجدي، وأعتقد يا أخي أنك حين تزاول عملاً قضائيًا على أساس هذه القاعدة فإنك مأجور لا آثم فسر في طريقك. والله معك.
وعن العمل في مهنة المحاماة يقول: الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا ـ رحمه الله ـ
. إن المحاماة وكالة بالخصومة بالنظر الفقهي، وهذه الوكالة جائزة شرعًا في نظر الفقهاء، بل لها حالات لا يجوز فيها عزل وكيل الخصومة إذا تعلق بالوكالة حق لغير الموكل (كما لو أراد المدين السفر فطلب الدائن منعه ليتمكن من مخاصمته قضائيًا فوكل عنه بالخصومة).
والمحاماة في الأصل هي مهنة من يتخصص بهذه الوكالات للخصومة، فالأصل فيها الإباحة الشرعية.(27/211)
أما كون واقعها اليوم أن القوانين التي يترافع فيها المحامي فيها مخالفات للشريعة (وليس كل ما فيها مخالفًا للشريعة) فهذه القوانين ليست من صنعه، فإثمها على صانعها، لكن عليه أن لا يطلب في مرافعته تطبيق الحكم القانوني المخالف للشريعة، وأن لا يقبل دفاعًا عن موكل مبطل، وإذا ظهر له أثناء سير الدعوى أن موكله مبطل فعليه أن ينسحب منه شرعًا، ويستطيع أن يشرط ذلك على الموكل.
إنني مارست المحاماة في حلب قرابة عشر سنوات، ثم تخليت عنها للتدريس لهذا السبب، لأن الذي يشرط هذه الشروط على من يريد توكليه لا يوكله!!.
ولكن الناس اليوم في ظل أصول المحاكمات وتعقيداتها، لا يستغنون عن توكيل المحامين الذي أصبحوا في كل البلاد هيئة عالمية لا يستغني عنها، ولو أوصينا كل مسلم متمسك بدينه بترك المحاماة، لما بقي في الميدان إلا من لا يتورعون عن حرام، وفي هذا ضرر ظاهر.
وينطبق عليها الكلمة المأثورة أنها ضرر ضروري!! في ظل الوضع الحالي في العالم، ويمكن أن تبرر بأن القاضي يمكن أن يصدر حكمًا جائزًا حتى على الطرف المبطل، فالمحامي عنه يريد أن يحول ضد ذلك.
والله أعلم .
ــــــــــــــ
معاشرة غير المسلمين
سؤال:
أنا طالب مسلم ، وأنا أعيش حالة ضياع بين مصاحبة المسلمين وغير المسلمين . ففي أيام الجمع عادة، فأنا أبقى مع المسلمين ، أما في باقي أيام الأسبوع، فأبقى مع غير المسلمين في الجامعة . ومشكلتي هي أني أميل إلى قضاء جزء كبير من وقتي مع غير المسلمين. ومع وجود الإغراءات من حولي ، فأنا لا أعرف كيف أفعل مع النساء . أنا لا أشرب الخمر، ولا أدخن، لكن عندما يتعلق الأمر بالنساء ، فإني أصبح ضعيفا . وبسبب مواقفي الإسلامية ، فإن الفتيات يجدنني لطيفا بالمقارنة مع أصدقائي الآخرين . وأنا أتمنى لو أني أعرف بعض الأخوات المسلمات ، اللآتي أحترمهن حقا ، لأتمكن من التحدث إليهن (من منظور إسلامي)(27/212)
ولا أضطر عندها لأن أقضي وقتي مع الفتيات غير المسلمات . كنت أحاول منذ وقت طويل ، لكن أحيانا يكون مجرد المحاولة لا يكفي . فبماذا تنصحني ؟.
الجواب:
الحمد لله
سؤالك يدل على وجود الخير في قلبك ومحبتك له وحرصك ورغبتك في الالتزام الكامل بما أمر الله عز وجل به .
وقد ذكرت في سؤالك عدة قضايا :
الأولى :
أنك تخالط المسلمين وغير المسلمين , فاعلم يا أخي أن علاقة المسلم مع المسلمين تختلف عن علاقته مع غيرهم , وذلك أن المسلم يجب عليه أن يوالي أخاه المسلم , بأن يكن له المحبة القلبية والتقدير والاحترام , كما قال الله عز وجل : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) التوبة / 71 ولإخوانك المسلمين عليك حقوق يجب أن تؤديها إليهم , وليس هذا المقام مقام بيانها وبإمكانك الإطلاع على بعضها في إجابة السؤال رقم : 11413 .
أما غير المسلم فالواجب على المسلم أن يتبرأ منه , ولا يُكِن له أي مودة قلبية , كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) الممتحنة / 1 . وقال تعالى : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة / 4 .
ولكن هذا لا يمنعه من التعامل معه بأسلوب حسن ترغيبا له في الإسلام , على أن يكون ذلك وفق الضوابط الشرعية , كما قال تعالى : ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ(27/213)
يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة / 8 .
وعلى المسلم أن يحرص كل الحرص على دعوة غير المسلمين إلى الإسلام بكل الوسائل الشرعية الممكنة , والتي يرجى معها النفع والاستجابة , كما قال تعالى : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) النحل / 125 .
وقال تعالى : ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) فصلت /33 .
وروى مسلم في "صحيحه" (2674) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه ، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا " .
الثانية :
أنك تميل إلى قضاء جزء كبير من وقتك مع غير المسلمين , وقد عبرت عن ذلك بأنه مشكلة , وهو كذلك بالفعل , لأن مخالطة المسلم لغير المسلمين وفي مجتمع غير إسلامي مع الميل إليهم , هذا مما يؤثر على الإنسان في عقيدته ودينه وخلقه ( لا سيما وقد ذكرت في سؤالك بأنك لا تشرب الخمر ولا تدخن _ وهذا من فضل الله عليك _ مما يفهم منه وقوع مثل هذه الأشياء من أولئك القوم ) ولهذا جاءت النصوص الشرعية بالتحذير من مخالطة ومعاشرة غير المسلمين , فقد أمر الله عز وجل بالهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام , كما قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً .إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ) النساء /97_ 98 .
وروى أبو داود في "سننه" (2645) والترمذي في "جامعه" (1640) من حديث جرير بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أنا برئ من كل مسلم(27/214)
يقيم بين أظهر المشركين " . قالوا : يا رسول الله ، ولم ؟ قال : " لا ترايا ناراهما " . والحديث صححه الألباني في "الإرواء" (1207) .
قال ابن القيم في "تهذيب السنن" (عون _ 7/304) : ( والذي يظهر من معنى الحديث : أن النار هي شعار القوم عند النزول وعلامتهم , وهي تدعو إليهم , والطارق يأنس بها , فإذا ألم بها جاور أهلها وسالمهم , فنار المشركين تدعو إلى الشيطان وإلى نار الآخرة , فإنها إنما توقد في معصية الله , ونار المؤمنين تدعو إلى الله وإلى طاعته وإعزاز دينه , فكيف تتفق الناران , وهذا شأنهما ؟! وهذا من أفصح الكلام وأجزله , المشتمل على المعنى الكثير الجليل بأوجز عبارة ) ا.هـ .
وروى أبو داود (2787) من حديث سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله " . ورواه الحاكم (2/141) بإسناد آخر عن سمرة ولفظه : " لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فليس منا " . والحديث حسنه الألباني في "الصحيحة" (2330) بمجموع طريقيه .
وروى الإمام أحمد (4/365) والنسائي(4177) من حيث جرير قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبايع , فقلت : يا رسول الله ابسط يدك حتى أبايعك , واشترط علي , فأنت أعلم . قال : " أبايعك على أن تعبد الله , وتقيم الصلاة , وتؤتي الزكاة , وتناصح المسلمين , وتفارق المشرك " . والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" (636) .
فهذه النصوص تدل على أن الأصل في المسلم أن لا يقيم مع الكفار في بلادهم , وأن الواجب عليه الانتقال منها إلى بلاد الإسلام , ويستثنى من ذلك من كانت إقامته لضرورة , ولكن الضرورة تقدر بقدرها , فعلى المسلم أن يكون مع أولئك بقالبه لا بقلبه ، وعليه أن يجتنب مخالطتهم بدون حاجة .
فالواجب عليك يا أخي أن تبحث عن رفقة صالحة من المسلمين يعنونك على تعلم دينك والاستقامة عليه , وعليك أن تستغل أوقات فراغك بقراءة القرآن , وقراءة الكتب النافعة في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه , وفي أحكام الدين وآدابه وأخلاقه , وبذكر الله عز وجل , قال ابن القيم في "الوابل الصيب" (86)(27/215)
وهو يعدد فوائد الذكر : ( أنه أيسر العبادات , وهو من أجلها وأفضلها , فإن حركة اللسان أخف حركات الجوارح وأيسرها , ولو تحرك عضو من الإنسان في اليوم والليلة بقدر حركة لسانه لشق عليه غاية المشقة , بل لا يمكنه ذلك ) ا.هـ .
ويمكنك أيضا أن تشغل وقتك بالاستماع إلى الأشرطة النافعة , وبتصفح المواقع المفيدة على شبكة "الانترنت" .
وإن مما يعينك على الانصراف عن مخالطة غير المسلمين : تذكر أن هؤلاء الكفار _ وإن كانت معاملتهم حسنة ولهم حسنات _ إلا أنهم قد جمعوا جملة من المنكرات العظيمة واحد منها كفيل بأن يحبط كل عمل عملوه , ومن تلك المنكرات ما يعتقده النصارى _ مثلا _ من أن الله ثالث ثلاثة ، كما قال تعالى : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) المائدة / 73 .
وبقية الملل الكفرية كلها تجعل لله شريكا , أو لا تؤمن بوجود الإله أصلا .
والكفار عموما لا يؤمنون بالقرآن ولا برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , بل يكذبون بالقرآن ويكذبون بنبينا صلى الله عليه وسلم , فكيف يميل إليهم المسلم مع كفرهم وضلالهم .
فهم وإن أعطوك شيئا من حقك بمعاملتك بالحسنى فقد سلبوا الله حقه وسلبوا القرآن حقه وسلبوا نبينا صلى الله عليه وسلم حقه , وحق الله وحق كتابه وحق نبيه أعظم من حقنا الشخصي , فتذكر هذا ، فإنه ممن يعينك على بغضهم وعداوتهم حتى يؤمنوا بالله وحده , كما سبق في الآية الكريمة : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة / 4 .
ولكن نؤكد على أنه لا مانع من أن يحسن المسلم إليهم وفق الضوابط الشرعية , لا سيما إذا كانوا ممن يحسنون إلينا , فقد قال تعالى : ( هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ ) الرحمن / 60 .
الثالثة :(27/216)
مخالطتك للفتيات غير المسلمات , ورغبتك في التعرف على فتيات مسلمات , اعلم يا أخي أن من مقاصد الشريعة الإسلامية الأساسية حفظ الأعراض , وقد فرضت شريعتنا الغراء تدابير كثيرة لتحقيق هذا المقصد السامي , ومن ذلك المنع من اختلاط الرجال بالنساء حتى في أشرف المواضع وعند طلب أسمى المقاصد , فمن هدي الإسلام فصل الرجال عن النساء في المساجد , روى مسلم في "صحيحه" (440) من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها , وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها " .
قال النووي في شرح صحيح مسلم (4/159) : ( والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثوابا وفضلا وأبعدها من مطلوب الشرع وخيرها بعكسه وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك وذم أول صفوفهن لعكس ذلك والله أعلم ) ا.هـ
وروى البخاري في "صحيحه" (837) من حديث أم سلمة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه , ومكث يسيرا قبل أن يقوم . قال الزهري : فأرى _ والله أعلم _ أن مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم .
فإذا كانت المساجد التي هي أشرف المواضع قد جاءت الشريعة بفصل الرجال عن النساء فيها فغيرها من باب أولى .
وأيضا التعليم الذي هو أسمى المقاصد , ومع هذا فقد راعت الشريعة فيه فصل النساء عن الرجال ، روى البخاري (101) ومسلم (2633) من حديث أبي سعيد الخدري قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه ، تعلمنا مما علمك الله ، قال : " اجتمعن يوم كذا وكذا " فاجتمعن ، فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله ... الحديث , واللفظ لمسلم .(27/217)
وروى مسلم (885) من حديث جابر بن عبد الله قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد ، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ، ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ، ووعظ الناس وذكرهم ، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن .
ومن الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الباب أن الله عز وجل أمر الرجال والنساء بغض البصر , فالمسلم لا يجوز له أن ينظر إلى امرأة أجنبية عنه , وكذلك المرأة لا يجوز لها أن تنظر إلى أجنبي عنها , قال الله تعالى : )قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) الآية النور / 30 _ 31 .
وروى مسلم في "صحيحه" (2159) من حديث جرير بن عبد الله قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة ؟ فأمرني صلى الله عليه وسلم أن أصرف بصري .
وروى أبو داود (2149) والترمذي (2777) من حديث بريدة بن الحصيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي : " يا علي ، لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى ، وليست لك الآخرة " . والحديث حسنه الألباني في "جلباب المرأة المسلمة" (ص:77) .
وأيضا جاءت الشريعة بالنهي عن خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية , وجاءت بالمنع من مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية ، وغير ذلك من الأحكام التي لا يتسع المقام لبسطها [ للاستزادة بإمكانك مراجعة أجوبة الأسئلة التالية : 2459 ، 2986 ، 9989] .
وهذه الأحكام تنطبق على المرأة المسلمة وغير المسلمة ما لم تكن من محارم الرجل .
وعليه يا أخي فالواجب عليك أن تبتعد عن مخالطة النساء الأجنبيات وإن كن مسلمات , وأن لا تستجيب إلى ما يوقعه الشيطان في قلبك من نزغات , من إعجاب بعض الفتيات بك ونحو ذلك , واجعل تحقيق رضى الله هو غايتك , روى(27/218)
الترمذي (2414) من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس " . والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" (2311) .
أخي اعلم أنك قد تجد صعوبة في تطبيق ذلك في بادئ الأمر , ولكن عليك أن تجاهد نفسك , فقد قال تعالى : )وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) العنكبوت / 69 .
وعليك أن تصبر وتصابر وتحتسب , كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) آل عمران / 200 .
واعلم أنك إذا حرصت على تقوى الله فإنك في النهاية سوف تجد لك مخرجا من كل ضيق , كما قال تعالى : (ِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ) الطلاق / 2 .
وسوف يسهل عليك كل ما كنت تجده صعبا , فالله عز وجل وجل يجعل الحَزْن إذا شاء سهلا .
وأيضا سوف يعرف عنك الآخرون التزامك بما أمرك به دينك , مما يجعلهم يحترمون ذلك منك ويقدرونه لك .
وفي الختام أوصيك بالإكثار من دعاء الله عز وجل , لاسيما في أوقات الإجابة ومواضعها , كالسجود وقبل السلام من الصلاة وفي الثلث الأخير من الليل , وبين الأذان والإقامة , فأدعو الله بأن يثبتك على الإسلام , واستعن بالله على التمسك بأوامره والبعد عن معاصيه , واسأل الله أن يجعل لك من كل ضيق مخرج ومن كل هم فرجا , والله معك .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الفتوى : ... النظر إلى المرأة الأجنبية من أسباب الفتنة
تاريخ الفتوى : ... 21 محرم 1427 / 20-02-2006
السؤال(27/219)
أنا شاب في ال14 من عمري هل يجوز لي النظر إلى امرأة بالغة من دون حجاب ؟ ولو نظرت إلى العالم تجد أنه يوجد نسبة كبيرة من النساء غير المحجبات ! وفي المسلسلات هل يجوز النظر إلى يد المرأة غير المحجبة؟ وأرجو أن تقدم لي شرحا وافيا ؟
وجزاك الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد ظهرت عليك واحدة أو أكثر من علامات البلوغ ، كالاحتلام وإنبات شعر العانة ، أو بلغت سن خمس عشرة سنة قمرية ( هجرية ) فأنت حينئذ مكلف ، فلا يجوز لك النظر إلى شيء من جسد المرأة الأجنبية أو إلى صورتها، فوتغرافية كانت هذه الصورة أو عبر شاشة التلفاز ، فكل هذا من أسباب الفتنة ، وإن كنت تقصد بوجود نسبة كبيرة من النساء غير المحجبات أن هذا مما يسوغ النظر إليهن فهذا غير صحيح ، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم : 19075 ، والفتوى رقم : 3214 .
وإن لم تصل إلى سن البلوغ فأنت في سن المراهقة ، والمراهقة مقاربة البلوغ ، وقد نص بعض أهل العلم على أنه يجب على المرأة الاحتجاب من المراهق كما سبق أن بينا بالفتوى رقم : 46022 ، والفتوى رقم : 30063 .
ولمعرفة حكم مشاهدة المسلسلات راجع الفتوى رقم : 1791 ، ففيها تفصيل جيد .
وننبه إلى أنه ينبغي للمسلم أن يسعى في تحصيل ما تزكو به نفسه ، ويحيى به قلبه من نور الإيمان وحلاوة الطاعة ، فإن حياة المرء بحياة قلبه ، قال تعالى : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا {الشمس: 9 ـ 10 } والواجب الحذر من الذنوب والمعاصي فهي من مدنسات النفس ومكدرات صفو القلب ، قال تعالى : كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ {المطففين: 14 } .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(27/220)
ــــــــــــــ
حكم تغطية الوجه بالأدلة التفصيلية
سؤال:
أريد أن أعرف الآيات القرآنية التي تتناول تغطية المرأة لوجهها، فأنا أريد أن أقدمها لبعض الأخوات الآتي يرغبن في معرفة ما إذا كان تغطية الوجه واجبة أم أنها أفضل وليست واجبة ؟.
الجواب:
الحمد لله
"اعلم أيها المسلم أن احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب وتغطية وجهها أمر واجب دلَّ على وجوبه كتاب ربك تعالى وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، والاعتبار الصحيح والقياس المطرد .
أولاً : أدلة القران .
الدليل الأول /
قال الله تعالى : " وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " سورة النور / 31
وجه الدلالة من الآية على وجوب الحجاب على المرأة ما يلي :
أ- أن الله تعالى أمرالمؤمنات بحفظ فروجهن ، والأمر بحفظ الفرج أمرٌ بما يكون وسيلة إليه ، ولا يرتاب عاقل أن من وسائله تغطية الوجه لأن كشفه سبب للنظر إليها وتأمل محاسنها والتلذذ بذلك ، وبالتالي إلى الوصول والاتصال ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " العينان تزنيان وزناهما النظر ... ـ ثم قال ـ والفرج يصدق ذلك أويكذبه " رواه البخاري (6612) ومسلم (2657)(27/221)
فإذا كان تغطية الوجه من وسائل حفظ الفرج كان مأموراً به لأن الوسائل لها أحكام المقاصد .
ب - قوله تعالى : " وليضربن بخمرهن على جيوبهن " والجيب هو فتحة الرأس والخمار ما تخمربه المرأة رأسها وتغطيه به ، فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها إما لأنه من لازم ذلك أو بالقياس ، فإنه إذا وجب ستر النحر والصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى لأنه موضع الجمال والفتنة .
ج ـ أن الله نهى عن إبداء الزينة مطلقاً إلا ما ظهر منها وهي التي لابد أن تظهر كظاهر الثياب ولذلك قال " إلا ماظهر منها " لم يقل إلا ما أظهرن منها ـ وقد فسر بعض السلف : كابن مسعود، والحسن ، وابن سيرين ، وغيرهم قوله تعالى ( إلاماظهر منها ) بالرداء والثياب ، وما يبدو من أسافل الثياب (أي اطراف الأعضاء ) ـ . ثم نهى مرة أُخرى عن إبداء الزينة إلا لمن استثناهم فدل هذا على أنَّ الزينة الثانية غير الزينة الأُولى ، فالزينة الأُولى هي الزينة الظاهرة التي تظهر لكل أحد ولايُمكن إخفاؤها والزينة الثانية هي الزينة الباطنة ( ومنه الوجه ) ولو كانت هذه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن للتعميم في الأُولى والاستثناء في الثانية فائدة معلومة .
د ـ أن الله تعالى يُرخص بإبداء الزينة الباطنة للتابعين غير أُولي الإربة من الرجال وهم الخدم الذين لاشهوة لهم وللطفل الصغير الذي لم يبلغ الشهوة ولم يطلع على عورات النساء فدل هذا على أمرين :
1- أن إبداء الزينة الباطنة لايحل لأحدٍ من الأجانب إلا لهذين الصنفين .
2- أن علة الحكم ومدارة على خوف الفتنة بالمرأة والتعلق بها ، ولاريب أن الوجه مجمع الحسن وموضع الفتنة فيكون ستره واجباً لئلا يفتتن به أُولو الإربة من الرجال .
هـ - قوله تعالى : ( ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يُخفين من زينتهن ) يعني لا تضرب المرأة برجلها ليُعلم ما تخفيه من الخلاخيل ونحوها مما تتحلى به للرِجْل ،(27/222)
فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالأرجل خوفاً من افتتان الرجل بما يسمع من صوت خلخالها ونحوه فكيف بكشف الوجه .
فأيما أعظم فتنة أن يسمع الرجل خلخالاً بقدم إمرأة لايدري ماهي وما جمالها ؟ ولايدري أشابة هي أم عجوز ؟ ولايدري أشوهاء هي أم حسناء ؟ أو ينظر إلى وجه جميل ممتلىء شباباً ونضارة وحسناً وجمالاً وتجميلاً بما يجلب الفتنة ويدعو إلى النظر إليها ؟
إن كل إنسان له إربة في النساء ليعلم أي الفتنتين أعظم وأحق بالستر والإخفاء .
الدليل الثاني /
قوله تعالى : ( وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) سورة النور / 60
وجه الدلالة من الآية أن الله تعالى نفى الجناح وهو الإثم عن القواعد وهن العجاوز اللاتي لا يرجون نكاحاً لعدم رغبة الرجال بهن لكبر سنهن بشرط أن لا يكون الغرض من ذلك التبرج والزينة . وتخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أن الشواب اللاتي يرجون النكاح يخالفنهن في الحكم ولو كان الحكم شاملاً للجميع في جواز وضع الثياب ولبس درع ونحوه لم يكن لتخصيص القواعد فائدة .
ومن قوله تعالى ( غير متبرجات بزينة ) دليل آخر على وجوب الحجاب على الشابة التي ترجو النكاح لأن الغالب عليها إذا كشفت وجهها أنها تريد التبرج بالزينة وإظهار جمالها وتطلع الرجال لها ومدحها ونحو ذلك ، ومن سوى هذه فنادر والنادر لا حكم له .
الدليل الثالث /
قوله تعالى ( يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب / 59
قال ابن عباس رضي الله عنهما : " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة " .(27/223)
وتفسير الصحابي حجة بل قال بعض العلماء : إنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
وقوله رضي الله عنه : ويبدين عيناً واحدة إنما رخص في ذلك لأجل الضرورة والحاجة إلى نظر الطريق فأما إذا لم يكن حاجة فلا موجب لكشف العين .
والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة.
الدليل الرابع /
قوله تعالى : ( لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ) الأحزاب / 55 .
قال ابن كثير رحمه الله : لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بين أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم كما استثناهم في سورة النور عند قوله تعالى : " ولايبدين زينتهن إلا لبعولتهن "
ثانياً : الأدلة من السنة على وجوب تغطية الوجه .
الدليل الأول /
قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا خطب أحدكم إمرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لاتعلم " رواه أحمد . قال صاحب مجمع الزوائد : رجاله رجال الصحيح .
وجه الدلالة منه : أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى الجناح وهو الإثم عن الخاطب خاصة بشرط أن يكون نظره للخطبة ، فدل هذا على أن غير الخاطب آثم بالنظر إلى الأجنبية بكل حال ، وكذلك الخاطب إذا نظر لغير الخطبة مثل أن يكون غرضه بالنظر التلذذ والتمتع ونحو ذلك .
فإن قيل : ليس في الحديث بيان ماينظر إليه ، فقد يكون المراد بذلك نظر الصدر والنحر ؟
فالجواب : أن كل أحد يعلم أن مقصود الخاطب المريد للجمال إنما هو جمال الوجه ، وما سواه تبع لا يُقصد غالباً فالخاطب إنما ينظر إلى الوجه لأنه المقصود بالذات لمريد الجمال بلا ريب .(27/224)
الدليل الثاني :
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن يا رسول الله إحدنا لا يكون لها جلباب فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لتلبسها أُختها من جلبابها " . رواه البخاري ومسلم .
فهذا الحديث يدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة أن لا تخرج المرأة إلا بجلباب وأنها عند عدمه لا يمكن أن تخرج . وفي الأمر بلبس الجلباب دليل على أنه لابد من التستر والله أعلم .
الدليل الثالث :
ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحدٌ من الغلس . وقالت : لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء ما رأينا لمنعهن من المساجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها " . وقد روى نحو هذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
والدلالة من هذا الحديث من وجهين :
أحدها : أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون وأكرمهم على الله عز وجل .
الثاني : أن عائشة أم المؤمنين وعبد الله ابن مسعود رضي الله عنهما وناهيك بهما علماً وفقهاً وبصيرة أخبرا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لو رأى من النساء ما رأياه لمنعهن من المساجد وهذا في زمان القرون المفضلة فكيف بزماننا !!
الدليل الرابع :
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ قَالَ يُرْخِينَ شِبْرًا فَقَالَتْ إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ قَالَ فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لا يَزِدْنَ عَلَيْه " رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
ففي هذا الحديث دليل على وجوب ستر قدم المرأة وأنه أمرٌ معلوم عند نساء الصحابة رضي الله عنهم ، والقدم أقل فتنة من الوجه والكفين بلا ريب . فالتنبيه(27/225)
بالأدنى تنبيه على ما فوقه وما هو أولى منه بالحكم وحكمة الشرع تأبى أن يجب ستر ما هو أقل فتنة ويرخص في كشف ما هو أعظم منه فتنة ، فإن هذا من التناقض المستحيل على حكمة الله وشرعه .
الدليل الخامس :
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ " رواه أبو داوود (1562) .
ففي قولها " فإذا حاذونا "تعني الركبان " سدلت إحدانا جلبابها على وجهها " دليل على وجوب ستر الوجه لأن المشروع في الإحرام كشفه فلولا وجود مانع قوي من كشفه حينئذٍ لوجب بقاؤه مكشوفاً حتى مع مرور الركبان .
وبيان ذلك : أن كشف الوجه في الإحرام واجب على النساء عند الأكثر من أهل العلم والواجب لايعارضه إلا ما هو واجب فلولا وجوب الاحتجاب وتغطية الوجه عند الأجانب ما ساغ ترك الواجب من كشفه حال الإحرام وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما : أن المرأة المحرمة تنهى عن النقاب والقفازين .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يُحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن .
هذه تسعة أدلة من الكتاب والسنة .
الدليل العاشر :
الاعتبار الصحيح والقياس المطرد الذي جاءت به هذه الشريعة الكاملة وهو إقرار المصالح ووسائلها والحث عليها ، وإنكار المفاسد ووسائلها والزجر عنها .
وإذا تأملنا السفور وكشف المرأة وجهها للرجال الأجانب وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة ، وإن قدر أن فيه مصلحة فهي يسيرة منغمرة في جانب المفاسد . فمن مفاسده :
1ـ الفتنة ، فإن المرأة تفتن نفسها بفعل ما يجمل وجهها ويُبهيه ويظهره بالمظهر الفاتن . وهذا من أكبر دواعي الشر والفساد .(27/226)
2ـ زوال الحياء عن المرأة الذي هو من الإيمان ومن مقتضيات فطرتها . فقد كانت المرأة مضرب المثل في الحياء فيقال ( أشد حياءً من العذراء في خدرها ) وزوال الحياء عن المرأة نقص في إيمانها وخروج عن الفطرة التي خلقت عليها .
3ـ افتتان الرجال بها لاسيما إذا كانت جميلة وحصل منها تملق وضحك ومداعبة كما يحصل من كثير من السافرات ، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم .
4ـ اختلاط النساء بالرجال فإن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والتجول سافرة لم يحصل منها حياءٌ ولا خجل من مزاحمة الرجال ، وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عريض ، فقد أخرج الترمذي (5272) عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ . فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ " حسنه الألباني في صحيح الجامع ( 929 )
انتهى من كلام الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله من رسالة الحجاب بتصرف .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الفتوى : ... آثار التهاون في دخول الرجال على النساء غير المحارم
تاريخ الفتوى : ... 21 محرم 1427 / 20-02-2006
السؤال
كنت في الصغر عمري تقريباً بين 13-16 أقبل بنت عمي وألاعبها وألعب برحمها وأخلع ملابسها وأقبل ثديها وأضع يدي على كل مكان في جسمها، وكان عمري حوالي 11- 14 سنة أكثر من مرة، في بعض المرات يكون ذلك برضاها ومرات بغير رضاها ولي الآن أكثر من سنة وأنا تائب، الآن ماذا أفعل؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/227)
فإن هذه الأمور التي ذكرت أنك قد فعلتها مع ابنة عمك من لمس وتقبيل ونحوهما من الأمور المنكرة، سواء كانت راضية بها أم لا، وأنت مؤاخذ بما فعلت منها بعد بلوغك دون ما حصل قبل البلوغ، وعلى كلٍ فبما أنك قد تبت فالحمد لله، والواجب عليك عدم العودة لمثلها، وينبغي أن تحسن فيما يستقبل وتكثر من عمل الصالحات.
وإن كنت تقصد بقولك: ماذا أفعل؟ وجوب شيء من الكفارة كصيام أو إطعام ونحوهما، فلا يجب عليك شيء من ذلك.
وننبه إلى أن التهاون والتفريط في دخول الرجال على النساء غير المحارم، دون مراعاة لضوابط الشرع، هو السبب في حصول مثل هذه الفتن، فالواجب الحذر، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 23203، والفتوى رقم: 25077، والفتوى رقم: 9668.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
وقع في حب فتاة ثم تاب فهل يتخذها صديقة ؟
سؤال:
شاب مسلم سافر للدراسة في الخارج بعيداً عن أهله ، تعرَّف على فتاة مسلمة وزادت العلاقة بينهم حتى أصبحت حبّاً ، حصل بينهم اللمس والتقبيل ولكن لم يزنيا ، شعر بالخوف من الله ، وطلب منها أن تغير علاقتها معه أو أن تتركه لأن ما يفعلانه خطأ ، تفهمت الموضوع وقالت نبقى أصدقاء ولا نتكلم عن الحب أبداً ونكون أصدقاء فقط ، مع أنه يشعر بأنه ضحى لأجل الله فهو يحبها جدّاً ولكنه يقول بأن هذا غير كافٍ لإرضاء الله ، هل يجوز له أن يتحدث معها كصديقة فقط ؟ وكيف يشرح لها فهو لا يريد بأن يكون أنانيّاً فهو يحبها جدّاً ولكن حبه لله أكبر ؟ .
الجواب:
الحمد لله(27/228)
أولاً :
إن سلوك المسلم لطرق الفتنة هو السبب في وقوعه في حبائل الشيطان ، والشريعة الإسلاميَّة أغلقت بأحكامها العظيمة تلك الطرق وحذَّرت من سلوكها ، وحذّرت كذلك من اتباع خطوات الشيطان .
ومن هذه الطرق : ذهاب المسلم إلى بلاد الكفر ، وإقامته فيها وحده أو مع أسرة ، ودراسته في جامعة مختلطة ، وصحبته لأناسٍ فاسدين لا يدلونه على الخير ولا يحذرونه من الشر ، وإطلاق العنان لجوارحه أن تعمل في المعصية كالأذن في سماع الغناء ، والعين في النظر المحرم وغير ذلك .
ولا يتم للإنسان حفظٌ لنفسه إلا بالابتعاد عن تلك الطرق ، والبحث عن سبل السلام والهداية التي يرضى عنها ربُّه تبارك وتعالى .
ثانياً :
نجد الأخ السائل على خير وهدى وصلاح إن شاء الله ، وذلك بخوفه من ربه عز وجل وتركه لعلاقته مع تلك الفتاة بعد أن وقع في محرمات معها بسبب سلوكه لتلك الطرق آنفة الذِّكر .
ومقام الخوف من الله مقام عظيم ، وترك شهوات النفس لله تعالى أمرٌ لا يقدر عليه إلا من حقق التوحيد وكان الإيمان في قلبه حيّاً وظهر أثره على جوارحه .
لكن عليه أن يثبت على ما فعل ، وأن لا يترك الشيطان ليدله على طريق آخر يسلكه به ليؤدي به إلى نتيجة واحدة وهي الوقوع في المحرَّمات ، فلا صداقة بينه وبين تلك الفتاة الأجنبية عنه ، وطريق هذه الصداقة معروف نهايته ، لذا فإن عليه عدم الاستجابة لطلبها ، والبقاء على موقفه ، مستعيناً بربه عز وجل أن يهديه الصراط المستقيم ، وأن يثبته على الهداية والرشاد .
ثالثاً :
وإذا كان يحبها حقيقة : فإن الطريق السوي الشرعي الذي ينبغي عليه سلوكه هو الزواج بها لا غير ، على أننا نود منه إن فكر في الزواج أن يختار ذات الخلق والدين كما هي وصية النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن لم يتزوج بها فإن صداقته لها ستؤدي به إلى الوقوع في محرَّمات كما ذكر هو عن نفسه أنه فعل ، بل إن(27/229)
تعلق القلب بمثل هذه الصورة ولو لم تحصل فواحش حسية فيه من إفساد القلب وإفساد تعلقه بالله وعبوديته له ما قد يكون أكثر من الفواحش الحسية .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين :
إذا قُدِّر أن يكون بين الرجل وبين امرأة من الناس محبَّة ، فإن أكبر ما يدفع الفتنة والفاحشة أن يتزوجها ؛ لأنه سوف يبقى قلبُه معلَّقاً بها إن لم يتزوجها ، وكذلك هي فربما تحصل الفتنة .
قد يسمع إنسان عن امرأة بأنها ذات خلُق فاضل ، وذات عِلم فيرغب أن يتزوجها ، وكذلك هي تسمع عن هذا الرجل بأنه ذو خلُق فاضل وعِلم ودين فترغبه ، لكن التواصل بين المتحابين على غير وجهٍ شرعي هذا هو البلاء ، وهو قطع الأعناق والظهور ، فلا يحل في هذه الحال أن يتصل الرجل بالمرأة ، والمرأة بالرجل ، ويقول إنه يرغب في زواجها ، بل يخبر وليها أنه يريد زواجها ، أو تخبر هي وليها أنها تريد الزواج منه ، كما فعل عمر رضي الله عنه حينما عرض ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما .
وأما أن تقوم المرأة مباشرة بالاتصال بالرجل فهذا محل فتنة .
" أسئلة الباب المفتوح " ( السؤال رقم 868 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
ميل الأنثى إلى الأنثى الجائز والممنوع
تاريخ الفتوى : ... 16 محرم 1427 / 15-02-2006
السؤال
أنا لي صديقة تكبرني في العمر بسنتين، تعرفت عليها في فترة كنت بحاجة فيها إلى صدر حنون وحضن دافئ أشتاق لها دائما أناديها ماما وكلما رأتني قبلت رأسها ويديها واحتضنتي فهل هذا سلوك غير شرعي أو حرام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/230)
فاعلمي أن كل ميل غير طبيعي ولو من ذكر إلى ذكر، أو من أنثى إلى أنثى، فإنه محرم ويجب اجتناب دواعيه وأسبابه.
والتقبيل بين المحارم أو أفراد الجنس الواحد في الظروف العادية محل نظر، فقد منعه بعض أهل العلم، وكرهه آخرون. ومستند هؤلاء أنه صلى الله عليه وسلم سأله رجل، فقال يا رسول الله: الرجل يلقى أخاه أينحني له؟ قال: "لا"، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: "لا"، قال: فيأخذ بيده ويصافحه؟. قال: "نعم رواه أحمد والترمذي
وقد بينا من قبل أحوال العشق بين النساء، وحكم كل حال منها، فراجعي فيه فتوانا رقم:8424، وفتوانا رقم: 16342.
فقيسي علاقتك بصديقتك تلك على الأحوال التي بيناها لتعرفي من أي الأنواع تكون.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
منع الرجل الأجنبي من الدخول على الأهل والمحارم
تاريخ الفتوى : ... 10 محرم 1427 / 09-02-2006
السؤال
ماحكم هذا الأمر: أنا أعيش في بيت فيه أربعة إخوة ولكن الأخ الكبير متزوج من امرأة لها مطلق الحرية في البيت وحتى أن زوج أختها يدخل إلى البيت بدون استئذان من أحد وقد حصل شجار مع أخي حول دخول هذا الشخص مع العلم أنه لا أريد إحداث مشاكل مع أخوتي وقد حصل صراع كلامي معه حول هذه الاشياء مع العلم أني أصغر الإخوة وعلى وشك الزواج من امرأة متدينة هل لي الحق في طرد هذا الشخص إذا تكرر الفعل أم أصمت ولكن لا أستطيع الصمت على هذا الفعل وأنا خائف على مستقبل التي ستصبح امرأة لي من هذه الأفعال أرشدوني أرجوكم ؟
الفتوى(27/231)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حقك أن تمنع الرجل من الدخول على أهلك ومحارمك ، ومن الواجب عليه أن لا يدخل إلى البيت إلا بعد الإذن من أصحاب البيت ، وأن يكون أيضا في حال عدم وجود النساء أو تسترهن بالستر الكامل ، وهذا أدب حث عليه الشرع ، ففي الحديث المتفق عليه عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت .
وفي صحيح مسلم وغيره عن ابن شهاب أن سهل بن سعد الساعدي أخبره : أن رجلا اطلع في جحر في باب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم مدري يحك به رأسه فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو أعلم أنك تنظرني لطعنت به في عينك . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما جعل الإذن من أجل البصر .
وقال الإمام القرطبي في جامع أحكام القرآن في تفسير قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ {النور: 27 ـ 28 } سواء كان الباب مغلقا أو مفتوحا ، لأن الشرع قد أغلقه بالتحريم للدخول حتى يفتحه الإذن من ربه ، بل يجب عليه أن يأتي الباب ويحاول الإذن على صفة لايطلع منه على البيت لا في إقباله ولا في انقلابه ، فقد روى علماؤنا عن عمر بن الخطاب أنه قال : من ملأ عينيه من قاعة بيت فقد فسق .
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح .
وهذه الأحاديث كلها تنهى عن النظر إلى داخل الدار بغير إذن ، فكيف باقتحام الدار عليهم وفي الدار من النساء من لا يحل له النظر إليهن ، وبين لإخوانك حكم الشرع في ذلك واعرض عليهم الفتوى ، والمسلم الحق إذا علم حكم الله لم يتردد لحظة في تنفيذه وتطبيقه .(27/232)
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
يقتصر في الكلام مع الأجنبية على قدر الحاجة إذا أمنت الفتنة
تاريخ الفتوى : ... 08 محرم 1427 / 07-02-2006
السؤال
كنت أعمل في بلد آخر وتعرفت على سيدة وكان بيننا مكالمات هاتفية بعد ذلك سافرت وخففت اتصالها بي (مرة كل شهرين) وتزوجت والتزمت وفي كل مرة تتصل أجيبها خوفا عليها أن تؤذي نفسها إن لم أجب أحاول أن أنصحها بأن تصلح نفسها وأن لا تتصل.
1 . هل يجوز لي إجابتها علما أني أشعر أنني أحل لها بعض مشاكلها الخاصة بعائلتها وأشعر بأنها قد تؤذي نفسها إذا لم أجبها ؟
2 . كيف أعمل كي أتخلص من ملاحقتها ؟
3 . قبل فترة أرسلت إليَّ إلى بلدي هدية وقد استخدمتها هل جاز لي ذلك ؟
وهل يجب عليَّ أن أقدر ثمن هذه الهدية وأتصدق بثمنها بنية عن تلك السيدة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الكلام مع المرأة الأجنبية جائز للحاجة ، وبالضوابط الشرعية المتقدم بيانها في الفتوى رقم : 3672 ، فإن لم يكن هناك حاجة للكلام فلا يجوز ، فاقتصر في الكلام معها على قدر الحاجة ، هذا مع أمن الفتنة ، أما إذا خشيت على نفسك الفتنة بها ، أو كانت ممن يلتذ بسماع صوتها ، أو تخضع بالقول ، فلا يجوز الرد عليها ، وننصحك بعدم الرد مطلقا ، فالسلامة لا يعدلها شيء ، وبهذا تتخلص من ملاحقتها لك .
وأما الهدية فالأصل أنه يستحب قبولها ، إلا إذا كانت عوضا عن استمرار العلاقة المحرمة فلا تجوز حينئذ، وتقدم بيانه في الفتوى رقم : 57809 ، فإن لم تكن كذلك فلك الانتفاع بها ولا يجب عليك التصدق بثمنها .(27/233)
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
منع النظر إلى المحارم على وجه الالتذاذ والاستمتاع
تاريخ الفتوى : ... 08 محرم 1427 / 07-02-2006
السؤال
أعلم أن أم زوجتي من المحارم وهي تجلس معي كاشفة الوجه والكفين وتسلم علي بالمصافحة باليد فقط، وأحياناً نجلس لوحدنا ولكن وبكل صراحة هي بقدر كبير من الجمال وليس بيننا فارق سني كبير وأنا أخاف على نفسي من زلة - فأخبرت زوجتي بأنني لا أريد أن أصافح أمها لأن هذا ليس من طباعنا وعاداتنا وعلمت الأم وبدأت تتحاشى مقابلتي وتظن أنني متشدد وانطوائي- فهل ما فعلته صحيح، انصحوني؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأم الزوجة من محارم الزوج، لا حرج عليه من الخلوة بها ومصافحتها، وقد تقدم بيانه في الفتوى رقم: 11977.
هذا إذا أمنت الفتنة ولم تخش الشهوة، وإلا حرم ذلك، وكذا الحال مع بقية المحارم، قال العلامة السرخسي في المبسوط: إنما يباح المس والنظر إذا كان يأمن الشهوة على نفسه وعليها، فأما إذا كان يخاف الشهوة على نفسه أو عليها، فلا يحل له ذلك. انتهى.
وقال الباجي في شرح المنتقى: لا خلاف في منعه -أي النظر إلى أحد المحارم- على وجه الالتذاذ والاستمتاع به. وعليه فما فعله السائل صواب، بل هو الواجب عليه، ونسأل الله أن يعصمنا وإياه من الفتن.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(27/234)
الفتوى : ... الاختلاط بين الرجال والنساء في الجمعيات الخيرية
تاريخ الفتوى : ... 22 ذو الحجة 1426 / 22-01-2006
السؤال
شيخي الفاضل، أمر هذه الأيام بحيرة شديدة أوصلتني إلى الاكتئاب، وأريد من فضيلتكم أن ترشدوني وتفتوني حباً في رسول الله عليه والصلاة والسلام وإيماناً بأن الإسلام دين عبادة وإعمار، التحقت بصناع الحياة الاجتماعات وسط الجمعية مختلطة وبعض من أقاربي نصحني بمغادرة الجمعية بسبب الاختلاط، فما رأي فضيلتكم هل هذا اختلاط جائز، علماً بأن الجمعية تريد التنمية بالإيمان وأنا أرتدي الحجاب الشرعي، تقدم لخطبتي شاب متدين لكنه يريدني أن أترك دراسة الكيمياء لألتحق بدراسة العلوم الشرعية، ولأن الدراسة فيها اختلاط كما يهاجم الأستاذ عمرو خالد لأنه يتعامل مع بريطانيا وهي التي ساهمت في الحرب على العراق، ولأنه ليس ملتحيا ولأسباب مشابهة، هل ما يقول لديه أساس من الصحة في الدين، وهل أوافق على الارتباط به، أرجو من فضيلتكم أن ترشدوني حسب ما جاء في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم أسأل الله العظيم أن يبارك فيكم ويجزيكم عني كل خير؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاجتماع على الخير والتعاون في أمر الدعوة إلى الله سبحانه أمر مرغب فيه شرعاً، والواجب أن يضبط هذا الأمر بضوابط الشرع حتى تتحقق غايته وتجني ثمرته، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 31768، ولا ريب في أن الاختلاط المحرم بين الرجال والنساء سبب لكثير من المفاسد، ويؤدي إلى عكس المقصود في الدعوة إلى الله من تزكية النفوس وزيادة الإيمان، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 3539.
فإذا كان الأمر في هذه الجمعية على هذا النوع من الاختلاط من غير تمايز بين الرجال والنساء فلا يجوز لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر الارتباط بهذه الجمعية، بل(27/235)
الواجب الحذر منها ومناصحة من ينتمي إليها، وراجعي الفتوى رقم: 55432، والفتوى رقم: 59243.
وأما بخصوص زواجك من هذا الشاب، فإن تبين لك أنه صاحب دين وخلق فينبغي أن ترضي به زوجاً بعد أن تستخيري الله تعالى في أمره، وراجعي الفتوى رقم: 5485، وإن كان واقع دراستك الكيمياء مشتملاً على اختلاط بين الرجال والنساء فقد أحسن هذا الشاب في نصحك بترك هذه الدراسة، فتركها واجب والحالة هذه، سواء تزوج منك هذا الشاب أم لا، وراجعي الفتوى رقم: 2523، والفتوى رقم: 4030.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
قطع المرأة علاقتها بالشاب الأجنبي عنها
تاريخ الفتوى : ... 22 ذو الحجة 1426 / 22-01-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أود الاستفسار عن أمر يؤرقني أنا و للأسف من فترة سنوات مضت تعرفت لشاب وكنت أكلمه بالهاتف و أوهمته بأني أحبه وقد كان هذا من باب الاستهتار السائد هذه الأيام وعندما شعرت أنه يود الارتباط بي ويفكر فيَّ بشكل جدي خفت من أن أستمر معه وأنا لا أفكرفي الارتباط به وحتى لا أتلاعب بمشاعره وقلت له إني لا أحبه واتركني فأراد أن يخطبني فرفضت فطلب مني وعدا بأن لا أرتبط بغيره وعندما أشعر أني أفكر في الارتباط وبعد إنهاء دراستي أن يتقدم لخطبتي المهم أنه فقط يريد وعدا بعدم الارتباط بآخر وأنه سيأتي لخطبتي متى ما وافقت أنا على ذلك وظل ملحا لمدة سنتين أوأكثر وحاول بشتى الوسائل وكنت وقتها أشعر بتأنيب الضمير لأني خدعته وقد قلت له كلاما جارحا جدا من أني أكرهه ولا أريده وأنه لو كان آخر رجل لن أتزوجه واليوم وبعد مرور السنين وأنا مهتمة بدراستي فقط وأنا بعد التزامي و توبتي لله أخاف أن أكون قد ظلمته مع علمي ويقيني بأن ما(27/236)
بني على باطل فهو باطل ولكني أيضا أعلم أن المظلوم يقتص من ظالمه يوم الحساب وقد تكون دعوة المظلوم نافدة في الدنيا وكل ما يحصل لي موقف سيء أقول لربما هذا من دعوة ذلك الشخص وأتذكر القول تنام عينك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لا تنم فأفيدوني بما يريح ضميري أفادكم الله فقد أرقني الموضوع و احترت فيه فهل أبحث عنه وأشرح له أني وبعد توبتي أريد أن أطلب منه السماح وقد يكون هو اليوم متزوجا أو مسافرا أو أي شيء لانقطاع أخباره وأنا متعبة جدا لأن آخر كلماته لي كانت حسبي الله ونعم الوكيل مع العلم أني أستغفر الله كثيرا وأحاول إصلاح نفسي بعد أن هداني الله لطريق الخير وأحاول رد مظالمي لأصحابها و تصفية حسابات العباد مني في كل الأمور فهل تجزيني التوبة والاستغفار ولكني سمعت من كل الشيوخ أن كل شيء يغفر إلا حق العبد عند أخيه فبيده وحده أن يعفو عنه وفي النهاية أود شكركم على وقوفكم بجانب شباب الأمة واتمنى عدم الاستهانة برسالتي والدعاء لشبابنا بالهداية وترك الأمور التي نهى الإسلام عنها لما قد تخلفه في النفوس ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئاً لك التوبة ونسأل الله تعالى أن يحفظك فيما بقي وأن يثبتك على طريق الاستقامة حتى الممات .
ولا يخفى أن المحادثة بين الرجال والأجنبيات من النساء ذريعة لكثير من المفاسد والشرور ، والتهاون في ذلك يغلب أن تكون عاقبته الندم ، فالواجب على المسلم الحذر من الإقدام على شيء من ذلك ، وتراجع الفتوى رقم : 1932 ، وقد أحسنت في قطعك العلاقة بهذا الشاب وتوبتك إلى الله سبحانه ، فنوصيك بالإحسان في المستقبل والإكثار من الأعمال الصالحة ، وراجعي الفتوى رقم : 9024 ، وأما هذا الشاب فلا يلزمك تجاهه شيء ، فهو الذي قد ظلم نفسه وجنى عليها ، فلا تشغلي نفسك بالتفكير في أمره ، بل ينبغي أن تهوني على نفسك وتنصرفي إلى ما ينفعك في أمر دينك ودنياك .
والله أعلم .(27/237)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الاختلاط فرصة الشيطان الذهبية
تاريخ الفتوى : ... 22 ذو الحجة 1426 / 22-01-2006
السؤال
أنا إنسانة ملتزمة بحمد الله بالخلق الطيب والدين الوسط ولكن أنا أمرأة متعلمة ومثقفة وطبيعة عملي أنني أعمل في بعض الأحيان مع رجال وفق الضوابط الشرعية ولكن ابتليت لأنني امرأة متزوجة ولدي أبناء وكنت سوف أنفصل عن زوجي لعدة أسباب فيه.. تعرفت على رجل ولكن في ضمن إطار العمل ولم يحدث شيء بيننا سوى العمل ، ولكن أعجبت بشخصيته ولكن قد تملك حبه في قلبي وأحس أنه أيضا ولكن دون كلام أو شيء يوحي بالحب لأن كلينا محترم ولا نرضى بالزلل أو الخطأ وأنا أعاني الآن من أنه دائما في خيالي وأستغفر وأدعوا الله أن يبعد عني البلاء دائما لأني أخاف الله جدا وأعرف واجباتي جيدا أمام الله وإلى الآن أعاني ولكن دائما ألجأ إلى الذكر أو القرآن ، ولكن هل أأثم بذلك التخيل أو تذكر الأمر مع أني أجاهد نفسي كثيرا ولكنه الحب وعلى الرغم من أنه ليس سبب مشاكلي مع زوجي ؟
وسؤال آخر: هل يجوز أن أبقى مع زوجي واستمر في الحياة معه فقط بسبب الأولاد حتى أنني لا أرغب في معاشرته ولكن أريد رضا الله عني وهذا حقه فأرغم نفسي وأستغفر ولكن بقائي معه فقط لأبنائي وأريد أن أساعده فقط لأنه أخي في الدين وليس لأنه زوجي وأن أدعو الله أن يحسن علاقتي به وأن أنظر له دائما بالخير ولكن قلبي وعقلي وكياني لا يريد أن أكمل ولكن لا أستطيع الطلاق بسبب أبنائي وهذا هو سبب بقائي معه فهل يجوز ذلك ؟ وأقول إذا لم يتحسن وتتحسن العلاقة بيننا ويكبر الأبناء سوف أتطلق حينئذ فهل يجوز أيضا هذه النية ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/238)
فقد تكلم العلماء والمصلحون والدعاة عن خطر الاختلاط ومضاره ومفاسده ، وبينوا أن الله عز وجل خلق الإنسان وخلق فيه غرائز وميولا تدفع الذكور للإناث والعكس ، وما حدث للأخت الكريمة مع كونها متدينة دليل على أن الإنسان لا يمكن أن يدعي أنه سيصون نفسه عن الفتن الكائنة عند وجود الاختلاط مهما كان دينه ، فإن جو الاختلاط جو يسمح بتبادل الكلمات والنظرات والبسمات ، وفي تلك الأجواء يجد الشيطان فرصته ليقذف سهامه المسمومة إلى القلوب المريضة ، ولذا فإنا نوصيك بتقوى الله تعالى واجتناب مواطن الاختلاط قدر الطاقة ، فإن اضطررت فعليك أن تقتصري من ذلك على ما تدعو إليه الحاجة ، مع الستر التام والأدب والحشمة ، واجتنبي التفكير في هذا الرجل ، وكلما خطر لك خاطر فاستعيذي بالله تعالى ، واصرفي ذهنك إلى التفكير في ما ينفع ، وقومي بحق زوجك وتجملي له وأحسني إليه ، وأبعدي عنك الرغبة في الطلاق منه إذا كبر الأولاد أو قبل أن يكبروا ، واعلمي أن حقه عليك عظيم ، ويجوز لك البقاء مع زوجك وإن قلَّت رغبتك فيه وإن كان ذلك بسبب تربية الأولاد ، علماً بأنه يجب عليك القيام بحقه وطاعته إذا طلبك وأن لا تمنعي نفسك منه .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الخلوة وإظهار الزوجة زينتها أمام والد زوجها
تاريخ الفتوى : ... 19 ذو الحجة 1426 / 19-01-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
لدي صديق يسأل سؤالا مسببا له وساوس شيطانية يقول فيه :إنه في الغربة ويعيش في شقة صغيرة هووزوجتة ماحكم وجود والده معه في البيت فهو يخرج للعمل في الصباح ولايعود إلا في المساء إذا كان للوالد سوابق في معاكسة الشغالات سابقا لاتوجد شغالة بالبيت الآن فهو يظل مع زوجته لوحدهما أدري صعوبة السؤال ولكن أرجو مساعدتي وطمأنتي فأنا أنشد راحة البال له ولوالده ؟(27/239)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن والد الزوج من المحارم الذين يجوز للزوجة أن تظهر زينتها أمامهم والخلوة بهم عند أمن الفتنة قال تعالى : وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ {النور: 31 } فإذا لم تظهر من هذا الوالد ريبة تجاه زوجة ولده فلا حرج في وجوده معها وخلوته بها عند انصراف الولد إلى العمل وغيره ، ولا يجوز الاسترسال في أي نوع من الخواطر الشيطانية أو الظن به سوءاً خاصة وأنه الوالد والأصل السلامة قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ {الحجرات: 12 } وكون هذا الوالد قد حصلت منه بعض المخالفات الشرعية تجاه بعض النساء فلا يعني ذلك أن يحدث منه مثلها مع زوجة ابنه .
وأما إن وجد منه شيء من الريبة فلا يجوز لها إبداء زينتها أمامه ، ولا يمكن من الخلوة بها ، بل يعامل معاملة الأجنبي ، وعلى الابن أن يبحث عن سبيل يعالج به الأمر بشيء من الحكمة .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يجوز لأخي الزوج الدخول على زوجة أخيه والنظر إليها
تاريخ الفتوى : ... 18 ذو الحجة 1426 / 18-01-2006
السؤال
أنا متزوجة وعندي مشكلة وهي أنني أجلس في البيت مع زوجي ولدى زوجي إخوان يسكنون معنا في البيت، وأنا متحجبة منهم، ولكن عندما يخرج زوجي وأبقى في البيت يدخل إخوانه فجأة أحيانا وأكون بدون حجاب أقوم بسرعة وأغطي شعري، هل في ذلك إثم وماذا أفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي التنبيه إلى ثلاثة أمور:(27/240)
الأول: أنه لا يجوز أن يخلو أحد من أقارب الزوج أخا كان أو عما أو خالا بك؛ لما رواه البخاري ومسلم من حديث عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. والحمو أخو الزوج أو قريبه.
الثاني: أنه يحرم على كل منكم أن ينظر إلى وجه الآخر وإن أمن الفتنة. وسبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 50794 ، والفتوى رقم: 56103.
الثالث: أنه ينبغي لإخوان زوجك أن لا يدخلوا بيت أخيهم إلا بإذن وإعلام وطرق باب، وهذه أخلاق إسلامية ينبغي مراعاتها وتذكيرهم بها لأن أحدهم قد يدخل فيرى ما لا يجوز رؤيته، وهذه كلها حلول مؤقتة إلى أن ييسر الله تعالى أن يستقل كل ببيت يخصه.
وإذا تم الأخذ بهذه الاحتياطات ثم حصل نظر لم يكن مقصودا فعسى أن لا يكون فيه حرج لما في الحديث الشريف: لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى وليست لك الثانية. رواه أحمد والترمذي وأبو داود.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم إلقاء ورد السلام على النساء
سؤال:
هل يجوز لي أن أسلم أو أرد السلام على امراة أجنبية عني . يعني من غير المحارم ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
أمر الله تعالى بإفشاء السلام ، وأوجب الرد على من سلَّم ، وجعل السلام من الأمور التي تشيع المحبة بين المؤمنين .(27/241)
قال الله تعالى : ( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ) النساء /86 .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ ) . رواه مسلم ( 54 ) .
وفي جواب السؤال رقم (4596) نبذة مطولة عن أهمية السّلام وردّه ، فلينظر .
ثانياً :
الأمر بإفشاء السلام عامٌّ يشمل جميع المؤمنين ، فيشمل الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة ، والرجل مع محارمه من النساء . فكل واحد من هؤلاء مأمور بابتداء السلام ، ويجب على الآخر الرد .
إلا أن الرجل مع المرأة الأجنبية عنه لهما حكم خاص في ابتداء السلام ورده نظراً لما قد يترتب على ذلك من الفتنة في بعض الأحيان .
ثالثاً :
لا بأس أن يسلم الرجل من غير مصافحة على المرأة الأجنبية عنه إذا كانت عجوزاً ، أما السلام على المرأة الشابة الأجنبية فلا ينبغي إذا لم يؤمن من الفتنة ، وهذا هو الذي تدل عليه أقوال العلماء رحمهم الله .
سُئِلَ الإمام مَالِك هَلْ : يُسَلَّمُ عَلَى الْمَرْأَةِ ؟ فَقَالَ : أَمَّا الْمُتَجَالَّةُ (وهي العجوز) فَلا أَكْرَهُ ذَلِكَ ، وَأَمَّا الشَّابَّةُ فَلا أُحِبُّ ذَلِكَ .
وعلَّل الزرقاني في شرحه على الموطأ (4/358) عدم محبة مالك لذلك : بخوف الفتنة بسماع ردها للسلام .
وفي الآداب الشرعية (1/ 375) ذكر ابن مفلح أن ابن منصور قال للإمام أحمد : التسليم على النساء ؟ قال : إذا كانت عجوزاً فلا بأس به .
وقال صالح (ابن الإمام أحمد) : سألت أبي يُسَلَّمُ على المرأة ؟ قال : أما الكبيرة فلا بأس ، وأما الشابة فلا تستنطق . يعني لا يطلب منها أن تتكلم برد السلام .
وقال النووي في كتابه "الأذكار" (ص 407) :(27/242)
"قال أصحابنا : والمرأة مع المرأة كالرجل مع الرجل ، وأما المرأة مع الرجل ، فإن كانت المرأة زوجته ، أو جاريته ، أو محرماً من محارمه فهي معه كالرجل ، فيستحب لكل واحد منهما ابتداء الآخر بالسلام ويجب على الآخر رد السلام عليه . وإن كانت أجنبية ، فإن كانت جميلة يخاف الافتتان بها لم يسلم الرجل عليها ، ولو سلم لم يجز لها رد الجواب ، ولم تسلم هي عليه ابتداء ، فإن سلمت لم تستحق جواباً فإن أجابها كره له .
وإن كانت عجوزاً لا يفتتن بها جاز أن تسلم على الرجل ، وعلى الرجل رد السلام عليها .
وإذا كانت النساء جمعاً فيسلم عليهن الرجل . أو كان الرجال جمعاً كثيراً فسلموا على المرأة الواحدة جاز إذا لم يُخَفْ عليه ولا عليهن ولا عليها أو عليهم فتنة .
روى أبو داود (5204) عن أَسْمَاء ابْنَة يَزِيدَ قالت : مَرَّ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وروى البخاري (6248) عن سَهْلٍ بن سعد قَالَ : كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ تُرْسِلُ إِلَى بُضَاعَةَ ( نَخْلٍ بِالْمَدِينَةِ ) فَتَأْخُذُ مِنْ أُصُولِ السِّلْقِ فَتَطْرَحُهُ فِي قِدْرٍ وَتُكَرْكِرُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ ( أي تطحن ) فَإِذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ انْصَرَفْنَا وَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا فَتُقَدِّمُهُ إِلَيْنَا" . انتهى كلام النووي .
وقال الحافظ في "الفتح" :
عن جواز سلام الرجال على النساء ، والنساء على الرجال، قال : الْمُرَاد بِجَوَازِهِ أَنْ يَكُون عِنْد أَمْن الْفِتْنَة .
ونَقَل عن الْحَلِيمِيّ أنه قال : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعِصْمَةِ مَأْمُونًا مِنْ الْفِتْنَة , فَمَنْ وَثِقَ مِنْ نَفْسه بِالسَّلامَةِ فَلْيُسَلِّمْ وَإِلا فَالصَّمْت أَسْلَم .
ونَقَل عَنْ الْمُهَلَّب أنه قال : سَلَام الرِّجَال عَلَى النِّسَاء وَالنِّسَاء عَلَى الرِّجَال جَائِز إِذَا أُمِنَتْ الْفِتْنَة اهـ بتصرف .
والله تعالى أعلم .
انظر كتاب " أحكام العورة والنظر" إعداد / مساعد بن قاسم الفالح .
الإسلام سؤال وجواب(27/243)
ــــــــــــــ
المجالس المختلطة وما يفعل ليلة الزفاف
تاريخ الفتوى : ... 18 ذو الحجة 1426 / 18-01-2006
السؤال
1. إني سوف أتزوج قريبا و زوجي طلب مني أن أدخل معه إلى غرفة الضيافة لكي أسلم على أخيه وأجلس معه, وأنا فعلت الشيء الذي طلبه مني, وأنا يا شيخ منتقبة وأخاف الله عز وجل ولا كان يوجد لدي وقت لأشرح له أنه لا يجوز, ولكن هل يجوز الجلوس مع الرجال الأجانب إذا كان زوجي معي وأنا منتقبة, و إن لم يجز فماذا أقول لزوجي عن هذا الأمر؟ أرجوكم لا تتأخروا علي بالإجابة.
2. أريد نصائح ليوم زواجي, ماذا يجب علي أن أفعل مع زوجي في الحلال. هل يجب علي أن أري العائلة العلامة يعني الدم, و ما رأي الدين في هذا الشيء. هل يجب على الزوجين أن يصليا ركعتين لله تعالى قبل الجماع, أم ماذا؟
3. هل يجوز لزوجي أو للرجال أن يتكلموا مع النساء الأجانب من غير حاجز يعني جدار.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففهمنا من قولك (سوف أتزوج) أنك لم تتزوجي إلى الآن، فإن كان الأمر كذلك فهو أجنبي عنك، وإن كان قد عقد عليك ولم تبق إلا الزفة، فهو زوجك.
وأما دخول المرأة على الرجال الأجانب سواء كانوا أقارب للزوج كأخيه أو ابن عمه أم أباعد فلا حاجة إليه، بل هو باب من أبواب الشيطان، وفيه تعرض للمحرمات، فإنه من العسير أن يكون الرجل والمرأة في مكان واحد أو مجلس واحد دون أن تنظر إليه أو ينظر إليها وهذا محرم لا يجوز، بشهوة كان النظر أم بغير شهوة، وقد سبق ذلك في الفتوى رقم: 67217 والفتوى رقم:50794، مع أن الأمر في المجالس المختلطة لا يقتصر على النظر المحرم عادة ، بل يتعداه إلى غيره فهذه تضحك وتقهقه وذاك ينظر ويتبسم، ويدخل الشيطان في تلك الأجواء ليضع سهامه المسمومة في القلوب حتى يفتنها.(27/244)
وأما ما ينبغي فعله يوم الزفاف فسبق في الفتاوى التالية برقم:41888 ورقم: 2521 ورقم:15312 ورقم: 39793،
ولا يجب عليك أن ترى وليك الدم النازل عند الجماع بسبب فض غشاء البكارة كدليل على عذريتك بل هذا عادة قبيحة وبدعة منكرة يجب تركها والحذر منها كما هو مبين في الفتوى رقم:21138 . وصلاة الركعتين أمر مستحب وليس واجبا، فلو تركه الزوجان فلا إثم عليهما.
وأما بشأن السؤال الثالث: فيجوز للرجل أن يحدث المرأة الأجنبية التي ليست من محارمه ولو كانت المرأة غير متحجبة ولكن دون أن ينظر إليها ويكون الحديث لحاجة كما سبق بيان ذلك في الفتاوى التالية برقم:61937 ورقم: 56052 ورقم: 17502.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
كيف أنصح المدمن على الصور الفاضحة
سؤال:
لي صديق يستخدم الانترنت ويدخل على مواقع تعرض صورا فاضحة، فما هو الحكم الشرعي في ذلك ، وكيف يمكنني مساعدته للابتعاد عن هذه الأمور؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز النظر إلى الصور الفاضحة التي تعرض مفاتن المرأة ، سواء في مواقع الانترنت أو في الجرائد أو المجلات أو غيرها ، وذلك لأن النظر إليها وسيلة إلى التلذذ بها ومعرفة ذات الصورة ومعرفة جمالها .
وهذا قد يكون وسيلة إلى الحصول عليها فيَحرُم ، لأن الوسائل لها أحكام الغايات ( فتاوى اللجنة الدائمة 2424 ) بتصرف
ولقد تهاون كثير من الناس في النظر إلى صور النساء الأجنبيات بحجة أنها صورة لا حقيقة لها ، وهذا أمر خطير جداً ، لأنه لابدّ أن يكون من ذلك فتنةٌ على(27/245)
قلب الرجل تجرّه إلى أن يتعمد النظر إلى المرأة مباشرة ، وقد قال تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم ) النور/30 . (مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين2/268) بتصرف .
ويمكنك أيها الأخ مساعدة صديقك للابتعاد عن هذا الأمر بإدامة النصح له وتخويفه بالله تعالى وأنه مطلع عليه لا يخفى عليه من أمره شيء ، وتذكيره بنعمة الله تعالى عليه بأن رزقه بصراً يرى به ما ينفعه ، وحرم عليه أن يستعمله في النظر إلى ما حرّم الله ، وهو جلّ جلاله سائله عنه ، ولذلك ختم الله تعالى الآية السابقة بقوله : ( إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور/ 30 ، وقال تعالى : ( كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) الإسراء/36
ولو تأمل العاقل وهو ينظر إلى هذه الصور المحرّمة الفاتنة لأدرك أنه لا يجني من وراء هذه النظرات إلاّ الحسرات والآلام والآهات ، إذ لا يستطيع أن يظفر بحقيقة هذه الصور ، وصدق الشاعر إذ يقول :
وكنت متى أرسلت طرفك رائداً *** لقلبك يوماً أتعبتك المناظرُ
رأيت الذي لا كلَّه أنت قادرٌ *** عليه ولا عن بعضه أنت صابرُ
وقال آخر :
كم نظرة فتكتْ في قلب صاحبها *** فتك السهام بلا قوس ولا وتر
والمرء ما دام ذا عين يقلّبها *** في أعين الغير موقوف على الخطر
يسّر مقلتهُ ما ضرّ مهجته *** لا مرحباً بسرور عاد بالضّررِ
فتبيَّن أنه ليس من وراء النظر إلى هذه الصور الفاضحة إلاَّ سخط الله وضياع الوقت والمال في غير مرضاته ، وتعذيب النفس .
والواجب على المسلم أن يقبل على طلب العفاف بالنكاح ، وبذل الأسباب لذلك .
وترك رفقاء السوء الذين قد يكون لهم أثر سيء في التعرف والحث على تصفح مثل هذه المواقع السيئة .
وليشغل الإنسان وقته بما يعود عليه بالنفع في دينه ودنياه ، كحفظ كتاب الله وحضور مجالس الذكر ، وتصفُّح المواقع التي تعرض الفائدة والعلم الصحيح النافع .(27/246)
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
العمل في الإمامة والدعوة خير من العمل في مدرسة مختلطة تمنع من الصلاة
تاريخ الفتوى : ... 16 ذو الحجة 1426 / 16-01-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
يا شيخ بارك الله فيك أفتونا بالحل مأجورين : أنا أعمل في قطاع التعليم في بلد، والعمل فيه يتزامن دائما مع أوقات الصلاة ، وتبعا لذلك أود أن أوجه إلى جنابكم هذه الأسئلة فأجيبوني عنها بالله عليكم:
1. ما العمل والصلاة تفوتني دائما بسبب العمل ، وأرباب العمل لا يسمحون لنا بالصلاة ، أوالتغيب من أجل الصلاة ، هل أواصل هذا العمل أم أنقطع عنه ؟ مع العلم أني مغرم بالتعليم، وأفيد التلاميذ، وليس لدي مورد رزق آخر إذا انقطعت عن هذا العمل .
2. كيف يفعل التلاميذ الذين يمنعون حتى من الصلاة داخل المعهد ؟
3. اذا أمكن لي أو للتلميذ الصلاة منفردا خفية داخل إحدى قاعات الدرس فهل يعتبر ذلك عذرا للتخلف عن الصلاة في المسجد ؟ خاصة وأن المسألة تتكرر في كامل العام الدراسي والنبي صلى الله عليه وسلم قال : لا صلاة لمن صلى في بيته ما لم يمنعه عذر من اتباع المؤذن.
4. إذا قدرت أن أجمع بعض التلاميذ خفية للصلاة جماعة؛ فهل هذه الجماعة تغني عن الصلاة في المسجد ؟
5. هل مقدار الوقت الذي تستغرقه مني الصلاة داخل قاعة الدرس يعتبر سرقة من وقت التلاميذ ؟
6. هل تدريسي في هذه الأقسام المختلطة حرام ؟ خاصة وأني أدرس بنات بالغات ، ويتبرجن تبرجا فظيعا ، ويمنع على الأستاذ منعهم من ذلك.
أخيرا يا شيخ لدي بعض العلم في أمور الدين وقد اقترح علي والدي تولي منصب إمام وخطيب في أحد المساجد خاصة وأن لدي قدرات هائلة في الخطابة مع(27/247)
التخلي عن مهنة التدريس و ما تحويه من شبهات، ولكن المشكل أن الراتب الذي يقدمونه للإمام ضعيف جدا ، ولا يكفي حتى لإعالة شخص واحد ، ومع ذلك فأنا أجد نفسي مندفعا لذلك ، وأريد أن أقتنع برزق الله ولو كان قليلا ، فهل نيتي إفادة الناس بالإمامة وأخذ الراتب للاستعانة به في الحياة غير جائز ؟ خاصة وأني على أبواب الزواج .
يا شيخ أقسمت عليكم بالله أن تجيبوني على أسئلتي كلها في أقرب وقت ؛ لأني في حزن ولا أعلم ماذا أفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تأخير الصلاة عن وقتها عمداً كبيرة من كبائر الذنوب لقول الله تعالى : فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4 ـ 5 } قال ابن عباس وغيره في معنى ساهون : أي يؤخرونها عن وقتها
ولقول الله تعالى : فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم: 59 } قال ابن مسعود وغيره : إضاعتها تأخيرها عن وقتها ، وليس العمل أو الدراسة عذراً شرعياً في تأخير الصلاة وإخراجها عن وقتها ، وعليه فإنه يجب عليكم أن تؤدوا الصلاة لوقتها ، ويحرم عليكم طاعة أرباب العمل في إخراج الصلاة عن وقتها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . رواه أحمد
فإن لم يسمحوا لكم بأداء الصلاة جماعة في المسجد فأقيموا الجماعة في مكان عملكم أو مدرستكم ، فإن منعتم من إقامتها جماعة فلا حرج عليكم من أن يصلي كل واحد منكم على انفراد ، فإن منعتم من الصلاة فرادى فلا يجوز لك ولا للتلاميذ البقاء في تلك المدرسة وعليكم بالبحث عن مكان آخر ، وقد قال الله تعالى : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2 ـ 3 } وهذا وعد من الله الذي لا يخلف الميعاد ، فهو وعد متحقق لمن اتقى الله تعالى ، وفي حالة تمكنكم من الصلاة جماعة أو فرادى ، فإن وقت الصلاة لا يعتبر سرقة من وقت العمل بل هو وقت لله تعالى يجب عليكم أداء الصلاة فيه .(27/248)
وأما تدريس النساء المتبرجات فإن هذه طامة أخرى ، وذلك أن الله تعالى أمر بغض البصر عن الحرام فقال تعالى : قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور: 30 } ولا شك أن تدريس المتبرجات يشق معه هذا الغض الواجب ، وإننا ننصح الأخ السائل بالبحث عن عمل آخر لا معصية لله فيه، فإن هذا خير له من العمل في مكان تضيع فيه الواجبات ، وتنتهك فيه المحرمات .
ولا شك أن إمامة الناس بالصلوات في المسجد والخطابة والقيام بتعليمهم دينهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر لا شك أن هذا من أعظم القربات؛ بل هي وظيفة الأنبياء والمرسلين ، فنحثك على تولي ذلك مع الإخلاص لله تعالى ، وسيفتح الله لك من أبواب الرزق ما لم تكن تحتسب ، والراتب الذي ستأخذه على الإمامة حلال مباح ما دمت مخلصاً لله تعالى في إمامتك لا تريد بها غير وجه الله ، وانظر الفتوى رقم : 10767 ، والفتوى رقم : 9495 ، وكذلك الفتوى رقم : 9812 ، وكلها حول تأخير الصلاة لأجل العمل .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... يجب عليك إنكار الاختلاط الذي يحصل في بيتك
تاريخ الفتوى : ... 19 ذو الحجة 1426 / 19-01-2006
السؤال
لدي شقة أستضيف فيها زملاء الكلية حيث إننا نعمل بصورة جماعية مع زملاء وزميلات وذلك حسب اشتراط الكلية والحمد لله يتم العمل بما يرضي الله وكلنا ملتزمون والحمد لله ولكن في الآونة الأخيرة تقدم أحد الشباب لزميلة لي في العمل وهم يتحدثون على انفراد ولساعات في شرفة المكان وهذا بالطبع لا يرضي الله فهل أكون أذنبت لو تركت هذا الأمر يحدث في المكان ملكي ولم أحاول في إصلاحه أو إرشادهم وكيف لي أن أصلح بدون أن يكون هناك إحراج لي أو لهم أفيدوني وأرشدوني ؟(27/249)
جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استضافتك لزملائك في الكلية من فتيات وفتيان واجتماعكم في شقة واحدة هو من الاختلاط, وقد بينا حكمه في الفتاوى ذات الأرقام التالية : 8221 ، 8890 ، 17191 ، وذكرنا خلالها ضوابط جوازه وبينا ما يترتب عليه من محاذير، وأنه لا يخلو في هذا الزمن الذي خلع الناس فيه جلباب الحياء وفشا التبرج والسفور وضعف الوازع الديني من حصول أمور محرمة .
وأما ما حصل بين الفتى والفتاة فهو منكر كان الواجب عليك إزالته وتغييره وأنت تملكين ذلك لكونهما بشقتك وفي ضيافتك، فإما أن يلتزما بالأدب وينضبطا بضوابط الشرع أو يخرجا، ولا يجوز لك السكوت على مثل ذلك، وإن فعلت فأنت مشاركة للفاعل في الإثم لكونك قد هيأت له الأسباب وأعنتِه على ذلك فلا ترضي به، ولا يحملك الحرج من المخلوق على إسخاط الخالق، ففي الحديث : من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس . رواه الترمذي وفي رواية لابن حبان : ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس . وانظري الفتويين رقم : 25032 ، 42930 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل تأثم المرأة إذا وجد الأجنبي ريحا منها دون قصد منها لذلك؟
تاريخ الفتوى : ... 09 ذو الحجة 1426 / 09-01-2006
السؤال
يوجد لدينا حارس كبير في السن ، وأضطر أن أناوله شيئا ، أو هو يناولني شيئا من وراء الباب ، وأحيانا أكون متعطرة(27/250)
في البيت ، وكثيرا ما أترك وضع العطر خوفا من الذنوب ، وعندما أكون متعطرة لا أفتح الباب ؛ ولكن أضطر أن أناوله شيئا ضروريا ، ولقد مللت من هذا الوضع ، فهل أكون ارتكبت ذنبا وإذا لم أتعطر وأرتاح في بيتي فأين أتعطر؟
وجزاكم خير الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تضعين العطر في بيتك دون قصد منك أن يجد الحارس أو غيره من الأجانب ريحه واضطررت إلى ملاقاة الحارس لعدم وجود من يسد حاجتك إليه واحتطت عند ملاقاته، فلا حرج في ذلك إن شاء الله لكونه صلى الله عليه وسلم قد علق حكم المنع
على قصد المرأة فتنة الرجال وتعرضها لهم كما في قوله: أيما امرأة استعطرت فمرت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية. أخرجه أحمد وغيره، قال المناوي في فيض القدير : (ليجدوا) أي لأجل أن يشموا (ريحها) أي ريح عطرها، فقصدت ذلك (فهي زانية) أي هي بسبب ذلك متعرضة للزنا ساعية في أسبابه داعية إلى طلابه فسميت لذلك زانية مجازا.
ولأن منع المرأة من ذلك في بيتها مما يوقعها في الحرج والمشقة ، فيجوز لها ذلك مع أخذ الحيطة واستعمال بعض العطور خفيفة الرائحة ، وعدم الاحتكاك بالأجنبي حارسا كان أو غيره بالمنزل ، وألا تكون تعطرت وهي تريد ملاقاته لحاجة أوغيرها. وغير ذلك مما ينبغي مراعاته في هذا المقام ؛ لخطورة الوصف في قوله صلى الله عليه وسلم: (فهي زانية).
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نظرة واقعية للزواج من الكتابيات
سؤال:(27/251)
هل يحق للرجل المسلم الزواج من امرأة نصرانية أو يهودية كما تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم بمارية القبطية ؟.
الجواب:
الحمد لله
لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم مارية القبطية ، بل كانت أمَة له ، وكان قد أهداها له المقوقس صاحب مصر ، وذلك بعد صلح الحديبية .
والأمة يجوز الاستمتاع بها ومعاشرتها حتى لو لم تكن مسلمة لأنها من ملك اليمين والله تعالى أباح ملك اليمين من غير شرط الإسلام قال تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُون* إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) سورة المؤمنون/5-6
أما الزواج من نصرانية أو يهودية فهو جائز بنص القرآن بقوله تعالى : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ) المائدة / 5 .
قال ابن القيم :
ويجوز نكاح الكتابية بنص القرآن ، قال تعالى : { والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } ، والمحصنات هنا هن العفائف ، وأما المحصنات المحرمات في سورة النساء فهن المزوجات ، وقيل : المحصنات اللاتي أُبحن هن الحرائر ، ولهذا لم تحل إماء أهل الكتاب ، والصحيح : الأول لوجوه – وذكرها - .
والمقصود : أن الله سبحانه أباح لنا المحصنات من أهل الكتاب ، وفعله أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم ، فتزوج عثمان نصرانية ، وتزوج طلحة بن عبيد الله نصرانية ، وتزوج حذيفة يهودية .
قال عبد الله بن أحمد : سألت أبي عن المسلم يتزوج النصرانية أو اليهودية ، فقال : ما أحب أن يفعل ذلك ، فإن فعل فقد فعل ذلك بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .(27/252)
" أحكام أهل الذمة " ( 2 / 794 ، 795 ) .
ونحن وإن قلنا بالجواز ، ولا نشك بذلك للنص الواضح فيه ، إلا أننا لا نرى أن يتزوج المسلم كتابية ، وذلك لأمور :
الأول : أن من شروط التزوج من الكتابية أن تكون عفيفة ، وقلَّ أن يوجد في تلك البيئات من هن عفيفات .
والثاني : أن من شروط التزوج من الكتابية أن تكون الولاية للمسلم ، والحاصل في هذا الزمان أن من يتزوج من بلد كافر فإنه يتزوجهن وفق قوانينها ، فيطبقون عليه نصوص قوانينهم وفيها من الظلم والجور الشيء الكثير ، ولا يعترفون بولاية المسلم على زوجته وأولاده ، وإذا ما غضبت المرأة من زوجها هدمت بيته وأخذت أولادها بقوة قانون بلدها ، وبإعانة سفاراتها في كافة البلاد ، ولا يخفى الضعف والعجز في مواجهة تلك البلاد وسفاراتها في بلدان المسلمين .
والثالث : أن النبي صلى الله عليه وسلم رغَّبنا بذات الدين من المسلمات ، فلو كانت مسلمة توحد الله لكنها ليست ذات دين وخلق فإنه لا يرغب بزواجها ، لأن الزواج ليس هو الاستمتاع بالجماع فقط ، بل هو رعاية لحق الله وحق الزوج ، وحفظ لبيته وعرضه وماله ، وتربية لأولاده ، فكيف يأمن من يتزوج كتابية على تربية أبنائه وبناته على الدين والطاعة ، وهو تارك لهم بين يدي تلك الأم التي تكفر بالله تعالى وتشرك معه آلهة ؟ .
لذا وإن قلنا بجواز التزوج من كتابية إلا أنه غير محبَّذٍ ولا يُنصح به ، لما يترتب عليه من عواقب ، فعلى الإنسان المسلم العاقل أن يتخيّر لنطفته أين يضعها . وأن ينظر نظراً مستقبلياً لحال أولاده ودينهم ، وألا يعميه عن النظر الواعي شهوة جارفة ، أو مصلحة دنيوية عاجلة أو جمال ظاهري خادع ، فإنما الجمال جمال الدين والأخلاق .
وليعلم أنه إن ترك مثل هذه الزيجات ابتغاء الأفضل لدينه ودين أبنائه فإن الله تعالى يعوِّضه خيراً ، إذ أن " من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه " كما أخبر بذلك الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى عليه صلوات الله وسلامه . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل . انظر جواب السؤال رقم : ( 2527 ) .(27/253)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
ضوابط مشاركة المرأة في العمل العام ... العنوان
ما حكم مشاركة المرأة في العمل العام ؟ أليس في هذا اختلاط ؟
... السؤال
28/06/2005 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ؛ والحمد لله ؛ والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:ـ
لا ما نع من مشاركة المرأة في العمل العام ، وتأسيس وإدارة الجمعيات بغرض دعوة المسلمات ، وذلك مع التزامها بآداب الشرع الحنيف ، من غض البصر ، والالتزام بالزي الإسلامي ، وعدم الخضوع في القول ، وعدم الاختلاء بالرجال .
جاء في فتاوى المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث :
نبه المجلس إلى المكانة المتميزة التي خولها الإسلام المرأة إذ جعلها شقيقة للرجل، مساوية له في الإنسانية وفي حمل أمانة الله في تكامل بين الحقوق والواجبات }ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف{ [البقرة: 228]، ولا ريب أن المرأة تعرضت قديماً وحديثاً لمظالم شتى إفراطاً وتفريطاً، وما أنصفها غير الإسلام.
وفيما يخص مشاركة المرأة في العمل العام، فإن المجلس قد أكد أن لها حقاً قد يرتفع أحياناً إلى درجة الواجب في أن تؤسس أو تشارك في تأسيس وإدارة المراكز الإسلامية والجمعيات الخيرية، فتنهض بدعوة المسلمين وغيرهم، وتقدم الخدمات إليهم، لا سيما لبنات جنسها. كما أن لها أن تشارك في الأعمال المنظمة بقصد استئناف الحياة الإسلامية، كما لها المشاركة في العمل السياسي انتخاباً وترشيحاً.(27/254)
وكل ذلك مشروط بأن يكون وفق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وآدابها في جميع الأحوال. أ.هـ
وقد يقول البعض أن في هذا اختلاط بالرجال ، ويجب أن نعرف أن للاختلاط آدابا معينة يجب الالتزام بها .
ويقول الدكتور يوسف القرضاوي في آداب الاختلاط :
الواجب في ذلك هو الاشتراك في الخير، والتعاون على البر والتقوى، في إطار الحدود التي رسمها الإسلام، ومنها:.
1ـ الالتزام بغض البصر من الفريقين: فلا ينظر إلى عورة، ولا ينظر بشهوة، ولا يطيل النظر في غير حاجة، قال تعالى: (قل للمؤمنين يَغُضُّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون.. وقل للمؤمنات يَغْضُضْنَ من أبصارهن ويحفظن فروجهن). (النور 30، 31).
2ـ الالتزام من جانب المرأة باللباس الشرعي المحتشم: الذي يغطي البدن ما عدا الوجه والكفين، ولا يشف ولا يصف، قال تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جيُوبهن). (النور: 31).
وقد صح عن عدد من الصحابة أن ما ظهر من الزينة هو الوجه والكفان.
وقال تعالى في تعليل الأمر بالاحتشام:(ذلك أدنى أن يُعْرَفْنَ فلا يُؤْذَيْنَ) (الأحزاب: 59).أي أن هذا الزيَّ يميز المرأة الحرة العفيفة الجادة من المرأة اللعوب المستهترة، فلا يتعرض أحد للعفيفة بأذى ؛ لأن زيها وأدبها يفرض على كل من يراها احترامها.
3ـ الالتزام بأدب المسلمة في كل شيء: وخصوصًا في التعامل مع الرجال:.
أ - في الكلام: بحيث يكون بعيدًا عن الإغراء والإثارة، وقد قال تعالى: (فلا تَخْضَعْنَ بالقول فيطمع الذي في قلبه مَرَضٌ وقلن قولاً معروفًا). (الأحزاب: 32).
ب - في المشي: كما قال تعالى: (ولا يضربن بأرجلهن ليُعْلَمَ ما يُخْفِين من زينتهن) (النور: 31)، وأن تكون كالتي وصفها الله بقوله: (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء). (القصص: 25).(27/255)
جـ - في الحركة: فلا تتكسر ولا تتمايل، كأولئك اللائي وصفهن الحديث الشريف بـ " المميلات المائلات " ولا يصدر عنها ما يجعلها من صنف المتبرجات تبرج الجاهلية الأولى .
4ـ أن تتجنب كل ما شأنه أن يثير ويغري، من الروائح العطرية، وألوان الزينة التي ينبغي أن تكون للبيت لا للطريق ولا للقاء مع الرجال.
5ـ الحذر من أن يختلي الرجل بامرأة وليس معهما محرم: فقد نهت الأحاديث الصحيحة عن ذلك، وقالت :" إن ثالثهما الشيطان " إذ لا يجوز أن يُخَلَّي بين النار والحطب.
6ـ أن يكون اللقاء في حدود ما تفرضه الحاجة: وما يوجبه العمل المشترك دون إسراف أو توسع يخرج المرأة عن فطرتها الأنثوية، أو يعرضها للقيل والقال، أو يعطلها عن واجبها المقدس في رعاية البيت وتربية الأجيال.
والله أعلم
ــــــــــــــ
الفتوى : ... آثار إقامة الرجل علاقة عاطفية مع امرأة أجنبية
تاريخ الفتوى : ... 02 ذو الحجة 1426 / 02-01-2006
السؤال
إن أخي كان يحب فتاة وجاء وأخبرني بأنه يحبها وأخبر أهلي بالقصة فأنا ساعدته وأخبرت الفتاة فأنا أخبرتها عندما تأكدت من أنه يحبها جدا فأصبحت بينهما علاقة فقط يتكلمون مع بعض لمدة ثلاث سنوات فكانت الفتاة خائفة جدا لأنها متدينة وتعرف بأنها تخطىء فكانت تقول له بأن يأتي ويطلب يدها وكانت تقول لي هذا الحديث أيضا ولكن أهلي لم يوافقوا على هذا الطلب لأن أخي أزعر وكانوا خائفين على الفتاة أن تبتلى من أخي فبعد علاقه ثلاث سنوات اتصل بها وقال لها بأني أنا (أخته) مريضة وأريدها أن تأتي عندي فكانت خدعة منه فلم يكن أحد في البيت حتى حاول الاعتداء عليها فقال لها إذا قلت لأحد سوف أفضحك فطلب منها أن يلتقي معها فهي من الخوف ذهبت وبعد سنة تركها أخي ولكن أهلي عرفوا في الأمر ولكن لم يعاقبوه إنما أنا ضميري يؤلمني لأنني أنا أخبرت الفتاة بأن أخي(27/256)
يحبها والمدهش بأن أخي يخطىء كثيرا ولكن الله سبحانه وتعالى يعطيه ما يريد حتى أنه فتح شركة كبيرة جدا وناجحة مع العلم بأنه أزعر ويضحك على البنات .( وأريد أن أخبركم بأن الفتاة التي تركها أخي قد خطبت لأحسن شاب في العالم ) ما هو عقاب أخي وعقاب أهلي أيضا ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حرم الإسلام على المسلم إقامة علاقة عاطفية مع امرأة أجنبية عليه ، لأن ذلك ذريعة إلى الشر والفساد ، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم : 30003 ، وقد سبق أن فصلنا القول في حكم الحب قبل الزواج وذلك بالفتوى رقم : 4220 ، فلتراجع .
وما أقدم عليه أخوك من محاولة الاعتداء على هذه البنت ونحو ذلك لمن أعظم البراهين على خطورة إقامة مثل هذه العلاقات ، وأما العقوبة دنيوية كانت أو أخروية فتختلف باختلاف الذنب الذي ارتكبه ، وراجعي الفتوى رقم : 36587 ، والفتوى رقم : 26237 ، وعلى كل حال فإن الواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى وأن يستر على نفسه فلا يخبر بما فعل أحد من الناس ، وتراجع الفتوى رقم : 20880 .
ولا شك أن الواجب على من اطلع منه على هذا الفعل القبيح أن ينكر عليه، فمن لم يفعل من غير عذر يمنعه فإنه يأثم سواء أهلك أم غيرهم ، وأما تصرفك بإخبار هذه البنت بحب أخيك لها فإن كان بقصد مساعدته على إقامة هذه العلاقة فقد يلحقك شيء من الإثم فتجب عليك التوبة منه .
وأما ما ذكرت من ارتكاب أخيك للمعاصي مع تجدد النعم عليه فإن هذا استدراج ، وراجعي في هذا الفتوى رقم: 47005 ، والفتوى رقم : 40377 ، فالواجب نصحه وتذكيره بالله تعالى وإطلاعه على هذه الفتاوى التي أحلنا عليها إن أمكن .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(27/257)
حكم مبيت المرأة عند أسرة فيها رجال غير محارمها
تاريخ الفتوى : ... 05 ذو الحجة 1426 / 05-01-2006
السؤال
أود أن أطرح عليكم سؤالا اختلفت فيه وجهات النظر بين أصدقائنا في أوربة... هل يجوز مبيت المرأة المسلمة عند أسرة من غير محارمها؟
لكم الشكر سلفاً ودمتم في حفظ الله ورعايته.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن جهة العموم يجوز للمرأة المسلمة المبيت عند أسرة فيها رجال غير محارمها عند الحاجة إلى ذلك إذا أمنت الفتنة، ولم تكن خلوة أو دخول للأجانب عليها ونحو ذلك من المخالفات الشرعية التي يحكم معها بالمنع من مبيت المرأة عند غير محارمها. وتراجع الفتوى رقم: 19493 ،
والفتوى رقم: 38789.
وبما أن كثيرا من المجتمعات المسلمة فضلا عن غيرها لا تراعي الضوابط الشرعية في الدخول على المرأة الأجنبية، فينبغي للمرأة المسلمة أن تكون فطنة فتحذر ما قد يجرها إلى الفنتة في دينها وعرضها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حدود العلاقة بين المرأة وابن خالتها
تاريخ الفتوى : ... 26 ذو القعدة 1426 / 27-12-2005
السؤال
جلوس بنت مع ابن خالتها على انفراد في غرفة لوحدهما أيعد خلوة أو خروجهم مع بعض في مطعم ومدى الخط الذي لا يجوز تجاوزه في العلاقة بينهما؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/258)
فجلوس المرأة مع ابن خالتها في غرفة منفردة خلوة محرمة ولا شك، والواجب عليهما إن حدث ذلك التوبة، ومن التوبة الندم على فعلهما والعزم على أن لا يعودا إلى ذلك، وخروجهما إلى المطعم منفردين لا يسلمان معه في الغالب من الوقوع في محظور كالخلوة مثلا أو ما يؤدي إليها فيجب تركه أيضا.
وأما عن حدود العلاقة بين المرأة وابن خالتها أو ابن خالها أو ابن عمها ، فهي مثل علاقتها بأي أجنبي آخر سواء بسواء، فلا يجوز أن يحدث بينهما خلوة ولا أن تتكشف أمامه، ويحرم عليه أن ينظر إلى وجهها بشهوة أو بغير شهوة، وغير ذلك مما لا يجوز بين الأجنبيين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
شروط خروج المرأة إلى المسجد
سؤال:
هل يجوز للمرأة الذهاب لصلاة التهجد في المسجد دون محرم ؟ حيث إن المسجد بجوار البيت ورجال البيت لا يؤدون هذه الصلاة .
الجواب:
الحمد لله
يجوز للمرأة أن تذهب إلى المسجد للصلاة بشروط معينة ، وليس من هذه الشروط أن يكون معها محرم، فلا حرج عليها من الذهاب إلى المسجد للصلاة من غير محرم .
جاء في فتاوى "اللجنة الدائمة" (7/332) :
فأجابت :
يجوز للمرأة المسلمة أن تصلي في المساجد ، وليس لزوجها إذا استأذنته أن يمنعها من ذلك ما دامت مستترة ولا يبدو من بدنها شيء مما يحرم نظر الأجانب إليه ؛ لما رواه ابْنَ عُمَرَ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ إِلَى الْمَسَاجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ ) . وفي رواية : ( لا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ(27/259)
حُظُوظَهُنَّ مِنْ الْمَسَاجِدِ إِذَا اسْتَأْذَنكُمْ ) فَقَالَ بِلالٌ (هو ابن لعبد الله بن عمر) : وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ . فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ : أَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُولُ أَنْتَ لَنَمْنَعُهُنَّ . رواهما مسلم .
فإن كانت متكشفة قد بدا من بدنها ما يحرم على الأجانب النظر إليه أو كانت متطيبة فلا يجوز لها الخروج على هذه الحالة من بيتها فضلا عن خروجها إلى المساجد وصلاتها فيها ؛ لما في ذلك من الفتنة ؛ قال الله تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ ) النور/31 .
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الأحزاب /59 .
وثبت أن زينب الثقفية كانت تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْعِشَاءَ فَلَا تَطَيَّبْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ) . وفي رواية : ( إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلا تَمَسَّ طِيبًا ) رواهما مسلم في صحيحه .
وثبت في الأحاديث الصحيحة أن نساء الصحابة كن يحضرن صلاة الفجر جماعة متلفعات بمروطهن (أي ساترات وجوههن) ما يعرفهن أحد من الناس ، وثبت أن عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قالت : سَمِعَتْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ : ( لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) فقيل لِعَمْرَةَ : أَنِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُنِعْنَ الْمَسْجِدَ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . رواه مسلم في صحيحه .
فهذه النصوص تدل دلالة واضحة على أن المرأة المسلمة إذا التزمت آداب الإسلام في ملابسها وتجنبت ما يثير الفتنة ويستميل نفوس ضعفاء الإيمان من أنواع الزينة المغرية ، لا تمنع من الصلاة في المساجد، وأنها إذا كانت على حالة تغري بها أهل الشر وتفتن من في قلبه ريب منعت من دخول المساجد ، بل تمنع من الخروج من بيتها ومن حضور المجامع العامة اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "مجموع الفتاوى" (14/211) :(27/260)
"ولا بأس بحضور النساء صلاة التراويح إذا أمنت الفتنة بشرط أن يخرجن محتشمات غير متبرجات بزينة ولا متطيبات" اهـ .
وجمع الشيخ بكر أبو زيد في كتابه "حراسة الفضيلة" (ص86) شروط خروج المرأة إلى المسجد فقال :
"أذن للمرأة بالخروج للمسجد وفق الأحكام الآتية :
1-أن تؤمن الفتنة بها وعليها .
2- أن لا يترتب على حضورها محذور شرعي .
3- أن لا تزاحم الرجال في الطريق ولا في الجامع .
4- أن تخرج تَفِلَة . أي : غير متطيبة .
5- أن تخرج متحجبة غير متبرجة بزينة .
6- إفراد باب خاص للنساء في المساجد ، يكون دخولها وخروجها منه ، كما ثبت الحديث بذلك في سنن أبي داود وغيره .
7- تكون صفوف النساء خلف الرجال .
8- خير صفوف النساء آخرها بخلاف الرجال .
9- إذا ناب الإمام شيء في صلاته سبح رجل ، وصفقت امرأة .
10- تخرج النساء من المسجد قبل الرجال ، وعلى الرجال الانتظار حتى انصرافهن إلى دورهن ، كما في حديث أم سلمة رضي الله عنها في صحيح البخاري وغيره" اهـ ..
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
سفر المرأة بغير محرم للمؤتمرات العلمية ... العنوان
أعمل أستاذة في الجامعات المصرية ، ويضطرني عملي أحيانا للسفر لحضور المؤتمرات العلمية ، فهل يجوز السفر بدون صحبة معروفة، وبدون إذن الزوج ؟ ... السؤال
12/06/2005 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي(27/261)
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
على المرأة أن تستأذن زوجها عند خروجها من المنزل إذا أردت أن تذهب لمكان لا يعرفه الزوج وليس لديها أذن عام بالخروج إلى مثل هذا المكان أما خروجها لحاجتها اليومية كالعمل وغيره فيكفي الاتفاق بين الزوجين على ذلك ولا تحتاج إلى إذن خاص مادام هذا العمل متكررا .
أما سفرها دون محرم فالأصل عدم جوازه وقد أباحه بعض الفقهاء – بشرط إذن الزوج - إذا كان في صحبة آمنة تأمن فيها المرأة على نفسها وعرضها ، وهذا يشمل كل سفر، سواء كان واجبًا كالسفر لزيارة أو تجارة أو طلب علم أو نحو ذلك. والأحوط أن تمكث المرأة خلال فترة المؤتمر عند أسرة مسلمة أو يسافر معها محرم ، أمنا لها .
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :
الأصل المقرر في شريعة الإسلام ألاّ تسافر المرأة وحدها، بل يجب أن تكون في صحبة زوجها، أوذي محرم لها.
ومستند هذا الحكم ما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم ".
وعن أبي هريرة مرفوعًا: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم " (رواه مالك والشيخان وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة).
وهذه الأحاديث وغيرها تشمل كل سفر، سواء كان واجبًا كالسفر لزيارة أو تجارة أو طلب علم أو نحو ذلك.
وليس أساس هذا الحكم سوء الظن بالمرأة وأخلاقها، كما يتوهم بعض الناس، ولكنه احتياط لسمعتها وكرامتها، وحماية لها من طمع الذين في قلوبهم مرض، ومن عدوان المعتدين من ذئاب الأعراض، وقطاع الطرقات، وخاصة في بيئة لا(27/262)
يخلو المسافر فيها من اجتياز صحار مهلكة، وفي زمن لم يسد فيه الأمان، ولم ينتشر العمران.
ولكن ما الحكم إذا لم تجد المرأة محرمًا يصحبها في سفر مشروع: واجب أو مستحب أو مباح ؟ وكان معها بعض الرجال المأمونين، أو النساء الثقات، أو كان الطريق آمنًا.
لقد بحث الفقهاء هذا الموضوع عند تعرضهم لوجوب الحج على النساء . مع نهي الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن تسافر المرأة بغير محرم.
( أ )فمنهم من تمسك بظاهر الأحاديث المذكورة، فمنع سفرها بغير المحرم، ولو كان لفريضة الحج، ولم يستثن من هذا الحكم صورة من الصور.
( ب ) ومنهم من استثنى المرأة العجوز التي لا تشتهي، كما نقل عن القاضي أبي الوليد الباجي، من المالكية، وهو تخصيص للعموم بالنظر إلى المعنى، كما قال ابن دقيق العيد، يعني مع مراعاة الأمر الأغلب فتح الباري ج 4 ص 447.
( ج ) ومنهم من استثنى من ذلك ما إذا كانت المرأة مع نسوة ثقات . بل اكتفى بعضهم بحرة مسلمة ثقة.
( د ) ومنهم من اكتفى بأمن الطريق . وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
ذكر ابن مفلح في (الفروع) عنه قال: تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم، وقال: إن هذا متوجه في كل سفر طاعة .. ونقله الكرابيسي عن الشافعي في حجة التطوع . وقال بعض أصحابه فيه وفي كل سفر غير واجب كزيارة وتجارة. (انظر: الفروع ج 3، ص 236، 237، ط.ثانية).
ونقل الأثرم عن الإمام أحمد: لا يشترط المحرم في الحج الواجب، وعلل ذلك بقوله: لأنها تخرج مع النساء، ومع كل من أمنته.
بل قال ابن سيرين: مع مسلم لا بأس به.
و قال الأوزاعي: مع قوم عدول.
و قال مالك: مع جماعة من النساء.
و قال الشافعي: مع حرة مسلمة ثقة . وقال بعض أصحابه: وحدها مع الأمن. (الفروع ج 3، ص 235 - 236).(27/263)
وإذا كان هذا قد قيل في السفر للحج والعمرة، فينبغي أن يطرد الحكم في الأسفار كلها، كما صرح بذلك بعض العلماء (فتح الباري ج 4 ص 447، ط. مصطفى الحلبي) . لأن المقصود هو صيانة المرأة وحفظها وذلك متحقق بأمن الطريق، ووجود الثقات من النساء أو الرجال.
والدليل على جواز سفر المرأة من غير محرم عند الأمن ووجود الثقات:
أولاً:ما رواه البخاري في صحيحه أن عمر رضي الله عنه أذن لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر حجة حجها، فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن، فقد اتفق عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ونساء النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولم ينكر غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك . وهذا يعتبر إجماعًا. (المصدر السابق).
ثانيًا: ما رواه الشيخان من حديث عدي بن حاتم، فقد حدثه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مستقبل الإسلام وانتشاره، وارتفاع منارة في الأرض. فكان مما قال: " يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة (بالعراق) تؤم البيت لا زوج معها، لا تخاف إلا الله ... إلخ " وهذا الخبر لا يدل على وقوع ذلك فقط، بل يدل على جوازه أيضًا، لأنه سبق في معرض المدح بامتداد ظل الإسلام وأمنه.
هذا ونود أن نضيف هنا قاعدتين جليلتين :
أولأً: أن الأصل في أحكام العادات والمعاملات هو الالتفات إلى المعاني والمقاصد بخلاف أحكام العبادات، فإن الأصل فيها هو التعبد والامتثال، دون الالتفات إلى المعاني والمقاصد . كما قرر ذلك الإمام الشاطبي ووضحه واستدل له.
الثانية: إن ما حرم لذاته لا يباح إلا للضرورة، أما ما حرم لسد الذريعة فيباح للحاجة . ولا ريب أن سفر المرأة بغير محرم مما حرم سدًا للذريعة.
كما يجب أن نضيف أن السفر في عصرنا، لم يعد كالسفر في الأزمنة الماضية، محفوفًا بالمخاطر لما فيه من اجتياز الفلوات، والتعرض للصوص وقطاع الطرق وغيرهم.
بل أصبح السفر بواسطة أدوات نقل تجمع العدد الكثير من الناس في العادة، كالبواخر والطائرات، والسيارات الكبيرة، أو الصغيرة التي تخرج في قوافل .(27/264)
وهذا يجعل الثقة موفورة، ويطرد من الأنفس الخوف على المرأة، لأنها لن تكون وحدها في موطن من المواطن.
ولهذا لا حرج أن تسافر مع توافر هذا الجو الذي يوحي بكل اطمئنان وأمان. أ.هـ
وإليك فتوى المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء :
استئذان المرأة عند الخروج من المنزل أمر واجب على المرأة إذا أرادت الخروج من منزلها أن تعلم زوجها بذلك. والخروج من المنزل بالنسبة للمرأة إن كان للعمل أو الدراسة أو لقضاء شؤون المنزل والأولاد فإن هذا الخروج لا يحتاج إلا إلى موافقة عامة من الزوج، ولا تحتاج الزوجة أن تستأذن في كل مرة، وهذا أمر يحكمه العرف.
أما إذا كان هذا الخروج إلى زيارة أسرة غير معروفة عند الزوج، أو أن هذا الخروج يترتب عليه مبيت خارج بيت الزوجية، فهذا لا بد فيه من إذن وموافقة الزوج. فإن لم يوافق لا يصح للمرأة الخروج.
والخلق الإسلامي يقتضي أن الرجل أيضاً إذا أراد أن يسافر أو يبيت خارج المنزل أن يخبر زوجته بذلك؛ لأن من حقها أيضاً أن تعرف مكان زوجها عند غيابه من المنزل.
أما سفر المرأة دون محرم فالأصل فيه عدم الجواز لما ورد في ذلك من أحاديث ، قال فيها بعض أهل العلم بعدم جواز سفر المرأة وحدها.
وقيد آخرون جواز السفر بوجود رفقة مؤمنة من الرجال أو من الرجال والنساء معاً. والنهي في الحديث معلل بالخوف على المرأة من الأذى الذي قد يلحقها، وبالفتنة إذا سافرت وحدها، خاصة وأن مخاطر الأسفار قديماً كثيرة. وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أذن لأمهات المؤمنين أن يسافرن إلى الحج مع الرفقة المؤمنة، وأرسل معهن عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف أخرجه البخاري (رقم: 1761) والبيهقي (4/326-327).
هذا في السفر الذي تسافره المرأة من مدينة إلى أخرى أو من بلد إلى آخر وتصل في نفس اليوم الذي سافرت فيه حيث تجد الرفقة الآمنة. أما إذا كان السفر يتطلب(27/265)
مبيتاً في الطريق كالفنادق، أو أن السفر للقيام بعمل معين يتطلب إقامة مدة معينة، فالأصل في هذه الحالة أن تسافر المرأة مع محرم لها، أو تقيم المدة المطلوبة مع أسرة مسلمة في ذلك البلد، سداً لذريعة الفتنة أو الأذى الذي قد يحصل للمرأة. أ.هـ
وتقول الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه بجامعة الأزهر :
اختلف الفقهاء في اشتراط المحرم لسفر المرأة، فمذهب الحنفية والحنابلة على ضرورة وجود المحرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر امرأة فوق ثلاث إلا مع زوج أو محرم". وذهب الشافعية والمالكية إلى عدم اشتراط المحرم والاكتفاء بالنسوة الثقات، واشتراط المحرم كان نتيجة عدم الأمان في الطريق طريق السفر وفي وسيلة السفر، ومع تقدم هذه الوسائل فإننا نرجح مذهب الشافعية والمالكية بشرط أن يكون السفر بإذن الزوج إن كانت متزوجة أو بإذن الولي إن لم تكن متزوجة.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
التواجد في الأماكن المختلطة طريق إلى الفتن والمصائب
تاريخ الفتوى : ... 20 ذو القعدة 1426 / 21-12-2005
السؤال
أنا طالبة في جامعة فلسطينية منذ حوالي سنة ونصف كنت أرى رجلا ينظر إلي أكثر من مرة حتى اعتقدت أنه يريد الزواج مني ومن ذلك الوقت وأنا أفكر فيه وأطلب من الله أن يجعله من نصيبي فقد رأيت فيه الإنسان الصالح وأنا الآن أجد نفسي تبحث عنه لأنه هو أيضا في الجامعة
لكن دون أن أبين ذلك وكذلك فإن جميع الأشخاص الذين تقدموا إلي من الرجال غير الصالحين أي من غير الذين قال عنهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه وأنا أفهم من ذلك بأني قد أكون إنسانة غير صالحة وذلك لأني أعلم بأن الله قال: الطيبات للطيبين..فهل ما أعتقد به صحيح والرجاء أن ترشدوني إلى ما هو مفيد لي في ديني ودنياي ولكم خير الجزاء.(27/266)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم من عدم تقدم هذا الرجل بعينه أن تكوني غير صالحة، لأن الله تعالى قد يقدر لك من هو أحسن حالا منه في الدين، المهم أن تحافظي على موقفك وهو البحث عن الرجل الصالح الذي يُرضَى دينه وخلقه، ونحذرك أيتها الأخت الكريمة من الأماكن المختلطة التي تؤدي غالباً إلى الفتن والمصائب، ونوصيك أيضاً أن لا تعلقي نفسك بهذا الرجل ، وأكثري من دعاء الله تعالى أن يحفظك في دينك وأن ييسر لك الزوج الصالح.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الاستمرار في العلاقة المحرمة بغير زواج
تاريخ الفتوى : ... 19 ذو القعدة 1426 / 20-12-2005
السؤال
شيوخنا الأفاضل: لدي مشكلة خطيرة في نظري وأحتاجكم لمساعدتي في الخروج من هذا المأزق، وتتلخص في ما يلي: أنا شاب أدرس العلم الشرعي وحامل لكتاب الله، ابتليت من حيث لا أدري بعشق فتاة قبل عامين وارتكبت أكبر خطإ في حياتي، المهم دمنا على هذا الحال غير أنني لا أفعل معها حراما، فقط اللقاءات المحترمة حيث إنني وعدتها بالزواج، ونحن معا ننتظر حصول الزواج ليس إلا، لكنني غير مرتاح لهذه العلاقة تماما، وتزيدني الاكتئاب يوما بعد آخر، والمشكلة ليست هذه بل هي أنني أريد الإقلاع عن هذا العمل الخسيئ ولا أستطيع، توصلت أخير بمساعدة صديق لي إلى ضرورة الإقلاع واقتنعت بذلك، غير أن الفتاة أحبتني كثيرا فإذا انقطعت عنها سأحطم حياتها فهي عصبية، وتنهار تماما عندما ألمح أمامها بالانفصال وعليه، أفيدوني جزاكم الله خيراً، ما هي أحسن الطرق للخروج من مأزقي، وهل إذا أنهيت علاقتي معها وحصل لها شيء معين، هل(27/267)
أعتبر أنا السبب، وقد يحصل لها شيء خطير، أنا حائر أفيدوني في أقرب وقت؟ جزاكم الله خيراً وأدامكم في خدمة الإسلام وإعلاء رايته.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية عليك أن تقلع عن هذه العلاقة المحرمة فوراً، وتتوب إلى الله منها، ثم تنظر لحال الفتاة هل هي مناسبة للزواج بها، هل هي ذات دين، هل هناك ما يعيق عن الزواج بها، فإذا كانت مناسبة، وقدرت على الزواج بها، وقررت ذلك بعد الاستشارة والاستخارة، فتقدم لخطبتها من أهلها، وإذا استطعت أن تعقد عليها فحسن، حتى يحل لك اللقاء بها، وإلا فاصبر عن لقائها حتى يتم عقد النكاح، وهذا ليس فيه ضرر عليها، لأنها ستكون مطمئنة من بقاء العلاقة، وستطمئن أنت مما تجده من عدم الراحة والاكتئاب.
وأما إذا قررت عدم الارتباط بها لأي سبب من الأسباب فيجب عليك تركها، ولا يجوز لك الاستمرار في هذه العلاقة لحرمتها أولاً، ولما فيها من الخداع لتلك الفتاة، المصدقة -ربما- لوعدك بالزواج بها، فإن من مصلحتها أن تخرج من حياتها وتتركها -إذا قررت عدم الارتباط بها- تسير في طريقها حتى تلقي نصيبها، وترتبط بغيرك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الخال إذا كان يلاحق بنت أخته
تاريخ الفتوى : ... 07 ذو القعدة 1426 / 08-12-2005
السؤال
تعرضت للتحرش الجنسي من أقرب الناس لي منذ نعومة أظفاري، المشكلة أن خالي هذا لا يزال يحوم حولي وأنا الآن في سن30 في آخر مرة نال مني منذ 6 أشهر، أنا جد نادمة لأني استسلمت لقبلاته ولمساته بعد إلحاحه، مع العلم بأني لم أره منذ بضع سنين قبل ذلك وحين استسلمت له كان قد تزوج بفترة مما زاد من(27/268)
كرهي له ولنفسي، نال مني لأني لم أتزوج بعد وقد غلبتني نفسي الأمارة بالسوء، هل يتقبل الله توبتي وما العمل مع هذا الخال لأني أخشى الفضيحة وأخشى تدمير وتشتيت العائلة، أرجو منكم المعذرة أغيثوني رحمكم الله مع العلم بأنني لا أزال عذراء وأحمد الله على ذلك وأستغفره وأتوب إليه على ما بدر مني، ما الذي يتوجب علي فعله ؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما قولك هل يقبل الله توبتي، نقول فمن يحول بينك وبين التوبة؟ فباب التوبة مفتوح، لكن اعلمي أن من شروط التوبة الندم على فعل المعصية، والندم يأتي من خلال استشعار عظم الذنب وعظمة من عصيت سبحانه، فعليك أن تستشعري أن ما فعلته عظيم، فقد حرم الله الزنا ونهى عن الاقتراب منه، وجعل ذلك من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32}، وهو مع المحارم أشنع وإثمه أشد وعقوبته أعظم، قال ابن حجر في الزواجر: وأعظم الزنا على الإطلاق الزنا بالمحارم. انتهى.
وأما من عصيت فهو العظيم سبحانه، وقد قال بعض العارفين: لا تنظر إلى صغر الذنب ولكن انظر إلى عظمة من عصيت. وهو سبحانه مطلع على حركاتك وسكناتك وخطراتك ولحظاتك يحصي ذلك عليك ثم إليه إيابك وعليه حسابك، ومع ذلك فإنه سبحانه غفور رحيم، يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، يفرح بتوبة عبده ويقبلها منه ويغفر له ذنبه ويمحه من صحيفته، بل ويبدل سيئاته حسنات، قال سبحانه: أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. وقال صلى الله عليه وسلم: والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة.... رواه البخاري ومسلم.
وقال سبحانه: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ(27/269)
وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا.
أما قولك ما العمل مع هذا الخال؟ نقول: أما وقد وصل بكما الحال إلى هذا الحد، فعليك أن تبتعدي عنه فلا يرينك، ولا يخلون بك، سدا لذريعة الوقوع في الفاحشة التي ستفسد عليك دينك ودنياك، عصمك الله من ذلك.
والمتوجب عليك فعله هو التوبة إلى الله سبحانه بشروطها من ندم وإقلاع عن الذنب وعزم على عدم العودة إليه، وانظري شروط التوبة النصوح في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9694، 5450، 29785.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ميل من توفيت زوجته إلى أختها المتزوجة
تاريخ الفتوى : ... 04 ذو القعدة 1426 / 05-12-2005
السؤال
الإخوة الأعزاء في الشبكة الإسلامية
أعرض عليكم معاناتي لكون لا يوجد بعد الله من أعرض عليه الوضع الذي أنا فيه غيركم، توفيت زوجتي وتركت لي أربعة أطفال ولله الحمد على ذلك حمدت الله واسترجعت كما أرشدني الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبعد ذلك جاءني إحساس بالميل إلى شقيقة زوجتي، علما بأنها متزوجة منذ أكثر من ثلاث سنوات وهي عاقر لا تلد حسب الفحوصات الطبية وهي بنت عمي وكنت أقول إن هذا الإحساس ربما يكون وسواس من عمل الشيطان، فكنت ألح بالدعاء في سجودي وكلما أدعو الله إن كان هذا وسواسا من عمل الشيطان فاصرفه عني واصرفني عنه وإن كان لك فيه رضا ولنا فيه صلاح في ديننا ودنيانا وآخرتنا فيسره لنا وبعد مرور فترة من الزمن تبين لي أنها تبادلني نفس الإحساس، علما بأن زواجها من ابن عمي حسب ما تقول إنه أتعس يوم في حياتها وكانت تنظر إلي بمنظار الأخ قبل وفاة أختها، علما بأننا والحمد لله ملتزمون بأمور ديننا ويشهد لنا من يعرفنا(27/270)
بذلك وكنت في السابق أعلمها القرآن وآمرها بالالتزام بأوامر الشرع هذا الإحساس أصبح يؤثر علي من ناحية الدعوة إلى الله لكوني أخاف أن يكون استدراجا من الشيطان لنا علما بأننا لا نفكر بغير الارتباط الشرعي، وقد قلت لها هل أنا السبب في طلب الفراق بينك وبين زوجك تقول لا، وأنا أعرف بأنها صادقه لكونها لم توافق على الزواج منه إلا بعد الإلحاح من قبل والدتها، وأنها تقول لو استمرت معه، فإنها لا تستطيع أن تقوم بواجبات الزوجة تجاهه وأولادي متعلقون بها إلى درجة أنهم ينادونها يا أمي ويقول أكبرهم الذي لم يبلغ الخمس سنين بعد أمي ماتت وخالتي أصبحت أمي قلت لها استمري بحياتك مع زوجك حتى أني أدعو الله إن كان في استمرار حياتها معه له فيها رضى ولها فيه صلاح في دينها ودنياها وآخرتها أن يديمها، وكلما فكرت بالزواج تقول لي أتمنى أن لا أحضر ذلك اليوم، علما بأن زوجها أمي لا يقرأ ولا يكتب وهذا ليس انتقاصا منه ولكن لأبين لكم، وهي تقول أردت زوجا يعلمني أمور ديني، أرشدوني إلى ما ترونه ينفعني في ديني لكوني أثق بكم بعد الله بأن تجدوا لي من هذا الضيق مخرجا، علما بأني استخرت الله في هذا الموضوع وكان الذي في الاستخارة تثبيت إحساسي، أستسمحكم عذراً أن إطلت عليكم؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ندعو الله سبحانه أن يأجر أخانا في مصيبته وأن يخلف عليه خيراً منها، ثم إننا ننبهه ونحذره من استدراج الشيطان له في علاقته مع أخت زوجته المتزوجة، وذلك أنها تعتبر أجنبية عنه، لا يجوز النظر إليها أو التحدث معها لغير حاجة، ولا يجوز له التصريح ولا التعريض لها برغبته في الزواج بها، فإن الشرع قد نهى عن التصريح بخطبة المطلقة ما دامت في العدة لحق الزوج، فكيف بالمتزوجة، ولا يجوز له السعي في التفريق بينهما وبين زوجها، فإن ذلك من الذنوب الكبيرة ويسمى فاعله مخبباً، وتراجع الفتوى رقم: 7895.وأما المرأة فلا يجوز لها طلب الطلاق بغير عذر، ولا الخلع فإن الخلع طلاق، كما سبق بيانه في الفتوى رقم:(27/271)
7820، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم المرأة عن طلب الطلاق بغير عذر، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 1114.
إلا في حال بغضها وخشيتها عدم إقامة حدود الله معه فلها أن تطلب الطلاق أو أن تفتدي منه، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 3200.
ونقول تتميماً للفائدة: عدة المختلعة، كعدة المطلقة عند جمهور أهل العلم، واحتجوا بقول الله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ {البقرة:228}، وقالوا: إن الخلع فرقة بين الزوجين في الحياة بعد الدخول، فكانت العدة ثلاثة قروء كغير الخلع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نهي الرجال عن مجالسة النساء والاختلاط بهن
تاريخ الفتوى : ... 04 ذو القعدة 1426 / 05-12-2005
السؤال
أردت أن أخرج من وحدتي فاقترح علي زوجي أن نلتقي أنا وزوجات أصدقائه. فدعونا صديقا له مع زوجته وأبنائهم وصرنا نجلس مع بعضنا البعض ونأكل على مائدة واحدة وزوجي يغتنم الفرصة ليتكلم في أمور الدين في هذه الأوقات مع العلم أني متحجبة وهي لا وتكررت الزيارات مع هذه العائلة لكن زوجة الصديق لا تحترم زوجها أمامنا في كلامها معه فهي تنهره أمامنا وتترك له الصغار لكي يسكتهم بينما هي منشغلة في السماع لما يقوله زوجي و سؤالي لكم فضيلة الشيخ هو هل هذا النوع من الزيارات مع ما يجري فيه من الاختلاط مسموح؟ وما حكم ذلك أيضا انتباهها الكثير لزوجي دون مراعاة زوجها ولا لي أيضا؟ فهل تصرفنا صحيح فانصحنا ؟
جزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/272)
فإن ما تم مخالف للشرع ، فإن شرعنا الحنيف نهى الرجال عن مجالسة النساء والاختلاط بهن إلا لحاجة وبأدب الإسلام ، ومن أدب الإسلام في ذلك ، عدم الخلوة بل يكون في وجود من تنتفي الخلوة بوجوده ، ومن أدب الإسلام أيضاً أن تكون المرأة متحجبة ، وأن يلتزم الجالسون غض البصر عما حرم الله، وهذا ما لا يتوفر في مثل حالكم ، وأما الكلام عن الدين فيمكن أن يُهدى إلى هذه المرأة وزوجها مجموعة من المحاضرات والكتب النافعة وبذلك يتحصل الغرض ، وخروجك من وحدتك يكون بجلوسك مع النساء لا مع الرجال ، وجلوس زوجك مع أصدقائه لا مع نساء أصدقائه ، وفقك الله لمرضاته وحفظكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل تقبل صلاة من يشاهد الأفلام الإباحية ويقترف العادة السرية
تاريخ الفتوى : ... 03 ذو القعدة 1426 / 04-12-2005
السؤال
هل تقبل صلاة الذي يشاهد الأفلام الإباحية ويمارس العادة السرية، وهل هذه الأعمال من الكبائر؟ بارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شك أن مشاهدة الأفلام الإباحية وممارسة العادة السرية من المحرمات التي يحرم على المسلم فعلها وارتكابها، وإذا وقع فيها فيجب عليه أن يقلع عنها ويتوب إلى الله عز وجل قبل أن يوافيه الموت وهو على تلك الحال فيندم حين لا ينفع الندم، وأما صلاة من يفعل هذه المحرمات فصحيحة من حيث أحكام الدنيا أي أنه لا يطالب بإعادتها، ولكن هل تقبل أو لا تقبل؟ هذه مسألة أخرى، فإن الله عز وجل يقول: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ {المائدة:27}، وكنا قد أجبنا في الفتوى رقم:(27/273)
19684، عن العادة السرية هل هي من الكبائر أم لا، وعن مشاهدة الأفلام الإباحية في الفتوى رقم: 27224 فالرجاء مراجعتهما.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم إقامة الأجنبية في منزل صديقتها المتزوجة
تاريخ الفتوى : ... 27 شوال 1426 / 29-11-2005
السؤال
شكراً لكم على هذه الخدمة الجليلة التي تقدموها لنا.
سبق وسألت أكثر من مرة في هذا الموقع وهو ما عزز ثقتي بكفاءتكم وأمانتكم في تقديم الأجوبة والفتاوي
أنا كنت أسكن في فرنسا للدراسة و تزوجت وجئت للسكن مع زوجي في ألمانيا وقد دعوت صديقتين لي ممن كن يدرسن معي في فرنسا لزيارتي ولبت إحداهما الدعوة واشترت التذاكر للمجيء خلال عطلة الميلاد ولكن إحدى الصديقات قالت إن سفرها وإقامتها عندي حرام علماً أنها بالأصل تقيم لوحدها في فرنسا للدراسة
و بالنسبة للإقامة لدي فإن الغرفة التي ستنام فيها منعزلة ويمكنها حتى أن تغلق بابها بالمفتاح إذا شاءت دون أن تؤثر على حركتنا في بقية الغرف.
ملاحظة صغيرة: هي وأنا محجبتان.
وإذا كان لا يجوز فهل إذا نام زوجي خارج المنزل يكون لا بأس في الأمر إقامتها عندي لأيام قصيرة فقط خلال الإجازة نقوم خلالها ببعض السياحة في مدينتي وما حولها وفي الأسواق هنا وسويةً دون رفقة زوجي الذي يكون أغلب يومه مشغولا.
وإذا كان في كل الحالات لا يجوز فهل أحجز لها في الفندق المتاخم لمنزلنا؟
وإن كان السفر لتقضية الإجازة أصلاً حراما بمفردها فهل إذا أتت برفقة صديقتي الأخرى يتم الأمر سواء في منزلي أو في الفندق.
جزاكم الله خيراً وأرجو الإجابة بالسرعة الممكنة قبل حلول وقت هذه الإجازة حتى تحزم أمرها.(27/274)
وسأرسل إجابتكم بالبريد الإلكتروني إن شاء الله لها وللصديقة التي أشارت عليها بهذا الأمر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سفر المرأة بغير محرم لغير الحج والعمرة الواجبين لا يجوز ولو كان مع صديقة لها أو نسوة ثقات، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم 67874، وعليه؛ فلا يجوز لك أيتها الأخت الكريمة أن تكوني عونا لها على هذه المعصية، وإذا قدمت مع محرم أو خالفت حكم الشرع وقدمت بلا محرم وأرادت المقام معك في نفس البيت، فإن كان البيت واسعا وكانت الحجرة التي ستقيم فيها المرأة مستقلة بمخرجها ومدخلها جاز ذلك. قال ابن قاسم العبادي في حاشيته على التحفة
: عُلِمَ جواز خلوة الرجل بالأجنبية مع المحرم ، وامتناع مساكنته إياها معه، إلا عند تعدد الحجر، أو اتساعها بحيث لا يطلع أحدهما على الآخر.اهـ ولمزيد تفصيل في مقام المرأة مع رجل أجنبي تنظر الفتوى رقم 10146 .
وأما سكنها في الفندق وحدها إذا أمنت على نفسها فإنه وإن كان جائزا إلا أنه لا ينبغي لها أن تفعله خشية أن تعرض نفسها لما لا يُرضَى .
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خلوة المرأة بالرجل الأعمى
تاريخ الفتوى : ... 03 ذو القعدة 1426 / 04-12-2005
السؤال
ما حكم مساعدة الفتاة لشباب مكفوفين واضطرارها أحيانا للجلوس مع أحدهم أو أكثر من واحد فيهم لوحدها ولا أحد معها من البنات لتساعدهم في أمور دراستهم؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/275)
فقد بينا الضوابط الشرعية لجواز مساعدة المرأة للرجل والرجل للمرأة، وذلك في الفتوى رقم: 65796.
ومنها عدم الخلوة وأمن الفتنة، ولا يختلف الحكم بالعمى أو غيره، فيجوز لك مساعدة أولئك المكفوفين، ولكن لا بد من مراعاة الضوابط الشرعية كما بينا في الفتوى السابقة.
وأنت مأجورة على ذلك إن ابتغيت به وجه الله وكان خالياً من المحاذير الشرعية، ولا ضرورة هنا تبيح لك الخلوة المحرمة بأحدهم، فاتق الله تعالى وافعلي الخير، واحذري من استدراج الشيطان لك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تعامل الطلاب مع المعلمات الأجنبيات المتبرجات
تاريخ الفتوى : ... 18 شوال 1426 / 20-11-2005
السؤال
كيف يمكننا التعامل مع المعلمات الأجنبيات الكاسيات العاريات عند شرح الدروس والمناقشات وغيرها من التعاملات!؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا ضوابط وشروط جواز الدراسة في المدارس المختلطة وذلك في الفتوى رقم 56103، والفتوى رقم: 8221، والفتوى رقم: 31656.
ومن ذلك غض البصر وحفظه من الحرام، قال الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}، وكذلك عدم الخلوة المحرمة بالمدرسة أو غيرها لقوله صلى الله عليه وسلم: ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. رواه الترمذي وأحمد.(27/276)
إلى غير ذلك من الضوابط والشروط التي ذكرناها، فإن توفرت واستطعتم الالتزام بها فذاك، وإلا فيجب ترك تلك المدارس ثم ابحثوا عن غيرها، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
العلاقة المحرمة مع ذات الزوج واليمين الغموس
تاريخ الفتوى : ... 11 شوال 1426 / 13-11-2005
السؤال
فى لحظة غضب عرضت نفسى للحلف على المصحف وكنت أتهم بأنى على علاقة بسيدة متزوجة وقلت: "والله العظيم أني لا علاقة لي بها ولا أعرف عنها شيئا" وكنت أقصد أن لا علاقة محرمة بيني وبينها "ولا أعرف عنها شيئا" أقصد أني لا أعرف عن علاقتها العاطفية (ممارستها للجنس) شيئا؛ حيث إن كل ما أعرفه مجرد شكوك نتيجة لبعض التصرفات. وبعد الحلف أحسست أني مخطىء أو أخفيت بعضا مما أعرف عنها، حيث إن هذة السيدة حاولت إثارتي أكثر من مرة، ولكني في كثير من الأحيان كنت أقاوم ولم أقع في الخطيئة معها ولا مع أحد غيرها، ولكن نفسي كانت تراودني عندما أخلو بنفسي ولكني كنت أقاوم نفسي طمعا في ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله، مع العلم أني كنت أحلف لأمي عندما واجهتني بهذه العلاقة ولم تطلب مني الحلف ولكني في لحظة غضب أخذت المصحف وحلفت وكانت نيتي أني لم أمارس معها علاقة محرمة وكنت دائم الاستغفار.
هل أنا وقعت فى المحظور أم لا؟ وإن كنت وقعت هل هناك كفارة؟ وإن لم يكن هناك كفارة هل من باب أخرج منه إلى الله يغفر لى ويهديني إلى الطريق المستقيم؟ أسألكم الرد بالتفصيل جعلكم الله عونا لكل من قصد بابكم ووفقنا الله وإياكم إلى طريق الهداية.
الفتوى(27/277)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى الأخ السائل هدانا الله وإياه أولاً: أن يتوب إلى الله تعالى من هذه العلاقة المحرمة وإن كان لم يصل فيها إلى فعل الكبائر، فهي علاقة محرمة ومع امرأة ذات زوج والعلاقة مع المتزوجة أعظم إثمًا من العلاقة مع غيرها. وانظر الفتوى رقم: 30425.
ثانيًا: أن يتوب إلى الله من اليمين الغموس وهي الحلف بالله تعالى على أمر يعلم أنه غير صادق فيه، وهي من الكبائر أيضًا وأكثر أهل العلم على أنه لا يجب فيها إلا التوبة إلى الله تعالى، ويرى بعضهم أن فيها الكفارة مع التوبة. وانظر الفتوى رقم: 9714.
ثم إن نية الأخ السائل في حلفه أنه لا يعرف شيئًا عن هذه المرأة قد تقبل ولا يحنث في هذا الشطر من اليمين؛ لأن اليمين على نية الحالف إذا لم يتعلق بها حق للغير.
لكنه حنث في حلفه أنه لا علاقة له بها وقد علم أن له بها علاقة كما صرح بذلك. وخلاصة القول أن الواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى وتبتعد عن هذه المرأة، وتتوب إليه من الحلف على الكذب، فإذا تبت إلى الله تعالى وتجنبت هذه المرأة وقطعت العلاقة فإن الله يقبل توبتك، فإن باب التوبة مفتوح، ومن تاب تاب الله عليه، ولكن الحذر ثم الحذر من أن تعود إلى مثل هذه العلاقات المشينة المحرمة. واحذر بعد هذا من أن تتجرأ على الله تعالى وتحلف به على أمر تعلم أنه غير واقع فاتق الله تعالى في نفسك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
واجب من لا يأمن على نفسه من فتنة النساء
تاريخ الفتوى : ... 11 شوال 1426 / 13-11-2005
السؤال(27/278)
أنا شاب متزوج، وأب لثلاثة أولاد، أسكن في شمال فلسطين 48. أعاني من الإغراء الشديد بسبب تبرج النساء بالأخص اليهود والنصارى من العرب. لا أريد الوقوع في الحرام ولكن عندما أخرج من البيت أخاف على نفسي من شدة الإغراء وأنا بالأخص ضعيف وحتى أعود إلى البيت أحس بالسعادة لأني لم أقع في الحرام. وهكذا أعيش في صراع شديد بين مخافة الله وبين الوقوع بين أيدي الشياطين من النساء.
أبلغ من العمر 33 عاما أعمل كمحاسب مستقل ولقد أعطاني الله من الجمال ما يكفي حتى أصبح طعما، بل فريسة لكل فتاة لا تخاف الله.
أحيانا أبكي على نفسي وعلى أولادي من بعدي كيف يمكنهم المقاومة؟!
أنا وزوجتي نعيش في سعادة، والحمد لله نحافظ على الصلاه ولا نتخلى عن القرآن الكريم.
أنا - والله - تدمع عيني وأنا أسأل خائفا ماذا أفعل لو وقعت في الحرام، ألا يوجد دواء أتناوله كلما خرجت من البيت كي أبقى على عهد رسول الله صلعم.
أرجوكم أريد أن أعرف ماذا أفعل فأنا لست يوسف، بل أنا بشر، ولا أترك لليهود مسقط رأسي ولا أترك لهم أرض الرباط ولا أتنازل عن ذرة من تراب القدس أبدا أبدا. فأنا لو كنت أعيش في مكان آخر لتركته حتى أحافظ على نفسي طاهرة عفيفة من الوقوع في الحرام.
شكرا وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي - عصمنا الله وإياك من الزلل - أن فتنة النساء من أعظم الفتن وأخطرها وأضرها على المسلم، ففي الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. وروى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.(27/279)
وما ذكرته من تبرج النساء اليهوديات والنصرانيات اللاتي يعترضن سبيلك، وما ذكرت أن الله أعطاكه من الجمال، هي في الحقيقة أسباب كبيرة في الفتنة، فلا تأمنها على نفسك مهما كان صلاحك وعفتك.
وعليه؛ فواجبك هو أن تغض بصرك عن النساء وتحذر من الاختلاط بهن والخلوة بهن، وإن رأيت أن هذا كافٍ للعصمة منهنَّ، والنجاة من كيدهنَّ، فبها ونعمت.
وإن علمت أن هذا لا يكفي، وأن شرهنَّ سيلحقك لا محالة، فلا مناص إذًا من ترك ذلك البلد، واللجوء إلى حيث تنجو بدينك، فإن المصيبة في الدين أعظم من كل مصيبة. وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا. رواه الترمذي عن ابن عمر وهو صحيح.
وصدق القائل:
إذا أبقت الدنيا على المرء دينه*****فما فاته منها فليس بطائل
وننبه إلى أنه لا ينبغي اختصار الصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى (صلعم). وانظر الفتوى رقم:7334.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
من شؤم مخالطة غير المحارم
تاريخ الفتوى : ... 07 شوال 1426 / 09-11-2005
السؤال
ماذا أفعل أختي تقول إن زوج أختي الثانية يتحرش بها والأخت الثانية تكذب والموقف صعب جدا وهما يحكمان بينهما وأنا لا أرى من زوج أختي أي فعل يضايقني وأيضا أختي الثانية لا تكذب منذ طفولتها ماذا أفعل بالله عليكم أفيدوني.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تدعيه أختك على زوج أختك الأخرى فإن كان حقا فإنه قد يكون نتيجة للاختلاط به وعدم اعتباره أجنبياً منها، وسواء كان الأمر صحيحاً أو غير صحيح(27/280)
فإن الواجب عليها كغيرها أن تتحفظ من مخالطة غير المحارم من الرجال وتبتعد عن هذا الرجل الذي تذكر عنه هذا الأمر، وإذا كانت قد وقعت في بعض المخالفات معه وجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى، وللفائدة انظري الفتوى رقم: 10542، والفتوى رقم: 3539.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الآثار الضارة للعلاقات بين الشباب والشابات
تاريخ الفتوى : ... 29 رمضان 1426 / 01-11-2005
السؤال
ما هو حكم علاقات ما قبل الزواج و ما هي آثارها على مستقبل الإنسان بعد الزواج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإقامة العلاقات بين الشباب والشابات قبل الزواج من خطوات الشيطان إلى الحرام ، ولا يخفى ما لها من الآثار على الحاضر والمستقبل كما صرحت بذلك نصوص الشرع ، وكما هو مشاهد ، ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء . وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها ، فينظر كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء .
ومن رأى افتتان الشباب بالنساء ، وكثرة ما يقع من الشر بمصادقتهن ، علم صدق نصح النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ، وكمال شفقته ورحمته بهم .
فكم من فتاة انتهك عرضها وضاع شرفها بسبب تلك العلاقات ، وكم من بنت حرمت من الزواج وعاشت حياة شاذة بسبب ما كان لها من علاقات ، وكم من حالات إجهاض تسببت فيه تلك العلاقات ، بل وكم من طفل بريء وَأَدَتْه أمه(27/281)
خشية الفضيحة والمعرة بين المجتمع وكان سبب ذلك هو تلك العلاقات ، وكم من فتى انحرف وعاش بعيداً عن ربه بسبب ما كان قد أقامه من علاقات ، إلى غير ذلك من الأمور التي يصعب حصرها .
وإذا صحت هذه الملاحظات -وهي صحيحة- فلا شك في أن البيت الذي كان طرفاه قد تعرضا لبعض تلك الآثار ، ستكون الحياة فيه في الغالب متميزة بشيء من الانحراف .
مع أنه لا مانع من أن يكون الحال مستقيما في بيت كان أهله قد ارتبطا بعلاقة قبل الزواج ، وما ذكرناه إنما هو -في الغالب- كما قلنا ، وذلك لأن الله تعالى بفضله وكرمه جعل التوبة من الذنوب والإنابة إلى الله تكفر كل ما كان قد اقترفه الإنسان ، وقد يصلح حال المرء بعد التوبة إلى درجة لم يبلغها من كان مستقيماً من أول أمره .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... المحادثات بين الشباب والشابات نهايتها مؤلمة
تاريخ الفتوى : ... 27 رمضان 1426 / 30-10-2005
السؤال
أنا أبلغ من العمر16.5 تعرفت على فتاة أصلها من نفس مدينتي ولكنهم يسكنون مدينة أخرى وبعد فترة من علاقتنا أعطتني رقم هاتف بيتهم للضرورة لكي أتصل عليها، وفي يوم كنا قد تواعدنا أن نلتتقي على الإنترنت فلم تدخل فدخل الشيطان إلى عقلي واتصلت فردت علي وسألتها لماذا لم تدخلين إلى هذا الوقت وبعد تقريبا ربع ساعة من كلامنا على الهاتف أغلق الخط فأنا رجعت اتصلت وكنت أحكي لكن هي لم تكن ترفع السماعة بل أمها التي سمعتني أحكي وبعد ساعة تقريبا اتصلت علي وقالت لي يجب أن تجعل بنتا تتصل على أمي وتحكي معها لأنها غير مصدقة أني كنت أحكي مع صاحبتي فأنا ذهبت إلى البيت وخليت امرأة أخي تحكي مع أمها لكن أمها لم تصدق، المهم أنا مسكت سماعة التلفون وحكيت مع(27/282)
أمها وكان أخوها موجودا بالبيت فقالت لي أمها أنا سأتصل عليك بعد قليل وأنا قمت وأخبرت أخي الكبير وأمي بالموضوع وبعد تقريبا نصف ساعة اتصلت أمها وحكت مع أمي واتفقوا أنهم ينهوا الموضوع وما منعتها من الإنترنت وسيلة الاتصال بيني وبينها، ولكن أنا أحبها وأحبها وأصبحت لا أعرف ماذا أفعل وبعد يومين أخبرت صديقي بالموضوع وقال لي سأجعل بنت عمي تتصل عليها وتسألها وأنا في هذه اللحظات بقى لي لكي أذهب لصديقي لكي تتكلم بنت عمه معها ساعة أنا صليت ودعوت ربي أنه إذا كاتب هذه البنت من نصيبي أن يكون رد التليفون إلي بعد شويه إيجابي، شيخي الفاضل ما رأيك أستمر في العلاقة وبالحدود الشرعية، وماذا أفعل لكي أجعل أم هذه الفتاة تقتنع بالعلاقة الشرعية التي بيننا والتي لم تتعد نهائيا لا حدود الدين ولا الأدب وخاصة أننا من مدينة الخليل في فلسطين والتي تعد أكثر المدن الفلسطينية محافظة في هذه الأمور، شيخي الفاضل أرجوك أن تخبرني ماذا أفعل أنا بأمس الحاجة لكي يقف أحد إلي جانبي ولم أجد غيركم؟ كل عام وأنتم بخير بحلول الشهر الفضيل، شيخي الفاضل وأتمنى أن تقرأ قصتي بتمعن وتخبرني ماذا أفعل. شكراً... وأريد الرد بأقصى سرعة لأن هذا الموضوع يشغل فكري وأنا بمرحلة حرجة من حياتي.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمحادثات بين الشباب والشابات عن طريق الإنترنت والهواتف وإن بدأت خالية مما يخل بالأدب والحياء وخالية من كلمات الحب والغزل والاستهواء، فإنها تنتهي بنهايات مؤلمة في الغالب، ولذا فالعلاج الناجح هو سد هذا الباب الذي يدخل منه الشيطان ليفسد القلوب، وإن من بداية الفساد ما حدث من إشكالات مع أهل هذه البنت، وإن كنت جاداً في تحصين نفسك فتقدم لطلب هذه المرأة وائت الأمور من أبوابها، وفقك الله لمرضاته، وطالع للفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 41966، 8768، 20552.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(27/283)
ــــــــــــــ
الفتوى : ... اختلاط الفتيان والفتيات في المسجد
تاريخ الفتوى : ... 23 رمضان 1426 / 26-10-2005
السؤال
ما الحكم في لجنة مكونة من شباب وفتيات ؟ علما أن هذه اللجنة تجتمع في المسجد وتكون مختلطة ؟ فإذا كان غير جائز فما الطريقة الصحيحة التي يستطيعون الاجتماع فيها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على الرجال والنساء أن يتميز كل واحد منهما عن الآخر عند الاجتماع في مسجد أو مكان عام ولا يجوز لهما الاختلاط الذي يقع على الكيفية التي تشاهد اليوم في كثير من الأماكن .
فقد أمر الله عز وجل بغض البصر وحرم على المرأة إبداء الزينة . فقال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا {النور: 30 ــ 31 } وفي حالة الاختلاط المعروف الآن لا يمكن غض البصر المأمور به شرعاً . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : خير صفوف الرجال أولها ، وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها . رواه مسلم . ومعنى هذا أن النساء كن متميزات عن الرجال في جهة من المسجد لحالهن وكذلك الرجال، وقد روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم خصص للنساء باباً من المسجد فقال: لو تركنا هذا الباب للنساء . فلم يدخل ابن عمر رضي الله عنهما من ذلك الباب حتى توفي .
ولذلك فإن الطريقة الصحيحة أن يكون الرجال في جهة ويكون النساء في جهة أخرى لا يختلط أحدهما بالآخر . وأن تكون النساء مستترات بالستر الشرعي وأن يغض كل فريق طرفه . وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى : 48092 //61195 //36111 //3539 .(27/284)
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ضوابط زيارة المرأة للأجنبي
تاريخ الفتوى : ... 23 رمضان 1426 / 26-10-2005
السؤال
فضيلة الشيخ لدي سؤال أرجوالإجابة عليه لأني أشعر بضيق شديد لخوفي من أن أكون أرتكب إثما، أنا ولمدة ست سنوات في المرحلة الإعدادية والثانوية كان يدرسني في المنزل أستاذ خصوصي حتى وصلت إلى الجامعة وهذا الأستاذ بمقام أبي وهو إنسان جدا محترم وحج بيت الله الحرام وعلى دين وخلق وأنا أعده كوالدي وهو يعاملني كبنته لأنه لا أولاد له فلم يرزقه الله أولادا، المشكلة التي أنا خائفة منها أنني بعد أن دخلت الجامعة طبعا توقفت هذه الدروس ولم أعد أراه إلا إذا جاء لزيارتنا كل فترات طويلة قد تتعدى السنة لظروفه، المهم أنا ولله الحمد أحاول أن لا أغضب الله وأن أكون متدينة بقدر المستطاع ولكن أنا أحيانا أبعث لهذا الإستاذ على الأنترنت مسجات لا تتعدى السلام والاطمئنان على حاله لكي يشعر أن هناك من يسأل عنه و قد حرمه الله الأولاد ولكن هناك من يطمئن عليه وهو بدوره يبعث لي سلاما ويسأل عن دراستي، فهل أنا بهذا أكون أرتكب إثما لأني أكلم شخصا ليس من محارمي ولكن تربطني به علاقة إنسانية لأني أعتبره مثل أبي تماما فما بخل عليا يوما بالنصح والدراسة كان حريصا على نجاحي كل سنة كأني ابنته التي لم يرزق بها، فهل علىّ إثم إن سألت على حاله بين الحين والآخر أو هل علي إثم إن ذهبت للاطمئنان عليه وعلى حاله مع أبي أو أختي إلى منزله هو وزوجته ؟
وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/285)
فإن الإسلام منع الخلوة بين رجل وامرأة أجنبيين سداً للذريعة وخوفاً من استدراج الشيطان للمسلم إلى خطوات محرمة تكون سبب هلاكه . ولهذا فنحن لا ننصح بمواصلة هذا الرجل أو مكاتبته على انفراد خشية أن يجر ذلك إلى الخلوة به فيما بعد . ولا مانع شرعا من مواصلته مع أبيك وإخوانك .. ما دامت الفتنة مأمونة ودعت الحاجة لذلك . وقد سبق بيان ما ذكرنا بالتفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم، نرجو أن تطلعي عليه في الفتاوى : 22469 //8449 //21310 //1524 //9792 //22064 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم حب المرأة رجلا متزوجا
تاريخ الفتوى : ... 22 رمضان 1426 / 25-10-2005
السؤال
أرسلت رسالة سابقة شرحت فيها أنى أحب رجلا متزوجا ولا أستطيع أن أعيش بدونه وتم السؤال هل هذ الحب حرام أم لا وتم الرد أن الإنسان لابد أن يحب الله ويملأ قلبة بحب الله أريد أن أقول إنى أقوم بكل العبادات وأصلي وأصوم وأقرأ القرأن ومع ذلك قلبي يمتلئ بحبه لأن لدي إحساسا قويا أني في يوم من الأيام سأكون له أنا نفسي أرضي ربنا أنا خائفة أن أكون أعمل كل العبادات لكن ربنا غير راض عني ولذلك حب ربنا والقرب منه لا ينسينى حبي له أنا فعلا محتاجة إليه في حياتي أنا محتاجة أعرف إن كنت باستمرار حبي له أعمل حاجة حراما أريد حلا في هذا الموضوع هل حبي لرجل متزوج حرام وخيانة لزوجته أنا أتمنى أن أكون امرأته ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يشفيك من هذا الداء فإنك واقعة في عشق هذا الرجل، والعشق داء يصعب علاجه إلا لمن وفقه الله وأعانه، وخير علاج له الزواج فإذا كان بالإمكان(27/286)
أن تجتمعي بهذا الرجل زوجة ثانية فهذا خير دواء، وإذا لم يمكن فعليك أن تقطعي طمعك فيه بحسام اليأس فإن النفس متى يئست من الشيء استراحت منه ولم تلتفت إليه .
فإن لم تستطيعي ذلك ، فانظري بقية الأدوية المذكورة في الفتوى رقم : 9360 . لعلاج العشق كما قرره الإمام ابن القيم رحمه الله . أما عن الشعور والإحساس القلبي الذي تحسين به ، فإنك لا تؤاخذين عليه ولا تأثمين به ولا يعد خيانة لزوجته ، ما لم تحولي هذا الشعور والإحساس إلى عمل أو قول محرم ، ففي الحديث : إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به نفسها ما لم تتكلم به أو تعمل . رواه النسائي والترمذي .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يختلف حكم قيادة السيارة من بلد إلى آخر ؟
سؤال:
مساحة الدول الإسلامية شاسعة ، ونجد أن هناك فرقاً بين دولة وأخرى ، في اللباس والعادات والتقاليد ، فمثلا نجد أنه في بعض الدول تلتزم فيها أخواتنا بالنقاب ، حيث إنهم يتبعون الفتوى القائلة إن النقاب واجب ، ولكن ذلك ليس منتشراً في دول أخرى ، والرأي الذي يأخذونه هناك أن النقاب ليس واجباً بل مستحب ، كذلك قيادة المرأة للسيارة ففي بعض الدول حرَّمها المشايخ لما لها من أضرار لو سمح بها ، بينما في دول أخرى- قيادة المرأة للسيارة أمر عادي جدّاً ، وله عشرات السنين .
فإلى أي مدى تكون هناك مرونة في الأحكام ؟ وهل ما يحدث صحيح أقصد أن الشيء يصبح واجباً في مناطق ومستحبّاً في مناطق أخرى ؟ .
الجواب:
الحمد لله
الأحكام الشرعية نوعان :(27/287)
الأول : ما دلت الأدلة الصحيحة على حكمه ، بقطع النظر عن العادات المختلفة أو ما يترتب عليه من مصالح أو مفاسد .
فهذا حكمه ثابت ولا يختلف من مكان إلى آخر ولا من شخص لآخر إلا إذا كان الإنسان مضطراً أو مريضاً أو معذوراً فإنه يسهل له الحكم حسب حاله على ما جاء به الشرع .
ومن هذا النوع : وجوب الصلوات الخمس ، وصيام رمضان ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وطلب العلم ، ..إلخ .
ومنه أيضاً : سترة المرأة المسلمة جميع بدنها بما فيه الوجه والكفان ، فإن هذا الحكم واجب ولا يختلف من مكان إلى آخر .
وقد سبق في إجابة السؤال : ( 21134 ) و ( 13647 ) بيان الأدلة على هذا .
النوع الثاني : أحكام بنيت على أسباب معيّنة أو كان حكمها التحريم أو الإباحة أو الوجوب ـ مثلاً ـ بناء على ما يترتب عليها من مصالح أو مفاسد ، ولم ترد الأدلة الشرعية بحكم ثابت لها لا يختلف ، وقد يكون من هذا النوع قيادة المرأة للسيارة .
وقد أفتى العلماء بتحريمه لما يترتب عليه من مفاسد .
وهذا إنما ينطبق تمام الانطباق على بلاد الحرمين ، وأما ما عداها من البلاد فإنه يرجع إلى علمائها الثقات الأثبات فإنهم أعلم بأحوال بلادهم .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
فقد كثر حديث الناس في صحيفة " الجزيرة " عن قيادة المرأة للسيارة ، ومعلوم أنها تؤدي إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها ، منها الخلوة المحرمة بالمرأة ، ومنها السفور ، ومنها الاختلاط بالرجال بدون حذر ، ومنها ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور ، والشرع المطهر مَنَع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة ، وقد أمر الله جل وعلا نساء النبي ونساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت ، والحجاب ، وتجَنُّب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي إليه ذلك كله من الإباحية التي تقضي على المجتمع قال تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ(27/288)
وَرَسُولَهُ ) الأحزاب/33 الآية ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ) الأحزاب/59 ، وقال تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " ، فالشرع المطهر منع جميع الأسباب المؤدية إلى الرذيلة بما في ذلك رمي المحصنات الغافلات بالفاحشة وجعل عقوبته من أشد العقوبات ؛ صيانة للمجتمع من نشر أسباب الرذيلة .
وقيادة المرأة من الأسباب المؤدية إلى ذلك وهذا لا يخفى ولكن الجهل بالأحكام الشرعية وبالعواقب السيئة التي يفضي إليها التساهل بالوسائل المفضية إلى المنكرات - مع ما يبتلى به الكثير من مرضى القلوب - ومحبة الإباحية والتمتع بالنظر إلى الأجنبيات كل هذا يسبب الخوض في هذا الأمر وأشباهه بغير علم وبغير مبالاة بما وراء ذلك من الأخطار ، وقد قال الله تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 ، وقال سبحانه : ( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) البقرة/168 ، وقال صلى الله عليه وسلم : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " .
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال : نعم ، قلت : وهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال : نعم وفيه دخن ، قلت : وما دخنه ؟ قال : قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر ، قلت : فهل(27/289)
بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : نعم دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ، قلت : يا رسول الله صفهم لنا ؟ فقال : هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ، قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ، قال : فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك " متفق عليه.
وإنني أدعو كل مسلم أن يتقي الله في قوله وفي عمله وأن يحذر الفتن والداعين إليها وأن يبتعد عن كل ما يسخط الله جل وعلا أو يفضي إلى ذلك وأن يحذر كل الحذر أن يكون من هؤلاء الدعاة الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف.
وقانا الله شر الفتن وأهلها وحفظ لهذه الأمة دينها وكفاها شر دعاة السوء ووفق كُتَّاب صحفنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح أمر المسلمين ونجاتهم في الدنيا والآخرة إنه ولي ذلك والقادر عليه .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 3 / 351 – 353 ) .
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين : أرجو توضيح حكم قيادة المرأة للسيارة ، وما رأيكم بالقول:
( إن قيادة المرأة للسيارة أخف ضررا من ركوبها مع السائق الأجنبي؟ )
الجواب على هذا السؤال ينبني على قاعدتين مشهورتين بين علماء المسلمين :
القاعدة الأولى : أن ما أفضى إلى محرم فهو محرم . والدليل قوله تعالى : ( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) الأنعام/108 ، فنهى الله عن سب آلهة المشركين – مع أنه مصلحة – لأنه يفضي إلى سب الله تعالى .
القاعدة الثانية : أن درء المفاسد – إذا كانت مكافئة للمصالح أو أعظم – مقدم على جلب المصالح . والدليل قوله تعالى: ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ) البقرة/219 ، وقد حرم الله الخمر والميسر مع ما فيهما من المنافع درءاً للمفسدة الحاصلة بتناولهما .
وبناء على هاتين القاعدتين يتبين حكم قيادة المرأة للسيارة . فإن قيادة المرأة للسيارة تتضمن مفاسد كثيرة، فمن مفاسدها :(27/290)
1- نزع الحجاب : لأن قيادة السيارة سيكون بها كشف الوجه الذي هو محل الفتنة ومحط أنظار الرجال ، ولا تعتبر المرأة جميلة أو قبيحة على الإطلاق إلا بوجهها ، أي أنه إذا قيل جميلة أو قبيحة ، لم ينصرف الذهن إلا إلى الوجه ، وإذا قصد غيره فلا بد من التقييد ، فيقال جميلة اليدين ، أو جميلة الشعر ، أو جميلة القدمين . وبهذا عرف أن الوجه مدار القاصدين .
وقد يقول قائل : إنه يمكن أن تقود المرأة السيارة بدون نزع الحجاب ، بأن تتلثم المرأة وتلبس في عينيها نظارتين سوداوين .
والجواب على ذلك أن يقال : هذا خلاف الواقع من عاشقات قيادة السيارة ، واسأل من شاهدهن في البلاد الأخرى ، وعلى فرض أنه يمكن تطبيقه في ابتداء الأمر فإن الأمر لن يدوم طويلا ، بل سيتحول – في المدى القريب – إلى ما عليه النساء في البلاد الأخرى ، كما هي سنة التطور المتدهور في أمور بدأت هينة مقبولة بعض الشيء ثم تدهورت منحدرة إلى محاذير مرفوضة .
2- من مفاسد قيادة المرأة للسيارة : نزع الحياء منها ، والحياء من الإيمان – كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم – والحياء هو الخلق الكريم الذي تقتضيه طبيعة المرأة وتحتمي به من التعرض للفتنة ، ولهذا كانت مضرب المثل فيه فيقال ( أحيا من العذراء في خدرها ) ، وإذا نزع الحياء من المرأة فلا تسأل عنها .
3- ومن المفاسد : أنها سبب لكثرة خروج المرأة من البيت والبيت خير لها – كما أخبر بذلك النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم – لأن عاشقي القيادة يرون فيها متعة ، ولهذا تجدهم يتجولون في سياراتهم هنا وهناك بدون حاجة لما يحصل لهم من المتعة بالقيادة .
4- ومن مفاسدها أن المرأة تكون طليقة تذهب إلى ما شاءت ومتى شاءت وحيث شاءت إلى ما شاءت من أي غرض تريده ، لأنها وحدها في سيارتها ، متى شاءت في أي ساعة من ليل أو نهار، وربما تبقى إلى ساعة متأخرة من الليل . وإذا كان الناس يعانون من هذا في بعض الشباب ، فما بالك بالشابات ؟؟! وحيث شاءت يمينا وشمالا في عرض البلد وطوله ، وربما خارجه أيضاً .(27/291)
5- ومن المفاسد : أنها سبب لتمرد المرأة على أهلها وزوجها ، فلأدنى سبب يثيرها في البيت تخرج منه وتذهب في سيارتها إلى حيث ترى أنها تروح عن نفسها فيه ، كما يحصل ذلك من بعض الشباب وهم أقوى تحملا من المرأة .
6- ومن مفاسدها : أنها سبب للفتنة في مواقف عديدة : في الوقوف عند إشارات الطريق – في الوقوف عند محطات البنزين – في الوقوف عند نقطة التفتيش – في الوقوف عند رجال المرور عند التحقيق في مخالفة أو حادث – في الوقوف لملء إطار السيارة بالهواء– في الوقوف عند خلل يقع في السيارة في أثناء الطريق ، فتحتاج المرأة إلى إسعافها ، فماذا تكون حالتها حينئذ ؟ ربما تصادف رجلا سافلا يساومها على عرضها في تخليصها من محنتها ، لاسيما إذا عظمت حاجتها حتى بلغت حد الضرورة .
7- من مفاسد قيادة المرأة للسيارة : كثرة ازدحام الشوارع ، أو حرمان بعض الشباب من قيادة السيارات وهم أحق بذلك وأجدر .
8- من مفاسدها أنها سبب للإرهاق في النفقة ، فإن المرأة – بطبيعتها – تحب أن تكمل نفسها مما يتعلق بها من لباس وغيره ، ألا ترى إلى تعلقها بالأزياء ، كلما ظهر زِيٌّ رمت بما عندها وبادرت إلى الجديد ، وإن كان أسوأ مما عندها . ألا ترى ماذا تعلق على جدرانها من الزخرفة . وعلى قياس ذلك – بل لعله أولى منه – السيارة التي تقودها ، فكلما ظهر موديل جديد فسوف تترك الأول إلى هذا الجديد .
أما قول السائل : وما رأيكم بالقول : ( إن قيادة المرأة للسيارة أخف ضررا من ركوبها مع السائق الأجنبي ؟ ).
فالذي أراه أن كل واحد منهما فيه ضرر ، وأحدهما أضر من الثاني من وجه ، ولكن ليس هناك ضرورة توجب ارتكاب أحدهما .
واعلم أنني بسطت القول في هذا الجواب لما حصل من المعمعة والضجة حول قيادة المرأة للسيارة ، والضغط المكثف على المجتمع السعودي المحافظ على دينه وأخلاقه ليستمرئ قيادة المرأة للسيارة ويستسيغها .(27/292)
وهذا ليس بعجيب لو وقع من عدو متربص بهذا البلد الذي هو آخر معقل للإسلام يريد أعداء الإسلام أن يقضوا عليه ، ولكن هذا من أعجب العجب إذا وقع من قوم من مواطنينا ومن أبناء جلدتنا يتكلمون بألسنتنا ، ويستظلون برايتنا . قوم انبهروا بما عليه دول الكفر من تقدم مادي دنيوي فأعجبوا بما هم عليه من أخلاق، تحرروا بها من قيود الفضيلة إلى قيود الرذيلة .
ا.هـ كلام الشيخ ابن عثيمين
( وأما في البلاد التي يُسمح فيها بقيادة المرأة للسيارة فعلى المرأة المسلمة تجنّب ذلك ما أمكنها للأسباب السابق ذكرها .
وأما في حالات الضرورة كإسعاف مصاب أو فرار من مجرم فإنه لا حرج على المرأة المسلمة أن تستخدم السيارة في مثل هذه الحالات إذا لم تجد رجلاً تستنجد به .
وتبقى حالات أخرى مثل النساء اللاتي لا بد لهن من الخروج إلى العمل فليس لها زوج أو أب أو وليّ يكفيها ولا من المرتبات الحكومية ما يقوم بحاجتها ، ولم تجد عملاً يكفيها تقوم به في منزلها كبعض وظائف الإنترنت ، واضطرت إلى الخروج فإنها تستخدم أقل وسائل المواصلات خطراً عليها .
وقد تكون هناك مواصلات عامة خاصة بالنساء أو سائق يُستأجر لعدة نساء يوصلهن إلى العمل أو الجامعة ، وقد تكون سيارات الأجرة الخاصة ـ لمن قدرت عليها ماليا ـ أرحم لها من الحافلات العامة التي قد تتعرض فيها للإهانة والاعتداء فتستعمل سيارات الأجرة دون خلوة مع السائق .
وإذا اضطرت في النهاية إلى قيادة السيارة في حالات الحاجة الشديدة الماسة التي لا غنى عنها فإنها تسوقها بجلبابها الشرعي الكامل مع تقوى الله .
وقد تقدم ذكر حال الاضطرار
وتستعين بفتوى علماء بلدها الثقات ـ من غير المتساهلين ـ الذين يفقهون الشريعة ويعرفون وضع البلد .
وقد قال الله تعالى : ( فاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/6
نسأل الله السلامة والعافية وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .(27/293)
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
سفر المرأة للحج بغير محرم ... العنوان
ما رأي الإسلام في حج المرأة دون محرم وبخاصة في هذه الأيام التي تأمن فيها المرأة على نفسها ؟ ... السؤال
09/01/2005 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد
فسفر المرأة دون محرم لأداء الحج محل خلاف بين الفقهاء، ويرى فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، وفضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر وغيرهم من الفقهاء المعاصرين جواز ذلك إذا كانت هناك رفقة آمنة، أو أمنت المرأة الطريق في الذهاب والإياب، أو كانت هناك هيئة مؤتمنة على تنظيم رحلة السفر أو غير ذلك ، حيث إن التحريم هنا سدا للذرائع ، وخوفا على المرأة فإذا انتفت العلة انتفي الحكم وإليك نص فتواه كاملة :
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
الأصل المقرر في شريعة الإسلام ألا تسافر المرأة وحدها، بل يجب أن تكون في صحبة زوجها، أوذي محرم لها.
ومستند هذا الحكم ما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم ".
وعن أبي هريرة مرفوعًا: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم " (رواه مالك والشيخان وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة).(27/294)
وعن أبي سعيد عنه - صلى الله عليه وسلم -: " لا تسافر امرأة مسيرة يومين ليس معها زوجها أو ذي محرم ". (رواه الشيخان في رواية لهما عن أبي سعيد).
وعن ابن عمر: " لا تسافر ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم ". (متفق عليه من حديث ابن عمر).
والظاهر أن اختلاف الروايات لاختلاف السائلين وسؤالهم، فخرجت جوابًا لهم، غير أن أبا حنيفة رجح حديث ابن عمر الأخير، ورأى أن لا يعتبر المحرم إلا في مسافة القصر . وهو رواية عن أحمد.
وهذه الأحاديث تشمل كل سفر، سواء كان واجبًا كالسفر لزيارة أو تجارة أو طلب علم أو نحو ذلك.
وليس أساس هذا الحكم سوء الظن بالمرأة وأخلاقها، كما يتوهم بعض الناس، ولكنه احتياط لسمعتها وكرامتها، وحماية لها من طمع الذين في قلوبهم مرض، ومن عدوان المعتدين من ذئاب الأعراض، وقطاع الطرقات، وخاصة في بيئة لا يخلو المسافر فيها من اجتياز صحار مهلكة، وفي زمن لم يسد فيه الأمان، ولم ينتشر العمران.
ولكن ما الحكم إذا لم تجد المرأة محرمًا يصحبها في سفر مشروع: واجب أو مستحب أو مباح ؟ وكان معها بعض الرجال المأمونين، أو النساء الثقات، أو كان الطريق آمنًا.
لقد بحث الفقهاء هذا الموضوع عند تعرضهم لوجوب الحج على النساء . مع نهي الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن تسافر المرأة بغير محرم.
( أ ) فمنهم من تمسك بظاهر الأحاديث المذكورة، فمنع سفرها بغير المحرم، ولو كان لفريضة الحج، ولم يستثن من هذا الحكم صورة من الصور.
( ب ) ومنهم من استثنى المرأة العجوز التي لا تشتهي، كما نقل عن القاضي أبي الوليد الياجي، من المالكية، وهو تخصيص للعموم بالنظر إلى المعنى، كما قال ابن دقيق العيد، يعني مع مراعاة الأمر الأغلب فتح الباري ج 4 ص 447.
( ج ) ومنهم من استثنى من ذلك ما إذا كانت المرأة مع نسوة ثقات . بل اكتفى بعضهم بحرة مسلمة ثقة.(27/295)
( د ) ومنهم من اكتفى بأمن الطريق . وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية . ذكر ابن مفلح في (الفروع) عنه قال: تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم، وقال: إن هذا متوجه في كل سفر طاعة .. ونقله الكرابيسي عن الشافعي في حجة التطوع . وقال بعض أصحابه فيه وفي كل سفر غير واجب كزيارة وتجارة. (انظر: الفروع ج 3، ص 236، 237، ط.ثانية).
ونقل الأثرم عن الإمام أحمد: لا يشترط المحرم في الحج الواجب . وعلل ذلك بقوله: لأنها تخرج مع النساء، ومع كل من أمنته.
بل قال ابن سيرين: مع مسلم لا بأس به.
*و قال الأوزاعي: مع قوم عدول.
*و قال مالك: مع جماعة من النساء.
*و قال الشافعي: مع حرة مسلمة ثقة . وقال بعض أصحابه: وحدها مع الأمن. (الفروع ج 3، ص 235 - 236).
قال الحافظ ابن حجر: والمشهور عند الشافعية اشتراط الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات . وفي قول: تكفي امرأة واحدة ثقة . وفي قول نقله الكرابيسي وصححه في المهذب تسافر وحدها إذا كان الطريق آمنًا.
وإذا كان هذا قد قيل في السفر للحج والعمرة، فينبغي أن يطرد الحكم في الأسفار كلها، كما صرح بذلك بعض العلماء (فتح الباري ج 4 ص 447، ط. مصطفى الحلبي) . لأن المقصود هو صيانة المرأة وحفظها وذلك متحقق بأمن الطريق، ووجود الثقات من النساء أو الرجال.
والدليل على جواز سفر المرأة من غير محرم عند الأمن ووجود الثقات :
أولأً: ما رواه البخاري في صحيحه أن عمر رضي الله عنه أذن لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر حجة حجها، فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن، فقد اتفق عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ونساء النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولم ينكر غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك . وهذا يعتبر إجماعًا. (المصدر السابق).(27/296)
ثانيًا: ما رواه الشيخان من حديث عدي بن حاتم، فقد حدثه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مستقبل الإسلام وانتشاره، وارتفاع مناره في الأرض. فكان مما قال: " يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة (بالعراق) تؤم البيت لا زوج معها، لا تخاف إلا الله ... إلخ " وهذا الخبر لا يدل على وقوع ذلك فقط، بل يدل على جوازه أيضًا، لأنه سبق في معرض المدح بامتداد ظل الإسلام وأمنه.
هذا ونود أن نضيف هنا قاعدتين جليلتين : أولأً: أن الأصل في أحكام العادات والمعاملات هو الالتفات إلى المعاني والمقاصد بخلاف أحكام العبادات، فإن الأصل فيها هو التعبد والامتثال، دون الالتفات إلى المعاني والمقاصد . كما قرر ذلك الإمام الشاطبي ووضحه واستدل له.
الثانية: إن ما حرم لذاته لا يباح إلا للضرورة، أما ما حرم لسد الذريعة فيباح للحاجة . ولا ريب أن سفر المرأة بغير محرم مما حرم سدًا للذريعة.
كما يجب أن نضيف أن السفر في عصرنا، لم يعد كالسفر في الأزمنة الماضية، محفوفًا بالمخاطر لما فيه من اجتياز الفلوات، والتعرض للصوص وقطاع الطرق وغيرهم.
بل أصبح السفر بواسطة أدوات نقل تجمع العدد الكثير من الناس في العادة، كالبواخر والطائرات، والسيارات الكبيرة، أو الصغيرة التي تخرج في قوافل . وهذا يجعل الثقة موفورة، ويطرد من الأنفس الخوف على المرأة، لأنها لن تكون وحدها في موطن من المواطن.
ولهذا لا حرج أن تحج مع توافر هذا الجو الذي يوحي بكل اطمئنان وأمان.
ويقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر: روى البخاري ومسلم أن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرًا يكون ثلاثة أيام فصاعدًا إلا ومعها أبوها أو أخوها أو زوجها أو ابنها أو ذو محرم منها". ورويا أيضًا أن رجلاً قال للنبي –صلى الله عليه وسلم- إنه اكتتب في الغزو، وإن امرأته قد خرجت للحج، فقال له "حج مع امرأتك".(27/297)
إزاء هذين النصين وغيرهما اختلف العلماء في اشتراط المحرم في وجوب الحج على المرأة، وبعيدًا عن اختلافهم في تقدير المسافة، قال الحنفية: لابد من وجود الزوج أو المحرم، إلا أن يكون بينها وبين مكة دون ثلاث مراحل. وقال الشافعي في المشهور عنه كما ذكره النووي في شرح صحيح مسلم "ج9 ص104": لا يشترط المحرم بل يشترط الأمن على نفسها.
وقال أصحابه: يحصل الأمن بزوج أو محرم أو نسوة ثقات، وقال بعضهم: يلزمها –أي الحج- بوجود امرأة واحدة، وقد يكثر الأمن ولا تحتاج إلى أحد، بل تسير وحدها في جملة القافلة وتكون آمنة، ويقول النووي: المشهور من نصوص الشافعي وجماهير أصحابه هو الأول، أي الأمن على نفسها بالزوج أو المحرم أو النسوة الثقات.
والإمام مالك لا يشترط الزوج أو المحرم في سفر الفريضة، وقال الباجي من المالكية: إن الكبيرة غير المشتهاة يجوز سفرها بلا زوج ولا محرم، ورفض القاضي عياض هذا القول لأن المرأة مظنة الطمع والشهوة حتى لو كانت كبيرة، ولوجود السفهاء الذين لا يتورعون عن الفحشاء في الأسفار.
والإمام أحمد اشترط وجود الزوج أو المحرم في وجوب الحج عليها، وفي رواية أخرى عنه: لا يشترط ذلك في سفر الفريضة.
يقول النووي بعد حكاية مذهب الشافعي: إن هذا الخلاف إنما هو في الحج الواجب، أما حج التطوع وسفر الزيارة والتجارة وما ليس بواجب، فقال بعضهم: يجوز خروجها مع نسوة ثقات، وقال الجمهور: لا يجوز إلا مع زوج أو محرم، وهذا هو الصحيح، ونوجه النظر إلى أن من اشترط المحرم أو الزوج اشترطه لوجوب الحج عليها، ولرفع الإثم والحرج عنها لو سافرت بدونه، لكن لو خرجت للحج بدون ذلك فإن حجها صحيح متى استوفى أركانه وشروطه، وتسقط به الفريضة عنها ولا تلزمها إعادته مع محرم، وإن كانت قد أثمت لخروجها بدون الزوج أو المحرم أو ما يقوم مقامهما على الوجه المذكور.
والحكمة في اشتراط المحرم أو الزوج هي توفير الأمن للمرأة في السفر، ومساعدتها على قضاء مصالحها التي تحتاج إلى اختلاط أو تعب، وقد يكون(27/298)
لتطور وسائل السفر وقصر مدة الغياب عن الوطن، مع توافر كل المستلزمات من ضروريات وكماليات، وسهولة الحصول عليها، ومع استتباب الأمن حيث تؤدي الشعائر بيسر، بالقياس إلى أزمان سبقت قد يكون لكل ذلك أثره في تغير النظرة عند فهم الحديث الخاص بسفر المرأة وحدها. وقد صح في البخاري من حديث عدي بن حاتم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذكر أنه قد يستتب الأمن حتى ترتحل الظعينة من الحيرة وتطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله.
وقد رأينا في استعراض آراء الفقهاء –حتى بين علماء المذهب الواحد- اختلاف وجهات النظر في حتمية المحرم أو الزوج ومكان الاستعاضة عنهما بالرفقة المأمونة، بل في جواز حجها بدون مرافق، حتى إن ابن حزم في "المحلى" رجح عدم وجوب الزوج أو المحرم في سفر الحج، فإذا لم تجد واحدًا منهما تحج ولا شيء عليها.
ولذلك أرى أن المدار هو على توفر الأمن والراحة لها، فإذا حصل ذلك بأية صورة من الصور، كزوج أو محرم أو رفقة مأمونة أو إشراف رسمي مسئول أو غير ذلك؛ وجب عليها الحج وسافرت، وقد حج نساء النبي –صلى الله عليه وسلم- بعد أن أذن لهن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- وبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف –رضي الله عنهما- وكان ذلك سنة لأنهن حججن مع الرسول صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم
ــــــــــــــ
التعامل مع المحارم له حد يجب ألا يتجاوز
تاريخ الفتوى : ... 21 رمضان 1426 / 24-10-2005
السؤال
أريد أن أحكي مشكلتي زوجي أمه متوفاة ويعيش منذ أن كان في العاشرة مع والده وزوجته هي عمرها 52 سنة وزوجي 35 وهو يحب زوجة أبيه جدا لدرجة أنه قد ينام بجوارها في السرير ويداعبها يحضنها ويقبلها ويدخل عليها الحمام وهي تغير ملابسها أمامه وتوقظه من النوم بالقبل والأحضان وتدلك له جسمه كله ويتكلمان(27/299)
في أحاديث خارجة وأنا جالسة . وقد يقبلها من صدرها وينام في حضنها وهي تلبس أمامه الملابس التي تصف ما تحتها أنا لا أغير منها ولكني أشعر بعدم الاحترام لي مما يفعلان...كما أنه دائما ما يقارنني بها في الطعام والاهتمام به ورعايته.. أنا أحاول أن أزيد من اهتمامي به لكنه دائما يشعرني أنه لا يحتاجني إلا في مسألة العلاقة الزوجية وغير ذلك هو لايريد مني شيئا يريد دائما التواجد عندهم لا يريد العودة الى البيت حتى أنه يرغمني على قضاء عدة أيام هناك حتى يكون بجوارها ويحكي لها عن كل تفاصيل حياتنا حتى لو جلسنا في بيتنا لا ينفك أن يتحدث معها طوال الوقت في الهاتف... والده لا يهتم بشيء وأنا لا أريد أن أشتكي لأحد سوى الله وقد قيل لي إن ما يفعلانه حتى لو كان بنية صادقة فهو حرام... وللأسف زوجي عصبي جدا وإذا حاولت أن ألفت نظره يغضب بشدة ويعنفني كل همه إرضاؤها حتى لو كان في شيء خطأ.. أرجو الإفادة هل ما يفعلانه حلال أم حرام؟ وكيف أحل مشكلتي؟
مع الشكر
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زوجة الأب من المحارم على التأبيد ، وبالتالي فيجوز معاملتها كبقية المحارم ، غير أن للتعامل مع المحارم حداً يجب عدم تجاوزه ، وتراجع الفتوى رقم : 55893 . فلا يجوز الاطلاع على عورة المرأة من المحارم ، وقد سبق وأن بينا حدود عورة المرأة أمام المحارم ، في الفتوى رقم : 599 . وسبق شرط جواز تقبيل المحارم ، في الفتوى رقم : 3222 .
وعليه فما يفعله زوجك مع زوجة أبيه حرام لا يجوز ولو كان بحسن نية، ولا يجوز له إرغامك على البقاء في بيت زوجة أبيه ، ولا التحدث بتفاصيل حياتكم الزوجية لورود النهي عن ذلك وقد سبق في الفتوى رقم : 27761 . فعليك مناصحة زوجك وبيان عدم جواز هذه العلاقة بالأسلوب الحسن لو بطرق غير مباشرة كأن يهدى له شريط أو كتيب أو يطلب ممن لهم تأثير عليه مناصحته بأسلوب غير مباشر ونحو ذلك من الأساليب النافعة .(27/300)
وينبغي لك الاهتمام به وتعويضه عما يجده من زوجة أبيه من اهتمام .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم صلة الأم والإخوة من الرضاعة
سؤال:
لدي أم من الرضاعة وإخوة ، فهل عليَّ أن أصلهم وأزورهم كما أزور أمي وإخوتي من النسب علماً أني كنت أزورهم ، ولكن قيل لي : إنه لا يلزمني ذلك ، وأنا محتار في ذلك .
الجواب:
الحمد لله
لا تشبه الأحكام الشرعية المتعلقة بالرضاع تلك المتعلقة بأحكام النسب ، فالرضاع لا يوجب النفقة ولا التوارث ولا ولاية النكاح . . . بخلاف النسب .
ويشتركان في تحريم النكاح ، وإباحة النظر ، والخلوة ، والمحرمية في السفر .
وهذا من حكمة الشرع ، ولا يمكن أن يجعل الشرع حقوق الأم من الرضاعة والتي ترضع الطفل خمس مرات بتلك التي حملت ووضعت وأرضعت وربَّت ، وكانت السبب المحسوس في وجود الولد ، وهل ما في قلب الأم من النسب مثل ما في قلب الأم من الرضاعة من حيث الشفقة والرحمة والحرص ؟
وقد أشارت الآيات القرآنية إلى ذلك كما قال تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ) لقمان/14 ، وقال تعالى - بعد أن أمر الولد بالإحسان إلى الوالدين ونهاه عن أدنى ما يمكن أن يصدر عنه من عقوق لهما - : ( وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ) .
لذا ذكر بعض العلماء أن على الابن من الرضاعة إكرام وتقدير أمه ووالده من الرضاعة ، وليس عليه البر والصلة التي تكون بين الولد ووالديه ، وبينه وبين رحِمِه .
وفي الباب بعض الأحاديث الضعيفة نذكرها للفائدة :(27/301)
1. عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال : رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لحماً بالجعرانة إذ أقبلت امرأة حتى دنت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبسط لها رداءه ، فجلست عليه ، فقلت : من هي ؟ فقالوا : هذه أمه التي أرضعته . رواه أبو داود ( 5144 ) ، وضعفه الألباني في " ضعيف أبي داود " ( 1102 ) .
وقد بوَّب ابن حبان ( 10 / 44 ) على هذا الحديث بقوله " ذكر ما يستحب للمرء إكرام من أرضعته في صباه " .
2. عن عمر بن السائب أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالساً فأقبل أبوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه ، ثم أقبلت أمه من الرضاعة فوضع لها شق ثوبه من جانبه الآخر فجلستْ عليه ، ثم أقبل أخوه من الرضاعة فقام له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه بين يديه . رواه أبو داود ( 5145 ) ، وضعفه الألباني في " السلسلة الضعيفة " ( 1120 ) .
3. عن حجاج بن حجاج الأسلمي عن أبيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ما يذهب عني مذمة الرضاع ؟ فقال : غرة عبدٍ أو أمة . رواه الترمذي ( 1153 ) والنسائي ( 3329 ) وأبو داود ( 2064 ) ، وضعفه الألباني في " ضعيف أبي داود " ( 445 ) .
" غُرَّة " أي مملوك .
قال السيوطي في شرح النسائي (6/108) :
"المراد بـ " مذمة الرضاع " : الحق اللازم بسبب الرضاع ، فكأنه سأل : ما يسقط عني حق المرضعة حتى أكون قد أديته كاملا ؟ ، وكانوا يستحبون أن يهبوا للمرضعة عند فصال الصبي شيئا سوى أجرتها" اهـ .
4. وذكر أهل السير أن النساء الأسرى من هوازن لما جُمعوا جاء خطيبهم زهير بن صرد فقال: يا رسول الله إنما في الحظائر أمهاتك وخالاتك وحواضنك، فامنُن علينا منَّ الله عليك . وهذه الأحاديث الوارد فيها هو الإكرام والتقدير ، وهما من أخلاق الإسلام التي حثَّ عليها لعامة المسلمين . فكان هذا سبب إعتاقهم عن بكرة أبيهم . البداية والنهاية (4/419) .
والله أعلم .(27/302)
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الفتوى : ... إقامة الرجل في بيت خالته مع أبنائها وبناتها
تاريخ الفتوى : ... 07 شوال 1426 / 09-11-2005
السؤال
اسمي بدر السن 22، حاليا أتواجد في بيت خالتي لا أعلم المدة التي سأقضيها، لها زوجها والابن الأكبر سنه25 سنة وبنت سنها 23 وتوأمان 14 سنة ذكر وأنثي، ما أرغب في معرفته ما حكم الشرع الإسلامي في تواجدي بينهم؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من تواجدك في بيت خالتك أو غيرها من أقاربك ما دمتم ملتزمين بالأحكام والآداب الشرعية، ولتعلم أن بنات الخالة أجنبيات عنك يحرم عليك الخلوة بهن أو النظر إليهن، فقد أمر الله عز وجل بغض البصر، فقال تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا .... {النور:30-31}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
هذا إذا كانت بنات خالتك غير محرمات لك من الرضاعة، أما إذا كن محرمات لك فإنهن يعتبرن أخوات لك يجري عليهن ما يجري على محارمك، وأما الخالة فإنها تعتبر بمنزلة الأم فهي محرم على كل حال، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الخالة أم. رواه أبو داود وصححه الألباني، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 10463، والفتوى رقم: 27683.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(27/303)
طلبت منه امرأة أن يصورها ففعل
سؤال:
طلبت امرأةٌ سافرةٌ من شابٍّ تصويرها بـ ( كامرتها ) ، وهي ليست مسلمة ، فقبل ، فهل فعله جائز أم أنه وقع في محظور شديد ، وبماذا تنصحون أمثاله ؟
الجواب:
الحمد للَّه
الواجب على المسلم أن يُعَظِّمَ أحكام الدين ، ويفتخرَ بشعائره ، ويكون داعيةً إلى هَديِ الإسلام بلسان حاله قبل مقاله ، وخاصةً حين يتعلق الأمر بغير المسلمين من الناس .
والاستقامة شرف يرتفع به المسلم ، ونور يزهو به بين البشر ، وليس عبئًا أو شَينًا يستحيي أن يُظهِرَه ، فضلا عن أن يخالفه مجاهرة .
ومعلوم في شريعتنا المطهرة حرمة النظر إلى وجوه النساء الأجنبيات لغير حاجة ، ومن باب أولى حرمة النظر إلى شعورهن وما يبدين من زينتهن .
يقول الله تعالى :
( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور/30
وعَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ :
( يَا عَلِيُّ ! لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ ، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ ) رواه أبو داود (2149) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
ولا يخفى أن تصوير المرأة بآلة التصوير ( الكاميرا ) يقتضي النظر والتأمل في وجهها وصورتها ، مع ما يصاحب ذلك من محادثة وملاطفة وابتسامة محرمة ، فكيف إذا كانت المرأة سافرة متبرجة كاشفة عن زينتها ؟!
والأصل في المسلم أنه ينكر المنكر ، وينهى عن كل مظاهر المخالفة لأوامر الله ، وليس السكوت عنها ، فضلا عن المعاونة عليها والتساهل فيها .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) رواه مسلم (49)(27/304)
وقد كان الأحرى بهذا الشاب أن يَتَحَيَّنَ الفرصةَ فيدعو تلك المرأة إلى الإسلام ، ويعرفها بما للحجاب من فضيلة وطهارة ، وأن الصالحات من المؤمنات من لدن مريم عليها السلام إلى أمهات المؤمنين ونساء المؤمنين كن يتزيَّنَّ بالفضيلة ، ويَتَحَلَّينَ بالحجاب ، وأن شريعة الإسلام تحفظ المرأة وتصونها ، وتراها جوهرةً ثمينةً لا تُباح لكلِّ لامسٍ ، لعل الله أن يهدي على يديه تلك المرأة ، فيكون إسلامها في ميزان حسناته يوم القيامة .
فالواجب على هذا الشاب التوبة مما فعل ، وعدم العود لمثل ذلك ، وعليك أن تنصحه وتذكره بوجوب البعد عن هذه الأعمال ، وأن إظهاره أحكام الإسلام أولى ما يكون أمام غير المسلمين ممن يرجى أن يعتبروا حين يرون سمو هذه الشريعة وتعاليمها .
أسأل الله أن يهدينا وإياكم للخير ، وأن يعلمنا وإياكم الهدى والحق والإيمان .
انظر جواب السؤال رقم (1774)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
ما الحكمة من جواز الاستمتاع بملك اليمين
سؤال:
في كتاب " الرحيق المختوم " يقول المؤلف في باب " بيت النبوة" أنه صلي الله عليه وسلم كان عنده إضافة إلى زوجاته أربع نساء مما ملكت يمينه
1- اذا ما ملكت اليمين ليس بحرام ؟
2- هل من الممكن لأي مسلم أن يكون لديه ما ملكت اليمين؟.
الجواب:
الحمد لله
الله سبحانه وتعالى له الحكمة البالغة في شرائعه التي شرعها لعباده ، لكن هذه الحكمة لا تظهر إلا لمن بحث عنها وهو مؤمن بتمام حكمته سبحانه وتعالى ، ونظر وتأمل في المصالح التي تترتب على شرع الله تعالى والتي قد لا يراها(27/305)
الإنسان في النظر العابر غير المتأمل ، خاصة إذا وُجد من يطعن في هذه التشريعات لمخالفتها لما يظنه حقا وحكمة ومصلحة .
أما الجواب التفصيلي على سؤالك عن سبب إباحة المرأة المملوكة بملك اليمين على سيدها : فالجواب : أن ذلك لإباحة الله له ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) المؤمنون/6 ، المعارج/30 ، وذلك بشرط أن يكون ملكه لها كان بوجه صحيح ، وألا تكون هذه الأمة قد زوَّجها سيدها برجل آخر وهي لا تزال في عصمة هذا الزوج ، وسبب هذه الإباحة أن هذه الأمة داخلة في ملكه ، بسبب بذله للمال بالشراء أو بذله لنفسه في سبيل الله .
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله : وسبب الملك بالرق : هو الكفر ، ومحاربة الله ورسوله ، فإذا أقدر اللهُ المسلمينَ المجاهدين الباذلين مُهَجهم وأموالهم وجميع قواهم وما أعطاهم الله فتكون كلمة الله هي العليا على الكفار : جعلهم ملكاً لهم بالسبي إلا إذا اختار الإمام المنَّ أو الفداء لما في ذلك من المصلحة للمسلمين . أ.هـ " أضواء البيان " 3/387 .
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :
فإن قيل : إذا كان الرقيق مسلماً فما وجه ملكه بالرق ؟ مع أن سبب الرق الذي هو الكفر ومحاربة الله ورسله قد زال .
فالجواب : أن القاعدة المعروفة عند العلماء وكافة العقلاء : أن الحق السابق لا يرفعه الحق اللاحق ، والأحقية بالأسبقية ظاهرة لا خفاء بها .
فالمسلمون عندما غنموا الكفار بالسبي : ثبت لهم حق الملكية بتشريع خالق الجميع ، وهو الحكيم الخبير ، فإذا استقر هذا الحق وثبت ، ثم أسلم الرقيق بعد ذلك كان حقه في الخروج من الرق بالإسلام مسبوقاً بحق المجاهد الذي سبقت له الملكية قبل الإسلام ، وليس من العدل والإنصاف رفع الحق السابق بالحق المتأخر عنه كما هو معلوم عند العقلاء .(27/306)
نعم ، يحسن بالمالك ويجمل به أن يعتقه إذا أسلم ، وقد أمر الشارع بذلك ورغَّب فيه ، وفتح له الأبواب الكثيرة كما قدمنا ـ يشير بذلك إلى كون الله تعالى قد جعل الدخول في الإسلام شرطا في عتق الرقبة في أبواب الكفارات ـ
فسبحان الحكيم الخبير ( وتمَّت كلمة ربِّك صدقاً وعدلا لا مبدِّل لكلماته وهو السميع العليم ) الأنعام/115.
فقوله { صدقاً } أي : في الأخبار ، وقوله { عدلاً } أي : في الأحكام .
ولا شك أن من ذلك العدل : الملك بالرق وغيره من أحكام القرآن .
وكم من عائب قولاً صحيحاً وآفته من الفهم السقيم " أضواء البيان " ( 3 / 389 )
أما امتلاك المسلم للرقيق فإنه ينبغي التحرز الشديد في ثبوت الرق لمن يُباع أو يُشترى الآن لأن الإسلام حصر مصادر الرق التي كانت متعددة قبل الرسالة المحمدية في مصدر واحد وهو : رق الحرب الذي يفرض على الأسرى من الكفار في حال قتال المسلمين لهم فلا يسري الرق إلا عليهم أو على من كان من نسلهم ، ويمكنك مراجعة السؤال ( 26067 ) ( 12562 ) ففيهما زيادة تفصيل .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
حدود الاستمتاع بين الزوجين وحكم رضاع الرجل من زوجته
سؤال:
هل يجوز مص صدر المرأة عند الجماع ؟.
الجواب:
الحمد لله
للزوج أن يستمتع بزوجته بما يشاء ، ولم يحرم عليه إلا الإيلاج في الدبر ، والجماع في الحيض والنفاس ، وما عدا ذلك فله أن يستمتع بزوجته بما يشاء كالتقبيل والمس والنظر وغير ذلك .(27/307)
وحتى لو رضع من ثديها ، فهو داخل في الاستمتاع المباح ، ولا يقال بتأثير اللبن عليه ؛ لأن رضاع الكبير غير مؤثر في التحريم ، وإنما الرضاع المؤثر هو ما كان في الحولين .
قال علماء اللجنة الدائمة :
يجوز للزوج أن يستمتع من زوجته بجميع جسدها ، ما عدا الدبر والجماع في الحيض والنفاس والإحرام للحج والعمرة حتى يتحلل التحلل الكامل .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن قعود . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 19 / 351 ، 352 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
يجوز للزوج أن يمص ثدي زوجته ، ولا يقع تحريم بوصول اللبن إلى المعدة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله الغديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
رضاع الكبير لا يؤثر ؛ لأن الرضاع المؤثر ما كان خمس رضعات فأكثر في الحولين قبل الفطام ، وأما رضاع الكبير فلا يؤثر ، وعلى هذا فلو قدِّر أن أحداً رضع من زوجته أو شرب من لبنها : فإنه لا يكون ابناً لها . " فتاوى إسلامية " ( 3 / 338 ) .
وأما من جهة حل الاستمتاع في غير ما جاء النهي عنه : فإليك أقوال أهل العلم فيه :
قال ابن قدامة :
لا بأس بالتلذذ بها بين الأليتين من غير إيلاج ; لأن السنة إنما وردت بتحريم الدبر , فهو مخصوص بذلك , ولأنه حرم لأجل الأذى , وذلك مخصوص بالدبر , فاختص التحريم به . " المغني " ( 7 / 226 ) .
وقال الكاساني :(27/308)
من أحكام النكاح الصحيح حل النظر والمس من رأسها إلى قدميها حالة الحياة ; لأن الوطء فوق النظر والمس , فكان إحلاله إحلالا للمس والنظر من طريق الأولى . " بدائع الصنائع " ( 2 / 231 ) .
وقال ابن عابدين :
سأل أبو يوسف أبا حنيفة عن الرجل يمس فرج امرأته وهي تمس فرجه ليتحرك عليها هل ترى بذلك بأسا ؟ قال : لا , وأرجو أن يعظم الأجر . " رد المحتار " ( 6 / 367 ) .
وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المباح بمنع الجماع للحائض في الفرج وإباحة ما عداه من جسدها ، وهو في غير الحائض أوضح في الإباحة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
قوله : " ويستمتعُ منها بما دُونه " أي : يستمتعُ الرَّجل من الحائض بما دون الفَرْج .
فيجوز أن يستمتعَ بما فوق الإزار وبما دون الإزار ، إلا أنَّه ينبغي أن تكون متَّزرة ؛ لأنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كان يأمر عائشة رضي الله عنها أن تَتَّزِرَ فيباشرها وهي حائض ، وأَمْرُه صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لها بأن تتَّزِرَ لئلا َّيَرى منها ما يكره من أثر الدَّم ، وإذا شاء أن يستمتع بها بين الفخذين مثلاً : فلا بأس .
فإن قيل : كيف تجيب عن قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لما سُئِلَ ماذا يَحِلُّ للرَّجُل من امرأته وهي حائض قال : " لك ما فوق الإزار " ، وهذا يدلُّ على أن الاستمتاع يكون بما فوق الإزار ؟ .
فالجواب عن هذا بما يلي :
1. أنَّه على سبيل التنزُّه ، والبعد عن المحذور .
2. أنه يُحمَلُ على اختلاف الحال ، فقولُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ " اصنعوا كلَّ شيء إلا النكاح " : هذا فيمن يملك نفسه ، وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : " لك ما فوق الإزار " : هذا فيمن لا يملك نفسه إما لقلِّة دينه أو قوَّة شهوته . " الشرح الممتع " ( 1 / 417 ) .
والله أعلم.(27/309)
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الفتوى : ... ركوب المرأة مع الرجل الأجنبي في السيارة وحدهما
تاريخ الفتوى : ... 14 رمضان 1426 / 17-10-2005
السؤال
أنا ممرض وأعود من العمل بسيارتي، أحياناً تطلب مني زميلتي بالعمل أن أوصلها إلى بيتها الكائن في مدينتي بعلم زوجها، ما هو حكم الدين في هذا الموقف؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أن ركوب المرأة مع الرجل الأجنبي في السيارة وحدهما يُعدُّ خلوة، ولذلك لا يجوز لكما الركوب وحدكما لما فيه من الخلوة المنهي عنها شرعاً، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعهما ذو محرم.
وأما قول بعضهم إن ذلك ليس بخلوة ما داما في المدينة... فهو قول ضعيف مرجوح، ونرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 54972 وما أحيل عليه فيها، وكون زوجها يعلم بذلك أو أذن فيه فإنه لا أثر له على الحكم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ماذا تكشف المسلمة أمام الكفار من محارمها والنساء ؟
سؤال:
هل يجوز أن أخالط والد زوجي ، وأجالسه وأخلع حجابي أمامه وهو شخص كافر ؟ وما هو الحكم مع والدة زوجي ، هل يجوز أن أخلع حجابي أمامها ؟ كما أرجو أن تبين لي كيف أعاملهما ؟.
الجواب:(27/310)
الحمد لله
أولاً :
لا حرج على المرأة المسلمة من مخالطة محارمها ، ومن يحرم عليها من الكفار إذا أمنت فتنتهم ، وكذا الأمر بالنسبة للكافرات من قريباتها أو الأجنبيات ممن تدعو الحاجة لمخالطتهن كأم الزوج ، والواجب على المرأة المسلمة دعوة هؤلاء بالتي هي أحسن ، ويكون ذلك بإظهار محاسن الأخلاق التي دعا إليها الشرع من حسن الكلام ولطف الأفعال ، على أن تلتزم بأحكام الإسلام مثل عدم ابتدائهم بالسلام ، وعدم المودة القلبية .
وأما بخصوص لباسها أمامهم فإن المرأة المسلمة يجوز لها أن تكشف أمام محارمها ونسائها ما جرت العادة عند أهل الشرع والأدب بكشفه كالوجه والرأس والرقبة والذراع وبعض الساق .
وسواء كانت النساء والمحارم مسلمين أم كفاراً فإن الحكم فيه لا يختلف .
ولا يجوز للمسلمة أن تلبس القصير أمامهم ، ولا الشفاف ، ولا الضيِّق الذي يحجم العورة .
قال علماء اللجنة الدائمة :
على المرأة أن تحتشم وتتحلى بالحياء حتى ولو لم ينظر إليها إلا نساء ولا تكشف لهن إلا ما جرت العادة بكشفه ودعت له الحاجة كالخروج لهن في ثياب البذلة ( هي الثياب التي تلبسها وهي في عملها في البيت ) مكشوفة الوجه واليدين وأطراف القدمين ونحو ذلك وذلك أستر لها وأبعد عن مواطن الريبة . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 17 / 288 ، 289 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
وأما محارمهن في النظر ، فكنظر المرأة إلى المرأة ، بمعنى أنه يجوز للمرأة أن تكشف عند محارمها ما تكشفه عند النساء ، تكشف الرأس والرقبة والقدم والكف والذراع والساق وما أشبه ذلك ، ولكن لا تجعل اللباس قصيرا ً ." مجموع الفتاوى " ( 12 / 276 ، 277 ) .(27/311)
وانظر جواب السؤال رقم : ( 12371 ) و ( 6569 ) ففيه زيادة نقولات وتوضيح عن أهل العلم فيما تظهره وتمتنع عن إظهاره أمام النساء ومحارمها .
ثانياً :
ومن العلماء من فرَّق بين المرأة المسلمة والكافرة فمنع وضع الحجاب أما المرأة الكافرة ، وهذا القول مرجوح ، فقد كانت النساء اليهوديات يدخلن على عائشة وغيرها من الصحابيات ، ولم يُعلم منهن احتجاب عنهن .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
هل يجب الحجاب عن المرأة الكافرة ، أو تُعامل كما تُعامل المرأة المسلمة ؟ .
فأجابوا :
فيه قولان لأهل العلم ، والأرجح : عدم الوجوب ؛ لأن ذلك لم يُنقل عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن غيرهن من الصحابيات حين اجتماعهن بنساء اليهود في المدينة والنساء الوثنيات ، ولو كان واقعاً لنُقل كما نُقل ما هو أقل منه .
وقالوا :
لا مانع من كشف المرأة وجهها عند المرأة ، مسلمة كانت أو كانت كافرة ؛ لأنها لم تُؤمر بستر وجهها إلا عن الرجال الذين ليسوا من محارمها ، قال تعالى : ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ ) إلى قوله سبحانه { أَوْ نِسَائِهِنَّ } الآية ، فأمرها الله سبحانه بضرب الخمار على وجهها عن الرجال ما عدا المحارم المذكورين في الآية ، أو مَن بينها وبينهم رضاعة محرمة كما في الآية الأخرى .
والمراد بالنساء في الآية : جميع النساء المسلمات وغير المسلمات ، والله أعلم .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 17 / 287 ، 288 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - :
هل يجوز أن تكشف المرأة المسلمة شعرها أمام امرأة غير مسلمة ، خاصة وأنها تصف المرأة المسلمة أمام الرجال من أقاربها وهم غير مسلمين ؟ .
فأجاب :(27/312)
هذا الأمر مبنيٌّ على اختلاف العلماء في تفسير قوله – تعالى - : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ) النور/31 ، فالضمير في قوله – تعالى - : { نِسَائِهِنَّ } ؛ اختلف فيه العلماء ؛ فمنهم من قال : إن المقصود ، الجنس ؛ أي جنس النساء عموماً . ومنهم من قال : إن المقصود بالضمير : الوصف ؛ أي : النساء المؤمنات فقط ، فعلى القول الأول يجوز للمرأة أن تكشف شعرها ووجها أمام امرأة غير مسلمة ، وعلى القول الثاني لا يجوز ، ونحن نميل إلى الرأي الأول وهو الأقرب ؛ لأن المرأة مع المرأة لا فرق فيه بين امرأة مسلمة وغير مسلمة ، هذا إذا لم تكن هناك فتنة ، أما إذا خشيت الفتنة كأن تصف المرأة لأقاربها من الرجل فيجب توقي الفتنة حينئذ ، فلا تكشف المرأة شيئاً من جسدها ، كالرجلين أو الشعر أمام امرأة أخرى سواء مسلمة أو غير مسلمة .
" فتاوى المرأة المسلمة " – جمع صلاح الدين محمود – ( ص 605 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
النكاح بموافقة الولي هو الحل الأمثل
تاريخ الفتوى : ... 14 رمضان 1426 / 17-10-2005
السؤال
أدرس في دولة من دول الكفر والعصيان تعرفت على شاب من بلدي وفي نفس جامعتي بداية كانت علاقتنا تقتصر على مساعدته لي من معاملات وأوراق وما إلى ذلك أعجبت به إعجابا شديدا نظرا لسلوكه وأخلاقه وفوق كل ذلك محافظته على شرائع الدين وحفاظه على نفسه وهو في هذه البلاد أنا والحمد لله محافظة وملتزمه بحجابي ولبسي الشرعي في هذه البلاد أخاف الله وأتقي غضبه أعلم أن وجودي هنا غير جائز ولكني سافرت بناء على رغبة والدي الشديدة لأن أدرس(27/313)
في الخارج فوجئت بهذا الشاب بأن صارحني بحبه لي وإعجابه بأخلاقي ومحافظتي على ديني علاقتنا كان فقط مجرد كلام واطمئنان كل منا على الآخر إلى أن يوفقنا الله للزواج أسبوع بعد أسبوع وسوس لنا الشيطان وأوقعنا في شراكة لم نرتكب جريمة الزنا ولكننا ارتكبنا كل مقدمات الزنا من تحضين وتقبيل فقط لاغير، لا أخفي عليكم أنه بعد كل لقاء بيننا ينتابنا ألم شديد فكلانا يعلم حرمة ما نقوم به جاهدنا الشيطان بكل ما أوتينا من قوة تبادلنا الأشرطة الدينية لتكون رادعا لنا كنا إذا اجتمعنا نحاول أن نقرأ القرآن ، يقوم بتعليمي التجويد أذكره دائما ماذا سيكون حالنا إن قبض الله أروحنا ونحن على تلك الحال مرات عديدة ذرفنا الدموع ندما استغفرنا الله صلينا قيام ليل تبنا لجأنا إلى الصيام لكن وللأسف الشديد كنا نفترق أو بمعنى أصح نرتدع لمدة قصيرة ثم نعود لملامسة بعض افترقنا لمدة شهر على أن لانكرر ما عملناه باعتقادنا أنه بعد هذه المدة سيتملكنا الحياء من بعض، ولكن عند أول لقاء أعدنا الكرة زواجنا في الوقت الحالي مستحيل جدا أقرب وقت وعدني بأن يتقدم لي بعد سنة لكن ما يؤلمنا هو بأننا لسنا راضيين عما نفعله لجأنا إلى حل أخير وهذا ما أريد أن نستشير عنه وهو أن نبرم عقد زواج هنا من غير علم أهلي ولا أهله إلى أن يتقدم بشكل رسمي لطلب يدي من أهلي فهو فعلا جاد بهذه المسألة غرضنا الأساسي والله أننا نريد من كل ذلك بأن نعف أنفسنا بالحلال حيث سيكون أي لقاء أو أي كلام بيننا في إطار الحلال حتى وجودي هنا للدراسة سيكون أمام الله أيضا في الحلال توفرت له عدة فرص للوقوع في الزنا لكنه آثر عفة نفسه نحب بعضنا جدا فأنا لن أرتبط بشخص غيره أبدا ما حييت ندعو الله دائما لأن يوفقنا لمرضاته وأن يجمع بيننا في الحلال ما أريد أن أستفسر عنه هل ما اتفقنا عليه من أن نقوم بإجرات العقد جائز شرعا وهل هذه خطوة صائبة أم بماذا تنصحونا أعتذر على الإطالة ؟
ولكم جزيل الشكر والتقدير
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/314)
فقد تقدم في الفتوى رقم : 6015 . حكم سفر الفتاة للدراسة دون محرم ، وتقدم في الفتوى رقم :2843 . حكم زواج الفتاة دون ولي، ومنه تعلمين أن العقد بدون ولي ليس فيه حل للمشكلة ، فالذي ننصح به الأخت الفاضلة أن تعود إلى بلدها إن أمكنها ذلك ، وإكمال دراستها في بلدها ، لما في الإقامة في تلك البلاد من الخطر على دين المسلم وخلقه لا سيما المرأة ، وإن لم يمكنها العودة فعليها أن تشغل نفسها بما ذهبت من أجله ، وأن تقطع العلاقة بذلك الشاب قطعاً كاملاً ، فإنه لا يجوز لها ربط علاقة مع رجل أجنبي عنها ليس محرما وليس بينها وبينه عقد نكاح شرعي، وعليها التوبة إلى الله من الذنوب التي ارتكبتها معه ، وإن استطاعت إقناع والدها بأن يعقد لها عليه بتوكيل صحيح منه هو لشخص يوجد في بلد الوالد أو يوكل الأب من ينوب عنه في العقد فذلك هو الحل الأمثل ، لتكون علاقتها بالشاب شرعية وإقامتها في تلك البلاد آمنة .
نسأله سبحانه أن يوفقها لكل خير ، وأن يحصن فرجها بالحلال ، ويجنبها كل سوء .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تجرد الزوجين من الثياب عند الجماع ... العنوان
نحن من العرب المسلمين، نعيش في أمريكا الشمالية منذ سنوات، وقد أكرمنا الله تعالى بالعمل في مجال النشاط الإسلامي بين المسلمين من كل الأجناس والألوان والطبقات، فمنا العرب، ومنا الهنود والباكستانيون، ومنا الماليزيون والأفارقة، ومنا الأمريكيون من بيض وسود.
وتصادفنا أسئلة كثيرة منها ما لا عهد لنا بمثله في أوطاننا العربية والإسلامية، وكثير منها يسأله إخواننا وأخواتنا من الأمريكيين المسلمين والأمريكيات المسلمات، بعضها يتعلق بالصلات الجنسية بين الرجل وزوجته، مما هو معتاد في تلك البيئة، وأصبح جزءًا من حياتهم وعاداتهم الراسخة.
من ذلك: تجرد الزوجين عند الجماع من الثياب تمامًا.(27/315)
ومنها: نظر الرجل إلى فرج امرأته، والمرأة إلى فرج زوجها.
وأشياء أخرى من هذا القبيل قد نستحي من ذكرها علانية، مما من شأنه أن يحرك شهوة كل منهما إلى الآخر، إذ يبدو أن حالة التكشف والعري والتحلل هناك أصابت القوم بنوع من البرود الجنسي، الذي يحتاج إلى محرك أو مثير لا نحتاج إليه نحن في بلاد العروبة والإسلام.
وقد كنا نجيب عن مثل هذه الأسئلة بالمنع والتحريم، لما ترسب في أذهاننا من أقوال وأحاديث سمعناها في الغالب من أهل الوعظ، لا من أهل الفقه.
ولكن بعض الأخوة ذكروا لنا أنهم سمعوا منك ما يخالف هذا، في بعض زياراتك لأمريكا وإجاباتك لبعض الأسئلة التي وجهت إليك في المؤتمرات العامة واللقاءات الخاصة.
لهذا أحببنا أن نستوثق منك بصورة مباشرة، ونعرف رأيك في هذه الأسئلة المثارة، مؤيدًا بأدلته من الكتاب والسنة. راجين ألا تهمل الرد علينا، وإن كنا نقدر كثرة أعبائك ومشاغلك، ولكن للمسلمين فيما وراء البحار حق عليك أيضًا.. وفقك الله وأعانك لخدمة الإسلام والمسلمين.
مجموعة من مسلمي الولايات المتحدة.
عنهم: م. ل. س.
... السؤال
30/08/2003 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإن تجرد الزوجين من الثياب عند الجماع أو غيره، ونظر كل منهما لفرج الآخر جائز ، ولم يرد دليل شرعي صحيح على منعه، بل ذهب بعض الفقهاء إلى أنه أعظم في الأجر ما دام الغرض منه إعفاف كلا الزوجين للآخر.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:(27/316)
إن الإسلام لم يهمل هذا الجانب من جوانب الحياة، الذي قد يحسبه بعض الناس أبعد ما يكون عن الدين واهتماماته، بل قد يتوهم بعض الناس أنه ينظر إلى " الجنس " وما يتصل به على أنه " رجس من عمل الشيطان " وأن نظرة الإسلام إلى الجنس كنظرة الرهبانية إليه.
والواقع أن الإسلام قد عني بهذا الجانب الفطري من حياة الإنسان، ووضع فيه من القواعد والأحكام والتوجيهات ما يضمن أداءه لوظيفته، في غير غلو ولا كبت ولا انحراف.
وحسبنا ما جاء في سورة البقرة حول هذا الموضوع في قوله تعالى: (يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين. نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين). (البقرة: 222، 223).
وقد حفلت كتب التفسير والحديث والفقه والآداب وغيرها بالكثير مما يتصل بهذا الجانب، ولم ير علماء المسلمين أي بأس في الحديث عن هذا الموضوع ما دام في إطار العلم والتعليم، وقد شاع بين المسلمين كافة هذا القول: لا حياء في الدين، أي في تعلمه وتعليمه، أيًا كان موضوعه.
والإسلام قد جاء لكل الأجناس، ولكل الطبقات، ولكل البيئات، ولكل الأعصار ولكل الأحوال، فلا ينبغي أن تتحكم في فقهه وفتاويه وتوجيه أحكامه أذواق أو تقاليد أقوام معينين، في بيئة معينة، كبيئة المسلمين العرب أو الشرقيين، فنحجر بذلك ما وسع الله، ونعسر ما يسر الدين، ونمنع الناس مما لم يمنعهم الشرع منه، بنصوصه الثوابت المحكمات.. ومن هنا أطالب الأخوة الغيورين الذين يسارعون إلى الإفتاء بالمنع والتحريم فيما لم يألفوه، أو تستشنعه أنفسهم بحكم نشأتهم وتربيتهم الخاصة، أن يتبينوا ويتثبتوا قبل الجزم بالحكم، وخصوصًا عند الإيجاب أو التحريم، وألا يأخذوا الأحكام من كتب الوعظ والرقائق، ولا من ألسنة أهل الوعظ والترغيب والترهيب، فكثيرًا ما ينقصها التحقيق والتدقيق، وقلما تخلوا من التهويل والمبالغات إلا من رحم ربك.(27/317)
كما لا ينبغي عند اختلاف العلماء أن يلتزموا المذهب الأشد في ذلك أخذًا بالأحوط، فقد يكون الأخذ بالأيسر هو الأولى، لأنه الأقوى دليلاً، أو لأنه الأوفق بروح الشريعة، وحاجات الناس، وخصوصًا إذا كان السائلون من حديثي العهد بالإسلام، كما في موضوعنا، فالإفتاء بالأيسر لهؤلاء أولى من الإفتاء بالأحوط، ولكل مقام مقال.
وفي الموضوع الذي سأل عنه الأخوة نجد كتب الفقه لم تهمله، بل تحدثت عنه.
ذكر في متن " تنوير الأبصار " وشرحه " الدر المختار " من كتب الحنفية جواز أن ينظر الرجل من امرأته إلى ما ظهر منها وما بطن، ولو إلى فرجها، بشهوة وبغير شهوة.
قال في " الدر ": (والأولى تركه، لأنه يورث النسيان، وأضاف آخرون أنه يضعف البصر). فعللها بتعليلات غير شرعية، إذ لم يجئ بها نص من كتاب ولا من سنة، وهي مردودة من الناحية العلمية، فليس هناك أي ارتباط منطقي ولا واقعي بين السبب والنتيجة.
واستدل في " الهداية " لأولوية الترك بحديث " إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ما استطاع، ولا يتجردان تجرد العيرين " أي الحمارين.
قال: وكان ابن عمر يقول:" الأولى أن ينظر ليكون أبلغ في تحصيل اللذة ".
لكن في " شرح الهداية " للعيني: أن هذا لم يثبت عن ابن عمر بسند صحيح ولا ضعيف.
قال: وعن أبي يوسف: سألت أبا حنيفة عن الرجل يمس فرج امرأته، وهي تمس فرجه، ليتحرك عليها، هل ترى بذلك بأسًا؟ قال: لا، وأرجو أن يعظم الأجر). (حاشية رد المحتار على الدر المختار 5/234).
ولعله يشير إلى الحديث الصحيح:" وفي بضع أحدكم صدقة ". قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟ قال: " نعم، أليس إذا وضعها في حرام كان عليه وزر، فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر. أتحتسبون الشر، ولا تحتسبون الخير؟! ". رواه مسلم. فرضي الله عن أبي حنيفة ما كان أفقهه!.(27/318)
أما الحديث الذي استدل به في " الهداية " فلا حجة فيه، لأنه ضعيف. (رواه ابن ماجة في النكاح (1921) وضعفه البوصيري في الزوائد، وضعفه الحافظ العراقي أيضًا لضعف أسانيده كلها، وكذلك ضعفه الألباني في " إرواء الغليل " حديث 2009).
وحتى لو قبلنا تساهل السيوطي الذي رمز للحديث السابق بالحسن في جامعه الصغير لكثرة طرقه، فإنه لا يفيد أكثر من الكراهة التنزيهية التي تزول لأدنى حاجة.
وفي مجتمع مثل المجتمع الأمريكي وغيره من المجتمعات الغربية نجد أن لهم عادات في اللقاء الجنسي بين الزوجين، تخالف ما درجنا عليه في أوطاننا مثل التعري عند الجماع، أو نظر الرجل إلى فرج امرأته، أو لعب المرأة بذكر زوجها وتقبيله ونحو ذلك مما قد يدفعهم إليه ما أصيبوا به من برود جنسي نتيجة لانتشار الإباحية والتحلل والعري، مما يجعل الرجل وربما المرأة أيضًا في حاجة إلى مثيرات غير عادية. فهذه أشياء قد تنكرها أنفسنا، وتنفر منها قلوبنا، وتستسخفها عقولنا، ولكن هذا شيء وتحريمها باسم الدين شيء آخر
ولا ينبغي أن يقال في شيء: حرام، إلا أن يوجد في القرآن والسنة الصحيحة، النص الصريح على حرمته، وإلا، فالأصل الإباحة.
ولا نجد هنا النص الصحيح الصريح الدال على حرمة هذا السلوك مع الأزواج، وهذا ما جعلني في زياراتي لأمريكا، في مؤتمرات اتحاد الطلبة المسلمين، وزياراتي للمراكز الإسلامية في عدد من الولايات، إذ سئلت عن هذا الأمر وهو غالبًا يأتي من المسلمات الأمريكيات أن أميل إلى التيسير لا التعسير، والتسهيل لا التشديد، والإجازة لا المنع.لحديث: " احفظ عورتك إلا عن زوجتك وما ملكت يمينك " ولقوله تعالى:(والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين). (المؤمنون: 5،6).
وهذا ما ذهب إليه، وشدد النكير على من خالفه الإمام ابن حزم، حيث لم يصح لديه نص يمنع من ذلك، ولهذا لم يجد فيه أي كراهة أصلاً. فقال في "المحلى":(27/319)
(وحلال للرجل أن ينظر إلى فرج امرأته، زوجته وأمته التي يحل له وطؤها، وكذلك لهما أن ينظرا إلى فرجه، لا كراهية في ذلك أصلاً.
برهان ذلك الأخبار المشهورة من طريق عائشة، وأم سلمة، وميمونة أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أنهن كن يغتسلن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من الجنابة من إناء واحد. (انظر المحلى 1/267 و283 289).
وفي خبر ميمونة بيان أنه عليه الصلاة والسلام كان بغير مئزر، لأن في خبرها أنه عليه الصلاة والسلام أدخل يده في الإناء، ثم أفرغ على فرجه وغسله بشماله (انظر المحلى 1/267 و 283 289)، فبطل بعد هذا أن يلتفت إلى رأي أحد.
ومن العجب أن يبيح بعض المتكلفين من أهل الجهل وطء الفرج ويمنع من النظر إليه، ويكفي في هذا قول الله عز وجل:(والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين).
فأمر عز وجل بحفظ الفرج إلا على الزوجة، وملك اليمين، فلا ملامة في ذلك، وهذا عموم في رؤيته ولمسه ومخالطته.
وما نعلم للمخالف تعلقًا إلا بأثر سخيف عن امرأة مجهولة عن أم المؤمنين:" ما رأيت فرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قط ".
وآخر - في غاية السقوط - عن أبي بكر بن عياش، وزهير بن محمد، كلاهما عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، وهؤلاء: ثلاث الأثافي والديار البلاقع! أحدهم كان يكفي في سقوط الحديث). (المحلى، المسألة 1883).
والحديث الذي استدل به ابن حزم في صحيح البخاري عن ابن عباس عن ميمونة أم المؤمنين قالت: " سترت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يغتسل من الجنابة فغسل يديه، ثم صب بيمينه على شماله، فغسل فرجه وما أصابه..". (الحديث رقم (281) 1/387 من البخاري مع فتح الباري ط السلفية). الحديث.
وفي الصحيح أيضًا عن عائشة قالت: " كنت أغتسل أنا والنبي -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد من قدح يقال له: الفرق ". (انظر: الحديث رقم 250 من المصدر السابق وأطرافه في: 261، 263، 273، 299 وغيرها).(27/320)
وذكر الحافظ في " الفتح " استدلال ببعض العلماء بالحديث المذكور على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه.
قال: (ويؤيده ما رواه ابن حبان من طريق سليمان بن موسى: أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته فقال: سألت عطاء، فقال: سألت عائشة، فذكرت هذا الحديث بمعناه، وهو نص في المسألة.
والله أعلم
ــــــــــــــ
هل يجوز لها وضع الكحل عند خروجها من المنزل ؟
سؤال:
لماذا لا يجوز أن أضع الكحل داخل العين عندما أخرج من المنزل ؟.
الجواب:
الحمد لله
يجب على كل مؤمنة أن تستر زينتها عن الرجال الأجانب ؛ لقوله تعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31 .
والزينة تشمل الكحل والمكياج والحلي ونحو ذلك . وبَعْل المرأة هو زوجها .
وأما قوله تعالى في أول الآية : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) فالمراد بما ظهر هنا : الثياب والعباءة والخمار ، أو ما ظهر منها بغير قصد ، بسبب الريح مثلا .
قال ابن كثير رحمه الله : " أي لا يظهرن شيئاً من الزينة للأجانب ، إلا ما لا يمكن إخفاؤه ، قال ابن مسعود : كالرداء والثياب ، يعني على ما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة التي تجلل ثيابها ، وما يبدو من أسافل الثياب ، فلا حرج(27/321)
عليها فيه ؛ لأن هذا لا يمكنها إخفاؤه ونظيره في زي النساء ما يظهر من إزارها ، وما لا يمكن إخفاؤه " انتهى من "تفسير ابن كثير" (3/274) .
ومن أهل العلم من فسر الزينة الظاهرة بالوجه والكفين ، لكنه قول مرجوح ، فقد دل على وجوب ستر المرأة لوجهها أدلة كثيرة ، تجدينها في جواب السؤال (11774) .
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله : " أظهر القولين المذكورين عندي قول ابن مسعود رضي الله عنه : أن الزينة الظاهرة هي ما لا يستلزم النظر إليها رؤية شيء من بدن المرأة الأجنبية ، وإنما قلنا إن هذا القول هو الأظهر؛ لأنه هو أحوط الأقوال ، وأبعدها عن أسباب الفتنة ، وأطهرها لقلوب الرجال والنساء ، ولا يخفى أن وجه المرأة هو أصل جمالها ، ورؤيته من أعظم أسباب الافتتان بها ؛ كما هو معلوم والجاري على قواعد الشرع الكريم ، هو تمام المحافظة والابتعاد من الوقوع فيما لا ينبغي " انتهى من "أضواء البيان" (6/200) .
والأصل أن تستر المرأة وجهها كله ، لكن أبيح لها أن تكشف عينيها لتتمكن من الرؤية بهما ، بشرط ألا يكون في إبداء العينين فتنة ، لوجود الكحل ، أو اتساع فتحتي نقابها .
ودليل الرخصة في لبس النقاب وكشف العينين : ما رواه البخاري (1838) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( لا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ ، وَلا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ ) فدل على هذا على جواز لبس النقاب لغير المحرمة بالحج أو العمرة .
قال أبو عبيد في صفة النقاب عند العرب : هو الذي يبدو منه محجر العين ، وكان اسمه عندهم الوصوصة والبرقع . "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/171) .
والحكمة في تحريم إظهار هذه الزينة : هي صيانة المرأة والمحافظة على عفتها وكرامتها ، وسد باب الفتنة بها ، وقطع الطمع في إغوائها أو الغواية بها ، فإن أصحاب القلوب المريضة يطمعون فيمن تظهر زينتها ، ويَنْكَفُّوُنَ – أي يبتعدون - عن صاحبة الحياء والستر.(27/322)
وقد جاءت الشريعة بسد الأبواب المفضية إلى افتتان الرجال بالنساء أو العكس ، فأمرت بغض البصر ، وحرمت التبرج والاختلاط والخلوة بالنساء ، وحظرت على المرأة أن تخرج متعطرة ، أو تسافر بلا محرم ، وهذا من كمال الشريعة وتمامها ، فإن الرجل مفطور على التعلق بالمرأة والتأثر بها ، ولو لم تسد هذه الأبواب لوقعت الفتنة ، وعم الفساد ، كما هو مشاهد في المجتمعات المتحللة من ضوابط الشرع وأحكامه .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (17/128) ما نصه : " كثير من النساء في مصر يضعن الكحل في أعينهن ، إذا قلت لهن : إنها إذا وضعت للزينة حرام ، يقلن لي : إنها سنة . هل هذا صحيح ؟
ج : استعمال الكحل مشروع ، لكن لا يجوز للمرأة أن تبدي شيئا من زينتها ، سواء الكحل أو غيره لغير زوجها ومحارمها ، لقوله تعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ...) " انتهى .
والحاصل أن المرأة لا يجوز لها أن تبدو بالكحل أمام الرجال الأجانب ، لأنه من الزينة المأمور بسترها ، فإن كان خروجها من منزل إلى منزل ، بحيث لا يراها أجنبي ، فلا حرج عليها في وضع الكحل حينئذ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
تحريم الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبيين ولو أمنا الفتنة
تاريخ الفتوى : ... 14 رمضان 1426 / 17-10-2005
السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 20 عاما قابلت فتاة في مجال عملي تبلغ من العمر 27 عاما ليس لها إخوة، ونشأت علاقه صداقه بيننا لم أشعر تجاهها إلا بشعور الأخوة ، وهى كذلك تعتبرنى أخاها الذى عوضها به الله بعد 27 عاما ، أنا أعاملها بما يرضي الله وأقضي لها كل ما يمكن أن أقوم به لخدمتها وكي أجعلها سعيدة ، أنا وهي على قدر من الدين نحمد الله عليه وظللنا على هذه العلاقه سنتين وأصبح كلا(27/323)
منا لايستغني عن الآخر وحدثت ظروف جعلتنا نعيش معا لفترة أسبوع في شقة واحدة ولم يجد الشيطان بيننا مكانا، كنا ننام معا في غرفة واحدة وكل منا على سرير وحده ونستيقظ لصلاة الفجر معا ونقرأ القران ولم يحدث بيننا أي شىء يغضب الله، كنا نعيش كالإخوه تماما، وعندما انتهت الظروف عاد كل منا إلى حياته وهذا منذ سنة أي أننا يعرف كل منا الآخرحاليا منذ ثلاث سنوات وأنا من يوم أن عرفتها وعملى وكل حياتى في تقدم وأشعر بتوفيق غير عادي من الله، وأنا كنت أعتبر هذا لرضا الله عما أفعل ولكني أحب أن آخذ رأي من يفوقني علما كي لا أكون مِن مَن قال تعالى عنهم (قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) صدق الله العظيم .
والسؤال هل كون وجود علاقه بيننا يعتبر حراما رغم أننا تحت كل الظروف لم يحدث بيننا أي خطأ ولم يجد الشيطان بيننا مكاناً وهذا من وجهة نظرى نابع من شعور الأخوه القوى عندي والأقوى عندها ومن ناحية أخرى لأنها أكبر مني بسبع سنوات ومن ناحيه أخرى لأن كلا منا ولله الحمد نشأ نشأة دينية جيدة ؟
والسؤال الأهم أني من منطلق معاملتي لها كأختي أتعرض لمواقف تجعلني ألمس يدها أُقبل رأسها أحيانا وعندما تضيق بي الدنيا أرتمي فى حضنها وأبكي وقد يحدث نفس الأمر معها ومواقف أخرى كثيرا يمكن لسيادتكم تخيلها فنحن نعامل بعضنا كإخوه تماما تماما، وأنا أقسم بالله أني لا أشعر تجاهها إلا بالأخوة وهي أيضا ومع العلم بأني حريص جدا فى التعامل مع كل الفتيات على أن لا ألمس واحدة منهم قط إلا في الضروره القصوى جدا جدا فقد تمد واحدة يدها إلي وأرفض مصافحتها ، فهل ما يحدث بيننا يعتبر حراما أيضا أم يمكن أن يكون هناك استثناء ؟
أرجو إفادتي برأي الدين ولكم جزيل الشكر والاحترام .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما حدث بينكما محرم يجب عليكما التوبة منه والإقلاع عنه ، ولا فرق بين أن يكون الشعور الذي بينكما صادقاً أو كاذباً، فقد حرم الإسلام الخلوة بين(27/324)
الرجل والمرأة الأجنبيين خشيا الوقوع في الفاحشة أم لا ، وحرم النظر إلى المرأة الأجنبية بشهوة أو بغير شهوة ، وحرم لمس الأجنبية بشهوة أو بغير شهوة ، وتجد كل هذا مبسوطاً في كتب العلماء والأئمة مع بيان الأدلة على ذلك، ولذا فنصيحتنا لك أيها الأخ الكريم أن تتوب إلى الله من ذلك، والشعور بالأخوة الذي تتحدث عنه لا اعتبار له في الميزان الشرعي . وفقك الله لمرضاته .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تعامل المرأة مع الأجنبي لا يجوز ولو أمرها زوجها
تاريخ الفتوى : ... 10 رمضان 1426 / 13-10-2005
السؤال
زوجي يريد أن يجبرني على التعامل مع زوج أخته الذي يحتسي الخمر ، وأنا لا احب زيارة بيت أخت زوجي لهذا السبب مع العلم بأنني أحسن معاملة اخته وأولادها ولكنني لا أريد التعامل مع زوجها فهل في ذلك عصيان لطلب زوجي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزوج أخت زوجك أجنبي عنك لا يجوز أن يحدث بينك وبينه خلوة أو أن تضعي بحضرته حجابك وإن كان من كبار الصالحين ، فكيف وهو شارب للخمر ، ولا طاعة للزوج فيما يأمر به من معصية الله تعالى، وننصح زوجك بتقوى الله تعالى، وأن يكون عونا لك على طاعة الله ، ومن طاعة الله ترك اللقاء والتعامل مع هذا الرجل . وفقكم الله للخير.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نظر المرأة إلى عورة المرأة
تاريخ الفتوى : ... 13 رمضان 1426 / 16-10-2005(27/325)
السؤال
لى أخت مرتبطة بصديقة منذ الصغر هي عمرها الآن 24سنة ، وكل منهما تحب الأخرى جداً لدرجة الأخوات لكن هناك شيء يضايقني وهو أنهما يغتسلان معاً لأن الكلفة مرتفعة بينهما ، ولو مرضت صديقتها تقوم أختي بتغسيلها . أرجوا الإفادة لأننى لا أحبها تغضب الله، لكي أنبهها ؟
شكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعورة المرأة عند المرأة المسلمة : ما بين السرة والركبة . لما رواه أبو داود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنها ستفتح عليكم أرض العجم ، وستجدون فيها بيوتا يقال لها : الحمامات ، فلا يدخلها الرجال إلا بإزار ، وامنعوها النساء إلا مريضة أو نفساء . ولما رواه مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ، ولا المرأة إلى عورة المرأة . وفي هذا الحديث نهي عن نظر المرأة إلى عورة المرأة ، والنهي يقتضي التحريم، مما يدل على حرمة النظر إلى العورة ، وهي ما بين السرة والركبة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : يا جرهد : غط فخذك فإن الفخذ عورة . رواه أبو داود والترمذي وأحمد والحاكم . ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم :1265
وعليه فما تفعله أختك مع صديقتها من الاستحمام في نفس المكان وتغسيل إحداهما الأخرى إذا مرضت هو مما لا يجوز ، فانصح أختك بتجنبه ، وبين لها أن المرأة لا يجوز أن ترى من المرأة ما بين السرة والركبة .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ختان البنات وإنكار بعض الأطباء له
سؤال:(27/326)
نسمع الآن من كثير من الأطباء إنكار عملية الختان للبنات ، وأن هذا مضر بها جسديا ونفسيا ، وأن الختان عادة من العادات الموروثة وليس له أصل في الشرع . فما رأيكم في هذا ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ليس الختان عادة موروثة كما يدعي البعض ، وإنما هو شريعة ربانية اتفق على مشروعيتها العلماء ، ولم يقل عالم واحد من علماء المسلمين – فيما نعلم - بعدم مشروعية الختان .
ودليلهم في هذا الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم التي تثبت مشروعيته ، منها :
1- ما رواه البخاري (5889) ومسلم (257) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الْفِطْرَةُ خَمْسٌ أَوْ خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ : الْخِتَانُ ، وَالاسْتِحْدَادُ ، وَنَتْفُ الإِبْطِ ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ ، وَقَصُّ الشَّارِبِ ) . والحديث يشمل ختان الذكر والأنثى .
2- وروى مسلم (349) عن عائشة رضي الله عنها قالت : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ ) .
فذكر الرسول صلى الله عليه وسلم الختانين ؛ أي ختان الزوج وختان الزوجة ؛ فدل ذلك على أن المرأة تختتن كما يختتن الرجل .
3- وروى أبو داود (5271) عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَخْتِنُ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تُنْهِكِي ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْظَى لِلْمَرْأَةِ ، وَأَحَبُّ إِلَى الْبَعْلِ ) غير أن هذا الحديث قد اختلف العلماء فيه ، فضعفه بعضهم وصححه آخرون . وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
ومشروعية الختان للإناث ثابتة بالأحاديث الصحيحة المتقدمة ، وليست بهذا الحديث المختلف فيه .(27/327)
إلا أن العلماء قد اختلفوا في حكمه على ثلاثة أقوال :
القول الأوَّل : أنه واجب على الذكر والأنثى ، وهو مذهب الشافعية والحنابلة ، واختاره القاضي أبو بكر بن العربي من المالكية رحمهم الله جميعاً .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (1/367) : " الختان واجب على الرجال والنساء عندنا ، وبه قال كثيرون من السلف ، كذا حكاه الخطَّابيُّ ، وممن أوجبه أحمد ... والمذهب الصحيح المشهور الذي نص عليه الشافعي رحمه الله و قطع به الجمهور أنه واجب على الرجال والنساء " انتهى .
وانظر : "فتح الباري" (10 / 340 ) ، "كشاف القناع" : (1 / 80 ) .
القول الثاني : أنَّ الختان سنَّةٌ في حقِّ الذكر والأنثى ، وهو مذهب الحنفية والمالكية ورواية عن أحمد .
قال ابن عابدين الحنفي رحمه الله في حاشيته : (6 / 751) : " وفي كتاب الطهارة من السراج الوهاج : اعلم أن الختان سنة عندنا – أي عند الحنفية - للرجال والنساء " انتهى .
وانظر : "مواهب الجليل" (3/259) .
القول الثالث : أنَّ الختان واجب على الذكور ، مكرمةٌ مُستحبَّةٌ للنساء ، وهو قول ثالث للإمام أحمد ، وإليه ذهب بعض المالكيَّة كسحنون ، واختاره الموفق ابن قدامة في المغني .
انظر : " التمهيد " (21 / 60) ، "المغني" (1 / 63) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/113) :
" الختان من سنن الفطرة ، وهو للذكور والإناث ، إلا أنه واجب في الذكور ، وسنة ومكرمة في حق النساء " اهـ.
وبهذا يتبين أن فقهاء الإسلام اتفقوا على مشروعية الختان للرجل والمرأة ، بل ذهب كثير منهم إلى أنه واجب عليهما ، ولم يقل أحد منهم بعدم مشروعيته أو كراهته أو تحريمه .
ثانياً :
وأما إنكار بعض الأطباء للختان ، ودعواهم أنه مضر جسدياً ونفسياً !!(27/328)
فهذا الإنكار منهم غير صحيح ، ونحن – المسلمين – يكفينا ثبوت الشيء عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى نمتثله ، ونوقن بفائدته وعدم ضرره ، فإنه لو كان مضراً لم يشرعه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم .
وقد سبق في جواب السؤال (45528) ذكر بعض فوائد الختان الطبية للإناث ، نقلاً عن بعض الأطباء .
ثالثاً :
نزيد هنا ذكر فتاوى لبعض العلماء المعاصرين ، الذي تصدوا لهذه الحرب التي تشن على ختان الأنثى بدعوى أنه مضر صحيا بها .
قال الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق :
" ومن هنا : اتفقت كلمة فقهاء المذاهب على أن الختان للرجال والنساء من فطرة الإسلام وشعائره ، وأنه أمر محمود ، ولم ينقل عن أحد من فقهاء المسلمين فيما طالعنا من كتبهم التي بين أيدينا ـ قول بمنع الختان للرجال أو النساء أو عدم جوازه أو إضراره بالأنثى ، إذا هو تم على الوجه الذي علمه الرسول صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة في الرواية المنقولة آنفاً . . . "
ثم قال :
" وإذ قد استبان مما تقدم أن ختان البنات ـ موضوع البحث ـ من فطرة الإسلام ، وطريقته على الوجه الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يصح أن يترك توجيهه وتعليمه إلى قول غيره ، ولو كان طبيباً ، لأن الطب علم ، والعلم متطور ، تتحرك نظرياته دائماً " انتهى باختصار .
وفي فتوى للشيخ عطية صقر -الرئيس السابق للجنة الفتوى بالأزهر- يقول :
" وبعد ، فإن الصيحات التي تنادى بحُرمة ختان البنات صيحات مخالفة للشريعة ؛ لأنه لم يرد نص صريح في القرآن والسنة ولا قول للفقهاء بحرمته فختانهن دائر بين الوجوب والندب ، وإذا كانت القاعدة الفقهية تقول : حكم الحاكم برفع الخلاف فإنه في هذه المسألة له أن يحكم بالوجوب أو الندب ، ولا يصح أن يحكم بالحرمة ، حتى لا يخالف الشريعة التي هي المصدر الرئيسي للتشريع في البلاد التي ينص(27/329)
دستورها على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة . ومن الجائز أن يشرِّع تحفُّظاتٍ لحسن أداء الواجب والمندوب بحيث لا تتعارض مع المقرَّرات الدينية .
وكلام الأطباء وغيرهم ليس قطعيًّا ، فما زالت الكشوف العلمية مفتَّحة الأبواب تتنفس كل يوم عن جديد يُغير نظرتنا إلى القديم " انتهى بتصرف يسير .
وجاء في فتاوى دار الإفتاء المصرية (6/1986) : " ومن هذا يتبين مشروعية ختان الأنثى ، وأنه من محاسن الفطرة وله أثر محمود في السير بها إلى الاعتدال , وأما آراء الأطباء عن مضار ختان الأنثى فإنها آراء فردية لا تستند إلى أساس علمي متفق عليه , ولم تصبح نظرية علمية مقررة , وهم معترفون بأن نسبة الإصابة بالسرطان في المختتنين من الرجال أقل منها في غير المختتنين ، وبعض هؤلاء الأطباء يرمي بصراحة إلى أن يعهد بعملية الختان إلى الأطباء دون النساء الجاهلات , حتى تكون العملية سليمة مأمونة العواقب الصحية , على أن النظريات الطبية في الأمراض وطرق علاجها ليست مستقرة ولا ثابتة , بل تتغير مع الزمن واستمرار البحث , فلا يصح الاستناد إليها في استنكار الختان الذي رأي الشارع الحكيم الخبير العليم حكمته وتقويماً للفطرة الإنسانية , وقد علمتنا التجارب أن الحوادث على طول الزمن تُظهر لنا ما قد يخفى علينا من حكمة الشارع فيما شرعه لنا من أحكام , وهدانا إليه من سنن , والله يوفقنا جميعاً إلى سبل الرشاد " انتهى .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
أحكام ما قبل الدخول على الزوجة وهل يحرم الجماع بعد العقد ؟
سؤال:
سمعت بعض الناس وقد سأله شاب : ما هي حقوق العاقد ؟ فأجاب : قال تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا(27/330)
جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) , فهنا فرَّق الله بين التي دخلتم بها والتي لم تدخلوا بها ، فلا يحل للعاقد أي شئ من جماع ولمس .
وقد اطلعت أنا من قبل على أنه يجوز للعاقد فعل كل شئ لأنها زوجته وأيضا إذا حملت الزوجة قبل الزفاف يكون الطفل شرعيّاً وله حق الميراث . فهل استدلال هذا المجيب صحيح ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لم يُصب ذلك المتحدث الذي ذكرتَه لا في الحكم ولا في الاستدلال ، فالآية التي استدل بها هي في بيان المحرمات في النكاح على الرجل ، وقد ذكر الله تعالى أنه يحرم التزوج بالأمهات والبنات والعمات ، وممن ذكر الله تعالى في المحرمات : بنات الزوجة المدخول بها ، وأن الرجل إذا عقد على امرأة وعندها ابنة ثم فارقها قبل الدخول فإنه يحل له الزواج بابنتها ، أما إن فارق الأم بعد الدخول عليها فإنه لا تحل له ابنتها ، بل هي حرام عليه حرمة أبدية .
هذا هو معنى الآية ، ولا علاقة للآية بما يجوز وما لا يجوز للزوج من زوجته المعقود عليها ، بل الآية في بيان المحرمات في النكاح ، وأن تحريم الربيبة – ابنة الزوجة – مشروط بالدخول بأمها ، وأنه إن لم يدخل بها فإنها تحل له في النكاح .
والواجب على كل من سئل عن شيء لا يعلمه أن يقول " لا أدري " ، ولا يحل لأحدٍ أن يتقول على الشرع ما لم يقل ، ولا أن يحرم ما أحل الله ، ولا يحل ما حرَّم .
قال الله تعالى : ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا ) الإسراء/36 ، وقال عز وجل : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 .
ثانياً :(27/331)
وأما العاقد على زوجته فإنه يحل له منها كل شيء ، فهي زوجته ، وهو زوجها ، إن ماتت ورثها ، وإن مات ورثته واستحقت المهر كاملاً ، لكن الأفضل لمن عقد أن لا يدخل حتى يُعلن ذلك , لما قد يترتب على الدخول قبل الإعلان من مفاسد كبيرة ، فقد تكون الزوجة بكراً فتفض بكارتها ، وقد تحمل من هذا الجماع ثم يحصل طلاق أو وفاة ، وسيكون هذا مقلقاً لها ولأهلها ، وسيسبب حرجاً بالغاً ، لذا فإن للعاقد أن يلمس ويقبل زوجته ، لكن يمنع من الجماع لا لحرمته , بل لما يترتب عليه من مفاسد .
ولمزيد فائدة يرجى النظر في جواب السؤال رقم : ( 3215 ) .
ثالثاً :
وعدم الدخول بالزوجة يتعلق به بعض الأحكام العملية .
منها : العدة ، فمن طلَّق زوجته قبل الدخول فلا عدة عليها ؛ لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا ) الأحزاب/49 .
ومنها : المهر ، فمن طلَّق امرأته قبل الدخول بها فإنها تستحق نصف المهر المسمّى ؛ لقوله تعالى : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) البقرة/237 ، وفي حال عدم تحديد المهر فإنها تستحق متعة على قدر سعته ؛ لقوله تعالى ( لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) البقرة/236 ، وأما في حال الوفاة : فإنها تستحق المهر كاملاً إن كان محدداً , وتستحق مهر المثل إن لم يكن تم الاتفاق على مهر محدد .
فعن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه : أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها حتى مات , فقال ابن مسعود : لها مثل صداق نسائها , لا وكس ولا شطط , وعليها العدة , ولها الميراث ، فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق -(27/332)
امرأة منَّا - مثل الذي قضيتَ ، ففرح بها ابن مسعود . رواه أبو داود (2114) والترمذي (1145) والنسائي (3355) وابن ماجه (1891) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1939) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الخلوة واطلاع الرجال على أنشطة اليتامى النسائية
تاريخ الفتوى : ... 02 رمضان 1426 / 05-10-2005
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الأفاضل في الموقع حفظكم الله
بداية نود أن نشكر لكم جهودكم الطيبة المباركة في خدمة رسالة الإسلام العظيم ونرجوه جل في علاه أن يكون ذلك في موازين حسناتكم يوم القيامة، وأودّ بداية أن أبين لكم أنني أعمل في جمعية خيرية تابعة لهيئة خيرية لها فروع في مختلف بلدان العالم الإسلامي والمسألة التي نستفتي فيها يعاني منها عدد لا بأس به من العاملين في قطاع العمل الخيري ومسألتنا هي: نحن نعمل في مجال كفالة الأيتام وتقديم الرعاية الاجتماعية والثقافية والمادية لهم وبحكم هذا التنوع في مجالات الخدمة المقدمة إلى هذه الفئة والتي نقدمها عبر مراكز للأيتام منتشرة في مختلف محافظات الوطن فإن الحاجة ملحة لوجود مشرفين اجتماعيين متخصصين (ذكوراً وإناثا) للإشراف على الأيتام وتنفيذ برامج الرعاية المقدمة لهؤلاء الأيتام، وينتج عن طبيعة العمل هذه حدوث اختلاط بين المشرفين والمشرفات والذين نثق ابتداءً في دينهم وأمانتهم كما نحسبهم ولا نزكي على الله أحدا، ولكن ونتيجة ظروف بعض المناطق والتي لا يتوفر فيها أكثر من مشرف ومشرفة فقط، فإنه قد يحدث أن يكون المشرف والمشرفة لوحدهما في مركز الأيتام والذي هو مفتوح للعامة ولكن لا يوجد مراجعون بشكل كبير أو متواصل مما قد يحدث نوعاً من الخلوة بين المشرف والمشرفة ولو لوقت قد يطول وقد يقصر بحسب طبيعة العمل(27/333)
المطلوب من كليهما التنسيق بشأنه، وكذلك فإن العمل يتطلب أحياناً قيام موظف مسؤول عن الأنشطة بمتابعة وتقييم نشاط ما يكون المشاركون فيه من اليتيمات مع مشرفتهن وربما تكون هذه الأنشطة رياضية (مع مراعاة الحشمة واللباس الشرعي) ولا يتم الاطلاع على الأنشطة التي فيها تخفف من الثياب إطلاقا ولكن مثل لعب التنس أو الطاولة أو الشطرنج وما شابه.. فهل في هذا الحضور محظور شرعي، مع العلم بأنه من متطلبات العمل التي تلزمنا بها إدارة الجمعية من باب حسن سير العمل والتأكد من استفادة الأيتام وما شابه ذلك، لكل ما سبق ذكره أستاذنا الفاضل استدعى الأمر بعد تحرج عدد من المشرفين والمشرفات من وجود محظور أو شبه شرعية في هذا الأمر فطلبوا مني أن أقوم باستفتائكم وقد وافقتهم إدارة العمل على استفتائكم لأنها هي أيضاً مهتمة بعدم تجاوز الأصول الشرعية أو الوقوع في شبهة تكليف موظفيها بشيء يخالف الشرع، فنرجو الإفادة بالحكم الشرعي وتوجيهكم لنا في هذا الأمر خصوصاً أنه عام ويخص كثيرين من العاملين في قطاع العمل الخيري. وبارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم المسلمين.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل جواز عمل المرأة إذا التزمت فيه بالضوابط الشرعية، وقد بينا ذلك وافياً في الفتوى رقم: 19233.
وما ذكرته من حصول خلوة بين ذكر وأنثى ولو لفترة قصيرة لا يجوز مهما بلغت درجة التزامهما وتمسكهما بالأحكام الشرعية، لأن الخلوة محرمة لذاتها ولما يترتب عليها من آثار وخيمة، ولا يمكن لأحد أن يدعي عصمة نفسه من الخطأ، ومن ادعى ذلك فقد أتى بما يخالف الكتاب والسنة والواقع المشاهد، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. رواه مسلم، وراجع الفتوى رقم: 6812، والفتوى رقم: 5779، والفتوى رقم: 6976.
ولا شك في أن الخلوة بالمرأة الأجنبية من أعظم الذرائع إلى الوقوع في الزنا أو في مقدماته، أما مجرد اطلاع الرجل على الأنشطة النسائية دون اطلاع على العورات أو حصول الخلوة أو خضوع النساء له بالقول فلا مانع منه ليسير العمل(27/334)
على نسق سليم، والأحب تركه، وأما مع حصول شيء من المحاذير فلا يجوز، وراجع الفتوى رقم: 1734، والفتوى رقم: 3539.
علماً بأن موقعنا هذا لا يتبع (إسلام أون لاين) في شيء، بل هو موقع يتبع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر ويُسمى (الشبكة الإسلامية).
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ماذا تجتنب المطلقة في طلاقها الرجعي والبائن بينونة كبرى ؟
سؤال:
أفيدكم أني طلقت زوجي للتو وأريد أن أعرف الواجبات المحددة عليّ خلال فترة الانتظار هذه التي تبلغ 3 أشهر ، وهل يعني ذلك أنه لا يمكنني حتى التحدث إلى الرجال عبر الشبكة الإلكترونية ؟ وهل يجوز أن يحضر أصدقاء والدي أو والدتي ليأخذوني ثم يعيدوني مرة أخرى إلى البيت ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ليس للمرأة أن تطلِّق زوجها ، والطلاق إنما يكون من الزوج ، والخطاب في كتاب الله تعالى في مسائل الطلاق وأحكامه كان للأزواج وليس للزوجات قال تعالى : ( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) البقرة/231 ، وقال تعالى : ( لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ) البقرة/236 ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ) الأحزاب/49 ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ) الطلاق/1 .
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ( إِنَّمَا الطَّلاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ ) .(27/335)
رواه ابن ماجه ( 2081 ) وحسَّنه الألباني في " إرواء الغليل " ( 7 / 108 ) .
وما يحصل من مفارقة الزوج برغبة من المرأة ودفعها مالاً مقابل ذلك يسمى " الخلع " ، وهو أن تفتدي المرأة نفسها من زوجها بمهرها أو بما يطلبه الزوج ، فيفارقها إذا رغب بذلك ، وهو " فسخ " للنكاح وليس طلاقاً ، وعدة المرأة فيه حيضة واحدة .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (14569)
ثانياً :
إذا تمَّ الخلع فإنها تصير أجنبية عنه مباشرة ، لا يحل له أن يخلو بها ، وليس له عليها رجعة إلا بعقد ومهرٍ جديدين .
فإذا انتهت عدتها وهي : حيضة واحدة – أو وضع الحمل إن كانت حاملاً – يجوز لها أن تتزوج بمن تشاء وفق الشروط الشرعية بولي وشاهديْ عدل .
أما إن كان الزوج قد طلَّق زوجته طلقة أولى أو ثانية فلا يجوز لها الخروج من بيتها في عدتها , ولا يجوز له إخراجها إلا أن تنتهي عدتها فتصير أجنبية عنه ، والحكمة في ذلك أنه ربما يميل إليها فيرجعها ، وهو ما تحث عليه الشريعة ، قال تعالى : ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) الطلاق/1 .
وفي أثناء عدتها يجوز لها أن تكشف لزوجها وأن تتزين له ، وأن يكلمها ويخلو بها ، لكن ليس له أن يجامعها إلا بعد إرجاعها ، أو يكون جماعها بنية الإرجاع .
فإذا طلَّق الزوجُ امرأتَه آخر ثلاث تطليقات ، أو طلقها طلقتين أو واحدة وانتهت عدتها ، فإنها تصبح أجنبية عنه ، ولا يحل له الخلوة بها ، ولا لمسها ، ولا النظر إليها .
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم : ( 21413 ) و ( 36548 ) فلينظرا .
وسبق في جواب السؤال (12667) بيان لجميع أنواع العدات .(27/336)
ويجب التنبه إلى أن عدة المطلقة التي تحيض ثلاث حيضات وليس ثلاث أشهر , الثلاثة أشهر هي عدة الصغيرة التي لم تحض ، والكبيرة التي أيست من المحيض ، وفي الجواب المشار إليه مزيد تفصيل .
ثالثاً :
ولا يجوز خروج المرأة مع الرجال الأجانب عنها , ولا محادثتها لهم عبر الشبكة الإلكترونية ، وقد سبق بيان الأدلة على ذلك وفتاوى أهل العلم في أجوبة الأسئلة ( 34841 ) و ( 6453 ) و ( 10221 ) .
وعليه : لا تمنع المرأة من لباس الزينة ولا من الطيب ولا من الحلي وغيرها من الأشياء التي تُمنع منها المعتدة من وفاة زوجها ، وإنما المحرَّم عليها أثناء عدتها الرجعية أن تخرج من بيت زوجها وأما خروجها مع الرجال ومحادثتها لهم فحرام في كل الأحوال .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الجنى المر للتمادي في العلاقة مع الأجنبي
تاريخ الفتوى : ... 02 رمضان 1426 / 05-10-2005
السؤال
أنا أختكم في الله أحتاج لمساعدتكم..
أنا طالبة في الجامعة عمري 21 سنه تقريبا خليجية ألتزم بشريعة الله وبالحجاب الشرعي الكامل بما في ذلك غطاء الوجه ولله الحمد ولكن بيئتي العائلية ( المكونة من أبي وأمي و6 أولاد و4 بنات أنا الوسطى ) غير ملتزمة نوعاً ما بتعاليم الشريعة حتى أنني أكاد أكون الوحيدة التي تصلي دائماً، تفكيرهم يبعد كل البعد عن تفكيري أحس أنني غريبة وأنا بين أهلي مما يتعبني نفسيا فقد اعتدت الكتمان، وما يزيد تعبي هو أنني لست أملك أمر نفسي فمعاصيهم يشركونني فيها من جهة أو أخرى أبي بالتحديد هو محور مشكلتي فهو من لا أستطيع رفض طلب له وهو برأيي سبب فساد العائلة.(27/337)
أنني في هذه الفترة أشعر بحاجة ماسه للزوج الصالح ، بحاجة لمن يقف معي ويعينني على الخير، أفكر بالأطفال وأتمنى أن أرزق بطفل لأربيه على الشريعة الإسلامية، لقد تقدم لخطبتي كثير منذ كنت في الثانوية وحتى الآن ولكن أبي يرفض، منهم من هو فعلاً لا يصلح أن أرتبط به ومنهم من يكون على مستوى عال من الخلق والدين فيرفضه أبي! يرفضه أعتقد لأن عقلية الجاهلية " لا تزوج الصغرى قبل الكبرى "لا زالت تخيم على أبي مع العلم أن أختي التي تكبرني ذات شخصية ضعيفة جداً ولا تستطيع التحكم بتصرفتها و .... المهم أنه مواصفاتها لا تتناسب مع الخطاب الذين كلما أتى واحد يخطبني يرفض أبي ويعتذر منه ثم يقول له ما رأيك بالكبرى؟! فلا يوافق وبالتالي يذهب الخاطب ونبقى الاثنتين في بيت أبينا.
المهم في هذه الظروف المتعبة كان أحد أساتذتي في الجامعة (قسم علم النفس) ذا شخصية لم أر مثلها من قبل ملتزم غيور كثير النصح خلوق ، كنت أحس بعدم الثبات والتشتت وأن هذا الشخص سيساعدني كنت أحس بأن ضالتي عنده وأنه سيرشدني إلى الطريق الصحيح وفعلاَ جاء الوقت المناسب فأخبرته بأني أحتاج لمساعدته فاستقبلني في مركز إرشاد الطلبة وبدأ يستمع إلي وبعد 3 جلسات تقريباً أحسست أنني أعرف الآن أين أضع قدمي لقد غيرني هذا الدكتور تغييرا كاملا أصبحت أفكر بطريقة أفضل عرفت مواطن الضعف فيي وتبدل حالي للأحسن ولله الحمد .
ولكنني وبصراحة تعلقت بهذا الدكتور تمنيت لو يكون أبي أو أخي الكبير ، تمنيت لو أستطيع اختيار عائلتي لأختاره أبا أو أخا ، ولكن عندما أصحو أجد أنه لا أستطيع أن أتقرب منه إلا أن أكون زوجته وهذا محال لأنه متزوج ولديه طفلان وهو مستقر مع عائلته .
ومع علمي بذلك أزداد حزناً لأني لا أستطيع أن أفكر فقط مجرد تفكير بأن أنساه، فكلما رأيت إخوتي وجفافهم تذكرته وتخيلته مكانهم .. كلما رأيت أبي وصغر عقله الذي يتباهى به تذكرته وتذكرت تواضعه .. كلما رأيت إخوتي يعصون الله وقد(27/338)
تربوا على ذلك تذكرته وتذكرت ابنه ذا الخمس سنوات الذي حفظ جزء عم وفاز على منطقته ،أتمنى أن أرزق بزوج مثله خلقا ودينا وعقلا.
انتهى العام الدراسي وبدا عام آخر فلم أعد أستطيع رؤيته كما كنت لأنني من قسم آخر، مما يجعلني أتحجج لنفسي بأعذار واهية لأذهب لرؤيته والتحدث معه ولكن ما ألبث أن أرجع من عنده حتى ألوم نفسي على ما فعلت، أنني الآن أعيش صراعا نفسيا قويا لا أعلم ماذا سيؤدي بي فأنا خائفة.
أرجوكم افهموني وحاولوا مساعدتي فأنا متعبة جداً ووحيدة .
آسفه على الإطالة..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي من عليك بنعمة الهداية والاستقامة في بيئة لا تمكن من ذلك، هذا ولا ينبغي لولي المرأة رد الخاطب الخلوق الدين لعلة البدء بتزويج البنت الكبرى قبل الصغرى، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا نكح إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي
وإذا استمر والد الفتاة على رد الخاطبين الصالحين الأكفاء الدينين فإنه يكون عاضلا لها، وفي هذه الحالة فإن للفتاة أن ترفع أمرها للقاضي ليزوجها. وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43004، 49399، 25815.
هذا، وقد أخطأت في تماديك بالعلاقة مع هذا الأستاذ حتى خرجت عن مجرد الاسترشاد وطلب النصيحة والتوجيه إلى الإعجاب بشخصه والتلذذ بسماع حديثه، وما حصل ذلك إلا بتجاوزك بإطلاق بصرك إلى ما حرم الله النظر إليه، وكأنك وأنت الفتاة العفيفة المستقيمة لم تسمعي قول الله تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ {النور: 31} ثم تجاوزك في الكلام لغير حاجة معه، وكأن الله ليس له حكم في ضبط العلاقة بين الرجل والمرأة إذا كانا أجنبيين، وانظري الفتويين: 15406، 21310.
ثم ما يدريك هل إذا ظفرت بهذا الأستاذ وأصبح زوجك ستكونين سعيدة معه؟ وما الذي يؤكد لك أنه في علاقته الخاصة بزوجته على هذا القدر من الرقة والتفاهم(27/339)
والسلوك الحسن، إن كثيرا من الشخصيات العامة تبدو للناس في اللحظات التي يقضونها معهم وكأنهم أشخاص مثاليون، فإذا طالت صحبتهم لهم أو كوَّنوا معهم علاقة خاصة اكتشفوا أنهم كانوا مخدوعين.
إننا نظن أن مشاعرك تجاه هذا الأستاذ ليست حقيقة، وإنما ذلك لشعورك بذلك الفراغ العاطفي الذي سببه افتقاد حنان الأسرة وعطفهم عليك جعلك تتفاعلين مع أول قلب يفتح لك وينصت إلى حديثك.
والذي ننصحك به أن تتوبي إلى الله تعالى من تفريطك في جبنه تعالى، وأن تقطعي علاقتك نهائيا بذلك الأستاذ فتحذفي رقم هاتفه من جوالك، ولا تدخلي القسم الذي يعمل فيه إلا لحاجة شديدة، ولا تكوني وحدك بل اصحبي معك إحدى زميلاتك، واعلمي أن ما أنت فيه هو بوادر مرض من أخطر أمراض القلوب التي تقطع المرء عن ربه ومولاه ألا وهو داء العشق، وانظري الفتوى رقم: 9360.
هذا، وننصحك بأن تكون لك صحبة من الأخوات الفضليات المؤمنات تتبادلين معهن مشاعر الحب في الله وتتعاونين معهن على فعل الخيرات، وانظري فضل الحب في الله في الفتوى رقم: 52433.
واشتركي مع أخواتك في حفظ كتاب الله تعالى وطلب العلم النافع، واعلمي أن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
وانظري برنامجا لطلب العلم للمبتدئين في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 59868، 59729، 56544، فاجتهدي في إصلاح نفسك وتزكيتها واستمعي للأشرطة النافعة وأهد منها لأخواتك، وانشطي في الدعوة إلى الله تعالى، واسألي الله كثيرا أن يرزقك العفاف وأن يمن عليك بالزواج الصالح الذي تقر به عينك ويعينك على أمر دينك.
هذا، وننصحك بتقوى الله في والديك والاجتهاد في برهما وإن كانا مفرطين في حق الله ومقصرين في حقك عليهما، فإن الله تعالى قد أوصاك بهما فقال: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23} وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إرضاءهما فيما ليس فيه معصية لله تعالى من أقصر الطرق لرضوان الله والجنة، فقال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد، رواه الترمذي.(27/340)
وقال أيضا: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي.
ولمزيد فائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 56908، 12767، 1769، 4220، 1037، 58152، 63925، 65335.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يصلى خلف من يقول إنه لا يجب تغطية شعر المرأة ؟
سؤال:
نحن في أمريكا ويوجد شخص من جماعة المسجد له مكانته بين المسلمين . هذا الرجل قال في المسجد للمسلمين بأن أمريكا دار إسلام أكثر من بلاد الحرمين ، وقال ردا على صحيفة سألته بعدما أسلمت إحدى الأمريكيات والتزمت بالحجاب بأن الله فرض على الرجال والنساء الحشمة, ولكن بعض المسلمين يقول بأن المرأة يجب أن تغطي رأسها . وهو لا يرى بتغطية الرأس .
السؤال : هل ما يقوله هذا الرجل حق أم باطل بالأدلة , حيث إن كثيرا من المسلمات هنا اعتمدن على كلامه بعدم واجبية تغطية الرأس ، وإذا أصر على ما يقول هل الصلاة خلفه تجوز؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
قول الرجل المسئول عنه : إن أمريكا دار إسلام أكثر من بلاد الحرمين ، قول باطل ، وبطلانه لا يحتاج إلى دليل ؛ إذ ليس هناك عاقل فضلا عن عالم يقول إن أمريكا دار إسلام ، بل وأمريكا نفسها لا تدعي ذلك !
ثانيا :
تغطية رأس المرأة واجب باتفاق أهل العلم ؛ للأدلة الكثيرة المستفيضة التي فيها الأمر بالحجاب ، ومن أصرحها قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ(27/341)
وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب/59 .
وهذا دليل على وجوب ستر الوجه أيضا ؛ لأن الجلباب يُدنى من على الرأس حتى يستر الوجه والصدر .
وقد بينا أدلة وجوب ستر الوجه ، في جواب السؤال رقم (11774) ، وهي دالة على وجوب تغطية الرأس من باب أولى .
والعلماء مختلفون في تغطية الوجه ، لكنهم لا يختلفون في أنه يجب على المرأة أن تغطي رأسها وشعرها عن الرجال الأجانب .
قال الإمام أبو بكر الجصاص في تفسيره "أحكام القرآن" (3/485) مفسرا قوله تعالى : ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور/60 : " لا خلاف في أن شعر العجوز عورة لا يجوز للأجنبي النظر إليه كشعر الشابة , وأنها إن صلت مكشوفة الرأس كانت كالشابة في فساد صلاتها " انتهى .
ويقال لهذا المتعالم وأمثاله : الحجاب أو الحشمة التي تذهبون إليها : ما مستندها ، وما حدودها ، وأين ذكرها الله تعالى في كتابه أو رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته ؟ فإن ذكر آيات الحجاب ، طولب بمعرفة تفسيرها والوقوف عند ذلك . وإن أعرض عن آيات الحجاب ، وتعامى عنها ، ذُكرت له ، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حَيَّ عن بينة .
ثالثا :
الذي يجب أن يكون عليه المسلمون هو تعظيم الكتاب والسنة ، والوقوف عند حدودهما ، والسعي في تعلم أحكامهما ، وعدم الاستجابة والأخذ عن كل ناعق ، لا سيما في هذه الأزمنة التي كثر فيها المجترئون على الشريعة ، المتحدثون بغير هدى .
وعلى أخواتنا المسلمات أن يتقين الله تعالى ، وأن تكون قدوتهن عائشة وفاطمة وخديجة والجيل الأول من الصحابيات الفضليات ، اللاتي سارعن إلى تغطية(27/342)
جميع أبدانهن حين نزلت آيات الحجاب ، وخرجن ، لا يُعرفن من السواد ، ولا يظهر منهم وجه فضلا عن شعر .
رابعا :
ينبغي مناصحة هذا المتكلم ، وإيقافه على حكم الحجاب وصفته من الكتاب والسنة وبيان أهل العلم ، فإن استجاب فالحمد لله ، وهذا ما نرجوه له ، وإن أصر على موقفه ، فلا يُمكَّن من تعليم المسلمين أو وعظهم ، ولا يمكن من الإمامة ، ولا يصلى خلفه ، بل يهجر ويترك حتى يرجع إلى الحق .
نسأله سبحانه أن يهدي ضال المسلمين ، وأن يثبتنا على دينه حتى نلقاه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الآثار المترتبة على الخلوة والنظر المحرمين
تاريخ الفتوى : ... 29 شعبان 1426 / 03-10-2005
السؤال
ما الحكم في الأخت التي تعرف وترى النظرات المتبادلة والتصرفات غير الأخلاقية بين أخيها المتزوج وزوجة أخيه؟ علماً بأن كلاهما لديه أطفال.
وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليها بعد التأكد مما رأته النصيحة وتذكيرهم بالله تعالى، وبحرمة الخلوة والنظر ولو من غير خلوة، وأنهما سبيلان من سبل الشيطان يستزل بهما عباد الله، فإذا خشيت هذه الأخت وقوع الفاحشة بين أخيها وزوجة أخيها الثاني، فعليها حينئذ أن تخبر زوجة أخيها بأنها إن لم تنته وتكف عن ما تريده فسوف تخبر زوجها، فإن لم يفد ذلك وجب عليها إبلاغ أخيها بما تفعله زوجته حتى يحول بينها وبين أخيه، إما بالانعزال في بيت آخر أو غير ذلك، نسأل الله أن يحفظ لنا ديننا، وأن يصلح أحوال المسلمين.(27/343)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم ولاية المرأة للقضاء
سؤال:
هل يجوز للمرأة أن تكون قاضية ؟.
الجواب:
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تتولى القضاء , ولو ولِّيت أثم المولي , وتكون ولايتها باطلة , وحكمها غير نافذ في جميع الأحكام , وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة , وبعض الحنفية .
انظر : "بداية المجتهد" (2/531) , "المجموع" (20/127) , "المغني" (11/350) .
واستدلوا على ذلك بجملة من الأدلة :
1- قول الله تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) النساء/34 . فالرجل قيم على المرأة , بمعنى أنه رئيسها وكبيرها والحاكم عليها , فالآية تفيد عدم ولاية المرأة , وإلا كانت القوامة للنساء على الرجال , وهو عكس ما تفيده الآية .
2- قوله تعالى : ( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) البقرة/228 .
فمنح الله تعالى الرجال درجة زائدة على النساء , فتولي المرأة لمنصب القضاء ينافي الدرجة التي أثبتها الله تعالى للرجال في هذه الآية لأن القاضي حتى يحكم بين المتخاصمين لا بد أن تكون له درجة عليهما .
3- وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ : ( لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً ) رواه البخاري (4425) .(27/344)
استدل الفقهاء بهذا الحديث على عدم جواز تولي المرأة القضاء , لأن عدم الفلاح ضرر يجب اجتناب أسبابه , والحديث عام في جميع الولايات العامة , فلا يجوز أن تتولاها امرأة , لأن لفظ ( أمرهم ) عام فيشمل كل أمر من أمور المسلمين العامة .
قال الشوكاني رحمه الله :
" فليس بعد نفي الفلاح شيء من الوعيد الشديد , ورأس الأمور هو القضاء بحكم الله عز وجل , فدخوله فيها دخولاً أولياً " انتهى .
"السيل الجرار" (4/273) .
وقالت لجنة الفتوى بالأزهر :
" إن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقصد بهذا الحديث مجرد الإخبار عن عدم فلاح القوم الذين يولون المرأة أمرهم , لأن وظيفته عليه الصلاة والسلام : بيان ما يجوز لأمته أن تفعله حتى تصل إلى الخير والفلاح , وما لا يجوز لها أن تفعله حتى تسلم من الشر والخسارة , وإنما يقصد نهي أمته عن مجاراة الفرس في إسناده شيء من الأمور العامة إلى المرأة , وقد ساق بأسلوب من شأنه أن يبعث القوم الحريصين على فلاحهم وانتظام شملهم على الامتثال وهو أسلوب القطع بأن عدم الفلاح ملازم لتولية المرأة أمراً من أمورهم , ولا شك أن النهي المستفاد من الحديث يمنع كل امرأة في أي عصر من العصور أن تتولى أي شيء من الولايات العامة , وهذا العموم تفيده صيغ الحديث وأسلوبه " انتهى .
4- وأيضاً : طبيعة المرأة وتكوينها تمنع من تولي المرأة الولايات العامة .
قالت لجنة الأزهر للفتوى بعد ذكر الاستدلال من الحديث :
" وهذا الحكم المستفاد من هذا الحديث , وهو منع المرأة من الولايات العامة ليس حكما تعبديا , يقصد مجرد امتثاله , دون أن تعلم حكمته , وإنما هو من الأحكام المعللة بمعان واعتبارات لا يجهلها الواقفون على الفروق بين نوعي الإنسان – الرجل والمرأة – ذلك أن هذا الحكم لم يُنَطْ ( أي : يعلق ) بشيء وراء الأنوثة التي جاءت كلمة ( امرأة ) في الحديث عنواناً لها , وإذن فالأنوثة وحدها هي العلة . . . إن المرأة بمقتضى الخلق والتكوين مطبوعة على غرائز تناسب المهمة التي(27/345)
خلقت لأجلها , وهي مهمة الأمومة , وحضانة النشء وتربيته , وهذه قد تجعلها ذات تأثر خاص بدواعي العاطفة , وهي مع هذا تعرض لها عوارض طبيعية تتكرر عليها في الأشهر والأعوام من شأنها أن تضعف قوتها المعنوية , وتوهن عزيمتها في تكوين الرأي والتمسك به , والقدرة على الكفاح والمقاومة في سبيله , وهذا شأن لا تنكره المرأة نفسها , ولا تعوزنا الأمثلة الواقعية التي تدل على أن شدة الانفعال والميل مع العاطفة من خصائص المرأة في جميع أطوارها وعصورها " انتهى .
5- وأيضاً : التجربة العملية لبعض الدول تدل على أن المرأة لا تصلح لتولي منصب القضاء , وأن الشرع لما نهى عن تولي المرأة الولايات العامة جاء بما يحقق المصالح ويدفع المفاسد ؛ بما لا يراه ولا يعلمه أصحاب النظر القاصر .
ففي إحدى الدول الإسلامية فتحت وزارة العدل أبواب القضاء أمام النساء النابغات , ولكن بعد تجربة خمس سنوات عزلت جميع هؤلاء النساء القاضيات !! وأغلقت أمام المرأة أبواب المعهد العالي للقضاء بسب فشلهن في التجربة , رغم ما أتيح لهن من فرص التعليم والتدريب ، ورغم ما حصلن عليه من درجات تفوق الرجال في المجال النظري .
وفي دولة إسلامية أخرى فتح مجال القضاء للنساء ثم اضطرت الدولة بعد فشلهن أن تنقلهن من المحكمة إلى المجال الفني وقسم البحوث .
وهذا يدل على أن المرأة ليست أهلاً للقضاء .
6- وأيضاً : لأن القاضي مطالب بالحضور في محافل الرجال والاختلاط بالخصوم والشهود وقد يحتاج إلى الخلوة بهم , وقد صان الشرع المرأة , وحفظ لها شرفها وعرضها , وحفظها من عبث العابثين , وأمرها بلزوم بيتها , وعن الخروج منه إلا لحاجة , ومنعها من مخالطة الرجال والخلوة بهم لما في ذلك من خطر على كيان المرأة وعرضها .
7- وأيضاً : القضاء يحتاج إلى زيادة الذكاء والفطنة وكمال الرأي والعقل , والمرأة أنقص من الرجل في ذلك , وهي قليلة الخبرة بأمور الحياة وحيل الخصوم .(27/346)
إضافة على ذلك : ما يعرض لها من عوارض طبيعية على مر الأيام والشهور والسنين من الحيض والحمل والولادة والرضاع . . . إلخ مما يوهن جسمها , ويؤثر على كمال إدراكها للأمور , مما يتنافى مع منصب القاضي ومكانته .
انظر : "ولاية المرأة في الفقه الإٍسلامي" ( ص 217-250 ) رسالة ماجستير للباحث حافظ محمد أنور .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الاختلاط الشائع في زمننا لا يقره الشرع
تاريخ الفتوى : ... 28 شعبان 1426 / 02-10-2005
السؤال
ما هي حدود المخالطة بين الرجل و المرأة في هذا العصر و السلوك الاجتماعي المفروض و نحن ندرس ونعمل معا و نركب المواصلات العمومية إلخ ما نعيشه يوميا في البلدان الإسلامية و غير الإسلامية
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الاختلاط مضبوطا بقواعده الشرعية كما بينا في الفتوى رقم، 48184 ، و الفتوى رقم: 4090 ، والفتوى رقم : 6185 ، فلا حرج فيه إذا دعت إليه الحاجة؛ وإلا كان الأفضل تجنبه .
وأما الاختلاط الشائع في هذا الزمان في المدارس وأماكن العمل والأسواق وغيرها فإنه لا يجوز، وقد بينا ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 9855 . وما أحيل إليها خلالها من فتاوى .
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
جلوس الرجل مع امرأتين لا محرم معهما
تاريخ الفتوى : ... 28 شعبان 1426 / 02-10-2005(27/347)
السؤال
لدينا منزل من طابقين تقطنه العائلة و منهم ابنتا العم وفي بعض الأحيان أجتمع أنا وأختي وابنتا العم في إحدى الغرف للتحدث في الكثير من الأمور وخاصة الدينية منها مع أن أبواب غرف البيت مفتوحة. فهل تجوز هذه المجالسة مع عدم توفر محرم لهما؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانتا بلباس شرعي محتشم، ولم يكن في الحديث ريبة وجلستا معاً وبوجود أختك أو غيرها من النساء فلا حرج في ذلك إن كان لحاجة، فليس من الخلوة المحرمة، وقد بينا حكم الاختلاط العائلي بين الرجال والنساء في الفتوى رقم: 10463 . فنرجو مراجعتها والاطلاع عليها،
وننبهك إلى أن الأولى عدم تكرار ذلك إلا للحاجة الماسة، ودعوة النساء وأمرهن بالمعروف ينبغي أن يتولاها النساء وهكذا في كل ما أمكن فعله بهن دون وجود الرجال ومخالطتهن لما حدث في هذا الزمان من تبرج النساء، فلا يلتزمن باللباس الشرعي ولا بالضوابط في حديثهن فتخشى الفتنة والوقوع في المحرم وعلى من يتصدى لهن وعلى مجالسهن . ومن الأصول الشرعية المعتبرة "سد الذرائع" أي كل ما كان يفضي إلى محرم فإنه يمنع لذلك، ومن هنا فننصحك بعدم الجلوس معهن إلا لحاجة تزاحم الضرورة لما ذكرناه، إلا إذا كن متحجبات عفيفات لا يخضعن بالقول وكان معهن من يخشينه ويحترمنه كالأم أو الخالة الكبيرة أو العمة ونحو ذلك ممن يهاب، فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
اختيار صاحب العمل سكرتيرة للعمل
سؤال:(27/348)
سؤالي : هل يجوز عمل المرأة كسكرتيرة في إحدى شركات الخدمات ، علماً بأن الشركة عبارة عن مكتب مكون من غرفتين واستقبال ، وأصحاب الشركة هم من ذوي الأخلاق والدين ، وحجتهم في اختيار الفتاة للعمل أنه هكذا جرت عليه العادة في بلدنا ، بالإضافة إلى أنها أقدر في أمور السكرتارية وأعمال الكمبيوتر !! هل في ذلك إثم على أصحاب الشركة ، وهل يجوز العمل مع الالتزام بالحشمة والدين ؟ وهل يجوز لهم إحضار عاملة في الشركة للتنظيف وخلافه ؟ أرجو التوضيح مع الأدلة : هل هناك فرق بين الخلوة والاختلاط ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا يجوز للمرأة أن تعمل في مكان تختلط فيه مع الرجال ، لما يترتب على ذلك من مفاسد ومحاذير ، كالخلوة والنظر والمصافحة وتعلق القلب بأصحاب العمل أو زملائها فيه ، وغير ذلك مما هو معلوم ، ولا يكاد يسلم العمل المختلط من هذه المحاذير أو بعضها .
وقد سبق بيان أدلة تحريم الاختلاط في الجواب رقم (1200)
ثانيا :
لا يجوز لصاحب العمل أن يوظف امرأة تعمل بين الرجال ، سواء كانت في السكرتارية أو في النظافة أو غير ذلك ؛ لما فيه من الإعانة على الاختلاط المحرم .
وكون العادة في بلد السائل جرت على هذا ، لا يعتبر مسوغا له من جهة الشرع ، بل الواجب إخضاع العوائد لأحكام الشرع ، وضبطها على وَفقه .
والادعاء بأن المرأة أقدر على أمور السكرتارية وأعمال الكمبيوتر ، ليس صحيحا ، ففي الرجال من يحسن ذلك أيضا ، والأمر راجع إلى حسن الاختيار ، والرجل أحق وأولى بالعمل لأنه الذي يقوم على الأسرة ، ويرعاها ، وهو المطالب بالنفقة شرعا . والمرأة إن تيسر لها عمل مباح خال من المحاذير فذاك ، وإلا فبيتها خير لها .(27/349)
ثالثا :
الخلوة بين الرجل والمرأة محرمة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ ) رواه الترمذي (2165) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ وَلَا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا وَخَرَجَتْ امْرَأَتِي حَاجَّةً قَالَ اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ ) رواه البخاري (3006) ومسلم (1341).
وضابط الخلوة هو اجتماعهما في مكان يأمنان فيه من اطلاع الغير عليهما .
وأما الاختلاط : فقد يكون بلا خلوة ، كاجتماع عدد من الرجال بعدد من الإناث ، والمحرم منه ما ترتب عليه شيء من المحاذير السابقة ، كالنظر واللمس والخضوع بالقول ، وتعلق القلب ، وهذا – كما سبق- لا يكاد يسلم منه عمل مختلط ؛ لأن كثرة اللقاء وطول الجلوس ، يسقطان الكلفة ، ويوجبان التوسع في المعاملة ، خاصة في ضيق المكان ، محدود الأشخاص ، كالحالة التي ورد السؤال عنها ، فهنا تكون فرصة التعارف والتعلق أقوى وأقوى !!
وقد يسلم الاختلاط من الخلوة ، لكنه لا يمنع المواعدة عليها ، وعلى ما هو أعظم منها .
ومن تأمل أدلة تحريم الاختلاط - وهي في الجواب المحال عليه - علم حكمة الشرع في سد هذا الباب ، وأن الأمر مبني على معرفة طبيعة الجنسين ، وما ينشأ عن تقاربهما وتجاورهما ، وحرص الشريعة على صيانة كل منهما .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/156): " الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس أو غيرها من المنكرات العظيمة ، والمفاسد الكبيرة في الدين والدنيا ، فلا يجوز للمرأة أن تدرس أو تعمل في مكان مختلط بالرجال والنساء ، ولا يجوز لوليها أن يأذن لها بذلك " .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(27/350)
ــــــــــــــ
حكم إزالة شعر العانة بالليزر على يد طبيبة
سؤال:
أعاني من الشعر الزائد في منطقة الإبطين والمنطقة الحساسة - فهل يجوز الكشف عند دكتورة لإزالته بالليزر ؟ علماً أن الشعر غزير جدا وتأذيت بالموس والنتف مما سبب لي تشوها في البشرة .
الجواب:
الحمد لله
يجب على المرأة أن تستر عورتها عمن لا يحل له النظر إليها ، وعورة المرأة بالنسبة إلى المرأة ما بين السرة إلى الركبة ، في قول جمهور الفقهاء .
ويجوز كشف العورة عند الحاجة ، كالتداوي ، ويشترط تأكد الحاجة وقوتها إذا كان الأمر يتعلق بالعورة المغلظة .
وعليه فلا حرج في إزالة شعر الإبطين بالليزر ، بشرط ألا يكون في ذلك ضرر.
وأما إزالته من العانة على يد طبيبة ، فيشترط له أن تدعو إليه حاجة ماسة ، كأن يكون الشعر كثيرا ، لا ينفع معه إزالته بالوسائل الأخرى من نتف وحلق ، ولا يمكنك إزالته بنفسك بواسطة الليزر مع توجيه الطبيبة ، لتجنب اطلاعها على العورة .
قال العز ابن عبد السلام رحمه الله : " ستر العورات والسوآت واجب وهو من أفضل المروآت وأجمل العادات ولا سيما في النساء الأجنبيات , لكنه يجوز للضرورات والحاجات . أما الحاجات فكنظر كل واحد من الزوجين إلى صاحبه , ونظر الأطباء لحاجة المداواة . وأما الضرورات فكمداواة الجراحات المتلفات , ويشترط في النظر إلى السوآت لقبحها من شدة الحاجة ما لا يشترط في النظر إلى سائر العورات , وكذلك يشترط في النظر إلى سوأة النساء من الضرورة والحاجة ما لا يشترط في النظر إلى سوأة الرجال , لما في النظر إلى سوآتهن من خوف الافتتان , وكذلك ليس النظر إلى ما قارب الركبتين من الفخذين كالنظر إلى الأليتين " انتهى من "قواعد الأحكام" (1/165) باختصار .(27/351)
وقال الشربيني الخطيب : " ( واعلم أن ما تقدم من حرمة النظر والمس هو حيث لا حاجة إليهما . وأما عند الحاجة فالنظر والمس مباحان لحجامة وعلاج ولو في فرج ، للحاجة الملجئة إلى ذلك ; لأن في التحريم حينئذ حرجا " انتهى من "مغني المحتاج" (4/215).
وجعل الحنابلة من الأعذار المبيحة لكشف العورة : حلق العانة لمن لا يحسن حلقها بنفسه .
كما ذكره ابن مفلح رحمه الله في الفروع (5/153).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
والدها يرفض زواجها من هذا الشخص وهي تحبه
سؤال:
أنا واقعة في مصيبة ، وأرجوا أن تقفوا بجانبي : تقدم لخطبتي شخص ذو خلق ودين ، وحالته المادية جيدة ، وبصراحة : أنا أحبه !! لكن والدي رافض لأسباب غير مقنعة ، يقول إنه لا يحب أهل البلد التي منها هذا الشاب !! وقد استخرت الله تعالى ، ولا أعرف ماذا أفعل ، أفيدوني أفادكم الله ؟
الجواب:
الحمد لله
لا بأس عليك أيتها السائلة الكريمة ، فكل مصيبة تهون إلا مصيبة الدين ؛ فاللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا !!
إن المسلم يعلم أن دار الدنيا دار ابتلاء وامتحان ، وأنه متى تلقى المصائب والمحن بقبول حسن ؛ من الصبر الجميل ، والرضا بقضاء الله وقدره ؛ فإنها تصير في حقه هبات وعطايا من رب العالمين ؛ تُرفع بها الدرجات ، وتُكَفَّر بها الخطيئات :
روى الإمام أحمد (21833) وأبو داود (3090) عن أبي خالد السُّلَمي رضي الله عنه أَنَّهُ خَرَجَ زَائِرًا لِرَجُلٍ مِنْ إِخْوَانِهِ ، فَبَلَغَهُ شَكَاتُهُ [ يعني : بلغه أنه مريض ] .(27/352)
قَالَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَتَيْتُكَ زَائِرًا ، عَائِدًا وَمُبَشِّرًا !!
قَالَ : كَيْفَ جَمَعْتَ هَذَا كُلَّهُ ؟!!
قَالَ : خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ زِيَارَتَكَ ، فَبَلَغَتْنِي شَكَاتُكَ ، فَكَانَتْ عِيَادَةً ، وَأُبَشِّرُكَ بِشَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا سَبَقَتْ لِلْعَبْدِ مِنْ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ ، ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ ، ثُمَّ صَبَّرَهُ حَتَّى يُبْلِغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنْهُ ) صححه الألباني بشواهده في الصحيحة (2599) .
واعلمي أيتها الأخت المسلمة أن الله تعالى لما شرع لعباده ألا تزوج المرأة نفسها ، واشترط أن يكون وليها هو الذي يتولى تزويجها ، إنما شرع ذلك رحمة منه بعباده ، وحفاظا على مصالحهم العظيمة التي تضيع هدرا حينما يتهاون الناس في ذلك ؛ واسألي عن قصص الزيجات التي بنيت على ذلك ، وكيف تحولت عيشتهم إلى هم وندم ، هذا إن دامت بينهم عشرة .
على أننا لا نحتاج إلى التجربة لكي نطيع أمر ربنا عز وجل ، أو نعرف ما فيه من المنافع والمصالح الدينية والدنيوية لنا ، فوظيفة المؤمن أمام أمر الله تعالى أن يقول : سمعنا وأطعنا!!
[ يمكن مراجعة السؤال (2127) (31119) حول اشتراط الولي في النكاح ] .
فالذي ننصحك به ـ أختنا الكريمة ـ ألا تستبدي بأمرك ، ولا تجعلي العاطفة هي مقياس الحكم على الأمور ، ولا تنظري إلى مشكلتك بعين واحدة ، بل استعيني بالناصح الأمين من أهلك والأقربين منك ، ممن يعرفكم ويعرفه ، ومن له ود عند أبيك ، وقبول في نفسه ، ويثق والدك في رأيه .
ثم استخيري الله عز وجل ، واعلمي أنك متى استخرت ربك ، وأنت صادقة في اللجوء إليه ، والافتقار إلى عونه وتوفيقه ، فإن الله تعالى لا يقدر لعبده المؤمن إلا الخير ، وسواء كان ما قضاه موافقا لما تحبين وتطلبين أو مخالفا ؛ فإن أمر المؤمن كله خير ، فارضي حينئذ بما قدره الله ، وجعله من نصيبك .
ولك هنا أن تستعيني بمن يمكنه إقناع والدك بأن يزوجك ممن ترغبين ، إذا كان الحال على ما ذكرت من الدين والخلق .(27/353)
ولكي تستفيدي من ذلك ، لا بد من ترك الفرصة للوالد في التفكير ، ولا تحاولي أن تحسمي الأمر معه مبكرا ، بمعنى أنني لا أنصحك بإبداء الإصرار الكبير من البداية على الزواج من هذا المتقدم ، ولا تحاولي أن تدخلي في جدال أو مشادة مع الوالد ، فيؤدي ذلك إلى تعنته وتشدده ، بل حاوريه بالحسنى فقط ، واستخدمي ألفاظ التفويض والولاية ، كأن تقولي له : أنت والدي وولي أمري وتعرف مصلحتي فأرجو أن تعيد التفكير وتقلبه ، ونحو ذلك من الأساليب التي تترك مجالا للحوار ، ولا تتعجلي الجواب من الوالد ، فكلما طال الأمر والانتظار اقترب الفرج إن شاء الله .
ثم قبل ذلك كله وبعده ، أرى أن معك حلا صائبا إن شاء الله ، هو بلا شك أنفع من كل ما سبق ، ولا أراه يخيب أبدا ، وهو الإلحاح على الله في الدعاء ، لا أقول الدعاء فقط ، بل الإلحاح والتذلل والانطراح على أبواب رحمة الله ، وسؤاله الخير والفرج والسعادة ، وإذا رأى الله منك صدق الدعاء ، أعطاك بإذنه سبحانه ما تحبين ، كيف لا وهو الجواد الكريم .
ولا نحب لك - أختنا الكريمة - وأنت في غمرة الشعور باللوم للوالد ، والنظر إليه على أنه متعنت في منعك من هذا الزواج ، واستعمال ولايته عليك ، لا نحب لك أن تنسي أن علاقة بين رجل وامرأة أجنبية عنه ، لا بد أنها لم تصل إلى تلك الدرجة من التعلق القلبي بينهما إلا بقدر كبير من التفريط في مراعاة حدود الله ، وحفظها وعدم تعديها ؛ من كلام ، ووعد ، ونظر ...
فعليك أختنا بتقوى الله عز وجل في السر والعلن ، وإياك ومصيبة الدين ، فتلك هي المصيبة حقا ، وأما أن زوجا يذهب أو يجيء ، ومال يكتسب أو يضيع ... ، فكل ذلك يهون أمام المصاب في الدين :
من كل شيءٍ إذا ضيعته عوضٌ وليس في الله إن ضيعته عوضُ
فإذا كان قد صدر شيء من ذلك منكما فسارعا إلى التوبة منه ، فقد يكون الله تعالى قد أخر عنك قبول والدك حتى يرى صدقكما في الالتزام بأمره سبحانه ، ألم يقل الله تعالى في محكم كتابه : ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ(27/354)
حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ، وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ، إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2-3
والله أعلم .
ويمكنك مراجعة بعض النصائح والأحكام المتعلقة بمشكلتك في موقعنا في الإجابات التالية :
(6398) (10196) (23420) (36209)
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
زواج "فريند" رؤى متعددة ... العنوان
نشرت الصحف والمجلات دعوة الشيخ الزنداني إلى زواج "فريند" بدلا من "بوي فريند "، و"جيرل فريند
" وهو شكل جديد لم يعرف في الفقه الإسلامي، فما حكم فقهاء الشريعة في هذا النوع من الزواج؟ من حيث كونه حلا لعلاقات الانحراف؟ ... السؤال
24/07/2003 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فزواج الأصدقاء، أو ما يعرف بـ"زواج فريند"؛ وهي الدعوة التي أطلقها الشيخ عبد المجيد الزنداني من كبار علماء اليمن، اختلف الفقهاء المعاصرون فيها، بين مبيح لها ومحرِّم، حيث نظر المبيحون إلى توافر أركان الزواج من الإيجاب والقبول والمهر والولي والإشهاد، بينما ارتكز المحرمون على أن هيئة الزواج تتناقض مع مقصود الشارع من تشريع الزواج في الإسلام، من السكن والمودة، وقيام الأسرة على أسس من الاستقرار الاجتماعي، وهذا ما يغيب عن هذه الصورة من صور الزواج. وهذا النوع من الزواج يحتاج إلى رؤية متأنية
وإليك بيان آراء العلماء:(27/355)
آراء المبيحين :
يقول الشيخ عبد المحسن العبيكان من علماء السعودية:
إذا كان الزواج مستكملا لشروط النكاح المعتبرة شرعا (الولي والشاهدان، والإيجاب والقبول) فإن النكاح صحيح بغض النظر عن كونه يتم تحت سقف منزل واحد يجمع الأسرة أو لا يتم.
وإن المرأة من حقها أن تتنازل عن حقها في المبيت والنفقة، وكذلك عن المأوى ما دامت تستطيع أن تلبث إلى جانب أبيها وأسرتها، ولكن يشترط لجواز ذلك ألا يكون مؤقتا ولا بنية الطلاق. انتهى
ويقول الدكتور سليمان عبد الله الماجد القاضي في محكمة الإحساء بالسعودية:
إن الفكرة التي دعا إليها الزنداني ستكون بمثابة (فتح) في علاج مشكلة كبيرة وهي: تجاوز تكاليف الزواج قدرة الشباب والفتيات، مع أنه يحقق مقصد من مقاصد النكاح وهو (العفة).
و(صورة الزواج) جائزة شرعا، ولا تحمل أي محظور شرعي بالصفة التي دعا إليها العالم اليمني (الزنداني).
ولكن يجب دراسة الفكرة من جوانب (اجتماعية) فربما يكون الزواج جائزا من الناحية الشرعية، ويكون مضرا على الصعيد الاجتماعي.
والفكرة ليست جديدة حيث دعا إليها من قبل شيخ في جامعة الأزهر، فطالب المجتمع ـ في حينه ـ بتيسير أمور الزواج، والإذن بزواج الفتى للفتاة، يلتقيان في الجامعة، وفي الأماكن العامة، ويستأجرون شقة حين يرغبان ذلك، ويكون مقرهما للإقامة الدائمة بيت والديهما.
ويمكن أن تطبق في كل مكان، فالفكرة جيدة على اعتبارها مسعى جديدا للحد كثيرا من المخالفات الشرعية في جانب العلاقات بين الجنسين. انتهى نقلا عن موقع "باب".
ويقول الشيخ علي أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى في الأزهر الشريف السابق:
إن الفكرة التي دعا إليها الزنداني هي الحل الأمثل لاختفاء الرقم الأخير من الملايين التسعة الذين بلغوا سن الثلاثين، ولم يتزوجوا بعد في مصر وحدها ،(27/356)
فضلا عن قوائم شبيهة من الشباب والفتيات الذين فاتهم القطار في جميع الدول العربية والإسلامية بسبب البطالة وارتفاع تكاليف الزواج وفشل الشباب في توفير بيت الزوجية .
وما دام هناك عقد زواج صحيح وبشهود وولي ، وتم الإعلان عنه ، فما المانع في أن يأوي كل منهما إلى بيت أبيه، ويكون اللقاء في أي مكان ، أليس في ذلك حل لمشكلة الصداقات وانحراف الشباب والفتيات ، واختلاط الأنساب ، والزواج العرفي ، وغيره مما نسمع عنه هذه الأيام؟ وإذا تنازلت الزوجة عن حق السكن فهل يعني ذلك أن الزواج باطل؟ هذا غير صحيح والفتوى صحيحة وهي كزواج المسيار ، وإذا ما تنازلت الزوجة عن حقوقها في السكن والملبس والمأكل والمشرب، وأقامت مع أهلها . ثم كان اللقاء بينهما بعد عقد صحيح مكتمل الشروط فلا حرمة في ذلك.
والسكن لا يعني الإقامة ، لكنه بمعنى السكون والراحة والمودة ، بمعنى أن الزوج يسكن إلى زوجته، ولا يفكر في غيرها ، ولا يمكن الاعتداد بعدم توافر منزل الزوجية شرطا من شروط صحة الزواج ، فالآية الكريمة وهي قوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم: 21) تخضع للاجتهاد ، وهذا ليس نصا صريحا ينقض أو يبطل فتوى الزنداني ، والأمر هنا مثله مثل زواج المسيار الذي أباحه الشيخ القرضاوي وغيره من علماء المسلمين . انتهى
آراء المانعين :
يقول الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق:
شرع الله الزواج ليكون رباطا وثيقا بين الرجل والمرأة يقوم على المودة والرحمة ، ويراد به الدوام والاستقرار ، ومن مقاصد الزواج الأساسية السكن والمودة بين الزوجين ، فإذا لم تتحقق هذه المقاصد فقد الزواج قيمته الأساسية ، وأصبح مجرد شهوة يتساوى فيها الإنسان والحيوان .
فالشريعة الإسلامية إذن كاملة ومتكاملة في أوامرها وأحكامها ، فلا يصح أن يؤخذ من هذه الأحكام الشرعية جانب ويترك الآخر ، وليس فيها استثناء، حيث جاءت(27/357)
صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان ، وقد نظمت الشريعة الإسلامية العلاقة الزوجية نظاما دقيقا فبينت ما يجب على كل منهما نحو الآخر ، فالمرأة متى تزوجت أصبحت شريكة لزوجها في الحياة . وصار لزوجها عليها حقوق يجب أن تؤديها ولا تقصر فيها ، وإلا كانت آثمة ومسئولة عنه شرعا أمام الله ، وفي ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها .. وللزوجة أيضا حقوق على زوجها نظمها الإسلام وأوضحتها الشريعة الإسلامية ، وفي ذلك أيضا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ".
ولا يجوز للمسلم أو المسلمة التخلي عن فرائض ديننا الإسلامي الحنيف حتى ولو كانوا يقيمون ببلد غير إسلامي إلا في حالة الإكراه على ذلك ، خاصة إذا كان التمسك بها سيعرض حياتهم للخطر أو إلى الضرر ، قال تعالى "فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه "، أما ترك فرائض وتعاليم الدين الإسلامي بالاختيار فهذا لا يجوز شرعا؛ لأن أركان الإسلام يجب علي المسلم الالتزام بها أينما كان ، وما يعرف بـ "فقه الأقليات" فهو يتوقف عند حدود المعاملات الإسلامية كالبنوك وأكل الذبائح التي لم يُذكر اسم الله عليها أو خلع الحجاب إذا كانت قوانين تلك الدول تمنع ذلك ، وكل ذلك جائز بشرط أن يفعل المسلم ذلك وقلبه منكر لهذا الفعل !
أما مثل هذا الزواج الذي تدعو إليه الفتوى فهو لا يحقق المقاصد الشرعية من الزواج ويؤدي إلى الإفساد وخلط الأنساب . ومخالفة الشرع وارتكاب الفواحش وكثير من الجرائم والمفاسد الاجتماعية والأخلاقية . انتهى
وتقول الدكتورة سعاد صالح ـ أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف :
لا يوجد في الإسلام ما يسمى بزواج موصوف بصفة خاصة ، وإنما ورد لفظ الزواج في القرآن الكريم وفي السنة النبوية غير مقيد بأي صفة كقوله تعالي: "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا" (النساء: 3)،(27/358)
وقوله تعالى: " وَأَنْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ" (النور: 32).
وقد اهتم الإسلام بعقد الزواج أكثر من اهتمامه بأي عقد آخر؛ لأنه أقرب إلى العبادة منه إلى العادة . وما يطالب به من زواج الأصدقاء مع وقف آثار الزواج من حيث الإنجاب والنفقة والسكنى ، فهو يتعارض مع المقصد الأصلي للزواج وهو بقاء النسل والمحافظة على النفس وإعفافها ، ويتعارض كذلك مع التشريع الإلهي لعقد الزواج والأهداف والمقاصد المرجوة منه، ويعرض هذا الميثاق الغليظ للامتهان والاستهتار.
وهذه الأنكحة المستحدثة بكافة صورها ، تشبه نكاح المتعة الذي نهى عنه الرسول نهيا قطعيا ، حيث المقصود الأصلي منها هو مجرد قضاء الوطر دون الاستمرار في السكنى والمودة والرحمة.
وعقد الزواج الأصل فيه الاستمرارية والاستقرار ، ولذلك ،فإن كل عقد مقيد بمدة معينة ، هو عقد باطل ، والعقد الصحيح مطلوب فيه تحقيق الآثار الشرعية المترتبة عليه في الحال، فلا يوجد في الإسلام زواج موقوف ،ولكن زواج نافذ وجائز مستمر.
والله أعلم
ــــــــــــــ
ركوب الرجل مع المرأة في سيارة أجرة
تاريخ الفتوى : ... 22 شعبان 1426 / 26-09-2005
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
نصرانية تعمل معي في الشركة وتسكن بجواري، عرضت علي أن نشترك في تأجير تاكسي لتوصيلنا إلى العمل، هل يجوز لي أن أوافق، علماً بأنها دميمة وشديدة البدانة، وأني لن أجلس بجوارها ولن أتحدث معها إلا إذا سألتني عن شيء، وبصفة عامة كيف يُمكن لمسلم أن يدعو نصرانيات إلى الإسلام؟ جزاكم الله خيراً.(27/359)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من أقوال الفقهاء أنه إذا اجتمع أكثر من رجل مع امرأة واحدة أو أكثر من امرأة مع رجل واحد في مكان فإن ذلك لا يُعد خلوة محرمة إذا أمنت الفتنة، وما دام الحال كما ذكرت فلا مانع من الاشتراك مع المرأة المذكورة في استئجار سيارة تنقلكما إلى العمل بشرط ألا يحصل بينك وبينها خلوة في وقت من الأوقات، مع الالتزام بعدم الجلوس بجوارها، والمحافظة على غض بصرك عنها كغيرها من النساء، لأن دمامة المرأة لا تبيح النظر إليها ولا الخلوة بها لعدم أمن الفتنة من جنس النساء، ولأن النهي عن الخلوة بهن أو النظر إليهن ورد عاماً دون استثناء، وراجع الفتوى رقم: 31014، والفتوى رقم: 60116.
وينبغي عليك عند دعوة هذه المرأة للإسلام أن تبحث أولاً عن امرأة تباشر دعوتها ولتبتعد أنت عن هذا الأمر، إلا إذا لم تجد من يقوم بدعوتها فلا مانع من مباشرة ذلك بنفسك مع الحذر من الخلوة أو الوقوع في محرم أياً كان، فإذا خفت على نفسك الفتنة فلا يجوز لك ذلك بحال، وراجع لمعرفة بعض أساليب الدعوة إلى الإسلام في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21363، 29347، 23135.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم ركوب امرأة أجنبية مع أسرة في السيارة
تاريخ الفتوى : ... 21 شعبان 1426 / 25-09-2005
السؤال
زوجتي تعمل محفظة لكتاب الله وذلك يتم في منزل إحدى الأخوات وهذه الأخت متزوجة ولديها بنتان وعندما تنتهي زوجتي من الدرس إذا كان أهل البيت سيذهبون إلى أي مكان يعرضون على زوجتي أن تركب معهم السيارة ليوصلوها إلى أقرب مكان إلى البيت، مع العلم بأنه يكون في السيارة زوج المرأة التي تحفظ(27/360)
أولادها زوجتي وأمهم، فهل يجوز أن تركب السيارة التي يوجد فيها رجل ولأي حد يمكن أن تفعل هذا الفعل وهو الركوب معهم؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على زوجتك في ركوب السيارة في داخل البلد إذا أمنت الفتنة مع المرأة المذكورة وزوجها وأولادها لأنه لا خلوة في ذلك، حينئذ ولا سفر، أما في حالة الخلوة بالرجل الأجنبي أو السفر فلا يجوز، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1079.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... ما يشترط في سكن الأجنبي مع الأجنبية
تاريخ الفتوى : ... 16 شعبان 1426 / 20-09-2005
السؤال
شخص يعيش في بيت هو مضطر للعيش فيه لكي يواصل الدراسة لأنه لا يمتلك المصاريف الكافية ويوجد في البيت نساء وهن بنات جدة خال والده وهن لا يظهرن أمامه ولكن في بعض الأيام في داخل المنزل يراهن بالصدفة فما الحكم..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحرم على الرجل الخلوة بالمرأة الأجنبية عنه ولو كانت الخلوة لعبادة كالصلاة وقراءة القرآن ونحوهما؛ لما في ذلك من المفاسد الكبيرة التي منها حضور الشيطان ووسوسته لهما وسعيه لإيقاعهما في المعصية، وقد جاءت الاحاديث النبوية الصحيحة محرمة لذلك، ومنها ما رواه البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. وما روياه أيضا عن ابن عباس(27/361)
رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. وما رواه أحمد والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم، فإن الشيطان ثالثهما.
وإذا كان هذا في مجرد خلوة قد تكون عابرة فإن سكن الأجنبي مع نساء أولى بالتحريم؛ بل إن السكن يكون محرما وإن كان معها محرم إذا لم يكن السكن واسعا بحيث لا يطلع أحدهما على الآخر.
قال زكريا الأنصاري: علم جواز خلوة الرجل بالأجنبية مع المحرم، وامتناع مساكنته إياها معه إلا عند تعدد الحجر أو اتساعها بحيث لا يطلع أحدهما على الآخر. انتهى.
فإذا كان سكن هذا الشخص مستقلا عن سكن النساء وإن لاصقه لا حرج في ذلك، لكن بشرط عدم اتحاد المرافق بينهما كالممر والمطبخ أو الخلاء ونحو ذلك.
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى: فإذا سكنت المرأة مع أجنبي في حجرتين أو في علو وسفل أو دار وحجرة اشترط أن لا يتحدا في مرفق كمطبخ أو خلاء أو بئر أو سطح أو مصعد، فإن اتحدا في واحد مما ذكر حرمت المساكنة لأنها حينئذ مظنة الخلوة المحرمة، وكذا إن اختلفا في الكل ولم يغلق ما بينهما من باب أو يسد أو أغلق لكن ممر أحدهما على الآخر، أو باب مسكن أحدهما في مسكن الآخر. انتهى.
وعليه، فإذا اضطر هذا الشخص للسكن فيفصل سكنه بما ذكر، أو يبحث عن سكن آخر ولو متواضعا متى قدر عليه، ولا يدخل البيت إلا في وقت وجود المحارم، ولا حرج عليه إذا رأى امرأة فجأة ولكن عليه أن يصرف بصره.
فعن جرير رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة؟ فأمرني أن أصرف بصري. رواه مسلم. وفي سنن الترمذي وحسنه عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: يا علي: لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة.
والله أعلم.(27/362)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل زواجي مقدَّر ؟ وهل الطاعة والمعصية تغيران القدَر ؟
سؤال:
هل قدَّر الله سبحانه لكل شخص من تكون زوجته ؟ وهل للمعصية والطاعة دور في تغيير القدر ؟ .
أنا أحب فتاة ذات دين وخلق ، ولكن هي لا تحبني ، فهل يجوز لي أن أدعو الله بأن يحببها فيَّ ويجعلها زوجتي في المستقبل ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
القدَر : هو تقدير الله تعالى الأشياء في القِدَم ، وعلمه سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده وعلى صفات مخصوصة ، وكتابته سبحانه لذلك ، ومشيئته له ، ووقوعها على حسب ما قدرها ، وخَلْقُه لها .
والإيمان بالقدر من أركان الإيمان التي لا يصح إيمان أحدٍ إلا به ، ولا يصح الإيمان بالقدر إلا أن يؤمن المسلم بمراتب القدر الأربع وهي :
1. الإيمان بأن الله تعالى علم كل شيء جملة وتفصيلا من الأزل والقدم فلا يغيب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض .
2. الإيمان بأن الله كتب كل ذلك في اللوح المحفوظ ، قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة .
3. الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة ؛ فلا يكون في هذا الكون شيء من الخير والشر إلا بمشيئته سبحانه .
4. الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله فهو خالق الخلق وخالق صفاتهم وأفعالهم .
وانظر تفصيل هذا في أجوبة الأسئلة ( 49004 ) و ( 34732 ) .(27/363)
وهذا التفصيل يبين لك أن الله تعالى قدَّر في الأزل من يكون أهلك ، ومن تكون زوجتك ، ومن يكون أبناؤك ، وكل ما كان ويكون في الكون فهو بتقدير الله تعالى ، قال تعالى : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) القمر/49 .
ثانياً :
لا يعني هذا أن الإنسان يكون في الدنيا بلا إرادة ، كما لا يعني هذا أن لا يسعى الإنسان في أسباب سعادته وعافيته ، فكل شيء جعل الله له سبباً ، فمن أراد الولد فلا بدَّ له من الزواج ، ومن أراد السعادة في الآخرة فلا بدَّ أن يسعى لها سعيها ، وأن يأخذ في طريق الهداية ، ومن أراد المال والغنى فلا بدَّ أن يسعى للكد والتعب .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ .. ) متفق عليه .
ولم يُطلع الله تعالى أحداً على تفصيل ما سيحصل له من خير أو شر ، لذا فإن كل أحدٍ يسعى لجلب الخير لنفسه ودفع الأذى عن نفسه ، ولا يكون عاقلاً من يسير في طريق سريع عكس الاتجاه ثم يقول " لن يحصل معي إلا ما كُتب لي أو عليَّ " ولا يجلس أحدٌ في بيته ثم يقول " لن يأتيني إلا ما قدِّر لي من رزق " و لا يأكل أحد طعاماً فاسداً ثم يقول " لن يصيبني إلا ما كتب الله لي أو عليَّ " وهذه الأمور لو فعلها أحدٌ وقالها لعدَّ من المجانين ، وهو كذلك .
وفي خصوص الزواج فإن المسلم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حثَّه على التزوج بذات الدِّين ، وهذا يقتضي منه البحث والتحري عن صاحبة الدِّين ، ولا يقول عاقل إنني لن أسعى في هذا ؛ لأنه لو عرض عليه امرأة مجنونة أو دميمة أو كبيرة في السن أو ذات أخلاق سيئة فإنه لن يقبل بها زوجة ! ولن يدَّعي أنه سيتزوج بأول من يراها أو أول من تُعرض عليه ، وهذا يؤكد ما قلناه من أنه سيعرض عن بعض النساء ، ويتأمل في أخريات ويتردد في بعضهن وهكذا ، ولو اختار ، بعد النظر والتأمل والاستشارة والاستخارة ، امرأة تناسبه فليعلم أنه ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، فليجعل رجاءه في ربه عز وجل أن يهيئ له(27/364)
من أمره رشدا ، وأن يقدر له أرشد الأمور بالنسبة إليه ، وأحبها إلى رب العزة تبارك وتعالى .
ثم عليه ، إذا وقع الأمر ، وقدر له ربه عطاءً أو منعا ، على ما وافق هواه أو خالفه ، أن يحسن الظن بربه عز وجل ، ويعلم أن الله لا تعالى لا يقضي لعبده المؤمن الصبار الشكور إلا قضاء الخير . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم ( 2999) .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 1804 ) .
ثالثاً :
أما بالنسبة لأثر الطاعة والمعصية على تغيير القدَر ، فلتعلم أن أما ما كان في اللوح المحفوظ فإنه لن يتغير ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( رُفعت الأَقْلاَم وَجَفَّت الصُّحُف ) - رواه الترمذي ( 2516 ) وصححه من حديث ابن عباس - ، وأما ما في أيدي الملائكة من صحف فإن الله تعالى قد يأمر ملائكته بتغييرها لطاعة يفعلها المسلم أو معصية يرتكبها ، ولا يكون في النهاية إلا ما كُتب أزلاً ، ويدل على ذلك قوله تعالى : ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) الرعد/39 .
وقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على القيام ببعض الطاعات التي لها أثر في زيادة عمر الإنسان ، كصلة الرحِم ، وأخبر أن الدعاء يرد القضاء ، وهذا معناه : أن الله تعالى علَم أولاً أن عبده فلان سيأتي بهذه الطاعات فقدَّر له عمراً مديداً أو بركة في الرزق ، والعكس كذلك فقد يرتكب الإنسان معصية يُحرم بسببها الرزق ، ويكون الله تعالى قد علَم ذلك أزلاً فقدَّره وكتبه بحسب علمه ، ولم يجبر الله تعالى أحداً على طاعة ولا معصية .
وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا في حديث واحد :(27/365)
عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلا الْبِرُّ وَلا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلا الدُّعَاءُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ ) . رواه ابن ماجه ( 4022 ) .
قال البوصيري في " مصباح الزجاجة " ( رقم 33 ) :
سألت شيخنا أبا الفضل العراقي – رحمه الله – عن هذا الحديث ، فقال : هذا حديث حسن . انتهى
وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة.
عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) رواه البخاري ( 5640 ) ومسلم ( 2557 ) .
وروى الطبري بإسناده ، عن أبي عثمان النهدي : أن عمر بن الخطاب قال وهو يطوف بالبيت ويبكي : اللهم إن كنت كتبت علي شقوة أو ذنبا فامحه فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب فاجعله سعادة ومغفرة
وكان أبو وائل شقيق بن سلمة التابعي مما يكثر أن يدعو بهؤلاء الكلمات : اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء فامحنا واكتبنا سعداء وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب . [ تفسير الطبري 7/398]
وانظر جواب السؤال رقم : ( 43021 ) .
رابعاً :
حبُّك للفتاة ذات الخلق والدِّين يوجب عليك الحذر من أن تقع في مخالفات شرعية كمراسلتها أو محادثتها أو الخلوة بها ، ولا ننصحك أن تدعو الله تعالى أن يحببها بك ، بل ننصحك بالدعاء أن يرزقك الله تعالى زوجة صالحة ، وإذا رأيتَ من تنطبق عليها مواصفات المرأة الصالحة فتقدَّم لها واخطبها ، ولا داعي لتعيين امرأة بعينها فقد تبادلك المحبة ثم تقعان في مخالفات شرعية ، وقد لا يتيسر لكما أمر الزواج ، فدعاء الله تعالى بأن ييسر لك زوجة صالحة خير لك فيما نرى .
على أننا نصدقك ـ أخانا الكريم ـ القول ، ونرى أن التعلق بهذه الفتاة هو مشكلة فراغ بالنسبة ؛ ونعني بالفراغ هنا أنك لم تشغل نفسك بمهمات الأمور ، فملأ(27/366)
الشيطان قلبك شغلا بما فيه المضرة عليك في نفسك ودينك ، أو بما يفوت عليك مصالحك .
روى ابن الجوزي عن ابن عائشة قال : قلت لطبيب كان موصوفا بالحذق : ما العشق ؟
قال شغل قلب فارغ !! [ ذم الهوى 290] .
وإلا ، فقل لي بربك يا أخي ، هل أنت جاد في البحث عن زوجة مناسبة ، في هذه الفترة ؟!
وإذا كنت جادا في ذلك البحث ، فهل أنت جاد في إمضاء الزواج الآن ؟!
وإذا كنت جادا في إمضاء الزواج الآن ، فهل ظروفك ملائمة لذلك الجِد (!!) منك ؟!!
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ : خَطَبْتُ امْرَأَةً ، فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهَا فِي نَخْلٍ لَهَا ، فَقِيلَ لَهُ : أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟!!
فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا ) رواه ابن ماجة (1864) وصححه الألباني .
فانظر ـ يا أخي ـ كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم علق الإذن بالنظر على إرادة النكاح .
قال العلماء : وهذا مستثنى من النهي عن النظر إلى المرأة الأجنبية ، ولذلك إنما يسوغ حيث تدعو إليه الحاجة ، ويرجو أن يتم زواجه الذي يريد .
قال ابن القطان رحمه الله : " لو كان خاطب المرأة عالما أنها لا تتزوجه ، وأن وليها لا يجيبه ، لم يجز له النظر ، وإن كان قد خطب [ يعني : وإن كان يطلب خِطبتها ] ؛ لأنه إنما أبيح له النظر ليكون سببا للنكاح ، فإذا كان على يقين من امتناعه ، بقي النظر على أصله من المنع ) [ النظر في أحكام النظر 391] .
ومعلوم أن إرادة النكاح ممن لا يقدر على مؤنته ، أو لا تساعده عليه ظروفه في وقته الراهن ، نوع من العبث وإضاعة الزمان ، وشغل القلب بما لا ينفع ، بل بما يضر .(27/367)
وحين تكون جادا ، فاستعن بالله تعالى ، واسأله التوفيق في أمرك ، فإن بقيت على حالها ، واستخرت ربك في شأنها ، فامض في خطبتك ، وإلا ، فالنساء سواها كثير ؛ فاظفر منهن بذات الدين ؛ تربت يداك !!
نسأل الله تعالى أن يهديك لما فيه رضاه ، وأن يوفقك لما يحب ويرضى ، وأن يرزقك زوجة صالحة وذرية طيبة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
جلوس العوائل كل على حدة في صالة العرس
تاريخ الفتوى : ... 16 شعبان 1426 / 20-09-2005
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و بعد:
أود السؤال عن الرأي الشرعي في عمل حفلات زواج بالشكل التالي وضع طاولات في صالة واحدة مفتوحة ويجعل على كل طاولة عائلة مستقلة بما فيها الزوج والزوجة من الضيوف ثم يأتي العريس لأخذ عروسه علماً بأنه لا موسيقى ولا رقص ولكن مجرد أناشيد إسلامية طيبة وإلقاء لبعض الكلمات من أهل العرس، كما أريد السؤال عن التقاء الأصدقاء بأزواجهم أو الأخوان و الجلوس بحجابهن معاً رجالاً ونساء للحديث في الأمور العادية و لكن يتفرقون عند الأكل أفتوني مأجورين
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أمكن جلوس العوائل كما ذكرت دون أن يتمكن بعضهم من النظر إلى بعض وسماع أحاديثهم ورؤية ما لا يجوز رؤيته فلا حرج في ذلك، فالاختلاط الممنوع هو ما لا ينضبط بالضوابط الشرعية كما بيناه في الفتوى رقم: 48184.(27/368)
ولمعرفة ما يجوز للرجل أن ينظر إليه من المرأة الأجنبية انظر الفتوى رقم: 33022، وأما الأناشيد الإسلامية فلا بأس بها وخصوصا في مناسبات الأعراس وتراجع الفتوى رقم: 3251، واجتماع الأصدقاء بأزواجهم أو الإخوان والجلوس للحديث في مكان واحد لا يجوز لما يترتب عليه من المحاذير الشرعية وعدم أمن الفتنة ولو كان النساء بحجابهن، فمن يأمن إعجاب بعضهم ببعض والتعلق به وما يترتب على ذلك من العواقب والشرور.
ومن هنا فإنه لا يجوز جمع الأصدقاء ولا الإخوان لزوجاتهم مع بعض فيتحدثون جميعا ويضحكون جميعا ونحو ذلك، ولكن إن جمعتهم سيارة أو طائرة أو ألجأتهم الحاجة إلى التواجد بمكان واحد جميعا فلا حرج في ذلك مع مراعاة الضوابط الشرعية من الستر الكامل وعدم الخضوع بالقول والتكسر في الكلام والميوعة في الحركات.
وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 51573، 16718.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
سكن المرأة وحيدة والدردشة على الشات
تاريخ الفتوى : ... 16 شعبان 1426 / 20-09-2005
السؤال
هل يجوز أن تعيش البنت بمفردها؟ وما هو حكم من يقوم بالدردشة على الشات للتسلي فقط؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يمكن أن تسكن المرأة في بيتها وحيدة، إذا كانت تأمن على نفسها وعرضها، وهذا هو حال بعض المعتدات من وفاة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي لمن يكن لهن أبناء.(27/369)
وأما الدردشة، فإن كانت بين نساء أو محارم وكانت فيما يفيد فلا حرج فيها ما لم تؤد لتضييع فرض أو تجر لضياع الوقت في اللغو، وأما الدردشة بين الأجانب فيتعين البعد عنها لما تجره من المخاطر، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 34328، 1072، 21310، 20415، 10923، 34193.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
جلوس المرأة مع أقارب زوجها المتوفى
تاريخ الفتوى : ... 07 شعبان 1426 / 11-09-2005
السؤال
ما هو الحكم الشرعي في جلوس المرأة مع أهل الزوج بعد وفاته وبعد أن قضت فترة الحداد وانتهت بدون محرم معها في البيت مع العلم بأن خالتها معها وابنها 6 سنوات؟
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأقارب الزوج غير أبيه وأولاده أجانب في حياة الزوج وبعد وفاته، ولذا فلا يجوز أن يطلع أقارب الزوج على الزوجة، ولا أن يخلوا بها في مسكن، وحكمهم حكم بقية الأجانب. وقد فصلنا حكم السكن مع الأجنبي في الفتوى رقم: 10146.
ولا ينبغي للمرأة القدوم على الأجانب وزيارتهم والجلوس معهم ولو كان ذلك بحضرة امرأة أو طفل إذ لا يؤمن عليها من الافتتان بهم أو افتتانهم بها.
أما أبوه وأولاده فهؤلاء من المحارم ولا حرج على الزوجة في الجلوس معهم، سواء كان ذلك قبل موته أو بعده.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(27/370)
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الاحتجاب من أقارب االزوج
تاريخ الفتوى : ... 01 شعبان 1426 / 05-09-2005
السؤال
هل يجب علي التحجب أمام ابن أخت زوجي الصغير البالغ من العمر 12 أو13 سنة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المرأة المسلمة أن تتحجب أمام ابن أخت زوجها إذا كان بالغا أو قارب ذلك، لأنه ليس من المحارم إلا إذا كان محرما لها بسبب آخر من رضاع أو غيره، فأقرباء الزوج أجانب عن زوجته فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحمو وهو أخو الزوج أو قريبه فحذر من ذلك وقال: الحمو الموت. رواه البخاري ومسلم
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 15375.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم مشاهدة التليفزيون والسينما ...
عنوان الفتوى
... أحمد الشرباصي ...
اسم المفتى
... 20722 ...
رقم الفتوى
... 30/09/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...(27/371)
نص السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم مشاهدة التلفزيون وبرامجه بما فيها من مسلسلات وأفلام وكذلك السينما أفيدونا أفادكم الله
نص الفتوى
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
التلفاز أو (التليفزيون) من أدوات النقل الإعلامي، فلا يحكم عليه كلية بالحرمة أو الحل ،أما الجهاز في حد ذاته فليس بحرام ،وأما عن المعروض والمشاهد ،فيختلف حسب ما يعرض ويشاهد،فإن شاهد المرء فيه حلالاً،كان لا بأس عليه، وإن شاهد فيه حرامًا، كان آثمًا ، وعلى المسلمين في العالم أن يحسنوا استغلال التلفاز كأداة لنشر الخير وتعاليم الإسلام السمحة ، فإنه وسيلة إصلاح ، كما أنه وسيلة هدم .
يقول الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر(رحمه الله تعالى ):
التلفزيون هو جهاز الرؤية من بُعد، ينقل الصوتَ والصّورة معًا، بل ينقل الصورة متحرِّكة كأنها حيّة، وهو يعرض أمورًا متعدِّدة، كما يُذيع الراديو موادَّ مختلفةً قد يصعُب على الكثيرين الحصول عليها لو لم تكن هذه الأجهزة فما كان من هذه الأمور والمواد حلالًا في أصله، ولم يؤثِّر تأثيرًا سيِّئًا على العقيدة أو الأخلاق، ولم يترتّب عليه ضَياع واجب، كان السّماع حلالًا والمشاهدة أيضًا حلالًا، وما خالف ذلك كان ممنوعًا يتحمّل تبِعتَه المُذيعون والمستقبِلون.
وأكثر ما يُسأل عنه هو النظر إلى النِّساء الرّاقصات أو المُمثِّلات أو غيرهن ممن يُبدين زينتهنَّ ويكشفْنَ ما أمر الله بسترِه، فقد يُقال: إن الناظر لا ينظر امرأة ولكن ينظر صورتَها، وقد تحدَّث الفقهاء قبل أن يظهر التلفزيون عن حكم النظر إلى صورة المرأة في المرآة، هل يعطَى حكم النظر إليها أو لا؟ ووضحه الكمال بن الهمام، ونقله الشيخ طه حبيب في فتوى نشرت له بمجلة الأزهر "نور الإسلام" عام 1932 في المجلد الثالث ص 492 وقال ما نصه:
والذي تسكُن إليه النّفس، ويَطمئِن له القلب هو أن النظَرَ إلى المرأة الأجنبيّة إنما يكون محرّمًا بسبب أنه داع وذَريعة إلى الوقوع فيما هو أشدُّ منه حُرمة، وهو(27/372)
الوقوع في المعصية الكبرى، وعليه فالنظر إلى المرأة الأجنبيّة المعيّنة بواسطة المرآة بقصد الشهوة غير جائز؛ لأنه ذريعة إلى محرّم، وكل ما كان كذلك فهو حَرام، سواء أكان ذلك مباشَرة أو بواسطة المِرآة . انتهى.
وإذا كانت هذه الفتوى بشأن الصورة الجامدة التي يُخشَى من النظر إليها الفِتنة فإن النظر إلى الصورة المتحرِّكة أولى بالمنع لشدّة الفتنة بها، وإذا كان المِقياس هو الفتنةَ فالناس مختلِفون فيما يَفتِن وما لا يَفتِن وكلٌّ أدرى بنفسه.
وممّا يشهد لجواز مشاهدة المسرحيّات والألعاب البريئة ما رواه البخاري ومسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: رأيتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَستُرني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون وأنا جارية، فاقدِروا قَدْرَ الجارِية العَرِبَة ـ المُحبّة للعبِ ـ الحديثة السِّنِّ . وفي رواية فإمّا سألت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإما قال " تَشتهينَ تنظرينَ"؟ فقلت: نعم فأقاَمني وراءَه، خَدِّي على خَدِّه، وهو يقول "دونكم يا بني أرفدة" حتّى إذا مَلِلْتُ قال "حَسْبُكِ" قلت: نعم، قال "فاذْهبي" وبنو أرفدة لقب للحبشة، ولفظ "دونكم" يفيد الإغراء والاستزادة ، وكان لعب الحبشة بإلقاءِ الحراب وتلقِّيها، كما ورد في رواية أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عائشة كانت تتفرَّج على "الدركلة" وهي ضَرْب من لَعِبِ الصِّبيان، وقيل: هو الرَّقص. وفي تأكيد سماحة الإسلام في التمتع البريء أن النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لأبي بكر وهو ينهَى الجواري عن الغناء لعائشة يوم العيد "دعْهُنّ يا أبا بكر فإنّها أيّام عيد، لتعلمَ اليهود أن في ديننا فسحة، وإني أرسلت بالحَنيفيّة السّمحة" رواه أحمد عن عائشة، وذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري رواية ذلك عن ابن السراج عن عائشة ، وما جاء في الجامع الصغير للسيوطي أن هذا القول كان بمناسبة لَعِبِ الحبشة فضعيف.
ولا داعيَ للقول بأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجاز لها مشاهدة لعب الحبشة وسماع الأغاني، لأنها كانت صغيرة غير بالِغة، أو أن ذلك كان قبل أن يُفرَض الحِجابُ ويُحرَّم اللهو، فإن ذلك احتمال لا يُفيد القطعَ، وإلا ما كان هناك خِلافٌ للفُقهاء في هذه الأحكام . والله أعلم.
والله تعالى أعلى وأعلم(27/373)
ــــــــــــــ
هل يجوز كشف وجه المرأة من أجل طلب العلم ؟
سؤال:
سمعت ذات مرة من التلفاز أنه يجوز للفتاة أو المرأة الكشف عن وجهها في سبيل طلب العلم - لا أذكر على أي مذهب – وقال المتحدث : إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " اختلاف فقهاء أمتي رحمة " .
وخاصة أنني أستصعب نقلتي النوعية من السفور إلى الحجاب والجلباب ، فدلني على الصواب لأتبعه .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
حديث " اختلاف أمتي رحمة " : حديث موضوع كما في " الأسرار المرفوعة " ( 506 ) ، و" تنزيه الشريعة " ( 2 / 402 ) .
وقال عنه الشيخ الألباني كما في " السلسلة الضعيفة والموضوعة "( حديث رقم 57 ) – :
لا أصل له ، ولقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا ...
ونقل المناوي عن السبكي أنه قال : " وليس بمعروف عند المحدِّثين ، ولم أقف له على سند صحيح ، ولا ضعيف ، ولا موضوع ، وأقرّه زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسير البيضاوي " ( ق 92 / 2 ) .
انتهى
ثانياً :
لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها أمام الرجال الأجانب ، إلا إذا دعت لذلك ضرورة ، كالطبيب المعالج إذا عدمت الطبيبة وبشرط عدم الخلوة ، والخاطب للزواج ، والشهادة أمام القضاء ، ويقتصر فيما سبق على موضع الضرورة دون ما عداه .(27/374)
وحجاب المرأة ونقابها ليس عائقاً أمام طلب العلم للمرأة ، ولا يصح أن تُجعل منافرة ومضادة بين الستر والعلم ، ولا بارك الله في علم لا يأتي إلا بمعصية وتهتك للمرأة ، وها هي المرأة المتحجبة والمتسترة قد بلغت أعلى المنازل في العلم ونيل الشهادات دون أن تختلط بالرجال أو أن تكشف عن وجهها ، وها نحن نرى كثيراً من الفاشلات في العلم لا يضعن على أجسادهن إلا القليل من الملابس ، فمتى كان التهتك يأتي بالعلم والحجاب يمنع منه ؟! .
وقد أحسن الشاعر بقوله :
ليس الحجاب بمانع تعليمها * فالعلم لم يرفع على الأزياء
أولم يسع تعليمهن بغير أن * يملأن بالأعطاف عين الرأي
وخمار الوجه فرض على النساء المسلمات البالغات ، وتجدين في جواب السؤال رقم : ( 12525 ) بيان أن الوجه عورة .
وقد سبق ذكر الأدلة على وجوب تغطيته في جواب السؤال ( 21134 ) و ( 21536 ) ، و ( 11774 ) .
فالقول بجواز كشف المرأة وجهها من أجل طلب العلم غير صحيح .
ونسأل الله تعالى أن يوفقكِ لما فيه رضاه ، وأن يجزيكِ خير الجزاء على سؤالكِ واستفساركِ ، والوصية لك أن تبتعدي عن مواطن الريبة والاختلاط ، ولكِ بشرى من النبي صلى الله عليه وسلم وهي قوله " من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه " ، فاستعيني بالله تعالى واصبري ، وقد تركت النساءُ المسلماتُ الأوَلُ دينهن وأزواجهن وأوطانهن من أجل الدخول في الإسلام ، فهذه النقلة من السفور إلى الحجاب لا شيء مقابل ما فلعلتْه أولئك النسوة ، وثقي أنك ستكونين موضع ثقة وتشجيع أخواتكِ الفاضلات المتسترات ، وسيخففن عنكِ وطأة تلك النقلة ، ولا تلتفتي إلى المعوقات من أهل الشر والفساد نساء ورجالاً ، فهم لا يحبون لكِ الخير ، ولا يتمنوْن لك السعادة والثواب ، أو أنهم لا يعرفون الطريق الحقيقي للسعادة والثواب .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(27/375)
ــــــــــــــ
ضوابط استقبال المرأة أخي زوجها في البيت
تاريخ الفتوى : ... 27 رجب 1426 / 01-09-2005
السؤال
هل يجوز للزوجة ان تستقبل حموها في غياب زوجها وتسمح له بولوج البيت. وماذا عليها إن باتت عند إحدى الجارات تفاديا للخلوة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الزوجة في استقبال أخي زوجها في البيت بشروط:
1- أن يكون معها في البيت من تنتفي به الخلوة من أبنائها أو غيرهم.
2- أن لا يترتب على دخوله البيت محظور من رؤية ما لا يجوز رؤيته.
3- أن لا يكون الزوج يكرهه، فإن لم تتوفر هذه الشروط فلا يجوز له أن يدخل بيت أخيه، وتراجع الفتوى رقم: 3178، والفتوى رقم: 3819، والفتوى رقم: 43022، والفتوى رقم: 43476، وفي الحالات التي له ذلك فلا حرج على المرأة في المبيت خارج بيتها تفاديا للخلوة بشرط إذن الزوج لها في الخروج من بيته.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
طريق الخلاص من مطالعة المواقع الإباحية
تاريخ الفتوى : ... 24 رجب 1426 / 29-08-2005
السؤال
بإختصار شديد فإن مشكلتى متعلقة بالزواج، فإنني أبلغ من العمر22 سنة، وأعيش فى أسرة طيبة، ولكنهم لا يلتفتون إلى شبابهم ليوفروا لهم مثل هذا الطلب إلا بعد أن يكبروا أكثر من هذا العمر علما أنني أصبحت أحيا كشبح أسير وراء المواقع الجنسية لأشبع غريزتي وانحدرت عن طريق الطاعة وأصبحت إنسانا بلا حياة، ومن الأمور التي تعذبني أكثر هو أن الناس تعتقد أنني على خلق سليم وكثيرا ما(27/376)
يمدحون في أخلاقى وأنا على العكس تماما، أرجو من حضراتكم أن تحلوا مشكلتي فى أسرع وقت، مع العلم أن رسالتي هذه أرسلتها على الفور بعد إغلاقى لأحد المواقع الجنسية القذرة، أرجو إنقاذي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحرم النظر إلى الصور العارية والأفلام الجنسية، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1256، 3605، 6617، 59061.
وعلى هذا فالواجب عليك المسارعة بالتوبة من ذلك الذنب، وعقد العزم على عدم العودة إليه أبداً، والندم على ما فرطت في جنب الله، واجتهد في إقناع والدك أن يساعد في تزويجك وأن يعجل بذلك، ولك أن توسط بينكما واسطة يرضاها والدك، كجدك أو أحد أعمامك أو إمام المسجد الذي يصلي فيه والدك أو نحو ذلك.
وإن أصر والدك على عدم مساعدتك مادياً في الزواج، وكنت قادراً على تكاليف الزواج، فتزوج ولا يشترط موافقة الوالدين، واسأل الله بذل وإلحاح أن يرزقك الزوجة الصالحة التي تقر بها عينك، وتعف بها نفسك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاثة حق على الله عونهم: الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والغازي في سبيل الله. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي وصححه. ومن أهم ما تدعو الله تعالى به الدعاء المأثور في صحيح مسلم: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
وإلى أن ييسر الله لك أمر الزواج -فأكثر من الصوم فإنه له تأثير بالغ في كسر شدة الشهوة وكبح جماحها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم.
هذا وتجنب المثيرات وحافظ على غض بصرك، واحذر الصحبة السيئة التي تزين لك المعصية ومطالعة الحرام، وفي المقابل اتخذ رفقة صالحة من الشباب المتمسك بدين الله، فإنه أعظم معين بعد الله تعالى على الاستقامة على أمره، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، فاعبد الله(27/377)
معهم، وتعاون معهم على الخير وعلى طلب العلم النافع، وذلك أكبر صارف عما تجد في نفسك من رغبة في مطالعة الحرام، واحذر أن تخلو بالإنترنت فإنه شر ما يختلي به مثلك، فإذا كنت صادقاً فخذ بهذا العلاج فإنه نافع لك بإذن الله تعالى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
المرأة والتعليم
سؤال:
السؤال :
ما هي المجالات التي يجوز للمرأة أن تتعلمها ؟ وهل يجوز أن تعمل محامية وتتوكل عن غيرها فيما تقدر عليه ؟
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
للمرأة أن تتعلم أمور دينها وما ينفعها في حياتها ويعدها كزوجة سعيدة وأم مربية ، ثم بعد ذلك لو وجدت في نفسها قدرة وكانت الظروف مهيأة فلها أن تتعلم العلوم الأخرى . ولا مانع أن تختار لنفسها مهنة التدريس ، سواء في المدارس النسائية ، أو في بيتها .
وللمرأة أن تتعلم الطب والتمريض ولاسيما في الأمراض النسائية ، فتكون طبيبة نسائية ، أو ممرضة نسائية ، حتى لا تضطر النساء للذهاب إلى الأطباء الرجال .
ويجوز للمرأة أن تكون وكيلة عن غيرها في قضية ما ، وعلى هذا يجوز أن تكون محامية ، لأن المحاماة وكالة بالخصومة ، وهي تجوز للمرأة ، ولكن مهنة المحاماة في العصر الحاضر أخذت طريقاً غير سديد ، ثم يحتاج المحامي إلى الاختلاط بالخصوم ، والحضور في مجلس القضاء ونحو ذلك من الأمور ، والمرأة ممنوعة عن ذلك كله فلذا لا ينبغي أن تتخذ لها مهنة المحاماة ما دامت على هذه الصورة . والله أعلم .(27/378)
ولاية المرأة في الفقه الإسلامي ص 690
ــــــــــــــ
حكم نظر الرجل إلى فخذ الرجل
تاريخ الفتوى : ... 25 رجب 1426 / 30-08-2005
السؤال
هل إذا ظهر فخذ الرجل أمام الرجل يكون اّثماً؟ وأيضاً هل إذا نظر الرجل إلى فخذ الرجل يكون اّثماً؟.
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حدود عورة الرجل، وذكرنا كلام أهل العلم في ذلك وأدلتهم، وذلك في الفتوى رقم: 15390.
وأما حكم نظر الرجل إلى فخذ رجل آخر، فإنه ينبني على الخلاف في ذلك، فمن قال بأنها عورة قال لا يجوز النظر إليها ولا كشفها، ومن قال بأنها ليست عورة قال يجوز كشفها والنظر إليها، وقد بينا الراجح في ذلك في الفتوى المحال إليها سابقا، وانظر الفتوى رقم: 2315.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ما حكم من جامع امرأة لا تحل له، ولكن تم الإيلاج مع وجود حائل، فهل يعتبر ذلك زنا يوجب الحد؟ ... السؤال
06/07/2003 ... التاريخ
الشيخ فيصل مولوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:(27/379)
فالزنا الذي يوجب الحد يتحقق بإيلاج الحشفة في فرج أنثى مشتهاة لا تحل لواطئها، سواء أنزل أم لم ينزل، وسواء كان بحائل أم بغير حائل والواجب على من اقترف هذا الذنب أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى من هذه الكبيرة، وهذا ما أفتى به سماحة المستشار فيصل مولوي –نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء- وإليك نص فتواه:
الأصل في وجوب حد الزنى هو مجرد الإدخال دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى من كونه بحائل أو بغير حائل، أنزل، أم لم يُنزل، وما إلى ذلك لأن الزنى في اللغة اسم الإيلاج في الفرج مطلقاً، كما أن اللواط في اللغة اسم للإيلاج في الدبر مطلقاً، والآيات في هذا كثيرة منها قوله تعالى:(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) سورة النور آية 2، ومنها قوله تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما) سورة الفرقان آية 68، ومنها قوله تعالى: (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) سورة الإسراء آية 32.
واتفق الفقهاء على أن الزنى هو الإيلاج في الفرج مطلقاً إلا إذا كان ذلك بين الزوجين فحينها لا يسمى زنى وإنما نكاح لأنه في الحلال وهو تخصيص الشرع لبعض المعاني اللغوية. إلا أنني سوف أبين وجه دليل الشرع في هذا فأقول:
1- إن الآيات والأحاديث الواردة _ كما سبق وبينت _ في الموضوع لا تفرق بين ما إذا كان بحائل أو بغير حائل أو كان معه إنزال أو لم يكن وهل طالت المدة أو قصرت لأن أدنى هذا الفعل يصدق عليه اسم الزنى.
2- أنه عليه الصلاة والسلام لما جاءه ماعز وقد زنى قال: يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله فقال (إني زنيت) فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله فقال(طهرني يا رسول الله فقد زنيت) فقال له أبو بكر الصديق: لو أقررت الرابعة لرجمك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه أبى فقال يا رسول الله (زنيت فطهرني) فقال له(27/380)
رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت) قال: لا فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم باللفظ الصريح الذي معناه (الجماع) فقال نعم قال: حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ قال: نعم، قال كما يغيب الميل في المكحلة والرشاء في البئر؟ قال: نعم فسأله النبي صلى الله عليه وسلم هل تدري ما الزنى؟ قال: نعم أتيت منها حراماً ما يأتي الرجل من أهله حلالاً، قال: فما تريد بهذا القول قال إني أريد أن تطهرني فأمر صلى الله عليه وسلم به فرجم) رواه البخاري، انظر روائع البيان جزء2ص47.
من هذا الحديث يتبين أن العلة الموجبة لإقامة الحد إنما هي الإيلاج مطلقاً وقد حددها عليه الصلاة والسلام بسؤاله لماعز بقوله: هل غاب ذلك منك في ذلك منها فقال ماعز نعم ثم أراد عليه الصلاة والسلام تحديد ذلك أكثر للتأكد من أنه زنى فعلاً فسأله فقال: كما يغيب الميل في المكحلة والرثاء في البئر؟ فقال نعم، ومع هذا الوضوح والتجلي في معاني الزنى فإنه عليه الصلاة والسلام احتاط في إثبات الحكم عليه وأنه ربما كانت هناك بعض الإشكالات والشبهات فسأله فقال وهل تدري ما الزنى؟ فقال: نعم أتيت منها حراماً ما يأتي الرجل من أهله حلالاً ثم أقام عليه الحد.
3- ما روى مسلم في صحيحه أن امرأة تسمى (الغامدّية) جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله (إني زنيت فطهرني) فردها صلى الله عليه وسلم فلما كان من الغد قالت: يا رسول الله لم تردني؟ لعلك تردني كما رددت ماعزاً؟ فوالله إني حبلى، فقال أما الآن فاذهبي حتى تلدي، فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، قالت: هذا قد ولدته، قال: فاذهبي فأرضعيه حتى تفطميه فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: هذا يا رسول الله قد فطمته وقد أكل الطعام فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها...) وفي هذا إثبات الزنى وإقامة الحد فيه دون السؤال عن الحائل أو عدمه أو حتى عن الإنزال وعدمه أو عن قليله أو كثيره.
4- أن الإسلام كما احتاط في الحدود احتاط في أعراض الناس وكرامتهم، لأن جريمة الزنى أخطر وأعظم من أن تستدر العطف أو تدفع إلى العفو عن مرتكب(27/381)
هذه الجريمة النكراء، فإن من عرف آثارها وأضرارها أدرك حكمة الله تعالى في تشريع هذا الحكم الزاجر. وانطلاقاً من هذا الموقع فإن فعل الجريمة هذا لا تتغير عوامل الهدم فيه سواء كان بحائل أو بغير حائل بإنزال أو بغير إنزال قصرت المدة أو طالت، ولذلك لم يلتفت النبي عليه الصلاة والسلام إلى كل ذلك في الوقوف على جريمة الزنى، لا مع ماعز، ولا مع الغامدية ولا مع سواهما.
ولهذا نظير في أحكام أخرى فقد ورد في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم في وجوب الغسل من الجنابة قال: (إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل) أخرجه مسلم. وفي حديث آخر فيه رواية بوجوب الغسل قال: (وإن لم ينزل) أخرجه البخاري ومسلم. أنظر جامع الأصول جزء7ص 270 –271
وأما الأحاديث الصحيحة في عدم وجوب الغسل من ذلك بل الاكتفاء بالوضوء فقد أجاب عنها الصحابي الجليل أبي بن كعب رضي الله عنه قال: إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ثم نهي عنه ) أخرجه الترمذي، أنظر المرجع نفسه ص273،
وهكذا نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقام الإيلاج مقام الإنزال على وجه الاحتياط. ومن هنا منع الشارع أي نوع من أنواع الإيلاج بالحرام على وجه العموم دون الدخول في التفاصيل ليقطع كل طريق قد يؤدي إلى انتهاك الأعراض واختلاط الأنساب وضياع الأولاد وتشريدهم.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
لا خلاف بين الفقهاء في أنه يشترط في حد الزنى إدخال الحشفة أو قدرها من مقطوعها في الفرج . فلو لم يدخلها أصلا أو أدخل بعضها فليس عليه الحد لأنه ليس وطئا . ولا يشترط الإنزال ولا الانتشار عند الإدخال . فيجب عليه الحد سواء أنزل أم لا . انتشر ذكره أم لا .
والله أعلم .
ــــــــــــــ
عمل المرأة في الوظائف الأمنية(27/382)
سؤال:
السؤال :
هل للمرأة أن تشارك الرجال في الجهاد ؟ وماذا عن عمل المرأة في الأقسام النسائية من الوظائف الأمنية ؟
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
الجهاد بالسيف والأسلحة ليس بواجب على المرأة ، ( عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَى النِّسَاءِ مِنْ جِهَادٍ قَالَ نَعَمْ عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ رواه الإمام أحمد 24794) ولأن الرجال مسئولون عن الدفاع عن النساء ، فلذا تجنيدهن وتوظيفهن في الجيش كالرجال غير جائز ، لما يترتب على ذلك من محاذير ، وعواقب وخيمة ، وواقع البلاد التي سمحت بذلك دليل واضح على هذه المحاذير . إلا إذا احتاج الجيش إلى التمريض والتضميد ونحو ذلك ، وكان من النساء من يحسن ذلك فيمكن استخدامهن في هذا مع مراعاة الضوابط الشرعية والآداب الإسلامية .
وكذلك توظيف المرأة في الشرطة والجهات الأمنية الأخرى ليس بجائز إذا كانت هذه الجهات تتعلق بالرجال ، أما إذا كانت متعلقة بالنساء مثل قسم النساء في الشرطة للإشراف عليهن ، والقيام بالتفتيش معهن في سجون النساء ، أو التفتيش معهن في المطارات ونحو ذلك فهو جائز ، بل قد تكون ضرورة ، يجب توظيفهن في مثل هذه الحالة حتى لا تضطر النساء إلى الاختلاط بالرجال والكشف أمامهم . والله أعلم .
من كتاب ولاية المرأة في الفقه الإسلامي ص 688
ــــــــــــــ
وزارة الثقافة والإعلام تهدم ما تبنيه وزارة التربية والتعليم
نعيش هذه الأيام تناقضات عجيبة ، وتصرفات غريبة، ومن هذه التصرفات التي يحار لها الإنسان ، ما نشاهده من تصرفات لا مسئولة من قبل وزارة الثقافة و(27/383)
الإعلام ، فهي تقوم بدور الهدم لما تبنيه وزارة التربية والتعليم .. فأولادنا يتعلمون في مدارسنا قضايا شرعية تقضي عليها وزارة الثقافة و الإعلام من خلال ما تبثه من برامج وأفلام .
- أولادنا يتعلمون أن تبرج المرأة وسفورها لا يجوز ووزارة الثقافة و الإعلام أخذت على عاتقها إبراز المرأة عموما والمرأة السعودية خصوصا بكامل زينتها .. ضاربة بعرض الحائط الأدلة الشرعية والأنظمة المرعية ، ومن ذلك الأمر الملكي الصادر برقم 4185/2 وتاريخ 14/2/1400هـ بمنع ظهور المرأة بتاتاً في وسائل الإعلام وتأكد الأمر على المرأة السعودية .
- أولادنا يتعلمون حرمة الغناء ووزارة الثقافة و الإعلام تروج لهذا المنكر صباح مساء وبلا حياء !!
- أولادنا يتعلمون حرمة الاختلاط وآثاره الوخيمة على الفرد والمجتمع ووزارة الثقافة و الإعلام تسعى جاهدة لترسيخ هذه القضية في المجتمع !!
- أولادنا يتعلمون أن القدوة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام البررة ، ووزارة الثقافة و الإعلام تقدم ظلامي الفن وساقطه وأصحاب الفسق والخنا أنهم هم القدوات !!
مليارات تنفق في تربية أولاد المسلمين ووزارة الثقافة و الإعلام تهدم كل هذا بدون مبالاة ، وبدون حسيب ولا رقيب ولقد صدق القائل :
ولو أن بانٍ خلفه هادم كفى ... فكيف ببان خلفه ألف هادم
وقفة :
في المادة الثالثة عشرة من النظام الأساسي للحكم " يهدف التعليم إلى غرس العقيدة الإسلامية في نفوس النشء وإكسابهم المعارف والمهارات ، وتهيئتهم ليكونوا أعضاء نافعين في بناء مجتمعهم " – فما فائدة ذلك ووزارة الثقافة والإعلام أهدافها الحالية بعيدة عن ذلك
- وفي المادة التاسعة والثلاثين من النظام الأساسي للحكم " تلتزم وسائل الإعلام والنشر وجميع وسائل التعبير بالكلمة الطيبة وبأنظمة الدولة " ، وفي المادة الأولى من السياسة الإعلامية للمملكة العربية السعودية – والتي صدرت بقرار مجلس(27/384)
الوزراء رقم 169 وتاريخ 20/10/1402هـ - " يلتزم الإعلام السعودي في كل ما يصدر عنه بالإسلام ، ويحافظ على عقيدة سلف هذه الأمة ويستبعد من وسائله جميعها كل ما يناقض شريعة الله التي شرعها للناس "
فأين وزارة الثقافة والإعلام من تطبيق هذه المواد ؟!
ختاماً :
من منظور اقتصادي ... لماذا لا نوفر في الميزانية الضخمة المستهلكة في التعليم ، ونجعلها في فساد وزارة الثقافة والإعلام ، وذلك بالطبع يخالف الشرع والأنظمة وله آثار اقتصادية وأمنية وسياسية على المجتمع وعلى الفرد .
أم نوفر في الميزانية ونجعل ذلك التوفير في أن تكون وزارة الثقافة والإعلام متكاملة مع وزارة التربية والتعليم في بناء المجتمع البناء الأمثل الذي يوافق الشرع والأنظمة والذي يعود بالنفع من النواحي الاقتصادية والأمنية والسياسية على المجتمع والفرد .
ــــــــــــــ
الحب الناشئ عن علاقة محرمة لا يقره الإسلام
تاريخ الفتوى : ... 24 رجب 1426 / 29-08-2005
السؤال
كأي فتاة مسلمة تخاف الله وتسعى إلى رضاه إنها أنا والحمد لله، فتاة متحجبة وملتزمة وأحب أن أكون نعم الفتاة المسلمة، هناك سؤال يعذبني و لا أعرف جواباً شرعياً له: أحب شخصاً عبر الإنترنت أراه ويراني أكلمه ويكلمني أحببنا بعضنا كثيراً حبا في الله، فهو أحبني لحجابي وديني وأنا اخترته لأنه رجل متدين كثيراً، وذو أخلاق حسنة، وهو أيضا إمام مسجد ومعلم تحفيظ القرآن الكريم، هو من بلد آخر طلب الزواج بي من أمي لكن لا نستطيع حتى يأخذ عطلته بعد 3 أشهر، نحن نجلس أمام بعض أمام الإنترنت بهيئة محترمة نتحدث عن أمور الحياة والدين ونفسر القرآن مع بعضنا، وأعلمه اللغة العربية، وحبنا الكبير الذي والله ما يزيد في قلوبنا إلا حبا في الله وحب كل واحد منا للآخر لأنه يحب الله ويطيعه، لكنا بعدنا عن بعد وشوق اللقاء ومحبتنا تدفعنا إلى تبادل عبارات المحبة والإعجاب(27/385)
والشوق، فهل هذا الكلام حرام، وهل فيه إثم أخاف الله في نفسي وأكره عصيانه، جزاكم الله طمئنوا قلبي وأزيلوا شكي باليقين؟ شكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يثبتنا وإياك على طاعته واجتناب معصيته، ثم اعلمي وفقك الله أن حبا كهذا لا يقره الإسلام لأنه ناشيء عن علاقة محرمة، فالكلام مع الرجل الأجنبي ومراسلته وتبادل عبارات الحب معه لا يجوز، فضلا عن نظره إليك، وانظري الفتوى رقم: 4220.
وليس هذا من الحب في الله، بل هذا من تلبيس الشيطان، ليوقعك في المعصية، ويجرك إلى الرذيلة أعاذك الله من ذلك، ثم إن التعرف على شريك الحياة لا يتم بهذه الوسيلة (الإنترنت) التي يكثر فيها الخداع والكذب، فننصحك بقطع العلاقة مع هذا الشاب، وإذا كان صادقاً في حبه وشريفاً في قصده فليتقدم لخطبتك والزواج بك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مشاهدة مباريات كرة القدم ...
عنوان الفتوى
... أحمد عمر هاشم ...
اسم المفتى
... 20736 ...
رقم الفتوى
... 30/09/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال(27/386)
هل يجوزالنظر في مبارات كرة القدم أم لا ولماذا
نص الفتوى
أخي الكريم سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وبعد
الذي يريد أن يشاهد مباريات كرة القدم، ويراعي أداء الصلاة، ولا تؤثر المشاهدة على عبادته، ولا على عمله، فيجوز له أن يشاهدها ولا شيء فيها ما دامت لا تلهي عن ذكر الله ولا عن الصلاة ولا عن الأعمال.
والله أعلى وأعلم
ــــــــــــــ
تعلم الطب إذا اقتضى النظر للصور العارية
تاريخ الفتوى : ... 24 رجب 1426 / 29-08-2005
السؤال
أرجو الإجابة عن السؤال التالي، أنا طالب في كلية الطب وأدرس في هذه المادة جسم الإنسان وفي كتبي صور لنساء عاريات ورجال لمعرفة الأمراض، فما حكم النظر إليها، أرجو التفصيل في الإجابة؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل حرمة النظر لصور العراة، فإن دعت الحاجة إلى نظرها بسبب حاجة المجتمع، لتعلم الطلاب لعلم الطب فيرفع الحرج بسبب الحاجة، ويتعين على الطالب أن يقتصر في نظره على قدر الحاجة وأن يجاهد نفسه في منعها من التلذذ بالنظر إلى الصور، وأن يمنع كتبه من أن يطالع فيها من لا يحتاج لنظر تلك الصور خشية من الوقوع فيما يؤدي للفتنة، وقد صرح الفقهاء بجواز رؤية الطبيب لعورة المريض إذا احتاج إلى ذلك، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1256، 56131، 8107، 10410، 3605، 20549.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(27/387)
زوجها مقتدر ويأمرها بالعمل
سؤال:
السؤال :
تزوجت قبل 8 أشهر ، أحب زوجي وأحترمه كثيراً ، ولم أعصه أبداً ، قبل أن نتزوج أعطاني الخيار إذا كنت أريد الخروج للعمل أو لا.
بعد أن تزوجنا يعتقد الآن بأنني يجب أن أعمل وأحصل على المال ، أنا لا أريد أن أعمل ولسنا بحاجة للمال فهو يحصل على المال الكافي لنا ، لست أؤمن بأن المال هو الحل لكل شيء.
أرجو أن تساعدني ، كيف أتصرف في مثل هذه الحالة ؟ هل يجب أن أطيعه وأخرج للعمل ؟ نحن نعيش في الغرب وعملي سيتطلب الاختلاط بالعامة.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
إذا أمرها زوجها بالعمل خارج البيت في وظيفة لتحصل على راتب ، فهل يلزمها أن تطيعه ؟
فأجاب حفظه الله :
لا يلزمها ، لأن الإنفاق عليه هو ، (و) لا يلزمها أن تنفق على نفسها . انتهى
فكيف إذا كان هذا العمل يتضمّن أمرا محرّما وهو الاختلاط بالرجال ، فلا تطيعيه فيما يأمر به إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وذكّريه بأنّه هو الرجل وأنّه قوام عليك بما أنفق من ماله ، وأنّه لا يصحّ أن يحمله الطّمع في الدنيا وطلب المزيد من المال على أن يكلّف زوجته بعمل لا يجب عليها شرعا ويعرّضها للفتنة من أجل مزيد من متاع الدنيا الفاني ، نسأل الله له الهداية وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(27/388)
ــــــــــــــ
حكم الدراسة الجامعية للمرأة ...
عنوان الفتوى
... أحمد نجيب ...
اسم المفتى
... 20787 ...
رقم الفتوى
... 04/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
أنا طالبة في معهد التعويضات السُنِّية ( صناعة الأسنان ) في جامعة دمشق و مدة الدراسة فيه سنتان ، و قد أنهيتُ العام الأول منهما.
و السؤال هو عن حكم الدراسة في هذا المعهد مع التنويه إلى الأمور التالية :
1 - المعهد مختلط , و خاصة في قسم الدراسة العملية الذي يصل أحياناً إلى 5 – 7 ساعات من العمل و الحركة يومياً و اضطرُّ فيه إلى خلع القفازين .
2 - المواصلات كذلك فيها اختلاط بشكل كبير ومزعج وأقطع يومياً 100 كم لوحدي .
3 - العمل بعد التخرج ليس فيه اختلاط إذ إن المتخرج يعمل في مخبره ، و قد يكون المخبر غرفةً في المنزل ، و قد لا أعمل و أوكل من يعمل في المخبر المفتوح باسمي بناءً على شهادتي .
4 - أنا و لله الحمد ملتزمة بالحجاب الشرعي الكامل مع غطاء الوجه في كل الأوقات و لا أكلِّم أحداً و أحاول قدر المستطاع الالتزام بالحشمة و تجنب الاختلاط مع الشباب .
5 - هذا المعهد مكلف جداً , و قد تم دفع مبالغ كبيرة خلال هذا العام .
6 - أنا ولله الحمد أقوم بنشاط دعوي بين أخواتي الطالبات قدر المستطاع .(27/389)
و الحال هو أني كرهت هذا المعهد و سئمت ما فيه من الفساد و المضايقات و قررت أن أتركه ، ثم استخرت الله و أخبرت والدي فرفض بشدة ، و غضب غضباً شديداً ، و منعني من ذلك مهدداً إيّاي بالغضب عليّ إلى يوم الدين إن فعلت ، و لا سبيل إلى ذلك بحال من الأحوال ، إذ هو و اثق من ابنته ، ولا يرى في الاختلاط بأساً على الاطلاق ، كما رفض التحويل إلى فرع آخر ، بل هو مصر على هذا الفرع لأن مستقبله جيد .
فهل أنا آثمة إن تابعت الدراسة بعد ما ذكرت من أمور و أهمها موقف والدي ، أم يجب عليّ الصبر حتى أنهي السّنة الدراسيّة الباقية ، و أستعين بالله إن لم يكن ذلك يغضب ربي مع العلم أني استخرت مرتين قبل التسجيل في بداية العام و تيسرت جميع أموري .
و إن كان الجواب أنه يلزمني الترك إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، فما هو الحل الأنسب ، و الطريقة الأمثل ؟
و ما هو الرد على من يقولون بأننا نعيش في بلد ، الجامعات فيها مختلطة ، فهل تجلس كل البنات في البيت و يتركن الدراسة و الاقتصاد و الوظائف لغير المسلمين ؟
ثم إن الناس اليوم بحاجة إلى رؤية الملتزمين ، و أصحاب الأخلاق في كل الميادين فمن يدعو هؤلاء النساء إلى الله ؟
و هل خروج المرأة إلى هذه الجامعات يعد جهاداً باعتبارها تقاوم الفساد و ترفع من مكانة دينها بثباتها عليه؟
نص الفتوى
إن هذا السؤال ليس مجرّد استفتاء ، و لكنّه عرض لإحدى القضايا التي عمّت بها البلوى و طمّت في عصرنا الحاضر ، و تباينت آراء الناس علماءَ و عامةً أيّما تبايُن في الحُكم عليها ، و التعامل معها .
و قد اختصرت الأخت السائلة علينا طريق الإجابة بوَضعها النقاط على الحروف ، و تحديد مواطن الخلل الباعثةِ على التباس الحكم في قضيّةٍ هامّةٍ عامّةٍ كهذه ، و إليها و إلى من يطّلع عليه من المسلمين الجواب مرتباً في نقاط :(27/390)
النقطة الأولى : في حكم طلب العلم الدنيوي ، كالمهن التي فيها صلاح الناس في معاشهم ، و تيسير أمور حياتهم ، و منه الطب و الهندسة و الاقتصاد و ما إلى ذلك .
و المعروف من كلام أهل العلم القُدامى و المُعاصرين أنّ تحصيل هذه العلوم يدور بين الإباحة و الاستحباب و فرضِ الكفاية ، أي أنّه إذا قامَ به البعض سقَط الإثم عن الباقين ، و إن لم يقوموا به أثموا جميعاً .
و مثال فرض الكفاية ما يحتاجه المسلمون من آلة الحرب و وسائله ، التي تحمي ديار الإسلام ، و تصون دماء المسلمين و أموالهم و أعراضهم ، و تردّ المعتدين و تدفع الصائلين ، فإذا بلغَ الأمر حدّ الكفاية بقيام من يقدر عليه ، سقط التكليف بطَلبه عن باقي المسلمين .
و يسقط الإثم عن الأمّة إذا حصلت على المطلوب و لو بطريق الشراء أو الإجارة و نحوهما ، إذ إن التاريخ حافلٌ بالأخبار الدالّة على استعمال المسلمين أدوات الحرب المصنّعة بأيدي غير المسلمين كالسيوف الهنديّة ( الشهيرة ) و غيرها .
و فيما يتعلّق بمهنّة الطب و ما يُلحق بها من علوم الصيدلة و التمريض و المخابر ، تتعدّد الأحكام الشرعيّة بحسب حاجة المسلمين إلى هذه العلوم :
فقد تكون دراستها مباحةً كالطب النفسي الذي لا يُعارضُ كتاباً و لا سنّة .
و قد تكونُ فَرضاً على الكفاية على النساء دون الرجال كالاختصاص في مراض النساء و الولادة و ما إلى ذلك ، إذ إنّ في عَدَم وجود الطبيبة المسلمة الثقة في دينها و خُلُقها ، المتمكنة من مهنتها و اختصاصها ، مفاسد كثيرة ، منها اضطرار المسلمات لكشف ما لا يحلّ كشفه من أجسامهنّ أمام غير المسلمين من الأطباء رجالاً و نساءً ، و لا أمام الطبيب المسلم غير المحرَم .
و إذا عُذرت المريضة المسلمة في طلب العلاج على يد هؤلاء بحكم الاضطرار ، فإنّ هذا لا يَعذُُُر القادرات على سدّ هذا الثغر لقعودهنّ عنه من غير عُذر .
و قد تكون مندوبةً يثاب عليها من طلبها احتساباً كفروع عِلمِ الطب الذي لا مفسدة في أن يلتمس المريض فيها علاجاً عند طبيبٍ غير مسلم إذا كان المريض رجلاً ،(27/391)
و طبيبة غير مسلمة للأنثى و أمثلته كثيرةٌ منها طبُّ الأنف و الأذن و الحنجرة و ما إليها .
و عليه فما احتاجه المسلمون من علوم الطب ، لا بأس أن تُقدِم المرأة على دراسته ، إذا صلُحَت فيه النيّة ، بل قد يتعيّن عليها ذلك إذا لم يقم من بنات جِنسِها من يسد الحاجة و يؤدي الواجب الكِفائي .
و إن كان في ذلك بعض المفاسد قوبلت بما يترتّب عليه من المصالح ، و روعي الأرجح ، عملاً بالقاعدة الفقهيّة ( يُتَحمّل الضرر الخاص لدَفع ضرر عام ) ، فإذا اقتَصرت مفسدة الدراسة في الجامعة على خلع القفّازَين ( مع الحفاظ على غطاء الوجه عند من يذهب إلى وُجوبه ) ، و إمكانيّة اجتناب الجلوس في مقاعد مشتركة تجمع الذكور و الإناث جنباً إلى جنب ، و عدم الخلوة بين الجنسين ، بل و ما ذَكرته السائلة من عدم محادثة الطالبات للطلاّب أصلاً أو العكس ، مع قيامها بالدعوة إلى الله تعالى بين الطالبات ؛ فإن المفسدة المترتّبة على دراستها أقلّ بكثير من المفسدة المترتّبة على قصد مئات الآلاف من المسلمات عيادات الأطبّاء غير المحارم ، أو الطبيبات غير المسلمات أو مخابر تصنيع الأسنان و العلاج الفيزيائي ( و منه التدليك ) طلباً للعلاج .
و من دلائل النبوّة الواضحة الجليّة أنه في بَلَد السائلة – رغم ما شاع من صنوف الفتن و فنون الفساد – يحقّ للطالبة في الجامعات الالتزام بالزيّ الشرعيّ كاملاً بما فيه غطاء الوجه و الكفّين ، و قد دَرَستُ و درَّستُ في دمشق و لا تزال في ذاكرتي صور عشرات الفتيات يجلسن في قاعات الدراسة منزويات في الصفوف المتأخّرة بعيداً عن الذكور ، متلفّعاتٍ بالسواد ، لا تُرى منهنّ الوجوه و لا الكفوف ، و أرجو أن يكون الحال على ما كان عليه ، أو خيرٍ منه في يومنا هذا .
و لم يكن هذا في كلّية الشريعة خاصّةً ، بل فيها و في غَيرها ، فقد درَسَتْ إحدى أخوَاتي و تخرّجت في كليّة الطب بجامعة حَلَب ، و لم تُُُضطَرّ قطّ إلى خَلعِ نقابها ، أو الاختلاط المحرّم بغير بنات جنسها خلال ستِّ سنواتٍ كاملةٍ متتاليةٍ ، و هذا من توفيق الله و تثبيته لمن يشاء من عباده .(27/392)
روى أحمد و الترمذي بإسناد قال عنه : ( حسن صحيح ) عَنْ قُرَّةَ المزني رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « إِذَا فَسَدَ أَهْلُ الشَّامِ فَلاَ خَيْرَ فِيكُمْ » .
فإذا أمكنكِ تحاشي الوقوع في المحظورات الشرعيّة في الدراسة فأطيعي والدك و أتمّي دراستك ، أمّا إن تعذّر عليك الالتزام بالشرع الحنيف ، و لم تكن دراستك متعيّنة عليكِ ( بحسب الاختصاص و الحاجة إليه كما تقدّم ) ، فاعتذري لأبيك بالتي هي أحسن ، و تذرّعي إليه بالأدب و البرّ و الإحسان ، علّ الله يشرح صدرَه ؛ فيدعك و شأنك ، و يأذن لك في تغيير الاختصاص أو الانصراف عن الدراسة إلى ما هو خيرٌ منها .
النقطة الثانية : الاختلاط على صورته المعهودة في عصرنا الحاضر مفسدةٌ بالغة الخطورة على الدين و الخُلُق ، و الكلام عن الاختلاط بشكلٍ عام يحتاج إلى تفصيل :
• فإذا أريد بالاختلاط اجتماع الرجال و النساء في مكان ما ، من غير تعمّد كالحال في الأسواق و الطرقات ، إذ يسعى الجميع في حاجته ذهاباً و جيئةً ، و يبيعون و يشترون ، فلا بأس في هذا ما لم يتلبّس من وَقع فيه بمحرّم خارجٍ عنه ، و ليست هذه الصورة للاختلاط من الصور المحرّمة في شيء ، بل هو مما تعمّ به البلوى ، و يضطر إليه الناس لمعاشهم في كلّ زمانٍ و مكان .
• و من الصوَر التي لا حَرجَ فيها اجتماع الرجال و النساء في المسجد الواحد لأداء فريضة أو عبادة ، كما هو الحال منذ صدْرِ الإسلام و حتى يومنا هذا ، في المساجد الثلاثة التي تُشدّ إليها الرحال و غيرِها ، و قد كانت النساء يشهدن الصلاة مع النبيّ صلى الله عليه و سلّم في المسجد ، و لم يَنه عن ذلك ، كما لم يأمر بضرب حاجزٍ بين صفوف الرجال و صفوف النساء فقد روى الشيخان و أبو داود و مالك و أحمد ، و اللفظ للبخاري عَنِ عبد الله بن عُمَرَ قَالَ : كَانَتِ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ صَلاَةَ الصُّبْحِ وَ الْعِشَاءِ فِى الْجَمَاعَةِ فِى الْمَسْجِدِ ، فَقِيلَ لَهَا لِمَ تَخْرُجِينَ وَ قَدْ تَعْلَمِينَ أَنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَ يَغَارُ ؟ قَالَتْ : وَ مَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْهَانِى ؟ قَالَ ابن عمر(27/393)
: يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ » .
غير أنّهن كنّ يُصلّين في صفوفٍ خاصةٍ خلف صفوف الرجال امتثالاً لهديه صلى الله عليه و سلّم ، في قوله : « خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا » رواه مسلم و أصحاب السنن و أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه .
• أمّا انفراد الرجل بالمرأة ، بدون محرم ؛ فهو الخلوة المحرّمة ، التي حذّر النبيّ صلّى الله عليه و سلّم منها فيما رواه أحمد و الترمذي بإسناد قال عنه : ( حسنٌ صحيح ) عَن عُمر بن الخطّاب رضي الله عنه أنّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « أَلاَ لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ » .
• و من الصور المحرّمة أيضاً اجتماع رجل بامرأة ، و لو كان ذلك في مكانٍ عامٍ إذا ترتّبت عليه ريبةٌٌ أو سوء ظنّ فيه ، ما لم يُزِل اللبس الذي قد يقَع في نفس من رآه ظنّاً أو يقينا ، لما رواه الشيخان و أبو داود و ابن ماجة و أحمد عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ حُيَىٍّ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِفاً ، فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ ، فَانْقَلَبْتُ فَقَامَ مَعِى لِيَقْلِبَنِى - أي ليعيدها إلى البيت - فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أَسْرَعَا ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : « عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ » . فَقَالاَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : « إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ ، وَ إِنِّى خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِى قُلُوبِكُمَا سُوءاً » ، أَوْ قَالَ : « شَيْئاً » .
• و يحرم كذلك ما شاع من الاختلاط في هذا الزمان عند الأضرحة و ما يُزعمُ أنّها مقامات أولياء ، و في الاحتفالات و المواسم المبتدَعة كالموالد ، حيث يختلط الرجال بالنساء في هيئات بالغةِ الفساد ، و ظاهرةِ الانحراف ، و هذا أولى بالذمّ ، بل هو مما تبتلى به الأمّة في آخر الزمان لقوله صلّى الله عليه و سلّم : ( لا تقوم الساعة حتى تضطرب إليات نساء دوس حول ذي الخلصة طاغية دوس التي كانوا يعبدونها في الجاهلية ) رواه ابن أبي عاصم في ( السنّة ) و الطبراني في ( الصغير ) بإسنادٍ حَسَن ، و ذو الخلصة صنَمٌ بتبالة .(27/394)
• و معظم ما يقع في الجامعات و المدارس ، فضلاً عمّا في النوادي و المحافل العامّة وحتّى وسائل النقل لغير المضطرّ هو من صور الاختلاط المحرّم ، المفضي إلى الرذائل و الفواحش ، لذلك نذهب إلى القول بتحريمه ، و نحذّر منه أسوةً بما جرى عليه معظم العلماء العاملين ، الذين عرَفوا حقيقته ، و سبروا غُواره ، و وقفوا على مفاسده ، و سدّاً للذرائع ، و قطعاً لدابر الرذيلة و الفاحشة ، و ما يُفضي إليهما .
النقطة الثالثة : ذَكرت الأخت السائلة أنّها تُضطرُّ للانتقال قرابة المئة كيلو متر يومياً في وسائل النقل العامّة ، و هذا من السفر الذي لا يحلّ للمرأة إلاّ مع ذي محرَم ، فقد روى الشيخان و أصحاب السنن إلا النسائي و أحمد عَنِ عبد الله بنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ » .
و روى البخاري و الترمذي و أحمد عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ رضي الله عنه أنّ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ إِلاَّ وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ » .
و قد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنّه يحرم عليها الخروج بغير محرم في كل سفر طويلاً كان أو قصيراً .
و أباح الحنفيّة لها الخروج إلى ما دون مسافة القصر بغير محرم .
و على كلا القولين فإنّه يحرم على المرأة أن تسافر أكثر من اثنين و ثمانين كيلو متراً ( عند من يرى التحديد بالمسافة ) و أن تشرع فيما يعتبر سفراً في عُرف الناس عادةً ( باعتبار العادةِ محكّمةً كما في القاعدة الفقهيّة ) .
و من فرّقَ من المعاصرين بين سَفَرٍ و سفر ، و ذهبَ إلى عدم اشتراط المحرَم في السفر بوسائل النقل المعاصرة لما يكتنفُها من الأمان ، محجوج بعموم الدليل الوارد في التحريم ، و لا حجّة في قول أحدٍ ما لم يُقِم عليه دليلاً من الكتاب أو السنّة .
قال الإمام الشافعي رحمه الله : ( لم أسمع أحداً نسبه الناس أو نسب نفسه إلى عِلمٍ يُخالف في أن الله فرض اتباع أمر رسول الله r و التسليم لحكمه ، و أن الله عزّ و(27/395)
جل لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه ، و أنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله r ، و أنّ ما سواهما تبع لهما ، و أن فرض الله علينا وعلى من بعدنا وقبلنا في قبول الخبر عن رسول الله r واحد ) [ الأم : 7 / 273 ] .
النقطة الرابعة : دأبَ بعض الناس في هذا الزمان ، و خاصّة المختصّين في العلوم الصحيّة كالصيادلة و الممرّضين و فنّيي المخابر ، و بعض الفروع النظريّة كالقانون على تأجير شهاداتهم إلى من يستثمرها ، و يؤدّي إليهم مبلغاً مقطوعاً أو نسبةً من دَخله لقاءَ ذلك ، و من أمثلة ذلك أنْ يقوم الصيدلي بعد تخرّجه باستخراج ترخيص لافتتاح صيدليّةٍ خاصّة و العمل فيها ، أو المخبَريّ باستخراج ترخيص لتأسيس مخبرٍ للتحاليل الطبّيّة ، فإذا تمّ له الأمر اعتزل المهنة و خوّل شخصاً غيرَ مختصٍ بالعمل في صيدليّته أو مخبره ، و كأنّ الأمر لا يعدو أن يكون استثماراً ، و إن كان فيه توسيد أمرٍ إلى غير أهله .
روى البخاري في صحيحه و أبو داود في سننه عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنّ أعرابياً سأل النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : مَتَى السَّاعَةُ ؟ فقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ » . قَالَ : كَيْفَ إِضَاعَتُهَا ؟ قَالَ : « إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ » .
و في تأجير الشهادة إلى غير الأكفاء من تضييع الأمانة ، و التفريط في أدائها ما لا يخفى ، و هو مخالفٌ لقوله تعالى : ( و الذين هم لأماناتهم و عهدهم راعون ) [ المعارج : 32 ] ، و قوله عليه الصلاة و السلام : « الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ » الذي رواه البخاري معلّقاً و أبو داود عن أبي هريرة و الترمذي عن عَوْفٍ الْمُزَنِىُّ ، و قال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
كما تترتّب على تأجير الشهادات مفاسدُ كثيرةٌ قد تؤدّي إلى الإضرار بالمريض ، و تعريض النفوس للخَطَر .
و مع أنّ الشرع لم يشترِط – من حيث المبدأ – الحصول على شهادةٍ ما لممارسة مهنة مباحةٍ أصلاً ، لا يمكننا تبرير التجاوزات في هذا المجال الخطير بعد أن وَقَفنا على حالاتٍ كثيرةٍ من الإفساد الذي تسببت فيه ، بل نذهَب إلى تحريمه لما تقدّم من أدلّة ، و سدّاً للذرائع ، و بالله التوفيق .(27/396)
و بالجملة فإنّ دراسة الفتاة المسلمة في الجامعات المعاصرة محفوفةٌ بالخَطَر ، و القول بمشروعيّتها يختلف من حال إلى حال ، فإذا كانت الحاجة إلى الاختصاص الدراسي الذي أقدَمَت عليه الفتاة ماسّة ، و لا يوجد في بنات جنسها من المسلمات من تُسدّ بوجودهن الحاجة ، و تسقط فرضيّة الكفاية ، و غلبَ على ظنّها عدم وجود محظورات شرعيّة في دراستها ، أو إمكانيّة التغلّب على ما وُجد منها ، جاز لها ذلك ، و قد تكون أهلاً للثواب بمقدار مجاهدتها لنفسها ، و إشاعتها الخير و الدعوة إلى الله في محيطها ، إن أقدَمت على ذلك احتساباً ، و إلا فلا .
و الله الموفّق ، و صلى الله و سلّم على نبيّه محمّد و آله و صحبه أجمعين ، و الحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات .
ــــــــــــــ
هل تجاهد المرأة
سؤال:
السؤال :
هل جهاد المرأة غير واجب ؛ سواءٌ أكان جهاد الدعوة أو جهاد الكفار ؟.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
ليس جهاد الكفار بالقتال واجبا على المرأة ، ولكن عليها جهاد بالدعوة إلى الحق ، وبيان التشريع ، في حدود لا تنتهك فيها حرمتها ، مع لبس ما يستر عورتها ، وعدم الاختلاط بالرجال غير المحارم ، وعدم الخضوع بالقول والخلوة بالأجانب ، قال الله تعالى في نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم : " واذكرن ما يتلى في بيوتكن من ءايات الله والحكمة " الأحزاب/34 وثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله هل على النساء من جهاد ؟ قال : " نعم ، عليهن جهاد لا قتال فيه : الحج والعمرة " أخرجه أحمد 6/68 وابن ماجه 2/968 .(27/397)
وثبت عنها أيضا أنها قالت : يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل ، أفلا نجاهد ؟ قال : " لكن أفضل الجهاد حج مبرور " أخرجه أحمد 6/67 والبخاري 2/141 .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
فتاوى اللجنة الدائمة 12/34.
ــــــــــــــ
هل تجاهد المرأة
سؤال:
السؤال :
هل جهاد المرأة غير واجب ؛ سواءٌ أكان جهاد الدعوة أو جهاد الكفار ؟.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
ليس جهاد الكفار بالقتال واجبا على المرأة ، ولكن عليها جهاد بالدعوة إلى الحق ، وبيان التشريع ، في حدود لا تنتهك فيها حرمتها ، مع لبس ما يستر عورتها ، وعدم الاختلاط بالرجال غير المحارم ، وعدم الخضوع بالقول والخلوة بالأجانب ، قال الله تعالى في نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم : " واذكرن ما يتلى في بيوتكن من ءايات الله والحكمة " الأحزاب/34 وثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله هل على النساء من جهاد ؟ قال : " نعم ، عليهن جهاد لا قتال فيه : الحج والعمرة " أخرجه أحمد 6/68 وابن ماجه 2/968 .
وثبت عنها أيضا أنها قالت : يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل ، أفلا نجاهد ؟ قال : " لكن أفضل الجهاد حج مبرور " أخرجه أحمد 6/67 والبخاري 2/141 .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
فتاوى اللجنة الدائمة 12/34.
ــــــــــــــ(27/398)
تطيب المرأة عند خروجها إلى المسجد
سؤال:
السؤال :
نلاحظ في صلاة التراويح أن عددا من النساء القادمات إلى المسجد يضعن طيبا له رائحة قويّة بحيث يشمها الرجال الذين يمشون خلفها أو بجانبها وقد قمن بنصيحة بعضهن فقلن إن وضع الطّيب عند الإتيان إلى المسجد من احترام المسجد ، فما الحكم في ذلك ..
الجواب:
الجواب :
يجب أن يكون المرجع في الأحكام الشرعية إلى نصوص الكتاب والسنّة وليس إلى الآراء والأمزجة والأهواء والاستحسانات ، وفي هذه المسألة بالذات وردت نصوص عديدة ومغلّظة في النهي ومن ذلك هذه الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في نهي النساء عن التطيب إذا خرجن من بيوتهن :
1-عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية "
2-عن زينب الثقفية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تقربنّ طيبا ".
3-عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة " .
4-عن موسى بن يسار عن أبي هريرة : " أن امرأة مرت به تعصف ريحها فقال : يا أمة الجبار المسجد تريدين ؟ قالت : نعم ، قال: وله تطيبت ؟ قالت : نعم ، قال : فارجعي فاغتسلي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من امرأة تخرج إلى المسجد تعصف ريحها فيقبل الله منها صلاة حتى ترجع إلى بيتها فتغتسل ".(27/399)
وسبب المنع منه واضح وهو ما فيه من تحريك داعية الشهوة وقد ألحق به العلماء ما في معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر والزينة الفاخرة وكذا الاختلاط بالرجال ، انظر " فتح الباري " (2/279) .
وقال ابن دقيق العيد :
وفيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية شهوة الرجال. نقله المناوي في "فيض القدير" في شرح حديث أبي هريرة الأول .
فلم يَعُد بعد الأدلّة الشرعية الصحيحة أي مجال للجدال والمخالفة ، ويجب على المرأة المسلمة أن تعي خطورة القضية والإثم المترتّب على مخالفة هذا الحكم الشرعي ، وأن تتذكّر أنها خرجت لطلب الأجر لا للوقوع في الإثم ، نسأل الله السلامة والعافية .
وبالمناسبة فقد قرأنا في أخبار الاكتشافات العلمية مؤخّرا أن علماء البيولوجيا قد اكتشفوا في الأنف غدّة جنسية ، بمعنى أنّ هناك ارتباطا مباشرا بين حاسّة الشمّ وإثارة الشهوة فإذا صحّ هذا فيكون آية من الآيات التي تبيّن حتى للكفّار دقّة أحكام الشّريعة الإسلامية المباركة التي جاءت بالعفّة وسدّ الطّرق المؤدية إلى الوقوع في الفحشاء .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
ما عند الله لا ينال إلا بطاعته
تاريخ الفتوى : ... 23 رجب 1426 / 28-08-2005
السؤال
أعمل مع أخي في تجارة المفروشات وبحكم عملنا أكثر زبائننا من النساء، الكثير منهن كاسيات عاريات ولي صديق يعمل معنا يتعامل معهن بطريقه تثير اشمئزازي أي بمعني أسلوب (قذر) عذرا ومن هؤلاء النساء من يقبل هذا الأسلوب فأجد نفسي وسط ضحكات عارية من الخجل والحياء، فهل هذا الأسلوب يصح البيع به رغم أن أغلب النساء تحبه وذلك ما رأيته في عملي، بالله عليكم أفتوني(27/400)
فأنا في حيرة من أمري وخاصه أني خسرت هذا الصديق بسبب هذا الأمر وقلت له أنا لا أريد المال الذي آخذه أن يكون فيه حرام وهو يجادلني ويقول لي يجب أن أتعامل مع النساء بهذه الطريقة لكي أستطيع أن أبيع السلعة، فما كان إلا مشادة بيننا حكم فيها الكثير أني أنا المخطئ وأن الحياة تسير كذلك ولا سبيل لتغييرها (أريد أن أتحرى الحلال في قوتي فما هو الصحيح)؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ضبط الإسلام التعامل بين الرجال والنساء بضوابط شرعية، تصون الأعراض، وتحقق العفة والطهارة، وتمنع الفواحش، وتسد الذرائع الموصلة إلى الفساد، فمن ذلك أنه حرم الاختلاط الفاضح، والخلوة المحرمة، وأمر بالستر الشرعي وغض البصر، والاقتصار في الكلام مع النساء على قدر الحاجة، وراجع لتفصيل ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 38771، 54943، 59712.
وبهذا يتبين لك أنه لا يجوز استعمال هذا الأسلوب مع النساء لبيع السلع لهن، فإن ذلك من خطوات الشيطان للوقوع في الفاحشة، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ {النور:21}، وقال تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ {الأنعام:151}، وقال تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32}.
وأما قول هذا الصديق -هداه الله- أنه لا بد أن يتعامل مع النساء بهذه الطريقة لكي يستطيع بيع السلعة لهن، وكذلك قول بعض الناس -هداهم الله- أن الحياة تسير كذلك ولا سبيل لتغييرها، فهذا غير صحيح، فإن البيع يتم في الأغلب بغير هذه الأساليب الملتوية، والرزق مقسوم مقدر من الله، لا تزيد فيه المعصية، ولذا قال -صلى الله عليه وسلم-: إن روح القدس نفث في روعي وأخبرني أنها لا تموت نفس حتى تستوفي أقصى رزقها وإن أبطأ عنها فيا أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء رزقه أن يخرج إلى ما حرم الله(27/401)
عليه فإنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته. رواه عبد الرزاق والطبراني في معجمه الكبير.
والمطلوب من المسلم هو إنكار المنكر وتغييره، لا مداهنته والوقوع فيه، قال عليه الصلاة والسلام: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم ذهاب المسلمة إلى طبيب للكشف عليها ...
عنوان الفتوى
... حسام الدين عفانة ...
اسم المفتى
... 20940 ...
رقم الفتوى
... 05/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
ما حكم ذهاب المرأة إلى طبيب رجل في مستوصف خاص علمًا بوجود طبيبة في مستوصف عام وذلك بحجة العناية في المستوصفات الخاصة؟
نص الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
الأصل في المرأة المسلمة إذا مرضت واحتاجت للعلاج أن تراجع طبيبة مسلمة كانت أو غير مسلمة ولا يحل لها مراجعة الطبيب الرجل إذا وجدت الطبيبة وكان بإمكانها مراجعتها فإن لم توجد الطبيبة أو تعذرت مراجعتها أو لم تكن من أهل(27/402)
الاختصاص بمرض تلك المرأة فيجوز حينئذ أن تراجع الطبيب الرجل وهنا لا بدّ من الالتزام بالضوابط التالية في تعامل الطبيب مع المرأة الأجنبية :
1. أن تتم المعاينة والكشف بحضور محرم للمرأة أو زوجها أو امرأة موثوقة خشية الوقوع في الخلوة المنهي عنها شرعاً .
2. ألا يطلع الطبيب على شيء من بدنها إلا بمقدار ما تقتضيه ضرورة العلاج فيجب على الطبيب أن يستر جسد المريضة إلا موضع المعالجة .
3. إذا استطاع الطبيب معالجة المرأة بالنظر دون اللمس فهو الواجب وعلى الطبيب أن يغض بصره وأن يتق الله ربه في ذلك .
4. ينبغي للمرأة المسلمة إذا احتاجت للمعالجة عند طبيب رجل أن تختار الطبيب الثقة الأمين صاحب الخلق والدين.
والله تعالى أعلم.
ــــــــــــــ
أقارب زوجته المسلمة كفار يؤذونها
سؤال:
أنا وزوجتي في ورطة بسبب أقاربنا . أنا وهي المسلمان الوحيدان في عائلتينا .
أنا من عائلة مترابطة، حيث الجميع سيكونون بجواري متى احتجت للمساعدة. إنهم يساعدونني ويساندونني كثيرا. أما عائلة زوجتي فإنها ليست قريبة من زوجتي أبدا، وأفرادها ليسوا قريبين من أطفالنا . إخوتها يتحدثون معها وكأنه لا قيمة لها، إنهم يخدعونها ويأخذون مالها بالكذب والغش . رجال عائلتها يشربون ويزنون، أما أخواتها فإنهن يهددنها كثيرا، فهن يطلقن عليها ألفاظاً سيئة إنهن يلمزنها بالكذب في كل شيء، وهن لا يحترمن أي شيء تقوله، وإذا اجتمعن فإنهن لا يقدمن لها دعوة للحضور، كما أن جميع أفراد عائلتها يكرهون الإسلام ويتحدثون بشكل سلبي عنه . فأين يمكننا أن نضع الخط ونقول بأنه يكفي هذا. أعلم بأن الإسلام يعلمنا بأن نحسن إلى أفراد عائلاتنا، لكن كيف للمسلم أن يتعامل مع أفراد عائلته الذين لا يحترمونه وينتقدونه دائما؟ زوجتي تغضب علي عندما أتكلم معها عن عائلتها، مع أنها تعلم حالهم . والأمر الذي يجعلني أغضب بشدة(27/403)
هو أن إخوتها يقولون لها أشياء وهي تجد لهم الأعذار حول الأسباب التي تجعلهم يعاملونها بتلك الطريقة ، ولو أني قلت عنها قولا يشابه قولهم عنها، لأقامت علي الدنيا وأقعدتها. أما إن أنا سألتهم لماذا يتخاطبون معها بتلك الطريقة، فإنها تتهمني بإشعال الفتنة . كيف لي أن أتعامل مع هذا الموضوع ، أو كيف لزوجتي أن تتعامل مع هذا الموضوع ؟ أرجو منكم النصح .
الجواب:
الحمد لله
احمد الله أنك من عائلة مترابطة لا تعاني منها ما تعاني زوجتك من عائلتها وتقدير هذه النعمة حق قدرها سيجعلك تشكر ربك وتشفق على زوجتك من حالها مع عائلتها وهذا ما سيدفعك إلى مواساتها والوقوف بجانبها لدفع الظلم عنها وتقوية نفسيتها وهي تتعرَّض لهذا الهجوم ، ونصيحتنا لزوجتك أن تصبر على أذى أهلها وتسعى لدعوة أفراد عائلتها الأقلّ شراً والأقرب إلى قبول الحق ثم إذا كانت عائلتها الكافرة تؤذيها فلتقلل من الاختلاط بهم وتجعل زياراتها لهم قصيرة وهادفة وليس المسلم مكلّفاً بأن يخالط أقاربه الكفار الذي لا يتحمل إيذاءهم ولكن يجاهد نفسه في الصبر على أذاهم ودعوتهم إلى الإسلام .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
صفات الحجاب الصحيح
سؤال:
السؤال :
ما هي الصفات الواجب توفرها في الحجاب الإسلامي؟ حيث أن هناك العديد من الأشكال، ولدي صديقة من الدنمرك أسلمت منذ فترة وهي سعيدة بإسلامها (ولله الحمد)، وهي تريد ارتداء الحجاب.
أرجو أن ترشدنا إلى المكان الذي ورد فيه أن الحجاب يجب أن يكون جلبابا طويلا. فهي في حاجة ماسة لجوابك.(27/404)
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
قال الشيخ الألباني ، رحمه الله تعالى :
شروط الحجاب :
أولا : ( استيعاب جميع البدن إلا ما استثني )
فهو في قوله تعالى : { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } .
ففي الآية الأولى التصريح بوجوب ستر الزينة كلها وعدم إظهار شيء منها أمام الأجانب إلا ما ظهر بغير قصد منهن فلا يؤاخذن عليه إذا بادرن إلى ستره .
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره :
أي : لا يظهرن شيئا من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه ، قال ابن مسعود : كالرداء والثياب يعني على ما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة التي تجلل ثيابها وما يبدو من أسافل الثياب فلا حرج عليها فيه لأن هذا لا يمكن إخفاؤه .
ثانيا : ( أن لا يكون زينة في نفسه )
لقوله تعالى : { ولا يبدين زينتهن } فإنه بعمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينة تلفت أنظار الرجال إليها ويشهد لذلك قوله تعالى : { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } سورة الأحزاب:33 ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا تسأل عنهم : رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا ، وأمة أو عبد أبق فمات ، وامرأة غاب عنها زوجها قد كفاها مؤونة الدنيا فتبرجت بعده فلا تسأل عنهم " . أخرجه الحاكم (1/119) وأحمد (6/19) من حديث فضالة بنت عبيد وسنده صحيح وهو في " الأدب المفرد " .
ثالثا : ( أن يكون صفيقا لا يشف ) فلأن الستر لا يتحقق إلا به ، وأما الشفاف فإنه يزيد المرأة فتنة وزينة ، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم : "سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن فإنهن ملعونات(27/405)
" زاد في حديث آخر :"لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا " . رواه مسلم من رواية أبي هريرة .
قال ابن عبد البر : أراد صلى الله عليه وسلم النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف لا يستر فهن كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة . نقله السيوطي في تنوير الحوالك (3/103) .
رابعا : ( أن يكون فضفاضا غير ضيق فيصف شيئا من جسمها )
فلأن الغرض من الثوب إنما هو رفع الفتنة ولا يحصل ذلك إلا بالفضفاض الواسع ، وأما الضيق فإنه وإن ستر لون البشرة فإنه يصف حجم جسمها أو بعضه ويصوره في أعين الرجال وفي ذلك من الفساد والدعوة إليه ما لا يخفى فوجب أن يكون واسعا وقد قال أسامة بن زيد : " كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة مما أهداها له دحية الكلبي فكسوتها امرأتي فقال : ما لك لم تلبس القبطية ؟ قلت : كسوتها امرأتي ، فقال : مرها فلتجعل تحتها غلالة ، فإني أخاف أن تصف حجم عظامها " أخرجه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة" (1/441) وأحمد والبيهقي بسند حسن .
خامسا : ( أن لا يكون مبخرا مطيبا ) فلأحاديث كثيرة تنهى النساء عن التطيب إذا خرجن من بيوتهن، ونحن نسوق الآن بين يديك ما صح سنده منها :
1-عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية "
2-عن زينب الثقفية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تقربن طيبا ".
3-عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة " .
4-عن موسى بن يسار عن أبي هريرة : " أن امرأة مرت به تعصف ريحها فقال : يا أمة الجبار المسجد تريدين ؟ قالت : نعم ، قال: وله تطيبت ؟ قالت : نعم ، قال : فارجعي فاغتسلي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما(27/406)
من امرأة تخرج إلى المسجد تعصف ريحها فيقبل الله منها صلاة حتى ترجع إلى بيتها فتغتسل ".
ووجه الاستدلال بهذه الأحاديث على ما ذكرنا العموم الذي فيها فإن الاستعطار والتطيب كما يستعمل في البدن يستعمل في الثوب أيضاً لا سيما وفي الحديث الثالث ذكر البخور فإنه الثياب أكثر استعمالاً وأخص.
وسبب المنع منه واضح وهو ما فيه من تحريك داعية الشهوة وقد ألحق به العلماء ما في معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر والزينة الفاخرة وكذا الاختلاط بالرجال ، انظر " فتح الباري " (2/279) .
وقال ابن دقيق العيد : وفيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية شهوة الرجال . نقله المناوي في "فيض القدير" في شرح حديث أبي هريرة الأول .
سادساً: (أن لا يشبه لباس الرجل)
فلما ورد من الأحاديث الصحيحة في لعن المرأة التي تشبه بالرجل في اللباس أو غيره، وإليك ما نعلمه منها :
1. عن أبي هريرة قال:" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل" .
2. عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول" ليس منا من تشبه بالرجال من النساء، ولا من تشبه بالنساء من الرجال" .
3. عن ابن عباس قال: "لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء ، وقال: أخرجوهم من بيوتهم، وقال: فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلاناً، وأخرج عمر فلاناً" وفي لفظ " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال".
4. عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق والديه والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال والديوث".(27/407)
5. عن ابن أبي مليكة -واسمه عبد الله بن عبيد الله- قال قيل لعائشة رضي الله عنها: إن المرأة تلبس النعل؟ فقالت "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلة من النساء".
وفي هذه الأحاديث دلالة واضحة على تحريم تشبه النساء بالرجال، وعلى العكس، وهي عادة تشمل اللباس وغيره إلا الحديث الأول فهو نص في اللباس وحده .
سابعاً : ( أن لا يشبه لباس الكافرات ) .
فلما ت قرر في الشرع أنه لا يجوز للمسلمين رجالاً ونساءً التشبه بالكفار سواء في عباداتهم أو أعيادهم أو أزيائهم الخاصة بهم وهذه قاعدة عظيمة في الشريعة الإسلامية خرج عنها اليوم - مع الأسف - كثير من المسلمين حتى الذين يعنون منهم بأمور الدين والدعوة إليه جهلاً بدينهم أو تبعاً لأهوائهم أو انجرافاً مع عادات العصر الحاضر وتقاليد أوروبا الكافرة حتى كان ذلك منن أسباب المسلمين وضعفهم وسيطرة الأجانب عليهم واستعمارهم { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } لو كانوا يعلمون .
وينبغي أن يعلم أن الأدلة على صحة هذه القاعدة المهمة كثيرة في الكتاب والسنة وإن كانت أدلة الكتاب مجملة فالسنة تفسرها وتبينها كما هو شأنها دائماً.
ثامناً: (أن لا يكون لباس شهرة).
فلحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه ناراً". حجاب المرأة المسلمة " ( ص 54 - 67 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
حلول عملية للمقيمين في بلاد الكفر لتجنب الفواحش
تاريخ الفتوى : ... 23 رجب 1426 / 28-08-2005
السؤال(27/408)
لقد أرسلت إلى حضراتكم سؤالا لكن للأسف لم أتلق الإجابة، أنا شاب مسلم عمري20 عاماً أعيش في أوروبا للدراسة، لقد وقعت في الفاحشة ومارست الزنا والعياذ بالله، ولكن ليس بشكل كامل أحس أن الله يعاقبني في دنياي قبل آخرتي، كيف يمكنني التكفير عن ذنبي والتغلب على رغبتي الجنسية بما يرضي الله فهي تنغص علي عيشي ولا أستطيع كبح جماحها، مع العلم بأنه يجب علي الاحتكاك بالمجتمع الفاسق فالله أنعم علي بعمل إلى جانب دراستي، وأعلم أيضا أنه من المستحيل أن أتزوج قبل 10 أعوام على الأقل بسبب الدراسة والعجز المادي، أستحلفكم بالله الإجابة بحلول عملية، فمشكلتي تقض مضجعي ومصيري كمسلم متعلق بها؟
وجزاكم الله كل خير وأثقل ميزان حسناتكم بكل حرف أعاد ضالا إلى هداه.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزنا من كبائر الذنوب، ولقد توعد الله فاعليه بالعذاب الشديد، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32647، 16688، 1602، 19812، 11038، 4458.
هذا وإن كان بقاؤك في أوروبا للدراسة وبدون زواج سيعرض دينك للخطر، فإن الواجب عليك العودة إلى بلاد المسلمين فوراً، فإن السلامة لا يعدلها شيء، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 37470، 10043، 47026.
وعلى من ألم ببعض ذلك أن يبادر بالتوبة قبل أن يدهمه الموت، فإنه يأتي فجأة ووقتها لا ينفع الندم، وانظر شروطه التوبة النصوح في الفتوى رقم: 9694، والفتوى رقم: 5450.
وأما إن رغبت في إكمال دراستك في أوروبا فبادر بالزواج من امرأة صالحة تستعفف بها عن الحرام، ولا تتعلل بضيق ذات اليد، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ثلاثة حق على الله عونهم -وذكر منهم: الناكح الذي يريد العفاف. رواه الترمذي وحسنه.(27/409)
بل قد يكون الزواج من أسباب سعة الرزق، فقد روى ابن أبي شيبة في المصنف بإسناده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تزوجوا النساء فإنهن يأتينكم بالمال. انظر الفتوى رقم: 7863.
ونذكر أنه لا يجوز لك البقاء في بلاد الكفار بدون زوجة وأنت تخشى على نفسك العنت والوقوع في الحرام، ولا تستطيع الاستقامة على أمر الله عز وجل، فإما أن تتعفف بزوجة وتكمل دراستك، وإما أن ترجع إلى بلاد المسلمين وتحفظ دينك في الحالين.
وإلى أن يتم زواجك فأكثر من الصيام، فإن له تأثيراً بالغاً في كسر حدة الشهوة وكبح جماحها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.
وتجنب الاجتماع بالنساء الأجنبيات، وغض بصرك عنهن، فقد قال الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}، واسأل الله أن يشرح صدرك وينور قلبك وأن يصرف عنك شر الشيطان وشر نفسك، ومن أهم ما يُدعى به الدعاء المأثور في صحيح مسلم: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. والدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قال له: يا رسول الله علمني دعاء أنتفع به، قال: قل اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي وبصري وقلبي ومنيي -يعني فرجه-. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني.
ودعاء الخروج من المنزل الذي أخرجه أبو داود وغيره وصححه الألباني، واللفظ لأبي داود: إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: هُديت وكُفيت ووُقيت وتنحى عنه الشيطان.
واجتهد في اتخاذ رفقة صالحة من الشباب المستقيم المتمسك بالدين، فإن صحبتهم من أعظم أسباب الاستقامة بعد عون الله تعالى، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، وأخيراً انظر الفتوى رقم: 34932.(27/410)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حرص الشريعة الإسلامية على شرف المرأة ورفع مكانتها ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 19020 ...
رقم الفتوى
... 27/06/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
بالطلب المتضمن أن زوجة مسلمة على عصمة زوجها المسلم تقابلت مع رجل أجنبى عنها لا قرابة له بها إطلاق وليس برحم محرم لها، ويقال إنه متزوج إحدى قريباتها، وهذا الرجل يقيم ببلدة أخرى، وأرادت استضافته فى مسكنها الخاص فى غيبة زوجها وبدون إذنه، وإعداد مأدبة غداء خاصة به وحده، وليس فى المسكن رجل يستقبله بل أرادت الزوجة أن تصاحبه بنفسها - عقب مقابلته لها - فى مسكنها وأن تشترك معه ووالدتها المقيمة معها فى تناول طعام الغداء .
وذلك كله فى غيبة زوجها وبدون إذن منه، وأن تبقى جالسة مع هذا الضيف على المائدة وهى غير محجبة، وهو أجنبى ليس رحما محرما لها كما تقدم .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما إذا كان يباح للزوجة المذكورة هذا العمل أو لا يباح .
نص الفتوى
إن الشريعة الإسلامية اهتمت بشرف المرأة المسلمة أيما اهتمام، وحرصت كل الحرص على المحافظة على عرضها، ورفع كيانها عن المهانة والابتذال(27/411)
وتعرضها لما يشين سمعتها ويهدم كرامتها، وذلك دفعا للفتنة ومقالة السوء - فحرمت عليها الاختلاء بأجنبى غير محرم لها، والاختلاط به مادام لم يوجد معهما محرم لها، كما حرمت عليها أن تبدى له زينتها، وأن تظهر مفاتنها ومحاسنها أمامه .
لأنه لا يجتمع رجل وامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما .
فالعينان تزنيان والنظر سهم مسموم من سهام إبليس .
قال الله تعالى فى كتابه الكريم { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون } النور 31 ، وقال تعالى { إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفا } الأحزاب 32 ، وقال تعالى { وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } الأحزاب 53 ، وقال تعالى { يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } الأحزاب 59 ، وجاء فى صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو قال الحمو الموت ) والحمو هو أحد أقارب الزوج، أو أقارب الزوجة من غير المحارم - وروى مسلم أيضا - أن نفرا دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق وهى تحته يومئذ، فرآهم فكره ذلك، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لم أر إلا خيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد برأها من ذلك .(27/412)
ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال ( لا يدخلن رجل بعد يومى هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان ) والمغيبة هى التى غاب زوجها عن المنزل .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى خطبته يوم حجة الوداع ( ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن فى المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا .
ألا إن لكم على نسائكم حقا، ولنسائكم عليكم حقا، فحقكم عليهن أن لا يوطئن فراشكم من تكرهون ولا يأذن فى بيوتكم لمن تكرهون .
وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن فى كسوتهن وطعامهن ) هذا وحديث الإفك الذى اتهمت فيه السيدة عائشة رضى الله تعالى عنها بمجرد انفرادها برجل غير ذى رحم لها، وتأخرهما عن القافلة ليس ببعيد عن الأذهان، وزوجها خير البشرية حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم لم ير نفى التهمة عنها التى شاعت فى جزيرة العرب، حتى أنه لم يذكر اسمها على لسانه طول مدة هذه المحنة، وكان حين يسأل عنها وهى مريضة فى بيت أبيها أبى بكر الصديق يقول كيف حال تيكم، حتى أنزل الله الوحى ببراءتها .
فالمحافظة على عفاف المرأة المسلمة وعرضها وشرفها من الأمور التى حرصت الشريعة الإسلامية على صيانتها .
الأمر الذى يتجلى واضحا من النصوص المذكورة وغيرها فى هذا الباب كثير ومن هذا كله يتعين أن السيدة المسئول عن أمرها مخطئة كل الخطأ فى تصرفها المذكور ، ولا يباح لها هذا العمل شرعا .
ولزوجها الحق فى أن يمنعها من هذا التصرف .
ومنه يعلم الجواب عن السؤال . والله سبحانه وتعالى أعلم .
ــــــــــــــ
حكم زيارة حدائق الحيوانات
سؤال:(27/413)
السؤال :
ما حكم زيارة حدائق الحيوانات بقصد الاستمتاع بأشكالها ورؤية مناظرها ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
بناء على القول بجواز حبس الحيوانات في أقفاص فإن زيارة الأماكن المخصصة لعرض هذه الحيوانات على العموم مثل ما يسمى اليوم بـ ( حدائق الحيوان ) جائزة قصد الاستمتاع بهيآتها وأشكالها على اختلاف أنواعها وألوانها .
وليس من قبيل المبالغة القول باستحبابها والندب إليها ، حيث كان القصد والمحفز لذلك هو التأمل في خلق الله والتفكر في آياته من خلال مشاهدة هذه الحيوانات والتعرف على أنماط حياتها وطبيعتها ، مما يورث قطعاً في نفسية المشاهد آثاراً حميدة تتمثل بالأساس في تعميق إيمانه بربه وبصفاته العلى ، وعلى سبيل المثال صفات القدرة والعظمة والحكمة ...
وبوعينا بهذه النتائج الحميدة من هذه الزيارات لمثل هذه الحدائق تتضح الحكمة من دعوة القرآن إلى التفكر في عظمة الكون وجليل مخلوقاته ودقيقها .
قال تعالى : ( أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء .. ) الأعراف/185 .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( تفكروا في آلاء الله ، ولا تفكروا في الله عز وجل ) أخرجه البيهقي في الشعب 1/136 ، واللالكائي في السنة 3/525 ، انظر الصحيحة 4/395 .
ولكن لا يفوتنا هنا أن ننبه إلى كثرة المنكرات في حدائق الحيوان ومنها الاختلاط بين الرجال والنساء ، بل وحتى في الأماكن التي يتم فيها تخصيص أيام لزيارة الرجال وأخرى للنساء ، يوجد من أنواع اللباس عند النساء ما لا يجوز أن تظهر به المرأة حتى أمام المرأة الأخرى فلا بدّ من إعداد برامج للدعوة في هذه الأماكن وتحقيق القيام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لا تكون مثل هذه الأماكن مجالا لحدوث التساهل والمخالفات شرعية ، وبالنسبة للحدائق في البلدان التي لا(27/414)
يٌمكن القيام في بالإصلاح في حدائق الحيوان فإن على المسلم أن ينتقي الوقت المناسب للذهاب بأولاده وإلا فليجتنب أماكن الفساد وليربأ بنفسه وأولاده عن رؤية ما يضر بدينهم ، والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
فتاوى سابقة في حرمة مصافحة الأجنبية
تاريخ الفتوى : ... 19 رجب 1426 / 24-08-2005
السؤال
السلام على المرأة الأجنبية باليد؟ أنا أعلم أنه حرام ولا يجوز إلا أنه أحيانا يوضع الشخص في موقف يجبر عليه؟ وخصوصا الذي حدث معي اليوم أول مرة في حياتي وأنا كنت دائما أتنبه على هذه الناحية إلا أنني اليوم وقعت في هذه المشكلة والذي سببها قلة التدبير وقلة الخبرة في التعامل بهذه المواقف.
و لكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمصافحة المرأة قد بينا في عدة فتاوى حرمتها، وفصلنا القول فيها، فراجع الفتاوى التالية: 1025، 2412 ،3045 ، 23511 ، وبينا أن ذلك حرام، ولو كان بدعوى الحرج ممن مدت يدها لمصافحته أو أنه كان بنية طيبة أو غيرها من الأسباب، فراجع الفتوى رقم:12503.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حدود العلاقة بأم الزوجة ... العنوان
ما هي حدود العلاقة التي تربط بين زوج البنت وحماته ( أم زوجته ) من حيث الخلوة والنظر وإبداء الزينة ؟ ... السؤال(27/415)
27/10/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فأم الزوجة من المحرمات على التأبيد، ومن ثم فزوج ابنتها من محارمها لها أن تسافر معه ولها أن تظهر زينتها التي تظهر أمام المحارم عادة، ولا تحرم الخلوة بينهما، وهذا كله إذا لم تظهر بوادر الشر والفساد ففي هذه الحالة يحرم جميع ما أشرنا إليه، والمرء أمير على نفسه، فمن رأى من نفسه ضعفا فعليه أن يتقي الله وليغلق أبواب الفتنة والفساد.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
إن أم الزوجة (الحماة) من المحرمات على التأبيد بسبب المصاهرة قال الله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) سورة النساء الآية 23 .
فقوله تعالى: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ) يدل على تحريم أم الزوجة على زوج ابنتها حرمة مؤبدة . ويرى أكثر العلماء أن هنالك تلازماً بين المحرمية، وبين الأحكام المتعلقة بالخلوة، والنظر، وإبداء الزينة، والسفر.
فمادام زوج البنت محرماً على أم زوجته تنطبق عليه الأحكام المتعلقة بذلك وقد ثبت في الحديث من قوله –صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم) رواه البخاري ومسلم.
وقد نص أهل العلم على أنه يجوز للمحرم أن ينظر إلى ما يظهر غالباً من محارمه ، قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [ويجوز للرجل أن ينظر من ذوات(27/416)
محارمه إلى ما يظهر غالباً كالرقبة والرأس والكفين والقدمين ونحو ذلك وليس له النظر إلى ما يستتر غالباً كالصدر والظهر ونحوهما ] المغني 7/98.
ومن العلماء من يرى أنه لا يجوز لأم الزوجة إظهار زينتها لزوج ابنتها وإن كان يحرم زواجها منه على التأبيد؛ لأن الآية الواردة في سورة النور، والتي حصرت من يجوز إظهار الزينة لهم لم تذكر زوج البنت منهم قال الله تعالى :( وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَائِهِنَّ أَوْ ءَابَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) سورة النور الآية 31.
فالآية الكريمة حصرت الأشخاص الذين يجوز للمرأة أن تظهر زينتها لهم، ولم يذكر زوج البنت منهم، ونقل هذا القول عن بعض العلماء مثل سعيد بن جبير والإمام أحمد في رواية عنه كما في المغني 7/99.
ولكن مذهب جمهور أهل العلم أرجح، وأقوى حيث إن العم والخال لم يذكرا في الآية الكريمة واتفق جمهور العلماء على جواز إظهار الزينة أمامهما قال الجصاص الحنفي: [ولما ذكر الله تعالى مع الآباء ذوي المحارم الذين يحرم عليهم نكاحهن تحريماً مؤبداً دلّ ذلك على أن من كان في التحريم بمثابتهم فحكمه حكمهم مثل زوج الابنة] أحكام القرآن 5/174 .
ومما يدل على ذلك أيضاً قصة عائشة مع أفلح أخي أبي القعيس وهو عمها من الرضاعة حيث قال لها النبي –صلى الله عليه وسلم- : (إنه عمك فليلج عليك ) رواه البخاري ومسلم .
ومع ذلك أقول إن إظهار الزينة لزوج البنت ليس أمراً واجباً وإنما هو واقع في دائرة المباح وعليه، فأرى أنه يجب الأخذ بالاحتياط في مسائل الخلوة، والنظر، وإظهار الزينة، والسفر مع زوج ابنتها، وخاصة إذ لم يكن الفارق في السن بينهما كبيراً كأن تكون أم الزوجة صغيرة في السن أو جميلة، فلا بد من سد كل الطرق(27/417)
التي تؤدي إلى الفساد، وقد سمعت عن حوادث كثيرة من ارتكاب الفواحش بين أم الزوجة، وزوج ابنتها ترتب عليها حصول مصائب ومآسي فظيعة ولا يغب عن أذهاننا مدى الفساد وقلة التقوى والورع الذي يعيشه الناس، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
والله أعلم
ــــــــــــــ
توجيهات لفتاة تحب شابا
تاريخ الفتوى : ... 17 رجب 1426 / 22-08-2005
السؤال
أحب شخصا عاش معي الحب ولكن علقني به وتركني، ولكني أحبه جداً ولا أقدر أن أبعد عنه وأحاول أن أعيده إلي مرة أخرى، وهو الآن يريد أن يرتبط بصديقتي وهي لا تعلم بما كان بيننا، ولكني مازلت أحاول أن أعيده إلى، فهل هذا يعتبر خيانة لصديقتي أو أن هذا تخريب عليها، فأنا أخشى أن أبني حياتي على أذى أحد، ولكني لا أقدر أن أرى من أحب مع غيري ومن صديقتي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقف أولاً عند قول الأخت (أحب شخصاً عاش معي الحب)، فنقول ماذا تقصد الأخت بالحب -والظاهر أنه دون علاقة زواج- هل هو ممارسات جنسية أو ما دونها من خلوة ونحوها، كما يحلو للبعض -ممن يسمي الأشياء بغير اسمها- أن يسميها، أم هو مجرد شعور قلبي لم يتعده إلى الحرام، فإن كان الأول فعليها أن تتوب إلى الله من ذلك، وأن تحفظ نفسها، وتصون عرضها، وعليها أن تعلم أن هذا الفعل له عواقب سيئة عليها في الدنيا قبل الآخرة، وما إعراض الشاب وتركه لها إلا من ذلك.
وأما إذا كان الحب مجرد شعور قلبي، ليس فيه شيء محرم، فعليها أن تداوي نفسها منه لأن حب من لا يستطيع المرء الوصول إليه، بعلاقة شرعية، هو داء(27/418)
ومرض وعذاب، وسبق لنا فتوى في علاج هذا المرض المسمى بالعشق برقم: 9360 فيرجى الاطلاع عليها.
وأما هل يعتبر سعيها في اللقاء بهذا الشاب عبر علاقة شرعية، خيانة لصديقتها، نقول إذا كان السعي بطريق جائز، فلا بأس، ولا نرى فيه خيانة للصديقة إذا اقتصر على مجرد إخبار الشاب بالرغبة في الزواج به.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عورة المرأة وما يراه الخاطب من مخطوبته ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 11695 ...
رقم الفتوى
... 02/06/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
يريد بيان الحكم الشرعى بيانا واضحا فيما يأتى أولا : هل يجوز للمرأة المسلمة أن تؤدى الصلاة وهى حاسرة رأسها أو عارية ذراعيها أو بنصف كم أى وهى على حالتها التى ترتاد بها المجتمعات فى هذه الأيام أو لا .
ثانيا : هل يجوز للعريس أن يختلط بعروسه ويتمتع بها ويقبلها ويعانقها قبل عقد الزواج ليتأكد من صلاحيتها له وليأمن العيوب الخفية أو لا وما هو رأى ابن حزم من ذلك .
نص الفتوى
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم:(27/419)
عن السؤال الأول إن من شروط الصلاة ستر العورة، فلا تصح الصلاة مع كشف العورة التى أمر الشارع بسترها فى الصلاة .
وحد عورة المرأة الحرة هو جميع بدنها حتى شعرها النازل على أذنيها، واستثنى من ذلك الحنفية الوجه والكفين والقدمين - كما استثنى من ذلك الشافعية الوجه والكفين ظاهرهما وباطنهما .
واستثنى الحنابلة من البدن الوجه فقط وقالوا إن ما عداه عورة - وقال المالكية إن العورة بالنسبة للمرأة فى الصلاة تنقسم إلى قسمين : مغلظة ومخففة فالمغلظة للحرة جميع بدنها ما عدا الأطراف والصدر وما حاذاه من الظهر .
والمخففة لها هى الصدر وما حاذاه من الظهر والذراعان والعنق والرأس ومن الركبة إلى آخر القدم - أما الوجه والكفان ظهرا وبطنا فهما ليستا من العورة مطلقا ، فمن صلت مكشوفة العورة المغلظة كلها أو بعضها ولو قليلا مع القدرة على الستر بطلت صلاتها إن كانت قادرة ذاكرة وأعادتها وجوبا أبدا فى الوقت وبعده - أما إذا صلت مكشوفة العورة المخففة فإن صلاتها لا تبطل وإن كان كشفها مكروها فى الصلاة ويحرم النظر إليها، ولكن يستحب لمن صلت مكشوفة العورة المخففة أن تعيد الصلاة فى الوقت مستورة .
ومن هذا يتضح أن رأس المرأة وذراعيها وساقيها من العورة التى يجب سترها فى الصلاة عند الأئمة الثلاثة أبى حنيفة والشافعى وأحمد وتبطل الصلاة بكشف أحدها لفقد شرط من شروط الصلاة - أما عند المالكية فإن أحد هذه الأعضاء من العورة المخففة التى تصح الصلاة مع كشفه مع الكراهة واستحباب إعادة الصلاة فى الوقت مستورة، وحينئذ يجب أن يكون مفهوما أن ستر العورة على هذا الاختلاف المذكور أمر مشروط لصحة الصلاة نفسها، أما النظر إلى العورة المخففة عند المالكية فهو حرام باجماع آراء الفقهاء كما هو ظاهر .
عن السؤال الثانى : إن الفقهاء أباحوا للخاطب أن يرى مخطوبته وأن تراه مخطوبته بحضور أحد محارمها كأبيها أو أخيها أو عمها أو خالها وأن يكرر هذه الرؤية إذا لم تكف المرة الواحدة بالشرط المذكور .(27/420)
والأصل فى ذلك هو ما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبى صلى الله عليه وسلم ( انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ) رواه الخمسة إلا أبا داود وعن أبى هريرة قال خطب رجل امرأة فقال النبى صلى الله عليه وسلم ( انظر إليها فإن فى أعين الأنصار شيئا ) رواه أحمد والنسائى وعن جابر قال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول ( إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ) رواه أحمد وأبو داود - وعن موسى بن عبد الله عن أبى حميد أو حميدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لا تعلم ) رواه أحمد وعن محمد بن سلمة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إذا ألقى الله عز وجل فى قلب امرىء خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها ) رواه أحمد وابن ماجه .
وهذه الأحاديث كلها رواها الإمام الشوكانى وقد قال بعد ما بين صحة سندها وذكر أحاديث أخرى فى هذا الباب وأحاديث الباب فيها دليل على أنه لا بأس بنظر الرجل إلى المرأة التى يريد أن يتزوج بها، والأمر المذكور فى حديث أبى هريرة وحديث المغيرة وحديث جابر للإباحة بقرينة قوله فى حديث أبى حميد ( فلا جناح عليه ) وفى حديث محمد بن سلمة ( فلا بأس ) وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء، وحكى القاضى عياض كراهته وهو خطأ مخالف للأدلة المذكورة ولأقوال أهل العلم ثم قال وقد وقع فى الموضع الذى يجوز النظر إليه من المخطوبة خلاف فذهب الأكثر إلى أنه يجوز إلى الوجه والكفين فقط ، وقال داود يجوز النظر إلى جميع البدن، وقال الأوزاعى ينظر إلى مواضع اللحم وظاهر الأحاديث أنه يجوز النظر إليها سواء أكان ذلك بإذنها أم لا .
وروى عن مالك اعتبار الإذن - انتهى - . وقال الإمام النووى الشافعى المذهب فى شرحه لصحيح مسلم فى هذا الباب عند شرحه لحديث أبى هريرة ولفظه قال كنت عند النبى صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنظرت إليها قال لا .(27/421)
قال فاذهب فانظر إليها فإن فى أعين الأنصار شيئا وفيه استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبى حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء وحكى القاضى عياض كراهته عن قوم وهذا خطأ مخالف لصريح هذا الحديث ومخالف لإجماع الأمة على جواز النظر للحاجة عند البيع والشراء والشهادة ونحوها، ثم إنه يباح النظر إلى وجهها وكفيها فقط لأنهما ليسا بعورة، ولأنه يستدل بالوجه على الجمال أو ضده وبالكفين على خصوبة البدن أو عدمها هذا مذهبنا ومذهب الأكثرين وقال الأوزاعى ينظر إلى مواضع اللحم، وقال داود ينظر إلى جميع بدنها .
وهذا خطأ ظاهر منابذ لأصول السنة والإجماع، ثم مذهبنا ومذهب مالك وأحمد والجمهور أنه لا يشترط فى جواز هذا النظر رضاها بل له ذلك فى غفلتها ومن غير تقدم إعلام لكن قال مالك أكره نظره فى غفلتها مخافة وقوع نظره على عورة وعن مالك رواية ضعيفة أنه لا ينظر إليها إلا باذنها وهذا ضعيف لأن النبى صلى الله عليه وسلم قد أذن فى ذلك مطلقا إلى أن قال ولهذا قال أصحابنا يستحب أن ينظر إليها قبل الخطبة حتى إن كرهها تركها من غير إيذاء بخلاف ما إذا تركها بعد الخطبة .
والله أعلم . قال أصحابنا وإذا لم يمكن النظر استحب له أن يبعث امرأة يثق بها تنظر إليها وتخبره ويكون ذلك قبل الخطبة لما ذكرنا هذه هى آراء الفقهاء فى هذا الباب ولم أر فيما قرأته من كتب الفقه فى المذاهب المختلفة ولا فى كتب السنة من أباح اختلاط الخاطب بمخطوبته وخروجه معها منفردين كما يفعل بعض الشبان الآن بحجة أنهم يريدون التعرف إلى من يخطبونها من الفتيات .
أما ابن حزم فقد اطلعت فى كتابه المحلى بالصحيفة 30، 31 من الجزء العاشر فوجدت فيه الآتى ( ومن أراد أن يتزوج امرأة حرة أو أمة فله أن ينظر منها متغفلا لها وغير متغفل إلى ما بطن منها وظهر .
ولا يجوز ذلك فى أمة يريد شراءها ولا يجوز أن ينظر منها إلا إلى الوجه والكفين فقط لكن يأمر امرأة تنظر إلى جميع جسمها وتخبره وبرهان ذلك قول الله عز وجل { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم } النور 30 ،(27/422)
فافترض الله عز وجل غض البصر جملة كما افترض حفظ الفرج فهو عموم لا يجوز أن يخص منه إلا ما خصه نص صريح وقد خص النص نظر من أراد الزواج فقط .
فعن جابر بن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا خطب أحدكم فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ) قال جابر فخطبت امرأة من بنى سلمة فكنت أختبىء تحت الكرب حتى رأيت منها بعض ما دعانى إليها .
ثم قال وقد رويناه أيضا من طرق صحاح من طريق أبى هريرة والمغيرة بن شعبة فكان هذا عموما مخرجا لهذه الحال من جملة ما حرم من غض البصر .
ثم تكلم ابن حزم بعد هذا عما يباح النظر إليه بالنسبة للجارية عند ابتياعها ولا شأن لنا بهذا الموضوع، ويظهر من هذا أن ابن حزم أباح نظر الرجل إلى من يريد خطبتها، واعتبر الأحاديث الواردة فى هذا الصدد مخصصة للعموم الوارد فى الآية وهو الأمر بغض البصر ، أما النظر إلى المخطوبة فلم يتعرض له بأكثر من قوله إن له أن ينظر منها متغفلا لها وغير متغفل إلى ما بطن منها وظهر، ولعله تابع فى ذلك ما نقله الإمامان النووى والشوكانى منسوبا إلى داود من أنه يجوز عنده النظر إلى جميع البدن وقد خطأه فى هذا الرأى الإمام النووى وهو حجة حيث قال إنه خطأ ظاهر منابذ لأصول السنة والإجماع .
ولا يباح النظر إلا إلى الوجه والكفين عند الأئمة الثلاثة، وعند الإمام .
أحمد لا يباح النظر إلا إلى ما يظهر غالبا كوجه ورقبة ويد وقدم ، والإمام مالك الذى أجاز الصلاة مع الكراهة إذا لم تستر العورة الخفيفة لم يبح للخاطب النظر إلى ما عدا الوجه والكفين، ولم يرد عن ابن حزم فيما يتصل بهذا الموضوع اتصالا وثيقا سوى ما قررناه أما حديث جابر الذى رواه ابن حزم فيجب حمله على ما يوافق باقى الأحاديث الصحيحة التى ذكرناها المروية عن أبى هريرة والمغيرة بن شعبة وموسى بن عبد الله .
ومن هذا يتبين بوضوح أن إباحة معانقة المخطوبة وتقبيلها قبل العقد لم يتعرض له ابن حزم وهو مخالف لما أجمع عليه المسلمون من تحريمه، ولم يقل به أحد من فقهاء المذاهب المعتبرة ولا من رجال الحديث .(27/423)
ومنه يعلم الجواب عن السؤال بشقيه .
والله أعلم .
ــــــــــــــ
أدلة تحريم الاختلاط
سؤال:
أريد أنا وزوجي أن نحضر دروساً في اللغة العربية والفصول مختلطة مع علمنا بأن الاختلاط لا يجوز . فما هو الاختلاط ؟ وما الحكم مع الدليل ؟
تفاصيل إضافية: الفصل به 10 طلاب معظمهم نساء فهل أحضره أنا وزوجي ومنهم غير مسليمن.
الجواب:
الحمد لله
اجتماع الرجال والنساء في مكان واحد ، وامتزاج بعضهم في بعض ، ودخول بعضهم في بعض ، ومزاحمة بعضهم لبعض ، وكشف النّساء على الرّجال ، كلّ ذلك من الأمور المحرّمة في الشريعة لأنّ ذلك من أسباب الفتنة وثوران الشهوات ومن الدّواعي للوقوع في الفواحش والآثام .
والأدلة على تحريم الاختلاط في الكتاب والسنّة كثيرة ومنها :
قوله سبحانه :{ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} الأحزاب 53.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية : أي وكما نهيتكم عن الدخول عليهن كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب .
وقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرّجال بالنساء حتى في أحبّ بقاع الأرض إلى الله وهي المساجد وذلك بفصل صفوف النّساء عن الرّجال ، والمكث بعد السلام حتى ينصرف النساء ، وتخصيص باب خاص في المسجد للنساء . والأدلّة على ذلك ما يلي :(27/424)
عن أم سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنْ انْصَرَفَ مِنْ الْقَوْمِ" رواه البخاري رقم (793).
ورواه أبو داود رقم 876 في كتاب الصلاة وعنون عليه باب انصراف النساء قبل الرجال من الصلاة .
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ قَالَ نَافِعٌ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ" رواه أبو داود رقم (484) في كتاب الصلاة باب التشديد في ذلك .
وعن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا " . رواه مسلم رقم 664
وهذا من أعظم الأدلة على منع الشريعة للاختلاط وأنه كلّما كان الرّجل أبعد عن صفوف النساء كان أفضل وكلما كانت المرأة أبعد عن صفوف الرّجال كان أفضل لها .
وإذا كانت هذه الإجراءات قد اتّخذت في المسجد وهو مكان العبادة الطّاهر الذي يكون فيه النّساء والرّجال أبعد ما يكون عن ثوران الشهوات فاتّخاذها في غيره ولا شكّ من باب أولى .
وقد روى أَبو أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ ( تَسِرْن وسط الطريق ) عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ . رواه أبو داود في كتاب الأدب من سننه باب : مشي النساء مع الرجال في الطّريق .
ونحن نعلم أنّ الاختلاط ومزاحمة النساء للرّجال ممّا عمّت به البلوى في هذا الزّمان في أكثر الأماكن كالأسواق والمستشفيات والجامعات وغيرها ولكننا :(27/425)
أولا : لا نختاره ولا نرضى به وبالذّات في المحاضرات الدّينية والمجالس الإدارية في المراكز الإسلامية .
ثانيا : نتخذ الوسائل لتلافي الاختلاط مع تحقيق ما أمكن من المصالح ، مثل عزل مكان الرجال عن النساء ، وتخصيص أبواب للفريقين ، واستعمال وسائل الاتّصالات الحديثة لإيصال الصوت ، وتسريع الوصول إلى الكفاية في تعليم النساء للنساء وهكذا .
ثانيا : نتقي الله ما استطعنا باستعمال غضّ البصر ومجاهدة النّفس .
ونورد فيما يلي جزءا من دراسة قام بها بعض الباحثين الاجتماعيين المسلمين عن الاختلاط
قال :
عندما وجهنا السؤال التالي : ما حكم الاختلاط في الشرع حسب علمكم؟
كانت النتيجة كالتالي :
76% من الذين شملهم التحقيق أجابوا بأنه " لا يجوز " .
12% أقرّوا أنه " يجوز " ولكن بضوابط الأخلاق والدين و ...
12% أجابوا " بلا أعلم " .
ماذا تختارون ؟!
لو خيّرتم بين العمل في مجال مختلط وآخر غير مختلط ، فماذا تختارون؟
كانت النتيجة على هذا السؤال بالنسب المئوية التالية :
67% اختاروا المجال غير المختلط .
9% فضلوا المجال المختلط .
15% لا يمانعون بأي مجال يتناسب مع تخصصاتهم سواء أكان مختلط أو غير مختلط .
محرج جداً :
هل مرّ عليكم موقف محرج بسبب الاختلاط؟
من المواقف المحرجة التي ذكرها المشاركون في التحقيق المواقف التالية :(27/426)
كنت في أحد أيام العمل ، دخلت إلى القسم وكانت إحدى زميلاتي المتحجبات قد خلعت حجابها بين زميلاتها فتفاجأت بدخولي وقد انحرجتُ على إثر ذلك كثيراً .
كان من المفروض أن أقوم بتجربة في المختبر في الجامعة وقد تغيبتُ يومها وكان عليّ أن أذهب للمختبر في اليوم التالي ، لأجد نفسي الذكر الوحيد بين مجموعة من الطالبات إضافة إلى مدرّسة ومشرفة المختبر . لقد انحرجت كثيراً وتقيّدت حركتي وأنا أحس بتلك العيون الأنثوية المستنكِرة والمحرجة تلاحقني وتتبعني .
كنت أحاول إخراج فوطة نسائية من أحد الأدراج؟ وتفاجأت بزميل يقف خلفي لأخذ حاجيات من درجه الخاص ، لاحظ زميلي ارتباكي ، فانصرف بسرعة من الغرفة متجنباً إحراجي .
حدث لي أن اصطدمت بي إحدى فتيات الجامعة عند المنعطف لأحد الممرات المزدحمة ، كانت هذه الزميلة تسير بسرعة ذاهبة لإحدى المحاضرات ، وعلى أثر هذا الاصطدام اختل توازنها وتلقفتها بذراعيّ وكأني أحضنها ، ولكم أن تتخيلوا ما مقدار الإحراج لي ولهذه الفتاة أمام شلّة من الشباب المستهتر.
سقطت زميلة لي على سلّم المدرج في الجامعة ، وتكشفت ملابسها بطريقة محرجة جداً ، وضعها المقلوب لم يسعفها بمساعدة نفسها ، فما كان من أحد الشباب القريبين منها إلا أن سترها وساعدها على النهوض .
أعمل في شركة ، دخلتُ على مسئولي لأعطيه بعض الأوراق ، وأثناء خروجي من الغرفة ، ناداني المسؤول مرّة أخرى ، التفت إليه فوجدته منكسا رأسه انتظرت أن يطلب مني ملفاً ما أو المزيد من الأوراق ، استغربت من تردّده ، التفت إلى يسار مكتبه متظاهراً بالانشغال ، وهو يحدثني في نفس الوقت ، تخيّلت أن يقول أي شيء عدا أن ينبهني هذا المسؤول بأن ملابسي متسخة بدم الحيض ، هل تنشق الأرض وتبلع إنساناً فعلاً في لحظة دعاء صادقة ، لقد دعوت أن تنشق الأرض وتبلعني .
ضحايا الاختلاط ... قصص واقعية
الأمل المفقود؟
أم محمد امرأة ناضجة تجاوزت الأربعين تحكي حكايتها :(27/427)
عشت مع زوجي حياة مستورة وإن لم يكن هناك ذاك التقارب والانسجام ، لم يكن زوجي تلك الشخصية القوية التي ترضي غروري كامرأة ، إلا أن طيبته جعلتني أتغاضى عن كوني اتحمل الشق الأكبر من مسؤولية القرارات التي تخص عائلتي .
كان زوجي كثيراً ما يردد اسم صاحبه وشريكه في العمل على مسمعي وكثيراً ما اجتمع به في مكتبه الخاص بالعمل الذي هو بالأصل جزء من شقتنا وذلك لسنوات عدة . إلى أن شاءت الظروف وزارنا هذا الشخص هو وعائلته . وبدأت الزيارات العائلية تتكرر وبحكم صداقته الشديدة لزوجي لم نلاحظ كم ازداد عدد الزيارات ولا عدد ساعات الزيارة الواحدة. حتى أنه كثيراً ما كان يأتي منفرداً ليجلس معنا أنا وزوجي الساعات الطوال . ثقة زوجي به كانت بلا حدود ، ومع الأيام عرفت هذا الشخص عن كثب ، فكم هو رائع ومحترم وأخذت أشعر بميل شديد نحو هذا الشخص وفي نفس الوقت شعرت أنه يبادلني الشعور ذاته .
وأخذت الأمور تسير بعدها بطريقة عجيبة ، حيث أني اكتشفت أن ذلك الشخص هو الذي أريد وهو الذي حلمت به يوماً ما ... لماذا يأتي الآن وبعد كل هذه السنين ..؟ . كان في كل مرّة يرتفع هذا الشخص في عيني درجة ، ينزل زوجي من العين الأخرى درجات . وكأني كنت محتاجة أن أرى جمال شخصيته لأكتشف قبح شخصية زوجي .
لم يتعد الأمر بيني وبين ذلك الشخص المحترم عن هذه الهواجس التي شغلتني ليل ، نهار. فلا أنا ولا هو صرّحنا بما ... ... في قلوبنا .. وليومي هذا .. ومع ذلك فإن حياتي انتهت زوجي لم يعد يمثل لي سوى ذلك الإنسان الضعيف - المهزوز السلبي ، كرهته ، ولا أدري كيف طفح كل ذلك البغض له ، وتساءلت كيف تحملته كل هذه السنين ثقلاً على ظهري ، وحدي فقط أجابه معتركات الحياة ، ساءت الأمور لدرجة أني طلبت الطلاق ، نعم طلقني بناء على رغبتي ، أصبح بعدها حطام رجل .
الأمرّ من هذا كله أنه بعد خراب بيتي وتحطم أولادي وزوجي بطلاقي ، ساءت أوضاع ذلك الرجل العائلية لأنه بفطرة الأنثى التقطت زوجته ما يدور في خفايا(27/428)
القلوب ، وحولت حياته إلى جحيم . فلقد استبدت بها الغيرة لدرجة أنها في إحدى الليالي تركت بيتها في الثانية صباحاً بعد منتصف الليل لتتهجم على بيتي ، تصرخ وتبكي وتكيل لي الاتهامات .. لقد كان بيته أيضاً في طريقه للانهيار ..
أعترف أن الجلسات الجميلة التي كنّا نعيشها معاً أتاحت لنا الفرصة لنعرف بعضنا في وقتٍ غير مناسب من هذا العمر .
عائلته تهدمت وكذلك عائلتي ، خسرت كل شيء وأنا أعلم الآن أن ظروفي وظروفه لا تسمح باتخاذ أي خطوة إيجابية للارتباط ببعضنا ، أنا الآن تعيسة أكثر من أيِ وقتٍ مضى وأبحث عن سعادة وهمية وأملٍ مفقود .
واحدة بواحدة
أم أحمد تحدثنا فتقول :
كان لزوجي مجموعة من الأصدقاء المتزوجين ، تعودنا بحكم علاقتنا القوية بهم أن نجتمع معهم أسبوعياً في أحد بيوتنا ، للسهر والمرح .
كنت بيني وبين نفسي غير مرتاحة من ذلك الجو ، حيث يصاحب العشاء ، والحلويات ، والمكسرات ، والعصائر موجات صاخبة من الضحك ، بسبب النكات والطرائف التي تجاوزت حدود الأدب في كثير من الأحيان .
باسم الصداقة رفعت الكلفة لتسمع بين آونة وأخرى قهقهات مكتومة ، سرية بين فلانة وزوج فلانة ، كان المزاح الثقيل الذي يتطرق - ودون أي خجل - لمواضيع حساسة كالجنس وأشياء خاصة بالنساء - كان شيئاً عادياً بل مستساغاً وجذاباً .
بالرغم انخراطي معهم في مثل هذه الأمور إلا إن ضميري كان يؤنبني . إلى أن جاء ذلك اليوم الذي أفصح عن قبح وحقارة تلك الأجواء .
رن الهاتف ، وإذا بي أسمع صوت أحد أصدقاء الشلّة ، رحبت به واعتذرت لأن زوجي غير موجود ، إلا أنه أجاب بأنه يعلم ذلك وأنه لم يتصل إلا من أجلي أنا (!) ثارت ثائرتي بعد أن عرض عليّ أن يقيم علاقة معي ، أغلظت عليه بالقول وقبحته ، فما كان منه إلا أن ضحك قائلاً : بدل هذه الشهامة معي ، كوني شهمة مع زوجك وراقبي ماذا يفعل .. حطمني هذا الكلام ، لكني تماسكت وقلت في(27/429)
نفسي أن هذا الشخص يريد تدمير بيتي . لكنه نجح في زرع الشكوك تجاه زوجي .
وخلال مدّة قصيرة كانت الطامة الكبرى ، اكتشفت أن زوجي يخونني مع امرأة أخرى . كانت قضية حياة أو موت بالنسبة لي ... كاشفت زوجي وواجهته قائلة : ليس وحدك الذي تستطيع إقامة علاقات ، فأنا عُرض عليّ مشروع مماثل ، وقصصت عليه قصة صاحبه ، فذهل لدرجة الصّدمة . إن كنت تريدني أن أتقبل علاقتك مع تلك المرأة ، فهذه بتلك . صفعته زلزلت كياني وقتها ، هو يعلم أني لم أكن أعني ذلك فعلاً ، لكنه شعر بالمصيبة التي حلّت بحياتنا وبالجو الفاسد الذي نعيش . عانيت كثيراً حتى ترك زوجي تلك الساقطة التي كان متعلقاً بها كما اعترف لي . نعم لقد تركها وعاد إلى بيته وأولاده ولكن من يُرجع لي زوجي في نفسي كما كان؟؟ من يعيد هيبته واحترامه وتقديره في أعماقي ؟؟ وبقى هذا الجرح الكبير في قلبي الذي ينزّ ندماً وحرقة من تلك الأجواء النتنة ، بقى شاهداً على ما يسمونه السهرات البريئة وهي في مضمونها غير بريئة ، بقي يطلب الرحمة من رب العزة .
الذكاء فتنة أيضاً
يقول عبدالفتاح :
أعمل كرئيس قسم في إحدى الشركات الكبيرة ، منذ فترة طويلة أعجبت بإحدى الزميلات . ليس لجمالها ، إنما لجديتها في العمل وذكائها وتفوقها ، إضافة إلى أنها إنسانة محترمة جداً ، محتشمة ، لا تلتفت إلا للعمل . تحوّل الإعجاب إلى تعلق ، وأنا الرجل المتزوج الذي يخاف الله ولا يقطع فرضاً . صارحتها بعاطفتي فلم ألقَ غير الصّد ، فهي متزوجة ولديها أبناء أيضاً ، وهي لا ترى أي مبرر لإقامة أي علاقة معها وتحت أي مسمى، صداقة ، زمالة ، إعجاب ... الخ . يجيئني هاجس خبيث أحياناً ، ففي قرارة نفسي أتمنى أن يطلقها زوجها ، لأحظى بها .
صرت أضغط عليها في العمل وأشوه مستواها أمام مدرائي وكان ذلك ربما نوعاً من الانتقام منها ، كانت تقابل ذلك برحابة صدر دون أي تذمر أو تعليق أو(27/430)
استنكار ، كانت تعمل وتعمل ، عملها فقط يتحدث عن مستواها وهي تعلم ذلك جيداً. كان يزداد تعلقي بها في الوقت الذي يتنامى صدها لي بنفس الدرجة .
أنا الذي لا افتتن بالنساء بسهولة ، لأني أخاف الله فلا أتجاوز حدودي معهن خارج ما يتطلبه العمل ، لكن هذه فتنتني ... ما الحل .. لست أدري .. .
ابن الوّز عوّام؟
(ن.ع.ع) فتاة في التاسعة عشرة تروي لنا :
كنت وقتها طفلة صغيرة ، أراقب بعيني البريئتين تلك السهرات التي كانت تجمع أصدقاء العائلة في البيت . الذي أذكره أني ما كنت أرى سوى رجلاً واحداً ذلك هو أبي. أراقبه بكل حركاته ، تنقلاته ، نظراته التي كانت تلتهم النساء الموجودات التهاماً ، سيقانهن ، صدورهن ، يتغزّل بعيون هذه ، وشعر تلك ، وخصر هاتيك . أمي المسكينة كانت مجبرة على إقامة هذه الدعوات فهي سيدة بسيطة للغاية .
وكانت من بين الحاضرات سيدة تتعمد لفت انتباه أبي ، بقربها منه حيناً ، وحركاتها المائعة حيناً آخر ، كنت أراقب ذلك باهتمام وأمي مشغولة في المطبخ من أجل ضيوفها .
انقطعت هذه التجمعات فجأة ، حاولت بسني الصغيرة فهم ما حدث وتحليل ما جرى لكني لم أفلح .
الذي أتذكره أن أمي في ذلك الوقت انهارت تماماً ولم تعد تطيق سماع ذكر أبي في البيت . كنت أسمع كلاماً غامضاً يهمس به الكبار من حولي مثل : ( خيانة، غرفة نوم ، رأتهم بعينها ، السافلة ، في وضعية مخزية ، ... ) إلى آخر هذه الكلمات المفتاحية التي وحدهم الكبار يفهمونها .
وكبرت وفهمت وحقدت على كل الرجال ، كلهم خائنون ، أمي إنسانة محطمة ، تتهم كل من تأتينا إنها خاطفة رجال وإنها ستوقع بأبي ، أبي هو ، هو ، مازال يمارس هوايته المفضلة وهي مطاردة النساء ولكن خارج المنزل . عمري الآن تسعة عشر عاماً ، إلا أني أعرف الكثير من الشبان ، أشعر بلذة عارمة وأنا أنتقم منهم فهو صورة طبق الأصل من أبي، أغرر بهم وأغريهم دون أن يمسوا شعرة مني ، يلاحقوني في المجمعات والأسواق بسبب حركاتي وإيماءاتي المقصودة ،(27/431)
هاتفي لا يصمت أبداً في بعض الأحيان أشعر بالفخر لما أفعله انتقاماً لجنس حواء وأمي ، وفي أحايين كثيرة أشعر بالتعاسة والخيبة لدرجة الاختناق . تظلل حياتي غيمةٌ سوداء كبيرة اسمها أبي .
قبل أن يقع الفأس في الرأس
(ص.ن.ع) تحكي تجربتها :
لم أكن أتصور في يوم من الأيام أن تضطرني ظروف عملي إلى الاحتكاك بالجنس الآخر (الرجال) ولكن هذا ما حدث فعلاً .. وقد كنت في بداية الأمر أحتجب عن الرجال باستخدام النقاب ولكن أشارت إليّ بعض الأخوات بأن هذا اللباس يجذب الانتباه إلى وجودي أكثر ، فمن الأفضل أن أترك النقاب وخصوصاً أن عينيَّ مميزتان قليلاً . وبالفعل قمت بنزع الغطاء عن وجهي ظناً من أن ذلك أفضل .. ولكن مع إدمان الاختلاط مع الزملاء وجدت أنني شاذة من بين الجميع من حيث جمودي والتزامي بعدم المشاركة في الحديث وتبادل (الظرافة) ، وقد كان الجميع يحذر هذه المرأة (المتوحشة - في نظرهم طبعاً) ، وهذا ما بينه أحد الأشخاص الذي أكد على أنه لا يرغب في التعامل مع شخصية متعالية ومغرورة ، علماً بأنني عكس هذا الكلام في الحقيقة ، فقررت أن لا أظلم نفسي ولا أضعها في إطار مكروه مع الزملاء فأصبحت أشاركهم (السوالف وتبادل الظُرف) ، واكتشف الجميع بأنني أمتلك قدرة كلامية عالية وقادرة على الإقناع والتأثير ، كما أنني أتكلم بطريقة حازمة ولكن جذّابة في نفس الوقت لبعض الزملاء - ولم يلبث الوقت يسيراً حتى وجدت بعض التأثر على وجه الشخص المسؤول المباشر وبعض الارتباك والاصفرار والتمتع بطريقة حديثي وحركاتي وقد كان يتعمد إثارة الموضوعات لأدخل في مناقشتها لأرى في عينيه نظرات بغيضة صفراء ولا أنكر أنني قد دخل نفسي بعض التفكير بهذا الرجل ، وإن كان يعلو تفكيري الدهشة والاستغراب من سهولة وقوع الرجل في حبائل المرأة الملتزمة ، فما باله إذا كانت المرأة متبرجة وتدعوه للفجور ؟ حقاً لم أكن أفكر فيه بطريقة غير مشروعة ولكنه أولاً وأخيراً قد شغل مساحة من تفكيري ولوقت غير قصير ، ولكن ما لبث اعتزازي بنفسي ورفضي أن أكون شيئاً لمتعة هذا الرجل الغريب من أي نوع(27/432)
كانت حتى وإن كانت لمجرد الاستمتاع المعنوي ، فقد قمت بقطع الطريق على أي عملٍ يضطرني للجلوس معه في خلوة ، وفي نهاية المطاف خرجت بحصيلة من الفوائد وهي :
1- إن الانجذاب بين الجنسين وارد في أي وضع من الأوضاع ومهما حاول الرجل والمرأة إنكار ذلك - والانجذاب قد يبدأ مشروعاً وينتهي بشيء غير مشروع .
2- حتى وإن حصّن الإنسان نفسه ، فإنه لا يأمن حبائل الشيطان .
3- إذا ضمن الإنسان نفسه وتعامل مع الجنس الآخر بالحدود المرسومة والمعقول فإنه لا يضمن مشاعر وأحاسيس الطرف الآخر .
4- وأخيراً ، إن الاختلاط لا خير فيه أبداً وهو لا يأتي بالثمرات التي يزعمونها بل أنه يعطل التفكير السليم .
وماذا بعد ؟
ونتساءل ماذا بعد طرح كل هذه الأمور المتعلقة بقضية الاختلاط؟
آن لنا أن نعترف أنه مهما جمّلنا الاختلاط واستهنا به فإن مساوئه تلاحقنا ، وأضراره تفتك بعائلاتنا ، وأن الفطرة السليمة لتأنف التسليم بأن الاختلاط هو جو صحي في العلاقات الاجتماعية ، تلك الفطرة التي دفعت معظم من شملهم هذا التحقيق (76%) أن يفضلوا العمل في مجال غير مختلط . ونفس النسبة أيضاً (76%) قالوا أن الاختلاط لا يجوز شرعاً . أما الملفت للنظر هو ليس هذه النسب المشرفة التي تدل على نظافة مجتمعنا الإسلامي في نفوس أصحابه بل الذي استوقفنا هو تلك النسبة القليلة التي أقرت بجواز الاختلاط وهم (12%) . هذه المجموعة من الأشخاص قالوا ودون استثناء أن الاختلاط يجوز ولكن بضوابط الدين ، والعرف ، والعادات ، والأخلاق والضمير ، والحشمة ، والستر .. إلى آخر هذه السلسلة من القيم الجميلة والتي برأيهم تحفظ للاختلاط حدوده .
ونسألهم ، هل الاختلاط الذي نراه اليوم في جامعاتنا وأسواقنا ومواقع العمل ، وتجمعاتنا الأسرية ، والاجتماعية ، تنطبق عليه هذه المزايا السالفة الذكر؟ أم أن هذه الأماكن تعج التجاوزات في الملبس والحديث والتصرفات ، فنرى التبرج(27/433)
والسفور والفتن والعلاقات المشبوهة ، لا أخلاق ولا ضمير ، لا ستر وكأن لسان الحال يقول : إن الاختلاط بصورته الحالية لا يرضى عنه حتى من يؤيدون الاختلاط في أجواء نظيفة .
آن لنا أن نعترف بأن الاختلاط هو ذاك الشيء الدافئ ، اللزج الرطب ، الذي يمثل أرضا خصبة للفطريات الاجتماعية السامة أن تنمو في زواياه وجدرانه وسقفه ، تنمو وتتكاثر وتتشابك دون أن يشعر أحد أن الاختلاط هو السبب ، ليكون الاختلاط بحق هو رأس الفتنة الصامت ، وفي ظله تزل القلوب والشهوات وتُفجَّر الخيانات وتُحطّم البيوت والأفئدة .
نسأل الله السّلامة والعافية وصلاح الحال وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
الحجاب بين العادة والتشريع ... العنوان
تتعالى بعض الأصوات في هذه الأونة منادية أن الحجاب عادة اجتماعية وليس هناك دليل من القرآن أو السنة على فرضيته ،فما الرأي في ذلك؟
... السؤال
24/08/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
لم يكن الحجاب في الإسلام يوما ما عادة اجتماعية ، ولا يعني وجود الشيء قبل الإسلام أنه ليس من الإسلام ،فكثير من الأمور الحميدة التي وجدت قبل الإسلام أقرها،لأن الإسلام دين الفطرة النقية ، وقد جاءت نصوص شرعية كثيرة تدل على فرض الحجاب دون تحديد هيئة أو شكل له ، وجاءت نصوص أخرى تحذر من التبرج والتعري ، فكان هذا دليلا واضحا على شرعية الحجاب وستر عورة المرأة .(27/434)
يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة جامعة الأزهر :
رُزِئ المجتمع الإسلامي في أيامنا هذه بمَن يُريدون التخلُّص من أسُس الإسلام وثوابته؛ توطئةً لهدم الإسلام في جُملته، وانطلاقًا من هذا المَقصِد السيئ تعرَّض البعض لموضوع حجاب المرأة، فزعم أنه ليس من أمر التشريع الإسلامي، وإنما هو مجرد ملبَس جرى عُرْف النساء في المجتمع على ارتدائه حتى قبل ظهور الإسلام، وبوُسْع المجتمع أن يتخلَّص منه إذا ظهر أنه لا جدوى من ارتدائه، لا سيما أنه مُعَوِّق للعمل، ولا يُعَدُّ دليلًا على التزام مَن ترتديه من النساء بأحكام الإسلام وتعاليمه، فضلًا عن عدم مناسبته لمكانة المرأة التي ينبغي أن لا يُنظَر إليها كجسد، يجب تغطيته وحبسه في البيت، إلى غير ذلك مما يتذَرَّع به نُفاة الحجاب.
وفي البداية نقرر أن الحجاب ليس عادة اجتماعية، كما توهَّم البعض، وإنما هو أمر تشريعي وفريضة فرضها الله تعالى على نساء هذه الأمة؛ صيانة لهن وخوفًا عليهن من أذًى قد يتعرَّضْنَ له من غير المُبالين بالحلال والحرام، وسدًّا للذريعة إلى الفساد في المجتمع المسلم، ومن الأدلة الكثيرة الدالَّة على فرضية ستر المرأة عورتها ما يلي :
قول الله تعالى: (وَقُلْ للمؤمناتِ يَغْضُضْنَ من أبصارِهِنَّ ويَحْفَظْنَ فُروجَهُنَّ ولا يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظهرَ منها وَلْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جُيوبِهِنَّ...) إلخ الآية، إذ المقصود من الزينة في الآية ما تتزيَّن به المرأة من الحُلِيِّ وغيرها، ونَهْي النساء عن إبداء هذه الزينة نهي عن إبداء مواضعها من أبدانهن بالأولى، مبالغة في الأمر بالتصوُّن والتستُّر.
وقوله سبحانه: (وقَرْنَ في بُيوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهليةِ الأُولَى)، وهو نهي كذلك عن إبداء المرأة عورتها.
وقوله جل شأنه: (يَا أَيُّهَا النبيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وبناتِكَ وَنِساءِ المُؤمنينَ يُدْنِينَ عليهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فلا يُؤْذَيْنَ).(27/435)
وفي هذه الآية أمر بستر المرأة كذلك، الذي هو أدْعى إلى عدم تعرُّض المرأة المستورة العورة لأذًى من فُسَّاق الرجال.
ورُوِي عن أم سلمة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: إِذَا كَانَ لإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبِ، فملكَ مَا يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْه" أي أن العبد ـ وهو مَن استثناهم الشارع من حُرْمة النظر إلى عورة سيدته في قوله: (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ) إذا كاتبتْه سيدتُه، وملك ما يُحَرِّر به نفسَه من الرقِّ، وجب على سيدته أن تَحتَجِب منه.
وروي عن عائشة قالت: "إن أسماء دخلت على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعليها ثياب رِقاق، فأعرض عنها، وقال: إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يَصلُح أن يُرَى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفَّيْهِ".
وتوعَّد الشارع مَن تُبدي عورتَها بالعذاب الأليم، فرُوِي عن أبي هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "صنفانِ من أهل النارِ لم أرهما... ونساء كاسِيَات عارِيَات مُميلات مائلاتٌ، رؤوسهن كأسنِمة البُخْت المائلة، لا يدخُلْن الجنةَ ولا يَجِدْنَ ريحها"، ومعنى نساء كاسِيَات عارِيَات، أي يبدين بعض أبدانهنَّ ويستُرْن البعض الآخر، إظهارًا لجمالهن.
كل هذا وغيره دليل قاطع على أن الحجاب من التشريع وأنه مفروض على نساء هذه الأمة، وليس هناك موديل معيَّن لثياب المرأة المسلمة، يتحقَّق به ستر عورتها، فبوُسْع كل امرأة أن تختار من هذه الموديلات ما يكون مناسبًا لبدنها أو عملها، سواء كانت تعمل داخل المنزل أو خارجه، بحيث تكون الثياب المختارة غير مُلْتَصِقة ببدن المرأة، وأن تكون سميكة نوعًا ما، حتى لا تصف تفصيلات البدن إن كانت ضيقة، أو تبدي شيئًا منه إن كانت رقيقة "شفافة"، فإذا اختارت المرأة ما يناسبها من ذلك فلا يُتصور أن تُعَوِّقها عن العمل، إلا أن تكون المرأة قد اختارت ما لا يُناسبها منها، فتكون بهذا قد أساءت الاختيار، وعليها في هذه الحالة أن تبحث عما يُناسبها.
وليس في أحكام الحجاب ما يُفهَم منه أن الإسلام ينظر إلى المرأة كجسد يجب أن يُغَطَّى.. إلخ، بل إن الذين يريدون التبرُّج للمرأة والتنكُّب عن شرع الله، هم الذين(27/436)
ينظرون إليها كجسد، يجب أن يتعرَّى لتعود المرأة به إلى عصر النِّخاسة، وقت أن كانت الإماء تُعرَض فيه كما تُعرَض الدواب، مُتَجَرِّدات من كل ما يستُرُهن، ليرُقنَ في نظر مَن يُريد شراءهن، وهذه الصورة المُهِيِنة، التي لم يردها الإسلام للنساء الحرائر، يريد نُفاة الحِجاب أن يرتدوا بالمرأة إليها؛ تحقيرًا لشأنها، وتحبيذًا على أن تكون في هذه الحياة مجرد جسد، تتعَلَّق الأعين بمواضع الفتنة والإثارة فيه في غُدُوِّه ورواحه، والإسلام الذي كرَّم المرأة، ورفع من منزلتها، وحفظ لها حقوقها أسوةً بالرجل، ينأَى بها أن تهوى إلى هذا المستَنْقَع الذي يريده لها نُفاة الحجاب، فما قصد الإسلام من أحكام الحجاب إلا صيانةَ المرأة وتكريمها وحمايتها من أن تُصاب بأذًى، وهذا يُدرِكُه المتصفِّح لنصوص الشريعة، ولو لم يكن متفَقِّها في هذه الأحكام.
والله أعلم
ــــــــــــــ
أهل الزوجة مصرون على عمل منكر في حفل الزفاف
سؤال:
السؤال :
سأتزوج قريبا , وترغب الفتاة وأهلها أقامة حفل زفاف مكلف يتخلله بعض الأمور المحرمة مثل الموسيقى واختلاط الجنسين وغير ذلك . كيف أتصرف ؟ هل أقوم بإلغاء هذا الارتباط وأتزوج بفتاة غيرها ؟.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
ما يريده أهل الفتاة محرم ولا شك ، ولا يمكن القبول به ولا يجوز إرضاء الناس بسخط الله ، ولا ننصحك مطلقا أن تبدأ حياة زوجية بحرام ، وعلى المسلم أن يربأ بنفسه وأهله أن تكون امرأته سلعة رخيصة ، ينظر إليها من هبّ ودبّ وهي في كامل زينتها .
وننصحك لمواجهة الموقف بالقيام بما يلي :(27/437)
1. أن تنصحهم بالحسنى وتبيّن لهم الحكم الشرعي فيما ينوون فعله وتحذّرهم من إغضاب الله عزّ وجلّ وتبيّن حرمة الموسيقى والاختلاط ، وأنّه يُمكنهم إقامة عرس جيّد وناجح دون هذه الأمور المحرّمة وأنّه ليس من مصلحتهم قطّ لا في الدنيا ولا في الآخرة أن يقوموا بمقابلة نعمة الله في زواج ابنتهم بأن يعصوه ويخالفوا أمره ويرتكبوا ما يُغضبه .
2. فإن لم يُجْد ذلك : فابحث عن عقلاء من أهلهم وأقربائهم ومن أهلك أيضا ممن تحسن فيهم الظن ، وترجو منهم الخير ، لعل الله أن يكتب على يديهم الفرج لك ، وترك المنكرات ولو بالضّغط عليهم وإحراجهم .
3. فإن لم ينفع ذلك فاسعَ بتوسيط أحد أهل العلم والعقل الراجح ممن يقدِّرونه ويحترمونه ، فلعله أن يستحيي منهم ، أو يقنعهم بسوء ما ينوون فعله فيتركونه .
فإن لم يأت ذلك بنتيجة فلك أن تهددهم بالطلاق والفراق ، ولعلهم ينتبهون أن هذا قد يسيء لهم عند الناس ، فيتركون ما حرَّم الله . ولعلّ إطالة المدة بين العقد والزواج يأتي بنتيجة في إقناع هؤلاء .
4. فإن لم يستجيبوا مطلقا فإننا نحذّر تحذيرا بالغا من التورّط مع هؤلاء القوم ، اللهم إذا قلنا بأنّ الفتاة ذات دين وخلق ولا ترضى بما يفعله أهلها وتستطيع أنت وهي عدم حضور المنكر وأن تنسحبا من الحفل عند الشّروع فيما يُغضب الله مع إعلان الإنكار والبراءة مما سيبدؤون به من المنكر وتترك المكان وتذكر قول الله تعالى : ( فلا تقعدوا معهم إنكم إذا مثلهم ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكرا فليغيّره .. )
والله المستعان وإليه المشتكى وعليه التُكلان .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
حج المرأة بدون محرم ...
عنوان الفتوى(27/438)
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 19453 ...
رقم الفتوى
... 13/07/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
تقدمت سيدة بطلب للحج فقيل لها: لابد من محرم معها ، فماذا تفعل ؟ .
نص الفتوى
روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو أخوها أو زوجها أو ابنها أو ذو محرم منها " . ورويا أيضا أن رجلا قال للنبى صلى الله عليه وسلم إنه اكتتب فى الغزو، وإن امرأته قد خرجت للحج ، فقال له "حج مع امرأتك " . إزاء هذين النصين وغيرهما اختلف العلماء فى اشتراط المحرم فى وجوب الحج على المرأة ، وبعيدا عن اختلافهم فى تقدير المسافة ، قال الحنفية : لابد من وجود الزوج أو المحرم ، إلا أن يكون بينها وبين مكة دون ثلاث مراحل . وقال الشافعى فى المشهور عنه كما ذكره النووى فى شرح صحيح مسلم "ج 9 ص 104 " : لا يشترط المحرم بل يشترط الأمن على نفسها . وقال أصحابه : يحصل الأمن بزوج أو محرم أو نسوة ثقات ، وقال بعضهم :
يلزمها -أى الحج -بوجود امرأة واحدة ، وقد يكثر الأمن ولا تحتاج إلى أحد ، بل تسير وحدها فى جملة القافلة وتكون آمنة ، ويقول النووى : المشهور من نصوص الشافعى وجماهير أصحابه هو الأول ، أى الأمن على نفسها بالزوج أو المحرم أو النسوة الثقات . والإمام مالك لا يشترط الزوج أو المحرم فى سفر الفريضة ، وقال الباجى من المالكية : إن الكبيرة غير المشتهاة يجوز سفرها بلا زوج ولا محرم ، ورفض القاضى عياض هذا القول لأن المرأة مظنة الطمع والشهوة حتى(27/439)
لو كانت كبيرة، ولوجود السفهاء الذين لا يتورعون عن الفحشاء فى الأسفار. والإمام أحمد اشترط وجود الزوج أو المحرم فى وجوب الحج عليها، وفى رواية أخرى عنه : لا يشترط ذلك فى سفر الفريضة . يقول النووى بعد حكاية مذهب الشافعى : إن هذا الخلاف إنما هو فى الحج الواجب ، أما حج التطوع وسفر الزيارة والتجارة وما ليس بواجب ، فقال بعضهم : يجوز خروجها مع نسوة ثقات ، وقال الجمهور: لا يجوز إلا مع زوج أو محرم ، وهذا هو الصحيح ونوجه النظر إلى أن من اشترط المحرم أو الزوج اشترطه لوجوب الحج عليها ، ولرفع الإثم والحرج عنها لو سافرت بدونه ، لكن لو خرجت للحج بدون ذلك فإن حجها صحيح متى استوفى أركانه وشروطه ، وتسقط به الفريضة عنها ولا تلزمها إعادته مع محرم ، وإن كانت قد أثمت لخروجها بدون الزوج أو المحرم أو ما يقوم مقامهما على الوجه المذكور .
والحكمة فى اشتراط المحرم أو الزوج هى توفير الأمن للمرأة فى السفر، ومساعدتها على قضاء مصالحها التى تحتاج إلى اختلاط أو تعب ، وقد يكون لتطور وسائل السفر وقصر مدة الغياب عن الوطن ، مع توافر كل المستلزمات من ضروريات وكماليات ، وسهولة الحصول عليها ، ومع استتباب الأمن حيث تؤدى الشعائر بيسر، بالقياس إلى أزمان سبقت قد يكون لكل ذلك أثره فى تغير النظرة عند فهم الحديث الخاص بسفر المرأة وحدها . وقد صح فى البخارى من حديث عدى بن حاتم أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر له أنه قد يستتب الأمن حتى ترتحل الظعينة من الحيرة وتطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله .
وقد رأينا فى استعراض آراء الفقهاء -حتى بين علماء المذهب الواحد - اختلاف وجهات النظر فى حتمية المحرم أو الزوج وإمكان الاستعاضة عنهما بالرفقة المأمونة ، بل فى جواز حجها بدون مرافق ، حتى إن ابن حزم فى " المحلى " رجح عدم وجوب الزوج أو المحرم فى سفر الحج ، فإذا لم تجد واحدا منهما تحج ولا شىء عليها . ولذلك أرى أن المدار هو على توفر الأمن والراحة لها ، فإذا حصل ذلك بأية صورة من الصور، كزوج أو محرم أو رفقة مأمونة أو إشراف رسمى مسئول أو غير ذلك . وجب عليها الحج وسافرت ، وقد حج نساء النبى(27/440)
صلى الله عليه وسلم بعد أن أذن لهن عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضى الله عنهما وكان ذلك سنة لأنهن حججن مع الرسول صلى الله عليه وسلم . هذه هى خلاصة ما قرأته فى المراجع الآتية : شرح النووى لصحيح مسلم ج 9 ص 104 ، المغنى لأبن قدامة ج 3 ص ، 195 ، نيل الأوطار للشوكانى ج 4 ص 6 30 ، 07 3 والأسرة تحت رعاية الإسلام ج 2 ص 230 .
ــــــــــــــ
لا صداقة بريئة بين شاب وفتاة
تاريخ الفتوى : ... 15 رجب 1426 / 20-08-2005
السؤال
ما هو سبب تحريم الصداقة البريئة بين شاب وفتاة؟
أرجو أن تكون الإجابة من القرآن والأحاديث حتى يتيسر لي إقناع أصدقائي.
و شكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان الحكمة من تحريم الصداقة بين الشباب والفتيان، وذكر الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11945، 54149، 30991
فراجعيها.
وأما الزعم بأنها صداقة بريئة فهو زعم باطل وهو من كيد الشيطان وتزيينه المعاصي لابن آدم حتى يوقعه فيها، وقد بينا بطلان ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 32807 ، 10708 ،40885 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
يريد أن يتحدّث مع فتاة دون كلام فاحش(27/441)
سؤال:
ما هو الحب المسموح به في الإسلام ؟ هل لي أن أكلم فتاتي بشكل خاص أو أكتب إليها وبدون تلميحات جنسية ؟ أم أنني أستطيع أن أقول لها إني أحبك ؟ وإذا كان والداي يعترضان فهل لي الحق أن أتزوجها ؟.
الجواب:
الحمد لله
الحب الجائز هو ما يقع في القلب دون قصد وتعمد مخالفة محرّمة مثل النظر والاختلاط ونحوه . أما الكلام والكتابة للفتاة ، فإذا كان يترتب عليه الوقوع في الحرام ، أو يخاف أن يؤدي إليه فلا يجوز .
وبصفة عامة أنصحك أن تترك ذلك ، لأنَّه قد يبدأ سليماً وبريئاً ثم يتطور ويقع الشخص في الحرام . وإذا كان والداك يعترضان على زواجك منها فحاول إقناعهما ، فإن لم تستطع فابحث عن غيرها ، فقد يكون الخير في ذلك وأنت لا تشعر .
الشيخ محمد الدويش
ــــــــــــــ
مشاهدة الأفلام الإباحية والصور العارية ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : ما حكم مشاهدة الأفلام الإباحية والصور العارية ؟ وجزاكم الله عنا خيراً
... السؤال
13/08/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
مشاهدة الأفلام الجنسية حرام لأنها من الوسائل المؤدية إلى الانحلال والفساد الأخلاقي، كما أن الصور العارية حرام لأن فيها انتهاكاً للمحرمات والنظر إلى ما حرم الله .(27/442)
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة - أستاذ الفقه وأصوله - جامعة القدس - فلسطين :ـ
إن الإسلام يحارب الفساد والانحلال بمختلف ألوانه وأشكاله ويقطع كل الطرق التي تؤدي إليه ، ولا شك أن الأفلام الإباحية والصور العارية مظهر من مظاهر الانحلال والفساد وأنها من الوسائل المؤدية إليه ، لذلك لا شك لدي في حرمة مشاهدة الأفلام الإباحية والصور الخليعة لأن للوسائل أحكام المقاصد كما قرر فقهاء الإسلام .
قال العز بن عبد السلام : :[ للوسائل أحكام المقاصد فالوسيلة إلى أفضل المقاصد هي أفضل الوسائل والوسيلة إلى أرذل المقاصد هي أرذل الوسائل ] .
ومن المعروف عند العقلاء أن مشاهدة الأفلام الجنسية والصور الخليعة وسيلة من وسائل انتشار الفساد الخلقي والانحلال وانتشار الموبقات ،وقد تؤدي إلى الزنا واللواط واستعمال العادة السرية فما أدى إلى الحرام فهو حرام وقد سمعنا وقرأنا عن حوادث كثيرة كان سببها مشاهدة تلك الأفلام الساقطة والصور الخليعة كالزنا واللواط وغير ذلك من المفاسد الأخلاقية .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :( لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها ) رواه البخاري .
ومعنى الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم ينهى المرأة أن ترى امرأة أخرى وهي عارية وبعد ذلك تقوم بوصفها لزوجها فتجعله يفتتن بالمرأة الموصوفة .
ومن المعلوم أن هذا الوصف يجعل الزوج يتخيل تلك المرأة بصفاتها التي نقلت إليه من زوجته ،ومع أن الأمر يتعلق بالخيال فقط فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنه فما بالك بمشاهدة الأفلام الجنسية حيث الصوت والصورة ، فهذا يؤدي إلى مفسدة أعظم من مجرد التفكير بامرأة وصفت له .
قال الشيخ علي بن الحسن الحموي الشافعي رحمه الله معلقاً على الحديث السابق [ تالله لقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما ذكر لأن الرجل الأجنبي إذا سمع وصف امرأة أجنبية تشكلت في قلبه وانطبعت في مرآة نفسه ، ويوحي الشيطان لعنه الله له عند ذلك كلاماً من غروره وأمانيه ، ويحول بينه وبين تقوى(27/443)
الله ومرضاته ، وتخطر له هنالك خواطر قبيحة وهواجس ذميمة فتارة بالزنا وتارة بالفحشاء ...] أحكام النظر ص 58 – 59 .
إن كل هذا يحدث نتيجة التفكير في امرأة وإن ما ينتج عن مشاهدة الأفلام الجنسية لهو أعظم وأخطر بكثير مما وصف الشيخ المذكور رحمه الله .
إنني لا أظن أن مسلماً تقياً يعرف مقاصد الشرع الشريف يقول بجواز ذلك ، هذا إذا أضفنا إلى ما تقدم أن إعداد الأفلام الجنسية والصور العارية حرام لأن فيها انتهاكاً للمحرمات والنظر إلى ما حرم الله ، كما أن نشر تلك الأفلام حرام وطبع تلك الصور حرام ، وترويج ذلك ونشره حرام أيضاً فالقضية كلها تدور ضمن دائرة التحريم .
والله أعلم .
ــــــــــــــ
تريد الدراسة في أمريكا وأبوها يمنعها من الحجاب
سؤال:
السؤال : أنا فتاة عمري 21 سنة وبدأت لبس الحجاب قبل سنة ونصف وخالفت بهذا رغبة والداي . سأذهب في العام القادم إلى أمريكا للدراسة ، والدي ينصحني وبحرص على عدم لبس الحجاب هناك لأن الناس هناك لا يريدون أن يكونوا مخالفين . أواجه مشكلة الآن فأنا أريد لبس الحجاب لأنه قيل لي أن عدم لبس الحجاب ذنب عظيم . أرجو أن تنصحني في هذا الأمر.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
أحسنت وبارك الله فيك حيث اتبعت شرع الله في ارتداء الحجاب واعلمي أن لا طاعة لمخلوق في معصية الله ، فعليك بالمداومة على الحجاب وسائر الشرائع ، ولكن نخشى عليك بذهابك إلى أمريكا من أجل الدراسة من الفتن المتلاطمة والشبهات المختلفة وكذا الشهوات المحرمة فإن استطعت أن تدرسي في جامعة أو(27/444)
مدرسة تراعي الأحكام الشرعية من لبس الحجاب وعدم الاختلاط فهذا هو المتيقن عليك .. والله يوفقنا وإياك لكل خير
الشيخ محمد آل عبد اللطيف
ــــــــــــــ
استعمال آلة تؤدي إلى الاستمناء
سؤال:
لدي سؤال محرج ، ولكنني أريد معرفة الجواب عليه . إذا قامت امرأة بتمرير آلة على فرجها , فهل تعتبر أنها مارست العادة السرية بذلك ؟ وما الحكم إذا استخدمت المرأة هذا الجهاز لأنها تواجه الكثير من الضغوط , وكانت ترى رجالا وسيمين في عملها , وكان زوجها يعيش في بلاد أخرى ؟.
الجواب:
الحمد لله
يجب عليكِ أنْ تَبْتَعِدِي عن كلِّ وسيلة لإثارة الشهوة ، فإن هذه الوسائل ولا شك ستودي بكِ في النهاية إلى الوُقُوعِ في فِعْلِ العادة السرّية ، وفعلها مُحَرَّم ، ويراجع سؤال رقم 329 , والعبرة بفعل ما يؤدي إلى خروج المني ، سواء باليد مباشرة أو بأي آلة تعمل على الاحتكاك المؤدي إلى نزول المني ، فجاهدي نفسك واتركي ذلك ، وعليكِ بالبعد واجتناب أماكن الاختلاط بالرجال ، لأن ذلك محرم شرعاً ، لأن الشيطان سيوقعك بالفاحشة مادام أنك تلتقين بهم في كل يوم خاصة مع غياب زوجك ، ينظر سؤال 1200 ، والواجب عليك الاتصال بزوجك وإخباره بضرورة الحضور حتى لا تقعي في المحرم يراجع سؤال 6713 ، والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
الفتوى : ... حرمة مخالطة الأجنبيات في العمل ومؤاكلتهن
تاريخ الفتوى : ... 15 رجب 1426 / 20-08-2005
السؤال(27/445)
أنا متزوجة وعندي ثلاثة أطفال وزوجي عنده دكان يعمل به مع العلم أن في هذا الدكان يعمل معه نساء أجنبيات ويلبسن عليهن اللبسة القصيرة والضيقة جدا، ولقد نصحته أكثر من مرة ولكن بدون جدوى، وأيضا يشتري لهن الأكل ويأكل معهن، مع العلم أن زوجي يصلي ويؤدي الفرائض وعندما أكلمه يغضب كثيرا ويقول لا تتدخلي في عملي ماذا أفعل.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عمل زوجك قد اشتمل على عدة محظورات، ومن ذلك:
- السماح لهؤلاء النسوة بالعمل عنده دون حجاب.
-الاختلاط بالنساء الأجنبيات في العمل وما يؤدي إليه من الكلام والجلوس معهن والنظر إليهن، ومما لا شك فيه أن الاختلاط في العمل تترتب عليه أضرار ومفاسد دينية ودنيوية عديدة، وراجعي في ذلك الفتوى رقم:3539. ومع ذلك فإننا ننصحك بالصبر على زوجك، والاستمرار في نصحه ومحاولة إنقاذه من الاثم، لما في ذلك من الإحسان إليه، والحفاظ على كيان الأسرة، ومراعاة لمصلحة أطفالك الثلاثة، وننصحك بالالتجاء إلى الله تعالى والاطراح بين يديه، وبث شكواك إليه، ودعائه بأن يهدي زوجك ويحفظ أسرتك. نسأل الله تعالى جميعا أن يهدينا جميعا صراطه المستقيم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الخمار وحرية المرأة ... العنوان
ترى كثير من النساء أن الحجاب يقيد حريتها ،فما قولكم في هذا ؟
... السؤال
10/06/2002 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...(27/446)
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الحجاب أمر الله تعالى للمرأة،وعلى المرأة المسلمة أن تستجيب إلى أمر الله تعالى ،فذلك من علامات الإيمان الصادق ،قال تعالى:(وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم )،وفرض الله تعالى الحجاب على المرأة من باب حفظها وصونها وحمايتها من مرضى النفوس والقلوب ،من أن تزيغ أبصارهم إلى مفاتن المرأة بتبرجها وعدم ارتدائها حجابها ،كما أن الحجاب سبيل لصون الأعراض وحماية البيوت .
وقد جاء في فتاوى فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي من علماء الأزهر (رحمه الله ) ما نصه: :
العبودية والحرية
إن من اختار الدين، فعليه أن يقبل أحكام هذا الدين، حتى ولو كانت هذه الأحكام تقيد حريته في افعل و لا تفعل، لأن تقييد الحرية هنا، هو لخير الإنسان و ليس شراً له...
إن هذه الأحكام جاءت من الله سبحانه و تعالى و هو أعلم بنا من أنفسنا، فإذا كانت تقيد حركتنا، فهي تعطينا الخير، وتذهب عنا السوء، فلا يوجد دين بلا منهج، إلا أن يحاول الإنسان أن يرضى غريزة التدين فيه، وفي نفس الوقت يفعل ما يشاء ، فيعبد الأصنام أو الشمس، أو غير ذلك مما لا يقيده بمنهج في الحياة، فيخلص نفسه من تعاليم الله ليفعل ما يشاء، و في هذه الحالة يكون قد كفر- و العياذ بالله - لأنه لا يريد منهجاً سماوياً يقيد حريته.
و المرأة التي تتضرر من الحجاب بزعم أنه يقيد من حريتها بستر ما أمر الله من مفاتنها، فعليها ألا تعترض على منح هذه الحرية لغيرها، فإن أباحت لنفسها أن تتزين و تكشف عن مفاتنها، لتجذب إنساناً و تفتنه، فعليها ألا تعترض على قيام غيرها بكشف زينتها و مفاتنها لتجذب زوجه هذه المرأة أو ابنها.
من أهداف ستر المرأة(27/447)
إن الهدف هو صيانة المجتمع كله من الفتنة، وإبقاء الاستقرار و الأمن بالنسبة للمرأة، حتى لا يخرج الزوج من بيته و زوجه لا تعلم فتفتنه امرأة أخرى فيتزوجها، أم أنه سيعود إلى بيته؟
إن الله سبحانه و تعالى قد وضع من القواعد و الضوابط ما يمنع الفتنة للمرأة و الرجل حفاظاً لاستقرار الأسرة و أمنها و أمانها، و حرم أي شيء يمكن أن تكون فيه فتنة من امرأة لرجل غريب عنها، و لذلك حرم إبداء الزينة إلا لمحارم المرأة، حرمه الله تبارك و تعالى في قوله:
(( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ))
و هؤلاء الذين ذكرهم الله تعالى في هذه الآية هم من محارم المرأة التي لا تحرص على إبداء زينتها أمامهم، و حتى إذا فعلت فإن هذه الزينة لا تثير في نفوسهم أي شهوة، إما لأنهم لم يبلغوا السن التي يحسون فيه بالشهوة، و إما أنهم تعدوا هذه المرحلة تماماً، بل إن الله سبحانه و تعالى حرم على النساء أن يضربن بأرجلهن كنوع من التحايل لإظهار الزينة التي أخفتها الثياب، و ذلك بتعمد اهتزاز الجسم لتظهر مفاتنها، و قال الحق جل جلاله:
(( وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ))
كل هذا قد فهمه البعض على أنه تقييد لحرية المرأة، و لكنه في الحقيقة حماية لها..
لو أن الله سبحانه و تعالى لم بفرض الحجاب، لكان على المرأة أن تطالب به، لأنه أكبر تأمين لها و لحياتها، ذلك أن نضارة المرأة موقوتة، و فترة جمالها- لو حسبناها- فلن تزيد عن خمسة عشر عامًا، ثم بعد ذلك تبدأ بالذبول...
خمار المرأة وحماية الأسرة(27/448)
هب أن امرأة بدأت بالذبول و زوجها مازال محتفظا بنضارته، قادراً على الزواج، و خرج إلى الشارع و وجد فتاة في مقتبل العمر و في أتم نضارتها و قد كشفت عن زينتها، ماذا سيحدث؟!
إما أن يفتن بهذه الفتاة و يترك زوجته و يتزوجها، و إما أنه عندما يعود إلي بينه يلحظ الفرق الكبير بين امرأته و هذه الفتاة، فيزهد في زوجته، و يبدأ في الانصراف عنها ...
لكن لو حجبت النساء مفاتنهن عن الرجال، لصارت كل منهن آمنة من فقدان زوجها، و من تغيير نفسه أمام زوجته، و لظلت محتفظة بحبه لها و إقباله عليها، لماذا ؟ لأن الجمال نمو، و النمو في المخلوقات و النبات و الحيوان و الإنسان لا يدركه المتتبع له، و لذلك تجد الرجل و له ولد ينظر إليه كل يوم، فلا يمكن أن يلحظ أنه يكبر، ولكنه إن غاب عنه شهراً، يتجمع نمو الشهر كله و هو بعيد عنه، و عندما يعود يحس بأنه قد كبر..
و الفلاح مثلاً لو جلس بجوار الزرع، لا يلحظ نموه و لا يراه، فإذا غاب عنه فترة لاحظ هذا النمو.
و الرجل مع زوجته كذلك، فهو عندما يتزوجها و هي عروس تكون في أبهى زينتها و نضارتها، و لكن لأنه يراها كل يوم، فإنه لا يلحظ فيها أي تغيير، و تكبر و تذهب نضارتها و جمالها من أمامه شيئًا فشيئًا، دون أن يلاحظ هذا الذبول، بل تظل في عينيه هي نفس العروس الجميلة التي زفت إليه..
و لكن إذا رأى امرأة غيرها، أصغر منها و لا تزال في قمة نضارتها، بدأت المقارنة و أحس بالتغيير، و أثر ذلك في نفسه..
و لذلك و نحن نرى أمهاتنا بعد أن كبرت و ملأت وجوههن التجاعيد، لا نشعر بهذا، بل نجد في أمهاتنا نضارة لا نشبع من النظر إليها.
فإذا كان الله سبحانه و تعالى قد حجب المرأة من أن تستلفت الأنظار إليها بالكشف عن زينتها، و هو قد حجب غيرها ممن هن أصغر و أجمل و أكثر نضارة من أن يستلفتن أنظار زوجها فيعرض عنها..(27/449)
و العجيب أن المرأة لا تلتفت إلي هذه الحكمة، و هي أن الحجاب حماية لها و لزوجها و لبيتها، بل تأخذ المسألة على أساس من الحرية الجوفاء، ناسية أن هذا التقييد إنما شرع لحمايتها.
التمتع بالجمال في الكون
و العقاب في الشرع في كل الحالات، لا يبدأ عند النزوع إلى عمل شيء، فأنت ترى وردة جميلة، فلك النظر إليها كما شئت فليس في ذلك إثم و لا حساب، و تمتع برائحتها كما شئت، فليس هناك إثم و لا حساب، إلا أن تمد يدك لتقطعها، حينئذ تكون قد اعتديت...
و أنت ترى فرسا جميلة، فلك النظر إليها كما شئت، و تمتع بالنظر إليها كما تريد، فلا إثم عليك، إلا أن تحاول أن تركبها دون إذن صاحبها، و هكذا كل ما في الدنيا من جمال، و الله سبحانه و تعالى يقول:
(( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ))
زينة لمن؟ لأصحابها فقط؟ الآية جاءت بالزينة على إطلاقها، و لهذا فهي زينة لصاحبها، و لمن أراد أن ينظر إليها و يتمتع بجمالها، كل ما في الكون من جمال، للمرء أن ينظر إليه، فليس هذا محرمًا، إلا المرأة ، فالنظرة إليها محرمة، من المرأة للرجل، و من الرجل للمرأة، و النظر إليها و التأمل في جمالها من غير زوجها إثم، و كذلك الرجل بالنسبة للمرأة، نظر المرأة للرجل و تأملها في ملامح رجولته إثم، لذلك يقول الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز:
(( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ))
و قوله جل جلاله:
(( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ))
والله أعلم
ــــــــــــــ
الاختلاط
مقدمة:(27/450)
• قال الشيخ علي الطنطاوي: أما الحرب التي تواجه الإسلام الآن فهي أشد وأنكي من كل ما كان، إنها عقول كبيرة جداً، شريرة جداً، تمدها قُوى قوية جداً، وأموال كثيرة جداً، كل ذلك مسخَّر لحرب الإسلام على خطط محكمة، والمسلمون أكثرهم غافلون.
• يَجِدُّ أعداؤهم ويهزلون، ويسهر خصومهم وينامون، أولئك يحاربون صفاً واحداً، والمسلمون قد فرَّقت بينهم خلافات في الرأي، ومطامع في الدنيا.
• يدخلون علينا من بابين كبيرين، حولهما أبواب صغار لا يُحصى عددها.
• أما البابان الكبيران فهما باب الشبهات وباب الشهوات. أما الشبهات فهي كالمرض الذي يقتل من يصيبه، ولكن سريانه بطيء وعدواه ضعيفة. فما كل شاب ولا شابة إذا ألقيت عليه الشبه في عقيدته يقبلها رأساً ويعتنقها.
• أما الشهوات فهي داء يمرض وقد لا يقتل، ولكن أسرع سرياناً وأقوى عدوى، إذ يصادف من نفس الشاب والشابة غريزة غرزها الله، وغرسها لتنتج طاقة تستعمل في الخير، فتنشئ أسرة وتنتج نسلاً، وتقوي الأمة، وتزيد عدد أبنائها، فيأتي هؤلاء فيوجهونها في الشر، للذة العاجلة التي لا تثمر.
• هذا هو باب الشهوات وهو أخطر الأبواب.
• عرف ذلك خصوم الإسلام فاستغلوه، وأول هذا الطريق هو الاختلاط.
• بدأ الاختلاط من رياض الأطفال، ثم برامج الأطفال فصاروا يجمعون الصغار من الصبيان والصغيرات من البنات.
• نحن لا نقول أن الصغيرة كالكبيرة البالغة، ولكن نقول أن من يرى هذه تُذَكِّرُهُ بتلك، فتدفعه إلى محاولة رؤيتها.
• ثم إن أصول العقائد، وبذور العادات ومبادئ الخير والشر، إنما تغرس في العقل الباطن للإنسان، من حيث لا يشعر في السنوات الخمس أو الست الأولى من عمره، فإذا عودنا الصبي والبنت علي الاختلاط فيها، ألا تستمر هذه العادة إلى السبع والثمان ؟(27/451)
• ثم تصير أمراً عادياً ينشأ عليه الفتى ، وتشب الفتاة، فيكبران وهما عليه ؟ وهل تنتقل البنت في يوم معين من شهر معين، من الطفولة إلى الصبا في ساعات معدودات، حتى إذا جاء ذلك اليوم حجبناها عن الشباب ؟
• أم هي تكبر شعرة شعرة، كعقرب الساعة تراه في الصباح ثابتاً فإذا عدت إليه بعد ساعتين وجدته قد انتقل من مكانه. فهو إذن يمشي وإن لم تر مشيه، فإذا عودنا الأطفال على هذا الاختلاط فمتى نفصل بينهم ؟
• والصغير لا يدرك جمال المرأة كما يدركه الكبير، ولا يحس إن نظر إليها بمثل ما يحس به الكبير، ولكنه يختزن هذه الصورة في ذاكراته فيخرجها من مخزنها ولو بعد عشرين سنة.
• ثم إن من تُشْرِف على تربيته النساء يلازمه أثر هذه التربية حياته كلها، يظهر في عاطفته، وفي سلوكه، في أدبه، إذا كان أديباً.
• ولا تبعد في ضرب الأمثال، فهاكم الإمام ابن حزم يحدثكم في كتابه " طوق الحمامة " حديثاً مستفيضاً في الموضوع.
•
• خلق الله الرجال والنساء بعضهم من بعض، ولكن ضرب بينهم بسورٍ له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قِبَلِهِ العذاب. فمن طلب الرحمة والمودة واللذة والسكون والاطمئنان دخل من الباب، والباب هو الزواج. ومن تسوَّر الجدار أو نقب السقف، أو أراد سرقة متعة ليست له بحق، ركبه في الدنيا القلق والمرض وازدراء الناس، وتأديب الضمير، وكان له في الآخرة عذاب السعير.
• هذا ما قاله الشيخ عن بلادٍ غير بلادنا وزمان غير زماننا، والسعيد من وُعِظَ بغيره ولم يتعظ به الناس، فليحذر الذين يدندنون حول هذا الموضوع في بلادنا أن يشملهم قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } [النور:19].
• جنبنا الله مسالك أهل الفساد والإفساد، وجعلنا من الهُداة المهتدين.
المرجع:هكذا بدأ الاختلاط- سليمان بن صالح الخراشي- دار القاسم.
ــــــــــــــ(27/452)
طاعة الزوجة لزوجها في خلع الخمار ... العنوان
هل يحق للزوج أن يأمر زوجته بخلع الحجاب ؟وماذا تفعل المرأة لو أمرها زوجها بهذا ؟
... السؤال
10/06/2002 ... التاريخ
أ.د. عبد الفتاح إدريس ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فلا يجوز للمرأة أن تطيع زوجها الذي يأمرها بخلع الحجاب ـ وهو ما يستر جسدها كله عدا الوجه والكفين ـ لأن في هذا معصية لله عز وجل الذي أمرها بالحجاب ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
يقول الأستاذ الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة :
فرضية الحجاب
فرض الله سبحانه على المرأة أن تلبَس ما يستُر عورتها، كما فرض عليها أن لا تُبدِي هذه العورة لمَن لا يَحِل النظر إليها من الرجال الأجانب عنها، إلا لضرورة أو حاجة، كإبدائها عند مُداواتها أو الكشف عليها، أو فحصها، أو توليدها، أو الشهادة لها أو عليها، أو الحكم لها أو عليها، أو خِطْبتها، أو غير ذلك مما أُباح لها الشارع إبداءَ عورتها من أجله، قال، تعالى: (وقُلْ للمؤمناتِ يَغْضُضْنَ من أبصارِهِنَّ ويَحفَظْنَ فُروجَهُنَّ ولا يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا ما ظهرَ منها)
فقد نهى الحق سبحانه في الآية النساءَ عن إبداء ما خَفِي من زينتهن، والنهي عن إبداء الزينة نهي عن إبداء مواضعها من أبدانهن بالأَوْلى؛ لأنها واقعة على مواضع من البدن لا يَحِل النظر إليها من الرجال الأجانب عنهن، وقد استثنى الشارع من حُرْمة إبداء هذه الزينة، الزينة الظاهرة، على خلاف بين المُفَسِّرين في تأويلها، فمنهم مَن قال: إنها ظاهر الثياب، ومنهم من قال: هي الكحل والخاتم، ومنهم مَن(27/453)
قال غير ذلك، وإن كان حديث ابن عباس في الخثعمية التي جاءت تستفتي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحج عن أبيها، يفيد أن المستثنى من بدن المرأة هو الوجه والكفَّان، فلا يجب عليها سترهما، إلا أنه يَحرُم النظر إليهما من الرجال الأجانب عنها إلا لضرورة أو حاجة.
عقوبة كشف العورات
وقد توعَّد الشارع مَن تُبدي عورتها ولا تستُرها بالعذاب الأليم، فقد رُوِيَ عن أبي هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيَات عارِيَات، مُميلات مائلات، رؤوسهُنَّ كأسنمة البُخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدنَ ريحها، وإن ريحها ليُوجَد من مسيرة كذا وكذا"، ففي هذا الحديث وعيد شديد للنساء المتبرِّجات، اللاتي يبدين عوراتهن ولا يَستُرْنَها، فإذا تبيَّن هذا، وأن ستر المرأة عورتها فرض، فليس لها أن تطيع أحدًا ـ زوجًا كان أو غيره ـ في ترك هذا الفرض، بعدم ارتداء الحجاب؛ لأن الشارع إنما أوجب على الزوجة طاعة زوجها فيما يتعلق بأحكام عقد النكاح، كالقرار في منزل الزوجية، وعدم الخروج منه إلا بعد استئذان الزوج، وعدم استقبال أحد في هذا المنزل إلا بإذن الزوج، وعدم الامتناع عنه إن أرادها، إلى غير ذلك من أحكام عقد النكاح.
لا طاعة في معصية
ولم يوجِب الشارع عليها طاعته في غير ذلك، فإن أمرها بما يُعَدُّ معصية لله سبحانه، فليس لها أن تُطِيعه، كأن يأمرها بمُقاطَعة أهلها، أو عدم ارتداء الحجاب، أو استقبال الرجال الأجانب في غَيْبته أو حضوره ومُجالستها لهم، وذلك لأن ما أمرها به هو معصية لله سبحانه، وقد روي عن علي ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "إنما الطاعة في المعروف" وما أمر الزوج به زوجتَه مما سبق ليس من المعروف في شيء، فليس يجب عليها طاعته أو طاعة غيره فيه، فضلًا عن هذا فإن الزوج الذي يأمر زوجته بعدم ارتداء الحجاب ديُّوث، لا يغار على زوجته، والديُّوث ملعون، فقد روي عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "ثلاث لا ينظرُ(27/454)
الله ـ عز وجل ـ إليهم يوم القيامة: العاقُّ لوالديه، والمرأة المتَرَجِّلة، والديُّوث"، وفي رواية أخرى: "ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاقُّ والديه، والديُّوث، ورَجُلة النساء"
وأمر الزوج زوجته بخلْع الحجاب أوعدم ارتدائه ليس من المُعاشَرة بالمعروف التي أمر الله ـ تعالى ـ بها كلًّا من الزوجين، حيث قال سبحانه: (وعاشِرُوهنَّ بالمعروفِ)، وقال، تعالى: (ولهنَّ مِثْلُ الذي عليهِنَّ بالمعروفِ)، فمثل هذا الزوج لا يكون أمينًا على زوجته، فضلًا عن إساءته معاشرتها، وذلك سبب كافٍ للتفريق بينهما قضاءً إذا طلبتْه هذه الزوجة.
ويقول الشيخ محمود عاشور ، وكيل الأزهر الشريف :
حجاب المرأة مفروض بالكتاب السنة، وإذا كان الله ورسوله قد أمرا به فلا يتوقف التنفيذ على إذن أحد من البشر، والزوج الذي يأمر زوجته بخلعه عاصٍ لأنه يأمر بمعصية، كقوله لها لا تصلي ولا تصومي، وذلك إثم عظيم لأنه يأمر بالمنكر، وبالتالي يحرم على الزوجة أن تطيعه في ذلك، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وطاعة الزوجة لزوجها تكون في المقصود الأصلي من الزواج، وهو المتعة ورعاية البيت والاستقرار فيه، ولا سلطان عليها فيما عدا ذلك من الأمور العامة التي يشترك فيها الرجال والنساء، فالله هو الذي يأمر وينهي.
ولا يقال إنها مكرهة على ذلك فتعفى من المسئولية، فغاية عصيانه أنه سيطلقها ورزقها ليس عليه بل على الله سبحانه، وسيهيئ لها من يرعاها ويحميها في غير هذا البيت الذي تنتهك فيه حرمات الله، ولا خوف على أولادها منه، فهو الملزم بالإنفاق عليهم وعلى أمهم الحاضنة لهم.
ولتعلم الزوجة أنها لو أطاعته في خلع الحجاب ـ وهو عنوان الشرف والعفاف ـ فسيسهل عليها طاعته فيما هو أخطر من ذلك ، لأن مثل هذا الزوج لا غيرة عنده ولا كرامة ، وستجره المدنية إلى تجاوز حدود الدين حتى لا يعاب بالرجعية إن لم تكن زوجته مجارية للعرف الحديث بما فيه من أمور يأباها الدين.
والله أعلم
ــــــــــــــ(27/455)
ما حكم الإسلام فى عمل المرأة؟ ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 19536 ...
رقم الفتوى
... 14/07/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
سئل : ما حكم الإسلام فى عمل المرأة ؟ .
نص الفتوى
أجاب : هذا الموضوع طويل وضحته فى كتبى : الأسرة تحت رعاية الإسلام ، الإسلام دين العمل ، الحجاب وعمل المرأة .
ويكفى أن أقول : إن العمل حق لكل إنسان رجلا كان أو امرأة ، بل هو واجب لأنه وسيلة العيش وبقاء الحياء ، وتحقيق الخلافة فى الأرض ، ومجالاته كثيرة ، فى الحقل والمصنع والمتجر والبيت ، فى البر والبحر والجو ، قال تعالى { هو الذى جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه } الملك :15 ولكل من الرجل والمرأة أن يعمل فى المجال الذى يناسب استعداده ، والعمل يستقيم دائما إذا وضع الشخص المناسب فى المكان المناسب ، واللَّه سبحانه جعل لكل من الرجل والمرأة مواهب واستعدادات وطاقات تتناسب مع المهمة التى توكل إليه ، والطرفان شريكان فى جمعية تعاونية ، لا يمكن أن يستغنى أحدهما عن الآخر .
والجزاء هو على قدر العمل المشروع أيَّاً كان حجمه ، قال تعالى { فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض } آل(27/456)
عمران 195 ، وقال تعالى { من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } النحل : 97 ، .
ورسالة المرأة فى البيت لا تقل أهمية عن رسالة الرجل خارجه ، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت يزيد بن السكن وافدة النساء ما معناه " حسن تبعل المرأة لزوجها وقيامها بواجبها نحوه يعدل ما يقوم به الرجل من جهاد وغيره " كما رواه البزار والطبرانى ، والشاعر المصرى يقول :
فى بيتهن شؤونهن كثيرة * كشؤون رب السيف والمزراق ومع ذلك فللمرأة أن تزاول عملا خارج البيت ، وبخاصة إذا احتاجت إليه ، أو كان العمل محتاجا إليها ، بل يكون ذلك واجبا عليها لاحقًّا لها ، وقد قرر العلماء : أن خروجها للعمل مرهون بعدم التقصير فى الواجب الأساسى وهو المنزل الذى يوفر السكن والمودة ويربى النشء ويعده لاستمرار الحياة الاجتماعية والإنسانية ، وذلك مرهون بإذن الزوج لها ، فهو المشرف المسئول عنها فى النفقة والحماية ، كما يجب عليها أن تحافظ على كل الآداب الخاصة بالعلاقة بين الجنسين ، حتى لا يكون هناك انحراف يتنافى تماما مع المقصود من مزاولة النشاط خارج البيت ، وتفصيل هذه الآداب يرجع إليه فى الكتب السابقة .
والتقصير فيها هو الذى أثار الجدل والنقاش حول عودة المرأة العاملة إلى بيتها ، فلابد من الموازنة بين الكسب والخسارة ، شأن التاجر الواعى البعيد النظر ، فالعمل للمرأة خارج المنزل - مع أن مجالات العمل والكسب داخله كثيرة - جائز مع كل التحفظات المشروعة ، ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال كما رواه البخارى " إن اللَّه أذن لكنَ أن تخرجن لقضاء حوائجكن " والحوائج عامة غير مخصوصة بعمل معين ، وكان النساء يباشرن أعمالا خارج البيت ، كطلب العلم وكسب العيش ، أيام النبى صلى الله عليه وسلم ، وروى البخارى ومسلم أنه رأى أسماء بنت أبى بكر ، زوجة الزبير تحمل على رأسها النوى لتعلف به الناضح - الجمل أو الفرس -فلم ينكر عليها ، بل دعاها إلى الركوب خلفه شفقة عليها .
وإذا كان اللَّه سبحانه قال لنساء النبى صلى الله عليه وسلم { وقرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } الأحزاب : 33 ، فالقرار فى البيت وسيلة عدم(27/457)
التبرج أى الظهور والبروز وهو الأمر المهم فى الموضوع ، ومع ذلك فهو خاص بنساء النبى صلى الله عليه وسلم ، ولم يمنعهن من الخروج من البيت للصلاة أو الاعتكاف فى المسجد أو حضور مهرجان العيد ، أو الحج إلى بيت اللّه .
وللعلماء كلام طويل فى بيان المجالات المناسبة لعملها خارج البيت يرجع فيه إلى الكتب المذكورة آنفا .
ــــــــــــــ
الإجهاض الناتج عن علاقة زنا
سؤال:
هل يجوز للمرأة إذا وقعت في الفاحشة أن تسقط الجنين ؟.
الجواب:
الحمد لله
لقد تركزت جهود الفقهاء واجتهاداتهم حول الإجهاض بصفة عامة وحكمه وما يترتب عليه ولم يهتموا بالدخول في تفاصيل ما إذا كان الحمل ناشئاً من سفاح ، ذلك ربما يكون لأنهم اعتبروه مشاركاً أو تابعاً لحكم الإجهاض الناشئ من نكاح صحيح ، فإذا كان إجهاض الحمل الناشئ من نكاح صحيح محرماً في الحالة العادية ، فإنه من باب أولى يكون أشد تحريماً في حالة نشوء الحمل من سفاح ، لأن في إباحة الإجهاض من سفاح تشجيعاً للرذيلة ولنشر الفاحشة ، ومن قواعد الإسلام أنه يحرم الفاحشة وكل الطرق التي تؤدي إليها ، كحرمة التبرج والاختلاط .
بالإضافة إلى أنه لا يضحى بجنين برئ لا ذنب له من أجل ذنب اقترفه غيره ، وقد قال الله تعالى : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) الإسراء/15 .
ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد رد الغامدية وهي حامل من زنى حتى تلد ثم بعد الولادة حتى ترضعه وتفطمه ، وقد عادت بالصبي ومعه كسرة خبز ، فدفع النبي صلى الله عليه وسلم الصبي إلى رجل من المسلمين ، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها ، وأمر الناس فرجموها ، وقد قال الإمام النووي في هذا الحديث : ( لا ترجم الحبلى حتى تضع سواء كان حملها من زنى أو غيره ، وهذا(27/458)
مجمع عليه لئلا يقتل جنينها ، وكذا لو كان حدها الجلد وهي حامل لم تجلد بالإجماع حتى تضع ) صحيح مسلم بشرح النووي 11/202 .
فهذه الواقعة تبين لنا مدى اهتمام الشريعة بذلك الجنين ولو كان من زنى ، حيث أخر النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الحد على أمه حفاظاً على حياته .
فهل يتصور أن يبيح الشارع قتل الأجنة بالإجهاض في سبيل تحقيق رغبات أهل الأهواء والشهوات ؟.
بالإضافة إلى أن الذين قالوا بإباحة الإجهاض في حالة الحمل الصحيح خلال الأربعين يوماً الأولى من الحمل قد أخذوا برخصة مشروعة أفضى إليه اجتهادهم ، مثل الفطر في رمضان لأصحاب الأعذار ، وقصر الصلاة الرباعية في السفر ، إلا أنه من المقرر شرعاً أن الرخص لا تناط بالمعاصي .
يقول الإمام القرافي : " فأما المعاصي فلا تكون أسباباً للرخص ، ولذلك العاصي بسفره لا يقصر ولا يفطر ، لأن سبب هذين السفر ، وهو في هذه الصورة معصية ، فلا يناسب الرخصة ، لأن ترتيب الترخيص على المعصية سعى في تكثير تلك المعصية بالتوسعة على المكلف بسببها " الفروق 2/33 .
وهكذا فإن قواعد الشريعة الإسلامية لا ترخص للحامل من زنى بما تجعله رخصة للحامل من نكاح صحيح حتى لا تعان على معصيتها ، ولا تيسر لها سبل الخلاص من فعلتها الشنيعة هذه .
بالإضافة إلى أن الجنين في هذه الحالة يكون فاقداً لولاية الوالدين ، لأن الأب في الشرع لا يطلق إلا على من استولد امرأة من نكاح صحيح ، وذلك جزء من معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ) رواه البخاري ومسلم ، ويكون ولي الجنين في هذه الحالة هو السلطان - ولي الأمر - فهو ولي من لا ولي له ، وتصرف السلطان منوط بالمصلحة ، ولا مصلحة في إزهاق روح الجنين في سبيل المحافظة على مصلحة الأم ، لما في ذلك من تشجيع لها ولغيرها على ممارسة هذه الفعلة الشنيعة .
ويمكن اللجوء إلى إسقاط الجنين للزانية التي وقعت في هذه الفعلة الشنيعة ، وأرادت التوبة الصادقة ، مع الخوف الشديد وهي قاعدة كبرى من قواعد الشريعة(27/459)
الغراء ، شريطة أن يتم ذلك في الأيام الأولى من الحمل ما استطاعت إلى ذلك ، وأن تعطى الفتوى لكل حالة على حدة لا أن تكون الفتوى عامة حتى لا تستغل هذه الرخصة في جوانب متسعة مما يؤدي إلى إشاعة الرذيلة في المجتمع المسلم . والله أعلم .
من كتاب أحكام الجنين في الفقه الإسلامي لعمر بن محمد بن إبراهيم غانم .
ــــــــــــــ
العلاقة بين الخطيبين ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 19577 ...
رقم الفتوى
... 14/07/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
سئل : خطبت فتاة قريبة وأحببت أن أجلس معها وأحدثها ليتعرف كل منا أخلاق الآخر فمنعنى أقاربها ، فهل الدين يحرم ذلك ؟ .
نص الفتوى
أجاب : أباح الإسلام بل ندب للخطيب أن ينظر إلى خطيبته فى حدود الوجه والكفين ليرى منها ما يرغِّبه فى زواجها ، وذلك بشرط أن يكون جادا فى خطبتها ،ودليله قول النبى صلى الله عليه وسلم وفعله ، أما قوله فمنه ما رواه مسلم أن رجلا تزوج امرأة من الأنصار فقال له "أنظرت إليها" ؟ قال لا، ،قال "فاذهب فانظر إليها فإن فى أعين الأنصار شيئا" . وروى الترمذى وحسَّنه والنسائى وابن ماجة من حديث المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال له النبى "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" أى تحصل الموافقة والملاءمة بينكما .(27/460)
وأما فعله فقد روى البخارى في سهل بن سعد أن امرأة جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله جئت لأهب لك نفسى، فنظر إليها فصعَّد النظر إليها وصوبه ثم طأطأ رأسه . . . . . .
ويجوز عند أحمد بن حنبل النظر إلى أكثر من الوجه والكفين ، مما لا يخدش حياء أو يثير فتنة، بناء على الحديث الذى رواه ، وهو "إذا خطب أحدكم المرأة فقدر على أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل " ولذلك قال ابن الجوزى فى كتابه "صيد الخاطر" ومن قدر على مناطقة المرأة أو مكالمتها بما يوجب التنبيه ثم ليرى ذلك منها ، فإن الحسن فى الفم والعينين - فليفعل هذا .
هذا هو الطريق لمعرفة جمالها وصحتها ، أما معرفة أفكارها وثقافتها وأخلاقها فيكون إما بسؤال أهل الثقة والخبرة ، وإما بمعرفة ذلك بنفسه عن طريق المحادثة والمجالسة والمحادثة نفسها لا مانع منها شرعا ، والمحرم منها هو لين الكلام أو اشتماله على محرم ، أما المجالسة فلا تجوز أن تكون فى خلوة بل لا بد من وجود طرف آخر يمنع وسوسة الشيطان لهما بالسوء على حد قول الحديث الشريف الذى رواه الطبرانى "إياك والخلوة بالنساء ، فوالذى نفسي بيده ما خلا رجل بامرأة إلا ودخل الشيطان بينهما" وقد صح فى تحريم الخلوة "لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذى محرم " رواه البخارى ومسلم فإذا وجد المحرم أى القريب الذى يحرم زواجه منها كالأب والأخ والعم والخال فلا حرمة .
أما ما وراء النظر والمجالسة مع المحرم من مثل التلامس باليدين بدون حائل ، أو ما هو أكبر من تلامس اليدين فهو حرام ، وإذا كان هناك اجتماع عام كما هو فى الشوارع أو الأسواق بحيث يطلع الناس على الخطيبين فلا يعد ذلك خلوة ، بل هو جائز. هذا هو الشرع فى حدوده التى وضعها لتلاقى الخطيبين ، وهى حدود معتدلة ليس فيها تزمت ولا تفريط ، فالذين يمنعون النظر إلى الوجه والكفين والكلام العادى بحضور محرم -مخالفون للشريعة ، والذين يبيحون النظر بدون حدود والكلام واللقاء الحر بدون ضوابط -مخالفون للشريعة . والخير فى اتباع الهدى النبوى، حماية للشرف وصيانة للعرض ، ومنعا للتهمة وسوء الظن ، وإذا كان لبعض الناس عرف يخالف ذلك فالدين يحكم على العرف لوجود النص فى(27/461)
المسألة ، ولا يجوز للعرف أن يحرِّم ما أحل الله أو يحلل ما حرَّم الله ، "انظر الجزء الأول والثانى من موسوعة :
الأسرة تحت رعاية الإسلام " .
ــــــــــــــ
الفروق بين النساء والرجال في الصلاة ؟
سؤال:
هل هناك اختلاف بين النساء والرجال في كيفية أداء الصلاة ؟ .
الجواب:
الحمد لله
الأصل أنّ المرأة في جميع أحكام الدين مثل الرجل سواء بسواء لقوله صلى الله عليه وسلم :
" إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ " . رواه الإمام أحمد وصححه في صحيح الجامع 1983 ، إلا إذا دلّ الدليل على اختصاصهنّ بشيء ، ومما ذكره العلماء في هذا في موضوع الصلاة ما يلي :
- ليس على المرأة أذان و لا إقامة لأن الأذان شرع له رفع الصوت والمرأة لا يجوز لها رفع صوتها ، قال ابن قدامة رحمه الله : لا نعلم فيه خلافاً ( 1/438 المغني مع الشرح الكبير ) .
- كل المرأة عورة في الصلاة إلا وجهها ، وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار " رواه الخمسة . وفي كعبها وقدميها خلاف . قال في المغني (2/328) . وأما سائر بدن المرأة الحُرَّة فيجب سترها في الصلاة وإن انكشفت منه شيء لم تصح صلاتها إلا أن يكون يسيراً وبهذا قال مالك والأوزاعي والشافعي .
- أنَّ المرأة تجمع نفسها في الركوع والسجود بدلاً من التجافي ... لأنه أستر لها . المغني (2/258) .
وقال النووي قال الشافعي في المختصر ولا فرق بين الرجال و النساء في عمل الصلاة إلا أن المرأة يستحب لها أن تضم بعضها إلى بعض وأن تلصق بطنها(27/462)
بفخذيها في السجود كأستر ما تكون وأحب ذلك لها في الركوع وفي جميع الصلاة . انتهى ( انظر المجموع (3/429) .
- استحباب صلاة النساء جماعة بإمامة إحداهن لحديث : أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمّ ورقة أن تؤم أهل دارها . وفي المسألة خلاف بين العلماء فليراجع المغني (2/202) والمجموع النووي 4/84-85 وتجهر المرأة بالقراءة إذا لم يسمعها رجال غير محارم .
- يباح للنساء الخروج من البيوت للصلاة مع الرجال في المساجد وصلاتهن في بيوتهن خير لهن لقوله صلى الله عليه وسلم " لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلى المساجد وبيوتهن خير لهن " ( لمزيد من التفاصيل في هذه المسألة يُراجع سؤال رقم 983 ) .
- وقال الإمام النووي رحمه الله في المجموع 3/455 : و يخالف النساء الرجال في صلاة الجماعة في أشياء :
1- لا تتأكد في حقهن كتأكدها في حق الرجال .
2- تقف إمامتهن وسطهن .
3- تقف واحدتهن خلف الرجل لا بجنبه بخلاف الرجل .
4- إذا صلين صفوفاً مع الرجال فآخر صفوفهن أفضل من أولها وفائدة مما سبق يُعلم تحريم الاختلاط انتهى . والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
حضور حفلات التخرُّج
سؤال:
هل حضور حفلات التخرج الجامعية من المحرمات ؟.
الجواب:
الحمد لله(27/463)
إذا اشتمل حفل التخرّج على منكر فلا يجوز حضوره ولا شهوده ، ومن منكرات حفلات التخرّج الموسيقى و مسير طابور المتخرِّجين على أنغامها ، وحضور النساء المتبرّجات أو الاختلاط أو لبس الخرِّجين الذي فيه تشبُّه بالكفار ( كاللباس الكَنَسِي ) . والله الموفق .
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
الغلو في حجب النساء ... العنوان
اختلف العلماء في نقاب المرأة فبعضهم يرى أنه فرض على المرأة بل عليها أن تحتجب عن أعين الناس فلا ترى ولاترى وبعضهم يرى أنه ليس فرضا فما القول الصحيح في هذه المسألة؟ ... السؤال
12/01/2002 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
المجتمع الإسلامي مجتمع يقوم -بعد الإيمان بالله واليوم الآخر- على رعاية الفضيلة والعفاف والتصون في العلاقة بين الرجل والمرأة، ومقاومة الإباحية والتحلل والانطلاق وراء الشهوات.
وقد قام التشريع الإسلامي في هذا الجانب على سد الذرائع إلى الفساد، وإغلاق الأبواب التي تهب منها رياح الفتنة كالخلوة والتبرج، كما قام على اليسر ودفع الحرج والعنت بإباحة ما لا بد من إباحته استجابة لضرورات الحياة، وحاجات التعامل بين الناس كإبداء الزينة الظاهرة للمرأة. مع أمر الرجال والنساء جميعا بالغض من الأبصار، وحفظ الفروج: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم)، (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، ويحفظن فروجهن، ولا يبدين من زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن).(27/464)
وقد روى المفسرون عن ابن عباس في قوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) ، قال: الكف والخاتم والوجه، وعن ابن عمر: الوجه والكفان، وعن أنس: الكف والخاتم، قال ابن حزم: وكل هذا عنهم في غاية الصحة، وكذلك عن عائشة وغيرها من التابعين.
وتبعا للاختلاف في تفسير (ما ظهر منها) اختلف الأئمة في تحديد عورة المرأة اختلافا حكاه الشوكاني في "نيل الأوطار".
فمنهم من قال: جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، وإلى ذلك ذهب الهادي والقاسم في أحد أقواله، وأبو حنيفة في إحدى الروايتين عنه، ومالك. ومنهم من قال: ما عدا الوجه والكفين والقدمين والخلخال. وإلى ذلك ذهب القاسم في قول، وأبو حنيفة في رواية عنه، والثوري، وأبو العباس.
وقيل: بل جميعها إلا الوجه، وإليه ذهب أحمد بن حنبل وداود.
الوجه ليس بعورة
ولم يقل أحد بأن الوجه عورة إلا في رواية عن أحمد -وهو غير المعروف عنه- وإلا ما ذهب إليه بعض الشافعية.
والذي تدل عليه النصوص والآثار، أن الوجه والكفين ليسا بعورة، وهو ما روي عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما من الصحابة والتابعين والأئمة، واستدل ابن حزم -وهو ظاهري يتمسك بحرفية النصوص- بقوله تعالى: (وليضربن بخمرهن) على إباحة كشف الوجه، حيث أمر بضرب الخمر على الجيوب لا على الوجوه، كما استدل بحديث البخاري عن ابن عباس أنه شهد العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه عليه السلام خطب بعد أن صلى، ثم أتى النساء، ومعه بلال، فوعظهن وذكرهن وأمرهن أن يتصدقن. قال: فرأيتهن يهوين بأيديهن يقذفنه -أي المال- في ثوب بلال. قال: فهذا ابن عباس بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أيديهن، فصح أن اليد من المرأة ليست بعورة.
وروى الشيخان وأصحاب السنن عن ابن عباس، أن امرأة من خثعم، استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، والفضل ابن العباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الحديث: أن الفضل إلى الشق الآخر، وفي(27/465)
بعض ألفاظ الحديث "فلوى صلى الله عليه وسلم عنق الفضل، فقال العباس: يا رسول الله لم لويت عنق ابن عمك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "رأيت شابا وشابة، فلم آمن الشيطان عليهما" وفي رواية: فلم آمن عليهما الفتنة".
وقد استنبط بعض المحدثين والفقهاء من هذا الحديث: جواز النظر عند أمن الفتنة حيث لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة بتغطية وجهها، ولو كان وجهها مغطى، ما عرف ابن عباس أحسناء هي أم شوهاء، وقالوا: لو لم يفهم العباس أن النظر جائز ما سأل النبي صلى الله عليه وسلم ولو لم يكن فهمه صحيحا ما أقره النبي عليه.
وهذا بعد نزول آية الحجاب قطعا، لأنه في حجة الوداع سنة عشر، والآية نزلت سنة خمس.
معنى الغض من البصر
والغض من البصر الذي أمر الله به ليس إغماض العين، أو إطراق الرأس، حتى لا يرى الإنسان أحدا، فهذا ليس بمستطاع، وإنما معناه خفضه وعدم إرساله بحيث لا يغلغل النظر وراء المفاتن المثيرة، وهذا سر التعبير بالغض من الأبصار لا بغض الأبصار. فيجوز للرجل أن ينظر إلى ما ليس بعورة من المرأة ما لم يكن بشهوة. فإن كان بشهوة وخاف على نفسه الفتنة صح القول بالتحريم سدا للذريعة.
والمرأة في هذا كالرجل، فيجوز لها أن تنظر -مع الأدب والغض- ما ليس بعورة من الرجل. وقد روى أحمد وغيره عن عائشة أن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول الله في يوم عيد. قالت: فاطلعت من فوق عاتقه، فطأطأ لي منكبيه، فجعلت انظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت، ثم انصرفت.
وذهب بعض الشافعية إلى أنه لا يجوز للرجل أن يرى امرأة، ولا للمرأة أن ترى رجلا، واستند إلى ما رواه الترمذي عن أم سلمة وميمونة -زوجي النبي- أن رسول الله أمرهما بالاحتجاب من عبد الله بن أم مكتوم.. فقالتا له: أليس أعمى لا يبصرنا؟ قال: "أفعمياوان أنتما.. ألستما تبصرانه؟!".
وليس لصاحب هذا الرأي حجة بهذا الحديث، فالحديث لم يسلم من الطعن: طعن في سنده وطعن في دلالته، ومهما تسوهل فيه فليس في درجة الأحاديث التي(27/466)
رويت في الصحيحين، وهي تفيد جواز الرؤية، ومنها أحاديث فاطمة بنت قيس التي أمرها الرسول أن تقضي عدتها في بيت أم مكتوم، وقال لها: إنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده.
وقال الحافظ ابن حجر: إن الأمر بالاحتجاب من ابن أم مكتوم لعله لكون الأعمى مظنة أن يتكشف منه شيء وهو لا يشعر به. وقد كان كثير من العرب لا يلبسون السراويل.
وجعل أبو داود حديث أم سلمة وميمونة، مختصا بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وحديث فاطمة بنت قيس وما في معناه لعامة النساء، واستحسنه ابن حجر وغيره، وهو الذي نميل إليه. فإن لنساء النبي صلى الله عليه وسلم وضعا خاصا بحيث ضاعف الله العذاب مرتين لمن يأتي منهن بفاحشة، كما ضاعف الأجر مرتين لمن تعمل منهن صالحا. وقال القرآن: (يا نساء النبي، لستن كأحد من النساء..)، وجعل لهن أحكاما خاصة لمنزلتهن وأمومتهن الروحية للمؤمنين، وقد تكفلت ببيانها سورة الأحزاب.
عادة الحجاب
أما الغلو في حجب النساء عامة الذي عرف في بعض البيئات والعصور الإسلامية، فهو من التقاليد التي استحدثها الناس احتياطا منهم، وسدا للذريعة في رأيهم، وليس مما أمر به الإسلام.
فقد أجمع المسلمون على شرعية صلاة النساء في المساجد مكشوفات الوجوه والكفين -على أن تكون صفوفهن خلف الرجال، وعلى جواز حضورهن مجالس العلم.
كما عرف من تاريخ الغزوات والسير أن النساء كن يسافرن مع الرجال إلى ساحات الجهاد والمعارك، يخدمن الجرحى، ويسقينهم الماء، وقد رووا أن نساء الصحابة كن يساعدن الرجال في معركة "اليرموك".
كما أجمعوا على أن للنساء المحرمات في الحج والعمرة كشف وجوههن في الطواف والسعي والوقوف بعرفة ورمي الجمار وغيرها، بل ذهب الجمهور إلى(27/467)
تحريم تغطية الوجه -ببرقع ونحوه- على المحرمة لحديث البخاري وغيره: "لا تتنقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين"
ومن الفتاوى السديدة ما أفتى به ابن عقيل الفقيه الحنبلي ردا على سؤال وجه إليه عن كشف المرأة وجهها في الإحرام -مع كثرة الفساد اليوم-: أهو أولى أم التغطية.
فأجاب: بأن الكشف شعار إحرامها، ورفع حكم ثبت شرعا بحوادث البدع لا يجوز، لأنه يكون نسخا بالحوادث، ويفضي إلى رفع الشرع رأسا. وليس ببدع أن يأمرها الشرع بالكشف، ويأمر الرجل بالغض، ليكون أعظم للابتلاء، كما قرب الصيد إلى الأيدي في الإحرام ونهى عنه. اهـ. نقله ابن القيم في بدائع الفوائد.
والله أعلم
ــــــــــــــ
هل تصلي المرأة في بيتها متطيِّبة لابسة حليَّها
سؤال:
هل يجوز أن تصلي المسلمة وهي تلبس الخواتم أو الأسورة ؟ وهل يجوز أن تصلي وهي متعطرة إذا كانت بمفردها في بيتها ؟ أم يجب عليها أن تتخلص من رائحة العطر وتخلع خواتمها كي تؤدي الصلاة ؟.
الجواب:
الحمد لله
الجواب المجمل : يجوز للمرأة أن تصلي وهي تلبس حليّها وهي متعطِّرة ، وليس في فعلها شيئاً من ذلك إبطال لصلاتها .
الجواب المفصَّل :
و المنهي عنه هو تطيُّبها حال خروجها إلى المسجد للصلاة فقد روى مسلم في صحيحه عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلا تَمَسَّ طِيبًا ) (الصلاة/674) قال ابن حجر : ويُلحق بالطيب ما في معناه ، لأن سبب المنع منه ما فيه من تحريك داعية الشهوة كحسن الملبس والحلي الذي يظهر والزينة الفاخرة وكذا الاختلاط بالرجال " . أهـ(27/468)
فتبيّن أن العلّة في المنع من التطيُّب وأخذ الزينة حال الخروج إلى الصلاة في المسجد هو ما يترتب على ذلك من قيام دواعي الفتنة والشر .
ولمَّا كان في تطيُّب المرأة وخروجها إلى المسجد مفسدة عظيمة مُنِعت من ذلك حال خروجها ، وهذه المفسدة منتفية إذا فعلت ذلك في بيتها ، فلا تُمنع منه ، ولا يضرُّ ذلك صلاتها . والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
الخلوة بين الجنسين ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 19627 ...
رقم الفتوى
... 14/07/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
سئل : أنا فتاة ملتزمة للحجاب الشرعى ، وأعمل سكرتيرة لأحد رجال الأعمال ، وفى بعض الأحيان نمض ساعات وحدنا لمراجعة الأعمال ، فما رأى الدين فى ذلك ؟ .
نص الفتوى
أجاب : ليكن معلوما أن الحجاب الشرعى ليس قاصرا على تغطية الجسم بما يمنع رويته للأجنبى، بل إن من مقوماته التى تتعاون كلها على منع الفتنة وصيانة المجتمع من الفساد-عدم خلوة المرأة برجل أجنبى عنها ، فالأحاديث كثيرة فى النهى عنها لخطورتها ، ومنها ما رواه البخارى ومسلم " لا يخلون أحدكم بامرأة(27/469)
إلا مع ذى محرم " وما رواه الطبرانى "إياك والخلوة بالنساء ، فو الذى نفسى بيده ما خلا رجل بامرأة إلا دخل الشيطان بينهما" .
إن الغريزة الجنسية تتحين أية فرصة للاستجابة لرغبتها ، ومن أجل ذلك حرم الإسلام النظر واللمس والخضوع بالقول ، والخلوة ، أخرج أبو داود والنسائى أن رجلا من الأنصار مرض حتى صار جلدة على عظم ، فدخلت عليه جارية تعوده وحدها فهشَّ لها ووقع عليها، فدخل عليه رجال من قومه يعودونه فأخبرهم بما حصل منه وطلب الاستفتاء من النبى صلى الله عليه وسلم ، فقالوا لرسول الله : ما رأينا بأحد من الضر مثل ما الذى هو به ، ولو حملناه إليك لتفسخت عظامه ، ما هو إلا جلدة على عظم ، فأمر رسول الله : بإقامة الحد عليه ، بضربه بمائة شمراخ ضربة واحدة .
إن فرص الخلوة بين الجنسين كثيرة فى هذه الأيام ، فقد تكون فى البيوت والفنادق والمكاتب ودواوين القطارات المغلقة ، والسيارات الخاصة والمصاعد الكهربائية ، حتى فى الأماكن الخلوية البعيدة عن الأنظار .
إن مجرد الخلوة حرام حتى لو لم يكن معها سفور أو كلام مثير، وتتحقق باجتماع رجل وامرأة فقط ، أو باجتماع امرأة برجلين ، أو باجتماع امرأتين مع رجل على بعض الأقوال ، فإن كان الاجتماع رباعيا أو أكثر، فإن كان رجل مع نساء جاز، وكذلك إن تساوى العدد فى الطرفين ، وإن كانت امرأة مع رجال جاز إن أمن تواطؤهم على الفاحشة، هكذا حقق الفقهاء .
والخلوة لا تجوز إلا للضرورة ، وليس من الضرورة كسب العيش بالعمل الذى يستلزمها ولو فى بعض الأحيان ، كما أنه ليس من الضرورة خلوة المدرس الخصوصى بالمتعلمة ، فقد يكون الشيطان أقوى سلطانا على النفس من العلم ، ومن مأثور السلف قول عمر بن عبد العزيز: لا تخلون بامرأة وإن علمتها سورة من القرآن (المستطرف ج 2 ص 2 )وليس من الضرورة خلوة المخدومة بخادمها ، أو المخدوم بخادمته ، فكم من مآسٍ ارتكبت بسبب ذلك ، وليس هؤلاء الخدم مملوكين ملك اليمين حتى يكون لهم مع سادتهم وضع خاص ، بل هم أجانب تجرى عليهم كل أحكام سائر الناس .(27/470)
وفى حكم الخلوة سائقو السيارات الخاصة ، المترددون على النساء كثيرا فى البيوت ، دون أن يكون هناك من يخشى معهم السوء .
هذا ، ولا يعتبر من الخلوة المحرمة وجود الطالبات مع الطلبة فى أماكن الدراسة ، كما لا تتحقق الخلوة فى الشوارع والمحال التجارية والمواصلات التى تغص بالرجال والنساء ، وإنما المطلوب هو الحشمة فى الملابس والأدب فى الكلام ، وعدم الاحتكاك بين الطرفين ، وبخاصة فى الزحام ، وحديث الطبرانى يقول "لأن يزحم رجل خنزيرا متلطخا بطين أو حمأة خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له " وحديثه أيضا "أن يطعن فى رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له " وحديث البيهقى "إذا استقبلتك المرأتان فلا تمر بينهما ، خذ يمنة أو يسرة" .
هذا ، والرحلات المختلطة إذا أمنت فيها الفتنة وكانت تحت رقابة مؤمنة يقظة، وكانت النساء ملتزمات بالآداب الشرعية فى الستر والجدية والعفاف ، لا بأس بها ، وإلا حرمت والأولى أن تكون الرحلات ؟ لنوع واحد، اطمئنانًا للقلب وصيانة للشرف ومنعا للتهم والظنون .
ــــــــــــــ
شروط السفر إلى بلاد الكفار للدراسة
سؤال:
بعض الشباب يريدون أن يتعلموا الطب وبعض العلوم الأخرى ولكن هناك عوائق مثل الاختلاط والسفر إلى بلاد الخارج فما الحل ؟ وما نصيحتكم لهؤلاء الشباب ؟.
الجواب:
الحمد لله
نصيحتي لهؤلاء أن يتعلموا الطب , لأننا في بلادنا في حاجة شديدة إليه , وأما مسالة الاختلاط فإنه هنا في بلادنا والحمد لله يمكن أن يتقي الإنسان ذلك بقدر الاستطاعة .
وأما السفر إلى بلاد الكفار فلا أرى جواز السفر إلا بشروط :(27/471)
الأول : أن يكون عند الإنسان علم يدفع به الشبهات ، لأن هناك في بلاد الكفار يوردون على أبناء المسلمين الشبهات حتى يردوهم عن دينهم .
الثاني : أن يكون عند الإنسان دين يدفع به الشهوات ، فلا يذهب إلى هناك وهو ضعيف الدين , فتغلبه شهوته فتدفع به إلى الهلاك .
الثالث : أن يكون محتاجاً إلى السفر بحيث لا يوجد هذا التخصص في بلاد الإسلام .
فهذه الشروط الثلاثة إذا تحققت فليذهب , فإن تخلف واحد منها فلا يسافر ؛ لأن المحافظة على الدين أهم من المحافظة على غيره - انظر تفصيل هذه المسألة في(مجموع الفتاوى) للشيخ ابن عثيمين 3/28 - .
من فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين , كتاب العلم , الصفحة ( 144).
ــــــــــــــ
حفلات التوديع المختلطة وحكم العلاج بالموسيقى
سؤال:
ما حكم حفلات التوديع المختلطة من الجنسين ؟ وما حكم العلاج بالموسيقى ؟.
الجواب:
الحفلات لا تكون بالاختلاط ، بل الواجب أن تكون حفلات الرجال للرجال وحدهم وحفلات النساء للنساء وحدهن ، أما الاختلاط فهو منكر ومن عمل أهل الجاهلية نعوذ بالله من ذلك ، أما العلاج بالموسيقى فلا أصل له ، بل هو من عمل السفهاء ، فالموسيقى ليست بعلاج ولكنها داء وهي من آلات الملاهي ، فكلها مرض للقلوب وسبب لانحراف الأخلاق وإنما العلاج النافع والمريح للنفوس إسماع المرضى القرآن والمواعظ المفيدة والأحاديث النافعة ، أما العلاج بالموسيقى وغيرها من آلات الطرب فهو مما يعودهم الباطل ويزيدهم مرضاً إلى مرضهم ويقل عليهم سماع القرآن والسنة والمواعظ المفيدة ولا حول ولا قوة إلا بالله .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - من مجلة الحسبة العدد 39 ص 15.
ــــــــــــــ(27/472)
سكن المطلق مع مطلقته ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 19683 ...
رقم الفتوى
... 18/07/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
سئل : رجل طلق زوجته طلاقا بائنا ولم يجد مسكنا لأولاده حيث ستكون هى حاضنة لهم ، إلا السكن الذى هو فيه ، فهل يجوز أن يسكن هو فى هذا البيت أم لا بد من الفصل بينه وبينها بمسكن آخر؟
نص الفتوى
أجاب : إذا حدث الطلاق صارت المرأة أجنبية عن زوجها فى بعض الأحكام . وإذا كان الطلاق بائنا بينونة صغرى أو كبرى فلا يحل له أن يتمتع بها بأى نوع من أنواع التمتع بل يحرم عليه أن يختلى بها أو ينظر إلى غير وجهها وكفيها ، أما إذا كان الطلاق رجعيا فله كل ذلك ما دامت فى العدة ، لأنها فى حكم الزوجة .
ومن المقرر شرعا أن المطلقة طلاقا بائنا لها الحق فى حضانة أولادها الصغار ما لم تتزوج ، ونفقتهم ونفقة حضانتها على أبيهم ، ومن النفقة إعداد المسكن اللائق لذلك ، وهو مسكن لها ولا صلة للمطلق به . فإن لم يجد لها مسكنا أو لم يجد هو لنفسه مسكنا يستقل فيه بعيدا عن مسكنها فلولى الأمر تمكينه من البقاء فى مسكن الزوجية السابقة،وذلك بصفة مؤقتة - نظرا لأزمة المساكن فى بعض البلاد- حتى يجعل الله له من بعد عسر يسرا، على شرط أن يكون وجوده فى هذا المسكن المشترك كالرجل الغريب تماما عنها ، وذلك من حيث حرمة النظر والخلوة(27/473)
والملامسة وغيرها . فلكل منهما غرفة أو جزء من المسكن مستقل ، كأنهما نازلان فى فندق ، وإن كان الالتزام بذلك صعبا جدا .
وهذا -كما قلت- إجراء مؤقت حتى يستقل كل منهما بمسكن ، وللضرورة أحكام ولا تظهر هذه الصعوبة إلا إذا كان هناك أولاد يحق لها حضانتهم ، التى قد تستمر سنوات طوالا، أما إذا لم يوجد أولاد للحضانة فالأمر سهل ، وهذا إجراء يجب أن يعطينا درسا فى التفكير أكثر من مرة عند الزواج وعند الطلاق . "انظر فتوى الشيخ أحمد هريدى سنة 1965 فى الفتاوى الإسلامية- المجلد السادس ص 2200" .
ــــــــــــــ
مسؤولية الرجل في تربية زوجته
سؤال:
إذا تزوج مسلم بمسلمة ، لكنه لم يقم تجاهها بما أوجبه الله عليه وما ورد في القرآن ، ونتج عن ذلك أن تركت المذكورة الدين ، وهي الآن لا تتحجب وقد تكون قد تخلت عن تطبيق شعائر الدين بالكلية .
وسؤالي هو : ما هي نتائج أعمالهما ، ومن سيتحمل نتائجها في النهاية ؟.
الجواب:
الحمد لله
وبعد ، يقول الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم/6 .
وعَنْ ابْنِ عُمَر رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ " رواه البخاري ( 7138 ) ومسلم ( 1829 ) .(27/474)
فمِن هذين النَّصين يتضح جليّاً أن الرجل مسؤول عن أهله فيما يتعلق بتربيتهم على معاني الإسلام بل والأخذ على أيديهم بالقوة عند الحاجة وتحقق المصلحة من استخدام هذا الأسلوب ، وأن الله سيحاسب كل راعٍ عما استرعاه فمَن فرَّط في تربية أهله وأولاده فلا شك أنه على خطر عظيم ، بل قد ورد في حقه الوعيد الشديد الذي تقشعر له الأبدان ، ففي صحيح البخاري ( 7151 ) وصحيح مسلم ( 142 ) من كتاب الإمارة عن مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزنِيَّ رضي الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ " .
فمسؤولية الرجل تجاه أهله عظيمة ينبغي عليه أن يتقي الله في القيام بها على أكمل وجه مع التزام الدعاء للنفس والأهل بالهداية والتوفيق .
أما ما يتعلق بالزوجة فإنها مكلفةٌ أيضاً ومسؤولة عن أعمالها فإن التكاليف الشرعية لازمة لرجال الأمة ونسائها إلا ما استثنته الشريعة ففرقت بينهما في بعض الأحكام كتفضيل صلاة المرأة في بيتها على الصلاة في المسجد صيانة لها من الاختلاط بالرجال ، ولذا ورد في سنن الترمذي ( 113 ) وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن النساء شقائق الرجال " صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (1 / 35 ) .
وفي الحديث السابق أن المرأة راعية أيضا ومسؤولة عن رعيتها والله تعالى يقول : ( كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ) الطور/21 ويقول : ( وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً ) مريم/95 .
إذن فالمسؤولية فردية وسيحاسب كل شخص لوحده فالشاب الذي بلغ إذا ضل بسبب سوء تربية والده له وكان قد بلغه الإسلام فإنه لا عذر له ؛ لأن الله أعطاه عقلاً وكلَّفه بمقتضى هذا العقل ؛ وإن كان والده محاسباً على تقصيره في تربيته ، وكذلك الزوجة من باب أولى ، فالواجب على الزوجة أن تتقي ربها وأن تشكر نعمة الله عليها بأن ميزها عن سائر الكفار بنعمة الإسلام فتقوم لله بحقه بأداء الواجبات والكف عن المحرمات ولتعلم أن الموت يأتي بغتة وأن وراء الموت حساباً وسؤالاً ووراء هذا إما جنة فنعيم مقيم وراحة أبدية لا تنتهي ، وإما نار(27/475)
تلظى تذيب الجبال الرواسي ، والصخور الصلاب فكيف بأبداننا الضعيفة ، نسأل الله النجاة منها .
وأما أنت يا أخي فالواجب عليك التوبة النصوح ، فإن الذنب مهما عَظُم ؛ فتاب منه صاحبه واستجمع شروط التوبة قبلها الله منه ، ثم أقبِل على تربية زوجك مستخدماً في ذلك أسلوب التدرج سالكاً الرفق مستصحباً الحكمة ، طالباً من الله التوفيق والعون ، راجع السؤال رقم ( 10680 ) لتستزيد حول هذا الموضوع.
والله ولي التوفيق ،،،
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
استحباب العزلة عند الفتن وخوف المسلم على دينه
سؤال:
قرأت الحديث التالي والذي أخرجه البخاري ولم أفهم معناه ، وهذا الحديث فيما معناه: (سيأتي زمان يكون خير مال المسلم غنيمات يأوي بها إلى الجبال فاراً بدينه من الفتن).أرجو أن توضحوا لي معنى هذا الحديث.
الجواب:
الحمد لله
شرح الحديث :
هذا الحديث رواه البخاري في عدة مواضع من صحيحه منها ( 7088 ) كتاب الفتن ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَن ) . وروى مسلم في صحيحه نحوه ( 1888 ) عن أبي سعيد الخدري أيضاً رضي الله عنه الله عنه أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ : رَجُلٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ. قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللَّهَ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ ) .
قوله : (شَعَفَ الْجِبَالِ ) أي : رؤوس الجبال . وَأَمَّا ( الشِّعْب ) : فَهُوَ مَا انْفَرج بَيْن جَبَلَيْنِ . قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم ( 13/34) : وَلَيْسَ الْمُرَاد(27/476)
نَفْس الشِّعْب خُصُوصًا ; بَلْ الْمُرَاد الانْفِرَاد وَالاعْتِزَال , وَذَكَرَ الشِّعْب مِثَالا لأَنَّهُ خَالٍ عَنْ النَّاس غَالِبًا اهـ.
والحديث يدل على أفضلية العزلة عن الناس وترك الاختلاط بهم ، في حال خوف المسلم على دينه لكثرة الفتن ، بحيث إنه لو خالط الناس لا يأمن على دينه من أن يرتد عنه ، أو يزيع عن الحق ، أو يقع في الشرك ، أو يترك مباني الإسلام وأركانه ، ونحو ذلك .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (13/42) : وَالْخَبَر دَالّ عَلَى فَضِيلَة الْعُزْلَة لِمَنْ خَافَ عَلَى دِينه اهـ .
وقال السندي في حاشيته على النسائي (8/124) : فِيهِ أَنَّهُ يَجُوز الْعُزْلَة بَلْ هِيَ أَفْضلُ أَيَّام الْفِتَن اهـ .
وفي الحديث الثاني المذكور آنفاً جعل النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم المؤمنَ المعتزلَ يتلو المجاهد في سبيل الله في الفضيلة ، قال الحافظ في الفتح ( 6/6 ) : وَإِنَّمَا كَانَ الْمُؤْمِن الْمُعْتَزِل يَتْلُوهُ فِي الْفَضِيلَة لأَنَّ الَّذِي يُخَالِط النَّاس لا يَسْلَم مِنْ ارْتِكَاب الآثَام ، وَقَدْ تكون هذه الآثام أكثر من الحسنات التي يحصلها بسبب اختلاطه بالناس . ولكن تفضيل الاعتزال خاص بحالة وقوع الفتن اهـ بمعناه .
وأما العزلة في غير وقت الفتن وخوف المسلم على دينه فاختلف العلماء في حكمها ، وذهب الجمهور إلى أن الاختلاط بالناس أفضل من العزلة واستدلوا على ذلك بعدة أدلة ، منها :
1- أن ذلك هو حال النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم ، والأنبياء من قبله صلوات الله وسلامه عليهم ، وجماهير الصحابة رضي الله عنهم . شرح مسلم للنووي ( 13/34) .
2- ما رواه الترمذي ( 5207 ) وابن ماجه ( 4032 ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي ( 2035 ) .(27/477)
قال السندي في حاشيته على ابن ماجه ( 2 / 493 ) : الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمُخَالِطَ الصَّابِرَ خَيْرٌ مِنْ الْمُعْتَزِل اهـ
وقال الصنعاني في سبل السلام ( 4/416 ) : فيه أفضلية من يخالط الناس مخالطة يأمرهم فيها بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحسن معاملتهم فإنه أفضل من الذي يعتزلهم ولا يصبر على المخالطة اهـ
3- ما رواه الترمذي (1574) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : مَرَّ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشِعْبٍ فِيهِ عُيَيْنَةٌ مِنْ مَاءٍ عَذْبَةٌ فَأَعْجَبَتْهُ لِطِيبِهَا . فَقَالَ : لَوْ اعْتَزَلْتُ النَّاسَ فَأَقَمْتُ فِي هَذَا الشِّعْبِ ، وَلَنْ أَفْعَلَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : ( لا تَفْعَلْ ، فَإِنَّ مُقَامَ أَحَدِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ سَبْعِينَ عَامًا . أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ الْجَنَّةَ ؟ اغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ . مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَاقَ نَاقَةٍ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (1348).
4- ما يحصله المسلم في المخالطة من المصالح الشرعية من مَنَافِع الاخْتِلاط بالناس كَالْقِيَامِ بِشَعَائِر الإِسْلام وَتَكْثِير سَوَاد الْمُسْلِمِينَ وَإِيصَال أَنْوَاع الْخَيْر إِلَيْهِمْ مِنْ إِعَانَة وَإِغَاثَة ونَحْو ذَلِكَ . وشُهُودِ الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة وَالْجَنَائِز وَعِيَادَة الْمَرْضَى وَحِلَق الذِّكْر . . . وَغَيْر ذَلِكَ . فتح الباري ( 13/43 ) شرح مسلم للنووي (13/34). والله الموفق ، والله تعالى أعلم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
المرأة وكحل العين ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى(27/478)
... 19690 ...
رقم الفتوى
... 18/07/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
سئل : هل يجوز للمرأة أن تخرج وهى مكحلة العينين يراها الأجانب ؟ .
نص الفتوى
أجاب : كان الكحل معروفا عند العرب قبل الإسلام ، يستعمله الرجل والنساء للدواء والزينة، والإسلام فى احتياطه لصيانة الأعراض ومنع الفتنة أمر بالامتناع عن كل ما يغرى بالسوء ، وأمر المرأة بالذات بستر مفاتنها فقال تعالى{ولا يبدين زينته ق إلا ما ظهر منها} النور: 31 ، والظاهر المعفو عنه فيه خلاف للمفسرين ، يقول القرطبى :
الزينة قسمان ، خلقية ومكتسبة ، فالخلقية وجهها، والمكتسبة كالثياب والحلى والخضاب والكحل ، ومنه قوله تعالى {خذوا زينتكم عند كل مسجد} الأعراف : 31 ، وعلى هذا فالكحل فى العينين من الزينة الظاهرة المعفو عنها ، وذلك للحاجة إلى كشف العينين بالذات تبعا لكشف الوجه الذى جاء الترخيص به وبكشف الكفين .
غير أنى أنبه إلى أن الكحل إذا كان زينة معفوا عن إبدائها فالمراد به ما لا يكون مبالغا فيه يلفت النظر، وما لا يقصد به الفتنة، لأن الكحل العادى قد تكون العين فى غير حاجة إليه إذا كانت جميلة بالطبيعة بما يعرف باسم "الكَحَل " أما ما يزيد على ذلك مما يتفنن فيه نساء العصر فإن المقصود منه غالبا ليس تحسين العين لذات التحسين ، بل الفتنة والإعجاب بما استحدث من أصباغ ذات ظلال وألوان خاصة للجفون وما يتبعها من أهداب صناعية وغيرها ، وكل هذا لا يقر الإسلام أن يطلع عليه الرجال الأجانب ، إلى جانب النية التى جاء فيها الحديث "إنما(27/479)
الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" رواه البخارى ومسلم ، والقياس على التعطر الذى يقصد به أن يجد الرجال ريحها وهو دليل الفساد .
فليتق الله النساء فإنهن بغير زينة فتنة ما بعدها فتنة، وليحس كل رجل مسئوليته نحو أهله ، فإن الله سائل كل راع عما استرعاه {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة} التحريم : 6 .
ــــــــــــــ
الأطعمة التي تزيد في الشهوة
سؤال:
أنا شاب عازب أعيش في لندن، أود أن أعرف الأطعمة التي تساعد في تأجيج الرغبة الجنسية عند الإنسان؟.
الجواب:
الحمد لله
ننصحك باتباع وصية النبي صلى الله عليه وسلم في الطعام عن الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِ يكَرِبَ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَا مَلأ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ حَسْبُ الآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ غَلَبَتْ الآدَمِيَّ نَفْسُهُ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ ) رواه ابن ماجة (الأطعمة/3340) ، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه برقم /2704 ، ولذلك صنف بعض العلماء هذا الحديث في باب كسر الشهوة ، وعليك بالإكثار من الصيام امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) رواه البخاري( النكاح/4677) ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصيام غير أن يجوع الإنسان نفسه ، وعليك بمراعاة أوامر الله عز وجل من غضِّ البصر والبعد عن أماكن الاختلاط بالنساء ، وإذا كانت عندك المقدرة على الزواج فبادر إليه امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم السابق وأما عن تأثير الأطعمة فيمكن الرجوع فيها إلى كتب أهل الخبرة وأخصائيي التغذية ، والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب(27/480)
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
العلاج بين الجنسين ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 19711 ...
رقم الفتوى
... 18/07/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
سئل : هل يجوز أن يتولى علاج المرأة وتوليدها رجل أجنبى؟
نص الفتوى
أجاب : من القواعد الفقهية أن الضرورات تبيح المحظورات ، ومعلوم أن المرأة لا يجوز لها أن تكشف عن شىء من جسمها لرجل أجنبى-فيما عدا الوجه والكفين على تفصيل فى ذلك - وبالتالى لا يجوز اللمس بدون حائل ، أما عند الضرورة المصورة بعدم وجود زوج أو محرم أو امرأة مسلمة تقوم بذلك فلا مانع من النظر واللمس ، مع مراعاة القاعدة الفقهية الأخرى وهى : أن الضرورة تقدر بقدرها .
ولهذا الاستثناء احتياطات وآداب نورد فيها بعض ما قاله العلماء .
جاء فى كتاب "الإقناع فى شرح متن أبى شجاع" للشيخ الخطيب فى فقه الشافعية "ج 2 ص 120" أن النظر للمداواة يجوز إلى المواضع التى يحتاج إليها فقط ، لأن فى التحريم حينئذ حرجا ، فللرجل مداواه المرأة وعكسه ، وليكن ذلك بحضرة محرم أو زوج أو امرأة ثقة إن جوزنا خلوة أجنبى بامرأتين وهو الراجح ، ويشترط عدم امرأة يمكنها تعاطى ذلك من امرأة ، وعكسه كما صححه كما فى زيادة "الروضة" وألا يكون ذميًا مع وجود مسلم ، وقياسه -كما قال الأذرعى- ألا(27/481)
تكون كافرة أجنبية مع وجود مسلمة على الأصح ، ولو لم نجد لعلاج المرأة إلا كافرة ومسلما فالظاهر أن الكافرة تقدم ، لأن نظرها ومسها أخف من الرجل ، بل الأشبه عند الشيخين أنها تنظر منها ما يبدو عند المهنة، بخلاف الرجل. وقيد -فى الكافى- الطبيب بالأمين ، فلا يعدل إلى غيره مع وجوده ، ثم قال :
وشرط الماوردى أن يأمن الافتتان ولا يكشف إلا قدر الحاجة ، وفى معنى ما ذكر نظر الخاتن إلى فرج من يختنه ، ونظر القابلة إلى فرج التى تولدها . ويعتبر فى النظر إلى الوجه والكفين مطلق الحاجة، وفى غيرهما -ما عدا السوأتين- تأكدها ، بأن يكون مما يبيح التيمم كشدة الضنا ، وفى السوأتين مزيد تأكدها ، بألا يعد التكشف بسببها هتكا للمروءة .
وفى حاشية عوض على شرح الخطيب المذكور ما يدل على أن المباح فى العلاج ما كان بالنظر، أما اللمس فيجوز عند الحاجة ، وإلا فلا، وجاء فيها : رتب البلقينى المعالج فى المرأة بأن يقدم أولا المرأة المسلمة فى مسلمة، ثم صبى مسلم غير مراهق ،ثم كافر غير مراهق ، ثم مراهق مسلم ، ثم مراهق كافر ثم المحرم المسلم ، ثم المحرم الكافر، ثم الممسوح المسلم ، ثم المرأة الكافرة ، ثم الممسوح الكافر، ثم المسلم الأجنبى، ثم الكافر الأجنبى، والزوج مقدم على الكل . انتهى .
ــــــــــــــ
حكم تقبيل الرجل للمرأة واحتضانها بدعوى الصداقة
سؤال:
هل يجوز للمسلم تقبيل مسلمة من غير محارمه على وجنتها (قبلة صديق) ؟ وما هو الحكم في احتضانه لها بصداقة؟
وهل الذنب هو بنفس الحجم حتى وإن فعله ذلك الشخص وهو في حال يحتاج فيه إلى مرافقة صديق، ولم يكن بإمكان أي شخص غير تلك الفتاة تقديم الرفقة المطلوبة؟.
الجواب:
الحمد لله
يحرم على الرجال اتخاذ صديقات من النساء ، يراجع جواب سؤال رقم 1114 .(27/482)
وينبغي على الإنسان أن يكون عاقلا ، لأن من يقول بأن الشخص يقبِّل صديقته على وجنتها قبلة صداقة ويحتضنها بصداقة ، إن قول ذلك يعتبر سفاهة وقلة عقل ، لأنه لا يخفى على أي عاقل أن هذه التصرفات إنما تُأجِّج الشهوة وتوقدها وهذا هو طريق الزنا ، ولا يقال بأن القلب سليم ، لأن الله فطر الرجل على الميل إلى المرأة ، ولذلك حرم الله عز وجل النظر إلى النساء فأمر بغض البصر فقال سبحانه : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ) النور/30 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " العين تزني وزناها النظر " رواه أبو داود (النكاح/1840) ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم 1884 .
ولذلك حرم الاختلاط بالنساء والخلوة بهن مع لبسهن الحجاب فكيف إذا كانت المرأة متبرجة والآيات والأحاديث كثيرة جداً على تحريم ذلك ، وحرم مصافحتهن يراجع سؤال رقم 2459 ، وقد يدعي الشخص الذي يزعم ذلك أنه يمارس الزنا معها بعد ذلك بصداقة , ولا يقال إن ذلك بسبب ظروف صعبة يحتاج فيها إلى شخص يواسيه . فإن كل ذلك مُحرَّم ولا يجوز . وعلى من وقع في مثل هذه الأمور المبادرة إلى التوبة من هذا الذنب توبةً نصوحا ، واللجوء إلى الله والندم على ما فعل . وعلى المسلم أن يعلم أنه إذا لجأ إلى الله فيما يصيبه ويعرض له من المصائب والمشكلات في الدنيا فإن الله سيجعل له فرجاً ومخرجاً من ذلك وليتق الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) الطلاق/2 ، وقال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ) الطلاق/4 . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
من آثار الصحبة السيئة
تاريخ الفتوى : ... 16 رجب 1426 / 21-08-2005
السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 19 عاما كنت في المملكة وذهبت للدراسة في إحدى الدول العربية طبعا اختلاط في الصفوف(27/483)
وبعد عن الدين لكني محافظ على الصلاة في أوقاتها لكن تغيرت قليلا سمعت الأغاني وشربت الدخان كلها من الظروف هل أعتبر من الذين ختم على قلوبهم أم لا أرجو الرد لأن هذا الموضوع أشغلني كثيرا فما الحل . جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم رحمك الله أن الولوغ في المعاصي والإدمان عليها يؤدي إلى اسوداد القلب وظلمته، فقد قال صلى الله عليه وسلم :إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكت في قلبه نكتة فإن هو نزع واستغفر صقلت فإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه فذلك الران الذي ذكره الله تعالى:
كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
فسارع بالتوبة مما ألممت به من المعاصي من قبل أن يدهمك الموت فتندم حيث لا ينفع الندم.
واعلم أن الله تعالى يفرح بتوبة عبده ويقبلها منه، بل ويبدل سيئات التائب حسنات. قال تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ {التوبة: 104} وقال أيضا: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 70} وانظر شروط التوبة النصوح في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9694، 5450، 29785.
واحذر من تلبيس الشيطان وتقنيطه من رحمة الله جل وتعالى، فقد قال سبحانه: قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ {الحجر: 56} وقال: إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف: 87} وانظر الفتويين : 57184، 17160
ولمزيد فائدة انظر حكم الدراسة في الجامعات المختلطة في الفتوى رقم: 2523 ، وانظر حكم الشريعة الغراء في استماع الغناء في الفتوى رقم: 987 ، وانظر حكم التدخين في الفتوى رقم: 1819.
ولتحصيل وسائل تقوية الإيمان والاستقامة على طريق الرحمن انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10800، 1208، 16610، 12744، 21743.
والله أعلم.(27/484)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مجالسة أقارب الزوج ومصافحتهم
سؤال:
تسخر مني عائلة زوجي دائما بسبب لبسي لغطاء الرأس حتى عندما أكون معهم في المنزل أثناء التجمعات العائلية أو احتفالات الأعياد ، وهم يقولون إنني غير مضطرة إلى التغطية في وجود أفراد العائلة ، أعرف عن قواعد عورة المرأة أمام غير المحارم في الإسلام وأود أن أحافظ عليها ، كيف أواجه تعليقاتهم دون جرح شعورهم ، وفي نفس الوقت أعرفهم بمزايا الإتباع الصحيح للإسلام كذلك ، هل أبناء أخ أو أخت الزوج من المحارم للزوجة ؟ لقد راجعت بعض الأساتذة في هذا وقالوا إنهم ليسوا من المحارم ، ولكن لأسباب عائلية ولإصرار الزوج (وحتى لا نجرح شعورهم) فإنني أسلم عليهم باليد ، لا أزال ، حيث أن هذه الممارسة عادية في العائلة ، أشعر بعدم الارتياح في هذا الأمر ، وأرجو من الله أن يرشدني إلى طريق الخير وأن يعفو عني .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
نسأل الله أن يعينك على الخير ، وأن ييسر لك أمراً يكشف به همَّك ، فإن ما تسمعه المرأة المسلمة وتراه ممن بعُد عن دين الله تعالى أو رقَّ ورعه كثير ، وعليها أن تصبر على ذلك وأن تحتسب ما يصيبها عنده سبحانه وتعالى ، فترجو ربها وتسأله العون والتثبيت .
ولا يجوز لها أن ترضخ لطلباتهم ولا أن تستجيب لنزواتهم وشهواتهم من الاختلاط والنظر والمصافحة وترك الحجاب ؛ فإنها إن أرضتهم بذلك فإنها تُسخط ربَّها عز وجل .
ثانياً :(27/485)
أبناء أخ وأخت الزوج ليسوا من المحارم بل هم ممن يجب الاحتياط منهم أكثر ؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلهم بمثابة الموت .
عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والدخولَ على النساء ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت " .
رواه البخاري ( 4934 ) ومسلم ( 2172 ) .
قال النووي :
اتفق أهل اللغة على أن الأحماء أقارب زوج المرأة كأبيه وعمه وأخيه وابن أخيه وابن عمه ونحوهم ، والأختان أقارب زوجة الرجل ، والأصهار يقع على النوعين .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم " الحمو الموت " فمعناه : أن الخوف منه أكثر من غيره ، والشر يتوقع منه ، والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه بخلاف الأجنبي ، والمراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه ، فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابنه ونحوهم ممن ليس بمحرم ، وعادة الناس المساهلة فيه ويخلو بامرأة أخيه ، فهذا هو الموت ، وهو أولى بالمنع من أجنبي لما ذكرناه ، فهذا الذى ذكرته هو صواب معنى الحديث .
" شرح مسلم " ( 14 / 154 ) .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
يجوز للمرأة أن تجلس مع اخوة زوجها أو بني عمها أو نحوهم إذا كانت محجَّبة الحجاب الشرعي ، وذلك بستر وجهها وشعرها وبقية بدنها ؛ لأنها عورة وفتنة إذا كان الجلوس المذكور ليس فيه ريبة ، أما الجلوس الذي فيه تهمة لها بالشر : فلا يجوز ، وهذا كالجلوس معهم لسماع الغناء وآلات اللهو ونحو ذلك ، ولا يجوز لها الخلوة بواحدٍ منهم أو غيرهم ممن ليس مَحْرَماً لها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يخلونَّ رجلٌ بامرأةٍ إلا ومعها ذو محرم " متفق على صحته ، وقوله(27/486)
صلى الله عليه وسلم " لا يخلون رجل بامرأة ؛ فإن الشيطان ثالثهما " أخرجه الإمام أحمد بإسنادٍ صحيحٍ من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
والله ولي التوفيق .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 422 ، 423 ) .
ثالثاً :
أما المصافحة بين المرأة والأجنبي فحرام ، ولا يجوز لكِ التساهل فيه بناءً على رغبة أقربائكِ أو أقرباء زوجكِ .
عن عروة أن عائشة أخبرته عن بيعة النساء قالت : " ما مس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط إلا أن يأخذ عليها فإذا أخذ عليها فأعطته ، قال : اذهبي فقد بايعتك " .
رواه مسلم ( 1866 ) .
فهذا المعصوم خير البشرية جمعاء سيد ولد آدم يوم القيامة لا يمس النساء ، هذا مع أن الأصل في البيعة أن تكون باليد ، فكيف غيره من الرجال ؟ .
عن أميمة ابنة رقيقة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لا أصافح النساء " .
رواه النسائي ( 4181 ) وابن ماجه (2874) .
والحديث صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 2513 ) .
قال الشيخ ابن باز – رحمه الله تعالى - :
مصافحة النساء من وراء حائل – فيه نظر – والأظهر المنع من ذلك مطلقا عملا بعموم الحديث الشريف ، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : " إني لا أصافح النساء " ، وسدّاً للذريعة ، والله أعلم .
" حاشية مجموعة رسائل في الحجاب والسفور " ( 69 ) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
فتاوى يسألونك - (ج 1 / ص 187)(27/487)
مشاهدة الأفلام الإباحية حرام شرعاً
يقول السائل : ما حكم مشاهدة الأفلام الإباحية والصور العارية ؟
الجواب : إن الإسلام يحارب الفساد والإنحلال بمختلف ألوانه وأشكاله ويقطع كل الطرق التي تؤدي إليه ولا شك أن الأفلام الإباحية والصور العارية مظهر من مظاهر الإنحلال والفساد وأنها من الوسائل المؤدية إليه لذلك لا شك لدي في حرمة مشاهدة الأفلام الإباحية والصور الخليعة لأن للوسائل أحكام المقاصد كما قرر فقهاء الإسلام .
قال العز بن عبد السلام :[ للوسائل أحكام المقاصد فالوسيلة إلى أفضل المقاصد هي أفضل الوسائل والوسيلة إلى أرذل المقاصد هي أرذل الوسائل ] .
ومن المعروف عند العقلاء أن مشاهدة الأفلام الجنسية والصور الخليعة وسيلة من وسائل انتشار الفساد الخلقي والإنحلال وانتشار الموبقات وقد تؤدي إلى الزنا واللواط واستعمال العادة السرية فما أدى إلى الحرام فهو حرام وقد سمعنا وقرأنا عن حوادث كثيرة كان سببها مشاهدة تلك الأفلام الساقطة والصور الخليعة كالزنا واللواط وغير ذلك من المفاسد الأخلاقية.
وانظر يا أخي إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم :( لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها ) رواه البخاري .
ومعنى الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم ينهى المرأة أن ترى إمرأة أخرى وهي عارية وبعد ذلك تقوم بوصفها لزوجها فتجعله يفتتن بالمرأة الموصوفة .
ومن المعلوم أن هذا الوصف يجعل الزوج يتخيل تلك المرأة بصفاتها التي نقلت إليه من زوجته ومع أن الأمر يتعلق بالخيال فقط فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنه فما بالك بمشاهدة الأفلام الجنسية حيث الصوت والصورة فهذا يؤدي إلى مفسدة أعظم من مجرد التفكير بامرأة وصفت له .
قال الشيخ علي بن الحسن الحموي الشافعي رحمه الله معلقاً على الحديث السابق [ ... فصلى الله وسلم على منقذ العباد من الردى نبي الرحمة والهدى ، تالله لقد صدق لأن الرجل الأجنبي إذا سمع وصف امرأة أجنبية تشكلت في قلبه وانطبعت في مرآة نفسه ويوحي الشيطان لعنه الله له عند ذلك كلاماً من غروره وأمانيه(27/488)
ويحول بينه وبين تقوى الله ومراضيه وتخطر له هنالك خواطر قبيحة وهواجس ذميمة فتارة بالزنا والفحشاء ...] أحكام النظر ص 58 - 59 .
ــــــــــــــ
فتاوى إسلامية - (ج 3 / ص 79)
حكم النظر إلى وجه زوجة الأخ
س - هناك من دعاة التمدن من يجوز النظر إلى وجه زوجة الأخ ويستدلون ببعض الأدلة ، ما مدى صحتها وكيف يرى سماحتكم الرد عليها والتصدي لها ؟
ج - زوج الأخ كغيرها من النساء الأجنبيات لا يحل لأخيه النظر إليها كزوجة العم والخال ونحوهما ولا يجوز له الخلوة بواحدة منهن كسائر الأجنبيات ، وليس لواحدة منهن أن تكشف لأخي زوجها أو عمه أو خاله أو يسافر أو يخلو بها لعموم قوله - سبحانه - " وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن " . الآية وهي عامة لأزواج النبي ، - صلى الله عليه وسلم -، وغيرهن في أصح قولي أهل العلم ولقوله - سبحانه وتعالى - " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون . وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبيدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آباءهن أو آباء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذي لم يظروا على عورات النساء " .
وقول الله - سبحانه وتعالى " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين " .
وقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم " . متفق عليه ، وقوله النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " . ولما في كشفها لأخي زوجها ونحوه ونظره إلى وجهها من أسباب الفتنة والوقوع فيما حرم الله .(27/489)
وهذه الأمور والله أعلم هي الحكمة في وجوب الحجاب ، وتحريم النظر والخلوة لأن الوجه هو مجمع المحاسن ، والله ولي التوفيق .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
فتاوى إسلامية - (ج 3 / ص 80)
حكم النظر إلى النساء
س - هل يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة الأجنبية أكثر من نظر الفجأة وإذا كان لا يجوز فهل يجوز للطلاب الرجال أن يحضروا محاضرة تلقيها امرأة متبرجة أو تلبس ملابس لصيقة على جسمها بحجة التعليم ؟
ج - لا يجوز له النظر إليها أكثر من نظرة الفجأة إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك في حالة الإنقاذ من غرق أو حريق أو هدم أو نحو ذلك أو في حالة كشف طبي أو علاج مرض إذا لم يتيسر من يقوم بذلك من النساء ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة
ــــــــــــــ
فتاوى إسلامية - (ج 3 / ص 81)
النظر إلى النساء في الحرم بغير شهوة
س - هل يؤاخذ المرء على النظر إلى النساء في الحرم مع أنه بغير شهوة ولا تمتع علماً بأن النساء هن اللواتي يجذبن إليهن النظر ؟
ج- الحقيقة أن مشكلة النساء في الحرم مشكلة كبيرة لأن من النساء من يحضرن إلى هذه المكان الذي هو مكان عبادة وخضوع يحضرن على وجه يفتن من لا يُفْتن ، فتأتي المرأة متبرجة متطيبة وربما من حركاتها أنها تغازل الرجال ، وهذا أمر منكر في غير المسجد الحرام فكيف بالمسجد الحرام ؟ ! ونصيحتي لمن يسمعن ويقرأن منهن أن يتقين الله - تعالى - في أنفسهن وأن يحترمن بيت الله - عز وجل - من وقوع المعاصي فيه ، وعلى الرجال إذا رأوا امرأة على وجه غير(27/490)
سائغ ، عليهم أن ينصحوها وينهروها أو يبلغوا عنها من يستطيع منعها ونهرها ، والناس ولله الحمد فيهم الخير .
لكن مع هذا القول نقول إن الرجل يجب عليه أن يغض بصره بقدر ما يستطيع " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم " . فعليه أن يغض بصره ما استطاع ، لاسيما إذا رأى من نفسه تحركا لتمتع أو لذة ، فإنه يجب عليه الغض أكثر وأكثر ، والناس في هذا الباب يختلفون اختلافا كبيراً .
الشيخ ابن عثيمين
ــــــــــــــ
حكم تعمد النظر إلى النساء في الحرم
س - ما الحكم إذا خرج الرجل إلى الصلاة في المسجد الحرام " الجمعة " وصلاها قريبا من مكان النساء وحصل أن نظر إلى وجوههن عدة مرات ؟
ج- ورد النهي عن قرب الرجال من النساء في الصلاة فخير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها يعني لقربه من النساء وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها أي لقربه من الرجال ، فيحرم على الرجل أن يقصد النظر إلى النساء في المسجد ويجب على المرأة في المسجد أن تحتجب وأن تدخل في موضع محجوب لا يدخله الرجال ، هذا إن اختارت الصلاة في المسجد وخرجت تفلة وبيتها خير لها .
الشيخ ابن جبرين
ــــــــــــــ
حكم سلام الطالب على الطالبة
س - أنا طالب جامعي ، وفي بعض الأحيان أسلم على الفتيات ، فهل سلام الطالب على زميلته في الكلية حلال أو حرام ؟
ج- أولا لا يجوز الدراسة مع الفتيات في محل واحد وفي مدرسة واحدة وفي كراسي واحدة ، بل هذا من أعظم أسباب الفتنة ، فلا يجوز للطالب ولا للطالبة هذا الاشتراك لما فيه من التفن ، أما السلام فلا بأس أن يسلم عليها سلاماً شرعياً ليس فيه تعرض لأسباب الفتنة ، ولا حرج أن تسلم عليه أيضاً من دون مصافحة ، لأن(27/491)
المصافحة لا تجوز للأجنبي ، بل يكون السلام من بعيد مع الحجاب ، ومع البعد عن أسباب الفتنة ، ومع عدم الخلوة ، فالسلام الشرعي الذي ليس فيه فتنه لا بأس به ، أما إذا كان السلام عليها مما يسبب الفتنة أو سلامها عليه كذلك أي كونه عن شهوة وعن رغبة فيما حرم الله فهذا ممنوع شرعاً ، وبالله التوفيق .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
حكم مشاهدة النساء المتبرجات في التلفاز
س - تسأل عن حكم مشاهدة النساء المتبرجات في التلفاز ؟
ج- لا يجوز مشاهدة النساء العاريات أو شبه العاريات أو السافرات ، وكذلك الرجال الذين قد كشفوا عن أفخاذهم لا في التلفاز ، ولا في الفيديو أو السينما ، ولا في غيرها ، بل يجب غض البصر والإعراض عن النظر ؛ لأن هذا فتنة ، ومن أسباب فساد القلوب وانحرافها عن الهدى لقول الله - تعالى " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون . وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن " . وفي الحديث يقول المصطفى ، - صلى الله عليه وسلم - ، " النظر سهم من سهام إبليس " . فالنظر خطره عظيم فينبغي الحذر منه ، وأن يصون الإنسان نفسه عن ذلك ، وإنما يرى من التلفاز وغيره ما فيه مصلحة كمشاهدة الندوات الدينية ، أو العلمية ، أو الصناعية ، أو غيرها مما ينفع المشاهد ، أما كونه يشاهد أشياء محرمة فلا يجوز .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
حكم النظر إلى النساء في التلفاز
س - ما حكم النظر للمرأة الأجنبية بالنسبة للرجل والنظر للرجل بالنسبة للمرأة أثناء مشاهدة التلفزيون ؟(27/492)
ج- لا يجوز لأن الغالب على من يظهر في التليفزيون من النساء التبرج وكشف بعض العورة ، ومن الرجال أن يكون مثال الزينة والجمال وذلك مثار فتنة وفساد غالباً .
اللجنة الدائمة
ــــــــــــــ
حكم النظر إلى صور النساء في المجلات
س - ما حكم النظر إلى صور النساء في الصحف والمجلات وغيرهما ؟
ج - ليس للمسلم النظر إلى وجوه النساء ، ولا إلى شيء من عوراتهن ، لا في المجلات ولا في غيرها ، لما في ذلك من أسباب الفتنة ، بل يجب عليه غض بصره عن ذلك عملاً بعموم الأدلة الشرعية المانعة من ذلك وخوفا من الفتنة ، كما يغض بصره عنهن في الطرقات وفي غيرها . وبالله التوفيق .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
هذه المسلسلات مشاهدتها حرام
س - ما حكم استماع الموسيقى والأغاني ؟ وما حكم مشاهدة المسلسلات التي تتبرج فيها النساء ؟
ج - حكم ذلك التحريم والمنع لما في ذلك من الصد عن سبيل الله ومرض القلوب وخطر الوقوع فيما حرم الله - عز وجل - من الفواش قال الله - عز وجل - " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين وإذا تتلى عليه آياتنا ولي مستكبراً كان لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم " .
ففي هاتين الآيتين الكريمتين الدلالة على أن استماع آلا اللهو والغناء من أسباب الضلال
والضلال واتخاذ آيات الله هزوا والاستكبار عن سماع آيات الله .
وقد توعد الله من فعل ذلك بالعذاب المهين والعذاب الأليم ، وقد فسر أكثر العلماء لهو الحديث في الآية بالغناء والمعازف وكل صوت يصد عن سبيل الله ، ففي(27/493)
صحيح البخاري - رحمه الله - عن النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال " ليكونن من أمتي أقوام سيتحلون الحر والحرير والخمر والمعازف " والحر بالحاء والراء المهملتني الفرج الحرام أي الزنا ، والحرير معروف وهو محرم على الرجال ، والخمر معروف وهو كل مسكر وهو محرم على الجميع ، والمعازف هي آلات اللهو كالعود والطبل والطنبور ونحو ذلك كما في النهاية والقاموس ، والعزف اللعب بها والعازف المغني واللاعب بها .
فالواجب على كل مسلم ومسلمة تجنب هذه المنكرات والحذر منها وهكذا مشاهدة المسلسلات المشتملة على تبرج النساء تحرم مشاهدتها لما في ذلك من الخطر العظيم على مشاهدتها من مرض قلبه وزوال غيرته ، وقد يجره ذلك إلى الوقوع فيما حرم الله سواء كان المشاهد رجلا أو امرأة . وفق الله الجميع لما فيه رضاه والسلامة من أسباب غضبه .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 17)
أحكام النظر والخلوة والاختلاط
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 4671 )
س2: هل يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة الأجنبية أكثر من نظر الفجأة؟ وإذا كان لا يجوز فهل يجوز للطلاب الرجال أن يحضروا محاضرة تلقيها امرأة متبرجة أو تلبس ملابس لصيقة على جسمها بحجة التعليم؟
ج2: لا يجوز له النظر إليها أكثر من نظر الفجأة، إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك، كما في حالة الإنقاذ من غرق، أو حريق، أو هدم أو نحو ذلك، أو في حالة كشف طبي، أو علاج مرض إذا لم يتيسر أن يقوم بذلك من النساء. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس(27/494)
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ــــــــــــــ
صورة من الخلوة بين الجنسين ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 19712 ...
رقم الفتوى
... 18/07/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
سئل : هل يجوز ركوب امرأة أو مجموعة من النساء مع سائق أجنبى عنهم ليوصلهن إلى مكان قريب داخل المدينة أو فى سفر طويل ؟
نص الفتوى
أجاب : الخلوة المنهى عنها والتى هى مظنة الغلط تكون باجتماع رجل مع امرأة أجنبية فى مكان واحد لا يراهما فيه أحد ، أما الاجتماع فى الطريق والأماكن العامة كالأسواق ودور العلم ووسائل المواصلات فلا تتحقق به الخلوة المحرمة ، وإن تحقق به محظور آخر، كالسفور والنظر إلى المفاتن والكلام اللين والملامسة ونحوها .
ومحصل ما قاله العلماء فى اجتماع الجنسين هو :
1- إذا كان الاجتماع ثنائيا ، أى بين رجل وامرأة فقط ، فإن كان الرجل ، زوجا أو محرما جاز وإن كان أجنبيا حرم .
2 - وإذا كان الاجتماع ثلاثيا ، فإما أن يكون بين امرأة ورجلين ، وإما أن يكون بين امرأتين ورجل ، فإن كان الأول جاز إن كان أحدهما زوجا أو محرما ، وإلا(27/495)
حرم "النووى على مسلم ج 9 ص 159 " وإن كان الثانى فإن كانت إحداهما محرما جاز وإلا ففيه قولان ، وقد ذكر النووى فى شرح المهذب والخطيب على متن أبى شجاع "ج 2 ص 120 " جواز الخلوة بامرأتين .
3-وإن كان الاجتماع رباعيا فأكثر فإن كان رجل مع نساء جاز، وكذلك إذا تساوى العدد فى الطرفين ، وإن كانت امرأة مع رجال جاز إن أمن تواطؤهم على الفاحشة ، كمن دخلوا على زوجة أبى بكر الصديق أسماء بنت عميس وكان غائبا ، وإلا حرم .
ويشترط فى المحرم الذى تجوز الخلوة بالأجنبى مع حضوره ألا يكون صغيرا لا يستحيا منه ، كابن سنة أو سنتين ، وقال بعض العلماء :
تجوز الخلوة بالأجنبية إذا كانت عجوزا لا تراد، ولكن مع الكراهة ، أما الشابة مع كبير السن من غير أولى الإربة فقيل لا تجوز الخلوة به ، وقيل :
تجوز مع الكراهة .
هذا ملخص ما قاله العلماء فى الخلوة ومنه يعرف أن السائق الذى يوصل امرأة واحدة إن كان فى طريق مكشوف والناس ينظرون فلا حرمة فى ذلك ، وإن كان معه مجموعة من النساء فلا حرمة أيضا، أما الطريق الخالى من الناس كطرق الصحراء وغيرها فيحرم سفر امرأة واحدة مع سائق أجنبى ، أما مع مجموعة فينظر التفصيل السابق . ومثل السائق المدرس الخصوصى للبنت والبنات ، حتى لو كان يعلمهن القرآن الكريم .
ــــــــــــــ
مشروعية سباحة المسلمة مع غير المسلمات ... العنوان
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
هل يجوز للمرأة المسلمة أن تسبح في مسبح مخصّص للنساء فقط، مع وجود نساء غير مسلمات؟ وما هي حدود عورة المرأة على المرأة؟ وخصوصا في حمامات السباحة المخصصة للنساء؟
مع العلم أنّنا نواجه هذه المشكلة منذ أن جئنا إلى هذه البلاد ... السؤال
20/08/2001 ... التاريخ(27/496)
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهناك من الفقهاء من نزَّل المرأة الذمية منزلة الرجل الأجنبي في مسألة النظر ، وهناك من فسر قوله تعالى :{ أو نسائهن } أن المقصود بها جميع النساء .وهذا أيسر للناس ،ولا سيما في تلك المجتمعات الغربية التي يصعب فيها تخصيص حمام سباحة للنساء يكون بمعزل عن الرجال فكيف بحمام يخصص للنساء المسلمات دون غيرهن من أهل الملل الأخرى .
فالمسألة خلافية يدور أمرها بين الأخذ بالأحوط ، فلا تكشف المرأة عن جسمها أمام غير دينها من النساء .
وبين الأخذ بالأيسر وذلك نظراً للحاجة إليه في هذا العصر و في تلك البلاد .
يقول سماحة المستشار الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء :
للجواب على هذا السؤال نبيّن أولاً آراء المذاهب. وثانياً دليل القائلين بالتفرقة في عورة المسلمة فيما إذا كانت الناظرة إليها مسلمة أو غير مسلمة. وثالثاً: في الرأي الراجح كما نراه.
أولاً: ملخّص آراء المذاهب:
قال الأحناف: (وتنظر المرأة من المرأة إلى ما يجوز للرجل أن ينظر إليه من الرجل) وهو سائر الجسد إلاّ ما بين السرّة والركبة. [فتح القدير، الجزء الثامن، ص 102].
وأكثر كتب الأحناف ذكرت هذا الحكم، ولم تقيّد المرأة بكونها مسلمة أو غير مسلمة.
إلاّ أنّ صاحب الدرّ المختار ذكر: (وتنظر المرأة المسلمة من المرأة المسلمة كالرجل من الرجل، والذمّية (غير المسلمة) كالرجل الأجنبي في الأصح، فلا تنظر إلى بدن المسلمة) وورد مثل ذلك في الفتاوى الهندية.(27/497)
ومعنى ذلك : أنّ جواز كشف المرأة المسلمة بدنها أمام النساء غير المسلمات – إلاّ ما بين السرّة والركبة – رأي صحيح عند الأحناف، ولكنّ الأصح منه عدم جواز هذا الكشف.
وقال الشافعية بمثل رأي الأحناف في هذه المسألة.
جاء في نهاية المحتاج : (والأصح تحريم نظر كافرة ذمّية أو غيرها إلى مسلمة، فتحتجب المسلمة عنها .. والقول الثاني: لا يحرم نظر الكافرة إلى المسلمة، لاتحاد الجنس كما هو الحكم في الرجال ..)
وقال المالكية: (إنّ عورة المرأة في حقّ المرأة، كعورة الرجل في حقّ الرجل، وهو من السرّة إلى الركبة فقط) ورد مثل هذا النص في أكثر كتب المالكية، دون تفريق بين نظر المسلمة أو غير المسلمة إلى المرأة المسلمة.
إلاّ أنّه ورد في حاشية الدسوقي : (أمّا الحرّة الكافرة، فعورة الحرّة المسلمة معها ما عدا الوجه والكفّين، لا ما بين السرّة والركبة فقط، لئلاّ تصفها لزوجها الكافر. فالتحريم لعارض لا لكونه عورة).
وقال الحنابلة: إنّه لا فرق بين المسلمتين، ولا بين المسلمة والذمّية، كما لا فرق بين الرجلين المسلمين ولا بين مسلم وذمّي في نظر أحدهما للآخر. قال الإمام أحمد: (ذهب بعض الناس إلى أنّ المسلمة لا تضع خمارها عند اليهودية أو النصرانية، وأمّا أنا فأذهب إلى أنّها لا تنظر إلى الفرج ..)
ثانياً: دليل القائلين بالتفرقة:
تبيّن ممّا تقدّم أنّ القول الأصحّ عند الأحناف والشافعية، وهو القول المعتمد عند المالكية عدم جواز نظر المرأة غير المسلمة إلى المرأة المسلمة باستثناء الوجه والكفّين.
ومعنى ذلك : أنّه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تكشف شيئاً من جسمها أمام النساء غير المسلمات ؛ لأنّ المرأة المسلمة هي المطالبة بتنفيذ الحكم الشرعي.
ودليل هؤلاء يدور حول الآية الكريمة: (وقل للمؤمنات يغضُضنَ من أبصارهنّ، ويحفظنَ فروجهنّ، ولا يبدينَ زينتهنّ إلاّ ما ظهر منها، وليضربنَ بخُمُرِهنّ على جيوبهنّ، ولا يبدينَ زينتهنّ إلاّ لبعولتهنّ أو آبائهنّ أو آباء بعولتهنّ، أو أبنائهنّ أو(27/498)
أبناء بعولتهنّ، أو إخوانهنّ أو بني إخوانهنّ، أو بني أخواتهنّ، أو نسائهنّ .. ) [سورة النور، الآية 31].
وفسّر هؤلاء كلمة (نسائهنّ) بأنّها تعني النساء المؤمنات.
مناقشة هذا الدليل:
ممّا لا شكّ فيه أن هذا التفسير قال به جمهور السلف والمفسّرين. وهو مروي عن مجاهد وابن عبّاس، وأيّده الزمخشري وابن كثير والقرطبي وصديق خان وسيّد قطب وغيرهم.
• لكنّ عدداً مهمّاً من كبار المفسّرين يرى تفسير {أو نسائهنّ } بجميع النساء، ولا يحصره بالنساء المسلمات.
• ذكر هذا القول الإمام الرازي في تفسيره وأيّده، وقال: هذا هو المذهب (أي مذهب الشافعي)، وحمل قول السلف على الاستحباب والأولى.
• وذكر أبو بكر بن العربي القولين في تفسير (.. أو نسائهنّ...) ثمّ قال: (والصحيح عندي أنّ ذلك جائز لجميع النساء ..) كما ذكر الآلوسي في تفسيره القولين، ومال إلى الثاني بقوله: (.. وهذا القول أرفق بالناس اليوم، فإنّه لا يكاد يمكن احتجاب المسلمات عن الذمّيات)
وإذا كان الأمر كذلك أيّام الآلوسي، وفي مجتمع إسلامي، فكيف يكون الأمر اليوم بالنسبة للمسلمات المقيمات في بلاد غير إسلامية، وهنّ محتاجات إلى التواصل الدائم مع النساء غير المسلمات؟
• وقد ذكر الإمام أبو الأعلى المودودي رحمه الله – في تفسير سورة النور – رأياً ثالثاً نقله عن طائفة من المفسّرين، وهو أنّ المراد بـ (نسائهنّ) النساء المختصّات بهنّ بالصحبة والخدمة والتعارف سواء كنّ مسلمات أو غير مسلمات، فليست العبرة بالاختلاف الديني بل هي بالاختلاف الخلقي. فللنساء المسلمات أن يظهرن زينتهنّ بدون حجاب ولا تحرّج للنساء الكريمات الفاضلات ولو من غير المسلمات. وأمّا الفاسقات اللاتي لا حياء عندهنّ، ولا يعتمد على أخلاقهنّ وآدابهنّ، فيجب أن تحتجب كلّ امرأة مؤمنة صالحة، ولو كنّ مسلمات)(27/499)
ومن الطبيعي أن نقول : إنّ النساء غير المسلمات اللواتي يحرصن على ارتياد مسابح خاصّة هنّ من النساء الكريمات الفاضلات لأنّ حياءهنّ هو الذي منعهنّ من الانكشاف أمام الرجال في المسابح المختلطة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (الحياء لا يأتي إلاّ بخير).
ثالثاً: الترجيح:
وقد رجّح الرازي والآلوسي وابن العربي أنّ كلمة (نسائهنّ) تعني جميع النساء ، وليس فقط المسلمات، وحملوا رأي السلف على الاستحباب.
ومال إلى هذا الترجيح الدكتور عبد الكريم زيدان في كتابه (المفصل في أحكام المرأة ، وبعد أن ذكر أدلّة الحنابلة المذكورة آنفاً أضاف إليها: إنّ القول بحجاب المرأة المسلمة عن الكافرة يحتاج إلى دليل من نصّ صريح أو قياس صحيح.
أمّا النصّ الصريح فلا وجود له، لأنّ قوله تعالى: (.. أو نسائهنّ ..) يحتمل التفسيرين كما ذكرنا. ومع الاحتمال يبطل الاستدلال. أمّا القياس الصحيح فلا يوجد أيضاً، فليس من القياس الصحيح مساواة غير المسلمة بالرجل الأجنبي، من جهة النظر إلى المسلمة ووجوب الحجاب عليها، للفرق الواضح بين الأجنبي وهو رجل وبين غير المسلمة وهي أنثى (بتصرّف).
الخلاصة :
إنّي أرى جواز انكشاف المرأة المسلمة أمام غير المسلمة بمقدار ما تنكشف أمام المرأة المسلمة وهو رأي الحنابلة، وكثير من الشافعية والحنفية والمالكية، فلا حرج على المسلمة أن تدخل المسبح الخاص بالنساء طالما أنّها تستر ما بين السرّة والركبة، ومن تريد أن تأخذ بالرأي الأحوط ، وتمتنع عن دخول هذه المسابح فهو أفضل لها بلا شكّ، ولكن لا يصحّ لها ولا لمن يأخذ بهذا الرأي أن يلزم به جميع النساء، طالما أنّه أمر مختلف فيه. وإنّ وجود مسابح خاصّة للنساء، ولو دخلها غير المسلمات، تعتبر مدخلاً مهمّاً لنشر قيمنا الإسلامية في هذا العصر.
ومن المعروف أنّ اللباس الشرعي للسباحة يغطّي ما بين السرّة والركبة، لكن حتّى لو وجدت بعض النساء ممّن يكشفن أفخاذهنّ أثناء السباحة فإنّ هذا لا يؤثّر على إباحة دخول المرأة المسلمة للمسابح الخاصّة بالنساء.(27/500)
إنّما يطلب منها غضّ البصر رغم ورود أحاديث صحيحة أن الفخذ ليس بعورة، لكنّنا نميل إلى الأخذ بالأحوط في هذه المسألة، وهو أنّ الفخذ عورة يجب ستره.
والله أعلم .
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يختلف حكم الاختلاط في البلاد الإسلامية عن غيرها
تاريخ الفتوى : ... 15 رجب 1426 / 20-08-2005
السؤال
هل تطبيق الدين يختلف باختلاف البلد التي يقيم فيها المسلم ، وبالتالي الفتوى في نفس الموضوع يختلف من دولة إلى أخرى؟؟ مثلا الاختلاط في بلادنا العربية حرمته مثل حرمته في أمريكا؟؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخلق عباد الله والأرض أرض الله والليل والنهار وما فيهما ملك لله. قال الله تعالى: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ {الرعد: 16}. وقال تعالى: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ {آل عمران: 109}. وقال تعالى: وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ {الأنعام: 13}. ولله تعالى الحكمة البالغة في تدبيره لأمور خلقه وفي تشريعه لهم ما يناسبهم في كل حال. وقد شرع الله سبحانه هذا الدين القويم لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وأتمه لتتعبد به في جميع الأمكنة والأزمنة وجعله صالحا لكل زمان ومكان. والأصل أنه لا يختلف الحكم باختلاف البلاد والأزمنة مالم يترتب عليه ضرر أو يتعذر القيام بالحكم الشرعي. وقال الزركشي في البحر المحيط: مسألة أحكام الشرع ثابتة إلى يوم القيامة، كل حكم ثبت لنا بقول الله أو بقول رسوله أو بإجماع أو قياس فهو دائم إلى يوم القيامة. ولكن من مظاهر صلاحية هذه الشريعة لكل زمان ومكان أن هنالك قضايا وأحكاماً تخضع لجلب المصالح ودفع المفاسد والترجيح بين ذلك، وهذه هي التي قد يختلف فيها الحكم من بلد إلى بلد ومن زمان إلى زمان، وقد تقدم بيان ذلك بضابطه في فتاوى سابقة منها: 25069. وأما الاختلاط فلا يختلف حكمه في البلاد الإسلامية عن حكمه في بلاد الكفر. فالأصل(27/501)
هو بعد النساء عن الرجال وغض البصر والالتزام بالستر وعدم المساس والخلوة بين الأجانب، فإن دعت الحاجة لمحادثة أو مجالسة الأجانب جاز ذلك مع الانضباط بعدم الخلوة وعدم النظر إلى المحرم وعدم خضوع النساء وخوضهن مع الرجال في كلام فيه ريبة، وراجع الفتاوى التالية أرقامها مع إحالاتها: 43239 ، 15176 ، 48092 ، 8528 ،50794.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... تأخير الزواج بحجة الدراسة
تاريخ الفتوى : ... 13 رجب 1426 / 18-08-2005
السؤال
بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا و نبينا و مولانا محمد،
أنا فتاة عمري 21 سنة متدينة و لله الحمد و المنة. أسعى جاهدة لابتغاء مرضات الله تعالى في أمور حياتي رغم كثرة معاصي...
مشكلتي تكمن في معرفتي لشاب أكبر مني، من الشباب الذين نشأوا في طاعة الله، أحبني منذ رآني منذ 3 سنوات ، كنا ندرس نفس العام الدراسي[سنة أولى صيدلية ] ، وبعدها نجحت أنا و رسب هو، بعدها بعامين،عرض علي رغبته في الزواج مني بعد تأكده من التزامي و تديني، كنت في السنة الثالثة وهو في السنة الثانية. وافقت على طلبه، كونه متدينا و يحب الإسلام ويغار عليه، يجمع بين العبادة و الأخلاق ،
على أخلاق عالية جدا، كما أنني أعلم أني كنت أول فتاة أحبها، وكوني أبادله بعض الأحاسيس، مرة أحس أنها حب و كثيرا أحس أنها مجرد أوهام.
المهم تعاهدنا أمام الله أن نكون زوجين صالحين ،أن نجتمع على طاعة الله و مرضاته ، المشكلة هي رسوبه في عامه الثاني ،هو أكبر مني بسنوات من حيث(27/502)
العمر، و أنا أكبره بعامين في دراسة ، هو يحبني ولن يستطيع الزواج بأخرى و إلا ظلمها بعواطفه، و أنا مقتنعة جدا به لإنسانيته النادرة، و لأخلاقه العالية...
كم حلمنا أن نتزوج و نحن لا زلنا ندرس، لكن أهلي يرفضون حتى معرفته في ظروفه الراهنة، المجتمع يظلمنا و أهلي يظلموننا [رغم أن أهله أناس طيبون يوافقون على زواجنا و نحن لا زلنا ندرس]
ونحن نحب بعضنا البعض ونريد التحصين لأنفسنا ونريد الاجتماع وربنا راض عنا ونريد نصر الإسلام ونريد أولادا يفرضون الإسلام و يحررون المسجد الأقصى و لكن المجتمع فقط لا يسمح.
لكي يتمكن من إكمال دراسته لابد من الانتظار 3 سنوات.3 سنوات من العذاب و الانتظار و الشوق.
أريد منكم فقط كلمة تعيننا على الصبر و التحمل إلى أن يأذن الله بزواجنا أريد الاستقرار النفسي و العاطفي.... فكيف السبيل إليه؟
أخاف أن تتبدل مشاعري نحوه أو أن أفتن بمن هو أحسن منه، أريد أن أكون وفية له بأفكاري و عواطفي...
مصيبتنا ستكون إذا انعدمت البركة من حياتي الزوجية، لهذا ما الذي يمكن أن نفعله حتى يرضى ربنا عنا؟هل تجوزلنا اللقاءات في وقع النهار أمام الناس ؟ أو هل تجوز الاتصالات الهاتفية فقط ؟ أم لا شيء يجوز وكل اتصال بيننا يعتبر حراما ؟
moslimahayat@forislam.com
maroc
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تعارض بين المواصلة في الدراسة والزواج ، ولذا فإننا ننصح أولياء الأمور بأن لا يمنعوا أبناءهم أو بناتهم من الزواج بحجة إتمام الدراسة ، فإن في الزواج استقرار الذهن والتحصين من الفواحش، وما قيمة أن ينجح الإنسان في دراسته، ويفشل في إصلاح نفسه وحاله مع الله تعالى . وانظري الفتوى رقم 18626 .(27/503)
ونوصيك بالابتعاد عن هذا الشاب لأنه أجنبي عنك وانظري الفتوى رقم 43288 .
وننصحك وخاصة في حال عدم الموافقة على الزواج أن تشغلي ذهنك بالأمور النافعة من تلاوة كتاب الله تعالى ، ومطالعة كتب التفسير والفقه ، وكتب السير وخاصة سير النساء الصالحات فإن للمؤمنة فيهن قدوة وأسوة ، فإن فعلت ذلك فلن يجد الشيطان وقتا يشغلك فيه عن الخير ويصرفك فيه إلى الشر.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
شهادة المرأة ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 19723 ...
رقم الفتوى
... 18/07/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
سئل : يقول بعض الناس : إن الإسلام لم ينصف المرأة بمساواتها للرجل فى الشهادة حيث جعل شهادتها على النصف من شهادة الرجل ، فكيف نرد عليهم ؟
نص الفتوى
أجاب : يقول الله سبحانه {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} البقرة : 282 .(27/504)
وأبادر فأقول : إن مساواة المرأة بالرجل ليست على إطلاقها فى أى دين من الأديان ، بل ولا فى الشرائع المنصفة العاقلة ، فذلك أمر مستحيل لاختلاف النوعين فى التكوين والاستعداد ، وهو صنع اللّه سبحانه لإمكان تحقيق الإنسان للخلافة فى الأرض ، وهو يعلم المصلحة، ولا نعلم نحن ما يعلمه اللّه سبحانه .
وفى موضوع الشهادة قررت الآية السبب فى كون شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل وهو تعرضها للنسيان كثيرا عند تحمل الشهادة وعند أدائها ، ولا بد من التسليم بما قاله القرآن فى ذلك ، وقد أثبت العلم أو أكد صحة هذا السبب ، وشرحه الدكتور السيد الجميلى "مجلة الأزهر عدد ربيع الأول 1415 هـ " حيث تحدث عن مرض "الهستريا" الذى يكثر عند النساء ، ومن مظاهره سرعة الانفعال والتحول من حال إلى حال قد يكون على النقيض ، وقد يفضى إلى الانفصام ، وكان القدماء يرون أن سمات هذه الهستريا لصيقة بالنساء لا تزايلهن ، لكن الواقع يؤكد إصابة الرجل بها أيضا لكن فى أضيق الحدود .
ولما كان للشهادة قيمتها فى إثبات الحقوق احتاط لها الشارع منعا للظلم وإقرارًا للعدل ، وقرر الفقهاء فى هذا الخصوص أن لشهادة المرأة مجالات .
1 -ففى مجال الأمور الخاصة بالنساء والتى لا يطَّلع عليها الرجال فى الغالب كالولادة والبكارة تقبل شهادة المرأة ولا حاجة إلى شهادة الرجل معها، وروى فى ذلك حديث "شهادة النساء جائزة فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه " وهذا لا يمنع قبول شهادة الرجال ، كالأطباء الممارسين لأعمال التوليد والجراحة ، سواء أكانوا منفردين أم كان معهم نساء ومع قبول المرأة فى هذا المجال اختلف الفقهاء فى العدد اللازم لاعتمادها ، فقيل : تكفى شهادة امرأة واحدة ، وقيل : لا يكفى أقل من اثنتين إلا فى حالتين خاصتين وهما : استهلال المولود للحياة، وحالة الرضاع .
وقيل : لا بد من شهادة أربع من النساء إلا فى حالة الرضاع فتكفى شهادة امرأة واحدة .
2 - فى مجال الأمور المتصلة بالأسرة كالزواج ، رأى جمهور الفقهاء عدم قبول شهادة المرأة، بل لابد من رجلين على الأقل ، كما قال تعالى{يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران(27/505)
من غيركم } المائدة : 106 وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "لا نكاح إلا بولى وشاهدى عدل " رواه ابن حبان فى صحيحه ، وأجاز الحنفية شهادة رجل وامرأتين قياسا لشئون الأسرة على الشئون المالية .
3-وفى مجال المعاملات المالية نصت آية الدَّين على قبول شهادة المرأة مع الرجل ، وهى مذكورة فى أول الإجابة ، والتعليل كما سبق ذكره ليس فيه إهانة للمرأة ، بل هو تقرير للحقيقة من أجل الحفاظ على الحقوق ، وذلك هو الغالب فى النساء بالفطرة .
4 - وفى مجال الحدود والقصاص ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم قبول شهادتها فيها، وذلك لخطورتها ، حيث تدرأ الحدود بالشبهات ، وتقر القوانين أن الشك يفسر لصالح المتهم ، وقد تحملها رقتها فى هذا المجال على التغيير لصالح المتهم ، وأجاز ابن حزم شهادة النساء منفردات فى هذا المجال عدا حد الزنا "ملخص من مقال الدكتور عبد السميع أبو الخير فى المجلة المذكورة " .
ومن أراد الاستزادة فليرجع إليها لتوضيح الرأى الطبى والفقهى .
ــــــــــــــ
النظر إلى صورة المرأة ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 19786 ...
رقم الفتوى
... 21/07/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
ما حكم النظر إلى الصورة الشمسية للمرأة أو إلى صورتها فى المرآة ، هل هو مماثل للنظر إلى صورتها الحقيقية ؟ .(27/506)
نص الفتوى
معلوم أن الإسلام حرم النظر إلى أى جزء من جسم المرأة الأجنبية حتى الوجه والكفين إذا كان النظر بشهوة ، لأن النظر بريد الزنى، والنصوص فى ذلك كثيرة، أما لو كان النظر بغير شهوة فيجوز فقط إلى الوجه والكفين عند بعض العلماء ، ورأى بعضهم عدم جواز النظر إليهما فى كل الأحوال ، إلا ما هو مستثنى لعلاج ونحوه مما هو مفصل فى موضعه " الجزء الثانى من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام " .
هذا هو حكم النظر إلى الأصل ، أما النظر إلى الصورة فقد مثل لها القدامى بالنظر إلى صورتها فى المرآة أو فى المياه ، واختلفوا فى قياس الصورة على الأصل وعدم قياسها، بناء على تصورهم أن الرؤية تحصل من أشعة خارجة من العين ، أو أشعة منعكسة من المرئى على العين ، والثانى هو الرأى الصحيح الذى أثبته العلم .
ومهما يكن من شىء فإن صورة المرأة لا يجوز النظر إليها بشهوة باتفاق الجميع كما لا يجوز النظر إلى أى شيء يثير الفتنة، لأن حكمة التشريع موجودة فى الأصل والصورة .
وتشتد الحرمة إذا كان النظر إليها فى الصور المتحركة ، فإنها لا تقل فتنة عن النظر إلى الأصل ، إن لم تكن أقوى ، وبخاصة فى الأوضاع التى لا تليق ذوقا وشرعا .
يقول الشيخ طه حبيب "عضو المحكمة العليا الشرعية سابقا " ما نصه .
والذى تسكن إليه النفس ويطمئن له القلب هو أن النظر إلى المرأة الأجنبية إنما كان محرما بسبب أنه داع وذريعة إلى الوقوع فيما هو أشد منه حرمة ، وهو الوقوع فى المعصية الكبرى، وعليه فالنظر إلى المرأة الأجنبية المعينة بواسطة المرآة بقصد الشهوة غير جائز، لأنه ذريعة إلى محرم ، ، و كل ما كان كذلك فهو حرام ، سواء أكان ذلك مباشرة أم بواسطة المرآة ، انتهى "مجلة الأزهر- المجلد الثالث ، صفحة 393" .
ــــــــــــــ(27/507)
كوافير السيدات ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 19794 ...
رقم الفتوى
... 21/07/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
هل يجوز لى أن أقوم بقص الشعر وتزيين السيدات بالألوان وغيرها ؟ .
نص الفتوى
إذا كان الرجل هو الذى يقوم بهذا العمل ، يكون آثما ، لأن فيه نظرا لعورة المرأة بالنسبة للرجل الأجنبى، ولأن فيه لمسا لما لا يحل له ، ولأن فيه إعانة على المحرم إذا كان يعرف أنها تتزين لمن لا يحل له أن يطلع عليها، وكل ذلك وردت به النصوص .
وإذا كانت المرأة هى التى تقوم بذلك للمرأة بعيدا عن أعين الأجانب ومنهم صاحب المحل الذى تزاول فيه هذه المهنة ، فلا مانع من ذلك إلا إذا علمت أنها تتزين للأجانب أو لما لا يحل لها من عمل يتطلب إظهار زينتها، فيكون ممنوعا لما فيه من الإعانة على الممنوع .
وإذا كانت المرأة تقوم بقص الشعر وتزيين الرجال فعملها حرام ، من أجل النظر لما لا يحل ولمس ما لا يحل . ومن النصوص فى ذلك ما رواه مسلم " العينان تزنيان وزناهما النظر واليد تزنى وزناها البطش " وفسر بالتلامس .
ولا يقبل تبرير ذلك بالحاجة إلى كسب العيش ، فالوسائل الحلال لكسب العيش متوفرة والرضا بالقليل من الحلال خير من الكثير من الحرام .
ــــــــــــــ(27/508)
لا تجوز الخلوة بين الطالبة والأستاذ المشرف عليها
تاريخ الفتوى : ... 11 رجب 1426 / 16-08-2005
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة
والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد شيوخنا الأفاضل أنا موظف في مؤسسة علمية وخطبت فتاة وهذا منذ عام تقريبا، فتاة جيدة السلوك متحجبة هي في صدد تحضير رسالة ماجستير، و كما تعلمون أن الرسالة لا بد لها من مشرف ويقوم هذا المشرف المعروف عليه حسن الأخلاق بمناقشات على انفراد مع طلبته و بالخصوص مع خطيبتي التي يقوم بالإشراف عليها بدون وجود طرف آخر ثالث وهذا في الجامعة وأعلمكم شيوخنا الأفاضل أني أنوي ان أتزوج بهذه الفتاة في هذا الصيف و بعدها تكمل رسالتها للماجستير فهل يجوز هذا الحال ألا وهو انفراد المشرف بزوجتي في قسم أو مكتب لتلقي العلم والمشاورات طوال مدة الإشراف والتي تقدر بعامين حتى بعد الزواج أفيدوني يرحمكم الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخلوة بين الرجال والنساء محرمة شرعا، لحديث الصحيحين: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم، ويستوي في هذا التحريم الأجانب الملتزمون وغيرهم.
وبناء عليه فيتعين عليك أن تسعى في منع خلوة زوجتك بالدكتور المشرف، فحاول الحضور معها في أوقات تحددها أنت مع المشرف، ويمكن أن تحضر معها خادمة أو ولدا شابا أو مراهقا تنتفي به الخلوة، هذا بالإضافة إلى الالتزام بالحجاب الشرعي الكامل، وراجع الفتوى رقم: 48184 وأفضل من هذا أن تحاول زوجتك الحصول على أستاذة أنثى تشرف عليها
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14556، 31014، 30902، 56127.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(27/509)
ترغب بالزواج من شخص تحبه وأهلها رافضون
سؤال:
تريد الزواج من شخص وأهلها رفضوا والسبب أنهم قالوا بأنه لن يعاملها جيداً لأنهم رأوه في نقاش حاد معها وهي تحبه فماذا تفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز للمرأة – بِكراً كانت أم ثيِّباً – الزواج إلا بإذن وليها ، وقد سبق بيان ذلك في عدة أجوبة ، فليراجع السؤال رقم ( 2127 ) .
ثانياً :
الأهل هم الأقدر – عادة وغالباً – على تحديد الأفضل لابنتهم ومن يصلح للزواج منها ؛ لأن الغالب على البنت هو قلة العلم وقلة الخبرة بالحياة وما يصلح فيها وقد تخدع ببعض الكلمات فتحكم عاطفتها دون عقلها .
لذلك فإن على البنت أن لا تخرج عن رأي أهلها إن عُرف عنهم الدين والعقل ، وأما إذا رد أولياء المرأة الأزواج من غير سبب صحيح ، أو كان ميزانهم في الاختيار غير شرعي كما لو قدموا الغني الفاسق على صاحب الدين والخلق فهنا يجوز للبنت أن ترفع أمرها للقاضي الشرعي لإسقاط ولاية من منعها من الزواج وتحوليها إلى غيره ، وهذا غير موجود في سؤال الأخت ، حيث أن الذي منع الأهل من الموافقة على الزوج ما رأوه أنه من مصلحة ابنتهم ، وهو ما يتعلق بخلق الزوج .
ثالثاً :
الحب الذي يقع بين الشاب والشابة قد تكون مقدماته غير شرعية كالاختلاط والخلوة والكلام وتبادل الصور وما شابه ذلك ، فإن كان الأمر كذلك : فلتعلم المرأة أنها وقعت في حرام ، وأن هذا ليس بمقياس لحب الرجل لها ، فإنه قد جرت العادة أن يُظهر الرجل في هذه الفترة أحسن ما يستطيع من خُلُق ومعاملة ليكسب قلب البنت حتى يحصِّل مبتغاه ، فإن كان مبتغاه محرَّماً فإنها ستكون(27/510)
ضحية لذئب أفقدها أعز ما تملك بعد دينها ، وإن كان مبتغاه شرعيّاً – وهو الزواج – فيكون قد سلك طريقاً غير شرعيَّة ، ثم إنها قد تفاجأ بأخلاقه وتعامله معها بعد الزواج ، وهذا هو مصير أكثر الزواجات .
ومع هذا فعلى الأهل أن يحسنوا الاختيار لابنتهم ، ولهم أن يسألوا أكثر عن الزوج ، ولا يمكن تصنيف رجل من خلال نقاش حادٍّ قد يكون له ما يسوغه ، فالعبرة بالخلق والدين ، وليعلم الأهل قول النبي صلى الله عليه وسلم " لم نرَ للمتحابَّيْن مثل النكاح " - رواه ابن ماجه ( 1847 ) وصححه البوصيري والألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 624 ) - .
وعلى البنت الطاعة لأهلها ، فإنهم أدرى بمصلحتها ولا يريدون إلا أن تكون سعيدة مع زوج يرعى حرمتها ويعطيها حقَّها .
كما ننصح الأخت السائلة أن تنظر في إجابة السؤال رقم ( 23420 ) فهو مهم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الفتوى : ... اقطعي هذه العلاقة فورا
تاريخ الفتوى : ... 13 رجب 1426 / 18-08-2005
السؤال
تعرفت على شخص مسيحي ويريد الزواج مني لكن كيف يمكنني مساعدته ليتم الشهادة ويدخل في الإسلام؟ وهل هناك بعض المواقع لكي يطلع عليها؟ وماهي الطريقة التي يمكنني أن أتخذها معه لإقناعه لأن لديه الرغبة وهو ذو خلق عال؟
وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك قطع الصلة بهذا الشاب فوراً، لأنه أجنبي عنك، وإن كان حدث بينك وبينه ما يخالف الشرع فيجب عليك التوبة من ذلك.(27/511)
أما هو فإن كان جاداً في الدخول في الإسلام فما عليه إلا أن ينطق بالشهادتين ويتوجه إلى أقرب إمام مسجد ليتعلم عليه كيفية الصلاة وغيرها من الفرائض.
فإن أسلم هذا الشاب ورغب في الزواج منك فلا مانع من ذلك إذا وافق ولي أمرك، أما قبل هذا فلا يجوز لك الزواج به، وإن وقع فهو نكاح باطل، فإن كان الشاب لا يزال كافراً، فهذا باطل بإجماع، وإن كان أسلم وتزوجتيه بغير ولي فهو باطل كذلك على الصحيح من أقوال أهل العلم للأدلة الصريحة من الحديث، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل. رواه أحمد وأبو داود وصححه السيوطي والألباني.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زوجته تبيت عند أهلها مع وجود رجل أجنبي عنها
سؤال:
عندما تذهب زوجتي لزيارة والديها في منزلهما ، فإن قريبها الأعزب يقضي ليلته في ذلك المنزل أيضا . وفي هذه الحالة ، فإني أفضل المكث معها هناك ولا أرغب في بقائها بدوني ، مع أن ابننا البالغ من العمر 4 سنوات يبقى معها ، وأنها تنام في غرفة منعزلة .
أنا أمنعها من البقاء في منزل والديها إذا كان قريبها موجود ولم يكن في استطاعتي أن أمكث معها . فهل أنا مصيب في ذلك ؟ هل يعد ذلك شرعيا ، أم أنه يخالف ما شرعه الله ؟
كما أنني أشعر بعدم الارتياح عن ذلك الوضع ، مع أن زوجتي تكرر دوما أن علي أن أثق فيها .
وسؤال آخر متعلق بالموضوع ذاته ، هل يجوز لي أن أمنع زوجتي من السفر للترفيه ولمشاهدة المناظر مع والديها وإخوانها إذا كان قريبها المذكور سيسافر معهم أيضا ؟(27/512)
أنا لا أمانع من سفرها معهم إن كنت أنا معها . لكن هل يصح سفرها معهم وأنا لست معها ؟ مرة أخرى ، أنا أشعر بغيرة شديدة إذا حدث ذلك . أنا أشعر أن أخذها في نزهة من مسئولياتي وليست من مسئوليات الأغراب ، حتى وإن كانت بصحبة والديها وإخوانها . أرجو منك التعليق إن كان ذلك جائزا ، أم أنه يخالف شرع الله ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
أذكرك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " . رواه البخاري ( 4808 ) ومسلم ( 2740 ) من حديث أسامة بن زيد .
ثانياً :
إن وجود المرأة في منزل أبيها وفيه رجل أجنبي عنها جائز إذا أمن الاختلاط المحرم وأمنت الفتنة التي قد تحدث بسبب ذلك .
أما إذا لم تؤمن الفتنة أو حصل الاختلاط المحرم فإن هذا لا يجوز ، ويزيد التحريم إذا كانت المرأة غير ملتزمة بالحجاب الشرعي .
ثالثاً :
الصبي الذي عمره أربع سنوات لا يعتبر محرَماً لأن المقصود من المحرم هو حفظ المرأة وصيانتها وهذا لا يحصل من الصغير ذي الأربع سنوات فوجود هذا الطفل وعدمه سواء .
رابعاً :
والد زوجتك وإخوانها إن تساهلوا بوجود ذلك الرجل ولا يبالون إذا خلا بزوجتك أو خلعت حجابها أمامه فلا يجوز لك ترك زوجتك عندهم لأنهم مفرطون في حفظ ابنتهم وقد قال عليه الصلاة والسلام : " إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو هو الموت " . رواه البخاري(27/513)
( 4934 ) ومسلم ( 2172 ) من حديث عقبة بن عامر . فعليك بحفظ زوجتك والغيرة عليها ، وعدم تعريضها للفتن .
خامساً :
أما بالنسبة لذهابها إلى التنزه فلا بأس به إن لم يكن المكان الذي تذهبون إليه مما يلتقي به أهل الفسوق كالشواطئ وغيرها من الأماكن التي تكثر فيها الريبة ، وتكون محافظة على حجابها بعيدة عن مواطن الفتن ، وإذا خشيت من وجود ذلك الرجل الأجنبي أن يكون سبباً للفتنة أو الوقوع فيما حرمه الله ، فالواجب عليك منع زوجتك من السفر معهم ، وهذا أمر من الغيرة المحمودة التي يحبها الله ورسوله ، أن يغار الرجل على أهله فيمنعهم من الفواحش ومما قد يكون وسلية إليها
واعلم – أخي في الله – أن معظم مصائب الأسر تكون من صديق العائلة أو قريبهم ، فسدد وقارب وانظر الخير في أمرك وقديماً قيل ( رب البيت أدرى بالذي فيه ) واحرص على ما ينفعك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لا حرج في وجود الرجل في بيته أثناء وجود امرأة أجنبية فيه مع زوجته مالم يخل بها
تاريخ الفتوى : ... 10 رجب 1426 / 15-08-2005
السؤال
إذا كانت زوجة أحد الإخوة في بيتي مع زوجتي، هل يجوز لي أن أدخل إلى غرفة أخرى في غياب الأخ الذي ترك زوجته في بيتي، أفتوني مأجورين؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام البيت بيتك فأنت حر في أن تدخل أي مكان منه شئت، وكون زوجة الأخ المذكور ضيفة عندك لا يمنعك ذلك من الدخول في أي مكان شئت من بيتك، إذا اجتنبت الخلوة بها والحديث معها في أمور تنافي الآداب الشرعية.(27/514)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خوض معركة الانتخابات للمرأة غير جائز ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 16075 ...
رقم الفتوى
... 24/06/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
وردت إلينا أسئلة عديدة عن حكم انتخاب المرأة لعضوية مجلس النواب أو الشيوخ فى الشريعة الإسلامية .
إذا قامت ضجة من جانب بعض النساء للمطالبة بتعديل قانون الانتخاب الذى حرمت نصوصه انتخابهن بحيث يكون لهن الحق فى الانتخابات .
نص الفتوى
الحمد لله
بعد حمد الله والصلاة والسلام على رسول الله .
عنى الإسلام أتم عناية بإعداد المرأة الصالحة للمساهمة مع الرجل فى بناء المجتمع على أساس من الدين والفضيلة والخلق القويم .
وفى حدود الخصائص الطبيعية لكل من الجنسين، فرفع شأنها وكون شخصيتها وقرر حريتها وفرض عليها كالرجل طلب العلم والمعرفة، ثم ناط بها من شئون الحياة ما تهيؤها لها طبيعة الأنوثة وما تحسنه حتى إذا نهضت بأعبائها كانت زوجة صالحة وأما مربية وربة منزل مدبرة، وكانت دعامة قوية فى بناء الأسرة(27/515)
والمجتمع - وكان من رعاية الإسلام لها حق الرعاية أن أحاط عزتها وكرامتها بسياج منيع من تعاليمه الحكيمة، وحمى أنوثتها الطاهرة من العبث والعدوان، وباعد بينها وبين مظان الريب وبواعث الافتتان فحرم على الرجل الأجنبى الخلوة بها والنظرة العارمة إليها، وحرم عليها أن تبدى زينتها إلا ما ظهر منها، وأن تخالط الرجال فى مجامعهم، وأن تتشبه بهم فيما هو من خواص شئونهم، وأعفاها من وجوب صلاة الجمعة والعيدين مع ما عرف عن الشارع من شديد الحرص على اجتماع المسلمين وتواصلهم وأعفاها فى الحج من التجرد للإحرام، ومنعها الإسلام من الأذان العام وإمامة الرجال للصلاة، والإمامة العامة للمسلمين، وولاية القضاء بين الناس، وأثم من يوليها بل حكم ببطلان قضائها على ما ذهب إليه جمهور الأئمة، ومنع المرأة من ولاية الحروب وقيادة الجيوش، ولم يبح لها من معونة الجيش إلا ما يتفق وحرمة أنوثتها .
كل ذلك لخيرها وصونها وسد ذرائع الفتنة عنها والافتتان بها حذرا من أن يحيق المجتمع ما يفضى إلى انحلاله وانهيار بنائه والله أعلم بما للطبائع البشرية من سلطان ودوافع وبما للنفوس من ميول ونوازع والناس يعلمون والحوادث تصدق .
ولقد بلغ من أمر الحيطة للمرأة أن أمر الله تعالى نساء نبيه ت صلى الله عليه وسلم بالحجاب وهن أمهات المؤمنين حرمة واحتراما، وأن النبى صلى الله عليه وسلم - لم تمس يده ( وهو المعصوم ) أيدى النساء اللاتى بايعنه، وأن المرأة لم تول ولاية من الولايات الإسلامية فى عهده ولا فى عهد الخلفاء الراشدين ولا فى عهود من بعدهم من الملوك والأمراء ولا حضرت مجالس تشاوره - صلى الله عليه وسلم مع أصحابه من المهاجرين والأنصار .
ذلك شأن المرأة فى الإسلام ومبلغ تحصينها بالوسائل الواقية فهل تريد المرأة الآن أن تخترق آخر الأسوار، وتقتحم على الرجال قاعة البرلمان فتزاحم فى الانتخابات والدعاية والجلسات واللجان والحفلات والتردد على الوزارات والسفر إلى المؤتمرات والجذب والدفاع، وما إلى ذلك مما هو أكبر إثما وأعظم خطرا من ولاية القضاء بين خصمين وقد حرمت عليها .(27/516)
واتفق أئمة المسلمين على تأثيم من يوليها تاركة زوجها وأطفالها وبيتها وديعة فى يد من لا يرحم إن ذلك لا يرضاه أحد ولا يقره الإسلام .
بل ولا الأكثرية الساحقة من النساء . اللهم إلا من يدفعه تملق المرأة أو الخوف من غضبتها إلى مخالفة الضمير والدين ومجاراة الأهواء، ولا حسبان فى ميزان الحق لهؤلاء - على المسلمين عامة أن يتعرفوا حكم الإسلام فيما يعتزمون الإقدام عليه من عمل فهو مقطع الحق وفصل الخطاب، ولا خفاء فى أن دخول المرأة فى معمعة الانتخابات والنيابة غير جائز لما بيناه .
وإننا ننتظر من السيدات الفضليات أن يعملن بجد وصدق لرفعة شأن المرأة من النواحى الدينية والأخلاقية والاجتماعية والعلمية الصحيحة فى حدود طبيعة الأنوثة والتعاليم الإسلامية قبل أن يحرصن على خوض غمار الانتخاب والنيابة، وأن نسمع منهن صيحة مدوية للدعوة إلى وجوب تمسك النساء عامة بأهداب الدين والفضيلة فى الأزياء والمظاهر والاجتماعات النسائية وغير ذلك مما هو كمال وجمال للمرأة المهذبة الفاضلة .
ولهن منا جميعا إذا فعلن ذلك خالص الشكر وعظيم الإجلال .
ذلك خير لهن والله يوفقهن لما فيه الخير والصلاح .
ــــــــــــــ
نصرانية مهتمة بالإسلام ولكنها تعترض على تطويق المرأة بالأحكام الشرعية
سؤال:
منذ سنوات قليلة وأنا مهتمة بالإسلام ولكن لست أدري كيف أتوسع في الإطلاع والقراءة ، عمري تقريباً 50 سنة وقد نفرت من الإسلام قليلاً بسبب تطويق ومحاصرة المرأة (كما يبدو لي ) . كيف أدخل في الإسلام لأدرسه ؟.
الجواب:
الحمد لله
إن معرفة ما تحتاجه المرأة متفاوت في العقول البشرية ، والمرأة عادة تخضع لتعاليم وأنظمة وعادات مجتمعها بحُلوِها ومرِّها ، وكثير من أنظمة المجتمعات غير الإسلامية وعاداتها وأنماط حياتها فيها جناية على المرأة ؛ والمتأمل فيها يجد(27/517)
أنّ القصد منها جعل المرأة مجالا لاستمتاع الرجل تحت شعار الحرية وهذا أمر مناف للدين الصحيح ومضادّ لما يقتضيه العقل والحكمة .
فهل من الحكمة أو الإنصاف أن يشارك في درة ثمينة شركاء عدة مع إمكان استحواذ واحد عليها يحفظها ؟ وهل مِن الحكمة كشف العورات لمجرد متعة زائلة ؟
وهل مِن الحكمة فتح أبواب الإثارة والاختلاط وكشف المرأة زينتها ليقع معها من يقع في الفاحشة التي تؤدي إلى شيوع الأمراض وكثرة أولاد الحرام واختلاط الأنساب؟ وهل من الحكمة تكليف المرأة بالعمل خارج البيت مما يترتب عليه إهمال البيت ومزاحمة الرجال وتضييع الأولاد ثم هي لا تُطيق ذلك لا نفسيا ولا جسميا .
وانظري إلى هذه المقارنة البسيطة بين حال المرأة في الإسلام وحالها في غيره من الأنظمة والأديان :
أولاً : الإسلام حرر المرأة من عبودية الخلق والهوى ، وغير الإسلام عبَّدها للشيطان والهوى .
ثانياً : الإسلام حفظ لها عرضها وكرامتها ، وغير الإسلام بذل عرضها وكرامتها .
ثالثاً : الإسلام جعل الإنفاق على المرأة واجباً لسترها ، وغير الإسلام جعلها سلعة يُتاجر بها وكلّفها شططا بالإنفاق على نفسها والخروج للعمل .
رابعاً : الإسلام حفظ المرأة صغيرة ، وكرَّمها كبيرة ، وغير الإسلام جعل ذلك عبئاً على المجتمع .
خامساً : الإسلام حفظ للمرأة مالها ، ونسلها ، وحياتها ، ونظمها لها ، وغير الإسلام أضاع كل ذلك .
فعليك أولاً: بقراءة كتاب الله عز وجل والنظر في تفسيره كتفسير ابن كثير ، ثم القراءة في صحيحي البخاري ومسلم ، وسماع الأشرطة الإسلامية وخصوصاً التي من مشايخ أهل السنَّة .(27/518)
وثانياً : عليك بالذهاب إلى أقرب المراكز الإسلامية لأهل السنّة لتتعرفي عندهم على برامج تعليم المرأة .
وثالثاً : يمكنك الاستفادة من المواقع الإسلامية الكثيرة على الإنترنت ، والتي تقدم لك الإسلام الصافي ، وتجيبك على تساؤلاتك ، ويمكنك مراسلة بعض المؤسسات الإسلامية المعتمدة عند أهل السنة لتزويدك بالكتب والمجلات النافعة لك ، مثل مؤسسة الحرمين ، والندوة العالمية للشباب المسلم – ويوجد قسم خاص بالنساء - .
ورابعاً : تعرفي على أخوات مسلمات يمكنهن تقديم المعونة لك ، وإرشادك على ما يصلح قلبك وحالك ، حيث إن المرأة أقرب إلى فهم بنات جنسها من الرجال .
وخامساً : احذري الاغترار ببعض من ينتسب إلى الإسلام ، وهو بريء منه ، مثل القاديانية ، والشيعة ، والبهائية ، والصوفية .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
مشاهدة التلفاز بين الحظر والإباحة ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما الحكم الشرعي في مشاهدة التلفاز ؟ ... السؤال
01/06/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
التلفاز أو(التليفزيون) من أدوات النقل الإعلامي ،فلا يحكم عليه كلية بالحرمة أو الحل ،أما الجهاز في حد ذاته فليس بحرام ،وأما عن المعروض والمشاهد ،فيختلف حسب ما يعرض ويشاهد،فإن شاهد المرء فيه حلالاً،كان لا بأس عليه،وإن شاهد فيه حرامًا،كان آثمًا ،وعلى المسلمين في العالم أن يحسنوا استغلال التلفاز كأداة لنشر الخير وتعاليم الإسلام السمحة ،فإنه وسيلة إصلاح ،كما أنه وسيلة هدم .(27/519)
يقول الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر(رحمه الله تعالى ):
التلفزيون هو جهاز الرؤية من بُعد، ينقل الصوتَ والصّورة معًا، بل ينقل الصورة متحرِّكة كأنها حيّة، وهو يعرض أمورًا متعدِّدة، كما يُذيع الراديو موادَّ مختلفةً قد يصعُب على الكثيرين الحصول عليها لو لم تكن هذه الأجهزة فما كان من هذه الأمور والمواد حلالًا في أصله، ولم يؤثِّر تأثيرًا سيِّئًا على العقيدة أو الأخلاق، ولم يترتّب عليه ضَياع واجب، كان السّماع حلالًا والمشاهدة أيضًا حلالًا، وما خالف ذلك كان ممنوعًا يتحمّل تبِعتَه المُذيعون والمستقبِلون.
وأكثر ما يُسأل عنه هو النظر إلى النِّساء الرّاقصات أو المُمثِّلات أو غيرهن ممن يُبدين زينتهنَّ ويكشفْنَ ما أمر الله بسترِه، فقد يُقال: إن الناظر لا ينظر امرأة ولكن ينظر صورتَها، وقد تحدَّث الفقهاء قبل أن يظهر التلفزيون عن حكم النظر إلى صورة المرأة في المرآة، هل يعطَى حكم النظر إليها أو لا؟ ووضحه الكمال بن الهمام، ونقله الشيخ طه حبيب في فتوى نشرت له بمجلة الأزهر "نور الإسلام" عام 1932 في المجلد الثالث ص 492 وقال ما نصه:
والذي تسكُن إليه النّفس، ويَطمئِن له القلب هو أن النظَرَ إلى المرأة الأجنبيّة إنما يكون محرّمًا بسبب أنه داع وذَريعة إلى الوقوع فيما هو أشدُّ منه حُرمة، وهو الوقوع في المعصية الكبرى، وعليه فالنظر إلى المرأة الأجنبيّة المعيّنة بواسطة المرآة بقصد الشهوة غير جائز؛ لأنه ذريعة إلى محرّم، وكل ما كان كذلك فهو حَرام، سواء أكان ذلك مباشَرة أو بواسطة المِرآة . انتهى.
وإذا كانت هذه الفتوى بشأن الصورة الجامدة التي يُخشَى من النظر إليها الفِتنة فإن النظر إلى الصورة المتحرِّكة أولى بالمنع لشدّة الفتنة بها، وإذا كان المِقياس هو الفتنةَ فالناس مختلِفون فيما يَفتِن وما لا يَفتِن وكلٌّ أدرى بنفسه.
وممّا يشهد لجواز مشاهدة المسرحيّات والألعاب البريئة ما رواه البخاري ومسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: رأيتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَستُرني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون وأنا جارية، فاقدِروا قَدْرَ الجارِية العَرِبَة ـ المُحبّة للعبِ ـ الحديثة السِّنِّ . وفي رواية فإمّا سألت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإما قال " تَشتهينَ تنظرينَ"؟ فقلت: نعم فأقاَمني وراءَه،(27/520)
خَدِّي على خَدِّه، وهو يقول "دونكم يا بني أرفدة" حتّى إذا مَلِلْتُ قال "حَسْبُكِ" قلت: نعم، قال "فاذْهبي" وبنو أرفدة لقب للحبشة، ولفظ "دونكم" يفيد الإغراء والاستزادة ، وكان لعب الحبشة بإلقاءِ الحراب وتلقِّيها، كما ورد في رواية أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عائشة كانت تتفرَّج على "الدركلة" وهي ضَرْب من لَعِبِ الصِّبيان، وقيل: هو الرَّقص. وفي تأكيد سماحة الإسلام في التمتع البريء أن النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لأبي بكر وهو ينهَى الجواري عن الغناء لعائشة يوم العيد "دعْهُنّ يا أبا بكر فإنّها أيّام عيد، لتعلمَ اليهود أن في ديننا فسحة، وإني أرسلت بالحَنيفيّة السّمحة" رواه أحمد عن عائشة، وذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري رواية ذلك عن ابن السراج عن عائشة ، وما جاء في الجامع الصغير للسيوطي أن هذا القول كان بمناسبة لَعِبِ الحبشة فضعيف.
ولا داعيَ للقول بأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجاز لها مشاهدة لعب الحبشة وسماع الأغاني، لأنها كانت صغيرة غير بالِغة، أو أن ذلك كان قبل أن يُفرَض الحِجابُ ويُحرَّم اللهو، فإن ذلك احتمال لا يُفيد القطعَ، وإلا ما كان هناك خِلافٌ للفُقهاء في هذه الأحكام .
والله أعلم
ــــــــــــــ
حرص الشريعة الإسلامية على شرف المرأة ورفع مكانتها ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 16092 ...
رقم الفتوى
... 02/06/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...(27/521)
نص السؤال
بالطلب المتضمن أن زوجة مسلمة على عصمة زوجها المسلم تقابلت مع رجل أجنبى عنها لا قرابة له بها إطلاق وليس برحم محرم لها، ويقال إنه متزوج إحدى قريباتها، وهذا الرجل يقيم ببلدة أخرى، وأرادت استضافته فى مسكنها الخاص فى غيبة زوجها وبدون إذنه، وإعداد مأدبة غداء خاصة به وحده، وليس فى المسكن رجل يستقبله بل أرادت الزوجة أن تصاحبه بنفسها - عقب مقابلته لها - فى مسكنها وأن تشترك معه ووالدتها المقيمة معها فى تناول طعام الغداء .
وذلك كله فى غيبة زوجها وبدون إذن منه، وأن تبقى جالسة مع هذا الضيف على المائدة وهى غير محجبة، وهو أجنبى ليس رحما محرما لها كما تقدم .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما إذا كان يباح للزوجة المذكورة هذا العمل أو لا يباح .
نص الفتوى
الحمد لله
إن الشريعة الإسلامية اهتمت بشرف المرأة المسلمة أيما اهتمام، وحرصت كل الحرص على المحافظة على عرضها، ورفع كيانها عن المهانة والابتذال وتعرضها لما يشين سمعتها ويهدم كرامتها، وذلك دفعا للفتنة ومقالة السوء - فحرمت عليها الاختلاء بأجنبى غير محرم لها، والاختلاط به مادام لم يوجد معهما محرم لها، كما حرمت عليها أن تبدى له زينتها، وأن تظهر مفاتنها ومحاسنها أمامه .
لأنه لا يجتمع رجل وامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما .
فالعينان تزنيان والنظر سهم مسموم من سهام إبليس .
قال الله تعالى فى كتابه الكريم { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات(27/522)
النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون } النور 31 ، وقال تعالى { إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفا } الأحزاب 32 ، وقال تعالى { وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } الأحزاب 53 ، وقال تعالى { يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } الأحزاب 59 ، وجاء فى صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو قال الحمو الموت ) والحمو هو أحد أقارب الزوج، أو أقارب الزوجة من غير المحارم - وروى مسلم أيضا - أن نفرا دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق وهى تحته يومئذ، فرآهم فكره ذلك، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لم أر إلا خيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد برأها من ذلك .
ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال ( لا يدخلن رجل بعد يومى هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان ) والمغيبة هى التى غاب زوجها عن المنزل .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى خطبته يوم حجة الوداع ( ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن فى المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا .
ألا إن لكم على نسائكم حقا، ولنسائكم عليكم حقا، فحقكم عليهن أن لا يوطئن فراشكم من تكرهون ولا يأذن فى بيوتكم لمن تكرهون .
وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن فى كسوتهن وطعامهن ) هذا وحديث الإفك الذى اتهمت فيه السيدة عائشة رضى الله تعالى عنها بمجرد انفرادها برجل غير ذى رحم لها، وتأخرهما عن القافلة ليس ببعيد عن الأذهان، وزوجها خير البشرية حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم لم ير نفى التهمة عنها التى شاعت فى(27/523)
جزيرة العرب، حتى أنه لم يذكر اسمها على لسانه طول مدة هذه المحنة، وكان حين يسأل عنها وهى مريضة فى بيت أبيها أبى بكر الصديق يقول كيف حال تيكم، حتى أنزل الله الوحى ببراءتها .
فالمحافظة على عفاف المرأة المسلمة وعرضها وشرفها من الأمور التى حرصت الشريعة الإسلامية على صيانتها .
الأمر الذى يتجلى واضحا من النصوص المذكورة وغيرها فى هذا الباب كثير ومن هذا كله يتعين أن السيدة المسئول عن أمرها مخطئة كل الخطأ فى تصرفها المذكور ، ولا يباح لها هذا العمل شرعا .
ولزوجها الحق فى أن يمنعها من هذا التصرف .
ومنه يعلم الجواب عن السؤال . والله سبحانه وتعالى أعلم .
ــــــــــــــ
ذكر الموت حافز للعمل بطاعة الله والبعد عن نواهيه
تاريخ الفتوى : ... 11 رجب 1426 / 16-08-2005
السؤال
أنا يا إخواني لا أنسى الموت أبدا وصرت في حالة تشاؤم ولا أقدر أن أفعل أي شيء لدنيا وكأني دائما في الحلم وكأن جسدي ليس معي فأنا عندي سؤالان الأول: ماذا أفعل في حالتي هذه التي تكلمت عنها حتى أستطيع أن أكون في وعيي وأفعل ما يفيدني بالدنيا والآخرة؟
وسؤالي الثاني: يا إخوان أنا يصعب عليَ أن أختلط مع الذكور وأرتاح جدا في الاختلاط مع الإناث ولكن دون حدوث أي شيء حرمه الله علينا وأنا دائما أحكي عن الموت لكل من يتكلم معي؟
أرجو الإجابة إذا أمكن وبارك الله فيكم.
وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(27/524)
فإن تذكر الموت ينبغي أن يكون حافزاً لاستعداد صاحبه للقاء الله تعالى، ونشاطه في الطاعة وبعده عن الكسل، وأن يكثر من الأعمال الصالحة ويتوب توبة صادقة، ويبتعد عن جميع المحرمات، ومن المحرمات مخالطة النساء الأجنبيات والالتذاذ بالنظرإليهن وبمحادثتهن.
ونوصيك أن تراجع بعض الأطباء النفسانيين، أو مراجعة قسم الاستشارات بالشبكة، لعلهم يفيدونك في حالتك النفسية.
وراجع الفتاوى المتعلقة بأحكام النظر والاختلاط ضمن العرض الموضوعي لفتاوى الشبكة وهي في مقدمات مواضيع النكاح.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يشرع إقامة علاقة مع فتاة بحجة نية الزواج بها
تاريخ الفتوى : ... 10 رجب 1426 / 15-08-2005
السؤال
ماحكم من أجبر على ترك فتاة يحبها وينوي الزواج منها؟ كان الإجبار من قبل والدتها فماذا علي أن أفعل جزاكم الله خيرا مع العلم أني أدرس معها في نفس الجامعة.وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية يجب أن يعلم أنه لا يوجد في الإسلام ما يعرف بالحب قبل الزواج ولو كان لغرض قصد الزواج في نهاية الأمر، وذلك لأن الإسلام حرم هذا النوع من العلائق خارج نطاق الزواج لما يفضي إليه من مفاسد محرمة تؤدي في النهاية إلى هتك الأعراض، وهذا سر سد الباب دون هذه العلائق، فعلى من ابتلي بشيء من ذلك أن يتوب إلى الله تعالى ويكف عن ذلك. هذا فيما يتعلق بالحب غير المشروع. أما بخصوص رغبة الشخص في الزواج بمن يحبها فلا مانع منه لكن يتوقف ذلك على رضاها ورضا وليها وليس للأم حق في المنع لأنها لا تعد ولية(27/525)
بحال، نعم إن رفضت الأم زواج ابنتها برجل معين فينبغي لابنتها محاولة ترضيتها وكسب ودها حتى توافق إذا كان المتقدم للزواج كفؤا، ولا بأس أن تذكرها بقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي. فإن وافقت وقبلت فهذا خير وإن رفضت فلا ينبغي لهذه الابنة أن تتزوج من هذا الشخص بعينه الذي لا ترغب فيه والدتها، ذلك لأن بر الأم واجب والزواج من هذا الشاب غير واجب والواجب مقدم على غيره عند التعارض. أما أنت فإما أن تتقدم لخطبة الفتاة عند وليها فإن وافق فاعقد عليها حتى لا تقعا في ما لا تحمد عقباه، وإن رفض فاصرف النظر عنها ولا تعلق نفسك بأمر قد لا تناله .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
رسم الانسان عاريا موديل ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 16106 ...
رقم الفتوى
... 09/06/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
من اتحاد طلاب كلية الفنون الجميلة بالاسكندرية جامعة حلوان بكتابه المؤرخ 4/2/1979 الافادة عن الحكم الشرعى فى الموديل العارى الذى تستخدمه كليات الفنون الجميلة، وهو رسم أو عمل تمثال للشخص العارى - سواء كان ذلك الموديل رجلا متخليا أو امرإة متخلية عن كل ما يستر العورة أو نصف عارى -(27/526)
بحجة دراسة للنسب الإنسانية أو الإحساس ببروزاته، وهل يباح اتخاذ هذا الموديل الإنسانى العارى لهذا الغرض أو يحرم .
نص الفتوى
الحمد لله
إن الله سبحانه كرم الإنسان بنوعيه الذكر والأنثى وصانه عن التبذل والمهانة فقال سبحانه فى سورة الأعراف { يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد } الأعراف 31 ، وفى سورة الأحزاب { يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن } الأحزاب 59 ، وفى سورة النور { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون .
وقل للمؤمنات يغضض من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهم أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون } النور 30 ، 31 ، وقد جرت السنة الشريفة مبينة أنه لا يحل للرجل المسلم أن يتجرد من ثيابه حتى تظهر عورته وهى ما بين السرة والركبة من جسده، وا،ه لا يحل للأنثى متى بلغت شرعا بالمحيض أو السن أن تتجرد من ثيابها إلا أمام زوجها، بل إنه لا يحل لمحارمها كالأب والابن والأخ أن يطلع على ما بين سرتها وركبتها، وإنما هذا لزوجها فقط على ما تدل عليه صراحة بهذه الآيات الكريمة .
وما رواه أبو داود عن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها أن أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إله وجهه وكفيه ومن أجل هذا أجمع جمهور الفقهاء على أن جميع بدن الأنثى لا يحل كشفه ونظر الغير إليه فيما عدا الوجه والكفين .(27/527)
ووقع الخلاف فى القدمين، هل هما مما لا يحل كشفه أو مما يجوز .
فذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى أن جميع بدن الأنثى لا يحل لها كشفه لغير من ذكروا فى الآية الأخيرة، ذلك حكم الله أنزله فى كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، ومن ثم وابتاعا لأمر الله لا يحل للأنثى أن تتجرد من ثيابها كليا أو جزئيا، ولا يحل للذكر أن يتجرد من ثيابه حتى تبدو سوءته ما بين سرته وركبته إلا لضرورة كالعلاج بمعرفة طبيب مثلا، أما فى غير ضورة فى يحل شىء من هذا .
وليس من الضرورات هذا الموديل العارى للأنثى والذكر، إذ لا ضرورة فيه، واللرسام أن يلجأ إلى رسم الأزهار والأشجار وغيرها مما أباح الله لعباده ، وفيها من الجمال ما لا يقارن به بدن الإنسان عاريا، بل إن الله قد امتن على آدم وحواء بستر جسديهما حيث خلقها، وحذرهما من الأكل من الشجرة وعابتهما على مخالفته وأكلهما منها حتى بدت سوآتهما .
ولعل فى لفظ السوءة ما يشعر بقبح النظر إلى ما أوجب الله ستره عن الأنظار .
لما كان ذلك فإنه لا يحل شرعا تجريد الأنثى من ثيابها ولا تجريد الذكر مما يستر ما بين سرته وركبته إلا لضرورة العلاج والتداوى فقط .
وإنه لحق على أولياء المور ونحن نبنى بدلنا على الخلق القويم فى نطاق العلم والإيمان أن نرقى الذوق ونبرز عظمة خلق الله فيما أباحه الله لا فيما حرمه، وليذكر الجميع قول رسول الله صلى اله عليه وسلم فيما رواه النسائى وابن حبان فى الصحيح عن أنس أنه قال (إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته) .
والله سبحانه وتعالى أعلم .
ــــــــــــــ
ما يجوز النظر إليه من المحارم ... العنوان
أرجو توضيحَ حكم الشَّرع في حدود ما يجوز النظر إليه من ذواتِ المَحارِم
... السؤال
28/01/2001 ... التاريخ(27/528)
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
ذوات المحارم كلُّ مَن حَرُمَ على المرء نكاحُهن على التأبيد بنَسَبٍ كالأخت والأم أو رضاع أو تحريم مُصاهرة كأمِّ الزوجة، ويجوز النظر إلى ما يظهر منهنَّ غالبًا كالرقبة والرأس والكَفَّين والقدمين، وهو ما عبَّر عنه القرآن الكريم بموضع الزينة واستثناه في قوله تعالى: (وقُلْ لِلْمُؤمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ ويَحْفَظْنَ فُروجَهُنَّ ولاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أو بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ) الآية الكريمة.
والبعولة هنا الأزواج.
وقال تعالى: (لاَ جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ ولاَ أَبْنائِهِنَّ ولاَ إِخْوانِهِنَّ ولاَ أَبْنَاءِ إِخْوانِهِنَّ ولاَ أَبْنَاءِ أَخَواتِهِنَّ ولاَ نِسَائِهِنَّ).
وقد روى أبو داود عن أنس أن رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ أتى فاطمة بعبد قد وهبَه لها. قال: وعلى فاطمة ثوب إذا غطَّت به رأسها لم يبلُغ إلى رجليها، وإذا غطَّت به رجليها لم يبلغ إلى رأسها، فلما رأى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما تَلْقَى من ذلك قال: إنَّه لا بأس عليك، إنما هو أبوك وغلامُك.
قال ابن العربي في أحكام القرآن: وروى علماؤنا أن صفيّة بنت عبد المطلب عمّة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانت لا تُغطي رأسَها منه ولا من عشرة من المهاجرين الأوّلين؛ أي من أبنائها وأبناء أخواتِها.
أما إذا كانت المرأة أجنبيّة غير ذات محرَم فيُحرَّم النظر إلا إلى وجهها وكفَّيها لقوله تعالى: (ولا يُبْدِينَ زِينتَهُنَّ إِلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا) قال عليٌّ وابن عباس ـ رضي الله عنهم ـ ما ظهر منها الكُحل والخاتم أي موضعهما، وهو الوَجه والكَفَّين، والمراد من الزينة في الآية موضعُها، ولأنَّ في إبداء الوجه والكف ضرورة لحاجتها إلى المعاملة مع الرجال أخذًا وعطاءً.
أمَّا من غير ضرورة فقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: يا علي لا تُتْبِع النظرةَ النظرةَ، فإنَّ لك الأولى، وعليك الثانية وهذا في غير ضرورة كما قلنا.(27/529)
والله أعلم
ــــــــــــــ
كسب مصفف شعر المرأة حرام ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 16126 ...
رقم الفتوى
... 14/06/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
بالطلب المتضمن أن ابن السائل يعمل مصففا لشعر السيدات، وأشار فى سؤاله إلى أن هذا العمل هو مورد ابنه وليس له مصدر رزق آخر، ويسأل عن حكم ذلك شرعا .
نص الفتوى
الحمد لله
يقول الله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون .
وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا آية المؤمنون لعلكم تلفحون } النور 30 ، 31 ، هذا أمر من الله تعالى للرجال والنساء على(27/530)
السواء بأن يغضوا أبصارهم عما حرم عليهم، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح الله لهم النظر إليه، لأن النظر داعية إلى فساد القلب وذريعة للوقوع فى المحرمات .
وقد روى عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، من تركها مخافتى أبدلته إيمانا يجد حلاوته فى قلبه) .
( تفسير ابن كثير ج - 3 ص 282 ) وروى البخارى ومسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، وزنا الأذنين الاستماع، وزنا اليدين البطش، وزنا الرجلين الخطى، والنفس تمنى وتشتهى والفرج يصدق ذلك أو يكذبه .
( المصدر السابق ) وقد أوضحت الآية الأخيرة أن على المرأة أن تستر جسدها من قمة رأسها إلى القدمين ، وفقط يباح لها كشف وجهها وكفيها حسبما جاء فى حديث السيدة أسماء .
عن خالد بن دريك عن عائشة أن أسماء بنت أبى بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فاعرض عنها .
وقال يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض، لم يصلح لها أن يرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه ( نيل الأوطار ج - 6 ص 114 باب ان المرأة عورة إلا وجهها وكفيها ) رواه أبو داود .
ومن ثم فلا يحل لغير الزوج ومحارم المرأة النظر إلى ما عدا الوجه والكفين من جسدها .
ولما كانت هذه النصوص من القرآن والسنة قد أوجبت على المرأة ستر جسدها من قمة رأسها إلى قدميها، وحرمت النظر إليها من غير زوجها ومحارمها الذين بينهم الله فى هذه الآية الأخيرة، كان مس شىء من جسدها محرما، لأنه أكثر إثارة للغرائز من النظر .
ولما كان الرجل الذى يقوم بتصفيف الشعر لغير زوجة له أو لغير محرم منه إنما يمس جزءا من جسدها وجب ستره، وحرم الله النظر إليه وبالتالى حرم مسه، كان(27/531)
هذا العمل محرما على الرجال، وكل عمل محرم يكون كسبه محرما، مع أن تحرى الكسب الحلال من الواجبات التى أمر الله سبحانه وتعالى بها فى القرآن الكريم، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون } البقرة 172 ، وروى أن سعدا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسأل الله تعالى أن يجعله مجاب الدعوة .
فقال له (أطب طعمتك تستجب دعوتك) ( احياء علوم الدين ج - 5 ص 22 كتاب الحلال والحرام ) والله سبحانه وتعالى أعلم .
ــــــــــــــ
مسلمة جديدة تريد الدراسة ولا تستطيع
سؤال:
فتاة مسلمة ، أنهت دراستها الثانوية العام الماضي، وانتقلت من عند والدتها إلى بلاد ما وراء البحار لتعيش مع أخيها. ودخلت الإسلام, بينما باقي أفراد عائلتها ليسوا مسلمين أو أنهم يتبعون أي دين آخر.
تلك الفتاة كانت تلبس الحجاب , لكنها لا تلبسه بشكل صحيح الآن . ولا يوجد عذر لذلك , لكنها ترغب في الحصول على وظيفة لا تمانع لبسها الحجاب . كما أن أخاها لن يجبرها على خلع الحجاب. وهي الآن تعمل ، لكنها ترغب في الذهاب للكلية لتحصل على درجة جامعية في التدريس. والمشكلة حيث أن الحكومة في بلاد والدتها تعطي قروضا بفوائد عالية, والبلاد التي هي فيها الآن تعطي قروضا بدون فوائد , لكن عليها أن تنتظر مدة سنتين كاملتين قبل أن تتمكن حتى من التقديم للحصول على قرض من هذا النوع. وهي لا تريد أن تضيع الوقت على نفسها . وقد تعرفت على سائق سيارة أجرة (تاكسي) تقي , وقد أخبرها أنه يجب عليها ألا تكون في بيئة كتلك؛ وأن عليها أن تتزوج في أسرع وقت ممكن . وأخوها لا يسمح لها بمغادرة البيت أبدا, كما أنه صاحب نفوذ قوي جدا . إنها تريد أن تذهب إلى والدتها للدراسة، لكنها لا ترغب في الحصول على قرض بفوائد ربوية . فبماذا تنصحها ؟.(27/532)
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الحمد لله الذي كتب لك الهداية للدخول في دين الإسلام وهذه نعمة لا توازيها نعمة على وجه الأرض .
ثانيا :
لاشك أن يواجه المسلم الملتزم الذي أسلم حديثا بعض الصعوبات وبعض المشاكل وخصوصا أنه تعود على نمط من الحياة يوجب دخوله الإسلام أن يغيره وبالتالي قد يواجه بعض الصعوبات من أسرته ومن مجتمعه الذي يعيش فيه .
ثالثا :
المسلم الجديد لابد أن يبحث عن رفقة ملتزمة صالحة تعينه وترشده وتقدم له النصائح حتى لا يتأثر بالجو الذي كان عليه ولا يستزله الشيطان أو رفاق السوء بالرجوع إلى ما كان عليه .
رابعا :
ننصح الأخت المسلمة أن تتقي الله سبحانه وتعالى وأن تلتزم بالحجاب الصحيح وقد تواجهها بعض الصعوبات ولكن الله سوف يكون لها سنداً وعوناً وسيحفظها إن علم منها صدق النية والإخلاص .
خامسا :
ننصحها أن لا تلتفت لدخول الجامعة لأن ذلك يؤدي إلى الوقوع في محاذير شرعية كالتعامل بالربا - كما ذكرت السائلة - أو التخلي عن الحجاب أو الاختلاط المحرم .
سادسا :
ننصحها أن تبحث عن زوج مسلم يعفها وتعيش في كنفه كما ذكر لها ذلك السائق المسلم وأن تستعين بالله على ذلك ، وتجتهد في تعلم الإسلام حتى تكون داعية إلى الله وتنقذ من استطاعت من أهلها وأقاربها ومجتمعها من الموت على الشرك ، وهذا من أهم الأعمال وأفضلها قال الله تعالى : ( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى(27/533)
الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين ) فصلت / 33 ، ونسأل الله أن يثبتك على الإسلام وأن يكتب الهداية لأسرتك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الولادة بواسطة الطبيب ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 16153 ...
رقم الفتوى
... 27/05/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
امرأة قالت ما هو حكم الولادة بواسطة الطبيب حتى لو كانت الحالة طبيعية .
وهل يحل كشف العورة لطبيب أعزب، وربما كانت أخلاقه سيئة .
نص الفتوى
الحمد لله
المنصوص عليه شرعا أن بدن المرأة الأجنبية كله عورة عدا وجهها وكفيها وقدميها، وأنه يحرم على الأجنبى عنها النظر إلى ما عدا ذلك إلا عند الضرورة، كالطبيب والخاتن للغلام والقابلة والحاقن ، ولا يتجاوز هؤلاء قدر الضرورة، وفى التبيين وينبغى للطبيب أن يعلم امرأة إذا كان المريض امرأة إن أمكن، لأن نظر الجنس إلى الجنس أخف، وإن لم يمكن فإذا لم يكن بد من نظر الرجل الأجنبى إلى عورة الأجنبية عنه فليستر كل عضو منها سوى موضع المرض، ثم لينظر ويغض بصره عن غير ذلك الموضع ما استطاع، تحرزا عن النظر بقدر الإمكان،(27/534)
وكذلك تفعل المرأة عند النظر إلى الفرج عند الولادة وتعرف البكارة، لأن ما يثبت للضرورة يقدر بقدرها .
والأصل فى ذلك قوله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم } النور 30 ، وقوله تعالى { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن } النور 31 ، أى يسترنها من الانكشاف كيلا ينظر إليها الغير .
وقال عليه السلام ملعون من نظر إلى سوءة أخيه فأما فى حالة الضرورة فإن الضرورات تبيح المحظورات فأبيح للضرورة شرب الخمر وأكل الميتة، وهذا لأن أحوال الضرورات مستثناة .
قال تعالى { وما جعل عليكم فى الدين من حرج } الحج 78 ، وقال تعالى { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } البقرة 286 ، وهذا هو حكم الشريعة فى النظر إلى عورة الأجنبية ولما كانت حالة الولادة من الحالات الدقيقة التى تستدعى مهارة الطبيب الحاذق إنقاذا لحياة الحامل، وحياة الجنين فى هذه العملية .
كما أنه لا يعلم قبل مجىء المخاض إن كانت هذه الولادة ستكون سهلة، أو عسيرة يخشى منها على حياة الحامل، واحتياطا للمحافظة على حياة الحامل ونجاح عملية الولادة تستثنى حالة الولادة من هذا الحكم العام، وتعتبر من حالات الضرورة التى يجوز للطبيب أن يباشرها بنفسه على أية حال كانت الولادة .
والله أعلم .
ــــــــــــــ
إذا زنت المرأة المتزوجة لزمها الاستبراء بحيضة
سؤال:
أنا امرأة متزوجة رجل مسلم. وتم إشهار زواجنا في المسجد. وقد نطقت بالشهادتين لكني لا أصلي. عائلتي نصرانية وقد نشأتُ نصرانية كواحدة منهم. وعائلتي ليست متدينة كثيرًا فنشأت مثلهم غير متدينة كثيرًا. لكني ارتكبت الفاحشة الفظيعة التي أحتقر نفسي بسببها وهي الزنا مع رجل آخر. لقد أخبرت هذا الرجل أني لا أرغب في الزنا لكني لم أرفض بالشكل الكافي. كانت هناك مشاكل بيني وبين زوجي واستغل هذا الزاني سوء الأحوال بيني وبين زوجي. فماذا أفعل كي(27/535)
أصلح الحال؟ أشعر اِلآن برسالة الإسلام داخلي أقوى بكثير من ذي قبل. سأفعل أي شيء يطلبه الإسلام. وأقدر الآن فعلا قبح هذه الفاحشة وأنها ساءت سبيلاً. وأتساءل هل من طريقة ليُغفر لي؟ إذا غفر لي زوجي من قلبه ، فماذا يجب علينا فعله حينئذ ؟ هل نعيد زواجنا مرة أخرى في المسجد أم ماذا؟ أنا نادمة حقا وأسأل الله تعالى أن يكون بي رحيمًا .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
باب التوبة مفتوح ، ومن تاب تاب الله عليه ، والمهم أن يكون ذلك بصدق وإخلاص ، مع الندم على ما حصل والعزم على عدم العودة إليه مستقبلا .
قال سبحانه : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) طه/82 .
وقال تعالى : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) التوبة/104.
وقال سبحانه : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/68- 70.
فمن زنا ثم تاب إلى الله تعالى ، تاب الله عليه وبدل سيئاته حسنات .
والتائب من الذنب قد يصير إلى حال أفضل من حاله قبل مواقعة الذنب ، بإقباله على الله تعالى ، وإكثاره من العمل الصالح .
ولا شك أن عدم أدائك الصلاة منكر عظيم ، وهو أشد من منكر الزنا ، وكلاهما شر وبلاء وإثم ومعصية ، لكن ترك الصلاة كفر ، على الراجح من قولي العلماء لأدلة كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) رواه مسلم (82).(27/536)
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر) رواه الترمذي (2621) والنسائي (463) وابن ماجه (1079) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
فبادري بالصلاة ، وأقبلي على الله ، واستغفري لذنبك ، فإنه الغفور الرحيم الجواد الكريم سبحانه .
ثانيا :
من وقعت في الزنا لزمها الاستبراء بحيضة ، فلا يجوز لزوجها أن يجامعها حتى تحيض ويتبين عدم حملها من الزنى ، فإن حملت من الزنا فلا يجوز له قربانها حتى تضع حملها .
ينظر : "الشرح الممتع" (5/658) (ط.فجر للطباعة).
ولا يجب على المرأة أن تخبر زوجها بالزنى ، بل ينبغي أن تستر نفسها ، ولا تمكنه من الوطء حتى تحيض ، فإن ظهر أنها حامل من الزنا لزم إخباره ، لأن الولد لا ينسب له .
وإنما قلنا : ينبغي أن تستر نفسها لما جاء في ذلك من النصوص ، كقوله صلى الله عليه وسلم يقول : ( اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها ، فمن ألمّ فليستتر بستر الله عز وجل ) رواه البيهقي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (663) .
وروى مسلم (2590) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ).
ثالثا :
يجب الحذر والبعد عن أسباب الفاحشة كالاختلاط والتبرج ومصافحة الأجانب ونحو ذلك ، وينبغي أن تسعى المرأة إلى حل خلافاتها مع زوجها ، وعدم ترك هذه الثغرة لينفذ منها الشيطان إلى قلبها ، ويسلبها عفتها وشرفها .
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(27/537)
ــــــــــــــ
مس الطبيب لعورة المريض هل ينقض الوضوء ...
عنوان الفتوى
... سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ...
اسم المفتى
... 11317 ...
رقم الفتوى
... 09/06/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
ما رأي سماحتكم في أن عمل الطبيب يتطلب في بعض الأحيان رؤية عورة المريض أو مسها للفحص ، وفي بعض الأحيان أثناء العمليات يعمل الطبيب الجراح في وسط مليء بالدم والبول ، فهل إعادة الوضوء واجبة في هذه الحالات أم أنه من باب الأفضلية ؟
نص الفتوى
الحمد لله
لا حرج أن يمس الطبيب عورة الرجل للحاجة وينظر إليها للعلاج ، سواء العورة الدبر أو القبل ، فله النظر والمس للحاجة والضرورة ، ولا بأس أن يلمس الدم إذا دعت الحاجة للمسه في الجرح لإزالته أو لمعرفة حال الجرح ، ويغسل يده بعد ذلك عما أصابه ، ولا ينتقض الوضوء بلمس الدم أو البول ، لكن إذا مس العورة انتقض وضوءه قبلا كانت أو دبرا ، أما مس الدم أو البول أو غيرهما من النجاسات فلا ينقض الوضوء ، ولكن يغسل ما أصابه ، لكن من مس الفرج دون حائل - يعني : مس اللحم اللحم - فإنه ينتقض الوضوء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من أفضى بيده إلى فرجه ليس دونهما ستر فقد وجب عليه الوضوء).(27/538)
ــــــــــــــ
زواج المسلم من نصرانية عفيفة
سؤال:
ابنتي نصرانية ( من أهل الكتاب ) وتريد أن تتزوج برجل مسلم ولا تريد أن تغير دينها ، كلاهما يعيش في سنغافورة وقيل لي أن الإسلام يمنع زواجهما لأنها ليست مسلمة ولا يمكن حتى تسلم فهل هذا صحيح ؟
إذا كان الجواب لا ، فهل يجوز لهما أن يتزوجا حسب الشريعة الإسلامية حتى لو بقيت ابنتي نصرانية وهل يجوز للرجل المسلم أن يشارك في حفل زواج على تقاليد النصارى بعد أن تزوج حسب الشريعة الإسلامية ؟
أعتذر عن طول السؤال ولكن هذا الموضوع سبب قلقاً في العائلة ونريد الحكم الإسلامي في هذا الموضوع لكي نحاول حل هذه المشكلة دون أن يغضب أحد .
الجواب:
الحمد لله
الإسلام لا يمنع الزواج بالمرأة النصرانية إذا كانت عفيفة قال الله تعالى : ( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ... ) المائدة / 5 .
ومعنى ( محصنات ) في هذه الآية : أي الحرائر العفيفات .
يراجع سؤال رقم ( 2527 ) .
أما إن كانت المرأة غير عفيفة ، لها أصدقاء وخلان تعاشرهم فإن الإسلام يمنع من نكاحها مسلمة كانت أم كتابية ، كما يمنع أن يكون للرجل صديقة أو خليلة ، صيانةً للحياة الزوجية من الانهيار وحفظاً للأنساب من الاختلاط والضياع وتجنباً لأسباب الخلاف والتهمة والظنون .
وأما حضور الزوج المسلم حفلة الزواج على التقاليد النصرانية فإنه غير جائز لوجود أمور كثيرة في هذه الحفلات يحرمها الإسلام كالاختلاط بين الرجال والنساء وسماع الموسيقى وشرب الخمر والرقص وغير ذلك .(27/539)
وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : " من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر " رواه أحمد ( 1/20 ) والبيهقي ( 7/366 ) وقال الألباني في الإرواء ( 7/6 ) : ( صحيح ) .
ونشكر لكم هذا الشعور النبيل وهذه الأخلاق الطيبة وحرصكم على السؤال على حكم الإسلام في هذا الأمر ونسأل الله لكم التوفيق والهداية لدين الإسلام والحمد لله رب العالمين .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
علاج الزوج المفتون بأخت زوجته
تاريخ الفتوى : ... 09 رجب 1426 / 14-08-2005
السؤال
لا أعرف كيف أبدأ رسالتي ولا من أين أبدأ أنا فتاة عربية تعيش في الولايات المتحدة منذ أحد عشر عاما متزوجة ولي ثلاثة أطفال هم كل أملي في الدنيا تزوجت وأنا عمري في السابعة عشر ولم أوفق في زواجي الأول وطلقت منه بعد عام واحد وبعد مرور أشهر العدة تقدم لخطبتي ثلاثة وفي نفس الوقت تقدم لخطبتي قريبي وكان أعزب حاصل على شهادة الدكتوراه من أمريكا شاب لم يتعد الثلاثين بمعنى آخر أي فتاه تتمناه فوافقت عليه وتزوجنا ورزقت بطفلين وبعد ثلاثة أعوام من زواجي أجد أن زوجي مغرم بفتاة أخرى ومهتم بها لدرجة الجنون لدرجة أنه يثقب الحائط المجاور للحمام ليراها وهي بالحمام سأروي لك بعض الأحداث عندما تقدم إليها رجل لخطبتها لجأ لي لإقناعها بأنه لا يناسبها وعندما قلت له بأنه لا يعنيني بدأ يضرب رأسي بنافذة السيارة إلى أن هربت من السيارة ولجأت لأحد المحلات الساعة الثانية صباحا وكانت مغلقه ولكن عامل النطافه سمح لي باستخدام التليفون للاتصال بأهلي ، حادثة لا يمكن أن أنساها عندما قرروا السفر الي بلد آخر وجاء لي أما أن تقنعيهم بالبقاء أو الطلاق وقلت له افعل ما تشاء ولكنه بدأ بالضرب والنتف من شعري، وآخر شيء فعله وضع السكين على رقبتي إما أن أفعل ما يريد أو قتلي وتمنيت من الله الموت في هذه اللحظة(27/540)
وانتهت المشكلة بسفرهم من عندي، هل تعلم من هي هذه الفتاه ه هي أختي الغالية وأعز من أختي إذا كان فيه وصف أكثر من أختي رأيتها وهي تصفعه على وجهه عندما حاول الاعتداء عليها، يا رب ماذا أفعل، ومضت الأيام وتزوجت وحملت وجاءت عند الأهل لتلد أول طفل لها وكنت حاملا بطفلتي الأخيرة في هذا الوقت جاء لي يصرخ ويقول كيف إن أختي تضع الحجاب أمامه وفي نفس الوقت من أشرف على عملية ولادتها طبيب وليس طبيبة يا رب ساعدني وبدأت مرحلة مرضي وبدأت أصاب بحالات إغماء وصداع شديد وعولجت وكان السبب نفسيا أكثر من أنه عضوي وشفيت والحمد لله، وبعد مرور خمسة أعوام على هذه الحوادث بدأ يفعل نفس الشيء مع أختي الأصغر بلدتي بعيدة عن أهلي ثلاث عشرة ساعة وعندما يأتي الصيف أذهب لقضائه عندهم وزوجي يرجع لشغله في بيتنا لمده شهرين، وفي هذه الصيفية فوجئت به يرجع بعد أسبوع واحد ليمضي معنا الصيف وبعد مرور يوم واحد من رجوعه وجدته جالسا على قدميه تحت باب الحمام ليحاول أن يرى ما يستطيع أن يرى وبيده مرآة يضعها من تحت الباب ليرى من بالداخل، يا رب ساعدني، وآخر شيء حدث معي كان موعد خروج أختي التي لم تكمل عامها السابع عشر إلى المدرسة ليظهر أمامها وهو عار من كل الأدب والخلق والحياء والملابس صدمت وأنا صدمت عندما علمت بالأمر ومن غير أن أدري وجدت نفسي أضرب رأسي بالحائط لأتخلص من كل ما رأيته وسمعته، أختي تصغره بخمس وعشرين عاما بماذا يفكر يارب ساعدني، نار تحرقني كل يوم مصيبة بداخلي وإن حكيت مصيبة أكبر على أولادي ماذا أفعل لا تقول الجئي الي دكتور نفسي لأني لو أستطيع عمل هذا لكنت فعلته منذ زمن بعيد، ولكن دكتور بالجامعة هل تظن أنه ممكن أن يرضى لجأت لأسلوب المواجهة ولم يؤثر به وآخر حل كان بيدي أن أتصل بأخيه فهو دكتور ومن المؤكد أنه سوف يتفهم الوضع ويبحث معي عن حل ولكن أمي نصحتني بأنها سوف تكون النهاية لحياتي معه فوجدت أولادي أمامي يا رب ساعدني فإذا كان عندكم الحل ما هو وآسفة على طول الرسالة فهذه أول مره أفتح ما في قلبي وآسفة مرة أخرى على(27/541)
طول الرسالة ولكني أسألكم ما رأي الدين بتصرفاته ومارأي الطب وماذا تنصحوني بعمله عند تكرار مثل هذا العمل
___________
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يصلح حالك ويعوضك بصبرك على زوجك خيرا، ونرشدك إلى نصحه وتذكيره بالله تعالى، وأن ما يقوم به من السفاهة وقلة الحياء وسوء الخلق لا يليق بمسلم، واختاري لنصحه الوقت المناسب والشريط المؤثر والكتاب النافع، وإن تمكنت من عرض القضية على من له تأثير عليه فعلت، واطلبي من أخواتك الاحتجاب منه ومن غيره من الأجانب، فإن إظهار المفاتن سبب فساد، وما حدث لزوجك من الطيش قد يكون ناتجا عن ذلك.
وظننا بك أنك مؤمنة صابرة قوية الإرادة ستتجاوزين هذه الأحداث بصبر وثبات، وما مر بك من الضعف أمر يحدث لكثير من النساء، ولا شك أن ما فعله زوجك حرام يجب عليه أن يقلع عنه ويتوب منه وأن يسعى لتقوية إيمانه فإن قوة الإيمان تطفئ نار الشهوة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مخاطر الاختلاط مع أبناء العم والأقارب
سؤال:
مسلمة ولدت وعاشت في أمريكا ، تذهب لبلدها مرة أو مرتين في السنة مع أهلها، لها ابن عم في بلدها ، في كل مرة ينفرد بها ويمسك بها ويقبلها ويدخلها غرفته ويغلق الباب و. . . . ولكنه لم يزن بها ، والحمد لله ، لا تحب أفعاله وتتضايق منها وتشعر بالندم ، وتريد أن تعرف ماذا تفعل لأنها ستسافر قريباً .
الجواب:
الحمد لله(27/542)
لاشك أن ما يفعله ابن عمك معك حرام بَيّن ، ومنكر ظاهر ؛ إذ هذا لا يجوز إلا مع الزوجة التي أباح الله الاستمتاع بها .
والواجب عليك أن تنكري ذلك وأن ترفضيه وإلا كنت شريكة في الإثم والوزر ، فإن الرجل لا يستطيع أن يفعل ذلك إلا برضا المرأة واختيارها غالبا .
وينبغي أن تعلمي أن ابن عمك أجنبي عنك كسائر الأجانب ، فلا يجوز أن يخلو بك ولا أن تكشفي أمامه شيئا من بدنك . وهو مأمور بغض البصر عنك كما أنك مأمورة بذلك أيضا .
ومثل هذا المجترئ على محارم الله يجب زجره وردعه والإغلاظ له في القول وتهديده بإخبار أهلك وأهله .
وإذا حاول الإمساك بك لزمك دفعه ، والهروب منه .
واحذري من التهاون أو اللين في معاملته فإن الشيطان قد يزين لك هذا الإثم ، فترضين به ، فيحل بك غضب الله ومقته .
وإن مما يؤسف له تساهل كثير من الناس في حفظ بناتهم وأولادهم ، وإفساح المجال أمامهم للوقوع في هذا البلاء والشر ، لا سيما مع أبناء الأعمام والعمات والأخوال والخالات ، جهلا منهم بوجوب التستر عن هؤلاء، أو ضعفا في الإيمان والغيرة ، والله المستعان.
وعليك التوبة إلى الله من هذا الفعل المحرم ، ومجرد الندم لا يكفي ، بل لا بد لصحة التوبة من الإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العود إليه .
وعليك أن تتجنبي الأسباب التي قد تجرك إلى هذا الفعل المحرم ، كالخلوة بابن عمك أو مصافحته أو مقابلته ومحادثته ، فعليك مجانبته تماماً ، دفعاً للشر ، ومنعاً للفساد ، وسداًّ لباب الفتنة والمعصية .
والله تعالى يغفر لمن تاب ، وأقلع عن ذنبه وأناب .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
خروج المرأة لحج التطوع مع وتعرضها لمزاحمة الرجال ...(27/543)
عنوان الفتوى
... سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ...
اسم المفتى
... 8359 ...
رقم الفتوى
... 22/06/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
لا يخفى على فضيلتكم ما تجده المرأة من مشقة في الحج من مزاحمة الرجال والاختلاط بهم ، في الطواف والسعي وغير ذلك من المشاعر ، فهل الأفضل للمرأة التي حجت الفريضة أن تكرر الحج أم تكتفي بحجة الفريضة ؟
نص الفتوى
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وبعد:
لا شك أن تكرار الحج فيه فضل عظيم للرجال والنساء ، ولكن بالنظر إلى الزحام الكثير في هذه السنين الأخيرة بسبب تيسر المواصلات ، واتساع الدنيا على الناس ، وتوفر الأمن ، واختلاط الرجال بالنساء في الطواف ، وأماكن العبادة ، وعدم تحرز الكثير منهن عن أسباب الفتنة ، نرى أن عدم تكرارهن الحج أفضل لهن ، وأسلم لدينهن ، وأبعد عن المضرة على المجتمع الذي قد يفتن ببعضهن ، وهكذا الرجال إذا أمكن ترك الاستكثار من الحج لقصد التوسعة على الحجاج ، وتخفيف الزحام عنهم ، فنرجو أن يكون أجره في الترك أعظم من أجره في الحج ، إذا كان تركه بسبب هذا القصد الطيب اهـ .
ــــــــــــــ
حكم التطيب للرجل والمرأة ... العنوان
لقد أتى في شريعتنا أن خروج المرأة متعطرة لا يجوز ؛وأن الرسول عليه الصلاة والسلام شبهها بالزانية ..(27/544)
واجهتني أخت تقول هذا الكلام مفهوم ومقنع جدا للفتنة التي ممكن أن تحدث من جراء ذلك و لحكمة يعرفها الله سبحانه .ولكن لماذا فقط المرأة و كثير من عطور الرجال التي يضعونها تأخذ بلب المرأة إذا مر بها و كان عطره جميلاً و نفاذاً و بهذا تكون قد حصلت الفتنة! فلماذا فقط المرأة و الرجل لا ؛ مع أن الفتنة قد تحصل من كلا الطرفين تجاه الآخر على حد سواء . وجزيتم خيرًا ... السؤال
12/11/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الشريعة تبني أحكامها على ما هو عام، بمعنى ما يؤدي إلى خير للأفراد بطبيعته فتُحله أو ما هو شر للأفراد فتحرمه، وما هو عام أن المرأة إذا خرجت متعطرة فإنها تكون مثارًا للفتنة؛ ومن هنا كان النهي عن ذلك بصرف النظر عن أن بعض الرجال قد لا يغريهم مثل هذا وكذلك الأمر بالنسبة للرجال، طبيعة الحال بالنسبة لهم أن استعمال الطيب لا يؤدي إلى فتنة كما يؤدي ذلك بالنسبة للنساء. أما إذا كان هناك بعض العطور التي تؤدي إلى فتنة فهذا يكون منهيًّا عن استعماله، لا باعتبار المبدأ العام وهو أن الطيب لا يجوز للرجال، ولكن باعتبار أن كل ما هو مثار فتنة ويؤدي إلى فتنة فإنه يمنع منه الرجال وكذلك النساء.
فالشرع لا ينظر إلى الحالات الشاذة، وإنما ينظر إلى الحالات العامة بالنسبة للرجال والنساء، وهذا لا يمنع أن الأمور بمقاصدها وبعللها؛ فكل ما يؤدي إلى الفتنة ينبغي أن تبتعد عنه المرأة كالنظر بالنسبة للرجال ونظر المرأة للرجال هذا يؤدي إلى الفتنة فيمنع عنه الجنسان؛ لأنه يؤدي إلى الفتنة بصرف النظر عن حالة شاذة قد لا تؤدي إلى ذلك.
والله تعالى أعلم
ــــــــــــــ
هل يجوز في الشريعة الإسلامية أن تكون المرأة حاكمة ؟
سؤال:(27/545)
هل يجوز في الشريعة الإسلامية أن تكون المرأة حاكمة ؟ أتمنى أن يكون هناك دليل من القرآن .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يُشْكر الأخ السائل على حرصه على معرفة واتباع الأدلة من القرآن الكريم ، ولكن لا يلزم في كل مسألة أن يكون لها دليل خاص من القرآن ، بل كثير من الأحكام إنما ثبتت أدلتها بالسنة النبوية الصحيحة ، ولم تثبت بالقرآن ، والواجب على المسلم اتباع أدلة القرآن والسنة جميعاً . قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) النساء/59 .
فأمر الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأمر برد المسائل المتنازع فيها إلى كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وقال تعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) الحشر/7 .
وروى ابن ماجه (12) عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ الْكِنْدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي ، فَيَقُولُ : بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، مَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ ، أَلا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ) . صححه الألباني في صحيح الجامع (8186) .
ثانياً :
دلت الأدلة من الكتاب والسنة على عدم جواز تولي المرأة للولايات العامة ، كالخلافة والوزارة والقضاء وما أشبه ذلك .
1- أدلة القرآن :(27/546)
قال الله عز وجل : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) النساء / 34 .
قال القرطبي :
قوله تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ) أي : يقومون بالنفقة عليهن ، والذب عنهن ، وأيضاً : فإنَّ فيهم الحكام والأمراء ومن يغزو ، وليس ذلك في النساء اهـ . "تفسير القرطبي" ( 5 / 168 ) .
وقال ابن كثير :
أي : الرجل قيِّم على المرأة ، أي : هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت .
( بما فضَّل الله بعضهم على بعض ) أي : لأن الرجال أفضل من النساء ، والرجل خير من المرأة ، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال ، وكذلك المُلك الأعظم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لن يفلح قوم ولَّوا أمرَهم امرأة ) رواه البخاري ، وكذا منصب القضاء اهـ . "تفسير ابن كثير" ( 1 / 492 ) .
2- أدلة السنة :
عن أبي بكرة قال : لما بلغ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملَّكوا عليهم بنت كسرى ، قال : ( لن يُفلح قومٌ ولَّوا أمرَهم امرأة ) . رواه البخاري ( 4163 ) .
قال الشوكاني في "نيل الأوطار" (8/305) :
فيه دليل على أن المرأة ليست من أهل الولايات ، ولا يحل لقوم توليتها ، لأنه يجب عليهم اجتناب ما يوقعهم في عدم الفلاح اهـ بتصرف .
وقال الماوردي - في معرض كلامه عن الوزارة - :
ولا يجوز أن تقوم بذلك امرأة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما أفلح قومٌ أسندوا أمرهم إلى امرأة ) ؛ ولأن فيها من طلب الرأي وثبات العزم ما تضعف عنه النساء ، ومن الظهور في مباشرة الأمور ما هو عليهن محظور اهـ "الأحكام السلطانية " ( ص 46 ) .
وقال ابن حزم رحمه الله - في معرض حديثه عن الخلافة - :(27/547)
ولا خلاف بين أحدٍ في أنها لا تجوز لامرأة اهـ "الفصل في الملل والأهواء والنحل" ( 4 / 129 ) .
وفي "الموسوعة الفقهية" ( 21 / 270 ) :
اتفق الفقهاء على أن من شروط الإمام الأعظم أن يكون ذكرا ، فلا تصح ولاية امرأة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة ) ، ولكي يتمكن من مخالطة الرجال ، ويتفرغ لتصريف شئون الحكم ; ولأن هذا المنصب تناط به أعمال خطيرة , وأعباء جسيمة , تلائم الذكورة اهـ .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى السؤال التالي :
ما موقف الشرع الإسلامي الحنيف من ترشيح امرأة نفسها لرئاسة الدولة ، أو رئاسة الحكومة ، أو الوزارة ؟
فأجاب :
تولية المرأة واختيارها للرئاسة العامة للمسلمين لا يجوز، وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على ذلك ، فمن الكتاب : قوله تعالى : { الرجال قوَّامون على النساء بما فضَّل الله بعضهم على بعض } ، والحكم في الآية عام شامل لولاية الرجل وقوامته في أسرته ، وكذا في الرئاسة العامة من باب أولى ، ويؤكد هذا الحكم ورود التعليل في الآية ، وهو أفضلية العقل والرأي وغيرهما من مؤهلات الحكم والرئاسة .
ومن السنَّة : قوله صلى الله عليه وسلم لما ولَّى الفرسُ ابنةَ كسرى : ( لن يفلح قومٌ ولَّوا أمرَهم امرأة ) ، رواه البخاري .
ولا شك أن هذا الحديث يدل على تحريم تولية المرأة لإمرة عامة ، وكذا توليتها إمرة إقليم أو بلد ؛ لأن ذلك كله له صفة العموم ، وقد نفى الرسول صلى الله عليه وسلم الفلاح عمَّن ولاها ، والفلاح هو الظفر والفوز بالخير .
وقد أجمعت الأمة في عهد الخلفاء الراشدين وأئمَّة القرون الثلاثة المشهود لها بالخير عمليّاً على عدم إسناد الإمارة والقضاء إلى امرأة ، وقد كان منهن المتفوقات في علوم الدين ، اللاتي يُرجع إليهن في علوم القرآن والحديث والأحكام ، بل لم تتطلع النساء في تلك القرون إلى تولي الإمارة ، وما يتصل بها من(27/548)
المناصب ، والزعامات العامة ، ثم إن الأحكام الشرعية العامة تتعارض مع تولية النساء الإمارة ؛ فإن الشأن في الإمارة أن يتفقد متوليها أحوال الرعية ، ويتولى شؤونها العامة اللازمة لإصلاحها ؛ فيضطر إلى الأسفار في الولايات ، والاختلاط بأفراد الأمة ، وجماعاتها ، وإلى قيادة الجيش أحياناً في الجهاد ، وإلى مواجهة الأعداء في إبرام عقود ومعاهدات ، وإلى عقد بيعات مع أفراد الأمَّة ، وجماعتها ، رجالاً ونساء في السلم والحرب ونحو ذلك ، مما لا يتناسب مع أحوال المرأة وما يتعلق بها من أحكام شرعت لحماية عرضها ، والحفاظ عليها من التبذل الممقوت .
وأيضاً : فإن المصلحة المدركة بالعقل تقتضي عدم إسناد الولايات العامة لهن ، فإن المطلوب فيمن يُختار للرئاسة أن يكون على جانب كبير من كمال العقل ، والحزم ، والدهاء ، وقوة الإرادة ، وحسن التدبير ، وهذه الصفات تتناقض مع ما جُبلت عليه المرأة من نقص العقل ، وضعف الفكر ، مع قوة العاطفة ، فاختيارها لهذا المنصب لا يتفق مع النصح للمسلمين ، وطلب العز والتمكين لهم ، والله الموفق ، وصلى الله على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه اهـ "مجلة المجتمع" ( العدد 890 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
حكم أخذ الهدايا ممن يقيم معها علاقة محرمة
تاريخ الفتوى : ... 09 رجب 1426 / 14-08-2005
السؤال
ماحكم من أخذ هدية من بنت أجنبية والعلاقة التي تجمعهم علاقة محرمة، هل يكون المال بهذه الحالة حرام؟ س2: ماحكم من توسطت له بنت بالعمل مع العلم أن الشخص هذا بحاجة ماسة إلى عمل هل العمل بما أنه أتى عن طريق بنت يعتبر حراما علما بأن البنت تجمعه معها علاقه محرمة؟ س3: ما حكم من أخذ من بنت رقم موبايل مميز جدا كهدية؟ أو اشترى هذا الرقم من البنت بسعر زهيد(27/549)
جدا وهو بالحقيقه يقدر بألفي ريال أو أكثر علما بأن البنت اللتي أخذ منها الرقم صديقته؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهانا الله تعالى عن المحرمات وأمرنا باجتنابها، لما يترتب عليها من ضرر بالغ في العاجل والآجل، فما من شيء حرمه الله تعالى على عباده إلا وفيه من المفاسد ما لا يحصى، علمها من علمها وجهلها من جهلها ، ولذا قال تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ
{لأعراف: 157}. وقال: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة: 90}. وقال: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}. وقال: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً {الاسراء:32}. وفي كل ذلك بيان واضح لقبح المعاصي والذنوب، ولفت الأنظار إلى مغبتها وسوء عا قبتها. وإن من أعظم الزواجر عن انتهاك حرمات الآخرين بالاعتداء على بناتهم وأخواتهم وسائر محارمهم، أن المرء لا يرضى بذلك لنفسه، إذ يأبى الطبع السليم والفطرة المستقيمة أن يعتدي أحد على محارمه بالقول أو بالفعل، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. متفق عليه. بل إن الله تعالى قد يعاقب المرء بجنس فعله في الدنيا قبل الآخرة، وقد ورد في الحديث: عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم. روه الحاكم في المستدرك، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وضعفه الألباني وغيره. قال ابن تيمية رحمه الله: فإن الجزاء من جنس العمل وكما تدين تدان. اهـ. ولما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الزنى فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله جعلني فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك، قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال: أفتحبه لخالتك، قال: لا والله جعلني(27/550)
الله فدائك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم، قال: فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. رواه أحمد في المسند وهو حديث صحيح. فنسأل الله تعالى أن يغفر ذنبك ويطهر قلبك ويحصن فرجك. وراجع الفتوى رقم: 30425، ففيها وصايا ينفعك الله بها إن شاء الله. أما عن الهدايا والأموال التي تحصل عليها ذاك الشخص من امرأة أجنبية لا تحل له نظير استمرار علاقة محرمة، فقد بينا حكمه بالتفصيل في الفتوى رقم:57809. وما حصل عليه من وظيفة أو عمل بواسطتها محرم أيضا إذا كان في مقابل استمرار أو تقوية العلاقة بينه وبينهاـ وهذا هو الغالب إلا أنه لا مانع من الاستمرار فيه إذا كان أهلاً له، قائماً به على الوجه المطلوب، مع وجوب المسارعة بالتوبة إلى الله تعالى من هذه العلاقة وما نتج عنها، قبل أن يفجأه الموت وهو على هذا الحال الذي لا يرضاه الله تعالى ولا يحبه، والله نسأل أن يتوب عليه وأن يهديه صراطه المستقيم وأن يحفظ عليه دينه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عورة الأمة مع غير مالكها، وحرمة إتيانها من الدبر
تاريخ الفتوى : ... 08 رجب 1426 / 13-08-2005
السؤال
ما هي عورة الجارية لغير مالكها (ذكرا أو أنثى)؟ وهل يجوز وطؤها من الدبر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 17830 ، حدود عورة الأمة مع غير مالكها أو زوجها، وأن ذلك هو ما بين السرة والركبة. وأما هل يجوز إتيانها في دبرها فالجواب عنه أنه لا يجوز اتفاقا لا لزوجها ولا لسيدها كما بينا في الفتوى رقم: 8130، فالأمة في ذلك مثل الحرة.
والله أعلم.(27/551)