الفحوصات الطبية ثبت أن السبب وراثي واحتمال حدوثه في المستقبل كبير ونصحنا الأطباء بعدم الإنجاب، فهل يجوز لنا المنع عن الإنجاب حتى يتسنى لنا رعاية أبنائنا المعاقين وتفادي حدوث إعاقة جديدة ؟ أفتونا مأجورين....
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أن التسبب في منع الإنجاب بصفة دائمة محرم شرعاً إلا في حالات نادرة، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم:
17553.
وليس احتمال إعاقة الجنين من تلك الحالات، والذي ننصحكم به هو التوكل على الله تعالى، والالتجاء إليه بالدعاء أن يصرف عنكم كل سوء ومكروه ثم الرضا بما قضى الله وقدر، فإن في مقادير الله تعالى كلها خير للمؤمن، كما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عجباً لأمر المؤمن أن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.
واعلموا أنما أصاب ولديكما ابتلاء من الله تعالى، واختبار، فاصبروا واحتسبوا، ولا تضجروا من قضاء الله تعالى، وراجع الفتوى رقم:
24034 ففيها مزيد من الفائدة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... القول المختار في الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 12 ذو القعدة 1423 / 15-01-2003
السؤال
صديقي يسأل. زوجته حملت بعد النفاس مباشرة وعمر الجنين الآن4 أسابيع وهو يدرس في إيرلندا وبما أن الحمل يؤثر على الزوجة ويؤثر على الدراسة والمصاريف والعلاج والمتابعة فهل يجوز له إسقاط الجنين؟
والسلام.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقول المختار -عندنا- أنه لا يجوز للمرأة إسقاط ما في بطنها ولو كان مجرد نطفة لم تنفخ فيها الروح؛ بل لو لم يتم تخلقها، إلا عند الضرورة، وما ذكر في السؤال ليس ضرورة، وقد تكفل الله تعالى برزق الأولاد فقال الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً [الإسراء:31].
وقال الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151].
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
5920 - والفتوى رقم: 17494.
والله أعلم.(20/111)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم قيام الطبيبة بإجهاض جنين خطأ
تاريخ الفتوى : ... 23 شوال 1423 / 28-12-2002
السؤال
حدث لي حمل ثم قالت لي الطبيبة إن كيس الحمل فارغ وليس به جنين ويجب إسقاطة وفعلت واتضح تقريبا بعد ذلك سوء التشخيص واحتمالية وجود الحمل هل علي شيء ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم إسقاط الجنين والدواعي المبيحة لذلك في الفتوى رقم:
5920.
وإذا ثبت أن الحمل أسقط لغير أحد السببين المذكورين في الجواب وكان الجنين قد بلغ مرحلة نفخ الروح فإن الطبيبة المشار إليها تعتبر هي السبب المباشر في هذا، فإن كانت فعلت ذلك عن خبرة وعلم عُدَّ ما قامت به خطأ يلزمها فيه غرة تدفعها عاقلتها، ولا إثم عليها فيما حصل، ثم إن عليها كفارة وهي: عتق رقبة، فإذا لم تجد صامت شهرين متتابعين.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
5852 - والفتوى رقم: 18906.
والغرة هي عبد أو وليدة، وقيمتها عشر دية أم الجنين، وانظر الفتوى رقم:
5168.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الإقدام على الإجهاض للمريضة بهشاشة العظام
تاريخ الفتوى : ... 29 رمضان 1423 / 04-12-2002
السؤال
أنا في الأربعين من العمر وعندي هشاشة في العظام والمفاصل مما أصابني ببعض الحركات العصبية في وجهي بصفة دائمة وفوجئت بأنني حامل من أربعين يوماً هل يصح لي إسقاط ذلك الحمل؟ وما كفارة ذلك؟ مع جزيل الشكر
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق العلماء على حرمة إجهاض الجنين بعد مرور مدة نفخ الروح وهي مائة وعشرون يوماً.
واختلفوا في الإجهاض قبل هذه المدة، والصحيح أنه محرم، ولو قبل الأربعين يوماً، إلا أنه بعد الأربعين أشد حرمة، وتلزم فيه كفارة كما سبق في الفتوى رقم: 9332(20/112)
ولذا فلا يحل لك الإقدام على الإجهاض إلا بعد عرض نفسك على مصدر طبي موثوق بخبرته وأمانته، وتقريره أن في بقاء الجنين وعدم إسقاطه خطراً عليك، وضرراً لا تتحملينه، وأما قبل ذلك فلا يجوز، وإذا تم إسقاطه لدفع هذا الخطر والضرورة فلا كفارة عليك، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 2385
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الإجهاض بسبب الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 25 رمضان 1423 / 30-11-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حاولنا مرارا أنا وزوجتي أن نستمر في حياتنا الزوجية حتى أن الأهل أصلحوا بيننا عدة مرات ولكن الطلاق أصبح محتوما. زوجتي الآن حامل في الشهر الثالث ووالله ليس بيننا من الود شيء فما حكم الإجهاض قبل النفخ في الروح وهذه هي الحالة
أرجوا أن تسرعوا في الإجابة علي جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإجهاض محرم شرعاً لأنه اعتداء على نسمة قد تخرج إلى الدنيا تسبح الله وتؤمن به وتعبده، وتشتد الحرمة إن كان بعد نفخ الروح في النطفة، ولا يجوز الإجهاض إلا في حالة الضرورة المحققة مثل: أن يشكل بقاء الحمل خطراً محققاً على حياة الأم، أو يموت الجنين في بطن أمه، أما توقع الطلاق أو وقوعه بالفعل بين الزوجين فلا يبيح الإجهاض. والإقدام عليه بسبب هذا يعتبر جريمة يؤاخذ عليها الزوجان، ويتحملان مسؤولية ذلك أمام الله تعالى، وأمام القضاء الشرعي، فاتق الله أيها الأخ السائل واسع في إصلاح أمورك مع زوجتك، فإن عجزت فلا تفكر في الاعتداء على النطفة التي خلقها الله في رحمها.
والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
توضيح حول تركيب اللولب
تاريخ الفتوى : ... 26 رمضان 1423 / 01-12-2002
السؤال
بسم الله الحمن الرحيم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , أما بعد:
لي سؤال عندكم وأرجو أن تفيدوني بالجواب علما أنني أطلعت على أسئلة مشابهة في مركز الفتوى في موقعكم المبارك، وجزاكم الله خيراً ....
السؤال: هل تحريم استخدام اللولب كمانع للحمل أخذ على أساس أنه لا يجوز إطلاع الغير على عورة المرأة حتى ولو كان الطبيب امرأة، علما بأن الطب النسائي والتوليد لا يتم من دون الاطلاع على العورة ؟ أم لأنه يعتبر قتل نفس، وإذا كان(20/113)
اللولب قد تم تركيبه منذ مدة طويلة، هل ينبغي إزالته فوراً على أساس أنه شيء محرم أم هناك رأي آخر للسادة الأفاضل ولكم جزيل الشكر ....
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتركيب المرأة للولب محرم لما في ذلك من الاطلاع على العورة المغلظة لا لأنه قتل للنفس، كما سبق مفصلاً في الفتوى رقم:
22784.
ولذا فلو ركبته المرأة بنفسها أو ركبه لها زوجها فلا بأس به ما لم تترتب على ذلك أضرار فيحرم، ولا يجب على من قد ركبته نزعه إلا إذا كان في بقائه ضرر عليها كما سبق، وراجع الفتوى رقم: 4219.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ماذا يلزم عند الإجهاض ؟
تاريخ الفتوى : ... 23 رمضان 1423 / 28-11-2002
السؤال
زوجتى أجهضت في حمل عمره سبعة شهور كان بدون جمجمة، هل يلزم شيء مثل ديه أو صيام أو أي شيء ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الإجهاض في هذه الصورة قد تم من غير تعمد أو كان لسبب شرعي بأن ثبت موته في بطن أمه أو يكون في استمراره خطر على حياة الأم فلا بأس عليكم ولا يلزمكم شيء.
أما إذا كان بتعمد لغير سبب شرعي فإنه حرام، ويلزم من فعل ذلك التوبة والدية؛ لأن الجنين قد وصل إلى سن نفخ الروح، واختلف في الكفارة، والأحوط فعلها.
وراجع التفاصيل في الفتوى رقم:
19113، وكذا ما أحيل عليه فيها من الفتاوى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تنظيم النسل لأجل الإرضاع
تاريخ الفتوى : ... 29 رمضان 1423 / 04-12-2002
السؤال
أرجو أن توضحو لنا المباعدة لمدة عامين لأجل الرضاعة وما الطريقة السليمة للمباعدة وهذا ولكم الأجر ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(20/114)
فإن الشريعة الإسلامية ترغب في كثرة النسل وتعتبره نعمة من نعم الله تعالى، فقد امتنَّ الله تعالى على عباده بقوله: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً [النحل:72].
وقال صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم. رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
وإذا احتاجت الأسرة إلى تنظيم الحمل والفطام، فلا مانع من اتخاذ الوسائل المشروعة مثل: العزل واستعمال الأدوية التي لا تضر.
ولتفاصيل ذلك والمدة التي ينبغي أن تكون بين كل مولودين يرجى الاطلاع على الفتوى رقم:
11479 - والفتوى رقم:
4219.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إذا أسقطت الحامل جنينها بسبب منها أو بأمر الطبيب
تاريخ الفتوى : ... 15 رمضان 1423 / 20-11-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
سؤالي هو عن أنني كنت حاملاً بتوأمين وفي يوم بالصباح قمت بتنظيف فرن كهربائي وقمت بفك باب الفرن ورفعه بالجانب وكان ثقل هذا الفرن حوالي 5 أو4 كيلو وفي العصر ذهبت إلى مدرسة محو الأمية لمسافة 100متر تقريبا بعد المغرب نزل مني ماء بعد العشاء ذهبت للمستشفى لحدوث نزيف مكثت في المستشفى3 أيام بعدها نزل الطفل الأول ميتا علماً بأن عمره 5 شهور وبقي الآخر حيا وقال الدكتور لا بد من إنزاله لأن إبقاءه حيا يؤدي إلى تسمم في جسمي وقام بإنزاله على الرغم من رفضي فهل علي كفاره مع العلم أنني لا أستطيع الصيام لتعب جسمي وعدم تحمله لذلك فأنا أبلغ من العمر 44 عاما أرجو إفادتي بذلك وشكراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تعلمين أن حمل هذا الثقل، أو مشي هذه المسافة يؤدي إلى الإسقاط بالنسبة لك عادة، وأقدمت على فعله عامدة، فالواجب عليك ضمان هذا الجنين، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم:
9133 - والفتوى رقم:
2016.
أما إذا وقع هذا الفعل منك دون قصد أو كنت لا تعلمين أن ذلك يسقط الجنين، فلا شيء عليك، هذا بالنسبة للجنين الأول.
أما الجنين الثاني، الذي أسقطه الطبيب، فلا شيء عليك فيه، إذا كان الطبيب ماهراً ثقة؛ لأن إسقاطه حصل بسبب خارج عنك، وقد ذكر العلماء أن من الحالات التي يجوز فيها إسقاط الجنين، الخوف على حياة الأم من خطر بقاء الجنين في بطنها.(20/115)
أما إذا كان الطبيب غير ماهرٍ، وثبت خطؤه في التقدير، فالضمان يقع عليه هو، لقوله صلى الله عليه وسلم: من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن. رواه النسائي وأبو داود وحسنه الألباني.
ولمزيد من الفائدة راجعي الفتاوى التالية أرقامها:
22753 -
991.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إسقاط الجنين إذا كان له تأثير سلبي على سمع الأم
تاريخ الفتوى : ... 08 رمضان 1423 / 13-11-2002
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
حملت زوجتي وولدت وكانت نتيجة الحمل ضعف في أذنها اليمنى الشيء الذي فقدت به سمعها والآن وجدت زوجتي أنها حامل والخوف من أن يؤثر هذا الحمل على أذنها الثانية طبعا رأي الأطباء أنه يؤثر ولا تستطيع أخذ الدواء وهي حامل هل يسمح الشرع بإسقاط الجنين علما أنه بلغ حوالي ( شهر ونصف) ؟
وجزاكم الله خيراً...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا في أجوبة سابقة حكم إجهاض الجنين، فلتراجع الفتويين:
8781 -
5920.
وبينا فيهما أنه لا يجوز إسقاط الجنين بعد مضي أربعين يوما، إلا إذا كان في ذلك خطر محقق على الأم، وهذه الحالة المسؤول عنها الآن من هذا القبيل، فإذا قرر الأطباء أن الأم معرضة لذهاب سمعها بسبب الحمل جاز إسقاطه، خاصةً وأنه لم ينفخ فيه الروح إلى الآن، أي لم يبلغ مائة وعشرين يوماً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الشرع في تحديد النسل لمن لا تلد إلا بقيصرية
تاريخ الفتوى : ... 08 رمضان 1423 / 13-11-2002
السؤال
أنا امرأة أبلغ من العمر 38 سنة عندي ابني عمر أربع سنوات وياسمين 7 سنوات وولادتي صعبة لأنني ألد بواسطة عملية جراحية فحمدت الله الذي رزقني الولد إلا أن زوجي يريد زيادة الأبناء مع العلم أنني أشتغل اليوم بكامله وليست لي خادمة . جزاكم الله أرشدوني(20/116)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت لا تلدين ولادة عادية فتضطرين إلى إجراء عملية جراحية عند كل ولادة فلا مانع شرعاً من استخدام موانع الحمل كما هو مبين في الفتوى رقم:
636، والفتوى رقم:
4219.
وإذا كان زوجك يريد زيادة أولاد وكانت ظروفك لا تتحمل العمليات الجراحية ومشاق الحمل فلا مانع أن يتزوج بأخرى، وينبغي لك أن ترشديه إلى ذلك، وتساعديه فيه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إجهاض الزانية ومنعها من التزوج بمن زنى بها
تاريخ الفتوى : ... 24 شعبان 1423 / 31-10-2002
السؤال
امرأة زنت وحملت من الزنا ثم أراد أهلها إجهاض الحمل ومنعها من الزواج بمن زنت به فما هوالحكم في الإجهاض اذا كان الحمل في الشهر الثاني( الرجاء سرعة الإجابة لاستعجال هؤلاء في هذا العمل وماهي نصيحتكم المثلى في هذه المشكلة جزاكم الله خيرا )
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإجهاض جريمة ومنكر عظيم لا يجوز الإقدام عليه، ولو كان السبب ما ذكر في السؤال لأنه اعتداء بغير حق على نفس قد تخرج إلى الدنيا تسبح الله وتوحده، ولا يجوز لأهل المرأة إجبارها على ذلك ولا يجوز لها أن تطاوعهم كذلك إلا إذا خشيت أن يقتلها أهلها أو يوقعوا بها ما لا تطيقه من الأذى، وعليها أن تخبرهم بحكم الله في المسألة ويمكن أن تطلعهم على هذه الفتوى، كما يجب عليها أن تتوب إلى الله من جريمة الزنا وإذا صدقت في توبتها وتاب من زنا بها وأراد الزواج فعلى أهلها أن لا يمانعوا من ذلك، بل هو أستر لابنتهم وأصون لها، لكن هذا الولد الذي ستلده ينسب إلى أمه ولا ينسب إلى أبيه من الزنا، كما هو مبين في الفتوى رقم: 6045
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا تحرمي نفسك وزوجك من نعمة الذرية
تاريخ الفتوى : ... 13 شعبان 1423 / 20-10-2002
السؤال
هل علي وزر في كراهية الإنجاب من زوجي لكثرة المشاكل بيننا مع العلم أنني لا أستعمل وسائل منع الحمل ؟(20/117)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إيجاد النسل من أعظم المقاصد التي شرع الزواج لأجلها، وهو حق كل من الزوجين، فلا يجوز لواحد منهما أن يقرر تأجيله أو منعه إلا بإذن الآخر مع الالتزام بالضوابط الشرعية المعتبرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط.
وقد سبق بيان ذلك مع فوائد أخرى في الفتاوى التالية أرقامها:
17835
11479
20016
18487
18375.
فعلى الأخت السائلة أن تعاشر زوجها بالمعروف، وتتودد إليه بلين الكلام وحسن الهيئة والمظهر، ولتعرف حقه عليها، وتنوي بذلك التقرب إلى الله تعالى.
وبقاء البيت الزوجي خير من انهدامه، إلا إذا اضطر الإنسان إلى ذلك، قال الله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128].
وقال الله تعالى: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229].
وقال الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19].
ولمعرفة حقوق الزوج، راجعي الفتوى رقم: 13748.
وإذا كان ما يحصل منك هو كره الإنجاب فقط من غير أن تتسببي لمنعه فلا إثم عليك لأن الكره من أعمال القلب التي لا يؤاخذ عليها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تأخير الإنجاب لكون القائمات على الولادة كافرات
تاريخ الفتوى : ... 05 شعبان 1423 / 12-10-2002
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته إلى الأخ الكريم حفظه الله ورعاه
أرجو أن تكون من الله بخير وبعد: أتواجد مع زوجي المبعوث للدراسة لمده ثلاث سنوات بدولة كافرة وبالبحث والتقصي وجدنا أنني لا أستطيع الولادة مع توافر طاقم العمل بغرفة الولادة جميعه من النساء مع العلم بانني والحمد لله أرتدي النقاب .. هل يجوز الولادة هنا أم أستخدم وسيلة لمنع الحمل –اللولب - إلى أن أعود إلى الوطن؟
وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(20/118)
فإن كان تحرجكم من الولادة في تلك البلاد لكون القائمات عليها من الكافرات، فنفيدكم بأن الفقهاء مختلفون في عورة المسلمة أمام الكافرة، والصحيح أنه يجب على المسلمة أن تستر جميع بدنها عن الكافرة إلا الوجه والكفين، وهذا مذهب الجمهور، وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 284
ومن الفقهاء من ذهب إلى أنه لا فرق بين المسلمة والكافرة في هذا الباب، فللكافرة أن ترى من المسلمة جميع بدنها ما عدا ما بين السرة والركبة، وهذا مذهب الحنابلة، إلا أن الإمام أحمد رحمه الله قال: لا تنظر إلى الفرج ولا تقبلها حين تلد، أي لا تكون قابلة لها.
لكن إذا لم تجد المسلمة إلا قابلة كافرة، فلا حرج عليها في ذلك، لموضع الحاجة المقدرة.
ولهذا قال في الإنصاف -من كتب الحنابلة-: (يجوز أن تكون الكافرة قابلة للمسلمة للضرورة، وإلا فلا نص عليه)
وإن رأيتم تأخير الحمل مدة ثلاث سنوات لهذا السبب فلا حرج عليكم في ذلك.
وأما استعمال اللولب لمنع الحمل فقد سبق بيان حكمه في الفتاوى التالية أرقامها: 636 4219 22784
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... اللولب ممنوع شرعاً من وجه وغير ممنوع من وجه
تاريخ الفتوى : ... 17 رجب 1423 / 24-09-2002
السؤال
برجاء إفادتنا هل اللولب يمنع الحمل من البدايه أم يقتل النطفة كما سمعت . وكذلك شرعية استخدامه هو والوسائل الأخرى لمنع الحمل ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد انتشر استعمال اللوالب بأنواعها المختلفة في السبعينات من القرن العشرين، وإن كان تاريخ نشأتها أقدم من هذا، ويرجع الفضل في استعمالها إلى العرب، حيث كانوا يدخلون أنابيب بها أحجار صغيرة إلى رحم الناقة عندما يريدون السفر الطويل، ويمنعونها بذلك من أن تحمل.
والفكرة التي يبنى عليها استخدام اللولب بقصد منع الحمل، أن وجود اللولب يسبب هياجاً في جدار الرحم من الداخل، بما يؤدي إلى منع استقرار البويضة الملحقة في الرحم -أي منع العلوق- قال الدكتور محمد علي البار في كتابه "خلق الإنسان بين الطب والقرآن": كما يعتقد بعضهم أن وجود اللولب يزيد في تقلصات الرحم وقناة الرحم، مما يؤدي إلى سرعة تحرك البويضة من قناة الرحم إلى الرحم، ومن ثم إلى الخارج. انتهى 507
وهذا يعني أن البويضة قد تخرج ملقحة، وقد تخرج بدون تلقيح بسبب اللولب، لكن الذي عليه أكثر أهل الطب أنها تخرج بعد التلقيح، وقبل العلوق، وإخراج النطفة(20/119)
وهي في هذا الطور لا شيء فيه، لأن النطفة لم تستقر في الرحم فالاستقرار يحصل بالعلوق وهو لم يحصل بعد، قال القرطبي في تفسيره: النطفة ليست بشيء يقيناً، ولا يتعلق بها حكم إذا ألقتها المرأة إذا لم تجتمع في الرحم، فهي كما لو كانت في صلب الرجل، فإذا طرحته علقة فقد تحققنا أن النطفة قد استقرت واجتمعت واستحالت إلى أول أحوال يتحقق به أنه ولد، وعلى هذا فيكون وضع العلقة فما فوقها من المضغة وضع حمل تبرأ به الرحم وتنقضي به العدة. انتهى 12/8
فظهر بهذا أن الاستقرار في الرحم لا يحصل قبل العلوق، وأن الخلاف بين العلماء في جواز الإجهاض وعدمه هو فيما بعد الاستقرار لا قبله، قال أبو الضياء الشبراملسي في حاشيته على نهاية المحتاج: واختلفوا في جواز التسبب في إلقاء النطفة بعد استقرارها في الرحم، فقال أبو إسحاق المروذي: يجوز إلقاء النطفة والعلقة، ونقل ذلك عن أبي حنيفة، وفي الإحياء في مبحث العزل ما يدل على تحريمه، وهو الأوجه، لأنها بعد الاستقرار آيلة إلى التخلق المهيأ لنفخ الروح، ولا كذلك العزل. انتهى
وبناء على هذا، فإن استخدام اللولب غير ممنوع شرعاً من هذا الوجه علماً بأنه لا يجوز استخدامه لما فيه من الاطلاع على العورة المغلظة عادة عند تركيبه إلا عند الحاجة أوالضرورة مع عدم وجود وسيلة أخرى مأمونة، لدفع هذه الحاجة، أو كانت المرأة تضعه بنفسها، أو يضعه لها زوجها، أو كان بالمرأة مرض يستدعي كشف عورتها، فلا حرج عليها أن تضع اللولب أثناء هذا الكشف.
وليعلم أن تركيب اللولب فيه محاذير أخرى صحية منها:
1- النزف المتكرر.
2- الآلام التي تصاحبه، وفي الغالب تكون شديدة.
3- أنه قد يخترق الرحم فيتسبب في ثقبه.
4- حدوث الحمل في قناة الرحم، وهو أمر له خطورته.
5- أن الحمل يحصل مع وجوده بنسبة 6%، وراجعي في هذا الفتوى رقم:
9634.
وأما استخدام وسائل منع الحمل الأخرى، فإنه يجوز بصورة مؤقته لهدف صحيح، كالتفرغ لتربية الأولاد، أوتجنب الأضرار الصحية، أو التعب الذي لا تطيقه المرأة، بشرط أن لا يتسبب استخدام هذه الوسيلة في إحداث أعراض جانبية تتضرر منها المرأة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض إزهاق لنفس بغير حق شرعي
تاريخ الفتوى : ... 16 رجب 1423 / 23-09-2002
السؤال
السلام عليكم(20/120)
أنا أمر في حيرة هذه الأيام بسبب أن زوجتي حامل وهي مريضة بمرض الصرع وهي تتناول علاجاً يسمى TEGRETOOL سألت دكتور الأعصاب العارف بحالة زوجتي فقال لي لا يوجد تأكيد بأن الدواء يؤثر 100% على الطفل من تشنجات عصبية وقال توكل على الله وكنت قد فكرت أن أنزل الطفل قبل تكوينه فى رحم أمه فذهبت إلى دكتور نساء وولادة فقال لي بأنه لا يوجد إجهاض لمثل حالة زوجتي وأن هذا الدواء لا يؤثر على الطفل وذهبت أيضا إلى شيخ وخطيب مسجد فقال إنه لا مانع من إجهاض الزوجة أنا أريد منكم خدمة في السؤال عن هذا العلاج هل يؤثر على الطفل أم لا وهل شرعا حرام الإجهاض في هذه الحالة علما بأن زوجتي تأخذ هذا العلاج منذ سنتين ونصف ومرتاحة عليه أرجو الرد بسرعة ولكم جزيل الشكر........
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبعد سؤال أهل الاختصاص وجدنا أنه لا تأثير للدواء المذكور على الجنين، وهو ما ذكره لك الطبيب الذي ذهبت إليه، وقد أخطأ خطيب المسجد الذي أفتاك بجواز الإجهاض، لأن حالة زوجتك ليست من الحالات التي تبيحه، إذ الحكم الشرعي ينبني فيها على ما يحدده أهل الشأن -وهم الأطباء- وليس لتوقعاتنا أو ظنوننا تأثير في الحكم.
وليعلم أن الإجهاض لغير سبب معتبر شرعاً محرم تحريماً غليظاً، لما فيه من إزهاق لنفس بغير حق شرعي، وإفساد للنسل.. وغير ذلك من المفاسد، إلا إذا أثبت الطبيب المأمون الثقة أن بقاء الجنين يشكل خطراً محققاً على حياة الأم، فلها حينئذ أن تجري عملية إجهاض لهذا الجنين محافظة على حياتها، والأولى عند توقع ذلك أو غيره من الأضرار والمخاطر، أن تستخدم الأم وسيلة لمنع الحمل إلى أن يزول ذلك الضرر، وراجع الفتوى رقم: 2394 والفتوى رقم: 5920.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم استعمال موانع الحمل
تاريخ الفتوى : ... 14 رجب 1423 / 21-09-2002
السؤال
هل استعمال اللولب للمرأة من أجل تنظيم النسل لفترة مؤقتة حلال أم حرام؟ علما بأني قرأت لأحد علماء الفقه وهو يتراجع عن فتواه بأن استعمال اللولب حلال ويقول إني كنت على غير معرفة علمية بطريقة عمل اللولب حيث بعد استشارة الأطباء المختصين يقول قد تبين لي أن اللولب يمنع فقط وصول البويضة الملقحة من الوصول إلى الرحم ومن ثم تسقط خارجا عبر المهبل ما يعني أنه نوع من الإجهاض المبكر وهذا غير جائز حسب قوله.
فهل هذا صحيح أم لا؟ أرجو الإفادة جزاكم عنا الله خيرا.
الفتوى(20/121)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الجواب عن حكم استعمال موانع الحمل كاللولب وغيره وأنه لا يجوز استعمالها إلا لضرورة محققة مع اعتبار الأسهل فالأسهل، وأنه لا حرج إن شاء الله في استعمالها لتأخير الحمل لفترة مؤقتة للتفرغ لحضانة الطفل السابق، وتراجع في كل هذا الفتويين التاليتين: 22784 4219
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم العزل وتنظيم النسل حين الإرضاع
تاريخ الفتوى : ... 11 رجب 1423 / 18-09-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهمت من فتاواكم السابقة بخصوص منع الحمل أنه يفضل استخدام العزل ولا يفضل استخدام أي وسيلة أخرى إلا لضرورة فهل يجوز في فترة الرضاعة استخدام العزل فقط أم استخدام وسيلة أخرى لمنع الحمل؟ وهل تعتبر فترة الرضاعة من الأسباب التي يباح منع الحمل فيها.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتنظيم النسل ليكمل الرضيع فترة رضاعته، ولتستعيد الأم صحتها لا حرج فيه وانظر الفتوى رقم 19100 والفتوى رقم 11479 والفتوى رقم 16967
ولا شك أن العزل هو أخف الوسائل ضرراً. ولمعرفة حكم العزل تنظر الفتوى رقم 1803والفتوى رقم 20918
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المريضة نفسياهل يجوز لها منع الحمل دون إذن الزوج
تاريخ الفتوى : ... 10 رجب 1423 / 17-09-2002
السؤال
امرأة مريضة مرضا نفسيا وضعت لولباً بدون أن يدري زوجها رغم أنه يريد الإنجاب، وبعد فترة من الزمن توفي زوجها، وسبب منعها للحمل حالتها النفسية والعقلية تجعلها غير أهل للإنجاب وتشعر بتأنيب الضمير فما الحكم جزاكم الله خيراً ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا حكم استعمال مانع الحمل بالتفصيل في الفتوى رقم:
636.(20/122)
ومنه يعلم أن ما أقدمت عليه هذه المرأة إذا كانت تتمتع بقواها العقلية غير جائز من وجهين:
الوجه الأول: إقدامها على منع الحمل بغير إذن زوجها.
الوجه الثاني: إقدامها على اللولب، واللولب لا يجوز استخدامه في حالة الاضطرار لمنع الحمل إلا إذا لم تجد غيره من العزل واستعمال الحبوب ونحو ذلك، كما سترى في الفتوى المحال عليها، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 4219.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
وجوب كفارة الإجهاض توجب التتابع
تاريخ الفتوى : ... 17 جمادي الثانية 1423 / 26-08-2002
السؤال
هل صيام الشهرين المتتابعين كفارة الإجهاض يجب ان تكون 60 يوما متصلة بدون إفطار وإذا تم الإفطار سواء بعذر أو بدون عذر في أي يوم خلال هذه الفترة يجب أعادة ال 60 يوماً من البداية ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم بيان ما يلزم من قام بعملية الإجهاض في فتاوى سابقة فلتراجع منها الفتاوى التالية:
2016
10493
13107
ومن أوجب الكفارة، فقد أوجب التتابع في الصيام، فلا يجوز قطعة لغير عذرٍ مرخص في الفطر، فمن قطع التتابع لغير عذر وجب عليه أن يستأنف شهرين آخرين، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم:
2857.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
احتمال كون ولادة طفل منغولي لا يسوغ الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 10 جمادي الثانية 1423 / 19-08-2002
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
رزقني الله قبل سنة بمولود ذكر وعند الفحص أخبرني الأطباء أن الطفل منغولي وطلبوا مني القيام بفحوصات وراثية أنا وزوجتي لمعرفة إذا كان الأمر حالة وراثية أم أنه طفرة إلا أننا لغاية الآن لم نعمل الفحص, ولكن على فرض أن الفحص أثبت(20/123)
أن الأمر وراثي، فماذا تنصحونا أن نعمل، فهم يقولون إنه إذا حملت الزوجة وتبين أن الطفل أيضا منغولي فسيقومون بإجهاضه فهل هذا يجوز شرعا لا سيما وأنني منذ أكثر من سنة وأنا أتحرج من الاستمتاع بزوجتي خوفا من أن يتم الحمل ويكون الطفل منغولياً.
أفتونا جزاكم الله خيراً حيث نعيش حاليا حالة نفسية غير مريحة.
والسلام عليكم ورحمة الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننصحك بالتوكل على الله عز وجل واستمتاع كل منكما بالآخر، وما قدره الله عز وجل سيكون، ولو قدر أن خرج الجنين مصاباً بمرضٍ فإن ذلك من الابتلاء الذي يجب الصبر عليه.
وقد سبق أن أجبنا عن حكم الإجهاض بسبب تشوه الجنين في فتوى سابقة برقم:
2222 فليرجع إليها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ماهية الضرورة التي تبيح منع الحمل
تاريخ الفتوى : ... 03 جمادي الثانية 1423 / 12-08-2002
السؤال
ما هي الضرورات التي يجب على الزوج فيها تنظيم الأسرة باستخدام وسائل منع الحمل لزوجته؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل هو أنه لا يجوز استعمال غير العزل من موانع الحمل إلا لضرورة محققة، ككون المرأة لا تلد ولادة عادية، أو يلحقها بسبب الحمل كلفة يشق احتمالها، أو وجود خطورة على حياة المرأة بسبب الحمل. ولضوابط الاستعمال وآدابه انظر الفتوى رقم: 4039والفتوى رقم: 4219
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تحديد عدد الأجنة
تاريخ الفتوى : ... 02 جمادي الثانية 1423 / 11-08-2002
السؤال
أنا سيدة متزوجة لا أحمل إلا بواسطة أطفال الأنابيب عندي توأم ولد وبنت ابني لديه تأخر عقلي وجسدي أريد أن أحمل مرة أخرى ولدي ثلاثة أسئلة:
1-هل أستطيع أن أحدد عدد الأجنة بواحد فقط؟
2-هل أستطيع أن أحدد جنس المولود ولا أرتكب معصية؟(20/124)
3-أنا قادرة ماديا وجسديا فهل من الممكن أن لا أحمل سوى مرة واحدة؟
تقبلوا مني عظيم الشكر والامتنان
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة في الفتوى رقم:
5995 على حكم الحمل بالتلقيح الصناعي (طفل الأنابيب) وتحديد جنس المولود.
أما تحديد الأجنة فلا حرج فيه إن دعت إليه حاجة صحية أو كان ذلك قبل تخلق الجنين، وإن كان الأولى ترك ذلك، وما سيتم فهو الذي سيكون خيراً لك، ولزوجك، وإن لم يتم على وفق ما تحبان، وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً.
أما فيما يتعلق بمنع الحمل فإنه يفصَّل فيه: فإن كان المنع لفترة معينة ترين أنت وزوجك أن فيها مصلحة، فلا مانع والحالة هذه، لما جاء في الأحاديث الصحيحة، ولما روي عن كثير من الصحابة من جواز العزل.
أما إن كان قصد السائلة بمنع الحمل هو المنع المؤبد باستئصال الرحم -مثلاً- أو بغيره، فهذا لا يجوز كما هو مقرر عند أهل العلم، لما فيه من قطع النسل ومنافاة المقاصد الشرعية في تكثير النوع البشري.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
جريمة أخرى أكبر من سابقتها
تاريخ الفتوى : ... 28 جمادي الأولى 1423 / 07-08-2002
السؤال
بسم الله الرمن الرحيم
تحية طيبة وبعد: سؤالي هو:
ما هي كفارة وحكم الإسلام: في رجل مسلم زنا بامرأة غير مسلمة وحبلت منه ثم أجبرها على إنزال الجنين في الشهر الثالث من الحمل؟
بارك الله بكم و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا كبيرة من كبائر الذنوب، سواء كان بامرأة مسلمة أو كان بامرأة كافرة، وقد ورد التحذير منه في الكتاب العزيز بأصرح عبارة وأشدها تأثيراً، قال تعالى:وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32].
وإن الواجب على من زنى بامرأة التوبة إلى الله تعالى.
وأما إسقاط الجنين فهو جريمة آخرى أكبر من الأولى، وقد سبقت الإجابة على ما يترتب عليه برقم:
2016.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(20/125)
ـــــــــــــــــــ
ينبني الحكم حسب تعمدالإجهاض من عدمه
تاريخ الفتوى : ... 28 جمادي الأولى 1423 / 07-08-2002
السؤال
مرضت أمي فنصحها الطبيب بالذهاب إلى الحمام للقيام بحصص التدليك وكانت تشك بأنها حامل ومع ذلك ذهبت للحمام. فسقط الحمل.أمي تسأل ما يجب عليها فعله كي تبرئ ذمتها أمام الله عز و جل؟ وبورك فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان سبب سقوط الجنين هو ذهابها إلى الحمام أو طلبها التدليك فإنها اسقطت بفعلها وجنايتها، وحيث إنها لم تقصد ذلك فيكون خطأ تلزم فيه دية الجنين وهي على عاقلتها.
ولبيان ما يلزم من أسقطت جنينها بالتفصيل تراجع الفتاوى التالية أرقامها:
9133
12878
2016.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ما يلزم من أجبر زوجته على الإجهاض حالة كونه متأثرا بفكر منحرف
تاريخ الفتوى : ... 23 جمادي الأولى 1423 / 02-08-2002
السؤال
السلام عليكم
والدي منذ فترة بعيدة وقبل أن يلتزم أجبر والدتي على أن تسقط الجنين الذي في بطنها وكان عمره يتجاوز خمسة أشهر ثم أجبرها على إجراء عملية لربط المبايض لمنع الحمل علما بأنه كان في تلك الفترة متاثرا بالفكر الاشتراكي والآن ولله الحمد عاد إلى دينه والتزامه
السؤال ماذا عليه غير التوبة والندم ؟ وجزاكم الله كل خير ..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان ما حصل لوالدك هو مجرد تأثر بالفكر الاشتراكي، ولم يكن على قناعة كاملة بما فيه من عقائد باطلة، فهو حينئذ لا يزال باقياً على دين الإسلام، فيلزمه في ذلك كفارة غرة عبد أو أمة، أو عشر دية أمِّ الجنين تدفع لورثة الجنين غير أبيه، وتلزمه أيضاً الكفارة عند أكثر أهل العلم.
وإن كان الأب متأثراً بالفكر الاشتراكي بحيث كان على قناعة تامة بما فيه مما هو مناقض للإسلام، فإنه يكون قد ارتد عن الإسلام، وبرجوعه للإسلام يغفر له ما قد(20/126)
عمل حال كفره، لقول تعالى:قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38].
ولحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله. رواه مسلم.
فعلى هذا فلا يكون على والدك دية ولا كفارة، وإنما تلزم الدية والكفارة أمك إن كانت قد وافقت على الإجهاض موافقة لم تكن فيها في حال اضطرار معتبر شرعاً، مثل أن تكون قد هددها بالقتل أو الضرب إن هي لم توافق على عملية الإجهاض، كما تلزمها الكفارة ونصف الدية في الحالة الأولى حالة الحكم بعدم كفر الوالد -إن كانت قد فعلت ذلك غير مضطرة أيضاَ وحيث لزمتها الدية أو جزء منها فإنها لا ترث منها شيئاً، إذ.. لا يرث قاتل.. وينتقل الإرث إلى من بعدها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا كفارة عن جنين أجهض قبل تمام أربعين يوما
تاريخ الفتوى : ... 13 جمادي الأولى 1423 / 23-07-2002
السؤال
ما هو كفارة إجهاض جنين مدة حمله 4 أسابيع لصعوبة تربيته في الغرب وكون الأب لا يرغب في زيادة عدد أطفاله إلى خمسة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإجهاض الجنين قبل أن تمضي أربعون يوماً على حمله محرم على الصحيح من أقوال العلماء، ولا تسوغ ذلك دعوة صعوبة تربيته أو كثرة الأولاد ونحو ذلك، والواجب على من فعل ذلك أن يتوب إلى الله ويستغفره، ولا كفارة عليه، كما سبق مفصلاً في الفتوى رقم: 2016.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المعوَّل عليه في التوقف عن الإنجاب قول الطبيب الثقة
تاريخ الفتوى : ... 13 جمادي الأولى 1423 / 23-07-2002
السؤال
من المعروف أن تحديد النسل حرام ولكن تنظيمه حلال. الأطباء قالوا لي أن عدد الولادات المسموح لك بها هي ثلاث ولادات فقط وبعد ّذلك سيكون خطر على حياتك. هل عندما أتوقف عن الإنجاب بعد الطفل الثالث يعتبر حلال أم حراماً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(20/127)
فإذا قرر الأطباء الثقات أن الحمل بعد المولود الثالث سيكون خطراً على حياتك فإنه لا بأس عليك في التوقف عن الإنجاب، ولمزيد فائدة راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية:
13986
10142
7866
5050.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الحمل الحاصل بعد العقد شرعي
تاريخ الفتوى : ... 08 جمادي الأولى 1423 / 18-07-2002
السؤال
اكتشفت منذ شهر أني حامل منذ شهر وقد عقد قراني منذ سبعة شهور وأنا الآن حامل منذ شهر وظروفي لا تسمح بالزواج الآن وأريد عمل أجهاض وبموافقة زوجي فما حكم ذلك ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم الإجهاض في الفتاوى ذات الأرقام التالية:
5920
2016
2208
15193.
وعليه، فإنه لا يجوز لك الإجهاض وهذا الحمل يعد حملاً شرعياً ما دام قد حصل بعد عقد القران، وحاولوا التعجيل بإعلان الزفاف تفادياً لما قد يحصل لكم من إشكالات مع الأهل أو غيرهم، فإن لم تستطيعوا فاصبروا وتحملوا ولا ترتكبوا الحرام.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الضرورة المبيحة لإسقاط الجنين
تاريخ الفتوى : ... 06 جمادي الأولى 1423 / 16-07-2002
السؤال
السلام عليكم شيخنا الفاضل ,
فأنا سيدة عندي ثلاثة أطفال وشاء الله أن أحمل بالطفل الرابع وأنا الآن في الشهر الأول علما أنني أنجبت أطفالي الثلاثة بعمليات قيصرية وفي الطفل الثالث قالوا لي من الأفضل أن أربط لخطورة تكرار الولادة قيصريا فرفضت خوفا من أن أقع في(20/128)
شيء محرم ووضعت لولباً أرجو أن أعرف هل يجوز إسقاط هذا الحمل في الشهر الأول بارك الله فيكم؟ أرجو الرد سريعا أحسن الله إليكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تبارك وتعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [سورة الحج:88]، وقال تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: من الآية185] وقال تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً [النساء:28] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الدين يُسر" رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ومن القواعد التي وضعها العلماء: (المشقة تجلب التيسير) وقاعدة: (إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمها ضرراً بارتكاب أخفهما).
وبناءً على هذه النصوص والقواعد، فإنه يجوز إسقاط الحمل قبل مضي أربعين يوماً على حمله، إذا قرر طبيب ثقة مسلم أن في بقائه خطراً محققاً على الأم، ويجوز استعمال وسائل منع الحمل في المستقبل.
-علماً بأنه لا يجوز كشف عورة المرأة للطبيب الرجل إلا إذا تعذر وجود طبيب أنثى- أما إذا كان ما يحتمل حصوله للأم هو مجرد مشقة يمكن تحملها، فلا يجوز لها إسقاطه بحال من الأحوال لأنه لا ضرورة لذلك، وقد سبق بيان حكم الإجهاض في الفتوى رقم:
5920والفتوى رقم 2394والفتوى رقم: 2219 والفتوى رقم: 4219
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حالات الإجهاض وحكم كل حالة
تاريخ الفتوى : ... 19 ذو الحجة 1424 / 11-02-2004
السؤال
ما حكم الزوجة عندما تُجهض وهي في بداية الأربعة الأشهر الأولى بدون قصد ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان السؤال عن الدم النازل حينئذ فراجع الفتوى رقم: 1852 ورقم:
674
وإذا كان المقصود حكم الإجهاض من غير قصد فإنه لا إثم على صاحبته لأن الله تعالى يقول:رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286].
وقال عليه والصلاة والسلام: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان..... رواه أبو داود وغيره.
أما بالنسبة للدية والكفارة فإن للإجهاض حالات ولكل حالة حكمها:
الحالة الأولى: أن يكون بعد أربعين يوماً وله حالتان:
الأولى: أن يكون من غير تسبب فلا دية ولا كفارة.
الثانية: أن يكون بتسبب فتلزم الدية، واختلف في الكفارة والأحوط فعلها.(20/129)
الحالة الثانية: إن يكون قبل أربعين يوماً وله حالتان:
الأولى: أن يكون بغير تسبب فلا دية ولا كفارة ولا إثم.
الثانية: أن يكون بتسبب فتجب التوبة من ذلك ولا دية ولا كفارة.
ودية الجنين هي غرة عبد أو أمة، أو ما يعادل عشر دية الأم.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم:
9332 والفتوى رقم:
2016 والفتوى رقم:
14173.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... استخدام وسائل منع الحمل الحديثة لا يقاس جميعه بالعزل
تاريخ الفتوى : ... 27 ربيع الثاني 1423 / 08-07-2002
السؤال
الإخوة الكرام
لي لدى فضيلتكم استفسار بسيط وهو لماذا تفرقون في الحكم بين العزل بالقذف خارج فرج الزوجة وبين منع الحمل بالوسائل الحديثة على الرغم من كون الوسائل الحديثة قد تحقق من الفوائد ما لا يحققه العزل وأهمها كمال استمتاع المرأة مع الوسائل الحديثة وعدم ذلك مع العزل في الأغلب الأعم لسيادتكم جزيل الشكر على الرد والتوضيح في القريب العاجل
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي عليه الفتوى في الشبكة الإسلامية ليس المنع مطلقاً من استعمال منع الحمل بالوسائل الحديثه، بل الفتوى عندنا على أن هذا جائز إذا دعت إليه الحاجة.
ثم إن العزل لا يكون جائزاً في الشرع إلا بإذن من المرأة، لأن ذلك يفوت عليها حقها في كمال الاستمتاع، كما أنه ليس جائزاً أن يكون بصفة مستمرة وإلى الأبد، لأن ذلك يعارض مقصداً شرعياً هو تكثير النسل.
وأما القول بأن الوسائل الحديثة تحقق ما لا يحققه العزل فغير صحيح، بل الصحيح أن في استعمال الوسائل الحديثة من الأضرار ما ليس في العزل كما أثبت ذلك أهل الاختصاص، وهذا مستند من منع من استخدام هذه الوسائل مطلقاً، على أن استخدام وسائل منع الحمل الحديثة لا يصح أن يقاس جميعه بالعزل، وذلك لأن منها ما يلزم منه الاطلاع على العورة ويسبب اضطراباً في الدورة مثل اللولب ونحوه.
وعلى كل حال فنحن لم نقل بمنع استخدامها مطلقاً، وراجع الفتوى رقم:
4219.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(20/130)
الفتوى : ... حمل ولد عن طريق الزنا لا يسوغ إعدامه
تاريخ الفتوى : ... 03 جمادي الأولى 1423 / 13-07-2002
السؤال
لي صديق زنى وحملت هذه المرأة فقام بإعطاءها دواء بعلمها لإنزال هذا الطفل وهو في شهره الأول
وبعد يوم واحد أنزلت هذا الطفل وهو الآن نادم فهل عليه كفارة أو هل يستطيع التكفير عن هذا مع العلم أنه قتل روحا بدون حق أو خطأ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا في نظر الإسلام جريمة من أبشع الجرائم ومنكر من أخبث المنكرات، لأنه جريمة في نظر الشرع وفي نظر العقل السليم، فبه يتصدع بنيان المجتمع ويعرض النسل للخطر وتهدر كرامة الإنسان.
والزاني شخص مستهتر لا يبالي بأي طريق نال شهوته ولا ما يترتب عليها من أخطار وأضرار، فلا عجب أن جعل الله عقوبة الزاني من أشد العقوبات وحرم على المسلمين أن يرأفوا به فلا يقيموا عليه حد الله، فقال:الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [النور:2].
وصديقك هذا أضاف إلى جريمة الاعتداء على عرض هذه المرأة، جريمة أخرى وهي الاعتداء على النطفة التي استقرت في الرحم واستعدت لقبول الحياة، وهي كائن موجود له احترامه وإن جاء عن طريق الحرام، فليس في ذلك ما يسوغ الجناية عليه، ولهذا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المرأة التي زنت واستوجبت الرجم، أن تذهب حتى تلد ثم ترضعه حتى تفطمه بعد تمام الحولين. فلم يكن مجيئ هذا الولد عن طريق الزنا سبباً في إعدامه، فالذي يجب على هذا الرجل الآن هو التوبة والندم على ما صنع والعزم على ألا يعود إلى هذه المنكرات والقبائح، أما الكفارة فليس عليه كفارة ولا دية لأن النطفة والعلقة لا تسمى أيأ منهما جنيناً، ولا تأخذ حكم الجنين، وما يترتب على إسقاطه من أحكام.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إجراء عملية ربط المبايض
تاريخ الفتوى : ... 03 جمادي الأولى 1423 / 13-07-2002
السؤال
زوجتي تعاني من مرض ارتفاع ضغط الدم وأوصى الأطباء بعدم الحمل لأن هناك ضرر وخطورة على الأم والجنين فهل يجوز شرعاً إجراء عملية جراحية لربط للمبايض حتى لا يتم الحمل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(20/131)
فإذا قرر الأطباء المأمونون أن في حمل المرأة خطراً دائماً على حياتها إن هي حملت، فلا حرج أن تجري عملية جراحية بحيث لا تحمل مطلقا.ً
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 17553.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أخذ الدواء لمصلحة الجنين متعين
تاريخ الفتوى : ... 03 جمادي الأولى 1423 / 13-07-2002
السؤال
أنا امرأة حامل في الشهر الأول واتضح عن طريق التصوير الصوتي أن لدي كيس "هرموني" فوق أحد المبايض فوصفت لي الطبيبة نوعاً من العلاج المثبت للجنين لئلا يتقلص الرحم بسبب هذا الكيس فيحصل الإسقاط ولو لم آخذ العلاج فيحتمل تمام الحمل ويحتمل سقوطه.
السؤال: هل يجوز لي ترك هذا العلاج؟ مع العلم أن هذا الكيس قد يزول من نفسه بلا علاج والعلاج الموصوف ليس علاجا للكيس.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا العلاج الذي وصف لك هو لمصلحة ا لجنين خشية سقوطه، وتركك لاستعماله يكون سبباً قد يؤدي إلى سقوط الجنين في أي مرحلة من مراحل نموه.
وعلى هذا نقول: إنه لا يجوز لك ترك التداوي به، لأن التسبب في إسقاط النطفة بعد استقرارها في الرحم إذا كان قبل نفخ الروح فيها لا يجوز عند طائفة من أهل العلم. يقول المحب الطبري من الشافعية: اختلف أهل العلم في النطفة قبل تمام الأربعين، فقيل: لا يثبت لها حكم السقط والوأد. وقيل: لها حرمة، ولا يباح إفسادها، ولا التسبب في إخراجها بعد الاستقرار في الرحم.
نهاية المحتاج للرملي 8/416.
وإذا كان التسبب بعد نفخ الروح فيها بلا ضرورة ملجئة فهو محرم بالإجماع، يقول الدردير المالكي في الشرح الكبير: ولا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوماً، وإذا نفخت فيه الروح حَرُم إجماعاً.
الشرح الكبير2/266.
فيظهر من كلام العلماء أنه يجب على الأخت السائلة أخذ هذا الدواء منعاً للجناية على الجنين في أي مرحلة من مراحل نموه في الرحم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لضرورة المبيحة لإسقاط الجنين
تاريخ الفتوى : ... 25 ربيع الثاني 1423 / 06-07-2002
السؤال(20/132)
ما حكم المرأة التي أجبرت على إجهاض الجنين الذي في بطنها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإجهاض الجنين الأصل فيه أنه أمر محرم لا يجوز، خاصة بعد أن تنفخ فيه الروح، قال تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) [الأنعام:151].
ولا ندري كيف تم إجبار الأخت على هذا الفعل؟ فإذا كان المقصود أن ظروفاً صحية قاهرة قد أدت إلى ذلك بتقرير طبي من طبيب موثوق ماهر في مهنته، بحيث إذا لم يتم القضاء على الجنين كانت حياة الأم في خطر داهم، ففي هذه الحالة يجوز الإجهاض من باب الضرورة، وهنا تأتي القاعدة الفقهية: الضرورات تبيح المحظورات.
أما إذا كان من أجل إجبار الزوج لك، أو الأهل نتيجة ضغوط معينة، فهذا باق على الأصل وهو التحريم. والواجب التوبة إلى الله تعالى.
ولما يترتب على كل من أسقط جنيناً تراجع الفتوى رقم: 2016.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا يحق للزوج استخدام وسائل منع الحمل إلا برضا زوجته
تاريخ الفتوى : ... 03 جمادي الأولى 1423 / 13-07-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا امرأة متزوجة والله رزقنا والحمد لله طفلتين الكبرى 5 سنوات والصغرى 3 سنوات وأرغب أنا في الحمل مجدداً ولكن زوجي معارض لهذا الأمر بشدة ولا يقبل حتى بالجدل فيه. سؤالي هو: هل يحق للزوج الامتناع والإعراض؟
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الولد هو المقصود الأهم من الزواج، وقد رغب الرسول صلى الله عليه وسلم في التكاثر، وأمر بالأخذ بأسبابه.
لذا، فلا يجوز استخدام الوسائل التي تمنع الحمل مؤبداً، لما في ذلك من قطع النسل، وإبطال الحكمة من الزواج.
أما استخدام الوسائل التي تمنع من الحمل لفترة فلا تنبغي أيضا إلا إذا دعت له مصلحة معتبرة شرعاً، ككون الزوجة مريضة أو عاجزة عن تتابع الحمل، ونحو ذلك.
وبما أن لكل واحد من الزوجين الحق في الولد فلا بد من تراضيهما معا على إيقاف الحمل إيقافا مؤقتا حيث كان لمصلحة، فقد نص الفقهاء على أن الزوج لا يحق له أن يعزل عن زوجته الحرة إلا بإذنها لأحقيتها في الولد. قال الإمام مالك: لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها، ولا عن زوجته الأمة إلا بإذن أهلها.(20/133)
وروي عن ابن عباس: تُستأمر الحرة في العزل، ولا تُستأمر الجارية.
قال صاحب التمهيد: وقال الشافعي: وليس له العزل عن الحرة إلا بإذنها، وقد روي في هذا الباب حديث مرفوع في إسناده ضعف، ولكن إجماع الحجة على القول بمعناه يقضي بصحته.
وبهذا تعلم السائلة أن الزوج لا يحق له استخدام وسائل منع الحمل إلا برضا زوجته.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... شروط جواز استخدام موانع الحمل
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الثاني 1423 / 26-06-2002
السؤال
ما حكم استعمال حبوب منع الحمل وما شابهها من موانع الحمل وما حكم المرأة التي ترفض الإنجاب وزوجها يطلب منها ذلك ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من استخدام موانع الحمل بأنواعها، وذلك بشروط أربعة:
1- ألا يكون في استخدامها ضرر على المرأة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني في غاية المرام، أي لا ضرر ابتداء، ولا يرد الضرر بضرر مثله أو أكثر أو أقل منه.
ولقول الله تعالى:وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً [النساء:29].
2- أن يكون ذلك برضى الزوجين، لأن إيجاد النسل من مقاصد النكاح الأساسية، وهو حق ثابت لكل واحدٍ منهما، فلا يجوز لأحدهما منع الآخر منه بدون رضاه.
3- أن تدعو الحاجة إلى ذلك، كتعب الأم بسبب الولادات المتتابعة، أو ضعف بنيتها، أو غير ذلك.
4- ألا يكون القصد من استخدام هذه الموانع هو قطع النسل بالكلية.
ولمعرفة المزيد عن موانع الحمل وحكمها وآثارها راجع الفتوى رقم:
22784 والفتوى رقم:
9339 والفتوى رقم:
4219 والفتوى رقم:
14262.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
محل وجوب دية الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 08 ربيع الثاني 1423 / 19-06-2002
السؤال(20/134)
السلام عليكم
حملت والدتي مرتين وكنا نحن أبناءها كبارا في السن فأجهضت في المرة الأولى بسبب مرض وفي المرة الثانية عمداً لأنها استحت من أبنائها ولا أعرف كم كان عمر الجنين عند الإجهاض , علما بأن والدتي تجهل إثم الإجهاض فما حكم الدين في ذلك ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإجهاض محرم شرعاً وهو جريمة شنيعة فيها اعتداء على نفس مخلقة بغير وجه حق، ولا يجوز إلا في حالتين مذكورتين في الفتوى رقم:
2016.
وحياء الحامل من أولادها لا يبرر إجهاضها بحال، وبما أنها كانت تجهل حرمة الإجهاض فيسقط عنها الإثم فقط، ولا تلزمها الدية والكفارة إذا كان الإجهاض قبل تخلق الجنين، أما إذا كان بعد التخلق وهو أن يمضي عليه أربعون يوماً من بداية الحمل، فيلزم فيه الدية والكفارة؛ وإن كانت جاهلة بحرمة الإجهاض.
ودية الجنين هي غرة تسلم لورثة الجنين، ولا ترث منها الأم هنا لأنها قاتلة، والقاتل لا يرث قتيله.
ومحل وجوب الدية هنا هو ما لم يعفُ الورثة، فإن عفوا أسقطت الدية، وأما الكفارة فهي كفارة قتل النفس وهي حق لله ولا تسقط بعفو الورثة، ولمعرفة ما هي الغرة ومقدار الكفارة ينظر الفتوى رقم :
13171 والفتوى رقم: 9332.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
منع الحمل نهائيا لأجل الضرر...نظرة شرعية
تاريخ الفتوى : ... 06 ربيع الثاني 1423 / 17-06-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تزوجت منذ فترة وجيزة ووفقني الله بالزوجة الصالحة التي كنت أريد لكن اكتشفنا بعد مدة أن الحمل والولادة قد تسبب خطرا على حياتها بسبب عيب خلقي والسؤال هو هل يجوز أن نمنع الحمل (بأي من الأساليب المتوفرة هذه الأيام) محافظة على حياتها خاصة أنني أكن لها حبا عظيما ولا أفكر في الانفصال عنها؟
أفتونا أثابكم الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإسلام حث على الزواج ورغب في كثرة النسل، فقال جل وعلا: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً) [النحل:72]، وقال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً(20/135)
وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم:21]، وفي سنن أبي داود والنسائي عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد أفأتزوجها؟ قال صلى الله عليه وسلم: لا. ثم أتاه الثانية، فنهاه، ثم أتاه الثالثة، فقال: "تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة".
إذن فالولد مرغّب فيه شرعاً، ومحبّب إلى النفوس طبعاً، ولكنه إذا كان يشكل خطراً على حياة أمه، فإن العلماء أجازوا إجهاضه، لأن الأم هي الأصل في حياة الجنين والجنين فرع، فيضحىّ بالفرع من أجل الأصل، وهذا هو منطق الشرع كما أنه منطق الخلق، فالشرع ورد بارتكاب أخف الضررين وأهون المفسدتين.
وإذا كان الحمل من البداية يشكل خطراً على حياة المرأة، وثبت ذلك من أطباء ثقات، فإنه لا مانع من ذلك إذا لم نقل إنه يجب، لأن الله تعالى يقول: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) [النساء:30].
وقد احتج بهذه الآية عمرو بن العاص رضي الله عنه عندما امتنع من الغسل في ليلة باردة، وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم.
ويبقى الإشكال في انقطاع نسل الزوج إذا لم تكن له زوجة أو زوجات أخريات، والذي ننصح به هو أن يتزوج ثانية يرزقه الله منها ذرية صالحة إن شاء الله.
والحاصل: أن للزوجة أن تستخدم ما يمنع الحمل، ولو كان مانعاً مؤبداً إذا كان الحمل يعرض حياتها للخطر وأخبرها بذلك الأطباء الثقات، ولم يكن ما بها من مرض مما يرجى زواله، فإن كان يرجى زواله فلتستعمل الوسائل المؤقتة كالحبوب والعوازل ونحوها، وتراجع الفتوى رقم: 4219.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الحمل فوق اللولب هل يبرر إسقاط الجنين
تاريخ الفتوى : ... 02 ربيع الثاني 1423 / 13-06-2002
السؤال
امرأة استخدمت اللولب في منع الحمل لكنها حملت من فوقه وقدر الأطباء مدة حملها ما بين عشرين إلى سبع وعشرين يوما وأرادت أن تنزل هذا الحمل فهل يجوز لها ذلك أو هل يجوز لها إزالة اللولب علماً بأن إزالة اللولب غالباً ما تؤدي إلى إسقاط الحمل؟
ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك إجهاض الحمل ولو كان دون الأربعين يوماً على الراجح من أقوال أهل العلم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 5920.(20/136)
ولا يجوز لك إزالة اللولب إذا تقرر طبياً أن إزالته تؤدي إلى إجهاض الحمل، إلا أن يكون في بقائه خطر محقق على حياة الأم أو حياة الجنين، فيزال لدفع الضرر لا بقصد إجهاض الجنين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
قرار مجمع الفقه الإسلامي في مسألة الإعقام
تاريخ الفتوى : ... 29 ربيع الأول 1423 / 10-06-2002
السؤال
هل يجوز للمرأة المريضة أن تجري عملية جراحية لوقف النسل ؟ علماً بأنها تعاني من ارتفاع السكري والضغط أثناء الحمل0؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز إجراء عملية تستأصل من خلالها القدرة على الإنجاب سواء للرجل أو للمرأة إلا في حالات الضرورة. وقد قرر مجمع الفقه الإسلامي في قراره رقم: 39(1/5) ما يلي:-
"يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة، وهو مايعرف بالإعقام أو التعقيم ما لم تدع إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية.... يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل أو إيقافه لمدة معينة من الزمان إذا دعت حاجة معتبرة شرعاً بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراضٍ، بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة، وأن لا يكون فيها عدوان على حمل قائم". انتهى.
وعليه، فلا يجوز لك الإقدام على هذه العملية إلا أن يقرر طبيب مسلم ثقة أن حملك مع وجود هذه الأمراض فيه خطر محقق أو غالب على حياتك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يجوز الإجهاض لإكمال التعليم والحج
تاريخ الفتوى : ... 28 ربيع الأول 1423 / 09-06-2002
السؤال
أنا امرأة متزوجة منذ ثلاث سنوات ونصف ورزقني الله بتوأم بنات والآن أعمارهن في حدود سنتين ونصف وفي فترة الحمل بالتؤام تعبت تعباً شديداً أما بعد البنات فقد رزقني الله بطفل عمره الآن تقريبا سنة وكانت فترة الحمل به سهلة نوعا ما أي من غير تعب. والآن أنا حامل إن صدق ظني ومدة الحمل هي تقريبا 10أيام وأنا أخشى على نفسي من الحمل بتؤام والتعب بهما وكما ذكرت سابقا فأنا أم لثلاثة أطفال وهم صغار بالعمر تقريبا وكنت أنوي الحج وإكمال الدراسة فهل لي أن أجهض الجنين؟ وما هو موقف الدين والفقه من ذلك؟(20/137)
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز إسقاط الجنين في هذه المدة إلا إذا دعت ضرورة لذلك، ولا نرى أداء فريضة الحج أو إكمال التعليم من الضرورات التي تبيح مثل هذا الأمر، إذ بالإمكان تأخيرهما -أعني إكمال التعليم وأداء الحج- لمن لم تستطع حتى تضع حملها، فتحج وتكمل دراستها.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 991، والفتوى رقم: 5920.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الإجهاض حيث يشكل الجنين خطراً
تاريخ الفتوى : ... 24 ربيع الأول 1423 / 05-06-2002
السؤال
كانت والدتي حاملا بجنين عمره شهر ونصف تقريبا وهي مريضة بالسكري وقد أخذت أصنافا متعدده من الأدويه وذهبوا لطبيب السكري وأخبرهم أن الدواء فيه ضرر لكن نعطيها بدلا عنه أنسولين لكنهم أسقطوا الحمل لأن حالة والدتي الصحيه لا تسمح لها باحتمال حمل فقبل فترة دخلت المستشفى وكان السكري 300 فهل عليهم شيء؟ عمر والدتي 43 سنه أرجو إعلامنا بذلك في أسرع وقت لو سمحتم لأن والدتي خائفة أن يكونوا أوقعوها في الإثم؟
وجزاكم الله ألف خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الإسقاط تم بناءً على تقرير طبي من جهة موثوق بها يفيد أن الإبقاء على الحمل يشكل خطراً محققاً - أو غالبا على الظن - على حياة تلك المرأة نقول: إن كان الإسقاط حصل بناءً على ذلك فلا حرج، ولا يلزم من فعله شيء إن شاء الله.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... تشوه الجنين ومرضه لا يبرر إجهاضه
تاريخ الفتوى : ... 25 ربيع الأول 1423 / 06-06-2002
السؤال
السلام عليكم
زوجتي تبلغ من العمر أربعين عاماً وكانت قد أصيبت بجلطة في المخ منذ حوالي 12 عاما وهي منذ ذلك الحين تخضع لأنواع مختلفة من العلاج وقد شفيت إلى حد كبير من الناحية الذهنية ولكن آثار الجلطه أسفرت عن إعاقة كاملة لليد اليمنى(20/138)
وإعاقة جزئية للقدم اليمنى (أي أنها تستطيع السير مع بعض الصعوبة ولكن لا تستطيع استخدام اليد اليمنى إطلاقا) ونحن نحمد الله كل الحمد على ذلك.
ولكن زوجتي حملت وأنا أخشى عليها من متاعب الحمل بسبب الإعاقة كما أخشى على المولود من عدم الرعاية الكافية أو من التشوه لا قدر الله بسبب الأدوية الكثيرة فهل يحق لها الإجهاض لهذه الأسباب علما بأنها في الشهر الثاني (45 يوم)؟
أفيدونا سريعا أفادكم الله و شكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإجهاض محرم شرعاً، لأنه اعتداء على النفس بغير حق شرعي، ومرض الأم المذكور ليس عذراً مبيحاً لذلك، وإن أدى إلى التأثير على الجنين بمرض أو تشوه إلا أن يقرر الأطباء الموثوقون أن الحمل فيه خطر محقق -أو غالب- على حياة الأم، فيجوز عند ذلك إجهاضه.
وليعلم أن تشوه الجنين ومرضه لا يبرر كذلك إجهاضه؛ إلا أن يموت في بطن أمه.
وإذا سلمتما أمركما لله وشكرتماه على ما قدره فعسى أن يؤمنكما مما تخشيانه، فيكون المولود صالحاً سالماً من العيوب وعوناً لكما على متاعب الحياة، وذخراً لكما بعد الممات.
وإن ولد مشوهاً -ونسأل الله أن لا يكون كذلك- فقد يكون نعمة ورحمة وسبباً لتكفير الذنوب ورفع الدرجات إذا وجد منكما الصبر والاحتساب، وبالاستعانة بالله واللجوء إليه تقدران على تربيته ورعايته والقيام على شؤونه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حيث جاز استعمال اللولب جاز للطبيبة تركيبه لهن
تاريخ الفتوى : ... 27 ربيع الأول 1423 / 08-06-2002
السؤال
أنا طبيبة نساء وأعرف إن إحدى نظريات عمل اللولب كوسيلة لمنع الحمل أنه يمنع التصاق البويضة المخصبة بجدار الرحم فهل يجوز لي تركيبه للحالات التي تحتاجه؟ علماً بأنه من أقل الوسائل ضرراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم استعمال اللولب في فتوى سابقة برقم: 4219.
وحيث جاز للمرأة استعمال اللولب ولم يكن زوجها طبيباً يمكنه عمل اللولب لها جاز للطبيبة عمل اللولب لهذه المرأة، لأنه لا يجوز للمرأة الاطلاع على ذلك الموطن من عورة المرأة إلا للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(20/139)
طرق منع حدوث الحمل
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الأول 1423 / 27-05-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة وبعد:
أريد السؤال عن كيفية التنظيم بالنسل ( كيف يقيس الشخص المدة بين كل مولود وعلى أي أساس وجزاكم الله كل خير
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و على آله وصحبه أما بعد:
فهناك طريقتان لمنع حدوث الحمل من المرأة: إحداهما على الدوام ، وذلك باستئصال القدرة على الإنجاب في المرأة، أو إخصاء الرجل، أو تناوله مادة طبية تعطل القدرة على الإنجاب، فالحكم في هذا أنه حرام لما فيه من تغيير خلق الله تعالى، والقضاء على النوع البشري.
قال الإمام القرطبي :عند قول الله تعالى:وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ [النساء:119]، قال: إن إخصاء بني آدم لا يجوز لأنه مثلة وتغيير لخلق الله . وقال ابن مسعود رضي الله عنه: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لنا نساء، فقلنا: ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك .متفق عليه
ولما كان الإختصاء المحرم هو صورة لمنع الإنجاب الدائم لدى الرجل، كان منع الإنجاب الدائم لدى المرأة محرماً كذلك، بجامع أن كليهما يمنع الحمل من أصله، قال ابن حجر : في شرحه للحديث: هو نهي تحريم بلا خلاف في بني آدم. والحكمة في نهيهم عن الإخصاء إرادة تكثير النسل ليستمر الجهاد على الكفار. وإلا لو أذن لهم في ذلك لأوشك تواردهم عليه فينقطع النسل .
ومن المعلوم أن من مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ النسل وبقاؤه. ومنع الحمل الدائم واستعمال وسائله هادم لهذا المقصد العظيم ومصادم له، فاستوجب أن يكون حراما.
وأما الطريقة الثانية : فهي منعه منعاً مؤقتاً، فهذا ينظر فيه: فإن كان لضرورة محققة ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضطر معها لإجراء عملية لإخراج المولود، أو كان تأخيره لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان فإنه لا مانع حينئذ من منعه أو تأخيره حسب المصلحة، ودليل الجواز حديث جابر رضي الله عنه قال: كنا نعزل والقرآن ينزل -يعني على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم- ولو كان الفعل حراما لنهى الله عنه وكذلك ما روي عن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم من جواز العزل.
وتمشياً مع ما صرح به بعض الفقهاء من جواز شرب الدواء لإلقاء النطفة قبل الأربعين، وفي حال قدوم المرأة على استعمال الحبوب عليها أن تأخذ الإذن من زوجها لأن له الحق في الأولاد، ولابد كذلك من مشاورة الطبيب في هذه الحبوب، هل أخذها ضار أوليس بضار؟.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(20/140)
ـــــــــــــــــــ
حكم تحديد النسل لأجل قلة المورد
تاريخ الفتوى : ... 13 ربيع الأول 1423 / 25-05-2002
السؤال
ما حكم الإسلام في استعمال وسائل منع الحمل؟ بغرض توزيع الدخل على عدد أقل من الأولاد حتى يزيد نصيب كل منهم من النفقة والرعاية و كذلك بسبب صغر مساحة السكن وما هي الوسيلة المثلى لمنع الحمل وما هي ضوابط استعمالها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزواج بالمرأة الولود فقال: "تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" رواه أحمد وصححه ابن حبان من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. والحديث واضح في أن المسلم ينبغي له أن يحرص على أن يكثر النسل وذلك تحقيقاً لعزة الأمة، فإن الأمة تعتز بكثرة أبنائها، وقديماً قالوا: إنما العزة للكاثر . وقد دخل الأحنف بن قيس على معاوية -ويزيد بين يديه- وهو ينظر إليه إعجاباً، فقال: يا أبا بحر، ما تقول في الولد؟ فعلم ما أراد! فقال: يا أمير المؤمنين، هم عماد ظهورنا، وثمر قلوبنا، وقرة أعيننا، بهم نصول على أعدائنا، وهم الخلف منا لمن بعدنا، فكن لهم أرضاً ذليلة، وسماء ظليلة، إن سألوك فأعطهم، وإن استعتبوك فأعتبهم، لا تمنعهم رفدك "أي عطاءك" فيملوا قربك، ويكرهوا حياتك، ويستبطئوا وفاتك. فقال: لله درك يا أبا بحر هم كما وصفت!
وليعلم السائل الكريم أن كل مولود قد تكفل الله برزقه من قبل أن يولد، قال تعالى: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) وقال صلى الله عليه وسلم: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد...... الحديث متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وليس كلٌ من ضيق السكن أو قلة الراتب مسوغاً لمنع الإنجاب، وما يدريك فلعلك بصدق نيتك وببركة توكلك على الله تعالى يبدل الله حالك.
أما بالنسبة لموانع الحمل فإنها تنقسم إلى قسمين: قسم يمنع الحمل نهائياً ويقطع النسل، وهذا لا يجوز استعماله ولا اللجوء إليه إلا في حالة ما إذا كان الإنجاب يعرض حياة الأم للخطر الداهم بإخبار طبيب عارف ثقة. أما ما لا يمنع الحمل نهائياً وإنما يمنعه موقتاً فإنه يجوز استعماله إذا دعت إليه ضرورة أو حاجة، كمرض الزوجة أو ضعفها عن تتابع الحمل أو نحو ذلك من المصالح المعتبرة شرعاً، فقد صح أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعزلون، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ذلك. والعزل نوع من موانع الحمل، وأما بالنسبة للوسيلة المثلى لمنع الحمل فهي تختلف من امرأة إلى أخرى، والمرجع في ذلك هو الطبيب العارف.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(20/141)
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... اتفاق الزوجين على عدم الإنجاب...نظرة شرعية
تاريخ الفتوى : ... 13 ربيع الأول 1423 / 25-05-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
أريد أن أتزوج بامرأة زواج المسيار وكل منا لا يرغب في الإنجاب حيث إنه لكل منا أولاد
فهل يجوز الاتفاق على عدم الإنجاب فى هذه الحالة؟
جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في اتفاق الزوجين على عدم الإنجاب، بشرط أن لا يتخذا لتحقيق ذلك وسيلة تقطع الإنجاب تماماً، وأن لا يكون الدافع إلى ذلك الاتفاق هو الخوف من أن لا يجدا ما يطعمان به أولا دهما وينفقانه عليهم؛ بل يكون الدافع هو تحقيق مصلحة معتبرة شرعاً.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
5536 7291 14262 11479 10740 4039 1803
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
محل جواز منع الحمل بالربط
تاريخ الفتوى : ... 29 ذو القعدة 1424 / 22-01-2004
السؤال
لقد قمت بثلاث عمليات ولادة قيصرية ومن شدة خوفي من تأثير هذه العمليات على حالتي الصحية والنفسية من جراء فتح البطن فقد قمت بعمل عملية ((ربط)) مع الولادة الأخيرة ولم أكن أعرف أنه محرم فهل لي من كفارة أو ما شابه لعدم معرفتي بالحرمة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن منع الحمل على قسمين:
القسم الأول: قطع الحمل نهائياً، وهذا لا يجوز إلا إذا كان الحمل يسبب خطراً على حياة الأم، أو كانت الأم تعاني بسبب الحمل ما لا تطيقه ولا تتحمله من المشاق والآلام، وليس المقصود ما هو حاصل عند عامة النساء.
والقسم الثاني: المنع المؤقت، وذلك جائز إذا كان من أجل إعطاء الأم قسطاً من الراحة بين الحملين.
أو إعطائها فرصة لتربية الأولاد والاهتمام بهم، أما قطع الحمل أو تأخيره لأجل الرزق فإنه لا يجوز، لأن الله تعالى قد قسم الأرزاق، وكتب لكل نفس رزقها من(20/142)
قبل أن تخلق، وقد كان المشركون يقتلون أبناءهم لأجل ذلك، فقال الله تعالى: ( نحن نرزقهم وإياكم ) [الإسراء:31] وقال سبحانه: ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) [هود:6]
وعليه، فإذا كان هذا الربط نهائياً وكنت ممن يجوز لهن ذلك فلا شيء عليك، وإن كنت ممن لا يجوز لهن ذلك فإنه يجب عليك التوبة والاستغفار من ذلك، وإزالة ذلك الربط إذا أمكن.
وإذا كان هذا الربط مؤقتاً، فإنه يجب إزالته عند زوال العذر الذي من أجله ركِّب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أقوال الفقهاء في ما يلزم من قتل الجنين
تاريخ الفتوى : ... 01 ربيع الأول 1423 / 13-05-2002
السؤال
هل علي كفارة أم لا؟ لقد أسقطت جنيناً في الشهر الخامس وكان السبب من المعاشرة الزوجيه وهذا السبب أعلمه أنا وزوجي، أما من الناحية الطبية فلقد عملنا الفحوصات المخبريه بعد الولادة فلم يكن هناك أي سبب جرثومي أو غيره يسبب نزول الجنين، والوضع كان عادياً بالنسبة للحمل ولم تخبرني الطبيبه عن توسع أو أي مشاكل في هذا الحمل حيث أنه كان أول حمل لي أما السبب فاكتشفناه نحن حيث أنه في ليلة السقوط كان هناك جماع مرتين وكنت أشعر بالأذى منه وهناك علامة أخرى وهي أن رأس الجنين عند السقوط كان أزرق اللون وبهذه الأسباب أو العلامات وجدنا أن السبب هو الجماع ...فهل علينا كفاره ؟؟؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في وجوب الكفارة على من تسبب في قتل الجنين، فذهبت الحنفية والمالكية إلى استحبابها.
وذهبت الشافعية والحنابلة إلى وجوبها، وهذا هو الأحوط، لأن الكفارة شرعت لحق الله تعالى لا لحق آدمي، ولأن الجنين نفس مضمونة بالدية فوجبت فيه الكفارة.
وعليه، فإذا كنت قد أعلمت زوجك بتأذيك من الجماع فاستمر فيه أو كرره، لزم كل واحد منكما كفارة لأنكما مفرطان، وإن كنت لم تعلميه بتأذيك إلا بعد انتهاء الجماع الأول والثاني فلا شيء عليه، لأنه غير مفرط، ويلزمك كفارة لتفريطك، والكفارة هي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجديها -وهو أمر وارد في هذا العصر- فصومي شهرين متتابعين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لاتمكنيه من نفسك ما لم يتب
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1423 / 29-04-2002(20/143)
السؤال
السلام عليكم و رحمة الله
زوجي رجل غني ،ولكنه لا يصرف على بيته ، رغم كل المال الذي يملكه بيته لا يتوفر فيه أدنى شروط الحياة نعيش كاننا أفقر الفقراء ،لا أعلم أين يذهب بالمال ، هو لا يتصدق به لأنه لا يصلي و يسب الله، لي طفلان و يريدني أن أنجب مرة أخرى ،
سؤالي كالآتي : هل يجوز لي شرعا أن أمتنع عن الإنجاب بما أنه لا يصرف على بيته و على أولاده أم أستجيب لرغبته , وألد مرة أخرى رغم أنني أعلم أنه لا يتغير للعلم أن لي ولد وبنت في صحة جيدة
أنتظر منكم الرد في أقرب الوقت لأني حائرة في أمري وكان الله في عونكم والسلام عليكم ورحمة الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن من سب الله أو دين الإسلام فهو كافر كفراً مخرجاً من الملة بإجماع العلماء، قال الإمام ابن قدامة " ومن سب الله تعالى كفر، سواء كان مازحاً أو جاداً، وكذلك كل من استهزأ بالله تعالى أو بآياته أو برسله أو كتبه " .
والواجب على من وقع في سب الله تعالى سبحانه وتعالى، التوبة والكف عن ذلك فوراً والرجوع إلى دين الإسلام والالتزام بشعائره، خاصة وأنه قد ذكر في السؤال ( أنه لا يصلي ) وترك الصلاة كفر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة" رواه أبو داود ، وابن ماجه ، وأحمد ، والدارمي ، والترمذي وصححه .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بين العبد وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة" رواه مسلم .إلخ،الأدلة الموجبة لكفر تارك الصلاة.
وعلى هذا نقول للسائلة الكريمة: إن تاب زوجك وأقلع تماماً عن السب وترك الصلاة فهذا هو المطلوب، ويتوب الله على من تاب، وأما إذا لم يتب فالواجب عليك حينئذ أن ترفعي أمرك إلى المحاكم الشرعية حتى تقوم بالتفريق بينك وبينه، أو إلى من يستطيع تخليصك منه إن لم توجد محكمة شرعية، حيث لا يجوز للمسلمة البقاء في عصمة رجل كافر .
ولا يجوز لك أن تمكنيه من نفسك حتى يتوب، فإن لم يتب وحصل لقاء (جماع) فهو زنا -والعياذ بالله- هذا بخصوص سبه للدين وتركه للصلاة .
أما مسألة عدم انفاق هذا الرجل على بيته وأهله فهو أمر متوقع منه لأنه مقصر مفرط في جانب الله وحقوقه، ومن كان كذلك فهو لما سواه من حقوق العباد أشد تضييعاً، أما الامتناع عن الإنجاب فهو أمر واجب عليك في هذه الحالة؛ بل الواجب عليك اللجوء إلى أهلك أو من يهمهم أمرك حتى يمنعوك من هذا الزوج .
كما أنه لا يجوز لك التهاون بما ذكرنا من أحكام بحجة المحافظة على الطفلين لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقهما وهو الذي يرعاهما فلا خوف عليهم، قال الله تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) [هود:6] وأي فائدة في بقاء(20/144)
الولدين مع أب يسب الله ولا يصلي!!! ولا ينفق عليهما ولا يرعاهما !! كما نوصيك أيتها السائلة الكريمة بتعلم العلم النافع والجلوس مع الصالحات، نسأل الله لك التوفيق .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تناول حبوب لإفساد النطفة
تاريخ الفتوى : ... 03 صفر 1423 / 16-04-2002
السؤال
زوجتي ولدت وبعد الأربعين يوماً أصبح عندها حمل لمدة أربعة أسابيع، وبعدها أخذت الحبوب لمنع إكمال الحمل باتفاق بينها وبين زوجها، ما الحكم في ذلك أرشدوني جزاكم الله خيراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتناول الحبوب لإسقاط الحمل وإفساد النطفة أمر محرم، وقد سبق تفصيل هذا في الفتوى رقم: 6095 ورقم: 2385
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم منع الحمل ريثما تتضح معالم الحياة الزوجية
تاريخ الفتوى : ... 25 محرم 1423 / 08-04-2002
السؤال
أنا امرأة متزوجة ، وأعاني من مشاكل كثيرة تكاد تفضي بني أنا وزوجي إلى الطلاق ، ويبدو أننا في الطريق إليه ، فهل يجوز لي أن اقوم بأخذ إحدى وسائل منع الحمل كي لايحدث حمل يعقد الأمور بيني وبين زوجي أكثر وأكثر ، خاصة وأن السكينة والأمان والإنفاق من زوجي كلها شروط لم يتحقق معظمهاحتى الآن في علاقتنا الزوجية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان منع الحمل لفترة معينة حتى يستبين بها الوضع الذي ستؤول إليه العلاقة بينك وبين زوجك فلا حرج في ذلك -إن شاء الله- بشرط رضا الزوج بذلك؛ إذ له الحق في الولد، وفي هذه الحالة تأخذين بأسباب المنع التي ليس فيها كشف للعورة أو تأثير على الإنجاب، فتتجنبين اللولب وربط المبايض ونحوهما لأنه ليس هناك ضرورة تدعو إلى ذلك، وإنما تستخدمين الحبوب أو الإبر أو العوازل المطاطية، وتستشار الطبيبة في ذلك.
مع أننا ننصحك ببذل الوسع للحفاظ على رابطة الزوجية والقيام بحقوق الزوج على أكمل وجه، ولعل إنجابك من زوجك يؤلف بين قلبيكما، ويوثق عرى المودة بينكما.(20/145)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الإجهاض والزنا ذنبان عظيمان
تاريخ الفتوى : ... 20 محرم 1423 / 03-04-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أطرح عليكم هذا السؤال نيابة عن صديقي الذي يؤرقه هذا الموضوع أرجو أن تفيدونا أفادكم الله.
قام صديقي بمعاشرة فتاة أوربيه خارج إطار الزوجية ونتج عن هذا الزواج حمل فقام هذا الشاب بالاتفاق مع الفتاة بعملية إجهاض خلال الخمسة وأربعين يوماً الأولى من الحمل.
أرجوكم أفيدوا هذا الشاب الذي تاب إلى الله تعالى مع دعواتكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ارتكب هذا الشاب ذنبين عظيمين شنيعين: الزنا، وعملية الإجهاض التي كان طرفاً في تنفيذها.
ولكنه إذا كان قد تاب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، وصلحت حاله، واستقام على شرع الله تعالى، فإن الله تعالى غافر له ذنبه إنه هو الغفور الرحيم، فما من ذنب - وإن عظم - إلا ويشمله عفو الله تعالى ومغفرته إذا تاب منه صاحبه توبة نصوحاً.
وراجع الجوابين: 1095، 5450.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
قطع النسل للفقر أو المشقة
تاريخ الفتوى : ... 29 ذو الحجة 1422 / 14-03-2002
السؤال
أريد أن أعرف عن تنظيم النسل (مانع الحمل بصورة نهائية) للأسباب التالية:
- زوجتي ضعيفة (وزنها 40 كيلو) وتعاني من أمراض عدة أثناء الحمل.
- لا يوجد لدينا بيت خاص إلى الآن (نسكن في بيت عمنا).
- وعمري 32 سنة فقط ولدينا ثلاثة أولاد ونحن مساكين.
آمل إجابتكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى الأخ السائل أن يعلم أولاً أن الله عز وجل قد تكفل برزق الخلق جميعاً، فقال سبحانه: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [هود:6].(20/146)
ويقول سبحانه: (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ) [العنكبوت:60].
ونهى سبحانه في كتابه أن نفعل ما فعله المشركون الذين قتلوا أولادهم خشية الفقر، فقال سبحانه: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً) [الإسراء:31].
وعيَّرهم سبحانه وتعالى بصنيعهم هذا، وأخبر أنه من تزيين الشيطان لهم، فقال سبحانه: (وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) [الأنعام:137].
فلا يجوز للمسلم أن يظن بالله ظنونهم تلك، بل عليه أن يثق بوعد الله سبحانه وتعالى، فقد قال سبحانه: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [النور:32].
وقال سبحانه: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) [طه:132].
والآيات والأحاديث في هذا كثيرة، إذا عُلمَ هذا، فليعلم الأخ السائل أنه لا يجوز أبداً منع النسل نتيجة للفقر وعدم وجود مسكن، أو ما شابه ذلك من تزين الشيطان.
وأما ما أشار إليه السائل من ضعف زوجته وتعرضها للأمراض بسبب الحمل، فنقول إن كان الحمل يسبب لها مشقة لا تحتملها، وكانت هذه المشقة محققة، فيجوز لها أن تستخدم ما يمنع الحمل مع مراعاة الأسهل، فالأسهل في ذلك تناول الحبوب المانعة.
ولا يجوز استخدام اللولب مع وجود غيره، لأن الاطلاع على العورة محرم، ووجود بديل عنه يجعل المصير إليه محرماً.
هذا إذا كان الحمل يسبب للمرأة مشقة لا تحتمل، وأما وجود تعب الحمل، ومشقته فهذا أمر معتاد بالنسبة للنساء، فما من حمل إلا وتصحبه مشقة، وقد قال الله سبحانه: (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) [الاحقاف:15].
وقال تعالى: (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ) [لقمان:14].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ماذا يلزم من إسقاط الجنين
تاريخ الفتوى : ... 21 ذو الحجة 1422 / 06-03-2002
السؤال
1-من مات جنينها في بطنها لسبب قد يكون إهمالا وقد يكون جهلا بالقواعد الصحية لحماية الجنين ، فهل عليها كفارة قتل خطأ
وإذا كان عليها ذلك فهل يمكنها الصيام شهرين أم لا بد أن تعتق رقبة خاصة ونحن نسمع أن هناك قنوات موثوقة يمكن أداء العتق عن طريقها ؟؟
شكر الله لكم
الفتوى(20/147)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص العلماء على أن الحامل إذا عملت عملاً يسبب عادة إسقاط جنينها، ثم سقط نتيجة لذلك العمل، كأن تشرب داوء فتسقط منه، فإنها تضمنه، فيلزمها الغرة وقيمتها عشر دية أم الجنين، كما يلزمها الكفارة. قال ابن قدامة في المغني عند قول صاحب المتن: وإذا شربت دواء فألقت جنينها ميتاً فعليها غرة، ولا ترث منه شيئاً، وتعتق رقبة: (ليس في هذه الجملة اختلاف بين أهل العلم نعلمه، إلا ما كان من قول من لم يوجب عتق الرقبة). وتسقط الغرة بعفو الورثة، بخلاف الكفارة.
والكفارة هي: عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، لقوله تعالى: (فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليماً حكيماً)[النساء:92] ولا نعلم جهة يمكن أداء العتق عن طريقها. وكان الأولى بالسائل أن يذكر سبب موت الجنين، فربما ظنه موجباً للكفارة والحال ليس كذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ـــــــــــــــــــ
حكم قطع النسل بسبب التعب الشديد
تاريخ الفتوى : ... 18 ذو الحجة 1422 / 03-03-2002
السؤال
1أنا امرأة في الخامسة والثلاثين من العمر إنني الآن حامل في شهري الخامس . حملي صعب جدا. ألازم السرير تقريبا معظم فترة الحمل. جربت كل وسائل الحمل علما أن آخر حمل لي على اللولب. ولادتي إذا شاءالله وأتم الحمل,ستكون قيصرية,
نصحني الطبيب بعد موافقة زوجي بإجراءعملية ربط الأبواق
أثناء عملية القيصرية. ما حكم الشرع في هذا العمل.أفيدونا جزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه .
أما بعد :
فإن كانت المرأة لا تلد إلا بالعملية القيصيرة، فلا مانع في هذه الحالة من قطع النسل.
وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
636 والفتوى رقم: 5050
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض لكثرة الأبناء سبب غير معتبر
تاريخ الفتوى : ... 16 ذو القعدة 1422 / 30-01-2002
السؤال(20/148)
ماذا يفعل رجل وزوجته قاما بالإجهاض بسبب عدم الرغبة في الإنجاب والاكتفاء بما لديهم (ستة أبناء)؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإجهاض محرم شرعاً، لأنه اعتداء على نسمة قد تخرج إلى الدنيا، وتشتد الحرمة وتعظم الجريمة إن كان ذلك بعد نفخ الروح في النطفة، لأنه قتل لنفس حرم الله تعالى قتلها بغير حق، ولأنه قد يؤدي - لو أطلق العنان فيه - لإهلاك النسل.
فالإجهاض لا يجوز إلا إذا كانت هنالك ضرورة معتبرة شرعاً، كأن يكون الإبقاء على الحمل يشكل خطراً على حياة الأم، ولا يثبت ذلك إلا بإقرار من أطباء مسلمين موثوق بخبرتهم.
وأما الإجهاض بسبب الاكتفاء بما لدى الأسرة من أولاد، فإنه مستند إلى سبب غير معتبر شرعاً، ويأثم كل من شارك في هذا الإجهاض، سواء في ذلك الزوج والزوجة والطبيب، وعليهم جميعاً الغرة يشتركون فيها إذا حصل الإجهاض بعد أربعين يوما فما فوق، والغرة: عبد أو أمة، فإن لم توجد فنصف عشر الدية الكاملة: "لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في إسقاط الجنين بغرة" رواه البخاري.
واختلف العلماء في وجوب الكفارة وهي صيام شهرين متتابعين على المتسببين في الإجهاض، فمنهم من قال بالوجوب قياساً على قتل النفس، ولأنها إنما تجب حقاً لله تعالى لا لحق الآدمي، وهي قول الشافعية والحنابلة.
ومنهم من قال إنها مندوبة، وليست واجبة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقض إلا بالغرة في قضائه المتقدم، وهو قول الحنفية والمالكية، والصيام أولى خروجاً من الخلاف.
وعلى الزوجين السائلين أن يتقيا الله تعالى في حياتهما، وأن يشكرا الله تعالى على آلائه ونعمائه بالرضا بقضاء الله، والعمل بطاعة الله.
وعليهما أن يراجعا الجوابين: 5536، 2355.
والله نسأل أن يصلح أحوال المسلمين أجمعين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا علاقة للجنين بمشاكل أبويه
تاريخ الفتوى : ... 06 ذو القعدة 1422 / 20-01-2002
السؤال
1-ماحكم الشرع في التخلص من جنين عمره شهران بسبب استحالة الحياة بين الزوجين وأن الطلاق قادم لا محالة
الفتوى
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا علاقة للجنين بمشاكل أبويه، وما ذنبه حتى يحكم عليه بالإعدام، وراجع الفتوى رقم 5920 ورقم 2385وننصح الزوجين بأن يراعيا أدب الشرع في التعامل(20/149)
بينهما، وأن يسعيا إلى بناء هذه الأسرة على تعاليم الإسلام، ومائدة القرآن، ولا يكون ذلك إلا بأن يعرف كل من الزوجين ماله وما عليه، ويتغاضى كل منهما عما يمكنه التغاضي عنه من حقوقه، فمن طلب صاحباً بلا عيب خرج من الدنيا بلا صاحب، وعلى كل من الزوجين أن يضع في الاعتبار قول القائل:
فمن الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه
ويمكن مراجعة ما يتعلق بهذا في الفتاوى ذات الأرقام التالية:2598 3698 8779
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ما يترتب على من أجهضت بسبب حمل ثقيل
تاريخ الفتوى : ... 06 ذو القعدة 1422 / 20-01-2002
السؤال
أريد معرفة حكم (المرأة التي أجهضت بسبب حمل شيء ثقيل بدون قصد) هل عليها صوم شهرين؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تسببت المرأة بإسقاط جنينها ميتاً بمعالجة، أو بشرب دواء، أو رفع ثقيل، ونحو ذلك.
فإن كان ذلك عمداً، وجبت عليها دية الجنين، وهي غرة، ولا ترث منها شيئاً، والغرة هي عبد أو وليدة، وقدر أهل العلم قيمتها بنصف عشر الدية الكاملة، سواء كان الجنين ذكراً أو أنثى، إلا إذا كان مملوكاً فتقدر بعشر قيمة أمه.
وإن لم تتعمد إسقاطه وجبت الغرة على عاقلتها.
وأما الكفارة، فذهب أحمد والشافعي إلى وجوبها في إسقاط الجنين، وهي عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، وذهب مالك وأبو حنيفة إلى استحبابها فقط، والراجح الوجوب، ثم إن هذا كله فيما إذا سقط ميتاً.
أما إذا سقط حياً ومات، فإن اللازم فيه هو دية كاملة، وليس عشر دية.
وينظر الجواب رقم: 9133.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الدم النازل مع الإجهاض، وهل يلزم قضاء الصلاة والصيام له
تاريخ الفتوى : ... 03 ذو الحجة 1424 / 26-01-2004
السؤال
حدث لي إجهاض في الشهر الأول من الحمل في رمضان ولم أكن أعلم سبب النزيف واعتبرته حيضاً وقمت بالإفطار وامتنعت عن الصلاة لمدة 12 يوماً والآن عرفت عن طريق الطبيب بأنني كنت قد أجهضت ولم يكن ذلك حيضاً فكيف يمكنني أن أقضي الصلاة ؟ هل مع كل فرض أم مرة واحدة(20/150)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحكم الدم النازل مع الإجهاض أنه إذا كان الإجهاض قبل تخلق الجنين فإنه يعتبر دم فساد، لا تترك المرأة له الصلاة ولا الصيام، وعليه فيجب على من تركت الصلاة والصيام للدم النازل مع الإجهاض في الشهر الأول من الحمل أن تعيد الصلاة والصيام، ومن لزمته إعادة الصلاة وجب عليه أن يقضيها فور تذكره لها إذا كان نسيها، أو عند إزالة العذر الذي منعه منها، فيقضيها مرة واحدة متتابعة، إذا لم تكن عليه في ذلك مشقة كبيرة، وإلا فليقضها حسب ما تيسر له مع الفرائض، أو وحدها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ـــــــــــــــــــ
حكم إجهاض الجنين في حال احتمال ولادته مشوهاً
تاريخ الفتوى : ... 17 شوال 1422 / 02-01-2002
السؤال
1-امرأة حامل عمر الجنين 35 يوما، وكانت تتعاطى علاجاً قبل الحمل بثلاثة أشهر وعندما علمت بالحمل توقفت عن أخذ العلاج لأن العلاج يسبب تشوهات في الجنين ، وقال الطبيب هناك احتمال في أن ياتي الجنين مشوهاً، فهل يجوز أن تنزل الجنين مع أنها سمعت بالجواز إذا كان عمره أقل من 40يوما؟ يرجى الإجابة بأسرع وقت هذا اليوم للضرورة وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما سمع به الأخ السائل من القول بجواز الإجهاض قبل الأربعين يوماً من عمر الجنين هو قول لبعض أهل العلم، ومنهم من يرى جواز ذلك قبل نفخ الروح فيه، ومنهم من يحرم ذلك مطلقاً، وهذا الأخير هو الأوجه -والله أعلم- لأن النطفة بعد الاستقرار آيلة إلى التخلق، ومهيأة لنفخ الروح، وقد ذم الله من سعى في الأرض ليهلك الحرث والنسل، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن العزل -وهو الإنزال خارج فرج المرأة- قال عنه صلى الله عليه وسلم: "ذاك الوأد الخفي" رواه مسلم. فلأن يكون إنزال النطفة بعد استقرارها في الرحم وأداً خفياً أولى وأحرى.
وعليه فلا يجوز تعمد إجهاض الجنين، إلا إذا كان بقاؤه يهدد حياة الأم.
وما ذكر في السؤال من احتمال أن يكون الجنين مشوهاً لا يبرر إجهاضه، وعلى المسلم الرضى بقضاء الله وقدره.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إجهاض الجنين الميت
تاريخ الفتوى : ... 22 رمضان 1422 / 08-12-2001
السؤال(20/151)
1-والدتي تسأل 0 عندما كانت شابة حدثت معها حادثة وهي أنها كانت حاملاً في الشهر الثالث . إلا أنها رأت أدلة لعدم تكملة الحمل إلى الشهر المطلوب ، فذهبت إلى المستشفى فقالوا لها بأن الجنين قد توفي وما عليها سوى الانتظار حتى يخرج الجنين . نظراً لظروف أمي رأت أن تنتظر في البيت . فسمح لها الأطباء بذلك ، وقالوا لها عندما ينزل الجنين أحضريه إلينا . فرجعت أمي إلى البيت وانتظرت أمي حتى الوقت المحدد لنزوله إلا أن الجنين لم يسقط ، وأصبحت تقفز حتى تتخلص من الجنين ، إلا أن الجنين لم يسقط أيضاً . و بعد مرور بضعة أيام سقط الجنين .
ما حكم ما فعلت أمي ؟ وما جزاؤها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ثبت موت الجنين بإخبار الأطباء الثقات فلا حرج عليها في إنزاله، ولا يلزمها شيء.
وإن كان غير ذلك فهي آثمة، وعليها غرة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
2016
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إسقاط الجنين المشوه ... رؤية شرعية
تاريخ الفتوى : ... 22 رمضان 1422 / 08-12-2001
السؤال
1-امرأة عملت أشعة على بطنها ، وكانت حاملا ، ونصحها الطبيب بالإجهاض معللا ذلك بأن الجنين قد تضرر بالأشعة وأنه سيولد مشوهاً ، فأجهضت وكانت في شهرها الثاني ، فهل عليها دية ؟ أرجو التفصيل أثابكم الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمجرد تشوه الجنين وهو في بطن أمه بأشعة أو غيرها، لا يبيح إسقاطه، ولو لم يمض عليه أربعون يوماً، لأن الماء بعدما وقع في الرحم مآله الحياة، ومع ذلك فليس في إسقاطه دية، إلا إذا تبين فيه خلق إنسان، وذلك بعدما يمر عليه أربعون يوماً
ولمزيد الفائدة تراجع الفتويان رقم:
2222 و 9332
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الفترة المثالية بين كل مولودين
تاريخ الفتوى : ... 02 رمضان 1422 / 18-11-2001
السؤال(20/152)
كيف يتم إنجاب الأطفال حسب الشريعة الإسلامية ؟ وجزاكم الله ألف خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المعروف أن الإسلام يرغب في كثرة النسل، وينظر إليه على أنه من أولى الأسباب التي شرع من أجلها الزواج، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" رواه أبو داود.
ولكنه مع ذلك لا يمنع في الظروف الخاصة أن تنظم الأسرة نسلها إن دعتها الحاجة إلى ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عن العزل، وهو في ذلك العصر كان الوسيلة الشائعة التي يلجأ إليها الناس لمنع الحمل، أو الحد من النسل.
فعن جابر رضي الله عنه قال: "كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم ينهنا" رواه مسلم.
وعن جابر أيضاً قال: "جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: إن لي جارية هي خادمنا وسانيتنا، وأنا أطوف عليها، وأنا أكره أن تحمل، فقال: "اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأيتها ما قدر لها" رواه مسلم.
فدل هذا على جواز استعمال الوسائل التي تمنع الحمل لتحقيق مصلحة تراها الأسرة، كحماية الرضيع من الضرر، والحفاظ على صحة الأم، ونحو ذلك.
وقد أرشد القرآن إلى تحديد الفترة التي ينبغي أن تكون بين كل مولودين في ذكره لفترة الحمل وفترة الرضاع في قوله: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) [البقرة:233].
وفي قوله: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) [الأحقاف:15].
فنبه القرآن هنا على أن الفترة المثلى في نظر الإسلام بين كل مولودين هي ثلاثون شهراً، وهو مجموع فترة الرضاع، وأقل أمد الحمل.
وهذا التحديد إنما هو على سبيل الإرشاد لا على سبيل الإلزام، لأن موضوع الحمل والرضاع والفطام متروك للأسرة، تقرر فيه ما ترى على أساس المصلحة للرضيع ولأمه، ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى: (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) [البقرة: من الآية233].
ثم نقول للسائل الكريم إذا كان هذا هو مرادك من سؤالك، فنرجو أن يكون ما كتبناه فيه كافياً، وإن كان سؤالك عن أمر آخر، فالرجاء أن تحدد لنا ما هو المطلوب ليتسنى لنا الجواب عنه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا بأس بأن يخرج الأبناء كفارة الإجهاض عن والدتهم
تاريخ الفتوى : ... 06 رجب 1422 / 24-09-2001
السؤال(20/153)
توفيت امرأة مسلمة كانت قد قامت بعملية إجهاض لأنها لا تريد المزيد من الأطفال(غفر الله لها) فهل لها من كفارة يؤديها أولادها من بعدها ، علما بأنها كانت تنوي التكفير ولم تعرف الطريقة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإجهاض أمر مناف لمقاصد الشريعة الإسلامية وأهدافها النبيلة السامية، كما أنه أيضاً قتل للنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وعليه فمن تسببت في إسقاط جنينها بعد نفخ الروح فيه، لا لشيء إلا أنها لا ترغب في المزيد من الأطفال فقد اقترفت ذنباً كبيراً، وارتكبت معصية عظيمة، نرجو الله تعالى أن يتوب علينا وعلى المسلمين.
كما أن عملية الإجهاض هذه يلزم فيها أمران: الأمر الأول: دية الجنين وهي ما يقابل عشر دية أمه، تؤديها هي من مالها لتعمدها الإجهاض، ولا ترث الأم القاتلة من تلك الدية شيئاً إذ لا يرث قاتل.
الأمر الثاني: الكفارة أي كفارة القتل الخطإ وهي: تحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين وإذا ماتت المرأة التي قامت بعملية الإجهاض قبل القيام بما لزمها من أداء الدية والكفارة فلا بأس أن يخرج عنها ولدها أو أولادها ما يلزامها من دية وكفارة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تأخير الإنجاب لعذر .. دون إذن الزوج
تاريخ الفتوى : ... 02 رجب 1422 / 20-09-2001
السؤال
لقد راجعت فتوى رقم9634 وأريد أن أوضح أمرا واحدا لحضرتكم هو أن زوجي مصر بعناد على الإنجاب المبكر بغض النظر عن الأعذارالتي أعاني منها وتحاورت معه مرارا بطريقة ودية ومنطقية وشرعية ولكن لا جدوى من ذلك ، وخلاف ذلك سيحدث مشاكل. لهذا لجأت إلى هذه الوسيلة حتى يظن الأمر طبيعيا وأعطي لنفسي فرصة لترتيب شؤوني الصحية والبيتية لمدة سنتين على الأقل كما أباح لي الشرع بإذن الله تعالى وأنا لا أعاني الآن من مشاكل صحية بسبب تركيب الولب، أفتوني في ذلك وأرشدوني إلى طريق الصلاح في هذا الأمر جزاكم الله عنا كل الخير وأدام فيكم الصلاح في الدنيا والآخرة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبعد مراجعة رقم الفتوى المذكور في سؤالك والذي تضمن نص سؤالك السابق والجواب عليه، تبين لنا أننا أحلناك فيه على جواب سابق للجنة الفتوى يمنع تركيب اللولب، وعلة ذلك أنه لا يمنع الحمل من مبدئه، ولكن يسقطه بعد أن يصير نطفة، وهذا إجهاض للحمل.(20/154)
فعليك أن تسألي أهل الخبرة حتى يدلوك على وسيلة سالمة من المحاذير الشرعية لا تضر بصحتك، ولا تسقط الحمل بعد تكوينه.
ولا تحتاجين إلى إذن الزوج في استعمال هذه الوسيلة مادام الضرر واقعاً عليك وهو غير متفهم للوضع لكن يجب التنبه إلى أنه لا يحق لك الاستمرار في استعمال هذه الوسيلة أكثر من مدة الحمل وسنتي الإرضاع لأن للزوج الحق في أن ينجب من زوجته مرة واحدة خلال هذه المدة فلا يجوز الاعتداء على حقه إلا بإذنه وموافقته.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
التحريض على الإجهاض ذنب يحتاج إلى توبة
تاريخ الفتوى : ... 22 جمادي الثانية 1422 / 11-09-2001
السؤال
السلام عليكم.
لي أخ اقترف الزنى مع إحدى الفتيات وترتب عليه حمل وبعد علمه بذلك استفسر من بعض الزملاء له فأخبره أحدهم أن الحمل لا يكون خلقا فيه روح إلا بعد اليوم الأربعين وأن إجهاضه لا يكون فيه ضرر. و كان الحمل أثناءها في اليوم 36 فطلب من الفتاة أن تجهضه ففعلت . وهو اليوم يتمزق ندما على فعلته فسؤالي هو ما حكم هذا الأخ في الدين وماذا يترتب عليه في ذلك .هل يعتبر قاتلا ؟
الرجاء إفادتنا وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على هذا الشخص أن يتوب إلى الله تعالى توبة خالصة نصوحاً من الزنا، ومن تحريضه الزانية على الإجهاض، وأن يقطع كل علاقة محرمة مع النساء، وأن يكثر من الأعمال الصالحة قبل أن يفجأه الموت، قال الله تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) [طه:82].
وقال تعالى: (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [النحل:119].
وقال تعالى: (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) [غافر:3].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إسقاط الجنين في الشهر الأول لاحتمال تشوهه
تاريخ الفتوى : ... 14 جمادي الثانية 1422 / 03-09-2001
السؤال(20/155)
امرأة تعاني من مرض نفسي يزداد أثناء الحمل وهي حامل في الشهر الأول ولا تستطيع ترك الدواء الذي تتناوله علما بأن هذا الدواء يؤثر على صحة الجنين ويؤدي إلى تشوهات في الجنين وقد نصحها الأطباء بإسقاط الجنين فما حكم ذلك ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت المرأة لا تستطيع التخلي عن هذا الدواء لحاجتها الضرورية إليه ، وثبت بتقرير جماعة من الأطباء الثقات أن هذا الدواء يؤدي غالباً إلى تشويه الجنين، جاز إسقاطه في هذه المرحلة، قبل نفخ الروح والأولى أن يكون قبل أربعين يوماً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم استعمال الواقي الذكري
تاريخ الفتوى : ... 06 جمادي الثانية 1422 / 26-08-2001
السؤال
1-رجل متزوج يداعب زوجته قبل الجماع (بالمص) في جميع أنحاء جسمها حتى الدبر ، وهي تداعب زوجها بنفس الطريقة ماالحكم في ذلك ؟
2- وهل يجوز استخدام العازل (الربلة)؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسؤال الأول انظر فيه فتوى رقم 2146 وأما استعمال ما يسمى بالعازل أو الواقي الذكري أثناء الجماع فإن ذلك جائز، فحكمه حكم العزل، قال محمد عليش المالكي ( وأما وضع شيء كخرقة حال الجماع تمنع وصول الماء للرحم فألحقه عبد الباقي بالعزل في الجواز بشرطه) أي بشرط العزل، وهو رضا الزوجة. وانظر في حكم العزل فتوى رقم 1803 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المتضررة من تتابع الحمل ... يباح لها التأجيل بالوسائل المشروعة
تاريخ الفتوى : ... 22 جمادي الأولى 1422 / 12-08-2001
السؤال
أنا امرأة متزوجة وزوجي مصر على إجباري على الحمل في فترات متقارية أقل من السنتين وأنا لا أستطيع لأن آخر ولادة من عشرة أشهر وجسمي متعب وأنا امرأة عاملة لفترات طويلة بناء على طلبه لهذا لجأت إلى تركيب لولب دون علمه تحسبا للمشاكل ويظن أن الأمر في تأخير الحمل أمر طبيعي أفتوني في ذلك جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:(20/156)
فإذا كان تقارب فترات الحمل يؤثر على صحة المرأة ويتعبها تعبا غير عادي ، فلها أن تسعى للحصول على وسيلة مباحة تمنع الحمل لمدة معينة حتى تستعيد صحتها ، وترتاح وتربي ولدها السابق.
و على زوجها أن يتفهم وضعها ويساعدها على ذلك.
ولكن الخطوة التي أقدمت عليها والوسيلة التي اتخذتها لا نراها جائزة بهذه الصورة ، ولو كانت بإذن الزوج وموافقته لأن تركيب اللولب يشتمل على محاذير شرعية ، سبق أن بيناها في الجواب رقم 4219 وكان الأولى بك أن تقنعي زوجك بما تعانيه من متاعب جراء تقارب فترات الحمل ، وتتفقي معه على فترة محددة كافية لتحقيق الراحة لك واستعادة صحتك ، وتأخذي بالأسباب المشروعة لذلك. ولمزيد من الفائدة يراجع الجوابان التاليان:268 6877
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... العوازل المطاطية وترك الوطء فترة الإخصاب
تاريخ الفتوى : ... 04 جمادي الأولى 1422 / 25-07-2001
السؤال
هل يجوز أخذ حبوب منع الحمل أو استخدام الموانع المطاطية وذلك لفترة معينة لمنع حدوث الحمل ؟ أوهل هناك طرق أخرى لتأجيل الحمل ؟ وجزاكم الله كل خير .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه إذا كانت هناك مصلحة في تأخير الحمل لفترة معينة فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى.
وفي تلك الحالة على المرء أن يأخذ بأسهل الأسباب وأقلها ضرراً، وعليه أن يستشير طبيباً مختصاً في ذلك قبل الإقدام عليه.
ومن جملة تلك الأسباب العوازل المطاطية، والحبوب، والإبر، واللولب. ويختلف حكم هذه الأشياء حسبما يترتب على كل واحد منها من مخاطر وأضرار ومحاذير شرعية. ولمعرفة حكم كل واحد بشيء من التفصيل راجع الأجوبة التالية: 1803 6877 4219 5536 ولعل أسلم الطرق من هذه الأضرار والمحاذير كلها هو: تنظيم اللقاء الجنسي بين الزوجين، وذلك أن العلماء ذكروا أنه ثبت طبياً أن من اتقى الجماع في فترة الإخصاب وهي العشرة الأواسط من شهر الحيض فإنه -بإذن الله تعالى- لا يحصل حمل بجماعه في الفترات الأخرى. ومعنى شهر الحيض: أن المرأة العادية تحيض خلال كل ثلاثين يوماً مرة، وغالب النساء تكون مدة حيضهن خمسة أيامٍ، أو ستة، أو سبعة فيعتزلها الزوج فترة الحيض طبعاً ثم يأتيها -إن شاء الله- فيما تبقى من العشر باعتبار بداية الحيض، ثم يعتزلها في العشر التي تلي ذلك، ثم يأتيها في العشر الأخيرة إن شاء.
والله أعلم.(20/157)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض لأجل الضرر المتوقع حصوله
تاريخ الفتوى : ... 28 ربيع الأول 1422 / 20-06-2001
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
إننى زوجة أعاني من ألم ومشاكل كثيرة فى العمود الفقري منذ تسع سنوات وتزوجت منذ أربع سنوات وأنجبت طفلتين وعانيت بشدة من ألم الظهر نتيجة الحمل المتكرر ولكي أبدأ فى العلاج يجب أن أكون غير حامل وأنا الآن حامل فى خمسة وعشرين يوما فهل هناك ذنب إذا قمت بإنزاله وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأجمع أهل العلم على حرمة الإجهاض إذا أتم الجنين مائة وعشرين لأنه بعد الطور الثالث وهو تمام المائة وعشرين يوماً يكون قد نفخ فيه الروح وفي إجهاضه قتل للنفس التي حرم الله إلا بالحق، إلا إذا كان في استمرار الحمل خطر محقق على حياة الأم، ولم يكن ثم سبيل آخر لإنقاذ حياتها إلا الإجهاض وأما قبل أن ينفخ فيه الروح فيحرم أيضاً لأنه إفساد للنسل إلا إذا كان ثم مصلحة شرعية أو دفع ضرر متوقع، وليس هناك فترة يسمح فيها بالاسقاط.
وقد نص قرار هيئة كبار العلماء رقم (140) الصادر في الدورة التاسعة والعشرين على ما يلي:
1- لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جداً.
2- إذا كان الحمل في الطور الأول وهي مدة الأربعين وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر متوقع جاز إسقاطه أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقة في تربية الأولاد أو اكتفاء بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز.
وبناء على ذلك فيجوز لك الإجهاض ما دام الحمل لم يتم أربعين يوماً للضرر البالغ الذي يلحقك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... إسقاط الحمل من الزنا... رؤية شرعية
تاريخ الفتوى : ... 04 محرم 1425 / 25-02-2004
السؤال
رجل زنا بامرأة متزوجة وزوجها مسجون ، ونتج عن هذا الاتصال الجنسي جنين عمره حوالي شهرين ، وقد ندم كلا منهما أشد الندم وتابا وأنابا إلى الله ، ولكن إذا استمر هذا الحمل نتج عنه تفكك وتدمير أسرة المرأة وفضيحتها ، فهل يجوز للمرأة إسقاط حملها وستر نفسها؟(20/158)
الرجاء كتابة اسم المفتي إذ عليه يعول في الاستدلال بالحكم وبارك الله فيكم وجزاكم عن الإسلام والمسلمين خيراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على هذا الرجل وهذه المرأة أن يتوبا إلى الله تعالى توبة نصوحاً، فإنهما قد ارتكبا جريمة عظيمة، وخانا خيانة بشعة جسيمة، نسأل الله العافية. فقد ثبت في الصحيحين أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب عند الله أكبر؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك" قلت: ثم أي؟ قال: "ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك" قلت: ثم أي؟ قال: "أن تزاني حليلة جارك" قال: ونزلت هذه الآية تصديقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُون).
وتتمة الآيات : ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً* إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسناتٍ وكان الله غفوراً رحيماً* ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً ) [الفرقان:68-71] ولا يجوز لهذه المرأة أن تسقط حملها، لأن إسقاط الحمل جريمة أخرى، والجريمة لا يتخلص منها بارتكاب جريمة، بل الذي ارتكب جريمة الزنا -تلذذاً بما حرم الله- هو الذي عليه أن يتحمل تبعاتها ومضاعفاتها بما في ذلك افتضاح أمر الزانية بالحمل. وأما الجنين فلا ذنب له. فبأي مبرر يكون الضحية؟ ثم إن من جملة الأسباب التي حرم الله تعالى من أجلها الإجهاض أن فيه تسهيلاً للتستر على هذه المعصية الكبيرة، والتخلص من آثارها، مع إمكان الإصرار على ارتكابها مرة تلو المرة، ولا يخفى ما في ذلك من المفاسد العظيمة، والمضار الجسيمة على الفرد والمجتمع.
وكان الواجب على هذه المرأة أن تتقي ربها، وتحفظ حق زوجها في غيبته، وأن لا تخونه مثل ما تحب أن لا يخونها، كما يجب عليها أن تبتعد عن مكان الفتن وقرناء السوء، والمواطن التي يمكن أن تنالها فيها مخالب المغوين.
وإن أحست من نفسها ثوران الشهوة، وضعفاً عن كبحها، فعليها أن ترفع أمرها إلى المحاكم الشرعية لينظروا في أمر زوجها، فإما أن يساعدوا في إطلاق سراحه إن كان مسجوناً بغير حق شرعي، وإن كان مسجوناً بحق شرعي ساعدوها في زيارتها له بين الحين والآخر، وإذا لم يمكن ذلك طلبت إلى القاضي أن يطلقها من زوجها، لتنكح زوجاً غيره. هذا هو السبيل الشرعي لمن هو في مثل حالها.
ولا يحق لها أن تتذرع بالحياء عن مثل الإجراء المشروع، ثم لا يمنعها الحياء من ارتكاب ما حرم الله تعالى من الزنا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إجراء عملية لمنع الحمل جائز بشروط
تاريخ الفتوى : ... 08 صفر 1422 / 02-05-2001(20/159)
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا امراة متزوجة ولدي 4 أطفال وأنا الآن حامل بالطفل الخامس ، ظهر معي منذ فترة مرض السكري بنسب عالية في الجسم مما استدعى دخولي المستشفى للعلاج ، وقد تم إعطائي إبر الأنسولين كعلاج يومي ، نصحتني الطبيبة بعدم الحمل مستقبلا لما في ذلك من خطر علي وكذلك على الجنين ، فهل يجوز إجراء عملية لإغلاق قناة فالوب من أجل منع الحمل ؟ وجزاكم الله خيرا .
الفتوى
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقول طبيبة واحدة في مثل هذا الأمر لا يكفي، ولكن إذا قرر عدد من الأطباء الموثوقين أن الحمل يلحق بك ضرراً يصعب تحمله، أو يخشى على حياتك منه، فإنه يجوز لك الامتناع عن الحمل. ثم ينظر إن كان المرض مما يرجى برؤه وزواله فيكون الامتناع عن الحمل مؤقتاً بواسطة الوسائل الطبية الملائمة، ولا يجوز قطع الحمل نهائياً، إلا في حالة تقرير الأطباء الموثوقين أن هذا المرض مزمن ولا يمكن علاجه، فعندها لا بأس بإجراء العملية- المذكورة في السؤال- حيث إنها تمنع الحمل نهائياً. وللمزيد انظري فتوى رقم 636
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم العزل عن الزوجة النصرانية وغيرها
تاريخ الفتوى : ... 26 ذو الحجة 1421 / 22-03-2001
السؤال
السلام عليكم
لي أخ يعمل في أمريكاوقد تزوج من كتابية مسيحية زواجا لا لمصلحة شخصية تلك التي تتمثل في أخذ الجرين كارد وإنما ليعيش معها زواجاعاديا بكل معنى الكلمة لكن زوجته طلبت منه أكثرمن مرة أنها تريد الخلف تريد ولدا الا أنه يؤجل لها ذلك للخوف من عدة أمور منهاأن تهرب بعد أن تلد أوبسبب الوضع الاقتصادي الذي يريد تحسينه والولد عائق في هذه الفترة.
أرجوالاجابة على هذه الحالة بتوسع وأخذ ما يمكن من احتمالات وأحكام شرعية تجاه هذه المسألة وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب الشافعية إلى جواز أن يعزل الرجل عن زوجته الحرة بإطلاق، سواء أذنت في ذلك، أو لم تأذن.
واحتجوا بما ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر قال: "كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا"، وهو ما يعني أن حق الإنجاب خالص للرجل لكونه المنفق والقائم بمصالح المولود.(20/160)
وذهب الجمهور من الفقهاء إلى اشتراط إذن الزوجة الحرة في إباحة العزل، على اعتبار أن لها الحق في الإنجاب أيضا، غير أنهم استثنوا ما إذا كانت هناك حاجة للعزل، فلم يشترطوا إذن الزوجة في جوازه، كأن تكون في دار الحرب ويخشى على الولد الكفر، وهو ما ينطبق على حالة أخيك. وعليه فلأخيك الحق في الامتناع عن الإنجاب من زوجته النصرانية، طالما أنه يخاف على نسله منها، أو من البلاد التي يعيش فيها.
أما التعلل بالوضع الاقتصادي فلا يجوز للمسلم الركون إليه، وقد علم أن الله ضمن الرزق لعباده، فما من مولود يولد إلا وقد كتب رزقه، كما كتب أجله. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... إبر منع الحمل : حكمها - مخاطرها
تاريخ الفتوى : ... 11 ذو القعدة 1421 / 05-02-2001
السؤال
تقوم بعض النساء باستخدام إبرة لمنع الحمل وهذه الإبرة تسبب نزيفاً يستمر أكثر من عشرين يوما . هل يعتبر هذا حيضا فتتوقف عن الصلاة والصوم أم هو دم استحاضة أفيدونا مأجورين.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المراد بالإبرة الحقنة المستعملة لمنع الحمل، فقد ثبت طبياً أنها تسبب أضراراً كثيرة على المرأة، يكفي بعضها للمنع من الإقدام عليها، ومنها أنها تسبب نزيفاً يمتد إلى فترة طويلة يؤثر على صحة المرأة، كما أنها تسبب اضطراباً في الدورة الشهرية، مما يلقي بظلال من التشويش على كثير من الأحكام كالطهارة، والصلاة، والصوم، ومس المصحف، والوطء..إلخ وبناء على ذلك لا يجوز اللجوء إلى هذه الوسيلة لمنع الحمل إلا لضرورة محققة، لا يمكن رفعها الإ بها ، ككون المرأة لا تلد ولادة عادية، أو يلحقها بسبب الحمل كلفة ومشقة يصعب احتمالها، ولم يُجد معها وسيلة أخرى لمنع الحمل. هذا مع التنبه إلى أن العزل، وتنظيم اللقاء الجنسي أسلم الطرق في هذا الباب .
أما حكم الدم الخارج بسبب الحقنة فقد تقدم ضمن فتوى عن اللولب برقم: 4219 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الإجهاض خوفا من إنجاب مولود معوق
تاريخ الفتوى : ... 13 رجب 1422 / 01-10-2001
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أم لأربعة أولاد ثلاثة منهم بصحة وأما الرابع(20/161)
فهو مصاب بمرض وراثي ومعاق إعاقة كاملة . وهذا المرض لا شفاء منه ، وهذه هي الحالة الثانية عندي فقد رزقت ببنت مصابة بنفس المرض وتوفيت وعمرها سنة ونصف ، وقد ثبت بعد تكرر المرض مرتين وتأكيد الأطباء أنه مرض وراثي يصيب الجهاز الحركي بالدماغ بصورة كاملة والحمد لله على كل حال وأن نسبة الإصابة هي خمسة وعشرون بالمائة من كل حمل.
وأن هناك احتمالا أن يكون الأطفال الأصحاء حاملين للمرض.
لقد حاوت منع الحمل بجميع الطرق لكي يتسنى لي العناية بطفلي المريض ولكن سبحان الله تبين لي أنني حامل في الشهر الأول. سؤالي هو:هل يجوز لي شرعاً إنزال الحمل أم لا.الرجاء إفادتي بسرعة إن أمكن.
وجزاكم الله عني كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في الإجهاض في مثل هذه الحالة - حالة إسقاط الجنين قبل مضي أربعين يوماً - وأكثرهم على تحريم الإسقاط، والعلة في ذلك عندهم هي أن النطفة بعد الاستقرار آيلة إلى التخلق مهيئة لنفخ الروح ، فكأن إسقاطها قتل للنفس التي حرم الله فلا يجوز الإقدام عليه إلا إذا كانت حياة الأم في خطر داهم إن لم يسقط ، وقد ذهبت طائفة يسيرة إلى جواز ذلك بعذر ومنها من لم يقيد، ولكن الصواب ما ذهب إليه الجمهور ولهذا ننصح السائلة بالتوكل على الله والرضى بما يقدره كائناً ما كان فإن المؤمن الكامل الإيمان هو الذي يجزم بأن الله جل وعلا لا يقدر إلا ما فيه خير، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث صهيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عجباً لأمر المؤمن ، إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له". ولعلك إذا أحسنت التوكل على الله أمنك مما تخشين منه فجعل هذا الحمل ولداً صالحاً سالماً من العيوب يكون عوناً لك على متاعب الحياة وذخراً لك بعد الممات، وعلى افتراض أنه سيولد معاقاً فليس كل معاق عبئا ، فقد يكون نعمة ورحمة وسببا لتكفير السيئات ورفع الدرجات ، إذا وجد معه الصبر والاحتساب ، المهم أن الله جل وعلا هو الذي خلقه وقد قال تعالى: ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير). والحاصل أن المسألة مختلف فيها كما مر وأن الراجح هو المنع وعلى افتراض أن هذا الخلاف قد يسع مثل حالتك فلا ينبغي لك الإقدام على الأمر إلا بعد التأكد من أن الجنين معوق ، إذا أمكن ذلك قبل
انتهاء مدة الأربعين يوماً ، فإن الإجهاض بعدها أمره عظيم.
والعلم عند الله تعالى.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض من الزنا.
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال(20/162)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
عندي سؤال عن عمليه الإجهاض عندما تحمل المرأة وسؤالي
هو:
إذا زنى الرجل وحملت المرأة هل يجوز في هذه الحالة أن
يعمل عملية الإجهاض.
والسؤال الثاني:إذا أراد الرجل الزواج من المرأة
التي زنى بها وهي حامل منه هل يستحسن أن يعملا عملية
الإجهاض أو يحتفظا بالطفل . وماذا عن الطفل هل سيعد من
أبناء الحرام أم ماذا؟؟؟؟ أرجو إفادتي بالجواب السريع
الوافي الكافي وجزاكم الله ألف خير.
وأستغفر الله العلي العظيم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأولاً: لا يجوز شرعاً الإجهاض في هذه الحالة المسؤول عنها إذا كان الحمل قد زاد عن أربعين يوماً، ولا يعتبر الحمل من الزنا مبرراً للإجهاض أبداً مهما كانت العوائق النفسية والاجتماعية الناشئة عن ذلك، لأن الإقدام على هذا إهلاك للنسل، وإفساد في الأرض، والله لا يحب الفساد. وفي ذلك اعتداء على نفس مخلقة ظلماً وعدواناً. ومثل هذا لا يزيل جريمة الزنا بل يضيف إليها جريمة أخرى.
ومن زنا بامرأة فله أن يتزوجها متى ما تحققت التوبة الصادقة منهما، ولا حرج عليهما من ذلك. وبالنسبة لإجهاض الولد بعد الزواج فلا يجوز، كما سبق بيانه.
وهذا الولد الذي سيولد لا ذنب له ولا إثم عليه، وهو مولود على الفطرة.
وأما نسبة الطفل فإنه ينسب إلى أمه وأهلها نسبة شرعية صحيحة تثبت بها الحرمة والمحرمية، ويترتب عليها الولاية الشرعية والتعصيب والإرث، وغير ذلك من أحكام البنوة لأنه ابنها حقيقة، هذا الراجح وإليه ذهب الجمهور، وقيل ينسب إلى أبيه من الزنا إن أستلحقه وبهذا قال إسحاق بن راهويه، وعروة، وسليمان بن يسار، وأبو حنيفة. قال أبو حنيفة: لا أرى بأساً إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها ويستر عليها، والولد ولد له.
ومما يؤيد ما ذهب إليه الجمهور ما ورد في قضائه صلى الله عليه وسلم في استحقاق ولد الزنا: " أَنّ كلّ مُسْتَلْحَقٍ اسْتُلْحِقَ بَعْدَ أبِيهِ الّذِي يُدْعَى لَهُ ادّعَاهُ وَرَثَتُهُ فَقَضَى أَنّ كلّ مَنْ كَانَ مِنْ أُمَةٍ يَمْلِكُهَا يَوْمَ أصَابَهَا فَقَدْ لَحِقَ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ وَلَيْسَ لَهُ مِمّا قُسِمَ قَبْلَهُ مِنَ المِيرَاثٍ شَيْءٌ وَمَا أَدْرَكَ مِنْ مِيرَاثِ لَمْ يُقْسَمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ وَلاَ يَلْحَقُ إذَا كَانَ أبُوهُ الّذِي يُدْعَى لَهُ أنْكَرَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا أوْ حُرّةٍ عَاهَرَ بِهَا فَإِنّهُ لاَ يَلْحَقُ بِهِ وَلاَ يَرِثُ وَإِنْ كَانَ الّذِي يُدْعَى لَهُ هُوَ ادّعَاهُ فَهُوَ وَلَدٌ زِنْيَةٌ مِنْ حُرّةٍ كَانَ أوْ أَمَةٍ". رواه أحمد وأبوداود وابن ماجه والدارمي.
وما دام ما ذهب إليه الجمهور من أن الرجل لا يجوز له أن يتزوج بمن حملت منه سفاحاً هو الراجح -فإن الولد ينسب إلى أمه وأهلها، أما زوجها فيكون الولد ربيباً له، وتثبت له أحكام الربيب فقط.(20/163)
هذا هو الحق الذي لا ينبغي العدول عنه .
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الإجهاض بعد نفخ الروح.
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
-بسم الله الرحمن الرحيم
أود أن أشكركم بداية على جهودكم الطيبة وأدعو الله أن يجزيكم خير الجزاء.
أريد أن أستفسر عن حكم الإجهاض المبكر إذا كان الجنين دون عمر الثلاثة شهور. و متى تنفخ الروح في الجنين .أي متى يصبح الجنين نفسا بشرية فيها روح.
شاكرا لكم حسن تعاونكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإن إسقاط الجنين بعد مضي مائة وعشرين يوما يعد قتلاً للنفس التي حرم الله قتلها إلا بحق، وقد ثبت في الحديث أن نفخ الروح يتم بعد مائة وعشرين يوماً، ولا يجوز إسقاط حمل مضت عليه هذه المدة - بالإجماع- إلا في إحدى حالتين :
الأولى هي ما إذا ثبت بتقرير طبي موثوق أن حياة الأم في خطر داهم إذا لم يسقط الجنين.
والثانية ما إذا ثبت أن الجنين قد مات في بطن أمه، وأما إسقاطه قبل هذه المدة فهو محرم أيضا وإن كان لا يرتقي إلى درجة قتل النفس ، ودليل تحريمه ـ والحالة هذه ـ هو أنه إفساد للنسل، والله جل وعلا يقول: ( وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد)[البقرة:205] وعلى هذا فلا يجوز هو الآخر إلا بتقرير طبي موثوق يفيد أن حياة الأم في خطر داهم ما لم يسقط . وذهب بعض أهل العلم الى جواز إسقاط النطفة قبل مضي أربعين يوما ، والمختار ما قدمناه. ثم إنه يجب التنبه إلى أنه يزداد الإثم ويعظم الجرم إذا كان الباعث على الإسقاط هو مجرد التخلص من معرة الزنى، فإنه إثم في الأول واعتداء في الآخر. والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الزواج بنية تأخير الإنجاب
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1422 / 10-05-2001
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: فضيلة الشيخ أنا شاب مقبل على الزواج وفي أول الطريق وأود أن ابني حياتي وأخاف أن يعيق وجود أطفال هذا الأمر على الأقل في السنتين أو الثلاث الأولى وعليه أود أن أستفسر عن الطريقة التي لا تكون(20/164)
فيها أي نوع من حرمان الجنين من حقه في الوجود حتى أكون أنا مرتاحًا ولست مخطئا . أفيدونا أفادكم الله . والسلام عليكم ورحمة الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأيها الأخ الكريم اعلم أن الله سبحانه وتعالى الخالق للكون أجمعه، العليم بشؤون خلقه، شرع الزواج لتحقيق مصالح لا تتحقق إلاَّ به. منها إعفاف الذكر والأنثى وإشباع الغريزة الجنسية بطريقة شرعية منضبطة.
ومنها المحافظة على الجنس البشري وبقائه لإعمار الأرض والاستخلاف فيها. ومنها إيجاد المودة والرحمة والعطف بين الزوجين ليثمر ذلك بينهما روح التعاون على شؤون الحياة قال الله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) [الروم: 21].
ومنها بناء البيوت المؤسسة على أمر الله تعالى لتنشئ وتربي أجيال المستقبل على شرع الله تعالى وأمره، فيصلحوا أو يُصلحوا.
إلى غير ذلك من المصالح العظيمة التي يدركها جليَّا من تأمل في مقاصد الشرع ومصالح البشر.
فلهذا ـ أخي الكريم ـ ننصحك أن تقدم على بركة الله، وتتزوج امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" والحديث في الصحيحين وغيرهما.
واختر ذات الدين الودود الولود كما وصى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. ولا تؤخر الإنجاب بسبب انشغالك أو الزوجة بالعمل أو طلب العلم، وتيقن أن إنجاب الأولاد لن يكون عائقاً في سبيل بناء المستقبل. بل لعل إنجابهم يعين على ذلك فبهم تقر الأعين صغاراً، ويعينون أباهم ويكفونه شؤون الحياة ومتاعب طلب العيش كباراً.
ولا تتخيل ما يتخيله بعض ضعاف اليقين والتوكل على الله تعالى وما يوسوس فيه الشيطان من التفكير فيما يطعمهم به ويكسوهم فإن ذلك أمره إلى الله تعالى، فما من مولود يولد إلاّ وقد كتب رزقه وأجله وهو في بطن أمه. لا يزاد في ذلك ولا ينقص.
والدعوة إلى تحديد النسل وتقليله دعوة باطلة مخالفة لما شرع الله الزواج من أجله، كما تقدم، ولما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومخالفة للفطرة السليمة والأذواق الطبيعية، فقد جعل الله الولد من زينة الحياة المحببة إلى الناس فكانوا يتفاخرون بكثرة الولد كما يتفاخرون بكثرة المال، قال الله تعالى: (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث) [آل عمران: 14].
وأما الامتناع عن الإنجاب لفترة محددة لضرورة تدعو إلى ذلك فلا حرج فيه .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(20/165)
لا تطلب من هذه المرأة الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
ٌقبل أن أتوب إلى الله, كنت على علاقة بفتاة متزوجة تسكن في الغرب و هي غير مسلمة, و بعد أن التقيتها بشهر و نصف قالت لي إنها حامل علما بأني لم أولج بها و لم يلمس مائي فرجها. هي تقول إن زوجها لم يجامعها مع أنها قالت لي مسبقا إن زوجها قال لها إنه جامعها عندما كانت سكرانة و بعد ذلك قال إنه لم يفعل. أفيدوني أفادكم الله هل يصح مني أن أسألها أن تجهض؟ هل يجب لي أن أتزوجها بعد أن تطلق من زوجها؟ ماذا لو لم أستطع؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً وتجدد توبتك في كل حين وتكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، وتلتزم صحبة المتقين الأخيار، وتبتعد كل البعد عن الفساق والفجار ومن جملتهم هذه المرأة القذرة التي جمعت بين الكفر وكفى به خصلة منفرة، وبين الدعارة والسكر.
واعلم أنه لا علاقة بينك وبين ما هي حامل به من الناحية الشرعية بحال من الأحوال.
فلا تطلب منها أن تجهضه، ولا تتزوجها ولا تقربنها، ( فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) [الأنعام:68] نسأل الله لنا ولك السلامة والعافية .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
التوقف عن الحمل جائز للمرض والعذر
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
سيدي أنا أم لثلاثة أطفال أصغرهم يبلغ من العمر أربع سنوات أعاني من مشكلة تتمثل في صعوبة الحمل لدي فتصيبني بأعراض تبقى طول مدة الحمل وهي الغثيان (أرجَع) لا أتحمل قرب زوجي وأطفالي ولا أستطيع الوضوء ولا الصلاة أو حتى التيمم فسألت أهل الدين في أمر حملي حتى أتوقف عن الحمل لكنهم لم يجيزوا لي التوقف أكثر من سنتين ولكني أريد التوقف عن الحمل لما يصيبني من أعراض توقفني عن الصلاة والآن أنا حامل من جديد ولكني لا أستطيع الصلاة أو الوضوء. فأفيدوني بما يرحمني فهل هناك أحكام مخففة لمن هم أمثالي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الحمل يسبب لك أمراضاً لا تستطيعين معها الصلاة، ويحول بينك وبين الاستمتاع بزوجك ورعاية أطفالك، فإن لك أن تتوقفي عن الحمل، لأنه ليس إلزاماً(20/166)
على المرأة بحيث لا يسقط عنها بحال من الأحوال، ويجوز لك والحال ما وصفت أن تستعملي موانع الحمل لتحافظي على صحتك.
وقد أباح النبي صلى الله عليه وسلم العزل عن النساء لما سئل عنه، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري.
والعزل هو: أن يقذف الرجل منيه خارج فرج المرأة، وهو الوسيلة التي كانت متاحة في أيامه صلى الله عليه وسلم لمنع الحمل.
وإذا كنت لا تستطيعين الوضوء ولا التيمم في ظرفك الراهن، فعليك أن تنيبي أحداً من أفراد الأسرة يوضئك أو ييممك لأن الصلاة لا تصح بدون طهور.
ثم صلي على حسب استطاعتك، فإن لم تستطيعي القيام فصلي جالسة، فإن لم تستطيعي فصلي على جنبك.
فقد أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم بذلك عمران بن حصين، كما في صحيح البخاري.
والله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً إلى وسعها. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم مساعدة الطبيب لمن تريد الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
إذا طلبت امرأة من طبيب أن يساعدها في إجهاض غير شرعي وقام الطبيب بمساعدتها، هل فعله حرام أم لا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
مساعدة هذا الطبيب لهذه المرأة على الاجهاض المحرم لا تجوز بحال من الأحوال لأنه تعاون على الإثم والعدوان وقد قال الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) [المائدة: 2].
فالإجهاض بدون مبرر شرعي محرم شرعاً، لأنه إهلاك للنسل وإفساد في الأرض واعتداء بغير حق على نفس قد تخرج إلى الدنيا تسبح الله تعالى وتوحده، وتترتب عليه مفاسد أخرى كثيرة.
أما إذا كان هنالك مبرر شرعي، مثل أن يكون الإبقاء على الحمل يشكل خطراً محققاً على حياة الأم، فإنه يجوز في هذه الحالة، ارتكاباً لأخف الضرر. ولابد في هذه الحالة من إثبات ذلك من طبيب ثقة مأمون.
وإن كان قصد السائل أن الدافع إلى الإجهاض هو أن الحمل كان غير شرعي، فإن ذلك لا يبرر الإجهاض، بل هو ارتكاب ذنب آخر على ذنب الزنا، وقد لا يكون أخف منه بل إنه إذا كان بعد مرحلة نفخ الروح فهو أعظم قطعاً من الزنى نفسه.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا يجوز الإقدام على ما يضر الجنين إذا نفخت فيه الروح(20/167)
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
أنا متزوج و قد رزقنا الله بطفل طبيعي عمره الآن 13 سنة. حملت زوجتي بعدها 3 مرات وفي كل مرة يكون الطفل ذكراً ولكن مصاب بمرض لا يمكنه من الحياة أكثر من سنتين و يتوفى. لجأنا إلى أهل العلم في الولايات المتحدة و بريطانيا و فرنسا و اليابان وأخيرا في الصين لإيجاد طريقة ما تمكننا من تشخيص المرض قبل 12 أسبوعا من عمر الجنين و لكن لم نجد و الطريقة الوحيدة هي عمل تنظير للرحم و أخذ عينة من شعر الجنين و الذي يتكون بعمر 20 أسبوعا. وقد ينتج عن هذا الفحص مضاعفات قد تؤدي إلى فقدان الجنين. فما الحكم في إجراء هذه العملية و جزاكم الله عنا خير الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فحيث أن هذا الفحص لا يتم إلا بعد عشرين أسبوعاً على تكون الجنين، وقد ينتج عنه مضاعفات تؤدي إلى فقدان الجنين، فلا يجوز الإقدام عليه وذلك لأمرين:
الأول: أنه لو ثبت كون الجنين مصاباً لم يجز إسقاطه، لكونه قد بلغ خمسة أشهر وتجاوز بذلك مرحلة نفخ الروح، وقد أجمع العلماء على تحريم إسقاط الجنين في هذه المرحلة لا نعلم عنهم خلافاً في ذلك، ولم يستثنوا إلا حالة واحدة وهي حالة وجود ضرر محقق على حياة الأم، وأما كون الطفل سيولد مصاباً بمرض قد يؤدي إلى وفاته بعد عامين فهذا لا يبيح إسقاطه والاعتداء عليه.
الثاني: أنه مع انتفاء الفائدة من هذا الفحص كما سبق، قد يترتب عليه مضاعفات تؤدي إلى موت الجنين - كما في السؤال- وهذا سبب في قتل النفس التي خلق الله بغير حق. وحيث علم أو غلب على الظن أن فحصا ما يؤدي إلى موت الإنسان لم يكن من الجائز الإقدام عليه.
والذي ننصحكما به أن تسلما الأمر لله خالق السماوات والأرض، ومن بيده ملكوت كل شيء، فهو الخالق الذي يعلم ما خلق، وهو أرحم بهذا الجنين من أمه وأبيه، ولا حكم أعدل من حكمه، ولا قضاء أفضل من قضائه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون .
ولعل الله أراد أن يدخر لكما من وراء هذا الأمر أجراً عظيماً وثواباً كبيراً : روى الترمذي بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد"، وروى الشيخان واللفظ للبخاري: " أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد، كانوا لها حجاباً من النار" قالت امرأة: واثنان؟ قال: "واثنان".
وعند البخاري أيضاً: "ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة من ولده لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم". وروى أحمد والنسائي بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا(20/168)
الحنث إلا أدخلهما الله بفضل رحمته إياهم الجنة، فيقال لهم: ادخلوا الجنة، فيقولون حتى يدخل آباؤنا، فيقال: ادخلوا الجنة أنتم وأبواكم "
وروى مسلم: " لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد، فتحتسبهم إلا دخلت الجنة، واثنان ". وروى النسائي بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل مات ابنه: "يا فلان! أيما كان أحب إليك: أن تمتع به عُمُرَك؟ أوْ لا تأتي غداً إلى باب من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك؟"
وروى البخاري: " يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة"
فأبشرا بفضل الله تعالى ونعمته، واصبرا على ما قضى الله تعالى وقدر، وأكثرا من الدعاء والاستغفار، قال الله تعالى: ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمدكم بأموال وبنين ) [نوح:10، 12].
والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تركيب اللولب وأحكام الصلاة في حال اضطراب الدورة بسببه
تاريخ الفتوى : ... 28 رمضان 1421 / 25-12-2000
السؤال
ما حكم الشرع في استعمال اللولب الرحمي كوسيلة لمنع الحمل ، وماحكم الصلاة في طول مدة الدورة الشهرية في حالة تركيب اللولب الخاص بمنع الحمل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الظاهر أن تركيب اللولب محرم شرعاً ما لم تكن هنالك ضرورة ملجئة أو حاجة شديدة وذلك لأن تركيبه يتطلب الإطلاع على مكان من المرأة، لا يحق لغير الزوج أن يطلع عليه في الظروف الطبيعية، ولو كان من يقوم بعملية التركيب طبيبة (أنثى)، إذ لا يحق للمرأة أن تطلع من المرأة على هذا المكان إجماعاً ما لم تكن هنالك ضرورة، أو حاجة في معناها أو تقاربها، هذا بالإضافة إلى ما يسببه في الغالب من اضطراب في الدورة الشهرية، مما يلقي بظلال من التشويش على كثير من الأحكام من طهارة وصلاة وصوم وطواف ومس مصحف ووطء.
هذا عن حكم الإقدام على تركيبه، أما عن الحكم بعد تركيبه فإنه لا يخلو من إحدى حالتين:
الأولى: أن يكون قد ركب في وقت تدعو الضرورة فيه إلى تركيبه، فإن لم يغير من وضع الدورة شيئاً فالأمر باق على ما كان عليه قبل تركيبه، وإن غيره تردد الدم بين أن يكون دم حيض وأن يكون دم استحاضة وتفصيل ذلك: أن الأصل في كل ما يخرج من قبل المرأة من دم أن يكون دم حيض، فتأخذ حكم الحائض ما لم يتجاوز الدم أكثر مدة الحيض عند جمهور أهل العلم وهي خمسة عشر يوماً، فإن جاوزها فهي مستحاضة ترد إلى عادتها إن كانت لها عادة ، وتغتسل عندئذ وتستخدم حفاظة واقية، وإذا حان وقت صلاة توضأت لها وصلتها، فتفرد كل فرض بوضوء خاص.(20/169)
الحالة الثانية: أن يركب في وقت لا تدعو فيه الضرورة أو الحاجة الشديدة إليه، وقد قدمنا أن الظاهر منع الإقدام على التركيب في هذه الحالة، ولكن إذا أقدم عليه ولم يغير من وضع الدورة شيئاً فالظاهر أن لها إبقاءه، فإن غير وضع الدورة فإنه يجب التخلص منه، وإنما اختلف الحكم في هذه الحالة عن الحالة الأولى لأن المرأة في الحالة الأولى قد اضطرت إلى تركيبه فكان ما ترتب عليه خارجاً عن استطاعتها فهي غير مؤاخذة به كما لم تؤاخذ بجريان الدم في فترة الاستحاضة، إذ لا قدرة لها على توقيفه.
وهذا بخلاف الحالة الثانية فإنها قد ركبته وهي غير مضطرة إليه فتؤاخذ بما ترتب على تركيبه.
وهناك حالة ينبغي التنبه لها وهي أن محل منع التركيب في غير حال الاضطرار هو ما إذا لم يمكن أن تركبه المرأة لنفسها ،أويركبه لها زوجها ،فإن أمكن ذلك ولم يسبب اضطراباً في الدورة فالظاهر جواز تركيبه ، ولو لم تكن هنالك حاجة،لأنه في معنى العزل ، وهوجائز برضى الطرفين على القول الراجح.
كما ننبه إلى أن ما ذكرناه أولاً من أن الدم الزائد على العادة يحكم بأنه دم حيض ما لم يتجاوز خمسة عشر يوماً يستثنى منه ما إذا تغير الدم الزائد عن العادة تغيراً واضحاً عن حال دم الحيض في لونه ورائحته، وعلم أن ذلك بسبب اللولب، فإنه يكون دم استحاضة ولو لم يتجاوز خمسة عشر يوماً.
وإن عملت المرأة بالاحتياط أثناء نزوله كان أولى وأحوط، وذلك بأن تتطهر وتصلي وتصوم وتقضي الصوم الواجب، وتتجنب الوطأ ما أمكن.
والعلم عند الله.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الدعوة إلى تنظيم النسل
تاريخ الفتوى : ... 21 شعبان 1422 / 08-11-2001
السؤال
ما هو حكم الداعي إلى تحديد النسل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد صدر قرار من مجلس هيئة كبار العلماء يتعلق بتحديد النسل وتنظيمه وحال الدعاة إلى ذلك ، وهذا نصه :
(نظراً إلى أن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره ، وتعتبر النسل نعمة كبرى ومنّة عظيمة منّ الله بها على عباده ، فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله ، مما أوردته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بحثها المعد للهيئة والمقدم لها ، ونظراً إلى أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الرب - تعالى - لعباده، ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين بصفة عامة وللأمة العربية(20/170)
المسلمة بصفة خاصة ، حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعمار أهلها، وحيث أن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية ، وسوء ظن بالله تعالى وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها، لذلك كله فإن المجلس يقرر بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق ، لأن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ).[ هود:6].
أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة ، ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد ، أو كان تأخيره لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان ، فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره عملاً بما جاء في الأحاديث الصحيحة ، وما روي عن جمع من الصحابة - رضوان الله عليهم - من جواز العزل ، وتمشياً مع ما صرح به الفقهاء من جواز شرب الدواء لإلقاء النطفة قبل الأربعين ، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ) انتهى .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
يجوز الإجهاض لإنقاذ حياة الأم
تاريخ الفتوى : ... 13 رجب 1422 / 01-10-2001
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته زوجتي حامل فى شهرها الخامس تقريبا وقد اكتشف الاطباء وجود سائل فى راس الجنين مما ادى زياده فى حجم الراس عن معدله الطبيعي وكذلك ضمور فى الدماغ وبالتالي فلا أمل بأن يكون هنالك حياة لهذا الجنين وإن حصل فلن يكون طبيعياً ويستلزم عملية فور الولادة لتوصيل أنبوب من الدماغ إلى المعدة لتفريغ السوائل الناتجة عن انسداد فى الأغشية التى تقوم بتصريف هذا السائل. وكذلك سيحتاج إلى عدة عمليات أخرى كل عدة سنوات (2-3) مدى الحياة مع العلم أنه سيكون متخلفاً ولن تعمل وظائفه بشكل طبيعي للظمور الشديد فى الدماغ. هذا وقد استشرت عدة أطباء بمن فيهم أخصائي أشعة ومختبرات وقد أجمعوا على ذلك وعلى أنه قد يضطر الأطباء على ثقب رأس الجنين أثناء الولادة لإنقاذ الأم أو عمل عملية قيصرية. وأيضا نصحونا الأطباء بالإجهاض وقد استشرت أحد الأطباء المتدينين فى الأردن وقد أخبرني أنه لن يقوم بعملية الإجهاض حتى يتكون لديه قناعة علمية ودينية تجيز ذلك وقد طلب مني بأن أستشير أخصائي مختبرا ت وأشعه وعندما أرسلت له التقرير وافق على عملية الإجهاض وطلب مني إرسال زوجتي إلى الأردن للإجهاض لأن الأطباء في السعودية لا يجيزون أية حالة إجهاض إلا إذا كان هناك خطر مباشر على الأم فقط أرجو الإفادة؟ جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:(20/171)
ما دامت زوجتك في شهرها الخامس، فإنه لا يجوز الإجهاض إلا في حالة ما إذا كان ثم ضرر محقق على حياة الأم،فيجوز الإجهاض لإنقاذ حياتها إذا ثبت ذلك بتقرير طبي موثوق لأن الأم متسببة في وجود هذا الجنين فلا تبقى حياة الجنين على حساب المتسبب فيه.ولأن حياة الأم مستقرة وهى الأصل ولها كامل الحقوق بخلاف الجنين أما إذا كان الضرر محتملا أو كان الجنين به تشوهات خلقية كالحالة التي ذكرتها وكان قد أتم الحمل مئة وعشرين يوما فلا يجوز الإجهاض حينئذ. ثم اعلم وفقك الله أن الذي خلق هذا الجنين هو رب العزة جل وعلا وهو الحكيم في أفعاله اللطيف بعباده قال تعالى: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) [الملك: 14] وقال عز من قائل: (أفرأيتم ما تمنون أ أنتم تخلقونه أم نحن الخالقون نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين) [الواقعة: 58/60]. فالله جل وعلا – الذي خلقه- أرحم به من أبيه وأمه، وقد يكون وجود الجنين على هذا النحو اختبارا من الله تعالى لأبويه ليعلم صبرهما على أقدار الله تعالى. أوأن الله جلت قدرته أراد أن يرفع درجات أبويه أو يمحو الله عنهما ذنوبا اكتسباها ، أو لحكمة دق فهمنا عن إدراكها وقد قال تعالى:(كذلك الله يخلق ما يشاء ) [آل عمران : 40] وقال تعالى: (يخلق ما يشاء) [النور:45] وأما إذا أضطروا لثقب رأسه لإنقاذ أمه فلهم ذلك لما سبق ذكره، وإن كان يولد لغير ذلك كإجراء عملية جراحية قيصرية فهو أولى إن لم يكن –كذلك- ثم ضرر على حياة الأم. والله تعالى أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
يجوز الإجهاض في حال تحقق الضرورة .
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
السلام عليكم و رحمة الله أنا طبيب مسلم ،متزوج منذ ثلاث سنوات و عندي طفلان و الحمد لله، الطفل الأول عمره عامان و الثاني عمره سبعة أشهر، مشكلتي أن زوجتي تلد ولادة قيصرية،و يغلب على الظن أنها حامل مرة ثالثة الآن ، طبيا تكرار الحمل و الولادة القيصرية بدون فاصل زمني كاف يعرض الأم لمشاكل في هذا الحمل الثالث قد تصل الى حد الوفاة - لا قدر الله - حيث يكون من الممكن حدوث انفجار للرحم أثناء الأشهر الأخيرة أو الولادة ، لم نكن نستخدم أي وسيله لمنع الحمل خوفاً من الحرمانية في ذلك ، هل يجوز لي أن أسمح بإجهاض هذا الجنين مع العلم أنها تقريباً في الشهر الثاني من الحمل، مع العلم أنني و زوجتي نرغب في الإنجاب و في استمرار الحمل ،لكني أخشى ما أخشاه من الاستمرار في ذلك خوفا على زوجتي من العواقب كما ذكرت لسيادتكم0 جزاكم الله خيراً على ما تقومون به من نصح و إفتاء للمسلمين ، و أدام علينا التقدم الذي سهل علينا الوصول إلى فتاوى تنفعنا و تعيننا في حياتنا الدنيا وفي الآخرة إن شاء الله .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك السلام ورحمة الله وبركاته .(20/172)
ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا وأحوالكم وأن يشفينا وإياكم من كل سقم ، وأن يفرج كروبنا وكروبكم في الدنيا والآخرة .
واعلم أن الإجهاض لغير سبب معتبر شرعاً محرم تحريماً غليظاً ، لا يجوز الإقدام عليه ، لما فيه من إزهاق لنفس بغير حق شرعي ، وإفساد للنسل وغير ذلك من المفاسد .
والحالة التي ذكرتها عن زوجتك - نسأل الله لها العافية - إن أثبت طبيب أمين مختص أن الإبقاء فيها على الجنين يشكل خطراً محققاً على حياة الأم ، فلها إذاً أن تجري عملية إجهاض لهذا الجنين محافظة على حياتها .
وننصحكما بعد ذلك أن تستعملا وسيلة من وسائل منع الحمل بعد كل ولادة حتى تستعيد الأم صحتها ، ويخبرها طبيب مختص موثوق به أن الحمل لا يشكل خطراً عليها ، وليس في استعمال وسائل منع الحمل في هذه الحالة محذور شرعاً .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا يجوز إجهاض الجنين إلا عند خوف الضرر المحقق على حياة الأم
تاريخ الفتوى : ... 28 ذو القعدة 1421 / 22-02-2001
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
إلى صاحب الفضيلة ... والذي أرجو منه إفتائي بأمر عاجل جداً ... إنني من مواليد العراق ، أسكن مدينة جوتنبورج في مملكة السويد ... متزوج من ابنة خالتي ، ولها ابنتان في 11 و 12 من عمرهما ، ثم رزقنا الله تعالى بطفلة في الرابعة وطفل في الثالثة من عمرهما . زوجي الآن حامل في الأسبوع الخامس ، وعندها موعد لإجراء عملية إجهاض في يوم الأربعاء المقبل . والسؤال هل يجوز لنا ذلك ؟ والأسباب كالتالي :
1- صعوبة القيام بتربية الأطفال في مثل هذه البلدان ( حيث يصبحون خمسة ) وبالأخص من جهتي أنا ، حيث أنني معوق أستخدم عكازتين حال المشي ، ومصاب بمرض النزف الدم الوراثي ( هيموفيليا ) ولا يمكن للإنسان أن يعيش حياةً طبيعية بمثل هذا المرض .
2- إذا كان المولود أنثى فإنها ستكون حاملة للمرض المذكور مائة في المائة ، وسيظهر في أبنائها الذكور خمسين في المائة . وإذا كان ذكراً فلا شيء عليه من المرض .
3- حالة الحمل ثقيلة على الأم ، وبالأخص عند الوضع وقد اضطررت أن أقبل بتدخل طبيب سويدي لإعطائها مسكن خاص من أسفل الظهر عند ولادتها الثالثة .
أرجو السرعة في الإجابة ، وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:(20/173)
فعملية الإجهاض محرمة شرعاً ولا يجوز الإقدام عليها، لأنها وإن كانت قبل نفخ الروح في الجنين فهي من إهلاك النسل. وقد عدَّ اللهُ ذلك من الافساد في الأرض الذي لا يحب من يقوم به ، قال تعالى: "وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد" سورة البقرة.
وإن كانت بعد نفخ الروح في الجنين فهي جرم عظيم شنيع لأنه قتل للنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق.
وقد استثنى العلماء حالتين يجوز فيهما الإجهاض:
الأولى: إذا كان الحمل يشكل خطراً محققاً على حياة الأم ولا يثبت ذلك إلا بتقرير من طبيب مأمون موثوق بخبرته.
الثانية: إذا مات الجنين في بطن أمه.
أما ما سوى ذلك من الأسباب ـ التي ذكرتها فلا تبرر إجراء عملية الإجهاض.
أما السبب الأول: وهو صعوبة القيام بتربية الأطفال فقد زجر الله تعالى عباده أن يجعلوه ذريعة لقتل أولادهم. قال تعالى: " ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئاً كبيراً".
وقد عدَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من أعظم الذنوب كما في الصحيحين وغيرهما أن عبد الله بن مسعود قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنوب عند الله أكبر ؟ قال أن تجعل لله نداً وهو خلقك. قلت ثم أي ؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك قلت ثم أي ؟ قال أن تزاني بحليلة جارك . قال ونزلت هذه الآية تصديقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون.." سورة الفرقان الآية رقم 68.
أما السبب الثاني وهو انتقال المرض إلى الولد إن كان أنثى. فهذا أيضاً غير مبرر لأنه أمرٌ بيد الله تعالى ومن قضاء الله تعالى وقدره، ولا يجوز دفعه بما حرم الله تعالى. وكم من مريض أنجب صحيحاً وكم من صحيح أنجب مريضاً.
أما السبب الثالث: وهو المشقة التي تحصل للأم فذلك طبيعي جداً وقد كتبه الله تعالى على الأمهات وعظم حقهن على أبنائهن لذلك قال تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن" سورة لقمان. وقال تعالى: " ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً" سورة الأحقاف. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يجوز الإجهاض ولو كان الجنين مشوها
تاريخ الفتوى : ... 19 شوال 1421 / 15-01-2001
السؤال
السلام عليكم نعلم أن الله ينفخ الروح في الجنين بعد الشهر الرابع. فهل يجوز للمرأة الحامل بالشهر السابع و علمت بالفحص الطبي أن جنينها مصاب بإعاقة لايرجى شفاؤه أن تلجأ للإجهاض؟
الفتوى(20/174)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أمابعد:
الإجهاض محرم شرعاً لأنه اعتداء على نسمة خلقها الله قد تخرج إلى الدنيا تسبح الله تعالى وتؤمن به وتعبده، وتشتد الحرمة وتعظم الجريمة إن كان بعد نفخ الروح في النطفة لأنه قتلٌ لنفس حرم الله قتلها إلا بالحق. إذن فلا يجوز الإجهاض سواء أكان الجنين مشوهاً أو غير ذلك لأن الله تعالى هو الذي خلقه وهو أرحم به من أمه وأبيه. وقد استثنى العلماء حالة واحدة يجوز فيها الإجهاض وهي إذا ما ثبت بتقرير طبي موثوق أن حياة الأم في خطر داهم إن لم يقم بعملية الإجهاض. والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
يجوز الإجهاض عند تحقق ضررمعلوم بتقريرطبيب مأمون
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
""هذا السؤال مستعجل"" شكراً على مجهودكم وجزاكم الله خيراً زوجتي وضعت طفلاً منذ حوالي 3 شهور وذلك بإجراء عملية قيصرية. وهي الأن حامل وقد قال الأطباء بأن الحمل خطر عليها في هذه الفترة. فما حكم إسقاط هذا الحمل. وجزاكم الله خيراً
الفتوى
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فإن الإجهاض محرم شرعاً لأنه اعتداء على نفس بغير حق شرعي ، وذكر العلماء أن هنالك حالة يجوز فيها الإجهاض وهي ما إذا كان الإبقاء على الجنين يشكل خطراً محققا على حياة الأم. ولا يثبت ذلك إلا بتقرير من طبيب مأمون موثوق بخبرته .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض بعد الزنا تشجيع على الجريمة ومحرم
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته وبعد : يسرني أقدم لكم خالص التهنئة بحلول هذا الشهر الكريم جعلنا الله من الصائمين و القائمين فيه و تقبل منا ومنكم صالح الأعمال و كما أهنىء نفسي و أهنىء الأمة الإسلامية بهذا الموقع المتميز و الذي نجد فيه متنفسنا و ضالاتنا و مرجعاً للعلم الشرعي و غيره من العلوم و نشكر جميع القائمين على هذا العمل الرائع و للأمام قدماً و جزاكم الله خيراً عذراً على الإطالة و سؤالي كما يلي : طلب مني أحد الأصدقاء الأطباء أن أستفتي أحد العلماء الأجلاء في قضية هامة جداً و عاجلة بالنسبة إليه وهو أن له ابن عم فعل فاحشة الزنا بإحدى الباغيات فحملت منه و طلب ابن العم من الطبيب أن يعطيه ما يجهض تلك الفاجرة حتى لا يعلم والده بالأمر فتحدث له أزمة قلبية فأعطاه(20/175)
الطبيب دواءً يقضي على الجنين في بطن أمه و يجهضها علماً بأن الجنين لم يتجاوز الستة أو السبعة أسابيع فأفتونا في هذا الأمر و هل عليه دية أم لا و ما هو موقف كل طرف في الموضوع الشاب الذي زنى و الطبيب . و جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يخفى عليك عظم هذه الجريمة التي ارتكبها هذا الرجل وهي جريمة الزنا التي تعتبر في مصاف عظائم الكبائر فهي قرينة جريمة الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله قتلها قال الله تعالى (( ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا )) سورة الإسراء وقال تعالى (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً )) الفرقان . فيجب على هذا الرجل أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً ويكثر من الأعمال الصالحة والاستغفار . أما الطبيب الذي تعاون معه على الإجهاض فهو آثم مرتكب ما نهى الله سبحانه عنه حيث يقول ((ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )) المائدة . وذلك لأن الإجهاض محرم لا يجوز إلا إذا كان هنالك مبرر معتبر شرعاً مثل الخوف على حياة الأم ،وأما السبب الذي ذكرته فليس مبررا معتبرا شرعا . والخطير في هذه المسألة بالذات أن الإجهاض فيها تشجيع على الجريمة لأن المرأة إذا حلت هذه المشكلة بهذه الدرجة من السهولة شجعها ذلك على ارتكاب الجريمة مرات ومرات . أما الدية فلا دية على الشاب ولا على الطبيب على قول أكثر أهل العلم لأن الجنين في هذه المدة لم يتخلق بعد ، ولا ولي له يأخذ ديته فأمه شريكة في إجهاضه وعلى الجميع أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا ويكثروا من الاستغفار والأعمال الصالحة لعل الله تعالى يتوب عليهم ، والله تعالى أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الإجهاض بغير ضرورة معتبرة من المحرمات
تاريخ الفتوى : ... 03 ذو الحجة 1424 / 26-01-2004
السؤال
اريد ان أسأل عن كفارة الإجهاض إذا تم بعد 13 يوما من موعد الدورة بدون علم الزوج و ما على أم هذه المرأة التى ذهبت معها إلى الإجهاض و أعطتها النقود اللازمة للعملية مع العلم أنها عارضتها فى البداية . وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..... وبعد:
فالإجهاض محرم شرعاً لأنه اعتداء على نسمة قد تخرج إلى الدنيا تسبح الله تعالى وتؤمن به وتعبده. وتشتد الحرمة وتعظم الجريمة إن كان ذلك بعد نفخ الروح في النطفة لأنه قتل لنفس حرم الله قتلها بغير حق ولأنه قد يؤدي ـ لو أطلق العنان فيه ـ لإهلاك النسل. فإذن الإجهاض لا يجوز سواء كان بإذن الزوج أو بدون إذنه ، وقد(20/176)
ذكر العلماء حالة يجوز فيها الإجهاض وهي ما إذا كانت هنالك ضرورة محققة معتبرة شرعاً مثل أن يكون الإبقاء على الحمل يشكل خطراً محققاً على حياة الأم ولا يثبت ذلك إلا بتقرير من أطباء مأمونين موثوق بخبرتهم. فإن كانت هذه المرأة قامت بعملية الإجهاض دون أن تكون هنالك ضرورة محققة معتبرة شرعاً مثل ما ذكرنا فيجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً وأن تكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة لعل الله سبحانه وتعالى يغفر لها ويتوب عليها ويمحو عنها سيئاتها. وإن كان الإجهاض حصل قبل تخلق النطفة - كما هي حال السائلة - فلا كفارة عليها غير ذلك ، وإن كان حصل بعد التخلق - كما إذا حصل بعد أربعين فما فوق - فعليها غرة (عبد أو وليدة) فإن لم تجد فعليها عشر دية أم الجنين ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في إسقاط الجنين بغرة (عبد أو أمة) كما في البخاري. واختلف العلماء في وجوب صيام شهرين متتابعين عليها فمنهم من قال بالوجوب قياساً على قتل النفس ومنهم من لم يقل بالوجوب مستدلاً بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر عنه ذلك في قضائه المتقدم والله أعلم. وأم هذه المرأة آثمة لتعاونها معها والله تعالى يقول " وتعاونوا على البر والتقوى ولا
تعاونوا على الإثم والعدوان ".[المائدة:2] والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الدين يحث على الإنجاب والإكثار من الذرية
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
السلام عليكم لقد فقدت طفلي البالغ من العمر 6 سنين منذ ثمانية أشهر وإنني في غاية الشوق إليه الألم في قلبي كل الوقت أطلب من الله تعالى أن يبارك لي في بقية أولادي وزوجي يتعذب كثيرا لخوفي أن أكون فقدته بذنب أقدمت عليه بدون أن يدري، والآن زوجي يريد طفلا مع العلم أنني أبلغ من العمر 42 عاما ولقد استخرنا الله ما رأي الدين والعلم في الإنجاب في هذا العمر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: نسأل الله تعالى أن يلهمك الصبر والاحتساب وأن يقر عينك بالذرية الصالحة. واعلمي أن ما حدث معك هو ابتلاء من الله تعالى، ليفوز الصابرون المحتسبون، كما روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله تعالى ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة". وروى الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي موسى الاشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع. فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد) [حسنه الترمذي]. وأما بلوغك 42 عاما فهذا لا يمنع من إنجابك، والأمر كله بيد الله تعالى. وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى. والله تعالى أعلم.(20/177)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
يجوز العزل بشرط أن يكون بإذن الزوجة
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
السلام عليكم هل يجوز للمسلم القذف خارج فرج زوجته وذلك لمنع الحمل؟ جزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقذف خارج فرج الزوجة هو العزل، والعزل جائز على الراجح لما في الصحيحين أن جابر رضي الله عنه كان يقول: " كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل". واشترط أهل العلم لذلك أن يكون بإذن الزوجة لأن العزل عنها قد يفوت عليها كمال الاستمتاع أو حقها في الإنجاب وكل واحد منهما حق لها، لا يجوز حرمانها منه إلا إذا رضيت بذلك. واعلم أن العزل لا يمنع حملا سيقدره الله تعالى لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة رضوان الله عليهم لما أخبروه أنهم يعزلون عن السبي: "ما عليكم أن لا تفعلوا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة" والحديث في الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد. وفي سنن أبي داود عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رجلا قال: "يا رسول الله إن لي جارية وأنا أعزل عنها وأنا أكره أن تحمل وأنا أريد ما يريد الرجل وأن اليهود تحدث أن العزل مؤودة صغرى قال كذبت يهود لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه".
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا تسقط المرأة جنينها قبل نفخ الروح فيه إلا لعذر شرعي
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
سألني أحد الإخوة هذا السؤال : تعمل خادمة هندية عند أختين هنديتين في الهند .. حملت الخادمة فاقترحت البنتان على الخادمة إسقاط الجنين فأسقطت وكان عمره ثلاث شهور. ثم حملت مرة أخرى فأعطتها إحدى هاتين البنتين المال لتسقط فأسقطت وعمر الجنين شهر . فماهي كفارة البنتين والخادمة ؟ أفيدونا وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: إسقاط الجنين قبل نفخ الروح فيه بلا سبب يوجب ذلك كخوف على حياة الأم قرره الثقات من الأطباء أو وجود تشويه، يعد إثما عظيماً وحراماً بيناً فعلى المذكورات التوبة والاستغفار ، والندم على فعل هذا الأمر المنكر، والإكثار من الطاعات والصدقات. وأما إسقاط الجنين(20/178)
بعد نفخ الروح وذلك بتمام مئة وعشرين يوماً فهذا محرم بالإجماع، ويعد قتلاً للنفس التي حرم الله. نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم وأن يتجاوز عنا جميعاً بمنه وكرمه. والعلم عند الله تعالى.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... إسقاط الجنين دون مبرر شرعي لا يجوز
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
هل يجوز إسقاط الجنين حال اكتشاف الحمل بسبب عدم قدرة الأم على رعاية طفل جديد لوجود طفل آخر رضيع لديها؟.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإن إسقاط الجنين بعد مضي مائة وعشرين يوما يعد قتلاً للنفس التي حرم الله إلا بالحق، وقد ثبت في الحديث أن نفخ الروح يتم بعد مائة وعشرين يوماً، ولا يجوز إسقاط حمل مضت عليه هذه المدة -بالإجماع- إلا في حالة واحدة من حالتين : وهي ما إذا ثبت بتقرير طبي موثوق أن حياة الأم في خطر داهم إذا لم يسقط الجنين، أو ثبت أن الجنين قد مات في بطن أمه، وأما اسقاطه قبل هذه المدة فهو محرم أيضا وإن كان لا يرتقي إلى درجة قتل النفس ، ودليل تحريمه ـ والحالة هذه ـ هو أنه إفساد للنسل والله جل وعلا يقول: ( وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد)[البقرة:205] وعلى هذا فلا يجوز هو الآخر إلا بتقرير طبي موثوق يفيد أن حياة الأم في خطر داهم ما لم يسقط . وذهب بعض أهل العلم الى جواز إسقاط النطفة قبل مضي أربعين يوما ، والمختار ما قدمناه. ثم يجب التنبه إلى أنه يزداد الإثم ويعظم الجرم إذا كان الباعث على الإسقاط هو مجرد التخلص من معرة الزنى فإنه إثم في الأول واعتداء في الآخر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
قرار المجمع الفقهي حول تحديد النسل
تاريخ الفتوى : ... 14 شوال 1421 / 10-01-2001
السؤال
ماحكم استعمال مانع الحمل (اللولب)؟ وهل اختلف فيه حكم العلماء ؟ افيدونا اثابكم الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ..... وبعد: فلا يجوز استعمال مانع الحمل كاللولب والحبوب بغرض قطع النسل قطعاً كلياً إلا لضرورة محققة ككون المرأة لا تلد ولادة عادية، أو يلحقها بسبب الحمل كلفة يشق احتمالها . والذي يستباح في مثل هذه الحال هو الأخذ بأسهل الأسباب وأقلها ضرراً ويراعى(20/179)
في ذلك الأثر الصحي ، وكون استعماله لا يقتضي الاطلاع على العورة . فالعزل وتنظيم اللقاء الجنسي أسلمها ، ثم استعمال الحبوب المانعة . ولايصار إلى اللولب مع وجود غيره ، لأن الاطلاع على العورة محرم ، ووجود بديل عنه يجعل المصير إليه محرما حتى مع وجود الحاجة المعتبرة إلى الامتناع عن الحمل ، وأما منع النسل مطلقا بحجة الاكتفاء بعدد معين من الأولاد والتفرغ لتربيتهم أو بسبب كثرتهم أو نحو ذلك من الأسباب فلا يجوز، ولا بأس بتأخير الحمل فترة ثلاث سنوات أو نحوها بين كل حمل وآخر للتفرغ لحضانة الطفل السابق. وقد صدر عن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي وعن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء قرار مفصل في هذه المسألة رأينا من الفائدة ذكره هنا. أولاً: فتوى اللجنة الدائمة: ففي الدورة الثامنة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة في النصف الأول من شهر ربيع الآخر عام 1396هـ بحث المجلس موضوع منع الحمل وتحديد النسل وتنظيمه، بناء على ما تقرر في الدورة السابعة للمجلس المنعقد في النصف الأول من شهر شعبان عام 1395هـ، من إدراج موضوعها في جدول أعمال الدورة الثامنة، وقد اطلع المجلس على البحث المعد في ذلك من قبل اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء، وبعد تداول الرأي والمناقشة بين الأعضاء والاستماع إلى وجهات النظر قرر المجلس ما يلي: (نظراً إلى أن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره، وتعتبر النسل نعمة كبرى ومنَّة عظيمة منَّ الله بها على عباده، فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله مما أوردته اللجنة
الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بحثها المعد للهيئة والمقدم لها. ونظراً إلى أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الرب ـ تعالى ـ لعباده. ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين بصفة عامة، وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة، حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعمار أهلها. وحيث إن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله ـ تعالى ـ وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها لذلك كله فإن المجلس يقرر بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق، لأن الله ـ تعالى ـ هو الرزاق ذو القوة المتين "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها". أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، أو كان تأخيره لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان، فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره عملاً بما جاء في الأحاديث الصحيحة، وما روى عن جمع من الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ من جواز العزل، وتمشياً مع ما صرح به الفقهاء من جواز شرب الدواء لإلقاء النطفة قبل الأربعين، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة، وقد توقف فضيلة الشيخ عبد الله بن غديان في حكم الاستثناء، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. ثانياً: قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في الحكم الشرعي في تحديد النسل: الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه .. فقد نظر(20/180)
مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في موضوع تحديد النسل أو ما يسمى تضليلا ب ( تنظيم النسل ) ، وبعد المناقشة وتبادل الآراء في ذلك قرر المجلس بالإجماع ما يلي : نظراً إلى أن الشريعة الإسلامية
تحض على تكثير نسل المسلمين وانتشاره، وتعتبر النسل نعمة كبرى ومنة عظيمة منَّ الله بها على عباده، وقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله ـ عز وجل ـ وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، ودلت على أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادمً للفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الله تعالى للعباده ، ونظرا إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين لتقليل عددهم بصفة عامة، وللأمة العربية المسلمة والشعوب المستضعفة بصفة خاصة، حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعباد أهلها والتمتع بثروات البلاد الإسلامية، وحيث إن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله ـ تعالى ـ وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها. لذلك كله فإن المجمع الفقهي الإسلامي يقرر بالإجماع أنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق، لأن الله ـ تعالى ـ هو الرزاق ذو القوة المتين، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، أو كان ذلك لأسباب أخرى غير معتبرة شرعاً. أما تعاطي أسباب منع الحمل أو تأخيره في حالات فردية لضرر محقق لكون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الجنين فإنه لا مانع من ذلك شرعاً، وهكذا إذا كان تأخيره لأسباب أخرى شرعية أو صحية يقرها طبيب مسلم ثقة، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرر المحقق على أُمّه إذا كان يخشى على حياتها منه بتقرير من يوثق به من الأطباء المسلمين. أما الدعوة إلى تحديد النسل أو منع الحمل بصفة عامة فلا تجوز شرعاً للأسباب المتقدم ذكرها، وأشد من ذلك في الإثم والمنع إلزام الشعوب بذلك وفرضه عليها في الوقت الذي تنفق فيه الأموال الضخمة على سباق التسلح العالمي للسيطرة والتدمير، بدلاً من إنفاقه في التنمية
الاقتصادية والتعمير وحاجات الشعوب.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا يجوز الإجهاض تحت أي ذريعة مالم يكن هناك تضرر ببقاء الجنين
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
ما حكم الإسلام في من أنزلت حملها بدون علم زوجها مع العلم أنها كانت مدة حملها 10 أيام تأخير عن موعد الدورة الشهرية وهي الآن تائبة إن شاء الله و ما عليها أن تفعل من كفارة ؟ و لكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: الفعل الذي ارتكبته هذه المرأة محرم خاصة إذا تبين الحمل فنسأل الله لها الهداية والمغفرة. والواجب في حقك(20/181)
التوبة إلى الله والاستغفار وعدم العودة إلى مثل هذا الفعل وأذكرك بحال كثير من أخواتك اللاتي لم يرزقهن الله ولداً كيف تتمنى الواحدة منهن سماع مثل هذا الخبر المفرح ألا وهو الحمل. واحمدي الله الذي لم يبتليك بعقم أو غيره. فتصدقي للفقراء والمساكين واستغفري الله عفا الله عنك. والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تنظيم النسل
تاريخ الفتوى : ... 24 ذو القعدة 1421 / 18-02-2001
السؤال
ما حكم تنظيم النسل في الإسلام مع ذكر الأدلة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصبحه أما بعد:
فإذا كان تنظيم النسل لمصلحة شرعية اقتضته ، كإرهاق الأم بسبب الولادات المتتابعة بأن أخبرها الأطباء أن في تتابع الولادة خطرا على حياتها أو إضعافًا لبنيتها فالصحيح إن شاء الله أنه لا مانع من تنظيم النسل ، فقد ثبت بالحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه الله عنهما أنه قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل . لكن الجواز مشروط بألا يكون هناك قطع كامل للنسل . والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إجراء عملية رتق غشاء البكارة
سؤال:
امرأة فقدت لسبب ما غشاء البكارة فهل يجوز لها رتق الغشاء بواسطة عملية جراحية ؟
الجواب:
الحمد لله
هذه المسألة تعتبر من المسائل النازلة في هذا العصر . ولهذا من المناسب ذكر كلا قولي العلماء في هذه المسألة وترجيح إحداهما :
القول الأول :
لا يجوز رتق البكارة مطلقاً
القول الثاني : التفصيل :
1- إذا كان سبب التمزق حادثة أو فعلاً لا يعتبر في الشرع معصية ، وليس وطئاً في عقد نكاح يُنظر :
فإن غلب على الظن أن الفتاة ستلاقي عنتا وظلما بسبب الأعراف ، والتقاليد كان إجراؤه واجباً .
وإن لم يغلب ذلك على ظن الطبيب كان إجراؤه مندوباً .(20/182)
2- إذا كان سبب التمزق وطئاً في عقد نكاح كما في المطلقة ، أو كان بسبب زنى اشتهر بين الناس فإنه يحرم إجراؤه .
3- إذا كان سبب التمزق زنى لم يشتهر بين الناس كان الطبيب مخيراً بين إجرائه وعدم إجرائه ، وإجراؤه أولى .
تحديد محل الخلاف :
ينحصر محل الخلاف بين القولين في الحالة الأولى ، والثالثة ، أما في الحالة الثانية فإنهما متفقان على تحريم الرتق .
الأدلة :
(1) دليل القول الأول : ( لا يجوز مطلقاً )
أولاً : أن رتق غشاء البكارة قد يؤدي إلى اختلاط الأنساب ، فقد تحمل المرأة من الجماع السابق ، ثم تتزوج بعد رتق غشاء بكارتها ، وهذا يؤدي إلى إلحاق ذلك الحمل بالزوج واختلاط الحلال بالحرام .
ثانياً : أن رتق غشاء البكارة فيه اطّلاع على العورة المغلّظة .
ثالثاً : أن رتق غشاء البكارة يُسهّل للفتيات ارتكاب جريمة الزنى لعلمهن بإمكان رتق غشاء البكارة بعد الجماع .
رابعاً : أنه إذا اجتمعت المصالح والمفاسد فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلنا ذلك ، وإن تعذر الدرء والتحصيل ، فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة ولا نبالي بفوات المصلحة كما قرر ذلك فقهاء الإسلام .
وتطبيقاً لهذه القاعدة فإننا إذا نظرنا إلى رتق غشاء البكارة وما يترتب عليه من مفاسد حكمنا بعدم جواز الرتق لعظيم المفاسد المترتبة عليه .
خامساً : أن من القواعد الشريعة الإسلامية أن الضرر لا يزال بالضرر ، ومن فروع هذه القاعدة : ( لا يجوز للإنسان أن يدفع الغرق عن أرضه بإغراق أرض غيره ) ومثل ذلك لا يجوز للفتاة وأمها أن يزيلا الضرر عنهما برتق الغشاء ويلحقانه بالزوج .
سادساً : أن مبدأ رتق غشاء البكارة مبدأ غير شرعي لأنه نوع من الغش ، والغش محرم شرعاً .
سابعاً : أن رتق غشاء البكارة يفتح أبواب الكذب للفتيات وأهليهم لإخفاء حقيقة السبب ، والكذب محرم شرعاً .
ثامناً : أن رتق غشاء البكارة يفتح الباب للأطباء أن يلجأوا إلى إجراء عمليات الإجهاض ، وإسقاط الأجنّة بحجة السّتر .
دليل القول الثاني :
أولاً : أن النصوص الشرعية دالة على مشروعية الستر وندبه ، ورتق غشاء البكارة معين على تحقيق ذلك في الأحوال التي حكمنا بجواز فعله فيها .
ثانياً : أن المرأة البريئة من الفاحشة إذا أجزنا لها فعل جراحة الرتق قفلنا باب سوء الظن فيها ، فيكون في ذلك دفع للظلم عنها ، وتحقيقاً لما شهدت النصوص الشرعية باعتباره وقصده من حسن الظن بالمؤمنين والمؤمنات .(20/183)
ثالثاً : أن رتق غشاء البكارة يوجب دفع الضرر عن أهل المرأة ، فلو تركت المرأة من غير رتق واطلع الزوج على ذلك لأضرها ، واضر بأهلها ، وإذا شاع الأمر بين الناس فإن تلك الأسرة قد يمتنع من الزواج منهم ، فلذلك يشرع لهم دفع الضرر لأنهم بريئون من سببه .
رابعا : أن قيام الطبيب المسلم بإخفاء تلك القرينة الوهمية في دلالتها على الفاحشة له أثر تربوي عام في المجتمع ، وخاصة فيما يتعلق بنفسية الفتاة .
خامسا : أن مفسدة الغش في رتق غشاء البكارة ليست موجودة في الأحوال التي حكمنا بجواز الرتق فيها .
الترجيح :
الذي يترجح والعلم عند الله هو القول بعدم جواز رتق غشاء البكارة مطلقاً لما يأتي :
أولاً : لصحة ما ذكره أصحاب هذا القول في استدلالهم .
ثانياً : وأما استدلال أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي :
الجواب عن الوجه الأول :
أن الستر المطلوب هو الذي شهدت نصوص الشرع باعتبار وسيلته ، ورتق غشاء البكارة لم يتحقق فيه ذلك ، بل الأصل حرمته لمكان كشف العورة ، وفتح باب الفساد .
الجواب عن الوجه الثاني :
أن قفل باب سوء الظن يمكن تحقيقه عن طريق الإخبار قبل الزواج ، فإن رضي الزوج بالمرأة وإلا عوضها الله غيره .
الجواب عن الوجه الثالث :
أن المفسدة المذكورة لا تزول بالكلية بعملية الرتق لاحتمال اطلاعه على ذلك ، ولو عن طريق إخبار الغير له ، ثم إن هذه المفسدة تقع في حال تزويج المرأة بدون إخبار زوجها بزوال بكارتها ، والمنبغي إخباره ، واطلاعه ، فإن أقدم زالت تلك المفاسد وكذلك الحال لو أحجم .
الجواب عن الوجه الرابع :
أن هذا الإخفاء كما أن له هذه المصلحة كذلك تترتب عليه المفاسد ، ومنها تسهيل السبيل لفعل فاحشة الزنا ، ودرء المفسدة أولى من جلب المصلحة .
الجواب عن الوجه الخامس :
أننا لا نسلم انتفاء الغش لأن هذه البكارة مستحدثة ، وليست هي البكارة الأصلية ، فلو سلمنا أن غش الزوج منتف في حال زوالها بالقفز ونحوه مما يوجب زوال البكارة طبيعة ، فإننا لا نسلم أن غشه منتف في حال زوالها بالاعتداء عليها .
ثانياً : أن سد الذريعة الذي اعتبره أصحاب القول الأول أمر مهم جداً خاصة فيما يعود إلى انتهاك حرمة الفروج ، والإبضاع والمفسدة لا شك مترتبة على القول بجواز رتق غشاء البكارة .
ثالثاً : أن الأصل يقتضي حرمة كشف العورة ولمسها والنظر إليها والأعذار التي ذكرها أصحاب القول الثاني ليست بقوية إلى درجة يمكن الحكم فيها باستثناء عملية الرتق من ذلك الأصل ، فوجب البقاء عليه والحكم بحرمة فعل جراحة الرتق .(20/184)
خامساً : أن مفسدة التهمة يمكن إزالتها عن طريق شهادة طبية بعد الحادثة تثبت براءة المرأة وهذا السبيل هو أمثل السبل ، وعن طريقه تزول الحاجة إلى فعل جراحة الرتق .
ولهذا كله فإنه لا يجوز للطبيب ولا للمرأة فعل هذا النوع من الجراحة ، والله تعالى أعلم .
أنظر كتاب أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها /د.محمد بن محمد المختار الشنقيطي ص 403
وقد أفتى بعض أهل العلم المعاصرين بجواز إجراء عملية الرّتق للمغتصبة والتائبة وأمّا غير التائبة فلا لأنّ في ذلك إعانة لها على الاستمرار في جريمتها ، وكذلك التي سبق وطؤها لا يجوز إجراء العملية لها لما في ذلك من الإعانة على الغشّ والتدليس حيث يظنّها من دخل بها بعد العملية بكرا وليست كذلك ، والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
استخدام الأجنة مصدراً لزراعة الأعضاء
سؤال:
السؤال : يوجد في بعض الحقول الطبيّة توجّه للاستفادة من الأجنّة المُجهضة في عمليات زراعة الأعضاء فما حكم ذلك ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
يوجد في العالم اليوم تجارة تُعرف بتجارة الأجنّة يتورط فيها بعض الأطبّاء بتعمّد إسقاط بعض الأجنّة لاستثمار بيع أعضاء الجنين أو خلاياه التي تستخلص في حقن يستفيد منها بعض أغنياء المسنّين وغيرهم ، وهذه من الجرائم العظيمة وفيها إزهاق الأرواح البريئة والاعتداء المتعمّد بالقتل لأجل المال وهذا من الظلم العظيم وحكمه واضح وبيّن ، وأمّا عن مسألة حكم استخدام الأجنة مصدرا لزراعة الأعضاء ، فقد تولى بحثها مجمع الفقه الإسلامي وأصدر فيها الفتوى التالية :
أولاً : لا يجوز استخدام الأجنة مصدراً للأعضاء المطلوب زرعها في إنسان آخر إلا في حالات بضوابط لابد من توافرها :
أ - لا يجوز إحداث إجهاض من أجل استخدام الجنين لزرع أعضائه في إنسان آخر ، بل يقتصر الإجهاض على الإجهاض الطبيعي غير المتعمد والإجهاض للعذر الشرعي ، ولا يلجأ لإجراء العملية الجراحية لاستخراج الجنين إلا إذا تعينت لإنقاذ حياة الأم .
ب - إذا كان الجنين قابلاً لاستمرار الحياة فيجب أن يتجه العلاج الطبي إلى استبقاء حياته والمحافظة عليها ، لا إلى استثماره لزراعة الأعضاء ، وإذا كان غير قابل لاستمرار الحياة فلا يجوز الاستفادة منه إلا بعد موته بالشروط الشرعية .(20/185)
ثانياً : لا يجوز أن تخضع عمليات زرع الأعضاء للأغراض التجارية على الإطلاق .
ثالثاً : لا بد أن يسند الإشراف على عمليات زراعة الأعضاء إلى هيئة مخصصة موثوقة . والله أعلم .
قرارات مجمع الفقه الإسلامي ص
ـــــــــــــــــــ
زنا ويؤنبه ضميره ويريد التخلص من الجنين
سؤال:
أنا مسلم أعزب ، لكني أعيش في أمريكا . لقد وقعت في الزنا عدة مرات مع نفس المرأة . والآن ، فإنها حامل . وأريد أن أعرف إن كان علي أن أتزوج بها كي أحل المشكلة (أعني أغطي الفضيحة) وحتى يجد المولود أبا يعطيه اسمه . الواقع أني أفضل أن تتخلص المرأة من الحمل ، للأسف ، وأتمنى أن أقنعها بذلك ، لكني لا أعرف إن كان ذلك يعتبر قتلا للنفس . وإذا كان كذلك ، فسأشعر بالذنب من جرائه . أنا أظن أن الجنين في أسبوعه السادس إلى الثامن تقريبا . أرجوك ، فأنا أحتاج إلى مساعدتك في هذا الخصوص في أسرع وقت ممكن .
الجواب:
الحمد لله
أولاً : أخي المسلم ، أحسن الله عزاءك في إيمانك الذي فقدته حال ارتكابك للزنا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ولا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) رواه البخاري رقم (2475) .
ألم يمر بك قول ربك سبحانه وتعالى في كتابه : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) الإسراء/32 .
ألم تعلم بأن الله يراك حيث كنت .. ويسمعك إن تكلمت ..
ألا تتذكر نعم الله العظيمة عليك فهو الذي يشفيك إن مرضت .. ويُطعمك إن جعت .. ويسقيك إن ظَمِئْت ووفقك لأعظم نعمة أنعم بها على الناس ، نعمة الإسلام . فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟
أخي .. تأمل في نفسك .. تعيش في مُلْكِ مَنْ ؟.. تأكل مِنْ رزق مَنْ ؟ .. تعيش بأمر مَنْ ؟
أليس مُلك الله ؟ أليس رزق الله ؟ أليس أمر الله ؟ .. فكيف تعصي الله ؟
لعلك غفلت عن الحديث العظيم والذي فيه : ( ... فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ قَالَ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ قَالَ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلاءِ قَالَ قَالا لِي انْطَلِقْ انْطَلِقْ ... قَالَ قُلْتُ لَهُمَا فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ قَالَ قَالا لِي أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ ... َأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ(20/186)
الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي ) رواه البخاري في باب إثم الزناة رقم (7047) .
فعليك يا أخي أن تبادر بالتوبة النصوح قبل أن يَحِلَّ بك الموت ، فإن باب التوبة مفتوح إلى طلوع الشمس من مغربها أو بلوغ الروح الحلقوم .وإن الله ليفرح بتوبة عبده ، ويبدل سيئاته إلى حسنات قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً ، إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ، وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً ) سورة الفرقان/68-71 .
ثانياً : أما قولك " هل يجب علي أن أتزوجها "
فهذه مسألة : ( زواج الزاني بالمزني بها ) والجواب : أنه لا يجوز زواجه منها ولا زواجها منه حتى يرتفع وصف الزنا عن كل منهما ولا يرتفع إلا بالتوبة .
فلا يجوز لك نكاحها ولو كانت يهودية أو نصرانية لأنها زانية ، وإن كانت مسلمة فلا يجوز لك نكاحها أيضاً لأنها زانية ، ولا يجوز لها أن تقبلك زوجاً ؛ لأنك زانٍ ؛ وقد قال الله تعالى : ( الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) سورة النور/3 .
فقوله تعالى (وَحُرِّمَ ذلك على المؤمنين) دليل على حرمة هذا النكاح .
" والواجب على كل منكما أن يتوب إلى الله فيقلع عن هذه الجريمة ويندم على ما حصل من فعل الفاحشة ، ويعزم على ألا يعود إليها ، ويكثر من الأعمال الصالحة ، عسى الله أن يتوب عليه ويبدل سيئاته حسنات ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً ، إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ، وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً ) سورة الفرقان/68-71 .
وإذا أردت أن تتزوجها وجب عليك أن تستبرئها بحيضة قبل أن تعقد عليها النكاح وإن تبين حملها لم يجز لك العقد عليها إلا بعد أن تضع حملها عملاً بحديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يسقي الإنسان ماءه زرع غيره ." ا.هـ. فتاوى اللجنة الدائمة في مجلة البحوث الإسلامية (ج/9 ، ص/72) .
ثالثاً : قولك "حتى يجد الولد أباً يعطيه اسمه " هذه مسألة نسب ولد الزنى بمن يُلحق ؟
والجواب :
ذهب جمهور العلماء إلى أن ولد الزنا لا يلحق الزاني؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) متفق عليه (البخاري 2053 - مسلم 1457) المغني لابن قدامة (ج/7 ، ص/129) .
رابعاً : قولك "أُفضل أن تتخلص المرأة من الحمل" هذه مسألة الإجهاض وحكمه كما قرر مجلس هيئة كبار العلماء رقم/140 ، وتاريخ 20/6/1407هـ ما يلي :(20/187)
1- لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جداً .
2- إذا كان الحمل في الطور الأول وهي مدة الأربعين يوماً وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر جاز إسقاطه ، أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقة في تربية الأولاد أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم أو من أجل مستقبلهم أو اكتفاءً بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز .
3- لا يجوز إسقاط الحمل إذا كان علقة أو مضغة حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن استمراره خطر على سلامة أُمه بأن يُخشى عليها الهلاك من استمراره جاز إسقاطه بعد استنفاذ كافة الوسائل لتلافي تلك الأخطار .
بعد الطور الثالث وبعد إكمال الأربعة أشهر لا يحل لك إسقاطه حتى يقرر جمع من الأطباء المتخصصين الموثوقين من أن بقاء الجنين في بطن أمه يسبب موتها ، وذلك بعد استنفاذ كافة الوسائل لإبقاء حياته ، وإنما رخص في الإقدام على إسقاطه بهذه الشروط دفعاً لأعظم الضررين وجلباً لعظمى المصلحتين ." ا.هـ. نقلاً من الفتاوى الجامعة (ج/3 ، ص/1055) .
نسأل الله السلامة والعافية وأن يتوب علينا ، وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض الناتج عن علاقة زنا
سؤال:
هل يجوز للمرأة إذا وقعت في الفاحشة أن تسقط الجنين ؟.
الجواب:
الحمد لله
لقد تركزت جهود الفقهاء واجتهاداتهم حول الإجهاض بصفة عامة وحكمه وما يترتب عليه ولم يهتموا بالدخول في تفاصيل ما إذا كان الحمل ناشئاً من سفاح ، ذلك ربما يكون لأنهم اعتبروه مشاركاً أو تابعاً لحكم الإجهاض الناشئ من نكاح صحيح ، فإذا كان إجهاض الحمل الناشئ من نكاح صحيح محرماً في الحالة العادية ، فإنه من باب أولى يكون أشد تحريماً في حالة نشوء الحمل من سفاح ، لأن في إباحة الإجهاض من سفاح تشجيعاً للرذيلة ولنشر الفاحشة ، ومن قواعد الإسلام أنه يحرم الفاحشة وكل الطرق التي تؤدي إليها ، كحرمة التبرج والاختلاط .
بالإضافة إلى أنه لا يضحى بجنين برئ لا ذنب له من أجل ذنب اقترفه غيره ، وقد قال الله تعالى : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) الإسراء/15 .
ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد رد الغامدية وهي حامل من زنى حتى تلد ثم بعد الولادة حتى ترضعه وتفطمه ، وقد عادت بالصبي ومعه كسرة خبز ، فدفع النبي صلى الله عليه وسلم الصبي إلى رجل من المسلمين ، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها ، وأمر الناس فرجموها ، وقد قال الإمام النووي في هذا الحديث : ( لا ترجم الحبلى حتى تضع سواء كان حملها من زنى أو غيره ، وهذا مجمع عليه(20/188)
لئلا يقتل جنينها ، وكذا لو كان حدها الجلد وهي حامل لم تجلد بالإجماع حتى تضع ) صحيح مسلم بشرح النووي 11/202 .
فهذه الواقعة تبين لنا مدى اهتمام الشريعة بذلك الجنين ولو كان من زنى ، حيث أخر النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الحد على أمه حفاظاً على حياته .
فهل يتصور أن يبيح الشارع قتل الأجنة بالإجهاض في سبيل تحقيق رغبات أهل الأهواء والشهوات ؟.
بالإضافة إلى أن الذين قالوا بإباحة الإجهاض في حالة الحمل الصحيح خلال الأربعين يوماً الأولى من الحمل قد أخذوا برخصة مشروعة أفضى إليه اجتهادهم ، مثل الفطر في رمضان لأصحاب الأعذار ، وقصر الصلاة الرباعية في السفر ، إلا أنه من المقرر شرعاً أن الرخص لا تناط بالمعاصي .
يقول الإمام القرافي : " فأما المعاصي فلا تكون أسباباً للرخص ، ولذلك العاصي بسفره لا يقصر ولا يفطر ، لأن سبب هذين السفر ، وهو في هذه الصورة معصية ، فلا يناسب الرخصة ، لأن ترتيب الترخيص على المعصية سعى في تكثير تلك المعصية بالتوسعة على المكلف بسببها " الفروق 2/33 .
وهكذا فإن قواعد الشريعة الإسلامية لا ترخص للحامل من زنى بما تجعله رخصة للحامل من نكاح صحيح حتى لا تعان على معصيتها ، ولا تيسر لها سبل الخلاص من فعلتها الشنيعة هذه .
بالإضافة إلى أن الجنين في هذه الحالة يكون فاقداً لولاية الوالدين ، لأن الأب في الشرع لا يطلق إلا على من استولد امرأة من نكاح صحيح ، وذلك جزء من معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ) رواه البخاري ومسلم ، ويكون ولي الجنين في هذه الحالة هو السلطان - ولي الأمر - فهو ولي من لا ولي له ، وتصرف السلطان منوط بالمصلحة ، ولا مصلحة في إزهاق روح الجنين في سبيل المحافظة على مصلحة الأم ، لما في ذلك من تشجيع لها ولغيرها على ممارسة هذه الفعلة الشنيعة .
ويمكن اللجوء إلى إسقاط الجنين للزانية التي وقعت في هذه الفعلة الشنيعة ، وأرادت التوبة الصادقة ، مع الخوف الشديد وهي قاعدة كبرى من قواعد الشريعة الغراء ، شريطة أن يتم ذلك في الأيام الأولى من الحمل ما استطاعت إلى ذلك ، وأن تعطى الفتوى لكل حالة على حدة لا أن تكون الفتوى عامة حتى لا تستغل هذه الرخصة في جوانب متسعة مما يؤدي إلى إشاعة الرذيلة في المجتمع المسلم . والله أعلم .
من كتاب أحكام الجنين في الفقه الإسلامي لعمر بن محمد بن إبراهيم غانم .
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض بعد نفخ الروح
سؤال:
ما حكم الإجهاض في الشهر الخامس من الحمل ؟.
الجواب:
الحمد لله(20/189)
أجمع فقهاء المذاهب الإسلامية من السنة ، على حرمة قتل الجنين بعد نفخ الروح - أي بعد مرور مائة وعشرين يوماً منذ التلقيح - ولا يجوز قتله بأي حال من الأحوال إلا إذا كان استمرار الحمل يؤدي إلى وفاة الأم .
والخلاف بين الفقهاء في حكم الإجهاض في الفترة السابقة لنفخ الروح ، أما بعد نفخ الروح فكل الفقهاء مجمعون على أن الجنين قد أصبح إنساناً ونفساً لها احترامها وكرامتها ، وقد قال الله تعالى : ( ولقد كرمنا بني آدم ... ) الإسراء/70 ، وقال سبحانه : ( من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ... ) المائدة/32 .
وقد نقل الإجماع على حرمة الإجهاض بعد نفخ الروح الفقيه المالكي ابن جزي في قوانينه الفقهية حيث قال : " وإذا قبض الرحم المني لم يجز التعرض له ، وأشد من ذلك إذا تخلق ، وأشد من ذلك إذا نفخ فيه الروح فإنه قتل نفس إجماعاً " القوانين الفقهية/141 .
وكذلك ما جاء في نهاية المحتاج : " ... ويقوى التحريم فيما قرب من زمن النفخ لأنه جريمة ، ثم إن تشكل في صورة آدمي وأدركته القوابل وجبت الغرة " نهاية المحتاج/8/442 .
ونص صاحب البحر الرائق على أن الجنين الذي ظهر بعض خلقه بأنه يعتبر ولد ، وصاحب البناية يقول : ( لا يجوز التعرض للجنين إذا استبان بعض خلقه ، فإذا تميز عن العلقة والدم أصبح نفساً ، ولا شك بأن حرمة النفس مصونة بالإجماع ، وبنص القرآن الكريم .
وهكذا يتبين لنا أن الإجهاض بعد نفخ الروح ، هو جريمة لا يجوز الإقدام عليها إلا في حالة الضرورة القصوى المتيقنة لا المتوهمة ، وإذا ثبتت هذه الضرورة ، وهي ما إذا كان بقاء الجنين خطراً على حياة الأم ، علماً أنه مع تقدم الوسائل الطبية الحديثة ، والإمكانيات العلمية المادية المتوفرة الآن ، أصبح الإجهاض لإنقاذ حياة الأم أمراً نادر الحدوث جداً .
كتاب أحكام الجنين في الفقه الإسلامي لعمر بن محمد بن إبراهيم عامر .
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض للحمل الناتج عن اغتصاب
سؤال:
ماذا تفعل هؤلاء النساء المسلمات اللاتي تم الاعتداء عليهن وحملن بسبب الاغتصاب هل يجوز لهن إسقاط الجنين أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
نظراً لما يمر به المسلمون من ضعف وهوان ، فقد أصبحوا نهباً لكل طامع ، احتلت أرضهم ، واستبيحت أعراضهم ، وتداعت عليهم الأمم من كل جانب ، وقد أصبح الكثير من الفتيات المسلمات الحرائر هدفاً في كثير من الأحيان للذئاب البشرية المفترسة ، التي لا تخاف الله ، ولا تخشى قوة رادعة ، كما هو الحال في بلدان كثيرة في العالم الإسلامي ، وكما حدث في البوسنة والهرسك ، أو في الفلبين ، أو(20/190)
في بلاد الشيشان ، أو في أريتريا ، أو في سجون بعض الأنظمة الهزيلة في العالم العربي .
وفيما يلي نقاط مهمة في أحوال المرأة المغتصبة :
1- أن المرأة المغتصبة التي بذلت جهدها في المقاومة لهؤلاء العلوج وأمثالهم ، لا ذنب لها لأنها مكرهة ، والمكره مرفوع ذنبه في الكفر الذي هو أشد من الزنى ، كما قال الله تعالى : ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ... ) النحل/106 .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) رواه ابن ماجه في (الطلاق/2033) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه/1664 .
بل إن المرأة المغتصبة ، التي وقعت فريسة ، مأجورة في صبرها على هذا البلاء ، إذا هي احتسبت ما نالها من الأذى عند الله عز وجل ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ، ولا هم ولا غم ، حتى الشوكة يشاكها ، إلا كفر الله بها من خطاياه ) رواه البخاري ومسلم .
2- إن واجب الشباب المسلم أن يهبوا للزواج من مثل هؤلاء الفتيات المعذبات ، للتخفيف عنهن ومواساتهن ، وتعويضهن عن فقدهن لأعز ما يملكن وهو عذريتهن .
3- أما إجهاضهن : الأصل في الإجهاض الحرمة والمنع ، منذ عملية التلقيح حيث ينشأ الكائن الجديد ، ويستقر في القرار المكين وهو الرحم ، ولو كان هذا الكائن نتيجة اتصال محرم كالزنى ، وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الغامدية التي أقرت بالزنى واستوجبت الرجم أن تذهب بجنينها حتى تلد ، ثم بعد الولادة حتى الفطام .
4- هناك من الفقهاء من يجيز الإجهاض إذا كان قبل الأربعين الأولى من الحمل ، وبعضهم يجيزه حتى قبل نفخ الروح ، وكلما كان العذر أقوى كانت الرخصة أظهر ، وكلما كان ذلك قبل الأربعين الأولى كان أقرب إلى الرخصة .
5- لا ريب أن اغتصاب الحرة المسلمة من عدو فاجر معتد أثيم ، عذر قوي لدى المسلمة ، ولدى أهلها ، وهي تكره هذا الجنين - ثمرة الاعتداء المغشوم - وتريد التخلص منه ، فهذه رخصة يفتى بها للضرورة ، وخاصة في الأيام الأولى من الحمل .
6- على أنه لا حرج على المسلمة التي ابتليت بهذه المصيبة في نفسها ، أن تحتفظ بهذا الجنين دون أن تجبر على إسقاطه ، وإذا قدر له أن يبقى في بطنها المدة المعتادة للحمل ، ووضعته فهو طفل مسلم ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة ) رواه البخاري .
والفطرة هي دين التوحيد وهي الإسلام ، ومن المقرر فقهاً أن الولد إذا اختلف دين أبويه يتبع خير الأبوين ديناً ، وهذا فيمن له أب يعرف ، فكيف بمن لا أب له ؟ إنه طفل مسلم بلا ريب ، وعلى المجتمع المسلم أن يتولى رعايته ، والإنفاق عليه ، وحسن تربيته ، ولا يدع العبء على الأم المسكينة المبتلاة .
ولما كان من قواعد الإسلام رفع الحرج والمشقة والعنت ، ومما لا شك فيه أن الفتاة المسلمة الحريصة على عفتها إذا تعرضت لعدوان وحشي ، وخافت نتيجة لذلك على(20/191)
سمعتها ، أو شرفها أن تبقى منبوذة أو أن تتعرض للأذى كالقتل مثلاً ، أو أن تتعرض لمرض نفسي أو عصبي ، أو أن يصيبها في عقلها شيء ، أو أن يبقى العار يلاحق أسرتها ، في أمر لا ذنب لها فيه ، أو أن هذا المولود لا يجد مكاناً آمناً يلوذ به ، أقول : إن كان الأمر كذلك ، فلا حرج عليها أن تسقط هذا الجنين قبل ولوج الروح فيه ، وخاصة أنه أصبح من السهل أن تكتشف المرأة إذا كانت حاملاً أو لا ، مع تقدم الوسائل الطبية التي تكتشف الحمل منذ الأسبوع الأول ، وكلما كان أمر الإسقاط مبكراً كان مجال الأخذ بالرخصة أوسع ، والعمل بها أيسر ، والله أعلم .
من كتاب أحكام الجنين في الفقه الإسلامي لعمر بن محمد بن إبراهيم غانم .
ـــــــــــــــــــ
إسقاط الجنين المشوه خلقياً
سؤال:
هل يجوز إسقاط الجنين بعدما تبين بالفحوصات الطبية أنه مشوّه خلقياً ؟.
الجواب:
الحمد لله
هناك أسباب عديدة لتشوه الأجنة ، وأن كثيراً من هذه الأسباب يمكن تلافيه ، والتوقي منه ، أو التخفيف من آثاره ، وقد حث الإسلام والطب على منع أسباب المرض ، والتوقي منه ما أمكن ذلك ، وتعاليم الإسلام تحث على حفظ الصحة ، وعلى حماية الجنين ووقايته من كثير من الأمراض التي سببها البعد عن تعاليم الإسلام ، والوقوع في المعاصي كالزنى ، وشرب الخمر ، والتدخين ، وتعاطي المخدرات ، وكذلك جاء الطب الحديث ليحذر الأمهات من الخطر المحدق من تعاطي بعض العقاقير ، أو التعرض للأشعة السينية ، أو أشعة جاما وخاصة في الأيام الأولى من الحمل .
فإذا ثبت تشوه الجنين بصورة دقيقة قاطعة لا تقبل الشك ، من خلال لجنة طبية موثوقة ، وكان هذا التشوه غير قابل للعلاج ضمن الإمكانيات البشرية المتاحة لأهل الاختصاص ، فالراجح عندي هو إباحة إسقاطه ، نظراً لما قد يلحقه من مشاق وصعوبات في حياته ، وما يسببه لذويه من حرج ، وللمجتمع من أعباء ومسؤوليات وتكاليف في رعايته والاعتناء به ، ولعل هذه الاعتبارات وغيرها هي ما حدت بمجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الثانية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من 15 رجب الفرد سنة 1410هـ وفق 10/2/1990م ، أن يصدر قراره : " بإباحة إسقاط الجنين المشوه بالصورة المذكورة أعلاه ، وبعد موافقة الوالدين في الفترة الواقعة قبل مرور مائة وعشرين يوماً من بدء الحمل " .
وقد وافق قرار المجلس المذكور أعلاه فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية رقم 2484 في 16/7/1399هـ .
أما إذا كان الجنين المشوه قد نفخت فيه الروح وبلغ مائة وعشرين يوماً ، فإنه لا يجوز إسقاطه مهما كان التشوه ، إلا إذا كان في بقاء الحمل خطر على حياة الأم ،(20/192)
وذلك لأن الجنين بعد نفخ الروح أصبح نفساً ، يجب صيانتها والمحافظة عليها ، سواء كانت سليمة من الآفات والأمراض ، أو كانت مصابة بشيء من ذلك ، وسواء رُجي شفاؤها مما بها ، أم لم يرج ، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى له في كل ما خلق حكم لا يعلمها كثير من الناس ، وهو أعلم بما يصلح خلقه ، مصداق قوله تعالى : ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) الملك/14 .
وفي ولادة هؤلاء المشوهين عظة للمعافين ، وفيه معرفة لقدرة الله عز وجل حيث يرى خلقه مظاهر قدرته ، وعجائب صنعه سبحانه ، كما أن قتلهم وإجهاضهم نظرة مادية صرفة لم تعر الأمور الدينية والمعنوية أية نظرة ، ولعل في وجود هذا التشويه ما يجعل الإنسان أكثر ذلة ومسكنة لربه ، وصبره عليها احتساباً منه للأجر الكبير .
والتشوهات الخلقية قدر أراده الله لبعض عباده ، فمن صبر فقد ظفر ، وهي أمور تحدث وحدثت على مر التاريخ ، ومن المؤسف أن الدراسات تدل على أن نسبة الإصابة بالتشوهات الخلقية في ازدياد ، وذلك نتيجة تلوث البيئة ، وكثرة الإشعاعات الضارة التي أخذت تنتشر في الأجواء ، والتي لم تكن معروفة من قبل .
ومن رحمة الله بالناس أن جعل مصير العديد من الأجنة المشوهة إلى الإجهاض والموت قبل الولادة .
وعلى المرأة المسلمة ، وعلى الأسرة المسلمة ، أن تصبر على ما أصابها ، وأن تحتسب ذلك عند الله ، والله أعلم .
من كتاب أحكام الجنين في الفقه الإسلامي لعمر بن محمد بن إبراهيم غانم .
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض
دراسة مختصرة مقدمة لليوم العلمي حول الإجهاض وتنظيم النسل وطفل الأنابيب في الشريعة والطب
المنعقد في جامعة النجاح الوطنية في 15/11/1999
أعدها
الدكتور حسام الدين عفانه
الأستاذ المشارك في الفقه والأصول
كلية الدعوة وأصول الدين
جامعة القدس
*
مقدمة
*
إجهاض الجنين المشوه
*
مصادر الدراسة
بسم الله الرحمن الرحيم(20/193)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى له وصحبه وسلم .
وبعد ...
ففي بداية كلمتي هذه أتقدم بجزيل الشكر والتقدير لدار الفتوى والبحوث الإسلامية في نابلس وكذلك أشكر مركز رزان التخصصي لعلاج العقم وأطفال الأنابيب لتنظيم هذا اليوم العلمي حول الإجهاض وأطفال الأنابيب في الشريعة والطب ، كما وأشكرهم على دعوتي للمشاركة في هذه الدراسة العلمية الطبية الشرعية . ولا شك أن أمثال هذه الدراسات لها أهمية كبيرة في ربط حياة الناس في مختلف شؤون حياتهم بهذا الإسلام العظيم كما أن فيه بياناً لموقف الإسلام من العلم والطب الحديث وإتاحة الفرصة ليقول أهل العلم الشرعي كلمتهم في القضايا المستجدة بناء على الأصول الشرعية المعتمدة .
أيها الأخوة الكرام
موضوع الإجهاض موضوع واسع يحتاج إلى دراسات متعمقة وأوقات كثيرة ، وإن حديثنا اليوم هو عن الإجهاض القسري وبالذات عن إجهاض الجنين المشوه ولكن قبل ذلك لا بد من الحديث بشكل موجز عن بعض القضايا المهمة والتي تمهد للموضوع .
أولاً : الإجهاض في وقتنا الحاضر مشكلة منتشرة بشكل رهيب في العالم أجمع وحتى في مجتمعنا الفلسطيني ولكن بسبب عدم وجود إحصائيات ومعلومات دقيقة فإنها غير ظاهرة للعيان لأن كثيراً من حالات الإجهاض تتم بشكل سري .
والإحصائيات التي نشرت في العالم الغربي مخيفة فعلى سبيل المثال :
1. تقدر حالات الإجهاض بأكثر من خمسين مليون حالة في العالم ، وقد نتج عنها أكثر من مئتي ألف حالة لوفاة الأمهات .
2. في الولايات المتحدة الأمريكية تجري حالة إجهاض واحدة مقابل كل ثلاث ولادات طبيعية ، وبلغ عدد حالات الإجهاض في الولايات المتحدة مليون وستمئة ألف حالة سنة 1973 .
3. 89% من حالات الإجهاض كانت بسبب حمل غير شرعي .
4. في البرتغال وإسبانيا مليون حالة إجهاض كل سنة .
5. في مدينة مانيلا عاصمة الفلبين مئة ألف حالة إجهاض سنوياً .
6. وفي العالم العربي والإسلامي الإجهاض موجود ومنتشر ولكن لم أطلع على أية إحصائيات .
ثانياً : الإجهاض من العوامل المساعدة على انتشار الزنا بشكل كبير على الرغم من انتشار وسائل منع الحمل المختلفة تتم هذه الأعداد الكبيرة من عمليات الإجهاض .
ففي الولايات المتحدة ثلث طالبات المدارس الثانوية يحملن من زنا ويوجد عيادات لمنع الحمل في المدارس ويتم تدريس وسائل منع الحمل للفتيات ومع ذلك فالإجهاض في ارتفاع مستمر .(20/194)
ثالثاً : من الأمور البدهية أن الإسلام اعتبر النفس البشرية معصومة وحافظ عليها بل حفظ النفس إحدى الضرورات الخمس ، قال الله تعالى :( وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ) .
والجنين داخل في ذلك ومن المعروف أن النبي e لم يقم الحد على المرأة التي جاءت معترفة بالزنا لأنها حامل وأخر إقامة الحد إلى أن وضعت حملها وأرضعته ثم فطمته .
ومن المعلوم عند العلماء أن للجنين أهلية وجوب وإن كانت ناقصة تثبت له بعض الحقوق المعروفة عند الفقهاء .
وإن الشريعة الإسلامية أوجبت العقوبة المالية على من أسقط الجنين كما ورد في الحديث الصحيح أن امرأتين من هذيل ضربت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها فقضى فيه النبي e بغرة عبد أو أمة ويقدر ذلك بِ 5% من الدية وأوجب جماعة من الفقهاء الكفارة على من تسبب في إسقاط الجنين
رابعاً : موقف الفقهاء من الإجهاض :
اتفق الفقهاء على حرمة الإجهاض بعد نفخ الروح في الجنين أي بعد انقضاء أربعة أشهر على الحمل ( 120 ) يوماً كما هو مذهب أكثر العلماء في أن الروح تنفخ في البدن بعد هذه المدة وعلى هذا يدل حديث عبد الله بن مسعود t قال حدثنا رسول الله e وهو الصادق المصدوق : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ثم يكون في ذلك علقةً مثلَ ذلك ثم يكون في ذلك مضغةً مثلَ ذلك ثم يُرسَلُ الملَك فينفُخ فيه الروح ويُؤمَرُ بأربع كلمات بكتبِ رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ) رواه البخاري ومسلم واللفظ له .
ومعظم الفقهاء يمنعون الإجهاض في هذه الحالة مطلقاً ، واستثنى بعضهم حالة واحدة من هذا المنع وهي إذا تأكد وثبت أن استمرار الحمل يشكل خطراً أكيداً على حياة الأم فأجازوا إجهاض الحمل مهما كان عمر الجنين .
والحقيقة أن هذا الاستثناء وجيه ، لأنه عند الموازنة بين حياة الأم وحياة الجنين تقدم حياة الأم لأنها أصله وهو فرع لها والفرع لا يكون سبباً في إعدام الأصل .
فالإجهاض في هذه المرحلة يُعد جريمةً محرمةً ولا يُستباح هذا الحرام إلا في حالة الضرورة فقط .
أما الإجهاض قبل الأربعة أشهر فهو محل خلاف بين أهل العلم والمسألة محل اجتهاد لأنه لا يوجد نصوص شرعية صريحة في المسألة لذا تعددت أقوال العلماء فيها :
فمنهم من رأى أنه يجوز الإجهاض خلال هذه المدة بشرط موافقة الزوجين .
ومنهم من يرى جوازه مع الكراهة .
ومنهم من أجازه قبل الأربعين يوماً الأولى وكرهه بعدها .
ومنهم من أجازه قبل الأربعين يوماً الأولى وحرّمه بعدها .
ومنهم من حرّمه مطلقاً أي بمجرد وقوع المني في الرحم وثبوت العلوق .(20/195)
وهذا هو القول المعتمد عند المالكية وهو قول الإمام الغزالي ومن تابعه من الشافعية وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية وبعض الحنابلة وجماعة آخرين من أهل العلم من الظاهرية والشيعة وغيرهم .
وهذا القول هو الذي اختاره جماعة من العلماء المعاصرين كالشيخ محمود شلتوت والشيخ القرضاوي والشيخ وهبه الزحيلي واختاره مجمع الفقه الإسلامي في مكة المكرمة وعليه عدد كبير من العلماء المعاصرين .
وهذا القول هو الراجح في هذه المسألة .
إذن لا يجوز الإجهاض قبل 120 يوماً ، إلا لعذر شرعي مقبول ومن تلك الأعذار تشوه الجنين تشوهاً خطيراً أكيداً سأذكره فيما بعد .
وعلى كل حال فإن الإجهاض قبل الأربعة أشهر الأولى أخف منه بعدها لأن المسألة هنا محل اختلاف بين العلماء بخلاف الأخرى فهي متفق عليها .
وكما قال أبو حامد الغزالي :[ وليس هذا - أي العزل - كالإجهاض والوأد ، لأن ذلك جناية على موجود حاصل ، وله مراتب : وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم وتختلط بماء المرأة وتستعد لقبول الحياة ، وإفساد ذلك جناية ، فإن صارت مضغة وعلقة كانت الجناية أفحش ، وإن نفخ الروح واستوت الخلقة ازدادت الجناية تفاحشاً ، ومنتهى التفاحش في الجناية بعد الانفصال ) إحياء علوم الدين 2/53 .
كما أنه من الصعوبة بمكان أن نسوي بين الجنين في الحالتين أي قبل الأربعة أشهر وبعدها .
إجهاض الجنين المشوه :
إن معرفة تشوهات الجنين من القضايا المستجدة في الطب ، وعلم الطب تقدم تقدماً ملحوظاً في معرفة أسباب التشوهات لدى الجنين كالفحص بالموجات فوق الصوتية وبالمنظار وإجراء فحوصات الدم للمرأة الحامل وللجنين أيضاً وغير ذلك من الوسائل .
فما هو الحكم الشرعي في إسقاط الجنين المشوه ؟
أولاً : لا بد أن نقول وعلى قاعدة درهم وقاية خير من قنطار علاج إن الإسلام يحث على الوقاية من الأسباب التي تؤدي إلى تشوه الجنين وينبغي الأخذ بهذه الأسباب كامتناع الحامل عن التعرض للأشعة والامتناع عن استخدام الأدوية والعقاقير التي قد ينتج عنها تشوه الجنين .
كما أن الإسلام قد حثَّ على حفظ الصحة والبعد عن الزنا وشرب الخمر وتناول المخدرات والتدخين وغير ذلك من الأمور التي قد تؤدي إلى إلحاق الضرر بصحة الأم والجنين .
كما أن حسن اختيار الزوجة له دور في ذلك كما في قوله عليه الصلاة والسلام :( تخيروا لنطفكم ) رواه ابن ماجة وهو حديث صحيح.
وكذلك تغريب النكاح على رأي جماعة من العلماء والأطباء له دور في ذلك .
وكذلك فإن إجراء فحص للخاطبين قبل الزواج قد يفيد في ذلك .
إن اتباع هدي الإسلام هو الطريق الأمثل في الوقاية من التشوهات وغيرها من الأمراض .(20/196)
فخطوة الوقاية خطوة هامةً جداً لمنع التشوهات .
ولكن إذا قدّر الله سبحانه وتعالى تشوه الجنين لسبب أو لآخر فما هو الموقف الشرعي من ذلك ؟
أولاً : يقول الأطباء هنالك نسبةٌ معينةٌ من التشوهات يمكن للجنين أن يعيش معها بعد الولادة وبعض هذه التشوهات يمكن إصلاحها بعد الولادة مثل تشوهات المعدة والأمعاء .
وهنالك تشوهاتٌ خطيرةٌ لا يُرجى معها للجنين حياة بعد الولادة فهو سيموت قطعاً عند الولادة أو بعيدها مباشرة .
هذا كلام الأطباء ولا بد من ملاحظة أنه لا زالت إلى يومنا هذا وعلى الرغم من تقدم العلم والطب مشكلةٌ في دقة تشخيص التشوهات بشكل موثوق تماماً .
وبناءً على هذا التقسيم للتشوهات يمكن أن نقول إنه إذا كانت نسبة احتمال حصول تشوه الجنين عالية وكان الجنين لا يمكن أن يعيش فإنه يجوز إسقاطه ما دام الحمل ضمن الأربعة أشهر الأولى أي قبل 120 يوماً بمعنى آخر قبل نفخ الروح .
أما إذا أظهرت الفحوصات التشخيصية أن هنالك تشوهات في الجنين من الأنواع التي لا تؤثر على حياة الجنين أو كانت التشوهات يمكن إصلاحها بعد الولادة أو يمكن للجنين أن يعيش مع وجود تلك التشوهات فلا يجوز إسقاط الجنين ضمن المئة والعشرين يوماً أي أربعة أشهر.
وهذا القول عليه كثير من علماء العصر وأخذ به مجمع الفقه الإسلامي في مكة المكرمة فقد جاء في قرار المجمع المذكور ما نصه :[ قبل مرور مائة وعشرين يوماً على الحمل إذا ثبت وتأكد بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين الثقات وبناءً على الفحوص الفنية بالأجهزة والوسائل المختبرية أن الجنين مشوه تشويهاً خطيراً غير قابل للعلاج وأنه إذا بقي وولد في موعده ستكون حياته سيئة وآلاماً عليه وعلى أهله فعندئذٍ يجوز إسقاطه بناءً على طلب الوالدين .
والمجلس إذ يقرر ذلك يوصي الأطباء والوالدين بتقوى الله والتثبت في هذا الأمر ] قرارات مجمع الفقه الإسلامي ص 123 .
وينبغي التنبيه على أنه يجب أن تقرر حقيقة التشوهات - قبل القيام بإسقاط الجنين - لجنة طبية مختصة لا يقل عدد أعضاءها عن ثلاثة ولا يكفي قول طبيب واحد مهما بلغ من العلم .
وخاصة أنه قد ثبت في حالات عديدة خطأ الطبيب في التشخيص - تذكر بعض الحالات -.
والله الهادي إلى سواء السبيل
مصادر الدراسة
1. " أبحاث فقهية في قضايا معاصرة " د.محمد نعيم ياسين .
2. " أحكام الجنين في الفقه الإسلامي " أ .عمر محمد غانم [ رسالة ماجستير ] .
3. " الجنين المشوه والأمراض الوراثية " د. محمد علي البار .
4. " الطبيب ، أدبه وفقهه " ، د.زهير السباعي ود. محمد علي البار .(20/197)
5. " قضايا طبية معاصرة في ضوء الشريعة الإسلامية " جمعية العلوم الطبية الإسلامية ونقابة الأطباء الأردنية .
6. " الموسوعة الفقهية الكويتية " .
7. " موقف الشريعة الإسلامية من تنظيم النسل " أ. الزين يعقوب الزبير [ رسالة ماجستير ] .
ـــــــــــــــــــ
زنت وتريد إجهاض الجنين
سؤال:
يوجد امرأة كانت متزوجة وعندها ثلاثة أولاد وزوجها توفى من ثلاث سنوات وتعرفت على شاب وكان بينهما علاقة في الحرام ونتج عن هذه العلاقة جنين عمره حوالي شهر ونصف
وبعد ما علمنا ذلك كتبنا عليها عرفي بحيث يكون تخفيف الحساب عند الله وعند أولادها لما يعرفوا أنها تزوجت
للعلم الجنين تكون بدون زواج ، فهل هذا زنا أو هي تزوجت ؟
ونزول الجنين في الحالة هذه حرام أم حلال ؟ ومن ستذهب معها لتنزيل الجنين أختها فهي محتارة إن كانت لو راحت معها لتنزيل الجنين فهي تستر عليها أو تشارك في ارتكاب جريمة ، وهى جريمة الزنا والإجهاض ؟.
الجواب:
الحمد لله
ما فعلته هذه المرأة هو الزنا الذي نهانا الله عنه بقوله : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) الإسراء/32 .
وما قمتم به من العقد العرفي لا يغير من الأمر شيئاً ، لأن الزنى وتكون الجنين حصل قبل هذا العقد .
ثم إن العقد العرفي الذي تعقد فيه المرأة النكاح لنفسها من غير علم وليها ولا حضوره لا يصح ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي ) رواه أبو داود ( 2085 ) والترمذي (1101 ) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ) رواه أحمد ( 24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2709) .
وعلى هذا ، فهذا العقد الذي تم عليها لا حقيقة له ، ولا تكون زوجة لهذا الزاني بهذا العقد ، ولا يمكن أن يكون سبباً يخفف عنها الحساب عند الله ، بل هو معصية أخرى تضيفها إلى معصيتها الأولى .
وأما الإجهاض فهو جريمة ثالثة ، وإن كان بعض الفقهاء يرخص في إجهاض الحمل في مراحله الأولى ، إلا أن ذلك لا ينبغي أن يكون لزانية ، لأن في ذلك تشجيعاً على الفاحشة ونشراً للرذيلة ، ومن قواعد الإسلام : أنه يحرم الفاحشة ، وكلَّ الطرق التي تؤدي إليها . وراجعي السؤال (13331) .(20/198)
وعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله تعالى توبة صادقة ، وتندم على ما فعلت ، وتصلح أعمالها ، فإن صدقت في توبتها فإن الله سيجعل له مخرجاً ، قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ) الطلاق/2 .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
حكم صيام الحامل التي تتضرر بالصوم
سؤال:
هل يجب على الحامل أن تصوم رمضان وعاشوراء ؟
نصحت زوجتي بأن لا تصوم خلال رمضان وهي لم تفعل لأنها كانت حاملاً ، كانت ضعيفة ولديها فقر دم أثناء الحمل .
أجهضت في نهاية رمضان وهي في الأسبوع الثاني عشر( الشهر الثالث) ، فما هو الحكم بالنسبة للأيام التي أفطرت فيها من رمضان ؟ هل يجب أن تقضيهما قبل رمضان القادم ؟
هل يمكن أن تصوم كالمعتاد إذا كانت حامل ؟
تصر دائماً على الصيام أثناء الحمل ، أي إثبات طبي أن الصيام لن يؤذي الجنين أثناء الحمل سيساعد في هذا .
الجواب:
الحمد لله
وبعد : فهذا السؤال يتضمن ثلاثة أمور:
الأول : حكم إفطار الحامل في رمضان . الثاني : ما يترتب على الإجهاض في رمضان . الثالث : حكم القضاء بعد رمضان .
ـ فأما بالنسبة للحامل : فيَجُوزُ لها أَنْ تُفْطِرَ إنْ خَافَتْ ضَرَرًا بِغَلَبَةِ الظَّنِّ عَلَى نَفْسِهَا أو على نفسها وَوَلَدِهَا , وَيَجِبُ ذَلِكَ إذَا خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى , وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ بِلا فِدْيَةٍ , وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ . لقوله تعالى : " ولا تقتلوا أنفسكم " وقوله : " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " . وَاتَّفَقُوا كَذَلِكَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ في هذه الحال ; لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ الْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ .
وإن خافت على جنينها فقط ؛ فذهب بعض العلماء إلى : أنه يجوز لها الفطر ، ويلزمها القضاء والفدية ( وهي إطعام مسكين عن كل يوم) . لِمَا ورد َ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه في قوله تعالى : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } قَالَ : كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا قَالَ أَبُو دَاوُد يَعْنِي عَلَى أَوْلادِهِمَا أَفْطَرَتَا ( أخرجه أبو داود 1947 ) وصححه الألباني في الإرواء ( 4 / 18 ، 25 ) .
(انظر الموسوعة الفقهية 16 / 272 )(20/199)
وبهذا يتضح أن المرأة إذا كان صيامها سيضرها أو يضر جنينها هذا الضرر البالغ فيجب عليها الفطر ، على أن يكون الطبيب الذي يقرر الضرر طبيبا موثوقا في قوله .
ـ هذا فيما يتعلق بالفطر في رمضان . وأما عاشوراء فصيامه ليس بواجب بالإجماع بل هو مستحب . ولا يجوز للمرأة أن تصوم النافلة وزوجها حاضر إلا بإذنه وإذا منعها من الصوم لزمها طاعته وخصوصاً إذا كان في ذلك مصلحة للجنين .
ـ وأما بالنسبة للإجهاض : " فإذا كان الواقع كما ذكرت من إسقاطها الحمل في الشهر الثالث من حملها ، فلا يعتبر الدم الذي يخرج منها دم نفاس , بل هو دم استحاضة ، لأن ما نزل منها إنما هو علقة لا يتبين فيها خلق آدمي ، وعلى ذلك فإنها تصلي وتصوم ولو كانت ترى الدم ، لكن تتوضأ لكل صلاة ، وعليها أن تقضي ما أفطرته من أيام ، وما تركته من صلوات . " ( انظر فتاوى اللجنة الدائمة 10 / 218 )
ـ وأما قضاء ما فاتها من أيام : " فيلزم كل من عليه أيام من رمضان أن يقضيها قبل رمضان القادم ، وله أن يؤخر القضاء إلى شعبان ، فإن جاء رمضان الثاني ولم يقضها من غير عذر أثم بذلك ، وعليه القضاء مستقبلاً مع إطعام مسكين عن كل يوم ، كما أفتى بذلك جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومقدار الطعام نصف صاع عن كل يوم من قوت البلد ، يدفع لبعض المساكين ولو واحداً . أما إن كان معذوراً في التأخير لمرض أو سفر فعليه القضاء فقط ، ولا إطعام عليه ، لعموم قوله سبحانه : ( ومن كان مريضاً أو على سفر فعدّة من أيام أخر ) والله الموفق " . ( فتاوى الشيخ ابن باز 15 /340 ).
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
متى يكون الدم النازل نفاساً؟
سؤال:
امرأة أجريت لها عملية إجهاض ، فهل يجوز لها أن تصوم أم يجب أن تنتظر فترة معينة ؟ .
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز للمرأة النفساء أن تصوم ، ولا يصح صيامها ، وعليها قضاء الأيام التي أفطرتها بسبب النفاس .
والنفاس هو الدم النازل من المرأة بسبب الولادة .
وإذا أسقطت المرأة فلا يعتبر الدم النازل منها دم نفاس إلا إذا أسقطت ما تبين فيه خلق الإنسان .
والتخليق لا يبدأ في الحمل قبل ثمانين يوماً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوح ) رواه البخاري (3208) .(20/200)
فدل هذا الحديث على أن الإنسان يمر بعدة مراحل في الحمل :
أربعين يوماً نطفة ، ثم أربعين أخرى علقة ، ثم أربعين ثالثة مضغة . ثم ينفخ فيه الروح بعد تمام مائة وعشرين يوماً .
والتخليق يكون في مرحلة المضغة ، ولا يكون قبل ذلك ، لقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ ) الحج/5 .
فوصف الله تعالى المضغة بأنها مخلقة وغير مخلقة .
ومعنى التخليق أن تظهر في الحمل آثار تخطيط الجسم كالرأس والأطراف ونحو ذلك .
وعلى هذا . . فهذه المرأة التي أجريت لها عملية إجهاض ، إن كان ذلك قبل ثمانين يوماً من الحمل فالدم النازل ليس بدم نفاس ، بل هو دم استحاضة فلا يمنعها من الصلاة والصوم ، وعليها أن تتوضأ لكل صلاة .
وإذا كان الإجهاض بعد نفخ الروح في الجنين –أي بعد مائة وعشرين يوماً من الحمل- فالدم النازل دم نفاس قطعاً .
وإذا كان الإجهاض بعد ثمانين يوماً وقبل تمام مائة وعشرين فإنها تنظر في السقط فإن ظهر فيه تخليق فالدم النازل نفاس ، وإن لم يكن فيه تخليق فالدم النازل استحاضة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في رسالة "الدماء الطبيعية للنساء" ص 40 :
ولا يثبت النفاس إلا إذا وضعت ما تبين فيه خلق إنسان ، فلو وضعت سقطاً صغيراً لم يتبين فيه خلق إنسان فليس دمها دم نفاس ، بل هو دم عرق ، فيكون حكمها حكم الاستحاضة ، وأقل مدة يتبين فيها خلق إنسان ثمانون يوماً من ابتداء الحمل ، وغالبها تسعون يوماً اهـ
والنفساء تترك الصلاة والصوم حتى تطهر فإذا طهرت من الدم اغتسلت وصلت وصامت .
وإذا استمر بها الدم أكثر من أربعين يوماً ، فإذا وافقت الزيادة عادتها فهي حائض ، وإن لم توافق عادتها فهي مستحاضة تغتسل وتصلي وتصوم وتفعل ما يفعله الطاهرات .
راجع سؤال (10488) ، (37662) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
تزوجت بغير ولي وأرادت إعادة العقد فرفض زوجها
سؤال:
تزوجت قبل عدة أشهر دون علم أهلي (أهلي غير مسلمين) اتفقنا أن نبقي زواجنا سرّاً حتى يوافق أهلي عليه ، كان عرساً بسيطاً جدّاً ، ولكنني اكتشفت مؤخراً بأن الزواج غير صالح ؛ لأنه لم يكن يوجد ولي لي وقت الزواج وكان هناك شاهدان(20/201)
فقط ، أخبرت زوجي فور علمي ، والآن يقول بأنه لا يريد أن يعيد الزواج لأنه يشعر بأنه غير مهيأ للزواج .
المشكلة بأننا كنا سويّاً وأنا الآن حامل وهو يقول بأن ولدنا من الزنا وهو ليس مسؤولاً عنه ، وأن الأمر لي بشأن هذا الولد ، ولكنه يفضل أن أقوم بالإجهاض لأجلنا ولأجل الولد .
أرجو النصيحة ، فإذا علم أهلي فسيتبرءون مني ، وليس لدي مكان أذهب إليه ، حملي الآن في أسابيعه الأولى .
الجواب:
الحمد لله
حرَّم الإسلام زواج المرأة من غير ولي ، وجعل العقد عليها من غيره فاسداً ، وليس للكافر على المسلمة ولاية ، فإن لم يكن أحدٌ من أهلها على الإسلام : فيقوم مسؤول المسلمين أو مفتيهم أو إمام المركز الإسلامي مقام الولي .
قال ابن قدامة : أما الكافر فلا ولاية له على المسلمة بحال بإجماع أهل العلم .
" المغني " ( 7 / 356 ) .
وقد ذكرنا كل ما سبق بأدلته وأقوال أهل العلم ، فلتُنظر أجوبة الأسئلة ( 7989 ) و ( 2127 ) .
فالعقد غير صحيح ، ويجب فسخه والابتعاد عن الزوج ، وعلى الزوج أن يعيد النكاح بالطريقة الشرعية ، إن كان يرغب بالزواج منكِ ، وحاولي أن توسطي بينك وبين من أهل الخير والصلاح من يستطيع إقناعه بذلك ، تصحيحاً لخطئه ، ومحافظة عليك وعلى ولده ، فإن لم يستجب لذلك فالنصيحة لك الإعراض عنه ، لأن كلامه ينافي أخلاق الرجال الأوفياء ... ثم إن قوله " إنه غير مهيأ للزواج " إشارة إلى أنه إنما أراد منك الاستمتاع فقط ، ولا يريد أن يلتزم بما أمره الله به من شرعه ، وما يلزمه من القوامة عليك كما يجب .
ولينظر جواب السؤال رقم ( 13501 ) .
ولا يحل له أن يطلب منك الإجهاض ، ولا يحل لك القيام بالإجهاض إن كان الجنين قد نفخ فيه الروح ، فإن فعلتِ كان هذا قتلاً للنفس .
وليُنظر ( 12118 ) و ( 13319 ) و ( 4038 ) .
وأما الولد فنسبه من أبيه صحيح ولا يُعتبر ولد زنى ، بل هذا يعتبره العلماء من نكاح شبهة ، ونكاح الشبهة يثبت به النسب . انظر المغني 11/196
أيتها المسلمة ... تذكري بأن الله سبحانه قد تكفل بالأرزاق لعباده ، وقد وعدنا سبحانه بأن من اتقى الله فإنه سبحانه سيجعل له فرجاً ومخرجاً ..
ثقي بالله وتوكلي عليه وتوبي إليه .. ومن توبتك أن تفارقي هذا الرجل لأن عقد النكاح باطل إذ " لا نكاح إلا بولي " كما قال صلى الله عليه وسلم ، وأنت حين تفعلين ذلك إنما تفعلينه لأنه أمر الله ..
واعلمي بأن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ... وفقك الله ويسر أمرك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(20/202)
ـــــــــــــــــــ
زوج يجبر امرأته على إسقاط الحمل
سؤال:
ما الحكم في زوج حاول إجهاض زوجته في شهرها الثاني لرغبته في تطليقها بإعطائها دواء لذلك رغماً عنها إلا أنه لم يتم إجهاضها ؟ وهل ذلك حلال أم حرام ؟ وما هي كفارة ذلك العمل ؟.
الجواب:
الحمد لله
إجهاض الحمل لا يجوز ، سواء نفخت فيه الروح أم لا ، غير أنه بعد نفخ الروح فيه تحريمه أشد .
ومن أمرها زوجها بالإجهاض فلا يحل لها أن تطيعه .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
أما السعي لإسقاط الحمل فلا يجوز ذلك ما لم يتحقق موته فإن تحقق ذلك جاز .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن إبراهيم " ( 11 / 151 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
أولاً :
إجهاض الحمل لا يجوز ، فإذا وجد الحمل فإنه يجب المحافظة عليه ، ويحرم على الأم أن تضر بهذا الحمل ، وأن تضايقه بأي شيء ؛ لأنه أمانة أودعها الله في رحمها وله حق فلا يجوز الإساءة إليه أو الإضرار به أو إتلافه .
والأدلة الشرعية تدل على تحريم الإجهاض وإسقاط الحمل .
وكونها لا تلد إلا بعملية ليس هذا مسوغًا للإجهاض ، فكثير من النساء لا تلد إلا بعملية فهذا ليس عذراً لإسقاط الحمل .
ثانيًا : إذا كان هذا الحمل قد نفخت فيه الروح وتحرك ثم أجهضته بعد ذلك ومات : فإنها تعتبر قد قتلت نفسًا فعليها الكفارة وهي عتق رقبة ، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله ، وذلك إذا مضت له أربعة أشهر ، فإنه حينئذ يكون قد نفخت فيه الروح ، فإذا أجهضته بعد ذلك وجبت عليها الكفارة كما ذكرنا ، فالأمر عظيم لا يجوز التساهل فيه ، وإذا كانت لا تتحمل الحمل لحالة مرضية : فعليها أن تتعاطى من الأدوية ما يمنع الحمل قبل وجوده ، كأن تأخذ الحبوب التي تؤخر الحمل عنها فترة حتى تعود إليها صحتها وقوتها .
" المنتقى " ( 5 / 301 ، 302 ) . باختصار .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رَحمه اللّه - :
عن رجل قال لزوجته : أسقطي ما في بطنك والإثم عليَّ ، فإذا فعلتْ هذا وسمعتْ منه ، فما يجب عليهما من الكفارة ؟ .
فأجاب :
إن فعلتْ ذلك : فعليهما كفارة عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجدا فصيام شهرين متتابعين وعليهما غُرَّةٌ عبدٌ أو أمَةٌ لوارثه الذي لم يقتله ، لا للأب فإن الأب هو الآمر بقتله ، فلا يستحق شيئًا اهـ .(20/203)
وقوله : (غُرَّةٌ عبدٌ أو أمةٌ) هذه هي دية الجنين ، قيمة عبد أو أمة ، ويقدرها العلماء بعشر دية أمه .
وقد سبق ذِكر حكم الإجهاض في أكثر من جواب فانظر : ( 13317 ) و ( 42321 ) و ( 12733 )
وأما كفارة ذلك ، فحيث إن الحمل في الشهر الثاني أي قبل نفخ الروح فيه ، ولم يتم إسقاطه فلا تجب بذلك كفارة ، وإنما تجب التوبة إلى الله تعالى من هذا الفعل المحرم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
ظنت أن الدم النازل مع السقط دم نفاس فأفطرت
سؤال:
في يوم من رمضان ذهبت إلى المستشفى لإسقاط الحمل الذي لم يتم 3 أشهر تناولت بعض الأدوية وبعد الإجهاض أكلت بعض الأكل ظنا مني أنه جائز لي أن آكل . لكن بعد الرجوع إلى البيت بحثت عبر الإنترنت وعلمت أنه يجب علي الصوم وكذلك الصلاة لأن ذلك الدم دم فساد فقضيت ذالك اليوم بعد خروج رمضان . هل يكفي ما فعلته أم ماذا يجب علي القيام به ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
سبق بيان حكم الإجهاض المتعمد في جواب السؤال رقم (42321) فراجعيه .
كما سبق بيان الأحكام المترتبة على سقوط الجنين في مراحله المختلفة في جواب السؤال رقم (12475) .
ثانيا :
إذا أسقطت المرأة جنينها ولم يتبين فيه خلق الإنسان كالرأس والأطراف ، فالدم النازل معه دم فساد ، لا يمنع الصلاة والصوم ، وإن تبين فيه خلق إنسان فهو دم نفاس ، وأقل مدة يتبين فيها خلق الإنسان هي واحد وثمانون يوما ، كما هو مبين في الجواب رقم (37784)
ثالثا :
إذا أفطرت ظنا منك أن الدم النازل هو دم نفاس ، ثم تبين أنه دم فساد ، وقضيت الصوم والصلاة ، فلا شيء عليك ، وإن لم تكوني قضيت صلاة ذلك اليوم فبادري بقضائها .
وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
أسقط الأطباء الجنين دون علمها خوفا على حياتها(20/204)
سؤال:
والدتي قبل خمسة أعوام حملت وفي الشهر الخامس من الحمل تعرضت لنزول المياه التي حول الجنين وتعبت.. وعند عرضها على الطبيب قرر إنزال الجنين لأنه ضعيف وقال إن بقاءه سيسبب الوفاة له ويتحلل مما يسبب تسمما لوالدتي وتعرضها للخطر . والدتي رفضت بشدة لأنها تعلم حرمة ذلك وطالبت بتغيير الطبيب وكان رأي الطبيب الثاني نفس رأي الطبيب الأول وعند رفضها أجبروها على البقاء بالمستشفى ولم يسمحوا لها بالخروج منه واطلعت عليها لجنة من الأطباء وأصروا على إجراء العملية وإنزال الجنين وقالوا بأنهم من يتحمل المسؤولية والطفل بذمتهم حسب قولهم . وفي أحد الأيام وبسبب رفض والدتي الشديد لعمل العملية نقلوها لغرفة العمليات بحجة إجراء أشعة تلفزيونية للتأكد من حالة الجنين ولكن تم إجراء العملية لها وأنزل الأطباء الجنين وهي حتى الآن وحسب قولها لا تعلم هل كان الجنين وقت العملية حيا أو ميتا لأنهم أجروا لها العملية دون عمل الفحوصات لها أو لنبض الجنين... سؤال والدتي : هل تتحمل ذنبا فيما حصل من إنزال للجنين وهي بالشهر الخامس من الحمل مع عدم رضاها بذلك وإن كانت كذلك فما هي كفارتها ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
إذا كان الأمر كما ذكرت ، فلا يلحق والدتك إثم – لو فرض وجود الإثم هنا – لعدم رضاها ، ولأن العملية أجريت بدون علمها .
ثانيا :
إذا قرر الأطباء الثقات أن بقاء الجنين فيه خطر على حياة الأم ، جاز إسقاطه ، ولو بعد نفخ الروح فيه .
جاء في كتاب أحكام الجنين في الفقه الإسلامي لعمر بن محمد بن إبراهيم عامر :
" أجمع فقهاء المذاهب الإسلامية من السنة ، على حرمة قتل الجنين بعد نفخ الروح - أي بعد مرور مائة وعشرين يوماً منذ التلقيح - ولا يجوز قتله بأي حال من الأحوال إلا إذا كان استمرار الحمل يؤدي إلى وفاة الأم ...
وهكذا يتبين لنا أن الإجهاض بعد نفخ الروح ، هو جريمة لا يجوز الإقدام عليها إلا في حالة الضرورة القصوى المتيقنة لا المتوهمة ، وإذا ثبتت هذه الضرورة ، وهي ما إذا كان بقاء الجنين خطراً على حياة الأم ، علماً أنه مع تقدم الوسائل الطبية الحديثة ، والإمكانيات العلمية المادية المتوفرة الآن ، أصبح الإجهاض لإنقاذ حياة الأم أمراً نادر الحدوث جداً " انتهى .
وقد قرر مجمع الفقه الإسلامي : " إذا كان الحمل قد بلغ مائة وعشرين يوما ، لا يجوز إسقاطه ، ولو كان التشخيص الطبي يفيد أنه مشوه الخلقة ، إلا إذا ثبت بتقرير لجنة طبية من الأطباء الثقات المختصين أن بقاء الحمل فيه خطر مؤكد على حياة الأم ، فعندئذ يجوز إسقاطه سواء كان مشوها أم لا ، دفعا لأعظم الضررين " انتهى .
كما صدر قرار مجلس هيئة كبار العلماء ببلاد الحرمين الشريفين ، وجاء فيه :(20/205)
" بعد إكمال الأربعة أشهر لا يحل إسقاط الجنين حتى يقرر جمع من الأطباء المتخصصين الموثوقين من أن بقاء الجنين في بطن أمه يسبب موتها ، وذلك بعد استنفاذ كافة الوسائل لإبقاء حياته ، وإنما رخص في الإقدام على إسقاطه بهذه الشروط دفعاً لأعظم الضررين وجلباً لعظمى المصلحتين " انتهى ، نقلاً من الفتاوى الجامعة (3/1055).
وانظري : جواب السؤال رقم (42321) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
ادَّعت أنها حامل بولد منه فأجهضت ودفع التكاليف
سؤال:
صديق ادَّعت علية فتاة سيئة السمعة والأفعال أنها حامل ، وهذا الحمل منه هو ، وهو متزوج ولديه طفلة صغيرة ، وهو يقسم أنه لم يباشرها مباشرة الأزواج , وإن كان هناك بعض الأفعال بينهم التي لم ترق إلى المباشرة الفعلية كالأزواج ، ولكنها صممت أنه والد الطفل الحامل فيه ، وكان الحل أن ذهبت إلى طبيبٍ لإجهاض هذا الطفل ، وبسبب خوفه من الفضيحة التي يمكن أن تسببها هذه الفتاة - وهو متزوج ولديه طفلة كما ذكرت - قام بدفع تكاليف عملية الإجهاض , وتبيَّن أنها كانت حاملاً في طفل عمره ثلاثة شهور إلا ستة أيام ، وهو نادم جدّاً على ما فعله ، وعلى المساعدة في دفع تكاليف عملية الإجهاض التي لم يكن سبباً فيها .
والسؤال هو :
ما هو حكم الشرع في هذا الفعل ؟ وكيف يتوب من هذا الفعل ؟ وهل يعتبر مشاركاً في عملية قتل ؟ وكيف الخلاص والتوبة إلى الله من هذا الذي حدث ؟ وماذا كان يفعل شرعاً عند ادِّعاء هذه الفتاة بأنه والد الطفل الذي هي حامل فيه ؟ أريد الإجابة شافية ، وجزاكم الله خيراً .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
قال الله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) الطلاق/2 .
وإن صديقك لم يتق الله فلم يجعل له مخرجا ، حيث إنك تقول إنه باشر تلك المرأة ، ولكنه لم يباشرها مباشرة الأزواج ، فهذا التساهل والجرأة على فعل الحرام مع تلك المرأة ، هو الذي أوقعه في الجريمة الثانية (الإجهاض) ، وجعله عاجزا عن دفع التهمة عن نفسه ، والوقوف بقوة في وجه تلك المرأة ، لأنه يعلم من نفسه أنه ليس عفيفاً ، ولم يمنع نفسه من الحرام ، مع أن الله قد مَنَّ عليه وأنعم عليه بالزوجة الحلال ، وكيف يليق بعاقل أن يترك لحما طيبا بأكله حلالاً ، ويذهب إلى لحم ميتة يتلذذ بأكله !(20/206)
لو كان صديقك عف نفسه عن الحرام لجعل الله له مخرجا ، ولكنه تجرأ على حرمات الله فعوقب بالوقوع في معصية أخرى ، كما قال بعض السلف : إن من عقوبة المعصية المعصية بعدها ، كما أن من جزاء الحسنة الحسنة بعدها .
ثانيا :
مازال في صديقك بقية خير ، يدل على ذلك ندمه على ما فات وحرصه على التوبة ، فليعلم أن التوبة لا تكون صحيحة مقبولة إلا إذا توفر فيها ثلاثة شروط :
الأول : الندم على ما فعل .
الثاني : الإقلاع عن المعصية ، فلابد من قطع العلاقة نهائيا بتلك الفاجرة ، والعجيب أنك تذكر أن صاحبك له طفلة ، فهل يرضى هذا لابنته ؟ فكذلك الناس كلهم لا يرضون هذا لبناتهم.
فلا توبة له وهو مستمر في علاقته مع تلك المرأة أو غيرها .
الثالث : العزم الأكبر على عدم العودة إلى المعصية مرة أخرى ، فيعزم على العفة عن الحرام وصون نفسه وأهله ، وليحذر أنه قد يبتلى في أقرب الناس إليه عقوبة على فعله .
كما قيل :
من زنى في بيت بألفي درهم في بيته يزنى بغير الدرهم .
وعليه أن يجتهد في الطاعات ، فيحافظ على الصلوات جماعة في المسجد إن كان متهاونا بها ، وعليه بكثرة قراءة القرآن الكريم ، وحضور مجالس العلم ، والإكثار من الصدقة بالمال .
فإن الله تعالى يقول : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82 .
وليجعل هذه المعصية بداية خير له ، بإقباله على الله ، وابتعاده عن معصيته ، فإن كثيراً من الناس قد يكونون بعد المعصية والتوبة خيراً من حالهم قبلها ، وذلك إذا أحسنوا التوبة واجتهدوا في إصلاح أنفسهم .
والله تعالى الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
حكم الإجهاض وطلاق الحامل والتضييق على الزوجة لتتنازل عن حقها
سؤال:
ما حكم الدين في : زوج حاول إجهاض زوجته في شهرها الثاني لرغبته في تطليقها بإعطائها دواء لذلك رغماً عنها إلا أنه لم يتم إجهاضها ؟ وهل ذلك حلال أم حرام ؟ وما هي كفارة ذلك العمل ؟ وهل يجوز تطليق الزوجة وهى حامل ؟ وما الحكم أيضاً في إجبار الزوجة في التنازل عن حقوقها قبل طلاقها ؟
الجواب:
الحمد لله :
أولاً :
إجهاض الحمل لا يجوز سواء نفخت في الروح أم لا ، غير أنه بعد نفخ الروح فيه تحريمه أشد ومن أمرها زوجها بالإجهاض فلا يحل لها أن تطيعه .(20/207)
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
أما السعي لإسقاط الحمل فلا يجوز ذلك ما لم يتحقق موته فإن تحقق ذلك جاز .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن إبراهيم " ( 11 / 151 ) .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
أولاً :
إجهاض الحمل لا يجوز ، فإذا وجد الحمل فإنه يجب المحافظة عليه ، ويحرم على الأم أن تضر بهذا الحمل ، وأن تضايقه بأي شيء ؛ لأنه أمانة أودعها الله في رحمها وله حق فلا يجوز الإساءة إليه أو الإضرار به أو إتلافه . والأدلة الشرعية تدل على تحريم الإجهاض وإسقاط الحمل .
وكونها لا تلد إلا بعملية ليس هذا مسوغًا للإجهاض ، فكثير من النساء لا تلد إلا بعملية فهذا ليس عذراً لإسقاط الحمل .
ثانيًا : إذا كان هذا الحمل قد نفخت فيه الروح وتحرك ثم أجهضته بعد ذلك ومات : فإنها تعتبر قد قتلت نفسًا فعليها الكفارة وهي عتق رقبة ، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله ، وذلك إذا مضت له أربعة أشهر ، فإنه حينئذ يكون قد نفخت فيه الروح ، فإذا أجهضته بعد ذلك وجبت عليها الكفارة كما ذكرنا ، فالأمر عظيم لا يجوز التساهل فيه ، وإذا كانت لا تتحمل الحمل لحالة مرضية : فعليها أن تتعاطى من الأدوية ما يمنع الحمل قبل وجوده ، كأن تأخذ الحبوب التي تؤخر الحمل عنها فترة حتى تعود إليها صحتها وقوتها .
" المنتقى " ( 5 / 301 ، 302 ) . باختصار .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رَحمه اللّه - :
عن رجل قال لزوجته : أسقطي ما في بطنك والإثم عليَّ ، فإذا فعلتْ هذا وسمعتْ منه ، فما يجب عليهما من الكفارة ؟ .
فأجاب :
إن فعلتْ ذلك : فعليهما كفارة عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجدا فصيام شهرين متتابعين وعليهما غُرَّةٌ عبدٌ أو أَمَةٌ لوارثه الذي لم يقتله ، لا للأب فإن الأب هو الآمر بقتله ، فلا يستحق شيئًا .
وقوله (غُرَّةٌ عبدٌ أو أَمَةٌ ) هذه هي دية الجنين ، قيمة عبدٍ أو أمة ٍ . ويقدرها العلماء بعشر دية الأم .
وقد سبق ذِكر حكم الإجهاض في أكثر من جواب فانظر : ( 13317 ) و ( 42321 ) و ( 12733 )
ثانياً :
وأما طلاق الحامل فهو طلاق سنة ، وقد انتشر بين كثير من العامة أنه مخالف للسنة ، وقولهم لا أصل له ولا دليل عليه .
وقد روى مسلم ( 1471 ) قصة طلاق ابن عمر لامرأته وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم ( مُرْه فليراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً ) .
قال ابن عبد البر :(20/208)
وأما الحامل فلا خلاف بين العلماء أن طلاقها للسنة من أول الحمل إلى آخره لأن عدتها أن تضع حملها وكذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر أنه أمره أن يطلقها طاهرا أو حاملا ولم يخص أول الحمل من آخره .
" التمهيد " ( 15 / 80 ) .
وقد ذكرنا فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – في حكم طلاق الحامل في جواب السؤال رقم ( 12287 ) .
ثالثاً :
لا يحل للزوج أن يأخذ شيئًا من مال زوجته شيئاً إلا إذا طابت به نفسها ومنه مال مهرها إلا إن جاءت بفاحشة مبينة ؛ لقول الله عز وجل : ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا ) [ النساء / 4 ] ؛ ولقوله عز وجل : ( وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) [ النساء / 19 ] .
قال ابن قدامة :
وأجمعوا على تحظير أخذ مالها إلا أن يكون النشوز وفساد العشرة من قِبَلها ، وحكى ابن المنذر عن النعمان أنه قال : إذا جاء الظلم والنشوز من قِبَله وخالعتْه : فهو جائز ماض وهو آثم لا يحل له ما صنع ولا يجبر على رد ما أخذه !
قال ابن المنذر : وهذا من قوله خلاف ظاهر كتاب الله ، وخلاف الخبر الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وخلاف ما أجمع عليه عامة أهل العلم .
" المغني " ( 3 / 137 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ( 32/283 ) :
فلا يحل للرجل أن يعضل المرأة بأن يمنعها ويضيِّق عليها حتى تعطيه بعض الصداق ، ولا أن يضربها لأجل ذلك ، لكن إذا أتت بفاحشة مبينة : كان له أن يعضلها لتفتدي منه ، وله أن يضربها ، وهذا فيما بين الرجل وبين الله ، وأما أهل المرأة فيكشفون الحق مع من هو فيعينونه عليه ، فإن تبيَّن لهم أنها هي التي تعدت حدود الله وآذت الزوج في فراشه : فهي ظالمة متعدية فلتفتد منه . اهـ .
ومعنى الفاحشة المبينة المذكورة في قوله تعالى : ( وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) [ النساء / 19 ] الزنا وعدم الفقه ، وسوء العشرة ، كالكلام الفاحش وأذيتها لزوجها .
انظر تفسير السعدي ص242ـ .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
إسقاط الجنين قبل الأربعين بسبب الظروف النفسية والاجتماعية
سؤال:
تزوجت قبل ثلاثة أشهر وكنت أود السفر بعد زواجي مباشرة إلى الخارج للدراسة ومعي زوجتي وحصلت لي ظروف منعتني من السفر. وأنا الآن أبحث عن وظيفة وأريد إعداد مسكن لي ولزوجتي. وتبين لي الآن أن زوجتي حامل. سؤالي هو هل يجوز إسقاط ذلك لغرض تأجيل الحمل وليس خوفاً من عدم القدرة على النفقة؟ علماً(20/209)
بأنه لم يمر أكثر من شهر على الحمل وليس لدي مسكن خاص ولا وظيفة. وأحتاج إلى وقت لكي أعد ذلك. ولم أعش مع زوجتي الاستقرار النفسي والحسي في خصوصية تامة لأن معظم وقتنا ونحن في بيت أهلها. أريد الاستقرار والتفاهم والاتصال جيداً مع زوجتي أولاً. وأريد من زوجتي الاستعداد لبيتها الجديد وإدارته وتعلم الطبخ لأنها لا تجيد الطبخ. كل هذا لن يحدث بسبب الحمل لأن الحمل متعب بالنسبة للمرأة وأنا أرى في هذه الحالة أن الحمل قد يقود إلى ظهور مشاكل بيني وبين زوجتي وعدم وجود الراحة النفسية. وقد قرأت عن إباحة الإسقاط قبل مضي أربعين يوماً على الحمل بدون عذر من بعض المذاهب فما رأيكم في ذلك؟
الجواب:
الحمد لله
نعم ، ذهب جمع من أهل العلم إلى إباحة إسقاط النطفة قبل الأربعين ، وذهب آخرون إلى تحريم ذلك .
ومن أقوال المجيزين : ما قاله ابن الهمام الحنفي في "فتح القدير" (3/401) : " وهل يباح الإسقاط بعد الحبل ؟ يباح ، ما لم يتخلق شيء منه " .
ويحتمل أنهم أرادوا بالتخليق نفخ الروح ، وذلك يكون بعد تمام مائة وعشرين يوما على الحمل ، ويحتمل أنهم أرادوا التخليق وإن لم تنفخ فيه الروح ، وذلك لا يكون قبل ثمانين يوماً من بداية الحمل ، والغالب أنه يكون عند التسعين .
وفي حاشية قليوبي وعميرة (شافعي) (4/160): " نعم ، يجوز إلقاؤه ولو بدواء قبل نفخ الروح فيه ، خلافا للغزالي " انتهى .
وقال المرداوي في "الإنصاف" (حنبلي) (1/386): " يجوز شرب دواء لإسقاط نطفة . ذكره في الوجيز ، وقدمه في الفروع . وقال ابن الجوزي في أحكام النساء : يحرم . وقال في الفروع : وظاهر كلام ابن عقيل في الفنون : أنه يجوز إسقاطه قبل أن ينفخ فيه الروح . قال: وله وجه . انتهى . وقال الشيخ تقي الدين : والأحوط أن المرأة لا تستعمل دواء يمنع نفوذ المني في مجاري الحبل " انتهى .
ومن أقوال المانعين : قول الدردير في شرحه على خليل (مالكي) (2/266): "ولا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوما ، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعا" انتهى .
وقال الرملي في نهاية المحتاج (شافعي) (8/442) : " وقال المحب الطبري : اختلف أهل العلم في النطفة قبل تمام الأربعين على قولين : قيل : لا يثبت لها حكم السقط والوأد , وقيل : لها حرمة ، ولا يباح إفسادها ، ولا التسبب في إخراجها بعد الاستقرار في الرحم , بخلاف العزل فإنه قبل حصولها فيه ... وقد أشار الغزالي إلى هذه المسألة في الإحياء فقال بعد أن قرر أن العزل خلاف الأولى ما حاصله : وليس هذا كالإجهاض والوأد لأنه جناية على موجود حاصل , فأول مراتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم وتختلط بماء المرأة ، فإفسادها جناية , فإن صارت علقة أو مضغة فالجناية أفحش , فإن نفخت الروح واستقرت الخلقة زادت الجناية تفاحشاً , ثم قال : ويبعد الحكم بعدم تحريمه " انتهى .(20/210)
والحاصل أن الفقهاء مختلفون في هذه المسألة ، وعليه فلا ينبغي الإقدام على شيء من ذلك إلا لعذر ، براءة للذمة ، واحتياطا للدين .
وثمة أمر آخر لا ينبغي أن تغفل عنه ، وهو إدراك نعمة الله تعالى وفضله في إعطاء الولد ، وهذه النعمة ينبغي أن تقابل بالفرح والشكر والرضا ، ولا يدري الإنسان إن هو أعرض عن هذه النعمة ، هل تعود له بعد ذلك أو لا ؟
ولهذا فنصيحتنا لك هي الإبقاء على الحمل ، وتهيئة النفس لذلك ، واستشعار نعمة الله فيه ، ولعله يكون بابا لسعة الرزق ، المادي والمعنوي ، ومنه الاستقرار النفسي ، والتوافق الزوجي، فإن اخترت الأمر الآخر ، فليكن بعد استخارة الله تعالى ، فإن الإنسان لا يدري أين الخير . ويشترط لذلك رضا الزوجة ؛ لأن لها حقا في الولد ، وقد قرر الفقهاء أن الرجل لا يعزل عن المرأة الحرة إلا بإذنها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض من زنا المحارم.. رؤية اجتهادية ... العنوان
في عدد من الحوادث فيما يعرف بـ"زنا المحارم"، ومع خشية الفضيحة، تترك الفتاة نفسها دون أن تخبر أحدا،والنتيجة أنها تكون حاملا ، ربما من أبيها أو عمها أو خالها ، ممن خرجوا عن فطرتهم، المهم هنا ، ماذا تفعل الأسر في الجنين الذي يسكن أحشاء ابنتهم ، هل يبيح الشرع في مثل هذه الحالة أن يقوموا بعملية الإجهاض حتى يخفوا العار الذي يلحق بهم طول الزمن، أما نترك الولد الذي لا ذنب له يقابل مصيره في الحياة ؟ ... السؤال
05/03/2007 ... التاريخ
مسعود صبري الباحث الشرعي بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فقد أجمع الفقهاء على أنه لا يجوز الإجهاض بعد أربعة أشهر ، أما قبلها فالأمر خلافي بين الفقهاء، وفي حال زنا المحارم يرجح القول بإباحة الإجهاض قبل نفخ الروح.
وقد اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز الإجهاض بعد أربعة أشهر ، وهي المدة التي يكون فيها الجنين قد تخلق، ونفخ فيه الروح ، ودليله ما اتفق الشيخان عليه من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما، ثم علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع؛ برزقه وأجله وشقي أو سعيد" .
و الضابط في الإجهاض من حيث الإباحة أو الحرمة هو عملية التخلق ونفخ الروح، فإن كان الجنين قد تخلق ونفخ فيه ، فلا يجوز إجهاضه ، بسبب أن هذا زنا من المحارم، أما إن كان لم يتخلق ، فيجوز ذلك عند عدد من الفقهاء.(20/211)
وقد اختلف الفقهاء في الإجهاض قبل نفخ الروح، فمنهم من رأى الإباحة، ومنهم من رأى الكراهة ، ومنهم من رأى الحرمة .
فقد ذهب بعض الحنفية إلى أنه يباح الإسقاط بعد الحمل ، ما لم يتخلق شيء منه.
وقال اللخمي من المالكية، والإمام أبو إسحاق المروزي من الشافعية : يباح قبل الأربعين .
بل صرح الإمام الرملي من كبار فقهاء الشافعية، وهو ما يعرف بالشافعي الصغير: لو كانت النطفة من زنا فقد يتخيل الجواز قبل نفخ الروح.
وقال بعض الحنابلة بجواز الإجهاض في بداية الحمل، إذ أجازوا للمرأة شرب الدواء المباح لإلقاء نطفة لا علقة.
وذهب بعض الحنفية إلى الإسقاط إذا كان لعذر، ومن فقهاء المذاهب من رأى الكراهة .
وقد نقل الخطيب الشربيني الشافعي عن الإمام الزركشي : أن المرأة لو دعتها ضرورة لشرب دواء مباح يترتب عليه الإجهاض فينبغي أنها لا تضمن بسببه.
ومن الفقهاء من رأى التحريم قبل نفخ الروح ، وهو المعتمد عند المالكية والحنابلة ، ووجه عند الشافعية .
أما القول بأن عدم إباحة الإجهاض قد يؤدي إلى مشكلات في النسب، فهل ننسب الولد من البنت إلى جده، أو إلى عمه أو خاله، فإن هذا التخوف لا يحل الإجهاض بعد نفخ الروح، إذ إنه من الزنى ، فلا ينسب إلى قريبه على الراجح من أقوال الفقهاء، بل إن الإبقاء على حياته بعد نفخ الروح فيه سد لجريمة الزنى ، حتى لا يتجرأ الناس عليه ، وقد شرع الله تعالى القصاص من القتل ، مع كون الظاهر فيها إزهاق روح، لكن الله تعالى صرح بمقصد القصاص ، فقال :" ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون".
أما القول بإباحته قبل نفخ الروح، فإن فيه مندوحة من الشرع، وفيه دليل أو اجتهاد، فيمكن الاستناد عليه، أخذا بقاعدة أخف الضررين . وهو ما رجحه الإمام ابن حجر، فقال: "وإن كان التخلق مختلف فيه بين كونه بعد الأربعين، أو بعد أربعة أشهر ، فإن الأولى اعتماد جواز الإجهاض قبل التخلق على رأي من يرى أنه قبل الأربعة أشهر ."
وبهذا تظهر حكمة الشرع في وسطيته وأنه أقوم التشريعات، فلا هو أباح الإجهاض، فيكون سبيلا لانتشار الزنا، ومنه زنا المحارم ،ولا هو أغلق الباب بالكلية .
وهذا بيان للحكم الشرعي دون الفتاوى التي تخص كل سائل على حدة، حسب مشكلته الخاصة و ظروفها .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
قرار المجمع الفقهي في إسقاط الجنين المشوه ... العنوان(20/212)
لقد قامت زوجتي بعدة فحوصات ، أكدت جميعها أن الجنين مشوه، وأن ولادته على هذه الحالة فيه ضرر له ولنا ، فهل يجوز إجهاضه، علما أن زوجتي حامل في الشهر الأخير . ... السؤال
19/02/2007 ... التاريخ
المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:-
فقد قرر مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي في دورته الثانية عشرة أن الجنين إذا بلغ عشرين يوما بعد المائة فلا يجوز إسقاطه إلا إذا كان في بقائه خطر محقق على حياة أمه، والمقصود أن يتهدد الخطر حياتها لا صحتها فقط.
وأما إجهاضه بسبب تشوهه فيجوز قبل إتمامه العشرين يوما بعد المائة إذا قرر فريق كامل من الأطباء الثقات الأكفاء أن به تشويهًا خطيرًا، غير قابل للعلاج، وأنه إذا بقي وولد في موعده، ستكون حياته سيئة، وآلامًا عليه وعلى أهله.
وأما بعد إتمامه العشرين يوما بعد المائة فلا يجوز إجهاضه بسبب تشوهه بالغا تشوهه ما بلغ.
وإليك نص قرار المجمع الفقهي- :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الثانية عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من يوم السبت 15 رجب 1410هـ الموافق 10 فبراير 1990م إلى يوم السبت 22 رجب 1410هـ الموافق 17 فبراير 1990م قد نظر في هذا الموضوع، وبعد مناقشته من قبل هيئة المجلس الموقرة، ومن قبل أصحاب السعادة الأطباء المختصين، الذين حضروا لهذا الغرض، قرر بالأكثرية ما يلي:
- إذا كان الحمل قد بلغ مائة وعشرين يومًا، فلا يجوز إسقاطه،:ولو كان التشخيص الطبي يفيد أنه مشوه الخلقة، إلا إذا ثبت بتقرير لجنة طبية، من الأطباء الثقات المختصين، أن بقاء الحمل فيه خطر مؤكد على حياة الأم، فعندئذ يجوز إسقاطه، سواء أكان مشوهًا أم لا، دفعًا لأعظم الضررين.
- قبل مرور مائة وعشرين يومًا على الحمل، إذا ثبت وتأكد بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين الثقات-وبناء على الفحوص الفنية، بالأجهزة والوسائل المختبرية- أن الجنين مشوه تشويهًا خطيرًا، غير قابل للعلاج، وأنه إذا بقي وولد في موعده، ستكون حياته سيئة، وآلامًا عليه وعلى أهله، فعندئذ يجوز إسقاطه بناء على طلب الوالدين.
والمجلس إذ يقرر ذلك: يوصي الأطباء والوالدين، بتقوى الله، والتثبت في هذا الأمر. والله ولي التوفيق.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ(20/213)
إجهاض الحامل من الزنا خوفا من الفضيحة ... العنوان
َهل يجوز للطبيب أن يجري عملية إجهاض للمرأة الحامل من الزنى بقصد الستر على هذه المرأة ؟ فقد سمعنا أن بعض علماء الأزهر يجيز ذلك إذا كان في بداية الحمل حتى لاتختلط الأنساب ؟
... السؤال
03/08/2006 ... التاريخ
أ.د. عبد الفتاح إدريس ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
لا يجوز للطبيب أن يجري عملية إجهاض للمرأة الحامل من الزنى لأن في ذلك جناية على النفس وتسترا على جريمة الزنى .
يقول الأستاذ الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة:
دعا الإسلام إلى المحافظة على الجنين مطلقًا، سواء كان من نكاح أو من سِفاح، فرخَّصت الشريعة للمرأة الحامل الفطر في رمضان إن خافت من الصوم على جنينها، ودعت إلى تأخير تنفيذ الحد على المرأة الحامل حتى تضع حملها ويبلغ أوان فطامه، ولو كان من سفاح، ولم تُبِحْ إجهاضه بدعوى التستر على فاحشة اقترفتها أمه، يدل لهذا ما رواه بُريدة قال: جاءت الغامدية فقالت: يا رسول الله إني قد زنيت فطهِّرني. فردها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما كان الغد قالت: يا رسول الله لِمَ تَرُدُّني؟ لعلك أن تَردَّني كما رددتَ ماعزًا "هو اسم من فحش بها" فوالله إني لحُبلى. قال: "أمّا لا، فاذهبي حتى تلدي" فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، قالت: هذا قد ولدته. قال: "اذهبي فأرضعيه حتى تَفطِميه" فلما فطَمته أتته بالصبي في يده كِسرة خبز، فقالت: هذا يا نبي الله قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفَع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمَر بها فحُفر لها إلى صدرها وأمَر الناس فرجموها .
فأرجأ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إقامة الحد على الغامدية حتى تضع حملها، ثم حتى ترضعه، ثم حتى تَفطِمه، وهذا دليل على حرص الإسلام على حياة الأجِنّة ولو أتت من سفاح، ولو كان يجوز إجهاض الجنين بقصد التستر على فاحشة اقترفتها أمه لأمَرَ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الغامدية بإجهاض جنينها، ولم يأمرها بالاهتمام به حتى تتوافر له أسباب الحياة مستقلاًّ عنها، أمَا وقد أمرها بالاهتمام به فهذا يدل على حرمة إجهاض الجنين للتستر على الفاحشة؛ لأن الأمر بالشيء نهيٌ عن ضده، ولا يُعَدُّ إجهاض الجنين في هذه الحالة من قبيل الإجهاض لعذره، ومن ثَمّ فإن إجهاضه في هذه الحالة يقتضي الإثم ويوجب الضمان .
ومن الظواهر التي أسفر عنها التحلل الأخلاقيّ وضعف الوازع الدينيّ أو انعدامه لدى الكثيرين أن أكثر حالات الإجهاض التي تتم في عصرنا تكون بقصد التستر على فاحشة، وقد حَدَا هذا ببعض الأطباء إلى التخصص في مجال إجهاض البغايا(20/214)
وبائعات الهوى، وبعضُ من يتكسبون بذلك يعلم علم اليقين أنه يقترف جريمة تستوجب عقابه في الدنيا والآخرة، أيًّا كانت عقيدتُه.
وقد ذكر بعضهم أن من مبرراتها عدم رغبة الأم في وجود هذا الطفل الذي تريد إجهاضه قبل أن يأتيَ إلى الحياة، لانعكاس عدم الرغبة فيه على نفسيته إذا استمر حتى وُلد، مما يجعله ناقمًا على الحياة .
وذكر بعض آخر بأن الإجهاض ضرورة قومية، واستشهد على هذه الضرورة بحالات تم فيها الحمل نتيجة اقتراف الزنا بالمحارم، أو اغتصاب الإناث، أو زواج المرأة بمن كذب عليها وغرر بها ونحو ذلك !
وإن كان هذا وأضرابه يُعذَرون لعدم إلمامهم بعلوم الشريعة وقواعدها حتى ظنوا أن أحكامها تَصدُر كورق البنكنوت كلما احتاج المجتمع إلى مزيد من السيولة فيها، لتواكب انتكاس الأخلاق والمبادئ التي دعت إليها الشرائع السماوية، فإنه لا يُعذَر أحد علماء الأزهر الأجلاء أن يصدر عنه رأي يبيح فيه إجهاض الإناث اللاتي اغتُصبن، إذا تم هذا في خلال الشهور الأولى للحمل، حمايةً للأنساب من الاختلاط، وهذا الرأي ينقضه صراحة حديث بُريدة السابق في اعتراف الغامدية بالزنا، فإن رسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يأمرها بإجهاض ما في بطنها، حرصًا على الأنساب من الاختلاط، كما يقول صاحب الرأي المذكور، ولم يستفصل منها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إن كان زنا ماعز بها قد تم برضاها أو بإكراهها عليه، كما لم يستفصل منها إن كان حملها في شهوره الأولى أو بعد ذلك، فلو كان حكم الإجهاض يختلف باختلاف ظروف ارتكاب الفاحشة وعمر الجنين لاستفصل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولَبَيَّنَ لها ـ وقد ذكَرَت أنها حُبلى ـ أن لها أن تُجهض هذا الجنين إن كان عمره كذا أو نحو ذلك، لأنه وقت الحاجة إلى البيان، وتأخير البيان عن وقت الحاجة إليه لا يجوز، فلما لم يستفصل ولم يبين دل على حرمة إجهاض الجنين ولو كان من سفاح، أيًّا كان ظروف ارتكاب الفاحشة أو عمر الجنين .
وأسأل صاحب هذا الرأي: أيُّ شهور أُولَى يُباح خلالها الإجهاض؟ إن الجنين قبل نفخ الروح فيه له حرمة، وإن لم تكن كحرمة من نُفخت فيه الروح، وهذه الحرمة تقتضي حرمة الاعتداء عليه، فإذا نُفخ فيه الروح بعد مضيّ مائة وعشرين يومًا من بدء الحمل به فإن الاعتداء عليه في هذه الحالة يكون قتلاً لنفس حرم الله قتلها إلا بالحق، وليس من الحق إزهاقُها لمجرد إتيانها من سفاح .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض بناء على تشخيص مرض الجنين ... العنوان
ما حكم الإجهاض بناء على تشخيص مرض الجنين ... السؤال
26/06/2006 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...(20/215)
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: </<B>
فإن الأصل في الإجهاض هو الحرمة. وإن كانت الحرمة تكبر وتعظم كلما استقرت حياة الجنين.
فهو في الأربعين الأولى أخف حرمة، فقد يجوز لبعض الأعذار المعتبرة، وبعد الأربعين تكون الحرمة أقوى، فلا يجوز إلا لأعذار أقوى يقدرها أهل الفقه، وتتأكد الحرمة وتتضاعف بعد مائة وعشرين يومًا، حيث يدخل في المرحلة التي سماها الحديث "النفخ في الروح".
وفى هذه الحالة لا يجوز الإجهاض إلا في حالة الضرورة القصوى، بشرط أن تثبت الضرورة لا أن تتوهم، وإذا ثبتت فما أبيح للضرورة يقدرها بقدرها.</<B>
من واجب الفقيه المسلم أن يقف أمام هذه القضايا المعروضة، ليقرر عدة حقائق أهمها:
أن حياة الجنين في نظر الشريعة الإسلامية حياة محترمة، باعتباره كائنا حيًا يجب المحافظة عليه، حتى إن الشريعة تجيز للحامل أن تفطر في رمضان، وقد توجب ذلك عليها، إذا خافت على حملها من الصيام.. ومن هنا حرمت الشريعة الاعتداء عليه، ولو كان الاعتداء من أبويه، بل ولو جاء ذلك من أمه التي حملته وهنا على وهن.
حتى في حالة الحمل الحرام ما جاء عن طريق الزنى لا يجوز لها أن تسقطه، لأنه كائن إنساني حي لا ذنب له،(ولا تزر وازرة وزر أخرى). (الإسراء: 15).
وقد رأينا الشرع يوجب تأخير القصاص من المرأة الحامل المحكوم عليها بالقصاص، ومثلها المحكوم عليها بالرجم حفاظًا على جنينها، كما في قصة الغامدية المروية في الصحيح، لأن الشرع جعل لولى الأمر سبيلا عليها ولم يجعل له سبيلا على ما في بطنها.
كما رأينا الشريعة توجب دية كاملة على من ضرب بطن امرأة حامل، فألقت جنينا حيًا، ثم مات من الضربة، نقل ابن المنذر إجماع أهل العلم على ذلك. (انظر: المغنى مع الشرح الكبير 9 / 550).
وإن نزل ميتًا ففيه غرة، وتقدر بنصف عشر الدية.
كما رأيناها تفرض على الضارب مع الدية أو الغرة كفارة، وهى: تحرير رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، بل تفرضها هنا سواء كان الجنين حيًا أو ميتًا.
قال ابن قدامة: </<B>هذا قول أكثر أهل العلم، ويروى ذلك عن عمر رضى الله عنه.
واستدلوا بقوله تعالى: (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة، وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليمًا حكيمًا). (النساء: 92).
قالوا: وإذا شربت الحامل دواء، فألقت به جنينًا، فعليها غرة، لا ترث منها شيئًا، وعليها عتق رقبة. وذلك لأنها أسقطت الجنين بفعلها وجنايتها، فلزمها ضمانه(20/216)
بالغرة، ولا ترث منها شيئًا، لأن القاتل لا يرث المقتول، وتكون الغرة لسائر ورثته. وأما عتق الرقبة فهو كفارة لجنايتها.
وكذلك لو كان المسقط للجنين أباه، فعليه غرة لا يرث منها شيئًا، ويعتق رقبة (المغنى مع الشرح الكبير 6 / 556، 557)، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين توبة من الله.
وأكثر من ذلك ما قاله ابن حزم في "المحلى" في قتل الجنين بعد نفخ الروح فيه أي بعد مائة وعشرين ليلة، كما صح بذلك الحديث، فهو يعتبره جناية قتل عمد كاملة موجبة لكل آثارها من القصاص وغيره قال: </<B>
(فإن قال قائل: فما تقولون فيمن تعمدت قتل جنينها وقد تجاوزت مائة ليلة وعشرين ليلة بيقين فقتلته، أو تعمد أجنبي قتله في بطنها فقتله، فمن قولنا: أن القود يعنى القصاص واجب في ذلك ولابد، ولا غرة في ذلك حينئذ، إلا أن يعفى عنه، فتجب الغرة فقط، لأنها دية، ولا كفارة في ذلك، لأنه عمد، وإنما وجب القود، لأنه قاتل نفس مؤمنة عمدًا، فهو نفس بنفس، وأهله بين خيرتين: إما القود، وإما الدية، أو المفاداة، كما حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيمن قتل مؤمنا وبالله تعالى التوفيق).
وقال ابن حزم فيمن شربت دواء فأسقطت حملها: </<B>
(إن كان لم ينفخ فيه الروح فالغرة عليها، وإن كان قد نفخ فيه الروح فإن كانت لم تعمد قتله فالغرة أيضًا على عاقلتها، والكفارة عليها، وإن كانت عمدت قتله فالقود عليها أو المفاداة في مالها). (المحلى جـ 11).
وابن حزم يعتبر الجنين إذا نفخت فيه الروح شخصًا من الناس، حتى إنه يوجب إخراج زكاة الفطر عنه، أما الحنابلة فيرون ذلك مستحبًا لا واجبًا.
وهذا كله يرينا إلى أي حد تهتم الشريعة بالجنين، وتأكيد حرمته، وخصوصًا بعد المرحلة التي جاء الحديث بتسميتها مرحلة "النفخ في الروح"، وهذا من أمور الغيب، التي نسلم بها إذ صح بها النص، ولا نطيل البحث في كنهها(وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً). (الإسراء: 85).
وأحسب أن ذلك شيء غير مجرد الحياة الحيوانية المعهودة، وإن فهم ذلك الشراح والفقهاء، فالحقيقة التي أثبتها العلم الآن بيقين: أن الحياة أسبق من ذلك. ولكن لعلها دون الحياة الإنسانية التي عبر عنها الحديث بـ "النفخ في الروح" وإليها الإشارة بقوله تعالى: (ثم سواه ونفخ فيه من روحه). (السجدة: 59).
على أن من الأحاديث الصحاح ما خالف حديث ابن مسعود الذي ذكر فيه إرسال الملك لنفخ الروح بعد ثلاث أربعينات.
فقد روى مسلم في صحيحه حديث حذيفة بن أسيد قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة، بعث الله إليها ملكًا، فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى؟ فيقضى ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب، أجله؟ فيقول ربك ما شاء، ويكتب الملك. ثم يقول: يا رب، رزقه؟ فيقضى ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم(20/217)
يخرج الملك بالصحيفة، فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص". (رواه مسلم في: كتاب القدر من صحيحه "باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه"، حديث 2645).
فهذا الحديث جعل بعث الملك وتصويره للنطفة بعد ستة أسابيع اثنتين وأربعين ليلة (العجيب أن علم الأجنة والتشريح بعد تقدمهما اليوم يثبتان أن الجنين بعد هذه المدة (42 ليلة) يدخل مرحلة جديدة ونشأة أخرى).ـ لا بعد مائة وعشرين ليلة، كما في حديث ابن مسعود المعروف، وجمع بعض العلماء بين الحديثين باحتمال تعدد إرسال الملك، فمرة في ابتداء الأربعين الثانية، وأخرى في انتهاء الأربعين الثالثة لنفخ الروح. (فتح الباري 14 /284،ط.الحلبي).
ومن هنا أجمع فقهاء المسلمين على حرمة إجهاض الجنين بعد نفخ الروح فيه، لم يخالف في ذلك أحد من السلف أو الخلف. (فهم بعض الشافعية كما في حاشية الشرواني على بن قاسم 9 / 41 أن أبا حنيفة يجيز الإجهاض بعد نفخ الروح، وهو غلط عليه وعلى مذهبه بيقين. وكتب المذهب الحنفي حافلة بما يخالف ذلك).</<B>
أما مرحلة ما قبل نفخ الروح، فمن الفقهاء من أجاز الإجهاض حينئذ إذا دعت إليه حاجة، على اعتبار أن الحياة لم تدب فيه بعد، فهو في نظرهم مجرد سائل، أو علقة من دم، أو مضغة من لحم!
ويقول بعض إخواننا من علماء الطب والتشريح تعليقًا على أقوال من أجازوا من الفقهاء إسقاط الجنين قبل نفخ الروح: إن هذا الحكم من هؤلاء العلماء الأجلاء مبنى على معارف زمنهم.
ولو عرف هؤلاء ما عرفنا من حقائق علم الأجنة اليوم عن هذا الكائن الحي المتميز، الذي يحمل خصائص أبويه وأسرته وفصيلته ونوعه، لغيروا حكمهم وفتواهم، تبعًا لتغير العلة، فإن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا. </<B>
ومن لطف الله بعباده أن علماء الأجنة والتشريح أنفسهم اختلفوا كما اختلف الفقهاء في تقييم حياة الجنين في مراحله الأولى: قبل الـ 42 يومًا وقبل الـ 120 يومًا.
وكان اختلافهم هذا مؤيدًا قويًا لاختلاف الفقهاء في جنين ما قبل الأربعين وما قبل الأربعينات الثلاثة.
ولعل هذا من رحمة الله بالناس ليظل للأعذار والضرورات الحقيقية موضعها.
ولا بأس أن نذكر هنا بعض ما قاله الفقهاء في هذا المجال:
قال شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" بعد كلام طويل عن "العزل" واختلاف العلماء في جوازه ومنعه، ومال في نهايته إلى ترجيح الجواز، وعدم نهوض أدلة المانعين: قال: </<B>
(وينتزع من حكم العزل حكم معالجة المرأة إسقاط النطفة قبل نفخ الروح، فمن قال بالمنع هنا، ففي هذه أولى، ومن قال بالجواز يمكن أن يلتحق به هذا. ويمكن أن يفرق بأنه أشد، لأن العزل لم يقع فيه تعاطى السبب، ومعالجة السقط تقع بعد تعاطى السبب). (فتح الباري 11 / 222 ط. الحلبي).
ومن الفقهاء من فرق بين الحمل قبل الأربعين والحمل بعد الأربعين. فأجاز الإسقاط قبل الأربعين لا بعدها. ولعل محور هذه التفرقة هو حديث مسلم الذي ذكرناه. ففي(20/218)
"نهاية المحتاج" من كتب الشافعية، ذكر اختلاف أهل العلم في النطفة قبل تمام الأربعين على قولين:
(قيل: لا يثبت لها حكم السقط والوأد.
وقيل: لها حرمة، ولا يباح إفسادها، ولا التسبب في إخراجها بعد استقرارها في الرحم). (نهاية المحتاج للرملي 8 / 416 ط. الحلبي).
ومنهم من فرق بين مرحلة تخلق الجنين ومرحلة ما قبل تخلقه، فرخص في الإجهاض قبل التخلق دون ما بعده.
وفى "النوادر" من كتب الحنفية: (امرأة عالجت في إسقاط ولدها، لا تأثم ما لم يستبن شيء من خلقه). (انظر: البحر الرائق لابن نجيم 8 / 233 ط. دار المعرفة، بيروت).
وفى كتبهم سألوا: هل يباح الإسقاط بعد الحبل؟ وأجابوا: يباح ما لم يتخلق شيء منه.
ثم في غير موضع قالوا: ولا يتخلق إلا بعد مائة وعشرين يومًا.
قال محقق الحنفية الكمال بن الهمام: (وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخليق نفخ الروح، وإلا فهو غلط، لأن التخليق يتحقق بالمشاهدة قبل هذه المدة). (فتح القدير 2 / 495 ط. بولاق).
وكلام هذا العلامة صحيح، يقره العلم في عصرنا.
وإطلاقهم يفيد عدم توقف جواز الإسقاط على إذن الزوج، وهو ما صرح به في "الدر المختار" بقوله: وقالوا: يباح إسقاط الولد قبل أربعة أشهر ولو بلا إذن الزوج.
ومن الحنفية من رفض الإباحة المطلقة وقال: لا أقول بالحل، إذ المحرم لو كسر بيض الصيد ضمنه، لأنه أصل الصيد، فلما كان يؤاخذ بالجزاء، فلا أقل من أن يلحقها إثم هنا إذا أسقطت بغير عذر.
ومنهم من قال: يكره، فإن الماء بعدما وقع في الرحم مآله الحياة، فيكون له حكم الحياة، كبيضة صيد الحرم.
ولذا قال أهل التحقيق منهم: (فإباحة الإسقاط محمولة على حالة العذر، أو أنها لا تأثم إثم القتل). (الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 2 / 380 ط. بولاق).
على أن الكثيرين من العلماء خالفوا هؤلاء، ولم يجيزوا الإجهاض ولو قبل نفخ الروح.
ذلك أن هناك طائفة من العلماء تمنع العزل وهو قذف السائل المنوي خارج فرج المرأة وتعتبره لونا من "الوأد الخفي" كما جاء ذلك في بعض الأحاديث، وذلك لما فيه من منع لأسباب الحياة أن تأخذ سبيلها إلى الوجود والظهور... فهؤلاء يمنعون الإجهاض ويحرمونه بطريق الأولى. فإن أسباب الحياة هنا قد انعقدت بالفعل حين التقى الحيوان المنوي الذكرى بالبييضة الأنثوية، في تزاوج وتلاقح جعل منهما كائنا جديدًا يحمل من الخصائص الوراثية ما لا يعلمه إلا الله تعالى.
على أن هناك من العلماء من أجاز العزل لمسوغات وأسباب تتعلق بالأم أو بالوليد السابق، أو بقدرة الأسرة على حسن التربية، أو غير ذلك .. ولكنهم مع هذا لم يجيزوا الإجهاض ونظموه مع الوأد في سلك واحد، وإن اختلفت مرتبتا الجناية.(20/219)
ومن هؤلاء الإمام الغزالي، فقد رأيناه رغم إجازته للعزل لمسوغات معتبرة عنده يفرق بوضوح بين منع الحمل بالعزل وبين إسقاطه بعد وجوده فيقول: </<B>
(وليس هذا أي المنع بالعزل كالإجهاض والوأد، لأن ذلك جناية على وجود حاصل، والوجود له مراتب، وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم، وتختلط بماء المرأة، وتستعد لقبول الحياة، وإفساد ذلك جناية، فإن صارت مضغة وعلقة، كانت الجناية أفحش، وإن نفخ فيه الروح واستوت الخلقة ازدادت الجناية تفاحشًا، ومنتهى التفاحش في الجناية هي بعد الانفصال حيًا). (إحياء علوم الدين، ربع العادات، كتاب النكاح ص 737 طـ الشعب). اهـ.
ونلاحظ أن الغزالي رحمه الله يعتبر الإجهاض جناية على وجود بشرى حاصل، مع أنه يعبر عن التقاء نطفة الرجل بماء المرأة بأنه "استعداد لقبول الحياة".
فكيف لو عرف ما عرفناه اليوم بأن الحياة قد وجدت بالفعل منذ تم هذا اللقاء؟.
ولهذا نقول: إن الأصل في الإجهاض هو الحرمة. وإن كانت الحرمة تكبر وتعظم كلما استقرت حياة الجنين.
فهو في الأربعين الأولى أخف حرمة، فقد يجوز لبعض الأعذار المعتبرة، وبعد الأربعين تكون الحرمة أقوى، فلا يجوز إلا لأعذار أقوى يقدرها أهل الفقه، وتتأكد الحرمة وتتضاعف بعد مائة وعشرين يومًا، حيث يدخل في المرحلة التي سماها الحديث "النفخ في الروح".
وفى هذه الحالة لا يجوز الإجهاض إلا في حالة الضرورة القصوى، بشرط أن تثبت الضرورة لا أن تتوهم، وإذا ثبتت فما أبيح للضرورة يقدرها بقدرها.
ورأيي أن الضرورة هنا تتجلى في صورة واحدة، وهى: ما إذا كان في بقاء الجنين خطر على حياة الأم، لأن الأم هي الأصل في حياة الجنين، والجنين فرع، فلا يضحى بالأصل من أجل الفرع، وهذا منطق يوافق عليه مع الشرع الخلق والطب والقانون. على أن من الفقهاء من رفض ذلك، ولم يقبل الجناية على الحي بحال. ففي كتب الحنفية:
(امرأة حامل اعترض الولد في بطنها ولا يمكن "إخراجه" إلا بقطعه أرباعًا. ولو لم يفعل ذلك يخاف على أمه من الموت.. قالوا: إن كان الولد ميتًا فلا بأس به، وإن كان حيًا لا يجوز، لأن إحياء نفس بقتل نفس أخرى لم يرد في الشرع). (البحر الرائق لابن نجيم 8 / 233).
ولكن الشرع ورد بارتكاب أخف الضررين، وأهون المفسدتين..
وأضاف بعض المعاصرين إلى الصورة المذكورة، صورة أخرى، وهى: </<B>
أن يثبت بطريقة علمية مؤكدة أن الجنين وفقًا لسنن الله تعالى سيتعرض لتشوهات خطيرة تجعل حياته عذابًا عليه وعلى أهله، وفقًا لقاعدة: "الضرر يدفع بقدر الإمكان" وينبغي أن يقرر ذلك فريق طبي لا طبيب واحد.
والراجح أن الجنين بعد استكمال أربعة أشهر إنسان حي كامل. فالجناية عليه كالجناية على طفل مولود.
ومن لطف الله أن الجنين المصاب بتشوهات خطيرة لا يعيش بعد الولادة، في العادة، كما هو مشاهد، وكما قرر أهل الاختصاص أنفسهم.(20/220)
على أن الأطباء كثيرًا ما يخطئون التشخيص.
وأذكر هنا واقعة كنت أحد أطرافها، وقعت منذ بضع سنوات، فقد استفتاني صديق يقيم في ديار الغرب: أن الأطباء، قرروا أن الجنين في بطن امرأته الحامل لخمسة أشهر سينزل مشوها وقال: إنهم يرجحون ذلك ولا يوقنون. وكانت فتواي له أن يتوكل على الله، ويدع زمام الأمر إليه سبحانه، فلعل ظنهم يخيب، ولم أشعر بعد أشهر إلا وبطاقة تصل إلى من أوربا تحمل صورة مولود جميل، كتب أبوه على لسانه هذه العبارات المؤثرة:
عمى العزيز: أشكرك بعد الله تعالى على أن أنقذتني من مشارط الجراحين، فقد كانت فتواك سبب حياتي، فلن أنسى لك هذا الجميل ما حييت.
بيد أن تشوهات الجنين ينبغي أن تعتبر إذا ثبتت بالفعل قبل الأشهر الأربعة، ومرحلة نفخ الروح. </<B>
على أنه ليس من التشويه المعتبر أن يصاب الجنين بعد ولادته بمثل العمى أو الصمم أو البكم، فهذه عاهات عرفها الناس طوال حياة البشرية وعاشوا بها، ولم تمنعهم من المشاركة في تحمل أعبائها، وعرف الناس عباقرة من ذوى العاهات لازالت أسماؤهم حاضرة في ذاكرة التاريخ.
ولا يجوز لنا أن نعتقد أن العلم سيغير بإمكاناته ووسائله من طبيعة الحياة البشرية التي أقامها الله على الابتلاء (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه) (الإنسان: 2) . (لقد خلقنا الإنسان في كبد). (البلد: 4).
ولقد ساهم العلم وساهمت التكنولوجيا في عصرنا بتعليم المعوقين تعليمًا بلغ حدًا كبيرًا من النجاح، كما ساهما في تيسير الحياة لهم، واستطاع كثير منهم أن يشاركوا في أعباء الحياة كغيرهم من الأسوياء، وخاصة أن الله تعالى قد اقتضت سنته أن يعوضهم بمواهب وقدرات أخرى غير عادية.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
اختيار جنس الجنين : بين العلم والفقه ... العنوان
هناك نوعان من كروموزومات الجنس . أما الذي في بويضة المرأة فهو دائمًا من النوع المسمى ( X ) . وأما منويات الرجل فبعضها يحمل ( X ) والآخر يحمل ( Y ) وكلاهما موجود بأعداد وفيرة مختلطين في القذيفة المنوية الواحدة . فإن قدر أن يلقح البويضة منوي يحمل ( X ) كان كروموزوما الجنس في الجنين الناتج ( XX ) وهذا الجنين أنثى . وإلا فهما ( X Y ) وهذا الجنين ذكر.
دار البحث ولا يزال عما تختلف فيه المنويات حاملة ( X ) عن تلك حاملة ( Y ) من خصال . وثبت أنهما يختلفان في الكتلة وفي سرعة الحركة وفي الأثر الكهربي وفي القدرة على اقتحام وسط لزج واجتيازه وفي درجة نشاطها باختلاف التفاعل الكيميائي للبيئة المحيطة . واستخدمت هذه الفروق في إتاحة الفرصة لأحدهما دون الآخر في أن يكون السابق إلى تلقيح البويضة ومن ثم اختيار جنس الجنين الناتج.(20/221)
وقد تم تطبيق ذلك فعلاً في صناعة تربية الحيوان . حيث تتم تهيئة الظروف المرغوبة وإجراء التلقيح الصناعي للإناث والحصول على مواليد من الجنس المنشود إن لم يكن دائما فبنسبة عالية.
ولم يتم ذلك في الإنسان حتى الآن . . لأسباب أهمها أن من الصعب إخضاع الطبيعة الإنسانية لظروف التجربة الحيوانية من منع عن الجنس لفترات طويلة تكتنفها تلقيحة صناعية واحدة . . ولكن أصبح في حيز الاحتمال أن يصل العلم إلى المزيد في هذا الشأن . . بل إن بعض السيدات تتحايل على ذلك بمعرفة نوع الجنين الذي في أرحامهن بشفط جزء من السائل الرحمي الذي حول الجنين وفحص ما فيه من خلايا الجنين المنفوضة، فإن لم يكن الجنين من الجنس المراد طلبن من الطبيب إجهاضه وذلك في البلاد التي تبيح الإجهاض . . على أن رأينا نحن واضح في أن الإجهاض حرام.
ولكن ماذا لو تم التغلب على الصعوبات الباقية بغير إجهاض وهذا أمر محتمل ؟
وفي مهنتي أرى أم البنات تريد أن تحدد عدد أطفالها ولكنها تزيد وتزيد في انتظار الذكر المنشود . فهل إن استطاعت من البدء إنجاب الذكر أفضى ذلك إلى تقليل التناسل ؟
وهل يجنح الأغنياء إلى إنجاب الذكور حرصًا على الثروة أن تخرج من الأسرة إن ورثت البنت وانضمت بما تملك إلى زوج غريب يحمل أولاده منها اسمه واسم أسرته ثم تؤول إليهم أملاك أمهم بالوراثة ؟
أو أن الإنسان إن حاول أن يأخذ على عاتقه مهمة الطبيعة الحكيمة بعيدة النظر في توزيع الجنس آل به الأمر إلى أن يفسد حيث ظن أنه يصلح كما فعل من قبل وهو يعبث بالتوازن الحيوي على هذه الأرض.؟؟
... السؤال
09/06/2006 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد يرخص الدين في عملية اختيار الجنس، ولكن يجب أن تكون رخصة للضرورة أو الحاجة المنزلة منزلة الضرورة، وإن كان الأسلم والأولى تركها لمشيئة الله وحكمته
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: لا ريب أن هذه القضايا قضايا خطيرة تستحق الاهتمام من المشتغلين بفقه الشريعة وبيان أحكامها، وخصوصًا إذا كانت في حيز الإمكان القريب، كما يؤكد الأطباء وإن كان من فقهاء السلف رضي الله عنهم من جعل نهجه رفض الإجابة عما لم يقع بالفعل من الحوادث المسئول عنها، حتى لا يجري الناس وراء الافتراضات المتخيلة، مما لا يقع مثله إلا شاذًا، بدل أن يعيشوا في الواقع، ويبحثوا عن علاج لأدوائه.(20/222)
فعن ابن عمر قال: لا تسألوا عما لم يكن: فإني سمعت عمر يلعن من سأل عما لم يكن.
وكان بعضهم يقول للسائل عن أمر: أوقد وقع ؟ فإن وقع أجابه . وإلا قال له: إذا وقع فاسأل.
وكانوا يسمون من سأل عما لم يقع: " أرأيتيًّا " نسبة إلى قوله: " أرأيت لو كان كذا وحدث كذا " الخ . . ..
قال الشعبي إمام الكوفة في عصر التابعين: والله لقد بغّض هؤلاء القوم إليّ المسجد . قلت: من هم يا أبا عمر ؟ قال: الأرأيتيون.
وقال: ما كلمة أبغض إليّ من " أرأيت " ؟ !
ويمكننا أن نقتدي بهؤلاء الأئمة، ونقول للسائل: دع الأمر حتى يقع بالفعل، فإذا حدث أجبنا عنه، ولا نتعجل البلاء قبل وقوعه.
وما يدرينا ؟ لعل عقبات لم يحسب العلماء حسابها، أو قدروا في أنفسهم التغلب عليها . تقف في طريقهم، فلا يستطيعون تنفيذ ما جربوه في بعض الحيوان على نوع الإنسان.
ولكنا - مع هذا - نحاول الجواب لأمرين:
الأول: إن موجه السؤال يعتقد أن الأمر وشيك الوقوع، وليس من قبيل الفروض المتخيلة التي كان يسأل عن مثلها " الأرأيتيون " فلابد أن نتهيأ لبيان حكم الشرع فيما يترتب عليها من آثار لم يسبق لها نظير في الحياة الإسلامية، بل الإنسانية.
الثاني: إن السؤال فيما أرى أيضًا فيما يتضمن بحث مشروعية هذه الأعمال المطروحة للاستفتاء: أتدخل في باب الجائز أم المحظور
قضية اختيار الجنس:
أما قضية اختيار جنس الجنين، من ذكورة وأنوثة، فهي تصدم الحس الديني لأول وهلة وذلك لأمرين:
الأول: أن علم ما في الأرحام للخالق سبحانه، لا للخلق . قال تعالى: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد) وهو من الخمسة التي هي مفاتيح الغيب المذكورة في آخر سورة لقمان (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام).
فكيف يدعي بشر أنه يعلم جنس الجنين ويتحكم فيه ؟
الثاني: أن ادعاء التحكم في جنس الجنين تطاول على مشيئة الله تعالى، التي وزعت الجنسين بحكمة ومقدار، وحفظت التوازن بينهما على تطاول الدهور، واعتبر ذلك دليلاً من أدلة وجود الله تعالى وعنايته بخلقه وحسن تدبيره لملكه.
يقول تعالى: (لله ملك السموات والأرض، يخلق ما يشاء، يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيما، إنه عليم قدير).
ولكن لماذا لا يفسر علم ما في الأرحام بالعلم التفصيلي لكل ما يتعلق بها ؟ فالله يعلم عن الجنين: أيعيش أم يموت ؟ وإذا نزل حيا: أيكون ذكيًا أم غبيًا ضعيفًا أم قويًا، سعيدًا أم شقيًا ؟ أما البشر فأقصى ما يعلمون: أنه ذكر أو أنثى.(20/223)
وكذلك يفسر عمل الإنسان في اختيار الجنس: أنه لا يخرج عن المشيئة الإلهية، بل هو تنفيذ لها . فالإنسان يفعل بقدرة الله، ويشاء بمشيئة الله (وما تشاءون إلا أن يشاء الله).
وفي ضوء هذا التفسير، قد يرخص الدين في عملية اختيار الجنس، ولكنها يجب أن تكون رخصة للضرورة أو الحاجة المنزلة منزلة الضرورة، وإن كان الأسلم والأولى تركها لمشيئة الله وحكمته (وربك يخلق ما يشاء ويختار، ما كان لهم الخيرة
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
إجهاض المرأة التي يضر بها الحمل ... العنوان
هل يجوز إجهاض من يضر الحمل بها ؟
... السؤال
31/05/2006 ... التاريخ
أ.د. عبد الفتاح إدريس ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فقد أفتى جمع من العلماء بجواز إجهاض المرأة التي يضر الحمل بها، سواء كان إضراره بها في بقائه في رَحِمِها أو عند ولادته، بل إن منهم من أوجبه ولو كان بعد نفخ الروح في الجنين ، وذلك لتعلُّق حقوق غير هذا الجنين بها ، ولأنها أصله ، وقد استقرت حياتها بخلافه ، ومن ثَمّ كان القولُ بإجهاضه في هذه الحالة وإن نُفخت فيه الروحُ دفعًا لأعظمِ المفسَدَتَين بارتكاب أخفِّهما .
يقول أ.د.عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر:
حافظت الشريعة الإسلامية على الجنين في جميع مراحل تخلُّقه، وقت أن كان مجردَ نطفة إلى أن يُنفخ فيه الروح ويولد، وجعلت الاعتداء عليه في أية مرحلة من مراحل التخلق موجِبًا لإثم المتسبِّب في الاعتداء، ولو كان الأبَوَين، هذا بالإضافة إلى تضمينه، وما قد يوجبه الإجهاض من الاقتصاص من الجاني؛ إذ كان اعتداؤه على الجنين بعد نفخ الروح فيه عمدًا عدوانًا، كما هو مذهب بعض الفقهاء.
إلا أن ثَمّةَ حالات تَقتضي إجهاضَ المرأة الحامل كنوع من العلاج لها للمحافظة على حياتها أو صحتها ضد خطر مُحدِق بها، من جَرّاء الحمل أو الولادة، ومن بين هذه الحالات المتعلقة بالمرأة الحاملِ أمراضُ الكُلَى المزمنة، وأمراضُ القلب والدم والاستقلاب، وأمراضُ الجهاز التنفسيّ ونقصِ أو اضطرابِ جهاز المناعة، والأمراضُ الخبيثة، والأمراضُ المتعلِّقة بالحمل والولادة، والأمراضُ الخِلْقية في الأم، التي تجعل الولادة متعسِّرة أو نحو ذلك.
وقد أفتى جمع من العلماء بجواز إجهاض المرأة التي يضر الحمل بها، سواء كان إضراره بها في بقائه في رَحِمِها أو عند ولادته، بل إن منهم من أوجبه ولو كان بعد نفخ الروح في الجنين، دفعًا لأشدِّ الضررَين بارتكاب أخفِّهما.(20/224)
فقد قال فضيلة الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق :
"إذا ثبت من طريق موثوق به أن بقاءه بعد تحقق حياته يؤدي لا محالة إلى موت الأم فإن الشريعة الإسلامية بقواعدها العامة تأمر بارتكاب أخفِّ الضررَين. فإذا كان في بقائه موتُ الأم وكان لا مُنقِذَ لها سوى إسقاطه كان إسقاطُه في تلك الحالة متعيِّنًا. ولا يُضحَّى بها في سبيل إنقاذه؛ لأنها أصله، وقد استقرت حياتها، ولها حظ في الحياة، ولها حقوق وعليها حقوق، وهي بعد هذا عماد الأسرة، وليس من المعقول أن نضحيَ بها في سبيل الحياة لجنين لم تَستقل حياته، ولم يَحصل على شيء من الحقوق والواجبات".
وقال فضيلة الشيخ جاد الحق عليّجاد الحق شيخ الأزهر سابقاً :
"إذا قامت ضرورة تحتِّم الإجهاض، ورأى الأطباء المختَصُّون أن بقاء الحمل في بطنها ضارّ بها، فعندئذٍ يجوز الإجهاض، بل يجب إذا كان يتوقف عليه حياة الأم، عملًا بقاعدة (ارتكاب أخفِّ الضررَين وأهونِ الشرَّين) ولا مِرَاءَ في أنه إذا دار الأمر بين موت الجنين وموت أمه كان بقاؤها أَوْلَى؛ لأنها أصله، وقد استقرت حياتها، ولها حظّ مستقلّ في الحياة، كما أن لها وعليها حقوقًا، فلا يُضحَّى بالأم في سبيل جنين لم تَستقلّ حياته ولم تَتأكد".
وممن رأى جوازَ إجهاض الجنين ـ ولو بعد نفخ الروح فيه، إذا كان بوضع يهدد حياة المرأة الحامل ـ د/ محمد سلام مدكور ، د/ عبد الرحمن النجار ، د/ يوسف القرضاويّ ، وغيرهم .
وجاء في التقرير النهائيّ لمؤتمر الرباط 1971م:
"وفي أمر الإجهاض استعرَض المؤتمر آراء فقهاء المسلمين، فتبيَّن أنه حرام بعد الشهر الرابع، إلا لضرورة مُلِحّة، صيانةً لحياة الأم. أما قبل ذلك، فرغم وجود آراء فقهية متعددة فإن النظر الصحيح يتجه إلى منعه في أي دور من أدوار الحمل، إلا للضرورة الشخصية القصوى؛ صيانةً لحياة الأم".
وباستعراض ما ذكره العلماء من شروط لجواز إجهاض الحامل حفاظًا على حياتها أو صحتها، نجد أنهم اعتبَروا الشروط التالية:
1ـ قيام الضرورة التي تحتِّم الإجهاض، بأن كان بقاءُ الجنين في رحم الأم يهدد حياتها أو يضر بصحتها.
2ـ أن يثبُت قيامُ هذه الضرورة من طريق موثوق به، فلا تكون متوهَّمة.
3ـ أن يُتيقَّن من أن بقاء الجنين يهدد حياة الحامل أو يضرّ بصحتها، وأن هذا الخطر لا يزول عنها إلا بإجهاض الجنين.
4ـ أن يقرِّر ضرورةَ الإجهاض لإنقاذ حياة الأم أو المحافظة على صحتها أطباءُ متخصِّصون، ولما كان هؤلاء يَتوقف على تقريرهم حكمٌ شرعيّ فيُشترَطُ فيهم أن يكونوا عدولاً حاذِقِين في الطب، وألاّ يقل عددهم عن اثنين، كما قال ابن حجر الهيثميّ.
والذي أراه هو جواز إجهاض المرأة التي يضر بها الحمل ضررًا بيِّنًا لا يمكن معه استدامةُ بقائه إلى الولادة، كأن كان بقاءُ الجنين يهدد حياة أو صحتها، ولم يمكن التغلب على ذلك بالمداواة وغيرها مع بقاء الحمل، ولو كان هذا الإجهاض بعد نفخ(20/225)
الروح في الجنين، إذا توافرت الشروط السابقة. وإن كان المنقولُ عن بعض الحنفية مَنْعَه في هذه الحالة لعدم ورود نص شرعيّ يبيح قتل نفس لإحياء نفس أخرى .
ولكن يُرَدّ على هذا بأن نصوص الشريعة وإن لم يَرِدْ فيها ما يُفيد هذا صراحةً إلا أنه ورد فيها النهي عن الاقتصاص من الوالد لولده، فقد رُوي عن ابن عباس أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لا يُقاد الوالدُ بولده" وذلك لأن الوالد كان سببًا في وجود الولد فلا يكون الولد سببًا في عدمه، وهذا يَقتضي مَنْعَ التضحية بالوالد من أجل حياة الولد. يُضاف إلى هذا أن في بقاء الجنين في رحم الأم مفسدةً إن كان بقاؤه يضرّ بصحتها أو يُودي بحياتها، وفي إجهاض الجنين مفسدةٌ كذلك، ولا يمكن دَرْءُ المفسَدَتَين في نفس الوقت، إذا تعذر استبقاءُ الجنين ومعالجةُ الحامل من الأضرار التي يسببها بقاءُ الحمل في رحمها، فالواجب في هذه الحالة دفعُ أعظمِ المفسَدَتَين بارتكاب أخفِّهما، وَفقًا لما تَقضي به قواعد الفقه الكلية .
ولا شك أن الضرر الذي يَحيق بالأم في حال استبقاء الجنين مفسدتُه أعظمُ من مفسدة إجهاضه إن كان بقاؤه يضرّ بها؛ وذلك لتعلُّق حقوق غير هذا الجنين بها، ولأنها أصله، وقد استقرت حياتها، بخلافه، ومن ثَمّ كان القولُ بإجهاضه في هذه الحالة وإن نُفخت فيه الروحُ دفعًا لأعظمِ المفسَدَتَين بارتكاب أخفِّهما.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
إسقاط الحمل بعد نفخ الروح ... العنوان
هل يجوز شرعا إسقاط الحمل بعد تيقّنه بنفخ الروح فيه ؟
... السؤال
15/05/2006 ... التاريخ
شيخ الأزهر الأسبق محمود شلتوت ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فقد اتفق الفقهاء على أن الإجهاض بعد نفخ الروح فيه حرامٌ لأنه جنايةٌ على حيٍّ ، ولكن إذا ثبت أن بقاء الجنين يُؤدي لا محالة إلى موت الأم كان إسقاطه في تلك الحالة مُتَعَيِّنًا ؛ لأنها الأصل ، واختلفوا في إسقاطه قبل نفخ الروح فيه بين مجيز ومانع ، والاتفاق على حُرْمة الإسقاط في أي وقت من أوقات الحمل ، وللضُّرورات حُكمها كذلك في أي وقت مِن أوقاته .
يقول الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق-رحمه الله-ردا على سؤال مشابه :
أما إسقاط الحمل فقد تكلم في حكمه فقهاؤنا، وتمَّ اتفاقهم على أن إسقاطه بعد نفخ الروح فيه ـ وهو كما يقولون لا يكون إلا بعد أربعة أشهر ـ حرامٌ وجريمةٌ، لا يَحِلُّ لمسلمٍ أن يفعله؛ لأنه جنايةٌ على حيٍّ متكامل الخَلْق، ظاهر الحياة، قالوا: ولذلك وجبتْ في إسقاطه "الدِّيَةُ" إنْ نزل حيًّا، وعُقوبةٌ ماليَّةٌ أقلُّ منها إن نزل ميتًا.(20/226)
ولكنهم قالوا: إذا ثبت من طريق مَوثوق به أن بقاءه بعد تحقُّق حياته هكذا، يُؤدي لا محالة إلى موت الأم؛ فإن الشريعة بقواعدها العامة، تأمر بارتكاب أخفِّ الضررين، فإنْ كان في بقائه موت الأم، وكان لا مُنقذ لها سوى إسقاطه، كان إسقاطه في تلك الحالة مُتَعَيِّنًا، ولا يضحي بها في سبيل إنقاذه؛ لأنها أصله، وقد استقرت حياتها ولها حظٌّ مستقل في الحياة، ولها حقوق، وعليها حقوق، وهي بعد هذا وذاك عماد الأسرة، وليس من المعقول أن نُضحي بها في سبيل الحياة لجنينٍ لم تستقلّ حياتُه، ولم يحصل على شيء من الحُقوق والواجبات.
قبل نفْخ الروح
أما إسقاطه قبل نفْخ الروح فيه ـ أي قبل تمام أربعة أشهر كما يقولون ـ فقد اختلفوا فيه، فرأْى فريق أنه جائزٌ ولا حُرمة فيه، زاعمًا أنه لا حياة فيه فلا جِناية، فلا حُرمة. ورأى آخرون أنه حرامٌ أو مكروه؛ لأن فيه حياةَ النمو والإعداد. وقد عرض الإمام الغزالي لهذه المسألة، وفرَّق بينها وبين مسألة "منْع الحمل" وهذه عبارته. قال ـ بعد توجيه رأيه في منْع الحمل: "وليس هذا ـ يُريد منع الحمل ـ كالإجهاض والوأْد؛ لأن ذلك جنايةٌ على موجود حاصل، وله مراتب، وأول مراتب الوجود أن تقع النُّطفة في الرَّحِم وتُخلط بماء المرأة، وتستعد لقبول الحياة، وإفساد ذلك جنايةٌ، فإن صارت نُطفة فعلقة كانت الجناية أفْحَش، وإنْ نُفخ فيه الروح واستوت الخِلْقَةُ ازدادت الجناية تفاحُشًا، ومنتهى التفحُّش في الجناية بعد الانفصال حيًّا".
ومن لطائف توجيهه في هذا المقام أن اختلاط ماء الرجل بماء المرأة بمثابة "الإيجاب والقبول" في الوُجود الحُكمي في العقود، فمَن أوجب ثم رجع قبل القبول لا يكون جانيًا على العقد، ومتى اتصل القبول بالإيجاب كان الرجوع بعد اتصالهما ويكون العقد بهما رفعًا للعقد وفسخًا وقطعًا، فهذا قياس ذاك.
الفقهاء يعترفون بحياة مادة التلقيح
ومن توجيه الغزالي ومَن وافقه في حُرمة إسقاط الحمْل بعد اتصال النطفة بالبُويضة، نرى أن علماء الشريعة يرون كما يرى علماء الطب ـ وإن اختلفت كلماتهم في التعبير ـ أن مادة التلقيح ذات حياة ذاتية، تخُوض بها الميدان، وتُكافح في سبيل الاتصال بهدفها: "البويضة" حتى تعتنقها، وتطرد عنها ما سواها، وقد رتَّبوا على هذه الحياة أحكامًا وآثارًا، منها الحكم بالضمان على كاسر بيْض الصيد غير المذر؛ لأنه ـ كما يقولون ـ أصل الصيد ومادته.
أما الحياة التي لا تكون إلا في الشهر الرابع فهي الحياة الظاهرة التي تُحِسُّها الأم بحركة الجنينِ، والتي عبَّر عنها الحديث بنفْخ الروح.
التقاء النظرة الشرعية بالنظرة الطبية
ولعل العلماء الذين نَفَوُا الحياة قبل نفْخ الروح، يُريدون هذه الحياة الظاهرة، وهم في الوقت نفسه لا يُنكرون أن المادة حيَّة، وأن حياتها تُمكنها من الاتصال بماء المرأة "البويضة". ومن هنا نستطيع أن نُقرر أن اختلاف العلماء في جواز الإسقاط في مبدأ الحَمْل مبنيٌّ على عدم التنبه لهذه الدقائق والإحاطة بها، أو أن حُرمة الإسقاط في تلك الحالة ليست كحُرمته عند تكامل الخلق والإحساس بالحمل، وإذنْ تكون المسألة ذات اتفاق بينهم على حُرْمة الإسقاط أي وقت من أوقات الحمل،(20/227)
وللضُّرورات تقديرها وحُكمها كذلك في أي وقت مِن أوقاته، وبذلك يتبيَّن بوُضوح التقاء النظرتين الشرعية والطبية، وكفى الله المؤمنين القتال.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
حكم إسقاط النطفة ... العنوان
هل يجوز التخلص من الجنين الذي لم يتجاوز عمره 40 يوماً لتحديد النسل؟ وجزاكم الله خيرا ... السؤال
16/04/2006 ... التاريخ
دار الافتاء السعودية ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جداً، ولا يدخل في هذه المبررات الشرعية الخوف من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم. هذا إذا كان الحمل نطفة أي في مدة الأربعين يوماً الأولى أما إذا كان علقة أو مضغة فلا يجوز إسقاطه والعلقة والمضغة هي الأربعون يوماً الثانية والثالثة، وذلك حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن استمراره خطر على سلامة أمه بأن يخشى عليها الهلاك من استمراره ، ففي هذه الحالة يجوز إسقاطه بعد استنفاذ كافة الوسائل لتلافي تلك الأخطار.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ـ المملكة العربية السعودية:
الأصل في حمل المرأة أنه لا يجوز إسقاطه في جميع مراحله إلا لمبرر شرعي ، فإن كان الحمل لا يزال نطفة وهو ما له أربعون يوماً فأقل ، وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر يتوقع حصوله على الأم - جاز إسقاطه في هذه الحالة ، ولا يدخل في ذلك الخشية من المشقة في القيام بتربية الأولاد أو عدم القدرة على تكاليفهم أو تربيتهم أو الاكتفاء بعدد معين من الأولاد ونحو ذلك من المبررات الغير شرعية .
أما إن زاد الحمل عن أربعين يوماً حرم إسقاطه ، لأنه بعد الأربعين يوماً يكون علقة وهو بداية خلق الإنسان ، فلا يجوز إسقاطه بعد بلوغه هذه المرحلة حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن في استمرار الحمل خطراً على حياة أمه ، وأنه يخشى عليها من الهلاك فيما لو استمر الحمل ، وعلى ذلك فإقدامك على إسقاط الحمل بعد بلوغه شهراً ونصف شهر من تلقاء نفسك . . . إقدام على عمل محرم ، يجب عليك التوبة النصوح منه ، وعدم العودة لمثل هذا العمل السيئ مستقبلاً.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
حقوق الأطفال في الإسلام ... العنوان
هل صحيح أن للطفل حقوق ؟ وكيف اهتم الإسلام بالطفل ؟ وشكرا ... السؤال
07/04/2006 ... التاريخ(20/228)
مجمع الفقه الإسلامي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... ،بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
حفظ الإسلام للطفل حياته منذ تكونه جنينا، وأولاه الرعاية صغيرا فكفل له حقه في الرضاع ، والحضانة ، وحفظ له حقوقه المادية والمعنوية، وحرم الاعتداء عليها، وحظر على الأبوين أن يهملا في تربيته .
جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي :
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية، من 25 جمادى الآخرة 1421 ـ 1 رجب 1421هـ الموافق 23-28 أيلول (سبتمبر) 2000م.
بعد اطلاعه على الأبحاث المقدمة إلى المجمع في موضوع "حقوق الأطفال والمسنين"، وعلى التوصيات الصادرة عن الندوة الطبية الفقهية التي عُقدت في دولة الكويت بالتعاون بين مجمع الفقه الإسلامي الدولي والمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية في الفترة من 9-12 رجب 1420هـ، الموافق 18-21 تشرين الأول (أكتوبر) 1999م.
وحيث إن الطفولة الكريمة أساس المجتمع السوي، وقد أعطاها الإسلام اهتمامًا بالغًا، فحض على الزواج وعلى حسن اختيار كل من الزوجين للآخر؛ لما في ذلك من أثر في حسن العشرة والنشأة الكريمة للأطفال.
وعليه قرر المجمع ما يلي:
1-حماية الجنين في رحم أمه من كل المؤثرات التي تلحق ضررًا به أو بأمه - كالمسكرات والمخدرات - واجب في الشريعة الإسلامية.
2-للجنين حق الحياة من بدء تكونه؛ فلا يعتدى عليه بالإجهاض أو بأي وجه من وجوه الإساءة التي تحدث التشوهات الخلقية أو العاهات.
3-لكل طفل بعد الولادة حقوق مادية ومعنوية، ومن المادية حق الملكية والميراث والوصية والهبة، والوقف، ومن المعنوية الاسم الحسن والنسب والدين والانتماء لوطنه.
4-الأطفال اليتامى واللقطاء والمشردون وضحايا الحروب وغيرهم ممن ليس لهم عائل لهم جميع حقوق الطفل، ويقوم بها المجتمع والدولة.
5-تأمين حق الطفل في الرضاعة الطبيعية إلى حولين كاملين.
6-للطفل حق في الحضانة والرعاية في جو نظيف كريم، والأم المؤهلة أولى بهذا الحق من غيرها، ثم بقية أقربائه على الترتيب المعروف شرعًا.
7-الولاية على الطفل -من أهله أو القضاء، في نفسه وماله لحفظهما- حق من حقوقه لا يجوز التفريط فيها، وبعد بلوغه رشده تكون الولاية له.
8-التربية القومية والتنشئة الأخلاقية الحسنة والتعلم والتدريب واكتساب الخبرات والمهارات والحرف الجائزة شرعًا المؤهلة للطفل للاستقلال بنفسه واكتسابه رزقه(20/229)
بعد بلوغه.. من أهم الحقوق التي ينبغي العناية بها، مع تخصيص الموهوبين منهم برعاية خاصة لتنمية طاقاتهم، وكل ذلك في إطار الشريعة الإسلامية.
9-يحظر الإسلام على الأبوين وغيرهما إهمال العناية بالأطفال؛ خشية التشرد والضياع، كما يحظر استغلالهم وتكليفهم بالأعمال التي تؤثر على طاقاتهم الجسدية والعقلية والنفسية.
10-الاعتداء على الأطفال في عقيدتهم أو أنفسهم أو أعراضهم أو أموالهم أو عقولهم جريمة كبيرة.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
استخدام الأجنة مصدرًا لزراعة الأعضاء ... العنوان
انتشرت في بعض البلاد قيام بعض الأطباء بزرع بعض الأعضاء عن طريق استخدام الأجنة، وذلك عن طريق إجهاض الأجنة من أجل الانتفاع بأعضائها، فهل ذلك جائز شرعاً؟
... السؤال
03/12/2005 ... التاريخ
مجمع الفقه الإسلامي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فقد قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية
وبعد اطلاعه على الأبحاث والتوصيات المتعلقة بهذا الموضوع وبالتعاون بين هذا المجمع وبين المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية أنه لا يجوز استخدام الأجنة مصدراً للأعضاء المطلوب زرعها في إنسان آخر إلا في حالات بضوابط لابد من توافرها ذكرها مجمع الفقه الإسلامي، وإليك نص قرار المجمع الفقهي:
فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17-23 شعبان 1410هـ الموافق 14-20 آذار (مارس) 1990م.
بعد اطلاعه على الأبحاث والتوصيات المتعلقة بهذا الموضوع الذي كان أحد موضوعات الندوة الفقهية الطبية السادسة المنعقدة في الكويت من 23-26 ربيع الأول 1410هـ، الموافق 23-26/10/1989م، بالتعاون بين هذا المجمع وبين المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية.
قرر:
1 - لا يجوز استخدام الأجنة مصدرًا للأعضاء المطلوب زرعها في إنسان آخر إلا في حالات بضوابط لا بد من توافرها:
أ - لا يجوز إحداث إجهاض من أجل استخدام الجنين لزرع أعضائه في إنسان آخر، بل يقتصر الإجهاض على الإجهاض الطبيعي غير المتعمد والإجهاض للعذر(20/230)
الشرعي ولا يلجأ لإجراء العملية الجراحية لاستخراج الجنين إلا إذا تعينت لإنقاذ حياة الأم.
ب - إذا كان الجنين قابلاً لاستمرار الحياة فيجب أن يتجه العلاج الطبي إلى استبقاء حياته والمحافظة عليها، لا إلى استثماره لزراعة الأعضاء وإذا كان غير قابل لاستمرار الحياة فلا يجوز الاستفادة منه إلا بعد موته بالشروط الواردة في القرار رقم (1) للدورة الرابعة لهذا المجمع.
2 - لا يجوز أن تخضع عمليات زرع الأعضاء للأغراض التجارية على الإطلاق.
3 - لا بد أن يسند الإشراف على عمليات زراعة الأعضاء إلى هيئة متخصصة موثوقة
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
إجهاض الحمل الناشئ عن اغتصاب ... العنوان
قد تتعرض بعض النساء للاغتصاب من أعداء الله في أماكن كثيرة وقد يحملن من هذا الاغتصاب فهل يجيز لهن الشرع الإجهاض ليتخلصن من هذا الجنين الذي نتج عن سفاح وعن قسوة ربما تتسبب في جعل حاجز نفسي بين الأم ووليدها الذي يذكرها بهذه المأساة ؟ ... السؤال
24/11/2005 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
أحب أن أؤكد أولاً : أن هؤلاء النسوة من أخواتنا وبناتنا، ليس عليهن أي ذنب فيما حدث لهن، ما دمن قد رفضن وقاومن في أول الأمر، ثم أكرهن عليه تحت أسنة الرماح، وضغط القوة الباطشة، وماذا تصنع أسيرة أو سجينة مهيضة الجناح، أمام آسر أو سجان مدجج بالسلاح ؟ لا يخشى خالقًا، ولا يرحم مخلوقًا ؟!
والله تعالى قد رفع الإثم عن المكره فيما هو أشد من الزنى، وهو الكفر، والنطق به، قال تعالى : (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان). (النحل : 106)
بل رفع القرآن الإثم عن الإنسان في حالة الضرورة القاهرة، وإن بقى له شيء من الاختيار الظاهري، وما ذاك إلا لأن ضغط الضرورة أقوى منه، قال تعالى بعد أن ذكر الأطعمة المحرمة : (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم). (البقرة: 173)
والنبي - صلى الله عليه وسلم- قال : " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ". (ابن ماجة : في الطلاق 1/ 659، (2045) وصححه الحاكم 2/ 198، ووافقه الذهبي والبيهقي في سننه 7/356 ).
بل إن هؤلاء البنات والأخوات يؤجرن على ما أصابهن من البلاء، إذا تمسكن بإسلامهن الذي ابتلين وامتحن من أجله، واحتسبن ما نالهن من الأذى عند الله عز(20/231)
وجل، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولاهم ولا حزن، ولا أذى ولا غم ـ حتى الشوكة يشاكها ـ إلا كفر الله بها من خطاياه". (رواه البخاري في المرضي 10/103، 5641، 5642(
فإذا كان المسلم يثاب في الشوكة يشاكها، فكيف إذا انتهك عرضه أو لوث شرفه ؟!
ومن أجل هذا أنصح للشباب المسلم أن يتقرب إلى الله تعالى بالزواج من إحدى هؤلاء الفتيات، رفقًا بحالهن، ومداواة لجرحهن، وهو جرح نفسي قبل كل شيء، ناشئ عن إحساسهن بأنهن فقدن أعز ما تملكه فتاة شريفة طاهرة، وهو عذريتها.
أما إجهاض الحمل، فقد بينا في فتوى سابقة أن الأصل في الإجهاض هو المنع، منذ يتم العلوق، أي منذ يلتقي الحيوان المنوي الذكر بالبييضة الأنثوية، وينشأ منهما ذلك الكائن الجديد، ويستقر في قراره المكين في الرحم.
فهذا الكائن له احترامه وإن جاء نتيجة اتصال محرم كالزنى، وقد أمر الرسول المرأة الغامدية التي أقرت بالزنى واستوجبت الرجم، أن تذهب بجنينها حتى تلد، ثم بعد الولادة أن تذهب به حتى يفطم.
وهذا ما أختاره للفتوى في الحالات العادية، وإن كان هناك من الفقهاء من يجيز الإجهاض إذا كان قبل مضي أربعين يومًا على الحمل، عملاً ببعض الروايات التي صحت بأن نفخ الروح في الجنين يتم بعد أربعين أو اثنين وأربعين يومًا.
بل من الفقهاء من يرى الجواز إذا كان قبل مضي ثلاث أربعينات أي قبل مائة وعشرين يومًا، عملاً بالرواية الأشهر بأن نفخ الروح يتم عند ذلك.
والذي نرجحه هو ما ذكرناه أولاً، ولكن في حالات الأعذار لا بأس بالأخذ بأحد القولين الآخرين، وكلما كان العذر أقوى كانت الرخصة أظهر، وكلما كان ذلك قبل الأربعين الأولى كان أقرب إلى الرخصة.
ولا ريب أن الاغتصاب من عدو كافر فاجر، معتد أثيم، لمسلمة عذراء طاهرة، عذر قوي، لدى المسلمة ولدى أهلها، وهي تكره هذا الجنين ـ ثمرة الاعتداء الغشوم ـوتريد التخلص منه.. فهذه رخصة يفتى بها للضرورة، التي تقدر بقدرها.
ونحن نعلم أن هناك من الفقهاء من شددوا في الأمر، ومنعوا الإسقاط ولو بعد يوم واحد من الحمل، بل هناك من حرموا مجرد الامتناع الاختياري عن الإنجاب، بمنع الحمل من قبل الرجل أو المرأة أو كليهما، مستدلين بما جاء في بعض الأحاديث من تسمية (العزل) بـ (الوأد الخفي).فلا غرو أن يحرم الإجهاض بعد الحمل.
والأرجح هو التوسط بين المتوسعين في الإجازة، والمتشددين في المنع.
والقول بأن (البييضة) منذ يلقحها المنوي أصبحت (إنسانًا) إنما هو لون من (المجاز) في التعبير، فالواقع أنها (مشروع إنسان)
صحيح أن هذا الكائن يحمل الحياة، ولكن الحياة درجات ومراتب، والحيوان المنوي نفسه يحمل الحياة، والبييضة قبل تلقيحها أيضًا تحمل الحياة، ولكن هذه وتلك ليست هي الحياة الإنسانية التي تترتب عليها الأحكام.
ومن ثم تكون الرخصة مقيدة بحالة العذر المعتبر، الذي يقدره أهل الرأي من الشرعيين والأطباء والعقلاء من الناس، وما عدا ذلك يبقى على أصل المنع.(20/232)
على أن من حق المسلمة التي ابتليت بهذه المصيبة في نفسها، أن تحتفظ بهذا الجنين، ولا حرج عليها شرعًا، كما ذكرت، ولا تجبر على إسقاطه، وإذا قدر له أن يبقى في بطنها المدة المعتادة لحمل ووضعته، فهو طفل مسلم، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : " كل مولود يولد على الفطرة " (رواه البخاري في الجنائز 3/245، 1385).والفطرة هي التوحيد وهي الإسلام.
ومن المقرر فقها: أن الولد إذا اختلف دين أبويه، يتبع خير الأبوين دينا، وهذا فيمن له أب يعرف، فكيف بمن لا أب له ؟ إنه طفل مسلم بلا ريب.
وعلى المجتمع المسلم أن يتولى رعايته والإنفاق عليه، وحسن تربيته، ولا يدع العبء على الأم المسكينة المبتلاة، والدولة في الإسلام مسئولة عن هذا الرعاية بواسطة الوزارة أو المؤسسة المختصة، وفي الحديث الصحيح المتفق عليه : " كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته ". (رواه البخاري في العتق 5/181، (2558)، وفي النكاح 9/299، 5200).
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
دار الإفتاء المصرية ووثيقة بكين ... العنوان
نريد من فضيلتكم تحديد الحكم الشرعي في مسائل الصحة الإنجابية في وثيقتي بكين 1995، وبكين 2005 ـ المعروفة باسم "إعلان بكين +10" والتي اشتملت:
أولا: إتاحة خدمات الصحة الإنجابية والجنسية لكل الأفراد والأعمار، والتي تتضمن التثقيف الجنسي للأطفال والمراهقين من خلال التعليم والإعلام وذلك لتعليم الأطفال ما يسمى بالجنس الآمن ـ أي ممارسة الجنس مع توقي حدوث الحمل، أو انتقال مرض الإيدز ـ مع توفير وسائل منع الحمل للأطفال والمراهقين في المدارس، هذا بالإضافة إلى إباحة الإجهاض بحيث يكون قانونيا ويتم إجراؤه في المستشفيات والعيادات.
ثانيا: إلغاء كافة الفوارق التام بين الرجل والمرأة، حتى البيولوجية منها، والوصول إلى التطابق والتماثل التام بينهما بدعوى الارتقاء بالمرأة، وضمان حصولها على حقوقها كاملة، وذلك من خلال ما يعرف بمساواة الجندر " النوع ". وجزاكم الله خيرا
... السؤال
20/03/2005 ... التاريخ
أ.د.على جمعة ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.
حرَّم الإسلام الزنا والطرق التي تؤدي إليه، وما تدعو إليه وثيقة بيكن من إشاعة الفوضى الجنسية أمر يرفضه الإسلام، ويحاربه، أما مساواة المرأة بالرجل فتكون في الحقوق والواجبات لا الخصائص والوظائف.
يقول فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي مصر:(20/233)
لقد منَّ الله على المؤمنين أن حرم عليهم الزنا والفاحشة في قوله تعالى " وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاًً" فالنهي عن القرب معناه الالتزام بالبعد عن كل ما يؤدي إلى هذه الجريمة ولذلك أمرنا بغض البصر حيث قال تعالى: " قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ".
ومن هنا جاء المسلمون على بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بالجانب الجنسي في حياة الإنسان، وجعلوا هذا البيان هو حقيقة برنامجهم للتربية الجنسية في مراحل النمو المختلفة حتى مرحلة قبل الزواج، والثقافة الجنسية للمقبلين على الزواج، فإذا جاءت الوثائق الدولية لتطالب المسلمين وغيرهم ببرنامج للثقافة الجنسية، فإننا نطبق ما كان عليه سلفنا الصالح بناءا على أحكام ديننا، وذلك بتعليم المسلمين الأحكام الفقهية المتعلقة بالجانب الجنسي.
كما أنه لا يضر المسلمين أن تحمل الحضارات الأخرى الوثائق على ما شاع في أوساطهم من إباحة جنسية وما يترتب على ذلك من أمراض ومشكلات اجتماعية ونفسية تؤدي بعد ذلك إلى البحث عن طريق العلاج للخروج من هذه المشكلات التي أدخلوا أنفسهم فيها مع إصرارهم على التفلت من أحكام الله التي أنزلها في كل الأديان.
وبناء على ذلك فعلينا تعليم أطفالنا أن ممارسة الجنس خارج عقد الزواج الشرعي محرم، وأنَّ هناك أحكاما تتعلق بالزنا في حالة الصغير والكبير، والمحصن وغير المحصن، وعليه فإنَّ الاتجاه نحو التثقيف الجنسي للأطفال بما يعني تعليم الأطفال والمراهقين في المدارس ووسائل الإعلام كيفية الممارسة الجنسية مع تجنب الحمل والإصابة بالأمراض كالإيدز لا يجوز شرعا، ويتنافى مع الإسلام وثوابته.
ومن ثم يحرم توزيع وسائل منع الحمل للأطفال والمراهقين مما يجره ذلك من شيوع الفوضى الجنسية.
أما الإجهاض فهو حرام ـ كما اتفق الفقهاء ـ وعلى ذلك فإن ما يسمى بالإجهاض الآمن، فإننا نطلقه في ظل خصوصياتنا على الإجهاض بسبب طبي.
أمَّا بالنسبة لمساواة الجندر " النوع " بين الرجل والمرأة، فإن الإسلام يرفض ذلك ويحرمه حيث أن الشأن بين آدم وحواء هو المساواة في الحقوق والواجبات وفي الإنسانية والتكليف، وليس الشأن بينهما هو التساوي في الخصائص والوظائف.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
توترت الأم فأجهضت نفسها فهل عليها شيء؟ ... العنوان
أود أن أعرف من حضرتكم مقدار المال الذي يجب أن أدفعه، عن إجهاض جنين قبل بلوغه (120) يوما، علما بأن سبب الإجهاض هو الضغط النفسي على الأم، حيث إنها طالبة تدرس في كلية الطب، وقد فعلت ذلك نتيجة عدم مقدرتها على التوفيق بين الدراسة وبين تربية الطفل، وقد تمت عملية الإجهاض على أساس أن هذا الأمر يجيز الإجهاض ، والأم الآن نادمة على ما حدث أشد الندم، وقد زاد من(20/234)
ندمها علمها بأن الإجهاض محرم في الشريعة الغراء حتى منذ اليوم الأول للحمل، فنرجو منكم أن تفيدونا في ذلك أفادكم الله تعالى.
... السؤال
23/02/2005 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الإجهاض محرم من أول يوم من بداية الحمل عند جمهور الفقهاء ، وهو المفتى به الآن في المجامع الفقهية ، وتزداد الحرمة كلما مرت الأيام على الحمل ، حتى إذا بلغ أربعة أشهر ( 120 يوما) فتكون الحرمة قاطعة مؤكدة ، ويجب بالإجهاض دية للجنين ، يرثها أقاربه ويحرم منها من قام بالإجهاض أو شارك فيه ، وفي كل الحالات تجب التوبة من هذه الجريمة .
إلا إذا كان الحمل خطرا على حياة الأم بقرار لجنة طبية موثوق بها فيجوز الإجهاض .
جاء في فتاوى المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء :
نعم، لا يحل الإجهاض في شريعة الإسلام لا في الفترة الأولى للحمل ولا بعد ذلك، وهو يتفاوت في الإثم بحسب مراحل الحمل، ففي أول الحمل أخف إثما وكلما زادت مدة الحمل تأكد التحريم، فإذا بلغ الحمل 120 يوما أصبح محرما قطعا، وعد نوعا من القتل يستوجب دية قدرها نحو 213 جرامًا من الذهب، تعطي للوارث الذي لم يشارك في عملية الإجهاض.
ولا يستثنى في هذه الحالة إلا الخوف على حياة الأم، ولا يجوز الإقدام عليه حينئذ إلا بتقرير طبيب مختص يقضي بأن استمرار الحمل فيه تعريض الأم للموت.
وفي السؤال، حيث إن الإجهاض وقع في فترة ما قبل 120 يوما، فإنه لا تلزم معه دية ولا كفارة محددة، لكنه معصية يجب الاستغفار منها والتوبة والعهد على عدم العودة لمثلها، ولو أن الأم التي أجهضت أرادت مع ذلك أن تتصدق فهو خير وينفعها إن شاء الله ، وقد قال الله تعالى: "إن الحسنات يذهبن السيئات" (هود: 114)
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
ضمان الطبيب: حكمه وضوابطه ... العنوان
اعمل طبيبه نساء وتوليدوأحاول دائما أن أتقى الله فى عملى ويحدث أحيانا أثناء الولادات أن يتوفى الجنين . وأحيانا أشعر أن الوفاه حدثت نتيجه خطأ غير مقصود منى أو لأتأخرى فى اتخاذ القرار المناسب. والسؤال هو هل على ديه فى هذه الحاله لأهل الجنين ؟ ولو كان أهل الجنين لم يطالبوا بشىء أو هل على التصدق بمبلغ ما على سبيل الكفاره ؟أو صيام عدد من الأيام أو أو..مع ملاحظه أن حالات الوفاه التى تحدث معى أثناء الولادات لاتتعدى -بفضل الله نصف فى المائه .. برجاء الأفاده جزاكم الله ... السؤال(20/235)
16/12/2004 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد
فالطبيب إذا كان مأذونا له في مزاولة المهنة، وبذل جهده في أداء عمله، ومع ذلك نتج عن ذلك ضرر لحق بالمريض فلا شيء على الطبيب، أما إن قصر في أداء ما يجب عليه وثبت ذلك فإنه يتحمل تبعة هذا الخطأ وتجب عليه الدية سواء كانت جنايته على النفس أو ما دون النفس.
وهذا ما توصل إلية مجمع الفقه الإسلامي وإليك نص قراره في مسألة ضمان الطبيب.
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الخامسة عشرة بمسقط ( سلطنة عُمان ) من 14 إلى 19 المحرم 1425هـ ، الموافق 6 – 11 آذار ( مارس ) 2004م ،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع ضمان الطبيب ، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله ،
قرر ما يأتي : أولاً : ضمان الطبيب :
(1) الطب علم وفن متطور لنفع البشرية ، وعلى الطبيب أن يستشعر مراقبة الله تعالى في أداء عمله ، وأن يؤدي واجبه بإخلاص حسب الأصول الفنية والعلمية .
(2) يكون الطبيب ضامناً إذا ترتب ضرر بالمريض في الحالات الآتية :
أ - إذا تعمد إحداث الضرر .
ب - إذا كان جاهلاً بالطب ، أو بالفرع الذي أقدم على العمل الطبي فيه .
ج - إذا كان غير مأذون له من قبل الجهة الرسمية المختصة .
د - إذا أقدم على العمل دون إذن المريض أو مَن يقوم مقامه " كما ورد في قرار المجمع رقم 67(5/7) " .
هـ - إذا غرر بالمريض .
و - إذا ارتكب خطأ لا يقع فيه أمثاله ولا تقره أصول المهنة ، أو وقع منه إهمال أو تقصير .
ز - إذا أفشى سر المريض بدون مقتضى معتبر " حسب قرار المجمع رقم 79(10/8) " .
ح - إذا امتنع عن أداء الواجب الطبي في الحالات الإسعافية ( حالات الضرورة ) .
(3) يكون الطبيب - ومَن في حكمه - مسؤولاً جزائياً في الحالات السابق ذكرها إذا توافرت شروط المسؤولية الجزائية فيما عدا حالة الخطأ ( فقرة و ) فلا يُسأل جزائياً إلا إذا كان الخطأ جسيماً .
(4) إذا قام بالعمل الطبي الواحد فريق طبي متكامل ، فيُسأل كل واحد منهم عن خطئه تطبيقاً للقاعدة " إذا اجتمعت مباشرة الضرر مع التسبب فيه فالمسؤول هو المباشر ، ما لم يكن المتسبب أولى بالمسؤولية منه " . ويكون رئيس الفريق مسؤولاً(20/236)
مسؤولية تضامنية عن فعل معاونيه إذا أخطأ في توجيههم أو قصر في الرقابة عليهم .
(5) تكون المؤسسة الصحية (عامة أو خاصة) مسؤولة عن الأضرار إذا قصّرت في التزاماتها ، أو صدرت عنها تعليمات ترتب عليها ضرر بالمرضى دون مسوغ .
ويوصي بما يأتي :
(1) إجراء دراسة خاصة بمشكلات التطبيق المعاصر لنظام العاقلة واقتراح البدائل المقبولة شرعاً .
(2) إجراء دراسة خاصة بمسائل الضرر المعنوي والتعويض عنه في قضايا الضمان بوجه عام .
(3) الطلب من الحكومات الإسلامية توحيد التشريعات الخاصة بتنظيم الأعمال الطبية مثل قضايا الإجهاض ، وموت الدماغ ، والتشريح ... .
(4) الطلب من الجامعات في الدول الإسلامية إيجاد مقرر خاص بأخلاقيات وفقه الطبيب لطلبة الكليات الطبية والتمريض .
(5) الطلب من الحكومات في الدول الإسلامية تنظيم ممارسات الطب البديل والطب الشعبي والإشراف عليها ووضع الضوابط التي تحمي المجتمع من الأضرار .
(6) حثّ وسائل الإعلام على ضبط الرسالة الإعلامية في المجال الصحي والطبي .
(7) تشجيع الأطباء المسلمين على إجراء البحوث والتجارب العلمية والشرعية .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
لإجهاض لامرأة تناوب سبعة على الزنا بها ... العنوان
امرأة مسلمة حملت من عدة رجال جامعوها في أسبوع واحد وهي لا تدري من أبو حملها (!) فهل لها أن تسقط هذا الحمل خشية الفضيحة والعار؟ وما حكم توبتها؟ وإلى من ينسب الولد؟ نرجوالجواب.
... السؤال
13/10/2004 ... التاريخ
اللجنة الدائمة لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
هذه المرأة آثمة إثما عظيما، فقد ارتكبت ما يوجب غضب الله ونقمته ، ولا يخرجها من ذلك إلا توبة نصوح تطهرها من ذنبها.
وإذا كان الحمل في بدايته قبل نفخ الروح فيه ، فقد يجوز لها الإجهاض إذا كان الإجهاض سيعينها على توبتها لتتخلص من آثاره، وأما إذا لوحظ منها أن التوبة لم تتمكن منها فلا يفتى لها بإجهاضه، وأما بعد نفخ الروح فلا سبيل لإجهاضه في حالتها هذه تابت أم لم تتب، وهذا الحمل مهدر لا ينسب إلى أحد من الزناة، ولكنه ينسب إليها وحدها.(20/237)
وهذا ما أفتت به اللجنة الدائمة لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا،وإليك نص فتواها:-
إذا نفخت الروح في الجنين فقد اتفق أهل العلم على حرمة إسقاطه مهما كانت الملابسات، ولو كان التشخيص الطبي يفيد أنه مشوه الخلقة، إلا إذا ثبت بتقرير لجنة طبية من الأطباء الثقات المختصين أن بقاء الحمل فيه خطر مؤكد على حياة الأم فعندئذ يجوز إسقاطه سواء كان مشوهاً أم لا دفعاً لأعظم الضررين، فهذه هي الحالة الوحيدة التي يتسنى فيه إسقاط الجنين بعد هذه المرحلة، أما قبل ذلك فالأمر في موضع النظر الفقهي، والفقهاء ما بين موسع ومضيق، وأولى هذه الأقوال بالصواب هو القول بأن الأصل في إسقاط الجنين قبل نفخ الروح فيه هو المنع لأنه مخلوق بصدد الحياة، وقد انعقدت له بدايات أٍسبابها ففارق العزل من هذه الناحية، اللهم إلا إذا دعت إلى ذلك حاجة ظاهرة فإنه يجوز حينئذ مع الكراهية، وعلى هذا فيتوقف الإجابة على هذا السؤال على معرفة عمر الجنين في رحم هذه المرأة فإن كان لا يزال في بداياته، وآنس المفتي منها توبة وندامة ورغبة في إصلاح ما أفسدت ، وكان في إفتائها بذلك ما يعينها على التوبة ويهيئ لها التكيف مع المجتمع من حولها فلا حرج إن شاء الله، أما إذا كانت لا تزال سادرة في غيها آبقة على ربها فلا جدوى في الإفتاء لها بذلك، لأنه يهيئ لها الطريق لجولة جديدة مع الإثم، وقد عرفت المخرج من الفضيحة ووجدت طريقا قاصدا إليه!!
أما التوبة فإن بابها مفتوح على مصراعيه لمن شاء ، فإن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، فهو لا يقنط أحدا من رحمته ، ولا يغلق باب التوبة إليه في وجه أحد، وقد قال تعالى فيمن أشرك وقتل وزنا ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما )
أما الولد فلا يثبت له نسب لأحد من هؤلاء الزناة ، لقوله صلى الله عليه وسلم ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) ولأن النسب نعمة والنعمة لا تنال بالمعصية، وإنما هو ابنها ينسب إليها لأن أمومتها له متيقنة، أما هؤلاء الزناة فلما لم تكن فراشا شرعيا لأحد منهم لم تصح نسبته لواحد منهم .
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض بسبب تشوهات الجنين ... العنوان
أثير في الآونة الأخيرة خلاف على الساحات الفقهية بشأن مدى مشروعية الإجهاض إذا ثبت أن بالجنين تشوهات تعوقه عن الحياة المعتادة، ورأينا من يبارك الإجهاض رحمة بالطفل من أن يعيش مشوها حتى لو كان عمر الجنين قد تجاوز الأربعة أشهر.
ورأينا من منع ذلك، فأردنا أن نقف على القول الصواب في هذه المسألة ... السؤال
28/12/2003 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...(20/238)
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
خلاصة ما أفتى به الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي أن الإجهاض حرام ولو بعد ساعة واحدة من الحمل.
ولكن إذا ثبتت بعض التشوهات اليقينية للجنين فيجوز الإجهاض قبل بلوغ الحمل مائة وعشرين يوما. وبعض الفقهاء قال: لا يجوز إلا قبل بلوغ 42 يوما فقط وما زاد على ذلك فلا يجوز ، وهذا الرأي أقوى.
أما بعد هذه المدة فلا يجوز الإجهاض مهما كانت الأسباب عند جماهير أهل العلم إلا إذا كان في وجود الجنين خطر على أمه.
أما الإجهاض في هذه الحالة من أجل تشوهات الجنين فجمهور فقهاء العصر لا يجيزه.
وذكر الشيخ القرضاوي أن بعض المعاصرين يجيز ذلك بالشروط التالية:-
1- أن يثبت هذه التشوهات فريق طبي كامل على درجة عالية من الأمانة والكفاءة.
2- أن تكون هذه التشوهات غير معتادة فلا يجوز الإجهاض من أجل العمى أو الصمم أو العرج أو الشلل.
إلا أن الشيخ القرضاوي رجح أن ذلك لا يجوز فطالما مر على الحمل مائة وعشرون يوما فلا يجوز الإجهاض من أجل التشوهات مهما عظمت.
وإليك نص فتوى الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في ذلك:-
من واجب الفقيه المسلم أن يقف أمام هذه القضايا المعروضة، ليقرر عدة حقائق أهمها:
أن حياة الجنين في نظر الشريعة الإسلامية حياة محترمة، باعتباره كائناً حياً يجب المحافظة عليه، حتى إن الشريعة تجيز للحامل أن تفطر في رمضان، وقد توجب ذلك عليها، إذا خافت على حملها من الصيام..
تشديد الشرع في المساس بالجنين.
ومن هنا حرمت الشريعة الاعتداء عليه، ولو كان الاعتداء من أبويه، بل ولو جاء ذلك من أمه التي حملته وهناً على وهن.
حتى في حالة الحمل الحرام ـ ما جاء عن طريق الزنى ـ لا يجوز لها أن تسقطه، لأنه كائن إنساني حي لا ذنب له، (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى).
وقد رأينا الشرع يوجب تأخير القصاص من المرأة الحامل المحكوم عليها بالقصاص، ومثلها المحكوم عليها بالرجم حفاظاً على جنينها، كما في قصة الغامدية المروية في الصحيح، لأن الشرع جعل لولي الأمر سبيلاً عليها ولم يجعل له سبيلاً على ما في بطنها.
العقوبة الدينية والدنيوية على من يقتل الجنين.
كما إن الشريعة توجب دية كاملة على مَن ضرب بطن امرأة حامل، فألقت جنيناً حياً، ثم مات من الضربة، نقل ابن المنذر إجماع أهل العلم على ذلك.وإن نزل ميتاً ففيه غرة، وتقدر بنصف عشر الدية.(20/239)
كما تفرض على الضارب مع الدية أو الغرة كفارة، وهي: تحرير رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، بل تفرضها هنا سواء كان الجنين حياً أو ميتاً.
قال ابن قدامة: هذا قول أكثر أهل العلم، ويروى ذلك عن عمر (رضي الله عنه). واستدلوا بقوله تعالى: (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا).
قالوا: وإذا شربت الحامل دواء، فألقت به جنيناً، فعليها غرة، لا ترث منها شيئاً، وعليها عتق رقبة. وذلك لأنها أسقطت الجنين بفعلها وجنايتها، فلزمها ضمانهُ بالغرة، ولا ترث منها شيئاً، لأن القاتل لا يرث المقتول، وتكون الغرة لسائر ورثته. وأما عتق الرقبة فهو كفارة لجنايتها.
وكذلك لو كان المسقط للجنين أباه، فعليه غرة لا يرث منها شيئاً، ويعتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين توبة من الله.
ابن حزم يرى أن من قتل الجنين يقتص منه.
وأكثر من ذلك ما قاله ابن حزم في (المحلي) في قتل الجنين بعد نفخ الروح فيه أي بعد مائة وعشرين ليلة، كما صح بذلك الحديث، فهو يعتبره جناية قتل عمد كاملة موجبة لكل آثارها من القصاص وغيره قال:
(فإن قال قائل: فما تقولون فيمن تعمدت قتل جنينها وقد تجاوزت مائة ليلة وعشرين ليلة بيقين فقتلته، أو تعمد أجنبي قتله في بطنها فقتله، فمن قولنا: أن القود ـ يعني القصاص ـ واجب في ذلك ولابد، ولا غرة في ذلك حينئذ، إلا أن يعفى عنه، فتجب الغرة فقط، لأنها دية، ولا كفارة في ذلك، لأنه عمد، وإنما وجب القود، لأنه قاتل نفس مؤمنة عمداً، فهو نفس بنفس، وأهله بين خيرتين: إما القود، وإما الدية، أو المفاداة، كما حكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيمن قتل مؤمناً وبالله تعالى التوفيق).
وابن حزم يعتبر الجنين إذا نفخت فيه الروح شخصاً من الناس، حتى إنه يوجب إخراج زكاة الفطر عنه، أما الحنابلة فيرون ذلك مستحباً لا واجباً.
ومن هنا أجمع فقهاء المسلمين على حرمة إجهاض الجنين بعد نفخ الروح فيه، لم يخالف في ذلك أحد من السلف أو الخلف.
العدوان على الجنين قبل نفخ الروح.
أما مرحلة ما قبل نفخ الروح، فمن الفقهاء مَن أجاز الإجهاض حينئذ إذا دعت إليه حاجة، على اعتبار أن الحياة لم تدب فيه بعد، فهو في نظرهم مجرد سائل، أو علقة من دم، أو مضغة من لحم!
ويقول بعض إخواننا من علماء الطب والتشريح تعليقاً على أقوال مَن أجازوا من الفقهاء إسقاط الجنين قبل نفخ الروح: إن هذا الحكم من هؤلاء العلماء الأجلاء مبني على معارف زمنهم.(20/240)
ولو عرف هؤلاء ما عرفنا من حقائق علم الأجنة اليوم عن هذا الكائن الحي المتميز، الذي يحمل خصائص أبويه وأسرته وفصيلته ونوعه، لغيروا حكمهم وفتواهم، تبعاً لتغير العلة، فإن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
ومن لطف الله بعباده أن علماء الأجنة والتشريح أنفسهم اختلفوا ـ كما اختلف الفقهاء ـ في تقييم حياة الجنين في مراحله الأولى: قبل الـ 42 يوماً وقبل الـ 120 يوماً. وكان اختلافهم هذا مؤيداً قوياً لاختلاف الفقهاء في جنين ما قبل الأربعين وما قبل الأربعينات الثلاثة.
ولعل هذا من رحمة الله بالناس ليظل للأعذار والضرورات الحقيقية موضعها.
ولا بأس أن نذكر هنا بعض ما قاله الفقهاء في هذا المجال.
قال شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) بعد كلام طويل عن (العزل) واختلاف العلماء في جوازه ومنعه، ومال في نهايته إلى ترجيح الجواز، وعدم نهوض أدلة المانعين، قال:
(وينتزع من حكم العزل حكم معالجة المرأة إسقاط النطفة قبل نفخ الروح، فمن قال بالمنع هنا، ففي هذه أولى، ومَن قال بالجواز يمكن أن يلتحق به هذا. ويمكن أن يفرق بأنه أشد، لأن العزل لم يقع فيه تعاطي السبب، ومعالجة السقط تقع بعد تعاطي السبب).
متى تنفخ الروح في الجنين؟
ومن الفقهاء مَن فرق بين الحمل قبل الأربعين والحمل بعد الأربعين. فأجاز الإسقاط قبل الأربعين لا بعدها. ففي (نهاية المحتاج) من كتب الشافعية، ذكر اختلاف أهل العلم في النطفة قبل تمام الأربعين على قولين:
(قيل: لا يثبت لها حكم السقط والوأد.
وقيل: لها حرمة، ولا يباح إفسادها، ولا التسبب في إخراجها بعد استقرارها في الرحم).
ومنهم مَن فرق بين مرحلة تخلق الجنين ومرحلة ما قبل تخلقه، فرخص في الإجهاض قبل التخلق دون ما بعده.
وفي ((النوادر)) من كتب الحنفية: (امرأة عالجت في إسقاط ولدها، لا تأثم ما لم يستبن شيء من خلقه).
وفي كتبهم سألوا: هل يباح الإسقاط بعد الحبل؟ وأجابوا: يباح ما لم يتخلق شيء منه.
ثم في غير موضع قالوا: ولا يتخلق إلا بعد مائة وعشرين يوماً.
قال محقق الحنفية الكمال بن الهمام: (وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخليق نفخ الروح، وإلا فهو غلط، لأن التخليق يتحقق بالمشاهدة قبل هذه المدة).
وكلام هذا العلامة صحيح، يقره العلم في عصرنا.
وإطلاقهم يفيد عدم توقف جواز الإسقاط على إذن الزوج، وهو ما صرح به في (الدر المختار) بقوله: ((وقالوا: يباح إسقاط الولد قبل أربعة أشهر ولو بلا إن الزوج.(20/241)
ومن الحنفية مَن رفض الإباحة المطلقة وقال: لا أقول بالحل، إذ المُحرم لو كسر بيض الصيد ضمنه، لأنه أصل الصيد، فلما كان يؤاخذ بالجزاء، لا أقل من أن لحقها إثم هنا إذا أسقطت بغير عذر.
ومنهم مَن قال: يكره، فإن الماء بعدما وقع في الرحم مآله الحياة، فيكون له حكم الحياة، كبيضة صيد الحرم.
ولذا قال أهل التحقيق منهم: (فإباحة الإسقاط محمولة على حالة العذر، أو أنها لا تأثم إثم القتل).
على أن الكثيرين من العلماء خالفوا هؤلاء، ولم يجيزوا الإجهاض ولو قبل نفخ الروح.
ذلك أن هناك طائفة من العلماء تمنع العزل ـ وهو قذف السائل المنوي خارج فرج المرأة ـ وتعتبره لوناً من (الوأد الخفي) كما جاء ذلك في بعض الأحاديث، وذلك لما فيه من منع لأسباب الحياة أن تأخذ سبيلها إلى الوجود والظهور... فهؤلاء يمنعون الإجهاض ويحرمونه بطريق الأولى. فإن أسباب الحياة هنا قد انعقدت بالفعل حين التقى الحيوان المنوي الذكري بالبييضة الأنثوية، في تزاوج وتلاقح جعل منهما كائناً جديداً يحمل من الخصائص الوراثية ما لا يعلمه إلا الله تعالى.
على أن هناك من العلماء مَن أجاز العزل لمسوغات وأسباب تتعلق بالأم أو بالوليد السابق، أو بقدرة الأسرة على حسن التربية، أو غير ذلك.. ولكنهم مع هذا لم يجيزوا الإجهاض ونظموه مع الوأد في سلك واحد، وإن اختلفت مرتبتا الجناية.
ومن هؤلاء الإمام الغزالي ـ فقد رأيناه ـ رغم إجازته للعزل لمسوغات معتبرة عنده ـ يفرق بوضوح بين منع الحمل بالعزل وبين إسقاطه بعد وجوده فيقول:
(وليس هذا ـ أي المنع بالعزل ـ كالإجهاض والوأد، لأن ذلك جناية على وجود حاصل، والوجود له مراتب، وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم، وتختلط بماء المرأة، وتستعد لقبول الحياة، وإفساد ذلك جناية، فإن صارت مضغة وعلقة، كانت الجناية أفحش، وإن نفخ فيه الروح واستوت الخلقة ازدادت الجناية تفاحشاً، ومنتهى التفاحش في الجناية هي بعد الانفصال حياً). ا هـ
ونلاحظ أن الغزالي يعتبر الإجهاض جناية على وجود بشري حاصل، مع أنه يعبر عن التقاء نطفة الرجل بماء المرأة بأنه (استعداد لقبول الحياة).
فكيف لو عرف ما عرفناه اليوم بأن الحياة قد وجدت بالفعل منذ تم هذا اللقاء؟.
استخلاص الحكم الشرعي بعد هذا التطواف.
ولهذا نقول: إن الأصل في الإجهاض هو الحرمة. وإن كانت الحرمة تكبر وتعظم كلما استقرت حياة الجنين.
فهو في الأربعين الأولى أخف حرمة، فقد يجوز لبعض الأعذار المعتبرة، وبعد الأربعين تكون الحرمة أقوى، فلا يجوز إلا لأعذار أقوى يقدرها أهل الفقه، وتتأكد الحرمة وتتضاعف بعد مائة وعشرين يوماً، حيث يدخل في المرحلة التي سماها الحديث ((النفخ في الروح)).
وفي هذه الحالة لا يجوز الإجهاض إلا في حالة الضرورة القصوى، بشرط أن تثبت الضرورة لا أن تتوهم، وإذا ثبتت فما أبيح للضرورة يقدر بقدرها.(20/242)
ورأيي أن الضرورة هنا تتجلى في صورة واحدة، وهي: ما إذا كان في بقاء الجنين خطر على حياة الأم، لأن الأم هي الأصل في حياة الجنين، والجنين فرع، فلا يضحى بالأصل من أجل الفرع، وهذا منطق يوافق عليه ـ مع الشرع ـ الخلق والطب والقانون.
على أن من الفقهاء مَن رفض ذلك، ولم يقبل الجناية على الحي بحال. ففي كتب الحنفية:
(امرأة حامل اعترض الولد في بطنها ولا يمكن ((إخراجه)) إلا بقطعه أرباعاً. ولو لم يفعل ذلك يخاف على أمه من الموت.. قالوا: إن كان الولد ميتاً فلا بأس به، وإن كان حياً لا يجوز، لأن إحياء نفس بقتل نفس أخرى لم يرد في الشرع).
ولكن الشرع ورد بارتكاب أخف الضررين، وأهون المفسدتين..
وأضاف بعض المعاصرين إلى الصورة المذكورة، صورة أخرى، وهي:
أن يثبت بطريقة علمية مؤكدة أن الجنين ـ وفقاً لسنن الله تعالى ـ سيتعرض لتشوهات خطيرة تجعل حياته عذاباً عليه وعلى أهله، وفقاً لقاعدة: ((الضرر يدفع بقدر الإمكان))وينبغي أن يقرر ذلك فريق طبي لا طبيب واحد.
والراجح أن الجنين بعد استكمال أربعة أشهر إنسان حي كامل. فالجناية عليه كالجناية على طفل مولود.
ومن لطف الله أن الجنين المصاب بتشوهات خطيرة لا يعيش بعد الولادة، في العادة، كما هو مشاهد، وكما قرر أهل الاختصاص أنفسهم. على أن الأطباء كثيراً ما يخطئون التشخيص.
بيد أن تشوهات الجنين ينبغي أن تعتبر ـ إذا ثبتت بالفعل ـ قبل الأشهر الأربعة، ومرحلة نفخ الروح.
على أنه ليس من التشويه المعتبر أن يصاب الجنين بعد ولادته بمثل العمى أو الصمم أو البكم، فهذه عاهات عرفها الناس طوال حياة البشرية وعاشوا بها، ولم تمنعهم من المشاركة في تحمل أعبائها، وعرف الناس عباقرة من ذوي العاهات لا زالت أسماؤهم حاضرة في ذاكرة التاريخ.
ولا يجوز لنا أن نعتقد أن العلم سيغير بإمكاناته ووسائله من طبيعة الحياة البشرية التي أقامها الله على الابتلاء (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ).
ولقد ساهم العلم وساهمت التكنولوجيا في عصرنا بتعليم المعوقين تعليماً بلغ حداً كبيراً من النجاح، كما ساهما في تيسير الحياة لهم، واستطاع كثير منهم أن يشاركوا في أعباء الحياة كغيرهم من الأسوياء، وخاصة أن الله تعالى قد اقتضت سنته أن يعوضهم بمواهب وقدرات أخرى غير عادية.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
إسقاط الجنين خشية الفصل من العمل ... العنوان
حددت الحكومة الصينية لعامة الشعب ( التركستان ) الإنجاب إذا كان فلاحا أو نجارا يحق لهم إنجاب ثلاثة أولاد خلال تسع سنين ، إذا زاد عن ذلك ، أو كان(20/243)
متتاليا يدفع غرامة باهظة ، وأما إذا كان موظفا فيحق له إنجاب ولدين فقط خلال ست سنين ، وفي ظل هذا القانون رزق الله تعالى الزوجين ولدين ، وحملت الزوجة للثالث ، والحكومة أصدرت قرارا لفصلهما عن الوظيفة إذا لم يسقطا الحمل ،وعمر الجنين ثلاثة أشهر ونصف. فهل يجوز إسقاط الجنين أم ينفصلون عن الوظيفة ؟ وليس لديهم عمل يتكسبون من ورائه؟
... السؤال
16/12/2003 ... التاريخ
أ.د.على جمعة ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فيقول الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي مصر ، والأستاذ بجامعة الأزهر :
إذا كان الحال كما ورد بالسؤال ، من أن الحكومة قد أصدرت قرارا بفصل هذين الزوجين من وظيفتهما إذا لم يجهضا الحمل ، وعمر هذا الحمل ثلاثة أشهر ونصف، وهذه الوظيفة مصدر رزقهما الوحيد ، فنفيد بالآتي :
من المقرر شرعا أن الضرورات تبيح المحظورات ، فإذا كان هذان الزوجان مضطرين لإجهاض الحمل حفاظا على وظيفتهما ، وليس لهما مصدر رزق غير راتب هذه الوظيفة ، فلا مانع من الإجهاض عملا بقوله تعالى :" فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " ( البقرة :173) .
على ما أفاد السادة الأحناف من جواز إسقاط الحمل قبل مدة 120 يوما ، حيث لم تنفخ الروح بعد ، قال ابن عابدين في حاشيته :"ولو ألقت مضعة ،ولم يتبين شيء من خلقه ، فشهدت ثقات من القوابل أنه مبدأ خلق آدمي ، ولو بقي التصور فلا غرة فيه .. يثم يقول :لو لم يستبن بعض خلقه ، فلا إثم ".
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
تعلم الإجهاض عمليا في كليات الطب ... العنوان
نحن ندرس الطب في بلد تقر قوانينه الإجهاض،، والآن نحن مقبلون على فترة التطبيق في المستشفى، وعندما نطبق في قسم النساء والولادة، نمر على قسم تحديد النسل والعقم، وفيه تجري عمليات الإجهاض، بعضها تكون لها ما يبررها علمياً، كأن تكون هناك تشوهات في الجنين، أو موت الجنين في الرحم، أو ما شابه ذلك من الحالات، وفي حالات أخرى تأتي حسب طلب المريض، والقوانين في هذا البلد لا تمنع الإجهاض في أي فترة كانت إلا في المراحل المتأخرة جدا، هذا إذا كان الجنين لأبوين شرعيين، أما إذا كان غير ذلك فالأمر مجاز فيه على أي مرحلة عمرية وصل إليها الجنين.
على العموم، الطلبة المسلمون عادة لا يمرون على هذا القسم، ولكن أحد الأطباء السابقين أشار علينا أن تعلم كيفية الإجهاض مفيدة، لأنه قد يصادف الطبيب حالات تستوجب منه عمل الإجهاض، فلذا نريد منكم أن تبينوا لنا رأي الشارع الحكيم في(20/244)
هذه المسألة؟ وما حدود موقفنا منها؟ هل نشارك فيها؟ أم نكتفي بمشاهدتها؟ أم لا ندخلها أصلا؟ الرجاء الإسراع في الإجابة؛ نظراً لأن موعد التطبيق في هذا القسم قد اقترب جدا، مشكورين على تعاونكم.
... السؤال
07/10/2003 ... التاريخ
الدكتور سعود الفنيسان من علماء السعودية ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
الأصل في الإجهاض أنه حرام ، وتزداد الحرمة وتعظم كلما طال عمر الحمل والجنين ، فالإجهاض في الأربعين يوما الثانية أشد حرمة منه في الأربعين يوما الأولى ، وهكذا ، وتتأكد الحرمة بعد بلوغ الحمل مائة وعشرين يوما ، فساعتها لا يجوز الإجهاض إلا لخوف الخطر المحقق على حياة الأم ، وأجاز بعض المعاصرين الإجهاض في هذه الحالة أيضا إذا ثبت أن بالجنين تشوهات تضر بحياته، بشرط أن يقرر هذا الخطر فريق طبي كامل لا طبيب واحد .
وعلى هذا فلا يجوز لطلبة كليات الطب ولا غيرهم أن يتمرسوا على الإجهاض إذا كان الجنين بلغ أربعة أشهر.
ويجوز قبل هذه الفترة الزمنية للجنين إن كان ذلك لازماً من لوازم تخصص مهنة الطب.
وإذا لم يكن تعلم الإجهاض لازما من لوازم التخصص فحسب الطلبة الاكتفاء بالمشاهدة عن طريق الصورة التلفزيونية الحية إن أمكن ذلك، وإن لم يمكن فلا بأس عليهم إن شاء الله، على أن يكون الجنين المراد في عملية الإجهاض لم تنفخ فيه الروح.
وهذا ما أفتى به فضيلة الدكتور سعود بن عبدالله النفيسان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً، وإليك نص فتواه في ذلك:-
جاء في حديث عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- في الصحيحين "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات بكتب: رزقه، وعمله، وأجله، وشقي أو سعيد"، فدل الحديث على أن نفخ الروح يجعل الجنين كائناً حياً له حرمته وحقوقه الإنسانية، ولا يجوز الاعتداء عليه، ولو من أقرب الناس إليه، فلو تسببت الأم مثلاً في قتل جنينها بأي سبب لزمتها ديته وكفارة عتق رقبة، فالإجهاض بعد أربعة أشهر (120يوماً) كما في هذا الحديث هو قتل للنفس بغير حق، ويدخل في الوأد المحرم بقوله تعالى: "وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ" (التكوير:8-9).
وذكر بعض الفقهاء حرمة إسقاط الجنين بعد (80) يوماً، وقالوا: وإن لم تنفخ فيه الروح فقد تم فيه خلق الإنسان؛ : أي تميزت هذه المضغة وتشكلت بشكل أعضاء(20/245)
الإنسان من عصب، ولحم، وعظم، وظهرت فيه صورته الجنسية من الذكورة والأنوثة، ونحوها، وهذا القول يتفق مع ما يراه الأطباء في عصرنا.
وقد أفتى بعض الفقهاء اليوم بجواز الإجهاض إذا كان بقاء الجنين في بطن أمه خطراً محتماً على حياتها، أو قرر الأطباء المختصون أن الجنين سيتعرض لتشوهات خطيرة تجعل حياته - إن حيي - شقاء وعذاباً له، ولأهله، وذلك لأن الأم أصل في حياة الجنين، والجنين فرع عنها، فلا يضحى بالأصل من أجل الفرع، ولا تؤثر إجازة قوانين البلد للإجهاض على الحكم الشرعي بتحريمه.
ولا أرى تشوه الجنين مبرراً للإجهاض بحال، فإن قتل النفس والمشاركة في ذلك حرام، ومهما كان الأمر فيبقى رأي الطب في تشوه الجنين أمراً احتمالياً ظنياً، فكم من طفل ولد مشوهاً فشفي, وكم من مولود قرر الأطباء أن فيه الحمى المنغولية فعافاه الله، ثم إن التشويه الخلقي وانفصام الشخصية ليس معيباً في كل حال، ولا عند كل الناس، فهو أمر نسبي يتفاوت الناس في تقبله والرضاء به.
وتأسيساً على ما سبق لا يجوز لكم تعلم الإجهاض إذا كان الجنين بلغ أربعة أشهر، ويجوز قبل هذه الفترة الزمنية للجنين إن كان ذلك لازماً من لوازم تخصصكم.
وإن لم يكن فعليكم الاكتفاء بالمشاهدة عن طريق الصورة التلفزيونية الحية إن أمكن ذلك، وإن لم يمكن فلا بأس عليكم إن شاء الله، على أن يكون الجنين المراد في عملية الإجهاض لم تنفخ فيه الروح.
والله أعلم .
انتهى نقلا عن موقع الإسلام اليوم .
ـــــــــــــــــــ
دية إسقاط الجنين ... العنوان
امرأة تعمدت إسقاط جنينها، وكان عمره حوالي شهر ونصف الشهر، وهي نادمة ندماً شديداً... فما كفارة فعلها هذا؟ ... السؤال
05/10/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
يقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت:
إسقاط الجنين يوجب ما يسمَّى في الفقه بالغرة، وهي نصف عشر الدية وهي عقوبة على الفاعل بقول أو فعل، أو ترك، ولو كان هذا من الحامل نفسها أو زوجها عمداً أو خطأ.
واختلف الفقهاء في وجوب الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فالحنفية والمالكية يرون أن الكفارة مندوبة وليست واجبة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقض بها في حديث أبي هريرة: "أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها، فقضى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بغرة عبد أو وليدة".(20/246)
ويرى الشافعية والحنابلة وجوب الكفارة مع الغرة، لأنها حق لله تعالى لا للآدمي، ولأنه نفس مضمونة، فوجبت فيه الكفارة.
وهذه الغرة تلزم عائلة الجاني عند الحنفية. وعند الشافعية في قول والحنابلة أنها على الجاني ولو كانت الأم في حال جناية العمد، ولهم تفصيل في هذا، وذهب المالكية إلى أن الغرة يتحملها الجاني من ماله في العمد والخطأ، إلا أن يبلغ ثلث ديته فأكثر، فعلى العاقلة، كما لو ضرب مجوسي حرة حبلى فألقت جنيناً فالغرة الواجبة أكثر من ثلث دية الجاني.
وأما بالنسبة لعمر الجنين، وهو شهر ونصف، فهناك خلاف بين الفقهاء على وجوبها، فعند الحنفية أن الغرة تجب إذا استبان بعض خَلق الجنين، وهذا لا يتحقق يقيناً إلا بعد مئة وعشرين يوماً، وهو تمام الخلق، ومن الفقهاء من قال: تجب إذا كان ابتداء خلق الآدمي، أي في مراحله الأولى، قبل مائة وعشرين يوماً، ويمكن أن يكون في أربعين يوماً، أو عند تشكّل الخلق في ثمانين يوماً، وهذه كلها يمكن معرفتها اليوم بالوسائل العلمية التي تحدد عمر الجنين، وهل تشكل بخلق آدمي أم لا؟ وعند المالكية تجب الغرة مطلقاً، ولو لم يستبن شيء من خلقه ولو كان علقة أي دماً مجتمعاً، ولعل الصواب وجوبها إذا استبان خلقه، ولو لم يتم مائة وعشرين يوماً. أ.هـ
ـــــــــــــــــــ
إجهاض الجنين المشوه ... العنوان
لي صديقة حامل وقرر الأطباء أن الجنين مشوه ونصحها الأطباء بضرورة إسقاط الجنين فما حكم الشرع في ذلك؟
... السؤال
30/07/2003 ... التاريخ
د.حسام الدين بن موسى عفانة ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فحياة الجنين حياة محترمة يجب المحافظة عليها، وإذا قرر الأطباء أن الجنين به تشوهات خلقية فإذا كانت هذه التشوهات يعيش معها الجنين عادة كالعمى ونحوه من العاهات ففي هذه الحالة يحرم إسقاطه مطلقا، إما إن كانت هذه التشوهات خطيرة فيجوز إسقاطه قبل نفخ الروح فيه، أما بعد نفخ الروح فلا يجوز الاعتداء عليه، وإذا كان في بقاء الجنين خوف على حياة الأم فيجوز إسقاطه مطلقا.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
ينبغي أن يُعلم أولاً حكم الإجهاض وإسقاط الحمل بشكل عام قبل الحديث عن إسقاط الجنين المشوه .
فقد اتفق أهل العلم على تحريم الإجهاض بعد مرور مائة وعشرين يوماً على الحمل؛ لأن الروح تنفخ في الجنين عند مرور تلك المدة على رأي كثير من العلماء(20/247)
لما ثبت في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث الله ملكاً فيأمر بأربع : برزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح ... ) رواه البخاري.
ويستثنى من هذا الحكم حالة واحدة فقط، وهي إذا ثبت بتقرير لجنة من الأطباء الثقات أهل الاختصاص أن استمرار الحمل يشكل خطراً مؤكداً على حياة الأم فحينئذ يجوز إسقاط الحمل.
وقد جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ما يلي : [ إذا كان الحمل قد بلغ مائة وعشرين يوماً لا يجوز إسقاطه ولو كان التشخيص الطبي يفيد أنه مشوه الخلقة إلا إذا ثبت بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين أن بقاء الحمل فيه خطر مؤكد على حياة الأم فعندئذ يجوز إسقاطه سواء كان مشوهاً أم لا دفعاً لأعظم الضررين ] قرارات المجمع الفقهي الإسلامي ص 123 .
وأما الإجهاض قبل مرور مائة وعشرين يوماً على الحمل ففي حكمه خلاف بين العلماء والذي عليه جمهور العلماء هو تحريم الإجهاض بمجرد ثبوت الحمل إلا لعذر شرعي، وهذا هو القول المعتمد عند المالكية، والإمام الغزالي من الشافعية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وقول بعض الحنفية والحنابلة وأهل الظاهر، واختاره كثير من العلماء المعاصرين كالشيوخ محمود شلتوت والقرضاوي والزحيلي وغيرهم . وهذا القول هو الذي أميل إليه وتطمئن إليه نفسي.
وأما إسقاط الجنين المشوه، فلا بد من إثبات أن الجنين مشوه حقيقة، والفحوصات الحالية قد لا تتيح التأكد من التشخيص، والتأكد من التشوهات في الأسابيع الأولى للحمل، أما بعد ستة عشر أسبوعاً من الحمل فإن معظم التشوهات القاتلة في الجنين يمكن تشخيصها فعند ذلك الوقت يمكن تشخيص تشوهات القلب والدماغ وغيرها بصورة واضحة وقاطعة ... والتشوهات الخلقية لدى الجنين يمكن تشخيصها من قبل اختصاصي الأمراض النسائية أو اختصاصي الأشعة التشخيصية عن طريق السونار وغيره.
ويمكن تقسيم التشوهات الخلقية عند الجنين إلى ثلاثة أقسام:
1. تشوهات لا تؤثر على حياة الجنين .
2. تشوهات يمكن للجنين أن يعيش معها بعد الولادة . وبعض هذه التشوهات يمكن إصلاحها بعد الولادة مثل تشوهات المعدة والأمعاء . وبعضها قد يتدرج في شدته وفي المدة الزمنية التي يعيشها الطفل بعد الولادة مثل استسقاء الرأس الذي قد يكون بسيطاً أو شديداً يولد معه الطفل حياً ويموت خلال أيام أو أشهر . والطفل الذي يولد مختل العقل أو لديه شلل جزئي فإنه يمكن أن يعيش وكذلك الطفل الذي يولد بكلية واحدة فهو يعيش بالكلية الأخرى .
3-وهناك تشوهات خطيرة لا يرجى معها للجنين حياة بعد الولادة فهو سيموت قطعاً عند الولادة أو بعيدها مباشرة .(20/248)
وكما يقول المختصون من أهل الطب إن ضرر الإجهاض قد يكون أكبر بكثير من الضرر المتوقع لاستمرار الحمل كما يقول الأطباء فالتدخل الطبي المبكر قد تنتج عنه أخطار في بعض الحالات فإذا قارنَّا ووازنا بين نسبة المشاكل التي قد تحدث نتيجة لإنهاء الحمل عند 16-24 أسبوعاً سواءً بالأدوية المعتادة أو بإجراء تنظيفات فإذا قارناها بالمشاكل التي قد تحدث للأم نتيجة لاستمرار الحمل إلى حين الولادة الطبيعية فإننا نجد أن المشاكل المحتملة للأم هي أكثر بكثير منها في حالة التدخل المبكر عنها في الولادات الطبيعية.
وإذا تقرر هذا فإن العلماء قد قرروا جواز إسقاط الجنين المشوه تشويهاً خطيراً قبل مرور مائة وعشرين يوماً على الحمل فقد جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي ما يلي : [ قبل مرور مائة وعشرين يوماً على الحمل إذا ثبت وتأكد بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين الثقات وبناءً على الفحوص الفنية بالأجهزة والوسائل المختبرية أن الجنين مشوه تشويهاً خطيراً غير قابل للعلاج وأنه إذا بقي وولد في موعده ستكون حياته سيئة وآلاماً عليه وعلى أهله فعندئذٍ يجوز إسقاطه بناءً على طلب الوالدين . والمجلس إذ يقرر ذلك يوصي الأطباء والوالدين بتقوى الله والتثبت في هذا الأمر ] قرارات مجمع الفقه الإسلامي ص 123.
وأخيراً لا بد من التنبيه على أن بعض النساء قد يبادرن إلى الإجهاض بمجرد أن يقول طبيب واحد إن الجنين مشوه، وهذا أمر خطير لا يقبل فيه رأي طبيب واحد لأن احتمالات خطأ الطبيب واردة ولا بد من وجود لجنة طبية من ثلاثة أطباء على الأقل من الأطباء الثقات العدول ومن أهل الاختصاص ومن ذوي الخبرة قبل القيام بإسقاط الجنين.
وأخيراً أدعو نقابة الأطباء وغيرها من الجهات الصحية إلى تشكيل لجنة موسعة من الاختصاصيين في الأمراض النسائية والتوليد وغيرهم من ذوي التخصصات المتعلقة بهذه القضية لوضع قواعد وضوابط للحالات التي تعتبر تشوهات خطيرة في الجنين ولا يرجى للجنين معها حياة حتى لا يبقى الأمر خاضعاً لتخمينات بعض الأطباء لما قد يترتب على ذلك من مفاسد وأضرار.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
حرق الشعر منعا للإجهاض ... العنوان
يشيع بين الناس أن هناك بعض الرجال شعورهم نحس، فلابد من حلق الشعر وحرقه حتى لا تجهض المرأة ، فإن لم يحرق ، فقد تجهض المرأة ، وقد حدث هذا أكثر من مرة ، كما أن هناك من يأتي ببعض الناس يقرؤون القرآن حتى تربط المرأة ولا تجهض ، فهل في هذا شيء محرم ، علما أن الله أمرنا بالتداوي ،ولكنه لم يأمرنا بالذهاب إلى الأطباء في كل شيء. ... السؤال
09/06/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:(20/249)
الإجهاض من الحالات التي تصيب عددا من النساء ، ونظرة الإسلام إليه تكون عن طريق الكشف الطبي وسؤال الأطباء لمعرفة سببه ، وكيفية علاجه ، فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة وأبو داود والنسائي عن أسامة بن شريك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" تداووا عباد الله، فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد: الهرم"،أي الكبر والشيخوخة .
وقد قال تعالى :"فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".
غير أن الإسلام وإن كان يدعو إلى التداوي والمعالجة ، فإنه لم يأمر المسلمين أن يتبعوا الخرافات والخزعبلات لا في مجال الطب ولا العقيدة ، ولا في أي مجال من مجالات الحياة ، بل أمرهم بالأخذ بالأسباب، والبعد عن تلك الخرافات.
فحرق شعر الرجل حتى لا تجهض زوجته ، أو أن هناك من الرجال من شعره نحس، أو قراءة القرآن لربط المرأة حتى لا تجهض ، فكل هذا من الخرافات التي يبرأ منها الإسلام ،وهي لا تمت له بصلة .
كما أنه لابد من التفرقة بين تعاليم الإسلام كما جاءت عن طريق الوحي والرسول،وبين أفعال المسلمين .
وقد نعى القرآن الكريم الذين يتشاءمون من الأشخاص ، فقال " " فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" الأعراف 131.
وقد سعى المشركون لإيمانهم بعقيدة التشاؤم أن يحدثوا خللا في حياة المسلمين ، وأن يوهموهم أن ما أصابهم من أذى ، فهو بسبب اتباعهم الرسول صلى الله عليه وسلم ،فنزل قوله تعالى " قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" .
والتشاؤم والتطير من معوقات حركة الحياة عند الناس ، وإيقاف لمسيرة التقدم ، ولذا حذر الإسلام منها ، بل وضع لها علاجا من ناحيتين:
الأولى : العلاج الروحي ، بتحريم التطير والتشاؤم من المتشاءم منه ، سواء أكان يوما أو شهرا أو شخصا أو مكانا . فروى البخاري بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " العيافة والطيرة والطرق من الجبت ".و في الحديث نهي عن أنواع من التكهن كالضرب بالحصى أو الخط في الرمل ،ويتبعهما كل أنواع التكهن.
وحصن المسلم من أن يؤمن بمثل هذه الخرافات ، وأن يدعو الله تعالى مفوضا الأمر له وحده ، " اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ، ولا حول ولا قوّة إلا بك " رواه أبو داود.
وروى الإمام أحمد في مسنده وابن السُّني بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال : " من ردَّته الطِّيرة عن حاجته فقد أشرك " قالوا فما كفارة ذلك ؟ قال : " أن تقول اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك ".
كما عالج ذلك أيضا بالتوكل على الله ، وأن ما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصبه ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن النصر مع الصبر ، وأن مع العسر يسرا.(20/250)
الثاني : الأخذ بالأسباب ، فمن كان مريضا ، فليقم بالكشف الطبي ،ومن كان عاطلا ، فليسع إلى البحث عن العمل ، أما الجري وراء الخرافات كحرق الشعر ، لأجل أن تحفظ المرأة من الإجهاض ، فهذا أمر ينكره الإسلام ولا يقره ، بل تأثم المرأة إن تركت نفسها دون علاج حتى تجهض ، ويأثم زوجها أيضا ، لأن فيه تعديا على حق الجنين ، وهي نفس محترمة في الإسلام.
كما أننا في حاجة أن يعيش المسلمون حاضرهم وأن يفكروا في مستقبلهم ،وأن يخرجوا من وحلهم ، وأن يفكروا في سيادة المجتمع الإنساني ، وهذا لن يكون بحرق الشعر ، أو بقراءة القرآن للربط ، فهو نوع الجهل الممقوت .
ولكن لا مانع مع الأخذ بالأسباب أن يتوجه الإنسان بالدعاء إلى الله أن يحفظ زوجته ، وأن تدعو المرأة ربها أن يحفظ جنينها ، وكذلك كل عمل صالح يدعى الله به لجلب نفع أو دفع ضر.
وفي التشاؤم والتطير يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :
التطير أو التشاؤم من بعض الأشياء، من أمكنة وأزمنة وأشخاص وغير ذلك من الأوهام التي راجت سوقها -ولا تزال رائجة- عند كثير من الجماعات والأفراد، وقديما قال قوم صالح له: (اطيرنا بك وبمن معك) سورة النمل:47.
وكان فرعون وقومه إذا أصابتهم سيئة: (يطيروا بموسى ومن معه) سورة الأعراف:131. وكثيرا ما قال الكفار الضالون، حينما ينزل بهم بلاء الله لدعاتهم ورسل الله إليهم: (إنا تطيرنا بكم) سورة يس:18.
وكان جواب هؤلاء المرسلين(طائركم معكم) سورة يس:19. أي سبب شؤمكم مصاحب لكم، وهو كفركم وعنادكم، وعتوكم على الله ورسله.
وكان لعرب الجاهلية في هذا الجانب سبح طويل، واعتقادات شتى، حتى جاء الإسلام فأبطلها، وردهم إلى النهج العقلي القويم.
ونظم النبي صلى الله عليه وسلم التطير مع الكهانة والسحر في سلك واحد وقال: "ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تُكهن له، أو سحر أو سُحر له".
وقال صلى الله عليه وسلم: "العيافة والطيرة والطرق من الجبت".
العيافة: الخط في الرمل، وهو ضرب من التكهن لا زال حتى اليوم.
الطرق: الضرب بالحصى، وهو نوع من التكهن أيضا.
الجبت: ما عبد دون الله تعالى.
إن هذا التطير أمر قائم على غير أساس من العلم أو الواقع الصحيح، إنما هو انسياق وراء الضعف، وتصديق للوهم، وإلا فما معنى أن يصدق إنسان عاقل، أن النحس في شخص معين، أو مكان معين، أو ينزعج من صوت طائر أو حركة عين، أو سماع كلمة؟!
وإذا كان في الطبع الإنساني شيء من الضعف يسول للإنسان أن يتشاءم من بعض الأشياء لأسباب خاصة، فإن عليه ألا يستسلم لهذا الضعف ويتمادى فيه، وخاصة إذا وصل إلى مرحلة العمل والتنفيذ.
وقد روي في ذلك حديث مرفوع: "ثلاثة لا يسلم منهن أحد: الظن، والطيرة، والحسد، فإذا ظننت فلا تحقق، وإذا تطيرت فلا ترجع، وإذا حسدت فلا تبغ". وبذلك(20/251)
تكون هذه الأمور الثلاثة مجرد خواطر وأحاديث نفس لا أثر لها في السلوك العملي وقد عفا الله عنها. وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الطيرة شرك، الطيرة شرك، الطيرة شرك".
قال ابن مسعود: "وما منا إلا.. ولكن يذهبه الله بالتوكل" يعني ابن مسعود: ما منا أحد إلا وقد وقع في قلبه شيء من ذلك، ولكن الله يذهب ذلك عن قلب من يتوكل عليه ولا يثبت على ذلك الخاطر.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
دم الإجهاض وما يترتب عليه ... العنوان
تعرضت لحادث ترتب عليه قيامي بعملية إجهاض للجنين فما حكم الدم الذي ينزل مني فهل يحول دون الصلاة ونحوها من العبادات التي يشترط فيها الطهارة أم أنه يكون دم استحاضة لا يحول دون صلاتي وصيامي؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء ... السؤال
15/02/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فالإجهاض إذا كان قبل تخلق الجنين فإن الدم النازل من المرأة يكون دم فساد، لا يمنع من الصلاة والصيام، وكذلك للزوج أن يستمتع بزوجته، وإذا كان الإجهاض بعد تخلق الجنين فإنه يكون دم نفاس لا يجوز للمرأة أن تصلي وأن تصوم، ولا يقربها زوجها إلا بعد مرور أربعين يوما أو بمجرد انقطاع الدم.
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-:
إذا أسقطت المرأة ما يتبين فيه خلق الإنسان؛ من رأس ، أو يد ، أو رجل ، أو غير ذلك فهي نفساء ، لها أحكام النفاس ، فلا تصلي ولا تصوم ، ولا يحل لزوجها جماعها حتى تطهر أو تكمل أربعين يوما .
ومتى طهرت لأقل من أربعين وجب عليها الغسل والصلاة والصوم في رمضان ، وحل لزوجها جماعها .
ولا حد لأقل النفاس ، فلو طهرت وقد مضى لها من الولادة عشرة أيام أو أقل أو أكثر وجب عليها الغسل ، وجرى عليها أحكام الطاهرات، وما تراه بعد الأربعين من الدم فهو دم فساد تصوم معه وتصلي، ويحل لزوجها جماعها، وعليها أن تتوضأ لوقت كل صلاة كالمستحاضة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش - وهي مستحاضة- : (وتوضئي لكل صلاة )
ومتى صادف الدم الخارج منها بعد الأربعين وقت الحيض - أعني : الدورة الشهرية - صار لها حكم الحيض ، وحرمت عليها الصلاة والصوم حتى تطهر ، وحرم على زوجها جماعها .(20/252)
أما إن كان الخارج من المرأة لم يتبين فيه خلق الإنسان ، بأن كان لحمة ولا تخطيط فيه ، أو كان دما فإنها بذلك يكون لها حكم المستحاضة لا حكم النفساء ولا حكم الحائض ، وعليها أن تصلي وتصوم في رمضان ، ويحل لزوجها جماعها ، وعليها أن تتوضأ لوقت كل صلاة مع التحفظ من الدم بقطن ونحوه ، كالمستحاضة حتى تطهر ، ويجوز لها الجمع بين الصلاتين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء ، ويشرع لها الغسل للصلاتين المجموعتين ، ولصلاة الفجر؛ لحديث حمنة بنت جحش الثابت في ذلك؛ لأنها في حكم المستحاضة عند أهل العلم .
وإذا كان سقوط الجنين في الشهر الخامس وما بعده ، فإنه يغسل ويكفن ويصلي عليه ، ويسمى ، ويعق عنه؛ لأنه بذلك صار إنسانا له حكم الأطفال .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
إجهاض الجنين المعاق ... العنوان
أختي حامل في الشهر الخامس وقد قرر الطبيب أن الجنين سيولد معاقاً، فعل يجوز لها إسقاط الحمل ؟ جزاكم الله خيرا ... السؤال
27/10/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فيحرم إجهاض الجنين مطلقا قبل نفخ الروح أو بعده، بسبب إصابة الجنين بالعمى ونحوه من العاهات، فالعمى والشلل والصمم ليس عذرا يبيح قتل نفس أراد الله لها الحياة، فأصحاب هذه الأعذار هم جزء من المجتمع لهم حق في الحياة.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
لقد اتفق العلماء على عدم حواز الإجهاض بعد الشهر الرابع من الحمل أي بعد مضي مائة وعشرين ليلة حيث تنفخ الروح في الجنين ، لحديث عبد الله بن مسعود: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويأمر بأربع كلمات ، يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ) رواه البخاري ومسلم .
ومن العلماء من حرم الإجهاض قبل الأشهر الأربعة أيضاً ، وهذا هو الحق إن شاء الله ، فلا ينبغي لامرأة مسلمة أن تجهض مولودها إلا إذا ثبت أن هناك خطراً محققاً على حياة الأم ، ويعتبر في تحديد هذا الخطر قول الطبيب الحاذق الثقة.
وأما إخبار الطبيب بأن المولود سيكون معاقاً فإن هذا الأمر لا يجيز الإجهاض ، وعلى هذه المرأة أن تصبر وتحتسب ، وإذا وقع الإجهاض منها فإن ذلك يعتبر جريمة موجبة للغرة – وهي دية الجنين وقدرها 212 جراما من الذهب– لأنه قتل لنفس محرمة وتلزمها كفارة القتل الخطأ عند بعض أهل العلم .(20/253)
وينبغي على الأطباء أن يتقوا الله في النساء المسلمات فلا يجوز لهم أن يسهلوا لهن عملية الإجهاض إلا في الحالات التي يتهدد الخطر فيها حياة الأم لأن من شأن عملية الإجهاض فتح باب الفساد على مصراعيه ويلحق أضراراً بالغة في المجتمع المسلم .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
ترقيع غشاء البكارة لمن تابت من الزنا ... العنوان
صديقتي قد انحرفت ووقعت في الرذيلة وعاشت عدة سنوات في المنكرات والآن رجعت إلى الله وتابت توبة صادقة وتسأل عن حكم إصلاح غشاء البكارة بعملية جراحية لإعادته لوضعه السابق من أجل الستر على نفسها وحتى يمكنها أن تتزوج بشاب مسلم يعينها على التقوى والصلاح؟ ... السؤال
15/10/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فلا يجوز لمن فقدت عذريتها بسبب الزنا أو غيره أن تقوم بعملية ترقيع لغشاء البكارة، فهذا غش وتدليس، وكشف للعورات، وفتح لباب الشر والفساد فهذا يغري الفتيات بالإقدام على الزنا، ولا يجوز التستر على الفتاة على حساب غيرها فالضرر لا يزال بالضرر كما قال الفقهاء، بل يجب الصدق، والمذمة في الدنيا أهون من الفضيحة على رؤوس الأشهاد يوم القيامة.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
إنه لشيء طيب أن يعود الإنسان عن غيه وضلاله، وأن يرجع إلى الله سبحانه وتعالى، ويتوب توبة صادقة، ولكن يجب على الأسرة أن تربي أبناءها على شرع الله، وأن تؤدبهم بأدب الإسلام كي تجنبهم الوقوع في الفواحش، والمنكرات ابتداءً فأسرة هذه الفتاة التي استمرت في انحرافها لعدة سنوات كما جاء في رسالتها عليها مسؤولية عظيمة لأنها قصرت في ذلك، وما دام أنها عادت إلى الله، وصارت محافظة على الصلاة ولبست الجلباب الشرعي كما قالت فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يقبل توبتها، ويغفر لها، وأن يثبتها على طاعته.
وأما بالنسبة للشق الأول من السؤال حول إصلاح البكارة بعملية جراحية، فإن إصلاح البكارة يسمى عند العلماء رتق غشاء البكارة، أو عملية الرتق العذري، ومن المعروف أن البكارة هي الجلدة التي تكون على فرج المرأة وتسمى عذرة ولذا يقال للفتاة البكر عذراء ورتق البكارة معناه إصلاحها وإعادتها لوضعها السابق قبل التمزق .
وهنالك أسباب عديدة لزوال غشاء البكارة منها : الدخول في الزواج ، الزنى والاغتصاب ، حصول حادثة للفتاة كالقفز مثلاً ونحو ذلك.(20/254)
إذا تقرر هذا فإن هذه المسألة من المسائل الحديثة التي لم يرد فيها نص ولم يتعرض الفقهاء المتقدمون لها لعدم إمكان حصولها في زمانهم وإنما بحثها العلماء المعاصرون على ضوء أحكام الشرع وقواعده العامة.
والذي يظهر لي بعد دراسة أقوال العلماء المعاصرين، وما اعتمدوا عليه في هذه المسألة أن عملية الرتق العذري، أو إصلاح غشاء البكارة غير جائزة شرعاً ولا يجوز الإقدام عليها لا من الفتاة التي زالت بكارتها بأي سبب من الأسباب ولا من الطبيبة أو الطبيب المعالج لما يلي:
أولاً : إن رتق غشاء البكارة قد يؤدي إلى اختلاط الأنساب فقد تحمل المرأة من الجماع السابق ثم تتزوج بعد رتق غشاء بكارتها وهذا يؤدي إلى إلحاق الحمل بالزوج واختلاط الحلال بالحرام.
ثانياً : إن رتق غشاء البكارة فيه اطلاع على المنكر.
ثالثاً : إن رتق غشاء البكارة يسهل على الفتيات ارتكاب جريمة الزنا لعلمهن بإمكان رتق غشاء البكارة بعد الزنا.
رابعاً : إذا اجتمعت المصالح والمفاسد فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلنا ذلك وإن تعذر درء المفاسد وتحصيل المصالح فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة ولا نبالي بفوات المصلحة كما قرر ذلك فقهاء الإسلام، وتطبيقاً لهذه القاعدة فإننا إذا نظرنا إلى رتق غشاء البكارة وما يترتب عليه من مفاسد حكمنا بعدم جواز الرتق لعظيم المفاسد المترتبة عليه.
خامسا ً: إن من قواعد الشريعة الإسلامية أن الضرر لا يزال بالضرر ومن فروع هذه القاعدة أنه لا يجوز للإنسان أن يدفع الغرق عن أرضه بإغراق أرض غيره ومثل ذلك لا يجوز للفتاة وأهلها أن يزيلوا الضرر عن الفتاة برتق الغشاء ويلحقونه بالزوج.
سادساً : إن مبدأ رتق غشاء البكارة مبدأ غير شرعي لأنه نوع من الغش والغش محرم شرعاً.
سابعاً : إن رتق غشاء البكارة يفتح أبواب الكذب للفتيات وأهليهن لإخفاء حقيقة سبب زوال البكارة والكذب محرم. شرعاً . ثامناً : إن رتق غشاء البكارة يفتح الباب للأطباء أن يلجأوا إلى إجراء عمليات الإجهاض وإسقاط الأجنة بحجة الستر على الفتيات .
وما يقال من أن الرتق العذري فيه ستر على الفتاة التي أزيلت بكارتها باغتصاب أو إكراه على الزنا والستر مطلوب شرعاً ، فيجاب عن ذلك بأن الستر الذي ندبت إليه الشريعة الإسلامية هو المحقق لمصالح معتبرة ورتق غشاء البكارة فيه كشف للعورة بدون حاجة وفيه فتح لباب الشر، وهو الزنا، كما أن الحكم بجواز رتق غشاء البكارة في حالة الزنا الذي لم يشتهر فيه فتح لباب من الشر عظيم، والله يأمرنا أن يشهد عذاب الزاني طائفة من المؤمنين نكاية به وتأديباً لغيره من مغبة الوقوع في الفاحشة فجواز هذه الصورة لا يعتبر ستراً بل هو ترك لمبدأ معاقبته وإشعاره بذنبه فرفض الطبيب إجراء هذه العملية فيه ردع للزانية وتأديب لغيرها.(20/255)
ويضاف لذلك أن الستر المطلوب شرعاً هو الذي شهدت له نصوص الشرع باعتبار وسيلته ورتق غشاء البكارة لم يتحقق فيه ذلك بل الأصل حرمته لمكان كشف العورة وفتح باب الفساد .
وإن القول بجواز هذه العملية يؤدي إلى فتح أبواب الفساد وانتشار الرذيلة وما زعم من مصالح قد تترتب على ذلك إنما هي مصالح وهمية، وليست حقيقية، كما أن حالات تمزق غشاء البكارة بسبب حادث ما غير الزنا والاغتصاب تعتبر نادرة، وقليلة ويمكن إذا حصل ذلك الحصول على تقرير طبي موثق لبيان السبب الحقيقي لزوال غشاء البكارة حتى تكون الفتاة بعيدة عن تهمة الزنا.
وأخيراً فإن على الأطباء المسلمين أن يكونوا دعاة صدق، فيرشدوا الفتاة وأهلها إلى عدم إجراء هذه العملية وأخذ تقرير طبي يثبت براءة الفتاة فيكونوا بذلك قد وجهوا الناس إلى الأخذ بالصدق قولاً وفعلاً، كما أن على الأطباء أن يرفضوا إجراء هذه العملية لكي يسدوا على المجتمع باب الزنا والتلاعب في الأعراض وأن يحاربوا الكسب غير المشروع بإجراء هذه العمليات مهما تنوعت الأسباب فإذا انتهج الأطباء هذه السبل لمعالجة فقد الفتاة لبكارتها أمكن إقناع الناس بأن فقدها بغير الفاحشة ليس أمراً معيباً ولا يمنع من الزواج منها.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
إجهاض المرأة المصابة بالإيدز ... العنوان
ما حكم إجهاض المرأة المصابة بفيروس الإيدز؟
... السؤال
07/09/2002 ... التاريخ
أ.د. عبد الفتاح إدريس ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله، وبعد:
فالإجهاض محرم من أول يوم من بداية الحمل عند جمهور الفقهاء، وهو المفتى به الآن في المجامع الفقهية، وتزداد الحرمة كلما مرت الأيام على الحمل ، حتى إذا بلغ أربعة أشهر ( 120 يوما) فتكون الحرمة قاطعة مؤكدة ، ويجب بالإجهاض دية للجنين ، يرثها أقاربه ويحرم منها من قام بالإجهاض أو شارك فيه ، وفي كل الحالات تجب التوبة من هذه الجريمة .
إلا إذا كان الحمل خطرا على حياة الأم بقرار لجنة طبية موثوق بها فيجوز الإجهاض ، وإصابة المرأة بالإيدز ليست ضرورة تبيح الإجهاض .
يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة بجامعة الأزهر:
إن الوقوف علي حكم إجهاض المرأة المصابة بفيروس الإيدز يقتضي بيان مراحل تخلق الجنين والحد الزمني لكل مرحلة لمعرفة حكم التسبب لإسقاط الجنين في أي منها، وهذه المراحل هي مرحلة النطفة، ومرحلة العلقة، ثم المضغة ثم نفخ الروح.(20/256)
وبالنظر إلي آراء الفقهاء في حكم إسقاط الجنين الذي يكون في أي مرحلة من مراحل التخلق السابقة بغير عذر؛ يتضح أنه لا خلاف بين الفقهاء في أنه يحرم التسبب لإسقاط الجنين الذي يكون في حالة نفخ الروح فما بعدها إلي الوضع، وهو الذي مضت عليه مائة وعشرون يوما من بدأ الحمل، وأن إسقاطه – والحال هذه- يعد قتلا للنفس بالإجماع الذي حكاه ابن حزم والدردير وغيرهما- فتجب فيه الغرة.
لكنهم اختلفوا في حكم التسبب لإسقاط الجنين الذي يكون في أي مرحلة من المراحل الثلاثة الأخرى علي خمسة مذاهب:
المذهب الأول:
يرى أصحابه أنه لا يجوز التسبب في إخراج النطفة وذلك لأن لها حرمة تقتضي عدم إباحة إفسادها أو التسبب في إخراجها بعد استقرارها في الرحم.
المذهب الثاني:
يرى من ذهب إليه من الفقهاء أنه يجوز التسبب لإسقاط النطفة بخلاف العلقة أو المضغة فيحرم التسبب لإسقاطها علي تفصيل بين بعض أصحاب هذا المذهب في ذلك.
المذهب الثالث:
يرى من ذهب إليه أنه يجوز التسبب لإسقاط النطفة والعلقة دون المضغة التي يحرم التسبب لإسقاطها.
المذهب الرابع:
يرى أصحابه أنه يجوز التسبب لإسقاط الحمل ولو كان علقة أو مضغة ما لم يخلق له عضو أو لم يظهر شئ من خلقه، وذلك لا يكون إلا بعد مضى مائة وعشرين يوما من بدء الحمل.
المذهب الخامس:
يرى من ذهب إليه أنه يجوز التسبب لإسقاط الجنين قبل أن ينفخ فيه الروح .
والذي يبدو لي رجحانه من مذاهب الفقهاء- بعد استعراض ما استدل به لها – هو ما ذهب إليه القائلون بحرمة التسبب في إخراج النطفة وإفسادها لغير عذر، لما وجهوا به مذهبهم، ولأن النطفة في الرحم يصدق عليها أنها جنين لاستتاره فيه، فالاعتداء علي النطفة بإخراجها يصدق عيه أنه اعتداء علي جنين.
ومما يدل كذلك علي أن النطفة هي أول مراحل تخلق الجنين قول الحق سبحانه: " يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة و غير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلي أجل مسمى " إذا بينت الآية أن ابتداء خلق الإنسان – بعد خلق أبيهم آدم عليه السلام من تراب – هو من النطفة، ومثل هذا قوله تعالي : " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين" إذ المقصود بـ "الإنسان" في الآية الجنس، لأنهم مخلوقون في ضمن خلق أبيهم آدم عليه السلام وقيل : المراد به آدم والمراد بـ "جعلناه" في الآية أي الجنس باعتبار أفراده الذين هم بنوا آدم، أو جعلنا نسله علي حذف مضاف، إن أريد به آدم ، و"القرار المكين" هو الرحم.(20/257)
ويدل لهذا أيضا قوله سبحانه : " فلينظر الإنسان مم خلق* خلق من ماء دافق. يخرج من بين الصلب والترائب" فالماء الدافق هو المدفوق في الرحم، وأراد الحق بذلك ماء الرجل والمرأة ، لأن الإنسان مخلوق منهما، لكن جعلهما ماء واحدا لامتزاجهما.
فكل هذه الآيات تدل علي أن النطفة هي ابتداء تخلق الجنين "كما يدل عليه أيضا قول رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما رواه عنه ابن مسعود : "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك...." الحديث، ولهذا فإنا نقول – كما قال جمهور المالكية والغزالي ومن ذهب مذهبهم من الحنفية والحنابلة ـ إن لهذه النطفة حرمة، فلا يجوز إخراجها أو إفسادها بعد الاستقرار في الرحم.
وبعد هذه العجالة في بيان حكم إجهاض المرأة لغير عذر ، نتطرق لبيان حكم إجهاض المرأة لضرورة، إذا كانت مصابة بمرض نقص المناعة، الذي تنتقل فيروساته منها إلي جنينها عبر المشيمة أو عند الولادة ، كما قال أهل الاختصاص في ذلك.
وباستعراض آراء الفقهاء الذين أدلوا بدلوهم في حكم التسبب لإسقاط الحمل عند عدم العذر، فانه يتبين أنه لم يقل أحد منهم بجواز إسقاطه للعذر إلا الحنفية، الذين أجازوا ذلك قبل أن يتصور الجنين ، أي قبل أن يظهر له أصابع أو رجل أو شعر أو نحو ذلك، وذكروا مثالا للعذر المبيح للإسقاط وهو ما إذا انقطع لبن المرضعة التي ظهر بها الحمل، وخيف هلاك الرضيع، ولم يكن لأبيه ما يستأجر به من ترضعه، وإن كان غير الحنفية لم يصرحوا بجواز التسبب لإسقاط الجنين لعذر إلا أنه وفقا لما ذهب إليه أصحاب المذهب الثاني، يجوز التسبب في إسقاطه إذا كان نطفة أو علقة ويجوز التسبب لإسقاطه تبعا لما قاله بن عقيل الحنبلي ما لم ينفخ فيه الروح ، ولا إثم في إسقاطه في أي مرحلة من المراحل السابقة، تبعا لكل مذهب ولو كان لغير عذر.
وإجهاض المرأة المصابة بمرض الإيدز قد تعارضت فيه مفسدة التسبب في إسقاط حملها حتى لا يولد مصابا بهذا المرض ، مع مصلحة الإبقاء عليه حفاظا علي حقه في الحياة ، وإن كان يولد مريضا بنقص المناعة، ولا يمكن تحقيق المصلحة في الإبقاء عليه ودفع مفسدة إصابته بالمرض الذي تنتقل فيروساته إليه عن طريق المشيمة أو عند الولادة في نفس الوقت، وقواعد الشريعة تقضى بأنه "إذا اجتمعت مصلحة ومفسدة في عمل معين ، ولم يمكن تحصيل المصلحة ودرء المفسدة جميعا وكانت المصلحة أعظم من المفسدة التي تقابلها، قدمت المصلحة" ولهذا فإني أرى أن مصلحة الإبقاء علي هذا الحمل أرجح من المفسدة التي تقابلها وذلك لأن الجنين وإن ولد حاملا المرض ، فلن يعدم العلم وسيلة لشفائه من هذا المرض ، فكم من مرض كان في عداد الأمراض التي لا يرجى البرء منها، ثم صار مما يرجى البرء منه وذلك نتيجة للطفرة الهائلة في مجال العلاج في زماننا هذا، ولم يعد مرضا مما يستعصي علاجه إلا النذر اليسير، بعد أن خطا العلم خطوات واسعة في مجال البحوث الطبية لمعالجة الأدواء المختلفة ، والتي منها هذا الداء الذي ما فتئ العلماء يبحثون عن وسائل للتغلب عليه، ونسمع أو نقرأ بين الحين والآخر عن بعض(20/258)
اجتهاداتهم في معالجته ، وقد ذكر بعض العلماء في هذا السبيل عدة وسائل تفيد مرضى نقص المناعة، من أهمها دواء "إلانترفيرون" الذي يعمل كمادة قاتلة لفيروس مرض الإيدز مساعدا مع جهاز المناعة في جسم المريض ، هذا بالإضافة إلي المركبات التي من شأنها أن تمنع تكاثر الفيروس " والذي أطلق عليها بعض العلماء "مثبطات تكرر الحمة" إلا أن التداوي بهذه المركبات وغيرها ، لابد وأن يصحبه التداوي من الأمراض المختلفة التي تغزو الجسم من ضعف جهاز المناعة عنده كبعض الالتهابات الرئوية والطفيليات المعوية والآفات الجلدية
ونحوها .
فهذه الاجتهادات وغيرها ترجح مصلحة الإبقاء علي هذا الحمل ، لأن المرض الذي يصاب به مما يرجى البرء منه، ومن ثم فليس ثمة ضرورة إلي إجهاض المريضة به حتى لا يولد الجنين حاملا له.
وعلى فرض عدم وجود علاج له فإنه سيعيش ما شاء الله تعالى له ، وإن مات فإنه سيموت قضاء الله تعالى ، وذلك خير من قتله .
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
جعل العصمة بيد الزوجة بعد الزواج ... العنوان
هل يجوز نقل العصمة إلى الزوجة وجعلها بيدها بعد الزواج ؟
... السؤال
07/09/2002 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن العلماء اختلفوا في جواز اشتراط الزوجة جعل العصمة بيدها في عقد الزواج ، كما اختلفوا في نقل العصمة إليها بعد الزواج ، فمنهم من يمنعه ،ومنهم من يجيزه عند العقد ويمنعه بعد العقد ، ومنهم من يمنعه مطلقا ، وبعض من يرى منعه يجيزه عند الضرورة ، كما إذا كان الزوج غير قادر على إدارة الأسرة لمرض ونحوه، وهذا هو التفصيل :
يقول الدكتور عبد الفتاح الشيخ – عضو مجمع البحوث الإسلامية :–
لا مانع شرعا من جعل العصمة في يد الزوجة، ما دام الزوج قد أعطاها هذا الحق ، ويؤكد أن هذا الأمر غير مشروط بأن يكون حال كتابة العقد، ومن الجائز أن يعطى الزوج للزوجة التفويض في أن تطلق نفسها منه إلا أن ذلك لا يمنع الزوج من تطليقها إذا أراد ذلك فالطلاق يظل حقا للزوج حتى مع وجود العصمة في يد الزوجة.
ولكن الظاهر اجتماعيا أن الفتيات أصبحن يطالبن بأمور لم تكن المرأة تطالب بها، والتي من أخطرها امتلاك عصمة الزواج، ولكن إذا بحثنا عن السبب نجد أن ضعف الأزواج هو الذي شجع الفتيات على ذلك، فالمرأة لا تستطيع أن تأخذ حق التطليق(20/259)
جبرا من الرجل لأنه هو المتحكم في هذا الأمر، ولكن الظروف هي التي قد تجبر الرجل على التنازل عن هذا الحق. ويضيف أنه إذا كان الرجل قادرا ومتوافر فيه كل مقومات الزوجية فلا يعقل أن يتنازل ويعطى الزوجة الحق في أن تفارقه في أي لحظة شاءت.
التفويض ... والتوكيل
ويرى الدكتور نصر فريد واصل – مفتى الجمهورية السابق –
جواز انتقال العصمة إلى يد الزوجة سواء أثناء عقد الزواج أو بعده، حيث يقول إنه من المقرر شرعا أن الذي يملك الطلاق هو الزوج، أو القاضي بناء على طلب الزوجة، وللزوج الحق في أن يباشر الطلاق بنفسه أو بواسطة غيره، وهذا الغير إما أن يكون الزوجة نفسها وإما أن يكون غيرها، فإذا سلط الزوج زوجته نفسها على الطلاق سمى هذا التسليط تفويضا وسميت الزوجة مفوضة وإذا سلط الزوج غير الزوجة سمي توكيلا.
وتفويض الزوج زوجته في أن تطلق نفسها قد يكون عند عقد الزواج ، وقد يكون في حال استدامة الزوجية ، و إذا امتلكت الزوجة هذا التفويض فلا يملك الزوج الرجوع عنه لأن تفويض الزوجة في هذا الحق يجعلها كالأصيلة في استعماله وليست وكيلة فيه ويحق للزوج في هذه الحالة أيضا أن يطلق زوجته.
ويقول الشيخ فوزي الزفزاف – عضو مجمع البحوث الإسلامية ـ –
إذا اتفق الطرفان في عقد الزواج " الزوج والزوجة" على أن تكون العصمة في يد الزوجة فمعنى ذلك أن الزوج تنازل عن حقه في الطلاق ولا شيء يمنع من إعطاء هذا الحق للزوجة بعد إتمام الزواج ما دام ذلك بموافقة الزوج، لأن الإسلام من أول الأمر أباح أن تكون العصمة في يد الزوجة.
وإعطاء العصمة للزوجة ليس فيه غضاضة ، خاصة وأن الزوج يكون قد رضى بذلك، هذا بالإضافة إلى أن الأصل في الحياة الزوجية أنها تقوم على التراضي والحب والسكن .
وتقول الدكتورة آمنة نصير – الأستاذة بجامعة الأزهر- :
إن العصمة في الأصل من الجائز أن تكون بيد الزوجة ولا غبار على ذلك شرعا، لأن الزواج عقد تراض وقبول بين طرفي الأسرة ولهما الحق في أن يضيفا من الشروط في عقد الزواج طالما لا تحرم حلالا ولا تحل حراما.
ولا مانع من انتقال العصمة للزوجة بعد الزواج إلا أن أي نبش في مثل هذه القضايا سيترك غصة في حلق الزوج وقد تفوت على الأسرة معنى المودة والرحمة ويزرع بدلا منهما الشك.
آراء أخرى:
ويرى الشيخ على أبو الحسن – رئيس لجنة الفتوى بالأزهر –أن العصمة مقررة للزوج ، لكن يجوز أن تشترط المرأة لنفسها العصمة وأن يدون ذلك في عقد الزواج ، وانه إذا لم يتم ذلك التدوين أثناء العقد فلا يمكن نقل العصمة خاصة وأنه لم يقل أحد من الفقهاء بجواز نقل العصمة بعد كتابة عقد الزواج ، ولكن إذا حدث طلاق ووقعت البينونة الصغرى واشترطت المرأة في عودتها للزوج في العقد الجديد أن(20/260)
تكون العصمة في يدها فلا شيء في ذلك إذا وافق الزوج، ويكون لها الحق في تطليق نفسها في الوقت الذي تشاء مع حرمة أن يكون الطلاق بدون أسباب لقوله – صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة طلبت الطلاق من زوجها لغير عذر لم ترح رائحة الجنة"
والإسلام قرر في شريعته الغراء أن تكون العصمة في يد الزوج لأنه أكثر صبرا من الزوجة على الشدائد، ولأنه المسئول عما يترتب على الطلاق من حقوق زوجته ورعاية الأولاد، أما الزوجة فإنها بطبيعتها تتأثر بأقل المؤثرات وتستهويها المشوقات، وهذا مما يساعد على عدم استقرار بيت الزوجية إذا كانت العصمة بيدها.
ضعف الهيمنة
ويقول الدكتور محمود عمارة – عضو مجمع البحوث الإسلامية – :
لا يجوز انتقال العصمة إلى يد الزوجة بعد الزواج، باعتباره إخلالا لما أبرم عليه عقد الزواج، ويرى أن جعل العصمة إلى أيدي الزوجات هي ظاهرة لها مغزى؛ وهو ضعف هيمنة الزوج، كما أن المرأة عاطفية وهو السبب الذي من أجله حمل الزوج مسئولية إدارة البيت، لكن المرأة نجحت في تخلى الرجل عن هذه المسئولية لتنفرد هي لا بشكل الطعام ولا بنوعه؛ وإنما بما هو أخطر من هذا كله وهو العلاقة الزوجية التي ينبغي أن تكون في أيد أمينة قادرة على قيادة الأزمات بنجاح.
ولابد من معالجة هذا الأمر بالعودة إلى نظام الإسلام في توزيع الأدوار بالأسرة على نحو يضمن بقاء الرجل ماسكا بزمام المبادرة، انطلاقا من قوله تعالى: "الرجال قوامون على النساء " فالرجل لرجولته وقوامته يترأس الأسرة، كما أن النساء هو اسم جمع لا مفرد له، إذا ينفرد الرجل بهذه الرئاسة ولا تنفرد المرأة.
للضرورة فقط
ويقول الدكتور محمد متولي منصور ـ الأستاذ بجامعة الأزهر ـ:
أرى رفض ظاهرة انتقال العصمة إلى يد الزوجة بعد الزواج ،إلا أن ذلك قد يحدث لضرورة حيث إن التكوين العضوي والنفسي لكل من الرجل والمرأة جعله الله صالحا لأداء مهمة معينة، ومن المعلوم أن الزواج عقد بين رجل وامرأة، وله شروطه التي لا يصح إلا بها وأنه معلوم أيضا أن الشريعة الإسلامية قد جعلت الرجل قواما على المرأة، ومن مفهوم القوامة أن الرجل يكون مكلفا بالإنفاق على الزوجة تكليفا شرعيا، أما المرأة فقد خلقت من أجل أداء دورها الأساسي في الدنيا وهو تربية فلذات الأكباد، وأنه تأسيسا على ذلك كانت العصمة في الزواج بيد الرجل ، لأنه كما يأخذ المرأة بكلمة الله يفارقها بكلمة الله ، خاصة وأن مملكة البيت لا يمكن أن تدار إلا بملك واحد، ومن الصلاحيات التي يجب أن تعطى لهذا الملك أن تكون العصمة بيده وليس هناك نقصا من قيمة المرأة لأنها ملكة متوجة في بيتها.
وإذا كان هناك اتجاه لبعض الفقهاء في جواز نقل العصمة ليد الزوجة فان هذا يأتي ضمن الضرورات ، والضرورة تقدر بقدرها، فقد يكون لدى الزوج مانع من أن تكون العصمة بيده ولكنه يصلح كزوج ، كالأصم الأبكم ، أو المريض مرضا لا يرجى شفاؤه.(20/261)
وإذا كان لكل من الزوج والزوجة أن يملى شروط جديدة بعد الزواج مثل انتقال العصمة للزوجة ؛ فإن هذا قد يؤدى إلى خلل في الحياة الزوجية الأمر الذي يرفضه جميع الفقهاء.
لماذا تنادى بعض الاتجاهات بسلب الرجل حقا كفله الله له ، ويتواءم مع طبيعته كرجل ؟! وهل هناك شريعة سماوية أعطت للمرأة حقوقها مثلما أعطاها الإسلام ؟! ولو فقهت المرأة المسلمة أمور دينها وغدت مثقفة ثقافة إسلامية لحققت المرأة حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم:- "لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها وذلك لعظم حقه عليها".
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض : حكمه وكفارته ... العنوان
عملت عملية إجهاض، وكانت بعد الحمل بشهرين فقط وضميري يؤنبني من يومها، رغم مرور خمس سنوات عليها. وسألت بعض الناس فمنهم من قال: كفري عن خطيئتك ببعض المال ومنهم من قال يكفيك الاستغفار. فأرجو النصيحة بالذي أفعله حتى يستريح ضميري؟ ... السؤال
17/03/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
يقول فضيلة الشيخ إبراهيم جلهوم شيخ المسجد الزينبي بالقاهرة
الإسلام لم يبح الجناية على الحمل بعد أن يوجد فعلاً. حتى ولو جاء عن طريق حرام. فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل أن يقام حد على امرأة حملت من خطيئة، حتى تضع جنينها وتتم رضاعه، إذ لا ذنب له ولا جريرة منه.
ثم اتفق الفقهاء على أن إسقاط الحمل بعد أن تنفخ فيه الروح حرام، وجرم كبير. ولا يحل لمسلم ولا مسلمة أن يقعا فيه، فإنه جناية على حي، متكامل الخلقة ظاهرة حياته، وقالوا: ولذا وجبت في إسقاطه الدية، إن نزل حيًا ثم مات وعقوبة مالية أقل منها إن نزل ميتًا.
وذلك إذا لم تتعارض حياة الأم مع حياة الجنين، فإن تعارضت بأن ثبت عن طريق موثوق به أن بقاءه في بطنها بعد تحقق حياته سيؤدي إلى موتها لا محالة. فإنه في تلك الحالة الحرجة يكون العمل بالقاعدة الشرعية الفقهية العامة التي تقضي بارتكاب أخف الضررين.
أما إذا لم تنفخ فيه الروح فإن إسقاطه بغير سبب يكون فحشًا أقل من فحش إسقاطه بعد نخفها فيه. وفيه التوبة بالندم وبالعزم الأكيد على عدم العودة، وبالإقلاع عن هذا العمل الشنيع، وبكثرة الاستغفار لله، وقد قال الإمام الغزالي رحمه الله عن الإجهاض والوأد "إن ذلك جناية على موجود حاصل، وله مراتب وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم، وتختلط بماء المرأة، وتستعد لقبول الحياة، وإفساد ذلك جناية، فإن صارت مضغة وعلقة كانت الجناية أفحش، وإن نفخ فيه الروح، واستوت الخلقة(20/262)
ازدادت الجناية تفاحشًا. ومنتهى التفاحش في الجناية بعد الانفصال حيًا" وحيث أسقطت جنينك –أيتها السائلة- بعد شهرين من حمله، ولم تنفخ فيه الروح بعد فاستغفري لذنبك، ولا تعودي لجرمك، ويتوب الله على من تاب.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض من زواج عرفي ... العنوان
لي أخ عقد قرانه عرفياً على فتاة دون الدخول بها إلى غاية الصيف المقبل إن شاء الله حيث تم هذا العقد بجميع شروطه إلى غاية إقامة العقد القانوني في البلدية، لكنه و أثناء التقائه بها في الأيام الفارطة قاما بما لا يجب القيام به إلا بعد الزفاف النهائي حيث جامعها ، و نتج عنه الحمل ، فأردت التدخل لتسوية الوضع مع أهلها كي نقيم الزفاف في أقرب الآجال و أبلغنا أمها بالموضوع فرفضت رفضاً قاطعاً أن نبلغ أخاها الوصي عليها مخافة أن يقوم بقتلها أو أي شيء من هذا القبيل فاضطر أخي بعد محاولات عدة إلى القيام بعملية الإجهاض و ذلك ما تم بعد أن بلغ الجنين عمر الشهرين فأود من فضيلتكم الإجابة على هذا السؤال لأن ضميري بات يؤنبني خوفاً من أن يكون أخي قد قام بعملية قتل لابنه و الرجاء بيان حكم الشرع فيما قام به ، و ما يجب عليه القيام به بعد هذه المشكلة للتكفير عن ذنبه . ... السؤال
24/04/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
فيقول الدكتور أحمد عبدالكريم نجيب مدرس الشريعة بكليّة الدراسات الإسلاميّة في سراييفو ، و الأكاديميّة الإسلاميّة في زينتسا
هذا السؤال ذو شائبتين لكلٍ منهما حكمها الخاص ، و هما :
أوّلاً : حكم ما بات يُعرف بالزواج العُرفي ، و هو زواجٌ صحيح إذا توفّرت فيه الشروط الشرعيّة ، و هي الإيجاب و القبول ( موافقة الطرفين ) و إقرار ولي أمر الفتاة ، و تسمية ( تحديد ) الصداق ( المهر ، و إشهادُ ذَوَي عدلٍ .
فإذا توفّرت هذه الشروط في العقد كان النكاح مشروعاً ، حتى و إن لم يُعلَم به أحدٌ غير الشاهدين ، و لم يُسجّل في الدوائر الرسميّة ( كمكتب المأذون أو المحكمة أو سجل الأحوال الشخصيّة أو غير ذلك ) .
و عليه فإنّ ما جرى بين الزوجين المقصودين في السؤال حقّ شرعي لهما ، و حملُ المرأة من زوجها لا إثم فيه و لا غُبار عليه ما دام العقدُ مستوفياً للشروط الشرعيّة .
(ولكن يجب مراعاة العرف ،فمادام العرف لا يقبل الجماع دون البناء، فالأولى الأخذ به،ولاسيما أنه يترتب عليه ضرر ،كالحالة في السؤال)
ثانياً : حكم الإجهاض ، فقد ذهب جمهور الفقهاءِ إلى حُرْمَةِ الإقدام عليه عَمداً إلا لعذر شرعيِّ ، و لم يفرّقوا في ذلك بين كونه قبل نفخ الروح في الجنين أو بعد نفخها ، نظراً لما ينطوي عليه الإجهاضُ المتعمَّد من أضرار بالغة على الأم(20/263)
والجنين ، ولأنَّ الجنينَ يعدُّ حياً من بداية الحمل ، و حياتُهُ محترمةٌ في كافَّةِ أدوارها و بخاصة بعد نفخ الروح فيه ( في نهاية الشهر الرابع ) .
أمّا إذا ما دعت ضرورةٌ معتبَرةٌ شرعاً لإجهاض الجنين ، كأن يكون في بقائه خطر محقق على حياة الأم ، جازَ إجهاضُه أخذاً بحكم الضرورة .
و الحالة المذكورة في السؤال تدلّ على وجود ضررٍ سيلحق بالمرأة على سبيل التيقّن أو غَلبة الظنّ ، حيث قد يُقدِم و ليّها على قتلها لاعتقاده أنّ عقد الزواج العرفي المستوفي للشروط الشرعيّة لا يبيح للزوجين أن يفضي بعضهم إلى بعضٍ ، فلا بأسَ في هذه الحال من الإجهاض ، خاصّة و قد كان قَبل نفخ الروح في الجنين ، و هو ما يبيحه بعض أهل العلم حتى مع عَدَم وجود الضرورة ، فكيفَ و قد وُجدت ؟ و النبيّ صلى الله عليه و سلّم قضى بأن : « لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ » كما في حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه الذي رواه ابن ماجة و مالك و أحمد بإسنادٍ صحيح .
و عليه فلا شيء عليك و لا على أبوَي الجنين الذي تمّ إجهاضه في الظروف المذكورة في السؤال خاصّة ، و لكن حذار من التوسّع في هذا الباب ، لأنّ الضرورة تقدّر بقَدَرها .
و الله من وراء القصد ، و صلى الله و سلّم و بارك على نبيّنا محمّد و آله و صحبه أجمعين .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
إسقاط الجنين: حكمه وضوابطه ... العنوان
ما حكم الإجهاض؟ ... السؤال
09/01/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
نفيد بأن الفقهاء المسلمين اتفقوا على أنه لا يجوز إسقاط الحمل بعد أن تنفخ فيه الروح وتدب فيه الحياة العادية الكاملة بعد مائة وعشرين يوما من تاريخ حصول الحمل كما قالوا . ويعتبر إسقاط الحمل فى هذه الحالة جناية على حي وجريمة يعاقب مرتكبها بالعقوبة الدنيوية والأخروية غير أنه إذا كان فى بقاء هذا الحمل واستمراره إلى وقت الوضع خطر على حياة الأم بتقرير الأطباء المختصين ذوى الكفاية والأمانة فإنه يباح إسقاطه، بل يجب ذلك إذا تعيين طريقا للإنقاذ من الخطر، أي لإنقاذ حياة أمه من الخطر . أما قبل نفخ الروح فيه فقد اختلف الفقهاء فى حكم إسقاطه .
وظاهر أقوال فقهاء الحنفية ترجيح القول بعدم جواز الإسقاط إلا لعذر، كأن ينقطع لبن المرأة بعد ظهور الحمل ولها ولد رضيع ولا يقدر أبوه على استئجار مرضعة ترضعه ويخاف أن يموت الولد . فيجوز فى هذه الحالة وفى أمثالها إسقاط الحمل . ويقول الإمام الغزالي فى هذا الصدد فى كتاب إحياء علوم الدين إن إسقاط الحمل(20/264)
جناية على موجود حاصل وله مراتب . وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة فى الرحم ويختلط بماء المرأة، وتستعد لقبول الحياة وإفساد ذلك جناية، فإن صارت النطفة علقة كانت الجناية أفحش، وإن نفخت فيه الروح واستوت الخلقة ازدادت تفاحشا . وينتهي التفاحش فى الجناية بعد الانفصال حيا . ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال . والله سبحانه وتعالى أعلم .
ـــــــــــــــــــ
الهندسة الوراثية وتأجير الأرحام ... العنوان
: يُمكن الآن تنشيط رحم المرأة بالهرمونات بعد سنِّ اليأس ليصبح رحمها معدًّا لحضانة بويضة مُلَقَّحة، وبذلك تحمل بويضة لغيرها؛ لأن جِسْمها توقَّف عن التَّبْويض، فما الحكم، وهل يكون الولد لها أم لصاحبة البويضة؟ ... السؤال
29/11/2001 ... التاريخ
الشيخ عطية صقر ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
هذه الصورة يُطلق عليها اسم " الرَّحم المؤجَّر" أو " الأم الحاضنة" حيث إن البويضة المُلَقَّحة التي وُضِعت في رَحمها ليست بُويضتها، والحكم هو التَّحريم؛ لأن فيها صورة الزنا، والزنا محرم بالكتاب والسنة والإجماع وذلك لأمور، من أهمها أمران:
أ ـ المحافظة على الأنساب إذا كان الرجل والمرأة قابِلَيْن للإنجاب، بصلاحية مَائِهِ وصلاحية بويضتها، فلا يَدري لِمَن يُنسب المولود ويكون مَصيرُه الضَّياع، وَقَدْ صَحَّ في الحَدِيث الذي رواه البخاري ومسلم "الولد للفِرَاش وللعَاهِر الحَجَر".
ب ـ صيانة الأعْراض عن الانتهاك وحماية الحقوق لِكُلٍّ من الرَّجل والمرأة، وفي الزنا وقعت المُتْعة الجنسية بغير الطريق الشرعي الذي يدل عليه قول الله تعالى في صفات المؤمنين المفلحين ( والذين هم لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ . فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ العَادُونَ).(سورة المؤمنون: 5-7).
وتَظْهر الحِكْمة الثَّانية في تحْريم الزِّنا إذا كان أحد الطَّرَفين غير صالح للإنجاب، كما في الصورة المذكورة في السؤال، حيث توقَّف جسم المرأة عن التَّبْويض فإذا كان مجرد دخول ماء الرَّجل الغريب عن المرأة في رَحِمِهَا حرامًا فكيف بدخول ماء وبويضة " بويضة مُلَقَّحة بمائه" أي دخول جنين أو أصل جنين غريب عنها؟إنَّ الحُرْمَة تكون من باب أولي.
السؤال الثاني- أصبح من الممكن الآن تلقيح بويضة بحيوان منوي وتجميد هذا الجنين لعدة سنوات حتى تحتاج إليه المرأة فيُوضع في رحمها وتحْمِل وتلِد، ويطرح هذا التطور عدة أسئلة عن حالات واقعية:(20/265)
أولا: يقوم زوجان بتلْقيح من الزوجة بحيوانات مَنوية من الزوج قبل إقدام أحدهما على تناول العلاج الكيماوي أو الإشعاعي أو غيرهما من العلاجات التي لا تَسْمَح للزَّوْجين بالإنجاب، وبعد الانتهاء من العلاج تحْمل الزوجة بهذه البويضة المُلَقَّحة.
ثانيًا: قد يُتوفَّى الزَّوْج أثْناء العلاج أو لأيِّ سببٍ، فتلقَّح الزَّوجة بعد الوفاة بهذه البويضة وتحْمل مِن زوْجها الذي توفي.
ثالثًا: تَتوفَّى الزوجة فتلقَّح امرأة أخرى "أم حاضنة" بهذه البُويْضة فتحمل وتُسَلِّم الوليد للزَّوج.
والجواب:
أولًا: ما دامت الزوجية قائمةً فلا مانع من وضع البويضة المُلَقَّحة من ماء زوجها في رحمها وهي صاحبة البويضة، ويكون الجنين الذي حملته ووضعته منسوبًا شرعًا إلى الزوج والزوجة وهذه الصورة هي من صور التلقيح الصناعي الذي يتم فيه التلقيح بين الماء والبويضة خارج الرحم، ثم تُعاد البويضة إلى الزوجة صاحبتها، وذلك مشروع لا مانع منه مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة.
ثانيا: إذا تُوفي الزوج انقطعت العَلاقة الزوجية من الناحية الجنسية بالذات بينه وبين زوجته، ووضع هذه البويضة المُلَقَّحة في رحمها أصبح وضْعًا لشيء غريب مُنْفصل عنها، فالمرأة صارت غريبةً عنه، ولذلك يحلُّ لها أن تتزوج من غيره بعد الانتهاء من العدة المضروبة لوفاة الزَّوج، وهي قبل انتهاء العدة أشبه بالمطلَّقة طلاقاً بائنًا، حيث لا يجوز أن تكون بينهما معاشرة زوجيَّة تُعْتَبر رجعة بالفعل في بعض المذاهب الفقهية، بل لا بد أن يكون ذلك بعَقْد جديد، وهو في هذه الصورة غير ممكن لوفاة الزوج، فلو وَضَعت المرأة – بعد وفاة الرجل بويضتها المُلَقَّحة منه قبل وفاته في رَحِمِها وحملت وولدت كان الولد غير منسوب إليه كولد الزِّنا، وإنما يُنْسب إليها هي، مع حُرْمَة هذه العملية.
ثالثًا: إذا تُوفِّيَت الزَّوجة فوضعت بويضتها المُلَقَّحة من ماء زوجها في رحم امرأة أخرى التي يُطْلق عليها اسم " الأم الحاضنة" صاحبة الرحم المؤجَّر كان ذلك حرامًا، لما سبق ذكره في السؤال الأول من أنه زنا، حتى لو سلَّمت الولد للزوج.
السؤال الثالث: من المُعتقدات أن الطب الحديث سيتمكَّن قريبًا من تجميد الحيوانات المنوية، ويطرح البعض فكرة جديدة لتنظيم الحمل، وبعد الاحتفاظ بهذه الحيوانات المنوية المُجَمَّدة للرجل، ثم تعقيمه بربط الحبل المنوي عنده، بحيث لا تَحْتاج زوجته إلى استعمال وسائل منع الحمْل، مثل الحبوب وغيرها، فإذا أرادا الإنجاب استعملا بعض الحيوانات المنوية المجمَّدة، أي أنه على الرغم من انقطاع قدرة الرجل على الإنجاب من ناحية، فإنه يحتفظ خارج جِسْمه برصيد من الحيوانات المنوية المجمَّدة، يمكنه من الإنجاب،
حتى لو طلَّق زوجته وتزوَّج بأخرى، فما حكم هذه العملية؟
الجواب: يجوز للزوجة في هذه الحالة عند رغبتها في الحمل أن تستعمل بعض هذه الحيوانات المجمدة لتحمل بها؛ لأنها من ماء زوجها والزوجية قائمةٌ، ويكون الجنين منسوبًا إلى الزوج على الرغم من تعقيمه. ولو طلَّق زوجته أو لم يطلقها وتزوج(20/266)
بأخرى ولقَّحها من مَنِيِّه المجمد كان ذلك جائزًا، ويُنْسب المولود إليه؛ لأنه من مائه، وكذلك يُنْسب إلى الزوجة الأخرى شرعًا؛ لأنه من بويضتها المُلَقَّحة بماء زوجها.
السؤال الرابع: الموقف السابق يَطرح نفسه بالنسبة للزوجة وتجميد بويضاتها، فما حُكْمُه؟
الجواب: ما دامت البُويْضة المجمَّدة هي لزوجته يجوز أن يُلَقِّحها بمائه هو ما دامت الزوجية قائمةً، ولو طُلِّقت منه وتزوجت بآخر جاز للزوج الآخر أن يُلَقِّح بويضة هذه الزوجة بمائه، حيث لا يُوجد شيء غريب بين الطرفين.
السؤال الخامس: فكرة الأم الحاضنة، أو الرَّحم المؤجَّر، بأن تُلَقَّح بويضة من الزوجة بحيوان مَنَوِيٍّ من الزوج، ثم تدخل هذه البويضة المُلَقَّحة في رحم امرأة أخرى، ثم تمرُّ بمراحل الحمل حتى تلد فتُسَلِّم المولود إلى الزوجَين الأصليَّيْن، هذه الطريقة يكون فيها المولود حاملاً لكل الخصائص الوراثية من الزوجين، ولا علاقة للأم الحاضنة بالطفل إلا علاقة إنماء الجنين عن طريق دمائها وجسمها، والسؤال هنا: هل يُمْكن اعتبار الأم الحاضنة أُمًّا في الرَّضاعة، حيث هناك تشابهٌ كبير بين الحالتين، فالأمُّ في الرَّضاعة يُنمِّي لبنُها جسمَ الطفل كثيرًا، ويَحْدُث رباط عاطفي بينهما؟ وإذا كان ذلك لا يجوز فلماذا ما دامت ليس هناك شبهة زنا واختلاط في الأنساب؟
الجواب: فِكْرة الأم الحاضنة أو الرحم المُؤَجَّر مُحَرَّمة، كما سبق ذكره في إجابة السؤال الأوَّل؛ لأن فيها صورة الزنا، حيث أَدْخَلَت الأم الحاضنة في رحمها جنينًا مكوَّنًا من ماء وبويضة ليس لها فيهما شيء. وقد قرَّر العلماء أن الحمل من الزنا يُنْسب لأمِّهِ الحامل به لتحقُّق وِلادَتِها منه، كما صحَّ في البخاري ومسلم عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألْحَقَ الوَلَدَ بالأم في قضية رجل وامرأة تَلَاعَنَا في زمنه، عندما اتَّهَم الزَّوْج زَوْجَتَه بأنَّ حملها ليس منه، ولا يُنْسَب لِمَن زنى بها عند جمهور الفقهاء.
ومَحلُّ ذلك إذا كان للمرأة الزانية اشتراك في تكوين الجنين عن طريق بويضتها، وفي صورة الأم الحاضنة ليس لها هذا الاشتراك إذا كانت عقيمًا لا تُفرِزُ بُوَيْضات فلا يُنْسَب لها الولد، لكن يُنْسَب لصاحِبَيِ البُوَيْضة المُلَقَّحة، وإن كان لِحَمْلِهَا تأثير أيضًا على تكوينه من جهة البيئة التي تربَّى فيها، كما يقول المختصون، فالولد يتأثر بمؤثرين، أحدهما الوراثة والثاني البيئة، كما المرضعة التي تُرْضِع ولد غيرها بِلَبَنِهَا؛ لأن لها تأثيرًا إلى حدٍّ ما على الرضيع، والحامل لجنين غيرِها في بَطْنِها وقد غذَّتْه بدَمِها كما تُغَذي كل جزء من أجزاء جسمها لا تعدو أن تكون كالمرضعة، وعمل المرضعة مشروع، غير أنَّ هناك فرقًا بينهما، فالحامل أدخلت رحمها شيئًا غريبًا عنه كما قدَّمْنا، فعملُها مُحَرَّم، والمُرْضِعة عملُها حَلالٌ، والولد في كلتا الحالتين منسوب لأبَوَيْه بالأصالة في تكوينه وبولادة أمِّه له في صورة الإرضاع بالاتفاق، وفي صورة الرَّحِم المُؤَجَّر على ما رجَّحْتُه من الأقوال.
السؤال السادس: إذا كان الرجل متزوِّجًا من زوجتين، الأولي لا يُنتِج جسمها بويضات لسبب أو لآخر، أو لا يُمْكن أن تحمل باستعمال بويْضاتها هي، فهل يُمْكِن أو تُؤْخَذ بويضة من الزوجة الثانية تُلَقَّح بحيوان منوي من زوْج المرأتين، ثم يُوضَع(20/267)
الجنينُ في رحِمِ الزَّوْجة الأولى لتحمِل وتَلِد، هل يجوز ذلك؟ وإذا كان لا يجوز فلماذا ما دام الأب واحدًا والعملية كلُّها تتمُّ داخل إطار علاقة زوجيَّة مشتركة؟
الجواب: إذا أُخِذَت بويضة الزوجة الثانية المُلَقَّحة بمني زوجها ووُضِعت بدون إذنها وموافقتها في رحم ضُرَّتها الأولى كان ذلك حرامًا؛ لأنه اعتداء على حق الغير بدون إذنه، والكل يعلم ما بين الضرائر من حساسية شديدة، وأثر ذلك على الأسرة. وإن كان بإذنها وموافقتها يُثار هذا السؤال: لماذا يَلجأ الزوج إلى هذه العملية؟ إن كان لمصلحة تعود عليه هو مثل كثرة الإنجاب الحاصل من زوجتين لا من زوجة واحدة فقد يكون ذلك مقبولًا إن دعت إليه حاجة أو ضرورة، مع التأكُّد من القيام بواجب الرعاية الصحيحة، ومع ذلك لا أوافق عليه لما سيأتي بعد من العلاقة بين الإخوة الأشقاء والإخوة غير الأشقاء. وإن كان لمصلحة تعود على الزوجين، فإن المصلحة العائدة على الزوجة الثانية الصالحة للإنجاب ليست ذات قيمة، بل قد يكون في ذلك ضرر على أولادها عند تقصير الأب عن الوفاء بحق هذه الكثرة من الأولاد، أو بضآلة نصيب أولادها من ميراث أبيهم حيث يُوَزَّع على عدد كبير من أولاده. وإذا كانت المصلحة عائدة على الزوجة الأولى التي لا تُنْجِب فإنها تتمثل في أمرين هامين، أولهما إرضاء عاطفة الأمومة وعدم الشعور بنقصها بالنسبة لضُرَّتها، لكنَّها لا تتحقَّق إلا إذا كان أولادها يُنْسَبون إليها، وقد تقرَّر – كما سبق ذكره – أنها مجرد أمِّ حاضنة وما يَنتُج منها فهو لزوجها ولضرَّتها صاحبة البُوَيضة، فإذا عَرَفت أن من يُولد منها فهو لضرتها، فلماذا تُتْعِب نفسها بالحمل والوضع دون فائدة لها؟ إذًا ليست هناك مصلحة لها قيمتها من هذه العملية لكلتا الزوجتين، ولا يجوز للزوج أبدًا أن يجعل ما تَلِدَهُ الزوجة الأولى الحاضنة أولادًا لها؛ لمعارضته ما سبق ذكره، ولأنهم سيكونون بذلك بالنسبة لأولاد الزوجة الثانية صاحبة البويضة إخوة غير أشقاء، أي إخوة من أب فقط، وهذا له أثره في الميراث إذا تُوفِّي أحد الإخوة، فالأخ الشقيق يَحْجُب الأخ لأب، والحاضنة إذا ماتَت لا يَحقُّ
لها شرعًا أن تَرِثَ مِمَّن ولدتْهم ولا أن يرثوا منها، فالأمومة النسبية مقطوعة، وذلك إلى جانب ما يكون بين الأولاد من كل من الزوجتين من حساسِيَات معروفة لها آثارٌ غير طيِّبة. وهنا يُمْكِن أن نقول: إن المفاسد المُتَرتِّبة على هذه العملية أكبر من المصلحة العائدة على الزوج والزوجتين والقاعدة الشرعية تقول: درء المفاسد مُقَدَّمٌ على جلب المصالح. ولهذا أُرَجِّح عدم جواز هذه العملية، وإذا كان للزوج رغبةٌ في كثرة الإنجاب فأمامه الوسائل المشروعة الأخرى، مع مراعاة واجب العدل في معاملة الزوجات والأولاد.
السؤال السابع: في الحالة نفسها وهي حالة زوج الاثنتين، هل يجوز أن تكون إحدى الزوجتين أُمًّا حاضنة لبويضة مُلَقَّحة هي للزوجة الأخرى؟
الجواب:قُلْنا: إنَّ الأم الحاضنة لا يجوز لها أن تُدْخِل رحمها ماءً غير ماءِ زوجها، وفي الصورة المذْكورة وإن كان الماء ماءَ زوجها فإنَّ البويضة ليست لها، وعلى فرض التجاوز في ذلك إذا كانت حضانَتُها للبويضة بإذن صاحِبَتِها فإن الآثار المترتِّبة عليها والتي سَبَقَ بيانها في إجابة السؤال السابق تجْعَلُني أُرَجِّح عدم الجواز.(20/268)
السؤال الثامن: يقوم الأطباء الآن باختيار جنس الجنين عن طريقة دراسة مواصفات الحيوانات المنوية الذَّكَرِيَّة والحيوانات المنوية الأُنْثوية، وعزل الحيوان المطلوب لتلقيح بويضة الزوجة به، والسبب في محاولات تحديد جنس الجنين مُسْبقًا يكون غالبًا؛ لأن بعض الأمراض الوراثية لدى الزوجين يتوارثها الذُّكُور فقط، فيحاول الزوجان تَفادِي إنجاب الذُّكور، تَفاديًا لولادة أطفال مُعوَّقين أو مُشوَّهين بدرجة كبيرة، وفي بعض الأحوال يكون الزوجان قد أنجَبَا عدة ذكور ويُريدان إنجاب أنْثى أو العكس، فيلجأن إلى الطب لإنجاب ما يُريدان، فما هو الحُكْم في ذلك؟ وهل يُعْتَبر تدخُّلًا في الإرادة الإلهية واعتداءً على التوازن البشري، أم هو مجرد استغلال لما هو مُتَاحٌ من خَلْق الله؟
والجواب: قضية التحكم في جنس الجنين شغلت العالم قديمًا وحديثًا، ولهم في ذلك طرق متعددة وأغراض متنوعة، والمدار في الحكم على ذلك هو اتِّباع النص إن وُجِد، فإن لم يُوجَد كان المدار على معرفة الغاية والوسائل المتَّبعة لبلُوغها، فيحرِّم الحرام ويُحلُّ الحلال من ذلك، ومعلوم أن الله سبحانه خلق آدم وخلق له حواء، وذلك من أجل التناسُل وعمارة الكون، والتنوُّع لا بد منه لحركة الحياة، قال تعالى: ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (سورة الذاريات:49)، والتناسب بين نوعَيِ الذُّكورة والأُنوثة مطلوب، وطُغيان أحدهما على الآخر ليس من المصلحة. والناس من قديم الزمان وقبْل مَجِيء الإسلام يُؤْثِرون الذَّكر على الأنثى لعوامل تتناسب مع أغراضهم وظروف حياتهم، ونظرًا لما كان عليه العربُ قبل الإسلام من تفضيل الذَّكر على الأنثى وما أدَّى إليه من وأْد البنات وحرمانهنَّ من كثير من الحقوق، جاء قول الله تعالى: (لله مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ. أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) (سورة الشورى:49،50)
وعلى الرغم من تقرير الإسلام لذلك ما تَزَال المحاولات جادَّةً في هذا السبيل، ويتلخَّص موقف الدِّين منها فيما يأتي:
1- إذا كانت المحاولات يسيطر عليها الغُرور بالعلم لحَلِّ المشْكلات وعدم الإيمان بأن إرادة الله غالبة، كما هو شأن المادِّيين، كانت مُحَرَّمة باتفاق؛ لأنَّها إنْ لم تكن كفرًا فهي تؤدِّي إليه.
2- وإذا كانت المحاولات تحْت مَظَلَّة الإيمان بالله، واستغلال الفُرَص المُتاحة للخير، لمُجَرَّد أنَّها أسباب ومقدِّمات، والآثَار والنَّتائج مرْهُونة بإِرادة الله، كالتَّدَاوي من الأمراض مع الإيمان بأن الشفاء هو من الله– فيُنْظَر إلى أمرين، الأول الهدف والغرض والنية الباعثة على ذلك، والثَّاني الأسباب والوسائل التي يُتَوصَّل بها إلى تحقيق الأهداف؛ ذلك لأن الأعمال بالنيات، والوسائل تُعْطي حكم المقاصد، والأمثلة على ذلك كثيرة، واقتصارًا على موضوع السؤال نقول:
أ ـ إذا كان الغَرَض من هذه العملية تجنب وراثة بعض الأمراض في الذكور أو الإناث، وكان ذلك بطريقة علمية مؤكَّدة ليس فيها ارتكاب مُحَرَّم فلا أرى مانعًا من ذلك؛ لأن الوقاية خير من العلاج. والقرآن ينْهانا عن الإلقاء بأيدينا إلى التَّهْلكة، والحديث يُحذِّرنا من العدوى والتعرُّض لها، فلا ندخل بَلدًا سَمِعْنا أن فيه طاعُونًا،(20/269)
ولا نخرج منه إذا وقع ونحن فيه، وينهانا عن الأكل مع المجْذوم، وعن التعامل مع أي شيء فيه ضرر، فلا ضرر ولا ضرار في الإسلام، إلى غير ذلك من النصوص.
ب ـ إذا كان الغرض من هذه العملية هو الإكثار من أحد النَّوْعين إلى الحد الذي يختل فيه التوازن ويُؤدى إلى ارتكاب الفواحش والمنكَرات كالمُتْعَة بين الجنس الواحد، أو يؤدى إلى إرهاب الغير بكثْرة الذُّكور مثلًا، أو استغلال النَّوْع الآخر لأغراض خبيثة كان ذلك حرامًا لا شك فيه، ويَكفي في ذلك قول الله تعالى في حقِّ بعض الكُفَّار المناوِئين لدعوة النبي ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ ( أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِين . إِذَا تُتْلَى عَلَيْه آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ) (سورة القلم: 14،15)، وَمَا جاء في قوم لوط ومن يُكْرِهون فَتَيَاتِهِم على البِغَاء لابتغاء عَرَض الحياة الدنيا.
ج ـ وإذا كان من وسائل التحكم في نوع الجنين التعقيم النهائي الذي لا يكون بعده إنجاب كان ذلك مُحَرَّمًا؛ لأن فيه تعطيلًا لقوة لازمة لعمارة الكون، وتظهر فيه المعارضة لحُكْم الله وتقديره، ومن أجل ذلك منع الحديث الذي رواه البخاري وغيره خِصَاء الرجال من الناس، وكذلك إذا كان التحكُّم في جنس الجَنين عن طريق إجهاض الحامل يكون مُحَرَّما حتى في أيام الحمل الأولى، كما قال به كثير من الفقهاء. فالخلاصة أن هذه المحاولات إن كان الغرض منها مشروعًا، وكانت الوسائل مشروعة فلا مانع منها، وبغير ذلك تكون ممنوعة.
السؤال التاسع: هناك طريقة حديثة أخرى تُعتبر امتدادًا للطريقة السابقة وتأكيدًا لاحتمالاتها، ويَجْرى ذلك بتلقيح عدة بويضات من الزوجة بحيوانات منوية من الزوج، وتُتْرك هذه فترة لتوالد الخلايا، ثم تُؤْخَذ عَيِّنة منها وتُحَلل مكوِّناتها للتعرُّف على الكروموسومات، وبذلك يتَعَرَّف الطَّبِيب على مواصَفَات الجَنِين في هذه المرحلة المُبَكرة، وما إذا كانت ذَكرًا أو أنثى، ثم يُوضَع الجنينُ المَطْلُوب في رَحِمِ الزَّوْجة لتحمل وتلد، وتُتْرَك الأجِنَّة الأخرى فتموت، فهل يُعْتبر هذا إجهاضًا لتلك الأجِنَّة الأخيرة، رغم أن عُمْرها يكون عدة ساعات فقط؟
والجواب: عرَّف العلماء الإجهاض بأنه إنزال الجنين من بطن أمه قبل تمام نموه الطبيعي، وما دامت هذه البويضات المُلَقَّحة لم تكن في بطن المرأة فلا يَصْدُق على التخلُّص منها معنى الإجهاض، وقد جاء ذلك مُصَرَّحًا به في بعض أقوالِهم ومع ذلك تدْخل هذه العملية في حكم العملية المذكورة في السؤال السابق، وهو النَّظر إلى الغاية والوسيلة.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
حمل المرأة من مني غير الزوج ... العنوان
زوج أثبت الطب أنه غير قادر على الإنجاب ولكنه لشدة حبه لزوجته أخفى عليها هذا الأمر، وهذه الزوجة أثبت الطب – أيضًا – أنها صالحة للإنجاب وليس بها أي عيب يمنع ذلك. فوقعت هذه الزوجة فريسة للحيرة والقلق إلى أن وقعت في أيدي إحدى النساء التي أعطتها مني رجل آخر على أن تضعه في فرجها، وبعد فترة من الزمن حدث الحمل فعلاً ، فلما علم الزوج اتهم زوجته بالزنى بناء على حالته(20/270)
المرضية وتقارير الأطباء. فما موقف الشرع من هذا الحمل الذي جاء عن هذه الطريقة، وهل تعتبر الزوجة زانية في هذه الحالة، وهل يباح إجهاض هذا الحمل؟ وإذا بقي الحمل فلمن ينسب؟ نرجو الإجابة الشرعية لهذه الحالة، ولكم من الله حسن الجزاء.
... السؤال
29/08/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
من المقرر شرعًا أن الولد للفراش ،فينسب الولد لأبيه إلا أن يثبت الزوج أن الولد ليس له ،وإن ثبت أن الحمل جاء بإدخال مني رجل آخر فلا يقام الحد على المرأة ،وينسب الولد لأمه ، فإن لم يثبت الزوج أن الماء ليس منه ،فينسب الولد له ،لأن العقم مرض قد يبرأ المرء منه.
وإليك فتوى دار الإفتاء بالأزهر:
بأن نطفة الرجل لا تتخلق إلا إذا وصلت إلى رحم المرأة المستعد لقبولها عن طريق الاتصال الجنسي المعتاد بين الزوجين وعندئذ يكون نسب الولد من هذا الاتصال إلى أبيه قطعًا. وذلك لحديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" [رواه الجماعة]. وقد يكون الاتصال عن طريق إدخال نطفة الزوج في رحم زوجته – بغير الاتصال الجسدي المعتاد، وذلك لما جاء عن أبي حنيفة – رضي الله عنه – في البحر الرائق – "إذا عالج الرجل جاريته فيما دون الفرج فأخذت الجارية ماءه وولدت فالولد ولده، والجارية أم ولد له" ومن هذا يتبين أن الصلة العضوية بين الزوجين والاختلاط الجسدي هو الوسيلة الأساسية لإفضاء كل منهما إلى الآخر.
أما إذا أدخلت الزوجة مني رجل آخر غير زوجها إلى فرجها فإن هذا يكون محرمًا شرعًا لما يترتب عليه من اختلاط الأنساب ونسبة الولد إلى أب لم يتخلق من مائه، وهذا الإدخال إذا حدث الحمل بسببه يكون في "معنى الزنى" والزنى محرم في كل الشرائع السماوية. أما عن التساؤلات التي وردت في السؤال. فنجيب:
بخصوص حدوث الحمل نتيجة استدخال الزوجة مني رجل غير زوجها ممكن ومحتمل ويعتبر الحمل حمل سفاح إذا ثبت ذلك.
ولا يقام على هذه الزوجة حد الزنى، لأن هذا الحد إنما يقام على المباشرة الجنسية الفعلية وثبوت ذلك بالإقرار به أربع مرات أو شهادة أربعة شهود بواقعة الزنى أمام القضاء.
وأما بالنسبة لإباحة الإجهاض في هذه الحالة فنقول: إن هذا الجنين نفس محترمة له مقومات النفس الإنسانية منذ انعقاد الحمل، ومن ثم يحرم على هذه المرأة أن تجهض نفسها تخلصًا من هذا الجنين، ولا يحتج هنا بقاعدة: الضرورات تبيح المحظورات".(20/271)
وعن نسب الولد نقول: إذا استكمل الحمل الموصوف في هذه الواقعة أشهره الرحمية ووضعته أمه كان نسبه إلى الزوج ثابتًا بحكم الفراش القائم بين الزوجين وذلك للحديث السابق: الولد للفراش.." فإذا أنكر الزوج أنه منه وأقام الدليل الصحيح وأنه عقيم حتى تاريخ هذا الحمل وطلب من القضاء نفي نسب هذا الطفل إليه، قضى له بذلك، وفي هذه الحالة لا ينسب هذا المولود إليه وإنما ينسب إلى أمه التي ولدته باعتبار أن الولادة واقعة مادية لا يمكن إنكارها.
فإن عجز الزوج عن إثبات الواقعة لسبب أو لآخر، ثبت النسب إليه بالقرينة الشرعية وباعتبار أن العقم قد يزول فيبرأ من عقمه ويصير صالحًا للإنجاب، وإثبات النسب في هذه الحالة أولى من نفيه خصوصًا وأن التقدم في مجال الطب فتح آفاقًا واسعة، وأحيا آمالاً كانت في حكم المعدومة، وفي النهاية فإن قدرة الله فوق كل شيء وهو على كل شيء قدير.
هذا إذا كان الحال كما ورد في السؤال والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
حكم إجهاض الأنثى رغبة في الذكور ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لدي ثلاث بنات وأرغب بذكر وفجأة حملت زوجتي دون رغبتنا وبالخطأ والاحتمال الأكثر أنها فتاة ولم يمضي على الحمل سوى إسبوعين فهل يجوز الإجهاض بهذا الحمل ثم الإعداد لحمل آخر من باب الأخذ بالأسباب ؟ وجزاكم الله خيراً.
... السؤال
11/08/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيرا، وبعد:
فما الذي أدراك يا أخي الكريم أن هذا الحمل أنثى ؟! فهذا مجرد احتمال ، والله وحده هو العليم بنوع الجنين علما قاطعا ، فلا تدري لعله يكون ذكرا ، وعلى فرض التأكد أن هذا الحمل أنثى فإن إجهاضه حرام لا يجوز، وفقا لما يراه جمهور الفقهاء ولما استقر عليه مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ، حيث يرى الحرمة مطلقا ووجوب نصف عشر الدية على المتسبب في الإجهاض؛ كل ذلك إذا كان من غير سبب يعد عذرًا كما سبق .
وهنا لا عذر في هذا الإجهاض لأنه لا ضرورة تدعو إليه ، ورغبتكم في الذكور دون الإناث ليست مبررا لهذا الإجهاض ، بل إنها ذنب تجب التوبة منه ، لأنها عادة جاهلية عابها الله على العرب قبل الإسلام ، وحرمها ، وحذر منها ، وذم من يقتلون البنات وتوعدهم بسوء المصير ( وإذا الموؤدة سئلت ، بأي ذنب قتلت) .
كما ذم أهل الجاهلية على رغبتهم في الذكور دون الإناث ، وعاب عليهم فرحهم بالذكر وحزنهم بالأنثى فقال : ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو(20/272)
كظيم ، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به ، أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ! ألا ساء ما يزرون؟؟ ) بلى يارب ساء ما فعلوا من الوزر والإثم .
وذلك لأن كراهة إنجاب الأنثى في حقيقته إنما هو عدم الرضا عن عطاء الله وهبته ، وإظهار السخط على قدر الله ونعمه ، فالذكور هبة من الله يهبها لمن يشاء ، والإناث أيضا هبة من الله يهبها لمن يشاء ، ويهب لمن يشاء الاثنين معا ، ويحرم من يشاء من الاثنين معا ، قال تعالى : ( لله ملك السماوات والأرض ، يخلق ما يشاء ، يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور * أو يزوجهم ذكرانا وإناثا، ويجعل من يشاء عقيما ، إنه عليم قدير) أي يعلم ما يصلح لكلٍ من الذكور أو الإناث ، أو الاثنين معا ، أو العقم ، وقادر على أن يرزق أي أحد أي نوع منهما.
يقول الإمام ابن كثير في تفسير هاتين الآيتين الكريمتين :
يخبر تعالى أنه خالق السماوات والأرض ومالكهما والمتصرف فيهما ، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، وأنه يعطي من يشاء ، ويمنع من يشاء ، ولا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع وأنه يخلق ما يشاء "يهب لمن يشاء إناثا" أي يرزقه البنات فقط ، قال البغوي : ومنهم لوط عليه الصلاة والسلام "ويهب لمن يشاء الذكور" أي يرزقه البنين فقط ، قال البغوي : كإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام لم يولد له أنثى.
" أو يزوجهم ذكرانا وإناثا " أي: ويعطي لمن يشاء من الناس الزوجين الذكر والأنثى أي من هذا وهذا ، قال البغوي : كمحمد صلى الله عليه وسلم "ويجعل من يشاء عقيما" أي : لا يولد له ، قال البغوي : كيحيى وعيسى عليهما الصلاة والسلام فجعل الناس أربعة أقسام منهم من يعطيه البنات ومنهم من يعطيه البنين ومنهم من يعطيه من النوعين ذكورا وإناثا ومنهم من يمنعه هذا وهذا فيجعله عقيما لا نسل له ولا ولد له " إنه عليم" أي بمن يستحق كل قسم من هذه الأقسام "قدير" أي على من يشاء من تفاوت الناس في ذلك .
وهذا المقام شبيه بقوله تبارك وتعالى عن عيسى عليه الصلاة والسلام "ولنجعله آية للناس" أي دلالة لهم على قدرته تعالى وتقدس ، حيث خلق الخلق على أربعة أقسام : فآدم عليه الصلاة والسلام مخلوق من تراب لا من ذكر ولا أنثى ، وحواء عليها السلام مخلوقة من ذكر بلا أنثى ، وسائر الخلق سوى عيسى عليه السلام من ذكر وأنثى ، وعيسى عليه السلام من أنثى بلا ذكر ، فتمت الدلالة بخلق عيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام ، ولهذا قال تعالى "ولنجعله آية للناس" فهذا المقام في الآباء والمقام الأول في الأبناء وكل منهما أربعة أقسام فسبحان العليم القدير. ( انتهى )
ويقول الدكتور عبد الفتاح إدريس ، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر:
إجهاض الجنين في أي مرحلة من مراحل تخلقه- ابتداءً من مرحلة النطفة إلى مرحلة نفخ الروح- حرام؛ سواء كان إجهاض هذا الجنين لعدم الرغبة فيه، أو لتحديد النسل، أو لتنظيم الأسرة، أو نحو هذا من العلل العليلة.
وذلك لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يرزق بالبنات والبنين؛ إذ قال الحق سبحانه : "يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا"، فإن الله(20/273)
سبحانه وتعالى هو الذي يهب هذه الذرية أيًا كان جنسها، وما علينا إلا الرضا بما وهب الله سبحانه وتعالى، وإلا كنا جاحدين لما أنعم به علينا.
وإذا كان هذا محرمًا فإنه لا تنفع معه دية ولا كفارة ولا نحوهما؛ وذلك لأنها لا تجدي فتيلاً مع ما حرم الله سبحانه. (انتهى)
واعلم أخي الكريم أن كون الجنين ذكرا أو أنثى مرجعه ـ بعد إرادة الله تعالى ـ إلى الرجل وليس المرأة ، لأن الحيوان المنوي هو أصل الجنين ، والرحم أرضه التي ينبت فيها، والبويضة غذاء ينميه ، كما قال تعالى : ( نساؤكم حرث لكم ) والحرث : الأرض ، فكما أن الأرض لا تحدد نوع الرزع ، وإنما ينبت فيها ما يبذره فيها صاحبها من البذر ؛ فكذا المرأة لا دخل لها في تحديد نوع الجنين ، كما قالت العربية قديما ، وأثبته الطب حديثا :
ما لأبي حفص لا يأتينا..... ويدخل البيت الذي يلينا
غضبان أنا لا نلد البنين ... تالله ما ذلك بأيدينا
إن نحن إلا كالأرض لزارعينا ... لا ننبت إلا ما يزرع فينا
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض خوف الفقر ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم ماذا يمكن فعله لكي يغفر الله لمن أجهضت نفسها أربع مرات ، مرة خائفة و مرة أخرى بسبب رفض زوجها للأبناء خوفا من المستقبل وكذلك خوفا من المسؤولية والفقر وفي كل مرة كانت مضطرة ومرغمة على الإجهاض رغم أنها تعرف أنه حرام وتسأل الله أن يغفر لها وتطلب منك مساعدتها وإرشادها إلى الطريق المستقيم. فماذا عليها فعله ؟ ولك جزيل الشكر
... السؤال
26/04/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
الإجهاض فى أصله محرم ، وإذا كان خوفاً من الفقر الحاضر أو المستقبل فهو أشد حرمة ، لأنه دليل على عدم التوكل على الله فى الرزق وعلى ضعف اليقين بوعد الله عز وجل. وقد أنكر الله تعالى على أهل الجاهلية قتل أولادهم خشية الفقر وتكفل سبحانه بالرزق للآباء وللأولاد فقال سبحانه: ( ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم إن قتلهم كان خِطْأًً كبيراً) وقال: ( ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم).
قال الإمام ابن كثير فى تفسير قوله تعالى:
( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا) : هذه الآية الكريمة دالة على أن الله تعالى أرحم بعباده من الوالد بولده لأنه نهى عن قتل الأولاد كما أوصى الآباء بالأولاد في الميراث وكان أهل الجاهلية لا يورثون البنات بل كان أحدهم ربما قتل ابنته لئلا تكثر عيلته ـ فقره ـ فنهى الله تعالى عن ذلك(20/274)
وقال "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق" أي خوف أن تفتقروا في ثاني الحال ـ المستقبل ـ ولهذا قدم الاهتمام برزقهم فقال "نحن نرزقهم وإياكم" وفي الأنعام "ولا تقتلوا أولادكم من إملاق" أي من فقر حاضر ـ فقدم الاهتمام برزق الآباء فقال:ـ "نحن نرزقكم وإياهم" .
وقوله: "إن قتلهم كان خِطْأً كبيرًا" أي ذنبا عظيما وقرأ بعضهم: "كان خَطَأ كبيراً" وهو بمعناه.
وفي الصحيحين عن عبدالله بن مسعود قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال "أن تجعل لله ندا وهو خلقك - قلت ثم أي؟ قال أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك - قلت ثم أي؟ قال أن تزاني بحليلة جارك".(انتهى)
ويقول الإمام الطبري: وقد كان أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية الفاقة, فوعظهم الله في ذلك, وأخبرهم أن رزقهم ورزق أولادهم علىالله فقال:{نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطأ كبيرا}(انتهى)
فالواجب على الزوجين هو التوبة النصوح إلى الله تعالى . فهذا الحكم ينطبق على الإجهاض إذا كان بعد نفخ الروح فى الجنين بمضى أربعة أشهرٍ على بداية الحمل.
ويجب عليها حينئذ صيام شهرين متتابعين عن كل جنين أجهض بعد نفخ الروح فيه، كما يجب فيه نصف عشر الدية ( ستة آلاف جنيهٍ مصريٍ) تكون ميراثاً ويحرم منها الفاعل للإجهاض .
أما قبل أربعة أشهرٍ ففيه خلاف بين العلماء ، والجمهور على أنه حرام ولايجوز إلا لضرورة كالخوف على حياة الأم ، وأما قبل الأربعين يوماً الأولى فالجمهور على أنه لا يحرم.
يقول أ.د علي جمعة محمد، أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر:
أجمع الفقهاء على حرمة الإجهاض بعد الشهر الرابع الرحمي؛ فمن أجهضت نفسها من غير سبب كعذر مقبول كالخوف على حياة الأم؛ فإنه يعد حرامًا باتفاق، ويستوجب نصف عشر الدية لورثة ذلك الجنين، فيما لو نزل حيًا ويحرم منه المتسبب في الإجهاض، وهذا القدر من الدية يقوم بستة آلاف جنيه مصري الآن، كما أن عليها صيام شهرين متتابعين كفارة عما ارتكبت من حرام، أما إذا كان الجنين قبل الشهور الأربعة فطبقاً لما ورد في الحديث النبوي فإنه لم تنفخ فيه الروح بعد، وإنما حركته وحياته التي نراها بالأشعة التلفزيونية ونحوها وتشعر بها المرأة فإنها حياة نباتية لم تنفخ فيها النفس الإنسانية بعد، وجمهور الفقهاء على حرمة الإجهاض في هذه الحالة أيضاً؛ وعليها ذلك المقدار من الدية أيضاً، وبعضهم كالحنفية والحنابلة يقولون إن الإجهاض في الأربعين اليوم الأولى الرحمية ليس حرامًا ولا دية فيه، وبعض الشافعية يرى أن عدم الحرمة يمتد إلى الشهور الأربعة كلها؛ ولكن الفتوى التي استقر عليها مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف يرى الحرمة مطلقاً ووجوب نصف عشر الدية على المتسبب في الإجهاض؛ كل ذلك إذا كان من غير سبب يعد عذرًا كما سبق .(انتهى)
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ(20/275)
القول الراجح فى مسألة ترقيع غشاء البكارة ... العنوان
ما حكم – من واقع عملي كطبيب - ترقيع غشاء البكارة لبعض الفتيات اللاتي يدعين الاغتصاب ؟
... السؤال
03/09/2000 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... المفتي :الشيخ الدكتور محمد بن محمد المختار بن محمد الشنقيطي الأستاذ بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
هذه المسألة تعتبر من المسائل النازلة في هذا العصر,وكانت من ضمن المواضيع التي بحثت في ندوة الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية المنعقدة في الكويت في عام1407 ه ,وكتب فيها فضيلة الشيخ عزالدين الخطيب التميمي بحثًا خلص فيه إلى القول بالتحريم ،كما كتب الدكتور محمد نعيم ياسين بحثا خلص فيه إلى القول بالتفصيل في حكم هذه المسألة ولهذا فإنه من المناسب ذكر كلا القولين ، مع أدلتهما ,ثم بعد ذلك أذكر ما يترجح في نظري منهما سائلاً الله عزوجل أن يمدني بالعون والتوفيق للصواب .
القول الأول :
لا يجوز رتق عشاء البكارة مطلقًا .(( الشيخ عزالدين الخطيب التميمي )).
القول الثاني: التفصيل :
1- إذا كان سبب التمزق حادثة أو فعلاً لا يعتبر في الشرع معصية ، و ليس وطئاً في عقد نكاح ينظر :
أ - فأن غلب على الظن أن الفتاة ستلاقي عنتًا و ظلمًا بسبب الأعراف ، و التقاليد كان إجراؤه واجبًا .
ب - و إن لم يغلب على ظن الطبيب كان إجراؤه مندوبًا.
2- إذا كان سبب التمزق وطئاً في عقد نكاح كما في المطلقة ، أو كان بسبب زنى اشتهر بين الناس فإنه يحرم عليه إجراؤه.
3- إذا كان سبب التمزق زنى لم يشتهر بين الناس كان الطبيب مخيراً بين إجرائه وعدم إجرائه ، و إجراؤه أولى (( الدكتور محمد نعيم ياسين )) .
تحديد محل الخلاف
ينحصر محل الخلاف بين القولين في الحالة الأولى والثالثة ، أما في الحالة الثانية فإنهما متفقان على تحريم الرتق .
الأدلة :
1- دليل القول الأول : "" لا يجوز مطلقًا"" :
أولا : أن رتق غشاء البكارة قد يؤدي إلى اختلاط الأنساب ، فقد تحمل المرأة من الجماع السابق ، ثم تتزوج بعد رتق بكارتها ، وهذا يؤدي إلى إلحاق ذلك الحمل بالزوج و اختلاط الحلال بالحرام.(20/276)
ثانيا: أن رتق غشاء البكارة فيه اطلاع على المنكر .
ثالثا: أن رتق غشاء البكارة يسهل للفتيات ارتكاب جريمة الزنى لعلمهن بإمكان رتق غشاء البكارة بعد الجماع .
رابعا: أنه إذا اجتمعت المصالح و المفاسد فإن أمكن تحصيل المصالح و درء المفاسد فعلنا ذلك ، و إن تعذر الدرء و التحصيل ، فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة ولا نبالي بفوات المصلحة كما قرر فقهاء الإسلام .و تطبيقًا لهذه القاعدة فإننا إذا نظرنا إلى رتق غشاء البكارة و ما يترتب عليه من مفاسد حكمنا بعدم جواز الرتق لعظيم المفاسد المترتبة عليه .
خامساً: أن من قواعد الشريعة الإسلامية أن الضرر لا يزال بالضرر و من فروع هذه القاعدة (( لا يجوز للإنسان أن يدفع الغرق عن أرضه بإغراق أرض غيره)) و مثل هذا لا يجوز للفتاة و أمها أن يزيلا الضرر عنهما برتق غشاء البكارة و يلحقانه بالزوج.
سادسا: أن مبدأ رتق غشاء البكارة مبدأ غير شرعي لأنه نوع من الغش ، والغش محرم شرعاً.
سابعا: أن رتق غشاء البكارة يفتح أبواب الكذب للفتيات و أهليهن لإخفاء حقيقة السبب ، و الكذب محرم شرعاً.
ثامنا: أن رتق غشاء البكارة يفتح الباب للأطباء أن يلجأوا إلى إجراء عمليات الإجهاض ، و إسقاط الأجنة بحجة الستر .
(( ذكر هذه الأوجه فضيلة الشيخ عزالدين الخطيب في بحثه : غشاء البكارة من منظور إسلامي ، من بحوث ندوة الرؤية الإسلامية ثبت الندوة 571-573.
2- دليل القول الثاني : "" التفصيل"" :
أولا: أن النصوص الشرعية دالة على مشروعية الستر و ندبه، و رتق غشاء البكارة معين على تحقيق ذلك في الأحوال التي حكمنا بجواز فعله فيها.
ثانياً: أن المرأة بريئة من الفاحشة فإذا أجزنا له فعل جراحة الرتق قفلنا باب سوء الظن فيها فيكون ذلك دفعاً للظلم عنها .
ثالثا: أن رتق غشاء البكارة يعين على تحقق المساواة بين الرجل والمرأة فكما أن الرجل مهما فعل الفاحشة لا يترتب على فعله أي أثر مادي في جسده و لا يثور حوله أي شك فكذلك ينبغي أن تكون المرأة و تحقيق العدل بينهما مقصد شرعي إلا في الأحوال المستثناة بدليل شرعي و ليست هذه الحالة منها .
رابعاً: أن قيام الطبيب المسلم بإخفاء هذه القرينة الوهمية في دلالتها على الفاحشة له أثر تربوي عام في المجتمع و خاصة فيما يتعلق بنفسية الفتاة .
خامساً: أن مفسدة الغش في رتق البكارة ليست موجودة في الأحوال التي حكمنا فيها .(( ذكر هذه الأوجه الدكتور محمد نعيم ياسين في بحثه : رتق غشاء البكارة في ميزان المقاصد الشرعية من بحوث ندوة الرؤية الإسلامية . ثبت الندوة 579-583.
الترجيح:
الذي يترجح في نظري و العلم عند الله هو القول بعدم جواز رتق غشاء البكارة مطلقًا و ذلك لما يأتي :(20/277)
أولاً : لصحة ما ذكره أصحاب القول الأول في استدلالهم .
ثانيا: استدلال أصحاب القول الثاني يجاب عنه بما يلي:
الجواب عن الوجه الأول:
أن الستر المطلوب هو الذي شهدت النصوص باعتبار وسيلته و رتق غشاء البكارة لم يتحقق فيه ذلك بل الأصل حرمته لمكان كشف العورة و فتح باب الفساد.
الجواب عن الوجه الثاني:
أن قفل باب سوء الظن يمكن تحقيقه عن طريق الإخبار قبل الزواج فإن رضي بالمرأة وإلا عوضها الله غيره.
الجواب عن الوجه الثالث:
أن التعليل بمساواة المرأة على هذا الوجه فاسد و التفاوت بين الرجل و المرأة في خفاء الجريمة على الوجه المذكور فطرة إلهية فيكون التعليل بالمساواة على هذا الوجه فيه نوع من التهمة بعدم العدل بين الجنسين . و الفطرة الموجبة للاختلاف سوية معتدلة لا تحتاج إلى استدراك و تقويم كما قال تعالى (( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ))
الجواب عن الوجه الرابع :
أن المفسدة المذكورة لا تزول بالكلية بعملية الرتق لاحتمال اطلاعه على ذلك و لو عن طريق إخبار الغير له ، ثم إن هذه المفسدة تقع عند تزويج المرأة بدون إخبار زوجها بزوال بكارتها و المنبغى إخباره فإن أقدم زالت تلك المفسدة و كذلك الحال لو أحجم .
الجواب عن الوجه الخامس:
ان هذا الإخفاء كما أن له هذه المصلحة كذلك تترتب عليه مفاسد و منها تسهيل السبيل لفعل فاحشة الزنى و درء المفسدة أولى من جلب المصلحة.
الجواب عن الوجه السادس:
أننا لا نسلم انتفاء الغش لأن هذه البكارة مستحدثة ، و ليست هي البكارة الأصلية ، فلو سلمنا أن غش الزوج منتفٍ في حال زوالها بالقفز و نحوه مما يوجب زوال البكارة طبيعة ، فإننا لا نسلم أن غشه منتفٍ في حال زوالها باعتداء عليها.
ثالثا: أن سد الذريعة الذي اعتبره أصحاب القول الأول أمر مهم جدًا خاصة فيما يعود إلى انتهاك حرمة الفروج ، و الأبضاع و المفسدة لاشك مترتبة على القول بجواز رتق عشاء البكارة .
رابعاً: أن الأصل يقتضي حرمة كشف العورة و لمسها و النظر إليها ، و الأعذار التي ذكرها أصحاب القول الثاني ليست بقوية إلى درجة يمكن فيها الحكم باستثناء عملية الرتق من ذلك الأصل فوجب البقاء عليه بحرمة جراحة الرتق .
خامساً أن مفسدة التهمة يمكن إزالتها عن طريق شهادة طبية بعد الحادثة تثبت براءة المرأة وهذا السبيل هو أمثل السبل ، وعن طريقه تزول الحاجة إلى فعل جراحة الرتق .
و لهذا كله فإنه لا يجوز للطبيب و لا للمرأة فعل هذا النوع من الجراحة .
و الله تعالى أعلم.(20/278)
ـــــــــــــــــــ
حكم إسقاط الجنين المشوه ... العنوان
هل يجوز الإجهاض إذا كان الجنين مشوها بحيث إنه حتما سيموت بعد الولادة مباشرة ؟(مثال:عدم وجود كلى للجنين ،عدم وجود عظام جمجمة للرأس ... السؤال
19/04/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... إذا ما دعت ضرورةٌ معتبَرةٌ شرعاً لإجهاض الجنين ، كأن يكون في بقائه خطر محقق على حياة الأم ، جازَ إجهاضُه أخذاً بحكم الضرورة ( ؛سواء قبل نفخ الروح أو بعده، وقد جاء في فتوى هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ، رقم 140 وتاريخ 20/6/1407
هـ ما يأتي : (( لا يجوز إسقاطُ الحملِ في مختلف مراحله إلا لمبرِّر شرعيٍّ ، وفي حدود ضيقة جداً .
إن كان الحمل في الطَّور الأول وهي مدة الأربعين ، وكان في إسقاطه مصلحةٌ شرعيةٌ ، أو دفعُ ضرر متوقَّعٍ ، جازَ إسقاطُهُ ، أما إسقاطه في هذه المدة خشيةَ المشقَّة في تربية أولادٍ أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم أو تعليمهم أو من أجل مستقبلهم أو اكتفاءً بما لدى الزوجين من أولادٍ فغير جائز *
لا يجوز إسقاطُ الحملِ إن كان علقةً أو مضغةً ، إلا إذا قرِرَّت لجنةٌ طبيةٌ موثوقةٌ أنَّ استمراره خطرٌ على سلامة أمِّه بأنْ يُخشى عليها الهلاكُ من استمراره جازَ إسقاطُهُ بعد استنفاد كافة الوسائل لتلافي تلك الأخطار .
* بعد الطور الثالث ، وبعد إكمال أربعة أشهرٍ للحمل ، لا يَحِلُّ إسقاطُهُ حتى يُقَرِّر جمعٌ من المختصين الموثوقين أنَّ بقاء الجنين في بطن أمه يسبِّب موتَها ، وذلك بعد استنفاد كافة الوسائل لإنقاذ حياته ))(
أما الإجهاض الطبي لأسباب تتعلق بالجنين نفسه فهو جائزٌ أيضاً إذا كان له مبرِّرٌ شرعيٌّ ، كأن يثبت للأطباء أنَّ الجنينَ مصابٌ بتشوُّهاتٍ خَلْقيَّةٍ واسعةٍ تؤدي في الغالب إلى موته ولو بعد فترة من ولادته وقد أصدر المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي قراراً في دورته الثانية عشرة 1410هـ 1990م أباح فيه إجهاضَ الجنينِ المشوَّه تشويهاً شديداً ، واشترط أنْ يكون ذلك بقرار لجنةٍ من الأطباء المختصِّين ، وأن يجرى الإجهاض قبل مرور ( 120 يوماً ) محسوبة من لحظة التلقيح أي قبل نفخ الروح فيه .
وقد اشترطوا للإجهاض الطبي المشروع ثلاثة شروط هي :
* موافقة الزوجين : لأن للزوجين حقوقاً وواجبات تتعلق بالإجهاض ، ولأن الإذن الطبي أساسٌ في عقد الإجارة بين الطبيب والمريض (
* عدم تعريض الحامل لخطر أشدّ : عملاً بقاعدة ( اتقاء أشد الضَرَرَيْن بارتكاب أخفِّهما ضَرَراً ) فإن كان خطرُ الحملِ أكبرَ من خطرِ الإجهاضِ جازَ الإجهاضُ .
* شهادة طبيبين عَدْلَيْن : يتفقان على ضرورة الإجهاض ، وأنه لا يترتب على الحامل خطر أشدّ من خطر الإجهاض .(20/279)
ويشترط قبل الشروع بالإجهاض أخذُ ( الموافقة الخطية ) بإجراء الإجهاض من الحامل نفسها ومن زوجها أو وليّ أمرها ، فإذا رفضت الإجهاضَ وجب الامتثالُ لرغبتها ، وإثباتُ ذلك في ملفِّها الطبي ، وأخذ توقيعها وتوقيع زوجها أو وليِّ أمرها بالرفض بعد إعلامهم بخطورة استمرار الحمل
ـــــــــــــــــــ
وسائل تنظيم النسل ... العنوان
ما حكم تركيب اللولب كمانع للحمل ؟ وما الدليل ؟
... السؤال
15/04/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... يجب أن يستقر فى الأذهان أن مرجع الأحكام الشرعية ومصدرها من حيث الحل والحرمة والجواز والمنع هو كتاب الله تعالى ( القرآن الكريم ) وسنة رسوله صلوات الله وسلامه عليه، وباستقراء آيات القرآن يتضح أنه لم يرد فيه نص يحرم منع الحمل أو الإقلال من النسل، وإنما ورد فى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ما يفيد ظاهره المنع، ويظهر ذلك جليا من مطالعة أقوال فقهاء المذاهب وكتب السنة الشريفة فى شأن جواز العزل ( يقصد به أن يقذف الرجل ماءه خارج مكان التناسل بزوجته) فقد قال الإمام الغزالى وهو شافعى المذهب فى كتابه إحياء علوم الدين وهو بصدد بيان آداب معاشرة النساء ما موجزه إن العلماء اختلفوا فى إباحة العزل وكراهته على أربعة مذاهب فمنهم من أباح مطلقا بكل حال، ومنهم من حرم العزل بكل حال، وقائل منهم أحل ذلك برضا الزوجة ولا يحل بدون رضاها، وقائل آخر يقول إن العزل مباح فى الإماء دون الحرائر، ثم قال الغزالى إن الصحيح عندنا ( يعنى مذهب الشافعى) أن ذلك مباح .
ثم تحدث عن البواعث المشروعة لإباحة العزل، وقال إنها خمسة، وعد منها استبقاء جمال المرأة وحسن سماتها واستبقاء حياتها خوفا من خطر الولادة، والخوف من كثرة الحرج بسبب كثرة الأولاد، والتخفف من الحاجة إلى التعب والكسب ، وهذا غير منهى عنه، لأن قلة الحرج معين على الدين، ومن هذا يظهر أن الإمام الغزالى يفرق بين منع حدوث الحمل بمنع التلقيح الذى هو النواة الأولى فى تكوين الجنين وبين الإجهاض، فأباح الأول وجعل من أسبابه الخوف من الضيق بسبب كثرة الأولاد ومن متاعب كسب العيش لهم، بل إن الغزالى أباح العزل محافظة على جمال الزوجة، وفى فقه المذهب الحنفى أن الأصح إباحة العزل باعتباره الوسيلة لمنع الحمل .
واختلف فقهاء المذهب فى أن هذا يستلزم موافقة الزوجة فقط، ومن هذا الرأى فقهاء مذهب الإمام مالك، ويجيز كذلك مذهب الزيدية منع الحمل بشرط موافقة الزوجة، ويشترط فى مذهب الشيعة الجعفرية أن تكون موافقة الزوجة على العزل وقت عقد الزواج، ومذهب الأباضية يجيز العزل كذلك بموافقة الزوجة، ويقول الإمام الشوكانى فى نيل الأوطار إن الأمور التى تحمل على العزل الإشفاق على الولد(20/280)
الرضيع خشية الحمل مدة الرضاع والفرار من كثرة العيال، والفرار من حصولهم من الأصل .
ومن هذا العرض الموجز لأقوال الفقهاء يبدو واضحا أن العزل كوسيلة من وسائل منع الحمل جائز، وأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعزلون عن نسائهم فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الأمر كذلك، فإن جواز تنظيم النسل أمر لا تأباه نصوص السنة الشريفة، قياسا على جواز العزل فى عهد الرسول صلوات الله عليه وسلامه كما روى الإمام مسلم فى صحيحه كنا نعزل والقرآن ينزل كما رواه البخارى فى صحيحه كذلك .
وإن كان فقهاء الشريعة الإسلامية قد أجازوا العزل كوسيلة لمنع الحمل بموافقة الزوجة، فيجل أن تكون الوسيلة مثلا للعزل دون ضرر، وإذا كان الفقهاء القدامى لم يذكروا وسيلة أخرى فذلك لأن العزل كان هو الطريق المعروف فى وقتهم ومن قبلهم فى عهد الرسول صلوات الله وسلامه عليه .
وليس ثمة ما يمنع قياس مثيله عليه مادام الباعث على العزل هو منع الحمل، فلا ضير من سريان إباحة منع الحمل بكل وسيلة حديثة تمنعه مؤقتا دون تأثير على أصل الصلاحية للإنجاب .
فلا فرق إذن بين العزل باعتباره سببا وبين وضع حائل يمنع وصول ماء الرجل إلى داخل رحم الزوجة، سواء كان هذا الحائل يضعه الرجل أو تضعه المرأة، ولا فرق بين هذا كذلك وبين أى دواء يقطع الطبيب بأنه يمنع الحمل مؤقتا ولا يؤثر فى الإنجاب مستقبلا، ومع هذا فقد تناول بعض الفقهاء طرقا لمنع الحمل غير العزل وأباحوها قياسا على العزل، من ذلك ما قاله بعض فقهاء المذهب الحنفى من أنه يجوز للمرأة أن تسد فم رحمها منعا لوصول الماء إليه لأجل منع الحمل بشرط موافقة الزوج .
ونص فقهاء المذهب الشافعى على إباحة ما يؤخر الحمل مدة - وعلى هذا يباح استعمال الوسائل الحديثة لمنع الحمل مؤقتا أو تأخيره مدة، كاستعمال أقراص منع الحمل، أو استعمال اللولب، أو غير هذا من الوسائل التى يبقى معها الزوجان صالحين للإنجاب ، بل إن هذه الوسائل أولى من العزل، لأن معها يكون الاتصال الجنسى بطريق طبيعى، أما العزل فقد كان فى اللجوء إليه أضرار كثيرة للزوجين أو لأحدهما على الأقل .
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض والعبادة ... العنوان
لقد أجهضت بعد 6 أسابيع من الحمل، هل يكون حكمي هو حكم النفساء من حيث الصلاة والصوم؟
... السؤال
21/12/1999 ... التاريخ
... ... الحل ...
...(20/281)
... يقترن الامتناع عن أداء العبادات من صلاة وصوم وقراءة قرآن وغيره مما يشترط لأدائه الطهر فى حالات الولادة أو الإجهاض ـ يقترن ذلك بنزول الدم فتستطيع المرأة إذا انقطع عنها الدم أربعين يوماً أن تتطهر ، وتمارس عبادتها بشكل طبيعى أما إذا نزل الدم أكثر من أربعين يوماً فعليها أن تتطهر بعد الأربعين ، وتمارس عبادتها .
بعد ذلك ، لأن هذا الدم ليس طبيعياً ، فلا يفسد صلاتها ولا صومها .
وأما الاستماع إلى القرآن فيمكنك ذلك ، ولكن الممنوع هو إمساك المصحف الشريف ، أو قراءة القرآن .
ـــــــــــــــــــ
ما حكم الإجهاض ... العنوان
ما حكم الإجهاض بدون سبب وهل له كفارة؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... أجمع الفقهاء على حرمة الإجهاض بعد الشهر الرابع الرحمي؛ فمن أجهضت نفسها من غير سبب كعذر مقبول كالخوف على حياة الأم؛ فإنه يعد حرامًا باتفاق، ويستوجب نصف عشر الدية لورثة ذلك الجنين، فيما لو نزل حيًا ويحرم منه المتسبب في الإجهاض، وهذا القدر من الدية يقوم بستة آلاف جنيه مصري الآن، كما أن عليها صيام شهرين متتابعين كفارة عما ارتكبت من حرام، أما إذا كان الجنين قبل الشهور الأربعة فطبقا لما ورد في الحديث النبوي فإنه لم تنفخ فيه الروح بعد، وإنما حركته وحياته التي نراها بالأشعة التلفزيونية ونحوها وتشعر بها المرأة فإنها حياة نباتية لم تنفخ فيها النفس الإنسانية بعد، وجمهور الفقهاء على حرمة الإجهاض في هذه الحالة أيضا؛ وعليها ذلك المقدار من الدية أيضا، وبعضهم كالحنفية والحنابلة يقولون إن الإجهاض في الأربعين اليوم الأولى الرحمية ليس حرامًا ولا دية فيه، وبعض الشافعية يرى أن عدم الحرمة يمتد إلى الشهور الأربعة كلها؛ ولكن الفتوى التي استقر عليها مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف يرى الحرمة مطلقا ووجوب نصف عشر الدية على المتسبب في الإجهاض؛ كل ذلك إذا كان من غير سبب يعد عذرًا كما سبق . والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
حكم شرب الدخان ... العنوان
what about smoking?tel me and ---------ma hkmw fi alislam
ما حكم التدخين؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
...
إن تدخين التبغ بشتى أنواعه يؤدي إلى أضرار عضوية عديدة جدًا؛ أهمها ما يسببه من أنواع السرطان في الرئتين وفي الفم وفي الحنجرة، كما أن تدخين المرأة الحامل يضر ضررًا بليغًا بجنينها فيؤدي إلى الإجهاض بنسبة أعلى مما عند غير(20/282)
المدخنات، كما أن أولاد المدخنات يولدون أقل وزنًا من المعتاد، ومعدل الوفيات أعلى، وكذلك معدلات إصابة الأجنة بالتشوهات الخلقية. أما من الناحية الشرعية فقد نص المالكية على تحريم التدخين "انظر تهذيب الفروق الجزء الأول ص216" وكذلك ذهب إلى حرمة التدخين المؤتمر العالمي الإسلامي لمكافحة المسكرات والمخدرات الذي عُقد في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة يوم 30/5/1402هـ . علمًا بأن بعض الفقهاء قد ذهب إلى إباحة التدخين، وأكثرهم ذهب إلى كراهته لعدم وجود نص صريح بالتحريم.
ـــــــــــــــــــ
حكم الأجهاض ... العنوان
طبيب مسلم يعمل في دوله غربيه، ويسال هل يجوز له أن يقوم بعمليات الإجهاض قبل الشهر الرابع علما أنه مسموح في هذه الدوله وشكرا ... السؤال
الدكتور أحمد محمد كنعان ... المفتي
... ... الحل ...
...
... ذهب معظم الفقهاء إلى حرمة الإجهاض المتعمد إلا لعذر شرعي سواء قبل نفخ الروح في الجنين أي قبل أن يتم الشهر الرابع من عمره أو بعد نفخ الروح فيه ورأى قلة منهم جواز الإجهاض قبل نفخ الروح، وأجازه آخرون فقط قبل الأربعين يوما من عمر الجنين وبناء على هذا، وبما أنك تعمل في بلد يجيز الإجهاض قبل الشهر الرابع من عمر الجنين فلا بأس عليك في ذلك أخذاً برأي الفقهاء الذين أجازوا إجهاض الجنين في هذا العمر والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
حكم استخدام اللولب لمنع الحمل ... العنوان
فضيلة الدكتور: مرحبا بكم، الرجاء إفادتي فيما سمعناه من أن اللولب الذي يستخدم لمنع الحمل يقتل البويضة ولا يمنعها فقط من التكوين، وبالتالي فهو حرام، فما رأيكم ولكم الشكر الجزيل ... السؤال
الدكتور أحمد محمد كنعان ... المفتي
... ... الحل ...
...
... تختلف طريقة عمل اللولب عن عمل الحبوب المانعة للحمل ، فالحبوب المانعة للحمل تمنع الإباضة أما اللولب فإن عمله ميكانيكي أي أنه يمنع تعشيش البيضة في جدار الرحم و قد تكون البيضة قد لقحت بالنطفة لكن هذا لا يعني أن اللولب يؤدي إلى إجهاض الجنين لأن اللولب كما قلنا يمنع تعشيش البيضة و يؤدي إلى موتها و سقوطها خارج الرحم قبل أن تصبح جنيناً و من ثم فلا مانع شرعاً من استخدام اللولب في منع الحمل لأن عمله لا يعد إجهاضاً علما بأن بعض الفقهاء قد أجازوا إجهاض الجنين قبل نفخ الروح فيه على خلاف بينهم ، فمنهم من حرم الإجهاض بعد الأربعين يوماً من بداية الحمل و بعضهم حرمه بعد أربعة أشهر أو مائة و(20/283)
عشرين يوماً و اللولب كما قلنا يؤدي إلى سقوط البيضة قبل ذلك بوقت طويل و قبل أن تصبح جنينا، فهو جائز . و الله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
حكم الأجهاض ... العنوان
ما حكم الإجهاض في الشهر الأول من الحمل، خاصة إذا خشي المرء من عدم القدرة على تحمل تربية أربعة أطفال لا تتجاوز أعمارهم سبع سنوات. ... السؤال
... ... الحل ...
...
... من لا يستطيع أن يربي اربعة اطفال، أو يرى ان تربيتهم قد توقعه في مشقة فإن عليه ان يحتاط لهذا الامر، فيتخذ من الوسائل وما اكثرها الان لمنع الحمل اصلا ولكن إذا حملت المرأة وتبين حملها، فهل يجوز إجهاضها في الشهر الاول أو قبل نفخ الروح أو لا يجوز؟ وفي هذه المناسبة فإن نفخ الروح كما هو واضح من الاحاديث النبوية الصحيحة يكون بعد مائة وعشرين يوما، وقد اختلف الفقهاء في هذا فمنهم من اجاز الاجهاض قبل نفخ الروح، ومنهم من رفضه، أما بعد نفخ الروح فقد اتفق علماء المسلمين على حرمة الاجهاض، وأنا أرى أنه إذا تبين الحمل وثبت، فإنه لا يجوز الاجهاض مطلقا سواء قبل نفخ الروح أم بعده إلا في حالة الضرورة القصوى مثل الخوف على حياة الأم وما يشبه ذلك من الضرورات .
ـــــــــــــــــــ
اغتصاب المرأة وحملها ... العنوان
ما حُكْمُ الدِّين فَي حَمْل امرأة مُسْلِمة اغتصبها عَدُوٌّ في الحرب، هل يجوز لها أن تُسقطه ولمن يُنسب هذا الحمل ... السؤال
... ... الحل ...
...
... من حملت باغتصابٍ حَمْلاً غير شرعي فهو ابنها يُنسب إليها؛ لأنه تكوَّن من بُويضتها، وولدته من بطنها، ولا يجوز نِسبته إلى أحد إذا كانت غير مُتزوجة، وعليها أن ترعاه رعاية كاملة إذا وضعته، أما إن كانت مُتزوجة ولم تكن حاملاً وقت الاغتصاب فحملت، فالولد ولدها أيضًا ترعاه بعد الولادة رعاية كاملة.
ولزوجها إن لم يَسْتَلْحِقه أن يتبرأ منه، وإن كان حاملة من زوجها الشرعي واغتُصِبَت فالولد يُنسب إلى الزوج؛ لأن الولد للفراش كما ثبت في الحديث المُتفق عليه. وقد قال العلماء في الحمل غير الشرعي: لا يجوز إجهاضه ولا التخلُّص منه بعد نَفْخِ الرُّوح فِيه، أي بعد أربعة أشهر من الحَمل؛ لأنه نفس بريئة يَحْرُمُ قتلها بغير حق، ما لم يكن هناك خطَر على الحامل من تمام الحمل، أما قبل نفخ الروح فيه فهناك وجهات نظر مُختلفة للعلماء سبق الكلام عليها في ص 480 من المجلد الأول من هذه الفتاوى. فبعضهم حَرَّم الإجهاض مُطلقًا، وبعضهم أباحه مُطلقًا، وبعضهم كَرِهَه مُطْلقًا، ومنهم من قَيَّد ذلك بعدم وجود العُذْر.
ومن هنا يجوز لمن حَمَلَتْ من اغتصاب أن تتخلَّص من الحمل قبل نَفْخِ الروح فيه على رأي من الآراء المذكورة.(20/284)
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض ... العنوان
ما حكم الإجهاض؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... الإجهاض: هو إنزال الجنين قبل تمام نموِّه الطبيعي في بطْن أمه، وله طرق عدَّة، وإليك كلمة عن حكمه ملخَّصة من فتوى رسمية منشورة بالفتاوى الإسلامية(1) ومن مقالات بعض العلماء(2).
الإجهاض إن كان بعد الشهر الرابع حرام بالاتفاق؛ لأنه قتل نفس بغير حق، إلا لضرورة تقْتضيه، فالضرورات تبيح المحظورات، قال تعالى ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ ولَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ) (البقرة: 173)، ومن الأعذار انقطاع لبن المرأة بعد ظهور الحمل، والرضيع محتاج إليه ولا بديل له، ومنها الشعور بالضعف عن تحمُّل أعباء الحمْل، وكون الوضع بالعملية القيْصرية التي تُعرِّضها للخطر، وإقرار الأطباء أن بقاء الحمل يُفضي إلى هلاكها، والتأكد من وراثة مرض خبيث. كالذي يذكره الدكتور محمد عبد الحميد وسيأتي بعد. أما قبل الشهر الرابع ففي الإجهاض خلاف:
1 ـ قال بعض الأحناف كالحَصْكَفِيِّ: إنه مباح ولو بغير إذن الزوج وذلك عند العذر، وقال صاحب " الخانية ": لا يحِلُّ، قياسًا على ما لو كسَر المُحْرِمُ بيض الصيد، الذي نص الفقهاء على أنه يَضْمَنُه؛ لأنه أصل الصيد، والجزاء الدنيوى أمارة الجزاء الأخروى، فأقل درجات منعه أنه مكروه.
2 ـ والمالكية منعوه في جميع مراحله ولو قبل الأربعين يومًا، على ما هو المعتمَد من مذهبهم، كما في نص عبارة الدَّرْدِير في الشرح الكبير: لا يجوز إخراج المَنِي المتكوِّن في الرَّحم ولو قبل الأربعين يومًا وفي رأيٍ أنه مكروه، وعبارة " المتكون في الرحم " تُعطي أن النُّطفة لو لم تستقرَّ في الرَّحِم يجوز التخلُّص منها.
3 ـ والمتَّجَه عند الشافعية هو الحرْمة، وقيل: يُكره في فتْرَتَي النطفة والعلقة، أو خلاف الأولى. ومحلُّه إذا لم تكن هناك حاجة، كأن كانت النُّطْفة من زنا فيجوز.
4 ـ أما عند الحنابلة فيؤخذ من كلام " المغنى " لابن قدامة أنها إذا ألقته مضْغة فشَهِد ثقات من القوابل بأن فيه صورة خفيَّة ففيه غُرَّة، وإن شهدْن أنًّه مُبتدأ خلق آدمي ولو بقيَ لتصور ففيه وجهان، أصحُّهما لا شيء فيه.
فالخلاصة أن للفقهاء في الإجهاض قبل تمام الأشهر الأربعة أربعة أقوال:
ا ـ الإباحة مطلقًا دون توقُّف على عذر، وهو مذهب الزيدية وبعض الحنفية وبعض الشافعية، ويدل عليه كلام المالكية والحنابلة.
ب ـ الإباحة عند وجود العذر والكراهة عند عدمه، وهو ما تفيده أقوال الحنفية وبعض الشافعية.
جـ ـ الكراهة مطلقًا هو رأي بعض المالكية.
د ـ التحريم بغير عذر، وهو معتَمَد المالكية والمتَّجَه عند الشافعية والمتَّفق مع الظاهرية.(20/285)
هذا، وتونس أولى الدول الإسلامية التي تبيح الإجهاض، وتركيا ستكون هي الثانية، واشترطت ألا يكون بعد 12 أسبوعًا من الحمل(3).
ما يترتَّب على الإجهاض من الأحكام الدنيوية:
كلُّ الفقهاء متَّفقون على وجوب الغُرَّة " عبد أو أمَة " في إلقائه ميِّتًا بجناية عليه من أمِّه أو من غيرها، مع اختلاف في بعض التَّفاصيل. فالحنفية قالوا: تجب الغُرَّة على العاقلة وإن أسقطه غيرها أو أسقطته هي عمدًا بدون إذْن زوجها، فإنْ أَذِن أو لم تتعمَّد فلا غُرَّة، ولو أمرَت الحامل غيرها بإسقاطه فلا ضمان على المأمورة بل على الحامل إذا لم يأذَن الزوج، والعاقلة هم أقارب الجاني.
والشافعية قالوا: فيه غرَّة لكلِّ جنين، والظاهرية قالوا: إن كان قبل تمام الأشهر الأربعة ففيه الغرة دون كفَّارة، وإن كان بعدها ففيه الاثنتان. ومَن تعمَّدت قتل جنينها بعد الأشهر الأربعة أو تعمد قتله أجنبي ففيه القَوَد (القصاص بالقتل)، وصرَّح الإباضية بوجوب الغُرَّة.
هذا، وقد أفتتْ لجنة الفتوى بالأزهر بجَواز الإجْهاض للمرْأة في الشَّهر الأوَّل خشية وِرَاثة مرض خبيث، بشرْط ألا يعرِّض المرأة للخطر(4).
ولا يجوز أن تُمارَس عمليات الإجهاض لغير الضرورة كالتي ذكرها الدكتور محمد عبد الحميد مدير مستشفى الملك " المنيرة " سنة 1935 من أن المرأة إذا كانت مريضة بالسل الرِّئوي الذي يزيده الحمل والوضع وينتقل إلى الجنين، أو بالالتهاب الكُلْوي الذي يعرِّض للتسمم البولي لإضراب الكليتين عن العمل. ويشتد خطر الالتهاب إن صاحَبه ارتشاح في الجسم، أو بالبول السكري الذي لا يوجد له دواء، أو لا يفيده " الأنسولين " أو كانت مريضة بالقلب أو ضعف القوى العقلية أو الاضطرابات النفسية. أو بالقَيْء الكثير الذي يُخاف منه على الحامل إذا كان مصحوبًا بزُلال في البول أو بحمَّى أو بنزْف. اهـ.
وإذا كان الحمل من زنا، وأجاز الشافعية إجهاضه، فأرى أنه يكون في حالة الإكراه أو ما شابهها حيث يكون الإحساس بالنَّدم والألم النفسي، أما عند الاستهانة بالأعراض وعدم الحياء من الاتِّصال الجنسي الحرام فأرى عدم جواز الإجهاض؛ لأن فيه تشجيعًا على الفساد، وإن كان منتشرًا في كثير من البلاد غير الإسلامية، ولذا حرَّمتْه بعض القوانين، ثم رفعت الحظر عنه لممارسته فعلاً، وعالجت بعض الأولاد غير الشرعيين.
ولتمام الموضوع لبيان حُكم التَّعقيم وحكْم الإجهاض وآثاره والأسباب المبرِّرة له قبل نفْخ الروح في الجنين وبعده. يُرجع إلى كتاب الفتاوى الإسلامية(5). ويُنظر قرار مجمع البحوث الإسلامية " فتاوى الشيخ جاد الحق ج5 ص 98 ".
الهوامش
(1) المجلد التاسع ص 3093.
(2) مجلة العربي عدد أغسطس1973.
(3) الأهرام 19/2/1982.
(4) مجلة التَّصوف الإسلامي عدد 84 في يناير 1986.
(5) مجلد 9 ص 3093 وما بعدها.(20/286)
ـــــــــــــــــــ
تنظيم النسل ... العنوان
ما هو الرأي الصَّحيح في الدعوة إلى تحديد النسل أو تنظيم الأسرة ؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... تنظيم النسل أو تحديده أمر اشتدت الدعوة إليه أخيرًا بعد ملاحظة تزايد السكان وعدم كفاية الإنتاج لسدِّ مطالبهم .
وبصرف النظر عن تأثُّر الدَّعوة إليه بآراء " توماس روبرت مالتوس " التي نشرها في مقاله عن السُّكان سنة 1798 م، وعن حساسية المسلمين نحوه بأنه فكرة غريبة ليست في مصلحتهم، يجب أن نلاحظ أن بعض دول الغرب لم تأخذ بهذه الفِكرة لعدم الحاجة إليها، وأن أية فكرة أجنبية لا ينبغي أن نرفضها بادِيَ الرأي لكونها وافدةً إلى المجتمع الإسلامي، فكم من الفِكَر الجديدة أخذنا بها ولها وجاهتها؛ لأنها تُحقق المصلحة ولا تتصادم مع المقرَّرات الدينية .
كما يجب أن نلاحظ أن واقع المسلمين الآن يجب تغييره إلى الأحسن سياسيًا واقتصاديًا ودينيًا وحضاريًا، فأكثرهم يُعاني من الفقر بالذات هو بكثرة الإنتاج والعدالة في توزيعه، وبترشيد الاستهلاك حتى لا يكون تبذير أو إسراف يبتلع الجهود المبذولة لحل الأزمة، فإن الاستقرار الاقتصادي في بعض البلاد التي لا تملك من الموارد ما يجعلها في غنىً عن التفكير في هذا الموضوع .
ولما كان الموضوع ـ إلى جانب العامل الاقتصادي والعوامل الأخرى ـ له جانب ديني، فإن للفقهاء فيه آراء مختلفة، بِناء على اختلافهم في حُكم صورة من صُوَر منْع الحمل كانت موجودة أيام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وهي المعروفة بالعزْل . وملخَّص أقوالهم فيها أربعة:
القول الأول : يُجيز العزل مطلقًا، ورويَ ذلك عن عشرة من الصحابة، وصحَّت به أحاديثُ كثيرة، منها: ما رواه البخاري ومسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال : كنَّا نَعزل على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والقرآن يَنزل، وزاد مسلم في روايته: فبَلغه ذلك فلم يَنهنا . كما روى مسلم أن رجلاً قال للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : إن لي جارية هي خادمتنا وسانيتنا في النَّخل ـ أي تُسقي نخلنا ـ وأنا أطُوف عليْها وأكْره أن تَحمل، فقال " اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدِّر لها " فغاية ما يدل عليه هو عدم نهيه عنه .
ومنها ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي أن اليهود قالت: العزْل الموءودة الصغرى، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " كذَبت يهود، إن الله ـ عز وجل ـ لو أراد أن يَخْلُق شيئًا لم يستطع أحد أن يصْرفه " فالرسول خالف اليهود في تنفيرهم من العزل، وذلك دليل جوازه .
ومنها ما رواه مسلم وغيره أن رجلاً قال للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : إني أعزل عن امرأتي، فقال له " لمَ تفعل ذلك "؟ قال : أُشْفق علي ولدها، فقال له " لو كان ضارًّا لَضَرَّ فارس والروم " فلم يَنْهه عن العزل، بل أقرَّه عليه، ويؤيِّد ذلك حديث مسلم أيضًا عن جُدامة بنت وهب عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " لقد هممْت أن(20/287)
أنْهي الغَيْلة، فنظرْت في الروم وفارس فإذا هم يُغِيلُون أولادهم فلا يضرُّ أولادَهم شيئًا " والغِيْلَة هي جِماع المُرْضِع أو الحامل، ولبنهما يُسمى " الغَيْل " وكانت العرب ترى أنه يضر بالولد .
ومنها ما رواه البخاري ومسلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال " تعوَّذوا بالله من جَهْدِ البلاء ودَرْك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء " وفسَّر ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ جهد البلاء بقلِّة المال وكثرة العيال، ومعنى ذلك أن كثرة العِيال مع الفقْر أمر مكروه يُستعاذ بالله منه، وهو يدل على جواز الحد من الإنجاب بالعزل ونحوه .
كما استدلوا بأحاديث وآثار ضعيفة نَبَّهَ عليها العراقي في تخريج أحاديث الإحياء، والزُّرقاني على المواهب اللَّدُنِّيَّة منها " خير الناس بعد المائتين الخفيف الحَاذِ، الذي لا أهل له ولا ولد " قلَّة العيال أحد اليسارين وكثرتهم أحد الفَقْرين " وقول عمرو بن العاص في خُطبة له بمصر: إياكم وكثرة العيال وإخفاض الحال وتضييع المال ... ...
القول الثاني : يُحرِّم العزْل مُطلقًا بدليل حديث مسلم عن جُدامة بنت وهب أن أناسًا سألوا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن العزْل فقال " ذلك الوَأْدُ الخَفِيُّ " .
القول الثالث : يُجيز العزل إذا أذِنَت الزوجة فيه، ودليله حديث أحمد وابن ماجه عن عمر ـ رضي الله عنه : نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يُعزَل عن الحُرَّة إلا بإذنها، ولعلَّ ذلك لحقِّها أيضًا في الولد .
القول الرابع: يُجيز العزْل في المملوكة دون الحرَّة، وذلك خوفًا على الولد من الرِّق إن كانت زوجة، أو على ضياع ملكه لها إن أصبحت أم ولد بالولادة . والدَّليل هو مفْهوم الحرَّة في الحديث الذي استدل به القول الثالث .
وهذه الأدلَّة كلها مُناقَشة وبخاصة أدلةُ الأقوال الثلاثة الأخيرة، ونُشير إلى بعض ذلك باختصار :
1 ـ أن حديث مسلم في عدم النهي عن الغَيْل يتعارض مع حديث أبي داود في النهْي عنه ونصه " لا تقتلوا أولادكم سرًّا، فإن الغَيْل يُدرِك الفارس فيُدَعْثِرُه عن فرسه " أي يَصرعه إذا صار رجلاً حيث لا يَقوَى على منازلة الشُّجعان، وقد يُجاب عن ذلك بتقديم حديث مسلم؛ لأنه أقوى من حديث أبي داود، فيَبقى الأمر على الجواز، أو يُحمل النهيُ على الكراهة. يقول ابن القيم : لو كان وطْء الحامل والمُرضع حرامًا لكان معلومًا من الدين، وكان بيانه من أهم الأمور ولم تُهملْه الأمَّة وخير القرون .
2 ـ تفسير ابن عمر لجَهد البلاء بقلَّة المال وكثرة العيال غير ملزم .
3 ـ التعبير عن العزْل بالوأْد الخَفِي هو على التشبيه لا على الحقيقة، ويقول ابن القيم: اتَّفق عمر وعلي ـ رضي الله عنهما ـ على أنها موءودة إذا مَرَّ عليها التَّارات السبع، حتى تكون سُلالة من طين ثم تكون نطفة ثم تكون علقة ثم تكون مضغة ثم تكون عظامًا ثم تكون لحمًا، ثم تكون خلقًا آخر .
4 ـ حديث النهي عن العزل عن الحرة إلا بإذنها علَّق عليه ابن تيمية في كتابه " المُنتقى " بأن إسناده ليس بذاك .(20/288)
وتفصيل هذه المناقشة يُمكن الرجوع إليه في كتابنا " تربية الأولاد في الإسلام " وهو الجزء الرابع من موسوعة " الأسرة تحت رعاية الإسلام " .
قال النَّووي بعد ذِكْر مذاهب العلماء في العزل: ثم هذه الأحاديث مع غيرها يُجمع بينها بأن ما ورد في النهي مَحمول على كراهة التَّنزيه، وما ورد في الإذْن في ذلك محمول على أنه ليس بحرام، وليس معناه نفْي الكراهة " شرح النووي لصحيح مسلم " ج 10 ص 9 " .
وقد ذَكَر الإمام الغزَّالي في كتابه الإحياء " ج 2 ص 47 " أن الصحيح عنده أن العزل مباح، وأما الكراهة فإنها تُطلق لنهي التحريم ولنهي التنْزيه ولترْك الفضيلة، فهو مكروه بالمعنى الثالث أي فيه ترك فضيلة ... إلى أن قال: وإنما قُلنا لا كراهة بمعنى التَّحريم والتنْزيه؛ لأن إثبات النهي إنما يُمكن بنصٍّ أو قياس على منْصوص، ولا نص ولا أصل يُقاس عليه، بل هاهنا أصل يُقاس عليه هو ترك النكاح أصلاً، أو ترك الجماع بعد النكاح، أو ترك الإنزال بعد الإيلاج، فكل ذلك ترك للأفضل وليس بارتكاب نهْي ... ثم قال : وليس هذا كالإجهاض والوأْد؛ لأن ذلك جناية على موجود حاصل ... ثم قال : فإن لم يكن العزل مكروهًا من حيث إنه دفع لوجود الولد فلا يَبْعُد أن يكون لأجْل النية الباعثة عليه، إذ لا يَبعَث عليه إلا نيَّة فاسدة فيها شيء من شوائب الشِّرك الخفي، فأقول : النيات الباعثة على العزل خمس:
الأول : في السَّراري ـ أي الإماء ـ وهو حفظ الملك عن الهلاك باستحقاق العتاق، وقَصْد استبْقاء الملك بترك الإعتاق . ودفع أسبابه ليس بمنهيٍّ عنه .
الثانية : استبقاء جمال المرأة وسِمْنها لدوام التمتُّع بها واستبقاء حياتها خوفًا من خطر الطلْق، وهذا أيضًا ليس منهيًّا عنه .
الثالثة : الخوف من كثرة الحرَج بسبب كثرة الأولاد، والاحتراز من الحاجة إلى التَّعب في الكسب ودخول مداخل السوء . وهذا أيضًا غير منهي عنه، فإن قلَّة الحرَج مُعين على الدِّين، نعم، الكَمال والفضْل في التوكُّل والثِّقة بضمان الله حيث قال ( ومَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ إِلا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا ) ولا جَرَم فيه سقُوط عن ذِرْوة الكَمَال وترْك الأفْضل، ولكن النَّظر إلى العواقب وحفظَ المال وادِّخارَه مع كونه مُناقِضًا للتوكُّل لا نقول إنه منهي عنه .
الرابعة : الخوف من الأولاد الإناث، لما يُعتقَد في تزويجهنَّ المَعَرَّة كما كان من عادة العرب في قتلهم الإناث، فهي نية فاسدة، لو ترك بسببها أصل الوِقَاع أَثِمَ بها، لا بترك النكاح والوطء، فكذا في العزل والفساد في اعتقاد المعرَّة في سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أشدّ، ويُنَزَّل منزلته امرأة تركت النكاح استنكافًا من أن يعلوَها رجلٌ، فكانت تتشبه بالرجال . ولا تَرجع الكراهة إلى عين ترْك النكاح .
الخامسة : أن تمتنع المرأة لتعزُّرها ومبالغتها في النظافة والتحرُّز من الطلْق والنفاس والرَّضاع، وكان ذلك عادة نساء الخوارج لمبالغتهن في استعمال المياه، حتى كنَّ يقضين صلوات أيام الحيْض ولا يَدخلن الخلاء إلا عُراة، فهذه بدعة تخالف السنة، فهي نية فاسدة .
هذا هو كلام الإمام الغزَّالي، وقد رأينا عند ذكره الباعث الثالث على العزل أنه لا مانع منه للظروف الاقتصادية، بمعنى أنه غير محرَّم ولا مكروه، ومعلوم أن ترتيب(20/289)
أمور الإنسان حسب الظروف أمر دعا إليه الدين، قال تعالى ( ولْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِه ) ( النور : 33 ) .
وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فلْيتزوج فإنه أغضُّ للبصر وأحْصَنُ للفرْج ومن لم يستطعْ فعليه بالصَّوم فإنه له وِجَاء " أي: قاطع .
وأما ما روى عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من التنْفير من ترك الزواج مخافة الفقر فهو ضعيف .
والمؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية الذي انعقد في القاهرة في المحرم 1384 هـ ( مايو 1965) قرَّر ما يلي :
1 ـ أن الإسلام يُرَغِّبُ في زيادة النسل وتكثيره؛ لأن كثرة النسل تُقوِّى الأمة الإسلامية اجتماعيًا واقتصاديًا وحربيًا، وتَزيدها عزَّة ومَنْعة .
2 ـ إذا كانت هناك ضرورة شخصية تُحَتِّمُ تنظيم النسل فللزوجين أن يتصرَّفا طبْقًا لما تقضيه الضرورة، وتقدير الضرورة متروك لضمير الفرد ودينه .
3 ـ لا يصحُّ شرعًا وضع قوانين تُجبِر الناس على تحديد النسل بأي وجه من الوجوه .
4 ـ إن الإجهاض بقصد تحديد النسل أو استعمال الوسائل التي تؤدي إلى العقم لهذا الغرض ـ أمر لا تجوز ممارسته شرعًا للزوجين أو غيرهما .
ويُوصِي المؤتمر بتوعية المواطنين وتقديم المعونة لهم في كل ما سبق تقريره بقصد تنظيم النسل.
ـــــــــــــــــــ
نفاس المرأة المجهضة ... العنوان
إذا حدث للمرأة إجهاض فهل تأخذ أحكام النفساء، من حيث تركها للصلاة والصوم غير ذلك؟
... السؤال
د أحمد القضاة ... المفتي
... ... الحل ...
...
... ثانيا: المرأة في حالة الإجهاض حكمها حكم النفساء؛ فعليها أن تترك الصلاة والصوم وسائر العبادات التي يشترط لها الطهارة حتى تقضي مدة النفاس، وهي في الغالب أربعون يومًا، وقد تصل إلى ستين، مع مراعاة أن الإجهاض أصعب على المرأة من الولادة؛ ولذلك هي بحاجة إلى الراحة حتى تعود إلى وضعها الطبيعي
ـــــــــــــــــــ
حكم الإجهاض برضا الزوجين وممارسة الطبيب له ... العنوان
إني طبيب اختصاصي في التوليد وأمراض النساء وجراحتها.
1 - هل يجوز أن أُجْري عملية الإجهاض وبرضا الزوجين؟ وإذا كان يجوز ذلك ففي أية مرحلة من عمْر الحمْل؟(20/290)
2 – يقال: إن الإجهاض يجوز خلال أربعين يومًا من بدء العَلُوق أو من أول الحمْل، فكيف نحسب أو نعد الأربعين يومًا بالنسبة لتاريخ أول يوم من أيام الطمْث للمرأة؟
فمثلاً امرأة أتاها الطمْث في 1/أيلول / 79 فمتى يكون حمْلها أربعين يومًا؟
(المعروف طبيًا أن العَلُوق أو بدء الحمل عند امرأة ذات طمث منتظم يتم بعد 14 يومًا من بدء الطمث، ونَعني بالطَّمث المنتظم أن الفاصلة الزمنية من أول يوم للطمث إلى الطمث المقبل هي 28 يومًا؛ لذا بالنسبة للمثال المذكور فإن المرأة يكون عمر حملها أربعين يومًا في 24/تشرين أول / 1979 فهل هذا صحيح بالنسبة للشرع).
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.
... السؤال
الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا _ رحمه الله.ـ ... المفتي
... ... الحل ...
...
... 1) إن إجراء عملية الإجهاض جوازها وعدمه شرعًا تبَعٌ لكوْن الإجْهاض المُراد جائزًا أو ممنوعًا . والإجهاض يكون جائزًا أو محظورًا بحسَب الأحْوال، كما أن درجة حظْره، أي: قوة الحظر التي تبدأ من كونه مكروهًا وتنتهي بالتحريم، تختلف بحسب الأحوال والمراحل الحَمْلية.
ويُمكن القول في ضوء النصوص الفقهية: إن الإجهاض بوجه عام، دون مسوِّغ شرعي هو ممنوع محْظور؛ لأنه ينافي الحضَّ النبوي على التناكح والتناسل لاستكثار الأمة الإسلامية، ولأنه تَخلُّص من الحمل بعد تكونه، ففيه تعدٍّ على مخلوقٍ في مرحلة سيُصْبح بعدها بَشَرًا سويًّا.
على أن لكل قاعدة استثناءً، فإذا وُجد مسوِّغ في بعض الحالات تُصبح مُستثناة من المنْع، أي: أن المنْع هو الأصل، والمسوِّغ استثناء يتقيَّد بحدوده.
2) هذا الحظر الشرعي قبل تمام أربعين يومًا من الحمْل يكون في درجة الكراهة؛ لأن الحَمل لم تتخلَّق أعضاؤه في هذه المرحلة، ثم بعد الأربعين تشتدُّ درجة الحظْر تبَعًا لعمْر الحَمْل، وتَخلُّق بعض أعضائه أو كلها، حتى يصل إلى تمام أربعة أشهر فيُصبح الحظْر في درجة التحريم، فيكون حرامًا، إذ يُعتبر هذا الوقت بداية لنفْخ الروح، حيث تبدأ عندئذ وتظهر حركة حيوية للحمل على بطن المرأة، تَشْعر بها الحامل كما يشعر بها من يَضع يده على بطنها، فالإجهاض المتعمَّد في هذه المرحلة دون مسوِّغ شرعي مُلجئ يكون جناية على إنسان تام الخَلق، لكنه لم يُستقبل في الوجود.
3) أما مسوِّغات الإجهاض فقبل الأربعين يومًا تسوِّغه الأعذار غير الشديدة كالخوف على صحة الأم، وكضيق ذات اليد عن النفقات التي تستتبعها الولادة وتربية الولد، وكالحاجة إلى سفر ضروري يكون فيه نمو الحمل ثم الولادة عائقًا، كما لو كان لأجل دراسة أو لأعمال تستدعي تنقل الزوجين.(20/291)
ثم كلما ازدادت مدة الحمل يحتاج جواز الإجهاض إلى مسوِّغ أقوى؛ كتحقُّق ضررٍ صحي للأم إذا استمر الحمْل.
أما بعد الأشهر الأربعة فلا يجوز، إلا إذا كان يخشى على الأم الهلاك من الحمل، حيث يكون الإجهاض عندئذ طريقًا لإنقاذ حياة الأم؛ لأن حياة الأم محققة، أما استمرار حياة الحمل حتى يولد سليمًا فليس محققًا كتحقق حياة الأم، فالحفاظ على حياتها أوجب.
هذا خلاصة ما يستفاد من كلام فقهاء الحنفية في هذا الشأن.
وحكم الطبيب أو القابلة في إجراء الإجهاض يتبع هذا التفصيل؛ لأنه مساعدة على أمر فيأخذ حكمه، فحيث يجوز للمرأة الإجهاض يجوز للطبيب، وحيث يكره يكره له، وحيث يحرم يحرم عليه. ويبدو لي أن هذا فيما إذا كانت مهمة الطبيب إعطاء دواء مجهض، أما إذا كان بعملية تنكشف فيها المرأة على الطبيب فلا أراه جائزًا إلا إذا كان الإجهاض لتخْليص المرأة من ضرر صحي محقَّق سيُصيبها من الحمل؛ لأن الإجْهاض إذا كان له مسوِّغ خفيف يجْعله جائزًا، فإن كشْف عوْرة المرأة مُحرَّم لا تُبيحه إلا الضرورة كالعلاج من مرض، ودفع ألم أو ضرر في الصحة.
4) أما متى يكون عمرُ الحمل أربعين يومًا، فإن كان فيه دليل تاريخي معروف عُمل به، كما لو حصل اتصال جنسي مرة واحدة، بعد الطُّهر من الطمث، وحصَل الحمل فإن بدايته هي تاريخ ذلك الاتصال، وإلا فالعِبرة بتاريخ آخر اتصال قبل انْقطاع العادة الشهرية؛ لأن العَلُوق قبله مجرد احتمال غير متيقَّن، علمًا أنه إذا كان هناك طرق طبية يقينية لمعرفة عمْر الحمل فلا مانع شرعًا من الأخذ بها، أما مجرَّد أن الحمل في المُعتاد يكون بعد أسبوعين من بداية الطمث فلا يكفي للتحديد؛ لأنه يفيد تاريخ العَلُوق الفعلي في هذه الفترة بعد الطمث.
فالمُهم أن عمْر الحمْل لا يُمكن تحديده إلا بدليل واقعي متيقَّن، وعند الاحتمال يُؤخذ بالأقل لأنه المتيقَّن، والله سبحانه أعل
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض للمريضه ... العنوان
لقد مرضت في شهري الثالث من الحمل، فكان حملي صعب جدًّا لدرجة أنني أتقيأ طول فترة الحمل، وكان هذا في رمضان فلم أصمه، وكان نتيجة هذا المرض فقد إحدى أذني، وكان خروج الطفلة صعب جدًّا، كان ذلك بمساهمة طبيبي الأذن والولادة، فنصحني الأطباء بعدم الحمل مرة أخرى، لكن ما باليد حيلة عملت كل ما في وسعي حتى لدرجة المجامعة مرة واحدة في الشهر، فأنا حامل هذه الأيام في أيامي الأولى وأنا مريضة الآن بداء الدوران (الدوخة) بسبب الأذن المفقودة. فسؤالي بكل بساطة هل أستغني عن هذا الحمل أو أواصل؟
أفيدوني يرحمكم الله فأنا قلقة جدًّا هذه الأيام، وجزاكم الله عنا كل الخير.
... السؤال
الشيخ عبد الخالق الشريف ... المفتي
... ... الحل ...
...(20/292)
... بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإني أسأل الله سبحانه وتعالى أن يمتعك بالصحة والعافية، وأن يخرجك مما أنت فيه من الآلام، والحمل مشيئة الله سبحانه وتعالى، وقد أراد بك هذا الأمر، ولا يجوز أن تسقطي هذا الجنين إلا إذا قطع طبيبين مسلمين يتصفان بالإيمان والعدل، أن هناك خطرًا محققًا عليك، والخطر المحقق هو حدوث أمر لا يمكن استعاضته؛ ولذلك فإني أرى أن تستعيني بالله ولا تعجزي، واسألي طبيبين فإن قدرا أن الأمر لا يتجاوز بعض المتاعب والآلام، فإن مع العسر يسرًا، والأجر على قدر المشقة. وأما الدوخة بسبب فقدان الأذن، فكثير من الأطباء يعلمون لها علاجًا شاهدناه فيمن حولنا ممن أصيب بمثل ذلك، فاسألي أهل الذكر من الأطباء الموصوفين بالإيمان والعلم الدقيق في مهنة الطب، فإن أمراك بغير ما قلنا، كان الحكم لهم وهم أهل الخبرة في هذا الباب، وإذا توقف الأمر عند حد المشقة فالصبر أولى، ونسأل الله لك العافية. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الزواج العرفي ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم
أريد أن أعرف الحكم في موضوع الزواج العرفي؟ ومتى يكون زواجًا شرعيًّا؟ وإذا ما دخلت بالزوجة ونحن بالزواج العرفي فهل يعتبر ذلك في حكم الزنى؟ وهل يجوز بعد ذلك تغيير العقد الشرعي؟ وشكرًا
... السؤال
الأستاذ الدكتور /رفعت فوزي عبد المطلب ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وبعد
لا شك أن الزواج العرفي إذا استكمل شروط الزواج الشرعي من الإيجاب والقبول، وعدم الموانع الشرعية، ووجود الولي على رأي جمهور الفقهاء، ووجود الشهود، - لا شك أنه في هذه الحالة مباح شرعًا ظاهريًّا -، ولكنه في حقيقة الأمر مخالف لمقتضى الشرع لمفاسد تصاحبه
ولهذا أرى أن هذا ينبغي أن يحرم سدًّا للذرائع ومنعًا للمفاسد التي يؤدي إليه هذا الزواج، وهو في زماننا هذا لا يلجأ إليه إلا لموانع شرعية كعدم موافقة الولي، والحديث الصحيح يقول: "أيما امرأة تزوجت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل" كررها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، وكالتحايل على الحصول على أموال بغير حق، كالإبقاء على المعاش التي تحصل عليه المرأة والذي ينقطع بثبوت الزواج عند هيئة المعاشات
وكثيرًا ما يتنكر لهذا الزواج من أحد الطرفين عندما تنشأ خلافات بين هذين الزوجين، ويشعر أحدهما أنه غير مسؤول من الناحية القانونية، حيث إن الزواج غير موثق. وكثيرًا أيضًا ما يلجأ إلى الإجهاض وغير ذلك حتى لا يكشف أمر هذا الزواج إلى غير ذلك من المفاسد(20/293)
كما نذكر أن الإمام مالكًا رحمه الله قد حرَّم نكاح السر حتى وإن كان هناك شهود، بمعنى أن هذا الزواج لم يعلن. والذي نعرفه أن هذا الزواج في غالبه إن لم يكن كله يتم في السر حتى وإن كان هناك شهود استكمالاً لصورة العقد، فأرى أن هذا ممنوع شرعًا منعًا لمثل هذه المفاسد، والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض ... العنوان
السلام عليكم، امرأة حملت حتى أصبح عمر الجنين حوالي أربعين يوما، ثم أرادت إنزال الجنين، وذلك للأسباب التالية:
أن لديها أطفالا، وهي امرأة عاملة وليس عندها وقت لرعاية الطفل الجديد.
أن زوجها طلب منها إنزال الجنين.
أن حالتها المادية غير ميسرة ولا تستطيع الإنجاب الآن.
السؤال: ما حكم إنزال هذا الجنين؟ وما الذي يترتب على المرأة من أحكام حيث إنها أنزلت بالفعل الجنين عند أحد الأطباء؟ أفتونا أفادكم الله، وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
الشيخ جعفر أحمد الطلحاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن المبررات الموجودة في السؤال جميعها لا تنهض مسوغا ومبررا شرعيا لإنزال الجنين، بل ربما كان إنزال الجنين على المبررات المذكورة في السؤال، ومنها عدم يسر الحالة المادية، يدخل في الوأد الذي كان يقع في الجاهلية، وورد عليه النهي الشرعي في قوله تعالى: "ولا تقتلوا أولادكم من إملاق"، أي بسبب الفقر الواقع، وعدم يسر الحال الآني، وقوله تعالى: "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق"، أي بسبب الفقر المتوقع وسوء الأحوال الاقتصادية المرتقبة.
وورد النهي كذلك في السنة الصحيحة عن مثل هذا الإنزال عندما سأل ابن مسعود رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أي الذنب أعظم؟ قال (صلى الله عليه وسلم): "أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت: إن ذلك لعظيم! قلت: ثم أي؟ قال أن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك... إلى آخر الحديث الصحيح"، وعلى ذلك إذا كان قد تم الإنزال بالفعل فإن الوالدين يلزمهما كفارة، لهذا الاعتداء الذي وقع.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
إجهاض الحمل ... العنوان
فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لي أخت رزقها الله بأربعة من الأولاد، وابنها الصغير الآن عمره ما يقرب من خمسة عشر شهرا، وكانت تأخذ بعض الأدوية التي تمنع الحمل حتى لا تضر بالطفل الصغير، ولكنها شعرت بالحمل، وهى الآن تريد إسقاط الحمل، علما بأن الحمل لم يكمل شهرا حتى الآن؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.(20/294)
... السؤال
الدكتور عيسى زكي عيسى ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إجهاض الجنين بإسقاطه من الرحم قبل حلول موعد ولادته الطبيعي أمر اختلف فيه الفقهاء؛ فمنهم من منعه مطلقا، ومنهم من أجازه بشرط ألا يتم الجنين في رحم أمه 120 يوما؛ إذ عندها ينفخ فيه الروح، ويكون إسقاطه قتلا له، ولا يجوز قتل النفس التي حرم الله؛ لأن الجنين بهذا تكون له حياة مستقرة، ولا يجوز الاعتداء عليها مهما كان السبب.
والذي نراه حسب ما أفتت بعض لجان الإفتاء بجواز الإسقاط قبل تمام 120 يوما إذا كان بذلك حاجة، أو دعت له مصلحة راجحة؛ فمن المكروه الإقدام على الإجهاض حتى قبل الـ 120 يوما دون هذه الحاجة الملحة الشديدة؛ لأن الجنين يكون متهيئا لنفخ الروح فيه؛ فلا يقدم على إسقاطه إلا لحاجة راجحة وضرورة ملحة كالمرض الشديد أو عدم استقرار الأسرة، أو أن يكون الزوجان على وشك الانفصال لأي سبب كان، ونحو ذلك من الأعذار التي يكون فيها مصلحة الإسقاط أرجح من مصلحة المحافظة عليه.
ولا شك أن الإقدام على هذا القرار يحتاج الكثير من التأمل والتدبر والاستشارة والاستخارة كذلك، وقبل هذا كله يحتاج إلى تقوى الله -سبحانه وتعالى-، والتوكل عليه، وتفويض الأمر إليه.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
دفن الجنين المجهض وتسميته ... العنوان
هل يعتبر جنين الإجهاض الذي عمره 60 يومًا طفلاً يكون ذخرًا لأبويه يوم القيامة، أم أنه لا يُعدّ كذلك؟ وماذا عن مدة الحمل الدنيا التي تعتبر شرطًا لدفن الجنين وتسميته؟ ولكم وافر الشكر،،،
... السؤال
أ.د. عبد الفتاح إدريس ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
بالنسبة للجنين المجهض الذي لم ينفخ فيه الروح بعد، وهو ما كان قبل مائة وعشرين يومًا، لا يفترق من ناحية الإثابة عن الجنين الذي فقده والداه بعد نفخ الروح فيه؛ لأنهما إذا صبرا على ما أصابهما من فقده؛ فإن الله سبحانه وتعالى سيجزيهم الجزاء الحسن، وبهذا فقد صح عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أن الله أعد للصابرين على فقد أولادهم الجزاء الحسن، وأن الحق سبحانه وتعالى قد وعد هؤلاء بمنزلة عظيمة في الجنة لصبرهم على فقد أولادهم؛ ولهذا روي عن النبي -(20/295)
صلى الله عليه وسلم- أنه قال للنساء عند وعظهن في المسجد: "إذا فقدت المرأة ثلاثة من أولادها كن سترًا لها من النار"، فقالت إحدى النساء: "واثنتين"، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "واثنتين"، ومعنى هذا أن الرجل أو المرأة إذا صبر على فقد ولد أو ولدين أو أكثر، فإن الله سبحانه وتعالى سيجزيه الجزاء الحسن، فضلاً عن هذا، فإن هذا الولد إذا فقد بإجهاض أو نحوه فإنه يكون سترًا لوالديه من النار إن شاء الله تعالى.
وأما مدة الحمل الدنيا، فإن ما يصدق عليه أنه جنين حتى ولو كان مضغة من لحم لم تتخلق، فإنها تدفن؛ وذلك لأنها جزء من آدمي، وأجزاء الآدمي مكرمة، مثلها في هذا مثل الآدمي، الذي قال الحق سبحانه وتعالى فيه: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَم"؛ ولهذا فإنه يدفن حتى وإن كان بمقدار قضمة اللحم.
وأما بالنسبة للتسمية، فإن التسمية يستحب أن تكون بعد ولادة الجنين حيًّا، ومضيّ سبعة أيام على ولادته؛ إذ يستحب أن يسمَّى في اليوم السابع من ولادته، وأن يعق عنه في هذا اليوم بما سنه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في حق الغلام شاتان، وفي حق الجارية شاة واحدة، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض خوفا على حياة المرأ ة ... العنوان
وما الحكم إن حملت في مجتمع مسلم وهي في الشهر الخامس الآن، وتقول: إنها قد أرغمت على ذلك (اغتصاب من خالها)، وبيئتها بدوية لو علموا بالأمر لقتلوها.. هل يجوز ذلك؟
... السؤال
الشيخ فيصل مولوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... أما إذا كانت في مجتمع مسلم وهي حامل في الشهر الخامس فلا يجوز لها إجهاض هذا الجنين. لكن إذا كان أهلها سيقتلونها إذا عرفوا أنها حامل، وهي لذلك تريد أن تجهض جنينها لتحافظ على حياتها، فهذا الأمر يعتبر جائزًا؛ لأن حياة الأم متيقنة وحياة الجنين محتملة؛ ولذلك أجاز الفقهاء إجهاض الجنين إذا كان يشكِّل خطرًا على حياة أمه.
ـــــــــــــــــــ
هل يجوز تنظيم النسل خوفاً على الأولاد من فساد المجتمع
سؤال:
السؤال : هل يجوز تنظيم النسل بحيث يجعله كل خمس سنين ، لأنه يرى فساد المجتمع ولا قدرة له على السيطرة على تربية الأولاد المتتابعين في هذا الفساد الغامر للمجتمع ؟
الجواب:
الجواب :
الحمد لله(20/296)
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
أما ما دام هذه النية فإنه لا يجوز لأنه إساءة ظن بالله عز وجل فيما يرغبه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال : " تزوجوا الودود الولود .. " .
أما إذا كان تنظيم النسل من أجل حال المرأة - أنها لا تتحمل - فهذا قد نقول بجوازه ، وإن كان الأولى تركه .
س : يعني مراعاة حال المرأة أولى من مراعاة حال فساد المجتمع ؟
ج : معلوم ، لأنه ليس من المؤكد أن أولاده سوف يفسدون ؟ فقد يكونون صالحين ينفعون المجتمع . والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ـــــــــــــــــــ
يعزل عن زوجته حتى لا تحمل وهي في الدراسة
سؤال:
هل يجوز العزل أو أي صورة من صوره إذا كانت المدة تصل لسنتين أو أكثر حتى تنتهي الزوجة من دراستها قبل الحمل ؟ وهل هذا يلغي واحداً من أهم أسباب الزواج في الإسلام ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
من مقاصد النكاح في الإسلام وجود النسل وتكثير الأمة .
روى أبو داود (2050) عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الأُمَمَ ) صححه الألباني في صحيح أبي داود (1805) .
ثانياً :
العزل عن الزوجة – وهو إنزال المني خارج فرجها - جائز ، لكن يشترط أن يكون بإذنها لأن من حقها كمال الاستمتاع ، ومن حقها الولد ، وهما يفوتان بالعزل .
عن جابر بن عبد الله قال : كنَّا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل .
رواه البخاري ( 4911 ) ومسلم ( 1440 ) ، وزاد : قال سفيان : لو كان شيئاً يُنهى عنه : لنهانا عنه القرآن .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وأما " العزل " فقد حرمه طائفة من العلماء ; لكن مذهب الأئمة الأربعة أنه يجوز بإذن المرأة . والله أعلم .
" مجموع الفتاوى " ( 32 / 110 ) .
راجع سؤال رقم (11885) .
ثالثاً :
يجوز أن يتفق الزوجان على تنظيم النسل إذا كان ذلك مؤقتاً وليس منعاً دائماً . بشرط أن تكون الوسيلة المستعملة في ذلك ليس فيها ضرر على المرأة .(20/297)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
وأما استعمال ما يمنع الحمل منعاً مؤقتاً مثل أن تكون المرأة كثيرة الحمل ، والحمل يرهقها ، فتحب أن تنظم حملها كل سنتين مرة أو نحو ذلك ، فهذا جائز بشرط أن يأذن به زوجها وألا يكون به ضرر عليها اهـ
من كتيب رسالة الدماء الطبيعية للنساء
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
تنظيم وتحديد النسل
سؤال:
ما حكم تحديد النسل في دول تكثر السكان بها ضروري مثل القاهرة مثلاً ؟.
الجواب:
الحمد لله
نورد لك فيما يلي قرار المجمع الفقهي بشأن تنظيم النسل :
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1 إلى 6 جمادى الآخر 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر)1988م .
بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع تنظيم النسل ، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله ،
وبناءً على أن من مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية الإنجاب والحفاظ على النوع الإنساني ، وأنه لا يجوز إهدار هذا المقصد ، لأن إهداره يتنافى مع نصوص الشريعة وتوجيهاتها الداعية إلى تكثير النسل والحفاظ عليه والعناية به ، باعتبار حفظ النسل أحد الكليات الخمس التي جاءت الشرائع برعايتها
قرر ما يلي :
أولاً : لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب .
ثانياً : يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة ، وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم ، ما لم تدعُ إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية .
ثالثاً : يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل ، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان ، إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً ، بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراضٍ ، بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر ، وأن تكون الوسيلة مشروعة ، وأن لا يكون فيها عدوان على حملٍ قائم .
والله أعلم
قرار رقم : 39 ( 1/5) ، بشأن تنظيم النسل
انظر : مجلة المجمع (ع 4 ، ج1 ص 73 ) .
وللمزيد انظر سؤال رقم ( 7205 ) .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
صرع الزوجة وأثره(20/298)
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
28 جمادى الآخرة 1400 هجرية - 13 مايو 1980 م
المبادئ
1 - طلب فسخ عقد الزواج عند وجود عيب بأحد الزوجين غير جائز عند الظاهريه .
سواء كان قبل العقد أو بعده . 2 - ظهور عيوب مرضية محددة بالرجل تجيز للمرأة طلب التفريق عند فقهاء المذهب الحنفى - ويرى فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة أن الرجل والمرأة فى طلب التفريق سواء .
3 - وجود عيب بالزوجة بعد الدخول بها ولم يكن يعلمه الزوج قبل العقد ولم يرض به يجيز له الرجوع بالمهر على من غره - فى الصحيح عند الحنابله وبه قال مالك والشافعى فى القديم - ويرى أبو حنيفة والشافعى فى الجديد عدم الرجوع بشىء بعد الدخول على أحد .
4 - أرجح الأقوال فى فقه المذهب الحنفى أنه لا يجوز للرجل طلب فسخ الزواج إذا وجد بزوجته عيبا ولا الرجوع بشىء من المهر على أحد - وبه أخذ القانون
السؤال
بالطلب المقيد برقم 360 سنة 1979 المتضمن أن ابن السائل تزوج بامرأة، وبعد دخوله بها فوجىء بأنها مصابة بمرض الصرع، وتكررت نوبات الصرع بكثرة، واتضح للزوج المذكور أن أهل زوجته أخفوا عنه هذه الحقيقة التى كانوا يعرفونها قبل زواجه بها حتى تم عقد القران والدخول .
وبعد حملها منه أجهضت . وقرر الأطباء أن سبب الإجهاض إصابتها بهذا المرض، وأنها ستتعرض لذلك دائما ، وأنها لو فرض وحملت مستقبلا فستضع جنينا مشوها .
وطلب السائل بيان حكم الشرع فى هذا الزواج ومدى مسئولية والدها من الناحية القانونية والشرعية بسبب إخفائه هذه الحقيقة .
وما هى حقوق الزوج فى هذا الموضوع
الجواب
إن الزواج فى الإسلام مودة ورحمة ومعاشرة بالمعروف .
فإذا ظهرت عيوب مرضية مستقرة غير قابلة للعلاج والشفاء بأحد الزوجين فهل يجوز لأحدهما طلب فسخ الزواج قضاء أم لا يجوز اختلف فقهاء الشريعة فى هذا إلى ثلاثة آراء الأول أنه لاخيار لأحد الزوجين إذا ما وجد بصاحبه عيبا .
فلا يجوز له طلب فسخ عقد الزواج سواء كان هذا العيب قبل العقد أو حدث بعده وسواء كان بالزوج أو بالزوجة .
وبهذا يقول الظاهرية . الثانى أنه يجوز طلب التفريق بعيوب محددة، ويقول بهذا فقهاء مذاهب الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى وأحمد .
غير أن فقهاء المذهب الحنفى يرون أن التفريق يكون بسبب العيوب المرضية التى توجد فى الرجل خاصة على خلاف بينهم فى عدد هذه العيوب، بينما يرى فقهاء مذاهب المالكية والشافعية والحنابلة والزيدية والجعفرية جواز طلب التفريق بسبب(20/299)
العيوب المرضية سواء للرجل والمرأة، وإن اختلف هؤلاء أيضا فى عدد العيوب المجيزة لهذا الطلب ونوعيتها .
الرأى الثالث يجيز طلب التفريق مطلقا بأى عيب جسدى أو مرضى، ولأى من الزوجين هذا الحق .
وبهذا يقول شريح وابن شهاب والزهرى وأبو ثور .
وقد انتصر لهذا الرأى العلامة ابن القيم فى زاد المعاد ج- 4 ص 58، 59 .
هذا والصحيح فى مذهب الإمام احمد بن حنبل - كما جاء فى المغنى لابن قدامة ص 587 ج- 7 أن الزوج إذا وجد بزوجته بعد الدخول بها عيبا لم يكن يعلمه قبل العقد ولم يرض به - أنه يرجع بالمهر على من غره، وأن ولى الزوجة ضامن للصداق .
وبهذا قال الإمام مالك والإمام الشافعى فى القديم والزهرى وقتادة اعتدادا بأثر مروى عن سيدنا عمر بن الخطاب، وقال أبو حنيفة والشافعى فى الجديد لا يرجع الزوج بشىء على أحد، لأنه بالدخول بها قد استوفى حقه استنادا إلى قول سيدنا على ابن أبى طالب فى هذه الواقعة .
ولما كان القضاء فى مصر قد جرى فى هذا الموضع على أرجح الأقوال فى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة عملا بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 .
وكان فقه هذا المذهب يقضى بأنه لاحق للزوج فى طلب فسخ الزواج إذا وجد بزوجته عيبا من العيوب التى تجيز الفسخ اكتفاء بما يملكه من حق الطلاق إذا يئس من علاجها لأن الزوجية قائمة على حق تبادل المتعة، وذلك لايمنع منه ظهور أنها مصابة بالجنون أو بالصرع، كما أنه ليس للزوج الرجوع عليها أو على وليها بشىء إذا ظهر بها عيب .
لما كان ذلك لم يكن لابن السائل فى هذه الواقعة أى حق قبل زوجته أو أحد من أوليائها بسبب ظهور هذا المرض بها، وليس له إلا أن يصبر على معاشرتها أو يفارقها بطلاق، وفى هذه الحالة تكون لها جميع الحقوق الشرعية التى تترتب على الطلاق .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ـــــــــــــــــــ
تنظيم النسل بقانون غير جائز
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
ربيع الأول 1399 هجرية - 11 فبراير 1979 م
المبادئ
1 - جواز تنظيم النسل أمر لا تأباه نصوص السنة الشريفة، قياسا على جواز العزل فى عهد الرسول صلوات الله عليه .
2 - يباح استعمال الوسائل الحديثة لمنع الحمل مؤقتا، أو تأخيره مدة .
كاستعمال أقراص منع الحمل، أو استعمال اللولب أو غير هذا من الوسائل التى يبقى معها الزوجان صالحين للإنجاب .(20/300)
3 - لا يصلح القانون أداة لتنظيم النسل، لأن الإرادة لا يتحكم فيها القانون .
ولكل فرد ظروفه التى يقدرها، وعليه أن يحسن التقدير .
4 - لا تعارض بين الدعوة إلى تنظيم النسل والتوكل على الله، فمنع الحمل مؤقتا لا يعدو أن يكون أخذا فى الأسباب مع التوكل على الله .
شأن المسلم فى كل أعماله . 5 - يحرم التعقيم لأى واحد من الزوجين أو كليهما .
إذا كان يترتب عليه عدم الصلاحية للإنجاب مستقبلا بدواء أو بجراحة إلا لضرورة .
6 - الإجهاض بمعنى إسقاط الحمل بعد بلوغ سنه أربعة أشهر رحمية حرام وغير جائز شرعا إلا لضرورة، أما قبل ذلك فالحكم دائر بين الإباحة والكراهة والتحريم
السؤال
من جريدة الأهرام بالطلب المقيد برقم 53 سنة 1979 بالآتى السؤال الأول هل تنظيم النسل أمر جائز فى الشريعة الإسلامية
الجواب
يجب أن يستقر فى الأذهان أن مرجع الأحكام الشرعية ومصدرها من حيث الحل والحرمة والجواز والمنع هو كتاب الله تعالى ( القرآن الكريم ) وسنة رسوله صلوات الله وسلامه عليه، وباستقراء آيات القرآن يتضح أنه لم يرد فيه نص يحرم منع الحمل أو الإقلال من النسل، وإنما ورد فى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ما يفيد ظاهره المنع، ويظهر ذلك جليا من مطالعة أقوال فقهاء المذاهب وكتب السنة الشريفة فى شأن جواز العزل (يقصد به أن يقذف الرجل ماءه خارج مكان التناسل بزوجته) فقد قال الإمام الغزالى وهو شافعى المذهب فى كتابه إحياء علوم الدين وهو بصدد بيان آداب معاشرة النساء ما موجزه إن العلماء اختلفوا فى إباحة العزل وكراهته على أربعة مذاهب فمنهم من أباح مطلقا بكل حال، ومنهم من حرم العزل بكل حال، وقائل منهم أحل ذلك برضا الزوجة ولا يحل بدون رضاها، وقائل آخر يقول إن العزل مباح فى الإماء دون الحرائر، ثم قال الغزالى إن الصحيح عندنا (يعنى مذهب الشافعى) أن ذلك مباح .
ثم تحدث عن البواعث المشروعة لإباحة العزل، وقال إنها خمسة، وعد منها استبقاء جمال المرأة وحسن سماتها واستبقاء حياتها خوفا من خطر الولادة، والخوف من كثرة الحرج بسبب كثرة الأولاد، والتخفف من الحاجة إلى التعب والكسب ، وهذا غير منهى عنه، لأن قلة الحرج معين على الدين، ومن هذا يظهر أن الإمام الغزالى يفرق بين منع حدوث الحمل بمنع التلقيح الذى هو النواة الأولى فى تكوين الجنين وبين الإجهاض، فأباح الأول وجعل من أسبابه الخوف من الضيق بسبب كثرة الأولاد ومن متاعب كسب العيش لهم، بل إن الغزالى أباح العزل محافظة على جمال الزوجة، وفى فقه المذهب الحنفى أن الأصح إباحة العزل باعتباره الوسيلة لمنع الحمل .
وفقط اختلف فقهاء المذهب فى أن هذا يستلزم موافقة الزوجة فقط، ومن هذا الرأى فقهاء مذهب الإمام مالك، ويجيز كذلك مذهب الزيدية منع الحمل بشرط موافقة الزوجة، ويشترط فى مذهب الشيعة الجعفرية أن تكون موافقة الزوجة على العزل(20/301)
وقت عقد الزواج، ومذهب الأباضية يجيز العزل كذلك بموافقة الزوجة، ويقول الإمام الشوكانى فى نيل الأوطار إن الأمور التى تحمل على العزل الإشفاق على الولد الرضيع خشية الحمل مدة الرضاع والفرار من كثرة العيال، والفرار من حصولهم من الأصل .
ومن هذا العرض الموجز لأقوال الفقهاء يبدون واضحا أن العزل كوسيلة من وسائل منع الحمل جائز، وأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعزلون عن نسائهم وجواريهم فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك وإذا كان الأمر كذلك، فإن جواز تنظيم النسل أمر لا تأباه نصوص السنة الشريفة، قياسا على جواز العزل فى عهد الرسول صلوات الله عليه وسلامه كما روى الإمام مسلم فى صحيحه كنا نعزل والقرآن ينزل كما رواه البخارى فى صحيحه كذلك .
السؤال الثانى إذا كانت الأمر كذلك فما هى الوسيلة التى تتبع لتنظيم النسل .
جو ابه كما قلت إن فقهاء الشريعة الإسلامية قد أجازوا العزل وسيلة لمنع الحمل بموافقة الزوجة، فيجل أن تكون الوسيلة مثلا للعزل دون ضرر، وإذا كان الفقهاء القدامى لم يذكروا وسيلة أخرى فذلك لأن العزل كان هو الطريق المعروف فى وقتهم ومن قبلهم فى عهد الرسول صلوات الله وسلامه عليه .
وليس ثمة ما يمنع قياس مثيله عليه مادام الباعث على العزل هو منع الحمل، فلا ضير من سريان إباحة منع الحمل بكل وسيلة حديثة تمنعه مؤقتا دون تأثير على أصل الصلاحية للإنجاب .
فلا فرق إذن بين العزل باعتباره سببا وبين وضع حائل يمنع وصول ماء الرجل إلى داخل رحم الزوجة، سواء كان هذا الحائل يضعه الرجل أو تضعه المرأة، ولا فرق بين هذا كذلك وبين أى دواء يقطع الطبيب بأنه يمنع الحمل مؤقتا ولا يؤثر فى الإنجاب مستقبلا، ومع هذا فقد تناول بعض الفقهاء طرقا لمنع الحمل غير العزل وأباحوها قياسا على العزل، من ذلك ما قاله بعض فقهاء المذهب الحنفى من أنه يجوز للمرأة أن تسد فم رحمها منعا لوصول الماء إليه لأجل منع الحمل بشرط موافقة الزوج .
ونص فقهاء المذهب الشافعى على إباحة ما يؤخر الحمل مدة - وعلى هذا يباح استعمال الوسائل الحديثة لمنع الحمل مؤقتا أو تأخيره مدة، كاستعمال أقراص منع الحمل، أو استعمال اللولب، أو غير هذا من الوسائل التى يبقى معها الزوجان صالحين للإنجاب ، بل إن هذه الوسائل أولى من العزل، لأن معها يكون الاتصال الجنسى بطريق طبيعى، أما العزل فقد كان فى اللجوء إليه أضرار كثيرة للزوجين أو لأحدهما على الأقل .
السؤال الثالث هل بعد هذا ترى سيادتك أن يكون تنظيم النسل بقانون .
جو ابه إن هذا الذى قرره الفقهاء من جواز تنظيم النسل بمنع الحمل فترة مؤقتة أخذا من جواز العزل إنما أباحوه بشرط موافقة الزوجين فلا ينفرد أحدهما مستبدا بالرأى، وإذا كان هذا هو الأساس فإن القانون، إذ أن لكل فرد ظروفه يقدرها وعليه أن يحسن التقدير، وهذا التقدير الحسن إنما يتأتى بالتوعية والإعلان للناس، وعلى(20/302)
الدولة أن تتخذ الوسائل الكفيلة بحسن التوعية وجديتها سيما فى الأوساط والطبقات التى تحرص على كثرة النسل طلبا للأيدى العاملة مثلا .
فتوفير الوسائل الحديثة فى الميكنة والصناعات وتوصيل وسائل تأخير الحمل إلى هذه الطبقات ، كل هذا من دواعى نجاح التوعية وضمان الإقبال، وليست التوعية إعلانات وملصقات وإنما بوسائل تشجيعية .
السؤال الرابع هل يتنافى تنظيم النسل أو تتعارض الدعوة إليه مع التوكل على الله وضمان الرزق للخلق جو ابه منع الحمل مؤقتا بالعزل أو بأية وسيلة حديثة لا يعدو أن يكون أخذا بالأسباب مع التوكل على الله شأن المسلم فى كل أعماله، أرأيت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال لصاحبه (اعقلها وتوكل) أى أعقل الناقة واتركها متوكلا على الله فى حفظها .
أكان هذا نصحا توجيها سديدا أم ماذا لا مراء فى أن ما أرشد إليه الرسول عليه الصلاة والسلام من الأخذ بالأسباب مع التوكل هو التفسير الصحيح للتوكل على الله، ومع هذا فإن الإمام الغزالى داعية التوكل رد على هذا السؤال بقوله فى كتاب الإحياء فى هذا المقام (إن العزل للخوف من كثرة الحرج بسبب كثرة الأولاد ليس بمنهى عنه) ثم هل قول الله تعالى { وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها } يسمح بالكف عن طلب الرزق اعتمادا على أنه مكفول من الله إلا أن التوكل على الله هو ما صوره الفاروق عمر بن الخطاب بقوله (المتوكل على الله من ألقى حبة فى التراب وتوكل على رب الأرباب) فالتوكل على الله مصاحب الأخذ بالأسباب، والتوكل غير التواكل، لأن هذا الخير ضعف وتردد وإهمال لجانب السعى وتمنى الأمانى على الله دون عمل .
السؤال الخامس هل يحرم التعقيم للزوج أو للزوجة كوسيلة لمنع الحمل .
جو ابه يحرم التعقيم لأى واحد من الزوجين أو كليهما إذا كان يترتب عليه عدم الصلاحية للإنجاب مستقبلا، سواء كان التعقيم القاطع للإنجاب بدواء أو جراحة، إلا إذا كان الزوجان أو أحدهما مصابا بمرض موروث أو ينتقل بالوراثة، مضرا بالأمة حيث ينتقل بالعدوى وتصبح ذريتهما مريضة لا يستفاد بها، بل تكون ثقلا على المجتمع سيما بعد أن تقدم العلم وثبت انتقال بعض الأمراض بالوراثة، فمتى تأكد ذلك جاز تعقيم المريض، بل ويجب دفعا لضرر، لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح فى قواعد الشريعة الإسلامية .
السؤال السادس هل يجوز الإجهاض وسيلة من وسائل تنظيم النسل .
جو ابه أجاز فقهاء المذهب الحنفى إسقاط الحمل ما لم يتخلق منه شىء، وهو لا يتخلق إلا بعد مائة وعشرين يوما، وهذا الإسقاط مكروه بغير عذر، وذكروا أن من الأعذار انقطاع لبن المرأة المرضع بعد ظهور الحمل مع عجز أب الصغير عن استئجاره مرضعة ويخاف هلاكه ويرى بعض الشافعية مثل ذلك .
وفريق من المالكية ومذهب الظاهرية يرون التحريم، ومن المالكية من يراه مكروها، والزيدية يرون إباحة الإجهاض قبل نفخ الروح فى الجنين مطلقا، أى سواء أكان الإسقاط لعذر أو لغير عذر، ولا خلاف بين الفقهاء جميعا فى أن إسقاط الجنين بعد استقراره حملا أربعة أشهر محرم وغير جائز إلا لضرورة، كما إذا(20/303)
تعسرت الولادة ورأى الطبيب المتخصص أن بقاء الحمل ضار بالأم، فإنه فى هذه الحال يباح الإجهاض، إعمالا لقاعدة دفع الضرر الأشد بالضرر الأخف، ولا نزاع فى أنه إذا دار الأمر بين موت الجنين وموت الأم، كان الإبقاء على الأم لأنها الأصل .
وعلى هذا فإن الإجهاض بمعنى إسقاط الحمل بعد بلوغ سنه أربعة أشهر رحمية حرام وغير جائز شرعا إلا للضرورة كالمثال السابق، وكما إذا تعسرت الولادة أيضا وكانت المحافظة على حياة الأم داعية لتقطيع الجنين قبل خروجه فإن ذلك جائز .
السؤال السابع أخيرا يقول بعض الناس فى أن تنظيم النسل معاندة لقدر الله وهذا مما لا يليق بالمسلم .
جو ابه إن قدر الله غيب غير معروف، لكن تجربة الإنسان ترشده إلى أن فعل أمر ترتب عليه حدوث أمر آخر وتحققه فعلا، فذلك أمره متروك إلى الله وحده الذى يرتب المسببات على أسبابها العادية ويدل لهذا قول رسول الله صلوات الله عليه فى حديث أبى سعيد الخدرى المروى فى الصحيحين فى شأن العزل (ان الله لو أراد أن يخلق شيئا لم يستطع أحد أن يصرفه) .
ـــــــــــــــــــ
حكم الاجهاض
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
محرم 1401 هجرية - 4 ديسمبر 1980 م
المبادئ
1 - فقهاء المذاهب جميعا على أن إسقاط الجنين دون عذر بعد نفخ الروح فيه - محور شرعا ومعاقب عليه قانونا .
2 - التعقيم لمنع الإنجاب نهائيا محرم شرعا .
3 - الالتجاء إلى منع الحمل للعيوب الوراثية جائز .
4 - يتعين اسقاط الحمل ولو نفخت فيه الروح فى حالة انقاذ الأم من خطر محقق
السؤال
بالطلب المقدم من الطبيب / أ .
ر. ع .
وقد جاء به ثبت من الدراسات الطبية أن هناك عيوبا وراثية، بعضها عيوب خطيرة لا تتلاءم مع الحياة العادية، والبعض الآخر من الممكن أن تتلاءم مع الحياة العادية، وكذلك توجد عيوب من الممكن علاجها سوءا طبيا أو جراحيا، كما توجد عيوب لا يمكن علاجها حاليا .
وقد أصبح من الممكن الآن اكتشاف هذه العيوب بطرق علمية صحيحة لا يتطرق إليها الشك قبل الولادة وأثناء فترة الحمل، وهذه العيوب تعالج فى الخارج بالإجهاض .(20/304)
كما توجد عيوب تورث من الأب أو الأم للذكور فقط والإناث فقط، وكذلك تعالج هذه العيوب فى الخارج بمعرفة نوع الجنين واختيار السليم فيها وإجهاض الجنين المعيب .
ويريد السائل أن يعرف .
ما هو حكم الشرع الإسلامى فى الإجهاض فى هذه الحالات
الجواب
الإجهاض لغة جاء فى لسان العرب فى مادة جهض أجهضت الناقة إجهاضا، وهى مجهض، ألقت ولدها لغير تمام، ويقال للولد مجهض إذا لم يستبن خلقه ن وقيل الجهيض السقط الذى قد تم خلقه ونفخ فيه الروح من غير أن يعيش .
وفى القاموس الجهيض والمجهض الولد السقط، أو ما تم خلقه ونفخ فيه الروح من غير أن يعيش .
وفى المصباح أجهضت الناقة والمرأة ولدها أسقطته ناقص الخلق، فهى جهيض ومجهضة بالهاء وقد تحذف .
وعبارة المصباح تشير إلى جواز استعمال كلمة إجهاض فى الناقة والمرأة على السواء .
الإجهاض عند الفقهاء جرت عبارة فقهاء المذاهب عدا الشافعية والشيعة الجعفرية على استعمال كلمة إسقاط فى المعنى اللغوى لكلمة إجهاض، وبهذا يكون الإسقاط عند الفقهاء الذين درجوا على استعمال هذا اللفظ .
معناه إلقاء المرأة جنينها قبل أن يستكمل مدة الحمل ميتا أو حيا دون أن يعيش وقد استبان بعض خلقه بفعل منها كاستعمال دواء أو غيره أو بفعل من غيرها .
حكم الإجهاض دينا وهل يأثم من يفعله قال فقهاء مذهب الإمام أبى حنيفة ( حاشية رد المحتار لابن عابدين ج - 2 ص 411 وفتح القدير للكمال بن الهمام ج - 2 ص 459 ) يباح إسقاط الحمل، ولو بلا إذن الزوج قبل مضى أربعة أشهر ، والمراد قبل نفخ الروح وهذا لا يكون إلا بعد هذه المدة، وفى باب الكراهة من الخانية ولا أقول بالحل، وإذ المحرم لو كسر بيض الصيد ضمنه، لأنه أصل الصيد، فلما كان مؤاخذا بالجزاء فلا أقل من أن يلحق المرأة إثم هنا إذا أسقطت من غير عذر، كأن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل وليس لأبى الصبى ما يستأجر به المرضع ويخاف هلاكه ( من الأعذار المبيحة للاجهاض شهور الحامل بالهزال والضعف عن تحمل أعباء الحمل لا سيما إذا كانت ممن يضعن بغير طريقة الطبيعى (الشق الجانبى) المعروف الآن بالعملية القيصرية، فهذا وأمثاله يعتبر عذرا شرعا مبيحا لاسقاط الحمل قبل نفخ الروح دون آثم أو جزاء جنائى شرعى ) وهل يباح الإسقاط بعد الحبل يباح ما لم يتخلق منه شىء، وقد قالوا فى غير موضع ولا يكون ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوما، وهذا يقتضى أنهم أرادوا بالتخلق نفخ الروح، وفى قول لبعض فقهاء المذهب أنه يكره وإن لم يتخلق لأن الماء بعد ما وقع فى الرحم مآله الحياه، فيكون له حكم الحياة كما فى بيضة صيد الحرم ونحوه .
قال ابن وهبان إباحة الإسقاط محمولة على حالة العذر، أو أنها لا تأثم إثم القتل .(20/305)
وفى فقه مذهب الإمام مالك ( حاشية الدسوقى على شرح الدردير ج - 2 ص 266 وبداية المجتهد ج - 2 ص 348 ) لا يجوز إخراج المنى المتكون فى الرحم ولو قبل الأربعين يوما، وإذا نفخ فيه الروح حرم إجماعا، هذا هو المعتمد، وقيل يكره إخراجه قبل الأربعين، وهذا يفيد أن المراد فى القول الأول بعدم الجواز التحريم كما يفيد النقل جميعه أنه ليس عند المالكية قول بإباحة إخراج الجنين قبل نفخ الروح فيه، فبعده بالأولى، ونص ابن رشد على أن مالكا استحسن فى إسقاط الجنين الكفارة ولم يوجبها لتردده بين العمد والخطأ واستحسان الكفارة يرتبط بتحقق الإثم .
وفى فقه مذهب الإمام الشافعى ( حاشية البجيرمى على الاقناع ج - 4 ص 40، وحاشية الشبراملى على نهاية المحتاج ج - 6 ص 179 ، وكتاب أمهات الأولاد فى نهاية المحتاج ج - 8 ص 416 ) اختلف علماء المذهب فى التسبب فى إسقاط الحمل الذى لم تنفخ فيه الروح، وهو ما كان عمره الرحمى مائة وعشرين يوما، والذى يتجه الحرمة، ولا يشكل عليه العزل لوضوح الفرق بينهما، بأن المنى حال نزوله لم يتهيأ للحياة بوجه بخلافه بعد الاستقرار فى الرحم وأخذه فى مبادىء التخلق .
وعندهم أيضا اختلف فى النطفة قبل تمام الأربعين على قولين قيل لا يثبت لها حكم السقط والوأد، وقيل لها حرمة ولا يباح إفسادها ولا التسبب فى إخراجها بعد الاستقرار، وفى تعليق لبعض الفقهاء قال الكرابيسى سأل أبا بكر بن أبى سعيد الفراتى عن رجل سقى جاريته شرابا لتسقط ولدها، فقال ما دامت نطفة أو علقة فواسع له ذلك إن شاء الله، وفى إحياء علوم الدين للغزالى فى التفرقة بين الإجهاض والعزل أن ما قبل نفخ الروح يبعد الحكم بعدم تحريمه، أما فى حالة نفخ الروح فما بعده إلى الوضع فلا شك فى التحريم، وأما ما قبله فلا يقال إنه خلاف الأولى، بل يحتمل للنزيه والتحريم ويقوى التحريم فيما قرب من زمن النفخ لأنه جريمة .
وفى فقه مذهب الإمام أحمد بن حنبل ( الروض المريع فى باب العمد ص 447 والمغنى لابن قدامة ج - 8 فى كتاب الديات ) إنه يباح للمرأة إلقاء النطفة قبل أربعين يوما بدواء مباح، ويؤخذ من هذا أن الإجهاض بشرب الدواء المباح فى هذه الفترة حكمه الإباحة، ونقل ابن قدامة فى المغنى أن من ضرب بطن امرأة فألقت جنينا فعليه كفارة وغرة، وإذا شربت الحامل دواء فألقت به جنينا فعليها غرة وكفارة، ومقتضى وجوب الكفارة أن المرأة آثمة فيما فعلت .
ويؤخذ من النصوص التى ساقها ابن قدامة أن الضمان لا يكون إلا بالنسبة للجنين الذى ظهرت فيه الروح على الصحيح .
وفى فقه المذهب الظاهرى ( المحلى لابن حزم ج - 11 ص 35 - 40 ) أن من ضرب حاملا فأسقطت جنينا، فإن كان قبل الأربعة الأشهر قبل تمامها فلا كفارة فى ذلك لكن الغرة واجبة فقط لأن رسول الله حكم ذلك، لأنه لم يقتل أحدا لكنه أسقط جنينا فقط، وإذا لم يقتل أحدا فلا كفارة فى ذلك، ولا يقتل إلا ذو الروح وهذا لم ينفخ فيه الروح بعد، ومقتضى ذلك حدوث الإثم على مذهبهم فى الإجهاض بعد تمام الأربعة الأشهر، إذ أوجبوا الكفارة التى لا تكون إلا مع تحقق الإثم ولم يوجبوها فى الإجهاض قبل ذلك .(20/306)
وفى فقه الزيدية ( البحر الزخار ج - 5 ص 260 و 457 ) لا شىء فيما لم يستبن فيه التخلق كالمضغة والدم، ولا كفارة فى جنين لأن النبى صلى الله عليه وسلم قضى بالغرة ولم يذكر كفارة، ثم إن ما خرج ميتا لم يوصف بالإيمان، وإذا خرج حيا ثم مات ففيه الكفارة، ومقتضاه وجود الإثم فى هذه الجزئية .
وفى فقه الشيعة الإمامية ( الروضة البهية ج - 2 ص 445 ) إنه تجب الكفارة بقتل الجنين حين تلجه الروح كالمولود، وقيل مطلقا، سواء ولجت فيه الروح أم لم تلج فيه الروح .
وفيه فقه الأباضية ( شرح النيل ج - 8 ص 119 و 121 ) إنه ليس للحامل أن تعمل ما يضر بحملها من أكل أو شرب، كبارد وحار ورفع ثقيل، فإن تعمدت مع علمها بالحمل لزمها الضمان والإثم وإلا فلا إثم .
ونخلص من أقوال فقهاء تلك المذاهب فى هذا الموضع إلى أن فى مسألة الإجهاض قبل نفخ الروح فى الجنين أربعة أقوال الأول الإباحة مطلقا من غير توقف على وجود عذر وهو قول فقهاء الزيدية، ويقرب منه قول فريق من فقهاء مذهب الإمام أبى حنيفة وإن قيده فريق آخر منهم بأن الإباحة مشروطة بوجود عذر، وهو ما نقل أيضا عن بعض فقهاء الشافعية .
الثانى الإباحة لعذر أو الكراهة عند انعدام العذر، وهو ما تفيده أقوال فقهاء مذهب الإمام أبى حنيفة، وفريق من فقهاء مذهب الإمام الشافعى .
الثالث الكراهة مطلقا وهو رأى بعض فقهاء مذهب الإمام مالك .
الرابع الحرمة وهو المعتمد عند المالكية والمتفق مع مذهب الظاهرية فى تحريم العزل .
حكم الإجهاض بعد نفخ الروح وعقوبته الجنائية شرعا تدل أقوال فقهاء المذاهب ( فى الفقه الحنفى حاشية رد المحتار لابن عابدين على الدر المختار ج - 5 ص 410 و 5 413، وفتح القدير للكامل بن الهمام على الهداية ج - 4 ص 153، وفى الفقه المالكى حاشية الدسوقى وشرح الدردير ج - 4 ص 268، وبداية المجتهد ج - 2 ص 347، وفى الفقه الشافعى نهاية المحتاج ج - 7 ص 360 و 364، وفى الفقه الحنبلى - المغنى لابن قدامة فى كتاب الديات ج - 8، وفى الفقه الظاهرى المحلى لابن حزم ج - 11 ص 37 - 46، وفى الفقه الزيدى - البحر الزخار ج - 7 ص 356 و 357، وفى فقه الامامية - الروضة البهية ج - 2 ص 444 و 445، وفى الفقه الأباضى - شرح النيل ج - 8 ص 119 و 121 ) جميعا على أن إسقاط الجنين دون عذر بعد نفخ الروح فيه أى بعد الشهر الرابع الرحمى محظور وقد نصوا على أنه تجب فيه عقوبة جنائية، فإذا أسقطت المرأة جنينها وخرج منها ميتا بعد أن كانت الروح قد سرت فيه، وجب عليها ما أطلق عليه الفقهاء اصطلاح الغرة ( الغرة تساوى نصف عشر الدية الكاملة أى ما يقابل 5 من الدية التى قدرها جمهور الفقهاء بألف دينار أو عشرة آلاف درهم سواء فى ذلك ما إذا كان السقط ذكرا أو أنثى .
والدينار من الذهب يساوى وزنا الآن 250/4 جراما، والدرهم من الفضة يساوى وزنا الآن 975/2 جراما، ثم يحتسب السعر وقت الحادث موضوع التغريم بالغرة )(20/307)
وكذلك الحكم إذا أسقطه غيرها وانفصل عنها ميتا، ولو كان أبوه هو الذى أسقطه وجبت عليه الغرة أيضا ، وبعض الفقهاء أوجب مع ذلك كفارة .
ومقتضى هذا أن هناك إثما وجريمة فى إسقاط الجنين بعد نفخ الروح فيه، وهذا حق، لأنه قتل إنسان وجدت فيه الروح الإنسانية ، فكان هذا الجزاء الدينى بالإثم وفيه الكفارة والجزاء الجنائى بالتغريم وهو الغرة .
أما إذا قامت ضرورة تحتم الإجهاض كما إذا كانت المرأة عسرة الولادة ورأى الطباء المختصون أن بقاء الحمل فى بطنها ضار بها، فعندئذ يجوز الإجهاض، بل يجب إذا كان يتوقف عليه حياة الأم عملا بقاعدة ارتكاب أخف الضررين وأهون الشرين، ولا مراء فى أنه إذا دار الأمر بين موت الجنين وموت أمه كان بقاؤها أولى لأنها أصله، وقد استقرت حياتها ولها حظ مستقل فى الحياة .
كما أن لها وعليها حقوقا، فلا يضحى بالأم فى سبيل جنين لم تستقل حياته ولم تتأكد .
وهناك تفصيلات فى فقه المذاهب فى إسقاط الجنين ونزوله حيا ثم موته، وفى التسبب فى الإسقاط، وفى موت الأم بسبب الإسقاط، ومتى تجب الدية أو الغرة والكفارة فى بعض الصور، ولمن أراد الاستزادة فى هذه الأحكام أن يطالعها فى كتاب الديات فى فقه المذاهب .
وإذ قد تبينا من هذا العرض الوجيز أقوال الفقهاء فى شأن إباحة الإجهاض أو عدم إباحته فيما قبل تمام الأربعة الأشهر الرحمية، وفيما بعدها، والجزاء الدينى والجنائى الدنيوى شرعى فى كل حال، كما تبينا جواز الإجهاض إذا كان هناك عذر سواء قبل نفخ الروح أو بعدها .
فهل يدخل فى الأعذار المبيحة للإجهاض ما يكشفه العلم بالأجنة من عيوب خلقية أو مرضية وراثية تعالج بالجراحة أو لا تعالج على نحو ما جاء بالصور المطروحة بالسؤال قبل الإجابة على هذا ينبغى أن نقف على الحكم الشرعى فى وراثة الأمراض وغيرها .
حكم الإسلام فى وراثة الأمراض والصفات والطباع وغيرها إن وراثة الصفات والطباع والأمراض وتناقلها بين السلالات - حيوانية ونباتية - وانتقالها مع الوليد وإلى الحفيد أمر قطع به الإسلام .
{ ألا يعلم من خلق } الملك 14 ، وكشف العلم عنه .
يدلنا على هذه الحقيقة نصائح رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته فى اختيار الزوجة فقد قال (تخيروا لنطفكم) ( فتح البارى شرح صحيح البخارى ج - 9 ص 102 فى باب أى نساء خير ) وقال ( رواه الدار قطنى من حديث أبى سعيد الخدرى - احياء علوم الدين للغزالى ج - 4 ص 724 ) (إياكم وخضراء الدمن) فقيل وما خضراء الدمن قال (المرأة الحسناء فى المنبت السوء) وتفسر معاجم اللغة لفظ (الدمن) بأنه ما تجمع وتجمد من روث الماشية وفضلاته .
فكل ما نبت فى هذا الروث وإن بدت خضرته ونضرته إلا أن يكون سريع الفساد، وكذلك المرأة الحسناء فى المنبت السوء تنطبع على ما طبعت عليه لحمتها وغذيت(20/308)
به ومن هذا القبيل تحريم أكل لحم السباع وغيرها من الحيوانات سيئة الطباع والمتوحشة منعا لانتقال طباعها وصفاتها إلى الإنسان .
ولعل نظرة الإسلام إلى علم الوراثة تتضح جليا من هذا الحوار الذى دار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين رجل من بنى فزارة اسمه ضمضم بن قتادة ( هذا الحديث متفق عليه - شرح السنة للبغوى باب الشك فى الولد برقم 2377 ج - 9 ص 273 ، وبلوغ المرام لابن حجر العسقلانى وشرح سبل السلام للصنعانى ج - 3 ص 246 فى باب اللعان ) حين قال هذا الرجل إن امرأتى ولدت غلاما أسود، وهو بهذه العبارة يعرض بأن ينفى نسب هذا الولد إليه - فقال له النبى صلى الله عليه وسلم (هل لك من إبل) قال نعم، قال ما ألوانها قال حمر .
قال (فهل فيها من أوراق) (أى لونه لون الرماد) قال نعم .
قال أنى ترى ذلك قال أراه نزعه عرق .
قال فلعل هذا نزعه عرق . قال الشوكانى فى نيل الاوطار ( ج - 6 ص 287 باب النهى عن أن يقذف زوجته لأنها ولدت ما يخالف لونهما ) فى شرح هذه العبارة الأخيرة المراد بالعرق الأصل من النسب تشبيها بعرق الشجرة، ومنه قولهم فلان عريق فى الأصالة أى أن أصله متناسب .
وهذا عمر بن الخطاب الخليفة الثانى فى الإسلام يقول لبنى ( المغنى عن حمل الأسفار فى تخريج ما فى الاحياء من الأخبار للحافظ العراقى المطبوع على هامش إحياء علوم الدين للغزالى ص 724 فى كتاب آداب النكاح ) السائب وقد اعتادوا التزوج بقريباتهم (قد أضويتم ( فى المصباح المنير ضوى الولد من باب تعب إذا صغر جسمه وهزل وأضويته ومنه واغتربوا لا تضووا ألا يتزوج الرجل المرأة الغريبة ولا يتزوج القرابة القريبة لئلا يجىء الولد ضاويا ) فانكحوا الغرائب) ومعناه تزوجوا الغرائب، ويقال أغربوا ولا تضووا، وهذا دليل على أن الزواج بين ذوى القربى مؤد إلى الضمور والضعف، ومن أجل هذا كان توجيه عمر بالزواج من غير القريبات حتى لا تتكاثر الصفات أو الأمراض الموروثة المتداولة فى سلالة واحدة، فتضعف الذرية بوراثة الأمراض .
ولم يفت علم الوراثة أئمة الفقه الإسلامى، فإن الإمام الشافعى رضوان الله عليه لما قال بجواز فسخ الزواج بسبب الجذام والبرص، كان مما أورده تعليلا لهذا إن الولد الذى يأتى من مريض بأحد هذين الداءين قلما يسلم، وإن سلم أدرك نسله .
قال العلامة ابن حجر الهيثمى، فى تحفة ( حواشى تحفة المحتاج بشرح المنهاج ج - 7 ص 347 فى باب الخيار فى النكاح ) المحتاج بشرح المنهاج فى نقل تعليل الإمام الشافعى والجذام والبرص يعديان المعاشر والولد أو نسله كثيرا كما جزم به فى الأم وحكاه عن الأطباء والمجربين فى موضع آخر .
وإذا كان ذلك هو ما جرى به فقه الإسلام إما صراحة كهذا النقل عن الإمام الشافعى أو ضمنا واقتضاء لنصوص الفقهاء فى مواضع متعددة وكان سنده ما جاء فى نصوص القرآن والسنة الشريفة فى تحريم أكل بعض الحيوانات وما صرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم فى العديد من أحاديثه الشريفة عن هذه الوراثة(20/309)
حسبما مضى من القول كان انتقال بعض الآفات الجسدية والنفسية والعقلية من الأصول إلى الفروع حقيقة واقعة لا مراء فيها .
وقد أثبت العلم بوسائله الحديثة أن أنواعا من الأمراض تنتقل من المصاب بها إلى سلالته، وأنها إذا تخطت الولد ظهرت فى ولد الولد أو فى الذرية من بعده، فالوراثة بانتقال بعض الأمراض والطباع والصفات من الأصول إلى الفروع والأحفاد صارت واقعا مقطوعا به، أو على الأقل ظنا راجحا بالاستقراء والتجارب ، وإذا كان انتقال بعض الأمراض والعيوب الجسدية وارثة من الأصول للفروع على هذا الوجه من الثبوت الشرعى والعلمى، فهل يجوز التعقيم نهائيا بمعنى منع الصلاحية للإنجاب لمن يثبت إصابته من الزوجين أو كليهما بمرض لا برء منه وكان من خصائصه وسماته الانتقال بالوراثة وهل يجوز الإجهاض بمعنى إسقاط الجنين إذا اكتشفت عيوبه الخطيرة التى لا تتلاءم مع الحياة العادية وهل يجوز الإجهاض إذا كانت هذه العيوب يمكن أن يعيش بها الجنين بعد ولادته حياة عادية وهل يجوز الإجهاض إذا كانت العيوب من الممكن علاجها طبيا أو جراحيا أولا يمكن علاجها حاليا ثم العيوب التى تورث من الأب أو الأم للأجنة الذكور فقط للإناث فقط، هل يجوز الإبقاء على السليم وإجهاض المعيب للإجابة على هذه التساؤلات نعود إلى القرآن الكريم وإلى السنة الشريفة فلا نجد فى أى منهما نصا خاصا صريحا يحرم التعقيم، بمعنى جعل الإنسان ذكرا كان أو أنثى غير صالح للإنجاب نهائيا وبصفة مستمرة بجراحة أو بدواء أو بأية وسيلة أخرى، لكن النصوص العامة فيهما تأباه وتحرمه بهذا المعنى، وإعمالا لهذه النصوص قال جمهور الفقهاء إن تقيم الإنسان محرما شرعا إذا لم تدع إليه الضرورة، وذلك لما فيه من تعطيل الإنسال المؤدى إلى إهدار ضرورة المحافظة على النسل وهى إحدى الضرورات الخمس التى جعلها الإسلام من مقاصده الأساسية فى تشريع أحكامه ( الموافقات للشاطبى ج - 2 ص 8 وما بعدها فى مقاصد الشريعة ) أما إذا وجدت ضرورة داعية لتعقيم إنسان، كما إذا كان به مرض عقلى أو جسدى أو نفسى مزمن عصى على العلاج والدواء، وهو فى
الوقت نفسه ينتقل إلى الذرية عن طريقة الوراثة، جاز لمن تأكدت حالته المرضية بالطرق العلمية والتجريبية أن يلجأ إلى التعقيم الموقوت، لدفع الضرر القائم فعلا، المتيقن حدوثه إذا لم يتم التعقيم، وذلك باتخاذ دواء أو أى طريق من طرق العلاج لإفساد مادة اللقاح أو بإذهاب خاصيتها، سواء فى هذا الذكر والأنثى، ونعنى بإباحة التعقيم الموقوت أن يمكن رفع هذا التعقيم واستمرار الصلاحية للإنجاب متى زال المرض .
وإلى مثل هذا المعنى أشار الفقهاء فى كتبهم .
فقد نقل ابن عابدين ( ج - 2 ص 412 ) فى حاشية رد المحتار على الدر المختار فى الفقه الحنفى عن صاحب البحر (أنه يجوز للمرأة أن تسد فم الرحم منعا من وصول ماء الرجل إليه لأجل منع الحمل، واشترط صاحب البحر لذلك إذن زوجها) .(20/310)
ونقل البيجرمى ( حاشية الخطيب على الاقناع ج - 4 ص 40 ) من فقهاء الشافعية أنه يحرم استعمال ما يقطع الحمل من أصله، أما ما يبطىء الحمل مدة ولا يقطعه فلا يحرم، بل إن كان لعذر كتربية ولده لم يكره وإلا كره .
وقد فرق الشيراملسى الشافعى ( نهاية المحتاج وحواشيه ج - 8 ص 416 ) بين ما يمنع الحمل نهائيا وبين ما يمنعه مؤقتا قال بتحريم الأول وأجاز الثانى باعتباره شبيها بالعزل فى الإباحة .
وصرح الرملى الشافعى نقلا عن الزركشى بأن استعمال ما يمنع الحمل قبل إنزال المنى حالة الجماع مثلا لا مانع منه .
وقال القرطبى ( ج - 12 ص 8 ) المالكى فى كتابه الجامع لأحكام القرآن إن النطفة لا يتعلق بها حكم إذا ألقتها المرأة قبل أن تستقر فى الرحم .
هذه النصوص تشير بلا شك إلى تحريم التعقيم النهائى المانع للإنجاب حالا ومستقبلا، أما التعقيم المؤقت بمعنى وقف الحمل فتجيزه تلك النصوص وغيرها .
ذلك لأن التطور العلمى والتجريبى دل على أن هناك أمراضا قد تبدو فى وقت ما مستعصية على العلاج، ثم يشفى منها المريض فى الغد القريب أو البعيد، إما لعوامل ذاتية وإما بتقديم وسائل العلاج من الأدوية والجراحة وغيرهما، وعندئذ يمكن رفع التعقيم المؤقت عملا بقاعدة ما جاز بعذر بطل بزواله .
هذا بالإضافة إلى أن التعقيم بمعنى وقف الإنجاب مؤقتا بوضع الموانع أو العوامل المفسدة لمادة اللقاح لدى الزوج أو الزوجة أو كليهما بصفة وقتية ريثما بتم العلاج أو انتظارا للشفاء من المرض أمر من الأمور التى تدخل فى باب التداوى المأمور به شرعا فى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها قوله للأعرابى الذى سأله أنتداوى يا رسول الله قال نعم، فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله .
( منتقى الأخبار وشرحه نيل الأوطار للشوكانى ج - 8 ص 200 فى أبواب الطب ) رواه أحمد .
أما عن التساؤلات المطروحة عن الإجهاض فى تلك المبينة فى السؤال فقد تم بيان أقوال فقهاء المذاهب فى مراحل الحمل، ويؤخذ من تلك الأقوال أن الحمل متى استقر رحميا لمدة مائة وعشرين يوما أو أربعة أشهر فقد ثبت القرآن والسنة الشريفة نفخ الروح فيه بعد اكتمال هذه السن الرحمية، وبذلك يصير إنسانا له حقوق الإنسان الضرورية، حتى جازت الوصية له والوقف عليه، ويستحق الميراث ممن يموت من مورثيه ويكتسب النسب لأبويه ومن يتصل بهما بشروط مبينه فى موضعها، وتكاد كلمة فقهاء المذاهب تتفق على أهلية الحمل لهذه الحقوق الأربعة، فله أهلية وجوب ناقصة تجعله قابلا للإلزام دون الالتزام .
وإذا كان الحمل قد نفخت فيه الروح وصارت له ذاتية الإنسان وحقوقه الضرورية، صار من النفس التى حرم قتلها فى صريح القرآن الكريم فى آيات كثيرة منها قوله تعالى { ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق } الأنعام 151 ، وبهذا الاعتبار ومتى أخذ الجنين خصائص الإنسان وصار نفسا من الأنفس التى حرم الله قتلها، حرم قتله بالإجهاض بأية وسيلة من الوسائل المؤدية إلى نزوله من بطن أمه قبل(20/311)
تمام دورته الرحمية، إلا إذا دعت ضرورة لهذا الإجهاض، كما إذا كانت المرأة الحامل عسرة الولادة وقرر الأطباء المتخصصون أن بقاء الحمل ضار بها، فعندئذ يباح الإجهاض بل إنه يصير واجبا حتما إذا كان يتوقف عليه حياة الأم عملا بقاعدة ( الأشباه والنظائر لابن نجيم الحنفى المصرى فى القاعدة الخامسة واتحاف الأبصار والبصائر يترتب الأشباه والنظائر فى الحظر والاباحة ) ( يزال الضرر الأشد بالضرر الأخف ) وبعبارة أخرى ( إذا تعارضت مفسدتان روعى أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما) .
ولهذه القاعدة أمثلة كثيرة أوردها الفقهاء .
ولا شك أنه إذا دار الأمر بين موت الأم الحامل بسبب الحمل وبين موت هذا الحمل وإسقاطه كان الأولى بقاء الأم لأنها الأصل، ولا يضحى بها فى سبيل إنقاذ الجنين، لا سيما وحياة الأم مستقرة ولها وعليها حقوق وهو بعد لم تستقل حياته، بل هو فى الجملة كعضو من أعضائها، وقد أباح الفقهاء قطع العضو المتآكل أو المريض بمرض لا شفاء منه حماية لباقى الجسم، وبهذا المعيار الذى استنبطه الفقهاء من مصادر الشرعية هل تصلح العيوب التى تكتشف بالجنين، أيا كانت هذه العيوب مبررا لإسقاطه بطريق الإجهاض بعد أن نفخت فيه الروح باستكماله مائة وعشرين يوما رحمية لاشك أنه متى استعدنا الأحكام الشرعية التى أجملناها فيما سبق نقلا عن فقهاء المذاهب الفقهية جميعا، نرى أنها قد اتفقت فى جملتها على تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح، حتى إن مذهب الظاهرية قد أوجب القود أى القصاص فى الإجهاض العمد، وحتى إن قولا فى بعض المذاهب يمنع إسقاطه حتى فى حال إضراره بأمه مساواة بين حياتهما .
وإذا كان ذلك وكان الإجهاض بعد نفخ الروح قتلا للنفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق، لم تكن العيوب التى تكتشف بالجنين مبررا شرعا لإجهاضه أيا كانت درجة هذه العيوب من حيث إمكان علاجها طبيا أو جراحيا، أو عدم إمكان ذلك لأى سبب كان، إذ قد تقدم القول بأن التطور العلمى والتجريبى دل على أن بعض الأمراض والعيوب قد تبدو فى وقت مستعصية على العلاج ثم يجد لها العلم العلاج والإصلاح وسبحان الله الذى علم الإنسان ما لم يعلم، بل يعلمه بقدر حسب تقدم استعداده ووسائله { وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } الإسراء 85 ، وإذا كانت العيوب وراثية أمكن لمنع انتشارها فى الذرية الالتجاء إلى وقف الحمل مؤقتا حسبما تقدم بيانه .
أما اكتشاف العيوب - المسئول عنها فى الصور المطروحة بالسؤال - بالجنين قبل نفخ الروح فيه، فإنه قد تقدم بيان أقوال الفقهاء فى الإجهاض فى هذه المرحلة، وأنه يجوز دون حرج عند فقهاء الزيدية - وبعض فقهاء المذهب الحنفى، وبعض الشافعية الإجهاض لأى سبب، بل وبدون سبب ظاهر، لأن الجنين عند هؤلاء قبل نفخ الروح فيه لم يأخذ صفة الإنسان وخاصية النفس التى حرم الله قتلها .
والذى أختاره وأميل إليه فى الإجهاض قبل استكمال الجنين مائة وعشرين يوما رحميا أنه يجوز عند الضرورة التى عبر عنها الفقهاء بالعذر .
وفى كتب الفقه الحنفى ( حاشية رد المحتار على الدر المختار ج - 2 ص 411 ) إن من الأعذار التى تبيح الإجهاض من قبل نفخ الروح انقطاع لبن الأم بسبب(20/312)
الحمل، وهى ترضع طفلها الآخر وليس لزوجها - والد هذا الطفل - ما يستأجر به المرضع له ويخاف هلاكه وفى نطاق هذا المثال الفقهى، وإذا لم يمكن ابتداء وقف الحمل بين زوجين ظهر بهما أو بأحدهما مرض أو عيب خطير وراثى يسرى إلى الذرية، ثم ظهر الحمل، وثبت ثبوتا قطعيا دون ريب بالوسائل العلمية والتجريبية أن بالجنين عيوبا وراثية خطيرة، لا تتلاءم مع الحياة العادية، وأنها تسرى بالوراثة فى سلالة أسرته جاز إسقاطه بالإجهاض مادام لم تبلغ أيامه الرحمية مائة وعشرين يوما .
أما الأجنة المعيبة بعيوب يمكن علاجها طبيا أو جراحيا، أو يمكن علاجها حاليا، والعيوب التى من الممكن أن تتلاءم مع الحياة العادية، هذه الحالات لا تعتبر العيوب فيها عذرا شرعيا مبيحا للإجهاض، لأنه واضح من فرض هذه الصور أنه لا خطورة منها على الجنين وحياته العادية، فضلا عن احتمال ظهور علاج لها تبعا للتطور العلمى .
أما الأجنة التى ترث عيوبا من الأب أو من الأم، للذكور فقط أو للإناث فقط فيجوز إسقاطها إذا ثبت أنها عيوب وراثية خطيرة مؤثرة على الحياة مادام الجنين لم يكتمل فى الرحم مدة مائة وعشرين يوما .
ومن هذا يتضح أن المعيار فى جواز الإجهاض قبل استكمال الجنين مائة وعشرين يوما رحميا - هو أن يثبت علميا وواقعيا خطورة مابه من عيوب وراثية، وأن هذه العيوب تدخل فى النطاق المرضى الذى لا شفاء منه وأنها تنتقل منه إلى الذرية، أما العيوب الجسدية كالعمى أو نقص إحدى اليدين أو غير هذا، فإنها لا تعتبر ذريعة مقبولة للإجهاض، لا سيما مع التقدم العلمى فى الوسائل التعويضية للمعوقين .
وأن المعيار فى جواز الإجهاض للحمل الذى تجاوزت أيامه الرحمية مائة وعشرين يوما وصار بذلك نفسا حرم الله قتلها، هو خطورة بقائه حملا فى بطن أمه على حياتها سواء فى الحال أو فى المآل عند الولادة، كما إذا ظهر هزالها وضعفها عن احتمال تبعات الحمل حتى اكتمال وضعه وكما إذا كانت عسرة الولادة، أو تكررت ولادتها بما يسمى الآن بالعملية القيصرية، وقرر الأطباء المختصون أن حياتها معرضة للخطر إذا ولدت هذا الحمل بهذه الطريقة واستمر الحمل فى بطنها إلى حين اكتماله .
ويحرم بالنصوص العامة فى القرآن والسنة - الإجهاض بعد نفخ الروح فى الجنين بسبب عيوب خلقية أو وراثية اكتشافها الأطباء فيه بوسائلهم العلمية، لأنه صار إنسانا محصنا من القتل كأى إنسان يدب على الأرض لا يباح قتله بسبب مرضه أو عيوبه الحلقية، وسبحان الله الذى كرم الإنسان وجعله خليفته وصانه عن الامتهان، ورسول الإسلام صلى الله عليه وسلم وإن ابتغى فى المسلم القوة بقوله (المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفى كل خير) ( سنن ابن ماجة ج - 1 ص 41 فى باب القدر عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه ) إلا أنه لم يأمر بقتل الضعيف، بل أمر بالحرمة به وهذا الجنين المعيب داخل فيمن طلب الرسول صلى الله عليه وسلم شملوهم بالرحمة فى كثير من أحاديثه الشريفة .
ما هو موقف الطبيب من الإجهاض شرعا .(20/313)
لقد قال سبحانه تعليما وتوجيها لخلقه { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } الأنبياء 7 ، والطبيب فى عمله وتخصصه من أهل الذكر، والعمل أمانة ومن ثم كان على الطبيب شرعا أن ينصح لله ولرسوله وللمؤمنين، وإذا كانت الأعذار المبيحة للإجهاض فى مراحل الحمل المختلفة منوطة برأى الطبيب حسبما تقدم بيانه كان العبء عليه كبيرا، ووجب عليه ألا يعجل بالرأى قبل أن يستوثق بكل الطرق العلمية الممكنة، وأن يستوثق بمشورة غيره فى الحالات التى تحتاج للتأنى وتحتمله .
وقد بين الفقهاء جزاء المتسبب فى إسقاط الحمل جنائيا دنيويا بالغرة أو الدية فى بعض الأحوال وبالإثم دينا على الوجه السابق إجماله .
هذا وقد حرم القانون الجنائى المصرى الإجهاض وعاقب عليه فى جميع مراحل الحمل .
( المواد من 260 إلى 264 عقوبات ) فالقانون يعاقب المرأة الحامل وكل من تدخل فى إجهاضها إذا رضيت به، كما يعاقب من يدلها عليه، أو يجريه أو يعاونها فيه حتى لو كان ذلك برضائها، سواء كان طبيبا أو غير طبيب، وذلك ما لم يكن الإجهاض قد أجراه الطبيب لغرض العلاج إنقاذا للأم من خطر محقق أو وقاية للأم من حالة تهدد حياتها إذا استمر الحمل، وهذه الحالات يقرها الفقه الإسلامى كما تفيده النصوص سالفة الإشارة .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ـــــــــــــــــــ
حرق السقط حرام
المفتي
حسن مأمون .
8 نوفمبر 1955 م
المبادئ
السقط الذى تضعه المرأة ولو بطريق الإجهاض سواء استبان خلقه أم لا - يغسل ويلف فى خرقة ويدفن .
ولا يجوز حرقه شرعا
السؤال
من السيد / م ش أ - قال إنه شاهد أن الأطفال الذين يولدون عن طريق الإجهاض بالمستشفيات يحرقون فى أفران إلى أن ينتهى أثرهم من الآدمية .
فهل هذا جائز شرعا أم لا
الجواب
بأن المنصوص عليه شرعا أن السقط الذى تضعه المرأة ولو بطريق الإجهاض سواء استبان خلقه أو لم يستبن يغسل على المختار من مذهب الحنفية ويلف فى خرقة ويدفن .
أما حرق السقط فحرام وغير جائز شرعا ومناف للدين .
وبهذا علم الجواب عن السؤال . والله أعلم(20/314)
ـــــــــــــــــــ
تحديد النسل خشية الفقر
المفتي
حسن مأمون .
ذو القعدة هجرية - 14 يونية 1958 م
المبادئ
1- منع النسل أو تحديده يتنافى مع مقاصد النكاح، ولا يباح شرعا إلا للضرورة وعند وجود عذر يقتضيه، كالخوف على حياة الأم إن هى حملت .
2- خوف الفقر وكثرة الأولاد وتزايد السكان ليست من الأعذار المبيحة لمنع النسل أو تحديده
السؤال
بالطلب المقدم من السيد الأستاذ - ن م أ رئيس جمعية النهضة الإسلامية للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والذى يطلب فيه الإفادة عن حكم الشريعة الإسلامية فى تحديد النسل خشية الفقر بصفة عامة، أو لتزايد السكان وقلة الموارد الغذائية
الجواب
إن من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية إيجاد النسل وبقاء النوع الإنسانى وحفظه، ولذلك شرع الزواج للتناسل وتحصين الزوجين من الوقوع فى الحرام، وحث الرسول صلوات الله وسلامه عليه على اختيار الزوجات المنجبات للأولاد .
فقد روى الإمام أحمد عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيا شديدا، ويقول ( تزوجوا الودود الولود فإنى مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ) وروى أبو داود والنسائى عن معقل بن يسار قال جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال ( أنى أصبت امرأة ذات حسب وجمال وأنها لا تلد فأتزوجها قال لا، ثم أتاه الثانية فنهاه ثم أتاه الثالثة فقال تزوجوا الودود الولود فإنى مكاثر بكم ) كما شرع ما يحفظ النسل من تحريم الزنا والإجهاض، ومنع النسل أو تحديده من الأعمال التى تنافى مقاصد النكاح .
ولهذا لا تبيحه الشريعة إلا عند الضرورة وعند وجود عذر يقتضيه كالخوف على حياة الأم ونحوه، وليس من الأعذار وجود عذر يقتضيه كالخوف على حياة الأم ونحوه، وليس من الأعذار خوف الفقر وكثرة الأولاد أو تزايد السكان، لأن الله سبحانه وتعالى تكفل بالرزق لكل كائن حى .
حيث قال فى كتابه الكريم { وفى السماء رزقكم وما توعدون .
فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون } الذاريات 22 ، 23 ، وقال سبحانه وتعالى { وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل فى كتاب مبين } هود 6 ، وقال سبحانه وتعالى { ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم } الإسراء 31 ، ومن علم أن مال الله غاد ورائح، وأن مع العسر يسرا، وأن الغنى قد يصبح فقيرا معدوما والفقير المعدم قد يصبح غنيا وافر الغنى، لم يشك أن الغنى والفقر من العوارض التى تتبدل .
وبهذا علم الجواب عن السؤال وأن تحديد النسل خوف الفقر غير جائز .(20/315)
وفى الحديث - استكثروا من أولادكم فإنكم لا تدرون بمن ترزقون - وهذا لا ينافى أن هناك ضرورات خاصة بالمرأة تجيز منع الحمل كما ذكرنا، ولكل حالة حكمها الخاص .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
حكم الاجهاض
المفتي
أحمد هريدى .
26 أغسطس 1968 م
المبادئ
1 - اتفق فقهاء المسلمين على أنه لا يجوز إسقاط الحمل بعد أن تنفخ فيه الروح وتدب فيه الحياة .
2 - يعتبر الإسقاط فى هذه الحالة جناية على حى، وجريمة يعاقب مرتكبها دنيويا وأخرويا .
3 - إذا كان فى بقاء الحمل إلى وقت الوضع خطر على حياة الأم بتقرير الأطباء المختصين ذوى الكفاية والأمانة، فإنه يباح إسقاطه، بل يجب إذا تعين ذلك لإنقاذ حياة الأم .
4 - اختلف الفقهاء فى حكم إسقاطه قبل نفخ الروح .
وظاهر أقوال الحنفية ترجيح القول بعدم جواز الإسقاط إلا لعذر
السؤال
طلبت جريدة الشباب العربى بالاتحاد الاشتراكى العربى بكتابها رقم 2150 المؤرخ 1/8/1968 المقيد برقم 552/1968 المتضمن أنها تلقت رسالة من المبعوث - نصر الله إيمانى - بألمانيا الغربية يستفسر فيها عن الإجهاض فى نظر الأديان
الجواب
نفيد بأن الفقهاء المسلمين اتفقوا على أنه لا يجوز إسقاط الحمل بعد أن تنفخ فيه الروح وتدب فيه الحياة العادية الكاملة بعد مائة وعشرين يوما من تاريخ حصول الحمل كما قالوا .
ويعتبر إسقاط الحمل فى هذه الحالة جناية على حى وجريمة يعاقب مرتكبها بالعقوبة الدنيوية والأخروية غير أنه إذا كان فى بقاء هذا الحمل واستمراره إلى وقت الوضع خطر على حياة الأم بتقرير الأطباء المختصين ذوى الكفاية والأمانة فإنه يباح إسقاطه، بل يجب ذلك إذا تعيين طريقا للإنقاذ من الخطر، أى لإنقاذ حياة أمه من الخطر .
أما قبل نفخ الروح فيه فقد اختلف الفقهاء فى حكم إسقاطه .
وظاهر أقوال فقهاء الحنفية ترجيح القول بعدم جواز الإسقاط إلا لعذر، كأن ينقطع لبن المرأة بعد ظهور الحمل ولها ولد رضيع ولا يقدر أبوه على استئجار مرضعة ترضعه ويخاف أن يموت الولد .(20/316)
فيجوز فى هذه الحالة وفى أمثالها إسقاط الحمل . ويقول الإمام الغزالى فى هذا الصدد فى كتاب إحياء علوم الدين إن إسقاط الحمل جناية على موجود حاصل وله مراتب .
وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة فى الرحم ويختلط بماء المرأة، وتستعد لقبول الحياة وإفساد ذلك جناية، فإن صارت النطفة علقة كانت الجناية أفحش، وإن نفخت فيه الروح واستوت الخلقة ازدادت تفاحشا .
وينتهى التفاحش فى الجناية بعد الانفصال حيا . ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ـــــــــــــــــــ
الإجهاد
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
ما حكم الإجهاض ؟
الجواب
الإجهاض : الإجهاض هو إنزال الجنين قبل تمام نموه الطبيعى فى بطن أمه ، وله طرق عدة ، وإليك كلمة عن حكمه ملخصة من فتوى رسمية منشورة بالفتاوى الإسلامية ( المجلد التاسع ص 3093 ) ومن مقالات بعض العلماء ( مجلة العربى عدد أغسطس 1973 ) .
الإجهاض إن كان بعد الشهر الرابع حرام بالاتفاق ، لأنه قتل نفس بغير حق ، إلا لضرورة تقتضيه ، فالضرورات تبيح المحظورات ، قال تعالى { فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه } البقرة : 173 ، ومن الأعذار انقطاع لبن المرأة بعد ظهور الحمل ، والرضيع محتاج إليه ولا بديل له ومنها الشعور بالضعف عن تحمل أعباء الحمل ، وكون الوضع بالعملية القيصرية التى تعرضها للخطر ، وإقرار الأطباء أن بقاء الحمل يفضى إلى هلاكها ، والتأكد من وراثة مرض خبيث كالذى يذكره الدكتور محمد عبد الحميد وسيأتى بعد . أما قبل الشهر الرابع ففى الإجهاض خلاف :
1 - قال بعض الأحناف كالحصكفى : إنه مباح ولو بغير إذن الزوج وذلك عند العذر ، وقال صاحب " الخانية " : لا يحل ، قياسًا على ما لو كسر المُحرمُ بيض الصيد ، الذى نص الفقهاء على أنه يَضْمَنُه ، لأنة أصل الصيد ، والجزاء الدنيوى أمارة الجزاء الأخروى-، فأقل درجات منعه أنه مكروه .
2 - والمالكية منعوه فى جميع مراحله ولو قبل الأربعين يومًا ، على ما هو المعتمد من مذهبهم ، كما فى نص عبارة الدردير فى الشرح الكبير : لا يجوز إخراج المنى(20/317)
المتكون فى الرحم ولو قبل الأربعين يومًا وفى رأى أنه مكروه ، وعبارة " المتكون فى الرحم " تعطى أن النطفة لو لم تستقر فى الرحم يجوز التخلص منها .
3 - والمتَّجه عند الشافعية هو الحرمة ، وقيل : يكره فى فترتى النطفة و العلقة ، أو خلاف الأولى . ومحله إذا لم تكن هناك حاجة ، كأن كانت النطفة من زنا فيجوز .
4 - أما عند الحنابلة فيؤخذ من كلام " المغنى " لابن قدامة أنها إذا ألقته مضغة فشهد ثقات من القوابل بأن فيه صورة خفية ففيه غرَّة ، وإن شهدن أنه مبتدأ خلق آدمى ولو بقى لتصور ففيه وجهان ، أصحهما لا شىء فيه .
فالخلاصة أن للفقهاء فى الإجهاض قبل تمام الأشهر الأربعة أربعة أقوال :
1 - الإباحة مطلقًا دون توقف على عذر ، وهو مذهب الزيدية وبعض الحنفية وبعض الشافعية ، ويدل عليه كلام المالكية والحنابلة .
ب - الإباحة عند وجود العذر و الكراهة عند عدمه ، وهو ما تفيده أقوال الحنفية وبعض الشافعية .
ب - الكراهة مطلقًا وهو رأى بعض المالكية .
د - التحريم بغير عذر ، وهو معتمد المالكية والمتجه عند الشافعية والمتفق مع الظاهرية .
هذا ، وتونس أولى الدول الإسلامية التى تبيح الإجهاض ، وتركيا ستكون هى الثانية ، واشترطت ألا يكون بعد 12 أسبوعًا من الحمل ( الأهرام 19/2/1982 ) .
ما يترتب على الإجهاض من الأحكام الدنيوية :
كل الفقهاء متفقون على وجوب الغُرَّة " عبد أو أمة " فى إلقائه ميتا بجناية عليه من أمه أو من غيرها ، مع اختلاف فى بعض التفاصيل .
فالحنفية قالوا : تجب الغرة على العاقلة وإن أسقطه غيرها أو أسقطته هى عمدَا بدون إذن زوجها ، فإن أذن أو لم تتعمد فلا غرة ، ولو أمرت الحامل غيرها بإسقاطه فلا ضمان على المأمورة بل على الحامل إذا لم يأذن الزوج ، والعاقلة هم أقارب الجانى .
والشافعية قالوا : فيه غرة لكل جنين . والظاهرية قالوا : إن كان قبل تمام الأشهر الأربعة ففيه الغرة دون كفارة ، وإن كان بعدها ففيه الاثنتان . ومن تعمدت قتل جنينها بعد الأشهر الأربعة أو تعمد قتله أجنبى ففيه القود ( القصاص بالقتل ) وصرح الإباضية بوجوب الغرًة .
هذا ، وقد أفتت لجنة الفتوى بالأزهر بجواز الإجهاض للمرأة فى الشهر الأول خشية وراثة مرض خبيث ، بشرط ألا يعرض المرأة للخطر ( مجلة التصوف الإسلامى عدد 84 فى يناير 1986 ) .
ولا يجوز أن تمارس عمليات الإجهاض لغير الضرورة كالتى ذكرها الدكتور محمد عبد الحميد مدير مستشفى الملك " المنيرة " سنة 1935 من أن المرأة إذا كانت مريضة بالسل الرئوى الذى يزيده الحمل والوضع وينتقل إلى الجنين ، أو بالالتهاب الكلوى الذى يعرِّض للتسمم البولى لإضراب الكليتين عن العمل . ويشتد خطر الالتهاب إن صاحبه ارتشاح فى الجسم ، أو بالبول السكرى الذى لا يوجد له دواء ،(20/318)
أو لا يفيده " الأنسولين " أو كانت مريضة بالقلب أو ضعف القوى العقلية أو الاضطرابات النفسية . أو بالقىء الكثير الذى يخاف منه على الحامل إذا كان مصحوبًا بزلال فى البول أو بحمى أو بنزف انتهى .
وإذا كان الحمل من زنا ، وأجاز الشافعية إجهاضه ، فأرى أنه يكون فى حالة الإكراه أو ما شابهها حيث يكون الإحساس بالندم والألم النفسى ، أما عند الاستهانة بالأعراض وعدم الحياء من الاتصال الجنسى الحرام فأرى عدم جواز الإجهاض ، لأن فيه تشجيعًا على الفساد ، وإن كان منتشرًا فى كثير من البلاد غير الإسلامية ، ولذا حرمته بعض القوانين ، ثم رفعت الحظر عنه لممارسته فعلاً ، وعالجت بعض الأولاد غير الشرعيين .
ولتمام الموضوع لبيان حكم التعقيم وحكم الإجهاض وآثاره والأسباب المبررة له قبل نفخ الروح فى الجنين وبعده يرجع إلى كتاب الفتاوى الإسلامية ( مجلد 9 ص 3093 وما بعدها ) . وينظر قرار مجمع البحوث الإسلامية "فتاوى الشيخ جاد الحق ج 5ص 98 "
ـــــــــــــــــــ
فى الهندسة الوراثية
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
يمكن الآن تنشيط رحم المرأة بالهرمونات بعد سن اليأس ليصبح رحمها معدَّا لحضانة بويضة ملقحة، وبذلك تحمل بويضة لغيرها لأن جسمها توقف عن التبويض ، فما الحكم ، هل يكون الولد لها أم لصاحبة البويضة؟
الجواب
هذه الصورة يطلق عليها اسم "الرحم المؤجَّر" أو "الأم الحاضنة" حيث إن البويضة الملقحة التى وضعت فى رحمها ليست بويضتها ، والحكم هو التحريم ، لأن فيها صورة الزنا ، والزنا محرم بالكتاب والسنة والإجماع وذلك لأمور، من أهمها أمران :
ا- المحافظة على الأنساب إذا كان الرجل والمرأة قابلين للإنجاب ، بصلاحية مائه وصلاحية بويضتها، فلا يدرى لمن ينسب المولود ويكون مصيره الضياع ، وقد صح فى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم "الولد للفراش وللعاهر الحجر" .
ب - صيانة الأعراض عن الانتهاك وحماية الحقوق لكل من الرجل والمرأة ، وفى الزنا وقعت المتعة الجنسية بغير الطريق الشرعى الذى يدل عليه قول الله تعالى فى صفات المؤمنين المفلحين {والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} المؤمنون: 5-7 .(20/319)
وتظهر الحكمة الثانية فى تحريم الزنا إذا كان أحد الطرفين غير صالح للإنجاب كما فى الصورة المذكورة فى السؤال ، حيث توقف جسم المرأة عن التبويض فإذا كان مجرد دخول ماء الرجل الغريب عن المرأة فى رحمها حراما فكيف بدخول ماء وبويضة "بويضة ملقحة بمائه" أى دخول جنين أو أصل جنين غريب عنها؟! إن الحرمة تكون من باب أولى .
السؤال الثانى- أصبح من الممكن الآن تلقيح بويضة بحيوان منوى وتجميد هذا الجنين لعدة سنوات حتى تحتاج إليه المرأة فيوضع فى رحمها وتحمل وتلد، ويطرح هذا التطور عدة أسئلة عن حالات واقعية :
أولا: يقوم زوجان بتلقيح بويضة من الزوجة بحيوانات منوية من الزوج قبل إقدام أحدهما على تناول العلاج الكيماوى أو الإشعاعى أو غيرهما من العلاجات التى لا تسمح للزوجين بالإنجاب ، وبعد الانتهاء من العلاج تحمل الزوجة بهذه البويضة الملقحة .
ثانيا : قد يتوفى الزوج أثناء العلاج أو لأى سبب ، فتلقح الزوجة بعد الوفاة بهذه البويضة وتحمل من زوجها الذى توفى .
ثالثا : تتوفى الزوجة فتلقح امرأة أخرى "أم حاضنة" بهذه البويضة فتحمل وتسلم الوليد للزوج .
والجواب :
أولاً: ما دامت الزوجية قائمة فلا مانع من وضع البويضة الملقحة من ماء زوجها فى رحمها وهى صاحبة البويضة، ويكون الجنين الذى حملته ووضعته منسوبا شرعا إلى الزوج والزوجة وهذه الصورة هى من صور التلقيح الصناعي الذي يتم فيه التلقيح بين الماء والبويضة خارج الرحم ، ثم تعاد البويضة إلى الزوجة صاحبتها ، وذلك مشروع لا مانع منه مع اتخاذ الاحتياطيات اللازمة .
ثانيا: إذا توفى الزوج انقطعت العلاقة الزوجية من الناحية الجنسية بالذات بينه وبين زوجته ، ووضع هذه البويضة الملقحة فى رحمها أصبح وضعا لشىء غريب منفصل عنها، فالمرأة صارت غريبة عنه ، ولذلك يحل لها أن تتزوج من غيره بعد الانتهاء من العدة المضروبة لوفاة الزوج ، وهى قبل انتهاء العدة أشبه بالمطلقة طلاقا بائنا، حيث لا يجوز أن تكون بينهما معاشرة زوجية تعتبر رجعة بالفعل فى بعض المذاهب الفقهية، بل لا بد أن يكون ذلك بعقد جديد، وهو فى هذه الصورة غير ممكن لوفاة الزوج ، فلو وضعت المرأة - بعد وفاة الرجل - بويضتها الملقحة منه قبل وفاته فى رحمها وحملت وولدت كان الولد غير منسوب إليه كولد الزنا ، وإنما ينسب إليها هى ، مع حرمة هذه العملية .
ثالثا: إذا توفيت الزوجة فوضعت بويضتها الملقحة من ماء زوجها فى رحم امرأة أخرى التى يطلق عليها اسم "الأم الحاضنة" صاحبة الرحم المؤجَّر كان ذلك حراما ، لما سبق ذكره فى السؤال الأول من أنه زنا، حتى لو سلمت الولد للزوج .
السؤال الثالث : من المعتقد أن الطب الحديث سيتمكن قريبا من تجميد الحيوانات المنوية ، ويطرح البعض فكرة جديدة لتنظيم الحمل ، وبعد الاحتفاظ بهذه الحيوانات المنوية المجمدة للرجل ، ثم تعقيمه بربط الحبل المنوى عنده ، بحيث لا تحتاج(20/320)
زوجته إلى استعمال وسائل منع الحمل مثل الحبوب وغيرها ، فإذا أرادا الإنجاب استعملا بعض الحيوانات المنوية المجمدة ، أى أنه على الرغم من انقطاع قدرة الرجل على الإنجاب من ناحية ، فإنه يحتفظ خارج جسمه برصيد من الحيوانات المنوية المجمدة ، يمكنه من الإنجاب ، حتى لو طلق زوجته وتزوج بأخرى، فما حكم هذه العملية؟ الجواب: يجوز للزوجة فى هذه الحالة عند رغبتها فى الحمل أن تستعمل بعض هذه الحيوانات المجمدة لتحمل بها ، لأنها من ماء زوجها والزوجية قائمة ، ويكون الجنين منسوبا إلى الزوج على الرغم من تعقيمه .
ولو طلق زوجته أو لم يطلقها وتزوج بأخرى ولقَّحها من منيه المجمد كان ذلك جائزا ، وينسب المولود إليه لأنه من مائه ، وكذلك ينسب إلى الزوجة الأخرى شرعا، لأنه من بويضتها الملقحة بماء زوجها . السؤال الرابع : الموقف السابق يطرح نفسه بالنسبة للزوجة وتجميد بويضاتها ، فما حكمه ؟ الجواب: ما دامت البويضة المجمدة هى لزوجته يجوز أن يلقحها بمائه هو ما دامت الزوجية قائمة ، ولو طلقت منه وتزوجت بآخر جاز للزوج الآخر أن يلقح بويضة هذه الزوجة بمائه ، حيث لا يوجد شىء غريب بين الطرفين .
السؤال الخامس - فكرة الأم الحاضنة ، أو الرحم المؤجر، بأن تلقح بويضة من الزوجة بحيوان منوى من الزوج ، ثم تدخل هذه البويضة الملقحة فى رحم امرأة أخرى، ثم تمر بمراحل الحمل حتى تلد فتسلم المولود الى الزوجين الأصليين ، هذه الطريقة يكون فيها المولود حاملا لكل الخصائص الوراثية من الزوجين ، ولا علاقة للأم الحاضنة بالطفل إلا علاقة إنماء الجنين عن طريق دمائها وجسمها، والسؤال هنا: هل يمكن اعتبار الأم الحاضنة أمًا فى الرضاعة ، حيث هناك تشابه كبير بين الحالتين ، فالأم فى الرضاعة ينمى لبنها جسم الطفل كثيرا ، ويحدث رباط عاطفى بينهما؟ وإذا كان ذلك لا يجوز فلماذا مادامت ليست هناك شبهة زنا أو اختلاط فى الأنساب ؟ والجواب: فكرة الأم الحاضنة أو الرحم المؤجر محرمة كما سبق ذكره فى إجابة السؤال الأول ، لأن فيها صورة الزنا ، حيث أدخلت الأم الحاضنة فى رحمها جنينا مكونا من ماء وبويضة ليس لها فيهما شىء .
وقد قرر العلماء أن الحمل من الزنا ينسب لأمه الحامل به لتحقق ولادتها منه ، كما صح فى البخارى ومسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألحق الولد بالأم فى قضية رجل وامرأة تلاعنا فى زمنه ، عندما اتهم الزوج زوجته بأن حملها ليس منه ، ولا ينسب لمن زنى بها عند جمهور الفقهاء .
ومحل ذلك إذا كان للمرأه الزانية اشتراك فى تكوين الجنين عن طريق بويضتها ، وفى صورة الأم الحاضنة ليس لها هذا الاشتراك إذا كانت عقيما لا تفرز بويضات فلا ينسب لها الولد، لكن ينسب لصاحبى البويضة الملقحة ، وإن كان لحملها تأثير أيضا على تكوينه من جهة البيئة التى تربى فيها كما يقول المختصون ، فالولد يتأثر بمؤثرين ، أحدهما الوراثة والثانى البيئة ، كالمرضعة التى ترضع ولد غيرها بلبنها، لأن لها تأثيرا إلى حد ما على الرضيع ، والحامل لجنين غيرها فى بطنها وقد غذته بدمها كما تغذى كل جزء من أجزاء جسمها لا تعدو أن تكون كالمرضعة، وعمل المرضعة مشروع ، غير أن هناك فرقا بينهما ، فالحامل أدخلت رحمها شيئا غريبا(20/321)
عنه كما قدمنا ، فعملها محرم ، والمرضعة عملها حلال ، والولد فى كلتا الحالتين منسوب لأبويه بالأصالة فى تكوينه وبولادة أمه له فى صورة الإرضاع بالاتفاق ، وفى صورة الرحم المؤجر على ما رجحته من الأقوال .
السؤال السادس - إذا كان الرجل متزوجا من زوجتين ، الأولى لا ينتج جسمها بويضات لسبب أو لآخر، أو لا يمكن أن تحمل باستعمال بويضاتها هى، فهل يمكن أن تؤخذ بويضة من الزوجة الثانية تلقح بحيوان منوى من زوج المرأتين ، ثم يوضع الجنين فى رحم الزوجة الأولى لتحمل وتلد ، هل يجوز ذلك ؟ وإذا كان لا يجوز فلماذا ما دام الأب واحدا والعملية كلها تتم داخل إطار علاقة زوجية مشتركة ؟ والجواب: إذا أخذت بويضة الزوجة الثانية الملقحة بمنى زوجها ووضعت بدون إذنها وموافقتها فى رحم ضرتها الأولى كان ذلك حراما ، لأنه اعتداء على حق الغير بدون إذنه ، والكل يعلم ما بين الضرائر من حساسية شديدة ، وأثر ذلك على الأسرة .
وإن كان بإذنها وموافقتها يثار هذا السؤال : لماذا يلجأ الزوج إلى هذه العملية؟ إن كان لمصلحة تعود عليه هو مثل كثرة الإنجاب الحاصل من زوجتين لا من زوجة واحدة فقد يكون ذلك مقبولا إن دعت إليه حاجة أو ضرورة ، مع التأكد من القيام بواجب الرعاية الصحيحة ، ومع ذلك لا أوافق عليه لما سيأتى بعد من العلاقة بين الإخوة الأشقاء والإخوة غير الأشقاء .
وإن كان لمصلحة تعود على الزوجين ، فإن المصلحة العائدة على الزوجة الثانية الصالحة للإنجاب ليست ذات قيمة، بل قد يكون فى ذلك ضرر على أولادها عند تقصير الأب عن الوفاء بحق هذه الكثرة من الأولاد ، أو بضآلة نصيب أولادها من ميراث أبيهم حيث يوزع على عدد كبير من أولاده .
وإذا كانت المصلحة عائدة على الزوجة الأولى التى لا تنجب فإنها تتمثل فى أمرين هامين ، أولهما إرضاء عاطفة الأمومة وعدم الشعور بنقصها بالنسبة لضرتها ،لكنها لا تتحقق إلا إذا كان أولادها ينسبون إليها ، وقد تقرر-كما سبق ذكره- أنها مجرد أم حاضنة وما ينتج منها فهو لزوجها ولضرتها صاحبة البويضة، فإذا عرفت أن من يولد منها فهو لضرتها فلماذا تتعب نفسها بالحمل والوضع دون فائدة لها؟ إذًا ليست هناك مصلحة لها قيمتها من هذه العملية لكلتا الزوجتين ولا يجوز للزوج أبدا أن يجعل ما تلده الزوجة الأولى الحاضنة أولاداً لها، لمعارضته ما سبق ذكره ولأنهم سيكونون بذلك بالنسبة لأولاد الزوجة الثانية صاحبة البويضة إخوة غير أشقاء ، أى إخوة من أب فقط ، وهذا له أثره فى الميراث إذا توفى أحد الإخوة ، فالأخ الشقيق يحجب الأخ لأب ، والحاضنة إذا ماتت لا يحق لها شرعا أن ترث ممن ولدتهم ولا أن يرثوا منها ، فالأمومة النسبية مقطوعة ، وذلك إلى جانب ما يكون بين الأولاد من كل من الزوجتين من حساسيات معروفة لها اثار غير طيبة .
وهنا يمكن أن نقول إن المفاسد المترتبة على هذه العملية أكبر من المصلحة العائدة على الزوج والزوجتين والقاعدة الشرعية تقول :(20/322)
درء المفاسد مقدَّم على جلب ،المصالح . ولهذا أرجح عدم جواز هذه العملية ، وإذا كان للزوج رغبة فى كثره الإنجاب فأمامه الوسائل المشروعة الأخرى، مع مراعاة واجب العدل فى معاملة الزوجات والأولاد .
السؤال السابع - فى الحالة نفسها وهى حالة زوج الاثنتين ، هل يجوز أن تكون إحدى الزوجتين أمًا حاضنة لبويضة ملقحة هى لزوجة الأخرى؟ الجواب: قلنا: إن الأم الحاضنة لا يجوز لها أن تدخل رحمها ماء غير ماء زوجها، وفى الصورة المذكورة وإن كان الماء ماء زوجها فإن للبويضة ليست لها، وعلى فرض التجاوز فى ذلك إذا كانت حضانتها للبويضة بإذن صاحبتها فإن الآثار المترتبة عليها والتى سبق بيانها فى إجابة السؤال السابق تجعلنى أرجح عدم الجواز .
السؤال الثامن - يقوم الأطباء الآن باختيار جنس الجنين عن طريقة دراسة مواصفات الحيوانات المنوية الذكرية والحيوانات المنوية الأنثوية ، وعزل الحيوان المطلوب لتلقيح بويضة الزوجة به ، والسبب فى محاولات تحديد جنس الجنين مسبقا يكون غالبا لأن بعض الأمراض الوراثية لدى الزوجين يتوارثها الذكور فقط ، فيحاول الزوجان تفادى إنجاب الذكور، تفاديا لولادة أطفال معوقين أو مشوهين بدرجة كبيرة ، وفى بعض الأحوال يكون الزوجان قد أنجبا عدة ذكور ويريدان إنجاب أنثى أو العكس ، فيلجآن إلى الطب لإنجاب ما يريدان ، فما هو الحكم فى ذلك ؟ وهل يعتبر تدخلا فى الإرادة الإلهية واعتداء على التوازن البشرى ، أم هو مجرد استغلال لما هو متاح من خلق الله ؟ والجواب: قضية التحكم فى جنس الجنين شغلت العالم قديما وحديثا ، ولهم فى ذلك طرق متعددة وأغراض متنوعة ، والمدار فى الحكم على ذلك هو اتباع النص إن وجد ، فإن لم يوجد كان المدار على معرفة الغاية والوسائل المتبعة لبلوغها ، فيحرِّم الحرام ويحل الحلال من ذلك ، ومعلوم ان الله سبحانه خلق آدم وخلق له حواء ، وذلك من أجل التناسل وعمارة الكون ، والتنوع لابد منه لحركة الحياة ، قال تعالى{ومن كل شىء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون} الذاريات : 49 والتناسب بين نوعى الذكورة والأنوثة مطلوب ، وطغيان أحدهما على الآخر ليس من المصلحة .
والناس من قديم الزمان وقبل مجىء الإسلام يؤثرون الذكر على الأنثى لعوامل تتناسب مع أغراضهم وظروف حياتهم ، ونظرا لما كان عليه العرب قبل الإسلام من تفضيل الذكر على الأنثى وما أدى إليه من وأد البنات وحرمانهن من كثير من الحقوق جاء قول الله تعالى {لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور . أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير} الشورى : 49 ، 50 .
وعلى الرغم من تقرير الإسلام لذلك ما تزال المحاولات جادة فى هذا السبيل ، ويتلخص موقف الدين منها فيما يأتى :
1 - إذا كانت المحاولات يسيطر عليها الغرور بالعلم لحل المشكلات وعدم الإيمان بأن إرادة الله غالبة ، كما هو شأن الماديين ، كانت محرمة باتفاق ، لأنها إن لم تكن كفرا فهى تؤدى إليه .(20/323)
2 - وإذا كانت المحاولات تحت مظلة الإيمان بالله ، واستغلال الفرص المتاحة للخير، لمجرد أنها أسباب ومقدمات ، والآثار والنتائج مرهونة بإرادة الله ، كالتداوى من الأمراض مع الإيمان بأن الشفاء هو من الله - فينظر إلى أمرين ، الأول الهدف والغرض والنية الباعثة على ذلك ، والثانى الأسباب والوسائل التى يتوصل بها إلى تحقيق الأهداف ، ذلك لأن الأعمال بالنيات ، والوسائل تعطى حكم المقاصد ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، واقتصارا على موضوع السؤال نقول :
ا - إذا كان الغرض من هذه العملية تجنُب وراثة بعض الأمراض فى الذكور أو الإناث ، وكان ذلك بطريقة علمية مؤكدة ليس فيها ارتكاب محرَّم فلا أرى مانعا من ذلك ، لأن الوقاية خير من العلاج . والقرآن ينهانا عن الإلقاء بأيدينا إلى التهلكة والحديث يحذرنا من العدوى والتعرض لها ، فلا ندخل بلدا سمعنا أن فيه طاعونا ، ولا نخرج منه إذا وقع ونحن فيه ، وينهانا عن الأكل مع المجذوم ، وعن التعامل مع أى شىء فيه ضرر ، فلا ضرر ولا ضرار فى الإسلام ، إلى غير ذلك من النصوص .
ب - إذا كان الغرض من هذه العملية هو الإكثار من أحد النوعين إلى الحد الذى يختل فيه التوازن ويؤدى إلى ارتكاب الفواحش والمنكرات كالمتعة بين الجنس الواحد ، أو يؤدى إلى إرهاب الغير بكثرة الذكور مثلا، أو إلى استغلال النوع الآخر لأغراض خبيثة كان ذلك حراما لا شك فيه ، ويكفى فى ذلك قول الله تعالى فى حق بعض الكفار المناوئين لدعوة النبى صلى الله عليه وسلم {أن كان ذا مال وبنين . إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطيرالأولين} القلم : 14 ، 15 وما جاء فى قوم لوط ومن يكرهون فتياتهم على البغاء لابتغاء عرض الحياة الدنيا .
ج - وإذا كان من وسائل التحكم فى نوع ،الجنين التعقيم النهائى الذى لا يكون بعده إنجاب كان ذلك محرما ، لأن فيه تعطيلا لقوة لازمة لعمارة الكون ، وتظهر فيه المعارضة لحكم اللّه وتقديره ، ومن أجل ذلك . منع الحديث الذى رواه البخارى وغيره خصاء الرجال من الناس ، وكذلك إذا كان التحكم فى جنس الجنين عن طريق إجهاض الحامل يكون محرما حتى فى أيام الحمل الأولى كما قال به كثير من الفقهاء فالخلاصة أن هذه المحاولات إن كان الغرض منها مشروعا ، وكانت الوسائل مشروعة فلا مانع منها ، وبغير ذلك تكون ممنوعة . السؤال التاسع - هناك طريقة حديثة أخرى تعتبر امتدادًا للطريقة السابقة وتأكيدًا لاحتمالاتها ، ويجرى ذلك بتلقيح عدة بويضات من الزوجة بحيوانات منوية من الزوج ، وتترك هذه فترة لتوالد الخلايا ، ثم تؤخذ عينة منها وتحلل مكوناتها للتعرف على الكروموسومات ، وبذلك يتعرف الطبيب على مواصفات الجنين فى هذه المرحلة المبكرة ، وما إذا كانت ذكرا أو أنثى ، ثم يوضع الجنين المطلوب فى رحم الزوجة لتحمل وتلد، وتترك الأجنَّة الأخرى فتموت ، فهل يعتبر هذا إجهاضا لتلك الأجنة الأخيرة ، رغم أن عمرها يكون عدة ساعات فقط ؟ والجواب: عرَّف العلماء الإجهاض بأنه إنزال الجنين من بطن أمه قبل تمام نموه الطبيعى ، وما دامت هذه البويضات الملقحة لم تكن فى بطن المرأة فلا يصدق على التخلص منها معنى الإجهاض ، وقد جاء ذلك(20/324)
مصرحا به فى بعض أقوالهم ومع ذلك تدخل هذه العملية فى حكم العملية المذكورة فى السؤال السابق ، وهو النظر إلى الغاية والوسيلة
ـــــــــــــــــــ
اغتصاب المرأة وحملها
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
ما حكم الدين فى حمل امرأة مسلمة اغتصبها عدو فى الحرب ، هل يجوز لها أن تسقطه ولمن ينسب هذا الحمل ؟
الجواب
من حملت باغتصاب حملا غير شرعى فهو ابنها ينسب إليها لأنه تكوَّن من بويضتها ، وولدته من بطنها، ولا يجوز نسبته إلى أحد إذا كانت غير متزوجة ، وعليها أن ترعاه رعاية كاملة إذا وضعته ، أما إن كانت متزوجة ولم تكن حاملا وقت الاغتصاب فحملت ، فالولد ولدها أيضا ترعاه بعد الولادة رعاية كاملة .
ولزوجها إن لم يستلحقه أن يتبرأ منه ، وإن كانت حاملة من زوجها الشرعى واغتصبت فالولد ينسب إلى الزوج. لأن الولد للفراش كما ثبت فى الحديث المتفق عليه . وقد قال العلماء فى الحمل غير الشرعى :
لا يجوز إجهاضه ولا التخلص منه بعد نفخ الروح فيه ،أى بعد أربعة أشهر من الحمل ، لأنه نفس بريئة يحرم قتلها بغير حق ، ما لم يكن هناك خطر على الحامل من تمام الحمل ، أما قبل نفخ الروح فيه فهناك وجهات نظر مختلفة للعلماء سبق الكلام عليها فى ص 480 من المجلد الأول من هذه الفتاوى . فبعضهم حرم الإجهاض مطلقا، وبعضهم أباحه مطلقا، وبعضهم كرهه مطلقا، ومنهم من قيد ذلك بعدم وجود العذر .
ومن هنا يجوز لمن حملت من اغتصاب أن تتخلص من الحمل قبل نفخ الروح فيه على رأى من الآراء المذكورة
ـــــــــــــــــــ
المنتقى من فتاوى الفوزان - (ج 69 / ص 32)
202 ـ سائلة تقول : كان لها صديقة متزوجة ولها أطفال وقد حصل منها وهي حامل في شهرها الثالث أو أكثر أن حاولت إسقاط جنينها لكونها تعمل في وظيفة ولا تريد أن يعوقها الحمل عن ذلك فطلبت منها أن ترافقها إلى دكتور، ولكنه اعتذر عن ذلك واتفقت مع الممرضة على أن تدلها على من يعمل لها عملية الإسقاط مقابل إعطاء الممرضة مبلغًا من المال عبارة عن إكرامية - كما يسمونها - فذهبت بها وفعلاً أجريت لها العملية وأسقط جنينها وبعد عدة أشهر من ذلك توفي زوجها ( زوج السائلة ) فهي أولاً تسأل عن حكم إسقاط الجنين لذلك السبب وفي ذلك الشهر(20/325)
من عمره . وثانيًا : عن حكم مرافقتها لصديقتها ومساعدتها على ذلك . فهي تعتقد وكما يقول من حولها من الناس إن وفاة زوجها كان عقابًا لها لمساعدتها في قتل روح . وثالثًا : هل على تلك الممرضة إثم في ذلك الدور الذي قامت به مقابل ما أخذته من مال ؟
يجب على المرأة أن تحترم الجنين وأن تحافظ عليه وأن ترفق به وأن لا تفر من وجود الحمل ووجود الولد لأنه ربما يكون عبدًا صالحًا ينفعها وينفع الله به الأمة والواجب على الممرضة وعلى الأطباء أن ينصحوا هؤلاء النساء اللاتي يردن إسقاط الحمل والإجهاض . عليهم أن ينصحوا بحكم أن الله ائتمنهم على هذه المهنة ( مهنة الطب ) فعليهم أن ينصحوا الحامل في الرفق بحملها والإبقاء عليه ولا يجوز لهم أن يساعدوا على إسقاطه لأنهم إذا فعلوا ذلك اشتركوا في الإثم والعقوبة نسأل الله العافية ولا يجوز لهم أن يقدموا على إجهاض الحمل في مقابل ما يتقاضونه من الطمع، فعليهم أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى وأن يؤدوا مهنة الطب بأمانة وأن ينصحوا للمراجعين .
203 ـ هل هناك أشهر معينة يجوز في حدودها إسقاط الجنين في حال الضرورة مثلاً ؟
الفقهاء قالوا إنه يجوز إلقاء النطفة قبل أربعين يومًا بدواء مباح لكن الحمل مطلوب والنسل مطلوب ولو كان فيه مشقة يقول الله عز وجل : { وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا } [ سورة الأحقاف : آية 15 ] . فالحمل فيه مشقة وفيه أمراض وفيه تعب لهذا عَظُم حق الأم على ولدها لأن الرسول أوصى ببرها ثلاث مرات وأوصى ببر الأب مرة واحدة (19) وما ذلك إلا لما تقاسيه في حملها وولادتها ورضاعها من الأخطار والمشاق . فعليها أن تصبر وأن تتحمل وهي على أجر ربما تكون العاقبة حميدة لها ولمجتمع المسلمين من هذا لمولود فالأولاد مطلوب السعي لحصولهم لما يترتب على وجودهم من مصالح العامة والخاصة .
204 ـ لدينا حامل في الشهر السادس واتضح من خلال الكشف على الجنين أنه مشوه خلقيًا . ويرى الدكتور أنه لا بد من أن ينزل، والأم محتارة وتقول هذا أمر حسب رأي الشرع ؟
لا يجوز إجهاض الجنين خصوصًا بعد نفخ الروح فيه . ولو كان مشوهًا بل يترك أمره إلى الله . لأن في إجهاضه جناية على نفس معصومة بالقتل . ولا يدري فربما يزول تشويهه أو يكون تشويهًا لا يخل بحياته، وقد يكون رأي الطبيب خطأ فليس معصومًا . والحاصل أنه لا يجوز الاعتداء على الجنين وإسقاطه بحجة أنه مشوه - والله أعلم - .
205 ـ هل يجوز إسقاط الحمل في أيامه الأولى ؟
إذا كان الغرض من إسقاط الحمل هو كراهية الحمل وعدم إرادته فهذا لا يجوز . أما إذا كان لضرورة بأن يخشى على حياة الحامل لو بقي وكان في طور النطفة أو العلقة فلا بأس بإسقاطه إذا قرر ذلك هيئة طبية موثوقة .
ـــــــــــــــــــ(20/326)
424- أنا إنسانة مريضة يضيق النفس وقد أجهضت اثنين من الأطفال حسب أمر الطبيب؛ لأنه نصحني معللاً ذلك بأن الأطفال لا يخرجون إلا بعملية، بحكم الأدوية وقوتها على الجنين وبموافقة زوجي أجهضت مرتين هل هذا حرام أو يجب فيه كفارة . أفيدونا مأجورين ؟
أولاً : إجهاض الحمل لا يجوز، فإذا وجد الحمل فإنه يجب المحافظة عليه، ويحرم على الأم أن تضر بهذا الحمل، وأن تضايقه بأي شيء؛ لأنه أمانة أودعها الله في رحمها وله حق فلا يجوز الإساءة إليه أو الإضرار به أو إتلافه، ولا يعتمد في هذا على قول طبيب لأن هذا حكم شرعي، ولا يرجع فيه إلى قول طبيب، والأدلة الشرعية تدل على تحريم الإجهاض وإسقاط الحمل . وأما كونها لا تلد إلا بعملية ليس هذا مسوغًا للإجهاض، فكثير من النساء لا تلد إلا بعملية فهذا ليس عذرًا لإسقاط الحمل، والطبيب بشر يخطئ ويصيب، لا يجوز الاعتماد عليه .
وأما ثانيًا : وهو سؤالها عن الكفارة فإذا كان هذا الحمل قد نفخت فيه الروح وتحرم ثم أجهضته بعد ذلك ومات فإنها تعتبر قد قتلت نفسًا فعليها الكفارة وهي عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله، وذلك إذا مضت له أربعة أشهر، فإنه حينئذ يكون قد نفخت فيه الروح، فإذا أجهضته بعد ذلك وجبت عليها الكفارة كما ذكرنا، فالأمر عظيم لا يجوز التساهل فيه وإذا كانت لا تتحمل الحمل لحالة مرضية فعليها أن تتعاطى من الأدوية ما يمنع الحمل قبل وجوده، كأن تأخذ الحبوب التي تؤخر الحمل عنها فترة حتى تعود إليها صحتها وقوتها .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى قطاع الإفتاء بالكويت - (ج 2 / ص 100)
5/93/79 ... ... ... قتل الجنين المشوه
[517] ... عرض السؤال المقدَّم بواسطة السيد / مانع، ونصه:
... ... امرأة حامل في شهرها السادس ومرض أحد أولادها بالحصبة الألمانية وانتقل الميكروب إلى الأم الحامل، وبفحصها قرر الأطباء أن الميكروب انتقل أيضاً إلى الجنين، كما قرروا أن الجنين المصاب بهذا المرض سيولد مشوهاً، وأشاروا على والديه بإسقاطه. وفعلاً تم إسقاط الجنين بهذا السبب.
... ... فما حكم إسقاط جنين بهذا السبب؟ وهل على والديه دية أو كفارة؟
أو هما معاً؟ وما مقدارهما ؟ ولمن تدفع الدية ؟
* أجابت اللجنة:
... أنه يحرم إسقاط هذا الجنين ولو كان مشوهاً ما دام أنه لا خطر على حياة الأم.
... والغرة على من باشر الإجهاض وهي نصف العشر أي ما يعادل 5% من الدية الكاملة.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى قطاع الإفتاء بالكويت - (ج 2 / ص 188)
بابُ : الإجهاض والحمل
1/23ع/84 ... ... الإجهاض للضرورة
[651] عرض على اللجنة السؤال المقدَّم من / رئيس لجنة خيرية، وهو:(20/327)
... هل يجوز الإجهاض في الحالات التالية:
1 ـ عندما يكون هناك خطر مرض وراثي مع دليل قوي على أن الجنين مصاب به.
2 ـ عندما تكون الأم في حالة خطر سواء من الناحية البدنية أو العقلية.
3 ـ عندما يكون هناك احتمال وجود عيب خًلْقي بالجنين نتيجة لإصابة الأم بمرض أثناء الحمل، مثل الحصبة الألمانية.
4 ـ إذا تم تشخيص عيب خَلْقي بالجنين أثناء الحمل.
5 ـ ... في حالات الحمل الغير شرعي.
6 ـ إذا لم تكن هناك رغبة في الحمل لسبب من الأسباب.
7 ـ عندما تكون المرأة الحامل غير قادرة على رعاية طفلها بسبب خلل عقلي أو عجز عن الحركة.
... ...
301
كتاب الطب / باب الإجهاض والحمل
_________________________________________________________________________________
* أجابت اللجنة:
... يحظر على الطبيب إجهاض امرأة حامل إلاَّ لإنقاذ حياتها، ومع ذلك فإذا لم يكن الحمل قد أتم أربعة أشهر يجوز الإجهاض في الحالتين الآتيتين:
... (أ) إذا كان بقاء الحمل مضراً بصحة الأم ضرراً جسيماً.
... (ب) إذا ثبت أن الجنين سيولد مصاباً على نحو جسيم ـ بتشوه بدني أو قصور عقلي لايرجى البرء منهما، ووافق الزوجان على الإجهاض. والله أعلم.
1/171/81 ... ... الإجهاض قبل أو بعد الأربعين يوماً من الحمل
[652] عرض على اللجنة الاستفتاء الآتي:
... أود إحاطتكم علماً بأن لجنة الشؤون الصحية والاجتماعية والعمل ترغب في الاستفسار من لجنة الإفتاء في وزارتكم، في شأن شرعية إباحة الإجهاض.
* اطلعت اللجنة على المادة المتعلقة بالإجهاض ونصها كما يلي:
... يحظر على الطبيب إجهاض امرأة حامل إلاَّ لإنقاذ حياتها، ومع ذلك إذا لم يكن الحمل قد أتم أربعة أشهر يجوز الإجهاض في الحالتين الآتيتين:
... (أ) إذا كان بقاء الحمل يضر بصحة الأم ضرراً جسيماً.
... (ب) إذا ثبت أن الجنين سيولد مصاباً على نحو جسيم، بتشوه بدني أو قصور عقلي لايرجى البرء منهما، ووافق الزوجان على الإجهاض.
... ويجب أن تُجرى عملية الإجهاض في غير حالات الضرورة العاجلة في مستشفى حكومي، وبقرار من لجنة طبية مشكلة من ثلاثة أطباء اختصاصيين، أحدهم على الأقل متخصص في أمراض النساء والتوليد.
... ويصدر قرار من وزير الصحة العامة بالشروط الواجب توافرها في أعضاء اللجنة الطبية المشار إليها والإجراءات الواجب اتخاذها لإجراء هذه العملية.(20/328)
* وقد استعرضت لجنة الفتوى آراء الفقهاء في هذه المسألة فتبين لها بعد الاستقصاء التام مايلي:
... (أ) الإجهاض بعد نفخ الروح أي بعد مائة وعشرين يوماً من العلوق لانعلم خلافاً في تحريمه، ولكن اللجنة ترى أنه إذا تحقق وجود خطر على حياة الأم فإنه يجوز إجهاضها، لأن في ذلك إنقاذ إحدى الحياتين، إذ لو ترك الجنين فماتت الأم فبموتها يموت الجنين، ولأن حياة الأم حياة تامة مستقلة، بينما حياة الجنين حياةُ تبعية مرتبطة بحياة الأم.
... وليس من الخطر كون الحمل من زنى، وإن خشي عليها القتل من أوليائها، لأن الجنين معصوم الدم، وحياة أمه غير معصومة إن كانت ثيباً، فإن كانت بكراً فهي المخطئة فلا يحمل جنينها خطأها.
... وعلى هذا، فإن ماورد في المادة (12) من هذا المرسوم يلاحظ عليها مايلي:
... 1 ـ إذا كان بقاء الحمل يضر بصحة الأم ضرراً جسيماً، يقيد الضرر بأن يكون مما لايمكن احتماله، أو يدوم بعد الولادة.
... 2 ـ متى تحقق وجود الضرر الذي نصت عليه المادة لايشترط بجواز الإجهاض رضا الزوج، لأنه قد يكون متوفى، أو غائباً أومطلقاً لايحب السلامة لمطلقته.
... 3 ـ ولجنة الفتوى ترى أنه لابد أن يكون أكثر أعضاء اللجنة الطبية المنصوص عليها في هذه المادة ـ من المسلمين ـ الظاهري العدالة، وتشترط موافقتها على القرار، لأنه يترتب على الأخذ بقرارهم بجواز الإجهاض أحكام شرعية كثيرة كانقضاءِ العدة وحرمانِ بعض الورثة أو عدم حرمانهم إلى غير ذلك.
* وبناء على ماتقدم تقترح لجنة الفتوى أن تكون صيغة المادة (12) من هذا القانون كما يلي:
... أولاً: يُحظر على الطبيب إجهاض امرأة حامل أتمت مائة وعشرين يوماً من حين العلوق، إلاَّ لإنقاذ حياتها من خطر محقق من الحمل.
... ثانياً: يجوز الإجهاض برضا الزوجين إن لم يكن تم للحمل أربعون يوما من حين العلوق.
... ثالثاً: إذا تجاوز الحمل أربعين يوماً ولم يتجاوز مائة وعشرين يوماً لايجوز الإجهاض إلاَّ في الحالتين الآتيتين:
... (أ) إذا كان بقاء الحمل يضر بصحة الأم ضرراً جسيماً لايمكن احتماله، أو يدوم بعد الولادة.
... (ب) إذا ثبت أن الجنين سيولد مصاباً على نحو جسيم، بتشوه بدني، أو قصور عقلي لايرجى البرء منهما.
... ويجب أن تُجرى عملية الإجهاض في غير حالات الضرورة العاجلة في مستشفى حكومي، ولا تُجرى فيما بعد الأربعين يوماً إلا بقرار من لجنة طبية، مشكلة من ثلاثة أطباء اختصاصيين، أحدهم على الأقل متخصص في أمراض النساء والتوليد، على أن يوافق على القرار اثنان من الأطباء المسلمين الظاهري العدالة.
... ويصدر قرار من وزير الصحة العامة بالشروط الواجب توافرها في(20/329)
أعضاء اللجنة المشار إليها، والإجراءات الواجب اتخاذها لإجراء هذه العملية. هذا.. وبالله التوفيق. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــ
إسقاط الجنين المريض
[653] عرض السؤال المقدَّم بوساطة السيد/ مانع، ونصه:
... امرأة حامل في شهرها السادس ومرض أحد أولادها بالحصبة الألمانية وانتقل الميكروب إلى الأم الحامل وبفحصها قرر الأطباء أن الميكروب انتقل أيضاً إلى الجنين، كما قرروا أن الجنين المصاب بهذا المرض سيولد مشوهاً، وأشاروا على والديه بإسقاطه. وفعلاً تم إسقاط الجنين بهذا السبب.
... فما حكم إسقاط جنين بهذا السبب؟ وهل على والديه دية أو كفارة؟ أو هما معاً؟ وما مقدارهما؟ ولمن تدفع الدية ؟
* أجابت اللجنة:
... يحرم إسقاط الجنين ولو كان مشوهاً مادام أنه لاخطر على حياة الأم.
... والغرة على من باشر الإجهاض وهي نصف العشر أي مايعادل 5% من الدية الكاملة.
... ويحرم الأب والأم من الميراث لأنهما أذنا في إسقاطه، وينتقل الميراث إلى مَنْ بعدَهما. والله أعلم.
1/23ع/84 ... ... الفحوص الطبية للحامل والمتزوجين
[454] عرض على اللجنة السؤال المقدَّم من/ رئيس لجنة خيرية، وهو:
... يستطيع الطبيب اليوم بإجراء بعض الفحوصات أن يتوقع أو ( يتنبأ) بأن الرجل والمرأة العاقدين العزم على الزواج، لديهم فرصة كبيرة جداً أن ينجبوا أطفالاً مشوهين بأمراض وراثية، في مثل هذه الحالات إذا قاما ( الرجل والمرأة) باستشارة طبيب مسلم، فهل يجوز لهذا الطبيب أن ينصحهما:
... 1 ـ بعدم الزواج؟
... 2 ـ بعدم إنجاب أطفال بل بتبني أطفال؟
... 3 ـ بإسداء النصيحة إلى الزوجة بالإجهاض إذا كان الحمل أقل من 16 أسبوعاً؟
... 4 ـ بإجراء اختبارات خاصة على المرأة في بداية فترة الحمل، للتاكد من وجود أمراض بالجنين أم لا؟ وبناء على النتيجة قد ينصح بالإجهاض مع الوضع في الاعتبار أن بعض هذه الاختبارات في حد ذاتها قد تؤدي إلى الإجهاض.
* أجابت اللجنة:
... يستحب، بل قد يجب في بعض الحالات إخبار الراغبين في الزواج بما تكشف عنه الفحوصات، سواء كان حصول التشويه بالحمل مؤكداً أو محتملاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة). والله أعلم.
307
كتاب الطب / باب الإجهاض والحمل
_________________________________________________________________________________(20/330)
2/97/80 ... ... فحص المعوَّقين ومنعهم من الإنجاب
[655] نظرت اللجنة في الكتاب الوارد من أمانة مجلس الوزراء بخصوص تكوين لجنة من بعض الوزارات لدراسة مشكلة المعوقين، بناء على قرار سابق من مجلس الوزراء وافق فيه على مايلي:
... 1 ـ إجراء فحص طبي على جميع الراغبين في الزواج.
... 2 ـ وضع التشريعات الخاصة بتنظيم حقوق والتزامات المعوقين في الزواج والإنجاب.
... والكتاب محول إلى اللجنة للإفادة عن الحكم الشرعي في ذلك.
* أجابت اللجنة مايلي:
... 1 ـ فيما يتعلق بإجراء الفحص الطبي للراغبين في الزواج فهذا لامانع منه شرعاً.
... 2 ـ فيما يتعلق بزواج المعوقين أو المصابين بأمراض وراثية فالأصل جواز تزويجهم ولاسيما إذا ظهرت عليهم أمارات الشهوة الداعية للتزوج.
... أما مايتعلق بالإنجاب فإنه إذا ثبت يقينا أو ظناً راجحاً أن هناك خطراً بالغاً على الذرية فيجوز منع الإنجاب بوسيلة مأمونة العاقبة. والله أعلم.
1/23ع/84 ... ... منع الحمل للعمل
[656] عرض على اللجنة السؤال المقدَّم من/ رئيس لجنة خيرية، وهو:
... هل يجوز منع الحمل لأسباب مهنية حتى تستطيع الزوجة ( الأم) التفرغ إلى عملها ( وظيفتها)؟
* أجابت اللجنة:
... يجوز اللجوء إلى منع الحمل على النطاق الفردي لأي سبب من الأسباب مالم يكن مؤديا إلى العقم، ومنع الإنجاب نهائياً، ومع ذلك يجوز منع الحمل نهائيا بالتعقيم الجراحي على النطاق الفردي، في حالات الضرورة التي يقدرها الطبيب المسلم الثقة إذا استنفدت كل الوسائل الأخرى. والله أعلم.
4/6ع/84 ... ... استعمال حبوب منع الحمل
[657] عرض على اللجنة السؤال التالي:
... ماهو دور الطبيب المسلم تجاه مريضاته من غير المسلمين وخاصة الغير متزوجات عندما يحضرن لطلب وسائل منع الحمل أو التعقيم، هل تكون لنا نظرة أخرى تجاههن ؟.
* أجابت اللجنة:
... ليس للطبيب المسلم أن يقدم على هذا العمل سواء كانت الطالبة لمنع الحمل مسلمة أو غير مسلمة، لأن في هذا مساعدة على انتشار الفاحشة. والله أعلم.
[658] عرض على اللجنة السؤال التالي:
... هل يسمح الإسلام بالتحكم في الدورة الشهرية باستخدام عقاقير لتناسب ظروف أو مناسبات مختلفة مثل الحج أو قضاء شهر العسل؟
* أجابت اللجنة:(20/331)
... الأصل في ذلك شرعاً أن لا حرج، بشرط أن لايترتب على ذلك ضرر ويعرف ذلك أهل الخبرة. والله أعلم.
4/60/79
[659] عرض سؤال السيد/ محمد،
... والذي يدور حول استعمال حبوب منع الحمل.
* أجابت اللجنة:
... إذا لم يكن هناك خطر من استعمال هذه الحبوب على صحة المرأة فلا بأس من استعمالها لتنظيم النسل لا لمنعه، على ألا يكون الدافع على ذلك خشية الفقر. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى يسألونك - (ج 1 / ص 139)
حكم الإجهاض
تقول السائلة : ما حكم الإجهاض سواء في بداية الحمل أو نهايته وهل فيه كفارة ؟
الجواب : لقد اتفق العلماء على تحريم الإجهاض بعد الشهر الرابع من الحمل أي بعد مضي مائة وعشرين ليلة حيث تنفخ الروح في الجنين لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال :( حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفةً ثم يكون علقةً مثل ذلك ثم يكون مضغةً مثل ذلك ثم يرسل إليه ملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات يكتب رزقه وأجله وعمله وشقيٌ أو سعيد ) رواه البخاري ومسلم .
وأما الإجهاض قبل الأربعة أشهر من مدة الحمل فالصحيح من أقوال العلماء أنه حرامٌ فلا يجوز لامرأة مسلمة أن تجهض مولودها بمجرد ثبوت الحمل إلا في حالةٍ واحدة فقط وهي إذا أخبر الأطباء الثقات أن الحمل يشكل خطراً مؤكداً على حياة الأم فيجوز حينئذٍ الإجهاض حفاظاً على حياة الأم .
وأما في غير هذه الحالة فلا يجوز الإجهاض ، وإذا حدث الإجهاض فإنه يعتبر جريمة موجبة للغرة - وهي دية الجنين - لأنه قتل نفس محرم وتلزم كفارة القتل الخطأ عند بعض أهل العلم .
ولا يجوز الإجهاض حتى لو أثبت الأطباء أن الجنين مشوه لأن ذلك الجنين نفسٌ محرمة ونحن لم نؤمر بقتل المنفس المشوهة أو المعاقة .
وبهذه المناسبة أذكر الأطباء بأن يتقوا الله في النساء وألا يسهلوا لهن عمليات الإجهاض لأن في ذلك فتحاً لباب فسادٍ عريضٍ يعود على المجتمع بالمصائب والويلات .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى يسألونك - (ج 1 / ص 140)
تنظيم النسل
يقول السائل : إنه وزوجته ينظمان النسل وأنهما رزقا ثلاثة أولاد ويريدان الإكتفاء بذلك وعدم الإنجاب مجدداً ، ويسأل عن حكم الشرع في ذلك ؟(20/332)
الجواب : إن المقصود من تنظيم النسل وكما هو مذكورٌ في رسالة السائل هو جعل فترة زمنية بين مولودٍ وآخر ولكن السائل يذكر أنه لا يريد أن ينجب هو وزوجته أكثر من أولادهم الثلاثة أي أنهما يريدان تحديد النسل وقطعه بعد ذلك حيث قال :( النية هي الإكتفاء بما أنعم الله علينا نظراً لظروف الحياة الصعبة وتعقيداتها ) .
ولا بد من التذكير أن من مقاصد الشارع الحكيم الحض على الزواج وإكثار النسل كما ثبت في الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم ( تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة ) رواه أحمد والبهيقي وابن حبان وصححه .
وتحديد النسل أي قطعه نهائياً يتعارض مع ما ذكر ، فلذلك يرى أهل العلم أن قطع النسل حرام شرعاً إلا لضرورة فلا يجوز للمسلم أن يختصي أو أن يستعمل علاجاً لقطع النسل نهائياً .
وأما جعل مدة بين حملٍ وآخر فلا بأس به إذا كان لذلك مسوغات مقبولة شرعاً كالخشية على حياة الأم لأن الحمل المتكرر المتلاحق قد يلحق الأذى والضرر بصحة الأم وهذا فيه حرجٌ ومشقة والشريعة جاءت برفع الحرج والمشقة فلا بأس إذا كان هنالك مدة سنتين أو ثلاث بين كل حمل وآخر .
ومن المسوغات أيضاً الخشية على الأولاد من الناحية الصحية والتربوية حتى يتمكن الزوجان من العناية بأولادهم صحياً وتربوياً فلا بأس بجعل فترةٍ بين كل حملٍ وآخر، فقد جاء في الحديث عن أسامة بن زيد رضي الله عنه :( أن رجلاً جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني أعزل عن امرأتي . فقال صلى الله عليه وسلم ولم تفعل ذلك ؟ قال : شفقاً على ولدها أو على أولادها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو كان ذلك ضاراً لضر فارس والروم ) رواه مسلم .
وبناء على ما تقدم نرى أن السائل يريد قطع النسل نهائياً والإكتفاء بأولاده الثلاثة فهذا عملٌ غير جائز شرعاً لأنه قطع للنسل بدون ضرورة .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى يسألونك - (ج 1 / ص 161)
لا يجوز إسقاط الجنين المعاق
تقول السائلة : إنها حامل في الشهر الخامس وقد قرر الطبيب أن الجنين سيولد معاقاً، فعل يجوز لها إسقاط الحمل ؟
الجواب : لقد اتفق العلماء على عدم حواز الإجهاض بعد الشهر الرابع من الحمل أي بعد مضي مائة وعشرين ليلة حيث تنفخ الروح في الجنين ، لحديث عبد الله بن مسعود : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويأمر بأربع كلمات ، يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ) رواه البخاري ومسلم .
ومن العلماء من حرم الإجهاض قبل الأشهر الأربعة أيضاً ، وهذا هو الحق إن شاء الله ، فلا ينبغي لامرأة مسلمة أن تجهض مولودها إلا إذا ثبت أن هناك خطراً محققاً على حياة الأم ، ويعتبر في تحديد هذا الخطر قول الطبيب الحاذق الثقة .(20/333)
وأما إخبار الطبيب بأن المولود سيكون معاقاً فإن هذا الأمر لا يجيز الإجهاض ، وعلى هذه المرأة أن تصبر وتحتسب .
وإذا وقع الإجهاض منها فإن ذلك يعتبر جريمة موجبة للغرة - وهي دية الجنين - لأنه قتل لنفس محرمة وتلزمها كفارة القتل الخطأ عند بعض أهل العلم .
وينبغي على الأطباء أن يتقوا الله في النساء المسلمات فلا يجوز لهم أن يسهلوا لهن عملية الإجهاض إلا في الحالات التي يتهدد الخطر فيها حياة الأم لأن من شأن عملية الإجهاض فتح باب الفساد على مصراعيه ويلحق أضراراً بالغة في المجتمع المسلم .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى يسألونك - (ج 4 / ص 170)
حكم إسقاط الجنين المشوه
يقول السائل: إن زوجته حامل وقرر الأطباء أن الجنين مشوه ونصحوها بإسقاطه فما الحكم في ذلك ؟
الجواب : ينبغي أن يعلم أولاً حكم الإجهاض وإسقاط الحمل بشكل عام قبل الحديث عن إسقاط الجنين المشوه .
اتفق أهل العلم على تحريم الإجهاض بعد مرور مائة وعشرين يوماً على الحمل لأن الروح تنفخ في الجنين عند مرور تلك المدة على رأي كثير من العلماء لما ثبت في حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق قال :( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث الله ملكاً فيأمر بأربع : برزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح . ) رواه البخاري .
ويستثنى من هذا الحكم حالة واحدة فقط وهي إذا ثبت بتقرير لجنة من الأطباء الثقات أهل الاختصاص أن استمرار الحمل يشكل خطراً مؤكداً على حياة الأم فحينئذ يجوز إسقاط الحمل.
وقد جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ما يلي :
[ إذا كان الحمل قد بلغ مائة وعشرين يوماً لا يجوز إسقاطه ولو كان التشخيص الطبي يفيد أنه مشوه الخلقة إلا إذا ثبت بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين أن بقاء الحمل فيه خطر مؤكد على حياة الأم فعندئذ يجوز إسقاطه سواء كان مشوهاً أم لا دفعاً لأعظم الضررين ] قرارات المجمع الفقهي الإسلامي ص 123 .
وأما الإجهاض قبل مرور مائة وعشرين يوماً على الحمل ففي حكمه خلاف بين العلماء والذي عليه جمهور العلماء هو تحريم الإجهاض بمجرد ثبوت الحمل إلا لعذر شرعي وهذا هو القول المعتمد عند المالكية والإمام الغزالي من الشافعية وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وقول بعض الحنفية والحنابلة وأهل الظاهر .
واختاره كثير من العلماء المعاصرين كالشيوخ محمود شلتوت والقرضاوي والزحيلي وغيرهم . وهذا القول هو الذي أميل إليه وتطمئن إليه نفسي .(20/334)
وأما إسقاط الجنين المشوه فلا بد من إثبات أن الجنين مشوه حقيقة والفحوصات الحالية قد لا تتيح التأكد من التشخيص والتأكد من التشوهات في الأسابيع الأولى للحمل .
أما بعد ستة عشر أسبوعاً من الحمل فإن معظم التشوهات القاتلة في الجنين يمكن تشخيصها فعند ذلك الوقت يمكن تشخيص تشوهات القلب والدماغ وغيرها بصورة واضحة وقاطعة .
والتشوهات الخلقية لدى الجنين يمكن تشخيصها من قبل اختصاصي الأمراض النسائية أو اختصاصي الأشعة التشخيصية عن طريق السونار وغيره .
ويمكن تقسيم التشوهات الخلقية عند الجنين إلى ثلاثة أقسام :
1. تشوهات لا تؤثر على حياة الجنين .
2. تشوهات يمكن للجنين أن يعيش معها بعد الولادة .
وبعض هذه التشوهات يمكن إصلاحها بعد الولادة مثل تشوهات المعدة والأمعاء .
وبعضها قد يتدرج في شدته وفي المدة الزمنية التي يعيشها الطفل بعد الولادة مثل استسقاء الرأس الذي قد يكون بسيطاً أو شديداً يولد معه الطفل حياً ويموت خلال أيام أو أشهر .
والطفل الذي يولد مختل العقل أو لديه شلل جزئي فإنه يمكن أن يعيش وكذلك الطفل الذي يولد بكلية واحدة فهو يعيش بالكلية الأخرى .
3. وهناك تشوهات خطيرة لا يرجى معها للجنيين حياة بعد الولادة فهو سيموت قطعاً عند الولادة أو بعيدها مباشرة . انظر كتاب " قضايا طبية معاصرة في ضوء الشريعة الإسلامية " ص 274-280 .
وينبغي أن يعلم أن ضرر الإجهاض قد يكون أكبر بكثير من الضرر المتوقع لاستمرار الحمل كما يقول الأطباء فالتدخل الطبي المبكر قد تنتج عنه أخطار في بعض الحالات فإذا قارنَّا ووازنا بين نسبة المشاكل التي قد تحدث نتيجة لإنهاء الحمل عند 16-24 أسبوعاً سواءً بالأدوية المعتادة أو بإجراء تنظيفات فإذا قارنها بالمشاكل التي قد تحدث للأم نتيجة لاستمرار الحمل إلى حين الولادة الطبيعية فإننا نجد أن المشاكل المحتملة للأم هي أكثر بكثير منها في حالة التدخل المبكر عنها في الولادات الطبيعية . انظر كتاب " قضايا طبية معاصرة في ضوء الشريعة الإسلامية " ص 275 .
إذا تقرر هذا فإن العلماء قد قرروا جواز إسقاط الجنين المشوه تشويهاً خطيراً قبل مرور مائة وعشرين يوماً على الحمل فقد جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي ما يلي :
[ قبل مرور مائة وعشرين يوماً على الحمل إذا ثبت وتأكد بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين الثقات وبناءً على الفحوص الفنية بالأجهزة والوسائل المختبرية أن الجنين مشوه تشويهاً خطيراً غير قابل للعلاج وأنه إذا بقي وولد في موعده ستكون حياته سيئة وآلاماً عليه وعلى أهله فعندئذٍ يجوز إسقاطه بناءً على طلب الوالدين .(20/335)
والمجلس إذ يقرر ذلك يوصي الأطباء والوالدين بتقوى الله والتثبت في هذا الأمر ] قرارات مجمع الفقه الإسلامي ص 123 .
وأخيراً لا بد من التنبيه على أن بعض النساء قد يبادرن إلى الإجهاض بمجرد أن يقول طبيب واحد إن الجنين مشوه .
وهذا أمر خطير لا يقبل فيه رأي طبيب واحد لأن احتمالات خطأ الطبيب واردة ولا بد من وجود لجنة طبية من ثلاثة أطباء على الأقل من الأطباء الثقات العدول ومن أهل الاختصاص ومن ذوي الخبرة قبل القيام بإسقاط الجنين .
وأخيراً أدعو نقابة الأطباء وغيرها من الجهات الصحية إلى تشكيل لجنة موسعة من الاختصاصيين في الأمراض النسائية والتوليد وغيرهم من ذوي التخصصات المتعلقة بهذه القضية لوضع قواعد وضوابط للحالات التي تعتبر تشوهات خطيرة في الجنين ولا يرجى للجنين معها حياة حتى لا يبقى الأمر خاضعاً لتخمينات بعض الأطباء لما قد يترتب على ذلك من مفاسد وأضرار .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى يسألونك - (ج 4 / ص 173)
لا يجوز استئصال القدرة على الحمل مطلقاً
تقول السائلة : إنها مرضت قبل مدة وراجعت أحد الأطباء فنصحها بإغلاق مواسير الحمل فأغلقتها ثم كتب الله لها الشفاء التام وهي نادمة الآن على إغلاق مواسير الحمل فهل عليها كفّارة ؟
الجواب : لا يجوز شرعاً استئصال القدرة على الإنجاب مطلقاً سواء كان عند الرجل أو المرأة إلا في حالات الضرورة التي يقدرها أهل العلم الثقات من الفقهاء والأطباء .
فلا يجوز إجراء عمليات التعقيم ولا ربط قناتي الرحم أو استعمال أي وسيلة تؤدي إلى ذلك .
ومنع الحمل الدائم من الأمور المحرمة شرعاً كما قلت ويدل على ذلك قوله تعالى :
( وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا) سورة النساء الآيات 117-119 .
قال أهل التفسير إن تغيير خلق الله من تزيين الشيطان ويدخل في ذلك خصاء بني آدم لأنه تغيير لخلق الله .
قال القرطبي :[ وأما الخصاء في الآدمي فمصيبة فإنه إذا خصي بطل قلبه وقوته عكس الحيوان وانقطع نسله المأمور به ثم هذه مثلة وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المثلة ] تفسير القرطبي 5/391 .
وروى البخاري ومسلم عن إسماعيل بن قيس قال عبد الله - ابن مسعود - :( كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس لنا نساء فقلنا ألا نستخصي فنهانا عن ذلك ) .(20/336)
وروى البخاري ومسلم أيضاً عن سعيد بن المسيب أنه سمع سعد بن أبي وقاص يقول أراد عثمان بن مظعون أن يتبتل فنهاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو أجاز ذلك لاختصينا ) .
قال الإمام النووي :[ الاختصاء في الآدمي حرام صغيراً كان أو كبيراً ] شرح النووي على صحيح مسلم 3/526 .
وقال الحافظ ابن حجر :[ وقوله ( فنهانا عن ذلك ) هو نهي تحريم بلا خلاف في بني آدم ] فتح الباري 12/19-20 .
وينبغي أن يعلم أن الوسائل الحديثة لمنع الحمل منعاً نهائياً تقوم مقام الخصاء في الرجل فهي تستأصل القدرة على الإنجاب نهائياً كما أنها تغيير لخلق الله لذلك فإنها تلحق بالخصاء فتكون محرمة .
وقد بحث الفقهاء المعاصرون هذه القضية وقرروا حرمة قطع المقدرة على الإنجاب فقد جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العلم الإسلامي ما يلي :
[ نظراً إلى أن الشريعة الإسلامية تحض على تكثير نسل المسلمين وانتشاره وتعتبر النسل نعمة كبرى ومنة عظيمة منَّ الله بها على عباده وقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ودلت على أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الله تعالى لعباده ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين لتقليل عددهم بصفة عامة وللأمة العربية المسلمة والشعوب المستضعفة بصفة خاصة حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعباد أهلها والتمتع بثروات البلاد الإسلامية وحيث إن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله تعالى وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها .
لذلك كله فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي يقرر بالإجماع أنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق لأن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها أو كان ذلك لأسباب أخرى غير معتبرة شرعياً .
أما تعاطي أسباب منع الحمل أو تأخيره في حالات فردية لضرر محقق ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الجنين فإنه لا مانع من ذلك شرعاً وهكذا إذا كان تأخيره لأسباب أخرى شرعية أو صحية يقرها طبيب مسلم ثقة بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرر المحقق على أمه إذا كان يخشى على حياتها منه بتقرير من يوثق به من الأطباء المسلمين .
أما الدعوة إلى تحديد النسل أو منع الحمل بصفة عامة فلا تجوز شرعاً للأسباب المتقدم ذكرها وأشد من ذلك في الإثم والمنع إلزام الشعوب بذلك وفرضه عليها في الوقت الذي تنفق فيه الأموال الضخمة على سباق التسلح العلمي للسيطرة والتدمير بدلاً من إنفاقه في التنمية الاقتصادية والتعمير وحاجات الشعوب ] قرارات المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي ص 62-63 .(20/337)
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي :[ يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم ما لم تدع إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية .
ويجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل أو إيقافه لمدة معينة من الزمان إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراض بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر وأن تكون الوسيلة مشروعة وأن لا يكون فيها عدوان على حمل قائم ] مجلة المجمع الفقهي العدد 5 جزء1 ص748.
وأخيراً فعلى السائلة أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى توبة صادقة وأن تستغفر وتكثر من عمل الخيرات والطاعات لعل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لها كما وأني أذكر الأطباء أن يتقوا الله سبحانه وتعالى وألا يبيعوا آخرتهم من أجل دراهم معدودة يقبضونها أجرة لأمثال هذه العمليات وهذه المعالجات المحرمة .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى يسألونك - (ج 5 / ص 159)
إصلاح غشاء البكارة
تقول السائلة : إنها شابة في العشرينات من عمرها وأنها قد انحرفت ووقعت في الرذيلة وعاشت عدة سنوات في المنكرات والآن كما تقول فقد رجعت إلى الله وتابت توبة صادقة وتسأل عن حكم إصلاح غشاء البكارة بعملية جراحية لإعادته لوضعه السابق وتسأل عن حكم استعمال العادة السرية ؟
الجواب : إنه لشيء طيب أن يعود الإنسان عن غيه وضلاله وأن يرجع إلى الله سبحانه وتعالى ويتوب توبة صادقة ولكن يجب على الأسرة أن تربي أبناءها على شرع الله وأن تؤدبهم بأدب الإسلام كي تجنبهم الوقوع في الفواحش والمنكرات ابتداءً فأسرة هذه الفتاة التي استمرت في انحرافها لعدة سنوات كما جاء في رسالتها عليها مسؤولية عظيمة لأنها قصرت في ذلك .
وما دام أنها عادت إلى الله وصارت محافظة على الصلاة ولبست الجلباب الشرعي كما قالت فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يقبل توبتها ويغفر لها وأن يثبتها على طاعته وأما بالنسبة للشق الأول من السؤال حول إصلاح البكارة بعملية جراحية فإن إصلاح البكارة يسمى عند العلماء رتق غشاء البكارة أو عملية الرتق العذري ومن المعروف أن البكارة هي الجلدة التي تكون على فرج المرأة وتسمى عذرة ولذا يقال للفتاة البكر عذراء ورتق البكارة معناه إصلاحها وإعادتها لوضعها السابق قبل التمزق .
وهنالك أسباب عديدة لزوال غشاء البكارة منها :
1. الدخول في الزواج .
2. الزنى والاغتصاب .
3. حصول حادثة للفتاة كالقفز مثلاً ونحو ذلك .(20/338)
إذا تقرر هذا فإن هذه المسألة من المسائل الحديثة التي لم يرد فيها نص ولم يتعرض الفقهاء المتقدمون لها لعدم إمكان حصولها في زمانهم وإنما بحثها العلماء المعاصرون على ضوء أحكام الشرع وقواعده العامة .
والذي يظهر لي بعد دراسة أقوال العلماء المعاصرين وما اعتمدوا عليه في هذه المسألة أن عملية الرتق العذري أو إصلاح غشاء البكارة غير جائزة شرعاً ولا يجوز الإقدام عليها لا من الفتاة التي زالت بكارتها بأي سبب من الأسباب ولا من الطبيبة أو الطبيب المعالج لما يلي :
أولاً : إن رتق غشاء البكارة قد يؤدي إلى اختلاط الأنساب فقد تحمل المرأة من الجماع السابق ثم تتزوج بعد رتق غشاء بكارتها وهذا يؤدي إلى إلحاق الحمل بالزوج واختلاط الحلال بالحرام.
ثانياً : إن رتق غشاء البكارة فيه اطلاع على المنكر .
ثالثاً : إن رتق غشاء البكارة يسهل على الفتيات ارتكاب جريمة الزنا لعلمهن بإمكان رتق غشاء البكارة بعد الزنا .
رابعاً : إذا اجتمعت المصالح والمفاسد فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلنا ذلك وإن تعذر درء المفاسد وتحصيل المصالح فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة ولا نبالي بفوات المصلحة كما قرر ذلك فقهاء الإسلام .
وتطبيقاً لهذه القاعدة فإننا إذا نظرنا إلى رتق غشاء البكارة وما يترتب عليه من مفاسد حكمنا بعدم جواز الرتق لعظيم المفاسد المترتبة عليه .
خامسا ً: إن من قواعد الشريعة الإسلامية أن الضرر لا يزال بالضرر ومن فروع هذه القاعدة أنه لا يجوز للإنسان أن يدفع الغرق عن أرضه بإغراق أرض غيره ومثل ذلك لا يجوز للفتاة وأهلها أن يزيلوا الضرر عن الفتاة برتق الغشاء ويلحقونه بالزوج .
سادساً : إن مبدأ رتق غشاء البكارة مبدأ غير شرعي لأنه نوع من الغش والغش محرم شرعاً .
سابعاً : إن رتق غشاء البكارة يفتح أبواب الكذب للفتيات وأهليهن لإخفاء حقيقة سبب زوال البكارة والكذب محرم شرعاً .
ثامناً : إن رتق غشاء البكارة يفتح الباب للأطباء أن يلجأوا إلى إجراء عمليات الأجهاض وإسقاط الأجنة بحجة الستر على الفتيات . أحكام الجراحة الطبية ص 429-430 .
وما يقال من أن الرتق العذري فيه ستر على الفتاة التي أزيلت بكارتها باغتصاب أو إكراه على الزنا والستر مطلوب شرعاً . أبحاث فقهية في قضايا طبية معاصرة ص 229 .
فيجاب عن ذلك بأن الستر الذي ندبت إليه الشريعة الإسلامية هو المحقق لمصالح معتبرة ورتق غشاء البكارة فيه كشف للعورة بدون حاجة وفيه فتح لباب الشر وهو الزنا كما أن الحكم بجواز رتق غشاء البكارة في حالة الزنا الذي لم يشتهر فيه فتح لباب من الشر عظيم والله يأمرنا أن يشهد عذاب الزاني طائفة من المؤمنين نكاية به(20/339)
وتأديباً لغيره من مغبة الوقوع في الفاحشة فجواز هذه الصورة لا يعتبر ستراً بل هو ترك لمبدأ معاقبته وإشعاره بذنبه فرفض الطبيب إجراء هذه العملية فيه ردع للزانية وتأديب لغيرها . الأحكام الطبية المتعلقة بالنساء ص 218 .
ويضاف لذلك أن الستر المطلوب شرعاً هو الذي شهدت له نصوص الشرع باعتبار وسيلته ورتق غشاء البكارة لم يتحقق فيه ذلك بل الأصل حرمته لمكان كشف العورة وفتح باب الفساد . أحكام الجراحة الطبية ص 432 .
وإن القول بجواز هذه العملية يؤدي إلى فتح أبواب الفساد وانتشار الرذيلة وما زعم من مصالح قد تترتب على ذلك إنما هي مصالح وهمية وليست حقيقية كما أن حالات تمزق غشاء البكارة بسبب حادث ما غير الزنا والاغتصاب تعتبر نادرة وقليلة ويمكن إذا حصل ذلك الحصول على تقرير طبي موثق لبيان السبب الحقيقي لزوال غشاء البكارة حتى تكون الفتاة بعيدة عن تهمة الزنا .
وأخيراً فإن على الأطباء المسلمين أن يكونوا دعاة صدق فيرشدوا الفتاة وأهلها إلى عدم إجراء هذه العملية وأخذ تقرير طبي يثبت براءة الفتاة فيكونوا بذلك قد وجهوا الناس إلى الأخذ بالصدق قولاً وفعلاً كما أن على الأطباء أن يرفضوا إجراء هذه العملية لكي يسدوا على المجتمع باب الزنا والتلاعب في الأعراض وأن يحاربوا الكسب غير المشروع بإجراء هذه العمليات مهما تنوعت الأسباب فإذا انتهج الأطباء هذه السبل لمعالجة فقد الفتاة لبكارتها أمكن إقناع الناس بأن فقدها بغير الفاحشة ليس أمراً معيباً ولا يمنع من الزواج منها . الأحكام الطبية المتعلقة بالنساء ص222 .
وأما بالنسبة للشق الثاني من السؤال والمتعلق بالعادة السرية أو الاستمناء فإن هذا الأمر حرام في حق الشاب والفتاة على حد سواء كما هو مذهب جماهير علماء المسلمين ويدل على ذلك قوله تعالى :( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ) سورة المؤمنون الآيات 5-7 ، والعادون هم الظالمون المتجاوزون الحلال إلى الحرام .
وقال تعالى :( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) سورة النور الآية 33.
وقد أرشد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى أنه عند ثوران الشهوة فالمطلوب هو اللجوء إلى تسكينها ويكون ذلك بالزواج إن كان مستطيعاً له وإلا فعلى الإنسان أن يصوم لما للصوم من أثر في تسكين الشهوة فعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) رواه البخاري ومسلم .
فعلى هذه الفتاة السائلة أن تكثر من الصوم وأن تحاول أن تشغل نفسها بالأمور النافعة والمفيدة كتلاوة القرآن ومطالعة الكتب الثقافية وعليها أن تبتعد عن المثيرات بشتى أنواعها وخاصة الأفلام والمسلسلات وأن تحاول أن تنسى الماضي وألا تجلس لوحدها وإنما تختلط مع أسرتها لأن ذلك أصون لها وأبعد عن الشيطان .فتاوى يسألونك - (ج 8 / ص 210)(20/340)
حكم إسقاط الحمل الناتج عن اغتصاب
يقول السائل: ما قولكم فيمن يقول بجواز إسقاط الحمل الناتج عن اغتصاب مهما كان عمر الجنين لأن ذلك من باب الستر على الفتاة البريئة؟
الجواب: لاشك أن الزنا من أفظع الجرائم وتزداد فظاعته في حق الرجل عندما يكون مغتَصِباً، قال الله تعالى: { وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا } سورة الإسراء الآية 32.
والفتاة المغتصبة لا إثم عليها حيث إنها مكرهة لما ورد في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) رواه الطبراني والدارقطني والحاكم بألفاظ مختلفة وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي.
كما أن المكرهة لا حد عليها قال الشيخ ابن قدامة المقدسي:[ ولا حد على مكرهة في قول عامة أهل العلم روي ذلك عن عمر والزهري وقتادة والثوري والشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه مخالفاً وذلك لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( عفي لأمتي عن الخطأ , والنسيان وما استكرهوا عليه ) وعن عبد الجبار بن وائل عن أبيه ( أن امرأة استكرهت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فدرأ عنها الحد ) رواه الأثرم قال : وأتي عمر بإماءٍ من إماء الإمارة , استكرههن غلمان من غلمان الإمارة فضرب الغلمان ولم يضرب الإماء وروى سعيد بإسناده عن طارق بن شهاب : قال : أُتيَ عمر بامرأة قد زنت , فقالت : إني كنت نائمة فلم أستيقظ إلا برجل قد جثم عليَّ فخلى سبيلها ولم يضربها، ولأن هذا شبهة والحدود تدرأ بالشبهات ولا فرق بين الإكراه بالإلجاء وهو أن يغلبها على نفسها وبين الإكراه بالتهديد بالقتل ونحوه ونص عليه أحمد , في راعٍ جاءته امرأة قد عطشت فسألته أن يسقيها , فقال لها : أمكنيني من نفسك قال : هذه مضطرة وقد روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن امرأة استسقت راعياً فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه من نفسها ففعلت , فرفع ذلك إلى عمر فقال لعلي : ما ترى فيها ؟ قال : إنها مضطرة فأعطاها عمر شيئاً وتركها ] المغني 9/59-60 .
إذا تقرر هذا فإن الأصل هو تحريم الإجهاض قبل مرور مئة وعشرين يوماً على الحمل إلا لعذر مشروع على الراجح من أقوال العلماء، وأما بعد مضي مئة وعشرين يوماً على الحمل فقد اتفق أهل العلم على تحريم الإجهاض في هذه الحالة؛ لأن الروح تنفخ في الجنين عند مرور تلك المدة على رأي كثير من العلماء لما ثبت في حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق قال:( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكاً فيأمر بأربع: برزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح . ) رواه البخاري. ويستثنى من هذا الحكم حالة واحدة فقط، وهي إذا ثبت بتقرير لجنة من الأطباء الثقات أهل الاختصاص أن استمرار الحمل يشكل خطراً مؤكداً على حياة الأم فحينئذ يجوز إسقاط الحمل.(20/341)
وقد جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ما يلي:[ إذا كان الحمل قد بلغ مائة وعشرين يوماً لا يجوز إسقاطه ولو كان التشخيص الطبي يفيد أنه مشوه الخلقة إلا إذا ثبت بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين أن بقاء الحمل فيه خطر مؤكد على حياة الأم فعندئذ يجوز إسقاطه سواء كان مشوهاً أم لا دفعاً لأعظم الضررين ] قرارات المجمع الفقهي الإسلامي ص 123.
وجاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية:[ من الضروريات الخمس التي دلّت عليها نصوص الكتاب والسنة دلالة قاطعة على وجوب المحافظة عليها وأجمعت الأمة على لزوم مراعاتها حفظ نفس الإنسان وهو في المرتبة الثانية بعد حفظ الدين سواء كانت النفس حملاً قد نفخ فيه الروح أم كانت مولودة ... فلا يجوز الاعتداء عليها بإجهاض إن كانت حملاً قد نفخ فيه الروح أو بإعطائها أدوية تقضي على حياتها وتجهز عليها، طلباً لراحتها أو راحة من يعولها أو تخليصاً للمجتمع من أرباب الآفات والعاهات والمشوهين والعاطلين، أو غير ذلك مما يدفع بالناس إلى التخلص لعموم قوله تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقّ } وذلك لأن الجنين بعد نفخ الروح أصبح نفساً، يجب صيانتها والمحافظة عليها ].
وأما إسقاط الجنين الناتج عن اغتصاب قبل المئة والعشرين يوماً فله وجه شرعي، وقال به بعض أهل العلم وخاصة إن خشي قتل الأم بسبب الأعراف الاجتماعية والعادات والتقاليد السائدة.
وبناءً على ما تقدم يحرم الإجهاض بعد مرور مئة وعشرين يوماً على الحمل بغض النظر عن سبب الحمل هل الحمل حمل شرعي أم حمل ناتج عن زنا؟ برضاً من المرأة والرجل أو كان نتيجة اغتصاب وإكراه؟ ودعوى جواز الإجهاض لستر الفتاة المغتصبة دعوى غير مقبولة شرعاً لما في ذلك من الاعتداء على نفس معصومة وهي الجنين بعد نفخ الروح فيه فما ذنب هذه النفس لتقتل من أجل دفع العار عن أمه ولا شك أن حفظ النفس مقدم على مسألة الستر المدعاة ومن المعلوم أن الإسلام قد شرع كثيراً من الأحكام الشرعية للمحافظة على الجنين فأجاز للحامل أن تفطر في رمضان إذا خافت على نفسها أو جنينها، فقد ورد في الحديث عن أنس بن مالك - رجل من بني عبد الله بن كعب - - رضي الله عنه - :[ قال أغارت علينا خيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدته يتغدى فقال: ادن فكل. فقلت: إني صائم. فقال: ادن أحدثك عن الصوم أو الصيام إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة وعن الحامل والمرضع الصوم أو الصيام. واللهِ لقد قالهما النبي - صلى الله عليه وسلم - كليهما أو أحدهما فيا لهف نفسي أن أكون طعمت من طعام النبي - صلى الله عليه وسلم - ] رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث أنس بن مالك الكعبي حديث حسن ... والعمل على هذا عند أهل العلم ] عارضة الأحوذي 3/188. وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح، انظر صحيح سنن الترمذي 1/218.
وأجاز الشرع لها أن تؤجل الحج بسبب الحمل وإن حجت فأجاز لها أن تنيب عنها في بعض المناسك كما أن المرأة الحامل من زنا لا يقام عليها الحد حال حملها لما ورد في الحديث عن بريدة - رضي الله عنه - قال:( ... جاءت امرأة من غامد من(20/342)
الأزد فقالت يا رسول الله طهرني فقال ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه فقالت أراك تريد أن ترددني كما رددت ماعز بن مالك قال وما ذاك قالت إنها حبلى من الزنى فقال آنت قالت نعم فقال لها حتى تضعي ما في بطنك قال فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت قال فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال قد وضعت الغامدية فقال إذا لا نرجمها وندع ولدها صغيراً ليس له من يرضعه فقام رجل من الأنصار فقال إليَّ رضاعه يا نبي الله قال فرجمها ) رواه مسلم. قال الإمام النووي:[ قوله:( فقال لها: حتى تضعي ما في بطنك) فيه: أنه لا ترجم الحبلى حتى تضع, سواء كان حملها من زنا أو غيره, وهذا مجمع عليه لئلا يقتل جنينها, وكذا لو كان حدها الجلد وهي حامل لم تجلد بالإجماع حتى تضع] شرح النووي على صحيح مسلم 11/201.
وخلاصة الأمر أن ما ذكر في السؤال من جواز إجهاض الحمل الناتج عن اغتصاب بغض النظر عن عمر الجنين هو رأي غير صحيح ومخالف لما قرره أهل العلم قديماً وحديثاً.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى يسألونك - (ج 9 / ص 190)
الأسرة والمجتمع
تلقيح صناعي محرم
يقول السائل: قام زوجان بعملية تلقيح صناعي لأسباب تتعلق بعدم قدرة الزوجة على الحمل وتمّت زراعة البويضة الملقحة في رحم امرأة أخرى وعمر الجنين الآن خمسة أشهر وقد علما أن هذا العملية حرام شرعاً فما العمل؟ وهل يجوز إجهاض الجنين وإن لم يجهض فلمن ينسب المولود؟ أفيدونا.
الجواب:هذه المسألة من نتائج الحضارة الغربية غير الأخلاقية وتسمى مسألة تأجير الأرحام واتفق فقهاء العصر على تحريمها إلا من شذ فرأى جوازها قياساً على الرضاع أو غير ذلك من الشبهات الزائفة وقد بحثت هذه المسألة من المجامع العلمية والفقهية المعتبرة وكذا بحثها عدد كبير من العلماء المعاصرين وصدرت قرارات وفتاوى عديدة بتحريمها فمن ذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي حيث جاء في قراره ما يلي: بعد استعراضه لموضوع التلقيح الصناعي (أطفال الأنابيب) وذلك بالاطلاع على البحوث المقدمة والاستماع لشرح الخبراء والأطباء وبعد التداول تبين للمجلس:
أن طرق التلقيح الصناعي المعروفة في هذه الأيام هي سبع:
الأولى:أن يجري تلقيح بين نطفة مأخوذة من زوج وبويضة مأخوذة من امرأة ليست زوجته ثم تزرع اللقيحة في رحم زوجته.
الثانية: أن يجري التلقيح بين نطفة رجل غير الزوج وبويضة الزوجة ثم تزرع تلك اللقيحة في رحم الزوجة.
الثالثة: أن يجري تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة متطوعة بحملها.(20/343)
الرابعة: أن يجري تلقيح خارجي بين بذرتي رجل أجنبي وبويضة امرأة أجنبية وتزرع اللقيحة في رحم الزوجة.
الخامسة:أن يجري تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة الأخرى.
السادسة: أن تؤخذ نطفة من زوج وبويضة من زوجته ويتم التلقيح خارجياً ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة.
السابعة: أن تؤخذ بذرة الزوج وتحقن في الموضع المناسب من مهبل زوجته أو رحمها تلقيحاً داخلياً.
وقرر:أن الطرق الخمسة الأولى كلها محرمة شرعاً وممنوعة منعاً باتاً لذاتها أو لما يترتب عليها من اختلاط الأنساب وضياع الأمومة وغير ذلك من المحاذير الشرعية.
أما الطريقان السادس والسابع فقد رأى مجلس المجمع أنه لا حرج من اللجوء إليهما عند الحاجة مع التأكيد على ضرورة أخذ كل الاحتياطيات اللازمة] مجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد3، ج 1، ص 515-516.
وكذلك صدر قرار عن المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي بتحريم الصورة المذكورة في السؤال في دورته المنعقدة عام 1405هـ .
إذا تقرر ذلك فإن تأجير الأرحام من المحرمات لما يترتب عليه من اختلاط الأنساب ولأن المرأة الحاضنة أدخلت إلى بدنها بويضة ملقحة من مني أجنبي عليها وهذا محرم ويمكن تشبيه هذا العمل بالزنا وإن لم يكن زنا حقيقة فهو حرام لا شك فيه وينسب الولد في هذه الحالة للمرأة التي حملت به (المرأة الحاضنة) هذا إذا كانت المرأة الحاضنة غير ذات زوج وأما إن كانت ذات زوج فينسب الولد إلى زوج المرأة الحاضنة ويدل على ذلك ما ورد في الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت:(كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه، قالت: فلما كان عام الفتح أخذه سعد بن أبي وقاص وقال: ابن أخي قد عهد إليَّ فيه فقام عبد بن زمعة فقال: أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه فتساوقا - أي اختصما - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال سعد: يا رسول الله ابن أخي كان قد عهد إليَّ فيه، فقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو لك يا عبد بن زمعة، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الولد للفراش وللعاهر الحجر، ثم قال لسودة بنت زمعة: زوج النبي- صلى الله عليه وسلم - احتجبي منه لما رأى من شبهه بعتبة فما رآها حتى لقي الله) رواه البخاري ومسلم، قال الإمام النووي:(قوله - صلى الله عليه وسلم -:(الولد للفراش وللعاهر الحجر) قال العلماء: العاهر الزاني وعهر زنى وعهرت زنت والعهر الزنا, ومعنى الحجر أي له الخيبة ولا حق له في الولد. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم
-:(الولد للفراش), فمعناه أنه إذا كان للرجل زوجة أو مملوكة صارت فراشاً له فأتت بولد لمدة الإمكان منه لحقه الولد وصار ولداً يجري بينهما التوارث وغيره من(20/344)
أحكام الولادة, سواء كان موافقاً له في الشبه أم مخالفاً) شرح النووي على صحيح مسلم 4/31.
وقال الحافظ ابن عبد البر:[فكانت دعوى سعد سبب البيان من الله عز وجل على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - في أن العاهر لا يلحق به في الإسلام ولد يدعيه من الزنا وأن الولد للفراش على كل حال والفراش النكاح أو ملك اليمين لا غير... أجمع العلماء -لا خلاف بينهم فيما علمته- أنه لا يلحق بأحد ولد يستلحقه إلا من نكاح أو ملك يمين فإذا كان نكاح أو ملك فالولد للفراش على كل حال] الاستذكار 2/167-168.
ولا يجوز أن ينسب الولد للرجل صاحب المني ما دام أن المرأة الحاضنة ذات زوج وأما إذا كانت المرأة الحاضنة لا زوج لها فيصح إلحاق الولد بالرجل صاحب المني إن أقر به وادَّعاه على قول جماعة من أهل العلم.
وأما إجهاض هذا الجنين بعد أن صار عمره خمسة أشهر فهو من المحرمات لأن الأصل هو تحريم الإجهاض بعد مضي مئة وعشرين يوماً على الحمل باتفاق أهل العلم لأن الروح تنفخ في الجنين عند مرور تلك المدة على رأي كثير من العلماء لما ثبت في حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق قال:(إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكاً فيأمر بأربع: برزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح.) رواه البخاري. ويستثنى من هذا الحكم حالة واحدة فقط، وهي إذا ثبت بتقرير لجنة من الأطباء الثقات أهل الاختصاص أن استمرار الحمل يشكل خطراً مؤكداً على حياة الأم فحينئذ يجوز إسقاط الحمل.
وقد جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ما يلي:[إذا كان الحمل قد بلغ مائة وعشرين يوماً لا يجوز إسقاطه ولو كان التشخيص الطبي يفيد أنه مشوه الخلقة إلا إذا ثبت بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين أن بقاء الحمل فيه خطر مؤكد على حياة الأم فعندئذ يجوز إسقاطه سواء كان مشوهاً أم لا دفعاً لأعظم الضررين] قرارات المجمع الفقهي الإسلامي ص 123.
وجاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية ما يلي:[من الضروريات الخمس التي دلّت عليها نصوص الكتاب والسنة دلالة قاطعة على وجوب المحافظة عليها وأجمعت الأمة على لزوم مراعاتها حفظ نفس الإنسان وهو في المرتبة الثانية بعد حفظ الدين سواء كانت النفس حملاً قد نفخ فيه الروح أم كانت مولودة... فلا يجوز الاعتداء عليها بإجهاض إن كانت حملاً قد نفخ فيه الروح أو بإعطائها أدوية تقضي على حياتها وتجهز عليها، طلباً لراحتها أو راحة من يعولها أو تخليصاً للمجتمع من أرباب الآفات والعاهات والمشوهين والعاطلين، أو غير ذلك مما يدفع بالناس إلى التخلص لعموم قوله تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقّ } وذلك لأن الجنين بعد نفخ الروح أصبح نفساً، يجب صيانتها والمحافظة عليها].(20/345)
وخلاصة الأمر أن تأجير الأرحام من المحرمات وأنه شبيه بالزنا وأن الولد ينسب للمرأة الحاضنة إن لم تكن ذات زوج فإن كانت ذات زوج فينسب إلى زوجها فإن ادَّعاه الرجل صاحب النطفة ولم ينازعه أحد في ذلك ألحق به.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الشيخ ابن جبرين - (ج 23 / ص 51)
السؤال:-
تم استئصال ثدي زوجتي الأيسر بمستشفى الرياض المركزي، لوجود سرطان به؛ حيث أجمعت تقارير الأطباء على أن السرطان سوف ينتشر في جسدها في حالة وجود جنبين، وأنها سوف يتوفاها الله بعد حوالي الشهر إذا استمر الحمل بها، ويمكن لسماحتكم الاطلاع على التقارير الطبية اللازمة لإصدار فتواكم بهذا الأمر؟
الجواب:-
لا مانع من الإجهاض إذا كان الأطباء معروفين بالإصابة، وكانوا من المسلمين الموثوقين، ورؤيت علامات تؤكد صحة ما قالوا، فلا بأس، والإجهاض في هذه الحالة فيه إحياؤها، وهو أهم من الجنين الذي قد يهلك معها والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و مقالات ابن باز - (ج 10 / ص 147)
ما حكم الدم إذا أجهضت المرأة هل هو دم نفاس أو له حكم الحيض؟
س : إذا أجهضت المرأة فما حكم الدم هل هو دم نفاس ، أو له حكم الحيض؟
ج : إن كان الإجهاض بعدما تخلق الطفل وبان أنه إنسان ، كان بان الرأس أو اليد ، ولو كان خفيا ، فإنه يكون نفاسا ، وعلى المرأة أن تدع الصلاة والصوم حتى تطهر ، أو تكمل أربعين يوما؛ لأن هذه نهاية النفاس ، وإن طهرت قبل ذلك فعليها : أن تغتسل وتصلي وتصوم ، وتحل لزوجها ، فإن استمر معها الدم تركت الصلاة والصيام ولم تحل لزوجها حتى تكمل الأربعين ، فإذا أكملتها اغتسلت وصامت وصلت وحلت لزوجها ، ولو كان معها الدم؛ لأنه دم فساد حينئذ؛ لأن ما زاد على أربعين يوما يعتبر دم فساد ، تتوضأ منه لكل صلاة ، مع التحفظ منه ، كالمستحاضة ومن به سلس البول .
أما إن كان لم يتخلق ولم يظهر ما يدل على خلق الإنسان فيه ، كأن يكون قطعة لحم ليس فيها خلق إنسان أو مجرد دم ، فإن هذا يعتبر دم فساد ، تصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة وتتحفظ جيدا .
برنامج نور على الدرب ، الشريط رقم ( 67 ) .
من ولدت بعد دخول الوقت هل تقضي صلاتها لذلك الوقت بعد انتهاء النفاس
س : بعض النساء تأتيها الولادة بعد دخول الوقت فهل عليها بعد انتهاء النفاس قضاء الصلاة التي دخل وقتها ولم تقضها؟
ج : ليس عليها قضاؤها إذا كانت لم تفرط ، أما إن كانت أخرتها حتى ضاق الوقت ثم حصلت الولادة فإنها تقضيها بعد الطهر من النفاس ، كالحائض إذا أخرت الصلاة إلى آخر وقتها ، ثم نزل بها الحيض ، فإنها تقضيها بعد الطهر؛ لكونها قد فرطت بتأخيرها .(20/346)
والله ولي التوفيق .
سؤال موجه من ع . س . من الرياض في مجلس سماحته .
ـــــــــــــــــــ
دم الإجهاض
المجيب أ.د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 23/11/1423هـ
السؤال
امرأة أجهضت في الشهر الثاني، هل يعتبر الدم النازل عليها بسبب الإجهاض دم نفاس أم دم استحاضة؟ وماذا يترتب في الحالتين؟ أرجو التفصيل في المسألة وشكراً.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب أن المرأة المسقطة لا تخلو من حالتين:
الحالة الأولى: إذا أسقطت ما تبين فيه خلق إنسان ولو خفياً فإن الدم النازل يعتبر دم نفاس يترتب عليه ترك الصلاة والصيام، بل لا يصح منها ذلك، وتقضي الصيام إذا طهرت.
الحالة الثانية: إذا أسقطت ما لم يتبين فيه خلق إنسان فالدم الذي يصاحبه لا يعتبر دم نفاس، بل هو دم عارض سببه الإسقاط لا يترتب عليه ترك الصلاة والصيام، بل على المسقطة أن تستثفر أي تتحفظ وتتوضأ وتصلي وتصوم كالطاهرات تماماً.
هذا وما ذكرته السائلة من أن الإسقاط كان في الشهر الثاني يدل على أن الجنين لم يتبين فيه خلق إنسان، لا سيما إن كان في أوائل الشهر الثاني، فتكون من الحالة الثانية والتي تقدمت آنفاً والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
المرأة إذا أجهضت في الشهر الثاني ؟
المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصيام/ صيام أهل الأعذار/صوم الحائض والنفساء والجنب
التاريخ 28/10/1422
السؤال
امرأة حامل في الشهر الثاني، أجهضت وأجري لها عملية تنظيف، هل تصوم وتصلي؟ وإذا كان الجواب بـ(لا) فمتى تصلي؟
الجواب
ما دام الإجهاض في الشهر الثاني، فليس لهذه المرأة أحكام النفاس ، بل تجب عليها الصلاة والصيام، والدم نجاسة فتغسل أثره وتتوضأ وتصلي، وإذا شقَّ عليها صلاة كل فريضة في وقتها فلها أن تجمع الظهر والعصر في وقت أحدهما، وأن تجمع(20/347)
المغرب والعشاء في وقت إحداهما ، وإذا شقَّ عليها الصيام بوجود النزيف فلها أن تفطر لمرضها وتقضي، وإذا صامت فصيامها صحيح؛ لأن هذا الدم لا يمنع الصيام.
ـــــــــــــــــــ
العقد على المرأة بعد الإجهاض
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 08/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم
هل يجوز عقد النكاح على امرأة بعد عملية إجهاض غير شرعية مباشرة؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الإجهاض يختلف، فقد يكون نفاساً، وقد يكون غير نفاس، فإذا كان الجنين قد تبيّن فيه خلق الإنسان -ولو خفيفاً- كتخطيط يد، أو رِجل، أو رأس، أو نحو ذلك، فإذا أُسقط، فهذا له حكم النفاس، فتكون خرجت من عدتها، أو من استبرائها.
أما إذا كان الجنين لم يتبيّن فيه خلق الإنسان وأجهض، فإنها حتى الآن لم تخرج من عدتها واستبرائها، فيجب عليها بعد ذلك أن تعتد -إذا كان هذا الوضع في نكاح ونحوه- ثلاث حيض. وأما إن كان زنى، فإنه يجب عليها أن تستبرئ بحيضة.
وعلى هذا يأتي حكم النكاح، فإن كان النكاح أتى بعد إجهاض يعتبر نفاساً، يترتب عليه أحكام النفاس، فهذا النكاح صحيح، وإن كان أتى بعد إجهاض لا يعتبر نفاساً، فإنه لا يصح النكاح، حتى تنتهي العدة أو الاستبراء. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
زواج الزاني من المزني بها
المجيب د. عبدالله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية
التاريخ 25/2/1423
السؤال
السؤال: تعرفت على فتاة وحدث بيني وبينها اتصال وحملت مني، فعقدت عليها، وبعد العقد قمت بالذهاب بها لطبيب، وقام هذا الطبيب بإجهاض الحمل حيث كانت حاملاً في الشهر الرابع أو الخامس، وبعد الإجهاض بسنة أعلنت الزواج منها، ورزقني الله منها أولاداً. أرجو أن تنبهوني ماذا أفعل؟
الجواب(20/348)
أولاً: زواج الزاني من المزني بها فيه خلاف بين أهل العلم على قولين: أرجحها أنه لا يجوز إلا أن يتوبا من هذه الفعلة الشنيعة، كما هو ظاهر القرآن الكريم قال -تعالى- :" الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" [النور:24].
ثانياً: أن الزاني والزانية لو تابا من الفاحشة وأحبّا أن يتزوجا فإن أهل العلم اشترطوا ألا يكون ثمَّ حمل من الزنى، بمعنى أنه لا بد من استبراء الزانية بحيضة يُعلم بها طهارة رحمها؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:" لا يحل لامرئٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره" رواه أبو داود (2158) من حديث رويفع بن ثابت الأنصاري. والولد من الزنا لا ينتسب إلى أبيه شرعاً.
والعقد بهذا يكون عند الجمهور باطلاً، وحينئذٍ يجب عليكما أن تجدّدا العقد بينكما، والعقد السابق تكون آثاره من انتساب الولد والذرية صحيحاً؛ لأن الموطوءة بشبهة حكم آثارها كحكم الموطوءة بعقد صحيح عند أهل العلم.
وعليه فأولاد المرأة هم أولادك شرعاً وديانةً وقضاءً، إلا أنه يجب عليك من حين العلم أن تجدد عقدك السابق؛ لأنك عقدت عليها ولمّا تعتد المرأة؛ لقوله -تعالى-: " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله" [البقرة:235] وهي العدة.
ثالثاً: إجهاض الجنين بعدما يتخلّق في بطن أمه وبعد نفخ الروح فيه محرم بإجماع أهل العلم؛ لأن الجنين أصبح نفساً، وقد قال -تعالى- :" ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق" [الأنعام:151] ويجب على الزوجة وعلى المسقط عتق رقبة كفارة لقتل الخطأ، فإن لم يجدا فصيام شهرين متتابعين لآية القتل الخطأ المذكورة في سورة النساء.
وكذلك يجب على المسقط أيضاً غرة (عبد أو وليدة) أو نصف عشر الدية، وهي خمس من الإبل أو خمسون ديناراً، وهذا مذهب الأئمة الأربعة -رحمهم الله- أو ما يعادلها من النقود الورقية.
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض بعد خمسة أشهر
المجيب أ.د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 7/6/1424هـ
السؤال
سؤالي هو: أن زوجتي كانت حاملاً في شهرها الخامس، وتعرضت إلى سقطة -الله يكرمكم- في الحمام، ترتب عليها بعد يومين نزيف متقطع ويومي، وبعد مراجعة الطبيب أفاد بأن الجنين في حالة غير طبيعية، وربما يتشوه، وعند سؤال الدكتور عن مقدرته لعمل عملية إجهاض لتفادي الموقف رفض الطبيب المعالج عمل ذلك، وتم إجراء عملية الإجهاض في مكان آخر، وأسباب رفض الطبيب مع تأكيده بأن الجنين في حالة غير سوية، إلا أنه رفض بقوله: إن الإجهاض حرام لأن الجنين في الشهر الخامس، أرجو من سعادتكم الإفادة جزاكم الله خيراً.(20/349)
الجواب
الحمد لله وحده، - والصلاة والسلام - على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب أنه لا يجوز إجهاض الجنين في أي طور من أطواره، وإجهاضه بعد أربعة أشهر، أو أكثر تعتبر جناية عليه، لأنه قد تم نفخ الروح فيه، كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، انظر مثلاً ما رواه البخاري (3208)، ومسلم (2643) من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- هذا وما قاله الطبيب بتحريم الإجهاض، لا سيما وأن الجنين في الشهر الخامس، وامتناعه عن الإجهاض هو عين الحق وفقه الله.
هذا وعلى الجاني على الجنين بالإجهاض، أو المتسبب لذلك التوبة إلى الله تعالى، والندم على ما فات وعدم العودة لمثل هذا، وعليه أيضاً دية الجنين ذكراً كان أو أنثى، وهي غرة عبد أو أمة أي ما يساوي عشر دية أمة؛ خمس من الإبل، تقارب قيمتها ستة آلاف ريال سعودي، تدفع لورثة الجنين، ولا يرث منها الجاني ولا المتسبب شيئاً إن كانا من ورثته، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض ومرض التلاسيميا
المجيب أ.د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 18/3/1424هـ
السؤال
أنا رجل متزوج وعندي طفلان أحدهما يعاني من مرض التلاسيميا، والآخر حامل له،
الطفل المصاب بهذا المرض يحدث له انخفاض في نسبة الدم ناتج عن تكسر كريات الدم الحمراء، مما يضطر الطفل المريض أن يأخذ وحدة دم كل 3 أسابيع لتعويض النقص، ونتيجة لأخذ الدم المتكرر يحدث ارتفاع في نسبة الحديد في الدم، فيحتاج المريض إلى أخذ إبرة تحت الجلد يومياً لتذويب الحديد تبقى هذه الإبرة مركبة لمدة ست ساعات يومياً على جهاز خاص، والمصاب بهذا المرض يبقى على هذه الحالة إلى ما شاء الله فليس هناك علاج لهذه الحالة، ولتجنب حدوث ولادة طفل مصاب بهذا المرض يجرى فحص أثناء الحمل تظهر نتيجته بعد80 يوماً من الحمل، السؤال هو:هل يجوز الإجهاض بعد 80 يوماً إذا تبين أن الجنين مصاب بهذا المرض؟
وهل علي من إثم إذا ما منعت زوجتي من الحمل؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:(20/350)
أما السؤال الأول: فنقول اتفق علماء الأمة الإسلامية على تحريم الإسقاط بعد نفخ الروح، إلا بضرورة قصوى كخوف هلاك الأم، كما اتفقوا على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر من الحمل، أما الإسقاط قبل نفخ الروح فمحل خلاف بين أهل العلم، والراجح في نظري عدم جوازه في جميع أطوار الجنين، ما لم يكن هناك سبب قوي يقتضي إسقاطه، هذا وأرى جواز الإسقاط قبل أربعة أشهر أي: قبل نفخ الروح إذا تبين أن الجنين مصاب بالمرض المذكور في السؤال أو نحوه إذا وافقت الأم على ذلك وذلك للحاجة الملحة، لا سيما وأن من العلماء من أجاز الإسقاط مطلقاً قبل نفخ الروح وهم جمهور الحنفية "ينظر حاشية ابن عابدين ج3 ص176"، لكنني كما سبق أرى عدم جواز الإسقاط في كل مراحل الجنين بدون سبب قوي، وإنما رأيت الجواز للسبب الذي ذكره السائل لا مطلقاً، أما الجواب عن السؤال الثاني وهو: هل علي من إثم إذا منعت زوجتي من الحمل؟ فنقول: يجوز استعمال ما يمنع الحمل لا ما يقطعه، لا سيما مع السبب الذي ذكر في السؤال الأول، وقد أجاز جمهور العلماء من الصحابة -رضي الله عنهم- ومن بعدهم العزل، وهو النزع بعد الإيلاج أثناء مجامعة الرجل للمرأة قرب الإنزال، مستدلين بما جاء في الصحيحين عند البخاري (5209)، ومسلم (1440)، عن جابر - رضي الله عنه- قال: كنا نعزل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والقرآن ينزل"، ولما رواه مسلم وغيره عن جابر -رضي الله عنه- قال: كنا نعزل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبلغ ذلك نبي الله فلم ينهنا، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
كفارة الإجهاض
المجيب أ.د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 16/12/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ لدي سؤال أود طرحه وهو أنني، قبل عدة شهور أسقطت الحمل بناء على رغبة مني ولكنني تبت إلى الله واستغفرت لذنبي وبعد شهور أخذت تراودني أحلام أنه يخرج من بطني خرز ملون، وشرائح لحم وخيوط وأنا الآن خائفة من هذه الأحلام فما رأي فضيلتكم هل هذه الأحلام قد تكون سحراً أو لأنني أسقطت الجنين أفتوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فالاعتداء على الجنين جريمة عظيمة أدخلها بعض أهل العلم في الوأد الذي قال الله فيه "وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت" [التكوير: 8-9].
وعلى كل فالسائلة عرفت والحمد لله أن هذا لا يجوز وقد ذكرت أنها تابت من ذنبها واستغفرت وهذا شيء طيب تشكر عليه.(20/351)
لكن ليعلم أنه لا تكفي التوبة في هذا بل لابد من دفع دية الجنين وهي يسيرة والحمد لله فهي غرة عبد أو أمة لما روى البخاري (5758) في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو أمة، والغرة قيمتها خمس من الإبل روى ذلك عن عمر وزيد - رضي الله عنهما - فعلى الأم التي أسقطت جنينها بل ولو تسببت كشرب دواء ونحوه فعليها دفع تلك الدية التي هي خمس من الإبل لورثته ما عداها فلا ترث هي منها شيئاً وقد جاء في منار السبيل في شرح الدليل ما نصه (وإن شربت الحامل دواءً فألقت جنينا فعليها غرة لا ترث منها بلا خلاف قاله في الشرح. هذا وما ذكرته السائلة من وجود أحلام مزعجة هذه ليست سحراً وستذهب إن شاء الله تعالى بعد دفع الدية المذكورة والتوبة إلى الله تعالى وعدم العودة لمثل هذا والندم على ما فات والتوكل على الله، فالله سبحانه مع التوبة الصادقة يغفر الذنوب جميعاً. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـــــــــــــــــــ
عزمت على الطلاق فهل يجوز لها الإجهاض؟!
المجيب د. راشد بن مفرح الشهري
القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 25/11/1424هـ
السؤال
أنا امرأة متزوجة منذ ثلاث سنوات، من رجل ظننته صالحاً وتقياً، كنت أحسبه كذلك، وفي يوم فوجئت بوجود محادثات جنسية بين زوجي وبين فتيات كافرات أوروبيات على النت! وكانت مفاجأتي كبيرة لما رأيت...، وحيث إني كنت متغيبة عن البلد (أي بعيدة عنه) لمدة شهر ونصف، لا أعلم لأي حدٍّ امتدت هذه العلاقات، ولكني قد طلبت الطلاق، وأثناء تدخل الأهل لإصلاح البين، فوجئت بأني حامل، كما فوجئت بأن زوجي لم يترك أو يقطع هذه العلاقات بعد!
سؤالي: ما حكم طلبي للطلاق هنا؟ وهل يعتبر طلب طلاق بدون سبب؟ حيث إني أشعر بأني لا أحترمه، وأصبحت أنظر إليه باحتقار شديد،
وسؤالي الثاني: ما حكم الإجهاض في هذه الحالة؟ علما بأن عمر الجنين 3 أسابيع فقط، أفيدوني في أقرب وقت؛ لحاجتي الشديدة لمعرفة الإجابة في أقرب وقت ممكن - جزاكم الله عنا كل الخير - والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد..
أما جواب السؤال الأول فإذا كان كره المرأة زوجها لما رأت منه، وطلبها الطلاق لأجل هذا السبب، فإن طلب الطلاق جائز في هذه الحالة، ولكن أفضل منه نصحه، ووعظه ودعاء الله له بالهداية؛ علَّ الله أن يرحمهما بتوبة هذا الرجل، ولا ينطبق عليها قوله - صلى الله عليه وسلم- "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما(20/352)
بأس فحرام عليها رائحة الجنة" رواه أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجة (2055) من حديث ثوبان -رضي الله عنه-.
أما جواب السؤال الثاني: فلا يجوز الإجهاض في هذه الحالة، وتستعين بالله، وتحاول استصلاح زوجها، أسأل الله أن يصلح حالهما، ولتعلم الأخت الكريمة أن النساء فتنة، وأن عليها إعانة زوجها وإبعاده عن مواطن الريب، ووسائل الإثارة، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، إنه سميع مجيب.
ـــــــــــــــــــ
هل يجوز الإجهاض في هذه الحالة؟
المجيب أ.د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 01/04/1426هـ
السؤال
حملت زوجتي بولدنا الأول بعد فترة وجيزة من الزواج, وبعد ستة أشهر من هذا الحمل تبين أن الجنين يعاني من استسقاء في الدماغ: أي أن حجم قشرة الدماغ صغيرة جداً، مقارنة بحجم تجويف الجمجمة، وباقي الجمجمة مليئة بالسائل الدماغي الشوكي، وجاء المولود -والحمد لله- كما هو متوقع طبياً يعاني من المشكلة، بالإضافة إلى صغر في الحجم، إذ إن عمره الآن ثلاث سنوات، ووزنه 4كيلو ونصف، وكذلك يعاني من شلل رباعي، ولا يملك التحكم في العضلات الإرادية أبداً، حتى إنه لا يملك أن يجلس أو أن يسند رأسه ولو لثوانٍ، وكذلك تأتيه التشنجات باستمرار، فهو بحاجة إلى المهدئات باستمرار، علاوة على أن التطور العقلي معدوم طبعاً، وقد أخبرنا الأطباء عند ولادته -حسب ما يتوفر لهم من معلومات، بعد فحص الطفل وفحصي ووالدته- أن الأمر لن يتكرر في الأحمال اللاحقة بإذن الله، وبالفعل جاء الولد الثاني بدون مشاكل والحمد لله. والآن زوجتي حامل -من فضل الله- في شهرها الخامس، وعند الفحص الدوري لها تبين أن المولود القادم لديه نفس مشكلة الولد الأول، بالرغم من أن الفحوصات الأولية لم يكن بها أية مشكلة.
والسؤال هو أولاً: هل يجوز الإجهاض في هذه الحالة، علماً أن الجنين في شهره الخامس، ولا يشكل أي خطر على حياة زوجتي؟.
ثانياً: هل يجوز أن نتوقف عن الإنجاب، أم في هذا معصية لله والعياذ بالله؟. علماً أني وزوجتي نطرح هذه التساؤلات طلباً في معرفة ما يرضي الله -تبارك وتعالى- ليس تذمراً أو اعتراضاً على حكمه تبارك وتعالى. وجزاكم الله خيراً، ولا تنسونا من الدعاء.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب: أرى عدم جواز إجهاض الجنين في الحالة التي ذكرها السائل، ما دام أنه في شهره الخامس؛ لأنه قد نفخ فيه الروح، فالاعتداء عليه اعتداء على نفس كائنة(20/353)
حية لها حرمتها، ولا يجوز -في قول جمهور العلماء- إسقاط الجنين بعد نفخ الروح فيه إلا في حالة كونه يشكل خطراً على حياة أمه، وقد ذكر السائل أنه لا يشكل أي خطر على حياة أمه، وبناءً على هذا فإنني أنصح بعدم التعرض للجنين، خاصة بعد نفخ الروح فيه مهما كانت البواعث والدوافع للإسقاط، ما عدا الحالة السابقة الذكر، وهو كونه يشكل خطراً على الأم، هذا وقد يخرج سليماً، وقد يشفيه الله -تعالى- بعد ولادته، ومن يتوكل رعايته والعناية به له أجر عظيم عند الله تعالى إذا احتسب ذلك.
أما السؤال عن حكم التوقف عن الإنجاب فنقول: الشرع الحكيم قد حث على الإنجاب، فقد روى ابن حبان في صحيحه (4028)، وأحمد (12613)، والطبراني (5099) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة".
وبناءً على هذا فلا ينبغي لكما التوقف عن الإنجاب مطلقاً، لكن يجوز تنظيم النسل باستعمال دواء أو مانع للحمل لفترة، كسنة أو سنين أو حسب ما تقتضيه الحاجة. وفق الله الجميع لكل خير، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
أجهضت في الشهر الأول فهل يلزمها شيء غير التوبة؟
المجيب د. إبراهيم بن محمد قاسم رحيم
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 13/06/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا متزوجة، وأعترف بأنني ارتكبت جرماً كبيراً في حياتي بسبب عملية الإجهاض، أرجوكم ساعدوني كيف أكفِّر عن ذنبي؟ فالإجهاض كان في الشهر الأول من الحمل، ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم هو تحريم الإجهاض منذ اللحظة الأولى، وأن تحريم الإجهاض يتدرج بتدرج الجنين في مراحل الحمل، فتحريمه في المراحل الأولى أخف، وما دام أن الأمر قد وقع فالحكم يتجه إلى ما يترتب على الفعل، فأما الكفارة فلا تجب إلا فيما نفخت فيه الروح، وهذا لا يكون إلا بعد أربعة أشهر، وأما الغرة فإن الراجح وجوبها فيما تبين فيه شيء ظاهر من خلق الإنسان، وفي الشهر الأول، وإن كان التخطيط قد بدأ إلا أنه خفي فلا يترتب عليه شيء.
يتلخص من هذا أنه لا يجب بما أقدمت عليه سوى التوبة والاستغفار، والندم على ما حصل، وإن تصدقت بشيء من باب التقرب إلى الله فهو من تمام التوبة. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض لإعاقة الجنين
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ(20/354)
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 07/10/1425هـ
السؤال
عندما كنت حاملاً في الشهر الخامس، أخبرني الأطباء الأمريكيون أن علي التخلص من المولود؛ بسبب أنه مصاب بمشاكل عقلية، وسيكون معاقًا، ولن يعيش طويلاً، أنا لم أقبل ذلك، لكن زوجي وافق، ولم أكن أعرف أن علي استشارة طبيب مسلم، لكن لم يكن هناك أي طبيب مسلم، ماذا علي بعد أن تم إسقاط الجنين؟ علمًا بأن الأطباء كانوا متيقنين تمامًا من وجوب إخراج الجنين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ما حدث لا يمكن لتسويغه؛ لأن التشوهات العقلية والبدنية التي تصيب الأجنة لا يمكن الجزم بها إلا بعد مرور مدة ينفخ فيها الروح في الجنين، فيكون هنا فوق اعتبار الضرورة، ثم إن الأمر لا يصل إلى حد القطع واليقين، بل كما اتفق الأطباء لا يعدو أن تكون تخمينات وتوقعات بناء على مؤشرات أو مقدمات، وكم من الوقائع التي أخبر الأطباء بمثل هذا الأمر، وصبرت الأم، ولم تلتفت إلى ذلك، فكان جنينًا سليمًا معافى. وثمة أمر ثالث وهو أنه مع تطور التقنية الحديثة أمكن معالجة بعض أنواع التشوهات، في بطن الأم بعد أن تم اكتشافها، ويبقى أن في إجهاض الأجنة المشوهة اعتراضًا على قدر الله وحكمه، وهذا الحكم هو ما توصل إليه المجمع الفقهي، كما في قرارات المجمع رقم: (123)، وعليه فإن ما أقدمت عليه الأخت خطأ عظيم، ولا يؤثر في الحكم استشارة أطباء مسلمين؛ لأن الحكم فيها كما سبق، وما دام الأمر قد تم، فإن الواجب في الجنين دية كاملة إذا ثبتت حياة الجنين حال إجهاضه، ويختلف فيها الذكر عن الأنثى، وتقع مسؤوليتها على الأب لموافقته على ذلك، وإن كانت الموافقة صحبها شيء من الضغوط أو الإكراه، فهي مسؤولية كاملة عليه، وإلا فتشاركه الأم، وإن كان الجنين لم تثبت حياته حين الإجهاض فيجب فيه غرة، تقدر بعشر دية الأم، أو نصف عشر دية الأب. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
السقط بعد أربعة أسابيع
المجيب هاني بن عبدالله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 7/3/1425هـ
السؤال
انقطعتْ عني الدورة في شهر 12، وتم التحليل في نهاية شهر واحد، وظهر موجباً، أي أني حامل، عندها منعتني الطبيبة من الجماع؛ وقاية من الإجهاض، فعند ذهابي إلى البيت طلب مني زوجي مجامعته، رضخت لكلامه مع الحرص بعدم الحركة حتى لا يكون الضرر، ولكن بمجرد الانتهاء زاد الدم، زادت كمية العلاج والإبر،(20/355)
وألزمتني براحة، بعدها تم الكشف مرة أخرى، فُوجِدَ الكيس لم يكبر وأخذ بالانكماش، فقالت: إما أن يكون مات أو سقط أثناء نزول الدم، علماً بأنه لم يتجاوز عمره أربعة أسابيع، والوقت من آخر دورة حتى نزوله ثلاثة أشهر. هل أكون قد تعمدت إنزاله أنا وزوجي وعليَّ صيام شهرين أم ماذا؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا كان الإجهاض قبل مرور أربعة أشهر على الحمل فلا يكون إسقاطه قتلاً تجب فيه الكفارة؛ لأنه لم ينفخ فيه الروح، كما فهم ذلك أهل العلم؛ إذ نقل النووي وابن حجر اتفاق العلماء على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر، فتح الباري(11/490)، وروى ذلك صريحاً عن الصحابة - رضي الله عنهم- كما قاله ابن رجب في جامع العلوم والحكم" (ص51)، ويدل له حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- المرفوع: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح" متفق عليه عند البخاري (3208)، ومسلم (2643).
وحيث إنه سقط خلال الأربعين يوماً الأولى فهو في طور النطفة، وهي يجوز إلقاؤها عند الجماع بالعزل، ولذا فإنه ليس عليك ولا على زوجك كفارة. والله الموفق والهادي.
ـــــــــــــــــــ
متزوجة زنت فلمن حملها؟
المجيب أ.د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 21/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أريد أن أسأل إذا كانت المرأة حاملاً وهي متزوجة، ولكنها زنت وليست متأكدة من الطفل أنه ابن زوجها، فهل إذا أجهضت يكون حراماً؟ أما إذا بقيت على الحمل وهي لا تعرف ممن فهل هذا إثم أكبر؟.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب أن الإجهاض لا يجوز بأي حال من الأحوال ولو كان الحمل من الزنا، هذا والولد يلحق بالزوج، لما جاء في الصحيحين البخاري (6818)، ومسلم (1458)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" ، أي الولد للزوج وللزاني الرجم.
هذا وليعلم أن المسألة ليست مقتصرة على ما نصت عليه السائلة من حكم الإجهاض، إذ على كل من الزاني والزانية إذا ثبت زناهما بشهادة أو إقرار حد(20/356)
الزنا، الذي هو للمتزوج الرجم حتى الموت، وللبكر غير المتزوج جلد مائة وتغريب عام، ثم إن على زوج هذه المرأة التي لا تمتنع عن الزنا أن يفارقها، قال تعالى: "الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" [النور:3]، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض خوفاً من الفضيحة
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/الجنايات
التاريخ 02/05/1425هـ
السؤال
لي أخ يدرس في إحدى الدول الغربية، المهم أن أخي تلقى اتصالا من زوجته تخبره بأن ابنة خالها حملت سفاحاً، بعد أن تعرضت لعملية اغتصاب من قبل مديرها في العمل، وحملت من جراء هذا الفعل الشنيع (هذا ما قالته البنت الحامل والله أعلم)، لذلك -وخوفاً من الفضيحة وطلب الستر- طلبت منه زوجته أن ترافق أباها بعد إلحاح منه، والبنت الحامل للسفر لإحدى الدول لإجراء عملية إجهاض، قبل أن تصبح فضيحة، ويصل الخبر إلى أهل البنت الحامل، وربما يؤدي ذلك إلى قتلها.
سؤالي: هل هذه تعتبر جريمة إزهاق روح؟ وهل يعتبر هو مؤاخذ عندما سمح لزوجته بالرضوخ لطلب والديها؟ وهل زوجته تعتبر مؤاخذة في هذا الفعل؟ والقصد كل القصد الستر.
أفيدونا -جزاكم الله خير الجزاء-، ووفقكم لما فيه خير وصالح هذه الأمة.
ملاحظة... لا أحد يعلم بالموضوع سوى أخي وزوجته وأبي الزوجة والبنت المعنية بالأمر.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد صدر من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية قراراً يبين حكم الإجهاض أورده بنصه لأهميته، "الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
فإن مجلس هيئة كبار العلماء يقرر ما يلي:
(1) لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي، وفي حدود ضيقة جداً.
(2) إذا كان الحمل في الطور الأول وفي مدة الأربعين، وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر متوقع جاز إسقاطه، أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقة في تربية الأولاد أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم، أو من أجل مستقبلهم أو اكتفاءً بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز.(20/357)
(3) لا يجوز إسقاط الحمل إذا كان علقة أو مضغة حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن استمراره خطر على سلامة أمه، بأن يخشى عليها الهلاك من استمراره فجاز إسقاطه بعد استنفاذ كافة الوسائل لتلافي تلك الأخطار.
(4) بعد الطور الثالث وبعد إكمال أربعة أشهر للحمل لا يحل إسقاطه حتى يقرر جمع من الأطباء المتخصصين الموثوقين أن بقاء الجنين في بطن أمه يسبب موتها، وذلك بعد استنفاذ كافة الوسائل لإنقاذ حياته، وإنما رخص الإقدام على إسقاطه بهذه الشروط دفعاً لأعظم الضررين، وجلباً لأعظم المصلحتين.
ويوصي المجلس بتقوى الله والتثبت في هذا الأمر، والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. ا.هـ.
أما ما يتعلق بما ذكرته السائلة من خوف الفضيحة فليس مبرراً لإسقاط الحمل إن كان عمره زاد عن أربعين يوماً. وليس الحمل من سفاح عذراً لإباحة الإجهاض في تلك الحالة، وقد ذكر العلماء أن الزانية - ويدخل فيه المغتصبة - التي تسقط جنينها تجمع بين السوءتين: الزنا والقتل، وأن إسقاط الجنين هو من الوأد، قال -تعالى-: "وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت" [التكوير: 8-9].
وقد روى عمران بن حصين - رضي الله عنه-: "أن امرأة من جهينة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم- وهي حبلى من الزنا فقالت: يا نبي الله أصبت حداً فأقمه عليَّ، فدعا نبي الله - صلى الله عليه وسلم- وليها فقال: "أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها" ففعل فأمر بها نبي الله - صلى الله عليه وسلم- فشدت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها، فقال له عمر - رضي الله عنه-: تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت؟ فقال: "لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله -تعالى-"، رواه مسلم(1696)، ومن هذا الحديث نستفيد أن للجنين حقاً في الحياة، ولو كان ابن زنا، فلو كان لا حرمة له لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم- برجمها قبل أن تضع حملها.
ولو أسقطت المرأة جنينها فقد اتفق الفقهاء على أن الواجب في الجناية على جنين الحرة هو غرة؛ لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى بحجر فطرحت جنينها، فقضى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم- بغرة عبد أو وليدة، رواه البخاري(5427)، ومسلم(1681)، والغرة عشر دية أمه، أي خمس من الإبل، ونصَّ الشافعية والحنابلة على وجوب الكفارة مع الغرة؛ لأنها إنما تجب حقاً لله -تعالى- لا لحق الآدمي؛ ولأنه نفس مضمونة بالدية، فوجبت فيه الكفارة، انظر: مختصر الخرقي(119)، فتاوى ابن تيمية(34/159) و (160) أما لو سقط حياً فمات ففيه الدية كاملة والكفارة. ولما تقدم فإنه لا يجوز المشاركة في إسقاط الجنين، وأشير هنا إلى أن هذا الذي وقع للمرأة المذكورة ما هو إلا ثمرة من ثمار الاختلاط المحرم. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
ـــــــــــــــــــ
ممارسة الطبيب للإجهاض لأجل التدرب
المجيب أ.د. سعود بن عبدالله الفنيسان(20/358)
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/الجنايات
التاريخ 9/8/1424هـ
السؤال
نحن ندرس الطب في بلد تقر قوانينه الإجهاض، والآن نحن مقبلون على فترة التطبيق في المستشفى، وعندما نطبق في قسم النساء والولادة، نمر على قسم تحديد النسل والعقم، وفيه تجري عمليات الإجهاض، بعضها تكون لها ما يبررها علمياً، كأن تكون هناك تشوهات في الجنين، أو موت الجنين في الرحم، أو ما شابه ذلك من الحالات، وفي حالات أخرى تأتي حسب طلب المريض، والقوانين في هذا البلد لا تمنع الإجهاض في أي فترة كانت إلا في المراحل المتأخرة جدا، هذا إذا كان الجنين لأبوين شرعيين، أما إذا كان غير ذلك فالأمر مجاز فيه على أي مرحلة عمرية وصل إليها الجنين.
على العموم، الطلبة المسلمون عادة لا يمرون على هذا القسم، ولكن أحد الأطباء السابقين أشار علينا أن تعلم كيفية الإجهاض مفيدة، لأنه قد يصادف الطبيب حالات تستوجب منه عمل الإجهاض، فلذا نريد منكم أن تبينوا لنا رأي الشارع الحكيم في هذه المسألة؟ وما حدود موقفنا منها؟ هل نشارك فيها؟ أم نكتفي بمشاهدتها؟ أم لا ندخلها أصلا؟ الرجاء الإسراع في الإجابة؛ نظراً لأن موعد التطبيق في هذا القسم قد اقترب جدا، مشكورين على تعاونكم.
الجواب
جاء في حديث عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- في الصحيحين "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات بكتب: رزقه، وعمله، وأجله، وشقي أو سعيد"، فدل الحديث على أن نفخ الروح يجعل الجنين كائناً حياً له حرمته وحقوقه الإنسانية، ولا يجوز الاعتداء عليه، ولو من أقرب الناس إليه، فلو تسببت الأم مثلاً في قتل جنينها بأي سبب لزمتها ديته وكفارة عتق رقبة، فالإجهاض بعد أربعة أشهر (120يوماً) كما في هذا الحديث هو قتل للنفس بغير حق، ويدخل في الوأد المحرم بقوله تعالى: "وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ" (التكوير:8-9)، وذكر بعض الفقهاء حرمة إسقاط الجنين بعد (80) يوماً، وقالوا: وإن لم تنفخ فيه الروح فقد تم فيه خلق الإنسان؛ أي تميزت هذه المضغة وتشكلت بشكل أعضاء الإنسان من عصب، ولحم، وعظم، وظهرت فيه صورته الجنسية من الذكورة والأنوثة، ونحوها، وهذا القول يتفق مع ما يراه الأطباء في عصرنا، وقد أفتى بعض الفقهاء اليوم بجواز الإجهاض إذا كان بقاء الجنين في بطن أمه خطراً محتماً على حياتها، أو قرر الأطباء المختصون أن الجنين سيتعرض لتشوهات خطيرة تجعل حياته - إن حيي - شقاء وعذاباً له، ولأهله، وذلك لأن الأم أصل في حياة الجنين، والجنين فرع عنها، فلا يضحى بالأصل من أجل الفرع، ولا تؤثر إجازة قوانين البلد للإجهاض على الحكم الشرعي بتحريمه، ولا أرى تشوه الجنين مبرراً للإجهاض بحال، فإن قتل النفس والمشاركة في ذلك حرام، ومهما كان الأمر(20/359)
فيبقى رأي الطب في تشوه الجنين أمراً احتمالياً ظنياً، فكم من طفل ولد مشوهاً فشفي, وكم من مولود قرر الأطباء أن فيه الحمى المنغولية فعافاه الله، ثم إن التشويه الخلقي وانفصام الشخصية ليس معيباً في كل حال، ولا عند كل الناس، فهو أمر نسبي يتفاوت الناس في تقبله والرضاء به.
وتأسيساً على ما سبق لا يجوز لكم تعلم الإجهاض إذا كان الجنين بلغ أربعة أشهر، ويجوز قبل هذه الفترة الزمنية للجنين إن كان ذلك لازماً من لوازم تخصصكم، وإن لم يكن فعليكم الاكتفاء بالمشاهدة عن طريق الصورة التلفزيونية الحية إن أمكن ذلك، وإن لم يمكن فلا بأس عليكم إن شاء الله، على أن يكون الجنين المراد في عملية الإجهاض لم تنفخ فيه الروح، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
أرشدتها إلى طبيب يجهض حملها
المجيب د. إبراهيم بن محمد قاسم رحيم
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/الجنايات
التاريخ 04/05/1425هـ
السؤال
امرأة حملت من زنا حتى الشهر السابع، ثم ذهبت إلى امرأة أخرى لكي ترشدها إلى طريق طبيب ليجهض جنينها، وفعلا ذهبت بها إلى طبيب وأجهض الجنين وهي في الشهر السابع، فما الحكم على المرأة الأخرى، هل عليها دية أم كفارة ؟ أفيدوني، جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لا شك أن ما أقدمت عليه المرأة إثم عظيم، وجناية على نفس حية لا ذنب لها فيما حصل، والجنين إذا تجاوز مرحلة نفخ الروح فهو فوق اعتبار الضرورة، وعند المالكية أنه يتصور العمد فيه، فيكون على مجهضه القصاص بشروط، وعلى قول الجمهور فالجناية عليه تعتبر شبه عمد، وعليه فتجب دية شبه العمد كدية العمد مغلظة، والمسؤولية في هذه الدية تقع على المرأة الحامل والطبيب المباشر، أما الحامل فلكونها سعت ورضيت وبذلت نفسها في ذلك، والطبيب المباشر لكونه لم يرع حرمة الأنفس وأقدم على إجهاض نفس معصومة، فيشتركان فيه.
وأما المرأة التي دلت، فلا شك أنها تتحمل إثماً عظيماً؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان، ولها يد ظاهرة في حصول هذا الإجهاض، لكن القاعدة عند العلماء أن المباشرة تقطع حكم التسبب، فلا تتحمل شيئاً من الدية، أما الكفارة فإنها تجب على المباشر والمتسبب، نظراً لكون الكفارة لا تتجزأ فيتحمل كل من الثلاثة كفارة كاملة، وكون الحمل ناشئاً عن علاقة غير شرعية فينظر فيه؛ في المراحل الأولى، فإن كان ثمرة اغتصاب فقد أجاز العلماء إجهاضه بشروط، وهي أن يثبت الاغتصاب، وألا يمكن تخفيف آثار الأمر على الحامل، وأن يتم إجهاضه بوسيلة تقل(20/360)
بها الأضرار، وتخف فيها المخالفات، وإن كان ثمرة رضا الطرفين فلا يجوز التعرض له بحال. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
أعانت على إجهاض فماذا يلزمها للتوبة؟
المجيب هاني بن عبدالله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/الجنايات
التاريخ 22/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
ممرضة اشتركت أكثر من مرة في عمليات لإجهاض فتيات حملن من الزنى -والعياذ بالله-،وكذلك في عمليات لترقيع بكارة بعض الفتيات ليتمكنَّ من الزواج بلا فضيحة، وكانت تفعل ذلك عن جهل، حيث زعمن لها أنهن تبن مما سبق، وأنهن يردن الستر والزواج بدون فضيحة، ثم علمت أن هذا حرام، وهي تريد التوبة النصوح، فماذا عليها من كفارات؟ وكيف تفعل لتتوب؟ وماذا تفعل إن لم تملك مالاً يكفي الكفارات؟ وكذلك لو تتفضلون بتوجيه كلمة لنصح من تقع في مثل هذا ولو تحت تأثير الإشفاق على الفتيات من الفضيحة، أو من باب الخوف عليهن أن يقتلهن أهلهن إذا علموا بذلك. وجزاكم الله خيراً. والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالإجهاض إن كان بعد نفخ الروح في الجنين، فهو محرم وهو عند جمع من الصحابة - رضي الله عنهم- بعد مرور أربعة أشهر من الحمل، وعليه اتفق الفقهاء - كما نقله النووي وابن حجر وابن رجب- (جامع العلوم ص 51، فتح الباري 11/490)، ويدل له ظاهر الرواية المشهورة من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- والذي نصه: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح" صحيح البخاري(3208)، صحيح مسلم(2643). ولا فرق في هذا التحريم أن يكون في بقاء الجنين خطراً عليه أو لا، وسواء كان الحمل سفاحاً أو لا، وسواء كان لستر جريمة الزنا أو غير ذلك من الأسباب؛ لأنه قتل للنفس، فلا يجوز بأي حال، قال تعالى: "وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ"[الإسراء: من الآية33]، ويجب على من فعل ذلك أو شارك فيه أن يتوب إلى الله من ذلك ويستغفره، ويكثر من الأعمال الصالحة الماحية للسيئات، وليس في هذا القتل كفارة؛ لأنه عمد، والعمد لا كفارة فيه.
وأما الإجهاض قبل نفخ الروح فقد اختلف فيه أهل العلم ما بين التحريم والإباحة والكراهة، ولا شك أنه أقل من الإجهاض بعد الأربعة أشهر في حكمه وحقيقته، ولا(20/361)
يعتبر قتلاً لآدمي لكنه إفساد وتعرض بشيء له حرمة، يشهد لها أن الشرع جاء بتأخير تنفيذ الحد على الحامل حتى تضع حملها.
ولذا صدر قرار هيئة كبار العلماء رقم(140 في 20/6/1407هـ، والمتضمن: لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله، إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيّقة جداً، إن كان الحمل في الطور الأول، وهي مدة الأربعين يوماً، وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر متوقع. أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقة في تربية الأولاد أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم أو تعليمهم، أو من أجل مستقبلهم، أو اكتفاء بما لدى الزوجين من أولاد فغير جائز) انتهى. والحقيقة أن إباحة إجهاض الحمل الناشئ عن الزنا يترتب عليه انتشار الفاحشة وشيوعها وسهولة الوصول إليها، وهو مؤدٍّ إلى تقليص الحياة الزوجية وانتشار الأمراض الفتاكة، لذا فإن على من مارس الإجهاض أن يتوب إلى الله -تعالى- ويستغفره، وهذه كفارة عمله، وأما الدية فإنها تلزم المرأة المجهضة ومن أعانتها معونة فعليه مباشرة عند مطالبة ورثة الجنين وهم عصبة أمه، ومقدارها عشر دية الأم هذا إن سقط الجنين بعد تخلّقه.
وكذلك رتق غشاء البكارة إذا كان تمزقه بسبب زنى الفتاة التي أقيم عليها الحد بموجبه أو تكرر منها هذا الفعل فهذا لا خلاف بين أهل العلم (من المعاصرين) على تحريمه. وهذا العمل يسهل ارتكاب الزنى، ويتضمن الاطلاع على العورات دون موجب ضروري وهو غش للزوج، والغش محرم، ولا يظهر لي أن من زالت بكارتها بسبب الزنى، ولو تابت أنه يجوز رتق بكارتها، وهذا الفعل مع أنه محرم شرعاً فهو ممنوع في التنظيمات الدولية الطبية وعلى من فعله أن يتوب توبة نصوحاً. [ولهاتين المسألتين تفصيل مطول لأنواع كل فعل كتبته في غير هذا الموضع]. والله الموفق.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - (ج 14 / ص 300)
المتزوجة إذا حملت من الزنا
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/الجنايات
التاريخ 18/5/1425هـ
السؤال
امرأة متزوجة، زنت، وحملت من هذا الزنا، وهي في حيرة من أمرها أتقتل الجنين؟ أم تبقيه وتدخل على زوجها ما ليس منه؟ أم تخبر زوجها بما جرى؟ وفي كل الحالات يترتب مفاسد، أرجو من الله المغفرة لها ثم من فضيلتكم الإجابة على استفسارها. -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فلا شك أن الزنا من كبائر الذنوب؛ قال الله -تعالى-: "وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً"(20/362)
[الفرقان:68]، وعقوبة الزاني الثيب الرجم حتى الموت؛ كما صحت بذلك الأخبار عنه - صلى الله عليه وسلم- فقد رجم ماعزاً، والغامدية -رضي الله عنهما- رواه البخاري
(6438)، ومسلم (1692).
وثانياً: ما يتعلق بالحمل فإنه لصاحب الفراش،وهو الزوج ما لم ينفه؛ لما روته عائشة -رضي الله عنها-: كان عتبة بن أبي وقاص، عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه، قالت: فلما كان عام الفتح أخذه سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه- وقال: ابن أخي قد عهد إلي فيه، فقام عبد بن زمعة فقال: أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه، فتساوقا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال سعد -رضي الله عنه-: يا رسول الله، ابن أخي كان قد عهد إلي فيه، فقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هو لك يا عبد بن زمعة"، ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر" رواه البخاري(1948)، ومسلم(1457).
والحمل من سفاح ليس عذراً لإباحة الإجهاض خاصة في الطور الثالث، أي بعد إكمال أربعة أشهر، وقد ذكر العلماء أن الزانية التي تُسقط جنينها تجمع بين السوأتين: الزنا والقتل، وأن إسقاط الجنين هو من الوأد، قال -تعالى-: "وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت" [التكوير: 8-9]، وقد روى عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن امرأة من جهينة أتت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي حبلى من الزنا، فقالت: يا نبي الله: أصبت حداً فأقمه علي، فدعا النبي -صلى الله عليه وسلم- وليها فقال: "أحسن إليها، فإذا وضعت فائتني بها"، ففعل فأمر بها نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فَشُكَّتْ عليها ثيابها، ثم أمر بها، فرجمت، ثم صلى عليها - صلى الله عليه وسلم-، فقال له عمر- رضي الله
عنه-: تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت، فقال: "لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله -تعالى-" رواه مسلم(1696)، ويتبين من هذا الحديث أن للجنين حقاً في الحياة،ولو كان ابن زنا، فلو كان لا حرمة له، لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم- برجمها قبل أن تضع حملها.
ولو أسقطت المرأة جنينها فقد اتفق الفقهاء على أن الواجب في الجناية على جنين الحرة هو غرة؛ لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى بحجر، فطرحت جنينها، فقضى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم- بغرة عبد أو وليدة، رواه البخاري(5427)، ومسلم(1681)، والغرة عشر دية أمه، أي خمس من الإبل، ونص الشافعية والحنابلة على وجوب الكفارة مع الغرة؛ لأنها إنما تجب حقاً لله -تعالى- لا لحق الآدمي؛ ولأنه نفس مضمونة بالدية، فوجبت فيه الكفارة، انظر: مختصر الخرقي (119)، فتاوى ابن تيمية (34/159و160)، أما لو سقط حياً فمات ففيه الدية كاملة والكفارة، أسأل الله -تعالى- أن يحفظ المسلمين والمسلمات من(20/363)
هذه الفاحشة المنكرة، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض لأجل مرض الجنين
المجيب هاني بن عبدالله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/الجنايات
التاريخ 19/07/1426هـ
السؤال
أنا وزوجتي نحمل مرضاً وراثياً يسمى (الثلاسيميا)، ولدينا بنت مصابة بهذا المرض، وتحتاج نقل دم كل عشرين يوماً مدى الحياة، ونحن نعاني من مرضها أشد المعاناة، حيث إنها تبلغ من العمر أربع سنوات، زوجتي الآن حامل، ومدة الحمل أقل من مائة وعشرين يوماً، والطفل مصاب بهذا المرض، وقرر الأطباء أنه مصاب بنسبة (100%) كما أثبتت التحاليل. فما حكم إسقاط الجنين والحال كذلك؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد اختلف العلماء في إسقاط الجنين قبل تمام الأربعة أشهر من الحمل باعتباره لم تنفخ فيه الروح، والصحيح -إن شاء الله تعالى- أن مثل حالتك -أخي السائل- أنه لا يجوز إسقاط الحمل؛ لأن الحمل محترم حتى قبل نفخ الروح فيه. بدليل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخَّر تنفيذ حد الزنا في المرأة الزانية لكونها حاملاً، كما في صحيح مسلم (1695). ولم يسألها في أي دور من أدوار الحمل كانت، والقاعدة أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال تنزل منزلة العموم في المقام.
كما أن ولادة الجنين مصاباً بمرض مع كل ما يلحق الأبوين من عناء لذلك ومشقة فهو يعني بقاءه حياً، وإمكان استمرار حياته -غالبًا- رغم وجود المرض.
لذلك كله فإني لا أرى جواز إسقاط الجنين المذكور، وأوصي أبوية بالصبر واحتساب الأجر، والله أعلم وأحكم.
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 11234 )
س: تقدمت بطلب الزواج من فتاة عمرها تسع عشرة
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 333)
سنة، وقد حصلت الموافقة وقبول الطرفين، وتم زواجنا على شريعة الله وسنة محمد، وبعد فترة من زواجنا وحتى الآن تبين أنها حامل، قامت في إجهاض نفسها لأجل إخراج الجنين، وأنا لا أوافق على ذلك، وبعد منعي لها من الإجهاض طلبت مني الطلاق فورا بدون أسباب ولا نواقص من حقوقها، حيث سبق إجراءات طبية وثبت أنها حامل، مع العلم أنها سبق لها زواج من قبلي وسببت علي مشاكل في زواجها، هي من أسرة مصرية، وحيث إنها قاصدة مصالح مادية ولم نتمكن منها مع ذلك تحاول إجهاض نفسها. أرجو الإجابة ولكم جزيل الشكر.(20/364)
ج: لا يجوز إجهاض زوجتك لعدم المسوغ الشرعي. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 18962 )
س1 : ما حكم امرأة متزوجة ولكن لم يستمر زواجها طويلا بسبب مشاكل كثيرة ، وأثناء ذلك شعرت أنها حامل ، لكنها أجهضت هذا الجنين بملء إرادتها ، فما حكم الدين في هذا الأمر؟ أفدني أفادك الله .
ج 1 : الإجهاض الذي وقع من تلك المرأة لأجل تطليق
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 256)
زوجها لها أمر محرم شرعا ، فيلزمها التوبة إلى الله والندم على ما حصل منها ، وأن لا تعود لمثل هذا العمل السيئ ؛ لأن هذا جناية على حمل بغير حق ، كما يلزمها إذا كان قد نفخت فيه الروح الدية - غرة عبد أو أمة- إذا طولبت بها .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 13676 ) .
س: أفيدكم بأن حرمتي المدعوة (م . ع . م) وتبلغ من العمر 31 سنة ، وهي الآن منومة بالمستشفى وتعاني من الإجهاض ، علما بأنها حامل في الشهر السادس ، وحيث إن الجنين مشوه ، وإن
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 439)
الأشعة الصوتية أثبتت عدم تكوين الرأس والمخ ، واليوم نطلب الإفادة في ذلك إذا كان يجب إخراج الجنين أم لا؟ لذا نرغب الإفادة بذلك ، حيث إن المستشفى طلب ذلك .
هذا ولكم جزيل الشكر ، والسلام .
ج: لا يجوز إجهاض المرأة لأجل تشويه الولد ، وقد بقي من المدة ما يرجى أن الله سبحانه يزيل ما بالولد من التشويه مما أصابه ، وأن يخرجه بشرا سويا ، شفاه الله ويسر أمركما جميعا .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز(20/365)
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 18309 ) .
س: أفيد سماحتكم بأني شاب أبلغ من العمر 31 عاما ، توفي أخي الأكبر قبل ثمان سنوات ، وخلف بعده أربعة أولاد وزوجة- هي ابنة عم لنا- وحرصا مني على تربية أبناء أخي وعدم تعريضهم لما قد ينتج عن زواج أمهم الشابة فقد استعنت بالله وتزوجت بها ، حتى أكفل لها ولأولاد أخي حياة كريمة في ظل أسرتنا التي نعيش معها ، ولم نفترق أبدا ، وكان هذا العزاء الوحيد لوالدي بعد وفاة أخي رحمه الله .
والحمد لله فقد كانت زوجة صالحة ، إلا أن الله شاء أن تظهر لدينا حالة وراثية ينتج عنها وفاة المولود بعد شهر أو شهرين على أقصى تقدير ، فقد دفنت آخر مولود قبل شهر تقريبا ، وكان الثالث الذي يلاقي نفس المصير .
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 446)
ولحاجتي إلى الذرية الصالحة والتي قد تعينني على الحياة عند تقدم السن- إن أصلح الله- ولعجزي عن الزواج بأخرى ؛ لعدم استطاعتي تأمين المصاريف اللازمة لأسرة أخرى بسبب تواضع راتبي ، فقد راجعت المستشفى بهدف إيجاد العلاج المناسب ، وذلك بسبب معاناتنا النفسية الصعبة خلال أشهر الحمل ، وكذلك بعد الولادة ، وكذلك عند حلول قضاء الله بفلذات أكبادنا ، ونحن لا نستطيع له دفعا ، وآخر ما استقر عليه رأي الأطباء هو مراجعة المستشفى التخصصي بالرياض عند حدوث الحمل لأخذ عينة من الجنين في رحم أمه ، ومعرفة إذا كان سليما أو مصابا بنفس المرض ، فإن كان سليما فنتابع الحمل ، وإن كان مصابا فيجهض الجنين وذلك بعد الرجوع لموافقتنا إن أجاز الشرع ذلك ، وخصوصا أن هذا سيتم قبل الشهر الرابع .
وسؤالي لسماحتكم أدامكم الله عن : مدى جواز عملية الإجهاض في مثل حالتنا التي لا حل لها؟ فأنا لا أستطيع طلاق ابنة عمي ، وتشريد أبناء أخي ، ولا أستطيع الزواج بأخرى لعجزي عن ذلك ، كما أبديت لسماحتكم سابقا . أفيدوني أفادكم الله .
ج: لا يجوز إجهاض الجنين لمجرد قول الأطباء إنه مصاب بمرض ، بل يترك الأمر لله سبحانه وتعالى ، ونوصيكما جميعا بسؤال الله العافية من كل سوء ، مع حسن الظن بالله سبحانه وأبشروا
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 447)
بالخير والعاقبة الحميدة إن شاء الله .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
صالح بن فوزان الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
السؤال الثالث من الفتوى رقم ( 20791 )(20/366)
س 3 : كان زوجي يعمل في جامعة الكويت ، وبعد الغزو العراقي في عام 1990م ظل زوجي عاطلا بلا عمل ، وكنا نستدين لكي نوفر لقمة العيش لأولادنا الثلاثة ، وفي عام 1991م في هذه الظروف حملت طفلا حتى الشهر الخامس ، وأصريت على إجراء عملية لإجهاض الطفل ، وبعد أن نفخت فيه الروح ، ثم ندمت ندما كثيرا على ارتكابي لهذا الذنب الكبير ، وبحمد الله فقد أنجبت طفلين في عام 1998م وعام 1999م والطفل الآخر أنجبته في شوال عام 1419ه بمستشفى الملك فهد الجامعي .
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 455)
كيف أكفر عن الذنب الذي ارتكبته في عام 1991م عندما أجهضت الطفل ، وقتلت الروح التي حرم الله قتلها؟ هل يكفي أن أصلي صلاة التوبة ثم أستغفر الله ، وهل هناك ما أفعله من أجل الغفران؟
ج3 : ما حصل منك من الإجهاض عمل محرم ، وعليك التوبة إلى الله وعدم العودة لمثل هذا العمل ، وعليك دية الجنين إذا طالب بها ورثته .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 14268 )
الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من سعادة الدكتور: مأمون ملص، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (4229) وتاريخ 20 / 10 / 1411هـ, وقد سأل سعادته سؤالا في تقريره الطبي وهذا نصه:
أدخلت المريضة المذكورة أعلاه بتاريخ 17 / 10 / 1411 هـ, بسبب حالة تهديد بالإجهاض في الأسبوع
(الجزء رقم : 25، الصفحة رقم: 108)
العشرين من الحمل؛ إذ إنها شكت في ذلك اليوم من نزيف تناسلي مع آلام أسفل البطن، وهي حامل في الشهر الخامس، قبل ذلك الحمل حملت المريضة المذكورة ثمان مرات، وولدت ولاداتها الأربع الأولى بشكل طبيعي، وولاداتها الأربع الأخيرة عن طريق العمليات القيصرية، ونظرا لأنها قد ولدت بالقيصريات أربع مرات لا يمكن من الناحية الطبية أن تلد بجنين حي في الشهر التاسع عن الطريق الطبيعي بعد الآن، أي: أنه يتوجب على الطبيب المولد في أي حمل مستقبلي توليد المريضة عن طريق إجراء العملية القيصرية مجددا وقاية؛ حتى لا يتعرض الرحم للانفجار, وحياة الأم والجنين للخطر فيما لو حدثت تقلصات مخاضية شديدة.(20/367)
في الحمل الحالي شخص لدى المريضة بواسطة الأمواج فوق الصوتية تشوه في الجنين لا يتوافق مع الحياة، وهو حالة غياب الجمجمة، وهناك شك بتشوهات أخرى كالشوك المشقوق في الظهر, وهي تشوهات تتبع الجملة العصبية, وحالة غياب الجمجمة لا يتشكل فيها من الجهاز العصبي لدى الجنين إلا مركز القلب والدوران، أما القشرة الدماغية الموكول إليها نمو الجنين عقليا فهي غائبة، والجنين في هذه الحال إما أن يموت داخل الرحم أو يولد حيا, ولكن يموت بعد فترة وجيزة تتراوح بين ساعات أو أيام بعد الولادة، ولا علاج قطعا لمثل هذه الحالة.
وإذا ترك الحمل الحالي وهو في الأسبوع العشرين - أي: الشهر الخامس - يتطور
(الجزء رقم : 25، الصفحة رقم: 109)
حتى النهاية، فإنه يستحيل محاولة توليد الأم عن الطريق الطبيعي، نظرا لسابقة ولادتها بالقيصريات الأربعة؛ إذ أن أي تعريض للرحم لتقلصات مخاضية في الشهرين الأخيرين يعني خطر انفجار الرحم من مكان ندبات القيصريات السابقة، وفي ذلك خطر أكيد على حياة الأم، فضلا عن أن الجنين يحمل تشوهات غير قابل للحياة قطعا، فنرجو إبداء الرأي الشرعي في إمكانية إنهاء الحمل في هذا الوقت بالذات -أي: الشهر الخامس- وليس بعد ذلك؛ إذ أنه في هذا الوقت يمكن إنهاء الحمل وإخراج الجنين عن الطريق الطبيعي, ودون تعريض الأم لخطر العمليات القيصرية التي لا بد منها فيما لو أن الحمل الحالي استمر إلى ما بعد الشهر السابع للظروف الطبية المذكورة أعلاه، ولكم جزيل الشكر.
كما جاء في تقرير اللجنة المكونة من الدكتور: زار بنازاهدى، والدكتور: محمد آدم عثمان، والدكتور: أحمد بكير، ما نصه:
نشكر فضيلتكم للرد على حالة المريضة (ف. ع. م) التي سبق وأن شرحنا لكم وضعها الطبي, وهي حامل في الشهر الخامس لجنين حي شخص فيه تشوه لا يتوافق مع الحياة فيما لو استمر الحمل إلى التمام، كما أن الأم قد ولدت سابقا عن طريق العمليات القيصرية أربع مرات، وتعريضها لقيصرية خامسة فيما لو استمر الحمل الحالي، يعني طبيا تحديد الإنجاب لديها مستقبلا،
إذ أننا مضطرون بعد القيصرية الخامسة لربط البوقين؛ لكثرة القيصريات المجراة على الرحم، ولتعاظم خطر العمل الجراحي من مرة إلى أخرى، فضلا عن أن الحمل الحالي كما بينا أعلاه هو لجنين يحمل تشوها لا يتوافق مع الحياة؛ إذ أن الجنين لا يتوقع له أن يعيش أكثر من بضع ساعات فيما لو ولد حيا، أي: وهو حالة غياب الجمجمة مع احتمال وجود تشوهات أخرى، فهل يجوز من الناحية الشرعية إنهاء الحمل في الوقت الحالي - أي: في الشهر الخامس -, ومحاولة توليد الأم عن الطريق الطبيعي, وتجنب القيصرية الخامسة، مع ما يتبعها من ربط البوقين ومنع الإنجاب مستقبلا إن أمكن، وذلك للمضاعفات الطبية المذكورة أعلاه, وهي: تحديد الإنجاب مستقبلا، وتعاظم خطر العمل الجراحي من مرة إلى أخرى، وتعرض الأم إلى إمكانية انفجار الرحم فيما لو استمر الحمل الحالي، ونشكر فضيلتكم على إبداء الرأي الشرعي في ذلك؟(20/368)
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أفتت بأنه بناء على ما جاء في التقريرين المذكورين من أنه يمكن إجراء عملية قيصرية خامسة للأم بدون حصول خطر على حياتها؛ فإنه لا يجوز إجهاض الجنين المذكور، ونسأل الله حسن العاقبة للجميع.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 20484 )
س : نحن مؤسسة تعمل في مجال مكافحة الآفات الحشرية ، والتي تتضمن العديد من أنواع الحشرات المنزلية والزراعية وآفات المخازن والمزارع ، والزواحف ، مثل العقارب والثعابين والفئران والقطط والكلاب العقورة وغيرها ، والعديد من الآفات التي تدخل في مسببات الأمراض للإنسان ، ومما هو معروف أن الآفات الحشرية مسببة وناقلة لكثير من الأمراض ، مثل : الملاريا والليشمانيا والتيفود والدوسنتريا والنزلات المعوية والكليرا والتيفوس ، وأنواع مختلفة من الحمى والديدان الشريطية والطاعون والتهاب الكبد الوبائي والسحائي ، ونقل الطفيليات والبرص وغيرها مما لا يتسع الوقت لحصرها ، ويمكن حدوث حالات وفاة في حالة حصول لدغ العقارب أو الثعابين أو الكلاب العقورة ، أو نقل الأمراض والبراغيث والقراد عن طريق القطط ، وقد اكتشف مؤخرا أنه تحمل فيروس يسبب الإجهاض للحوامل ، كذلك إتلاف الأغذية والمخازن والأخشاب والملابس وغيرها من المواد المخزنة عن طريق السوس بأنواعه المختلفة ، وفراشة العثة وحشرة النمل الأبيض المسببة لدمار كثير من أخشاب المباني ، وحرصا منا على مراعاة الناحية الشرعية في المسألة نود إفادتنا كتابيا ليتسنى لنا عرض فتواكم على من يهمه الأمر بشرعية قتل هذه الآفات الحشرية في مكة المكرمة ، وخاصة في الأشهر الحرم .
ج : يجوز قتل الحية والعقرب والكلب العقور والحشرات المؤذية ؛ دفعا لشرها عن الناس ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مسند أحمد بن حنبل (1/257). خمس كلهن فاسقة يقتلهن المحرم ويقتلن في الحرم : الفأرة والعقرب والحية والكلب العقور والغراب رواه أحمد ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : صحيح البخاري الحج (1732),صحيح مسلم الحج (1198),سنن الترمذي الحج (837),سنن النسائي مناسك الحج (2887),سنن ابن ماجه المناسك (3087),مسند أحمد بن حنبل (6/164),موطأ مالك الحج (800),سنن الدارمي المناسك (1817). أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل خمس فواسق في الحل والحرم : الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور متفق عليه ، ومثل ذلك الحشرات المؤذية ، لكن لا يجوز قتل شيء منها بالنار ، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وأما غير المؤذي فلا يجوز قتله ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3295),صحيح مسلم(20/369)
البر والصلة والآداب (2242),سنن الدارمي الرقاق (2814). دخلت النار امرأة في هرة حبستها ، لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
ما حكم الدم إذا أجهضت المرأة هل هو دم نفاس أو له حكم الحيض؟
برنامج نور على الدرب , الشريط رقم ( 67 ) . .
س : إذا أجهضت المرأة فما حكم الدم هل هو دم نفاس , أو له حكم الحيض ؟
ج : إن كان الإجهاض بعدما تخلق الطفل وبان أنه إنسان , كأن بان الرأس أو اليد , ولو كان خفيا , فإنه يكون نفاسا , وعلى المرأة أن
(الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 229)
تدع الصلاة والصوم حتى تطهر ، أو تكمل أربعين يوما ؛ لأن هذه نهاية النفاس , وإن طهرت قبل ذلك فعليها : أن تغتسل وتصلي وتصوم , وتحل لزوجها , فإن استمر معها الدم تركت الصلاة والصيام ولم تحل لزوجها حتى تكمل الأربعين , فإذا أكملتها اغتسلت وصامت وصلت وحلت لزوجها , ولو كان معها الدم ; لأنه دم فساد حينئذ; لأن ما زاد على أربعين يوما يعتبر دم فساد , تتوضأ منه لكل صلاة , مع التحفظ منه , كالمستحاضة ومن به سلس البول .
أما إن كان لم يتخلق ولم يظهر ما يدل على خلق الإنسان فيه , كأن يكون قطعة لحم ليس فيها خلق إنسان أو مجرد دم , فإن هذا يعتبر دم فساد , تصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة وتتحفظ جيدا .
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 204)
الواجب عدم إسقاط الجنين
س 84 : سماحة الوالد : امرأة حامل في الشهر السادس ، ونصحها الدكتور أن الجنين سيموت قريبا ، أو سيكون الجنين بعد الولادة معوقا ، ونصحها الدكتور بالإجهاض بالإضافة إلى أن رأس الجنين كبير الحجم فما رأيكم ؟ سؤال شخصي موجه لسماحته من بريطانيا ، وقد أجاب عنه سماحته في 6/ 2/ 1419هـ .
ج : الواجب عدم إسقاط الجنين ، وإحسان ظنها بالله ، وستكون العاقبة حميدة إن شاء الله .
مفتي عام المملكة العربية السعودية
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الزحيلي - (ج 1 / ص 274)(20/370)
2- الإجهاض بمجرد تعلق النطفة في رحم المرأة أي من اللحظة الأولى حرام ، وهو قتل ، لأنه لو ترك ذلك لصار إنساناً إلا في حال الضرورة القصوى كأن تحقق الأطباء أن الجنين لا يعيش بسبب نقصان دماغه أو لمرض الاستسقاء مثلاً ، أو كان الحمل خطراً محققاً على حياة الأم ، وفي غير حال الضرورة لا يجوز الإجهاض لأن للجنين منذ بدء التخلق حقاً في الحياة .
3- تركيب اللولب وجميع وسائل منع الحمل كالحبوب والعزل ونحو ذلك جائز ، لأن ذلك يتم قبل بدء تكون الجنين .
ما هي السبل التي ينبغي لطالب العلم أن يسلكها أو القيود التي يجب أن يتقيد بها حتى يكون فقيهاً ناجحاً بحيث لا يمكن أن يصدر منه فتاوى تتضارب مع فتاوى أخرى؟
هناك عدة ضوابط منها تقدم السن كما بعد الأربعين مثلاً ، ومنها النضج الفقهي بعد معرفة أحكام الشرع في القرآن والسنة ، ومن خلال اجتهادات الفقهاء أئمة المذاهب والتعرف على أدلتهم ، ومعرفة مقاصد الشريعة ، والقدرة على فهم الوقائع والنصوص الشرعية ، وكثرة المطالعة والاستماع لدروس العلماء المتبحرين لا المبتدئين ، وحينئذ يمكن أن يبدأ بالإفتاء بعد الإطلاع على ممارسات فتاوى العلماء المعاصرين .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الزحيلي - (ج 2 / ص 90)
أنا طبيب أطفال ومنذ فترة أتاني رجل ومعه إبنته وعمرها 16 سنة ولدى الكشف عليها تبين لي أنها حامل بالشهر الخامس وحسب رواية والدها أنها حملت من زوج أختها وطلب مني أن أرشده إلى طبيب نسائية للتخلص من الجنين وقمت بإرشاده وتم التخلص من الجنين وتم إجراء عملية ترقيع لغشاء البكارة وسبب إرشادي له حسب قول الرجل بدون أن أتأكد من كلامه صحيح أم لا أن زوج أختها لديه 7 أطفال وهم من أهل القرى وفي حال تم فضح الموضوع في القرية سوف يقتل الرجل ويتيتم الأطفال وأيضاً سيتم قتل الفتاة الحامل وسينتشر الحقد والكراهيه بين الأسر في تلك القرية فأعتقدت أن الحي أفضل من الميت ولا سيما لا يستطيع تزويجها للرجل بسبب أنه زوج أختها. فهل أنا شريك مع طبيب النسائية في قتل هذا الطفل وهل أنا آثم؟
لاشك بأنك في هذه المشورة ارتكبت خطأ ، ويحرم عليك وعلى أبيها والفتاة المشاركة في إنجاز عملية الإجهاض ، وكان عليك وعلى غيرك إبقاء الحمل بإجماع العلماء مهما كانت النتائج ليرتدع الزناة عن أفعالهم ، ولا نساعدهم على الحرام مهما كانت النتائج.
والتذرع بأن ( ( الحي أفضل من الميت ) ) تفسيره هنا غلط محض ، فيراد به إذا تحققت الحياة ، وتحققنا من الممات ، كانت الحياة مقدمة ، لا أن نسهم في الحياة التي تغضب الله.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الزحيلي - (ج 2 / ص 202)(20/371)
هل يجوز للزوجة أن تستعمل حبوب منع الحمل دون علم الزوج؟
نعم ، يجوز استعمال كل موانع الحمل ولكن بإذن الزوج ، لأن شأن الحمل حق للطرفين ، ويمكن بسهولة إقناع الزوج بهذا لوجود كثرة النسل أو لأمراض أخرى أو لإرهاق مادي ونحو ذلك.
وهذا هو المتعين ، ويحرم الإجهاض ولو من الساعة الأولى لحدوث الحمل إلا لضرورة قصوى يسأل عنها العلماء.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الزحيلي - (ج 2 / ص 262)
• أنا فتاة جامعية من عائلة ملتزمة ، تعرفت على شاب منذ حوالي العام ، وهو مثقف يحبني وذو خلق يشهد بها الجميع ، وأثناء لحظة جمعنا الشيطان بها ، حصل ما سأدرجه ياسيدي وأنا كلي خجل وحياء من حضرتكم ، فما بالك من عذاب الضمير والخوف من عقاب الله جل جلاله ، انقطعت الدورة الشهرية عن وقتها المعتاد فقمت بمراجعة الطبيب فأخبرني بأني حامل على الرغم من أني مازلت عذراء ، وهذا الأمر يمكن أن يتم في بعض الحالات دون أن تتم عملية جماع كاملة ، فقمت بإخبار الشاب فكان موقفه نبيل ، ولم يتخلى عني فقمنا بكتابة عقد نكاح عند المحامي ، وذلك لتدارك الأمر بعد عملية الإجهاض التي قمت بها ، وبذلك نكون قد تداركنا الذنب المرتكب اجتماعياً ، وأنا الآن في حالة شديدة من الخوف ، على الرغم من أن الشاب دائماً يخفف عني ، بالقول إن الله يغفر الذنب ، ولكن لمن تاب وآمن وأصلح ثم اهتدى ، والآن ياسيدي وأنا كلي حاجة لنصيحتك ، خاصة وأنا عاجزة عن التفكير واتخاذ أي قرار ، هل أبقي على عقد النكاح الذي بيننا؟ ويذهب الشاب لطلبي من أهلي بشكل رسمي ، أم أطلب منه فسخ العقد وذهاب كل واحد مننا بطريقه ، وما هي أفضل الأذكار المستحبة لله من أجل الاستغفار؟ عسى الله أن يغفر لي الذنب.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الزحيلي - (ج 2 / ص 344)
قال لي صديق لي بأن لديه العلاج طبيعي لإعادة غشاء البكارة لدى الفتاة لوضعه الطبيعي بعد تمزقه ، وأنا خالفته بذلك ، بل طالبته بعدم عمل مثل هذه العمليات لأنها تساعد على الزنا والفسق ، فقال لي هو سيقوم بهذه العملية في قصد إنقاذ فتاة من خطر غضب أهلها عليها ومستقبلها ، فقلت له علينا تطبيق كلام الله والسنة الشريفة ، وإن كان أهلها مسلون حقيقيون يطبقون ماقال الله عزوجل ، والنقاش مفتوح لحين ردكم الموقر علينا؟ الثاني : هل يجوز أن يبقى الزوج والزوجة عاريان في منزلهما وهم يمارسون حياتهم بشكل طبيعي من كلام وشراب إلخ أم يجب عليهما الاحتشام ؟
1- هذه العمليات فيها غش للخاطب لهذه الفتاة ، والغش حرام ، وكما يحرم الإجهاض من الزنا يحرم هذا الأمر ، إلا لضرورة قصوى بحيث نتيقن من احتمال قتل الفتاة لانحرافها ، فيختار أهون الشرين.(20/372)
2- يطلب الاحتشام وستر العورات في كل حال حتى ولو لم يكن في المنزل أحد غير الإنسان ، لأن الملائكة ( ملائكة الرحمة ) لا تمكث في منزل على هذا النحو ، والحياء مطلوب في كل حال ، ولنبتعد عن تقليد الأجانب والكفار في مثل هذه العادات الذميمة ، وهي ضارة للزوجين أيضاً لما يترتب على ذلك من فتور مع الزمن وعدم رغبة أحدهما بالآخر ، بالإضافة لحجب ملائكة الرحمة التي تمد الإنسان بالعون والدعاء والاستغفار.
ـــــــــــــــــــ
استئصال الرحم .. بين الحل والحرمة ... العنوان
زوجتي مرضت قبل مدة وراجعت أحد الأطباء فنصحها بإغلاق مواسير الحمل فأغلقتها ثم كتب الله لها الشفاء التام وهي نادمة الآن على إغلاق مواسير الحمل فهل عليها كفّارة ؟ ... السؤال
25/06/2006 ... التاريخ
د.حسام الدين بن موسى عفانة ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيجوز للزوجة أن تتخذ من وسائل منع الحمل ما يناسبها إذا دعت إلى ذلك ضرورة أو حاجة، ولكن لا يجوز لها أن تقوم باستخدام وسيلة تؤدي إلى قطع الإنجاب نهائيا إلا إذا كانت ضرورة شرعية تدعو إلى ذلك.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
لا يجوز شرعاً استئصال القدرة على الإنجاب مطلقاً سواء كان عند الرجل أو المرأة إلا في حالات الضرورة التي يقدرها أهل العلم الثقات من الفقهاء والأطباء، فلا يجوز إجراء عمليات التعقيم ولا ربط قناتي الرحم أو استعمال أي وسيلة تؤدي إلى ذلك .
ومنع الحمل الدائم من الأمور المحرمة شرعاً كما قلت ويدل على ذلك قوله تعالى: (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا) سورة النساء الآيات 117-119 .
قال أهل التفسير إن تغيير خلق الله من تزيين الشيطان ويدخل في ذلك خصاء بني آدم لأنه تغيير لخلق الله.
قال القرطبي: [وأما الخصاء في الآدمي فمصيبة فإنه إذا خصي بطل قلبه وقوته عكس الحيوان وانقطع نسله المأمور به ثم هذه مثلة -أي فيها تنكيل- وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المثلة ] تفسير القرطبي 5/391.(20/373)
وروى البخاري ومسلم عن إسماعيل بن قيس قال عبد الله - ابن مسعود - :( كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا نساء فقلنا ألا نستخصي فنهانا عن ذلك ).
وروى البخاري ومسلم أيضاً عن سعيد بن المسيب أنه سمع سعد بن أبي وقاص يقول أراد عثمان بن مظعون أن يتبتل فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو أجاز ذلك لاختصينا).
قال الإمام النووي: [الاختصاء في الآدمي حرام صغيراً كان أو كبيراً] شرح النووي على صحيح مسلم 3/526.
وقال الحافظ ابن حجر :[ وقوله ( فنهانا عن ذلك ) هو نهي تحريم بلا خلاف في بني آدم ] فتح الباري 12/19-20.
وينبغي أن يعلم أن الوسائل الحديثة لمنع الحمل منعاً نهائياً تقوم مقام الخصاء في الرجل فهي تستأصل القدرة على الإنجاب نهائياً كما أنها تغيير لخلق الله لذلك فإنها تلحق بالخصاء فتكون محرمة.
وقد بحث الفقهاء المعاصرون هذه القضية وقرروا حرمة قطع المقدرة على الإنجاب فقد جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العلم الإسلامي ما يلي: [نظراً إلى أن الشريعة الإسلامية تحض على تكثير نسل المسلمين وانتشاره، وتعتبر النسل نعمة كبرى، ومنة عظيمة منَّ الله بها على عباده، وقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ودلت على أن القول بتحديد النسل، أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الله تعالى لعباده.
ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل، أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين لتقليل عددهم بصفة عامة، وللأمة العربية المسلمة، والشعوب المستضعفة بصفة خاصة حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد، واستعباد أهلها والتمتع بثروات البلاد الإسلامية، وحيث إن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية، وسوء ظن بالله تعالى، وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها . لذلك كله فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي يقرر بالإجماع:
أنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق؛ لأن الله تعالى "هو الرزاق ذو القوة المتين"، "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها"، أو كان ذلك لأسباب أخرى غير معتبرة شرعياً.
أما تعاطي أسباب منع الحمل أو تأخيره في حالات فردية لضرر محقق ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الجنين فإنه لا مانع من ذلك شرعاً وهكذا إذا كان تأخيره لأسباب أخرى شرعية أو صحية يقرها طبيب مسلم ثقة، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرر المحقق على أمه إذا كان يخشى على حياتها منه بتقرير من يوثق به من الأطباء المسلمين.
أما الدعوة إلى تحديد النسل، أو منع الحمل بصفة عامة، فلا تجوز شرعاً للأسباب المتقدم ذكرها، وأشد من ذلك في الإثم، والمنع إلزام الشعوب بذلك وفرضه عليها في الوقت الذي تنفق فيه الأموال الضخمة على سباق التسلح العلمي للسيطرة(20/374)
والتدمير بدلاً من إنفاقه في التنمية الاقتصادية والتعمير وحاجات الشعوب ] قرارات المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي ص 62-63 .
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: [يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم ما لم تدع إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية .
ويجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل أو إيقافه لمدة معينة من الزمان إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراض بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة وأن لا يكون فيها عدوان على حمل قائم ] مجلة المجمع الفقهي العدد 5 جزء1 ص748.
وأخيراً فعلى السائلة أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى توبة صادقة وأن تستغفر وتكثر من عمل الخيرات والطاعات لعل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لها كما وأني أذكر الأطباء أن يتقوا الله سبحانه وتعالى، وألا يبيعوا آخرتهم من أجل دراهم معدودة يقبضونها أجرة لأمثال هذه العمليات وهذه المعالجات المحرمة .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
تنظيم النسل بقانون غير جائز
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
ربيع الأول 1399 هجرية - 11 فبراير 1979 م
المبادئ
1 - جواز تنظيم النسل أمر لا تأباه نصوص السنة الشريفة، قياسا على جواز العزل فى عهد الرسول صلوات الله عليه .
2 - يباح استعمال الوسائل الحديثة لمنع الحمل مؤقتا، أو تأخيره مدة .
كاستعمال أقراص منع الحمل، أو استعمال اللولب أو غير هذا من الوسائل التى يبقى معها الزوجان صالحين للإنجاب .
3 - لا يصلح القانون أداة لتنظيم النسل، لأن الإرادة لا يتحكم فيها القانون .
ولكل فرد ظروفه التى يقدرها، وعليه أن يحسن التقدير .
4 - لا تعارض بين الدعوة إلى تنظيم النسل والتوكل على الله، فمنع الحمل مؤقتا لا يعدو أن يكون أخذا فى الأسباب مع التوكل على الله .
شأن المسلم فى كل أعماله . 5 - يحرم التعقيم لأى واحد من الزوجين أو كليهما .
إذا كان يترتب عليه عدم الصلاحية للإنجاب مستقبلا بدواء أو بجراحة إلا لضرورة .
6 - الإجهاض بمعنى إسقاط الحمل بعد بلوغ سنه أربعة أشهر رحمية حرام وغير جائز شرعا إلا لضرورة، أما قبل ذلك فالحكم دائر بين الإباحة والكراهة والتحريم
السؤال(20/375)
من جريدة الأهرام بالطلب المقيد برقم 53 سنة 1979 بالآتى السؤال الأول هل تنظيم النسل أمر جائز فى الشريعة الإسلامية
الجواب
يجب أن يستقر فى الأذهان أن مرجع الأحكام الشرعية ومصدرها من حيث الحل والحرمة والجواز والمنع هو كتاب الله تعالى ( القرآن الكريم ) وسنة رسوله صلوات الله وسلامه عليه، وباستقراء آيات القرآن يتضح أنه لم يرد فيه نص يحرم منع الحمل أو الإقلال من النسل، وإنما ورد فى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ما يفيد ظاهره المنع، ويظهر ذلك جليا من مطالعة أقوال فقهاء المذاهب وكتب السنة الشريفة فى شأن جواز العزل (يقصد به أن يقذف الرجل ماءه خارج مكان التناسل بزوجته) فقد قال الإمام الغزالى وهو شافعى المذهب فى كتابه إحياء علوم الدين وهو بصدد بيان آداب معاشرة النساء ما موجزه إن العلماء اختلفوا فى إباحة العزل وكراهته على أربعة مذاهب فمنهم من أباح مطلقا بكل حال، ومنهم من حرم العزل بكل حال، وقائل منهم أحل ذلك برضا الزوجة ولا يحل بدون رضاها، وقائل آخر يقول إن العزل مباح فى الإماء دون الحرائر، ثم قال الغزالى إن الصحيح عندنا (يعنى مذهب الشافعى) أن ذلك مباح .
ثم تحدث عن البواعث المشروعة لإباحة العزل، وقال إنها خمسة، وعد منها استبقاء جمال المرأة وحسن سماتها واستبقاء حياتها خوفا من خطر الولادة، والخوف من كثرة الحرج بسبب كثرة الأولاد، والتخفف من الحاجة إلى التعب والكسب ، وهذا غير منهى عنه، لأن قلة الحرج معين على الدين، ومن هذا يظهر أن الإمام الغزالى يفرق بين منع حدوث الحمل بمنع التلقيح الذى هو النواة الأولى فى تكوين الجنين وبين الإجهاض، فأباح الأول وجعل من أسبابه الخوف من الضيق بسبب كثرة الأولاد ومن متاعب كسب العيش لهم، بل إن الغزالى أباح العزل محافظة على جمال الزوجة، وفى فقه المذهب الحنفى أن الأصح إباحة العزل باعتباره الوسيلة لمنع الحمل .
وفقط اختلف فقهاء المذهب فى أن هذا يستلزم موافقة الزوجة فقط، ومن هذا الرأى فقهاء مذهب الإمام مالك، ويجيز كذلك مذهب الزيدية منع الحمل بشرط موافقة الزوجة، ويشترط فى مذهب الشيعة الجعفرية أن تكون موافقة الزوجة على العزل وقت عقد الزواج، ومذهب الأباضية يجيز العزل كذلك بموافقة الزوجة، ويقول الإمام الشوكانى فى نيل الأوطار إن الأمور التى تحمل على العزل الإشفاق على الولد الرضيع خشية الحمل مدة الرضاع والفرار من كثرة العيال، والفرار من حصولهم من الأصل .
ومن هذا العرض الموجز لأقوال الفقهاء يبدون واضحا أن العزل كوسيلة من وسائل منع الحمل جائز، وأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعزلون عن نسائهم وجواريهم فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك وإذا كان الأمر كذلك، فإن جواز تنظيم النسل أمر لا تأباه نصوص السنة الشريفة، قياسا على جواز العزل فى عهد الرسول صلوات الله عليه وسلامه كما روى الإمام مسلم فى صحيحه كنا نعزل والقرآن ينزل كما رواه البخارى فى صحيحه كذلك .(20/376)
السؤال الثانى إذا كانت الأمر كذلك فما هى الوسيلة التى تتبع لتنظيم النسل .
جو ابه كما قلت إن فقهاء الشريعة الإسلامية قد أجازوا العزل وسيلة لمنع الحمل بموافقة الزوجة، فيجل أن تكون الوسيلة مثلا للعزل دون ضرر، وإذا كان الفقهاء القدامى لم يذكروا وسيلة أخرى فذلك لأن العزل كان هو الطريق المعروف فى وقتهم ومن قبلهم فى عهد الرسول صلوات الله وسلامه عليه .
وليس ثمة ما يمنع قياس مثيله عليه مادام الباعث على العزل هو منع الحمل، فلا ضير من سريان إباحة منع الحمل بكل وسيلة حديثة تمنعه مؤقتا دون تأثير على أصل الصلاحية للإنجاب .
فلا فرق إذن بين العزل باعتباره سببا وبين وضع حائل يمنع وصول ماء الرجل إلى داخل رحم الزوجة، سواء كان هذا الحائل يضعه الرجل أو تضعه المرأة، ولا فرق بين هذا كذلك وبين أى دواء يقطع الطبيب بأنه يمنع الحمل مؤقتا ولا يؤثر فى الإنجاب مستقبلا، ومع هذا فقد تناول بعض الفقهاء طرقا لمنع الحمل غير العزل وأباحوها قياسا على العزل، من ذلك ما قاله بعض فقهاء المذهب الحنفى من أنه يجوز للمرأة أن تسد فم رحمها منعا لوصول الماء إليه لأجل منع الحمل بشرط موافقة الزوج .
ونص فقهاء المذهب الشافعى على إباحة ما يؤخر الحمل مدة - وعلى هذا يباح استعمال الوسائل الحديثة لمنع الحمل مؤقتا أو تأخيره مدة، كاستعمال أقراص منع الحمل، أو استعمال اللولب، أو غير هذا من الوسائل التى يبقى معها الزوجان صالحين للإنجاب ، بل إن هذه الوسائل أولى من العزل، لأن معها يكون الاتصال الجنسى بطريق طبيعى، أما العزل فقد كان فى اللجوء إليه أضرار كثيرة للزوجين أو لأحدهما على الأقل .
السؤال الثالث هل بعد هذا ترى سيادتك أن يكون تنظيم النسل بقانون .
جو ابه إن هذا الذى قرره الفقهاء من جواز تنظيم النسل بمنع الحمل فترة مؤقتة أخذا من جواز العزل إنما أباحوه بشرط موافقة الزوجين فلا ينفرد أحدهما مستبدا بالرأى، وإذا كان هذا هو الأساس فإن القانون، إذ أن لكل فرد ظروفه يقدرها وعليه أن يحسن التقدير، وهذا التقدير الحسن إنما يتأتى بالتوعية والإعلان للناس، وعلى الدولة أن تتخذ الوسائل الكفيلة بحسن التوعية وجديتها سيما فى الأوساط والطبقات التى تحرص على كثرة النسل طلبا للأيدى العاملة مثلا .
فتوفير الوسائل الحديثة فى الميكنة والصناعات وتوصيل وسائل تأخير الحمل إلى هذه الطبقات ، كل هذا من دواعى نجاح التوعية وضمان الإقبال، وليست التوعية إعلانات وملصقات وإنما بوسائل تشجيعية .
السؤال الرابع هل يتنافى تنظيم النسل أو تتعارض الدعوة إليه مع التوكل على الله وضمان الرزق للخلق جو ابه منع الحمل مؤقتا بالعزل أو بأية وسيلة حديثة لا يعدو أن يكون أخذا بالأسباب مع التوكل على الله شأن المسلم فى كل أعماله، أرأيت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال لصاحبه (اعقلها وتوكل) أى أعقل الناقة واتركها متوكلا على الله فى حفظها .(20/377)
أكان هذا نصحا توجيها سديدا أم ماذا لا مراء فى أن ما أرشد إليه الرسول عليه الصلاة والسلام من الأخذ بالأسباب مع التوكل هو التفسير الصحيح للتوكل على الله، ومع هذا فإن الإمام الغزالى داعية التوكل رد على هذا السؤال بقوله فى كتاب الإحياء فى هذا المقام (إن العزل للخوف من كثرة الحرج بسبب كثرة الأولاد ليس بمنهى عنه) ثم هل قول الله تعالى { وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها } يسمح بالكف عن طلب الرزق اعتمادا على أنه مكفول من الله إلا أن التوكل على الله هو ما صوره الفاروق عمر بن الخطاب بقوله (المتوكل على الله من ألقى حبة فى التراب وتوكل على رب الأرباب) فالتوكل على الله مصاحب الأخذ بالأسباب، والتوكل غير التواكل، لأن هذا الخير ضعف وتردد وإهمال لجانب السعى وتمنى الأمانى على الله دون عمل .
السؤال الخامس هل يحرم التعقيم للزوج أو للزوجة كوسيلة لمنع الحمل .
جو ابه يحرم التعقيم لأى واحد من الزوجين أو كليهما إذا كان يترتب عليه عدم الصلاحية للإنجاب مستقبلا، سواء كان التعقيم القاطع للإنجاب بدواء أو جراحة، إلا إذا كان الزوجان أو أحدهما مصابا بمرض موروث أو ينتقل بالوراثة، مضرا بالأمة حيث ينتقل بالعدوى وتصبح ذريتهما مريضة لا يستفاد بها، بل تكون ثقلا على المجتمع سيما بعد أن تقدم العلم وثبت انتقال بعض الأمراض بالوراثة، فمتى تأكد ذلك جاز تعقيم المريض، بل ويجب دفعا لضرر، لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح فى قواعد الشريعة الإسلامية .
السؤال السادس هل يجوز الإجهاض وسيلة من وسائل تنظيم النسل .
جو ابه أجاز فقهاء المذهب الحنفى إسقاط الحمل ما لم يتخلق منه شىء، وهو لا يتخلق إلا بعد مائة وعشرين يوما، وهذا الإسقاط مكروه بغير عذر، وذكروا أن من الأعذار انقطاع لبن المرأة المرضع بعد ظهور الحمل مع عجز أب الصغير عن استئجاره مرضعة ويخاف هلاكه ويرى بعض الشافعية مثل ذلك .
وفريق من المالكية ومذهب الظاهرية يرون التحريم، ومن المالكية من يراه مكروها، والزيدية يرون إباحة الإجهاض قبل نفخ الروح فى الجنين مطلقا، أى سواء أكان الإسقاط لعذر أو لغير عذر، ولا خلاف بين الفقهاء جميعا فى أن إسقاط الجنين بعد استقراره حملا أربعة أشهر محرم وغير جائز إلا لضرورة، كما إذا تعسرت الولادة ورأى الطبيب المتخصص أن بقاء الحمل ضار بالأم، فإنه فى هذه الحال يباح الإجهاض، إعمالا لقاعدة دفع الضرر الأشد بالضرر الأخف، ولا نزاع فى أنه إذا دار الأمر بين موت الجنين وموت الأم، كان الإبقاء على الأم لأنها الأصل .
وعلى هذا فإن الإجهاض بمعنى إسقاط الحمل بعد بلوغ سنه أربعة أشهر رحمية حرام وغير جائز شرعا إلا للضرورة كالمثال السابق، وكما إذا تعسرت الولادة أيضا وكانت المحافظة على حياة الأم داعية لتقطيع الجنين قبل خروجه فإن ذلك جائز .
السؤال السابع أخيرا يقول بعض الناس فى أن تنظيم النسل معاندة لقدر الله وهذا مما لا يليق بالمسلم .(20/378)
جو ابه إن قدر الله غيب غير معروف، لكن تجربة الإنسان ترشده إلى أن فعل أمر ترتب عليه حدوث أمر آخر وتحققه فعلا، فذلك أمره متروك إلى الله وحده الذى يرتب المسببات على أسبابها العادية ويدل لهذا قول رسول الله صلوات الله عليه فى حديث أبى سعيد الخدرى المروى فى الصحيحين فى شأن العزل (ان الله لو أراد أن يخلق شيئا لم يستطع أحد أن يصرفه) .
ـــــــــــــــــــ
تنظيم النسل وفوائد البنوك المحددة
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
صفر 1401 هجرية - 29 ديسمبر 1980 م
المبادئ
1 - العزل مباح باتفاق الزوجين أما تنظيم النسل فأمر لا تأباه الشريعة قياسا على العزل، ويقصد بالتنظيم المباعدة بين فترات الحمل .
2 - منع الحمل نهائيا غير جائز شرعا .
3 - فوائد البنوك محرمة شرعا ما دامت محددة المقدار
السؤال
بالطلب المقيد برقم 182 سنة 1980 وقد رغب فيه السائل بيان حكم الشرع فى الأمور الآتية : 1 - مسألة تحديد النسل .
وهل هناك نص فى كتاب الله يبيحها من حيث إنه المصدر الرئيسى للتشريع لأن كل من يتصدى للكلام فى هذا الموضوع يأتى مستندا إلى حديث شريف فقط - وأيضا موقف الآية الكريمة، وهى قوله الله تعالى { ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم } من مسألة تحديد النسل .
2 - مكان تواجد الوادى المقدس طوى حيث اختلفت الآراء فيه أهو بسيناء أم بفلسطين .
3 - مسألة الفوائد التى تعطيها أو تدفعها البنوك أو الشركات على المبالغ المدفوعة لديها أو المستثمرة بمعرفتها - هل تلك الفوائد تعد ربا أم لا
الجواب
عن السؤال الأول إن مصدر الأحكام فى الإسلام أصلان أساسيان .
هما القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، يدل على هذا القول الرسول صلى الله عليه وسلم (تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتى، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض) - أخرجه الحاكم عن أبى هريرة رضى الله عنه ( كتاب البيان والتعريف فى أسباب ورود الحديث الشريف ج - 2 ص 248 و 249 ) وباستقراء آيات القرآن الكريم، نرى أنه لم يرد فيها نص صريح يحرم الإقلال من النسل، أو منعه وإنما جاء فيه ما جعل المحافظة على النسل من المقاصد الضرورية للأحكام الشرعية ( الموافقات للشاطبى ج - 2 ص 8 وما بعدها فى مقاصد الشريعة ) لكن ورد فى كتاب السنة الشريعة أحاديث فى الصحيح وغيره تجيز العزل عن النساء،(20/379)
بمعنى أن يقذف الرجل ماءه خارج مكان التناسل من زوجته، بعد كمال اتصالهما جنسيا وقبل تمامه .
من هذه الأحاديث ما رواه جابر قال (كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل) متفق عليه - وروى مسلم (كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغه ذلك فلم ينهنا) .
( منتقى الأخبار وشرحه نيل الأوطار للشوكانى ج - 6 ص 195 و 196 ) وقد اختلف الفقهاء فى إباحة العزل - بذلك المعنى - كوسيلة لمنع الحمل والإقلال من النسل أو كراهيته، وفى هذا يقول الإمام الغزالى فى كتاب إحياء علوم الدين فى آداب النكاح فى حكم العزل ما موجزه إن العلماء اختلفوا فى إباحة العزل وكراهيته على أربعة أقوال فمنهم من أباح العزل بكل حال، ومنهم من حرمه بكل حال ، وقائل منهم أحل ذلك برضاء الزوجة، ولا يحل بدون رضائها، وآخر يقول إن العزل مباح فى الإماء (المملوكات) دون الحرائر (الزوجات) - ثم قال الغزالى إن الصحيح عندنا - يعنى مذهب الشافعى - أن ذلك مباح .
ويكاد فقهاء المذاهب يتفقون على أن العزل - أى محاولة منع التقاء منى الزوج ببويضة الزوجة - مباح فى حالة اتفقا الزوجين على ذلك، ولا يجوز لأحدهما دون موافقة الآخر، والدليل على هذه الإباحة ما جاء فى كتب السنة من أن الصاحبة رضوان الله عليهم كانوا يعزلون عن نسائهم وجواريهم فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم .
وأن ذلك بلغه ولم ينه عنه، كما جاء فى رواية مسلم عن جابر .
وإذ كان ذلك كانت إباحة تنظيم النسل أمرا لا تأباه نصوص السنة الشريفة قياسا على العزل الذى كان معمولا به وجائزا فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء فى رواية الإمام مسلم فى صحيحه عن جابر قال (كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل) كما جاء فى رواية الإمام البخارى فى صحيحه - والمقصود بتنظيم النسل بهذا المفهوم هو المباعدة بين فترات الحمل، محافظة على صحة الأم وحفظا لها من أضرار كثرة الحمل وقف الصلاحية للإنجاب نهائيا، فإن ذلك أمر يتنافى مع دعوة الإسلام ومقاصده فى المحافظة على إنسال الإنسان إلى ما شاء الله وقول الله سبحانه وتعالى { ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم } الإسراء 31 ، لا يتنافى مع ما قال به جمهور فقهاء المسملين من إباحة العزل عن الزوجة قصدا لتأخير الحمل، أو وقفه مؤقتا لعذر من الأعذار المقبولة شرعا - ذلك أن هذه الآية جاءت فى النهى عن قتل الأولاد، ومنع حدوث الحمل بمنع التلقيح الذى هو النواة الأولى فى تكوين الجنين لا يعد قتلا لأن الجنين لم يتكون بعد إذا ما تم العزل، ولم يلتق منى الزوج ببويضة الزوجة إذ لم يتخلقا ولم يمرا بمراحل التخلق التى جاءت - والله أعلم - فى قوله تعالى { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين .
ثم جعلناه نطقة فى قرار مكين } المؤمنون 12 ، 13 ، وبينها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى رواه عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق إن خلق أحدكم يجمع فى بطن أمه(20/380)
أربعين يوما وأربعين ليلة أو أربعين ليلة ثم يكون علقة مثله، ثم يكون مضغة مثله، ثم يبعث الله إليك الملك، فيؤذن بأربع كلمات فيكتب رزقه وأجله وعمله ، وشقى أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل عمل أهل الجنة فيدخلها) ( كتاب الأحاديث القدسية ج - 1 و 2 ص 107 طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة ) أخرجه البخارى مواضع من صحيحه .
ومن ثم فلا يعد العزل أو استعمال أى مانع حديث قتلا للولد، وإلا لنهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وعن السؤال الثانى قوله سبحانه وتعالى فى سورة طه { إنك بالواد المقدس طوى } طه 12 ، جاء فى تفسير ابن جرير الطبرى فى رواية ابن وهب ذلك الوادى هو طوى حيث كان موسى، وحيث كان إليه من الله ما كان .
قال وهو نحو الطور وفى تفسير ابن كثير رواية عن ابن عباس رضى الله عنهما أن هذا اسم لهذا الوادى ومثله فى تفسير الألوسى .
وفى تفسير فتح القدير للشوكانى وطوى اسم موضع بالشام .
وفى لسان العرب فى مادة (ودى) قال ابن سيده الوادى كل مفرج بين الجبال والتلال والآكام، سمى بذلك لسيلانه، يكون مسلكا للسيل ومنفذا .
وفيه فى مادة (طوى) طوى جبل بالشام، وقيل هو واد فى أصل الطور ويكون هذا اللفظ اسما لهذه البقعة كما قال تعالى { فى البقعة المباركة من الشجرة } القصص 30 ، ومن قرأ طوى بالكسر، فعلى معنى المقدسة مرة بعد مرة، وقال بعضهم إن كوى بالضم مثل طوى بالكسر وهى الشىء المثنى، وقوله تعالى { إنك بالواد المقدس طوى } طه 12 ، أى طوى مرتين أى قدس، وهذا الوادى غير ذو طوى بالقصر ، لأن هذا واد بمكة، وذو طواء ممدود موضع بطريق الطائف، وقيل واد .
وفى مختصر ( مختصر كتاب البلدان لأبى بكر أحمد بن محمد الهمزانى المعروف بابن الفقيه طبع لندن .
سنة 1302 هجرية - ص 57 و 99 ) كتاب البلدان وطول مصر من الشجرتين اللتين بين رفع والعريش إلى أسوان، وعرضها من برقة إلى أيلة وفى موضع آخر .
والطور الذى كلم الله عز وجل فيه موسى وهو فى صحراء التيه فيما بين القلزم وأيلة ( جاء فى كتاب تاريخ سيناء القديم والحديث لنعوم شقير طبع دار المعارف سنة 1916 م .
ص 18 و 20 أن القلزم هى السويس الحالية وأن أيلة هى التى عرفت باسم العقبة على رأس خليج العقبة الحد الفاصل بين مصر والحجاز (ولعلها ايلات الاسرائيلية الآن )) والظاهر من هذا ومما أورده ابن منظور فى كتاب لسان العرب فى مادتى ودى وطوى - أن المعنى بهذه الآية - والله أعلم - الوادى الذى فى أصل جبل الطور الذى كلم الله عز وجل فيه موسى عليه السلام، فهو فى أرض مصر بسيناء .(20/381)
وكما عبر مختصر كتاب البلدان وهو (فى صحراء التيه بين القلزم وأيلة) وهذا ما قال بان جرير الطبرى فى تفسيره - حسبما تقدم - وليس صحيحا أنه بالشام أو فلسطين، لأن الوحى لموسى كان فى أرض سيناء بمصر .
وعن السؤال الثالث إن الربا فى اصطلاح الفقهاء هو زيادة مال بلا مقابل فى معاوضة مال بمال وبهذا يكون ما يؤديه المدين إلى الدائن زيادة على الدين نظير مدة معلومة من الزمن مع الشرط والتحديد من الربا ن كما تكون الزيادة عند مقايضة شيئين من جنس واحد من الربا أيضا، والربا محرم فى الإسلام بالآيات الكثيرة فى القرآن الكريم، سواء منها ما حكت تحريمه فى الشرائع السابقة أو ما جاء تشريعا للإسلام، وكان من آخر القرآن نزولا على ما صح عن ابن عباس رضى الله عنهما قول الله سبحانه { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم } البقرة 275 ، 276 ، وقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين .
فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون } البقرة 278 ، 279 ، وروى البخارى ومسلم وغيرهما من أصحاب السنن عن أبى سعيد الخدرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والتمر بالتمر، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والملح بالملح، مثلا بمثل، يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى المعطى والآخذ منه سواء) وهذا للفظ لمسلم .
وبهذه النصوص وغيرها فى القرآن والسنة يحرم الربا بكل أنواعه وصوره سواء كان زيادة على أصل الدين، أو زيادة فى نظير تأجيل الدين وتأخير سداده، أو اشتراط ضمان هذه الزيادة فى التعاقد مع ضمان رأس المال .
لما كان ذلك .
وكانت الفوائد المسئول عنها التى تقع فى عقود الودائع فى البنوك، وفى صناديق التوفير فى البريد، وفى البنوك، وفى شهادات الاستثمار محددة المقدار بنسبة معينة من رأس المال المودع، وكانت الوديعة على هذا من باب القرض بفائدة، ودخلت فى نطاق ربا الفضل أو ربا الزيادة كما يسميه الفقهاء وهو محرم فى الإسلام بعموم الآيات فى القرآن الكريم وبنص السنة الشريفة وبإجماع المسلمين لا يجوز لمسلم أن يتعامل بها أو يقتضيها، لأنه مسئول أمام الله عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه كما جاء فى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى رواه الترمذى ونصه (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن عمله فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه) ( صحيح الترمذى ج 9 ص 253 فى أبواب صفة القيامة والرقائق والورع ) والله سبحانه وتعالى أعلم
ـــــــــــــــــــ
التعقيم(20/382)
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
ما حكم ربط المبايض والتعقيم كوسيلة من وسائل تنظيم النسل ؟
الجواب
خلق الله سبحانه وتعالى الذكر والأنثى، وجعل لكل منهما خصائص من أجل التناسل والتعاون على عمارة الأرض ، وتعقيم واحد منهما معناه جعل الرجل أو المرأة عقيما لا يلد ولا يولد له ، ويتم ذلك بوسائل متعددة ، كان منها فى الزمن القديم سل الخصيتين من الرجل ، وفى الزمن الحديث ربط الحبل المنوى ، أو جراحة أو إعطاء دواء يمنع إفراز الحيوانات المنوية أو يبطل مفعولها ، وتعقيم المرأة يكون بتعطيل المبيضين بجراحة أو دواء يمنع إفراز البويضات ، أو بسد قناة فالوب ، أو استئصال الرحم أو غير ذلك من الوسائل .
وإذا جاز من الناحية الصحية أو غيرها تأجيل الحمل مدة معينة ، مع بقاء الاستعداد للقدرة على الإنجاب عندما تتاح الفرصة، فإنه لا يجوز مطلقا تعطيل الجهازين تعطيلا كاملا عن أداء وظيفتهما، إلا إذا دعت إلى ذلك ضرورة قصوى . ففى ذلك مضادة لحكمة خلق الله للنوعين ، مع ما ينتج عنه من فقد كل من الرجل أو المرأة بعض الخصائص المميزة لهما فى الصوت والشعور والإحساس وتأثير ذلك على السلوك ولو إلى حد ما .
ومن هنا نهى الإسلام عن خصاء الرجل لما فى حديث البخارى عن أبى هريرة رضى الله عنه حيث سأل النبى صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فى الخصاء لعدم وجود ما يتزوج به وهو شاب يخاف على نفسه الوقوع فى الإثم .
وكما فى حديث أحمد فى النهى عنه للغزاة الذين ليس معهم زوجاتهم ، وفى قول النبى صلى الله عليه وسلم لرجل استأذنه فى الخصاء، "خصاء أمتى الصيام والقيام " رواه أحمد والطبرانى .
وتعقيم المرأة كالخصاء للرجل فى الحكم وهو الحرمة، وقد قرر المختصون أن عملية الحمل ضرورية لتوازن الحيوية فى المرأة ، والوقوف ضدها عناد للطبيعة ، وبهذا يكون ربط المبايض حراما كما قاله جمهور الفقهاء ، ومن كانت عندها أولاد تريد الاكتفاء بهم فتعقم نفسها ، هل تضمن تصاريف القدر بالنسبة لهؤلاء الأولاد ، مع أن هناك وسائل لتأجيل الحمل لا لمنعه ، فيها مندوحة عن التورط فى أمر يكون من ورائه الندم حيث لا ينفع ، وإذا كان الإمام أحمد أجاز شرب المرأة الدواء لقطع دم الحيض فلعله لغرض آخر غير التعقيم ، ومع ذلك لا يصح أن يلجأ إليه إلا عند الضرورة القصوى كتحقق الوراثة لمرض خبيث أعيا الطب علاجه ، والضرورة تقدر بقدرها
ـــــــــــــــــــ(20/383)
تنظيم النسل : حكمه ومسوغاته ... العنوان
ما حكم تأجيل الخلفة حتى الانتهاء من المذاكرة والامتحانات ؟ ... السؤال
22/03/2006 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فيقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: لا مانع من ذلك إذا اتفق عليه الزوجان، ولم يضر الزوجة،
وقد كان الصحابة يعزلون لأعذار وأسباب، ولم ينههم الرسول صلى الله ليه وسلم، كما جاء في الصحيح.
فلا ريب أن بقاء النوع الإنساني من أول أغراض الزواج أو هو أولها وبقاء النوع إنما يكون بدوام التناسل، وقد حبب الإسلام في كثرة النسل، وبارك الأولاد ذكورًا وإناثًا ولكنه رخص للمسلم في تنظيم النسل إذا دعت إلى ذلك دواع معقولة وضرورات معتبرة، وقد كانت الوسيلة الشائعة التي يلجأ إليها الناس لمنع النسل أو تقليله - في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - هي العزل (وهو قذف النطفة خارج الرحم عند الإحساس بنزولها) وقد كان الصحابة يفعلون ذلك في عهد النبوة والوحي كما رُوى في الصحيحين عن جابر "كنا نعزل في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقرآن ينزل" وفي صحيح مسلم قال: "كنا نعزل على عهد رسول الله فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم ينهنا ".
وجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله . إن لي جارية وأنا أعزل عنها، وإني أكره أن تحمل وأنا أريد ما يريد الرجال، وإن اليهود تحدث: أن العزل الموءودة الصغرى ! ! فقال عليه السلام: "كذبت اليهود، ولو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه" (رواه أصحاب السنن) . ومراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الزوج - مع العزل - قد تفلت منه قطرة تكون سببًا للحمل وهو لا يدري.
وفي مجلس عمر تذاكروا العزل فقال رجل: إنهم يزعمون أنه الموءودة الصغرى، فقال علي: لا تكون موءودة حتى تمر عليها الأطوار السبعة، حتى تكون سلالة من طين ثم تكون نطفة ثم علقة ثم عظامًا ثم تكسى لحمًا ثم تكون خلقًا آخر . فقال عمر: صدقت . . أطال الله بقاءك.
مسوغات لتنظيم النسل
ومن أول هذه الضرورات: الخشية على حياة الأم أو صحتها من الحمل أو الوضع، إذا عرف بتجربة أو إخبار طبيب ثقة . قال تعالى
(ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة). (البقرة: 195).
وقال: (ولا تقتلوا أنفسكم، إن الله كان بكم رحيمًا). النساء (29).(20/384)
ومنها الخشية في وقوع حرج دنيوي قد يفضي به إلى حرج في دينه فيقبل الحرام، ويرتكب المحظور من أجل الأولاد، قال تعالى:.
(يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر). (البقرة: 185)
(ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج). (المائدة: 6)
ومن ذلك الخشية على الأولاد أن تسوء صحتهم أو تضطرب تربيتهم وفي صحيح مسلم عن أسامة بن زيد أن رجلاً جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله، إني أعزل عن امرأتي . فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لم تفعل ذلك" ؟ فقال الرجل: أشفق على ولدها - أو قال -: على أولادها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو كان ضارًا لضر فارس والروم". (أخرجه مسلم).
وكأنه عليه السلام رأى أن هذه الحالات الفردية لا تضر الأمة في مجموعها بدليل أنها لم تضر فارس والروم - وهما أقوى دول الأرض حينذاك.
ومن الضرورات المعتبرة شرعًا الخشية على الرضيع من حمل جديد ووليد جديد، وقد سمى النبي - صلى الله عليه وسلم - الوطء في حالة الرضاع وطء الغيلة أو الغيل لما يترتب عليه من حمل يفسد اللبن ويضعف الولد، وإنما سماه غيلا أو غيلة، لأنه جناية خفية على الرضيع فأشبه القتل سرًا.
وكان - عليه الصلاة والسلام - يجتهد لأمته فيأمر بما يصلحها، وينهاها عما يضرها.
وكان من اجتهاد ه لأمته أن قال: "لا تقتلوا أولادكم سرًا فإن الغيل يدرك الفارس فيدعثره" (رواه أبو داود) . ولكنه عليه السلام لم يؤكد النهي إلى درجة التحريم، ذلك لأنه نظر إلى الأمم القوية في عصره فوجدها تصنع هذا الصنيع ولا يضرهم - فالضرر غير مطرد - هذا مع خشيته العنت على الأزواج لو جزم بالنهي عن وطء المرضعات، ومدة الرضاع قد تمتد إلى حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة لذلك كله قال: "لقد هممت أن أنهي عن الغيلة ثم رأيت فارس والروم يفعلونه ولا يضر أولادهم شيئًا". (رواه مسلم (.
قال ابن القيم رحمه الله في بيان الصلة بين هذا الحديث والحديث السابق - لا تقتلوا أولادكم سرًا -: " أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحد الجانبين أنه - أي الغيل - يفعل في الوليد مثل ما يفعل من يصرع الفارس عن فرسه كأنه يدعثره ويصرعه، وذلك يوجب نوع أذى ولكنه ليس بقتل للولد وإهلاك له، وإن كان قد يترتب عليه نوع أذى للطفل، فأرشدهم إلى تركه ولكنه لم ينه عنه - أي نهي تحريم - ثم عزم على النهي سدا لذريعة الأذى الذي ينال الرضيع، فرأى أن سد هذه الذريعة لا يقاوم المفسدة التي تترتب على الإمساك عن وطء النساء مدة الرضاع، ولا سيما من الشباب وأرباب الشهوة التي لا يكسرها إلا مواقعة نسائهم، فرأى أن هذه المصلحة أرجح من مفسدة سد الذريعة. فنظر ورأى الأمتين - اللتين هما من أكثر الأمم وأشدها بأسًا - يفعلونه ولا يتقونه مع قوتهم وشدتهم فأمسك عن النهي عنه". ("مفتاح دار السعادة" لابن القيم ص 620 وانظر "زاد المعاد" جـ 4 ص 16 وما بعدها ط. صبيح).(20/385)
وقد استحدث في عصرنا من الوسائل التي تمنع الحمل ما يحقق المصلحة التي هدف إليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهي حماية الرضيع من الضرر - مع تجنب المفسدة الأخرى - وهي الامتناع عن النساء مدة الرضاع وما في ذلك من مشقة.
وعلى ضوء هذا نستطيع أن نقرر أن المدة المثلى في نظر الإسلام بين كل ولدين هي ثلاثون أو ثلاثة وثلاثون شهرًا لمن أراد أن يتم الرضاعة.
وقرر الإمام أحمد وغيره أن ذلك يباح إذا أذنت به الزوجة، لأن لها حقا في الولد، وحقا في الاستمتاع . وروي عن عمر أنه نهى عن العزل، إلا بإذن الزوجة . وهي لفتة بارعة من لفتات الإسلام إلى حق المرأة في عصر لم يكن يعترف لها فيه بحقوق.
هذا عن رأى الشيخ فى تنظيم النسل أما الجراحة التى تقطع النسل بالكلية فلم يجزها إلا إذا كانت هناك ضرورة قوية كالخوف على حياة الأم ولم تكن هناك وسيلة متاحة غير هذا
ويقول فضيلة الشيخ عبد الخالق حسن الشريف أحد الدعاة والعلماء في مصر
جعل الله سبحانه وتعالى من مقاصد الزواج الذرية حتى تستمر الحياة على الأرض، وحتى تشبع الفطرة الإنسانية، ولكن ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لمن أراد العَزْل أن يعزل، وأخبره أن قضاء الله نافد لا محالة، وعلى هذا أجاز بعض العلماء حدوث هذا الأمر بين الزوج والزوجة إذا اتفقا. ولكن لا يرضون أن يتم العزل وشبيهه "عدم الإنجاب" إذا لم ترضَ الزوجة لما فيه من منع حقها أو تأجيله في أن تكون أمًّا قائمة على رعاية الأولاد، وتحقيق ما تتمناه في فطرتها السليمة.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
حكم تنظيم النسل:
________________________________________
السؤال: فضيلة الشيخ: ما الحكم في تنظيم النسل وهل هناك حالات توجب على الإنسان أن ينظم النسل إذا كان قليل اليد، وما حكم إنزال الجنين قبل أربعة أشهر؟
________________________________________
الجواب: تنظيم النسل ليس بيد الإنسان، بل هو بيد من له ملك السماوات والأرض، كما قال الله تعالى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ [الشورى:49] وقال: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً [الشورى:50] ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في العزل: (لو شاء الله أن يخلقه ما منعته) قال هذا أو معناه، فالأمر بيد الله، وتنظيم النسل هل هو للمرتقب المقبل أو للنسل الحاضر؟ كل ذلك بيد الله، ربما يريد الإنسان تنظيم النسل بناءً على أن عنده الآن ثلاثة أولاد ثم يأتي على هؤلاء الأولاد حادث يحصدهم جميعاً ولا يبقى له ولد، بناءً على أنه يريد أن ينظم النسل، ولكن في بعض الأحيان قد تضطر المرأة إلى تأجيل الحمل لسببٍ من الأسباب كمرضها أو ضعفها أو عجزها عن القيام بحضانة أولادها، فهذا لا بأس أن تتخذ ما يؤجل الحمل بشرط أن يكون ذلك برضا الزوج. أما الجنين إذا حملت به المرأة فإنه كما قال الله عز وجل:(20/386)
فِي قَرَارٍ مَكِينٍ [المؤمنون:13] لا يجوز إنزاله؛ لأنه منذ كان نطفة ابتدأ تكوينه، وإذا كان العزل قد اختلف العلماء فيه فكيف بشيءٍ ابتدأ تكوينه؟ فلا يجوز إنزال الحمل منذ تكوينه إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك؛ لكون الأم لا تتحمل الحمل لمرضٍ في قلبها أو في صحتها أو في بطنها أو غير ذلك، فحينئذٍ ينزل إلى تمام أربعة أشهر، أي: إلى أن تنفخ فيه الروح، فإذا نفخ فيه الروح فإنه لا يجوز تنزيله أبداً بأي حالٍ من الأحوال؛ لأنه إذا نفخ فيه الروح صار إنساناً، والإنسان لا يجوز قتله بأي حالٍ من الأحوال.
ـــــــــــــــــــ
لقاءات الباب المفتوح - (ج 26 / ص 8)
حكم استعمال المرأة لعقاقير منع الحمل:
________________________________________
السؤال: هل يجوز للمرأة أن تستعمل موانع الحمل لمدة سنتين بدون عذر بحجة أنها تريد أن ترتاح، وهل يحق للزوج أن يمنعها من ذلك؟
________________________________________
الجواب: هذا السؤال يشبه السؤال السابق عن تنظيم النسل، فاستعمال المرأة دواءً يمنعها من الحمل إلى مدة سنتين، نسمي هذا تأجيل الحمل، وتأجيل الحمل جائزٌ عند الحاجة إليه، لكن بشرط أن يأذن الزوج بذلك، فإن لم يأذن فإنه لا يحل للمرأة أن تستعمل هذه الموانع بدون علمه؛ لأن الولد حقٌ للزوج وللزوجة، فإذا لم يرغب الزوج في أن تؤجل الحمل حرم عليها أن تستعمل ما يؤجله، والمرجع في هذا إلى الزوج وإلى الزوجة، أما كونه إلى الزوج فلأن الله عز وجل قال: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة:223] فالحارث هو الزوج، والحارث له أن يحرث أرضه متى شاء ويسقيها ويزرعها، كذلك الزوج لو أراد أن يعزل بحيث لا ينزل في الفرج فللزوجة أن تمنعه إذا لم ترض بذلك، ولهذا قال العلماء: يحرم العزل عن الزوجة الحرة بدون إذنها؛ لأن المرأة لها حقٌ في الولد، ولهذا لو تبين أن الزوج عقيم فللزوجة المطالبة بفسخ النكاح إذا لم ترض بكونه عقيماً؛ لأن المرأة لها حقٌ في الولد. وخلاصة الجواب: أنه لا يجوز للمرأة أن تستعمل ما يؤجل الحمل إلا برضا الزوج، ثم إذا رضي الزوج ننظر إذا كان هناك حاجة لتأجيل الحمل فلا بأس، وإن لم يكن هناك حاجة فالأولى عدم ذلك.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى يسألونك - (ج 1 / ص 140)
تنظيم النسل
يقول السائل : إنه وزوجته ينظمان النسل وأنهما رزقا ثلاثة أولاد ويريدان الإكتفاء بذلك وعدم الإنجاب مجدداً ، ويسأل عن حكم الشرع في ذلك ؟
الجواب : إن المقصود من تنظيم النسل وكما هو مذكورٌ في رسالة السائل هو جعل فترة زمنية بين مولودٍ وآخر ولكن السائل يذكر أنه لا يريد أن ينجب هو وزوجته أكثر من أولادهم الثلاثة أي أنهما يريدان تحديد النسل وقطعه بعد ذلك حيث قال :( النية هي الإكتفاء بما أنعم الله علينا نظراً لظروف الحياة الصعبة وتعقيداتها ) .(20/387)
ولا بد من التذكير أن من مقاصد الشارع الحكيم الحض على الزواج وإكثار النسل كما ثبت في الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم ( تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة ) رواه أحمد والبهيقي وابن حبان وصححه .
وتحديد النسل أي قطعه نهائياً يتعارض مع ما ذكر ، فلذلك يرى أهل العلم أن قطع النسل حرام شرعاً إلا لضرورة فلا يجوز للمسلم أن يختصي أو أن يستعمل علاجاً لقطع النسل نهائياً .
وأما جعل مدة بين حملٍ وآخر فلا بأس به إذا كان لذلك مسوغات مقبولة شرعاً كالخشية على حياة الأم لأن الحمل المتكرر المتلاحق قد يلحق الأذى والضرر بصحة الأم وهذا فيه حرجٌ ومشقة والشريعة جاءت برفع الحرج والمشقة فلا بأس إذا كان هنالك مدة سنتين أو ثلاث بين كل حمل وآخر .
ومن المسوغات أيضاً الخشية على الأولاد من الناحية الصحية والتربوية حتى يتمكن الزوجان من العناية بأولادهم صحياً وتربوياً فلا بأس بجعل فترةٍ بين كل حملٍ وآخر، فقد جاء في الحديث عن أسامة بن زيد رضي الله عنه :( أن رجلاً جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني أعزل عن امرأتي . فقال صلى الله عليه وسلم ولم تفعل ذلك ؟ قال : شفقاً على ولدها أو على أولادها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو كان ذلك ضاراً لضر فارس والروم ) رواه مسلم .
وبناء على ما تقدم نرى أن السائل يريد قطع النسل نهائياً والإكتفاء بأولاده الثلاثة فهذا عملٌ غير جائز شرعاً لأنه قطع للنسل بدون ضرورة .
ـــــــــــــــــــ
تأجيل الإنجاب من أجل الدراسة ... العنوان
أنا عمري 26 سنة ،ومتزوجة ،ولكني أدرس ،وأريد أن أؤجل موضوع الإنجاب بموافقة زوجي،ولكن نخشى أن يكون ذلك حراما ،فما رأي الدين في ذلك؟ ... السؤال
08/02/2004 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فالإنجاب حق للزوجين معا، ولا يجوز لواحد أن يمتنع عن الأخذ بالأسباب فيه،إلا برضا الطرف الآخر، وذلك أن الإنجاب مقصد أصيل من مقاصد الزواج في الإسلام .
فإن كان الزوج موافقا على عدم الإنجاب الآن، بمعنى تأخيره ، حتى تنتهي من دراستك ، فلا مانع من ذلك شرعا، وليس هناك إثم على اتخاذ هذا القرار .
يقول الدكتور فؤاد مخيمر الأستاذ بجامعة الأزهر -رحمه الله - :
إن من سمات الزواج وثماره الإنجاب، اللهم إلا إن كان هناك موانع عند الزوجين أو أحدهما، وقَبِلَ كلُّ طرف الحياةَ مع الآخر بحب ومودة ورحمة؛ فلا بأس، وبالصبر ينالان الأجر من الله تعالى .انتهى(20/388)
ويقول الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث :
اتّفق الفقهاء على إباحة العزل عن الزّوجة إذا وافقت على ذلك. بل يرى أكثرهم أنّه يجوز العزل ولو بغير رضاها. والتّوقّف عن الإنجاب ناتج عن العزل، وهو منع منيّ الرّجل من الوصول إلى الرّحم. وكلّ أسلوب علمي يؤدّي لتحقيق هذه النّتيجة فهو جائز عند الجمهور، خاصّة عند وجود السّبب الذي يدعو إلى ذلك. لكن مع موافقة الزّوجة يصبح جائزاً عند الجميع.انتهى
ويقول الشيخ عبد الخالق الشريف من الدعاة والعلماء بمصر - :
جعل الله سبحانه وتعالى من مقاصد الزواج الذرية حتى تستمر الحياة على الأرض، وحتى تشبع الفطرة الإنسانية، ولكن ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لمن أراد العَزْل أن يعزل، وأخبره أن قضاء الله نافد لا محالة، وعلى هذا أجاز بعض العلماء حدوث هذا الأمر بين الزوج والزوجة إذا اتفقا. ولكن لا يرضون أن يتم العزل وشبيهه "عدم الإنجاب" إذا لم ترضَ الزوجة لما فيه من منع حقها أو تأجيله في أن تكون أمًّا قائمة على رعاية الأولاد، وتحقيق ما تتمناه في فطرتها السليمة .انتهى
ويقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي - :
لا مانع من العزل إذا اتفق عليه الزوجان، وقد كان الصحابة يعزلون لأعذار وأسباب، ولم ينههم الرسول صلى الله ليه وسلم، كما جاء في الصحيح.
فلا ريب أن بقاء النوع الإنساني من أول أغراض الزواج أو هو أولها وبقاء النوع إنما يكون بدوام التناسل، وقد حبب الإسلام في كثرة النسل، وبارك الأولاد ذكورًا وإناثًا ولكنه رخص للمسلم في تنظيم النسل إذا دعت إلى ذلك دواع معقولة وضرورات معتبرة، وقد كانت الوسيلة الشائعة التي يلجأ إليها الناس لمنع النسل أو تقليله - في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - هي العزل (وهو قذف النطفة خارج الرحم عند الإحساس بنزولها) وقد كان الصحابة يفعلون ذلك في عهد النبوة والوحي كما رُوى في الصحيحين عن جابر "كنا نعزل في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقرآن ينزل" وفي صحيح مسلم قال: "كنا نعزل على عهد رسول الله فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم ينهنا".
وجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله . إن لي جارية وأنا أعزل عنها، وإني أكره أن تحمل وأنا أريد ما يريد الرجال، وإن اليهود تحدث: أن العزل الموءودة الصغرى ! ! فقال عليه السلام: "كذبت اليهود، ولو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه" (رواه أصحاب السنن) . ومراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الزوج - مع العزل - قد تفلت منه قطرة تكون سببًا للحمل وهو لا يدري.
وفي مجلس عمر تذاكروا العزل فقال رجل: إنهم يزعمون أنه الموءودة الصغرى، فقال علي: لا تكون موءودة حتى تمر عليها الأطوار السبعة، حتى تكون سلالة من طين ثم تكون نطفة ثم علقة ثم عظامًا ثم تكسى لحمًا ثم >
تكون خلقًا آخر . فقال عمر: صدقت . . أطال الله بقاءك.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ(20/389)
فتاوى يسألونك - (ج 2 / ص 147)
موقف الإسلام من تنظيم النسل
يقول السائل : ما هو موقف الإسلام من تنظيم النسل وتحديده ؟
الجواب : إن الإسلام قد اعتنى بالنسل والمحافظة عليه بل إن المحافظة عليه من مقاصد الشريعة الإسلامية وقد ورد في ذلك كثير من النصوص الشرعية منها :
1. يقول الله سبحانه وتعالى :( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ) سورة الرعد آية 38 .
2. ويقول سبحانه وتعالى :( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) سورة البقرة آية 187 .
3. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فليصم فإنه له وجاء ) رواه مسلم .
4. وقال أيضاً :( تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة ) رواه ابن ماجة وغير ذلك من الأحاديث .
ولا شك أن بقاء النوع الإنساني من أهم أغراض الزواج وبقاء النوع الإنساني إنما يكون بدوام التناسل فلذلك حث الإسلام على الزواج وعلى التناسل وبارك الأولاد ذكوراً وإناثاً .
وقد ظهرت دعوات كثيرة لتنظيم النسل أو تحديده أو قطعه كلياً في كثير من البلدان وأعدت لذلك برامج كثيرة وأنفقت أموال طائلة واستغلت وسائل الإعلام لذلك وقامت بعض الدول بتنظيم الحملات المتعلقة بذلك من أجل تحديد النسل وتقليله وما يجري في مصر خير مثال على ذلك .
ولقد قرر الفقهاء المعاصرون أن تنظيم النسل بالنسبة للأمة محرم ولا يجوز إذا تبنته الدولة وفرضته على الناس بشكل إجباري وأما إذا كان تنظيم النسل باختيار الزوجين فيجوز ذلك متى كان لهما ما يبرره ويسوغه .
ويجب أن يعلم أن هنالك فرقاً واضحاً بين تنظيم النسل وبين وتحديد النسل فتنظيم النسل عبارة عن تنظيم عملية الإنجاب باتباع وسائل معينة بحيث تكون هنالك مدة بين كل مولود وآخر .
وأما تحديد النسل فهو الوقوف بالنسل عند حد معين باستعمال وسائل وقائية أو علاجية لقطع النسل كأن تنجب الزوجة ولداً واحداً فقط أو اثنين .
وتنظيم النسل جائز إذا توفرت الدواعي لذلك كما سأبينها بعد قليل وأما تحديد النسل فهو محرم ولا يجوز شرعاً لما يلي :
أولاً : لأن الوقوف بالنسل عند حد معين يؤدي إلى كف أجهزة النسل في الإنسان عن أدائها لوظائفها وإن تعاطي الوسائل التي تؤدي إلى قطع النسل كالإختصاء أو استئصال الرحم ونحوه من الوسائل يعد تغييراً لخلق الله .
ثانياً : إن تحديد النسل فيه معارضة صريحة لقوانين الفطرة ووظائفها كما أن تحديد النسل خشية الفقر فيه مساس بالعقيدة الإسلامية ومعارضة صريحة لآيات الله البينات .(20/390)
فالإسلام جعل للولد حق الحياة ولا يجوز لأبيه وأمه أن يتعديا على حياته بالقتل أو الوأد كما كان يصنع الجاهليون الذين قال الله فيهم :( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ ) سورة الأنعام آية 140 .
وقال تعالى :( وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ) سورة الإسراء آية 31 .
ثالثاً : إن تحديد النسل فيه معارضة للنصوص الشرعية الداعية إلى الإكثار من النسل وقد سبق ذكر بعضها .
رابعاً : إن تحديد النسل يعارض أمراً ضرورياً من الضروريات الشرعية وهو حفظ النسل لذلك لا يجوز تحديد النسل فهو من المحرمات .
وأما تنظيم النسل من قبل الزوجين إذا وجدت المسوغات له فجائز وأهم هذه المسوغات ما يلي :
1. الخشية على حياة الأم أو صحتها من الحمل وتبعاته فإن الولادات المتكررة مرهقة للمرأة فتحتاج المرأة إلى راحة بين الولادة والأخرى وهذه الراحة قد تطول وقد تقصر حسب حالتها الصحية وقد قال تعالى :( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) .
2. الخشية على الأولاد أن تسوء تربيتهم أو أن تضطرب تربيتهم فقد روى أسامة بن زيد أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أني أعزل عن امرأتي ، فقال له صلى الله عليه وسلم : لم تفعل ذلك ؟ فقال الرجل : أشفق على أولادها فقال صلى الله عليه وسلم :( لو كان ضاراً لضر فارس والروم ) رواه مسلم .
فكأن الرسول عليه الصلاة والسلام رأى أن هذه الحالات الفردية لا تضر الأمة في مجموعها بدليل أنها لم تضر فارس والروم وهما أقوى دول الأرض حينذاك .
3. الخشية من الوقوع في حرج دنيوي قد يؤدي إلى الوقوع في حرج ديني فيقع في الحرام ويرتكب المحظورات من أجل الأولاد يقول الله سبحانه وتعالى :( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) .
وخلاصة القول أن هذه الحالات الفردية هي التي يجوز فيها تنظيم النسل بشكل اختياري من الزوجين أما أن يكون ذلك سياسة عامة تفرضها الدولة على شعبها فلا يجوز ذلك . *****
تحنيط الجنين
تقول السائلة : إنها أسقطت جنيناً عمره سبعة أشهر فأخذه الطبيب لوضعه في المختبر فما حكم ذلك ؟
الجواب : إن ما فعله الطبيب من أخذ الجنين ووضعه في المختبر عمل محرم شرعاً لا يجوز لأن مثل هذا الجنين ينبغي أن يغسل ويصلى عليه ويدفن وهذا هو حكم الجنين إذا كان قد مضى عليه في بطن أمه أربعة أشهر فأكثر فقد ورد في الحديث :( ... والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة ) رواه أبو داود وابن حبان والحاكم والبيهقي وهو حديث صحيح كما قال الشيخ الألباني .(20/391)
فالسقط إذا نفخت فيه الروح يصلّى عليه وتُطبّق عليه الأحكام الشرعية التي تُطبّق على الميت البالغ وبالتالي لا يجوز تحنيطه ووضعه في المختبر .
وينبغي أن يعلم أن الإسلام قد احترم الإنسان حياً وميتاً وتحنيط هذا الجنين امتهان لكرامته واعتداء على حرمته وقد ورد في الحديث : عن عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :( كسر عظم الميت ككسر عظم الحي ) .
وفي رواية أخرى ( في الإثم ) رواه أبو داود وابن ماجة وأحمد والبيهقي وهو حديث صحيح كما قال الشيخ الألباني .
لذلك يجب على والد الطفل أن يأخذ الجنين من الطبيب وأن يقوم بغسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى يسألونك - (ج 3 / ص 132)
يحرم استئصال القدرة على الحمل إلا لضرورة ملحة
تقول السائلة : إنها أصيبت بمرض الأزمة وضيق التنفس ، ونصحها بعض الأطباء بإغلاق مواسير الحمل ، وفعلت ذلك ، والآن ضميرها يؤنبها ، وتسأل إن كان عليها كفارة لذلك ؟
الجواب: إن نعمة التناسل من أعظم النعم على الإنسان وقد منَّ الله سبحانه وتعالى على عباده بهذه النعمة في آيات كثيرة منها ، قوله تعالى: ( يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) سورة الحجرات /13 .
وقوله تعالى : ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ ) سورة النحل /72 .
وحث النبي- صلى الله عليه وسلم - على الزواج وعلى تكثير الأولاد فقال:( تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم ) رواه ابن حبان وأحمد والطبراني وغيرهم ، وقال الشيخ الألباني: صحيح ، إرواء الغليل 6/195 .
وغير ذلك من النصوص الشرعية .
وبناءً على ما تقدم ، يحرم اتخاذ وسيلة تؤدي إلى قطع النسل نهائياً إلا في حالات الضرورة بضوابطها الشرعية .
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الخاص بتنظيم النسل ما يلي :
(( وبناءً على أن من مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية ، الإنجاب والحفاظ على النوع الإنساني ، وإنه لا يجوز إهدار هذا المقصد ، لأن إهداره يتنافى مع النصوص الشرعية وتوجيهاتها الداعية إلى تكثير النسل والحفاظ عليه والعناية به باعتبار حفظ النسل أحد الكليات الخمس التي جاءت الشرائع برعايتها قرر ما يلي:
1 - لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب .
2 - يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل والمرأة ، وهو ما يعرف (بالإعقام) أو (التعقيم) ، ما لم تدع إلى ذلك ضرورة بمعاييرها الشرعية .
3 - يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب ، بقصد المباعدة بين فترات الحمل ، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان إذا دعت إليه حاجة معتبرة بحسب تقدير الزوجين ، عن(20/392)
تشاور بينهما وتراضٍ بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر ، وأن تكون الوسيلة مشروعة ، وأن لا يكون فيها عدوان على حمل قائم )) .
وعليه فإن هذه المرأة قد ارتكبت إثماً عندما أقدمت على إغلاق مواسير الحمل ، لأن مرضها ليس داعياً لمنع الحمل نهائيا ، وكذلك فقد أثم الطبيب الذي أشار عليها بذلك .
وعلى هذه المرأة والطبيب أن يتوبا إلى الله توبة صادقة ، ويكثرا من فعل الخيرات ولا أعلم كفارة معينة تلزمهما ، إلا ما ذكرت من التوبة .
ـــــــــــــــــــ
قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في الحكم الشرعي في تحديد النسل
الحمد لله ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه .. وبعد
فقد نظر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في موضوع تحديد النسل أو ما يسمى تضليلاً بـ ( تنظيم النسل ) .
وبعد المناقشة وتبادل الأراء في ذلك قرر المجلس بالإجماع ما يلي
نظراً إلى أن الشريعة الإسلامية تحض على تكثير نسل المسلمين وانتشاره ، وتعتبر النسل نعمة كبرى ومنة عظيمة من الله بها على عباده ، وقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله - عز وجل - وسنة رسوله ، - صلى الله عليه وسلم - ، ودلت على أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها ، وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الله - تعالى - لعباده ، ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين لتقليل عددهم بصفة عامة ، وللأمة العربية المسلمة والشعوب المستضعفة بصفة خاصة ، حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعباد أهلها والتمتع بثروات البلاد الإسلامية ، وحيث إن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء ظن الله - تعالى - وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها .
لذلك كله فإن المجمع الفقي الإسلامي يقرر بالإجماع أنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً ن ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق ، لأن الله - تعالى - هو الرزاق ذو القوة المتين ، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ، أو كان ذلك لأسباب أخرى غير معتبرة شرعاً . أما تعاطي أسباب منع الحمل أو تأخيره في حالات فردية لضرر محقق لكون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الجنينن فإنه لا مانع من ذلك شرعاً ، وهكذا إذا كان تأخيره لأسباب أخرى شرعية أو صحية يقرها طبيب مسلم ثقة ، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرر المحقق على أمة إذا كان يخشى على حياتها منه بتقرير من يوثق به من الأطباء المسلمين .
أما الدعوة إلى تحديد النسل أو منع الحمل بصفة عامة فلا تجوز شرعاً للأسباب المتقدم ذكرها ، وأشد من ذلك في الإثم والمنع إلزام الشعوب بذلك وفرضه عليها في الوقت الذي تنفق فيه الأموال الضخمة على سباق التسلح العالمي للسيطرة والتدمير ، بدلاً من إنفاقه في التنمية الاقتصادية والتعمير وحاجات الشعوب .(20/393)
توقيع ... ... ... ... ... ... ... توقيع
نائب الرئيس ... ... ... ... ... رئيس مجلس المجمع الفقهي
محمد على الحركان ... ... ... ... ... عبد الله بن حميد
رحمه الله ... ... ... ... ... ... ... رحمه الله
ـــــــــــــــــــ
التحكم في نوع الجنين ... العنوان
هل يجوز شرعاً للمسلم أن يذهب إلى بعض الأطباء ليقوموا له ببعض الأعمال والفحوصات بحيث تكون ذريته من الذكور؟، وهل تعارض هذه القضية التي تسمَّى "التحكم بنوع الجنين" عقيدة المسلم؟! وهل يعارض ذلك قوله تعالى: "ويعلم ما في الأرحام" (لقمان:34)، وهل يعد هذا الفعل تغييراً لخلق الله؟وجزاكم الله خيرا ... السؤال
17/06/2003 ... التاريخ
أ.د. عجيل النشمي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
التحكم في نوع الجنين لا يتعارض مع العقيدة السليمة، لأن المسلم يؤمن أن أي شيء في الكون لن يحدث إلاّ بإرادة الله تعالى، والاكتشافات العلمية الحديثة تحقق للإنسان بعض رغباته، ولكن يجب الالتزام بالضوابط الشرعية في الموضوع.
يقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة الإسلامية بالكويت:
هذا سؤال أجابت عنه ندوة "الإنجاب في ضوء الإسلام" التي عقدت في الكويت، 11 شعبان 1403هـ الموافق 24 مايو 1983م، ونبدأ ببيان الجانب العلمي ليمكن تصور الموضوع، ثم بناء الحكم الشرعي عليه.
هناك إنجازان علميان في الموضوع:
الأول: معرفة جنس الجنين ذكراً أو أنثى بواسطة شفط بعض السائل المحيط به من الرحم، وفيه بعض خلايا الجنين من سطح جسمه، وتُفحص هذه الخلايا ومنها يعرف جنس الجنين.
الثاني: اكتشاف الاختلاف بين المنوي المفضي للذكورة والمنوي المفضي للأنوثة في طائفة من الصفات كالكتلة والسرعة والقدرة على اختراق المخاط اللزج في قناة عنق الرحم، وغير ذلك.
وقد تم هذا في النطاق الحيواني، ويطبق في صناعة تربية الحيوان، وذلك بتحضير كمية كبيرة من السائل المنوي تجمع من عدد كبير من الفحول أمكن فصلها قسمين: أحدهما ترجح فيه المنويات المفضية إلى الأنوثة، والآخر ترجح فيه المنويات المفضية إلى الذكورة، وباستعمال أحد القسمين في التلقيح الصناعي للإناث أمكن أن يميل ميزان الفردية من النسبة الطبيعية، وهي نحو 50% لكل جنس إلى نسبة 70% في اتجاه الجنس المطلوب.(20/394)
وأما من الناحية الفقهية فإن الموضوع لا يدخل في باب العقيدة مطلقاً، بل يجب أن نعتقد أن كل ما يتوصل إليه الإنسان، إنما هو بإرادة الله وعلمه، فلو فرضنا أن طبيباً أو مجموعة من الأطباء غير المسلمين توصلوا إلى قضية التحكم في نوع الجنين، فهل معنى هذا أن إرادتهم وعلمهم غلب إرادة الله وعلمه؟!
لا يحق لمسلم أن يعتقد هذا وإلا خرج من الملة والدين والعياذ بالله، فإرادة الله هي الغالبة لا ريب، والنتيجة النهائية التي تحصل هي إرادة الله، والله عز وجل هو الذي أقدرنا على ذلك، فالمسألة ليست عقائدية قطعاً وإنما هي: هل حلال أن نفعل ذلك أم حرام؟ ومن ناحية أخرى، فإن هذا الموضوع ليس فيه تغيير لخلق الله، فالحيوان المنوي هو الحيوان المنوي، والبويضة هي البويضة، وإنما هناك تدخل من الإنسان في أن تلقح هذه البويضة بنوع من الحيوان المنوي، فهنا لا تغيير لخلق الله تبارك وتعالى، والله له الخلق والأمر، والحيوان المنوي خلقه والبويضة خلقه، والموضوع يدخل في قضية الأحكام.
والتحكم إذا خلا من المقاصد الفاسدة والشريرة، فهو من باب أخذ الأسباب والمعالجات التي تكون قبل الحمل، كتحديد موعد التقاء الزوجين أو أخذ أدوية معينة، وقد أباح الإسلام العزل، وهو نوع من التحكم، ومن ناحية أخرى أجاز الإسلام أن يدعو المسلم ربه أن يرزقه ذكراً أو أنثى، وقد سأل نبي الله زكريا عليه السلام أن يرزقه الله ذكراً فقال: "فهب لي من لدنك وليا (5) يرثني" (مريم)، فلا مانع من الحرص على ذلك والدعاء به، وإن من المقرر: أن ما يحرم فعله يحرم طلبه، وأن من شروط الدعاء ألا يسأل أمراً محرماً. ومن جانب آخر، يثبت ألا منافاة لفعل التحكم مع إرادة الله، إن مراد الله لا يُعرف للإنسان إلا بعد وقوعه، وإرادته تمضي طبقاً لما يشاء سبحانه ولا راد لأمره، وهذا مقتضى العقيدة الإيمانية الصحيحة في مسألة القضاء والقدر، فالعلم بالمقدور علماً سابقاً لوقوعه هو ما اختص الله به، ولا يتخلف عنه القضاء الواقع، وإن الذي يقع فعلاً هو المقدور المغيب، وما قواعد الوراثة، إلا نظم وأسباب كونية أودعها الله في مخلوقاته ويرفعها متى تعلقت بذلك إرادته.
وقد يتوهم البعض أن التحكم في جنس الجنين مصادم لقوله تعالى: "يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور 49 أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما" (الشورى)، وطبقاً لما سبق من بيان أن المسلم يعتقد أن إرادة الله ومشيئته هي النافذة، فلا تصادم مع الآية، ولذلك جاز أن تذهب المرأة أو الرجل إلى الطبيب لعلاج العقم أخذاً بالأسباب.
ومن جانب آخر، فإن عمل ذلك على نطاق فردي لا شيء فيه، مثل العزل أو تنظيم النسل، ولكن يصبح قضية خطيرة إذا كان على نطاق عام يشمل المجتمع كتقنين معين، فالعزل أو تنظيم النسل جائز في الحالات الفردية، لكنه لا يجوز تعميمه باعتباره قانوناً عاماً، وقد جاء في توصيات ندوة "الإنجاب في ضوء الإسلام" في موضوع التحكم ما يلي: "اتفقت وجهة النظر الشرعية على عدم جواز التحكم في جنس الجنين إذا كان ذلك على مستوى الأمة، أما على المستوى الفردي فإن محاولة تحقيق رغبة الزوجين المشروعة في أن يكون الجنين ذكراً أو أنثى بالوسائل الطبية(20/395)
المتاحة: فلا مانع منها شرعاً عند بعض الفقهاء المشاركين في الندوة، في حين رأى غيرهم عدم جوازه، خشية أن يؤدي إلى طغيان جنس على جنس". والذي يظهر لنا والله أعلم أن عملية التحكم أو الاصطفاء لجنس معين هو في ذاته عمل طبي لا تلحقه الحرمة إلا إذا أفضى إلى محرم، لأنه يصبح حينئذ وسيلة وطريقاً للحرام فيأخذ حكمه.
وهو إذا طبق على نطاق عام كان ذريعة إلى فساد فيما قد يحدثه الناس من فوضى واختلال في توازن الذكورة والأنوثة. وأما إذا طبق على نطاق فردي وكان قبل الحمل فلا مانع منه... والله أعلم.
وأما ما ورد في السؤال، عما إذا كان هناك مصادمة وتعارض لعلم الطب اليوم لنوع الجنين ذكراً أو أنثى مع قوله تعالى: "ويعلم ما في الأرحام" (لقمان:34)، فيجاب بأنه لا تعارض إطلاقاً بين علم الطب لنوع الجنين وعلم الله عز وجل، ومثل هذه الآية قوله تعالى: "الله يعلم ما تحمل كل أنثى" وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار (8) عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال (9)"(الرعد). فعلم الله عز وجل ليس محصورا في معرفة ما في الأرحام من الذكورة أو الأنوثة، وإنما يشمل كل ما يتعلق بما في الرحم، هل سيعيش هذا الجنين أم سيموت؟! هل سيكون سعيدا أم شقيا؟!... إلى آخر ذلك، وأما علم الإنسان فمحصور في معرفة أنه ذكر أو أنثى، وهذا العلم بإرادة الله ومشيئته عز وجل، فهو الذي مكن الإنسان أن يصل بعلمه إلى ذلك: "وما تشاءون إلا أن يشاء الله "(الإنسان:30).
ـــــــــــــــــــ
حكم تنظيم النسل
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 19 / ص 427)
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 5040 )
س2: قرأت كثيرا في الكتب الإسلامية عن تنظيم النسل، والتي تصدر من عندنا في جمهورية مصر العربية، وتقضي بأن الصحابة كانوا يعزلون عن نسائهم، فهل هذا كان حقا؟ مع أن الزوجة لها حق الاستمتاع في الزوجية، وهل كان هناك تنظيم نسل زمن الصحابة -رضوان الله عليهم-، وما الفرق بين تنظيم النسل وتحديد النسل في الإسلام؟ والذي نفسي بيده أن هذين السؤالين كثيرا ما أحتار في إجابتهما أمام تلاميذي ولا أجد أحدا يعطيني إجابة شافية. أفيدونا بارك الله فيكم.
ج2: الفرق بين تحديد النسل وتنظيمه: تحديد النسل هو القصد إلى الوقوف به عند عدد معين، كاثنين أو ثلاثة من الأولاد؛ للمحافظة على مستوى الأسرة ماليا مثلا، وكراهية الزيادة في النسل على ذلك. أما تنظيم النسل، فهو: العمل على تأخير الحمل مدة تستجم فيها المرأة وتسترد نشاطها، ثم تترك موانع
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 300)
الحمل رغبة في النسل ولو كثر عدده، وقد كتب فضيلة الشيخ المودودي -رحمه الله- كتابة ضافية في الموضوع، في كتابه (حركة تحديد النسل) وبإمكانك الاطلاع عليه إذا أردت. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(20/396)
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
-ـــــــــــــــــــ
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 6727 )
س2: سبق أن أرسلت لسماحتكم رسالة مستفتيا فيها عن حكم تنظيم النسل لا تحديده، ثم أرسلتم لي الفتوى رقم 42 وهي واضحة ومفهوم مضمونها، ولكن هذه الجملة لم أفهمها وهي: (وتمشيا مع ما صرح به بعض الفقهاء من جواز شرب الدواء لإلقاء النطفة قبل الأربعين)
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 306)
فهل يقصد من ذلك شرب الحبوب، حيث إني ذهبت إلى المستشفى حتى يعطيني الطبيب نوع الحبوب الذي يجب أن تستعمله امرأتي بعد فحص دمها. وما معنى: (لإلقاء النطفة قبل الأربعين)؟ لم أفهم القصد من الأربعين.
ج2: الأصل أنه لا يجوز منع الحمل ولا تحديده إلا إذا تحقق من وجود مضرة تلحق المرأة بسبب الحمل، ففي هذه الحال يجوز منعه، وأما قول الفقهاء: (يجوز إلقاء النطفة قبل الأربعين) فمرادهم: جواز تعاطي ما يسقط النطفة من الرحم قبل الأربعين يوما من وقت ابتداء الحمل. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 191)
حكم استعمال وسائل تنظيم الحمل
س 76 : استعملت زوجتي وسيلة لتنظيم الحمل والنسل ، وذلك لكونها أرهقت بالإنجاب المتتالي كل عام لعدة أعوام ، وقد عزمت أنها بعد مرور خمس سنوات تترك هذه الوسيلة ، علما بأنها قد وضعت أربعة أطفال أكبرهم عنده أربع سنوات ونصف ، فما هو توجيهكم . جزاكم الله خيرا ؟ من برنامج ( نور على الدرب ) الشريط الأول . .
ج : لا حرج في استعمال وسائل تنظيم النسل , لدفع الضرر ، ولكن أن يكون ذلك في وقت الرضاع في السنة الأولى والثانية ، حتى لا يضرها الحمل المتتابع ، وحتى لا تمنع من التربية الشرعية لأطفالها ، فإذا كانت تتضرر في الحمل على الحمل بتربية الأولاد أو صحتها فلا حرج في هذا التنظيم في حدود السنة والسنتين أيام الرضاع ؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحث على كثرة النسل ، ويباهي بأمته الأمم يوم القيامة بقوله - صلى الله عليه ويسلم - : سنن النسائي النكاح(20/397)
(3227),سنن أبو داود النكاح (2050). تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم .
ـــــــــــــــــــ
الآثار السلبية لوسائل تحديد النسل ... العنوان
سمعنا كثيرا عن وسائل تنظيم الأسرة أو تحديد النسل فما هى الآثار السلبية التى تترتب على هذه الوسائل من وجهة نظر العلم الحديث ؟
... السؤال
23/11/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
قال رسول صلى الله عليه وسلم : ( تزوجوا الودود الولود ) رواه أبو داود والنسائي هذا الحديث يدعو بصورة غير مباشرة إلى عدم تحديد النسل أو ما شابه ذلك
ثبت علميا أن استخدام أي نوع من وسائل تحديد النسل يعود بآثار وخيمة على الحالة الصحية للأم .. فالجهاز التناسلي للمرأة يهيمن على وظيفة مجموعة من هرمونات التناسل تفرز من الفص الأمامي للغدة النخامية والمبيض .. وفي الحالة الطبيعية تفرز هذه الهرمونات بنسب مقدرة ومعينة , بحيث إذا حدث فيها أي زيادة أو نقص أدى ذلك إلى حدوث حالة مرضية ..
ومن هنا تعترف الأوساط الطبية بأن الوسائل المستخدمة لمنع الحمل لها أضرار على من يتعاطونها , وذلك نتيجة أبحاث كثيرة خرجت بهذه النتائج : اختلال في التوازن الهرموني بالجسم .. زيادة وزن الجسم وتجمع كميات كبيرة من السوائل به .. حدوث التهابات شديدة بالجهاز التناسلي للأم .. زيادة احتمالات التعرض للنوبات القلبية المميتة لمن تجاوزن الثلاثين من العمر ولا سيما من تخطين الأربعين ..
ولكن الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم هو إرضاع الطفل إذا حملت أمه .. لأن ذلك يؤثر على الرضيع تأثيرا سيئا , مما يجعله ضعيف البنية ..
ولو تأملنا هذا الهدى النبوي لوجدنا المسافة بين الحمل والآخر تستغرق ثلاث سنوات .. ولا سيما إذا رجعنا لقوله تعالى( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَة ) سورة البقرة : 223 ومن ذلك نجد أن تنظيم النسل وإعطاء الفرصة للأم لاستعادة صحتها , أمر يدعو إليه الدين , وهذا بخلاف منع الحمل بصورة مطلقة ..
الغريب أن معظم البلدان الإسلامية تكتسحها دعوة تحديد النسل بحجة مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية , وترصد لهذه الحملة أموالا طائلة كان من الممكن توظيفها في مشاريع اقتصادية واجتماعية أكثر جدوى .. فتؤكد التقارير السرية في أحد البلدان العربية أن ما يصرف على إنجاح حملة تحديد النسل في عام واحد من سيارات وأطباء وممرضين وممرضات وأدوية ومهمات وعمليات جراحية ومستشفيات وغيرها يكفى لرعاية أكثر من مليون طفل في حين أن زيادة الأطفال في البلد لاتتجاوز ربع مليون طفل ..(20/398)
ثم إن في البلاد الإسلامية أقطارا فيها المشروعات ومجالات العمل , وليس فيها العمال , ومما يضطرها لاستيراد العمالة من خارج البلاد , حتى من آسيا وأوربا لتنفيذ العمران في هذه الأقطار .. وهناك أقطار أخرى فيها زيادة سكانية تئن منها ولا تملك رأس المال لبناء المشروعات التي تتسع لهؤلاء أو إيجاد أعمال لهم تعود عليهم وعلى الوطن بالنفع فماذا لو استفاد هؤلاء من سكان أولئك ليستمر الإخاء الإنساني فضلا عن ذلك كله فإن الثروة البشرية هي أساس التقدم والرقى لو أحسن استغلالها بدلا من التذرع بعدم وجود الإمكانات المتاحة ..
وهذا ما أثبتته تجارب الحياة اليومية من واقع البلدان المتحضرة الغنية كاليابان وغيرها ومن هنا كانت أهمية النسل البشري الذي يتأتي من المرأة الودود الولود كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم
المصدر " الإعجاز العلمي في الإسلام والسنة النبوية " محمد كامل عبد الصمد
ـــــــــــــــــــ
التعقيم ... العنوان
ما حكم ربط المبايض والتعقيم كوسيلة من وسائل تنظيم النسل؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... خلق الله سبحانه وتعالى الذكر والأنثى، وجعل لكل منهما خصائص من أجل التناسل والتعاون على عمارة الأرض، وتعقيم واحد منهما معناه جعل الرجل أو المرأة عقيمًا لا يلد ولا يُولد له، ويتم ذلك بوسائل متعددة، كان منها في الزمن القديم سل الخصيتين من الرجل، وفي الزمن الحديث ربط الحبل المنوي، أو جراحة أو إعطاء دواء يمنع إفراز الحيوانات المنوية أو يبطل مفعولها، وتعقيم المرأة يكون بتعطيل المبيضين بجراحة أو دواء يمنع إفرازات البويضات، أو بسد قناة فالوب، أو استئصال الرحم أو غير ذلك من الوسائل.
وإذا جاز من الناحية الصحية أو غيرها تأجيل الحمل مدة معينة، مع بقاء الاستعداد للقدرة على الإنجاب عندما تتاح الفرصة، فإنه لايجوز مطلقًا تعطيل الجهازين تعطيلًا كاملًا عن أداء وظيفتهما، إلا إذا دعت إلى ذلك ضرورة قصوى. ففي ذلك مضادة لحكمه خلق الله للنوعين، مع ما ينتج عنه من فقد كل من الرجل أو المرأة بعض الخصائص المميزة لهما في الصوت والشعور والإحساس وتأثير ذلك على السلوك ولو إلى حد ما .
ومن هنا نهى الإسلام عن خصاء الرجل لما في حديث البخاري عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ حيث سأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يُرخص له في الخصاء لعدم وجود ما يتزوج به وهو شاب يخاف على نفسه الوقوع في الإثم . وكما في حديث أحمد في النهي عنه للغزاة الذين ليس معهم زوجاتهم، وفي قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لرجل استأذنه في الخصاء، " خصاء أمتي الصيام والقيام " رواه أحمد والطبراني .
وتعقيم المرأة كالخصاء للرجل في الحكم وهو الحُرمة، وقد قرَّر المختصون أن عملية الحمل ضرورية لتوازن الحيوية في المرأة، والوقوف ضدها عناد للطبيعة،(20/399)
وبهذا يكون ربط المبايض حرامًا كما قاله جمهور الفقهاء، ومن كانت عندها أولاد تريد الاكتفاء بهم فتعقم نفسها، هل تضمن تصاريف القدر بالنسبة لهؤلاء الأولاد، مع أن هناك وسائل لتأجيل الحمل لا لمنعه، فيها مندوحة عن التورط في أمر يكون من ورائه الندم حيث لا ينفع، وإذا كان الإمام أحمد أجاز شُرب المرأة الدواء لقطع دم الحيض فلعله لغرض آخر غير التعقيم، ومع ذلك لا يصح أن يُلجأ إليه إلا عند الضرورة القصوى كتحقق الوراثة لمرض خبيث أعيا الطب علاجه، والضرورة تقدر بقدرها.
ـــــــــــــــــــ
حكم الإسلام في تنظيم الأسره ... العنوان
ما حكم الإسلام في تنظيم الأسرة؟ ... السؤال
الشيخ عبد الخالق الشريف ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن تنظيم الأسرة الذي يُدعى إليه دعوة عامة فيه مخالفة لصريح السنة الداعية إلى كثرة النسل لمواجهة أعداء الإسلام ولعمارة الأرض، أما إذا كان الزوج والزوجة معًا دون هذه التأثيرات ويرغبان لظروف خاصة ليس منها الخوف على الرزق، فإن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، فلهما ذلك، خاصة إذا كان لظروف مرضية أو في مدة رضاع الطفل الصغير.
ـــــــــــــــــــ
تنظيم وقت الحمل ... العنوان
أود أن أسأل عن حكم التنظيم؛ أنا حامل وأنتظر مولوداً في أقل من شهرين، وأجد نفسي في حالة صعبة وأفكر أن أجعل فترة عامين بين كل طفل وآخر.
... السؤال
الشيخ جعفر أحمد الطلحاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فإنه لا مانع شرعا من تنظيم النسل على النحو المذكور في السؤال بأن تترك فترة عامين بين كل طفل وآخر لعدة اعتبارات الأول: أن تأخذ الأم قسطا من الراحة وافرا تستعيد عافيتها وصحتها، والثاني: أن يستوفي الطفل الأول حقه من الرضاعة مدة عامين، إذا أراد والداه ذلك لقوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاع} ومن المعلوم أن تتابع الحمل دون اعتبار هذه الفترة مما يؤثر على صحة كل من الجنين والأم، وقد جاء في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم:" إن الغيلة (أي الحمل أثناء فترة الرضاع) لتدرك الفارس فتعثره عن فرسه".
ـــــــــــــــــــ
موقف الإسلام من تحديد النسل ... العنوان(20/400)
يكْثُر اليوم الكلام والحديث عن ضرورة اتخاذ تدابير عامة في البلاد لتحديد النسل، فما موقف الإسلام من هذه الدعوى في البلاد الإسلامية؟ ... السؤال
الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا _ رحمه الله.ـ ... المفتي
... ... الحل ...
...
... ثبت عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: "تَزوَّجوا الودُودَ الولُودَ فإنِّي مُكاثِر بكم الأمَم"(19) . وروي أيضًا بإسناد غير قوي، ولكن تُعضِّده مؤيِّدات من الأدلة أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: "تَنَاكَحُوا تَكْثُروا فَإنِّي أُبَاهِي بِكُمُ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَة"(20) .
وفي هذا دلالة كافية على أن تحديد النسل بأي وسيلة من الوسائل لا يَجوز في ظلِّ الإسلام أن يكون هدفًا عامًا في الدولة تَهدِف إليه، وتخطِّط له، وتحمِل عليه الناس بتدابير عامة. فلا يَزال، ولن يَزال، العدد البشري في كل أمة من أهم مقاييس شأنها في الأنظار الدولية، وقابليَّات قدرتها وقوتها.
ولكن لا يوجد مانع شرعي في الإسلام من اتخاذ تدابير شخصية (أي: في نطاق شخصي غير عام) من كل فرد بحسَب ظروفه الخاصة وقدرته المالية، بتحديد نسله بطرق منْع الحمْل، دون طرُق الإجْهاض التي فيها عدوان على جنين متكوِّن، إلا في حالات الضرورات التي تصل إلى درجة إباحة المحظورات كضرورة إنقاذ حياة الأم إذا توقَّف على إسقاط حملها.
هذا ما تدل عليه نصوص الشريعة وعموماتها وكلام الفقهاء. وهو الموقف الذي استقر عليه رأي علماء الشريعة الإسلامية المعاصرين في عدة مناسبات وحلْقات اجتماعية كمهرجان الغزالي بجامعة دمشق سنة / 1961م، ومؤتمر تنظيم الوالديَّة في الرِّباط عاصمة المملكة المغربية سنة / 1971، وفي كليهما اشترك فقهاء العصر على مستوى البلاد العربية والإسلامية، وقرَّروا هذا الموقف، كما قرره أيضًا العلامة المحقق الداعية الإسلامي الشيخ أبو الأعلى المودودي في كتابه القيم عن الدعوة إلى تحديد النسل وموقف الإسلام منها.
هامش
(19) رواه أبو داود (2050) في النكاح، والنسائي (3227) في النكاح، والحاكم2: 162 وقال: صحيح الإسناد، ووافَقه الذَّهبي. والودود: المرأة الموادّة. والولود: التي تَكْثُر وِلادَتها، وهذا البناء من أبنيَة المُبالغة. والمُكَاثرة: هي المُفاخَرة بالكثْرة.
(20) قال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء 2: 22: أخرجه أبو بكر بن مِرْدَوَيْه في تفسيره من حديث ابن عمر، وإسناده ضعيف، ورواه البيهقي في "المعْرفة" عن الشافعي بلاغًا وزاد في آخر: "حتى السَّقط".
ـــــــــــــــــــ
إجهاض الجنين الأنثى رغبة في الذكر ... العنوان
لدي ثلاث بنات، وزجتي حامل منذ أسبوعين دون رغبة منا، وزوجتي تريد إجهاض الجنين؛ لأنها تريد ذكراً (بالطرق الحديثة)؛ فهل يجوز؟ وهل عليها دية؟
... السؤال(20/401)
أ.د. عبد الفتاح إدريس ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبعد:
إجهاض الجنين في أي مرحلة من مراحل تخلقه- ابتداءً من مرحلة النطفة إلى مرحلة نفخ الروح- حرام؛ سواء كان إجهاض هذا الجنين لعدم الرغبة فيه، أو لتحديد النسل، أو لتنظيم الأسرة، أو نحو هذا من العلل العليلة. واتباع الطرق الحديثة لتحديد جنس الجنين، أو لاختياره عن طريق اللعب في الجينات الوراثية حرام؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يرزق بالبنات والبنين؛ إذ قال الحق سبحانه: "يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا"، فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي يهب هذه الذرية أيًا كان جنسها، وما علينا إلا الرضا بما وهب الله سبحانه وتعالى، وإلا كنا جاحدين لما أنعم به علينا. وهذا العبث الذي يترتب عليه التحكم في الجنين- حرّمته الشريعة الإسلامية؛ لأنه من قبيل تغيير خلق الله، وتغيير خلق الله حرام، فقد قال الحق سبحانه وتعالى على لسان إبليس: "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليًا من دون الله فقد خسر خسرانًا مبينًا". وإذا كان هذا محرمًا فإنه لا تنفع معه دية ولا كفارة ولا نحوهما؛ وذلك لأن مثل هذه لا تجدي فتيلاً مع ما حرم الله سبحانه. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
تحديد النسل خشية الفقر
المفتي
حسن مأمون .
ذو القعدة هجرية - 14 يونية 1958 م
المبادئ
1- منع النسل أو تحديده يتنافى مع مقاصد النكاح، ولا يباح شرعا إلا للضرورة وعند وجود عذر يقتضيه، كالخوف على حياة الأم إن هى حملت .
2- خوف الفقر وكثرة الأولاد وتزايد السكان ليست من الأعذار المبيحة لمنع النسل أو تحديده
السؤال
بالطلب المقدم من السيد الأستاذ - ن م أ رئيس جمعية النهضة الإسلامية للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والذى يطلب فيه الإفادة عن حكم الشريعة الإسلامية فى تحديد النسل خشية الفقر بصفة عامة، أو لتزايد السكان وقلة الموارد الغذائية
الجواب
إن من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية إيجاد النسل وبقاء النوع الإنسانى وحفظه، ولذلك شرع الزواج للتناسل وتحصين الزوجين من الوقوع فى الحرام، وحث الرسول صلوات الله وسلامه عليه على اختيار الزوجات المنجبات للأولاد .(20/402)
فقد روى الإمام أحمد عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيا شديدا، ويقول ( تزوجوا الودود الولود فإنى مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ) وروى أبو داود والنسائى عن معقل بن يسار قال جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال ( أنى أصبت امرأة ذات حسب وجمال وأنها لا تلد فأتزوجها قال لا، ثم أتاه الثانية فنهاه ثم أتاه الثالثة فقال تزوجوا الودود الولود فإنى مكاثر بكم ) كما شرع ما يحفظ النسل من تحريم الزنا والإجهاض، ومنع النسل أو تحديده من الأعمال التى تنافى مقاصد النكاح .
ولهذا لا تبيحه الشريعة إلا عند الضرورة وعند وجود عذر يقتضيه كالخوف على حياة الأم ونحوه، وليس من الأعذار وجود عذر يقتضيه كالخوف على حياة الأم ونحوه، وليس من الأعذار خوف الفقر وكثرة الأولاد أو تزايد السكان، لأن الله سبحانه وتعالى تكفل بالرزق لكل كائن حى .
حيث قال فى كتابه الكريم { وفى السماء رزقكم وما توعدون .
فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون } الذاريات 22 ، 23 ، وقال سبحانه وتعالى { وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل فى كتاب مبين } هود 6 ، وقال سبحانه وتعالى { ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم } الإسراء 31 ، ومن علم أن مال الله غاد ورائح، وأن مع العسر يسرا، وأن الغنى قد يصبح فقيرا معدوما والفقير المعدم قد يصبح غنيا وافر الغنى، لم يشك أن الغنى والفقر من العوارض التى تتبدل .
وبهذا علم الجواب عن السؤال وأن تحديد النسل خوف الفقر غير جائز .
وفى الحديث - استكثروا من أولادكم فإنكم لا تدرون بمن ترزقون - وهذا لا ينافى أن هناك ضرورات خاصة بالمرأة تجيز منع الحمل كما ذكرنا، ولكل حالة حكمها الخاص .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
الفتاوى الثلاثية - (ج 1 / ص 33)
استدلال خاطئ على تحديد النسل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[ السؤال ] قوله تعالى: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ [التغابن:15] والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم دعا لأنس (اللهم أكثر ماله وولده) وبعض الناس يستدلون بهذه الآية ويحددون النسل، يقتصرون على ثلاثة أو أربعة، فما الحكم؟
الجواب: الآية لا تدل على هذا، تدل على أن الإنسان مبتلى بأمواله وأولاده، فإما أن يقوم بما يجب عليه نحوهم وإما أن يهمل، كما قال عز وجل: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً [الأنبياء:35] وليس المعنى أن الأموال والأولاد فتنة في الشر.. لا. اختبار
ـــــــــــــــــــ
المنتقى من فتاوى الفوزان - (ج 69 / ص 20)
187 ـ ما حكم الشرع في تحديد النسل ؟(20/403)
طلب الذرية والنسل أمر مشروع وذلك لتكثير عدد الأمة والنبي صلى الله عليه وسلم حث على تزوج الولود وقال (إني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة) [ رواه الإمام أحمد في مسنده ج3 ص158 من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه . ورواه أبو داود في سننه ج2 ص227 ورواه النسائي في سننه ج6 ص65، 66 . من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه بدون ذكر ( يوم القيامة ) ] . فطلب النسل مشروع للمسلمين وينبغي العناية به والتشجيع عليه أما تحديد النسل فهذه دسيسة خبيثة دسها علينا أعداء الإسلام يريدون بذلك إضعاف المسلمين وتقليل عددهم . فتحديد النسل لا يجوز في الإسلام وهو ممنوع لأنه يتنافى مع المقصد الشرعي وهو تكثير أفراد الأمة وتكثير الأعضاء العاملين في المجتمع وتعطيل للطاقة التي خلقها الله سبحانه وتعالى لعمارة هذا الكون فالنسل مطلوب وبه تحصل مصالح للأفراد وللجماعات وللأمة فهذه الفكرة . فكرة تحديد النسل فكرة مدسوسة على المسلمين وربما أنها أثرت على بعض المغفلين أو ضعاف الإيمان فتأثروا بها فالواجب عليهم أن يمحوا هذه الفكرة من أنفسهم وأن يطلبوا النسل ويكثروا منه والأرزاق بيد الله تعالى وكثرة النسل يأتي معها الخير لأن الله لا يخلق نفسًا إلا ويخلق رزقها وييسر ما تقوم به مصالحها والأرزاق بيد الله فالذين يشكون أو يهددون بالأزمات الاقتصادية وأن كثرة السكان يترتب عليها الشح في الأقوات والأرزاق هذا كله من وحي الشيطان وأتباع الشيطان الذين لا يؤمنون بالله وبتقدير الله . أما الذين يؤمنون بالله يعتمدون عليه ويتوكلون عليه ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره . ولما كان المشركون يقتلون أولادهم خشية الفقر نهاهم الله عن ذلك فقال تعالى : { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا } [ سورة الإسراء : آية 31 ] . وقال تعالى : { وَلاَ تَقْتُلُواْ
أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ } [ سورة الأنعام : آية 151 ] . فدل هذا على أن الرزق بيد الله سبحانه وتعالى وإن كل نفس يقدر الله لها الرزق وبكثرة النسل تكثر الأرزاق والإنتاج ويكثر العاملون .
188 ـ ما الحكم في تحديد النسل مع القدرة على الإنجاب بدون مشقة ومع القدرة على تربية الأولاد وتوفير العيش لهم ؟
تحديد النسل لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم حثّ على تزوج الولود وقال : ( إني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ) [ رواه الإمام أحمد في مسنده ج3 ص158 من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه . ورواه أبو داود في سننه ج2 ص227 ورواه النسائي في سننه ج6 ص65، 66 . من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه بدون ذكر ( يوم القيامة ) ] . ولأن كثرة النسل يحصل بها قوة للمسلمين وكثرة عدد المسلمين فتكثير النسل مطلوب للمسلمين ولا يجوز تحديد النسل في مثل الحالة التي ذكرت السائلة لأن النبي صلى الله عليه وسلم حثنا على طلب النسل وتكثير عدد المسلمين .
ـــــــــــــــــــ
378- لدي أربعة أولاد ونحن في غربة عن بلدنا والسفر بهم قطعة من العذاب والدخل محدود، فما حكم تنظيم الأسرة بالنسبة لي وذلك لأجل معين حتى نستقر ؟(20/404)
تحديد النسل خوفًا من ضيق الرزق لا يجوز، لأن الرزق بيد الله عز وجل، فهو الذي قدر الآجال والأرزاق وما من مولود يولد إلا وقد قدر له رزقه كما قدر له أجله، والله سبحانه وتعالى يقول : { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ } [ سورة الأنعام : آية 151 ] ، فهذا فيه شبه من فعل الجاهلية الذين يقتلون أولادهم خشية الفقر، إلا أن هذا يعتبر منعًا لحصول الأولاد خشية الفقر والجاهلية يقتلون الأولاد الموجودين خشية الفقر .
وعلى كلٍّ فالعلة واحدة ولا يجوز مثل هذا، والأرزاق بيد الله عز وجل، وتحديد النسل خوفًا من الفقر فيه إساءة ظن بالله عز وجل، فعليك أن تتوكل على الله عز وجل، والله سبحانه وتعالى يرزق من يشاء بغير حساب، فأحسن الظن بربك ولا تتطرق إليك هذه الهواجس، فأنت لا تدري الخير والمصلحة، يقول الله سبحانه وتعالى : { وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [ سورة البقرة : آية 216 ] ، وإذا كان هذا التنظيم أو تأخير الحمل لداعٍ صحي بالمرأة ككون المرأة مثلاً لا تطيق الحمل والولادة في حالة خاصة أو ظرف خاص لمرضها فإنه لا مانع من أن تعطي ما يمنع الحمل مؤقتًا حتى تزول هذه الحالة التي يشق عليها فيها الحمل والولادة، فهذا يكون من باب الوقاية والعلاج لا من باب تحديد النسل أو تأخير النسل خشية الفقر .386- هناك بعض الفقهاء يحلون تعاطي حبوب منع الحمل للسيدات وأيضًا بعض الأطباء هل هم على حق أرجو الإيضاح في ذلك ؟
لا أظن أن أحدًا من الفقهاء يحل تعاطي حبوب منع الحمل، إلا لسبب شرعي كأن تكون المرأة لا تتحمل الحمل، وكان في ذلك خطر على حياتها وخطر على بقائها، ففي هذه الحالة تأخذ حبوب منع الحمل، لأنها أصبحت غير صالحة للحمل، ولأن الحمل يقضي على حياتها، ففي هذه الحالة لا بأس بها للضرورة .
وكذلك تعاطي حبوب منع الحمل أو تأخير الحمل بالأصح لفترة بسبب عارض كأن تكون المرأة في حالة مرض أو تكاثر عليها الولادة ولا تستطيع تغذية الأطفال فتأخذ حبوبًا تؤخر عليها الحمل، بحيث تتفرغ لاستقبال الحمل الجديد بعد أن تنتهي من الحمل الأول، في هذه الحالة لا بأس في ذلك .
أما أن تأخذ حبوب منع الحمل من غير سبب شرعي فهذا لا يجوز، لأن الحمل مطلوب في الإسلام، والذرية مطلوبة في الإسلام، فإذا كان أخذ الحبوب فرارًا من الذرية ولأجل تحديد النسل، كما يقوله أعداء الإسلام، فهذا حرام، ولا أحد يقول به من الفقهاء المعتبرين، وأما أهل الطب فقد يقولون هذا لأنهم جُهَّال بأحكام الشريعة .
ـــــــــــــــــــ
لقاءات الباب المفتوح - (ج 133 / ص 31)
حكم تحديد النسل:
________________________________________
السؤال: ما رأيك في تنظيم أو تحديد النسل؟
________________________________________(20/405)
الجواب: رأيي أن هذا ليس إلى الإنسان بل هو إلى الله عز وجل، فأما تحديد النسل بمعنى أن الإنسان حين يولد له عدد معين من الأولاد يستعمل ما يقطع الحمل نهائياً، فهذا حرام، نص عليه أهل العلم. وأما ما يسمى بالتنظيم فهذا إن دعت الحاجة إليه مثل أن تكون المرأة ضعيفة أو مريضة لا تتحمل الحمل فهذه تُعْطَى ما يمنع الحمل في وقته، وفي حينه، ويختلف باختلاف النساء، وباختلاف حال المرأة نفسها أيضاً، قد تكون في سنة من السنوات قادرة على الحمل بسهولة وبدون مرض أو ضرر، وقد تكون بالعكس. ثم إننا نقول لمن أراد أو ادعى التنظيم: هل الأمر بيدك بالنسبة للموجودين أن يبقوا أحياءً؟ كل شخص يقول: لا، ربما تصيبهم مصيبة تقضي عليهم جميعاً في سنة واحدة، فأين التنظيم؟! ومن المعلوم أن الرسول عليه الصلاة والسلام حث الأمة على تزوُّج الودود الولود -أي: كثيرة الولادة- لأجل تكثير نسل الأمة الإسلامية، وكثرة الأمة لا شك أنه من عزتها وقوتها.
ـــــــــــــــــــ
والثانية - ما يتعلق بذلك من حق المرأة . فأما الأول فإنه حلال وقد أكذب النبي اليهود فيما زعمته في العزل وسمته به . نعم الجمع بين الأحاديث في ذلك هو أنه إذا عزل معتقداً أنه بفعله ذلك لا يكون ولد فهو خاطئ ، ولهذا في الحديث : ( لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه ) (1) أما فعله مع اعتقاد أنه ما من نسمة الله خالقها إلا وهو خالقها لكن من باب السبب أن لا يكون ذلك فإنه جائز ، ولهذا في حديث جابر، (كنا نعزل والقرآن ينزل ) (2) .
( الناحية الثانية ) : أن للمرأة حقاً في ذلك وهو الولد ، فإن من أهم أغراضها حصول الولد ، فلا يعزل إلا بإذنها .
وأما الأمة التي هي زوجة فلا يعزل إلا بإذن السيد . وبهذا عرفنا أن أمته هو له أن يعزل عنه مطلقاً التي وطئها بالتسري لا بالتزوج .
( تقرير ) (3)
حكم تحديد النسل
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم أحمد داود الحناوي
سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فقد وصلنا استفتاؤك ، وفهمنا ما تضمنه من استرشادك عن حكم تحديد النسل ، وهل الشرع الشريف يجيزه أم يحرمه لمن كان في مثل حالك ؟
والجواب : الحمد لله . لا شك أن الله تعالى قد تكفل برزق عباده { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها } (4) وإننا ندين لله تعالى بهذا . وما قيل حول تحديد النسل يتناقض هذا ويخالفه ويتعارض مع مدلول الأحاديث المرغبة في التزوج بالودود الولود ، ومع مباهاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمته الأمم يوم القيامة . فينبغي الوقوف عند أوامر الله ورسوله ، والإيمان الكامل أن رزق العباد على ربهم ، نسأل الله تعالى أن يعز دينه ، ويعلي كلمته . وبالله التوفيق والسلام .
(ص-ف999 في 15/8/1381هـ)(20/406)
__________
(1) أخرجه أحمد وأبو داود بمعناه .
(2) متفق عليه .
(3) انظر جواز العزل من رسالة في العدد برقم (2833/1 17-9-88هـ)
(4) سورة هود - آية 6 .
ـــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و مقالات ابن باز - (ج 3 / ص 314)
القول بإباحة تحديد النسل مخالف للشريعة والفطرة ومصالح الأمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أما بعد فقد نشرت بعض الصحف المحلية منذ أمد قريب خبرا مفاده أن فضيلة المفتي العام في الأردن قد أفتى بإباحة تحديد النسل وأن الحكومة إذا قررته لزم العمل به واشتهر هذا الخبر بين الناس وصار حديث المجالس لاستغرابه واستنكار المسلمين له ومن أجل ذلك كثر السؤال عن حكم هذه المسألة وهل هذه الفتوى صواب أم خطأ فرأيت أن من الواجب على أمثالي بيان ما يدل عليه شرع الله عز وجل في هذه المسألة فأقول اعلم أيها القارئ وفقني الله وإياك لإصابة الحق أني اطلعت على الفتوى المذكورة وتأملت ما اعتمد عليه فضيلة المفتي العام في الأردن في إصداره هذه الفتوى المشتملة على القول بإباحة تحديد النسل وأن الحكومة إذا قررته كان العمل به لازما فألفيته قد ركز فتواه على قوله عز وجل وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وعلى قول النبي صلى الله عليه وسلم يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء وعلى الأحاديث الدالة على إباحة العزل هذه أدلة المفتي التي اعتمد عليها في هذه الفتوى العظيمة
وهناك أمر آخر مهد به الفتوى وهو قوله بالحرف الواحد في أول الفتوى ( لقد عظمت مخاوف العالم من تزايد السكان في كل مكان وصار الخبراء يعدون ذلك منذرا له بالويل والثبور وعظائم الأمور ) ثم قال في آخر الفتوى ما نصه ( إذا قررت الحكومة هذا فإن العمل به يكون لازما؛ لأن من المتفق عليه أن ولي الأمر إذا أخذ بقول ضعيف يكون حتما ) انتهى المقصود من كلام المفتي وكل من تأمل ما اعتمده المفتي في هذه الفتوى من ذوي العلم والبصيرة يعلم أنه أبعد النجعة وخالف الصواب ورمى في غير مرمى وتحقق بأن ما ذكره من الأدلة لا يدل على ما ذهب إليه بوجه من الوجوه بل هي في جانب والفتوى في جانب آخر كما قال الشاعر:
سارت مشرقة وسرت مغربا
شتان بين مشرق ومغرب
أما الآية الكريمة فقد ذكرها الله سبحانه بعد قوله عز وجل وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ثم قال تعالى وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فأمر الله تعالى بالنكاح ورغب فيه ووعد المتزوح بالغنى إن كان فقيرا ترغيبا له في النكاح وتشجيعا له على الإقدام عليه واثقا بالله معتمدا على فضله وسعة جوده وعلمه(20/407)
بأحوال عباده ولذا ختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ثم أمر من لا حيلة له في النكاح أن يستعفف حتى يغنيه الله من فضله فأي حجة في هذه الآية على قطع النسل أو تحديده وقد زعم فضيلة المفتي أن أمر الله بالاستعفاف لمن لا يستطع النكاح يدل على جواز القطع والتحديد؛ لأن تأخير النكاح بسبب العجز يفضي إلى تأخير النسل أو قطعه إن مات قبل أن يتزوج وهذا احتجاج غريب واستدلال نادر الوجود لا يمت إلى الآية بصلة بل هو من غرائب الاستدلالات ونوادر الاحتجاج فالله المستعان
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هاتين الآيتين ما نصه ( هذا أمر بالتزويج وقد ذهب طائفة من العلماء إلى وجوبه على كل من قدر واحتجوا بظاهر قوله عليه الصلاة والسلام يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن مسعود وقد جاء في السنن من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تزوجوا الولود تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة وفي رواية حتى بالسقط والأيامى جمع أيم ويقال ذلك للمرأة التي لا زوج لها وللرجل الذي لا زوجة له وسواء كان قد تزوج ثم فارق أو لم يتزوج واحد منهما حكاه الجوهري عن أهل اللغة يقال رجل أيم وامرأة أيم وقوله تعالى إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الآية قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما رغبهم الله في التزويج وأمر به الأحرار والعبيد ووعدهم عليه الغنى فقال إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا محمود بن خالد الأزرق حدثنا عمر بن عبد الواحد عن سعيد يعني ابن عبد العزيز قال بلغني أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى قال تعالى إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ رواه ابن جرير وذكر البغوي عن عمر نحوه وعن الليث عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة حق على الله عونهم الناكح يريد العفاف والمكاتب يريد الأداء والغازي في سبيل الله رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل الذي لم يجد عليه إلا إزاره ولم يقدر على خاتم من حديد ومع هذا فزوجه بتلك المرأة وجعل صداقها على أن يعلمها ما معه من القرآن
والمعهود من كرم الله تعالى ولطفه أن يرزقه ما فيه كفاية لها وله وأما ما يورده كثير من الناس على أنه حديث تزوجوا فقراء يغنكم الله فلا أصل له ولم أره بإسناد قوي ولا ضعيف إلى الآن وفي القرآن غنية عنه وكذا هذه الأحاديث التي أوردناها ولله الحمد والمنة وقوله تعالى وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هذا أمر من الله تعالى لمن لا يجد تزويجا بالتعفف عن الحرام كما قال صلى الله عليه وسلم يا معشر الشباب من استطاع منكم الباء فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء انتهى المقصود وبما ذكرناه آنفا وما نقلناه عن الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير الآيتين يتضح للقراء حقيقة معناهما وأنهما يدلان على شرعية النكاح والحث عليه لما فيه من المصالح(20/408)
العظيمة التي منها قضاء الوطر وعفة الفرج وغض البصر وتكثير النسل أما الاستدلال بهما على جواز قطع الحمل وتحديد النسل ففي غاية من الغرابة والبعد عن الصواب وأما حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء فهو دال على ما دلت عليه الآيتان من الحث على النكاح والترغيب فيه وبيان بعض حكمه وأسراره ودال أيضا على أن من عجز عن النكاح يشرع له الاشتغال بالصوم؛ لأنه يضعف الشهوة ويضيق مجاري الشيطان فهو من أسباب العفة وغض البصر وليس فيه حجة بوجه ما على إباحة قطع الحمل أو تحديد النسل وإنما فيه تأخير عند العجز إلى زمن القدرة وشرعية تعاطي أسباب العفة حتى لا يقع في الحرام وأما الاحتجاج بأحاديث العزل على تحديد النسل فهو من جنس ما قبله بعيد عن الصواب مخالف لمقاصد الشرع؛
لأن العزل هو إراقة المني خارج الفرج لئلا تحمل المرأة وهذا إنما يفعله الإنسان عند الحاجة إليه مثل كون المرأة مريضة أو مرضعة فيخشى أن يضرها الحمل أو يضر طفلها فيعزل لهذا الغرض أو نحوه من الأغراض المعقولة الشرعية إلى وقت ما ثم يترك ذلك وليس في هذا قطع للحمل ولا تحديد للنسل وإنما فيه تعاطي بعض الأسباب المؤخرة للحمل لغرض شرعي وهذا لا محذور فيه في أصح الأقوال عند العلماء كما دلت عليه أحاديث العزل ثم إن العزل لا يلزم منه عدم الحمل فقد يسبقه المني أو بعضه فتحمل المرأة بإذن الله ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث الواردة في العزل ليس من نفس مخلوقة إلا الله خلقها وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ليس من كل الماء يكون الحمل فأي حجة في أحاديث العزل على تحديد النسل لمن تأمل المقام وأعطاه حقه من النظر وتجرد عن العوامل الأخرى نسأل الله لنا ولفضيلة المفتي العام في الأردن ولسائر إخواننا التوفيق لإصابة الحق والعافية من خطأ الفهم إنه خير مسئول
مقال نشر في حدود عام 1385 هـ عندما كان سماحة الشيخ نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة .
ومن تأمل ما ذكرناه وما نقلناه عن أهل العلم يعلم أن القول بإباحة تحديد النسل قول مخالف للشريعة الكاملة التي جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها ومخالف للفطرة السليمة فإن الله سبحانه فطر العباد علي محبة الأولاد وبذل الأسباب في تكثير النسل وقد امتن الله بذلك في كتابه وجعله من زينة الدنيا فقال تعالى وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وقال تعالى الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا من تأمل المقام أيضا عرف أن القول بتحديد النسل مخالف لمصالح الأمة فإن كثرة النسل من أسباب قوة الأمة وعزتها ومنعتها وهيبتها وتحديد النسل بضد ذلك يفضي إلي قلتها وضعفها بل إلى فنائها وانقراضها وهذا واضح لجميع العقلاء لا يحتاج إلى تدليل وأما تخوف المفتي من كثرة السكان وقول الخبراء إن ذلك ينذر بالويل والثبور فهذا شيء لا ينبغي للعاقل فضلا عن العالم أن يلتفت إليه بأن يعلق به أحكاما تخالف الشريعة وعلم الغيب إلى الله سبحانه هو خالق العباد ورازقهم وهو القائل في كتابه الكريم وَمَا(20/409)
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ وهو القائل عز وجل وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا والقائل وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ والقائل فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة أن الله سبحانه إذا خلق الجنين أمر الملك أن يكتب رزقه وأجله وعمله فكل مخلوق له رزقه المقدر على
حسب ما يسر الله من الأسباب فكيف يليق بالعاقل أن يستحسن أو يبيح تحديد النسل خوفا من ضيق العيش والله سبحانه المتكفل بالرزق والقادر على كل شيء وإذا كان السكان قد تزايدوا في كل مكان فأسباب الإنتاح والرزق قد كثرت أيضا في كل مكان وقد تسهلت وتنوعت أكثر مما كانت قبل وأحسن مما كانت قبل وهذا من دلائل حكمة الله سبحانه وكمال قدرته وعظيم عنايته بمصالح عباده ثم كيف يليق بمسلم أن يسيء ظنه بربه حتى يبيح للأمة تحديد النسل وحتى يلزم بذلك إذا قررته الدولة خوفا من ضيق العيش وعدم حصول الرزق فأين الإيمان بالله وأين الثقة بخبره وأين التوكل عليه ثم في هذا الظن السيء مشابهة للكفرة الذين كانوا يقتلون أولادهم خشية الفقر فأنكر الله عليهم ذلك وعابهم به في قوله سبحانه وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وقال سبحانه في آية الإسراء وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا وأما قول المفتي في آخر الفتوى ( وإذا قررت الدولة ذلك يكون العمل به لازما؛ لأن من المتفق عليه أن ولي الأمر إذا أخذ بقول ضعيف يكون حتما ) فهذا القول في غاية السقوط بل هو ظاهر البطلان لأن الحكومة إنما تطاع في المعروف لا فيما يضر الأمة ويخالف الشرع المطهر والقول لتحديد النسل مخالف للشرع ومصلحة الأمة فكيف تلزم طاعتها فيه قال الله عز وجل في حق نبيه صلى الله عليه وسلم وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ وهو صلى الله عليه وسلم لا يأمر إلا بالمعروف ولكن الله عز وجل أراد إعلام الأمة وإرشادها إلى أن طاعة ولاة الأمور إنما تكون في المعروف وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إنما الطاعة في المعروف وقال عليه الصلاة والسلام لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وهذه كلمة موجزة أردنا بها إظهار الحق وكشف اللبس
وإرشاد المسلمين إلى ما نعلم من شرع الله سبحانه في هذه المسألة ونسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وأن يمن على الجميع بالفقه في دينه والثبات عليه وأن يعيذ الجميع من مضلات الفتن ونزغات الشيطان إنه على كل شيء قدير وصلى وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه
ـــــــــــــــــــ
الفرق بين تنظيم الأسرة وتحديد النسل
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير
عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل(20/410)
التاريخ 19/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ، لي سؤال بسيط قد حيرني كثيراً، وهو: ما الفرق بين تنظيم الأسرة وتحديد النسل وما حكم الشرع فيهما، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فتحديد النسل يراد به وضع حد أعلى لعدد الأولاد الذين ينجبهم الزوجان، فإن كان هذا التحديد بقرار عام من جهة رسمية فلا يجوز؛ لأنه يعارض توجيه الإسلام إلى تكثير النسل؛ ولأنه في الغالب يبنى على مقاصد اقتصادية، وأن كثرة النسل تؤثر على المستوى الاقتصادي للبلاد، وأن الموارد لا تكفي إلا لعدد محدود، وهذا مخالف لحسن الظن بالله والتوكل عليه، وأنه ما من نفس منفوسة إلا على الله رزقها. أما إن كان القرار خاصا بزوجين معينين فينظر سببه، فإن كان السبب طبيا كتضرر المرأة من الحمل وخطره عليها، وثبت ذلك من قبل طبيب حاذق أمين أو من لجنة طبية موثوقة فلا بأس بذلك، وأما إذا لم توجد حاجة حقيقية ولا ضرورة، وإنما قصد الزوجان الاكتفاء بعدد محدد من الأولاد وكان هذا عن تراض منهما فهذا لا يخلو من كراهة شديدة؛ لمخالفته مقصد من أهم مقاصد الزواج، لكن لا أقول بتحريمه؛ لأن ترك الزواج وإيثار العزوبة ليس بمحرم، فلأن لا يحرم عليه الإنجاب بعد الزواج من باب الأولى. أما تنظيم النسل فيقصد به المباعدة بين فترات الحمل، والأخذ بأسباب منع الحمل حتى لا يكون الإنجاب متتابعا، وقد يرى الزوجان في ذلك مصلحة كراحة الأم من أتعاب الحمل مدة قبل أن تحمل بآخر، أو لمزيد من التفرغ للعناية بالطفل قبل أن يأتي له أخ جديد، فلا بأس بذلك، وقد كان العزل معروفا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول جابر رضي الله عنه: (كنا نعزل والقرآن ينزل) والعزل سبب من أسباب منع الحمل. والله أعلم وأحكم.
وأنقل لك قرارهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وقرار مجمع الفقه الإسلامي بهذ الشأن:
أولا: قرار هيئة كبار العلماء رقم 42 وتاريخ 13/4/1396هـ:
نظراً لأن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره وتعتبر النسل نعمة كبرى ومِنة عظيمة منَّ الله بها على عباده، فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله مما أوردته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بحثه المعد للهيئة والمقدم إليها، ونظراً إلى أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها، وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الرب تعالى لعبادة، ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين عامة وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة؛ حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعمار أهلها، وحيث إن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وربطها، لذلك كله فإن المجلس قرر بأنه لا يجوز تحديد النسل(20/411)
مطلقاً، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية إملاق؛ لأن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها، أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضار معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، أو كان تأخيره لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره، عملاً بما جاء في الأحاديث الصحيحة وما روي عن جمع من الصحابة رضوان الله عليهم من جواز العزل، وتمشياً مع ما صرح به بعض الفقهاء من جواز شرب دواء لإلغاء النطفة قبل الأربعين، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثانيا: قرارمجمع الفقه الإسلامي رقم: 39 (1/5): إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1 إلى 6 جمادى الآخر 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر)1988م بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع تنظيم النسل، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، وبناءً على أن من مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية الإنجاب، والحفاظ على النوع الإنساني، وأنه لا يجوز إهدار هذا المقصد، لأن إهداره يتنافى مع نصوص الشريعة وتوجيهاتها الداعية إلى تكثير النسل والحفاظ عليه والعناية به، باعتبار حفظ النسل أحد الكليات الخمس التي جاءت الشرائع برعايتها قرر ما يلي:
أولاً: لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب.
ثانياً: يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة، وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم، ما لم تدعُ إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية.
ثالثاً: يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان، إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً، بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراضٍ، بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة، وأن لا يكون فيها عدوان على حملٍ قائم. والله أعلم
قرار رقم: 39 (1/5)، بشأن تنظيم النسل. انظر: مجلة المجمع (ع 4 ، ج1 ص 73).
ـــــــــــــــــــ
فتاوى إسلامية - (ج 3 / ص 258)
حكم تحديد النسل وتنظيم
س - ورد إلى اللجنة الدائمة السؤال التالي هل يجوز للمسلم تنظيم أسرته باتباع الوسائل المختلفة في تحديد النسل ؟
ج- لقد سبق أن بحث مجلس هيئة كبار العلماء هذه المسألة فأصدر قراراً مضمونة ما يأتي
نظراً إلى أن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره وتعتبر النسل نعمة كبرى ومنة عظيمة من الله بها على عباده فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله مما أوردته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بحثها المعد للهيئة والمقدم لها . ونظراً إلى أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل(20/412)
مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الرب- تعالى - لعباده . ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين بصفة عامة وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعمار أهلها . وحيث أن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله - تعالى - وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها لذلك كله فإن المجلس يقرر بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق ، لأن الله - تعالى - هو الرازق ذو القوة المتين " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها " . أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد ، أو كان تأخيره لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان ، فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره عملاً بما جاء في الأحاديث الصحيحة ، وما روي عن جمع الصحابة - رضوان الله عليهم - من جواز العزل - وتمشياً مع ما صرح به الفقهاء من جواز شرب الدواء لإلقاء النطفة قبل الأربعين بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة
ـــــــــــــــــــ
حكم تحديد النسل من أجل الفقر
س - دخلي محدود . ولدي أولاد كثيرون ، فهل يجوز أن أحدد النسل ؟
ج- لا يجوز تحديد النسل لقوله - تعالى - " نحن نرزقهم وإياكم " . وهناك طرق لتأخير الحمل منها إرضاع الطفل ، فإن مع الرضاع عادة لا يحصل الحمل ، ومنها تأخير الوطء بعد الطهر بأسبوع أو أسبوعين فإن العادة انعقاد الحمل بإذن الله بالوطء بعد الطهر من الحيض مباشرة ، ومنها استعمال العزل وهو الإنزال خارج الفرج ، ويجوز باتفاق الزوجين ، ويجوز إسقاط النطفة قبل الأربعين بدواء مباح لغرض صحيح .
الشيخ ابن جبرين
ـــــــــــــــــــ
ضوابط استخدام حبوب منع الحمل
س - متى يجوز للمرأة استخدام حبوب منع الحمل ؟ ومتى يحرم عليها ذلك ؟ وهل هناك نص صريح أو رأي فقهي بتحديد النسل ؟ وهل يجوز للمسلم أن يعزل أثناء المجامعة بدون سبب ؟
ج- الذي ينبغي للمسلمين أن يكثروا من النسل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً لأن ذلك هو الأمر الذي وجه النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، إليه في قوله " تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم " . ولأن كثرة النسل كثرة للأمة وكثرة الأمة من عزتها كما قال - تعالى - ممتنا على بني إسرائيل بذلك " وجعلناكم أكثر نفيراً " وقال شعيب لقومه " اذكروا إذ كنتم قليلاً فكثركم " . ولا أحد ينكر أن كثرة الأمة(20/413)
سبب لعزتها وقوتها على عكس ما يتصوره أصحاب ظن السوء الذين يظنون أن كثرة الأمة سبب لفقرها وجوعها . إن الأمة إذا كثرت واعتمدت على الله - عز وجل - وآمنت بوعده في قوله " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها " . فإن الله ييسر لها أمرها وبغنيها من فضله . بناء على ذلك تتبين إجابة السؤال فلا ينبغي للمرأة أن تستخدم حبوب منع الحمل إلا بشرطين
الشرط الأول أن تكون في حاجة لذلك مثل أن تكون مريضة لا تتحمل الحمل كل سنة أو نحيفة الجسم أو بها موانع أخرى تضرها أن تحمل كل سنة .
والشرط الثاني أن يأذن لها الزوج لأن للزوج حقاً في الأولاد والإنجاب ولابد كذلك من مشاروة الطبيب في هذه الحبوب هل أخذها ضار أو ليس ضار ، فإذا تم الشرطان السابقان فلا بأس باستخدام هذه الحبوب ، لكن على ألا يكون ذلك على سبيل التأييد أي أنها لا تستعمل حبوباً تمنع الحمل منعاً دائماً ، لأن في ذلك قطعاً للنسل .
وأما الفقرة الثانية من السؤال فالجواب عليها أن تحديد النسل أمر لا يمكن في الواقع ذلك أن الحمل وعدم الحمل كله بيد الله - عز وجل - ثم إن الإنسان إذا حدد عدداً معيناً فإن هذا العدد قد يصاب بآفة تهلكه في سنة واحدة ويبقى حينئذ لا أولاد له ولا نسل له ، والتحديد أمر غير وارد بالنسبة للشريعة الإسلامية ولكن منع الحمل يتحدد بالضرورة على ما سبق في جواب الفقرة الأولى وأما الفقرة الثانية والخاصة بالعزل أثناء الجماع بدون سبب فالصحيح من أقوال أهل العلم أنه لا بأس به لحديث جابر - رضي الله عنه - " كنا نعزل والقرآن ينزل " . يعني على عهد النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، ولو كان هذا الفعل حراماً لنهى الله عنه ، ولكن أهل العلم يقولون إنه لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها أي لا يعزل عن زوجته الحرة إلا بإذنها ، لأن لها حقا في الأولاد ، ثم إنه في عزله بدون إذنها نقصاً في استمتاعها ، فاستمتاع المرأة لا يتم إلا بعد الإنزال ، وعلى هذا ففي عدم استئذانها تفويت لكمال استمتاعها وتفويت لما يكون من الأولاد ولهذا اشترطنا أن يكون بإذنها .
الشيخ ابن عثيمين
ـــــــــــــــــــ
منع الحمل لا يجوز ألا في حالات فردية
س - رجل تزوج امرأة بعد زوجها الأول ومعها بنت رضيع فهل يجوز لها أكل الحبوب لمدة سنة كاملة لمنع الحمل من الزوج الثاني دون موافقته علماً بأنها بصحة جيدة لا تعوق الحمل فهل يجوز أم لا ؟
ج- تحديد النسل محرم مطلقاً لما جاء في الشريعة الغراء من النهي عن التبتل والتشديد في ذلك والترغيب في التزويج بالولود الودود ، فيكون تناول حبوب منع الحمل محرماً إلا في حالات فردية نادرة لا عموم لها ، كما في الحالة التي تدعو الحامل إلى ولادة غير عادية ، ويضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد ، وفي حالة ما إذا كان على المرأة خطر من الحمل لمرض ونحوه ، وهذا لا ينطبق على حالة المرأة المذكورة في السؤال ، فلا يجوز لها التسبب في منع الحمل . وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد .(20/414)
اللجنة الدائمة
ـــــــــــــــــــ
حكم التعقيم وقطع النسل
س - ماذا يقول علماء الإسلام وفقهاء الدين في مسألة تحديد النسل والتعقيم البشري وقطع عروق التناسل والرجولية لذلك برضى أو إكراه ؟ هل يجوز في دين الله ؟ بينوا أثابكم الله الجواب الشافي على ضوء الكتاب والسنة ؟ فإن علماء بلادنا الهند قد اختلفوا في هذه المسألة ، فالبعض أحل والبعض حرم ، والبعض سكت ، فنحن مسلمو الهند حيارى في هذه المسألة لا ندري تمس ديننا أم لا ؟
وهل يعتبر هذا العمل ( أي عمل تحديد النسل ) تدخلاً في دين المسلمون وديانتهم أم لا؟ وهل يجوز لأي حكومة تنادى بحرية الديانات وعدم التدخل في الشؤون الدينية أن تقوم بتحديد النسل على قدم وساق وتجهد المسلمين في ذلك بإرضاء أو إكراه ؟ بينوا ووضحوا أجزل الباري ثوابكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ج- الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه ، أما بعد
فمن المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن هذا العمل المذكور في السؤال منكر وظلم للشعوب بل ظلم للبشرية جمعاء ، ولا يجوز لأية دولة إسلامية أو غيرها أن تقوم بذلك ، لأن التعقيم للرجال أو النساء ظلم عظيم يترتب عليه فساد كبير ، وعواقب وخيمة ، وهو مخالف للأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ، ومخالف للفطرة التي فطر الله عليها العباد ، ومخالف لما تقتضيه العقول الصحيحة التي ينشد أربابها المصلحة العامة للبشرية وإذا كان ذلك مع المسلمين ففيه من المضار العظيمة تقليل عددهم ضد عدوهم ومخالفة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، التي أرشد فيها إلى الأخذ بأسباب كثرة النسل ، وقال إنه مكاثر بأمته الأمم يوم القيامة ، وفي ذلك من الفساد أيضا تقليل من يعبد الله وحده ويدعو إلى شرعه ويعين على إقامة العدل في الأرض وبالجملة فالتعقيم المذكور من أقبح الظلم وقد قال الله - عز وجل - في سورة الفرقان " ومن يظلم منكم نذقه عذاباً كبيراً " . وقال النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " . والأدلة على تحريم هذا التعقيم وأنه من أنواع الظلم المحرم فعله من الكتاب والسنة كثيرة جداً ، فنسأل الله أن يهدي من فعل هذا الفعل المنكر إلى الرجوع إلى الصواب . وأن يرفق المسلمين في كل مكان لما فيه عزهم وجمع كلمتهم على الحق ونصرهم على من خالف أمر ربهم إنه سميع قريب ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد ، - صلى الله عليه وسلم - .
الشيخ ابن باز
ـــــــــــــــــــ
حول تحديد النسل
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
بسم الله الرحمن الرحيم(20/415)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه .. أما بعد ، فقد نشرت بعض الصحف المحلية منذ أمد قريب خبراً مفادة أن فضيلة المفتي العام في الأردن قد أفتى بإباحة تحديد النسل وأن الحكومة إذا قررته لزم العمل به ، واشتهر هذا الخبر بين الناس ، وصار حديث المجالس لاستغرابه واستنكار المسلمين له ، ومن أجل ذلك كثر السؤال عن حكم هذه المسألة ، وهل هذه الفتوى صواب أم خطأ ، فرأيت أن من الواجب على أمثالي بيان ما يدل عليه شرع الله - عز وجل - في هذه المسألة فأقول أعلم أيها القارئ وفقني الله وإياك لإصابة الحق أن اطلعت على الفتوى المذكورة وتأملت ما اعتمد عليه فضيلة المفتي العام في الأردن في إصداره هذه الفتوى المشتملة على القول بإباحة تحديد النسل وأن الحكومة إذا قررته كان العمل به لازماً فألفيته قد ركز فتواه على قوله - عز وجل - " وليسعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله " . وعلى قول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - " يا معشر الشاب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لمن يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " . وعلى الأحاديث الدالة على إباحة العزل " ليس من نفس مخلوقة إلا الله خالقها " . وروى عنه ، - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال " ليس من كل الماء يكون الحمل " . فأي حجة في أحاديث العزل على تحديد النسل لمن تأمل المقام وأعطاء حقه من النظر وتجرد عن العوامل الأخرى نسأل الله لنا ولفضيلة المفتي العام في الأردن ولسائر إخواننا التوفيق لإصابة الحق والعافية من خطأ الفهم إنه خير مسؤول .
وأما قول المفتي في آخر الفتوى وإذا قررت الدولة ذلك يكون العمل به لازماً لأن من المتفق عيه أن ولي الأمر إذا أخذ بقول ضعيف يكون حتماً ، فهذا القول في غاية السقوط بل هو ظاهر البطلان ، لأن الحكومة إنما تطاع في المعروف لا فيما يضر الأمة ، ويخالف الشرع المطهر ، والقول بتحديد النسل مخالف للشرع ومصلحة الأمة فكيف تلزم طاعتها فيه ؟ قال الله - عز وجل - في حق نبيه ، - صلى الله عليه وسلم - ، " ولا يعصينك في معروف " وهو ، - صلى الله عليه وسلم - ، لا يأمر إلا بالمعروف ولكن الله - عز وجل- أراد إعلام الأمة وإرشادها إلى أن طاعة ولاة الأمور إنما تكون في المعروف ، وصح عن النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال " إنما الطاعة في المعروف " . وقال عليه الصلاة والسلام " لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق " والأحاديث في هذا المعنى بكثيرة وهذه كلمة موجزة أردنا بها إظهار الحق وكشف اللبس وإرشاد المسلمين إلى ما نعلمه من شرع الله - سبحانه - في هذه المسألة . ونسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وأن يمن على الجميع بالفقه في دينه والثبات عليه وأن يعيذ الجميع من مضلات الفتن ونزعات الشيطان إنه على كل شيء قدير ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه .
الشيخ ابن باز
ـــــــــــــــــــ
حكم منع الحمل وتحديد النسل وتنظيمه
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه وبعد(20/416)
ففي الدورة الثامنة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة في النصف الأول من شهر ربيع الآخر عام 1396هـ بحث المجلس موضوع منع الحمل وتحديد النسل وتنظيمه ، بناء على ما تقرر في الدورة السابعة للمجلس المنعقد في النصف الأول من شهر شعبان عام 1395هـ من إدراج موضوعها في جدول أعمال الدورة الثامنة ، وقد أطلع المجلس على البحث المعد في ذلك من قبل اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء ، وبعد تداول الرأي والمناقشة بين الأعضاء والاستماع إلى وجهات النظر قرر المجلس ما يلي
" نظراً إلى أن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره وتعتبر النسل نعمة كبرى ومنة عظيمة من الله بها على عباده فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله مما أوردته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بحثها المعد للهيئة والمقدم لها . ونظراً إلى أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الرب - تعالى - لعباده . ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين بصفة عامة وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعمار أهلها . وحيث أن في الأخذ بذلك ضربا من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله - تعالى - وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها لذلك كله فإن المجلس يقرر بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق ، لأن الله - تعالى - هو الرزاق ذو القوة المتين " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها " . أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد ، أو كان تأخيره لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان ، فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره عملاً بما جاء في الأحاديث الصحيحة ، وما روي عن جمع من الصحابة - رضوان الله عليهم - من جواز العزل ، وتمشياً مع ما صرح به الفقهاء من جواز شرب الدواء لإلقاء النطفة قبل الأربعين بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة ، وقد توقف فضيلة الشيخ عبد الله بن غديان في حكم الاستثناء ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة
ـــــــــــــــــــ
قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في الحكم الشرعي في تحديد النسل
الحمد لله ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه .. وبعد
فقد نظر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في موضوع تحديد النسل أو ما يسمى تضليلاً بـ ( تنظيم النسل ) .
وبعد المناقشة وتبادل الأراء في ذلك قرر المجلس بالإجماع ما يلي
نظراً إلى أن الشريعة الإسلامية تحض على تكثير نسل المسلمين وانتشاره ، وتعتبر النسل نعمة كبرى ومنة عظيمة من الله بها على عباده ، وقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله - عز وجل - وسنة رسوله ، - صلى الله عليه(20/417)
وسلم - ، ودلت على أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها ، وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الله - تعالى - لعباده ، ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين لتقليل عددهم بصفة عامة ، وللأمة العربية المسلمة والشعوب المستضعفة بصفة خاصة ، حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعباد أهلها والتمتع بثروات البلاد الإسلامية ، وحيث إن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء ظن الله - تعالى - وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها .
لذلك كله فإن المجمع الفقي الإسلامي يقرر بالإجماع أنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً ن ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق ، لأن الله - تعالى - هو الرزاق ذو القوة المتين ، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ، أو كان ذلك لأسباب أخرى غير معتبرة شرعاً . أما تعاطي أسباب منع الحمل أو تأخيره في حالات فردية لضرر محقق لكون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الجنينن فإنه لا مانع من ذلك شرعاً ، وهكذا إذا كان تأخيره لأسباب أخرى شرعية أو صحية يقرها طبيب مسلم ثقة ، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرر المحقق على أمة إذا كان يخشى على حياتها منه بتقرير من يوثق به من الأطباء المسلمين .
أما الدعوة إلى تحديد النسل أو منع الحمل بصفة عامة فلا تجوز شرعاً للأسباب المتقدم ذكرها ، وأشد من ذلك في الإثم والمنع إلزام الشعوب بذلك وفرضه عليها في الوقت الذي تنفق فيه الأموال الضخمة على سباق التسلح العالمي للسيطرة والتدمير ، بدلاً من إنفاقه في التنمية الاقتصادية والتعمير وحاجات الشعوب .
توقيع ... ... ... ... ... ... ... توقيع
نائب الرئيس ... ... ... ... ... رئيس مجلس المجمع الفقهي
محمد على الحركان ... ... ... ... ... عبد الله بن حميد
رحمه الله ... ... ... ... ... ... ... رحمه الله
ـــــــــــــــــــ
نصائح لشباب الدعوة .. في كيفية طلب العلم والرد على أهل البدع
س - الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد
إننا في قرية نعيش فترة من القلق بسبب ابتداع أمور ليست في الدين نريد منكم جواباً شافياً على ما ابتدع حتى لا نتخبط ونطبق مبادئ الإسلام على صح ونبذ المبتدعات ونزجرهم ثم ما هي الكتب الدالة على ذلك هداننا الله وإياكم إلى ما فيه من الخير والهدى .
ثانيا إننا شباب مقبل على دينه برغم ما يلقاه من تعنت وعسف الآباء الذين طغت عليهم المادية وأهملوا أمور دينهم فما هي الكتب الصالحة الخالية من المبتدعات والإسهاب والهادية على طريق الصواب مع أن الآباء يحرموننا حتى من المصروف بسبب إقبالنا على ديننا وإنكارنا للجهل والتخريف في الدين المبتدع فتزيد منكم قائمة لذلك إن أمكننا أن نشتري بعضها لنبعد الله على علم وهل صحيح(20/418)
توجد أحاديث موضوعة وضيعيفة وكيف نعرفها وخصوصاً ما أثر ما نجدها متداولة على ألسنة بعض الأئمة . ثالثا ما هي حقيقة هذه الطرق الكثيرة عندنا مثل الشاذلية والأحمدية والسعدية والبرهانية وغيرها وكيف نرد عليهم وما الكتب الشافية في ذلك وهل هم على حق كما يزعمون هم بذلك . رابعا نرى أئمة كل على مذهب يخالف الآخر وغالباً ما ينتهي الموضوع كله إلى معركة بينهم تؤدي إلى أن بعض المصلين يتركون الصلاة فنريد جوابا شافياً وكافياً في هذا الموضوع وهل نتبع مذهبا واحداً وكيف نوفق بين المذاهب حتى يستقر الأمر . خامسا قد يتطاول البعض على كتاب الله فيجعلون تفسير الآيات حسب أهوائهم ليضلوا الناس عن ذلك مثال ذلك في سورة آل عمران قوله تعالى { الذين يذكرون الله فيما وقعوداً وعلى جنوبهم } . فيفسرون ذلك على الرقص في الأذكار والهيمنة ويتمتم بكلمات غير مفهومةى ويميل يميناً ويساراً وهو يقول الله حي ، الله حي ، وهكذا وأمور أخرى فيحللون تحديد النسل والغناء للنساء والمدح للرسول ، - صلى الله عليه وسلم - ، ويستعملون في ذلك الآت الغناء والمجون فنريد منكم التبصير بأمور ديننا وفهمها على حق والرد على المبتدعين على الدين والكتب الشافية بذلك .
ج- أولا لم تذكر البدع التي تريد الجواب عنها حتى نذكر لك الجواب ولكن نحب أن ننبهك إلى أصل عظيم وهو أن الأصل في باب العبادات المنع حتى يرد الدليل عليها شرعاً فلا يقال أن هذه العبادة مشروعة من أصلها أو من جهة عددها أو هيئتها إلا بدليل شرعي فمن ابتدع في دين الله ما لم يشرعه فما صدر منه مردود عليه قال صلى الله عليه وسلم { من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد } وفي راوية { من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد } .
ثانيا ننصحك بتعلم كتاب الله وكثرة تلاوته وتدبره والعمل به والدعوة إليه وتتعلم من سنة رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، ما تدعو الحاجة إليه فتقرأ صحيح البخاري وصحيح مسلم وغيرهما من كتب السنة وتسأل أهل العلم عما أشكل عليك .
ثالثا طريقة الشاذلية والأحمدية والبرهانية ونحوها من الطرق طرق ضلال لا يجوز للمسلم أن يتبع واحدة منها بل الواجب عليه أن يتبع طريقة الرسول ، - صلى الله عليه وسلم - ، وخلفائه وصحابته من بعده الذين أخذوا بسنته وكذا من أخذ بها بعدهم قال صلى الله عليه وسلم { لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله } وقال ، - صلى الله عليه وسلم -، { خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم } وقال صلى الله عليه وسلم { افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على ثنين وسبعين فرقة وسنفترق هذه الأمة على ثلاثة وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة " قال ومن هي يا رسول الله قال " من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي } .
أما الرد عليهم فيحتاج إلى أن تعرف أنت تفاصيل عقائدهم وبدعهم وشبههم وتعرض ذلك على الكتاب والسنة وترى أن تستعين بالكتب المؤلفة في ذلك كالسنن والمبتدعات . ومصرع النصوف لعبد الرحمن الوكيل والاعتصام للشاطبي والإبداع في مضار الابتداع للشيخ على محفوظ وإغاثة اللهفان من مكائد الشيطان للعلاامة ابن القيم وأمثال هذه الكتب .(20/419)
رابعا الخلاف الموجود في الفروع الفقهية بين أئمة المذاهب الأربعة يرجع إلى الأسباب التي نشأ عنها ككون الحديث يصح عند بعضهم دون بعض أو بلوغ الحديث لواحد دون الآخر إلى غير ذلك من أسباب الخلاف فيجب على المسلم أن يحسن الظن بهم فكل واحد منهم مجتهد فيما صدر منه من الفقه ، طالب للحق ، فإن كان مصيباً فله أجران أجر اجتهاده وأجر إصابته ، وإن كان مخطئا فله أجر اجتهاده ، وخطؤه معفو عنه ، وأما التقليد لهؤلاء الأئمة الأربعة فمن تمكن أن يأخذ الحق بدليله وجب عليه الأخذ بالدليل ، وإن لم يتمكن فإنه يقلد من وثق به من أهل العلم عنده حسب إمكانه ، وهذا الاختلاف في الفروع لا يترتب عليه منع المختلفثين أن يصلي بعضهم خلف بعض بل الواجب هو أن يصلي بعضهم خلف بعض فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يختلفون في المسائل الفرعية ويصلي بعضهم خلف بعض وهكذا التابعون وأتباعهم .
خامسا الطريقة السليمة لتفسير القرآن هي أن يفسر بالقرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان والاستعانة على ذلك بأساليب اللغة ومقاصد التشريع وأما التفسير الذي ذكرته لقوله تعالى { يذكرون الله قياما وقعوداً وعلى جنوبهم } وأن بعض الناس يفسره بالرقص والأذكار والهمهمة ويتيم بكلمات غير مقصوده ويميل يمينا ويساراً وهو يقول الله حي - ما سيق ذكره في السؤال - فهذا تفسير باطل ليس له أصل مطلقاً ونوصيك بمراجعة تفسير ابن جرير وابن كثير والبغوي وأشباهها في تفسير هذه الآية المذكورة في السؤال وأشباهها لتعرف الحق في ذلك من كلام أهل التفسير المأمونين .
وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
اللجنة الدائمة
ـــــــــــــــــــ
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 19 / ص 420)
تحديد النسل
السؤال الثامن الفتوى رقم ( 443 )
س 8: ما حكم الزوجين المسلمين في شرب الأدوية والحبوب لمنع الحمل، بحيث كثرة العيال يؤدي إلى مكافحة ومشقات عظيمة والهوان، سواء في الإنسانية والدينية في بعض دول أوربا وما ساواها في أمورها الحيوية؟
ج 8: يختلف حكم استعمال الأدوية والحبوب لمنع الحمل باختلاف الغرض منه، وباختلاف طبيعة الحبوب ومدى تأثيرها على الزوجة، وموقف الرجل في ذلك والوقت الذي تستعمل فيه هذه الحبوب. فأما بالنسبة للغرض، فقد يكون المقصود هو البقاء على نضارة المرأة، وهذا فيه معارضة لحكمة الله -جل وعلا-، فإنه -تبارك وتعالى- شرع النكاح، وحث عليه، ومن المقاصد الشرعية من
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 293)
مشروعية النكاح: حصول الأولاد. فعن معقل بن يسار -رضي الله عنه- قال: رواه من حديث معقل -رضي الله عنه-: أبو داود 2 / 542 برقم (2050)، والنسائي 6 / 65 - 66 برقم (3227)، وابن حبان 9 / 364 برقم (4056، 4057)، والحاكم 2(20/420)
/ 162، والطبراني 20 / 219 برقم (508)، والبيهقي 7 / 81. جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب ومنصب ومال، إلا أنها لا تلد، أفأتزوجها؟ فنهاه، ثم أتاه الثانية فقال له مثل ذلك، ثم أتاه الثالثة فقال له: "تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم رواه أبو داود والنسائي والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. فهذه المرأة التي تستعمل الحبوب والأدوية من أجل البقاء على نضارة جسمها هي بمنزلة المرأة العقيم، وقد نهى -صلى الله عليه وسلم- عن نكاحها؛ لأنها لا تلد، فهذه المرأة منهية بعموم هذا الحديث عن تعاطي الموانع التي تمنع الحمل، وإذا كان الغرض من استعمال الحبوب والأدوية منع الحمل في حالة تكون المرأة واقعة فيها وهي وجود إجهاد بدني، كالمرأة التي تلد كل سنة ويكون جسمها نحيفا فلا تتحمل متاعب الحمل والولادة، بحيث لو استمرت غلب على ظنها وقوع ضرر عظيم عليها، وترى استعمال الحبوب والأدوية لمنع الحمل وقتا محدودا بقدر ما يدفع الضرر- فيجوز ذلك، بشرط أن لا يترتب على استعماله ضرر يماثل الضرر الذي يراد فعله. ذلك أن استعمال بعض حبوب منع الحمل ينشأ عنها أحيانا اضطراب في العادة الشهرية، وتليف الرحم، وحصول ضغط في الدم، وخفقان في القلب، وغر ذلك من الآثار السيئة التي يعرفها الأطباء، ويدل لجواز الاستعمال في هذه الحالة عموم أدلة الشريعة الدالة على اليسر والسهولة ودفع المشقة، قال تعالى: سورة المائدة الآية 6 مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وقال -صلى الله عليه وسلم-: رواه مالك 2 / 745 مرسلا، وأحمد 1 / 313 ، 5 / 327، وابن ماجه 2 / 784 برقم (0 234، 2941)،
والدار قطني 3 / 77، 4 / 227، 228، والحاكم 2 / 58 ، وأبو نعيم الأصبهاني في (تاريخ أصبهان) 1 / 344، والطبراني في (الكبير) 2 / 86، 11 / 240 برقم (1387، 11806)، وفي (الأوسط) 1 / 90، 307 برقم (268، 1033 ) (ط: دار الحرمين بالقاهرة)، والبيهقي 6 / 69، 157، 10 / 133. لا ضرر ولا ضرار وقد أخذ العلماء من هذه الآية وما جاء في معناها من القرآن، وكذلك ما جاء في معنى الحديث من السنة قاعدة: (المشقة تجلب التيسير). وأما اختلاف الحكم باختلاف طبيعة الحبوب والأدوية فبيانه أن يقال: هذه الأدوية والحبوب التي يراد استعمالها لمنع الحمل إن كانت خالية من المؤثرات السيئة المماثلة للضرر المراد دفعه، فيجوز استعمالها كما سبق بيانه، وإن اشتملت على ضرر يماثل الضرر المراد دفعه لم يجز؛ لأن الضرر لا يدفع بالضرر، والمرجع في تقدير ما تشتمل عليه من أضرار إلى أهل المعرفة في ذلك، وذلك بتحليل هذه الحبوب والأدوية وتشخيص ما تشتمل عليه من أضرار ومدى تأثيرها. وأما اختلاف الحكم باختلاف حال الزوج من جهة الإذن أو عدمه، فقد يأذن وقد يمنع، وقد لا يعلم عن استعمال المرأة للحبوب والأدوية المانعة للحمل، فاستئذان الزوجة لزوجها مطلوب شرعا، وذلك في حالة ما إذا دعا لاستعمالها مسوغ شرعي، كما سبق، وعليه أن يأذن، وأما إذا لم يكن فيه مسوغ شرعي فليس لها أن تستعمل الحبوب أصلا، فضلا عن أنها تستأذن من زوجها، ولو استأذنته فليس له أن يأذن لها، وأما الوقت الذي تستعمل فيه المرأة هذه الحبوب أو الأدوية فإنه يختلف، وبناء على اختلافه فإنه يختلف الحكم، ذلك أن(20/421)
المرأة قد تستعملها قبل المواقعة مع الفم أو مع غيره، وقد تستعملها بعد الوقاع، وذلك في وقت وجود النطفة أو العلقة أو المضغة أو بعد نفخ الروح فيها، فأما بعد نفخ الروح فلا يجوز مطلقا؛ لعموم قوله تعالى: سورة التكوير الآية 8 وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ سورة التكوير الآية 9 بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ
والموءودة هي: التي تدفن وهي حية، وقد كانت العرب تفعل ذلك في الجاهلية، ذكر ذلك الطبري والقرطبي وغيرهما، فإذا كانت المضغة قد نفخت فيها الروح ثم ألقيت ميتة بسبب استعمال الحبوب وأدوية منع الحمل- كان ذلك وأدا لها، فستدخل في عموم الآية. وأما قبل نفخ الروح فعلى التفصيل الذي سبق عنه الكلام على اختلاف الحكم باختلاف الغرض، وأما كون المرأة تستعمل الحبوب لئلا يكثر أولادها فهذا لا ينبغي الالتفات إليه؛ لأنه ما من نفس تخرج إلى هذه الحياة إلا وقد كتب الله رزقها وأجلها وعملها، وعلى الإنسان أن يحسن ظنه بالله، والله تعالى عند ظن عبده به. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
ـــــــــــــــــــ
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 2221 )
س1: هل يجوز للمسلم تنظيم أسرته باتباع الوسائل المختلفة لتحديد النسل؟
ج1: لقد سبق أن بحث مجلس هيئة كبار العلماء هذه المسألة فأصدر قرارا مضمونه ما يأتي:
نظرا إلى أن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره، وتعتبر النسل نعمة كبرى ومنة عظيمة، من الله بها على عباده، فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله، مما أوردته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بحثها المعد للهيئة والمقدم لها، ونظرا إلى أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها، وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الرب تعالى لعباده، ونظرا إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين بصفة عامة، وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة، حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعمار أهلها، وحيث إن في الأخذ بذلك ضربا من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله تعالى، وإضعافا للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها- لذلك كله فإن المجلس يقرر بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقا، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق؛ لأن الله -تعالى- هو الرزاق ذو القوة المتين، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة، ككون المرأة لا تلد ولادة عادية، وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، أو كان تأخيره لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان- فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره عملا بما(20/422)
جاء في الأحاديث الصحيحة، وما روي عن جمع من الصحابة -رضوان الله عليهم- من جواز العزل، وتمشيا مع ما صرح به بعض الفقهاء من جواز شرب الدواء لإلقاء النطفة قبل الأربعين، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
ما حكم منع الحمل أو تحديد النسل؟
ج1: يحرم منع الحمل -دون ضرورة تدعو إلى ذلك- وتحديد النسل مطلقا؛ لمنافاته مقصد الشرع وترغيبه في الزواج للعفة وكثرة النسل، ولما فيه من سوء الظن بالله في سعة رزقه وكثرة عطائه لمن يفعله خشية العجز عن النفقة، فإن كان هناك ضرورة كالخطر على صحة المرأة من الحمل أو من تتابعه- جاز لها منعه أو منع تتابعه بما لا يضرها؛ من عزل وتعاطي حبوب ونحو ذلك؛ محافظة على صحتها.
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 299)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
مضمون قرار هيئة كبار العلماء رقم 42 وتاريخ 13 / 4 / 1396 هـ
نظرا إلى أن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره، وتعتبر النسل نعمة كبرى ومنة عظيمة، من الله بها على عباده، فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 307)
رسوله، مما أوردته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بحثها المعد للهيئة والمقدم لها، ونظرا إلى أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها، وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الرب -تعالى- لعباده، ونظرا إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين بصفة عامة، وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة، حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعمار أهلها، وحيث إن في الأخذ بذلك ضربا من أعمال الجاهلية، وسوء ظن بالله تعالى، وإضعافا للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها؛ لذلك كله فإن المجلس يقرر بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقا، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق؛ لأن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة، ككون المرأة لا تلد ولادة(20/423)
عادية، وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، أو كان تأخيره لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان، فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره؛ عملا بما جاء في الأحاديث الصحيحة، وما روي عن جمع من الصحابة رضوان الله عليهم، من جواز العزل وتمشيا مع ما صرح به بعض الفقهاء من جواز شرب الدواء لإلقاء النطفة قبل الأربعين، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة.
الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء
ـــــــــــــــــــ
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 18591 )
س1: أنا امرأة أريد أن أستفسر عن سؤالي وهو: إني مركبة لولب لمدة معينة من الزمن حتى يكبر أبنائي؛ لأنهم ما زالوا صغارا، هل فيه شيء من الحلال أو الحرام؟
ج1: إذا كان استخدام هذا المانع أو غيره من موانع الحمل غير مضر بالمرأة، ولا مخل بأمور عبادتها، وكان الباعث عليه غرض صحيح كالمرض، أو خوفه لكثرة الحمل- فلا حرج فيه -إن شاء الله- إذا اتفق عليه الزوجان، وليس هذا من تحديد النسل الذي دلت نصوص الشريعة ومقاصدها العظيمة على حرمته، فإن من مقاصدها الجليلة: تكثير سواد هذه الأمة، وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: رواه من حديث معقل -رضي الله عنه-: أبو داود 2 / 542 برقم (2050)، والنسائي 6 / 65 - 66 برقم (3227)، وابن حبان 9 / 364 برقم (4056، 4057)، والحاكم 2 / 162، والطبراني 20 / 219 برقم (508)، والبيهقي 7 / 81. تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة رواه أحمد والبيهقي وابن حبان . ونصوص الشريعة في هذا كثيرة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية والإعراض عن الأهل والأولاد ليس مما يحبه الله ورسوله، ولا هو من دين الأنبياء، قال تعالى: سورة الرعد الآية 38 وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً اهـ . (الاختيارات) ص 200. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر بن عبد الله أبو زيد ... صالح بن فوزان الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 1585 )
س: جاء فيه: أن امرأته إذا حملت يلحقها تعب ومرض قبل الولادة بشهرين وبعد الولادة بشهرين، وأنها بدأت تستعمل حبوبا وأدوية لمنع الحمل لمدة سنة، واستفادت، وأنه سأل عن ذلك فقيل له: لا بد من التعب للمرأة قبل وبعد الوضع كما هو حاصل لجميع النساء، ويطلب الإفادة عن ذلك.(20/424)
ج: الأصل في تحديد النسل وتنظيمه عدم الجواز؛ لمخالفته لما جاء في الشريعة الإسلامية من النهي عن التبتل المراد به: الانقطاع عن النكاح والتشديد في ذلك، والأمر بتزوج الولود، فيكون تناول
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 319)
حبوب منع الحمل أو غيرها لمنع الحمل غير جائز، إلا في حالات ضرورية نادرة، كأن يحدث الحمل للمرأة أتعابا وأمراضا فوق ما يلحق الحوامل عادة من أمراض الحمل والولادة- فعند ذلك يجوز تناول ما يمنع الحمل تداويا، لا فرارا من النسل؛ لقول الله -سبحانه-: سورة التغابن الآية 16 فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وقوله: سورة البقرة الآية 286 لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 1584 )
س: رجل تزوج امرأة بعد زوجها الأول ومعها بنت رضيع، فهل يجوز لها أكل الحبوب لمدة سنة كاملة لمنع الحمل من الزوج الثاني دون موافقته؟ علما بأنها تتمتع بصحة جيدة لا تعوق الحمل، فهل يجوز أم لا؟
ج: تحديد النسل محرم مطلقا؛ لمخالفته لما جاء في الشريعة الغراء من النهي عن التبتل، والتشديد في ذلك، والترغيب في التزوج بالولود الودود، فيكون تناول حبوب منع الحمل محرما إلا في حالات فردية نادرة، لا عموم لها، كما في الحالة التي تدعو الحامل إلى ولادة غير عادية، ويضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، وفي حالة ما إذا كان على المرأة خطر من الحمل لمرض ونحوه، وهذا لا ينطبق على حالة المرأة المذكورة في السؤال، فلا يجوز لها التسبب في منع الحمل. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
القول بإباحة تحديد النسل مخالف للشريعة والفطرة ومصالح الأمة
مقال نشر في حدود عام 1385 هـ عندما كان سماحة الشيخ نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه
أما بعد:
فقد نشرت بعض الصحف المحلية منذ أمد قريب خبرا مفاده أن فضيلة المفتي العام في الأردن قد أفتى بإباحة تحديد النسل وأن الحكومة إذا قررته لزم العمل به, واشتهر هذا الخبر بين الناس وصار حديث المجالس لاستغرابه واستنكار المسلمين(20/425)
له, ومن أجل ذلك كثر السؤال عن حكم هذه المسألة وهل هذه الفتوى صواب أم خطأ فرأيت أن من الواجب على أمثالي بيان ما يدل عليه شرع الله عز وجل في هذه المسألة فأقول: اعلم أيها القارئ وفقني الله وإياك لإصابة الحق أني اطلعت على الفتوى المذكورة وتأملت ما اعتمد عليه فضيلة المفتي العام في الأردن في إصداره هذه الفتوى المشتملة على القول بإباحة تحديد النسل، وأن الحكومة إذا قررته كان العمل به لازما، فألفيته قد ركز فتواه على قوله عز وجل: سورة النور الآية 33 وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وعلى قول النبي صلى الله عليه وسلم صحيح البخاري النكاح (4779),صحيح مسلم النكاح (1400),سنن الترمذي النكاح (1081),سنن النسائي الصيام (2240),سنن أبو داود النكاح (2046),سنن ابن ماجه النكاح (1845),مسند أحمد بن حنبل (1/378),سنن الدارمي النكاح (2166). يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء وعلى الأحاديث الدالة على إباحة العزل، هذه أدلة المفتي التي اعتمد عليها في هذه الفتوى العظيمة .
وهناك أمر آخر مهد به الفتوى وهو قوله بالحرف الواحد في أول الفتوى: ( لقد عظمت مخاوف العالم من تزايد السكان في كل مكان وصار الخبراء يعدون ذلك منذرا له بالويل والثبور وعظائم الأمور ) ثم قال في آخر الفتوى ما نصه ( إذا قررت الحكومة هذا فإن العمل به يكون لازما; لأن من المتفق عليه أن ولي الأمر إذا أخذ بقول ضعيف يكون حتما ).
انتهى المقصود من كلام المفتي.
وكل من تأمل ما اعتمده المفتي في هذه الفتوى من ذوي العلم والبصيرة يعلم أنه أبعد النجعة وخالف الصواب ورمى في غير مرمى وتحقق بأن ما ذكره من الأدلة لا يدل على ما ذهب إليه بوجه من الوجوه بل هي في جانب والفتوى في جانب آخر كما قال الشاعر:
سارت مشرقة وسرت مغربا ... شتان بين مشرق ومغرب .
أما الآية الكريمة فقد ذكرها الله سبحانه بعد قوله عز وجل سورة النور الآية 32 وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ثم قال تعالى سورة النور الآية 33 وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فأمر الله تعالى بالنكاح ورغب فيه ووعد المتزوج بالغنى إن كان فقيرا ترغيبا له في النكاح وتشجيعا له على الإقدام عليه واثقا بالله معتمدا على فضله وسعة جوده وعلمه بأحوال عباده ولذا ختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله سورة النور الآية 32 وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ثم أمر من لا حيلة له في النكاح أن يستعفف حتى يغنيه الله من فضله، فأي حجة في هذه الآية على قطع النسل أو تحديده وقد زعم فضيلة المفتي أن أمر الله بالاستعفاف لمن لا يستطع النكاح يدل على جواز القطع والتحديد; لأن تأخير النكاح بسبب العجز يفضي إلى تأخير النسل أو قطعه إن مات قبل أن يتزوج، وهذا احتجاج غريب واستدلال نادر الوجود لا يمت إلى الآية بصلة بل هو من غرائب الاستدلالات ونوادر الاحتجاج(20/426)
فالله المستعان .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هاتين الآيتين ما نصه ( هذا أمر بالتزويج وقد ذهب طائفة من العلماء إلى وجوبه على كل من قدر واحتجوا بظاهر قوله عليه الصلاة والسلام صحيح البخاري النكاح (4779),صحيح مسلم النكاح (1400),سنن الترمذي النكاح (1081),سنن النسائي الصيام (2240),سنن أبو داود النكاح (2046),سنن ابن ماجه النكاح (1845),مسند أحمد بن حنبل (1/378),سنن الدارمي النكاح (2166). يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن مسعود وقد جاء في السنن من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سنن النسائي النكاح (3227),سنن أبو داود النكاح (2050). تزوجوا الولود تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة وفي رواية حتى بالسقط والأيامى: جمع أيم ويقال ذلك للمرأة التي لا زوج لها وللرجل الذي لا زوجة له , وسواء كان قد تزوج ثم فارق أو لم يتزوج واحد منهما حكاه الجوهري عن أهل اللغة يقال: رجل أيم وامرأة أيم وقوله تعالى: سورة النور الآية 32 إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الآية ، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما رغبهم الله في التزويج وأمر به الأحرار والعبيد ووعدهم عليه الغنى فقال: سورة النور الآية 32 إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا محمود بن خالد الأزرق حدثنا عمر بن عبد الواحد عن سعيد يعني: ابن عبد العزيز قال بلغني أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى ) قال تعالى: سورة النور الآية 32 إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ رواه ابن جرير , وذكر البغوي عن عمر نحوه, وعن الليث عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سنن الترمذي فضائل الجهاد (1655),سنن النسائي الجهاد (3120),سنن ابن ماجه الأحكام (2518),مسند أحمد بن حنبل (2/437). ثلاثة حق على الله عونهم: الناكح يريد العفاف والمكاتب يريد الأداء
والغازي في سبيل الله رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه .
وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل الذي لم يجد عليه إلا إزاره ولم يقدر على خاتم من حديد ومع هذا فزوجه بتلك المرأة وجعل صداقها علي أن يعلمها ما معه من القرآن والمعهود من كرم الله تعالى ولطفه أن يرزقه ما فيه كفاية لها وله.
وأما ما يورده كثير من الناس على أنه حديث "تزوجوا فقراء يغنكم الله " فلا أصل له ولم أره بإسناد قوي ولا ضعيف إلى الآن، وفي القرآن غنية عنه وكذا هذه الأحاديث التي أوردناها ولله الحمد والمنة وقوله تعالى: سورة النور الآية 33 وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هذا أمر من الله تعالى(20/427)
لمن لا يجد تزويجا بالتعفف عن الحرام كما قال صلى الله عليه وسلم صحيح البخاري النكاح (4779),صحيح مسلم النكاح (1400),سنن الترمذي النكاح (1081),سنن النسائي الصيام (2240),سنن أبو داود النكاح (2046),سنن ابن ماجه النكاح (1845),مسند أحمد بن حنبل (1/378),سنن الدارمي النكاح (2166). يا معشر الشباب من استطاع منكم الباء فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء انتهى المقصود وبما ذكرناه آنفا وما نقلناه عن الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير الآيتين يتضح للقراء حقيقة معناهما وأنهما يدلان على شرعية النكاح والحث عليه لما فيه من المصالح العظيمة التي منها قضاء الوطر وعفة الفرج وغض البصر وتكثير النسل أما الاستدلال بهما على جواز قطع الحمل وتحديد النسل ففي غاية من الغرابة والبعد عن الصواب .
وأما حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صحيح البخاري النكاح (4779),صحيح مسلم النكاح (1400),سنن الترمذي النكاح (1081),سنن النسائي الصيام (2240),سنن أبو داود النكاح (2046),سنن ابن ماجه النكاح (1845),مسند أحمد بن حنبل (1/378),سنن الدارمي النكاح (2166). يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء فهو دال على ما دلت عليه الآيتان من الحث على النكاح والترغيب فيه وبيان بعض حكمه وأسراره، ودال أيضا على أن من عجز عن النكاح يشرع له الاشتغال بالصوم; لأنه يضعف الشهوة ويضيق مجاري الشيطان، فهو من أسباب العفة وغض البصر وليس فيه حجة بوجه ما على إباحة قطع الحمل أو تحديد النسل وإنما فيه تأخير عند العجز إلى زمن القدرة وشرعية تعاطي أسباب العفة حتى لا يقع في الحرام وأما الاحتجاج بأحاديث العزل على تحديد النسل فهو من جنس ما قبله بعيد عن الصواب مخالف لمقاصد الشرع; لأن العزل هو إراقة المني خارج الفرج لئلا تحمل المرأة وهذا إنما يفعله الإنسان عند الحاجة إليه مثل كون المرأة مريضة أو مرضعة فيخشى أن يضرها الحمل أو يضر طفلها فيعزل لهذا الغرض، أو نحوه من الأغراض المعقولة الشرعية إلى وقت ما، ثم يترك ذلك وليس في هذا قطع للحمل ولا تحديد للنسل وإنما فيه تعاطي بعض الأسباب المؤخرة للحمل لغرض شرعي، وهذا لا محذور فيه في أصح الأقوال عند العلماء كما دلت عليه أحاديث العزل ثم إن العزل لا يلزم منه عدم الحمل فقد يسبقه المني أو بعضه فتحمل المرأة بإذن الله, ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث الواردة في العزل: صحيح البخاري المغازي (3907),صحيح مسلم النكاح (1438),سنن أبو داود النكاح (2170),سنن ابن ماجه النكاح (1926),موطأ مالك الطلاق (1262). ليس من نفس مخلوقة إلا الله خلقها ، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: صحيح
مسلم النكاح (1438),مسند أحمد بن حنبل (3/49). ليس من كل الماء يكون الحمل فأي حجة في أحاديث العزل على تحديد النسل لمن تأمل المقام وأعطاه حقه من(20/428)
النظر وتجرد عن العوامل الأخرى نسأل الله لنا ولفضيلة المفتي العام في الأردن ولسائر إخواننا التوفيق لإصابة الحق والعافية من خطأ الفهم إنه خير مسئول .
ومن تأمل ما ذكرناه ، وما نقلناه عن أهل العلم يعلم أن القول بإباحة تحديد النسل قول مخالف للشريعة الكاملة التي جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها, وتعطيل المفاسد وتقليلها ومخالف للفطرة السليمة فإن الله سبحانه فطر العباد علي محبة الأولاد وبذل الأسباب في تكثير النسل وقد امتن الله بذلك في كتابه وجعله من زينة الدنيا.
فقال تعالى سورة النحل الآية 72 وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وقال تعالى سورة الكهف الآية 46 الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ومن تأمل المقام أيضا عرف أن القول بتحديد النسل مخالف لمصالح الأمة فإن كثرة النسل من أسباب قوة الأمة وعزتها ومنعتها وهيبتها وتحديد النسل بضد ذلك يفضي إلي قلتها وضعفها بل إلى فنائها وانقراضها, وهذا واضح لجميع العقلاء لا يحتاج إلى تدليل وأما تخوف المفتي من كثرة السكان وقول الخبراء إن ذلك ينذر بالويل والثبور فهذا شيء لا ينبغي للعاقل، فضلا عن العالم أن يلتفت إليه بأن يعلق به أحكاما تخالف الشريعة وعلم الغيب إلى الله سبحانه هو خالق العباد ورازقهم وهو القائل في كتابه الكريم: سورة الذاريات الآية 56 وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ سورة الذاريات الآية 57 مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ سورة الذاريات الآية 58 إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ وهو القائل عز وجل: سورة هود الآية 6 وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا والقائل: سورة العنكبوت الآية 60 وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ والقائل: سورة العنكبوت الآية 17 فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة صحيح البخاري التوحيد (7016),صحيح مسلم القدر (2643),سنن الترمذي القدر (2137),سنن أبو داود السنة (4708),سنن ابن ماجه المقدمة (76),مسند أحمد بن حنبل (1/414). أن الله سبحانه إذا خلق الجنين أمر الملك أن يكتب رزقه
وأجله وعمله , فكل مخلوق له رزقه المقدر على حسب ما يسر الله من الأسباب، فكيف يليق بالعاقل أن يستحسن أو يبيح تحديد النسل خوفا من ضيق العيش والله سبحانه المتكفل بالرزق والقادر على كل شيء؟ وإذا كان السكان قد تزايدوا في كل مكان, فأسباب الإنتاح والرزق قد كثرت أيضا في كل مكان وقد تسهلت وتنوعت أكثر مما كانت قبل وأحسن مما كانت قبل وهذا من دلائل حكمة الله سبحانه وكمال قدرته وعظيم عنايته بمصالح عباده، ثم كيف يليق بمسلم أن يسيء ظنه بربه؛ حتى يبيح للأمة تحديد النسل وحتى يلزم بذلك إذا قررته الدولة خوفا من ضيق العيش وعدم حصول الرزق فأين الإيمان بالله وأين الثقة بخبره وأين التوكل عليه ثم في هذا الظن السيء مشابهة للكفرة الذين كانوا يقتلون أولادهم خشية الفقر فأنكر الله عليهم ذلك وعابهم به في قوله سبحانه سورة الأنعام الآية 151 وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وقال سبحانه في آية الإسراء سورة الإسراء الآية 31 وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا وأما(20/429)
قول المفتي في آخر الفتوى ( وإذا قررت الدولة ذلك يكون العمل به لازما; لأن من المتفق عليه أن ولي الأمر إذا أخذ بقول ضعيف يكون حتما ) فهذا القول في غاية السقوط بل هو ظاهر البطلان لأن الحكومة إنما تطاع في المعروف لا فيما يضر الأمة ويخالف الشرع المطهر والقول لتحديد النسل مخالف للشرع ومصلحة الأمة فكيف تلزم طاعتها فيه قال الله عز وجل في حق نبيه صلى الله عليه وسلم: سورة الممتحنة الآية 12 وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ وهو صلى الله عليه وسلم لا يأمر إلا بالمعروف ولكن الله عز وجل أراد إعلام الأمة وإرشادها إلى أن طاعة ولاة الأمور، إنما تكون في المعروف وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: صحيح البخاري الأحكام (6726),صحيح
مسلم الإمارة (1840),سنن النسائي البيعة (4205),سنن أبو داود الجهاد (2625),مسند أحمد بن حنبل (1/82). إنما الطاعة في المعروف وقال عليه الصلاة والسلام لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق سنن أبو داود الجهاد (2625),مسند أحمد بن حنبل (1/131). والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وهذه كلمة موجزة أردنا بها إظهار الحق وكشف اللبس وإرشاد المسلمين إلى ما نعلم من شرع الله سبحانه في هذه المسألة ونسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وأن يمن على الجميع بالفقه في دينه والثبات عليه، وأن يعيذ الجميع من مضلات الفتن ونزغات الشيطان إنه على كل شيء قدير وصلى وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
ـــــــــــــــــــ
يريد تحديد النسل لفقره
سؤال:
السؤال :
هل علي أن أتريث ولا أحاول أن يكون لي أطفال, بسبب مخاوفي ألا أوفر للأطفال الذين قد يرزقني الله بهم مناخا إسلاميا في العائلة؟ علي ديون من الماضي وأنا أسددها بالإضافة إلى الفوائد التي عليها. وأنا أظن أنه يجدر بي أن أنتظر على إنجاب الأطفال حتى أتمكن من سداد الديون. فما هو رأيك في ذلك ؟.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
قال تعالى : ( وما من دابة إلا على الله رزقها ) ، وقال تعالى : ( وكأين من دابة لاتحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم ) ، وقال تعالى : ( إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين )
وقال تعالى : ( فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له ) .
وقد ذم الله أهل الجاهلية الذين يقتلون أولادهم خشية الفقر ونهى عن صنيعهم ، قال تعالى : ( ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم ) . وأمر الله عباده بالتوكل عليه في جميع الأمور وهو الكافي لمن توكل عليه ، قال تعالى : ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) ، وقال تعالى : ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) .(20/430)
فعليك أيها الأخ السائل أن تتوكل على مولاك في حصول رزقك ورزق أولادك ، ولا يمنعك الخوف من الفقر من طلب الأولاد والتسبب في الإنجاب فإن الله قد تكفل برزق الجميع ، وفي ترك الإنجاب خوفا من الفقر مشابهة لأهل الجاهلية . ثم اعلم أيها الأخ الكريم أن الاقتراض بالفائدة هو من الربا الذي توعد الله أهله بأليم العقاب ، وهو أحد السبع الموبقات أي المهلكات ، قال عليه الصلاة والسلام : " اجتنبوا السبع الموبقات ..... إلى قوله وأكل الربا " . وقال عليه الصلاة والسلام : " لعن الله آكل الربا وموكله ... " الحديث . وإن أكل الربا من أعظم أسباب الفقر ، ومحق البركة كما قال تعالى : ( يمحق الله الربا ويربي الصدقات ) . وأظنك لا تعرف حكم الاقتراض بالفائدة فاستغفر الله مما مضى ، ولا تعد ، واصبر وانتظر من ربك الفرج واطلب الرزق من عنده ، وتوكل عليه إن الله يحب المتوكلين .
فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك .
ـــــــــــــــــــ
تنظيم وتحديد النسل
سؤال:
ما حكم تحديد النسل في دول تكثر السكان بها ضروري مثل القاهرة مثلاً ؟.
الجواب:
الحمد لله
نورد لك فيما يلي قرار المجمع الفقهي بشأن تنظيم النسل :
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1 إلى 6 جمادى الآخر 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر)1988م .
بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع تنظيم النسل ، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله ،
وبناءً على أن من مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية الإنجاب والحفاظ على النوع الإنساني ، وأنه لا يجوز إهدار هذا المقصد ، لأن إهداره يتنافى مع نصوص الشريعة وتوجيهاتها الداعية إلى تكثير النسل والحفاظ عليه والعناية به ، باعتبار حفظ النسل أحد الكليات الخمس التي جاءت الشرائع برعايتها
قرر ما يلي :
أولاً : لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب .
ثانياً : يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة ، وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم ، ما لم تدعُ إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية .
ثالثاً : يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل ، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان ، إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً ، بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراضٍ ، بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر ، وأن تكون الوسيلة مشروعة ، وأن لا يكون فيها عدوان على حملٍ قائم .
والله أعلم
قرار رقم : 39 ( 1/5) ، بشأن تنظيم النسل
انظر : مجلة المجمع (ع 4 ، ج1 ص 73 ) .(20/431)
وللمزيد انظر سؤال رقم ( 7205 ) .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
منع الحمل منعاً مستمراً حرام إلا للضرورة
سؤال:
أعاني من مرض شديد جدا خلال فترة الحمل يستمر معي حتى الإنجاب تقريبا ، وبخاصة الأشهر الثلاثة الأولى ، حتى إنني قضيت ما يجاوز الشهرين بالمستشفى ، وخلال هذه الفترة أتوقف تماما عن الأكل والشرب ، وأكره كل شئ وتكون تغذيتي عن طريق حقن التغذية بالمستشفى ، فهل يجوز لي في هذه الحالة إيقاف الحمل والإنجاب كليا أم لا يجوز؟
الجواب:
الحمد لله :
أولاً :
جاءت الشريعة الإسلامية بالترغيب في النكاح وزيادة النسل تكثيراً للأمة الإسلامية ، وتحقيقاً لمباهاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سائر الأمم يوم القيامة ، وتمشياً مع الفطرة الإنسانية حتى إن أنبياء الله تعالى ورسله صلوات الله وسلامه عليهم قد دعوا الله تعالى أن يرزقهم الذرية الصالحة ، فقد ذكر الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام قوله : ( رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ) (الصافات:100)
وقال تعالى : ( وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ) (الانبياء:89)
وذكر الله تعالى من دعاء عباد الله الصالحين أدعية كثيرة منها قوله : ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ) (الفرقان:74) وسيظل الناس كذلك ما سلمت فطرتهم .
ثانياً :
سبق في إجابة السؤال رقم ( 21169 ) أن منع الحمل منعاً مستمراً حرام .
غير أنه يستثنى من ذلك ما دعت إليه الضرورة ، كما هي قاعدة الشريعة في جميع المحرمات – أنها تباح للضرورة – قال الله تعالى: ( وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ) ( الأنعام: 119)
فإذا كانت المرأة ضعيفة أو مريضة يضرها الحمل أو يُخشى عليها بسببه جاز لها أن تستعمل ما يمنع الحمل .
وقد جاء في بحث أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء قولهم :
" ... وعلى هذا يكون تحديد النسل محرماً مطلقاً ، ويكون منع الحمل محرماً إلا في حالات فردية نادرة لا عموم لها ، كما في الحالة التي تدعو الحامل إلى ولادة غير عادية ، ويضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد ، وفي حالة ما إذا كان على المرأة خطر من الحمل لمرض ونحوه ، فيستثنى مثل هذا منعاً للضرر ، وإبقاء على النفس ، فإن الشريعة الإسلامية جاءت بجلب المصالح ودرء المفاسد وتقديم أقوى المصلحتين وارتكاب أخف الضررين عند التعارض " اهـ(20/432)
مجلة البحوث الإسلامية (5/127)
وقد سئل الشيخ ابن باز عن امرأة أنجبت عشرة أولاد وصار الحمل يضرها ، وتريد أن تعمل ما يسمى بعملية " الربط "
فأجاب :
" لا حرج في العملية المذكورة إذا قرر الأطباء أن الإنجاب يضرها بعد سماح زوجها بذلك " اهـ .
فتاوى المرأة المسلمة (5/978)
وقال الشيخ ابن جبرين :
" لا يجوز العلاج لقطع الحمل أو إيقافه إلا عند الضرورة ، إذا قرر الأطباء " المعتبرون " أن الولادة تسبب إرهاقاً أو تزيد المرض أو يخاف من الحمل والوضع الهلاك خوفاً غالباً ، ولا بد مع ذلك من رضى الزوج وموافقته على القطع أو الإيقاف ، ثم متى زال العذر أعيدت المرأة إلى حالتها الأولى " اهـ.
فتاوى المرأة المسلمة (2/977)
وعلى هذا إذا كان ما يصيبك بسبب الحمل إنما هو أمر عارض بسبب مرض أو ضعف يُرجى زواله ، فإنك تمنعين الحمل منعاً مؤقتاً حتى يعافيك الله تعالى ، وأما إن كان أمراً مستمراً لا يُرجى زواله فلا حرج – إن شاء الله – من منعك الحمل منعاً دائماً .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
تحديد النسل خوف الفقر ... العنوان
تزوجت من شهور، ومواردي تغطي ضروراتي وكمالياتي والحمد لله ، ولكن الخوف من الفقر جعلني أفكر في منع النسل حتى تمر من عمري سنوات أطمئن فيها إلى أن ما تملك يداي يجعلني مطمئنا إلى ما أنجبه من أولاد، لا يعرضني إلى الوقوع في ضائقات فهل منع النسل لهذا القصد جائز شرعا، أم آثم إذا فعلت هذا؟
... السؤال
27/05/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فيقول فضيلة الشيخ إبراهيم جلهوم - شيخ المسجد الزينبي بالقاهرة :ـ
إن من مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة، إبقاء النوع الإنساني، والحفاظ عليه، ولذا شرعت الزواج ليكون منه نسل يعمر الدنيا، وليتحصن الزوجان بالزواج فلا يقعا في خطيئة تدمر الخلق والدين، ومن أجل ذلك حث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على اختيار الزوجات، المنجبات للبنين والبنات، فقال ـ عليه الصلاة والسلام: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" رواه الإمام أحمد.(20/433)
فمنع النسل وتحديده من الأعمال التي تنافي مقاصد الزواج؛ إذا كان الملجئ إليه خوف الفقر وكثرة الولد، ولذا لا يعد عذرا من الأعذار، التي تصل إلى حد الاضطرار كالخوف على حياة الأم مثلا، فالذي خلق تكفل بالرزق لكل كائن حي، حيث قال في كتابه الكريم: (وفي السماء رزقكم وما توعدون * فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون).
وأنت ـ أيها السائل ـ تعترف في رسالتك بأن مواردك تغطي ضروراتك، وليس هذا فقط بل وتغطي كمالياتك، وذاك فضل من الله عليك، يسر لك بدء حياة زوجية في بحبوحة من العيش وميسرة، فما خوفك من فقر تتوقعه، أو ضائقة تخشى أن تنزل بساحتك، مرت بك أزمان حياتك مهموما مرعبا، وقد يضيع ما بيديك، فإذا بك تندب حظك، حيث لا مال ولا ولد، وإني لأنصحك بما فيه صالحك، وهو أن تؤمن من أعماقك بقول الخلاق الرزاق بشأن الذراري والأولاد" (نحن نرزقكم وإياهم) ويقول: (نحن نرزقهم وإياكم) فقد يكون الولد سببا في سعة أرزاق أبويه، والله على كل شيء قدير .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ(20/434)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
أحكام العقيقة
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(21/1)
الخلاصة في أحكام العَقِيقَة
الموسوعة الفقهية1-45 كاملة - (ج 2 / ص 11009)
التّعريف
1 - تطلق العقيقة في اللّغة على : الخرزة الحمراء من الأحجار الكريمة ، وقد تكون صفراء أو بيضاء ، وعلى : شعر كلّ مولود من النّاس والبهائم ينبت وهو في بطن أمّه ، وعلى الذّبيحة الّتي تذبح عن المولود عند حلق شعره .
ويقال : عقّ فلان يعُقّ بضمّ العين أيضاً : حلق عقيقة مولوده ، وعقّ فلان عن مولوده يعُقّ بضمّ العين أيضاً : ذبح عنه .
والعقيقة في الاصطلاح : ما يذكّى عن المولود شكراً للّه تعالى بنيّة وشرائط مخصوصة . وكره بعض الشّافعيّة تسميتها عقيقةً وقالوا : يستحبّ تسميتها : نسيكةً أو ذبيحةً .
الألفاظ ذات الصّلة
«أ - الأضحيّة»
2 - الأضحيّة : ما يذكّى تقرّباً إلى اللّه تعالى في أيّام النّحر بشرائط مخصوصة .
وكلّ من العقيقة والأضحيّة يذبح تقرّباً إلى اللّه تعالى وشكراً له سبحانه على نعمه .
غير أنّ العقيقة تذبح للتّقرّب إلى اللّه تعالى والشّكر له سبحانه على إنعامه على الوالدين بالمولود ، وعلى المولود بنعمة الحياة ، وليس لها من العام وقت معيّن ، فهي مرتبطة بولادة المولود في أيّ وقت من العام .
وأمّا الأضحيّة فإنّها تذبح للتّقرّب إلى اللّه تعالى ، والشّكر له سبحانه على نعمة الحياة في أيّام النّحر ، وهي وقتها
«ب - الهدي»
3 - الهدي ما يذكّى من الأنعام في الحرم في أيّام النّحر للتّمتّع ونحوه ، وتجتمع العقيقة والهدي في أنّهما قربة ، غير أنّ العقيقة مرتبطة بوقت ولادة المولود ، وفي أيّ مكان ، أمّا الهدي ففي أيّام النّحر وفي الحرم .
الحكم التّكليفيّ
4 - ذهب الشّافعيّة والحنابلة في الصّحيح المشهور عندهم إلى أنّ العقيقة سنّة مؤكّدة . وعند الحنفيّة تباح العقيقة في سابع الولادة بعد التّسمية والحلق والتّصدّق ، وقيل : يعقّ تطوّعاً بنيّة الشّكر للّه تعالى .
وذهب المالكيّة إلى أنّها مندوبة .
والمندوب عندهم أقلّ من المسنون .
واستدلّ الشّافعيّة والحنابلة على كونها سنّةً مؤكّدةً بأحاديث كثيرة ، منها : حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « الغلام مرتهن بعقيقته ، يذبح عنه يوم السّابع » وفي رواية : « كلّ غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ، ويحلق ويسمّى » .
ومعنى « مرتهن » « ورهين » قيل : لا ينمو نموّ مثله حتّى يعقّ عنه .
«حكمة مشروعيّة العقيقة»(21/2)
5 - شرعت العقيقة لما فيها من إظهار للبشر والنّعمة ونشر النّسب .
«العقيقة عن الميّت»
6 - قال الشّافعيّة : لو مات المولود قبل السّابع استحبّت العقيقة عنه كما تستحبّ عن الحيّ .
وقال الحسن البصريّ ومالك : لا تستحبّ العقيقة عنه .
«العقيقة عن الأنثى»
7 - ذهب الجمهور إلى أنّ الأنثى تشرع العقيقة عنها كما تشرع عن الذّكر لحديث أمّ كرز الخزاعيّة رضي الله عنها أنّها قالت : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول في العقيقة : « عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة » .
«من تطلب منه العقيقة»
8 - ذهب الشّافعيّة إلى أنّ العقيقة تطلب من الأصل الّذي تلزمه نفقة المولود بتقدير فقره ، فيؤدّيها من مال نفسه لا من مال المولود ، ولا يفعلها من لا تلزمه النّفقة إلاّ بإذن من تلزمه .
ولا يقدح في الحكم أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قد عقّ عن الحسن والحسين ، مع أنّ الّذي تلزمه نفقتهما هو والدهما ؛ لأنّه يحتمل أنّ نفقتهما كانت على الرّسول صلى الله عليه وسلم لا على والديهما ، ويحتمل أنّه عليه الصلاة والسلام عقّ عنهما بإذن أبيهما .
ومن بلغ من الأولاد ولم يعقّ عنه أحد يندب له أن يعقّ عن نفسه عند الشّافعيّة .
ويشترط في المطالب بالعقيقة عندهم : أن يكون موسراً بأن يقدر عليها فاضلةً عن مؤنته ومؤنة من تلزمه نفقته قبل مضيّ أكثر مدّة النّفاس وهي ستّون يوماً فإن قدر عليها بعد ذلك لم تسنّ له .
وذكر المالكيّة أنّ المطالب بالعقيقة هو الأب .
وصرّح الحنابلة أنّه لا يعقّ غير أب إلاّ إن تعذّر بموت أو امتناع ، فإن فعلها غير الأب لم تكره ولكنّها لا تكون عقيقةً ، وإنّما عقّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين لأنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم .
وصرّحوا بأنّها تسنّ في حقّ الأب وإن كان معسراً ، ويقترض إن كان يستطيع الوفاء .
قال أحمد : إذا لم يكن مالكاً ما يعقّ فاستقرض أرجو أن يخلف اللّه عليه ؛ لأنّه أحيا سنّة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم .
«وقت العقيقة»
9 - ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ وقت ذبح العقيقة يبدأ من تمام انفصال المولود ، فلا تصحّ عقيقة قبله ، بل تكون ذبيحةً عاديةً .
وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ وقت العقيقة يكون في سابع الولادة ولا يكون قبله .
واتّفق الفقهاء على استحباب كون الذّبح في اليوم السّابع على اختلاف في وقت الإجزاء كما سبق .
وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ يوم الولادة يحسب من السّبعة ، ولا تحسب اللّيلة إن ولد ليلاً ، بل يحسب اليوم الّذي يليها .(21/3)
وقال المالكيّة : لا يحسب يوم الولادة في حقّ من ولد بعد الفجر ، وأمّا من ولد مع الفجر أو قبله فإنّ اليوم يحسب في حقّه .
وقال المالكيّة : إنّ وقت العقيقة يفوت بفوات اليوم السّابع .
وقال الشّافعيّة : إنّ وقت الإجزاء في حقّ الأب ونحوه ينتهي ببلوغ المولود .
وقال الحنابلة وهو قول ضعيف عند المالكيّة : إن فات ذبح العقيقة في اليوم السّابع يسنّ ذبحها في الرّابع عشر ، فإن فات ذبحها فيه انتقلت إلى اليوم الحادي والعشرين من ولادة المولود فيسنّ ذبحها فيه وهو قول عند المالكيّة ، وهذا مرويّ عن عائشة رضي الله تعالى عنها .
ونصّ الشّافعيّة على أنّ العقيقة لا تفوت بتأخيرها لكن يستحبّ ألاّ تؤخّر عن سنّ البلوغ فإن أخّرت حتّى يبلغ سقط حكمها في حقّ غير المولود وهو مخيّر في العقيقة عن نفسه ، واستحسن القفّال الشّاشيّ أن يفعلها ، ونقلوا عن نصّه في البويطيّ : أنّه لا يفعل ذلك واستغربوه .
«ما يجزئ في العقيقة وما يستحبّ منها»
10 - يجزئ في العقيقة الجنس الّذي يجزئ في الأضحيّة ، وهو الأنعام من إبل وبقر وغنم ، ولا يجزئ غيرها ، وهذا متّفق عليه بين الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ، وهو أرجح القولين عند المالكيّة ومقابل الأرجح أنّها لا تكون إلاّ من الغنم .
وقال الشّافعيّة : يجزئ فيها المقدار الّذي يجزئ في الأضحيّة وأقلّه شاة كاملة ، أو السّبع من بدنة أو من بقرة .
وقال المالكيّة والحنابلة : لا يجزئ في العقيقة إلاّ بدنة كاملة أو بقرة كاملة .
11 - وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يستحبّ أن يعقّ عن الذّكر بشاتين متماثلتين وعن الأنثى بشاة لحديث عائشة رضي الله عنها : « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية بشاة » .
ويجوز العقّ عن الذّكر بشاة واحدة لحديث ابن عبّاس رضي الله عنهما : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عقّ عن الحسن والحسين رضي الله عنهما كبشاً كبشاً » .
وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه يعقّ عن الغلام والجارية شاةً شاةً وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يفعله .
وقال الحسن وقتادة لا عقيقة عن الجارية .
12 - وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه يشترط في العقيقة عند الذّبح ما يشترط في أيّ ذبيحة ، ويستحبّ أن يقول : اللّهمّ لك وإليك هذه عقيقة فلان ، وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عقّ عن الحسن والحسين وقال : « قولوا بسم اللّه واللّه أكبر اللّهمّ لك وإليك هذه عقيقة فلان » .
«طبخ العقيقة»
13 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه يستحبّ طبخ العقيقة كلّها حتّى ما يتصدّق به منها لحديث عائشة رضي الله عنها : « السّنّة شاتان مكافئتان عن الغلام وعن الجارية شاة ، تطبخ جدولاً ولا يكسر عظماً ، ويأكل ويطعم ويتصدّق وذلك يوم السّابع » .
وقال الحنفيّة : يجوز في العقيقة تفريقها نيئةً ومطبوخةً .(21/4)
ويذكر الفقهاء عند الكلام عن العقيقة أموراً منها تسمية المولود ، وحلق رأسه ، وما يقال في أذنيه ، وتحنيكه ، وختانه ، والتّهنئة بمولده ... وتنظر كلّها في مصطلحاتها .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الزحيلي - (ج 2 / ص 448)
صديقي من ذوي الإعسار ، ويرغب في عمل عقيقة لإبنه من لحم يشتريه من الجزار ويوزعه ، هل يجوز هذا العمل؟.
العقيقة لا تكون إلا بذبح شاة ثم توزيع لحمها أو طبخها ودعوة الآخرين من القرابة والجوار لتناول الطعام ، وهذا هو الأفضل ، ولا تقبل العقيقة بشراء لحم وتوزيعه. والعقيقة سنة للقادر على ثمنها وإلا فلا تسن ، ومذهب الإمام أحمد خاص به ، خلافاً للمذاهب الأخرى.
ـــــــــــــــــــ
سبل السلام - (ج 6 / ص 328)
بَابُ الْعَقِيقَةِ الْعَقِيقَةُ هِيَ الذَّبِيحَةُ الَّتِي تُذْبَحُ لِلْمَوْلُودِ .
وَأَصْلُ الْعَقِّ الشَّقُّ وَالْقَطْعُ وَقِيلَ لِلذَّبِيحَةِ عَقِيقَةٌ لِأَنَّهُ يَشُقُّ حَلْقَهَا وَيُقَالُ عَقِيقَةٌ لِلشَّعْرِ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى رَأْسِ الْمَوْلُودِ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَجَعَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ أَصْلًا وَالشَّاةُ الْمَذْبُوحَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْهُ .
( وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْجَارُودِ وَعَبْدُ الْحَقِّ لَكِنْ رَجَّحَ أَبُو حَاتِمٍ إرْسَالَهُ ) وَقَدْ خَرَّجَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِزِيَادَةِ { يَوْمِ السَّابِعِ وَسَمَّاهُمَا وَأَمَرَ أَنْ يُمَاطَ عَنْ رَأْسَيْهِمَا الْأَذَى } وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَوْمَ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِمَا } وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَخَتَنَهُمَا لِسَبْعَةِ أَيَّامٍ } قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : إمَاطَةُ الْأَذَى حَلْقُ الرَّأْسِ .
وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا وَفِيهِ { وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَجْعَلُونَ قُطْنَةً فِي دَمِ الْعَقِيقَةِ وَيَجْعَلُونَهَا عَلَى رَأْسِ الْمَوْلُودِ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَلُوا مَكَانَ الدَّمِ خَلُوقًا } وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَيُؤَيِّدُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الْحَدِيثُ الْآتِي وَهُوَ قَوْلُهُ : - ( وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوَهُ ) وَالْأَحَادِيثُ دَلَّتْ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْعَقِيقَةِ وَاخْتَلَفَتْ فِيهَا مَذَاهِبُ الْعُلَمَاءِ .
فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا سُنَّةٌ .
وَذَهَبَ دَاوُد وَمَنْ تَبِعَهُ إلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ .
وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ فِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلِيلٌ عَلَى السُّنِّيَّةِ وَبِحَدِيثِ { مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ } أَخْرَجَهُ مَالِكٌ .
وَاسْتَدَلَّتْ الظَّاهِرِيَّةُ بِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ بِهَا وَالْأَمْرُ دَلِيلُ الْإِيجَابِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّهُ صَرَفَهُ عَنْ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ(21/5)
{ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ } وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ( يَوْمَ سَابِعِهِ ) دَلِيلُ أَنَّهُ وَقْتُهَا وَسَيَأْتِي فِيهِ حَدِيثُ سَمُرَةَ وَأَنَّهُ لَا يُشْرَعُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ .
وَقَالَ النَّوَوِيُّ : إنَّهُ يُعَقُّ قَبْلَ السَّابِعِ .
وَكَذَا عَنْ الْكَبِيرِ فَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ الْبَعْثَةِ } وَلَكِنَّهُ قَالَ مُنْكَرٌ ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ : حَدِيثٌ بَاطِلٌ وَقِيلَ تُجْزِئُ فِي السَّابِعِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ لِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { الْعَقِيقَةُ تُذْبَحُ لِسَبْعٍ وَلِأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَلِإِحْدَى وَعِشْرِينَ } وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ الْغُلَامِ شَاةٌ لَكِنَّ الْحَدِيثَ الْآتِيَ وَهُوَ قَوْلُهُ ( وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يُعَقَّ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ } ) وَفِي رِوَايَةٍ مُكَافِئَتَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ وَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ ( { وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ } .
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ) وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ إلَّا أَنِّي لَمْ أَجِدْ لَفْظَةَ " أَنْ يُعَقَّ " فِي نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ قَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد : مَعْنَى مُكَافِئَتَانِ مُتَسَاوِيَتَانِ أَوْ مُتَقَارِبَتَانِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْمُرَادُ التَّكَافُؤُ فِي السِّنِّ فَلَا تَكُونُ إحْدَاهُمَا مُسِنَّةً وَالْأُخْرَى غَيْرَ مُسِنَّةٍ بَلْ يَكُونَانِ مِمَّا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنْ يُذْبَحَ إحْدَاهُمَا مُقَابِلَةً لِلْأُخْرَى .
دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ يُعَقُّ عَنْ الْغُلَامِ بِضِعْفِ مَا يُعَقُّ عَنْ الْجَارِيَةِ .
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَدَاوُد لِهَذَا الْحَدِيثِ .
وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَمَالِكٌ إلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ لِلْحَدِيثِ الْمَاضِي ( وَأُجِيبَ ) بِأَنَّ ذَلِكَ فِعْلٌ وَهَذَا قَوْلٌ وَالْقَوْلُ أَقْوَى ، وَبِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَبَحَ عَنْ الذَّكَرِ كَبْشًا لِبَيَانِ أَنَّهُ يُجْزِئُ ، وَذَبْحُ الِاثْنَيْنِ مُسْتَحَبٌّ ، عَلَى أَنَّهُ أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بِلَفْظِ كَبْشَيْنِ كَبْشَيْنِ .
وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مِثْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَعَارُضَ .
وَفِي إطْلَاقِ لَفْظِ الشَّاةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَمِنْ اشْتَرَطَهَا فَبِالْقِيَاسِ .
( وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ عَنْ أُمِّ كُرْزٍ ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا زَايٌ الْكَعْبِيَّةِ الْمَكِّيَّةِ صَحَابِيَّةٌ لَهَا أَحَادِيثُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّقْرِيبِ ( نَحْوُهُ ) أَيْ نَحْوُ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَلَفْظُهُ فِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ أَنْ مُحَمَّدَ بْنَ ثَابِتِ بْنِ سِبَاعٍ أَخْبَرَهُ { أَنَّ أُمَّ كُرْزٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْعَقِيقَةِ قَالَ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ وَعَنْ الْأُنْثَى وَاحِدَةٌ وَلَا يَضُرُّكُمْ أَذُكْرَانًا كُنَّ أَمْ إنَاثًا } قَالَ أَبُو عِيسَى - يَعْنِي التِّرْمِذِيَّ - حَسَنٌ صَحِيحٌ وَهُوَ يُفِيدُ مَا يُفِيدُ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ .
ـــــــــــــــــــ
وفي نيل الأوطار :
كِتَابُ الْعَقِيقَةِ وَسُنَّةُ الْوِلَادَةِ عَنْ سَلْمَانِ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى .
} رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا 2141 - وَعَنْ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُسَمَّى فِيهِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ .(21/6)
} رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ 2142 - وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ { : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ } .
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَفِي لَفْظٍ { أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَعُقَّ عَنْ الْجَارِيَةِ شَاةً وَعَنْ الْغُلَامِ شَاتَيْنِ } .
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ 2143 - وَعَنْ أُمِّ كُرْزٍ الْكَعْبِيَّةِ { أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْعَقِيقَةِ فَقَالَ : نَعَمْ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ وَعَنْ الْأُنْثَى وَاحِدَةٌ لَا يَضُرُّكُمْ ذُكْرَانًا كُنَّ أَوْ إنَاثًا } .
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ
الشَّرْحُ
حَدِيثُ سَمُرَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَبْدُ الْحَقِّ ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وَالْحَسَنُ مُدَلِّسٌ لَكِنَّهُ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ أَنَّهُ سَمِعَ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ مِنْ سَمُرَةَ قَالَ الْحَافِظُ : كَأَنَّهُ عَنَى هَذَا .
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ مَنْ قَالَ : إنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرُهُ .
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ وَحَدِيثُ أُمِّ كُرْزٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ .
قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : وَلَهُ طُرُقٌ عِنْدَ الْأَرْبَعَةِ وَالْبَيْهَقِيِّ .
قَوْلُهُ : ( مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ ) الْعَقِيقَةُ الذَّبِيحَةُ الَّتِي تُذْبَحُ لِلْمَوْلُودِ وَالْعَقُّ فِي الْأَصْلِ : الشِّقّ وَالْقَطْعُ وَسَبَبُ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ أَنَّهُ يُشَقُّ حَلْقُهَا بِالذَّبْحِ وَقَدْ يُطْلَقُ اسْمُ الْعَقِيقَةِ عَلَى شَعْرِ الْمَوْلُودِ وَجَعَلَهُ الزَّمَخْشَرِيّ الْأَصْلَ ، وَالشَّاةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْهُ .
قَوْلُهُ : ( فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا ) تَمَسَّكَ بِهَذَا وَبِبَقِيَّةِ الْأَحَادِيثِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَهُمْ الظَّاهِرِيَّةُ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ .
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنْ الْعِتْرَةِ وَغَيْرِهِمْ إلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا وَلَا سُنَّةً .
وَقِيلَ : إنَّهَا عِنْدَهُ تَطَوُّعٌ احْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ } وَسَيَأْتِي وَذَلِكَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُجُوبِ لِتَفْوِيضِهِ إلَى الِاخْتِيَارِ .
فَيَكُونُ قَرِينَةً صَارِفَةً لِلْأَوَامِرِ وَنَحْوِهَا عَنْ الْوُجُوبِ إلَى النَّدْبِ وَبِهَذَا الْحَدِيثِ احْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ وَلَكِنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ التَّفْوِيضِ إلَى الِاخْتِيَارِ وَبَيْنَ كَوْنِ الْفِعْلِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّفْوِيضُ سُنَّةً وَذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إلَى أَنَّ الْعَقِيقَةَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَصَدْرِ
الْإِسْلَامِ فَنُسِخَتْ بِالْأُضْحِيَّةِ وَتَمَسَّكَ بِمَا سَيَأْتِي وَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْهُ وَحَكَى صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعَقِيقَةَ جَاهِلِيَّةٌ مَحَاهَا الْإِسْلَامُ وَهَذَا إنْ صَحَّ عَنْهُ حُمِلَ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَبْلُغْهُ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ .
قَوْلُهُ : ( وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى ) الْمُرَادُ احْلِقُوا مِنْهُ شَعْرَ رَأْسِهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ .
وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ : إنْ لَمْ يَكُنِ الْأَذَى حَلْقَ الرَّأْسِ وَإِلَّا فَلَا أَدْرِي مَا هُوَ .(21/7)
وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ : لَمْ أَجِدْ مَنْ يُخْبِرُنِي عَنْ تَفْسِيرِ الْأَذَى وَقَدْ جَزَمَ الْأَصْمَعِيُّ بِأَنَّهُ حَلْقُ الرَّأْسِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ الْحَسَنِ كَذَلِكَ .
وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِلَفْظِ : { وَأَمَرَ أَنْ يُمَاطَ عَنْ رُءُوسِهِمَا الْأَذَى } قَالَ فِي الْفَتْحِ : وَلَكِنْ لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ فَالْأَوْلَى حَمْلُ الْأَذَى عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ حَلْقِ الرَّأْسِ .
وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَيُمَاطُ عَنْهُ أَقْذَارُهُ .
رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ .
قَوْلُهُ : ( كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ ) قَالَ الْخَطَّابِيِّ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَى هَذَا فَذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إلَى أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ وَهُوَ طِفْلٌ وَلَمْ يَعُقَّ عَنْهُ لَمْ يَشْفَعْ لِأَبَوَيْهِ وَقِيلَ : الْمَعْنَى : أَنَّ الْعَقِيقَةَ لَازِمَةٌ لَا بُدَّ مِنْهَا فَشَبَّهَ لُزُومَهَا لِلْمَوْلُودِ بِلُزُومِ الرَّهْنِ لِلْمَرْهُونِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ .
وَقِيلَ إنَّهُ مَرْهُونٌ بِالْعَقِيقَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُسَمَّى وَلَا يُحْلَقُ شَعْرُهُ إلَّا بَعْدَ ذَبْحِهَا وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْمَشَارِقِ وَالنِّهَايَةِ .
قَوْلُهُ : ( يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ ) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ قَوْلِهِ : يُذْبَحُ وَبِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْمَجْهُولِ .
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ كَمَا يَصِحُّ أَنْ
يَتَوَلَّاهُ الْقَرِيبُ عَنْ قَرِيبِهِ وَالشَّخْصُ عَنْ نَفْسِهِ .
وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْعَقِيقَةِ سَابِعُ الْوِلَادَةِ ، وَأَنَّهَا تَفُوتُ بَعْدَهُ وَتَسْقُطُ إنْ مَاتَ قَبْلَهُ .
وَبِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ : وَحَكَى عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ قَالَ : إنْ فَاتَ السَّابِعُ الْأَوَّلُ فَالثَّانِي وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ تُذْبَحَ الْعَقِيقَةُ فِي السَّابِعِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَفِي الرَّابِعَ عَشَرَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَيَوْمِ أَحَدِ وَعِشْرِينَ .
وَتَعَقَّبَهُ الْحَافِظُ بِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ صَرِيحًا إلَّا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبُوشَنْجِيِّ وَنَقَلَهُ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ .
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { : الْعَقِيقَةُ تُذْبَحُ لِسَبْعٍ وَلِأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَلِإِحْدَى وَعِشْرِينَ } وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي اعْتِبَارِ الْأَسَابِيعِ بَعْدَ ذَلِكَ رِوَايَاتٌ .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ ذِكْرَ السَّابِعِ لِلِاخْتِيَارِ لَا لِلتَّعْيِينِ .
وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالْوِلَادَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : إنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا لَا تُؤَخَّرُ عَنْ السَّابِعِ اخْتِيَارًا فَإِنْ تَأَخَّرَتْ إلَى الْبُلُوغِ سَقَطَتْ عَمَّنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَعُقَّ عَنْهُ لَكِنْ إنْ أَرَادَ هُوَ أَنْ يَعُقَّ عَنْ نَفْسِهِ فَعَلَ .
وَنَقَلَ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْإِمَامِ يَحْيَى أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ قَبْلَ السَّابِعِ وَلَا بَعْدَهُ إجْمَاعًا وَدَعْوَى الْإِجْمَاعِ مُجَازَفَةٌ مَا عَرَفْت مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ .
قَوْلُهُ : ( وَيُسَمَّى فِيهِ ) فِي رِوَايَةٍ يُدَمَّى وَقَالَ أَبُو دَاوُد : إنَّهَا وَهْمٌ مِنْ هَمَّامٍ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : هَذَا الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ هَمَّامٌ إنْ كَانَ حَفِظَهُ فَهُوَ مَنْسُوخٌ .
وَقَدْ سُئِلَ قَتَادَةُ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ : يُدْمَى فَقَالَ : إذَا ذُبِحَتْ الْعَقِيقَةُ أُخِذَتْ مِنْهَا صُوفَةٌ وَاسْتُقْبِلَتْ بِهَا أَوْدَاجُهَا ثُمَّ تُوضَعُ عَلَى يَافُوخِ
الصَّبِيِّ حَتَّى يَسِيلَ عَنْ رَأْسِهِ مِثْلُ الْخَيْطِ ثُمَّ يُعَلَّقُ ثُمَّ يُغْسَلُ رَأْسُهُ بَعْدُ وَيُحْلَقُ .(21/8)
وَقَدْ كَرِهَ الْجُمْهُورُ التَّدْمِيَةَ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : { كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا عَقُّوا عَنْ الصَّبِيِّ خَضَّبُوا بَطْنَهُ بِدَمِ الْعَقِيقَةِ فَإِذَا حَلَقُوا رَأْسَ الْمَوْلُودِ وَضَعُوهَا عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اجْعَلُوا مَكَانَ الدَّمِ خَلُوقًا } زَادَ أَبُو الشَّيْخِ وَنَهَى أَنْ يُمَسَّ رَأْسُ الْمَوْلُودِ بِدَمٍ .
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يُعَقُّ عَنْ الْغُلَامِ وَلَا يُمَسُّ رَأْسُهُ بِدَمٍ } وَهَذَا مُرْسَلٌ ؛ لِأَنَّ يَزِيدَ لَا صُحْبَةَ لَهُ وَقَدْ وَصَلَهُ الْبَزَّارُ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ وَقَالَ : عَنْ أَبِيهِ ، وَمَعَ هَذَا فَقَدْ قِيلَ : إنَّهُ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلٌ وَسَيَأْتِي حَدِيثُ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ .
وَنَقَلَ ابْنُ حَزْمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَطَاءَ اسْتِحْبَابَ التَّدْمِيَةِ ، وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَتَادَةَ .
وَفِي قَوْلِهِ : وَيُسَمَّى دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّسْمِيَةِ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ وَحَمَلَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ عَلَى التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الذَّبْحِ وَاسْتُدِلَّ لِذَلِكَ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : يُسَمَّى عَلَى الْمَوْلُودِ كَمَا يُسَمَّى عَلَى الْأُضْحِيَّةِ بِسْمِ اللَّهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ .
وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوُهُ وَزَادَ { اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك عَقِيقَةُ فُلَانٍ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ } وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ : وَيُسَمَّى فِيهِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَسْمِيَةُ الْمَوْلُودِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا ذَكَرَهُ ذَلِكَ الْبَعْضُ لَقَالَ : وَيُسَمِّي عَلَيْهَا قَوْلُهُ : ( مُكَافِئَتَانِ ) قَالَ النَّوَوِيُّ : بِكَسْرِ الْفَاءِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ هَكَذَا صَوَابُهُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ
وَالْمُحَدِّثُونَ يَقُولُونَهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ قَالَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ : أَيْ : مُسْتَوِيَتَانِ أَوْ مُتَقَارِبَتَانِ .
وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ قَالَ الْخَطَّابِيِّ : وَالْمُرَادُ التَّكَافُؤُ فِي السِّنِّ فَلَا تَكُونُ إحْدَاهُمَا مُسِنَّةً وَالْأُخْرَى غَيْرَ مُسِنَّةٍ .
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ أَنْ يَذْبَحَ إحْدَاهُمَا مُقَابِلَةً لِلْأُخْرَى وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ أُمِّ كُرْزٍ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ بُرَيْدَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي رَافِعٍ وَسَيَأْتِي دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَشْرُوعَ فِي الْعَقِيقَةِ شَاتَانِ عَنْ الذَّكَرِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ ، وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُد وَالْإِمَامُ يَحْيَى وَحَكَاهُ لِلْمَذْهَبِ .
وَحَكَاهُ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْجُمْهُورِ .
وَقَالَ مَالِكٌ : إنَّهَا شَاةٌ عَنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَالَ فِي الْبَحْرِ : وَهُوَ الْمَذْهَبُ .
وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ الْآتِي بِلَفْظِ : " كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً " .
.
.
إلَخْ وَبِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ كَبْشًا كَبْشًا } .
وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ أَحَادِيثَ الشَّاتَيْنِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الزِّيَادَةِ فَهِيَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ أَوْلَى بِالْقَبُولِ .
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَيَأْتِي أَيْضًا فِي رِوَايَةٍ مِنْهُ أَنَّهُ عَقَّ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِكَبْشَيْنِ .
وَأَيْضًا الْقَوْلُ أَرْجَحُ مِنْ الْفِعْلِ وَقِيلَ : إنَّ فِي اقْتِصَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَاةٍ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الشَّاتَيْنِ مُسْتَحَبَّةٌ فَقَطْ وَلَيْسَتْ بِمُتَعَيَّنَةٍ وَالشَّاةُ جَائِزَةٌ غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ .
وَقِيلَ : إنَّهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ الْإِشَارَةُ .(21/9)
وَأَمَّا الْأُنْثَى فَالْمَشْرُوعُ عَنْهَا فِي الْعَقِيقَةِ شَاةٌ وَاحِدَةٌ إجْمَاعًا كَمَا فِي الْبَحْرِ قَوْلُهُ : ( وَلَا يَضُرُّكُمْ ذُكْرَانًا كُنَّ أَوْ إنَاثًا ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذُكُورِ الْغَنَمِ وَإِنَاثِهَا .
2144 - ( وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ { : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْعَقِيقَةِ ، فَقَالَ : لَا أُحِبُّ الْعُقُوقَ وَكَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّمَا نَسْأَلُكَ عَنْ أَحَدِنَا يُولَدُ لَهُ ، قَالَ : مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ } .
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ ) .
2145 - ( وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِتَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ يَوْمَ سَابِعِهِ وَوَضْعِ الْأَذَى عَنْهُ وَالْعَقِّ } .
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ) .
2146 - ( وَعَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ : كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ ذَبَحَ شَاةً وَلَطَخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا ، فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ) .
2147 - ( وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا } .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ : بِكَبْشَيْنِ كَبْشَيْنِ )
الشَّرْحُ
حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الْأَوَّلُ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد .
وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ : فِي إسْنَادِهِ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ وَفِيهِ مَقَالٌ ، يَعْنِي : فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، وَقَدْ سَلَفَ بَيَانُ ذَلِكَ .
وَحَدِيثُهُ الثَّانِي أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ .
وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ .
قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ انْتَهَى ، وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ وَفِيهِ مَقَالٌ .
وَقَدْ أَخْرَجَ نَحْوَ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ هَذَا ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ ، وَابْنُ السَّكَنِ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحَّحَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ .
وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِزِيَادَةِ يَوْمِ السَّابِعِ وَسَمَّاهُمَا وَأَمَرَ أَنْ يُمَاطَ عَنْ رُءُوسِهِمَا الْأَذَى .
قَوْلُهُ : ( وَكَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ ) وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْعَقِيقَةَ الَّتِي هِيَ الذَّبِيحَةُ وَالْعُقُوقُ لِلْأُمَّهَاتِ مُشْتَقَّانِ مِنْ الْعَقِّ الَّذِي هُوَ الشَّقُّ وَالْقَطْعُ ، فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أُحِبُّ الْعُقُوقَ بَعْدَ سُؤَالِهِ عَنْ الْعَقِيقَةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى كَرَاهَةِ اسْمِ الْعَقِيقَةِ لَمَّا كَانَتْ هِيَ وَالْعُقُوقُ يَرْجِعَانِ إلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ ، وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أُحِبّ مِنْكُمْ أَنْ يَنْسُكَ إرْشَادًا مِنْهُ إلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَحْوِيلِ الْعَقِيقَةِ إلَى النَّسِيكَةِ وَمَا وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ(21/10)
قَوْلِهِ : مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَتُهُ ، وَكُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهِنٌ بِعَقِيقَتِهِ ، وَرَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ فَمِنْ الْبَيَانِ لِلْمُخَاطَبِينَ بِمَا يَعْرِفُونَهُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اللَّفْظَ هُوَ الْمُتَعَارَفُ عِنْدَ الْعَرَبَ ، وَيُمْكِنُ
الْجَمْعُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ ، وَهُوَ لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ الَّتِي أَشْعَرَ بِهَا قَوْلُهُ ( لَا أُحِبُّ الْعُقُوقَ ) .
قَوْلُهُ : ( مَنْ أُحِبّ مِنْكُمْ ) قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ التَّفْوِيضَ إلَى الْمَحَبَّةِ يَقْتَضِي رَفْعَ الْوُجُوبِ وَصَرْفَ مَا أَشْعَرَ بِهِ إلَى النَّدْبِ .
قَوْلُهُ : ( مُكَافَأَتَانِ ) قَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ وَتَفْسِيرُهُ .
قَوْلُهُ : ( أَمَرَ بِتَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ ) .
.
.
إلَخْ فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ التَّسْمِيَةِ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ حَمْلِ التَّسْمِيَةَ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ السَّابِقِ عَلَى التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الذَّبْحِ .
وَفِيهِ أَيْضًا مَشْرُوعِيَّةُ وَضْعِ الْأَذَى وَذَبْحِ الْعَقِيقَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ .
قَوْلُهُ : ( فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ ) .
.
.
إلَخْ ، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَلْطِيخَ رَأْسِ الْمَوْلُودِ بِالدَّمِ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَّهُ مَنْسُوخٌ كَمَا تَقَدَّمَ ، مِنْهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى النَّسْخِ حَدِيثُ عَائِشَةَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ وَابْنِ السَّكَنِ وَصَحَّحَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ بِلَفْظِ : { فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَلُوا مَكَانَ الدَّمِ خَلُوقًا } .
قَوْلُهُ : ( وَنَلْطَخُهُ بِزَعْفَرَانٍ ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَلْطِيخِ رَأْسِ الصَّبِيِّ بِالزَّعْفَرَانِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْخَلُوقِ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ .
قَوْلُهُ : ( عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ تَصِحُّ الْعَقِيقَةُ مِنْ غَيْرِ الْأَبِ مَعَ وُجُودِهِ وَعَدَمِ امْتِنَاعِهِ ، وَهُوَ يَرُدُّ مَا ذَهَبَتْ إلَيْهِ الْحَنَابِلَةُ مِنْ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْأَبُ إلَّا أَنْ يَمُوتَ أَوْ يَمْتَنِعَ .
وَرُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْعَقِيقَةَ تَلْزَمُ مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعُقَّ الْإِنْسَانُ عَنْ نَفْسِهِ إنْ صَحَّ مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ الْبَعْثَةِ } وَلَكِنَّهُ قَالَ : إنَّهُ مُنْكَرٌ ، وَفِيهِ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ مُحَرَّرٍ بِمُهْمَلَاتٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا كَمَا قَالَ الْحَافِظُ : وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ : إنَّمَا تَكَلَّمُوا فِيهِ لِأَجْلِ هَذَا الْحَدِيثِ .
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَرُوِيَ مِنْ وَجْهِ آخَرَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ .
وَأَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ أَيْمَنَ فِي مُصَنَّفِهِ ، وَالْخَلَّالُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ بِهِ .
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ : هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّبَرِيُّ وَالضِّيَاءُ مِنْ طَرِيقٍ فِيهَا ضَعْفٌ .
وَقَدْ احْتَجَّ بِحَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا مَنْ قَالَ : إنَّهَا تَجُوزُ الْعَقِيقَةُ عَنْ الْكَبِيرِ .
وَقَدْ حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ(21/11)
2148 - ( وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ { أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَمَا وُلِدَ أَرَادَتْ أُمُّهُ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنْ تَعُقَّ عَنْهُ بِكَبْشَيْنِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَعُقِّي عَنْهُ وَلَكِنْ احْلِقِي شَعْرَ رَأْسِهِ فَتَصَدَّقِي بِوَزْنِهِ مِنْ الْوَرِقِ ثُمَّ وُلِدَ حُسَيْنٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَصَنَعَتْ مِثْلَ ذَلِكَ } .
رَوَاهُ أَحْمَدُ ) .
2149 - ( وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ : { رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحُسَيْنِ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ بِالصَّلَاةِ } .
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَكَذَلِكَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَقَالَا : الْحَسَنُ ) .
2150 - ( وَعَنْ أَنَسٍ { أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَلَدَتْ غُلَامًا ، قَالَ : فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ : احْفَظْهُ حَتَّى تَأْتِي بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ بِهِ وَأَرْسَلَتْ مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ ، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَضَغَهَا ، ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْ فِيهِ فَجَعَلَهَا فِي فِي الصَّبِيِّ وَحَنَّكَهُ بِهِ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ } ) .
2151 - ( وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ { : أُتِيَ بِالْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي أَسِيد إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ وُلِدَ فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَأَبُو أَسِيد جَالِسٌ فَلَهِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَأَمَرَ أَبُو أَسِيد بِابْنِهِ فَاحْتُمِلَ مِنْ فَخِذِهِ فَاسْتَفَاقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَيْنَ الصَّبِيُّ ؟ فَقَالَ أَبُو أَسِيد : قَلَبْنَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : مَا اسْمُهُ ؟ قَالَ : فُلَانٌ قَالَ : وَلَكِنْ اُسْمُهُ الْمُنْذِرُ فَسَمَّاهُ يَوْمَئِذٍ الْمُنْذِرَ } .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا ) حَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ الْأَوَّلُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ ، وَفِي إسْنَادِهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَفِيهِ مَقَالٌ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ : إنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ ، وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، زَادَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَزَنَتْ شَعْرَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَزَيْنَبَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَتَصَدَّقَتْ بِوَزْنِهِ فِضَّةً وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ { : عَقَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحَسَنِ شَاةً وَقَالَ : يَا فَاطِمَةُ احْلِقِي رَأْسَهُ وَتَصَدَّقِي بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً ، فَوَزَنَّاهُ فَكَانَ وَزْنُهُ دِرْهَمًا أَوْ بَعْضَ دِرْهَمٍ } وَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { : أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ فَقَالَ : زِنِي شَعْرَ الْحُسَيْنِ وَتَصَدَّقِي بِوَزْنِهِ فِضَّةً ، وَأَعْطَى الْقَابِلَةَ رِجْلَ الْعَقِيقَةِ } وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا وَحَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ الثَّانِي أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ ، وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ بِلَفْظِ { : أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا } وَمَدَارُهُ عَلَى عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ .
قَالَ الْبُخَارِيُّ : مُنْكَرُ الْحَدِيثِ .
وَأَخْرَجَ ابْنُ السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَرْفُوعًا بِلَفْظِ { : مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ فَأَذَّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَأَقَامَ فِي الْيُسْرَى لَمْ تَضُرَّهُ أُمُّ الصِّبْيَانِ وَأُمُّ الصِّبْيَانِ هِيَ التَّابِعَةُ مِنْ الْجِنِّ } ، هَكَذَا أَوْرَدَ الْحَدِيثَ فِي التَّلْخِيصِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ
الشَّرْحُ(21/12)
قَوْلُهُ : ( لَا تَعُقِّي عَنْهُ ) قِيلَ : يُحْمَلُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْهُ ، وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ لِمَا قَدَّمْنَا فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْلُهُ : ( مِنْ الْوَرِقِ ) قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى التَّصَدُّقِ بِالْفِضَّةِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ذِكْرُ الذَّهَبِ .
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ : إنَّهُ يُتَصَدَّقُ بِوَزْنِ شَعْرِهِ ذَهَبًا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَفِضَّةً وَقَالَ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ : إنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِوَزْنِ شَعْرِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً .
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : سَبْعَةٌ مِنْ السُّنَّةِ فِي الصَّبِيِّ يَوْمَ السَّابِعِ يُسَمَّى وَيُخْتَنُ وَيُمَاطُ عَنْهُ الْأَذَى وَتُثْقَبُ أُذُنُهُ عَنْهُ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُلَطَّخُ بِدَمِ عَقِيقَتِهِ وَيُتَصَدَّقُ بِوَزْنِ شَعْرِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَفِي إسْنَادِهِ رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ ، وَفِي لَفْظِهِ مَا يُنْكَرُ وَهُوَ ثَقْبُ الْأُذُنِ وَالتَّلْطِيخُ بِدَمِ الْعَقِيقَةِ .
قَوْلُهُ : ( أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
.
.
إلَخْ ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّأْذِينِ فِي أُذُنِ الصَّبِيِّ عِنْدَ وِلَادَتِهِ .
وَحَكَى فِي الْبَحْرِ اسْتِحْبَابَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، وَاحْتَجَّ عَلَى الْإِقَامَةِ فِي الْيُسْرَى بِفِعْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ .
قَالَ : وَهُوَ تَوْقِيفٌ ، وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ إذَا وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ أَذَّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَأَقَامَ فِي أُذُنِهِ الْيُسْرَى .
قَالَ الْحَافِظُ : لَمْ أَرَهُ عَنْهُ مُسْنَدًا انْتَهَى .
وَقَدْ قَدَّمْنَا نَحْوَ هَذَا مَرْفُوعًا .
قَوْلُهُ : ( فَمَضَغَهَا ) أَيْ : لَاكَهَا فِي فِيهِ .
قَوْلُهُ : ( وَحَنَّكَهُ ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا نُونٌ مُشَدَّدَةٌ وَالتَّحْنِيكُ : أَنْ يَمْضُغَ الْمُحَنِّكُ التَّمْرَ أَوْ نَحْوَهُ حَتَّى يَصِيرَ مَائِعًا بِحَيْثُ يُبْتَلَعُ ثُمَّ يَفْتَحَ فَمَ الْمَوْلُودِ
وَيَضَعَهَا فِيهِ لِيَدْخُلَ شَيْءٌ مِنْهَا فِي جَوْفِهِ .
قَالَ النَّوَوِيُّ : اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَحْنِيكِ الْمَوْلُودِ عِنْدَ وِلَادَتِهِ بِتَمْرٍ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَمَا فِي مَعْنَاهُ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ مِنْ الْحُلْوِ .
قَالَ : وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الصَّالِحِينَ وَمِمَّنْ يُتَبَرَّكُ بِهِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا عِنْدَ الْمَوْلُودِ حُمِلَ إلَيْهِ .
وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّسْمِيَةِ بِعَبْدِ اللَّهِ .
قَالَ النَّوَوِيُّ : وَإِبْرَاهِيمَ وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ ، قَالَ فِي الْبَحْرِ : وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاسْتِحْبَابُ تَفْوِيضِ التَّسْمِيَةِ إلَى أَهْلِ الصَّلَاحِ .
قَوْلُهُ : ( أَسِيدٌ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَحَكَى عِيَاضٌ عَنْ أَحْمَدَ الضَّمَّ ، وَكَذَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَوَكِيعٍ .
قَوْلُهُ : ( فَلَهِيَ ) رُوِيَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِهَا مَعَ الْيَاءِ وَالْأُولَى لُغَةُ طَيِّئٍ ، وَالثَّانِيَةُ لُغَةُ الْأَكْثَرِينَ وَمَعْنَاهُ اشْتَغَلَ بِذَلِكَ الشَّيْءَ ، قَالَهُ أَهْلُ الْغَرِيبِ وَالشُّرَّاحُ .
قَوْلُهُ : ( فَاسْتَفَاقَ ) أَيْ : فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ الِاشْتِغَالِ .(21/13)
قَوْلُهُ : ( قَلَبْنَاهُ ) أَيْ : رَدَدْنَاهُ وَصَرَفْنَاهُ .
وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ التَّسْمِيَةِ بِالْمُنْذِرِ
.
فَائِدَةٌ : قَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي أَبْحَاثٍ تَتَعَلَّقُ بِالْعَقِيقَةِ .
الْأَوَّلُ : هَلْ يُجْزِئُ مِنْهَا غَيْرُ الْغَنَمِ أَمْ لَا ؟ فَقِيلَ : لَا يُجْزِئُ .
وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ الْبُوشَنْجِيُّ : لَا نَصَّ لِلشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ ، وَعِنْدِي لَا يُجْزِئُ غَيْرُهَا انْتَهَى .
وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ ذِكْرُهَا فِي الْأَحَادِيثِ دُونَ غَيْرِهَا ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُجَرَّدَ ذِكْرِهَا لَا يَنْفِي إجْزَاءَ غَيْرِهَا .
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْإِجْزَاءِ .
وَأَمَّا الْأَفْضَلُ عِنْدَهُ فَالْكَبْشُ مِثْلُ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى إجْزَاءِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ .
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَأَبِي الشَّيْخِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ { : يُعَقُّ عَنْهُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ } وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهَا تُشْتَرَطُ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ كَامِلَةٌ .
وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ اشْتِرَاكُ سَبْعَةٍ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كَمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ ، وَلَعَلَّ مَنْ جَوَّزَ اشْتِرَاكَ عَشَرَةٍ هُنَاكَ يُجَوِّزُ هُنَا .
الثَّانِي : هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْأُضْحِيَّةِ ، وَفِيهِ وَجْهَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ .
وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِإِطْلَاقِ الشَّاتَيْنِ عَلَى عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ وَهُوَ الْحَقُّ ، لَكِنْ لَا لِهَذَا الْإِطْلَاقِ ، بَلْ لِعَدَمِ وُرُودِ مَا يَدُلُّ هَاهُنَا عَلَى تِلْكَ الشُّرُوطِ وَالْعُيُوبِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْأُضْحِيَّةِ ، وَهِيَ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ لَا تَثْبُتُ بِدُونِ دَلِيلٍ .
وَقَالَ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ : مَسْأَلَةُ الْإِمَامِ يَحْيَى : وَيُجْزِئُ عَنْهَا مَا يُجْزِئُ أُضْحِيَّةً بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ شَاةً ، وَسِنَّهَا وَصِفَتَهَا ، وَالْجَامِعُ التَّقَرُّبُ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ انْتَهَى .
وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى مُقْتَضَى هَذَا الْقِيَاسِ أَنْ تَثْبُتَ أَحْكَامُ الْأُضْحِيَّةِ فِي كُلِّ دَمٍ مُتَقَرَّبٍ بِهِ ، وَدِمَاءُ الْوَلَائِمِ كُلُّهَا مَنْدُوبَةٌ عِنْدَ الْمُسْتَدِلِّ بِذَلِكَ
الْقِيَاسِ ، وَالْمَنْدُوبُ مُتَقَرَّبٌ بِهِ ، فَيَلْزَمُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهَا أَحْكَامُ الْأُضْحِيَّةِ .
بَلْ رُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ أَنَّ وَلِيمَةَ الْعُرْسِ وَاجِبَةٌ .
وَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إلَى وُجُوبِ كَثِيرٍ مِنْ الْوَلَائِمِ ، وَلَا أَعْرِفُ قَائِلًا يَقُولُ : بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي ذَبَائِحِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْوَلَائِمِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْأُضْحِيَّةِ ، فَقَدْ اسْتَلْزَمَ هَذَا الْقِيَاسُ مَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ ، وَمَا اسْتَلْزَمَ الْبَاطِلَ بَاطِلٌ .
الثَّالِثُ : فِي مَبْدَإِ وَقْتِ ذَبْحِ الْعَقِيقَةِ .
وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ : وَقْتُهَا وَقْتُ الضَّحَايَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِيهِ هَلْ هُوَ مِنْ بَعْدِ الْفَجْرِ أَوْ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ مِنْ وَقْتِ الضُّحَى أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ؟ وَقِيلَ : إنَّهَا تُجْزِئُ فِي اللَّيْلِ .
وَقِيلَ : لَا عَلَى حَسَبِ الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي الْأُضْحِيَّةِ .
وَقِيلَ : تُجْزِئُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِمَا عَرَفْت مِنْ عَدَمِ الدَّلِيلِ ، عَلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهَا مَا يُعْتَبَرُ فِي الْأُضْحِيَّةِ
ـــــــــــــــــــ(21/14)
الروضة الندية - (ج 1 / ص 485)
فصل استحباب العقيقة
والعقيقة مستحبة يدل على مشروعيتها حديث سلمان بن عامر الضبي عند البخاري وغيره قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى وأخرج أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي والحاكم وعبد الحق من حديث الحسن عن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : كل غلام رهينة بعقيقته يذبح عنه يوم سابعه ويسمى فيه ويحلق رأسه وقد قيل أن الحسن لم يسمع من سمرة إلا هذا الحديث . وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : سئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن العقيقة فقال : لا أحب العقوق وكأنه كره الإسم فقالوا يا رسول الله : إنما نسألك عن أحدنا يولد له قال : من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة فكان هذا الحديث دليلاً على أن الأحاديث الواردة في رهن الغلام بعقيقته ليست على الوجوب بل للإستحباب فقط ، ولو كان واجباً لم يكن مفوضاً إلى الإرادة ، ولما قال لمن أحب أن ينسك ، والأولى في تفسير قوله مرتهن بعتيقته أن العقيقة لما كانت لازمة شبهت باعتبار لزومها للمولود بالرهن باعتبار لزومه وقيل : أن معنى كونه مرهوناً بعقيقته أنه لا يسمى ولا يحلق شعره إلا بعد ذبحها ، وبه صرح صابح المشارق والنهاية . وقال أحمد بن حنبل : أن معناه إذا مات وهو طفل ولم يعق عنه لم يشفع لأبويه . قلت : العقيقة سنة عند أكثر أهل العلم إلا عند أبي حنيفة فإنه قال ليست بسنة .
وهي شاتان عن الذكر وشاة عن الأنثى وبذلك قال الشافعي لحديث عمرو بن شعيب المذكور ولحديث عائشة عند أحمد والترمذي وابن حبان والبيهقي وصححه الترمذي قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة وأخرج نحوه أحمد والنسائي والترمذي والحاكم والدارقطني وصححه الترمذي من حديث أمر كرز الكعبية والمراد بقوله مكافأتان المستويتان أو المتقاربتان ، ولا يعارض هذه الأحاديث ما أخرجه أبو داود والنسائي وصححه عبد الحق وابن دقيق العيد من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً لأن الأحاديث المتقدمة متضمنة للزيادة ، وهي أيضاً خطاب مع الأمة فلا يعارضها فعله صلى الله عليه وسلم كما تقرر في الأصول ، والزيادة مقبولة إذا كانت غير منافية ، فلا يكون الفاعل للعقيقة متسنناً إلا إذا ذبح عن الذكر شاتين لا شاة واحدة . وقد وقع الإجماع على أن العقيقة عن الأنثى شاة . وأما الذكر فذهب الجمهور إلى أن العقيقة عنه شاتان . وقال مالك . وقال المحلي : يحصل أصل السنة في عقيقة الذكر بشاة وكمال السنة شاتان . وقال الشافعي : العقيقة في الأكل والتصدق كالأضحية ويسن طبخها ولا يكسر عظمها ا هـ .
أقول : ليس على شئ مما ذكروه من عدم الكسر والفصل من المفاصل وجمع العظام ودفنها وغير ذلك من كتاب ولا سنة ولا من عقل . بل هذه الأمور خيالات شبيهة بما يقع من النساء ونحوهن من العوام مما لا يعود على فاعله بنفع دنيوي ولا ديني .(21/15)
يوم سابع المولود لحديث سمرة المتقدم ولأنه لا بد من فصل بين الولادة والعقيقة فإن أهله مشغولون بإصلاح الوالدة والولد في أول الأمر فلا يكلفون حينئذ بما يضاعف شغلهم . وأيضاً فرب إنسان لا يجد شاة إلا بسعي فلو سن كونها في أول يوم لضاق الأمر عليهم والسبعة أيام مدة صالحة للفصل المعتد به غير الكثير .
وفيه يسمى وأحب الأسماء إلى الله تعالى عبد الله وعبد الرحمن كما في الحديث لأنهما أشهر الأسماء ، ولا يطلقان على غيره تعالى بخلاف غيرهما وأنت تستطيع أن تعلم من هذا سر استحباب تسمية المولود بمحمد وأحمد . فإن طوائف الناس أولعوا بتسمية أولادهم بأسماء أسلافهم المعظمين عندهم ، وكان يكون ذلك تنويهاً بالدين وبمنزلة الإقرار بأنه من أهله وأصدق الأسماء همام وحارث وأخناها ملك الأملاك .
ويحلق رأسه وإماطة الأذى للتشبيه بالحاج وقد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة . والسر فيه أن الأذان من شعائر الإسلام وإعلام الدين المحمدي . ومن خاصية الأذان أن الشيطان يفر منه الشيطان يؤذي الولد في أول نشأته حتى ورد في الحديث أن استهلاله لذلك
ويتصدق بوزنه ذهباً أو فضة لأمره صلى الله عليه وسلم لفاطمة الزهراء عليها السلام أن تحلق شعر رأس الحسن وتتصدق بوزنه من الورق أخرجه أحمد والبيقهي وفي إسناده ابن عقيل وفيه مقال . ويشهد له ما أخرجه مالك وأبو داود في المراسيل والبيهقي من حديث جعفر ابن محمد زاد البيهقي عن أبيه عن جده أن فاطمة وزنت شعر الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم فتصدقت بوزنه فضة وأخرج الترمذي والحاكم من حديث علي قال : عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن شاة وقال : يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة فوزناه فكان وزنه درهماً أوبعض درهم وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال : سبعة من السنة في الصبي يوم السابع يسمى ويختن ويماط عنه بالأذى ويثقب أذنه ويعق عنه ويحلق رأسه ويلطخ بدم عقيقته ويتصدق بوزنه ذهباً أو فضة وفي إسناده رواد بن الجراح وهو ضعيف وبقية رجاله ثقات . وفي لفظه ما ينكر وهو ثقب الأذن والتلطخ بدم العقيقة . وقد أخرج أبو داود والنسائي بإسناد صحيح من حديث بريدة الأسلمي قال كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق عائشة وقد ذهب الظاهرية والحسن البصري إلى وجوب العقيقة وذهب الجمهور إلى أنها سنة وذهب أبو حنيفة إلى أنها ليست فرضاً ولا سنة وقيل أنها عنده تطوع *
ـــــــــــــــــــ
إعلام الموقعين عن رب العالمين - (ج 2 / ص 258)
فَصْلٌ : [ الْحِكْمَةُ فِي مُسَاوَاةِ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ دُونَ بَعْضٍ ] : وَأَمَّا قَوْلُهُ : " وَسَوَّى بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْحُدُودِ ، وَجَعَلَهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْهُ فِي الدِّيَةِ وَالشَّهَادَةِ وَالْمِيرَاثِ وَالْعَقِيقَةِ " فَهَذَا أَيْضًا مِنْ كَمَالِ شَرِيعَتِهِ وَحِكْمَتِهَا وَلُطْفِهَا ؛ فَإِنَّ مَصْلَحَةَ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَمَصْلَحَةَ الْعُقُوبَاتِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ مُشْتَرِكُونَ فِيهَا ، وَحَاجَةُ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ إلَيْهَا كَحَاجَةِ الصِّنْفِ الْآخَرِ ؛ فَلَا يَلِيقُ التَّفْرِيقُ(21/16)
بَيْنَهُمَا ، نَعَمْ فَرَّقَتْ بَيْنَهُمَا فِي أَلْيَقِ الْمَوَاضِعِ بِالتَّفْرِيقِ وَهُوَ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ ، فَخَصَّ وُجُوبَهُمَا بِالرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ لِأَنَّهُنَّ لَسْنَ مِنْ أَهْلِ الْبُرُوزِ وَمُخَالَطَةِ الرِّجَالِ ؛ وَكَذَلِكَ فَرَّقَتْ بَيْنَهُمَا فِي عِبَادَةِ الْجِهَادِ الَّتِي لَيْسَ الْإِنَاثُ مِنْ أَهْلِهَا ، وَسَوَّتْ بَيْنَهُمَا فِي وُجُوبِ الْحَجِّ لِاحْتِيَاجِ النَّوْعَيْنِ إلَى مَصْلَحَتِهِ ، وَفِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالطَّهَارَةِ ؛ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَإِنَّمَا جُعِلَتْ الْمَرْأَةُ فِيهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الرَّجُلِ ؛ لِحُكْمِهِ أَشَارَ إلَيْهَا الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فِي كِتَابِهِ ، وَهِيَ أَنَّ الْمَرْأَةَ ضَعِيفَةُ الْعَقْلِ قَلِيلَةُ الضَّبْطِ لِمَا تَحْفَظُهُ .
وَقَدْ فَضَّلَ اللَّهُ الرِّجَالَ عَلَى النِّسَاءِ فِي الْعُقُولِ وَالْفَهْمِ وَالْحِفْظِ وَالتَّمْيِيزِ ؛ فَلَا تَقُومُ الْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ مَقَامَ الرَّجُلِ ، وَفِي مَنْعِ قَبُولِ شَهَادَتِهَا بِالْكُلِّيَّةِ إضَاعَةٌ لِكَثِيرٍ مِنْ الْحُقُوقِ وَتَعْطِيلٌ لَهَا ، فَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ الْأُمُورِ وَأَلْصَقْهَا بِالْعُقُولِ ، أَنْ ضَمَّ إلَيْهَا فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ نَظِيرَهَا لِتُذَكِّرَهَا إذَا نَسِيَتْ ، فَتَقُومُ شَهَادَةُ الْمَرْأَتَيْنِ مَقَامَ شَهَادَةِ الرَّجُلِ ، وَيَقَعُ مِنْ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ الْغَالِبِ بِشَهَادَتِهِمَا مَا يَقَعُ بِشَهَادَةِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ ، وَأَمَّا الدِّيَةُ فَلَمَّا كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَنْقَصُ مِنْ الرَّجُلِ ، وَالرَّجُلُ أَنْفَعُ مِنْهَا ، وَيَسُدُّ مَا لَا تَسُدُّهُ الْمَرْأَةُ مِنْ الْمَنَاصِبِ الدِّينِيَّةِ وَالْوِلَايَاتِ وَحِفْظِ الثُّغُورِ وَالْجِهَادِ وَعِمَارَةِ الْأَرْضِ وَعَمَلِ الصَّنَائِعِ الَّتِي لَا تَتِمُّ مَصَالِحُ الْعَالَمِ إلَّا بِهَا وَالذَّبِّ عَنْ الدُّنْيَا وَالدِّينِ لَمْ تَكُنْ قِيمَتُهُمَا مَعَ ذَلِكَ مُتَسَاوِيَةً وَهِيَ الدِّيَةُ ؛ فَإِنَّ دِيَةَ الْحُرِّ جَارِيَةٌ مَجْرَى قِيمَةِ الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ ، فَاقْتَضَتْ حِكْمَةُ الشَّارِعِ أَنْ جَعَلَ قِيمَتَهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ قِيمَتِهِ لِتَفَاوُتِ مَا بَيْنَهُمَا .
فَإِنْ قِيلَ : لَكِنَّكُمْ نَقَضْتُمْ هَذَا فَجَعَلْتُمْ دِيَتَهُمَا سَوَاءٌ فِيمَا دُونَ الثُّلُثِ .
قِيلَ : لَا رَيْبَ أَنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ بِذَلِكَ ، كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { عَقْلُ الْمَرْأَةِ مِثْلُ عَقْلِ الرَّجُلِ حَتَّى تَبْلُغَ الثُّلُثَ مِنْ دِيَتِهَا } .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ : إنَّ ذَلِكَ [ مِنْ ] السُّنَّةِ ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ ، وَقَالُوا : هِيَ [ عَلَى ] النِّصْفِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ ، وَلَكِنَّ السُّنَّةَ أَوْلَى ، وَالْفَرْقُ فِيمَا دُونَ الثُّلُثِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ أَنَّ مَا دُونَهُ قَلِيلٌ ، فَجُبِرَتْ مُصِيبَةُ الْمَرْأَةِ فِيهِ بِمُسَاوَاتِهَا لِلرَّجُلِ ، وَلِهَذَا اسْتَوَى الْجَنِينُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي الدِّيَةِ لِقِلَّةِ دِيَتِهِ ، وَهِيَ الْغُرَّةُ ، فَنَزَلَ مَا دُونَ الثُّلُثِ مَنْزِلَةَ الْجَنِينِ .
وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَحِكْمَةُ التَّفْضِيلِ فِيهِ ظَاهِرَةٌ ؛ فَإِنَّ الذَّكَرَ أَحْوَجُ إلَى الْمَالِ مِنْ الْأُنْثَى ؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ، وَالذَّكَرُ أَنْفَعُ لِلْمَيِّتِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ الْأُنْثَى .
وَقَدْ أَشَارَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ أَنْ فَرَضَ الْفَرَائِضَ وَفَاوَتَ بَيْنَ مَقَادِيرِهَا { { آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا } وَإِذَا كَانَ الذَّكَرُ أَنْفَعُ مِنْ الْأُنْثَى وَأَحْوَجُ كَانَ أَحَقَّ بِالتَّفْضِيلِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَهَذَا يُنْتَقَضُ بِوَلَدِ الْأُمِّ .
قِيلَ : بَلْ طَرْدُ هَذِهِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ وَلَدِ الْأُمِّ ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ ، فَإِنَّهُمْ إنَّمَا يَرِثُونَ بِالرَّحِمِ الْمُجَرَّدِ ، فَالْقَرَابَةُ الَّتِي يَرِثُونَ بِهَا قَرَابَةَ أُنْثَى فَقَطْ ، وَهُمْ فِيهَا سَوَاءٌ ؛ فَلَا مَعْنَى لِتَفْضِيلِ ذَكَرِهِمْ عَلَى أُنْثَاهُمْ ، بِخِلَافِ قَرَابَةِ الْأَبِ .
وَأَمَّا الْعَقِيقَةُ فَأَمْرُ التَّفْضِيلِ فِيهَا تَابِعٌ لِشَرَفِ الذَّكَرِ ، وَمَا مَيَّزَهُ اللَّهُ بِهِ عَلَى الْأُنْثَى ، وَلَمَّا كَانَتْ النِّعْمَةُ بِهِ عَلَى الْوَالِدِ أَتَمَّ ، وَالسُّرُورُ وَالْفَرْحَةُ بِهِ أَكْمَلَ ؛ كَانَ الشُّكْرَانُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ ؛ فَإِنَّهُ كُلَّمَا كَثُرَتْ النِّعْمَةُ كَانَ شُكْرُهَا أَكْثَرَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .(21/17)
ـــــــــــــــــــ
زاد المعاد - (ج 2 / ص 285)
فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْهَدَايَا وَالضّحَايَا وَالْعَقِيقَةِ
وَهِيَ مُخْتَصّةٌ بِالْأَزْوَاجِ الثّمَانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي سُورَةِ ( الْأَنْعَامِ ) وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَلَا عَنْ الصّحَابَةِ هَدْيٌ وَلَا أُضْحِيّةٌ وَلَا عَقِيقَةٌ مِنْ غَيْرِهَا ، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْقُرْآنِ مِنْ مَجْمُوعِ أَرْبَعِ آيَاتٍ . إحْدَاهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : { أُحِلّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ } [ الْمَائِدَةُ 1 ] . وَالثّانِيَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ } [ الْحَجّ : 28 ] . وَالثّالِثَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ وَلَا تَتّبِعُوا خُطُوَاتِ الشّيْطَانِ إِنّهُ لَكُمْ عَدُوّ مُبِينٌ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } [ ص 286 ] ذَكَرَهَا . الرّابِعَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى : { هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ } [ الْمَائِدَةُ 95 ] . فَدَلّ عَلَى أَنّ الّذِي يَبْلُغُ الْكَعْبَةَ مِنْ الْهَدْيِ هُوَ هَذِهِ الْأَزْوَاجُ الثّمَانِيَةُ وَهَذَا اسْتِنْبَاطُ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ . وَالذّبَائِحُ الّتِي هِيَ قُرْبَةٌ إلَى اللّهِ وَعِبَادَةٌ هِيَ ثَلَاثَةٌ الْهَدْيُ وَالْأُضْحِيّةُ وَالْعَقِيقَةُ . فَأَهْدَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْغَنَمَ وَأَهْدَى الْإِبِلَ وَأَهْدَى عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ وَأَهْدَى فِي مَقَامِهِ وَفِي عُمْرَتِهِ وَفِي حَجّتِهِ وَكَانَتْ سُنّتُهُ تَقْلِيدَ الْغَنَمِ دُونَ إشْعَارِهَا . وَكَانَ إذَا بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَهُوَ مُقِيمٌ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ مِنْهُ حَلَالًا . وَكَانَ إذَا أَهْدَى الْإِبِلَ قَلّدَهَا وَأَشْعَرَهَا ، فَيَشُقّ صَفْحَةَ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ يَسِيرًا حَتّى يَسِيلَ
الدّمُ . قَالَ الشّافِعِيّ : وَالْإِشْعَارُ فِي الصّفْحَةِ الْيُمْنَى ، كَذَلِكَ أَشْعَرَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَكَانَ إذَا بَعَثَ بِهَدْيِهِ أَمَرَ رَسُولَهُ إذَا أَشْرَفَ عَلَى عَطَبٍ شَيْءٌ مِنْهُ أَنْ يَنْحَرَهُ ثُمّ يَصْبُغَ نَعْلَهُ فِي دَمِهِ ثُمّ يَجْعَلَهُ عَلَى صَفْحَتِهِ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِهِ ثُمّ يَقْسِمُ لَحْمَهُ وَمَنَعَهُ مِنْ هَذَا الْأَكْلِ سَدّا لِلذّرِيعَةِ فَإِنّهُ لَعَلّهُ رُبّمَا [ ص 287 ] وَشَرّكَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ فِي الْهَدْيِ كَمَا تَقَدّمَ الْبَدَنَةُ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةُ كَذَلِكَ . وَأَبَاحَ لِسَائِقِ الْهَدْيِ رُكُوبَهُ بِالْمَعْرُوفِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ حَتّى يَجِدَ ظَهْرًا غَيْرَه وَقَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا مَا فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا وَكَانَ هَدْيُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَحْرَ الْإِبِلِ قِيَامًا ، مُقَيّدَةً مَعْقُولَةَ الْيُسْرَى ، عَلَى ثَلَاثٍ وَكَانَ يُسَمّي اللّهَ عِنْدَ نَحْرِهِ وَيُكَبّرُ وَكَانَ يَذْبَحُ نُسُكَهُ بِيَدِهِ وَرُبّمَا وَكّلَ فِي بَعْضِهِ كَمَا أَمَرَ عَلِيّا رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنْ يَذْبَحَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمِائَةِ . وَكَانَ إذَا ذَبَحَ الْغَنَمَ وَضَعَ قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهَا ثُمّ سَمّى ، وَكَبّرَ وَذَبَحَ وَقَدْ تَقَدّمَ أَنّهُ نَحَرَ بِمِنًى وَقَالَ إنّ فِجَاجَ مَكّةَ كُلّهَا مَنْحَر وَقَالَ ابْنُ عَبّاسٍ : مَنَاحِرُ الْبُدْنِ بِمَكّةَ ، وَلَكِنّهَا نُزّهَتْ عَنْ الدّمَاءِ وَمِنًى مِنْ مَكّةَ ، وَكَانَ ابْنُ عَبّاسٍ يَنْحَرُ بِمَكّةَ . وَأَبَاحَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِأُمّتِهِ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ هَدَايَاهُمْ وَضَحَايَاهُمْ وَيَتَزَوّدُوا مِنْهَا ، [ ص 288 ] وَنَهَاهُمْ مَرّةً أَنْ
يَدّخِرُوا مِنْهَا بَعْدَ ثَلَاثٍ لِدَافّةٍ دَفّتْ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ الْعَامَ مِنْ النّاسِ فَأُحِبّ أَنْ يُوَسّعُوا عَلَيْهِم وَذَكَرَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ ضَحّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثُمّ قَالَ يَا ثَوْبَانُ أَصْلِحْ لَنَا لَحْمَ هَذِهِ الشّاةِ قَالَ فَمَا زِلْتُ أُطْعِمُهُ مِنْهَا حَتّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ . وَرَوَى مُسْلِمٌ هَذِهِ الْقِصّةَ وَلَفْظُهُ فِيهَا : إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَهُ فِي حَجّةِ الْوَدَاعِ أَصْلِحْ هَذَا اللّحْمَ " قَالَ فَأَصْلَحْتُهُ فَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ مِنْهُ حَتَى(21/18)
بَلَغَ الْمَدِينَة وَكَانَ رُبّمَا قَسَمَ لُحُومَ الْهَدْيِ وَرُبّمَا قَالَ مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ فَعَلَ هَذَا ، [ ص 289 ] وَنَحْوِهِ وَفُرّقَ بَيْنَهُمَا بِمَا لَا يَتَبَيّنُ .
زاد المعاد - (ج 2 / ص 296)
فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْعَقِيقَةِ
فِي " الْمُوَطّأِ " أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سُئِلَ عَنْ الْعَقِيقَةِ فَقَالَ لَا أُحِبّ الْعُقُوقَ كَأَنّهُ كَرِهَ الِاسْمَ ذَكَرَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ . قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرّ : وَأَحْسَنُ أَسَانِيدِهِ مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرّزّاقِ : أَنْبَأَ دَاوُد بْنُ قَيْسٍ ، قَالَ [ ص 297 ] عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ يُحَدّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْ الْعَقِيقَةِ فَقَالَ لَا أُحِبّ الْعُقُوقَ وَكَأَنّهُ كَرِهَ الِاسْمَ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ يَنْسُكُ أَحَدُنَا عَنْ وَلَدِهِ ؟ فَقَالَ مَنْ أَحَبّ مِنْكُمْ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ وصح عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ
[ مَعْنَى كُلّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ ]
" وَقَالَ كُلّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السّابِعِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَمّى قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد ُ مَعْنَاهُ أَنّهُ مَحْبُوسٌ عَنْ الشّفَاعَةِ فِي أَبَوَيْهِ وَالرّهْنُ فِي اللّغَةِ الْحَبْسُ قَالَ تَعَالَى : { كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } [ الْمُدّثّرُ 38 ] وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنّهُ رَهِينَةٌ فِي نَفْسِهِ مَمْنُوعٌ مَحْبُوسٌ عَنْ خَيْرٍ يُرَادُ بِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُعَاقَبَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ وَإِنْ حُبِسَ بِتَرْكِ أَبَوَيْهِ الْعَقِيقَةَ عَمّا يَنَالُهُ مَنْ عَقّ عَنْهُ أَبَوَاهُ وَقَدْ يَفُوتُ الْوَلَدَ خَيْرٌ بِسَبَبِ تَفْرِيطِ الْأَبَوَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ كَسْبِهِ كَمَا أَنّهُ عِنْدَ الْجِمَاعِ إذَا سَمّى أَبُوهُ لَمْ يَضُرّ الشّيْطَانُ وَلَدَهُ وَإِذَا تَرَكَ التّسْمِيَةَ لَمْ يَحْصُلْ لِلْوَلَدِ هَذَا الْحِفْظُ . وَأَيْضًا فَإِنّ هَذَا إنّمَا يَدُلّ عَلَى أَنّهَا لَازِمَةٌ لَا بُدّ مِنْهَا ، فَشَبّهَ لُزُومَهَا وَعَدَمَ [ ص 298 ] كَاللّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيّ ، وَأَهْلِ الظّاهِرِ . وَاَللّهُ أَعْلَمُ .
[ هَلْ التّدْمِيَةُ مِنْ الْعَقِيقَةِ صَحِيحَةٌ أَوْ غَلَطٌ ؟]
فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ فِي رِوَايَةِ هَمّامٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ " وَيُدَمّى " قَالَ هَمّامٌ سُئِلَ قَتَادَةُ عَنْ قَوْلِهِ و " يُدَمّى " كَيْفَ يَصْنَعُ بِالدّمِ ؟ فَقَالَ إذَا ذُبِحَتْ الْعَقِيقَةُ أُخِذَتْ مِنْهَا صُوفَةٌ وَاسْتُقْبِلَتْ بِهَا أَوْدَاجُهَا ، ثُمّ تُوضَعُ عَلَى يَافُوخِ الصّبِيّ حَتّى تَسِيلَ عَلَى رَأْسِهِ مِثْلَ الْخَيْطِ ثُمّ يُغْسَلُ رَأْسُهُ بَعْدُ وَيُحْلَقُ قِيلَ اخْتَلَفَ النّاسُ فِي ذَلِكَ فَمِنْ قَائِلٍ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وَلَا يَصِحّ سَمَاعُهُ عَنْهُ وَمِنْ قَائِلٍ سَمَاعٌ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ هَذَا صَحِيحٌ صَحّحَهُ التّرْمِذِي ّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ فِي " صَحِيحِهِ " عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشّهِيدِ قَالَ قَالَ لِي مُحَمّدُ بْنُ سِيرِينَ : اذْهَبْ فَسَلْ الْحَسَنَ مِمّنْ سَمِعَ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ ؟ فَسَأَلَهُ فَقَالَ سَمِعْته مِنْ سَمُرَةَ . ثُمّ اُخْتُلِفَ فِي التّدْمِيَةِ بَعْدُ هَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ أَوْ غَلَطٌ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ . فَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي " سُنَنِهِ " : هِيَ وَهْمٌ مِنْ هَمّامِ بْنِ يَحْيَى . وَقَوْلُهُ وَيُدَمّى ، إنّمَا هُوَ " وَيُسَمّى " وَقَالَ غَيْرُهُ كَانَ فِي لِسَانِ هَمّامٍ لُثْغَةٌ فَقَالَ " وَيُدَمّى " وَإِنّمَا أَرَادَ أَنْ يُسَمّى ، وَهَذَا لَا يَصِحّ ، فَإِنّ هَمّامًا وَإِنْ كَانَ وَهْم فِي اللّفْظِ وَلَمْ يُقِمْهُ لِسَانُهُ فَقَدْ حَكَى عَنْ قَتَادَةَ صِفّةَ التّدْمِيَةِ وَأَنّهُ سُئِلَ عَنْهَا فَأَجَابَ بِذَلِكَ وَهَذَا لَا تَحْتَمِلُهُ اللّثْغَةُ بِوَجْهٍ . فَإِنْ كَانَ لَفْظُ التّدْمِيَةِ هُنَا وَهْمًا ، فَهُوَ مِنْ قَتَادَةَ ، أَوْ مِنْ الْحَسَنِ وَاَلّذِينَ أَثْبَتُوا لَفْظَ التّدْمِيَةِ قَالُوا : إنّهُ مِنْ(21/19)
سُنّةِ الْعَقِيقَةِ وَهَذَا مَرْوِيّ عَنْ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ ، وَاَلّذِينَ مَنَعُوا التّدْمِيَةَ كَمَالِكٍ ، وَالشّافِعِيّ ، وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ ، قَالُوا : " وَيُدَمّى " غَلَطٌ وَإِنّمَا هُوَ " وَيُسَمّى " قَالُوا : وَهَذَا كَانَ مِنْ عَمَلِ أَهْلِ الْجَاهِلِيّةِ فَأَبْطَلَهُ الْإِسْلَامُ بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ قَالَ كُنّا فِي الْجَاهِلِيّةِ إذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ ذَبَحَ شَاةً وَلَطّخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا ، فَلَمّا جَاءَ اللّهُ بِالْإِسْلَامِ كُنّا نَذْبَحُ شَاةً وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ وَنُلَطّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ [ ص 299 ] قَالُوا : وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي إسْنَادِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ ، وَلَا يُحْتَجّ بِهِ فَإِذَا انْضَافَ إلَى قَوْلِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى وَالدّمُ أَذًى ، فَكَيْفَ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يُلَطّخُوهُ بِالْأَذَى ؟ قَالُوا : وَمَعْلُومٌ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَقّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ بِكَبْشٍ كَبْشٍ وَلَمْ يُدَمّهِمَا ، وَلَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ هَدْيِهِ وَهَدْيِ أَصْحَابِهِ قَالُوا : وَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ سُنّتِهِ تَنْجِيسُ رَأْسِ الْمَوْلُودِ وَأَيْنَ لِهَذَا شَاهِدٌ وَنَظِيرٌ فِي سُنّتِهِ وَإِنّمَا يَلِيقُ هَذَا بِأَهْلِ الْجَاهِلِيّةِ .
فَصْلٌ [ هَلْ عَقِيقَةُ الْغُلَامِ شَاتَانِ ؟ ]
فَإِنْ قِيلَ عَقّهُ عَنْ الْحَسَن ِ وَالْحُسَيْن ِ بِكَبْشٍ كَبْشٍ يَدُلّ عَلَى أَنّ هَدْيَهُ أَنّ عَلَى الرّأْسِ رَأْسًا ، وَقَدْ صَحّحَ عَبْدُ الْحَقّ الْإِشْبِيلِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ وَأَنَسٍ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَقّ عَنْ الْحَسَنِ بِكَبْشٍ ، وَعَنْ الْحُسَيْنِ بِكَبْشٍ وَكَانَ مَوْلِدُ الْحَسَنِ عَامَ أُحُدٍ وَالْحُسَيْنِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ مِنْهُ . [ ص 300 ] وَرَوَى التّرْمِذِي ّ مِنْ حَدِيثِ عَلِي ّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ عَقّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْ الْحَسَنِ شَاةً وَقَالَ يَا فَاطِمَةُ احْلِقِي رَأْسَهُ ، وَتَصَدّقِي بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضّةً فَوَزَنّاهُ فَكَانَ وَزْنُهُ دِرْهَمًا أَوْ بَعْضَ دِرْهَمٍ وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إسْنَادُهُ مُتّصِلًا فَحَدِيثُ أَنَسٍ وَابْنِ عَبّاسٍ يَكْفِيَانِ . قَالُوا : لِأَنّهُ نُسُكٌ فَكَانَ عَلَى الرّأْسِ مِثْلُهُ كَالْأُضْحِيّةِ وَدَمِ التّمَتّعِ . فَالْجَوَابُ أَنّ أَحَادِيثَ الشّاتَيْنِ عَنْ الذّكَرِ وَالشّاةُ عَنْ الْأُنْثَى ، أَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِهَا لِوُجُوهٍ . أَحَدُهَا : كَثْرَتُهَا ، فَإِنّ رُوَاتَهَا : عَائِشَةُ وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرٍو ، وَأُمّ كُرْزٍ الْكَعْبِيّةُ ، وَأَسْمَاءُ . فَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أُمّ كُرْزٍ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ . قَالَ أَبُو دَاوُد : وَسَمِعْتُ أَحْمَد َ يَقُولُ مُكَافِئَتَانِ مُسْتَوِيَتَانِ أَوْ مُقَارِبَتَانِ قُلْت : هُوَ مُكَافَأَتَانِ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَمُكَافِئَتَانِ بِكَسْرِهَا ، وَالْمُحَدّثُونَ يَخْتَارُونَ الْفَتْحَ قَالَ الزّمَخْشَرِيّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرّوَايَتَيْنِ لِأَنّ كُلّ مَنْ
كَافَأْته ، فَقَدْ كَافَأَك . وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْهَا تَرْفَعُهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ أَقِرّوا الطّيْرَ عَلَى مَكِنَاتِهَا [ ص 301 ] عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ لَا يَضُرّكُمْ أَذُكْرَانًا كُنّ أَمْ إنَاثًا وَعَنْهَا أَيْضًا تَرْفَعُهُ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مِثْلَانِ ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ وَقَالَ التّرْمِذِيّ حَدِيثٌ صَحِيحٌ . وَقَدْ تَقَدّمَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ فِي ذَلِكَ وَعَنْ عَائِشَةَ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَرَهُمْ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ . قَالَ التّرْمِذِيّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . وَرَوَى إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيّاشٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَسْمَاءَ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ يُعَقّ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ . قَالَ مُهَنّا قُلْتُ لِأَحْمَدَ مَنْ أَسْمَاءُ ؟ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ . وَفِي كِتَابِ الْخَلّالِ قَالَ مُهَنّا قُلْتُ لِأَحْمَدَ حَدّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ ، قَالَ حَدّثْنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ حَدّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنّ أَيّوبَ بْنَ مُوسَى حَدّثَهُ أَنّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمُزَنِيّ حَدّثَهُ عَنْ أَبِيهِ(21/20)
أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ يُعَقّ عَنْ الْغُلَامِ وَلَا يُمَسّ رَأْسُهُ بِدَمٍ وَقَالَ فِي الْإِبِلِ الْفَرَعُ ، وَفِي الْغَنَمِ الْفَرَعُ فَقَالَ [ ص 302 ] أَحْمَدُ مَا أَعْرِفُهُ وَلَا أَعْرِفُ عَبْدَ بْنَ يَزِيدَ الْمُزَنِيّ ، وَلَا هَذَا الْحَدِيثَ . فَقُلْتُ لَهُ أَتُنْكِرُهُ ؟
فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ وَقِصّةُ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ . الثّانِي : أَنّهَا مِنْ فِعْلِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَحَادِيثُ الشّاتَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ وَقَوْلُهُ عَامّ ، وَفِعْلُهُ يَحْتَمِلُ الِاخْتِصَاصَ . الثّالِثُ أَنّهَا مُتَضَمّنَةٌ لِزِيَادَةٍ فَكَانَ الْأَخَذُ بِهَا أَوْلَى . الرّابِعُ أَنّ الْفِعْلَ يَدُلّ عَلَى الْجَوَازِ وَالْقَوْلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالْأَخَذُ بِهِمَا مُمْكِنٌ فَلَا وَجْهَ لِتَعْطِيلِ أَحَدِهِمَا . الْخَامِسُ أَنّ قِصّةَ الذّبْحِ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَانَتْ عَامَ أُحُدٍ وَالْعَامَ الّذِي بَعْدَهُ وَأُمّ كُرْزٍ سَمِعَتْ مِنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا رَوَتْهُ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ سَنَةَ سِتّ بَعْدَ الذّبْحِ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ قَالَهُ النّسَائِيّ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ . السّادِسُ أَنّ قِصّةَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهَا بَيَانُ جَنْسِ الْمَذْبُوحِ وَأَنّهُ مِنْ الْكِبَاشِ لَا تَخْصِيصُهُ بِالْوَاحِدِ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ ضَحّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْ نِسَائِهِ بَقَرَةً وَكُنّ تِسْعًا ، وَمُرَادُهَا : الْجَنْسُ لَا التّخْصِيصُ بِالْوَاحِدَةِ . السّابِعُ أَنّ اللّهَ سُبْحَانَهُ فَضّلَ الذّكَرَ عَلَى الْأُنْثَى ، كَمَا قَالَ { وَلَيْسَ الذّكَرُ كَالْأُنْثَى } [ آلُ عِمْرَانَ 37 ] وَمُقْتَضَى هَذَا التّفَاضُلِ تَرْجِيحُهُ عَلَيْهَا فِي الْأَحْكَامِ وَقَدْ جَاءَتْ الشّرِيعَةُ بِهَذَا التّفْضِيلِ فِي جَعْلِ الذّكَرِ كَالْأُنْثَيَيْنِ فِي الشّهَادَةِ وَالْمِيرَاثِ وَالدّيَةِ فَكَذَلِكَ أُلْحِقَتْ الْعَقِيقَةُ بِهَذِهِ الْأَحْكَامِ . الثّامِنُ أَنّ الْعَقِيقَةَ تُشْبِهُ الْعِتْقَ عَنْ الْمَوْلُودِ
فَإِنّهُ رَهِينٌ بِعَقِيقَتِهِ فَالْعَقِيقَةُ تَفُكّهُ وَتُعْتِقُهُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَقّ عَنْ الذّكَرِ بِشَاتَيْنِ وَعَنْ الْأُنْثَى بِشَاةٍ كَمَا أَنّ عِتْقَ الْأُنْثَيَيْنِ يَقُومُ مَقَامَ عِتْقَ الذّكَرِ . كَمَا فِي " جَامِعِ التّرْمِذِيّ " وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ [ ص 303 ] أَيّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَءًا مُسْلِمًا ، كَانَ فِكَاكَهُ مِنْ النّارِ يُجْزِي كُلّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ وَأَيّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ كَانَتَا فِكَاكَهُ مِنْ النّارِ يُجْزِي كُلّ عُضْوٍ مِنْهُمَا عُضْوًا مِنْهُ وَأَيّمَا امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَعْتَقَتْ امْرَأَةً مُسْلِمَةً كَانَتْ فِكَاكَهَا مِنْ النّار ، يُجْزِي كُلّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهَا وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ . فَصْلٌ ذَكَرَ أَبُو دَاوُد فِي " الْمَرَاسِيلِ " عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ فِي الْعَقِيقَةِ الّتِي عَقّتْهَا فَاطِمَةُ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا ، أَنْ ابْعَثُوا إلَى بَيْتِ الْقَابِلَةِ بِرِجْلٍ وَكُلُوا وَأَطْعِمُوا وَلَا تَكْسِرُوا مِنْهَا عَظْماً .
فَصْلٌ [ هَلْ عَقّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْ نَفْسِهِ ؟ ]
وَذَكَرَ ابْنُ أَيْمَنَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَقّ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ جَاءَتْهُ النّبُوّةُ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَالَ أَبُو دَاوُد فِي " مَسَائِلِه ِ " : سَمِعْتُ أَحْمَدَ حَدّثَهُمْ بِحَدِيثِ الْهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْمُثَنّى صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَقّ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ أَحْمَدُ عَبْدُ اللّهِ بْنُ مُحَرّرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَقّ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ مُهَنّا قَالَ أَحْمَدُ هَذَا مُنْكَرٌ وَضَعّفَ عَبْدَ اللّهِ بْنَ الْمُحَرّرِ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تشرع العقيقة ولو تأخر عن فعلها سنين عنوان الفتوى
أحمد عبد القادر محمد البهي اسم المفتى(21/21)
23039 رقم الفتوى
19/05/2005 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
السلام عليكم/ رزقت بمولودين ولم أفعل لهم عقيقة. والآن أعمارهم سنة. فهل عليهم عقيقة الآن؟ وشكرًا
نص الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك في تأخير العقيقة وإن كنت قادراً عليها، فيشرع لك ذبحها ولو بعد سنين، وإن كان الأولى المسارعة في ذلك.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
أحكام العقيقة عنوان الفتوى
أحمد يوسف سليمان اسم المفتى
20792 رقم الفتوى
04/10/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
ما هي العقيقة وما هي شروطها وهل هي فرض أم سنة؟ وكيف تتم إذا لم يكن الفرد قادر؟
نص الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
العقيقة هي الذبيحة أو النسيكة التي تُذبح يوم السابع من ميلاد الطفل، وقد سميت بذلك؛ لأن العرب تسمي شعر الطفل عقيقة، ولما كانوا قد اعتادوا أن يحلقوا شعره وأن يذبحوا عنه يوم السابع سموا الذبيحة عقيقة؛ لمجاورتها حلق الشعر.
وقد اختلف أهل العلم في مدى مشروعيتها، بعد أن ذهب جمهورهم إلى هذه المشروعية، فمنهم من رأى أنها واجبة، ومنهم من ذهب إلى أنها مستحبة فقط، وسبب اختلافهم يرجع إلى فهم كل منهم لأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مشروعيتها. وذلك أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "مع الغلام عقيقته، فأهريقوا عنه دما، وأميطوا عنه الأذى" رواه البخاري وغيره، والأذى المذكور في الحديث هو شعر الطفل. فمن رأى أنها واجبة قال: هذا أمر من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والأصل في الأمر الوجوب. ولعل الراجح أن الأمر للاستحباب، فالذبح ليس واجبا عن كل مولود، بل هو مستحب، من فعله أثيب، ومن لم يفعله فلا عقاب عليه ـ ويدل على ترجيح ذلك أنه لو كان الأمر للوجوب لكان وجوبها معلوما من الدين؛ لأن ذلك مما تدعو إليه الحاجة، ولبيَّنه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيانا عاما كافيا، تقوم به الحجة وينقطع به العذر، وفِعْلُهُ ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يكفي لإثبات الوجوب، بل هو للاستحباب، ومما يزيد ذلك أنه قد ورد عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه ربط الذبح بمحبة فاعله؛ فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "من وُلد له ولد فأحب أن ينسك فليفعل".(21/22)
والحكمة من مشروعية العقيقية عن المولود ما فيها من معنى القربان والشكر لله ـ عز وجل ـ على جزيل نعمه، كما أن فيها معنى الفداء، كما حدث لسيدنا إسماعيل -عليه السلام-.
كما أن فيها معنى التصدق وإطعام الطعام عند مظاهر الفرح، وأسباب البهجة والسرور، ولأنه إذا كان من المندوب صنع الوليمة وإطعام الطعام عند الوسيلة للإنجاب بالنكاح فإن ذلك مندوب أيضا عند حصول الغاية من النكاح بالإنجاب نفسه.
وليس من الضروري أن يكون الذبح يوم السابع من ميلاد الصبي، فإن كان وإلا فيوم الرابع عشر، وإلا ففي الحادي والعشرين. فإن كان الوالد غير قادر ثم تيسر حاله فذبح في أي وقت بعد ذلك أجزأ عنه، ونال نفس الثواب، وحقق نفس الغاية المقصودة من مشروعية العقيقة إن شاء الله. فإن لم يستطع الوالد، وكبر الصبي واستطاع أن يذبح عن نفسه ففعل قُبِلَ منه؛ لأن العقيقية ليست واجبة بل مستحبة ؛ ولأن الغرض منها تقديم الشكر لله ـ عز وجل ـ ومشاركة الأصل والإخوان والجيران في دواعي البهجة والسرور.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
العقيقة عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى
14365 رقم الفتوى
27/05/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
السؤال رقم (181)
هل يصح لمن ولد له مولود من المسلمين أن يطبخ طعاماً ويدعو إخوانه المسلمين إليه؟
نص الفتوى
الحمد لله
شرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العقيقة عن الذكر شاتين، وعن الأنثى شاة واحدة، كما شرع الأكل والإهداء والتصدق منها، فإذا صنع من ولد له المولود طعاماً ودعا بعض إخوانه المسلمين إليه وجعل مع هذا الطعام شيئاً من لحمها فليس في ذلك شيء، بل هو من باب الإحسان، وأما ما يفعله بعض الناس من طبخ الطعام يوم ولادة المولود، ويسمونه عيد الميلاد، ويتكرر هذا على حسب رغبة من ولد له المولود أو رغبة غيره أو رغبة المولود إذا كبر فهذا ليس من الشرع، بل هو بدعة، قال - صلى الله عليه وسلم -: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد).
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن منيع(21/23)
عضو: عبدالله بن غديان
نائب رئيس اللجنة: عبدالرازق عفيفي.
ـــــــــــــــــــ
حكم العقيقة عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى
14366 رقم الفتوى
27/05/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
السؤال رقم (1776)
إذا رزقت بعدد من الأولاد، ولم أعق عن أحد منهم بسبب ضيق الرزق؛ لأني رجل موظف، وراتبي محدود ولا يكفي إلا المصروف الشهري، فما حكم عقائق أولادي علي في الإسلام؟
نص الفتوى
الحمد لله
إذا كان الواقع كما ذكرت من قلة ضيق اليد، وأن دخلك لا يكفي إلا نفقاتك على نفسك ومن تعول؛ فلا حرج عليك في عدم التقرب إلى الله بالعقيقة عن أولادك؛ لقول الله تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}، وقوله: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}، وقوله: {فاتقوا الله ما استطعتم}، ولما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)، ومتى أيسرت شرع لك فعلها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن قعود
عضو: عبدالله بن غديان
نائب رئيس اللجنة: عبدالرازق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.
ـــــــــــــــــــ
العقيقة بالماعز عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى
14367 رقم الفتوى
27/05/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
السؤال رقم (2191)
فيه رجل يقول: إنه أفتاه وأرشده واحد يقول: إن العقيقة تكون للطفل المولود الذكر لازم تكون شاتين متشابهتين، أما كلتاهما ماعز، أو ضأن، فما رأيكم؟
نص الفتوى
الحمد لله(21/24)
السنة أن يذبح عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الأنثى شاة واحدة؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة) رواه أحمد والترمذي وصححه، وعن ابن عباس رضي الله عنه: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً) رواه أبو داود والنسائي، وقال: (بكبشين كبشين) هذا هو الأفضل، وأما الإجزاء فيحصل بما يجزئ أضحية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن قعود
نائب رئيس اللجنة: عبدالرازق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العقيقة بعد سنة فأكثر من الولادة عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى
14368 رقم الفتوى
27/05/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
السؤال رقم (3116)
إذا وجد للرجل ولد، ولم يوجد عنده مال يذبح عنه حتى مر عليه سنة أو أكثر، ثم وجد مالاً، فهل يذبح عنه في هذا الوقت أو سقط عنه؟
نص الفتوى
الحمد لله
يسن أن يعق عنه حينما يتيسر له ذلك، ولو بعد سنة أو أكثر.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن قعود
عضو: عبدالله بن غديان
نائب رئيس اللجنة: عبدالرازق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.
ـــــــــــــــــــ
حكم ذبح الشاة المشتراة للعقيقة إكراما للضيف عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى
14370 رقم الفتوى
27/05/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
السؤال رقم (6268)(21/25)
فيه رجل اشترى تمائم ولده يريد أن يذبحها بعد يوم أو يومين، يريد بذلك اجتماع من حوله من الجيران، فجاءه ضيف وذبح له واحدة منها، وأخبر أنها تميمة ولده، وبعد ذلك قيل له: إنها غير مجزية، ومثلاً لو ما ذكر للضيف ذلك وظن الضيف أنها كرامة له، فكلا الحالتين أفيدونا عنها.
نص الفتوى
الحمد لله
الأقرب أنها لا تجزئه؛ لكونه جعلها وقاية لماله، سواء أخبر الضيف أم لم يخبره.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن قعود
نائب رئيس اللجنة: عبدالرازق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.
ـــــــــــــــــــ
شراء اللحم للعقيقة مكان الذبح عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى
14371 رقم الفتوى
27/05/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
السؤال رقم (8052)
هل يجزئ عن ذبح شاة في العقيقة شراء كيلوات من اللحم، أو أنه لا يجزئ إلا الذبح؟
نص الفتوى
الحمد لله
لا يجزئ إلا ذبح شاة عن البنت، وشاتين عن الابن.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن قعود
نائب رئيس اللجنة: عبدالرازق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
ـــــــــــــــــــ
ذبح العقيقة بنية العقيقة وبنية الوليمة عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى
14372 رقم الفتوى
27/05/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
السؤال رقم (7365)(21/26)
والدي ثري وعنده ثروة حيوانية، وكان لوالدتي عنز، وطلب منها العنز لكي يعملها عقيقة لي ولطهار إخواني، حيث قال: أعطيني العنز نبيعها أو نذبحها عقيقة لسعيد ولطهار الأولاد، ولم يذبح سواء تلك العنز، ولما شافت أنه أصر على أخذ العنز قالت: اعملها عقيقة أحسن من بيعها، وكان في ذلك نوع من الإجبار، والعقيقة تمت بعد خمسة أشهر، وكذلك بعض من إخواني؟ سؤالي: هل تكفي الذي فعل والدي أم لا؟ وهل يجوز لي إن بقي علي شيء من ذلك أن أعمله؟
نص الفتوى
الحمد لله
تجزئ تلك العنز عقيقة عنك ولا يلزمك ذبح غيرها؛ لأنها سنة في حق الأب، لا في حقك، وقد أدى بعضها، ويشرع له أن يذبح ثانية إذا كان موجوداً؛ لأن السنة في العقيقة أن يذبح عن الذكر ثنتان وعن الأنثى واحدة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن قعود
نائب رئيس اللجنة: عبدالرازق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
ـــــــــــــــــــ
حكم العقيقة بعد سنين من الولادة عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى
14373 رقم الفتوى
27/05/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
السؤال رقم (9029)
رجل أتى له أبناء ولم يعق عنهم؛ لأنه كان في حالة فقر، وبعد مدة من السنين أغناه الله من فضله، هل عليه عقيقة؟
نص الفتوى
الحمد لله
إذا كان الواقع ما ذكر فالمشروع له أن يعق عنهم عن كل ابن شاتان.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن قعود
عضو: عبدالله بن غديان
نائب رئيس اللجنة: عبدالرازق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.
ـــــــــــــــــــ
الدعوة العامة للعقيقة عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى(21/27)
14374 رقم الفتوى
27/05/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
السؤال رقم (4400)
في العقيقة قال سعد بن عبدالرحمن كل من يعرفه في المملكة من كبار العلماء ومن نظر إلى أثرهم من سلف الأمة يدعون الناس إلى عقيقتهم ولم ينكر عليهم أحد إلى هذا اليوم.
نص الفتوى
الحمد لله
العقيقة: هي ما يذبح في اليوم السابع من الولادة؛ شكراً لله على ما وهبه من الولد، ذكراً كان أو أنثى، وهي سنة؛ لما ورد فيها من الأحاديث، ولمن عق عن ولده أن يدعو الناس لأكلها في بيته أو نحوه، وله أن يوزعها لحماً نيئاً وناضجاً على الفقراء وأقاربه وجيرانه والأصدقاء وغيرهم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن قعود
نائب رئيس اللجنة: عبدالرازق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
ـــــــــــــــــــ
حكم احتفال الناس في العقيقة والوليمة عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى
14375 رقم الفتوى
27/05/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
السؤال رقم (6779)
ما حكم احتفال الناس في العقيقة والوليمة؟
نص الفتوى
الحمد لله
العقيقة: ما تذبح عن المولود سابع يوم ولادته، والوليمة: ما يقدم من الطعام في العرس ذبيحة أو نحوها، وكلاهما سنة، والاجتماع في ذلك لتناول الطعام والمشاركة في السرور وإعلان النكاح خير.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن قعود
عضو: عبدالله بن غديان
نائب رئيس اللجنة: عبدالرازق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز(21/28)
ـــــــــــــــــــ
أحكام العقيقة عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى
14376 رقم الفتوى
27/05/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
الفتوى رقم (9353)
نحن بادية جيزان الأرياف، ونجهل بمعنى الحديث الوارد في العقيقة، حيث لم نعلم عن كيفية العمل بها، هل تذبح وتقسم خميداً أم غير خميد، وهل هي صدقة وتعطى المساكين؟ وعندنا يذبح الواحد في يوم السابع ويجعلها وليمة كبيرة، يذبح حوالي عشر من الغنم، ويدعي إليها أصحابه البعيد والقريب، ويتعاونون، يعطونه فلوساً معاونة عوضاً له عن الخسارة، وجرت العادة عليه، وأيضاً لازم البنادق والطلقات زهاء يوم كامل. أفيدونا أفادكم الله؛ هل هذا العمل صحيح؟ وإذا كان غير صحيح أفيدونا وفقكم الله إلى الطريق الصحيح في هذا الشأن، وكيف يقنع الناس على ترك ما لم يوافق الشرع؟
نص الفتوى
الحمد لله
لمن إليه العقيقة أن يوزعها لحماً نيئاً أو مطبوخاً على الفقراء والجيران والأقارب والأصدقاء، ويأكل هو وأهله منها، وله أن يدعو الناس الفقراء والأغنياء ويطعمهم إياها في بيته ونحوه، والأمر في ذلك واسع، أما الطلقات النارية بالبنادق ونحوها فهي من عادات الناس لا من السنة الشرعية في العقيقة، وتركها حسن.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن غديان
نائب رئيس اللجنة: عبدالرازق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
ـــــــــــــــــــ
العقيقة عن الطفل الذي خرج حيا ثم مات عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى
14377 رقم الفتوى
27/05/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
السؤال رقم (1684)
جاء لإنسان ولد بستة أشهر، خرج من أمه حياً ومات بيومه، هل له تمايم أو لا؟
نص الفتوى
الحمد لله(21/29)
إذا كان الأمر كما ذكرت من خروج الولد من أمه لستة أشهر حياً؛ سن أن يذبح عنه عقيقة، ولو مات بعد ولادته، وذلك في اليوم السابع من ولادته، ويسمى؛ لما رواه أحمد والبخاري وأصحاب السنن، عن سلمان بن عامر، عن النبي - صى الله عليه وسلم - أنه قال: (مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دماً، وأميطوا عنه الأذى)، وما رواه الحسن عن سمرة رضي الله عنه، أن النبي - صى الله عليه وسلم - قال: (كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم السابع، ويحلق، ويسمى) رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه الترمذي والعقيقة شاتان عن الغلام، وشاة عن الأنثى؛ لما رواه عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي - صى الله عليه وسلم - قال: (من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل، عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة) رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد حسن.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن قعود
عضو: عبدالله بن غديان
نائب رئيس اللجنة: عبدالرازق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.
ـــــــــــــــــــ
العقيقة عن المولود الذي مات في اليوم السابع عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى
14378 رقم الفتوى
27/05/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
الفتوى رقم (969)
المولود إذا مات قبل اليوم السابع هل تجب العقيقة عنه أم لا؟
نص الفتوى
الحمد لله
إذا مات المولود قبل اليوم السابع فإنه يعق عنه في اليوم السابع، وموته قبل اليوم السابع لا يمنع من ذبحها في اليوم السابع؛ لأن الأدلة الشرعية الواردة في العقيقة الدالة على وقتها لا نعلم شيئاً مثلها دالاً على سقوطها إذا مات قبل اليوم السابع، فإنها دالة بعمومها أنها تشرع بالولادة، وتذبح في اليوم السابع، وهذا العموم يتناول الصورة المسئول عنها، ولا نعلم ما يخرجها من هذا العموم كما سبق. وتحديد اليوم السابع للذبح لا يؤخذ منه أن مشروعيتها لا تبدأ إلا في اليوم السابع، فإن الولادة هي سبب طلب العقيقة، واليوم السابع هو الوقت الأفضل لتنفيذ هذا الأمر المشروع؛ ولهذا لو ذبحها قبل السابع أجزأت، كما قال ابن القيم ومن وافقه من أهل العلم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن منيع(21/30)
عضو: عبدالله بن غديان
نائب رئيس اللجنة: عبدالرازق عفيفي.
ـــــــــــــــــــ
العقيقة عن السقط عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى
14379 رقم الفتوى
27/05/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
السؤال رقم (1528)
السقط المتبين أنه ذكر أو أنثى هل له عقيقة أو لا؟ وكذلك المولود إذا ولد ثم مات بعد أيام، ولم يعق عنه في حياته، هل يعق عنه بعد موته أو لا؟ وإذا مضى على المولود شهر أو شهران أو نصف سنة أو سنة أو كبر ولم يعق عنه هل يعق عنه أو لا؟
نص الفتوى
الحمد لله
جمهور الفقهاء على أن العقيقة سنة؛ لما رواه أحمد والبخاري وأصحاب السنن عن سلمان بن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دماً، وأميطوا عنه الأذى)، وما رواه الحسن عن سمرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق، ويسمى) رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه الترمذي، وما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل، عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة) رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد حسن.
ولا عقيقة عن السقط، ولو تبين أنه ذكر أو أنثى إذا سقط قبل نفخ الروح فيه؛ لأنه لا يسمى غلاماً ولا مولوداً، وتذبح العقيقة في اليوم السابع من الولادة، وإذا ولد الجنين حياً ومات قبل اليوم السابع سن أن يعق عنه في اليوم السابع، ويسمى، وإذا مضى اليوم السابع ولم يعق عنه، فرأى بعض الفقهاء أنه لا يسن أن يعق عنه بعده؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقتها باليوم السابع، وذهب الحنابلة وجماعة من الفقهاء إلى أنه يسن أن يعق عنه ولو بعد شهر أو سنة، أو أكثر، من ولادته؛ لعموم الأحاديث الثابتة، ولما أخرجه البيهقي عن أنس رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عق عن نفسه بعد البعثة، وهو أحوط.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن غديان
نائب رئيس اللجنة: عبدالرازق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.
ـــــــــــــــــــ(21/31)
توزيع عقيقة المولود
سؤال:
السؤال : ما حكم توزيع عقيقة المولود؟
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
فإن من السنة أن تُذبح العقيقة للمولود ، قال صلى الله عليه وسلم : " مَعَ الْغُلامِ عَقِيقَةٌ ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى " رواه البخاري برقم 5049 ، والترمذي برقم 1434 وقال : " حديث حسن صحيح " .
ويجوز الأكل من هذه العقيقة ، كما يجوز إطعام الأقارب والأصحاب والفقراء ، ويجوز طبخها ثم إطعامها كما يجوز توزيعها نيئة . عن عائشة قالت عن لحم العقيقة : " يُجْعَلُ جُدُولا , يُؤْكَلُ وَيُطْعَمُ " رواه ابن أبي شيبة في المصنف / 5 .
وجاء عن ابن سيرين والحسن البصري : " أن العقيقة كانت عندهم بمنزلة الأضحية ، يَأْكُلُ وَيُطْعِمُ " ابن أبي شيبة / 5 .
وقال ابن حزم : " العقيقة يُؤْكَلُ منها ويُهْدَى ويُتَصَدَّق " المُحَلَّى لابن حزم / 6 .
و يستحب طبخ العقيقة كلها ، حتى ما يُتَصَدَّقُ به منها . لما روي عن بعض السلف استحباب ذلك ، مثل جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، وكان عطاء بن أبي رباح يقول في العقيقة : " يقطع آرابا آرابا ، و يطبخ بماء وملح ، و يهدى في الجيران ". رواه البيهقي في السنن برقم 19827 .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
توزيع لحم العقيقة
سؤال:
السؤال :
أريد أن أعرف : العقيقة كيف يتم توزيعها ؟ هل هي ثلاثة أقسام أم لكل الأسرة؟
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
قال بعض العلماء : العقيقة كالأضحية لها أحكامها.
وذهبوا إلى تقسيمها كتقسيم الأضحية واشترطوا في الشاة التي للعقيقة شروطها أيضاً فقالوا يجب أن ينتفي عنها العور والعرج والمرض البيِّن والضعف الشديد .
قال ابن قدامة :
وسبيلها في الأكل والهدية والصدقة سبيلها ـ يعني سبيل العقيقة كسبيل الأضحية .. وبهذا قال الشافعي .
وقال ابن سيرين : اصنع بلحمها كيف شئت ، وقال ابن جريج : تطبخ بماء وملح وتهدى الجيران والصديق ولا يتصّدق منها بشيء ، وسئل أحمد عنها فحكى قول(21/32)
ابن سيرين ، وهذا يدل على أنه ذهب إليه ، وسئل هل يأكلها قال : لم أقل يأكلها كلها ولا يتصدق منها بشيء .
والأشبه قياسها على الأضحية لأنها نسيكة مشروعة غير واجبة فأشبهت الأضحية ولأنها أشبهتها في صفاتها وسنها وقدرها وشروطها فأشبهتها في مصرفها .. . " المغني " ( 9 / 366 ) .
وقال الشوكاني :
هل يشترط فيها ما يشترط في الأضحية ؟ فيه وجهان للشافعية ، وقد استدل بإطلاق الشاتين على عدم الاشتراط وهو الحق . " نيل الأوطار " ( 5 / 231 ) .
وذكر فروقا بينها وبين الأضحية تدلّ على أنها ليست مثلها في كلّ شيء .
فلم يرد في السنّة إذن للعقيقة طريقة معيّنة في التقسيم والمراد منها التقرب إلى الله بالدم المهراق شكرا على نعمة المولود وفكّا لأسر الشيطان له وإبعادا له عنه كما دلّ عليه حديث : كلّ غلام مرتهن بعقيقته .
أما حكم لحمها فيحل لك أن تصنع فيه ما تشاء فإن شئت أكلته وأهل بيتك أو تصدقت به أو أكلت بعضاً وتصدقت ببعض ، وهو قول ابن سيرين وذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
الإجراءات الإسلامية لاستقبال المولود الجديد
سؤال:
السؤال :
ما الذي يجب أن أفعله أو أعد له لاستقبال مولود جديد بعد يوم أو يومين . هل يوجد سنة يجب أن أتبعها .
الجواب:
الجواب :
نسأل الله أن يبارك لك في المولود القادم وجعله من الصالحين الأتقياء لكي يكون في ميزان حسناتك فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " رواه مسلم ( 1631 ) .
ثانياً :
ليس هناك أعمال شرعية تتجهز بها لاستقبال المولود فيما نعلم قبل يوم أو يومين أو أقل من ذلك أو أكثر إلا الأدعية الطيّبة العامة كالدعاء للمولود بالسلامة والعافية والهداية ونحو ذلك ، وقد ذكر الله تعالى في كتاب أدعية المرأة الصالحة وهي امرأة عمران لما قالت :
إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ(21/33)
وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ(36) سورة آل عمران
وفيما يلي إرشاد إلى ما تصنعه يوم مجيء المولود ، وبعد ذلك اليوم .
أ. استحباب تحنيك المولود والدعاء له
عن أبي موسى قال : " ولد لي غلام ، فأتيت به إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسماه إبراهيم وحنكه بتمرة ودعا له بالبركة ودفعه إليّ " . رواه البخاري ( 5150 ) ومسلم ( 2145 ) .
والتحنيك : وضع شيء حلو في فم الطفل أول ولادته كتمر أو عسل .
ب. وتسمية المولود جائزة في اليوم الأول ، أو السابع .
- عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وُلِد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم .. " . رواه مسلم ( 3126 ) .
- عن عائشة قالت : عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين يوم السابع وسماهما . رواه ابن حبان ( 12 / 127 ) والحاكم ( 4 / 264 ) . وصححه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( 9 / 589 ) .
ج. العقيقة والختان
1. عن سلمان بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مع الغلام عقيقة ، فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى " . رواه الترمذي ( 1515 ) والنسائي ( 4214 ) وأبو داود ( 2839 ) وابن ماجه ( 3164 ) . والحديث : صححه الشيخ الألباني رحمه الله في " الإرواء " ( 4 / 396) .
2. عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل غلام مرتهن بعقيقته ، تذبح عنه يوم سابعه ، ويسمى فيه ، ويحلق رأسه " . رواه الترمذي ( 1522 ) والنسائي ( 4220 ) وأبو داود ( 2838 ) . والحديث : صححه الشيخ الألباني رحمه الله في " الإرواء " ( 4 / 385 ) .
قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ ما ملخصه :
ومن فوائد العقيقة : أنها قربان يقرب به المولود في أول أوقات خروجه إلى الدنيا ...
ومن فوائدها : أنها تفك رهان المولود ، فإنه مرتهن بعقيقته حتى يشفع لوالديه .
ومن فوائدها : أنها فدية يفدى بها المولود كما فدى الله سبحانه إسماعيل بالكبش . " تحفة المودود " ( ص 69 ) .
ولعل من فوائد العقيقة أيضاً اجتماع الأقارب والأصدقاء في الوليمة .
ج. وأما الختان فهو من سنن الفطرة ، وهو من الواجبات للصبي لتعلقه أيضاً بالطهارة وهي شرط لصحة الصلاة .
عن أبي هريرة " خمس من الفطرة الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقص الشارب " . رواه البخاري ( 5550 ) ومسلم ( 257 ) .
ثالثاً :(21/34)
ذكر العلماء في سنن المولود الأذان في أذنه اليمنى فيكون من أول ما يفتح عليه سمعه في هذه الدنيا كلمة التوحيد وفي ذلك أثر عظيم مبارك ، وأما الإقامة في أذنه اليسرى فلم تثبت . انظر " السلسلة الضعيفة " ( 1 / 491 ) .
رابعا : حلاقة شعر رأسه ودهن الرأس بعد ذلك بالزعفران وفي ذلك فوائد طبية ، ثم يُشرع التصدق بوزن الشّعر ذهبا أو فضّة ولا يُشترط أن يوزن الشّعر المحلوق ، فإذا صَعُب هذا فيكفي أن تقدِّر بالعملة النقدية ثمن الذهب أو الفضة الذي يعادله وزن الشعر المحلوق تقديرا وتتصدّق بالمبلغ في وجوه الخير ، ونسأل الله أن يحفظنا وأولادنا من كل مكروه ويرزقنا فيهم العافية في الدنيا والآخرة ، وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
إذا أكل العقيقة كلها ولم يتصدق منها بشيء
سؤال:
سؤالي عن العقيقة لي ثلاث أبناء (ذكور) عند ولادة الابن الأول والثاني لم أكن أعلم وقتها بأنه علي ذبح شاتين عن الذكر علما أنه عند ولادة ابني الأول لم يكن أصلا بمقدرتي ذبح حتى شاة واحدة ، وأبي هو الذي قام بالعقيقة لولدي هل علي الآن أن أذبح لابني الأول شاة أم شاتين؟ وبالنسبة للمولود الثاني فقد ذبحت عنه شاة ولكن ما عملت الوليمة للعائلة والأصدقاء وقتها وتناولنا نحن اللحم ولكن بعد أربعة أشهر عملت الوليمة (العقيقة) للمعارف والعائلة والأصدقاء بخروف واحد فقط. سؤالي هل علي الآن أن أذبح عن الابن الثاني شاة أم شاتين؟ أما عن الابن الثالث فقد ذبحنا شاتين ولكن أكلنا من إحداهما ما يقارب النصف هل هذا الفعل يجوز أم لا؟ أرجوكم أن تجيبوا على أسئلتي فأنا أريد أن أؤدي عن أولادي العقيقة بالطريقة الصحيحة التي جاءت بها السنة النبوية وجزاكم الله عني خيرا .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
العقيقة سنة مؤكدة ، ولا إثم على من تركها ؛ لما روى أبو داود (2842) عن عمرو بن شعيب عن أبيه أراه عن جده قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ فَلْيَنْسُكْ ، عَنْ الْغُلامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ . والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
ثانيا :
من لم يعق عن أبنائه ، لعجزه ، أو جهله بالعقيقة ، استحب له أن يأتي بها بعد ذلك ، ولو طالت المدة .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/441) ما نصه :
س : رجل أتى له أبناء ولم يعق عنهم ؛ لأنه كان في حالة فقر، وبعد مدة من السنين أغناه الله من فضله ، هل عليه عقيقة ؟(21/35)
ج : إذا كان الواقع ما ذكر فالمشروع له أن يعق عنهم عن كل ابن شاتان " انتهى .
ثالثا :
للجد أن يعق عن حفيده ، كما عقَّ النبي صلى الله عليه وسلم عن حفيديْه الحسن والحسين – كما رواه أبو داود ( 2841 ) والنسائي ( 4219 ) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود ( 2466 ) - .
وعليه فإذا أردت الإتيان بكمال السنة ، فعق عن الابن الأول بشاة واحدة ، تكملة لما قام به الجد ، وإن اقتصرت على شاة الجد ، فلا حرج .
رابعا :
ذهب بعض الفقهاء إلى أن العقيقة كالأضحية في أحكامها ومصارفها ، فيستحب أن يقسمها الإنسان أثلاثا ، ثلثا لنفسه ، وثلثا لأصدقائه ، وثلثا للفقراء .
وذهب بعضهم إلى أن العقيقة ليست كالأضحية ، فيصنع بها ما يشاء . وراجع السؤال رقم (8423)
وعلى كل ، فلو لم تخرج من العقيقة شيئا ، أجزأت . وأما الأضحية ، فمن أكلها كلها ، ولم يتصدق منها بشيء ، ضمن أقل ما يسمى لحما ، كأوقية ونحو ذلك ، يشتريها ، ثم يتصدق بها . ينظر : "كشاف القناع" (3/23).
وعليه ، فالابن الثاني ، وقعت عنه العقيقة كاملة ، وكذلك الابن الثالث ، والحمد لله .
نسأل الله أن يبارك في أولادك ، وأن يجعلهم عونا علك على الطاعة ، وذخرا للإسلام والمسلمين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
حكم العقيقة ، وهل تسقط عن الفقير
سؤال:
رزقني الله بمولود ، وقد سمعت بأن على زوجي أن يذبح له شاتين ، عقيقة فإذا كانت ظروفه لا تسمح له بسبب ديونه الكثيرة فهل تسقط عنه ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
اختلف العلماء في حكم العقيقة على ثلاثة أقوال : فمنهم من ذهب إلى وجوبها ، ومنهم من قال إنها مستحبة ، وآخرون قالوا : إنها سنة مؤكدة ، ولعله القول الراجح .
قال علماء اللجنة الدائمة :
العقيقة سنة مؤكدة ، عن الغلام شاتان تجزئ كل منهما أضحية ، وعن الجارية شاة واحدة ، وتذبح يوم السابع ، وإذا أخرها عن السابع جاز ذبحها في أي وقت ، ولا يأثم في تأخيرها ، والأفضل تقديمها ما أمكن .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 439 ) .(21/36)
لكنهم لم يختلفوا أنها لا تجب على الفقير فضلاً عن صاحب الدَّيْن ، ولا يُقدَّم ما هو أعظم من العقيقة كالحج – مثلاً – على قضاء الدَّيْن .
لذا فالعقيقة غير لازمة عليكم لظروف زوجكِ الماليَّة .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
إذا رزقت بعدد من الأولاد ، ولم أعق عن أحد منهم بسبب ضيق الرزق ؛ لأني رجل موظف ، وراتبي محدود ولا يكفي إلا المصروف الشهري ، فما حكم عقائق أولادي عليَّ في الإسلام ؟
فأجابوا :
إذا كان الواقع كما ذكرت من قلة ضيق اليد ، وأن دخلك لا يكفي إلا نفقاتك على نفسك ومن تعول؛ فلا حرج عليك في عدم التقرب إلى الله بالعقيقة عن أولادك ؛ لقول الله تعالى: { لا يكلف الله نفساً إلا وسعها } البقرة / 286 ، وقوله: { وما جعل عليكم في الدين من حرج } الحج / 78 ، وقوله : { فاتقوا الله ما استطعتم } التغابن / 16 ، ولما ثبت عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ) ، ومتى أيسرت شرع لك فعلها.
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 436 ، 437 ) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة – أيضاً - :
رجل أتى له أبناء ولم يعق عنهم ؛ لأنه كان في حالة فقر، وبعد مدة من السنين أغناه الله من فضله ، هل عليه عقيقة ؟
فأجابوا :
إذا كان الواقع ما ذكر فالمشروع له أن يعق عنهم عن كل ابن شاتان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 441 ، 442 ) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين :
رجل له مجموعة من الأبناء والبنات ولم يعق لأحد منهم إما لجهل أو لتهاون ، وبعضهم كبار الآن ، فماذا عليه الآن ؟
فأجاب :
إذا عق عنهم الآن فهو حسن إذا كان جاهلا ، أو يقول غداٌ أعق حتى تمادى به الوقت ، أما إذا كان فقيرا في حين مشروعية العقيقة فلا شيء عليه .
" لقاء الباب المفتوح " ( 2 / 17 – 18 ) .
كما أنه لا يجب على أهله القيام بالذبح نيابة عنه وإن كان يجوز لهم ذلك كما عقَّ النبي صلى الله عليه وسلم عن حفيديْه الحسن والحسين – كما رواه أبو داود ( 2841 ) والنسائي ( 4219 ) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود ( 2466 ) - .
ثانياً :
وإذا تعارض عندكم الحج مع العقيقة : فالمُقدَّم هو الحج قطعاً ، فإن أردتم العق عن أولادكم فيجوز ولو كانوا كباراً ، ولا يلزمكم أن تقولوا للمدعوِّين أنها عقيقة ، ولا يجوز لهم أن يسخروا من فعلكم لأنكم فعلتم الصواب ، ولا يشترط طبخ العقيقة ودعوة الناس إليها بل يجوز توزيع لحمها نيئاً كذلك .(21/37)
قال علماء اللجنة الدائمة :
العقيقة : هي ما يذبح في اليوم السابع من الولادة ؛ شكراً لله على ما وهبه من الولد ، ذكَراً كان أو أنثى ، وهي سنة ؛ لما ورد فيها من الأحاديث، ولمن عق عن ولده أن يدعو الناس لأكلها في بيته أو نحوه ، وله أن يوزعها لحماً نيئاً وناضجاً على الفقراء وأقاربه وجيرانه والأصدقاء وغيرهم .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 442 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
الحكمة من العقيقة
سؤال:
لقد سمعت كثيراً أنه عندما يولد ولد مسلم تذبح له ذبيحتان بينما تذبح ذبيحة واحدة اذا كان المولود بنتاً ، فهل هذا سنة أم واجب ؟ واذا كان واجباً فما هو الهدف ؟ وكيف وضح النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ؟
حيث إني سمعت من بعض الأخوات عن هذا الأمر ولكن في الحقيقه لم أتأكد من صحته ....
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
هذه الذبيح التي تذبح للمولود تسمى ( العقيقة ) وقد اختلف العلماء في حكمها ، فذهب بعضهم إلى وجوبها ، وذهب آخرون إلى أنها سنة مؤكدة .
قال علماء اللجنة الدائمة :
العقيقة سنة مؤكدة ، عن الغلام شاتان تجزئ كل منهما أضحية ، وعن الجارية شاة واحدة ، وتذبح يوم السابع ، وإذا أخرها عن السابع جاز ذبحها في أي وقت ، ولا يأثم في تأخيرها ، والأفضل تقديمها ما أمكن .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
وهناك قول شاذ ضعيف أن العقيقة مكروهة .
قال ابن القيم :
قال الإمام أحمد في رواية حنبل : وقد حكي عن بعض من كرهها أنها من أمر الجاهلية ، قال : هذا لقلة علمهم وعدم معرفتهم بالأخبار ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد عقَّ عن الحسن والحسين ، وفعلَه أصحابُه ، وجعلها هؤلاء من أمر الجاهلية ، والعقيقة سنَّة عن رسول الله ، وقد قال " الغلام مرتهن بعقيقته " ، وهو إسناد جيد ، يرويه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال في رواية الأثرم : في العقيقة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم مسندة وعن أصحابه وعن التابعين ، وقال هؤلاء : هي من عمل الجاهلية ، وتبسم كالمعجب .
" تحفة المودود " ( ص 45 ، 46 ) .
ثانياً :(21/38)
وأما الهدف من العقيقة فيُعرف بمعرفة معنى قوله صلى الله عليه وسلم " كل غلام مرتهن بعقيقته " ، وقد اختلف العلماء في معناه فقيل معناه أنه إذا لم يعق عنه ومات طفلاً منع من الشفاعة لأبويه ، وقيل معناه : أن العقيقة سبب لتخليص الولد منالشيطان وحمايته منه . وقد يفوت الولدَ خيرٌ بسبب تفريط الأبوين وإن لم يكن من كسبه كما أنه عند الجماع إذا سمى أبوه لم يضر الشيطان ولده ، وإذا ترك التسمية لم يحصل للولد هذا الحفظ .
انظر " زاد المعاد " ( 2 / 325 ) والشرح الممتع ( 7 / 535 ) .
ثالثاً :
وأما كيف وضَّح النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، ففي الأحاديث التالية بيان ذلك :
1. عن سلمان بن عامر الضبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " مع الغلام عقيقة ، فأهريقوا عنه دماً ، وأميطوا عنه الأذى " .
رواه البخاري ( 5154 ) .
2. عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة .
رواه الترمذي ( 1513 ) وقال : حسن صحيح ، وابن ماجه ( 3163 ) صحيح الترمذي ( 1221 ) .
3. عن أم كرز أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال : " عن الغلام شاتان ، وعن الأنثى واحدة ، ولا يضركم ذكراناً كنَّ أم إناثاً " .
رواه الترمذي ( 1516 ) وقال : حسن صحيح ، والنسائي ( 4217 ) وأبو داود ( 2835 ) وابن ماجه ( 3162 ) ولم يرو الزيادة الأخيرة صحيح أبي داود ( 2460 ) .
4. عن سمرة بن جندب عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلم قال : " كلُّ غلامٍ مرتهن بعقيقته ، تُذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه ويسمَّى " .
رواه الترمذي ( 1522 ) وقال : حسن صحيح ، وابن ماجه ( 3165 ) صحيح ابن ماجه ( 2563 ) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
حقوق الأبناء
سؤال:
ما هي حقوق كل من الزوجة والأبناء على الرجل ?.
الجواب:
الحمد لله
1. حقوق الزوجة :
قد بيّناها بالتفصيل في الجواب على السؤال رقم ( 10680 ) .
2. حقوق الأبناء :(21/39)
قد جعل الله للأبناء على آبائهم حقوقا كما أن للوالد على ولده حقوقاً .
عن ابن عمر قال : " إنما سماهم الله أبراراً لأنهم بروا الآباء والأبناء كما أن لوالدك عليك حقا كذلك لولدك عليك حقا " . " الأدب المفرد " ( 94 ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حديث عبد الله بن عمر : " ... .. وإن لولدك عليك حقاً " مسلم ( 1159 ) .
وحقوق الأولاد على آبائهم منها ما يكون قبل ولادة الولد ، فمن ذلك :
1- اختيار الزوجة الصالحة لتكون أما صالحة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " رواه البخاري ( 4802 ) ومسلم ( 1466 ) .
قال الشيخ عبد الغني الدهلوي : تخيروا من النساء ذوات الدين والصلاح وذوات النسب الشريف لئلا تكون المرأة من أولاد الزنا فإن هذه الرذيلة تتعدى إلى أولادها قال الله تعالى : { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك } النور / 3 ، وإنما أمر بطلب الكفؤ للمجانسة وعدم لحوق العار . " شرح سنن ابن ماجه " ( 1 / 141 ) .
حقوق ما بعد ولادة المولود :
1- يسن تحنيك المولود حين ولادته .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان ابن لأبي طلحة يشتكي فخرج أبو طلحة فقبض الصبي ( أي : مات ) فلما رجع أبو طلحة قال : ما فعل ابني ؟ قالت أم سليم : هو أسكن ما كان فقربت إليه العشاء فتعشى ثم أصاب منها فلما فرغ قالت : واروا الصبي ( أي : دفنوه ) فلما أصبح أبو طلحة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : أعرستم الليلة ؟ قال : نعم ، قال : اللهم بارك لهما فولدت غلاما قال لي أبو طلحة : احفظه حتى تأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وأرسلت معه بتمرات فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أمعه شيء ؟ قالوا : نعم تمرات فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم فمضغها ثم أخذ من فيه فجعلها في في ( أي : فم ) الصبي وحنكه به ، وسماه عبد الله " رواه البخاري ( 5153 ) ومسلم ( 2144 ) .
قال النووي :
اتفق العلماء على استحباب تحنيك المولود عند ولادته بتمر فإن تعذر فما في معناه وقريب منه من الحلو فيمضغ المحنِّك التمر حتى تصير مائعة بحيث تبتلع ثم يفتح فم المولود ويضعها فيه ليدخل شيء منها جوفه .
" شرح النووي على صحيح مسلم " ( 14 / 122 – 123 ) .
2- تسمية الولد باسم حسن كعبد الله وعبد الرحمن .
عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن " رواه مسلم ( 2132 ) .
ويستحب تسمية الولد باسم الأنبياء :(21/40)
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم " رواه مسلم ( 2315 ) .
ويستحب تسميته في اليوم السابع ولا بأس بتسميته في يوم ولادته للحديث السابق .
عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى " رواه أبو داود ( 2838 ) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 4541 ) .
قال ابن القيم :
إن التسمية لما كانت حقيقتها تعريف الشيء المسمى لأنه إذا وجد وهو مجهول الاسم لم يكن له ما يقع تعريفه به فجاز تعريفه يوم وجوده وجاز تأخير التعريف إلى ثلاثة أيام وجاز إلى يوم العقيقة عنه ويجوز قبل ذلك وبعده والأمر فيه واسع . " تحفة المودود " ( ص 111 ) .
3- كما يسن حلق شعره في اليوم السابع والتصدق بوزنه فضة :
عن علي بن أبي طالب قال : " عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن بشاة وقال : يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة قال فوزنته فكان وزنه درهما أو بعض درهم " رواه الترمذي ( 1519 ) ، وحسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح الترمذي " ( 1226 ) .
4- كما تستحب العقيقة على والده كما مر سابقا من الحديث ، فقوله : " كل غلام رهينة بعقيقته ".
فيذبح عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة :
فعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة " رواه الترمذي ( 1513 ) ، صحيح الترمذي ( 1221 ) أبو داود ( 2834 ) النسائي ( 4212 ) ابن ماجه ( 3163 ) .
5- الختان :
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الفطرة خمس أو خمس من الفطرة : الختان ، والاستحداد ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظفار ، وقص الشارب " رواه البخاري ( 5550 ) ومسلم ( 257 ) .
- حقوق في التربية :
عن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كلكم راع فمسؤول عن رعيته فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " رواه البخاري ( 2416 ) ومسلم ( 1829 ) .
فعلى الآباء مراعاة توجيه أبنائهم في الواجبات الدينية وغيرها من فضائل الشريعة المستحبة ومن أمور الدنيا التي فيها قوام معاشهم .
فيبدأ الرجل بتربية أبنائه على الأهم فالمهم فيبدأ بتربيتهم على العقيدة الصحيحة الخالية من الشرك والبدع ثم بالعبادات لاسيما الصلاة ، ثم يعلمهم ويربيهم على الأخلاق والآداب الحميدة ، وعلى كل فضيلة وخير .(21/41)
قال الله تعالى : { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } لقمان / 13 .
عن عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " علموا الصبي الصلاة ابن سبع سنين ، واضربوه عليها ابن عشر " رواه الترمذي ( 407 ) وأبو داود ( 494 ) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 4025 ) .
وعن الربيع بنت معوذ قالت : " أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار : من أصبح مفطرا فليتم بقية يومه ومن أصبح صائما فليصم قالت : فكنا نصومه بعد ونصوم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار " رواه البخاري ( 1859 ) ومسلم ( 1136 ) .
وعن السائب بن يزيد قال : " حُج بي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن سبع سنين " رواه البخاري ( 1759 ) .
- التربية على الآداب والأخلاق :
ينبغي على كل أب وأم أن يعلموا أبناءهم وبناتهم على الخلق الحميد والآداب الرفيعة سواء في أدبهم مع الله أو نبيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو أدبهم مع قرآنهم وأمتهم ومع كل من يعرفون ممن لهم عليه حق ، فلا يسيئون العشرة مع خلطائهم ولا جيرانهم وأصدقائهم .
قال النووي :
على الأب تأديب ولده وتعليمه ما يحتاج إليه من وظائف الدين وهذا التعليم واجب على الأب وسائر الأولياء قبل بلوغ الصبي والصبية نص عليه الشافعي وأصحابه ، قال الشافعي وأصحابه : وعلى الأمهات أيضا هذا التعليم إذا لم يكن أب لأنه من باب التربية ولهن مدخل في ذلك وأجرة هذا التعليم في مال الصبي فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته لأنه مما يحتاج إليه والله أعلم .
" شرح النووي على صحيح مسلم " ( 8 / 44 ) .
وينبغي عليه أن يربيهم على الآداب في كل شيء في المأكل والمشرب والملبس والنوم والخروج من المنزل ودخوله وركوب المركبات وغير ذلك وفي أمرهم كله ، وأن يغرس فيهم صفات الرجال الحميدة من حب التضحية والإيثار والنجدة والشهامة والجود ، وأن يبعدهم عن الرذائل من جبن وبخل وقلة مروءة وقعود عن المكرمات وغير ذلك .
قال المناوي : ( كما أن لوالديك عليك حقا كذلك لولدك عليك حقا أي حقوقا كثيرة منها تعليمهم الفروض العينية وتأدبهم بالآداب الشرعية والعدل بينهم في العطية سواء كانت هبة أم هدية أم وقفا أم تبرعا آخر فإن فَضّل بلا عذر بطل عند بعض العلماء وكره عند بعضهم .
" فيض القدير " ( 2 / 574 ) .(21/42)
وعليه أن يقي أبناءه وبناته من كل شيء مما شأنه أن يقربهم من النار ، قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } التحريم / 6 .
قال القرطبي :
... وعن هذا عبَّر الحسن في هذه الآية بقوله : " يأمرهم وينهاهم " ، وقال بعض العلماء : لما قال : قوا أنفسكم دخل فيه الأولاد لأن الولد بعض منه كما دخل في قوله تعالى : { ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم } فلم يفردوا بالذكر إفراد سائر القرابات فيعلمه الحلال والحرام ويجنبه المعاصي والآثام إلى غير ذلك من الأحكام .
" تفسير القرطبي " ( 18 / 194 – 195 ) .
النفقة :
وهذه من الواجبات على الأب تجاه أولاده فلا يجوز له التقصير فيها ولا تضييعها ، بل يلزمه القيام بها على الوجه الأكمل :
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " رواه أبو داود ( 1692 ) ، وحسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 4481 ) .
كذلك أيضاً من أعظم الحقوق وأجلها حسن التربية والرعاية للبنت خاصة ، ولقد رغَّب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا العمل الصالح .
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : جاءتني امرأة معها ابنتان تسألني فلم تجد عندي غير تمرة واحدة فأعطيتُها فقسمتْها بين ابنتيها ثم قامت فخرجت ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فحدثتُه فقال : من يلي من هذه البنات شيئاً فأحسن إليهن كنَّ له ستراً من النار .
رواه البخاري ( 5649 ) ومسلم ( 2629 ) .
كذلك أيضاً من الأمور المهمة : وهي من حقوق الأولاد التي ينبغي رعايتها حق العدل بين الأولاد ، وهذا الحق أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم " رواه البخاري ( 2447 ) ومسلم ( 1623 ) ، فلا يجوز تفضيل الإناث على الذكور كما لا يجوز تفضيل الذكور على الإناث ، وإذا وقع الأب في هذا الخطأ وفضّل بعض أولاده على بعض ولم يعدل بينهم تسبب ذلك في مفاسد كثيرة ، منها :
ما يكون ضرره على الوالد نفسه فإنه ينشأ الأولاد الذين حرمهم ومنعهم على حقده وكراهيته وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى بقوله في الحديث الذي رواه مسلم ( 1623 ) لوالد النعمان : " أتحب أن يكونوا لك في البر سواء ؟ قال : نعم " ، أي : إذا كنت تريدهم في البر سواء فاعدل بينهم في العطية .
ومنها كراهية الأخوة بعضهم لبعض وزرع نار العداوة والبغضاء بينهم .
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ(21/43)
هل العقيقة أفضل أم التصدق بثمنها ؟
سؤال:
رزقني الله تعالى بولد فهل الأفضل أن أذبح عنه عقيقة أو الأفضل أن أتصدق بثمنها ؟.
الجواب:
الحمد لله
ذبح العقيقة أفضل من التصدق بثمنها ، بل لا يقوم التصدق بالمال مقام العقيقة ولا يجزئ عنها ، لأن المقصود من العقيقة هو التقرب إلى الله تعالى بالذبح .
قال ابن القيم في "تحفة المودود بأحكام المولود" ص (164) :
الذبح في موضعه أفضل من الصدقة بثمنه ولو زاد ، كالهدايا والأضاحي ، فإن نفس الذبح وإراقة الدم مقصود ، فإنه عبادة مقرونة بالصلاة ، كما قال تعالى : ( فصل لربك وانحر ) الكوثر / 2 ، وقال تعالى : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) الأنعام / 162 .
ففي كل ملة صلاة ونسيكة لا يقوم غيرهما مقامهما ، ولهذا لو تصدق عن دم المتعة والقران بأضعاف أضعاف القيمة لم يقم مقامه ، وكذلك الأضحية . والله أعلم اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (11/449) : عن إخراج الفلوس بدلاً من العقيقة .
فأجابت :
( يعق عن الذكر شاتان ، وعن الأنثى شاة ولا يجزئ دفع الفلوس ونحوها ) اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة أيضاً (11/440) : هل يجزئ أن أشتري اللحم بدلاً من ذبح العقيقة ؟
فأجابت :
( لا يجزئ إلا ذبح شاة عن البنت ، وشاتين عن الابن ) اهـ .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
هل يأثم بترك العقيقة أو تأخيرها؟
سؤال:
رزقني الله بمولودة وعمرها الآن ثلاثة أشهر ولكني لم أذبح عقيقتها ولم أتصدق عوضا عنها فهل علي إثم وما الحل ؟.
الجواب:
الحمد لله
العقيقة سنة مؤكدة ، ولا إثم على من تركها ، وذلك لما رواه أبو داود (2842) عن عمرو بن شعيب عن أبيه أراه عن جده قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ فَلْيَنْسُكْ ، عَنْ الْغُلامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ . والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
فعلق النبي صلى الله عليه وسلم أمرها على محبة فاعلها ، وهذا دليل على أنها مستحبة غير واجبة .(21/44)
انظر : "تحفة المودود" ص (157) .
لكن لا ينبغي للمسلم التفريط فيها لقوله صلى الله عليه وسلم : ( كل غلام رهين بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق رأسه ويسمى ) . رواه النسائي (4220) وأبو داود (2838) والترمذي (1522) وابن ماجه (3165) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وينبغي لك أن تعق عنها الآن ، وذلك بذبح شاة بنية العقيقة .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (11/934) :
( العقيقة سنة مؤكدة ، عن الغلام شاتان تجزيء كل منهما أضحية ، وعن الجارية شاة واحدة ، وتذبح يوم السابع ، وإذا أخرها عن السابع جاز ذبحها في أي وقت ، ولا يأثم في تأخيرها، والأفضل تقديمها ما أمكن ) انتهى .
تنبيه :
قولك : ولم أتصدق عوضاً عنها .
ينبغي أن يعلم أن التصدق بالمال لا يقوم مقام العقيقة ، لأن المقصود من العقيقة هو التقرب إلى الله تعالى بالذبح . راجع السؤال رقم (34974) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
الخروف المقطوع الألية لا يصلح أضحية
سؤال:
الخروف المقطوع الذيل (الإلية) من صغر، بقصد أن تعم السمنة جسده، هل يجزئ للأضحية والعقيقة ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يجزئ في الأضحية ولا في الهدايا ولا العقيقة مقطوع الذيل (الإلية) ؛ لما روى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قال : (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن ، ولا نضحي بعوراء ولا مقابلة ، ولا مدابرة ، ولا خرقاء ، ولا شرقاء ) أخرجه أحمد 2/210 برقم (851) والأربعة ، وصححه الترمذي وابن حبان .
والمقابلة : ما قطع من طرف أذنها شيء وبقي معلقاً .
والخرقاء : مخروقة الأذن .
والشرقاء : مشقوقة الأذن .
هذا كله إذا كان مقطوعاً ، أما إذا كان الخروف لم يخلق له ذيل أصلاً فإنه في حكم الجماء والصمعاء ، والحكم في ذلك هو الإجزاء .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
ـــــــــــــــــــ
وقت تسمية المولود وذبح العقيقة والأكل منها
سؤال:(21/45)
هل يجوز لوالدي الطفل الأكل من لحم العقيقة ؟ وهل يجب أن تتم الحلاقة للولد وذبح الأضحية في نفس اليوم ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يجوز للوالدين الأكل من العقيقة لقول عائشة رضي الله عنها في العقيقة : " يُجعل جدولاً يُؤكَل ويُطعَم " رواه ابن أبي شيبة في المصنف / 5 ..
قال صاحب القاموس : ( الجَدْلُ : كل عظم مُوفّر لا يُكسر ، ولا يخلط به غيره ) القاموس المحيط ص 975 ط الرسالة .
قال الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله : (جدولاً أي أعضاء فلا يُكسر عظامها ، وإنما تقطع من المفاصل ) انظر الشرح الممتع ج 7 / 545
انظر السؤال (8388)
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (11/443) ما نصه : " لمن إليه العقيقة أن يوزعها لحماً نيئاً أو مطبوخاً على الفقراء والجيران والأقارب والأصدقاء ، ويأكل هو وأهله منها ، وله أن يدعو الناس الفقراء والأغنياء ويُطعمهم إياها في بيته ونحوه ، والأمر في ذلك واسع " .
ثانياً :
من السنة حلق رأس الغلام في اليوم السابع ، وكذلك ذبح العقيقة في نفس اليوم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " كل غلام رهينة بعقيقته تُذبح عنه يوم سابعه ، ويُسمى فيه ويُحلق رأسه " رواه الترمذي (1522) وأبو داوود (3838) وصححه الألباني في إرواء الغليل (1165) .
فإن سمى أو ذبح العقيقة في غير اليوم السابع فلا بأس ، وكذا لو ذبح في يوم وحلق في يوم آخر .
قال ابن عبد البر : ( أما حلق الصبي عند العقيقة فإن العلماء كانوا يستحبون ذلك ) ا.هـ من "تحفة المودود" لابن القيم (67) .
انظر السؤال (7889) .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
مات الجنين في الشهر الرابع فهل يسمَّى ويعق عنه ويغسَّل ويكفَّن ؟
سؤال:
زوجتي حامل ، وفي أربعة أشهر وثلاثة أسابيع توفيَ الجنين ، وهو داخل بطن أمه ، ماذا يجب علينا أن نعمل ؟ هل يسمَّى ؟ هل يذبح له عقيقه ؟ وإذا فيه شيء آخر الرجاء المساعدة على ذلك.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :(21/46)
وقع خلاف بين العلماء في المسائل المتعلقة بالسقط بعد الأربعة أشهر ، والذي يفتي به مشايخنا أنه يسمَّى ، ويغسَّل ، ويكفَّن ، ويُصلَّى عليه ، ويدفن مع المسلمين ، ويعق عنه .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
أفيدكم أن زوجتي قبل وفاتها أسقطت جنيناً له أربعة شهور ، وقد أخذتْه ودفنتْه بدون صلاة عليه ، فأرجوكم إفادتي إن كان علي شيء ؟ .
فأجابوا :
كان ينبغي أن يغسل ويكفن ويصلى عليه على الصحيح من أقوال العلماء مادام قد أتم أربعة أشهر ؛ لعموم ما رواه أبو داود والترمذي عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " السقط يصلى عليه " ، ولكن قد فات المطلوب ولا شيء عليك . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 8 / 406 ) .
وقالوا :
إذا لم يتم له أربعة أشهر فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يسمَّى ولا يعق عنه ؛ لأنه لم ينفخ فيه الروح . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 8 / 408 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
هل الولد الصغير الذي يسقط قبل أن يتم له عقيقة أم لا ؟ .
فأجاب :
ما سقط قبل تمام أربعة أشهر : فهذا ليس له عقيقة ، ولا يسمَّى ولا يصلَّى عليه ، ويدفن في أي مكان من الأرض .
وأما بعد أربعة أشهر فهذا قد نفخت فيه الروح ، هذا يسمى ويغسل ويكفن ويُصلى عليه ويدفن مع المسلمين ، ويعق عنه على ما نراه ، لكن بعض العلماء يقول : ما يعق عنه حتى يتم سبعة أيام حيا ، لكن الصحيح أنه يعق عنه لأنه سوف يبعث يوم القيامة ، ويكون شافعا لوالديه . " أسئلة الباب المفتوح " ( السؤال رقم 653 ) .
ثانياً :
الدم الذي يخرج مع الجنين في هذه المدة : هو دم نفاس فعلى المرأة ترك الصلاة والصيام ويحرم على زوجها أن يجامعها . والدم يعتبر نفاساً إذا أسقطت المرأة جنيناً قد بيّن فيه خلق الإنسان
قال الشيخ ابن عثيمين :
قال أهل العلم : إن خرج وقد تبيَّن فيه خلق إنسان : فإن دمها بعد خروجه يُعدُّ نفاساً ، تترك فيه الصلاة والصوم ويتجنبها زوجها حتى تطهر ، وإن خرج وهو غير مخلَّق : فإنه لا يعتبر دم نفاس بل هو دم فساد لا يمنعها من الصلاة ولا من الصيام ولا من غيرهما .
قال أهل العلم : وأقل زمن يتبين فيه التخطيط واحد وثمانون يوماً ... " فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 304 ، 305 ) .
وانظر السؤال رقم ( 37784 )
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(21/47)
ـــــــــــــــــــ
حكم توزيع الأكل عندما يبلغ المولود أربعين يوماً
سؤال:
لدينا عادة ولا أعرف هل هي سنة أو بدعة . وهي : قيام الأهل في اليوم الأربعين للمولود بطبخ كمية كبيرة من الأكل وتوزيعها على الأقارب والجيران . وهو ما يسمى عندنا ( الطلوع ) فما هي شرعية هذا العمل ؟ وهل هو سنة أم بدعة يجب اجتنابها ؟.
الجواب:
الحمد لله
المشروع في حال إنجاب مولود أن يَذبح أهله عنه " عقيقة " تُذبح في اليوم السابع ، ويُذبح عن الذكر شاتان ، وعن الأنثى شاة واحدة ، ويمكن للأهل توزيع لحمها أو جزء منه ، كما يمكنهم طبخها أو طبخ بعضها وتوزيعه على الأهل والأقارب والجيران .
فإن عجز الأهل عن الذبح في اليوم السابع ففي اليوم الرابع عشر وإلا ففي الواحد والعشرين ، فإن لم يستطيعوا ففي أي يوم بعدها استطاعوا .
وانظر حكم العقيقة في جواب السؤال رقم ( 20018 ) ، وجواز توزيع لحم العقيقة نيئاً أو مطبوخاً في جواب السؤال رقم ( 26046 ) و ( 8423 ) و ( 8388 ) .
وليس ليوم الأربعين في الميلاد أو الوفاة أي اعتبار ، وهي عادة فرعونية ، لا يجوز للمسلم تحري هذا اليوم للقيام بشيء يتعلق بالعبادة أو الطاعة .
وفي جواب السؤال رقم ( 12552 ) نقلنا عن الشيخ ابن باز حول " الأربعينية " وأن الأصل فيها أنها عادة فرعونية ، كانت لدى الفراعنة قبل الإسلام ، ثم انتشرت عنهم وسرت في غيرهم ، وأنها بدعة منكرة لا أصل لها في الإسلام ، ويردها ما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق على صحته .
وقد حذرنا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من البدع فقال : ( وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ) رواه أبو داود (4607)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود . وزاد النسائي (1578) (وكل ضلالة في النار )
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
هل يجوز أن يخرج مالاً بدلاً من النذر أو العقيقة أو الوليمة ؟
سؤال:
هل يجوز إنفاق مال عن النذر وعن العقيقة وعن الوليمة للزواج ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يجزئ دفع المال في مقابلة ما لزمه بسبب نذره إلا إذا كان المنذور دفع مال قربة لله ، فإنه يجوز دفع المال كما نذر ، إلا أن ينذر جميع ماله فلا يلزمه إلا دفع الثلث(21/48)
منه ، وكذلك لا يجزئ دفع المال في العقيقة أو وليمة النكاح حيث إن السنة في العقيقة ذبح شاتين عن الغلام وشاة عن الجارية ، وكذلك وليمة الزواج السنة أن يولم الإنسان بعد زواجه ولو بشاة لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لعبد الرحمن بن عوف بعد زواجه : ( أولم ولو بشاة ) هذا هو السنة في ذلك ، وإنفاق المال في ذلك مخالف للسنة ، ولا أصل له ، ولم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا صحابته رضي الله عنهم من بعده ، فينبغي للإنسان أن يتمسك بما صح في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويترك ما عداهما
وبالله التوفيق .
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء 23 / 392 .
ـــــــــــــــــــ
هل يعق عن المولود الذي ولد ثم توفي مباشرة
سؤال:
رزقني الله مولودة وتوفيت بعد ساعتين ، فهل أعقّ عنها ؟.
الجواب:
الحمد لله
تشرع لها العقيقة لعموم الأدلة الدالة على ذلك ، ومنها :
1- عن سلمان بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مع الغلام عقيقة ، فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى " . رواه الترمذي ( 1515 ) والنسائي ( 4214 ) صححه الشيخ الألباني رحمه الله في " الإرواء " ( 4 / 396) .
2. عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل غلام مرتهن بعقيقته ، تذبح عنه يوم سابعه ، ويسمى فيه ، ويحلق رأسه " . رواه الترمذي ( 1522 ) والنسائي ( 4220 ) وأبو داود ( 2838 ) . وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " الإرواء " ( 4 / 385 ) .
وإذا لم يكن من المناسب دعوة الناس للاجتماع على طعام العقيقة لأجل الوفاة فيكفيكم الصدقة منها والأكل منها والإهداء .
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
من أحكام السقط
سؤال:
تُوفيت ابنتِي داخلَ الرحمِ بعد حملِها مدةَ سبعةِ شهور ، هل كان يجبُ أن نعقَّ عنها ؟ حيثُ إنّه لم يتمّ العَقُّ عنها . هل كان يجبُ تسميتُها ؟ حيثُ لم تُسَمَّ .
لقد قامَ زوجي بغسلِها وتكفينِها والصلاةِ عليها ودفنِها فقط . هل ما تمَّ صحيحٌ ؟
لقد طلَّقَني زوجي .. هل أتمكنُ أنا من العَقِّ عنها إذا كانت واجبةً ؟ .
الجواب:
الحمد لله(21/49)
أولاً :
اعلمي – أختي السائلة – أنَّ الصبرَ على القضاءِ من مقاماتِ الصالحين ، وأنَّ الرضا بقدرِ الله سبحانَه من منازلِ المقربين ، وأنَّ خيرَ ما يستقبلُ العبدُ به البلاءَ أن يقولَ : الحمدُ لله ، إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعون .
وخيرُ ما نبشرك به ، ما جاءَ عن أبي موسى الأشعريِّ رضيَ اللهُ عنه :
أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم قال :
( إِذَا ماتَ ولدُ العَبْدِ ، قالَ اللهُ لمَلائِكَتِهِ : قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ . فَيَقُولُ : قَبَضْتُم ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ . فَيَقُولُ : مَاْذَا قالَ عَبْدِيْ ؟ فَيَقُولُونَ : حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ . فَيَقُولُ اللّهُ : ابْنُوا لِعَبْدِيْ بَيْتًا فِيْ الجَنَّةِ , وَسَمُّوهُ بيتَ الحَمْدِ ) .
رواه الترمذي (1021) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
قال النوويُّ رحمهُ الله :
" موتُ الواحدِ من الأولادِ حجابٌ منَ النار ، وكذا السقطُ ، واللهُ أعلم ".
"المجموع" (5/287) ، وانظر : "حاشية ابن عابدين" (2/228) .
وعن مُعاذِ بنِ جبلٍ رضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلم قالَ :
( وَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ إِنَّ السِّقْطَ لَيَجُرُّ أُمَّهُ بِسَرَرِهِ إِلَىْ الجَنَّةِ إِذَا احْتَسَبَتْهُ ) رواه ابن ماجه (1609) وضعفه النووي في "الخلاصة" (2/1066) والبوصيري ، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
والسَّرَرُ: ما تقطعه القابلة من السرة . "النهاية" (3/99) .
وانظر السؤال رقم (5226) .
ثانيًا :
أجمعَ أهلُ العلمِ على أنَّ الطفلَ إذا عُرِفت حياتُه واستهلَّ – بصوتٍ – أنّه يُغَسَّلُ ويكفَّن ويُصَلى عليه .
نقل الإجماع ابن المنذر وابن قدامة في "المغني" (2/328) والكاساني في "بدائع الصنائع" (1/302) .
قالَ النوويُّ في "المجموع" (5/210) : ويكونُ كفنُه ككفنِ البالغِ ثلاثةَ أثواب .
وأما من لم يستهل بصوت , فقد سبق من جواب السؤال (13198) و (13985) أن العبرة في ذلك بنفخ الروح فيه , ويكون ذلك بعد تمام أربعة أشهر من الحمل , فإن نفخت فيه الروح غسِّل وكفّن وصلى عليه , وإن لم تكن نفخت فيه الروح فلا يغسل ولا يصلى عليه .
انظر : "المغني" (2/328) ، "الإنصاف" (2/504) .
ثالثًا :
وأمَّا العقيقةِ عن السقط إذا بلغ أربعة أشهر , فقد اختلف العلماء في مشروعيتها , وسبق في جواب السؤال (12475) و (50106) اختيار علماء اللجنة الدائمة للإفتاء والشيخ ابن عثيمين أنها مشروعة مستحبة , وفيهما أيضاً أنه يُسمَّى .
رابعًا :
الذي يؤمر بالعقيقة هو من تلزمه النفقة على المولود , وهو الأب إن كان موجوداً , فإن امتنع فلا حرج أن يفعلها غيره كالأم .(21/50)
جاءَ في الموسوعةِ الفقهيةِ (30/279) :
" ذهبَ الشّافعيّةُ إلى أنّ العقيقةَ تُطلبُ من الأصلِ الّذي تلزمُه نفقةُ المولودِ ، فيؤدّيها من مالِ نفسِه لا من مالِ المولود ، ولا يفعلُها من لا تلزمُه النّفقةُ إلاّ بإذنِ من تلزمُه .
وصرّحَ الحنابلةُ أنّه لا يَعقّ غيرُ أبٍ إلاّ إن تعذّرَ بموتٍ أو امتناعٍ ، فإن فعلَها غيرُ الأبِ لم تُكرَه ، ولكنّها لا تكون عقيقةً ، وإنّما عقّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين ، لأنّه أولى بالمؤمنينَ من أنفسِهم " انتهى .
فإن كان الأبُ حيًا قادرًا ، فإنه ينصح بالعقيقةِ عن المولود ، فإن امتنعَ أو أذنَ للأمِّ بالعقيقةِ فيُشرَعُ لها ذلك .
والحاصل : أن ما فعله زوجك من غسلها وتكفينها والصلاة عليها صحيح مشروع ، ولكن يبقى عليكم تسميتها والعقيقة عنها .
واللهُ أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
حكم الاشتراك في العقيقة
سؤال:
هل يجوز أن يعق لمولود توأم (ولد وبنت) بعجل واحد أو بقرة واحدة لهما الاثنين معا بدلا عن ثلاثة شياه لهم ؟؟ وإذا كانت الإجابة نعم فما هي مواصفاتها ؟.
الجواب:
الحمد لله
السنة أن يُعق عن الغلام بشاتين ، وعن الجارية بشاة واحدة ؛ لقول الرَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ فَلْيَنْسُكْ ، عَنْ الْغُلامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ ) رواه أبو داود (2842) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وجمهور العلماء على أنه يجزئ فيها الغنم والإبل والبقر ، لكن اختلفوا هل تأخذ حكم الأضحية ، فيصح الاشتراك في بقرة أو بعير ؟
والأقرب : أنه لا يصح فيها الاشتراك ، وهو مذهب المالكية والحنابلة .
وانظر : "الموسوعة الفقهية" (30/279)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " العقيقة لا يجزئ فيها الاشتراك ، فلا يجزئ البعير عن اثنين ، ولا البقرة عن اثنين ، ولا تجزئ عن ثلاثة ولا عن أربعة من باب أولى . ووجه ذلك :
أولا : أنه لم يرد التشريك فيها ، والعبادات مبنية على التوقيف .
ثانيا : أنها فداء ، والفداء لا يتبعض ؛ فهي عن فداء عن النفس ، فإذا كانت فداء عن النفس فلا بد أن تكون نفسا ، والتعليل الأول لا شك أنه الأصوب ، لأنه لو ورد التشريك فيها بطل التعليل الثاني ، فيكون مبنى الحكم على عدم ورود ذلك " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(21/51)
ـــــــــــــــــــ
بيع الهدي والسن المجزئة في العقيقة
سؤال:
1- هل يجوز بيع كبش كان مُهدى للذبح في سبيل الله من أجل الاستفادة من ثمنه لتحسين حالة الأسرة ؟
2- هل الكبش الذي عمره أقل من عام يجزئ في العقيقة (كبشان للولد وكبش واحد للبنت) ؟
أرجو الاهتمام والجواب عن هذه الأسئلة لأننا بحاجة إلى الرد. وشكرًا.
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز بيع جزء من الهدي أو الأضحية ، ولا كله إلا لمصلحة الهدي ، لأن ما أخرجه الإنسان لله تعالى ، فإنه لا يجوز أن يبيع شيئا منه .
قال في المغني : " لا يجوز بيع شيء منها – أي من الهدي - ، وإن كان الجازر فقيرا فأعطاه لفقره سوى ما يعطيه أجرة جاز ، لأنه مستحق الأخذ منها لفقره لا لأجره فجاز كغيره " [ 3 / 222 ] .
وقال الشيخ ابن عثيمين : " ويحرم أن يبيع شيئا من الأضحية لا لحما ولا غيره حتى الجلد ، ولا يعطي الجازر شيئا منها في مقابلة الأجرة أو بعضها لأن ذلك بمعنى البيع " [ رسالة أحكام الهدي والأضحية ]
وقال رحمه الله : " لا يجوز التصرف بها – أي بالأضحية - بما يمنع التضحية بها من بيع وهبة ورهن وغيرها إلا أن يبدلها بخير منها لمصلحة الأضحية ، لا لغرض في نفسه ، فلو عين شاة أضحية ثم تعلقت بها نفسه لغرض من الأغراض فندم وأبدلها بخير منها ليستبقيها لم يجز له ذلك ؛ لأنه رجوع فيما أخرجه لله تعالى لحظ نفسه لا لمصلحة الأضحية "
أما الكبش فهو ذكر الضأن ، والأصل أن يبلغ الكبش سنة ، حتى يجوز التضحية به ، لكن ثبتت السنة بجواز التضحية بالجذع وخصص جمهور العلماء التضحية بالجذع من الضأن لا من المعز ، والجذع من الضأن هو ما له ستة أشهر وكلما كان أكبر من الستة أشهر كان أولى لأن من المذاهب من يرى أن الجذع ماله سنة .
ويدل على أن السن المعتبر شرعا هو السنة حديث جابر - رضي الله عنه - مرفوعا : ( لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن ) [ رواه مسلم 1963 ] وظاهر الحديث أن الجذعة من الضأن لا تجزيء إلا عند تعسر المسنة ، لكن حمل الجمهور ذلك على الاستحباب ، واستدلوا بما يلي :
1- عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - :( إن الجذع يوفي مما يوفي منه الثني ) [ رواه النسائي 4383 ، وأبو داود 2799 ، وصححه الألباني ]
2- عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال :( ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجذع من الضأن ) [ رواه النسائي 4382 ، وقوى إسناده الحافظ في الفتح ، وصححه الألباني ، وانظر التعليق على زاد المعاد 2 / 317 ](21/52)
واعلم أنه يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية من كونها سليمة من العيوب ذات سن مجزئة ، والدليل على ذلك القياس بجامع أن كليهما نسك .
وبه تعلم أنه يجزئك أن تعق بضأن بلغ ستة أشهر .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
يقيم في بلد تمنع الذبح فهل يتصدق بثمن الأضحية
سؤال:
أنا وأسرتي نقيم ببلد لا يسمح فيه بالذبح . ماذا يجب علينا فعله ؟ هل نتصدق بثمنه ؟.
الجواب:
الحمد لله
إن كان المقصود هو الأضحية أو العقيقة عن المولود ، وتعذّر الذبح في البلد الذي تقيم فيه ، فالأفضل أن ترسل نقودا لمن يذبح عنك ، في بلد آخر ، حيث يوجد الأهل ، أو الفقراء والمحتاجون ؛ لأن ذبح الأضحية أو العقيقة أولى من التصدق بثمنها .
قال النووي رحمه الله : " فرع : فعل العقيقة أفضل من التصدق بثمنها عندنا . وبه قال أحمد وابن المنذر " انتهى من "المجموع" (8/414).
وقال في "مطالب أولي النهى" ( : " ( وذبحها ) أي الأضحية ( و ) ذبح ( عقيقة : أفضل من صدقةٍ بثمنها ) نصا [أي نصّ على ذلك الإمام أحمد رحمه الله ] وكذا هَدْي . لحديث { ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من هراقة دم . وإنه ليأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها . وإن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض . فطيبوا بها نفسا } رواه ابن ماجه . وقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم وأهدى الهدايا والخلفاء بعده ; ولو أن الصدقة بالثمن أفضل لم يعدلوا عنه " انتهى . والحديث المذكور ضعفه الألباني في السلسة الضعيفة ، برقم 526
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " هل يجوز ذبح الأضحية والنحر في بلد أنت فيه ، أو ترسل مبلغا مقابل ذلك إلى بلدك أو أي بلد من بلدان المسلمين ؟
فأجاب : الأفضل أن تضحي في بلدك إذا كان أهلك عندك ، وإذا كان أهلك في مكان آخر وليس عندهم من يضحي لهم ، فأرسل دراهم لهم يضحوا هناك " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (24/207).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
ما هي أحكام العقيقة للمولود الذكر؟
سؤال:
ما هي أحكام العقيقة للمولود الذكر ؟
الجواب:(21/53)
الحمد لله
العقيقة : هي الذبيحة التي تذبح عن المولود في اليوم السابع من مولده ، وقد كانت العقيقة معروفة عند العرب في الجاهلية ، قال الماوردي : " فأما العقيقة فهي شاة تذبح عند الولادة كانت العرب عليها قبل الإسلام " .
" الحاوي الكبير " ( 15 / 126 ) .
وقد ثبتت مشروعية العقيقة في الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنها :
1. عن بريدة رضي الله عنه قال : ( كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها ، فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران ) .
رواه أبو داود ( 2843 ) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " .
والزعفران : نوع من الطيب .
2. وعن سلمان بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مع الغلام عقيقة ، فأهريقوا عنه دماً ، وأميطوا عنه الأذى ) رواه البخاري ( 5154 ) .
ويشرع ذبح شاتين عن المولود الذكر ، وشاة واحدة عن الأنثى ، كما دلت عليه الأدلة الصحيحة الصريحة ، ومنها :
1. عن أم كرز أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال : ( عن الغلام شاتان ، وعن الأنثى واحدة ، لا يضركم ذكراناً أم إناثاً ) .
رواه الترمذي ( 1516 ) وقال : هذا حديث حسن صحيح ، والنسائي ( 4217 ) ، وصححه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " ( 4 / 391 ) .
2. وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة ) .
رواه الترمذي ( 1513 ) وقال : حسن صحيح . وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وهذه الأحاديث ظاهرة في التفاضل بين الذكر والأنثى في العقيقة .
وقد علل العلامة ابن القيم هذا التفاضل بين الذكر والأنثى بقوله :
" وهذه قاعدة الشريعة ، فإن الله سبحانه وتعالى فاضل بين الذكر والأنثى ، وجعل الأنثى على النصف من الذكر في المواريث والديات والشهادات والعتق والعقيقة ، كما رواه الترمذي وصححه من حديث أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أيما امرئ مسلم أعتق مسلماً كان فكاكه من النار ، يجزئ كل عضو منه عضواً منه ، وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار ، يجزئ كل عضو منهما عضواً منه ) رواه الترمذي ( 1547) فجرت المفاضلة في العقيقة هذا المجرى لو لم يكن فيها سنة صريحة ، كيف والسنن الثابتة صريحة بالتفضيل " انتهى .
" تحفة المودود " ( ص 53 و 54 ) .
وقال ابن القيم أيضاً :(21/54)
" إن الله سبحانه وتعالى فضَّل الذكر على الأنثى كما قال : ( وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ) آل عمران/36 ، ومقتضى هذا التفاضل : ترجيحه عليها في الأحكام ، وقد جاءت الشريعة بهذا التفضيل في جعل الذكر كالأنثيين في الشهادة والميراث والدية ، فكذلك ألحقت العقيقة بهذه الأحكام " انتهى .
" زاد المعاد " ( 2 / 331 ) .
فائدة :
قال ابن القيم رحمه الله تعالى ما ملخصه :
" ومن فوائد العقيقة : أنها قربان يقرب به عن المولود في أول أوقات خروجه إلى الدنيا ...
ومن فوائدها : أنها تفك رهان المولود ، فإنه مرتهن بعقيقته حتى يشفع لوالديه .
ومن فوائدها : أنها فدية يفدى بها المولود كما فدى الله سبحانه إسماعيل بالكبش " انتهى .
" تحفة المودود " ( ص 69 ) .
وأفضل توقيت للعقيقة يوم السابع من الولادة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( كل غلام رهينة بعقيقته ، تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى ) رواه أبو داود ( 2838 ) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " .
ولو تأخرت عن السابع فلا حرج ، وتذبح متى استطاع المسلم إلى ذلك سبيلاً .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
عق عن الغلام بشاة واحدة قبل مدة فهل يذبح شاة الآن؟
سؤال:
رزقت بمولود ذكر وذبحت شاة واحدة فقط قبل 6 سنوات ، أيمكن أن أذبح شاة أخرى لتتم العقيقة أي شاتين للمولد الذكر أو لابد أن أذبح شاتين من جديد؟
الجواب:
الحمد لله
العقيقة سنة مؤكدة ، ولا إثم على من تركها ، وذلك لما رواه أبو داود (2842) أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ فَلْيَنْسُكْ ، عَنْ الْغُلامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ ) والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وإذا أردت تحصيل هذه السنة ، فاذبح شاة واحدة الآن ، تكملة لما فعلته قبل ست سنوات .
وانظر السؤال رقم (38197) ، ( 20018) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
هل يجوز أن يذبح شكرا لله على نعمة معينة ؟(21/55)
سؤال:
هل يجوز لإنسان قد اشترى سيارة أو داراً أن يذبح شكراً للَّه ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
إنعام الله على الناس كبير ، وفضله وكرمه لهم جزيل وعظيم ، والنعمة لا تقابل إلا بالشكر والتقدير ، وقد أمر الله سبحانه وتعالى بشكره ، فهو سبحانه شكور يحب الشاكرين .
قال تعالى : ( فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) النحل/114 .
وقال تعالى : ( فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) العنكبوت/17 .
ومِن شُكر الله تعالى التقرب إليه بأنواع العبادات والطاعات ، والتحبب له بالحسنات الطيبات ، من صلاة وزكاة وصيام ونحو ذلك .
ومن شكر الله أيضا شكره بالنسك وهو الذبح لوجه الله تعالى .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ ) :
"والمقصود أن الصلاة والنسك هما أجلّ ما يُتقرب به إلى الله ، فإنه أتى فيهما بالفاء الدالة على السبب ؛ لأن فعل ذلك وهو الصلاة والنحر سبب للقيام بشكر ما أعطاه الله إياه من الكوثر والخير الكثير ، فشكر المنعم عليه وعبادته أعظمها هاتان العبادتان ، بل الصلاة نهاية العبادات وغاية الغايات ، كأنه يقول إنا أعطيناك الكوثر والخير الكثير ، وأنعمنا عليك بذلك لأجل قيامك لنا بهاتين العبادتين شكراً لإنعامنا عليك ، وهما السبب لإنعامنا عليك بذلك ، فقم لنا بهما ، فإن الصلاة والنحر محفوفان بإنعامٍ قبلهما وإنعام بعدهما ، وأجلُّ العبادات المالية النحر ، وأجلُّ العبادات البدنية الصلاة ، وما يجتمع للعبد فى الصلاة لا يجتمع له فى غيرها من سائر العبادات ، كما عرفه أرباب القلوب الحية ، وأصحاب الهمم العالية ، وما يجتمع له فى نحره من إيثار الله وحسن الظن به وقوة اليقين والوثوق بما فى يد الله أمر عجيب إذا قارن ذلك الإيمان والإخلاص ، وقد امتثل النبي صلى الله عليه وسلم أمر ربه ، فكان كثير الصلاة لربه ، كثير النحر ، حتى نحر بيده فى حجة الوداع ثلاثا وستين بدنة ، وكان ينحر فى الأعياد وغيرها " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 16 / 532 ) .
فإذا أنعم الله على العبد بنعمة جليلة – وكلُّ نِعَمِه سبحانه جليلة – فيستحب له أن يشكر الله عليها بأن يحسن إلى الناس ، فيذبح ويطعم ويدعو إخوانه وأصحابه ، ويتصدق على أهل الحاجة والمسكنة .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 26 / 180 ، 181 ) :
" يستحبّ تجديد الشّكر عند تجدّد النّعم لفظاً بالحمد والثّناء ، ويكون الشّكر على ذلك أيضاً بفعل قربة من القرب ، ومن ذلك أن يذبح ذبيحةً أو يصنع دعوةً ، وقد ذكر(21/56)
الفقهاء الدّعوات الّتي تصنع لما يتجدّد من النّعم ، كالوكيرة الّتي تصنع للمسكن المتجدّد ، والنّقيعة الّتي تصنع لقدوم الغائب ، والحِذَاق وهو ما يصنع عند ختم الصّبيّ القرآن .
ومذهب الحنابلة ، وهو الرّاجح من مذهب الشّافعيّة ، أنّ هذه الدّعوات مستحبّة .
قال ابن قدامة : وليس لهذه الدّعوات - يعني ما عدا وليمة العرس والعقيقة - فضيلة تختصّ بها ، ولكن هي بمنزلة الدّعوة لغير سبب حادث ، فإذا قصد بها فاعلها شكر نعمة اللّه عليه ، وإطعام إخوانه ، وبذل طعامه ، فله أجر ذلك إن شاء اللّه " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
إذا نجح أحد الأبناء في الدراسة ، فهل يجوز لي أن أذبح ذبيحة احتفاءً بنجاح الابن ، وشكراً لله عز وجل ؟
فأجاب :
"لا بأس إذا نجح الأبناء أو أحدهم أن يصنع الإنسان وليمة يدعو إليها أحبابه وأصحاب ابنه ، فرحاً بنعمة الله تبارك وتعالى ، وتشجيعاً للابن وتنشيطاً له " انتهى .
" لقاءات الباب المفتوح " ( لقاء رقم 161 ، السؤال رقم 1 ) .
ثانياً :
الواجب الحذر من بعض العقائد التي يؤمن بها كثير من الناس ، فيقولون : إنه لا بد لحفظ البيت الجديد أو السيارة الجديدة من التقرب بالذبح وتلطيخه بدم المذبوح ، وأن الأرواح الشريرة لا تنكفئ عنك إلا بذلك ، وإلا فسرعان ما تزول النعمة ، وهذا اعتقاد جاهلي ، لا يصدر عمن يؤمن بالله ربا يملك النفع والضر ، وبيده الخلق والأمر ، ويعلم أنه لا يجوز التقرب بالنسك والعبادة إلا لوجه الله سبحانه وتعالى .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
عما اعتاده كثير من الناس أن الذبح على عتبة المنزل الجديد وقبل دخوله من أهم الأسباب لدفع العين ، ولجعل البيت مباركاً ، ولتجنب المآسي والحوادث غير المستحبة .
فأجابوا :
"إذا كانت هذه العادة – أي : الذبح عند عتبة البيت الجديد - من أجل إرضاء الجن وتجنب المآسي والأحداث الكريهة : فهي عادة محرمة ، بل شرك ، وهذا هو الظاهر من تقديم الذبح على النزول بالبيت ، وجعله على العتبة على الخصوص .
وإن كان القصد من الذبح إكرام الجيران الجدد ، والتعرف عليهم ، وشكر الله على ما أنعم به من السكن الجديد ، وإكرام الأقارب والأصدقاء بهذه المناسبة ، وتعريفهم بهذا المسكن : فهذا خير يُحمد عليه فاعله ، لكن ذلك إنما يكون عادة بعد نزول أهل البيت فيه لا قبل ، ولا يكون ذبح الذبيحة أو الذبائح عند عتبة الباب أو مدخل البيت على الخصوص " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 214 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 26952 ) ففيه فتويان للشيخين عبد العزيز بن باز والعثيمين في الموضوع ذاته .(21/57)
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
العقيقة عن الطفل الميت عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى
14381 رقم الفتوى
27/05/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
السؤال رقم (5088)
والدتي جاء عليها طفلان وماتا صغيرين، ولم يتمم لهما إلى الآن، والدي لم يكن لديه ما يتمم به مع العلم أن والدي الآن متوفى، فهل يجوز لوالدتي أن تتمم لأطفالها المتوفين؟
نص الفتوى
الحمد لله
إذا كان الواقع ماذكر فلأمك أن تتمم عن الطفلين، ولها الأجر من الله على ذلك إن شاء الله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن قعود
نائب رئيس اللجنة: عبدالرازق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.
ـــــــــــــــــــ
العقيقة بمكسورة القرن ... العنوان
عينت كبشا لكي أعق به عن ابني وكان ذا قرون ولكنه نطح رأسه في الحائط فكسر قرنه فهل يصح أن أعق به أم يجب عليًّ أن أشتري غيره؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا
... السؤال
14/04/2006 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يقول محمد سعدي الباحث الشرعي بالموقع:
لا حرج في ذبح هذا الحيوان على الرغم من أن قرنه قد كسر، ما لم يؤثر هذا على اللحم، والمسألة محل خلاف بين الفقهاء، فلا حرج في الأخذ بقول من أجاز.
قال الشوكاني في نيل الأوطار:
ذهب أبو حنيفة والشافعي والجمهور إلى أنها تجزئ التضحية بمكسور القرن مطلقا , وكرهه مالك إذا كان يدمي وجعله عيبا . أهـ(21/58)
وجاء في المجموع شرح المهذب للنووي:
تجزئ التي لا قرن لها ومكسورة القرن سواء دمي قرنها أم لا . قال القفال: إلا أن يؤثر ألم الانكسار في اللحم فيكون كالجرب وغيره . وذات القرن أفضل للحديث الصحيح { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أقرنين } ولقول ابن عباس : " تعظيمها استحسانها ".أهـ
وجاء في المغني لابن قدامة:
وروي عن علي , وعمار , وسعيد بن المسيب , والحسن , تجزئ المكسورة القرن ; لأن ذهاب ذلك لا يؤثر في اللحم , فأجزأت , كالجَمّاءِ [التي لا قَرْنَ لها]. وقال مالك : إن كان يدمى , لم يجز , وإلا جاز .
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
اتفقت المذاهب على إجزاء الجماء , واختلفت في مكسورة القرن , فقال المالكية : تجزئ ما لم يكن موضع الكسر داميا , وفسروا الدامي بما لم يحصل الشفاء منه , وإن لم يظهر فيه دم . وقال الشافعية : تجزئ وإن أدمى موضع الكسر , ما لم يؤثر ألم الانكسار في اللحم , فيكون مرضا مانعا من الإجزاء.
وقال الحنابلة : لا تجزئ إن كان الذاهب من القرن أكثر من النصف , وتسمى عضباء القرن أهـ
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
من لم يعق عنه أبوه... هل يعق عن نفسه؟ ... العنوان
أبى لم يصنع لي عقيقة عند مولدي ، فهل يشرع لي أن أعق عن نفسي؟
... السؤال
09/04/2006 ... التاريخ
د.حسام الدين بن موسى عفانة ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :-
من لم يعق عنه أبواه فلا يجب عليه العقيقة، ولكن إذا عق عن نفسه جاز.
يقول الأستاذ الدكتور حسام الدين عفانه – أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس:-
للفقهاء في المسألة قولان :
القول الأول : يستحب لمن لم يعق عنه صغيراً أن يعق عن نفسه كبيراً وبه قال عطاء والحسن ومحمد بن سيرين وهو قول القفال الشاسي من الشافعية ورواية عن أحمد ،وعلق الشوكاني القول به إن صح الحديث المذكور أدناه .
القول الثاني : لا يعق عن نفسه ، وهو قول الشافعي ورواية عن أحمد .
واستدل للأولين بما روي :( أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة ) وهذا الحديث تكلم عليه المحدثون كلاماً طويلاً، أذكر خلاصته :(21/59)
روى البيهقي :[ بسنده عن عبد الله بن محرر عن قتادة عن أنس :( أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة ) قال عبد الرزاق إنما تركوا عبد الله بن محرر لحال هذا الحديث . ثم قال : وقد روى من وجه آخر عن قتادة . ومن وجه آخر عن أنس وليس بشيء ] قال الحافظ ابن حجر :[ وكأنه أشار بذلك إلى أن الحديث الذي ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة لا يثبت وهو كذلك ].
ثم ذكر روايات الحديث عند البزار وأبي الشيخ والطبراني ونقل عن البزار قوله :[ تفرد به عبد الله وهو ضعيف، وذكر الحافظ أن الضياء المقدسي أخرج الحديث في الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين أي أنه صححه .
وقال النووي :[ وهذا حديث باطل ، قال البيهقي : هو حديث منكر ... فهو حديث باطل وعبد الله بن محرر ضعيف متفق على ضعفه . قال الحافظ : متروك ].
ويستدل للآخرين : بأن العقيقة مشروعة في حق الوالد فلا يفعلها الولد إذا بلغ فالسنة ثبتت في حق غيره . وقالوا أيضاً : إن الحديث الذي احتج به الفريق الأول ليس ثابتاً، ولو ثبت يمكن أن يحمل على أنه خاص به صلى الله عليه وسلم.
مناقشة و ترجيح :-
إن الحديث الذي احتج به الفريق غير ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يصلح دليلاً لهم . ولم يرد أيضاً ما يمنع من العقيقة حال الكبر، ووردت آثار عن بعض السلف تجيز ذلك منها :
1. عن الحسن البصري قال :[ إذا لم يعق عنك فعق عن نفسك وإن كنت رجلاً ].
2. وقال محمد بن سيرين :[ عققت عن نفسي ببختية بعد أن كنت رجلاً ].
3. ونقل عن الإمام أحمد أنه استحسن إن لم يعق عن الإنسان صغيراً أن يعق عن نفسه كبيراً وقال :[ إن فعله إنسان لم أكرهه ].
وبناء على ما تقدم فلا بأس أن يعق الإنسان عن نفسه حال الكبر إن لم يعق عنه حال الصغر.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
مجمل أحكام العقيقة ... العنوان
يسأل كثير مِن الناس عن حُكم عقيقة المولود فما هو مجمل أحكام العقيقة ؟
... السؤال
04/01/2006 ... التاريخ
الدكتور محمد بكر إسماعيل ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:(21/60)
فالعقيقة اسم لما يذبح عن المولود يوم سابعه ، وهي سنة مؤكدة عن كل مولود ذكرا كان أو أنثى ، وقد كان الناس في الجاهلية يَفعلون ذلك فجاء الإسلام فأقَرَّهم عليها لمَا فيه مِن المنافع وإظهار الابتهاج بالمَولود.
يقول الدكتور محمد بكر إسماعيل الأستاذ بجامعة الأزهر :
العَقيقة سُنَّة مُؤكَّدة على القادر في اليوم السابع مِن ولادة الطفل، ويُستحبُّ أن يكون للأنثَى شاةٌ وللذَكَرِ شاتانِ، فإن لم يستطع أن يَذبح شاتَينِ اكتفَى بواحدة من غير كراهة، ويُطعم مِن لحمها الفقراءَ والمساكين والجيران وغيرهم ولو كانوا أغنياء.
وقد كان الناس في الجاهلية يَفعلون ذلك فجاء الإسلام فأقَرَّهم عليها لمَا فيه مِن المنافع وإظهار الابتهاج بالمَولود.
رَوى أصحاب السنن عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلُّ غُلامٍ رَهينٌ بعَقيقته، تُذبَحُ عنه يومَ سابعِه ويُسمَّى فيه ويُحلق رأسُه". وروَى الإمام أحمد والترمذيُّ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: "عن الغُلام شاتانِ مُتكافئتانِ وعن الجارية شاةٌ".
ومن المُتسحبِّ أن تكون العَقيقة في اليوم السابع ـ كما أشرنا ـ ويَجوز أن تُؤخَّر عن اليوم السابع إلى ما شاء الله، ولكن يُستحبُّ ألاّ تُؤخَّرَ عن سِنِّ البلوغ، كما قال النوويُّ.
هذا، ولا يُجزِئُ في العقيقة إلا ما يُجزئ في الأُضحية، وذلك بأن تكون من المَعز أو الضأْن سليمةً من العيوب، ويُستحبُّ للرجل أن يَذبح عَقيقته بنَفسه إن استطاع، وأن يُسمِّيَ الله ويقول ما قاله رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما عقَّ عن الحسن والحسين. قالت عائشة ـ رضي الله عنهاـ كما في الترمذيِّ وغيره: عقَّ النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الحسن والحسين، وقال: "قُولوا: بسمِ الله اللهمَّ لكَ وإليكَ عقيقةُ فلانٍ".
ويُستحبُّ أن تُطبَخ العقيقة دون أن يُكسَر عَظمها تَفاؤلًا بسلامة المولود، بحيث تُقطَّعُ أرباعًا حتى تَستويَ، فيُطعَم منها الصغار والكبار والفقراء والأغنياء ، ويُوزّع من لحْمها على الجيران والأقارب.
وهي تَعبيرٌ عن شكر الله ـ تبارك وتعالى ـ وفيها إدخالُ السرور على الأهل ، ويُستحبُّ أن يُصنع معها شيءٌ من الحلوَى ابتهاجًا بالمولود.
هذا، وقد سُمِّيتِ العقيقةُ عقيقةً؛ لأنها تَعُقُّ عن المولود العيْنَ وهمَزات الشياطين، فالعقُّ معناه في اللغة: الدفْع.
والله أعلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاشتراك في ذبح بقرة في العقيقة ... العنوان
رزقني الله تعالى بمولود ومعي أخوي لم يعقا عن ولدهما ففكرنا في شراء بقرة ونذبحها في العقيقة، فهل يجوز أن نشترك في شراء بقرة ونعق بها عن أكثر من مولود؟
جزاكم الله عنا كل خير
... السؤال(21/61)
31/03/2004 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد..
فقد اختلف الفقهاء في جواز ذبح بقرة في العقيقة عن أكثر من مولود فذهب الشافعية إلى أنه يجوز ذبح بقرة عن سبعة مواليد قياسا على الأضحية وقال المالكية والحنابلة: لا يجزئ في العقيقة إلا بدنة كاملة أو بقرة كاملة.
وبناء على ما سبق فيجوز الاشتراك في شراء بقرة للعقيقة عن الأولاد الثلاثة بناء على ما ذهب إليه الشافعية.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
يجزئ في العقيقة الجنس الذي يجزئ في الأضحية, وهو الأنعام من إبل وبقر وغنم , ولا يجزئ غيرها , وهذا متفق عليه بين الحنفية, والشافعية والحنابلة , وهو أرجح القولين عند المالكية ومقابل الأرجح أنها لا تكون إلا من الغنم.
وقال الشافعية : يجزئ في العقيقة المقدار الذي يجزئ في الأضحية وأقله شاة كاملة, أو السبع من بدنة أو من بقرة . وقال المالكية والحنابلة: لا يجزئ في العقيقة إلا بدنة كاملة أو بقرة كاملة.
وجاء في كتاب طرح التثريب للحسين العراقي-من فقهاء الشافعية-:
جعل الشافعية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة وقالوا لو أراد بعضهم العقيقة وبعضهم غيرها جاز كما في الأضحية.
وقال المالكية: لا يجزئ البدنة إلا عن واحد ولا البقرة إلا عن واحد كما قالوا في الأضحية.
وقال الحنابلة: لا يجزئ في العقيقة بدنة ولا بقرة إلا كاملة وإن كان يجزئ في الهدايا والضحايا سبع بدنة وسبع بقرة موضع شاة.
وخص آخرون العقيقة بالغنم لظاهر الأحاديث التي فيها عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة وبه قال أبو إسحاق بن شعبان من المالكية وابن حزم الظاهري وقال ابن المنذر بعد أن ذكر عن أبي بكر وأنس العق بالجزور وممن أنكر ذلك حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر فقالت وقد ذكر لها الجزور كانت عمتي عائشة تقول عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة انتهى وروى الطبراني في معجمه الصغير بسند ضعيف وأبو الشيخ بن حيان في الأضاحي بسند حسن عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من ولد له غلام فليعق عنه من الإبل والبقر والغنم)
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
إخراج المال بدلا من شراء العقيقة عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى
14382 رقم الفتوى
27/05/2004 تاريخ الفتوى على الموقع(21/62)
نص السؤال
السؤال رقم (12591)
عندي أربع أولاد، وأنا حامل، ولم أعق عنهم جميعاً، هل أعق عنهم أم أخرج فلوس عن كل مولود؟ أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء.
نص الفتوى
الحمد لله
يعق عن الذكر شاتان، وعن الأنثى شاة، ولا يجزئ دفع الفلوس ونحوها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن غديان
نائب رئيس اللجنة: عبدالرازق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
ـــــــــــــــــــ
الاستدانة من أجل العقيقة ... العنوان
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته أريد أن أعرف حكم العقيقة لمن عليه دين هل يجوز القيام بها قبل أداء الدين ؟ ... السؤال
18/10/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
العقيقة من السنن الثابتة في حق المستطيع، ومن لم يملك ثمن العقيقة فلا يلزمه أن يستدين ولكن إن استدان فله الأجر، وعسى الله أن يقضى عنه دَينه .
يقول الدكتور حسام الدين عفانة أستاذ الفقه بجامعة القدس :
العقيقة من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت في الحديث عن سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى ) رواه البخاري.
وعن سَمُرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمَّى ) رواه أبو داود والنسائي والترمذي، وقال : حسن صحيح .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقّ عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً ) رواه أبو داود، وقال النووي :إسناده صحيح . المجموع 8/428 وغير ذلك من الأحاديث .
ولا شك أن إحياء السنن النبوية أمر مطلوب شرعاً من المسلم، فينبغي المحافظة على هذه السنة في حق كل من كان مستطيعاً لها ، فالأفضل لمن أراد العقيقة أن يكون مستطيعاً، فإذا كانت الواجبات الشرعية كالحج قد اشترط فيها الاستطاعة فمن باب أولى السنن .(21/63)
وقال بعض أهل العلم: إن العقيقة مشروعة في حق الفقير الذي لا يملك ثمنها ، بل إن الإمام أحمد يرى أنه يستحب للمسلم إن كان معسراً أن يستقرض ويشتري عقيقة ويذبحها إحياءً للسنة.
وقد ورد عن الإمام أحمد وقد سئل عن العقيقة إن استقرض ، قال الإمام أحمد :[ رجوت أن يخلف الله عليه ، أحيا سنة ]. وسأله ابنه صالح:[ الرجل يولد له وليس عنده ما يعق أحب إليك أن يستقرض ويعق عنه أم يؤخر ذاك حتى يوسر ؟ قال : أشد ما سمعنا في العقيقة حديث الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :( كل غلام مرتهن بعقيقته ) وإني لأرجو إن استقرض أن يعجل الله الخلف لأنه أحيا سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبع ما جاء عنه . تحفة المودود ص 50-51 .
وعقَّب ابن المنذر على كلام الإمام أحمد بقوله :[ صدق أحمد إحياء السنن واتباعها أفضل وقد ورد فيها من الأخبار التي رويناها ما لم يرد في غيرها ولأنها ذبيحة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها فكانت أولى كالوليمة والأضحية ] المغني 9/460
وقال ابن القيم معقباً على كلام الإمام أحمد ما نصه :
[ وهذا لأنه سنة ونسيكة مشروعة بسبب تجدد نعمة الله على الوالدين وفيها سر بديع موروث عن فداء إسماعيل بالكبش الذي ذبح عنه وفداه الله به فصار سنة في أولاده بعده أن يفدي أحدهم عند ولادته كما كان ذكر اسم الله عليه عند وضعه في الرحم حرزاً له من ضرر الشيطان ... ] تحفة المودود ص51
وينبغي أن يعلم أن كثيراً من الناس ينفقون نفقات باهظة عند الولادة في شراء الملابس والحلويات وغيرها ويقيمون الحفلات المحرمة شرعاً ويبخلون عن العقيقة فلا يعقون عن أولادهم .
وخلاصة الأمر أن من لم يملك ثمن العقيقة فلا يلزمه أن يستدين ليعق ولكن إن استدان وعق فله الأجر والثواب ودَينه مقضي بإذنه تعالى؛ لأنه أحيا سنة نبوية .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
أفضل يوم في تسمية المولود عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى
14383 رقم الفتوى
27/05/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
السؤال رقم (2392)
أي يوم أفضل في تسمية المولود؛ بعد ولادته أم يوم السابع من ولادته؟ وهل يحق الاحتفال فيه مع الأحباب والأصدقاء والجيران؟
نص الفتوى
الحمد لله
أما وقت تسمية المولود ففيه سعة، فإن سماه يوم ولادته أو في اليوم السابع، فقد ورد ما يدل على ذلك، فروى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث سهل بن سعد(21/64)
الساعدي قال: (أتي بالمنذر بن أسيد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ولد، فوضعه النبي - صلى الله عليه وسلم - على فخذه، وأبو أسيد جالس فلهى النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء بين يديه، فأمر أبو أسيد بابنه فاحتمل من على فخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أين الصبي؟ فقال أبو أسيد: قلبناه يا رسول الله، فقال: ما اسمه؟ قال: فلان، قال: لا؟ ولكن اسمه المنذر)، وفي صحيح مسلم من حديث سليمان بن المغيرة، عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم) الحديث، وروى أحمد وأهل السنن عن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويسمى فيه، ويحلق رأسه) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن قعود
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.
ـــــــــــــــــــ
الموضوع الرئيسى
الأضحية بالخروف المقطوع الذيل عنوان الفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اسم المفتى
14490 رقم الفتوى
01/06/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
السؤال رقم (3887)
الخروف المقطوع الذيل (الإلية) من صغر، بقصد أن تعم السمنة جسده، هل يجزئ للأضحية والعقيقة؟
نص الفتوى
الحمد لله
لا يجزئ في الأضحية ولا في الهدايا ولا العقيقة مقطوع الذيل (الإلية)؛ لما روى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستشرف العين والأذن، ولا نضحي بعوراء ولا مقابلة، ولا مدابرة، ولا خرقاء، ولا شرقاء) أخرجه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي وابن حبان. والمقابلة: ما قطع من طرف أذنها شيء وبقي معلقاً، والخرقاء: مخروقة الأذن، والشرقاء: مشقوقة الأذن. هذا كله إذا كان مقطوعاً، أما إذا كان الخروف لم يخلق له ذيل أصلاً فإنه في حكم الجماء والصمعاء، والحكم في ذلك هو الإجزاء.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن قعود
نائب رئيس اللجنة: عبدالرازق عفيفي(21/65)
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.
ـــــــــــــــــــ
العقيقة بين توزيع اللحم وإقامة الوليمة ... العنوان
أنعم الله علي بمولود، وفي نيتي أن أعق عنه، فكيف أصنع بلحم الشاة، هل أطبخه وأدعو إليه الناس؟ أم أوزعه على الناس في بيوتهم؟ ... السؤال
15/09/2003 ... التاريخ
د.حسام الدين بن موسى عفانة ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
الأفضل في العقيقة طبخ اللحم وتوزيعه على الناس مطبوخا، وذلك أفضل من دعوة الناس إلى الأكل في بيت صاحب العقيقة، و هذا مستحب وليس واجبا، فإن تم توزيع اللحم قبل طبخه فلا مانع لكنه خلاف الأفضل. هذا خلاصة ما جاء في فتوى للدكتور حسام الدين عفانه -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس- وإليك نص فتواه:-
قال النووي :[ يستحب أن يأكل منها ويتصدق ويهدي كما قلنا في الأضحية ].
واستحب كثير من أهل العلم أن لا يتصدق بلحمها نيئاً بل يطبخ ويتصدق به على الفقراء بإرساله لهم، وفضلوا ذلك على دعوة الفقراء إلى بيت صاحبها .
ولو دعا إليها قوماً فلا بأس في ذلك فيجوز لصاحبه أن يأكل منها وأن يطبخها ويرسل منها إلى الفقراء، ويجوز أن يدعو أصدقاءه وأقاربه وجيرانه والفقراء إلى أكلها في بيته، فله أن يتصرف فيها كيفما يشاء .
قال محمد بن سيرين من التابعين : - [ اصنع بلحمها كيف شئت ] وفضل الإمام أحمد طبخها :[ فقد قيل له : تطبخ العقيقة ؟ قال : نعم . قيل له : يشتد عليهم طبخها . قال : يتحملون ذلك ].
قال ابن القيم :[ وهذا لأنه إذا طبخها فقد كفى المساكين والجيران مؤنة الطبخ وهو زيادة في الإحسان وفي شكر هذه النعمة ، ويتمتع الجيران والأولاد والمساكين بها هنيئة مكفية المؤنة فإن من أهدي إليه لحم مطبوخ مهيأ للأكل مطيب كان فرحه وسروره به أتم من فرحه بلحم نيء يحتاج إلى كلفة وتعب ].
وقد ورد عن الإمام مالك أنه عق عن ولد له فوصف لنا كيف صنع بالعقيقة ، قال مالك في المبسوط : - [ عققت عن ولدي وذبحت ما أريد أن أدعو إليه إخواني وغيرهم ، وهيأت طعامهم ، ثم ذبحت شاة العقيقة فأهديت منها للجيران ، وأكل منها أهل البيت ، وكسروا ما بقي من عظامها فطبخت ، فدعونا إليها الجيران فأكلوا وأكلنا ، قال مالك : فمن وجد سعة فأحب له أن يفعل هذا ومن لم يجد فليذبح عقيقة ثم ليأكل وليطعم منها .
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
أعياد الميلاد على الطريقة الإسلامية ... العنوان(21/66)
هل يجوز أن أقيم عيد ميلاد لابني ؟ وهل يجوز أن يقيمه الكبار لأنفسهم ؟ وكيف تكون مظاهر إحياء هذا الحفل إذا كان ذلك جائزا ؟ وهل يمكنني قبول هدايا المعارف والأصحاب بهذه المناسبة ؟
... السؤال
30/08/2003 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
ينبغي على المسلم أن يستثمر يوم مولده ، بأن يقف مع نفسه وقفة المحاسبة والتقويم ، فيصلح ما أفسد، ويكمل ما نقص ، ويحمد الله أن مد الله له في عمره ، وأعطاه فرصة للتوبة والإصلاح ، وكان من الممكن أن يحرمها كما حرمها غيره ، فإذا كانت هذه مظاهر الاحتفال فلا مانع منها .
أما إذا كان المقصود تقليد الغرب في احتفالاتهم ، ومباشرة المنكرات والمحرمات فهذا لا يجوز فعله للمسلمين .
أما قبول الهدايا فلا مانع منه ، حتى يعتاد الناس طرق الاحتفال الصحيحة .
كما ينبغي أن تستثمر المناسبات العمرية في حياة الطفل ولو بالاحتفال ، فيقام للطفل عند السابعة حفل يسمى عيد التعليم إشارة إلى تعليم الأطفال الصلاة عند هذه السن ، ويقام حفل آخر عند بلوغه عشر سنين ، ويسمى عيد الضرب إشارة إلى تأديبه على ترك الصلاة عند هذه السن كما قال الدكتور يوسف القرضاوي .
يقول الشيخ جعفر أحمد الطلحاوي من علماء الأزهر الشريف :
لا عيد عند المسلمين إلا ما أعقب أداء ركن من أركان الإسلام؛ وعليه: فالعيد الأول (عيد الفطر أو الصغير) يأتي بعد تحقيق ركن الإسلام الصوم(شهر رمضان) ، والعيد الثاني: (عيد الأضحى أو الكبير) يأتي بعد أداء مناسك الحج، وهذا هوالمشروع من الأعياد عند المسلمين الملتزمين.
أما إذا نظرنا إلى العيد بمفهومه اللغوي؛ أي العود مرارا وتكرارا، فالعيد يسمى عيد العودة وتكراره كل عام، والعادة تسمى: عادة، لاعتياد المرء لها، وتكررها في حياته، من هذه الزاوية يصح لغة أن يقال: على مناسبة تاريخ الميلاد عيدا، لغة فقط، لا شرعا.
والذي ننصح به السائلة لمناسبة تاريخ ميلاد ولدها، وكذا لتاريخ ميلادها هي: أن نقف مع هذا التاريخ وقفة محاسبة، ومراجعة وتقييم للنفس، والسلوك ، والتصور والفكر، للنظر كم مضى من العمر ؟ وتوالى من السنين، ماذا أنجزنا؟ وحققنا ما الذي قصرنا فيه من طاعة الله تعالى وتقواه، ماذا نريد أن نعمل في مستقبل أيامنا، وقد أمد الله في العمر ، وأفسح في الأجل ، بينما الغير لم يعط هذه الفرصة؟
ولقد نبهنا المولى عز وجل إلى أن طول العمر وامتداد الأجل وتوالي السنين بعد السنين، عبرة لمن يعتبر، وذكرى لمن يتذكر، حيث قال تعالى : { أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر}، على مثل هذه المعاني؛ينبغي أن نحيا ونحي مناسبة تاريخ(21/67)
الميلاد، لأولادنا ولأنفسنا، لا أن نقع في محظور ومحذور شرعا، كأن نتشبه باليهود والنصارى، في احتفالاتهم بأعياد الميلاد، بمباشرة المنكرات ، والوقوع في معاصي الله تعالى ، وفي الحديث الشريف: "من تشبه بقوم فهو منهم" .
وعليه: فلا بأس بقبول الهدايا من الأقارب في مناسبة تاريخ الميلاد، للأبناء وللنفس، منعا للمشكلات في الجو العائلي، وليكن معلوما أن الزمن جزء من العلاج، فعليك أن تكوني حكيمة في الانتقال بالأقارب من المفاهيم الجاهلية، لمناسبة تاريخ الميلاد، إلى المفاهيم الإسلامية، وفي القرآن الكريم حديث لعيسى عليه السلام روح الله وكلمته، وتذكرة ليوم ميلاده، ودعاء إلى الله تعالى ، بالسلام عليه في هذه الأيام الثلاثة"الولادة، الوفاة، البعث" قال تعالى حاكيا عنه عليه السلام: {والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا}، ومن مفهوم هذا الدعاء القرآني الوارد عن روح الله وكلمته: لا نرى بأسا بالدعاء بالسلامة والطيب بهذه المناسبة .
ويقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
منشأ هذا السؤال هو التقليد الأعمى، إننا نريد أن نصبح أذناباً لغيرناوقد خلقنا الله رؤوساً، وأن نكون عبيداً للغرب وقد خلقنا الله أحراراً، الغرب يحتفل بأعياد الميلاد للأطفال وللكبار، فنحن نقلد الغربيين ونفعل مثل هذا حتى الإنسان الكبير يعمل لنفسه عيد ميلاد، فقد مرت عليك سنة والمفروض أن تحاسب نفسك على هذه السنة، وتقعد تبكي على نفسك لا أن تشعل الشموع وتحتفل بنفسك، أيضاً بالنسبة للأولاد اتخاذ هذه العادة لهم سنوياً لا يجوز، أنا أقول أنه يمكن أن نحتفل بالأولاد في مناسبات معينة مثل عندما يولد المولود نحتفل به، ونعمل له عقيقة، وعندما يبلغ سبع سنوات نحتفل به ونقول له هذه سن الصلاة، فهذه حفلة الصلاة، وعندما يبلغ 10سنين نعمل حفلة أخرى "حفلة الضرب" نقول له: لقد احتفلنا بك من 3 سنوات سابقة حتى تصلي، الآن كبرت وإذا لم تصل تستحق الضرب، وبعدما يبلغ 15 سنة نعمل له حفلة أنه بلغ سن التكليف، هذه حفلات بمناسبات وليس كلما ازداد سنة نحتفل به، ثم نحتفل بمناسبات أخرى ، وكذلك بالنسبة للفتاة، بالإضافة إلى ما سبق يمكن أن نحتفل بها عندما ترتدي الحجاب، فهذه الحفلات لمناسبات ولا نحتفل بهم كل سنة.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الاشتراك في عمل العقيقة ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم
لدي ولدان ، ولدى أخي ولد ، وبنت ، ولم نعق عنهم لضيق الحال ، وقد وسع الله علينا الآن فهل يجوز أن نشترك في عجل ، ونعق عنهم جميعا ، بحيث يأخذ كل واحد نصيبه من العجل ، بحيث أأخذ أربعة حصص ، ويأخذ ثلاثة ، فهل هذا جائز وما هي أحكام المشاركة في العقيقة ، هل هي جائزة أم لا ، وما الدليل؟
... السؤال
15/06/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...(21/68)
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فالعقيقة والأضحية يشتركان في كثير من الأحكام، مثل الأكل منها ، والهدية و الصدقة ، فإن كانت الأضحية تجزئ سبعا، إن كانت بدنة أو بقرة، فيصح ذلك في العقيقة أيضا، بشرط أن تكون النية في الاشتراك قربة من القربات ،وليس مجرد اشتراك مع من لا يريد قربة يتقرب بها إلى الله.
فيصح الاشتراك في العقيقة مع الأضحية مع النسك .
ومن باب أولى ، كان الاشتراك في العقيقة آكد في الجواز.
وإن كان نقل عن الإمام أبي حنيفة أنه كره الاشتراك مع وجود القربة ، ولكن يحمل هذا النهي على أنه قربات متعددة ، كأن يكون اشتراك في عقيقة مع أضحية مع نسك ، أما أن يكون الاشتراك في بدنة لتعدد قربة واحدة ، فلا نحسب به بأسا.
بل نقل عنه قوله : لو كان هذا من نوع واحد لكان أحب إلي ، وهذا الرأي مروي عن الإمام أبي يوسف .
كما أنه ليس هناك من الأدلة الشرعية ما يدل على النهي في هذا ، فيبقى على الإباحة.
قال زفر من أصحاب أبي حنيفة : لا يجزئ الذبح عن الأضحية أو غيرها من القرب عند الاشتراك , إلا إذا كان المشتركون متفقين في جهة القربة , كأن يشترك سبعة كلهم يريد الأضحية , أو سبعة كلهم يريد جزاء الصيد , فإن اختلفوا في الجهة لم يصح الذبح عن واحد منهم , لأن القياس يأبى الاشتراك , إذ الذبح فعل واحد لا يتجزأ , فلا يتصور أن يقع بعضه عن جهة , وبعضه عن جهة أخرى , لكن عند اتحاد الجهة يمكن أن تجعل كقربة واحدة , ولا يمكن ذلك عند الاختلاف , فبقي الأمر فيه مردودا إلى القياس .
على أن من الفقهاء من يرى عدم جواز الاشتراك في العقيقة ، بخلاف الأضحية، وذلك لأن الأضحية تذبح للمولود ، فلا يشترك فيها .
يقول الإمام ابن القيم :
قال الخلال في جامعه باب حكم الجزور عن سبعة أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أنه قال لأبي عبد الله تعق جزورا ؟ فقال أليس قد عق بجزور؟ قلت: يعق بجزور عن سبعة. قال :لم أسمع في ذلك بشيء ورأيته لا ينشط بجزور عن سبعة في العقوق .
قلت: لما كانت هذه الذبيحة جارية مجرى فداء المولود كان المشروع فيه دما كاملا لتكون نفس فداء نفس وأيضا فلو صح فيها الاشتراك لما حصل المقصود من إراقة الدم عن الولد فإن إراقة الدم تقع عن واحد ويحصل لباقي الأولاد إخراج اللحم فقط والمقصود نفس الإراقة عن الولد وهذا المعنى بعينه هو الذي لحظة من منع الاشتراك في الهدي والأضحية ولكن سنة رسول الله أحق وأولى أن تتبع وهو الذي شرع الاشتراك في الهدايا وشرع في العقيقة عن الغلام دمين مستقلين لا يقوم مقامهما جزور ولا بقرة .(21/69)
و على كل ، فالمسألة خلافية ، وليس فيها نص شرعي ثابت ، فيرجع التكييف فيها للمصلحة ، والأولى في مثل هذه الأمور الأخذ بالتيسير.
وذلك أنه لما أجزأ سبع بدنة عن واحدة في الأضحية، أجزأت في العقيقة أيضا.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
ما هي العقيقة عنوان الفتوى
حسام الدين عفانة اسم المفتى
20951 رقم الفتوى
05/10/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
ما هي العقيقة؟
نص الفتوى
الأخ الكريم سلام الله عليك ورحمته وبركاته، وبعد
العقيقة من السنن الثابتة عن الرسول ولكنها تكاد تكون من السنن المنسية التي لا يعمل بها إلا قليل من الناس. وللعقيقة تعريف في اللغة وآخر في الفقه وإليك البيان:
أولاً : تعريف العقيقة لغة :
هي الشَعر الذي يولد به الطفل لأنه يشق الجلد .
قال امرؤ القيس :
يا هند لا تنكحي بوهةً عليه عقيقته أحسَبَا
وهي مأخوذة من عق ، يَعِقُ ويعَقُ فنقول عق عن ابنه بمعنى حلق عقيقته أي شعر رأسه أو ذبح الشاة المسماة عقيقة ، قال ابن منظور :[ وقيل للذبيحة عقيقة لأنها تذبح فيشق حلقومها ومريئها وودجاها قطعاً كما سميت ذبيحة بالذبح وهو الشق ] وقال الجوهري :[ وشعر كل مولود من الناس والبهائم الذي يولد عليه عقيقة ... ومنه سميت الشاة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه عقيقة ].(2)
ثانياً : تعريف العقيقة اصطلاحاً (في الفقه):
هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم سابعه شكراً لله سبحانه وتعالى على نعمة الولد ذكراً كان أو أنثى.
والله أعلى وأعلم
ـــــــــــــــــــ
أحكام العقيقة وكفارة اليمين؟ عنوان الفتوى
حسام الدين عفانة اسم المفتى
21991 رقم الفتوى
30/11/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد السؤال الأول: ماهي أحكام وشروط العقيقة وكيفية توزيعها، وكيف أعلم بانطباق الشروط على الذبيحة؟ السؤال الثاني:(21/70)
وجب علي إطعام عشرة مساكين لكفارة يمين، فهل يجوز إخراجها برمضان بتفطير عشرة صائمين مساكين؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء .
نص الفتوى
بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد: فالعقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود، والعقيقة سنة مؤكدة فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم وفعلها أصحابه،ومن الأفضل أن يذبح عن الولد شاتان متقاربتان شبهًا وسنًا، وعن البنت شاة ، والذبح يكون يوم السابع بعد الولادة إن تيسر، وإلا ففي اليوم الرابع عشر وهكذا ، وشرعت العقيقة شكراً لله تعالى على نعمة الولد ، وهي نوع من التكافل الاجتماعي في الإسلام ، ويشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية عند جمهور الفقهاء . يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة - أستاذ الفقه وأصوله - جامعة القدس - فلسطين. العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود في اليوم السابع من ولادته شكراً لله تعالى على نعمة الولد ذكراً كان أو أنثى . وهي سنة مؤكدة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ورد فيها أحاديث كثيرة منها : عن سلمان بن عامر الضبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( مع الغلام عقيقة فأريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى ) رواه البخاري. عن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى ) رواه أبو داود والترمذي والنسائي. عن أم كرز الكعبية رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة ) رواه أبو داود وأحمد والبيهقي وصححه الحاكم. عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما :( أن الرسول صلى الله عليه وسلم عقَّ عن الحسن والحسين كبشين كبشين ) رواه النسائي وهو صحيح كما قال الألباني . شرعت العقيقة شكراً لله تعالى على نعمة الولد فإنها من أعظم النعم والأولاد من زينة الحياة الدنيا ، قال الله تعالى : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) ، وفطر الله جل جلاله الإنسان على السرور والفرح والبهجة
عند قدوم المولود فكان حرياً بالإنسان أن يشكر الله الخالق الواهب . وقد ورد في الأثر عن الحسين رضي الله عنه في تهنئته من رزق مولوداً أن يقال له :( بارك الله لك في الموهوب وشكرت الواهب وبلغ أشده ورزقت بره ) . كذلك فإن العقيقة فكاك المولود وفديته من تسلط الشيطان عليه . والعقيقة نوع من التكافل الاجتماعي في الإسلام حيث إن الذي يعق عن ولده فيذبح عنه ويطعم الفقراء والأصدقاء والجيران أو يدعوهم إليها ، فيسهم كل ذلك في إشاعة المودة والمحبة بين الناس ويخفف من معاناة الفقراء والمحتاجين . ويشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية عند جمهور الفقهاء بأن تكون الذبيحة من الأنعام وهي الضأن والمعز والإبل والبقر ، وأن تكون سليمة من العيوب فلا يجزيء فيها العرجاء البين عرجها ، ولا العوراء البين عورها ، ولا المريضة البين مرضها ، ولا العجفاء الهزيلة فينبغي أن تكون سمينة طيبة فإن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً ، كما يشترط فيها توافر الأسنان المطلوبة شرعاً كما هو الحال في الأضحية فينبغي أن تبلغ الشاة السنة من عمرها والبقرة(21/71)
السنتين والناقة الخمس سنين ، ويذبح عن الغلام شاتان وعن الأنثى شاة فإن ذبح شاة عن الغلام أجزأ وحصل أصل السنة .
ويتصرف في العقيقة كما يتصرف في الأضحية فتوزع أثلاثاً ثلث لأهل البيت وثلث للصدقة وثلث للهدية .
واستحب بعض العلماء أن لا يتصدق بلحمها نيئاً بل يطبخ ويتصدق به على الفقراء بإرساله مطبوخاً .
وفضل بعض العلماء دعوة الناس إلى العقيقة بعد طبخها ، وقد ورد عن الإمام مالك رحمه الله أنه عق عن ولد له فوصف لنا كيف صنع بالعقيقة فقال :
[ عققت عن ولدي وذبحت ما أريد أن أدعو إليه إخواني وغيرهم وهيأت طعامهم ثم ذبحت شاة العقيقة فأهديت منها للجيران وأكل منها أهل البيت وكسروا ما بقي من عظمها وطبخت فدعونا إليها الجيران فأكلوا وأكلنا ... فمن وجد سعة فأحب له أن يفعل هذا ومن لم يجد فليذبح عقيقة ثم ليأكل وليطعم منها ] .
ويجوز بيع جلدها وسواقطها ويتصدق بثمنه على الفقراء والمحتاجين .
وقتها
وأما وقت ذبح العقيقة فقد وردت الأحاديث بتحديده باليوم السابع من ولادة المولود كما في حديث سمرة أنه عليه الصلاة والسلام قال :( كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى ) وجاء في حديث عائشة رضي الله عنها :( عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين يوم السابع ) وهذا هو الوقت المستحب للعقيقة ولو أخرها عن ذلك يجوز ويفضل أن تكون في اليوم الرابع عشر من الولادة أو الحادي والعشرين وهكذا في الأسابيع . والله أعلم. أما عن الجزء الثاني من السؤال: من الأفضل أن تطعم بهذه الكفارة مساكين صائمين ونسأل الله أن يرزقك ثواب فطر الصائمين ـــــــــــــــــــ
العقيقة: مشروعيتها، شروطها ووقتها ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :رزقت بمولود في الأسبوع الماضي فهل يمكن لي أن أعرف الأحكام الخاصة بالعقيقة ؟ ولكم جزيل الشكر
... السؤال
07/08/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
فالعقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود، والعقيقة سنة مؤكدة فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم وفعلها أصحابه،ومن الأفضل أن يذبح عن الولد شاتان متقاربتان شبهًا وسنًا، وعن البنت شاة ، والذبح يكون يوم السابع بعد الولادة إن تيسر، وإلا ففي اليوم الرابع عشر وهكذا ، وشرعت العقيقة شكراً لله تعالى على نعمة الولد ، وهي نوع من التكافل الاجتماعي في الإسلام ، ويشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية عند جمهور الفقهاء .(21/72)
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة - أستاذ الفقه وأصوله - جامعة القدس - فلسطين :ـ
العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود في اليوم السابع من ولادته شكراً لله تعالى على نعمة الولد ذكراً كان أو أنثى .
وهي سنة مؤكدة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ورد فيها أحاديث كثيرة منها :
1. عن سلمان بن عامر الضبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( مع الغلام عقيقة فأريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى ) رواه البخاري.
2. عن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى ) رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
3. عن أم كرز الكعبية رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة ) رواه أبو داود وأحمد والبيهقي وصححه الحاكم.
4. عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما :( أن الرسول صلى الله عليه وسلم عقَّ عن الحسن والحسين كبشين كبشين ) رواه النسائي وهو صحيح كما قال الألباني .
حكمتها
1. شرعت العقيقة شكراً لله تعالى على نعمة الولد فإنها من أعظم النعم والأولاد من زينة الحياة الدنيا ، قال الله تعالى : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) ، وفطر الله جل جلاله الإنسان على السرور والفرح والبهجة عند قدوم المولود فكان حرياً بالإنسان أن يشكر الله الخالق الواهب .
وقد ورد في الأثر عن الحسين رضي الله عنه في تهنئته من رزق مولوداً أن يقال له :( بارك الله لك في الموهوب وشكرت الواهب وبلغ أشده ورزقت بره ) .
2. كذلك فإن العقيقة فكاك المولود وفديته من تسلط الشيطان عليه .
3. والعقيقة نوع من التكافل الاجتماعي في الإسلام حيث إن الذي يعق عن ولده فيذبح عنه ويطعم الفقراء والأصدقاء والجيران أو يدعوهم إليها ، فيسهم كل ذلك في إشاعة المودة والمحبة بين الناس ويخفف من معاناة الفقراء والمحتاجين .
ويشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية عند جمهور الفقهاء بأن تكون الذبيحة من الأنعام وهي الضأن والمعز والإبل والبقر ، وأن تكون سليمة من العيوب فلا يجزيء فيها العرجاء البين عرجها ، ولا العوراء البين عورها ، ولا المريضة البين مرضها ، ولا العجفاء الهزيلة فينبغي أن تكون سمينة طيبة فإن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً ، كما يشترط فيها توافر الأسنان المطلوبة شرعاً كما هو الحال في الأضحية فينبغي أن تبلغ الشاة السنة من عمرها والبقرة السنتين والناقة الخمس سنين ، ويذبح عن الغلام شاتان وعن الأنثى شاة فإن ذبح شاة عن الغلام أجزأ وحصل أصل السنة .(21/73)
ويتصرف في العقيقة كما يتصرف في الأضحية فتوزع أثلاثاً ثلث لأهل البيت وثلث للصدقة وثلث للهدية .
واستحب بعض العلماء أن لا يتصدق بلحمها نيئاً بل يطبخ ويتصدق به على الفقراء بإرساله مطبوخاً .
وفضل بعض العلماء دعوة الناس إلى العقيقة بعد طبخها ، وقد ورد عن الإمام مالك رحمه الله أنه عق عن ولد له فوصف لنا كيف صنع بالعقيقة فقال :
[ عققت عن ولدي وذبحت ما أريد أن أدعو إليه إخواني وغيرهم وهيأت طعامهم ثم ذبحت شاة العقيقة فأهديت منها للجيران وأكل منها أهل البيت وكسروا ما بقي من عظمها وطبخت فدعونا إليها الجيران فأكلوا وأكلنا ... فمن وجد سعة فأحب له أن يفعل هذا ومن لم يجد فليذبح عقيقة ثم ليأكل وليطعم منها ] .
ويجوز بيع جلدها وسواقطها ويتصدق بثمنه على الفقراء والمحتاجين .
وقتها
وأما وقت ذبح العقيقة فقد وردت الأحاديث بتحديده باليوم السابع من ولادة المولود كما في حديث سمرة أنه عليه الصلاة والسلام قال :( كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى ) وجاء في حديث عائشة رضي الله عنها :( عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين يوم السابع ) وهذا هو الوقت المستحب للعقيقة ولو أخرها عن ذلك يجوز ويفضل أن تكون في اليوم الرابع عشر من الولادة أو الحادي والعشرين وهكذا في الأسابيع .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
العقيقة
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
هل العقيقة واجبة أم سنة ؟
الجواب
العقيقة هى الذبيحة عن المولود ، وقد كانت معروفة عند العرب قبل الإِسلام ، فكان إذا ولد لأحدهم غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها ، فلما جاء الإِسلام أمر بذبح الشاة وحلق رأس المولود وتلطيخه بالزعفران ، كما رواه أبو داود عن بريدة ، وسميت العقيقة باسم الشعر الذى على رأس الصبى حين يولد ، لأنه يحلق عند الذبح ، وكذلك الحيوان حين يولد يسمى شعره عقيقة، واختلف الفقهاء فى حكمها على ثلاثة أقوال :
(أ) فقيل : إنها مكروهة، وذلك لخبر عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن العقيقة ، فقال ( لا أحب العقوق ) .(21/74)
ولأنها من فعل أهل الكتاب وجاء فى ذلك حديث البيهقى . أن اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن الجارية ، ولما رواه أحمد أن الحسن بن على لما ولد أرادت فاطمة أن تعق عنه بكبشين فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم "لاتعقى ، ولكن احلقى رأسه فتصدقى بوزنه من الورق -الفضة " ثم ولد الحسين فصنعت مثل ذلك .
وقد أجيب على الحديث الأول بأن النبى كره اسمها ولم يكره فعلها ، وعلى الحديث الثانى بأن النبى ما كره من اليهود إلا تفرقتهم بين الغلام والجارية ، حيث لم يعقوا عنها ، وعلى الحديث الثالث بأنه لا يصح .
(ب ) وقيل : إنها سنة ، وبه قال أهل الحديث وجمهور الفقهاء ، ولهم فى ذلك عدة أحاديث ، منها " الغلام مرتهن بعقيقته ، تذبح عنه يوم السابع ، ويحلق رأسه " رواه أصحاب السنن من حديث سمرة بن جندب ، وصححه الترمذى ، ومنها حديث : أمر النبى صلى الله عليه وسلم بتسمية المولود يوم سابعه ، ووضع الأذى عنه ، والعق . رواه الترمذى أيضا .
ومعنى : مرتهن بعقيقته أنه لا ينمو نمو مثله ، ولا يستبعد أن تكون سببا فى حسن نبات المولود وحفظه من الشيطان فهى تخليص له من حبسه ومنعه عن السعى فى مصالح أخرته . وقيل : أن المعنى إذا لم يعق عنه والده لا يشفع ،له ، كما قاله الإِمام أحمد ، لكن التفسير الأول أحسن .
(ج) وقيل : إنها واجبة ، وبه قال الليث والحسن وأهل الظاهر .
والسنة أن يعق عن الذكر بشاتين ، وعن الأنثى بشاة ، وذلك لحديث عائشة الذى رواه الترمذى، وقال : حسن صحيح .
قال العلماء : إن البنت كانت على النصف من الولد تشبيها للعقيقة بالدية .
وقالوا : إن أصل العقيقة يتأدى عن الغلام بشاة ، لأن النبى صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن الذى ولد عام أحد، وعن الحسين الذى ولد بعده بعام ، كبشا كبشا . والأكمل شاتان للولد ، ففى موطأ الإمام مالك عن النبى صلى الله عليه وسلم " من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل ، عن الغلام شاتان ، وعن الجارية شاة " .
والحكمة فى مشروعيتها أنها قربة إلى اللَّه ، يرجى بها نفع المولود بدعاء الفقراء له عندما يطعمون منها، وهى أيضا شكر للّه على نعمة الولد ، فالذرية محبوبة طبعا ومطلوبة شرعا ، بشر اللّه بها إبراهيم وزكريا عليهما السلام ، وفيها أيضا : إشهار للمولود ليعرف نسبه وتحفظ حقوقه ، وهى كفدية عنه ، تشبها بفداء إسماعيل الذبيح بالكبش .
هذا ، ويشبه العقيقة بالأضحية وفداء إسماعيل نقل عن الحنابلة أنه لو اجتمع يوم النحر مع يوم العقيقة يمكن الاستغناء بذبيحة واحدة عنهما إذا اجتمع يوم عيد مع يوم جمعة فإنه يكفى غسل واحد لهما
ـــــــــــــــــــ
أسبوع المولود
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997(21/75)
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
أيهما أفضل : عمل ما يسمى بالسبوع أم العقيقة بعد الولادة ؟
الجواب
كلمة السبوع فى لغة العامة مأخوذة من العدد سبعة، الذى ورد أن الإنسان يسن أن يسمى ولده ويعق عنه ويحلق شعره ويتصدق بمثله فضة أو ذهبا يوم السابع .
فروى أصحاب السنن قوله صلى الله عليه وسلم "الغلام مرتهن بعقيقة تذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه " وهو حديث صحيح كما قال الترمذى .
وروى الترمذى أيضا أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بتسمية المولود يوم سابعه ووضع الأذى عنه والعق .
ومعنى مرتهن لا ينمو نمو مثله ، ولا يأمن من الأذى . وقيل إن المعنى لا يشفع لوالده إن مات صغيرا .
وإن لم يتيسر الذبح يوم السابع ففى اليوم الرابع عشر، وإلا ففى اليوم الحادى والعشرين ، وإلا ففى أى يوم .
هذا ، وما يعمل يوم السابع من رَشِّ الملح وإيقاد الشموع والدق بالهاون والكلمات المخصوصة التى ترجع إلى أفكار غير صحيحة لا أصل له فى الدين .
مع التنبيه على مراعاة الآداب عند اجتماع الأهل والأصحاب للاحتفال بالمولود يوم سابعه أو فى مناسبات أخرى
ـــــــــــــــــــ
قص شعر المولود فى اليوم السابع
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
هل يجب قص شعر المولود فى اليوم السابع من ولادته والتصدق بالفضة أو الذهب بما يساوى وزن الشعر الذى تم تقصيره ؟
الجواب
يُسَنُّ -ولا يجب- حلق رأس المولود والتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة ، يستوى فى ذلك الذكر والأنثى ، وذلك لحديث رواه البيهقى أن فاطمة رضى الله عنها وزنت شعر الحسن والحسين ، وزينب وأم كلثوم رضى الله عنهم ، فتصدقت بوزنه فضة "نيل الأوطار ج 5 ص 145" .
وأما تلطيخ رأس المولود بدم الذبيحة التى يطلق عليها اسم العقيقة فباطل ، لأن الدم أذى ، والنبى صلى الله عليه وسلم قال "أميطوا الأذى" وكان المتبع عند العرب أن(21/76)
تستقبل أوداج الذبيحة بصوفة منها ثم توضع على يافوخ المولود حتى يسيل منها خيط الدم على رأسه ، ثم يغسل بعد ذلك ويحلق .
وجاء فى بعض روايات الحديث "ويدمى" وقد طعن المحققون فى هذا الحديث من جهة الإسناد، أو من جهة تصحيف كلمة "يسمى" إلى "يدمى" ومن أراد المزيد فليرجع إلى كتاب زاد المعاد ج 2 ص 3 وما بعدها"
ـــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 6 / ص 174)
بَابُ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَصْلٌ وَالْأُضْحِيَّةُ وَالْعَقِيقَةُ وَالْهَدْيُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ بِثَمَنِ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ مَعَهُ مَالٌ يُرِيدُ التَّقَرُّبَ بِهِ إلَى اللَّهِ كَانَ لَهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهِ وَالْأَكْلُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ وَالْهَدْيُ بِمَكَّةَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ بِهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ نَذَرَ أُضْحِيَّةً فِي ذِمَّتِهِ فَاشْتَرَاهَا فِي الذِّمَّةِ وَبِيعَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ كَانَ عَلَيْهِ إبْدَالُهَا شَاةً . وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى أُضْحِيَّةً فَتَعَيَّبَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ ذَبَحَهَا فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ تَعَيَّبَتْ عِنْدَ الذَّبْحِ أَجْزَأَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ .
ـــــــــــــــــــ
بَابُ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ طَعَامِ الزَّوَاجِ ؟ وَطَعَامِ الْعَزَاءِ ؟ وَطَعَامِ الْخِتَانِ ؟ وَطَعَامِ الْوِلَادَةِ ؟ .
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : أَمَّا " وَلِيمَةُ الْعُرْسِ " فَهِيَ سُنَّةٌ وَالْإِجَابَةُ إلَيْهَا مَأْمُورٌ بِهَا وَأَمَّا " وَلِيمَةُ الْمَوْتِ " فَبِدْعَةٌ مَكْرُوهٌ فِعْلُهَا وَالْإِجَابَةُ إلَيْهَا . وَأَمَّا " وَلِيمَةُ الْخِتَانِ " فَهِيَ جَائِزَةٌ : مَنْ شَاءَ فَعَلَهَا وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهَا . وَكَذَلِكَ " وَلِيمَةُ الْوِلَادَةِ " إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ عَقَّ عَنْ الْوَلَدِ ؛ فَإِنَّ الْعَقِيقَةَ عَنْهُ سُنَّةٌ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الرملي - (ج 5 / ص 218)
( بَابُ الْعَقِيقَةِ ) ( سُئِلَ ) هَلْ يَحْرُمُ حَلْقُ الذَّقَنِ وَنَتْفِهَا أَوْ لَا ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّ حَلْقَ لِحْيَةِ الرَّجُلِ وَنَتْفَهَا مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ ، وَقَوْلُ الْحَلِيمِيِّ فِي مِنْهَاجِهِ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْلِقَ لِحْيَتَهُ وَلَا حَاجِبَيْهِ ضَعِيفٌ .
ـــــــــــــــــــ
الفتاوى الفقهية الكبرى - (ج 9 / ص 422)
( بَابُ الْعَقِيقَةِ ) ( وَسُئِلَ ) نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ مَا حُكْمُ حَلْقِ مَا تَحْتَ الذَّقَنِ .
( فَأَجَابَ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ حَلْقُ مَا تَحْتَ الْحَلْقِ مِنْ اللِّحْيَةِ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَعِبَارَتُهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ تُكْرَهُ الزِّيَادَةُ فِي اللِّحْيَةِ وَالنَّقْصُ وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي شَعْرِ الْعِذَارَيْنِ مِنْ شَعْرِ الصُّدْغَيْنِ إذَا حَلَقَ رَأْسَهُ وَيَنْزِلُ فَيَحْلِقُ بَعْضَ الْعِذَارَيْنِ قَالَ كَذَلِكَ جَانِبَيْ الْعَنْفَقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يُغَيِّرُ شَيْئًا وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا بَأْسَ بِحَلْقِ مَا تَحْتَ حَلْقِهِ مِنْ لِحْيَتِهِ وَلَا بِنَقْصِ مَا زَادَ عَنْهَا عَلَى قَبْضَةِ الْيَدِ وَيُرْوَ نَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُمْ وَطَاوُسٍ وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا هُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَتْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ كَمَا تَرَى فِي كَرَاهَةِ حَلْقِ مَا تَحْتَ الْحَلْقِ مِنْ اللِّحْيَةِ بِخِلَافِ مَا تَحْتَ الْحَلْقِ(21/77)
مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ كَالشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَى الْحُلْقُومِ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ حَلْقُهُ كَمَا أَفْهَمَهُ تَقْيِيدُ النَّوَوِيِّ كَالْغَزَالِيِّ بِقَوْلِهِمَا مِنْ اللِّحْيَةِ لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَمَّا الْأَخْذُ مِنْ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ إذَا طَالَا فَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا لِأَصْحَابِنَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ فَكُرِهَ وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ وَكَانَ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَفْعَلُهُ وَحُكِيَ أَيْضًا عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ
.
ا هـ .
فَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ مَا بَحَثَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ بِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَرَاهَةُ حَلْقِ مَا تَحْتَ اللِّحْيَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّغْيِيرَ فِي الْحَاجِبِينَ لِمَزِيدِ ظُهُورِهِمَا وَوُقُوعِ الْمُوَاجِهَةِ بِهِمَا أَقْبَحُ مِنْهُ فِي حَلْقِ مَا تَحْتَ الْحَلْقِ مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ فَلِذَا كُرِهَ الْأَخْذُ مِنْ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ وَلَمْ يُكْرَهْ حَلْقَ مَا تَحْتَ الْحَلْقِ مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ .
( وَسُئِلَ ) رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ هَلْ تُسْتَحَبُّ الْعَقِيقَةُ عَنْ السِّقْطِ مُطْلَقًا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ ظَهَرْت فِيهِ أَمَارَةُ التَّخَلُّقِ مِنْ تَخْطِيطٍ وَغَيْرِهِ ؟ ( فَأَجَابَ ) نَفَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّ الْعَقِيقَةَ إنَّمَا تُسَنُّ عَنْ سُقْطٍ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ كَمَا جَرَيْتُ عَلَيْهِ فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَأَمَّا مَا لَمْ تُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ فَهُوَ جَمَادٌ لَا يُبْعَثُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ فَلَا تُسَنُّ لَهُ عَقِيقَةٌ بِخِلَافِ مَا نُفِخَتْ فِيهِ فَإِنَّهُ حَيٌّ يُبْعَثُ فِي الْآخِرَةِ وَيُنْتَفَعُ بِشَفَاعَتِهِ وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ مَنْ لَمْ يَعُقَّ عَنْ وَلَدِهِ لَا يَشْفَعُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَفْهَمَ مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّ الْعَقِيقَةَ تَابِعَةٌ لِلْوَلَدِ الَّذِي يَشْفَعُ وَهُوَ مَنْ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ فَكَذَلِكَ يُقَيَّدُ نَدْبُهَا بِمَنْ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
( وَسُئِلَ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَلْ الْعِبْرَةُ فِي الْعَقِيقَةِ بِبَلَدِ الْوَلَدِ أَوْ الْعَاقِّ عَنْهُ ؟ ( فَأَجَابَ ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ تُعْتَبَرَ بِبَلَدِ الْوَلَدِ تَخْرِيجًا عَلَى الْفِطْرَةِ ثُمَّ رَأَيْت مَا يُؤَيِّدُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْبُلْقِينِيُّ وَيَعُقُّ الْكَافِرُ عَنْ وَلَدِهِ الْمُسْلِمِ كَفِطْرَتِهِ قُلْتُهُ تَخْرِيجًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِبَلَدِ الْعَاقِّ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِهَا وَيُفَارِقُ الزَّكَاةَ بِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ فَكَانَتْ أَعْنِي بَلَدَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ مُلْتَفَتًا إلَيْهَا دُونَ بَلَدِ الْمُؤَدِّي فَاخْتُصَّتْ بِبَلَدِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ .
وَأَمَّا الْعَقِيقَةُ فَلَيْسَتْ كَذَلِكَ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا وَاخْتِصَاصِهَا بِأَصْنَافِ الزَّكَاةِ فَالْأَعْيَنُ لَا تَطَلُّعُ إلَيْهَا فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهَا بَلَدُ الْوَلَدِ بَلْ الْعَاقُّ لِأَنَّ الْأَعْيَنَ إنْ فُرِضَ أَنَّ لَهَا نَوْعَ تَطَلُّعٍ فَإِنَّمَا تَطْلُعُ لِبَلَدِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُنْظَرْ لِهَذَا الْفَرْقِ فِي مَسْأَلَةِ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى التَّخَرُّجِ فِيهَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمُوَاسَاةُ لَلْمُسْتَحِقِّينَ فَكَانَ أَوْلَى مِنْ عَدَمِهِ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عَدَمُ إيجَابِ شَيْءٍ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَمَّا هُنَا فَالسُّنِّيَّةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا التَّرَدُّدُ فِي أَيِّ الْمَحَالِّ أَوْلَى بِالْإِخْرَاجِ وَبَلَدُ الْعَاقِّ أَوْلَى بِهِ لِلْمَعْنَى الَّذِي قَرَّرْنَاهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ أَوْ أَرْسَلَ إلَى بَلَدِ الْوَلَدِ وَفُعِلَتْ فِيهَا أَجْزَأَتْ ثُمَّ إذَا بَلَغَتْهُ بَعْدَ مُضِيِّ يَوْمِ السَّابِعِ مِنْ الْوِلَادَةِ فَهَلْ الْأَفْضَلُ فِعْلُهَا عَقِبَ بُلُوغِ الْخَبَرِ أَوْ يَوْمَ السَّابِعِ مِنْهُ أَوْ الثَّالِثِ .
كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَيُقَاسُ بِالْعَقِيقَةِ فِيمَا مَرَّ الْأُضْحِيَّةُ وَالْوَلِيمَةُ بِأَنْوَاعِهَا الَّتِي ذَكَرُوهَا فَالْعِبْرَةُ فِيهِمَا عَلَى الْأَقْرَبِ بِبَلَدِ الْمُضَحِّي وَالْمُولِمِ زَوْجًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .(21/78)
ـــــــــــــــــــ
الفتاوى الهندية - (ج 44 / ص 87)
( الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي تَسْمِيَةِ الْأَوْلَادِ وَكُنَاهُمْ وَالْعَقِيقَةِ ) أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ لَكِنَّ التَّسْمِيَةَ بِغَيْرِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَوْلَى لِأَنَّ الْعَوَامَّ يُصَغِّرُونَ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ لِلنِّدَاءِ وَالتَّسْمِيَةِ بَاسِمٍ يُوجَدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْعَلِيِّ وَالْكَبِيرِ وَالرَّشِيدِ وَالْبَدِيعِ جَائِزَةٌ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ وَيُرَادُ فِي حَقِّ الْعِبَادِ غَيْرُ مَا يُرَادُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ .
وَفِي الْفَتَاوَى التَّسْمِيَةُ بِاسْمٍ لَمْ يَذْكُرْهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي عِبَادِهِ وَلَا ذَكَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا اسْتَعْمَلَهُ الْمُسْلِمُونَ تَكَلَّمُوا فِيهِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ .
مَنْ وُلِدَ مَيِّتًا لَا يُسَمَّى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا لَا بَأْسَ بِأَنْ يُكَنَّى أَبَا الْقَاسِمِ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي } مَنْسُوخٌ لِأَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَنَّى ابْنَهُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ أَبَا الْقَاسِمِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ .
الْعَقِيقَةُ عَنْ الْغُلَامِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ وَهِيَ ذَبْحُ شَاةٍ فِي سَابِعِ الْوِلَادَةِ وَضِيَافَةِ النَّاسِ وَحَلْقِ شَعْرِهِ مُبَاحَةٌ لَا سُنَّةٌ وَلَا وَاجِبَةٌ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ .
وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْعَقِيقَةِ فَمَنْ شَاءَ فَعَلَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى الْإِبَاحَةِ فَيَمْنَعُ كَوْنَهَا سُنَّةً وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَا يَعُقُّ عَنْ الْغُلَامِ وَلَا عَنْ الْجَارِيَةِ وَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْكَرَاهِيَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فِي كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ
تنقيح الفتاوى الحامدية - (ج 6 / ص 367)
( سُئِلَ ) فِي الْعَقِيقَةِ كَيْفَ حُكْمُهَا وَكَيْفُ تُفْعَلُ ؟ ( الْجَوَابُ ) : قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فِي كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ مَا نَصُّهُ مَسْأَلَةٌ الْعَقِيقَةُ تَطَوُّعٌ إنْ شَاءَ فَعَلَهَا ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ وَهِيَ أَنْ يَذْبَحَ شَاةً إذَا أَتَى عَلَى الْوَلَدِ سَبْعَةُ أَيَّامٍ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ سِتَّةٌ ثُمَّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَعُقَّ عَنْ الْوَلَدِ ، فَإِنَّهُ يَذْبَحُ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَيْنِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةً ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِلسُّرُورِ بِالْمَوْلُودِ وَهُوَ بِالْغُلَامِ أَكْثَرُ وَلَوْ ذَبَحَ عَنْ الْغُلَامِ شَاةً وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةً جَازَ ؛ لِأَنَّ { النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا } وَلَا يَكُونُ فِيهِ دُونَ الْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ وَالثَّنِيِّ مِنْ الْمَعْزِ وَلَا يَكُونُ فِيهِ إلَّا السَّلِيمَةُ مِنْ الْعُيُوبِ ؛ لِأَنَّهُ إرَاقَةُ دَمٍ شَرْعًا كَالْأُضْحِيَّةِ وَلَوْ قَدَّمَ يَوْمَ الذَّبْحِ قَبْلَ يَوْمِ السَّابِعِ أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ جَازَ إلَّا أَنَّ يَوْمَ السَّابِعِ أَفْضَلُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْصِلَ لَحْمَهَا وَلَا يَكْسِرَ عَظْمَهَا تَفَاؤُلًا بِسَلَامَةِ أَعْضَاءِ الْوَلَدِ وَيَأْكُلُ وَيُطْعِمُ وَيَتَصَدَّقُ .
ا هـ .
وَفِي فُصُولِ الْعَلَّامِيِّ الْمُسَمَّى بِالْكَرَاهِيَةِ وَالِاسْتِحْسَانِ فِي الْفَصْلِ 36 وَيَعُقُّ عَنْهُ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ الْوِلَادَةِ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { الْعَقِيقَةُ حَقٌّ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ } وَقَدْ { عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَمَا بُعِثَ نَبِيًّا } .(21/79)
وَيَقُولُ عِنْدَ ذَبْحِهِ اللَّهُمَّ هَذِهِ عَقِيقَةُ ابْنِي ، فَإِنَّ دَمَهَا بِدَمِهِ وَلَحْمَهَا بِلَحْمِهِ وَعَظْمَهَا بِعَظْمِهِ وَجِلْدَهَا بِجِلْدِهِ وَشَعْرَهَا بِشَعْرِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا فِدَاءً لِابْنِي مِنْ النَّارِ وَلَا يُكْسَرُ لِلْعَقِيقَةِ عَظْمٌ وَيُعْطِي الْقَابِلَةَ فَخْذَهَا وَيَطْبُخُ جَمِيعَهَا ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهَا وَلَا يُكْسَرُ مِنْهَا شَيْءٌ .
ا هـ .
ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ عِبَارَةَ شَرْحِ الشِّرْعَةِ بِطُولِهَا وَهِيَ فِي مَعْنَى مَا مَرَّ ثُمَّ قَالَ وَرَأَيْتُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ كِتَابٌ مُعْتَبَرٌ عِنْدَهُمْ مَا مُلَخَّصُهُ بِاخْتِصَارٍ وَاقْتِصَارٍ عَلَى بَعْضِ الْمَقْصُودِ مَعَ التَّصَرُّفِ فِي بَعْضِ الْعِبَارَةِ وَذَكَرْتُهُ هُنَا ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ قَالَ وَوَقْتُهَا بَعْدَ تَمَامِ الْوِلَادَةِ إلَى الْبُلُوغِ فَلَا يُجْزِئُ قَبْلَهَا وَذَبْحُهَا فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ يُسَنُّ وَالْأَوْلَى فِعْلُهَا صَدْرَ النَّهَارِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بَعْدَ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لِلتَّبَرُّكِ بِالْبُكُورِ وَلَيْسَ مِنْ السَّبْعَةِ يَوْمُ الْوِلَادَةِ خِلَافًا لِلشَّيْخَيْنِ وَلَوْ وُلِدَ لَيْلًا حُسِبَتْ الذَّبِيحَةُ مِنْ صَبِيحَتِهِ وَيُسَنُّ أَنْ يَعُقَّ عَنْ نَفْسِهِ مَنْ بَلَغَ وَلَمْ يُعَقَّ عَنْهُ وَحُكْمُهَا كَأَحْكَامِ الْأُضْحِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ يُسَنُّ طَبْخُهَا وَبِحُلْوٍ تَفَاؤُلًا بِحَلَاوَةِ أَخْلَاقِ الْمَوْلُودِ وَحَمْلُ لَحْمِهَا مَطْبُوخًا لِلْفُقَرَاءِ وَلَا بَأْسَ بِنَدْبِهِمْ إلَيْهَا وَتُعْطَى الْقَابِلَةُ رِجْلَهَا لِأَمْرِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِإِعْطَائِهَا إيَّاهَا وَالْيُمْنَى أَوْلَى وَلَا
يُكْسَرُ عَظْمُهَا ، وَإِنْ كُسِرَ لَمْ يُكْرَهْ .
وَيُسَنُّ عَنْ الذَّكَرِ شَاتَانِ مُسْتَوِيَتَانِ وَعَنْ الْأُنْثَى وَاحِدَةٌ وَعَنْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَاحِدَةٌ وَالِاحْتِيَاطُ ثِنْتَانِ وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ الذَّابِحُ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ لَكَ وَإِلَيْكَ عَقِيقَةُ فُلَانٍ لِخَبَرٍ وَرَدَ وَيُكْرَهُ لَطْخُ رَأْسِ الْمَوْلُودِ مِنْ دَمِهَا وَيُنْدَبُ تَسْمِيَةُ الْمَذْبُوحِ لِلْمَوْلُودِ نَسِيكَةً أَوْ ذَبِيحَةً لَا عَقِيقَةً فَيُكْرَهُ وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ أَبِي دَاوُد وَهُوَ حَسَنٌ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلسَّائِلِ عَنْهَا لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ } وَفِي رِوَايَةٍ { لَا أُحِبُّ لِلَّهِ الْعُقُوقَ } .
ا هـ .
نَعُوذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْ عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَنَسْأَلُهُ حُسْنَ النَّشْأَتَيْنِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ وَالْمَعُونَةُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَامُحَمَّدٍ مُعَلِّمِ الْخَيْرِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان - (ج 1 / ص 35)
السؤال 30: إذا لم يستطع الرجل أن يعق عن ولده الذكر إلا بذبيحة واحدة ، فما عليه؟ وهل يجوز للمستطيع أن يوكل من يعق عنه خارج بلده ، في بلد يكون فيه سعر الذبيحة أقل بكثير من بلادنا ؟ وهل يعق الرجل عن ولده المتوفى قبل موعد العقيقة ؟
الجواب : العقيقة تكون في اليوم السابع فمن رزق مولوداً وعاش سبعة أيام فيجب عليه أن يفك رهنه بأن يذبح عقيقة ، فإن مات قبل السابع فلا شيء عليه .
والعقيقة تكون عن الجارية شاة ، وعن الذكر شاتان ، وفي حديث ابن كرز : عن الذكر شاتان متكافئتان فمن السنة أن تكون الشاتان متكافئتين ، أي متشابهتين، أما من لا يستطيع أن يعق عن الذكر إلا بشاة واحدة فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها ،أما من كان مستطيعاً أن يعق بشاتين ولكن عق بواحدة فقد قصر ، أما هل يجزى ذلك ؟(21/80)
ففيه نزاع ، فقال الشوكاني في نيل الأوطار: أصل السنة شاة ، وتمامها اثنتان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين بشاة، وهذا كلام فيه نزاع، وأصح الروايات رواية النسائي: {عق النبي عن الحسن والحسين بكبشين كبشين } فوافقت السنة القولية السنة الفعلية ، ولذا الواجب على المستطيع أن يعق عن الغلام شاتين .
ويجوز للعم أو الجد أو القريب بأن يعق عنه لأن الذي عق عن الحسن والحسين جدهما أبو القاسم صلى الله عليه وسلم .
والعقيقة شرعت من أجل إشهار النسب فيذبح الإنسان لذلك ، وله أن يوزعها نيئاً ، وله أن يطهوها ويدعو إليها وله أن يتصدق ويدخر أو أن يهدي فالحكمة أن يشتهر بين الناس أن فلاناً رزق مولوداً .
ومن لم يستطع أن يعق في بلده ، فليس واجباً عليه أن يبحث عن أفقر بلاد المسلمين ، ويوكل رجلاً يذهب هناك ويذبح ولكن لو فعل أجزأه ذلك ، فلا يوجد عندنا دليل أن هذا باطل أو لا يجزىء ولكن السنة العملية عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم كانوا يعقون ويشهرون النسب .
ولا يشترط جنس الذبيحة سواء كان بلدياً أو رومانياً مثلاً أجزأ فالعبرة بنهر الدم .
ولا يشترط في العقيقة شروط الأضحية وإن قال بهذا بعض الفقهاء فلم يقوم دليل عليه والأفضل أن تكون بكبش أصلح كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم ..
ـــــــــــــــــــ
العقيقة لمن دخل في الإسلام ... العنوان
إذا أسلم الكافر فهل يلزمه ذبح شاة قضاء للشاة التي كان من السُنَّة ذبحها يوم العقيقة بعد ولادته؟ ... السؤال
08/07/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فيقول فضيلة الشيخ أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر - رحمه الله :
جاء في سُنَّة النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن على مَنْ وُلِد له مولود أن يذبح عنه شاة تُسمَّى شاة العقيقة، وذلك في اليوم السابع مِن ولادته، حيث نَحْلِق شعر المولود ونتصدق بوزنه فضة على الفقراء والمُحتاجين، ونضع للمولود اسمه ونذبح عنه شاة، نأكل من لحمها، ونُهدي منها، ونتصدق منها على المحتاجين، وهذه السُّنَّة النبوية يُوَجَّه الخطاب عنها للمسلم الذي يقوم على حسب إسلامه بتقاليد الإسلام وسننه وواجباته وأركانه. والكافر غير مكلف بهذه الأوامر ما دام كافرًا، فإذا أسلم فإن الإسلام يقطع ما قبله، وعلى هذا فلا يجب عليه أن يذبح عقيقة عن مولوده الذي وَلَدَهُ في زمن كفره.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ(21/81)
العدد في العقيقة ... العنوان
هل لابد من ذبح شاتين عن الذكر ،أم يكفي واحدة ،ولكني لا أريد أن أخالف السنة .? ... السؤال
20/06/2002 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
يرى جمهور الفقهاء أنه يذبح عن الذكر في العقيقة شاتان، وعن الجارية شاة واحدة، فعن أم كرز الكعبية، أنها سألت رسول الله ( عن العقيقة، فقال:"نعم عن الغلام شاتان، وعن الأنثي واحدة، لا يضركم ذكرانًا كن أو إناثًا"[أحمد والترمذي وصححه] .
ويري بعض الفقهاء أنه يذبح شاة عن الولد أو الجارية، استدلالا بحديث ابن عباس أن النبي ( عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا[أبو داود].
والأرجح إن صح حديث النبي – صلى الله عليه وسلم - في اقتصاره علي ذبح شاة، ففيه دليل علي أن الشاتين مستحبة وليست متعينة، وذبح الشاة جائز غير مستحب.
ويقول الشيخ سيد سابق من علماء الأزهر – رحمه الله -:
ومن الأفضل أن يذبح عن لولد شاتان متقاربتان شبهًا وسنًا، وعن البنت شاة فعن أم كرز الكعبية قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "عن الغلام شاتان متكافئتان وعن الجارية شاة".
ويجوز ذبح شاة واحدة عن الغلام لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك مع الحسن والحسين، رضي الله عنهما. انتهى
يقول الإمام عبد الرحيم العراقي الشافعي في كتابه طرح التثريب:
الأكمل أن يعق عن الغلام بشاتين وعن الجارية بشاة ولو عق عن الغلام بشاة جاز .
وقال الحنابلة عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة .
وقال المالكية عن كل واحد منهما شاة فقط ;
وقال ابن المنذر روينا القول بأن عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة - عن عائشة وابن عباس وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور ; قال ابن عبد البر وعليه جماعة أصحاب الحديث ;
قال ابن المنذر : وكان ابن عمر يعق عن الغلام والجارية شاة شاة ; وبه قال أبو جعفر ومالك بن أنس ; وروى جعفر عن أبيه عن فاطمة أنها ذبحت عن الحسن والحسين كبشا كبشا ; وروى البيهقي عن عروة بن الزبير أنه كان يعق عن بنيه الذكور والإناث بشاة شاة ; وحكاه ابن حزم عن عائشة وأسماء أختها .
قال ولا يصح عنهما .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
وقت العقيقة عنوان الفتوى(21/82)
حسام الدين عفانة اسم المفتى
22231 رقم الفتوى
11/01/2005 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
هل العقيقة تكون عندما يولد الطفل فقط أم بعد فترة؟
نص الفتوى
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فإن وقت ذبح العقيقة فقد وردت الأحاديث بتحديده باليوم السابع من ولادة المولود كما في حديث سمرة أنه عليه الصلاة والسلام قال :( كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى ) وجاء في حديث عائشة رضي الله عنها :( عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين يوم السابع ) وهذا هو الوقت المستحب للعقيقة ولو أخرها عن ذلك يجوز ويفضل أن تكون في اليوم الرابع عشر من الولادة أو الحادي والعشرين وهكذا في الأسابيع .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
أحكام العقيقة عنوان الفتوى
دار الإفتاء السعودية اسم المفتى
21021 رقم الفتوى
06/10/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
هل يجوز للمرء أن يعق عن نفسه إذا لم يعق عنه أباه وهل يجب ذلك عليه وما هو المقدار الواجب في العقيقة؟
نص الفتوى
العقيقة سنة مؤكدة لولي الطفل إن كان قادرًا على ذلك، عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة، تذبح عنه يوم سابعه ويحلق رأسه، فعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الغلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه باليوم السابع، وباسم الله ) . رواه الترمذي، وأبو داوود – . فإن لم يكن في اليوم السابع ففي اليوم الرابع عشر، فإن لم تفعل ففي اليوم الحادي والعشرين فإن تأخر سُُنَّ أن يذبح عنه وليه حتى يبلغ، فإن بلغ ولم يعق عنه، عق هو عن نفسه. ويقول الشيخ عطية صقر: إن من حكمة العقيقة شكر نعمة الله تعالى برزق الولد، وتنمية فضيلة الجود والسخاء وتطييب قلوب الأهل والأقارب و الأصدقاء بجمعهم على الطعام ،فتشيع المحبة والمودة والألفة وحديث "الغلام مُرْتَهَنٌ بعقيقته، تُذبح عنه يوم السابع، ويحلق رأسه" رواه أصحاب السنن من حديث سَمُرَةَ بن جندب، وصححه الترمذي، ومنها حديث: أَمَرَ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بتسمية المولود يوم سابعه، ووَضْعِ الأذى عنه، والْعُقِّ. رواه الترمذي أيضًا .
ومعنى: مرتهن بعقيقته أنه لا ينمو نمو مثله، ولا يُستبعد أن تكون سببًا في حسن نَبَاتِ المولود وحفظه من الشيطان فهي تخليص له من حبسه ومنعه عن السعي في(21/83)
مصالح آخرته. وقيل: إن المعنى إذا لم يَعُقّْ عنه والده لا يَشفع له كما قاله الإمام أحمد، لكن التفسير الأول أحسن. والله أعلى وأعلم
ـــــــــــــــــــ
الأضحية والعقيقة ... العنوان
إذا تزامنت الأضحية مع العقيقة أيهما تقدم؟ ... السؤال
04/02/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
يقول أ.د سعد مسعد الهلالي - أستاذ الفقه المقارن بجامعة الكويت والأزهر - :ـ
الأضحية هي الذبيحة التي تذبح في عيد الأضحى فهي مشتقة من اسم الوقت الذي تذبح فيه.
فذهب جمهور الفقهاء إلى أن الأضحية سنة، وذهب أبو حنيفة إلى أنها واجبة استدلالاً بما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا" [رواه أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم ورجح الأئمة غيره وقفه، ولحديث مخفف بن سليم مرفوعًا "على أهل كل بيت في كل عام أضحية". واستدل الجمهور على عدم الوجوب بما أخرجه مسلم عن أم سلمة قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخلت العشر فأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا بشره شيئًا" قال الشافعي: قوله "فأراد أحدكم، يدل على عدم الوجوب. وأخرج البيهقي من حديث ابن عباس قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث هن عليّ فرض ولكم تطوع- وعد منها الأضحية".
والعقيقة هي الذبيحة التي تذبح للمولود، وهي عند الجمهور سنة، وذهب داود الظاهري إلى أنها واجبة. ويستدل الجمهور بحديث "من ولد له ولد فأحب أن ينسك عن ولده فليفعل" [أخرجه مالك في الموطأ] وبما رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة وابن الجارود وعبد الحق عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا" قال الجمهور والفعل يدل على الاستحباب لا الإيجاب. واستدل الظاهرية على وجوب العقيقة بما رواه الترمذي وصححه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم "أمرهم أن يُعق عن الغلام شاتان مُكافئتان وعن الجارية شاه" وبما رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذي عن سمرة مرفوعًا "كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى" وتأول الجمهور الأمر على الاستحباب.
فإذا تزامن وقت الأضحية مع العقيقة فله أن يختار لأن النسكين عند الجمهور سنة وإن كنت أرى تقديم الأضحية إذا عجز عن الاثنين معًا خروجًا من خلاف الحنفية الذين قالوا بوجوبها ولأن وقت العقيقة وإن كان المستحب فيه أن يكون يوم السابع من الولادة إلا أنه ممتد إلى حين الإمكان لحديث بريدة مرفوعًا "العقيقة تذبح لسبع ولأربع عشرة ولإحدى وعشرين" أخرجه البيهقي كما أخرج البيهقي من حديث أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد البعثة" لكنه : منكر.(21/84)
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
هل العقيقة واجبة أم سنة ؟ عنوان الفتوى
دار الإفتاء المصرية اسم المفتى
19529 رقم الفتوى
14/07/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
سئل : هل العقيقة واجبة أم سنة ؟ .
نص الفتوى
أجاب : العقيقة هى الذبيحة عن المولود ، وقد كانت معروفة عند العرب قبل الإِسلام ، فكان إذا ولد لأحدهم غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها ، فلما جاء الإِسلام أمر بذبح الشاة وحلق رأس المولود وتلطيخه بالزعفران ، كما رواه أبو داود عن بريدة ، وسميت العقيقة باسم الشعر الذى على رأس الصبى حين يولد ، لأنه يحلق عند الذبح ، وكذلك الحيوان حين يولد يسمى شعره عقيقة، واختلف الفقهاء فى حكمها على ثلاثة أقوال :
(أ) فقيل : إنها مكروهة، وذلك لخبر عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن العقيقة ، فقال ( لا أحب العقوق ) .
ولأنها من فعل أهل الكتاب وجاء فى ذلك حديث البيهقى . أن اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن الجارية ، ولما رواه أحمد أن الحسن بن على لما ولد أرادت فاطمة أن تعق عنه بكبشين فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم "لاتعقى ، ولكن احلقى رأسه فتصدقى بوزنه من الورق -الفضة " ثم ولد الحسين فصنعت مثل ذلك .
وقد أجيب على الحديث الأول بأن النبى كره اسمها ولم يكره فعلها ، وعلى الحديث الثانى بأن النبى ما كره من اليهود إلا تفرقتهم بين الغلام والجارية ، حيث لم يعقوا عنها ، وعلى الحديث الثالث بأنه لا يصح .
(ب ) وقيل : إنها سنة ، وبه قال أهل الحديث وجمهور الفقهاء ، ولهم فى ذلك عدة أحاديث ، منها " الغلام مرتهن بعقيقته ، تذبح عنه يوم السابع ، ويحلق رأسه " رواه أصحاب السنن من حديث سمرة بن جندب ، وصححه الترمذى ، ومنها حديث : أمر النبى صلى الله عليه وسلم بتسمية المولود يوم سابعه ، ووضع الأذى عنه ، والعق . رواه الترمذى أيضا .
ومعنى : مرتهن بعقيقته أنه لا ينمو نمو مثله ، ولا يستبعد أن تكون سببا فى حسن نبات المولود وحفظه من الشيطان فهى تخليص له من حبسه ومنعه عن السعى فى مصالح أخرته . وقيل : أن المعنى إذا لم يعق عنه والده لا يشفع ،له ، كما قاله الإِمام أحمد ، لكن التفسير الأول أحسن .
(ج) وقيل : إنها واجبة ، وبه قال الليث والحسن وأهل الظاهر .
والسنة أن يعق عن الذكر بشاتين ، وعن الأنثى بشاة ، وذلك لحديث عائشة الذى رواه الترمذى، وقال : حسن صحيح .
قال العلماء : إن البنت كانت على النصف من الولد تشبيها للعقيقة بالدية .(21/85)
وقالوا : إن أصل العقيقة يتأدى عن الغلام بشاة ، لأن النبى صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن الذى ولد عام أحد، وعن الحسين الذى ولد بعده بعام ، كبشا كبشا . والأكمل شاتان للولد ، ففى موطأ الإمام مالك عن النبى صلى الله عليه وسلم " من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل ، عن الغلام شاتان ، وعن الجارية شاة " .
والحكمة فى مشروعيتها أنها قربة إلى اللَّه ، يرجى بها نفع المولود بدعاء الفقراء له عندما يطعمون منها، وهى أيضا شكر للّه على نعمة الولد ، فالذرية محبوبة طبعا ومطلوبة شرعا ، بشر اللّه بها إبراهيم وزكريا عليهما السلام ، وفيها أيضا : إشهار للمولود ليعرف نسبه وتحفظ حقوقه ، وهى كفدية عنه ، تشبها بفداء إسماعيل الذبيح بالكبش .
هذا ، ويشبه العقيقة بالأضحية وفداء إسماعيل نقل عن الحنابلة أنه لو اجتمع يوم النحر مع يوم العقيقة يمكن الاستغناء بذبيحة واحدة عنهما إذا اجتمع يوم عيد مع يوم جمعة فإنه يكفى غسل واحد لهما .
ـــــــــــــــــــ
أسبوع المولود عنوان الفتوى
دار الإفتاء المصرية اسم المفتى
19603 رقم الفتوى
14/07/2004 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
سئل : أيهما أفضل : عمل ما يسمى بالسبوع أم العقيقة بعد الولادة ؟ .
نص الفتوى
أجاب : كلمة السبوع فى لغة العامة مأخوذة من العدد سبعة، الذى ورد أن الإنسان يسن أن يسمى ولده ويعق عنه ويحلق شعره ويتصدق بمثله فضة أو ذهبا يوم السابع .
فروى أصحاب السنن قوله صلى الله عليه وسلم "الغلام مرتهن بعقيقة تذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه " وهو حديث صحيح كما قال الترمذى .
وروى الترمذى أيضا أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بتسمية المولود يوم سابعه ووضع الأذى عنه والعق .
ومعنى مرتهن لا ينمو نمو مثله ، ولا يأمن من الأذى . وقيل إن المعنى لا يشفع لوالده إن مات صغيرا .
وإن لم يتيسر الذبح يوم السابع ففى اليوم الرابع عشر، وإلا ففى اليوم الحادى والعشرين ، وإلا ففى أى يوم .
هذا ، وما يعمل يوم السابع من رَشِّ الملح وإيقاد الشموع والدق بالهاون والكلمات المخصوصة التى ترجع إلى أفكار غير صحيحة لا أصل له فى الدين .
مع التنبيه على مراعاة الآداب عند اجتماع الأهل والأصحاب للاحتفال بالمولود يوم سابعه أو فى مناسبات أخرى .
ـــــــــــــــــــ
العقيقة : تعريفها، مشروعيتها، حكمتها، وقتها ... العنوان(21/86)
رزقني الله ـ عز وجل ـ منذ ثلاث سنوات بمولود، ولم أتمكن من الذبح عنه في ذلك الوقت لضيق ذات اليد، ثم وسَّع الله علي الآن. فهل يجوز أن أذبح عنه؟ ... السؤال
27/01/2002 ... التاريخ
أ.د.أحمد يوسف سليمان ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
العقيقة هي الذبيحة أو النسيكة التي تُذبح يوم السابع من ميلاد الطفل، وقد سميت بذلك؛ لأن العرب تسمي شعر الطفل عقيقة، ولما كانوا قد اعتادوا أن يحلقوا شعره وأن يذبحوا عنه يوم السابع سموا الذبيحة عقيقة؛ لمجاورتها حلق الشعر.
وقد اختلف أهل العلم في مدى مشروعيتها، بعد أن ذهب جمهورهم إلى هذه المشروعية، فمنهم من رأى أنها واجبة، ومنهم من ذهب إلى أنها مستحبة فقط، وسبب اختلافهم يرجع إلى فهم كل منهم لأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مشروعيتها. وذلك أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "مع الغلام عقيقته، فأهريقوا عنه دما، وأميطوا عنه الأذى" رواه البخاري وغيره، والأذى المذكور في الحديث هو شعر الطفل. فمن رأى أنها واجبة قال: هذا أمر من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والأصل في الأمر الوجوب. ولعل الراجح أن الأمر للاستحباب، فالذبح ليس واجبا عن كل مولود، بل هو مستحب، من فعله أثيب، ومن لم يفعله فلا عقاب عليه ـ ويدل على ترجيح ذلك أنه لو كان الأمر للوجوب لكان وجوبها معلوما من الدين؛ لأن ذلك مما تدعو إليه الحاجة، ولبيَّنه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيانا عاما كافيا، تقوم به الحجة وينقطع به العذر، وفِعْلُهُ ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يكفي لإثبات الوجوب، بل هو للاستحباب، ومما يزيد ذلك أنه قد ورد عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه ربط الذبح بمحبة فاعله؛ فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "من وُلد له ولد فأحب أن ينسك فليفعل".
والحكمة من مشروعية العقيقية عن المولود ما فيها من معنى القربان والشكر لله ـ عز وجل ـ على جزيل نعمه، كما أن فيها معنى الفداء، كما حدث لسيدنا إسماعيل -عليه السلام-.
كما أن فيها معنى التصدق وإطعام الطعام عند مظاهر الفرح، وأسباب البهجة والسرور، ولأنه إذا كان من المندوب صنع الوليمة وإطعام الطعام عند الوسيلة للإنجاب بالنكاح فإن ذلك مندوب أيضا عند حصول الغاية من النكاح بالإنجاب نفسه.
وليس من الضروري أن يكون الذبح يوم السابع من ميلاد الصبي، فإن كان وإلا فيوم الرابع عشر، وإلا ففي الحادي والعشرين. فإن كان الوالد غير قادر ثم تيسر حاله فذبح في أي وقت بعد ذلك أجزأ عنه، ونال نفس الثواب، وحقق نفس الغاية المقصودة من مشروعية العقيقة إن شاء الله. فإن لم يستطع الوالد، وكبر الصبي واستطاع أن يذبح عن نفسه ففعل قُبِلَ منه؛ لأن العقيقية ليست واجبة بل مستحبة ؛(21/87)
ولأن الغرض منها تقديم الشكر لله ـ عز وجل ـ ومشاركة الأصل والإخوان والجيران في دواعي البهجة والسرور.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
المنتقى من فتاوى الفوزان - (ج 50 / ص 7)
174 ـ ما حكم دفع قيمة صدقة الفطر وقيمة الأضحية والعقيقة ليشترى بها طعام يدفع وشاة تذبح في بلاد أخرى للفقراء هناك ؟
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
فقد قال الله تعالى : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا } [ سورة الحشر : آية 7 ] .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا؛ فهو رد ) ، أخرجه البخاري [ رواه البخاري في صحيحه ( 3/24 ) ] .
وإن بعض الناس في هذا الزمان يحاولون تغيير العبادات عن وضعها الشرعي، ولذلك أمثلة كثيرة؛ فمثلاً صدقة الفطر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراجها من الطعام في البلد الذي يوجد فيه المسلم عند نهاية شهر رمضان؛ بأن يخرجها في مساكين ذلك البلد (1)، وقد وجد من يفتي بإخراج القيمة بدلاً من الطعام، ومن يفتي بدفع دراهم يشتري بها طعام في بلد آخر بعيد عن بلد الصائم وتوزع هناك، وهذا تغيير للعبادة عن وضعها الشرعي؛ فصدقة الفطر لها وقت تخرج فيه، وهو ليلة العيد أو قبله بيومين فقط عند العلماء، ولها مكان تخرج فيه، وهو البلد الذي يوافي تمام الشهر والمسلم فيه، ولها أهل تصرف فيهم، وهم مساكين ذلك البلد، ولها نوع تخرج منه، وهو الطعام؛ فلا بد من التقيد بهذه الاعتبارات الشرعية، وإلا فإنها لا تكون عبادة صحيحة، ولا مبرئة للذمة .
وقد اتفق الأئمة الأربعة على وجوب إخراج صدقة الفطر في البلد الذي فيه الصائم مادام فيه مستحقون لها، وصدر بذلك قرار من هيئة كبار العلماء في المملكة؛ فالواجب التقيُّد بذلك، وعدم الالتفات إلى من ينادون بخلافه؛ لأن المسلم يحرص على براءة ذمته، والاحتياط لدينه، وهكذا كل العبادات لابد من أدائها على مقتضى الاعتبارات نوعًا ووقتًا ومصرفًا؛ فلا يغير نوع العبادة الذي شرعه الله إلى نوع آخر .
فمثلاً : فِديَةُ الصيام بالنسبة للكبير الهرم والمريض المزمن اللذين لا يستطيعان الصيام قد أوجب الله عليهما الإطعام عن كل يوم بدلاً من الصيام، قال الله تعالى : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } [ سورة البقرة : آية 184 ] ، وكذلك الإطعام في الكفارات كفارة الظهار وكفارة الجماع في نهار رمضان وكفارة اليمين، وكذلك إخراج الطعام في صدقة الفطر؛ كل هذه العبادات لابد من إخراج الطعام فيها، ولا يجزئ عنه إخراج القيمة من النقود؛ لأنه تغيير للعبادة عن نوعها الذي وجبت فيه؛ لأن الله نص فيها على الإطعام؛ فلا بد من التقيُّد به، ومن لم يتقيَّد به؛ فقد غيَّر العبادة عن نوعها الذي أوجبه الله .(21/88)
وكذلك الهدي والأضاحي والعقيقة عن المولود؛ لابد في هذه العبادات أن يذبح فيها من بهيمة الأنعام النوع الذي يجزئ منها، ولا يجزئ عنها إخراج القيم أو التصدق بثمنها :
لأن الذبح عبادة : قال تعالى : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } [ سورة الكوثر : آية 2 ] ، وقال الله تعالى : { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ سورة الأنعام : آية 162 ] .
والأكل من هذه الذبائح والتصدق من لحومها عبادة : قال الله تعالى : { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ } [ سورة الحج : آية 28 ] .
فلا يجوز ولا يجزئ إخراج القيمة أو التصدق بالدراهم بدلاً من الذبح؛ لأن هذا تغيير للعبادة عن نوعها الذي شرعه الله فيه، ولابدّ أيضًا أن تذبح هذه الذبائح في المكان الذي شرع الله ذبحها فيه :
فالهدي يذبح في الحرم : قال تعالى : { ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ } [ سورة الحج : آية 33 ] ، وقال الله تعالى في المحرمين الذين ساقوا معهم الهدي : { وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ } [ سورة البقرة : آية 196 ] .
والأضحية والعقيقة يذبحهما المسلم في بلده وفي بيته، ويأكل ويتصدق منهما، ولا يبعث بقيمتهما ليشتري بها ذبيحة وتوزع في بلد آخر؛ كما ينادي به اليوم بعض الطلبة المبتدئين أو بعض العوام؛ بحجة أن بعض البلاد فيها فقراء محتاجون .
ونحن نقول : إن مساعدة المحتاجين من المسلمين مطلوبة في أي مكان، لكن العبادة التي شر الله فعلها في مكان معين لا يجوز نقلها منه إلى مكان آخر؛ لأن هذا تصرف وتغيير للعبادة عن الصيغة التي شرعها الله لها، وهؤلاء شوَّشوا على الناس، حتى كثر تساؤلهم عن هذه المسألة .
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث بالهدي إلى مكة ليذبح فيها وهو مقيم بالمدينة (2) ويذبح الأضحية والعقيقة في بيته بالمدينة ولا يبعث بهما إلى مكة، مع أنها أفضل من المدينة، وفيها فقراء قد يكونون أكثر حاجة من فقراء المدينة، ومع هذا تقيد بالمكان الذي شرع الله أداء العبادة فيه، فلم يذبح الهدي بالمدينة، ولم يبعث بالأضحية والعقيقة إلى مكة، بل ذبح كل نوع في مكانه المشروع ذبحه فيه، ( وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة ) .
نعم؛ لا مانع من إرسال اللحوم الفائضة من هدي التمتع وهدي التطوع خاصة دون هدي الجبران ومن الأضاحي إلى البلاد المحتاجة، لكن الذبح لابد أن يكون في المكان المخصص له شرعًا .
ومن أراد نفع المحتاجين من إخواننا المسلمين في البلاد الأخرى؛ فليساعدهم بالأموال والملابس والأطعمة وكل ما فيه نفع لهم، أما العبادات فإنها لا تغير عن وقتها ومكانها بدعوى مساعدة المحتاجين في مكن آخر، والعاطفة لا تكون على حساب الدين وتغيير العبادة، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه .
ـــــــــــــــــــ
أحكام الأضحية والعقيقة(21/89)
296 ـ ما حكم تسريح الشعر وتقليم الأظافر وحلق الشعر، في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي ؟
حلق الشعر وتقليم الأظافر لا يجوزان في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي، أو أن يأخذ شيئًا من شعره أو أظافره في عشر ذي الحجة، حتى يذبح أضحيته؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك (10) ؛ كما في حديث أسماء رضي الله عنها، أما مجرد تسريح الشعر الذي لا يحصل معه زوال شيء من الشعر؛ فلا بأس به .
297 ـ سألني شخص يوم الثلاثين من ذي القعدة بعد المغرب : هل يأخذ من شعره وأظافره أم لا ؟ فقلت له : لا؛ لأنه بداية يوم الأول من ذي الحجة؛ فهل كلامي له صحيح أم لا ؟
إذا دخل شهر ذي الحجة؛ فإن من يريد أن يضحي عن نفسه لا يأخذ شيئًا من شعره وأظافره؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم (11) ، ويبدأ وقت النهي بثبوت دخول الشهر، وليلة الثلاثين من شهر ذي القعدة فيها احتمال؛ فترك الأخذ من باب الاحتياط طيب، لكن المنع إنما يتحقق بثبوت دخول الشهر برؤية الهلال .
298 ـ والدتي توفيت، وأريد أن أعمل لها عقيقة، وعند الاستفسار من أحد الأئمة في أحد المساجد ببغداد؛ قال : إن العقيقة تعمل للحي وليس للميت؛ ما حكم الشرع في هذا ؟
العقيقة لا تشرع للميت، وإنما تشرع عند الولادة في اليوم السابع من ولادة الإنسان، يشرع لأبيه أن يعق عن هذا الولد، سواء كان ذكرًا أم أنثى، لكن الذكر له عقيقتان، وللأنثى عقيقة واحدة، تذبح في اليوم السابع، ويؤكل منها، ويتصدق، ويهدى، ولا حرج على الإنسان إذا ذبح في اليوم السابع أن يدعو إليها أقاربه وجيرانه، وأن يتصدق بالباقي، فيجمع بين هذا وهذا .
وإذا كان الإنسان غير غني، وعق عن الذكر بواحدة؛ أجزأه ذلك .
قال العلماء : وإذا لم يمكن في اليوم السابع؛ ففي اليوم الرابع عشر، فإن لم يمكن؛ ففي اليوم الواحد والعشرين، فإن لم يمكن؛ ففي أي يوم شاء . هذه هي العقيقة .
299 ـ رزقني الله بأبناء وبنات، ولم أذبح التميمة لهم جميعًا؛ فهل علي إثم ؟
ذبح العقيقة التي يسمها العوام التميمة سنة مستحبة، وليست واجبة، عن الذكر شاتين، وعن الأنثى شاة واحدة، فمن لم يذبح؛ فلا إثم عليه، ووقت الذبح ليس له حد، ولكن الأفضل أن تذبح في اليوم السابع من ولادته إن أمكن أو بعد ذلك متى تيسر .
قال الإمام أحمد رحمه الله : " العقيقة سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد عق عن الحسن والحسين، وفعله أصحابه، وعن سمرة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كل غلام مرتهن بعقيقته ) [ رواه أبو داود في سننه ( 3/104، 105 ) ، ورواه الترمذي في سننه ( 5/237-239 ) ، ورواه النسائي في سننه ( 7/166 ) ] ؛ فلا ينبغي للأب ترك العقيقة عن مولوه " . والله أعلم .
300 ـ ما حكم العقيقة عمّن لم يعقَّ عنه والديه في الصغر ؟
حكم العقيقة سنة، وهي ذبح شاتين عن المولود الذكر، وشاة عن المولودة الأنثى، في اليوم السابع من ولادته، أو فيما بعده من الأيام، وهي سنة في حق والد الطفل؛ شكرًا لله تعالى وتقربًا إليه ورجاء سلامة المولود وحلول البركة عليه، يأكل منها ويهدي(21/90)
ويتصدق؛ كالأضحية؛ ولا يجزئ فيها إلا ما يجزئ في الأضحية سنًّا ونوعًا وسلامة من العيوب، وإذا لم يفعلها الوالد؛ فقد ترك سنة، ولا يشرع للإنسان أن يعق عن نفسه إذا لم يعق عنه والده؛ لأنه سنة في حق الوالد لا في حق الولد . والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
298 ـ والدتي توفيت، وأريد أن أعمل لها عقيقة، وعند الاستفسار من أحد الأئمة في أحد المساجد ببغداد؛ قال : إن العقيقة تعمل للحي وليس للميت؛ ما حكم الشرع في هذا ؟
العقيقة لا تشرع للميت، وإنما تشرع عند الولادة في اليوم السابع من ولادة الإنسان، يشرع لأبيه أن يعق عن هذا الولد، سواء كان ذكرًا أم أنثى، لكن الذكر له عقيقتان، وللأنثى عقيقة واحدة، تذبح في اليوم السابع، ويؤكل منها، ويتصدق، ويهدى، ولا حرج على الإنسان إذا ذبح في اليوم السابع أن يدعو إليها أقاربه وجيرانه، وأن يتصدق بالباقي، فيجمع بين هذا وهذا .
وإذا كان الإنسان غير غني، وعق عن الذكر بواحدة؛ أجزأه ذلك .
قال العلماء : وإذا لم يمكن في اليوم السابع؛ ففي اليوم الرابع عشر، فإن لم يمكن؛ ففي اليوم الواحد والعشرين، فإن لم يمكن؛ ففي أي يوم شاء . هذه هي العقيقة .
299 ـ رزقني الله بأبناء وبنات، ولم أذبح التميمة لهم جميعًا؛ فهل علي إثم ؟
ذبح العقيقة التي يسمها العوام التميمة سنة مستحبة، وليست واجبة، عن الذكر شاتين، وعن الأنثى شاة واحدة، فمن لم يذبح؛ فلا إثم عليه، ووقت الذبح ليس له حد، ولكن الأفضل أن تذبح في اليوم السابع من ولادته إن أمكن أو بعد ذلك متى تيسر .
قال الإمام أحمد رحمه الله : " العقيقة سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد عق عن الحسن والحسين، وفعله أصحابه، وعن سمرة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كل غلام مرتهن بعقيقته ) [ رواه أبو داود في سننه ( 3/104، 105 ) ، ورواه الترمذي في سننه ( 5/237-239 ) ، ورواه النسائي في سننه ( 7/166 ) ] ؛ فلا ينبغي للأب ترك العقيقة عن مولوه " . والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
300 ـ ما حكم العقيقة عمّن لم يعقَّ عنه والديه في الصغر ؟
حكم العقيقة سنة، وهي ذبح شاتين عن المولود الذكر، وشاة عن المولودة الأنثى، في اليوم السابع من ولادته، أو فيما بعده من الأيام، وهي سنة في حق والد الطفل؛ شكرًا لله تعالى وتقربًا إليه ورجاء سلامة المولود وحلول البركة عليه، يأكل منها ويهدي ويتصدق؛ كالأضحية؛ ولا يجزئ فيها إلا ما يجزئ في الأضحية سنًّا ونوعًا وسلامة من العيوب، وإذا لم يفعلها الوالد؛ فقد ترك سنة، ولا يشرع للإنسان أن يعق عن نفسه إذا لم يعق عنه والده؛ لأنه سنة في حق الوالد لا في حق الولد . والله أعلم .
301 ـ يوجد عندنا عادة تكاد أن تكون عند كثير من الناس، ألا وهي ما يسمونه بـ ( هدية المولود ) ، وذلك إذا رُزق أحد الناس بمولود أو مولودة؛ فإن بعض الناس إذا زاروهم؛ جلبوا لذلك المولود أو المولودة هدية، وقد تعارف الناس على ذلك، وكذلك يحصل لكل من نزل بيتًا جديدًا أو تزوج؛ فهل لذلك أصل في شرع الله عزّ وجلّ ؟ وهل في فعلها بهذه الصورة محذور شرعي ؟ أفتونا بارك الله فيكم ؟(21/91)
لا بأس بالهدية للمولود الجديد ولأهل البيت الجديد أو لمن تزوج؛ إلا أنه لا يبالغ في ذلك، ولا يفرض على الفقراء ما لا يستطيعون، وإنما تكون المسألة اختيارية، لا إحراج فيها؛ لأن ذلك من مكارم الأخلاق، ومن العادات الطيبة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تهادوا وتحابوا ) [ رواه الإمام مالك في الموطأ ( 2/908 ) ] ، ولأن في ذلك إعانة للمتزوج المحتاج، أو تأثيث البيت الجديد بالنسبة للفقير . والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
6- أحكام الأضحية والعقيقة
296- هل يجوز طبخ ثلث الأضحية الخاص بالفقير ودعوة المسلمين إليه في أيام العيد ؟
لا بأس بطبخ لحم الأضحية ودعوة المحتاجين إليها، لأن هذا يدخل في مسمى الصدقة، وإن دفع اللحم للفقير يتصرف فيه فلا بأس، بل قد يكون أحسن من أجل أن يتصرف فيه الفقير على حسب مصلحته .
297- الطالب الأعزب الذي ينفق على أسرته ( والده ووالدته وإخوانه ) ، هل يكفي أن يضحوا عنه في بلادهم ؟ وكذلك الطالب المتزوج ولكن أهله ليسوا معه، هل يضحي هنا أم يضحي عن أهله في بلادهم ؟
الأضحية تذبح في بلد المضحي وفي بيته يأكل منها هو وأهل بيته ويهدي منها على جيرانه وأصدقائه ويتصدق منها على الفقراء، وإذا كان أهله في بلد آخر فإن الأضحية تذبح عنه وعنهم في بيته وفي بلده، وإن كان هو في بلد آخر .
298- هنا - في أمريكا - أعداد كبيرة من الطلبة المبتعثين وهم على أبواب عيد الأضحى المبارك، ويسألون عن الأضاحي، وخصوصًا أن الضأن في أمريكا تقطع أليتها وهي صغيرة حتى يكون الدهن في ظهورها، فهل يجزئ أن نضحي من هذه الأنواع من الضأن، مع العلم أنه توجد الأبقار، ولكن البعض لا يحب أكل لحمها ؟
لا بأس بذبح الأضحية من الأغنام المذكورة، وإن كانت مقطوعة الألية، لأن قطعها من أجل تطييب لحمها، فهو مثل خصاء الذكور لأجل تطييب لحمها، وقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بالخصي من الغنم (1) .
299- يقوم بعض الجيران في عيد الأضحى بالذبح وإعطاء الجيران من هذه الذبيحة كهدية، ونعلم فيهم الشرك وعدم الالتزام بالدين، فهل يجوز لنا قبول هذه الذبيحة وأكلها ؟ وما هي شروط الذبيحة على الطريقة الإسلامية ؟
إذا كانوا يُعرفون أنهم مشركون بالله فإن ذبيحتهم لا تجوز إلا إذا كانوا من أهل الكتاب من اليهود والنصارى وذبحوا على الطريقة الشرعية، فإن ذبيحة أهل الكتاب حلال، قال تعالى : { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ } [ سورة المائدة : آية 5 ] ، والمراد بطعامهم هو ذبائحهم، وهذا بإجماع علماء المسلمين، فذبائح أهل الكتاب حلال لنا لهذه الآية الكريمة وللإجماع على ذلك، ولكن إذا توفرت فيها شروط الذكاة الشرعية .(21/92)
أما المشركون غير أهل الكتاب وسائر الكفار على اختلاف مللهم ومذاهبهم فإن ذبائحهم لا تحل للمسلمين وهي ميتة، لأن الله لم يستثن من ذبائح الكفار إلا ذبيحة أهل الكتاب، وهذا لا اختلاف فيه بين أهل العلم .
أما الطريقة الشرعية للذبح فهي أن تتوفر شروط الذكاة بأن يكون الذبائح مسلمًا أو كتابيًّا يعني أن يكون ذا دين سماوي، وأن يكون عاقلاً تتأتى منه النية والقصد، ولو كان مميزًا، إذا كان يتأتى منه النية وقصد الذكاة سواء كان ذكرًا أو أنثى .
كما يشترط أن تكون الآلة صالحة للذبح بأن تقطع بحدها لا بثقلها، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ) [ رواه البخاري في " صحيحه " ( 3/110 ) من حديث عباية بن رفاعة بن رافع عن خديج عن جده، رضي الله عنهم ] ، وأن لا تكون الآلة سنًّا أو ظفرًا، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه، فكلوا ليس السن والظفر ) ، ثم قال صلى الله عليه وسلم : ( أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة ) [ رواه البخاري في " صحيحه " ( 3/110 ) من حديث عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج عن جده، رضي الله عنهم ] .
ويشترط أن يكون الذبح في محل الذكاة وهو الحلق من غير الإبل أو اللبة من الإبل، وأن يقطع من الرقبة المريء والحلقوم وأحد الودجين؛ والمريء وهو مجرى الطعام والشراب، والحلقوم وهو مجرى النفس، وأحد الودجين وهما عرقان في جانبي العنق يجري فيهما الدم، فإذا قطع ثلاثة من هذه الأربعة فقد حصلت الذكاة الشرعية على الصحيح ولو قطع الودجين مع الحلقوم والمريء فهذا أكمل وتحصل به الذكاة إجماعًا .
ويشترط أن يذكر اسم الله عليه بأن يقول عند الذبح : باسم الله، وكذلك لا يحل ما ذبح للقبور أو للجن أو الشياطين .
وعليه إذا توفرت شروط الذكاة التي ذكرناها وهي :
1ـ أن يكون الذابح من أهل الذكاة وهو المسلم أو الكتابي الذي يميز ويقصد الذكاة .
2ـ أن تكون الآلة صالحة للذبح .
3ـ أن يذكر اسم الله عليها عند تحريم يده للذبح .
4ـ قطع ما يجب قطعه في الذكاة وهي : المريء، والحلقوم، والودجين، أو ثلاثة من هذه الأربعة .
فهذه الذبيحة حلال، أما إذا اختل شرط من هذه الشروط فإن الذبيحة لا تحل .
300- رزقني الله بثلاث بنات، ثم توفين وهن صغار، ولكن لم أعق عنهن، وقد سمعت أن شفاعة الأطفال مقرونة بالعقيقة، فهل يصح أن أعق عنهن بعد وفاتهن ؟ وهل أجمع العقيقة في ذبيحة واحدة أم لكل واحدة ذبيحة منفردة ؟
العقيقة عن المولود سنة مؤكدة، والقول بها قول جمهور أهل العلم، ومشروعيتها في حق الأولاد الأحياء لا إشكال فيها، لأنها سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما العقيقة عن الأولاد الأموات فلا يظهر لي أنها مشروعة، لأن العقيقة إنما تذبح فدية للمولود وتفاؤلاً بسلامته ولطرد الشيطان عن المولود، كما قرر ذلك العلامة ابن القيم في " تحفة الودود في أحكام المولود " ، وهذه المعاني مفقودة في الأولاد(21/93)
الأموات، وأما ما أشار إليه السائل من أن العقيقة تدخل في الشفاعة ( شفاعة المولود ) لأبيه إذا عق عنه، فهذا المعنى غير صحيح، وقد ضعفه ابن القيم يرحمه الله، وذكر أن السر في العقيقة هو :
أولاً : أن فيها إحياء لسنة إبراهيم عليه السلام حينما فدى إسماعيل .
ثانيًا : أن فيها طردًا للشيطان عن هذا المولود، وأن معنى الحديث : ( كل غلام رهينة بعقيقته ) [ رواه أبو داود في " سننه " ( 3/105 ) من حديث سمرة رضي الله عنه، وانظر " صحيح الإمام البخاري " ( 6/216، 217 ) من حديث سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه ] أنه مرهون فكاكه من الشيطان، فهذا معنى ما قرره ابن القيم (2).
على كل حال إن أراد السائل أن يعق عن بناته الميتات واستحسن هذا الشيء فله ذلك، لكنني أنا يترجح عندي عدم المشروعية .
301- بالنسبة للعقيقة في حق الحي ما هو أفضل وقت لتأديتها ؟
الأفضل يوم سابعه، هذا هو الأفضل المنصوص عليه، فإن تأخرت عن ذلك فلا بأس بذلك ولا حد لآخر وقتها إلا أن بعض أهل العلم يقول : إذا كبر المولود يفوت وقتها، فلا يرى العقيقة عن الكبير، والجمهور على أنه لا مانع من ذلك حتى ولو كبر .
302- إذا كنت في بلدي ورزقني الله بمولود أو مولودة ولن أرجع إلى زوجي في البلد الآخر الذي يقيم فيه إلا بعد مرور شهر أو أكثر، فهل يلزمني عمل العقيقة في اليوم السابع أو الرابع عشر أو الحادي والعشرين كما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها أم يجوز لي تأخيرها لحين العودة إلى زوجي وأعملها وأنا عنده ؟
لا مانع من تأخير ذبح العقيقة إلى وقت يكون أنسب وأيسر في حق الوالدين أو أحدهما وإنما ذبحها في اليوم السابع أو الحادي والعشرين إنما يكون فضيلة إذا أمكن ذلك وتيسر، أما إذا لم يتيسر فلا بأس بتأخيرها إلى وقت آخر حسب الإمكان، مع العلم أن ذبح العقيقة يقوم به والد الطفل فهو من حقوق الولد على والده .
303- لي ولد ولم أذبح عنه العقيقة وهو صغير إلا بعد أن بلغ من العمر ثلاثة عشر سنة ولم أذبح عنه أيضًا العقيقة الثانية فقد سمعت من بعض الناس أنهم يقولون : الولد له عقيقتان ؟ أفيدونا أفادكم الله هل هذا صحيح ؟
نعم، الذكر : الأولى أن تذبح عنه شاتان وعن الأنثى شاة واحدة هذا هو الأفضل والأكمل، ولو ذبح واحدة اليوم والثانية ذبحها بعد أيام أو بعد ويم فلا مانع وليس اللازم أن تكون الشاتان مجتمعتين في وقت واحد .
304- ما حكم العقيقة التي تذبح عن الكبير الذي لم يذبحها له والده في الصغر ؟
حكم العقيقة سُنَّة وهي ذبح شاتين عن المولود الذكر، وشاة عن المولودة الأنثى في اليوم السابع من ولادته أو فيما بعده من الأيام وهي سنة في حق والد الطفل شكرًا لله تعالى وتقربًا إليه وفكاكًا له من الشيطان ورجاء سلامة المولود وحلول البركة عليه، يأكل منها ويهدي ويتصدق كالأضحية، وما يجزئ في الأضحية سنًّا ونوعًا وسلامة من العيوب، وإذا لم يفعلها الوالد فقد ترك سنة، وإذا لم يعق عنه والده وعق عن نفسه فلا بأس بذلك فيما أرى، والله أعلم .(21/94)
ـــــــــــــــــــ
لقاءات الباب المفتوح - (ج 2 / ص 11)
حكم العقيقة عن طفل مات بعد ولادته:
___________________________________
السؤال: المولود الذي ولد وتوفي مباشرة هل تجب له العقيقة؟
___________________________________
الجواب: إذا ولد المولود بعد تمام أربعة أشهر فإنه يُعَقُّ عنه ويسمى أيضاً؛ لأنه بعد أربعة أشهر تنفخ فيه الروح، ويُبْعث يوم القيامة.......
ـــــــــــــــــــ
مشروعية العقيقة عن الكبير:
___________________________________
السؤال: رجل له مجموعة من الأبناء والبنات، ولم يَعُقَّ عن أحد منهم، وبعضهم الآن كبار، إما لجهل أو لتهاون في ذلك، فماذا عليه الآن؟
___________________________________
الجواب: إذا عَقَّ عنهم الآن فهو حسن، أما إذا كان جاهلاً أو يقول: غداً أعق .. غداً أعق حتى تمادى به الوقت، أما إذا كان فقيراً في حين مشروعية العقيقة فلا شيء عليه.......
ـــــــــــــــــــ
حكم الاستدانة للزواج والعقيقة:
___________________________________
السؤال: هل يستدين الرجل لكي يتزوج امرأة ثانية، وهل يستدين لأجل العقيقة؟
___________________________________
الجواب: أما الاستدانة في الزواج فليست بمشروعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للذي لم يجد شيئاً يتزوج به: (هل معك شيء من القرآن؟ قال: نعم، قال: زوجتك بما معك من القرآن) ولم يرشده إلى الاستقراض، وربما يدل على ذلك قوله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:33]، وهذا الرجل عنده زوجة يستغني بها حتى يغنيه الله من فضله. وأما الاستقراض من أجل العقيقة فينظر، إذا كان يرجو الوفاء كرجل موظف، لكنه صادف وقت العقيقة أنه ليس عنده دراهم، فاستقرض من شخص حتى يأتي الراتب، فهذا لا بأس به، وأما إذا كان ليس له مصدر يرجو الوفاء منه، فهذا لا ينبغي له أن يستقرض. السائل: يوجد نص عن الإمام أحمد يا فضيلة الشيخ؟ الشيخ: نعم قال الإمام أحمد قال في العقيقة: (يقترض يخلف الله عليه؛ أحيا سنة)، لكنه يحمل كلامه على ما ذكرت على التفصيل، يعني: شخصاً يستطيع أن يقضي. السائل: إذا كان معسراً في الطفل الأول، وبعد أربعة أطفال أنعم الله عليه؟ الشيخ: يبتدئ من الأخير الذي أنعم الله عليه حين ولادته، أما الأولون فقد سقطت عنه عقيقتهم؛ لأنه كان معسراً.
ـــــــــــــــــــ
حكم العقيقة عن طفل مات قبل يومه السابع:(21/95)
___________________________________
السؤال: إذا توفي الطفل بعد ولادته هل يعق عنه؟ الجواب: إذا توفي الطفل ساعة ولادته فإنه يعق عنه في اليوم السابع، وذلك لأن الطفل إذا نفخت فيه الروح فإنه يبعث يوم القيامة، ومن فوائد العقيقة أن الطفل يشفع لوالديه، وقال بعض العلماء: إذا مات قبل اليوم السابع سقطت العقيقة؛ لأن العقيقة إنما تسن يوم السابع لمن كان حياً وأما إن مات قبل السابع فإنها تسقط، فمن كان قد أغناه الله وتيسرت له فالأفضل أن يذبحها، ومن لم يكن كذلك فلا داعي له. السائل: وهل يسمى؟ الجواب: يسمى إذا خرج بعد نفخ الروح فيه وذلك إذا تم له أربعة أشهر.
ـــــــــــــــــــ
حكم الإكرام بالعقيقة للمسلم والكافر:
___________________________________
السؤال: شخص يقول: عندي عقيقة ذبحتها فأكرمت العمال وبينهم مسلم وكافر، فهل يجوز لي إكرامهم أم لا؟
___________________________________
الجواب: أولاً العقيقة ذبيحة لله عز وجل ولا يجوز أن يدفع بها الإنسان مذمة عن نفسه، ولا أن يجلب لنفسه بها مصلحة، فإذا كان قد أكرم بها العمال من أجل أن يزيدوا في عملهم وينصحوا له فهذا لا يجوز، أما إذا أكرم العمال بها؛ لأنهم فقراء فهذا لا بأس به، سواء كانوا من المسلمين أو غير المسلمين، وسواء كان معهم مسلم أم لم يكن؛ لأن الله تعالى قال في كتابه: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8].
ـــــــــــــــــــ
حكم العقيقة، والهدية للكافر:
___________________________________
السؤال: فضيلة الشيخ! حبذا لو أتحفتنا ببعض أحكام العقيقة: تسميتها، ووقتها، وهل يعطى الأغنياء منها، وهل يجوز إعطاء الكافر منها، وهل الأفضل توزيعها أو عمل وليمة؟
___________________________________
الجواب: العقيقة سنة مؤكدة، عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، تذبح في اليوم السابع، ويؤكل منها ويوزع على الأغنياء هدية وعلى الفقراء صدقة. السائل: هل يجوز أن يعطى الكافر منها؟ الشيخ: الكافر يتصدق منها عليه إذا كان لا ينال المسلمين منه ضرر، لا منه ولا من قومه، لقوله تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ [الممتحنة:8] أي: لا ينهاكم عن برهم، بروهم أي: تصدقوا عليهم، ليس هناك مانع أن تبروهم وتقسطوا إليهم، فالبر إحسان، والقسط عدل: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8].
ـــــــــــــــــــ
حكم العقيقة عن السقط:(21/96)
___________________________________
السؤال: الولد الصغير الذي يسقط قبل أن يتم، هل له عقيقة أم لا؟
___________________________________
الجواب: ما سقط قبل تمام أربعة أشهر فهذا ليس له عقيقة، ولا يسمى، ولا يصلى عليه، ويدفن في أي مكان من الأرض، وأما ما سقط بعد أربعة أشهر فهذا قد نفخت فيه الروح، فيسمى، ويغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن مع المسلمين، ويعق عنه على ما نراه، لكن بعض العلماء يقول: لا يعق عنه حتى يتم سبعة أيام حياً، لكن الصحيح أنه يعق عنه؛ لأنه سوف يبعث يوم القيامة ويكون شافعاً لوالديه.
ـــــــــــــــــــ
حكم ذبح العقيقة خارج البلاد لعدم حاجة أهلها للحم:
________________________________________
السؤال: ما حكمُ توزيعِ العقيقة وإخراجِها خارجَ البلاد، مع العلم بعدم حاجة أهلها لِلَحم هذه العقيقة، وباستطاعتهم أن يقيموا بدلاً عنها واحدةً أخرى في نفس البلد؟
________________________________________
الجواب: بالمناسبة لهذا السؤال أود أن أبين للإخوة الحاضرين والسامعين أنه ليس المقصودُ من ذبح النسك سواءً كان عقيقةً أو هدياً أو أضحيةً اللحمُ أو الانتفاعُ باللحم، فالانتفاع باللحم يأتي أمراً ثانوياً. المقصود بذلك هو: أن يتقرب الإنسان إلى الله بالذبح، هذا أهم شيء، أما اللحم فقد قال الله تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:37]. وإذا علمنا ذلك تبين لنا خطأ من يدفعون مالاً ليُضَحَّى عنهم في مكان آخر، أو يُعَقَّ عن أولادهم في مكانٍ آخر؛ لأنهم إذا فعلوا ذلك فاتهم المهم، بل فاتهم الأهم من هذه النسيكة وهو التقرب إلى الله بالذبح، وأنت لا تدري من يتولى ذبح هذه، قد يتولاه مَن لا يصلي، فلا تحل، أو قد يتولاه مَن لا يسمي عليها، فلا تحل، أو قد يُعبث بالذبيحة ولا يُشترى إلا شيئاً لا يُجزئ. فمن الخطأ جداً أن تصرف الدراهم لشراء الأضاحي أو العقائق من مكان آخر، نقول: اذبحها أنت، بيدك إن استطعت، أو بوكيلك، واشهَدْ ذبحها حتى تشعر بالتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بذبحها، وحتى تأكل منها؛ لأنك مأمورٌ بالأكل منها، قال الله تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28]. وقد أوجب كثير من العلماء على الإنسان أن يأكل من كل نسيكةٍ ذبحها تقرباً إلى الله، كالهدايا، والعقائق وغيرها، فهل ستأكل منها وهي في محل بعيد؟! لا. وإذا كنت تريد أن تنفع إخوانك في مكان بعيد فابعث بالدراهم إليهم، ابعث بالثياب إليهم، ابعث بالطعام إليهم، أما أن تنقل شعيرة من شعائر الإسلام إلى بلاد أخرى فهذا لا شك أنه من الجهل. أنا أعتقد أن الذين يفعلون ذلك لا يريدون إلا الخير؛ لكن ليس كل من أراد الخير يوفَّق له، ألَمْ تعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام أرسل رجلين في حاجة، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمما وصليا، ثم وجدا الماء، فأحدهما توضأ وأعاد الصلاة،
والثاني لم يعد الصلاة، فقال للذي لم يعد الصلاة: (أصبت السنة)، والذي أعاد الصلاة كان يريد الخير، فشفَعَت له نيته هذه، وأُعْطِي أجراً على عمله الذي كرَّرَه؛ لكنه خلاف السنة، ولهذا لو أن الإنسان أعاد الصلاة بعد أن سمع بأن السنة عدم(21/97)
الإعادة لم يكن له أجر؛ لكن هذا كان له أجر؛ لأنه كان لا يعلم أن السنة عدم الإعادة. فالحاصل أنه ليس كل من أراد الخير يوفَّق له، وأنا أخبرك، وأرجو أن تخبر من يبلُغُه خبرُك بأن هذا عمل خاطئ ليس بصواب. نعم. لو فُرِضَ أنه دار الأمر بين أن تَعُقَّ أو تُنْجِي أناساً من المجاعة المهلكة وهم مسلمون، وأردت أن تأخذ دراهم العقيقة وترسلها لقلنا: لعل هذا أفضل؛ لأن إنقاذ المسلمين من الهلاك أوجب من العقيقة؛ لكن لا ترسل دراهم على أن تكون عقيقة.
ـــــــــــــــــــ
العقيقة عن السقط بعد أربعة أشهر:
________________________________________
السؤال: فضيلة الشيخ: إذا أسقط الجنين في حدود أربعة أشهر هل يعق عنه، ويُصلى عليه؟
________________________________________
الجواب: قد ثبت في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الجنين إذا أتم أربعة أشهر نفخت فيه الروح، فإذا سقط بعد نفخ الروح فهو كما لو سقط عن تمام، فيغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في المقابر. وأما العقيقة ففيها خلاف، بعض العلماء يقول: يُعق عنه؛ لأنه سوف يبعث، وبعض العلماء يقول: لا يُعق عنه، وأرى أنه يُعق عنه إذا كان أبوه موسراً؛ لأن هذا فيه خير وصدقة وبر.
ـــــــــــــــــــ
معنى ارتهان الغلام بعقيقته:
________________________________________
السؤال: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (كل غلام مرتهن بعقيقته)؟
________________________________________
الجواب: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (كل غلام مرتهنٌ بعقيقته) أن الغلام محبوس عن الشفاعة لوالديه يوم القيامة إذا لم يعق عنه أبوه، هكذا فسره بعض أهل العلم. وقال بعض العلماء: مرتهن بعقيقته أي: أن العقيقة من أسباب انطلاق الطفل في مصالح دينه ودنياه، وانشراح صدره عند ذلك، وأنه إذا لم يعق عنه فإن هذا قد يحدث له حالة نفسية توجب أن يكون كالمرتهن. وهذا القول أقرب، وأن العقيقة من أسباب صلاح الولد وانشراح صدره ومضيه في أعماله.
ـــــــــــــــــــ
أب عق عن ابنه بشاة فمات الابن فعليه أن يعق الثانية:
________________________________________
السؤال: زوج رزقه الله بمولود ذكر ثم عق عنه بشاة فمات الولد, فهل يعق عنه بأخرى أم يكتفي بالأولى؟ الشيخ: لماذا اقتصر على الشاة في الأول؟ السائل: لأن الولد كان مريضاً, فاقتصر على الشاة. الشيخ: لا حول ولا قوة إلا بالله, كأنه يقول: أعطيتك يا رب نصف واحدة, وسأعطيك نصف العقيقة أم ماذا؟ السائل: لم أسأله يا شيخ! لكن هذا سؤاله.(21/98)
________________________________________
الشيخ: على كل حال، إذا كان هذا وجهة نظره فهي خاطئة, وعليه أن يتوب إلى الله عز وجل, وأما العق بالثانية فيعق سواء بقي الولد حياً أو ميتاً.
ـــــــــــــــــــ
حكم العقيقة وأثر تأخيرها:
________________________________________
السؤال: ما رأيكم فيمن يؤخر العقيقة حتى أن شخصاً حكى لي أن عنده ثلاثة أبناء قال: لم أعق عنهم حتى الآن، وسوف أذبح عنهم وأوزعها، فما معنى قول: (المولود مرتهن بعقيقته) أو نحو ذلك حفظكم الله ورعاكم؟
________________________________________
الجواب: الصحيح: أن العقيقة ليست واجبة وأنها سنة مؤكدة، ولا ينبغي للإنسان تركها، حتى إن الإمام أحمد رحمه الله قال: إذا لم يجد فليستقرض ويخلف الله عليه إنه أحيا سنة، لكن قول الإمام أحمد: فليستقرض، مقيدٌ بما إذا كان يرجو الوفاء، كإنسان حلت عليه العقيقة وهو ما عنده دراهم، لكن يعرف أنه في آخر الشهر سيأتيه الراتب، هذا نقول: استقرض وادفع العقيقة في وقتها في اليوم السابع. أما الإنسان الذي لا يرجو الوفاء فلا يستقرض؛ لأن العقيقة سنة، والدين واجب قضاؤه. أما من أخرها بلا عذر وكانت نيته أن يفعل لكنه تهاون فهذا -إن شاء الله- يؤجر عليها، لكن أجرها أقل من ذبحها في وقتها، وهو اليوم السابع من ولادته، فإذا ولد الإنسان في يوم الأربعاء تكون العقيقة يوم الثلاثاء، وهذه قاعدة: في اليوم الذي قبل ولادته تكون العقيقة، وإن ولد يوم الأربعاء فالعقيقة يوم الثلاثاء، وإن ولد يوم الثلاثاء فالعقيقة يوم الإثنين، وإن ولد يوم الإثنين فالعقيقة يوم الأحد، وهذا مجرب. أما التوزيع فالأصل أن يوزعها ويدعو إليها، يوزع البعض على الفقراء وعلى الجيران ويدعو حتى يظهر السنة وتتبين السنة. السائل: ما معنى: (مرتهن بعقيقته)؟ الشيخ: معنى: (مرتهن بعقيقته) قال بعض أهل العلم: إنه مرتهن لا يشفع لوالديه يوم القيامة، ولكن ابن القيم ضعف هذا القول وقال: (مرتهن) أي: يكون منحبساً منقبضاً قد يكون فيه كثير من المصالح؛ لأن المرتهن هو الشيء المحبوس، كما لو رهنت مثلاً السيارة عند الدائن أي: انحبست عنك مصلحتها.
ـــــــــــــــــــ
الذبائح المشروعة حكمها حكم الأضحية:
________________________________________
السؤال: فضيلة الشيخ! بالنسبة للأضحية تأخذ حكم العقيقة، أو العقيقة تأخذ حكم الأضحية بالنسبة للشروط؟
________________________________________
الشيخ: اختر أي الأمرين شئت. السائل: العقيقة. الشيخ: كل الذبائح المشروعة فحكمها حكم الأضحية؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) كل الذبائح المشروعة: العقيقة، والفدية، والهدي كالأضحية تماماً. السائل: شخص ذبح أقل من ستة شهور،(21/99)
مجزئة أو غير مجزئة؟ الشيخ: لا تجزئ، لا من الضأن ولا من الماعز، وستة أشهر تجزئ من الضأن ولا تجزئ من الماعز.
ـــــــــــــــــــ
حكم العقيقة لمن لم يعق عن أولاده:
________________________________________
السؤال: رجل له عشر بنات ولم يعق عنهن وهن الآن متزوجات فماذا على والدهن؟ وما حكم العقيقة؟ وهل صحيح أن المولود لا يشفع لوالديه إذا لم يعق عنه؟
________________________________________
الجواب: العقيقة سنة مؤكدة للذكر اثنتان وللأنثى واحدة، وإذا اقتصر على واحدة للذكر فلا حرج، وهي سنة في حق الأب، فإذا جاء وقت العقيقة وهو فقير فليس عليه شيء، لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] وإذا كان غنياً فهي باقية على الأب وليس على الأم ولا على الأولاد شيء منها.
ـــــــــــــــــــ
حكم العقيقة بعد الكبر، وما هو مقدارها؟:
________________________________________
السؤال: إذا لم يعق عن الإنسان وهو صغير فهل تشرع له وهو كبير؟ وما هو حد العقيقة؟
________________________________________
الجواب: يسأل عن رجل لم يعق عنه في عهد الصغر فهل يعق عنه بعد الكبر؟ فالجواب: إن كان أبوه فقيراً وقت مشروعية العقيقة فلا شيء عليه، ولو اغتنى فيما بعد، كما أن الرجل إذا كان فقيراً لا زكاة عليه ولو اغتنى فيما بعد، فتسقط العقيقة لعدم القدرة عليها، وأما إذا كان غنياً لكنه يقول كل يوم: اليوم أعق عنه، فهذا يعق ولو كبر الولد. أما الوقت الأفضل فيها فهي اليوم السابع ثم الرابع عشر ثم الحادي والعشرين، ثم بعد ذلك لا تعتبر الأسابيع، وهي للذكر اثنتان، وإن اقتصر على واحدة أجزأ، وللأنثى واحدة والأفضل ألا يزيد؛ لأنه إذا فتحت باب الزيادة صار الناس يتباهون في هذا وربما تصل إلى عشرات، فيقال: اقتصر على السنة، فإذا قال: لي أصحاب، لي أقارب، لي جيران، قلنا: وليكن، إن كفت الواحدة للأنثى أو الاثنتان للذكر فهذا المطلوب، وإن لم تكفِ فاشترِ دجاجاً أو لحماً ولا تذبح سوى ما جاءت به السنة، أما العق عن نفسه ففيها خلاف، والأقرب أنه لا يعق؛ لأن هذا مما يناط بالأب.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ - (ج 6 / ص 134)
(فصل ـ في العقيقة)
(1418 ـ العقيقة مستحبة في حق الأب وحده )
" السؤال الثاني " رجل من ذوي اليسار له سبعة من الولد ، عق عن اثنين منهم ، والباقيون لم يعق عنهم . فهل يثاب إذا عق عن باقي أولاده ، ويأثم إن لم يعق؟(21/100)
والجواب : العقيقة عن الذكر والأنثى مستحبة ، لما رواه عبد الرزاق في " مصنفه" بسنده عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال : لا أحب العقوق ـ وكأنه كره الإسم ـ قالوا يارسول الله ينسك أحدنا عن ولده فقال : من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل : عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة" وهذا الاستحباب من حق الأب فقط ، لأن الخطاب في الحديث موجه إليه ، فلا تستحب في حق المولود من غيره .
(ص ـ ف 3026 ـ 1 في 30/7/1387هـ)
(1419 ـ اشترى عقيقة وعند وصوله إلى بيته وجد فيه ضيوفاً)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم عيد بن عودة البلوي سلمه الله
فقد جرى اطلاعنا على استفتائك الموجه إلينا منك بخصوص سؤالك عن سبع مسائل :
" أولها " شخص رزق مولوداً فاشترى عقيقة ، وعند مجيئه بها إلى البيت وجد فيه ضيوفاً فذبحها على أنها تميمة ولده ، وقدمها للضيوف وهم يعتقدون أنها ضيافتهم ، وحياهم عليها دون أن يذكر أنها تميمة . وتسأل : هل تجزي تميمة على هذه الحال ؟
والجواب : ما دام قد اشتراها تميمة، وذبحها على أنها تميمة ، ولم يؤجل ذبحها انتظاراً لضيوف يأتون إليه ، فلا يظهر لنا مانع من إجزائها تميمة . وإذا لم يكن قد أخرج منها شيئاً صدقة فينبغي أن يضمن قدر أوقية لحم يتصدق بها .
(ص ـ ف 1036 ـ 1 في 8/4/1387هـ)
(1420 ـ عن الغلام شاتان وتجزى واحدة )
" ثالثاً " عن العقيقة ـ المعروفة عند أهل انجد بالتميمة ـ فهي سنة في حق الأب ، لحديث " كل غلام مرتهن بعقيقته " رواه أحمد وغيره .
والسنة أن يذبح عن الغلام شاتان ، وعن الجارية شاة ، لحديث عائشة رضي الله عنها : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يعق عن الغلام شاتان ، متكافئتان وعن الجارية شاة " رواه الترمذي وصححه .
وإن اقتصر على واحدة فلا بأس ، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن " النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً " رواه أبو داود وغيره . والله أعلم . والله يحفظكم(1)
(ص ـ ف 87 في 1/2/1377هـ)
(1421 ـ س : إذا زاد على ثنتين ؟)
جـ : ليس مشروعاً ، ليس خيراً من الرسول ، إنما هذا تبع للاشر والبطر والإسراف .
يريد مثلاً أن يدعو إليها من يأكل ومن يعزون عليه فيهم كثرة فهذا من هذه الناحية لا بأس بالزيادة . وأما كونه يفعله على وجه البطر أو كمال في السنة فلا .
أما إذا كان الداعي لكثرة من سيدخل بيته ويأكل من هذه العقيقة وهي لا تكفيهم . (تقرير)
(1422 ـ س : الشرك في دم العقيقة )(21/101)
جـ : إذا كان سبعاً لا يشرف فيه ، الضعيف لا يبني على الضعيف وهذا كقول النحويين : المصغر لا يصغر ، ومثل الضعيف يروي عن ضعيف مثله في الحديث ،وكلما زادوا إزداد ضعفاً ، كما لو كانوا ستة (تقرير)
(1423 ـ ثم نعرف أنه لو اجتمع أضحية وعقيقة كفى واحدة صاحب البيت عازم على التضحية على نفسه فيذبح هذه أضحية وتدخل فيها العقيقة .
__________
(1) وفي تقرير له على هذا الباب قال : الواحدة كافية في أصل السنة ، إلا أنها المرتبة الدنيا من المرتبتين جمعاً بين الأخبار .
وانظر فتوى في الحج صادرة برقم 2816 في 16/11/84هـ هل يمد ذبح العقيقة عنها صدقة ، وما يفعل بطعام العقيقة .
وفي كلام لبعضهم ما يؤخذ منه أن لابد من الاتحاد : أن تكون الأضحية والعقيقة عن الصغير . وفي كلام آخرين أنه لا يشترط إذا كان الأب سيضحي فالاضحية عن الأب والعقيقة عن الولد . الحاصل أنه إذا ذبح الأضحية عن أُضحية نواها وعن العقيقة كفى ، وهذا مبسوط في " التحفة " المذكورة(1) .
و" مسألة أخرى " وهي مالو رزق أولاداً واتفق اسمهم في يوم مثل التوأم يجزي اثنين عنهما،وكذلك لو كانوا عشرة ، أو بينهما تفاوت في الأيام فيقصد عقيقة عن الجميع ، نظير من دخل المسجد ومن صلى الفريضة بعد الطواف تتداخل المشروعات ، ونظير ذلك غسل الجنابة والجمعة . (تقرير9
ـــــــــــــــــــ
فتاوى يسألونك - (ج 1 / ص 192)
حكم العقيقة
يقول السائل : ما هي العقيقة ؟ وما حكمها ؟
الجواب : العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود في اليوم السابع من ولادته شكراً لله تعالى على نعمة الولد ذكراً كان أو أنثى .
وهي سنة مؤكدة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ورد فيها أحاديث كثيرة منها :
1. عن سلمان بن عامر الضبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( مع الغلام عقيقة فأريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى ) رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم .
2. عن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى ) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وقال الترمذي حسنٌ صحيح .
3. عن أم كرز الكعبية رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة ) رواه أبو داود وأحمد والبيهقي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي .(21/102)
4. عن عمرو بن شعيب أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :( من ولد له ولد فأحب أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة ) رواه أبو داود والنسائي وأحمد وغيرهم وقال الألباني حسنٌ صحيح .
5. عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما :( أن الرسول صلى الله عليه وسلم عقَّ عن الحسن والحسين كبشين كبشين ) رواه النسائي وهو صحيح كما قال الألباني .
وشرعت العقيقة شكراً لله تعالى على نعمة الولد فإنها من أعظم النعم والأولاد من زينة الحياة الدنيا ، قال الله تعالى : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) ، وفطر الله جل جلاله الإنسان على السرور والفرح والبهجة عند قدوم المولود فكان حرياً بالإنسان أن يشكر الله الخالق الواهب .
وقد ورد في الأثر عن الحسين رضي الله عنه في تهنئته من رزق مولوداً أن يقال له :( بارك الله لك في الموهوب وشكرت الواهب وبلغ أشده ورزقت بره ) .
وكذلك فإن العقيقة فكاك المولود وفديته من تسلط الشيطان عليه .
وفيها أيضاً نوع من التكافل الإجتماعي في الإسلام حيث إن الذي يعق عن ولده فيذبح عنه ويطعم الفقراء والأصدقاء والجيران أو يدعوهم إليها ، فيسهم كل ذلك في إشاعة المودة والمحبة بين الناس ويخفف من معناة الفقراء والمحتاجين .
والعقيقة تشارك الأضحية في أكثر أحكامها عند جمهور الفقهاء فيشترط فيها أن تكون من الأنعام وهي الضأن والمعز والإبل والبقر ويشترط أن تكون سليمة من العيوب فلا يجزيء فيها العرجاء البين عرجها ولا العوراء البين عورها ولا المريضة البين مرضها ولا العجفاء الهزيلة فينبغي أن تكون سمينة طيبة فإن الله طييبٌ لا يقبل إلا طيباً .
كما يشترط فيها توافر الأسنان المطلوبة شرعاً كما هو الحال في الأضحية فينبغي أن تبلغ الشاة السنة من عمرها والبقرة السنتين والناقة الخمس سنين .
ويذبح عن الغلام شاتان وعن الأنثى شاة فإن ذبح شاة عن الغلام أجزأ وحصل أصل السنة .
ويتصرف في العقيقة كما يتصرف في الأضحية فتوزع أثلاثاً ثلث لأهل البيت وثلث للصدقة وثلث للهدية .
واستحب بعض العلماء أن لا يتصدق بلحمها نيئاً بل يطبخ ويتصدق به على الفقراء بإرساله مطبوخاً .
وفضل بعض العلماء دعوة الناس إلى العقيقة بعد طبخها ، وقد ورد عن الإمام مالك رحمه الله أنه عق عن ولد له فوصف لنا كيف صنع بالعقيقة فقال :
[ عققت عن ولدي وذبحت ما أريد أن أدعو إليه إخواني وغيرهم وهيأت طعامهم ثم ذبحت شاة العقيقة فأهديت منها للجيران وأكل منها أهل البيت وكسروا ما بقي من عظمها وطبخت فدعونا إليها الجيران فأكلوا وأكلنا ... فمن وجد سعة فأحب له أن يفعل هذا ومن لم يجد فليذبح عقيقة ثم ليأكل وليطعم منها ] .
ويجوز أن يباع جلدها وسواقطها ويتصدق بثمنه على الفقراء والمحتاجين .
وأما وقت ذبح العقيقة فقد وردت الأحاديث بتحديده باليوم السابع من ولادته المولود كما في حديث سمرة أنه عليه الصلاة والسلام قال :( كل غلام رهينة بعقيقته تذبح(21/103)
عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى ) وجاء في حديث عائشة رضي الله عنها :( عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين يوم السابع ) وهذا هو الوقت المستحب للعقيقة ولو أخرها عن ذلك يجوز ويفضل أن تكون في اليوم الرابع عشر من الولادة أو الحادي والعشرين وهكذا في الأسابيع .
ـــــــــــــــــــ
حكم العقيقة عن الإنسان في حال الكبر
يقول السائل : سألت والدي هل عقّ عني في صغري فأجابني بأنه لم يعق فهل يصح أن أعق عن نفسي بعد أن كبرت ؟
الجواب : العقيقة سنة مؤكدة ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً وقد وردت فيها أحاديث كثيرة منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم :( كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق رأسه ويسمى ) رواه ابو داود والترمذي والنسائي وغيرهم وهو حديث صحيح .
وثبت في الحديث عن سلمان بن عامر الضبي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :( مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى ) رواه البخاري وغير ذلك من الأحايث .
والسنة أن تكون العقيقة بعد ولادة الطفل بأسبوع كما ثبت في الحديث وقد أجاز جماعة من أهل العلم للشخص الذي لم يعق عنه صغيراً أن يعق عن نفسه كبيراً وقد استدلوا بما روي :( أن النبي عليه الصلاة والسلام عق عن نفسه بعد النبوة ) رواه البيهقي والبزار والطبراني . ولكن هذا الحديث باطل ولا يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال الإمام أحمد والنووي والبيهقي وغيرهم ومع عدم ثبوت الحديث المذكور قرر الفقهاء أنه لم يرد ما يمنع من العقيقة في حال الكبر وقد وردت آثار عن بعض السلف تجيز أن يعق الإنسان عن نفسه بعد الكبر منها :
1. عن الحسن البصري قال :[ إذا لم يعق عنك فعق عن نفسك وإن كنت رجلاً] ذكره ابن حزم في المحلى والبغوي في شرح السنة .
2. وقال محمد بن سيرين :[ عققت عن نفسي ببختية بعد أن كنت رجلاً ] ذكره البغوي في شرح السنة ، والبخت : نوع من الجمال .
3. ونقل عن الإمام أحمد أنه استحسن إن لم يعق عن الإنسان صغيراً أن يعق نفسه كبيراً وقال إن فعله إنسان لم أكرهه .
نقل ذلك عنه ابن القيم في تحفة المودود .
وبناء على ذلك لا مانع أن يعق الإنسان عن نفسه حال الكبر إن لم يعق عنه حال الصغر .
ـــــــــــــــــــ
حكم الجمع بين الأضحية والعقيقة
يقول السائل : إنه رزق مولوداً ويريد أن يعق عنه عقيقة وسيذبحها يوم عيد الأضحى وينوي بها الأضحية والعقيقة فهل يجوز ذلك ؟ وهل تقع الذبيحة عن العقيقة وعن الأضحية ؟(21/104)
الجواب : إذا اجتمعت الأضحية والعقيقة كأن أراد شخصٌ أن يعقَ عن ولده يوم عيد الأضحى كما ورد في السؤال أو في أيام التشريق فلا تجزئ الأضحية عن العقيقة على الراجح من أقوال أهل العلم .
وهذا قول المالكية والشافعية ورواية عن الإمام أحمد فقد روى الخلال عن عبد الله بن أحمد قال :[ سألت أبي عن العقيقة يوم الأضحى تجزئ أن تكون أضحية
وعقيقة ؟ قال : إما أضحية وإما عقيقة على ما سمّى ] وعلى هذه الرواية أكثر الحنابلة.انظر تصحيح الفروع 3/565 ، تحفة المودود ص 68 والذخيرة 4/166.
وحجة هؤلاء العلماء أن كلاً من الأضحية والعقيقة ذبحان بسببين مختلفين فلا يقوم الواحد عنهما كدم التمتع ودم الفدية .
وقالوا أيضاً إن المقصود بالأضحية إراقة الدم في كل منهما ولا تقوم إراقة مقام
إراقتين .
وسئل الشيخ ابن حجر المكي عن ذبح شاة أيام الأضحية بنيتها ونية العقيقة فهل يحصلان أو لا ؟
فأجاب :[ الذي دل عليه كلام الأصحاب وجرينا عليه منذ سنين أنه لا تداخل في ذلك لأن كلاً من الأضحية والعقيقة سنةٌ مقصودةٌ لذاتها ولها سبب يخالف سبب الأخرى والمقصود منها غير المقصود من الأخرى إذ الأضحيةُ فداءٌ عن النفس والعقيقةُ فداءٌ عن الولد إذ بها نُمُّوهُ وصلاحهُ ورجاءُ بِرِّهِ وشفاعته وبالقول بالتداخل يبطل المقصود من كلٍ منهما فلم يمكن القول به نظير ما قالوه في سنة غسل الجمعة وغسل العيد وسنة الظهر وسنة العصر وأما تحية المسجد ونحوها فهي ليست مقصودة لذاتها بل لعدم هتك حرمة المسجد وذلك حاصلٌ بصلاة غيرها وكذا صوم نحو الاثنين لأن القصد منه إحياء هذا اليوم بعبادة الصوم المخصوصة وذلك حاصلٌ بأي صومٍ وقع فيه .
وأما الأضحية والعقيقة فليستا كذلك كما ظهر مما قررته وهو واضح والكلام حيث اقتصر على نحو شاة أو سبع بدنة أو بقرة أما لو ذبح بدنة أو بقرة عن سبعة أسباب منها ضحية وعقيقة والباقي كفارات كنحو الحلق في النسك فيجزي ذلك وليس هو من باب التداخل في شيء لأن كل سبع يقع مجزياً عما نوى به .
وفي شرح العباب : لو ولد له ولدان ولو في بطن واحدة فذبح عنهما شاة لم يتأدى بها أصل السنة كما في المجموع وغيره . وقال ابن عبد البر: لا أعلم فيه خلافاً أ.هـ.
وبهذا يعلم أنه لا يجزي التداخل في الأضحية والعقيقة من باب أولى لأنه إذا امتنع مع اتحاد الجنس فأولى مع اختلافه والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ] الفتاوى الكبرى الفقهية 4/256 .
وذهب بعض العلماء إلى القول بالإجزاء وقد نقل ذلك عن جماعة من فقهاء السلف . فتح الباري 12/13 و شرح السنة 11/267 و الفروع 3/567 .
ورأوا أنه يجوز أن يصلي المصلي ركعتين ينوي بهما تحية المسجد وسنة المكتوبة ويجوز أن يصلي بعد الطواف فرضاً أوسنة مكتوبة ويقع ذلك عنه وعن ركعتي(21/105)
الطواف وقالوا لو ذبح المتمتع والقارن شاة يوم النحر أجزأ عن دم المتعة وعن الأضحية . تحفة المودود ص 69 .
والذي أراه راجحاً هو عدم إجزاء الأضحية عن العقيقة وعدم إجزاء العقيقة عن الأضحية لأن كلاً منهما لها سببها الخاص في إراقة الدم ولا تقوم إحداهما مقام الأخرى .
والمسائل التي ذكروها ليست مسلَّمةً عند جميع العلماء فحصول عبادتين بنية واحدة أجازه من أجازه من أهل العلم لأنهم عدُّوها من قبيل الوسائل لا المقاصد كما لو نوى بغسله رفع الحدث الأصغر والأكبر أو نوى بالغسل الجمعة والجنابة وخالف في ذلك ابن حزم ،وأمَّا حصول تحية المسجد وسنَّة المكتوبة ، فلأن تحية المسجد تحصل وإن لم يقصدها وأمَّا ما صححوه من تجويز عبادتين بنيَّةٍ واحدةٍ فالذي يظهر أنَّ الشارع قد اعتبر فيه الأمرين المقصودين ولو لم يقصدهما الفاعل كمن يتصدق على ذي رحمه ينال أجرين : أجر الصدقة وأجر صلة الرحم .
انظر مقاصد المكلفين ص 255-256 .
ـــــــــــــــــــ
الأضحية والعقيقة
لا تفوت الأضحية بسبب فرض نظام حظر التجول
طوال أيام العيد الأربعة
يقول السائل : إنه يعمل في جمعية خيرية وهذه الجمعية الخيرية تتولى ذبح الأضاحي التي يتبرع بها المحسنون وفي هذا العام فرض نظام حظر التجول على منطقتهم حتى خرجت أيام التشريق ولديهم أكثر من مئتي أضحية لم تذبح ولم يتمكنوا من ذبحها لصعوبة الظروف والأحوال فهل يجوز لهم ذبحها بعد انتهاء أيام التشريق ؟
الجواب : آخر وقت ذبح الأضحية هو غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق أي أن وقت الذبح هو يوم العيد وثلاثة أيام بعده وهذا هو الراجح من أقوال أهل العلم ونقل هذا القول عن عمر بن عبد العزيز وسليمان بن موسى الأسدي فقيه أهل الشام وبه قال عطاء والحسن والأوزاعي ومكحول واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشوكاني وهو قول الشافعية .
ويدل على ذلك ما ورد في الحديث عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
( كل فجاج مكة منحر ، وكل أيام التشريق ذبح ) رواه أحمد وابن حبان وصححه ورواه البيهقي والطبراني في الكبير والبزار والدراقطني وغيرهم.وقال الهيثمي :[ رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير إلا أنه قال :( وكل فجاج مكة منحر ) ورجاله موثقون ]مجمع الزوائد3/251 .
وقال الحافظ ابن حجر :[ أخرجه أحمد لكن في سنده انقطاع ، ووصله الدارقطني ورجاله ثقات ] فتح الباري 12/103 وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع 2/834(21/106)
واحتجوا بأن هذا القول قد نقل عن علي وابن عباس وعطاء وعمر بن عبد العزيز، فقد روى البيهقي بإسناده عن ابن عباس قال : الأضحى ثلاثة أيام بعد يوم النحر .
وروى أيضاً عن الحسن وعطاء قالا : يُضَحَّى إلى آخر أيام التشريق .
وروى أيضاً عن عمر بن عبد العزيز قال : الأضحى يوم النحر وثلاثة أيام بعده ) سنن البيهقي 9/296-297 . هذا هو القول الراجح في المسألة في الظروف والأحوال العادية .
وأما في الظروف والأحوال الاستثنائية كما ذكر في السؤال من فرض نظام حظر التجول وما قد يترتب على الخروج من البيوت خلال فرض نظام حظر التجول من مخاطر شديدة على الناس فإنه يجوز ذبح الأضاحي بعد انتهاء آخر وقت الذبح ومن المعلوم عند العلماء أن الضرورات تبيح المحظورات وفي الحالة المسؤول عنها فقد تتعرض حياة الناس للخطر فيباح لهم الذبح خارج الوقت . وكذلك فإن الله سبحانه وتعالى لا يكلف الناس إلا بما يطيقون . قال تعالى :( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) سورة البقرة الآية 286 . وقال تعالى :( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا ءَاتَاهَا ) سورة الطلاق الآية 7 . ويقول تعالى :( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) سورة التغابن الآية 16 .
وغير ذلك من النصوص الشرعية التي تدل على أن التكليف يكون بقدر الوسع وكذلك فإن الحنفية والمالكية يرون أنه إذا فات الإنسان وقت الأضحية ولم يضح فإنها تقضى قال الكاساني :[ ومنها أنها تقضى إذا فاتت عن وقتها والكلام فيه في موضعين : أحدهما : في بيان أنها مضمونة بالقضاء في الجملة . والثاني : في بيان ما تقضى به . أما الأول : فلأن وجوبها في الوقت إما لحق العبودية أو لحق شكر النعمة أو لتكفير الخطايا لأن العبادات والقربات إنما تجب لهذه المعاني وهذا لا يوجب الاختصاص بوقت دون وقت فكان الأصل فيها أن تكون واجبة في جميع الأوقات وعلى الدوام بالقدر الممكن إلا أن الأداء في السنة مرة واحدة في وقت مخصوص أقيم مقام الأداء في جميع السنة تيسيراً على العباد فضلاً من الله عز وجل ورحمة كما أقيم صوم شهر في السنة مقام جميع السنة وأقيم خمس صلوات في يوم وليلة مقام الصلاة آناء الليل وأطراف النهار فإذا لم يؤد في الوقت بقي الوجوب في غيره لقيام المعنى الذي له وجبت في الوقت ] بدائع الصنائع 4/202 .
ولكن الحنفية يرون أن قضاء الأضحية يكون بالتصدق بعين الشاة حية أو بقيمة الشاة انظر المصدر السابق 4/202 .
ويرى الحنابلة أن الأضحية المعينة وكذا المنذورة تذبح إن فات وقت الذبح .
قال الشيخ ابن قدامة المقدسي :[ إذا فات وقت الذبح ذبح الواجب قضاءً وصنع به ما يصنع بالمذبوح في وقته ] المغني 9/454 . وقال مستدلاً لذلك :[ ولنا أن الذبح أحد مقصودي الأضحية فلا يسقط بفوات وقته كتفرقة اللحم وذلك أنه لو ذبحها في الأيام ثم خرجت قبل تفريقها فرقها بعد ذلك ] المغني 9/454 .
وينبغي أن يعلم أن من أهل العلم من قال إن وقت ذبح الأضحية يستمر حتى نهاية شهر ذي الحجة وهذا قول أبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار من التابعين وبه قال ابن حزم الظاهري . المحلى 6/39-41 .(21/107)
واحتجوا بما رواه البيهقي بإسناده عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار أنه بلغهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :( الضحايا إلى آخر الشهر لمن أراد أن يستأني ذلك ) .قال ابن حزم :[ وهذا من أحسن المراسيل وأصحها ] المحلى 6/43. وفي رواية أبي حامد أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال :( الضحايا إلى هلال المحرم لمن أراد أن يستأني ذلك ) رواه أبو داود في المراسيل .
وما رواه البيهقي بإسناده عن يحيى بن سعيد قال :[ سمعت أبا أمامة بن سهل بن حنيف يقول : إنْ كان المسلمون ليشتري أحدهم الأضحية فيسمنها فيذبحها بعد الأضحى آخر ذي الحجة ] .
ثم قال البيهقي :[ حديث أبي سلمة وسليمان مرسل ، وحديث أبي أمامة حكاية عمن لم يسم ] سنن البيهقي 9/297-298
وقال الحافظ ابن حجر عند ذكر رواية يحيى بن سعيد قال :[ سمعت أبا أمامة بن سهل . قال كنا نسمن الأضحية بالمدينة وكان المسلمون يسمنون ]. قال الحافظ ابن حجر:[ وصله أبو نعيم في المستخرج من طريق أحمد بن حنبل عن عباد بن العوام أخبرني يحيى بن سعيد وهو الأنصاري ولفظه:( كان المسلمون يشتري أحدهم الأضحية فيسمنها ويذبحها في آخر ذي الحجة ) قال أحمد هذا الحديث عجيب ] فتح الباري 12/105 .
قال ابن حزم :[ الأضحية فعل خير وقربة إلى الله تعالى ، وفعل الخير حسن في كل وقت ، قال الله تعالى:( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ) فلم يخص تعالى وقتاً من وقت ، ولا رسوله عليه الصلاة والسلام ؛ فلا يجوز تخصيص وقت بغير نص فالتقريب إلى الله تعالى بالتضحية حسن ما لم يمنع منه نص أو إجماع ، ولا نص في ذلك ولا إجماع إلى آخر ذي الحجة ] المحلى 6/42.
ولكن هذا القول ضعيف وما احتجوا به عليه لا يصلح دليلاً قال الشيخ الألباني عن حديث :[ ( الضحايا إلى هلال محرم لمن أراد أن يستأني ذلك ) ضعيف أخرجه البيهقي وكذا أبو داود في المراسيل من طريقين عن أبان بن يزيد : ثنا يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم : حدثني أبو سلمة وسليمان بن يسار أنه بلغهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فذكره . قلت - الألباني - : وهذا إسناد ضعيف لإرساله ورجاله ثقات ] السلسلة الضعيفة 9/106 . وضعفه الألباني أيضاً في ضعيف الجامع الصغير ص526 .
وقال الشيخ أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم أبادي معلقاً على رواية الدار قطني بسنده عن أبي سلمة وسليمان بن يسار أنه بلغهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :( الضحايا إلى آخر الشهر لمن أراد أن يستأني ذلك ) قال أبو الطيب :[ قوله : أنه بلغهما . وأخرجه أبو داود في مراسيله ( الضحايا إلى هلال المحرم لمن أراد أن يستأني ذلك ) ذكره الشعراني في البدر المنير وقال الحافظ جمال الدين المزي في الأطراف حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار أنه بلغهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:( الأضاحي إلى هلال المحرم إذا أراد أن يستأني ذلك أخرجه أبو داود في المراسيل عن موسى بن إسماعيل عن أبان عن يحيى عن محمد بن إبراهيم عن سليمان بن يسار مولى ميمونة وأبي سلمة بن عبد(21/108)
الرحمن انتهى . وقال الحافظ في فتح الباري : أخرج أبو نعيم في المستخرج من طريق أحمد بن حنبل عن عباد بن العوام أخبرني يحيى بن سعيد وهو الأنصاري سمعت أبا أمامة بن سهل قال : كان المسلمون يشتري أحدهم الأضحية فيسمنها ويذبحها في آخر ذي الحجة قال أحمد : هذا الحديث عجيب انتهى . قال الحافظ : وهو قول عمر بن عبد العزيز وأبي سلمة وسليمان بن يسار وغيرهم وقال به ابن حزم متمسكاً بعدم ورود نص بالتقييد وأخرج ما رواه ابن أبي شيبة من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار قالا : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله قال : أي ابن حزم وهذا سند صحيح إليهما لكنه مرسل انتهى . وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره : وقيل إن وقت الذبح يمتد إلى آخر ذي الحجة وبه قال إبراهيم النخعي وأبو سلمة بن عبد الرحمن وهو قول غريب انتهى . قلت : رواية سليمان بن يسار مرسلة لا يحتج بها . وكذا أثر أسعد أبي أمامة بن سهل لا تقوم به الحجة لأنه ليس من قبيل المرفوع بل ولا الموقوف لأن أبا أمامة بن سهل بن حنيف ولد قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - لعامين فليس مراسيله
كمراسيل الصحابة ] التعليق المغني على الدارقطني 4/275-258 .
إذا تقرر هذا فلا يصح الاعتماد على هذا الحديث ولا على ما قاله أبو سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار ولا على ما قاله ابن حزم .
وخلاصة الأمر أنه لا يجوز ذبح الأضاحي بعد فوات وقتها الشرعي إلا للضرورة الملحة كما في حالة فرض نظام حظر التجول طوال أيام العيد الأربعة ، فيجوز ذبح الأضاحي وإن خرج وقت الذبح ، ولكن يجب المسارعة في ذلك بمجرد زوال العذر.
ـــــــــــــــــــ
حكم الاستدانة ليعق عن المولود
يقول السائل : إنه رزق ببنت ولا يملك ثمن العقيقة فهل يستدين ليعق عن بنته ؟
الجواب : العقيقة من السنن الثابتة عن النبي- صلى الله عليه وسلم - فقد ثبت في الحديث عن سلمان بن عامر الضبي - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :( مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى ) رواه البخاري.
وعن سَمُرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :( كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمَّى ) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال : حسن صحيح .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما :( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقّ عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً ) رواه أبو داود وقال النووي :إسناده صحيح . المجموع 8/428 وغير ذلك من الأحاديث .
ولا شك أن إحياء السنن النبوية أمر مطلوب شرعاً من المسلم فينبغي المحافظة على هذه السنة في حق كل من كان مستطيعاً لها ، فالأفضل لمن أراد العقيقة أن يكون مستطيعاً فإذا كانت الواجبات الشرعية كالحج قد اشترط فيها الاستطاعة فمن باب أولى السنن .(21/109)
وقال بعض أهل العلم إن العقيقة مشروعة في حق الفقير الذي لا يملك ثمنها ، بل إن الإمام أحمد يرى أنه يستحب للمسلم إن كان معسراً أن يستقرض ويشتري عقيقة ويذبحها إحياءً للسنة ، وقد ورد عن الإمام أحمد وقد سئل عن العقيقة إن استقرض ، قال الإمام أحمد :[ رجوت أن يخلف الله عليه ، أحيا سنة ]. وسأله ابنه صالح:[ الرجل يولد له وليس عنده ما يعق أحب إليك أن يستقرض ويعق عنه أم يؤخر ذاك حتى يوسر ؟ قال : أشد ما سمعنا في العقيقة حديث الحسن عن سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :( كل غلام مرتهن بعقيقته ) وإني لأرجو إن استقرض أن يعجل الله الخلف لأنه أحيا سنة من سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتبع ما جاء عنه . تحفة المودود ص 50-51 .
وعقَّب ابن المنذر على كلام الإمام أحمد بقوله :[ صدق أحمد إحياء السنن واتباعها أفضل وقد ورد فيها من الأخبار التي رويناها ما لم يرد في غيرها ولأنها ذبيحة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بها فكانت أولى كالوليمة والأضحية ] المغني 9/460
وقال ابن القيم معقباً على كلام الإمام أحمد ما نصه :[ وهذا لأنه سنة ونسيكة مشروعة بسبب تجدد نعمة الله على الوالدين وفيها سر بديع موروث عن فداء إسماعيل بالكبش الذي ذبح عنه وفداه الله به فصار سنة في أولاده بعده أن يفدي أحدهم عند ولادته كما كان ذكر اسم الله عليه عند وضعه في الرحم حرزاً له من ضرر الشيطان ... ] تحفة المودود ص51
وينبغي أن يعلم أن كثيراً من الناس ينفقون نفقات باهظة عند الولادة في شراء الملابس والحلويات وغيرها ويقيمون حفلات عيد الميلاد المحرمة شرعاً ويبخلون عن العقيقة فلا يعقون عن أولادهم .
وخلاصة الأمر أن من لم يملك ثمن العقيقة فلا يلزمه أن يستدين ليعق ، ولكن إن استدان وعق فله الأجر والثواب ودَينهُ مقضيٌ بإذنه تعالى لأنه أحيا سنة نبوية .
ـــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و مقالات ابن باز - (ج 16 / ص 24)
حكم العقيقة
س : الأخ / ع. م . س . من الرياض ، يقول في سؤاله : إذا مات الجنين في بطن أمه ، فهل يلزم والده أن يذبح عنه عقيقة ؟ (6)
ج : العقيقة سنة مؤكدة وليست واجبة ، عن الذكر شاتان وعن الأنثى واحدة . والسنة أن تذبح في اليوم السابع ، ولو سقط ميتاً ، والسنة أن يسمى - أيضاً - ويحلق رأسه في اليوم السابع ، وإن سمي في اليوم الأول فلا بأس ؛ لأن الأحاديث الصحيحة وردت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك .
فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه سمى ابنه إبراهيم يوم ولد ، وسمى عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري يوم ولد ، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث سمرة بن جندب - رضي الله عنه - أنه قال : " كل غلام مرتهن بعقيقة تذبح عنه يوم سابعه ، ويحلق ، ويسمى " (1) . أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح ، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث عائشة وأم كرز الكعبية - رضي الله عنهما - أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يعقّ عن الغلام(21/110)
شاتان متكافئتان ، وعن الأنثى شاة ، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه ، فلينسك عن الغلام شاتان متكافئتان ، وعن الجارية شاة " (2) .
وهذه الأحاديث تعم السقط وغيره ، إذا كان قد نفخت فيه الروح ، وهو الذي ولد في الشهر الخامس وما بعده .
والمشروع أن يغسَّل ويكفن ويصلى عليه إذا سقط ميتاً ، ويشرع أيضاً أن يسمى ويعق عنه ؛ لعموم الأحاديث المذكورة . والله ولي التوفيق .
__________
(1) رواه الإمام أحمد في (مسند البصريين) ، حديث سمرة بن جندب برقم 19681 ، وابن ماجة في (الذبائح) ، باب (العقيقة) برقم 3165 .
(2) رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة ) ، مسند عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - برقم 6674 ، وأبو داود في (الضحايا ، باب (في العقيقة) برقم 2842 .
ـــــــــــــــــــ
صفة العقيقة المشروعة
س : ما حكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في قوم إذا توفي أحد منهم قام أقرباؤه بذبح شاة يسمونها (العقيقة) ، ولا يكسرون من عظامها شيئاً ، ثم بعد ذلك يقبرون عظامها وفرثها ، ويزعمون أن ذلك حسنة ، ويجب العمل به ؟ (1)
ج : إن هذا العمل بدعة ، لا أساس له في الشريعة الإسلامية ، فالواجب تركه والتوبة إلى الله منه كسائر البدع والمعاصي ، فإن التوبة إلى الله - سبحانه - تجب منها جميعاً ، كما قال - عز وجل - : (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) (2) ، وقال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً) (3) .
وإنما العقيقة المشروعة التي جاءت بها السنة الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي : ما يذبح عن المولود في يوم سابعه ، وهي شاتان عن الذكر وشاة واحدة عن الأنثى ، وقد عق النبي عن الحسن والحسين - رضي الله عنهما - .
وصاحبها مخير إن شاء وزعها لحماً بين الأقارب والأصحاب والفقراء ، وإن شاء طبخها ودعا إليها من شاء من الأقارب والجيران والفقراء . هذه هي العقيقة المشروعة ، وهي سنة مؤكدة ، ومن تركها فلا إثم عليه .
ـــــــــــــــــــ
كيف توزع العقيقة
المجيب أ.د. صالح بن عبد الله اللاحم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة
التاريخ 2/5/1422
السؤال
ما الأفضل في العقيقة أكلها أو توزيعها أو جعلها وليمة؟(21/111)
الجواب
الهدي في العقيقه كالهدي في الأضحية-أ ي في الأكل والهدية والصدقة فيسن له أن يأكل ويهدي ويتصدق أثلاثاً .كذلك قال الفقهاء.
وهذا هو الأفضل ، ولو أحب أن يجعلها وليمة ويدعو إليها القريب والصديق ومن في حضوره الأجر فلا بأس
ـــــــــــــــــــ
العقيقة
المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة
التاريخ 14/10/1422
السؤال
ولد لي طفلان ولم أعق عنهما إلى الآن: الأول يبلغ العاشرة من العمر، والثاني يبلغ السابعة . ماذا يجب عليّ؟ وجزاكم الله خيراً. وهل يجوز أن أخرجهما نقوداً؟
الجواب
العقيقة سنة مؤكدة ، وليست واجبة، فإن استطعت فعققت عنهما فحسن ، عن الذكر شاتان، وعن البنت شاة واحدة.
ـــــــــــــــــــ
العقيقة: وقتها - محلها - صفتها
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة
التاريخ 29/8/1423هـ
السؤال
رجل ذهب للعلاج، ورزقه الله بمولود، وقد تطول إقامته خارج مدينته، فهل يذبح العقيقة في البلد الذي هو فيه أم في مدينته حيث يوجد أهله؟
الجواب
السنة أن تذبح العقيقة في اليوم السابع، فإن لم يكن ففي اليوم الرابع عشر، فإن لم يكن ففي اليوم الحادي والعشرين، من تاريخ ولادة الطفل، ويماط عنه الأذى ويسمى، فإن لم يكن خلال هذه المدة، فيكون في أي يوم شاء بعد ذلك، والأولى أن يكون في حضور أهله، وأما من حيث الجواز فيجوز أن يذبح العقيقة في مكانه هو، ويجوز أن يذبحها في المكان الذي يوجد فيه أهله، لكن الذي يظهر لي في هذه المسألة أن ذبح العقيقة في المكان الذي يوجد فيه أهله أولى، من أجل أن يدخل عليهم السرور، ويفرحون بذلك، والعقيقة للذكر تكون شاتين، وبالنسبة للأنثى شاة واحدة، يشترط فيها ما يشترط في الأضحية من حيث السن، ومن حيث السلامة من العيوب، وهي من السنن المؤكدة، قال -عليه الصلاة والسلام-: "كل مولود مرتهن(21/112)
بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه" الترمذي (1522) ابن ماجة (3165) وأصله في البخاري، انظر (5471 -5472).
ـــــــــــــــــــ
نوع ذبيحة العقيقة
المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة
التاريخ 10/10/1423هـ
السؤال
في عقيقة المولود هل يشترط فيها أن تكون ذكوراً (خرافاً) أم يجوز أن تكون إناثاً؟
وما هو المقصود في الحديث بكلمة (شاة)؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً.
الجواب
في العقيقة والهدي والأضحية تكفي الشاة الأنثى كما يكفي الكبش الذكر، وليس المقصود بالشاة الذكر ولا الأنثى، وإنما المقصود الواحدة من الضأن، أو المعز ذكراً كان أو أنثى، وإنما يشترط في الضأن تمام ستة أشهر، وفي المعز تمام سنة كما يشترط السلامة من العيوب.
ـــــــــــــــــــ
لم يتصدق أو يهد من عقيقته
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة
التاريخ 27/5/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أصحاب الفضيلة -رزقني الله- بنتين، وقد ذبحت شاتين عن البنتين، ولكن لم أتصدق بلحمهما، بل جعلته لأهل بيتي، فهل تجزئ هذه العقيقة أم أعيدها؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
السنة في العقيقة أن يجعلها أثلاثاً، ثلث يأكله وثلث يهديه، وثلث يتصدق به، لحديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن خاله أبا بردة بن نيار -رضي الله عنه- ذبح قبل أن يذبح النبي - صلى الله عليه وسلم-، فقال يا رسول الله: إن هذا يومٌ اللحم فيه مكروهٌ، وإني عجلت نسيكتي لأطعم أهلي وجيراني وأهل داري" الحديث رواه البخاري (951)، ومسلم (1961)، واللفظ له، وحديث ابن عباس - رضي الله عنهما- في صفة أضحية النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم جيرانه الثلث، ويتصدق على السُؤَّال بالثلث"، رواه الحافظ، أبو موسى الأصفهاني في الوظائف وقال: حديث حسن، ذكره ابن قدامة في المغني (13/380)، وقال: وهو قول ابن مسعود وابن عمر -رضي الله عنهم-، ولم نعرف لهما مخالفاً من الصحابة -رضي الله عنهم- فكان إجماعاً، وهذان الحديثان وإن كانا(21/113)
في الأضحية، إلا أن حكمهما شامل لحكم العقيقة في أغلب الأحكام، كما قرره أهل العلم، وإن أكلها كلها إلا أوقية تصدق بها جاز، فإن أكلها كلها كما هو حال السائل فعليه ضمان الأوقية؛ بأن يشتري من اللحم قدرها ويتصدق به.
ـــــــــــــــــــ
لم يذبح العقيقة عن أولاده
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة
التاريخ 9/5/1424هـ
السؤال
رجل لديه خمس بنات وثلاثة أولاد، ولم يخرج العقيقة عنهم جميعاً لعدم استطاعته في ذلك الوقت، وهو رجل لا يملك المال، وكان فقيراً والآن أصغر أولاده مضى من عمره خمس وعشرون سنة، السؤال : ماذا يعمل هذا الرجل الآن وهو لا يستطيع أن يخرجها عنهم كلهم؟ إنما يستطيع أن يخرجها عن القليل منهم، وهل يقوم كل واحدٍ من هؤلاء الأولاد والبنات بإخراجها عن نفسه؟ حفظكم الله ورعاكم وسدد على طريق الخير خطاكم.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
بالنسبة لما يتعلق بالعقيقة، فالعلماء يقولون: بأن العقيقة مشروعة بحق الأب، فإذا كان الأب لم يعق عن أولاده فإنه يشرع له أن يعق عنهم حتى ولو كبروا؛ لأن الصواب أن العقيقة لا تتقيد بوقت، والسنة أن تكون في اليوم السابع، أما لو خرجت عن اليوم السابع فإن هذا جائز ولا بأس به، والعلة في ذلك والدليل فيه أن سبب العقيقة لا يزال موجوداً، وهو شكر الله - عز وجل - على نعمة الولد، قال الإمام أحمد - رحمه الله - إذا كان معسراً يقترض، وأرجو أن يخلف الله - عز وجل- عليه لأنه أحيا سنة، أما إذا لم يتمكن وأذن لغيره أن يعق عنه فهذا لا بأس به، وهذا جائز، فلو أن الولد كبر وعق عن نفسه فنقول بأن هذا جائز، لكن بشرط أن يكون ذلك بإذن من الوالد، وإذا أراد أن يعق عن أولاده فإنه يبدأ بالأول فالأول؛ الأكبر فالأكبر.
ـــــــــــــــــــ
تداخل العقيقة والأضحية والهدي
المجيب أ.د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة
التاريخ 22/3/1425هـ
السؤال
هل تتداخل العقيقة والأضحية والهدي حيث يشرع لكل من هذه الأشياء دم؟
آمل التوضيح وذكر ا لأدلة. -وفقكم الله-.
الجواب(21/114)
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فالجواب: سؤالك محتمل فإن كان مقصودك عن تداخل العقيقة والأضحية والهدي...إلخ، بمعنى أنه يجزئ أحدها عن الآخر فالجواب: لا تداخل بينها، بل كل منها مشروع بمفرده، أما إذا كنت تريد وجوه الاتفاق ووجوه الاختلاف بينها، وهو الظاهر من سؤالك فالجواب: أن هناك وجوه اتفاق ووجوه اختلاف فيما بينها من حيث المعنى والحكم، فالأضحية: ما يذبح من بهيمة الأنعام أيام الأضحى بسبب العيد تقرباً إلى الله، والهدي: ما يهدى للحرم من نعم وغيرها، سمى بذلك لأنه يهدى إلى الله - سبحانه وتعالى- والعقيقة: ما يذبح من الغنم شكراً لله -تعالى- على نعمة الولد.
هذا وكل من الهدي والأضحية، والعقيقة قربة إلى الله وعبادة، وحكم التقرب إلى الله -تعالى- بالأضحية والعقيقة سنة مؤكدة عند جمهور العلماء. أما الهدي فإن كان هدي تمتع أو قران بين الحج والعمرة، فهو واجب هذا، ويتفق كل منها فيما يجزئ وما يستحب، وما يكره والأكل والهدية إلا أن العقيقة لا يجزئ فيها شَرَكٌ في دم، فلا يجزئ بدنة ولا بقرة إلا كاملة. هذا وإذا كان السائل يريد مزيداً من التفصيل فعليه الرجوع إلى كتب الحديث، والفقه في باب الهدي، والأضاحي والعقيقة فقد بيِّن العلماء - رحمهم الله - وجوه الاتفاق ووجوه الاختلاف فيما بينها، وكل ما يتعلق بأي منها من أحكام. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـــــــــــــــــــ
هل تعق عن نفسها؟
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة
التاريخ 25/06/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة أبلغ من العمر واحداً وثلاثين عاماً غير متزوجة، والسؤال هو: هل يجوز أن أذبح شاة عقيقة عن نفسي، حيث إن والدي -رحمه الله- لم يعق عني حينما ولدت؟ وأنا الآن يحدث لي كثير من البلايا والمصائب، هل العقيقة تمنع عني ما نزل بي، أو تخفف عني بعض ما حدث؟ أرجو التفصيل في ذلك وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
العقيقة سنة وليست واجبة، والسنة ذبحها يوم السابع، فإن فات ففي يوم الرابع عشر فإن فات ففي اليوم الحادي والعشرين، وفي حديث عائشة -رضى الله عنها- أنها قالت: "السنة أفضل عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة تقطع ولا يكسر لها عظم، ويطعم ويتصدق، وليكن ذلك يوم السابع فإن لم يكن ففي أربعة عشر، فإن لم يكن ففي إحدى وعشرين" رواه الحاكم(7595) وصححه ووافقه الذهبي، فإن فات الذبح(21/115)
عن هذه الأيام -كما في سؤال السائلة- ففي أي يوم شاءت، بيد أنه ليس ثم علاقة ارتباط بين ما يحدث لك وبين ذبح العقيقة ، وأجمل من هذا أن تبحثي عن المخالفات الشرعية الصادرة منك، والتي هي من أسباب حلول النقم وزوال النعم، قال -تعالى-: "وما أصابك من سيئة فمن نفسك"[النساء: 79]، ومتى ما سعيت في إصلاحها من الالتزام بالفرائض والطاعات، وترك المعاصي والموبقات فإنك ستجدين أن الأمور استقامت لك إلى حد كبير جداً، على أن المؤمن قد يصاب بالمصائب امتحاناً وابتلاء له على قوة الصبر والاحتساب، وتمحيصاً لذنوبه وغفراناً لسيئاته، ولذلك يقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم-: "عجباً لأمر المؤمن!: إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له". رواه مسلم(2999) من حديث صهيب - رضي الله عنه-.
ـــــــــــــــــــ
الاشتراك في ذبيحة العقيقة
المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة
التاريخ 06/04/1426هـ
السؤال
هل يجوز إشراك أكثر من عقيقة في بقرة أو جمل؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
العقيقة لا يجوز فيها الاشتراك، وإنما يكون الرأس عن واحد، فإن عققت بشاة، أو بقرة، أو بدنة، فلا يشترك في البقرة والبدنة سبعة، وإنما تكون البقرة عن شخص واحد، والبدنة عن شخص واحد. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
سنن المولود
المجيب د.علي بن عبدالله الجمعة
رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 5/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سؤالي هو ما هي السنن التي فعلها الرسول - صلى الله عليه وسلم - للمولود، بالأدلة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فجوابنا على السؤال المتضمن لبحث سنن المولود، فأقول وبالله التوفيق: إن من نعمة الله على عبده المؤمن أن يرزقه مولوداً يكون ريحانة له في صغره، وقرة عين في كبره، وذخراً له بعد وفاته، كما حكى الله عن أوليائه وأصفيائه إذ يقولون: "ربنا(21/116)
هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً"، وجاء في الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم (1631) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- ومن أجل شكر هذه النعمة لابد من أن يبذل الوالد شيئاً من العناية في ذلك المولود، فبعد ولادته وفي أيامه الأولى يسن في حق الوالد سبعة أمور وهي:
(1) العقيقة.
(2) تسميته واختيار أحسن الأسماء.
(3) أن يحلق رأسه ويتصدق بوزن شعره من الفضة أو ما يعادلها من القيمة.
(4) أن يختنه، والختان في حق الذكر آكد منه في حق الأنثى.
(5) تحنيكه.
(6) تسميته بعبد الله أو عبد الرحمن.
(7) أن يؤذن في أذنه اليمنى ويقيم في أذنه اليسرى، فعن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويحلق ويسمى" الترمذي (1523) وصححه، والنسائي (4220) وأبو داود (2837)، وابن ماجة (3165)، واللفظ له من حديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه- وهذا هو حديث العقيقة الذي اتفقوا على أنه سمعه الحسن من سمرة -رضي الله عنه- ، وعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله أمرهم أن يعق عن الغلام شاتان، وفي رواية: مكافئتان، وعن الجارية شاة رواه الترمذي (1513) وقال: حسن صحيح رواه ابن ماجة (3163).
وعن أبي رافع : أن الحسن بن علي - رضي الله عنهما - لما وُلِدَ أرادت أمه فاطمة - رضي الله عنها - أن تعق عنه بكبشين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تعقي عنه ولكن احلقي شعر رأسه فتصدقي بوزنه من الورق" ثم ولد حسين -رضي الله عنه- فصنعت مثل ذلك، رواه أحمد (23877).
قلت: فسنية العقيقة ثابتة بأدلة أخرى من فعله وقوله - صلى الله عليه وسلم - ولعل نهيه - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة -رضي الله عنها- لأنه عق عنه أو عق عنه أبوه علي -رضي الله عنه- وعن أنس - رضي الله عنه - أن أم سليم - رضي الله عنها- ولدت غلاماً، فقال لي أبو طلحة: احفظه حتى تأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاه به وأرسلت معه بتمرات، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - فمضغها ثم أخذها من فيه فجعلها في فيّ الصبي وحنكه بها وسماه عبد الله متفق عليه عند البخاري (5470)، ومسلم (2119)، والتحنيك أن يمضغ المحنك التمر أو نحوه حتى يصير مائعاً بحيث يبتلع ثم يفتح فم المولود ويضعها فيه ليدخل شيء منها في جوفه قال النووي: اتفق العلماء على استحباب تحنيك المولود عند ولادته بتمر، فإن تعذر فما في معناه أو قريب منه من الحلو قال: ويستحب أن يكون المحنك من الصالحين رجلاً كان أو امرأة فإن لم يكن حاضراً حمل إليه، واستحب بعضهم الأذان في أذن الصبي اليمنى والإقامة في اليسرى؛ لما روى ابن السني مرفوعاً من حديث الحسين بن علي - رضي الله عنهما -، من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى(21/117)
وأقام في اليسرى لم تضره أم الصبيان، وأم الصبيان هي التابعة من الجن، هكذا أورده الحافظ في التخليص (4/1502) ولم يتكلم عليه، وروى استحباب ذلك عن الحسن البصري -رحمه الله-، واحتج على الإقامة في اليسرى بفعل عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى-، وقد روى ذلك ابن المنذر عنه أنه كان إذا ولد له ولد أذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى قال: لم أره عنه مسنداً انتهى.
وفيه استحباب التسمية بعبد الله وعبد الرحمن قاله النووي - رحمه الله - وإبراهيم وسائر الأنبياء والصالحين، والعمدة في مشروعية الختان حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المتفق عليه عند البخاري (5889)، ومسلم (257)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: الفطرة خمس: الختان والاستحداد ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظافر، وتفسير الختان ما قاله النووي؛ حيث قال في المجموع الواجب في ختان الرجل قطع الجلدة التي تغطي الحشفة بحيث تنكشف كلها فإن قطع بعضها وجب قطع الباقي، ومن المرأة قطع ما ينطلق عليه الاسم من الجلدة التي كعرف الديك فوق مخرج البول.
هذا ما أمكن تحريره وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــ
هل دعاء الولد الذي لم يعق عنه لا ينفع والده
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 3/8/1424هـ
السؤال
هل صحيح أن الدعاء من الأبناء لا يصل إلى الوالدين إذا لم يقوما بعمل العقيقة لهم؟
الجواب
هذا ليس بصحيح، والعقيقة هي من حقوق الولد على الوالد، وهي من السنن المؤكدة، فإذا قصَّر الوالد في هذا الأمر فلا يجعل هناك انفصال بين الوالد والولد يحرم به الوالد من وصول ثواب دعاء ولده وإحسانه إليه، بل على الإنسان أن يدعو لوالده ويكثر من ذلك، ويعمل كل أسباب الخير التي يظن أنها تصل إلى والده، ومن أهمها وأعظمها الصدقة، وصلة الرحم التي توصل عن طريق الوالدين، والوالدان أحسنا إلى الولد في أعمال عظيمة جليلة هي أعلى وأسمى وأغلى من العقيقة، فقد ربياه وأنفقا عليه، وسهرا لراحته وتعبا، وأنفقا مدة طويلة، وكل هذا أعظم من العقيقة، فعلى الإنسان أن يجتهد في الدعاء لوالديه، والله - تعالى - يقول: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً" [الإسراء: 23]، أي إحساناً مستمراً غير محدود.
ـــــــــــــــــــ
(العقيقة وأحكام المولود)
س ما معنى عقيقة المولود، وهل هي فرض أم سنة؟.(21/118)
ج عقيقة المولود هي الذبيحة التي تذبح تقرباً إلى الله ــ عز وجل ــ شكراً له على نعمة المولود في اليوم السابع من ولادته، وقد اختلف أهل العلم في كونها سنة أو واجبة، وأكثر أهل العلم على أنها سنة مؤكدة حتى أنَّ الإمام أحمد قال يقترض ويعق، يعني أن الذي ليس عنده مال يقترض ويعق ويخلف الله عليه لأنه يحيى سنة، والمراد بقوله ــ رحمه الله ــ يقترض من يرجو الوفاء في المستقبل أما الذي لا يرجوا الوفاء في المستقبل فلا ينبغي أن يقترض ليعق، وهذا من الإمام أحمد رضي الله عنه دليل على أنها سنة مؤكدة، وهو كذلك فينبغي أن يعق الإنسان اثنتين عن الذكر وعن الأنثى واحدة وتكون في اليوم السابع يأكل منها ويهدي ويتصدق، ولا حرج أنْ يتصدَّق منها وأن يجمع عليها الأقارب والجيران يأكلونها مطبوخة مع الطعام.
الشيخ ابن عثيمين
ـــــــــــــــــــ
أحكام العقيقة وحكمها
س ما حكم ذبح العقيقة عن المولود سواء كان ذكراً أو أثنى؟.
وهل يجب ذبح شاتين عن المولود الذكر؟ وما ألحكم لو ذبحت واحدة ومضى مدة طويلة؟
وما الحكم في العقيقة لو ذبح الجد عن ابن ابنه؟ وما حكمها لو ساعده في ثمن شرائها؟.
وما الحكم في إقامة وليمة على العقيقة؟ وما الذي يجب فعله بها؟.
ج العقيقة هي النسيكة التي تذبح عن المولود وهي سنة مؤكدة، ويرى بعض العلماء وجوبها لقوله، صلى الله عليه وسلم ((كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح يوم سابعه ويسمى)). لكن هذا الحديث يفيد آكديتها فالأصل عدم الوجوب، والسنة أن تذبح عن الذكر شاتين أو اثنتين من الغنم ولو من المعز، وعن الأنثى واحدة، فإن اقتصر على واحدة عن الذكر كفت إنْ شاء الله، وهكذا يجوز التفريق بينهما بأن يذبح الأولى بعد أسبوع والثانية بعد أسبوعين وهو خلاف الأولى، والأصل أنها على الوالد شكر لله ــ تعالى ــ الذي رزقه الولد، فإن ذبح عنه جده أو أخوه أو غيرهما أجزأت، وكذا لو دفع بعضهم شيئاً من ثمنها، والسنة أن يأكل الثلث ويهدي ثلثاً على أصدقائه ويتصدق بثلث على المسلمين، ويجوز أن يدعو عليها أصدقاءه وأقاربه أو يتصدق بجميعها.
الشيخ ابن جبرين
ـــــــــــــــــــ
العقيقة شرعت للمولود وليس للميت
س والدتي توفيت وأريد أن أعمل لها ((عقيقة)). . وعند الاستفسار من أحد الأئمة قال إن العقيقة تعمل للحي وليس للميت. . فما حكم الشرع في هذا؟.
ج العقيقة لا تشرع للميت وإنما تشرع في اليوم السابع من ولادة الإنسان إذ يشرع لأبيه أن يعق عن المولود بشاتين إذا كان ذكراً وشاة إذا كانت أثنى، وإذا كان الوالد غير واسع ذات اليد وعق عن الذكر بواحدة أجزأه ذلك.(21/119)
وتذبح العقيقة في اليوم السابع ويؤكل منها ويتصدق ويهدي، ولا حرج أن يدعو المسلم أقاربه وجيرانه. . وقال العلماء إذا لم يتمكن في اليوم السابع ففي اليوم الرابع عشر فإن لم يتمكن ففي اليوم الحادي والعشرين فإن لم يتمكن ففي أي يوم يشاء.
وأما الميت فلا يعق عنه ولكن يدعى له بالمغفرة والرحمة والدعاء. . وإن أهدى إلى الميت ثواب عمل صالح كأن يتصدق عنه بشيء أو يصلي المسلم ركعتين أو يقرأ بعضاً من القرآن وينوي ثوابه له فلا حرج ولكن الدعاء أفضل من هذا كله لأنه هو الذي أرشد إليه، صلى الله عليه سلم.
الشيخ ابن عثيمين
ـــــــــــــــــــ
تأخير العقيقة عن اليوم السابع خلاف السنة
س حصلت العقيقة بعد وفاة الطفلة وكان عمرها وقت الوفاة سنة ونصف هل أدى العقيقة على طبيعتها أم لا؟ وهل هذه الطفلة تنفع والديها في الآخرة أفيدونا عن ذلك؟.
ج نعم تجزيء ولكن تأخيرها عن اليوم السابع من الولادة خلاف السنة وكل طفل أو طفلة مات صغيراً ينفع الله به من صبر من والديه المؤمنين.
اللجنة الدائمة
ـــــــــــــــــــ
من عجز عن العقيقة سقطت عنه
س لم أقم بذبح تمائم لأولادي لعدم قدرتي المالية فما الحكم؟.
ج ما دمت لا تستطيع أن تقوم بهذا العمل فلا شيء عليك. . لأن الله ــ تعالى ــ يقول (فاتقوا الله ما استطعتم).. ويقول أيضاً (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).. وقال، صلى الله عليه وسلم، ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)).. فإذا كان الإنسان فقيراً عند ولادة أولاده فليس عليه تميمة لأنه عاجز والعبادات تسقط بالعجز عنها.
الشيخ ابن عثيمين
ـــــــــــــــــــ
العقيقة عن السقط
س السقط المتبين أنه ذكر أو أنثى هل له عقيقة؟ ، وكذلك المولود إذا ولد ثم ما بعد أيام ولم يعق عنه في حياته هل يعق عنه بعد موته؟ وإذا مضى على المولود شهر أو شهران أو نصف سنة أو سنة أو كَبُر ولم يعق عنه هل يعق أمْ لا؟.
ج جمهور الفقهاء على أن العقيقة سنة لما رواه أحمد والبخاري وأصحاب السنن عن سلمان بن عامر عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال ((مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى)).
وما رواه الحسن عن سمرة أن النبي، صلى الله عليه سلم، قال ((كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه سابعه ويحلق ويسمى)). رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي، وما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي، صلى الله عليه(21/120)
وسلم، قال ((من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل، عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة)). رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد حسن.
ولا عقيقة عن السقط ولو تبين أنه ذكر أو أنثى إذا سقط قبل نفخ الروح فيه لأنه لا يسمى غلاماً ولا مولوداً، وتذبح العقيقة في اليوم السابع من الولادة.
وإذا ولد الجنين حياً ومات قبل اليوم السابع فيسن أن يعق عنه في اليوم السابع، وإذا مضى اليوم السابع ولم يعق عنه فرأى بعض الفقهاء أنه لا يسن أن يعق عنه بعده لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، وقّتَها باليوم السابع.
وذهب الحنابلة وجماعة من الفقهاء إلى أنه يسن أن يعق عنه ولو بعد شهر أو سنة أو أكثر من ولادته لعموم الأحاديث الثابتة، ولما أخرجه البيهقي عن أنس ــ رضي الله عنه ــ أن النبي، صلى الله عليه سلم، عق عن نفسه بعد البعثة وهو أحوط.
اللجنة الدائمة
ـــــــــــــــــــ
العقيقة عن السقط أيضا
س هل يلزم العقيقة للأجنة الثلاثة وهم كالتالي
الجنين الأول وضعته بعد حمل أربعة أشهر إلا ثلاثة أيام فقط.
الجنين الثاني وضعته بعد حمل ثلاثة أشهر و17يوماً فقط.
الجنين الثالث وضعته بعد حمل شهرين فقط.
والأجّنّة الثلاثة كانوا ذكوراً
والأجنّة الثلاثة يوم القيامة هل تعد أنهم أولادي وكم تكون أعمارهم وقت البعث يوم القيامة.
ج تسن العقيقة عن السقط إذا كان سقوطه بعد نفخ الروح فيه. وذلك إذا مضى على حمل أمه به أربعة أشهر وعلى هذا يكون لمن ذكرتهم في سؤالك عقيقة.
أما أعمارهم يوم يبعثون من قبورهم فعلمه إلى الله، والسؤال عن هذا مما لا يعني ومن حسن إسلام المرء تركه مالا يعنية.
اللجنة الدائمة
ـــــــــــــــــــ
يستحب ذبح العقيقة عنهما
س لقد وضعت زوجتي قبل عشرة أعوام توأمين ذكرين بعد حمل استمر ستة شهور. وبعد وضعهما توفيا خلال اليوم الأول.
هل يجوز ذبح عقيقة لهما مع ملاحظة أنه تم تسميتها ؟. . .
ج يستحب ذبح العقيقة عنهما، عن كل واحد رأسان من الغنم يجزئان في الأضحية لعموم الأحاديث الثابتة عنه، صلى الله عليه وسلم في شرعية العقيقة ومنها حديث أم كرز الكعبية قالت ((أمر النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يعق عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة)) رواه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، وأنت مخير بالصدقة بهما أو بعضهما وبين طبخهما ودعوة من ترى من أقاربك وجيرانك وإخوانك في الله وبعض الفقراء للأكل منهما.
الشيخ ابن باز(21/121)
ـــــــــــــــــــ
حول المدة المشروعة للعقيقة ؟
س - هل مدة العقيقة أسبوع أم أسبوعان أو واحد وعشرون يوماً كما يقل ؟ وهل يصح أن تذبح العقيقة في اليوم التاسع أو العاشر مثلاً ؟
ج- الأفضل أن تكون في اليوم السابع كما جاء به الحديث ، فإن فات فقد ذكر أهل العلم أن يكون في اليوم الرابع عشر ، فإن فات ففي اليوم الحادي والعشرين ثم لا تعتبر الأسابيع بعد ذلك وهذا على سبيل الأفضلية ففط فلو ذبحها في اليوم السادس أو الخامس أو العاشر أو الخامس عشر فلا حرج عليه .
س - وهل إذا ذبحت في اليوم الحادي والعشرين تعتبر عقيقة ؟ ؟
ج- نعم تعتبر عقيقة حيث قلبت لا حرج عليه في ذلك ولكن المدة المحددة على سبيل الأفضلية .
الشيخ ابن عثيمين
ـــــــــــــــــــ
حكم الأحتفال لتسمية المولود
س - هل يجوز اجتماع الأحباب والجيران والأصدقاء في تسمية المولود أم أن ذلك الاحتفال بدعة وكفر ؟
ج- لم يكن الاحتفال لتسمية المولود من سنة النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يحصل من أصحابه في عهده ، فمن فعله على أنه سنة إسلامية فقد أحدث في الدين ما ليس منه ، وكان ذلك منه بدعتة مردودة لقول رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، { من أحدث في ديننا هذا ما ليس منه فهو رد } ولكنه ليس كفراً ، أما من فعله على سبيل الفرح والسرور أو من أجل تناول طعام العقيقة لا على أنه سنة فلا بأس ، وقد ثبت عنه ، - صلى الله عليه وسلم - ، ما يدل على مشروعية ذبح العقيقة في اليوم السابع وتسمية المولود .
اللجنة الدائمة
ـــــــــــــــــــ
ذبح الأب العقيقة عن ولده البالغ
تاريخ الفتوى : ... 22 صفر 1428 / 12-03-2007
السؤال
اتصل أحد الأشخاص بمفتي المملكة وقال له بأن عمري 16 سنة و والدي لم يتمم لي وأجابه المفتي إن كان والدك حيا فعليه أن يتمم لك فما هو المقصود بهذه التميمة؟
و جزاكم الله خير
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أناسا من سكان الجزيرة العربية يطلقون التتميم ويقصدون به العقيقة وهي مشروعة في أي وقت ولو بعد البلوغ عند الحنابلة، وتبقى على الوالد إلا إن تعذر ذلك ففي كشاف القناع: وَلَا يَعُقُّ غَيْرُ الْأَبِ. اهـ(21/122)
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَعَنْ الْحَنَابِلَةِ يَتَعَيَّنُ الْأَبُ، إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ بِمَوْتٍ أَوْ امْتِنَاعٍ ا هـ
قُلْت: وَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ; فَلِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَلَا يَعُقُّ الْمَوْلُودُ عَنْ نَفْسِهِ إذَا كَبِرَ نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ فِي حَقِّ الْأَبِ، فَلَا يَفْعَلُهَا غَيْرُهُ كَالْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ فَعَلَ ) أَيْ: عَقَّ غَيْرُ الْأَبِ وَالْمَوْلُودُ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ كَبِرَ لَمْ يُكْرَهْ ذَلِكَ فِيهِمَا لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَيْهَا قُلْت: لَكِنْ لَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْعَقِيقَةِ.
وَاخْتَارَ جَمْعٌ يَعُقُّ عَنْ نَفْسِهِ) اسْتِحْبَابًا إذَا لَمْ يَعُقَّ عَنْهُ أَبُوهُ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرَّوْضَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ, وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: تَأَسِّيًا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعْنَاهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ؛ لِأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ مُرْتَهَنٌ بِهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُشْرَعَ لَهُ فِكَاكُ نَفْسِهِ)اهـ.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الذبح بنية التقرب لسلامة المولود هل يجزئ عن العقيقة
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1428 / 06-03-2007
السؤال
عند ولادة كل طفل لنا يقوم زوجي بذبح خروف لوجه الله تعالى وللسلامة (ويقسم ثلاثة أقسام) في يوم الولادة ثم علمنا بعد ذلك بوجوب ذبح العقيقة للطفل في اليوم السابع أو الرابع عشر ....هل يعتبر ذلك عقيقة للطفل أم لا لتوافر شرط النية. وإن لم تصح هل يجب أن يعق لكل منهم أو الكل بواحدة بعد سنوات ؟
أشكركم لقراءة رسالتي وأرجو إفتائي في أسئلتي .. ووفقكم الله لخدمة المسلمين .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأب المذكور قد نوى العقيقة بما كان يوم الولادة فإن ذلك مجزئ، وإن كان الأولى ذبح العقيقة في السابع للولادة، وراجعي الفتوى رقم:17628، وإن كان لم ينو كون الذبيحة عقيقة بل قصد التقرب إلى الله تعالى وسلامة المولود مثلا فلا تجزئ تلك الذبيحة عن العقيقة لانعدام النية وقت الذبح.
قال النووي في المجموع : ويشترط أن ينوي عند ذبحها أنها عقيقة كما قلنا في الأضحية، فإن كان جعلها عقيقة قبل ذلك فهل يحتاج إلى تجديد النية عند الذبح ؟ فيه الخلاف السابق في الأضحية والهدي " والأصح أنه يحتاج.انتهى.
وبناء عليه، فيسن للأب العقيقة الآن عن من لم يبلغ من أولاده، ومن بلغ منهم فليعق عن نفسه. وراجعي الفتوى رقم: 16868، والفتوى رقم: 74690
والمجزئ هو ذبح شاة عن كل مولود بمفرده، ولا يجزئ ذبح شاة واحدة عن مولودين فأكثر. وراجعي الفتوى رقم: 58401.
والعقيقة تقدمت أحكامها مفصلة في الفتوى رقم: 2287.
والله أعلم.(21/123)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... هل يذبح شاة أخرى إذا عق أبوه عنه بواحدة فقط
تاريخ الفتوى : ... 09 صفر 1428 / 27-02-2007
السؤال
والدي ذبح لي عقيقة (شاة واحدة) وأنا ذكر وأعرف في السنة يستحب شاتان، ماذا أفعل، فهل أن أعق عن نفسي هذه الشاة؟ بارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تعني أن والدك ذبح عنك شاة واحدة عقيقة وتريد الآن أن تذبح شاة أخرى، فالجواب أنك لست مطالباً بذلك لأن العقيقة قد حصلت بالشاة الواحدة من قبل الوالد وهو الذي شرعت العقيقة في حقه وأنت لست مطالباً بالعقيقة عن نفسك ولو لم تحصل. قال ابن قدامة في المغني: وإن لم يعق أصلاً، فبلغ الغلام، وكسب، فلا عقيقة عليه. وسئل أحمد عن هذه المسالة، فقال: ذلك على الوالد. يعني لا يعق عن نفسه، لأن السنة في حق غيره، وقال عطاء، والحسن: يعق عن نفسه، لأنها مشروعة عنه ولأنه مرتهن بها، فينبغي أن يشرع له فكاك نفسه، ولنا، أنها مشروعة في حق الوالد، فلا يفعلها غيره، كالأجنبي وكصدقة الفطر. انتهى. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 16868.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم اشتراك من يريد أن يعق مع المضحي في ذبيحة واحدة
تاريخ الفتوى : ... 06 ذو القعدة 1427 / 27-11-2006
السؤال
هل يجوز أن أشترك مع أحد أقاربي في عيد الأضحى في حيوان كبير على أن تكون نية شريكي هي الأضحية وتكون نيتي هي أن أعق عن ابنتي ، أرجو توضيح الأمر من حيث اختلاف نيتي عن نية شريكي في نفس الذبيحة .
و لكم جزيل الشكر
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقيقة سنة وليست واجبة، والأصل فيها قوله صلى الله عليه وسلم: مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما، وأميطوا عنه الأذى. رواه البخاري من حديث سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه، ويعق عن الذكر بشاتين، وعن الأنثى بشاة، لقوله صلى الله عليه وسلم: عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة. رواه الترمذي وأبو داود وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقد جوز الشافعية العق بالمقدار الذي يجزئ في الأضحية، وأقله شاة كاملة، أو السبع من بدنة أو من بقرة.(21/124)
والذي نميل إليه هو العق عن المولود منفردا من غير إشراك، لقوله صلى الله عليه وسلم: عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم ذبح العجل الصغير في العقيقة
تاريخ الفتوى : ... 08 رمضان 1427 / 01-10-2006
السؤال
هل يجوز أن يعق الوالد عن ابنته بعجل صغير (لباني) أفيدوني، جزاكم الله خير الجزاء، وما حكم الدين في ذلك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقيقة من البقر لا تجزئ إلا إذا كانت قد مضت عليها سنتان فأكثر، كما هو الشأن في الأضحية، كما سبق في الفتوى رقم: 14166، والفتوى رقم: 13271.
وعليه فإذا كان العجل المذكور لم تمض عليه سنتان فلا يجزئ عقيقة، وتفصيل أحكام العقيقة تقدم في الفتوى رقم: 2287.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مسائل تتعلق بالعقيقة
تاريخ الفتوى : ... 08 رمضان 1427 / 01-10-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وبه نستعين,,,
أما بعد:
كما علمت عند قدوم المولود يستحب: حلق الرأس والتصدق بوزنة فضة ، العقيقة وهي ذبح شاتين عن الغلام وشاة عن الجارية .
أولا: حلق الراس هل ينطبق على المولود الذكر والأنثى ؟
ثانيا: لماذا ذبح شاتين للذكر وشأة للأنثى؟
ثالثا: إذا لم تتوفر هذه الاشياء فماذا أفعل؟
أفيدوني أثابكم الله,,,
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدمت الإجابة عن السؤال الأول في الفتوى رقم : 20272 ، ولبيان الحكمة من اختصاص الغلام بشاتين والجارية بشاة واحدة طالع الفتوى رقم : 49605 ، ثم إذا لم يستطع والد الغلام أو الجارية أن يعق عنه أو يتصدق بزنة شعره فضة فلا شيء عليه في ذلك لأن التصدق بوزن الشعر غير واجب وكذلك العقيقة فإنها سنة وليست(21/125)
واجبة عند الجمهور كما سبق بيانه في الفتوى رقم : 76392 ، ولو كان ذلك واجبا فإنه يسقط بالعجز عنه لأن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وللفائدة انظر الفتوى رقم : 76771 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
العقيقة بالشاة الأنثى
تاريخ الفتوى : ... 01 رمضان 1427 / 24-09-2006
السؤال
اشتريت خروفين من تاجر أغنام من أجل عقيقة ابني، وذهبت إلى جزار بجانب التاجر، بعد الذبح عند الجزار اكتشفت أنهما أنثيان وليسا ذكرين، رغم التأكيد على التاجر أنهما لعقيقة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى الترمذي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرهم أن يعق عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة. ولا يشترط في الشاتين في العقيقة أن تكون بذكر، بل تجزئ الأنثى لما روت أم كرز عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة، لا يضركم ذكرانا كن أو إناثاً. رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم، قال النووي وهو حديث حسن. وقال: وسواء الذكر والأنثى من جميع ذلك -أي الأنعام- ولا خلاف في شيء من هذا عندنا.
وعليه فقد أجزأك ما ذبحته عقيقة عن ولدك، إذا كانت قد بلغت السن المجزئة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 14166 فارجع إليها، وأما بالنسبة للتاجر فلك أن تطالبه بفارق الثمن إن كان هناك فارق بين الذكر والأنثى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الاستدانة لأجل العقيقة
تاريخ الفتوى : ... 05 شعبان 1427 / 30-08-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا مواطن أردني أسكن في الأردن تزوجت قبل عام ونصف وأنا مديون بمبلغ يزيد عن سبعة آلاف دينار أردني لأنني تزوجت بالدين وزوجتي حامل وبعد حوالي شهر ونصف سوف يرزقني الله إن شاء طفلا أو طفلة.
سؤالي هو: هل يجوز أن أستدين من أجل العقيقة.؟
وجزاكم الله خير الجزاء .
الفتوى(21/126)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقيقة سنة وليست واجبة في قول جمهور أهل العلم، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 49306.
ومن أراد أن يستدين ليعق عن ولده فلا حرج عليه في ذلك، وقد قال الإمام أحمد في الاستدانة لأجل العقيقة: إذا لم يكن عنده ما يعق فاستقرض رجوت الله أن يخلف عليه إحياء للسنة. قال ابن المنذر: وصدق أحمد إحياء السنن واتباعها أفضل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم العقيقة
تاريخ الفتوى : ... 25 رجب 1427 / 20-08-2006
السؤال
أنا شاب متزوج ووضعت زوجتي ذكرا وأريد أن أعرف ماهى قيمة الزكاة الذي ينبغي إخراجها للولد مع العلم أن مرتبي 500 جنيها مصريا ولا يوجد لي أي مصدر دخل آخر، ومع العلم أن لي زوجة خال توفي زوجها الذي هو خالي منذ فترة قريبة، وبالطبع الأقربون أولى بالمعروف، وأنا أريد أن أعرف ماهي قيمة النقود التي تخرج إلى المولود الذكر، وهل يجوز إخراج الزكاة من أموال النقوط أم لا 0 أرجو الرد سريعا وجزاكم الله خيرا لما هو فيه صلاح للأمة الإسلامية والمسلمين وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود هو السؤال عن حكم العقيقة، فالعقيقة عن المولود سنة مؤكدة كما عليه جمهور أهل العلم لما رواه مالك في موطئه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ولد له ولد فأحب أن ينسك عن ولده فليفعل، وقد روى أصحاب السنن عن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويتصدق بوزن شعره فضة أو ما يعادلها ويسمى. ويذبح عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، لما رواه الترمذي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يعق عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة.
ولو ذبح عن الغلام شاة واحدة لحصلت بذلك السنة كما قال النووي وغيره من أهل العلم، والعقيقة شعيرة من شعائر الإسلام كالأضحية والهدي فلا يجزئ أن تخرج بالقيمة من النقود، والذي ينبغي فعله لمن أرادها هو أن يعق كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعق، وإن كان دخله الشهري لا يسمح له بذلك فلا حرج عليه في تركها لأنها ليست واجبة .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(21/127)
الفتوى : ... العقيقة عن الميت وحكم كسر العظام ورميها بالماء
تاريخ الفتوى : ... 18 جمادي الأولى 1427 / 15-06-2006
السؤال
جزاكم الله خير الجزاء هذه رسالتي الثانية إليكم إذ لم تردوا على الأولى . بالنسبة لموضوع العقيقة هل تجوز على الميت؟ وهل يجوز أكل لحمها من أهل الدار؟ وهل ترمى العظام بالماء أم أنه خرافة؟ هل يجوز تكسير العظام من عدمه؟ وكل ما يتعلق بموضوع العقيقة . أفتونا جزاكم الله خير الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم العقيقة عن الميت وذكرنا الخلاف فيها وأن الأولى فعلها لمن لم تكن فعلت عنه من قبل كما في الفتويين رقم:7830 / 6343 . وأما أكل لحمها أو التصدق به ونحو ذلك فلا حرج فيه, وإن كان الأولى أن يفعل بها مثل ما يفعل بالأضحية كما بينا في الفتويين رقم:9172 / 16066 . وأما كسر عظامها فلا حرج فيه ولا يلتفت إلى قول من قال إنه لا يكسر تفاؤلا بسلامة الصبي إذ لا أصل له في كتاب ولا سنة صحيحة, وغاية ما احتجوا به هو ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: السنة شاتان مكافئتان عن الغلام وعن الجارية شاة, تطبخ جدولا, لا يكسر لها عظم. أخرجه البيهقي والحاكم وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي, لكن قال الإمام النووي رحمه الله: وأما حديثها الآخر في طبخها جدولا فغريب رواه البيهقي من كلام عطاء بن أبي رباح .اهـ المجموع (8/407), وعلى هذا فالحديث معل لا يحتج به ويؤيد هذا الحكم ما قاله الألباني من أن: ظاهر الإسناد الصحة ولكن له عندي علتان الأولى الانقطاع ...... والأخرى الشذوذ والإدراج فقولها تطبخ أو تقطع جدولا لا يكسر لها عظم هو من كلام عطاء بن أبي رباح موقوفا عليه فهو مدرج في الحديث. اهـ انظر إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (4/395-392) للشيخ الألباني . وكذلك رمي عظامها بالماء فهو خرافة لا يلتفت إليها. وللوقوف على جملة من أحكام العقيقة وبعض ما يتعلق بها . انظر الفتوى رقم:2287 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ترك العقيقة تشاؤما لا يجوز
تاريخ الفتوى : ... 16 جمادي الأولى 1427 / 13-06-2006
السؤال
ما حكم المولود الذي لا تذبح له العقيقة مع استطاعة والديه ولكن تشاؤما بأن الذبح يظهر في المولود لبعض المعتقدات؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(21/128)
فالعقيقة سنة مؤكدة, وقيل واجبة. ولها فوائد عظيمة على المولود وعلى أبويه سيما أن الإمام أحمد رحمه الله قد أوَّل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المخرج في المسند والسنن : الغلام مرتهن بعقيقته. على الشفاعة فقال: لا يشفع الغلام لأبويه إذا لم يعقا عنه فيما لو مات صغيرا. فلا ينبغي تركها لمن قدر عليها, ولا تفوت بالتأخير. وقد بينا حكمها وحكمتها في الفتاوى ذوات الأرقام التالية :6343 / 6217 / 2287 .
وأما ترك العقيقة تشاؤما فهذا لا يجوز؛ لما ورد من النهي عن التشاؤم ولمنافاته للإيمان بالقضاء والقدر, وقد بينا ذلك مفصلا في الفتاوى ذوات الأرقام التالية:14326 / 9435 / 10538 . كما أن التشاؤم منقوض بالواقع، فالناس جميعا يعقون عن أولادهم ولم يظهر في أبنائهم ما يتشاءم منه أولئك. ولو افترضنا أن أحدا ما ظهر ذلك في ابنه فهو أمر لا علاقة له بالعقيقة؛ إلا أن الشيطان يوسوس لأوليائه ويحذرهم ليتركوا الصراط السوي ويسلكوا معه سبله, وقد أقسم على ذلك كما أخبر الباري سبحانه في قوله :وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا { النساء :119 }
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الذبح للعقيقة والذبح لحصول نعمة
تاريخ الفتوى : ... 26 ربيع الثاني 1427 / 25-05-2006
السؤال
لقد رزقني الله بطفل فمن الواجب علي أن أذبح عدد 2 خروف لله خلال فترة تتعدى سنة أم لا، والسؤال الثاني: إذا ربنا رزقني في عملي بزيادة راتبي الشهري فمن الممكن أن أجمع ما بين عقيقة الطفل ومناسبة زيادة الراتب، أم كل واحدة على حدة؟ ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقيقة سنة مؤكدة لا واجبة, فمن رزقه الله بمولود فيسن له أن يذبح عنه شاة للجارية، وشاتين للغلام، ويكون ذلك يوم سابعه وإلا فالرابع عشر، فإن لم يستطع فالواحد والعشرين، فإن لم يستطع فمتى تيسر له ذلك، وقد بينا الكلام فيه مفصلاً في الفتوى رقم: 2287، والفتوى رقم: 4907.
وأما الذبح لحصول نعمة كزيادة راتب أو حصول ترقية أو غير ذلك, فلا حرج فيه شكراً للنعمة وإظهاراً لها وتحدثاً بها، ولكن غير واجب ولا مسنون فمن شاء فعله ومن شاء تركه. وإن صحبه بعض المحاذير كاعتقاد فاسد مثلاً من دفع العين أو الحماية من الأذى وجب تركه، كما بينا في الفتوى رقم: 24328.
وأما الجمع بين العقيقة وغيرها في النية فالأولى تركه لما بيناه في الفتوى رقم: 885، ولكن لك أن تدعو زملاءك أو أقرباءك عليها إلا أنه لا بد من نية العقيقة عند(21/129)
ذبحها لكونها عبادة فلا تصح إلا بنية. قال الإمام النووي في المجموع: ويشترط أن ينوي عند ذبحها أنها عقيقة، كما قلنا في الأضحية. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
عقيقة الكبير عن نفسه إذا لم يعق عنه أهله
تاريخ الفتوى : ... 25 ربيع الثاني 1427 / 24-05-2006
السؤال
أشكر القائمين على الموقع وجزاهم الله عنا أحسن الجزاء والأجر، سؤالي يتعلق بالعقيقه، أنا عمري الآن 26سنة ولي أربع إخوان أهلي سامحهم الله لم يذبحوا لنا عقيقة أبداً، نحن الخمسة ولا أعلم السبب الأساسي أهو جهل بالموضوع أو عدم اهتمام أو قلة مال، ما رأيكم ماذا يجب علي أن أفعل أنا وإخوتي، هل يتريب علينا عمل شيء معين تجاه والدي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه يستحب لمن بلغ ولم يعق عنه أهله أن يعق عن نفسه، لما رواه الطبراني في الأوسط عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد ما بعث نبياً. صححه الألباني في السلسلة.
وعلى ذلك فينغي لك ولإخوانك أن تعقوا عن أنفسكم ما دام أهلكم لم يعقوا عنكم لا ستدراك ما فات من سنة العقيقة، ونرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 66644 وما أحيل عليه فيها للمزيد من الفائدة.
والذي عليكم عمله مع والديكم هو برهما والإحسان إليهما في حياتهما والدعاء لهما بعد وفاتهما، كما أمر الله تعالى بقوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا .....{الإسراء:23}، وبقوله تعالى: وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:24}.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... العقيقة وتوزيع الحلوى في اليوم السابع
تاريخ الفتوى : ... 16 ربيع الثاني 1427 / 15-05-2006
السؤال
إن شاء الله قريبا سأرزق بمولود وأريد معرفة هل تقليد السبوع من حلاوة وشيكولاته وحمص صح أم خطأ أما العقيقة فما هي ؟ وماذا يذبح ؟ وكيف تقسم ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من السنن المؤكدة عند ولادة المولود أن يذبح عنه في اليوم السابع وذلك لما رواه أصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كل غلام مرتهن(21/130)
بعقيقة تذبح عنه يوم سابعه ، ويحلق ويتصدق بوزن شعره فضة أو ما يعادلها, ويسمى . ويذبح عن الولد شاتان وعن البنت شاة . وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم : 2287 ، وأما توزيع الحلوى وغيرها من الهدايا عند الولادة أو في اليوم السابع عند العقيقة فلا بأس به في حد ذاته ما لم يكن هناك مانع خارجي . ولكن توزيع الحلوى الطعام والهدايا لا يجزئ عن ذبح العقيقة الذي ذكرنا أنه سنة مؤكدة على من قدر عليه . ونرجو أن تطلع على الفتوى رقم : 27750 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا أثر لكثرة وقوع الصبي لكون والده عق عنه شاة واحدة
تاريخ الفتوى : ... 20 صفر 1427 / 21-03-2006
السؤال
ابني يقع كثيرا وتحدث لة إصابات وعندما ولد عملنا له عقيقة بخروف واحد
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يحفظكم ويحفظ ابنكم، ولتعلم أن الأصل أن يعق عن الولد بشاتين لما رواه النسائي والترمذي وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة. ولو ذبح عن الغلام شاة واحدة لحصلت بذلك السنة كما قال النووي وغيره من أهل العلم.
ولذلك فلا شيء عليكم الآن بعد ما قمتم بذبح شاة عن الولد.
ولا أثر لذلك ولا علاقة له بكثرة وقوعه ، فذلك شيء عادي عند الأولاد ، وخاصة في بداية المشي.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 49799.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... ذبح العقيقة عن المولود الجديد
تاريخ الفتوى : ... 15 صفر 1427 / 16-03-2006
السؤال
هل يجوز ذبح العقيقة الطفل المولود الجديد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما حكم العقيقة عن المولود الجديد فهو سنة على الراجح من أقوال أهل العلم، وذلك لما رواه أصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه سابعه ويحلق شعره ويتصدق بوزن شعره فضة أو ما يعادلها، ويسمى.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتاوى:2287، 885، 44768، .(21/131)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... إعطاء الرأس وغيره للجزار وذبح الجدي في العقيقة
تاريخ الفتوى : ... 11 صفر 1427 / 12-03-2006
السؤال
قمت بذبح العقيقة عند الجزار وأخذت اللحم وتركت له الرأس والفروة والأمعاء حيث إنى لن أستخدمها فى العقيقة، وقمت بدفع أجرة الذبح كاملة له، ثم علمت بعد ذلك أن الجزار يبيع هذه الأشياء ويأخذ ثمنها ، فهل تقع هذه العقيقة صحيحة؟ و هل أعيد العقيقة أم ماذا أفعل؟ وهل ذبح جديين عن الذكر أفضل أم ذبح خروف أفضل؟
وجزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد دفعت شيئا من العقيقة إلى الجزار على سبيل الهبة أو الهدية كما هو ظاهر السؤال وليس على سبيل الأجرة فلا حرج عليك في ذلك ، قال ابن قدامة في المغني عند الكلام على إعطاء الجزار أجرته من الأضحية : فأما إن دفع إليه لفقره أو على سبيل الهبة فلا بأس . أهـ
ومعلوم أن العقيقة حكمها كحكم الأضحية ، قال صاحب الروض المربع وهو أحد كتب الحنابلة : حكم العقيقة فيما يجزئ ويستحب ويكره والأكل والهدية والصدقة كالأضحية . أهـ
فإذا جاز إعطاء الجزار من الأضحية على سبيل الهدية جاز ذلك في العقيقة ، وأما بيعه هو لما أهديته له أنت فلا حرج فيه .
وأما هل ذبح جديين عن ذكر، إن كنت تقصد بالجدي مدلوله عند أهل اللغة وهو ولد المعز ، فإن العقيقة بالجدي لا تجزئ كما في الفتوى رقم : 36947 ، وأما إن كنت تقصد ذكر المعز الذي تجاوز السنة فهو مجزئ ، وأما أيهما أفضل ؟ فإن السنة وردت بأن يعق عن الغلام شاتان ، لقوله صلى الله عليه وسلم : في الغلام شاتان . رواه النسائي .
واسم الشاة يطلق على الضأن والمعز كما في الفتوى رقم : 53132 .
فنرى أن العقيقة عن الغلام باثنين من المعز مجزأين أفضل من العقيقة عنه بواحد من الضأن لظاهر الحديث ، وإن كان جنس الضأن أفضل كما نص عليه الفقهاء .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
نظر الأب إلى عقيقة ابنه عند ذبحها
تاريخ الفتوى : ... 14 محرم 1427 / 13-02-2006
السؤال(21/132)
هل من الصحيح أنه من المستحب عدم نظر الأب إلى عقيقة ابنه عند ذبحها ؟ وما الأدلة الشرعية على ذلك ؟
وجزاكم الله الخير كله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القول بأنه يستحب عدم نظر الأب إلى عقيقة ابنه عند ذبحها قولا لا نعلم له أصلاً ، والأصل أن نظره إليها لا شيء فيه، ولو كان استحباب عدم نظره إليها صحيحا لكان الأب مطالبا باستنابة غيره في ذبح عقيقة ابنه ولم ينقل أنه مطالب بأن ينيب من يذبحها عنه وهو إذا ذبحها فمن غير الممكن أن لا ينظر إليها ، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم : 2287 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يشترط الترتيب بين الأبناء في العقيقة
تاريخ الفتوى : ... 12 شوال 1426 / 14-11-2005
السؤال
هل يجوز ذبح العقيقة عن الأولاد في رمضان لأخذ ثواب تفطير الصائم ؟ وهل تجوز بعدم التسلسل أي إن لي بنتا كبرى ثم يليها ولدان ثم يليها بنتان فهل يجوز لي البدء بمن أريد أم يجب أن أبدأ بهم بالتسلسل أي البنت الكبرى، ثم الولد ومن بعده الولد، ثم البنتان - علماً أنها توأم آخر بنتين - وبم أعق هل الخروف هو ما يجب أن أعق به؟
أفيدونا أفادكم الله .. وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقيقة سنة مؤكدة، ويسن أن تذبح يوم السابع للولادة، فإن لم يكن ففي الرابع عشر، وإلا ففي الحادي والعشرين؛ لما أخرجه البيهقي عن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العقيقة تذبح لسبع أو لأربع عشر أو لإحدى وعشرين. فإن لم يتمكن في هذه الأوقات، لضيق الحال أو غير ذلك فله أن يعق بعد ذلك إذا تيسرت حاله، من غير تحديد بزمن معين، ولا حرج في ذبحها في رمضان مع نية تفطير الصائمين.
ولا يشترط الترتيب بين الأبناء بحسب ولادتهم لعدم ورود شيء في ذلك، لكن ينبغي أن يراعي ويذبح عن الذكر شاتين، ويحصل أصل السنة بواحدة، وعن الأنثى شاة من الضأن أو المعز، مجزئة في الأضحية، لما رواه الترمذي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرهم أن يعق عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(21/133)