ـــــــــــــــــــ
حكم طلاق الحامل
س - طلقت زوجتي وبعد زواجي من الثانية بخمسة أشهر علمت بأنه جاء لي " بنت " هل يجوز الطلاق أم لا ؟ حيث أنني لم أعلم أنها كانت حاملاً ؟ وهل يجوز لي إرجاعها أم لا ؟ عند زيارتي لـ " ابنتي " رفض أب الزوجة المطلقة بقبول مبلغ محدد أدفعه كل شهر للبنت ، علماً أنني عند زيارتي إليها كل مرة أحضر لها ملابس فقط فهل على أية مسؤولية أو ذنب ؟ أفيدونا بارك الله فيكم .
ج- يصح طلاق الحامل ويقع فهو من طلاق السنة بخلاف طلاق الحائض فهو بدعة ، وكذلك طلاق غير الحامل إذا كان الزوج قد جامعها في ذلك الطهر وطلقها ولم يتبين حملها فهو طلاق بدعة وبكل حال فهذا الطلاق واقع وصحيح فإن كان الطلاق واحدة أو اثنين جاز الرجوع برضاها وبعقد جديد وصداق جديد ، فإن كان ثلاثاً فلا تحل لك إلا بعد زوج .
تجب عليك نفقة زوجك مدة حملها فإن فات وأنت لم تنفق عليها حتى وضعت سقطت النفقة ، فأما نفقة ابنتك فهي واجبة عليك ولكن إن تحملها أبو الأم سقطت وأن أعطيتهم ما تراضيتم عليه بدون تحديد فلا بأس وإن اختلفتم في التحديد فلكم الترافع إلى قاضي البلد ليقدر النفقة المستحقة لهذه الطفلة كل شهر ، والله أعلم .
الشيخ ابن جبرين
ـــــــــــــــــــ
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 283)
129 - طلاق الحائض يقع مع الإثم
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ أ . م . م . وفقه الله لكل خير ، آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد صدرت برقم ( 1129 ) في 23/ 6/ 1390هـ :
فقد وصل إلي كتابكم المؤرخ 16/ 5/ 1390هـ وصلكم الله بهداه ، واطلعت على السؤال المرفق ، به المتضمن سؤالكم عن رجل طلق زوجته وهي حائض هل تطلق أم لا ، وأن الطلقة هي آخر طلقة ، كان معلوما .
والجواب الذي عليه جمهور أهل العلم أنها تحسب عليه مع الإثم ؛ لأن ابن عمر - رضي الله عنهما - لما طلق امرأته في الحيض طلقة واحدة أنكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمره بالمراجعة ، ولم يقل له : إن الطلاق غير واقع ، بل ثبت في صحيح البخاري أن الطلقة حسبت عليه ، ولم يثبت فيما نعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسأل المستفتين في الطلاق هل طلقوا في الحيض أم لا ؟ ولو كان طلاقهم في الحيض لا يقع لاستفصلهم ، وهذا هو الأظهر . والله سبحانه وتعالى أعلم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الزحيلي - (ج 1 / ص 449)(16/37)
هل يقع طلاق الحائض أم لا؟ مع علمي بوجود اختلاف في الحكم بهذه المسألة ولكن أريد الاستيضاح أكثر حتى أستطيع الأخذ بإحدى الفتويين؟
اتفق علماء السنة عملاً بالأحاديث الصريحة أن الطلاق البدعي كالواقع في الحيض أو أثناء الحمل حرام ، لكنه يقع ، ولا داعي للأخذ بغير ذلك من الآراء غير الصحيحة ولا الثابتة شرعاً.
ـــــــــــــــــــ(16/38)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
أحكام الطلاق والرجعة
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(17/1)
الطلاق الصوري ..هل يعد طلاقا؟
ذهب أحد الأشخاص المتزوجين إلى القاضي وأعلن أنه طلق زوجته وحصل على ورقة تثبت ذلك الطلاق ويقول هذا الشخص أنه لم ينو طلاق زوجته ولكن طلاقه طلاق صوري من أجل أن يحصل على ورقة تثبت الطلاق لتقوم زوجته بتقديم تلك الورقة إلى مؤسسة التأمين أو الشؤون الإجتماعية للحصول على راتب شهري لها ولأولادها بحجة أنها مطلقة وهذان الزوجان يستمران في الحياة بشكل طبيعي فما الحكم في ذلك ؟ ... السؤال
01/02/2006 ... التاريخ
د.حسام الدين بن موسى عفانة ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فليس هناك طلاق حقيقي وطلاق صوري، فالطلاق لا يُلعب به، فمن طلق زوجته طلاقا في الظاهر فحسب من أجل تحقيق مغنم دنيوي، ولكنه في الباطن لا يريد ذلك، فلا اعتبار لهذه النية، وتحسب عليه طلقة، وإذا حدث ذلك، وكان الطلاق بائنا، فلا يجوز له أن يعاشر زوجته إلا بعقد ومهر جديدين، أو حتى تنكح زوجا غيره إن كانت هذه الطلقة الصورية هي الثالثة .
وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسام الدين عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-
إن رابطة الزوجية رابطة وثيقة، ومحترمة، ولا يجوز شرعاً التلاعب بها مهما كانت الغاية من ذلك، وإن مما يؤسف له أن كثيراً من الأزواج لا يقدرون هذه الرابطة حق تقديرها، وصاروا يتلاعبون بألفاظ الطلاق لغايات، وأهداف دنيوية فاسدة، فهذا يتزوج زواجاً صورياً كما يدعي ليحصل على هوية، وذاك يطلق طلاقاً صورياً كما يدّعي للحصول على أموال، أو لأجل أن يتزوج ثانية؛ لأن القانون لا يجيز التعدد، وهكذا صرنا نسمع عن حالات فيها تلاعب واضح بالنكاح والطلاق.
ويجب أن يعلم أولاً أنه لا يجوز ذلك مهما كانت المسوغات التي يظن كثير من الناس أنها تجيز لهم ذلك التلاعب بحجة أن نيتهم عدم الطلاق، وإنما يريدون التحايل على القانون فقط . ويدل على ذلك ما ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( ثلاث جدهن جد وهزلهن جد الطلاق والنكاح والرجعة ) . رواه أبو داود والترمذي، وابن ماجة، وهو حديث حسن.
وقد ورد عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال: [كان الرجل في الجاهلية يطلق فيقول كنت لاعباً ويعتق ثم يراجع ويقول كنت لاعباً فأنزل الله: (وَلَا تَتَّخِذُوا ءَايَاتِ اللَّهِ هُزُوًا)، فقال صلى الله عليه وسلم :( ثلاث جدهن جد ... الخ الحديث ) إبطالاً لأمر الجاهلية ] . رواه ابن أبي شيبة في المصنف، وهو مرسل صحيح الإسناد إلى الحسن، وروى مالك في الموطأ عن سعيد بن المسيب قال :[ ثلاث ليس فيهن لعب النكاح والطلاق والعتق ] .(17/2)
وروى الحسن عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (ثلاث لا يلعب بهن النكاح والطلاق والعتاق) رواه ابن أبي شيبة في المصنف وإسناده صحيح إلى الحسن كما قال الشيخ الألباني .
وبناء على ما تقدم لا يجوز التلاعب بالطلاق مهما كانت المغريات تدفع لذلك، فإذا ذهب الزوج إلى القاضي، وأعلن أمام القاضي أنه طلق زوجته، فإن الطلاق يقع، وتحسب عليه طلقة، وإن كان لا يقصد ذلك، وإنما قصده الحصول على ورقة تثبت أنه طلق زوجته لتقدمها الزوجة إلى مؤسسات التأمين، أو الشؤون الاجتماعية للحصول على راتب لها، ولأولادها بحجة أنها مطلقة مع استمرار الزوجين في حياتهما الزوجية،، فإنه إذا حصل ذلك، وكان الطلاق بائناً، فإن الزوجين يتعاشران بالحرام، وعلى من فعل ذلك أن يجدد عقد الزواج وأن يتوب إلى الله توبة صادقة ويندم على ما فات .
ويمكن للسائل مزيدا للتفصيل في موضوع طلاق الهازل مطالعة هذه الفتوى
طلاق الهازل: بين الإطلاق والتقييد
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
متعة الطلاق قبل الدخول
ما الحكم في امرأة طلَّقها زوجها قبل الدخول بها ولم يُكن قدَّر لها مَهرًا، فماذا لها عليه من الحقوق؟
... السؤال
23/01/2006 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إذا طلق الرجل امرأته التي عقد عليها دون الدخول بها، فيجب عليه في الأرجح متعة، تطييبًا لخاطرها، وتعويضًا لها عما لحقهامن ضرر.
يقول الدكتور محمد بكر إسماعيل الأستاذ بجامعة الأزهر:
إنْ طلَّق الرجل امرأتَه قبل أن يَدخُل بها ولم يكنْ قد قدَّر لها مهرًا فلها عليه مُتعة.
وهذه المتعة عبارة عن: شيء من المال يَدفعه لها تطيِيبًا لنفسها وتَعويضًا لها عمَّا لحِقَ بها مِن الأضرار المادية والمعنوية، ومُواساة لها في مِحْنَتِها.
والمُتعة تُقدَّر بحسب حال الرجل من الفقر والغِنَى، وهي واجبة عليه في مُقابل نِصف المهر، وذلك بمُقتضى قوله تعالى: (لا جُناحَ عليكمْ إنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لمْ تَمَسُّوهُنَّ أو تَفْرِضُوا لهنَّ فَرِيضَةً ومَتِّعُوهنَّ علَى المُوسِعِ قَدَرُهُ وعلى المُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعًا بالمَعروفِ حقًّا علَى المُحسِنِينَ) (البقرة: 236).
وقيل: إن المتعة ليست واجبةً عليه، ولكنها من المستحبَّات بدليل قوله تعالى: (حقًّا على المُحسِنِينَ).
والحق أنها واجبةٌ في مقابل نصف المهر وفي مقابل دفْع الضرَرِ، وبِدَليل قوله تعالى: (حقًّا) والحق ما ثبتَ ووَجَبَ.(17/3)
والمسلم يجب أن يكون مُحسنًا مُتفضِّلًا يَعرف المعروف فيأتيه، ولا يكون شَحيحًا بما لدَيْهِ مِن مالٍ، ولا سيما أن هذه المرأة لو قُدِّرَ لها مهرٌ لوجَبَ عليه أن يدفع لها نِصفه مُعجَّلًا عقِب الطلاق مباشرةً، لقوله تعالى: (وإنْ طلَّقْتُموهنَّ مِن قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهنَّ وقد فَرَضْتُمْ لهنَّ فَريضةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إلَّا أنْ يَعْفُونَ أو يَعْفُوَ الذي بِيَدِهِ عُقدةُ النِّكاحِ وأنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ للتقوَى ولا تَنْسَوُا الفَضْلَ بيْنكمْ إنَّ اللهَ بِما تَعملونَ بَصِيرٌ) (البقرة آية: 237).
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
الطلاق عبر رسائل المحمول
هل يجوز للرجل أن يرسل لزوجته الطلاق عبر الرسائل الالكترونية ،المكتوبة ، كالبريد الالتروني أو عبر وسائل المحمول ،حيث أثير هذا الموضوع في بعض البلدان ،مما أثار جدلا واسعا حول الموافقة والرفض. ... السؤال
22/01/2006 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فالطلاق بالكتابة يقع إن نوى الإنسان الطلاق مع الكتابة والتوثيق ، والطلاق عبر رسائل المحمول فيه من المفاسد التي تمنع منه ، ولا يقع به الطلاق، وإنما يمكن اعتباره وسيلة إبلاغ فحسب.
يقول الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق:
"إن الطلاق يختلف عن توثيق عقود الزواج؛ لأن الطلاق يصدر عن الفرد نفسه، فمن الممكن أن يتم عن طريق الإنترنت أو المحمول، ولكنه يحتاج هو الآخر إلى توثيق؛ لتتحقق الزوجة من طلاقها، حتى إذا أرادت أن تتزوج من آخر يكون معها دليل طلاقها، فإذا أنكر الزوج عملية الطلاق التي تمَّت عبر الإنترنت أو المحمول تكون الورقة الموثقة والمشهود عليها والمرسلة هي إثبات عملية الطلاق. أ.هـ
ويقول الدكتور محمود عكام أستاذ الشريعة بالجامعات الأردنية :
إن الطلاق عبر رسائل المحمول أو البريد الإلكتروني قد يدخله كثير من الغش والخداع؛ ولذا فإن ترك هذه الوسيلة غير المضمونة أولى. أ.هـ
ويقول الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر :
يجوز الطلاق بالكتابة ولكن أخشى ما أخشاه أن تكون هذه الوسيلة غير آمنة، وتوظف البرد الإلكترونية والإنترنت أو المحمول أو غيرها توظيفا سيئًا، ولذلك أنصح أن لا يكون ذلك بالطريقة المعهودة وإذا كان متعسرًا يمكن أن يوكل أحدًا يقوم بذلك. أ.هـ
و يقول الدكتور محمد سيد أحمد المسير الأستاذ بجامعة الأزهر :
الطلاق مرتبط بلفظ يقع من القادر على النطق به، وألفاظه الصريحة هي الطلاق والفراق والسراح فمن استعمل لفظًا من هذه الألفاظ في قطع العلاقة الزوجية فقد(17/4)
وجب ولا يقبل منه ادعاء أنه لم يقصد الطلاق فجدهن جد وهزلهن جد.. ونية الطلاق ليست طلاقًا ما لم تقترن بلفظ وفي الحديث الشريف : "إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل به". ولا يشترط في الطلاق المواجهة مع الزوجة فيمكن للرجل أن يطلق زوجته في غيبتها ومن غير حضورها ومن هنا فإن الطلاق بالمراسلة إذا كان مقصودًا به أنه طلق زوجته غيابيًا ثم أعلمها بهذا الطلاق عن طريق رسالة بعثها إليها فهو طلاق واقع لا شك، حتى قبل المراسلة، وكل ما أضافته المراسلة إنها أعلمت الزوجة بما حدث من الفراق بينها وبين زوجها، أما إذا كتب الرجل لفظ الطلاق في الرسالة إلى زوجته دون أن ينطق بهذا اللفظ فلا يقع الطلاق بمجرد الكتابة ما دام الرجل قادرًا على النطق، وفي حال العاجز عن النطق فيقع طلاقه بالإشارة المفهمة أو الكتابة المعبرة عما في صدره.
و يقول مسعود صبري الباحث الشرعي بكلية دار العلوم :
تعددت وسائل الطلاق ، فمن ذلك : الطلاق باللفظ ،والطلاق بالكتابة ، والطلاق بالإشارة ، ولا يلجأ للطلاق بالكتابة إلا عند العجز عن النطق ، ولا إلى الطلاق بالإشارة إلا عند العجز عن النطق والكتابة ، أو تكون إحدى هذه الوسائل هي الأنسب لحال المطلق.
والنطق بالطلاق في زماننا لا يمنع منه إلا العجز عن استخدامه، وهذا بخلاف القديم ،فربما يكون الرجل في بلد وزوجته في بلد آخر ، فيعجز أن يسمع الطلاق لزوجته ، فتكون الكتابة قائمة مقامها، أما في عصر ثورة الاتصالات ، فما أيسر أن يسمع الرجل زوجته الطلاق ، ولذا ،فيعتمد النطق بالطلاق دون غيره إلا في حالة العجز.
كما أن كثيرا من الفقهاء كالحنابلة ومن وافقهم يجعلون الطلاق بالكتابة من كنايات الطلاق التي تفتقر إلى النية .
وإن كان جمهور الفقهاء يبيح الطلاق بالكتابة إن نوى الإنسان الطلاق عند الكتابة، وبشرط أن تكون كتابة مستبينة مفهومة المعنى ، واضحة لا يفهم منها إلا الطلاق، غير أن الناظر إلى الكتابة الالكترونية يجد اختلافا كبيرا بينها وبين الكتابة بالقلم على الورق، فالإنسان الذي يكتب بخطه الحقيقي ، يستطاع عند إنكاره إثبات أن المكتوب بخطه ، ويتدخل المختص بمعرفة بصمات الإنسان في توضيح هذا الأمر ، أما الكتابة الالكترونية ، والتي تكون بالضغط على الأزرة سواء أكانت على المحمول أو الحاسوب لا يمكن التأكد من صحتها ، والتلاعب فيها سهل يسير، وخاصة عند من له دراية وخبرة بالحاسوب أو المحمول.
كما أن الكتابة الالكترونية قد لا تبقى ، فيسهل مسحها من خلال حذف الرسالة من البريد الالكتروني ، أو حذفها من خلال حذف الرسائل من المحمول ، ويترتب على هذا التشكيك في وقوع الطلاق ، سواء أكان من الزوج أو الزوجة ، ولا تعد وسيلة إثبات.
ومن هنا نستطيع القول : إن الطلاق بالكتابة الالكترونية لا يعتد به ، ولا يقع به الطلاق، إلا إذا كان من باب الإعلام بعد النطق بالطلاق، أما كونه وسيلة تعتمد في الطلاق وحده ، فلا.(17/5)
ثم إن الأوفق شرعًا أن تمنع هذه الوسيلة، وإن كان الشرع يأمر برفع الضرر، فإن الوسيلة التي قد تؤدي إليه تمنع، لقوله صلى الله عليه وسلم :" لا ضرر ولا ضرار"، كما أن في استخدام هذه الوسيلة إضعافا لعلاقة الزواج والطلاق، وهو ما يتعارض مع حكمة الشرع من هذه العلاقات، من كونها ميثاقًا غليظًا.
و للحاكم المسلم أو الجهات المختصة أن تصدر قرارًا بمنع هذه الوسيلة، فتكون ملزمة للجميع، صونًا للبيوت والأسر، وحفاظًا على الحياة الاجتماعية، فلا يأمن أن يقوم إنسان بكتابة طلاق لامرأة غير زوجته، والشرع ينفي كل ما فيه الغش والضرر.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
الطلاق العاطفي وأثره على الحياة الزوجية
أنا وزوجي نعيش كزوجين عاديين ، فقد فقدت العاطفة والحب بيننا ، وأصبحت الحياة أشبه بالروتين ، فهل هذا يعني أن الحياة بيننا لا تصلح ، وهل الأفضل في نظر الشرع هو الانفصال ؟ ... السؤال
07/12/2005 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فغياب العاطفة بين الزوجين، وإن كان أمرا له خطره في الحياة الزوجية، لكنه لا يعني انفصال الحياة بينهما، أو أن من الأولى الانفصال بالطلاق، بل الواجب النظر إلى أسباب هذا الجفاف العاطفي والسعي لعلاجه، ويبقى الزوجان زوجين مع صبر كل منهما على الآخر.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
على كل من الزوجين أن يصبر على صاحبه ويجب على المسلم أن يصبر على زوجته إذا رأى منها بعض ما لا يعجبه من تصرفها، ويعرف لها ضعفها بوصفها أنثى، فوق نقصها كإنسان، ويعرف لها حسناتها بجانب أخطائها، ومزاياها إلى جوار عيوبها. وفي الحديث: "لا يفرك -أي: لا يبغض- مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقا رضي منها غيره". وقال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) سورة النساء:19.
وكما أوجب الإسلام على الزوج الاحتمال والصبر على ما يكره من زوجته أمر الزوجة هي الأخرى أن تعمل على استرضاء زوجها بما عندها من قدرة وسحر، وحذرها أن تبيت وزوجها غاضب.
وفي الحديث: "ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا: رجل أم قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان (متخاصمان)". انتهى(17/6)
وفي طبيعة العلاقة بين الزوجين يقول الشيخ سيد قطب في تفسيره الظلال:
الناس يعرفون مشاعرهم تجاه الجنس الأخر ، وتشغل أعصابهم ومشاعرهم تلك الصلة بين الجنسين ؛ وتدفع خطاهم وتحرك نشاطهم تلك المشاعر المختلفة الأنماط والاتجاهات بين الرجل والمرأة . ولكنهم قلما يتذكرون يد الله التي خلقت لهم من أنفسهم أزواجا ، وأودعت نفوسهم هذه العواطف والمشاعر ، وجعلت في تلك الصلة سكنا للنفس والعصب ، وراحة للجسم والقلب ، واستقرارا للحياة والمعاش ، وأنسا للأرواح والضمائر ، واطمئنانا للرجل والمرأة على السواء.
والتعبير القرآني اللطيف الرفيق يصور هذه العلاقة تصويرا موحيا ، وكأنما يلتقط الصورة من أعماق القلب وأغوار الحس: لتسكنوا إليها . . وجعل بينكم مودة ورحمة. .
إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون. . فيدركون حكمة الخالق في خلق كل من الجنسين علي نحو يجعله موافقا للآخر ملبيا لحاجته الفطرية: نفسية وعقلية وجسدية . بحيث يجد عنده الراحة والطمأنينة والاستقرار ؛ ويجدان في اجتماعهما السكن والاكتفاء ، والمودة والرحمة ، لأن تركيبهما النفسي والعصبي والعضوي ملحوظ فيه تلبية رغائب كل منهما في الآخر ، وائتلافهما وامتزاجهما في النهاية لإنشاء حياة جديدة تتمثل في جيل جديد. .
ومن آياته خلق السماوات والأرض ، واختلاف ألسنتكم وألوانكم . إن في ذلك لآيات للعالمين.انتهى
و يقول مسعود صبري الباحث الشرعي بكلية دار العلوم:
إن الحديث عن الانفصال العاطفي بين الزوجين ، أو يمكن تسميته مجازا " الطلاق العاطفي " يتطلب معرفة منهج الإسلام في الزواج ، فكثير من الناس يظن أن الزواج في الإسلام لا يقوم على العاطفة، وإنما ينظر الرجل إلى المرأة ،أو لا ينظر إليها في بعض الأوساط ، فإن أعجبته ذهب إلى بيت أبيها ليطلب زواجها ، ويتم الاتفاق على المهر والتجهيز ثم يكون البناء ، وتبدأ عجلة الحياة الزوجية.
ومن المعلوم أن معرفة أي حكم يرجع فيه إلى كتاب الله ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، كمصدرين للأحكام الشرعية في الإسلام ، بل وكمنهج حياة للمسلمين ، لأن حصر فائدة القرآن والسنة في معرفة الحكم الشرعي ضرب من التقييد المرفوض.
وحين نستنطق القرآن الكريم في آيات الزواج يكاد ينطق بإقامة الحياة الزوجية على الحب والعاطفة ، وعلى الاحترام المتبادل بين الزوجين ، ليفضي كل منهما إلى الآخر بمشاعره وأحاسيسه ووجدانه في جو من النظافة النفسية ، ولتتغذى الأرواح بكل الحب الذي يثاب عليه الزوجان.
ومن ذلك قول الله تعالى :" ومِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" ، فالقرآن يشيرإلى بناء الأسرة على السكن والمودة والرحمة ، وكلها معان تدخل في دائرة العاطفة والحب.
وتكرر هذا المعنى في آية أخرى ، حيث قال الله تعالى :" هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا"، فليس هناك ألفة بين اثنين ، كألفة الزوجين.(17/7)
ولذا جعلها الله تعالى آية من آياته التي يجب أن يتدبر فيها.
قال الإمام ابن كثير:
لو أنه تعالى جعل بني آدم كلهم ذكورا وجعل إناثهم من جنس آخر من غيرهم إما من جان أو حيوان لما حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الأزواج بل كانت تحصل نفرة لو كانت الأزواج من غير الجنس ثم من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم وجعل بينهم وبينهن مودة وهي المحبة ورحمة وهي الرأفة فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها أو لرحمة بها بأن يكون لها منه ولد أو محتاجة إليه في الإنفاق أو للألفة بينهما وغير ذلك " إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون. انتهى
وقيل معنى المودة والرحمة : عطف قلوبهم بعضهم على بعض.
وقال ابن عباس : قال : المودة حب الرجل امرأته , والرحمة رحمته إياها أن يصيبها بسوء.
والعاطفة تأتي من خلال الارتياح النفسي لكل من الرجل والمرأة ، ولذا أباح الشارع الحكيم النظر إلى المخطوبة قبل خطبتها ، ويعلو شأن النظر في الشريعة حين يرفض الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتزوج رجل امرأة دون أن يراها ولا أن يتأكد من نفسه الأنس بها ، وكأن هناك تصحيح لعادة مغلوطة ، وهي الزواج دون دراسة و معرفة ، فيخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أحد أصحابه :" انظر إليها ، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ".
وذلك أن النظر أولى رسائل القبول بين الرجل والمرأة.
ويتأكد هذا المعنى في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرويه النسائي:" خير نسائكم التي إذا نظر إليها زوجها سرته،....".
ولئن كان الحب لابد فيه من التعبير ، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يظهر هذا الحب لأزواجه ، ويظهر هذا في كثير من أحاديثه ، فمن ذلك:
" يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام ".
و عن عائشة قالت أول سورة تعلمتها من القرآن طه فكنت إن قلت: {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} إلا قال صلى الله عليه وسلم: لا شقيت يا عائش ".
بل يصرح الرسول صلى الله عليه وسلم بحبه لنسائه على ملأ من الصحابة ، فعن عمرو بن العاص قال: قيل: يا رسول الله! أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، فقال: من الرجال؟ قال: أبوها، قال: ثم من؟ قال: ثم أبو عبيدة "
ويلاحظ أن أول ما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أحب الناس إليه ، قال :عائشة،ثم لما أخبره عمرو رضي الله عنه أنه يقصد الرجال عدد رجالا من أصحابه.
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في إثراء مظاهر الحب بين الزوجين ، فقد كان يلاعب عائشة ، بل ويترك لها أحيانا لعبا تلعب بها ، مراعاة لسنها ، بل لما قام الأحباش في المسجد يلعبون وقفت عائشة رضي الله عنها خلفه لتشاهدهم ، فلما ملت استأذنت الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفي ذلك مراعاة للزوجة الصغيرة.
وكانت إذا شربت من الإناء ، أمسكه ووضع فمه في موضع فمها وشرب.(17/8)
بل كان يمسك العظم الذي به اللحم بعد أن تأكل عائشة ، فيضعه فمه في موضع فمها ، وكان كثيرا ما ينام في حجرها.
بل ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يجري مسابقة جري بينه وبين عائشة أكثر من مرة، فسبقته أول مرة ، ثم سبقها في مرة أخرى ، فداعبها قائلا :هذه بتلك.
وكان صلى الله عليه وسلم ربما رأى ما يحدث بين أزواجه من مشاحنات ، فيبتسم مما يفعلن ، كما يحدث بين الضرائر.
وكان صلى الله عليه وسلم يهدي إليهن بعض الهدايا ، ترقيقا لقلوبهن ، وتطييبا لخاطرهن ، فتظن كل منهن أن لها الصدارة في قلبه صلى الله عليه وسلم.
فإن كان هذا شأن نبي الأمة صلى الله عليه وسلم ، مع ما كان عليه من أعباء الدعوة والجهاد في سبيل الله، والسعي لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وقيامه الليل ،فإن من الأولى أن يكون الأمر أكثر فسحة بين المسلمين ، فقد أرشدهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى منهج الحب بين الزوجين ، وأعطاهم نماذج ليست للحصر ، و لكن للاقتداء والزيادة.
وهذا يعني أن العاطفة لها شأن كبير في الحياة الزوجية في الإسلام ، وأن العيش مع الانفصال العاطفي هو أشبه بالموات أو الفراق ، ولئن كان الإنسان روحا وجسدا ، فإن انفصال الروح يأذن بانفصال الجسد ، غير أن هذا لا يعني أن الحياة بين الزوجين مستحيلة ، كما لا يعني عدم جواز المعاشرة ، فقد أمر الإسلام الزوجين أن يصبر كل منهما على الآخر.
وأن ينظرا إلى وسائل العلاج التي تعيد الحب بينهما ، وتقويه في حياتهما ، ليهنئا بحياة سعيدة كما أرادها الإسلام. والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
الطلاق:حكمة المشروعية والتدابير الواقية
ما الحكمة من مشروعية الطلاق في الإسلام؟ وماذا فعلت الشريعة الإسلامية للحد من الطلاق ؟
... السؤال
16/11/2006 ... التاريخ
الشيخ جاد الحق على جاد الحق رحمه الله ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فقد أباحت الشريعة الطلاق ، ولكنها جعلته أبغض الحلال إلى الله عز وجل ، وقد اتخذت الشريعة من التدابير الواقية من الوقوع في الطلاق ما سيأتي بيانه بعد ، لكنها لم تحرمه لحاجة الرجل والمرأة إليه في كثير من الأوقات
ورد في كتاب (بيان للناس) الذي أصدره الأزهر ما يلي
الانفصال بين الزوجين معروف من قديم الزمان في الشرائع الوضعية والأديان السماوية؛ لأن الزواج تكوين لشركة تتعاون على تحقيق الهدف منه، وهو السكَن والمودَّة ورعاية النسل، وكل شركة لا تُوفَّق في تحقيق أهدافها بعد محاولة إصلاحها(17/9)
كان من الأوفق أن تَنْحَلَّ، ويسعى أصحابها للبحث عن شُرَكاء آخرين صالحين لإنتاج الخير. وجاء الإسلام، وهو خاتمة الرسالات، فأبقى على هذا المبدأ ونظَّمه.
ومن وُجوه الحِكْمة في تقرير مبدأ الطلاق:
1ـ قد تكون الزوجة عقيمًا والرجل يريد نسلًا، وطلب النسل مشروع وهو الهدف الأول من الزواج، ولا تَرْضَى الزوجة بأن يَضُمَّ إليها أخرى. أو لا يستطيع هو أن يُنْفِق على زوجتين، وبالمِثْل قد يكون بالزوج عيب يمنع من وُجود النسل، وهي تتَوَقَّ لإشباع غريزة الأمومة، فلا سبيل إلا الطلاق.
2ـ وقد يكون بأحدهما مرَض مُعدٍ يُحِيل الحياة إلى متاعب وآلام، فيكون العلاج بالطلاق.
3ـ وقد يكون الزوج سيئ العِشْرة خَشِن المعاملة لا يُجدي معه النصح، وقد تكون هي كذلك فلا مَفَرَّ من الفراق.
وقد تكون هناك أسباب أخرى منه أو منها فيكون الطلاق أمرًا لابد منه، والواقع يُقَرِّر أن للطلاق مَضارَّ بجوار ما فيه من منافعَ، فله أثرُه على المرأة إذا لم يكن لها مَوْرِد رزق تعتمد عليه ويُخْشَى أن تسلُك مسالك غير شريفة، وله أثره على الرجل في تَحَمُّل تَبِعاته المالية والنفسية إذا لم يَجِد مَن تعيش معه إذا كان الطلاق بسببه، كما يتضرر به الأولاد الذين لا يَجِدون الرعاية الصحيحة في كنَف الوالدين، فإما أن يعيشوا تحت رعاية زوج أمهم أو تحت رعاية زوجة أبيهم، وإما أن يَتَشَرَّدوا فلا يجدوا ما يَحْمِيهم من الانحراف، وفي ذلك كله ضرر على المجتمع.
ومن أجل هذا جعلَه الإسلام في أضيَق الحدود، ونهاية المطاف في محاولة التوفيق، وقرر أنه أبغض الحلال إلى الله، وبيَّن الحديث الشريف أنه من أهم العوامل التي يَسْتَعِين بها إبليس على إفساد الحياة البشرية، فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ: "إن إبليس يضع عرشَه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منزلةً أعظمهم فتنةً، يجيء أحدهم فيقول: فعلتُ كذا وكذا، فيقول له: ما صنعتَ شيئًا، قال: ويجيء أحدهم فيقول: ما تركتُه حتى فرَّقتُ بينه وبين أهله. قال: فيُدنِيه، أو قال: فيَلْتَزِمُه ويقول: نعَم أنتَ" (رواه مسلم)
وكما حذَّر منه الرجلَ حذر المرأةَ فقال: "أيما امرأةٍ سألت زوجَها طلاقًا في غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة" (رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن)
وكان من هَدْي الإسلام في الحدِّ منه إلى جانب ما ذُكِر:
1ـ أنه وَصَف الزواج بالميثاق الغليظ، وذلك يدعو إلى احترامه وعدم التفكير في حَلِّه، قال ـ تعالى ـ: (وكيفَ تأخُذونَهُ وقَدْ أَفْضَى بعضُكُمْ إلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُمْ مِيثاقًا غليظًا) (سورة النساء: 21).
2ـ جعل الطلاق على مَراحل من أجل التجرِبة فلم يَحكُم بهدْم الحياة الزوجية من أول نِزاع بين الزوجين، بل جعله على ثلاث مرَّات يملك بعد كل من الأولى والثانية أن يُراجعها، ولا تحل له بعد الثالثة حتى تتزوج غيره، قال ـ تعالى ـ: (الطلاقُ مرتانِ فإمساكٌ بمعروفٍ أوْ تسريحٌ بإحسانٍ)... إلى أن قال: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لهُ من بعدُ حتى تَنْكِحَ زوجًا غيرَهُ) (سورة البقرة: 229 ـ 230).(17/10)
3 ـ نَدَب إلى إمساك الزوجة وعدم طلاقها إن كَرِهَهَا لأمر، وفيها أمور تدعو إلى إمساكها، قال ـ تعالى ـ: (وَعاشِرُوهُنَّ بالمعروفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أنْ تَكْرَهُوا شيئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فيه خيرًا كثيرًا) (سورة النساء: 19)، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "لا يَفْرَك مؤمن مؤمنةً، إن كَرِه منها خلُقًا رَضِي منها آخرَ" (رواه مسلم).
4 ـ أمر الزوج بضبط أعصابه والتريُّث في تقويم زوجته، قال ـ تعالى ـ: (واللاتِي تَخافونَ نُشوزَهنَّ فَعِظوهنَّ واهجُروهنَّ في المضاجعِ واضرِبُوهنَّ فإنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عليهِنَّ سبيلًا إنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كبيرًا) (سورة النساء: 34).
5 ـ إذا لم يستطع الطرَفان علاج المشكلة تدخَّلت عناصر للعلاج تَهُمُّها مصلحة الزوجين، قال ـ تعالى ـ: (وإنْ خِفْتُم شِقاقَ بَيْنِهِمَا فابْعَثُوا حَكَمًا من أهلِه وحكمًا من أهلِهَا إنْ يُريدَا إصلاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بينَهُمَا إنَّ اللهَ كانَ عليمًا خبيرًا) (سورة النساء: 35).
6ـ صان قداسة الزوجية من العبَث فحذَّر من صدور كلمة الطلاق حتى على سبيل الهَزْل. معنى الحديث: "ثلاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ، وهَزْلُهُنَّ جَدٌّ: النكاحُ والطلاقُ والرَّجْعةُ" (رواه أبو داود).
7 ـ لم يحكم بطلاق المجنون والمُكْرَه عليه؛ ففي الحديث: "رُفِع القلم عن ثلاث: عن المجنون حتى يَفِيق، وعن الصبي حتى يُدرِك، وعن النائم حتى يستيقظ" (رواه أبو داود وصححه) وفيه ـ أيضًاـ: "إن الله وضَع عن أمتي الخطأَ والنِّسيان وما اسْتُكْرِهُوا عليه" (رواه أصحاب السنن برجال ثقات، وليس فيه علة قادحة) وفيه: "لا طلاقَ ولا عِتاقَ في إغلاق" (رواه أبو داود والحاكم وصححه) وفُسِّر الإغلاق بالإكراه كما فُسِّر بالغضَب، وألحق بعض العلماء السكرانَ بالمجنونِ.
8 ـ لا يقع الطلاق بحديث النفس دون تَلَفُّظ به، ففي الحديث: "إن الله تجاوَزَ لأمتي عما حدَّثَتْ به نفسَها ما لم تتكلَّمْ أو تعملْ به" (رواه البخاري ومسلم).
9 ـ حرَّم على المرأة أن تَشتَرِط لزواجها أن يُطلِّق الزوج مَن هي تحت يده؛ ففي الحديث: "لا تَسأل المرأةُ طلاقَ أختِها لتَسْتَفرِغ ما في صَحْفَتِها، فإن لها ما قُدِّر لها" (رواه البخاري ومسلم).
10 ـ جعل العصمة أصلًا بيد الرجل؛ لأنه هو الذي دفع المهر ويتكفل بنفقة الزوجية، وهو أضبط لعواطفه وأدرى بالتبِعَات التي تترتَّب عليه.
11 ـ وهناك تشريعات أخرى كعدم وُقوع الطلاق قبل النكاح، والطلاق المُعَلَّق الذي لا يُقْصَد به التطليق، وما يُسَمَّى بالطلاق السُّنِّي والبِدْعِي، وفيها نصوص وخلاف للعلماء.
هذه بعض التشريعات التي تُساعد على الحَدِّ من الطلاق، وقد علَّمنا أنه حِلٌّ يُلْجَأ إليه عند تعذُّر الإصلاح، وأخذت به كل التشريعات قديمها وحديثها، وما لجأت إليه بعض الدول من تحريمه وإباحة التفريق الجسدي أدَّى إلى أخطار كثيرة وانحرافات شكَا منها المصلحون.
ومحاولات بعض الدُّعاة للتجديد وتحرير المرأة للحد منه باقتراحات وإجراءات قضائية، قد تَزِيد المشكلة تفاقمًا، وتقضي على فرصة العودة بعد تَجْرِبة الفِراق، وتَكَشُّف ما كان ينبغي أن يبقى مستورًا، بل جعلت بعض الشباب يُحجم أو يتأخَّر(17/11)
عن الزواج خشية تَبِعاته وتبعات الفِراق، وفي ذلك إضرار بالمرأة ـ أيضًاـ من حيث يَظُنُّ المُتَحَرِّرون أنهم يَخْدُمونها.
وفي اتباع هَدْي الإسلام: تشريعات وخلُقًا، مع الإخلاص المتبادل، ما يُغْنِي عن كل هذه الاقتراحات، التي لا يَعْدِم مَن لا ضمير عنده أن يتَحايَل حتى لا يقع تحت طائلتها، والواقع يشهد بذلك، فلنحرِص على التمسُّك بالدين ولنتعلم ما جاء عن الله ورسوله بفهم دقيق وإحاطة وشمول، ففيه الخير كله: (وَمَنْ يَعْتَصِمْ باللهِ فَقَدْ هُدِي إلى صراطٍ مستقيمٍ) (سورة آل عمران: 101).
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
اختلاف الزوجين في عدد الطلقات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال : هل ثأثم المرأة في حال قناعتها قناعة كاملة بأن زوجها قد رمى عليها اليمين الثالث على فترات متباعدة شرعية، ثم أنكر هو ذلك بطلب خلع نفسها أمام ممثل الهيئة الإسلامية في بلد الاغتراب؟
... السؤال
13/09/2005 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
إذا تأكدت المرأة من أن الرجل طلقها ثلاثا طلاقا صريحا ، فلا يجوز البقاء معه ، ولكن الواجب عليها عرض ما قاله الزوج،فقد يظن الناس أن بعض الصيغ يقع بها الطلاق ،وليس هناك طلاق ،والواجب الذهاب لأقرب محكمة شرعية أو أقرب شيخ يستفتى في الموضوع.
يقول الدكتور عبد الله الفقيه مشرف مركز الفتوى بموقع الشبكة الإسلامية بقطر :
من علمت يقينا أن زوجها قد طلقها ثلاث مرات، فإنها لا يجوز لها البقاء معه، وإن أنكر هو ذلك ولم تستطع هي إثباته بالبينة، فإن عليها أن لا تمكنه من نفسها، نص على ذلك أهل العلم، ولا حرج عليها في أن تسعى للانفصال عنه ولو بالخلع.
وننصح هذه المرأة بأن تسلط على زوجها أهل الخير والصلاح، ليذكروه بالله جل وعلا ويبينوا له حكم البقاء مع زوجة طلقها ثلاثا، فلا تحل له حتى تنكح زوجا آخر.
وكان ينبغي للسائلة أن تعرض الصيغ التي وردت في كلام الزوج واعتبرتها هي طلاقا، فإن ما يظنه بعض الناس طلاقا، قد لا يكون طلاقا في الواقع، والذي ننصح به هو: عرض الموضوع على محكمة شرعية إن كنتم في بلد فيه محاكم شرعية، فإن لم تكونوا في بلد فيه محاكم شرعية: فليعرض الموضوع على أهل العلم، في البلد الذي أنتم فيه.
هذا كله إذا كان قصد الزوجة باليمين: يمين الطلاق، ويجب التنبه إلا أن الطلاق المعلق يقع إذا وقع ما علق عليه، ولم ينو به الزوج مجرد التهديد،وذلك عند جمهور الفقهاء.(17/12)
أما إذا نوى به مجرد التهديد، ووقع ما علق عليه ، فمذهب الجمهور: أن الطلاق واقع، وبهذا أخذ الأئمة الأربعة وأكثر أتباعهم، فيما ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وآخرون إلى أن الطلاق غير واقع، وأن الواجب هنا هو كفارة يمين فقط .
والله أعلم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مراجعة المختلعة في عدتها
معلوم أن الزوج بإمكانه أن يراجع زوجته في عدتها بدون رضاها فهل إذا خالعت المرأة زوجها يجوز له أن يراجعها في عدتها دون إذنها؟ وجزاكم الله خيرا ... السؤال
10/08/2005 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
إذا خالعت المرأة زوجها فإنه لا يملك رجعتها في عدتها إلا برضاها.
قال البهوتي في كشف القناع:
فائدته [أي: الخلع] تخليصها من الزوج على وجه لا رجعة له عليها إلا برضاها.
جاء في المغني لابن قدامة المقدسي:
ولا يثبت في الخلع رجعة، سواء قلنا : هو فسخ أو طلاق . في قول أكثر أهل العلم ; منهم الحسن وعطاء وطاوس والنخعي والثوري والأوزاعي ومالك والشافعي وإسحاق وحكي عن الزهري وسعيد بن المسيب أنهما قالا : الزوج بالخيار بين إمساك العوض ولا رجعة له وبين رده وله الرجعة .
وقال أبو ثور: إن كان الخلع بلفظ الطلاق، فله الرجعة ; لأن الرجعة ; من حقوق الطلاق، فلا تسقط بالعوض، كالولاء مع العتق .
ولنا، قوله سبحانه وتعالى : { فيما افتدت به } وإنما يكون فداء إذا خرجت به عن قبضته وسلطانه، وإذا كانت له الرجعة، فهي تحت حكمه، ولأن القصد إزالة الضرر عن المرأة، فلو جاز ارتجاعها، لعاد الضرر، وفارق الولاء ; فإن العتق لا ينفك منه، والطلاق ينفك عن الرجعة فيما قبل الدخول، وإذا أكمل العدد . أهـ
وجاء في نيل الأوطار للشوكاني:
قد ثبت بالنص والإجماع أنه لا رجعة في الخلع.أهـ
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية في شروط صحة الرجعة :
ألا يكون الطلاق بعوض، فإن كان الطلاق بعوض فلا تصح الرجعة; لأن الطلاق حينئذ بائن لافتداء المرأة نفسها من الزوج بما قدمته له من عوض مالي ينهي هذه العلاقة مثل الخلع والطلاق على مال.أهـ
قال فضيلة الشيخ هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة :(17/13)
فإذا خالع الرجل امرأته (أي اتفقا على أن تعطيه مالاً مقابل طلاقها، سواء أعطته أو أبرأته من باقي مهرها أو غير ذلك)، فإن المرأة تبين منه، فلا تحل له إلا بعقد جديد مستوف لشروطه وأركانه الشرعية؛ وذلك لأنَّ المرأة خالعت زوجها للتخلص منه، فلو جُعل للزوج حق المراجعة لفاتت فائدة الخلع.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
تحريم الزوجة لزوجها هل يعد ظهارا؟
حدث بيني وبين زوجي خلاف ، وفي ساعة غضب وانفعال حَرَّمْته عليَّ وقلت له : أنت علي مثل أبي إلى يوم القيامة ، وكررت ذلك عدة مرات . فماذا أعمل ؟ وهل أطالب زوجي بالطلاق ، أم ماذا فأنا في حيرة من أمري ؟. ... السؤال
25/07/2005 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
لا يثبت بتحريم هذه المرأة شيء في الزواج، ولكن عليها كفارة يمين؛ لأنها حرمت شيئا قد أحله الله لها.
يقول الشيخ محمد صالح المنجد من علماء ـ المملكة العربية السعودية:
إذا حرّم المسلم على نفسه شيئاً مما أحله الله ، فإن هذا حكمه حكم اليمين .
ودليل ذلك قول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) التحريم/1-2
قال السعدي رحمه الله في تفسيره (ص1035) :
" هذا عتاب من الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم حين حرم على نفسه سرِّيَّتَه مارية أو شرب العسل مراعاة لخاطر بعض زوجاته في قصة معروفة فأنزل الله هذه الآيات ...وصار ذلك التحريم الصادر منه سببا لشرع حكم عام لجميع الأمة فقال تعالى : ( قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ) وهذا عام في جميع أيمان المؤمنين ...
فكل من حرَّم حلالا عليه من طعام أو شراب .. يمينا بالله على فعل أو ترك ثم حنث وأراد الحنث فعليه هذه الكفارة المذكورة . اهـ
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء ـ المملكة العربية السعوديةعن مثل هذا السؤال ، فأجابت :
عليك كفارة يمين في تحريم زوجك عليك مثل أبيك وهي : إطعام عشرة مساكين لكل مسكين كيلو ونصف من الطعام ، أو كسوتهم لكل مسكين ثوب ، أو عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم تجدي شيئا من هذه الثلاث فإنك تصومين ثلاثة أيام ، ولا يحرم عليك زوجك ، وعليك التوبة إلى الله من ذلك ، لأنه لا يجوز للمسلم أن يحرم ما أحله الله له " اهـ(17/14)
كما جاء في الموسوعة الفقهيةالكويتية:
الله عز وجل سمى التحريم يمينا حيث قال : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } . واليمين لا تحرم الحلال، وإنما توجب الكفارة بالحنث. أهـ
جاء في أحكام القرآن للجصاص
في ظهار المرأة من زوجها قال أصحابنا : " لا يصح ظهار المرأة من زوجها "، وهو قول مالك والثوري والليث والشافعي وذكر الطحاوي عن ابن أبي عمران عن علي بن صالح عن الحسن بن زياد أنها إذا قالت لزوجها أنت علي كظهر أمي أو كظهر أخي كانت مظاهرة من زوجها، قال علي : فسألت محمد بن الحسن فقال : ليس عليها شيء، فأتيت أبا يوسف فذكرت له قوليهما فقال : هذان شيخا الفقه أخطئا، هو تحريم، عليها كفارة يمين كقولها أنت علي حرام . وقال الأوزاعي " هي يمين تكفرها "
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
اغتصاب زوجة الابن وأثره على الحياة الزوجية
قرأنا في خبر نشرته إسلام أون لاين أن امرأة أرادت أن تكيد لوالد زوجها فاتهمته بأنه اغتصبها ثم هرب، فهل تحرم الزوجة على زوجها؟ وجزاكم الله خيرا ... السؤال
06/07/2005 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
يقول محمد سعدي الباحث الشرعي :
هناك عدة أمور يجب التحدث فيها عند الجواب على هذا السؤال، منها:
الأمر الأول حقيقة الحدوث:
في هذه السؤال إما أن تكون واقعة الاغتصاب حدثت فعلا، وإما ألا تكون هذه الواقعة حصلت.
إن كانت هذه الواقعة من نسج خيال الزوجة ومكيدة من مكائدها فإن حكمها في الشريعة الإسلامية هو حدُّ القذف، لأنها اتهمت رجلا محصنا بجريمة الزنا وهو منها بريء. وجريمة القذف يُحَد مرتكبها ثمانين جلدة، ولا تقبل له شهادة مالم يتب، وجاء وصفه في القرآن الكريم بأنه فاسق، قال تعالى:"والذينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ ثم لَمْ يَأْتُوا بأربعةِ شُهَداءَ فاجْلِدُوهم ثمانينَ جَلْدَةً ولا تَقْبَلُوا لهم شهادةً أبدًا وأولئكَ هم الفاسقونَ. إلا الذينَ تابوا مِن بَعْدِ ذلك وأَصْلَحُوا فإنَّ اللهَ غفورٌ رحيم".
وفي حال وقوع جريمة الاغتصاب، فإن على الجميع أن يتوقفوا عن الكلام والخوض في هذه الجريمة ، حتى يتبين للقضاء كيف كان هذا الاغتصاب وما هي ملابساته وما هي أبعاده وكيف كان؟ حتى ينجلي الأمر لهم ليحكموا في هذه الواقعة.
الأمر الثاني عقوبة هذه الجريمة في الشرع:(17/15)
وفي حال ثبوت اغتصاب الزوجة من قِبل والد زوجها، فإن حدَّ الزنا لا يثبت عليها إذا ثبت أنها قد أكرهت على هذا الفعل، أما المغتصب في هذه الحالة فإن حكمه في الشريعة الإسلامية هو القتل لأنه وقع على ذات محرم منه عند من يرى قتل من وقع على ذات محرم منه فقد روى أحمد في مسنده و الحاكم في مستدركه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من وقع على ذات محرم فاقتلوه. وقال الحاكم في المستدرك: صحيح ولم يخرجاه.
وقال ابن حجر في الزواجر عند سياق هذا الحديث: وأعظم الزنا على الإطلاق الزنا بالمحارم.
وعن البراء بن عازب قال: لقيت خالي ومعه الراية فقلت: أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه وآخذ ماله" رواه الخمسة.
وعلى رأي من قال إن من زنا بذات محرم منه فإن عليه حد الزنا، فهذا الرجل محصن، وقد اتفق العلماء في أن المحصن إذا زنا فإن حكمه في الشرع هو الرجم.
وجاء في كتاب الجواب الكافي للإمام ابن القيم:
قد اتفق المسلمون على أن من زنا بذات محرم فعليه الحد وإنما اختلفوا في صفة الحد هل هو القتل بكل حال أو حده حد الزاني على قولين فذهب الشافعي ومالك وأحمد في إحدى روايتيه إن حده حد الزاني وذهب أحمد وإسحق وجماعة من أهل الحديث الى أن حده القتل بكل حال.أهـ
وإن لم يحدّ في الدنيا فعليه بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى، أما مصيره في الآخرة فإلى ربه سبحانه وتعالى ،إن شاء عذبه ،وإن شاء عفا عنه.
الأمر الثالث مصير الحياة الزوجية بين الابن وزوجته:
أما عن الزوجية هل يفرَّق بين الزوجين بهذا الاغتصاب أما لا؟ فقد اختلف الفقهاء هل الزنا يحرم الحلال وتثبت محرمية المرأة بالزنا أم لا، واختلفوا في مسألة زنا الرجل بزوجة ابنه هل ينفسخ النكاح أم لا؟
فعند الحنفية قالوا بالفسخ، والمالكية توسطوا وقالوا بالكراهة وقد جاء في المدونة: "أرأيت إن زنى الرجل بامرأة ابنه أو بامرأة أبيه أتحرم على ابنه أو أبيه في قول مالك ؟ قال : الذي آخذ به أنه لا ينبغي لرجل أو ابنه أن ينكح امرأة واحدة كما كره مالك أن ينكح الرجل الواحد المرأة وابنتها"
وذهب الشافعي رحمه الله إلى أن النكاح لا ينفسخ، والزوجية قائمة بحالها، وقد احتج على من يحرم بالزنا الحلال وعنده أن الرجل إذا زنى بامرأة أبيه أو امرأة ابنه، فلا تحرم واحدة منهما على زوجها بمعصية الآخر فيها.
جاء في كتاب الأم :
فإن زنى بامرأة أبيه أو ابنه أو أم امرأته فقد عصى الله تعالى ولا تحرم عليه امرأته ولا على أبيه ولا على ابنه امرأته لو زنى بواحدة منهما لأن الله عز وجل إنما حرم بحرمة الحلال تعزيزا لحلاله وزيادة في نعمته بما أباح منه بأن أثبت به الحرم التي لم تكن قبله وأوجب بها الحقوق والحرام خلاف الحلال.أهـ(17/16)
وهذا هو الراجح؛ لان ماء الزنا هدر لا حرمة له، فلا يحرم الوطء الحرام ما كان حلالا، ثم إن الحنفية الذين يقولون بالتفريق يقرون حكم غيرهم من الفقهاء ممن لا يرى التفريق فإن هذه القضية لو رفعت عند قاض شافعي فحكم بعدم التفريق فإن الحنفية يرون أن الحكم ملزم، وأن الفرقة لا تثبت، ولا يجوز للقاضي الحنفي أن يبطل حكم الشافعي في هذه المسألة لأنها من المسائل المختلف فيها.
وقد نصَّ على هذا صاحب حاشية ابن عابدين:
في شرح أدب القضاء : لو وطئ أم امرأته أو بنتها فخاصمته زوجته إلى قاض يرى أن الحرام لا يحرم الحلال فقضى بها لزوجها ثم رفعته إلى قاض يرى أن ذلك يحرمها على زوجها فليس للثاني أن يبطل قضاء الأول; لأن هذا مما اختلف فيه الصحابة والعلماء , فإذا قضى نفذ قضاؤه بالإجماع , فإذا قضى الثاني بخلافه كان قضاؤه مخالفا للإجماع .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
اثر تقبيل المطلقة على الطلاق والرجعة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ونبارك لكم بالشهر الفضيل وسؤالي:
طلقت زوجتي بعد سنة زواج بعدما حدث من سوء تفاهم وبعض الطلبات منها التي لا أستطيع تحملها لظروفي المادية الصعبة لكوني متزوجا من أخرى ولدي أولاد.
ففي 23/6/2002 ذهبت بها لزيارة أهلها وحينها طلقتها وعدت لبلدي. وبعد شهر تقريبا في 25/7/2002 التقيتها في الفندق ببلدها لأعطيها متعلقاتها، وفي خلوه ولشوقنا لبعض قبلنا وضممنا بعضنا بشهوة ، ثم انتهت العدة ، وأنا الآن أريدها زوجة ، فهل لا بد من العقد عليها مجددا ؟ أم أن ما حدث بيننا من قبلات ، ومعانقات يعتبر في ذاته رجعة مع أنني لم أكن أنوي بذلك الرجعة ؟
... السؤال
07/06/2005 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:-
اتفق الفقهاء على حصول الرجعة باللفظ ، ثم اختلفوا في حصول الرجعة بالفعل مثل تقبيل المطلقة ، ولمسها ، فذهب بعضهم إلى أن هذه الأمور لا تحصل بها الرجعة إلا إذا صاحبتها نية الرجوع ، وذهب جمع من العلماء إلى أن التقبيل واللمس ، والمباشرة تكون رجعة إذا صاحبها شهوة ولو من غير نية .
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :-
اتفق الفقهاء على أن اللمس والتقبيل بغير شهوة وبغير نية الرجعة لا يعتبر رجعة . واختلفوا فيما إذا كان التقبيل بشهوة على التفصيل التالي :-
فقال الحنفية : تصح الرجعة بالوطء , واللمس بشهوة , والتقبيل بشهوة على أي موضع كان فما , أو خدا أو ذقنا , أو جبهة , أو رأسا , ولو قبلها اختلاسا , أو كان(17/17)
الزوج نائما , أو مكرها , أو مجنونا , أو معتوها , إن صدقها الزوج . ولا فرق بين كون التقبيل والمس والنظر بشهوة منه أو منها بشرط أن يصدقها , أما إذا ادعته وأنكره فلا تثبت الرجعة . واشترط المالكية في الرجعة النية , فالتقبيل للمرأة المطلقة رجعيا يكون رجعة إذا قارنه نية الرجعة , ولا تصح الرجعة بالفعل دون نية , ولو بأقوى الأفعال كالوطء . ولا تحصل الرجعة عند الشافعية - وهو ظاهر كلام الخرقي من الحنابلة - بالفعل كالوطء ومقدماته من اللمس والتقبيل , لأن ذلك حرم بالطلاق , ومقصود الرجعة حله , فلا تحصل إلا بالقول . وفي الرواية الثانية عند الحنابلة تحصل الرجعة بالوطء ولو بغير نية . أما لو قبلها أو لمسها بشهوة فالمنصوص عن أحمد أنه ليس برجعة , ويعتبر رجعة في وجه عند بعض الحنابلة .انتهى .
وجاء في حاشية ابن عابدين في بيان ما تكون به الرجعة :-
وتحصل الرجعة بالتقبيل بشهوة على أي موضع كان , فما أو خدا , أو ذقنا , أو جبهة , أو رأسا - , والمس - بلا حائل أو بحائل يجد الحرارة معه بشهوة - , والنظر إلى داخل الفرج بشهوة - بأن كانت متكئة - . انتهى .
وليس هذا مذهب الأحناف وحدهم بل أسندت الموسوعة هذا القول إلى كثير من علماء السلف فقد جاء في الموسوعة :-
وقول الأحناف هذا مروي عن كثير من التابعين , وهم سعيد بن المسيب , والحسن البصري , ومحمد بن سيرين , وطاوس , وعطاء بن أبي رباح , والأوزاعي , والثوري , وابن أبي ليلى , والشعبي , وسليمان التيمي .
وقال الشوكاني مرجحا حصول الرجعة بالقول :-
اختلف السلف فيما يكون به الرجل مراجعا , فقال الأوزاعي : إذا جامعها فقد راجعها . ومثله أيضا روي عن بعض التابعين , وبه قال مالك وإسحاق : بشرط أن ينوي به الرجعة . وقال الكوفيون كالأوزاعي وزادوا : ولو لمسها لشهوة , أو نظر إلى فرجها لشهوة . وقال الشافعي : لا تكون الرجعة إلا بالكلام . وحجة الشافعي أن الطلاق يزيل النكاح , وإلى ذلك ذهب الإمام يحيى , والظاهر ما ذهب إليه الأولون , لأن العدة مدة خيار , والاختيار يصح بالقول والفعل . وأيضا ظاهر قوله تعالى { وبعولتهن أحق بردهن } وقوله صلى الله عليه وسلم : { مره فليراجعها } أنها تجوز المراجعة بالفعل لأنه لم يخص قولا من فعل , ومن ادعى الاختصاص فعليه الدليل .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
طلب الطلاق لسوء عشرة الزوج
زوجي دائم الشك في ويسيء معاملتي طيلة فترة زواجنا منذ أكثر من أربع سنوات وتزداد معاملته سوءا بكافة الصور المهينة فهل يحق لي طلب الطلاق؟ وجزاكم الله خيرا
... السؤال
30/11/2006 ... التاريخ
... ... الحل ...(17/18)
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فحسن العشرة واجب متبادل بين الزوجين، ومما لا شك فيه أن الحياة الزوجية تصبح نكدا إذا لم يظللها الاحترام المتبادل بين الزوجين، والزوجة يحرم عليها طلب الطلاق من زوجها إذ لم يكن ثمة تقصير من الزوج فيما يجب عليه، ولكن إن أساء وظلم بصورة لا يحتمل فيها الإيذاء ففي هذه الحالة إذا لم يرجع الزوج عن ظلمه بعد تذكيره بالله وأصر على ما هو عليه فيجوز للزوجة أن تطلب طلاقها منه ولا حرج عليها في ذلك.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور محمود عبد الله العكازي -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر-:
إن الزواج عهد وثيق، ربط الله به بين رجل وامرأة، أصبح كل منهما يسمى بعده (زوجًا) بعد أن كان فردًا، وقد صور القرآن الكريم مبلغ قوة هذا الرباط بين الزوجين، فقال: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن...). وهو تعبير يوحي بمعاني الاندماج والستر والحماية والزينة، يحققها كل منهما لصاحبه، ولهذا كان على كل من الزوجين حقوق لصاحبه، لابد أن يراعيها، ولا يجوز له أن يفرط فيها، وهي حقوق متكافئة، إلا فيما خصت الفطرة به الرجال، كما قال الله تعالى: (لهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم). وهي درجة القوامة والمسئولية، وقد روى أبو داود وابن حبان أن رجلاً سأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: (أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت). وروى النسائي والحاكم حديث: {كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت". وروى مسلم في صحيحه: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن سخط منها خلقًا رضي منها غيره".
ولا يحل للزوج أن يضار زوجته، ويسيء عشرتها بضرب، أو بأي شيء آخر يتعارض مع المودة والرحمة، التي هي الشأن في الحياة الزوجية، التي حث عليها الإسلام، وجعلها آية من آيات الله ـ سبحانه ـ وصدق القائل في محكم كتابه: (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة).
ويحرم على المرأة طلب الطلاق من زوجها بغير ما بأس من جهته، ولا داعٍ مقبول يؤدي إلى التفريق بينهما، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة).
أما إذا كان الزوج يدفعها إلى طلبه، ويتعمد إساءتها بكافة صور الإيذاء غير المحتملة، فلا مانع من طلبها الطلاق، أو التطليق عن طريق القضاء، فإذا كان السبب راجعًا إليه؛ لأنه هو الكاره لها، الراغب في فراقها، فلا يحل له أن يأخذ منها شيئًا، (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارًا فلا تأخذوا منه شيئًا أتأخذونه بهتانًا وإثمًا مبينًا).
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ(17/19)
الطلاق الرسمي للزواج بأخرى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حضرتُ إلى هذه البلاد منذ أكثر من 10 سنوات، وتزوجت من امرأة بريطانية مسلمة ولا زلنا نعيش سويا، ورزقني الله منها بولد، والحمد الله.
قبل عدة سنوات أصاب زوجتي مرض خبيث واضطر الأطباء أن يستأصلوا رحمها. وهي الآن بخير والحمد لله إلا أنها لا تستطيع الإنجاب، وكذلك لا تشتهي المعاشرة الجنسية.
وتعلمون أن القانون في هذه البلاد لا يسمح للزوج بأكثر من واحدة، وكذلك هو الأمر في بلدي الذي أنا فيه. فالسؤال هو: يجوز لي أن أذهب مع زوجتي إلى الجهات الرسمية في هذه البلاد ونخبرهم بأننا قد تطلقنا حتى يعطوني ورقة رسمية يمكنني بها أن أتزوج من امرأة أخرى. علمًا بأني لا أريد تطليق زوجتي الأولى. وهي موافقة على زواجي من امرأة أخرى، وكذلك للذهاب معي إلى المحكمة.
وإذا جاز ذلك فهل تعتبر هذه تطليقة؟ وما هي العدة قبل أن أستطيع الرجوع إلى زوجتي؟ أفتوني جزاكم الله عنا خيرًا
... السؤال
17/04/2005 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
إذا كان الزوج محتاجا لهذا الزواج وقوانين البلاد تمنع من التعدد، فيمكنه طلاق زوجته الأولى طلاقا رسميا، ثم يراجعها فيما بينه وبين الله فتكون زوجته ديانة، ويعقد على أخرى، وبهذا أفتى فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي -حفظه الله- وإليك نص فتواه:
قد أجاز الإسلام للمسلم أن يتزوج بامرأة أخرى إذا أحتاج إلى ذلك، وقدر عليه، ووثق من نفسه بالعدل بين الزوجتين.
وإذا كان قانون البلد الذي يعيش فيه الأخ السائل لا يسمح بالزواج من امرأة أخرى بحال، كما هو الشأن في أوربا وبلاد الغرب، وكان الزوج في حاجة ماسة إلى هذا الزواج الثاني، كما في حالة السائل، الذي أصبحت زوجته بعد استئصال رحمها غير قادرة على الإنجاب، وغير راغبة في المباشرة الجنسية، وهو حريص على عشرتها وهي حريصة على ذلك، فلا مانع شرعًا من أن يطلق هذا الرجل زوجته رسميًا، حتى يتمكن من الزواج بامرأة أخرى تشبع رغبته في إطار الحلال المشروع، ولعل الله يرزقه منها أولادًا، والزوجة الأولى موافقة على ذلك.
ولهذا الزوج خارج النطاق الرسمي أن يراجع زوجته في الحال، أو بعد أيام إن شاء، طوال فترة مدة العدة، وهي ثلاث حيض إن كانت ممن تحيض أو ثلاثة أشهر أن كانت في سن اليأس. فإن مضت العدة ولم يراجعها، فلا بد من عقد جديد، بمهر جديد.(17/20)
وقوانين البلاد الغربية لا تمنع الرجل من معاشرة امرأة بغير عقد بينهما، فلا سلطان لها عليه ولا عليها. فهي زوجته فيما بينه وبين الله تعالى، وفيما بينه وبين المسلمين، وإن لم تكن زوجته من الناحية القانونية.
بقي على هذا الزوج أن يحفظ لهذه المرأة حقوقها، لأنه لو مات لم يمكنها أن ترثه بحكم أنها ليست زوجته في الجهات الرسمية. فلهذا يجب أن يتدارك هذا بأحكام الوصية، فيوصي لها بما يساوي نصيبها من ميراثه. وبهذا يأخذ كل ذي حق حقه.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
تطليق المرأة نفسها من زوجها
هل للمرأة أن تطلّق نفسها؟ ... السؤال
12/03/2005 ... التاريخ
الشيخ فيصل مولوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فالطلاق من حيث الأساس حقّ أعطاه الإسلام للرجل.
و يمكن للمرأة أن تطلّق نفسها، إذا اشترطت ذلك في عقد الزواج، أو إذا فوّضها زوجها بذلك ولو بعد العقد.
كما يجوز لها أن تعيد لزوجها المهر الذي دفعه إليها، وعليه أن يطلّقها إذا لم يكن هناك مانع لسبب آخر وهذه هي المخالعة.
وللمرأة أن تتّفق مع زوجها على الطلاق ضمن أيّ شروط مشروعة يتراضيا عليها.
ولها أن تطلب من القاضي التفريق بسبب مرض زوجها مرضاً جنسياً أو منفّراً، أو بسبب غيابه، أو عدم إنفاقه عليها، أو بسبب الضرر اللاحق بها من استمرار الحياة الزوجية. وعلى القاضي أن يحكم بالتفريق إذا أثبتت الزوجة ادّعاءها.
وإليك تفصيل المسألة كما يراه الشيخ المستشار فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث :
أعطى الإسلام حقّ الطلاق للرجل. ثبت ذلك بالقرآن والسنّة، وأجمع الفقهاء عليه لا نعلم في ذلك خلافاً.
أمّا القرآن الكريم فقد أسند الطلاق إلى الرجل في أكثر من آية. منها قوله تعالى: ( يا أيّها النبيّ إذا طلّقتم النساء فطلّقوهنّ لعدّتهنّ ) . وقوله تعالى: ( لا جناح عليكم إن طلّقتم النساء ما لم تمسّوهنّ أو تفرضوا لهنّ فريضة...) . وغير ذلك من الآيات.
وأمّا السنّة المطهّرة فقد ثبت فيها من خلال مئات الأحاديث الصحيحة أنّ الطلاق بيد الرجل، نذكر منها: ما رواه البخاري ومسلم وغيرهم عن عبد الله بن عمر أنهّ طلّق زوجته وهي حائض، فذكر ذلك عمر لرسول الله r فتغيّظ ثمّ قال: (ليراجعها، ثمّ يمسكها حتّى تطهر، ثمّ تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلّقها، فليطلّقها قبل أن يمسّها، فتلك العدّة كما أمر الله عزّ وجلّ). وما رواه مسلم عن ابن عبّاس قال: (كان الطلاق على عهد رسول الله وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة.(17/21)
فقال عمر: إنّ الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم). وغير ذلك من الأحاديث.
والإسلام - وهو دين الفطرة - جعل عقد الزواج بين الرجل والمرأة عقداً مؤبّداً. ولكن طبيعة كلّ من الزوجين وظروفهما قد تجعل الاستمرار في الحياة الزوجية بينهما محالاً فكان لا بدّ من إباحة التفريق فكيف يكون ذلك؟
لنذكر كلّ الاحتمالات الممكنة، ولنناقشها واحداً بعد الآخر:
أ. أن يتّفق الزوجان على الطلاق كما اتفقا على الزواج. وهو أمر عادل ووجيه. ولكنّه يحلّ المشكلة حلاً جزئياً. فإذا اتفقا على الطلاق وقع ذلك. وهذا ما يقرّره الإسلام ويسمّى بالمخالعة.
وإذا اختلفا فأراد أحدهما الطلاق ورفض الآخر، هل يمكن بقاء الحياة الزوجية؟ وكيف يكون الحلّ؟
ب. أن يعطى حقّ الطلاق للقاضي، وهو أمر يؤدّي إلى كشف أسرار عائلية ليس من الشهامة كشفها، بل هو يؤثّر على سمعة الزوجين وقد تكون مانعاً لهما من استئناف حياة زوجية أخرى. كما أنّ أسباب الطلاق قد ترجع إلى أمور نفسية يصعب إثباتها أمام القضاء. فهل يجبر كلا الزوجين أن يعيش مع الآخر لأنّه لم يستطع إثبات أسباب الطلاق أمام القضاء؟ بينما حياتهما الزوجية جحيم لا يطاق، وهي حياة خاصّة بهما يتحكّم بها القاضي وهو شخص غريب عنهما.
ومع ذلك فقد أعطى الإسلام حقّ الطلاق للقاضي - ويسمّى التفريق - في حالة واحدة وهي إذا طلبت المرأة الطلاق، وامتنع الزوج عن إجابتها لطلبها بالاتفاق أو بالمخالعة. وأصرّ على استمرار الحياة الزوجية بينهما. فهنا لا بدّ أن يتدخّل القضاء لحماية استمرار الحياة الزوجية إن أمكن، ولحماية المرأة وتفريقها عن زوجها إذا كانت لا تتحمّل هذه الحياة الزوجية.
ت. أن يعطى حقّ الطلاق لكلّ من الزوجين وحده. فالرجل يطلّق عندما يشاء، والمرأة لها أن تطلّق عندما تشاء. من حيث الظاهر فإنّ هذا الاقتراح يحقّق المساواة بين الزوجين. ولكن الحقيقة تختلف عن ذلك بسبب اختلاف المركز القانوني لكلّ من الزوجين.
فالرجل عندما يطلّق يتحمّل نتائج طلاقه، ويدفع مؤجّل المهر لمطلّقته، ويدفع لها نفقة ولده إذا بقي في حضانتها، بل يدفع لها أجرة إرضاع طفله منها إذا كان لا يزال في سنّ الرضاعة، كما يدفع لها أجرة حضانته. لكنّ المرأة عندما تطلّق لا تتحمّل هي نتائج الطلاق، بل يتحمّلها الرجل. فهي التي تطلّق، لكنّه هو الذي يدفع المهر المؤجّل، ونفقة الولد وأجرة رضاعه أو حضانته، فهل هذه النتيجة تعتبر مساواة بين الزوجين؟ وهل هي تتّفق مع العدالة؟ وهل المساواة مطلوبة إلاّ من أجل تحقيق العدالة؟
ث. أن يعطى حقّ الطلاق أساساً للرجل، هذا هو الحكم الشرعي. ولعلّنا نعرف أسبابه وحكمته ممّا يلي:(17/22)
- الأسرة تتألّف من رجل وامرأة بالمساواة والتقابل في الحقوق والواجبات بينهما. لكن الرجل هو الذي يبدأ تكوين الأسرة باختياره زوجته، فمن حقّه أن ينهي الحياة الزوجية المشتركة كما بدأها.
- القوامة في الأسرة للرجل، هذا هو الحكم الشرعي، وهو حكم الفطرة. والقوامة لا تمنع المشاركة بين الزوجين في الحقوق والواجبات. وحقّ الطلاق هو من نتائج قوامة الرجل.
- يترتّب على الطلاق أن يدفع الزوج مؤجّل المهر، ومتعة الطلاق، ونفقة الولد وأجرة رضاعه أو حضانته، فإذا كان هو المطلّق فمن الطبيعي أن يلتزم بنتائج عمله أو يلزم بها.
ج. إذا كان الإسلام قد أعطى حقّ الطلاق للرجل، فقد أحاطه بمجموعة أحكام شرعية تمنع إساءة استعماله، وتسمح للزوجة أن تتخلّص من جحيم الحياة الزوجية إذا كان الرجل مستبدّاً ظالماً. ونحن نلخّص هذه الأحكام كما يلي:
- اتفق جمهور الفقهاء على أنّ عقد الزواج لا يصحّ إلاّ إذا كان مؤبّداً، وإن اشترط مدّة معيّنة يجعله باطلاً. لأنّ القصد من الزواج ليس قضاء الشهوة فقط، وإنّما هو بناء الأسرة وتكاثر النوع وسكن كل من الزوجين لصاحبه. لذلك يكون الأصل في الطلاق الحظر، حتّى إذا وجدت أسباب تدعو إليه انتقل من الحظر إلى الإباحة إلى سائر الأحكام الشرعية الخمسة، ونحن ننقل هنا ما ورد في الموسوعة الفقهية بتصرف : :
• يكون الطلاق واجباً على الزوج إذا كان لحقّ الله، كما في حالة الإيلاء إذا أبى الرجل أن يرجع إلى زوجته بعد تربّص أربعة أشهر. أو لحقّ الزوجة، كما لو حصل بينها وبين زوجها شقاق، وعجز الحكمان عن الإصلاح، ورأيا الطلاق.
• ويكون مندوباً أيضاً لحقّ الله، إذا فرّطت الزوجة في حقوق الله (مثل الصلاة ونحوها ..). أو لحقّ الزوجة، إذا طلبت الطلاق بسبب الشقاق.
• ويكون مباحاً فقط عند الحاجة إليه، لدفع سوء خلق المرأة وسوء عشرتها، أو لأنّه لا يحبّها. والأولى للزوج في هذه الحالة الصبر، وقد قال عمر لمن أتاه يريد أن يطلّق زوجته لأنّه لا يحبّها: (ويحك، أوَ كلّ البيوت بُنيت على الحبّ؟).
• ويكون مكروهاً إذا لم يكن له سبب، لما فيه من الإضرار بالزوجة من غير داع إليه، وقيل هو حرام في هذه الحال.
• ويكون حراماً وهو الطلاق في الحيض، أو في طهر جامعها فيه، ويسمّى الطلاق البدعي.
- اتفق الفقهاء أنّه يجوز للرجل أن يفوّض زوجته بالطلاق، سواء عند إجراء عقد الزواج، كما لو اشترطت أن يكون الطلاق بيدها ووافق الزوج على ذلك. أو أراد أن يفوّضها بذلك أثناء الحياة الزوجية. ففي هذه الحالة تطلّق المرأة نفسها، ويتحمّل الرجل نتائج الطلاق، ولكنّه كان عالماً بذلك راضياً به. وإذا فوّض الرجل زوجته أو غيرها بالطلاق ليس له أن يرجع عن هذا التفويض، كما أنّ التفويض لا يبطل بجنونه، لأنّه في معنى إنشاء طلاق معلّق على إرادة المفوّض إليه واختياره.(17/23)
- اتفق الفقهاء أنّه يجوز للزوجة - إذا لم تستطع الاستمرار في الحياة الزوجية - أن تطلب من زوجها المخالعة، فتردّ له ما دفعه إليها من مهر مقابل أن يطلّقها. وهو طلب عادل محق يؤيّده القرآن الكريم بقوله تعالى: ( ولا جناح عليهما فيما افتدت به ..) .
على أنّ الحديث الشريف الذي يعتمده الفقهاء دليلاً على جواز المخالعة، والذي رواه البخاري عن ابن عبّاس، وفيه أنّ زوجة ثابت بن قيس طلبت من رسول الله أن يطلّقها من زوجها، فقال لها: (أتردّين عليه حديقته؟) قالت: نعم. قال: (اقبل الحديقة وطلّقها تطليقة)، يفهم منه أنّه يجب على الزوج في هذه الحال أن يقبل عرض امرأته وأن يطلّقها. لكن الفقهاء اشترطوا في صحّة المخالعة قبول الزوج ورضاه واعتبروها عقداً. فإذا لم يقبل الزوج لم تتمّ المخالعة. وماذا تفعل المرأة في هذه الحالة؟ ليس أمامها إلاّ أن تطلب من القضاء التفريق للضرر. وإثبات حصول الضرر صعب أولاً، ويؤدّي إلى كشف الكثير من الأسرار العائلية ثانياً.
لذلك نعتقد أنّ ما فعله القانون المصري الجديد من إناطة أمر المخالعة بالقاضي إذا رفض الزوج منسجم مع الحديث المذكور، ومع مقاصد التشريع الإسلامي في المحافظة على أسرار العائلات، وإن كان الأمر يحتاج إلى كثير من الضوابط الشرعية حتّى لا يساء استخدامه.
- أجازت الأحكام الشرعية للمرأة أن ترفع أمرها إلى القاضي وتطلب منه التفريق في حالات متعدّدة، تختلف المذاهب في توسيعها أو تضييقها.
• منها التفريق بسبب العلل الجنسية المانعة من الدخول، أو الأمراض المنفّرة أو الضارّة.
• ومنها التفريق بسبب غيبة الزوج أو سجنه ولو ترك لها نفقة كافية.
• ومنها التفريق لعدم الاتفاق سواء كان الزوج غائباً أو حاضراً.
• ومنها التفريق للشقاق حين تصبح الحياة الزوجية جحيماً لا يطاق، ولا يمكن الاستمرار بها إلاّ بضرر كبير يلحق أحد الزوجين وخاصة المرأة.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
جامع طليقته ولا ينوي الرجعة
عدد مرات القراءة 79
شيخي الفاضل، ما حكم أن يجامع الرجل طليقته في وقت العدة دون أن يكون ينوي ردها، وهي الآن طليقته بل ومتزوجة من آخر؟
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فكان الأولى بهذا الرجل أن يقف عند حدود شرع الله لا أن يتلاعب بها، والمسلم وقاف دائما عند ما جاءت به أوامر الشرع الحنيف.
وعن وطء الزوجة المطلقة في عدتها هل يكون هذا الجماع رجعة دون أن تصاحبه نية الرجعة، أي هل يكفي الجماع دون حصول نية الرجعة في رجعة المرأة لعصمة الزوج؟(17/24)
المسألة خلافية بين العلماء، فمن قال بحصول الرجعة قال: إنَّ فعل الرجل يدل على نيته فكان فعله رجعة، وهذا قول الحنفية، والحنابلة.
أما المالكية فقد اشترطوا وجود نية الزوج عند الرجعة بالوطء، والشافعية عندهم أن الرجعة لا تصح بالفعل مطلقا، بل يجب أن يصاحبها القول، وعلى هذا يكون ما صنعه الرجل من وطء مطلقته في عدتها دون حصول نية منه أمرا محرما، ويكون قد وقع في إثم، وهذه المرأة لا تعود لعصمته بهذا الجماع لأنه لم يصاحبه نية على قول المالكية والشافعية، وهذا ما نقول به في هذه المسألة ولا سيما أن المرأة قد نكحت زوجا غيره. وإليك تفصيل أقوال العلماء في هذه المسألة:
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية [بتصرف]:
يرى الحنفية أنَّ الجماع ومقدماته تصح بهما الرجعة، جاء في الهداية " قال : أو يطأها، أو يلمسها بشهوة، أو ينظر إلى فرجها بشهوة، وهذا عندنا "، وقولهم هذا مروي عن كثير من التابعين، وهم سعيد بن المسيب، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وطاوس، وعطاء بن أبي رباح، والأوزاعي، والثوري، وابن أبي ليلى، والشعبي، وسليمان التيمي، وصرح الحنفية بأنه لا يكون النظر إلى شيء من جسد الزوجة سوى الفرج رجعة . واستدلوا بأن الرجعة تعتبر استدامة للنكاح واستمرارا لجميع آثاره، ومن آثار النكاح حل الجماع ومقدماته، لذلك صحت الرجعة بالجماع ومقدماته ; لأن النكاح ما زال موجودا إلى أن تنقضي العدة . كما أن الأفعال صريحها ودلالتها تدل على نية الفاعل، فإذا وطئ الزوج مطلقته الرجعية وهي في العدة، أو قبلها بشهوة، أو لامسها بشهوة، اعتبر هذا الفعل رجعة بالدلالة، فكأنه بوطئها قد رضي أن تعود إلى عصمته . ...
ويرى المالكية صحة الرجعة بالفعل كالوطء ومقدماته بشرط أن ينوي الزوج بهذه الأفعال الرجعة، فإذا قبلها أو لمسها بشهوة، أو نظر إلى موضع الجماع بشهوة، أو وطئها ولم ينو الرجعة فلا تصح الرجعة بفعل هذه الأشياء.
جاء في الخرشي ما نصه: أن الرجعة لا تحصل بفعل مجرد عن نية الرجعة ولو بأقوى الأفعال كوطء وقبلة ولمس، والدخول عليها من الفعل فإذا نوى به الرجعة كفى .
والرجعة عند الشافعية لا تصح بالفعل مطلقا، سواء كان بوطء أو مقدماته، وسواء كان الفعل مصحوبا بنية الزوج في الرجعة أو لا، وحجتهم في ذلك أن المرأة في الطلاق الرجعي تعتبر أجنبية عن الزوج فلا يحل له وطؤها، والرجعة في العدة تعتبر إعادة لعقد الزواج، وكما أن عقد الزواج لا يصح إلا بالقول الدال عليه، فكذا الرجعة لا تصح إلا بالقول الدال عليها أيضا، فلو أن رجلا وطئ امرأة قبل عقد النكاح فوطؤه حرام، فكذا المطلقة الرجعية لو وطئها الزوج في العدة فوطؤه هذا حرام، وقد نص الشافعي على ذلك في الأم بعد أن بين أن الرجعة حق للأزواج، وأن الرد ثابت لهم دون رضى المرأة قال: والرد يكون بالكلام دون الفعل من جماع وغيره ; لأنه رد بلا كلام، فلا تثبت رجعة لرجل على امرأته حتى يتكلم بالرجعة،(17/25)
كما لا يكون نكاح ولا طلاق حتى يتكلم بهما، فإذا تكلم بها في العدة ثبتت له الرجعة . "
وفرَّق الحنابلة في صحة الرجعة بين الوطء ومقدماته، فإن الرجعة عندهم تصح بالوطء ولا تصح بمقدماته، وقالوا: تصح الرجعة بالوطء مطلقا سواء نوى الزوج الرجعة أو لم ينوها وإن لم يشهد على ذلك .
وحجتهم في ذلك : أن فترة العدة تؤدي إلى بينونة المطلقة من حيث إن انقضاء العدة يمنع صحة الرجعة، فإذا لم تنقض العدة ووطئها في هذه المدة فقد عادت إليه، ويكون هذا مثل حكم الإيلاء، فإذا آلى الزوج من زوجته ثم وطئها فقد ارتفع حكم الإيلاء، فكذا الحال في الرجعة إذا وطئها في العدة فقد عادت إليه .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
الخلع في بلاد الغرب
ما الضوابط والإجراءات التي يجب على الامام اتباعها لخلع امرأة من زوجها في هذه البلاد الغرب؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا ... السؤال
26/02/2005 ... التاريخ
أ.د صلاح الصاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أباح الشرع الحنيف للمرأة التي كرهت زوجها أن تفتدي نفسها منه، فإذا كرهت المرأة زوجها جاز لها أن تفتدي نفسها فإن أبى ذلك فلها رفع أمرها للقاضي، فإن بان له أن ضررا قد ألحق بالمرأة فله أن يطلقها من أجل الضرر.
أما في إيقاع الخلع من القاضي فالعلماء اختلفوا فالجمهور يمنع، ومن التابعيين من أجاز، وعلى هذا فيجب على القاضي أن يجتهد أشد الاجتهاد في الإصلاح بين الزوجين قبل أن يحكم بالخلع.
يقول الدكتور صلاح الصاوي الأمين العام لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا:
الأصل في الخلع أن يقوم به الزوج، ولا ينبغي أن يفتات عليه في ذلك، فهو صاحب العصمة، وهو الأحق بإمساك زوجه أو بتسريحها، ولكن الحاجة قد تمس إلى تدخل القضاء في بعض الحالات كنشوز بعض الأزواج وإصرارهم على عدم الاستجابة لما تسأله الزوجة من المفارقة ، فعندئذ يتدخل القاضي للتوفيق أو للتفريق.
فإن عجز عن الإصلاح بينهما، أمر الزوج بقبول المخالعة، فإن أبى الزوج تولى هذه المخالعة نيابة عنه، ومثل ذلك لو اختفى الزوج بعد طلب المخالعة، وأخفى عنوانه، ولم يكن ثمة سبيل إلى الوصول إليه، ولكن ينبغي على القاضي أن يعلم أن تدخله على خلاف الأصل، فعليه أن يعذر إلى الزوج، وأن يعلمه بطلب المخالعة من قبل زوجه، ويأمره بقبولها ، ثم يكرر ذلك مرتين أو ثلاثا، ويضرب له في كل مرة أجلا ملائما، ويتأكد من وصول الخبر إليه، ومن كون المدة التي ضربت له كافية(17/26)
للتدبر وإبرام أمره، بعد أن يكون قد قام بدوره في محاولات الإصلاح ما أمكن، فإن فشل في كل ذلك كان تدخله في نهاية المطاف لرفع الضرر عن المرأة.
وما تلجأ إليه بعض المراكز الإسلامية من المبادرة إلى خلع الزوجة بمجرد الاستماع إلى شكواها دون محاولات جادة وحقيقية للوصول إلى الزوج والاستماع إليه وتمكينه من ممارسة حقه في مباشرة الخلع بنفسه، يعد من التسرع المذموم الذي يأثم به من فعله، ولا يبعد القول بعدم نفوذ الخلع في هذه الحالة.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
طلاق من يقصد التهديد
رجل قال لزوجته: إذا ذهبت إلى بيت فلانة فأنت طالق، ويقول: إنه لم يقصد أن يطلقها، ولكنه قصد أن يشدد عليها، ويهددها إذا ذهبت وخالفت كلامه، فهل يقع هذا الطلاق.؟وشكرا ... السؤال
21/02/2005 ... التاريخ
أ.د. عجيل النشمي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فالطلاق المعلق على شرط، أو الذي يقصد به الزوج التهديد، لا يقع، وذلك ترجيحا لاجتهاد كثير من العلماء، وهو ما أخذت به قوانين الأحوال الشخصية الحديثة في كثير من البلدان.
يقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت:
المذاهب الأربعة وجمهور الفقهاء قالوا: إن الطلاق يقع سواء أكان منجَزاً أي حالاَّ كقوله أنت طالق، أو مضافاً مثل أنت طالق بعد شهر، أو معلقاً على شرط مثل: إن ذهبت إلى المكان الفلاني فأنت طالق، وهو المثال الوارد في السؤال.
والذي نراه في ذلك اختيار ما قاله ابن تيمية وابن القيم في تعليق الطلاق فإنهما يقسمان تعليق الطلاق، إلى قسمين:
الأول: التعليق الشرطي:
وهو التعليق على شرط يقصد المطلق بتعليقه عليه وقوع الطلاق عند وقوع المعلق عليه، فهذا يقع به الطلاق عند وقوع الشرط.
الثاني: التعليق القسمي:
وهو التعليق على شرط لا يقصد المطلق بتعليقه عليه وقوع الطلاق، بل يريد الحث على فعل شيء، أو الحمل على ترك هذا الشيء، أو تأكيد خبر تصديقاً أو تكذيباً، ويكون كارهاً لوقوع الطلاق حين تلفظ به معلقاً له على حدوث شرط معين، فهذا النوع من التعليق على شرط لا يقع معه الطلاق، ويكون حكمه حكم اليمين.
وعلى هذا نقول لصاحب السؤال: إن كان ما ذكرته في سؤالك هو قصدك من التلفظ بكلمة الطلاق، فإن طلاقك لا يقع، لأنك قصدت التهديد، والحث على عدم الفعل، وتجدر الإشارة هنا إلى أن كثيراً من قوانين الأحوال الشخصية ذهب إلى القول : إن(17/27)
الطلاق الواقع هو الطلاق المنجَز فقط، أما الطلاق المعلق، أو المضاف، أو الحلف بالطلاق، فإنه لا يقع، وبهذا أخذ قانون الأحوال الشخصية في كثير من البلاد العربية.أ.هـ
ويمكنكم مطالعة الفتوى التالية:
الطلاق بين النية والتهديد
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الطلاق بين النية والتهديد
السلام عليكم
صديقتي مسافر عنها زوجها، وهي في بلدها مع أطفالها تعيش معهم لفترة معينة حتى عودة زوجها، فهو يريد أن ينهي دراسته في بلد أجنبي، والمشكلة أنه قد حصل بينهم خلاف، وذلك بسبب أهله، فغضب كثيرا بسبب ذلك وقال لها: إنه سوف يعيدها إلى بيت أهلها، أي: يطلقها، وأنه سوف يبعث لها بورقة الطلاق، وما عليها إلا توقيعها حتى ترجع إليه ليكمل الإجراءات الباقية، ولكن بعد ذلك حل الخلاف بينهما لأنها تأسفت لأهله فلم يرسل لها بالورقة، ففي هذه الحالة: هل يقع الطلاق عليها مع أنه لم يتلفظ به؟ وهل إذا وقع فعلى الزوجة أن تبقى في البيت حتى عودته التي لا أحد يعلم عنها متى إلا الله تعالى؟
أم عليها أن تترك الأطفال عند أهله وتذهب لأهلها؟
وهل تعتبر هذه طلقة من الطلقات أم لا ؟
... السؤال
29/10/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد :
فتهديد الزوج زوجته بالطلاق وأنه سيرسل ورقة بالطلاق لتوقع عليهاالزوجة لا اعتبار له حتى يتم في الواقع،ومادام الزوج لم يتلفظ بالطلاق ،ولم يرسل ورقة فليس هناك طلاق.
يقول الدكتور عبد الله الفقيه مشرف مركز الفتوى بموقع الشبكة الإسلامية بقطر :
فإن الظاهر أن ما صدر من هذا الرجل هو مجرد تهديد بالطلاق، والتهديد بالطلاق ليس طلاقا، ما لم ينو صاحبه به الطلاق، فهو من كنايات الألفاظ، والطلاق يقع بالكنايات على الراجح من أقوال أهل العلم.
فإذا كان الرجل لا يقصد إنشاء الطلاق عند تلفظه باللفظ المذكور (وهو قوله لزوجته: إنه سوف يعيدها إلى بيت أهلها ... الخ) فإن هذا لا يعد طلاقا، ويجب التنبه إلى أمرين:
الأمرالأول: أن الطلاق يقع بالكتابة، ويقع باللفظ، ولا يشترط لوقوعه أن يكون موثقا عند جهة رسمية أو غير رسمية، فمادام الزوج قد صدر منه ما يدل على الطلاق صراحة أو كناية نوى بها الطلاق، فإن الطلاق واقع.(17/28)
الأمر الثاني: هو أن الطلاق لا يجوز إلا إذا كان في طهر لم يمس فيه الزوج زوجته، ومن كان غائبا عن زوجته، قد لا يتيسر له معرفة حالها حال إصداره للطلاق، فربما طلقها وهي حائض، فيكون قد ارتكب محرما.
بقي أن ننبه على أمرين آخرين:
الأمر الأول: أن على الزوج أن يعلم أن الله جل وعلا جعل الطلاق حلا، ولكنه ينبغي أن يكون آخر الحلول، لما يترتب عليه من دمار البيوت وضياع الأبناء، وغير ذلك.
الأمر الثاني: أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق إلا في حالة واحدة وهي ما إذا كان الشخص ، قد وصل به الغضب إلى مرحلة تجعله لا يعي ما يقول، فحينئذ يكون حكمه حكم المجنون، والمجنون لا يقع طلاقه.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
النظر في صحة عقد الزواج بعد الطلاق ثلاثاً
رجل تزوج امرأة منذ سنين ثم طلقها ثلاثاً، وكان ولى نكاحها فاسقا، فهل يصح عقد الفاسق بحيث إذا طلق ثلاثا لا تحل له إلا بعد نكاح غيره أو لا يصح عنده فله أن يتزوجها بعقد جديد وولى مرشد من غير أن ينكحها غيره؟ ... السؤال
16/02/2005 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يقول الأستاذ محمد سعدي الباحث الشرعي بالموقع:
ليس لأحد بعد الطلاق ثلاثا أن ينظر في أمر الولي في عقد الزواج، وهل كان عدلا أو فاسقا ليجعل من فسقه ذريعة إلى عدم إيقاع الطلاق الثالث، وكذلك لا يجوز له أن يبحث عما يفسد به الزواج الأول ليجعل هذا ذريعة لعدم إيقاع الطلاق على المرأة.
وقد أفتى بهذا شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله فقال في الفتاوى الكبرى:
إن كان قد طلقها ثلاثا فقد وقع به الطلاق، وليس لأحد بعد الطلاق الثلاث أن ينظر في الولي هل كان عدلا أو فاسقاً ليجعل فسق الولي ذريعة إلى عدم وقوع الطلاق، فإن أكثر الفقهاء يصححون ولاية الفاسق، وأكثرهم يوقعون الطلاق في مثل هذا النكاح بل وفى غيره من الأنكحة الفاسدة .
وإذا فرَّع على أن النكاح فاسد، وأن الطلاق لا يقع فيه ، فإنّه لا يجوز أن يستحل الحرام من يحرم الحرام، وليس لأحد أن يعتقد الشيء حلالا حراما .
وهذا الزوج كان يستحلُّ وطأها قبل الطلاق، ولو ماتت لورثها فهو عامل على صحة النكاح فكيف يعمل بعد الطلاق على فساده فيكون النكاح صحيحا إذا كان له غرض في صحته، فاسدا إذا كان له غرض في فساده.(17/29)
وهذا القول يخالف إجماع المسلمين فإنهم متفقون على أن من اعتقد حل الشيء كان عليه أن يعتقد ذلك سواء وافق غرضه أو خالفه، ومن اعتقد تحريمه كان عليه أن يعتقد ذلك في الحالين .
وهؤلاء المطلِّقون لا يفكرون في فساد النكاح بفسق الولي إلا عند الطلاق الثلاث لا عند الاستمتاع والتوارث، يكونون في وقت يقلدون من يفسده، وفى وقت يقلدون من يصححه بحسب الغرض والهوى ، ومثل هذا لا يجوز باتفاق الأمة . أهـ
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
احتكام الزوجة لقوانين الغرب
إذا نشب خلاف بين رجل وامرأته من المسلمين فهل يجوز لأحدهما أن يلجأ إلى القوانين والمحاكم الوضعية هناك ويترك الحكم الإسلامي على اعتبار أن المحكمة تعطي للزوجة نصف ما يملك الزوج في حين أن الإسلام لا يعطيها إلا النفقة ومؤخر الصداق فقط؟ وهل لو التجأت الزوجة إلى المحكمة تعتبر آثمة ؟ وما حكم المال الذي تأخذه من زوجها بغير حق ؟ وهل يجوز لرجل دين أن يفاوض بين الرجل وزوجته في حكم القاضي غير المسلم ؟ وجزاكم الله خيرا ... السؤال
18/12/2004 ... التاريخ
أ.د صلاح الصاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
الأصل أنه يحرم على المسلم أن يلجأ إلى قضاء يعلم أنه لا يحكم بشرع الله ويرضى به عن شرع الله، فإذا لم يوجد قضاء شرعي في بلد يعيش به المسلم فليحكِّم أهلَ العلم والعدل فإذا اضطر المسلم للتحاكم للقانون الوضعي اضطرارا فلا يستحل من أحكام هذا القانون إلا ما تعطيه له الشريعة الإسلامية، فإن حدث وأخذت الزوجة أكثر مما قرره الشرع الحنيف لها من زوجها كان المأخوذ سحتاً لا يحل لها الانتفاع به، وعليها أن ترده إذا هي أخذته.
يقول الدكتور صلاح الصاوي الأمين العام لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا:
الأصل هو حرمة التحاكم إلى القضاء الوضعي الذي لا يتحاكم إلى الشريعة، سواء أكان ذلك داخل بلاد الإسلام أم كان خارجها متى وجد البديل الشرعي القادر على استخلاص الحقوق ورد المظالم، وقد استفاضت النصوص في ذلك، وانعقد عليه إجماع أهل العلم، وكل الأدلة التي توجب الحكم بما أنزل الله وتبين كفر ونفاق من أعرض عن ذلك نصوص في هذا الباب ، فإن العدول عن التحاكم إلى شرع الله مع إمكانه نفاق لا يجتمع مع أصل الإيمان، فقد قال تعالى : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا} إلى أن قال تعالى:(17/30)
{ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [سورة النساء:60-65]
فإذا انعدم القضاء الشرعي وأمكن تحكيم أهل العلم وحملة الشريعة كان هذا هو المتعين وينبغي النزول على أحكامهم، والتسليم لهم في مسائل الاجتهاد، فإن قضاء القاضي وحكم المحكم يرفع الخلاف، وقد ذكر أهل العلم أنه إذا خلا الزمان من السلطان الشرعي فإن الأمور موكولة إلى العلماء، ويصبح علماء البلاد ولاة العباد، وينبغي على الجاليات الإسلامية المقيمة في المجتمعات الغربية أن توفر الآليات التي تتيح للمتخاصمين أن يتحاكموا إلى الشريعة ، وأن توفر لهم من يفصل في خصوماتهم بناء على أحكامها.
فإذا لم يتيسر ذلك لعدم نزول الخصم على حكم حملة الشريعة وكان لا يردعه إلا سلطان ذو شوكة فإن التحاكم إلى القضاء الوضعي في هذه الحالة لاستخلاص حق أو دفع مظلمة رخصة، ولا تثريب على من يلجأ إليه عندما يتعين سبيلا إلى ذلك، لأن النصوص الواردة في نفاق وكفر من أعرض عن التحاكم إلى الشرع إنما كانت في واقع تهيأت فيه أسباب التحاكم إلى الشرع المطهر، وأعرض فيه من أعرض عن ذلك طائعًا مختارا، لتفضيله التحاكم إلى الطاغوت على التحاكم إلى ما أنزل الله وإلى الرسول.
ولابد في هذه الحالة أن تكون مطالبه أمام هذا القضاء مشروعة، وألا يستحل من أحكامه إلا ما وافق الشريعة ، فإذا مطله مدين مليء ورفع أمره إلى القضاء الوضعي فليس له إلا المطالبة بأصل الدين، فإن قضى له ببعض الفوائد الربوية فليس له أن يستحل منها شيئا لمخالفتها للشريعة .
وبناء على ما تقدم فليس لهذه الزوجة الراغبة في الطلاق أن تلجأ إلى القضاء الوضعي لأنه سيعطيها أكثر مما تعطيها الشريعة ، فإن فعلت ذلك فهي آثمة، وإن استحلته كانت متلبسة بعمل من أعمال الكفر الأكبر، وما تأخذه من مال زوجها على خلاف الشريعة يعتبر سحتا ومالا حراما، لا يحل لها تموله ولا تملكه، ولا يطيب لها مهما تقادم الزمن.
وإذا لجأت الزوجة إلى تحكيم القضاء الوضعي وقضى لها بما لا تقضي لها به الشريعة ، وأصرت المرأة على هذا الباطل ورأى بعض المصلحين التدخل لمفاوضة هذا المرأة للتنازل عن بعض مما قضي لها به وليس لها فيه حق شرعي فلا بأس بذلك، ويكون من جنس تقليل المفاسد وتخفيف المظالم في حدود الوسع والطاقة، وقد قال تعالى ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [سورة التغابن:16] ومن تدخل بهذه النية أجر، لما هو معلوم من قيام الشريعة على تحصيل المصالح وتكميلها ومنع المفاسد وتقليلها.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
إجهاض الحامل هل تنتهي به العدة؟(17/31)
امرأة أسقطت حملا عمره شهران بعد يومين من وفاة زوجها هل تعتبر عدتها انقضت بذلك أم عليها أن تكمل العدة أربعة اشهر وعشرة أيام ؟ وجزاكم الله خيرا ... السؤال
24/07/2006 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
يقول حامد العطار الباحث الشرعي:
عدة الحامل تكون بوضع حملها، فإذا وضعت ولدها ولو بعد يوم واحد من موت زوجها فقد انتهت عدتها...هذا إن كان الحمل تاما.
أما إذا كان الحمل سقطا فإذا كان السقط قبل أن يتم الجنين ثمانين يوما فلا تنتهي به العدة، وعلى هذا فبما أن هذا السقط كان قبل الثمانين يوما فلا تنتهي به العدة.
وأما إذا كان عمر السقط أكثر من ثمانين يوما ففيه تفصيل، وإن كان الضابط فيه أنه متى ظهر في السقط التخلق فقد انتهت العدة بوضعه.
قال ابن قدامة في المغني :-
والحمل الذي تنقضي به العدة، ما يتبين فيه شيء من خلق الإنسان، حرة كانت أو أمة.
وجملة ذلك، أن المرأة إذا ألقت بعد فرقة زوجها شيئا، لم يخل من خمسة أحوال:
أحدها:- أن تضع ما بان فيه خلق الآدمي، من الرأس واليد والرجل، فهذا تنقضي به العدة، بلا خلاف بينهم . قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن عدة المرأة تنقضي بالسقط إذا علم أنه ولد، وممن نحفظ عنه ذلك : الحسن وابن سيرين وشريح والشعبي والنخعي والزهري والثوري ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق.
قال الأثرم : قلت لأبي عبد الله : إذا نكس في الخلق الرابع ؟ يعني تنقضي به العدة . فقال : إذا نكس في الخلق الرابع، فليس فيه اختلاف، ولكن إذا تبين خلقه هذا أدل وذلك لأنه إذا بان فيه شيء من خلق الآدمي، علم أنه حمل، فيدخل في عموم قوله تعالى : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ).
الحال الثاني، ألقت نطفة أو دما، لا تدري هل هو ما يخلق منه الآدمي أو لا ؟ فهذا لا يتعلق به شيء من الأحكام ; لأنه لم يثبت أنه ولد، لا بالمشاهدة ولا بالبينة.
الحال الثالث: ألقت مضغة لم تبن فيها الخلقة، فشهد ثقات من القوابل، أن فيه صورة خفية، بان بها أنها خلقة آدمي، فهذا في حكم الحال الأول، لأنه قد تبين بشهادة أهل المعرفة أنه ولد.
الحال الرابع،إذا ألقت مضغة لا صورة فيها، فشهد ثقات من القوابل أنه مبتدأ خلق آدمي، فاختلف عن أحمد فنقل أبو طالب أن عدتها لا تنقضي به; لأنه مشكوك في كونه ولدا، فلم يحكم بانقضاء العدة المتيقنة بأمر مشكوك فيه، وقال بعض أصحابنا :(17/32)
على هذا تنقضي به العدة . وهو قول الحسن وظاهر مذهب الشافعي لأنهم شهدوا بأنه خلقة آدمي، أشبه ما لو تصور.
الحال الخامس،أن تضع مضغة لا صورة فيها، ولم تشهد القوابل بأنها مبتدأ خلق آدمي، فهذا لا تنقضي به عدة; لأنه لم يثبت كونه ولدا ببينة ولا مشاهدة، فأشبه العلقة، فلا تنقضي العدة بوضع ما قبل المضغة بحال، سواء كان نطفة أو علقة، وسواء قيل: إنه مبتدأ خلق آدمي أو لم يقل . نص عليه أحمد فقال : أما إذا كان علقة، فليس بشيء، إنما هي دم، لا تنقضي به عدة ، ولا نعلم مخالفا في هذا، إلا الحسن، فإنه قال : إذا علم أنها حمل، انقضت به العدة. والأول أصح، وعليه الجمهور.
وأقل ما تنقضي به العدة من الحمل، أن تضعه بعد ثمانين يوما منذ أمكنه وطؤها ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن خلق أحدكم ليجمع في بطن أمه، فيكون نطفة أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك " . ولا تنقضي العدة بما دون المضغة، فوجب أن تكون بعد الثمانين، فأما ما بعد الأربعة أشهر، فليس فيه إشكال ; لأنه منكس في الخلق الرابع.انتهى.
وجاء في الموسوعة الطبية الفقهية للدكتور أحمد محمد كنعان (رئيس قسم الأمراض المعدية بإدارة الرعاية الصحية الأولية بالمنطقة الشرقية في السعودية:-
تنقضي عدة الحامل بوضع الحمل لقوله تعالى : ( وأُولاتُ الأَحْمَالِ أجلُهُنَّ أنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) سورة الطلاق 4 ، واشترط الفقهاءُ انفصالَ جميع الحمل، وأن يستبين شيءٌ من خَلْق الجنين ولو صورةً خفيَّةً ، حتى وإن كان ميتاً أو مضغةً ، وأن يشهد بهذا الثقات من الأطباء أو القوابل، فإنْ كانت المرأة في عدَّة طلاقٍ أو وفاة ثم تبين أنها حاملٌ وجب عليها أن تنتقل في حساب عدتها من الأقراء أو الشهور إلى عدة الحمل فلا تنقضي عدتها حتى تضع حملها .. وإنْ كان الحمل بتوأمين اثنين أو أكثر لم تنقضِ العدة إلا بوضع الولد الأخير.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
هل يقع طلاق السكران؟
ما حكم طلاق السكران، هل يقع في كل الحالات، أم أن هناك حالات لا يفع فيها ، الرجاء تفصيل الموضوع؟ ... السؤال
12/09/2004 ... التاريخ
مجمع الفقه بالهند ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فملخص ما جاء في ندوة مجمع الفقه بالهند في دورته الثانية عشرة أن من سكر دون علم بالحرمة، أو كان تناول شيئا مسكرا للتداوي أو لحاجة ضرورية، أو كان مكرها، فإن الطلاق لا يقع ، فإن شربه باختياره ولم يغب عقله وقع الطلاق ، فإن غاب عقله ، ففيها خلاف ، والأكثر على أنه لا يقع .(17/33)
وإليك نص الفتوى :
"مجمع الفقه الإسلامي بالهند" وبعد البحث والنقاش في المسألة صدرت قرارات تالية:
1- إذا تناول شخص - وهو لا يعلم - شيئاً مسكراً حراماً وسكر وطلق امرأته في هذه الحال فلا يقع الطلاق في هذه الصورة.
2-إذا تناول شخص شيئاً مسكراً حراماً للتدواي بعد أن رأى الأطباء الحذاق المسلمون أنه لا سبيل إلى مداواة مرضه إلا بهذا المسكر، أو تناول شيئاً مسكراً في شدة الجوع والظمأ لصون حياته -وهو لا يجد شيئاً حلالاً- وسكر وطلق امرأته في حالة النشوة هذه فلا يقع الطلاق.
3- إذا أكره شخص على تناول الخمر أو شيء مسكر آخر إكراهاً جاز له تناوله فتناول وطلق امرأته في حالة السكر فلا يقع الطلاق.
4-إذا سكر شخص بتناول شيء حلال وطلق امرأته في السكر فلا يعتبر طلاقه شرعاً.
5-إذا تعمد شخص برضاه تناول خمر أو شيء مسكر حرام، وسكر، ولكنه في حالة السكر البدائية التي يحدث فيها نوع من النشوة، إلا أنه لا يفقد عقله ووعيه في تلك الحال ويفهم الكلام، فطلق امرأته في هذه الحال فيقع الطلاق.
6-وإذا سكر في الحال المذكورة سكراً شديداً فقد عقله ووعيه تماماً وتلفظ في هذه الحال بكلمات الطلاق، فهل يقع طلاقه أم لا يقع؟ ذهب المشاركون في الندوة إلى رأيين في هذا الصدد:
ذهبت أكثرية هؤلاء العلماء إلى عدم وقوع الطلاق في هذه الصورة.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
قول الرجل لزوجته يا (ماما) هل يعد طلاقا ؟
قرأت فتوى في إحدى الجرائد المصرية مؤداها أن الرجل إذا قال لزوجته أنت ماما ملاعبا وملاطفا أو قاصدا تكريمها وتوقيرها ،فإنه يكون مظاهرا، وكذلك يحرم على المرأة أن تلاطف زوجها بقولها أنت بابا ،فما رأيكم في هذا الأمر ؟ ... السؤال
10/08/2004 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فقد شاع بين كثير من الناس قول الرجل لزوجته : يا ماما ، فهذا القول لا يدخل ضمن التحريم ولا الظهار ، لأن المقصود منه التدليل والتكريم في النداء ، وكذلك لو قال لها :يا أختي ، وهو يقصد التدليل والتكريم ونحو هذا.
أما قول الرجل لزوجته :أنت أمي من الكنايات التي يتوقف العمل بها على نية المتكلم، فإذا قصد التحريم كان ظهارا ، وإن قصد التكريم لم يكن ظهارا.(17/34)
فالمقصود من الظهار المحرم هو أن يشبه الرجل زوجته في الحرمة بأحد محارمه قاصدا تحريم جماعها، أما إذا شبهها بأمه في المنزلة والكرامة فلا ظهار في قوله ، فالعبرة بما يقصده الرجل ، وبعبارة أخرى العبرة بوجه الشبه فإذا كان وجه الشبه التحريم فالظهار منعقد ، وإذا لم يقصد التحريم فلا ظهار، فمن شروط الظهار أن يكون التشبيه مشتملا على معنى التحريم.
وفي خطاب المرأة لزوجها بالأبوية لا شيء عليها من جهة الشرع لأن الظهار ليس لها.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
من شرط الظهار أن يكون التشبيه مشتملا على معنى التحريم . فإذا قال الرجل لزوجته : أنت علي كظهر أمي مثلا , يقصد من ذلك تحريم إتيان زوجته كتحريم إتيان أمه , أو تحريم التلذذ والاستمتاع بها كتحريم التلذذ بالأم والاستمتاع بها , فإن ذلك يكون ظهارا . وإذا كان التشبيه لا يشتمل على التحريم لا يكون ظهارا ..
وأن تكون صيغة الظهار دالة على إرادته .. فصريح الظهار عند الفقهاء ما دل على الظهار دلالة واضحة ولا يحتمل شيئا آخر سواه , ومثاله أن يقول الرجل لزوجته : أنت علي كظهر أمي , فالظهار يفهم من هذا الكلام بوضوح , بحيث يسبق إلى أفهام السامعين بدون احتياج إلى نية أو دلالة حال . وحكم الصريح وقوع الظهار به بدون توقف على القصد والإرادة , فلو قال الرجل هذه العبارة ولم يقصد الظهار كان ظهارا , ولو قال : إنه نوى به غير الظهار لا يصدق قضاء , ويصدق ديانة ; لأنه إذا نوى غير الظهار فقد أراد صرف اللفظ عما وضع له إلى غيره فلا ينصرف إليه , فإذا ادعى إرادة غير الظهار لا يسمع القاضي دعواه ; لأنها خلاف الظاهر , ولكن يصدق ديانة أي : فيما بينه وبين الله تعالى ; لأنه نوى ما يحتمله كلامه.
والكناية عند جمهور الفقهاء ما يحتمل الظهار وغيره ولم يغلب استعماله في الظهار عرفا , ومثاله أن يقول الرجل لزوجته : أنت علي كأمي أو : مثل أمي , فإنه كناية في الظهار ; لأنه يحتمل أنها مثل أمه في الكرامة والمنزلة , ويحتمل أنها مثلها في التحريم , فإن قصد أنها مثلها في الكرامة والمنزلة فلا يكون ظهارا ولا شيء عليه , وإن نوى به الطلاق كان طلاقا , وإن نوى به الظهار كان ظهارا ; لأن اللفظ يحتمل كل هذه الأمور , فأي واحد منها أراده كان صحيحا وحمل اللفظ عليه , وإن قال : لم أقصد شيئا لا يكون ظهارا , لأن هذا اللفظ يستعمل في التحريم وغيره فلا ينصرف إلى التحريم إلا بنية .أهـ
وفي قول المرأة لزوجها أنت بابا أو غيره من هذه الألفاظ ، جاء في الموسوعة الفقهية أيضاً :
إذا قالت الزوجة لزوجها : أنت علي كظهر أمي , أو : أنا عليك كظهر أمك فهو لغو , لأن التحريم ليس إليها .
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
الاستمتاع بمراسلة المطلقة(17/35)
هل يجوز للرجل أن يخاطب أو يكتب لزوجته السابقة بطريقة رومانسية بعد أن تزوج بامرأة أخرى ؟
وهل من اللائق أن يُبقي صوراً وبطاقات لزوجته السابقة في غرفة النوم حيث يسكن مع زوجته الجديدة ؟.
... السؤال
05/08/2004 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
إذا طلقت المرأة وخرجت من عدتها أصبحت أجنبية عمن طلقها، لا يحل له شيئا مما مضى لأنه في الماضي كان معه عقد يستحل منها أي شيء، وبالطلاق صار العقد ملغيا، ولذلك عادت أجنبية عنه كقبل الزواج.
يقول الشيخ محمد صالح المنجد من علماء المملكة العربية السعودية:
المرأة بعد انتهاء عدتها من طلاقها من زوجها تصير أجنبيَّة عنه ، لذا لا يحل له أن يراسلها أو يخاطبها أو يختلي بها أو يصافحها ، وهذا الفعل منه أو منها هو طريقٌ إلى الفاحشة فضلاً عن كونه محرَّماً عليهما أصلاً .
ويقول فضيلة الشيخ محمد الصالح بن عثيمين ـ من علماء المملكة العربية السعودية:
لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبيَّة عنه ؛ لما في ذلك من فتنة ، وقد يظن المراسِل أنه ليس هناك فتنة ، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها ويغريها به .
وقد أمر صلى الله عليه وسلم مَن سمع الدجال أن يبتعد عنه ، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه .
ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير ، ويجب الابتعاد عنها ، وإن كان السائل يقول إنه ليس فيها عشق ولا غرام .
وقال الشيخ عبد الله الجبرين – وقد سئل عن المراسلة مع المرأة الأجنبيَّة - :
لا يجوز هذا العمل ؛ فإنه يُثير الشهوة بين الاثنين ويدفع الغريزة إلى التماس اللقاء والاتصال ، وكثيراً ما تحدث تلك المغازلة والمراسلة فتناً وتغرس حبَّ الزنا في القلب مما يوقع في الفواحش أو يسببها ، فننصح من أراد مصلحة نفسه وحمايتها عن المراسلة والمكالمة ونحوها ، حفظاً للدين والعرض أهـ.
وعن مسألة الاحتفاظ بصور الزوجة الأولى في غرفة النوم يقول الشيخ محمد صالح المنجد :
لا يجوز للزوج ولا للزوجة احتفاظ كلٍّ منهما بصور الآخر بعد انتهاء عدة الطلاق بينهما ، فهي تصير أجنبيَّة عنه وهو كذلك، وقد حرَّم الله تعالى النظر من كلِّ واحدٍ منهما للآخر.(17/36)
قال تعالى : { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ } .
ثم إن إبقاء الزوج صور زوجته المطلَّقة في غرفة نوم الزوجة الجديدة مخالف لحسن العشرة مع الزوجة الجديدة ومولِّدٌ للغيرة والحقد على الزوجة الأولى ، وحسرةً وغضباً على زوجها .
لذا لا يجوز للزوج إبقاء صور زوجته المطلقة ولا مراسلتها .
وإن كان هذا الطلاق ليس تمام الطلقة الثالثة - التي لا يجوز للزوج الرجوع لزوجته إلا بعد نكاح زوج آخر - وكان هذا المطلِّّّق يرى أن أسباب طلاقه لزوجته قد زالت وأنهما يستطيعان أن يقيما حدود الله ويحسن كلٌ منهما عشرة صاحبه فإن له في مثل هذه الحال أن يراجعها بعقد جديد لتعود زوجة له مرة أخرى خاصة إذا كان له منها أولاد يخشى أن يؤثر عليهم فراق والديهم .
وليس الزواج من امرأة ثانية مانعاً من جواز الزواج مرة أخرى بالمطلقة إذا كان يظن من نفسه الاستطاعة والقدرة على الإعالة .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
هل قول الرجل لزوجته تحرمين علي مثل أختي ظهار؟
رجل قال لزوجته: تحرمين عليَّ مثل أختي إذا دخنت السجائر مرة أخرى بدون علمي، وتبين له بعد ذلك أن الزوجة دخنت السجائر دون علمه، فهل تصبح محرمة عليه؟وجزاكم الله خيرا ... السؤال
20/07/2004 ... التاريخ
أ.د. عجيل النشمي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... ،بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فقول الرجل : تحرمين على كأختي، أو كأمي إن فعلت كذا وفعلته، يقع ظهارا، وعليه ألاّ يمسها قبل الكفارة، وهي إما عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا، وذلك على الترتيب، وليس من شيم المسلمين أن يدخنوا، فقد أفتى كثير من العلماء بحرمة التدخين.
يقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت:
بغض النظر عن التفصيل في حكم تدخين السجائر، فإن هذا اللفظ وهو أنه حلف على أن زوجته تكون مثل أخته يعتبر ظهاراً، وهو ظهار معلق، لأنه علقه على حصول أمر وهو تدخين السجائر، فإذا وقع المعلق عليه، وقع الظهار، وقد وقع المعلق عليه فيقع الظهار، ومعلوم أن الظهار كما يكون منجزاً حالاً يكون معلقاً، ويكون مضافاً، وذلك بإضافته إلى زمن مستقبل.
وبناءً على هذا، فتحرم على المظاهر معاشرة زوجته قبل أن يكفِّر كفارة الظهار، لقوله تعالى: "والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل(17/37)
أن يتماسا" (المجادلة)، وعلى الزوجة أن تمنع زوجها من معاشرتها حتى يكفِّر، وإن امتنع عن التكفير، فلها أن ترفع أمرها إلى القاضي، ويأمره بالقاضي بالتكفير، وإن امتنع أجبره على التكفير، أو يطلّق عليه القاضي.
وكفارة الظهار تجب على الترتيب وهي: الإعتاق ثم الصيام ثم الإطعام، وذلك لقوله تعالى: "والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله" (المجادلة). أ.هـ
وحول تدخين المرأة يقول الدكتور يوسف القرضاوي:
وإذا كان التدخين مذمومًا في شأن الرجال، فهو أشد ذما في شأن النساء، لأنه يشوّه جمال المرأة، ويغير لون أسنانها، ويجعل رائحة فمها كريهة، مع ما يجب أن تكون عليه الأنثى من حسن وجمال.
ونصيحتي لكل مدخن أن يقلع عن هذه الآفة، بعزيمة قوية، وتصميم صارم ؛ فإن التدرج فيها لا يغني.أ.هـ
ـــــــــــــــــــ
طلاق الزوجة في مرض الموت
رجل أصيب بمرض الروماتيزم المفصلي قبل وفاته بست سنوات وازدادت علته قبل وفاته بستة أشهر ،وعندما توفى ترك زوجة لم تنجب منه ،وكان قد طلقها قبل وفاته بستة وأربعين يوما فهل لهذه الزوجة المطلقة أن ترث في تركته علما بوجود زوجة أخرى وأبناء له ؟
... السؤال
13/07/2004 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
لا يقع طلاق المريض مرض الموت عند فريق من الفقهاء لتهمة قصد إضرار الزوجة بحرمانها من الميراث. وهذا الطلاق يسميه الفقهاء طلاق الفار؛ لأنه يفر بهذا الطلاق من إرثها.
يقول فضيلة الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتى مصر الأسبق:
مرض الموت هو المرض الذي تزداد العلة فيه باستمرار حتى الوفاة، والمتفق عليه شرعا لتحقق الإرث أن تكون الزوجية قائمة حين وفاة أحدهما، بأن تكون غير مطلقة حقيقة، أو حكما بأن تكون الزوجية في العدة من طلاق رجعى أو طلاق بائن فى حالة فرار زوجها من ميراثها بأن طلقها وهو مريض مرض الموت طلاقا بائنا من غير أن تطلب منه الطلاق أو ترضى به، وعلى هذا يكون هذا المتوفى فارا من ميراث مطلقته، كما أن وفاته في هذه الحالة وهى لا تزال في العدة من هذا الطلاق(17/38)
يجعلها من ضمن ورثته بصفتها زوجة له، وتستحق أن ترث من تركته نصف الثمن فرضا لوجود زوجة أخرى له وفرع وارث.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى:
هذه المسألة مبنية على [ مسألة المطلق بعد الدخول في مرض الموت ] . والذي عليه جمهور السلف والخلف : توريثها؛ كما قضى بذلك عثمان بن عفان ـ رضي اللّه عنه ـ لامرأة عبد الرحمن بن عوف؛ تماضر بنت الأصبغ، وقد كان طلقها في مرضه، وهذا مذهب مالك، وأحمد، وأبي حنيفة والشافعي في القديم .
ثم على هذا، هل ترث بعد انقضاء العدة ؟ والمطلقة قبل الدخول ؟ على قولين للعلماء : أصحهما أنها ترث أيضًا، وهو مذهب مالك، وأحمد في المشهور عنه، وقول للشافعي؛ لأنه قد روي أن عثمان ورثها بعد انقضاء العدة؛ ولأن هذه إنما ورثت لتعلق حقها بالتركة لما مرض مرض الموت، وصار محجورًا عليه في حقها، وحق سائر الورثة، بحيث لا يملك التبرع لوارث، ولا يملكه لغير وارث بزيادة على الثلث، كما لا يملك ذلك بعد الموت، فلما كان تصرفه في مرض موته بالنسبة إلى الورثة كتصرفه بعد الموت لا يملك قطع إرثها، فكذلك لا يملك بعد مرضه، وهذا هو [ طلاق الفار ] المشهور بهذا الاسم عند العلماء، وهو القول الصحيح الذي أفتى به .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
هل يقع طلاق الرجل قبل إسلامه؟
إذا طلق الرجل المشرك زوجته المشركة طلقتين ،ثم أسلما، فهل يحسب الطلاق بعد الإسلام ، أم لا؟ ... السؤال
05/07/2004 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
- يرى جمهور الفقهاء من الحنابلة والشافعية والحنفية ومن السلف عطاء ، والشعبي ، والنخعي ، والزهري ، وحماد ، والثوري ، والأوزاعي ، أن نكاح الكافر وطلاقه كنكاح المسلم وطلاقه ، فهو يقع منه ، فإن طلق الكافر زوجته الكافرة طلاقا رجعيا ثم أسلما ، احتسب الطلاق ، وخالف المالكية ومن السلف الحسن ، وقتادة ، وربيعة الجمهور في ذلك ، ورأوا عدم جواز طلاق الكافر ونكاحه ، لأنها عقود فاسدة لكفرهم ، فلا يعتبر الطلاق ، لأن الإسلام يجب ما قبله ، أما في حالة النكاح ،فهو يبقى ،حفاظا على البيوت .
- ودليل الجمهور ما يلي :
- أن الله تعالى أضاف النساء إليهم ،فقال تعالى عن أبي لهب :"وامرأته حمالة الحطب "،وقال عن امرأة فرعون :"وامرأة فرعون إذا قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ".(17/39)
قال ابن قدامة :" وحقيقة الإضافة تقتضي زوجية صحيحة ."
وفي الحديث :"ولدت من نكاح ،لا سفاح "قال الألباني :حديث حسن .وقد كان أبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مشركين ،وسمى العلاقة بينهما نكاحا، أي زواجا، ففي ذلك دليل على صحة أنكحة غير المسلمين، وإذا صح منهم الزواج ، صح منهم الطلاق .
وبهذا الحكم جاءت أقوال كبار فقهاء المذاهب :
قال ابن قدامة الفقيه الحنبلي بعد أن ساق أدلة الجمهور في صحة النكاح :
وإذا ثبت صحة النكاح ، ثبتت أحكامه ، كأنكحة المسلمين . فعلى هذا ، إذا طلق الكافر ثلاثا ، ثم تزوجها قبل أن تتزوج زوجا آخر ، وأصابها ، ثم أسلما ، لم يقرا عليه ، وإن طلق امرأته أقل من ثلاث ، ثم أسلما ، فهي عنده على ما بقي من طلاقها .ا.هـ بتصرف يسير
وفي الدر المختار من كتب الحنفية :كل نكاح صحيح بين المسلمين فهو صحيح بين أهل الكفر خلافا لمالك .انتهى
وقال ابن عابدين الفقيه الحنفي في حاشيته :تثبت بقية أحكام النكاح في حقهم كالمسلمين : من وجوب النفقة في النكاح ، ووقوع الطلاق ونحوهما : كعدة ونسب ، وخيار بلوغ ، وتوارث بنكاح صحيح ، وحرمة مطلقة ثلاثا ونكاح محارم .انتهى
وجاء في المنهاج من كتب الشافعية :فعلى الصحيح لو طلق ثلاثا ثم أسلما لم تحل بمحلل .انتهى
وقال الشربيني الخطيب من فقهاء الشافعية في مغني المحتاج : لو طلق الكافر زوجته ثلاثا في الكفر ثم أسلما من غير محلل لم تحل له الآن إلا بمحلل ، سواء اعتقدوا وقوع الطلاق أم لا ; لأنا إنما نعتبر حكم الإسلام . أما إذا تحللت في الكفر فيكفي في الحل ، ولو طلقها في الشرك ثلاثا ثم نكحها في الشرك من غير محلل ثم أسلما فرق بينهما نص عليه في الأم .انتهى
وفي مغني المحتاج أيضا : ويقع الطلاق من مسلم أو كافر بصريح لفظ الطلاق ، وهو ما لا يحتمل ظاهره غير الطلاق بلا نية لإيقاع الطلاق ، ولو قال : لم أنو به الطلاق لم يقبل ، وحكى الخطابي فيه الإجماع .ا.هـ بتصرف
واعترض المالكية أن أنكحة المشركين لا تصح، قال ابن عرفة في حاشية الدسوقي :
وأشار فقهاء المذهب إلى شروط وقوع الطلاق بقولهم: وإنما يصح طلاق المسلم لزوجته ولو كافرة احترازا من الكافر فلا يصح منه .ا.هـ بتصرف
ويمكن الأخذ برأي المالكية من كون الطلاق في حال الشرك لا يقع ، لأن الجاهلية لم تكن تعرف الطلاق ، وإنما كانت تعرف الزواج ، فلما كان الزواج معروفا ومعتبرا ، أقره الإسلام ، ولما كان الطلاق غير معروف ، فلا اعتبار له ،والإسلام يهدم ما قبله ، كما أن في الأخذ برأي المالكية تشجيعا للناس على الإسلام ، بإبقاء الأسرة لا هدمها .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ(17/40)
استعمال الطيب للمطلقة ثلاثا
امرأة طلقها زوجها طلقة ثالثة وهي في العدة، فهل يجوز لها استعمال الطيب؟ وجزاكم الله خيرا ... السؤال
21/06/2004 ... التاريخ
أ.د. عجيل النشمي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... ،بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
اختلف الفقهاء في تطيب المطلقة ثلاثا، والراجح ما ذهب إليه الجمهور من جواز ذلك، لأن النص بمنع الطيب خاص بالمعتدة من وفاة زوجها.
يقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت:
الراجح في هذا من أقوال الفقهاء ما ذهب إليه المالكية وقول للشافعية والحنابلة: أنه لا يحرم على المعتدة من طلاق بائن، التطيب، فالآية نصت على المتوفى عنها زوجها في قوله عز وجل " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا"(البقرة:334)، وأيضاً حديث النبي – صلى الله عليه وسلم- الذي يذكر فيه الإحداد على المتوفى عنها زوجها في قوله: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً" (فتح الباري )، وأيضاً لأن المطلقة طلاقاً بائناً تمت فرقتها باختيار الزوج، فلا معنى لتكليفها الحزن عليه، فهذا كله يدل على جواز أن تتطيب أثناء العدة.
وذهب الحنفية ومن معهم إلى حرمة التطيب لأن الإحداد عليه واجب، مثلها مثل المتوفى عنها زوجها. أ.هـ
ويمكنكم مطالعة الفتوى التالية:
عدة الفراق والإحداد
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الطلاق بلا سبب خطورته وحكمه
رجل يريد أن يطلق زوجته لا لعيب فيها ولا لسبب قوي عنده، وله منها أولاد، فهل عليه إثم...؟وجزاكم الله خيرا
... السؤال
18/05/2004 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فقد ذكر العلماء أن الطلاق هو آخر الدواء، وآخر محطات الحياة الزوجية، وجعل بيد الرجل لتعقله، ولأن آثاره تكون عليه، وإذا كان الطلاق من حق الرجل فلا يخلو(17/41)
الأمر من إثم إذا قصد بذلك إضرار المرأة، ويجب أن يراعي الرجل استمرار أسرته لأنه مسئول عنها.
يقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت:
الطلاق إنما شُرع حلاً للمشكلات التي تنشأ في الأسرة ولا يمكن حلها، والطلاق خلاف الأولى وخلاف الأصل، فينبغي أن يكون بناءً على سبب، وإلاّّ كان استعمال الطلاق في غير موضعه وقد يكون وسيلة في هذه الحال للإضرار بالغير.
وقد ذكر الفقهاء أن الأصل في الطلاق الحظر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق" (أبو داود) والطلاق فيه كفران بنعمة الزواج، قال تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" (الروم)، فإذا استفحل الخلاف بين الزوجين، ولم يمكن إصلاحه بأي طريق، كان الطلاق هو الحل، فإذا لم يكن هناك سبب فنخشى أن يكون هذا الفعل داخلاً في قوله تعالى: "والله لا يحب الفساد" (البقرة).
فهذا الفعل وما ترتب عليه مما لا يحبه الله، وداخل في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" (رواه أحمد)، لكن الحكم يختلف قطعاً ويترتب على المطلق الإثم إذا طلق المرأة مضارة لها أو لأهلها، أو لأخذ مال منها أو لعدم تعاونها معه على المنكر أو انتقاماً لفعل صدر من أهلها، ولا دخل لها فيه، وما إلى ذلك من المقاصد غير المشروعة، فصاحبها يستحق الإثم.
وعلى ذلك الرجل أن يتذكر رقابة الله، وما تحمّله من أمانة الأسرة والأولاد، وأن الله أكرمه بزوجة لم يجد عليها شيئاً يطلقها بسببه، وعليه أن يدعو الله أن يحببها إليه ويطرد عنه وساوس الشيطان، فإنه إن كره منها خلقاً فإن فيها من الأخلاق ما هو محمود. أ.هـ
ويقول الدكتور يوسف القرضاوي:
إن القرآن الكريم رغب في إمساك الزوجة المكروهة من زوجها، والصبر عليها، إبقاء على الأسرة، وحرصًا على استمرارها .
قال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف، فإن كرهتموهن، فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا). (سورة النساء).
فأما الزوجة المطيعة الموافقة، فلا وجه لإيذائها بالفرقة، وإيحاشها بالطلاق، مع عدم الحاجة إليه، إلا أن يكون ضربًا من البغي عليها، ولاسيما إذا كانت ذات أولاد منه .
وقد قال تعالى في شأن الناشزات من الزوجات: (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان عليًا كبيرًا). (سورة النساء).
فإذا كان البغي منهيًا عنه، ولو على المرأة الناشز ما دامت قد عادت إلى حظيرة الطاعة والموافقة، فكيف بالنساء الصالحات القانتات الحافظات للغيب بما حفظ الله ؟!.
نجد أن الطلاق، كما قال صاحب " الهداية " من الحنفية: " قاطع للنكاح الذي تعلقت به المصالح الدينية والدنيوية. (رد المختار).
وأنه - كما نقل صاحب " المغني " من الحنابلة - ضرر بالزوج وبالزوجة، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما، من غير حاجة إليه، فكان حرامًا كإتلاف المال، ولقول(17/42)
النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا ضرر ولا ضرار ". (المغني لابن قدامة والحديث رواه ابن ماجة والدارقطني، وهو صحيح بمجموع طرقه).
إنه كما ذكر ابن عابدين من متأخري الحنفية - إذا كان بلا سبب أصلاً، لم يكن فيه حاجة إلى الخلاص، بل يكون حمقًا وسفاهة رأي، ومجرد كفران بالنعمة، وإخلاص الإيذاء بها (بالمرأة) وبأهلها وأولادها ... فحيث تجرد عن الحاجة المبيحة له شرعًا، يبقى على أصله من الحظر . ولهذا قال تعالى: (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً) أي لا تطلبوا الفراق. (رد المختار السابق).
والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ادعاء الطلاق كذبا
رجل تزوج من امرأة ثانية، وعندما يسأله أحد على زوجته الأولى هل طلقت زوجتك فلانة؟ فيقول: قد انفصلنا وقد يقول: إني طلقتها دون أن يحدث هذا .. فهل هي طالق؟ رغم أنَّه يقول: لم أقصد أبدا طلاقها. ... السؤال
25/02/2004 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
اختلف العلماء فيمن أقرَّ بالطلاق كاذباً، فمنهم من قال: يقع ديانة وقضاء، ومنهم من قال يقع قضاءً لا ديانةً، ومعنى قضاء لا ديانة أي: تجري عليه أحكام القضاء الظاهري إذا رفع الأمر إلى القضاء، أما فيما بينه وبين ربه فإن هذا الطلاق لا يلزمه.
فذهب الحنابلة إلى أن الطلاق يقع ديانة وقضاء، كما جاء في الفروع لابن مفلح من الحنابلة، قال: وإن سئل أطلقت زوجتك؟ قال: نعم، أو لك امرأة؟ قال: قد طلقتها يريد الكذب، وقع.
وقال الإمام الخرقي الحنبلي:-
(ولو قيل له : ألك امرأة ؟ فقال : لا . وأراد به الكذب ، لم يلزمه شيء . ولو قال : قد طلقتها . وأراد به الكذب ، لزمه الطلاق )
بينما ذهب غيرهم من حنفية وشافعية إلى أن من أقرَّ بالطلاق كاذباً فإنه يقع قضاء لا ديانة، فتبقى زوجته في الباطن.
يقول في البحر الرائق من كتب الأحناف: ولو أقر بالطلاق وهو كاذب وقع في القضاء.
وجاء في الخانية من كتب الحنفية أيضًا:
لو أُكره على أن يقر بالطلاق فأقر لا يقع، كما لو أقر بالطلاق هازلا أو كاذبا فقال في البحر: وإن مراده لعدم الوقوع في المشبه به عدمه ديانة، ثم نقل عن البزازية والقنية [من كتب الحنفية]لو أراد به الخبر عن الماضي كذبا لا يقع ديانة.(17/43)
وجاء في أسنى المطالب شرح روض الطالب من كتب الشافعية: وإن أقرَّ بالطلاق كاذباً لم تطلق زوجته باطناً، وإنَّما تُطلَّقُ ظاهراً.
وجاء في المنثور في القواعد الفقهية لبدر الدين الزركشي: أنَّ المختار إذا أقر بالطلاق كاذبا لم تطلق باطنا.
وفي تحفة المحتاج وشرح المنهاج:
ولو قيل له استخباراً: أطلقتها؟ [أي: زوجتك] فقال: نعم.. أو مرادفها.... فإقرار به (الطلاق) لأنَّه صريح إقرار، فإن كذب فهي زوجته باطناً.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
محافظة المرأة الكارهة لزوجها على بيتها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، سؤالي قد يبدو بسيطًا، ولكنه هام جدًّا بالنسبة لي؛ لذلك برجاء الاهتمام به والإجابة عليه، ولكم جزيل الشكر.. هل إذا اختفت المشاعر من قلب الزوجة تجاه الزوج (وذلك لأسباب تتعلق بعدم الصلاة، وكذلك اختلافات فردية كثيرة) برجاء عدم التركيز على الأسباب لقد ذكرتها فقط للاسترشاد، ولكن سؤالي هو هل إذا كانت الزوجة لا تحب زوجها وتنفر من العلاقة الزوجية وترفضها؛ لأنها لا تستطيع إقامتها بدون مشاعر حميمية، ولقد طلبت الطلاق، فهل هي آثمة أمام الله سبحانه وتعالى؟ هذا هو سؤالي الذي أرجو أن تفيدوني في الإجابة عليه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ... السؤال
26/01/2004 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
أجاز الشرع للمرأة الكارهة لزوجة من غير ضرر منه طلب الخلع، وإن كان يلحقها ضرر فبإمكانها أن تطلب الطلاق للضرر الواقع عليها، ولكننا ننصحها قائلين انظري إلى ما هو آت ولا تنظري إلى ما أنت فيه، وكونك تفقدين المشاعر الحميمة بينك وبين زوجك فهذا أمر يمكن تداركه لأن الحبَّ بالتحبب، والودَّ بالتودد، وتذكري قول الله تعالى : (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) وعليك بالدعاء فهو سلاح المؤمن المجرَّب.
يقول فضيلة الشيخ بن سالم با هشام ـ عضو رابطة علماء المغرب:
أجاز الشرع الإسلامي أن تطلب المرأة الطلاق إذا كان يلحقها ضرر من زوجها وهو ما يسمى بالتطليق للضرر، أما إذا كان الأمر يتعلق بالعلاقات الحميمية فإن الإسلام لم يجز ذلك، وخصوصًا في الحالات الراهنة التي يغيب فيها الوعي في العلاقات الزوجية، والجهل للحقوق لجهلنا بمبادئ الدين الإسلامي، وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "وهل البيوت تُبنى إلا على المحبة؟ فأين التذمم وأين(17/44)
الرعاية؟؟"، والله عز وجل قال في محكم كتابه: "وعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا".
ثم على الأخت الكريمة أن تضع مقارنة بين الحالة التي هي فيها وعاقبة الطلاق الذي ستصير إليه؛ إذ ستصبح ثيبًا وستنضاف إلى النساء الأخريات اللاتي يشتكين من العنوسة وقلة الأزواج. فعلى الأخت أن تتأنى وأن تصبر فلقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي بسند حسن: "أيما امرأة صبرت على أذى زوجها إلا وأعطاها الله من الأجر مثل ما أعطى آسية بنت مزاحم..." الحديث.
وفي هذا الحديث تشجيع للمرأة على الرضا والصبر حتى لا يهدم بناء الأسرة الذي هو البناء الأول للمجتمع.
أهـ
يقول الشيخ جعفر الطلحاوي ـ من علماء مصر:
اعلمي أنه ما أسر عبد سريرة إلا ألبسه الله تعالى ثوبا منها، فبإسرارك الكراهية له، حتما ستكون أعمال الجوارح من لسان ويد فضلا عن النفسية متجاوبة مع هذه الكراهية المكنونة والمستورة، فقديما قيل: (ما فيك يظهر على فيك) وقيل أيضا: (إن الكلام لفي الفؤاد، وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا) فمن أسرت كراهية زوجها كيف تتجاوب معه نفسيا وعقليا ووجدانيا، ومن ثم يكون النفور ويكون الشقاق، ثم الشتم والأذى منه، فبدلي النية بالنية وانوي خيرا وودا لزوجك، ورعاية لأولادك ولنفسك بعد رعايتك لله تعالى، والله أسأل أن يرزقك خيره ووده، وأن يصرف عنكما السوء، وأن يصلح ذات بينكما، وأن يرزقكما سعادة الدارين، حتى ينعم أولادكما بظلال وفاقكما الوارفة.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
إقامة حفل للانتهاء من العدة
بعض النساء يقمن بعمل حفلة بعد الانتهاء من العدة ، فما حكم هذا الحفل؟
... السؤال
11/10/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فيقول الشيخ ابن باز مفتي السعودية الأسبق رحمه الله :
عمل الحفل بعد خروج المرأة من العدة بدعة إذا اشتمل على ما حرم الله من نياحة وعويل وندب ونحوها ، فإن لم يشتمل على شيء من ذلك فلا بأس به .
فيجب البعد عن مثل هذه الأشياء وإنكارها والتوبة إلى الله منها وتجنبها ؛ لما فيها من الابتداع في الدين ومشابهة المشركين ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظلي رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم وثبت عنه أيضا عليه الصلاة والسلام أنه قال: من عمل عملا ليس(17/45)
عليه أمرنا فهو رد إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على النهي عن التشبه بالمشركين وعن الابتداع في الدين.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
إلقاء السلام وإرادة الطلاق
فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شخص كان عند زوجته وأهل زوجته ليرضيها ويرجعها إلى البيت وبينما هو معهم في الحوار والنقاش للتفاهم تطاولت عليه الزوجة بعبارات قاسية وجارحة فقام من عندهم: وقال: "طيب السلام عليكم" ونوى بعبارته التي قالها الطلاق، فهل يقع طلاقه؟
... السؤال
11/09/2003 ... التاريخ
أ.د. عبد الفتاح إدريس ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
ما قاله الزوج من إلقاء السلام لا يقع به الطلاق لأنه لم يصدر عنه لفظ صريح ولا كناية حتى يقع بالنية، وهي كقول الزوج لزوجته : اقعدي ، وقومي، وأشباه ذلك لا يقع بها الطلاق، ولو نوى الزوج وقوع الطلاق بها .
وإن كان هناك من الفقهاء من يرى وقوع الطلاق بمثل هذه الألفاظ إذا نوى الزوج الطلاق.
يقول فضيلة الدكتور عبد الفتاح إدريس ـ أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر:
لفظة السلام لا يقصد منها إلا التحية الإسلامية المعروفة، ولفظ الكناية في الطلاق كما عرفه الفقهاء هو اللفظ الذي يحتمل الطلاق وغيره، ولفظة السلام لا تحتمل إلا التحية المعروفة، فلا يقع بها طلاق ولا يمكن أن يسأل إنسان بعد تلفظه بالسلام: ماذا قصدت به؟ و إلا كان الرد عليه بعبارات قاسية، لأن العادة الجارية أن لا يسأل أحد عما قصده بالسلام وإن كان في موضع كالذي ذكرت، لعدم احتماله لمعنى آخر.
حتى وإن نوى الطلاق فإن هذا اللفظ ليس من كنايات الطلاق باتفاق الفقهاء، لأنه لا يحتمل إلا معنى واحدا، وهو التحية المعروفة، واللفظ الذي يسأل عنه من تلفظ به: ما ذا قصدت به؟، هو اللفظ الذي يعد من الكنايات وليس هذا من كنايات الطلاق.أهـ
يقول ابن قدامة في المغني :-
فأما ما لا يشبه الطلاق ، ولا يدل على الفراق ، كقوله : اقعدي . وقومي . وكلي . واشربي . واقربي . وأطعميني واسقيني . وبارك الله عليك . وغفر الله لك . وما أحسنك . وأشباه ذلك ، فليس بكناية ، ولا تطلق به ، وإن نوى ; لأن اللفظ لا يحتمل الطلاق ، فلو وقع الطلاق به لوقع بمجرد النية ، وقد ذكرنا أنه لا يقع بها . وبهذا قال أبو حنيفة .(17/46)
واختلف أصحاب الشافعي في قوله : كلي . واشربي . فقال بعضهم : كقولنا ، وقال بعضهم : هو كناية ; لأنه يحتمل : كلي ألم الطلاق . واشربي كأس الفراق . فوقع به ، كقولنا : ذوقي ، وتجرعي ، ثم استدل ابن قدامة على مذهبه فقال :-
لأن هذا اللفظ لا يستعمل بمفرده إلا فيما لا ضرر فيه ، كنحو قوله تعالى : { كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون } . وقال : { فكلوه هنيئا مريئا } . فلم يكن كناية ، كقوله : أطعميني . وفارق ذوقي . وتجرعي ; فإنه يستعمل في المكاره ، كقول الله تعالى : { ذق إنك أنت العزيز الكريم . } { وذوقوا عذاب الحريق } . { وذوقوا مس سقر } . وكذلك التجرع ، قال الله تعالى : { يتجرعه ولا يكاد يسيغه } . فلم يصح أن يلحق بهما ما ليس مثلهما .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
من له حق الحضانة عند زواج المطلقة؟
طلقت زوجتي ولدينا 4 أبناء أعمارهم 1و3 و5 و7 سنوات ، ثم تزوجت مطلقتي من رجل مسلم ، فطلبت حق رعاية أبنائي ولكنها رفضت وجعلت من الصعب جداً أن أزور أبنائي ، فما هي حقوقي وواجباتي في هذا الحال ؟
وهل هناك دليل من القرآن أو السنة يدعم قول أن الأب له حق رعاية الأبناء ، زوجتي تقول بأنه لو لم يكن هناك آية قرآنية صريحة في هذا ، فإن الأمر يرجع للاجتهاد، واجتهادها هي .
... السؤال
04/08/2003 ... التاريخ
الشيخ محمد صالح المنجد ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
حضانة الأبناء عند الطلاق حق من حقوق الأم ما لم تتزوج، فإذا تزوجت فإن الحضانة تنتقل منها إلى من يليها، واختلف العلماء فيمن يكون له حق الحضانة بعد الأم.
فذهب جمهور الفقهاء إلى أن ذلك لأم الأم؛ لأنها بهم أشفق، ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية أن الحضانة بعد الأم تنتقل إلى الأب فهو أشفق عليهم من الجميع، وهذا قول وجيه فلتكن عليه الفتوى.
يقول الشيخ محمد صالح المنجد من علماء المملكة العربية السعودية:-
الأم أحق بحضانة أبنائها قبل سن السابعة، ما لم تتزوج ، فينتقل الحق لمن يليها ، لما روى أحمد (6707) وأبو داود (2276) عبد الله بن عمرو أن امرأة قالت : يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنت أحق به ما لم تنكحي" والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود .(17/47)
ويجب تمكين الأب من رؤية أبنائه ، والسؤال عن أحوالهم ، سواء كانوا في حضانة الأم أو غيرها.
وحيث إن حق الأم في الحضانة قد سقط بزواجها ، فإنه ينتقل لمن بعدها ، وفي تعيين الأحق بعد الأم خلاف بين الفقهاء ، فذهب بعض العلماء إلى أنه ينتقل إلى أم الأم ، ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الأب أولى من أم الأم ، وعليه فتنتقل الحضانة إليك . (الشرح الممتع 6/26 الطبعة الكاملة).
وكذلك لو كانت أم الأم كافرة أو فاسقة ، فإن الحضانة تنتقل إلى الأب حتى عند القائلين بأن أم الأم أحق من الأب.
وينبغي أن يعلم أن مقصود الحضانة هو حفظ الطفل ورعايته ، ولهذا يسقط حق الشخص في الحضانة لفسقه وفساده ، أو لإهماله وتضييعه ، أو لكثرة أسفاره التي تضر بمصلحة أولاده .
وينبغي أن يتعاون الأبوان في هذا الأمر ، مراعاةً لمصلحة أولادهما ، وحتى لا يكون تنازعهما سبباً لفشل الأبناء وضياعهم .
وليس في المسألة آية قرآنية تحدد الأحق بالحضانة ، لكن حسب المسلم قوله تعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) الحشر / 7
وقوله : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) النساء / 65 .
وقوله : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) الأحزاب / 36
وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بسقوط حق الأم في الحضانة إذا تزوجت ، كما سبق في الحديث ، فعلى المؤمنة أن ترضى بذلك وتسلم .
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
التوقف عن الحكم بالطلاق لعدم وجود الطرفين
أنا شاب مسلم ليست عندي مشكلة شخصية، لكن ابنة خالي متزوجة من شاب سعودي ابن خالتها وتقيم معه في جدة، ودائما يكثرا من الخلاف لأن زوجها يهملها من وجهة نظرها ويمضى أغلب وقته مع أصدقائه الرجال ، لكنه لا يهمل بيته ، المشكلة أن ابنة خالي هذه قد اختلفت معه وتركت البلد وأتت إلى مصر وطلبت منه الطلاق على الهاتف وكان نائما على حد تعبيرها، فاستيقظ على طلبها إياه بالطلاق، فأجابها وطلقها، المشكلة أن هذا هو الطلاق الثالث ، فهل يقع أم لا؟ خاصة وأنها تقول أنه لم يكن يقصد هذا الطلاق وفقط كان مغتاظا منها ، وللعلم فلديهما أربعة أطفال أكبرهم في السابعة من عمره وأصغرهم في الثالثة، وابنة خالي وزوجها يرغبان في عودتهما إلى الحياة الزوجية معا، فهل يجوز ذلك؟ وهل وقع الطلاق الثالث هذا؟
... السؤال
28/07/2003 ... التاريخ(17/48)
الشيخ فيصل مولوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فيقول فضيلة الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء :ـ
لا بد أن يتوجه الزوجان إلى محكمة البلد التي عقدت الزواج (مصر أو السعودية) لعرض الأمر على القاضي المختص، أو لأحد الأخوة العلماء حيث يعرضان عليه الوقائع من وجهة نظر الطرفين فيعطيهما رأيه الشرعي. أما أنا فلا أستطيع الإجابة لأن السائل ينقل عن الزوجة، والزوجة تتحدث عن زوجها فتقول: إنه لم يقصد إلى الطلاق بل كان مغتاظاً منها فقط. لكن ماذا نعمل لو قال الزوج: إنه كان يقصد الطلاق؟ أو لو تبين أنه كان قاصداً الطلاق لكنه ندم بعد ذلك.
هناك مشكلة بين طرفين، لا يمكن إعطاء فتوى لأحدهما دون سماع الآخر. وهي مشكلة خطيرة لأنها تتعلق بالطلاق الثالث، فلا بد أن يحضرا معاً حتى يتم الاستماع إليهما، وإصدار الفتوى الشرعية المناسبة.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
المطلقة قبل الدخول بها هل يمكن مراجعتها
امرأة طلقها زوجها قبل أن يتم الدخول، ولكنهما كانا يخرجان معاً، ويعدان احتياجات بيت الزوجية، فماذا يكون من حقوق والتزامات شرعية؟وجزاكم الله خيرا
... السؤال
07/04/2003 ... التاريخ
أ.د. عجيل النشمي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فالطلاق قبل الدخول لا يوجب العدة، وهو طلاق بائن يلزم لزواجها مرة أخرى عقد ومهر جديدان، وإن ثبتت خلوة فيترتب عليها: وجوب النفقة، وحرمة نكاح محرم للزوجة حتى تنتهي عدتها، وحرمة تزوج أربعة غيرها في أثناء العدة،كما يجوز مراجعتها قبل العدة دون عقد ومهر جديدين.
يقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت:
الطلاق إذا تم قبل الدخول، فلا عدة على المرأة، لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها" (الأحزاب).
وإذا كانت المطلقة قبل الدخول لا عدة لها، فلا يمكن مراجعتها، وهذا الطلاق يعتبر من أنواع الطلاق البائن وهو بائن بينونة صغرى، ويحتاج إلى عقد ومهر جديدين، إلا إذا كان بينهما خلوة، كما هو حال السؤال، فإن الخلوة كالدخول الحقيقي، فتثبت(17/49)
العدة بالطلاق بعد الخلوة، ويترتب على ذلك كل ما يترتب على ثبوت العدة من: وجوب النفقة، وحرمة نكاح محرم للزوجة حتى تنتهي عدتها، وحرمة تزوج أربعة غيرها في أثناء العدة.أ.هـ
ـــــــــــــــــــ
طلب الطلاق من الزوج العقيم
ثبت لدى الأطباء أن زوجي عقيم لا ينجب وقد مضى على زواجهما سنوات ولي رغبة شديدة في الأولاد فهل يحق لي طلب الطلاق من زوجي ؟ ... السؤال
15/03/2003 ... التاريخ
د.حسام الدين بن موسى عفانة ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فالرغبة في الولد حق مكفول للرجل والمرأة على السواء، فإذا كانت الزوجة عقيما فللزوج أن يتزوج بأخرى حتى يتحقق له ما يريد، وإذا كان الزوج عقيما فللزوجة أن تطلب الطلاق، وإن امتنع الزوج عن طلاقها فلها أن ترفع أمرها للقاضي ليطلقها، وعلى المرأة ألا تتعجل في ذلك بل تصبر حتى يأخذ الزوج بأسباب العلاج.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسام عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها أن يطلقها إن ثبت أنه عقيم لا ينجب، وتم التأكد من ذلك، وإذا رفض الزوج أن يطلقها فللمرأة أن ترفع الأمر إلى القاضي الذي يحكم بالتفريق بينهما، وهذا أرجح أقوال الفقهاء في المسألة؛ لأن العقم من العيوب التي لا تتم معه مقاصد الزواج على وجه الكمال؛ لأن المرأة لها الحق في الأولاد، ولها رغبة أكيدة أن تكون أماً،
فلذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرجل تزوج وهو خصي: أأعلمتها أنك عقيم ، قال : لا ، قال : فانطلق فأعلمها ثم خيرها ، رواه عبد الرزاق في المصنف ورجاله ثقات.
فعمر رضي الله عنه جعل الخيار للمرأة، فإن قبلت بعقم زوجها فبها ونعمت وإن لم تقبل، فلها الحق في طلب الطلاق منه.
ومع كل ما تقدم للمرأة أن لا تتعجل في طلب الطلاق من زوجها الذي لا ينجب، وعلى الزوج أن يسعى في العلاج، وخاصة في هذا الزمان الذي تقدم فيه علم الطب كثيراً وخاصة فيما يتعلق بعلاج العقم، وحبذا لو رضيت هذه الزوجة بما قسم الله لها ورضيت بزوجها العقيم لأن لله حكمه في ذلك يقول الله تعالى: ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) سورة الشورى 49-50 ، وإن لم تتقبل نفسها ذلك فلها الحق في طلب الطلاق كما أسلفت .
والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(17/50)
مراجعة الزوجة دون علمها ورضاها
طلقت زوجتي تحت تأثير ظروف معينة ثم ندمت على ذلك ندما شديدا وبخاصة أنه لدي منها طفلان، فتركت بيت الزوجية واعتدت في بيت أبيها، وبعد أن هدأت العاصفة أردت أن أرجع الأمور إلى نصابها وأصلح ما أفسده الشيطان فذهبت لمراجعتها قبل أن تنقضي عدتها ففوجئت بأن أباها يرفض ذلك رفضا شديدا، وأخبرني بأن هذه هي رغبة ابنته (مطلقتي) وأنا في حيرة من أمري ماذا أفعل؟ ... السؤال
09/01/2003 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فإذا طلق الرجل زوجته وكان الطلاق رجعيا ولم تنقض عدتها فالزوجية لا تزال قائمة، ومن ثم فللزوج أن يراجع مطلقته وتكون في عصمته، ولا يفتقر ذلك إلى إذنها ورضاها بإجماع أهل العلم، كما لا يحتاج الأمر إلى إعلامها بالرجعة ولا إلى موافقة وليها، ولكن يستحب إعلامها بالرجعة، أما الإشهاد على الرجعة ففيه خلاف بين الوجوب والاستحباب.
وبناء على ما سبق فلك أن تراجع زوجتك ما دامت في العدة ولا عبرة برضا أبيها أو عدمه، ونود أن نشير إلى أن الزوجة قد أخطأت بخروجها من بيت الزوجية فالزوجة إذا طلقت وكان الطلاق رجعيا فيجب عليها أن تمكث في بيت زوجها (مطلقها) لأن الزوجية ما زالت قائمة ما لم تنقض العدة.
جاء في كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي:
والمراجعة أن يقول لرجلين من المسلمين : اشهدا أني قد راجعت امرأتي . بلا ولي يحضره , ولا صداق يزيده. وقد روي عن أبي عبد الله - رحمه الله - رواية أخرى , أنه تجوز الرجعة بلا شهادة، وجملته أن الرجعة لا تفتقر إلى ولي , ولا صداق , ولا رضى المرأة , ولا علمها بإجماع أهل العلم; لما ذكرنا من أن الرجعية في أحكام الزوجات , والرجعة إمساك لها , واستبقاء لنكاحها , ولهذا سمى الله - سبحانه وتعالى - الرجعة إمساكا , وتركها فراقا وسراحا , فقال: (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف) . وفي آية أخرى: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان).
وإنما تشعث النكاح بالطلقة وانعقد بها سبب زواله, فالرجعة تزيل شعثه(أي أن الرجعة تصلح ما أفسده الطلاق), وتقطع مضيه , إلى البينونة , فلم يحتج لذلك إلى ما يحتاج إليه ابتداء النكاح . فأما الشهادة ففيها روايتان ; إحداهما , تجب . وهذا أحد قولي الشافعي ; لأن الله تعالى قال: (فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم). وظاهر الأمر الوجوب , ولأنه استباحة بضع مقصود , فوجبت الشهادة فيه , كالنكاح , وعكسه البيع .(17/51)
والرواية الثانية , لا تجب الشهادة . وهي اختيار أبي بكر , وقول مالك , وأبي حنيفة ; لأنها لا تفتقر إلى قبول , فلم تفتقر إلى شهادة , كسائر حقوق الزوج , ولأن ما لا يشترط فيه الولي لا يشترط فيه الإشهاد , كالبيع . وعند ذلك يحمل الأمر على الاستحباب.
ولا خلاف بين أهل العلم , في أن السنة الإشهاد. فإن قلنا : هي شرط . فإنه يعتبر وجودها حال الرجعة , فإن ارتجع بغير شهادة , لم يصح ; لأن المعتبر وجودها في الرجعة , دون الإقرار بها , إلا أن يقصد بذلك الإقرار الارتجاع , فيصح.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن إعلام الزوجة بالرجعة مستحب ; لما فيه من قطع المنازعة التي قد تنشأ بين الرجل والمرأة . قال العيني ما نصه : ويستحب أن يعلمها " أي يعلم المرأة بالرجعة , فربما تتزوج على زعمها أن زوجها لم يراجعها وقد انقضت عدتها ويطؤها الزوج , فكانت عاصية بترك سؤال زوجها وهو يكون مسيئا بترك الإعلام , ولكن مع هذا لو لم يعلمها صحت الرجعة ; لأنها استدامة النكاح القائم وليست بإنشاء , فكان الزوج متصرفا في خالص حقه , وتصرف الإنسان في خالص حقه لا يتوقف على علم الغير.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
أثر الطلاق على كفارة الظهار
رجل ظاهر من زوجته ثم طلقها بعد ذلك وأراد أن يراجعها بعد مدة هل يبقى حكم الظهار قائم بين الزوجين أم أن الطلاق ألغاه ، وجزاكم الله خيرا ... السؤال
29/10/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
الظهار معصية لما فيه من المنكر والزور والافتراء , فأوجب الله الكفارة على المظاهر حتى يغطي ثوابها وزر هذه المعصية ، وكفارة الظهار تثبت في ذمة المظاهر حتى يؤديها، ولا تسقط بفرقة الطلاق؛ لأن الكفارة استقرت في ذمته .
جاء في فتاوى موقع الشبكة ـ قطر:
إذا ثبتت الكفارة في الذمة فلا تسقط بطلاقه لزوجته أو فسخ النكاح أو الموت.
قال النووي في المنهاج: ولا تسقط الكفارة بعد العود بفرقة. قال الخطيب الشربيني في شرحه على المنهاج مبيناً وجه عدم السقوط، وكذا ابن حجر الهيثمي في التحفة: لاستقرارها بالإمساك، كالدين لا يسقط بعد ثبوته. أهـ
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
كفارة الظهار تثبت في ذمة المظاهر حتى يؤديها ؛ قال الفقهاء : إن الرجل إذا ظاهر من زوجته وفارقها بطلاق بائن بينونة صغرى , ثم عادت إليه بعقد جديد لا يحل له وطؤها حتى يكفر , سواء رجعت إليه بعد زوج آخر أو قبله , وكذلك إذا طلقها ثلاثا وتزوجت برجل آخر , ثم عادت إليه , لا يحل له وطؤها قبل أن يكفر , وعلَّل ذلك(17/52)
الكاساني في البدائع بأن الظهار قد انعقد موجبا لحكمه ،وهو الحرمة. والأصل أن التصرف الشرعي إذا انعقد مفيدا لحكمه فإنه يبقى متى كان في بقائه فائدة محتملة , واحتمال عودة المرأة بعد الطلاق إلى زوجها الأول قائم , فيبقى الظهار , وإذا بقي فإنه يبقى على ما انعقد عليه , وهو ثبوت الحرمة التي ترتفع بالكفارة .
أهـ
وعلى هذا فمن ظاهر من زوجته ثم طلقها ، وبعد ذلك راجعها فعليه أن يكفر كفارة الظهار قبل المسيس.
والله أعلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عدم وقوع الطلاق بمجرد النية
أنا شاب متزوج وبيني وبين زوجتي مشاكل ، وفي يوم قالت أريد أن تطلقني و أصرت ، فقلت لها أنت طالق، و بعد يومين راجعتها، واستمرت المشاكل وفي يوم آخر قالت إذا كنت رجلا فعلا خذني إلى بيت أهلي و أعادتها عدة مرات فغضبت وأخذتها بنية الطلاق، ثم عدنا إلى البيت واستمرت المشاكل كالعادة وتكرر هذا الأمر عدة مرات وتركتها في بيت أهلها، وأقسمت بالله أني سوف أطلقها، ولما سألنا هنا في الجزائر قيل لنا لا رجوع بينكما لأنها أكثر من ثلاث طلقات بالكناية أريد حلا شرعيا لقضيتي، هل هو فعلا طلاق بالكناية ؟ أو لنا الرجوع ؟
... السؤال
19/10/2002 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الطلاق الأول واقع بلا خلاف .
أما الثانية والتي بعدهاـ مرة أو أكثر ـ فإن لم يكن منك إلا مجرد النية دون تلفظ بكلمة الطلاق؛ حين أخذت زوجتك إلى بيت والدها؛ فإن هذه المرات لا تقع، لأن شرط الطلاق التلفظ به، ولا يكفي فيه مجرد النية.
ولا يكون هذا طلاقا بالكناية، لأن الكناية أيضا لا بد فيها من التلفظ، وإن كانت تحتاج إلى نية فلا تقع من غير تلفظ.
فقد اتفق الفقهاء على أن الطلاق لابد فيه من التلفظ، وأنه لا يقع بمجرد النية، وهذا خلافا للمالكية الذين يرون أن انعقاد الطلاق بالنية وحده يكفي لوقوعه.
والصحيح أن الطلاق يفتقر إلى اللفظ وأنه لا يقع بمجرد النية، والدليل على ذلك ما يلي :
روى الجماعة إلا الترمذي عن عائشة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر، ثم دخل معتكفه، وأنه أمر بخباء فضرب، وإنه أراد مرة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، فأمرت زينب بخبائها فضرب، وأمر غيرها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بخبائه فضرب ، فلما صلى(17/53)
رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر نظر فإذا الأخبية، فقال: آلبر تردن؟ فأمر بخبائه فقوض، وترك الاعتكاف في شهر رمضان، حتى اعتكف العشر الأول من شوال"
قال المصنف ابن تيمية الجد صاحب منتقى الأخبار رحمه الله تعالى : وفي الحديث أن النذر لا يلزم بمجرد النية ، واستدل به أيضا على جواز الخروج من العبادة بعد الدخول فيها.
ويعلق الإمام الشوكاني قائلا :
إنه صلى الله عليه وسلم لم يدخل المعتكف ولا شرع في الاعتكاف وإنما هم به ثم عرض له المانع المذكور فتركه فيكون دليلا على جواز ترك العبادة إذا لم يحصل إلا مجرد النية .
قال الإمام السيوطي في كتابه الأشباه والنظائر :
ومن فروع النية: لو نوى النذر أو الطلاق بقلبه ولم يتلفظ, لم ينعقد النذر ولا يقع الطلاق.انتهى
أما المالكية فقالوا : إن العهد والطلاق وكل حكم ينفرد به المرء ولا يفتقر في عقده إلى غيره , فإنه يلزمه منه ما يلتزمه بقصده, وإن لم يتلفظ به .
ولكن الإمام ابن العربي ـوهو مالكي ـ ضعف هذا الاستدلال فقال: وهذا ضعيف .
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية:
الشروط المتعلقة بصيغة الطلاق :
صيغة الطلاق هي اللفظ المعبر به عنه، إلا أنه يستعاض عن اللفظ في أحوال بالكتابة أو الإشارة . ولكل من اللفظ والكتابة والإشارة شروط لا بد من توافرها فيه ، وإلا لم يقع الطلاق ، وهذه الشروط هي :
1 ـ القطع أو الظن بحصول اللفظ وفهم معناه .
2 ـ نية وقوع الطلاق باللفظ ، وهذا خاص بالكنايات من الألفاظ ، أما الصريح فلا يشترط لوقوع الطلاق به نية الطلاق أصلا ، واستثنى المالكية بعض ألفاظ الكناية حيث أوقعوا الطلاق بها من غير نية كالصريح ، وهي الكنايات الظاهرة ، كقول المطلق لزوجته : سرحتك ، فإنه في حكم : طلقتك ، ووافقهم الحنابلة .
وهل تقوم قرائن الأحوال والعرف مقام النية في ألفاظ الكنايات ؟ . ذهب الحنفية والحنابلة في المعتمد عندهم إلى ذلك , وخالف المالكية والشافعية والحنابلة في رواية, وقالوا : لا عبرة بالعرف وقرائن الحال.
وهل يقع الطلاق بلفظ لا يحتمله أصلا كقوله لها: اسقني ماء ؟ إن لم ينو به الطلاق لم يقع به شيء بالإجماع, وإن نوى به الطلاق وقع الطلاق به عند المالكية على المشهور , ولا يقع به شيء على مذهب الجمهور , وهو قول ثان للمالكية . ( انتهى).
والخلاصة أن الزوج ما دام لم ينطق بالطلاق فليس عليه طلاق ولا يقع ، حتى لو نواه.
فلك يا أخي الكريم ـ إن كان الأمر كما ورد في السؤال ـ أن تراجع زوجتك، وأما الحلف فيجبر بالكفارة، وعليك أن تعمل على حل وإزالة المشاكل .(17/54)
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
إكراه الزوجة على الخلع
تزوجت من رجل كثير المال فقير الأخلاق واستمرت الحياة على ما يرام لمدة أشهر قليلة بعد الزواج بعدها بدأت معاملته تتغير معي وكانت معاملته تزداد سوءا يوما بعد يوم وأخيرا طلب مني أن أتنازل عن جميع حقوقي ليطلقني فما موقف الشرع من ذلك؟ جزاكم الله عني وعن المسلمين خير الجزاء. ... السؤال
15/09/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فالحياة الزوجية لا تقوم إلا على الحب والتراحم، فإن ساءت العشرة بين الزوجين فلا ظلم ولا عدوان بل يجب الامتثال لما أمر الله به فقال سبحانه (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) ، وعليه فيحرم على الزوج أن يجبر زوجته أن تتنازل عن حقوقها ليطلقها إن كان كارها لها، فهذا سماه الله في كتابه (بهتانا وإثما مبينا)
وإليك فتوى فضيلة الدكتور محمود عبد الله العكازي -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر-:
جاءت وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم قوية ومؤكدة كوصايا كثيرة بالنساء والتي ركز عليها القرآن الكريم بمثل قوله تعالى: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن(، وقوله: (وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً)، وقوله سبحانه: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).
وجاءت الوصايا النبوية تؤكد ما طلبه القرآن وحث عليه من حسن المعاشرة بين الزوجين في أحاديث كثيرة منها: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم"، ومنها: "لا يفرك مؤمن مؤمنة -أي لا يبغضها- إن كره منها خلقاً رضي منها غيره".
وكان من الكلمات التي سجلها النطق النبوي في جو المسلمين والنبي صلوات الله عليه وسلام على عتبة المقابلة لربه ذلكم القول الكريم والدستور الخالد: "استوصوا بالنساء خيرا"، فلا يحل للزوج أن يضار زوجته ويسيء عشرتها لتفتدي بنفسها منه بردها له ما آتاها من المال كله أو بعضها ما لم تأت بفاحشة مبينة، وفي ذلك يقول الحق جل في علاه: (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة).
والإسلام يحرم على الزوج إن كان هو الكاره لزوجته أو المتسبب لها في الإساءة والمضايقة والراغب في فراقها يحرم عليه أن يأخذ منها شيئاً مطلقاً، كما قال سبحانه: (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً). هدانا الله لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.(17/55)
ـــــــــــــــــــ
حكم وجود العصمة بيد الزوجة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :هل تصح أن تكون العصمة بيد الزوجة في عقد الزواج فيكون لها الحق أن تطلق نفسها متى شاءت ؟ ولكم جزيل الشكر
... السؤال
19/08/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة - أستاذ الفقه وأصوله - جامعة القدس - فلسطين :ـ
إن الله سبحانه وتعالى جعل القوامة للرجل على المرأة فقال الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) .
والطلاق فرع عن جعل القوامة للرجل وبالتالي فإن الطلاق في الأصل هو من حق الرجل وبيده وهذا هو الذي يتفق مع الفطرة فالرجل هو المسؤول الأول عن الأسرة وبيده مفاتيح الحل والعقد والرجل أقدر من المرأة في الغالب على ضبط عواطفه وانفعالاته وتحكيم عقله وخاصة عندما تقع المشكلات بين الزوجين ويثور الغضب بينهما .
كما وأن الرجل يدرك ما يترتب على إيقاع الطلاق من تبعات مختلفة كالأمور المالية وما يتعلق بالأولاد وتربيتهم والعناية بهم وغير ذلك .
لذلك كله فإن أكثر فقهاء الإسلام يمنعون جعل العصمة بيد الزوجة فيكون لها الحق في أن تطلق نفسها متى شاءت وهذا هو الراجح وهو الذي ينسجم مع الفطرة ومع مبدأ القوامة ، غير أن مذهب الحنابلة يرى جواز اشتراط الزوجة العصمة بيدها .
ولكني أميل إلى رأي جمهور الفقهاء القائلين بأنه لا يجوز أن تكون العصمة بيد الزوجة ( وهم الحنفية والشافعية والمالكية والظاهرية ) لأن هذا الشرط مناف لمفهوم الزواج ومناقض لمفهوم القوامة ومخالف للسنة النبوية لقوله صلى الله عليه وسلم :( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط ) رواه الطبراني والبزار وهو حديث صحيح كما قال الشيخ الألباني .
ولا يعني هذا أنه لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق وأنها محرومة من هذا الحق ، فقد قرر الفقهاء أنه يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق إذا كانت حياتها منغصة مع زوجها ويسيء لها ولا يعاشرها بالمعروف، فيجوز لها حينئذ أن تطلب من زوجها أن يطلقها فإن رفض وامتنع فلها أن ترفع الأمر للقاضي الذي يجوز له أن يطلقها إذا ثبت لديه صحة دعواها .
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
شروط الطلاق(17/56)
هل يمكن للرجل أن يطلق زوجته التي سبق له أن طلقها مرتين ولم يراجعها منذ سنة ؟ ... السؤال
18/07/2002 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإذا كان الرجل طلق زوجته مرة أو أكثر وانتهت عدتها قبل أن يراجعها ، فإنها تصير أجنبية عنه ، فلا يملك أن يوقع عليها الطلاق ، لأن الطلاق لا يقع إلا من الزوج على زوجته ، وبعد انتهاء العدة صارت المطلقة غير زوجة ، فلا يقع عليها طلاق ، حتى لو طلقها فإن طلاقه يكون لغوا .
فالطلاق نوع من أنواع الفراق، وهو ملك للزوج وحده ، ذلك أن الرجل يملك مفارقة زوجته إذا وجد ما يدعوه إلى ذلك بعبارته وإرادته المنفردة ، كما تملك الزوجة طلب إنهاء علاقتها الزوجية إذا وجد ما يبرر ذلك ، كإعسار الزوج بالنفقة ، وغيبة الزوج ، وما إلى ذلك من أسباب اختلف الفقهاء فيها توسعة وتضييقا.
واتفق الفقهاء على أن محل الطلاق الزوجة في زوجية صحيحة ، حصل فيها دخول أم لا ، فلو كان الزواج باطلا أو فاسدا ، فطلقها ، لم تطلق ، لأن الطلاق أثر من آثار الزواج الصحيح خاصة .
ويشترط لصحة الطلاق لدى الفقهاء شروط موزعة على أطراف الطلاق الثلاثة ، فبعضها يتعلق بالمطلق ، وبعضها بالمطلقة ، وبعضها بالصيغة ، وذلك على الوجه التالي :
أولا: الشروط المتعلقة بالمطلِّق :
يشترط في المطلق ليقع طلاقه على زوجته صحيحا أن يكون زوجا ،والزوج : هو من بينه وبين المطلقة عقد زواج صحيح .
والبلوغ عند جمهور الفقهاء ، والعقل ، والقصد والاختيار عند الجمهور ،أي: قصد اللفظ الموجب للطلاق من غير إجبار .
ثانيا: الشروط المتعلقة بالمطلَّقة :
يشترط في المطلقة ليقع الطلاق عليها شروط ، هي :
1ـ قيام الزوجية حقيقة أو حكما : وذلك بأن تكون المطلقة زوجة للمطلق ، أو معتدة من طلاقه الرجعي ، فإذا كانت معتدة من طلاق بائن أو فسخ ، ففي طلاقها خلاف، و هذا في الطلاق المنجز .
فإذا علق طلاقها بشرط ، كأن قال : إن دخلت دار فلان فأنت طالق ، فإن كانت عند التعليق زوجة صح الطلاق ، وإن كانت معتدة عند التعليق ففيه خلاف . فإن كانت عند التعليق أجنبية ثم تزوجها ، ثم حصل الشرط المعلق عليه ، فإن أضاف التعليق إلى النكاح - كأن قال للأجنبية : إن تزوجتك فأنت طالق ، ثم تزوجها - طلقت عند الحنفية والمالكية خلافا للشافعية . وإن أضافه إلى غير النكاح ، بأن قال للأجنبية :(17/57)
إن دخلت دار فلان فأنت طالق ، ثم تزوجها ، ثم دخلت ، لم تطلق بالاتفاق . وكذلك إن دخلت الدار قبل الزواج ، فإنها لا تطلق من باب أولى .
2 ـ تعيين المطلقة بالإشارة أو بالصفة أو بالنية .
ثالثا: شروط المتعلقة بصيغة الطلاق :
صيغة الطلاق هي اللفظ المعبر به عنه ، إلا أنه يستعاض عن اللفظ في أحوال بالكتابة أو الإشارة . ولكل من اللفظ والكتابة والإشارة شروط لا بد من توافرها فيه ، وإلا لم يقع الطلاق ، وهذه الشروط هي :
1 ـ القطع أو الظن بحصول اللفظ وفهم معناه .
2 ـ نية وقوع الطلاق باللفظ ، وهذا خاص بالكنايات من الألفاظ ، أما الصريح فلا يشترط لوقوع الطلاق به نية الطلاق أصلا ، واستثنى المالكية بعض ألفاظ الكناية حيث أوقعوا الطلاق بها من غير نية كالصريح ، وهي الكنايات الظاهرة ، كقول المطلق لزوجته : سرحتك ، فإنه في حكم : طلقتك ، ووافقهم الحنابلة . ( من الموسوعة الفقهية الكويتية ، بتصرف يسير ).
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
طلب فسخ النكاح بسبب عقم الزوج
هل يجوز للمرأة طلب فسخ النكاح إذا كان زوجها عقيما ؟
... السؤال
03/03/2002 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية
اتفق جمهور الفقهاء على أن العقم ليس عيبا يثبت به خيار
طلب فسخ عقد النكاح إذا وجده أحد الزوجين في الآخر , قال ابن قدامة : لا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافا , إلا أن الحسن قال : إذا وجد أحد الزوجين الآخر عقيما يخير , وأحب أحمد تبيين أمره وقال : عسى امرأته تريد الولد , وهذا في ابتداء النكاح فأما الفسخ فلا يثبت به ولو ثبت به لثبت بالآيسة _أى التى بلغت سن الياس ـ ; ولأن العقم لا يعلم , فإن رجالا لا يولد لأحدهم وهو شاب ثم يولد له وهو شيخ , ولكن يستحب لمن فيه العقم أن يعلم الآخر قبل العقد , ولا يجب عليه ذلك .
وقال ابن القيم : إن كل عيب ينفر أحد الزوجين من الآخر , ولا يحصل مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الفسخ .
ويقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر
لقد تحدث الفقهاء عن العيوب التي تعطي الزوج الحق في فسخ النكاح ومنها البرص والجذام والجنون والرتق ـ أي انسداد مدخل الذكر من الفرج ـ والقرن شيء يبرز في الفرج كقرن الشاة أو غدة تمنع المخالطة. وقال بذلك الأئمة الثلاثة دون أبي(17/58)
حنيفة، واتفق الفقهاء على أن عُقم المرأة وعدم إنجابها ليس عيبًا فيما يمنع استمتاع الزوج بها، فليس له خيار الفسخ؛ لأن الإنجاب يرجع إلى إرادة الله سبحانه.
ومن هنا لا ينفسخ العقد بظهور عدم إنجاب الزوْجة. ولكن له الحق في طلاقها وتترتب أحكام الطلاق في هذه الحالة، كأية حالة أخرى، فما دام الزوْج قد دخل بها فلو طلَّقها كان لها مُؤخر الصداق، ونَفَقَة العِدة، وليس له أن يلزمها بإبرائه أو التنازل عن شيء من حقوقها إلا إذا طلبت هي الطلاق فيُمكن التفاهم على ما تتنازل عنه، وهذا ما يجري عليه العمل في المحاكم المصرية طبقًا للقانون رقم 78 لسنة 1931م.
وإذا ظهر أن بالزوج عيبًا يمنع الإنجاب. كأن كان مجبوبًا ـ أي مقطوع الذكر ـ أو عنينا ـ أي غير قادر على الجماع لضعف خلقي أو كبر السن مثلاً ـ أو خصيًّا ـ أي مقطوع الخصيتين ـ فللزوجة أن ترفع الأمر إلى القضاء لطلب التفريق بينه وبينها، وإذا ثبت ذلك عند القاضي بأي طريق من طرق الإثبات أمر الزوج بتطليقها، فإن لم يطلقها ناب عنه القاضي في تطليقها منعًا للضرر الذي يلحقها ـ وهذا الطلاق يكون بائنًا بينونة صغرى.
لكن التفريق مشروط بعدم علمها بحالته قبل الزواج، وبألا يُوجد منها ما يفيد رضاها بالمُكث معه بعد الزواج والعِلم بحاله.
والتفريق بسبب الجب في الحال لا يحتاج إلى ضرب أجل، وبسبب العنَّة يُمهل الزوج سنة لعله يقوى بالعلاج أو بغيره على الجماع، وبسبب الخصاء يُمهل الزوج سنة. والتفريق بسبب الجب والعنة والخصاء يعتبر طلاقًا عند الحنفية والمالكية وأكثر العلماء.
هذا. وإذا فُرِّقَ بين الزوجة وزوجها العنين أو الخَصي وكان قد خلا بها، فإنها تستحق جميع المهر؛ لأنها خلوة صحيحة وعليها العِدة للاحتياط، وإذا كان مجبوبًا وخلا بزوجته ثم فُرِّقَ بينهما كان لها جميع المَهْر أيضًا عند أبي حنيفة، ولها نصفه عند أبي يوسف ومحمد صاحبيه، وعليها العِدة باتفاق الجميع بذلك للاحتياط
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ(17/59)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
أحكام الظهار
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(18/1)
الخلاصة في أحكام ظِهَار
الموسوعة الفقهية1-45 كاملة - (ج 2 / ص 10492)
التّعريف
1 - الظّهار بكسر الظّاء المعجمة لغةً : مأخوذ من الظّهر ، لأنّ صورته الأصليّة أن يقول الرّجل لزوجته : أنت عليّ كظهر أمّي ، وإنّما خصّوا الظّهر - دون البطن والفخذ وغيرهما- لأنّ الظّهر من الدّابّة موضع الرّكوب .
وفي الاصطلاح هو تشبيه الرّجل زوجته ، أو جزءاً شائعاً منها ، أو جزءاً يعبّر به عنها بامرأة محرّمة عليه تحريماً مؤبّداً ، أو بجزء منها يحرم عليه النّظر إليه ، كالظّهر والبطن والفخذ .
وفي فتح القدير إنّما خصّ باسم الظّهار تغليباً للظّهر ، لأنّه كان الأصل في استعمالهم .
الألفاظ ذات الصّلة
«أ - الطّلاق»
2 - الطّلاق لغةً : حلّ القيد والإطلاق ، وشرعاً : حلّ عقدة النّكاح بلفظ الطّلاق ، ونحوه . وكان الظّهار طلاقاً في الجاهليّة فجاء الإسلام بأحكام خاصّة بكلّ منهما .
«ب - الإيلاء»
3 - الإيلاء لغةً : الحلف مطلقاً سواء أكان على ترك قربان الزّوجة أم على شيء آخر . وشرعاً : أن يحلف الزّوج باللّه تعالى أو بصفة من صفاته الّتي يحلف بها ألاّ يقرب زوجته أربعة أشهر أو أكثر .
وكان الإيلاء طلاقاً في الجاهليّة ، فغيّر الشّرع حكمه ، وخصّه بأحكام غير أحكام الظّهار .
«مشروعيّة أحكام الظّهار»(18/2)
4 - كان النّاس قبل الإسلام إذا غضب الرّجل على زوجته لأمر من الأمور ، ولم يرد أن تتزوّج بغيره آلى منها ، أو قال لها : أنت عليّ كظهر أمّي ، فتحرم عليه تحريماً مؤبّداً لا تحلّ له بحال ، وتبقى كالمعلّقة ، لا هي بالمتزوّجة ولا بالمطلّقة .
واستمرّوا على ذلك في صدر الإسلام حتّى : « غضب أوس بن الصّامت رضي الله عنه على زوجته خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها فقال لها : أنت عليّ كظهر أمّي ، فذهبت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما صنع زوجها ، فقالت : إنّ أوساً تزوّجني وأنا شابّة مرغوب في ، فلمّا كبرت سنّي ونثرت له بطني جعلني عليه كظهر أمّه ، فقال لها النّبيّ صلى الله عليه وسلم : قد حرمت عليه فقالت : إنّ لي منه أولاداً إن ضممتهم إليه ضاعوا ، وإن ضممتهم إليّ جاعوا ، فقال صلى الله عليه وسلم : ما أراك إلاّ وقد حرمت عليه ، فقالت : أشكو إلى اللّه فاقتي ووجدي . فنزل قول اللّه تعالى : { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ، الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ، وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ، فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } »
الحكم التّكليفيّ
5 - الظّهار محرّم ، ولا يعتبر طلاقاً ، وصرّح بعض الفقهاء بأنّه من الكبائر لكونه منكراً من القول وزوراً ، لقوله تعالى : « الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ » .(18/3)
ولحديث أوس بن الصّامت حين ظاهر من زوجته خولة بنت مالك بن ثعلبة فجاءت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم تشتكي فأنزل اللّه أوّل سورة المجادلة .
«التّوقيت والتّأبيد في الظّهار»
6 - الظّهار يصحّ أن يكون مؤبّداً ، مثل أن يقول الرّجل لزوجته : أنت عليّ كظهر أمّي ولا يذكر مدّةً معيّنةً كأسبوع أو شهر أو سنة ، ويصحّ أن يكون مؤقّتاً بمدّة معيّنة ، مثل أن يقول الرّجل لزوجته : أنت عليّ كظهر أمّي شهراً ، فإذا قال لها ذلك كان مظاهراً منها في تلك المدّة ، فإذا عزم على قربانها فيها وجبت عليه الكفّارة ، فإذا مضى الوقت زال الظّهار وحلّت المرأة بلا كفّارة ، وهذا عند الحنفيّة والحنابلة والشّافعيّة في الأظهر .
وذهب المالكيّة ، وهو قول للشّافعيّة ، وقول ابن عبّاس رضي الله عنهما ، وعطاء وقتادة والثّوريّ وإسحاق وأبي ثور إلى أنّه لا يصحّ الظّهار إلاّ مؤبّداً ، فإن ذكر الوقت فيه كان ذكره لغواً ، فإذا قال الرّجل لزوجته : أنت عليّ كظهر أمّي هذا الشّهر كان الظّهار مؤبّداً ، ولا يختصّ بذلك الشّهر الّذي عيّنه ، وعلى هذا تحرم المرأة على زوجها في ذلك الشّهر وبعده ، ولا تحلّ له حتّى يكفّر .
وفي قول ثالث للشّافعيّة وابن أبي ليلى واللّيث : إنّ التّوقيت في الظّهار لا يعتبر ظهاراً .
قد استدلّ الجمهور بما روي في حديث سلمة بن صخر : « أنّه ظاهر من امرأته حتّى ينسلخ شهر رمضان ، وأنّه أخبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه أصابها في الشّهر فأمره بالكفّارة » ، فإنّه يدلّ على أنّ الظّهار يصحّ أن يكون مؤقّتاً بالشّهر ونحوه ، ولو كان الظّهار لا يصحّ إلاّ إذا كان مؤبّداً لبيّن النّبيّ صلى الله عليه وسلم هذا الحكم ، ولأنّ الظّهار شبيه باليمين من ناحية أنّ المنع من قربان الزّوجة ينتهي بالكفّارة في كلّ منهما ، واليمين يصحّ فيه التّأبيد والتّوقيت ، فيكون الظّهار مثله في هذا الحكم .(18/4)
واستدلّ المالكيّة ومن وافقهم بأنّ الظّهار يشبه الطّلاق من ناحية أنّ كلاً منهما يقتضي تحريم الزّوجة ، والطّلاق لا يصحّ أن يكون مؤقّتاً ، ولو أقّت بوقت كان التّوقيت لغواً ، فكذلك الظّهار .
واستدلّ من قال : إنّ التّأقيت في الظّهار لا يعتبر ظهاراً بأنّه لم يؤبّد التّحريم ، فأشبه ما إذا شبّهها بامرأة لا تحرم على التّأبيد .
«أركان الظّهار»
7 - ركن الظّهار - عند الحنفيّة - اللّفظ الدّالّ عليه ، وهو التّعبير المشتمل على تشبيه الزّوجة بامرأة محرّمة على الزّوج تحريماً مؤبّداً كأنت عليّ كظهر أمّي أو ما يقوم مقامه ، فالظّهار لا يقوم إلاّ بالتّعبير المنشئ له عندهم .
وأركان الظّهار عند المالكيّة والشّافعيّة أربعة هي :
أ - مشبِّه وهو الزّوج المظاهر .
ب - مشبَّه وهو الزّوجة المظاهر منها .
ج - مشبّه به وهو المحرّم بطريق الأصالة .
د - الصّيغة .
«شروط الظّهار»
يشترط في الظّهار ما يلي :
«الشّرط الأوّل»
8 - أن يكون التّشبيه موجّهاً إلى الزّوجة كلّها أو إلى جزء منها ، فإن كان التّشبيه موجّهاً إلى المرأة كلّها صحّ الظّهار باتّفاق الفقهاء ، وصورته : أن يقول الرّجل لزوجته : أنت عليّ كظهر أمّي .(18/5)
أمّا إن كان التّشبيه موجّهاً إلى جزء من المرأة ، فإن كان من الأجزاء الشّائعة كالنّصف والرّبع ، أو كان من الأجزاء الّتي يعبّر بها عن الكلّ مجازاً فالظّهار يكون صحيحاً .
وإن كان الجزء المشبّه لا يعبّر به عن الكلّ مجازاً مثل اليد والرّجل ونحوهما فلا يصحّ الظّهار عند الحنفيّة ، وقال المالكيّة يصحّ الظّهار سواء كان ذلك الجزء المشبّه جزءاً حقيقةً كاليد والرّجل ، أو كان جزءاً حكماً كالشّعر والرّيق والكلام .
وقال الشّافعيّة في الجديد والحنابلة يصحّ الظّهار إذا كان الجزء المشبّه كاليد والرّجل ، وأضاف الحنابلة أنّه لا يصحّ الظّهار إذا كان من الأجزاء المنفصلة غير الثّابتة كالدّمع والرّيق والكلام .
«الشّرط الثّاني»
9 - أن يكون التّشبيه بامرأة محرّمة على الزّوج .
والمرأة المحرّمة على الرّجل إمّا أن يكون تحريمها عليه مؤبّداً ، وإمّا يكون مؤقّتاً .
فإن شبّه الزّوج زوجته بامرأة محرّمة عليه على سبيل التّأبيد بلفظ يدلّ على الظّهار ، بأن قال لها : أنت عليّ كظهر أمّي ، فقد ذهب الفقهاء إلى أنّ ذلك ظهار .
أمّا إذا شبّهها بمن تحرم عليه على سبيل التّأقيت ، كأخت الزّوجة ، فقد اختلف الفقهاء : فذهب الحنفيّة والشّافعيّة ، ورواية عن أحمد : إلى أنّ تشبيه الزّوج زوجته بمن تحرم عليه على سبيل التّأقيت لغو وليس بظهار .
وذهب المالكيّة إلى أنّه يكون كناية ظهار ، إن نوى به ظهاراً وقع ، وإلاّ فلا ، وعند الحنابلة كما ذكر البهوتيّ ، ورواية عن أحمد أوردها ابن قدامة أنّه يكون ظهاراً .
10 - وإذا شبّه الرّجل زوجته بعضو يحرم النّظر إليه من امرأة محرّمة عليه تحريماً مؤبّداً فإن كان هذا العضو هو ظهر الأمّ مثل أن يقول لها : أنت عليّ كظهر أمّي ، فلا خلاف بين الفقهاء في صحّة الظّهار به ، قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أنّ صريح الظّهار أن يقول : أنت(18/6)
عليّ كظهر أمّي ، وفي حديث خولة امرأة أوس بن الصّامت أنّه قال لها : أنت عليّ كظهر أمّي ، فذكر ذلك لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم فأمره بالكفّارة ، ومثل الأمّ في هذا الجدّة ، لأنّها أمّ أيضاً .
وإن كان العضو المشبّه به « ظهر » غير الأمّ والجدّة ، ممّن تحرم على الرّجل تحريماً مؤبّداً بنسب أو رضاع أو مصاهرة ، كأخته وخالته وعمّته نسباً أو رضاعاً ، وزوجة أبيه وابنه ، فالظّهار يكون صحيحاً .
أمّا إن كان العضو المشبّه به ليس هو الظّهر فالتّشبّه به يكون ظهاراً إذا كان من الأعضاء الّتي يحرم النّظر إليها مثل البطن والفخذ ، فإن كان من الأعضاء الّتي يحلّ النّظر إليها كالرّأس والوجه واليد فلا يكون ظهاراً ، وهذا عند الحنفيّة ، وحجّتهم في ذلك : أنّ المشبّه به إذا كان يحلّ النّظر إليه لا يتحقّق بالتّشبيه به معنى الظّهار .
وقال المالكيّة : التّشبيه بغير الظّهر يكون ظهاراً مطلقاً ، سواء أكان المشبّه به جزءاً حقيقةً كالرّأس واليد والرّجل أم كان جزءاً حكماً كالشّعر والرّيق والدّمع والعرق ، فلو قال الرّجل لزوجته : أنت عليّ كرأس أمّي أو كيدها أو رجلها ، أو قال لها : أنت عليّ كشعر أمّي أو كريقها كان ظهاراً ، لأنّ هذه الأجزاء وإن كان يحلّ النّظر إليها إلاّ أنّها لا يحلّ التّلذّذ أو الاستمتاع بها ، والتّلذّذ أو الاستمتاع هو المستفاد بعقد الزّواج ، فيكون التّشبيه بجزء منها ظهاراً ، مثل التّشبيه بالظّهر والبطن والفخذ وغيرها ممّا لا يحلّ النّظر إليه .
وقال الشّافعيّة : إذا شبّبها ببعض أجزاء الأمّ - غير الظّهر - فإن كان ممّا لا يذكر في معرض الكرامة والإعزاز ، كاليد والرّجل والصّدر والبطن والفرج والشّعر ، فقولان : أظهرهما - وهو الجديد - أنّه ظهار ، وإن كان ممّا يذكر في معرض الإعزاز والإكرام ، كقوله : أنت عليّ كعين أمّي ، فإن أراد الكرامة فليس بظهار ، وإن أراد الظّهار وقع ظهاراً قطعاً .(18/7)
وقال الحنابلة : إنّ التّشبيه بجزء غير الظّهر يكون ظهاراً متى كان من الأجزاء الثّابتة كاليد والرّجل والرّأس ، أمّا لو كان من الأجزاء غير الثّابتة كالرّيق والعرق والدّمع والكلام أو كالشّعر والسّنّ والظّفر فلا يصحّ الظّهار إذا كان التّشبيه بواحد منها ، لأنّها ليست من الأعضاء الثّابتة ، ولا يقع الطّلاق إذا أضيف إلى شيء منها فكذلك الظّهار .
«الشّرط الثّالث»
11 - أن يكون التّشبيه مشتملاً على معنى التّحريم .
فإذا قال الرّجل لزوجته : أنت عليّ كظهر أمّي مثلاً ، يقصد من ذلك تحريم إتيان زوجته كتحريم إتيان أمّه ، أو تحريم التّلذّذ والاستمتاع بها كتحريم التّلذّذ بالأمّ والاستمتاع بها ، فإنّ ذلك يكون ظهاراً .
وإذا كان التّشبيه لا يشتمل على التّحريم لا يكون ظهاراً ، وذلك كما إذا كان لرجل زوجتان ، فشبّه إحداهما بظهر الأخرى ، لأنّ كلاً من الزّوجتين يحلّ للزّوج قربانها ، فلا يكون تشبيه واحدة منهما بالأخرى متضمّناً للتّحريم حتّى يكون ظهاراً .
وكذا إذا قالت الزّوجة لزوجها : أنت عليّ كظهر أمّي ، أو : أنا عليك كظهر أمّك فهو لغو ، لأنّ التّحريم ليس إليها .
12 - وإن شبّه الرّجل زوجته بشيء محرّم من غير النّساء فقال الحنفيّة : لا يكون ظهاراً ، كأن يقول لها : أنت عليّ كالخمر أو الخنزير أو الميتة ، فإنّه لا يكون ظهاراً ، ولكن يرجع فيه إلى نيّته وقصده ، فإن قال : قصدت الطّلاق كان طلاقاً بائناً ، وإن قال : قصدت التّحريم أو : لم أقصد شيئاً أصلاً كان إيلاءً .
وقال المالكيّة : إن قال لزوجته : أنت عليّ ككلّ شيء حرّمه الكتاب تطلق عليه طلاقاً بائناً وهو مذهب ابن القاسم وابن نافع ، وفي المدوّنة : قال ربيعة : من قال : أنت عليّ مثل(18/8)
كلّ شيء حرّمه الكتاب ، فهو مظاهر ، وعندهم يلزم الظّهار بأيّ كلام نوى به الظّهار ، نحو : كلي ، أو اشربي ، أو اسقني ، أو اخرجي .
وقال الحنابلة : إن شبّه زوجته بشيء محرّم : كأن يقول : أنت عليّ كالميتة ، أو الدّم ففيه روايتان عن أحمد : إحداهما أنّه ظهار ، والرّواية الثّانية : أنّه ليس بظهار ، وقال ابن قدامة: وهو قول أكثر العلماء ، لأنّه تشبيه بما ليس بمحلّ للاستماع ، فأشبه ما لو قال : أنت عليّ كمال زيد ، وهل فيه كفّارة ؟ على روايتين :
إحداهما : فيه كفّارة ، لأنّه نوع تحريم ، وإن لم يكن ظهاراً ، فأشبه ما لو حرّم ماله ، والثّانية : ليس فيه شيء وقال أبو الخطّاب : في قوله : أنت عليّ كالميتة والدّم : إن نوى به الطّلاق كان طلاقاً ، وإن نوى الظّهار كان ظهاراً ، وإن نوى يميناً كان يميناً ، وإن لم ينو شيئاً ففيه روايتان :
إحداهما : هو ظهار ، والأخرى : هو يمين .
«الشّرط الرّابع»
13 - أن تكون صيغة الظّهار دالّةً على إرادته : الظّهار الّذي تترتّب عليه أحكامه هو ما يكون بصيغة تدلّ على إرادة وقوعه .
والصّيغة : إمّا أن تكون صريحةً أو كنايةً ، وإمّا أن تكون تنجيزاً أو تعليقاً أو إضافةً . فصريح الظّهار عند الفقهاء ما دلّ على الظّهار دلالةً واضحةً ولا يحتمل شيئاً آخر سواه ، ومثاله أن يقول الرّجل لزوجته : أنت عليّ كظهر أمّي ، فالظّهار يفهم من هذا الكلام بوضوح ، بحيث يسبق إلى أفهام السّامعين بدون احتياج إلى نيّة أو دلالة حال .
وحكم الصّريح وقوع الظّهار به بدون توقّف على القصد والإرادة ، فلو قال الرّجل هذه العبارة ولم يقصد الظّهار كان ظهاراً ، ولو قال : إنّه نوى به غير الظّهار لا يصدّق قضاءً ، ويصدّق ديانةً ، لأنّه إذا نوى غير الظّهار فقد أراد صرف اللّفظ عمّا وضع له إلى غيره فلا(18/9)
ينصرف إليه ، فإذا ادّعى إرادة غير الظّهار لا يسمع القاضي دعواه ، لأنّها خلاف الظّاهر ، ولكن يصدّق ديانةً أي : فيما بينه وبين اللّه تعالى ، لأنّه نوى ما يحتمله كلامه .
والكناية عند جمهور الفقهاء ما يحتمل الظّهار وغيره ولم يغلب استعماله في الظّهار عرفاً ، ومثاله أن يقول الرّجل لزوجته : أنت عليّ كأمّي أو : مثل أمّي ، فإنّه كناية في الظّهار ، لأنّه يحتمل أنّها مثل أمّه في الكرامة والمنزلة ، ويحتمل أنّها مثلها في التّحريم ، فإن قصد أنّها مثلها في الكرامة والمنزلة فلا يكون ظهاراً ولا شيء عليه ، وإن نوى به الطّلاق كان طلاقاً ، وإن نوى به الظّهار كان ظهاراً ، لأنّ اللّفظ يحتمل كلّ هذه الأمور ، فأي واحد منها أراده كان صحيحاً وحمل اللّفظ عليه ، وإن قال : لم أقصد شيئاً لا يكون ظهاراً ، لأنّ هذا اللّفظ يستعمل في التّحريم وغيره فلا ينصرف إلى التّحريم إلاّ بنيّة .
14 - والظّهار تارةً يكون خالياً من الإضافة إلى زمن مستقبل ، ومن التّعليق على حصول أمر في المستقبل ، وتارةً يكون مشتملاً على التّعليق على حصول أمر في المستقبل أو الإضافة إلى زمن مستقبل ، فإذا خلا التّعبير عن التّعليق والإضافة كان الظّهار منجّزاً ، وإن اشتمل على الإضافة إلى زمن مستقبل كان مضافاً ، وإن اشتمل على التّعليق كان معلّقاً . فالظّهار المنجّز هو : ما خلت صيغة إنشائه عن الإضافة إلى زمن مستقبل وعن التّعليق على حصول أمر في المستقبل مثل أن يقول الرّجل لزوجته : أنت عليّ كظهر أمّي ، وهذا يعتبر ظهاراً في الحال ، ويترتّب عليه أثره بمجرّد صدوره بدون توقّف على حصول شيء آخر .
والظّهار المعلّق هو : ما رتّب حصوله على أمر في المستقبل بأداة من أدوات الشّرط المعروفة مثل « إن » « وإذا » « ولو » « ومتى » ونحوها .
ومن أمثلة الظّهار المعلّق : أن يقول الرّجل : لزوجته : أنت عليّ كظهر أمّي إن سافرت إلى بلد أهلك .(18/10)
وفي هذه الحالة لا يعتبر ما صدر عن الرّجل ظهاراً قبل وجود الشّرط المعلّق عليه ، لأنّ التّعليق يجعل وجود التّصرّف المعلّق مرتبطاً بوجود الشّرط المعلّق عليه ، ففي المثال المتقدّم لا يكون الرّجل مظاهراً قبل أن تسافر زوجته إلى بلد أهلها ، فإذا سافرت إلى ذلك البلد صار مظاهراً ، ولزمه حكم الظّهار .
وإذا علّق الظّهار بمشيئة اللّه تعالى بطل عند الحنفيّة والحنابلة ، ووجه عند الحنابلة : أنّ الظّهار يمين مكفّرة ، فصحّ فيها الاستثناء .
وإذا علّقه بمشيئة فلان ، أو بمشيئتها ، فذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه يقع في التّعليق على المشيئة في المجلس .
وذهب الحنابلة إلى عدم وقوع الظّهار إذا علّق على مشيئة فلان ، وتقدّم توجيه قولهم .
15 - والظّهار المضاف هو : ما كانت صيغة إنشائه مقرونةً بوقت مستقبل يقصد الزّوج تحريم زوجته عند حلوله ، وذلك مثل أن يقول الرّجل لزوجته : أنت عليّ كظهر أمّي بعد الشّهر القادم ، وفي هذه الحالة يعتبر ما صدر عن الزّوج ظهاراً من وقت صدوره ، ولكنّ الحكم لا يترتّب عليه إلاّ عند وجود الوقت الّذي أضيف الظّهار إليه ، لأنّ الإضافة لا تمنع انعقاد التّصرّف سبباً لحكمه ، ولكنّها تؤخّر حكمه ، إلى الوقت الّذي أضيف إليه ، ففي قول الرّجل لزوجته : أنت عليّ كظهر أمّي بعد الشّهر القادم يعتبر مظاهراً من الوقت الّذي صدرت فيه هذه الصّيغة ، ولهذا لو كان الرّجل قد حلف باللّه تعالى : ألاّ يظاهر من زوجته ، وقال لها هذه العبارة السّابقة حكم بحنثه في اليمين ، ووجبت عليه كفّارة يمين بمجرّد صدور الصّيغة المضافة ، ولكن لا يحرم عليه معاشرة زوجته إلاّ عند حلول الزّمن الّذي أضاف الظّهار إليه ، وهذا عند جمهور الفقهاء .
ووجهه : أنّ الظّهار مثل الطّلاق في تحريم المرأة على زوجها ، والطّلاق يصحّ أن يكون مضافاً ومعلّقاً ، فكذلك الظّهار .(18/11)
ويرى المالكيّة أنّ الظّهار إذا كان مضافاً إلى زمن مستقبل ، أو كان معلّقاً على حصول أمر في المستقبل ، وكان المعلّق عليه محقّق الحصول أو غالب الحصول في المستقبل ، فإنّه يكون منجّزاً ويترتّب عليه حكمه في الحال ، فإذا قال الرّجل لزوجته : أنت عليّ كظهر أمّي بعد سنة ، أو قال لها : أنت عليّ كظهر أمّي إن جاء شهر رمضان أو هبّت الرّيح ، كان مظاهراً في الحال ، وحرمت عليه زوجته بمجرّد صدور الصّيغة ، لأنّ الظّهار كالطّلاق كلاهما يترتّب عليه تحريم الزّوجة ، والطّلاق المضاف أو المعلّق على أمر محقّق الوقوع في المستقبل ، أو غالب الوقوع فيه ، يكون منجّزاً ، فكذلك الظّهار .
«الشّرط الخامس»
16 - أن يكون المظاهر قاصداً الظّهار .
ويتحقّق هذا الشّرط بإرادة الزّوج النّطق بالعبارة الدّالّة على الظّهار أو ما يقوم مقامها ، فإذا كان مع هذه الإرادة رغبة في الظّهار كان الظّهار صادراً عن رضىً صحيح ، وإن وجدت الإرادة وحدها ، وانتفت الرّغبة في الظّهار لم يتحقّق الرّضا ، وذلك كأن يكون الزّوج مكرهاً على الظّهار بتهديده بالقتل أو الضّرب الشّديد أو الحبس المديد ، فيصدر الظّهار عنه خوفاً من وقوع ما هدّد به لو امتنع ، فإنّ صدور الصّيغة من الزّوج في هذه الحالة يكون عن قصد لكنّه ليس عن رضىً صحيح .
والظّهار في هذه الحالة - حالة الإكراه - يكون معتبراً عند الحنفيّة تترتّب عليه آثاره ، لأنّ الظّهار من التّصرّفات الّتي تصحّ مع الإكراه كالطّلاق ، واستدلّوا على ذلك بقياس المكره على الهازل ، لأنّ كلاً منهما تصدر عنه صيغة التّصرّف عن قصد واختيار ، لكنّه لا يريد الحكم الّذي يترتّب عليه .(18/12)
وظهار الهازل معتبر كطلاقه ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « ثلاث جدّهنّ جدّ ، وهزلهنّ جدّ : النّكاح ، والطّلاق ، والرّجعة » فيكون ظهار المكره معتبراً بالقياس على الهازل .
وقال المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : لا يصحّ ظهار المكره واستدلّوا على ذلك بما روي عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إنّ اللّه وضع عن أمّتي الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه » .
17 - وإذا صدرت صيغة الظّهار من الزّوج ، لكنّه لم يرد موجبها ، بل أراد اللّهو واللّعب - وهذا هو الهازل - فإنّ الظّهار يكون معتبراً عند الفقهاء .
وذلك لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « ثلاث جدّهنّ جدّ وهزلهنّ جدّ : النّكاح والطّلاق والرّجعة » والظّهار كالطّلاق فيكون حكمه حكمه ، ولأنّ الهازل يصدر عنه السّبب - وهو الصّيغة - وهو قاصد مختار ، إلاّ أنّه لا يريد الحكم الّذي يترتّب عليه ، وترتيب الأحكام على أسبابها موكول إلى الشّارع لا إلى العاقد .
18 - ولو أراد الزّوج أن يتكلّم بغير الظّهار ، فجرى على لسانه الظّهار من غير قصد أصلاً - وهذا هو المخطئ - فلا يعتبر ظهاراً ديانةً ، ويعتبر ظهاراً قضاءً ، ومعنى اعتباره في القضاء دون الدّيانة أنّه إذا لم يعلم بالظّهار إلاّ الزّوج كان له أن يستمرّ في معاشرة زوجته بدون حرج ولا كفّارة عليه في ذلك ، وإذا سأل فقيهاً عمّا صدر منه جاز له أن يفتيه بألاّ شيء عليه ، متى علم صدقه فيما يقول ، فإذا تنازع الزّوجان ، ورفع الأمر إلى القاضي حكم بتحريم المرأة على الرّجل حتّى يكفّر ، لأنّ القاضي يبني أحكامه على الظّاهر ، واللّه يتولّى السّرائر ، ولو قبل في القضاء دعوى أنّ ما جرى على لسانه لم يكن مقصوداً ، وإنّما المقصود شيء آخر لانفتح الباب أمام المحتالين الّذين يقصدون النّطق بالصّيغة الدّالّة على الظّهار ، ثمّ يدّعون أنّه كان سبق لسان ، وهذا مذهب الحنفيّة .(18/13)
ومذهب المالكيّة والشّافعيّة - كما يؤخذ ممّا نصّوا عليه في الطّلاق - إذا ثبت أنّ الزّوج لم يقصد النّطق بصيغة الظّهار ، بل قصد التّكلّم بشيء آخر ، فزلّ لسانه وتكلّم بالصّيغة الدّالّة على الظّهار لا يكون ظهاراً في القضاء ، كما لا يكون ظهاراً في الدّيانة والفتوى .
ويتّضح ممّا تقدّم الفرق بين الإكراه والهزل والخطأ ، وهو أنّه في الإكراه تكون العبارة صادرةً عن قصد واختيار ، ولكنّه اختيار غير سليم لوجود الإكراه ، وهو يؤثّر في الإرادة ويجعلها لا تختار ما ترغب فيه وترتاح إليه ، بل تختار ما يدفع الأذى والضّرر .
وفي الهزل تكون العبارة مقصودةً ، لأنّها تصدر برضا الزّوج واختياره ، ولكنّ حكمها لا يكون مقصوداً ، لأنّ الزّوج لا يريد هذا الحكم ، بل يريد شيئاً آخر هو اللّهو واللّعب .
وفي الخطأ لا تكون العبارة الّتي نطق بها الزّوج مقصودةً أصلاً ، بل المقصود عبارة أخرى وصدرت هذه بدلاً عنها .
«الشّرط السّادس»
19 - قيام الزّوجيّة بينهما حقيقةً أو حكماً .
قيام الزّواج حقيقةً يتحقّق بعقد الزّواج الصّحيح بين الرّجل والمرأة وعدم حصول الفرقة بينهما من غير توقّف على الدّخول ، فإذا تزوّج رجل امرأةً زواجاً صحيحاً ، ثمّ ظاهر منها كان الظّهار صحيحاً ، دخل بها قبل الظّهار أو لم يدخل ، وهذا عند جمهور الفقهاء .
وحجّة الجمهور على عدم اشتراط الدّخول : قول اللّه تعالى : « وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ » فإنّه يدلّ دلالةً واضحةً على أنّ الشّرط في الظّهار : أن تكون المرأة المظاهر منها من نساء الرّجل ، والمرأة تعتبر من نساء الرّجل بالعقد الصّحيح ، دخل بها أو لم يدخل . وقيام الزّواج حكماً يتحقّق بوجود العدّة من الطّلاق الرّجعيّ ، فإذا طلّق الرّجل زوجته طلاقاً رجعيّاً كان الزّواج بعده قائماً طوال مدّة العدّة ، لأنّ الطّلاق الرّجعيّ لا يزيل رابطة(18/14)
الزّوجيّة إلاّ بعد انقضاء العدّة ، فالمطلّقة طلاقاً رجعيّاً تكون محلاً للظّهار ، كما تكون محلاً للطّلاق ما دامت في العدّة .
وعلى هذا لو قال الرّجل لامرأة ليست زوجته ولا معتدّةً له من طلاق رجعيّ : أنت عليّ كظهر أمّي لا يكون ظهاراً ، حتّى لو تزوّجها بعد ذلك حلّ له وطؤها ، ولا يلزمه شيء وهذا هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء .
ووجهه : أنّ اللّه تعالى قال : « وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ » وهو يفيد أنّ الظّهار إنّما يكون من نساء الرّجل ، والأجنبيّة أو المعتدّة من طلاق غير رجعيّ لا تعتبر من نسائه ، فلا يكون الظّهار منها صحيحاً .
وقال الحنابلة : إذا قال الرّجل لامرأة أجنبيّة : أنت عليّ كظهر أمّي كان ظهاراً ، فلو تزوّجها لا يحلّ له وطؤها حتّى يأتي بالكفّارة ، ووجهه : أنّ الظّهار يمين تنتهي بالكفّارة ، فصحّ انعقاده قبل النّكاح كاليمين باللّه تعالى .
20 - وإذا علّق الظّهار من الأجنبيّة على الزّواج بها ، مثل أن يقول رجل لامرأة أجنبيّة : أنت عليّ كظهر أمّي إن تزوّجتك ، فقد اختلف الفقهاء في انعقاده :
فقال الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة : إنّه ينعقد ، وعلى هذا لو تزوّج الرّجل المرأة الّتي علّق الظّهار منها على الزّواج بها كان مظاهراً ، فلا تحلّ له حتّى يكفّر ، وحجّتهم في ذلك ما رواه أحمد بإسناده عن عمر بن الخطّاب أنّه قال في رجل قال : إن تزوّجت فلانة فهي عليّ كظهر أمّي فتزوّجها ، قال : عليه كفّارة الظّهار .
ولأنّ المعلّق بالشّرط كالمنجّز عند وجود الشّرط ، والمرأة عند وجود الشّرط زوجة ، فتكون محلاً للظّهار كما تكون محلاً للطّلاق .(18/15)
وقال الشّافعيّة : الظّهار المعلّق على الزّواج لا ينعقد ، وتأسيساً على هذا : لو تزوّج الرّجل المرأة الّتي علّق الظّهار منها على الزّواج بها لا يكون مظاهراً ، فيحلّ له قربانها ، ولا يلزمه شيء ، وحجّتهم في ذلك :
أوّلاً : قول اللّه تعالى : « وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ » فهو سبحانه إنّما جعل الظّهار من نساء الرّجل ، والمرأة الّتي يعلّق الظّهار منها على الزّواج بها لا تعتبر من نساء الرّجل عند إنشاء الظّهار ، فلا يكون الظّهار منها صحيحاً .
ثانياً : قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « لا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك » م فإنّه يدلّ على بطلان الطّلاق قبل الزّواج على سبيل العموم ، فيشمل كلّ طلاق قبل الزّواج سواء كان منجّزاً أو معلّقاً ، والظّهار مثل الطّلاق كلاهما يفيد تحريم الزّوجة ، فلا يصحّ قبل الزّواج منجّزاً كان أو معلّقاً ، اعتباراً بالطّلاق .
«الشّرط السّابع»
21 - التّكليف : يشترط في الرّجل لكي يكون ظهاره صحيحاً أن يكون مكلّفاً ، وذلك يتحقّق بأمور :
أ - البلوغ : فلا يصحّ الظّهار من الصّبيّ ولو كان مميّزاً ، لأنّ حكم الظّهار التّحريم ، وخطاب التّحريم مرفوع عن الصّبيّ حتّى يبلغ ، يدلّ على ذلك قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « رفع القلم عن ثلاثة : عن المجنون حتّى يبرأ ، وعن النّائم حتّى يستيقظ ، وعن الصّبيّ حتّى يعقل » .
ويترتّب على الظّهار تحريم الزّوجة ، فهو كالطّلاق من هذه النّاحية ، وطلاق الصّبيّ لا يعتبر، فكذلك ظهاره لا يعتبر .
ب - العقل : فلا يصحّ الظّهار من المجنون حال جنونه ، ولا من الصّبيّ الّذي لا يعقل ، لأنّ العقل أداة التّفكير ومناط التّكليف وهو غير متحقّق في المجنون والصّبيّ غير العاقل .
ومثل المجنون في الحكم : المعتوه والمبرسم والمدهوش والمغمى عليه والنّائم .(18/16)
وأمّا السّكران فقد اتّفق الفقهاء على أنّ ظهاره لا يعتبر إن كان سكره من طريق غير محرّم، وذلك كما إذا شرب المسكر للضّرورة أو تحت ضغط الإكراه ، لأنّ السّكران لا وعي عنده ، ولا إدراك فهو كالمجنون أو كالنّائم ، فكما لا يعتبر الظّهار الصّادر من المجنون والنّائم فكذلك لا يعتبر الظّهار الصّادر من السّكران في هذه الحالة .
أمّا إذا كان سكره من طريق محرّم ، بأن شرب المسكر باختياره من غير حاجة أو ضرورة حتّى سكر ، فقد اختلف الفقهاء في اعتبار ظهاره بناءً على اختلافهم في اعتبار طلاقه ، فمن قال منهم باعتبار طلاقه قال باعتبار ظهاره ، وهم أكثر الحنفيّة ، ومالك ، والشّافعيّ وأحمد في رواية .
ووجهه : أنّه لمّا تناول المحرّم باختياره كان متسبّباً في زوال عقله ، فيجعل عقله موجوداً حكماً عقوبةً له وزجراً عن ارتكاب المعصية .
ومن قال من الفقهاء بعدم اعتبار طلاق السّكران قال لا يعتبر ظهاره ، وهم زفر من الحنفيّة وأحمد في رواية ، وهو منقول عن عثمان بن عفّان وعمر بن عبد العزيز ، وحجّتهم في ذلك أنّ صحّة التّصرّف تعتمد على القصد والإرادة الصّحيحة ، والسّكران قد غلب السّكر على عقله فلا يكون عنده قصد ولا إرادة صحيحة ، فلا يعتدّ بالعبارة الصّادرة منه ، كما لا يعتدّ بالعبارة الصّادرة من المجنون والنّائم والمغمى عليه .
ج - الإسلام : فلو كان الزّوج غير مسلم لا يصحّ ظهاره سواء كان كتابيّاً أم غير كتابيّ . وهذا مذهب الحنفيّة والمالكيّة وروايةً عن أحمد .
وقال الشّافعيّة وهو المذهب عند الحنابلة : إسلام الزّوج ليس بشرط في صحّة الظّهار ، فيصحّ الظّهار من المسلم وغير المسلم .
وحجّة الحنفيّة والمالكيّة قول اللّه تعالى : « الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم » فإنّ الخطاب فيه للمسلمين ، فيدلّ على أنّ الظّهار مخصوص بهم دون غيرهم من الكافرين .(18/17)
والأزواج المذكورون في الآية التّالية لهذه الآية وهي : « الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم» لا يراد بهم المسلمون وغير المسلمين بل المراد بهم الأزواج المذكورون في الآية السّابقة ، لأنّ هذه الآية إنّما جاءت لبيان حكم الظّهار المذكور في الآية الّتي قبلها ، وهو الظّهار الّذي يكون من المسلمين لا من غيرهم .
وأيضاً فإنّ الظّهار يقتضي تحريم الزّوجة تحريماً ينتهي بالكفّارة ، والكافر ليس أهلاً للكفّارة، لأنّها عبادة ، والكافر لا تصحّ العبادة منه .
وحجّة الشّافعيّة والحنابلة : قول اللّه تعالى : « الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم » فإنّه عامّ، فيشمل المسلمين وغير المسلمين ، وتوجيه الخطاب للمسلمين في الآية السّابقة لا يدلّ على أنّ الظّهار مخصوص بهم ، لأنّ المسلمين هم الأصل في التّكاليف الشّرعيّة ، وغيرهم تابع لهم في ذلك ، ولا يثبت التّخصيص إلاّ بدليل يدلّ عليه ، ولا يوجد هذا الدّليل هنا .
والكافر يصحّ منه بعض أنواع الكفّارة وهو العتق والإطعام ، وإن كان لا يصحّ منه الصّيام ، وامتناع صحّة بعض الأنواع من الكافر لا يجعله غير أهل للظّهار ، قياساً على الرّقيق ، فإنّه أهل للظّهار مع أنّه يمتنع منه الإعتاق .
«أثر الظّهار»
إذا تحقّق الظّهار وتوافرت شروطه ترتّب عليه الآثار الآتية :
22 - أ - حرمة المعاشرة الزّوجيّة قبل التّكفير عن الظّهار ، وهذه الحرمة تشمل حرمة الوطء ودواعيه من تقبيل أو لمس أو مباشرة فيما دون الفرج .
أمّا حرمة الوطء قبل التّكفير فلا خلاف فيها بين الفقهاء ، وذلك لاتّفاقهم ، على إرادة الوطء في قول اللّه تعالى : « وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا » .(18/18)
ولما روي : « أنّ رجلاً ظاهر من امرأته ثمّ واقعها قبل أن يكفّر ، فسأل النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : استغفر اللّه ولا تعد حتّى تكفّر » أمره بالاستغفار من الوقاع ، وهو إنّما يكون من الذّنب ، فدلّ هذا على حرمة الوطء قبل التّكفير ، كما أنّه صلى الله عليه وسلم نهاه عن العود إلى الوقاع حتّى يكفّر ، ومطلق النّهي يدلّ على تحريم المنهيّ عنه ، فيكون دليلاً على حرمة الوقاع قبل التّكفير ، وكذلك يحرم عليها تمكينه من نفسها قبل ذلك .
وأمّا حرمة دواعي الوطء فهو مذهب الحنفيّة وأكثر المالكيّة وإحدى الرّوايتين عن الإمام أحمد ، وذلك لقول اللّه تعالى : « فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا » فإنّه أمر المظاهر بالكفّارة قبل « التّماسّ » والتّماسّ يصدق على المسّ باليد وغيرها من أجزاء الجسم ، كما يصدق على الوطء ، والوطء قبل التّكفير حرام بالاتّفاق ، فالمسّ باليد وما في معناه يكون حراماً مثله ، ولأنّ المسّ والتّقبيل بشهوة والمباشرة فيما دون الفرج تدعو إلى الوطء ، ومتى كان الوطء حراماً كانت الدّواعي إليه حراماً أيضاً ، بناءً على القاعدة الفقهيّة : « ما أدّى إلى الحرام حرام » .
وذهب الشّافعيّة في الأظهر وبعض المالكيّة وأحمد في رواية إلى إباحة الدّواعي في الوطء ، ووجه ذلك : أنّ المراد من المسّ في قول اللّه تعالى : « مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا » الجماع ، وذلك كما في قول اللّه تعالى : « وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ » فلا يحرم ما عداه من التّقبيل والمسّ بشهوة والمباشرة فيما دون الفرج ، ولأنّ تحريم الوطء بالظّهار يشبه تحريم الوطء بالحيض ، من ناحية أنّ كلاً منهما وطء محرّم ولا يخلّ بالنّكاح ، وتحريم الوطء في الحيض لا يقتضي تحريم الدّواعي إليه ، فكذلك تحريم الوطء بالظّهار لا يقتضي تحريم الدّواعي إليه بالقياس عليه .(18/19)
ولو وطئ المظاهر المرأة الّتي ظاهر منها قبل التّكفير أو استمتع بها بغير الوطء عصى ربّه، لمخالفة أمره الوارد في قوله تعالى : « فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا » ولا يلزمه إلاّ كفّارة واحدة ، وتبقى زوجته حراماً عليه كما كانت حتّى يكفّر ، وهذا قول جمهور الفقهاء ، ووجهه ما روي عن عكرمة عن ابن عبّاس رضي الله عنهما : « أنّ رجلاً أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم قد ظاهر من امرأته فوقع عليها ، فقال : يا رسول اللّه إنّي قد ظاهرت من زوجتي فوقعت عليها قبل أن أكفّر ، فقال : وما حملك على ذلك يرحمك اللّه ؟ قال : رأيت خلخالها في ضوء القمر ، قال : فلا تقربها حتّى تفعل ما أمرك اللّه به » .
فالحديث واضح الدّلالة على أنّ المظاهر إذا وطئ قبل أن يكفّر لزمته الكفّارة ولا تسقط عنه بالوطء قبل التّكفير ، وأنّ زوجته تبقى حراماً كما كانت حتّى يكفّر .
23 - ب - إنّ للمرأة الحقّ في مطالبة الزّوج بالوطء ، وعليها أن تمنع الزّوج من الوطء حتّى يكفّر ، فإن امتنع عن التّكفير كان لها أن ترفع الأمر إلى القاضي ، وعلى القاضي أن يأمره بالتّكفير ، فإن امتنع أجبره بما يملك من وسائل التّأديب حتّى يكفّر أو يطلّق ، وهذا عند الحنفيّة ، ووجهه : أنّ الزّوج قد أضرّ بزوجته بتحريمها عليه بالظّهار ، حيث منعها حقّها في الوطء مع قيام الزّواج بينهما ، فكان للزّوجة المطالبة بإيفاء حقّها ودفع الضّرر عنها ، والزّوج في وسعه إيفاء حقّ الزّوجة بإزالة الحرمة بالكفّارة ، فيكون ملزماً بذلك شرعاً ، فإذا امتنع من القيام بذلك أجبره القاضي على التّكفير أو الطّلاق .
وقال المالكيّة : إذا عجز المظاهر عن الكفّارة كان لزوجته أن تطلب من القاضي الطّلاق ، لتضرّرها من ترك الوطء ، وعلى القاضي أن يأمر الزّوج بالطّلاق ، فإن امتنع طلّق القاضي عليه في الحال ، وكان الطّلاق رجعيّاً ، فإن قدر الزّوج على الكفّارة قبل انقضاء العدّة كفّر وراجعها .(18/20)
وإذا كان المظاهر قادراً على الكفّارة وامتنع عن التّكفير ، فللزّوجة طلب الطّلاق ، فإن طلبت الطّلاق من القاضي لا يطلّقها إلاّ إذا مضت أربعة أشهر كما في الإيلاء ، فإن مضت الأربعة أشهر أمر القاضي الزّوج بالطّلاق أو التّكفير ، فإن امتنع طلّق القاضي عليه ، وكان الطّلاق رجعيّاً .
وتأجيل الطّلاق إلى مضيّ الأربعة أشهر لا خلاف فيه ، ولكنّ الخلاف في ابتداء هذه الأربعة، ففي قول تبدأ من يوم الظّهار ، وعليه اقتصر أبو سعيد البراذعيّ في اختصاره للأقوال بالمدوّنة ، وفي قول تبدأ من يوم الحكم وهو لمالك أيضاً والأرجح عند ابن يونس ، وفي قول ثالث : تبدأ من وقت تبيّن الضّرر ، وهو يوم الامتناع من التّكفير وعليه تؤوّلت المدوّنة .
24 - ج - وجوب الكفّارة على المظاهر قبل وطء المظاهر منها ودواعي الوطء ، وذلك لأنّ اللّه تعالى أمر المظاهرين بالكفّارة إذا عزموا على معاشرة زوجاتهم اللاتي ظاهروا منهنّ في قوله جلّ شأنه : « وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا » والأمر يدلّ على وجوب المأمور به ، ولأنّ الظّهار معصية لما فيه من المنكر والزّور ، فأوجب اللّه الكفّارة على المظاهر حتّى يغطّي ثوابها وزر هذه المعصية .
والكلام عن كفّارة الظّهار يتناول الأمور الآتية :
«الأمر الأوّل : سبب وجوب الكفّارة»
26 - اختلف الفقهاء في سبب وجوب الكفّارة ، فقال بعض الحنفيّة والحنابلة : سبب وجوبها الظّهار .(18/21)
وقال بعض الحنفيّة والحنابلة : إنّها تجب بالظّهار ، والعود شرط لتقرير وجوب الكفّارة ، ووجه أنّ السّبب يتكرّر الحكم بتكرّره ، والكفّارة تكرّر بتكرّر الظّهار ، فدلّ هذا على أنّ الظّهار هو سبب وجوب الكفّارة .
وقال بعض الفقهاء : سبب وجوب الكفّارة هو العزم على وطء المظاهر منها ، وإلى هذا ذهب المالكيّة ، وبعض الحنفيّة ، ووجهه : أنّ اللّه تعالى أوجب الكفّارة بالعود وقبل التّماسّ، وذلك بقوله سبحانه : « وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا » وهو صريح في أنّ العود غير التّماسّ الّذي هو الوطء ، وذلك إنّما هو العزم عليه ، فيكون هو السّبب في وجوب الكفّارة ، ولأنّ الزّوج قصد تحريم الزّوجة بالظّهار ، فالعزم على وطئها عود فيما قصده .
وقال بعض الحنفيّة ، والشّافعيّة في أحد الأوجه ، رجّحه الشّربينيّ الخطيب ، وهو ما رجّحه ابن قدامة في مذهب الحنابلة : سبب وجوب الكفّارة هو الظّهار والعود معاً ، ووجهه : أنّ اللّه تعالى أوجب الكفّارة بأمرين : ظهار وعود ، وذلك في قوله عزّ وجلّ : « وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ » فلا تثبت الكفّارة بأحدهما دون الآخر .
«الأمر الثّاني : استقرار الكفّارة في الذّمّة»
26 - كفّارة الظّهار تثبت في ذمّة المظاهر حتّى يؤدّيها فإن مات قبل أن يؤدّيها سقطت عند الحنفيّة والمالكيّة إلاّ إذا أوصى بها فتخرج من ثلث التّركة عندهما .
وزاد المالكيّة أنّ المظاهر إن أشهد في صحّته أنّها بذمّته فإنّها تخرج من التّركة ، سواء أوصى بإخراجها أم لم يوص ، وهذا إن لم يطأ ، فإن وطئ فلا تسقط بالموت عند جميع الفقهاء .(18/22)
وقال الشّافعيّة والحنابلة : إنّ كفّارة الظّهار لا تسقط بالموت ، بل يؤدّيها الوارث عن الميّت من التّركة .
«الأمر الثّالث : شروط كفّارة الظّهار»
27 - يشترط لإجزاء الكفّارة عن الظّهار أمران :
الأوّل : أن يكون الإتيان بالكفّارة بعد تحقّق سبب وجوبها ، لأنّ الحكم إذا كان له سبب فلا يجوز أن يتقدّم على سببه ، وتأسيساً على هذا : لو أطعم رجل ستّين مسكيناً ، وقال : هذا الإطعام عن ظهاري إن ظاهرت ، ثمّ ظاهر من امرأته لم يجزئه عن ظهاره ، لأنّه قدّم الكفّارة على سبب وجوبها ، والحكم لا يجوز تقديمه على سبب وجوبه ، كما لو كفّر عن اليمين قبل الحلف ، أو كفّر عن القتل قبل الإقدام عليه .
وإذا قال رجل لامرأته : إن دخلت دار فلان فأنت عليّ كظهر أمّي ، لم يجز له التّكفير قبل أن تدخل زوجته تلك الدّار ، لأنّ الظّهار معلّق على شرط وهو دخول الدّار ، والمعلّق على شرط لا يوجد قبل وجود ذلك الشّرط .
الثّاني : النّيّة : وذلك بأن يقصد الإعتاق أو الصّيام أو الإطعام عن الكفّارة الّتي عليه ، وأن يكون هذا القصد مقارناً لفعل أيّ نوع منها ، أو سابقاً على فعله بزمن يسير ، وذلك لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إنّما الأعمال بالنّيّات » .
ولأنّ كلّ نوع من الأنواع الواجبة في الكفّارة يحتمل أن يكون الإتيان به للتّكفير ، ويحتمل أن يكون لغيره ، فلا يتعيّن التّكفير إلاّ بالنّيّة ، وعلى هذا لو أعتق المظاهر أو صام أو أطعم بدون نيّة ، ثمّ نوى أن يكون العتق أو الصّوم أو الإطعام عن الكفّارة الّتي عليه فلا يجزئه ، وكذلك لو نوى الصّيام ولم يقصد أنّه عن كفّارة الظّهار الّتي عليه لم يجزه عن الصّيام الواجب في الكفّارة ، لأنّ الوقت الّذي صام فيه يصلح للصّيام عن الكفّارة وعن غيرها ، مثل النّذر المطلق وقضاء رمضان ، فلا يتعيّن الصّوم للكفّارة إلاّ بالنّيّة .(18/23)
«الأمر الرّابع : خصال كفّارة الظّهار»
28 - خصال كفّارة الظّهار ثلاثة ، وهي واجبة باتّفاق الفقهاء على التّرتيب الآتي :
أ - الإعتاق .
ب - الصّيام .
ج - الإطعام .
والأصل في ذلك قول اللّه تعالى : « وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ، فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ » .
ولقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأوس بن الصّامت حين ظاهر من امرأته : « يعتق رقبةً ، قيل له : لا يجد قال : يصوم » .
وتفصيل ذلك ينظر في مصطلح : « كفّارة » .
«انتهاء الظّهار»
29 - ينتهي الظّهار بعد انعقاده موجباً لحكمه بواحد من الأمور الآتية :
أ - الكفّارة .
ب - الموت .
ج - مضيّ المدّة .
«أ - انتهاء الظّهار بالكفّارة»
30 - إذا ظاهر الرّجل من زوجته ، وتحقّق ركن الظّهار ، وتوافرت شروطه ترتّب عليه تحريم المرأة على زوجها ، ولا ينتهي هذا التّحريم إلاّ بالكفّارة متى كان الظّهار مطلقاً عن التّقييد بزمن معيّن ، وذلك لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم لمن وطئ زوجته الّتي ظاهر منها(18/24)
قبل أن يكفّر : « لا تقربها حتّى تفعل ما أمرك اللّه عزّ وجلّ » ، إذ نهاه عن العود إلى وطئها ، وجعل لهذا النّهي غايةً هي التّكفير ، فدلّ هذا على أنّ الظّهار لا ينتهي حكمه إلاّ بالكفّارة ، ولهذا قال الفقهاء : إنّ الرّجل إذا ظاهر من زوجته وفارقها بطلاق بائن بينونةً صغرى ، ثمّ عادت إليه بعقد جديد لا يحلّ له وطؤها حتّى يكفّر ، سواء رجعت إليه بعد زوج آخر أو قبله ، وكذلك إذا طلّقها ثلاثاً وتزوّجت برجل آخر ، ثمّ عادت إليه ، لا يحلّ له وطؤها قبل أن يكفّر ، وعلّل ذلك الكاسانيّ في البدائع بأنّ الظّهار قد انعقد موجباً لحكمه وهو الحرمة والأصل أنّ التّصرّف الشّرعيّ إذا انعقد مفيداً لحكمه فإنّه يبقى متى كان في بقائه فائدة محتملة ، واحتمال عودة المرأة بعد الطّلاق إلى زوجها الأوّل قائم ، فيبقى الظّهار ، وإذا بقي فإنّه يبقى على ما انعقد عليه ، وهو ثبوت الحرمة الّتي ترتفع بالكفّارة .
«ب - انتهاء الظّهار بالموت»
31 - وينتهي الظّهار أيضاً بموت الزّوجين أو أحدهما ، فلو ظاهر الرّجل من زوجته ثمّ مات أو ماتت زوجته انتهى الظّهار وانتهى حكمه باتّفاق الفقهاء جميعاً ، لأنّ موجب الظّهار الحرمة ، وهي متعلّقة بالرّجل والمرأة ، فالرّجل يحرم عليه الاستمتاع بالمرأة الّتي ظاهر منها ، والمرأة عليها ألاّ تمكّنه من نفسها حتّى يكفّر ، ولا يتصوّر بقاء الحكم بدون من تعلّق به .
هذا بالنّسبة للظّهار وأثر الموت فيه ، أمّا بالنّسبة للكفّارة والمطالبة بها بعد الموت ، فقد سبق بيانه ف 26 .
«ج - مضيّ المدّة»
32 - وينحلّ الظّهار المؤقّت بمضيّ مدّته عند جمهور الفقهاء ، وقد سبق بيان التّوقيت والتّأبيد في الظّهار في فقرة « 6 » .(18/25)
ـــــــــــــــــــ
: ... الظهار المؤقت يقع
تاريخ الفتوى : ... 19 محرم 1425 / 11-03-2004
السؤال
رجل قال لزوجته أنت محرمة علي لمدة ستة أشهر، فما حكم الدين فى هذا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن هذا السؤال مسألتين:
الأولى: حكم إطلاق لفظ التحريم في حق الزوجة، وقد سبق أن بينا أنه يعتبر ظهاراً تلزم به كفارة الظهار في الفتوى رقم: 7438.
الثانية: حكم الظهار المؤقت، هل يقع أولا، وقد اختلف الفقهاء في ذلك على أقوال أرجحها عندنا وقوعه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 27470.
وعلى هذا فيحرم عليك قربان زوجتك هذه المدة حتى تكفر كفارة الظهار، وقد بينا كفارة الظهار في الفتوى رقم: 12075.
وننبهك إلى الحذر من إطلاق مثل هذه الألفاظ منعاً للوقوع في الحرج، وحرصاً على حسن العشرة، وحصول الألفة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لفظ التحريم: ظهار(18/26)
تاريخ الفتوى : ... 12 ذو القعدة 1422 / 26-01-2002
السؤال
1-قمت في لحظة غضب بتطليق زوجتي ,للمرة الثانية في حياتنا الزوجية ,وفي نفس اللحظة وبنية تثبيت وتاكيد الطلاق قلت لها تحرمي علي إلى يوم الدين .(حسب قولها ) وأنا شخصيا أن كنت قلتها نتيجة حالة هيجان وغضب , لكني لم أعيها , هل يعتبر هذا الطلاق نهائياً لا رجوع فيه أم يحق لنا العودة , علما أننا نقيم في دولة أوربية ولا يوجد محاكم شرعية , كما لا يوجد علماء دين يمكن العودة إليهم للحصول على فتوى شرعية صحيحة .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالغضب لا يمنع وقوع الطلاق مطلقاً -كما يزعم أو يظن بعض الناس- بل منه ما يقع معه الطلاق، ومنه ما لا يقع معه الطلاق، وسبق تفصيل هذا في الفتوى رقم:11566 وعليه فإن كنت طلقت زوجتك وحرمتها على نفسك في حالة غضب انغلق معه ذهنك بحيث لا تدرك ما تقول لم يقع الطلاق ولا التحريم، وإن كنت طلقتها وحرمتها على نفسك وأنت تدرك ما تقول وقع الطلاق، ووقع التحريم، وما دام هذا هو طلاقها الثاني فإنها لا يزال ارتجاعها ممكناً. والتحريم لا يعد طلاقاً سواء أكد بقول (إلى يوم الدين) أو لم يؤكد بها، بل هو ظهار على القول الراجح من أقوال العلماء ويجب على المظاهر قبل أن يمس زوجته أن يكفر كفارة الظهار، وهي على الترتيب: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، كما بين الله ذلك في أول سورة المجادلة.
وراجع الجواب:
7438
والله أعلم.(18/27)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ما يترتب على من حرم عضواً من امرأته
تاريخ الفتوى : ... 28 محرم 1422 / 22-04-2001
السؤال
قلت لزوجتي بأن جزءا من جسدها محرم علي وهو موضع الفرج أيعتبر هذا ظهارا أرجوكم أفيدوني و ماذا علي أن أفعل إذا كان كذلك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن شبه عضواً من امرأته بظهر أمه، أو بعضو من أعضائها، فهو مظاهر منها، كمن قال: فرجك عليّ كظهر أمي، أو نحو ذلك.. فتلزمه كفارة الظهار، وهي المذكورة في قوله تعالى: (فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم) [المجادلة: 3-4].
وأما إن حرم عضواً منها عليه، بأن قال: ظهرك حرام علي، أو فرجك حرام علي، فهو ظهار إن نواه، فإن لم ينو الظهار، ونوى الطلاق، وقع طلاقاً، فإن لم ينو شيئاً أو نوى اليمين، فكفارته كفارة اليمين، لقوله تعالى: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم) [التحريم: 1-2].(18/28)
وكفارة اليمين هي ما رود في قوله تعالى: (فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) [المائدة: 89]. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الحكمة في تغليظ العقوبة على المظاهر
تاريخ الفتوى : ... 09 رمضان 1426 / 12-10-2005
السؤال
السؤال ... لماذا لم تقيد الرقبة بالإيمان في كفارة الظهار، ولماذا كانت العقوبة مثل عقوبة قاتل النفس، ونحن نقول سمعنا وأطعنا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا كفارة عتق الرقبة ومتى أطلقت وأين قيدت وذلك في الفتوى رقم: 11035.
وبينا أن تقييدها بالإيمان في كفارة القتل وإطلاقها دون تقييد في كفارة الظهار وكفارة اليمين يحمل فيه الجمهور المطلق على المقيد، فيشترطون الإيمان في الرقبة المعتقة في كل تلك الكفارات وهو أسلوب عربي مبين لأن البلاغة الإيجاز، وكلما كان الكلام قليلا دالا على المقصود كان أولى، والتقييد في مكان يغني عن تكرار القيد في الأماكن الأخرى إذا اتحد الحكم والسبب، أو اتحد الحكم واختلف السبب كما هنا، وانظر الفتوى رقم: 46261.
وأما لماذا كانت العقوبة مثل عقوبة قاتل النفس؟ فالله تعالى أعلم، لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ. أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، ما شرع إلا لحكمة يعلمها سبحانه أدركنا(18/29)
ذلك أم لم ندركه، ولا يجوز للمسلم أن يقف حتى يعلم العلة ويدرك الحكمة فحسبه التسليم لعلم وحكمة اللطيف الخبير، ولا يبقى في نفسه شك أو تردد، كما قال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {النساء: 65} وهنا قد ختم سبحانه حكمه في الظهار بقوله: ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {المجادلة: 3} قال الطبري: عند ذلك أوجب ربكم ذلك عليكم عظة لكم تتعظون به فتنتهون عن الظهار وقول الزور، وقال ابن كثير: تزجرون به. وقال الشوكاني: ذلكم: أي الحد المذكور. توعظون به. أي تؤمرون به أو تزجرون به عن ارتكاب الظهار. وفيه بيان لما هو المقصود من شرع الكفارة. قال الزجاج: معنى الآية: ذلكم التغليظ في الكفارة توعظون به، أي غلظ الكفارة وعظ لكم حتى تتركوا الظهار
هذا بعض ما ذكر في حكمة تغليظ العقوبة هنا على المظاهر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يجزئ إخراج الزوجة كفارة الظهار عن زوجها
تاريخ الفتوى : ... 08 شوال 1425 / 21-11-2004
السؤال
قلت لزوجتي يوم من الأيام تحرمين علي كما يحرم الأخ من أخته وقامت زوجتي بدفع كفارة عني بعد ما تصالحنا هل أستطيع أن أجامعها أو لازم أنا أدفع الكفارة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(18/30)
فما صدر منك هو تحريم للزوجة وتشبيه لها بمن تحرم على التأييد وهي الأخت.
أما التحريم، فالراجح أنه إن نوى به الظهار كان ظهاراً، وإن نوى به الطلاق كان طلاقاً، وإن نوى به اليمين كان يميناً، ولمعرفة أدلة ذلك انظر الفتوى رقم: 26876، و الفتوى رقم: 14259.
وأما تشبيه الزوجة بالأخت، فإنه كناية في الظهار حيث إن الظهار منه ما هو صريح وهو ما ذكر فيه الظهر باتفاق، وكذا سائر الأعضاء عند أكثر الفقهاء، وهذا النوع يقع به الظهار، ولا يحتاج إلى نية.
ومنه الكناية وهو ما احتمل الظهار وغيره، فهذا يرجع إلى نية الزوج، فإن قصد به الظهار كان ظهاراً وإلا فليس بشيء، قال ابن قدامة في المغني: وإن قال: أنت علي كأمي أو مثل أمي ونوى به الظهار فهو ظهار في قول عامة العلماء منهم أبو حنيفة وصاحباه والشافعي وإسحاق، وإن نوى به الكرامة والتوقير أو أنها مثلها في الكبر أو الصفة، فليس بظهار، والقول قوله فيه. انتهى
وعليه، فيكون قولك لزوجتك: تحرمين علي كما يحرم الأخ من أخته. كناية يفتقر إلى النية، فإن كنت نويت به الظهار، فعليك كفارة ظهار، وهي: عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً، كل ذلك قبل أن تمسها، وإن كنت نويت بالتحريم الطلاق، فيكون طلاقاً، وإن كنت تنوي اليمين فعليك كفارة يمين المبينة في الفتوى رقم: 204، وحينئذ لا بأس أن تخرج الزوجة عنك كفارة يمين، بإذنك لأنها من العبادات المالية التي تقبل النيابة، ودليل هذا ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد قال: احترقت، قال: لم؟ قال: وقعت بامرأتي في رمضان، قال له: تصدق. قال: ما عندي شيء، فجلس، وأتاه إنسان يسوق حماراً ومعه(18/31)
طعام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين المحترق؟ فقال: ها أنا ذا، قال: خذ هذا فتصدق به، قال: على أحوج مني ما لأهلي طعام؟ قال: فكلوه.
أما في الحالة الأولى وهي نية الظهار بهذا اللفظ فلا يجزئك إخراج الكفارة من قبل زوجتك إلا إذا كنت عاجزاً عن العتق والصيام ثم أذنت لها في الإطعام أي: إطعام ستين مسكيناً.
وننبه الأخ السائل أن كفارة الظهار تجب على الترتيب، كما في الآية الكريمة: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ {المجادلة: 3-4}.
فلا تنتقل إلى الإطعام إلا عند العجز عن العتق والصيام.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
دـ
الفتوى : ... حكم إطعام الصائمين كفارة الظهار
تاريخ الفتوى : ... 03 شوال 1425 / 16-11-2004
السؤال
هل يجوز إطعام الصائمين في المسجد بكفارة الظهار، وكم المبلغ المطلوب لإطعام كل مسكين في السعودية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(18/32)
فالواجب على المظاهر من زوجته واحد من ثلاثة أمور على الترتيب، الأول: هو تحرير رقبة، والثاني: صيام شهرين متتابعين، والثالث: إطعام ستين مسكينا، ولا يجزئ واحد من الإثنين الأخيرين إلا بعد العجز عما قبله، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا {المجادلة:3-4}.
وعليه فإنه لا يجزئ من ظاهر من زوجته الإطعام إلا بعد العجز عن الإعتاق والصيام، فإذا عجز عنهما وأراد الإطعام فالواجب أن يطعم ستين مسكينا وليس ستين صائماً إلا أن يكونوا مساكين, والأحوط تمليك كل مسكين القدر الواجب له من الكفارة، لا إعطاؤه غداء أو عشاء فإن الجمهور على عدم إجزاء ذلك، وراجع في هذا المغني لابن قدامة 8/26.
وأما القدر المجزئ في الكفارة فمختلف فيه بين أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: قدر الطعام في الكفارات كلها مد من بر لكل مسكين أو نصف صاع من تمر أو شعير.... وقال أبو هريرة يطعم مدا من أي الأنواع كان، وبهذا قال عطاء والأوزاعي والشافعي...
واعتبر الأحناف الواجب قدر الفطرة، قال في الدر المختار: فإن عجز عن الصوم أطعم ستين مسكينا كالفطرة. وعند المالكية: مد وثلثان، قال خليل: ثم تمليك ستين مسكينا أحراراً مسلمين لكل مد وثلثان برا وإن اقتاتوا تمراً أو مخرجا في الفطرة فعدله...
وقد علمت أن أحوط هذه الأقوال هو مذهب الأحناف، واللازم عندهم إخراجه نصف صاع، وقدره كيلو ونصف تقريبا، وقيمة ذلك هي بحسب البلد ونوع الطعام المخرج، فانظر ما تخرجه من ذلك في البلد الذي أنت فيه.
والله أعلم.(18/33)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... من وطئ بعد دفع جزء من كفارة الظهار
تاريخ الفتوى : ... 18 جمادي الثانية 1425 / 05-08-2004
السؤال
في شجار عائلي قال زوج لزوجته
أنت حرام علي إلى يوم الدين فسأل عن كفارتها بعد أن تصالحا فقالوا له كفارتها إطعام ستين مسكينا وعدم الاقتراب من زوجته حتى تتم الكفارة, لم تكن حالته متيسرة حينها أطعم خمسة تقريبا ثم بعد شهر أكمل الباقي ولكنه خلال الشهر جامع زوجته فيسأل هل هو أثم بذلك وماذا يفعل جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأظهر أقوال أهل العلم عندنا أن تحريم الزوجة يعد ظهارا كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7438.
وحيث اعتبر هذا ظهارا فلا يجوز للزوج إتيان زوجته إلا بعد الكفارة ومن تعمد خلاف ذلك فقد أتى معصية يجب عليه التوبة منها، وليس عليه إلا كفارة واحدة، وانظري الفتوى رقم: 14225.
وعليه، فإن من وطئ بعد دفع جزء من الكفارة بنى على ما أعطى، قال ابن قدامة في المغني: ولو وطئ أثناء الإطعام لم يلزمه إعادة ما مضى منه، وبه قال أبو حنيفة والشافعي.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(18/34)
يجب على المرأة ألا تمكن زوجها من نفسها حتى يؤدي الكفارة المطلوبة منه
تاريخ الفتوى : ... 25 ربيع الأول 1423 / 06-06-2002
السؤال
على زوجي كفارة صيام شهرين قبل أن يمسني وهو لا يصوم رمضان من الأساس..ماذا أفعل إذا لم أستطع منعه من مسي ..وهل علي ذنب في التساهل في ذلك ....أفيدوني سريعا..وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لزوجك الهداية، وإذا كان مقصودك هو أن زوجك ظاهر منك ويريد أن يمسك قبل أن يكفر فالواجب عليك هو الامتناع منه وعدم تمكينه من نفسك في هذه المدة حتى يأتي بالكفارة، ولو حصل أنه جامعك وأنت مكرهة فلا شيء عليك، ولكن لا تتساهلي في ذلك واتخذي الوسائل المناسبة لردعه من نصيحة وإخبار من يمكنه نصحه أو عدم المبيت معه أو رفعه للقضاء
:وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً [الطلاق:2].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الحالات التي يجب فيها صيام الشهرين المتتابعين ...وهل يقطع العذر الشرعي التتابع
تاريخ الفتوى : ... 16 ذو القعدة 1422 / 30-01-2002
السؤال(18/35)
من الذي يجب عليه صيام ستين يوما" متتابعا" , واذا وجب على المرأة كيفية صومها ستين يوما" متتابعا" مع كونها ستتعرض للدورة الشهرية , أفيدونا باستفاضة عن الأحكام الموجبة لهذه الكفارة وخصوصاً للمرأة وشكرا"؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صيام الشهرين المتتابعين يجب في ثلاث حالات:
الحالة الأولى: القتل الخطأ، فمن قتل نفساً بغير حق، ولم يجد الرقبة المؤمنة وجب عليه صيام الشهرين لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) [النساء:92]
الحالة الثانية: الظهار، فمن ظاهر من زوجته ولم يجد أيضاً الرقبة وجب عليه صيام شهرين متتابعين، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين)[المجادلة:3،4]
الحالة الثالثة: الجماع في نهار رمضان؛ فمن جامع أهله في نهار رمضان ولم يستطع العتق، وجب عليه صيام شهرين متتابعين، وكل من وجب عليه صيام الشهرين المتتابعين فلا يقطع صومه إلا بعذر شرعي من: مرض أو جنون أو حيض، فإذا قطعه لغير عذر شرعي وجب عليه استئناف صوم الشهرين من جديد، وإذا قطعه لعذر شرعي وجب عليه التتابع عند زوال العذر، ويبني على ما صامه قبل العذر ويعتد به. وبهذا يتضح أن المرأة إذا لزمها(18/36)
صيام شهرين ثم نزلت بها الدورة بنت على ما قدمته من الصيام قبل الدورة، ثم ننبه إلى أن المرأة بالنسبة للجماع في نهار رمضان الراجح أنها لا كفارة عليها.
وراجع الفتوى رقم:
1113
كما أنها لا ظهار عليها إجماعاً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
كفارة الظهار
تاريخ الفتوى : ... 29 رمضان 1422 / 15-12-2001
السؤال
1-شخص حلف على زوجته فقال أنت محرمة عليَّ كظهر أمي هل يقع الحلف وإذا كان يقع فما كفارته
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرجل إذا علق الظهار على أمر فحصل ذلك الأمر اعتبر مظاهراً من زوجته، فإن جمع مع لفظ الظهار لفظ التحريم كما في السؤال، فقيل تلزمه مع الظهار طلقة إن نوى بالحرام الطلاق، وقيل تلزمه كفارة يمين.
والراجح : أنه إنما يلزمه الظهار فقط، كما نص على ذلك ابن قدامة في المغني، وذلك لأن التحريم كناية تفتقر إلى نية. والكناية هنا فسرت بصريح الظهار، فكان العمل بصريح القول أولى من العمل بالنية.(18/37)
وبناء على هذا، فإن الشخص يعتبر مظاهراً من زوجته، فلا يجوز له أن يستمتع بها حتى يكفر لقوله تعالى: (فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا)[المجادلة:3]
والكفارة هي: عتق رقبة، فإن لم يجدها فعليه صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكيناً، لقوله سبحانه وتعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) [المجادلة:3،4]
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... إن كان قصدك مطلق الخيانة .. فيلزمك كفارة ظهار
تاريخ الفتوى : ... 27 ربيع الثاني 1422 / 19-07-2001
السؤال
لي صديق تزوج منذ سنتين ليحصن نفسه من الحرام وبعد مدة من زواجه سافر إلى مدينة أخرى وترك زوجته في بيت أهلها وفي أحد الأيام حاول الاتصال ببيت أهلها فوجد التلفون مشغولا أكثر من ساعة بعدها جاوبته زوجته وقد كان الشيطان وسوس له فشك في زوجته وفي حالة غضب قال لها إنه من يخون الآخر فهوحرام عليه حرمة أبيه أو أمه وبعد أن زال غضبه ندم على ما قاله وقرر أن يستفتي ولكنه انشغل وبعد حوالي سنة سافر إلى الخارج وفي حالة ضعف زل دون الوطء مع العلم أنه كان يقصد التهديد لزوجته فقط ولم يكن يقصد التحريم فعلأ أرجو إفادتنا جزاكم الله خير الجزاء
الفتوى(18/38)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على صديقك أن يتوب إلى الله تعالى وأن يستغفره مما زل فيه، وأما قوله لزوجته: إن من يخون الآخر فهو حرام عليه ... إلخ.
فإن كان يقصد أثناء تلفظه بذلك مطلق الخيانة: من الكلام في الهاتف، أو المقابلة وغير ذلك، فيلزمه كفارة ظهار لحدوث الخيانة منه.
وإن قصد بالخيانة الوقوع في الزنا، لم يلزمه شيء لعدم تحقق ذلك منه ولا من زوجته.
وكفارة الظهار: هي المذكورة في قوله تعالى: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [المجادلة:4].
وإذا لزمته الكفارة حرم عليه الجماع ومقدماته من التقبيل ونحوه قبل التكفير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
كفارة الظهار
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
هل يكفر يمين الظهار كاليمين العادية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ليس خصال كفارة الظهار مثل خصال كفارة اليمين، خصال كفارة الظهار: 1. عتق رقبة مؤمنة، قبل التماس، 2. صيام شهرين متتابعين قبل التماس كذلك 3. إطعام ستين(18/39)
مسكينا فخصال كفارة الظهار على الترتيب، بمعنى أنه لا يجوز له أن ينتقل إلى الصيام إلا إذا عجز عن الرقبة ولا ينتقل إلى الإطعام إلا إذا عجز عن الصيام . والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مس المرأة وإنجاب الأولاد قبل كفارة الظهار
تاريخ الفتوى : ... 21 رمضان 1426 / 24-10-2005
السؤال
هل من أراد التخلص من عمل نوع من المعصية وعدم الرجوع إليه قال فى سرية لو أنى رجعت إليه فإن زوجتي عليّ كظهر أمي .
هل هو حكم ظهار أو كفارة يمين وإن كان ظهارا وقد مرة عليه 14 سنة ولم يأت بكفارة الظهار وأنجب أولادا من زوجتة وليس لها العلم وقد أعاد نفس المعصية بعد القسم ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من علق الظهار من زوجته على حصول فعل ما يقع حكم الظهار إذا حصل ذلك الفعل ويجب عليه الكف عن مسها حتى يكفر كفارة الظهار لآية المجادلة .
وإذا مسها قبل الكفارة تجب عليه التوبة والاستغفار وألا يعود مرة أخرى حتى يكفر ، وإذا أنجب منها قبل الكفارة فالأولاد ملحقون به ولا يشك في نسبتهم إليه .
وراجع الفتوى رقم : 14225 ، والفتوى رقم :12075 . فقد فصلنا فيها الكلام على الموضوع أكثر .
والله أعلم .(18/40)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
نعليق اليمين والظهار على أمر ما
تاريخ الفتوى : ... 28 شعبان 1426 / 02-10-2005
السؤال
لقد كان زوجي يتعاطى الخمر ولقد حاول عدة مرات تركه حتى تركه ولله الحمد، والسؤال في إحدى المرات أقسم بالآتي: ولله العظيم إني ما عاد أشربه مرة ثانية وأنت علي مثل أمي إن رجعت له مرة ثانية. ولكنه رجع له فما كفارة هذا القسم؟
والله يوفقكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما صدر من زوجك هو تعليق لليمين والظهار على شرب الخمر، وما دام قد عاد وشربه، فإن عليه كفارة يمين، وهي المذكورة في قوله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة: 89}.
وعليه أيضاً كفارة ظهار، ويجب أن تكون قبل أن يمسك، وكفارة الظهار هي المذكورة في قوله الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ(18/41)
مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ {المجادلة: 3-4}.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تعليق تحريم الزوجة على فعل معين
تاريخ الفتوى : ... 24 صفر 1428 / 14-03-2007
السؤال
قمت بنزاع أنا وزوجتي وخلافات مما أدى لذهابها إلى بيت أهلها واستمر هذا الحال لمدة 3 شهور، وعندما اجتمعنا في بيت أهلها وشروطها أي شروطهم بأن أحلف وأحرم بأن لو عدت على فعلتي وهي حرام، سوف تحرم علي، وأنا يا شيخ لم أستطع أن أكف عن تلك الفعلة وأن غرضي في الحلفان (التحريم) أولاً وأخيراً عودتها إلى البيت وإذا وقع هذا الشيء ما حكمه؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان لأهل زوجتك أن يشترطوا عليك أو يكلفوك شروطاً لعودة زوجتك إلى بيتها، أما وقد كان وحلفت لهم أنك إن عدت إلى سالف فعلتك معها أنها تحرم عليك، فقد بينا أن الراجح في تحريم الزوجة أنه بحسب النية، فإن نوى به الظهار كان ظهاراً، وإن نوى به الطلاق كان طلاقاً، وإن نوى به اليمين فهو يمين، كما سبق في الفتوى رقم: 43663 وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.(18/42)
فإن كنت قلت (زوجتي حرام علي أو تحرم إن فعلتُ كذا أو قلت كذا ونحوه) فقد علقت حصول ذلك على شرط وهو عودتك إلى ما كنت تفعل سابقاً من خلاف أو غيره حسبما نويت، فإذا عدت فإنه يقع ما نويت من ظهار أو طلاق أو يمين، وإن لم تعد فلا شيء عليك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
حكم من ظاهر من زوجته مدة معينة وجامعها أثناءها
تاريخ الفتوى : ... 25 ذو الحجة 1427 / 15-01-2007
السؤال
قلت لزوجتي في حاله غضب والله أنت حرام علي كأمي لمدة شهر كامل وقد عاشرتها في نفس الليلة ؟
أفتونا جزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم : 27470 ، والفتوى رقم : 14225 ، بيان حكم تحريم الزوجة لمدة معينة وما يترتب على من وطئها في هذه المدة، وننبه هنا على بعض الأمور:
الأمر الأول: أن من فعل شيئا في حالة غضب ترتبت عليه آثاره من طلاق أو ظهار ونحوهما ما لم يصل به هذا الغضب إلى حالة لا يعي فيها ما يقول .
الأمر الثاني: أنه ينبغي للزوج التروي عند حصول شيء من المشاكل بينه وبين زوجته فيجتنب التلفظ بمثل هذه الألفاظ التي قد تكون عاقبتها الندم .
والله أعلم .(18/43)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تحريم الزوجة لمدة معينة
تاريخ الفتوى : ... 26 ذو الحجة 1427 / 16-01-2007
السؤال
قلت لزوجتي في حاله غضب والله أنت حرام علي كأمي لمدة شهر كامل وقد عاشرتها في نفس الليلة ؟
أفتونا جزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم : 27470 ، والفتوى رقم : 14225 ، بيان حكم تحريم الزوجة لمدة معينة وما يترتب على من وطئها في هذه المدة فراجع هذه الفتوى ، وننبه هنا على بعض الأمور :
الأمر الأول : أن من فعل شيئا في حالة غضب ترتبت عليه آثاره من طلاق أو ظهار ونحوهما ما لم يصل به هذا الغضب إلى حالة لا يعي فيها ما يقول .
الأمر الثاني : أنه ينبغي للزوج التروي عند حصول شيء من المشاكل بينه وبين زوجته فيجتنب التلفظ بمثل هذه الألفاظ التي قد تكون عاقبتها الندم .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل ينقطع التتابع في كفارة الظهار بصوم رمضان(18/44)
تاريخ الفتوى : ... 20 شعبان 1427 / 14-09-2006
السؤال
إني شاب أبلغ من العمر 36 عاماً, متزوج ورزقني الله 3 أطفال، مسألتي هي أني ضاجعت زوجتي بدون رضاها إضجاع سوء (في الدبر), وقد كانت حاملا؛ وفي لحظة ندم وتحقير للنفس قلت لزوجتي باللهجة المغربية الدارجة ما معناه: تحرمين علي كأمي إن مكنتيني من نفسك هكذا مرة أخرى، وقد كنت أقصد زجر وإثناء نفسي عن العودة لمثل ذلك الفعل, لا مفارقتها أو تطليقها، وبعد مرور أكثر من سنة على تلك الواقعة, ارتكبت الذنب نفسه, بدون رضا زوجتي وقد كانت حائضا هذه المرة، للإشارة فقد تذكرت قبيل مضاجعتها ما صرحت به لها فيما مضى لكن إبليس أغواني فلم أمتنع بل ولم أذكر زوجتي بالموضوع, حيث إنها لم تتذكره إلا بعد المضاجعة، هل يعد هذا ظهاراً أم لغوا حديث حيث إني علقته على فعل شيء قصد إثناء النفس عن العودة إليه، وإن كان ظهاراً, هل لي أن أنتقل إلى كفارة الإطعام بسبب مصادفة الشهرين المتتابعين لشهري شعبان ورمضان, حيث ستمتد فترة الصوم إلى ثلاثة أشهر كما أن مدة مفارقتي لزوجتي ستمتد إلى أربعة أشهر, ولست أقوى على ذلك، وإن أمكنني ذلك, كم كلغ من الثمر تجب علي، وهل يمكنني إخراج قيمتها، أفتوني يرحمكم الله؟ ولكم جزيل الشكر
.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الفعل الذي أقدمت عليه مع زوجتك منكر، ويجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 26316 وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.(18/45)
ومن المنكر أيضاً ما نطقت به تجاه زوجتك وكونها تكون عليك كظهر أمك إن مكنتك من نفسها، وهذا منكر من القول وزور، كما قال الله تعالى: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ {المجادلة:2}، وإذا كانت قد مكنتك من نفسها في المرة الثانية فلم تمانع ممانعة بالغة ولم تكرهها على ذلك الفعل إكراهاً فقد وقع ما علقته من الظهار، ولا يحل لك أن تقربها (تجامعها) حتى تكفر كفارة الظهار، وهي على الترتيب: عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين لا تقطعها إلا لعذر شرعي كمرض، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً، وذلك لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ {المجادلة:3-4}، فإذا كنت قادراً على عتق رقبة مؤمنة فلا يجزئك غيرها، فإن لم تجد فعليك صوم شهرين متتابعين ولا يؤثر في ذلك صيام رمضان وفطر يوم العيد ونحوه، قال في مطالب أولي النهى: ولا ينقطع تتابع بصوم رمضان، ولا بفطر فيه بسفر ونحوه، أو فطر واجب كفطر يوم عيد وأيام تشريق، بأن يبتدئ مثلاً في ذي الحجة فيتخلله يوم النحر وأيام التشريق، فلا ينقطع التتابع، لأنه زمن نهى الشرع عن صومه في الكفارة كالليل. وانظر الفتوى رقم: 43036 وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.
ولا اعتبار للمشقة الحاصلة في ذلك إن كنت قادراً على الصيام، فابدأ من الآن واحسب ما صمته قبل رمضان حتى تكمل صيام الشهرين بعده، ولا تنتقل إلى الإطعام وأنت تستطيع الصيام.(18/46)
وأما سؤالك عن مقدار الإطعام بالغرام فجوابه أن مقداره هو مد من الطعام وهو ما يعادل 750 جراماً لكل مسكين، فيكون مجموع ذلك 45000 ألف غرام أي ما يعادل خمسمة وأربعين كلغم، وأوجب الجمهور إخراجه طعاماً لنص الآية، وأجاز الحنفية إخراج القيمة، والذي نراه هو الأخذ بقول الجمهور، إلا إذا كان في إخراج القيمة مصلحة فلا حرج في إخراجها. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 35169.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
قول الرجل لامرأته والله تكوني محرمة علي
تاريخ الفتوى : ... 07 رجب 1427 / 02-08-2006
السؤال
حدثت مشادة بيني وبين زوجتي وقد أقسمت (والله تكوني محرمة علي بعد الآن)، ولم يكن في نيتي الطلاق وكنت في غضب شديد وغيظ من أقوالها، ولكن هذا اليمين كان مبنيا على فهمي الخاطئ للأقوال، فأرجو الإفادة والفتوى ؟ مع جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود من الصيغة المذكورة هو تنجيز تحريم الزوجة حالاً، فالجواب أن أهل العلم اختلفوا في مسألة تحريم الزوجة، فذهب بعضهم إلى أنه بينونة كبرى، وذهب بعضهم إلى أنه ظهار، وذهب بعضهم إلى أنه راجع إلى النية، فإذا كانت نية القائل الظهار كان ظهاراً، وإذا كانت نيته الطلاق كان طلاقاً، وإذا كانت نيته اليمين كان يميناً، وهذا القول هو الأقرب، كما هو مبين في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2182، 23974، 26876، 37469.(18/47)
وأما عن الغضب فإذا كان قد بلغ بك إلى درجة أنك لا تعي ما تقول، فإنه لا عبرة بما قلته من التحريم، أما إذا كان غضباً طبيعياً تعي معه ما تقول، فأنت مؤاخذ به، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 34436.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تحريم الزوجة لفترة محددة
تاريخ الفتوى : ... 17 ربيع الثاني 1427 / 16-05-2006
السؤال
ما حكم المرأة التي يقول لها زوجها أنت محرمة علي حتى آخر الشهر، مع العلم بأنها باردة جنسياً؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا حكم إطلاق لفظ التحريم في حق الزوجة وأنه يعتبر ظهاراً تلزم به كفارة الظهار، كما في الفتوى رقم: 7438.
وسبق أيضاً أن ذكرنا خلاف الفقهاء في الظهار المؤقت، وأن الراجح عندنا وقوعه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 27470.
وعلى هذ؛ا فيحرم على الزوج مس زوجته في هذه المدة حتى يُكفر كفارة الظهار، وقد بينا كفارة الظهار في الفتوى رقم: 12075.(18/48)
فإذا انقضى الشهر المذكور انحل ظهاره وحلت له امرأته دون كفارة, وذلك لأن التحريم كان لتلك الفترة فوجب أن ينقضي بانقضائها. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 22565، والفتوى رقم: 24650.
وننبه إلى الحذر من إطلاق مثل هذه الألفاظ منعا للوقوع في الحرج، وحرصاً على حسن العشرة وحصول الألفة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تحريم الرجل امرأته إذا أخذت ميراث أبيها
تاريخ الفتوى : ... 18 ربيع الأول 1427 / 17-04-2006
السؤال
أقسم رجل بأنه لن يأخذ شيئا من ميراث زوجته من
أبيها وأقسم أيضا أنها ستكون محرمه عليه إن هي أخذت شيئا من هذا الميراث ثم عاد إلى رشده مرة أخرى فهل لذلك كفارة أم أن زوجته تكون محرمة عليه إن أخذت من ميراث أبيها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن هذا السؤال مسألتين:
المسألة الأولى: حلفه أن لا يأخذ من ميراث زوجته من أبيها, فإن حنث تلزمه كفارة يمين, وتراجع خصال الكفارة بالفتوى رقم:204، وهذا فيما إذا لم تكن للحالف نية أو سبب باعث على هذه اليمين فلا يحنث وراجع في هذا الفتوى رقم: 53941.(18/49)
المسألة الثانية: حلف هذا الرجل بتحريم زوجته إن هي أخذت من ميراث أبيها. وقد اختلف العلماء في حكم تحريم الزوجة على أقوال: أرجحها أنه يرجع فيه إلى نيته كما سبق أن بيناها بالفتوى رقم:26876، فإذا تحقق الشرط المذكور وقع ما نواه وهذا كله فيما إذا كانت له نية, فإن لم تكن له نية وكان له سبب موجب لهذا الحلف ثم زال السبب فلا يحنث كما ذكرنا بالمسألة الأولى. وتراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 60280.
وننبه إلى بعض الأمور:
الأول:
أنه ينبغي للمسلم الحذر من جعل ألفاظ التحريم ونحوها سببا لحل الخلافات الزوجية لأن الغالب أن تكون عاقبة ذلك الندم.
الأمر الثاني:
أن ميراث المرأة من أبيها أحله الله تعالى لها فلا يجوز للزوج منعها من أخذه.
الامر الثالث:
أن الأولى في المسائل التي هي محل للنزاع أن لا يكتفي فيها بفتوى بل ينبغي مراجعة جهة الاختصاص بالنظر في مثلها كالمحاكم الشرعية.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
الفتوى : ... يلزم وقوع ما يترتب على الحلف بالحرام على واحد منكما
تاريخ الفتوى : ... 23 ذو الحجة 1426 / 23-01-2006
السؤال(18/50)
أردت دفع أجرة السيارة فقال السائق بالحرام لاتدفع وقلت بالحرام إلا أدفع الأجرة ، هل يجوز لي أن أدفع الأجرة له بطريقة غير مباشرة مع أجرة ثانية دون أن يعلم بذلك , وماذا يترتب على جميع الحالات ؟
وشكرا جزيلا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا في الفتوى رقم : 30269 ، بيان أن الحلف بالطلاق والحرام من أيمان الفساق ، وبينا في الفتوى رقم : 30708 ، حكم من حلف بالحرام ثم حنث، فراجعها وراجع ما تفرع عنها من فتاوى ، وفيها أن الراجح من ذلك أنه بحسب نية الحالف فإذا كان يقصد به الظهار وقع ظهارا ، وإذا قصد به الطلاق كان طلاقا، وإذا قصد به اليمين كان يمينا ، والصورة التي ذكرتها تستلزم وقوع ما يترتب على الحلف بالحرام على واحد منكما ، قال القرافي في الذخيرة: وفي الكتاب من لزمه دين لرجل أو ضمان عارية يغاب عليها فحلف بالطلاق ثلاثا ليؤدين ذلك ، وحلف الطالب بالطلاق ثلاثا لا يقبله ، فيجبر على أخذ الدين لتعين المنة في تركه فلا يلزم المديون إياها ، ويحنث الطالب بالطلاق ثلاثا.
وبناء على ذلك فلك أن تدفع الأجرة لسائق السيارة ، ويرجع الأمر حينئذ إلى نيته في قوله ( بالحرام ) على التفصيل الذي سبق ذكره .
والذي يظهر أنه يستوي في ذلك علم سائق السيارة وعدم علمه ، ففي التاج والإكليل: قال مالك : إن حلف أن لا يأكل لرجل طعاما فدخل ولد الحالف على المحلوف عليه فأطعمه خبزا فخرج به الصبي فأكل منه أبوه ولم يعلم حنث .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(18/51)
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لفظ التحريم يحتاج إلى نية
تاريخ الفتوى : ... 01 ذو الحجة 1426 / 01-01-2006
السؤال
شيخنا الفاضل حصل والتقيت مع صديق لي تزوج قبل فترة فقلت له يا أخي تزوجت ولم تعزمني ,فقال لقد عزمتك, فقلت له:(علي الحرام أنك ما عزمتني) أو قلت (حرام أنك ما عزمتني) والسؤال يا شيخ: في حال أني كنت أنوي الحرام من أهلي:
1-هل قولي له (علي الحرام أو قولي حرام أنك ما عزمتني) يقع به شيء من الظهار أو الطلاق حتى لو كنت صادقا أنه ما عزمني.
2-لو كنت أنوي الحرام من أهلي حينما تلفظت هل بمجرد التلفظ فقط مجرد اللفظ بـ علي الحرام ..أو التلفظ بـ حرام أنك..يقع ظهار أو طلاق في قصتي التي ذكرتها أو أنها ليست بمجرد التلفظ بل بما كانت هذه الألفاظ عليه يكون الحكم...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحلف الزوج بقوله (علي الحرام أو حرام علي) يكون طلاقا إذا نوى الطلاق، ويكون ظهارا إذا نوى به الظهار، ويكون يمينا إذا قصد به اليمين، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 2182.
ولا يلزم الرجل شيء من الحلف إذا كان صادقا فيه، أو يعتقد صدق نفسه، وإن تبين له خلافه، وتقدم في الفتوى رقم: 20149(18/52)
وعليه فحلفك بالتحريم إذا كنت تعتقد صحة المحلوف عليه ، لا يلزمك شيء منه، لا طلاقا ولا غيره، وإذا كنت تعتقد عدم صحته وحلفت كاذبا، فيلزمك ما نويت من طلاق أو كفارة ظهار أو كفارة يمين.
أما عن السؤال الثاني:
فإذا كنت تقصد به هل يحصل الطلاق أو الظهار بمجرد التلفظ بالتحريم أم لا بد من النية؟
فالجواب أن التحريم يختلف عن لفظ الطلاق ، فلفظ الطلاق الصريح يقع به الطلاق من غير نية ، أما التحريم فهو ليس صريحا بل هو كناية بحاجة إلى نية، تصرفه إلى الطلاق أو الظهار أو اليمين ، وانظر الفتوى رقم: 26876
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... قول الزوج لامرأته تحرمين علي لو فعلتِ كذا
تاريخ الفتوى : ... 05 ذو القعدة 1426 / 06-12-2005
السؤال
نشكركم على هذا الموقع المميز ونشكر جهودكم الجبارة في الرد على التساؤلات، سؤالي حصل بيني وبين زوجتي خلاف على الرسيفر ( الدوش ) من عام 1421هـ وهذا بداية زواجنا كان لدينا رسيفر من نوع الديجتال بمعنى يبث جميع قنوات العام وفي ذلك اليوم دخلت علي زوجتي وأنا واضع قناة فيديو كليب خليع وصار بيني وبين زوجتي خلاف وفي حالة من الغضب صدرت مني كلمة ( تحرمين علي لو شغلت مرة أخرى) وقمت بتكسر ذلك الجهاز وأشرت عليه بعدم تركيبه مرة أخرى ومنذ ذلك اليوم لم نقم بتركيب الجهاز ) ما الحكم في ذلك أرجو الإجابة خلال أسرع وقت ممكن.(18/53)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية أثابك الله على ما قمت به من التخلص من هذا الجهاز الخبيث، الذي يوقعك في ما حرم الله عز وجل، وعليك التوبة إلى الله مما سلف، وعدم العودة إليه، واجعل تركه لله وخوفا منه سبحانه، لا خوفا من طلاق زوجتك، أما بشأن سؤالك: فقد سبق أن تحريم الزوجة الراجح فيه أنه بحسب النية فإن نوى به الظهار كان ظهارا، وإن نوى به الطلاق كان طلاقا، وإن نوى به اليمين فهو يمين، كما سبق في الفتوى رقم 43663 ، وقولك لزوجتك (تحرمين علي لو شغلت ...الخ ) معلق على شرط وهو تشغيل الجهاز، فإذا قمت بتشغيله فيقع ما نويت من ظهار أوطلاق أو يمين، وإن لم تقم بتشغيله فلا شيء عليك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
الفتوى : ... الظهار من الأجنبية لغو، ولا يلزم المخطوبة إخبار خاطبها بماضيها
تاريخ الفتوى : ... 02 رجب 1426 / 07-08-2005
السؤال
سيدي الشيخ،
أنا فتاة بكر قاربت على الزواج من شاب وسألني عن أشياء تتعلق بخطبتي من شاب آخر في الماضي وقد حلف علي (تحرمي علي لو كنت مخبية حاجة عني) وبالرغم أنني قد أطلعته على جزء من الحقيقة فأنا بالفعل قد أحجبت عنه بعض التصرفات حفاظاً على احترامه لي كما أنني قد تبت منذ زمن عن هذه الأفعال وعاهدت الله أن أكون زوجة صالحة له. السؤال: هل أكون محرمة عليه طبقاً ليمينه؟(18/54)
أرجو من فضيلتكم سرعة الإجابة حيث إن ميعاد الزواج قد قرب وأنا في أشد الحاجة للإجابة.
جزاكم الله كل خير وعافاكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك إخبار هذا الخطيب ولا غيره بما وقع منك في الماضي من آثام، وذلك للنهي الوارد في ذلك، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عيله وسلم قال: كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه.
وكون الخاطب طلب منك إخباره بكل ماضيك وإن كتمت عنه منه شيئاً فأنت محرمة عليه لا يلزمك طوعه في ذلك، لكن إن قصد بالتحريم الطلاق فلا يلزمه لأنك أجنبية عنه، وتطليق الأجنبية لا يصح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ولا عتق له فيما لا يملك ولا طلاق له فيما لا يملك. رواه الترمذي.
وإن قصد به الظهار فهو لغو عند بعض أهل العلم، قال صاحب أسنى المطالب وهو شافعي: الظهار من الأجنبية لغو.
وقال الكاساني وهو حنفي: فلا يصح الظهار من الأجنبية لعدم الملك.
وهناك أقوال أخرى، ولكن القول بأن الظهار من الأجنبية لغو أيسر في حال السائلة وأرفع للحرج.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(18/55)
ظهار الموسوس وطلاقه
تاريخ الفتوى : ... 13 ربيع الثاني 1426 / 22-05-2005
السؤال
هل يقع الظهار عند التلفظ به بدون نية أي بوسوسة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإنسان بلغ درجة من الوسواس بحيث ينطق بالشيء وهو لا يريده فإنه لا يلزمه طلاق ولا ظهار على ما يظهر، وذلك لأنه في حكم المجنون، والمجنون لا ينفذ شيء من تصرفاته، قال صاحب التاج والإكليل: سمع عيسى في رجل توسوسه نفسه فيقول قد طلقت امرأتي أو يتكلم بالطلاق وهو لا يريده أو يشككه، فقال: يضرب عن ذلك ويقول للخبيث صدقت ولا شيء عليه، ابن رشد هذا مثل ما في المدونة أن الموسوس لا يلزمه طلاق وهو مما لا طلاق فيه لأن ذلك إنما هو من الشيطان فينبغي أن يلهى عنه ولا يلتفت إليه. انتهى.
وقال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق: وعن الليث لا يجوز طلاق الموسوس يعني المغلوب في عقله عن الحاكم هو المصاب في عقله إذا تكلم تكلم بغير نظام. وتراجع الفتوى رقم: 56096.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى ب
ـــــــــــــــــــ
قول الرجل (حرام مثل أمي لن أفعل هذا الإثم أبدا)
تاريخ الفتوى : ... 27 صفر 1426 / 07-04-2005(18/56)
السؤال
أفتونا جزاكم الله خيرا، إني قد فعلت إثما أو ذنبا ثم حلفت وقلت حرام مثل أمي لن أفعل هذا الإثم أبدا، لكن فعلت هذا الإثم مرة ثانية، فما الحكم؟ جزاكم الله خير الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا المراد من قولك: حرام مثل أمي، هل تقصد زوجتك حرام عليك مثل أمك؟ أو تقصد أن الفعل محرم عليك كحرمة أمك؟
وعلى كل حالٍ.. فإذا كنت تقصد تحريم زوجتك مثل أمك، وعلقت ذلك بوقوع أمر ما، فإن هذا يعتبر ظهاراً معلقاً، والظهار المعلق يقع إذا وقع الشرط المعلق عليه، وقد سبق تفصيل الكلام عن الظهار وكفارته في الفتوى رقم: 17483، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 49740، والفتوى رقم: 59519.
وأما إذا كنت تقصد أن الأمر المحرم الذي عزمت على عدم فعله محرم عليك كحرمة أمك، فلا يعتبر ذلك ظهاراً، إذ غاية ما فيه أنك حرمت على نفسك شيئاً هو محرم عليك، والواجب عليك تركه.
وفي كل الحالات يجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى من ارتكاب هذا الشيء المحرم توبة نصوحاً، وذلك بأن تقلع فوراً عن الذنب، وتندم على فعله، وتعقد العزم على عدم الرجوع إليه، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {التحريم:8}.
والله أعلم.(18/57)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... قول الزوج (حرام مثل أمي)
تاريخ الفتوى : ... 26 صفر 1426 / 06-04-2005
السؤال
أفتونا جزاكم الله خيرا: إني قد فعلت إثما ثم حلفت بهذه اللهجة حرام مثل أمي لن أفعل هذا أبدا ثم كررت هذا الفعل مرة ثانية فما الحكم؟ جزاكم الله خير الجزاء على هذا الموقع الإسلامي المتميز.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي تبادر لنا من سؤالك أنك حرمت زوجتك.. وعليه فنقول: إن قول الرجل لامرأته(حرام كأمي) ليس صريحا في الطلاق ولا في الظهار فيرجع في ذلك إلى نية المتكلم، فإن قصد الطلاق فهو طلاق، وإن قصد الظهار فهو ظهار، وإن أطلق تخير بين أن يجعله ظهارا أو طلاقا، وإن قصد بالتحريم تحريم عينها ولم يقصد ظهارا ولا طلاقا فلا يقع واحد منهما وعليه كفارة يمين.
وقد أشار إلى هذا التفصيل وزيادة الشيخ زكريا الانصاري في أسنى المطالب فقال: لو قال أنت علي حرام كظهر أمي ونوى بمجموعه الظهار فظهار؛ لأن لفظ الحرام ظهار مع النية، فمع اللفظ والنية أولى، وإن نوى به الطلاق فطلاق لأن لفظ الحرام مع نية الطلاق كصريحه، ولو أرادهما بمجموعه أو بقوله أنت علي حرام تخير أي اختار أحدهما فيثبت ما اختاره منهما. وإنما لم يقعا جميعا لتعذر جعله لهما لاختلاف موجبهما، وإنما أراد بالأول الطلاق(18/58)
وبالآخر الظهار وهو أي الطلاق رجعي حصلا لما مر في نظيره, وإن كان بائنا وقع الطلاق وحده، وإن عكس بأن أراد بالأول الظهار وبالآخر الطلاق
فالظهار يقع وحده؛ إذ الآخر لا يصلح أن يكون كناية عن الطلاق لصراحته في الظهار كذا علل به الرافعي، وقضية بقائه على صراحته تعين الظهار فيما إذا أرادهما وليس كذلك بل يخير بينهما كما مر، مع أن بقاءه على صراحته ينافي ما مر من عدمها، وكذا يقع الظهار وحده لو أطلق لأن لفظ الحرام ظهار مع النية فمع اللفظ أولى. وأما عدم وقوع الطلاق فلعدم صريح لفظه ونيته، ولو أراد بالتحريم تحريم عينها فكفارة يمين تلزمه لأنها مقتضاه، ويكون قوله كظهر أمي تأكيدا للتحريم فلا يكون ظهارا كما قال، ولا ظهار إلا إن نواه بالثاني وهو كظهر أمي.ا.هـ.
هذا كله إذا كان التحريم للزوجة، أما تحريم غير الزوجة فقد تقدم في الفتوى رقم: 4027 أنه لغو لا يترتب عليه شيء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... تحريم الأجنبية والتحريم بعد العقد
تاريخ الفتوى : ... 13 صفر 1426 / 24-03-2005
السؤال
الرجاء الإجابة على سؤالي ولكم جزيل الشكر حيث إنني أعيش وزوجتي في قلق دائم من هذا السؤال وهو أننا عندما كنا مخطوبين كنت أزور خطيبتي وكنت أداعبها وبشكل مستمر من غير دخول، وفي إحدى المرات اتصلت هاتفيا معي وهي غاضبة من مداعبتي لها وأصبحت تتكلم كلاما عني بمعنى أنني غير جدي، وطلبت مني بإصرار أن لا تكرر هذه(18/59)
المداعبة، فقلت لها في غضب تحرمي علي أن ألمسك مثل ما حرمت علي أمي، حتى أسافر حيث إنني أدرس في بلد غربي، وأنا ملتزم والحمد لله، وكانت مشيئة الله أن نتزوج قبل أن أسافر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذكرته من التحريم لهذه المرأة يفصل فيه, فإن كان قبل العقد وقصدت به الطلاق فلا يلزم لأنها أجنبية , وإن نويت به ظهارها فلأهل العلم اختلاف في وقوع الظهار من الأجنبية وعدمه، وراجع الفتوى رقم: 47683.
أما إن وقع التحريم بعد العقد فهو على حسب نيتك فيه على ما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 14259.
ومحل هذا كله إن كانت لك نية ، فإن لم تكن لك نية نظر إلى سبب اليمين وهو ما يعرف عند الفقهاء بالبساط (بساط اليمين) فإن كنت حرمت زوجتك قبل السفر من أجل أن مداعبتك إياها غير شرعية أو لأنها تغضبها، ثم زال ذلك الموجب بالزواج أو بإتمامه فلا حنث عليك إن شاء الله تعالى، قال محمد بن عبد الله الخرشي عند قول خليل بن إسحاق: ثم بساط يمينه أي وإن لم يكن للحالف نية أو كانت ونسي ضبطها فإنه ينظر في ذلك إلى بساط يمينه وهو السبب الحامل على اليمين فيعمل عليه من تخصيص أو تقييد كما يعمل على النية من بر أو حنث فيما ينوى فيه. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
-
حكم من كرر لفظ الظهار(18/60)
تاريخ الفتوى : ... 06 صفر 1426 / 17-03-2005
السؤال
إنا نحبكم في الله أنا وزوجتي وندعو لكم ونسألكم الدعاء ونثق فيكم ونرجو رأيكم في المسألة إثر مشادة كلامية بيننا عبر الهاتف واظبت زوجتي في تجريحي أنا وعائلتي فكظمت غيظي وطلبت منها الهدوء والهداية، علما بأنها حامل في الرابع وهو أول طفل لنا إن شاء الله وحالتنا النفسية سيئة في المدة الأخيرة لظروفنا الصعبة، المهم أن الغضب تملكنا فهددتني أن تحلف على القرآن بأن أكون محرما عليها دنيا وآخرة عندها فقدت صوابي وأمرتها أن تحلف ففعلت قائلة ثلاثا: يا فلان يا ولد فلانة تحرم علي دنيا وآخرة، واضعة يدها على القرآن، وقلت أنا كما قالت أي يا فلانة يا بنت فلانة تحرمين علي دنيا وآخرة بدون مصحف، أرجوك سيدي أن تفتينا في أسرع وقت، فقد ندمنا أشد الندم ونحن خائفون خاصة من الحلف على المصحف الشريف؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ينبغي أن تعلم أن الحياة الزوجية لا تخلو من مشاكل، والحازم هو الذي يعالج ذلك بالرفق، والحكمة من ذلك أنه إذا وجد أحد الطرفين الآخر مخطئاً في حقه عليه أن يصبر حتى يزول عنه الغضب ويصحو من سكرته، فإن كان الخطأ يحتاج إلى أن ينبه عليه، كالذي صدر من زوجتك بحقك وحق أهلك، فهذا لا مانع من النقاش فيه بما يحل المشكلة لئلا تؤدي عند تكررها إلى حدوث خلاف بين الزوجين مستقبلاً فتكون سبباً فيما لا تحمد عقباه هذا من حيث العموم.(18/61)
أما بخصوص ما صدر منك من تحريم لزوجتك فلأهل العلم فيه اختلاف سواء كان ذلك على المصحف أو بدونه، وهو هل تحريم الزوجة يعد بينونة كبرى أو ظهاراً، أو لا يلزم منه إلا كفارة يمين؟ وراجع في ذلك الفتوى رقم: 7438، والفتوى رقم: 26876،
وعلى اعتبار أنه ظهار -كما هو المرجح عندنا- وأنك كررته كما كررته المرأة، فإن تكرارك له قبل التكفير لا يلزم منه إلا كفارة واحدة، قال صاحب التاج والإكليل نقلاً عن ابن شاس: لو كرر لفظ الظهار على واحدة متواليا كقوله أنت علي كظهر أمي، أنت علي كظهر أمي، أنت علي كظهر أمي، فليس إلا كفارة واحدة.
وقال في الإنصاف: قوله: وإن كرر الظهار قبل التكفير فكفارة واحدة، هذا هو المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد.
وذهب الشافعية إلى أن تكرار لفظ الظهار يتعدد به إلا مع الموالاة، قال في روض الطالب: ولو كرر لفظ الظهار في امرأة واحدة وفرقه تعدد، ولو نوى به التأكيد، لا إن والاه. انتهى، هذا بالنسبة لتحريمك أنت لزوجتك، أما بالنسبة لما صدر من زوجتك فتراجع فيه الفتوى رقم: 53419، والفتوى رقم: 34824
وعلى العموم فعليك بمراجعة المحاكم الشرعية في بلدك.
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم من قال لزوجته أنت محرمة علي مثل أمي إن فعلت كذا
تاريخ الفتوى : ... 21 محرم 1426 / 02-03-2005
السؤال(18/62)
ما هو حكم الدين فى رجل قال لزوجته أنت محرمة علي مثل أمي وأختي إذا أخذت من فلانة مالا وبعد فترة من الزمن نسيت الزوجة اليمين وأخذت مالا من تلك السيدة وأخبرت زوجها بما حدث وحين عاتبها على هذا قالت إني نسيت وقامت بإرجاع المال إلى تلك السيدة فهل على الزوج كفارة أم لا؟ وما حكم الدين في نفس الرجل قال لزوجته إن لم تصل تكوني محرمة علي مثل أمي وأختي فصارت الزوجة تصلي وبعد فترة من الزمن أصبحت الزوجة غير مداومة على الصلاة أحيانا تصلي وأحيانا لا تصلي مع العلم بأن الرجل لم يكن يعلم كفارة اليمين فهل عليه كفارة أم لا؟
وكيف يتبرأ الرجل من اليمين
وجزاكم الله كل خير
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الرجل لزوجته أنت محرمة علي مثل أمي وأختي إذا أخذت كذا أو إن لم تفعلي كذا. ينظر فيه إلى نية الزوج، فإن قصد بمجموعه الظهار كان ظهاراً، وإن قصد به مجرد الطلاق كان طلاقاً.
قال صاحب مغني المحتاج: ولو قال: أنت علي حرام كظهر أمي ونوى بمجموعه الظهار فمظاهر؛ لأن تلفظ الحرام ظهار مع النية فمع اللفظ والنية أولى، وإن نوى به الطلاق فطلاق لأن لفظه الحرام مع نية الطلاق كصريحه، ولو أرادهما بمجموعه أو بقوله أنت علي حرام اختار أحدهما، فيثبت ما اختاره منهما. اهـ
وعلى اعتبار كونه ظهارا فلا يؤثر في صحته كونه معلقاً لأنه يصح فيه التعليق، فمتى ما حصل المعلق عليه وقع.(18/63)
قال في المنهاج: ويصح تعليقه كقوله: إن ظاهرت من زوجتي الأخرى فأنت علي كظهر أمي، فظاهر صار مظاهرا منهما. اهـ
أما على وجه التفصيل، ففي الأولى خلاف بين أهل العلم في وقوع الحنث وعدمه بالنسيان إذا فعل المحلوف عليه ما يناقض اليمين، فذهب طائفة من الفقهاء ومنهم المالكية إلى وقوع الحنث لأنهم لا يفرقون بين النسيان والعمد في الحنث، وعليه فإن الظهار واقع لوقوع المحلوف عليه.
وذهب الشافعية إلى أنه إن كان المحلوف عليه ممن يبالي بيمين الحالف لمكانته عنده وعلم بالتعليق فإنه لا يحنث بالنسيان، وراجع الفتوى رقم: 52979.
أما المسألة الثانية، فإنه يرجع فيها إلى نية الزوج، فإن قصد بقوله: إن لم تصل؛ عدم ترك الصلاة مطلقاً في المستقبل فمتى ما وقع منها ترك وقع الحنث، وإن قصد به صلاة معينة وفعلتها فلا يحنث بتركها لغيرها.
وعلى العموم، فالذي ننصح به الرجوع إلى المحاكم الشرعية ببلد السائل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... القسم بالحرام والحنث فيه
تاريخ الفتوى : ... 27 ذو الحجة 1425 / 07-02-2005
السؤال
الموضوع هو أنه في وقت حرج وموقف خطير اعتداء كرامة من طرف شخص لم نتمكن منه آنذاك الوقت عتقني الله من ذنبه وقد كانت زوجتي مرافقة لي وقت الهروب بابنتي ذلك الوقت الذي فوجئنا فيه بالهرب صاحت زوجتي وبكت بكاء شديدا فزاد عندي الغيظ وقد خاطبت زوجتي مباشرة وأنا على فكر صحيح وثابت مما قلت قسمت لها ثلاث مرات(18/64)
بالحرام أني متأسف ولأول مرة في حياتي وأنا أحمل كلام الله ولكن على مراد الله خرج مني هذا القسم الخطير وإني أطلب منك سيدي حل هذا اليمين ومع القسم قلت لها أني أفدي هذا القسم بضرب عشرة بالسكين وأنزف دماؤهم من رجال القبيلة التي ينتمي لها ذلك الرجل مع العلم أنه الآن تحصن منا بالحكم والقانون وتزوجها على سنة الله ورسوله وأصبحت عروسه أما أنا اطلب منك سيدي الفتوى في يميني هذا فقط
وفقكم الله سيدي
0 فهرس } عيد سعيد - صلى الله عليه وسلم - تمت - صلى الله عليه وسلم - فهرس مقدمة - صلى الله عليه وسلم - عيد سعيد - عليه السلام - - - - رضي الله عنه - مقدمة - } - - - - مقدمة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقسمك بالحرام إما أن تنوي به عند التلفظ الطلاق فيكون طلاقاً أو الظهار فيكون ظهاراً، أو لا هذا ولا ذاك فعليك كفارة يمين، وهذا ما سبق في الفتوى رقم: 30708، والفتوى رقم: 23975 هذا إذا حنثت في يمينك.
قال الشيخ زكريا الأنصاري في فتح الوهاب: ولو قال: (أنت علي حرام أو حرمتك ونوى طلاقاً) وإن تعدد (أو ظهاراً وقع) المنوي، لأن كلا منهما يقتضي التحريم فجاز أن يكنى عنه بالحرام (أو نواهما) معا أو مرتباً (تخير) وثبت ما اختاره منهما، ولا يثبتان جميعاً، لأن الطلاق يزيل النكاح، والظهار يستدعي بقاءه (وإلا) بأن نوى تحريم عينها، أو نحوها كوطئها، أو فرجها أو رأسها، أو لم ينو شيئاً (فلا تحرم) عليه، لأن الأعيان، وما ألحق بها لا توصف بذلك. (وعليه كفارة يمين كما لو قاله لأمته) فإنها لا تحرم عليه، وعليه كفارة يمين أخذاً من قصة (مارية لما قال صلى الله عليه وسلم: هي علي حرام نزل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا(18/65)
النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ... إلى قوله: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ. أي: أوجب عليكم كفارة ككفارة أيمانكم. اهـ
وقال في أسنى المطالب: قال الزركشي ومثله فيما يظهر علي الحرام أو الحرم يلزمني لا أفعل كذا أو ما فعلت كذا (فلو حلف به وله نساء فحنث طلقت إحداهن). اهـ أي: إن نوى الطلاق.
وأما حل اليمين بضرب عشرة من قبيلة الجاني، أو بشيء من هذا النوع، فشريعة جاهلية مصادمة لشرع الله تعالى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الحلف بتحريم الزوجة والحنث
تاريخ الفتوى : ... 02 ذو الحجة 1425 / 13-01-2005
السؤال
قلت : علي الحرام حرم من عيالي لا أخبر أحدا ولكن بعد فترة أخبرت شخصا آخر فما الحكم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء فيمن حلف بتحريم زوجته على شيء وحنث، فمنهم من يرى أنه ظهار، ومنهم من يرى أنه طلاق، ومنهم من يرى أنه لا يلزمه منه شيء.(18/66)
وأرجح الأقوال عندنا هو أنه يرجع في هذا إلى نية الحالف، فإن قصد به الظهار فهو ظهار، وإن قصد به غيره فهو كما نوى، وراجع في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14259، 30708، 31141.
وعلى العموم، فالذي نرشد إليه السائل هو الرجوع إلى المحاكم الشرعية في بلده.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تحريم المرأة بغير نية الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 21 ذو القعدة 1425 / 02-01-2005
السؤال
طلقت زوجتي وأرجعتها بعد ذلك خلال شجار قلت لها أنت حرام علي دون أن أنوي الطلاق، وقمت بإطعام ستين مسكيناً (لأن ظروف عملي لا تسمح لي بصيام شهرين متتابعين)، وأرجعتها بعد ذلك، وخلال مشادة قلت لها يمكنك أن تعتبري نفسك مطلقة من باب التهديد وذهبت عند أهلها وبعد ذلك سألني شقيقها عن القرار الذي اتخذته، فقلت الطلاق دون أن أكون قد حسمت الأمر، والآن أريد أن أرجعها، فهل يجوز ذلك، أرجو أن يحال هذا السؤال على فضيلة الشيخ الدكتور القرضاوي؟ وجزاكم الله ألف خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يتولى الإجابة على الأسئلة في هذا الموقع هو الفريق الشرعي في الموقع وليس للشيخ الدكتورالقرضاوي مشاركة فيه أو إشراف عليه. وأما عن جواب السؤال فقد سبق في الفتوى رقم: 2182 وغيرها من الفتاوى حكم قول الرجل لزوجته أنت علي حرام أو(18/67)
محرمة وخلاف أهل العلم فيه؛ حيث ذهب بعضهم إلى القول بأن ذلك بينونة كبرى لأن التحريم يقتضي ذلك، ومنهم من قال إن القائل يسأل عن نيته فإن قصد الطلاق فهو طلاق، وإن قصد الظهار فهو ظهار، وإن قصد اليمين فهو يمين، ويعامل بما يترتب على ذلك. ورجحنا هذا القول لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات... متفق عليه.
وإذا كان السائل قد نوى الظهار أو اعتبر التحريم ظهاراً وهو قول -قوي جدا- وكفر عن ظهاره بإطعام ستين مسكيناً حيث كان لا يستطيع صيام شهرين متتابعين فقد حلت له زوجته، علما بأن مجرد العمل ومواصلته لا يبيح الانتقال إلى الإطعام، فالعلماء قالوا: فإن لم يستطع الصوم لكبر أو مرض أو لخوف زيادته أو نحو هذا انتقل إلى الإطعام، أما السفر ونحوه من الأمور الاختيارية فليس مبيحاً للانتقال إلى الإطعام، وبهذا يعلم السائل أنه لا يقبل منه الإطعام لظروف عمله إلا إذا كان قطع هذا العمل يتضرر به في معيشته، قال البهوتي في كشاف القناع عاطفاً على ما يسوغ الانتقال إلى الإطعام: أو لضعف عن معيشته.
أما باقي السؤال فقد سبقت الإجابة عليه أكثر من مرة، فيمكن للسائل الرجوع إلى الأسئلة السابقة التي أرسلها إلينا ففيها الإجابة مع العلم بأنه في الأسئلة السابقة ما كان يذكر التحريم، وإنما يذكر أن امرأة مطلقة تطليقتين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... حكم الظهار من الأجنبية
تاريخ الفتوى : ... 15 ذو القعدة 1425 / 27-12-2004
السؤال(18/68)
أنا شاب توجد بيني وبين فتاة علاقة حب أنا أنوي الزواج منها بعد فترة إن شاء الله ولكن دار بيني وبينها حوار وطال النقاش وتشاجرنا وفي لحظة غضب تلفظت بكلمات وهي أنت حارم علي زوجة وكذلك حرمة دين إذا تزوجتها ، ما حكم الدين في ذلك ، هل أتزوجها أم لا أتزوجها، نأمل منكم الجواب على سؤالي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك للفتاة " أنت حرام علي زوجة" راجع إلى نيتك، فإن نويت به يمينا فهو يمين، تكفر عنها بكفارة اليمين. وإن نويت به ظهارا فهو ظهار، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
2182. إلا أنه ظهار من أجنبية، وهو صحيح ونافذ في رأي الجمهور. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 10352. وعليه، فإن تزوجت هذه الفتاة فلا يجوز لك مسها ـ والمس هنا الجماع ـ حتى تكفر كفارة الظهارة. وتقدمت كفارة الظهار في الفتوى رقم: 192. ولم يتضح لنا مراد السائل بقوله: وكذلك حرمت ديني.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الحلف بالحرام.. ما ينبني عليه في حال الحنث
تاريخ الفتوى : ... 20 رجب 1425 / 05-09-2004
السؤال
لي أخت
وذات يوم كنت في حالة غضب وأقسمت لها وكذلك قلت لها بالحرم لم تدخلي إلى منزلي(18/69)
واليوم ندمت على ما فعلت والآن أردت أن تدخل إلى منزلي كما كانت تدخل سابقا للعلم فهي متزوجة
وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا ننصح السائل الكريم بالتحفظ من كثرة الحلف بالله تعالى، لأن ذلك قد يوقع في الحرج، وقد يؤدي إلى الاستهانة بالحلف بالله تعالى، أما الحلف بغير الله تعالى فلا يشرع أصلا، لقوله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت
. متفق عليه. وعليه أن يتجنب الحلف بالحرام وغيره مما لا يشرع الحلف به في المستقبل، ويتوب إلى الله مما مضى، فإن كان أقسم بالله تعالى وهو يعي ما يقول فعليه أن يكفر عن يمينه ويترك أخته تدخل بيته، لقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. رواه مسلم. وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فمن لم يجد فعليه صيام ثلاثة أيام.
وأما الحلف بالحرام فقد اختلف أهل العلم فيما يترتب عليه في حال الحنث، فمن العلماء من يقول إن الحالف يعتبر مظاهرا، ومنهم من يقول: إن زوجة الحالف تحرم إن حصل المحلوف عليه، وهو هنا دخول أخت السائل في بيته، وهذا القول هو المشهور من مذهب مالك، لكن الراجح من أقوال العلماء أنه يعتبر مظاهرا، ولبيان ما يجب على المظاهر يرجى مراجعة الفتوى رقم: 22979 . ولمعرفة حد الغضب الذي لاعبرة بما يصدر من صاحبه راجع الفتوى رقم: 8628 .
وبناء على هذا، فإنه تلزمه كفارة الظهار إن ترك أخته تدخل بيته كما كانت، ويكفر عن يمينه بالله إن كان قد أقسم بالله، ولا عبرة بكونها متزوجة أوغير متزوجة.(18/70)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم مناداة الزوجين بلفظ الأب والأم
تاريخ الفتوى : ... 08 رجب 1425 / 24-08-2004
السؤال
هل حرام أم حلال أن ينادي الزوج زوجته في البيت أو في أى مكان باسم ماما، وهي أيضا عندما تناديه باسم بابا هل هو حرام أم حلال؟ وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنداء الرجل زوجته باسم ماما لا ينبغي، لأنه بمعنى يا أمي، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل ذلك، فقد روى أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمع رجلاً يقول لامرأته يا أخيّة فنهاه.
وقال خليل: وسفه قائل يا أمي ويا أختي.
يعني أن من نادى زوجته بيا أمي أو يا أختي لا تحرم عليه تحريم المظاهر منها، ولكنه ينسب إلى السفه، وينهى عن مثل هذا النداء، وما قيل في نداء الرجل لزوجته يقال مثله في نداء المرأة زوجها باسم بابا، لأن معناه يا أبي.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
الظهار لا يزيل حكم الزوجية(18/71)
تاريخ الفتوى : ... 02 رجب 1425 / 18-08-2004
السؤال
أمي امرأة في ال52 من العمر قام أبي بالمظاهرة منها قبل 14 عاما وتم الانفصال بينهما ونظرا لما حدث لوالدي من مرض نفسي بعد ذلك فهو لم يردها وبقيا منفصلين طوال هذه السنين. الآن توفي والدي فسؤالي هو هل واجب على أمي أن تؤول على زوجها كأي زوجة تعيش مع زوجها حياة طبيعية علما بأن أمي امرأة لا تفكر بالزواج مرة أخرى.
وجزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما حصل من أبيكم هو ظهار حقيقة فإن أمك ما زالت زوجة لأبيك، ولها كل حقوق الزوجة، وعليها ترك الزينة في زمن عدة الوفاة، وأن لا تخرج من البيت الذي بلغها الخبر فيه إلا لحاجة كما سبق في الفتوى رقم: 35808. لأن مجرد الظهار لا يزيل حكم الزوجية.
وأما كفارة الظهار فهل يجب عليكم إخراجها من مال أبيكم قبل قسمة الميراث أم لا والجواب عن ذلك يتوقف على معرفة ما هو المراد بالعود في قوله تعالى: ثُمَّ يَعُودُونَ {القصص: 3}، وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 18644، أن الراجح هو أن العود هو العزم على الوطء فإن لم تعلم نية الأب بذلك عن طريق تصريحه مثلاً، فالأصل براءة الذمة إلاَّ أن الأحوط إن كان له مال أن تخرج الكفارة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(18/72)
ما يلزم من الظهار المعلق
تاريخ الفتوى : ... 23 ربيع الثاني 1425 / 12-06-2004
السؤال
أتقدم لفضيلتكم داعياً الله عز وجل أن أجد الحل الصحيح لديكم حيث إن موضوعي يتلخص في الآتي:-
ومشكلتي الرئيسية هى أني أُنفذ ماجاء في كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قدر الإمكان والقابض على دينه كالقابض على جمرة من نار .
ومدة سفري إحدى عشر عاماً لم أوفر شيئاً حيث إني راضٍ بقضاء الله وأحمده على فضله وعلى كل الأحوال.
إني متزوج منذ عام ونصف – وأنا أقول لزوجتي لايحق لكِ أن تخرجي من بيت الزوجية إلا بموافقتي حيث إن زوجتي تعيش في منزل عائلتي مع والدي وهم لايضايقونها أبداً وهي معترفة بذلك .
وإنها تقول لي دائما خذني معك في سفرك وهي لاتصبر علي فيما أقوم به من محاولات لإحضارها إلى هنا لتعيش معي حيث أني أعمل في مكتب محاسب قانوني سكرتيرا وفني كمبيوتر ومهنتي عامل – وتعلمون فضيلتكم أن مهنة العامل لايحق لها أية مزايا .
يوجدعليٌ ديون بالمملكة لبعض الزملاء بسبب تليفونات دولية من العام الماضي كنت قد اتصلت عليها لتفادي وعلاج مشاكل كثيرة ولكن دون جدوى كذلك يوجد دين ببلدي وهي تعرف ذلك وطلبت منها الصبر على ذلك إلى أن أسدد وأعود إليها لنعيش معاً بجوار ابنتنا ولكن دون جدوى ولا أعرف ماذا تريد إلا السفر فقط ؟!(18/73)
أمها تسيطر عليها بطريقة غير عادية من أشياء كثيرة يطول شرحها حيث لفت انتباه زوجتي إلى ذلك دون جدوى وتذهب وتقول لها على كل ما يدور بيننا من أية أشياء مهما كان حتى الذي يدور بين والدي . مما كان له الأثر السلبي على حياتنا .
الخلاصة : أني عدت من إجازتي السنوية وبعد ثلاثة أشهر من العودة ذهبت إلى أمها لتجلس هناك يومين أو أكثر بدون علمي فاتصلت عليها هناك وتحدثت إليها بأسلوب كويس وتغاضيت على ذلك الخطأ وسألتها عنه فقالت إنها زهقانة (طفشانه) فقلت لها كم يوم يقضونك – وسمحت لها بيومين – وجلست ما يقرب من ثلاثة أيام وعادت إلى بيتنا لتأخذ الذهب وملابس أخرى ولتخرج بهم من باب خلفي للمنزل دون إذن أو أن يراها أحد لتعود إلى أمها ـ فأغضبني ذلك أن لايوجد أمان خاصة مع سفري هذا ـ فحلفت على والدي ووالدتي أنها إذا دخلت البيت تكون (طالقاً) وهذا يكون تقييداً لهم فهم لا يسمعون الكلام نهائيا مهما قلت لهم وكان ذلك نتيجة معاملتهم لي ـ أنهم يعاملوني وكأني طفل إذا غضبت زوجتي وخرجت من البيت في غيابي يذهبون ويحضرونها دون إذني مما يسبب المشاكل الكثيرة أكثر من إصلاحها وضجيت منهم ومن زوجتي لأمور كثيرة.
الأمر الثاني والمهم: هو أن والدي لم يقم بفعل أي شيء مما قلت له عليه من أمور كثيرة منها أني أردتهم إرسال ورق مهم وشهادات لي من البلد بالبريد فلا يفعلون مما يضعيون علي أشياء مهمة ولعملي الذي سافرت من أجله ـ وأنا جالس لا حول لي ولا قوة إلا بالله ـ مما سبب لي زهق وضيق خلق شديدين عافاكم الله وعلى أثره كشفت عند دكتور أمراض قلب بسبب تلك الظروف القاسية وهاأنا اليوم اشتكي من عصب بالظهر يشتد عند التفكير أو الزهق وعلى أثره من عملي لأسباب كثيرة ـ فقد قلت لأختي الكبيرة أمك فعلت كذا فقالت لا فضاق خلقي وبشدة قلت لماذا خلاص حرمت زوجتي علي الآن لازم أن تفعل ذلك الشيء وهو مثلاً أن تنزل بعض الأغراض من شقتنا ليستعملوها في بيت العائلة أدباً لزوجتي(18/74)
قبل الحلفان والغضب على أن أُحضر بدل منه في المستقبل إن شاء الله تعالى ـ ولكنهم أوصلوني لذلك الغضب وعناد زوجتي إلى الحلف مع أني شديد الحرص عليها ولا أقبله من أي إنسان هذا والله أعلم والهادي إلى سواء السبيل .
شاكراً لفضيلتكم ـ جعلكم الله ذخراً للإسلام والمسلمسن ،
والله تعالى يحفظكم ويرعاكم ويسدد خطاكم ،
السؤال:-
فقد قلت لأختى الكبيرة أمك فعلت كذا فقالت لا فضاق خلقي وبشدة قلت لماذا خلاص حرمت علي ( المقصود بالزوجة)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حلف السائل لوالديه بطلاق زوجته إن دخلت البيت يعتبر من الطلاق المعلق، ومذهب جمهور الفقهاء على أنه يقع إن وقع الشيء المحلوف عليه، وهو هنا دخول البيت، أي تطلق طلاقاً رجعياً إذا كان هو الأول أو الثاني، وسواء قصد بذلك منع الوالدين من الأشياء التي ذكرها أو قصد التهديد أو الطلاق.
وذهب بعض العلماء منهم شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنه إن قصد التهديد أو المنع لم يقع الطلاق في حال وقوع المحلوف عليه، وإنما عليه كفارة يمين، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 5684.
وأما قول السائل في حالة غضبه: خلاص حرمت زوجتي الآن... إلى آخر الكلام، فإنه غير واضح، إذ لم يتضح لنا هل المراد به التحريم المعلق أو التحريم المنجز، وعلى كل حال فالراجح عندنا أن تحريم الزوجة يعتبر ظهاراً كما سبق في الفتوى رقم: 17483.
والسائل أدرى بمدلول كلمته، فإن قصد بها التنجيز فهو ظهار منجز، وإن قصد بها التعليق فهو ظهار معلق إذا وقع المعلق عليه لزمه ما يلزم المظاهر.(18/75)
ثم عليه أن يعامل والديه وزوجته برفق، ففي الحديث: إن الله يحب الرفق في الأمر كله. رواه البخاري.
وقد أمر الله بمصاحبة الوالدين بالمعروف، ولو كانا كافرين. قال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا. [ لقمان: 15].
فما بالك بالوالدين المسلمين، وعليه أن يتحمل كل ما يصدر منهما ولو قصرا في حقه، أو لم يرسلا له أموراً مهمة عنده، أو نحو ذلك.
وكذلك الزوجة، فإنه مطالب بالرفق بها ولو أخطأت في حقه مرة وخرجت بغير إذنه، ففي الحديث: خيركم خيركم لأهله. رواه الترمذي.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المرأة خلقت من ضلع أعوج ولن تستقيم على طريقة، فإن استمعت بها استمتعت بها على عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها. متفق عليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الظهار من الأجنبية
تاريخ الفتوى : ... 02 ربيع الأول 1425 / 22-04-2004
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد فسخت خطبتي وحلفت أني لن أعو د لها وقلت تحرم علي مثل أمي وأختي وكنت أعرف أني سأعود ولكن الموقف كان مستفذاً اضطرر ت لهذا الحلف والآن بعد سنة يسعون للصلح وأنا أريده فماذ أفعل؟(18/76)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن هذه صغة ظهار، وقد اختلف العلماء في وقوع الظهار من الأجنبية وعدمه على قولين أحدهما أنه يصح، والثاني أنه لغو لا عبرة به، قال ابن قدامة في المغني: الظهار من الأجنبية يصح سواء قال ذلك لامرأة بعينها أوقال كل النساء علي كظهر أمي، وسواء أوقعه مطلقاً أو علقه على التزويج، ومتى تزوج التي ظاهر منها لم يطأها حتى يكفر، يروى هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبه قال سعيد بن المسيب وعروة وعطاء والحسن ومالك وإسحاق، ويحتمل ألا يثبت حكم الظهار قبل التزويج، وهو قول الثوري وأبي حنيفة والشافعي. هـ
هذا إن قصدت بما قلت الظهار، وإلا فلا شيء عليك، ولا شك أن من الورع والاحتياط أنه إذا أردت الزواج بهذه المرأة أن تكفر كفارة ظهار، وهي مبينة في الفتوى رقم: 192، والفتوى رقم: 12075.
وننبهك إلى أن فسخ الخطوبة من غير مسوغ شرعي أمر لا ينبغي، وكان الأولى بك عدم فعله.
وانظر الفتوى رقم: 7237.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
-ـــــــــــــــــــ
حكم من تلفظ بالظهار ناوياً التأديب
تاريخ الفتوى : ... 01 محرم 1425 / 22-02-2004
السؤال(18/77)
وأنا في حالة غضب قلت لزوجتي:
أنت على مثل أمي لمدة شهر ولم أقصد الظهار
وإنما قصدت هجرها للتأديب فماذا علي أن أعمل الآن؟
وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء فيمن قال لزوجته: أنت على كأمي هل يكون ظهارا؟ وأكثر أهل العلم على أنه إن نوى به الظهار فهو ظهار، وأنه يرجع فيه إلى نيته.
قال ابن قدامة في "المغني": فصل: وإن قال: أنت علي كأمي أو مثل أمي ونوى به الظهار فهو ظهار في قول عامة العلماء، منهم أبو حنيفة وصاحباه، والشافعي، وإسحاق، وإن نوى به الكرامة أو التوقير أو أنها مثلها في الكبر أو الصفة، فليس بظهار، والقول قوله في نيته. انتهى.
وبما أنك لم تنو بذلك الظهار، فلا تحرم عليك زوجتك، ولكن ننبهك إلى التروي وعدم التعجل في التلفظ بمثل هذه الألفاظ، وأن تجعل الحكمة نهجك في حل المشاكل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
الفتوى : ... تحريم الرجل امرأته يرجع فيه إلى نيته
تاريخ الفتوى : ... 02 ذو الحجة 1424 / 25-01-2004
السؤال
حصل شجار وخصام بيني وبين زوجتي في ثالث أيام عيد الفطر ......إلخ(18/78)
وقلت لزوجتي والله غدا ستعيدين(تقضين العيد)مع أهلك وإلا فأنت حرام علي كحرمة أمي علي.
فما الحكم فيها علما بأنني وقتها غاضب جدا وزوجتي لم تقض العيد مع أهلها في ذلك اليوم،
وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتحريم الزوجة مختلف فيه عند الفقهاء، فهو بينونة كبرى عند المالكية، وظهار عند الحنابلة، وراجع إلى النية عند الشافعية، فإذا كانت نية القائل الظهار صار ظهاراً، وإذا كانت نيته الطلاق صار طلاقاً، وإذا كانت نيته اليمين كان يميناً، وكذا إذا طلق ولم ينو شيئاً فهو يمين، وهذا القول هو الأقرب كما هو مبين في الفتاوى التالية: 2182/14259/23974/26876/37469.
وأما عن الغضب فإذا كان قد بلغ بك إلى درجة أنك لا تعي ما تقول، فإنه لا عبرة بما قلته من التحريم، أما إذا كان غضباً طبيعياً تعي معه ما تقول، فأنت مؤاخذ به، وراجع الفتوى رقم: 26876.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الحكم فيمن طلق من ظاهر منها ثم تزوجها
تاريخ الفتوى : ... 05 ذو القعدة 1424 / 29-12-2003
السؤال(18/79)
ما حكم من ظاهر زوجته ولم يستطيع أن يصوم أو أن يطعم فطلق زوجته ثم أراد أن يرجعها، فهل يسقط عنه حد الظهار؟ وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الطلاق رجعيا، وأراد الزوج إرجاع زوجته، فإنه لا يحل له وطؤها حتى يكفر عن ظهاره، ولا تسقط الكفارة بطلاق، وأما إن كان الطلاق بائنا بينونة صغرى، وأراد الزوج أن يعقد النكاح على مطلقته، فهل تسقط عنه الكفارة أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أن الكفارة لا تسقط عنه مطلقا وأنها لازمة له، وذهب الشافعي في قول إلى سقوط الكفارة عنه، وله قول ثالث بأن الكفارة تسقط إن كانت البينونة بطلاق الثلاث، وإلا لم تسقط.
قال ابن قدامة رحمه الله: الفصل الثاني: أنه إذا طلق من ظاهر منها ثم تزوجها، لم يحل له وطؤها حتى يكفر، سواء كان الطلاق ثلاثا أو أقل منه، وسواء رجعت إليه بعد زوج آخر أو قبله، نص عليه أحمد، وهو قول عطاء والحسن والزهري والنخعي ومالك وأبي عبيد، وقال قتادة: وإذا بانت سقط الظهار، فإذا عاد فنكحها فلا كفارة عليه.
وللشافعي قولان كالمذهبين، وقول ثالث: إن كانت البينونة بالثلاث لم يعد الظهار وإلا عاد. انتهى من "المغني".
وقد استدل الجمهور بعموم قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا المجادلة: 3].
قال ابن قدامة في "المغني" موجها الاستدلال بالآية: وهذا قد ظاهر من امرأته فلا يحل أن يتماسا حتى يكفر. انتهى المقصود.(18/80)
وحجة الشافعي على سقوط الكفارة ما ذكره في كتابه "الأم"، حيث قال: لو تظاهر منها ثم أتبعها طلاقا لا يملك الرجعة ثم نكحها لم يكن عليه كفارة، لأن هذا ملك غير الأول الذي كان فيه الظهار. انتهى.
والذي يظهر أن قول الجمهور أرجح، وننبهك في ختام هذا الجواب إلى عدم التعجل في التلفظ بالطلاق أو الظهار، لأن عاقبة ذلك الندم، واجعل التفاهم سبيلا لحل مشاكل الزوجية.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... تحريم الزوجة يحتمل عدة أحكام
تاريخ الفتوى : ... 18 شعبان 1424 / 15-10-2003
السؤال
قلت لزوجتي تحرمي علي إن فعلت كذا، ففعلت عن سوء فهم، فما الحكم؟ وإن اعتبرت طلقة فكيف أرجعها في فترة العدة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فمن حرم زوجته ونوى بذلك الطلاق وقع طلاقاً، أو نوى الظهار كان ظهاراً، أو نوى اليمين كان يميناً، وتفصيل ذلك في الفتوى رقم: 30708. وكيفية مراجعة الزوجة مبينة في الفتوى رقم: 12908. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
-ـــــــــــــــــــ(18/81)
إذا حرمت المرأة زوجها
تاريخ الفتوى : ... 28 رجب 1424 / 25-09-2003
السؤال
إذا قالت الزوجة أكون محرمة على زوجي لو كلمت فلانة، ثم اضطرتها الظروف للكلام معها، فما هو الحكم الشرعي؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزوجة لا تملك طلاق زوجها إنما الزوج هو الذي بيده عقدة النكاح، فعن شريح قال: سألني علي بن أبي طالب عن الذي بيده عقدة النكاح، فقلت هو ولي المرأة، فقال علي: بل هو الزوج. ذكره ابن كثير في تفسيره.
وعليه فإن هذه الزوجة لا تحرم على زوجها بل عليها كفارة ظهار، لأن التحريم يعتبر ظهاراً على القول المختار، كما في الفتوى رقم:
7438.
والزوجة إذا ظاهرت من زوجها بأن قالت أنت علي كظهر أبي مثلاً، تلزمها كفارة ظهار على الراجح من كلام أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: وإذا قالت المرأة لزوجها أنت علي كظهر أبي لم تكن مظاهرة ولزمتها كفارة الظهار لأنها قد أتت بالمنكر من القول والزور. انتهى.
وكفارة الظهار ثلاثة أنواع اشتملت عليها الآية الكريمة من سورة المجادلة، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ(18/82)
يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ [المجادلة:3-4].
لكن على هذه الزوجة أن تتوب إلى الله، وأن لا تعود إلى مثل هذه العبارة، فقد تؤدي إلى مشاحنة بين الزوجين، وربما يترتب على ذلك ما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
قال لزوجته "أنت محرمة علي" فماذا عليه؟
تاريخ الفتوى : ... 21 رجب 1424 / 18-09-2003
السؤال
قد قلت لزوجتي إنها محرمة علي فقط، وكنت فى حالة ضيق، وقد سألت وأفادوني بأن علي كفارة وهي إطعام 60 مسكيناً فقدرتهم بنقود ووضعتها فى مسجد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن قول الرجل لامرأته أنت علي حرام أو محرمة... هو كناية يحتاج إلى نية، فإن قصد به الظهار كان ظهاراً، وإن قصد به الطلاق كان طلاقاً، وإن قصد به اليمين كان يمينا تلزم فيه كفارة اليمين. ولتفاصيل ذلك وأدلته وأقوال العلماء، نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 26876. ولعل الذين أفادوك بكفارة إطعام ستين مسكيناً، قد استندوا في ذلك إلى قول بعض أهل العلم بأن تحريم الزوجة يعتبر ظهاراً، قياساً على قول القائل لزوجته "أنت علي كظهر أمي"، فهذا ظهار عندهم باتفاق، وهذا القول له اعتبار عند أهل العلم وذهب إليه بعضهم. وعليه فإذا كنت دفعت تلك الكفارة للمساكين (إطعام ستين مسكينا)، أو قيمتها(18/83)
بعد العجز عن صيام شهرين متتابعين، فإن ما فعلت صحيح إن شاء الله تعالى، لأنه مستند على قول قوي ومذهب معتبر. أما إذا كنت دفعت الكفارة (الإطعام) وأنت قادر على عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، فإن ذلك لا يجزئك لأن كفارة الظهار تجب على الترتيب، كما جاء في الآية الكريمة: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ [المجادلة:3-4]. كما أن مجرد وضعها في المسجد لا يكفي، فلا بد من إيصالها إلى المساكين أو وضعها في يد أمينة توصلها إليهم، وبإمكانك أن تستفتي قضاة المحاكم الشرعية عندكم. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ما يلزم من قال لزوجته ( دعينا نعيش مثل الإخوان)
تاريخ الفتوى : ... 02 رجب 1424 / 30-08-2003
السؤال
أنا شاب ملتزم ولله الحمد، وقد أصبت منذ أربع سنوات بمرض الوسواس في الصلاة وفي معظم العبادات. والسؤال أنه منذ فترة حصلت لي مشكلة مع زوجتي جعلتني أقول لها اتركينا نعيش مثل الإخوان بما تعنيه هذه الكلمة من معاني، وبعدها قلت لها اتركينا نعيش مثل الأصحاب وأنا في حيرة من أمري، فهل علي شي؟ جزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سبق بيان ما يتعلق بالوسوسة في العبادات، وبيان الواجب فعله عندها، وراجع في ذلك الفتويين: 3086،(18/84)
2860. وبخصوص قولك لزوجتك "مثل الإخوان" أو "مثل الأصحاب" فالأقرب أنه من كنايات الظهار، فقد نص فقهاء الشافعية على أنه: ^لو شبه زوجته بأجنبية ومطلقة وأخت زوجة وأب للمظاهر وملاعنة له، فلغو هذا التشبيه، لأن الثلاثة الأولى لا يشبهن الأم في التحريم المؤبد، والأب أو غيره من الرجال كالابن والغلام ليس محلا للاستمتاع.^^ انتهى من كتاب مغني المحتاج لشربيني، والأشبه كونها من كنايات الطلاق، فالمرجع فيها إلى نيتك، فإن نويت بها الطلاق وقع وإلا فلا. وننبهك هنا إلى ثلاثة أمور: الأول: أنك إن كنت قد أطلقت هذه الألفاظ ابتداء ولم تقصد الطلاق، أو قصدته ثم طرأ عليك الشك بسبب هذه الوساوس فلا تلتفت إلى ذلك، بل خذ بالمتيقن أولا. الثاني: الحذر من إطلاق مثل هذه الألفاظ في المستقبل، والحرص على حل المشاكل بعيدا عن العصبية، دفعا للحرج. الثالث: مراجعة المحكمة الشرعية في بلدك، فهي أجدر بالنظر في مثل هذه القضايا. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من أحكام الظهار المهمة
تاريخ الفتوى : ... 14 جمادي الأولى 1424 / 14-07-2003
السؤال
زوجي وقع في ظهار، والآن يطبق فترة الصيام، انتهى من شهر ويكمل الشهر الثاني، كنت قد سألت من قبل عن أنه كان خائفا من الصيام خوفا على نفسه من الشبق، وجاءتني الإجابة أن من خاف على نفسه من الشبق فيجوز أن يطعم ستين مسكينا، ولكني لم أخبره بهذا حتى يكمل فترة الشهرين، فهل يجوز كتماني ذلك؟ وأنا ما فعلته إلا لأني قلت ما دام دخل في الصيام فالله يعينه ويقويه ويكمل، ويكون هذا أحسن من إطعام مسكين، وأيضا خوفا من اختلاف الآراء قلت نريد أن نأخذ بالأفضل، هل يجوز أني كتمت عنه؟ مع(18/85)
العلم بأني أنوي إخباره بعد انتهاء المدة إن شاء الله. وإن أخبرته الآن يوقف الصيام ويطعم ستين مسكينا، مع العلم أيضا بأنه ينوي أن يطعم أيضا ستين مسكينا تكفيرا أكثر لما بدر منه.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد الوعيد الشديد في كتم العلم، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ [البقرة:159].
وروى الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار. إلا أنه قد يجب على المرء أن يمتنع عن الحديث في أمر من الأمور لما يعلم أنه سيترتب عليه من المفسدة، ومن ذلك نهي الرسول صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل عن إخبار الناس بأن من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صدقا من قلبه حرمه الله على النار، قال: يا رسول الله أفلا أخبر الناس فيستبشرون؟ قال: إذاً يتكلون. أخرجه الشيخان وغيرهما.
وفي رواية: قال لا، إني أخاف أن يتكلوا عليها. فلا بأس -إذا- بفعلك ذلك، ولتخبريه بالحكم بعد ما يتم صيامه، واعلمي أنه إذا استطاع صيام شهرين متتابعين، فمعنى ذلك أن ما به من الشبق لم يبلغ المستوى الذي يبيح له الإطعام وترك الصيام.
وأما عن سؤالك الثاني: فإن المظاهر إذا لم يجد رقبة يعتقها وصام شهرين متتابعين، فقد أتى بما لزمه، قال تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [المجادلة: 4].(18/86)
وأما إطعامه بعد ذلك ستين مسكينا، فإنه لا ينبغي، لأنه عدول عما شرعه الله في كفارة الظهار، فله أن يتصدق على الفقراء والمساكين بأية طريقة يراها مناسبة، وفي ذلك من الأجور ما لا يعلم قدره إلا الله. قال تعالى: وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً [المزمل: 20].
ولكن ليس بفعل كفارتين عن ظهار واحد، فإن ذلك لا يشرع.
وأما عن سؤالك الثالث: فإن معانقة الزوجة وتقبيلها وما أشبه ذلك قبل إتمام الكفارة لا تجوز، ولكن فاعلها لا ينقطع تتابعه إلا إذا حصل منه ما يفسد به الصوم.
قال ابن قدامة في المغني: وإن لمس المظاهر منها أو باشرها دون الفرج على وجه يفطر به، قطع التتابع لإخلاله بموالاة الصيام، وإلا، فلا ينقطع. (824).
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يستمتع المظاهر بزوجته قبل تمام الكفارة
تاريخ الفتوى : ... 29 ربيع الثاني 1424 / 30-06-2003
السؤال
زوجي وقع في ظهار أنا أعرف كفارته، ولكن هل يجب أن تكون الكفارة بالترتيب المذكور في القرآن أم يمكن للشخص أن يطعم 60 مسكيناً كما هو مذكور في الخيار الثالث في الآية، وهل اليوم يوجد عتق رقبة، وإن صام الشخص فما الذي يجب عليه فعله تجاه زوجته، وما الحكم إن قبلها أو عانقها أثناء فترة صيامه الشهرين، أجيبونا؟ جزاكم الله عنا كل الخير.
الفتوى(18/87)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن كفارة الظهار يجب ترتيبها حسب ما جاء في الآية الكريمة، ولا يمكن الانتقال من مرحلة إلى التي تليها إلا بعد العجز عن الأولى، والقرآن صريح في هذا المعنى. وأما الرقبة أو الرقيق فإنه لا يوجد اليوم حسب علمنا. وإن صام الزوج شهرين متتابعين كفارة عن ظهاره، أو كفّر بغير الصوم مما هو حكمه فله الاستمتاع بزوجته ومباشرتها. ولكن لا يجوز له أن يستمتع بتقبيلها أو ما أشبه ذلك إلا بعد تمام الكفارة لقول الله تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [المجادلة:3]. ولمزيد من الفائدة والأدلة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 32996. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم من أطلق الحلف بالحرام
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الثاني 1424 / 16-06-2003
السؤال
قالت زوجة أخي وأمها أن سبب المشاكل بينها وبين أخي هو بناتي، فقلت علي الحرام أن بناتي ما يدخلن دار أخي؟ أرجو بيان الكفارة ما أمكن.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن العلماء اختلفوا في من حلف بالحرام وأطلق في يمينه بأن قال: علي الحرام أو الحرام يلزمني لا فعلت كذا أولا وقع كذا. فعند المالكية تطلق زوجته إذا حصل المحلوف عليه إلا إذا استثناها بنيته، وعند الحنابلة تلزمه كفارة ظهار وهي تحرير رقبة من قبل أن يتماسا... فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، وعن بعضهم(18/88)
أنه يلزمه الطلاق إذا نواه، وعند الأحناف أن الزوجة لا تدخل في هذا التحريم إلا بالنية، وانظر تفصيل ذلك مع أدلته في الفتوى رقم: 31141. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم قول الزوج لزوجته ستكونبن محرمة علي
تاريخ الفتوى : ... 30 ربيع الأول 1424 / 01-06-2003
السؤال
أجيبونا رحمكم الله، أنا وزوجي متحابان نعين بعضاً علي طاعة الله ولنا أولاد بدأت الحكاية بعد أن تزوجنا هو غيور وأنا منقبة ولا يريد أن يراني أحد و لو بالخطأ تشاجرنا ذات مرة وامتنعت عن الجماع بعدها، فقال يهددني أنك ستكونين محرمة علي وسأعاملك مثل أختي وأمي يقصد أنه لن يجامعني عقابا لي كما أنا امتنعت، سألنا في هذا الموضوع فأجابونا من 7 سنين أنه وقع طلاق بعدها الغيرة مازالت موجودة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن قول الزوج لزوجته ستكونين محرمة علي أو سأعاملك معاملة أمي و أختي يعتبر تهديداً بالظهار وليس ظهاراً لا فرق بين قوله ستكونين محرمة وقوله سأعام لك مثل أمي وأختي، إذا كان ناوياً الظهار أو كان بعد ما يقتضي الظهار من خصومة أو غ ضب، إذ التهديد بالأمر ليس هو، وعليه فما صدر من زوجك مجرد تهديد لا يترتب عليه شيء . وفي الأخير ننصح السائلة بالتوبة إلى الله تعالى من نشوزها وامتن اعها عن فراش زوجها، وأن لا تعود إلى ذلك ما دامت قادرة على تلبية رغبته، فالرسول ص لى الله عليه وسلم يقول: إذا دعا الرجل امرأته إلى فر اشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه. كما ننصح(18/89)
زوجها بالثقة بأهله وعدم التسرع بالغضب والغيرة بلا سبب، إذ الغيرة منها ما هو محمود ومنها ما هو مذموم، كما سبق في الفتوى رقم: 9390 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يجزئه الإطعام
تاريخ الفتوى : ... 14 ربيع الثاني 1424 / 15-06-2003
السؤال
زوجي وقع في ظهار و نعلم كفارته و هي إما عتق رقبة و نعلم أنه الآن لا يوجد العتق، السؤال هو: هل لازم عليه الآن الصوم علما بأنه في الـ 40 من عمره، و ليس لديه أمراض تمنعة من الصيام، و لكنه يقول كيف أمتنع عن التقرب منك لمدة شهرين، أنا لا أقدر، أريد أن أطعم ستين مسكينا يعني يقول كيف لا ألمسك وأنا لا أقدر، أنا أريد أن أطعم ستين مسكيناً خوفا على نفسي من الخطأ، فأنا ممكن ألمسك أو أعانقك.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن من ظاهر زوجته حرم عليه وطؤها قبل أن يكفر، كما تحرم عليه أيضا مقدمات الوطء من قبلة ونحوها. والمظاهِر إذا أراد استمرار الزوجية لزمته الكفارة،وهي كما قال تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً [المجادلة: 3-4] والكفارة كما هو واضح على الترتيب وليست على التخيير، فمن لم يجد رقبة انتقل إلى الصيام، ولا ينتقل عنه للإطعام إلا إذا لم يستطعه، وكونه يحب امرأته هذا أمر لا يسوغ الوقوع في الحرام، ثم إنه لا يليق بالمسلم(18/90)
أن يقول كيف أمتثل أمر ربي، وهو مصادم لهوى نفسي وما أشتهي، هذا الكلام وما في معناه خطير جدا، فالله عز وجل يقول: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب: 36 ]. ويقول: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا [النور: من الآية51]. لذا، فالواجب على هذا
الرجل الذي ليس به مرض يمنعه من الصيام أن يكفر عن ظهاره بصيام شهرين متتابعين، ولا يجوز له ولا يجزئه الإطعام. ما دام قادرا على الصوم. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
الفتوى : ... لا يجوز للمرأة أن تحرم زوجها على نفسها
تاريخ الفتوى : ... 25 ربيع الأول 1424 / 27-05-2003
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه للإسلام والمسلمين. صديقتي كانت على خلاف مع زوجها ومكثت فترة عند أهلها وحصل بسبب ما كان بينهما من خلاف أن قالت: يحرم علي (تقصد تحريم زوجها على نفسها)، ولكنها الآن عادت إليه ومكنته من نفسها، وهي تسأل عن حكم ذلك، وهل عليها كفارة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن على صديقتك أن تتوب إلى الله مما قالته، فإنه حرام على المسلمة أن تحرم زوجها، ومع ذلك، فإنها إن(18/91)
فعلت ذلك فإن زوجها لا يحرم عليها، وإنما تلزمها كفارة يمين، وانظري الفتوى رقم: 17696. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ما صدر من زوجك يعتبر ظهارا ولو كان جاهلا
تاريخ الفتوى : ... 19 ربيع الأول 1424 / 21-05-2003
السؤال
أنا سيدة عندي أولاد أنا وزوجي متحابان ونحث كل منا الآخر على أن نتقي الله وهذه القصة حدثت منذ أعوام وسألنا وقتها شيخا فقال لا شيء في هذه المقولة والآن عرفنا أنه كان غير فاهم بأمور الطلاق ياليته قال لا أدري البداية هي أني امتنعت عن زوجي ذات يوم فقال لي وهو يهددني طيب أنا سأريكي أنتي من اليوم تصيرين مثل أمي وأختي أو قال أنتي ستكونين محرمة علي مثل أمي وأختي يقصد أنه لن يجامعني عقاباً لي ولا أنا ولا هو نعرف أبدا شيئا عن الظهار ولا هو كان ينوي الطلاق بل ينوي فقط أن يهددني ويعاقبني بأنه لن يجامعني كما لم يجامع أخته وأمه أفيدونا رحمكم الله مع العلم أنه حدث طلاق سابق.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإنما صدر من زوجك يعتبر ظهاراً ولو كان جاهلاً، ويجب عليه الآن ألا يجامعك إلا بعد كفارة الظهار، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، ولا يحل لك تمكينه من الوطء قبل الكفارة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 14225. والله أعلم.(18/92)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تحريم الزوج لزوجته يأخذ حكم الظهار
تاريخ الفتوى : ... 12 ربيع الأول 1424 / 14-05-2003
السؤال
ما حكم الرجل الذي يقول لزوجته أنت محرمة علي و سأعاملك مثل أمي و أختي عندما رفضت جماعه ما حكم من يقول لزوجته لو فعلتِ كذا فأنت طالق و هو يقول إنه يقصد تهديدها وردعها فقط عن فعل هذا و ماذا لو هي نفذت ما قد حلف عليه زوجها مثل الخروج من المنزل بعد أن حلف بهذا الحلف ألا تخرج من المنزل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن تحريم الزوج لزوجته يأخذ حكم الظهار، كما سبق أن ذكرناه مفصلاً مع ذكر اختلاف العلماء فيه برقم: 7438 أما بالنسبة لمن علق طلاق زوجته بفعل أمر ما أو تركه فحنثته في يمينه، فإنها تطلق عليه على قول الجمهور، وقد سبق هذا الحكم في الفتوى رقم: 17834 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
طهار المرأة من زوجها لا يصح
تاريخ الفتوى : ... 18 صفر 1424 / 21-04-2003
السؤال
السلام عليكم وبعد:(18/93)
امرأة قالت لزوجها :"إنك محرم علي إلى يوم الدين" لأنه يشرب الخمر كل ليلة ويفزع أطفاله الصغار.
المرجو من فضيلتكم أن تفيدونا بالإجابة على ما يلي:
ما حكم ما قالت؟ وما حكم علاقتها به بعد قولها ذلك؟ وماذا يجب عليها الآن وهي راغبة في الاستمرار زوجة له؟ شكر الله لكم وأحسن إليكم.
والسلام عليكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم على المسلمة أن تحرّم زوجها وتلزمها -إذا فعلت ذلك- كفارة يمين، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 17696، الفتوى رقم: 25429.
ولا يحرم عليها زوجها بذلك، لأنه لا يصح ظهار المرأة من زوجها، ونقول لهذا الزوج: اتق الله فشرب الخمر كبيرة من الكبائر يجب البعد عنها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها. رواه الحاكم وأبو داود.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً: كل مسكر حرام وإن على الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخنال، قالوا: يا رسول الله وما طينة الخبال، قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار. أخرجه مسلم.
فانظر كيف يكون حالك لو أتاك ملك الموت وأنت على هذه المعصية العظيمة، وكيف ستجيب ربك إذا سألك عن مالك الذي أنفقته في ما حرم الله وعن بدنك الذي أبليته في معصيته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه(18/94)
حتى يسأل عن خمس عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه، وماذا عمل في ما علم. رواه الترمذي.
واعلم أن الدنيا مهما طالت فلا بد لها من نهاية، ولا بد لكل إنسان من القدوم على ربه فيلقى جزاء عمله، فلا يخدعنك الشيطان عن هذه الحقيقة، قال الله تعالى: وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى [لنجم:42]، ونسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق، وانظر الفتوى رقم: 6500.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... تحريم الزوجة حكمه يختلف بحسب نية الحالف
تاريخ الفتوى : ... 11 صفر 1424 / 14-04-2003
السؤال
حلفت على زوجتي يميناً بالحرام بالصيغة التالية:
"علي الحرام أنا لن أنفعك بعد الآن" فهل يعتبر هذا اليمين يمين طلاق أم يمين لغو أم ماذا، الرجاء إرشادي لأنني نادم على ذلك، وأريد معرفة الحكم الشرعي في ذلك، علما بأنني بقيت على اتصال بزوجتي بشكل عادي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في من حرم زوجته، فذهب بعضهم إلى أنه ظهار تجب فيه كفارة الظهار، وذهب بعضهم إلى أنه طلقة بائنة.. وذهب آخرون إلى أنه طلاق بالثلاث تبين به الزوجة بينونة كبرى.(18/95)
ولعل الراجح من أقوالهم -إن شاء الله تعالى- أنه بحسب نية الحالف، فإذا كان يقصد به الظهار كان ظهاراً، وإذا قصد به الطلاق كان طلاقاً، وإذا قصد به اليمين كان يميناً.
وعلى هذا فإن كان قصدك الطلاق فزوجتك طالق إن حصل ما حلفت عليه، وإن كان قصدك اليمين فهي يمين تلزم فيها كفارة اليمين إن حنثت وليست من لغو اليمين، وإن كان قصدك الظهار فإنه ظهار، ونحيلك إلى الفتوى رقم: 23975، والفتوى رقم: 2182.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... أقوال الفقهاء في الظهار المؤقت وما ينبني عليه
تاريخ الفتوى : ... 17 ذو القعدة 1423 / 20-01-2003
السؤال
سيادة الشيخ الفاضل حفظكم الله تعالى أرجو أن تفهموا سؤالي وتعوه جيداً وأنا معلقٌُ في ذمتكم يوم القيامة:
( ذات يوم أردت من امرأتي أن أجامعها فأبت فأردت أن أحلف عليها بالهجر ولكني قلت لها أنت علي كأمي لمدة عشرة أيام وبعد ذلك لم أستطع الإيفاء بالأيام سؤالي هو: هل أعتبر أن هذا ظهار وما يجب علي علماً بأني موظف في هيئة حكومية وأعمل طوال النهار ولا أستطيع الصيام فهل أستطيع أن أصوم النصف وإمرأتي النصف إن كان ظهاراً حيث وأن نيتي نية هجر لا نية ظهار ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تضمن قولك لامرأتك أنت على كأمي أمران:(18/96)
الأول: قولك: أنت علي كأمي. وهو يحتمل الظهار ويحتمل غيره، ولهذا اختلف العلماء في حكمها، وأرجح الأقوال قول من قال: إن لها حكم الظهار، وراجع الفتوى رقم:
7438.
الثاني: قولك: لمدة عشر أيام: وهذا ما يسمى بالظهار المؤقت، وقد اختلف الفقهاء هل يقع أم لا؟ قال أصحاب الموسوعة الفقهية: الأصل في الظهار إن أطلقه أن يقع مؤبداً، فإن أقته كأن يظاهر من زوجته يوماً أو شهراً أو سنة، فقد اختلف الفقهاء في حكمه، فذهب الحنفية والحنابلة والشافعية في القول الأظهر إلى أنه يقع مؤقتاً، ولا يكون المظاهر عائداً إلا بالوطء في المدة، فإن لم يقربها حتى مضت المدة سقطت عنه الكفارة، وبطل الظهار عملاً بالتأقيت، لأن التحريم صادف ذلك الزمن دون غيره، فوجب أن ينقضي بانقضائه، ولأن الظهار منكر من القول وزور فترتب عليه حكمه كالظهار المعلق.
وذهب المالكية والشافعية في غير الأظهر إلى أن الظهار لا يقبل التأقيت، فإن قيده بوقت تأبد كالطلاق فَيُلْغى تقييده ويصير مظاهراً أبداً لوجود سبب الكفارة.
وذكر الشافعية في قول ثالث عندهم أن الظهار المؤقت لغو لأنه لم يؤبِّد التحريم فأشبه ما إذا شبهها بامرأة لا تحرم على التأبيد. انتهى
إذا تبين لك ما سبق -أخي السائل- فاعلم أن أرجح الأقوال هو القول الأول، وعليه فإذا انقضت الأيام العشرة من غير أن تمس امرأتك، فإنها تحل لك بغير كفارة وراجع الفتوى رقم:
22565 - والفتوى رقم: 24650.
أما إذا كنت قد وطئتها أثناء الأيام العشرة فإنها تحل لك كذلك بانقضاء المدة، ولكن تبقى في ذمتك كفارة الظهار، قال النووي في روضة الطالبين فيمن ظاهر ظهاراً مؤقتاً ثم جامع امرأته أثناء المدة: وعلى الوجهين يحرم عليه الوطء بعد ذلك الوطء لارتفاع الظهار، وبقيت الكفارة في ذمته. انتهى(18/97)
واعلم أن الكفارة على الرجال دون النساء، قال القاضي أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن معلقاً على قول الله تعالى: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ [المجادلة:2]، والتحريم في النكاح بيد الرجال، ليس بيد المرأة منه شيء، وهذا إجماع. انتهى
ومن هنا تعلم أنه لا يجوز أن تقاسمك امرأتك صيام الكفارة بل ولا تصوم يوماً واحداً، وإنما عليك أن تصوم أنت الكفارة كاملة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
الفتوى : ... أقوال الفقهاء في حكم الظهار
تاريخ الفتوى : ... 19 رمضان 1423 / 24-11-2002
السؤال
ما حكم الظهار
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الظهار هو وصف المظاهر ممن يحل له وطؤها من زوجة وأمه بأنها عليه كظهر أمه.
وهناك اختلاف في حكمه بين الفقهاء فمنهم من قال بمنعه، ومنهم من كرهه، والراجح هو المنع بل وأنه كبيرة من كبائر، الإثم لقوله تعالى ( الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ) (المجادلة:2)(18/98)
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... تحريم المرأة لزوجها لا يعتبر ظهاراً
تاريخ الفتوى : ... 16 رمضان 1423 / 21-11-2002
السؤال
لي صديقة دخلت بيتي ونظرت إلى زوجي فحذرته منها وأصبح حديث القرية وسمعت أنه سيتزوجها ، فأقسمت له إن فعل ذلك يكون محرما علي إلى يوم القيامة وقد تزوجها بالفعل بعد ذلك،
س: ما حكم الدين في القسم الذي أقسمته مع العلم أنني أقسمت بالله ؟ أفادكم الله...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتحريم المرأة لزوجها لا يعتبر ظهاراً، وإنما هو يمين، تلزم فيه الكفارة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
17696 - والفتوى رقم:
13777.
ولا يجوز للمرأة أن تمتنع عن زوجها، ولا أن تحرم نفسها عليه، سواء تزوج عليها أو لا.
وزواج الرجل من ثانية أمر مباح مشروع، فلا وجه لاعتراض المؤمنة عليه، فالواجب عليك هو التوبة إلى الله تعالى، والتكفير عن حلفك، واحرصي على الإحسان إلى زوجك، ومعاشرته بالمعروف.
ولمعرفة كفارة اليمين، انظري الفتوى رقم:(18/99)
204 - والفتوى رقم:
2022.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الظهار المعلق على عدم إيقاع الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 02 رمضان 1423 / 07-11-2002
السؤال
رجل قال لزوجته "بالحرام" إن لم تعودي إلى المنزل في الوقت المحدد فإني سأطلقك ولم ترجع فهل وقع الطلاق وإن راجعها فهل عليه كفارة ظهار
وجازاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن تحريم الزوجة ظهار، وعليه فما صدر من هذا الزواج يعتبر ظهاراً معلقاً على عدم إيقاع الطلاق على زوجتك إن هي لم تعد في الوقت المحدد.
لذا فأنت بين أمرين: إما أن تطلق زوجتك ولا ظهار عليك، أو تكف عنها حتى تكفر كفارة الظهار، ولمزيد فائدة يراجع الجواب رقم:
7438
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(18/100)
عنوان الفتوى : ... أحكام متعلقة بمن ظاهر من زوجته فترة محددة
تاريخ الفتوى : ... 02 ذو الحجة 1424 / 25-01-2004
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السادة العلماء الأفاضل لدي هذه المسألة التي حيرتني كثيراً :
( ذات يوم أردت أن أجامع زوجتي ولكنها أبت فقلت لها أنت علي كأمي لمدة عشرة أيام ) علماً بالآتي :
1- كانت نيتي نية حلف الهجر لا نية الظهار .
2- أنا أردت تخويفها فقط .
3- أنا كنت أعرف في ذات نفسي أني لن أستطيع أن أهجرها ولو لمدة عشرة أيام .
4- لم أكن أعرف أن كفارة الظهار هي شهران متتابعان .
5- لا أستطيع الصيام شهرين ورغم أني أبلغ من العمر الشباب (23) سنة ولكن نتيجة أني أعمل طوال النهار فلا أستطيع الصيام فهل ترون في عملي حجة عن عدم الصيام .
6- أفيدوني في مسألتي حيث أني كنت في نية الحلف لا بنية الظهار . وشكراً وبسرعة .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقولك لامرأتك أنت علي كأمي لمدة عشرة أيام له حكم الظهار على الراجح، والواجب عليك أن تعتزل امرأتك فلا تلمسها، واعلم أنه إذا انقضت الأيام العشرة فإن امرأتك تحل لك بغير كفارة، وأما إذا أردت أن تستمتع بها قبل ذلك فلا بد من الكفارة وهي صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً لمن عجز عن الصيام.(18/101)
واعلم أن عملك طوال النهار ليس عذراً يمنع الصيام إلا إذا كان عملاً شاقاً بحيث لا يمكنك معه أن تتحمل الصيام، وكنت محتاجاً إلى هذا العمل حاجة شديدة ولا تجد عملاً بديلاً عنه يمكنك الصيام مع مزاولته والحاصل أن عليك أن تصبر عن امرأتك حتى تنتهي العشرة أيام، فإن لم تصبر عنها لزمتك كفارة الظهار.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم 7438 والفتوى رقم 22565
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ما يقتضيه إطلاق الزوج لفظ (التحريم) على زوجته
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
لقد قلت لزوجتي وأنا في حالة عضب أجعلك علي حراماً بقصد إغاظتها فقط فهل عليَّ ذنب في ذلك وهل تحل لي بعد هذا علما بأنها ما زالت معي؟ أرجو أن تردوا علي بأسرع وقت.
ووفقكم الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تحريم الزوجة يكون طلاقاً إذا نوى قائله الطلاق، ويكون ظهاراً إذا نوى به الظهار، ويكون يميناً إذا قصد به اليمين، أو قصد به الحث على فعل شيء أو تركه.(18/102)
فإن كنت تقصد بهذا التحريم مجرد إغاظتها فإن هذا لا يحسب طلاقاً ولا ظهاراً، لأنك لم تنو واحداً منهما. وبناءً على ذلك، فإنه يجب عليك كفارة يمين -إن كانت نيتك كما ذكرت لك- والكفارة: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام.
وإن كانت نيتك طلاقاً فهو طلاق وإن كنت غضبان، ما لم يصل بك الغضب إلى درجة فقدان الحواس.
وأوصيك بتقوى الله تعالى، وعدم التسرع في مثل هذه الألفاظ التي تتسبب أحياناً في هدم الكثير من البيوت.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الظهار...حقيقته وحكمه
تاريخ الفتوى : ... 02 ذو الحجة 1424 / 25-01-2004
السؤال
شيوحنا الكرام. ماحكم الظهار ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظهار حقيقته الشرعية تشبيه الزوج زوجته في الحرمة بمحرمه. وكان الظهار في الجاهلية طلاقاً، فغير الشرع حكمه إلى تحريم الزوجة تحريمًا موقتًا فلا تحل له حتى يخرج الكفارة، وهو محرَّم وزور، فلا يجوز للمسلم أن يظاهر من زوجته، قال تعالى: وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً [المجادلة:2].
ومن وقع في الظهار، فعليه الكفارة المبينة في كتاب الله تعالى المذكورة في الفتوى رقم:(18/103)
7438، والفتوى رقم:
17483.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم قول الرجل لزوجته أحبك كحب أبيك لك
تاريخ الفتوى : ... 30 رجب 1423 / 07-10-2002
السؤال
قول الرجل لزوجته إنها محبوبة عنده مثل حب والدها لها وهو يعتبر نفسه أباً وأماً لزوجته في الحنان والعطف دون قصد أي شيء من المظاهرة فهل يقع هنا الطلاق؟ زادك الله خيرا....ً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الألفاظ لا تعتبر طلاقاً ولا ظهاراً، فلا شيء على قائلها بل إن ذلك من حسن العشرة وجوالب المودة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم من ظاهر من زوجته لمدة محددة
تاريخ الفتوى : ... 11 رجب 1423 / 18-09-2002
السؤال(18/104)
ما حكم من قال لزوجته أنت علي حرام( قاصدا الوطء) لمدة شهر وهل يجوز له أن يلمسها أو يداعبها أو يقبلها000 خلال فترة التحريم وهل يجوز له أن يأتيها وجزاكم الله عنا كل خير
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا أن حكم من قال لزوجته "أنت علي حرام" هو حكم المظاهر في الفتوى رقم:
7438 حسبما ترجح عندنا.
وبما أن السائل هنا حرم زوجته عليه لمدة محددة -وهي شهر- فلا يجوز له أن يمسها في هذا الشهر حتى يكفر كفارة ظهار، فإذا انقضى الشهر المذكور انحل ظهاره وحلت له امرأته دون كفارة وذلك لأن التحريم كان لتلك الفترة فوجب أن ينقضي بانقضائها، قال في متن الإقناع وهو من أئمة الحنابلة: ويصح الظهار معجلاً معلقاً بشرط نحو: أنت علي كظهر أمي شهراً أو شهر رمضان فإذا مضى الوقت زال الظهار وحلت بلا كفارة. انتهى كلامه
ثم قال: ويحرم على مظاهِر ومظاهَر منها الوطء والاستمتاع منها بما دون الفرج قبل التكفير .
وبهذا يتبين للسائل أنه لا يجوز له أن يمس زوجته في ذلك الشهر حتى يكفر، وأنه إذا انقضى الشهر حلت له دون كفارة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من حلف بالحرام يعتبر مظاهرا إذا حنث(18/105)
تاريخ الفتوى : ... 28 جمادي الأولى 1423 / 07-08-2002
السؤال
حلفت بهذه العبارة: (بالحرام ما تنزلين عند دار أهلي ) ما كفارة هذا اليمين؟
ولكم مني كل الأحترام والتقدير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كانت له زوجة، وحلف بالصيغة المذكورة في السؤال، فإنه يعتبر مظاهراً يجب عليه ما يجب على المظاهر إذا حنث في يمينه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 17483.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ما يلزم من ظاهر وشرع في الكفارة ثم طلق
تاريخ الفتوى : ... 21 ربيع الثاني 1423 / 02-07-2002
السؤال
رجل ظاهرمن زوجته وشرع في التكفير عن الظهار بإطعام ستين مسكينا قبل أن يتماسا ولكنه بعد إطعام ثلاثين مسكينا تشاحن مع امرأته وألقى عليها يمين الطلاق بقوله:"أنت طالق" فما الحكم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(18/106)
فإن كان الشخص المظاهر قد عزم على العود إلى وطء امرأته المظاهر منها وأخرج جزءاً من طعام الكفارة قبل وطئها كما أمره الله تعالى ليحل له وطؤها ثم طلقها فقد سقط عنه جزء من الكفارة، ولا يلزمه الباقي إلا إذا راجعها، فإن راجعها لزمه إتمام الكفارة.
وأما إذا أخرج هذا الجزء من الكفارة وهو غير عازم على وطء امرأته فهو لاغ لأنه لم يصادف محلاً، ولذلك لو راجع امرأته وعزم على وطئها لزمه إخراج كفارة كاملة ولا يحتسب منها ما كان أخرجه من قبل لأنه لم يصادف محلاً -كما سبق- ولأن الكفارة لا تجب إلا بشيئين: أولهما: قول الظهار، والثاني: العود، لقوله تعالى:وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [المجادلة:3].
قال ابن قدامة الحنبلي : فأوجب الله تعالى الكفارة بأمرين: ظهار وعود، فلا تثبت بأحدهما، ولأن الكفارة في الظهار كفارة يمين فلا يحنث بغير الحنث كسائر الأيمان، والحنث فيها هو العود. انتهى
وهذا مذهب جماهير أهل العلم؛ إلا أنهم اختلفوا في المقصود بالعود على أقوال كثيرة: فذهب الحنفية إلى أنه العزم على الوطء عزماً مؤكداً. قال الكاساني في بدائع الصنائع: العود هو العزم على وطئها عزماً مؤكداً فكان معنى قوله تعالى: ثم يعودون لما قالوا، ثم يرجعون فيما قالوا وذلك بالعزم على الوطء، لأن ما قاله المظاهر هو تحريم الوطء، فكان العود لنقضه وفسخه استباحة الوطء.
وذهب المالكية إلى أن العود هو العزم على الوطء -وزاد بعضهم- مع نية العزم على الوطء العزم على الإمساك. ففي حاشية الدسوقي : وفهم عياض من المدونة على أنه العزم على الوطء مع العزم على الإمساك. وقال إنه مشهور. انتهى
وذهب الشافعية إلى أنه إمساك الزوجة زمنا بعد الظهار يمكنه أن يطلقها فيه ولم يفعل فقد عاد فيما قال.(18/107)
قال النووي في المنهاج: على المظاهر كفارة إذا عاد وهو أن يمسكها بعد ظهاره زمن إمكان فرقة.... قال الخطيب الشربيني : لأن تشبيهها بالأم يقتضي أن لا يمسكها زوجة، فإذا أمسكها زوجة أي لم يطلقها فقد عاد فيما قال لأن العود للقول مخالفته. يقال فلان قال قولا ثم عاد له وعاد فيه أي خالفه ونقضه. وهو قريب من قولهم عاد في هبته.
وذهب الحنابلة إلى أن العود هو الوطء، فمن وطأ لزمته الكفارة ولا تجب قبل ذلك إلا أنها شرط لحل الوطء فيؤمر بها قبله، وقال القاضي : العود هو العزم على الوطء. وهذا يوافق مذهب الحنفية والمالكية كما سبق. وهذا هو القول الراجح كما دلت على ذلك الآية الكريمة، وإذا عاد الرجل إلى ما قال فقد ثبتت الكفارة في ذمته فلا تسقط بطلاقه لزوجته أو فسخ النكاح أوالموت.
قال النووي في المنهاج: ولا تسقط الكفارة بعد العود بفرقة. قال الخطيب الشربيني في شرحه على المنهاج مبيناً وجه عدم السقوط وكذا ابن حجر الهيثمي في التحفة: لاستقرارها بالإمساك، كالدين لا يسقط بعد ثبوته. انتهى
وأخيراً ننبه الأخ السائل إلى أن هذه الكفارة لا تجزئ إلا مرتبة كما أمر الله تعالى، فلا يجزئ الصيام إلا بعد العجز عن عتق الرقبة، ولا يجزئ الإطعام إلا بعد العجز عن الصوم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا يقع الظهار إلا أذا فُعَل المعلَق عليه
تاريخ الفتوى : ... 02 ذو الحجة 1424 / 25-01-2004
السؤال(18/108)
تشاجرت مع عائلة زوجتي وفي قوّة غضبي قلت لزوجتي : والله تحرمين عليَّ إذا ذهبت أنا إلى منزلكم.
فالرجاء الإجابة في أقرب وقت ممكن وهل باستطاعتي أن أذهب إلى منزل عائلة زوجتي وهل يوجد كفّارة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مثل هذا القول يعد ظهاراً في الراجح من أقوال العلماء، إلا أنك لا تكون به مظاهراً إلا إذا فعلت ما علقت عليه التحريم، وبناءً على هذا، فإنك إن ذهبت إلى بيت عائلة زوجتك صرت مظاهراً، وإن لم تذهب فلا شيء عليك، ولمعرفة الكفارة وما يلزمك في ذلك راجع الفتوى رقم:
7438.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تحريم المرأة زوجها عليها!!!
تاريخ الفتوى : ... 02 ربيع الثاني 1423 / 13-06-2002
السؤال
تشاجرت مع زوجي فحرمته على نفسي في ساعة غضب ما الحكم الشرعي في ذلك؟ مع كيفية المعالجة؟
وشكراً.(18/109)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم على المرأة أن تحرم زوجها أو غيره مما أباحه الله لها، ومن حرمت شيئاً من ذلك فحكمه حكم اليمين تلزمها فيه كفارة يمين، ومثله تحريم الرجل لما أحل الله له سوى زوجته، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [التحريم:1-2].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
دلالة من قال لزوجته (تحرمين عليّ)
تاريخ الفتوى : ... 28 ربيع الأول 1423 / 09-06-2002
السؤال
حصل خلاف بيني وبين زوجتي على جهاز الرسيفر وكنت في حالة عضب وقمت بأخذ الرسيفر وهويت به على الأرض وقلت تحرمين عليّ لو جلبت هذا الجهاز مرة أخرى وأشرت بيدي على الجهاز ما حكم هذا؟ وما الحكم لو جلبت جهاز آخرً غيره؟
أفتوني مأجورين.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك أولاً أن تتوب إلى الله عز وجل من أمرين:(18/110)
الأول: هو إدخالك لجهاز (الرسيفر) لبيتك، وفي هذا الجهاز ما فيه من المنكرات العظيمة التي يستقبلها، فيحرم عليك أن تأتى به مرة ثانية.
والثاني: هو أن تتوب إلى الله من هذا اللفظ الذي قلته لامرأتك (تحرمين عليّ) لأنه ظهار في الراجح من أقوال أهل العلم، وهو منكر من القول وزور، كما قال تعالى: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) [المجادلة:2].
وإذا لم تدخل هذا الجهاز مرة أخرى فلا يترتب عليك شيء، وإن أدخلته وقع الظهار من زوجتك، فلا يحل لك أن تقربها (تجامعها) حتى تكفر كفارة الظهار، وهي على الترتيب:
عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين لا تقطعها إلا لعذر شرعي كمرض، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً، وذلك لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [المجادلة: 3-4].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
كفارة من أتى زوجته قبل التكفير عن الظهار
تاريخ الفتوى : ... 26 ذو الحجة 1422 / 11-03-2002
السؤال
ظاهرت من زوجتي ثم جامعت قبل أن أُكفر ما الحكم؟(18/111)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب عليك التوبة إلى الله تعالى واستغفاره عما حصل منك، وأن لا تعود لمجامعتها مرة أخرى، حتى تكفر كفارة الظهار.
قال ابن العربي: وقد اختلف السلف فيمن وطئ - بعد الظهار وقبل الكفارة - ما الذي يجب عليه من الكفارة بعده؟ فقال الحسن وجابر بن زيد وإبراهيم وابن المسيب: ليس عليه إلا كفارة واحدة، وكذلك قول مجاهد وطاووس وابن سيرين في آخرين، وقد روي عن عمرو بن العاص وقبيصة بن ذؤيب والزهري وقتادة عليه كفارتان.
قال وروي عن ابن عباس أن رجلاً قال: يا رسول الله، ظاهرت من امرأتي فجامعتها قبل أن أكفر، فقال: استغفر الله، ولا تعد حتى تكفر" فلم يوجب عليه كفارتين بعد الوطء. ا.هـ.
والحديث المذكور رواه أصحاب السنن الأربع وصححه الترمذي، وذكر له الزيلعي طرقاً وشواهد كثيرة في نصب الراية، وقال: قال مالك فيمن يظاهر من امرأته ثم يمسها قبل أن يكفر: قال: يكف عنها حتى يستغفر الله ويكفر. قال: وذلك أحسن ما سمعت.
والحاصل أنه لا يلزمك إلا التوبة النصوح ودفع كفارة واحدة، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 12075.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هذه الصورة تأخذ حكم الظهار مع الإثم
تاريخ الفتوى : ... 30 رجب 1422 / 18-10-2001(18/112)
السؤال
من يحلف باسم الله العظيم لزوجته أنه ليس على علاقه بامرأة أخرى وهو يكذب و تجعله يقول: إن وجدت ذلك تكون محرمة عليه ليوم الدين ، وكل هذا وهو يضع يده على القرآن وبعد ذلك يعترف أنه كذب فما الحكم في حياتهم معا وشكرا لفضيلتكم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في الكذب على الزوجة الإباحة ، وخصوصاً إذا كان في الأمور التي من شأنها أن تحبب كلا من الزوجين إلى الآخر ، وتوطد العلاقات بينهما ، وتثبتها ، فعن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها قالت: ولم أسمعه - تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم- يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: في الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل امرأته ، وحديث المرأة زوجها. رواه الإمام أحمد.
وبهذا تعلم أن كذب هذا الرجل على زوجته جائز ، لكن إذا كانت العلاقة التي يتقيها ويحلف على عدمها علاقة غير شرعية ، فإنه يكون آثما بسبب تلك العلاقة.
ثم إن تعليقه حرمة زوجته الأبدية على ثبوت تلك العلاقة يعتبر ظهارا معلقاً على أمر ، وقد ثبت ذلك الأمر المعلق عليه ، وعليه فيجب على هذا الرجل ما يجب على المظاهر. وقد سبق وأن ذكرنا حكم من حرم زوجته ، وقلنا: إن الحرام ظهار في أظهر أقوال العلماء ، وذلك في الجواب رقم: 7438
فليرجع إليه ، ففيه التفصيل ، ثم إن قوله في تحريمه لزوجته ليوم الدين لا أثر له ، إذ هو لا يملك أن يحرمها ليوم الدين ، وإنما يملك تحريمها كمظاهر منها فقط ، تجوز له بعد التكفير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(18/113)
ـــــــــــــــــــ
طلق ... ثم ظاهر
تاريخ الفتوى : ... 29 جمادي الثانية 1422 / 18-09-2001
السؤال
رجل طلق زوجته تطليقتين متتابعتين وقال لها بعد ذلك أنت علي حرام كما حرمت علي والدتي . فهل كلامه الأخير الذي تلفظ به يعد ظهارا وما الذي يلزمه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الزوجة المطلقة تطليقتين متتابعتين، إما أن تكون مدخولا بها، أو غير مدخول بها.
فإن كانت غير مدخول بها بانت بالطلقة الأولى بينونة صغرى، والطلقة الثانية لم تصادف محلاً، فلا أثر لها.
أما إذا كانت الزوجة مدخولاً بها وطلقت طلقة أخرى بعد الأولى، فإن الجمهور على وقوع الطلقة الثانية، وخالف في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال بعدم وقوع الطلقة الثانية لمخالفتها للسنة إذ السنة في الطلاق هي أن يطلق الزوج زوجته طلقة واحد في طهر لم يمسها فيه، وبأي القولين أخذنا فإن ما وقع بعد التطليقتين ليس من باب الطلاق، وإنما هو من باب الظهار.
وعليه، فإذا كان قبل انتهاء العدة، فهو ظهار يترتب عليه ما يترتب على الظهار من حرمة المسيس قبل التكفير، وإذا كان بعد انتهاء العدة فهو أيضاً ظهار، إلا أنه ظهار من أجنبية، وهو صحيح ونافذ في رأي الجمهور.(18/114)
وعليه، فمن ظاهر من أجنبية ثم تزوجها بعد ذلك، فلا يجوز له مسها حتى يكفر، والكفارة تقدمت تحت الرقم: 192.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... يقع الظهار المعلق إذا وجد المعلق عليه
تاريخ الفتوى : ... 01 جمادي الثانية 1422 / 21-08-2001
السؤال
زوج أختي باع بيته الذي كان يسكن فيه، وسكن هو وأخي في بيت أهلها، ومع طول المدة حصل سوء تفاهم بينه، وبين أخي الكبير، فذكر له أخي أنه أطال في المدة التي جلسها عندنا في البيت هو وزوجته، فقال هو لزوجته (أختي) ما مؤداه: لو دخلت بيت أهلك مرة أخرى، فأنت حرام علي مثل ما تحرم علي أختي.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما صدر من هذا الزوج لا يخلو من أحد احتمالين:
الاحتمال الأول: أن يكون ظهاراً صريحاً معلقاً، وهذا حكمه واضح بينه المولى عز وجل في قوله: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (المجادلة:3-4).(18/115)
الاحتمال الثاني: أن يكون تحريماً للزوجة، وأظهر أقوال العلماء في تحريم الزوجة أنه ظهار، وقد سبق أن أجبنا على من حلف بالحرام ثم حنث برقم: 7438.
وعليه، فالصيغة المسئول عنها تعتبر ظهاراً معلقاً، فإذا وجد المعلق عليه، وهو دخول الزوجة للدار ترتب عليه حكم الظهار، فلا يحل للزوج أن يمس زوجته إلا بعد أداء كفارة الظهار المتقدمة في الآية.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم من قال لزوجته أنت مثل أختي
تاريخ الفتوى : ... 22 جمادي الأولى 1422 / 12-08-2001
السؤال
قلت لوالد زوجتي بالتليفون((إن فلانة مثل أختي وأقصد زوجتي وأنها متى مارغبت بالطلاق فاتصل بي وأنا مستعد لإرسال ورقتها)) وعندما قلت بأنها مثل أختي لم أكن أقصد بأنها تحرم علي مثل أختي أو ماشابه ذلك ، ولم يكن في نيتي الطلاق ، فما حكم الشرع في ذلك ؟ وهل وقع الطلاق أم لا.
وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن كنت تقصد أنها مثل أختك في الكرامة والمنزلة ونحو ذلك ، ولا تقصد الطلاق ولا الظهار، فإنه لا طلاق ولا ظهار ، وإن كان الأولى اجتناب هذه الألفاظ الموهمة التي توقع الشخص في شك وحيرة.(18/116)
ولذلك نص بعض أهل العلم على أن من قال لزوجته: يا أختي أو يا أمي فإنه يؤنب ويؤدب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 9 / ص 261)
فَصْلٌ وَبِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْأَصْلِ تَظْهَرُ مَسْأَلَةُ " الِاسْتِثْنَاءِ فِي الظِّهَارِ " فَإِنَّ قَوْلَهُ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ . وَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي . قَالَ أَحْمَد : يَصِحُّ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ ؛ لِأَنَّ مُوجَبَهُ الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ بِالْعَوْدِ . وَأَصْلُ أَحْمَد : أَنَّ كُلَّ مَا شُرِعَتْ فِيهِ الْكَفَّارَةُ شُرِعَ فِيهِ الْيَمِينُ وَإِلَّا فَلَا . وَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ ابْنُ بَطَّةَ والعكبري وَابْنُ عَقِيلٍ : لَا يَصِحُّ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ بِمَنْزِلَةِ التَّطْلِيقِ وَالْإِعْتَاقِ ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ جُمْلَتَيْنِ كَالْقَسَمِ ؛ وَإِنَّمَا هُوَ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ كَسَائِرِ الْإِنْشَاءَاتِ ؛ فَقَوْلُهُ : أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ كَقَوْلِهِ : أَنْت طَالِقٌ . لَيْسَ هُنَا فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ يُعَلَّقُ بِالْمَشِيئَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ : لَأَخْرُجَنَّ . وَهَذَا فِي بَادِئِ الرَّأْيِ أَقْوَى لِلْمُشَابَهَةِ الصُّورِيَّةِ . لَكِنَّ قَوْلَ أَحْمَد أَفْقَهُ وَأَدْخَلُ فِي الْمَعْنَى . وَإِنَّمَا هُوَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَدَّ نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ كَنَذْرِ التَّبَرُّرِ ؛ لِلِاسْتِوَاءِ فِي الصُّورَةِ اللَّفْظِيَّةِ . وَمَنْ عَدَّهُ يَمِينًا لِمُشَابَهَةِ الْيَمِينِ فِي مَعْنَى وَصْفِهَا وَهُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَمَنْ أَعْطَاهُ حُكْمَهُمَا لِجَمْعِهِ مَعْنَاهُمَا . فَإِنَّ نِصْفَهُ يُشْبِهُ الْيَمِينَ فِي الْمَعْنَى وَنِصْفَهُ يُشْبِهُ النَّذْرَ . وَلِهَذَا سَائِرُ الْأَلْفَاظِ الْمُعَلَّقِ بِهَا الْأَحْكَامُ قَدْ يَنْظُرُ نَاظِرٌ إلَى صُورَتِهَا وَآخَرُ إلَى مَعْنَاهَا وَآخَرُ إلَيْهِمَا مَعًا كَمَا فِي قَوْلِهِ لَأَفْعَلَنَّ . الصُّورَةُ صُورَةُ الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى قَدْ يَكُونُ خَبَرًا وَقَدْ يَكُونُ طَلَبًا وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ . فَقَوْلُهُ : أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي . كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إنْشَاءً مَحْضًا لِلتَّحْرِيمِ وَالتَّحْرِيمُ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ الطَّلَاقِ فَكَانَ عِنْدَهُمْ طَلَاقًا عَلَى مُوجَبِ ظَاهِرِ لَفْظِهِ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَسْتَلْزِمُ التَّحْرِيمَ . فَجَعَلُوا اللَّازِمَ دَلِيلًا(18/117)
عَلَى الْمَلْزُومِ فَأَبْطَلَ اللَّهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ فَإِنَّ الْحَلَالَ لَا يَكُونُ كَالْحَرَامِ الْمُؤَبَّدِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ طَلَاقًا وَإِنْ عُنِيَ بِهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْمَعْنَى الْفَاسِدِ وَهُوَ الْمُشَابَهَةُ الْمُحَرَّمَةُ ؛ فَصَارَ كَقَوْلِهِ : أَنْت يَهُودِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ . إذَا عَنَى بِهِ الطَّلَاقَ فَإِنَّ هَذَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْكُفْرِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُثْبِتَهُ فِيهَا . أَوْ أَنْت أَتَانٌ أَوْ نَاقَةٌ أَوْ أَنْت عَلَيَّ كَالْأَتَانِ وَالنَّاقَةِ . وَمِنْ هُنَا قَالَ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ إنَّ قَوْلَهُ : أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ . أَيْضًا يَمِينٌ لَيْسَ بِطَلَاقِ وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَمِينٌ مُغَلَّظَةٌ كَالظِّهَارِ . وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَد . فَصَارَ قَوْلُهُ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي . بِمَنْزِلَةِ لَا أَقْرَبَنَّك ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْمُشَابَهَةِ لِلْأُمِّ يَقْتَضِي امْتِنَاعَهُ عَنْ وَطْئِهَا وَيَقْتَضِي رَفْعَ الْعَقْدِ . فَأَبْطَلَ الشَّارِعُ رَفْعَ الْعَقْدِ لِأَنَّ هَذَا إلَى الشَّارِعِ ؛ لَا إلَيْهِ ؛ فَإِنَّ الْعُقُودَ والفسوخ أثبات اللَّهِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِإِذْنِ الشَّارِعِ وَأَثْبَتَ امْتِنَاعَهُ مِنْ الْفِعْلِ لِأَنَّ فِعْلَ الْوَطْءِ وَتَرْكَهُ إلَيْهِ هُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ فَلَمَّا صَارَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ : لَا يَنْبَغِي مِنِّي وَطْؤُك . فَهَذَا مَعْنَى الْيَمِينِ ؛ لَكِنَّهُ جَعَلَهُ يَمِينًا كُبْرَى لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ لِأَنَّ تِلْكَ الْيَمِينَ شُرِعَ الْحَلِفُ بِهَا فَلَمْ يَعْصِ فِي عَقْدِهَا وَهَذِهِ الْيَمِينُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ ؛ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ تَرْكُهَا وَاجِبٌ فَكَانَتْ الْكَفَّارَةُ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ . وَلِهَذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ لَا تُوجِبُ تَحْرِيمَ الْفِعْلِ إلَى التَّكْفِيرِ وَهَذِهِ الْيَمِينُ تُوجِبُ تَحْرِيمَ الْحِنْثِ إلَى التَّكْفِيرِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْنَثَ فِيهَا حَتَّى يُحِلَّهَا وَوَجَبَتْ فِيهَا الْكَفَّارَةُ الْكُبْرَى . وَكَوْنُهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً لَا يَمْتَنِعُ انْدِرَاجُهَا فِي اسْمِ الْيَمِينِ كَلَفْظِ النَّذْرِ هُوَ يَمِينٌ وَجُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ ؛ وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِمَا تَضَمَّنَ عَهْدًا وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ كُلَّ تَحْرِيمٍ " يَمِينًا " بِقَوْلِهِ : { لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ } - إلَى قَوْلِهِ - { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } كَمَا سَمَّى الصَّحَابَةُ نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " يَمِينًا " وَهُوَ جُمْلَةٌ شَرْطِيَّةٌ ؛ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى . يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ الظِّهَارَ لَوْ كَانَ إنْشَاءً مَحْضًا لَأُوجِبَ حُكْمُهُ ؛ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ كَفَّارَةٌ ؛ إذْ الْكَفَّارَةُ لَا تَكُونُ لِرَفْعِ عَقْدٍ أَوْ فَسْخٍ ؛ وَإِنَّمَا تَكُونُ لِرَفْعِ إثْمِ الْمُخَالَفَةِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا عَقْدُهُ ؛ وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنْ عَقْدِ الْيَمِينِ وَعَقْدِ الظِّهَارِ لَا(18/118)
يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ إلَّا إذَا وُجِدْت الْمُخَالَفَةُ عُلِمَ أَنَّهُ يَمِينٌ . وَالشَّافِعِيُّ يَقُولُ يُوجِبُ لَفْظُ الظِّهَارِ تَرْكَ الْعَقْدِ فَإِذَا أَمْسَكَهَا مِقْدَارَ مَا يُمْكِنُهُ إزَالَتُهُ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ . وَأَمَّا أَحْمَد وَالْجُمْهُورُ فَعِنْدَهُمْ يُوجِبُ لَفْظُهُ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْوَطْءِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ حَرَامًا فَالْكَفَّارَةُ تَرْفَعُ هَذَا التَّحْرِيمَ فَلَا يَجُوزُ الْوَطْءُ قَبْلَ ارْتِفَاعِهِ . وَكَذَلِكَ يَقُولُ أَحْمَد فِي قَوْله : أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ . أَنَّ مُوجَبَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْوَطْءِ عَلَى جِهَةِ التَّحْرِيمِ ؛ لَكِنَّ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا يَقُولُ : إنَّهُ فِي الظِّهَارِ مَا كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُعْطِيَ اللَّفْظَ ظَاهِرَهُ ؛ فَإِنَّهُ لَا تَصِيرُ مِثْلَ أُمِّهِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ فَاقْتَصَرَ بِهِ عَلَى بَعْضِهِ وَهُوَ تَرْكُ الْوَطْءِ ؛ دُونَ تَرْكِ الْعَقْدِ كَمَا كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ . وَلَفْظُ الْحَرَامِ يُمْكِنُ إثْبَاتُ مُوجَبِهِ . وَقَدْ يَقُولُ أَحْمَد : إنَّ الْحَرَامَ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ مُوجَبِهِ ؛ فَإِنَّ تَحْرِيمَ الْعَيْنِ لَا يَثْبُتُ أَبَدًا وَالتَّحْرِيمُ الْعَارِضُ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ شَبِيهٍ ؛ إذْ لَيْسَ هُوَ الْمَفْهُومَ مِنْ مُطْلَقِ التَّحْرِيمِ ؛ وَإِنَّمَا هُوَ تَحْرِيمٌ مُقَيَّدٌ فَاسْتُعْمِلَ بَعْضُ مُوجَبِ اللَّفْظِ وَهُوَ تَحْرِيمُ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ وَطْءٌ وَلِأَنَّ التَّحْرِيمَ الْمُضَافَ إلَى الْعَيْنِ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ فَكَأَنَّهُ [ قَالَ ] وَطْؤُك حَرَامٌ . وَهَذَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ : وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك . فَكَمَا أَنَّ الْإِيلَاءَ لَا يَكُونُ طَلَاقًا وَلَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَكَذَلِكَ التَّحْرِيمُ ؛ إذْ الْإِيلَاءُ نَوْعٌ مِنْ الْأَيْمَانِ القسمية وَالظِّهَارَ نَوْعٌ مِنْ الْأَيْمَانِ التحريمية . وَالْبَحْثُ فِيهِ يَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ : نَضَعُهُ عَلَى أَدْنَى دَرَجَاتِ التَّحْرِيمِ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ فَلَا تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ إلَّا بِسَبَبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ : أَنْت طَالِقٌ . لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةً ؛ وَكَمَا اُكْتُفِيَ فِي التَّشْبِيهِ بِالتَّحْرِيمِ . أَمَّا إذَا نَوَى الطَّلَاقَ فَيُقَالُ : وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ بِالظِّهَارِ .
ـــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 9 / ص 262)
فَصْلٌ وَيَتَّصِلُ بِهَذَا " إذَا حَلَفَ بِالظِّهَارِ أَوْ بِالْحَرَامِ " عَلَى حَظٍّ أَوْ مَنْعٍ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت هَذَا فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ حَرَامٌ ؛ أَوْ الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي أَوْ الظِّهَارُ لَا أَفْعَلُهُ أَوْ لَأَفْعَلَنَّهُ . فَهَذَا أَصْحَابُنَا فِيهِ إذَا حَنِثَ بِالظِّهَارِ كَمَا أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ ؛ وَلِهَذَا قَالُوا فِي أَيْمَانِ(18/119)
الْمُسْلِمِينَ : مِنْهَا الظِّهَارُ . وَكُنْت أُفْتِي بِهَذَا تَقْلِيدًا ؛ وَلِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْحُجَّةِ مِنْ أَنَّهُ حُكْمٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطِ كَمَا لَوْ قَالَ : إنْ فَعَلْت هَذَا فَأَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ . عُقُوبَةً لَهَا عَلَى فِعْلِهِ . وَأَفْتَيْت بَعْدَ هَذَا أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ إذَا كَانَ مَقْصُودُهُ عَدَمَ الْفِعْلِ وَعَدَمَ التَّحْرِيمِ كَمَا قُلْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ " نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " وَكَمَا قُلْنَاهُ فِي قَوْلِهِ : هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا وَقَوْلِهِ : هُوَ يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَالْمَيْتَةَ إنْ فَعَلَ كَذَا . فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَقْصُودُهُ الْحُكْمَ عِنْدَ الشَّرْطِ وَإِنَّمَا الْغَرَضُ الِامْتِنَاعُ مِنْ فِعْلٍ ؛ فَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ فَعَلَ كَذَا ؛ وَلَيْسَ غَرَضُهُ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ عِنْدَ الْفِعْلِ ؛ وَإِنَّمَا غَرَضُهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْفِعْلِ وَذِكْرُ الْتِزَامِ ذَلِكَ تَقْدِيرًا تَحْقِيقًا لِلْمَنْعِ كَمَا ذُكِرَ الْتِزَامُ التَّهَوُّدِ وَالتَّنَصُّرِ تَقْدِيرًا كَمَا أَنَّهُ مَعْنَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ هَتَكْت حُرْمَةَ الْأَيْمَانِ بِاَللَّهِ إنْ فَعَلْت هَذَا أَوْ نَقَصْت حُرْمَةَ اللَّهِ أَوْ اسْتَخْفَفْت بِحُرْمَةِ اللَّهِ إنْ فَعَلْت . وَمُوجَبُ الْأَيْمَانِ كُلِّهَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ الْوَفَاءُ وَأَنَّهُ مَتَى حَنِثَ فَقَدْ هَتَكَ أَيْمَانَهُ وَأَنَّهُ تَهَوَّدَ وَتَنَصَّرَ كَمَا أَنَّ مُوجَبَ نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ مِنْ اللَّفْظِ وُجُوبُ الْوَفَاءِ ؛ فَإِنَّ الْحُكْمَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطِ يَجِبُ عِنْدَ وُجُودِهِ وَالْحَالِفُ بِشَيْءِ عَلَى فِعْلٍ قَدْ الْتَزَمَ ذَلِكَ الْفِعْلَ وَجَعَلَهُ مُعَلَّقًا بِمُعَظَّمِهِ الْمَحْلُوفِ بِهِ . فَمَتَى لَمْ يَفْعَلْهُ فَقَدْ هَتَكَ تِلْكَ الْحُرْمَةَ . وَقَوْلُهُ : أَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَوْ بِكَذَا . فِي مَعْنَى قَوْلِهِ أَعْقِدُهُ بِهِ وَأُلْصِقُهُ بِهِ ؛ وَلِهَذَا يُسَمَّى الْمُصَاحِبُ " حَلِيفًا " كَمَا كَانَ يُقَالُ لِعُثْمَانِ : " حَلِيفُ الْمِحْرَابِ " وَعِلَّتُهُ لَا يَتَخَلَّفُ ؛ وَلِهَذَا قِيلَ : إنَّ الْبَاءَ لِإِلْصَاقِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِالْمَحْلُوفِ بِهِ ؛ وَإِنَّمَا أَتَى بِلَامِ الْقَسَمِ تَوْكِيدًا ثَانِيًا كَأَنَّهُ قَالَ : أُلْصِقُ وَأَعْتَقِدُ بِاَللَّهِ مَضْمُونَ قَوْلِي لَأَفْعَلَنَّ . وَلِهَذَا سُمِّيَ التَّكْفِيرُ قَبْلَ الْحِنْثِ " تَحِلَّةً " لِأَنَّهُ يَحِلُّ هَذَا الْعَقْدَ الَّذِي عُقِدَ بِالْمَحْلُوفِ بِهِ مِثْلَ فَسْخِ الْبَيْعِ الَّذِي يَحِلُّ مَا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مِنْ الِانْعِقَادِ . فَالشَّارِعُ جَعَلَ الْأَيْمَانَ مِنْ بَابِ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ بِهَذَا الْبَدَلِ ؛ لَا مِنْ اللَّازِمَةِ مُطْلَقًا كَمَا كَانَ الْعَقْدُ بَيْنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْمَحْلُوفِ بِهِ وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ سَوَّغَ سُبْحَانَهُ لِعَبْدِهِ أَنْ يَحِلَّ هَذَا الْعَقْدَ الَّذِي عُقِدَ لِي وَبِي بِالْكَفَّارَةِ الَّتِي هِيَ عِبَادَةٌ وَقُرْبَةٌ وَكَانَ الْعَبْدُ مُخَيَّرًا بَيْنَ تَمَامِ عَقْدِهِ وَبَيْنَ حَلِّهِ بِالْبَدَلِ(18/120)
الْمَشْرُوعِ ؛ إذْ كَانَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي عَقَدَ هَذَا الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ كَمَا كَانُوا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ مُخَيَّرِينَ بَيْنَ الصِّيَامِ الَّذِي أَوْجَبَهُ وَبَيْنَ تَرْكِهِ بِالْكَفَّارَةِ وَكَمَا أَنَّ الْمُعْتَمِرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُنْشِئَ لِلْحَجِّ سَفَرًا وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهُ بِهَدْيِ التَّمَتُّعِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي إكْمَالِ الْحَجِّ بِالسَّفَرِ أَوْ بِالْهَدْيِ . وَلِهَذَا قُلْنَا : لَيْسَ جبرانا . لِأَنَّ دَمَ الْجُبْرَانِ لَا يُخَيَّرُ فِي سَبَبِهِ كَتَرْكِ الْوَاجِبَاتِ ؛ وَإِنَّمَا هُوَ هَدْيٌ وَاجِبٌ كَأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ الْمَحْضَةِ أَوْ الْبَدَنِيَّةِ الْمَالِيَّةِ وَهُوَ الْهَدْيُ ؛ وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ : إذَا كَانَ وَاجِبًا فَلَا يُؤْكَلُ مِنْهُ بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ ؟ قُلْنَا هَدْيُ النَّذْرِ أَيْضًا فِيهِ خِلَافٌ وَمَا وَجَبَ مُعَيَّنًا يَأْكُلُ مِنْهُ بِاتِّفَاقِ ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الذَّابِحِ لِلَّهِ مُهْدِيًا إلَى بَيْتِهِ أَعْظَمَ الْمَقْصُودَيْنِ ؛ وَلِهَذَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ تَفْرِقَتِهِ فِي الْحَرَمِ ؛ وَإِنْ كُنَّا نَحْنُ نُوجِبُ ذَلِكَ فِيمَا هُوَ هَدْيٌ دُونَ مَا هُوَ نُسُكٌ ؛ لِيَظْهَرَ تَحْقِيقُهُ بِتَسْمِيَتِهِ هَدْيًا وَهُوَ الْإِهْدَاءُ إلَى الْكَعْبَةِ . فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمُقْتَضِي لِلْوَفَاءِ قَائِمٌ وَإِنَّمَا الشَّارِعُ جَعَلَ الْكَفَّارَةَ رُخْصَةً ثُمَّ قَدْ يَجِبُ وَقَدْ يُسْتَحَبُّ كَمَا فِي أَكْلِ الْمُضْطَرِّ لِلْمَيْتَةِ : فَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي " نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " وَمَا أَشْبَهَهُ وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ " إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ " ؛ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ ثُبُوتَ التَّحْرِيمِ عُقُوبَةً لَهَا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَوْ لِأُمِّهَا : إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ . فَهُنَا يَكُونُ مَقْصُودُهُ ثُبُوتَ التَّحْرِيمِ كَمَا أَنَّ فِي " نَذْرِ التَّبَرُّرِ " مَقْصُودُهُ ثُبُوتُ الْوُجُوبِ وَكَمَا فِي " الْخُلْعِ " مَقْصُودُهُ أَخْذُ الْعِوَضِ وَنَحْوَ ذَلِكَ . فَهَذَا التَّفْرِيقُ مُتَوَجِّهٌ عَلَى أَصْلِنَا فَإِنَّا كَمَا فَرَّقْنَا فِي الْتِزَامِ الْإِيجَابِ الْمُعَلَّقِ يَنْبَغِي أَنْ نُفَرِّقَ فِي الْتِزَامِ التَّحْرِيمِ الْمُعَلَّقِ . وَيَنْبَغِي أَنْ نُخَيِّرَهُ إذَا حَنِثَ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِالتَّحْرِيمِ وَبَيْنَ تَكْفِيرِ يَمِينِهِ كَمَا خَيَّرْنَاهُ فِي النَّذْرِ . ثُمَّ إنَّ طَرَدْنَا فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ - كَمَا يَتَخَرَّجُ عَلَى أُصُولِنَا وَكَمَا يُؤْثَرُ عَنْ الصَّحَابَةِ جُعِلَ الْعِتْقُ دَاخِلًا فِي " نَذْرِ اللَّجَاجِ " وَعَنْ طاوس وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ شَيْئًا وَتَوَقَّفَ الرَّاوِي : هَلْ كَانَ طاوس يَعُدُّهَا يَمِينًا ؟ - فَهُوَ مُتَوَجِّهٌ وَهُوَ أَقْوَى إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ . وَإِنْ فَرَّقْنَا بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَبَيْنَ الْحَرَامِ وَالظِّهَارِ فَمُتَوَجِّهٌ أَيْضًا(18/121)
لِأَنَّهُ هُنَاكَ عَلَّقَ نَفْسَ الْوُقُوعِ الَّذِي لَا يُعَلَّقُ بِمَشِيئَةِ وَهُنَاكَ عَلَّقَ يَمِينًا كَأَنَّهُ قَالَ : إنْ فَعَلْت هَذَا فَعَلَيَّ يَمِينُ حَرَامٍ أَوْ فَعَلَيَّ يَمِينُ ظِهَارٍ أَوْ إنْ فَعَلْت هَذَا صِرْت مُظَاهِرًا وَمُحَرِّمًا . وَهُوَ إذَا صَارَ مُظَاهِرًا مُحَرِّمًا لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ ؛ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ تَحْرِيمُ تَزَيُّلِهِ الْكَفَّارَةَ فَصَارَ مِثْلَ قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ حَجَّةٌ أَوْ فَأَنَا حَاجٌّ أَوْ أَنَا مُحْرِمٌ . وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَحَقَّقْ .
ـــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 9 / ص 265)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مِنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ . وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } { لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ } { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } وَقَالَ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } { وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ } { لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } فَذَكَرَ اللَّهُ اسْمَ " الْأَيْمَانِ " فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ فِي قَوْلِهِ : { لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ } وَقَوْلِهِ { بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ } وَقَوْلِهِ : { ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ } وَقَوْلِهِ : { وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ } وقَوْله(18/122)
تَعَالَى { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ اسْتِفْهَامُ إنْكَارٍ يَتَضَمَّنُ النَّهْيَ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَفْهِمُ لِطَلَبِ الْفَهْمِ وَالْعِلْمِ فَإِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ؛ وَلَكِنَّ مِثْلَ هَذَا يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ " اسْتِفْهَامَ إنْكَارٍ " وَاسْتِفْهَامُ الْإِنْكَارِ يَكُونُ بِتَضَمُّنِ الْإِنْكَارِ مَضْمُونَ الْجُمْلَةِ : إمَّا إنْكَارَ نَفْيٍ إنْ كَانَ مَضْمُونُهَا خَبَرًا وَإِمَّا إنْكَارَ نَهْيٍ إنْ كَانَ مَضْمُونُهَا إنْشَاءً . وَالْكَلَامُ إمَّا خَبَرٌ وَإِمَّا إنْشَاءٌ . وَهَذَا كَقَوْلِهِ { عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ } وَقَوْلِهِ : { لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ } وَنَحْوِ ذَلِكَ . فَاَللَّهُ تَعَالَى نَهَى نَبِيَّهُ عَنْ تَحْرِيمِ الْحَلَالِ كَمَا نَهَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ فَرَضَ لَهُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِهِمْ كَمَا ذَكَرَ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ بَعْدَ النَّهْيِ عَنْ تَحْرِيمِ الْحَلَالِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ . وَقَوْلُهُ : { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } هُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ . وَكَانَ سَبَبُ نُزُولِ التَّحْرِيمِ تَحْرِيمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَلَالَ : إمَّا أَمَتَهُ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةَ وَإِمَّا الْعَسَلَ ؛ وَإِمَّا كِلَاهُمَا . وَكَذَلِكَ آيَةُ الْمَائِدَةِ فَإِنَّ طَائِفَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا قَدْ حَرَّمُوا الطَّيِّبَاتِ إمَّا تَبَتُّلًا وَتَرَهُّبًا كَمَا عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ حَتَّى نَهَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ ؛ وَإِمَّا غَيْرَ ذَلِكَ . وَبَيَّنَ اللَّهُ لَهُمْ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِمَنْ حَرَّمَ الْحَلَالَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَخْرَجًا ؛ وَأَنَّ الْيَمِينَ الْمُتَضَمِّنَةَ تَحْرِيمَهُ لِلْحَلَالِ لَهُ مِنْهَا مَخْرَجٌ بِالْكَفَّارَةِ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ . لَيْسُوا كَاَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ الَّذِينَ كَانُوا إذَا حَرَّمُوا شَيْئًا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُكَفِّرُوا قَالَ تَعَالَى : { كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إسْرَائِيلَ إلَّا مَا حَرَّمَ إسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ } وَلِذَلِكَ قَدْ قِيلَ : إنَّهُمْ كَانُوا إذَا حَلَفُوا عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ لَزِمَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُكَفِّرُوا ؛ وَلِهَذَا قَالَتْ عَائِشَةُ : كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ لَا يَحْنَثُ فِي الْيَمِينِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ ؛ وَلِهَذَا أَمَرَ اللَّهُ أَيُّوبَ بِمَا يُحَلِّلُ يَمِينَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ كَفَّارَةٌ . فَإِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْأَشْيَاءِ : تَارَةً تَكُونُ حَضًّا وَإِلْزَامًا وَتَارَةً تَكُونُ مَنْعًا وَتَحْرِيمًا . كَمَا أَنَّ عَهْدَ اللَّهِ(18/123)
وَرَسُولِهِ وَحُكْمَهُ عَلَى خَلْقِهِ يَنْقَسِمُ إلَى هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ وَلِذَا كَانَ " الظِّهَارُ " فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَوَّلِ الْإِسْلَامِ طَلَاقًا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ الْكَفَّارَةَ وَكَذَلِكَ كَانَ " الْإِيلَاءُ " طَلَاقًا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ حُكْمَهُ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الظِّهَارَ نَوْعٌ مِنْ التَّحْرِيمِ ؛ فَمُوجَبُهُ رَفْعُ الْمِلْكِ ؛ إذْ الزَّوْجَةُ لَا تَكُونُ مُحَرَّمَةً عَلَى التَّأْبِيدِ . و " الْإِيلَاءُ " يَقْتَضِي عِنْدَهُمْ تَحْرِيمَ الْوَطْءِ وَذَلِكَ يُنَافِي النِّكَاحَ . وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ لَفْظَ " الْيَمِينِ " فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ فَقَالَ تَعَالَى : { تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إنَّا إذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ } - إلَى قَوْلِهِ - { فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إنَّا إذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ } { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ } وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ فِي سِيَاقِ ذِكْرِ مُعَاهَدَةِ الْمُشْرِكِينَ : { فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ } { أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } { وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا } وَقَالَ تَعَالَى : { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ } قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ - وَهَذَا لَفْظُ الْجَوْهَرِيِّ - الْيَمِينُ الْقَسَمُ . وَالْجَمْعُ أَيْمُنٌ وَأَيْمَانٌ فَقَالَ : سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا تَحَالَفُوا يُمْسِكُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ عَلَى يَمِينِ صَاحِبِهِ .
ـــــــــــــــــــ(18/124)
الفتاوى الكبرى - (ج 8 / ص 346)
كِتَابُ الظِّهَارِ وَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ : أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ فَهُوَ ظِهَارٌ ؛ وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ ، وَالْعَوْدُ هُوَ الْوَطْءُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَلَوْ عَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ فَأَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ لَا تَسْتَقِرُّ الْكَفَّارَةُ إلَّا بِالْوَطْءِ وَلَا ظِهَارَ مِنْ أَمَتِهِ وَلَا أُمِّ وَلَدِهِ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ .
وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ كَفَّارَةَ ظِهَارٍ وَيُتَوَجَّهُ عَلَى هَذَا أَنْ تَحْرُمَ عَلَيْهِ حَتَّى يُكَفِّرَ كَأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لَوْ قَالَ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ وَأَوْلَى قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَلَوْ وَطِئَ فِي حَالِ جُنُونِهِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ نَصَّ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الطَّلَاقِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ فَإِنْ تَوَجَّهَ فَرْقٌ وَإِلَّا كَانَ الْمَنْصُوصُ الْحِنْثَ فِي الْجُنُونِ مُطْلَقًا وَفِيهِ نَظَرٌ وَمَا يَخْرُجُ فِي الْكَفَّارَةِ الْمُطْلَقَةِ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالشَّرْعِ بَلْ بِالْعُرْفِ قَدْرًا أَوْ نَوْعًا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ وَلَا تَمْلِيكٍ وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ فِي الزَّوْجَةِ وَالْأَقَارِبِ وَالْمَمْلُوكِ وَالضَّيْفِ وَالْأَجِيرِ الْمُسْتَأْجَرِ بِطَعَامِهِ وَالْإِدَامُ يَجِبُ إنْ كَانَ يُطْعِمُ أَهْلَهُ بِإِدَامٍ وَإِلَّا فَلَا وَعَادَةُ النَّاسِ تَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ فِي الرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ وَالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ وَتَخْتَلِفُ بِالشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ .
وَالْوَاجِبَاتُ الْمُقَدَّرَاتُ فِي الشَّرْعِ مِنْ الصَّدَقَاتِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ تَارَةً تُقَدَّرُ الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ وَلَا يُقَدَّرُ مَنْ يُعْطَاهَا كَالزَّكَاةِ وَتَارَةً يُقَدَّرُ الْمُعْطَى وَلَا يُقَدَّرُ الْمَالُ كَالْكَفَّارَاتِ وَتَارَةً يُقَدَّرُ هَذَا وَهَذَا كَفِدْيَةِ الْأَذَى وَذَلِكَ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ هُوَ الْمَالُ فَقُدِّرَ الْمَالُ الْوَاجِبُ وَأَمَّا الْكَفَّارَاتُ فَسَبَبُهَا فِعْلُ بَدَلِهِ كَالْجِمَاعِ وَالْيَمِينِ وَالظِّهَارِ فَقُدِّرَ فِيهَا الْمُعْطَى كَمَا قُدِّرَ الْعِتْقُ وَالصِّيَامُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَجِّ فِيهِ بَدَنٌ وَمَالٌ فَعِبَادَتُهُ بَدَنِيَّةٌ وَمَالِيَّةٌ فَلِهَذَا قُدِّرَ فِيهِ هَذَا وَهَذَا .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الرملي - (ج 4 / ص 491)(18/125)
( بَابُ الظِّهَارِ ) ( سُئِلَ ) هَلْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمُظَاهِرِ بِالظِّهَارِ وَالْعَوْدِ أَوْ بِالظِّهَارِ ، وَالْعَوْدُ شَرْطٌ أَوْ بِالْعَوْدِ لِأَنَّهُ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّهُ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالظِّهَارِ وَالْعَوْدِ جَمِيعًا .
----------------
( سُئِلَ ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ هَذَا الشَّهْرَ وَالثَّانِيَ وَالثَّالِثَ مِثْلُ لَبَنِ أُمِّي فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ ظِهَارًا وَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ أَمْ لَا وَقَدْ اسْتَفْتَى السَّائِلُ شَخْصًا مِنْ الْمُفْتِينَ فَأَجَابَهُ بِأَنَّ هَذَا كِنَايَةُ ظِهَارٍ وَلَا ظِهَارٌ وَأَنَّهُ إذَا أَرَادَ النِّكَاحَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ شَخْصٌ فِي هَذَا الْإِفْتَاءَ فَهَلْ الْإِفْتَاءُ صَحِيحٌ أَوْ الِاعْتِرَاضُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّهُ إنْ نَوَى بِقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ طَلَاقًا وَإِنْ تَعَدَّدَ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا أَوْ ظِهَارًا حَصَلَ مَا نَوَاهُ فِيهِمَا لِأَنَّ التَّحْرِيمَ يَنْشَأُ عَنْ الطَّلَاقِ وَعَنْ الظِّهَارِ بَعْدَ الْعَوْدِ فَصَحَّتْ الْكِنَايَةُ بِهِ عَنْهُمَا مِنْ بَابِ طَلَاقِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ أَوْ نَوَاهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتِّبًا تَخَيَّرَ وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ مِنْهُمَا وَلَا يَثْبُتَانِ جَمِيعًا لِاسْتِحَالَةِ تَوَجُّهِ الْقَصْدِ إلَى الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ إذْ الطَّلَاقُ يُزِيلُ النِّكَاحَ وَالظِّهَارُ يَسْتَدْعِي بَقَاءَهُ وَقِيلَ إنْ نَوَى فِي الثَّانِيَةِ الظِّهَارَ أَوَّلًا صَحَّا مَعًا أَوْ الطَّلَاقَ أَوَّلًا وَكَانَ بَائِنًا فَلَا مَعْنَى لِلظِّهَارِ بَعْدَهُ أَوْ رَجْعِيًّا كَانَ الظِّهَارُ مَوْقُوفًا فَإِنْ رَاجَعَهَا فَهُوَ صَحِيحٌ وَالرَّجْعَةَ عَوْدٌ وَإِلَّا فَهُوَ لَغْوٌ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَمَّا قَوْلُهُ مِثْلُ لَبَنِ أُمِّي فَهُوَ لَغْوٌ لَا اعْتِبَارَ بِهِ لِصَيْرُورَةِ الْكَلَامِ الْمَذْكُورِ بِهِ مُتَنَاقِضًا لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إذْ لَبَنُ أُمِّهِ حَلَالٌ لَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ فِي الْقِسْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ إلَّا إنْ وَطِئَهَا قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ الثَّالِثِ فَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ لِصَيْرُورَتِهِ عَائِدًا حِينَئِذٍ وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ فَرْجِهَا أَوْ نَحْوِهِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً أَوْ نَحْوَهَا
ـــــــــــــــــــ
الفتاوى الفقهية الكبرى - (ج 9 / ص 202)(18/126)
( بَابُ الظِّهَارِ ) ( وَسُئِلَ ) نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ وَبِعُلُومِهِ عَمَّنْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا عَقِبَ الظِّهَارِ شِرَاءً لَا يَصِيرُ بِهِ عَائِدًا ثُمَّ فَسَخَ الشِّرَاءَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ خِيَارِ الشَّرْطِ فَهَلْ يَكُونُ عَائِدًا بِالْفَسْخِ أَمْ لَا بُدَّ بَعْدَهُ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ تُمْكِنُ فِيهِ الْفُرْقَةُ وَلَمْ يُفَارِقْ ؟ ( فَأَجَابَ ) بِقَوْلِهِ : الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ بَعْدَ الْفَسْخِ يُمْكِنُ فِيهِ الطَّلَاقُ سَوَاءٌ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَالْخِيَارُ لَهُ ثُمَّ فَسَخَ الْبَيْعَ بَقِيَ نِكَاحُهُ لِضَعْفِ مِلْكِهِ الثَّابِتِ لَهُ بِاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ لَهُ وَحْدَهُ ، وَلَا يُقَالُ : إنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْفَسْخِ ؛ لِأَنَّهَا بِالشِّرَاءِ آيِلَةٌ إلَى دَفْعِ النِّكَاحِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْفَسْخِ وَتَكْلِيفُهُ إيقَاعَ طَلَاقٍ تُحْتَمَلُ صِحَّتُهُ بِتَقْدِيرِ الْفَسْخِ وَعَدَمُهَا بِتَقْدِيرِ عَدَمِهِ لَا نَظِيرَ لَهُ فَإِفْتَاءُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى مُضِيِّ ذَلِكَ الزَّمَنِ ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قَطْعُ النِّكَاحِ بِالطَّلَاقِ ثُمَّ فَسْخُ الْبَيْعِ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا قَرَّرْته ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ
الفتاوى الهندية - (ج 10 / ص 458)
الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الظِّهَارِ الظِّهَارُ هُوَ تَشْبِيهُ الزَّوْجَةِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهَا شَائِعٍ أَوْ مُعَبَّرٍ بِهِ عَنْ الْكُلِّ بِمَا لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْ الْمُحَرَّمَةِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَلَوْ بِرَضَاعٍ أَوْ صِهْرِيَّةٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ كِتَابِيَّةً كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَشَرْطُهُ فِي الْمَرْأَةِ كَوْنُهَا زَوْجَةً وَفِي الرَّجُلِ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ الذِّمِّيِّ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ .
فَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ أَمْرِهَا ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ أَجَازَتْ النِّكَاحَ فَالظِّهَارُ بَاطِلٌ وَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ أَوْ الْمُدَبَّرَ أَوْ الْمُكَاتَبَ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ صَحَّ ظِهَارُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ .
فَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ مَوْطُوءَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَذَا لَوْ شَبَّهَهَا بِالْمُحَرَّمَةِ حُرْمَةً مُوَقَّتَةً كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا لَا يَصِحُّ الظِّهَارُ هَكَذَا فِي مُلَخَّصِ الْمُحِيطِ .(18/127)
رُكْنُ الظِّهَارِ هُوَ قَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي إفَادَةِ مَعْنَاهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ
إذَا قَالَ لَهَا : رَأْسُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ وَجْهُك أَوْ رَقَبَتُك أَوْ فَرْجُك يَصِيرُ مُظَاهِرًا وَكَذَا إذَا قَالَ لَهَا : بَدَنُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ رُبْعُك أَوْ نِصْفُك وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ الشَّائِعَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ إذَا ذَكَر جُزْءًا لَا يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ لَمْ يَثْبُتْ الظِّهَارُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ .
إنْ قَالَ : ظَهْرُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَبَطْنِهَا أَوْ كَفَرْجِهَا لَا يَكُونُ ظِهَارًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ .
لَوْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَرُكْبَةِ أُمِّي فِي الْقِيَاسِ يَكُونُ مُظَاهِرًا وَلَوْ قَالَ لَهَا : فَخِذُك عَلَيَّ كَفَخْذِ أُمِّي يَكُونُ ظِهَارًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا شَبَّهَهَا بِعُضْوٍ مِنْ أُمِّهِ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ فَهُوَ كَتَشْبِيهِهِ بِظَهْرِهَا وَكَذَا إذَا شَبَّهَهَا بِمَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ مُنَاكَحَتُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ مِثْلُ أُخْتِهِ أَوْ عَمَّتِهِ أَوْ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ إنْ شَبَّهَهَا بِمَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ كَالشَّعْرِ وَالْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ لَا يَكُونُ ظِهَارًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ .
لَوْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّك كَانَ مُظَاهِرًا سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا وَلَوْ قَالَ : كَظَهْرِ بِنْتِك إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا كَانَ مُظَاهِرًا وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ .
إنْ شَبَّهَهَا بِامْرَأَةِ الْأَبِ أَوْ الِابْنِ يَكُونُ ظِهَارًا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الْأَبُ أَوْ الِابْنُ .
وَلَوْ شَبَّهَهَا بِامْرَأَةٍ زَنَى بِهَا أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ ظِهَارًا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَوْ شَبَّهَهَا بِأُمِّ امْرَأَةٍ أَوْ ابْنَةِ امْرَأَةٍ قَدْ زَنَى بِهَا يَكُونُ ظِهَارًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ .(18/128)
لَوْ قَبَّلَ أَجْنَبِيَّةً بِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ ثُمَّ شَبَّهَ زَوْجَتَهُ بِابْنَتِهَا لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْوَطْءَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ .
وَحُكْمُ الظِّهَارِ حُرْمَةُ الْوَطْءِ وَالدَّوَاعِي إلَى غَايَةِ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ .
إنْ وَطِئَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ - تَعَالَى - وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ الْكَفَّارَةِ الْأُولَى وَلَا يُعَاوِدُ حَتَّى يُكَفِّرَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ .
لَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ وَكَذَا إذَا كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمَةً فَظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا حَتَّى بَطَلَ النِّكَاحُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ حُرَّةً فَارْتَدَّتْ عَنْ الْإِسْلَامِ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَسُبِيَتْ ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَكَذَا إذَا ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ ثُمَّ عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِدُونِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ .
وَلَوْ ارْتَدَّا مَعًا ثُمَّ أَسْلَمَا فَهُمَا عَلَى الظِّهَارِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ هَذَا كُلُّهُ فِي الظِّهَارِ الْمُطْلَقِ وَالْمُؤَبَّدِ أَمَّا فِي الْمُؤَقَّتِ كَمَا إذَا ظَاهَرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَالْيَوْمِ وَالشَّهْرِ وَالسَّنَةِ فَإِنَّهُ إنْ قَرِبَهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ وَبَطَلَ الظِّهَارُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ .
لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُطَالِبَ الْمُظَاهِرَ بِالْوَطْءِ وَعَلَيْهَا أَنْ تَمْنَعَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ .
الْمُظَاهِرُ إذَا لَمْ يُكَفِّرْ وَرُفِعَ أَمْرُهُ إلَى الْقَاضِي يَحْبِسُهُ الْقَاضِي حَتَّى يُكَفِّرَ أَوْ يُطَلِّقَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ إنْ قَالَ : كَفَّرْت صُدِّقَ مَا لَمْ يُعْرَفْ بِالْكَذِبِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ .
لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَانَ مُظَاهِرًا سَوَاءٌ نَوَى الظِّهَارَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَصْلًا وَكَذَا إذَا نَوَى الْكَرَامَةَ وَالْمَنْزِلَةَ أَوْ الطَّلَاقَ أَوْ تَحْرِيمَ الْيَمِينِ لَا يَكُونُ إلَّا ظِهَارًا وَلَوْ قَالَ :(18/129)
أَرَدْت بِهِ الْإِخْبَارَ عَمَّا مَضَى كَذِبًا لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ وَلَا يَسَعُ الْمَرْأَةَ أَنْ تُصَدِّقَهُ كَمَا لَا يَسَعُ الْقَاضِيَ وَيُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَكَذَا إذَا قَالَ : أَنَا مِنْك مُظَاهِرٌ أَوْ ظَاهَرْتُك فَهُوَ مُظَاهِرٌ نَوَى الظِّهَارَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَأَيَّ شَيْءٍ نَوَى لَا يَكُونُ إلَّا ظِهَارًا وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْخَبَرَ عَنْ الْمَاضِي كَاذِبًا لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً وَكَذَا لَوْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَبَطْنِ أُمِّي أَوْ كَفَخْذِ أُمِّي أَوْ كَفَرْجِ أُمِّي فَهَذَا وَقَوْلُهُ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي عَلَى السَّوَاءِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ
إنْ قَالَ : أَنْتِ مِنِّي كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ عِنْدِي أَوْ مَعِي فَهُوَ مُظَاهِرٌ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ .
لَوْ قَالَ لَهَا : أَنْتِ أُمِّي لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا وَمِثْلُهُ أَنْ يَقُولَ : يَا ابْنَتِي وَيَا أُخْتِي وَنَحْوُهُ وَلَوْ قَالَ لَهَا : أَنْتِ مِثْلُ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي يَنْوِي فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ بَائِنًا وَإِنْ نَوَى الْكَرَامَةَ أَوْ الظِّهَارَ فَكَمَا نَوَى هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ حَمْلًا لِلَّفْظِ عَلَى مَعْنَى الْكَرَامَةِ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُ هَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ .
وَإِنْ نَوَى التَّحْرِيمَ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكُونُ ظِهَارًا عِنْدَ الْكُلِّ .
قَالَ لَهَا : أَنْتِ مِثْلُ أُمِّي وَلَمْ يَقُلْ : عَلَيَّ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا يَلْزَمُهُ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ .
لَوْ قَالَ : إنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ .
إذَا قَالَ لَهَا : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي وَنَوَى الطَّلَاقَ أَوْ الظِّهَارَ أَوْ الْإِيلَاءَ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا يَكُونُ ظِهَارًا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ الْخَصَّافُ : الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ .(18/130)
وَلَوْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى طَلَاقًا أَوْ إيلَاءً لَمْ يَكُنْ إلَّا ظِهَارًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَكُونُ طَلَاقًا وَإِنْ نَوَى التَّحْرِيمَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَهُوَ ظِهَارٌ بِالْإِجْمَاعِ
لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي أَوْ الْقَرِيبِ أَوْ كَظَهْرِ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ : كَفَرْجِ أَبِي أَوْ كَفَرْجِ ابْنِي كَانَ مُظَاهِرًا وَلَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ مُظَاهَرَةً مِنْ زَوْجِهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ .
وَشَرْطُ الظِّهَارِ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ الذِّمِّيِّ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ ، وَلَوْ ظَاهَرَ فَجُنَّ ثُمَّ أَفَاقَ فَهُوَ عَلَى حُكْمِ الظِّهَارِ وَلَا يَكُونُ عَائِدًا بِالْإِفَاقَةِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمِنْ الشَّرَائِطِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْتُوهًا وَلَا مَدْهُوشًا وَلَا مُبَرْسَمًا وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَا نَائِمًا فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ هَؤُلَاءِ ، وَكَوْنُهُ جَادًّا لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الظِّهَارِ حَتَّى يَصِحَّ ظِهَارًا لِهَازِلٍ وَكَذَا كَوْنُهُ طَائِعًا أَوْ عَامِدًا لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا فَيَصِحُّ ظِهَارُ الْمُكْرَهِ وَالْخَاطِئِ كَمَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَكَذَا الْخُلُوُّ عَنْ شَرْطِ الْخِيَارِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا فَيَصِحُّ ظِهَارُ شَارِطِ الْخِيَارِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَظِهَارُ السَّكْرَانِ لَازِمٌ وَظِهَارُ الْأَخْرَسِ بِكِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ تُعْرَفُ وَهُوَ يَنْوِي لَازِمٌ كَالطَّلَاقِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة .
أَسْلَمَ زَوْجُ الْمَجُوسِيَّةِ فَظَاهَرَ مِنْهَا قَبْلَ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهَا صَحَّ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ الظِّهَارُ لَا يُوجِبُ نُقْصَانَ الْعَدَدِ وَلَا يُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة .
يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْ الصَّغِيرَةِ وَالرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمَجْنُونَةِ وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ .
لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْهَا فِي عِدَّتِهَا صَحَّ ظِهَارُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ .(18/131)
لَا يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَلَا مِنْ الْمُبَانَةِ وَالْمُخْتَلِعَةِ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ .
وَلَوْ طَلَّقَ الْمُظَاهِرُ امْرَأَتَهُ مَوْصُولًا بِالظِّهَارِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إجْمَاعًا لِانْتِفَاءِ الْعَوْدِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ
إذَا قَالَ لَهَا : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ فَهُوَ ظِهَارٌ وَاحِدٌ وَإِذَا قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي غَدًا وَإِذَا جَاءَ بَعْدُ غَدٍ فَهُمَا ظِهَارَانِ فَإِنْ كَفَّرَ الْيَوْمَ لَمْ يُجْزِ عَنْ الظِّهَارِ الَّذِي وَقَعَ بَعْدَ الْغَدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ .
إنْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كُلَّ يَوْمٍ فَهُوَ ظِهَارٌ وَاحِدٌ يَبْطُلُ بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ .
وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فِي كُلِّ يَوْمٍ يَتَجَدَّدُ الظِّهَارُ بِتَجَدُّدِ كُلِّ يَوْمٍ فَإِذَا مَضَى الْيَوْمُ بَطَلَ ظِهَارُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ مُظَاهِرًا فِي الْيَوْمِ الْآخَرِ ظِهَارًا جَدِيدًا وَلَهُ أَنْ يَقْرَبَهَا فِي اللَّيْلِ كَذَا فِي الْكَافِي .
أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كُلَّ يَوْمٍ ظِهَارًا يَتَعَدَّدُ الظِّهَارُ فَيَكُونُ مُظَاهِرًا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَيَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الْيَوْمِ فَإِذَا مَضَى الْيَوْمُ بَطَلَ ظِهَارُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ مُظَاهِرًا فِي الْيَوْمِ الْآخَرِ ظِهَارًا جَدِيدًا وَلَهُ أَنْ يَقْرَبَهَا فِي اللَّيْلِ فَإِنْ كَفَّرَ فِي يَوْمٍ بَطَلَ ظِهَارُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَعَادَ فِي الْغَدِ ، إذَا قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كُلَّمَا جَاءَ يَوْمٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْهَا إذَا جَاءَ يَوْمٌ وَلَا يَنْتَهِي ظِهَارُ هَذَا الْيَوْمِ بِمُضِيِّهِ وَكَذَلِكَ كُلَّمَا جَاءَ يَوْمٌ صَارَ مُظَاهِرًا ظِهَارًا آخَرَ مَعَ بَقَاءِ الْأَوَّلِ لَا يُبْطِلُهُ إلَّا الْكَفَّارَةُ هَكَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ .
فِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ : لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي رَمَضَانَ كُلَّهُ وَرَجَبًا كُلَّهُ فَكَفَّرَ فِي رَجَبٍ سَقَطَ عَنْهُ ظِهَارُ رَجَبٍ وَظِهَارُ رَمَضَانَ اسْتِحْسَانًا وَالظِّهَارُ وَاحِدٌ وَإِنْ كَفَّرَ فِي شَعْبَانَ لَمْ يُجْزِ قَالَ : أَرَأَيْت لَوْ قَالَ لَهَا : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَبَدًا إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ كَفَّرَ إنْ كَفَّرَ فِي يَوْمِ الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ يُجْزِ وَإِنْ كَفَّرَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ مُظَاهِرٌ فِيهِ أَجْزَأَهُ عَنْ الْكُلِّ ، إذَا ظَاهَرَ(18/132)
الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ امْرَأَةِ فُلَانٍ فَهُوَ مُظَاهِرٌ مِنْهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ .
وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ أَشْرَكَ أُخْرَى مَعَهَا أَوْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ هَذِهِ يَنْوِي الظِّهَارَ صَحَّ وَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَعْدَ التَّكْفِيرِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ قَالَ لِلثَّالِثَةِ : أَشْرَكْتُك فِي ظِهَارِهِمَا فَهُوَ مُظَاهِرٌ مِنْ الثَّالِثَةِ ظِهَارَيْنِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ .
إنْ قَالَ لِنِسَائِهِ : أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي صَارَ مُظَاهِرًا مِنْهُنَّ وَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ كَذَا فِي الْكَافِي .
لَوْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ مِرَارًا فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْأَوَّلَ كَمَا ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ فَرَّقَ بَيْن الْمَجْلِسِ وَالْمَجَالِسِ وَالْمُعْتَمَدُ هُوَ الْأَوَّلُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ .
يَصِحُّ ظِهَارُ زَوْجَتِهِ تَعْلِيقًا بِأَنْ قَالَ : إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ أَوْ إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَذَا فِي الْبَدَائِعِ .
لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ : إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَزَوَّجَهَا يَكُونُ مُظَاهِرًا وَلَوْ قَالَ : إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ : إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَزَوَّجَهَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ جَمِيعًا لِأَنَّهُمَا يَقَعَانِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَا لَوْ قَالَ : إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا لَزِمَاهُ جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ : إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَزَوَّجَهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ .
وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ لَا يَصِحُّ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا فَدَخَلَتْ الدَّارَ لَا يَصِيرُ مُظَاهِرًا بِالْإِجْمَاعِ إذَا عَلَّقَ الظِّهَارَ بِشَرْطٍ ثُمَّ أَبَانَهَا قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَا يَنْزِلُ الظِّهَارُ ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ(18/133)
ـــــــــــــــــــ
لقاءات الباب المفتوح - (ج 163 / ص 18)
حكم كفارة الظهار قبل الطلاق البائن:
________________________________________
السؤال: ما حكم من طلق طلاقاً بائناً بعدما ظاهر، فهل تبقى عليه كفارة الظهار؟ كأن يقول مثلاً: أنتِ عليَّ كظهر أمي، ثم يطلقها الطلقة الأخيرة بعد فترة؟
________________________________________
الجواب: تبين منه، وليس عليه كفارة ظهار؛ لأنه ما عاد، لأن معنى قوله تعالى: ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا [المجادلة:3] يعني: الجماع.
ـــــــــــــــــــ
تفسير قوله تعالى: (قد سمع الله قول التي تجادلك ...):
________________________________________
يقول الله عز وجل بعد ذكر البسملة -والبسملة تقدم الكلام عليها كثيراً- يقول عز وجل: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ [المجادلة:1] (قد) هنا للتحقيق والتوكيد سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ [المجادلة:1] وهي امرأة أتت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، تشكو زوجها، أنه بعدما كبر سنه وسنها ظاهر منها، وقال لها: أنت عليَّ كظهر أمي، وهذا هو الظهار، وكان الظهار في الجاهلية يعني: الطلاق البائن الذي لا تحل به المرأة، وتكون حراماً عليه أبداً، هذه المرأة جاءت تشتكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعد هذا السن والأولاد والتعب مع هذا الزوج يظاهر منها، فبين الله عز وجل أنه قد سمع قولها، وقوله: تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا [المجادلة:1] أي: في شأن زوجها، حين قال: أنتِ عليَّ كظهر أمي. وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ [المجادلة:1] أي: ترفع الشكوى إلى الله عز وجل؛ ليقضي حاجتها تبارك وتعالى، فنزل الوحي في الحال على النبي صلى الله عليه وعلى آله(18/134)
وسلم، وأفتاه الله في ذلك، ثم أكد هذا السمع بقوله: وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا [المجادلة:1] أي: تراجعكما، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يراجعها ويأمرها أن تصبر وأن تنظر حتى يأتي الله بأمره. وفي هذه الآية: دليل على سعة سمع الله عز وجل، وأنه يسمع كل شيء، قالت عائشة رضي الله عنها: [الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات] وفي حديث آخر: [تبارك الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادلة إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تجادله في زوجها وإني في الحجرة ويخفى عليَّ بعض حديثها] فحمدت الله عز وجل على كمال صفاته، حيث يسمع الله فوق العرش فوق سبع سماوات حديث هذه المرأة و عائشة في الحجرة لا تسمع. وفي هذا التحذير من قول الإنسان ما لا يرضي ربه عز وجل، وأنه مهما أخفى القول فإن الله تعالى يسمعه، قال الله تعالى في آية أخرى: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف:80] يعني نسمع (سرهم) ما أخفوه في نفوسهم (ونجواهم) ما تناجوا به. ولكن الصحيح: أن قوله: (سرهم) يعني: ما تسار به الرجلان، والنجوى: ما كان حديثاً بين القوم، لأن قوله نسمع لا ينطبق على السر الذي في القلب، إذا كان إلى جنبك ثم كلمته سراً لا يسمى نجوى، وإذا تكلمت في المجلس بكلام مرتفع فإنه يسمى نجوى. قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [المجادلة:1] يسمع كل شيء، ويرى كل شيء عز وجل، فإياك أن تسمع ربك ما لا يرضى، وإياك أن تري ربك بأفعالك ما لا يرضى، كل شيء معلوم عند الله عز وجل. لكن إذا قال الإنسان: أنتِ عليَّ كظهر أختي هل يكون كقوله: كظهر أمي؟ الجواب: نعم يكون؛ لأنه لا فرق، وأما ذكر الآيات من ظاهر من أمه فهذا بناءً على أنه الغالب، أن الإنسان يظاهر بأمه، لكن لو قال: أنت عليَّ كظهر عمتي، فالحكم كذلك، والضابط في هذا: أن يشبه زوجته بمن تحرم عليه تحريماً مؤبداً. فالأم أو البنت أو الأخت أو العمة أو الخالة أو بنت الأخ أو بنت الأخت الحكم فيهن واحد، ولو شبهها بغير الظهر بأن قال: أنت عليَّ مثل رأس أمي أو مثل فرج أمي فهل الحكم واحد؟(18/135)
الجواب: نعم الحكم واحد، هو كالظهر، لكن ذكر الظهر بناءً على الغالب المعروف في ذلك الوقت.
ثم قال الله عز وجل: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ [المجادلة:2] بين الله عز وجل كذب هؤلاء فقال: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ الخبر: مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ أي: لسن أمهاتهم، من الأم؟ التي ولدتك إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ فكيف يجعل هذه المرأة المحللة له، التي يجوز أن يجامعها أمه التي لا يمكن أن تحل له بأي حال من الأحوال، هل هذا حق وصدق أم لا؟ الجواب؟ لا، ولهذا قال: وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً (منكراً من القول) لأنه حرام، (وزوراً) لأنه كذب، فليست أمه، وفي هذا دليل واضح على تحريم الظهار، وأنه من المنكرات ومن الزور، ولا يحل لإنسان أن يظاهر من امرأته، فإن حرَّم امرأته بلا ظهار بأن قال لها: أنت عليَّ حرام، فهل هو ظهار، أو طلاق، أو يمين؟ في هذا خلاف بين العلماء رحمهم الله، والصحيح أنه يمين، فإذا قال الرجل لزوجته: أنت عليَّ حرام فهو يمين لدخولها في عموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [التحريم:1-2] وبين الله عز وجل أن تحريم الحلال يمين قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ فتحريم الحلال يمين لا فرق فيه بين الزوجة وغيره، قد يقول قائل: إن التحريم إذا قال لزوجته: أنت عليَّ حرام مثل أنت علي كظهر أمي؟ والجواب: أن هذا خطأ؛ لأنه إذا قال: أنت عليَّ كظهر أمي فقد شبه أحلَّ شيء له في الاستمتاع بأحرم شيء عليه، ثم إن فيه استخفافاً بالشريعة أن يشبه هذا بهذا، ثم إنه قد يكون فيه أيضاً استهانة بالأم أن يجعل الزوجة مثلها، فعلى كل حال الفرق بين العبارتين واضح، والحكم الشرعي بينهما في الفرق بينهما واضح، فقد جعل الظهار له حكم، وجعل الله التحريم له حكم آخر، فهذا القول هو الراجح: أن تحريم الزوجة كتحريم(18/136)
غيرها يمين، فهو كما لو قال: حرام عليَّ أن ألبس هذا الثوب. ثم لبسه نقول: عليك كفارة يمين. فإن قال لزوجته: أنت عليَّ حرام. ثم جامعها نقول: عليه كفارة يمين ولا فرق. ثم قال عز وجل: وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ [المجادلة:2] (عفو) عن التقصير في الواجبات (غفور) عن فعل المحرمات، وما أوسع عفو الله عز وجل، وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ [فاطر:45]. ثم بين الله حكم الظهار الحكم الذي يسميه الأصوليون الحكم الوضعي بمعنى: ماذا نعمل إذا حصل الظهار؟ فقال عز وجل: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً [المجادلة:3-4] الآن كم خصلة ذكر الله عز وجل؟ ثلاثاً: تحرير رقبة، وصيام شهرين متتابعين، وإطعام ستين مسكيناً. هذه كفارة الظهار إذا عاد الإنسان لما قال، ومعنى عودته لما قال: أن يعود لامرأته التي جعلها كظهر أمه بأن يعزم على أن يجامعها، فنقول: قبل أن تجامع كفر. أولاً: تحرير رقبة ومعنى التحرير: تخليصها من الرق، يعني: يكون عند الإنسان عبداً مملوكاً فيعتقه، أو يشتريه من السوق ويعتقه، فإن لم يجد ثمن الرقبة أو لم توجد الرقبة، كمثل هذا العصر الآن فإنه لا يوجد فيما نعلم رقيق. فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ أي: فعليه صيام شهرين متتابعين لا يفطر بينهما إلا لعذر شرعي، الشهران هل هما ستون يوماً، أو هما هلالان؟ الجواب: الثاني، أي: هلالان، فلو قدر أن الشهر الأول ناقص والثاني ناقص، ستكون الأيام ثمانية وخمسين يوماً، ولا حرج؛ لأن الله لم يقل ستين يوماً، قال: (شهرين متتابعين) وقوله: (متتابعين) يعني: يجب ألا يفطر بينهما إلا لعذر، كالسفر والمرض، فإن لم يتابع بأن أفطر يوماً في أثناء الشهرين بدون عذر فعليه أن يستأنف؛ لأن الله اشترط أن يكون الشهران متتابعين، فلابد أن يستأنف. مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا أي: من قبل أن يجامع أحدهما الآخر، فيبقى صابراً عن امرأته مدة شهرين، هذا إن شرع في(18/137)
الصوم مباشرة، أما إذا تأخر ربما يتأخر -مثلاً- شهر ثم يصوم، فيبقى عن أهله ثلاثة أشهر. ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ [ أي: تزجرون به عن هذا القول المحرم المنكر. فمن لم يستطع أن يصوم شهرين متتابعين، إما لمرض وإما لشدة شبق يعني: شهوة للجماع وما أشبه ذلك فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً أي: فعليه أن يطعم ستين مسكيناً، وهل يطعم ستين مسكيناً قبل أن يجامع، أو له أن يجامع قبل أن يطعم؟ في الرقبة قال: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا وفي الصيام قال: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا وفي الإطعام لم يذكر الله هذا الشرط: (من قبل أن يتماسا) فظاهر الآية الكريمة: أنه يجوز أن يرجع إلى زوجته ويجامعها قبل أن يطعم، ولكن أهل العلم يقولون: إن الإطعام كغيره، لا يرجع إلى زوجته حتى يطعم، وقالوا: إذا كان الله تعالى أوجب أن تكون الكفارة قبل الجماع في العتق وهذا قد يتأخر ربما يبقى الإنسان يبحث عن رقبة شهراً أو شهرين أو أكثر، في الصيام وهو شهران يبقى لا يجامع زوجته حتى يصوم، فما بالك بالإطعام؟ الإطعام يمكن أن يطعم خلال نصف ساعة أليس كذلك؟ يقولون: فإذا كان العتق والصيام يجب أن يتقدم الرجوع فالإطعام من باب أولى، ولكن كيف يطعم ستين مسكيناً؟ إطعامهم على وجهين: الوجه الأول: أن يصنع غداءً أو عشاءً ويدعو ستين مسكيناً، فإن لم يتسع المكان للستين دعا عشرة اليوم وعشرة آخرين من الغد وعشرة آخرين من الغد حتى يكمل ستين مسكيناً، غداء أو عشاء، فإن لم يصنع غداء أو عشاء فليطعم كل مسكين كيلو من الرز ومعه لحم، يعني: يأخذ أكياساً من (النايلون) ويجعل فيها كيلو من الرز ومعه لحم، لحم قليل يكفيه لوحده، ويوزعه على ستين مسكيناً، وبذلك تتم الكفارة. لكن إذا كان الإنسان لا يستطيع حتى الإطعام، فهل نقول: لا تقرب زوجتك حتى تقدر على الإطعام أو الصيام أو إعتاق الرقبة؟ نقول: قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] وعلى هذا فيأتي أهله ولا حرج عليه. فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ أي: أوجبنا ذلك ليتحقق لكم الإيمان،(18/138)
فإنه كلما كان الإنسان ممتثلاً لأمر الله مع المشقة، ازداد إيمانه ورغبته فيما عند الله. لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ يعني: محمد صلى الله عليه وسلم وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ختم الآيات بهذه الجملة، كأنه يقول: استعدوا للعذاب الأليم إن لم تؤمنوا بالله ورسوله فتؤدوا ما أوجب الله عليكم من الكفارة.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ - (ج 11 / ص 66)
(3097- قوله: وإن قال: أنت علي حرام أو ظهر أمي فهو ظهار ... الخ.
وأصح الأقوال أنه ظهار سواء قصد الطلاق أو لا، ثم هو تارة يكون بصيغة التنجيز، وتارة بصيغة التغليق، ثم التعليق تارة يكون بصفة القسم، وتارة تعليق محض.
والذي يقوى وعليه الفتوى أنه إذا حلف بالظهار - أنت علي حرام - فهو يمين مكفرة، لأنه شيء لا يريد به إلا التحريم فهو شبيه باليمين، فإذا صدر بصيغة اليمين فهو يمين مكفرة، وإذا صدر بصيغة الظهار فهو ظهار. (تقرير)
أما "المسألة الثالثة" وهي سؤال عن تحريم الرجل زوجته، فهذه المسألة سلكت فيها أحسن مما سلكت في سابقتها.
والجواب: أن في هذه المسألة عشرين مذهباً للناس ذكرها ابن القيم في "زاد المعاد" وذكر وجوهها ومأخذها، واختار أن ذلك ظهار و لو نوى به الطلاق، كما هو اختيار شيخه شيخ الإسلام ابن تيميه، وهو الذي في كتب الأصحاب وعليه الفتوى لدينا، وهذا فيما إذا لم يكن محلوفاً به.
أما لو كان محلوفاً به كأنت عليّ حرام إذا خرجت من الدار، ونحوه مما فيه حث أو منع أو تصديق أو تكذيب فإنه عند الشيخ تفقي الدين وتلميذه ابن القيم يمين مكفرة، وعليه(18/139)
الفتوى لدينا أيضاً، أما الأصحاب رحمهم الله فإنهم لا يفرقون في ذلك بين كونه محلوفاً به أو لا، وأنه ظهار في الحالتين. والسلام عليكم.
(ص/ف 984 في 7/8/1379)
(3099- حارمة عليّ)
الحمد لله وحده . وبعد:
فقد سألني محمد بن دخيل ...... عن طلاق صفته أنه قال لزوجته لما أغضبته وتكلمت عليه بكلام فاحش قال لها: تراك طالق حارمة عليّ وحالة لغيري، وأعطاها فلوسها، وخرجت من بيته، ويستفتي هل تحل له، ويذكر بأنه لم يطلقها قبل هذا الطلاق ولا بعده، وهي الآن حامل ؟
وبتأمل سؤاله أفتيته بأنه إذا كان الحال كما ذكر فقد طلقت زوجته طلقة واحدة، وله مراجعتها مادامت في العدة، فإن خرجت من العدة فلابد من عقد جديد بشروطه وبرضاها.
وأما قوله: حارمة علي، فهذا ظهار، ويجب عليه كفارة الظهار المذكورة في قوله تعالى: { وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (1). قال ذلك ممليه الفقير إلى الله محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
(ص/ف 542/1 في 19/2/1387)
(3100- حرام من أم عيالي)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم عبدالله بن محمد ...... سلمه الله(18/140)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد:
فقد جرى الاطلاع على استفتائك الموجه إلينا منك بخصوص ذكرك أنه حصل بين أختك وزوجها نزاع فقلت لوالدتك: حرام من أم عيالي إنك يا والدتي ما تصلين بنتك في بيت زوجها، وأنكم الآن متضررون من هذا ، وأصبحت في حرج، وتستفتي في ذلك.
والجواب: الحمد لله. المفتى به لدينا وهو الراجح بالدليل إنما صدر منك يعتبر يميناً مكفرة، متى حصل منك الحنث وجبت عليك الكفارة، وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم تجد فصم ثلاثة أيام متتابعة، وبالله التوفيق. والسلام عليكم.
(ص/ف 882/1 في 3/4/1384)
(3101- أنت محرمة)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم عبدالجلال ...... المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد:
__________
(1) سورة المجادلة - آية 3 ، 4
فقد وصل إلينا كتابك الذي تستفتي به عما وقع بينك وبين زوجتك، وذكرت أنك نهيتها عن دخول بيت جارتها نفيسة، وأكدت عليها وقلت لها إذا ذهبت إلى بيت نفيسة أو مشيت معها فأنت محرمة، وقد ذهبت الزوجة إلى بيت نفسية، وتسأل عن حكم ذلك، مع أنك لم تقصد طلاقها ولا تحريمها وإنما تقصد منعها من دخول بيت تلك المرأة.
والجواب: الحمد لله. إذا كان الحال كما ذكر فلا تحرم عليك زوجتك بما ذكر، وإنما يعتبر هذا بمنزلة يمين مكفرة، فتكفر كفارة يمين وليس عليك شيء غيرها، وهي المذكورة في قوله تعالى: { فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ(18/141)
وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ } (1). الآية، فإن أردت أن تكفر بالإطعام وهو الأسهل فتقسم صاعين ونصف بر على عشرة مساكين لكل مسكين ربع الصاع. والله الموفق. والسلام.
(ص/ف 1727/1 في 26/6/1385) مفتي البلاد السعودية
-ـــــــــــــــــــ
فتاوى يسألونك - (ج 6 / ص 218)
كفارة الظهار واجبة على الترتيب
تقول السائلة : هل كفارة الظهار واجبة على الترتيب أو على التخيير ؟
الجواب : الظهار عند الفقهاء هو تشبيه الزوج زوجته أو جزءً منها بامرأة محرمة عليه على التأبيد .
والظهار من الأمور المحرمة شرعاً وهو كبيرة من الكبائر لأن الله سبحانه وتعالى نص على أنه منكر من القول وزور . فقال الله تعالى :( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ) سورة المجادلة الآيتان 1-2 . قال الشيخ ابن حجر المكي :[ الكبيرة السادسة والثمانون بعد المائتين قال تعالى : :( الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ) وحكمة (مِنْكُمْ ) توبيخ العرب وتهجين عادتهم في الظهار لأنه كان من أيمان الجاهلية خاصة دون سائر الأمم (مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ) أي ما نساؤهم بأمهاتهم حتى يشبهوهن بهن إذ حقيقة الظهار أن يقول لزوجته : أنت عليَّ كظهر أمي أو نحو نحوها ( إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ) أي ما أمهاتهم إلا والداتهم أو من في حكمهن كالمرضعة (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ) أي شيئاً من القول منكراً وزوراً أي بهتاناً وكذباً إذ(18/142)
المنكر ما لا يعرف في الشرع والزور الكذب ( وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ) إذ جعل الكفارة مخلصة لهم من هذا القول المنكر والزور لا يقال المظاهر إنما شبه زوجته بنحو أمه فأي منكر وزور فيه لأنا نقول : إن قصد به الإخبار فواضح أنه منكر وكذب أو الإنشاء فكذلك لأنه جعله سبباً للتحريم والشرع لم يجعله كذلك وهذا غاية في قبح المخالفة وفحشها ومن ثم اتجه بذلك كون الظهار كبيرة لأن الله تعالى سماه زوراً والزور كبيرة كما يأتي ويوافق ذلك ما نقل عن ابن عباس من أن الظهار من الكبائر ] الزواجر عن اقتراف الكبائر 2/114 .
وكفارة الظهار هي المنصوص عليها في قوله تعالى :( وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّاذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) سورة المجادلة الآيتان 3-4 . وكفارة الظهار واجبة على الترتيب باتفاق أهل العلم أي أن المظاهر يبدأ أولاً بعتق رقبة فإن لم يجد يصوم ستين يوماً فإن لم يستطع وكان عاجزاً عن الصيام يطعم ستين مسكيناً .
قال القرطبي :[ ذكر الله عز وجل الكفارة هنا مرتبة فلا سبيل إلى الصيام إلا عند العجز عن الرقبة وكذلك لا سبيل إلى الإطعام إلا عند عدم الاستطاعة على الصيام فمن لم يطق الصيام وجب عليه إطعام ستين مسكيناً لكل مسكين مدان بمد النبي- صلى الله عليه وسلم - ] تفسير القرطبي 18/285 .
وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي :[ إن كفارة المظاهر القادر على الإعتاق عتق رقبة لا يجزئه غير ذلك بغير خلاف علمناه بين أهل العلم والأصل في ذلك قوله تعالى : :(18/143)
( وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ) إلى قوله : ( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ) وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأوس بن الصامت حين ظاهر من امرأته :( يعتق رقبة قلت : لا يجد قال : فيصوم ) وقوله لسلمة بن صخر مثل ذلك فمن لم يجد رقبة يستغني عنها أو وجد ثمنها فاضلاً عن حاجته ووجدها به لم يجزئه إلا الإعتاق لأن وجود المبدل إذا منع الانتقال إلى البدل كانت القدرة على ثمنه تمنع الانتقال كالماء وثمنه يمنع الانتقال إلى التيمم ] المغني 8/21-22 . وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي أيضاً :[ أجمع أهل العلم على أن المظاهر إذا لم يجد رقبة أن فرضه صيام شهرين متتابعين وذلك لقوله تعالى :( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ) وحديث أوس بن الصامت وسلمة بن صخر وأجمعوا على أن من وجد رقبة فاضلة عن حاجته فليس له الانتقال إلى الصيام ] المغني 8/24-25 . وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي أيضاً :[ أجمع أهل العلم على أن المظاهر إذا لم يجد الرقبة ولم يستطع الصيام أن فرضه إطعام ستين مسكيناً على ما أمر الله تعالى في كتابه وجاء في سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - سواء عجز عن الصيام لكبر أو مرض يخاف بالصوم تباطؤه أو الزيادة فيه أو الشبق فلا يصبر فيه عن الجماع فإن أوس بن الصامت لما أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصيام قالت امرأته :( يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام قال : فليطعم ستين مسكيناً ) ولما أمر سلمة بن صخر بالصيام قال : ( وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام ؟ قال : فأطعم ) فنقله إلى الإطعام لما أخبر أن به من الشبق والشهوة ما يمنعه من الصيام وقسنا على هذين ما يشبههما في معناهما ويجوز أن ينتقل إلى الإطعام إذا عجز عن الصيام للمرض وإن كان مرجو الزوال لدخوله في قوله سبحانه وتعالى :( فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) ولأنه لا يعلم أن له نهاية فأشبه الشبق ولا يجوز أن ينتقل(18/144)
لأجل السفر لأن السفر لا يعجزه عن الصيام وله نهاية ينتهي إليها وهو من أفعاله الاختيارية ] المغني 8/29 .
ونقل الشوكاني إجماع أهل العلم على أن كفارة الظهار واجبة على الترتيب . نيل الأوطار 6/292 . وهو قول المذاهب الأربعة انظر الموسوعة الفقهية 35/104-105 ويدل على وجوبها على الترتيب أيضاً ما ورد في حديث خولة بنت مالك قالت : ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت فجئت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أشكو إليه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجادلني فيه ويقول :( اتقي الله فإنه ابن عمك فما برحت حتى نزل القرآن :( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ) إلى الفرض فقال : يعتق رقبة قالت : لا يجد قال فيصوم شهرين متتابعين قالت : يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام قال : فليطعم ستين مسكيناً قالت : ما عنده من شيء يتصدق به قالت : فأُتِيَ ساعتئذ بعَرَقٍ من تمر قلت يا رسول الله فإني أعينه بعرق آخر قال قد أحسنت إذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكيناً وارجعي إلى ابن عمك ] قال والعَرَق ستون صاعاً ، رواه أبو داود وهو حديث حسن دون قوله ( والعرق .) كما قال الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/418 . ويدل على وجوب الترتيب أيضاً ما ورد في حديث سلمة بن صخر البياضي لما ظاهر من امرأته وذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -فقال - صلى الله عليه وسلم -:[ أنت بذاك يا سلمة ؟ قلت أنا بذاك يا رسول الله - مرتين - وأنا صابر لأمر الله فاحكم فيَّ ما أراك الله قال : حرر رقبة قلت : والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيرها وضربت صفحة رقبتي قال : فصم شهرين متتابعين قال وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام ؟ قال : فأطعم وسقاً من تمر بين ستين مسكيناً قلت : والذي بعثك بالحق لقد بتنا وحشين مالنا طعام قال : فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك فأطعم ستين مسكيناً وسقاً من تمر وكل أنت وعيالك بقيتها فرجعت إلى قومي فقلت : وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند(18/145)
النبي - صلى الله عليه وسلم - السعة وحسن الرأي وقد أمرني أو أمر لي بصدقتكم ] رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حديث حسن والحاكم وصححه وابن خزيمة وقال الألباني : حسن . المصدر السابق 2/417.
إذا تقرر هذا فإن كفارة الظهار واجبة على الترتيب ومن قال إنها واجبة علىالتخيير فهو مخطئ وقوله مخالف لصريح الكتاب والسنة ومخالف لما اتفق عليه أهل العلم كافة .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى يسألونك - (ج 9 / ص 204)
حكم تحريم الزوجة زوجها على نفسها
يقول السائل: تخاصمت امرأة مع زوجها فسبها مسبة قذرة جداً... فأقسمت المرأة أنها تُحرم العيش معه وهي تقصد بالعيش معه الحياة الزوجية فهجرته وهجرها أسبوعاً ثم اصطلحا وقد صامت ثلاثة أيام كفارة عن قسمها فما حكم ذلك؟
الجواب: الأصل في الحياة الزوجية أن تقوم على المودة والرحمة والمحبة والتفاهم قال تعالى: { وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } سورة الروم الآية 21. قال بعض أهل التفسير: المودة المحبة والرحمة الشفقة وقال ابن عباس رضي الله عنهما:[المودة حب الرجل امرأته والرحمة رحمته إياها أن يصيبها سوء] تفسير القرطبي 14/17. ولكن من المشاهد أنه لا بد أن تشوب الحياة الزوجية مشكلات ونفور بين الزوجين ومهما حصل من مشكلات فلا يجوز استعمال الألفاظ البذيئة فذلك محرم على الزوجين فقد ورد في الحديث عن ابن عمر- رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذيء) رواه الترمذي وابن حبان والحاكم وصححاه. كما ينبغي أن يعلم أنه لا يجوز للزوج أن يهجر زوجته في الكلام فوق ثلاثة أيام(18/146)
لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:(لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) رواه البخاري ومسلم. وأما الهجر في المضجع المذكور في قوله تعالى: { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } سورة النساء الآية 34. فهذا الهجر سببه النشوز وأجازه جماعة من العلماء إلى شهر كما هجر النبي - صلى الله عليه وسلم - نسائه شهراً.
إذا تقرر هذا فإن تحريم المرأة العيش مع زوجها أو تحريمه على نفسها لا أثر له على الزواج ولا عبرة به ولكنه أمر محرم فلا يجوز للمسلم أن يحرم ما أحل الله له، لأن ذلك من الاعتداء على شرع الله ويدل على ذلك قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } سورة المائدة /87.
وإنما يعتبر هذا التحريم يميناً على الراجح من أقوال أهل العلم. فهذه المرأة حرمت على نفسها ما أحل الله تعالى فيلزمها كفارة يمين ويدل على ذلك قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } سورة التحريم الآيتان1-2. فالله سبحانه وتعالى سمَّى تحريم ما أحل الله يميناً، وفرض تحلة اليمين، وهي كفارة اليمين، قال الشيخ ابن قدامة المقدسي:[ويروى نحو هذا عن ابن مسعود والحسن وجابر بن زيد وقتادة وإسحاق وأهل العراق، وقال سعيد بن جبير، فيمن قال الحلال حرام عليَّ، يمين من الأيمان يكفرها... وعن الضحاك، أن أبا بكر وعمر وابن مسعود قالوا الحرام يمين...] المغني 9/508.
وقد ثبت في الحديث، عن عبيد بن عمير قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول:(إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمكث عند زينب ابنة جحش، ويشرب عندها عسلاً، فتواصيت أنا وحفصة، أنَّ أيَتنا دخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلتقل: إني لأجد ريح(18/147)
مغافير، أكلت مغافير؟ -وهو نوع من النبات له رائحة كريهة- فدخل على إحداهما فقالت له ذلك، فقال: لا بأس شربت عسلاً عند زينب ابنة جحش، ولن أعود، فنزلت الآية { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ... إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } (لعائشة وحفصة) { وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا } -لقوله بل شربت عسلاً) رواه البخاري ومسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:[وسبب نزول هذه الآية إما تحريمه العسل وإما تحريمه مارية القبطية، وعلى التقديرين فتحريم الحلال يمين على ظاهر الآية وليس يميناً بالله، ولهذا أفتى جمهور الصحابة، كعمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وغيرهم، أن تحريم الحلال يمين مكفرة] مجموع الفتاوى 35/271 - 272. وروى عبد الرزاق بسنده عن الحسن البصري قال:[ إن قال: كل حلالٍ عليَّ حرام، فهو يمين، وكان قتادة يفتي به] المصنف 6/402 .وروى ابن أبي شيبة بأسانيده عن عمر وعائشة وابن عباس أنهم قالوا:[الحرام يمين] المصنف 5/37. وروى ابن أبي شيبة أيضاً عن عمر بن ذر قال:[سألت الشعبي عن رجلٍ قال: كل حلالٍ عليَّ حرام، قال: لا يوجب طلاقاً ولا يحرم حلالاً، يكفر عن يمينه] المصنف 5/75 .
وبناءً على ما تقدم فيلزم هذه المرأة أن تكفر كفارة يمين وصومها ثلاثة أيام لا يصح كفارةً ليمينها إلا إذا عجزت عن إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فكفارة اليمين هي المذكورة في قوله تعالى: { لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } سورة المائدة الآية 89 . فكفارة اليمين إما إطعام عشرة مساكين أو كسوة عشرة مساكين أو عتق رقبة على(18/148)
التخيير أي أن الحالف يختار واحدة من هذه الخصال الثلاث فإذا كان فقيراً عاجزاً عن التكفير بإحدى هذه الخصال فإنه يصوم ثلاثة أيام وبناء على ذلك لا يجوز التكفير بصيام ثلاثة أيام إذا كان الشخص قادراً على ما سبق. ويجوز إخراج قيمة الإطعام أو الكسوة نقداً كما هو مذهب الحنفية. وينبغي أن يعلم أنه كما اعتبرنا تحريم المرأة زوجها على نفسها لا أثر له على الزواج فكذلك لو تلفظت المرأة بطلاق زوجها أو ظاهرت منه ونحو ذلك فكله يعتبر لغواً لا أثر له على الزواج لأن العبرة أن يصدر الطلاق أو الظهار من الزوج وعلى ذلك دلت النصوص من كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - كما في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ } سورة الأحزاب الآية 49. وقال تعالى: { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } سورة البقرة الآية231.
وقال تعالى: { وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ } سورة المجادلة الآية 3.
وقد حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن الطلاق بيد الزوج لا بيد غيره كما في حديث ابن عباس - رضي الله عنه - ( قال أتى النبيَ - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ فقال: يا رسول الله سيدي زوجني أمته وهو يريد أن يفرق بيني وبينها. قال فصعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر فقال:(يا أيها الناس ما بال أحدكم يزوج عبده أمته ثم يريد أن يفرق بينهما إنما الطلاق لمن أخذ بالساق) رواه ابن ماجة والدار قطني والبيهقي وهو حديث حسن كما قال الشيخ الألباني في إرواء الغليل 7/108. وقال العلامة ابن القيم:[وحديث ابن عباس المتقدم وإن كان في إسناده ما فيه فالقرآن يعضده وعليه عمل الناس] زاد المعاد في هدي خير العباد 5/278
وخلاصة الأمر أن تحريم هذه المرأة العيش مع زوجها لا أثر له على الزواج ويعتبر يميناً وتلزمها كفارة اليمين المذكورة في الآية الكريمة كما بينت.(18/149)
ـــــــــــــــــــ
هل الحلف بالحرام ظهار؟
المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي
رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 17/01/1426هـ
السؤال
الإخوة الأعزاء: بعد التحية والسلام.
دائماً ما أحلف بالحرام، كقولي: علي الحرام، وبعضها يتحقق وبعضها الآخر لا يتحقق، أو علي الطلاق، وفي مرة من المرات اختلفنا أنا وزوجتي، وقلت لها: الله يلعن اليوم الذي عرفتك فيه، فما الحكم وما الكفارة علي؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذا السؤال تضمن أمرين:
الأول: حلف الزوج بالطلاق والحرام، وهذا لا يجوز، وإذا حنث الزوج فيسأل عن مقصوده، فإن كان قصده إيقاع الطلاق أو التحريم وهو الظهار فيقع طلاقه وظهاره، وإن كان يقصد الحث أو المنع فهي يمين مكفرة، أي تجب فيها كفارة اليمين، ولا يقع طلاقه ولا ظهاره.
الثاني: لعن اليوم الذي عرف فيه هذه الزوجة، وهذا لا يجوز لأنه داخل في سب الدهر المنهي عنه، فعليه تجاه ذلك التوبة وعدم تكرار مثل هذا القول البذيء، فالمؤمن ليس باللعان ولا الفاحش البذيء، وأن يستغفر الله منه. وبالله التوفيق.
ـــــــــــــــــــ(18/150)
قال لزوجته إنها حرام
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 17/2/1425هـ
السؤال
رجل قال لامرأته أنتِ حرام علي إلى يوم القيامة، وكان بحالة غضب، وبعد يومين تراضيا وحصل جماع بينهما، فما الحكم؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى-: (وهذه المسألة فيها عشرون مذهباً للناس) زاد المعاد(5/302)، وذكر الأقوال فيها، ومما ذكره منها: الفرق بين أن يوقع التحريم منجزاً أو معلقاً تعليقاً مقصوداً، وبين أن يخرجه مخرج اليمين، فالأول: ظهار بكل حال، ولو نوى به الطلاق، والثاني: يمين يلزمه به كفارة يمين، فإذا قال: أنت علي حرام، أو إذا دخل رمضان، فأنت علي حرام فظهار، وإذا قال: إن سافرت أو إن أكلت هذا الطعام، أو كلمت فلاناً فامرأتي علي حرام، فيمين مكفَّرة، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية) زاد المعاد(5/306)، وانظر: إعلام الموقعين(3/83-93)؛ وعلى ذلك فيلزم الأخ السائل كفارة ظهار، وهي المذكورة في قوله -تعالى-: "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ"[المجادلة:3-4].(18/151)
ويحرم عليه جماع زوجته حتى يُكفِّر، وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى-: (الصواب أن تحريمها على حسب نيته فإن نوى به الظهار فهو ظهار، وإن نوى به اليمين فيمين، وإن نوى به الطلاق فطلاق، وإن لم ينو شيئاً فالظاهر أنه يمين) حاشية الشيخ على الروض المربع(696)، وما اختاره شيخنا - رحمه الله تعالى- هو مذهب الشافعي - رحمه الله تعالى- انظر: زاد المعاد(5/304)، وهو قول قوي؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات" رواه البخاري (1)، ومسلم (1907) من حديث أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- ومما يدل على أن التحريم يكون يميناً مكفرة إن نواه ما رواه أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانت له جارية يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة - رضي الله عنهما- حتى حرمها، فأنزل الله - عز وجل-: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ"[التحريم: من الآية1] إلى آخر الآية، رواه النسائي(3959)، والضياء(1694)، قال الحافظ: (النسائي بسند صحيح) الفتح(9/376)، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــ
الجماع بعد الظهار وقبل الكفارة
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار
التاريخ 29/12/1423هـ
السؤال
ظاهرت امرأتي وقلت لها أنت محرمة علي مثل حرمة أمي ثم جامعتها واستمريت فترة شهرين وأنا أجامعها مع العلم أني أعرف أنها محرمة علي قبل الكفارة ثم ظاهرتها مرة(18/152)
أخرى، وبعد فترة جامعتها وأنا الآن التزمت بالصلاة وبديني وتوقفت عن مجامعة زوجتي، سؤالي: هل تلزمني كفارة واحدة أو كفارتين؟ وما حكم أيام العيد والتشريق إذا دخلت في أيام الكفارة (شهرين متتابعين)؟ وما حكم مجامعتي لزوجتي هل علي كفارة؟ مع العلم أني تبت إلى الله وتوقفت حتى أنهي موضوع كفارة الظهار. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
يحرم على المظاهر الجماع ودواعيه قبل أن يكفر؛ لقوله -تعالى-:"والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير" [المجادلة:3].
وقوله -صلى الله عليه وسلم- للمظاهر:"لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به" رواه الترمذي (1199) والنسائي (3457) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، وقال الترمذي: حسن غريب صحيح، كما حسنه الحافظ ابن حجر في الفتح (9/433)، لذا عليك التوبة من ذلك وعدم العود للجماع ودواعيه حتى تكفر وليس عليك سوى كفارة واحدة، وإن تخلل الصيام عيد وأيام تشريق ومرض مخوف لم ينقطع التتابع، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
ـــــــــــــــــــ
يريد إعادتها بعد أن ظاهر وطلَّق
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار
التاريخ 4/8/1424هـ(18/153)
السؤال
شخص ظاهر زوجته ولم يمسها ثم طلقها بعد أسبوع من المظاهرة، ثم أراد إعادتها لعصمته بعد انتهاء عدتها، فهل عليه كفارة الظهار أم لا؟ وهل كفارة الظهار على الترتيب أو التخيير؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فيجب على الأخ السائل كفارة الظهار بعد مراجعة زوجته، وقد نصَّ العلماء على أنه يحرم على المظاهر الوطء ودواعيه قبل الكفارة، لقوله -صلى الله عليه وسلم- للمظاهر:"لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به" رواه الترمذي (1199)، والنسائي (3457) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وقال الترمذي: حسن غريب صحيح، كما حسَّنه الحافظ ابن حجر في الفتح (9/433)، وكفارة الظهار على الترتيب كما ذكره تعالى في كتابه:" وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المجادلة:3-4]، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
ـــــــــــــــــــ
حرم زوجته إن حضرت زواج أختها
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار(18/154)
التاريخ 4/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم قول الزوج: (إذا ذهبت لهذا الزواج فأنت عليَّ حرام، ولا أجيز حضورك لزواج أختك)، وكانا (أي الزوجين) في ساعة غضب ومشاجرة. فهل إذا ذهبت لزواج أختها تعتبر طالقاً؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد: فأنصح المرأة ألاَّ تذهب لزواج أختها خروجاً من الخلاف، فإن ذهبت فإن كان الأخ السائل قد أوقع التحريم فعليه كفارة الظهار، وهي المذكورة في قوله تعالى: "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المجادلة:3-4]، ويحرم عليه جماع زوجته حتى يكفِّر، وإن لم يوقع التحريم بل حلف به فقط كان يمينا مكفرة، لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" [التحريم:1-2]، وكفارة اليمين هي المذكورة في قوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89]، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن(18/155)
القيم رحمهما الله تعالى، انظر إعلام الموقعين (3/83 - 93)، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــ
قال لزوجته: (تحرمين علي إلى يوم الدين) فما كفارته؟
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار
التاريخ 21/11/1424هـ
السؤال
ما كفارة حلف الزوج على زوجته: (تحرمي عليَّ ليوم الدين)؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:
إذا قال الزوج لزوجته: أنت عليّ حرام أو زوجتي محرمة علي ليوم الدين، أو قال علي الحرام من زوجتي أو زوجتي كأمي أو أختي أو ابنتي، أو كظهر أمي أو كظهر أختي، وما أشبه هذه الألفاظ فهذا حكمه حكم الظهار في أصح أقوال أهل العلم، عند الأطلاق؛ إذا الحال في مثل القول الذي سألت عنه السائلة لا يخلو من ثلاث حالات:
الحال الأولى: إذا نوى الزوج بهذا القول التحريم أو أطلق هذا القول مجرداً فإن حكمه حينئذ حكم الظهار كما سبق، وهو محرم، ولا يجوز، ومنكر من القول وزور كما سماه الله - تعالى - بذلك في أول سورة المجادلة بقوله: "الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ(18/156)
اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ" [المجادلة:2]، فالواجب على الزوج أن يتوب إلى الله - تعالى - ويستغفره من هذا القول وارتكابه هذا المنكر، ولا يحل للزوج أن يقرب زوجته حتى يأتى بالكفارة التي أمره الله بها، ولا يحل لك أنت كذلك أن تمكنيه من نفسك حتى يفعل ما أمره الله - تعالى - به من الكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة إن وجدها فإن لم يجدها صام شهرين متتابعين لا يقتطعها إلا بعذر شرعي كمرض وسفر ونحوهما فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاعاً لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو خطة أو نحو ذلك، قبل أن يمسها وقبل أن يقربها، وهذه الكفارة مذكورة بقوله - تعالى -: "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة:3]، وقال - تعالى -: "فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المجادلة:4].
الحالة الثانية: أن يقول زوجتي عليَّ حرام إن فعلت كذا أو هي محرمة علي ليوم الدين أن كلمت فلاناً، أو دخلت تلك الدار، أو ما يسافر للبلد الفلاني أو يزور أو تزور هي فلانة وما تذهب لأهلها وكون ذلك فهذا تحريم معلق، فإذا كان قصد منه منع نفسه من العمل الذي أراده أو منع زوجته مما ذكره من السفر أو الكلام أو الزيارة ونحوه وذلك للبحث أو للتصديق أو للتأكد فهذا يكون له حكم اليمين، ولا يكون له حكم الظهار في أصح أقوال أهل العلم، وعليه كفارة اليمين، وهي المذكورة بقوله - تعالى -: "فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ"[المائدة: من الآية89].(18/157)
الحالة الثالثة: إذا أراد بقوله ذلك الطلاق ولم يرد التحريم بأن قال - مثلاً - زوجتي على حرام أو محرمة علي ليوم الدين، وقصد بذلك طلاقها، فهذا يكون طلقة واحدة، وتحسب عليه، فإن كان قد طلقها قبلها طلقتين تمت الثلاث، وحرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، وإن لم يكن قد طلقها قبل هذا أو طلقها طلقة واحدة قبل أن يقول هذا القول فإن الطلاق يقع رجعياً بأن يكون له مراجعتها ما دامت في العدة، ويستحب أن يشهد على رجعتها شاهدين عدلين أن راجعها إذا كانت في العدة. والله - تعالى- أعلم.
ـــــــــــــــــــ
قال لزوجته: أنت علي كأختي!
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار
التاريخ 19/09/1426هـ
السؤال
قال صديقي لزوجته في ساعة غضب شديد: (أنت كأختي)، وندم على هذه الكلمة بعد ذلك، فهل عليه شيء؟ وما وضع زوجته بالنسبة له؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فمن قال لزوجته: "أنت علي كأمي، أو أختي" -أو غيرهن ممن يحرمن عليه على التأبيد بنسب أو رضاع- فهو ظهار يجب فيه كفارة الظهار الواردة في قوله تعالى: "والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعلمون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم(18/158)
يستطع فإطعام ستين مسكيناً ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم". [المجادلة: 3-4]، ولا يحل له أن يقرب زوجته حتى يُكفِّر؛ لنص الآية على ذلك والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
ـــــــــــــــــــ
تعليق الظهار على شرط بقصد المنع
المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
عضو البحث العلمي بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار
التاريخ 17/10/1426هـ
السؤال
وقع خلاف بين زوجي وزوج أختي منذ فترة، وباءت محاولات الصلح بينهما بالفشل بسبب العناد من الطرفين، وكان والدي قد اعتاد على جمعنا في أول أيام شهر رمضان للإفطار عنده، وقبل الزوجان الدعوة على مضض، ولكن قام زوجي بإلقاء يمين عليَّ حيث قال: أنت علي كأمي أو أختي إذا رأيتِ فلاناً أو جلستِ معه أو تحدثت إليه، وقد أخبروني أن ما قام به زوجي هو الظهار الذي نهى الله عنه في سورة المجادلة، فهل هو كذلك؟ علماً أني لم أر زوج أختي، ولا أعرف إذا كان زوجي قد نوى بيمينه أثناء الدعوة أو إلى الأبد أو إلى أن يصطلحا؟ كما أن يمينه نص على ما لا أطيقه من ناحية الرؤية، فالمرء لا يمكن أن يتحكم فيما يمكن أن تقع عينه عليه، فماذا علينا؟ وما موقف الشرع من هذه اليمين؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:(18/159)
فقول الزوج لزوجته: "أنت علي كأمي أو أختي" ظهار، إلا أن يقصد به التشبيه في الإكرام، وليس مراداً في هذه الواقعة قطعاً، بل القرينة تدل على إرادة الظهار.
ويقع الظهار معلقاً بشرط مثل اليمين، كقوله هنا: "إذا رأيت فلاناً أو جلست معه..."إلخ. كما يصح الظهار مؤقتاً بزمن أو حالاَّ كاليمين أيضاً.
وعلى ذلك فإن فعلت المرأة ما علق الزوج ظهاره عليه وقع الظهار، إلا أن يكون قصد مدة معينة فانقضت، فلا يحل للمظاهر وطء زوجته إلا بعد الكفارة المذكورة في صدر سورة المجادلة، هذا على قول الجمهور.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن تعليق الظهار على شرط يقصد منه الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، لا يقع ظهاراً ولا طلاقاً، كما هو ظاهر الحال في هذه الواقعة، حيث أراد الزوج تأكيد منع زوجته مما ذكر، بسبب الخصومة بينه وبين زوج أختها، فحينئذ لا تحرم عليه زوجته، وعليه كفارة يمين.
وأما إن لم تفعل الزوجة ما علق عليه الزوج ظهاره من الرؤية والجلوس والحديث، فإن الظهار لا يقع أصلاً، فإن وقع منها ما لا تطيق فينبغي ألا يقع الظهار حتى على قول الجمهور، والله تعالى أعلم.
ـــــــــــــــــــ
هل يقع هذا ظهاراً؟
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 16/01/1427هـ
السؤال(18/160)
أنا شاب متزوج، علاقتي بزوجتي جيدة، ولكنها حين تغضب مني تفقد أعصابها، وتنهال بالدعاء عليَّ، وفي إحدى المرات ازداد دعاؤها قسوة حتى وصل إلى اللعنة، فغضبت وقلت لها: (إذا دعوتِ عليَّ مرة أخرى فستحرمي عليَّ كما تحرم عليَّ أمي، وتكوني طالقًا، لكني لم أتلفظ بكلمة طالق، وإنما كتمتها، ولم تكن نيتي طلاقها أو تحريمها، بل لردعها عن عمل قد يهدم حياة سعيدة. لكنها دعت عليَّ مرة أخرى، فهل يعد هذا ظهاراً؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فذهب جمهور العلماء إلى أن الظهار يصح معجلاً أو معلقاً بشرط. انظر: المبسوط (6/232)، مواهب الجليل (4/52)، شرح الزرقاني (3/230)، المحرر (2/90)، الإقناع (3/586)، المبدع (8/40)، التنبيه (186)، المهذب (2/113).
فعلى هذا يكون ما حصل منك ظهاراً، وتلزمك الكفارة المنصوص عليها في قوله تعالى: "والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم" [المجادلة:2-3].
ولا يحل لك وطؤ زوجتك حتى تُكفَّر؛ للآية السابقة، ولقوله -صلى الله عليه وسلم- للمظاهر: "لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به". رواه الترمذي (1199)، والنسائي (3457) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وقال الترمذي: حسن غريب صحيح. كما حسنه الحافظ ابن حجر في الفتح (9/433).(18/161)
أما ما يتعلق بالطلاق، فبما أنك لم تتكلم به فلا شيء عليك؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم به" رواه البخاري (6664)، ومسلم (127)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وقال الترمذي بعد روايته هذا الحديث برقم (1183) ما نصه: والعمل على هذا عند أهل العلم أن الرجل إذا حدث نفسه بالطلاق لم يكن شيءٌ حتى يتكلم به. أ.هـ. وانظر: نيل الأوطار (6/290). والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
ـــــــــــــــــــ
هل هذا ظهار؟
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 13/03/1427هـ
السؤال
لي صديق اتصل هاتفيًّا بزوجته، فرد عليه ابن أخيه، وقال له: إن زوجتك لا تريد أن تتكلم معك. وهذا ليس صحيحا، بل كانت مشغولة في أعمال البيت، فلما جاءت ورفعت سماعة الهاتف قال لها: أنت عليَّ مثل أمي وأختي. هل هذا يمين أم ظهار؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن هذا القول يعتبر ظهاراً وهو منكر من القول وزور لا يجوز، كما قال الله سبحانه وتعالى: "وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا" [المجادلة:2] فقد أباح الله الزوجة(18/162)
لزوجها، فلا يجوز تحريمها وجعلها كظهر الأم أو الأخت، قال تعالى: "وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ" [النحل:116].
فعلى القائل التوبة الصادقة لله تعالى من هذا الذنب، وعليه كفارة الظهار، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يقطعهما إلا بعذر حسي أو شرعي، كيومي العيدين وأيام التشريق، وفي حالة المرض أو السفر لا لقصد الفطر.
فإن قطعهما بغير عذر استأنف الصيام من جديد، وإن قطعه بعذر أكمل الصيام وبنى على ما مضى.
فإن لم يستطع الصيام فإطعام ستين مسكيناً لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، وهو كيلو ونصف تقريباً من الأزر أو التمر أو البر ونحو ذلك، على أن تكون الكفارة قبل أن يمس زوجته، وأن لا يقربها إلا بعد الكفارة مع التوبة إلى الله والاستغفار؛ لقوله تعالى: "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِن قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المجادلة:3-4].
ـــــــــــــــــــ
قال لزوجته ما عادت تحل لي فهل تطلق ؟
س - أنا شاب متزوج وصار بين والدتي وزوجتي خلاف فقلت لوالدتي اتركيها والله إنها ما عادت تحل لي بقصد الطلاق ، فاستقتيت أحد العلماء قال إن يمنيك هذا بمنزلة الظهار ويجب عليك صيام شهرين فإن لم تستطيع فإطعام ستين مسكيناً ، ونظراً لكون زوجتي برفتي في البيت وخشيت ألا أصبر عنها لمدة شهرين فقمت بأخذ ستين خبزة من أحد الخبازين وقمت(18/163)
بتوزيعها في إحدى الليالي على ستين مسكيناً ، وكان ذلك قبل سنة تقريباً ، فهل ذلك يجزي عن يميني ؟
ج- إذا كان قصدك بذلك الطلاق فإنه يقع عليها بذلك طلقة واحدة وليس هذا بظهار وليس عليك كفارته بل هو طلاق ، لأنك نويت به الطلاق في أصح أقوال أهل العلم يقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " .
الشيخ ان باز
ـــــــــــــــــــ
فتاوى إسلامية - (ج 3 / ص 408)
المظاهرة قبل العقد لا تؤثر
س - خطب رجل امرأة ولم يعقد عليها ، ولغضب بينه وبين والدها قال " هي محرمة علي مثل أمي وأختي " . ثم تراضى هو ووالدها ، وعقد له عليها بمهر معين عن رضا واختيار فهل يلزمه شيء من أجل التحريم الذي حصل منه قبل العقد ، وإن كان كفارة فما نوعها ؟
ج- لا تاثير لهذا التحريم على عقد الزواج لوقوعه قبله ولا تلزمه به كفارة ظهار لحصوله قبل أن تكون هذه البنت المخطوبة زوجة لمن حرمها على نفسه وإنما تلزم به كفارة يمين لقوله - تعالى - " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين وكلوا مما رزقكم الله حلالاً طيباً واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون ، لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم " . الآية ، وقوله - تعالى- " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم . قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم " . فعلى من حصل منه ذلك التحريم أن يطعم عشرة(18/164)
مساكين من أوسط ما يطعم أهله يعطي كل مسكني من العشرة نصف صاع من بر أو تمر أو أرز أو نحو ذلك ، أو يكسو عشرة مساكين أو يعتق رقة ، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام متتابعة ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة
ـــــــــــــــــــ
حرم زوجته على نفسه كأمة وأخته
س - زوجي رمى علي يمين الطلاق وقال أنت محرمة على كأمي وأختي وحصل نصيب ورجعنا لبعض مرة ثانية ، وكنت حاملاً في الشهر السابع وأهلي حكموا عليه أن يطعم 30 مسكيناً قبل حالة الوضع ، وأنا الآن وضعت ولي شهران وزوجي ظروفه صعبة وفي نيته أن يطعم 30 مسكينا ولم يطعم حتى الآن ، وأنا مسلمة ومتدينة وأخاف الله جداً ، وخائفة أن أكون عائشة مع زوجي في الحرام ، أرجو الإفادة ؟
ج- هذا اللفظ الذي أطلقته زوجتك عليك ليس هو طلاقاً ، ولكنه ظهار ، وزور ، فعلى زوجك أن يتوب إلى الله مما وقع منه ولا يحل له أن يستمتع بك حتى يفعل ما أمره الله به ، وقد قال - سبحانه وتعالى - في كفارة الظهار " والذي يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة منن قبل أن يتماساً ذلكم توعظون به الله بما تعملون خبير، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فيمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً " .
فلا يحل له أن يقربك ويستمتع بك حتى يفعل ما أمره الله ولا يحل لك أنت أن تمكنيه من ذلك حتى يفعل ما أمره الله به ، وقول أهلا له أن عليه أن يطعم رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستني مسكيناً وعتق الرقبة معناه أن يعتق العبد المملوك ويحرره من الرق ، وصيام شهرين متتابعين معناه أن يصوم شهرين كاملين لا يفطر بينهما يوماً واحداً إلا أن يكون هناك عذر شرعي كمرض أو سفر ، فوقول أهلا له أن(18/165)
عليه أن يطعم رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستني مسكيناً وعتق الرقبة معناه أن يعتق العبد المملوك ويحرره من الرق ، وصيام شهرين متتابعين معناه أن يصوم شهرين كاملين لا يفطر بينهما يوماً واحداً إلا أن يكون هناك عذر شرعي كمرض أو سفر ، فإنه إذا زال العذر بنى على ما مضي من صيامه وأتمه، وأما إطعام ستين مسكيناً فله كيفيتان ، فإما أن يضع طعاماً يدعو إليه هؤلاء المساكين حتى يأكلوا ، وإما أن يوزع عليهم رزاً أو نحوه مما يطعمه الناس لكل واحد مد من البر ونحوه ونصف صاع من غيره .
الشيخ ابن عثيمين
ـــــــــــــــــــ
حكم الظهار لمدة شهر واحد فقط
س - رجل قال لزوجته أنت على كظهر أمي لمدة شهر فقضي الشهر وعاد إلى زوجته فهل تلزمه كفارة ظهار أم لا ؟
ج- مثل هذا لا كفارة عليه إذا كان لم يطأها في الشهر المذكور في أصح أقوال العلماء ، ويسمى هذا الظهار ظهاراً مؤقتاً وقد ذكر أهل العلم أن الظهار يكون منجزاً ومعلقاً ومؤقتاً فالأول مثل أن يقول ( أنت على كظهر أمي ) والثاني أن يقول ( إذا دخل رمضان أو شعبان أو قدم فلان فأنت على كظهر أمي ) ، والثالث مثل أن يقول ( أنت على كظهر أمي شهر رمضان ) فإذا خرج الشهر ولم يطأها فيه فلا كفارة عليه لكونه لم يعد إلى ما قال ، وقد بين هذه الأقسام أبو محمد موفق الدين عبد الله بن قدامة - رحمة الله - في كتابه المغني وذكر كلام أهل العلم في ذلك كما ذكر غيره من أهل العلم ، والله أعلم .
الشيخ ابن باز
ـــــــــــــــــــ(18/166)
لا يجوز مس المرأة قبل الكفارة
س - حدثت مشادة بيني وبين زوجتي أثناء وجودي بمصر ، وقبل السفر للملكة حلفت عليها يمين الظهار وعلمت حضروي للملكة ومن مدة قريبة من خلال متابعتي لبرنامج " نور على الدرب " كفارة هذا وهي الصوم ستين يوماً متتابعة ولما كان شهر رمضان على الأبواب وبعد رمضان أسافر لمصر لقضاء شهر ونصف مع زوجتي لأنها لا تقيم معي بالمملكة مما يتعذر على صيام الشهرين أثناء وجودى معها بمصر . فهل يجوز لي معاشرتها قبل صيامي الشهرين ثم بعد حضوري للملكة اصوم أم ماذا أفعل ؟
ج- الواجب علي من ظاهر من امرأته أو حرمها أن يعتق رقبة مؤمنة قبل أن يمس زوجته فإن عجز صام شهرين متتابعين فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو غيرها ومقداره بالوزن كيلو ونصف تقريباً لقوله - عز وجل - " والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قولوا فتحرير رقة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعلمون خبير ، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماساً فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً " . الآية من سورة المجادلة . فلا يجوز لك أن تقربها حتى تؤدي هذه الكفارة على الترتيب المذكور وفقك الله ويسر أمرك .
الشيخ ابن باز
ـــــــــــــــــــ
تحريم المرأة لزوجها ليس ظهارا
س - إذا قلت امرأة لزوجها إن فعلت كذا فأنت محرم علي كحرمة أبي علي ، أو لعنته ، أو استعاذ هو بالله منها ، أو العكس ، فما حكم ذلك ؟
ج- تحريم المرأة لزوجها أو تشبيهها له بأحد محارمها حكمه حكم اليمين وليس حكمه حكم الظهار ، لأن الظهار إنما يكون من الأزواج لنسائهم بنص القرآن الكريم .(18/167)
وعلى المرأة في ذلك كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد ومقداره كيلو ونصف تقريباً وإن غداهم أو عشاهم أو كساهم كسوة تجزئ في الصلاة كفى ذلك لقول الله - تعالى - " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم" . الآية .
وتحريم المرأة لما أحل الله لها حكمه حكم اليمين وهكذا تحريم الرجل ما أحل الله سوى زوجته حكمه حكم اليمين لقول الله - سبحانه - " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضان أزواجك والله غفور رحيم . قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم " .
أما تحريم الرجل لزوجته فحكمه حكم الظهار في أصح أقوال أهل العلم إذا كان تحريماً منجزاً أو معلقاً على شرط لا يقصد منه الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب مثل قوله أنت على حرام أو زوجتي على حرام أو محرمة إذا دخل رمضان ونحو ذلك فهذا حكمه حكم قوله أنت على كظهر أمي ونحوه في الأصح من أقوال أهل العلم كما سبق ، وذلك محرم ومنكر من القول وزور ، وعلى قائله التوبة إلى الله - سبحانه - وكفارة الظهار قبل أن يمس زوجته لقول النبي - عز وجل - في سورة المجادلة " الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً إن الله لعفو غفور " .
ثم قال - سبحانه - " والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلك توعظون والله بما تعملون خبير . فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً " . الآية .(18/168)
والطعام الواجب نصف صاع من قوت البلد لكل واحد عند العجز عن العتق والصيام .
أما لعن المرأة زوجها أو تعوذها منه فذلك محرم عليها ، وعليها التوبة من ذلك واستسماح زوجها ولا يحرم عليها زوجها بذلك ، وليس عليها كفارة عن هذا الكلام ، وهكذا لو لعنها أو تعوذ بالله منها لا تحرم عليه وعليه التوبة من هذا الكلام واستسماح زوجته من لعنه إياها ، لأن لعن المسلم للمسلم أو المسلمة سواء كانت زوجته أو غيرها لا يجوز بل هو من كبائر الذنوب وهكذا لعن المرأة لزوجها أو غيره من المسلمين لا يجوز لقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " لعن المؤمن كقتله " . وقوله ، - صلى الله عليه وسلم - " إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة " . وقوله ، - صلى الله عليه وسلم - ، " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " .
نسأل الله العافية والسلامة من كل ما يغضبه .
الشيخ ابن باز
ـــــــــــــــــــ
الظهار
الفتوى رقم ( 628 )
س: كان بينه وبين خاله سوء تفاهم، فحرم من أهله أنه لا يصالحه إلا بخسارة من ماله ويقصد بالخسارة ذبيحة يذبحها ويعزمه وجماعته عليها، ويسأل هل يترتب عليه شيء في حال مصالحة خاله دون أن يكون من خاله ما استثناه؟
ج: إذا كان الأمر كما ذكره المستفتي من أنه حرم من أهله أنه لا يصالح خاله إلا بخسارة من ماله، فإذا حنث في يمينه بحيث صالح خاله دون أن يكرمه بالذبيحة التي أرادها منه- فيترتب عليه كفارة ظهار، وهي: عتق رقبة، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، وذلك قبل أن يمس زوجته؛ لقوله تعالى: سورة المجادلة الآية(18/169)
3 وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ سورة المجادلة الآية 4 فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 264)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 133 )
س: أفيدكم بأن شخصا عمره عشرون سنة، تزوج فتاة عمرها اثنتا عشرة سنة، يوم حصل بينهما نزاع قال لها: يجامع أمه ولا يجامعها بدون قصد. نرجو إفادتنا عن ذلك.
ج: إن قول الزوج لزوجته حينما حصل بينهما النزاع إنه يجامع أمه ولا يجامعها بدون قصد- يعتبر ظهارا، وهو منكر من القول وزور، يحرم على المسلم أن يتكلم به، لقول الله تعالى: سورة المجادلة الآية 2 الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ وإذا أراد أن يعود إلى امرأته وجب عليه أن يكفر
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 265)
قبل أن يمسها بعتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا؛ لقول الله تعالى: سورة المجادلة الآية 3 وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ(18/170)
خَبِيرٌ سورة المجادلة الآية 4 فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن منيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ
-ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 196 )
س: لي أولاد من زوجة أخرى قد ماتت، وتزوجت بهذه الزوجة، ودخلت بأولادي الذين من الزوجة الأولى على الزوجة الأخرى، فقامت وحرمتهم أنها ما تعولهم، فعند ذلك قلت لها: (وأنت علي حرام حتى تقومي بلازم أولادي) هذا لفظ التحريم.
ج: حيث ذكر السائل أنه قال لزوجته: (أنت علي حرام
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 266)
حتى تقومي بلازم أولادي) فإذا قامت بلازم الأولاد لم يقع تحريم، وإن لم تقم بلازم الأولاد فقوله لزوجته: (أنت علي حرام) هذا ظهار، تلزمه كفارة الظهار، وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، ولا يجوز له أن يقرب زوجته إلا بعد أن يكفر كفارة الظهار. وأما تحريم الزوجة بأنها ما تعول أولادك، فإنها ترجع عنه، وتقوم بشؤون أولاد زوجها، وتكفر كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، أو كسوتهم، أو عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تستطع ذلك كله فإنها تصوم ثلاثة أيام.(18/171)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
ـــــــــــــــــــ
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 269)
الفتوى رقم ( 221 )
س: رجل قال لزوجته أم أولاده: (أنت طالق تحرمين علي كما تحرم مكة على اليهود ثم راجعها وأشهد شهودا على الرجعة، والرجعة حاصلة بعد الطلاق مباشرة، فهل تحل له؟
ج: أما قوله: أنت طالق، فإنه يقع به على زوجته طلقة واحدة، فإن لم تكن آخر ثلاث فرجعته صحيحة، ولا حاجة إلى رضا منها ولا إلى عقد جديد، وإن كانت هذه الطلقة آخر ثلاث فلا تحل هذه الزوجة لزوجها الذي طلقها حتى تنكح زوجا غيره، ويدخل بها ويطلقها وتخرج من العدة، ولا يكون ذلك حيلة، وأما قوله: (تحرمين علي كما تحرم مكة على اليهود ) فإن كان الطلاق الذي وقع منه آخر ثلاث فقد صارت بهذا الطلاق أجنبية منه، ولا يقع بقوله هذا شيء، وإن لم تكن هذه الطلقة آخر ثلاث فإن هذا اللفظ يكون ظهارا، وعليه كفارة الظهار، وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، ولا يجوز له أن يقربها قبل أن يكفر كفارة الظهار.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 270)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(18/172)
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
-ـــــــــــــــــــ
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 557 )
س1: يقول بعض الناس لزوجته: أنا أخوك وأنت أختي. فما الحكم؟
ج1: إذا قال الزوج لزوجته: أنا أخوك أو أنت أختي، أو أنت أمي أو كأمي، أو أنت مني كأمي أو كأختي- فإن أراد بذلك أنها مثل ما ذكر في الكرامة أو الصلة والبر أو الاحترام أو لم يكن له نية ولم يكن هناك قرائن تدل على إرادة الظهار، فليس ما حصل منه ظهارا، ولا يلزمه شيء، وإن أراد بهذه الكلمات ونحوها الظهار، أو قامت قرينة تدل على الظهار مثل صدور هذه الكلمات عن غضب عليها أو تهديد لها فهي ظهار، وهو محرم، وتلزمه التوبة، وتجب عليه الكفارة قبل أن يمسها، وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 275)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن منيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ
ـــــــــــــــــــ
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 765 )(18/173)
س2: حرمت زوجتي وقلت: (تحرم علي وتحل لي والدتي ما تحل لي هي) فهل حرمت علي فعلا؟ حيث كنت في حالة غضب.
ج2: ما حصل منك من تحريم زوجتك يعتبر ظهارا لا طلاقا، فإذا أردت العودة لزوجتك فأخرج كفارة الظهار قبل أن تستمتع بها. وقد بين الله كفارة الظهار بقوله: سورة المجادلة الآية 3 وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ سورة المجادلة الآية 4 فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 276)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 818 )
س: توفي والده وخلف زوجتين: إحداهما تدعى (م.ع) وأن والده قال لها منذ اثنتي عشرة سنة: (أنت علي مثل أمي) وإنه منذ قال ذلك حتى توفي وهو معتزلها، ويسأل: هل لها حق إرثي منه؟
ج: إذا كان الأمر كما ذكره السائل، من أن والده قال لإحدى زوجتيه (م.ع): (أنت علي مثل أمي) فإذا لم يكن صدر عليها منه غير ذلك فيعتبر ظهارا، والظهار لا تبين به الزوجة، بل هي باقية في عصمة زوجها، إلا أنه لا يجوز له أن يمسها حتى يكفر كفارة(18/174)
الظهار، وحيث إنه توفي عنها وعن ضرتها فلها حقها الإرثي منه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
ـــــــــــــــــــ
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 277)
الفتوى رقم ( 1018 )
س: حصل بين أبي وأخي الأكبر زعل، وقد طلعت كلمة من أخي الأكبر هي قوله: (زوجتي حرمت علي مثل أمي) وذلك في حالة غضب، وأخي عقد على زوجته هذه ولم يدخل بها، ولم يتم الزفاف حتى الآن. أرجو إفتائي.
ج: إن كان ما ذكر من تحريم أخيك زوجته على نفسه صحيحا فإن كان ذلك بعد أن عقد على زوجته عقد النكاح كان آثما مرتكبا لذنب كبير، وعليه كفارة ظهار، ويخرجها قبل أن يمس زوجته، سواء كان تحريمه قبل الدخول أو بعده، وكفارة الظهار: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، ثلاثين صاعا من البر، لكل مسكين نصف صاع. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن منيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ(18/175)
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 3554 )
س: صار بيني وبين زوجتي جدال، وقلت وأنا فاقد أعصابي وشعوري: (أنت تحرمين علي مثلما تحرم علي أمي، ولا جسدي يلمس جسدك ما دمت على قيد الحياة)
ج: إن كنت أردت بهذا الكلام الطلاق، فيقع به منك عليها طلقة واحدة، ولك مراجعتها ما دامت في العدة إذا لم يسبق هذا طلقتان، ولم تلحقه، وإن كنت ما أردت به طلاقا فعليك كفارة الظهار وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكينا لكل مسكين نصف صاع من بر أو أرز أو نحو ذلك مما يطعم عادة ولا يقع به عليك طلاق.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 284)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 4622 )
س: كنت مقيما مع زميل لي وحصل خلاف، حيث اتهمني بكسر وعاء، وأنا بريء من ذلك ولكنه أصر، فما كان مني إلا أن قلت متسرعا: (تكون أختي كزوجتي أو العكس إن كنت كسرته أنا) وأنا أعلم أني لم أكسره، وما كان مني إلا أن تلفظت بهذا القول، وإني أخاف الله من المعصية، وإني مقيم بمفردي، وأهلي بعيدون عني، فهل يعتبر هذا ظهارا؟(18/176)
الرجاء من فضيلتكم أن توضحوا لي الجواب الشافي، علما بأن زوجتي لا تقيم في مكان عملي، وإنما هي في بلدي الأصلي، وأنا مسلم أصلي وأصوم
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 287)
وأخاف الله، ولكن هذا الذي قد حصل، فالرجاء إنقاذي من العذاب يوم الحساب.
ج: إذا كان الأمر كما ذكرت فلا يقع بذلك ظهار على زوجتك؛ لأنك حلفت بالظهار وأنت صادق، وذلك في قولك: (أو العكس) أي: (زوجتي كأختي) ونوصيك بالحذر من ذلك مستقبلا؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- وصف الظهار بأنه منكر من القول وزور، أعاذنا الله وإياك من نزغات الشيطان. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
/2ظهار المرأة من زوجها /2
هل يقع من المرأة ظهار من زوجها؟
الفتوى رقم ( 1152 )
س: لي والدة وإنها كانت مريضة في المستشفى للنفاس، وذلك قبل أن يمسها سلاب، وليلة من رمضان خرجت من المستشفى حدث بينها وبين أبي زعل، وقالت له: أنت لن تكون لي زوجا، فإن كنت زوجا فأنا زوجة لأبي، وهو أيضا غاضب قال لها: (وأنت إن كنت زوجة لي فأنا زوج لأمي).
ج: إذا كان الواقع كما ذكر السائل فما صدر من الأب(18/177)
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 289)
يكون ظهارا منه لزوجته، وكفارة الظهار: عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا، يدل على ذلك قوله تعالى: سورة المجادلة الآية 3 وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ سورة المجادلة الآية 4 فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا الآية. وهذا القول الذي صدر منك منكر من القول وزور، عليك التوبة والاستغفار منه، قال تعالى: سورة المجادلة الآية 2 الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا الآية، فسماه الله: منكرا من القول وزورا، وما كان كذلك فهو محرم، موجب للتوبة والاستغفار. وأما ما صدر من الزوجة فليس بظهار؛ لقوله تعالى: سورة المجادلة الآية 2 الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ فخاطب الأزواج بذلك، وعليها عن هذا التحريم كفارة يمين؛ لأن من حرم حلالا وجب
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 290)
عليه كفارة يمين؛ لقوله تعالى: سورة التحريم الآية 1 يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ سورة التحريم الآية 2 قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ وعليها التوبة من ذلك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن منيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز(18/178)
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 1898 )
س: ما الحكم إذا قال رجل: إن أنجبت زوجتي أنثى طلقتها، أو قال: أخرجها من بيتي، يقصد بها الطلاق، وإن أنجبت ولدا فلا أطلقها، فهل يقع عليها الطلاق إن أنجبت أنثى أو لا يقع عليها الطلاق إلا إذا طلقتها بعد الإنجاب؟ أفيدونا.
ج: إذا كان الواقع كما ذكر من الصيغة التي في السؤال، فهي وعد من الزوج بالطلاق، لا طلاق، وعلى هذا لا يقع
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 202)
الطلاق بمجرد ولادة زوجته أنثى، بل يتوقف على تنفيذه وعده بتطليقها بالقول أو بإخراجها من بيته بقصد الطلاق بعد ولادتها، لكن لا ينبغي للزوج أن يصدر منه مثل هذا القول، فإن الله تعالى هو الذي يهب الذرية ذكورا أو إناثا، وليس ذلك إليه أو إلى زوجته كما هو معلوم من دين الإسلام بالضرورة، وقد قال تعالى: سورة الشورى الآية 49 لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ سورة الشورى الآية 50 أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ولأن هذا القول يشبه أمر الجاهلية في كراهية الإناث ولا ينبغي لمسلم أن يتشبه بأمر الجاهلية، وكم من امرأة في الدنيا خير من رجل. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز(18/179)
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 203)
الفتوى رقم ( 1512 )
س: مضمونه أن السائل استنكر سلام رجل على زوجته واجتماعه بها، ونصحه وأنذره مرات، ولكنه لم ينتصح، وأخيرا وجدها جالسة معه في بيت أخيها فزاد زعله، ولما خرج هذا الرجل من بيت أخيها ضربه زوج هذه المرأة فضربه الآخر وذهبا إلى الشرطة، ثم اصطلحا، ثم طلب زوجته من أهلها فقالوا: لا مانع لكن بعد أن تسأل دار الإفتاء عن الاشتباه.
ج: غيرة الرجل على زوجته وعلى عرضه عموما ومحافظته عليه وحمايته له- مما توجبه عليه شريعة الإسلام، فهذا الزوج يحمد على غيرته على امرأته ممن يجتمع بها في غيبته أو في حضوره على وجه فيه ريبة، ويحمد على نصحه لزوجته في مجانبة هذا الرجل وسائر الأجانب، وألا تقف موقف ريبة واشتباه، ولكن مجرد سلام الأجنبي عليها واجتماعه بها لا يعتبر طلاقا ولا ينفصم به النكاح، وإن كان ذلك الفعل لا يجوز، وكذا سوء ظن الزوج بهما واشتباهه في أمرهما لا يعتبر طلاقا، ولا قذفا ولا يحرمها عليه، فامرأة هذا السائل لا تزال زوجة له، وعليه أن يحافظ عليها، وينصح لها، وعليها أن تطيعه فيما يأمرها به من المحافظة على عرضها، والبعد عن الريبة ومواضع التهم؛ حماية لنفسها عما
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 204)
يشينها في دينها وعرضها ورعاية لحق الله، وأداء للحقوق الزوجية. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز(18/180)
الفتوى رقم ( 799 )
س: كان بينه وبين والد زوجته سوء تفاهم، ويذكر أنه كان لزوجتي حق عندي، فقال له خاله: خذ امرأتك أو طلقها، فقال: الله يرزقها الحقوني خذوا ورقتها، على اعتقاد مني أنهم سيسمحون عن الحق الذي عندي لزوجتي وعن نفقة ابنتي الصغيرة التي عندها مدة الخلاف بيني وبينهم، فلما لحقوني وطالبوني بالورقة منعوا من السماح عن الحق الذي عندي لزوجتي وعن النفقة وطالبوني بها، فمنعت من كتب الورقة، ثم أخذت سنة منقطعا عنها، ثم طلقتها طلاقا رجعيا واسترجعت. ويسأل عن حكم الرجعة.
ج: إذا كان الأمر كما ذكره من أن خاله طالبه بأخذ زوجته أو طلاقها وأنه قال: الله يرزقها، الحقوني خذوا ورقتها بدون أن
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 205)
يكون ذلك نتيجة اتفاق على المخالعة، وإنما كان ذلك ظنا منه فقط، ومن طرف واحد هو المطلق، وحيث إن قوله: الله يرزقها الحقوني خذوا ورقتها، من ألفاظ الكناية، وألفاظ الكناية لا يقع بها الطلاق إلا إذا قصد الطلاق بها أو وجدت قرائن تدل على قصد الطلاق وإرادته، كالتلفظ بكناية الطلاق عقب طلب الطلاق منه، وحيث إنه قال: الله يرزقها الحقوني خذوا ورقتها بعد طلب الطلاق منه - فتعتبر هذه الكناية طلاقا، وحيث ذكر بأنه تركها سنة كاملة ثم طلق طلاقا رجعيا فالغالب أن مطلقته بالكناية قد خرجت من العدة دون مراجعته، فإذا كان كذلك فلا يلحقها الطلاق الثاني؛ لكونها بخروجها من العدة أجنبية منه، فإذا لم يكن طلاقه بالكناية آخر ثلاث تطليقات فيجوز له الرجوع على زوجته بعقد ومهر جديدين برضاها مع استكمال أركان النكاح وشروطه، وأما حق زوجته عليه ونفقة ابنته فحيث لم يقع اتفاق منه ومن جانب زوجته على إسقاطه في مقابلة(18/181)
تطليقه إياها- فلا يزال في ذمته. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 206)
الفتوى رقم ( 21410 )
س: رجل غضب وقال لزوجته: ما أبغاك، في تاريخ 2 / 2 / 1421هـ. فهل تعتبر هذه الكلمة طلاقا أم تعتبر يمينا ويلزم كفارة؟ أفيدوني قبل فوات الأوان حفظكم الله.
ج: إذا كنت نويت بهذه العبارة الطلاق، فإنها تقع عليك طلقة واحدة، ولك مراجعتها ما دامت في العدة، إلا إذا كانت هذه الطلقة مسبوقة بطلقتين، فإنها لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك، ويطلقها ثم تتزوجها بعقد جديد، وإذا لم تنو بهذه اللفظة الطلاق فليس عليك شيء. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
بكر بن عبد الله أبو زيد ... صالح بن فوزان الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 1782 )
س1: إذا قدم ضيف على شخص وخشي الضيف أن يتكلف صاحبه له فقال: علي الطلاق أو علي الحرام إن ذبحت، ثم ذبح صاحب البيت، فما الحكم؟
ج1: إذا كان الواقع كما ذكر فإن من حلف بالطلاق أو الحرام(18/182)
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 207)
ألا يذبح له صاحبه خشية التكلف ثم ذبح - أن يكفر كفارة يمين عن حلفه، وذلك بإطعام عشرة مساكين، خمسة أصواع من بر أو تمر أو أرز أو نحو ذلك، من أوسط ما يطعمه أهله ويوزعها على عشرة مساكين، وإن شاء كسا عشرة مساكين أو أعتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع ذلك صام ثلاثة أيام، ويستحب أن تكون متتابعات، لقوله تعالى: سورة المائدة الآية 87 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ سورة المائدة الآية 88 وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ سورة المائدة الآية 89 لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ الآية. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 563 )
س: زوجتي أوقعت طلاقا على نفسها، طلبت من أخ تعرفه
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 208)
أن يشتري لها شيئا، وقد استجاب الأخ بتخلفه عن العمل في يوم معين وحضر لي لأذهب معه لنشتري ما طلبته، لم تكن عندي فلوس لتوقف مرتبي، وهي تعلم بذلك، كانت عندها هي فلوس لأنها تعمل، بينما أتفرغ أنا لدراستي، قلت لها: إن الأخ سيحضر بعد ذهابك للشغل فاتركي له المبلغ، وافقت من غير أي عذر مقبول، فكررت ضرورة تركها للمبلغ؛ لأن الأخ مشكورا عطل عمله وسيحضر ولا داعي للإحراج، لم تسمع وذهبت دون أن(18/183)
تترك المبلغ، لحقتها في محل عملها لأسألها إن كانت سمعت ما قلته حتى أتأكد من أنها سمعت أم لم تسمع، قالت إنها سمعت، قلت لها: هل وعيت ما قلته؟ قالت: أنا واعية لما قلت، فعرفت أن طلاقا وقع، اعتذرت عن خطئها ما الحكم هنا؟
وما دامت هي قريبة لي فإنني سأرجعها هل أقول لها: إنك راجعة ويكفي لوحدنا من غير إدخال ناس آخرين في الأمر أم لا بد من شهود أم ماذا؟ أفيدونا.
ج: إن كان الأمر كما ذكرت، من أن زوجتك أوقعت طلاقا على نفسها، فإن كنت لم تجعل طلاقها بيدها ولم توكلها في طلاق نفسها - فلا يعتبر ما حصل منها طلاقا، ولا تحتاج إلى مراجعتها؛ لأن الطلاق إلى الزوج لا إلى الزوجة، وإن كنت
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 209)
جعلت طلاقها بيدها أو وكلتها في طلاق نفسها فطلاقها نفسها معتبر، ولك أن تراجعها ما دامت في العدة، وتشهد شاهدين على الرجعة ما لم يكن ما حصل منها من الطلاق آخر ثلاث تطليقات، فإن حصل ذلك لم تحل لك إلا بعد زوج آخر بعقد ومهر جديدين برضاها، مع العلم بأن عدة الحامل تنتهي بوضعها الحمل، وعدة غير الحامل ثلاث حيضات إن كانت ممن يحضن، وعدة الصغيرة التي لم تبلغ الحيض والكبيرة التي يئست من الحيض ثلاثة شهور. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
السؤال الثالث من الفتوى رقم ( 9222 )
س3: في أحد الأيام كنت ألعب الكورة مع أحد الزملاء، وكان يشوت علي الكورة، وقد ذكرت في داخل نفسي ولم أصرح بها إذا دخل هذا الهدف تعتبر زوجتي طالق، أو سوف(18/184)
أطلق زوجتي، لا أذكر الكلمة بالضبط، ولكن في نفس الوقت نيتي ليست الطلاق، ولكنه مجرد كلمة تتردد في ذهني، كما ذكرت لفضيلتكم في نفس اللحظة، قلت: إذا احتسبت طلقة فقد
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 210)
رجعتها وذهبت إلى البيت وأخبرتها بالموضوع، وقلت: إذا احتسبت طلقة هل أنت موافقة على الرجوع إلي؟ فوافقت ورجعنا طبيعيا دون علم أحد، هل تعتبر طلقة؟ وإذا اعتبرت طريقة إرجاعي صحيح أم لا، وهل علي كفارة؟
ج3: إذا كان الواقع كما ذكرت من أن كلمة الطلاق تتردد في ذهنك فقط دون أن ينطق بها لسانك- فلا يعتبر هذا طلاقا، ولا يحتاج إلى مراجعة زوجتك وليس عليك كفارة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم ( 5211 )
س3: هل الإنسان إذا تلفظ بألفاظ الطلاق ولكن دون قصد منه ولا رغبة، وأحيانا في نفسه، فهل يقع؟ وأكرر أنه بدون قصد، خصوصا وأن لديه أطفالا، ولكن مثل المكره والمبتلى بذلك، ويشك في بعض الأحيان هل تلفظ أم لا، ويرهق نفسه بغية أن يتذكر ما صدر منه، ولكن دون جدوى، ما الحكم؟
ج3: لا يقع الطلاق بالنية وحديث النفس بدون تلفظ ولا
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 211)(18/185)
كتابة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: صحيح البخاري الطلاق (4968),صحيح مسلم الإيمان (127),سنن الترمذي الطلاق (1183),سنن النسائي الطلاق (3433),سنن أبو داود الطلاق (2209),سنن ابن ماجه الطلاق (2040),مسند أحمد بن حنبل (2/491). إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم متفق على صحته وهكذا الطلاق لا بد من تعين وقوعه منه لفظا أو كتابة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الخامس من الفتوى رقم ( 17558 )
س5: رجل طلق امرأته في قلبه، فما حكم ذلك الطلاق؟ حيث لم يصرح به ولكنه نواه في قلبه وتحدث به مع نفسه.
ج5: الطلاق لا يقع إلا بالتلفظ به أو كتابته، أما مجرد نية الطلاق وحديث النفس به فلا يقع بذلك طلاق؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: صحيح البخاري الطلاق (4968),صحيح مسلم الإيمان (127),سنن الترمذي الطلاق (1183),سنن النسائي الطلاق (3433),سنن أبو داود الطلاق (2209),سنن ابن ماجه الطلاق (2040),مسند أحمد بن حنبل (2/491). إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم متفق على صحته. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس(18/186)
بكر بن عبد الله أبو زيد ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... صالح بن فوزان الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 212)
الفتوى رقم ( 15674 )
س: أخبرك بأنني رجل متزوج ولله الحمد، ولكني عندما أملكت على زوجتي أصبت في نفس الليلة بالوساوس، فكدرت به نفسي، ويقول لي الشيطان: أنت تكلمت بألفاظ الطلاق، وقد انفصلت حياتك من زوجتك، وأكون في كرب عظيم يعلمه الله، ولكن لم يحصل مني شيء من هذا القبيل، وربما خرجت كلمة غير هذه الألفاظ فيقول لي الشيطان: لا إنما تكلمت بها، حتى في أثناء الصلاة ودخول الخلاء والجماع، وأنا في حيرة كبيرة من ذلك الأمر، نرجو الإفتاء في ذلك الأمر.
ملحوظة: مع العلم بأنه يقول لي في نفسي: لا تفعل هذا العمل، ويكون عمل خير، فإذا فعلته فأنت قد تلفظت بالحرام والعياذ بالله، فأنا في حيرة كبيرة، وأسأل الله العافية، هل علي ذنب في هذا الأمر؟ أفتوني.
ج: حكم النكاح باق ولا أثر للوساوس المذكورة في سؤالك على أصل النكاح، والطلاق لا يقع إلا إذا نطقت به يقينا أو كتابة مع نية الطلاق؛ لما في (الصحيحين) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: صحيح البخاري الطلاق (4968),صحيح مسلم الإيمان (127),سنن الترمذي الطلاق (1183),سنن النسائي الطلاق (3433),سنن أبو داود الطلاق (2209),سنن ابن ماجه الطلاق (2040),مسند أحمد بن حنبل (2/491). إن الله تعالى تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 213)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.(18/187)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 20169 )
س1: أنا شاب في العشرين والحمد لله، متزوج لكن صار معي أنني بيني وبين نفسي أحلف بالطلاق دون الجهر بالقول، أطلب من الله ثم منكم إفادتي في هذا الموضوع جزاكم الله عنا ألف خير.
ج1: إذا كان ما يحصل معك هو من قبيل أحاديث القلب دون نطق باللسان بما ذكرت فإنها وساوس من وساوس الشيطان، ولا حرج عليك في ذلك إن شاء الله، ولا يقع بذلك طلاق ما لم تتكلم به أو تعمل، ككتابة طلاق زوجتك، ويدل لذلك ما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: صحيح البخاري الطلاق (4968),صحيح مسلم الإيمان (127),سنن الترمذي الطلاق (1183),سنن النسائي الطلاق (3433),سنن أبو داود الطلاق (2209),سنن ابن ماجه الطلاق (2040),مسند أحمد بن حنبل (2/491). إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم رواه البخاري ومسلم وننصحك بكثرة قراءة القرآن والأدعية والأذكار المشروعة والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم لدفع وساوس الشيطان عنك، مع الإعراض عن ذلك إذا عرض لك، والاشتغال بما ينفعك في أمور دينك
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 214)
ودنياك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس(18/188)
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 17291 )
س1: إني كنت يوميا أجامع زوجتي، فحدثت نفسي بأن لا أجامعها لمدة أسبوع، وفي نيتي الأسبوع القادم، وكنت حلفت بـ: (علي الطلاق) في سري، ففي منتصف الأسبوع جامعتها وقلت في نفسي: أنفذ اليمين في أسبوع آخر، وفعلا نفذت اليمين، فهل وقع اليمين وبذلك تكون طلقة أولى أم لم يقع؟ أفيدونا بالإجابة وماذا علي؟
ج1: إذا كان الحال كما ذكرت من أنك لم تتلفظ بالطلاق جهرا أو سرا، ولا الحلف به، وإنما هو حديث نفس فقط- فهذا لا أثر له، فلا يترتب عليه شيء، لا طلاق ولا كفارة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر بن عبد الله أبو زيد ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... صالح بن فوزان الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
/200
س2: في يوم من الأيام حلفت زوجتي أمامي وقالت لي: (وحياة أولادي) فتنرفزت عليها وقلت لها: (علي الطلاق إذا حلفت بحياة أولادي ثاني مرة ما أنت قاعدة فيها) يعني في البيت، وبعد ذلك ندمت على اليمين؛ لأنني لا أريد أن أطلقها، والحمد
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 215)
لله إلى الآن لم تحلف أمامي، ولكن أريد أن أحل هذا اليمين وأرجع فيه؛ لأن ممكن زوجتي تحلف في يوم من الأيام وهي ناسية فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرا.(18/189)
ج2: حلف زوجتك بحياة أولادها يمين غير منعقدة؛ لأنها من الحلف بغير الله تعالى، وهذا لا يجوز، بل هو شرك أصغر، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: سنن الترمذي النذور والأيمان (1535),سنن أبو داود الأيمان والنذور (3251),مسند أحمد بن حنبل (2/69). من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك رواه أبو داود والترمذي وثبت عنه أيضا أنه قال: صحيح البخاري الأدب (5757),صحيح مسلم الأيمان (1646),سنن الترمذي النذور والأيمان (1534),سنن النسائي الأيمان والنذور (3766),سنن أبو داود الأيمان والنذور (3249),سنن ابن ماجه الكفارات (2094),مسند أحمد بن حنبل (2/142),موطأ مالك النذور والأيمان (1037),سنن الدارمي النذور والأيمان (2341). إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالف فليحلف بالله أو ليصمت متفق عليه. وحلفك على زوجتك ألا تقسم بحياة أولادها هذا زجر لها عن الحلف بغير الله تعالى، فإن كنت تريد ذلك فهو بمثابة يمين تكفر عنه كفارة يمين إن حلفت بحياة أولادها ذاكرة يمينك، وإن كنت تريد الطلاق فيقع إن حلفت بما نهيتها عنه ذاكرة طلقة واحدة، أما إن حلفت ناسية فلا يقع بذلك شيء؛ لقول الله سبحانه: سورة البقرة الآية 286 رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا وقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله سبحانه قال: قد فعلت وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر بن عبد الله أبو زيد ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... صالح بن فوزان الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
/200
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 216)(18/190)
س3: ماذا تقولون في هذا الحديث: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: رواه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: مالك 2 / 478، وأحمد 2 / 361، ومسلم 3 / 1272 برقم (1650)، والترمذي 4 / 107 برقم (1530)، والنسائي في (الكبرى) 3 / 126-127 برقم (4722)، وابن حبان 10 / 190 برقم (4349)، والبيهقي 9 / 232، 10 / 32،53 والبغوي 10 / 17 برقم (2438). من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير ويكفر عن يمينه هل هذا الحديث صحيح، وهل هذا الحديث ينطبق عليه السؤال الأول والثاني؟ نرجو تفسر هذا الحديث وجزاكم الله خيرا.
ج3: هذا الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه مسلم في (صحيحه) والترمذي والنسائي وابن ماجه في سننهم من حديث جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، منهم أبو هريرة رضي الله عنه، ولا ينطبق هذا الحديث على السؤال الأول، لأنه ليس يمينا، بل هو حديث نفس، وينطبق على الثاني إذا أراد به المنع، ثم ظهر له عدم ذلك فإنه يكفر عن يمينه.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 217)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر بن عبد الله أبو زيد ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... صالح بن فوزان الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 15973 )
س: كنت عاقدا النكاح على امرأة، ولم أدخل بها، وذهبت أنا وصديق لي ومررنا ببقالة ووقفنا عندها لنشتري منها بعض الأشياء التي نحتاجها، وأراد صديقي أن ينزل من السيارة(18/191)
ليشتري هو، فقلت له: (علي الطلاق) ولم أكمل كلامي؛ لأني كنت ناسيا أني عاقد النكاح، وتذكرت في أثناء كلامي ولم أكمل كلامي، ولم ينزل صديقي من السيارة، ونزلت أنا وشريت ما نحتاجه وذهبنا، فهل علي شيء فيما فعلت؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر، فلا يقع طلاق على زوجتك؛ لأنك لم تكمل التلفظ بالطلاق، ولم تنطق بالطلاق كاملا، ولم ينزل صديقك، بل نزلت أنت. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 218)
الفتوى رقم ( 18560 )
س: لي أخت متزوجة، خرج زوجها مسافرا إلى فرنسا للعمل، فكان يراسلها ثم قطع صلته بها، حاولنا جميعا الاتصال به والبحث عنه فلم يظهر له أثر، وبعد سنتين أو أكثر اتصلت أختي بالمحكمة لتطلب الطلاق الغيبي وانتظارا لإصدار حكم الطلاق، جاء زوجها ولم يتبين لنا سبب غيابه، فطلب من زوجته ومنا جميعا العذر لخطئه، وأراد الرجوع إلى زوجته وولده الصغير الذي ولد بعد سفره ببعض الشهور، فماذا تفعل زوجته التي هي أختي في هذه الحالة، وهي قابلة للرجوع إليه؟ علما أن الطلاق لم يصدر من المحكمة.
ج: إذا كان الحال كما ذكر من أن الحاكم الشرعي لم يفسخ نكاحها بعد فهي ما زالت زوجته وفي عصمته. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(18/192)
عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 20890 )
س: أنا من مصر وأعمل في الطائف حصل مكالمة بيني وبين زوجتي في مصر وحصل مشادة كلامية في التليفون، ثم
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 219)
رجعت إلى المنزل وقابلت أخي وقلت له ما حصل بيني وبين زوجتي في التليفون، ثم قلت: والله لأروح إلى السفارة في جدة وأقوم بتطليقها وأنا في حالة غضب شديد، وعندي سكر وضغط، ولم يكن في نيتي أن أطلقها وإنما حصل ذلك من شدة الغضب، ونتيجة لما حصل بيني وبينها ثم هدأت نفسي ولم أذهب إلى جدة فهل قسمي هذا يكون طلاقا؟ أرجو من سماحتكم الإجابة على سؤالي للأهمية.
ج: إذا كان الواقع كما ذكر، فإنه لا يقع على زوجتك طلاق بهذا اللفظ، وإنما يجب عليك كفارة يمين لحلفك بالطلاق على أن تذهب للسفارة فتطلق زوجتك ولم تفعل ذلك، وكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين لكل مسكين كيلو ونصف من البر والأرز أو نحوهما أو كسوتهم، أو عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تستطع ذلك كله فإنك تصوم ثلاثة أيام كفارة عن يمينك، قال -صلى الله عليه وسلم-: صحيح مسلم الأيمان (1650),سنن الترمذي النذور والأيمان (1530),موطأ مالك النذور والأيمان (1034). من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير ويكفر عن يمينه وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(18/193)
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 220)
السؤال الخامس من الفتوى رقم ( 19307 )
س5: إذا فكر الزوج في تطليق زوجته، فهل تحرم عليه بمجرد التفكير دون عقد النية على ذلك؟
ج5: مجرد التفكير بالطلاق أو نية ذلك دون النطق به لا يؤثر في تحريم الزوجة، ولا يقع به الطلاق، ويدل لذلك ما أخرجه البخاري ومسلم في (صحيحيهما) ج7 ص225 عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: صحيح البخاري الطلاق (4968),صحيح مسلم الإيمان (127),سنن الترمذي الطلاق (1183),سنن النسائي الطلاق (3433),سنن أبو داود الطلاق (2209),سنن ابن ماجه الطلاق (2040),مسند أحمد بن حنبل (2/491). إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم متفق عليه، وهذا لفظ البخاري فإذا نطق الإنسان بتطليق زوجته أو كتب ذلك وقع عليها الطلاق، وإن كان هازلا. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر بن عبد الله أبو زيد ... صالح بن فوزان الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 12539 )(18/194)
س: حصل ما بيني وبين زوجتي كلام في شهر رمضان لعام 1409هـ، وفي أواسط الشهر الكريم حيث إنني صليت مع المسلمين في المسجد ورجعت إلى البيت وأخذت فراشي ونمت،
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 221)
وقالت لي زوجتي: كيف يجيك النوم وأنا لم يجيني، وقامت وشالت اللحاف من فوقي، فقلت لها: الرجاء لا تشيلي اللحاف، فكررت ذلك فقمت أنا ومسكت بيدها وزعلت ونمت في غرفة عند ولد عمي، فقال لي: كيف تعمل ذلك؟ وحط علي رضوه وأصلح ما بيننا، ولكل ما ذكر أرغب من فضيلتكم الإفادة هل علي شيء أو عليها شيء في ذلك؟ علما يا صاحب الفضيلة بأنها عندما أخبرت أهلها بالموضوع مسكوها عندهم وقالوا: لازم تسأل عن الموضوع، فأرجو الإفادة عن ذلك بصفة عاجلة، والله يحفظكم وكل عام وأنتم بخير.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فإن إمساكك بيدها لا يعتبر طلاقا، والواجب عليك وعلى زوجتك تقوى الله، ومعاشرة كل واحد منكما صاحبه بالمعروف، وأداء ما عليه من الحقوق نحو صاحبه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم ( 8832 )
س3: رجل طلق امرأته وتزوج بأخرى، وعند خطبته للثانية
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 222)
أخبر أهلها وهي أيضا أنه عنده ثلاثة أبناء من زوجته المطلقة، فوافقوا على ذلك، ولكن بعد الزواج اتضح أن له خمسة أبناء وليس ثلاثة، وعند ذلك وقف خال الفتاة موقفا سلبيا من الزوج، طبعا هذا بعد الزواج، وطلب منه أن يطلق ابنة أخته بحجة أنه كذب عليهم، فهل(18/195)
يجب على الزوج أن يطلقها بسبب هذه الكذبة؟ علما بأن أبا الفتاة وأمها لم يطلبوا منه تطليقها.
ج3: لا يجب عليه أن يطلقها من أجل ذلك، ولا يجوز لخالها الاعتراض. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 13377 )
س: تشاجرت مع زوجتي منذ سنتين، لا لسبب أو مشكلة كبيرة، ولكنها فقط كانت مكشرة وغضبانة طول اليوم، فحين سألتها عن السبب لم ترد علي، المهم تطورت المناقشات بيننا واحتدت إلى أن ضربتها على خدها بالكف، وسمعت والدتي الشجار وشدت أعصابي وقلت باللفظ: (والله لازم أطلقها، والله لازم أطلقها) تقريبا مرتين أو ثلاثا على ما أتذكر، وفي لحظة
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 223)
الانفعال وقول هذه الألفاظ الكبيرة كنت أحس أنني أقولها من قلبي، وأقصدها فعلا، وكنت وقتها أبكي لإحساس مني بخيبة الأمل في عدم التوفيق في اختيار الزوجة الصالحة، حيث إنني خطبت خطبة قبلها لمدة سنة ولم أوفق فيها لخلافات بسيطة، وبعد هذه المشاجرة بيومين فقط صارت الأمور طبيعية جدا، ولم تغادر البيت، والحمد لله كل شيء تمام، ولم أفارقها إلى الآن، ومعنا ولد عمره سنة ونصف ومولود في الطريق، مع العلم أنني ملتزم دينيا ولا(18/196)
أترك أي فرض من فروض الإسلام، فما حكم الدين في ألفاظ الطلاق التي قلتها ولم أنفذها ولم أفارقها؟ لأنني أخاف ويقلقني هذا الأمر جدا.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فلا يقع طلاق على زوجتك بقولك: (والله لازم أطلقها) لكن عليك كفارة يمين عن حلفك بطلاقها، والكفارة هي: عتق رقبة مؤمنة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم تجد شيئا من ذلك فصم ثلاثة أيام. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 224)
السؤال الرابع من الفتوى رقم ( 9097 )
س4: في قوله تعالى: سورة الطلاق الآية 1 لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ الآية، إذا خرجت من دون إخراج عرضا أو صراحة ومن دون إذن من الزوج ما الحكم المتعلق فيه، لا يتناول حكم الخلعة إلا أن الطلاق قد تم وبقيت العدة؟
ج4: تأثم المعتدة من طلاق رجعي إذا خرجت من بيت مطلقها من غير إخراج لها إلا إذا دعت إلى خروجها ضرورة أو حاجة تبيح لها ذلك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز(18/197)
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 17282 )
س2: رجل طلق زوجته وله منها أولاد وبنات، وفضلت هذه الزوجة البقاء مع أولادها في بيتها، هل يجوز له البقاء معها وهي مع أولادها بالبيت؟ علما أنه رجل كبير بالسن، وفي حاجة
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 225)
إلى من يقوم بشؤونه مثل الطعام ونظافة الملابس وغيرها.
ج2: لا يحل للرجل المطلق طلاقا بائنا بينونة كبرى أو بينونة صغرى بخروجها من عدة الطلاق الرجعي- أن يخلو بمطلقته؛ لأنها أجنبية منه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر بن عبد الله أبو زيد ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... صالح بن فوزان الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 19895 )
س: حصل لوالدي مرض وأدخل المستشفى وبعد خروجه أصيب بمرض آخر وبترت ساقه، والحمد لله على قضاء الله جل شأنه، ثم أصيب بشلل لا يستطيع الجلوس، وإنه موجود لدي في المنزل، ويوما من الأيام طلب مني أن أجلس بجانبه، ثم قال: معك أمانة لو أموت أن تدفني في المدينة المنورة وقال: هذه أمانة أسألك عنها يوم الموقف العظيم، وإن المدينة المنورة تبعد عن العلا الذي أسكنها (400) أربع مائة كيلو متر، وطلب من والدتي التي هي في عصمته وقال: أنت طالق، وقال: سامحيني وأسامحك، ولا زالت والدتي في البيت وتقوم بتنظيفه؛ لأنه عاجز عن الذهاب لدورة المياه، وتؤكله لأننا في المدارس وموظفون، أرجو(18/198)
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 226)
الرد علي هذا وجزاكم الله خيرا.
ج:أولا: إذا أوصى الميت أن يدفن في بلد أو في موضع معين فإنه لا يلزمك العمل بذلك، ويدفن مع المسلمين في أي مكان يتيسر والحمد لله. ثانيا: إذا كان هذا الطلاق هو الطلقة الثالثة فإنه لا يجوز لأمك البقاء معه والكشف له ومعاشرته؛ لأنها أجنبية عنه، وأما إذا كانت الطلقة المذكورة الأولى أو الثانية فإن أمك تعتبر مطلقة طلاقا رجعيا، وله مراجعتها ما دامت، في عدتها، ولها ما للزوجات، وتخدم أباك ويعاشرها، فإذا خرجت من عدتها ولم يراجعها بلفظ أو بوطء في العدة فإنها تكون أجنبية عنه، لا يجوز بقاؤه معها وخلوته بها إلا بعقد جديد. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر بن عبد الله أبو زيد ... صالح بن فوزان الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 20918 )
س1: هل فعلا أن الطلاق البائن يسقط حق النفقة والسكنى للمطلقة بناء على حديث فاطمة بنت قيس رضي الله
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 227)
عنها عندما طلقها زوجها المخزومي فجاءت تسأل النبي صلى الله عليه وسلم، وكان طلاقها بائنا، فقال لها: لا نفقة لك ولو كان الطلاق فيه تعسف وظلم؟
ج1: ثبت في (مسند الإمام أحمد ) وفي (صحيح مسلم ) عن فاطمة بنت قيس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في المطلقة ثلاثا قال: صحيح مسلم الطلاق (1480),سنن النسائي النكاح(18/199)
(3244),سنن ابن ماجه الطلاق (2036),مسند أحمد بن حنبل (6/373),سنن الدارمي الطلاق (2274). ليس لها سكنى ولا نفقة وفي رواية عنها قالت: صحيح مسلم الطلاق (1480),سنن الترمذي الطلاق (1180),سنن النسائي الطلاق (3404),سنن أبو داود الطلاق (2288),سنن ابن ماجه الطلاق (2036),مسند أحمد بن حنبل (6/415),موطأ مالك الطلاق (1234),سنن الدارمي النكاح (2177),الطلاق (2275). طلقني زوجي ثلاثا فلم يجعل لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سكنى ولا نفقة رواه الجماعة إلا البخاري وفي رواية لأحمد وأبي داود والنسائي ومسلم صحيح مسلم الطلاق (1480),سنن أبو داود الطلاق (2290). إلا أن تكوني حاملا هذه الأدلة تدل على أن المطلقة طلاقا بائنا ليس لها نفقة ولا سكنى، إلا إذا كانت حاملا فلها النفقة؛ للدليل السابق، ولأن الحمل ولده فيلزمه الإنفاق عليه ولا يمكنه الإنفاق عليه إلا بالإنفاق عليها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
الفتوى رقم ( 40 )
س: طلق امرأته (هـ. ص. م. ق) طلقة واحدة، ولم يسبق منه
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 228)
أن طلقها، وأنه راجعها بعد طلاقها بأربعة أيام، وأشهد على الرجعة (ح. ن. ش) من محل عولي همدان و (م.ع.ق) أهـ.(18/200)
ج: حيث إن المدعو (ح. ص. هـ) طلق زوجته (هـ. ص) طلقة واحدة ولم يسبق منه طلاق لهذه الزوجة قبل ذلك، وحيث إنه راجعها في العدة بشهادة من ذكر في استفتائه فإذا كان الأمر كما ذكر، فإنه تحسب عليه الطلقة التي طلقها، وتصح رجعته ما دامت في العدة، وكان الشاهدان على الرجعة عدلين. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن منيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ
الفتوى رقم ( 60 )
س: إنه قال لزوجته (ح.خ.ع): (أنت طالق طالق طالق) وهو في حالة غضب وذكر في استفتائه أنه لم يقصد بتها وإنما قصد طلقة واحدة، ولم يسبق منه أن طلقها، وأنه راجعها بشهادة من ذكر في استفتائه في العدة، حيث كانت حاملا ولم تضع الحمل حتى الآن.
ج: حيث إنك لم تقصد بقولك: (أنت طالق طالق طالق)
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 229)
البت، وإنما قصدت طلقة واحدة، وحيث إنها كانت حاملا وقت الطلاق ولا تزال حاملا حتى الآن، وأشهدت على الرجعة على ما ذكرت في الاستفتاء فما حصل منك يعتبر طلقة واحدة، وبرجعتك إياها بقيت في عصمتك زوجة لك ولم يبق لك بالنسبة إليها إلا طلقتان. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس(18/201)
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ
الفتوى رقم ( 44 )
س: أنا (ع.ي. أ. ي) كنت أنا و (ع.م.م) و (ح.أ.ي.أ) و (ع. م.م) ورفاقهم في عزبة، فحصل بيني وبينهم نزاع، فقلت لهم: إذا جلست معكم في العزبة فزوجتي (س.ط.ض) طالق، وظهر مني يمين، فجلست معهم في العزبة بعد الطلاق واليمين، وقد حصل الطلاق بتاريخ 6 / 5 / 1391هـ، وقد راجعتها في النصف من رجب عام 1319هـ، وأشهدت على رجعتي لها (ع.م.ع.ي) و (م.ع.م) ولم يسبق هذا طلاق، ولم يقع بعده طلاق، وليس على عوض، ولا تزال في العدة، فهل تحل لي؟
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 230)
ج: حيث علقت الطلاق واليمين على جلوسك معهم في العزبة، وجلست معهم، وأنه طلقة واحدة وقد راجعتها وهي لا تزال في العدة بشهادة شاهدين، وأنه لم يقع قبله ولا بعده طلاق، فرجعتك صحيحة، ولا حاجة إلى عقد جديد ولا رضا منها، وأما اليمين فعليك كفارته وهي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ
الفتوى رقم ( 80 )
س: حصل فيما بيني وبين زوجتي سوء تفاهم، الأمر الذي أدى إلى أن قلت لها: (أنت مطلقة ومحرمة علي وتحلين لمن بغاك) بتاريخ 16 / 12 / 1391 هـ، وقصدي بقولي: (محرمة علي) أنه حين ما سبق الطلاق وقع في نفسي أنها حرمت علي به، فقلت: (ومحرمة علي، وقد راجعتها(18/202)
بتاريخ 25 / 2 / 1392هـ، بشهادة شاكر أحمد خياط، وزكريا محمد نور مرشد، وهي لم تخرج من العدة، وقد سبق أن طلقتها من ست سنوات، وراجعتها في نفس
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 231)
اليوم، فهل تحل لي؟
ج: وبعد دراسة اللجنة واطلاعها على وثيقة الطلاق الثاني وسماعها لشهادة شاهدي الرجعة فقد كتبت الجواب التالي: حيث ذكر المستفتي أنه قال لزوجته: (مطلقة ومحرمة) وقصد بقوله: (ومحرمة) أنها حرمت عليه بالطلاق الذي سبق هذه الكلمة، وأن الطلاق بتاريخ 12 / 16 / 1391 هـ، وأنه راجعها بتاريخ 25 / 2 / 1392هـ، وأشهد على رجعتها من ذكر، فإن كان الطلاق الأول الذي من ست سنوات طلقتين أو ثلاثا فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، ويدخل بها ويطلقها من غير قصد التحليل، وتخرج من العدة، وإن كان الطلاق الأول طلقة واحدة وهي لم تخرج من عدة الطلاق الثاني كما ذكره السائل فرجعته صحيحة، ولا حاجة إلى رضا منها ولا إلى عقد جديد، وإن كانت قد خرجت من العدة فلا بد من عقد جديد بشروطه ورضا منها ومهر جديد. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 232)
الفتوى رقم ( 109 )(18/203)
س: حدث بيني وبين زوجتي مشاجرة أدت إلى أن طلقتها طلاق السنة في 18 / 2 / 1392هـ وفي 22 / 2 / 1392 هـ رغبت في عودتها وتأسفت على ما بدر مني، واتصلت بأهلها وأبلغتهم. فأعطوني فتوى في ذلك أقابل بها أرحامي.
ج: إذا كنت طلقت زوجتك طلاق السنة، ولم يسبق منك طلاق لها قبل ذلك مرتين- فلك أن تراجعها ما دامت في العدة، فإن حصلت منك الرجعة لها في العدة وأشهدت على ذلك فهي زوجتك، وإن لم تكن راجعتها الآن فراجعها وأشهد على الرجعة شاهدين عدلين إن لم تكن انتهت من العدة، وإن كانت عدتها قد انتهت ولم تراجعها فلا تحل لك إلا بعقد ومهر جديدين برضاها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن منيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ
الفتوى رقم ( 137 )
س: مضمونه مع تفسيره بعد استدعائه وحضوره بتاريخ 22 / 5 / 1392 هـ: حصل بيني وبين زوجتي (ح.ع) مشاجرة
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 233)
فضربتها وحصلت مضاربة على إثر ذلك بيني وبين أخيها، فطلقتها طلقة واحدة، ثم راجعتها وجلست معي سنتين ثم حصل بيني وبين أخيها زعل من أجل تحريشه لزوجتي علي فطلقتها طلقة واحدة فقط، وراجعتها بعد الطلاق الثاني، هذا كل ما حصل مني فأرجو إفتائي.
ج: إذا كان الأمر كما ذكرت في استفتائك من أنك طلقت زوجتك (ح.ع) طلقة واحدة، ثم راجعتها ثم طلقتها بعد مدة طلقة واحدة ثم راجعتها، وكانت رجعتك إياها أمام(18/204)
شاهدين عدلين- فهي زوجتك إذا كانت رجعتك إياها في العدة، ولكن لم يبق لك معها إلا طلقة واحدة، فلو طلقتها بعد ذلك صارت مطلقة ثلاثا لا تحل لك إلا بعد زوج آخر بعقد ومهر جديدين برضاها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
الفتوى رقم ( 158 )
س: إنه طلق زوجته طلاق السنة في العام الماضي، ويرغب الرجوع إليها ويسأل عن جواز ذلك؟
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 234)
ج: إذا لم يكن الطلاق المذكور ثالث طلقة من المطلق على زوجته، ولم يكن على عوض، فهو طلاق رجعي، له مراجعة مطلقته ما دامت في العدة، فإن كانت قد خرجت منها أو كان الطلاق على عوض، ولم يكن ثالث طلقة صدرت منه عليها فيجوز له الزواج بها بعقد جديد ومهر مثلها ورضاها بعد استكمال أركان النكاح وشروطه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
الفتوى رقم ( 311 )
س: أرفق لسماحتكم صورة طبق الأصل من الطلاق الذي صدر مني لزوجتي (ج.م) في عام 1389هـ، حيث لم يصدر مني عدد معين من الطلاق، ولم أقصد شيئا سوى ما ورد في(18/205)
ورقة الطلاق، ولم تتزوج حتى اليوم، ولي رغبة في العود إليها، وليس عندها مانع من ذلك، فأفتوني في هذا حلا وحرمة.
وجاء في صورة وثيقة الطلاق المؤرخة في 1 / 3 / 1389هـ، هذه العبارة: (أقر وأعترف بأني طلقت زوجتي (ج.م).
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 235)
ج: وبعد دراسة اللجنة للسؤال ووثيقة الطلاق أجابت بما يلي: إذا كان الأمر كما ذكرت في سؤالك، وما جاء في الوثيقة من عبارة الطلاق، فما حصل منك يعتبر طلقة واحدة، فإذا لم يكن طلاقك هذا آخر ثلاث طلقات جاز لك الرجوع إلى زوجتك بعقد ومهر جديدين برضاها، إن كانت خرجت من العدة دون أن تراجعها فيها، وإن كان أخر ثلاث طلقات فلا تحل لك حتى تنكح زوجا آخر نكاحا صحيحا ويدخل بها ثم يطلقها وتنتهي من عدتها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
الفتوى رقم ( 314 )
س: طلقت زوجتي (م.س.ص) وهي حامل طلقة واحدة، ثم ولدت بنتا، وكل منا يرغب في العودة إلى الآخر، فأفتوني في ذلك.
ج: إذا كان الأمر كما ذكرت من طلاقك لزوجتك وهي حامل، ثم وضعها الحمل، فيجوز لك أن ترجع إليها بعقد ومهر
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 236)(18/206)
جديدين برضاها لخروجها من العدة بوضعها الحمل، وذلك إن لم يكن طلاقك هذا آخر ثلاث طلقات، أما إن كان آخر ثلاث طلقات فلا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا، ويدخل بها ثم يطلقها وتنتهي عدتها، فلك أن تتزوجها بعد ذلك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
الفتوى رقم ( 382 )
س: طلق إحدى زوجاته طلاق السنة، حيث إنه وكل أحد الناس ليطلقها طلاق السنة، فطلق ويذكر أنه راجع مطلقته ويسأل هل يصح رجوعه؟
ج: إذا كان الأمر كما ذكره المستفتي، بأنه وكل أحد الناس أن يطلق إحدى زوجاته -وعينها- طلاق السنة، وأنه طلقها بموجب التوكيل، فإذا لم يكن هذا الطلاق آخر ثلاث، ولم يكن على عوض، فيعتبر طلاقا رجعيا، للمطلق مراجعة مطلقته ما دامت في العدة، وإن كان آخر ثلاث فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، أما إن كان على عوض، ولم يكن آخر ثلاث فتحل له بعقد ومهر
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 237)
جديدين برضاها بعد استكمال شروط النكاح وأركانه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي(18/207)
الفتوى رقم ( 617 )
س: كان بينه وبن زوجته سوء تفاهم، غضب من أجله غضبا شديدا فقال لها: أنت طالق، وكرر القول مرات بـ: (ثم) إلا أن الأولى والثانية أكيدة، ولا يعلم هل قالها ثالثة أو أكثر أم لا؟ ويذكر أنه راجعها في الحال. ويسأل عن صحة رجوعه.
ج: إذا كان الأمر كما ذكره من أنه طلقها مرتين بقوله لها: أنت طالق ثم طالق قطعا، وأما ما زاد عن المرة الثانية فإنه لا يدري هل صدر منه طلاق أم لا، فإذا لم يسبق أن طلقها قبل ذلك، ولم يكن تطليقه إياها على عوض- فيكون طلاقه رجعيا، له مراجعة مطلقته ما دامت في العدة؛ لأن ما زاد عن الطلقتين مشكوك فيه، والأصل عدمه، وتبقى معه بعد المراجعة بطلقة واحدة، فإذا ثبت رجعته إياها وهي لا تزال في العدة بشهادة عدلين فرجوعه صحيح.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 238)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
الفتوى رقم ( 491 )
س: حصل بيني وبين زوجتي مشاجرة، ومع الحمق طلقتها طلقة واحدة من غير أن أشعر، وذلك يوم الجمعة 13 / 6 / 1393هـ وراجعتها بحضور شاهدين في نفس اليوم.
أرجو إفتائي.
ج: إذا كان طلاقك إياها كما ذكرت طلقة واحدة، ولم يكن في مقابل عوض من طرفها، ولم يكن آخر ثلاث طلقات، وقد راجعتها كما ذكرت بشهادة شاهدين، فرجعتك إياها(18/208)
صحيحة، وتبقى معك بطلقتين، أما دعواك عدم الشعور فلا أثر له حتى يثبت. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 239)
الفتوى رقم ( 539 )
س: إنني سبق وأن طلقت زوجتي، وحيث إنني أخذتها من الرياض إلى أبيها بضواحي المدينة وبعد مدة قلت لشقيقها يبلغ والده بأن يزوجها لأنها ليست بذمتي، بعد هذا أخذت أبنائي منها وكان هذا الكلام في أول شهر ستة 93 في 6 / 1393، وحيث إنني أرغب الرجوع لزوجتي وأجهل الطريقة الصحيحة آمل إرشادي للطريق الصحيح. ملحوظة: إنني قصدت بكلمة سبق أن طلقتها هو أنني قلت لشقيقها يقول لوالده يزوجها، ولم يسبق أن لفظت كلمة طلاق لا قبل هذا ولا بعده، وقد راجعت بالعدة في شهادة شاهدين (ع. د) و (ف.و) وكان تاريخ الرجعة في 20 / 7 / 1393هـ.
ج: حيث ذكر السائل أنه سبق أن طلق زوجته وفسر ذلك بأنه هو ما أوصى بها أخاها بأن يقول لأبيها يزوجها؛ لأنها ليست بذمته، وأنه لم يسبق أن لفظ بكلمة الطلاق لا قبل هذا ولا بعده، وأنه راجعها بالعدة بشهادة (ع.د) و (ف.و) والطلاق وقع في أول شهر ستة 93، والرجعة في 20 / 7 / 1393هـ، فبناء على ذلك: الواقع منه طلقة واحدة، وهي من كنايات الطلاق الخفية، مقرونة بقصد الطلاق، وإذا كانت الرجعة وهي في العدة فهي صحيحة،
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 240)(18/209)
والزوجة لا تزال في عصمته، ولا تحتاج إلى عقد ولا إلى رضاها ولا إلى مهر جديد، وإن كانت رجعته بعد خروجها من العدة فلا بد من عقد جديد برضاها ومهر جديد. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
الفتوى رقم ( 700 )
س: سبق أن طلق زوجته طلاقا رجعيا، ثم راجع زوجته منه بفتوى من الإفتاء، ثم طلقها بعد ذلك بقوله لها: أنت طالق طالق طالق، وإنه يقصد بالثانية والثالثة توكيد الأولى، وإنه لم يقصد عددا، ويسأل هل له رجوع عليها والحال ما ذكر؟
ج: جرى الاطلاع على الفتوى التي أشار إليها السائل في استفتائه فوجدت صادرة من الإفتاء في تاريخ 1384هـ، وأنها تنص على أن طلاقه اعتبر طلقة واحدة، وحيث إن المستفتي ذكر أنه طلق زوجته بعد ذلك بقوله لها: (أنت طالق طالق طالق)، وإنه يقصد بالتكرار التوكيد فقط، لا أنه يقصد العدد، فيعتبر طلاقه هذا طلقة واحدة، فإذا لم يكن طلاقه هذا آخر ثلاث صدرت منه فإن
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 241)
له حق مراجعة زوجته إن كانت في العدة، أما إن خرجت من العدة قبل مراجعته فيجوز له الزواج بها بعقد ومهر جديدين برضاها، وتبقى معه بطلقة واحدة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس(18/210)
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
الفتوى رقم ( 711 )
س: إنه كان بينه وبين زوجته سوء تفاهم إثر ذهابها إلى بيت أبيها دون إذنه، فلعنها ولعن والدها فقال له بعض الحاضرين: تعوذ من الشيطان، فقال: (هي حرام علي)، ثم إنه كتب لوالدها خطابا يقول له فيه: أفيدكم أني قد طلقت الحرمة يكون لديكم معلوما. ويسأل: هل له حق الرجوع عليها وماذا يترتب عليها وماذا يترتب عليه لقاء ما صدر منه؟
ج: إذا كان الأمر كما جاء في السؤال، فإن مسألة لعنه لزوجته ووالدها يعتبر معصية يجب عليه التوبة فيها والاستغفار وعدم العودة لمثل ذلك، وإما بالنسبة لقوله: (قد طلقت الحرمة) فإذا لم يكن هذا الطلاق آخر ثلاث تطليقات ولم يكن على
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 242)
عوض، فإنه يعتبر طلاقا رجعيا، له مراجعة مطلقته ما دامت في العدة، فإن خرجت من العدة قبل مراجعتها أو كان طلاقه إياها على عوض، ولم يكن ثالث طلاق صدر منه عليها، فله الرجوع عليها بعقد ومهر جديدين برضاها، مع استكمال أركان النكاح وشروطه، وأما إن كان الطلاق آخر ثلاث تطليقات فلا تحل له مطلقته حتى تنكح زوجا غيره، نكاح رغبة لا نكاح تحليل، وإذا راجعها أو رجع عليها بعقد جديد فلا يجوز له أن يمسها حتى يكفر عن قوله: (هي علي حرام) كفارة ظهار: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، وذلك لقوله تعالى: سورة المجادلة الآية 3 وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ سورة المجادلة الآية 4 فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ(18/211)
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 243)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
الفتوى رقم ( 768 )
س: إن زوجها طلقها طلقتين، ورجع عليها بعقد ومهر جديدين، ثم طلقها الثالثة مقابل تنازلها عن بقية مهرها وشيء آخر، وترغب العودة إلى زوجها فما الحكم؟ علما بأن ما حصل منه من الطلقتين ثم الطلقة الثالثة ثابت في صك محكمة الحقو المرفق بالسؤال.
ج: حيث ثبت أن زوج (ع.ح) طلقها ثلاثا على ما ذكر في سؤالها وفي الصك المرفق، فلا تحل لمطلقها إلا بعد أن تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا، فإذا فارقها الثاني بموت أو طلاق حلت لزوجها الأول بعقد ومهر جديدين برضاها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 244)
الفتوى رقم ( 757 )
س: طلق زوجته بقوله لها: (أنت طالق طالق طالق)، وذكر أنه ينوي بالطلقة الثانية والثالثة تأكيد الأولى، وذلك في 26 / 4 / 1394هـ، وفي 4 / 5 / 1394 هـ راجعها بشهادة شاهدين، ويسأل عن صحة رجوعه؟(18/212)
ج: إذا كان الأمر كما ذكره من أنه طلق زوجته بقوله لها: (أنت طالق طالق طالق) وأنه ينوي بتكراره التوكيد، فإذا لم تكن هذه الطلقة آخر ثلاث، ولم يكن على عوض، فطلاقه رجعي، له مراجعة مطلقته منه ما دامت في العدة، وإن كانت على عوض أو خرجت من العدة دون مراجعة، ولم تكن ثالث طلاق صدر منه- فله الرجوع عليها بعقد ومهر جديدين برضاها، مع استكمال شروط النكاح وأركانه، وأما إذا كانت آخر ثلاث تطليقات فلا يجوز له الرجوع عليها حتى تنكح زوجا غيره، نكاح رغبة لا نكاح تحليل. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 245)
الفتوى رقم ( 789 )
س: قال لزوجته: (إذا خرجت بدون إذن فهو طلاقك) وذكر أنه لم يعلم أنها خرجت بعد ذلك بدون إذنه، وأنه في يوم الجمعة قالت له زوجته: سبق وأن قلت إذا خرجت بدون إذنك معاد أنا بذمتك، فقال لها: تبين طلاقك؟ قالت: نعم، فقال: تراك مطلقة. ويسأل: هل له رجوع عليها والحال ما ذكر؟
ج: إذا كان الأمر كما ذكره من أنه لم يعلم أنها خرجت بعد قوله لها: إذا خرجت بدون إذني فهو طلاقك، وأنها لم تخبره بأنها خرجت بعد ذلك بدون إذنه، فلا يعتبر حانثا في يمينه، حيث إنه قال لها: حينما طلبت منه طلاقها تراك مطلقة، فإذا لم يكن طلاقه هذا على عوض، ولم يكن آخر ثلاث تطليقات - فيعتبر طلاقا رجعيا، له مراجعة مطلقته ما دامت في العدة، أما إن كان على عوض، أو كان طلاقا رجعيا، إلا أن مطلقته خرجت من العدة قبل(18/213)
مراجعته، فيجوز له الرجوع عليها بعقد ومهر جديدين، برضاها مع استكمال أركان النكاح وشروطه، أما إن كان طلاقه هذا آخر ثلاث تطليقات حيث سبقه طلقتان- فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، نكاح رغبة لا نكاح تحليل.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 246)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
الفتوى رقم ( 912 )
س: إنه طلق زوجته في شهر شعبان بقوله لها: (تراك طالق وفي رقبة الشيطان عالق حارمة علي وحالة لغيري) وبعد خمسة عشر يوما من طلاقي راجعتها، وذكر أنه لم يسبق أن طلقها قبل ذلك، ولم يكن طلاقه على عوض، ويسأل عن صحة رجوعه؟
ج: إذا كان الأمر كما ذكره المستفتي من أنه طلق زوجته بقوله لها: (تراك طالق حارمة علي وحالة لغيري) فهذا يعتبر طلقة واحدة، وحيث ذكر أنه لم يسبق أن طلقها قبل ذلك، ولم يكن طلاقه على عوض- فإذا كان الأمر كما ذكره، فطلاقه رجعي، له مراجعة مطلقته ما دامت في العدة، فإن ثبتت مراجعته وكانت قبل خروجها من العدة فرجوعه صحيح، وتبقى معه بطلقتين. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 247)(18/214)
الفتوى رقم ( 926 )
س: كنت متزوجا بامرأة تدعى (س.م.أ) وسافرت إلى الخارج وتزوجت من ابنة عمة زوجتي المتوفاة، ولما عدت إلى دار زوجتي المذكورة أخبرتها وحصل بيننا اتفاق، وفي يوم ما دخلت منزلي فوجدت معها أمها وأخاها، وحصلت بيني وبينها مشادة كلامية، فقلت لها: اطلعي من الدار، فامتنعت، فقلت لها: (أنت طالق)، وخرجت أنا، وبعد ثلاث ساعات تقريبا عدت إلى الدار فوجدتها فيها، فقلت لها: (أنا قلت لك: إنك مطلقة) وقصدي طلقة واحدة، لماذا لم تخرجي، فلم تخرج، فذهبت إلى الإمارة والشرطة فحضر معي ضابط وعمدة المحلة وصاحب العمارة، فقلت لهم: إنني طلقتها ولم تخرج وأريد إخراجها خشية أن يحدث بيننا شيء لا تحمد عقباه، وقد مضى على ذلك ما يقارب ثلاث سنوات، والآن كل منا يرغب العودة إلى الآخر من أجل الأولاد، فأفتونا.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر السائل أولا من أنه طلق زوجته طلقة واحدة، وأنه لما وجدها لم تخرج من بيته قال لها ثانيا: (أنا قلت لك: إنك مطلقة)، ثم قال لها ثالثا عندما حضر الضابط لإخراجها: (إني طلقتها)- فما حصل منه يعتبر طلقة واحدة؛ لأن
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 248)
تكرار الطلاق على الوجه المذكور يعتبر إخبارا عن الطلاق الأول، فإذا لم تكن هذه الطلقة آخر ثلاث تطليقات فله أن يعود إليها بعقد ومهر جديدين برضاها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 1685 )(18/215)
س2: كتب (ع.ب) ورقة إلى زوجته بما يلي:
نعم أنا (ع.ف.ب) قد طلقت زوجتي (ع.م.ب) طلاق السنة، ثم سلم الورقة للزوجة، ويريد مراجعتها، فهل المراجعة إجبارية على المرأة دون رضاها، أو تتوقف على رضاها، وهل هناك شروط للمراجعة؟ أفتونا.
ج2: إن كان الواقع كما ذكر من طلاق المذكور زوجته طلاق السنة، فله مراجعتها ما دامت في العدة بشهادة عدلين، سواء رضيت أم لم ترض، إن لم يكن هذا الطلاق آخر ثلاث تطليقات، أو على عوض، وإن كانت خرجت من عدتها أو كان على عوض ولم يكن آخر ثلاث تطليقات- فله الرجوع إليها بعقد ومهر
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 249)
جديدين برضاها، وفي الحالتين يعتبر ما حصل منه طلقة واحدة، وإن كان هذا الطلاق آخر ثلاث تطليقات فلا تحل له إلا بعد أن يتزوجها زوجا آخر، زواجا شرعيا ويطأها، فإذا طلقها الثاني أو مات عنها حلت لمطلقها بعد انتهاء عدتها بعقد ومهر جديدين برضاها، وعدة الحامل وضع حملها، سواء كانت مطلقة أم متوفى عنها زوجها، وعدة غير الحامل المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر، أما إن كانت مطلقة فعدتها ثلاث حيض إن كانت ممن يحضن، وثلاثة أشهر إن كانت يائسة من الحيض أو صغيرة لم تحض. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 1992 )(18/216)
س: وحدة من زوجاتي أردت أطلقها وشددتها لأبيها وهي حامل، ولكن لم أطلقها بطريقة التلفظ، ولم يسبق هذا طلاق، وقد وكلت أحد إخواني يكتب ورقة الطلاق، ولكن لم يكتب ورقة الطلاق، وبعد ذلك راجعت زوجتي قبل أن تلد، أي: تضع حملها
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 250)
بشهادة والدها وشهادة (م.س) وكان استرجاعي قبل إكمال العدة وقبل وضع حملها
ج: إذا لم يصدر منك طلاق لزوجتك، وإنما أمرت أخاك أن يكتب طلاقها بناء على أنه وكيل عنك في إيقاع الطلاق عليها، ولم يطلقها، فإن الزوجة لا تزال في عصمتك؛ لأنها لم يقع عليها طلاق منك ولا من الوكيل، وإن كنت طلقتها وأمرته أن يكتب ما تلفظت به من الطلاق، ولكن لم يكتبه فإن الطلاق يكون واقعا، فإذا كان رجعيا وقد راجعتها وهي حامل بشهادة والدها وشهادة (م.س)- فالرجعة صحيحة، والزوجة زوجتك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 2091 )
س: إذا طلق رجل امرأته طلاقا بائنا بينونة كبرى، فإذا وضعت حملها منه وأوفت عدتها، وجاءها شخص آخر وخطبها، وعقد عليها ولم يدخل بها دخولا حقيقيا، وبعد مدة طلقها، وبعد أن أوفت عدتها منه وأراد الزوج الأول أن يعقد عليها عقدا
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 251)
جديدا، فهل يحق له ذلك؟(18/217)
ج: إذا طلق الرجل زوجته وبانت منه بينونة كبرى، فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، نكاحا شرعيا يحصل به وطء؛ لقوله تعالى: سورة البقرة الآية 230 فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ الآية، ولما ثبت في (الصحيحين) عن عائشة رضى الله عنها قالت: صحيح البخاري اللباس (5456),صحيح مسلم النكاح (1433),سنن الترمذي النكاح (1118),سنن النسائي الطلاق (3409),سنن ابن ماجه النكاح (1932),مسند أحمد بن حنبل (6/226),سنن الدارمي الطلاق (2267). جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب، فقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك وذوق العسيلة كناية عن الجماع. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 2406 )
س: حصل بيني وبين زوجتي (ع.ش.م) زعل، فقلت لها:
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 252)
(الله يعوضك بأبرك مني) عن طريق الزعل، وراجعتها وهي حامل، وبعد مدة تراجعت وأخذت فتوى مرفقة بهذا الاستدعاء من القاضي الشيخ: صالح بن عبد الله بن فريج ولم يقبلها(18/218)
والد زوجتي، وهذه الكلمة أول وآخر كلمة لم يسبق لها مني مثيل، فأرجو إفتائي ليطمئن والدها.
ج: إذا كان الواقع كما ذكر من طلاق زوجتك وهي حامل، ورجعتك إياها قبل ولادتها، اعتبر ما حصل منك طلقة واحدة، وصحت رجعتك وبقيت زوجة لك كما هو مذكور في الفتوى التي قدمتها مع استفتائك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 8350 )
س1: ما حكم من طلق امرأته طلقة واحدة، هل إذا راجعها هو يجامعها على الفور أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.
ج1: إذا راجع المطلق طلاقا رجعيا زوجته في العدة فهي زوجته، وتكون العشرة بالمعروف كما كانت قبل الطلاق.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 253)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز(18/219)
الفتوى رقم ( 8226 )
س: بطوعي واختياري فقد طلقت زوجتي والمدعوة (ح.س.خ.د) طلاق السنة المحمدية، وأتمنى لها التوفيق والله الموفق، علما بأني راجعتها بشهادة (س.ص) والشاهد الآخر (ع. ع.ع) بتاريخ 5 / 2 / 1405هـ.
أنا (ن.ع.م) بطوعي واختياري فقد طلقت بقول: طالق المدعوة (ع.ع.ح) طلاق السنة، هذا وأتمنى لها التوفيق والله الموفق.
لقد استرجعتها بشهادة أخيها (ع.ع.ح) وذلك بتاريخ 29 / 1 / 1405 هـ، وشهد أيضا (س.ص) المقر بما فيه الزوج.
أفيدكم أنه وقع مني طلاق على زوجتي الاثنتين بطلقة واحدة، وذلك بموجب الأوراق المرفقة، واسترجعتهما وأشهدت على ذلك، وأرجو الإفتاء لإقناع أهلهما بذلك، أتمنى من الله ثم منكم فتوى رسمية جزاكم الله خيرا.
ج: إذا كان الواقع كما ذكر من طلاقك زوجتيك (ح.س)
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 254)
و (ع.ع.ح) طلقة واحدة، ولم يكن ذلك آخر ثلاث تطليقات، ثم راجعت كلا منهما في العدة، فرجعتك كلا منهما صحيحة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 11639 )(18/220)
س: رجل عقد قرانه على فتاة ولم يدخل عليها، وبعد مضي مدة من الزمن اتصلت عليه الفتاة وأخبرته بأنها لا تستطيع أن تسعده، ولا تود معاشرته، فأخذ يقنعها ويرشدها إلا أنها أصرت على أن يطلقها، فقال لها الزوج:عليك أن تخبري والدك وإخوانك ثم بعد ذلك حضر إخوان الزوجة إلى الزوج فقالوا له: ما رأيك؟ فقال لهم: ليس لي رأي، ثم قالوا: إنك تعلم أنها أختنا من أبينا، وليس لنا عليها أي جبرية، فقال الزوج:أولا نحن جيران ومعارف، ونعرف ذلك، فقام أحد الإخوة فقال: الأحسن أن تطلقها، فأجاب الزوج:سوف أطلقها طلقة واحدة؛ لعلها تفكر ثم أراجعها، فقام الزوج فطلقها على النحو التالي: (أقرر أنا فلان بأني طلقت فلانة قبل الدخول بها طلقة واحدة، وذلك بناء على طلبها).
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 255)
المطلوب: 1- هل له أن يراجعها قبل الانتهاء من العدة؟ 2- هل الصداق يرجع للزوج؟ علما بأن الزوج لم يناقشهم على الصداق؛ لأنهم جيران وشاعر بنفسه أن الموضوع ليس ماديا؛ لأنه يأمل بأن الزوجة سوف تتأثر وتندم ويراجعها ثانية، حيث إنهم جيران ومعارف، وأن الموضوع في اللحظة المذكورة ليس ماديا أكثر مما هو مؤثر نفسيا. أطلب من سماحتكم إفادتي أعانكم الله.
ج: الزوجة المطلقة قبل الدخول بها لا عدة لها؛ لقوله تعالى: سورة الأحزاب الآية 49 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا وعلى ذلك فليس له عليها رجعة، وإن أراد نكاحها ورضيت بذلك حلت له بعقد جديد وصداق. وأما الصداق فيرجع فيه إلى المحكمة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس(18/221)
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 256)
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 14768 )
س1: أنا امرأة طلقني زوجي أثناء الحمل، وبعدها بحوالي ساعة قال إنه سيردني مرة أخرى، وبعد ذلك بيومين حدث بيننا جماع، وكان لفظ الطلاق: (أنت طالق) ولم يكن هناك شهود على الطلاق والرجعة، ولكن بعد ذلك علمنا أنه يجب أن يكون هناك شهود، فأخبرت والدي ووالدتي بأمر الطلاق والرجوع وهذا بعد مرور سنة تقريبا على الطلاق والمراجعة.
هل يكون الطلاق وقع بالفعل ويكون صحيحا بلفظ: (أنت طالق) وهل المراجعة صحيحة؟ وهل يجب علينا إخبار أحد من الناس غير والدي ووالدتي؟
ج1: طلاق زوجك لك بلفظ: (أنت طالق) من الطلاق الصريح، ويحسب طلقة، ورجعته لك صحيحة إذا لم تكن هذه هي الطلقة الثالثة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 257)
الفتوى رقم ( 21012 )
س: رجل متزوج ثم طلق زوجته، وعليه أحضر رجلين شاهدين على إرجاعها ثم أرجعها، وبعد مرور فترة طويلة من الزمن جاء في خاطر الرجل المطلق: هل أرجع زوجته في أيام عدتها أم لا؟ وهل كانت هي حاملا عند الطلقة والرجعة أم لا؟ علما(18/222)
بأن غالب ظنه أنه أرجعها في أقل من ثلاثة شهور. وبعد سؤاله المتكرر لزوجته عن حالها قالت عند حدوث الطلقة: أنا كنت حاملا، وعند الرجعة كنت حاملا، وعلى هذا هل يعتبر كلامها معتبرا شرعا، وما يلزمني في هذا الشك المفاجئ بعد طول هذه الفترة؟
ج: إذا كان الأمر كما ذكر من وقوع الطلاق وهي حامل، وحصول الرجعة من زوجها لها وهي حامل بالحمل المذكور، وكان الطلاق رجعيا، فرجوعه صحيح، والزوجة زوجته، وإن حصل خلاف فيرجع إلى المحكمة الشرعية في البلد التي فيها الرجل والمرأة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 258)
الإيلاء
الفتوى رقم ( 3510 )
س: إني متزوج ولي ثلاث بنات، وقد صار بيني وبين زوجتي خصام، مما جعلني أحرم أن لا أجامعها إلا بعد سنة من تاريخ الحرام، أي: بما معناه: (علي الحرام أني ما أجامعها إلا بعد سنة) أي: مثل الليلة التي صار فيها الخلاف، ونحن نتعالج لكي يكرمنا الله بمولود؛ لأنه من أكثر من ست سنوات لم نرزق مولودا، وهذا يرجع إلى ضعف جنسي، أرجو من فضيلتكم إفتائي إذا كان يحق لي شرعا الرجوع إلى أهلي قبل هذه المدة من عدمه، أثابكم الله ورعاكم.(18/223)
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت من قولك لزوجتك: علي الحرام ألا أجامعك إلا بعد سنة من تاريخ الزعل والتحريم- فقد ارتكبت إثما بتحريمك ما أحل الله لك، وعليك أن تتوب إلى الله وتستغفره مما صنعت، ولا يحرم عليك جماع زوجتك بهذا الحلف، بل لك أن تجامعها أثناء هذه السنة، وإذا جامعتها قبل انتهاء السنة فعليك كفارة يمين عما حصل منك من التحريم؛ لقوله تعالى:
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 259)
سورة المائدة الآية 87 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ سورة المائدة الآية 88 وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ سورة المائدة الآية 89 لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ الآية، وقوله تعالى: سورة التحريم الآية 1 يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ سورة التحريم الآية 2 قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ وكفارة اليمين: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، والأولى أن تكون متتابعات. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال السادس من الفتوى رقم ( 9404 )(18/224)
س6: إني آليت من امرأتي بأن قلت لها: والله لا جامعتك أكثر من أربعة أشهر، ثم جامعتها قبل أربعة أشهر، ماذا أفعل؟
ج6: إذا كان الواقع كما ذكر وجب عليك كفارة يمين
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 260)
وهي: إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعم أهلك أو كسوتهم أو عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تستطع فصم ثلاثة أيام. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم ( 10298 )
س3: هل يجوز لإنسان أن يحلف على زوجته بعدم ممارسة العملية الجنسية مهما كلف الظروف؟ بذلك حلف على هذا وعاد مع زوجته، الآن هل هذا يجوز أم لا؟
ج3: لا يجوز للمسلم أن يحلف على ترك وطء زوجته، فإن فعل ذلك ضربت له مدة أربعة أشهر، فإن رجع عن إيلائه ووطئها فقد فاء، وإن أبى الفيئة فرق بينهما الحاكم الشرعي؛ لقوله تعالى: سورة البقرة الآية 226 لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ سورة البقرة الآية 227 وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 261)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز(18/225)
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 20443 )
س2: ماذا يترتب على شخص هجر زوجته أكثر من ثلاثة أشهر، فهل هذا يدخل في حكم الإيلاء؟ علما أن هذا الهجران كان تأديبا لزوجته على إصرارها على القيام ببعض التصرفات التي تحدث عادة بين الأزواج، وليس فيها ما ينافي الشرع، وما هو الإيلاء وكيف يتم؟
ج2: من هجر زوجته أكثر من ثلاثة أشهر فإن كان ذلك لنشوزها، أي: لمعصيتها لزوجها فيما يجب عليها له من حقوقه الزوجية، وأصرت على ذلك بعد وعظه لها وتخويفها من الله تعالى، وتذكيرها بما يجب عليها من حقوق لزوجها- فإنه يهجرها في المضجع ما شاء؛ تأديبا لها حتى تؤدي حقوق زوجها عن رضا منها، وقد هجر النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه فلم يدخل عليهن شهرا، أما في الكلام فإنه لا يحل له أن يهجرها أكثر من ثلاثة أيام؛ لما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال:
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 262)
رواه من حديث أنس -رضي الله عنه-: مالك 2 / 907، وأحمد 3 / 110، 165، 199، 209، 225، والبخاري في (الصحيح) 7 / 88، 91، وفي (الأدب المفرد) (ص / 176)، برقم (398)، ط: الإمارات، ومسلم 4 / 1983 برقم (2559)، وأبو داود 5 / 213 - 214 برقم (4910)، والترمذي 4 / 329 برقم (1935)، وعبد الرزاق 11 / 167 - 168 برقم (20222)، وأبو يعلى 6 / 251 - 252، 252، 294 - 295 برقم (3549 - 3551، 3612)، والطحاوي في (المشكل) 1 / 398 برقم (454، 455)، والطبراني في (الأوسط) 8 / 33 برقم (7874)، ط: دار الحرمين بالقاهرة، والبيهقي 7 / 303، 1 / 232، والبغوي 13 / 100 - 101 برقم (3522). ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام أخرجه الإمام البخاري ومسلم في (صحيحيهما)، وأحمد في (مسنده). أما إن هجر الزوج زوجته في الفراش أكثر من أربعة أشهر إضرارا بها من غير تقصير منها في حقوق زوجها- فإنه كمول وإن لم يحلف بذلك، تضرب له مدة الإيلاء، فإذا(18/226)
مضت أربعة أشهر ولم يرجع إلى زوجته ويطأها في القبل مع القدرة على الجماع إن لم تكن في حيض أو نفاس- فإنه يؤمر بالطلاق، فإن أبى الرجوع لزوجته وأبى الطلاق طلق عليه القاضي أو فسخها منه إذا طلبت الزوجة ذلك.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 263)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر بن عبد الله أبو زيد ... صالح بن فوزان الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الظهار
الفتوى رقم ( 628 )
س: كان بينه وبين خاله سوء تفاهم، فحرم من أهله أنه لا يصالحه إلا بخسارة من ماله ويقصد بالخسارة ذبيحة يذبحها ويعزمه وجماعته عليها، ويسأل هل يترتب عليه شيء في حال مصالحة خاله دون أن يكون من خاله ما استثناه؟
ج: إذا كان الأمر كما ذكره المستفتي من أنه حرم من أهله أنه لا يصالح خاله إلا بخسارة من ماله، فإذا حنث في يمينه بحيث صالح خاله دون أن يكرمه بالذبيحة التي أرادها منه- فيترتب عليه كفارة ظهار، وهي: عتق رقبة، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، وذلك قبل أن يمس زوجته؛ لقوله تعالى: سورة المجادلة الآية 3 وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ سورة المجادلة الآية 4 فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا(18/227)
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 264)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
الفتوى رقم ( 133 )
س: أفيدكم بأن شخصا عمره عشرون سنة، تزوج فتاة عمرها اثنتا عشرة سنة، يوم حصل بينهما نزاع قال لها: يجامع أمه ولا يجامعها بدون قصد. نرجو إفادتنا عن ذلك.
ج: إن قول الزوج لزوجته حينما حصل بينهما النزاع إنه يجامع أمه ولا يجامعها بدون قصد- يعتبر ظهارا، وهو منكر من القول وزور، يحرم على المسلم أن يتكلم به، لقول الله تعالى: سورة المجادلة الآية 2 الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ وإذا أراد أن يعود إلى امرأته وجب عليه أن يكفر
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 265)
قبل أن يمسها بعتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا؛ لقول الله تعالى: سورة المجادلة الآية 3 وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ سورة المجادلة الآية 4 فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس(18/228)
عبد الله بن منيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ
الفتوى رقم ( 196 )
س: لي أولاد من زوجة أخرى قد ماتت، وتزوجت بهذه الزوجة، ودخلت بأولادي الذين من الزوجة الأولى على الزوجة الأخرى، فقامت وحرمتهم أنها ما تعولهم، فعند ذلك قلت لها: (وأنت علي حرام حتى تقومي بلازم أولادي) هذا لفظ التحريم.
ج: حيث ذكر السائل أنه قال لزوجته: (أنت علي حرام
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 266)
حتى تقومي بلازم أولادي) فإذا قامت بلازم الأولاد لم يقع تحريم، وإن لم تقم بلازم الأولاد فقوله لزوجته: (أنت علي حرام) هذا ظهار، تلزمه كفارة الظهار، وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، ولا يجوز له أن يقرب زوجته إلا بعد أن يكفر كفارة الظهار. وأما تحريم الزوجة بأنها ما تعول أولادك، فإنها ترجع عنه، وتقوم بشؤون أولاد زوجها، وتكفر كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، أو كسوتهم، أو عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تستطع ذلك كله فإنها تصوم ثلاثة أيام. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
الفتوى رقم ( 320 )(18/229)
س: سافر رجل من بلد إلى بلد آخر، وترك زوجته في بيته مع أبيه وأمه، وفي أيام سفره جاءه خبر بأن زوجته خرجت من بيته وعادت إلى بيت أهلها، فلما بلغه الخبر قال: لقد حرمت
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 267)
علي كما حرمت علي أمي، ثم تبين له بعد ذلك أن الخبر الذي بلغه صدق فما الحكم؟
ج: إذا كان الأمر كما ذكرت من قولك: (لقد حرمت علي كما حرمت علي أمي) بناء على ما بلغك من خروجها من بيتك، ثم بلغك صدق الخبر- فالذي حصل منك ظهار، وهو محرم، تجب عليك التوبة منه؛ لقول الله تعالى: سورة المجادلة الآية 2 الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وإذا أردت أن تعود لزوجتك فعليك أن تصوم شهرين متتابعين قبل أن تستمتع بزوجتك، وذلك حيث لا تجد رقبة تعتقها، فإن لم تستطع الصيام فعليك إطعام ستين مسكينا قبل الاستمتاع بزوجتك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 268)
الفتوى رقم ( 207 )
س: قال لزوجته: (والله إنها تحرم علي إني ما أسكنها في القوعة) والقوعة: الحلة الطالعية، وذكر أنه يقصد بتحريمه أنها عليه مثل أمه، ويسأل عما يترتب عليه إن دعت الحاجة إلى أن يسكنها في الحلة المذكورة؟(18/230)
ج: إذا كان الأمر كما ذكره من أنه حرم على نفسه زوجته إن سكنها في القوعة، فإذا حنث في يمينه بأن يسكنها في القوعة، فعليه كفارة ظهار: صيام شهرين متتابعين؛ لعدم وجود رقبة للعتق، وذلك قبل مساسها، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، قال الله تعالى: سورة المجادلة الآية 3 وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ سورة المجادلة الآية 4 فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا الآية. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 269)
الفتوى رقم ( 221 )
س: رجل قال لزوجته أم أولاده: (أنت طالق تحرمين علي كما تحرم مكة على اليهود ثم راجعها وأشهد شهودا على الرجعة، والرجعة حاصلة بعد الطلاق مباشرة، فهل تحل له؟
ج: أما قوله: أنت طالق، فإنه يقع به على زوجته طلقة واحدة، فإن لم تكن آخر ثلاث فرجعته صحيحة، ولا حاجة إلى رضا منها ولا إلى عقد جديد، وإن كانت هذه الطلقة آخر ثلاث فلا تحل هذه الزوجة لزوجها الذي طلقها حتى تنكح زوجا غيره، ويدخل بها ويطلقها وتخرج من العدة، ولا يكون ذلك حيلة، وأما قوله: (تحرمين علي كما تحرم مكة على اليهود ) فإن كان الطلاق الذي وقع منه آخر ثلاث فقد صارت بهذا الطلاق أجنبية منه، ولا يقع بقوله هذا شيء، وإن لم تكن هذه الطلقة آخر ثلاث فإن هذا اللفظ يكون ظهارا، وعليه كفارة الظهار، وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين(18/231)
متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، ولا يجوز له أن يقربها قبل أن يكفر كفارة الظهار.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 270)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
الفتوى رقم ( 375 )
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الأوراق الواردة من فضيلة قاضي خميس مشيط رفق خطابه رقم (3368) وتاريخ 23 / 12 / 1392 هـ، إلى صاحب الفضيلة رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، والمحال إليها من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (1911 / 2) في 23 / 12 / 1392 هـ.
وبدراسة اللجنة لهذه الأوراق وجدت أنها تتلخص فيما يأتي: 1- استفتاء (ح.م.ج.ش) ونصه: لي زوجة وهي أم عيالي الأولين، وبعده ما جابت بنتين طلقتها بإرغام من أهلها، وتزوجت من بعدي وجاءت على الزوج الثاني ببنت وطلقها، وبعد ذلك تزوجتها زواجا ثانيا وجاءت لي ببنتين، وبعد ذلك زوجت واحدة من البنات واحدا من جماعتي، وإنهما لم يتوافقا على الزواج،
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 271)
فصار في نفسي شك من أن فساد هذا الزواج من أمها -زوجتي- فقلت لزوجتي: (والله إنك علي مثل أمي إلا تصلح البنت مع زوجها) ومن بعد ذلك تبين لي ما حصل من خلاف بين بنتي(18/232)
وزوجها ليس عن طريق زوجتي، فأطلب -ما دام الأمر كذلك- إفتائي في أمري، علما أني اتصلت بقاضي بلدنا خميس مشيط أستفتيه فقال: عليك صيام شهرين، وحيث إني لا أستطيع صيامهما للمرض الذي عندي، وعلى جسمي بوادره لم أصم، فجاء إلي أهل زوجتي وأخذوها من عندي وقالوا: إما تصوم شهرين أو تعطينا ورقة بنتنا، فقلت للمطوع: علي بن سعيد بن سالمه اكتب لهم طلاق السنة، يروحون عني هالحين حتى أستفتي في موضوعي، فلما ذهبت إلى القاضي ثاني مرة وعلم بمرضي وعلاجي قال: عليك إطعام ستين مسكينا وترجع عليك زوجتك بعقد جديد. 2- خطاب من صاحب الفضيلة رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إلى فضيلة قاضي خميس مشيط رقم (3186) وتاريخ 6 / 8 / 1392 هـ، للتأكد من صحة ما ذكره السائل. 3- خطاب من فضيلة قاضي خميس مشيط برقم (3368) وتاريخ 26 / 11 / 1392 هـ، وبرفقه ضبط ما جرى
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 272)
لديه في هذا الشأن رقم الجلد (40) ص 119، وملخص هذا الضبط: أن (ح.م.) حضر لديه وصادق على الخطاب آنف الذكر، وأن الزوجة (ن) حضرت لديه وأقرت بالزوجية والطلاق، والزواج الثاني والذرية التي رزقتها منه، وإنها لم تسمع الطلاق الثاني بأذنها، إلا أنه قيل لها: إنه طلقها، ثم حضر أخواها وقررا أنه طلقها طلاقا زائدا عما أقر به السائل، وذلك عند بيت (س.غ) في رغوة، بقوله: (هي طالق) وإن الطلاق الأخير هذا نصه، بعد حصل مني زلل كلام على المكلف (ن.م) وسألت الشيخ وقال: صم شهرين، ولم أستطع ذلك، فلذا أكملنا طلاقها طلاق السنة. التوقيع مؤرخة في 2 / 6 / 1392 هـ، وإن حسن أنكر الطلاق الأول الذي ادعى به أخواها وأن لديهما بينة، ولكن منعوا من الحضور، وقرر أنهما ليس لديهما بينة، وإن القاضي أفتاه بكفارة الظهار؛ لأنه سأله عن الظهار(18/233)
فقط، ثم بعد مدة جاء وسأله عن الطلاق، فطلب منه أن يحضر الزوجة ووليها فذهب ولم يرجع إليه.
وبعد دراسة اللجنة لما ذكر فقد كتبت الجواب الآتي: حيث ذكر السائل أنه طلق زوجته (ن.م.ع) وأنها تزوجت وطلقت، وأنه تزوجها بعد ذلك، وأنه ظاهر منها ظنا منه أنها هي التي أفسدت ابنته على زوجها، وأنه تبين له بعد ذلك أن هذا
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 273)
الإفساد ليس من زوجته (ن)، وأنه استفتى فضيلة قاضي خميس مشيط عن الظهار، فأفتاه بأن عليه صيام شهرين متتابعين، وأنه مريض لا يستطيع الصيام، وأن أهل الزوجة أخذوها منه، وقالوا: إما أن تصوم أو تطلق، وأنه طلقها طلاق السنة بناء على أنه لا يستطيع الصيام، فإذا كان ذلك كذلك، فإن الظهار لم يقع منه؛ لأنه أوقعه على أمر فتبين أن الواقع مخالف لما رتب الظهار عليه، فليس عليه كفارة ظهار، وأما الطلاق الذي كتبه علي بن سعيد فإنه لا يقع، فقد جاء في الورقة قوله: وسألنا الشيخ وقال: صم شهرين ولم أستطع ذلك فلذا أكملنا طلاقها طلاق السنة، فهذا يدل على أنه رتب الطلاق على عجزه عن الصيام الذي وجب عليه كفارة عن الظهار الذي صدر منه، وأن القاضي أفتاه بذلك، وأن القاضي صادق على أنه أفتاه، فبناء على ذلك يكون هذا الطلاق مبنيا على أمر يظن وجوبه، فتبين أنه ليس بواجب فلا يقع. وأما ما يتعلق بالطلاق الذي ادعاه وليا المرأة وأنكره الزوج، وأن لديهما بينة ولكنها امتنعت عن الحضور- فهذا من اختصاص القاضي.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 274)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس(18/234)
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 557 )
س1: يقول بعض الناس لزوجته: أنا أخوك وأنت أختي. فما الحكم؟
ج1: إذا قال الزوج لزوجته: أنا أخوك أو أنت أختي، أو أنت أمي أو كأمي، أو أنت مني كأمي أو كأختي- فإن أراد بذلك أنها مثل ما ذكر في الكرامة أو الصلة والبر أو الاحترام أو لم يكن له نية ولم يكن هناك قرائن تدل على إرادة الظهار، فليس ما حصل منه ظهارا، ولا يلزمه شيء، وإن أراد بهذه الكلمات ونحوها الظهار، أو قامت قرينة تدل على الظهار مثل صدور هذه الكلمات عن غضب عليها أو تهديد لها فهي ظهار، وهو محرم، وتلزمه التوبة، وتجب عليه الكفارة قبل أن يمسها، وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 275)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن منيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 765 )
س2: حرمت زوجتي وقلت: (تحرم علي وتحل لي والدتي ما تحل لي هي) فهل حرمت علي فعلا؟ حيث كنت في حالة غضب.
ج2: ما حصل منك من تحريم زوجتك يعتبر ظهارا لا طلاقا، فإذا أردت العودة لزوجتك فأخرج كفارة الظهار قبل أن تستمتع بها. وقد بين الله كفارة الظهار بقوله: سورة المجادلة(18/235)
الآية 3 وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ سورة المجادلة الآية 4 فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 276)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
الفتوى رقم ( 818 )
س: توفي والده وخلف زوجتين: إحداهما تدعى (م.ع) وأن والده قال لها منذ اثنتي عشرة سنة: (أنت علي مثل أمي) وإنه منذ قال ذلك حتى توفي وهو معتزلها، ويسأل: هل لها حق إرثي منه؟
ج: إذا كان الأمر كما ذكره السائل، من أن والده قال لإحدى زوجتيه (م.ع): (أنت علي مثل أمي) فإذا لم يكن صدر عليها منه غير ذلك فيعتبر ظهارا، والظهار لا تبين به الزوجة، بل هي باقية في عصمة زوجها، إلا أنه لا يجوز له أن يمسها حتى يكفر كفارة الظهار، وحيث إنه توفي عنها وعن ضرتها فلها حقها الإرثي منه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 277)(18/236)
الفتوى رقم ( 1018 )
س: حصل بين أبي وأخي الأكبر زعل، وقد طلعت كلمة من أخي الأكبر هي قوله: (زوجتي حرمت علي مثل أمي) وذلك في حالة غضب، وأخي عقد على زوجته هذه ولم يدخل بها، ولم يتم الزفاف حتى الآن. أرجو إفتائي.
ج: إن كان ما ذكر من تحريم أخيك زوجته على نفسه صحيحا فإن كان ذلك بعد أن عقد على زوجته عقد النكاح كان آثما مرتكبا لذنب كبير، وعليه كفارة ظهار، ويخرجها قبل أن يمس زوجته، سواء كان تحريمه قبل الدخول أو بعده، وكفارة الظهار: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، ثلاثين صاعا من البر، لكل مسكين نصف صاع. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن منيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ
الفتوى رقم ( 1187 )
س: حصل بين زوجته وزوجة ولده مشاجرة، فغضب وقال لزوجته في ليلة 9 / 1 / 1396 هـ: تراك محرمة علي مدة عام كامل، فصاح أولاده وبكوا، فما الذي يلزمه؟
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 278)
ج: إذا كان الواقع كما ذكر، فما حصل من هذا الزوج يعتبر ظهارا، وإن كان تحريمه مؤقتا بعام وهو منكر من القول وزور، فعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه من ارتكابه لهذا المنكر، قال الله تعالى: سورة المجادلة الآية 2 الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ(18/237)
أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ثم إن لم يطأها حتى انتهى العام فلا كفارة عليه، وإن وطئها أثناء مدة العام فعليه كفارة ظهار، وهي: عتق رقبة مؤمنة إن وجدها، وإن لم يجدها صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا ثلاثين صاعا، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، تمر أو أرز أو نحو ذلك، قال الله تعالى: سورة المجادلة الآية 2 الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ سورة المجادلة الآية 3 وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ سورة المجادلة الآية 4 فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ الآية.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 279)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 1476 )
س: إن رجلا خطب امرأة ولم يعقد عليها، ولزعل بينه وبين والدها قال: (محرم علي مثل أمي وأختي) ثم إنه تراضى هو ووالدها وعقد له عليها بمهر معين، عن رضا واختيار، فهل يلزمه شيء من أجل التحريم الذي حصل منه قبل العقد، وإن كان كفارة فما نوعها؟(18/238)
ج: لا تأثير لهذا التحريم على عقد الزواج؛ لوقوعه قبله، ولا تلزمه كفارة ظهار، لحصوله قبل أن تكون هذه البنت المخطوبة زوجة لمن حرمها على نفسه، وإنما تلزم به كفارة يمين؛ لقوله تعالى:
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 280)
سورة المائدة الآية 87 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ سورة المائدة الآية 88 وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ سورة المائدة الآية 89 لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ الآية، وقوله تعالى: سورة التحريم الآية 1 يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ سورة التحريم الآية 2 قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ فعلى من حصل منه ذلك التحريم: أن يطعم عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله، يعطي كل مسكين من العشرة نصف صاع من بر أو تمر أو أرز أو نحو ذلك من قوت البلد، أو يكسو عشرة مساكين أو يعتق رقبة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام، والأفضل أن تكون متتابعات. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 281)
الفتوى رقم ( 16133 )(18/239)
س: خطبت حرمة ووافقت في أول الخطوبة، وبعد وقت قليل رفضت، وبعد ذلك وقفت مدة حوالي سنة، ورحت عندهم وحصلت الحرمة وأخوها موجود، وصار بيني وبينها خلاف بسيط وزعلت، وقلت لها وأخوها موجود: إنني لم أعد أخطبك بعد هذا الوقت، واعتبريني مثل أخيك هذا، أي: قلت لها: اعتبريني محرما عليك مثل أخيك، وهذا الكلام قلته في وقت شديد، ولم أشعر أني أخطأت إلا بعد خروج الكلام مني زعلا، وإنني أرغب الزواج من تلك البنت، علما أنها بكر، وحيث إني أريد أن أخطبها مرة ثانية، وأتزوجها إن وافقت، أرجو من سماحتكم إفادتي هل تكون محرمة علي بسبب تلك الكلمة المذكورة أعلاه، أم علي كفارة، أم ماذا علي إن تزوجتها؟ وإني متوقف حتى تصل الفتوى من سماحتكم.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر وجب عليك كفارة يمين إذا تزوجتها، ولا تحرم عليك بذلك؛ لأنها حين التحريم ليست زوجة لك، ومن حرم الحلال عليه كفارة يمين، والكفارة هي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصم ثلاثة أيام.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 282)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 1172 )
س: إنه وجد من زوجته تساهلا في أداء الصلاة، فغضب عليها وقال: (هي علي حرام اعتبارا من هذا اليوم) ويسأل: ماذا يترتب عليه لقاء ذلك؟(18/240)
ج: يعتبر السائل بقوله لامرأته: (أنت علي حرام..) مظاهرا منها، ويجب عليه عند العودة -لقوله- كفارة ظهار: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، لكل واحد منهم نصف صاع من قوت البلد، من تمر أو غيره، وذلك قبل أن يمسها؛ لقوله تعالى: سورة المجادلة الآية 2 الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ سورة المجادلة الآية 3 وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ سورة المجادلة الآية 4 فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 283)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن منيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 3554 )
س: صار بيني وبين زوجتي جدال، وقلت وأنا فاقد أعصابي وشعوري: (أنت تحرمين علي مثلما تحرم علي أمي، ولا جسدي يلمس جسدك ما دمت على قيد الحياة)
ج: إن كنت أردت بهذا الكلام الطلاق، فيقع به منك عليها طلقة واحدة، ولك مراجعتها ما دامت في العدة إذا لم يسبق هذا طلقتان، ولم تلحقه، وإن كنت ما أردت به طلاقا فعليك كفارة الظهار وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع(18/241)
فإطعام ستين مسكينا لكل مسكين نصف صاع من بر أو أرز أو نحو ذلك مما يطعم عادة ولا يقع به عليك طلاق.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 284)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 3762 )
س: إن لي بنت عم أحببت الزواج منها، وعندما جئت أطلبها من عمي رد علي قائلا: خلها حتى تنهي الدراسة، مما حصل إنني زعلت من هذا الكلام وتركت عمي وذهبت، وسمع أخي بهذا الخبر فقال لي: لماذا تفعل هذا وتترك بنت عمك، عليك الرجوع إلى عمك مرة أخرى لعله يعطيك إياها، فصدر مني: (أنها حرام علي مثل لحم والدي) وبعد مدة طويلة أسفت على ما فعلت، وأحببت الزواج من بنت عمي.
فيا سماحة الشيخ: هل ما صدر مني يبعدني عنها، مع العلم أنها لم يعقد لي عليها، ولم أعط أي كلمة بأنها لي، بل عند خطبتي لها رد والدها بأن البنت تدرس، فلا أعطيك أي كلمة حتى تنهي دراستها، فهل قولي السابق: (إنها حرام علي مثل لحم والدي) يبعدني منها أم لا؟
ج: إذا كان الواقع كما ذكر، فإنه يجوز لك أن تتزوجها، ويلزمك إذا تزوجتها أن تكفر كفارة اليمين؛ لأن ذلك بمثابة يمين،
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 285)
وليس بظهار، لصدوره منك عليها قبل العقد، وكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمه أهلك، تعطي كل واحد منهم نصف صاع من أرز أو نحوه، مما يطعم(18/242)
عادة، أو تكسوهم أو تعتق رقبة، فإن لم تستطع ذلك كله فإنك تصوم ثلاثة أيام. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 3472 )
س: لي جار وقد صار بيني وبينه بعض المنازعة، فقمت ومثلت وقلت: (علي مثل بناتي وأمي أني ما آكل لك زاد) ثم ندمت على ذلك يوم أن المذكور جاري وبيني وبينه صداقة، وأرغب إفتائي عن سؤالي، وماذا يجب علي في هذا التمثيل؟
ج: إن كان قصدك بقولك: (علي مثل بناتي وأمي) تحريم زوجتك إن أكلت زاده- فعليك كفارة ظهار إن أكلت من زاده، وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يتيسر ذلك فصم شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فأطعم ستين مسكينا، وتؤدي الكفارة قبل أن تمس زوجتك.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 286)
وإن كان قصدك تحريم زاده فعليك كفارة يمين تجب بعد الأكل من زاده، وهي: إطعام عشرة مساكين، ويجزئ في ذلك إعطاؤهم خمسة أصواع من بر أو تمر أو أرز أو نحو ذلك من قوت أهلك، أو تكسو عشرة مساكين أو تعتق رقبة مؤمنة، فإن لم تستطع فصم ثلاثة أيام، والأفضل أن تكون متتابعات. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس(18/243)
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 4622 )
س: كنت مقيما مع زميل لي وحصل خلاف، حيث اتهمني بكسر وعاء، وأنا بريء من ذلك ولكنه أصر، فما كان مني إلا أن قلت متسرعا: (تكون أختي كزوجتي أو العكس إن كنت كسرته أنا) وأنا أعلم أني لم أكسره، وما كان مني إلا أن تلفظت بهذا القول، وإني أخاف الله من المعصية، وإني مقيم بمفردي، وأهلي بعيدون عني، فهل يعتبر هذا ظهارا؟ الرجاء من فضيلتكم أن توضحوا لي الجواب الشافي، علما بأن زوجتي لا تقيم في مكان عملي، وإنما هي في بلدي الأصلي، وأنا مسلم أصلي وأصوم
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 287)
وأخاف الله، ولكن هذا الذي قد حصل، فالرجاء إنقاذي من العذاب يوم الحساب.
ج: إذا كان الأمر كما ذكرت فلا يقع بذلك ظهار على زوجتك؛ لأنك حلفت بالظهار وأنت صادق، وذلك في قولك: (أو العكس) أي: (زوجتي كأختي) ونوصيك بالحذر من ذلك مستقبلا؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- وصف الظهار بأنه منكر من القول وزور، أعاذنا الله وإياك من نزغات الشيطان. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 4538 ) س: لقد صار مني كلمة ظهار، وسألت عن ذلك وقال بعض العلماء الكرام: إنه يجب عليك صيام شهرين، مع العلم أني إنسان صاحب عمل ولا أستطيع(18/244)
الصيام، فهل يجوز الإطعام بدل الصيام، وهل يجوز إرسال بدل الطعام فلوسا إلى أفغانستان حيث إنهم مسلمون وفي حاجة إلى مثل هذا. أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 288)
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت، إنه وجب عليك كفارة ظهار، وأنك لا تستطيع تحرير رقبة مؤمنة ولا صيام شهرين متتابعين- فيجزئك أن تطعم ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع من أرز أو بر أو نحو ذلك، ولا يجوز دفع القيمة عن الإطعام، لورود الإطعام في النصوص وعدم ورود إخراج قيمته، وليس لك مس زوجتك حتى تخرج الكفارة المذكورة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
/2ظهار المرأة من زوجها /2
هل يقع من المرأة ظهار من زوجها؟
الفتوى رقم ( 1152 )
س: لي والدة وإنها كانت مريضة في المستشفى للنفاس، وذلك قبل أن يمسها سلاب، وليلة من رمضان خرجت من المستشفى حدث بينها وبين أبي زعل، وقالت له: أنت لن تكون لي زوجا، فإن كنت زوجا فأنا زوجة لأبي، وهو أيضا غاضب قال لها: (وأنت إن كنت زوجة لي فأنا زوج لأمي).
ج: إذا كان الواقع كما ذكر السائل فما صدر من الأب
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 289)(18/245)
يكون ظهارا منه لزوجته، وكفارة الظهار: عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا، يدل على ذلك قوله تعالى: سورة المجادلة الآية 3 وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ سورة المجادلة الآية 4 فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا الآية. وهذا القول الذي صدر منك منكر من القول وزور، عليك التوبة والاستغفار منه، قال تعالى: سورة المجادلة الآية 2 الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا الآية، فسماه الله: منكرا من القول وزورا، وما كان كذلك فهو محرم، موجب للتوبة والاستغفار. وأما ما صدر من الزوجة فليس بظهار؛ لقوله تعالى: سورة المجادلة الآية 2 الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ فخاطب الأزواج بذلك، وعليها عن هذا التحريم كفارة يمين؛ لأن من حرم حلالا وجب
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 290)
عليه كفارة يمين؛ لقوله تعالى: سورة التحريم الآية 1 يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ سورة التحريم الآية 2 قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ وعليها التوبة من ذلك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن منيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 6130 )(18/246)
س: لقد حرمت امرأة زوجها قائلة: (أنت علي حرام مثل ولدي) وقد وقعت في الندم من ذلك الوقت، ولكن لا ينفع الندم، نرجو من فضيلتكم بيان هذه المشكلة هل تحرم عليه أم فيها كفارة؟
ج: إذا كان الواقع ما ذكر فلا يحرم عليها زوجها بهذا الكلام، وعليها أن تستغفر الله وتتوب إليه من تحريم ما أحله الله لها، وأن تطعم عشرة مساكين، كل مسكين نصف صاع من بر أو شعير أو نحوهما مما يطعم عادة أو تكسوهم، فإن لم تجد صامت
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 291)
ثلاثة أيام؛ لأن تحريمها هذا بمنزلة اليمين. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 5839 )
س: إنه منذ أسبوعين تقريبا اتصل بي أحد الأصدقاء المسلمين تلفونيا في العمل، يفيدني أنه وأسرته سيحضرون لزيارة أسرتي، حيث إن ابنتي الكبرى البالغة من العمر (12 سنة) أجريت لها عملية جراحية آنذاك، وبناء على ذلك حاولت الاتصال بمنزلي تلفونيا لمدة تزيد عن الساعة، إلا أن الهاتف كان مشغولا طوال الوقت، لإشعارهم بالزيارة والقيام بواجب الضيافة، فثار غضبي، وضقت ذرعا؛ لأن هذه السابقة ليست الأولى من نوعها، وسبق أن ناقشت زوجتي عدة مرات للإقلاع عن هذه العادة السيئة، حيث إنني على علم بأن هناك عدة صديقات لها، يستمرون في المحادثة التليفونية معها يوميا، لفترات طويلة، تصل إلى الساعة(18/247)
تقريبا، وشرحت لها أن الهدف من وجود الهاتف ليس للتسلية بينهن، ولكنه من أجل الضرورة، وتحقيق
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 292)
الهدف المنشود منه، وعندما شعرت أنه ليست هناك استجابة لتعليماتي، وأن ذلك بمثابة تحد؛ لأنها ضربت عرض الحائط بكلامي، فقد قمت بتكسير جهاز التلفون للتخلص منه، وبالتالي القضاء على هذه المشكلة التي أصبحت حديث كل يوم.
وبالأمس فوجئت بأن زوجتي خرجت إلى السوق دون إذن مني، وقامت بشراء جهاز تلفون آخر، وعند عودتي إلى المنزل أبلغتني ابنتي الصغرى (5 سنوات) بذلك، فجن جنوني، واشتد النقاش بيني وبين زوجتي مرة أخرى، لذلك وفي النهاية قالت الزوجة بالحرف الواحد: (أنا زهقت من المعيشة معك، والله ينتقم من أبويا لأنه السبب في محنتي هذه، وأنت تحرم علي كزوج ثانية، وأنا أطلب منك الطلاق، وإذا كنت رجلا طلقني... إلخ) وبالطبع إن كرامتي كرجل وكرب أسرة أمام هذا الموقف، وبحضور أخ شقيق لها، وأمام بناتي، جعلني في ذروة وعنفوان الغضب، وخصوصا أنها رفعت من صوتها من أجل أن يسمع الجيران الحوار الذي دار بيننا، وطالبتني بوجوب أن أتنازل عن التلفون لعائلة تسكن بجواري، ولتشرك أطرافا أخرى في المشكلة، فما كان مني سوى أن أغادر المنزل لأتلاشى تفاقم الموقف.
إلا أنني أشعر عن قناعة ورضا كاملين أنه أفضل وسيلة للتخلص من هذه الزوجة المشاكسة العنيدة هو الطلاق؛ لأن هذه
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 293)
المشكلة أصبحت مستمرة، وفي تزايد مستمر، وإنني أشعر بالندم لأنني لم أتخذ هذا القرار منذ وقت طويل، قبل أن يتضاعف عدد الأطفال، ولكن كان شعاري دائما ربما يهديها الله ذات يوم، ولكن للأسف ليس هناك أي تقدم، بل كل يوم من سيئ إلى أسوأ في العناد(18/248)
والتحدي، وإذا تكلمت كلمتين كنقد بناء كان الرد عشرات الكلمات من الخلط بين قضية الساعة وأي كلام آخر، فعلى سبيل المثال إذا خرجنا سويا وجلست في السيارة وطلبت منها أن تستر وجهها عارضتني قائلة: إنني أشرف من أي أنثى تغطي وجهها، وإذا حاولت إقناعها بأن تلك تعاليم وروح الإسلام، وضعت الطرحة على وجهها في طبقة واحدة فقط، متعللة بأن الجو حار، ولا يمكنها التنفس، وكلما أمرتها بالصلاة جادلتني قائلة: (إن العبرة بطهارة القلب، وليست بالصلاة دون العمل بها) متعللة أنني أصلي ولكنني ظالم وقاس، ولا أعمل بهذه الصلاة، علما بأنني ليست لي زوجة أخرى، فما هو حكم الدين والشرع في قولها الموجه لي: (إنك تحرم علي كزوج ثانية) وطلبها الطلاق قائلة: (إذا كنت رجلا طلقني) علما بأنها ألقت بابنتي الصغرى (5 شهور) على الأرض قائلة: خذ عيالك واتصرف فيهم، وبالطبع قلت لها: (إنني على استعداد لتطليقها والزواج ممن هي أفضل منها دينا وخلقا وطاعة، وإلا فلن أكون رجلا).
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 294)
ج: إذا كان الواقع كما ذكر، فلا تحرم زوجتك عليك بقولها لك: (إنك تحرم علي كزوج) ولا بطلبها الطلاق بقولها لك: (إذا كنت رجلا فطلقني) ولكن تلزمها كفارة يمين من أجل التحريم، وكذلك لا يقع عليك طلاق بقولك لها: إنني على استعداد لتطليقها والزواج ممن هي أفضل منها دينا وخلقا وطاعة، وإلا فلن أكون رجلا. وعليك أن تستمر في نصيحتها بالمعروف، وأن توسع صدرك وتصبر على الأذى، وعليها أن تستجيب لنصحك وأمرك إياها بالمعروف، فتؤدي الصلاة في وقتها، وتصون نفسها بالحجاب، ويقوم كل منكما بحق الآخر عليه شرعا، وبحقوق الأسرة والتزام حسن العشرة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(18/249)
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
/2حلف لزوجته بالحرام ألا تدخل بيت خالها وبمرور الزمن ذهبت برضاه /2 السؤال الخامس من الفتوى رقم ( 5912 )
س5: حكم إنسان حلف لزوجته بالحرام أن لا تدخل بيت خالها، وبمرور الزمن ذهبت برضاه؟
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 295)
ج5: إن كان قصدك من حلفك بالحرام منعها من دخول بيت خالها ثم دخلت فعليك كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين من أوسط طعامكم، أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم تجد فصم ثلاثة أيام. وإن كان قصدك أنها تكون عليك حراما كأمك فعليك كفارة ظهار قبل أن تقربها، وهي: عتق رقبة، فإن لم تجد فصم شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فأطعم ستين مسكينا. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 6627 )
س: في يوم الأحد الموافق 10 / 1 / 1404 هـ، كنت في حالة غضب، فخرجت مني كلمة على زوجتي هي: (إن كبرتي كأختي وإن صغرتي كأختي) فما الحكم؟(18/250)
ج: إذا كان الواقع ما ذكر وجب عليك قبل العود إليها عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكينا لكل مسكين نصف صاع، وأن تستغفر الله
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 296)
وتتوب إليه من هذا القول؛ لأنه من المنكر والزور الذي نهى الله -سبحانه وتعالى- عنه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
/2جامعها قبل الوقت الذي حرمها على نفسه فيه /2 الفتوى رقم ( 6762 )
س: إني متزوج منذ أكثر من ثماني سنوات، لدي 3 أطفال، في أحد الأيام حصل لي خلاف مع زوجتي، مما حدا بي أن أحرمها على نفسي مثل حرمة أمي علي حتى يأتي الشهر القادم، ولكن بعد أن تعدلت الأوضاع وسار كل شيء على ما يرام، وجدت أني لا أستطيع التحكم في نفسي، فجامعتها قبل الوقت الذي حددته لنفسي، فأرجو التكرم بإفتائي ما هي الكفارة التي يمكن تقديمها لقاء ما فعلت؟ وأنا بفارغ الصبر في انتظار توجيهاتكم علما أنه لا يمكن لي التخلي عن أم عيالي الثلاثة، وأنا راض بها، ولكن حصل ما حصل في حالة غضب أجبرتني على أن أفعل ذلك جزاكم الله خير الجزاء.
ج: إذا كان الواقع ما ذكرت، فيجب عليك قبل العود إليها: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 297)(18/251)
فإطعام ستين مسكينا، كل مسكين نصف صاع من قوت البلد من أرز أو غيره، ونصف الصاع يقارب الكيلو والنصف، مع التوبة والاستغفار. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 6135 )
س1: يقولون: من قال لزوجته إن فعلت كذا فأنت حرام، ثم فعلته هل تحرم أم لا؟ هل يجوز يراجعها أم لا؟
ج1: أولا: إن قصد بقوله: (إن فعلت كذا فأنت حرام) منع الزوجة من الفعل ثم فعلت فهو يمين، وكفارته كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام. ثانيا: وإن قصد بهذا القول تحريم زوجته وتشبيهها بالمحرمات، كالأم والأخت فهو ظهار، وكفارته: تحرير رقبة مؤمنة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا، وذلك قبل أن يمس زوجته المظاهر منها.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 298)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 9010 )(18/252)
س: حصل فيما بيني وبين زوجتي نقاش وسوء تفاهم، مما أثارني وجعلني في حالة غير طبيعية، ثم إنني قلت لها: (أنتي محرمة علي لن أقرب منك ولن أجامعك). أرجو من سماحتكم النظر في هذا الموضوع، وفقكم الله دائما.
ج: إن كان قصدك من التحريم الظهار فعليك كفارة الظهار وهو: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصم شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فأطعم ستين مسكينا، وذلك قبل أن تمسها. وإن كان قصدك من التحريم الطلاق وقع عليها طلقة واحدة، وجاز لك مراجعتها في العدة إذا لم تكن هذه آخر ثلاث تطليقات، وإن كنت لا تريد طلاقها ولا ظهارا، بل تريد الامتناع فعليك إذا جامعتها كفارة يمين، وهي: عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم تجد فصم ثلاثة أيام.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 299)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
/2إذا ظاهر من نسائه بكلمة واحدة لزمه كفارة واحدة /2 الفتوى رقم ( 12780 )
س: ما حكم من حلف على أزواجه بالظهار وقال في أزواجه دفعة في غضب لم يتمالك عنه إثر اختلاف وقع بين نسائه: (أنتن كلكن جميعا علي كظهر أمي) فهل يعد قول هذا الرجل طلاقا بائنا، أم الكفارة الواجبة؟ وإذا كانت كفارة فهل يكفر عن كل زوجة كإن كان الزوجات متعددات اثنتان مثلا، وقد فرض عليه الصيام عند عدم العتق في هذا الوقت الحاضر، هل يصوم (4) أشهر متتابعة لكل واحدة شهران كفارة لها، أم يكفيه(18/253)
شهران متتابعان فقط كفارة لهما معا؟ من فضلكم يا شيخ تبينون لنا هذا الدرس تفصيلا جزاكم الله خيرا.
ج: يلزم الرجل المظاهر المذكور في السؤال كفارة ظهار واحدة عن جميع نسائه؛ لكونه ظاهر منهن بكلمة واحدة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 300)
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 12842 )
س2: حصل بيني وبين إحدى زوجاتي مشاجرة، ثم أخذت تلك المرأة تغلق الأبواب حيثما أريد المنزل، فقلت لها بهذه الصيغة: (أنت علي مثل فرج أمي حتى ترضي) هل هذا يعد ظهارا؟ أفتونا جزاكم الله خيرا.
ج2: يعتبر قولك لزوجتك: (أنت علي مثل فرج أمي) ظهارا، تجب فيه الكفارة قبل أن تمسها، والكفارة هي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصم شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فأطعم ستين مسكينا. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
/2ظاهر منها على أن تخبره بما تفعله من سوء /2 السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 14271 )(18/254)
س2: أحد زملائي أخبرني أنه قال لزوجته: (أنت حرام حرم أمي علي إن أخفيتي عني شيئا) ويقصد بذلك الأعمال المحرمة؛ لأنه شك فيها. فما الحكم لو أخفت عنه شيئا؟ وإن أخبرته بما عملت هل هي حلال له لأنه اشترط؟ وما حكم ما قام
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 301)
به؟ حيث إنه والله نادم على ما عمل، ولديه منها أطفال، وهي تريده، وأصبح ينام لوحده خوفا من أن تكون حرمت عليه، ويقول: إنها أخبرته بما عملت. أفيدونا جزاكم الله خيرا.
ج2: إن أخبرته بما عملت من سوء فإنه لا يقع ظهار، وكذلك إن لم تعمل شيئا، وإن عملت شيئا مما علق الظهار عليه وقع الظهار، وعليه الكفارة قبل أن يمسها، وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 14536 )
س: تزوجت امرأة وهي أول زوجة لي أتزوجها، وبعد سنين قالت لي: (قول: إنك علي مثل أمي ما أتزوج عليك) تريد أنني لا أتزوج عليها بامرأة أخرى، فقلت هذه الكلمة إرضاء لها، وجهلا مني بحكمها، ولكن في الآونة الأخيرة تبين لي أن هذه الكلمة عظيمة، وأنا فيما سبق أجهل الحكم فيها، ولست أقرأ ولا أكتب، والآن من الله علي وأرغب الزواج، ولكن هذه الكلمة صارت عائقا بيني وبين الزواج، علما أنني سوف أقوم بحقوق
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 302)
زوجتي الأولى، لن أهمل واجبها أبدا.(18/255)
سؤالي: ما هي كفارة هذه الكلمة، وأنا أجهل الحكم فيها حيث تلفظت بها؟ علما أنني مصاب بمرض التهاب في الرئة حسب تقرير الأطباء، وإن الصوم يؤثر علي في أيام رمضان، ولكن أرغب الطريقة الصحيحة التي تؤديني إلى خير إن شاء الله تعالى، وفقكم الله لما فيه خير هذه الأمة.
ج: لا حرج عليك بالزواج، ولكن متى تزوجت فليس لك قربان زوجتك الأولى حتى تكفر كفارة الظهار، وهي: عتق رقبة مؤمنة قبل أن تمسها، فإن لم تجد فصم شهرين متتابعين قبل أن تمسها، فإن لم تستطع فأطعم ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع من بر أو تمر أو أرز ونحو ذلك من قوت البلد، قال تعالى: سورة المجادلة الآية 3 وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ سورة المجادلة الآية 4 فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ وعليك التوبة إلى الله تعالى والاستغفار مما صدر
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 303)
منك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 14609 )
س: يوجد لي زوجة تدعى (ق.س.م.ح) ولي منها بنات، وخرجت من بيتي غصبا عنى، وبحثت عنها ووجدتها عند أحد أقربائي، وبعد ذلك غضبت عليها غضبا شديدا، وقلت لنفسي: (إنها علي مثل أمي) وأنا كنت غاضبا من أثر خروجها من بيتي، والآن توجد عند(18/256)
ولي أمرها، ورفض رجوعها إلا بفتوى، لذا أرجو من الله ثم من فضيلتكم الفتوى في هذا الموضوع. هذا والله يحفظكم.
ج: إذا كنت تلفظت بقولك: (إنها عليك مثل أمك) فإن حكم ذلك هو الظهار، فتكفر كفارة الظهار، ولا تمسها إلا بعد أن تكفر، والكفارة هي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصم شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فأطعم ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع من بر أو تمر أو أرز ونحو ذلك من قوت البلد.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 304)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 14608 )
س: حصل خلاف بيني وبين زوجتي من جهة ذهابها إلى أهلها، وحلفت عليها: (إذا ذهبتي إلى أهلك تكوني محرمة مثل أمي وأختي) ثلاث مرات، وبعد فترة احتجت لبعض النقود، وأخذت الذهب لبيعه دون موافقتها، وعندما علمت بيع الذهب طلبت مني حضوره أو تذهب إلى بيت أبيها، فلم أرد عليها، وذهبت بعد ذلك إلى بيت أهلها. فما حكم الدين من ذلك؟ جزاكم الله خيرا.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر، وأنك علقت الظهار من زوجتنا على ذهابها إلى بيت أهلها ثم ذهبت- فإن حكم ذلك هو الظهار، وأنها تحرم عليك حتى تكفر كفارة الظهار، وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصم شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فأطعم ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع من الطعام من التمر أو البر أو الأرز ونحو ذلك من قوت البلد(18/257)
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 305)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 15691 )
س: كنت في حالة غضب شديد، وكنت أتحدث في موقع عملي -وليس منزلي- مع زميل لي في العمل، وقلت له: اسمع يا فلان: (تحرم علي زوجتي كأخي وأختي إن دخل فلان هذا البلد وعمل في تلك الشركة) أي: أن أكون سببا في استقدامه وتمكينه من العمل في المؤسسة التي أعمل فيها، والغرض ليس إلحاق ضرر به، بل الحفاظ عليه من ضرر يلحق به من زميل آخر معي في العمل.
والآن يا أخي الكريم: ما حكم الشرع إن أردت العدول عما قلت وأمكن هذا الشخص من دخول هذا البلد والعمل في تلك المؤسسة؟ وذلك خلافا لما حلفت عليه كما أوضحت لكم سابقا. علما بأنني وعائلتي على مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى، وإن كان هناك كفارة مثلا فما هو مقدارها وأوجهها؟
وأذكركم بأنني حين حلفت لم يكن القصد زجرا لأحد أو غرضا لإنهاء مشكلة ما، ولم تكن زوجتي متداخلة في حديثي أو موجودة معي، حيث إنني كما وضحت لسماحتكم أنني في العمل،
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 306)
كما وإنها لا علم لها بهذا الموضوع حتى تاريخه، إنني على شوق جم لانتظار ردكم وفتواكم.(18/258)
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فيجب عليك كفارة الظهار إذا حنثت في حلفك، بأن قدم العامل وعمل في الشركة المذكورة، والكفارة هي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصم شهرين متتابعين، فإن لم تستطع لمرض أو كبر فأطعم ستين مسكينا. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
/2حرم دخول بيت أخيه وشبهه بأمه /2 الفتوى رقم ( 15761 )
س: يوجد عندي أخي من أمي، وكان عندي عمال وبنيت له بيتا من دور واحد، وعند المحاسبة بقي لي بطرفه حوالي خمسة وخمسين ألف ريال، وطلب مني تنزيل المبلغ، علما بأن المبلغ المتبقي أكثر من ذلك، فنزلت له عشرين ألف ريال، وبقي عليه خمسة وثلاثون ألف ريال، وبعد مضي سنة طلبت منه المبلغ فقال لي: لا يوجد لك علي أي مبلغ.
علما بأن فيه شهودا وورقة بذلك، فقلت: بيتك محرم علي دخوله كما تحرم علي أمي، وقد قلت هذا الكلام وأنا في أشد زعل عليه عندما قال لي: لا يوجد
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 307)
لك عندي أي مبلغ، علما بأنني أقوم بزيارته في ورشته وأحواله المالية ممتازة جدا، وأنا في الوقت الحاضر لا أطالبه في المبلغ ولن أطالبه، ولكن أريد أن أفك نفسي من هذه الورطة التي أنا فيها من هذا التحريم، أرجو من الله ثم منك إعطائي الحل، أكرر علما بأنني قلت هذا وأنا في أشد الزعل. حفظكم الله.(18/259)
ج: يجب عليك فيما ذكرت كفارة يمين، وهي: عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من الطعام، مقدار كيلو ونصف تقريبا، لكل واحد أو كسوة عشرة مساكين، لكل مسكين ثوب، فإن لم تجد شيئا مما ذكر فإنك تصوم ثلاثة أيام، ولا بأس عليك بدخولك بيت أخيك بعد ذلك، ولك أن تكفر قبل الدخول أو بعده. والله أعلم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
/2ظاهر من زوجته على أمر وندم ويرغب أن تعمله /2 الفتوى رقم ( 15705 )
س: حدث شيء من زوجتي لا أرغبه وقتها، فأتيت بأمي وأختي أمام زوجتي دون تفكير في ما أفعل، فقلت لها -أي: زوجتي-: تكوني مثل أمي وأختي، لو فعلت هذا الشيء مرة
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 308)
أخرى. فما هذا اليمين وما كفارته، وماذا أفعل لو زوجتي كررت ما نهيت عنه ووقع اليمين، وماذا أفعل لو أردت أنا أن تكرره؛ لأنه فيه مصلحة لي ولها أدركتها قريبا؟ علما بأن هذا اليمين والحدث كان من حوالي تسع سنوات. أفيدوني أفادكم الله.
ج: إذا كان الواقع هو ما ذكرته في سؤالك، فإن عليك كفارة الظهار إذا فعلت زوجتك ما نهيتها عنه، سواء بإذنك أو بغير إذنك، وكفارة الظهار هي: تحرير رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصم شهرين متتابعين، فإن لم تستطع الصيام لمرض ونحوه فأطعم ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع من بر أو أرز أو غيرهما من قوت البلد، وهو يعادل كيلو ونصف،(18/260)
وعليك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى. والله أعلم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
/2ظاهر من زوجته ثم جامعها قبل أن يكفر /2 الفتوى رقم ( 16869 )
س: أنا مواطن مصري الجنسية، وأقيم بالمملكة العربية السعودية ووقعت في إثم، حيث إنني في ساعة غضب قلت
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 309)
لجماعة أصدقائي: إنني لن آكل معكم، وأن تكون محرمة علي كظهر أمي وأختي، وأقصد بهذه امرأتي، حيث إنني متزوج وعندي أولاد، وفعلا لم آكل معهم لمدة ثلاثة أيام، وحضر عندنا صديق عزيز، وحلف إنني لآكل معهم وأكلت، وقع علي اليمين فماذا أفعل لأكفر اليمين؟ أفيدوني أفادكم الله ولكم جزيل الشكر.
ج: إذا كان تحريمك الأكل معهم مقصودا به وقتا محددا وانتهى الوقت دون أن تأكل معهم فلا شيء عليك، أما إذا كنت قاصدا الامتناع عن الأكل معهم مطلقا ثم أكلت معهم فإنه يلزمك كفارة ظهار، وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكينا، وعليك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس(18/261)
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
/2ظاهر من زوجته ثم جامعها قبل أن يكفر /2 الفتوى رقم ( 17498 )
س: غضبت من زوجتي أحد الأيام بسبب أنها طلبت مني أن تذهب إلى أهلها عندما أذهب إلى الدوام في عملي، وقد
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 310)
رفضت طلبها هذا، حيث إن منزل والدها بعيد عن الحي الذي نسكن فيه أنا وهي، وخفت عليها إذا ذهبت لوحدها، ولكنها أصرت على الذهاب، وقلت لها وأنا غضبان: والله بأنك إذا ذهبت إلى منزل والدك قبل أن أعود من الدوام فأنك تكونين علي كظهر أمي، ذهبت إلى الدوام وذهبت إلى منزل والدها، وعدت من الدوام ولم أجدها في منزلي، وقد علمت حين ذلك بأني ارتكبت إثما، وأنه وجب علي كفارة، ورأيت بأن أكفر بإطعام ستين مسكينا، ولكن وطئت زوجتي قبل أن أطعم، ولم أعلم بأن هذا العمل لا يجوز لي أن أعمله قبل أداء الكفارة، ولا علمت بذلك إلا بعد ما عملته، وبعد هذا قمت بأداء كفارة الظهار لقاء ارتكابي الذنب الأول، ماذا يرتب علي لقاء وطئي زوجتي قبل أداء الكفارة المذكورة في السؤال، وهل لهذا العمل كفارة، وما هي؟ أرجو من سماحتكم توجيهي بما ترونه جائزا وإنقاذي من مصيبتي.
ج: ظهارك من زوجتك منكر من القول وزور، ويجب عليك التوبة من ذلك والكفارة، مع الامتناع عن زوجتك حتى تكفر كفارة الظهار. ووطؤك لزوجتك قبل الكفارة أمر محرم، يجب التوبة منه والاستغفار، وقد استقرت الكفارة في ذمتك.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 311)(18/262)
وكفارة الظهار هي: عتق رقبة مؤمنة قبل أن تمس زوجتك، فإن لم تجد فصم شهرين متتابعين قبل أن تمسها، فإن لم تستطع فأطعم ستين مسكينا لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد أرز أو بر أو غيرهما، ومقداره بالوزن: كيلو ونصف تقريبا قبل أن تمسها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
/2ظاهر من زوجته ثم لاعبها في نفس الساعة /2 الفتوى رقم ( 17466 )
س: من فترة قد صدر مني يمين على زوجتي أثناء غضب شديد، بأنك سوف تكوني محرمة علي مثل والدتي وأختي، لحد يوم سفري، وكنت في هذه الأيام مؤهل للسفر إلى السعودية وفي أثناء الغضب حاولت معها الذي قد جعله الله حلالا بيننا وعلى سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فمنعت نفسها عني، وقد صدر مني اليمين المذكور، وفي نفس الساعة واليوم داعبتني لكي ترضيني، وقد حصل بأني لاعبتها حتى أنزلت على فخذيها من الخلف من فوق اللباس.
وبعد الغسل ذهبت إلى أستاذ خريج وقلت له على ما حدث بيننا، فقرأ علي من سورة المجادلة من الآية رقم (2) إلى
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 312)
الآية رقم (4) ، فقال: عليك فدية رقبة، قلت: لا أقدر، فقال: عليك أن تصوم شهرين، فقلت له: لا أستطيع؛ لأني آخذ علاجا ثلاث مرات يوميا، فقال: عليك بإطعام ستين مسكينا من أوسط ما تأكل، ففعلت ذلك في نفس اليوم وقامت بتوزيعها الزوجة نفسها على المساكين،(18/263)
كل واحد جنيه مصري، ولما سافرت إلى السعودية بعد ستة أشهر، سألت بعض أئمة المساجد، فيهم من قال هذا صح، ومنهم من قال: لازم تذهب إلى دار الإفتاء، إلى فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله. فهل ما حصل حرام والمعاشرة الزوجية حرام؟ أفيدوني مأجورين وجزاكم الله عنا خيرا.
ج: ما حصل منك يعتبر ظهارا، فتلزمك كفارة الظهار، وهي: عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع، وهو كيلو ونصف من طعام البلد، ولا يجزئ دفع النقود بدلا من الطعام، قال تعالى: سورة المجادلة الآية 3 وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ سورة المجادلة الآية 4 فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا الآية من سورة المجادلة.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 313)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 15873 )
س: كان ولدي يعطيني راتبه عدة شهور من رضاء نفسه، وفي يوم من الأيام زعلت عليه وقلت له: راتبك علي حرام مثل حرام أمي علي. أرجو الإفادة سلمكم الله.(18/264)
ج: يلزم السائل أن يكفر كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من الطعام، أي: ما يعادل كيلو ونصف تقريبا لكل واحد، أو يعطي كل واحد قميصا أو إزارا ورداء، أو يعتق رقبة على التخيير، فإن كان لا يقدر على واحدة من هذه الثلاث فإنه يصوم ثلاثة أيام، وذلك لأن تحريم الحلال يجري مجرى اليمين؛ لقوله تعالى: سورة التحريم الآية 1 يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ إلى قوله تعالى: سورة التحريم الآية 2 قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ولا
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 314)
يحرم عليه راتب ابنه، ولكن إذا أخذه فعليه الكفارة، كما سبق بيانه، وعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى من ذلك؛ لأن تحريم الحلال لا يجوز. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 16400 )
س: إنني أكبر أخوتي سنا، وأقلهم مالا، وقد اشترينا أرضا في خميس مشيط، وقد أرادوا إعمارها، ولكنني لا أستطيع دفع نصيبي من تكلفة العمار، فأرادوا إخراجي وذلك بإعطائي منزلا شعبيا بناه والدي وهو ما زال حيا، وقد غضب والدي بشدة؛ كيف يقسموا ماله وهو ما زال حيا، ففسخت، فقلت: يحرم علي كما تحرم علي أمي، وبعد فترة تراجع والدي وأجبرت من قبل إخوتي على هذا البيت بحجة جعله لأبنائي، فلم تقبله نفسي بدون فتوى. أرجو منكم النظر في موضوعي.(18/265)
ج: إذا كان والدك سمح بهذا البيت لك، وسمح بقية إخوانك وأخواتك المرشدون إن كان لك أخوات فلا بأس أن تقبله، وتكفر عن التحريم الذي صدر منك كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 315)
مساكين لكل مسكين نصف صاع من طعام البلد، ومقدار الكفارة جميعا خمسة عشر كيلو من الطعام لكل مسكين كيلو ونصف، أو كسوة عشرة مساكين، لكسل مسكين ثوب أو عتق رقبة على التخيير، فإن لم تجد فصم ثلاثة أيام. والله أعلم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
/2ما هي المظاهرة من النساء؟ /2 السؤال الثالث من الفتوى رقم ( 19314 )
س3: ما هي المظاهرة من النساء، وهل اللفظ: (مثل أمي) نوع من المظاهرة، وما هو الحكم؟ وإذا كان قد تعود على هذه اللفظة لكنه لا يعني أن زوجته عليه مثل أمه، فما الحكم؟
ج3: أولا: المظاهرة هي: أن يشبه الرجل زوجته بمن يحرم عليه نكاحها من أم وأخت ونحوهما.
ثانيا: قول: (أنت مثل أمي) ظهار، إلا أن يقصد أنها كأمه في الكرامة والمحبة ونحو ذلك، فلا يكون ظهارا، والأولى الابتعاد عن مثل هذه الألفاظ والاعتياض عنها بغيرها مما يغني عنها، وليس فيه محذور أو لبس.(18/266)
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 316)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر بن عبد الله أبو زيد ... صالح بن فوزان الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
/2عليه كفارة ظهار ويستطيع الصيام لكنها ستكون مع رمضان ولا يستطيع الامتناع عن زوجته /2 الفتوى رقم ( 19103 )
س: فقد ظاهرت من زوجتي بقولي لها: (أنت علي بعد اليوم مثل أمي) انتهى، وقد كان ذلك في يوم 2 / 7 / 1417هـ، وعندما استفتيت عند بعض أهل العلم أفتاني الشيخ أحمد يحيى النجمي أن علي صيام شهرين متتابعين، لعدم استطاعتي عتق رقبة، ولقدرتي الصحية على الصيام، حيث إنني شاب أبلغ من العمر 33 عاما على أن يكون صيامي من يوم 15 / 7 / 1417هـ؛ لأن الفتوى كانت يوم 14 / 7، أقول: من 15 / 7، وشهر شعبان ثم رمضان ثم إفطار يوم العيد، وبعد ذلك أكمل ما بقي إلى يوم 15 شوال، مع الإمساك عن المعاشرة الزوجية ودواعيها.
وفعلا بدأت الصيام من يوم 15 / 7 / 1417هـ، وأنا على استطاعة بدنية وصحية للصيام إلى تاريخ اليوم، إلا أنني أجد نفسي لا أستطيع إمساك إربي عن زوجتي أكثر من ذلك، علما أنني كدت أقع في المحذور عدة مرات، وما يزال أمامي أكثر من خمسة وأربعين يوما.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 317)
سؤالي: هل يجوز لي الانتقال إلى الإطعام أم لا في ظل الظروف المشروحة لكم؟(18/267)
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت وأنك تخشى على نفسك من الوقوع في المحرم- فلا مانع من الانتقال إلى الإطعام، وهو إطعام ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، مقداره كيلو ونصف قبل أن تمس زوجتك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
صالح الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
/2إذا كان يصوم كفارة الظهار وجاءه عيد الأضحى وأيام التشريق هل يواصل الصيام؟ /2 السؤال الأول من الفتوى رقم ( 20086 )
س1: رجل عليه كفارة ظهار صيام شهرين متتابعين، وفي أثناء الكفارة جاء عيد الأضحى وأيام التشريق الثلاثة، فهل يصوم ويكمل الكفارة أم يفطر هذه الأيام؟
ج1: الفطر الواجب كفطر يوم العيد وأيام التشريق لا يقطع التتابع في صوم الكفارة؛ لأنه فطر مأذون فيه شرعا، فإذا انتهى الفطر الواجب فإنه يبني على ما مضى من صيامه الكفارة -والحمد لله- حتى يكمل الشهرين ستين يوما.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 318)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 20229 )(18/268)
س1: ما حكم قول المرأة لزوجها: (يا ابني) وهي تمزح معه، هل يعتبر هذا ظهارا؟ وإذا كان ظهارا فما كفارته؟
ج1: يكره تشبيه أحد الزوجين للآخر بمن يحرم عليه من أقاربه أو قريباته، كأن يقول لزوجته: يا أمي، أو: يا أختي، أو تقول له: يا أبي أو يا أخي ونحو ذلك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
/2كفارت الجماع في رمضان /2 الفتوى رقم ( 21094 )
س أ: قبل عشرين سنة كنت أعتقد أن الإثم من الجماع للصائم في نهار رمضان هو إنزال المني في الرحم، وكنت أباشر زوجتي مباشرة غليظة، إلى درجة إيلاج الذكر في الرحم، ولكني أتحاشى الإنزال، أي: إنزال المني في الرحم؛ لأنني كنت أجهل
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 319)
الحكم الشرعي.
س2: وقبل ثمانية عشر سنة جامعتها بعد صلاة الفجر وأنا صائم في رمضان، وأنوي الصيام للتكفير عن ذلك الذنب، ولم أتمكن من ذلك إلى اليوم؛ لكثرة مشاغلي المستمرة، فماذا علي في ذلك؟
س3: قبل سنتين حرمتها بقولي: (هي علي حرام مثل أمي) ثم عدت إليها وجامعتها بنية أني سوف أطعم ستين مسكينا فيما بعد، ولكن لم أطعم حتى الآن، وقد حصل مني أيضا تحريم لها آخر قبل شهرين بقولي: (تحرم علي عشرتها) وأقصد بذلك مضاجعتها ومصاحبتها(18/269)
وما يجب لها علي كزوج دون الإنفاق بالمعروف، وهجرتها في بيتها وبين أولادها إلى يومنا هذا.
ولكن المذكورة نادمة ندما شديدا، وطلبت مني العودة عن التحريم والرجوع إليها، وأنها سوف تقوم هي بالكفارة اللازمة عن التحريم بالإطعام، وترى أن في الصيام تأخيرا لا تطيق الصبر عليه عني، فهل يجزي إطعامها كفارة عن ذلك التحريم الأول والثاني أم إنه يلزمني التكفير لوحدي؟
أجيبوني عن أسئلتي هذه وفقكم الله مع مراعاة الآتي: 1- أنني متزوج 3 نساء وأعول 35 نسمة، وفي الصوم مشقة، أفضل الإطعام إن جاز لي ذلك.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 320)
2 - أن الزوجة المذكورة ترى في الصيام تسويفا لا تصبر عني مدته.
وفقكم الله والسلام.
ج: بتأمل أسئلتك الثلاثة تبين أن عليك ثلاث كفارات: كفارة عن الجماع في الفرج بدون إنزال في شهر رمضان، وتعدد الكفارة بتعدد الأيام التي حصل فيها الجماع. وكفارة عن الجماع مع الإنزال في شهر رمضان. وكفارة عن الظهار من زوجتك. والكفارة هي: عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإنك تطعم ستين مسكينا، لكل مسكين كيلو ونصف من الطعام، وعليك أن تتجنب زوجتك حتى تكفر عن الظهار، وعليك مع الكفارة قضاء الأيام التي حصل فيها الجماع، وإطعام مسكين عن كل يوم كفارة عن التأخير. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس(18/270)
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
/2عليه كفارة ظهار وكان يجامع زوجته جاهلا بالحكم /2
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 321)
الفتوى رقم ( 20889 )
س: لقد حدث بيني وبين زوجتي خلاف منذ فترة وقلت لها: (أنا الآن أعتبرك مثل أختي) ولم أعرف خطورة هذا الكلام، وكان قصدي تخويفها حتى لا تعود إلى ما فعلت من عدم السماع لكلامي في إدارة شؤون البيت، وعدم الإساءة إلى أحد من أهلي، وخلال فترة الخلاف ذهبت إلى بيت أختها، هي زوجة خالي، وعندما علموا في الموضوع حلوا المشكلة ورجعت إلى البيت وصار الأمر طبيعيا وحدث الوطء.
ولكن عندما سألت أحد الأخوة قال لي: هذا يعتبر من الظهار، ومن الأفضل أن تسأل أحد العلماء في هذا الموضوع، ولم أقتنع بكلامه لجهلي في هذا الموضوع، وفي يوم من الأيام ذهبت إلى أحد المساجد في المدينة لصلاة العشاء، وقرأ الإمام سورة المجادلة، وبعد الانتهاء شرح هذه السورة وبين معاني هذه السورة. أفيدونا جزاكم الله خيرا، علما أني قمت بالصيام اعتبارا من 1 / 3 / 1420هـ، هل صيامي صحيح، وماذا عن الوطء الذي حصل في الأيام الماضية، ماذا أفعل جزاكم الله خيرا؟
ج: الذي حصل منك يعتبر ظهارا تجب به كفارته، وهي: أن تعتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد الرقبة فإنك تصوم شهرين متتابعين ستين يوما، فإن لم تستطع الصيام فإنك تطعم ستين مسكينا، لكل
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 322)(18/271)
مسكين كيلو ونصف من الطعام، لا بد من هذا الترتيب، فما دمت لا تستطيع العتق فإنك تنتقل إلى الصيام، وقد ذكرت أنك تصوم فيجب عليك مواصلة الصيام متتابعا حتى تكمل الشهرين، وما حصل منك من الجماع قبل التكفير عن جهل قبل الشروع في الصيام- فلا شيء فيه للعذر بالجهل، لكن عليك تجنب الجماع حتى تكمل الصيام. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
/2ظاهر من زوجته ثلاث مرات /2 الفتوى رقم ( 8783 )
س: إنني شاب مسلم والحمد لله، ومتزوج ولدي من الأولاد خمسة أولاد من زوجتي، والتي تسببت في هذه المشكلة وكنت في جاهلية قبل الإسلام، وحدث مني حدث وهو: أنني قلت لزوجتي: (أنتي علي كظهر أمي)، وبعد عام آخر قلتها مرة ثانية، وبعد عام ثالث قلتها مرة ثالثة، وبعد هذه المدة تركتها. ومنتظر لفتواكم على ذلك- هل حرمت علي أم لا؟ وماذا أفعل ولي منها خمسة أولاد ولا أعلم عقوبة هذا القول؟
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 323)
ج: قولك لزوجتك: (أنت علي كظهر أمي) ظهار صريح، فيجب عليك كفارة الظهار، وهي: عتق رقبة، فإن لم تجد فتصوم شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فأطعم ستين مسكينا، وذلك قبل أن تقرب زوجتك، حيث وقع منك هذا الظهار ثلاث مرات. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(18/272)
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
/2الجماع يقطع التتابع في الصيام /2 السؤال الأول من الفتوى رقم ( 21307 )
س1: حصل بيني وبين زوجتي خلاف، وعلى إثر ذلك حرمت عشرتها، وقد جاءت الفتوى بأن هذا ظهار، وقد صمت شهرين متتابعين كاملين، إلا إنني واقعت زوجتي بدون ساتر، أي خارج الرحم بدون إيلاج، وكان ذلك في أكثر من خمسة عشر سنة، ولدي منها أولاد بعد ذلك، وهي تعيش معي في المنزل، ما هو الواجب علي فعله؟
ج1: ما حصل منك قاطع للتتابع في صيام الظهار؛ لعموم قول الله تعالى: سورة المجادلة الآية 4 فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا وما
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 324)
حصل منك نوع من المماسة الممنوعة، فعليك التوبة إلى الله، وصيام شهرين متتابعين ستين يوما، ولا تعد لما فعلت مع زوجتك حتى تكمل صيام الشهرين. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
الروضة الندية - (ج 2 / ص 298)
باب الظهار(18/273)
وهو قول الزوج لامرأته أنت علي كظهر أمي ، أو ظاهرتك ، أو نحو ذلك ، فيجب عليه قبل أن يمسها أن يكفر بعتق رقبة ، فإن لم يجد فليطعم ستين مسكيناً ، فإن لم يجد فليصم شهرين متتابعين وإنما جعلت كفارة هذه لأن من مقاصد الكفارة أن يكون بين عيني المكلف ما يكبحه عن الإقتحام في الفعل خشية أن يلزمه ذلك ، ولا يمكن ذلك إلا بكونها طاعة شاقة تغلب على النفس إما من جهة كونها بذل ما تشح به ، أو من جهة مقاساة جوع أو عطش مفرطين . والدليل على ما اشتمل عليه هذا الباب من التكفير على هذا الترتيب ما في القرآن الكريم والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير* فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم وقد بينه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قصة سلمة بن صخر لما ظاهر من امرأته ثم وطئها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعتق رقبة فقال : لا والذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها وضرب صفحة رقبته قال : فصم شهرين متتابعين قال : قلت يارسول الله وهل أصابني ما أصابني إلا في الصوم قال : فتصدق قال : والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا ما لنا عشاء . قال : اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها إليك فأطعم منها وسقا من تمر ستين مسكيناً ثم استعن بسائره عليك وعلى عيالك أخرجه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي وحسنه والحاكم وصححه وابن خزيمة ، وابن الجارود . وفي لفظ لأبي داود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كله أنت وأهلك وأخرج نحوه أهل السنن ، وصححه الترمذي من حديث ابن عباس ، وصححه أيضاً الحاكم . قال ابن حجر : رجاله ثقات لكن أعله أبو حاتم والنسائي بالإرسال . وقال ابن حزم : رواته ثقات ولا يضره إرسال من أرسله وللحديثين شواهد . وأخرج نحوه أبو داود ، وأحمد من حديث خولة بنت مالك بن ثعلبة . وأخرج ابن(18/274)
ماجه نحوه من حديث عائشة . وأخرجه الحاكم أيضاً ، وقد قام الإجماع على أن الكفارة تجب بعد العود لقوله تعالى ثم يعودون لما قالوا واختلف أهل العلم هل العلة في وجوبها العود أو الظهار . واختلفوا أيضاً هل المحرم الوطء فقط أم هو مع متقدماته . فذهب الجمهور إلى الثاني لقوله تعالى : من قبل أن يتماسا وذهب البعض إلى الأول قالوا : لأن المسيس كناية عن الجماع ، واختلفوا في العود ما هو ؟ فقال قتادة وسعيد بن جبير وأبو حنيفة وأصحابه : أنه إرادة المسيس لما حرم بالظهار ، لأنه إذا أراد فقد عاد من عزم الترك إلى عزم الفعل سواء فعل أم لا . وقال الشافعي : بل هو إمساكها بعد الظهار وقتاً يسع الطلاق ولم يطلق . إذ تشبيهها بالام يقتضي ابانتها ، وإمساكها نقيضه . وقال مالك وأحمد : بل هو العزم على الوطء فقط وأن لم يطأ . وقد وقع الخلاف أيضاً إذا وطيء المظاهر قبل التكفير فقيل : تجب عليه كفارتان وقيل : ثلاث وقيل : تسقط الكفارة ، وذهب الجمهور إلى أن الواجب كفارة واحدة وهو الحق كما تفيده الأدلة المذكورة * وأعلم أن الرقبة وإن كانت مطلقة في كفارة الظهار ، فقد ورد ما يدل على إعتبار كونها مؤمنة ، وليس ذلك الدال على إعتبار الإيمان هو ما وقع في القرآن في كفارة القتل ، لما تقرر في الأصول أن المختلفين سبباً لا يصح تقييد أحدهما بالآخر بل الدال على ذلك هو سؤاله صلى الله عليه وسلم لمن قال عليه رقبة عن إيمانها ، وقوله لها أين الله ؟ ومن أنا ؟ ثم قال : أعتقها فإنها مؤمنة كما في حديث معاوية بن الحكم السلمي ولم يستفصله صلى الله عليه وسلم عن وجوب تلك الرقبة عليه هل هو عن كفارة ظهار ، أو قتل ، أو يمين ، أو غير ذلك ؟ وقد تقرر أن ترك الإستفصال ينزل منزلة العموم إذا كان في مقام الإحتمال .
ويجوز للإمام أن يعينه من صدقات المسلمين إذا كان فقيراً لا يقدر على الصوم وله أن يصرف منها لنفسه وعياله وإذا كان الظهار مؤقتاً فلا يرفعه إلا انقضاء الوقت(18/275)
لتقريره صلى الله عليه وسلم سلمة بن صخر لما قال له أنه ظاهر من امرأته حتى ينسلخ رمضان ، وهو في مسند أحمد ، وسنن أبي داود ، والترمذي ، وحسنة ، والحاكم ، وصححه ابن خزيمة ، وابن الجارود كما تقدم ، وظاهر القرآن أنه لا يوجب الكفارة إلا العود . فالظهار المؤقت إذا انقضى وقته لم يكن إرادة الوطء عوداً فلا تجب فيه كفارة ، وأما إذا كان الموجب للكفارة قول المنكر والزور فهي واجبة في مطلق ومؤقت لأنه قد وقع القول بمجرد إيقاع الظهار .
وإذا وطيء قبل انقضاء الوقت أو قبل التفكير كف حتى يكفر في المطلق أو ينقضي وقت المؤقت لحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمظاهر الذي وطيء امرأته : لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله أخرجه أهل السنن وصححه الترمذي والحاكم . وظهار العبد نحو ظهار الحر وصيام العبد في الظهار شهران كالحر بالإتفاق *
ـــــــــــــــــــ
الفقه الإسلامي وأصوله - (ج 3 / ص 280)
وذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى موافقة الحنفية في أن الفيء في المدة ينهي الإيلاء ويلزمه الكفارة لهذا الحنث، ولكنهم خالفوهم في وقوع الطلاق بمضي المدة.
فذهبوا إلى أن الزوج إذا لم يفيء إلى زوجته بعد انقضاء الشهور الأربعة فعليه الطلاق، فإن طلق انتهى الأمر، وإن أبى الطلاق طلق عليه القاضي جبراً إذا طلبت الزوجة ذلك والطلاق الواقع هنا رجعي سواء كان من الزوج أو القاضي، لأن الأصل في الطلاق أن يكون رجعياً حتى يكون من الشارع ما يدل على أنه بائن.
فهم يخالفون الحنفية في أمرين. في أن الطلاق لا يقع بمضي المدة بل لا بد من إيقاعه من أحدهما، وفي أن الطلاق لا يكون بائناً.
الفَصْلُ الثَّالِث(18/276)
الظهار:
- الظهار لغةً مصدر ظاهر مأخوذ من الظهر. وهو قول الرجل لامرأته : أنت عليّ كظهر أمي.
وفي اصطلاح الفقهاء: تشبيه الرجل زوجته بامرأة محرمة عليه على التأبيد أو بجزء منها لا يحل له النظر إليه كالظهر والبطن والفخذ. كأن يقول لها : أنت عليّ كظهر أمي، أو كبطن أختي أو عمتي أو خالتي. يستوي في ذلك أن تكون المشبهة بها محرمة عليه بسبب النسب أو الرضاع أو المصاهرة كأن يقول لها: أنت علي كظهر امرأة أبي أو زوجة ابني وغيرها.
- ألفاظه: تتنوع ألفاظ الظهار إلى نوعين صريح وكناية.
فالصريح: ما لا يحتمل إلا الظهار، نحو أنت علي كظهر أمي أو كبطن عمتي وما شاكل ذلك، ويقع به الظهار سواء نوى به الظهار أو الطلاق أو الإيلاء أو ادعى أنه لم ينو به شيئاً.
والكناية: ما يحتمل الظهار وغيره كقوله: أنت علي كأمي، فإنه يحتمل المماثلة في التحريم أو الماثلة في الكرامة، فإذا نوى أيهما صدق فيما ادعاه منهما، فإن قال: نويت الظهار كان ظهاراً، وإن قال: أردت الطلاق فهو طلاق بائن لأنه تشبيه في الحرمة.
وإن لم ينو به شيئاً فليس بشيء عند الحنفية لاحتمال إرادة الكرامة.
شروطه: يشترط لصحة الظهار ليترتب عليه حكمه عند الحنفية.
أولاً: يشترط في الرجل، أن يكون زوجاً بالغاً عاقلاً مسلماً، أي من أهل الكفارة فلا يصح ظهار من الصبي والمجنون والذمي.
ثانياً: يشترط في المرأة المظاهر منها: أن تكون زوجة في زواج صحيح نافذ قائم حقيقة أو حكماً. فيصح الظهار من المعتدة من طلاق رجعي، ولا يصح من المعتدة من طلاق بائن(18/277)
ولا من كان زواجها فاسداً أو صحيحاً موقوفاً، لأن كلاً منهما حرام عليه بالفعل فلا يكون للظهار منهما معنى.
ثالثاً: يشترط في المرأة المشبه بها: أن تكون محرمة عليه تحريماً مؤبداً بالإتفاق، فلو كانت محرمة عليه مؤقتاً، كأخت زوجته أو عمتها، أو كانت محرمة عليه مؤبداً عند بعض الفقهاء دون الآخرين كأم المرأة التي زنى بها أو بنته من الزنى لم يكن التشبيه ظهاراً على الراجح عند الحنفية.
والمذاهب الأخرى تخالف في ذلك:
فالحنابلة، لا تشترط التأبيد فلو شبهها بمحرمة عليه مؤقتاً كان ظهاراً.
والشافعية يقيدوه بألا يكون تحريمها طارئاً على المشبه كأم زوجته وزوجة ابنه فإن كان لم يكن ظهاراً.
حكم الظهار: كان العرب في جاهليتهم يظاهرون من نسائهم ويقصدون بذلك تحريم المرأة تحريماً مؤبداً، وما كانت المرأة تخلص من زوجها لتباح لغيره، بل كانت تصير بهذا الظهار كالمعلقة لا هي بذات زوج تستمتع بالحياة الزوجية ولا هي مطلقة تبحث لها عن زوج آخر.
فكان الظهار لوناً من ألوان الإيذاء الذي يلحقه الرجل بالمرأة، فلما جاء الاسلام لم يعرض له أول الأمر حتى ظاهر أوس بن الصامت بعد أن كبرت سنه وضاق خلقه - من زوجته خولة بنت مالك بن ثعلبة بسبب مراجعتها له في بعض ما أمرها به، ولما هدأت نفسه راودها عن نفسها فأبت عليه ذلك حتى يقضي الله ورسوله فيما وقع بينهما، وذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرته بما حدث من زوجها بعد أن كبرت سنه ووجود أولاد بينهما لا يستقر لهم قرار مع أحدهما، وكان رسول الله يقول لها: اتقي الله فإنه زوجك وابن عمك وقد كبر فأحسني إليه، فأخذت تجادله وتشكو إلى الله حالها وما صارت إليه فنزل عليه الوحي بآيات من أول سورة المجادلة وهي قوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي(18/278)
تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المجادلة: 1-4].
فلما نزلت هذه الآيات قال لها الرسول: مُرِيْهِ فليعتق رقبة. فقالت لا يجد ذلك يا رسول الله، ثم قال مريه أن يصوم شهرين متتابعين، فقلت هو شيخ كبير لا يطيق الصوم، فقال: مريه ليطعم ستين مسكيناً، فقلت ما عنده شيء يا رسول الله، فقال: إنا سنعينه بعرق، فقلت وأنا أعينه بعرق أيضاً، فقال: اذهبي فأطعمي ستين مسكيناً وارجعي إلى ابن عمك" رواه أبو داود والعرق: ستون صاعاً من التمر.
وبهذا أبطل الإسلام ظهار الجاهلية وألغى أثره من التحريم المؤبد، فلم يجعله طلاقاً واعتبره منكراً من القول لأنه عبث بالحياة الزوجية وظلم للمرأة، وزور لأنه كذب. لهذا عاقبه على ذلك بحرمانه من الاستمتاع بها حتى يكفر عما ارتكبه من خطأ بعتق رقبة، فإن لم يجد فبصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فبإطعام ستين مسكيناً.
وقد اختلف الفقهاء في سبب وجوب الكفارة التي عبر عنها القرآن بقوله: {ثم يعودون لما قالوا}.
ذهب الحنفية إلى أنه العزم على مقاربتها ورجوعه عن الظهار. وتكون اللام بمعنى من أوفي وذلك لأن مقتضى الظهار تحريم قربان المرأة، فإذا عزم على قربانها يكون منه رجوعاً عما صدر منه من ظهار، فإذا رفع هذا التحريم وجب عليه التكفير.(18/279)
ذهب المالكية إلى ما ذهب إليه الحنفية في قول، وفي قول آخر بأنه العزم على الوطء مع إرادة إمساك العصمة.
وذهب الشافعية إلى أنه إمساكها بعد ظهاره زمن إمكانه فرقة، لأن العود للقول مخالفته. يقال قال فلان قولاً ثم عاد فيه أي خالفه ونقضه وهو قريب من قولهم عاد في هبته ومقصود الظهار وصف المرأة بالتحريم وإمساكه يخالفه وهذا المذهب الجديد وفي القديم تأويلان العزم على الوطء، أو الوطء.
وعلى هذا يكون موجب الظهار تحريم قربان المرأة ولا يحل له قربانها إلا بعد التكفير بواحد من الأمور الثلاثة مرتبة، فإذا واقعها قبل التكفير كان عاصياً يجب عليه الاستغفار وعدم قربانها مرة أخرى قبل أن يكفر لما روى أن رجلاً ظاهر من امرأته ثم واقعها قبل أن يكفر وأخبر الرسول بما فعل فقال له: ما حملك على ما صنعت قال: رأيت بياض ساقها في القمر، فقال له الرسول " استغفر الله ولا تعد حتى تكفر " منتقى الأخبار.
واتفق الفقهاء على أنه يحرم منها المقاربة.
واختلف الفقهاء فبما دونه من المس والنظر بشهوة والتقبيل: فذهب الحنفية والمالكية إلى تحريم ذلك.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى عدم تحريم ذلك.
تتمة: لو كرر الظهار قبل التفكير وجب عليه كفارة واحدة سواء صدر منه الظهار المكرر في مجلس واحد أو في مجالس متعددة، نوى به التأكيد أو الاستئناف أو لم ينوبه شيئاً منهما، لأن ما بعد الأول قول لم يحدث تحريماً للزوجة فلم يجب به كفارة ظهار كاليمين بالله تعالى، وإن ظاهر ثم كفر ثم ظاهر مرة ثانية وجبت عليه كفارة للظهار الثاني لأنه ظاهر بعد ما حلت له.
ـــــــــــــــــــ(18/280)
المحلى لابن حزم - (ج 5 / ص 492)
كِتَابُ الظِّهَارِ
1894 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ قَالَ مِنْ حُرٍّ , أَوْ عَبْدٍ لأَمْرَأَتِهِ , أَوْ لأََمَتِهِ الَّتِي يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي , أَوْ قَالَ لَهَا : أَنْتِ مِنِّي بِظَهْرِ أُمِّي , أَوْ كَظَهْرِ أُمِّي , أَوْ مِثْلُ ظَهْرِ أُمِّي فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ , وَلاَ يُحَرَّمُ بِذَلِكَ وَطْؤُهَا عَلَيْهِ , حَتَّى يُكَرِّرَ الْقَوْلَ بِذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى , فَإِذَا قَالَهَا مَرَّةً ثَانِيَةً وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ , وَهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ. وَيُجْزِئُ فِي ذَلِكَ : الْمُؤْمِنُ , وَالْكَافِرُ , وَالذَّكَرُ وَالأُُنْثَى , وَالْمَعِيبُ وَالسَّالِمُ , فَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَقَبَةٍ فَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ , وَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا , وَلاَ أَنْ يَمَسَّهَا بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ فَضْلاً ، عَنِ الْوَطْءِ إِلاَّ حَتَّى يُكَفِّرَ بِالْعِتْقِ , أَوْ بِالصِّيَامِ , فَإِنْ أَقْدَمَ أَوْ نَسِيَ فَوَطِئَ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالصِّيَامِ : أَمْسَكَ ، عَنِ الْوَطْءِ حَتَّى يُكَفِّرَ , وَلاَ بُدَّ. فَإِنْ عَجَزَ ، عَنِ الصِّيَامِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا مُتَغَايِرِينَ شَبَّعَهُمْ. وَلاَ يُحَرَّمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا قَبْلَ الإِطْعَامِ , وَلاَ يَجِبُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا إِلاَّ بِذِكْرِ " ظَهْرِ الأُُمِّ " ، وَلاَ يَجِبُ بِذِكْرِ فَرْجِ الأُُمِّ , وَلاَ بِعُضْوٍ غَيْرِ الظَّهْرِ , وَلاَ بِذِكْرِ الظَّهْرِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ الأُُمِّ , لاَ مِنْ ابْنَةٍ , وَلاَ مِنْ أَبٍ , وَلاَ مِنْ أُخْتٍ , وَلاَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ , وَالْجَدَّةُ أُمٌّ.
برهان ذَلِكَ : قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إنْ أُمَّهَاتُهُمْ الآيَةَ إلَى قوله تعالى : وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاَللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا. فَهَذِهِ الآيَةُ تَنْتَظِمُ كُلَّ مَا قُلْنَاهُ , لأََنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَذْكُرْ إِلاَّ الظَّهْرَ مِنْ الأُُمِّ , وَلَمْ يُوجِبْ تَعَالَى الْكَفَّارَةَ فِي ذَلِكَ إِلاَّ بِالْعَوْدِ لِمَا قَالَ , وَأَوْجَبَ عِتْقَ الرَّقَبَةِ , وَلَمْ يَخُصَّ كَافِرَةً مِنْ مُؤْمِنَةٍ , وَلاَ مَعِيبَةً مِنْ صَحِيحَةٍ , وَلاَ ذَكَرًا مِنْ أُنْثَى , وَلاَ كَبِيرًا مِنْ صَغِيرٍ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا.(18/281)
وَشَرَطَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ قَبْلَ التَّمَاسِّ. وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فِي الْكَفَّارَةِ بِالإِطْعَامِ لاَ يَضِلُّ رَبِّي ، وَلاَ يَنْسَى تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ. وَلاَ يُجْزِئُ التَّكْرَارُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ مِسْكِينًا , لأََنَّهُمْ لَيْسُوا سِتِّينَ مِسْكِينًا ,
وَلاَ خِلاَفَ فِي الإِشْبَاعِ. وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَعَالَى طَعَامًا دُونَ طَعَامٍ. وَلَمْ يَخُصَّ تَعَالَى حُرًّا مِنْ عَبْدٍ , وَلاَ زَوْجَةٍ مِنْ أَمَةٍ. وَفِيمَا ذَكَرْنَا خِلاَفٌ : ذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ الظِّهَارَ مِنْ الأَمَةِ لاَ تَجِبُ فِيهِ كَفَّارَةٌ رُوِيَ ذَلِكَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي قَوْلٍ لَهُ وَعِكْرِمَةُ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُمَا وَصَحَّ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ.
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَحْمَدَ , وَإِسْحَاقَ , وَأَصْحَابِهِمْ , إِلاَّ أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ فِي الظِّهَارِ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ : كَفَّارَةُ يَمِينٍ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : إنْ كَانَ يَطَأُ الأَمَةَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ , وَإِنْ كَانَ لاَ يَطَؤُهَا فَلاَ كَفَّارَةَ ظِهَارٍ عَلَيْهِ : صَحَّ هَذَا الْقَوْلُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِمَا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : الظِّهَارُ مِنْ الأَمَةِ كَالظِّهَارِ مِنْ الْحُرَّةِ : صَحَّ ذَلِكَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , وَالْحَسَنِ , وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ , وَمُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ , وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ , وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , وَالشَّعْبِيِّ , وَعِكْرِمَةَ , وطَاوُوس , وَالزُّهْرِيِّ , وَقَتَادَةَ , وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ , وَاللَّيْثِ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ , وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ , وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِمْ.
قال أبو محمد رحمه الله : احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ لَيْسَ ظِهَارًا بِأَنْ قَالُوا : قِسْنَاهُ عَلَى الإِيلاَءِ
قَالَ عَلِيٌّ : الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ , ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ وَالتَّحَكُّمِ , لأََنَّهُ لَيْسَ قِيَاسُ ذِكْرِ النِّسَاءِ فِي الظِّهَارِ عَلَى ذِكْرِ النِّسَاءِ فِي الإِيلاَءِ بِأَوْلَى مِنْ قِيَاسِ ذِكْرِ النِّسَاءِ فِي الظِّهَارِ عَلَى ذِكْرِ النِّسَاءِ فِيمَا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا , إذْ يَقُولُ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ بِإِجْمَاعٍ مِنَّا وَمِنْهُمْ الإِمَاءُ مَعَ الْحَرَائِرِ. وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : إنَّ أَضْعَفَ النُّصُوصِ(18/282)
أَوْلَى مِنْ الْقِيَاسِ , وَهَذَا مَكَانٌ تَرَكُوا فِيهِ عُمُومَ الْقُرْآنِ لِقِيَاسٍ فَاسِدٍ , وَلَيْسَ فِي الظِّهَارِ عِلَّةٌ تَجْمَعُهُ بِالإِيلاَءِ فَيَجُوزُ الْقِيَاسُ عَلَيْهَا عِنْدَ أَصْحَابِ الْقِيَاسِ , وَأَتَوْا بِأَهْذَارٍ بَعْدَ هَذَا لاَ مَعْنَى لِذَكَرِهَا , لأََنَّهَا سَخَافَاتٌ وَحَمَاقَاتٌ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : الظِّهَارُ يَجِبُ بِقَوْلٍ مَرَّةً. وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى " الْعَوْدِ لِمَا قَالُوا ". فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مَرَّةً " الْعَوْدُ لِمَا قَالُوا " هُوَ الْوَطْءُ نَفْسُهُ , فَلاَ تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ حَتَّى يَطَأَهَا , فَإِذَا وَطِئَهَا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ , وَالإِمْسَاكُ ، عَنْ وَطْئِهَا حِينَئِذٍ صَحَّ ذَلِكَ ، عَنْ طَاوُوس , وَقَتَادَةَ , وَالْحَسَنِ , وَالزُّهْرِيِّ.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا. قَالَ : جَعَلَهَا عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ ثُمَّ يَعُودُ فَيَطَؤُهَا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ , ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا قَالَ : يَعُودُ لِمَسِّهَا.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُوس ، عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا. قَالَ : جَعَلَهَا عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ , ثُمَّ يَعُودُ فَيَطَؤُهَا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : إذَا تَكَلَّمَ بِالظِّهَارِ فَقَدْ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ :
كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ طَاوُوس قَالَ : إذَا تَكَلَّمَ بِالظِّهَارِ فَقَدْ لَزِمَهُ
وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ قَالَ الْبَتِّيُّ : إنْ مَاتَتْ لَمْ يَصِلْ إلَى مِيرَاثِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ , وَإِنْ وَطِئَهَا كَفَرَ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : الْعَوْدُ هَهُنَا إرَادَةُ الْوَطْءِ , فَمَنْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ كَفَّارَةُ الْوَطْءِ حَتَّى يُرِيدَ وَطْأَهَا , فَإِذَا أَرَادَ وَطْأَهَا فَحِينَئِذٍ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ , فَإِنْ بَدَا لَهُ ، عَنْ وَطْئِهَا سَقَطَتْ(18/283)
عَنْهُ الْكَفَّارَةُ , فَإِنْ أَرَادَ وَطْأَهَا عَادَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ , فَإِنْ بَدَا لَهُ سَقَطَتْ عَنْهُ , وَهَكَذَا أَبَدًا.
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي أَشْهَرِ قَوْلَيْهِ
وَرُوِيَ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونِ , وَمَا نَعْلَمُ هَذَا ، عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُمَا وَهُوَ أَسْقَطُ الأَقْوَالِ لِتَعَرِّيهِ ، عَنِ الأَدِلَّةِ , وَلأََنَّهُ إيجَابٌ وَإِبْطَالٌ لِلدَّعْوَى بِلاَ مَعْنَى.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : مَعْنَى " الْعَوْدِ " أَنَّ الظِّهَارَ يُوجِبُ تَحْرِيمًا لاَ تَرْفَعُهُ إِلاَّ الْكَفَّارَةُ , إِلاَّ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَطَأْهَا مُدَّةً طَوِيلَةً حَتَّى مَاتَتْ فَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَرَادَ فِي خِلاَلِ ذَلِكَ وَطْأَهَا أَوْ لَمْ يُرِدْ , فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا فَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ , فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ عَادَ عَلَيْهِ حُكْمُ الظِّهَارِ , وَلاَ يَطَؤُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ , وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , قَالَ : وَالظِّهَارُ قَوْلٌ كَانُوا يَقُولُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَنُهُوا عَنْهُ , فَكُلُّ مَنْ قَالَهُ فَقَدْ عَادَ لِمَا قَالَ قال أبو محمد رحمه الله : وَهَذَا قَرِيبٌ فِي الْفَسَادِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ , لأََنَّهُ تَحَكُّمٌ بِالْبَاطِلِ وَلَعِبٌ وَكَذِبٌ ظَاهِرٌ , لأََنَّ الَّذِينَ يَقُولُونَهُ فِي الإِسْلاَمِ لَمْ يَقُولُوهُ قَطُّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , وَإِنَّمَا
قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا وَلَمْ يَقُلْ : لِمَا قَالَ غَيْرُهُمْ. وَذِكْرُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يُغْنِي ، عَنْ تَكَلُّفِ الرَّدِّ عَلَيْهِمَا لِظُهُورِ فَسَادِهِمَا , وَأَنَّهُمَا شَرْعٌ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى , وَأَنَّهُمَا لاَ يُحْفَظَانِ ، عَنْ أَحَدٍ قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ , وَمَالِكٍ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : الْعَوْدُ هُوَ أَنْ يُظَاهِرَ مِنْهَا ثُمَّ يُمْسِكَهَا مُدَّةً بِقَدْرِ أَنْ يَقُولَ فِيهَا : أَنْتِ طَالِقٌ , فَلاَ يُطَلِّقُهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ , فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ عَادَ لِمَا قَالَ. وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ مَاتَتْ أَوَعَاشَتْ , طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا إثْرَ ظِهَارِهِ مِنْهَا فَلاَ كَفَّارَةَ ظِهَارٍ عَلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ , وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا. وَرَوَى أَشْهَبُ ، عَنْ مَالِكٍ ، أَنَّهُ قَالَ : إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ أَمْسَكَهَا وَعَزَمَ عَلَى وَطْئِهَا فَقَدْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ , وَلاَ تَسْقُطُ عَنْهُ بَعْدُ مَاتَتْ أَوْ عَاشَتْ.(18/284)
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ كَقَوْلِنَا رُوِيَ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ , وَيَحْيَى بْنِ زِيَادٍ الْفَرَّاءِ وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ ، عَنْ عَطَاءٍ.
قال أبو محمد رحمه الله : جَمِيعُ الأَقْوَالِ الَّتِي قَدَّمْنَا إنَّمَا هِيَ دَعَاوَى لاَ تُوَافِقُ فِي اللُّغَةِ الَّتِي بِهَا خَاطَبَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَبِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ لَفْظَةُ " الْعَوْدِ لِمَا قَالَ " وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ بِيَقِينٍ , نَعْنِي مَنْ فَسَّرَ " الْعَوْدَ " بِالْوَطْءِ , أَوْ بِإِرَادَةِ الْوَطْءِ , أَوْ بِالإِمْسَاكِ , إذْ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا عَوْدًا لِمَا قَالَ.
وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ : إنَّهُ يُوجِبُ تَحْرِيمًا لاَ يَرْفَعُهُ إِلاَّ الْكَفَّارَةُ , لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ الْكَفَّارَةَ بِالظِّهَارِ وَحْدَهُ , لَكِنْ بِهِ وَبِ " الْعَوْدِ لِمَا قَالَ هَذَا نَصُّ الْقُرْآنِ.
قال أبو محمد رحمه الله : وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ قَوْلُنَا وَهُوَ " أَنْ يَعُودَ لِمَا قَالَ ثَانِيَةً " ، وَلاَ يَكُونُ الْعَوْدُ لِلْقَوْلِ إِلاَّ بِتَكْرِيرِهِ , لاَ يُعْقَلُ فِي اللُّغَةِ غَيْرُ هَذَا , وَبِهَذَا جَاءَتْ السُّنَّةُ :
كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ , وَمُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ عَارِمٍ , كِلاَهُمَا ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : أَنَّ جَمِيلَةَ بِنْتَ ثَعْلَبَةَ امْرَأَةَ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ وَكَانَ بِهِ لَمَمٌ فَكَانَ إذَا اشْتَدَّ لَمَمُهُ ظَاهَرَ مِنْهَا , فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ.
قال أبو محمد رحمه الله : هَذَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ ، وَلاَ بُدَّ , وَلاَ يَصِحُّ فِي الظِّهَارِ إِلاَّ هَذَا الْخَبَرُ وَحْدَهُ , إِلاَّ خَبَرًا نَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَكُلُّ مَا عَدَا ذَلِكَ فَسَاقِطٌ إمَّا مُرْسَلٌ ,
وَأَمَّا مِنْ رِوَايَةِ مَنْ لاَ خَيْرَ فِيهِ , كَمَا بَيَّنَّا فِي " كِتَابِ الإِيصَالِ " وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّقَابِ : فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لاَ يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ عِتْقُ الْكِتَابِيِّ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا , وَأَبُو حَنِيفَةَ : يَجْزِي وَإِنَّمَا قَالَ الْمَالِكِيُّونَ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى رَقَبَةِ كَفَّارَةِ قَتْلِ الْخَطَأِ.(18/285)
قال أبو محمد رحمه الله : وَهَذَا خَطَأٌ , لأََنَّ الْقِيَاسَ بَاطِلٌ , وَلَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا [ مِنْهُ ] بَاطِلاً , لأََنَّهُمْ جَمَعُوا بَيْنَ الْكَفَّارَتَيْنِ فِي أَنْ لاَ يَجْزِيَ فِيهِمَا كَافِرٌ , وَلَمْ يَجْمَعُوا بَيْنَهُمَا , وَلاَ قَاسُوا إحْدَاهُمَا عَلَى الأُُخْرَى فِي تَعْوِيضِ الإِطْعَامِ مِنْ الصِّيَامِ لِمَنْ عَجَزَ ، عَنِ الصِّيَامِ وَهَذَا تَحَكُّمٌ لاَ يَسُوغُ لأََحَدٍ.
فَإِنْ قَالُوا : لَمْ يُذْكَرْ تَعْوِيضُ الصِّيَامِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ , إنَّمَا ذُكِرَ فِي الظِّهَارِ .
فَقُلْنَا : وَلاَ ذُكِرَتْ الْمُؤْمِنَةُ إِلاَّ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ , وَلَمْ تُذْكَرْ فِي الظِّهَارِ ,
فأما قِيسُوا كُلَّ وَاحِدَةٍ عَلَى الأُُخْرَى ,
وَأَمَّا أَنْ لاَ تَقِيسُوا [ كُلَّ ] وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى الأُُخْرَى.
وَأَمَّا قِيَاسُكُمْ إحْدَاهُمَا عَلَى الأُُخْرَى فِي بَعْضِ مَا فِيهَا دُونَ سَائِرِ مَا فِيهَا فَتَحَكُّمٌ فَاسِدٌ , وَمُنَاقَضَةٌ ظَاهِرَةٌ
وقال أبو حنيفة , وَمَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ فِي الرَّقَبَةِ الْمَعِيبَةِ أَقْوَالاً فِي غَايَةِ الْفَسَادِ. وَلاَ نَدْرِي مَا ذَنْبُ الْمَعِيبِ عِنْدَهُمْ , فَلَمْ يُجِيزُوا عِتْقَهُ فِي وَاجِبٍ.
فَإِنْ قَالُوا : السَّالِمُ أَكْثَرُ ثَمَنًا
قلنا : وَالْبَيْضَاءُ الْجَمِيلَةُ أَكْثَرُ ثَمَنًا مِنْ السَّوْدَاءِ الذَّمِيمَةِ , فَلاَ تُجِيزُوا فِي ذَلِكَ السَّوْدَاءَ الذَّمِيمَةَ وَجُمْلَةُ الأَمْرِ فَإِنَّمَا هِيَ آرَاءٌ فَاسِدَةٌ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ التَّحَكُّمِ فِي الدِّينِ بِمِثْلِهَا. وَقَدْ
رُوِّينَا ، عَنِ النَّخَعِيِّ , وَالشَّعْبِيِّ : أَنَّ عِتْقَ الأَعْمَى يَجْزِي فِي ذَلِكَ , وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ الأَشَلَّ يَجْزِي.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : إنْ ظَاهَرَ بِذَاتِ مَحْرَمٍ فَهُوَ ظِهَارٌ , وَإِنْ ظَاهَرَ بِغَيْرِ ذَاتِ مَحْرَمٍ فَلَيْسَ ظِهَارًا :
رُوِّينَا ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ : مَنْ ظَاهَرَ مِنْ ذَاتِ مَحْرَمٍ فَهُوَ ظِهَارٌ.(18/286)
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ : مَنْ ظَاهَرَ بِذَاتِ مَحْرَمٍ أَوْ بِأُخْتٍ مِنْ الرَّضَاعَةِ , فَكُلُّ ذَلِكَ كَأُمِّهِ لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ , فَإِنْ ظَاهَرَ بِبِنْتِ خَالِهِ فَلَيْسَ ظِهَارًا. وَرُوِّينَاهُ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ , وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ هُوَ أَشْهُرُ أَقْوَالِهِ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ ظَاهَرَ بِامْرَأَةٍ حَلَّ لَهُ نِكَاحُهَا يَوْمًا وَمِنْ الدَّهْرِ فَلَيْسَ ظِهَارًا , مَنْ ظَاهَرَ بِامْرَأَةٍ لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا قَطُّ فَهُوَ ظِهَارٌ.
وقال مالك : مَنْ ظَاهَرَ بِذَاتِ مَحْرَمٍ أَوْ بِأَجْنَبِيَّةٍ أَوْ بِابْنَةٍ فَهُوَ كُلُّهُ ظِهَارٌ.
وَرُوِّينَا ، عَنِ الشَّعْبِيِّ : لاَ ظِهَارَ إِلاَّ بِأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ وَهُوَ قَوْلٌ رَوَاهُ أَيْضًا أَبُو ثَوْرٍ ، عَنِ الشَّافِعِيِّ.
وَبِهِ يَقُولُ أَبُو سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابُنَا.
قال أبو محمد رحمه الله : يُقَالُ لِمَنْ قَالَ : لاَ ظِهَارَ إِلاَّ مِنْ ذَاتِ مَحْرَمٍ : مِنْ أَيْنَ خَصَّصْتُمْ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ
فَإِنْ قَالُوا : لأََنَّهُنَّ مُحْرِمَاتٌ كَالأُُمِّ
قلنا : وَالأَبُ أَيْضًا مُحَرَّمٌ كَالأُُمِّ , وَجَمِيعُ الرِّجَالِ كَذَلِكَ.
فَإِنْ قَالُوا : لَيْسُوا مِنْ النِّسَاءِ , وَالأُُمُّ مِنْ النِّسَاءِ
قلنا : وَلاَ ذَوَاتُ الْمَحَارِمِ أُمَّهَاتٌ , وَالأُُمُّ هِيَ الَّتِي وَلَدَتْهُ , فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ قِيَاسٍ وَقِيَاسٍ وَقَالَ لِمَنْ قَالَ بِالظِّهَارِ مِنْ كُلِّ أَجْنَبِيَّةٍ , وَمِنْ الأَبِ أَيْضًا : مِنْ أَيْنَ قِسْتُمْ الظِّهَارَ بِالأَبِ عَلَى الظِّهَارِ بِالأُُمِّ , وَلَمْ تَقِيسُوا ظِهَارَ الْمَرْأَةِ مِنْ الرَّجُلِ عَلَى ظِهَارِ الرَّجُلِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَقَدْ قَالَ بِهَذَا جَمَاعَةٌ , كُلُّهُمْ أَجَلُ مِنْ مَالِكٍ , وَأَبِي حَنِيفَةَ :
كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ نَا هُشَيْمٌ أَنَا مُغِيرَةُ ، هُوَ ابْنُ مِقْسَمٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ : أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَتْ : إنْ تَزَوَّجْت مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَهُوَ عَلَيَّ(18/287)
كَظَهْرِ أُمِّي فَسَأَلْت أَهْلَ الْمَدِينَةِ , فَرَأَوْا أَنَّ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةَ قَالَ الأَثْرَمُ : فَقُلْت لأََحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : أَتُكَفِّرُ قَالَ : نَعَمْ تُكَفِّرُ فَهَذَا كَمَا يَرَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي زَمَنِ مُصْعَبٍ هَذَا قَدِيمٌ.
وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ : أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ ظَاهَرَتْ مِنْ الْمُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ إنْ تَزَوَّجَتْهُ , فَتَزَوَّجَتْهُ فَسَأَلَتْ الْفُقَهَاءَ وَهُمْ مُتَوَافِرُونَ فَأُمِرَتْ بِكَفَّارَةٍ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ , وَأَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيِّ , قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ , وَقَالَ الْحُمْرَانِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ , كِلاَهُمَا بِمِثْلِ حَدِيثِ إبْرَاهِيمَ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ قَالَ : قَالَتْ بِنْتُ طَلْحَةَ : مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ إنْ نَكَحْته فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِيهَا , ثُمَّ نَكَحَتْهُ , فَسَأَلَتْ ، عَنْ ذَلِكَ أَصْحَابَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالُوا : تُكَفِّرُ.
وبه إلى مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي امْرَأَةٍ قَالَتْ لِزَوْجِهَا : هُوَ عَلَيْهَا كَأَبِيهَا فَقَالَ الزُّهْرِيُّ : قَالَتْ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا , فَنَرَى أَنْ تُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ , أَوْ بِصَوْمِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ , أَوْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ، وَلاَ يَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا أَنْ يَطَأَهَا.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ النَّهْدِيِّ ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَرَى : تُظَاهِرُ الْمَرْأَةُ مِنْ الرَّجُلِ ظِهَارًا
وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ , وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ , وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيِّ.
فَإِنْ قَالُوا : كَانَ الظِّهَارُ طَلاَقَ الْجَاهِلِيَّةِ وَالطَّلاَقُ إلَى الرِّجَالِ
قلنا : وَمِنْ أَيْنَ صَحَّ عِنْدَكُمْ أَنَّ الظِّهَارَ كَانَ طَلاَقَ الْجَاهِلِيَّةِ فَكَيْفَ وَأَنْتُمْ تُجِيزُونَ أَنْ يَكُونَ الطَّلاَقُ بِيَدِ الْمَرْأَةِ إذَا جَعَلَهُ الرَّجُلُ بِيَدِهَا فَقُولُوا كَذَلِكَ فِي الظِّهَارِ , وَهَذَا كُلُّهُ يُبَيِّنُ فَسَادَ الْقِيَاسِ وَتَنَاقُضَهُ.(18/288)
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ , مِنْهُمْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , وَالشَّافِعِيُّ : إنْ ظَاهَرَ بِرَأْسِ أُمِّهِ أَوْ يَدِهَا فَهُوَ ظِهَارٌ.
وقال أبو حنيفة : إنْ ظَاهَرَ بِشَيْءٍ لاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ مِنْ أُمِّهِ فَهُوَ ظِهَارٌ , وَإِنْ ظَاهَرَ بِشَيْءٍ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ مِنْ أُمِّهِ فَلَيْسَ ظِهَارًا.
قال أبو محمد رحمه الله : وَكُلُّ هَذِهِ مَقَايِيسُ فَاسِدَةٌ , لَيْسَ بَعْضُهَا أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ.
وَكَذَلِكَ قِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ : أَنَّ مَا ظَاهَرَ بِهِ مِنْ أَعْضَاءِ أُمِّهِ فَهُوَ ظِهَارٌ وَالْحَقُّ مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنْ لاَ نَتَعَدَّى النَّصَّ الَّذِي حَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ.
وقال أبو حنيفة : إنْ كَرَّرَ الإِطْعَامَ عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ سِتِّينَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ.
قال أبو محمد رحمه الله : هَذَا خِلاَفُ إيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى سِتِّينَ مِسْكِينًا
وَأَمَّا مَنْ شَرَعَ فِي الصَّوْمِ فَوَطِئَ لَيْلاً قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهُنَّ أَوْ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقٍ أَوْ بِصَوْمٍ فَرُوِيَ ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لاَ يُكَفِّرُ , لأََنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ عَلَى الْكَفَّارَةِ. وَقَالَ آخَرُونَ : لَيْسَ عَلَيْهِ إِلاَّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ :
كَمَا رُوِّينَا ، عَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي الْمَظَاهِر يُجَامِعُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ قَالَ : يَمْسِكُ حَتَّى يُكَفِّرَ.
وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَيْضًا ، عَنِ الصَّلْتِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ : سَأَلْت عَشَرَةً مِنْ الْفُقَهَاءِ ، عَنِ الْمُظَاهِرِ يُجَامِعُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ فَقَالُوا : كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَقَالَ وَكِيعٌ : وَهُمْ : الْحَسَنُ , وَابْنُ سِيرِينَ , وَمُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ , وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ , وَقَتَادَةُ , وَعَطَاءٌ , وطَاوُوس وَمُجَاهِدٌ , وَعِكْرِمَةُ. قَالَ وَكِيعٌ : وَالْعَاشِرُ أَرَاهُ نَافِعًا
وَهُوَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ , وَالشَّعْبِيِّ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ :(18/289)
كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى , وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , قَالَ عَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةُ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ , وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ : عَنِ التَّيْمِيِّ بَلَغَنِي ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ , ثُمَّ اتَّفَقَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ، وَابْنُ عُمَرَ فِي الْمَظَاهِر يَطَؤُهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ قَالاَ جَمِيعًا : عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ عُمَرَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ فِي الْمَظَاهِر يَطَؤُهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ قَالَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ. قَالَ مَعْمَرٌ :
وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ أَيْضًا
وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ , وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَاضِي.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : عَلَيْهِ ثَلاَثُ كَفَّارَاتٍ :
كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ , وَعُبَيْدَةُ , قَالَ يُونُسُ : عَنِ الْحَسَنِ , وَقَالَ عُبَيْدَةُ : عَنْ إبْرَاهِيمَ , قَالاَ جَمِيعًا فِي الَّذِي يُظَاهِرُ ثُمَّ يَطَؤُهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ : عَلَيْهِ ثَلاَثُ كَفَّارَاتٍ
قال أبو محمد رحمه الله : كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ لَوْلاَ الْخَبَرُ الَّذِي
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حُرَيْثٍ ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ ، عَنْ عِكْرِمَةُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي ظَاهَرْتُ مِنْ امْرَأَتِي فَوَقَعْتُ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ أُكَفِّرَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
قال أبو محمد رحمه الله : فَوَجَبَ الْوُقُوفُ عِنْدَ أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم .
قال علي : وهذا خَبَرٌ صَحِيحٌ مِنْ رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ لاَ يَضُرُّهُ إرْسَالُ مَنْ أَرْسَلَهُ.
قال أبو محمد رحمه الله :(18/290)
وَأَمَّا مَنْ شَرَعَ فِي الصَّوْمِ فَوَطِئَ قُبُلَ الَّتِي ظَاهَرَ عَلَيْهَا لَيْلاً , قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الشَّهْرَيْنِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ : يَبْتَدِئُ الشَّهْرَيْنِ مِنْ ذِي قَبْلٍ ,
وقال أبو حنيفة ; وَالشَّافِعِيُّ : يُتِمُّهُمَا بَانِيًا عَلَى مَا صَامَ مِنْهُمَا. وَهَذَا هُوَ صَحِيحٌ , إذْ إنَّمَا كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّهْرَانِ يَتِمَّانِ قَبْلَ الْوَطْءِ فَإِذْ لاَ سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ بَعْدُ فَلاَ يَكُونُ مَا بَقِيَ مِنْهُمَا بَعْدَ الْوَطْءِ , وَمَا مَضَى مِنْهُمَا قَبْلَ الْوَطْءِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَقْصِدَ إلَى أَنْ يَكُونَا بِكَمَالِهِمَا بَعْدَ الْوَطْءِ.
وَأَمَّا ظِهَارُ الْعَبْدِ فَفِيهِ اخْتِلاَفٌ.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ فِي الْعَبْدِ يُظَاهِرُ مِنْ امْرَأَتِهِ أَنَّهُ إنْ صَامَ شَهْرًا أَجْزَأَ عَنْهُ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ فِي عَبْدٍ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَةٍ قَالَ : يَنْتَظِرُ الصَّوْمَ , وَلاَ ظِهَارَ لِعَبْدٍ دُونَ سَيِّدِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ :
كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي الْعَبْدِ الْمَظَاهِرِ يَصُومُ شَهْرَيْنِ وَإِنْ أَذِنُوا لَهُ فِي الْعِتْقِ جَازَ , وَلَهُ أَنْ يُطْعِمَ. وَقَدْ
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي تَكْفِيرِ الْعَبْدِ قَالَ : لَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ إِلاَّ الصَّوْمُ وَالصَّلاَةُ. وَقَالَ طَاوُوس كَقَوْلِنَا
كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ : قُلْت لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُوس : مَا كَانَ أَبُوك يَقُولُ فِي ظِهَارِ الْعَبْدِ قَالَ : كَانَ يَقُولُ عَلَيْهِ مِثْلُ كَفَّارَةِ الْحُرِّ.
وقال أبو حنيفة , وَمَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ : يَصُومُ شَهْرَيْنِ ، وَلاَ يَجْزِيهِ الْعِتْقُ.
قَالَ عَلِيٌّ : لَمْ يَخُصَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حُرًّا مِنْ عَبْدٍ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا
1895 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ كَرَّرَهُ , ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ ظِهَارٌ , وَلاَ كَفَّارَةٌ. وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا : فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ(18/291)
الزُّرَقِيِّ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ , قَالَ : جَعَلَ رَجُلٌ امْرَأَةً كَظَهْرِ أُمِّهِ إنْ تَزَوَّجَهَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : إنْ تَزَوَّجْتهَا فَلاَ تَقْرَبْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ.
وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ , وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , وَالْحَسَنِ , وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ , صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُمْ.
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَمَالِكٍ , وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , وَأَصْحَابِهِمْ , وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَإِسْحَاقَ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ كَمَا
قلنا :
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى الظِّهَارَ قَبْلَ النِّكَاحِ شَيْئًا , وَلاَ يَرَى أَيْضًا الطَّلاَقَ قَبْلَ النِّكَاحِ شَيْئًا وَهَذَا فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الْحَسَنِ , وَقَتَادَةَ , قَالاَ جَمِيعًا : إنْ ظَاهَرَ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ.
قال أبو محمد رحمه الله : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ فَإِنَّمَا جَعَلَ الْكَفَّارَةَ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ , ثُمَّ عَادَ لِمَا قَالَ , وَلَمْ يَجْعَلْ تَعَالَى ذَلِكَ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ غَيْرِ امْرَأَتِهِ.
فإن قيل : فَإِنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا فَهُوَ مُظَاهِرٌ مِنْهَا , وَهِيَ امْرَأَتُهُ
قلنا : إنَّمَا الظِّهَارُ حِينَ النُّطْقِ بِهِ لاَ بَعْدَ ذَلِكَ , وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ لاَ يَلْزَمَ الْحُكْمُ لِلْقَوْلِ حِينَ يُقَالُ ثُمَّ يَلْزَمَ حِينَ لاَ يُقَالُ. وَمَنْ عَلَّقَ ظِهَارَهُ بِشَيْءٍ يَفْعَلُهُ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ : أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ وَطَأْتُك , أَوْ قَالَ : إنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا وَكَرَّرَ ذَلِكَ فَلَيْسَ ظِهَارًا فَعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ(18/292)
لأََنَّهُ لَمْ يُمْضِ الظِّهَارَ ، وَلاَ الْتَزَمَهُ حِينَ نَطَقَ بِهِ , وَكُلُّ مَا لَمْ يَلْزَمْ حِينَ الْتِزَامِهِ لَمْ يَلْزَمْ فِي غَيْرِ حَالِ الْتِزَامِهِ , إِلاَّ أَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ نَصٌّ , وَلاَ نَصَّ هَهُنَا.
1896 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ ظَاهَرَ ثُمَّ كَرَّرَ ثَانِيَةً , ثُمَّ ثَالِثَةً , فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلاَّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ , لأََنَّ الثَّانِيَةَ بِهَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ كَمَا قَدَّمْنَا وَحَصَلَتْ الثَّالِثَةُ مُنْفَرِدَةً لاَ تُوجِبُ شَيْئًا , فَإِنْ كَرَّرَ رَابِعَةً فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى , وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي كُلِّ مَا أَعَادَ مِنْ الظِّهَارِ لأََنَّ بِتَكْرَارِهِ ثَانِيَةً تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَتَلْزَمُ , فَيَكُونُ فِيمَا بَعْدَهَا مُبْتَدِئًا لِلظِّهَارِ , فَإِنْ كَرَّرَهُ وَجَبَتْ كَفَّارَةٌ أَيْضًا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَقَدْ جَاءَتْ فِي هَذَا آثَارٌ :
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ خِلاَسٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : إذَا ظَاهَرَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ مِرَارًا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ , وَإِنْ ظَاهَرَ فِي مَقَاعِدَ شَتَّى فَعَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ شَتَّى , وَالإِيمَانُ كَذَلِكَ
وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ , وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُمَا. وَقَالَ آخَرُونَ : لَيْسَ فِي كُلِّ ذَلِكَ إِلاَّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.
رُوِّينَا ، عَنْ طَاوُوس , وَعَطَاءٍ , وَالشَّعْبِيِّ قَالُوا : إذَا ظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ خَمْسِينَ مَرَّةً فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٍ. وَصَحَّ مِثْلُهُ ، عَنِ الْحَسَنِ , وَعَطَاءٍ
وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ , سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي مَجَالِسَ شَتَّى مَا لَمْ يُكَفِّرْ , فَإِنْ كَفَّرَ ثُمَّ ظَاهَرَ فَكَفَّارَةٌ أُخْرَى.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : إذَا ظَاهَرَ مِرَارًا وَإِنْ كَانَ فِي مَجَالِسَ شَتَّى فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يُكَفِّرْ , وَالأَيْمَانُ كَذَلِكَ قَالَ مَعْمَرٌ :
وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ.
قال أبو محمد رحمه الله :(18/293)
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ
وقال أبو حنيفة : إنْ كَانَ كَرَّرَ الظِّهَارَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَنَوَى التَّكْرَارَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ , وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلِكُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ , وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي مَجَالِسَ شَتَّى.
قَالَ عَلِيٌّ : لاَ نَعْلَمُ هَذَا ، عَنْ أَحَدٍ قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ وَهَذِهِ أَقْوَالٌ لاَ
برهان عَلَى صِحَّتِهَا , لاَ مِنْ قُرْآنٍ , وَلاَ سُنَّةٍ , وَلاَ مِنْ قِيَاسٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
1897 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ لَمْ يُسْقِطْهَا عَنْهُ مَوْتُهُ , وَلاَ مَوْتُهَا , وَلاَ طَلاَقُهُ لَهَا , وَهِيَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إنْ مَاتَ أَوْصَى بِهَا أَوْ لَمْ يُوصِ لأََنَّهَا مِنْ دُيُونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى دُيُونِ النَّاسِ.
1898 - مَسْأَلَةٌ : فَمَنْ عَجَزَ ، عَنْ جَمِيعِ الْكَفَّارَاتِ : فَحُكْمُهُ الإِطْعَامُ أَبَدًا أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَمْ يُوسِرْ , قَوِيَ عَلَى الصِّيَامِ أَوْ لَمْ يَقْوَ وَذَلِكَ لأََنَّهُ إذَا عَجَزَ ، عَنِ الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ فَقَدْ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الإِطْعَامُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ , وَلَمْ يُعَوِّضْ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، مِنْهُ شَيْئًا أَصْلاً , فَهُوَ حُكْمُ مَنْ عَجَزَ ، عَنِ الْعِتْقِ وَالصَّوْمِ , وَمَنْ عَجَزَ ، عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُوَقِّتْ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، لَهُ آخَرَ فَهُوَ لاَزِمٌ أَبَدًا , لأََنَّ أَمْرَهُ تَعَالَى وَاجِبٌ لاَ يُسْقِطُهُ شَيْءٌ. وَمَنْ كَانَ حِينَ لُزُومِهِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ لَهُ قَادِرًا عَلَى عِتْقِ رَقَبَةٍ لَمْ يَجْزِهِ غَيْرُهَا أَبَدًا , وَإِنْ افْتَقَرَ فَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، لأََنَّ فَرْضَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ قَدْ اسْتَقَرَّ , فَلاَ يُحِيلُهُ شَيْءٌ. وَمَنْ كَانَ عَاجِزًا ، عَنِ الرَّقَبَةِ قَادِرًا عَلَى صَوْمِ شَهْرَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ , وَلاَ يَحُولُ بَيْنَهُمَا رَمَضَانُ , وَلاَ بِيَوْمٍ لاَ يَحِلُّ صِيَامُهُ , وَاتَّصَلَتْ قُوَّتُهُ كَذَلِكَ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَمْ يَصُمْهَا , ثُمَّ عَجَزَ ، عَنِ الصَّوْمِ إلَى أَنْ مَاتَ لَمْ يَجْزِهِ إطْعَامٌ ، وَلاَ عِتْقٌ أَبَدًا , فَإِنْ صَحَّ صَامَهُمَا , وَإِنْ مَاتَ صَامَهُمَا عَنْهُ وَلِيُّهُ , لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ فَلَوْ لَمْ تَتَّصِلْ صِحَّتُهُ(18/294)
وَقُوَّتُهُ عَلَى الصِّيَامِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا , فَإِنَّ أَيْسَرَ فِي خِلاَلِهَا فَالْعِتْقُ فَرْضُهُ أَبَدًا , فَإِنْ لَمْ يُوسِرْ فَالإِطْعَامُ فَرْضُهُ أَبَدًا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الشيخ عبدالله بن عقيل - (ج 1 / ص 356)
[332] في مظاهرة الرجل من زوجته
رجل خطب امرأة، واتفق مع أهلها وسلم لهم بعض الصداق، ثم صار بينهم نزاع، فقال: هي علي حرام كما حرمت مكة على اليهود، وكما حرمت علي أمي وأختي، فما حكم ذلك؟
الإجابة: إذا كان الحال كما ذكر فهذا ظهار، ولا تحرم عليه بمجرد ذلك، فإذا أراد أن يعقد عليها فلا مانع، ولكن لا يقربها ولا يمسها حتى يُكفِّر كفارة الظهار، وحيث ذكر أنه عاجز عن عتق رقبة فعليه صيام شهرين متتابعين، ولا يقطع التتابع إلا من عذر شرعي كمرض ونحوه.
ـــــــــــــــــــ(18/295)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
أحكام العدة
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(19/1)
عدة المطلقة وعدة المتوفى عنها زوجها
تاريخ 10 شعبان 1427 / 04-09-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أكرم خلق الله.
السؤال عن عدة المرأة، لماذا عدة المطلقة ثلاثة أشهر بينما عدة الأرملة أربعة أشهر وعشر ؟ طرح علي هذا السؤال عدة مرات من زميلات لي بالعمل ولذلك أريد جوابا دقيقا ؟
بارك الله فيكم وجزاكم كل خير .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدة المطلقة تختلف باختلاف حال المرأة، فإن كانت حاملا فتنتهي عدتها بوضع حملها، سواء كان وضع حملها بعد طلاقها بلحظة أو بتسعة أشهر، وإن كانت غير حامل وهي ممن تحيض فعدتها ثلاثة قروء، وإن كانت لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر، وأما الحكمة من كون المعتدة عن وفاة تعتد أربعة أشهر وعشرا فسبق جواب ذلك في الفتاوى التالية: 6541 ، 35561 ، 1779 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
بداية عدة المرأة
تاريخ 23 ذو القعدة 1425 / 04-01-2005
السؤال
من أي يوم يجب على المرأة دخول العدة .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت العدة عن طلاق فتحسب العدة من لحظة تلفظه بالطلاق، وإن كان الطلاق معلقا بفعل أمر ففعلته الزوجة فتحسب العدة من لحظة فعلها ذلك الأمر، وإن كانت العدة عن وفاة فمن موت الزوج وقد سبق بيان جميع ذلك في فتاوى كثيرة، منها الفتاوى بالأرقام التالية 46557، 25885، 28634. والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
استعمال المعتدة الكريم والشامبو
تاريخ 23 ذو القعدة 1425 / 04-01-2005
السؤال
حكم استعمال الشامبو والكريم للمعتدة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(19/2)
فلا مانع من استعمال الشامبو والكريم في حق المعتدة عن طلاق، أما المعتدة عن وفاة فلا مانع أيضا مما ذكر مالم يكن فيه طيب، كما ذكرنا في الفتوى رقم 5267، والفتوى رقم 11084، والفتوى رقم 34387 .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عدة المرأة من السفاح
تاريخ 29 شوال 1425 / 12-12-2004
السؤال
هل يجوز
عقد الزواج مباشرة بعد العلاقة غير المشروعة أي بدون عدة مع العلم أن العلاقة الأولى كانت حراما.. الآن هذا الذي حصل وماذا يترتب علي فعله الآن بعد زواج مضى عليه ثمان عشرة سنة وثلاثة أطفال لأنني في حيرة وشك
وجزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي مسألة عدة المرأة من السفاح قبل النكاح خلاف بين العلماء سبق في الفتاوى التالية أرقامها: 46952، 46808، 1677.
وأما ما يترتب على من زنى بامرأة ثم عقد عليها دون أن تعتد من السفاح فيختلف باختلاف القولين.
فعلى قول من لا يقول بالعدة فإن النكاح صحيح والولد يعد ولده بنكاح صحيح، وعلى القول بوجوب العدة عليهما أن يجددا العقد، والولد يعد ولده، لأنه كان من وطء يعتقد حله.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تربص المرتابة أكثر من العدة لا إشكال فيه
تاريخ 11 شوال 1425 / 24-11-2004
السؤال
من شروط إرث الحمل أن يكون موجودا في بطن أمه وقت وفاة مورثه يقينا, وهذا الشرط يتحقق بولادة الجنين حيا و خروجه من بطن أمه لسنتين فأقل من يوم الوفاة إن كان الحمل من الميت، لقول السيدة عائشة رضي الله عنها: " لا يبقى الولد في رحم أمه أكثر من سنتين و لو بفلكة مغزل"، ومثل هذا لا يعرف إلا سماعا من الرسول صلى الله عليه و سلم..وهذا مذهب الحنفية وقول للإمام أحمد رضي الله عنه، ويرى الشافعية أن المدة هي "أربع سنوات"، و هو قول للمالكية، وأصح الأقوال في مذهب الإمام أحمد. سؤالي هو: ألا يتعارض هذا كله منطقيا مع كون عدة المتوفى عنها أربعة أشهر وعشرا، وقد تتزوج المرأة مباشرة بعد انقضاء(19/3)
عدتها، وقد تحمل في شهرها الأول من الزواج والقاعدة تقول إن الولد للفراش.كيف نوفق بين الفكرين؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا إشكال ولا تعارض بين تحديد العدة بأربعة أشهر وعشر مثلا وبين تربص المرتابة فترة أكثر من العدة، ووجه ذلك أن المرأة المتوفى عنها زوجها لا تخلو في عدتها من احتمالات ثلاثة.
1ـ أن تكون حاملا فهذه عدتها تنتهي بوضع حملها ولو بلحظات من وفاة زوجها. 2ـ أن تكون غير حامل فهذه تعتد بأربعة أشهر وعشر، لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً {البقرة: 234}. 3ـ أن تكون مرتابة أي بمعنى تشك أن بها حملا فهذه تتربص أربع سنوات على قول أكثر أهل العلم، فإذا أكملتها من غير حمل حلت للغير على اعتبار أن هذا أقصى مدة الحمل كما هو مبين في الفتوى رقم: 18395. إذ لا فرق بين عدة الطلاق وعدة الوفاة في هذا التربص، قال صاحب مواهب الجليل عند قول خليل بن إسحاق: وتربصت به إن ارتابت به، وهل أربعا أو خمسا خلاف، يعني فإذا قضت الخمسة أو الأربعة على أحد القولين حلت ولو بقيت الريبة، إلى أن قال سواء كان ذلك في عدة الطلاق أو عدة الوفاة.اهـ. هذا وننبه إلى أن الريبة قد تحصل أثناء عدة الأشهر، وقد تحصل بعدها، وفي كلا الحالتين لا يجوز الإقدام على الزواج وإن حصل فهو باطل. قال صاحب كشاف القناع: وإن ارتابت المتوفى عنها كظهور أمارات الحمل من الحركة وانتفاخ البطن وانقطاع الحيض ونزول اللبن في ثديها وغير ذلك قبل أن تنكح ولو بعد فراغ شهور العدة لم تزل في عدة حتى تزول الريبة وإن تزوجت قبل ذلك لم يصح النكاح. اهـ. فالخلاصة أن تحديد العدة بأربعة أشهر وعشر أو بثلاثة قروء ونحو ذلك هو لغير المرتابة، أما المرتابة التي لم تتحقق تحقق براءة رحمها فتنتظر أقصى أمد الحمل، أما بالنسبة لمن تزوجت بعد انقضاء عدتها ثم أتت بولد فلا تخلو من أن تأتي به لستة أشهر فأكثر، وهنا لا إشكال فالولد للزوج الثاني، وإما أن تأتي به لأقل من ستة أشهر بحيث يكون كامل الخلق فالولد للزوج الأول إلا أن ينفيه بلعان ولا يلتفت إلى إقرارها بانقضاء العدة لأن دلالة الأقراء على براءة الرحم أكثرية وليست قطعية، وبالتالي فالفراش حقيقة للأول لأن الثاني تبين
أنه تزوج امرأة حاملا فيفسخ نكاحه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل تعتد الرجعية عدة الوفاة إذا مات زوجها ولم تنته عدتها
تاريخ 11 صفر 1424 / 14-04-2003
السؤال(19/4)
امرأة طلقها زوجها طلقة واحدة وهذا يجيز له إرجاعها شرعا بدون عقد جديد في عدتها، ولكن الزوج توفي قبل أن يرجعها إلى عصمته والمرأة في عدتها، فهل عليها أن تعتد عدة وفاة الزوج أربعة أشهر وعشرة أيام أم لا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المطلقة طلاقاً رجعياً إذا مات عنها زوجها قبل إكمال عدتها منه فإنها تنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة، لأن الرجعية زوجة يلحقها طلاق زوجها وينالها ميراثه، قال صاحب المبسوط: وإذا طلق الرجل امرأته طلاق رجعة ثم مات عنها بطلت عدة الطلاق عنها ولزمها عدة الوفاة، لأن النكاح قائم بينهما بعد الطلاق الرجعي. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وإذا مات زوج الرجعية استأنفت عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً بلا خلاف، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
إذا أسلمت الزوجة فلاتتزوج بعد الفرقة إلا بعد العدة
تاريخ 10 ربيع الثاني 1425 / 30-05-2004
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رجل وإمرأه متزوجان مند خمس سنين وهما كافران على مذهب القاديانية أو الأحمدية ، ثم أسلمت الزوجه قبل الزوج فافترقا وهي حامل منه في الشهرالرابع لأن الزوج رفض أن يدخل في الإسلام ،
أحد المسلمين رغب في الزواج منها قبل انقضاء عدتها وهي الولادة وسأل عن هذا الموضوع فقيل له تستطيع الزواج منها قبل انقضاء عدتها لأنه لا عدة لكافر ، وفعلا تزوجها عن طريق القبول والإيجاب وبدأ يختلي بها ، فهل زوجها السابق ليس له عدة حقا ؟؟ وإذا كان هذا صحيح فما الحكم لو أن زوجها السابق أسلم قبل انقضاء عدتها وهي الولادة وطالب بزوجته ؟؟
أفيدونا أفادكم الله .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أسلم الزوجان معا أقرا على نكاحهما، وكذا إذا أسلم الزوج وكانت الزوجة كتابية، أما إن أسلمت المرأة قبله فإنه يفرق بينهما في الحال
قال ابن قدامة في المغني: إذا أسلم زوج الكتابية قبل الدخول أو بعده أو أسلما معا فالنكاح باق بحاله، سواء كان زوجها كتابيا أو غير كتابي، لأن للمسلم أن يبتدئ نكاح كتابية فاستدامته أولى، فإن أسلمت الكتابية قبله تعجلت الفرقة سواء كان زوجا(19/5)
كتابيا أو غير كتابي، إذا لا يجوز لكافر نكاح مسلمة ، قال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من يحفظ عنه من أهل العلم. اهـ.
فإذا تم التفريق بين الكافر وزوجته المسلمة فالواجب عليها أن تعتد منه، فإن كانت حاملا فعدتها وضع حملها، وإن كانت غير حامل فعدتها ثلاث حيضات.
ولمزيد من الفائدة في الموضوع تراجع الفتوى رقم: 43490.
وعلى هذا، فلا يجوز لأحد أن يتزوج هذه المرأة حتى تضع حملها، ومن فعل ذلك كان نكاحه باطلا وتلزمه التوبة إن كان على علم بالحرمة.
أما زوجها الكافر إن أسلم وهي ما زالت في العدة فله ارتجاعها من غير عقد ولا صداق، بل إن من أهل العلم من ذهب إلى أنه له ذلك ولو خرجت من عدتها ما لم تتزوج بعد انقضاء عدتها، كما هو مبين في الفتوى رقم: 25469.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
غاب عن زوجته مدة سنة ثم طلقها فهل يلزمها عدة ؟
سؤال:
ما حكم الشرع في طلاق امرأة وقد مضى عليها سنة كاملة في بيت أهلها وبعد سنة تحصلت على ورقة الطلاق ؟ وهل لها عدة ؟ مع العلم بأنها بقيت سنة كاملة لم تقابل زوجها أو تعاشره فهل لها عدة أو لا ؟ أو هل تعتبر عدتها انتهت في مدة وجودها ببيت أهلها ؟.
الجواب:
الحمد لله
يلزم هذه المرأة أن تعتد من طلاق زوجها ، وتبدأ في حساب العدة من أول حصول الطلاق .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : رجل تغيب عن زوجته في السفر لمدة عشرين سنة ، وبعد هذه المدة أرسل لها طلاقها بالخلع طلاقاً صحيحاً ، وتريد هذه المرأة أن تتزوج فهل عليها عدة ؟ حيث إن زوجها سافر عنها من مدة عشرين سنة ولم يباشرها . وهل العدة لاستبراء الرحم أم لغير ذلك ؟
فأجاب : " إذا كان الواقع كما ذكرتم فلا ريب أن عليها العدة ؛ لأن العدة لا تكون إلا بعد الطلاق ولو طالت غيبة الزوج عن المطلقة ؛ لقول الله سبحانه : ( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) .
أما الحكمة في ذلك فقد ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله في كتاب " إعلام الموقعين " بحثاً نفيساً في هذا الموضوع ، كما ذكر أن الحكمة لا تختص بقصد براءة الرحم بل هناك حِكَمٌ أخرى ؛ ولهذا وجبت العدة على المتوفى عنها زوجها وإن لم يدخل بها ، وإن كانت صغيرة ليست ممن يُظن بها الحمل ، وهكذا الآيسة ؛ وبذلك يُعلم أن لله سبحانه حِكماً في العِدد سوى براءة الرحم ، لكن إذا كانت المرأة التي ذكرتم قد بذلت له مالاً فطلقها على ذلك فإنها تكون بذلك مختلعة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن المختلعة يكفيها حيضة واحدة ، وقد أفتى بذلك عثمان(19/6)
بن عفان رضي الله عنه وجماعة من السلف والخلف ، واختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما وهو الصواب إن شاء الله ، ولاسيما إذا دعت الحاجة إلى ذلك خوفاً من فوات الكفؤ إذا طُلِب منه الانتظار إلى مضي ثلاث حِيض أو ثلاثة أشهر في حق الآيسة ونحوها ، وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم وسائر إخواننا للفقه في دينه والثبات عليه إنه جواد كريم "
انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (22/174) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الحكمة من جعل عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا
سؤال:
ما الحكمة من كون عدة المرأة أربعة أشهر وعشرا عند وفاة زوجها ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
معرفة الحكمة من أمر الله أو أمر رسوله صلى الله عليه وسلم له طريقان :
الأول : أن تكون الحكمة قد ورد النص عليها في الكتاب أو السنة كقوله تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ ) البقرة/143، وقوله تعالى : ( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ) النساء/165 . وكقوله صلى الله عليه وسلم : ( فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ ) رواه مسلم (976) .
فهذا وأمثاله كثير مما جاءت فيه الحكمة منصوصا عليها .
والثاني : أن يستخرجها العلماء عن طريق الاستنباط والاجتهاد ، وهذا قد يكون صوابا ، وقد يكون خطأ ، وقد تخفى الحكمة على كثير من الناس ، والمطلوب من المؤمن التسليم لأمر الله تعالى وامتثاله في جميع الأحوال ، مع الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى حكيم ، له الحكمة التامة والحجة البالغة ، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون .
ثانيا :
أمر الله تعالى المرأة أن تعتد لوفاة زوجها أربعة أشهر وعشرا ، فقال : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) البقرة/234 ، ولم ينص سبحانه على الحكمة من ذلك نصا صريحا ، فاستنبط أهل العلم ما رأوه حكمة تتناسب مع قواعد الشريعة العامة في حفظ الأنساب والأعراض .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : " وقد ذكر سعيد بن المسيب ، وأبو العالية وغيرهما ، أن الحكمة في جعل عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً ، لاحتمال اشتمال الرحم على حمل ، فإذا انتُظر به هذه المدة ، ظهر إن كان موجوداً ، كما جاء في حديث ابن مسعود الذي في الصحيحين وغيرهما : ( إن خلق أحدكم يجمع في بطن(19/7)
أمه أربعين يوماً نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث إليه الملك فينفخ فيه الروح ) فهذه ثلاث أربعينات بأربعة أشهر ، والاحتياط بعشر بعدها لما قد ينقص بعض الشهور ، ثم لظهور الحركة بعد نفخ الروح فيه ، والله أعلم .
قال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة : سألت سعيد بن المسيب : ما بال العشر ؟ قال : فيه ينفخ الروح ، وقال الربيع بن أنس : قلت لأبي العالية : لم صارت هذه العشر مع الأشهر الأربعة ؟ قال : لأنه ينفخ فيه الروح ، رواهما ابن جرير " انتهى .
وقال الشوكاني رحمه الله في "فتح القدير" : " ووجه الحكمة في جعل العدة للوفاة هذا المقدار أن الجنين الذكر يتحرك في الغالب لثلاثة أشهر ، والأنثى لأربعة ، فزاد الله سبحانه على ذلك عشراً ، لأن الجنين ربما يضعف عن الحركة فتتأخر حركته قليلاً ولا تتأخر عن هذا الأجل " انتهى .
وينظر : زاد المسير لابن الجوزي (1/275) ، إعلام الموقعين (2/52).
وينبغي التنبه إلى أنه لا يجوز الخروج عن الحكم الشرعي استنادا للحكمة المستنبطة ، فليس لقائل أن يقول : إذا كانت الحكمة من العدة هي التأكد من وجود الحمل أو عدمه ، فإن الطب الحديث يمكنه معرفة ذلك في بداية الحمل فلا حاجة لاعتداد المرأة هذه المدة . ليس له ذلك ، لأن الحكمة المذكورة أمر أخذه العلماء بالاستنباط والاجتهاد ، وقد يكون خطأ ، أو يكون جزءا من الحكمة لا تمامها ، فلا يجوز ترك الأمر المقطوع به ، المجمع عليه ، لحكمة مستنبطة يعتريها الخطأ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
ماذا تجتنب المطلقة في طلاقها الرجعي والبائن بينونة كبرى ؟
سؤال:
أفيدكم أني طلقت زوجي للتو وأريد أن أعرف الواجبات المحددة عليّ خلال فترة الانتظار هذه التي تبلغ 3 أشهر ، وهل يعني ذلك أنه لا يمكنني حتى التحدث إلى الرجال عبر الشبكة الإلكترونية ؟ وهل يجوز أن يحضر أصدقاء والدي أو والدتي ليأخذوني ثم يعيدوني مرة أخرى إلى البيت ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ليس للمرأة أن تطلِّق زوجها ، والطلاق إنما يكون من الزوج ، والخطاب في كتاب الله تعالى في مسائل الطلاق وأحكامه كان للأزواج وليس للزوجات قال تعالى : ( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) البقرة/231 ، وقال تعالى : ( لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ) البقرة/236 ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا )(19/8)
الأحزاب/49 ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ) الطلاق/1 .
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ( إِنَّمَا الطَّلاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ ) .
رواه ابن ماجه ( 2081 ) وحسَّنه الألباني في " إرواء الغليل " ( 7 / 108 ) .
وما يحصل من مفارقة الزوج برغبة من المرأة ودفعها مالاً مقابل ذلك يسمى " الخلع " ، وهو أن تفتدي المرأة نفسها من زوجها بمهرها أو بما يطلبه الزوج ، فيفارقها إذا رغب بذلك ، وهو " فسخ " للنكاح وليس طلاقاً ، وعدة المرأة فيه حيضة واحدة .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (14569)
ثانياً :
إذا تمَّ الخلع فإنها تصير أجنبية عنه مباشرة ، لا يحل له أن يخلو بها ، وليس له عليها رجعة إلا بعقد ومهرٍ جديدين .
فإذا انتهت عدتها وهي : حيضة واحدة – أو وضع الحمل إن كانت حاملاً – يجوز لها أن تتزوج بمن تشاء وفق الشروط الشرعية بولي وشاهديْ عدل .
أما إن كان الزوج قد طلَّق زوجته طلقة أولى أو ثانية فلا يجوز لها الخروج من بيتها في عدتها , ولا يجوز له إخراجها إلا أن تنتهي عدتها فتصير أجنبية عنه ، والحكمة في ذلك أنه ربما يميل إليها فيرجعها ، وهو ما تحث عليه الشريعة ، قال تعالى : ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) الطلاق/1 .
وفي أثناء عدتها يجوز لها أن تكشف لزوجها وأن تتزين له ، وأن يكلمها ويخلو بها ، لكن ليس له أن يجامعها إلا بعد إرجاعها ، أو يكون جماعها بنية الإرجاع .
فإذا طلَّق الزوجُ امرأتَه آخر ثلاث تطليقات ، أو طلقها طلقتين أو واحدة وانتهت عدتها ، فإنها تصبح أجنبية عنه ، ولا يحل له الخلوة بها ، ولا لمسها ، ولا النظر إليها .
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم : ( 21413 ) و ( 36548 ) فلينظرا .
وسبق في جواب السؤال (12667) بيان لجميع أنواع العدات .
ويجب التنبه إلى أن عدة المطلقة التي تحيض ثلاث حيضات وليس ثلاث أشهر , الثلاثة أشهر هي عدة الصغيرة التي لم تحض ، والكبيرة التي أيست من المحيض ، وفي الجواب المشار إليه مزيد تفصيل .
ثالثاً :
ولا يجوز خروج المرأة مع الرجال الأجانب عنها , ولا محادثتها لهم عبر الشبكة الإلكترونية ، وقد سبق بيان الأدلة على ذلك وفتاوى أهل العلم في أجوبة الأسئلة ( 34841 ) و ( 6453 ) و ( 10221 ) .
وعليه : لا تمنع المرأة من لباس الزينة ولا من الطيب ولا من الحلي وغيرها من الأشياء التي تُمنع منها المعتدة من وفاة زوجها ، وإنما المحرَّم عليها أثناء عدتها(19/9)
الرجعية أن تخرج من بيت زوجها وأما خروجها مع الرجال ومحادثتها لهم فحرام في كل الأحوال .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
أحكام ما قبل الدخول على الزوجة وهل يحرم الجماع بعد العقد ؟
سؤال:
سمعت بعض الناس وقد سأله شاب : ما هي حقوق العاقد ؟ فأجاب : قال تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) , فهنا فرَّق الله بين التي دخلتم بها والتي لم تدخلوا بها ، فلا يحل للعاقد أي شئ من جماع ولمس .
وقد اطلعت أنا من قبل على أنه يجوز للعاقد فعل كل شئ لأنها زوجته وأيضا إذا حملت الزوجة قبل الزفاف يكون الطفل شرعيّاً وله حق الميراث . فهل استدلال هذا المجيب صحيح ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لم يُصب ذلك المتحدث الذي ذكرتَه لا في الحكم ولا في الاستدلال ، فالآية التي استدل بها هي في بيان المحرمات في النكاح على الرجل ، وقد ذكر الله تعالى أنه يحرم التزوج بالأمهات والبنات والعمات ، وممن ذكر الله تعالى في المحرمات : بنات الزوجة المدخول بها ، وأن الرجل إذا عقد على امرأة وعندها ابنة ثم فارقها قبل الدخول فإنه يحل له الزواج بابنتها ، أما إن فارق الأم بعد الدخول عليها فإنه لا تحل له ابنتها ، بل هي حرام عليه حرمة أبدية .
هذا هو معنى الآية ، ولا علاقة للآية بما يجوز وما لا يجوز للزوج من زوجته المعقود عليها ، بل الآية في بيان المحرمات في النكاح ، وأن تحريم الربيبة – ابنة الزوجة – مشروط بالدخول بأمها ، وأنه إن لم يدخل بها فإنها تحل له في النكاح .
والواجب على كل من سئل عن شيء لا يعلمه أن يقول " لا أدري " ، ولا يحل لأحدٍ أن يتقول على الشرع ما لم يقل ، ولا أن يحرم ما أحل الله ، ولا يحل ما حرَّم .
قال الله تعالى : ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا ) الإسراء/36 ، وقال عز وجل : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 .
ثانياً :(19/10)
وأما العاقد على زوجته فإنه يحل له منها كل شيء ، فهي زوجته ، وهو زوجها ، إن ماتت ورثها ، وإن مات ورثته واستحقت المهر كاملاً ، لكن الأفضل لمن عقد أن لا يدخل حتى يُعلن ذلك , لما قد يترتب على الدخول قبل الإعلان من مفاسد كبيرة ، فقد تكون الزوجة بكراً فتفض بكارتها ، وقد تحمل من هذا الجماع ثم يحصل طلاق أو وفاة ، وسيكون هذا مقلقاً لها ولأهلها ، وسيسبب حرجاً بالغاً ، لذا فإن للعاقد أن يلمس ويقبل زوجته ، لكن يمنع من الجماع لا لحرمته , بل لما يترتب عليه من مفاسد .
ولمزيد فائدة يرجى النظر في جواب السؤال رقم : ( 3215 ) .
ثالثاً :
وعدم الدخول بالزوجة يتعلق به بعض الأحكام العملية .
منها : العدة ، فمن طلَّق زوجته قبل الدخول فلا عدة عليها ؛ لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا ) الأحزاب/49 .
ومنها : المهر ، فمن طلَّق امرأته قبل الدخول بها فإنها تستحق نصف المهر المسمّى ؛ لقوله تعالى : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) البقرة/237 ، وفي حال عدم تحديد المهر فإنها تستحق متعة على قدر سعته ؛ لقوله تعالى ( لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) البقرة/236 ، وأما في حال الوفاة : فإنها تستحق المهر كاملاً إن كان محدداً , وتستحق مهر المثل إن لم يكن تم الاتفاق على مهر محدد .
فعن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه : أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها حتى مات , فقال ابن مسعود : لها مثل صداق نسائها , لا وكس ولا شطط , وعليها العدة , ولها الميراث ، فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق - امرأة منَّا - مثل الذي قضيتَ ، ففرح بها ابن مسعود . رواه أبو داود (2114) والترمذي (1145) والنسائي (3355) وابن ماجه (1891) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1939) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الأشياء التي تمتنع عنها المحادَّة
سؤال:
مات زوجي فماذا عليّ أن أفعل . ما هي الأشياء التي أمتنع عنها ؟
الجواب:
الحمد لله
المحادة جاء في الأحاديث ما ينبغي أن تمتنع عنه ، وهي مطالبة بأمور خمسة :(19/11)
الأمر الأول : لزوم بيتها الذي مات زوجها ، وهي ساكنة فيه تقيم فيه حتى تنتهي العدة ، وهي أربعة أشهر وعشراً ، إلا أن تكون حبلى ، فإنها تخرج من العدة بوضع الحمل ، كما قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) . ولا تخرج منه إلا لحاجة أو ضرورة كمراجعة المستشفى عند المرض وشراء حاجتها من السوق كالطعام ونحو ذلك ، إذا لم يكن لديها من يقوم بذلك ، وكذلك لو انهدم البيت ، فإنها تخرج منه إلى غيره ، أو إن لم يكن لديها من يؤنسها وتخشى على نفسها ، لا بأس بذلك عند الحاجة .
الأمر الثاني : ليس لها لبس الجميل من الثياب لا أصفر ولا أخضر ولا غيره ، بل تلبس من الثياب غير الجميل ، سواء كان أسود أو أخضر أو غير ذلك ، المهم أن تكون الثياب غير جميلة ، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم .
الأمر الثالث : تجنُّب الحليّ من الذهب والفضة والماس واللؤلؤ ، وما أشبه ذلك سواء كان ذلك قلائد أو أساور أو خواتم ، وما أشبه ذلك حتى تنتهي العدة .
الأمر الرابع : تجنُّب الطِّيب ، فلا تتطيب لا بالبخور ولا بغيره من الأطياب ، إلا إذا طهرت من الحيض خاصة ، فلا بأس أن تتبَخَّر ببعض البخور .
الأمر الخامس : تجنُّب الكحل ، فليس لها أن تكتحل ولا ما يكون في معنى الكحل من التجميل للوجه ، التجميل الخاص الذي قد يفتن الناس بها ، أما التجميل العادي بالماء والصابون فلا بأس بذلك ، لكن الكحل الذي يجمِّل العينين وما أشبه الكحل من الأشياء التي يفعلها بعض النساء في الوجه ، فهذا لا تفعله .
فهذه الأمور الخمسة يجب أن تُحفظ في أمر من مات عنها زوجها .
أما ما قد يظنه بعض العامة ويفترونه ، من كونها لا تكلِّم أحداً ، ومن كونها لا تُكلِّم بالهاتف ، ومن كونها لا تغتسل في الأسبوع إلا مرة , ومن كونها لا تمشي في بيتها حافية ، ومن كونها لا تخرج في نور القمر ، وما أشبه هذه الخرافات ، فلا أصل لها بل لها أن تمشي في بيتها حافية ومنتعلة ، تقضي حاجتها في البيت تطبخ طعامها وطعام ضيوفها ، تمشي في ضوء القمر ، في السطح وفي حديقة البيت ، تغتسل متى شاءت ، تكلِّم من شاءت كلاماً ليس فيه ريبة ، تصافح النساء ، وكذلك محارمها ، أما غير المحارم فلا ، ولها طرح خمارها عن رأسها إذا لم يكن عندها غير محرم ، ولا تستعمل الحناء ولا الزعفران ولا الطيب لا في الثياب ولا في القهوة ، لأن الزعفران نوع من أنواع الطِّيب ، ولا يجوز أن تُخطَب ، ولكن لا بأس بالتعريض ، أما التصريح بالخطبة فلا ، وبالله التوفيق .
فتوى الشيخ ابن باز من كتاب فتاوى إسلامية ج/3 ص/315-316
وللمزيد يُنظر كتاب الإمداد بأحكام الإحداد لفيحان المطيري ، وكتاب أحكام الإحداد لخالد المصلح .
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
الطلاق في الحيض
سؤال:(19/12)
في أول يوم من أيام الحيض نسيتْ أن تخبر زوجها وطلبت منه الطلاق وقام بإيقاع الطلاق ( الثالث ) ثم تذكرت ذلك وأخبرته ؟ ما هو الموقف الشرعي المترتب على ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
اختلف الفقهاء في طلاق الحائض هل يقع أو لا ؟ فذهب جمهورهم إلى وقوعه ، وذهب جماعة منهم إلى عدم وقوعه ، وعليه الفتوى عند كثير من فقهاء العصر منهم الشيخ ابن باز رحمه الله ، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " طلاق الحائض لا يقع في أصح قولي العلماء ، خلافاً لقول الجمهور . فجمهور العلماء يرون أنه يقع ، ولكن الصحيح من قولي العلماء الذي أفتى به بعض التابعين ، وأفتى به ابن عمر رضي الله عنهما ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم وجمع من أهل العلم أن هذا الطلاق لا يقع ؛ لأنه خلاف شرع الله ، لأن شرع الله أن تطلق المرأة في حال الطهر من النفاس والحيض ، وفي حالٍ لم يكن جامعها الزوج فيها ، فهذا هو الطلاق الشرعي ، فإذا طلقها في حيض أو نفاس أو في طهر جامعها فيه فإن هذا الطلاق بدعة ، ولا يقع على الصحيح من قولي العلماء ، لقول الله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) الطلاق/1.
والمعنى : طاهرات من غير جماع ، هكذا قال أهل العلم في طلاقهن للعدة ، أن يَكُنَّ طاهرات من دون جماع ، أو حوامل . هذا هو الطلاق للعدة " انتهى من "فتاوى الطلاق" (ص44) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (20/58) : " الطلاق البدعي أنواع منها : أن يطلق الرجل امرأته في حيض أو نفاس أو في طهر مسها فيه ، والصحيح في هذا أنه لا يقع " انتهى .
وعليه فإذا كان الطلاق صدر حال الحيض فإنه لا يقع ولا يعتد به ، وتظل المرأة في عصمة زوجها .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه لله عن رجل طلق امرأته وهي حائض ، وكان لا يدري أنها حائض ، فهل يقع هذا الطلاق ؟
فأجاب :
" الطلاق الذي وقع وعلى المرأة العادة الشهرية اختلف فيه أهل العلم ، وطال فيه النقاش ، هل يكون طلاقا ماضيا أم طالقا لاغيا ؟ وجمهور أهل العلم على أنه يكون طلاقا ماضيا ، ويحسب على المرء طلقة ، ولكنه يؤمر بإعادتها وأن يتركها حتى تطهر من الحيض ثم تحيض مرة ثانية ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق ، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة : الإمام أحمد والشافعي ومالك وأبو حنيفة ، ولكن الراجح عندنا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه ، أن الطلاق في الحيض لا يقع ، ولا يكون ماضيا ، ذلك لأنه خلاف أمر الله ورسوله ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) والدليل على ذلك في نفس المسألة الخاصة : حديث عبد الله بن عمر(19/13)
حيث طلق زوجته وهي حائض ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ( مره فليراجعها ثم يتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق ) ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء ) فالعدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء أن يطلقها الإنسان طاهرا من غير جماع ، وعلى هذا فإذا طلقها وهي حائض لم يطلقها على أمر الله ، فيكون مردوداً ، فالطلاق الذي وقع على هذه المرأة نرى أنه طلاق غير ماض ، وأن المرأة لا زالت في عصمة زوجها ، ولا عبرة في علم الرجل في تطليقه لها أنها طاهرة أو غير طاهرة ، نعم ، لا عبرة بعلمه ، لكن إن كان يعلم صار عليه الإثم ، وعدم الوقوع ، وإن كان لا يعلم فإنه ينتفي وقوع الطلاق ، ولا إثم على الزوج " انتهى .
"فتاوى إسلامية" (3/268) .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
قبول قول المرأة في حصول الحيض وارتفاعه
سؤال:
إذا طلق الرجل امرأته ، وهو لا يدري أنها حائض ، وبعد الطلاق قالت المرأة : إنها كانت حائضاً وقت الطلاق ، فهل يقبل قولها في ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
سبق في جواب السؤال (72417) بيان اختلاف العلماء في وقوع طلاق الحائض ، وأن الصحيح أنه لا يقع .
ثانياً :
يقبل قول المرأة في حصول حيضها وفي انقضائه ، ونحو ذلك مما لا يطلع عليه الرجال ؛ لأنها مؤتمنة على ذلك ، قال الشافعي رحمه الله : " أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير قال : ائتمنت المرأة على فرجها ". انتهى من "الأم" (5/225) .
وقد دل على قبول قول المرأة في ذلك ، قوله تعالى : ( وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) البقرة/ 228 .
قال الجصاص رحمه الله : " لما وعظها بترك الكتمان دل على أن القول قولها في وجود الحيض أو عدمه . وكذلك في الحَبَل ؛ لأنهما جميعا مما خلق الله في رحمها ، ولولا أن قولها فيه مقبول ، لما وُعظت بترك الكتمان ، فثبت بذلك أن المرأة إذا قالت : " أنا حائض " لم يحل لزوجها وطؤها ، وأنها إذا قالت " قد طهرت " حل له وطؤها . وكذلك قال أصحابنا أنه إذا قال لها : " أنت طالق إن حضت " فقالت : " قد حضت " طلقت وكان قولها كالبينة " انتهى من "أحكام القرآن" (1/506) .
وقال السعدي رحمه الله (ص 102) :(19/14)
" وفي ذلك دليل على قبول خبر المرأة عما تخبر به عن نفسها من الأمر الذي لا يطلع عليه غيرها ، كالحمل والحيض ونحوهما " انتهى .
وقال في "معين الحكام" ص95 : " في القضاء بقول امرأة بانفرادها : وذلك فيما لا يطلع عليه إلا النساء كالولادة والبكارة والثيوبة والحيض والحمل والسقط والاستهلال وعيوب الحرائر والإماء ، وفي كل ما تحت ثيابهن ، ووجه ذلك أنه لما كانت هذه الأمور مما لا يحضرها الرجال ولا يطلعون عليها أقيم فيها النساء مقام الرجال للضرورة " انتهى .
ويشترط لقبول قول المرأة في هذا أن تدعي الحيض أو انقضاءه في وقت يمكن فيه ذلك ، فإن ادعته في وقت لا يمكن فيه ذلك فلا يقبل قولها .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ومن فوائد الآية الكريمة :
أنه يرجع إلى قول المرأة في عدتها ؛ لقوله تعالى : ( ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ) ؛ وجه ذلك : أن الله جعل قولها معتبراً ؛ ولو لم يكن معتبراً لم يكن لكتمها أيّ تأثير ؛ فإذا ادعت أن عدتها انقضت ، وكان ذلك في زمن ممكن فإنها تصدق ؛ وهي مؤتمنة على ذلك ؛ أما إذا ادعت أن عدتها انقضت في زمن لا يمكن فإن قولها مردود ؛ لأن من شروط سماع الدعوى أن تكون ممكنة ؛ ودعوى المستحيل غير مسموعة أصلاً " انتهى . "تفسير سورة البقرة" (ص 102) .
وينظر : "المغني" (7/158) ، "الفواكه الدواني" (2/34) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل للمتوفى عنها زوجها أن تسافر للحج في فترة العدة
سؤال:
امرأة توفي زوجها ، وتريد أن تسافر للحج وهي في فترة العدة ، فهل يجوز لها ذلك ؟ مع العلم أنها قد حجت حجة الإسلام .
الجواب:
الحمد لله
الواجب على من توفي زوجها أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام ، لقول الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) البقرة/234 .
وخلال فترة العدة يلزمها الإحداد على زوجها .
روى البخاري (1280) ومسلم (1486) عن أُمِّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ إِلا عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) .
وقد سبق في جواب السؤال (13966) بيان الأشياء التي يجب على المتوفى عنها زوجها أن تتجنبها في فترة العدة .(19/15)
ومنها : الخروج من البيت .
فإنها لا تخرج بالنهار إلا لحاجة ، ولا تخرج ليلاً إلا لضرورة .
وخروجها للحج لا يعتبر ضرورة ، لا سيما والمرأة المسئول عنها قد حجت الفريضة .
بل ذكر العلماء رحمهم الله أنها لا يجوز لها الخروج لحج الفريضة .
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني" (11/303-305) :
" الْمُعْتَدَّة مِنْ الْوَفَاةِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ إلَى الْحَجِّ , وَلا إلَى غَيْرِهِ . رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ , وَعُثْمَانَ , رضي الله عنهما . وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , وَالْقَاسِمُ , وَمَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ , وَالثَّوْرِيُّ .
وَإِنْ خَرَجَتْ , فَمَاتَ زَوْجُهَا فِي الطَّرِيقِ , رَجَعَتْ إنْ كَانَتْ قَرِيبَةً ; لأَنَّهَا فِي حُكْمِ الإِقَامَةِ , وَإِنْ تَبَاعَدَتْ , مَضَتْ فِي سَفَرِهَا . وَقَالَ مَالِكٌ : تُرَدُّ مَا لَمْ تُحْرِمْ .
ويدل عَلَى وُجُوبِ الرُّجُوعِ إذَا كَانَتْ قَرِيبَةً , مَا رَوَى سَعِيدٌ بن منصور عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ : تُوُفِّيَ أَزْوَاجٌ , نِسَاؤُهُنَّ حَاجَّاتٌ أَوْ مُعْتَمِرَاتٌ , فَرَدَّهُنَّ عُمَرُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ , حَتَّى يَعْتَدِدْنَ فِي بُيُوتِهِنَّ . . .
وَلَوْ كَانَتْ عَلَيْهَا حِجَّةُ الإِسْلامِ , فَمَاتَ زَوْجُهَا , لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ فِي مَنْزِلِهَا وَإِنْ فَاتَهَا الْحَجُّ ; لأَنَّ الْعِدَّةَ فِي الْمَنْزِلِ تَفُوتُ , وَلا بَدَلَ لَهَا , وَالْحَجُّ يُمْكِنُ الإِتْيَانُ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْعَامِ " انتهى باختصار وتصرف يسير .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (29/352) :
" ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ خُرُوجُ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةٍ إلَى الْحَجِّ , لأَنَّ الْحَجَّ لا يَفُوتُ , وَالْعِدَّةُ تَفُوتُ " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن امرأة توفي عنها زوجها وأدركها حج الفريضة ، وهي في الحداد وهي مستطيعة وقادرة وعندها محرم هل تحج أو لا ؟
فأجاب :
" لا تحج ، بل تبقى في بيتها ، وفي هذه الحال لا يجب عليها الحج ، لقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) آل عمران/97 . وهذه المرأة لا تستطيع شرعاً ، وإن كان معها محرم ، وتؤجل إلى السنة الثانية ، أو الثالثة حسب استطاعتها " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/68) .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
انتقال المعتدة إلى بيت أهلها خوفا من البقاء وحدها
سؤال:
امرأة توفي زوجها وتسكن بيت إيجار في نفس المنطقة لكن بعيد عن أهلها ، ولا يوجد إلا أخ واحد لا يمكنه ترك أعماله والبقاء عندها ، وتخاف أن تبقى وحدها ، ولا تستطيع دفع إيجار البيت ؟ .
الجواب:
الحمد لله(19/16)
يجب على المرأة المحادة على زوجها أن تمكث في البيت الذي كانت تسكن فيه عند موت زوجها ؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقد روى أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفريعة بنت مالك : ( امكثي في بيتك الذي جاء فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله . قالت : فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا ) رواه أبو داود (2300) والترمذي (1204) والنسائي (200) وابن ماجه (2031) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وإلى هذا ذهب جماهير أهل العلم ، عملا بهذا الحديث ، إلا أنهم رخصوا للمرأة إن خافت على نفسها ، أو لم يوجد عندها من يقوم بمصالحها ولم تستطع هي أن تقوم بها أن تعتد في غير منزلها .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وممن أوجب على المتوفى عنها زوجها الاعتداد في منزلها : عمر وعثمان رضي الله عنهما ، وروي ذلك عن ابن عمر وابن مسعود وأم سلمة ، وبه يقول مالك والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق . وقال ابن عبد البر : وبه يقول جماعة فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والعراق ".
ثم قال : " فإن خافت هدما أو غرقا أو عدوا أو نحو ذلك ، أو حوّلها صاحب المنزل لكونه بإجارة انقضت مدتها ، أو منعها السكنى تعدّيا ، أو امتنع من إجارته ، أو طلب به أكثر من أجرة المثل ، أو لم تجد ما تكتري به ، [أي لم تجد أجرة البيت] فلها أن تنتقل ؛ لأنها حال عذر . . . وإذا تعذرت السكنى ، سقطت ، ولها أن تسكن حيث شاءت " . انتهى من "المغني" (8/127) بتصرف .
وسئل علماء اللجنة الدائمة عن امرأة مات زوجها وليس في مدينتهم أحد يقوم بمسئوليتها ، فهل لها أن تعتد في مدينة أخرى ؟
فأجابوا :
" إذا كان الواقع كما ذكر من أنها لا يوجد في البلد الذي مات فيه زوجها من يقوم بمسئولياتها وشئونها ، ولا تستطيع أن تقوم هي بشئون نفسها شرعا جاز لها أن تنتقل إلى بلد آخر تأمن فيه على نفسها ، وتجد فيه من يقوم بشئونها شرعا " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (20/463) .
وجاء فيها أيضا (20/473) :
" إذا كان تحول أختك المتوفى عنها زوجها من بيت الزوجية إلى بيت آخر في أثناء عدة الوفاة للضرورة ، كأن تخاف على نفسها من البقاء فيه وحدها ، فلا بأس بذلك ، وتكمل عدتها في البيت الذي انتقلت إليه " انتهى .
وبناء على ذلك : فإذا كانت هذه المرأة تخاف من البقاء وحدها ، أو لا تستطيع دفع أجرة البيت ، فلا حرج عليها أن تنتقل إلى بيت أهلها وتكمل عدتها فيه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
خرجت من بيت زوجها في وقت الإحداد إلى بيت ابنتها وبقيت فيه أسبوعين
سؤال:(19/17)
أنا امرأة في الحداد ، وقد بتُّ في منزل ابنتي النفساء أكثر من أسبوعين إلى الآن . فماذا أفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله
عليك العودة فوراً إلى بيت الزوجية للمبيت فيه ، وهذا حق للزوج .
لما رواه الترمذي (2300) عن الْفُرَيْعَةَ بِنْتَ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ وَهِيَ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهَا فِي بَنِي خُدْرَةَ فَإِنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ أَبَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِطَرَفِ الْقَدُومِ لَحِقَهُمْ فَقَتَلُوهُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي فَإِنِّي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ وَلا نَفَقَةٍ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ قَالَتْ فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي أَوْ أَمَرَ بِي فَدُعِيتُ لَهُ فَقَالَ كَيْفَ قُلْتِ فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ الَّتِي ذَكَرْتُ مِنْ شَأْنِ زَوْجِي قَالَتْ فَقَالَ امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ قَالَتْ فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا قَالَتْ فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَسَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرْتُهُ فَاتَّبَعَهُ وَقَضَى بِهِ ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وعليك التوبة والاستغفار من التقصير .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الأشياء التي يحرم على المرأة فعلها في زمن الحداد
سؤال:
المرأة التي توفي زوجها تبقى مدة العدة في حداد ، فما هي الأشياء التي تمنع منها المرأة في زمن الحداد ؟.
الجواب:
الحمد لله
المحظور على المرأة زمن الحداد :
أولاً : ألا تخرج من بيتها إلا لحاجة مثل أن تكون مريضة تحتاج لمراجعة المستشفى ، وتراجعه بالنهار ، أو ضرورة مثل أن يكون بيتها آيلاً للسقوط فتخشى أن يسقط عليها ، أو تشتعل فيه نار ، أو ما أشبه ذلك ..
قال أهل العلم : وتخرج في النهار للحاجة ، وأما في الليل فلا تخرج إلا للضرورة .
ثانياً : الطيب لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحادّة أن تتطيب إلا إذا طهرت فإنها تأخذ نبذة من أظفار ( نوع من الطيب ) تتطيب به بعد المحيض ليزول عنها أثر الحيض .
ثالثاً : ألا تلبس ثياباً جميلة تعتبر تزيناً ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وإنما تلبس ثياباً عادية كالثياب التي تلبسها في بيتها بدون أن تتجمل .
رابعاً : ألا تكتحل ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ، فإن اضطرت إلى هذا فإنها تكتحل بما لا يظهر لونه ليلاً وتمسحه بالنهار .(19/18)
خامساً : ألا تتحلى ، أي لا تلبس حلياً ، لأنه إذا نهي عن الثياب الجميلة فالحلي أولى بالنهي .
ويجوز لها أن تكلم الرجال ، وأن تتكلم بالهاتف ، وأن تأذن لمن يدخل بالبيت ممن يمكن دخوله ، وأن تخرج إلى سطح البيت في الليل وفي النهار ، ولا يلزمها أن تغتسل كل جمعة كما يظنه بعض العامة ، ولا أن تنقض شعرها كل أسبوع .
وكذلك أيضاً لا يلزمها بل لا يشرع لها إذا انتهت العدة أن تخرج معها بشيء تتصدق به على أول من يلاقيها فإن هذا من البدع .
( 70 سؤالاً في أحكام الجنائز ص 35) لفضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين .
ــــــــــــــ
المطلقة طلاقاً رجعياً تبقى في بيت زوجها حتى تنقضي عدتها
سؤال:
هل المطلقة طلاقاً رجعياً تبقى في بيت زوجها أم تذهب إلى منزل والدها حتى يراجعها زوجها ؟.
الجواب:
الحمد لله
" يجب على المرأة المطلقة طلاقاً رجعياً أن تبقى في بيت زوجها ، ويحرم على زوجها أن يخرجها منه ، لقوله تعالى : ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) ، وما عليه الناس الآن من كون المرأة إذا طلقت طلاقاً رجعياً تنصرف إلى بيت أهلها فوراً هذا خطأ ومحرم ، لأن الله قال : (لا تُخْرِجُوهُنَّ ) ، ( وَلا يَخْرُجْنَ ) ، ولم يستثن من ذلك إلا إذا أتين بفاحشة مبيّنة ، ثم قال بعد ذلك : ( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) . ثم بيّن الحكمة من وجوب بقائها في بيت زوجها بقوله : ( لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً )
( فقد يكون بقاؤها في البيت سبباً لتراجع الزوج عن الطلاق ، فيراجعها ، وهذا أمر مقصود ومحبوب للشرع ) .
فالواجب على المسلمين مراعاة حدود الله ، والتمسك بما أمرهم الله به ، وأن لا يتخذوا من العادات سبيلاً لمخالفة الأمور المشروعة ، المهم أنه يجب علينا أن نراعي هذه المسألة وأن المطلقة الرجعية يجب أن تبقى في بيت زوجها حتى تنتهي عدتها ، وفي هذه الحال في بقائها في بيت زوجها لها أن تكشف له ، وأن تتزين ، وأن تتجمل ، وأن تتطيب ، وأن تكلمه ويكلمها وتجلس معه ، وتفعل كل شيء ما عدا الاستمتاع بالجماع أو المباشرة ، فإن هذا يكون عند الرجعة ، وله أن يراجعها بالقول ، فيقول : راجعت زوجتي ، وله أن يراجعها بالفعل ، فيجامعها بنيّة المراجعة " اهـ .
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين ، "مجموعة أسئلة تهم الأسرة المسلمة" ص 61 .
ــــــــــــــ
عدة من لم تعلم بوفاة زوجها
سؤال:(19/19)
زوجة يعمل زوجها في دولة أجنبية ، توفي الزوج ولم تعلم الزوجة بوفاته إلا بعد ستة أشهر من الوفاة ، فهل على الزوجة أن تعتد في هذه الحالة ؟ وما هو الدليل ؟.
الجواب:
الحمد لله
عدة المتوفى عنها تعتبر من حين الوفاة حسب حالها ، فإن كانت حاملاً فبوضع الحمل ، وإن كانت غير حامل وهي حرة فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام ، وإن كانت أمة فعدتها شهران وخمسة أيام ، وإذا لم تعلم بوفاته إلا بعد ستة أشهر فقد انتهت عدتها قبل أن تعلم .
أجاب عليه : عبد الرحمن العجلان .
انظر الموسوعة الفقهية ( 2 / 105 ) وأحكام الإحداد للمصلح ( ص 90 )
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل على المختلعة عدة
سؤال:
هل تجب العدة إذا كانت المرأة هي التي طلبت الخلع ؟.
الجواب:
الحمد لله
1. الخلع – أصلاً – لا يكون إلا بطَلب من الزوجة ، ورضى الزوج بعده على الفراق .
2. والعدَّة واجبة على كل امرأة فارقت زوجها ، أو فارقها زوجها بطلاق أو فسخ أو وفاة ، إلا إن كان الطلاق قبل الدخول فلا عدَّة على المرأة ، لقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهنَّ من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } الأحزاب / 49 .
3. أما عدَّة الخلع : فالصحيح من أقوال العلماء أنها حيضة واحدة ، وعليه تدل السنة .
عن ابن عباس : أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة . رواه الترمذي ( 1185 ) وأبو داود ( 2229 ) . ورواه النسائي ( 3497 ) من حديث الربيِّع بنت عفراء . والحديثان : صححهما ابن القيم – كما سيأتي - .
قال ابن القيم رحمه الله :
وفي أمره صلى الله عليه وسلم المختلعة أن تعتد بحيضة واحدة دليل على حكمين :
أحدهما : أنه لا يجب عليها ثلاث حيض بل تكفيها حيضة واحدة ، وهذا كما أنه صريح السنة فهو مذهب أمير المؤمنين عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر بن الخطاب والربيع بنت معوذ وعمها وهو من كبار الصحابة لا يعرف لهم مخالف منهم كما رواه الليث بن سعد عن نافع مولى ابن عمر أنه سمع الربيع بنت معوذ بن عفراء وهي تخبر عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنها اختلعت من زوجها على عهد عثمان بن عفان فجاء عمها إلى عثمان بن عفان فقال له إن ابنة معوذ اختلعت(19/20)
من زوجها اليوم أفتنتقل ؟ فقال عثمان : لتنتقل ولا ميراث بينهما ولا عدة عليها إلا أنها لا تنكح حتى تحيض حيضة خشية أن يكون بها حبل ، فقال عبد الله بن عمر : فعثمان خيرنا وأعلمنا .
وذهب إلى هذا المذهب إسحاق بن راهويه والإمام أحمد في رواية عنه اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية .
قال من نصر هذا القول : هو مقتضى قواعد الشريعة ؛ فإن العدة إنما جعلت ثلاث حيض ليطول زمن الرجعة فيتروى الزوج ويتمكن من الرجعة في مدة العدة فإذا لم تكن عليها رجعة فالمقصود مجرد براءة رحمها من الحمل وذلك يكفي فيه حيضة كالاستبراء ، قالوا : ولا ينتقض هذا علينا بالمطلقة ثلاثا ؛ فإن باب الطلاق جعل حكم العدة فيه واحداً بائنةً ورجعيةً .
" زاد المعاد " ( 5 / 196 ، 197 )
هذا ، وقد قال بعض أهل العلم أن عدَّة المختلعة ثلاث حِيَض كعدَّة المطلَّقة ، وقد ردَّ عليهم الإمام ابن القيم أحسن ردٍّ فقال :
والذي يدل على أنه – أي : الخلع - ليس بطلاق أن الله سبحانه وتعالى رتب على الطلاق بعد الدخول الذي لم يستوف عدده ثلاثة أحكام كلها منتفية عن الخلع :
أحدها : أن الزوج أحق بالرجعية فيه .
الثاني : أنه محسوب من الثلاث فلا تحل بعد استيفاء العدد إلا بعد زوج وإصابة .
الثالث : أن العدة فيه ثلاثة قروء .
وعليه فإن عدة المختلعة تبقى على ما دلت عليه السنة من أنها حيضة واحدة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل له أن يراجع زوجته بعد انتهاء عدتها
سؤال:
هل يجوز للرجل والمرأة أن يرجعا إلى زواجهما مرة أخرى إذا كانا قد انفصلا بالطلاق منذ فترة طويلة ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا طلق الرجل زوجته الطلقة الأولى أو الثانية ، فإن كانت قد انتهت عدّتها فإنها تَبِين منه ، وتصير أجنبية عنه ولا تعود إليه إلا بعقد جديد بشروطه الشرعية ( انظر سؤال رقم 2127
) ،
وأما إذا طلق زوجته الطلقة الثالثة فإنها تصير محرَّمة على زوجها الأول حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة شرعي بوطء ، والدليل على ذلك من القرآن قول الله عز وجل : { الطلاق مرَّتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } البقرة / 229 إلى قوله تعالى : { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره } البقرة /230، والطلاق الأخير المقصود به الطلقة الثالثة عند أهل العلم كافة .(19/21)
ومن السنة ما ثبت في الصحيحين من حديث عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلاقِي ، وَإِنِّي نَكَحْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ الْقُرَظِيَّ ، وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ الْهُدْبَةِ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ ، لا ، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ .
رواه البخاري ( 4856) و مسلم ( 2587 ) .
ومعنى " بَتَّ طلاقي " : أي : طلقني طلاقاً حصل معه قطع عصمتي منه ، وهي الطلقة الثالثة .
وقوله عليه الصلاة والسلام " حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك " : كناية عن الجماع .
قال النووي : وَفِي هَذَا الْحَدِيث أَنَّ الْمُطَلَّقَة ثَلاثًا لا تَحِلّ لِمُطَلِّقِهَا حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره , وَيَطَأهَا ثُمَّ يُفَارِقهَا , وَتَنْقَضِي عِدَّتهَا . فَأَمَّا مُجَرَّد عَقْده عَلَيْهَا فَلا يُبِيحهَا لِلأَوَّلِ ، وَبِهِ قَالَ جَمِيع الْعُلَمَاء مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدهمْ .
" شرح مسلم " ( 10 / 3 ) .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
أسلمت بعد زنا فهل تعتدّ للزواج
سؤال:
السؤال : امرأة تسأل وتقول إنها قد أسلمت وكانت على علاقة محرمة مع شخص أجنبي ، فهل تعتد إذا أرادت أن تتزوج أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
طرحت السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
فأجاب حفظه الله :
يكفيها حيضة واحدة . والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ــــــــــــــ
ارتدت وتزوجت نصرانياً ثم رجعت إلى الإسلام ففارقت النصراني فكم عدتها
سؤال:
السؤال : ارتدت وتزوجت نصرانياً ثم رجعت إلى الإسلام ففارقته ، كم تكون العدة حتى تتزوج بآخر ؟.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :(19/22)
سؤال : هل جامعها ؟
جواب : نعم . جامعها .
الجواب من فضيلة الشيخ : حيضة واحدة - على القول الراجح - ، وقيل أنه يلزمها ثلاث حِيَض ، لكن القول الراجح أنها حيضة واحدة . لأن زواج النصراني بها صحيح وهي مرتدة . والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ــــــــــــــ
عودة المتوفّى عنها زوجها إلى بلدها الأصلي
سؤال:
السؤال :
يتعلق سؤالي بعدة والدتي ،
كان والداي في زيارة لأمريكا ، ومرض والدي مرضا شديدا ثم مات هناك . ومنذ الوفاة، ووالدتي ما تزال تقيم في أمريكا في البيت الذي كانت تقيم فيه مع والدي، وتعود ملكية هذا البيت لأحد أقاربنا .
والسؤال هو : هل يجب على والدتي أن تقضي مدة عدتها هناك ، أم أنه يجوز له أن تعود إلى وطنها ، باكستان ؟ إن رجوعها لباكستان مهم جدا لمتابعة أمور كثيرة مثل الأملاك . . الخ . سأكون ممتنا لك إجابتك على سؤالي هذا وفقا للشريعة الإسلامية .
وشكرا
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
اختلف العلماء في لزوم المعتدَّة مِن وفاة زوجها بيتها على قولين :
أشهرهما وأقواهما : وجوب لزوم بيت الزوجيَّة .
وإليه ذهب عامَّة العلماء ، ومنهم الأئمَّة الأربعة .
وقد استدلوا على ذلك مِن السُنَّة بحديث فريعة بنت مالك رضي الله عنها قالت : إنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة ، وإن زوجها خرج في طلب أَعْبُد له أبقوا ، حتى إذا كانوا بطرف القدوم لحقهم فقتلوه ! فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ! قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة ، أو في المسجد دعاني - أو أمرني - ... فرددتُ عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي ، فقال : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله .
قالت : فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً .
فلما كان عثمان أرسل إليَّ فسألني عن ذلك ، فأخبرته فاتَّبعه وقضى به .
رواه أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه ، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي وابن القيم وغيرهم .(19/23)
قال ابن القيم رحمه الله : ليس في هذا ما يوجب ردَّ هذه السنَّة الصحيحة الصريحة التي تلقاها عثمان بن عفان وأكابر الصحابة بالقبول . أ.هـ " زاد المعاد " ( 5 / 691 ) .
فائدة :
وقد يطرأ على المرأة المعتدَّة أو على سكنها طارئ كخوف هدمٍ ، أو غرق ، أو خوف مِن عدو ، أو وحشة ، أو أنها تكون بين فسقة ، أو أراد الورثة إخراجها ، أو أن بقاءها يضيع أولادها أو مالها..الخ : فإنه يسوغ لها الانتقال إلى ما شاءت من المساكن، ولا يلزمها الانتقال إلى أقرب مسكن ، وهذا قول الجمهور مِن الحنفية والحنابلة والمالكية .
على أن يثبت لها في مسكنها الجديد الأحكام المتربة عليها في مسكنها الأول .
ومن كانت تستطيع تسيير أمورها وهي في بيت الزوجية : فلا عذر لها في الانتقال ، كأن توكِّل ثقة بمتابعة الميراث ، أو الأملاك . فإذا كانت والدتك متمكنة من الاعتداد في البيت الذي كانت تسكن فيه مع زوجها لما مات فإنها تمكث فيه والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
هل يجوز وطء الزوجة أثناء عدّة الطلاق
سؤال:
السؤال :
هل يمكن للرجل أن يستمر في مجامعة زوجته أثناء فترة العدة؟
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
إذا طلق الرجل زوجته الطلقة الأولى أو الثانية وصارت في العدّة فإنها تعتدّ عنده في بيته وتكون معه لأنها لا تزال زوجته وفي عصمته فإذا أراد وقاعها فقال بعض العلماء إنّ وطأها حينئذ يكون إرجاعا لها وإنهاء لعدتها وقال بعضهم بوجوب المراجعة قبل الوطء وذلك بأن يتلفّظ بالمراجعة كأن يقول راجعتكِ أو راجَعْت فلانة ويُشهد على ذلك اثنين من المسلمين وبذلك تنقطع العدّة ويعود إلى وطئها متى شاء وهذه هي الطريقة السّليمة إذا أراد وطأها ، أمّا الطلقة الثالثة فإنّه لا تكون عنده في عدّتها وتخرج من بيته ولا تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره فإذا طلّقها الثاني جاز أن تعود إلى الأوّل بعقد جديد . والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
حكم امرأة المفقود
سؤال:(19/24)
السؤال :
هل الهجر من الزوج لمدة تسعة أشهر بدون أن تراه أو أن تعرف أين هو يبرر طلب الطلاق والخلع ؟
إذا كان الجواب نعم فهل يجب على المرأة أن تعتد قبل الزواج مرة أخرى ؟
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
إذا كان المقصود بالسؤال أن هذه المرأة لا تعرف خبراً عن زوجها بمعنى انّه مفقود ، فهذه المسألة هي التي يسميها الفقهاء رحمهم الله " امرأة المفقود " وهو الذي انقطع خبره ، وللفقهاء رحمهم الله أقوال كثيرة في المدة التي تتربصها حتى يحكم بموته ، والذي يرجحه المحققون من العلماء أن تقدير المدة يرجع إلى اجتهاد الحاكم ، ويختلف ذلك باختلاف الأحوال والأزمان وقرائن الأحوال ، فيُحدّد القاضي باجتهاده مدّة يغلب على الظن موته بعدها ، ثم يحكم بموته إذا مضت هذه المدة ، وتعتد بعدها امرأته عدة الوفاة أربعة اشهر وعشراً وبعد ذلك تحلّ للأزواج .
أما إذا كانت تعلم مكانه وهجرها هذه المدة فإن حكمه حكم المؤلي ، فتراسله المرأة أو وليها أو ترفع الأمر للحاكم ويُجبر على أن يعود إليها فإن أبى طلق عليه الحاكم تطليقة أو فسخ النكاح والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
أرجع زوجته في عدتها بفتوى وجاءت بفتوى مضادة وتزوجت غيره !
سؤال:
كنت متزوجاً بامرأة ، ولي منها ابن ، وحصل بيني وبينها خلاف ، فطلقتها ، وأثناء فترة العدة حصلتْ مشادة كلامية بيني وبين أخيها ، فأقسمت وقلت " إن لم تعد فلانة إلى بيتي قبل الفجر فهي طالق بالثلاثة " ، فمنعها أخوها ، ولم تعد ، ولم أكن حينها قد راجعتها ، وبعد فترة قليلة استفتيتُ فأُخبرت أني يجوز أن أراجعها ، ولم أستقص هل وقعت الطلقة الثانية أم لا ، وبعد فترة سنتين وقعت إشكالية كبيرة كان للأهل دور كبير فيها ، فطلقتها ، إلا أني وأثناء فترة العدة التقيت بطليقتي ، ووقع بيننا ما يقع بين الأزواج ، فاستفتيت أحد العلماء العاملين في القضاء في بلدي فأفتاني كتابيّاً أن الطلقة التي لم أستقص عنها لا تقع حيث إن طلاق المطلقة لا يقع ، وأن الرجعة بمواقعتي لها صحيحة ، وأشهدت بذلك اثنين من الزملاء ، وأعلمت بذلك زوجتي ، ولم أُعلم أهلها بسبب حدة الخلاف العائلي ، وغضب أهلي مني إن علموا أني أرجعتها ، إلا أني طلبت منها أن تصبر على ذلك ويستمر أمر الرجعة سرّاً حتى أتمكن من الاستقلال عن أهلي ، وبعد مرور عام كنت ألتقي فيه بها سرّاً ويحصل بيننا أحيانا ما يكون بين الأزواج ، أنعم الله عليَّ بفرصة السفر إلى الخارج لإكمال الدراسة ، فاتصلت بها قبل سفري ب 10 أيام وأخبرتها أن مشكلتنا جعل الله لها حلاًّ ، وطلبت منها الانتظار شهراً أو شهرين ، وسأخبرها كيف فتح الله عليَّ ، وسافرت(19/25)
ولم أخبرها ، وبعد سفري بأسبوع تفاجأت بأهلي يخبرونني أن طليقتي ( كما يظنون ) تزوجت ! فأسقط عليَّ ولم أدر كيف أتصرف وأنا في الغربة ، ولم أصدِّق ، فحاولت الاتصال بزوجتي فأخبرتني أنها ظنت أنني كنت أخدعها طول الفترة ، وأني غدرت بها ؛ لأنها علمت أن فترة السفر لن تقل عن 5 سنوات ، وادَّعت أنها استفتت عالماً في الراديو هل تعتبر مواقعة الزوجة بغير نية الرجعة رجعة أم لا فأفتاها بوجوب النية . فاستفتيت وأُخبرتُ أنه من حقي أن أرفع قضية التفريق ، أو أن
أطلقها ، على أن أبلغهم لكي تعتد من الطلاق ، مع العلم أنهم زوجوها من غير أن يأخذوا مني ورقة الطلاق ، وهو الشيء الذي كنت أعتمد عليه أن أبلغهم حين يطلبون ورقة الطلاق .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
إن أحب أعمال جنود إبليس عنده هي التفريق بين الزوجين ، ولا تزال الشياطين تتنافس بينها للحصول على شرف التقرب من إبليس والحوز على المكانة العالية عنده .
فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً ، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا ، فَيَقُولُ : مَا صَنَعْتَ شَيْئًا ، قَالَ : ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ ، قَالَ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ - وَيَلْتَزِمُهُ - وَيَقُولُ : نِعْمَ أَنْتَ ) رواه مسلم ( 2813 ) .
وما نراه ونسمعه ونقرؤه من أفعال الأزواج يدل على نجاح الشياطين في مهامها ، فنِسَب الطلاق في البلدان الإسلامية مهولة ، ولو رجعت إلى أسبابها لرأيت القليل منها بسبب الدين ! وأكثرها على أشياء تافهة من الدنيا ، فيتعجل الزوج ويغضب ويطلق ، ثم يكون تفريق الأسرة وتشتيتها ، وضياع الأولاد ودمارهم .
فلعلَّ من يقرأ هذا أن يتأنى في طلاقه ، وأن يحرص على لم شمل أسرته وإسعادهم ، وأن يتجنب الطلاق ، حتى لا يُدخل الشقاء على نفسه وأسرته .
ثانياً :
ومن حيث العموم : فكثير من مسائل الطلاق فيها خلاف بين العلماء ، وما يعلمه الزوج من الأحكام قبل تلفظه بالطلاق : فإنه يلزمه العمل بما يعلم ، وما كان جاهلاً به : فإنه إن سأل من يثق بدينه وعلمه وأفتاه بشيء : فإنه يلزمه الأخذ به ، ولا يحل له التنقل بين العلماء للحصول على فتوى أخرى ، ولا ينبغي له التشكك في أثرها ، فهو قد أدى ما أمره الله تعالى به من سؤال أهل الذِّكر ، وأوجب عليه الاستجابة للحكم ، وبخاصة إن كان ذلك الحكم صادراً من قاضٍ شرعي ، فحكم القضاء يفصل في مسائل الخلاف ، وجواب العالم الموثوق للسائل يلزمه الأخذ به .
ثالثاً :(19/26)
وما قاله له ذلك العالم من أن الطلاق لا يقع على المطلقة ، قد اختاره جماعة من العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية ، واختاره من المعاصرين الشيخ ابن عثيمين .
رابعاً :
وما قاله لك العالِم من أن جماعك لزوجتك يُعتبر إرجاعاً لها هو مذهب الحنفية والحنابلة ، ولا حرج عليك من الأخذ بهذا القول لأنك فعلت ما أمرت به وهو سؤال أهل العلم ، والمسألة من مسائل الاجتهاد التي اختلف فيها العلماء .
قال ابن قدامة رحمه الله :
"وظاهر كلام الخرقي أن الرجعة لا تحصل إلا بالقول وهذا مذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد .
والرواية الثانية : تحصل الرجعة بالوطء سواء نوى به الرجعة أو لم ينو ، اختارها ابن حامد والقاضي ، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن وابن سيرين وعطاء وطاوس والزهري والثوري والأوزاعي وابن أبي ليلى وأصحاب الرأي" انتهى .
" المغني " ( 8 / 482 ) .
ونرى أن إعلامك زوجتك بالفتوى وإرجاعك لها ، وإشهادك شاهدين على الإرجاع : قد يكون طريقاً منفصلاً عن الجماع في كونه إرجاعاً ، فإعلامك لها وللشاهدين هو تصريح منك بإرجاعها .
وعلى كل حال فأنتَ قد استفيتَ وأُفتيت بكونها راجعة ، وإعلامك لها وإشهادك مقوٍّ للإرجاع إن لم يكن مستقلاًّ .
وعليه : فلا عبرة بما ادعته زوجتك من كونها استفتت أحداً من أهل العلم فأفتاها بعدم الرجعة لكون الجماع كان بغير نية الإرجاع ، لأنك قد استفتيت وأعلمتها بالفتوى وأشهدت على ذلك ، وبهذا تكون قد تمت الرجعة في كامل صورتها ، وليس من سبيل للزوجة لمخالفة هذا .
خامساً :
إخبار أهلك أو أهل زوجتك ليس شرطاً في الإرجاع ، بل إن إخبار الزوجة نفسها ليس شرطاً ، فقد يُرجع الزوج زوجته الرجعية وهي بعيدة عنه ، فلا يشترط إخبارها ولا رضاها .
قال تعالى : ( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً ) البقرة/228 .
قال القرطبي رحمه الله :
وأجمع العلماء على أن الحُرَّ إذا طلق زوجته الحرة ، وكانت مدخولاً بها ، تطليقة ، أو تطليقتنين : أنه أحق برجعتها ما لم تنقض عدتها ، وإن كرهت المرأة .
" تفسير القرطبي " ( 3 / 120 ) .
وكان الأولى إخبار أهلها بكونك أرجعتَ زوجتك لعصمتك ، وعدم إعلامك قد تسبب في فعل منكر شنيع ، وهو قيامهم بتزويجها ، ظانين أن طلاقك وغيابك يجعل ابنتهم مطلقة طلاقاً تملك فيه النكاح .
وقد أمر الله تعالى بالإشهاد على الرجعة بقوله : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) الطلاق/2 ، من أجل قطع النزاع وتذكير الناسي ، وتنبيه الغافل عن عدد الطلقات .(19/27)
وقد أشار الفقهاء في حالة عدم الإشهاد على الرجعة أنه قد يحصل نزاع وشقاق بحصول الرجعة من عدمها ، وأن المرأة قد تتزوج من آخر مدعية أنه لم تحصل رجعة .
ففي " الموسوعة الفقهية " ( 22 / 114 ) :
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ إعلام الزّوجة بالرّجعة مستحبّ ، لما فيه من قطع المنازعة الّتي قد تنشأ بين الرّجل والمرأة .
قال العينيّ ما نصّه : " ويستحبّ أن يعلمها " أي يعلم المرأة بالرّجعة ، فربّما تتزوّج على زعمها أنّ زوجها لم يراجعها وقد انقضت عدّتها ويطؤها الزّوج ، فكانت عاصيةً بترك سؤال زوجها وهو يكون مسيئاً بترك الإعلام ، ولكن مع هذا لو لم يعلمها صحّت الرّجعة ، لأنّها استدامة النّكاح القائم وليست بإنشاءٍ ، فكان الزّوج متصرّفاً في خالص حقّه ، وتصرّف الإنسان في خالص حقّه لا يتوقّف على علم الغير " انتهى .
وعليك الآن : رفع قضيتك للمحكمة الشرعية ، مع إبراز الفتوى الكتابية من ذلك العالم ، وإحضار الشاهدين ، لتثبت من خلال ذلك إرجاع زوجتك لعصمتك .
وإن استطعت إفهام الجميع هذا الأمر ، دون اللجوء للمحكمة الشرعية : فحسنٌ .
وننبهك إلى أنك لو لم تكن تريد الرجوع إليها فإنه لا يحل لك السكوت عن الأمر ، فيمكنك بعد تسوية الأمر تطليقها إن أردت ، لكن اعلم أن سكوتك يعني بقاء نكاحها الثاني غير الشرعي مستمرّاً ، وهذا أمر منكر شنيع .
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه رضاه ، وأن ييسر لك الخير .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
خروج المرأة من بيتها أثناء عدة الوفاة
سؤال:
امرأة مات زوجها ، فهل تخرج من بيتها لضرورة مثل الذهاب للدكتور أو إجراءات حكومية وخلافه ؟
الجواب:
الحمد لله
المرأة في عدة الوفاة لها أن تخرج من بيتها في النهار لقضاء حوائجها ، كالذهاب للطبيب ، ومتابعة الإجراءات الحكومية إذا لم يوجد من يقوم بها بدلا عنها ، وأما الليل فلا تخرج فيه إلا لضرورة .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/130) : " وللمعتدة الخروج في حوائجها نهارا , سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها . لما روى جابر قال : طُلقت خالتي ثلاثا , فخرجت تجذّ نخلها , فلقيها رجل , فنهاها , فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : (اخرجي , فجذي نخلك , لعلك أن تصدّقي منه , أو تفعلي خيرا) رواه النسائي وأبو داود . وروى مجاهد قال : استشهد رجال يوم أحد ، فجاءت نساؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلن : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم نستوحش(19/28)
بالليل , أفنبيت عند إحدانا , فإذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (تحدثن عند إحداكن , حتى إذا أردتن النوم , فلتؤب كل واحدة إلى بيتها) . وليس لها المبيت في غير بيتها , ولا الخروج ليلا , إلا لضرورة ; لأن الليل مظنة الفساد , بخلاف النهار , فإنه مظنة قضاء الحوائج والمعاش , وشراء ما يحتاج إليه " انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (20/440) : "الأصل: أن تحد المرأة في بيت زوجها الذي مات وهي فيه، ولا تخرج منه إلا لحاجة أو ضرورة؛ كمراجعة المستشفى عند المرض، وشراء حاجتها من السوق كالخبز ونحوه، إذا لم يكن لديها من يقوم بذلك" انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
لا يجوز التصريح بخطبة المعتدة من وفاة أو طلاق
سؤال:
عمتي منفصلة عن زوجها لها أربع سنوات ومعاملة طلاق شغالة وتقدم لها شاب لخطبتها هل يجوز لها قراءة فاتحة وجلوس معه دون خلوة خلال أشهر العدة ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الذي نفهمه من سؤالك أن طلاق عمتك من زوجها لم يتم بعد ، لأنك تقولين : ( ومعاملة الطلاق شغالة ) ، فإذا كان الأمر كذلك فعمتك ما زالت في عصمة زوجها ، فلا يجوز لأحد أن يتقدم لخطبتها ولا يتفق معها على الزواج بعد طلاقها ، حتى يتم الطلاق بالفعل .
ثانياً :
إذا تم الطلاق وكان طلاقاً رجعيا ، فلا يجوز أيضاً في فترة العدة أن يتقدم أحد لخطبتها ، لا تصريحاً ولا تعريضاً ، لأن المرأة الرجعية في حكم الزوجة ، لزوجها أن يراجعها في أي وقت شاء ما دامت في العدة .
ثالثاً :
أما إذا كان الطلاق غير رجعي ( كالطلقة الثالثة أو الطلاق مقابل عوض تدفعه المرأة ) فيجوز التعريض بخطبتها في فترة العدة ، ولا يجوز التصريح ، لقول الله تعالى : ( وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ ) (البقرة/235) .
وهذه الآية في المرأة المعتدة من وفاة زوجها ، وقاس عليها العلماء كل من اعتدت وليس لزوجها عليها رجعة .
والفرق بين التصريح والتعريض : أن التصريح هو اللفظ الذي لا يحتمل إلا النكاح ، مثل : أريد أن أتزوجك ، أو سأتقدم لخطبتك ... ونحو ذلك .(19/29)
وأما التعريض فهو اللفظ المحتمل للزواج ولغيره ، مثل : إني أبحث عن زوجة ونحو ذلك .
ومعلوم أن الناس يعتبرون قراءة الفاتحة خطبة صريحة ، وعلى هذا فلا يجوز أن يتقدم أحد لعمتك ويقرأ الفاتحة وتجلس معه إلى انتهاء العدة .
مع التنبيه على أن قراءة الفاتحة عند الخطبة أو العقد لم ترد به السنة .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : هل قراءة الفاتحة عند خطبة الرجل للمرأة بدعة ؟
فأجابت : " قراءة الفاتحة عند خِطبة الرجل امرأة ، أو عَقْدِ نكاحِه عليها بدعة " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (19/146) .
وينظر : "الشرح الممتع": (10/124-127) ، "الموسوعة الفقهية" (19/191) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
لا يشترط رضا الزوجة في إرجاعها بعد طلاقها
سؤال:
إذا طلَّق الرجل زوجته في حالة عصبية وجاء بعد أسبوعين من تركهِ لها لإرجاعها , ولم تقبل بالرجوع له , لأنه إنسان غير معتدل ومزواج - أي : يعدد في الزوجات – وعنده عدم عدل بينهم , وأصبح على هجره لها أكثر من سنة , هل تحرم عليه وتعتبر مطلقة أم ماذا ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
طلاق الغضبان الذي لا يدري ما يقول بسبب غضبه أو عصبيته : لا يقع ، وأما إن كان غضبه لم يؤثر على عقله ، وكان يدري ما يقول فإن طلاقه يقع ، وقد سبق بيان القول في طلاق الغضبان في أجوبة الأسئلة ( 45174 ) و ( 22034 ) .
ثانياً :
يملك الزوج رجعة زوجته ولا يشترط رضاها بذلك ، على أن يكون إرجاعها في عدة الطلقة الأولى أو الثانية ؛ لقوله تعالى : ( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228 .
وفي هذه الآية تنبيه للزوج على شروط الرجعة ، وهي :
1. أن يكون في طلاق ، فإن كان في فسخٍ للنكاح فلا رجعة له عليها ، لقوله تعالى : ( والمطلقات ) .
2. أن يكون الطلاق رجعيّاً ، ولا يكون كذلك إلا إن كانت الطلقة أولى أو ثانية ، وقوله تعالى ( الطلاق مرتان ) يعني : الذي يحصل به الرجعة ، فإن وقعت الطلقة(19/30)
الثالثة فلا رجعة له عليها إلا أن تنكح زوجاً آخر , نكاحَ رغبة , ويفارقها فراقاً حقيقيّاً بعد الدخول .
3. أن تكون في العدة لقوله : ( أحق بردهن في ذلك ) أي : العدة ، فإن انتهت العدة وأراد إرجاعها لم يمكنه ذلك إلا بعقد ومهر جديدين .
4. أن لا يقصد برجعتها الإضرار بها ، بل يقصد إرجاعها للإصلاح , لقوله تعالى : ( إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً ) البقرة/228 ؛ فإن كان يريد الإضرار بها . فعليها أن تثبت ذلك للقاضي الشرعي حتى يحكم بما يظهر له .
والآية دليل واضح على أنه لا خيار للزوجة في الرجعة إن اختار زوجها إرجاعها ، وليس لها أن تمتنع من الرجعة ، لقوله تعالى : ( وبعولتهن أحق بردتهن ) ، وحتى لو لم ترجع لبيته فإنه إن أرجعها وأشهد على ذلك وقعت الرجعة .
ثالثاً :
والعدة التي يملك فيها الزوج الرجعة هي " ثلاثة قروء " أي : خلال ثلاث حيضات عند جمهور أهل العلم ، أو قبل وضع حملها إن كانت حاملاً .
وعليه : فما جاء في السؤال أنه أراد إرجاعها بعد أسبوعين موافق لكون إرجاعه لها في العدة ، إلا أن تكون حاملاً ووضعت حملها قبل إرجاعه لها .
رابعاً :
ولا يقع الطلاق لمجرد الابتعاد عن الزوج ووقوع الهجر ، وقد سبق جواب السؤال رقم (11681) بيان أن طول غياب الزوج لا يعد طلاقاً إلا بطلاق الزوج أو القاضي .
خامساً :
ويجب على الزوج المعدد أن يتقي الله تعالى في نسائه ، وأن يقوم بالعدل الذي أوجبه الله عليه ، ولمعرفة الواجب في العدل بين الزوجات : ينظر جواب السؤال رقم ( 10091 ) و ( 13740 ) .
سادساً :
وهجر الرجل زوجته من غير سبب شرعي حرام ، فإذا كان الهجر لإصلاح حالها لتفعل واجباً تركته ، أو تترك إثماً فعلتْه : جاز له هجرها .
ولا شك أن هجر الرجل لامرأته هذه المدة الطويلة ( سنة ) يدل على استفحال المشكلة ، وأنهما لا يستطيعان حلها , وفي هذه الحالة أمر الله تعالى بإرسال حكمين : أحدهما من أهله , والأخر من أهلها , لينظرا في الأمر ويحكما بما يريان في المصلحة للزوجين ودفع الضرر عن المتضرر منهما .
قال الله تعالى : ) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً ) النساء/35 .
وعلى الزوج أن يعلم أنه مأمور بأحد أمرين :
إما أن يمسك امرأته ويحسن إليها ويعاشرها بالمعروف , وإما أن يطلقها بإحسان ويعطيها حقها ولا يظلمها , قال تعالى : ) فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) البقرة/229 .
ولزيادة البيان : ينظر جواب السؤالين : ( 45600 ) ( 11971 ) .(19/31)
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
إذا زنت المرأة المتزوجة لزمها الاستبراء بحيضة
سؤال:
أنا امرأة متزوجة رجل مسلم. وتم إشهار زواجنا في المسجد. وقد نطقت بالشهادتين لكني لا أصلي. عائلتي نصرانية وقد نشأتُ نصرانية كواحدة منهم. وعائلتي ليست متدينة كثيرًا فنشأت مثلهم غير متدينة كثيرًا. لكني ارتكبت الفاحشة الفظيعة التي أحتقر نفسي بسببها وهي الزنا مع رجل آخر. لقد أخبرت هذا الرجل أني لا أرغب في الزنا لكني لم أرفض بالشكل الكافي. كانت هناك مشاكل بيني وبين زوجي واستغل هذا الزاني سوء الأحوال بيني وبين زوجي. فماذا أفعل كي أصلح الحال؟ أشعر اِلآن برسالة الإسلام داخلي أقوى بكثير من ذي قبل. سأفعل أي شيء يطلبه الإسلام. وأقدر الآن فعلا قبح هذه الفاحشة وأنها ساءت سبيلاً. وأتساءل هل من طريقة ليُغفر لي؟ إذا غفر لي زوجي من قلبه ، فماذا يجب علينا فعله حينئذ ؟ هل نعيد زواجنا مرة أخرى في المسجد أم ماذا؟ أنا نادمة حقا وأسأل الله تعالى أن يكون بي رحيمًا .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
باب التوبة مفتوح ، ومن تاب تاب الله عليه ، والمهم أن يكون ذلك بصدق وإخلاص ، مع الندم على ما حصل والعزم على عدم العودة إليه مستقبلا .
قال سبحانه : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) طه/82 .
وقال تعالى : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) التوبة/104.
وقال سبحانه : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/68- 70.
فمن زنا ثم تاب إلى الله تعالى ، تاب الله عليه وبدل سيئاته حسنات .
والتائب من الذنب قد يصير إلى حال أفضل من حاله قبل مواقعة الذنب ، بإقباله على الله تعالى ، وإكثاره من العمل الصالح .
ولا شك أن عدم أدائك الصلاة منكر عظيم ، وهو أشد من منكر الزنا ، وكلاهما شر وبلاء وإثم ومعصية ، لكن ترك الصلاة كفر ، على الراجح من قولي العلماء لأدلة كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) رواه مسلم (82).(19/32)
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر) رواه الترمذي (2621) والنسائي (463) وابن ماجه (1079) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
فبادري بالصلاة ، وأقبلي على الله ، واستغفري لذنبك ، فإنه الغفور الرحيم الجواد الكريم سبحانه .
ثانيا :
من وقعت في الزنا لزمها الاستبراء بحيضة ، فلا يجوز لزوجها أن يجامعها حتى تحيض ويتبين عدم حملها من الزنى ، فإن حملت من الزنا فلا يجوز له قربانها حتى تضع حملها .
ينظر : "الشرح الممتع" (5/658) (ط.فجر للطباعة).
ولا يجب على المرأة أن تخبر زوجها بالزنى ، بل ينبغي أن تستر نفسها ، ولا تمكنه من الوطء حتى تحيض ، فإن ظهر أنها حامل من الزنا لزم إخباره ، لأن الولد لا ينسب له .
وإنما قلنا : ينبغي أن تستر نفسها لما جاء في ذلك من النصوص ، كقوله صلى الله عليه وسلم يقول : ( اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها ، فمن ألمّ فليستتر بستر الله عز وجل ) رواه البيهقي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (663) .
وروى مسلم (2590) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ).
ثالثا :
يجب الحذر والبعد عن أسباب الفاحشة كالاختلاط والتبرج ومصافحة الأجانب ونحو ذلك ، وينبغي أن تسعى المرأة إلى حل خلافاتها مع زوجها ، وعدم ترك هذه الثغرة لينفذ منها الشيطان إلى قلبها ، ويسلبها عفتها وشرفها .
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل تذهب للحج في عدة وفاة زوجها ؟
سؤال:
امرأة مات عنها زوجها ، وظهر اسمها في قرعة الحج ولم تكمل العدة ، فهل يجوز لها السفر إلى الحج ؟.
الجواب:
الحمد لله
اتفق الأئمة على أنه لا يجوز للمرأة المتوفى عنها زوجها أن تسافر إلى الحج في فترة العدة ( الحداد ) .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :(19/33)
عن امرأة عزمت على الحج هي وزوجها ، فمات زوجها فى شعبان ، فهل يجوز لها أن تحج ؟ .
فأجاب :
" ليس لها أن تسافر فى العدة عن الوفاة إلى الحج في مذهب الأئمة الأربعة " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 34 / 29 ) .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
" ليس للمرأة التي في الحداد السفر للحج ، كما هو مذهب الأئمة الأربعة ، أما ما ذكرتَ من أنه لا يحصل لك إجازة إلا في هذا الوقت : فليس بمسوغ شرعي يجيز السفر بالمرأة التي في عدة الوفاة " انتهى .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 899 ، 900 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
لا تجوز الصلاة خلف إمام مشعوذ ودجال
سؤال:
هل تجوز الصلاة خلف إمام مشعوذ ودجال علماً بأن منهم من يجيد قراءة القرآن ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كان الإمام مشعوذاً يدعي علم الغيب أو يقوم بخرافات ومنكرات فلا يجوز أن يتخذ إماماً ولا يصلى خلفه لأن من ادعى علم الغيب فهو كافر نسأل الله العافية ، يقول جل وعلا : ( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ) النمل/65 ، وهكذا من يتعاطى السحر حكمه حكم الكفار لقول الله تعالى : ( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ) البقرة/102 ، أما إذا كان عنده شيء من المعاصي وليس عنده شيء من أعمال الكفر كالسحر ودعوى علم الغيب ولكن عنده شيء من المعاصي فالصلاة خلفه صحيحة والأفضل التماس غيره من أهل العدالة والاستقامة احتياطاً للدين وخروجاً من خلاف العلماء القائلين بعدم جواز الصلاة خلفه .
أما العصاة فلا ينبغي أن يتخذوا أئمة لكن متى وجدوا أئمة صحت الصلاة خلفهم لأنهم قد يبتلى بهم الناس وقد تدعو الحاجة للصلاة خلفهم ، أما من يدعو غير الله أو يستنجد بالموتى ويستغيث بهم ويطلبهم المدد فهذا لا يصلي خلفه ، لأنه يكون بهذا الأمر من جملة الكفار لأن هذا هو عمل المشركين الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم في مكة وغيرها . ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يمنحهم الفقه في الدين وأن يولي عليهم خيارهم إنه سميع قريب .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص/278.(19/34)
ــــــــــــــ
حقوق الزوجة إذا مات الزوج قبل الدخول ... العنوان
عقد شخص على امرأة ثم توفي الزوج قبل الدخول فما هو حقها في المهر وهل ترث منه أم لا؟ ... السؤال
03/03/2007 ... التاريخ
د.حسام الدين بن موسى عفانة ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فالزواج الصحيح سبب من أسباب الميراث، ومن ثم فقد اتفق الفقهاء على أنه لو مات الزوج بعد العقد وقبل أن يدخل بزوجته وجب لها المهر كاملا بالإضافة إلى حقها في الميراث، وكذلك الحال لو ماتت الزوجة قبل أن يدخل بها الزوج يرثها زوجها.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة - أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
اتفق العلماء أنه إذا مات أحد الزوجين فيجب المهر كاملاً ولو كان ذلك قبل الدخول ما دام أن المهر قد سمي في العقد . قال ابن رشد رحمه الله: [واتفق العلماء على أن الصداق يجب كله بالدخول أو الموت ] بداية المجتهد 6/409 .
وقال بعض أهل العلم: [إن المهر صار واجباً بالعقد والعقد لم ينفسخ بالموت بل انتهى نهايته لأنه عقد للعمر فتنتهي نهايته عند انتهاء العمر وإذا انتهى يتأكد فيما مضى ويتقرر بجميع ما يستوجبه ولأن كل المهر لما وجب بنفس العقد صار ديناً في ذمة الزوج ، والموت لا يكون مسقطاً للدين فلا يسقط شيء من المهر بالموت ] المفصل في أحكام المرأة 7/90.
ويدل على ما سبق ما ورد في الحديث عن علقمة قال: (أتي عبد الله يعني ابن مسعود - في امرأة تزوجها رجل ثم مات عنها ولم يفرض لها صداقاً ولم يكن دخل بها قال : فاختلفوا إليه فقال : أرى لها مثل مهر نسائها ولها الميراث وعليها العدة فشهد معقل بن سنان الأشجعي أن الرسول قضى في بروع بنت واشق بمثل ما قضى) وهو حديث صحيح.
وأما بالنسبة لميراث الزوجة من زوجها المتوفى قبل الدخول بها فلا شك أن الزوجة ترث من زوجها سواء توفي قبل الدخول أو بعده وقد قررت الشريعة الإسلامية أن من أسباب الإرث الزوجية فقد قال الله سبحانه وتعالى :( وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ... ) سورة النساء آية 12.
ولا شك أن كلمة أزواجكم في الآية السابقة تشمل ما كان بعد الدخول وقبل الدخول والزوجة تكون زوجة بمجرد العقد الصحيح فإذا كان العقد صحيحاً صارت زوجة ولها حق الإرث والآية واضحة الدلالة على مشروعية الإرث بالنكاح سواء حصل(19/35)
فيه دخول أو لم يحصل وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم لبروع بنت واشق بالميراث وكان زوجها قد مات عنها قبل أن يدخل بها كما سبق في الحديث.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
الطلاق من الزواج العرفي بالتليفون ... العنوان
طلقني زوجي بالتليفون. وكان زواجنا عرفيا وكانت هذه الطلقة هي الثالثة فما الحكم؟ ... السؤال
14/02/2007 ... التاريخ
الشيخ علي أبو الحسن ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فيقول الشيخ علي أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا :
إن الحكم أولا في أصل الزواج العرفي، فإن كان بالمعني الجاري الآن من فقد شروط الولي والإعلان فهو زواج سري وليس عرفيا، فهو باطل ونوع من الزنا، فلا تبني عليه الأحكام . طلق أو لم يطلق لأنه غير متزوج أصلا، وحيث لا زواج فلا طلاق .
أما إن كان بالمعني الأصلي، أي زواجا مكتملا لجميع الشروط من عقد وشهود وولي -ومهر- وإعلان غير إنه لم يسجل لدى موثق (مأذون) مفوض بذلك من قبل القضاء، فهو زواج صحيح، وإن كان مكروها لعدم كفايته لحماية حقوق الزوجة عند التقاضي.
وحينئذ نقول إذا تم الطلاق عن طريق التليفون وتحققت الزوجة من الصوت، أي بأنه صوت الزوج، وقع الطلاق متى تم بصيغته المتفق عليها (أنت طالق)، أو متى أحضر مثلا تكونين طالقا، فإن وقعت بمثل هذا ثالثة فقد بانت الزوجة بينونة كبري، أي طلاقا نهائيا لا تحل للزوج إلا بعقد زواج آخر صحيح، ثم طلاق من الثاني وانتهاء العدة منه ووافقت علي الزواج.
والله أعلم .
ــــــــــــــ
فتاوى معاصرة - (ج 1 / ص 138)
الموضوع: من أحكام العدة.
السؤال:
الفتوى رقم 2025 لسنة 2003
إذا ما تزوج رجل بأربعة نساء وجمع بينهن في آن واحد ثم قام بتطليق إحداهن طلاق رجعي مثلاً في أول يوم من الشهر فهل يجوز له أن يتزوج بأخرى غير تلك التي طلقها .(19/36)
وهل يكون للرجل عدة أو مثلا ينتظر فترة العدة الخاصة بزوجته الرابعة التي طلقها حتى لا يقع في المحظور بمخالفة القاعدة الشرعية وهي عدم جواز أن يتزوج الرجل من خمسة نساء في آن واحد.
المفتي :
فضيلة الاستاذ الدكتور/ علي جمعة.
الجواب:
إذا كان الرجل متزوجاً أربعا من النساء فليس له أن يتزوج خامسة حتى يطلق إحداهن وتنتهي عدتها فلا يجمع بين خمسة أو أكثر في النكاح لأن الإسلام لم يبح الجمع بين أكثر من أربع والجمع في العدة كالجمع في النكاح لأن العدة توجب قيام حكم الفراش فالنكاح قائم حكماً.
وعلى ذلك إذا تزوج الخامسة وواحدة من الأربع في العدة فقد جمع في عصمته خمساً حكماً ، وذلك لا يجوز شرعاً.
ومما ذكر يعلم الجواب.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ــــــــــــــ
الحيلة في إبطال الطلاق الثلاث ... العنوان
في بلادنا شيخ اعتاد أن يُرجع المطلقة ثلاثًا إلى زوجها، يقول للذي طلق: من الذي وكَّل لزوجتك عند العقد عليها؟ وليها أم غيره؟ فإن كان غيره حكم بفسخ العقد وعقد له عليها ثانية, ولو كان رزق منها بأولاد..هذه الفتوى هل هي موافقة للكتاب والسنة؟ وما قولكم في النظام الواقع بعد العقد الجديد؟ وما أعقبه من الأولاد؟ ... السؤال
21/11/2006 ... التاريخ
الشيخ محمد رشيد رضا ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فهذه الكيفية لإرجاع المطلقة ثلاثًا لم يعرف عن أحد من السلف الصالح, ولا يدل عليه كتاب, ولم تمض به سنة, أما ما كان عليه السلف في مسألة الطلاق الثلاث فالإجماع على أن من طلق امرأته ثلاث مرات فإنها لا تحل له حتى تنكح زوجًا آخر نكاحًا صحيحًا مقصودًا, وهذا ظاهر نص القرآن, وجرت به السنة, وعليه العمل.
يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-ردا على سؤال مماثل :
إن ما ذكر في السؤال من كيفية إرجاع المطلقة ثلاثًا إلى المطلق لم يعرف عن أحد من السلف الصالح, ولا يدل عليه كتاب, ولم تمض به سنة, وإنما هو من احتيال المتفقهة المبني على اختلاف المذاهب, وهو من مفاسد التقليد للعبارات من غير مراعاة نصوص الشرع وحِكَمه, والكتاب والسنة لا اختلاف فيهما [وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً](النساء:82) فمن عمل بهما لا يمكن أن يفتي في(19/37)
المسألة الواحدة (كالطلاق الثلاث) بفتاوى مختلفة, وما أظن الرجل يدعي ذلك فيبين خطؤه بذكر الآيات والأحاديث, وإنما يدعي أنه يفتي بمذاهب الأئمة عليهم الرضوان.
فنقول في بيان خطئه: إنه لم يقل أحد منهم بجواز إقامة الرجل مع المرأة زمنًا بعقد على مذهب ثم اعتباره فاسدًا وتجديد عقد آخر على مذهب آخر, واعتبار الأولاد الذين ولدوا لهما في زمن كل من العقدين أولادًا شرعيين، وقد صرحوا بأنه (إذا عمل العامي بقول المجتهد في حكم مسألة فليس له الرجوع منه إلى غيره اتفاقًا, وأما في حكم مسألة أخرى فيجوز له أن يقلد غيره، على المختار) وذلك أن التزام أحد أقوال المجتهدين بالعمل به يرفع الاختلاف بالنسبة إلى العامل كحكم الحاكم.
ربما يقول هذا الملفق: إن عمله من التلفيق الذي أجازه بعض العلماء، ونحن نعترف بأن بعض العلماء أجاز التلفيق خلافًا لما جاء في كتاب الدر المختار من كتب الحنفية من حكاية الإجماع على بطلان الحكم الملفق, ولكن الذي يجيزه يشترط أن يكون في مسألة واحدة بحيث يأتي بحكم لم يقل به أحد من المسلمين, وأن لا يكون فيه رجوع عما عمل به أو عن لازمه إجماعًا كما هنا، ذكر هذا ابن نجيم في رسالته في بيع الوقف بغبن فاحش وقال: إنه مأخوذ من إطلاقهم جواز تقليد من قلده في غير ما عمل به.
وإذا كان العاميّ الغافل عرضة للمتجرين بالدين يصدق كل ما يقولون، فكيف يتجرأ العالم المدرس على الفتوى بأقوال متناقضة كالقول بأن الولي شرط في صحة النكاح والقول بأنه غير شرط مع علمه بأن الحق واحد واجتماع النقيضين محال.
أيعمل بقول من قال: نحن مع الدراهم قلة وكثرة؟ وهل يستحل أولئك الذين أجازوا لأنفسهم الفتوى بالقولين المتضادين لكثرة الدراهم أن يفتوا بهما الرجل الواحد في الموضوع الواحد؟ أم يخففون وطأة جميع الأحكام الدينية فيفتون كل مستفتٍ بقول ليكون هذا مقلدًا لفلان والآخر مقلدًا لعلان؟ إذ لا معنى لتقليد شخص واحد لعالمين مختلفين في مسألة واحدة لها لوازم مختلفة كواقعة السؤال.
أما ما كان عليه السلف في مسألة الطلاق الثلاث فالإجماع على أن من طلق امرأته ثلاث مرات فإنها لا تحل له حتى تنكح زوجًا آخر نكاحًا صحيحًا مقصودًا, وهذا ظاهر نص القرآن, وجرت به السنة, وعليه العمل.
واختلفت الروايات والأحاديث في الطلاق مرة واحدة بلفظ الثلاث، فالمذاهب الأربعة على اعتبارها ثلاثًا إلا بعض الحنابلة كابن تيمية وابن القيم ولهم سلف وحديث صحيح يحتجون به, وإنما نقول: إن عمل العالم المذكور في السؤال ليس عليه إلا أن يكون بعد العدة, وعليه إذا طلق الزوج مرة أخرى كانت ثالثة لها حكم الثلاث.
والله أعلم .
ــــــــــــــ
المنتقى من فتاوى الفوزان - (ج 56 / ص 11)
أحكام العدة(19/38)
392 ـ المرأة المتوفى زوجها وهي في الحداد هل يجوز لها أن تغادر المكان الموجودة فيه للضرورة، ولو لمرة واحدة ؟
يجب على المرأة المتوفى عنها زوجها أن تعتد للوفاة في بيت زوجها الذي توفي وهي فيه، ولا تنتقل عنه إلا لضرورة؛ كأن تخاف على نفسها، أو تحول منه قهرًا، أو يكون مستأجرًا وتنتهي مدة الإجارة، أو غير ذلك من الأعذار الضرورية، ولا يجوز لها الخروج منه للجيران أو للعمل؛ إلا إذا دعت لذلك ضرورة، فتخرج منه نهارًا وتعود إليه ليلاً؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم لامرأة متوفى عنها زوجها : ( امكثي في بيتك الذي أتاك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله ) ، رواه الخمسة وصححه الترمذي [ رواه أبو داود في سننه ( 2/300 ) ، ورواه الترمذي في سننه ( 4/195، 196 ) ، ورواه النسائي في سننه ( 6/199، 200 ) ، ورواه ابن ماجه في سننه ( 1/654، 655 ) ، ورواه الدارمي في سننه ( 2/221 ) ، ورواه الإمام مالك في موطأه ( 2/591 ) ] .
ــــــــــــــ
لقاءات الباب المفتوح - (ج 159 / ص 6)
من أحكام العدة:
________________________________________
ومما يتعلق بالنكاح: العدة، والمرأة إذا فارقها زوجها لابد عليها من عدة، إلا إذا كان لم يدخل بها ولم يخل بها، كرجل تزوج امرأة وهي في بلد ثم طلقها قبل أن يخلو بها، فهذه ليس عليها عدة، كقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49]. إذاً: العدة إذا طلقت المرأة قبل الدخول والخلوة ليست واجبة، ويجوز أن تتزوج رجلاً آخر، لكن لو مات عنها قبل أن يدخل بها ويخلو بها فعليها العدة، كرجل عقد على امرأة ثم مات قبل أن يدخل بها وقبل أن يخلو بها فعليها العدة؛ لعموم قول الله تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234] ولم يشترط الله تبارك وتعالى دخولاً ولا غيره بخلاف الطلاق، فالطلاق بين الله تعالى أنه إذا طلقها قبل أن يمسها فليس عليها عدة.......
ــــــــــــــ
أحكام المختلعة الحامل
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 27/3/1425هـ
السؤال
ما هي أحكام العدة في الخلع خصوصاً إذا كانت المرأة حاملاً؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:(19/39)
الخلع هو: (الفرقة بعوض يأخذه الزوج) (روضة الطالبين للنووي(ج5/680)، وقال ابن حزم: (هو الافتداء إذا كرهت المرأة زوجها فخافت ألا توفيه حقه، أو خافت أن يبغضها فلا يوفيها حقها) المحلى لابن حزم(10/512)، وقال ابن قدامة في الشرح الكبير: (وجملة ذلك أن المرأة إذا كرهت زوجها لخلقه أو خُلقه، أو دينه، أو كبره، أو ضعفه، أو نحو ذلك، وخشيت أن لا تؤدي حق الله -تعالى- في طاعته جاز لها أن تخالعه على عوض تفتدي به نفسها منه؛ لقول الله -تعالى-: "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ"[البقرة: من الآية229].
أبرز أحكام المعتدة في الخلع:
أولاً: الخلع فراق بين الزوجين فرقة بائنة على الصحيح من كلام أهل العلم(راجع خلاف العلماء في هذه المسألة مطولاً في الشرح الكبير(ج22، ص39)، والمحلى(10/2)، وبناء على هذه القاعدة فإنه يترتب عليها الأحكام الآتية:
أ- سقوط النفقة والسكنى الواجبة على الزوج؛ لأنها صارت كالمرأة الأجنبية إلا أن تكون حاملاً فتستمر النفقة لها لأجل الحمل.
ب- وجوب الحجاب عليها منه.
ج- انقطاع التوارث بينهما فيما لو مات أو ماتت أثناء العدة.
د- أنها لا ترجع إليه باختياره كما هو الحال في الطلاق الرجعي، بل لا بد من عقد جديد بمهر جديد بعد رضاها وموافقتها على ذلك.
مسألة: وهل هذا الفراق طلاق تحسب به طلقة أم فسخ لا تحسب به طلقة؟
الواقع أن أهل العلم اختلفت وجهات نظرهم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن الخلع طلاق تحسب به تطليقة بكل حال على خلاف بينهم هل هو رجعي أم بائن، والصحيح أنه بائن كما ذكرنا.
قال ابن حزم في المحلى (ج9/516)، طبعة دار الفكر: (وبهذا يقول الحسن وسعيد بن المسيب وعطاء وشريح والشعبي وقبيصة بن ذؤيب ومجاهد وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وإبراهيم النخعي والزهري، ومكحول والأوزاعي، وأبو حنفية ومالك والشافعي، وهذا القول هو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد (الإنصاف ج22/ص31).
القول الثاني: هو فسخ لا ينقص به عدد الطلاق إذا تحقق فيه شرطان:
أ- ألا ينوي به الطلاق بل ينوي به مجرد الفسخ، فإن نوى الطلاق فهو طلاق بائن.
ب- ألا يوقعه بصريح لفظ الطلاق فإن أوقعه بصريح الطلاق كان طلاقاً، وهذا القول هو رواية عن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى-، وذكر صاحب الإنصاف(22/ص31) بأن هذه الرواية هي الرواية الصحيحة من المذهب وعليها جماهير أصحاب الإمام.
القول الثالث: أن الخلع فسخ لا تحسب به تطليقة سواء نوى بذلك طلاقاً أم لا، وسواء صدر منه بلفظ الطلاق أو بلفظ غيره، وهذا القول هو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، راجع الإنصاف(22/ص31)، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - فقال في مجموع الفتاوى(ج32/ص309) ما نصه، وهو القول الذي(19/40)
ذكرناه من أن الخلع فسخ تبين به المرأة بأي لفظ كان، وهو الصحيح الذي عليه النصوص والأصول.
ــــــــــــــ
أحكام العدّة
المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 15/5/1422
السؤال
توفي زوجي قبل عدة أيام، وأنا أستفسر عن العدة؟ وهل يجوز الجلوس مع أهل الزوج بوجود إخوانه؟
وبالنسبة للتركة كيف تتوزع مع العلم بأن لي طفل واحد ؟ وللزوج أربعة إخوان، وأربعة أخوات، وأبواه .
الجواب
بالنسبة لما سألت عنه حول العدة فقد أجاب عنه فضيلة الشيخ / عبدالرحمن العجلان _ المدرس في الحرم المكيّ _ فقال :
المرأة إذا توفي عنها زوجها لزمتها العدّة وهي : 4 أشهر و 10 أيام ما لم تكن حاملاً ، فعدّتها بوضع حملها ، طالت المدّة أم قصرت . وعليها الحداد ، وهو تجنُّب الزينة في اللباس والحليّ والطيب وكلّ ما يُرغِّب في نكاحها ، وتلزم البيت الذي توفيّ زوجها وهي فيه ، ما دامت تأمن على نفسها ، حتى وإن كان في البيت إخوانٌ لزوجها ، ما دام أنّ هذا البيت يليق بمثلها عادةً وعُرفاً ، ولا تخرج منه إلا لضرورة .
ولا تمنع العدّة من مخاطبة أهل زوجها وإخوانه ، مع اجتنابها أنواع الزينة . والله أعلم .
وبالنسبة لقسم التركة ، فقد أجاب الشيخ ناصر الطريري على سؤالك ، حيث تقسم التركة كالتالي :
1. لك (الزوجة) الثمن.
2. لوالده السدس.
3. لوالدته السدس .
4. لابنه كل الباقي .
أما إخوته وأخواته فليس لهم شيء من ميراثه .
وننبه إلى أن قسمة التركة تكون بعد سداد ما عليه من ديون، وبعد إخراج وصيته من الثلث إن كان أوصى . والله أعلم .
ــــــــــــــ
سفر المحادة إلى أهلها
المجيب أ.د. صالح بن عبد الله اللاحم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية(19/41)
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 7/4/1422
السؤال
زوجة توفي عنها زوجها وهي في بلد غير بلد أهلها وتريد أن تذهب إلى إخوتها من أجل أن تكمل العدة لأن إخوتها أحرص عليها من غيرهم. فما الحكم في ذلك ؟
الجواب
مثل هذه يجب عليها البقاء في بيت الزوج، ولا يجوز لها الرجوع إلى بيت أهلها، إلا لضرورة، كخوف على نفسها، أو أخرجت رغماً عنها، هذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم والله أعلم .
ــــــــــــــ
أحكام متعلقة في خروج المرأة المغمى زوجها
تاريخ الفتوى : 03 جمادي الثانية 1423
السؤال
هل يجوز الخروج للمرأة التي زوجها في غيبوبة منذ وقت طويل مع محرم لها مثل ابن أخيها إلى السوق أو الحرم أو المستشفى .....إلخ
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلابد أن تعلم المرأة أن مقرها هو بيتها، فلا تخرج منه إلا لحاجة، قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى (الأحزاب:33).
ولا حرج على هذه المرأة في الخروج من البيت لحاجة، سواء للسوق أو للمستشفى أو للحرم ، ولا يؤثر في ذلك كون زوجها في غيبوبة إلا إذا لم يكن يأذن لها في حال إفاقته في الذهاب إلى هذه الأماكن، فإذا لم يكن يأذن لها في إفاقته، فإنها لا تخرج إلى هذه الأماكن إلا للضرورة .
وإذا كانت السائلة قد تظن أنه تلحقها أحكام العدة والحداد ما دام زوجها كما ذُكر، فإن الأمر ليس كما تظن؛ لأن أحكام العدة مترتبة على الموت الحقيقي لا مجرد الدخول في غيبوبة .
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم من طلق زوجته مرتين وعاشرها بعد انقضاء العدة ثم طلقها الثالثة
تاريخ الفتوى : 12 ربيع الثاني 1425
السؤال
رجل طلق امرأته مرتين ومعه شهادة بالطلقة الثانية ثم راجع امرأته بعد انقضاء العدة بغير عقد ولا مهر فقط بالمعاشره ، ثم طلقها الثالثة .السؤال
هل رجوعه لها بغير عقد ولا مهر فقط بالمعاشرة مع العلم بانقضاء العدة جائز ويعتبر زواجا أم لا ؟ وهل الطلقة الثالثة وقعت أم لا إذا كان الرجوع باطلا؟ وجزاكم الله خيرا.(19/42)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرجل إذا تزوج بالمرأة زواجا صحيحا ودخل بها ملك عليها ثلاث تطليقات، فإن طلقها طلقة واحدة أو طلقتين كان له ارتجاعها مادامت لم تنقض عدتها سواء رضيت أو لم ترض، فإن لم يراجعها حتى انقضت عدتها بانت منه بينونة صغرى فلا تحل له إلا بعقد جديد ومهر جديد وهذا محل إجماع بين العلماء، قال ابن المنذر وأجمعوا على أن له الرجعة في المدخول بها مالم تنقض العدة، فإذا انقضت العدة فهو خاطب من الخطاب.
وعليه؛ فإنما فعله الشخص المذكور حرام باتفاق العلماء حيث عاشر امرأة بائنا منه من غير استناد إلى عقد ولم تكن في عدة حيث يمكن ارتجاعها بمجرد المعاشرة عند بعض العلماء، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى ويستر على نفسه لأنه وقع في زنا، وكذلك المرأة عليها أن تتوب إلى الله تعالى إن كانت مطاوعة في ذلك. ولا أثر لهذا الطلاق الثالث لأنه لم يصادف محلا لأن الطلاق إنما يقع على الزوجة أو المطلقة طلاقا رجعيا ما دامت في عدتها، وإذا أراد أن يتزوج مرة أخرى بهذه المرأة فعليه أن يستبرئها بحيضة على قول مالك والإمام أحمد بن حنبل ثم يعقد عليها ولا يحد، ويلحق به الولد إذا كان جاهلا أن معاشرة المطلقة بعد العدة حرام، قال في المغني: ولا حد على من لم يعلم تحريم الزنا . قال عمر وعثمان وعلي : لا حد إلا مع علمه . وبهذا قال عامة أهل العلم، فإن ادعى الزاني الجهل بالتحريم وكان يحتمل أن يجهله كحديث العهد بالإسلام والناشئ ببادية قبل منه.. إلى أن قال : وإن ادعى الجهل بفساد نكاح باطل قبل قوله . انتهى.
وقال الشيخ أحمد الدردير المالكي : وأما المطلقة طلاقا بائنا دون الغاية أي دون الثلاث فيحد إن وطئها بعد العدة لا فيها ... إلى أن قال: إلا أن يجهل حكم التحريم فلا يحد لشبهة الجهل . ولبيان أحكام العدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 28634 ، كما يرجى مراجعة الفتوى رقم: 27534 ، لبيان التوبة الصادقة. والله أعلم
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
من مسائل الطلاق
تاريخ الفتوى : 13 جمادي الأولى 1425
السؤال
أحكام الطلاق، طلقت زوجتي وأعدتها على ذمتي وطلقتها مجدداً ولكن القاضي الشرعي حذرني بأنه لا تجوز إعادتها في حال الصلح إلا بتزويجها من شخص آخر، وقد تدخل أهل الخير واصطلحنا لكونها أم أولادي، ماذا أفعل وهل بإمكاني إرجاعها بدون الزواج من آخر، أفتوني؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(19/43)
فإن المحاكم الشرعية هي صاحبة الاختصاص في مثل هذه الأمور لتمكنها من الاطلاع على حقيقة الأمر وملابساته والاستماع إلى أطرافه، ونحن نذكر لك هنا الحكم الشرعي حسب السؤال:
فإذا كان الطلاق وقع مرتين -كما هو الظاهر من السؤال- فإن للسائل الكريم أن يراجع زوجته من غير احتياج إلى عقد ما دامت عدتها لم تنقض، فإن انتهت عدتها فله أن يتزوجها بعقد جديد وولي ومهر، ولا تحتاج إلى نكاح زوج آخر يحللها، وهذا محل إجماع بين العلماء.
قال ابن المنذر : وأجمعوا على أن له الرجعة في المدخول بها ما لم تنقض العدة، فإذا انقضت العدة فهو خاطب من الخطاب . انتهى
وذلك لأن الرجل إذا تزوج المرأة ودخل بها ملك عليها ثلاث تطليقات، فإن طلقها طلقة واحدة أو تطليقتين كان له ارتجاعها ما لم تنقض عدتها رضيت بذلك أم لم ترض، فإن لم يراجعها حتى انتهت العدة بانت منه بينونة صغرى فلا تحل له إلا بعقد جديد كما تقدم.
فإن طلق طلقة ثالثة، فقد بانت منه بينونة كبرى، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، ولبيان أحكام العدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 28634 .
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الحرة الكتابية مثل المسلمة في عدة الطلاق والوفاة
تاريخ الفتوى : 30 جمادي الأولى 1425
السؤال
هل لا بد من فترة العدة للكتابية المطلقة وهل الولي لازم في الزواج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحرة الكتابية مثل المسلمة في عدة الطلاق والوفاة، ولا فرق بينها وبين المسلمة فيما تحل به أو تحرم به، ولا في شروط النكاح، فكما يشترط الولي في نكاح المسلمة فكذلك الكتابية، قال الشافعي في كتابه الأم في كلامه على الكتابية: وعدتها عدة المسلمة. انتهى.
وقال الشيخ أحمد الدردير في شرح مختصر خليل بن إسحاق المالكي عند قوله: تعتد حرة وإن كتابية طلقها مسلم أو أراد نكاحها من طلاق ذمي، وقال الدسوقي بعبارة أخرى تعتد حرة وإن كتابية طلقها مسلم أو طلقها ذمي وأراد مسلم نكاحها.
وقال الشافعي في كتابه الأم: والكتابية في جميع نكاحها وأحكامها التي تحل بها وتحرم كالمسلمة لا تخالفها في شيء، وفيما يلزم الزوج لها، ولا تنكح الكتابية إلا بشاهدين عدلين مسلمين وبولي من أهل دينها كولي المسلمة جاز في دينهم ذلك أو لم يجز، إلى أن قال: وعليها العدة والإحداد كما يكون على المسلمة. انتهى.
فإن لم يكن لها ولي أو كان وليها مسلما زوجها القاضي لأن السلطان ولي من لا ولي له؛ كما في صحيح ابن حبان، وقد سبق الكلام على هذا الموضوع في الفتوى(19/44)
رقم: 6564 ، والفتوى رقم: 20230 ، ولتفصيل أحكام العدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 28634 .
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
المريضة بفقدان الذاكرة تعتد كسائر النساء
تاريخ الفتوى : 13 رجب 1426
السؤال
أرجوا ردا سريعا من فضلكم الأمر عاجل وشكرا.
أبي مريض جدا ربما يحتضر ولا نعلم أمي مريضة بمرض الزهايمر أي تغيب عنها الذاكرة وتعود حتى أنها لم تعد تعرف أبي هل هو زوجها أم أبوها أم عمها فهي تناديه بعمها فهل يجب عليها الإحداد مع العدة؟
وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل المولى سبحانه أن يعجل بشفاء أمك، ثم اعلمي بارك الله فيك أن كون أمك مصابة بالخرف بحيث لم تعد تعرف زوجها وغيره من سائر الناس لا يغير ذلك في حكم علاقتها به بما في ذلك وجوب العدة عليها والحداد في حال ما إذا مات.
وذلك لأنها تعتبر شرعاً زوجته يجري عليها ما يجري على من توفي زوجها أو طلقها، وبما أنها فاقدة للعقل فعلى أوليائها أن يلزموها بذلك. قال صاحب روضة الطالب: وتحد الذمية والصبية والمجنونة ويلزمها الولي . هـ
ومن أهل العلم من قال بعدم وجوب الحداد على المجنونة ومن في حكمها، قال ابن نجيم : لا حداد على كافرة ولا صغيرة ولا مجنونة ولا معتدة من عتق ولا معتدة من نكاح فاسد.
ولمعرفة أحكام العدة والحداد يحسن أن تراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28173 ، 3133 ، 32669 .
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ما الأحكام التى يجب على المرأة المسلمة التي توفي عنها زوجها الالتزام بها، أ جو توضيح أحكام العدة خصوصاً وكل ما يتعلق بهذا الشأن ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا ما يتعلق بالمرأة التي توفي عنها زوجها من أحكام في فتاوى سابقة نحيلك على اثنتين منها : 31116 ، 28461 .
والله أعلم .(19/45)
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
المتوفي عنها زوجها بعد العقد وقبل الدخول تلزمها العدة
س - شخص عقد على امرأة وتوفي قبل الدخول بها فهل عليها الحداد ؟
ج- المرأة التي توفى عنها زوجها بعد العقد وقبل الدخول تلزمها العدة والإحداد ، لأنها بمجرد العقد تكون زوجة مشمولة بقول الله - تعالى - " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً " . ولما روى البخاري ومسلم - رحمها الله تعالى - أن رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، قال " لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً " . ولما روى أحمد وأهل السنن أن رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، قضى في بروع بنت واشق امرأة عقد عليها زوجها ومات قبل الدخول بها بأن عليها العدة ولها الميراث .
اللجنة الدائمة
ــــــــــــــ
زاد المعاد - (ج 5 / ص 619)
فَصْلٌ [ تَبَعِيّةُ الْإِحْدَادِ لِلْعِدّةِ ]
الْحُكْمُ الثّانِي : إنّ الْإِحْدَادَ تَابِعٌ لِلْعِدّةِ بِالشّهُورِ أَمّا الْحَامِلُ فَإِذَا انْقَضَى حَمْلُهَا سَقَطَ وُجُوبُ الْإِحْدَاد عَنْهَا اتّفَاقًا فَإِنّ لَهَا أَنْ تَتَزَوّجَ وَتَتَجَمّلَ وَتَتَطَيّبَ لَزَوْجِهَا وَتَتَزَيّنَ لَهُ مَا شَاءَتْ . فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا زَادَتْ مُدّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ فَهَلْ يَسْقُطُ وُجُوبُ الْإِحْدَادِ أَمْ يَسْتَمِرّ إلَى حِينِ الْوَضْعِ ؟ قِيلَ بَلْ يَسْتَمِرّ الْإِحْدَادُ إلَى حِينِ الْوَضَعِ فَإِنّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْعِدّةِ وَلِهَذَا قُيّدَ بِمُدّتِهَا وَهُوَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعِدّةِ [ ص 620 ] فَكَانَ مَعَهَا وُجُودًا وَعَدَمًا .
فَصْلٌ [تَسْتَوِي الزّوْجَاتُ بِالْإِحْدَادِ حَتّى الْكَافِرَةُ وَالْأَمَةُ وَالصّغِيرَةُ ]
الْحُكْمُ الثّالِثُ أَنّ الْإِحْدَادَ تَسْتَوِي فِيهِ جَمِيعُ الزّوْجَاتِ الْمُسْلِمَةِ وَالْكَافِرَةِ وَالْحُرّةِ وَالْأَمَةِ الصّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ أَحْمَدَ وَالشّافِعِيّ وَمَالِكٍ . إلّا أَنّ أَشْهَبَ وَابْنَ نَافِعٍ قَالَا لَا إحْدَادَ عَلَى الذّمّيّةِ رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا إحْدَادَ عِنْدَهُ عَلَى الصّغِيرَةِ . وَاحْتَجّ أَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ بِأَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جَعَلَ الْإِحْدَادَ مِنْ أَحْكَامِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاَللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا تَدْخُلُ فِيهِ الْكَافِرَةُ وَلِأَنّهَا غَيْرُ مُكَلّفَةٍ بِأَحْكَامِ الْفُرُوعِ . قَالُوا : وَعُدُولُهُ عَنْ اللّفْظِ الْعَامّ الْمُطْلَقِ إلَى الْخَاصّ الْمُقَيّدِ بِالْإِيمَانِ يَقْتَضِي أَنّ هَذَا مِنْ أَحْكَامِ الْإِيمَانِ وَلَوَازِمِهِ وَوَاجِبَاتِهِ فَكَأَنّهُ قَالَ مَنْ الْتَزَمَ الْإِيمَانَ فَهَذَا مِنْ شَرَائِعِهِ وَوَاجِبَاتِهِ . وَالتّحْقِيقُ أَنّ نَفْيَ حِلّ الْفِعْلِ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَقْتَضِي نَفْيَ حُكْمِهِ عَنْ الْكُفّارِ وَلَا إثْبَاتَ لَهُمْ أَيْضًا وَإِنّمَا يَقْتَضِي أَنّ مَنْ الْتَزَمَ الْإِيمَانَ وَشَرَائِعَهُ فَهَذَا لَا يَحِلّ لَهُ وَيَجِبُ عَلَى كُلّ حَالٍ أَنْ يَلْزَمَ الْإِيمَانَ وَشَرَائِعَهُ وَلَكِنْ لَا يُلْزِمُهُ الشّارِعُ شَرَائِعَ الْإِيمَانِ إلّا بَعْدَ دُخُولِهِ فِيهِ وَهَذَا كَمَا لَوْ قِيلَ لَا يَحِلّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَتْرُكَ الصّلَاةَ وَالْحَجّ وَالزّكَاةَ فَهَذَا لَا يَدُلّ عَلَى أَنّ ذَلِكَ حِلّ لِلْكَافِرِ وَهَذَا كَمَا قَالَ فِي لِبَاسِ الْحَرِيرِ لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتّقِينَ فَلَا يَدُلّ أَنّهُ يَنْبَغِي لِغَيْرِهِمْ . وَكَذَا قَوْلُهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ
يَكُونَ لَعّانًا وَسِرّ الْمَسْأَلَةِ أَنّ شَرَائِعَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْإِيجَابِ إنّمَا شُرِعَتْ لِمَنْ الْتَزَمَ أَصْلَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَلْتَزِمْهُ وَخُلّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دِينِهِ فَإِنّهُ يُخَلّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ [ ص 621 ](19/46)
أَصْلِهِ مَا لَمْ يُحَاكِمْ إلَيْنَا وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُتّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَلَكِنْ عُذْرُ الّذِينَ أَوْجَبُوا الْإِحْدَادَ عَلَى الذّمّيّةِ أَنّهُ يَتَعَلّقُ بِهِ حَقّ الزّوْجِ الْمُسْلِمِ وَكَانَ مِنْهُ إلْزَامُهَا بِهِ كَأَصْلِ الْعُدّةِ وَلِهَذَا لَا يُلْزِمُونَهَا بِهِ فِي عِدّتِهَا مِنْ الذّمّيّ وَلَا يُتَعَرّضُ لَهَا فِيهَا فَصَارَ هَذَا كَعُقُودِهِمْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنّهُمْ يُلْزِمُونَ فِيهَا بِأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرّضْ لِعُقُودِهِمْ مَعَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَمَنْ يُنَازِعُهُمْ فِي ذَلِكَ يَقُولُونَ الْإِحْدَادُ حَقّ لِلّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا لَوْ اتّفَقَتْ هِيَ وَالْأَوْلِيَاءُ وَالْمُتَوَفّى عَلَى سُقُوطِهِ بِأَنْ أَوْصَاهَا بِتَرْكِهِ لَمْ يَسْقُطْ وَلَزِمَهَا الْإِتْيَانُ بِهِ فَهُوَ جَارٍ مَجْرَى الْعِبَادَاتِ وَلَيْسَتْ الذّمّيّةُ مِنْ أَهْلِهَا فَهَذَا سِرّ الْمَسْأَلَةِ .
فَصْلٌ [ لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى الْأَمَةِ وَلَا أُمّ الْوَلَدِ ]
الْحُكْمُ الرّابِعُ أَنّ الْإِحْدَادَ لَا يَجِبُ عَلَى الْأُمّةِ وَلَا أُمّ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ سَيّدُهُمَا لِأَنّهُمَا لَيْسَا بِزَوْجَيْنِ . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : لَا أَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ . فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ لَهُمَا أَنْ تُحِدّا ثَلَاثَةَ أَيّامٍ ؟ قِيلَ نَعَمْ لَهُمَا ذَلِكَ فَإِنّ النّصّ إنّمَا حَرّمَ الْإِحْدَادَ فَوْقَ الثّلَاثِ عَلَى غَيْرِ الزّوْجِ وَأَوْجَبَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا عَلَى الزّوْجِ فَدَخَلَتْ الْأَمَةُ وَأُمّ الْوَلَدِ فِيمَنْ يَحِلّ لَهُنّ الْإِحْدَادُ لَا فِيمَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِنّ وَلَا فِيمَنْ يَجِبُ .
[لَا إحْدَادَ عَلَى غَيْرِ الْمُتَوَفّى عَنْهَا زَوْجُهَا ]
فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُعْتَدّةِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًى أَوْ اسْتِبْرَاءِ إحْدَادٍ ؟ قُلْنَا : هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الْخَامِسُ الّذِي دَلّتْ عَلَيْهِ السّنّةُ أَنّهُ لَا إحْدَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ هَؤُلَاءِ لِأَنّ السّنّةَ أَثْبَتَتْ وَنَفَتْ فَخَصّتْ بِالْإِحْدَادِ الْوَاجِبِ الزّوْجَاتِ وَبِالْجَائِزِ غَيْرَهُنّ عَلَى الْأَمْوَاتِ خَاصّةً وَمَا عَدَاهُمَا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حُكْمِ التّحْرِيمِ عَلَى الْأَمْوَاتِ فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ دُخُولُهُ فِي الْإِحْدَادِ عَلَى الْمُطَلّقَةِ الْبَائِنِ ؟ وَقَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْإِمَامُ أَحْمَد ُ فِي إحْدَى الرّوَايَتَيْنِ عَنْهُ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيّ إنّ الْبَائِنَ يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ وَهُوَ [ ص 622 ] الْقِيَاسِ لِأَنّهَا مُعْتَدّةٌ بَائِنٌ مِنْ نِكَاحٍ فَلَزِمَهَا الْإِحْدَادُ كَالْمُتَوَفّى عَنْهَا لِأَنّهُمَا اشْتَرَكَا فِي الْعِدّةِ وَاخْتَلَفَا فِي سَبَبِهَا وَلِأَنّ الْعِدّةَ تُحَرّمُ النّكَاحَ فَحَرُمَتْ دَوَاعِيَهُ . قَالُوا : وَلَا رَيْبَ أَنّ الْإِحْدَادَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى وَهُوَ أَنّ إظْهَارَ الزّينَةِ وَالطّيبِ وَالْحُلِيّ مِمّا يَدْعُو الْمَرْأَةَ إلَى الرّجَالِ وَيَدْعُو الرّجَالُ إلَيْهَا : فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ تَكْذِبَ فِي انْقِضَاءِ عِدّتِهَا اسْتِعْجَالًا لِذَلِكَ فَمُنِعَتْ مِنْ دَوَاعِي ذَلِكَ وَسَدّتْ إلَيْهِ الذّرِيعَةَ هَذَا مَعَ أَنّ الْكَذِبَ فِي عِدّةِ الْوَفَاةِ يَتَعَذّرُ غَالِبًا بِظُهُورِ مَوْتِ الزّوْجِ وَكَوْنِ الْعِدّةِ أَيّامًا مَعْدُودَةً بِخِلَافِ عِدّةِ الطّلَاقِ فَإِنّهَا بِالْأَقْرَاءِ وَهِيَ لَا تُعْلَمُ إلّا مِنْ جِهَتِهَا فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ لَهَا أَوْلَى .
قِيلَ قَدْ أَنْكَرَ اللّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى مَنْ حَرّمَ زِينَتَهُ الّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطّيّبَاتِ مِنْ الرّزْقِ . وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحَرّمَ مِنْ الزّينَةِ إلّا مَا حَرّمَهُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَاَللّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ حَرّمَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ زِينَةَ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمُتَوَفّى عَنْهَا مُدّةَ الْعِدّةِ وَأَبَاحَ رَسُولُهُ الْإِحْدَادَ بِتَرْكِهَا عَلَى غَيْرِ الزّوْجِ فَلَا يَجُوزُ تَحْرِيمٌ غَيْرَ مَا حَرّمَهُ بَلْ هُوَ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ وَلَيْسَ الْإِحْدَادُ مِنْ لَوَازِمِ الْعِدّةِ وَلَا تَوَابِعِهَا وَلِهَذَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةِ وَلَا الْمَزْنِيّ بِهَا وَلَا الْمُسْتَبْرَأَةِ وَلَا الرّجْعِيّةِ اتّفَاقًا وَهَذَا الْقِيَاسُ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهَا عَلَى الْمُتَوَفّى عَنْهَا لِمَا بَيْنَ الْعِدّتَيْنِ مِنْ الْقُرُوءِ قَدَرًا أَوْ سَبَبًا وَحُكْمًا فَإِلْحَاقُ عِدّةِ الْأَقْرَاءِ بِالْأَقْرَاءِ أَوْلَى مِنْ إلْحَاقِ عِدّةِ الْأَقْرَاءِ بِعِدّةِ الْوَفَاةِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِحْدَادِ عَلَى الزّوْجِ الْمَيّتِ مُجَرّدَ مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ طَلَبِ(19/47)
الِاسْتِعْجَالِ فَإِنّ الْعُدّةَ فِيهِ لَمْ تَكُنْ لِمُجَرّدِ الْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ الرّحِمِ وَلِهَذَا تَجِبُ قَبْلَ الدّخُولِ وَإِنّمَا هُوَ مِنْ تَعْظِيمِ هَذَا الْعَقْدِ وَإِظْهَارِ خَطَرِهِ وَشَرَفِهِ وَأَنّهُ عِنْدَ اللّهِ بِمَكَانِ فَجُعِلَتْ الْعُدّةُ حَرِيمًا لَهُ وَجُعِلَ الْإِحْدَادُ مِنْ تَمَامِ هَذَا الْمَقْصُودِ وَتَأَكّدِهِ وَمَزِيدِ الِاعْتِنَاءِ بِهِ حَتّى جُعِلَتْ الزّوْجَةُ أَوْلَى بِفِعْلِهِ عَلَى زَوْجِهَا مِنْ أَبِيهَا وَابْنِهَا وَأَخِيهَا وَسَائِرِ أَقَارِبِهَا وَهَذَا مِنْ
تَعْظِيمِ هَذَا الْعَقْدِ وَتَشْرِيفِهِ وَتَأَكّدِ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السّفَاحِ مِنْ جَمِيعِ أَحْكَامِهِ وَلِهَذَا شُرِعَ فِي ابْتِدَائِهِ إعْلَانُهُ وَالْإِشْهَادُ عَلَيْهِ وَالضّرْبُ بِالدّفّ لِتَحَقّقِ الْمُضَادّةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السّفَاحِ وَشَرَعَ فِي [ ص 623 ] الْعِدّةِ وَالْإِحْدَادِ مَا لَمْ يُشَرّعْ فِي غَيْرِهِ .
فَصْلٌ [الْخِصَالُ الّتِي تَجْتَنِبُهَا الْحَادّةُ ]
الْحُكْمُ السّادِسُ فِي الْخِصَالِ الّتِي تَجْتَنِبُهَا الْحَادّةُ وَهِيَ الّتِي دَلّ عَلَيْهَا النّصّ دُونَ الْآرَاءِ وَالْأَقْوَالِ الّتِي لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ . الطّيبُ أَحَدُهَا : الطّيبُ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الصّحِيحِ لَا تَمَسّ طِيبًا وَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِهِ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَ الْإِحْدَادَ وَلِهَذَا لَمّا خَرَجَتْ أُمّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا مِنْ إحْدَادِهَا عَلَى أَبِيهَا أَبِي سُفْيَان َ دَعَتْ بِطِيبِ فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً ثُمّ مَسّتْ بِعَارِضَيْهَا ثُمّ ذَكَرَتْ الْحَدِيثَ وَيَدْخُلُ فِي الطّيبِ الْمِسْكُ وَالْعَنْبَرُ وَالْكَافُورُ وَالنّدّ وَالْغَالِيَةُ وَالزّبَاد وَالذّرِيرَةُ وَالْبُخُورُ وَالْأَدْهَانُ الْمُطَيّبَةُ كَدُهْنِ الْبَانِ وَالْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ وَالْيَاسَمِينِ وَالْمِيَاهِ الْمُعْتَصِرَةِ مِنْ الْأَدْهَانِ الطّيّبَةِ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَمَاءِ الْقُرُنْفُلِ وَمَاءِ زَهْرِ النّارِنْجِ فَهَذَا كُلّهُ طِيبٌ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الزّيْتُ وَلَا الشّيْرَجُ وَلَا السّمْنُ وَلَا تُمْنَعُ مِنْ الْأَدْهَانِ بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ .
فَصْلٌ [ تَجْتَنِبُ الْحَادّةُ الزّينَةَ فِي بَدَنِهَا ]
الْحُكْمُ السّابِعُ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ . أَحَدُهَا : الزّينَةُ فِي بُدْنِهَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الْخِضَابُ وَالنّقْشُ وَالتّطْرِيفُ وَالْحُمْرَةُ والاسفيداج فَإِنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَصّ عَلَى الْخِضَابِ مُنَبّهًا بِهِ عَلَى هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الّتِي هِيَ أَكْثَرُ زِينَةً مِنْهُ وَأَعْظَمُ فِتْنَةً وَأَشَدّ مُضَادّةً لِمَقْصُودِ الْإِحْدَادِ وَمِنْهَا : الْكُحْلُ وَالنّهْيُ عَنْهُ ثَابِتٌ بِالنّصّ بِالصّرِيحِ الصّحِيحِ . ثُمّ قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ السّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْهُمْ أَبُو مُحَمّدِ بْنِ حَزْمٍ : لَا تَكْتَحِلُ وَلَوْ ذَهَبَتْ عَيْنَاهَا لَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا وَيُسَاعِدُ قَوْلَهُمْ حَدِيثُ أُمّ سَلَمَةَ الْمُتّفَقُ عَلَيْهِ أَنّ امْرَأَةً تُوُفّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَخَافُوا عَلَى عَيْنِهَا فَأَتَوْا النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَاسْتَأْذَنُوهُ فِي الْكُحْلِ فَمَا أَذِنَ فِيهِ بَلْ قَالَ " لَا " مَرّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمّ ذَكَرَ لَهُمْ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيّةِ مِنْ الْإِحْدَادِ الْبَلِيغِ سَنَةً وَيَصْبِرْنَ عَلَى ذَلِكَ أَفَلَا [ ص 624 ] وَلَا رَيْبَ أَنّ الْكُحْلَ مِنْ أَبْلَغِ الزّينَةِ فَهُوَ كَالطّيبِ أَوْ أَشَدّ مِنْهُ . وَقَالَ بَعْضُ الشّافِعِيّةِ : لِلسّوْدَاءِ أَنْ تَكْتَحِلَ وَهَذَا تَصَرّفٌ مُخَالِفٌ لِلنّصّ وَالْمَعْنَى وَأَحْكَامُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا تُفَرّقُ بَيْنَ السّودِ وَالْبِيضِ كَمَا لَا تُفَرّقُ بَيْنَ الطّوّالِ وَالْقِصَارِ وَمِثْلُ هَذَا الْقِيَاسِ بِالرّأْيِ الْفَاسِدِ الّذِي اشْتَدّ نَكِيرُ السّلَفِ لَهُ وَذَمّهُمْ إيّاهُ . وَأَمّا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكِ وَأَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَة َ وَالشّافِعِيّ
وَأَصْحَابِهِمْ فَقَالُوا : إنْ اُضْطُرّتْ إلَى الْكُحْلِ بِالْإِثْمِدِ تَدَاوَيَا لَا زِينَةَ فَلَهَا أَنْ تَكْتَحِلَ بِهِ لَيْلًا وَتَمْسَحَهُ نَهَارًا وَحُجّتُهُمْ حَدِيثُ أُمّ سَلَمَةَ الْمُتَقَدّمُ رَضِيَ اللّه عَنْهَا فَإِنّهَا قَالَتْ فِي كُحْلِ الْجَلَاءِ لَا تَكْتَحِلُ إلّا لِمَا لَا بُدّ مِنْهُ يَشْتَدّ عَلَيْكِ فَتَكْتَحِلِينَ بِاللّيْلِ وَتَغْسِلِينَهُ بِالنّهَارِ وَمِنْ حُجّتِهِمْ حَدِيثُ أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا الْآخَرُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ(19/48)
وَسَلّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَقَدْ جَعَلَتْ عَلَيْهَا صَبْرًا فَقَالَ مَا هَذَا يَا أُمّ سَلَمَةَ ؟ فَقُلْت : صَبْرٌ يَا رَسُولَ اللّهِ لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ فَقَالَ إنّهُ يُشِبّ الْوَجْهَ فَقَالَ " لَا تَجْعَلِيهِ إلّا بِاللّيْلِ وَتَنْزِعِيهِ بِالنّهَارِ وَهُمَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ فَرّقَهُ الرّوَاةُ وَأَدْخَلَ مَالِكٌ هَذَا الْقَدْرَ مِنْهُ فِي " مُوَطّئِهِ " بَلَاغًا وَذَكَرَ أَبُو عُمَرَ فِي " التّمْهِيدِ " لَهُ طُرُقًا يَشُدّ بَعْضُهَا بَعْضًا وَيَكْفِي احْتِجَاجُ مَالِكٍ بِهِ وَأَدْخَلَهُ أَهْلُ السّنَنِ فِي كُتُبِهِمْ وَاحْتَجّ بِهِ الْأَئِمّةُ وَأَقَلّ دَرَجَاتِهِ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا وَلَكِنْ حَدِيثُهَا هَذَا مُخَالِفٌ فِي الظّاهِرِ لِحَدِيثِهَا الْمُسْنَدِ الْمُتّفَقِ عَلَيْهِ فَإِنّهُ يَدُلّ عَلَى الْمُتَوَفّى عَنْهَا لَا تَكْتَحِلُ بِحَالِ فَإِنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يَأْذَنْ لِلْمُشْتَكِيَةِ عَيْنَهَا فِي الْكُحْلِ لَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا وَلَا مِنْ ضَرُورَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَقَالَ " لَا " مَرّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَلَمْ يَقُلْ إلّا أَنْ تُضْطَرّ . وَقَدْ ذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيّةَ ابْنَةِ عُبَيْدٍ أَنّهَا اشْتَكَتْ عَيْنَهَا وَهِيَ حَادّ
عَلَى زَوْجِهَا عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ فَلَمْ تَكْتَحِلْ حَتّى كَادَتْ عَيْنَاهَا تَرْمَصَان [ ص 625 ] قَالَ أَبُو عُمَر َ وَهَذَا عِنْدِي وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ مُخَالِفًا لِحَدِيثِهَا الْآخَرِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبَاحَتِهِ بِاللّيْلِ وَقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ " لَا " مَرّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنّ تَرْتِيبَ الْحَدِيثَيْنِ وَاَللّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنّ الشّكَاةَ الّتِي قَالَ فِيهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا لَمْ تَبْلُغْ - وَاَللّهُ أَعْلَمُ - مِنْهَا مَبْلَغًا لَا بُدّ لَهَا فِيهِ مِنْ الْكُحْلِ فَلِذَلِكَ نَهَاهَا وَلَوْ كَانَتْ مُحْتَاجَةً مُضْطَرّةً تَخَافُ ذَهَابَ بَصَرِهَا لَأَبَاحَ لَهَا ذَلِكَ كَمَا فَعَلَ بِاَلّتِي قَالَ لَهَا : اجْعَلِيهِ بِاللّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنّهَارِ وَالنّظَرُ يَشْهَدُ لِهَذَا التّأْوِيلِ لِأَنّ الضّرُورَاتِ تَنْقُلُ الْمَحْظُورَاتِ إلَى حَالِ الْمُبَاحِ فِي الْأُصُولِ وَلِهَذَا جَعَلَ مَالِكٌ فَتْوَى أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا تَفْسِيرًا لِلْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ فِي الْكُحْلِ لِأَنّ أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا رَوَتْهُ وَمَا كَانَتْ لِتُخَالِفَهُ إذَا صَحّ عِنْدَهَا وَهِيَ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِهِ وَمَخْرَجِهِ وَالنّظَرُ يَشْهَدُ لِذَلِكَ لِأَنّ الْمُضْطَرّ إلَى شَيْءٍ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْمُرَفّهِ الْمُتَزَيّنِ بِالزّينَةِ وَلَيْسَ الدّوَاءُ وَالتّدَاوِي مِنْ الزّينَةِ فِي شَيْءٍ وَإِنّمَا نُهِيَتْ الْحَادّةُ عَنْ الزّينَةِ لَا عَنْ التّدَاوِي وَأُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا أَعْلَمُ بِمَا رَوَتْ مَعَ صِحّتِهِ فِي النّظَرِ وَعَلَيْهِ أَهْلُ الْفِقْهِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشّافِعِيّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ . وَقَدْ ذَكَرَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللّهُ فِي "
مُوَطّئِهِ " أَنّهُ بَلَغَهُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ فِي الْمَرْأَةِ يُتَوَفّى عَنْهَا زَوْجُهَا : إنّهَا إذَا خَشِيَتْ عَلَى بَصَرِهَا مِنْ رَمَدٍ بِعَيْنَيْهَا أَوْ شَكْوَى أَصَابَتْهَا أَنّهَا تَكْتَحِلُ وَتَتَدَاوَى بِالْكُحْلِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ . قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنّ الْقَصْدَ إلَى التّدَاوِي لَا إلَى التّطَيّبِ وَالْأَعْمَالِ بِالنّيّاتِ . وَقَالَ الشّافِعِيّ رَحِمَهُ اللّهُ الصّبْرُ يُصَفّرُ فَيَكُونُ زِينَةً وَلَيْسَ بِطِيبِ وَهُوَ كُحْلُ الْجَلَاءِ فَأَذِنَتْ أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا لِلْمَرْأَةِ بِاللّيْلِ حَيْثُ لَا تَرَى وَتَمْسَحُهُ بِالنّهَارِ حَيْثُ يَرَى وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَهُ . وَقَالَ أَبُو مُحَمّدِ ابْنُ قُدَامَةَ فِي " الْمُغْنِي " : وَإِنّمَا تُمْنَعُ الْحَادّةُ مِنْ الْكُحْلِ [ ص 626 ] وَنَحْوِهِمَا فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنّهُ لَا زِينَةَ فِيهِ بَلْ يُقَبّحُ الْعَيْنَ وَيَزِيدُهَا مَرّهَا . قَالَ وَلَا تُمْنَعُ مِنْ جَعْلِ الصّبِرِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا مِنْ بَدَنِهَا لِأَنّهُ إنّمَا مُنِعَ مِنْهُ فِي الْوَجْهِ لِأَنّهُ يُصَفّرُهُ فَيُشْبِهُ الْخِضَابَ فَلِهَذَا قَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّهُ يُشِبّ الْوَجْهَ قَالَ وَلَا تُمْنَعُ مِنْ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَحَلْقِ الشّعْرِ الْمَنْدُوبِ إلَى حَلْقِهِ وَلَا مِنْ الِاغْتِسَالِ بِالسّدْرِ وَالِامْتِشَاطِ بِهِ لِحَدِيثِ أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا وَلِأَنّهُ يُرَادُ لِلتّنْظِيفِ لَا لِلتّطَيّبِ(19/49)
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ النّيْسَابُورِيّ فِي " مَسَائِلِهِ " قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللّه ِ الْمُتَوَفّى عَنْهَا تَكْتَحِلُ بِالْإِثْمِدِ ؟ قَالَ لَا وَلَكِنْ إذَا
أَرَادَتْ اكْتَحَلَتْ بِالصّبِرِ إذَا خَافَتْ عَلَى عَيْنِهَا وَاشْتَكَتْ شَكْوَى شَدِيدَةً .
فَصْلٌ [تَجْتَنِبُ الْحَادّةُ زِينَةَ الثّيَابِ ]
النّوْعُ الثّانِي : زِينَةُ الثّيَابِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا مَا نَهَاهَا عَنْهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَمَا هُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْهُ وَمَا هُوَ مِثْلُهُ . وَقَدْ صَحّ عَنْهُ أَنّهُ قَالَ " وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا " . وَهَذَا يَعُمّ الْمُعَصْفَرَ وَالْمُزَعْفَرَ وَسَائِرَ الْمَصْبُوغِ بِالْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ وَالْأَخْضَرِ وَالْأَزْرَقِ الصّافِي وَكُلّ مَا يُصْبَغُ لِلتّحْسِينِ وَالتّزْيِينِ . وَفِي اللّفْظِ الْآخَرِ وَلَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنْ الثّيَابِ وَلَا الْمُمَشّقَ وَهَهُنَا نَوْعَانِ آخَرَانِ . أَحَدُهُمَا : مَأْذُونٌ فِيهِ وَهُوَ مَا نُسِجَ مِنْ الثّيَابِ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ صَبْغٌ مِنْ خَزّ أَوْ قَزّ أَوْ قُطْنٍ أَوْ كَتّانٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ وَبَرٍ أَوْ شَعَرٍ أَوْ صَبْغٍ غَزَلَهُ وَنُسِجَ مَعَ غَيْرِهِ كَالْبُرُودِ . وَالثّانِي : مَا لَا يُرَادُ بِصَبْغِهِ الزّينَةُ مِثْلَ السّوَادِ وَمَا صُبِغَ لِتَقْبِيحِ أَوْ لِيَسْتُرَ الْوَسَخَ فَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْهُ . قَالَ الشّافِعِيّ رَحِمَهُ اللّهُ فِي الثّيَابِ زَيّنَتَانِ . إحْدَاهُمَا : جَمَالُ الثّيَابِ عَلَى اللّابِسِينَ وَالسّتْرَةُ لِلْعَوْرَةِ . فَالثّيَابُ زِينَةٌ لِمَنْ يَلْبَسُهَا وَإِنّمَا نُهِيَتْ الْحَادّةُ عَنْ زِينَةِ بَدَنِهَا وَلَمْ تُنْهَ عَنْ سَتْرِ عَوْرَتِهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ تَلْبَسَ كُلّ ثَوْبٍ مِنْ الْبَيَاضِ لِأَنّ [ ص 627 ] كَانَ مِنْ زِينَةٍ أَوْ وَشْيٍ فِي ثَوْبِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا تَلْبَسُهُ الْحَادّةُ وَذَلِكَ لِكُلّ حُرّةٍ أَوْ أَمَةٍ كَبِيرَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ مُسْلِمَةٍ أَوْ
ذِمّيّةٍ . انْتَهَى كَلَامُهُ . قَالَ أَبُو عُمَرَ : وَقَوْلُ الشّافِعِيّ رَحِمَهُ اللّهُ فِي هَذَا الْبَابِ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا تَلْبَسُ ثَوْبَ عَصَبٍ وَلَا خَزّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَصْبُوغًا إذَا أَرَادَتْ بِهِ الزّينَةَ وَإِنْ لَمْ تُرِدْ بِلَبْسِ الثّوْبِ الْمَصْبُوغِ الزّينَةَ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَلْبَسَهُ . وَإِذَا اشْتَكَتْ عَيْنَهَا اكْتَحَلَتْ بِالْأَسْوَدِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ تَشْتَكِ عَيْنَهَا لَمْ تَكْتَحِلْ .
فَصْلٌ
وَأَمّا الْإِمَامُ أَحْمَد ُ رَحِمَهُ اللّه فَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَلَا تَتَزَيّنُ الْمُعْتَدّةُ وَلَا تَتَطَيّبُ بِشَيْءِ مِنْ الطّيّبِ وَلَا تَكْتَحِلُ بِكُحْلِ زِينَةٍ وَتَدّهِنُ بِدُهْنِ لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ وَلَا تَقْرَبُ مِسْكًا وَلَا زَعْفَرَانًا لِلطّيبِ وَالْمُطَلّقَةُ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ تَتَزَيّنُ وَتَتَشَوّفُ لَعَلّهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا . وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي " مَسَائِلِهِ " : سَأَلْتُ أَحْمَدَ قَالَ الْمُتَوَفّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَالْمُطَلّقَةُ ثَلَاثًا وَالْمُحْرِمَةُ يَجْتَنِبْنَ الطّيبَ وَالزّينَةَ . وَقَالَ حَرْبٌ فِي " مَسَائِلِهِ " : سَأَلْتُ أَحْمَد رَحِمَهُ اللّه قُلْت : الْمُتَوَفّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَالْمُطَلّقَةُ هَلْ تَلْبَسَانِ الْبُرُدَ لَيْسَ بِحَرِيرٍ ؟ فَقَالَ لَا تَتَطَيّبُ الْمُتَوَفّى عَنْهَا وَلَا تَتَزَيّنُ بِزِينَةِ وَشَدّدَ فِي الطّيبِ إلّا أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا عِنْدَ طُهْرِهَا . ثُمّ قَالَ وَشُبّهَتْ الْمُطَلّقَةُ ثَلَاثًا بِالْمُتَوَفّى عَنْهَا لِأَنّهُ لَيْسَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا رَجْعَةٌ ثُمّ سَاقَ حَرْبٌ بِإِسْنَادِهِ إلَى أُمّ سَلَمَةَ قَالَ الْمُتَوَفّى عَنْهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنْ الثّيَابِ وَلَا [ ص 628 ] وَلَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَتَطَيّبُ وَلَا تَمْتَشِطُ بِطَيّبٍ . وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ النّيْسَابُورِيّ فِي " مَسَائِلِهِ " : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عَنْ الْمَرْأَةِ تَنْتَقِبُ فِي عِدّتِهَا أَوْ تَدْهُنُ فِي عِدّتِهَا ؟ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنّمَا كُرِهَ لِلْمُتَوَفّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَنْ تَتَزَيّنَ . وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ : كُلّ دُهْنٍ فِيهِ طِيبٌ فَلَا تُدْهِنُ بِهِ فَقَدْ دَارَ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالشّافِعِيّ وَأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمْ اللّهُ عَلَى(19/50)
أَنّ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ مِنْ الثّيَابِ مَا كَانَ مِنْ لِبَاسِ الزّينَةِ مِنْ أَيّ نَوْعٍ كَانَ وَهَذَا هُوَ الصّوَابُ قَطْعًا فَإِنّ الْمَعْنَى الّذِي مُنِعَتْ مِنْ الْمُعَصْفَرِ وَالْمُمَشّقِ لِأَجْلِهِ مَفْهُومٌ وَالنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَصّهُ بِالذّكْرِ مَعَ الْمَصْبُوغِ تَنْبِيهًا عَلَى مَا هُوَ مِثْلُهُ وَأَوْلَى بِالْمَنْعِ فَإِذَا كَانَ الْأَبْيَضُ وَالْبُرُودُ الْمُحَبّرَةُ الرّفِيعَةُ الْغَالِيَةُ الْأَثْمَان مِمّا يُرَادُ لِلزّينَةِ لِارْتِفَاعِهِمَا وَتَنَاهِي جَوْدَتِهِمَا كَانَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الثّوْبِ الْمَصْبُوغِ . وَكُلّ مِنْ عَقَلَ عَنْ اللّهِ وَرَسُولِهِ لَمْ يَسْتَرِبْ فِي ذَلِكَ لَا كَمَا قَالَ أَبُو مُحَمّدِ بْنِ حَزْمٍ : إنّهَا تَجْتَنِبُ الثّيَابَ الْمَصْبَغَةَ فَقَطّ وَمُبَاحٌ لَهَا أَنْ تَلْبَسَ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ حَرِيرٍ أَبْيَضَ وَأَصْفَرَ مِنْ لَوْنِهِ الّذِي لَمْ يُصْبَغْ وَصُوفِ الْبَحْرِ الّذِي هُوَ لَوْنُهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ . وَمُبَاحٌ لَهَا أَنْ تَلْبَسَ الْمَنْسُوجَ بِالذّهَبِ وَالْحُلِيّ كُلّهِ مِنْ الذّهَبِ وَالْفِضّةِ وَالْجَوْهَرِ وَالْيَاقُوتِ وَالزّمُرّدِ وَغَيْرَ ذَلِكَ فَهِيَ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ تَجْتَنِبُهَا فَقَطْ وَهِيَ الْكُحْلُ كُلّهُ لِضَرُورَةِ أَوْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَوْ ذَهَبَتْ عَيْنَاهَا لَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا وَتَجْتَنِبُ فَرْضًا كُلّ ثَوْبٍ مَصْبُوغٍ مِمّا يُلْبَسُ فِي الرّأْسِ وَالْجَسَدِ أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ السّوَادُ وَالْخُضْرَةُ وَالْحُمْرَةُ وَالصّفْرَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ إلّا الْعَصَبَ وَحْدَهُ وَهِيَ ثِيَابٌ مُوَشّاةٌ تُعْمَلُ فِي الْيَمَنِ فَهُوَ مُبَاحٌ لَهَا . وَتَجْتَنِبُ أَيْضًا : فَرْضًا الْخِضَابَ كُلّهُ جُمْلَةً وَتَجْتَنِبُ الِامْتِشَاطَ حَاشَا
التّسْرِيحَ بِالْمُشْطِ فَقَطْ فَهُوَ حَلَالٌ لَهَا وَتَجْتَنِبُ أَيْضًا : فَرْضًا الطّيبَ كُلّهُ وَلَا تَقْرَبُ شَيْئًا حَاشَا شَيْئًا مِنْ قِسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ عِنْدَ طُهْرِهَا فَقَطْ فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الّتِي ذَكَرَهَا حَكَيْنَا كَلَامَهُ فِيهَا بِنَصّهِ .
[الرّدّ عَلَى ابْنِ حَزْمٍ فِي تَضْعِيفِهِ إبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ ]
وَلَيْسَ بِعَجِيبِ مِنْهُ تَحْرِيمُ لُبْسِ ثَوْبٍ أَسْوَدَ عَلَيْهَا مِنْ الزّينَةِ فِي شَيْءٍ وَإِبَاحَةُ ثَوْب يَتّقِدُ ذَهَبًا وَلُؤْلُؤًا وَجَوْهَرًا وَلَا تَحْرِيمُ الْمَصْبُوغِ الْغَلِيظِ لِحَمْلِ الْوَسَخِ [ ص 629 ] وَبَهَاؤُهُ وَرُوَاؤُهُ وَإِنّمَا الْعَجَبُ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا دِينُ اللّهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَأَنّهُ لَا يَحِلّ لِأَحَدٍ خِلَافُهُ . وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا إقْدَامُهُ عَلَى خِلَافِ الْحَدِيثِ الصّحِيحِ فِي نَهْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَهَا عَنْ لِبَاسِ الْحُلِيّ . وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا أَنّهُ ذَكَرَ الْخَبَرَ بِذَلِكَ ثُمّ قَالَ وَلَا يَصِحّ ذَلِكَ لِأَنّهُ مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَوْ صَحّ لَقُلْنَا بِهِ فَلِلّهِ مَا لَقِيَ إبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ مِنْ أَبِي مُحَمّدِ بْنِ حَزْمٍ وَهُوَ مِنْ الْحُفّاظِ الْأَثْبَاتِ الثّقَاتِ الّذِينَ اتّفَقَ الْأَئِمّةُ السّتّةُ عَلَى إخْرَاجِ حَدِيثِهِ وَاتّفَقَ أَصْحَابُ الصّحِيحِ وَفِيهِمْ الشّيْخَانِ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِهِ وَشَهِدَ لَهُ الْأَئِمّةُ بِالثّقَةِ وَالصّدْقِ وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ فِيهِ جَرْحٌ وَلَا خَدْشٌ وَلَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُحَدّثِينَ قَطّ تَعْلِيلُ حَدِيثٍ رَوَاهُ وَلَا تَضْعِيفُهُ بِهِ . وَقُرِئَ عَلَى شَيْخِنَا أَبِي الْحَجّاجِ الْحَافِظِ فِي " التّهْذِيبِ " وَأَنَا
أَسْمَعُ قَالَ إ بْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْخُرَاسَانِيّ أَبُو سَعِيدٍ الْهَرَوِيّ وُلِدَ بِهَرَاةَ وَسَكَنَ نَيْسَابُورَ وَقَدِمَ بَغْدَادَ وَحَدّثَ بِهَا ثُمّ سَكَنَ بِمَكّةَ حَتّى مَاتَ بِهَا ثُمّ ذَكَرَ عَمّنْ رَوَى وَمَنْ رَوَى عَنْهُ ثُمّ قَالَ قَالَ نُوحُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْمَرْوَزِيّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ صَحِيحُ الْحَدِيثِ وَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي حَاتِمٍ : ثِقَةٌ وَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ : لَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَلِكَ قَالَ الْعِجْلِيّ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَدُوقٌ حَسَنُ الْحَدِيثِ وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدّارِمِيّ : كَانَ ثِقَةً فِي الْحَدِيثِ ثُمّ لَمْ تَزَلْ الْأَئِمّةُ يَشْتَهُونَ حَدِيثَهُ وَيَرْغَبُونَ فِيهِ وَيُوَثّقُونَهُ . وَقَالَ أَبُو دَاوُد : ثِقَةٌ . وَقَالَ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ : كَانَ صَحِيحَ الْحَدِيثِ(19/51)
حَسَنَ الرّوَايَةِ كَثِيرَ السّمَاعِ مَا كَانَ بِخُرَاسَانَ أَكْثَرَ حَدِيثًا مِنْهُ وَهُوَ ثِقَةٌ وَرَوَى لَهُ الْجَمَاعَةُ . وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ الْقَاضِي : كَانَ مِنْ أَنْبَلِ مَنْ حَدّثَ بِخُرَاسَانَ وَالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ وَأَوْثَقِهِمْ وَأَوْسَعِهِمْ عِلْمًا . وَقَالَ الْمَسْعُودِيّ : سَمِعْت مَالِكَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ مَاتَ إبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتّينَ وَمِائَةٍ بِمَكّةَ وَلَمْ يُخْلِفْ مِثْلَهُ . [ ص 630 ] أَفْتَى الصّحَابَةُ رَضِيَ اللّه عَنْهُمْ بِمَا هُوَ مُطَابِقٌ لِهَذِهِ النّصُوصِ وَكَاشِفٌ عَنْ مَعْنَاهَا وَمَقْصُودِهَا فَصَحّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنّهُ قَالَ لَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَتَطَيّبُ وَلَا تَخْتَضِبُ وَلَا تَلْبَسُ
الْمُعَصْفَرَ وَلَا ثَوْبًا مَصْبُوغًا وَلَا بُرُدًا وَلَا تَتَزَيّنُ بِحُلِيّ وَلَا تَلْبَسُ شَيْئًا تُرِيدُ بِهِ الزّينَةَ وَلَا تَكْتَحِلُ بِكُحْلِ تُرِيدُ بِهِ الزّينَةَ إلّا أَنْ تَشْتَكِيَ عَيْنَهَا وَصَحّ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرّزّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثّوْرِيّ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ : وَلَا تَمَسّ الْمُتَوَفّى عَنْهَا طِيبًا وَلَا تَخْتَضِبُ وَلَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إلّا ثَوْبَ عَصَبٍ تَتَجَلْبَبُ بِهِ وَصَحّ عَنْ أُمّ عَطِيّةَ : لَا تَلْبَسُ الثّيَابَ الْمُصَبّغَةَ إلّا الْعَصَبَ وَلَا تَمَسّ طِيبًا إلّا أَدْنَى الطّيبِ بِالْقُسْطِ وَالْأَظْفَارِ وَلَا تَكْتَحِلُ بِكُحْلِ زِينَةٍ وَصَحّ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ أَنّهُ قَالَ تَجْتَنِبُ الطّيبَ وَالزّينَةَ وَصَحّ عَنْ أُمّ سَلَمَة رَضِيَ اللّه عَنْهَا : لَا تَلْبَسُ مِنْ الثّيَابِ الْمُصَبّغَةِ شَيْئًا وَلَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَلْبَسُ حُلِيّا وَلَا تَخْتَضِبُ وَلَا تَتَطَيّبُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا : لَا تَلْبَسُ مُعَصْفَرًا وَلَا تَقْرَبُ طِيبًا وَتَكْتَحِلُ وَتَلْبَسُ حُلِيّا وَتَلْبَسُ إنْ شَاءَتْ ثِيَابَ الْعَصْبِ
فَصْلٌ [هَلْ تَجْتَنِبُ الْحَادّةُ النّقَابَ ]
وَأَمّا النّقَابُ فَقَالَ الْخِرَقِيّ فِي " مُخْتَصَرِهِ " : وَتَجْتَنِبُ الزّوْجَةُ الْمُتَوَفّى عَنْهَا زَوْجُهَا الطّيبَ وَالزّينَةَ وَالْبَيْتُوتَةُ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهَا وَالْكُحْلَ بِالْإِثْمِدِ وَالنّقَابَ . وَلَمْ أَجِدْ بِهَذَا نَصّا عَنْ أَحْمَدَ . وَقَدْ قَالَ إسْحَاقُ بْنُ هَانِئٍ فِي " مَسَائِلِهِ " : سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللّهِ عَنْ الْمَرْأَةِ [ ص 631 ] عِدّتِهَا أَوْ تُدْهِنُ فِي عِدّتِهَا ؟ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنّمَا كُرِهَ لِلْمُتَوَفّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَنْ تَتَزَيّنَ . وَلَكِنْ قَدْ قَالَ أَبُو دَاوُد فِي " مَسَائِلِهِ " عَنْ الْمُتَوَفّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَالْمُطَلّقَةِ ثَلَاثًا وَالْمُحْرِمَةِ تَجْتَنِبْنَ الطّيبَ وَالزّينَةَ . فَجُعِلَ الْمُتَوَفّى عَنْهَا بِمَنْزِلَةِ الْمُحْرِمَةِ فِيمَا تَجْتَنِبُهُ فَظَاهِرُ هَذَا أَنّهَا تَجْتَنِبُ النّقَابَ فَلَعَلّ أَبَا الْقَاسِمِ أَخَذَ مِنْ نَصّهِ هَذَا - وَاَللّهُ أَعْلَمُ - وَبِهَذَا عَلّلَهُ أَبُو مُحَمّدٍ فِي " الْمُغْنِي " فَقَالَ فَصْلٌ الثّالِثُ فِيمَا تَجْتَنِبُهُ الْحَادّةُ النّقَابَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِثْلَ الْبُرْقُعِ وَنَحْوِهِ لِأَنّ الْمُعْتَدّةَ مُشَبّهَةٌ بِالْمُحْرِمَةِ وَالْمُحْرِمَةُ تَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ . وَإِذَا احْتَاجَتْ إلَى سَتْرِ وَجْهِهَا سُدِلَتْ عَلَيْهِ كَمَا تَفْعَلُ الْمُحْرِمَةُ .
فَصْلٌ هَلْ تَلْبَسُ الْحَادّةُ الثّوْبَ إذَا صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمّ نُسِجَ ؟
فَإِنْ قِيلَ فَمَا تَقُولُونَ فِي الثّوْبِ إذَا صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمّ نُسِجَ هَلْ لَهَا لَبْسُهُ ؟ قِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ فِي الْمُغْنِي أَحَدُهُمَا : يَحْرُمُ لَبْسُهُ لِأَنّهُ أَحْسَنُ وَأَرْفَعُ وَلِأَنّهُ مَصْبُوغٌ لِلْحَسَنِ فَأَشْبَهُ مَا صُبِغَ بَعْدَ نَسْجِهِ وَالثّانِي : لَا يَحْرُمُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي حَدِيثِ أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا : إلّا ثَوْبَ عَصْبٍ وَهُوَ مَا صُبِغَ غَزْلُهُ قَبْلَ نَسْجِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي قَالَ الشّيْخُ وَالْأَوّلُ أَصَحّ وَأَمّا الْعَصْبُ فَالصّحِيحُ أَنّهُ نَبْتٌ تُصْبَغُ بِهِ الثّيَابُ قَالَ السّهَيْلِيّ الْوَرْسُ وَالْعَصْبُ نَبَتَانِ بِالْيَمَنِ لَا يَنْبُتَانِ إلّا بِهِ فَأَرْخَصَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِلْحَادّةِ فِي لُبْسِ مَا يُصْبَغُ بِالْعَصْبِ لِأَنّهُ فِي مَعْنَى مَا يُصْبَغُ لِغَيْرِ(19/52)
تَحْسِينٍ كَالْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ فَلَا مَعْنَى لِتَجْوِيزِ لُبْسِهِ مَعَ حُصُولِ الزّينَةِ بِصَبْغِهِ كَحُصُولِهَا بِمَا صُبِغَ بَعْدَ نَسْجِهِ . وَاَللّهُ أَعْلَمُ .
ذِكْرُ حُكْمِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ
ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " : مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ بَعَثَ جَيْشَا إلَى أَوْطَاسٍ فَلَقِيَ عَدُوّا فَقَاتَلُوهُمْ فَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ وَأَصَابُوا سَبَايَا فَكَأَنّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَحَرّجُوا مِنْ غِشْيَانِهِنّ مِنْ أَجْلِ أَزْوَاجِهِنّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ فِي ذَلِكَ { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النّسَاءِ إِلّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } [ ص 632 ] النّسَاءُ 24 ] أَيْ فَهُنّ لَكُمْ حَلَالٌ إذَا انْقَضَتْ عِدّتُهُنّ . وَفِي " صَحِيحِهِ " أَيْضًا : مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدّرْدَاءِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَرّ بِامْرَأَةِ مُجِحّ عَلَى بَابِ فُسْطَاطٍ فَقَالَ " لَعَلّهُ يُرِيدُ أَنْ يُلِمّ بِهَا " . فَقَالُوا : نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ " لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ كَيْفَ يُوَرّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلّ لَهُ كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلّ لَهُ . وَفِي التّرْمِذِيّ : مِنْ حَدِيثِ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَرّمَ وَطْءَ السّبَايَا حَتّى يَضَعْنَ مَا فِي بُطُونِهِنّ وَفِي " الْمُسْنَدِ " وَ " سُنَنِ أَبِي دَاوُد " : مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ : لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَى تَضَعَ وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتّى تَحِيضَ حَيْضَةً . وَفِي التّرْمِذِيّ : مِنْ حَدِيثِ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ
عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ فَلَا يَسْقِي مَاءَهُ وَلَدَ غَيْرِهِ . قَالَ التّرْمِذِيّ : حَدِيثٌ حَسَنٌ . وَلِأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِهِ أَيْضًا : لَا يَحِلّ لِامْرِئِ يُؤْمِنُ بِاَللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ السّبْيِ حَتّى يَسْتَبْرِئَهَا [ ص 633 ] وَلِأَحْمَدَ : مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَنْكِحَنّ ثَيّبًا مِنْ السّبَايَا حَتّى تَحِيضَ . وَذَكَرَ الْبُخَارِيّ فِي " صَحِيحِهِ " : قَالَ ابْنُ عُمَرَ : إذَا وُهِبَتْ الْوَلِيدَةُ الّتِي تُوطَأُ أَوْ بِيعَتْ أَوْ عَتَقَتْ فَلْتُسْتَبْرَأْ بِحَيْضَةِ وَلَا تُسْتَبْرَأْ الْعَذْرَاءُ . وَذَكَرَ عَبْدُ الرّزّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُوسٍ : أَرْسَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُنَادِيًا فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ لَا يَقَعَنّ رَجُلٌ عَلَى حَامِلٍ وَلَا حَائِلٍ حَتّى تَحِيضَ . وَذَكَرَ عَنْ سُفْيَانَ الثّوْرِيّ : عَنْ زَكَرِيّا عَنْ الشّعْبِيّ قَالَ أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ سَبَايَا يَوْمِ أَوْطَاسٍ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ لَا يَقَعُوا عَلَى حَامِلٍ حَتّى تَضَعَ وَلَا عَلَى غَيْرِ حَامِلٍ حَتّى تَحِيضَ .
فَصْلٌ [ لَا يَجُوزُ وَطْءُ الْمَسْبِيّةِ حَتّى يُعْلَمَ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا ]
فَتَضَمّنَتْ هَذِهِ السّنَنُ أَحْكَامًا عَدِيدَةً . أَحَدُهَا : أَنّهُ لَا يَجُوزُ وَطْءُ الْمَسْبِيّةِ حَتّى يُعْلَمَ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَبِوَضْعِ حَمْلِهَا وَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا فَبِأَنْ تَحِيضَ حَيْضَةً . فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ فَلَا نَصّ فِيهَا وَاخْتُلِفَ فِيهَا وَفِي الْبِكْرِ وَفِي الّتِي يُعْلَمُ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا بِأَنْ حَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمّ بَاعَهَا عَقِيبَ الْحَيْضِ وَلَمْ يَطَأْهَا وَلَمْ يُخْرِجْهَا عَنْ مِلْكه أَوْ كَانَتْ عِنْدَ امْرَأَةٍ وَهِيَ مَصُونَةٌ فَانْتَقَلَتْ عَنْهَا إلَى رَجُلٍ فَأَوْجَبَ الشّافِعِيّ وَأَبُو [ ص 634 ] وَأَحْمَدُ الِاسْتِبْرَاءَ فِي ذَلِكَ كُلّهِ أَخْذًا بِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ وَاعْتِبَارًا بِالْعِدّةِ حَيْثُ تَجِبُ مَعَ الْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ الرّحِمِ وَاحْتِجَاجًا بِآثَارِ الصّحَابَةِ كَمَا ذَكَرَ عَبْدُ الرّزّاقِ . حَدّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ عَطَاءٌ تَدَاوَلَ ثَلَاثَةٌ مِنْ التّجّارِ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ فَدَعَا(19/53)
عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ الْقَافَةَ فَأَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِأَحَدِهِمْ ثُمّ قَالَ عُمْرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ مَنْ ابْتَاعَ جَارِيَةً قَدْ بَلَغَتْ الْمُحَيّضَ فَلْيَتَرَبّصْ بِهَا حَتّى تَحِيضَ فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَحِضْ فَلْيَتَرَبّصْ بِهَا خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً قَالُوا : وَقَدْ أَوْجَبَ اللّهُ الْعِدّةَ عَلَى مَنْ يَئِسَتْ مِنْ الْمَحِيضِ وَعَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغْ سِنّ الْمَحِيضِ وَجَعَلهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَالِاسْتِبْرَاءُ عِدّةُ الْأَمَةِ فَيَجِبُ عَلَى الْآيِسَةِ وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْ سِنّ الْمَحِيضِ . وَقَالَ آخَرُونَ . الْمَقْصُودُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ الْعِلْمُ بِبَرَاءَةِ الرّحِمِ فَحَيْثُ تَيَقّنَ الْمَالِكُ
بَرَاءَةَ رَحِمِ الْأَمَةِ فَلَهُ وَطْؤُهَا وَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرّزّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ عَذْرَاءَ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا إنْ شَاءَ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ فِي " صَحِيحِهِ " عَنْهُ . وَذَكَرَ حَمّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدّثَنَا عَلِيّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيّوبَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ اللّخْمِيّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ وَقَعَتْ فِي سَهْمِي جَارِيَةٌ يَوْمَ جَلُولَاءَ كَأَنّ عُنُقَهَا إبْرِيقُ فِضّةٍ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَمَا مَلَكَتْ نَفْسِي أَنْ جَعَلْتُ أُقَبّلُهَا وَالنّاسُ يَنْظُرُونَ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ إلَى هَذَا يَرْجِعُ وَهَاكَ قَاعِدَتُهُ وَفُرُوعُهَا : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ الْمَازِرِيّ وَقَدْ عَقَدَ قَاعِدَةً لِبَابِ الِاسْتِبْرَاءِ فَنَذْكُرُهَا بِلَفْظِهَا . وَالْقَوْلُ الْجَامِعُ فِي ذَلِكَ أَنّ كُلّ أَمَةٍ أَمِنَ عَلَيْهَا الْحَمْلَ فَلَا يَلْزَمُ فِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ وَكُلّ مَنْ غَلَبَ عَلَى الظّنّ كَوْنُهَا حَامِلًا أَوْ شَكّ فِي حَمْلِهَا أَوْ تَرَدّدَ [ ص 635 ] غَلَبَ الظّنّ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا لَكِنّهُ مَعَ الظّنّ الْغَالِبِ يَجُوزُ حُصُولُهُ فَإِنّ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي ثُبُوتِ الِاسْتِبْرَاءِ وَسُقُوطِهِ . ثُمّ خَرّجَ عَلَى ذَلِكَ الْفُرُوعَ الْمُخْتَلِفَةَ فِيهَا كَاسْتِبْرَاءِ الصّغِيرَةِ الّتِي تُطِيقُ الْوَطْءَ وَالْآيِسَةِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ صَاحِبَا الْجَوَاهِرِ " : وَيَجِبُ فِي الصّغِيرَةِ إذَا كَانَتْ مِمّنْ قَارَبَ سِنّ الْحَمْلِ كَبِنْتِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ أَوْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَفِي إيجَابِ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا كَانَتْ مِمّنْ تُطِيقُ الْوَطْءَ وَلَا يَحْمِلُ مِثْلَهَا كَبِنْتِ تِسْعٍ وَعَشَرٍ
رِوَايَتَانِ أَثْبَتُهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَفَاهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَإِنْ كَانَتْ مِمّنْ لَا يُطِيقُ الْوَطْءَ فَلَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا . قَالَ وَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِيمَنْ جَاوَزَتْ سِنّ الْحَيْضِ وَلَمْ تَبْلُغْ سِنّ الْآيِسَةِ مِثْلَ ابْنَةِ الْأَرْبَعِينَ وَالْخَمْسِينَ . وَأَمّا الّتِي قَعَدَتْ عَنْ الْمَحِيضِ وَيَئِسَتْ عَنْهُ فَهَلْ يَجِبُ فِيهَا الِاسْتِبْرَاء أَوْ لَا يَجِبُ ؟ رِوَايَتَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ . قَالَ الْمَازِرِيّ وَوَجْهُ اسْتِبْرَاءِ الصّغِيرَةُ الّتِي تُطِيقُ الْوَطْءَ وَالْآيِسَةُ أَنّهُ يُمْكِنُ فِيهِمَا الْحَمْلُ عَلَى النّدُورِ أَوْ لِحِمَايَةِ الذّرِيعَةِ لِئَلّا يُدْعَى فِي مَوَاضِعِ الْإِمْكَانِ أَنْ لَا إمْكَانَ . قَالَ وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ خَوْفًا أَنْ تَكُونَ زَنَتْ وَهُوَ الْمُعَبّرُ عَنْهُ بِالِاسْتِبْرَاءِ لِسُوءِ الظّنّ وَفِيهِ قَوْلَانِ وَالنّفْيُ لِأَشْهَبَ . قَالَ وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ الْوَخْشِ فِيهِ قَوْلَانِ الْغَالِبُ عَدَمُ وَطْءِ السّادَاتِ لَهُنّ وَإِنْ كَانَ يَقَعُ فِي النّادِرِ . وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءُ مَنْ بَاعَهَا مَجْبُوبٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ ذُو مَحْرَمٍ فَفِي وُجُوبِهِ رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ . وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءُ الْمُكَاتَبَةِ إذَا كَانَتْ تَتَصَرّفُ ثُمّ عَجَزَتْ فَرَجَعَتْ إلَى سَيّدِهَا فَابْنُ الْقَاسِمِ يُثْبِتُ الِاسْتِبْرَاءَ وَأَشْهَبُ يَنْفِيهِ . وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءُ الْبِكْرِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اللّخْمِيّ : هُوَ مُسْتَحَبّ عَلَى [ ص 636 ] وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ هُوَ وَاجِبٌ . وَمِنْ ذَلِكَ إذَا اسْتَبْرَأَ الْبَائِعُ الْأَمَةَ وَعَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنّهُ قَدْ
اسْتَبْرَأَهَا فَإِنّهُ يُجْزِئُ اسْتِبْرَاءُ الْبَائِعِ عَنْ اسْتِبْرَاءِ الْمُشْتَرِي . وَمِنْ ذَلِكَ إذَا أَوْدَعَهُ أَمَةً فَحَاضَتْ عِنْدَ الْمُودَعِ حَيْضَةً ثُمّ اسْتَبْرَأَهَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى اسْتِبْرَاءٍ ثَانٍ وَأَجْزَأَتْ تِلْكَ الْحَيْضَةُ عَنْ اسْتِبْرَائِهَا وَهَذَا بِشَرْطِ أَنْ لَا تَخْرُجَ وَلَا يَكُونُ سَيّدُهَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا . وَمِنْ(19/54)
ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ وَلَدٍ لَهُ صَغِيرٍ فِي عِيَالِهِ وَقَدْ حَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ إنْ كَانَتْ لَا تَخْرُجُ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَأَشْهَبُ يَقُولُ إنْ كَانَ مَعَ الْمُشْتَرِي فِي دَارٍ وَهُوَ الذّابّ عَنْهَا وَالنّاظِرُ فِي أَمْرِهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَتْ تَخْرُجُ أَوْ لَا تَخْرُجُ . وَمِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ سَيّدُ الْأَمَةِ غَائِبًا فَحِينَ قَدِمَ اشْتَرَاهَا مِنْهُ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ أَوْ خَرَجَتْ وَهِيَ حَائِضٌ فَاشْتَرَاهَا قَبْلَ أَنْ تَطْهُرَ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ . وَمِنْ ذَلِكَ إذَا بِيعَتْ وَهِيَ حَائِضٌ فِي أَوّلِ حَيْضِهَا فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنّ ذَلِكَ يَكُونُ اسْتِبْرَاءً لَهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى حَيْضَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ . وَمِنْ ذَلِكَ الشّرِيكُ يَشْتَرِي نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْ الْجَارِيَةِ وَهِيَ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا وَقَدْ حَاضَتْ فِي يَدِهِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ . وَهَذِهِ الْفُرُوعُ كُلّهَا مِنْ مَذْهَبِهِ تُنْبِيكَ عَنْ مَأْخَذِهِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَأَنّهُ إنّمَا يَجِبُ حَيْثُ لَا يُعْلَمُ وَلَا يُظَنّ بَرَاءَةُ الرّحِمِ فَإِنْ عُلِمَتْ أَوْ ظُنّتْ فَلَا اسْتِبْرَاءَ وَقَدْ قَالَ أَبُو الْعَبّاسِ ابْنُ سُرَيْجٍ وَأَبُو الْعَبّاسُ ابْنُ تَيْمِيّةَ : إنّهُ لَا يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ
الْبِكْرِ كَمَا صَحّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا وَبِقَوْلِهِمْ نَقُولُ وَلَيْسَ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَصّ عَامّ فِي وُجُوبِ اسْتِبْرَاءِ كُلّ مَنْ تَجَدّدَ لَهُ عَلَيْهَا مِلْكٌ عَلَى أَيّ [ ص 637 ] حَالَةٍ كَانَتْ وَإِنّمَا نَهَى عَنْ وَطْءِ السّبَايَا حَتّى تَضَعَ حَوَامِلُهُنّ وَتَحِيضَ حَوَائِلُهُنّ . فَإِنْ قِيلَ فَعُمُومُهُ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ وَطْءِ أَبْكَارِهِنّ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا يَمْتَنِعُ وَطْءُ الثّيّبِ ؟ قِيلَ نَعَمْ وَغَايَتُهُ أَنّهُ عُمُومٌ أَوْ إطْلَاقٌ ظَهَرَ الْقَصْدُ مِنْهُ فَيَخُصّ أَوْ يُقَيّدْ عِنْدَ انْتِفَاءِ مُوجِبِ الِاسْتِبْرَاءِ وَيَخُصّ أَيْضًا بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ رُوَيْفِعٍ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَنْكِحْ ثَيّبًا مِنْ السّبَايَا حَتّى تَحِيضَ وَيَخُصّ أَيْضًا بِمَذْهَبِ الصّحَابِيّ وَلَا يُعْلَمُ لَهُ مُخَالِفٌ . وَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيّ " : مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلِيّا رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ إلَى خَالِدٍ يَعْنِي بِالْيَمِينِ لِيَقْبِضَ الْخُمُسَ فَاصْطَفَى عَلِيّ مِنْهَا سَبْيَهُ فَأَصْبَحَ وَقَدْ اغْتَسَلَ فَقُلْتُ لِخَالِدٍ أَمَا تَرَى إلَى هَذَا ؟ وَفِي رِوَايَةٍ فَقَالَ خَالِدٌ لِبُرَيْدَةَ أَلَا تَرَى مَا صَنَعَ هَذَا ؟ قَالَ بُرَيْدَةُ . وَكُنْتُ أَبْغُضُ عَلِيّا رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَلَمّا قَدِمْنَا إلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ " يَا بُرَيْدَةُ أَتَبْغُضُ عَلِيّا ؟ قُلْت : نَعَمْ قَالَ " لَا تَبْغُضْهُ فَإِنّ لَهُ فِي الْخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ " . فَهَذِهِ الْجَارِيَةُ إمّا أَنْ تَكُونَ بِكْرًا فَلَمْ يَرَ عَلِيّ وُجُوبَ
اسْتِبْرَائِهَا وَإِمّا أَنْ تَكُونَ فِي آخِرِ حَيْضِهَا فَاكْتَفَى بِالْحَيْضَةِ قَبْلَ تَمَلّكِهِ لَهَا . وَبِكُلّ حَالٍ فَلَا بُدّ أَنْ يَكُونَ تَحَقّقُ بَرَاءَةِ رَحِمَهَا بِحَيْثُ أَغْنَاهُ عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ . فَإِذَا تَأَمّلْتَ قَوْلَ النّبِيّ حَقّ التّأَمّلِ وَجَدْت قَوْلَهُ وَلَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتّى تَضَعَ وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَى تَحِيضَ ظَهَرَ لَك مِنْهُ أَنّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ ذَاتِ الْحَمْلِ مَنْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا وَأَنْ لَا تَكُونَ فَيُمْسِكُ عَنْ وَطْئِهَا [ ص 638 ] قَالَهُ فِي الْمَسْبِيّاتِ لِعَدَمِ عِلْمِ السّابِي بِحَالِهِنّ .
ــــــــــــــ
الهجر قبل الطلاق هل يحتسب من العدة ؟ ... العنوان
هجرني زوجي منذ سنوات إثر خلاف حدث بيني وبينه، ومنذ أيام قليلة أرسل إلي قسيمة الطلاق.. فتقدم ابن عمي طالبا الزواج مني، وذهبنا إلي أحد المحامين لكي نستشيره فقال ممكن أن تتزوجا عرفيا لأن مطلقك لم يقربك من سنوات، ولا داعي لعدة طلاق، فهل يصح هذا العقد عرفيا قبل انقضاء عدة الطلاق؟
... السؤال(19/55)
05/11/2006 ... التاريخ
الشيخ علي أبو الحسن ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فيقول الشيخ علي أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا :
يقول الله تعالي (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم) سورة الطلاق، ويقول سبحانه (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) سورة البقرة 822، وقال صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس (اعتدي في بيت أم مكتوم)، ولهذه النصوص فقد أجمع العلماء علي وجوبها، وذلك لبراءة الرحم حتى لا تختلط الأنساب واحتراما لقداسة الحياة الزوجية بين الناس، وقد كانت العدة قائمة ببعض صورها في الجاهلية فلما جاء الإسلام أقرها احتراما للمشاعر الزوجية.
وأما هجر زوجك لك أيتها السائلة فلا يعتد به في براءة الرحم حتى ولو كان مائة عام، فإن المعتبر حساب أيام العدة أو عدد الحيضات لمن تحيض من تاريخ الانفصال بين الزوجين؛ لأن الأمر كما قلنا ليس براءة الرحم فقط، وقد حدد وفق ذلك القانون رقم 25 لسنة1929 المدة التي يجوز للمرأة أن تدعيها في أقلها وأكثرها لما يترتب علي ذلك من نفقة العدة وغيرها من الأحكام.
فقد حرم الفقهاء خطبة المرأة وهي في عدتها خاصة من كانت في عدة الوفاة أي توفي عنها زوجها وإذا وقع العقد عليها فهو باطل وفاء للأزواج واحتراما للحياة الزوجية المقدسة، وما أفتاك به المحامون فهو جهل فاضح ولو وقع عقد زواج عرفيا كان أو شرعيا فهو باطل، والزواج غير صحيح، فلا زواج للمطلقة إلا بعد انتهاء عدتها من تاريخ طلاقها بثلاثة أشهر إذا كانت يائسة من الحيض أو ثلاث حيضات إذا كانت ممن تحيض ولا تسمع دعواها بانتهاء الثلاث قبل مضي اثنين وثلاثين يوما وساعة عند الشافعي وستين يوما عند الإمام أبي حنيفة أو تسعة وثلاثين يوما عند الصاحبين، أما المتوفى عنها زوجها فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام - وأما الحامل فحتى تضع حملها.
فعليك ألا تقبلي علي الزواج من ابن عمك هذا إلا بعد انتهاء العدة من تاريخ قسيمة الطلاق فلا يصح في الإسلام أن تكون المرأة حلالا لرجل اليوم ثم تحل لآخر غدا ولا اعتبار بمدة الهجر قبل الطلاق، ثم عليك ألا تقبلي على الزواج العرفي هذا إلا إذا تم كامل الشروط من ولي ومهر وشهود وإعلان وإلا فهو سري باطل بإجماع العلماء، ثم لابد من تسجيله رسميا وشرعيا علي يد المأذون المختص بالتوثيق ضمانا لحقوقك الزوجية.
والله أعلم .
ــــــــــــــ
إجهاض الحامل هل تنتهي به العدة؟ ... العنوان(19/56)
امرأة أسقطت حملا عمره شهران بعد يومين من وفاة زوجها هل تعتبر عدتها انقضت بذلك أم عليها أن تكمل العدة أربعة اشهر وعشرة أيام ؟ وجزاكم الله خيرا ... السؤال
24/07/2006 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
يقول حامد العطار الباحث الشرعي:
عدة الحامل تكون بوضع حملها، فإذا وضعت ولدها ولو بعد يوم واحد من موت زوجها فقد انتهت عدتها...هذا إن كان الحمل تاما.
أما إذا كان الحمل سقطا فإذا كان السقط قبل أن يتم الجنين ثمانين يوما فلا تنتهي به العدة، وعلى هذا فبما أن هذا السقط كان قبل الثمانين يوما فلا تنتهي به العدة.
وأما إذا كان عمر السقط أكثر من ثمانين يوما ففيه تفصيل، وإن كان الضابط فيه أنه متى ظهر في السقط التخلق فقد انتهت العدة بوضعه.
قال ابن قدامة في المغني :-
والحمل الذي تنقضي به العدة، ما يتبين فيه شيء من خلق الإنسان، حرة كانت أو أمة.
وجملة ذلك، أن المرأة إذا ألقت بعد فرقة زوجها شيئا، لم يخل من خمسة أحوال:
أحدها:- أن تضع ما بان فيه خلق الآدمي، من الرأس واليد والرجل، فهذا تنقضي به العدة، بلا خلاف بينهم . قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن عدة المرأة تنقضي بالسقط إذا علم أنه ولد، وممن نحفظ عنه ذلك : الحسن وابن سيرين وشريح والشعبي والنخعي والزهري والثوري ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق.
قال الأثرم : قلت لأبي عبد الله : إذا نكس في الخلق الرابع ؟ يعني تنقضي به العدة . فقال : إذا نكس في الخلق الرابع، فليس فيه اختلاف، ولكن إذا تبين خلقه هذا أدل وذلك لأنه إذا بان فيه شيء من خلق الآدمي، علم أنه حمل، فيدخل في عموم قوله تعالى : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ).
الحال الثاني، ألقت نطفة أو دما، لا تدري هل هو ما يخلق منه الآدمي أو لا ؟ فهذا لا يتعلق به شيء من الأحكام ; لأنه لم يثبت أنه ولد، لا بالمشاهدة ولا بالبينة.
الحال الثالث: ألقت مضغة لم تبن فيها الخلقة، فشهد ثقات من القوابل، أن فيه صورة خفية، بان بها أنها خلقة آدمي، فهذا في حكم الحال الأول، لأنه قد تبين بشهادة أهل المعرفة أنه ولد.
الحال الرابع،إذا ألقت مضغة لا صورة فيها، فشهد ثقات من القوابل أنه مبتدأ خلق آدمي، فاختلف عن أحمد فنقل أبو طالب أن عدتها لا تنقضي به; لأنه مشكوك في كونه ولدا، فلم يحكم بانقضاء العدة المتيقنة بأمر مشكوك فيه، وقال بعض أصحابنا :(19/57)
على هذا تنقضي به العدة . وهو قول الحسن وظاهر مذهب الشافعي لأنهم شهدوا بأنه خلقة آدمي، أشبه ما لو تصور.
الحال الخامس،أن تضع مضغة لا صورة فيها، ولم تشهد القوابل بأنها مبتدأ خلق آدمي، فهذا لا تنقضي به عدة; لأنه لم يثبت كونه ولدا ببينة ولا مشاهدة، فأشبه العلقة، فلا تنقضي العدة بوضع ما قبل المضغة بحال، سواء كان نطفة أو علقة، وسواء قيل: إنه مبتدأ خلق آدمي أو لم يقل . نص عليه أحمد فقال : أما إذا كان علقة، فليس بشيء، إنما هي دم، لا تنقضي به عدة ، ولا نعلم مخالفا في هذا، إلا الحسن، فإنه قال : إذا علم أنها حمل، انقضت به العدة. والأول أصح، وعليه الجمهور.
وأقل ما تنقضي به العدة من الحمل، أن تضعه بعد ثمانين يوما منذ أمكنه وطؤها ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن خلق أحدكم ليجمع في بطن أمه، فيكون نطفة أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك " . ولا تنقضي العدة بما دون المضغة، فوجب أن تكون بعد الثمانين، فأما ما بعد الأربعة أشهر، فليس فيه إشكال ; لأنه منكس في الخلق الرابع.انتهى.
وجاء في الموسوعة الطبية الفقهية للدكتور أحمد محمد كنعان (رئيس قسم الأمراض المعدية بإدارة الرعاية الصحية الأولية بالمنطقة الشرقية في السعودية:-
تنقضي عدة الحامل بوضع الحمل لقوله تعالى : ( وأُولاتُ الأَحْمَالِ أجلُهُنَّ أنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) سورة الطلاق 4 ، واشترط الفقهاءُ انفصالَ جميع الحمل، وأن يستبين شيءٌ من خَلْق الجنين ولو صورةً خفيَّةً ، حتى وإن كان ميتاً أو مضغةً ، وأن يشهد بهذا الثقات من الأطباء أو القوابل، فإنْ كانت المرأة في عدَّة طلاقٍ أو وفاة ثم تبين أنها حاملٌ وجب عليها أن تنتقل في حساب عدتها من الأقراء أو الشهور إلى عدة الحمل فلا تنقضي عدتها حتى تضع حملها .. وإنْ كان الحمل بتوأمين اثنين أو أكثر لم تنقضِ العدة إلا بوضع الولد الأخير.
والله أعلم
ــــــــــــــ
الفرق بين زواج المتعة والزواج بنية الطلاق ... العنوان
بعض المسلمين يسافرون للدراسة وغيرها إلى الخارج ، فهل يجوز له أن يتزوج بنية الطلاق؟ وما الفرق بينه وبين زواج المتعة؟ أرجو توضيح هذا الأمر وفقكم الله.
... السؤال
29/06/2006 ... التاريخ
أ.د صلاح الصاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد..
فالزواج بنية الطلاق إذا لم تعلم الزوجة بهذه النية من أي طريق هو عقد زواج صحيح تترتب عليه كل آثار عقد النكاح ، ولكن كونه صحيحا لا ينفي الإثم عن(19/58)
الزوج الذي أضمر هذه النية ، فكتمانه نية الطلاق عن الزوجة وأهلها هو نوع من الكذب والغش والخداع والظلم.
يقول فضيلة الدكتور صلاح الصاوي –الأمين العام لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الشمالية-:
الزواج بينة الطلاق هو الزواج الذي بيَّت فيه الزوج نية تطليق زوجته إذا قضى منها وطراً بعد زمن محدد أو غير محدد من طرفه ، دون إشعار الزوجة بذلك، ولا الاتفاق معها عليه، وهو من حيث أحكام الصحة والبطلان عقد شرعي صحيح، وإن تلبس بالحرمة بسبب ما ينطوي عليه من كذب وغش وخداع وظلم محرم.
ومعنى كونه عقد صحيحا أي تترتب عليه آثار عقد النكاح ديانةً و قضاء ، ويلزم الزوج بها ومن أهمها:
• ثبوت النسب لما ينشا عن هذا النكاح من أولاد .
• إلزام الزوج بالنفقة و السكنى و سائر ما أوجبه عليه الشارع تجاه أبنائه ، و تجاه زوجته ما دامت في عصمته، أو عدَّةِ طلاقها منه .
• لزوجته النفقة وعليها العدة إذا طلقها ، و لها مع ذلك حقها من إرثه إن مات قبل أن يطلقها.
و هذه الأمور وغيرها مما أوجبه الشارع الحكيم سبحانه لا تجب إلا من عقد صحيح.
أما وجه تحريمه فلما ينطوي عليه من غش وتغرير بالمرأة، وحقيقة الغش إضمار أمر لو علمه شريكك ما قبل بالتعاقد معك، والأصل أن المرأة وأولياؤها لو علموا بهذه النية ما قبلوا بهذا الزواج مهما كانت المغريات والدوافع اللهم إلا في النذر اليسير من الحالات التي لا ينبني على مثلها حكم ولا تتغير لمثلها قواعد
والفرق بينه وبين زواج المتعة من عدة أوجه:
•إن نكاح المتعة يتم بالاتفاق بين الزوجين (على فرض صحة تسميتهما زوجين) على الأجل المضروب بينهما للنكاح ، وتقع الفرقة بينهما بمجرد انقضاء الأجل ، أما الزواج بنية الطلاق فلا يفرق فيه بين الزوجين إلا بطلاق بائن وعدة واجبة .
• إن المرأة في نكاح المتعة لا حق لها سوى الأجر (المسمى صداقاً) ، بخلاف المتزوجة ممن ينوي طلاقها ، فلها الحق في الميراث والمتعة في العدة و سائر حقوق الزوجة على زوجها .
• عدة المطلقة من نكاح من يضمر نية الطلاق كعدة مثيلاتها، أما في المتعة فللمرأة بعد انقضاء متعتها عدة خاصة تخالف عدة المطلقة و من مات عنها زوجها من المسلمات .
• إن الزواج بنية الطلاق قابل للاستمرار و الديمومة إذا أراد الزوج ذلك ، و غير من نيته ، أما في المتعة فلا حق للزوج في الاستمرار مع زوجته ، و لا حق لها في ذلك بعد انقضاء الأجل المضروب بينهما ، بل تجب الفرقة فوراً
وعليه فلا ننصحك بمثل هذا الزواج المؤقت بل تمهل وتزوج زواجا مستقرا تبنى عليه دعائم الاستقرار في حياتك الزوجية.
والله أعلم.(19/59)
ــــــــــــــ
الاعتداد في غير بيت الزوج ... العنوان
أنا سيدة توفى زوجى من ثلاثة أشهر مضت، ولازلت فى العدة ، وسؤالى :
هل يجوز لى الانتقال من بيتى الذي ربطت فيه العدة إلى بيتى الجديد لاستكمال العدة أو أبقى حيث أنا إلى أن ينتهى أجل العدة ، ثم أنتقل إلى بيتنا الجديد .
جزاكم الله عنا كل الخير والسلام عليكم
... السؤال
22/08/2005 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فقد اختلف الفقهاء في مكان عدة المتوفى عنها زوجها ، فمنهم من ذهب إلى وجوب بقائها في منزل زوجها، ومنهم من يرى أنه لا أثر للمكان في العدة ، ومنهم من ذهب إلى أن تعتد في المكان الذي أتاها فيه خبر الوفاة.
والأصل بقاء الزوجة أن تعتد في بيت زوجها ، ولا تخرج إلا لحاجة ، إلا إذا كان هناك ما يجعل ترك المكان واجبا .
وإليك أقوال العلماء في هذا :
الأول: وجوب الاعتداد في البيت ،وبه قال عمر , وعثمان رضي الله عنهما و ابن عمر , وابن مسعود , وأم سلمة , و مالك , والثوري , والأوزاعي , وأبو حنيفة , والشافعي , وإسحاق وغيرهم من فقهاء الأمصار.
ثانيا: لها أن تعتد حيث شاءت ، وهو مروي عن علي , وابن عباس , وجابر , وعائشة رضي الله عنهم ، كما روي عن جابر بن زيد , والحسن , وعطاء تعتد حيث شاءت .
الثالث: لا تبرح من مكانها الذي أتاها فيه نعي زوجها ،وبه قال سعيد بن المسيب , والنخعي. (المغني لابن قدامة : ج8 /ص: 128 ).
أما عن قضية الخروج ، فيرى الإمام مالك أنه يجب على المرأة التي توفي عنها زوجها ألا تخرج من بيتها ، ولا أن تعتد في غيره.
ويرى جماعة من فقهاء الصحابة ، منهم عبد الله بن مسعود وعمر وزيد بن ثابت وأم سلمة وعثمان , أنهم قالوا : ( المتوفى عنها زوجها تخرج بالنهار ولا تبيت عن بيتها ) .
وروى عبد الرزاق عن ابن كثير عن مجاهد قال : { استشهد رجال يوم أحد فآمت نساؤهم وكن متجاورات في دار , فأتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن : نبيت عند إحدانا ؟ فقال : تزاورن بالنهار فإذا كان الليل فلتأو كل واحدة منكن إلى بيتها } ( أحكام القرآن للجصاص : ج1/ ص : 571 -572).
كما ذهب بعض الأحناف إلى أنه يجوز للمتوفى عنها زوجها أن تبيت نصف الليل خارج بيتها.(19/60)
جاء في كنز الدقائق من كتب الأحناف :" في الظهيرية والمتوفى عنها زوجها لا بأس بأن تتغيب عن بيتها أقل من نصف الليل قال شمس الأئمة الحلواني وهذه الرواية صحيحة ا هـ ." ( انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم الحنفي : ج 4 /ص: 167، طبع دار الكتاب الإسلامي، ورد المحتار على الدر المختار :ج 3/ ص: 537، طبع دار الكتب العلمية ) .
أدلة كل فريق :
أدلة الفريق الأول :
ومن أشهر ما استدل الجمهور به، ما روت فريعة بنت مالك بن سنان , أخت أبي سعيد الخدري , { أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته أن زوجها خرج في طلب أعبد له , فقتلوه بطرف القدوم , فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي , فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه , ولا نفقة . قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم . قالت : فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد , دعاني , أو أمر بي فدعيت له , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف قلت فرددت عليه القصة , فقال : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله . فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا , فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي , فسألني عن ذلك , فأخبرته فاتبعه , وقضى به } . رواه مالك , في موطئه , والأثرم , وهو حديث صحيح.
واستدل الفريق الثاني بما ورد عن ابن عباس : نسخت هذه الآية عدتها عند أهله , وسكنت في وصيتها , وإن شاءت خرجت ; لقول الله تعالى : { فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن } . قال عطاء : ثم جاء الميراث , فنسخ السكنى , تعتد حيث شاءت . رواهما أبو داود
واستدل الفريق الثالث بألفاظ أخرى لحديث الجمهور، وهي : { اعتدي في البيت الذي أتاك فيه نعي زوجك } وفي لفظ : { اعتدي حيث أتاك الخبر } .
وعلق الإمام ابن قدامة على الرأي الثالث بقوله :
" واللفظ الآخر قضية في عين , والمراد به هذا , فإن قضايا الأعيان( 128) لا عموم لها , ثم لا يمكن حمله على العموم ; فإنه لا يلزمها الاعتداد في السوق والطريق والبرية , إذا أتاها الخبر وهي فيها " ( المغني لابن قدامة : ج8 /ص: 128-129 )
والذي يبدو أن الأصل في المسألة هو بقاء المرأة في بيت زوجها المتوفى عنها ، وأنها تقضي عدتها فيه ، مع ما يجب عليها من الإحداد وترك الزينة ، ولها أن تخرج نهارا أو جزءا من الليل إن كانت لها حاجة أو ضرورة ، من عمل، أو تداو ، أو قضاء مصلحة.
وذلك لأن القرآن ، وإن حدد عدة المتوفى عنها زوجها ، في قوله:" أربعة أشهر وعشرا "، فإن السنة النبوية ، أوجبت الإحداد على الزوج، والبقاء في سكناه هذه المدة .
ولا يمكن الأخذ هنا ، بتقديم الكتاب على السنة ، لعدم التعارض ، كما أنه يجوز لها الخروج للحاجة .(19/61)
أما الاعتداد في أي مكان ، فإن فيه تفويتا لبعض حق الزوج المتوفى ، و جرحا لمشاعر أهله وعشيرته ، إلا إذا كان هناك ما يمنع من الاعتداد في بيته ، من كون البيت كان مؤجرا ، وانتهت الإجارة ، أو كان مكانا موحشا تخشى على نفسها فيه ، أو ما شابه ذلك.
والله أعلم
ــــــــــــــ
الطلاق الرسمي للزواج بأخرى ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حضرتُ إلى هذه البلاد منذ أكثر من 10 سنوات، وتزوجت من امرأة بريطانية مسلمة ولا زلنا نعيش سويا، ورزقني الله منها بولد، والحمد الله.
قبل عدة سنوات أصاب زوجتي مرض خبيث واضطر الأطباء أن يستأصلوا رحمها. وهي الآن بخير والحمد لله إلا أنها لا تستطيع الإنجاب، وكذلك لا تشتهي المعاشرة الجنسية.
وتعلمون أن القانون في هذه البلاد لا يسمح للزوج بأكثر من واحدة، وكذلك هو الأمر في بلدي الذي أنا فيه. فالسؤال هو: يجوز لي أن أذهب مع زوجتي إلى الجهات الرسمية في هذه البلاد ونخبرهم بأننا قد تطلقنا حتى يعطوني ورقة رسمية يمكنني بها أن أتزوج من امرأة أخرى. علمًا بأني لا أريد تطليق زوجتي الأولى. وهي موافقة على زواجي من امرأة أخرى، وكذلك للذهاب معي إلى المحكمة.
وإذا جاز ذلك فهل تعتبر هذه تطليقة؟ وما هي العدة قبل أن أستطيع الرجوع إلى زوجتي؟ أفتوني جزاكم الله عنا خيرًا
... السؤال
17/04/2005 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
إذا كان الزوج محتاجا لهذا الزواج وقوانين البلاد تمنع من التعدد، فيمكنه طلاق زوجته الأولى طلاقا رسميا، ثم يراجعها فيما بينه وبين الله فتكون زوجته ديانة، ويعقد على أخرى، وبهذا أفتى فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي -حفظه الله- وإليك نص فتواه:
قد أجاز الإسلام للمسلم أن يتزوج بامرأة أخرى إذا أحتاج إلى ذلك، وقدر عليه، ووثق من نفسه بالعدل بين الزوجتين.
وإذا كان قانون البلد الذي يعيش فيه الأخ السائل لا يسمح بالزواج من امرأة أخرى بحال، كما هو الشأن في أوربا وبلاد الغرب، وكان الزوج في حاجة ماسة إلى هذا الزواج الثاني، كما في حالة السائل، الذي أصبحت زوجته بعد استئصال رحمها غير قادرة على الإنجاب، وغير راغبة في المباشرة الجنسية، وهو حريص على عشرتها وهي حريصة على ذلك، فلا مانع شرعًا من أن يطلق هذا الرجل زوجته(19/62)
رسميًا، حتى يتمكن من الزواج بامرأة أخرى تشبع رغبته في إطار الحلال المشروع، ولعل الله يرزقه منها أولادًا، والزوجة الأولى موافقة على ذلك.
ولهذا الزوج خارج النطاق الرسمي أن يراجع زوجته في الحال، أو بعد أيام إن شاء، طوال فترة مدة العدة، وهي ثلاث حيض إن كانت ممن تحيض أو ثلاثة أشهر أن كانت في سن اليأس. فإن مضت العدة ولم يراجعها، فلا بد من عقد جديد، بمهر جديد.
وقوانين البلاد الغربية لا تمنع الرجل من معاشرة امرأة بغير عقد بينهما، فلا سلطان لها عليه ولا عليها. فهي زوجته فيما بينه وبين الله تعالى، وفيما بينه وبين المسلمين، وإن لم تكن زوجته من الناحية القانونية.
بقي على هذا الزوج أن يحفظ لهذه المرأة حقوقها، لأنه لو مات لم يمكنها أن ترثه بحكم أنها ليست زوجته في الجهات الرسمية. فلهذا يجب أن يتدارك هذا بأحكام الوصية، فيوصي لها بما يساوي نصيبها من ميراثه. وبهذا يأخذ كل ذي حق حقه.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
عدة زوجة السجين ... العنوان
أنا امرأة متزوجة ،أقمت دعوى على زوجي للطلاق من أجل الشقاق والنزاع، والقضية قائمة منذ ثلاث سنوات .
وسؤالي: هو عندما أحصل على طلاق هل تجب علي العدة علما بأن زوجي مسجون منذ أكثر من سنة ونصف الآن ،ولا يوجد أي مجال للإصلاح بيننا..
... السؤال
01/02/2005 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
عدة المرأة المطلقة بعد الدخول ثابتة بالكتاب والسنة ، وإجماع العلماء ، حتى لو كان الزوج لم يقرب زوجته قبل الطلاق بسنوات ، وحتى لو كانت المرأة عقيما لا تلد ، لأن العدة لم تشرع لاستبراء الرحم ، وإعطاء الزوج فرصة للرجوع فقط ، ولكن لأسباب أخرى كثيرة ، منها الوفاء بحق الزوج ، فالنكاح أغلظ العقود ، وأوكدها .
وسواء عرفت الحكمة من العدة أم لم تعرف فطالما أنها ثبتت بالكتاب أو السنة أو الإجماع فلا بد من التقيد بها.
وعلى ذلك فتبدأ عدتك من تاريخ الطلاق نفسه.
يقول الشيخ عطية صقر – رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا- :-
تبدأ عدة الطلاق من تاريخِه سواء أكان المُطلِّق هو الزّوج أو المحكمة، وفي الطَّلاق الغِيابي الصادر من المحكمة لا تبدأ العِدة إلا إذا صار نهائيًّا.(19/63)
وذلك إنْ مضت مُدّة المعارَضة والاستئناف ولم يعارض ولم يستأنف، أو استأنف وتأيد الحكم . أما إذا لم يَصِر الحكم بالطلاق نهائِيُّا فلا تترتَّب عليه آثاره ومنه العِدّة حتى يكون نهائيًّا " الفتاوى الإسلامية " المجلد 6 ص2193 " .
ويقول الأستاذ الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر :-
زعم البعض أن تربُّص المرأة مدة العدة أيًّا كانت، إنما هو لتبيُّن مدى براءة الرحِم من الحمل، حتى إذا ما أمكن معرفة هذه البراءة بوسيلة من الوسائل الطبية، فلا معنى لتربُّص المرأة هذه المدة، وقد زَيَّن لهذا البعض شياطينُهم أن بوُسْعِهم بعد هذا إلغاء أحكام العِدَّة من الشريعة، بل وإلغاء نصوصها من الكتاب والسنَّة، لعدم الحاجة إليها.
وفي البداية نُقَرِّر أن الفقهاء متفقون على أن تربُّص المرأة المدخول بها مدة العدة أمر أوجبه الشارع عليها، سواء كانت تعتد من طلاق أو وفاة زوجها أو بسبب فسخ النكاح، بل إن جمهور الفقهاء يَرَوْنَ وجوب العدة عليها وإن لم يدخل بها الزوج، إذا كان قد اختلى بها خَلْوَة شرعية صحيحة.
ومما يدل لوجوب العدة على المرأة قول الله، تعالى: (والمطلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بأنفُسِهِنَّ ثلاثةَ قُروءٍ)، وقوله سبحانه: (والذينَ يُتَوَفَّوْنَ منكم ويذَرُونَ أزواجًا يتربَّصْنَ بأنفُسِهِنَّ أربعةَ أشهرٍ وعشرًا)، وقوله جل شأنه: (واللائي يَئِسْنَ من المحيضِ من نسائِكُمْ إنِ ارتَبْتُمْ فعِدَّتهُنَّ ثلاثةُ أشهرٍ واللائِي لَمْ يَحِضْنَ)، وقوله، تعالى: (وأُولاتُ الأحمالِ أجَلُهُنَّ أنْ يضعْنَ حَمْلَهُنَّ) فهذه الآيات، وإن كانت خبرية من حيث اللفظ، إلا أنها تُفيد الإنشاء من حيث المعنى، فتفيد الأمر بما ورد فيها من أحكام العِدَّة، والأمر يقتضي الوجوب، وقيل: إن الفعل مُقتَرِن بلام الأمر، وتقديره: لِيتَرَبَّصْنَ، فحُذِفَت اللام، والفعل المُقتَرِن بلام الأمر يُفيد الوُجوب، فأفادت هذه الآيات وجوب العدة على المرأة المطلَّقة المدخول بها، حاملًا أو غير حامل، والمرأة المتوفَّى عنها زوجها دخل بها أو لم يدخل حاملًا أو حائلًا، وقد حكى ابن العربي وابن قدامة وغيرهما إجماع الفقهاء على وُجوب العدة على المرأة، إلا أن تكون مُطَلَّقة قبل الدخول بها، فلا عدة عليها.
وقد أجهد بعض العلماء أنفُسَهم للوُقوف على حكمة مشروعية العدة، وتوَصَّلوا من خلال اجتهادهم إلى معرفة حكمة مشروعية بعض أنواعها ولم يتوصلوا إلى معرفة حكمة مشروعية البعض الآخر؛ إذ رأَوْا أن شرعية العدة في الطلاق الرجعي لتمكين المطلَّق من العود لمطلقته أثناء العدة بعد زوال سبب التطليق، حرصًا من الشارع على إبقاء الرابطة الزوجية، ورأوا أن شرعيتها في الطلاق البائن أو الفُرْقة لفساد العقد أو الوطء بشبهة لاستبراء الرحم، منعًا من اختلاط الأنساب، ورأوا أنها شُرِعت في حال وفاة الزوج، لتذكُّر نعمة الزواج، ورعاية حق الزوج وإظهار التأثُّر بفقده، وصَوْن كرامة المرأة وسُمعتها من أن يتحدث الناس بأمرها، إذا خرجت أو تزيَّنت دون تربُّص مدة العدة، ورأى بعضهم أن المقصود الأعظم من العدة هو حفظ حق الزوج دون معرفة براءة الرحِم، ولهذا اعتُبرت عدة الوفاة بالأشهر، ووجبت العدة على المتوفَّى عنها غير المدخول بها تعبدًا ومراعاةً لحق الزوج.(19/64)
وما من قول من هذه الأقوال إلا وهو قابل للمناقشة، ولكن سواء كانت حكمة مشروعية العدة هي ما ذكره هؤلاء الفقهاء أو غيرها.
فإن الواجب على المكلفين الامتثال لما كلَّفهم الشارع به، سواء أدركوا الحكمة من مشروعية التكاليف أو لم يدركوها؛ لأن حكمة المشروعية منها لا أثر له في وجوب الامتثال، ولهذا فإن تعليل البعض لوجوب تربُّص المرأة مدة العدة بأنه لاستبراء الرحم لا يقتضي سكوت الواجب إذا أمكن معرفة براءة رحم المرأة من الحمل بالتحاليل الطبية، وإلا لزم منه سقوط التكاليف الشرعية الأخرى، وإذا أمكن تحقيق حكمة المشروعية منها من غير الإتيان بها، فتسقط فرضية الصيام إذا كان المكلَّف صبورًا يحنو على المحتاجين ويشعر بآلامهم ومُعاناتهم، وتسقط فرضية الحج إلى بيت الله الحرام، إذا أمكن للمكلَّفين التعارُف وتبادل المنافع بغيره، أو بالاجتماع في موضع آخر غير هذا البيت، وتسقط حرمة الزنا إذا لم يترتب عليه اختلاط الأنساب، إلا أن هذا اللازم باطل، فبطل الملزوم، وهو إسقاط فرضية العدة والالتجاء إلى التحاليل الطبية، لمعرفة مدى براءة رحم المرأة المُطلَّقة أو المتوفَّى عنها من الحمل، ومِن ثَمَّ فإن المُطالبة بإلغاء أحكام العدة، أو إلغاء النصوص الشرعية التي تضمنت هذه الأحكام خروج عن المِلَّة؛ لما يترتَّب عليه من إنكار ما عُلِم من الدين بالضرورة، فضلًا عما فيه من العبَث بالثوابت الإسلامية .
والله أعلم .
ــــــــــــــ
كيف تحسب عدة المطلقة ؟ ... العنوان
إذا طلقت المرأة ، وهي لا تزال ممن يحيض، فكيف تحسب عدتها؟ ومتى تنتهي عدتها تحديدا؟
... السؤال
08/02/2004 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
يقول الله عز وجل : (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) . وهذه الآية هي التي تبين مدة العدة للمطلقة غير الحامل إذا كانت لا تزال في سن الحيض.
وقد اختلف الفقهاء في وقت انتهاء العدة تبعا لاختلافهم في مقدار العدة .
فمن الفقهاء من يرى أن عدة المرأة ثلاث حيضات، ومنهم من يرى أن عدتها ثلاثة أطهار، فعلى من يقول بأن عدتها ثلاث حيضات فإن المرأة تنتهي عدتها بمجرد انقطاع الدورة الثالثة من بعد الطلاق، وقيل بل بعد الغسل من الدورة الثالثة. وأما قبل الغسل فهي في العدة حتى لو أخرت الغسل، وغني عن البيان أن تأخير الغسل بعد الطهر حرام لما فيه من تضييع الصلاة.
وعلى من يقول بأن عدتها ثلاثة أطهار فإذا طلقت وهي طاهر فإن عدتها تنقضي برؤية الدم من الحيضة الثالثة؛ لأنها بذلك تكون قد دخلت في الطهر الثالث .(19/65)
وإن طلقها حائضا انقضت عدتها برؤية الدم من الحيضة الرابعة باعتبار أن الحيضة التي طلقت فيها هي أول الحيضات الأربعة فتكون الحيضة التي طلقت فيها لغوا غير محسوبة من الثلاث،وهذا لا يعني أن الطلاق وقت الحيض جائز، بل إنه حرام إلا أن جماهير أهل العلم قالوا بوقوعه مع إثم الزوج.
قال ابن قدامة الحنبلي في المغني:-
إذا اغتسلت من الحيضة الثالثة ، أبيحت للأزواج حكى أبو عبد الله بن حامد ، في هذه المسألة روايتين :-
إحداهما :- أنها في العدة ما لم تغتسل ، فيباح لزوجها ارتجاعها ، ولا يحل لغيره نكاحها . قال أحمد: عمر وعلي وابن مسعود يقولون : قبل أن تغتسل من الحيضة الثالثة . وروي ذلك عن سعيد بن المسيب والثوري وإسحاق . وروي ذلك عن أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان وأبي موسى وعبادة وأبي الدرداء رضي الله عنهم. قال شريك له الرجعة، وإن فرطت في الغسل عشرين سنة .
قال أبو بكر: وروي عن أبي عبد الله أنها في عدتها ، ولزوجها رجعتها حتى يمضي وقت الصلاة التي طهرت في وقتها . وهذا قول الثوري.
ووجه اعتبار الغسل قول الأكابر من الصحابة ، ولا مخالف لهم في عصرهم ، فيكون إجماعا . ولأنها ممنوعة من الصلاة بحكم حدث الحيض ، فأشبهت الحائض .
والرواية الثانية : أن العدة تنقضي بطهرها من الحيضة الثالثة وانقطاع دمها . اختاره أبو الخطاب وهو قول سعيد بن جبير والأوزاعي والشافعي في القديم لأن الله تعالى قال : { يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } . وقد كملت القروء ، بدليل وجوب الغسل عليها ، ووجوب الصلاة ، وفعل الصيام ، وصحته منها ، ولأنه لم يبق حكم العدة في الميراث ، ووقوع الطلاق بها ، واللعان ، والنفقة ، فكذلك فيما نحن فيه . قال القاضي : إذا شرطنا الغسل ، أفاد عدمه إباحة الرجعة وتحريمها على الأزواج ، فأما سائر الأحكام ، فإنها تنقطع بانقطاع دمها .
وإن قلنا : القروء الأطهار . فطلقها وهي طاهر ، انقضت عدتها برؤية الدم من الحيضة الثالثة .
وإن طلقها حائضا ، انقضت عدتها برؤية الدم من الحيضة الرابعة . وهذا قول زيد بن ثابت وابن عمر وعائشة والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وأبان بن عثمان ومالك ، وأبي ثور . وهو ظاهر مذهب الشافعي .
وحكي عنه قول آخر ، لا تنقضي العدة حتى يمضي من الدم يوم وليلة ؛ لجواز أن يكون الدم دم فساد ، فلا نحكم بانقضاء العدة حتى يزول الاحتمال . وحكى القاضي هذا احتمالا في مذهبنا أيضا . ولنا أن الله تعالى جعل العدة ثلاثة قروء ، فالزيادة عليها مخالفة للنص ، فلا يعول عليه ، ولأنه قول من سمينا من الصحابة ، رواه الأثرم عنهم بإسناده ، ولفظ حديث زيد بن ثابت { إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة ، فقد برئت منه ، وبرئ منها ، ولا ترثه ولا يرثها . } وقولهم : إن الدم يجوز أن يكون دم فساد . قلنا : قد حكم بكونه حيضا في ترك الصلاة ، وتحريمها على الزوج ، وسائر أحكام الحيض ، فكذلك في انقضاء العدة . ثم إن كان التوقف(19/66)
عن الحكم بانقضاء العدة للاحتمال ، فإذا تبين أنه حيض ، علمنا أن العدة قد انقضت حين رأت الدم .
والله أعلم .
ــــــــــــــ
اعتداد المتوفى عنها زوجها في بيت أبيها ... العنوان
هل يجوز للمتوفى عنها زوجها أن تنتقل إلى بيت والديها مباشرة بعد وفاة زوجها وهذا من أجل الاستقرار هناك وهذا بسبب نفسي وأمني؟
... السؤال
11/01/2004 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
يرى جمهور الفقهاء أن المتوفى عنها زوجها تعتد في بيت زوجها وجوبا ،وذهب فريق آخر إلى أن لها أن تعتد في أي بيت شاءت ،لأن الله تعالى أمرها بالعدة ولم يأمرها أن تعتد في مكان بعينه.
واستثنى الجمهور في ذلك أن يكون بيت الزوجية موحشا ، حيث لا تأمن على نفسها بعد وفاة زوجها ،كأن يكون في بيت مهجور ونحو هذا ، أو أنها تجد صعوبة كبيرة في عيشها مع أهل زوجها ،إن كان البيت ليس خاصا بزوجها ،ولكن الأصل هو اعتداد المرأة في بيت زوجها .
وقد استدل الجمهور بأدلة منها :
ما أخرجه أصحاب السنن وغيرهم عن سعدِ بنِ إسحاقَ بنِ كعبِ بنِ عجرةَ، عن عمَّتهِ زينبَ بنتِ كعبِ بنِ عجرةَ؛ أنَّ الفريعةَ بنتَ مالكِ بنِ سنانٍ، وهي أختُ أبي سعيدٍ الخدريِّ، أخبَرتْها أنَّها جاءتْ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّم تسألهُ أنْ ترجعَ إلى أهلهَا في بني خُدرةَ. وأنَّ زوجَها خرجَ في طلبِ أعبدٍ لهُ أبقُوا، حتىَّ إذا كانَ بطرفِ القدومِ لحقهُمْ فقتلوهُ. قالت: فسألتُ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّم أن أرجعَ إلى أهلي. فإنَّ زَوجي لم يتركْ لي مسكَناً يملكهُ، ولا نفقةً. قالت: فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّم " نعم". قالت: فانصرفتُ، حتىَّ إذا كنتُ في الحجرةِ (أو في المسجدِ) ناداني رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّم (أو أمرَ بي فنوديتُ لهُ) فقال "كيفَ قلتِ" ؟ قالت: فرددتُ عليهِ القصَّةَ التي ذكرتُ لهُ من شأنِ زَوجي. قال "امكُثي في بيتكِ حتىَّ يبلغَ الكتابُ أجلهُ" قالت: فاعتددتُ فيهِ أربعةَ أشهرٍ وعشراً. قالت: فلمَّا كانَ عُثمَانُ، أرسلَ إليَّ فسأَلني عن ذلكَ فأخبرتهُ. فاتَّبعهُ وقضى بهِ.
كما قالوا :إن كان الكتاب قد ذكر الاعتداد للمطلقة ،ولم يذكره للمتوفى عنها زوجها ،فإن السنة قد بينته ،كما في حديث الفريعة بنت مالك.
ويرى بعض الفقهاء أن المطلوب من المتوفى عنها زوجها الاعتداد ،ولا يشترط فيه بيت الزوجية .(19/67)
وقد ورد عن بعض الصّحابة منهم عائشة وجابر : إن المتوفّى عنها لا يلزم أن تعتدّ في بيت الزوجيّة، بل يجوز لها أن تقضيَها في أي بيت؛ لأن الله حين أمرها بها لم يعيّن بيتًا خاصًّا.
وقال عطاء: إن شاءت اعتدت عند أهلها وسكنت، وإن شاءت خرجت ، لقول الله عز وجل: (فإنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنّ مِنْ مَعْروفٍ) (سورة البقرة : 240).
كما استدل هذا الفريق بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم ، وكانت قد طلقت طلاقا بائنا ،وإنما كان الاعتداد في بيت الزوجية في حال الطلاق الرجعي ،عسى أن يراجع الزوج نفسه ، ويرد إليه زوجته مرة أخرى .
أما في حالة الطلاق البائن أو المتوفى عنها زوجها ، فليس هناك إمكانية في الرجوع ، فكانت المرأة مخيرة بين أن تعتد في بيت زوجها أو في بيت أبيها أو في غيرهما من الأماكن شريطة الأمن على نفسها .
يقول الدكتور وهبة الزحيلي أستاذ الشريعة بالجامعات السورية :
لا يجوز للمرأة الانتقال من بيت الزوج في العدة إلا بسبب كعدم وجود أمن في هذا البيت بأن كان نائياً موحشاً ، أو وجد شيء من السباب والشتم والأذى بينها وبين أقارب زوجها ، لقوله تعالى : { لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَّ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } وهي السباب ونحوه.انتهى
و يقول الدكتور القرضاوي:
يلزم المتوفى عنها زوجها أن تلزم بيتها الذي مات زوجها وهي فيه، لا تغادره طوال أشهر العدة . كما في حديث الفريعة بيت مالك، ولأن بقاءها في بيتها أليق بحالة الحداد الواجبة عليها، وأسكن لأنفس أهل الزوج المتوفى، وأبعد عن الشبهات.
لكن يجوز لها أن تغادره لحاجة، مثل العلاج، أو شراء الأشياء اللازمة إذا لم يكن لها من يشتريها، أو الذهاب إلى عملها الملتزمة به، كالمدرسة والطبيبة والممرضة وغيرهن من النساء العاملات.
وإذا خرجت لحاجتها نهارًا . فليس لها الخروج من منزلها ليلاً .
ويقول الشيخ عطية صقر من كبار علماء الأزهر : المتوفّى عنها زوجها تعتد في بيت زوجها، ولا تتركه إلا لعذر مقبول، وذلك على رأي الجمهور.
وأجاز لها البعض الخِيار في أن تعتد في أي مكان تشاء، ولها أن تخرج نهارًا لكسب عيشها.
هذا، وما دام الأمر خلافِيًّا فيجوز الأخذ بأحد الآراء دون تعصُّب له، فالرأي الاجتهاديّ صواب يحتمل الخطأ، أو خطأ يحتمل الصواب، بهذا لا يكون هناك تناقُض، ولا تضارب في أحكام الشريعة المنصوص عليها، والمتفق على صحتها .انتهى
والخلاصة أن اعتداد المرأة المتوفى عنها زوجها خلافي ،والأولى الاعتداد في بيت الزوجية ،خاصة إن كان سكنا خاصا بها ،إلا إذا كانت هناك ضرورة أو مصلحة ترجح عدم الاعتداد في بيت الزوجية .(19/68)
والله أعلم
ــــــــــــــ
طرد المطلقة من بيت الزوجية ... العنوان
رجل طلق زوجته بعد خلاف حصل بينهما وطردها إلى بيت أهلها ويرفض أن تبقى الزوجة في بيته لقضاء العدة فما حكم ذلك؟ ... السؤال
13/09/2003 ... التاريخ
د.حسام الدين بن موسى عفانة ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فمن الأخطاء الشائعة عند عامة الناس أن يقوم الزوج بطرد الزوجة عند طلاقها، أو تقوم الزوجة (المطلقة) بحمل حقيبة أمتعتها تاركة بيتها بمجرد طلاقها لتعتد في بيت أبيها، وهذا حرام باتفاق العلماء، فالواجب على الزوجة متى كان الطلاق رجعيا أن تعتد في بيت الزوجية ولا يجوز لها أن تخرج منه أثناء العدة، كما يحرم على الزوج أن يطردها من بيت الزوجية، وهذا من حكمة الشارع حتى تكون الفرصة أكبر لجمع الشمل، لتعود الحياة إلى ما كانت عليه بعد أن تهدأ ثورة الزوجين.
وإليك فتوى فضيلة الأستاذ الدكتور حسام بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
شرع الإسلام العدة في حالة الطلاق والوفاة لحكم كثيرة ومن حكمة مشروعية عدة الطلاق الرجعي أن تتاح فرصة للزوج لمراجعة مطلقته خلال مدة العدة وهذه الحكمة تكون أكثر تحققاً فيما لو بقيت الزوجة في بيت الزوج ولم تخرج منه كما جرت العادة في بلادنا أن الزوج إذا طلق زوجته فإنها تخرج من بيت الزوجية وتذهب إلى بيت أهلها وهذا الأمر ليس مشروعاً ولا يجوز للزوج أن يخرج زوجته من بيتها بطردها إلى بيت أبيها قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) سورة الطلاق الآية 1.
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى :( لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ) أي ليس للزوج أن يخرجها من مسكن النكاح ما دامت في العدة ولا يجوز لها الخروج أيضاً لحق الزوج إلا لضرورة ظاهرة فإن خرجت أثمت ولا تنقطع العدة . تفسير القرطبي 18/ 154.
ثم قال القرطبي في تفسير قوله تعالى :( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّه) [أي هذه الأحكام التي بينها أحكام الله على العباد وقد منع التجاوز عنها فمن تجاوز فقد ظلم نفسه وأوردها مورد الهلاك .
(لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) الأمر الذي يحدثه الله أن يقلب قلبه من بغضها إلى محبتها ومن الرغبة عنها إلى الرغبة فيها ومن عزيمة الطلاق إلى الندم(19/69)
عليه فيراجعها وقال جميع المفسرين : أراد بالأمر هنا الرغبة في الرجعة ] تفسير القرطبي 18/56 .
وخلاصة الأمر أنه يحرم على الزوج أن يطرد مطلقته الرجعية من بيت الزوجية، كما يحرم عليها أن تخرج أيضاً لقضاء العدة في بيت أبيها، أو غيره وهذا باتفاق أهل العلم فيما أعلم ويستند العلماء في ذلك على النهي عن إخراجهن المذكور في الآية السابقة، والأصل في النهي أنه للتحريم انظر تفسير الجصاص 5/348.
لكل ما سبق فلا بد من إعادة النظر في العادة السيئة المنتشرة في مجتمعنا ألا وهي ترك المرأة المطلقة رجعياً لبيت الزوجية وذهابها إلى بيت أهلها؛ لأن في فعلها هذا تعقيداً للمشكلة وقد يؤدي إلى إنهاء الحياة الزوجية.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
مراجعة الزوجة دون علمها ورضاها ... العنوان
طلقت زوجتي تحت تأثير ظروف معينة ثم ندمت على ذلك ندما شديدا وبخاصة أنه لدي منها طفلان، فتركت بيت الزوجية واعتدت في بيت أبيها، وبعد أن هدأت العاصفة أردت أن أرجع الأمور إلى نصابها وأصلح ما أفسده الشيطان فذهبت لمراجعتها قبل أن تنقضي عدتها ففوجئت بأن أباها يرفض ذلك رفضا شديدا، وأخبرني بأن هذه هي رغبة ابنته (مطلقتي) وأنا في حيرة من أمري ماذا أفعل؟ ... السؤال
09/01/2003 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فإذا طلق الرجل زوجته وكان الطلاق رجعيا ولم تنقض عدتها فالزوجية لا تزال قائمة، ومن ثم فللزوج أن يراجع مطلقته وتكون في عصمته، ولا يفتقر ذلك إلى إذنها ورضاها بإجماع أهل العلم، كما لا يحتاج الأمر إلى إعلامها بالرجعة ولا إلى موافقة وليها، ولكن يستحب إعلامها بالرجعة، أما الإشهاد على الرجعة ففيه خلاف بين الوجوب والاستحباب.
وبناء على ما سبق فلك أن تراجع زوجتك ما دامت في العدة ولا عبرة برضا أبيها أو عدمه، ونود أن نشير إلى أن الزوجة قد أخطأت بخروجها من بيت الزوجية فالزوجة إذا طلقت وكان الطلاق رجعيا فيجب عليها أن تمكث في بيت زوجها (مطلقها) لأن الزوجية ما زالت قائمة ما لم تنقض العدة.
جاء في كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي:
والمراجعة أن يقول لرجلين من المسلمين : اشهدا أني قد راجعت امرأتي . بلا ولي يحضره , ولا صداق يزيده. وقد روي عن أبي عبد الله - رحمه الله - رواية أخرى , أنه تجوز الرجعة بلا شهادة، وجملته أن الرجعة لا تفتقر إلى ولي , ولا صداق , ولا رضى المرأة , ولا علمها بإجماع أهل العلم; لما ذكرنا من أن الرجعية في(19/70)
أحكام الزوجات , والرجعة إمساك لها , واستبقاء لنكاحها , ولهذا سمى الله - سبحانه وتعالى - الرجعة إمساكا , وتركها فراقا وسراحا , فقال: (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف) . وفي آية أخرى: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان).
وإنما تشعث النكاح بالطلقة وانعقد بها سبب زواله, فالرجعة تزيل شعثه(أي أن الرجعة تصلح ما أفسده الطلاق), وتقطع مضيه , إلى البينونة , فلم يحتج لذلك إلى ما يحتاج إليه ابتداء النكاح . فأما الشهادة ففيها روايتان ; إحداهما , تجب . وهذا أحد قولي الشافعي ; لأن الله تعالى قال: (فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم). وظاهر الأمر الوجوب , ولأنه استباحة بضع مقصود , فوجبت الشهادة فيه , كالنكاح , وعكسه البيع .
والرواية الثانية , لا تجب الشهادة . وهي اختيار أبي بكر , وقول مالك , وأبي حنيفة ; لأنها لا تفتقر إلى قبول , فلم تفتقر إلى شهادة , كسائر حقوق الزوج , ولأن ما لا يشترط فيه الولي لا يشترط فيه الإشهاد , كالبيع . وعند ذلك يحمل الأمر على الاستحباب.
ولا خلاف بين أهل العلم , في أن السنة الإشهاد. فإن قلنا : هي شرط . فإنه يعتبر وجودها حال الرجعة , فإن ارتجع بغير شهادة , لم يصح ; لأن المعتبر وجودها في الرجعة , دون الإقرار بها , إلا أن يقصد بذلك الإقرار الارتجاع , فيصح.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن إعلام الزوجة بالرجعة مستحب ; لما فيه من قطع المنازعة التي قد تنشأ بين الرجل والمرأة . قال العيني ما نصه : ويستحب أن يعلمها " أي يعلم المرأة بالرجعة , فربما تتزوج على زعمها أن زوجها لم يراجعها وقد انقضت عدتها ويطؤها الزوج , فكانت عاصية بترك سؤال زوجها وهو يكون مسيئا بترك الإعلام , ولكن مع هذا لو لم يعلمها صحت الرجعة ; لأنها استدامة النكاح القائم وليست بإنشاء , فكان الزوج متصرفا في خالص حقه , وتصرف الإنسان في خالص حقه لا يتوقف على علم الغير.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
مراجعة المطلقة دون شهود ... العنوان
طلقت زوجتي ثم رددتها إلى عصمتي قبل أن تنقضي عدتها، ولكن لم يتم ذلك على يد مأذون، فهل هذا جائز أم أنه لا بد من تجديد العقد والإشهاد عليه؟ ... السؤال
04/01/2003 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فإذا طلق الرجل زوجته طلاقا غير بائن فإن الزوجية تظل قائمة ما لم تنقض العدة ، وللزوج أن يرد الزوجة إلى عصمته أثناء العدة، ولا يحتاج الأمر إلى رضاها ولا(19/71)
إلى تجديد لعقد النكاح، ولكن اختلف الفقهاء في حكم الإشهاد على الرجعة، فهناك من قال إن الإشهاد على الرجعة واجب، وذهب جمهور الفقهاء إلى أن الأشهاد على الرجعة مستحب، واحتياطا للفروج الأولى أن يعلم الرجل زوجته بالرجعة وأن يشهد على ذلك.
ومن ثم فإن زوجتك رجعت إلى عصمتك، ولكن يبقى أمر مهم وهو أن توثق الرجعة لدى جهات التوثيق المختصة إذا كان الطلاق قد تم عن طريق المحكمة حفظا للفروج والحقوق.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية
ذهب الحنفية والمالكية , والجديد من مذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد إلى أن الإشهاد على الرجعة مستحب , وهذا القول مروي عن ابن مسعود , وعمار بن ياسر رضي الله عنهما , فمن راجع امرأته ولم يشهد صحت الرجعة ; لأن الإشهاد مستحب . وحجتهم في ذلك ما يأتي :
1 - الرجعة مثل النكاح من حيث كونها امتدادا له , ومن المتفق عليه أن استدامة النكاح لا تلزمها شهادة , فكذا الرجعة لا تجب فيها الشهادة .
2 - الرجعة حق من حقوق الزوج وهي لا تحتاج لقبول المرأة , لذلك لا تشترط الشهادة لصحتها ; لأن الزوج قد استعمل خالص حقه , والحق إذا لم يحتج إلى قبول أو ولي فلا تكون الشهادة شرطا في صحته . قالوا : وأما قوله تعالى : { وأشهدوا ذوي عدل منكم } هذا أمر , والأمر في هذه الآية محمول على الندب لا على الوجوب , مثل قوله تعالى : { وأشهدوا إذا تبايعتم } واتفق جمهور الفقهاء على صحة البيع بلا إشهاد , فكذا استحب الإشهاد على الرجعة للأمن من الجحود , وقطع النزاع , وسد باب الخلاف بين الزوجين.
ويلاحظ أن تأكيد الحق في البيع في حاجة إلى إشهاد أكثر من الرجعة ; لأن البيع إنشاء لتصرف شرعي , أما الرجعة فهي استدامة الحياة الزوجية أو إعادتها , فلما صح البيع بلا إشهاد صحت الرجعة بلا إشهاد من باب أولى . وأضاف المالكية أن الزوجة لو منعت زوجها من وطئها حتى يشهد على الرجعة كان فعلها هذا حسنا وتؤجر عليه , ولا تكون عاصية لزوجها .
وذهب الشافعي في القديم من المذهب وأحمد في الرواية الثانية بأن الإشهاد على الرجعة واجب لقوله تعالى: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) . وبالأثر المروي عن عمران بن حصين فقد سأله رجل عمن طلق امرأته طلاقا رجعيا ثم وقع بها ولم يشهد , فقال : طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة , أشهد على ذلك ولا تعد ; ولأن الرجعة استباحة بضع محرم فيلزمه الإشهاد . وقال النووي : إن الإشهاد على الرجعة ليس شرطا ولا واجبا في الأظهر .
وجاء في كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي:
المراجعة أن يقول لرجلين من المسلمين : اشهدا أني قد راجعت امرأتي . بلا ولي يحضره , ولا صداق يزيده . وقد روي عن أبي عبد الله (أحمد بن حنبل) - رحمه الله - رواية أخرى , أنه تجوز الرجعة بلا شهادة، وجملته أن الرجعة لا تفتقر إلى ولي , ولا صداق , ولا رضى المرأة , ولا علمها بإجماع أهل العلم ; لما ذكرنا من(19/72)
أن الرجعية في أحكام الزوجات , والرجعة إمساك لها , واستبقاء لنكاحها, ولهذا سمى الله - سبحانه وتعالى - الرجعة إمساكا , وتركها فراقا وسراحا , فقال: (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف)، وفي آية أخرى: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان). وإنما تشعَّثُ النكاح بالطلقة وانعقد بها سببُ زواله , فالرجعة تزيل شعثَه , وتقطع مضيه , إلى البينونة , فلم يحتج لذلك إلى ما يحتاج إليه ابتداء النكاح.
فأما الشهادة ففيها روايتان ; إحداهما , تجب، وهذا أحد قولي الشافعي ; لأن الله تعالى قال : (فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم). وظاهر الأمر الوجوب , ولأنه استباحة بضع مقصود , فوجبت الشهادة فيه , كالنكاح , وعكسه البيع.
والرواية الثانية , لا تجب الشهادة، وهي اختيار أبي بكر , وقول مالك , وأبي حنيفة ; لأنها لا تفتقر إلى قبول , فلم تفتقر إلى شهادة , كسائر حقوق الزوج , ولأن ما لا يشترط فيه الولي لا يشترط فيه الإشهاد , كالبيع ، وعند ذلك يحمل الأمر على الاستحباب.
ولا خلاف بين أهل العلم , في أن السنة الإشهاد . فإن قلنا : هي شرط . فإنه يعتبر وجودها حال الرجعة , فإن ارتجع بغير شهادة , لم يصح ; لأن المعتبر وجودها في الرجعة , دون الإقرار بها , إلا أن يقصد بذلك الإقرار الارتجاع , فيصح .
والله أعلم
ــــــــــــــ
أثر السقط على العدة والطلاق المعلق ... العنوان
ما الحكم لو كانت المرأة حاملا وهي في العدة من الوفاة أو الطلاق وحدث إسقاط الجنين قبل اكتماله؟ هل تنتهي العدة بهذا الإسقاط لو حدث قبل مضي مدة العدة لغير الحامل أم تكمل هذه المرأة عدتها بالمدة؟ ... السؤال
12/09/2002 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الحامل إذا أسقطت الحمل بعد اكتمال خلقته أو تصوره على صورة آدمي ولو صورة غير واضحة ؛ بحيث لو شاء الله وبقي لاكتمل خلقه؛ فالفقهاء متفقون على أن العدة تنتهي بهذا السقط.
وأما إذا سقط الحمل وهو علقة ، أو مضغة ليس فيها صورة آدمي؛ فمذهب الجمهور أن العدة لا تنقضي به، ويرى المالكية أن العدة تنقضي بانفصال الحمل مطلقا.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
عدة الحامل تكون بوضع الحمل لقوله تعالى : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } وأجمع أهل العلم في جميع الأمصار أن المطلقة الحامل تنقضي عدتها(19/73)
بوضع الحمل . والمتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا فعدتها بوضع الحمل أو أربعة أشهر وعشرة أيام، على خلاف وتفصيل في ذلك .
وإذا نزل السقط تام الخلقة ترتبت عليه الأحكام التي تترتب على الولادة من حيث أحكام النفاس وانقضاء العدة ووقوع الطلاق المعلق على الولادة، وكذلك إن ألقت مضغة تبين فيه خلق إنسان، وأما إذا ألقت مضغة لم يتبين فيها التخلق أو ألقت علقة ففي ذلك خلاف بالنسبة لانقضاء العدة ووقوع الطلاق المعلق على الولادة:
فالحنفية والشافعية والحنابلة يرون أن العلقة والمضغة التي ليس فيها أي صورة آدمي لا تنقضي بها العدة، ولا يقع الطلاق المعلق على الولادة ؛ لأنه لم يثبت أنه ولد بالمشاهدة ولا بالبينة .
أما المضغة المخلقة والتي بها صورة آدمي ولو خفية؛ وشهدت الثقات القوابل بأنها لو بقيت لتصورت، فإنها تنقضي بها العدة ويقع الطلاق؛ لأنه علم به براءة الرحم عند الحنفية والحنابلة . لكن الشافعية لا يوقعون الطلاق المعلق على الولادة؛ لأنه لا يسمى ولادة.
أما المالكية فإنهم ينصون على أن العدة تنقضي بانفصال الحمل كله ولو علقة .
والله أعلم.
ــــــــــــــ
الفرق بين عدة الوفاة وعدة الطلاق ... العنوان
هل أحكام العدة واحدة دون فرق بين عدة الوفاة ، وعدة الطلاق الرجعي ، وعدة الطلاق البائن ؟ وهل يحرم على المعتدة من صلاق ما يحرم على المعتدة من وفاة ؟ وجزاكم الله خيرا ... السؤال
19/08/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
يجب على المعتدة المتوفى عنها زوجها أن تعتد في بيتها أربعة أشهر وعشرا ، وتمنع من الزينة ، ولا يجوز لأحد أن يصرح بخطبتها ، لكن لا بأس بالتعريض ، أما المعتدة من طلاق فلا يجوز لأحد أن يعرض بخطبتها لأنها لا تزال زوجة ، ولا يحرم علها الزينة ، بل يستحب تزينها، لإغراء زوجها بالرجوع .
أولا : مكان العدة والخروج منه :
يقول الشيخ عطية صقر من كبار علماء الأزهر : :-
المتوفّى عنها زوجها تعتد في بيت زوجها، ولا تتركه إلا لعذر مقبول، وذلك على رأي الجمهور.
وأجاز لها البعض الخِيار في أن تعتد في أي مكان تشاء، ولها أن تخرج نهارًا لكسب عيشها.
وأما المطلّقة طَلاقًا رجعيًّا فتعتد في بيت مُطلِّقها وتَبيت فيه ليلاً، وأما خروجها نهارًا لحاجة ففيه خلاف.(19/74)
وأما المطلقة طَلاقًا بائنًا فتعتدُّ في بيت مطلقها أيضا ، ولا تتركه إلا لعذر، وقيل يجوز لها أن تعتَدَّ في غيره، كما في حديث فاطمة بنت قيس، ولها الخروج نهارًا للحاجة.
و يقول الدكتور القرضاوي:
يلزم المتوفى عنها زوجها أن تلزم بيتها الذي مات زوجها وهي فيه، لا تغادره طوال أشهر العدة . كما روت فريعة بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري: أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته أن زوجها خرج في طلب أعبد (عبيد) له، فقتلوه بطرف القدوم . فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي، فإن زوجي لم يتركني في مسكن أملكه ولا نفقة فقال: " امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله . فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرًا " (رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح). ولأن بقاءها في بيتها أليق بحالة الحداد الواجبة عليها، وأسكن لأنفس أهل الزوج المتوفى، وأبعد عن الشبهات.
لكن يجوز لها أن تغادره لحاجة، مثل العلاج، أو شراء الأشياء اللازمة إذا لم يكن لها من يشتريها، أو الذهاب إلى عملها الملتزمة به، كالمدرسة والطبيبة والممرضة وغيرهن من النساء العاملات.
وإذا خرجت لحاجتها نهارًا . فليس لها الخروج من منزلها ليلاً . وقد جاء عن مجاهد قال: " استشهد رجال يوم أحد، فجاء نساؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلن: يا رسول الله، إنا نستوحش بالليل، أفنبيت عند إحدانا، حتى إذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا ؟ فقال: تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن، فإذا أردتن النوم، فلتؤب كل امرأة إلى بيتها ".
ولأن الخروج ليلاً مظنة للريبة والتهمة فلم يجز إلا لضرورة . وليس لها الخروج للصلاة في المسجد، أو السفر لحج أو عمرة أو غير ذلك، لأن الحج لا يفوت والعدة تفوت لأنها موقوتة بزمن.
ثانيا :حكم الخطبة :
يجوز للمتوفى عنها زوجها التعريض بخطبتها من غير تصريح لها بالخطبة ، وهكذا حكم المطلقة المبتوتةـ المطلقة ثلاثا ـ يجوز التعريض لها كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت قيس حين طلقها زوجها أبو عمرو بن حفص آخر ثلات تطليقات فأمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم وقال لها " فإذا حللت فآذنيني" ـ أخبريني ـ فلما حلت خطب عليها أسامة بن زيد مولاه فزوجها إياه.
فأما المطلقة غير المبتوتة – أي الرجعية - فلا خلاف في أنه لا يجوز لغير زوجها التصريح بخطبتها ولا التعريض لها .
ثالثا: الإحداد – أي ترك الزينة - :
يقول الشيخ شلتوت شيخ الأزهر الأسبق : :-
الزوجة التي تُوفِّي عنها زوجها يجب عليها أن تعتدَّ، أي تَمكث بلا زواج حتى تضع حملها إن كانت حاملاً، أو يمرَّ عليها أربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت غير حامل، كما جاء في قوله تعالى ( والَّذين يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أزْواجًا يَتَرَبَّصْنَ بأنفُسِهِنَّ(19/75)
أرْبَعَةَ أشْهرٍ وَعَشْرًا ) ( سورة البقرة : 234 )، وقوله ( وأولَاتُ الأَحْمَالِ أجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) ( سورة الطَّلاقِ : 4 ) .
ويحْرُم عليها أثناء العدة أمور تتنافى مع الحزن والأسف لفراق الزوج، والوفاة لحق الحياة الزوجية، والمساعدة على عدم طمع أحد في زواجها حتى تنتهي عدتها.
فيحْرُم عليها التَّزَيُّن بأية زينة تتنافى مع هذه الحكمة.
فالطِّيب بجميع أنواعه حرام، وكذلك زينة بدَنِها من خِضَابٍ ومَسَاحِيق وكُحْل وما إلى ذلك، وقد نص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على النهي عن الخِضَاب، للتنبيه على ما شاكله أو كان أعظم منه منافاة لمقصود الإحداد، وكل ذلك ممنوع ليلاً ونهارًا.
لكن لو احتيج لشيء من ذلك على سبيل التداوي فلا مانع منه، ويرخَص فيه بقدر الضرورة، ولا تكتحل ولا تمس طِيبًا إلا إذا طهرت ـ أي من الحيض ـ في نبذة من قسط أو أظفار " وهذا القول هو ما عليه جمهور الفقهاء، كمالك وأبي حنيفة وأحمد والشافعي وغيرهم . ويقاس عليه كل ما لم يقصد به الزينة كالقطرة السائلة والجافة والأصباغ الطبية التي توضع على الجروح وغيرها، ولا تمنع المحدة من تقليم الأظفار، وإزالة الشعر المندوب إزالته وكل ما يقصد به النظافة لا الزينة .
وكذلك يحْرُم على المُحِدة لبس الثياب التي يُقصد منها الزينة أيًّا كان لونها أو نوعها .
وكذلك يَحْرُم عليها لبس الحُلي بجميع أنواعه، فهو للزينة قطعًا، وقد صحَّ عن الصحابة نهيهم عن ذلك كابن عمر وابن عباس وأم سلمة وعائشة رضي الله عن الجميع .
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية : :
أجمع العلماء على وجوب الإحداد في عدة الوفاة ، وقد أجمعوا أيضا على أنه لا إحداد على المطلقة رجعيا , بل يطلب منها أن تتعرض لمطلقها وتتزين له لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا . على أن للشافعي رأيا بأنه يستحب للمطلقة رجعيا الإحداد إذا لم ترج الرجعة .
وأما المعتدة من طلاق بائن بينونة صغرى أو كبرى ، فقد اختلف العلماء فيه على اتجاهين : الأول :
ذهب الحنفية والشافعي في قديمه , وهو إحدى الروايتين في مذهب أحمد , أن عليها الإحداد , لفوات نعمة النكاح . فهي تشبه من وجه من توفي عنها زوجها .
الثاني : ذهب المالكية والشافعي في جديده وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد ( وقيل في بعض الكتب إنها المذهب ) إلا أنه لا إحداد عليها ; لأن الزوج هو الذي فارقها نابذا لها , فلا يستحق أن تحد عليه . وإلى هذا ذهب جماعة من التابعين , منهم سعيد بن المسيب , وأبو ثور , وعطاء , وربيعة , ومالك , وابن المنذر . إلا أن الشافعي يرى في جديده أنه يستحب لها أن تحد .
رابعا : العدة ومدتها :
يقول الدكتور القرضاوي:(19/76)
يجب أن تتربص المتوفى عنها زوجها بنفسها ولا تتزوج مدة أربعة أشهر وعشرة أيام، إذا لم تكن حاملاً، فإن كانت حاملاً فعدتها وضع الحمل.
ويلاحظ أن مدة العدة هنا - في غير حالة الحمل - أطول قليلاً من عدة المطلقة (وهي ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر) . وذلك لأن الزوج يترك وراءه من مشاعر الأسى والحزن في نفس الزوجة، وفي أنفس أهله وأقربائه ما لا يتركه الطلاق.
والله أعلم
ــــــــــــــ
ما حكم الطفل الذي يولد ميتا، هل يبعث يوم القيامة علما بأنه قد أوتي روحا بعد الشهر الرابع ؟
... السؤال
05/02/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
الأخ الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السقط هو من ينزل من المرأة ذكرا كان أو أنثي قبل تمامه ، وله مجموعة من الأحكام الفقهية من حيث تسميته وغسله والصلاة عليه ، وما يتعلق بطهارة أمه وعدتها ، وميراثه والجناية عليه ، ومغفرته لوالديه ، ومصيره يوم القيامة .
تعريف السقط
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية
السقط لغة : الولد ذكرا كان أو أنثى يسقط قبل تمامه وهو مستبين الخلق , يقال : سقط الولد من بطن أمه سقوطا فهو سقط . ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي .
أحكام السقط
1- التسمية
جاء في المغني :
( فإن لم يتبين , أذكر هو أم أنثى , سمي اسما يصلح للذكر والأنثى ) هذا على سبيل الاستحباب ; لأنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { سموا أسقاطكم , فإنهم أسلافكم } رواه ابن السماك بإسناده قيل : إنهم إنما يسمون ليدعوا يوم القيامة بأسمائهم . فإذا لم يعلم هل السقط ذكر أو أنثى , سمي اسما يصلح لهما جميعا ; كسلمة , وقتادة , وسعادة , وهند , وعتبة , وهبة الله ونحو ذلك .
وجاء في الموسوعة الفقهية :
قد اختلف الفقهاء في تسمية السقط . قال صاحب الفتاوى الهندية : من ولد ميتا لا يسمى عند أبي حنيفة خلافا لمحمد رحمهما الله تعالى . والمشهور عند المالكية أن السقط لا يسمى . ويرى الشافعية , كما قال النووي في الروضة : أن تسمية السقط لا تترك . وفي النهاية : يندب تسمية سقط نفخت فيه الروح .
2- ما يتعلق بالسقط من حيث الطهارة والعدة :(19/77)
إذا نزل السقط تام الخلقة ترتبت عليه الأحكام التي تترتب على الولادة من حيث أحكام النفاس وانقضاء العدة , وكذلك إن ألقت مضغة تبين فيه خلق إنسان , وأما إذا ألقت مضغة لم يتبين فيها التخلق أو ألقت علقة ففي ذلك خلاف .
و جاء في أحكام القرآن لابن العربي: إن عدة المرأة تنقضي بالسقط الموضوع , ذكره إسماعيل القاضي , واحتج عليه بأنه حمل , وقد قال الله : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } , وكذلك قال : لا تكون به أم ولد , ولا يرتبط شيء من الأحكام به , إلا أن يكون مخلقا لقوله تعالى : { فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة } , فيطلق عليه أنه خلق , كما أنه حمل .
3- نزول السقط نتيجة الجناية على أمه :
إذا اعتدى على الحامل فأسقطت جنينها حيا ثم مات ففيه دية النفس , فإن أسقطته ميتا وقد تبين فيه خلق الإنسان ففيه غرة عبد أو أمة ، فإن لم يجد فنصف عشر الدية الكاملة .
4- حكم تغسيله والصلاة عليه :
اتفق الفقهاء على أنه إذا استهل المولود غسل وصلي عليه إجماعا , وفيما عدا ذلك خلاف .
و جاء في أحكام القرآن لابن العربي : قال المغيرة بن شعبة : إنه كان يأمر بالصلاة على السقط , ويقول : سموهم واغسلوهم , وكفنوهم وحنطوهم , فإن الله أكرم بالإسلام صغيركم وكبيركم , ويتلو هذه الآية : { إنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة } , أي لم يستتم سائر خلقها , فإن الله يبعثها يوم القيامة خلقا تاما .
وجاء في الموسوعة الفقهية :
اتفق الفقهاء على أن السقط إذا استهل ثبتت له أحكام الحي وحقوقه , ومنها وجوب غسله وتكفينه والصلاة عليه , لما روى جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا استهل الصبي ورث وصلي عليه } . واختلفوا في السقط إن لم يستهل : فقال الحنفية : السقط إن لم يستهل غسل وسمي - في الأصح المفتى به على خلاف ظاهر الرواية - إكراما لبني آدم , وأدرج في خرقة ودفن ولم يصل عليه سواء أكان تام الخلق أم لا . وقال المالكية : يكره غسل سقط لم يستهل صارخا , ولو تحرك أو عطس أو بال أو رضع , إلا أن تتحقق الحياة بعلامة من علاماتها فيجب غسله , ويغسل دم السقط الذي لم يستهل ويلف بخرقة ويوارى . وقال الشافعية : إن لم يستهل السقط ولم يتحرك , فإن لم يكن له أربعة أشهر كفن بخرقة ودفن , وإن تم له أربعة أشهر ففيه قولان : قال في القديم : يصلى عليه لأنه نفخ فيه الروح فصار كمن استهل .
5- ميراث السقط :
لا يرث السقط إلا إذا استهل بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا استهل الصبي ورث وصلي عليه } هذا مع اختلاف الفقهاء فيما يكون به الاستهلال . فإذا نزل السقط ميتا فلا يرث .(19/78)
6- السقط يغفر لأبويه
جاء في طرح التثريب لعبد الرحيم العراقي الشافعي
عن علي رضي الله عنه مرفوعا { إن السقط ليراغم ربه إذا أدخل أبويه النار فيقال أيها السقط المراغم ربه أدخل أبويك الجنة فيجرهما بسرره حتى يدخلهما الجنة } .
7- مصيره يوم القيامة :
جاء في الأثر السابق أن السقط سيبعث وسوف يدخل أبويه الجنة ،
وورد أنه لابد أن يسمى باسم ، وذلك حتى ينادى عليه به يوم القيامة فإن لم يكن سيبعث فما جدوى التسمية .
وجاء في رد المحتار على الدر المختار الحنفي :
إنه إن نفخ فيه الروح حشر , وإلا فلا . والذي يقتضيه مذهب أصحابنا ( الحنفية ) أنه إن استبان بعض خلقه فإنه يحشر , وهو قول الشعبي وابن سيرين .
كما أن الآيات والآحاديث الواردة في البعث تدل على أن الله تعالى سيبعث كل خلقه والسقط من خلق الله تعالى ، ومن الأدلة على ذلك :
قوله تعالى: "كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ" [سورة الأنبياء: 104].
وقوله تعالى : "وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيهِ..." [سورة الروم: 27]. وأهون أي: هَيِّن.
وقوله تعالى: "وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ..." [سورة يس: 78].
وعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه" ( النسمة: أي روح المؤمن الشهيد- قاله القرطبي)[أخرجه مالك وأحمد والنسائي وابن ماجه والبيهقي بسند صحيح].
وعن أبي رزين العقيلي قال: قلت يا رسول الله: كيف يعيد الله الخلق وما آية ذلك؟! قال: "أما مررت بوادي قومك جدبًا، ثم مررت به يهتز أخضرَ"؟! قال: نعم. قال" فتلك آية الله في خلقه، كذلك يحيي الله الموتى" [أخرجه أحمد وأبو الحسن رزين بن معاوية والطبراني].
والمعنى: أما مررت بوادي قومك حال خلوه من النبات، ثم مررت به بعد أن اخضرَّ بالنبات؟ كذلك يحيي الله الموتى يوم القيامة.
والله أعلم
ــــــــــــــ
إسلام المرأة دون زوجها ... العنوان
ما حكم المرأة مع زوجها إن أسلمت وهومازال على كفره ،هل تعاشره كزوج أم تنفصل عنه ؟
... السؤال
04/09/2001 ... التاريخ
الشيخ فيصل مولوي ... المفتي(19/79)
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
من المقرر شرعًا أنه لايجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج غير المسلم،ولكن إن كانت هي غير مسلمة ثم أسلمت ،وبقى زوجها على كفره ،هل تبقى معه ،وتعاشره معاشرة الأزواج ،أم ينفسخ العقد بإسلامها؟
الجمهور على أن المرأة إذا أسلمت لا يجوز لها أن تعاشر زوجها معاشرة الأزواج ،فهو يحرم عليها ، أما عقد الزواج فالجمهور على أنه يفسخ،ولها أن تتزوج بعد العدة ،فإن تزوجت بعد العدة انقطعت صلتها بزوجها الأول ، وقيل :تمكث فترة عدتها ،فإن أسلم لم يحتاجا إلى عقد جديد،بل هو زوجها ،وقيل :لها أن تنتظره ولو سنين،ولكن لا تعاشره معاشرة الأزواج ،هذا إن شاءت ،وإن شاءت تزوجت بعد العدة ،وهناك رأي يرى أنها تمكث معه كزوج لها ،وأرجح الآراء أنها يحرم عليها معاشرته معاشرة الأزواج وتمكث فترة العدة ،وتعرض عليه الإسلام ،فإن رفض رفعت دعوى قضائية بفسخ العقد ،وقال بعض الفقهاء :بل لإشهار فسخ العقد ،لأن العقد فسخ ببقائه على الكفر ،وإن كان أولى توثيق هذا الفسخ من المحكمة .
وقد تناول الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث هذا الموضوع ،وإليك ما كتبه :
المبحث الأول: آراء الفقهاء:
من المعلوم أنّ المرأة المسلمة لا يجوز لها أن تتزوّج غير مسلم، وإذا وقع مثل هذا الزواج فهو باطل بإجماع المذاهب. ولكن إذا كان الزوجان في الأصل غير مسلمين، ثمّ أسلمت الزوجة وبقي زوجها على دينه، فما هو الحكم الشرعي في هذه المسألة؟
أولاً: إذا كان الزوج ممّن لا يصحّ للمسلمة الزواج منه، كما لو كان من محارمها، أو كانت بينها وبينه رضاعة محرّمة أو غير ذلك، فقد وقعت الفرقة الشرعية بينهما فوراً، فلا يجوز لها أن تساكنه في مسكن واحد، لأنّه حتّى لو أسلم فإنّ الزواج بينهما باطل. ويجوز لها أن تتزوّج غيره حين تنتهي عدّتها.
ثانياً: إذا كان الزوج ممّن يجوز استمرار زواجها منه فيما لو أسلم، لعدم وجود مانع آخر، وأسلمت زوجته وبقيت تعيش في وطنها القومي خارج دار الإسلام، فللفقهاء في هذه المسألة عدّة آراء:
الرأي الأول: انفساخ النكاح بمجرّد الإسلام، سواء أسلم بعدها بطرفة عين أو أكثر أو لم يسلم، ولا سبيل له عليها إلاّ بنكاح جديد بعد إسلامه، هذا رأي ابن حزم ومن معه من الظاهرية. وقد استدلّ بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم} .(19/80)
وجه الاستدلال أنّ الآية أباحت للمسلمين نكاح من أسلمت وبقي زوجها كافراً، ممّا يعني زوال النكاح الأول.
الرأي الثاني: إذا كان إسلام المرأة قبل دخول زوجها بها وقعت الفرقة في الحال، وإذا كان إسلامها بعد دخول زوجها بها، توقّفت الفرقة على انقضاء العدّة، فإن أسلم الزوج قبل انقضائها بقيا على نكاحهما، وإن لم يسلم حتّى انقضت العدّة وقعت الفرقة بينهما. هذا هو مذهب الشافعية والحنابلة والمالكية واستدلّوا على رأيهم بما يلي:
أ - اختلاف الدين بين المسلمة وزوجها الكافر يمنع الإقرار على النكاح، فإذا وجد قبل الدخول تعجّلت الفرقة لأنّ ملك النكاح غير متأكّد بالدخول فينقطع بمجرّد الإسلام.
بـ - أنّ الطلاق قبل الدخول يقطع النكاح في الحال، وكذلك الإسلام قبل الدخول يقاس عليه.
جـ - رواية ابن شهاب: (لم يبلغنا أنّ امرأة هاجرت إلى الله ورسوله، وزوجها كافر مقيم في دار الكفر، إلاّ فرّقت هجرتها بينها وبين زوجها، إلاّ أن يقدم زوجها مهاجراً قبل أن تنقضي عدّتها) .
د - إسلام زوجة صفوان بن أميّة يوم الفتح، وإسلام زوجها بعد شهر، ولم يفرّق بينهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم . وكذلك إسلام أمّ حكيم بنت الحارث بن هشام يوم الفتح وهرب زوجها عكرمة إلى اليمن، فارتحلت أمّ حكيم إليه في اليمن ودعته إلى الإسلام فأسلم وقدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأبقاهما على نكاحهما ذلك .
الرأي الثالث: يفرّق بين دار الإسلام ودار الحرب وهو مذهب الأحناف. ونقتصر على ذكر رأيهم فيما إذا أسلمت الزوجة وهي مع زوجها في دار الحرب. فإذا أسلم زوجها خلال العدّة (ثلاث حيضات أو ثلاثة أشهر) فالنكاح باق بينهما، وإذا لم يسلم وقعت الفرقة بينهما.
حجّتهم:
أنّ الفرقة تقع، لا بمجرّد إسلام الزوجة، لأنّ الإسلام طاعة، والطاعة لا تكون سبباً لتفويت نعمة الزوجية وانقطاع النكاح. لكن لو أبقينا النكاح بينهما فإنّ مقاصده لا يمكن أن تحصل، إذ لا يجوز تمكين الكافر من استفراش المسلمة، فيُعرض الإسلام من غير إكراه على الزوج حتّى إذا أبى الدخول في الإسلام كان إباؤه هذا سبب الفرقة، وهو يصلح لذلك لأنّه معصية. لكن عرض الإسلام غير ممكن إذا كان مقيماً في دار الحرب، فيقام شرط البينونة في الطلاق الرجعي (وهو مضيّ ثلاث حيضات أو ثلاثة أشهر) مقام سبب الفرقة، ويكون مضيّ مدّة العدّة بمنزلة تفريق القاضي .
الرأي الرابع: إذا أسلمت الزوجة قبل زوجها لم ينفسخ النكاح بإسلامها، سواء بقيت في دار الحرب أو هاجرت إلى دار الإسلام. كما أنّ مراعاة زمن العدّة لا دليل عليه من نصّ ولا إجماع، ولا يُعرف في شيء من الأحاديث، ولا كان النبيّ يسأل المرأة إذا انقضت عدّتها أم لا. لكن الذي دلّ عليه حكمه - صلّى الله عليه وسلّم - أنّ النكاح موقوف، فإن أسلم قبل انقضاء عدّتها فهي زوجته، وإن انقضت عدّتها فلها أن تنكح من شاءت، وإن أحبّت انتظرته، فإن أسلم كانت زوجته من غير حاجة إلى تجديد(19/81)
نكاح. هذا رأي الإمام ابن القيّم ذكره في إعلام الموقّعين [جـ 2، ص 351] وفي زاد المعاد [جـ 5، ص 133 وما بعدها].
وقد نقله عنه الصنعاني في سبل السلام وعقّب عليه مؤيّداً بقوله: (وهو أقرب الأقوال في المسألة) كما نقله الشوكاني في نيل الأوطار وقال: (هذا كلام في غاية الحسن والمتانة).
وقد نقله عنه السيد سابق رحمه الله في فقه السنّة وقال: قال صاحب الروضة الندية بعدما نقل هذا الكلام - أي كلام ابن القيّم -: (إنّ إسلام المرأة مع بقاء زوجها في الكفر ليس بمنزلة الطلاق، إذ لو كان كذلك لم يكن له عليها سبيل بعد انقضاء عدّتها إلاّ برضاها مع تجديد العقد. فالحاصل أنّ المرأة المسلمة إن حاضت بعد الإسلام، ثمّ طهرت كان لها أن تتزوّج بمن شاءت. فإذا تزوّجت لم يبق للأول عليها سبيل إذا أسلم، وإن لم تتزوّج كانت تحت عقد زوجها الأول. ولا يعتبر تجديد لعقد ولا تراض. هذا ما تقتضيه الأدلّة وإن خالف أقوال الناس).
كما نقله من المعاصرين الشيخ خالد عبد القادر في (فقه الأقلّيات المسلمة) وقال إنّه مذهب (علي وابن عبّاس والنخعي والزهري وابن تيمية) واعتبره الرأي الراجح الذي تقتضيه الأدلّة والأحداث.
أمّا الأدلّة على هذا الرأي فخلاصتها:
أ - حديث ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم (ردّ ابنته زينب على زوجها أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول، لم يحدث شيئاً) رواه أحمد وأبو داود، وفي لفظ (لم يحدث صداقاً) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. وفي لفظ آخر (لم يحدث شهادة ولا صداقاً) رواه أحمد وأبو داود. وفي لفظ (لم يحدث نكاحاً) رواه الترمذي وقال: هذا حديث ليس بإسناده بأس . قال الشوكاني عن هذا الحديث: صحّحه الحاكم. وقال ابن كثير في الإرشاد: هو حديث جيد قوي. وقال الخطابي: هو أصحّ من حديث عمرو بن شعيب كما قال البخاري: وحديث عمرو بن شعيب يقول: (إن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ردّ ابنته على أبي العاص بمهر جديد ونكاح جديد) وقد ضعّف حديث عمرو بن شعيب الترمذي وقال: في إسناده مقال. وقال أحمد عنه: هذا حديث ضعيف. وقال الدارقطني: هذا حديث لا يثبت.
وكانت زينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد أسلمت منذ أول البعثة، ولم تهاجر إلى المدينة إلاّ بعد غزوة بدر بقليل - والظاهر أنّها بقيت بمكّة مع زوجها أبي العاص - وغزوة بدر كانت في السنة الثانية بعد الهجرة، ولم ينزل تحريم المسلمات على الكفّار إلاّ بعد الحديبية سنة ستّ من الهجرة عندما وفدت بعض النساء المسلمات مهاجرات وطلبت قريش إرجاعهنّ إليها عملاً بصلح الحديبية، فنزلت الآية: {.. فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ..} . وأسلم أبو الربيع بعد الحديبية بسنتين أي في السنة الثامنة للهجرة، فأعاد له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زوجته زينب بالنكاح الأول ودون عقد جديد - كما في رواية ابن عبّاس - رغم أنّها هاجرت وانقطعت عنه قبل ستّ سنين، ورغم أنّ تحريم بقاء المسلمة عند كافر مضى عليه سنتان. وقد حاول جمهور الفقهاء أن يؤوّلوا ذلك بناءً على رأيهم أنّه لا بدّ من التفريق بعد العدّة إذا لم يسلم الزوج، فقال بعضهم: إنّ العدّة(19/82)
قد تتأخّر مع بعض النساء وإنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم عندما ردّها إلى زوجها كانت عدّتها غير منقضية، وواضح التعسّف في هذا التأويل. وقال غيرهم: المقصود بالنكاح الأول: أنه لم يحدث زيادة شرط ولا مهر. ولكن ابن القيّم ردّ على هذا القول بأنّه: (لم يُعرف اعتبار العدّة في شيء من الأحاديث، ولا كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يسأل المرأة: هل انقضت عدّتها أم لا).
بـ - روى البخاري عن ابن عبّاس قال: (كان المشركون على منزلتين من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أهل حرب يقاتلهم ويقاتلونه، وأهل عهد لا يقاتلهم ولا يقاتلونه. فكان أذا هاجرت امرأة من أهل الحرب، لم تخطب حتّى تحيض وتطهر، فإذا طهرت حلّ لها النكاح، فإن هاجر زوجها - أي أسلم وهاجر - قبل أن تنكح رُدت إليه) ومعنى ذلك أنّ نكاحها الأول يبقى قائماً ولكنّه موقوف - بمعنى عدم حلّ المعاشرة الزوجية بينهما - حتّى إذا تزوّجت من آخر انحلّ العقد الأول، وإذا أسلم زوجها قبل أن تتزوّج غيره رُدّت إليه.
جـ - عن ابن عبّاس قال: (أسلمت امرأة فتزوّجت، فجاء زوجها فقال: يا رسول الله، إنّي كنت أسلمت، وعلمت بإسلامي، فانتزعها رسول الله من زوجها الآخر، وردّها إلى زوجها الأول) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصحّحه ابن حبّان والحاكم ووافقه الذهبي. والحديث لم يبيّن أنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم استوضحها هل علمت بإسلامه قبل انقضاء العدّة أو بعدها، ممّا يدلّ على أنّ العدّة لا اعتبار لها، وأنّها إن علمت بإسلامه قبل أن تتزوّج غيره، فعقدها على الزوج الأول قائم.
د - لو كان مجرّد إسلام الزوجة يؤدّي إلى الفرقة، لم تكن فرقة رجعية بل بائنة، وبالتالي لا يكون للعدّة أثر في بقاء النكاح، ولكن أثرها في منع نكاح الغير لها. فلو كان الإسلام قد فرّق بينهما فراقاً بائناً لم يكن زوجها أحقّ بها في العدّة إذا أسلم ، كما يرى جمهور الفقهاء.
هذه خلاصة آراء الفقهاء والمذاهب في هذه المسألة، ولننتقل الآن إلى:
المبحث الثاني: الظروف الجديدة المتعلّقة بهذه المسألة:
وحتّى تكون الفتوى في هذا الموضوع أقرب إلى الصواب، وتساعد على تحقيق مقاصد الشريعة، فإنّه لا بدّ من معرفة الظروف الجديدة التي تؤثّر في حالتنا هذه، سواء كان تأثيرها سلباً أو إيجاباً. وإنّني ألخّصها فيما يلي:
1 - أكثر دول العالم المعاصر تعتبر اليوم بالنسبة للمسلمين (دار عهد) وليست (دار حرب) باعتبار أنّ بينها وبين جميع الدول الإسلامية التزام بميثاق الأمم المتحدة والمواثيق المتفرّعة عنه، ولا نستثني من ذلك إلاّ دولة العدوّ الصهيوني وبعض الدول الأخرى في ظروف معيّنة. ومع أنّ أكثر حكّام المسلمين منحرفون عن تطبيق أحكام الإسلام، وبعضهم يبلغ انحرافه نسبة كبيرة، إلاّ أنّ التزام المسلمين بما يعقده هؤلاء الحكّام من عهود مع غير المسلمين يكون واجباً، إذا لم تكن هذه العهود معصية. فنحن نرفض الصلح مع العدوّ الصهيوني طالما أنّه يتضمّن الإقرار باغتصابه أرض فلسطين، ونقبل السلام مع كلّ شعوب العالم إذا كانت لا تتعرّض لحقوقنا، وطالما أنّها تسمح لنا بالدعوة إلى دين الله، ولا تتعرّض لمن يسلم من(19/83)
أبنائها بالاضطهاد لفتنته عن دينه. وبناء على ذلك تكون أكثر بلاد العالم بالنسبة لنا دار عهد وليست دار حرب.
2 - بسبب انتشار مبادئ الحرّية وحقوق الإنسان، وخاصّة في العالم الغربي، أصبح كثير من غير المسلمين من أبناء هذه الشعوب يدخل في الإسلام - رجالاً ونساءً - ولا يتعرّض في وطنه لأيّ ضغط من أجل إجباره على الارتداد عن دينه. صحيح أنّ المجتمع غير الإسلامي الذي يعيش فيه هؤلاء يجعلهم يشعرون بالكثير من الضيق، لكن هذا الأمر لم يصل إلى حدّ فتنتهم عن دينهم، وبالتالي وجوب الهجرة عليهم إلى دار الإسلام، خاصّة أنّ أكثر البلاد الإسلامية ترفض استقبالهم كمواطنين أو حتّى كمقيمين. بالإضافة إلى أنّ المستوى المتخلّف لأكثر البلاد الإسلامية لا يشجّع المسلمين الجدد على الهجرة من بلادهم الأكثر تقدّماً. ونتيجة لكلّ هذه الظروف لم تعد المرأة الغربية إذا أسلمت قادرة على مجرّد التفكير بالهجرة من وطنها إلى بلاد المسلمين.
3 - بسبب انتشار الفكر العلماني في البلاد الغربية - الذي يقوم على فصل الدين عن الدولة - أصبح التشريع فيها علمانياً، ومع التطوّر أصبح التشريع العلماني شاملاً لمسائل الأحوال الشخصية، فأصبح الزواج والطلاق والمواريث وغيرها خاضعاً لأحكام القانون المدني، وإذا أسلمت المرأة الإنكليزية مثلاً، فإنّ إسلامها لا يعفيها من الخضوع لقانونها المدني ولو كان يخالف ديانتها المسيحية. إنّ المرأة المسلمة الغربية خاضعة بحكم جنسيّتها للقانون المدني السائد في بلدها. وهي خاضعة بحكم إسلامها إلى الأحكام الشرعية. ولا حلّ أمامها عند التعارض بين المرجعيّتين إلاّ التوفيق بينهما، وهذه في اعتقادي هي أهمّ ما يواجه (المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء).
المبحث الثالث: الموقف الشرعي في هذه المسألة كما نراه:
بناءً على جميع ما سبق يمكن تحديد الموقف الشرعي للمرأة إذا أسلمت وبقي زوجها على دينه كما يلي:
1 - إذا أسلمت المرأة، وبقي زوجها على دينه، تحرم عليها المعاشرة الزوجية ومقدّماتها فوراً. وهذا هو المعنى الظاهر من قوله تعالى: {.. لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ..} وعلى هذا الحكم إجماع الفقهاء والمذاهب.
2 - أمّا العقد القائم بينها وبين زوجها فقد أصبح واجب الفسخ. ولكن كيف يتمّ فسخه؟ نجد من المفيد هنا أن نذكر المبادئ العامّة للعقود:
فالعقد هو اتفاق إرادتين بالرضا الكامل على أمر مشروع. وعقد الزواج: هو اتفاق الزوجين على الحياة الزوجية المشتركة. والله تعالى أمرنا بالوفاء بالعقود. والإنسان حين يدخل في الإسلام لا يتحلّل من واجب الوفاء بعقوده السابقة، إلاّ إذا كانت مخالفة للأحكام الشرعية. والعقد الزوجي بين كافرين إذا كان مشروعاً عندهم يتعامل معه المسلمون على هذا الأساس. فإذا أسلم الزوجان أو أحدهما وكان عقدهما منضبطاً ضمن الأحكام الشرعية فإنّه يستمرّ. وإذا كان مخالفاً لأحد هذه الأحكام ولا يمكن تصحيح المخالفة فيجب فسخه.(19/84)
وإذا تمّ العقد أصلاً باتفاق الطرفين، فينبغي أن يتمّ فسخه باتفاق الطرفين أيضاً. ولكن قد يطرأ طارئ على أحد الطرفين يمنعه من تنفيذ التزاماته التعاقدية، كما طرأ على الزوجة دخولها في الإسلام، وأصبحت لا تستطيع الوفاء بواجباتها الزوجية، فإذا استطاعت أن تتراضى مع زوجها على فسخ العقد فهو خير، وإذا لم يوافق زوجها على ذلك فعليها اللجوء إلى القضاء، لأنّ فسخ العقد لا يتمّ إلاّ بالتراضي أو بحكم القاضي.
وإذا كانت في دار الإسلام فإن القاضي يفسخ العقد إذا لم يسلم الزوج - سواء بعد عرض الإسلام عليه أو بدون هذا العرض - وفيما أنّ بعض الفقهاء يرون أنّ عقد الزواج مفسوخ أصلاً وأنّ مهمّة القاضي إعلان هذا الفسخ، فإنّ البعض الآخر يرى أنّ العقد لا يفسخ إلاّ بقرار القاضي أو السلطان - أي من له قرار الفسخ - يؤيّد ذلك أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو الذي كان يفرّق بين الزوجين إذا لم يسلم الرجل، أو يقرّهما على نكاحهما الأول حين يسلم. وأنّ عمر بن الخطّاب أمير المؤمنين هو الذي فرّق بين التغلبي النصراني وزوجته المسلمة حين عرض عليه الإسلام فامتنع. وقد ذكر الصنعاني في سبل السلام رواية عن الزهري (أنّه إن أسلمت المرأة ولم يسلم زوجها فهما على نكاحهما ما لم يفرّق بينهما سلطان) . كما ذكر الدكتور عبد الكريم زيدان في كتابه [المفصل في أحكام المرأة] (وما لم يفرّق الحاكم بينهما يعتبر النكاح قائماً). ويقول: (حتّى لو مات الزوج قبل أن يسلم وجب لها المهر وإن لم يكن قد دخل بها، لأنّ النكاح يعتبر قائماً، والمهر يتقرّر بالموت) وهذا كلّه فيما لو كانت الزوجة في دار الإسلام.
3 - أمّا إذا أسلمت الزوجة، وبقيت تعيش خارج دار الإسلام، فإنّ حكم تحريم المعاشرة الزوجية بينها وبين زوجها غير المسلم تلزمها. ثمّ يجب عليها دعوة زوجها للإسلام، هذا هو واجب كلّ مسلم بشكل عام، وخاصّة تجاه أقربائه وبالأخصّ زوجه، ومن المعلوم أنّ جميع النساء اللائي أسلمن أيّام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كنّ يدعون أزواجهنّ للإسلام، وقصّة إسلام صفوان بن أميّة وعكرمة بن أبي جهل بعد إسلام زوجتيهما معروفة. وحجّة عدم عرض الإسلام على الزوج إذا أسلمت زوجته محصورة في دار الإسلام، لأنّنا أمرنا بموجب عقد الذمّة أن نتركهم وما يدينون، وعرض الإسلام فيه شبهة إكراه. أمّا خارج دار الإسلام، فليس هناك عقد ذمّة ولا شبهة إكراه.
فإذا أسلم زوجها فالعقد السابق قائم بينهما (ما لم يكن هناك سبب آخر لإلغائه).
وإذا لم يسلم حتىّ انقضت عدّتها، تأكّد حكم تحريم المعاشرة الزوجية بينهما بحكم آخر وهو إباحة زواجها من رجل جديد.
4 - ونحن لا ننصح المسلمة في هذه الحالة بالزواج من رجل آخر، إلاّ بعد أن تفسخ عقد زواجها الأول رسمياً. هذا الفسخ يتمّ أمام السلطة التي عقدت ذلك الزواج وهي غالباً سلطة مدنية. وقد يتأخّر فسخ العقد إلى سنوات لكنّ الصبر على عدم الزواج أفضل لها، وإلاّ فإنّ زواجها الشرعي من رجل آخر، وبقاء زواجها الرسمي مع الأول، يعرّضها لإشكالات قانونية كثيرة منها تسجيل أولادها من زوجها الثاني على اسم الزوج الأول، أو تسجيلهم كأولاد غير شرعيين، ومنها استحقاق زوجها الأول(19/85)
الميراث بدل الزوج الثاني .. وغير ذلك. لذا فنحن نرى أنّ الفسخ الرسمي لعقد الزواج الأول واجب شرعي عليها سواء كان الفسخ الشرعي قد تمّ بمجرّد إسلامها كما عند ابن حزم، أو بانقضاء عدّتها كما عند الجمهور، أو أنّه لا يتمّ إلاّ بزواجها من رجل آخر بعد انقضاء عدّتها كما يقول ابن القيّم.
5 - إنّ الفسخ الشرعي لعقد الزواج الأول ليس له أهمّية كبيرة - خارج دار الإسلام - إذا قلنا بتحريم المعاشرة الزوجية ومقدّماتها عليها، وبإباحة زواجها من آخر بعد انقضاء عدّتها.
لكنّ الفسخ الرسمي لهذا العقد أمام السلطة التي أبرمته، له أهمّية كبيرة، لأنّه يرفع الإشكالات والتناقضات، ويجعل المسلمة الملزمة بقوانين بلادها غير الإسلامية، توائم بين هذه القوانين وبين أحكام الشريعة.
ومع ذلك فإنّنا نرى مع ابن القيّم رحمه الله:
(أنّ عقد نكاحها الأول موقوف، فإن أسلم - زوجها - قبل انقضاء عدّتها فهي زوجته، وإن انقضت عدّتها، فلها أن تنكح من شاءت. وإن أحبّت انتظرته، فإن أسلم ولو بعد سنوات طويلة كانت زوجته من غير حاجة إلى تجديد نكاح) .
6 - والعقد الموقوف عقد صحيح عند جمهور الفقهاء (الحنفية والمالكية ورواية عند الحنابلة، والشافعي في القديم) .
وهو عقد استوفى ركنه وشروطه ولكنّه صدر ممّن يملك أهليّة التصرّف دون الولاية، كالفضولي الذي يبيع مال غيره بدون إذن، فعقده صحيح موقوف حتّى يجيزه صاحب المال، فإن أجازه نفذ، وإن لم يجزه ألغي.
وأثناء فترة التوقّف يكون العقد صحيحاً، لكن تتوقّف آثاره على الإجازة.
7 - واعتبار عقد زواج المرأة التي تسلم ويبقى زوجها على دينه، عقداً موقوفاً حتّى تتزوّج غيره بعد انقضاء عدّتها، أمر صحيح ومشروع، ولو أنّه يؤدّي إلى زيادة حالة جديدة على حالات العقد الموقوف التي ذكرها الفقهاء، وذلك للأدلّة التي ذكرناها آنفاً. ونضيف عليها الآن أنّ المرأة المسلمة التي لا تتزوّج رجلاً أخر بعد انقضاء عدّتها من زوجها الأول، وفاء له وهي تنتظر إسلامه بفارغ الصبر لتعود إلى حياتها معه، وأنّ الإسلام يسمح لها بذلك، إنّ هذا الموقف يمكن أن يكون له تأثير على زوجها الأول فيدخل في دين الله، كما أنّه يعطي غير المسلمين نظرة إنسانية عن هذا الدين تشجّعهم على التجاوب معه والدخول فيه. وهو أمر يحتاجه المسلمون في بلاد الغرب حيث تمّ تشويه الإسلام أمام الناس بتأثير الأحقاد اليهودية والمطامع الاستعمارية.
والله أعلم
ــــــــــــــ
ماذا يجب على المطلقة أن تفعله فور طلاقها ؟
... السؤال
24/04/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...(19/86)
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
للمطلقة في التشريع الإسلامي أحكام وتفصيل ؛ يقول أ.د: محمد رأفت عثمان - عميد كلية الشريعة والقانون بالقاهرة جامعة الأزهر:ـ
إذا حدث الطلاق صارت المرأة أجنبيه عن زوجها؛ وإذا كان طلاقا بائنا بينونة صغري أو كبري فلا يحل لها أن يتمتع بها بأى نوع من أنواع التمتع بل يحرم عليه أن يختلي بها أو ينظر إلى غير وجهها وكفيها؛ أما إذا كان الطلاق رجعيا فله كل ذلك ما دامت في العدة لأنها في حكم الزوجة؛المرأة المطلقة تعتد في بيت زوجها؛
فإذا انتهت العدة دون مراجعة فلا حق لها في البيت ويجب أن تخرج إلى مكان آخر؛أو يخرج الزوج إلى مكان آخر ويتركها في البيت إذا كانت حاضنة كى ترعي أولادها الذين يجب أن يوفر الزوج لهم جميعا النفقة الكاملة ومنها المسكن اللائق .
فإذا لم يوجد مسكن لائق منفصل عن بيت الزوجية يقيم به الزوج أو تقيم به المرأة مع أولادها جاز لولى الأمر أن يمكنهم من الوجود في مسكن واحد للضرورة على أن يؤمن عدم الخروج على الآداب الشرعية التي يجب توافرها بين الرجل والمرأة الأجنبين من عدم الخلوة بينهما وعدم كشف ما أمر الله بستره وغير ذلك مما هو معروف.
والله أعلم
ــــــــــــــ
الحكمة من مشروعية العدة ... العنوان
ما الحكمة من اعتداد المرأة ؟ هل استبراء الرحم فقط ؟ وإن كان ذلك ألا يمكن معرفة ذلك بوسائل الطب الحديثة دون أن تنتظر المرأة هذه الفترة الطويلة ... السؤال
29/03/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
عدة المرأة أمر واجب بالكتاب والسنة سواء تأكدت من براءة الرحم أم لم تتأكد من ذلك
يقول الأستاذ الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر
زعم البعض أن تربُّص المرأة مدة العدة أيًّا كانت، إنما هو لتبيُّن مدى براءة الرحِم من الحمل، حتى إذا ما أمكن معرفة هذه البراءة بوسيلة من الوسائل الطبية، فلا معنى لتربُّص المرأة هذه المدة، وقد زَيَّن لهذا البعض شياطينُهم أن بوُسْعِهم بعد هذا إلغاء أحكام العِدَّة من الشريعة، بل وإلغاء نصوصها من الكتاب والسنَّة، لعدم الحاجة إليها، وفي البداية نُقَرِّر أن الفقهاء متفقون على أن تربُّص المرأة المدخول بها مدة العدة أمر أوجبه الشارع عليها، سواء كانت تعتد من طلاق أو وفاة زوجها أو بسبب فسخ النكاح، بل إن جمهور الفقهاء يَرَوْنَ وجوب العدة عليها وإن لم يدخل بها الزوج، إذا كان قد اختلى بها خَلْوَة شرعية صحيحة، ومما يدل لوجوب العدة على المرأة قول الله، تعالى: (والمطلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بأنفُسِهِنَّ ثلاثةَ قُروءٍ)، وقوله سبحانه:(19/87)
(والذينَ يُتَوَفَّوْنَ منكم ويذَرُونَ أزواجًا يتربَّصْنَ بأنفُسِهِنَّ أربعةَ أشهرٍ وعشرًا)، وقوله جل شأنه: (واللائي يَئِسْنَ من المحيضِ من نسائِكُمْ إنِ ارتَبْتُمْ فعِدَّتهُنَّ ثلاثةُ أشهرٍ واللائِي لَمْ يَحِضْنَ)، وقوله، تعالى: (وأُولاتُ الأحمالِ أجَلُهُنَّ أنْ يضعْنَ حَمْلَهُنَّ) فهذه الآيات، وإن كانت خبرية من حيث اللفظ، إلا أنها تُفيد الإنشاء من حيث المعنى، فتفيد الأمر بما ورد فيها من أحكام العِدَّة، والأمر يقتضي الوجوب، وقيل: إن الفعل مُقتَرِن بلام الأمر، وتقديره: لِيتَرَبَّصْنَ، فحُذِفَت اللام، والفعل المُقتَرِن بلام الأمر يُفيد الوُجوب، فأفادت هذه الآيات وجوب العدة على المرأة المطلَّقة المدخول بها، حاملًا أو غير حامل، والمرأة المتوفَّى عنها زوجها دخل بها أو لم يدخل حاملًا أو حائلًا، وقد حكى ابن العربي وابن قدامة وغيرهما إجماع الفقهاء على وُجوب العدة على المرأة، إلا أن تكون مُطَلَّقة قبل الدخول بها، فلا عدة عليها.
وقد أجهد بعض العلماء أنفُسَهم للوُقوف على حكمة مشروعية العدة، وتوَصَّلوا من خلال اجتهادهم إلى معرفة حكمة مشروعية بعض أنواعها ولم يتوصلوا إلى معرفة حكمة مشروعية البعض الآخر؛ إذ رأَوْا أن شرعية العدة في الطلاق الرجعي لتمكين المطلَّق من العود لمطلقته أثناء العدة بعد زوال سبب التطليق، حرصًا من الشارع على إبقاء الرابطة الزوجية، ورأوا أن شرعيتها في الطلاق البائن أو الفُرْقة لفساد العقد أو الوطء بشبهة لاستبراء الرحم، منعًا من اختلاط الأنساب، ورأوا أنها شُرِعت في حال وفاة الزوج، لتذكُّر نعمة الزواج، ورعاية حق الزوج وإظهار التأثُّر بفقده، وصَوْن كرامة المرأة وسُمعتها من أن يتحدث الناس بأمرها، إذا خرجت أو تزيَّنت دون تربُّص مدة العدة، ورأى بعضهم أن المقصود الأعظم من العدة هو حفظ حق الزوج دون معرفة براءة الرحِم، ولهذا اعتُبرت عدة الوفاة بالأشهر، ووجبت العدة على المتوفَّى عنها غير المدخول بها تعبدًا ومراعاةً لحق الزوج، وما من قول من هذه الأقوال إلا وهو قابل للمناقشة، ولكن سواء كانت حكمة مشروعية العدة هي ما ذكره هؤلاء الفقهاء أو غيرها، فإن الواجب على المكلفين الامتثال لما كلَّفهم الشارع به، سواء أدركوا الحكمة من مشروعية التكاليف أو لم يدركوها؛ لأن حكمة المشروعية منها لا أثر له في وجوب الامتثال، ولهذا فإن تعليل البعض لوجوب تربُّص المرأة مدة العدة بأنه لاستبراء الرحم لا يقتضي سكوت الواجب إذا أمكن معرفة براءة رحم المرأة من الحمل بالتحاليل الطبية، وإلا لزم منه سقوط التكاليف الشرعية الأخرى، وإذا أمكن تحقيق حكمة المشروعية منها من غير الإتيان بها، فتسقط فرضية الصيام إذا كان المكلَّف صبورًا يحنو على المحتاجين ويشعر بآلامهم ومُعاناتهم، وتسقط فرضية الحج إلى بيت الله الحرام، إذا أمكن للمكلَّفين التعارُف وتبادل المنافع بغيره، أو بالاجتماع في موضع آخر غير هذا البيت، وتسقط حرمة الزنا إذا لم يترتب
عليه اختلاط الأنساب، إلا أن هذا اللازم باطل، فبطل الملزوم، وهو إسقاط فرضية العدة والالتجاء إلى التحاليل الطبية، لمعرفة مدى براءة رحم المرأة المُطلَّقة أو المتوفَّى عنها من الحمل، ومِن ثَمَّ فإن المُطالبة بإلغاء أحكام العدة، أو إلغاء(19/88)
النصوص الشرعية التي تضمنت هذه الأحكام خروج عن المِلَّة؛ لما يترتَّب عليه من إنكار ما عُلِم من الدين بالضرورة، فضلًا عما فيه من العبَث بالثوابت الإسلامية
والله أعلم
ــــــــــــــ
زواج المرأة بعد الطلاق الرجعي ... العنوان
مشكلة تكررت كثيرًا في بعض البلدان، وهي: أن الزوج يطلق زوجته طلاقًا رجعيًا، وقبل انقضاء عدتها بقليل يراجعها، ويعيدها إلى عصمته وهي لا تعلم. ثم يتقدم إلى المرأة من يخطبها، فتتزوج، وبعد مدة تفاجأ بزوجها الأول يرفع عليها دعوى بأنها تزوجت وهي متزوجة، وهي جريمة كبيرة، والمرأة تقول: ما ذنبي؟ أنا لم أعلم أنه ردني. فهل من حل شرعي لهذه المشكلة؟ وما حكم هذا الزواج الثاني، وخصوصًا إذا طال، وكان منه إنجاب؟ ... السؤال
07/08/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله
(وبعد)
فلو أن المسلمين التزموا بأحكام الشرع وآدابه، ما حدثت هذه المشكلة التي يَشكى منها، وذلك أن الأصل في الطلاق أن يكون رجعيًا، لقوله تعالى:{الطلاق مرتان، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}البقرة:229 أي الطلاق الذي تراجع فيه الزوجة مرتان، إذ الثالثة لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره.
ولم يستثن الشرع من حق الرجوع للزوج إلا ثلاثة أنواع من الطلاق:
الأول: طلاق المرأة قبل الدخول بها، فطلاقها بائن ولا عدة عليها، كما قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها، فمتعوهن وسرحوهن سراحًا جميلا}الأحزاب:49
الثاني: الطلاق على مال، وهو (الخلع) كما قال تعالى:{فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به}البقرة:229 وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة:"اقبل الحديقة وطلقها تطليقة" وليس معقولا أن تفدي نفسها منه برد ما أخذت منه، ثم يمكَّن من إعادتها إلى عصمته.
الثالث: الطلاق الثالث، وهو الذي قال الله تعالى فيه: {فإن طلقها (أي بعد المرتين) فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره}البقرة:230
وما عدا ذلك فالطلاق رجعي، كما يدل عليه القرآن، ومن حق الزوج مراجعة زوجته ما دامت في عدتها، كما قال تعالى:{والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن، إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر، وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أردوا إصلاحا}البقرة:228 فسمى القرآن المطلّق (بعلا) أي زوجا، وجعله أحق برد مطلقته في ذلك أي في وقت العدة.
ومعنى هذا: أن الزوجية لم تنقطع تمامًا بالطلاق الرجعي، فإن نفقتها واجبة عليه مدة العدة، ولو مات أثناء العدة ورثته، ولو ماتت ورثها.(19/89)
ومما يؤسف له أن هناك أحكامًا وآدابًا شرعها الله تعالى وأمر بها أن تراعى في عدة النساء، ولكن الأزواج والزوجات جميعًا لا يهتمون –غالبًا- بتنفيذها.
وهذا ما جاء في سورة في القرآن سميت (سورة الطلاق) وجاء في مطلعها قوله تعالى:{يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن، وأحصوا العدة، واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن، ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، وتلك حدود الله، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا. فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف، وأشهدوا ذوي عدل منكم، وأقيموا الشهادة لله}الطلاق:1،2
فنجد في هاتين الآيتين خمسة أوامر إلهية مهمة:
الأول: أن تطلق المرأة لعدتها. قال ابن عباس: لا يطلقها وهي حائض، ولا في طهر جامعها فيه، ولكن يتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة. وهذا هو طلاق السنة.
الثاني: إحصاء العدة، ومعناه: أن تحفظ ويعرف ابتداؤها وانتهاؤها، لئلا تطول العدة على المرأة.
الثالث: اتقاء الله تعالى بعدم إخراج المرأة من بيتها، وعدم خروجها هي منه أيضا.
ومن الملاحظ: أن القرآن عبر عن بيت الرجل بأنه بيتها{لا تخرجوهن من بيوتهن} وتعليل النهي عن الإخراج والخروج بقوله:{لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا} إشارة إلى أن القلوب التي غضبت يمكن أن ترضى، والعلاقة التي تكدرت يمكن أن تصفو، وتعود المياه إلى مجراها الطبيعي، ويراجع الرجل زوجته، وتطيب الحياة من جديد.
ولو أن المسلمين التزموا هذا التعليم لكان من ورائه الخير، ولكنا نجد المرأة إذا وقع عليها الطلاق، تجمع ثيابها، وتذهب في التو إلى بيت أبيها، والزوج يتركها، والأهل لا ينكرون عليها.
ولا غرو أن يراجعها الرجل بعد ذلك وهي لا تدري.
الرابع: من الأوامر قوله تعال:{فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف} ومعنى ( بلغن أجلهن): أي قاربن انتهاء العدة، إذ بعد انتهائها لا مجال لإمساكها بالمعروف.
فالرجل مطالب هنا: أن يمسكها –أي يراجعها- بمعروف، أي لا يريد مضارتها، أو إبقاءها أطول مدة في ذمته مكايدة ومضايقة لها. فليس هذا من المعروف ولا من الإحسان الذي أمر الله تعالى به.
فإذا لم يرد إمساكها بمعروف، فليفارقها بمعروف، كما في الآية {أو تسريح بإحسان} وفي موضع آخر: {وسرحوهن سراحًا جميلا} كما قال تعالى:{ولا تنسوا الفضل بينكم}البقرة:237
الخامس: من الأحكام هنا قوله تعالى:{وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله} فقد أمر سبحانه بالإشهاد على الإمساك –وهو المراجعة- أو المفارقة.
والأصل في الأمر في القرآن: أنه للوجوب، ما لم يصرفه صارف، ولا أدري لماذا جعله الكثيرون هنا للندب والاستحباب، ولا أجد ما يصرفه عن الوجوب؟(19/90)
فالإشهاد على الرجعة واجب، وإعلام المرأة بالرجعة إذا راجعها واجب، لما يترتب عليه من حق للزوج، وسقوط حقها بالزواج من غيره، فإذا كانت في البيت –كما أمر الله- فعلمها بذلك أمر طبيعي وميسور، وإذا أخرجت أو خرجت من البيت –خلافًا لما أمر الله به- فإعلامها لازم.
ولو تم الإشهاد والإعلام، لم تحدث المشكلة التي هي أساس الشكوى.
وأرى أن يتم ذلك بالتسجيل في المحكمة وإبلاغ الزوجة عن طريقها، وهذا أصبح أمرًا ضروريًا في الطلاق، كما هو ضروري في الزواج، حفظًا للحقوق. وهو ما تعارف عليه الناس في مصر وكثير من الأقطار، ويسمونه (ورقة الطلاق).
وبهذا يتم الطلاق عند القاضي أو المأذون، كما تم الزواج من قبل عند أحدهما.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
مكان قضاء العدة ... العنوان
امرأة توفى زوجها وهى فى بيت ابنها الوحيد وبيت زوجها يبعد مسافه 200كيلومتر عن بيت ابنها هل يسمح لها بالمبيت فى بيت زوجها خارج بيت ابنها علماً بأنها بدأت العدة فى بيت ابنها؟ ... السؤال
12/07/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
: تعتد المرأة فى البيت الذى كانت تسكنه عند موت زوجها ، سواء أكان البيت مملوكا لزوجها أم مؤجرا أم معارا، وهو مذهب الجمهور، ودليله حديث الفريعة بنت مالك بن سنان أخت أبى سعيد الخدرى لما مات زوجها خارج المدينة سألت النبى صلى الله عليه وسلم أن ترجع إلى أهلها ، لأنه لم يتركها فى مسكن يملكه ولا نفقة، فقال لها أخيرا "اسكنى فى بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله " رواه الترمذى وقال : حسن صحيح .
وملازمة البيت واجب عليها إن تركه لها الورثة ولم يكن عليها فيه ضرر، أو كان المسكن لها ، فلو حوَّلها الوارث أو طلب أجرا لا تقدر عليه جاز لها أن تتحول إلى غيره .
وقال جماعة من الصحابة منهم عائشة وجابر: إن المتوفى عنها لا يلزم أن تعتد فى بيت الزوجية ، بل يجوز لها أن تقضيها فى أى بيت ، لأن الله حين أمرها بها لم يعين بيتا خاصا .
وقال عطاء : إن شاءت اعتدت عند أهلها وسكنت ، وإن شاءت خرجت ، لقول الله عز وجل { فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن من معروف } البقرة : 240 .
وفى اعتداد المطلقة جاء قوله تعالى { يا أيها النبى إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} الطلاق : 1 ، أى ليس للزوج أن يخرجها من مسكن النكاح ما دامت(19/91)
فى العدة ولا يجوز لها الخروج أيضا إلا لضرورة ظاهرة، فإن خرجت أثمت ولا تنقطع العدة ، ودليله حديث مسلم عن جابر أن خالته لما طلقت وأرادت أن تخرج لتقطع ثمر نخلها زجرها رجل ، فسألت النبى صلى الله عليه وسلم فقال "بلى، فجذِّى نخلك فإنك عسى أن تصدقى أو تفعلى معروفا" .
يقول القرطبى فى تفسير الآية : والرجعية والمبتوتة فى هذا سواء ، وإضافة البيوت إليهن إضافة إسكان وليس إضافة تمليك ، ثم قال فى التعليق على الحديث : فى هذا دليل لمالك والشافعى وابن حنبل والليث على قولهم : إن المعتدة تخرج بالنهار فى حوائجها ، وإنما تلزم منزلها بالليل ، وسواء عند مالك كانت رجعية أو بائنة .
وقال الشافعى فى الرجعية: لا تخرج ليلا ولا نهارا، وإنما تخرج المبتوتة نهارا .
وقال أبو حنيفة: ذلك فى المتوفى عنها زوجها ، وأما المطلقة فلا تخرج ليلا ولا نهارا ، والحديث يرد عليه .
ثم ذكر القرطبى حديث الصحيحين فى طلاق فاطمة بنت قيس طلاقا بائنا ، أن النبى صلى الله عليه وسلم أذن لها أن تنتقل من بيتها الذى كانت فيه إلى بيت عبد اللّه ابن أم مكتوم لتعتد فيه لخوفها على نفسها فى البيت الأول كما جاء فى بعض روايات الصحيحين ، ولما اعترض البعض على ذلك ردت عليهم بأن عدم الخروج إنما هو فى الطلاق الرجعى لأن زوجها قد يراجعها ما دامت فى عدتها، أما البائن فليس له شىء من ذلك .
فالخلاصة : أن المتوفى عنها زوجها تعتد فى بيت زوجها ولا تتركه إلا لعذر مقبول وذلك على رأى الجمهور .
وأجاز لها البعض الخيار فى أن تعتد فى أى مكان تشاء ، ولها أن تخرج نهارا لكسب عيشها .
وأما المطلقة طلاقا رجعيا فتعتد في بيت مطلقها وتبيت فيه ليلا وأما خروجها نهارا لحاجة ففيه خلاف .
وأما المطلقة طلاقا بائنا فتعتد فى بيت مطلقها أيضا ، ولا تتركه إلا لعذر، وقيل يجوز لها أن تعتد فى غيره كما فى حديث فاطمة بنت قيس ولها الخروج نهارا للحاجة .
هذا، وما دام الأمر خلافيا فيجوز الأخذ بأحد الآراء دون تعصب له ، فالرأى الاجتهادى صواب يحتمل الخطأ ، أو خطأ يحتمل الصواب ، بهذا لا يكون هناك تناقض ولا تضارب فى أحكام الشريعة المنصوص عليها والمتفق على صحتها
ــــــــــــــ
الإشهاد على الطلاق والرجعة ... العنوان
رجل تشاجر مع زوجته فطلَّقها أثناء الشجار طلقة واحدة أولى، ولم يعلم بهذا الطلاق أيُّ شخص ثالث (أي تم الطلاق فيما بينهما) وفي نفس اليوم راجعها بقوله لها: أرجعتك إلى عصمتي. فأجابت قائلة: قبلت. وهذه الرجعة أيضًا تمت فيما بينهما بدون علم أو حضور أي شخص ثالث وبدون شهود، فهل هذا الطلاق واقع، وهل هذه الرجعة التي بدون شهود صحيحة شرعًا وتحل الزوجة لزوجها شرعا؟
... السؤال(19/92)
24/04/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله.
إذا كان الطلاق الذي وقع من السائل عقب الشجار مع زوجته لم يكن في حالة غضب شديد هيَّج الزوج وأفقده السيطرة على نفسه فنطق بما لم يكن يفكر فيه ولا ينويه فإن طلاقه واقع؛ لأنه صادر من أهله في محله، وباللفظ الصريح، وعدم وجود مانع مثل حالة (الإغلاق) التي جاء فيها الحديث الشريف "لا طلاق في إغلاق" . وقد فسر الإغلاق بـ(الإكراه) وفسر بـ(الغضب). والمراد به: الغضب الشديد، الذي يفقد الرجل السيطرة على نفسه، فيقول ما لم يكن يريده.
وجمهور الفقهاء لا يشترطون الشهادة على الطلاق، ولا على الرجعة، وإن كانوا يستحبون الإشهاد على الرجعة، لقوله تعالى عن المطلقات: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) أي استوفين العدة (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ) الطلاق:2.
والإشهاد هنا مهم، حتى لا ينكر أحدهما فيما بعد وقوع هذا الطلاق نسيانًا أو مكابرة وعنادًا أو لغير ذلك من الأسباب.
على كل حال.. فما دام الزوج قد راجع زوجته باللفظ الصريح، وقال لها: أرجعتك إلى عصمتي فقد رجعت إليه، ولا يشترط أن تقول هي: قبلت، لأن المراجعة من حق الزوج ما دامت المرأة في العدة، فقد قال تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا) البقرة: 228
فسمَّى الله الزوج المطلق (بعلاً) وجعله أحق برد المرأة إليه في ذلك (أي في وقت العدة) إن أراد إصلاح الأمور، وإعادة المياه إلى مجراها.
بل إن بعض الفقهاء يعتبر جماع الرجل لها في أثناء العدة إرجاعًا لها، يعني: أنه إرجاع بالفعل بدل القول، حملاً لحال المسلم على الصلاح، بمعنى: أنه لم يعاشرها إلا وهو يريد إرجاعها إليه.
فهذه الرجعة بالقول الصريح أولى بالاعتبار والصحة والقبول شرعًا، وتحلّ الزوجة لزوجها، والزوج لزوجته في ضوء أحكام الشريعة السمحة. والحمد لله.
ــــــــــــــ
أثر الزواج الثاني على المطلقة ... العنوان
لو طلق الزوج زوجته التي أبرأته من حقوقها عنده ثم تزوجها بعد ذلك، هل تعود إليه بما بَقِىَ من عدد الطلقات، أو بثلاث طلقات؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... المعروف أن المطلقة ثلاثًا لا تعود إلى زوجها الأول إلا بعد نكاح صحيح مع الدخول الصحيح، كما قال تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا) أي الثالثة (فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) (سورة البقرة : 230).(19/93)
أما المطلقة للمرة الأولى أو الثانية فيمكن رجوعها إلى زوجها الأول بالرَّجْعة إن كانت في العدَّة بعقد جديد إن انتهت العدة، أو كان الطلاق عن طريق الخُلْعِ، فإذا عادت إلى زوجها الأول، فهل تعود بما بقي لها من عدد الطلقات، أي طلقة أو طلقتين ـ أم تعود إليه كزوجة جديدة لها ثلاث طلقات كما تعود المطلقة ثلاثًا؟
لم يرد في هذه المسألة نَصٌّ من القرآن أو السُّنَّةِ يُعتمد عليه، ولكن الفقهاء، قالوا: إذا عادت المطلقة بغير البائن بَينونة كُبرى إلى زوجها الأول ولم تكن قد تزوجت غيره عادت بما بقي لها من عدد الطلقات، وذلك بالاتفاق.
أما إذا كانت قد تزوجت غيره فهناك خلاف بين العلماء في العدد الذي تعود به إلى زوجها، فقال بعضهم: الزوج الثاني يَهدم الزواج الأول، بحيث لو عادت إليه تعود بثلاث طلقات ، وتُسمى هذه المسألة عند الفقهاء بمسألة الْهَدْمِ، وقال بعضهم الآخر: الزواج الثاني لا يهدم زواجها الأول، فتعود إليه بالباقي من عدد الطلقات، وهذا الخلاف منقول عن الصحابة.
ومن هنا اختلف فقهاء الأحناف، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف: تعود إلى الزوج الأول بثلاث تطليقات، وذهب زفر ومحمد بن الحسن إلى أنها تعود بما بقي ولا يهدم الزواج الثاني والزوج الأول، ولكلٍ وجهةٌ هو مُوليها، والعمل في مصر على الرأي الأول وهو العودة بالثلاث. "أحكام الأسرة للدكتور محمد مصطفى شلبي ص 534".
ــــــــــــــ
الدخول بالمرأة والخلوة بها ... العنوان
لو عقد شخص على امرأة ثم قبلها أو سافر بها في مكان بعيد عن أهلها ولم يتصل بها جنسيًا ثم طلقها، هل يعتبر طلاقًا قبل الدخول أو بعده؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... الدخول الحقيقي الذي تترتب عليه أحكامه يحصل باللقاء الجنسي المعروف، وذلك عند جمهور الفقهاء، فالتقبيل أو الخلوة الخالية من ذلك لا تترتب عليه أحكام الدخول، لكن الإمام أبا حنيفة جعل للخلوة أحكامًا تشترك فيها مع الدخول، واشترط أن تكون الخلوة صحيحة، وتكون صحيحة إذا كان الزوج مع الزوجة في مكان يأمنان فيه من دخول أحد عليهما أو اطلاعه على سرهما، وألا يكون هناك ما يمنع من الاختلاط، مستدلاً بما روه الدارقطني: "من كشف خمار امرأته ونظر إليها وجب الصداق، دخل بها أو لم يدخل" وبما روى عن زرارة بن أبي أوفى أنه قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون أنه إذا أرخى عليها الستور وأغلق الباب فلها الصداق كاملاً وعليها العدة، دخل بها أم لم يدخل. وحكى الطحاوي من أئمة الحنفية أن على هذا إجماع الصحابة من الخلفاء الراشدين وغيرهم.
فإذا لم تكن الخلوة صحيحة فلا تكون في الحكم كالدخول. كأن كانا في مكان لا يأمنان فيه من دخول أحد أو اطلاعه عليهما، أو كان معهما شخص ثالث يعقل، أو كان هناك مانع من الاختلاط.(19/94)
والمانع إما حسي كالمرض أو صغر السن، أو كانت الزوجة بها مانع خلقي لا يمكن معه الاختلاط، وإما مانع شرعي كالحيض أو صيام رمضان أو إحرام بالحج أو العمرة.
والخلوة الصحيحة تشارك الدخول الحقيقي عند الأحناف في أحكام وتخالفه في أحكام، فالمشاركة في خمسة:
1 ـ تأكد المهر كله للزوجة.
2 ـ وجوب العدة عليها إذا وقعت فرقة بعد الخلوة بها.
3 ـ وجوب نفقة العدة على المطلق.
4 ـ ثبوت نسب الولد منه.
5 ـ حرمة التزوج بامرأة أخرى محرم لها كالأخت وتزوج خامسة وذلك في أثناء مدة العدة.
6 ـ وقوع الطلاق عليها ما دامت في العدة.
والمخالفة في سبعة:
1 ـ لا يثبت بها إحصان فلا تجرم إن زنت.
2 ـ حرمة الربيبة فإن الشرط الدخول بأمها دخولاً حقيقيًا.
3 ـ حل المطلقة ثلاثًا لا يكون إلا بالدخول.
4 ـ الرجعة فلا تحصل عنده إلا بالاتصال الجنسي.
5 ـ إرجاعها بدون عقد فلا يجوز إلا بعد الدخول الحقيقي.
6 ـ الميارث فلا يرث أحدهما الآخر قبل الدخول الحقيقي لو طلقها ومات في العدة.
7 ـ لا تعامل معاملة الثيب لو طلقها قبل الدخول الحقيقي وأرادت ان تتزوج، بل تعامل كالبكر. (ملخص من كلام الشيخ عبد الرمن تاج في كتابه: "أحكام الأحوال الشخصية ص 131-136).
ثم تحدث عن المذاهب بخصوص المهر، فقال: إن الخلوة الحصية توجب المهر كله عند الحنفية والحنابلة، ولا توجبه عند الشافعية، وأما المالكية فقالوا: إن اخلى بها مدة طويلة كسنة مع عدم الموانع من المخالطة، كانت الخلوة كالدخول في تأكد المهر كله حتى لو اعترف الطرفان بعدم المخالطة. ويراجع الكتاب لاستكمال رأى المالكية انظر تفسير القرطبي في سورة النساء "وقد أفضى بعضكم إلى بعض" ج 3 ص 205، ج 5 ص 102".
ــــــــــــــ
سكن المطلق مع مطلقته ... العنوان
: رجل طلَّق زوجته طلاقًا بائنًا ولم يجد مسكنًا لأولاده حيث ستكون هي حاضنة لهم، إلا السكن الذي هو فيه، فهل يجوز أن يسكنَ هو في هذا البيت أم لابد من الفصل بينه وبينها بمسكن آخر؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... إذا حدث الطلاق صارت المرأة أجنبيّة عن زوجها في بعض الأحكام. وإذا كان الطلاق بائِنًا بينونة صغرى أو كبرى فلا يحل له أن يتمتع بها بأي نوع من أنواع(19/95)
التمتّع بل يحرم عليه أنْ يَختلِيَ بها أو ينظرَ إلى غير وجهها وكفيها، أما إذا كان الطلاق رجِعيًّا فله كل ذلك مادامت في العدة، لأنها في حكم الزوجة.
ومن المقرَّر شرعًا أن المطلقة طلاقًا بائنًا لها الحق في حضانة أولادها الصغار ما لم تزوّج، ونفقتهم ونفقة حضانتها على أبيهم، ومن النفقة إعداد المسكن اللائق لذلك، وهو مسكن لها ولا صلة للمطلق به، فإن لم يجد لها مسكنًا أو لم يجد هو لنفسه مسكنًا يستقل فيه بعيدًا عن مسكنها فلولي الأمر تمكينه من البقاء في مسكن الزوجيّة السابقة، وذلك بصفة مؤقتة ـ نظرًا لأزمة المساكن في بعض البلاد ـ حتى يجعل الله له من بعد عسر يسرًا، على شرط أن يكون وجوده في هذا المسكن المشترك كالرجل الغريب تمامًا عنها، وذلك من حيث حرمة النظر والخلوة والملامسة وغيرها. فلكل منهما غرفة أو جزء من المسكن مستقل، كأنّهما نازلان في فندق، وإن كان الالتزام بذلك صعبًا جدًّا.
وهذا ـ كما قلت ـ إجراء مؤقت حتى يستقلّ كل منهما بمسكن ، وللضرورة أحكام ولا تظهر هذه الصعوبة إلا إذا كان هناك أولاد يحق لها حضانتهم، التي قد تستمر سنواتٍ طِوالاً، أما إذا لم يوجد أولاد للحضانة فالأمر سهل، وهذا إجراء يجب أن يعطينا درسًا في التفكير أكثر من مرة عند الزواج وعند الطلاق. " انظر فتوى الشيخ أحمد هريدي سنة 1965 في الفتاوى الإسلامية ـ المجلد السادس ص2200 " .
ــــــــــــــ
طلاق المريض ... العنوان
تزوج رجل بعد وفاة زوجته، وكره أولاده ذلك حتى لا تقاسمهم في ميراثه، فطلقها في مرضه الذي مات فيه، فهل ترث منه أو لا؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... مرض الموت هو المرض الذي يغلب على الظن موت صاحبه به ويلازمه حتى الموت، وقد يكون ذلك بتقرير الطبيب، أو بشعور المريض بأنه لم يعد يستطيع أن يزاول أعماله الخفيفة خارج البيت كالذهاب إلى المسجد أو إلى الأماكن التي يقضى منها بعض حاجاته.
فإذا طلق الرجل فيه زوجته طلاقًا رجعيًا ولو كان برضاها ثم مات قبل انقضاء عدتها فإنها ترث منه، كما لو طلقها حال صحته.
أما إذا طلقها طلاقًا بائنًا يقصد به حرمانها من الميراث، وكان الطلاق بعد الدخول وبغير رضاها وكانت أهلاً لان ترثه لو مات حينئذ، واستمتر على ذلك إلى أن مات قبل انقضاء عدتها منه فإنها ترثه، معاملة له بنقيض مقصوده وتستحق نصيبها في التركة. مع نفاذ الطلاق واعتباره بائنًا على كل حال. لكن إذا ماتت المرأة قبل الرجل فإنه لا يرثها ولو كان موتها قبل انتهاء العدة.
ومن هذا يعلم أن الطلاق البائن في حال الصحة أو في حال المرض الذي لا يغلب على الظن الهلاك به لا يكون طلاق فرار فلا ترث منه، وكذلك إذا كان الطلاق قبل الدخول بها لأنها صارت أجنبية من كل الوجوه حيث لا عدة عليها، وثبوت الحق(19/96)
في الميراث إذا حصل الموت قبل انتهاء العدة، وإذا أبانها في مرض الموت برضاها فلا ميراث لها.
ولو كانت عند الإبانة غير أهل لاستحقاق الميراث كأن كانت كتابية فلا ترث. وذلك لاختلاف الدين، وكذلك لو مات بعد انقضاء عدتها فلا ترث.
ومذهب الإمام أحمد أن المطلَّقة للفرار من الإرث من مطلِّقها حتى لو مات بعد انقضاء عدتها ما لم تتزج بزوج آخر، ومذهب مالك أنها ترثه حتى بعد زواجها بغيره ولو كان هذا الغير عاشر الأزواج بعده.
هذا، ومثل مرض الموت كل حالة يغلب على الظن فيها الهلاك، مثل المبارزة بالسيوف كالتى كانت تحصل في القتال قبل اشتباك الجيوش، وانكسار سفينة في عرض البحر وغرقها وتمسكه بأحد أجزائها، أو كان غرقها متوقعًا لشدة العواصف والأمواج، وكذلك الحكم النهائي بالإعدام، والوجود في بلد فيه وباء أصاب أهل داره والدور المجاورة "انظر كتاب أحكام الأحوال الشخصية ص 283 وما بعدها" للشيخ عبد الرحمن تاج، وكتاب "أحكام الأسرة في الإسلام، للشيخ محمد مصطفى شلبي ص 535 وما بعدها.
ــــــــــــــ
مكان العدة ... العنوان
هل تعتدُّ المرأة عند الفُرْقة في البيت الذي كانت فيه؟ وهل لها أن تخرُجَ منه؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... تعتدُّ المرأة في البيت الذي كانت تسكنه عند موت زوْجِها، سواءٌ أكان البيت مملوكًا لزوجها أم مؤجَّرًا أم مُعارًا، وهو مذهب الجمهور، ودليله حديث الفريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد الخدري لما مات زوجها خارج المدينة سألت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن ترجِع إلى أهلها؛ لأنه لم يتركها في مسكن يملِكه ولا نفقة، فقال لها أخيرًا "اسكُني في بيتك حتى يبلغ الكِتاب أجلَه" رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
وملازمة البيت واجب عليها إن تركه لها الوَرثة ولم يكن عليها فيه ضَرر، أو كان المسكن لها، فلو حولها الوارث أو طلب أجرًا لا تَقدِر عليه جاز لها أن تتحوّل إلى غيره.
وقال جماعة من الصّحابة منهم عائشة وجابر : إن المتوفّى عنها لا يلزم أن تعتدّ في بيت الزوجيّة، بل يجوز لها أن تقضيَها في أي بيت؛ لأن الله حين أمرها بها لم يعيّن بيتًا خاصًّا.
وقال عطاء: إن شاءت اعتدت عند أهلها وسكنت، وإن شاءت خرجت ، لقول الله عز وجل: (فإنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنّ مِنْ مَعْروفٍ) (سورة البقرة : 240).
وفي اعتداد المطلقة جاء قوله تعالى: (يا أيُّها النَّبِيُّ إَذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ وأَحْصُوا العِدّة واتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيوتِهِنَّ ولا يَخْرُجْنَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ(19/97)
بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) (سورة الطلاق : 1) أي ليس للزّوج أن يخرِجها من مسكن النكاح ما دامت في العدة، ولا يجوز لها الخروج أيضا إلا لضرورة ظاهرة، فإن خرجت أثِمتْ ولا تنقطع العدة، ودليله حديث مسلم عن جابر أن خالته لمّا طُلِّقت وأرادت أن تخرج لتقطع ثمر نخلها زجَرَها رجل، فسألت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: "بلى، فجُذِّي نخلَك فإنّكِ عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفًا".
يقول القرطبي في تفسير الآية: والرجعية والمَبتوتة في هذا سواء، وإضافة البيوت إليهن إضافة إسكان وليس إضافة تمليك ، ثم قال في التعليق على الحديث: في هذا دليل لمالك والشافعي وابن حنبل والليث على قولهم: إن المُعتَدّة تخرج بالنهار في حوائجها، وإنما تلزَم منزلها بالليل، وسواءٌ عند مالك كانت رجعية أوبائنة.
وقال الشافعي في الرجعية: لا تخرُج ليلاً ولا نهارًا ، وإنما تخرج المَبتوتة نهارًا.
وقال أبو حنيفة : ذلك في المتوفّى عنها زوجها، وأما المطلّقة فلا تخرج ليلاً ولا نهارًا، والحديث يردُّ عليه.
ثم ذكر القرطبي حديث الصحيحين في طلاق فاطمة بنت قيس طلاقًا بائنًا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أذِن لها أن تنتقل من بيتها الذي كانت فيه إلى بيت عبد الله ابن أم مكتوم لتعتَدَّ فيه لخوفها على نفسها في البيت الأول، كما جاء في بعض روايات الصحيحين، ولما اعترض البعض على ذلك ردت عليهم بأن عدم الخروج إنما هو في الطلاق الرجعي؛ لأن زوجها قد يُراجعها ما دامت في عدتها، أما البائن فليس لها شيء من ذلك.
فالخلاصة : أن المتوفّى عنها زوجها تعتد في بيت زوجها، ولا تتركه إلا لعذر مقبول، وذلك على رأي الجمهور.
وأجاز لها البعض الخِيار في أن تعتد في أي مكان تشاء، ولها أن تخرج نهارًا لكسب عيشها.
وأما المطلّقة طَلاقًا رجعيًّا فتعتد في بيت مُطلِّقها وتَبيت فيه ليلاً، وأما خروجها نهارًا لحاجة ففيه خلاف.
وأما المطلقة طَلاقًا بائنًا فتعتدُّ في بيت مطلقها أيضا ، ولا تتركه إلا لعذر، وقيل يجوز لها أن تعتَدَّ في غيره، كما في حديث فاطمة بنت قيس، ولها الخروج نهارًا للحاجة.
هذا، وما دام الأمر خلافِيًّا فيجوز الأخذ بأحد الآراء دون تعصُّب له، فالرأي الاجتهاديّ صواب يحتمل الخطأ، أو خطأ يحتمل الصواب، بهذا لا يكون هناك تناقُض، ولا تضارب في أحكام الشريعة المنصوص عليها، والمتفق على صحتها.
المريض الذي مات دماغه يعتبر ميتًا شرعًا ... العنوان
ما حكم المريض الذي مات دماغه هل يعتبر ميتاً شرعاً؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... هناك حالات معينة لبعض المرضى، لا يكون المريض فيها أقرب إلى الموت، بل يكون قد مات دماغه بالفعل، وتعطلت كل أجهزته الدماغية تعطلاً نهائيًا لا رجعة(19/98)
فيه، في نظر الأطباء والثقات المتخصصين، ومع هذا يصر أهله وذووه على أن يظل تحت أجهزة الإنعاش، التي توفر له الغذاء والتنفس واستمرار عمل الدورة الدموية، وقد يدوم على هذا الحال شهورًا أو سنين، وهم ينفقون عليه بسخاء، ويتجشمون البقاء من حوله، ولو بالتناوب، ويظنون بذلك أنهم يراعون مريضهم ولا يهملونه.
والحق الصراح في ذلك أن ذلك الراقد على سريره لم يعد في عالم المرضى، بل هو في الواقع في عالم الأموات، منذ تحقق موت دماغه بالكلية.
وبهذا يكون الاستمرار في علاجه بطريق أجهزة الإنعاش ضربًا من العبث، وإضاعة الجهد والمال والوقت في غير طائل، وهو ينافى ما جاء به الإسلام.
ولو فقه أهل المريض دينهم حقًا، ووعوا حقيقة الأمر وعيًا جيدًا، لأيقنوا أن الأولى بهم والأكرم لميتهم - الذي يعدونه مريضًا - أن توقف عنه الأجهزة الصناعية، وعندئذ ستتوقف تلك المضخة التي تمد عروقه بالدم، ويرى الجميع أنه ميت حقًا.
وحينئذ يوفر أهل المريض جهدهم ومالهم ويوفرون سريرًا لمريض آخر، محتاج إليه، وأجهزة الإنعاش هي في العادة محدودة قليلة العدد، ليستفيد منها مريض حي بالفعل.
إن هذا الذي أقوله لم يعد رأيًا خاصًا لي، بل هو قرار اتخذه المجمع الفقهي الإسلامي العالمي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي والذي درس هذا الموضوع دراسة مستفيضة في دورتين من دوراته، وقدم فيه عدد من البحوث من الفقهاء والأطباء المعنيين، وبعد البحث والمناقشة أصدر المجمع قراره التاريخي في دورته التي عقدت في مدينة عمان بالأردن من 8 - 13 صفر 1407 هـ / 11- 16 أكتوبر 1986 م، بعد تداوله في سائر النواحي التي أثيرت حول موضوع " أجهزة الإنعاش " واستماعه إلى شرح مستفيض من الأطباء المختصين.
قرر ما يلي :
يعتبر شرعًا أن الشخص قد مات وتترتب عليه جميع الأحكام المقررة شرعًا للوفاة عند ذلك إذا تبينت فيه إحدى العلامتين التاليتين:
1 - إذا توقف قلبه وتنفسه توقفًا تامًا، وحكم الأطباء بأن هذا التوقف لا رجعة فيه.
2 - إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلا نهائيًا، وحكم الأطباء الاختصاصيون الخبراء بأن هذا التعطل لا رجعة فيه، وأخذ دماغه في التحلل وفى هذه الحالة يسوغ رفع أجهزة الإنعاش المركبة على الشخص وإن كان بعض الأعضاء كالقلب لا يزال يعمل آليًا بفعل الأجهزة المركبة
والله أعلم !!
وترتب على هذا القرار جملة أحكام شرعية، منها :
أولا : جواز رفع أجهزة الإنعاش والتنفس عن هذا الشخص ؛ لعدم جدوى بقائها.
بل أقول : يجب رفع هذه الأجهزة أو إيقافها ؛ لأن إبقاءها يخالف الشريعة في أمور عدة، منها :
تأخير تجهيز الميت ودفنه بلا ضرورة، وتقسيم تركته، ودخول زوجته في العدة، إلى غير ذلك مما يترتب على الحكم بالوفاة.(19/99)
ومنها : إضاعة المال وإنفاقه في غير جدوى، وهى منهي عنها.
ومنها : الإضرار بالآخرين بحرمانهم من الانتفاع بالأجهزة التي تستخدم لإنعاشه بغير حق، ومن القواعد القطعية التي نطق بها الحديث النبوي: " لا ضرر ولا ضرار " (رواه أحمد وابن ماجة عن ابن عباس، وابن ماجة عن عبادة، وهو صحيح بمجموع طرقه، انظر: سلسلة (الصحيحة) للألباني رقم (250)، وانظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم (القاعدة الخامسة : الضرر يزال ) وفروعها ص 85 - 92 ط . الحلبي).
وثانيًا : يجوز التبرع ببعض أعضائه في هذه الحالة، وتكون صدقة له يثاب عليها وإن لم يوص بها . وقد صح في الحديث : " أن الإنسان يثاب على ما يؤكل من ثمر زرعه وغرسه، سواء أكله إنسان أو طير أو بهيمة، ويكون له به صدقة (نص الحديث : " ما من مسلم يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة " متفق عليه من حديث أنس، كما في اللؤلؤ والمرجان 1001 ) . وإن لم يقصد ذلك.
بل قد ثبت أن المؤمن يثاب على ما يصيبه من نصب أو وصب أو غم أو حزن أو أذى أو بلاء، حتى الشوكة يشاكها، يكفر الله بها من خطاياه.
فلا غرو أن يؤجر الإنسان المسلم إذا تبرع أهله عنه ببعض أعضائه عند ثبوت موت دماغه، لمريض آخر يحتاج إلى هذا العضو لإنقاذ حياته أو استرجاع بصره أو صحته . ولا يرتاب مسلم في فضل هذا العمل وعظيم قيمته ومثوبته عند الله تعالى.
وإذا تم هذا التبرع جاز أخذ هذه الأعضاء قبل نزع أجهزة الإنعاش ؛ لأنها أُخذت من ميت بالفعل حسب القرار المذكور ؛ ولأن أخذها بعد نزع الأجهزة يحول دون الاستفادة منها، في عملية الزرع لإنسان آخر ؛ لأنها تكون قد فقدت حرارة الحياة، وأصبحت أعضاء ميتة
ــــــــــــــ
العدة و أحكامها ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما هو حكم الشرع في عدة المرأة بعد وفاة زوجها، بالتحديد أود من حضرتكم توضيح مسألة تخص أختا توفي زوجها وهي تعيش في بيت والد زوجها مع أشقاء زوجها (ومنهم شاب أعزب في الخامسة والعشرين من عمره)، فهل عليها المكوث في بيت الزوجية أم العودة إلي بيت والدها؟ وجزاكم الله عنا كل خير.
... السؤال
د.أحمد سعيد حوى ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، عدة المرأة من وفاة زوجها واجبة وهي أربعة أشهر وعشرة أيام ما لم تكن حاملا، والأصل في هذه العدة أن تقضى في بيت(19/100)
الزوجية إذا أمكن ذلك، وفي صورة السؤال إذا كان لهذه المرأة غرفة مستقلة ويوجد معها في البيت من تنتفي بوجوده الخلوة كأبوي المتوفى أو أخواته الإناث فهذا ينفي الخلوة، فإذا تعذر ذلك يمكن أن نفكر عندها بقضاء العدة في بيت آخر كبيت أهلها مثلا.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
عدة القاتلة ... العنوان
فيمن قتلت زوجها. هل عليها عدة؟ وإذا كان عليها فكم عدتها؟ وإذا كان لا عدة لها بماذا تؤمر، ثم إذا كانت جريمة القتل مجرد تهمة فقط وستأخذ وقتًا للحكم. ماذا عن تلك الفترة؟ وهل يؤخذ بحجية الحكم الجزائي في إثبات أو نفي التهمة وبناء عليه يحكم بالعدة من عدمها؟
... السؤال
أ.د مصطفى محمد عرجاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول، أما بعد..
العدة واجبة على المرأة، وهي عدة الوفاة تكون بقضاء مدة أربعة أشهر وعشرًا إذا كانت غير حامل، وإلى أن تضع الحمل إذا كانت حاملاً حتى ولو كانت المدة أكثر من ذلك، سواء كانت وفاة الرجل؛ بسبب المرأة بصورة عمدية أو على سبيل الخطأ أو لمجرد الاتهام؛ لأن واقعة الاتهام يترتب عليها مباشرة العدة، فالعدة من أحكام الشريعة الإسلامية؛ ولذلك تفرض على المرأة البكر قبل الدخول بها إذا ما توفّي من عقد عليها عقد النكاح ولم يدخل بها، بالرغم من أن هذه العدة لا تفيد بالنسبة لها شيئًا سوى إظهار الحزن على من مات، ومسألة إثبات الجريمة أو عدمها بالنظام الوضعي أو الشرعي فكلاهما واحد؛ لأن إثبات الجريمة في الشريعة الإسلامية يحتاج إلى أدلة مثله في ذلك مثل ما يتم في النظم الوضعية، فإذا نفيت عنها التهمة فلا شيء عليها ولا عقوبة تلحق بها، وإذا لم تنفِ عنها التهمة، فإنها تتحمل الآثار المترتبة عليها فضلاً عن العقوبة، والحقيقة هي تعلمها والله سبحانه وتعالى سيثيب أو يعاقب على الحقيقة.. أما عدة الوفاة فهي واجبة بمجرد الوفاة ومن لحظة وقوع الوفاة.
والله أعلم.
ــــــــــــــ(19/101)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
أحكام العزل وتحديد النسل والإجهاض
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(20/1)
هل إعاقة الجنين تسوغ الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 04 محرم 1428 / 23-01-2007
السؤال
أسأل عن الإجهاض هل هو جائز من المنظور الديني ومتى أي في أي شهر ؟ إن كان الجنين سيولد مريضا مرضا فيه إعاقة كبيرة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز إجهاض الجنين في أي مرحلة من مراحله في بطن أمه. وتراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم : 2752 ، ويستثنى من هذا المنع ما إذا وجد عذر شرعي كما هو مبين بالفتويين : 5267 ، 2010 ، وأما مجرد كون الجنين معاقا فليس بعذر شرعي يبيح الإجهاض كما بينا في الفتوى رقم : 143 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تنظيم النسل
تاريخ الفتوى : ... 03 ذو الحجة 1427 / 24-12-2006
السؤال
أنا
متزوجة ولدي طفلان وقرر زوجي أنه لا يريد أطفالا، وإذا تزوج الثانية سينجب منها وأنا رضية بقراره، فما حكم الإسلام في ذلك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا جواز تنظيم النسل إذا اتفق الزوجان على ذلك وكان لمصلحة معتبرة شرعا، لكن شريطة ألا يكون بقطعه بتاتا كاستئصال الرحم -مثلا- ونحو ذلك، ولمزيد من الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 16855 ،
وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم من سقط جنينها بسبب جهد
تاريخ الفتوى : ... 26 ذو القعدة 1427 / 17-12-2006
السؤال
امرأة سقط جنينها وهي حامل في الشهر الرابع بسبب عمل فيه مجهود بدون علم منها بأن هذا المجهود سوف يتسبب في إسقاط الجنين فما الحكم؟ هل تعتبر في حكم القتل غير العمد وتصوم شهرين متتابعين؟ وماذا تفعل إن جاءتها الدورة الشهريه أثناء الصيام؟ أم ماذا عليها؟ مع العلم بأن هذا المجهود عبارة عن عزومة غداء لأصحاب زوجها الذي طلب منها هذا العمل؟(20/2)
جزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان العمل والمجهود الذي بذلته فيه المرأة يسبب مثله عادة إسقاط الجنين، ولم يكن لها علم بأن مثل ذلك العمل يمكن أن يترتب عليه الإجهاض، فإن على عاقلتها غرة: عبد أو وليدة، لما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه وأحمد في المسند عن المغيرة بن شعبة: أن امرأة قتلت ضرتها بعمود فسطاط، فأتي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى على عاقلتها بالدية، وكانت حاملا فقضى في الجنين بغرة، فقال بعض عصبتها: أندي من لا طعم ولا شرب ولا صاح فاستهل ومثل ذلك يطل؟! قال: فقال: سجع كسجع الأعراب.
والغرة تقدر بعشر دية الأم، وقولنا: إنها هنا على العاقلة؛ هو ما ذهب إليه الحنفية وهو الصحيح عن الشافعية، وعن المالكية والحنابلة أنها في مثل الحالة المسؤول عنها تكون في مال الجاني نفسه.
(قال الشافعي في الأم): وإذا جنى رجل على امرأة عمدا أو خطأ فألقت جنينا ميتا فعلى عاقلته غرة عبد أو أمة، يؤدون أيهما شاؤوا، من أي جنس شاؤوا.
وجاء في الموسوعة الفقهية ما يلي: الغرة تلزم العاقلة .. بالنسبة للجنين الحر عند فقهاء الحنفية... وهذا هو الأصح عند الشافعية, فقد قالوا: الغرة على عاقلة الجاني ولو الحامل نفسها؛ لأن الجناية على الجنين لا عمد فيها حتى يقصد بالجناية، بل يجري فيها الخطأ وشبه العمد... ويرى المالكية وجوب الغرة في مال الجاني في العمد مطلقا، وكذا في الخطأ؛ إلا أن يبلغ ثلث ديته فأكثر... أما الحنابلة فقد جعلوا الغرة على العاقلة إذا مات الجنين مع أمه وكانت الجناية عليها خطأ أو شبه عمد. أما إذا كان القتل عمدا، أو مات الجنين وحده فتكون في مال الجاني...
ومن حجة الفريق الأول مجموعة أحاديت قد لا تكون بالقوية جدا، ولعل بعضها يقوي بعضا، فمنها حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالغرة على العاقلة. ابن أبي شيبة عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم: جعل في الجنين غرة على عاقلة القاتلة وبرأ زوجها وولدها. ومن حديث المغيرة قال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على عاقلتها بالدية وغرة في الحمل . ومن مرسل ابن سيرين بلفظ : جعل الغرة على العاقلة. وأخرجه الدارقطني مطولا، ولأبي داود والترمذي من حديث المغيرة بن شعبة : أن امرأتين كانتا تحت رجل من هذيل فضربت إحداهما الأخرى بعمود.. الحديث وفيه: فقضى فيه بغرة، وجعله عاقلة المرأة.
وتتقوى هذه الأخبار بالحديث الذي ورد أول الفتوى، وإن كان مورده يختلف عن موضوع السؤال.
ثم إن المرأة عليها أن تكفر بعتق رقبة، فإن عجزت فصيام شهرين متتابعين وجوبا عند أحمد والشافعي، واستحبابا عند مالك وأبي حنيفة، والراجح الوجوب. ولك أن تراجعي في هذا فتوانا رقم: 12878.
وإذا جاءتها الدوره الشهرية أثناء الصيام فإنها تفطر أيام الدورة ثم بعد انتهائها تبني على ما صامته قبلها. ولك أن تراجعي في هذا أيضا فتوانا رقم: 68490.(20/3)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مسائل وأحكام في شأن الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 16 ذو القعدة 1427 / 07-12-2006
السؤال
أنا كان قد كتب كتابي على شخص أحبه كثيرا وحملت منه في هذه الفترة وأمه صممت أن لا يتم زواجنا ولكن أتخلص من الحمل وأنا وزوجي رفضنا كثيرا ولكنها مصرة على رأيها وقالت لا يوجد إمكانيات لإتمام الزواج الآن وقالت إذا لم تتخلصي من الحمل لا يكون ابني ولا أعرفه وهددتني أيضا أنها في يوم من الأيام سوف تزوجه من غيري ومع الضغط الشديد تخلصت من الحمل وبعدها بسنة تزوجنا والآن متزوجة منذ عام وأربعة شهور ولم أنجب هل هذا عقاب من ربنا، ولكن أنا استغفرته كثيرا لأني ليس لي ذنب بل كنت مجبرة عليه، والله العظيم ليس بيدي، أود الإجابة على سؤالي، وهل ربنا سيسامحني أم لا ؟
وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 44731، أقوال أهل العلم في حكم الإجهاض مفصلاً بغاية الوضوح، فتراجع الفتوى .
وننبه إلى أن الإجهاض إذا تم بعد أن مضى على الجنين (120) يوماً، وهي المدة التي ينفخ فيها الروح، فهو حرام بالإجماع، ولا يجوز الإقدام عليه، ومن أقدم عليه لزمه أمور ثلاثة:
الأول: التوبة إلى الله تعالى.
الثاني: الدية وهي غرة، والغرة هي عبد أو أمة يبلغ مقدار قيمتها نصف عشر دية أمه. وهذا إذا انفصل ميتاً. و أما إذا انفصل حياً فمات ففيه الدية كاملة.
الثالث: الكفارة، وقد اتفق الفقهاء على أن الجنين إذا انفصل حيا فمات أن على قاتله الكفارة.
واختلفوا هل في انفصاله ميتا كفارة أم لا ؟ فذهب الشافعية والحنابلة إلى وجوب الكفارة وهو الأقرب، وذهب الحنفية والمالكية إلى عدم الوجوب، وكل هذا مذكور في الفتوى رقم: 28671.
وأما قولك بأن الإجهاض تم غصباً عنك بسبب تهديد أم زوجك لك بما ذكر فليس بصحيح، لأن الإكراه مهما بلغ لا يُجِيْزُ لك الاعتداء على الجنين بإزهاق نفسه.
وأما إذا تم الإجهاض قبل نفخ الروح ففيه التفصيل المذكور في الفتوى رقم: 74525.
وعليك بالتوبة فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ومن التوبة فعل ما يلزمك من دية وكفارة، ولا يلزم أن يكون تأخر الإنجاب عقوبة بسبب ما بدر منكم، فقد يكون عقوبة وقد لا يكون.(20/4)
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إجراء المرأة عملية الربط لقطع النسل
تاريخ الفتوى : ... 06 ذو القعدة 1427 / 27-11-2006
السؤال
ما حكم الشرع في عملية الربط لتحديد النسل حيث إنني أم لطفلتين أربع سنوات وسنتين ونصف وحامل في الشهر السابع (عمري 27 عاما)، وأعاني من أنيميا شديدة وغير قادرة على رعاية أطفالي نظرا لوهني وضعفي العام وبالتالي ضعفهم أيضا ولا توجد وسيلة أخرى تصلح صحيا معي - زوجي متردد ويخشى الحرمة ، وطبيبي المعالج يقول حرام ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمنع الحمل على قسمين:
القسم الأول: قطع الحمل نهائيا، وهذا لا يجوز إلا إذا كان الحمل يسبب خطرا على حياة المرأة، أو كانت تعاني بسبب الحمل ما لا تطيقه ولا تتحمله من المشاق والآلام، وأن لا توجد في كلا الحالتين طريقة أخرى لمنع مؤقت للحمل.
ثم ليس المقصود من مشقة الحمل ما هو حاصل عند عامة النساء، بل المقصود أن تكون المشقة زائدة على القدر المعتاد بدرجة لا يستطاع تحملها.
والقسم الثاني: المنع المؤقت، وذلك جائز إذا كان من أجل إعطاء الأم قسطا من الراحة بين الحملين، أو إعطائها فرصة لتربية الأولاد والاهتمام بهم. ولك أن تراجعي في هذا فتوانا رقم: 68886.
وعليه، فإذا كانت الأنيميا الشديدة التي قلت إنك تعانين منها، والضعف الذي ذكرته عن نفسك يجعلانك غير قادرة على رعاية أطفالك فلا بأس بأن تجري عملية ربط مؤقت بعد وضع الحمل الذي معك الآن، من أجل أن يتأخر عنك الحمل.
وأما الربط بصفة نهائية فلا نرى أن ما ذكرته من الحال يبيحه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... النهي عن الإجهاض دون مبرر شرعي
تاريخ الفتوى : ... 28 شوال 1427 / 20-11-2006
السؤال
الموضوع:إفتاء في قضية إجهاض نطفة ( 27 يوما) وعواقبها
سيدي الفاضل : قبل الشروع في الموضوع الرئيسي بودي أن أشرح لكم ألأحوال والأسباب التي من أجلها تريد زوجتي القيام بعملية الإجهاض أخي في الإسلام أنا عبد الله أخوكم في الإسلام مقيم بالديار الفرنسية مند 7سنوات الآن, بعد نهاية دراستي, قررت الزواج على سنة الله ورسوله من فتاة مسلمة تم ذلك بإذن الله ولله(20/5)
الحمد, بعد فترة من زواجنا بدأت بعض المشاكل السطحية تطفوا على حياتنا الزوجية بسبب ثقافتينا المختلفتين مغاربية عربية إسلامية لدي وغربية إسلامية لديها. وتضخمت هاته المشاكل لحد القيام بمحاولتي طلاقها, تراجعت لأن أبغض الحلال عندا لله الطلاق, ولكي نضع حدا لهاته الخلافات قمت بصياغة عقد تفاهم وافقت عليه, ومن ضمن شروط هذا العقد إذا قدر لنا الله أولادا في هذه البلاد فسنقوم بحول الله بتربيتهم حتى بلوغ سن الدراسة (6سنوات)وبعد ذلك سنقوم بإرسالهم إلى بلدي الأصلي لتعلم اللغة العربية وبالخصوص دينهم الإسلام لأن تربية الأولاد في الديار الفرنسية على الإسلام الحق أمر شبه مستحيل ، وهدفي من هذا الشرط هو أن يكون لنا أبناء صالحون متعلمون في بلد مسلم ومسلمون بمعنى الكلمة يدعون لنا بالرحمة والغفران يوم نرى التراب لا أقل ولا أكثر والله بما أقول شهيد وأعلم، المهم: قدر الله ما قدر وقع الحمل عرضيا (عن طريق الخطأ) لأنه في واقع الأمر اتفقنا على أن نمهل أنفسنا مدة لكي يتسنى لنا الأمر معرفة مدى تفاهمنا ومعرفة قوة وصلابة علاقتنا الزوجية لأنها لحد الساعة هشة، موقفي: قضاء وقدر مكتوب من عند الله قلت لها سنتكل على الله سنحتفظ به وننجبه إن شاء الله وسنقوم بواجبي كأب والله المستعان، ولن أسمح بإجهاضه لأنه حرام بدون
علة صحية وقلت لها من أدرانا لعله تقوى علاقتنا بمجيء هذا الولد ومن أدرانا بأننا سنبقى على قيد الحياة إلى الغد أو هذا الولد ، موقفها: تريد إجهاضه بعلة أنها لا تستطيع فراق ابنها في السادسة من عمره وأن علاقتنا ما زالت هشة وأيلة لالسقوط وأنها لا تريد زيادة ضحية أخرى في حالة الطلاق لا سامح الله وأنها أيضا ترى في حالة إنجابه لا تريد أن يكون ولدا متشددا أو بنتا متشددة بمعنى آخر أنها لا تريد رؤية ابنتها تحمل الحجاب في عشر سنوات( مثال من أقوالها) لأنني في رأيها متشدد وأصولي لأنني ألتزم حدود الله أمرتها باستئناف موعد الإجهاض عند الطبيب لمدة ثلاثة أيام لكي يتسنى لي مساءلة عدد من علماء الدين في مسألتنا الخاصة وأيضا لكي تكون لها مدة للتفكير في هذا العمل الجنوني قبل الإقبال عليه بالفعل احترمت طلبي هذا وأطاعتني فيه وطيلة هذه المدة قمت بالمستحيل لكي تعدل عن قرارها لدرجة تهديدها بالطلاق في حالة الإقدام عليه للأسف الشديد قامت بفعلتها بحجة أنها لا تستطيع استئناف الموعد للمرة الثانية لأنها إذا قامت بذلك سيكون الموعد بعد الأربعين يوما من الحمل وهذا لا تقبل به، ما حكم الشرع في هذه المسألة أيها الشيخ الكريم؟علما أنني وافقت ضمنيا على التراجع عن شرط إرسالهم إلى البلد ؛ هل يجوز تطليقها لأنها ناشز(في حالة عصيان لأمر زوجها علما أنها ذهبت إلى بيت أبويها مند ذلك الحين حوالي أسبوعين من الآن دون موافقتي وأن الكلام مع أبويها لا جدوى منه)؟ وفي حالة إرجاعها هل يجب علي أو يجب عليها شيء (كفارة أو غرة؟)؟ وما هي نصيحتكم لي في سبيل الله يا شيخنا الفاضل علما أنني استخرت الله في الأمر وبعد يومين رأيت في منامي أنها رجعت إلى بيت الزوجية تطلب المسامحة، أما أحاسيسي فهي تتغير تارة إيجابية يعني أنها مع مرور الزمن ستتغير لأن عمرها الآن21 عاما وتارة أحاسيسي سلبية تجاهها حين أتمعن فيما قامت به بمساعدة أمها، أنا حائر والله ؟(20/6)
وجزاكم الله عني خير الجزاء يا شيخنا الفاضل.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ما كان لهذه المرأة أن تقدم على هذه العملية لما فيها من الاعتداء على خلق الله تعالى بغير حق شرعي، وإهلاك النسل والإفساد في الأرض، وقد نص العلماء على أن الإجهاض بغير حق شرعي يعتبر من جنس الوأد الذي كان أهل الجاهلية يفعلون لبناتهم، أما الآن وقد حصل ما حصل فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا وتكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة عسى الله أن يتوب عليها ويكفر عنها خطيئتها ويغفر لها ذنبها، وما دام الإجهاض قد حصل قبل انتهاء الأربعين الأولى فلا غرة فيه وإنما التوبة والاستغفار والتصدق لأن الحسنات يذهبن السيئات، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار؛ كما في الحديث عند الترمذي وابن ماجه ، وقد فصلنا كلام أهل العلم في ذلك في الفتوى رقم : 9332 ، وننبهك إلى أن الولد قد يكون سببا في الألفة والمودة بين أبويه وهو من أولى المقاصد التي شرع النكاح لأجلها، ومع ذلك فقد رخص بعض أهل العلم في تحديد النسل لما قد يعرض من ظروف ولما قد تقتضيه مصلحة الأسرة؛ كما بينا في الفتوى رقم : 29363 ، وما أحيل إليه خلالها، وأما عند استحالة العشرة واستنفاد الوسائل في ذلك فإن الإسلام قد شرع الطلاق لمصلحة كلا الزوجين وقد بينا ذلك في الفتوى رقم : 5291 ، وللفائدة انظر الفتويين : 12962 ، 7897 ، ولا ننصح السائل إذا أراد الاستمرار مع زوجته بالتراجع عن قرار إرساله ما سيرزق من ولد لبلده ولا سيما إذا علم استحالة تربية الأولاد التربية الصحيحة في بلد إقامته .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الحل الأخير فهو المتعين بشأن الجنين
تاريخ الفتوى : ... 23 شوال 1427 / 15-11-2006
السؤال
زوجتي حامل في الطفل الثالث.الطفلان الأول والثاني مصابان بتشوهات في القلب أجريت لهم أكثر من عملية للقلب . تبين لنا أن الجنين مصاب أيضا بتشوه خطير بالقلب أي أكثر تعقيدا و صعوبة من أخويه. والحل لدى الأطباء إما الإجهاض طبعا رفضناه لحرمته والثاني أن يولد الطفل بدون أي تدخل من الأطباء و النتيجة هي الموت خلال أيام من ولادته.الحل الأخير وهو تدخل الأطباء بإجراء إما زراعة قلب أو مجموعة من العمليات على مدى 3 سنوات أو أكثر..ما الحكم إذا تركنا الجنين بدون أي تدخل من الأطباء والنتيجه ستكون الموت والسبب لهذا القرار أن حالة طفلينا الآخرين تحتاج إلى رعايه ومجموعة عمليات أخرى.العمليات التي أجريت وسوف تجرى للأطفال ليست في بلدنا بل في بلد آخر ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(20/7)
فلا يجوز العمل بالحل الذي اقترحه الأطباء من إجهاض الجنين لما يشتمل عليه من اعتداء على نسمة قد تخرج إلى الدنيا تسبح الله تعالى وتؤمن به وتعبده، وإذا كان الحل الثاني قد أقر الأطباء بأن نتيجته هي الموت خلال أيام من ولادته، فإنه لا يجوز أيضا لما فيه من التسبب في إتلاف الطفل، مع أنه أخف في الإثم من الحل الأول.
أما الحل الأخير فهو المتعين إذا كانت لكم القدرة المادية لتنفيذه؛ سواء تم بإجراء زراعة قلب أو بمجموع العمليات التي قلت إنها ستستمر مدى ثلاث سنين أو أكثر.
فإنقاذ حياة الطفل واجب شرعي إن استُطيع إليه سبيل، وهو مع ذلك من أعظم القربات، قال تعالى: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا {المائدة: من الآية32}.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا تشابه بين زواج المتعة والعزل
تاريخ الفتوى : ... 23 شوال 1427 / 15-11-2006
السؤال
إن العزل
عن الزوجة لكي يمنع حدوث الحمل لديها هو حرام في الإسلام؛ لأنه وكما قال الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى عندما سألوه عن العزل عن المرأة كي لا يحدث لديها الحمل قال : ذلك الوأد الخفي
والعزل كان مرافقا وموافقا إلى زواج المتعة أو الزواج الوقتي الذي كان يعمل به في بداية نزول الوحي ولكن بعد أن حرم الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم زواج المتعة فإن العزل أيضا أصبح الوأد الخفي
والدليل على أن العزل كان مرافقا لزواج المتعة هذا الحديث للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم :
روى مسلم و أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ( غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوةً بالمصطلق ، فسبينا كرائم العرب . فطالت علينا العزبة ورغبنا في الفداء . فأردنا أن نستمتع و نعزل . فقلنا : نفعل و رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أظهرنا لا نسأله !! فسألنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ( لا عليكم أن لا تفعلوا . ما كتب الله خَلْقَ نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة ، إلا ستكون ) . و في رواية : ( فإن الله كتب من هو خالق إلى يوم القيامة ) .
______________________________
لاحظ عبارة نستمتع ونعزل الواردة في الحديث
__________________________
لهذا فان العزل أصبح الوأد الخفي بعد أن حرم الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم زواج المتعة(20/8)
لهذا فإن العزل عن المرأة كي لا يحدث لها الحمل بالجنين وجميع إشكال منع الحمل هو محرم في الإسلام
لأنه الوأد الخفي كما قال الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وأن الإسلام حرم الوأد بكافة أنواعه وأشكاله
والمؤسف حقا أن بعض الإخوة من الشيوخ يفتون بجواز العزل عن المرأة كي لا يحدث لها الحمل
وإن الشيعة يطبقون العزل في زواج المتعة الذي يعملون به إلى يومنا هذا .....
لهذا أود أن أضيف هذا الموضوع ..... لزيادة الاطلاع والله تعالى بكل شيء عليم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم العزل سبق الكلام عنه في فتاوى كثيرة، منها الفتوى رقم:31968 ،
وذكرنا فيها أن المذاهب الأربعة على عدم حرمة العزل، وانظر أيضا الفتوى رقم:1803 ، والفتوى رقم: 58496.
ولا تشابه بين زواج المتعة والعزل، فإن زواج المتعة فيه توقيت عقد النكاح بزمن ووقت، وليس في العزل هذا المعنى الذي من أجله منع الشرع من نكاح المتعة، وأما ورود لفظ العزل والاستمتاع في حديث واحد فليس دليلا على اتحاد حكمهما، ثم إن الاستمتاع قد يكون في النكاح الشرعي الصحيح وفي نكاح المتعة.
وقد وردت أحاديث تفيد منع العزل وأحاديث بجوازه، وقد جمع العلماء بينهما قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم: ثم هذه الأحاديث مع غيرها يجمع بينها بأن ما ورد في النهي محمول على كراهة التنزيه، وما ورد في الإذن في ذلك محمول على أنه ليس بحرام، وليس معناه نفي الكراهة. هذا مختصر ما يتعلق بالباب من الأحكام والجمع بين الأحاديث. اهـ
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إجهاض الجنين بسبب هشاشة عظامه
تاريخ الفتوى : ... 19 رمضان 1427 / 12-10-2006
السؤال
أخي أب لبنتين الأولى 7 سنوات والثانية 4 سنوات وشاءت الأقدار أن تحمل زوجة أخي هذه السنة، مرت فترة الحمل طبيعية جدا لكن وفي الشهر السابع اكتشف الطبيب أن المولود ليس طبيعيا فقد اتضح أن البنت (بعد الفحوصات والتصوير الشعاعي) أن عظام البنت هشة جدا، منعدمة من الكلسيوم والحديد، وهي طرية جدا وعبارة كالصلصال وأن نموها قد توقف
فقد مر شهر كامل لم يتقدم نموها بتاتا. وأنها حتى ولو أكملت شهور الحمل الباقية فهي لن تعيش طويلا. فنصحها الطبيب بإجهاض المولود، لكن أخي لم يقتنع بكلامه وأخذ زوجته إلى عدة أطباء آخرين لكي يتأكد من صحة كلام الطبيب المباشر لزوجته طوال فترة الحمل. لكن للأسف قد أجمع الأطباء جميعا على إجهاض(20/9)
المولود وقالوا إنه un bébé invivable . لم يكن لدى أخي خيار آخر فأخذ زوجته إلى المستشفى وعملوا لها عليها عملية قيصرية وأجهضوا المولود وكانت بنتا للأسف غير طبيعية فكأنها كتلة لحم خالية من العظام ثم قاموا بعد ذلك بدفنها.
السؤال الذي يطرح نفسه : هل ارتكب أخي خطأ فادحا تجاه ابنته وأمام الله ؟ وإن كان كذلك فما الكفارة التي يجب أن يقوم بها ليكفر بها عن ذنبه ؟ خاصة وأن أخي إنسان متدين ويقوم بجميع الفرائض الدينية.
أرجو أن تدلونا في أقرب فرصة ممكنة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجهاض محرم شرعا لأنه اعتداء على نسمة خلقها الله قد تخرج إلى الدنيا تسبح الله تعالى وتؤمن به وتعبده، وتشتد الحرمة وتعظم الجريمة إن كان بعد نفخ الروح في النطفة لأنه قتل لنفس حرم الله قتلها إلا بالحق.
ولا يجوز الإجهاض سواء أكانت عظام الجنين هشة جدا، منعدمة من الكلسيوم والحديد أو مشوهة أو غير ذلك؛ لأن الله تعالى هو الذي خلقه وهو أرحم به من أمه وأبيه.
وقد استثنى العلماء حالة واحدة يجوز فيها الإجهاض وهي إذا ما ثبت بتقرير طبي موثوق أن حياة الأم في خطر داهم إن لم يُقم بعملية الإجهاض.
وعليه، فما أقدم عليه أخوك وزوجته والأطباء الذين أمروه بذلك ونفذوه له، يعتبر ذنبا عظيما، وعليهم جميعا أن يتوبوا إلى الله تعالى منه.
وما دام الإجهاض قد حدث بعد الفترة المذكورة، فإن عليهم غرة (عبد أو أمة)، لما ثبت في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في إسقاط الجنين بغرة عبد أو أمة، فإن لم توجد فعليهم عشر دية أم الجنين، تقسم على ورثته الذين لم يشاركوا في إسقاطه.
واختلف العلماء في وجوب صيام شهرين متتابعين على من ارتكب مثل هذا الذنب، فمنهم من قال بالوجوب قياسا على قتل النفس ومنهم من لم يقل بالوجوب مستدلا بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر عنه ذلك في قضائه المتقدم والله أعلم.
وننبهك إلى خطأ قولك: وشاءت الأقدار، فإن الأقدار ليس لها مشيئة، بل المشيئة مرتبة من مراتب القدر، والصواب أن يقال: وشاء الله عز وجل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إجهاض الجنين وهل تتعدد الدية إذا تعدد الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 12 شعبان 1427 / 06-09-2006
السؤال
أنا امرأة قمت بإجهاض ثلاثة أولاد عند طبيب وكلهم كان قد مر عليه أربعة أشهر من الحمل، وكان زوجي قد أمرني بإجهاض واحد منهم. تبت عن ذلك والآن مات زوجي ومر 25 عاما على الإجهاض. هل علي أو على زوجي دية أو كفارة ؟ وفي(20/10)
حال وجود الدية فإلى من تدفع وما قدرها ؟ وهل الدية عن كل جنين؟ وما الحل بشأن زوجي المتوفى ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإجهاض الجنين بعد نفخ الروح من كبائر الذنوب، لأنه قتل لنفس معصومة، وسبق في الفتوى رقم:
5920 ، فيجب التوبة من هذا الذنب، ويلزم كل من باشر الإجهاض، دية عن كل جنين، قال في درر الحكام من كتب الحنفية: ( وديتان إن كان ) المضروب ( جنينين فماتا ) لأن الجزاء يتعدد بتعدد الجناية . انتهى
والدية هي عشر دية الأم، وتدفع الدية لورثة الجنين ولا يرث منه من باشر القتل أو تسبب فيه بشكل مباشر، لأن القاتل لا يرث. وأما الكفارة فقد اختلف في وجوبها كما في الفتوى رقم: 13171، والأحوط فعلها، ولا تكفي كفارة واحدة عن الجميع بل لكل جنين كفارة مستقلة، قال في مطالب أولي النهى من كتب الحنابلة: ( وتتعدد ) الكفارة ( بتعدد مقتول ) كتعدد الدية بذلك، لقيام كل قتيل بنفسه, وعدم تعلقه بغيره . انتهى
فإذا كانت المرأة مباشرة للإجهاض- ومن صور مباشرة المرأة إسقاط جنينها، القيام بتناول شيء كشراب أو حبوب يؤدي إلى الإسقاط - فيجب عليها ما سبق، وإن لم تكن مباشرة، فعليها التوبة فقط، وما سبق من الدية والكفارة على الطبيب المباشر. وليس على الزوج دية ولا كفارة، مادام أنه لم يباشر الإجهاض، وسبق في الفتوى رقم: 34073.
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض أم الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 25 رجب 1427 / 20-08-2006
السؤال
أنا لي أخت حملت بالرغم من وجود وسيلة منع، وقد قام زوجها بتهديدها إن هي أبقت حملها فسوف يتركها، علماً بأن لها أربعة أولاد وأن زوجها ليس بملتزم، فهل يجوز إسقاط الحمل إذا أجبرها الزوج على ذلك، الحمل تجاوز مدة الخمسة أسابيع؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجهاض محرم شرعاً لأنه اعتداء على نسمة قد تخرج إلى الدنيا تسبح الله تعالى وتؤمن به وتعبده، وتشتد الحرمة وتعظم الجريمة إن كان ذلك بعد تخلق الجنين أو نفخ الروح فيه، لأنه قتل لنفس حرم الله قتلها بغير حق، والجنين يتخلق بعد مرور أربعين يوماً بنص الحديث، وقد ذهب كثير من أهل العلم إلى عدم جواز إسقاط الجنين مطلقاً، قال الدردير في شرحه على خليل: لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوماً، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعاً. انتهى.(20/11)
ومنهم من ذهب إلى جوازه قبل الأربعين، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 12351، والفتوى رقم: 44731.
وعلى القول بالمنع من الإجهاض مطلقاً إلا لضرورة فإن ما ذكرته من أن زوج هذه المرأة قام بتهديدها بالطلاق إن هي أبقت على حملها، وأن لها أربعة أولاد، لا يعتبر ضرورة تبيح مثل هذا الفعل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
علة منع اللولب في حال عدم الاضطرار
تاريخ الفتوى : ... 09 جمادي الأولى 1427 / 06-06-2006
السؤال
سؤالي حول الوسائل الطبية لمنع الحمل، حيث قد تكون هذه الوسائل مشروعة قياسا على العزل الذي أقره المصطفى صلى الله عليه و سلم.
و الأمر هنا تحديدا ضمن الوسائل الطبية ما يسمى باللولب حيث اعتبره البعض نوعا من الإجهاض ، فقد ذكر بعض الأطباء المتخصصين أنه حينما يتصل ماء الرجل بالبويضة و يلتحمان ، يلتصقان باللولب الذي يخترقهما كالإبرة و ذلك بعد أن تكون قد مرت مرحلة من الإخصابfecondation بمعنى آخر يقوم اللولب يإيقاف عمليةالإخصاب
و يترتب عنه الزيادة في مدة العادة الشهرية من معدل خمسة أيام أو سبعة إلى عشرة أيام ،كما تحدث زيادة في نسبة الدم المتساقط.
نرجو من فضيلتكم الجواب الفقهي الشافي لحكم استعمال هذا النوع بالذات من وسائل منع الحمل مستئنسين بأصحاب الاختصاص ناهيك عن الوسائل الأخرى التي تحدث أعراضا جانبية كالحبوب التي تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم ، سائلين الله لكم التوفيق و أن ينفع بكم الأمة للسير على الصراط المستقيم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أهل العلم من لا يجيزون استخدام اللولب كوسيلة لمنع الحمل إلا في حالة الضرورة الملجئة إليه, وليس ذلك من باب أن استخدامه يعتبر إجهاضا لأن المعروف طبيا عن اللولب أنه يمنع التصاق البويضة المخصبة بجدار الرحم أي أنه يمنع استقرار النطفة في الرحم، وإلقاء النطفة قبل استقرارها في الرحم لا يسمى إجهاضا .
قال القرطبي في تفسيره : النطفة ليست بشيء يقينا، ولا يتعلق بها حكم إذا ألقتها المرأة إذا لم تجتمع في الرحم، فهي كما لو كانت في صلب الرجل، فإذا طرحته علقة فقد تحققنا أن النطفة قد استقرت واجتمعت واستحالت إلى أول أحوال يتحقق به أنه ولد، وعلى هذا فيكون وضع العلقة فما فوقها من المضغة وضع حمل تبرأ به الرحم وتنقضي به العدة . انتهى 12/8 .(20/12)
ولكن علة منع اللولب في غير حال الاضطرار هي ما يترتب على استخدامه من كشف للعورة, ومن اضطراب في الدورة يلقي بظلاله على العبادات, ومن أضرار يمكن أن تلحق المرأة, ومن آلام شديدة ونحو ذلك. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم:4219 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... تخشى الإنجاب بسبب المرض وزوجها يلح عليها
تاريخ الفتوى : ... 02 جمادي الأولى 1427 / 30-05-2006
السؤال
إخواني في الله أفتوني في أمري أنا جدا محتارة وجزاكم الله عني خير الجزاء سؤالي كالتالي:
زوجي يطلب مني الإنجاب بل يلح ويقول إن هذه رغبته وأنه لن يسامحني إذا لم أنفذها مع أننا والحمد لله رزقنا الله 3 بنات وولد وعمري 47 سنة وأصبحت صحتي لا تستحمل عبء الحمل بحيث كنت مريضة بمرض نفساني وآخذ الدواء ومرة أتحسن ومرة تعود لي الحالة وأخاف إن كنت حاملا فلن أستطيع أخد الدواء والله يعلم كم أنا محتارة ليست لدي القدرة على تحمل مشاق الحمل وما ينتج عنه من تعب ولا أريد رفض رغبة زوجي خوفا من الله لأنه يأمر بطاعة الزوج وزوجي عنيد لا يريد تفهم وضعي مع أني شرحت له كل شيء وبكيت لكنه مصمم ويهددني أنه إذا لم أفعل سيتزوج الثانية أجيبوني بسرعة ولكم الجزاء والشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحمل سيضر بك ضررا زائدا عن المعتاد أو يشق عليك مشقة لا تحتمل عادة, وكان ذلك بخبر الطبيب الثقة أو بالاستناد إلى التجربة القاطعة فلا يلزمك طاعة زوجك في طلبه, وله كامل الحق في أن يتزوج بثانية ليحصل منها على ذرية, وإن كانت نصيحتنا له أن يعتني بتربية أولاده ذكورا وإناثا, وأن لا يتزوج بثانية إلا إذا وجد من نفسه القدرة المالية وما يتبعها, وأن يلمس من نفسه القدرة على العدل بين زوجاته, وأن يجد في نفسه الحاجة إلى زوجة ثانية.
وننصحك إن كان الحمل لا يشق عليك مشقة بالغة أن تطاوعي زوجك في طلبه . وننبهك إلى أن الحياة الزوجية لا تقوم إلا على التفاهم والمودة؛ كما هو موضح في الفتوى رقم:2589 . وانظري الفتوى رقم:59592 . نسأل الله أن يصلح حالكم ، وأن يؤلف بين قلوبكم .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم من أسقطت جنينا في شهره الثالث
تاريخ الفتوى : ... 22 ربيع الثاني 1427 / 21-05-2006(20/13)
السؤال
ماذا يجب على من أسقطت جنينا في شهره الثالث بعلم ورضى الزوج.
بارك الله فيكم .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجهاض محرم بعد نفخ الروح بالإجماع، واختلف العلماء فيه قبل نفخ الروح، والقول بالتحريم هو المختار عندنا، وتراجع الفتوى رقم: 44731.
ويلزم من إجهاض الجنين بعد التخلق دية وكفارة، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 5168.
وأما قبل التخلق فعند المالكية كالمخلق، يلزم فيه الدية والكفارة على ما سبق وتراجع الفتوى رقم: 73482.
فعلى هذا القول يلزمك الدية والكفارة، وعلى قول جمهور العلماء لا يكون عليك شيء غير التوبة النصوح حيث إن الإسقاط محرم كما سبق، ولو بعلم الزوج ورضاه، وتراجع الفتوى رقم: 30866.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... هل تدع الصلاة من أجهضت لأقل من تسعين يوما
تاريخ الفتوى : ... 08 ربيع الثاني 1427 / 07-05-2006
السؤال
هل تجوز الصلاة للمرأة التي أجهضت لأن الجنين أقل من تسعين يوما ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الجنين الذي أجهض قد تبين فيه خلق آدمي فإن الدم النازل بعده نفاس على الراجح من أقوال أهل العلم ، وإن لم يتبين فيه خلق آدمي فهو دم فساد كما بينا ذلك في الفتوى رقم : 2491 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إسقاط الجنين الذي لم يتجاوز عمره شهرا
تاريخ الفتوى : ... 01 ربيع الثاني 1427 / 30-04-2006
السؤال
امرأة عمرها 47 سنة وقد حملت وهي كانت تعاني من مرض عصبي والحمل لا يتجاوز شهرا، ما حكم إسقاط الجنين ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(20/14)
فإسقاط الجنين الذي لم تنفخ فيه الروح لا ينبغي أن يكون إلا عند الضرورة أو الحاجة الشديدة ، وفي المسألة خلاف بين أهل العلم سبق ذكره في الفتوى رقم : 44731 ، والفتوى رقم : 73088 ، فتراجع .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم قطع الإنجاب
تاريخ الفتوى : ... 28 ربيع الأول 1427 / 27-04-2006
السؤال
امرأة نصحها الأطباء بعدم الإنجاب مرة أخرى لأنها أنجبت مرتين بعملية قيصرية أخبروها أنها تلد 4 أطفال فقط بالعملية القيصرية وإلا تمزق رحمها فما حكم الشرع في ذلك ؟
جزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز للمسلم أن يقطع الإنجاب بالكلية لما في ذلك من منافاة المقاصد الشرعية التي تحث على الإنجاب، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم. رواه أحمد وأصحاب السنن.
ومع ذلك فإذا أثبت الأطباء المختصون أن ثمت ضررا محققا أو غالبا يلحق الأم بسبب الإنجاب، ولم توجد وسيلة أخرى لدفع هذا الضرر غير قطع الإنجاب كليا، ففي هذه الحالة يجوز لها قطعه من باب أن الضرورات تبيح المحظورات.
وعليه، فلتنظر تلك المرأة فيما إذا كان ثمت مسلك يمكن أن تلجأ إليه لتبقى لها إمكانية الإنجاب دون تضرر، وإن لم تجد لذلك وسيلة، فلا مانع من أن تقوم بعملية قطع الإنجاب استجابة لما نصحها به الأطباء، وارتكابا لأخف الضررين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ما يلزم من أجهضت في الشهر الثالث بحمل شيء ثقيل
تاريخ الفتوى : ... 14 ربيع الأول 1427 / 13-04-2006
السؤال
لقد كنت حاملا في الشهر الثالث ومن غير قصد مني قمت بحمل شيء ثقيل وحصل الإجهاض وأنا أتعذب لأجله ولا أدري إن كنت أتحمل وزر ذلك هل عليَّ فعل شيء لأجله من كفارة أو أي شيء آخر أرجو منكم الإفادة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(20/15)
فإن الجنين الذي بلغ ثلاثة أشهر لم ينفخ فيه الروح ، ولا إثم على من سقط جنينها بدون قصد منها ، وأما الكفارة والدية ففيهما خلاف سبق بيانه وتوضيحه في الفتوى رقم : 73088 ، اهـ.
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... حكم الامتناع عن الإنجاب خشية إنجاب أولاد مشوهين
تاريخ الفتوى : ... 13 ربيع الأول 1427 / 12-04-2006
السؤال
أنا متزوجة منذ أكثر من عشر سنوات ولدي ثلاثة أطفال بنتان وولد الكبرى 8 سنوات والصغير 4 سنوات قبل ثلاث سنوات اكتشفنا أن هناك مرضا وراثيا أصاب ابنتي الكبرى وهو مرض تحلل العضلات، مع العلم بأن أول طفلة أنجبتها توفيت بعمر أسبوعين والله أعلم لنفس المرض، الآن سؤالي هو: أنا وزوجي اتخذنا قرارا بعدم الإنجاب بسبب المرض لأن زوجي قريبي وله أخت وله مصابون بنفس المرض وذلك لخوفنا من إنجاب طفل آخر مريض، ولكن نحن نخاف الله ونريد رأي الشرع في القرار الذي اتخذناه، وهل هذا يخالف الشرع؟ مع الشكر الجزيل لكم، وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن غلب على ظنكم وجود التشوه في الأبناء فلا حرج عليك في اتخاذ وسيلة لمنع الإنجاب كالعزل أو الواقي أو حبوب منع الحمل ونحو ذلك، مما لا يستأصل آلة الإنجاب، وسبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 62379 فلتراجع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل تلزم الكفارة والدية إذا أجهضت الأم لخمسة وأربعين يوما
تاريخ الفتوى : ... 04 ربيع الأول 1427 / 03-04-2006
السؤال
إلى فضيلة الشيخ أنا أرسلت لكم في الأسبوع الماضي سؤالا يتضمن (أنا من عدة سنين كنت حاملا 45 يوما ولكن من شدة المرض قمت بأكل الدواء رغم أني تم إبلاغي بأنه سيؤذي الجنين وبالفعل تم إسقاط الجنين) فتم الإجابه على السؤال ولكن ليس بإيجاز ولم أفهم فالمطلوب هو هل عليَّ الصيام أو غير ذلك أو الاستغفار فقط ؟
وجزاك الله كل خير .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: د
فإن الجنين في سن ( 45 ) يوما لم ينفخ فيه الروح ، وعليه فإن العلماء اختلفوا هل يجوز إسقاطه أم لا ؟(20/16)
فذهب الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة إلى جواز إسقاطه وليس على من أسقطه شيء لا دية ولا كفارة .
وذهب المالكية إلى عدم الجواز مطلقا وهو قول لبعض الحنفية وبعض الشافعية وبعض الحنابلة ، وعلى قول الفريق الثاني من العلماء فعلى من أسقط الجنين ما يلي :
أولا : الدية وهي ما يقابل عُشر دية أمه ، تؤديها الأم من مالها لتعمدها الإجهاض ، ولا ترث الأم القاتلة من تلك الدية شيئا إذ لا يرث قاتل .
ثانيا : الكفارة وهي مستحبة عند المالكية وليست واجبة ، وأما الحنابلة فقالوا: لا كفارة على من جنى على مضغة لم تتصور ، قال محمد بن عبد الله الخرشي في شرح خليل : (ص ) وندبت في جنين ورقيق وعمد وعبد وذمي ( ش ) المشهور أن الكفارة مندوبة في قتل الجنين وفي قتل الرقيق . اهـ .
وكلام المالكية مطلق في كل جنين نفخ فيه الروح أو لا ما لم يستهل ، وقد بين علماء المالكية في باب الدية المراد بالجنين بقولهم : أن يكون دما مجتمعا بحيث إذا صب عليه الماء الحار لا يذوب ، قال النفراوي في الفواكه الدواني : قال خليل : وفي الجنين وإن علقة عٌشر أمه .... ولو كان الجنين دما مجتمعا بحيث إذا صب عليه الماء الحار لا يذوب لأن العلقة عندنا في باب الغرة والعدة وأم الولد حكم المتخلق . اهـ .
وعليه فإن كان الجنين في سن ( 45 ) يوما بهذا الوصف فيستحب للأم أن تكفر على مذهب المالكية ، والكفارة هي :
1 ـ تحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد .
2 ـ فصيام شهرين متتابعين .
وهذه الكفارة كما سبق لا تجب عليك في مذهب الحنفية ولا الشافعية ولا الحنابلة ، وتستحب فقط في مذهب المالكية ، وهذا خلاصة ما في الفتوى رقم : 71796 ، والفتوى رقم : 44731 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم استخدام الوسائل التي تقطع الحمل نهائيا
تاريخ الفتوى : ... 27 صفر 1427 / 28-03-2006
السؤال
أنا مسلمة أعيش في النرويج وأبلغ من العمر 36 سنة، أنا متزوجة ولدي خمسة أولاد أصغرهم توأمان يبلغان من العمر 18 شهراً، هذان التوأمان ولدا في الشهر السادس من الحمل، في الشهر السادس من الحمل أجريت لي عملية قيصرية لاستئصال الطحال فقرر الأطباء إخراج الجنين، بعد هذه العملية طرأت تغيرات على صحتي من بينها اختلال مواعيد الدورة الشهرية والتعب وزيادة نسبة إصابتي ببعض الأمراض الخفيفة كالزكام مثلا، تربية الأولاد والاهتمام بهم تتطلب مني وقتا وجهدا كبيرين لذلك لا أرغب في الإنجاب أكثر في المستقبل، وسؤالي هو: هل(20/17)
يجوز لي شرعا استعمال أدوية لمنع الحمل لمدة طويلة، وهل يجوز كذلك استعمال أدوية لمنع الحمل بصفة دائمة، أتمنى من فضيلتكم أن أتلقى جوابا في أقرب وقت؟ وفقكم الله، وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للمسلم استعمال الوسائل التي تقطع الإنجاب نهائياً، فقد نص أهل العلم على حرمة ذلك، وتراجع في ذلك للأهمية الفتوى رقم: 53944.
أما إذا كان ذلك لمدة محددة ودعت إليه الحاجة، فإنه لا مانع منه شرعاً، وقد أباح النبي صلى الله عليه وسلم العزل عن النساء لما سئل عنه، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري، وإذا كان هذا المنع مؤقتاً فلا يضر طول المدة ما دامت الحاجة الداعية له قائمة، وتراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 41962، 16524.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... حكم إجهاض من حملت من أبيها
تاريخ الفتوى : ... 28 صفر 1427 / 29-03-2006
السؤال
ما حكم الإسلام في البنت التي تحمل من والدها . وهل يجوز إسقاط الطفل ؟ علما بأن والدها رجل سكير وقد اعتدى عليها وهو في حالة سكر ؟ وهل تقبل توبتها إذا أجهضت؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أكرهت على الزنا من والدها أو من غيره، فلا تعتبر زانية، ولا يقام عليها الحد، وليس عليها إثم، ويقام
الحد على الزاني، ويستحق العقوبة العظيمة يوم القيامة، ويزداد الإثم ويعظم الجرم إذا كان المعتدى عليها من المحارم، إذ الزنا بالمحارم أشد جرما من الزنا بغيرهن، قال ابن حجر في الزواجر : وأعظم الزنا على الإطلاق الزنا بالمحارم . انتهى. وتراجع الفتوى رقم:60406.
ولكن هذه الجريمة لا تبرر ارتكاب جريمة أخرى وهي الإجهاض، لاسيما إذا نفخت الروح في الجنين، لأنه قتل لنفس معصومة بغير حق ، وقتل النفس من أكبر الكبائر ويأتي في الحرمة قبل الزنا، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:68-70}.
فلا يجوز إجهاض الجنين، ولا يلحق بوالده من الزنا، بل يلحق بأمه .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(20/18)
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الإجهاض قبل نفخ الروح وهل فيه كفارة
تاريخ الفتوى : ... 14 صفر 1427 / 15-03-2006
السؤال
ما هو حكم الإجهاض وكفارته، علماً بأن الحمل كان شهرين وأنا لدي طفل يرضع لديه عام ونصف وزوجي لا يعلم أني قد أجهضت عن عمد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما حكم الإجهاض قبل نفخ الروح، ففيه خلاف سبق ذكره، مع بيان المفتى به عندنا، في الفتوى رقم: 65114، وأما كفارة الإجهاض فسبق بيانها في الفتوى رقم: 19113، والفتوى رقم: 28671.
وننبه إلى أن ما نسب إلى الشافعية في الفتوى السابقة من وجوب الكفارة مقيد عند الشافعية بالجنين المضمون الذي يجب في الجناية عليه دية، سواء كانت الدية غرة أو دية كاملة، أما الجنين غير المضمون وهو الذي حصلت الجنابة عليه قبل نفخ الروح فيه فلا كفارة على الجاني، كما نص على ذلك غير واحد من أئمة الشافعية ومنهم الشربيني في مغني المحتاج، ونفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر كما نقل الإجماع على ذلك ابن حجر العسقلاني رحمه الله.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الحمل من الزنا لا يبرر الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 14 صفر 1427 / 15-03-2006
السؤال
أنا أسأل عن جواز الإجهاض في هذه الحالة هو أخي وهي لا أعرفها هي حامل الآن منه و هما ليسا متزوجين بل عن طريق الزنا و أكثر من هذا فهي لا زالت في أيام العدة، فما حكم الشرع و هي لا تريد الإجهاض فهل إذا تركها وذهب إلى حال سبيله سيزيد ذنبه، أرجوك الجواب بسرعة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجهاض محرم، ولا يباح إلا للضرورة وفي حالات معينة وسبق بيانها في الفتوى رقم 5920 .
ولا يعتبر الحمل من الزنا مبرراً للإجهاض لأنه إهلاك للنسل، وإفساد في الأرض، وفيه اعتداء على نفس مخلقة ظلماً وعدواناً. وهذا لا يزيل جريمة الزنا بل يضيف إليها جريمة أخرى.
وعلى من ارتكبا هذه الكبيرة أن يتوبا إلى الله، ويحذرا من ارتكاب ذنب آخر، وهو الإجهاض، ولا يلزم أخاك شيء آخر غير التوبة، ولا يلزمه الزواج بهذه المرأة، وانظري حكم زواج الزاني بمن زنى بها في الفتوى رقم: 6012(20/19)
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم امتناع الزوجة عن الإنجاب بسبب كرهها لزوجها
تاريخ الفتوى : ... 09 محرم 1427 / 08-02-2006
السؤال
هل يجوز للزوجة أن ترفض إنجاب المزيد من الأطفال من زوجها إذا كانت تكرهه؟ علما بأنها أنجبت منه عددا من الأبناء؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للزوج حقا في الإنجاب ، وعليه.. فلا يجوز للزوجة أن ترفض الإنجاب لمجرد كراهيتها لزوجها، وليس ترك الإنجاب هو الحل الذي يزيل الكراهية ، بل قد يكون الإنجاب مما يعين على المودة والمحبة ، وسبق بيان ذلك في الفتاوى التالية برقم: 29363 ، والفتوى رقم : 6907 ، والفتوى رقم : 23683 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من أحكام إسقاط الحمل في مختلف مراحله
تاريخ الفتوى : ... 06 محرم 1427 / 05-02-2006
السؤال
أنا امرأة متزوجة وأعاني ظروفا مادية قاسية رفقة زوجي وقد رزقنا منذ أقل من خمسة أشهر بطفل ورغم جميع الاحتياطات اكتشفت بأني حامل للمرة الثانية فلم أتقبل الوضع أنا وزوجي وقررنا إنزاله في الأربعين يوما الأولى فهل ذلك جائز وما حكم هذا الفعل في ديننا إذا اجتمعت الظروف المادية والصحية القاسية التي تفرض علينا مثل هذا العمل فأنا لا أقدر حاليا على تحمل فترة حمل أخرى وأنا أجد صعوبة كبيرة في تربية ابني الرضيع وأنا امرأة عاملة وقد استمعت إلى بعض الآراء التي تحل ذلك قبل 120 يوما أي قبل نفخ الروح في الجنين؟ أرجو منكم الإجابة على سؤالي لوسمحتم بالتفصيل بعدم إحالتي إلى فتاوى أخرى وجزاكم الله ألف خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص قرار هيئة كبار العلماء رقم ( 140 ) الصادر في الدورة التاسعة والعشرين على ما يلي :
1 ـ لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جداً .
2 ـ إذا كان الحمل في الطور الأول وهي مدة الأربعين وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر متوقع جاز إسقاطه، أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقة(20/20)
في تربية الأولاد أو اكتفاء بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز. وتقدم في الفتوى رقم : 8781 .
وعليه؛ فقراركما بإجهاض الجنين إذا كان بسبب الظروف المادية التي تمرون بها لا يجوز ، لأنه مستند إلى سبب غير معتبر شرعا ، وتقدم في الفتوى رقم : 36389 ، على أنه قد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز الإجهاض قبل الأربعين لغير ضرورة .
وأما إذا كان السبب هو الحالة الصحية فيجوز إذا كان هناك ضرر متوقع على الأم ، أما إذا كان ما يحتمل حصوله للأم هو مجرد مشقة يمكن تحملها فلا يجوز لها إسقاطه بحال من الأحوال لأنه لا ضرورة لذلك .
وعلى الزوجين الكريمين أن يتقيا الله تعالى، وأن يشكراه على نعمة الولد والذرية، ويرضيا بقضاء الله، والله يعلم وأنتم لا تعلمون. ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم : 13171 ، والفتوى رقم : 19547 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض لغير مسوغ صحيح
تاريخ الفتوى : ... 29 رمضان 1426 / 01-11-2005
السؤال
ما حكم التي أجهضت في الشهر الثالث، علما بأنها كانت تتحمل مصاريف عائلتها لأن زوجها لا يعمل منذ سنتين وعمر ابنتها لم يتجاوز 6 أشهر، وقد خضعت لعمليتين جراحيتين في فترة لا تتجاوز سنة وإمكانية إجراء عملية ثالثة خطر عليها وما هي الكفارة لذلك؟ جزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أن الإجهاض محرم وأن من وقع فيه وقع في إثم عظيم سواء أكان ذلك قبل نفخ الروح أم بعده، فمن أجهض بعد نفخ الروح فقد قتل نفساً بغير حق، ومن أجهض قبل نفخها فقد أهلك النسل وسعى في الأرض بالفساد، كما بينا في الفتوى رقم: 2385.
ولا يجوز الإجهاض إلا إذا كان الحمل يشكل خطراً محققاً على حياة الأم، ولا يثبت ذلك إلا بتقرير طبيب مأمون موثوق بخبرته، وأما مجرد توقع ذلك وخوف حصول الضرر والمشقة فلا يبيح الإقدام على ذلك الفعل الشنيع، فعلى تلك المرأة التي أجهضت دون مسوغ صحيح أن تتوب إلى الله تعالى، ويلزمها غرة وهي عبد أو وليدة، فإذا لم يتيسر ذلك فيلزمها عشر ديتها هي، كما بينا في الفتوى رقم: 9332.
وللاستزادة حول حكم الإجهاض وما يجب فيه نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16048، 11681، والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(20/21)
الفتوى : ... النهي عن العزل عن الحرة إلا بإذنها
تاريخ الفتوى : ... 10 رمضان 1426 / 13-10-2005
السؤال
شيخي الفاضل
أنا وزوجي شابان نتمتع بصحة جيدة وحالتنا المادية ميسورة ولنا طفل واحد ولله الحمد.
زوجي له بعض الصفات الطيبة لكنه أناني وجاف المشاعر وتغلب عليه العقلية الأوروبية وأنا بدوري لا أخلو من مساوئ ولا من ميزات حسنة يشهد لي بها الجميع. و أهم هذه الميزات أني مسالمة, عاقلة و صبورة.
المهم هو أن زوجي يريد الاكتفاء بطفل واحد وليس له عذر سوى أن الأطفال متعبون وهو لا يجد في نفسه رغبة ولا ميل لتحمل تلك المسؤولية. مع أني أتحمل الكثير من الناحية المادية ولا أتفضل بذلك عليه لأن الماديات لا تهمني كثيرا.
والآن من شدة حرصه على أن لا أحمل يتجنب الجماع ماعدا مرة أو مرتين في الشهر كما يحرص أثناء ذلك على العزل. بالإضافة إلى أنه يفكر جديا بإجراء عملية تعقيم. يقول أن العملية ضرورية حتى يرتاح نفسيا وعقليا ويتمكن من الجماع الطبيعي بدون خوف وقلق من أن يحصل الحمل.
وأنا أريد إنجاب طفل أخر لا أكثر من أجل ابني أيضا. كما أني مستعدة لتأجيل الموضوع لكنه بات متيقنا من الأمر ويقول أنه لا فائدة من تأجيل الأمر لأنه أخذ قرارا نهائيا.
لا أخفيك أني أتعذب في صمت, غريزة الأمومة عندي متدفقة و فياضة لكني مجبرة على قتلها و ممارستها مع ابني فقط.
ابني الذي أشعر برغبته في وجود أخ أو أخت له, ألحظ هذا في عيونه البريئة اذا ما زارني أو زرت من له أطفال.
و في المقابل فأنا لا أضغط على زوجي بخصوص هذا الموضوع حتى لا يعتبرني نكدية. بل أصارحه بلطف برغبتي و عدم رضاي عما يحصل.
لقد خيرني إما البقاء معه على هذا الحال أو أن يطلقني. ترك الخيار لي و قال إنه يفضل أن نكمل حياتنا مع بعض لأنه راض عني.
مع أني على قدر كبير من الجمال ولي قدرة كبيرة على الإقناع إلا أني فشلت في إقناعه ولا جدوى أيضا من التحكيم لأنه يرفضه وبشدة. ولا أرى أن له جدوى مع شخصية قوية وعنيدة مثل زوجي.
أفكر بطلب الطلاق حتى أستريح من أنانيته لأنه لا يفكر في عواقب قراره علي و على ابننا.
لكني أتعذب من أجل ابني و من آثار الانفصال على صحته النفسية لاحقا.
فهل مطلبي بأن يكون لي طفل ثان يعد من الكماليات؟.
هل أكون تعديت حدودي مع هذا الرجل الذي أعطيته أجمل سنوات عمري وطاقاتي العاطفية و الجسدية وكل مدخراتي؟(20/22)
نعم أنا مستعدة للعطاء أكثر ولكن على ألا يبخل علي بطفل آخر يكون رفيقا لابني و يشبع حاجتي للأمومة.
ومن أدراني أنه بعد سنوات قد يتغير تفكيره فيفكر بالارتباط بأخرى فأكون أنا وولدي الضحية!
هل أكون آثمة إن أنا طلبت الطلاق؟
أم علي أن أصبر وأحتسب أجري عند الله مع مراعاة رغبته الأكيدة في إجراء عملية التعقيم. ومراعاة أحاسيسي ومشاعري ما بقي لي من عمر.
أرجوكم لا تبخلوا علي بالنصح والدعاء فأنا بين نارين وكل ما يهون علي هو أن لي ربا إذا نامت أعين الناس لا تأخذه سبحانه سنة ولا نوم. أقول حسبي الله و نعم الوكيل.
جزاكم الله عني و عن المسلمين كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما التعقيم وقطع النسل فإنه محرم وسبق بيانه في الفتوى رقم 17553. فلا يجوز إجراء هذه العملية، ولا يجوز للزوجة طاعة الزوج في إجرائها عليها.
وأما طلب الزوجة الإنجاب فقد سبق في الفتوى رقم: 41091 أن طلب الولد حق للزوجة، ولا يجوز للزوج منعها من هذا الحق، ولا يجوز له العزل إلا بإذنها، قال صاحب كشاف القناع: ويحرم العزل عن الحرة إلا بإذنها؛ لما روي عن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها. رواه أحمد وابن ماجه، لأن لها في الولد حقا، وعليها من العزل ضرر فلم يجز إلا بإذنها. انتهى.
وللزوجة طلب الطلاق للضرر الواقع عليها بسبب هذا المنع.
وننصح الزوجة الفاضلة بالصبر ، ودعاء الله في أوقات الإجابة أن يشرح صدر زوجها لإجابة طلبها المشروع، ولتستمر في مطالبته بطلف وإقناعه بفائدة ذلك عليهما وعلى ابنهما. والله نسأل أن يوفقها وأن يشرح صدر زوجها ويهديه للصواب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الإنجاب حق للزوجين
تاريخ الفتوى : ... 15 شعبان 1426 / 19-09-2005
السؤال
لي سؤال أرجو أن تعطوني رأي الشريعة فيه: متزوج ولدي طفلان وزوجتي ترفض الإنجاب منذ سبع سنوات وهي الآن في العقد الرابع ونيف كنت أطلب منها طفلا آخر وهي لا تستجيب دون سبب من مرض أو عدم قدرة وهي تدرس في الجامعة وأطلب منها كل مرة باللطف والتودد وهي لا تستجيب وتقول يكفينا طفلان وأناقشها بالشرع وموقف الدين الإسلامي الحنيف وهي لا تستجيب وتقول إن تربية الأطفال في البلدان الأوروبية صعبة وهي محجبة وملتزمة وتعلم الكثير من أمور(20/23)
الدين وهي تواصل دراستها في الجامعة لأكثر من 8 ساعات وأنا أساعدها في شؤون البيت والأسرة وليس لدينا أي خلاف وفي انسجام تام ولقد عرضت أمرها على أخواتها وأقربائها لإقناعها ولم تأت بنتيجة وبقيت على رفضها وإلى الآن وأنا راغب في أطفال وأقول لها إنك ستأثمين من جراء رفضك ولا تقبل منك العبادات ولا سيما نحن نعتزم أداء فريضة الحج وهي تتمنى أداء تلك الفريضة وطلبت مني بأن أدع موضوع الأطفال لدرجة التوسل بالله وبالرسول أن لا أفتح موضوع الإنجاب لا أدري ما هو ردكم ونصيحتكم لهذه الأم والزوجة والتي أودها وأحترمها وهي زوجة مضحية صبرت على سنوات الغياب عندما تعرضت لمحنة السجن لمدة 5 سنوات في الأسر وأنا أشكر وأقدر صبرها واحتسابها طيلة السنوات وهي أم مثالية في كل شيء فعيبها الوحيد هو عنادها في هذه المسألة
أفيدونا يرحمكم الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإنجاب حق لكلا الزوجين فلا يجوز لأحدهما منع الآخر منه، فهو حق للزوج كما هو حق للزوجة، فيحرم على الزوجة الامتناع عن الإنجاب وحرمان الزوج منه، وتقدم تفصيله في الفتوى رقم: 31369.
تبيه: ورد في كلام السائل قوله (لدرجة التوسل بالله وبالرسول).
والتوسل منه المشروع؛ كالتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته، ومنه الممنوع؛ كالتوسل بجاه المخلوق. وسبق بيانه في فتاوى منها الفتوى رقم: 45838، والفتوى رقم: 4416.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... امتناع المرأة عن الإنجاب بدون عارض مانع
تاريخ الفتوى : ... 26 رجب 1426 / 31-08-2005
السؤال
لدي سؤال إن سمحتم لي إنه نشأ حوار بيني وبين زوجتي وهي التي تبلغ الآن الأربعين ومنذ أكثر من ست سنوات أنا أرغب بأن ننجب طفلا ولدينا طفلان إلا أنها تمتنع وتتعذر بأعذار شتى وهي لا تعاني من أي عارض مرضي وأنا منذ ست سنوات أمارس معها الجماع ولكن أقذف خارج الرحم وباختصار أمارس الاستمناء بقربها لكي لا أقذف في الداخل وحصل أكثر من نقاش حاد ومشاكل إلا أنها تتمسك بعنادها وتصر على رأيها وأنا ارغب بالأولاد، وللعلم نحن نعيش في دولة أوروبية راقية وحالتنا الاقتصادية لا باس بها ولقد نويت معها بأن نؤدي في العام القادم الحج ولكن ما يقلقني ولا يشجعني أداء الفريضة بأني أمارس مع الجماع كي لا أقذف في الداخل الاستمناء هل يجوز حج من يفعل هذا وزوجته ترفض منذ سنوات الإنجاب تحت حجج واهية أفتوني جزاكم الله ولا تهملوا رسالتي وأنا بانتظار إفتائكم في(20/24)
ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة علما بأن زوجتي في مستوى الجامعة ومطلعة في الدنيا وملتزمة بالحجاب.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحل للزوجة أن تمنع زوجها كمال الاستمتاع بها حتى يلجأ إلى الاستمناء ، ولا يحق لها أن تحرم زوجها الأبناء فإن له الحق في طلب الولد ، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى التالية برقم 31968 ورقم 18375 .
وأما بشأن الحج فلا يحول بينك وبينه كونك واقعا في ذنب من الذنوب ، فينبغي لك المبادرة متى قدرت على الحج واستطعت إليه سبيلا .
وننبهك إلى وجوب التوبة من الاستمناء المحرم والإقلاع عن هذا الذنب بتاتا، علما بأن الاستمناء بأي جزء من الزوجة لا يحرم وانظر الفتوى رقم 7170، والفتوى رقم: 3907.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الطلاق واقع والشرط باطل
تاريخ الفتوى : ... 10 رجب 1426 / 15-08-2005
السؤال
أصررت على زوجي أن يطلقني لظرف ما وأنا حامل فاشترط أن أنزل ما في بطني ووافقت فطلقني بقوله أنت طالق، وعندما أردت أن أنفذ شرطه صار عمر الجنين قد بدأ الشهر الخامس وخفت، ولم أفعل فهل طلاقه واقع أم لا، أفيدوني سريعا؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق واقع لأنه طلاق منجز غير معلق على شرط، ولا معلق على تنفيذ ما اشترط الزوج، واعلمي أن اشتراط الزوج إنزال ما في بطنك باطل، لأن الإجهاض محرم، وتراجع الفتوى رقم: 2016، وكل شرط أحل حراماً أو حرم حلالاً فهو باطل كما ورد بذلك الحديث: المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً. رواه أصحاب السنن، وصححه السيوطي وغيره.
وعلى الزوجة التوبة إلى الله من طلب الطلاق إذا كان لغير عذر فإن طلب الطلاق لغير عذر شرعي حرام، وتقدم بيانه في الفتوى رقم: 1114.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... من أعان على معصية اشترك مع فاعلها في الإثم
تاريخ الفتوى : ... 25 جمادي الثانية 1426 / 01-08-2005
السؤال(20/25)
لي صديق وقع في المعصية مع امرأة غير مسلمة وهي الآن حامل في الأسبوع الثالث وقد قمت بواجب النصح له لكن الذى أريد أن أعرفه أنه يريد أن يتخلص من هذا الجنين بحجة أنه لن يتزوج من هذه السيدة وأن الجنين في الشهر الأول فلا حرمة في ذلك علما أنه يريد مساعدتي في إحضار الحبوب له فهل هذا يجوز لي؟ وهل إذا كان الجنين قبل أربعين يوما يجوز التخلص منه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن صديقك قد فعل كبيرة من أكبر الكبائر وأقبحها، وقد حرم الإسلام كل الطرق المؤدية إليها، ومن ذلك النظر والخلوة واللمس، قال الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ {النور: 30}.
وهذا كله للحيلولة دون الوقوع في هذه الفاحشة الشنيعة التي قرنها الله تعالى مع الشرك وقتل النفس بغير حق قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ {الفرقان: 68-69}.
فالواجب على صاحبك أن يبادر إلى التوبة والإنابة إلى ربه سبحانه وتعالى، ومن شروطها الإقلاع عن الذنب في الحال والندم على ما فات وعقد العزم على عدم العودة إلى الذنب ثانية، فإن من تحقق فيه هذا فإن الله تعالى يقبل توبته، كما أخبرنا بذلك سبحانه في أكثر من آية: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه: 82}.
هذا فيما يتعلق بارتكاب تلك المعصية.
أما بخصوص إجهاض الجنين، فذلك لا يجوز، سواء قبل الأربعين يوماً أو بعدها إلا لضرورة لا وجود لها هنا، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 35536، 13171، 17494.
وبما أن الحكم التحريم فلا يجوز لك أن تسعى في إجهاض هذا الجنين بأي نوع من المساعدة وإلا كنت شريكاً في الإثم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا يجوز للمرأة الإقدام على منع الحمل إلا بإذن زوجها
تاريخ الفتوى : ... 17 جمادي الثانية 1426 / 24-07-2005
السؤال
هل يجوز أن تستعمل المرأة وسيلة لمنع الحمل بدون إذن زوجها؟ هل يجوز الطلاق إذا أصرت على ذلك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أهداف النكاح المهمة ومقاصده العظيمة حصول الذرية وتكثير النسل، ويشهد لذلك النهي عن التزوج بالمرأة العاقر كما في النسائي وغيره وصححه(20/26)
الألباني من حديث معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب ومنصب إلا أنها لا تلد أفأتزوجها؟ فنهاه، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فنهاه، فقال تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم. وقد نص العلماء على أنه لا يجوز للرجل العزل عن الحرة إلا بإذنها وذلك لحقها في الولد ، قال صاحب الإقناع: ويحرم العزل عن الحرة إلا بإذنها. قال ابن عبد البر في التمهيد: وقال الشافعي: وليس له العزل عن الحرة إلا بإذنها، وقد روي في هذا الباب حديث مرفوع في إسناده ضعف ولكن إجماع الحجة على القول بمعناه يقضي بصحته. وبهذا يعلم أنه لا يجوز للمرأة الإقدام على منع الحمل إلا بإذن زوجها ومع توفر ضوابط مذكورة في الفتوى رقم: 636 . لأنه إذا كان ذلك محرما في حق الزوج فهو في الزوجة من باب أولى، فإن أصرت الزوجة على اتخاذ أسباب منع الحمل من غير إذن الزوج لها بذلك وعلمت كراهيته فهي عاصية يجري فيها حكم النشوز، وقد مضى الكلام فيه في الفتوى رقم: 1225. ولكن لا ينبغي أن يكون هذا العمل هو السبب في الطلاق لأن كف المرأة عن استخدام مانع الحمل ممكن وسهل، وهو أيضا واجب عليها في هذه الحالة كما قدمنا، فننصحها بتركه وبالاستجابة
لزوجها لكن إذ أصرت على موقفها فلا كراهة في طلاقها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... اتجاهات العلماء في حكم الإجهاض قبل نفخ الروح
تاريخ الفتوى : ... 17 جمادي الثانية 1426 / 24-07-2005
السؤال
الدورة الشهرية تأخرت عن ميعادها حوالي ستة أيام وأخشى أن أكون حاملا وذلك لأن طفلي الصغير مازال عنده سنتان وكذلك أقوم بإتمام رسالة الماجستير الجزء العملي بها وأخشى أننى لوكنت حاملا أنني أمر بمراحل الحمل من قيء ودوخة وتعب مما يعطلني، فلذلك أرجو إفتائي إن كان يجوز أن أجهض هذا الحمل وهو في بدايته أم لا لأنني أخشى أن يكون الإجهاض في هذه المرحلة حراما ويغضب الله سبحانه وتعالى أرجو إفادتي سريعا ولكم جزيل الشكر
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجنين بعد نفخ الروح فيه لا يجوزإجهاضه بلا خلاف، أما قبل ذلك ففيه خلاف، فجمهور أهل العلم على تحريمه ومنهم من قال بالكراهة، ومنهم من قال بالجواز لعذر، ومنهم من قال بالجواز مطلقا ، ولعل القول بالجواز في الأربعين الأولى إذا كان هناك عذر ومصلحة هو الراحج، وتراجع الفتوى رقم: 8781 ، وإليك تفصيل أقوال أهل العلم من الموسوعة الفقهية قال :
في حكم الإجهاض قبل نفخ الروح اتجاهات مختلفة وأقوال متعددة, حتى في المذهب الواحد , فمنهم من قال بالإباحة مطلقا, وهو ما ذكره بعض الحنفية, فقد ذكروا أنه يباح الإسقاط بعد الحمل , ما لم يتخلق شيء منه. والمراد بالتخلق في عبارتهم تلك(20/27)
نفخ الروح. وهو ما انفرد به من المالكية اللخمي فيما قبل الأربعين يوما , وقال به أبو إسحاق المروزي من الشافعية قبل الأربعين أيضا, وقال الرملي: لو كانت النطفة من زنا فقد يتخيل الجواز قبل نفخ الروح . والإباحة قول عند الحنابلة في أول مراحل الحمل, إذ أجازوا للمرأة شرب الدواء المباح لإلقاء نطفة لا علقة , وعن ابن عقيل أن ما لم تحله الروح لا يبعث, فيؤخذ منه أنه لا يحرم إسقاطه. وقال صاحب الفروع: ولكلام ابن عقيل وجه.
ومنهم من قال بالإباحة لعذر فقط , وهو حقيقة مذهب الحنفية . فقد نقل ابن عابدين عن كراهة الخانية عدم الحل لغير عذر, إذ المحرم لو كسر بيض الصيد ضمن لأنه أصل الصيد . فلما كان يؤاخذ بالجزاء فلا أقل من أن يلحقها - من أجهضت نفسها - إثم هنا إذا أسقطت بغير عذر , ونقل عن ابن وهبان أن من الأعذار أن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل وليس لأبي الصبي ما يستأجر به الظئر ( المرضع ) ويخاف هلاكه, وقال ابن وهبان: إن إباحة الإسقاط محمولة على حالة الضرورة. ومن قال من المالكية والشافعية والحنابلة بالإباحة دون تقييد بالعذر فإنه يبيحه هنا بالأولى , وقد نقل الخطيب الشربيني عن الزركشي: أن المرأة لو دعتها ضرورة لشرب دواء مباح يترتب عليه الإجهاض فينبغي وأنها لا تضمن بسببه.
ومنهم من قال بالكراهة مطلقا . وهو ما قال به علي بن موسى من فقهاء الحنفية. فقد نقل ابن عابدين عنه: أنه يكره الإلقاء قبل مضي زمن تنفخ فيه الروح; لأن الماء بعد ما وقع في الرحم مآله الحياة , فيكون له حكم الحياة , كما في بيضة صيد الحرم. وهو رأي عند المالكية فيما قبل الأربعين يوما , وقول محتمل عند الشافعية. يقول الرملي : لا يقال في الإجهاض قبل نفخ الروح إنه خلاف الأولى , بل محتمل للتنزيه والتحريم , ويقوى التحريم فيما قرب من زمن النفخ لأنه جريمة.
ومنهم من قال بالتحريم , وهو المعتمد عند المالكية. يقول الدردير: لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوما , وعلق الدسوقي على ذلك بقوله : هذا هو المعتمد. وقيل يكره. مما يفيد أن المقصود بعدم الجواز في عبارة الدردير التحريم. كما نقل ابن رشد أن مالكا قال: كل ما طرحته المرأة جناية, من مضغة أو علقة, مما يعلم أنه ولد , ففيه الغرة وقال: واستحسن مالك الكفارة مع الغرة. والقول بالتحريم هو الأوجه عند الشافعية ; لأن النطفة بعد الاستقرار آيلة إلى التخلق مهيأة لنفخ الروح. وهو مذهب الحنابلة مطلقا كما ذكره ابن الجوزي, وهو ظاهر كلام ابن عقيل, وما يشعر به كلام ابن قدامة وغيره بعد مرحلة النطفة , إذ رتبوا الكفارة والغرة على من ضرب بطن امرأة فألقت جنينا, وعلى الحامل إذا شربت دواء فألقت جنينا. انتهى
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
شروط جواز العزل
تاريخ الفتوى : ... 14 جمادي الثانية 1426 / 21-07-2005
السؤال(20/28)
هناك رأي سائد مضمونه أنه من الأفضل للزوج أن لا يقذف في رحم زوجته عند أول لقاء بينهما وأن عليه البقاء على هذه الحال لزهاء أسبوعين. وعلة ذلك, كما يقال,أن امتزاج مني الزوج بدم الزوجة عند الإيلاج الأول يتسبب في أن رحم الزوجة يصبح لزجا. فما صحة ذلك دينيا وعلميا؟ شكرا جزيلا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الزوج في عدم العزل عن زوجته في أي وقت بل إن عدم العزل هو الأصل، ولا يجوز العزل سواء كان في أول أسبوع أو ثاني أسبوع إلا بتراض من الزوجين على ما رجحه كثير من أهل العلم، أما تأثير ذلك طبيا فيسأل عنه أهل الطب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم منع الحمل للمعاق ذهنيا
تاريخ الفتوى : ... 09 جمادي الثانية 1426 / 16-07-2005
السؤال
لي أحد الأقارب لديهم بنت عمرها 27 سنة وهي معاقة إعاقة ذهنية بسيطة ولكنها إعاقة ذهنية وسيتم زواجها من شاب به إعاقة ذهنية أيضا وهم متخوفون من إنجاب أطفال معاقين أيضا أو إذا رزقهم الله بأطفال أصحاء بإذن الله لن يستطيعوا تربيتهم لإعاقتهم الذهنية فهل يجوز شرعا أن يتم منعهم من الإنجاب بالوسائل الطبية مثل الحبوب وغيرها أم حرام؟
جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 36768 حكم قطع النسل واستعمال موانع الحمل وبينا في الفتوى رقم: 18375 شروط جواز استخدام تلك الموانع، وينبغي أن يعلم أن الإعاقة الذهنية في الأبوين لا تعني أنهما لا ينتجان إلا معاقاً مثلهما، فالذي أخرج المعاق من السليم يخرج السليم من المعاق، كما: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ.
أما مسألة الحضانة، فإذا لم يكونا مؤهلين لها، فينبغي أن يتولى ذلك أولياؤهم، فلا ينبغي أن يكون ذلك من الأسباب الداعية إلى هذا الأمر العظيم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المعاونة في إسقاط الحمل جريمة
تاريخ الفتوى : ... 26 جمادي الأولى 1426 / 03-07-2005
السؤال(20/29)
كنت بالسابق أحادث فتاة وأعرفها ولما تزوجت قطعت العلاقة بها وبعد فترة أشهر قامت واتصلت وتشتكي من زوجها وتريد منه الطلاق وهي حامل بالشهر الأول أو أقل لا أعلم بالتحديد , وعادت العلاقة وقالت تريد أن تسقط الجنين وتريد حبوبا تساعد على الإجهاض ولكن أحسست بالذنب ونصحتها بالرجوع له , وفكرت بأني أنا السبب فقلت لها وحلفتها بالله هل أكلت الحبوب حلفت بالله وقالت لا لم آكل الحبوب ولكن قمت بالجري بالبيت وصعود ونزول بدرج البيت وبعدها حاولت قطع العلاقة وقطعتها بفضل الله وتتصل بي ولا أرد لمدة شهر تقريبا وأنا لا أرد وبعدها ابتعدت والحمد الله , والآن ينتابني شعور ووسوسة الشيطان أن أتصل بها وأقول لها هل أكلت الحبوب ولكن أنا متأكد بأنها لم تأكلها , وأنا الآن محافظ على الصلوات جميعها بالمسجد وملتزم بأوامر الله أفيدوني هل علي شيء وشكرا هذه الحادثة أصبح لها 3 سنوات وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حرم الإسلام العلاقة بين رجل وامرأة أجنبيين ما لم يكن ذلك في ظل زواج شرعي، ويكون التحريم أشد وعقوبته أعظم إذا كان ذلك مع امرأة متزوجة، لما فيه من إفسادها على زوجها.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. رواه الحاكم وغيره.
وأما المساعدة على إسقاط الحمل فإنها جريمة عظيمة لما فيها من إهلاك وإفساد للنسل ولو كان الحمل من حرام، فما بالك إذا كان من حلال؟!
ولهذا، فإن عليك أن تبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى وتقطع كل علاقة محرمة بينك وبين هذه المرأة التي سببت لك الوقوع في هذه المعاصي والمحرمات.
وعليك أن تستر نفسك وتسترها هي بما جرى ولا تخبر أحدا بذلك، ولا تتصل بها، وأقبل على شأنك وصحبة الصالحين ومجالس العلم.
وننصحك بالمبادرة إلى الزواج من امرأة صالحة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منك الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم
وللمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتاوى: 24376، 28080، 31309، 30425.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الضرورة المبيحة للإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 19 جمادي الأولى 1426 / 26-06-2005
السؤال
أشكركم على الإجابة ولكن لم تفهموا سؤالي أنا الآن متزوجة وكيف لي أن أتزوج منه وأنا أخاف من المشاكل المترتبة بعد الإنجاب من ناحيتين :(20/30)
1- أخاف أن يشبه الولد أباه ( الزاني ) علما بأن فرق الشكل واللون كبير وواضح والمشاكل أنا وزوجي وأولادي سيكون فيها دمار كبير وتفكك لا يعلم بها إلا الله. والله إني نادمه أشد الندم وأسأل الله أن يتوب علي ودعواتكم لي
2- ذهبت للمستشفى وأعلموني بأن حالتي خطيرة جدا والله العظيم لا أبالغ، وكما أعلمتكم أن حملي فيه خطورة على لا أستطيع أن أكمل شهور الحمل أي سيسقط، وأعلمني الأطباء أن الجنين فيه خطورة علي كبيرة وأخبروني بأن الجنين في مرحلة صعبة والله إني لا أبالغ
أرجو الإجابة بالتفصيل حفظكم الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنرجو من السائلة بيان حالتها التي ذكرت أننا أفتيناها سابقا فيها على خلاف الوجه الصحيح أو على خلاف واقعها، أما بخصوص الإجهاض، فإذا كان في بقاء هذا الجنين خطر على صحتك وذلك بتقرير الأطباء المختصين فهنا لا حرج عليك في إسقاطه في أي مرحلة من أطواره، وذلك لأن المحافظة على الإنسان المتيقن الحياة أولى من المحافظة على حياة جنين مظنون الحياة، وراجعي الفتوى رقم: 2016، .
أما إن لم يكن يخشى في بقائه ضرر على صحتك فلا يجوز لك إسقاط هذا الجنين، وراجعي الفتوى رقم: 44731.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... إجراء عملية قطع النسل بأمر الطبيب
تاريخ الفتوى : ... 17 ربيع الثاني 1426 / 26-05-2005
السؤال
فضيلة الشيخ أرجو من سيادتكم التفضل بالإجابة على السؤال الآتي (منذ أربعة وعشرين سنة تقريبا قامت زوجتي بعملية جراحية لعقد عنق الرحم وينجم عن هذه العملية العقم التام كما تعلمون. وقد وافقت على هذا العمل السيء تحت تأثير الزوجة وأهلها والطبيب المعالج والجهل بالحكم الشرعي. وكانت دعوى الطبيب أن جسم الزوجة لا يتحمل الحمل مرة أخرى وأقسم لي بالله على ذلك .وبهذا ظننت أنه مؤمن لكنه تبين لي بعد العملية أنه غير ذلك والله أعلم. ولما سمعت بهول هذه المصيبة رأيت أن أكتب لكم لبيان ما أكفر به هذا الذنب الشنيع إن كانت هناك طريقة لذلك )وقد كتبت لكم في الموضوع مرة سابقة .أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز إجراء عملية قطع النسل، إلا في حالة ما إذا ثبت بتقرير طبي موثوق أن الحمل يشكل خطرا داهما على حياة الأم، وتقدم حكمه في الفتوى رقم: 36768. وإذا كنت أقدمت على هذا الفعل جاهلا بالحكم، وبناء على تقرير طبيب ظننته ثقة فلا إثم عليك إن شاء الله.(20/31)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... شفاعة الجنين لوالديه
تاريخ الفتوى : ... 06 ربيع الثاني 1426 / 15-05-2005
السؤال
كنت حاملا وكنت أتردد إلى عيادة طبيبتي للاطمئنان على الجنين وبعد مرور ما بين الشهرين إلى ثلاثة أشهر اتضح لطبيبتي أن الجنين لا يزداد حجمه والماء الذي يعيش فيه الجنين هو الذي يزداد، وقالت لي الطبيبة يجب أن تجهضيه ولم أستفسر جيدا عن ذلك لأني كنت صغيرة في السن فهل هذا الجنين الذي أجهضته سيكون إن شاء الله شفيعا لوالديه فأنا احترقت لذهابه مني حتى أني كنت أراه في كل شهر مرة أو أكثر وأرضعه وأنظفه حتى أصبح عمره سنة تقريبا فهل سيكون شفيعا لنا يوم القيامة أم أنه مجرد قطعة لحم وأتمنى لو كان جنينا لأحتضنه هناك فاسالوا الله تعالى لي ذلك.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يثيبك ويأجرك على فقد هذا الجنين، ويخلف عليك خيرا منه، وأما بشأن سؤالك هل سيكون شفيعا لوالديه يوم القيامة فقد تقدم حكمه في الفتوى رقم:37055. وأما عن الإجهاض فإذا كان ضروريا وبقاء الجنين يشكل خطرا على حياة الأم فيجوز للضرورة، وإلا فإنه يحرم، وقد سبق بيان ذلك في عدد من الفتاوى منها الفتوى رقم: 13171. فنرجو مراجعتها والاطلاع عليها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... حكم الإجهاض من الزنا بالكافر
تاريخ الفتوى : ... 03 ربيع الثاني 1426 / 12-05-2005
السؤال
مسلمة محصنة لها ابنان حملت بزنا من كافر هل يجوز لها الإجهاض ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الإجهاض، وولد الزنا ينسب إلى أمه، ولا ذنب لهذا الجنين بما فعلت أمه ولا بمن زنى بها، وانظر حكم الإجهاض في الفتوى رقم: 42900 ويجب على هذه المرأة أن تتوب إلى الله تعالى مما وقعت فيه، وراجع الفتوى رقم: 1095 والفتوى رقم: 1117.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(20/32)
الفتوى : ... الإقدام على الإنجاب مع احتمال إعاقة المولود
تاريخ الفتوى : ... 30 ربيع الأول 1426 / 09-05-2005
السؤال
امرأة مصابة بمرض معد منذ ثلاث سنوات وهذا المرض يمكن أن ينتقل للجنين في حالة الحمل بطريقتين أما خلال الحمل في الرحم والاحتمال صغير لكن موجود أو أثناء الولادة والاحتمال أيضا صغير لكن موجود ويوجد وسائل وتدابير أثناء الولادة يمكن اتخاذها للتقليل من احتمال عدوى المولود ومنها الولادة القيصرية مع تأثيرها على صحة الأم خاصة وعمرها متقدم 39 عاما ولكن لا يوجد وسائل وتدابير يمكن اتخاذها للتقليل من احتمال عدوى الجنين أثناء الحمل وإن كانت هي أصلا قليلة هذا المرض أن أصاب المولود غالبا ما يسبب له إعاقات مثل العمى أو التخلف العقلى أو يسبب وفاته كما أن الحمل في سن تلك المرأة فيه احتمالات أعلى للخطر على صحة الأم والطفل من السن الصغير فهل تأثم تلك المرأة إذا رفضت الإنجاب علما أن لها طفلين وهل تأثم إذا أنجبت وصار صغيرها مريضا بسببها لأنها عرضته لذلك علما بأن المرض المصابة به هو مرض ينتقل جنسيا وقد انتقل لها من زوجها وطبعا في حالة الحمل لابد من الكشف عن ذلك للأطباء لاتخاذ التدابير اللازمة وأيضا إذا أصيب المولود بالمرض مع ما في ذلك من الفضيحة لها و لزوجها.
وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا قرر أصحاب الاختصاص من الأطباء الماهرين أن الحمل يسبب ضررا على صحة هذه المرأة جاز لها أن تتخذ الأسباب المشروعة لقطع الإنجاب حفاظا على حياتها وصحتها، أما الإقدام على الإنجاب مع احتمال وجود المولود معاقا فلا تأثم به المرأة لاحتمال خروج المولود سليما معافى، وراجع في هذا الفتوى رقم: 53944، والفتوى رقم: 36768.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تناول المرأة المجبرة على النكاح موانع الحمل بدون علم زوجها
تاريخ الفتوى : ... 25 ربيع الأول 1426 / 04-05-2005
السؤال
أنا امرأة أبلغ من العمر 25 عاما أعمل مدرسة تزوجت من ابن عمي
الذي يعمل في قرية في المنطقة الشمالية من السعودية قبل سنة ولم أكن راضية به أي أنني رفضت الزواج منه ولا أرغب فيه ولأنني أعلم بأنه يريد الإقامة في قريته في الشمال وأنا لا أحبها منذ كنت طفلة حيث كنت أبكي لا أريد الذهاب لتلك المدينة وذلك لأن المجتمع هناك يقوم على القال والقيل والغيبة والنميمة وأكل لحوم بعضهم ويعلم الله إني أكرهها وأكره أهلها بسبب هذه الصفات الذميمة ولكن أبي وأمي وإخوتي أجبروني على الزواج وشددوا علي وضيقوا علي حتى أنهم حرموني من(20/33)
الذهاب إلى الوظيفة عدة أيام و قاموا بسبي وشتمي وحتى إن أبي رحمه الله ضربني ضربا مؤلما وشد شعري حتى أصبحت شبه صلعاء من الأمام وثم أدخلوا أخوالي للحديث معي وكنت رافضة ووعدوني ببيت وسيارة وأن أقيم معهم في المنطقة الشرقية وأني لن أذهب إلى الشمال وحين أتوا بالشيخ للتمليك شد خالي يدي وأجبرني على التبصيم للموافقة على هذا الزوج ورضخت للأمر الواقع وسلمت أمري للواحد الأحد.
مع كرهي الشديد لهذا الزوج مع العلم أن زوجي لا يعلم أني مجبورة عليه ومكرهة وقد كلمته بالهاتف في وقت الملكة وأخبرته أنني لا أرغب في السكن في الشمال فقال لي يصير خير إن شاء الله وما يصير خاطرك إلا طيب وتم الزواج وكان زوجي محترما إلا أنني ما زلت أكن له الكثير من الكره وأرى أنه سبب مأساتي تعرفت على أهله عن قرب وبعض معارفهم وصدمت من مستوى التفكير والاهتمام مع العلم أنهم يدعون أنهم شبه ملتزمين إلا أن الغيبة والنميمة والسب حلال في نظرهم وبقيت أنا أدرس في المنطقة الشرقية وزوجي في الشمال ويأتي في أيام العطل ويأخذني للشمال وأنا أتناول حبوب منع الحمل دون علم زوجي لعدة أسباب:
كرهي الشديد لزوجي مع العلم أني لا أظهر له هذا الكره ،عدم رغبتي في أن يكون لي أطفال لأني لا أريد تحمل مسؤولية أحد وخوفي أن يكون أطفالي سيئي التربية في ذلك المجتمع إذا أجبروني على الذهاب إليه
خوفي الشديد من الحمل والولادة حيث إنني مرعوبة من هذا الأمر رعبا شديدا لأني لا أحب أن أتألم وقد تستغرب من حالتي ولكن حين تعلم عن طريقة تربيتي تعذرني لأن أبي كان شديدا علينا ويمنعنا من كل شيء من الخروج من المنزل من الجلوس مع الصديقات حتى إنني في الكلية كنت في سكن الطالبات كنت لا أخرج من غرفتي خوفا من البنات وخوفا من أبي حتى لا يعلم أنني أحتك مع البنات وأسمع أحاديثهن وخوفا من أن تبتليني إحداهن بمشكلة مع أهلي لا أستطيع الخروج منها، وأنا الآن أفكر في أن أنفصل من وظيفتي وأذهب مع زوجي إلى مدينته التي أكرهها كرها جما وأن أبقى في بيتي ولا أخرج منه أبدا ولا أختلط مع أحد، وأن أبقى أتناول حبوب منع الحمل دون علم زوجي مع العلم أن زوجي يرغب في الأطفال
أريد أن أعرف حكم الشرع فيمن جبرت على الزواج وتأكل حبوب منع الحمل ؟
أرجوكم أريد جوابا قبل أن أذهب إلى السجن الأبدي ؟
ادعو لي بأن يفرجها الله وأرتاح
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز إكراه البنت البالغة العاقلة على الزواج ممن لا ترغب في الزواج منه ، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 31582
.
وإذا أجبرت الفتاة على الزواج بمن تكره فإنها بالخيار في قبول هذا الزوج أو رفع أمرها إلى القاضي الشرعي لطلب فسخ النكاح، ودليل ذلك ما أخرجه أبو داود وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه(20/34)
وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتراجع الفتوى رقم: 10658
وعليه.. فهذه الأخت بالخيار بين البقاء مع زوجها أو رفع أمرها إلى القاضي الشرعي، فإن لم يمكنها ذلك، فلها أن تطلب من زوجها الطلاق وتفتدي نفسها منه عن طريق الخلع، مع نصحنا لها بالصبر وعدم الاستعجال، لا سيما وأن هذا الزوج -كما ذكرت- رجل محترم ويبدو من كلامها أنه يحسن التعامل معها ، فلعل الله أن يؤلف بين قلبيهما وتتغير مشاعرها نحوه، ولايجوز لها تناول حبوب منع الحمل دون علم الزوج وإذنه، لأن في ذلك اعتداء على حقه في إنجاب الأبناء، وما ذكرته من أسباب لا يبرر تناولها لحبوب منع الحمل، فكونها تكره زوجها لا يبيح لها أن تتعدى على حقه في إنجاب الأبناء.
وأما خشيتها أن يصبح أولادها سيئي التربية في ذلك المجتمع فهذه مفسدة مظنونة وغير متيقنة فلا تعارض مصلحة إنجاب الأبناء.
وأما خوفها من الحمل وكونها لا تريد تحمل مسؤولية أحد فهذه أعذار واهية ولا تبرر منع الحمل، فينبغي لها أن تستعين بالله وتتوكل عليه وتثق به سبحانه، فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
عملية قطع الإنجاب
تاريخ الفتوى : ... 24 ربيع الأول 1426 / 03-05-2005
السؤال
أما بعد فضيلة الشيخ أود من فضيلتكم التفضل ببيان كفارة العمل الآتي. منذ اثنين وعشرين سنة قامت زوجتي بعملية لعقد الرحم وينجم عن هذه العملية عدم الإنجاب نهائيا. وقد تم هذا الأمر تحت تأثير الطبيب المعالج والأهل والجهل بالحكم الشرعي. ولما علمت بخطورة هذا العمل سارعت إلى الكتابة إليكم لبيان ما يجب علي فعله وجزاكم الله ألف خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لهذا العمل كفارة محددة، وعلى من فعل ذلك لغير مسوغ شرعي التوبة والإكثار من الطاعات، وتراجع الفتوى رقم: 16524. ومن كان جاهلا بالحكم الشرعي فنرجو الله تعالى أن لا يكون عليه إثم لكون الجهل عذرا كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 19084.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
موقف الشرع من محاولة الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 16 ربيع الأول 1426 / 25-04-2005(20/35)
السؤال
ما حكم محاولة إسقاط الجنين ....علما بأنني كنت أشك فقط بأنني حامل غير متأكدة من هذا..وذلك لتأخر الحيض ...ولم يحدث الحمل ولا أعلم هل حدث وسقط أم لم يحدث..ما كفارة هذا الفعل. جزاكم الله خيرا..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز إسقاط الجنين، وفي المسألة تفصيل مذكور في الفتوى رقم: 44731 فتراجع.
ومحاولة إسقاطه باستعمال وسائل الإجهاض حكمها حكم الإجهاض نفسه، لأن الوسائل لها حكم المقاصد، لكن لا يترتب عليها بمجردها كفارة ولا غرة، ويجب الكف عنها والتوبة منها لاسيما إذا كان هناك حمل محقق أو مظنون.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم من لم تأخذ الدواء فسقط الجنين
تاريخ الفتوى : ... 09 ربيع الأول 1426 / 18-04-2005
السؤال
نريد أن نشرح لكم مشكلة صديقتي منذ سبع سنوات فأفيدوني جزاكم الله خيراً،
صديقتي كانت حاملا ولا تريد هذا الحمل لأن ابنها صغير، ولكن لم تفعل شيئا ، بعد أن أصبح الجنين في ثلاثة شهور ونصف جاءها دم مخاض وذهبت إلى الطبيب، وقال لها: هذا دم مخاض خذي هذا الدواء وارتاحي، ولكن لم تأخذ الدواء ولم ترتح فأسقطت الجنين، ما الحكم فيه، وهل عليها ذنب أو كفارة أم لا، أفيدوني أفادكم الله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 5920 أن إسقاط الجنين بعد مضي مائة وعشرين يوما يعد قتلا للنفس التي حرم الله قتلها إلا بحق، وأما إسقاطه قبل هذه المدة فهو محرم أيضاً وإن كان لا يرتقي إلى درجة قتل النفس.
وبناء على ذلك فإذا كانت هذه المرأة تعلم أن عدم شرب هذا الدواء وعدم أخذ الراحة كما أوصى بذلك الطبيب، يؤدي إلى الإسقاط، وأقدمت على فعله عامدة، فإن فعلها هذا حرام والواجب عليها التوبة إلى الله منه.
وأما إذا وقع هذا الفعل منها دون قصد أو كانت لا تعلم أن ذلك يسقط الجنين، فلا شيء عليها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المرجع في تقدير إباحة الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 03 ربيع الأول 1426 / 12-04-2005(20/36)
السؤال
أنا عندي طفلتان والحمد الله وزوجتي تعاني من مرض الصدفية منذ أكثر من خمسة أعوام وهو مرض جلدي من الأمراض المزمنة وليس له علاج نهائي في أي مكان في العالم وظهر عندها بعد ما أنجبنا طفلتنا الأولى وطوال الخمس سنوات الماضية تدخل المستشفى باستمرار للعلاج بالكيماوي أو بالكيرتوزون وقد دخلت المستشفى من شهر 9 حتى شهر 11 العام الماضي وبعد ما خرجت من المستشفى اكتشفنا أنها حامل في حوالي شهر ونصف وهي لا تقدر على تحمل حمل وولادة مرة ثالثة وكان لا بد من أن تدخل المستشفى مرة أخرى للعلاج بالكيماوي ولكن عندما علموا في المستشفى أنها حامل قالوا إن الكيماوي سوف يشوهه الجنين مع العلم أنها الآن في حالة صعبة جداً ولا تقدر على الحركة من المرض المنتشر بجميع أجزاء جسدها ولا تقدر على خدمة أولادها الصغار وعلى شئون المنزل فكان لا بد من إجراء عملية إجهاض للجنين فقمنا بعمل هذه العملية وبعد ذلك دخلت المستشفى والآن تعالج بالكيماوي مع العلم العلاج بالكيماوي والكيرتوزون ليس علاجا نهائيا ولكن علاج لمدة سنة تقريباً ثم نعود للعلاج مرة أخرى بنفس العلاج ، مع العلم أن ابنتنا الكبرى عندها ست سنوات وهي في سنة أولى ابتدائي ومحتاجة إلى رعاية واهتمام بالدراسة وابنتنا الثانية عندها سنة واحدة وثلاثة أشهر ولا تستطيع أمها رعايتها لكثرة مرضها الدائم والذى يحتاج دائماً أن يكون أحد بجانبها لرعايتها وخدمتها هي وأطفالنا ، وأحب أن أعرف رأي الدين في عملية الإجهاض لغرض سلامة الأم الصحية وصعوبة تحملها الحمل والإنجاب مع مرضها هذا ، وأحب أن أعرفكم بأن ابنتنا الأولى دائماً متواجدة مع خالتها في العام الدراسي وذلك لرعايتها دراسياً لعدم قدرة أمها على رعايتها وكل هذا يؤثر على الحالة النفسية لزوجتي وابنتي الكبرى وعلى حياتنا كلها
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الإجهاض محرم شرعا، لأن فيه إزهاقا لنسمة خلقها الله تعالى، لكن إن خيف على حياة الأم من بقاء الجنين في بطنها جاز إجهاضه لذلك الغرض، لأن المحافظة على شخص محقق الحياة أولى من المحافظة على من هو مظنون الحياة، والذي يقرر هذا هم الأطباء المتخصصون وحدهم، وانظر الفتوى رقم: 2222 والفتوى رقم: 2219.
وعلى هذا، فما دامت زوجتك بهذه الحال الذي وصفت وحكم الأطباء بضرورة الإجهاض فلا حرج إن شاء الله تعالى فيما أقدمت عليه زوجتك من الإجهاض.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المساعدة في الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 01 ربيع الأول 1426 / 10-04-2005
السؤال(20/37)
أنا لي صديق قد وقع في كبيرة الزنا وترتب على ذلك وجود جنين فشكى لي أنه يحتاج مبلغا من المال حتى لا تتفاقم المصيبة وذلك لإجراء عملية الإجهاض، فأعطيته مبلغا من المال لكي يدبر أمره، وكنت في وقتها قد فكرت أن أكسب الثواب حيث ظننت أني أفرج عنه كربة، وبعد عدة أيام وبعد إجراء العملية تخوفت من أني قد اشتركت معه في جريمتين الأولي وهي الستر عليه والثانية وهي قتل النفس، أريد أن أعرف هل علي كفارة في هذا, مع العلم بأني قد فعلت هذا طمعا في الثواب ولو كان خطر لي هذا التفكير من قبل أن أساعده ما كنت فعلت, أفيدوني أفادكم الله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المساعدة في الإجهاض في هذه الحالة تعد من الإعانة على الإثم وهو محرم لقول الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، ويتأكد التحريم بعد نفخ الروح، وأما الستر على المسلم فمطلوب ولا سيما إن لم تكن تريد إخبار من يقيم عليه الحد ولم يكن معك ثلاثة شهداء يشهدون على رؤية الزنى، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ومن ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة. رواه مسلم.
فعليك أن تتوب إلى الله مما حصل، وأن تعين صديقك على التقوى فتنصحه وتحرضه على التوبة والعفة والاستقامة على الأعمال الصالحة وتبين له خطورة الزنى وأسباب البعد عنه، وقد سبق أن بينا بعضها في بعض الفتاوى فراجع فيها وفيما سبق الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34932، 56129، 30425، 2016، 2143، 6012، 45029، 32928.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مريضة بالسكر ويرغب زوجها بالإنجاب وتمتنع هي خشية الضرر
تاريخ الفتوى : ... 22 محرم 1426 / 03-03-2005
السؤال
عندي الوالدة(أمي)تعاني من مرض السكر وقد نصحها الطبيب بعدم الإنجاب لأنه قد يؤدي إلى الضرر بها ولكن الوالد (أبي ) يريد إنجاب الأولاد، ماهو حكمه في الإسلام وأنها ترفض دعوته إلى الفراش؟ وبارك الله فيكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوجة الامتناع عن زوجها إذا دعاها إلى الفراش، وقد تقدم في فتاوى منها الفتوى رقم: 9572. وإذا كان الحمل والإنجاب تتضرر منه الزوجة تضررا غير معتاد، ويلحقها بسببه كلفة ومشقة يصعب احتمالها فيجب على الزوج مراعاة ذلك، وطلب العلاج لها من مرضها، أو استعمال ما هو مباح من موانع الحمل حتى تتحسن حالتها.(20/38)
هذا مع التنبه إلى أن العزل وتنظيم اللقاء الجنسي أسلم الطرق في هذا الباب. وإذا كان الزوج يريد الأولاد والذرية ولا أمل من شفاء الزوجة من هذا المرض، فقد أباح الله له الزواج مثنى وثلاث ورباع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تناول مانع للحمل لمن تتضرر من الحمل بدون إذن زوجها
تاريخ الفتوى : ... 18 محرم 1426 / 27-02-2005
السؤال
رجل متزوج من امرأة كبيرة في السن ومريضة وأنجبت منه طفلين مشوهين ويريد الزوج منها أولادا آخرين وهي لا تريد بحكم كبر سنها ومرضها وقد أذنت له بالزواج من أخرى وهو مصمم على أن ينجب منها أولادا .فهل يجوز أن تتناول حبوب منع الحمل من غير علمه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة تتضرر من الحمل ومن الوضع حقا فلا يحق لزوجها أن يرغمها على الحمل، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه الإمام مالك والإمام أحمد وابن ماجه، وقد نص أهل العلم على أن المرأة لها أن تمتنع من وطء زوجها إذا كان فيه ضرر عليها لكونها مريضة -مثلا- أو هو كبير الآلة ونحو ذلك.
وعليه، فإن تعين استعمال موانع الحمل المباحة في نفسها طريقا لإزالة الضرر المتوقع من الحمل جاز ولو بدون إذن الزوج.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إجهاض الحمل في حال وجود اللولب
تاريخ الفتوى : ... 04 محرم 1426 / 13-02-2005
السؤال
زوجتي تستخدم اللولب لمنع الحمل وقمنا باستخدام اللولب بعد ولادة ولدنا الأول منذ سنة وثلاثة شهور لتنظيم النسل مع رغبتنا الشديدة فيه. ولكن - بأمر الله - حدث حمل وتبين أن كيس الحمل داخل الرحم ملاصق للولب وبالتالي فإن أي محاولة لإخراجه في الوقت الحالي تعتبر خطرا على بقاء الحمل. في حال وجود اللولب هناك عدة احتمالات بأمر الله. 1- أن تتم الولادة مبكرة 2- أن ينزل ماء الرأس قبل موعد الولادة 3- الالتهابات وكثرة الإفرازات، ما حكم الإجهاض مع العلم أن الاحتمال الأكبر أن يسير الحمل بسهولة من دون مشاكل إن شاء الله وسينزل اللولب مع المولود؟ ملاحظة: عمر الجنين خمسة أسابيع
جزاكم الله خيرا.(20/39)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر في هذا يرجع إلى الأطباء المتخصصين، فإذا أخبروا أن بقاء هذا اللولب ليس فيه ضرر على الجنين ولا أمه فلايجوز إسقاط الجنين قطعا ولا التسبب فيه، وإن أثبتوا وجود ضرر على حياة الأم ولا سبيل لتفادي ذلك إلا بإسقاط الجنين فلا مانع من ذلك؛ لأن المحافظة على حياة شخص محقق الحياة أولى من المحافظة على آخر غير مؤكد من وجودها، ولحكم استعمال اللولب تراجع الفتوى رقم:4219.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... قطع الإنجاب خوفا من ضرر يلحق الأولاد
تاريخ الفتوى : ... 22 ذو الحجة 1425 / 02-02-2005
السؤال
أنا رجل متزوج ولي ثلاثة أبناء أكبرهم أربع سنوات وأصغرهم أسبوع ، وكلهم مصابون بمرض وراثي وهو تكسرفي كريات الدم الحمراء الذي يتطلب تغييرا دوريا للدم كل شهر. وحسب قول الأطباء فإن هؤلاء الأطفال بعد رحلة معينة لن يستقبل جسدهم الدم ويفارقون الحياة وهذا عند سن الخامسة عشرة. وحسب تشخيص الأطباء فإن من بين كل أربعة مواليد احتمال أن يولد طفل سليم هو واحد من أربعة.هناك طريقة للكشف المسبق عن الإصابة في أول ثلاثة أسابيع للحمل، ولكن هذا الفحص مكلف وخارج عن قدراتي المادية. نصحنا الأطباء بعدم الإنجاب؛ فقررنا أنا وزوجتي أن نقوم بعملية تسكير مواسير لمنع الإنجاب مطلقا. هل يجوز لنا ذلك؟ مع العلم أنه ليس بمقدوري الزواج بامرأة أخرى.
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان حالكم كم ذكرت وكان ذلك بخبر الأطباء الثقات فلا مانع من قطع الإنجاب؛ لأن الضرر الذي يلحقك ويلحق الولد عذر يجيز ذلك كما ذكرنا في الفتوى رقم:31968.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إجهاض الصغيرة
تاريخ الفتوى : ... 30 ذو القعدة 1425 / 11-01-2005
السؤال
هل يجوز شرعا عملية الإجهاض للمرأة إن لم تتجاوز الأربعين يوما ؟ علما بأن المرأة في ال15 من عمرها ولا تزال تذهب للمدرسة . . .
جزاكم الله خير الجزاء.(20/40)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز إسقاط الجنين في أي مرحلة من مراحله، ويتأكد ذلك عند نفخ الروح فيه، اللهم إلا إذا كان هناك ضرر محقق على المرأة في حال استمرار هذا الحمل، وراجع الفتوى رقم: 8781 . والفتوى رقم: 5925. وعلى هذا فإذا لم يكن هنا ضررعلى الفتاة في استمرار هذا الحمل فلا يجوز إسقاطه بحجة صغر سنها ولا بحجة ذهابها إلى المدرسة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الإجهاض من اغتصاب
تاريخ الفتوى : ... 21 ذو القعدة 1425 / 02-01-2005
السؤال
ما حكم الأولاد الذين يولدون من اغتصاب أعدائنا لبنات المسلمين ؟ وهل الأم في هذه الحالة مجبرة على إكمال الحمل شرعا ؟ وهل هي مجبرة على تربيته؟ وهل عليها شيء إذا أسقطته؟ ولمن ينسب الولد؟ وكيف تتعامل معه أمه مستقبلا؟
مع الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا فرق بين إجهاض الجنين من الاغتصاب أو من زنا أو من نكاح صحيح، والكلام عنه قد سبق في الفتوى رقم:
44731. والأولاد ينسبون إلى أمهاتهم، ثم على الأم رعاية ولدها كما في الفتوى رقم: 6012. والفتوى رقم:12263. نسأل الله أن يفرج عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويعجل لها بالنصر والتمكين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تبيين حرمة الإجهاض واجب
تاريخ الفتوى : ... 21 ذو القعدة 1425 / 02-01-2005
السؤال
لي قريبة حملت حمل سفاح وهي مازالت بكرا ولم تعرف إلا في الشهر الخامس نظراً لصغر سنها 17 عاماً وتم إجهاضها على يد دكتور، ونزل الجنين في الشهر السادس ميتاً وتم دفنه وقد كتب أبو الفتاة الابن باسمه واسم زوجته أثناء إخراج تصريح الدفن، فما حكم الدين في هذا، مع العلم بأن أهل الشاب المتسبب في حمل الفتاة رفضوا زواج الشاب من الفتاة، ونظراً لخوف أبي الفتاة من بطش أهل الشاب نظراً لما يتمتعون به من سمعة سيئة فقد فوض أمره إلى الله خوفاً على بنته، ووالد الفتاة ووالدتها مريضان، فبالله عليكم ماذا نفعل وما دية ما حصل من أهل الفتاة، وما(20/41)
حصل مني، مع العلم بأني لست صاحب قرار الإجهاض، ولكن كنت أعلم بما سوف يفعلون نظراً لصلة القرابة التي بيننا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على هذه الفتاة التوبة من الزنا إن كانت فعلت ذلك غير مكرهة، والواجب على من شارك في عملية الإجهاض أما أو أبا أو غيرهما التوبة إلى الله تعالى من هذه المعصية، والواجب على من باشر عملية الإجهاض الدية، كما سبق في الفتوى رقم: 45029.
وأما أنت فكان الواجب عليك أن تبين لهم حرمة الإجهاض وتسدي النصيحة لهم، فإن قصرت فاستغفر الله تعالى من ذلك. وأما الشاب الذي مارس الزنا فالواجب عليه التوبة، ولا يجب عليه أن يتزوج ممن زنا بها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
... قطع النسل بدون علم الزوجة
تاريخ الفتوى : ... 10 ذو القعدة 1425 / 22-12-2004
السؤال
أنا رجل أبلغ من العمر 53 سنة، متزوج ولدي 8 أولاد، وقد تزوجت بامرأة أخرى عمرها 20 سنة وأنجبت منها ولدا قد قمت بعدها بإجراء عملية لقطع النسل ولم أخبر الزوجة الثانية بذلك، فما الحكم في هذا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أقدمت عليه من قطع النسل نهائياً حرام لا يجوز، وانظر قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 39 (1/5) في الفتوى رقم: 17553.
وقد كان عليك أن تسأل عن حكمه قبل الإقدام عليه لقول الله تعالى: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {النحل:43}، فينبغي على المسلم أن يسأل عما أشكل والتبس عليه من أمور دينه قبل الإقدام على الفعل، نسأل الله أن يعفو عنك ويتوب عليك، والأمر الآخر المترتب على هذا الفعل إضافة إلى كونه حراماً فإنه اعتداء على حق الزوجة في الإنجاب.
فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى اشتراط إذن الزوجة في إباحة العزل، على اعتبار أن لها الحق في الإنجاب ، هذا في العزل فما بالك في قطع النسل إلى الأبد، فعليك بالتوبة من هذا العمل والإكثار من الأعمال الصالحة عسى الله أن يتوب عليك ويعفو عنك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الجهل بحرمة الإجهاض(20/42)
تاريخ الفتوى : ... 08 ذو القعدة 1425 / 20-12-2004
السؤال
المرأة قبل 20 عاما كانت تجهض عن جهل ولم تعرف أنه حرام وللعلم فهي تشعر بتأنيب الضمير، فما حكم الشرع في ذلك؟ أرجو الرد بأسرع وقت ممكن لأني أشعر بالألم والعذاب.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجهاض محرم شرعاً، لأنه اعتداء على نسمة قد تخرج إلى الدنيا، وتشتد الحرمة وتعظم الجريمة إن كان ذلك بعد نفخ الروح، لأنه قتل للنفس التي حرم الله تعالى قتلها إلا بالحق، وقد ثبت في الحديث أن نفخ الروح يتم بعد مائة وعشرين يوماً، فلا يجوز إسقاط الحمل الذي مضت عليه هذه المدة -بالإجماع- إلا في إحدى حالتين: الأولى: هي ما إذا ثبت بتقرير طبي موثوق أن حياة الأم في خطر داهم إذا لم يسقط الجنين.
الثانية: ما إذا ثبت أن الجنين قد مات في بطن أمه.
وإسقاطه قبل هذه المدة فيه خلاف، فذهب الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة إلى جوازه إذا كان قبل نفخ الروح، وذهب بعض الحنابلة وبعض المالكية إلى جوازه قبل أربعين يوماً، وذهب المالكية إلى عدم الجواز مطلقاً وهو قول لبعض الحنفية وبعض الشافعية وبعض الحنابلة.
والفتوى في الشبكة على هذا القول، لأن في الإسقاط إفساداً للنسل، وفتحا لباب الفساد، فالواجب سده، وإن كان لا يصل إلى اعتباره قتل نفس، ودليل التحريم أنه إهلاك النسل، والله جل وعلا يقول: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ {البقرة:205}، وعلى هذا، فلا يجوز إلا بتقرير طبي موثوق يفيد أن حياة الأم في خطر ما لم يسقط.
ثم إنه يجب التنبه إلى أنه يزداد الإثم إذا كان الباعث على الإسقاط هو مجرد التخلص من معرة الزنى، فإنه إثم في الأول واعتداء في الآخر، وما يلزم من ارتكب هذه الجريمة من الدية والكفارة مبين في الفتوى رقم: 17939، والفتوىر قم: 9332.
وأما الجهل بحرمة الإجهاض فيسقط به الإثم فقط.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الإجهاض لاعتلال قلب الجنين
تاريخ الفتوى : ... 04 ذو القعدة 1425 / 16-12-2004
السؤال
زوجتي حامل في الشهر الثالث والنصف عندما ذهبنا إلى الطبيب للاطمئنان على الجنين اكتشف الطبيب أن قلب الجنين لا يعمل بكامله وأن قلبه ليس على شكل القلب(20/43)
ولا يوزع الدم إلى جميع الأعضاء وأنه معرض للموت في كل لحظة والطبيب يقول عليكم بالإجهاض، أفيدوني ماذا أفعل؟
جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرزقك الأبناء الصالحين، وأما بشأن سؤلك يا أخي فاعلم أنه لا يجوز الإجهاض إلا في حالتين: الأولى: إذا كان الحمل يشكل خطرا محققا على حياة الأم، ولا يثبت ذلك إلا بتقرير من طبيب مأمون موثوق بخبرته، فإذا ترتب على بقاء الجنين ضررا محققا على أمه جاز الإجهاض. كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 29849
. الثانية: إذا مات الجنين في بطن أمه. أما مرض الجنين أو إخبار الطبيب بأن قلبه في حالة سيئة فلا يبرر إجهاضه كما سبق في الفتوى رقم: 55363.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الدم النازل عند الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 01 ذو القعدة 1425 / 13-12-2004
السؤال
أرجو من سيادتكم إفادتي حيث إنني حملت قبل رمضان بشهر ثم لم يكتب الله لهذا الجنين أن يكتمل فقد كان مجرد كيس فارغ داخل الرحم فقمت بعملية تنظيف للرحم من إجهاض للجنين حيث إنه ميت وله 6 أسابيع وكان ذلك في نهار رمضان وكنت صائمة وأخذت العملية نصف ساعة عدت بعدها للمنزل وأكملت صيامي حيث إن الدم الذي خرج هو دم فاسد وليس دم نفاس، فهل صومي صحيح أم علي إعادة وقضاء صيام هذا اليوم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدم الذي يمنع من الصيام والصلاة هو دم الحيض أو النفاس، ولا يكون الدم النازل على المرأة عند الإجهاض دم نفاس إلا إذا تخلق الجنين، وأقل ما يتخلق فيه الجنين واحد وثمانون يوماً، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 20777.
فإن كان لم يتخلق فهو دم فساد لا يمنع من صلاة ولا صيام ولا وطء، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 33075.
وعليه، فصيامك صحيح إن شاء الله ولا قضاء عليك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يكفر الحج خطيئة الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 27 رمضان 1425 / 10-11-2004(20/44)
السؤال
مشكلتي أن زوجتي أجهضت نفسها مرتين منذ 15 سنة وقد أكرمني الله بعد فترة من أداء فريضة الحج أنا فقط، السؤال الأول: هل بعد أدائي فريضة الحج ليس علي أي ذنب، وأكون عدت كما ولدتني أمي كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم؟
السؤال الثاني: ما موقف زوجتي، وهل أداؤها فريضة الحج يمحو عنها هذا الذنب، علما بأنها أجهضت نفسها في الشهر الثاني من الحمل، وبعلمي ولم نكن نعلم موضوع الدية والكفارة، ولم نكن ملتزمين بالصلاة والعبادات مثل ما نحن عليه الآن، والحمد لله فأرجو منكم الفتوى في هذا الموضوع؟ ولكم جزيل الشكر، وكل عام وأنتم بخير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحج المبرور يكفر الله به ذنوب العبد المتقدمة كبيرها وصغيرها فضلاً منه ورحمة، كما دلت على ذلك النصوص الصحيحة منها حديث أبي هريرة في الصحيحين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. ومنها أيضاً حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه. متفق عليه.
قال الحافظ في الفتح: وظاهره غفران الصغائر والكبائر والتبعات وهو أقوى الشواهد لحديث العباس بن مرداس المصرح بذلك. انتهى، وعليه فنرجو الله أن يغفر لك جمع خطاياك بعد حجك، فإن فضل الله واسع، ووعده لا يتخلف، ولكن ما يتعلق بمظالم العباد كالاعتداء على أموالهم أو أعراضهم أو دمائهم، فيجب ردها عليهم أو استحلالهم منها.
أما الإجهاض فهو محرم شرعاً، لما فيه من الاعتداء على خلق الله بغير حق شرعي، فلا يجوز الإقدام عليه، سواء بإذن الزوج أو بغير إذنه، وسواء كان بعد نفخ الروح أو قبله إلا إذا كان هناك ضرر محقق على الأم من إكمال الحمل راجع الفتوى رقم: 2016.
فيجب على زوجتك التوبة النصوح والاستغفار والإكثار من الأعمال الصالحة، قال الله تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82}، ولا يشترط في التوبة الحج، ولكن إن حجت فقد سبق أن الحج يكفر الذنوب جميعاً.
أما بالنسبة للكفارة، فقد اختلف فيها أهل العلم، والصحيح أنها كفارة قتل النفس، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 9332، والفتوى رقم: 13171.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مرض الجنين لا يبرر إجهاضه
تاريخ الفتوى : ... 21 رمضان 1425 / 04-11-2004
السؤال(20/45)
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة على أشرف المرسلين
.ما هو حكم الشرع في إجهاض جنين عمره 3أشهر هدا الجنين مصاب بمرض جلدي خطير يتطور إلى مرض بالأمعاء يؤدى به إلى الوفاة بعد مرور 3 أو4 أشهر من ولادته مع العلم بأن هذا المرض قد أصيب به جنينان من قبل ولادتهما وبعد الولادة ب 3 أو 4 توفاهما الله إلى رحمته وأشير إلى أن هذين المولودين هما من نفس الوالدين .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجهاض محرم شرعا، ولا يجوز الإقدام عليه لأنه اعتداء على النفس بغير حق شرعي إلا في حالتين يجوز فيهما:
الأولى: إذا كان الحمل يشكل خطرا محققا على حياة الأم ولا يثبت ذلك إلا بتقرير من طبيب مأمون موثوق بخبرته.
الثانية: إذا مات الجنين في بطن أمه
ومرض الجنين لا يبرر إجهاضه؛ إلا أن يموت في بطن أمه.
لأن المرض بيد الله تعالى ومن قضاء الله تعالى وقدره، وكم من مريض من الله عليه بالشفاء فعاش حينا من الدهر
ولمزيد من التفصيل والفائدة يرجى الإطلاع على الفتاوى التالية أرقامها 17413، 2385، 2016
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
شروط جواز وسائل منع الحمل
تاريخ الفتوى : ... 18 رمضان 1425 / 01-11-2004
السؤال
سؤال حول وسائل منع الحمل لتنظيم النسل
- وسائل منع تكون بويضة المرأة.
- وسائل التقاء البويضتين.
- وسائل منع تعلق النطفة بالرحم.
الحكم الشرعي لكل وسيلة.
والسلام عليكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وسائل منع الحمل عموماً على قسمين:
القسم الأول: قطع الحمل نهائياً، وهذا لا يجوز لأن من مقاصد الشريعة الإسلامية تكثير النسل وبقاءه، ومنع الحمل الدائم واستعمال وسائله هادم لهذا المقصد العظيم ومصادم له، فاستوجب أن يكون حراماً.
والقسم الثاني: المنع المؤقت، وذلك جائز بشروط وهي:(20/46)
1/ ألا يكون في استخدامها ضرر على المرأة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني في غاية المرام، أي لا ضرر ابتداء، ولا يرد الضرر بضرر مثله أو أكثر أو أقل منه.
ولقول الله تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء: 29}.
2/ أن يكون ذلك برضا الزوجين، لأن إيجاد النسل من مقاصد النكاح الأساسية، وهو حق ثابت لكل واحد منهما، فلا يجوز لأحدهما منع الآخر منه بدون رضاه.
3/ أن تدعو الحاجة إلى ذلك، كتعب الأم بسبب الولادات المتتابعة، أو ضعف بنيتها، أو غير ذلك.
4/ ألا يكون القصد من استخدام هذه الموانع هو قطع النسل بالكلية، وسبق في الحالة الأولى.
ودليل الجواز حديث جابر رضي الله عنه قال: كنا نعزل والقرآن ينزل - يعني على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم - ولو كان الفعل حراماً لنهى الله عنه. وكذلك ما روي عن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم من جواز العزل.
فما ذكر في السؤال من وسائل منع الحمل كمنع تكون بويضة المرأة ومنع التقاء البويضتين ومنع تعلق النطفة بالرحم حكمها على ما سبق تفصيله بحسب تأثيرها على الحمل من حيث منعه نهائياً أو مؤقتاً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من أعان على معصية عليه نصيب من إثمها
تاريخ الفتوى : ... 11 رمضان 1425 / 25-10-2004
السؤال
عندي صديق طلب مني أن أذهب معه لمساعدة صديقه للخروج هو وفتاة خارج البلاد، هذه الفتاة خرجت من البلاد لإجراء عملية إجهاض وإرجاعها بكراً كما كانت وفعلا ساعدتهم على ذلك حسب علاقاتي في الأماكن المتخصصة ولكن حدود مساعدتي كانت في إطار المنافذ فقط أي أمنت لهم خروجا آمنا دون مشاكل ولم أشترك معهم في شيء أخر---فما حكم الدين علي في هذه الحالة وهل علي من الذنب ما عليهم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك أخطأت خطأ كبيرا بمساعدتك لهؤلاء الذين يريدون القيام بتلك الآثام والمعاصي الشنعية. وذلك لأن الإجهاض إذا لم يكن له مبرر شرعي فهو حرام لأنه إهلاك للنسل وإفساد في الأرض واعتداء بغير حق على نفس قد تخرج إلى الدنيا تسبح الله تعالى وتوحده. ولأن ترقيع البكارة وإرجاع الفتاة بكرا ذنب آخر، وكنا قد أفتينا فيه من قبل فراجع فيه الفتوى رقم: 5047. وإذا كانت الفتاة تسافر من غير أن يرافقها محرم فذاك ذنب ثالث، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم. متفق(20/47)
عليه. وعليه فاشتراكك في هذا الموضوع وتعاونك مع هؤلاء الناس فيه من الإثم نصيب كبير، فقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}. فتب إلى الله عز وجل ولا تعد لمثل هذا العمل وكان من الواجب عليك أن تبين حكم الله تعالى في هذه الجريمة لصديقك وخطورة الإعانة على ما حرم الله تعالى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم استخدام المرأة دواء منع الحمل
تاريخ الفتوى : ... 27 شعبان 1425 / 12-10-2004
السؤال
أمي تستخدم علاج الروماتيزم منذ سنوات وقد منعها الطبيب من الحمل وهي تستخدم حبوب منع الحمل وهي تسأل هل عليها شيء فيه علماً بأنها لا تستطيع الاستغناء عن العلاج، فبماذا تنصحونها؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان تناول أمك دواء منع الحمل لمرض بها يشق عليها الحمل معه، فلا إثم عليها، ولا يلزمها شيء، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 5050.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الإجهاض بسبب إخبار الطبيب بأن الجنين سيولد مشوها
تاريخ الفتوى : ... 24 شعبان 1425 / 09-10-2004
السؤال
إن زوجتى وصف لها علاج لالتهاب عنق الرحم دون أن تعرف أنها حامل وبعد أخذ العلاج اتضح أنها حامل. وهذه الأدوية معروف عنها أن تسبب تشوهات للجنين في الأسنان والقلب والأوعية الدموية والعديد من المخاطر. وقد نصحها الطبيب بإيقاف الحمل. وبالفعل تم إسقاط الحمل بناء على رأي الطبيب الخاص بالنساء والولادة وكذلك طبيب الباطنة. فما حكم الشرع في ذلك؟ وهل يجب الصيام على الأب والأم؟ وهل هناك دية وما مقدارها بالدينار التونسى؟
جزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجهاض محرم شرعا لأنه اعتداء على نفس بغير حق، ومجرد اخبار الطبيب بتشوه الجنين ليس عذراً مبيحا للإجهاض، ولا يعمل برأي الطبيب فيه إلا أن يكون إبقاء الجنين يشكل خطرا على حياة الأم، وثبت ذلك بتقرير من أطباء ثقات مؤتمنين، فعندئذ يرتكب أخف الضررين ويسمح بإجهاض الجنين.(20/48)
وإذا لم يكن الجنين قد بلغ الأربعين يوما فلا دية فيه ولا كفارة، وإذا كان الإجهاض حصل بعد الأربعين أي بعد ما استبان خلقه فإن في إسقاطه غرة هي عشر دية الأم. وطريقة معرفة هذه الغرة بالدينار التونسي هي أن يُسأل عن دية المرأة المقررة رسميا في البلد، فإذا قيل إنها عشرون ألف دينار مثلا كانت الغرة ألفين. وقس على ذلك. وراجع في هذا الفتوى رقم: 9332. وهذه الغرة تلزم الأم إن كانت هي المسقطة، وكذا الأب أو غيره إن شارك في ارتكاب هذا الإثم. وعلى هؤلاء أيضا كفارة بتحرير رقبة أو صيام شهرين متتابعين. وراجع في حكم المشاركة في إسقاط الجنين الفتوى رقم: 28671.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... هل تقطع الإنجاب مخافة أن يولد أولاد معاقون؟
تاريخ الفتوى : ... 12 شعبان 1425 / 27-09-2004
السؤال
خالتى متزوجة وعائلة زوجها تعانى من مرض وراثي وهو ضمور في العضلات وإخوة زوجها الثلاثه مصابون بهذا المرض، وفي الوقت الحالى مقعدون لا يستطيعون الحركة وهي الآن لديها ابنتها وعمرها تسع سنوات بدأت تعاني من هذا المرض وعندما ذهبت إلى الأطباء نصحوها بالانقطاع عن الإنجاب لأن المرض وراثى وأبناؤها متعرضون لهذا المرض ما حكم الشرع في هذا الأمر هل تقطع الإنجاب كليا هل هو حلال أم حرام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم ـ رجلا كان أو امرأة ـ أن يقطع الإنجاب نهائيا لما في ذلك من منافاة المقاصد الشرعية التي تحث على الإنجاب، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم. رواه أحمد وأصحاب السنن.
فلا يقطع الإنجاب إلا إذا كان هناك ضرر محقق أو غالب يلحق الأم ولم توجد وسيلة أخرى لدفع هذا الضرر غير قطع الإنجاب كليا. ففي هذه الحالة يجوز من باب الضرورات التي تبيح المحظورات وارتكاب أخف الضررين. قال الله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {البقرة: 173}. وما دامت الأم سالمة من أن ينالها هي ضرر فلا وجه لقطع الإنجاب، ولا ينبغي التدخل في القدر، فقد يخلق الله لها ولدا غير معاق تقربه عينها، وقد يخلقه معاقا ويجعل فيه خيرا كثيرا فهو أعلم بخلقه وما يصلحهم، قال تعالى: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {الملك:14}. ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 31968.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
وجود عشرة أبناء لا يبرر القيام بعملية ربط الرحم(20/49)
تاريخ الفتوى : ... 01 شعبان 1425 / 16-09-2004
السؤال
أنا امرأة في الثامنة والثلاثين من العمر، أجريت عملية لربط الرحم وعندي مرض السكر ولي من الأبناء عشرة، أفيدوني جزاكم الله خيراً في هذه العملية، هل هي جائزة أم لا، مع العلم بأنه من بعد العملية أصبت بمرض غريب أجريت جميع الفحوصات الطبية والرقى الشرعية فلم يتبين لي أي عارض... مع العلم بأنني منذ جاءني هذا المرض أصاب بحالات إغماء وعدم الاتزان وعوارض كثيرة غريبة، والآن كملت أربعة أشهر وأنا على هذه الحالة لا أستطيع المشي وبعض الأحيان أصاب بالخوف ويحدث لعيني الاثنتين ارتعاش وقدمي أيضاً؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العلي القدير أن يشفيك من جميع ما أنت فيه من الأمراض، والذي كان عليك فعله هو طرح هذا السؤال قبل أن تقومي بالعملية التي أجريتها، لأن المسلم لا يحل له أن يعمل عملاً حتى يعلم حكم الله فيه، ولأن الجواب الآن لا يفيد شيئاً بالنسبة لما مضى.
وعلى كل حال، فالذي عليه أهل العلم في موضوع عمليات الرحم، أنها إذا كانت تؤدي إلى قطع النسل بالكلية فإنها لا تجوز إلا أن يكون هناك ضرر محقق سيلحق المرأة إذا لم تقم بالعملية، وتعينت هذه العملية وسيلة لتجنب الضرر المذكور، وهذا هو مذهب جمهور العلماء، وراجعي فيه وفي أدلتهم فتوانا رقم: 32635.
وكونك عندك من الأبناء عشرة لا يبرر مثل تلك العملية، وكذلك مرض السكر إذا لم يخبر المختصون بالطب أنهم يلزمك قطع النسل، وتعين الربط وسيلة لهذا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إجراء عملية قطع النسل للزوجة دون رضاها معصية عظيمة
تاريخ الفتوى : ... 30 رجب 1425 / 15-09-2004
السؤال
أنا متزوج منذ 13 سنة أحب زوجتي وزوجتي تحبني والحمد الله هي إنسانة متدينة وتعرف واجبها اتجاهي وصابرة على تصرفات أهلي رغم أننا مستقلون في بيت لوحدنا ولكن أحيانا المشاكل تأتي إلى عندنا مشكلتي مع زوجتي بأن الله سبحانه لم يرزقنا أولادا فزوجتي تحمل ولكن الحمل يسقط فمجرد أن يحدث حمل تأتيها أحلام مزعجة كالقطط واحد يدفها من مكان مرتفع أو أنها تحس بأنه أحد يرفعها لفوق ثم يسقطها وأحلام كثيرة لحد ما يصير إسقاط وتحمل حمل خارج الرحم فقرر الدكتور بأن يستأصل قنوات فالوب فهي رافضة هذه ا لعملية وبشدة ولكنني أنا من خوفي عليها وافقت ووقعت بدون إذن منها ووقفت عند الدكتور ضدها وكل هذا خوفا عليها ولكنها الآن دائمة البكاء وتقول لي لماذا ضيعت مستقبلي وسمعت كلام الدكتور الموت والحياة بيد الله وليس على كلام دكتور وهي دائما تردد علي بأن(20/50)
علاجها بالقرآن وليس عند دكتور وأنا الحين أفكر في الزواج ولكن أفكر فيها هي في نفس اللحظة وأشعر من داخلي بأني غلطت في حقها وزواجي من ثانية تدمير لقلبها مثل ما قلت لك فهي نفسيتها تعبانه جدا والحمد الله هي تصلي وتطلب من الله كثيرا الذرية وعملنا أطفال أنابيب أكثر من مرة ولكن تفشل ما هو
الحل لمشكلتنا هل أتزوج وهي رافضة هذا الكلام رفضن باتا أم أنني أصبر من صبرها ولا أجرحها مرة أخرى فأهلي وأصدقائي يلحون علي بالزواج وهم لا يعلمون بأن زوجتي تم استئصال قنوات فالوب لها تحت رضائي ورفض منها ما الحل هل زواجي من غيرها ظلم مني لها لأنني سعيد والحمد الله معها من كل النواحي
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اعتديت على زوجتك وارتكبت في حقها خطأين عظيمين:
الأول منهما: توقيعك على إجراء عملية لها بدون موافقة منها، فالزوجة إنسان يتمتع بحريته في خصوصياته، فلا يجوز أن يتصرف زوج ولا طبيب في جسمها بدون إذن منها ما دامت تتمتع بعقلها.
ثاني الخطأين: إجراء عملية من شأنها قطع النسل في المستقبل، وهذا أمر لا يجوز مطلقا إلا في حالات نادرة ذكرناها في الفتوى رقم: 636 وليس الإسقاط على نحو ما ذكر من مسوغات ارتكاب وسائل العقم، فعليك أخي أن تتوب إلى الله تعالى مما أقدمت عليه، وأن تستسمح زوجتك وترضيها.
أما الزواج من ثانية فليس ظلما لزوجتك الصابرة المتدينة، بل ذلك مما أحل الله لك، وقد سبق بيان هذا في الفتاوى التالية برقم:: 39548 ورقم: 310 ورقم: 42934 ولكن يجب عليك العدل بين الزوجات كما هو موضح في الفتوى رقم: 47280.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يباح الإجهاض إلا بشروط
تاريخ الفتوى : ... 08 جمادي الثانية 1425 / 26-07-2004
السؤال
هل يجوز إجهاض المرأة المغتصبة التي ستلد جنيناً مشوهاً، ومعرضة لخطر الموت نتيجة للحمل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس على المرأة إثم فيما إذا اغتصبت ولم تستطع دفع ذلك عن نفسها، ولكن الإثم يلحقها إذا سعت في إسقاط نسمة كان في الإمكان أن تخرج إلى الوجود، وتكبر المعصية إذا بلغ الجنين مرحلة نفخ الروح، إلا أن يكون الإبقاء على الحمل يشكل خطراً محققاً على حياة الأم، وراجع في هذا الفتوى رقم: 2143، وفيه رد على الفقرة الأخيرة من سؤالك.(20/51)
وليس للمرأة كذلك أن تتسبب في إسقاط الجنين بحجة أنه سيولد مشوها، وراجع فيه الفتوى رقم: 2222، وفي جميع الحالات التي يحرم فيها الإجهاض فإن الإثم يلحق كل من شارك فيه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
التوبة من الإجهاض يستوجب عدة أمور
تاريخ الفتوى : ... 08 جمادي الثانية 1425 / 26-07-2004
السؤال
لقد تزوجت إنسانة ثم طلقتها وعقب الطلاق بسته شهور حدث لقاء بيني وبينها وبعد ذلك حدث حمل ثم تم إجهاض الحمل قبل أن يتم مائه وعشرين يوما فما هو السبيل إلى التوبة وما هو الواجب فعله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن اقتراف العبد لجريمة الزنا ذنب عظيم وتجرؤ كبير على كبيرة من كبائر الذنب عدها الله تعالى قرينة الشرك وقتل النفس التي حرم الله تعالى إلا بالحق، حيث قال سبحانه: [
وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ] (الفرقان: 68-69).
ويزداد هذا الإثم أكثر إذا أتبع الإنسان هذا الجرم بجرم آخر وهو إجهاض الجنين أو المساعدة فيه، فإن كان ذلك بعد نفخ الروح فهذا قتل للنفس، فلزم فيه غرة وهي عبد صغير أو أمة، لما في الصحيحين أن أبا هريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها عبد أو وليدة.
فإذا لم توجد الغرة دفع قيمتها وهي عشر دية الأم.
وعلى هذا، فالواجب عليك التوبة والاستغفار والإكثار من الأعمال الصالحة لعل الله تعالى يتوب عليك ويمحو زلتك، فإنه سبحانه يقول: [وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى] (طه: 82).
ومن لوازم التوبة دفع دية الجنين إن كان لك سبب في إسقاطه، ثم قطع الصلة بتلك المرأة أو غيرها من صواحبات الفسق والفجور.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتاوى التالية أرقامها: 2208، 5920 6012.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... هل يأثم من زنا بفتاة فحملت فأجهضت
تاريخ الفتوى : ... 18 جمادي الأولى 1425 / 06-07-2004(20/52)
السؤال
للأسف لم أتلق الفتوى المناسبة التي كنت أتمنى أن تجيب على حيرتي و تزيل قلقي بل تم توجيهي إلى فتاوى مشابهة كما تفضلتم إلا أني لم أجدها مناسبة بل و بعيدة عن حالتي ....
أود أن ألقى إجابة شافية و مناسبة لحالتي حسب ما تقتضيه تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف من شيخ عالم ورع ومتمكن وإذا تعذر الأمر فمن الأحسن عدم التمويه.
وإليكم مشكلتي ..
كنت على علاقة بفتاة متحللة أخلاقيا لمدة عام ومنذ أربعة أشهر أخبرتني أنها حامل وفي شهرها الثالث
طلبت مني الزواج لستر الفضيحة ولما رفضت بشدة قررت الإجهاض ورغم أنني عارضت الأمر بشدة ورغم أنني بينت لها حرمة الجنين وكبيرة الإجهاض إلا أنها أصّرت وفعلا أجهضت في أسبوعها الرابع عشر تقريبا.
أرجوكم بيّنوا لي ما يترتب عليّ من إثم مع العلم أني فارقتها كما أنني كنت ضد الحمل من الأساس.
وهل أنا اّثم بالزنا فقط أم بالإجهاض كذلك ؟
هل أنا قاتل نفس ؟
ماذا يترتب عليّ فعله كفارة لما فعلت؟
وهل إلى توبة من سبيل ؟ وجزاكم الله عنا كل خير...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك قد ارتكبت آثاماً شنيعة وفاحشة نكراء بما مارسته من علاقة بفتاة لا تحل لك، وبما فعلته من الزنا، وقد كنا بينا حكم الزنا في فتاوى سابقة فراجع فيه الفتوى رقم: 26046.
وأما ما يتعلق بالإجهاض وقتل النفس والكفارة في ذلك، فطالما أنك لم تساعد على الإجهاض ولم تقبله، وقد فعلته المرأة من تلقاء نفسها، فليس عليك فيه كفارة ولا دية.
وبالنسبة لذنبك وما إذا كان عظمه يصير لك نصيباً من إثم القتل، لأنك أنت الذي أحبلت الفتاة، فهذا لا سبيل لنا إلى الإجابة عنه، لأن أحجام الذنوب ودرجة المؤاخذة بها ونحو ذلك هي من الأمور الغيبية التي لا يمكن الإجابة عنها إلا بتوقيف من الشارع، ولم يرد نص يحدد هذا.
وأما التوبة، فبابها مفتوح لك على مصراعيه، قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [سورة طه:82].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.
وقد يبدل الله السيئات حسنات إذا حسنت توبة المرء، قال الله تعالى بعد ذكر جملة من المعاصي منها القتل والزنا: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [سورة الفرقان:70].(20/53)
فبادر إلى التوبة بالابتعاد عن تلك المعاصي والندم عليها والعزم أن لا تعود إليها في المستقبل، وأبشر بالخير إذا تبت.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الإجهاض إذا كانت الولادة تضر بالأم ضررا محققا
تاريخ الفتوى : ... 17 جمادي الأولى 1425 / 05-07-2004
السؤال
هل يجوز إجراء عملية الإجهاض هذه أم لا في هذه الظروف، زوجتي تريد إجراء عملية الإجهاض لأسباب صحية، فهي الآن في يومها الثلاثين من الحمل وتعتبر الأسباب التالية تمنحها الرخصة لفعل ذلك:
- لا يمكنها الولادة إلا بواسطة عملية جراحية كما حدث في مناسبتين، وذلك راجع إلى تكوينها الفسيولوجي كما أثبتته تقارير الأطباء على ضوء الأشعة والفحوص الطبية.
- تقارير الأطباء تنصح في مثل هذه الحالة بانتظار سنتين على الأقل قبل الحمل من جديد، وهذه المدة لم تكتمل بعد الآن.
- الطفل الأخيرعمره لم يتعد السنة والنصف ولازال يحتاج إلى رعاية مكتفة من قبل الأم.
فضيلة الشيخ : هل يجوز إجراء عملية الإجهاض هذه أم لا في هذه الظروف، ما هو الصواب لإقناعها بالعدول على ذلك في حالة عدم الجواز، إذا أصرت زوجتي على ذلك رغم عدم الجواز وبدون موافقتي، فهل أكون آثما معها، علما أن مصاريف الإجهاض سوف أضطر لدفعها لمنعها من طرق أبواب أخرى؟ جزاكم الله عنا كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الإجهاض قبل نفخ الروح في الفتوى رقم: 44731، والفتوى رقم: 46342.
ولكن إن ترتب على وجود الجنين ضرر بالأم محقق جاز الإجهاض ومن ذلك تكرار إجراء العملية القيصرية في فترات متقاربة إذا قرر الأطباء الأمناء ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أخطأ مع امرأة أخرى غير زوجته وتخلصا من الجنين ...
50549
السؤال
أنا متزوج وأعول طفلين ولا يوجد أي حب بيني وبين زوجتي وتعرفت على فتاة وأحببتها ووقعت أنا وهي في الخطإ وأصبحت حاملا وتخلصنا من الجنين على أن(20/54)
نتزوج والأسباب منعتنا من الزواج داخل مصر فسافرت للعمل بإحدى الدول العربية على أن ترسل لي عقد عمل وبعدها أسافر ونتزوج والآن هي التي تتهرب من الزواج مني أو إرسال عقد العمل للسفر لاقناعها أن نتزوج وكان ردها أنها كافرة والآن ماذا أفعل للتكفير عن واقعة الزنا وقتل ابني منها وهل أحاول معها وأصر على الزواج أم ماذا؟ أرجو الإفادة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنوصيك بالتوبة وتقوى الله تعالى المطلع على سرك ونجواك ، واعلم أن الدنيا بما فيها متاع زائف وظل زائل لا مقام فيها ، فلا تجعلها أكبر همك ولا منتهى همتك، وتوجه إلى الآخرة وإلى ما ينفعك فيها ويقربك من العزيز الجبار ، واتق الله في زوجتك وقم لها بحقها فهي أم أولادك، ومن حقها عليك النفقة والعشرة بالمعروف وحسن المعاملة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر، أو قال غيره.
وعموما؛ فإن رأيت أنك ما زلت بحاجة إلى زوجة أخرى فابحث عن ذات الدين والخلق والجمال يبارك لك فيها ويحسن حالك معها، أما المرأة التي ذكرت فلا تصلح لك لما بدر منها من سوء خلق وقلة ديانة ، والنساء غيرها كثير فلا يلبس عليك الشيطان وتستهويك نفسك للزواج بها. وأما قولها إنها كافرة، فإن قصدت أنها ارتدت عن الإسلام فلا يجوز لك الزواج بها بحال من الأحوال، وإن كان قصدها أنها من أهل الكتاب كأن تكون يهودية أو نصرانية فلا يجوز الزواج بها لأنه لا يجوز الزواج بالكتابية إلا إذا كانت عفيفة وهذه ليست عفيفة لما اتضح من حالها. وأما كفارة الزنا فالتوبة بشروطها: من الإقلاع عنه، والندم على فعل المعصية، والعزم على عدم العودة، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 2208. وأما دية وكفارة إجهاض الجنين فسبقت في الفتوى رقم:13171.
ويجب عليك عند الزواج بثانية أن تعدل بين زوجتيك في النفقة والعشرة والقسم. ونسأل الله أن يتوب علينا وعليك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الإجهاض خوفاً من فقدان الوظيفة ...
49413
السؤال
أرجو أن تعينوني في مشكلتي وهي أنني زوجة وعندي طفلتان وحدث بالخطأ حمل آخر وللأسف هذا الحمل سوف يفقدني وظيفتي مما يزيد من أعباء البيت المادية بالإضافة أن أمي لا تساعدني في أي شيء وأنا أتحمل المسئوولية بمفردي . وزوجي يريد أن أجهض هذا المولود خوفا من زيادة العبء المادي والمجهود على(20/55)
صحتي . أنا لا أعاني من شيء بصحتي محدد ولكن ضعف عام من المجهود اليومي . وأنا عملت إجهاضا مرتين قبل ذلك ولكني وعدت الله أن لا أكررها وللأسف لا أتوقف عن القلق من هذا الموضوع وأخشى أن أغضب الله. أرجو الإفادة أعانكم الله .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 2016 ، حكم الإجهاض وخطورة الإقدام عليه وما يترتب على مرتكبه فلترجع الأخت السائلة إلى تلك الفتوى.
ولتعلم أن الإقدام على الإجهاض بحجة تخفيف العبء المادي أخبر المولى سبحانه وتعالى بأنه خطأ كبير، قال تعالى: [وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً](الإسراء:31)
أي إثما كبيرا.
وهو من أمور أهل الجاهلية، ومن سوء الظن بالله تعالى، فلتتوبي إلى الله تعالى مما سبق أن ارتكبته من الإجهاض ولا تعودي لمثله.
ولا يجوز طاعة الزوج ولا غيره في الإقدام على هذه المعصية الكبيرة.
واعلمي أن المسؤول عن أعباء البيت المادية هو الزوج وحده، أما أنت فمسؤوليتك هي تربية أولادك والقيام بشؤون بيتك، ولست مطالبة شرعاً بأن تكوني موظفة حتى تساعدي الزوج في تلك الأعباء، فالمحافظة على الوظيفة ليست حجة لك أمام الله تعالى تبرئك من تبعات تلك المعصية العظيمة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الإقدام على عملية الإجهاض خوفاً من عدم التخرج ...
49107
السؤال
بعد الشكر لجهودكم الكبيرة أود منكم لو تكرمتم وأجبتم على استفساري بالسرعة الممكنه لحساسية الوقت, السؤال هو: صديقي طالب في كلية الطب سنة أخيرة وهو الآن على أبواب التخرج, طلب منه الآن وهو في نهاية مرحلة التدريب أن يقوم بعملية إجهاض لفتاة حملت ربما سفاحاً وهو الراجح أو حلالاً من زوجها فهو لا يعلم بالضبط، وعلى كل حال فقد فعل، ما حكم الشرع في هذه المسألة علماً بأن اعتراضه ربما يؤثر على تخرجه من كلية الطب الذي بات قاب قوسين أو أدنى إن شاء الله (علماً بأن الصين لا تمنع الإجهاض وبالطبع لا تحرّمه)، وهل يمتنع عن التنفيذ إذا طلب منه ذلك مرة أخرى حتى لو أدى ذلك لعدم تخرجه من الكلية، أفتونا بأقرب سرعة ممكنة؟ أثابكم الله عنا كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(20/56)
فقد ارتكب صديقك هذا أمراً محرماً، وليبادر إلى التوبة منه إذ الإجهاض محرم ما لم يكن له مبرر معتبر في الشرع، كأن تكون حياة الأم في خطر داهم ما لم يقع الإجهاض، أو ثبوت أن الجنين قد مات في بطنها، ولا يمكن الاعتماد في شيء من ذلك إلا على تقرير من طبيب ثقة.
والإجهاض محرم في جميع مراحل الحمل لغير السببين المذكورين، ولكنه إذا وقع بعد نفخ الروح تلزم الفاعل الدية والكفارة، والروح تنفخ بعد مائة وعشرين يوماً، وراجع في هذا الفتوى رقم: 26878.
وبهذا تعلم حكم ما إذا دعي صديقك إلى هذا الفعل مرة أخرى، وليس الخوف من عدم التخرج من الكلية عذراً مبيحاً للإقدام على الإجهاض، كما أن كون الصين لا يمنعون الإجهاض ولا تحرمه قوانينهم، لا يعد مبرراً لارتكاب ما ثبت أن الله حرمه، وعليه أن يبين للصينيين أن دينه لا يجيز له فعل هذا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إجهاض الجنين لكونه مشوها أو مريضا ...
47660
السؤال
إلى أهل الفتوى أرجو منكم إفادتي في أمري هذا، لقد رزقني الله سبحانه بولد هو الثالث بين إخوته اسمه أنس وجاء يعاني من مرض كما قال الأطباء إنه ضمور عضلات وأن هذا المرض ليس له علاج وأن الموت أو الشلل التام هو آخر ما سيصل في هذه الحالة وعندها لجأت إلى ربي بالدعاء والبكاء أن يشفي إبني ونذرت له نذراً قائلة يارب نذراًعلي إن شفي ابني ومشى على الأرض سوف أحمل وألد ولم أكن أعلم حينها أني حامل با ابنتي سارة من فوق المانع وقلت بعدها قدر الله وما شاء فعل ولم يكن مني إلا أن قبلت أمرالله وقال لي الأطباء يجب عليك فحص الطفل إن كان ولدا عليك تنزيله وإن كانت بنتا فلا بأس وعندها لم أفحص ما في بطني إلا في الشهر الثامن لأني لن أغضب ربي وأنا أرجوه أن يشفي ابني ، وشاء الله أن يشفى ويمشى على الأرض وجاء وقت السداد بالدين فما هو رأى الدين في الوفاء بالنذر وهل له من كفارة مع العلم أن الأطباء قالوا لي أنه من الممكن فحص الطفل في أشهره الأولى وإن كان به خلل وجب تنزيله وإن حصل لا قدر الله أليس هذا قتل روح وشكراً .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإجهاض الجنين لمجرد كونه مشوهاً أو مريضاً لا يجوز كما بيناه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2222/5920/2394.
وإنما يكون الإجهاض جائزاً إذا تحقق الخطر على حياة الأم أو على عضو من أعضائها، وليُعلم أن لله تعالى حكمة في الابتلاء علمها من علمها وجهلها من جهلها.
والله أعلم.(20/57)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إجراء عملية ربط للرجل لقطع الإنجاب ...
47238
السؤال
طبيب مسالك يستفسر عن : هل عملية ربط لرجل للامتناع عن الخلفة حرام أم حلال؟ حيث إن هذا الرجل حياته مهددة إذا لم يقم بعمل هذه العملية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإسلام رغب في الإنجاب وحث عليه بغية التكاثر. روى أبو داود والنسائي في سننهما عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وإنها لا تلد، أفأتزوجها؟ قال صلى الله عليه وسلم: لا، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة، فقال: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة. إذاً، فالولد مرغب فيه شرعا ومحبب إلى النفوس طبعا، ومع ذلك، فإذا كان عدم إجراء عملية ربط للرجل عن الإنجاب يشكل خطرا محققا على حياته، وثبت ذلك من أطباء ثقات، فإنه يشرع له فعل ذلك.
قال تعالى: [وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً] (النساء: 29).
وراجعي في الموضوع الفتوى رقم: 36768.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا تريد الإنجاب قبل إنهاء دراستها وترغب أن تعمل ...
47223
السؤال
أود أن أستشيركم في موضوع مهم ، تقدمت لخطبة فتاة متدينة ولكني عرفت بعد فترة قالت لي بأنها لا تريد أن تنجب قبل أن تنهي دراستها وأنها تريد أن تعمل وأنا صراحة لست مقتنعا تماما برأيها وأود أن أعرف رأيكم بالموضوع ، هل أستمر معها أم أبحث عن أخرى أرجوكم ساعدوني فأنا حائر وشكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل قرار المرأة في بيتها، فلا تخرج منه إلا لحاجة، قال تعالى:
[وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى] (الأحزاب: 33). ولكن يجوز لها أن تخرج إذا انضبطت بالضوابط الشرعية من حجاب وحشمة، وغض بصر، وعدم خلوة وعدم خضوع بالقول، وعدم اختلاط بالرجال، وغير ذلك من الضوابط، ومن ذلك خروجها للعمل، وإذا طلب الرجل من زوجته ترك العمل فيلزمها أن(20/58)
تطيعه، إلا إذا كانت قد اشترطت عليه عند العقد أن تعمل وانضبطت في عملها بالضوابط الشرعية.
أما عن تأخير الإنجاب فإنه لا بأس به بشرط ألا يكون القصد هو عدم الإنجاب نهائيا، ولكن يشترط أن يكون ذلك برضا الطرفين، وراجع الفتوى رقم: 35423، والذي ننصحك به هو أن تحاول إقناعها بالعدول عما تريد من العمل وتأخير الإنجاب، فإن استجابت فذلك، وإلا، فابحث عن فتاة أخرى ذات دين لا تعمل ولا تمانع من الإنجاب في أي وقت تريد.
نسأل الله أن يصلح حالك وأن يسهل أمرك وأن يختار لنا ولك ما فيه الخير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض من الزنا جريمة أخرى ...
47191
السؤال
امرأة زنت وهي متزوجة وتابت إلى الله توبة نصوحاً ولم يعلم أحد من أفراد أسرتها بالأمر ولكنها اكتشفت أنها حامل ماذا تفعل بهذا الجنين السفاح الذي سوف يدمر أسرتها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عصت هذه المرأة ربها وهتكت عرض زوجها بخيانتها هذه، فالواجب عليها التوبة والاستغفار من هذا الذنب العظيم الذي قرن الله تعالى فاعله بالشرك وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، فقال الله سبحانه: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا [الفرقان:68-69].
ثم أن على هذه المرأة أن تستتر بستر الله تعالى ولا تخبر أحداً ولو كان ذلك زوجها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أصاب شيئاً من هذه القاذورات فليستتر بستر الله. رواه مالك.
ولتحذر من أن تضيف إلى جريمة الزنا جريمة أخرى وهي إجهاض الجنين خاصة إذا كان بلغ مرحلة نفخ الروح، وإن خرج هذا الجنين حياً نسب إلى زوجها بحكم الفراش لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. رواه البخاري، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 44731، والفتوى رقم:39576.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تحديد النسل للظروف المعيشية والدخل المحدود ...
46903
السؤال(20/59)
ما الحكم في تحديد عدد الأولاد في ظل ارتفاع تكاليف التعليم بصورة باهظة للطفل الواحد وزيادة تكاليف المعيشة بشكل عام مع ثبات مستوى الدخل. أعلم أن الله يرزق من يشاء بغير حساب و لكن أيعد عدم استخدام وسائل منع الحمل الموجودة حاليا تراخيا وعدم أخذ بالأسباب في ظل الظروف المعيشية المعروف حدودها " في الوقت الحالي " .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تكثير النسل مطلب شرعي لما فيه من تكثير سواد هذه الأمة، وعامل مهم من عوامل قوتها، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم. وراه أحمد وأبو داود، وصححه العراقي.
وقد يظن بعض الناس أن كثرة الأولاد عامل لتضييق الرزق، خاصة في هذا الزمان الذي ارتفعت فيه تكاليف الحياة من جميع جوانبها، وينسى هؤلاء أن الله تعالى قد تكفل برزق الخلائق، حيث قال: [وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا] (هود: 6). وقوله: [إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ] (الذريات:58).
بل إن الواجب على المسلم اعتقاد أنه ما من مولود إلا ويكتب رزقه قبل أن يولد، لما في الصحيحين عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل وكل بالرحم ملكا يقول: يا رب نطفة، يا رب علقة، يا رب مضغة، فإذا أراد أن يقضي خلقه أذكر أم أنثى، شقي أم سعيد، فما الرزق والأجل، فيكتب في بطن أمه. وفي رواية لمسلم: ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد.. الحديث، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها الذي كتب الله تعالى لها في هذه الدنيا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب. رواه أبو نعيم وصححه الألباني.
وعلى هذا، فإن تحديد عدد الأولاد من غير حاجة معتبرة شرعا لا يجوز، كما هو مبين في الفتوى رقم: 32876، وذلك لما فيه من ضعف اليقين في وعد الله تعالى بالرزق، وقد عاب الله على الكفار قتل أولادهم خشية الفقر والفاقة فقال: [وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ] (الإسراء: 31).
قال ابن كثير في تفسيره: أي ولا تقتلوهم من فقركم الحاصل، وقال في سورة الإسلراء: [وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ] أي خشية حصول الفقر في الآجل، ولهذا قال: [نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ] فبدأ برزقهم للاهتمام بهم، أي لا تخافوا من فقركم على الله.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مرد تقدير خطورة الحمل إلى أهل الاختصاص ...
46365
السؤال(20/60)
بسم الله الرحمن الرحيم
حدث لي دوار من الصداع الشديد أدي بي إلي الإغماء أثناءالسير في الطريق، وعندما ذهبت إلى الطبيبة قالت لي إنني حامل منذ أربعه أشهر وعندما حسبت أنا مدة انقطاع الدوره كانت حوالي شهرين
وأنا أعاني حالياً من ارتفاع ضغط الدم وعند تحليل عينة من البول وجد لدي ارتفاع في نسبة الزلال لدرجة حدوث ورم في وجهي وقدمي ويوجد عندي فتق سري، فهل هذا خطر علي حياتي؟
وهل لي أن أعرض نفسي علي طبيب رجل مسلم لكي أعرف حلاً لتلك المشكلة؟ وهل إذا كان الجنين فعلاًً لديه أربعة شهور هل لوجوده خطر علي حياتي؟ وإذا كان خطراً علي حياتي فهل الإجهاض حرام وأنا أبلغ من العمر 45 عاماً ولدي 5 أولاد أكبرهم سنا في المرحلة الجامعية والصغرى في المرحلة الإبتدائية ولا يوجد من يعولهم غيري أناوزوجي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يقرر مدى خطورة الحمل عليك وأنت بالحالة التي ذكرت هم أهل الاختصاص، فإذا قرر أهل الاختصاص الموثوق بهم أن بقاء الحمل يشكل خطراً عليك، فإنه لا بأس عليك في إجهاضه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 2844،والفتوى رقم: 8781.
أما عن الذهاب إلى طبيب رجل فإذا لم توجد طبيبة تقوم بالأمر فإنه لا بأس بذلك، وراجعي الفتوى رقم: 883.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الإجهاض خوفا من انتقال المرض إلى الطفل ...
46342
السؤال
بالله عليك يا شيخ عندي أمر أتمني منك الإجابة في أسرع وقت، أنا سيدة أبلغ من العمر42 سنة وأنا حامل في الشهر الرابع أعاني من مشكلة في الدم حيث إن الصفائح الدموية كانت هابطة قبل الحمل لكنها زادت في النزول حتى وصلت 52 بعد ما كانت 75 وأعاني أيضا من الآلام في فقرات الرقبة مند سنتين و لكن زاد الألم والصداع الدائم حيث إنني الآن أشعر بالهزال وعدم القدرة على الحركة وفشل في الذراعين
مع العلم بأني في بلد أوروبي لدراسة زوجي وأني إن شاء الله عائدة إلي بلدي في شهر 7 وأن الدكتور أخبرني أن الطفل سيكون حاملا لهذا المرض وسيزاد الطفل صفائح و سوف يضطر لإنزال الجنين في الشهر السابع وأنه أثناء الولادة سيكون هناك نزيف وسوف يتم تزويدي بصفائح، وقال الدكتور إدا نزلت الصفائح على هذا(20/61)
الحد يضطر إعطائي الكورتيزول وقد خيرني إن كنت أرغب في إنزال الجنين لكني أردت أن أستشيرك وأستعين بالله
و قبل أن أنسى إنني أم لستة أطفال
أرجوك أن تجيبني في أسرع وقت لأني في حيرة
أختك في الله .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يمن علينا وعليك بالعافية والشفاء.
واعلمي أن الإجهاض له حالان:
الأول: أن يكون بعد نفخ الروح، وهذا لا خلاف بين أهل العلم في أنه حرام، لأنه قتل للنفس التي حرم الله بغير حق.
والثانية: أن يكون قبل نفخ الروح، وقد اختلف في ذلك أهل العلم:
-فذهب الحنفية والشافعية إلى أن ذلك جائز.
-وذهب الحنابلة إلى أن ذلك يجوز إذا كان قبل تمام الأربعين يوماً.
-وذهب المالكية وهو قول عند الشافعية والحنابلة إلى أن ذلك لا يجوز مطلقاً، وهذا هو المفتى به في الشبكة الإسلامية، ولكن لذلك استثناء في حالتين:
الأولى: أن تكون حياة الأم معرضة للخطر بسبب استمرار الحمل.
والثانية: أن يكون الطفل قد مات في بطن أمه.
وعليه؛ فإنه لا يجوز لك الإجهاض إلا إذا قرر الأطباء الثقات أن استمرار الحمل يشكل خطراً على حياتك، وأما احتمال انتقال المرض إلى الطفل فإن هذا ليس عذراً يبيح الإجهاض، وذلك على القول بتحريم الإجهاض مطلقاً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حول تحديد النسل ...
45934
السؤال
قالت لي زوجتي إنني لا أريد أطفالا بعد هذا الطفل وسوف أفعل ما أريد عندما تعود أنت للسعودية. ولن أبالي بشيء أنا حرة بنفسي . مع أنني أريد أطفالاً وهي تريد أن تحرمني، يا شيخ ما حكم من تريد أن تفعل ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعن امتناع زوجتك من الإنجاب فقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 31156، وما أحلنا عليه فيها من الفتاوى، والخلاصة أن القطع الكلي لا يجوز ولو برضا الطرفين، وأن القطع المؤقت يجوز برضا الطرفين، وإذا كان هناك ضرر على طرف فلا يشترط رضا الطرف الآخر.
والله أعلم.(20/62)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم القيام بعمليات الإجهاض ومنع الحمل ...
45086
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم وصلي اللهم على نبينا محمد
أختي تدرس الطب وتسأل عن حكم إجراء عمليات جراحية لمنع الحمل والإجهاض؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإجراء عمليات لمنع الحمل أو للإجهاض لا يمكن أن تعطى حكماً عاماً بل في كل منهما تفصيل، وقد سبقت لنا فتاوى كثيرة في تفصيل ذلك فراجع التفاصيل في حكم منع الحمل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31968، 41962، 636، 8182.
وراجع التفاصيل في الإجهاض في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2143، 28671، 44731.
وعليه فإذا كانت أختك ستقوم بعمليات الإجهاض ومنع الحمل التي تنضبط بالضوابط الشرعية فإنه لا حرج عليها في ذلك، أما إذا كانت هذه العمليات غير مضبوطة بالضوابط الشرعية فإنه لا يجوز لها القيام بها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تجب دية الجنين على المرأة وكل من باشرالإجهاض ...
45029
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الأستاذ الفاضل /
تحية طيبة وبعد
أتقدم لسيادتكم بوافر شكري لما تقدمه من أجل حل المشاكل في نطاق الدين الإسلامي الحنيف وأعرض على سيادتكم مشكلتي وهي كآلاتي
أنا متزوج ومعي طفلان منذ خمسة أعوام تعرفت على فتاة أحببتها جدا وحدث ما حدث بيننا وحمل، طلبت منها الزواج ولكنها رفضت بشدة وطلبت عمل إجهاض فوافقت بعد ضغط منها بشرط كتابة عقد زواج شرعي (عرفي) عند محامي وموقع عليه من اثنين من الشهود وبالفعل حدث كتابة العقد وعمل الإجهاض ومن وقتها ونحن على نفس العلاقة مع بعض صارحت زوجتي بما حدث وتتقبل الأمر أحيانا وترفضه أحيانا ولكنها عرفت أنني تزوجت في حين أن أهل الزوجة الثانية لا يعرفون وذهبت لأختها لتمهيد الأمر لطلبها لكنها رفضت .. ذهبت لوالدها لطلبها أكثر من مرة ولكنه رفض.. أيضا حاولت أن أتكلم مع والدتها ولكنها رفضت اكثر من مرة وأخيرا طردتني من منزلهم.. هل أصارح أهلها بالحقيقة علما بأنها ترفض(20/63)
ذلك بشدة خوفا عليهم؟ أم أعمل لها عملية وأتركها ؟ علما بأنها تفضل الآن البعد عني للحفاظ على أسرتها ماذا أفعل من أجل راحة ضميري ؟ علما بأنني متمسك بها جدا.
وهل حرام أن تذهب معي للمأذون ونكتب كتابنا علما بأنني إذا تركتها وهي ثيب من حقها أن تزوج نفسها فهل أنا أولى بأن تزوجني نفسها ويعتبر زواجنا حلال شرعا .
أرجو سرعة الإجابة على سؤالي على نفس الإيميل وفقكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليكما التوبة إلى الله عز وجل من الزنا ومن الإجهاض الذي اتفقتما عليه، وإذا كان الجنين الذي أجهض قد تبينت فيه صورة خفية كيد ورجل بشهادة معتبرة من القوابل، فالواجب على المرأة ومن باشر إجهاضها كالطبيب مثلا دية وهي عُشر دية أم الجنين، توزع على ورثة الجنين سوى المتسببين في قتله ما لم يعفوا عنها، فإن عفوا سقطت، فإذا كان في إعلامهم فتنة، فالواجب دفعها إليهم كل على حسب إرثه بطريقة غير مباشرة، وعلى كل واحد منهما الكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا على قول لبعض أهل العلم، وبعضهم قال: لا إطعام عليه، وأما إذا لم يشاركها أحد في الإجهاض بل أخذت دواء وشربته، فالدية عليها وحدها.
ويجب عليك البعد عن هذه المرأة فورا، فليست لك بزوجة، لأن العقد الذي تم بينكما لم يكن بولي، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل. رواه أبو داود والترمذي. وهو نكاح شبهة تلزمها به العدة وغير ذلك من أحكام النكاح.
ولا حرج عليك في خطبتها ونكاحها على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إذا وافق وليها، وإذا لم يوافق، فننصحك بالستر على نفسك وعليها، ولم يظهر لنا قصدك في قولك: "أم أعمل لها عملية وأتركها" إلا إذا كنت تقصد أنك ستساعدها على ترقيع غشاء البكارة، وإن كنت تقصده، فراجع الجواب: 5047.
وأما قولك: "وهي ثيب من حقها أن تزوج نفسها" فخطأ ظاهر، لأنه لا فرق في بطلان النكاح بغير ولي بين الثيب والبكر، وراجع الجواب: 32177.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض.. بين الإباحة والحرمة ...
44731
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.....الحمدلله ..مشكلتي يا إخوان أنا فتاة في الثانية والعشرين من عمري أعمل في مجال التلفزيون وقد تزوجت أحد أقاربي منذ ستة شهور ولكنه لم يدخل علي بعد ولم نقم بعمل العرس حتى الآن أي فترة خطوبة وكتابنا مكتوب...... وقعت في الزنا مع أحد جيراننا الذي استطاع أن يجرني إلى المعصية(20/64)
أكثر من مرة... وحيث أنني جبانة جدا وضعيفة الشخصية لم أستطع حتى أن أرفض الفاحشة معه وكانت ثمرة هذه الخطيئة أنني حملت من الجار بالحرام وأنا على ذمة رجل آخر .... ومرت الأيام وأراد زوجي أن نقيم العرس وأن يدخل بي.... وبدأت أنا أحس بأعراض غريبة فذهبت للطبيبة التي قالت لي إنني حامل في أسبوعي السادس وكانت الصدمة والصاعقة لي حيث أنني حاولت الانتحار ولكنني نجوت من المحاولة الأولى وأنا الآن منهارة وأفكر بالانتحار مرة ثانية وأنا أعلم أن الموت هو عذاب لي وليس راحة ولكن ما العمل أنا أموت من الندم لما اقترفت من خطيئة خصوصا أن زوج المستقبل رجل صالح ويحبني كثيراً ... فماذا لو علم بحالي أهلي لقتلوني.... ما الحل يا إخوان أنا أمووووووووووت والله أموت أموت والخوف يقطعني من الله عز وجل أخبرت أمي بما حصل لي فضربتني ودعت علي بالموت وتمنت من الله أن يتوفاني وأن يريحها مني وبعد أيام قامت بضربي على بطني ضربا مبرحا محاولة بذلك إجهاضي من الجنين الذي عمره الآن ستة إلى سبعة أسابيع وطوله حوالي 2 سم وأناشدكم أن ترشدوني وتنصحوني هل أستطيع إجهاض الجنين وأنا في حالتي هذه علما بأنني لو أنزلته أستطيع أن أبدأ حياة جديدة شريفة ترضي الله ورسوله وأعيش أتوب لله عما اقترفت من ذنوب اااارجوكم لا تتأخروا علي بالرد
1- هل أستطيع إجهاض طفل الزنا وعمره من 6 إلى 7 أسابيع
2- ما حكم زواجي من زوجي
بارك الله فيكم وحمى الله بنات الإسلام مما يتربص بهم من ذئاب البشر
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم الإجهاض: فذهب الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة إلى جوازه إذا كان قبل نفخ الروح، قال ابن الهمام في فتح القدير: يباح الإسقاط بعد الحبل ما لم يتخلق شيء منه، ثم في غير موضع قالوا: ولا يكون ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوماً وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخلق نفخ الروح. ا.هـ
وقال الرملي في نهاية المحتاج: الراجح تحريمه بعد نفخ الروح مطلقاً وجوازه قبله. ا.هـ
وفي حاشية قليوبي: نعم يجوز إلقاؤه ولو بدواء قبل نفخ الروح فيه خلافاً للغزالي. هـ
وذهب بعض الحنابلة وبعض المالكية إلى جوازه قبل أربعين يوماً، قال المرداوي في الإنصاف: ويجوز شرب دواء لإسقاط نطفة...
وذهب المالكية إلى عدم الجواز مطلقاً وهو قول لبعض الحنفية وبعض الشافعية وبعض الحنابلة، قال الدردير في شرحه على خليل: لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوماً، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعاً. انتهى.
والفتوى في الشبكة على هذا القول، لأن في الإسقاط إفساداً للنسل، وفتحاً لباب الفساد، فالواجب سده.(20/65)
وعليه؛ فإنه لا يجوز لك الإسقاط ولو كان الحمل في الأسبوع السابع أو قبله أو بعده، واعلمي أن الزنا جرم وفاحشة عظيمة، وإذا أضفت إليها الإجهاض زدت إليها جرماً آخر، أما عن قتل النفس (الانتحار) فلا يمكن أن يفكر فيه عاقل، لأنه هروب أولاً، ولأن قاتل نفسه خالد مخلد في النار كما جاءت بذلك الأحاديث الصحاح، وخزي في الدنيا وعذابها خير من خزي الآخرة وعذابها.
فأول واجب عليك الآن هو التوبة مما فعلته والندم والاستغفار على ذلك، ثم عليك بالاحتفاظ بهذا الجنين حتى تضعيه وتربيه التربية الصالحة، وإذا صلح حالك مع الله سيصلح الله حالك مع زوجك وأهلك والناس أجمعين، لكن إذا رأيت أن هذا الأمر فيه مشقة عظيمة فلا بأس عليك في الأخذ بقول من يجيز الإجهاض قبل نفخ الروح، لاسيما أن بعض المالكية وبعض الشافعية أجازوا الإجهاض إذا كان من الزنا وخشيت المرأة على نفسها، وأما عن زواجك فإنه صحيح، وما فعلته لا يؤثر عليه من جهة الصحة، نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يغفر لنا ولك، وأن يتوب علينا وعليك، وأن يصلح حالنا وحالك، وأن يختار لنا ولك ما فيه الخير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مدى تعلق تأخر الحمل بارتكاب السيئات ...
44571
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي: أنني أحس بأن الله لا يستجيب لدعائي وأنني أغضبت الله كثيراً أنا لا أعمل الكبائر ولكن أحس بتأنيب الضمير لأنني حتي الآن منذ زواجي قبل ثلاث سنوات لم أحمل حتى الآن؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان تأخير الحمل لا دخل لك فيه فلا داعي لتأنيب نفسك لأن ذلك التأخير لستِ أنت متسببة فيه، ولا تحاسبين عليه، وتأخر الحمل لا يعني بالضرورة أن الله غاضب عليك، أو أنه لا يستجيب لدعائك، فقد يكون تأخر الحمل لمصلحة أو لمصالح لا يعلمها إلا الله، قال جل وعلا: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [البقرة:216].
والمشروع في هذه الحالة أن تكثري من الدعاء بأن يرزقك الله ذرية، ولا تتعجلي إجابة الدعاء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي. متفق عليه، وراجعي الفتوى رقم: 21386، والفتوى رقم: 11571.
ولك أن تراجعي مع زوجك بعض الأطباء الثقات وتتلمسا أسباب العلاج، فربما كان تأخر الإنجاب بسبب يحتاج إلى علاج، وإن كان تأخير الحمل بسبب استعمالك بعض موانع الحمل، فهذا لا يجوز إلا بإذن الزوج ووجود حاجة لتأخير الإنجاب،(20/66)
مثل أن تكوني مريضة والحمل يضر بك، وألا يكون ذلك المنع بشكل دائم، وأن تكون وسيلة المنع جائزة، وألا يترتب عليها ضرر، وراجعي للمزيد من الفائدة والتفصيل الفتوى رقم: 17553، والفتوى رقم: 4219.
فإذا توافرت الشروط السابقة فلا حرج عليك في تأخير الإنجاب، وإذا لم تتوافر فاتركي استعمال ما يمنع الحمل وأكثري من التوبة والاستغفار، قال الله تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
النسل حق لكلا الزوجين ...
44564
الفتوى : ... النسل حق لكلا الزوجين
تاريخ الفتوى : ... 02 محرم 1425 / 23-02-2004
السؤال
فقصتي طويلة وحزينة جدا لا أجد أحداً في غربتي أقول له ذلك غير البكاء، أنا تزوجت رجلاً متزوجاً من أجل أهلي لأنهم فقراء وهو غني وجئت إلى السعودية وبدأت بمعاناتي هي لا يريد أطفال الآن قلت عادي أصبح لي فترة فزوجته حملت وأنا لا لا وصبرت وبكيت جدا جدا جدا لا أحد يدري بحالي أبداً، وبعد فترة حملت زوجته فطار عقلي من رأسي أصبحت كالمجنونة كرهت نفسي لا أريد أحداً من الدينا ولي متزوجة 5 سنوات تخيل ولا يريد أطفال وهو بعد شيخ إمام مسجد ومحاضر، ويفعل معي هذا أين خوفه من الله تبارك وتعالى وهو أصبح عنده 10 أولاد كرهته ولا أطيق أرى وجهه عندما أقول له متى أحمل يقول لي بعدين أنت صغيرة جدا وأهلي عادي عندهم الأمر أول الأمر حزنت أمي بعد ذلك نسيت ولا يهمه شيء من أمري وأنا فقط أبكي بكاء حارا حاراً جداً همي كبير كبير الناس أصبحوا ينظرون لي نظرة سلبية وهي أني فقط للمتعة عنده
كرهت الزواج أتمنى أكون عانسا ولا هذا الزوج
ويوجد عندي الكلام كثير لكن خانني التعبير البكاء أصبحت لا أرى لوحة المفاتيح والله ثم والله إنني حزينة حزناً شديداً شديداً بماذا تنصحني يا شيخ
جزاك الله كل خير فرج عني كربة لكي الله عزو جل يفرج عنك كربة من كربات يوم القيامه وجزاك الجنة بلا حساب ولا عذاب
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لزوجك أن يمنعك حق الإنجاب، لأن النسل مقصد أساسي من مقاصد النكاح، وهو حق لكلا الزوجين، ولا يجوز لأحدهما أن يستبد بمنعه دون الآخر، فعلى هذا الزوج أن يتقي الله تعالى، ولا يمنع زوجته حقها الذي يوجبه الشرع، وتطلبه الفطرة، وليتخيل الزوج نفسه مكان هذه المرأة، هل يرضى لنفسه أن يعيش بدون أولاد مع وجود القدرة على ذلك؟؟!!(20/67)
فليتق الزوج ربه، وليحقق لزوجته أمنيتها، لاسيما إذا كان كما ذُكر من أهل الدين والصلاح، ولتراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:1803/18487/41441
وإننا لنوصي الزوجة بالصبر ومراجعة أهل العلم بالمملكة وطلب إسداء النصح منهم للزوج.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إجهاض مصابة بمرض عقلي قد زني بها ...
44497
السؤال
السؤال : لي أخت بها مرض عقلي مزمن مما يجعلها تذهب بعيدةعن المنزل لأيام معدودة ثم تعود مرة أخرى أو نعثر عليها في مكان ما السؤال ان اختي أتت هذه المرة وهي حامل من شخص لا تعرفه هي ولا نحن ولا نعرف هل هو مسلم أم مسيحي الديانة وهي الأن في شهرها الرابع فهل يجوز الإجهاض في هذه الحالة علما بأننا حتى الأن لم نستطيع معرفة الفاعل أفيدونا بأسرع وقت ممكن جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نسأل الله تعالى أن يمن على أختكم بالشفاء العاجل ويؤجركم على تحمل مرضها، إنه سميع قريب.
أما بخصوص الإجهاض، فهذا أمر في غاية الحرمة، لأنه اعتداء على نفس بريئة، مهما كانت الأسباب والدوافع لذلك ما دام ذلك لا يضر بصحة هذه المرأة الحامل، ولا سبيل إلى معرفة ذلك إلا بإخبار طبيب ماهر في هذا الشأن.
ولمزيد من الفائدة، نحيلك على الفتوى رقم: 6012، والفتوى رقم: 5920.
أما ما يفعل بهذا الولد إن جاء حيا، فيراجع فيه الفتوى رقم: 9093.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حملت من زنا وهي ذات زوج فماذا تصنع؟ ...
44405
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.....الحمدلله ..مشكلتي يا إخوان أنا فتاه في الثانية والعشرين من عمري أعمل في مجال التلفزيون وقد تزوجت أحد أقاربي منذ ستة شهور ولكنه لم يدخل علي بعد ولم نقم بعمل العرس حتى الآن أي نحن في فترة خطوبة وكتابنا مكتوب......وقعت في الزنا مع أحد جيراننا الذي استطاع أن يجرني إلى المعصية أكثر من مرة... وحيث إنني جبانة جدا وضعيفة الشخصية لم أستطع حتى أن أرفض الفاحشة معه وكانت ثمرة هذه الخطيئة انني حملت من الجار بالحرام وأنا(20/68)
على ذمة رجل آخر ....ومرت الأيام وأراد زوجي أن نقيم العرس وأن يدخل بي....وبدات أنا أحس بأعراض غريبة فذهبت للطبيبة التي قالت لي إنني حامل في أسبوعي السادس وكانت الصدمة والصاعقة لي حيث إنني حاولت الانتحار ولكنني نجوت من المحاولة الأولي وأنا الآن منهارة وأفكر بالانتحار مرة ثانية وأنا أعلم أن الموت هو عذاب لي وليس راحة ولكن ما العمل أنا أموت من الندم لما اقترفت من خطيئة خصوصا أن زوج المستقبل رجل صالح ويحبني كثيرا ... فماذا لو علم بحالي أهلي لقتلوني.... ما الحل يا إخوان أنا أمووووووووووت والله أموت أموت والخوف يقطعني من الله عز وجل أخبرت أمي بما حصل لي فضربتني ودعت علي بالموت وتمنت من الله أن يتوفاني وأن يريحها مني وبعد أيام قامت بضربي على بطني ضربا مبرحا محاولة بذلك إجهاضي من الجنين الذي عمره الآن ستة إلى سبعة أسابيع وطوله حوالي اثنان سم وأناشدكم أن ترشدوني وتنصحوني هل أستطيع إجهاض الجنين وأنا في حالتي هذه علما أنني لو أنزلته أستطيع أن أبدأ حياة جديدة شريفة ترضي الله ورسوله وأعيش أتوب لله عما اقترفت من ذنوب أرجوكم لا تتأخروا علي بالرد
1- هل أستطيع إجهاض طفل الزنا وعمره من 6 إلى 7 أسابيع
2- ما حكم زواجي من زوجي
بارك الله فيكم وحمى الله بنات الإسلام ممن يتربص بهن من ذئاب البشر
أختكم في الله
م م ح
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور العلماء على جواز الإجهاض إذا كان قبل نفخ الروح، وذهب بعض أهل العلم إلى المنع مطلقاً، وذهب بعضهم إلى جوازه قبل الأربعين يوماً.
فإذا أرادت السائلة أن تأخذ بفتوى من يجيز ذلك فلا حرج خصوصاً مع ما ذكرته من حالها، حيث إن استمرار الحمل من الزنا بالنسبة لها قد يدمر حياتها مع أهلها وزوجها وقد يؤدي بها إلى أن تقتل.
ولكننا نذكرك أولاً وآخراً بصدق التوبة والندم والاستغفار مما فعلت من الفاحشة، أما قتل النفس فليس حلاً بل هو زيادة في الشر حيث إن قاتل نفسه فاشل في دنياه وآخرته خالد مخلد في النار كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحاح.
أما عن زواجك فإنه صحيح ولا يؤثر فيه ما فعلته من جهة صحته.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
نظفت بيتها فسقط جنينها فما الحكم؟ ...
44237
السؤال(20/69)
كنت حاملا من 45 يوم، ولم أخبر زوجي بالحمل، قمت بتنظيف المنزل ورفع الفرش وقلت فى نفسي لا يهمني الأمر سواء بقي الجنين أو سقط، الآن سقط الجنين وعمره لا يزيد على 45 يوم، أخبرت زوجي بالحقيقة، هل علي كفارة؟ شكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقيام المرأة الحامل بتنظيف بيتها وترتيب فرشه ونحو ذلك على العادة الجارية أمر طبيعي لا يحصل به سقوط الجنين غالباً، ولو سقط إثر ذلك فليس عليها شيء، وعليه نقول إذا كنت فعلت شيئاً خارجاً عن العادة مما يكون له تأثير على الجنين بقصد إسقاطه وسقط بذلك فأنت آثمة، ولو كان قبل مرور أربعين يوماً عليه على القول الراجح، ولكن لا دية عليك ولا كفارة، لأنه في المرحلة المذكورة لم يتبين فيه خلق إنسان، كما بيناه في الفتوى رقم: 28629.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم منع الحمل بالربط ...
43469
السؤال
هل يجوز الربط النهائي لإنجاب الأطفال والسبب ألم في الظهر(الدسيك)ويزداد فترة الحمل
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قطع الحمل قطعاً نهائياً لا يجوز إلا إذا كان الحمل خطراً على حياة الأم، أو كان سبباً في معاناة الأم لما لا تطيقه من الآلام والمشاق، وتعين قطع الحمل وسيلة إلى التخلص من مثل هذه المعاناة.
وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى مفصلة في حكم منع الحمل بالربط فنحيل السائلة إليها، وهي برقم: 16524.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل للزوج منع الزوجة من الإنجاب ...
43385
السؤال
هل يجوز لي أن أمنع زوجتي الثانية من الإنجاب حتى أؤدبها؟ مع العلم بأنني متزوج من ثلاثة أعوام، وأريد أن أؤدبها من طول اللسان، فهي مطيعة، وتنفذ أوامري، ولا تعصي لي أمراً، ولكنها إذا غضبت تفقد السيطرة على نفسها، وتتلفظ بألفاظ بذيئة، قد أكون أنا السبب في ذلك لأني إنسان صعب جدا, ولا أرحمها أبدا إذا(20/70)
غلطت مهما كان حجم الغلطة والحكمة من ذلك أن لاتكررها, ولكني ألهو معها في أوقات الصفاء, وأذهب معها للتسوق وللمطاعم وأصطحبها في السفر.
فهل يجوز أن أمنع الإنجاب حتى أرى إذا كنتُ سوف أستمر معها أم لا؟ علماً بأنها تتحرق شوقاً لإنجاب الأطفال. أفيدوني، فأنا محتار جداً، -وجزاكم الله خيرا .
مع العلم بأني لا أدري هل أنا فعلا أريد أن أنجب منها أطفالا أو لا، فأنا أريد أن أتمتع بحبها وأحظى بجل اهتمامها ورعايتها .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد شرع الله تعالى الزواج لمقاصد شرعية عظيمة، ومن أهم هذه المقاصد السكن والاستقرار النفسي، وتكثير النسل، فقد قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً(الروم: من الآية21)، وفي سنن أبي داود عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم.
إذا ثبت ما ذكرناه فإن الواجب عليك كزوج حسن المعاشرة لزوجتك، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله، روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. وتذكر أن ما في زوجتك من خلق تنكره يقابله كثير من الأخلاق الطيبة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر. ثم إن ما يصدر عن الزوجة من نشوز وتطاول على الزوج قد جعل الله تعالى له علاجاً قد سبق أن بيناه في الفتوى رقم: 17322، وأما عدم الإنجاب فليس علاجاً لكونه مخالفاً لمقصد الشرع من الزواج، والزوجة لها حق في الإنجاب فلا يجوز منعها من ذلك الحق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم منع الإنجاب لأجل بخل الزوج ...
43249
حكم منع الإنجاب لأجل بخل الزوج
تاريخ الفتوى : ... 25 ذو القعدة 1424 / 18-01-2004
السؤال
إني سيدة ولدي ثلاثة أطفال، وأريد التوقف عن الإنجاب وذلك لبخل زوجي، ما حكم الدين؟ بارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المقصود الأهم من الزواج هو إنجاب الأولاد، روى النسائي وأبو داود وأحمد من حديث معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تزوجوا الودود(20/71)
الولود فإني مكاثر بكم الأمم.، وفي رواية: تناكحوا تناسلوا أباهي بكم الأمم يوم القيامة.
ثم اعلمي أن الله تكفل برزق سائر مخلوقاته، قال الله تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا [هود:6]، وراجعي حكم تحديد النسل لأجل قلة المال في الفتوى رقم:16894.
ومنه يتبين لك أن منع الإنجاب لأجل بخل الزوج، أو لغير ذلك من الأمور المالية، لا يجوز، وإنما يباح قطع النسل في حالة ما إذا ثبت أن الحمل يعرض حياة الأم لخطر، وكان قطع الإنجاب هو الوسيلة الوحيدة لتفادي ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حرمة الإجهاض تشمل جميع مراحل عمر الجنين ...
42900
حرمة الإجهاض تشمل جميع مراحل عمر الجنين
تاريخ الفتوى : ... 19 ذو القعدة 1424 / 12-01-2004
السؤال
هل يجوز الإجهاض في حال كان الجنين يحمل مرضاً وراثياً مثل (التلاسيميا) وكم يجب أن يكون عمر الجنين حين الإجهاض، فاختبار التلاسميا للجنين يتم في الأسبوع 11 للحمل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا في فتاوى سابقة أن الإجهاض لا يجوز بسبب مرض الجنين أو تشوهه أو ما شابه ذلك، ويدخل في ذلك المرض الذي ذكره السائل، فلتراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 32101، 17413، 21215، 2222، 2385، وإنما يجوز الإجهاض في حالتين:
الأولى: إذا تُحُقِّق من موت الجنين في بطن أمه.
والثانية: إذا كان بقاء الجنين يشكل خطراً على حياة الأم.
وهذا الحكم يشمل الجنين في جميع مراحله ما قبل الأربعين وما بعدها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا ينبغي توقيف الإنجاب إلا لمصلحة راجحة ...
42825
الفتوى : ... لا ينبغي توقيف الإنجاب إلا لمصلحة راجحة
تاريخ الفتوى : ... 11 ذو القعدة 1424 / 04-01-2004
السؤال(20/72)
الحمد لله رزقت بخمسة أولاد وبنات وزوجتي أنجبت آخر طفلين بعملية قيصرية والحمد لله صحتها جيدة للإنجاب ولكنها سلكت طريق العلم وهذا يحتاج إلى وقت فراغ ومتابعة وذهاب إلى المعهد وكذلك وقت للبيت ووقت للعبادة وتربية الأولاد. فهل هذا يكون سبب في أخذ وسيلة لمنع الحمل أم أننا نكون آثمين وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره، لكونه نعمة كبرى، فلا ينبغي -إذاً- السعي في توقيف الإنجاب إلا إذا دعت الضرورة لذلك، أو كانت فيه مصلحة راجحة. وعليه، فإذا رأى الزوجان المصلحة في منع الحمل فترة من الزمن، لا قطعه بالكل، فلا بأس بذلك إذا التزم فيه بالضوابط الشرعية، وقد سبق أن بينا ذلك فراجع فيه الفتوى رقم: 18375. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
... ...
حكم تناول العروس لحبوب منع الحمل ...
42745
حكم تناول العروس لحبوب منع الحمل
تاريخ الفتوى : ... 08 ذو القعدة 1424 / 01-01-2004
السؤال
أخي الكريم أنا من بعث ليسألكم تحديدا عن حكم أخذ موانع الحمل، ولكن سؤالي الأصلي كان يتمثل في المرأة التي تأخد حبوب منع الحمل وهي مازالت عروسا، أي لم ترزق بأطفال، ما حكم الدين هنا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فاستخدام وسائل منع الحمل لا يجوز إلا بشروط، وقد بيناها في الفتوى رقم: 36036، والفتوى رقم: 18375. ولا فرق في ذلك بين المرأة العروس وغيرها. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أمثال هذه الحالة من الإجهاض يلزم منها أمران ...
42648
أمثال هذه الحالة من الإجهاض يلزم منها أمران
تاريخ الفتوى : ... 08 ذو القعدة 1424 / 01-01-2004
السؤال
أسقطت جنينين كل واحد منهما كان في الشهر الثالث تقريبا, متعمدة ذلك, جاهلة بالعمر المسموح فيه بإسقاط الجنين, ودون علم زوجي وذلك لخلافات حادة معه, معتقدة أني سأنفصل عنه, وقد عرفت الآن أنني قد أذنبت ذنبا عظيما, فما هي كفارة ذنبي هذا؟ جزاكم الله خيرا.(20/73)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فعليك أن تتوبي إلى الله توبة نصوحاً، وعليك أيضاً مع ذلك أمران: الأمر الأول: دية عن كل جنين، وهي ما يقابل عشر ديتك، تؤدينها من مالك ولا ترثين منها، وإن عفا الورثة عنها سقطت. الأمر الثاني: كفارة عن كل جنين وهي: تحرير رقبة مؤمنة، فإن لم تجدي فصيام شهرين متتابعين، ولا تسقط الكفارة بالعفو. وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 9332 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تنظيم النسل عن طريق ربط الناقل المنوي ...
42598
حكم تنظيم النسل عن طريق ربط الناقل المنوي
تاريخ الفتوى : ... 07 ذو القعدة 1424 / 31-12-2003
السؤال
أريد أن أسأل سؤالا شرعيا: أنا متزوج وأريد أن أجري عملية ربط للناقل المنوي لأن موانع الحمل لم تلائم زوجتي، مع العلم بأني أستطيع أن أسترد قدرتي على الإنجاب. وأشكر تعاونكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن كان المقصود من ربط الناقل المنوي قطع النسل نهائيا من هذه المرأة لغير ضرورة أو حاجة معتبرة شرعا، مثل كون المرأة يخشى على حياتها من الإنجاب، أو قُصد التنظيم فقط ولفترة مؤقتة فيجوز، وربط الناقل المنوي وسيلة من وسائل تنظيم الإنجاب، فإن ثبت طبيا أنها لا تضر بك وتمكن استعادة القدرة عليه متى أردتم استعادتها، فلا حرج شرعا في استعمال هذه الوسيلة، وإن كان لها ضرر عليك، فلا يجوز استعمال الربط للقاعدة الشرعية "لا ضرر ولا ضرار". وللاستفادة في مسألة قطع النسل وتحديده، راجع الفتويين: 31369، و 32929. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إسقاط الجنين المشوه ...
42037
الفتوى : ... حكم إسقاط الجنين المشوه
تاريخ الفتوى : ... 01 ذو القعدة 1424 / 25-12-2003
السؤال
امرأة حامل في الشهر الخامس والأطباء وعددهم ثلاثة وهم أهل خبرة في الطب ينصحون بإجهاض الجنين المعاق أو به تشوهات وذلك لأن المرأة قد تتعرض لمضاعفات غير معروفة وربما خطيرة، هل يجوز إجهاض الجنين لمجرد أنه مشوه(20/74)
ومعاق؟ وماذا لو كان الأمر فيه ضرر على الأم؟ مع العلم بأن الأطباء قدموا حقن خاصة بالإجهاض والأب في حيرة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا يجوز إسقاط الجنين لمجرد أنه مشوه أو معاق، وإسقاطه والحالة هذه إزهاق لنفس لم يأذن الله بإزهاقها، إلا إذا تحقق وجود ضرر على الأم أو غلب على الظن ذلك، وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في هذا، فنحيل السائل إلى بعضها وهو بالأرقام: 6095/ 2222/ 17413 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا تقوم الطبيبة بالإجهاض إلا لمسوغ شرعي ...
41752
الفتوى : ... لا تقوم الطبيبة بالإجهاض إلا لمسوغ شرعي
تاريخ الفتوى : ... 28 شوال 1424 / 23-12-2003
السؤال
أختي تعمل طبيبة نساء, قامت في الآونة الأخيرة بعملية إجهاض لامرأة بطلبها, وهذه أول مرة تقوم بهذه العملية, ولكنها ندمت وتابت, فهل تكفيها التوبة؟ وماذا تفعل؟ علما بأن عمر الجنين أربعة أسابيع، ثم إن العائد المادي من هذه العملية قد تخلصت منه. جزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الإجهاض محرم شرعا إذا لم يكن هناك مبرر معتبر في الشرع كالخوف على حياة الأم، وذلك لما فيه من الاعتداء على نفس قد تخرج إلى الدنيا وتوحد الله وتعبده. ويحرم على الطبيب في حالة عدم وجود المبرر أن يعين عليه، لما في ذلك من الإعانة على الإثم وهو محرم، لقول الله تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2]. ويتأكد التحريم إذا كان للستر على فضيحة وفاحشة الزنا أو لتحديد النسل لخوف الأسرة من مصاريف نفقة الولد. وتلزم التوبة الطبيب والمرأة، ولا تلزم الدية والكفارة، لأنه لم يحصل التخلق. ونرجو الله تعالى المغفرة للتائب الصادق في توبته، وعليه بالإكثار من الاستغفار والأعمال الصالحة. قال الله تعالى: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:39]. وقال: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ [آل عمران:135-136]. وراجع الفتاوى التالية أرقامها:35536، 2208، 2016، 18825، 27389، 4686، 29566. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(20/75)
الإجهاض العمد والغير متعمد ...
41463
الإجهاض العمد والغير متعمد
تاريخ الفتوى : ... 23 شوال 1424 / 18-12-2003
السؤال
هل كل السقط حرام فأنا سقط لى ولد ولكن كان مكتملا وجاءه اختناق فى الرحم وأسمنياه محمودا هل أدخل الجنة به مثل أي طفل أكبر منه وهو اللذي سيعرفني أكون شاكرة لكم جداً لو أجبتم على سؤالي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالإسقاط على قسمين: الأول: إسقاط بعمد دون مبرر شرعي وهو محرم، كما بيناه في الفتوى رقم: 991. الثاني: الإسقاط بغير عمد، بل يسقط الجنين من تلقاء نفسه بسبب كسقوط الأم أو حملها لثقل ونحو ذلك، فلا إثم في هذه الحالة وهو شفيع لأمه إذا سقط بعد نفخ الروح، كما بيناه في الفتوى رقم: 37055. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إسقاط الجنين قبل تمام الأربعين ...
41386
حكم إسقاط الجنين قبل تمام الأربعين
تاريخ الفتوى : ... 21 شوال 1424 / 16-12-2003
السؤال
هل يجوز إسقاط الجنين عن طريق طبي بموافقة الأم والأب وهو في الأسبوع الثالث من الحمل بسبب ظروف صعبة مثل الغربة وتربية الطفلين الآخرين وسنهما الصغير، وما هو حكم الشرع تجاه هذا وقد تم إسقاط الجنين؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا يجوز إسقاط الجنين قبل تمام الأربعين إلا للضرورة، وليس ما ذكرت في السؤال من الضرورات التي تبيح ذلك، وراجعي في هذا الفتاوى التالية أرقامها: 35536/ 13171/ 17494 وبما أن الإسقاط قد تم بالفعل قبل مضي أربعين يوماً دون ضرورة، فما عليك إلا أن تتوبي إلى الله تعالى وتستغفريه، مع العزم على عدم العودة لذلك مرة أخرى، علماً بأنه لا يجوز إسقاط الجنين أصلاً بعد مضي أربعين يوماً، إلا إذا كان ذلك يشكل خطراً حقيقياً على حياة الأم، وللفائدة راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 2143/ 27389/ 12351 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
طريق السلامة من الإجهاض ...
38954(20/76)
طريق السلامة من الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 22 شعبان 1424 / 19-10-2003
السؤال
ما هي أسباب وعلاج الإجهاض المتكرر، رغم تأكيد الأطباء أنه لا توجد لدي مشكلة، وذلك بناء على الفحوصات الطبية التي أجريتها، علما بأن الإجهاض يحدث في الشهر الثاني، وفي هذه المرحلة أكون تحت الإشراف الطبي؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فنسأل الله لك العافية والشفاء، واعلمي أن مسألة أسباب الإجهاض وعلاجه ليست من اختصاصنا، بل من اختصاص أهل الطب. وينبغي لك أن تحصني نفسك بالقرآن والأذكار والأدعية والرقية الشرعية، ثم سلمي أمرك إلى الله . والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الامتناع عن الإنجاب ...
38835
الفتوى : ... الامتناع عن الإنجاب
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
هل وقف الخلفة عن الولادة، بموافقة الزوجين إثم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن كان المقصود هو التوقف النهائي عن الإنجاب فإنه لا يجوز إلا عند الضرورة، وإن كان المقصود التوقف مؤقتا فلا بأس بذلك، وقد تقدمت التفاصيل في الفتاوى التالية: 7179/ 36036/ 268/ 636 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أقسم عليها بالطلاق حتى تسقط الجنين ...
38215
الفتوى : ... أقسم عليها بالطلاق حتى تسقط الجنين
تاريخ الفتوى : ... 08 شعبان 1424 / 05-10-2003
السؤال
أرجوكم أجيبوني بأقرب وقت، أناحامل وزوجي يأمرني بإسقاط الطفل، وإن لم أفعل أقسم علي بالطلاق، ولأني أعيش في بلد غير إسلامي هددني بأني سأبقى هنا وأصبح يناديني بأقبح الكلمات ويشتمني أمام أولادي.. لأني لا أريد إسقاطه.. وعمر آخرطفلي 9أشهر.. والسبب الرئيسي أنه لا يريد أي أطفال، فما ذا أفعل ولدينا مشاكل كثيرة أخرى؟ جزاكم الله خيرا.
الفتوى(20/77)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى حرم الظلم بين الزوجين وبين العباد، وعموما، حيث قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا. رواه مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة. رواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله .
وقال الله عز وجل: وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ [الشورى: 44].
وقال تعالى: وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيرا [الفرقان: 19].
وقال تعالى: وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [آل عمران: 57].
فالظلم عاقبته وخيمة، إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته. رواه البخاري
فليتق الله عز وجل هذا الزوج وليعلم أنه موقوف بين يدي الله عز وجل، وأنه مسؤول عن هذه الأسرة التي استرعاه الله إياها.
وليعلم أن ما يريده من زوجته تترتب عليه عدة محاذير:
أولها: ظلمه لزوجته التي يهددها ويشتمها ويناديها بأقبح الكلمات، وقد قال الله تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنا [البقرة: 83].
وقال تعالى: وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات: 11].
وثانيها: ظلمه لهذه النفس التي يريد إزهاقها وقتلها، وقد قال الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً [الاسراء:31].
وقال تعالى: وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ [الاسراء: 33].
وظلمه لنفسه، حيث جَرَّ عليها هذه الآثام العظام، والتي قد تكون سببا في هلاكه يوم القيامة.
وأما مسألة الإسقاط، فإن كان قد مر على الحمل مائة وعشرون يوما، فقد نُفِخ فيه الروح، وعليه، فلا يجوز إسقاطه، لأنه قتل لهذه النفس بغير حق، وهذا بالإجماع، حتى ولو أدى ذلك إلى الطلاق.
وأما إذا كان الحمل لم يتجاوز أربعين يوما، فقد ذهب بعض العلماء إلى جواز إسقاط النطفة قبل أربعين يوما، وذهب آخرون إلى عدم الجواز، وهو الذي تدل عليه الأدلة، لأنه قطع للنسل الذي أمر رسول الله صىل لله عليه وسلم بالإكثار منه حيث قال: ..تكاثروا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة. رواه الشافعي عن ابن عمر .
وقد ذم الله سبحانه وتعالى الذين يهلكون الحرث والنسل فقال: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ [البقرة:205].
وأخيرا، نوصي الزوجة أن تصبر على هذا الأذى، وأن تُحْسِن إلى زوجها، لعل ذلك يكون سببا في صلاحه.
ولمزيد من الفائدة حول موضوع الإسقاط، نحيل السائلة إلى الفتاوى ذات الأرقام التالية : 5920، 6897، 32929، على الموقع.(20/78)
ثم إذا كان زوجك أقسم عليك بالطلاق أن تسقطي الجنين، فإن طلاقه واقع إذا لم تفعلي ما أمر به، ولكنه أهون من تعمد إزهاق روح، ولكما أن تتراجعا إذا لم يكن هذا هو الطلاق الثالث.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
-ـــــــــــــــــــ
لتواصل صيامها و لتخرج الدية ...
38170
لتواصل صيامها و لتخرج الدية
تاريخ الفتوى : ... 07 شعبان 1424 / 04-10-2003
السؤال
والدتي أسقطت الحمل في الشهر الثالث مع العلم أن لي أختين معاقتين ذهنيا وخافت أن يكون مثلهم فهل لها من كفارة علما أن بعض المشايخ أفتى بصيام شهرين وهي الآن تصومهم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد تقدم في الفتوى رقم: 2222 والفتوى رقم: 6095 أن خشية إعاقة الجنين لا تبيح إجهاضه. وتقدم ما هو الواجب على من أسقطت جنينها، وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10493/ 17939/ 9332 وعليه فلتواصل صيامها، ولتخرج الدية ، وهي ما يقابل عشر دية أمه ، ما لم يعف أولياء الدم. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
قطع الإنجاب نهائياً يجوز في أحوال دون أخرى ...
36768
قطع الإنجاب نهائياً يجوز في أحوال دون أخرى
تاريخ الفتوى : ... 04 رجب 1424 / 01-09-2003
السؤال
الإخوة الكرام سلام من الله عليكم ورحمته وبركاته إذا كانت تربية الأولاد التربية الإسلامية الصحيحة في البلد الذي أعيش فيه مستحيلة ويتعسر علي أن أذهب إلى بلد يتسنى لي فيه ذلك فهل يجوز لي بأن أجري عملية جراحية لعدم الإنجاب أي أن أكون عقيماً إلى الأبد؟ أفيدونا أفادكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد تقدم الكلام عن قطع الإنجاب في الفتاوى التالية: 636، 17553، 18375، 7291. والخلاصة أن القطع الدائم لا يجوز إلا في حالة ما إذا ثبت بتقرير طبي موثوق أن الحمل يشكل خطرًا داهمًا على حياة الأم، وكان العلاج ميؤوساً منه، وتعين قطع النسل قطعًا مؤبداً وسيلة إلى تلافي هذا الخطر. أما القطع المؤقت فيجوز للحاجة(20/79)
والمصلحة على وفق ما تقدم من ضوابط في الفتاوى المحال عليها آنفًا. وعليه.. فلا يجوز لك أن تقدم على عملية تجعلك عقيمًا إلى الأبد، ولتتذكر نعمة الله عليك بالإنجاب، فكم من شخص قد ابتلاه الله بالعقم يتمنى أن يكون له ولد. وما ذكرته من الأسباب لا نراه عذرًا لمنع الإنجاب ولو مؤقتًا؛ لأن الهادي هو الله، وأنت إنما عليك بذل الأسباب، وإذا صدقت مع الله فستكون الذرية صالحة بإذن الله، وإذا كنت الآن غير مستطيع للسفر من هذه البلاد، فربما تستطيع غدًا، بل ربما غيَّر الله حال تلك البلاد إلى ما تقر به أعين المسلمين، فسبحان مغير الأحوال من حال إلى حال. قال سبحانه: وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ[آل عمران:140]. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ترك الحمل لكبر السن مما لا ينبغي ...
36399
الفتوى : ... ترك الحمل لكبر السن مما لا ينبغي
تاريخ الفتوى : ... 21 جمادي الثانية 1424 / 20-08-2003
السؤال
ماهي فتوى الحمل بعد سن نعتقد أنه مضى من العمر الكثير ونتخوف مما هو آت؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنسل والذرية من أعظم المقاصد التي شرع لأصلها النكاح.
فقد روى أبو داود وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة .
فالإسلام يحث على الزواج ويرغب في تكثير النسل، لما في ذلك من منافع الذرية على الوالدين خاصة وعلى الأمة عامة.
وقد دعا إبراهيم عليه السلام وغيره من الأنبياء أن يرزقوا الذرية مع كبر سنهم، فلا ينبغي أن يكون ذلك سببا لترك الحمل.
ولكن لا مانع من تنظيم للحمل إن دعت الحاجة إليه وكان فيه تحقيق مصلحة، وقد بينا ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 11479، فلتراجع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أقبح مبررات الإجهاض ...
36389
الفتوى : ... أقبح مبررات الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 20 جمادي الثانية 1424 / 19-08-2003
السؤال(20/80)
هل يجوز لي أن أسقط الجنين الذي في بطن زوجتي وعمره 25 يوما؟ حالتي المادية والاجتماعية ليست جيدة، ثم أنا عندي ولد، فما رأي الشريعة في ذلك؟ وشكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الإجهاض من غير عذر شرعي محرم كيف كان المستوى العمري للجنين، لأنه إهلاك للنسل، وإفساد في الأرض، واعتداء بغير حق على نسمة قد تخرج إلى الدنيا تسبح الله وتوحده، ولا يجوز بحال من الأحوال إلا في حالة ما إذا كان الإبقاء على الحمل يشكل خطراً محققاً على حياة الأم. وأما أن يكون سبب الإجهاض هو خشية العيلة لضعف المستوى المادي والاجتماعي، فذاك من سوء الظن بالله وضعف اليقين، ومن أسوأ المبررات له، وقد نهى الله عن ذلك في آيات عديدة، قال تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً [الإسراء:31]. وقال: وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:28]. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض بدون سبب معتبر محرم مطلقا. ...
36125
الفتوى : ... الإجهاض بدون سبب معتبر محرم مطلقا.
تاريخ الفتوى : ... 13 جمادي الثانية 1424 / 12-08-2003
السؤال
الإجهاض قبل أربعة أشهر
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا يجوز الإجهاض مطلقًا، سواء قبل نفخ الروح في الجنين، أو بعد نفخ الروح فيه، أما الأول فلما فيه من إهلاكٍ للنسل. وأما الثاني فلما فيه من قتلٍ للنفس بغير وجه حق. ويستثنى مما ذكرنا حالة الضرورة بأن كان في إبقاء الجنين خطر على حياة الأم، ولا يحكم في ذلك إلا بقول أهل الخبرة من الأطباء الثقات. وقد سبق أن بيَّنَّا هذه الأحكام في الفتاوى التالية: 2016، 5920، 6095. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المدة المثلى بين كل حملين، وشروط تناول حبوب منع الحمل ...
36036
المدة المثلى بين كل حملين، وشروط تناول حبوب منع الحمل
تاريخ الفتوى : ... 10 جمادي الثانية 1424 / 09-08-2003
السؤال(20/81)
هل يمكن ممارسة طرق منع الحمل (مثل: العزل، وتناول حبوب منع الحمل، واستخدام أجهزة منع الحمل) في الحالات التالية: 1- بتحديد النسل، حيث يكون عندي عدد قليل من الأولاد أستطيع أن أربيهم على الإسلام بدلاً من أولاد كثيرين يعرفون الإسلام. 2- بقاء زوجتي على جمالها؛ لأنني أعتقد أن الحمل المتكرر يؤثر سلبيًّا على جمالها. إذا كان عندي أطفال كثيرون سأضطر إلى الكسب الحرام كي أوفر لهم احتياجاتهم. ما هي الفترة الأمثل التي يستحسن أن يكون بين ولادة طفلين؟ وضحوا جوابكم بالأدلة، مع مراعاة التفصيل بين هذه النقط.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من استخدام موانع الحمل بأنواعها، وذلك بشروط أربعة:
- ألا يكون في استخدامها ضرر على المرأة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني في غاية المرام، أي لا ضرر ابتداء، ولا يرد الضرر بضرر مثله أو أكثر أو أقل منه، ويعرف الضرر من عدمه عن طريق الطبيب الثقة، ولقول الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً [النساء:29]
- أن يكون ذلك برضا الزوجين، لأن إيجاد النسل من مقاصد النكاح الأساسية، وهو حق ثابت لكل واحدٍ منهما، فلا يجوز لأحدهما منع الآخر منه بدون رضاه.
- أن تدعو الحاجة إلى ذلك، كتعب الأم بسبب الولادات المتتابعة، أو ضعف بنيتها، أو كان الرجل فقيراً كثير العيال بحيث يشق عليه القيام بتربيتهم التربية الصحيحة، بشرط ألا يتسلل إلى قلبه الخوف من قلة الرزق، لأن الرزق بيد الله تعالى، وقد قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا [هود:6]. وقد ألحق العلماء بهذه الحالات حالة ما إذا خافت المرأة على جمالها ما يفوت حق الزوج في كمال الاستمتاع بها، ومن هؤلاء الإمام الغزالي رحمه الله.
- ألا يكون القصد من استخدام هذه الموانع هو قطع النسل بالكلية.
وننبه إلى أن المدة المثلى بين كل حملين تختلف باختلاف الأحوال، وليس في الشرع ما يدل على تحديد مدة بعينها مما يدل على أنها راجعة للحاجة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الطبيب هو الذي يقرر ضرورة إسقاط الجنين من عدمه ...
35982
الطبيب هو الذي يقرر ضرورة إسقاط الجنين من عدمه
تاريخ الفتوى : ... 08 جمادي الثانية 1424 / 07-08-2003
السؤال
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والدة لها أطفال صغار، أصغرهم لم يبلغ السنة، حملت من جديد وهي(20/82)
ضعيفة البنية هزيلة مريضة، في الشهر الثالث من الحمل أسقطت الجنين بالاتفاق مع زوجها. فماذا يترتب عليهما؟ جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فما كان لهذه المرأة أن تقدم على إسقاط جنينها لمجرد أنها هزيلة أو مريضة أو لها أطفال صغار، إلا بعد ما يقرر الأطباء الخبراء الموثوق بهم أن حياتها في خطر، فهنا يرتكب أخف الضررين وأقل المفسدتين. فإسقاط الجنين من إهلاك النسل والإفساد في الأرض، ولا تبرره موافقة الزوج. وعلى هذه المرأة وزوجها أن يبادرا بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، ويكثرا من أعمال الخير والنوافل، لعلَّ الله تعالى أن يتوب عليهما ويغفر لهما. وعليهما كذلك دية إسقاط الجنين، وهي غرة (عبد أو أمة) وقيمة الغرة عُشْرُ دية الأم. ولمزيد من التفصيل والأدلة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:9332. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تلف اليد أم إسقاط الجنين ...
35884
تلف اليد أم إسقاط الجنين
تاريخ الفتوى : ... 06 جمادي الثانية 1424 / 05-08-2003
السؤال
زوجتي حامل في الشهر الرابع، حدث لها كسر بيدها ووضع لها جبيرة، وأخبرنا الأطباء بأنه إذا لم تصلح الجبيرة فلابد من عملية، وفي هذه العملية لابد من إسقاط الجنين، وتستأذنني زوجتي في ذلك، فهل أوافق على عمل العملية ويموت الجنين؟ أم أرفض العملية؟ أو تأجيلها؟ حرصاً على الجنين، وقد يسبب هذا عجزا في يد زوجتي.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حكم الإجهاض وذلك في الفتاوى التالية: 2016، 28629، 28671.
والخلاصة أن الإجهاض لا يجوز إلا في حالتين:
الأولى: أن تكون حياة الأم مهددة بالخطر بإخبار الطبيب الثقة.
والثانية: أن يموت الجنين في بطن أمه.
أما عن المسألة الواردة في السؤال: فإن لها حالتين:
الأولى: أن يكون المراد بإسقاط الجنين أنه يسقط عند إجراء العملية بسبب التخدير أو غيره من غير أن يكون هناك فعل بقصد الإسقاط، ففي هذا الحالة لا بأس في الإقدام على العملية إذا كان تركها أو تأخيرها سيؤدي إلى إتلاف اليد أو تعطل منفعتها.
الثانية: أن يكون الإسقاط بفعل يقصد به الإسقاط، وله حالتان:(20/83)
الأولى: أن يكون بعد نفخ الروح، وهذا لا يجوز، لأنه قتل للنفس التي حرم الله، وهو مفسدة، وقد تعارض مع مفسدة تلف اليد أو تعطل منفعتها، وهي مفسدة أخف من الأولى، فتحتمل المفسدة الأخف لدفع المفسدة الأكبر، بل إن ابن عابدين الحنفي ذكر في حاشيته:
أنه لو كان الجنين حيا ويخشى على حياة الأم في بقائه، فإنه لا يجوز تقطيعه، لأن موت الأم به موهوم، فلا يجوز قتل آدمي لأمر موهوم. اهـ
وقال أصحاب الموسوعة الكويتية:
والذي يؤخذ من إطلاق الفقهاء تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح أنه يشمل ما لو كان في بقائه خطر على حياة الأم وما لو لم يكن كذلك.
الثانية: أن يكون قبل نفخ الروح، وهذا جائز، لأن دفع مفسدة تلف اليد أو تعطل منفعتها أولى من دفع مفسدة إسقاط النطفة والعلقة والمضغة.
والنفخ في الروح يكون بعد مضي مائة وعشرين يوما على الحمل، كما جاء ذلك في الصحيحين عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا يجوز الإجهاض في أي مرحلة من مراحل الحمل ...
35536
لا يجوز الإجهاض في أي مرحلة من مراحل الحمل
تاريخ الفتوى : ... 30 جمادي الأولى 1424 / 30-07-2003
السؤال
ما حكم الإسلام في الإجهاض بعد 4 أسابيع؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالإجهاض بعد مضي أربعة أسابيع من الحمل محرم ، ولا يجوز في أي مرحلة من مراحل الحمل على الصحيح ، إلا في حالة ما إذا كانت هناك ضرورة تقتضي ذلك، ولا بد أن تكون محققة ومعتبرة شرعًا، مثل أن يكون الإبقاء على الحمل يمثل خطرًا محققًا على حياة الأم، ولا يثبت ذلك إلا بتقرير طبي موثوق به من طبيب ثقة. وإذا تم الإجهاض قبل تخلق الجنين - وهو يتخلق بعد مرور أربعين يومًا بنص الحديث - فتجب التوبة من ذلك، وهي كافية إن شاء الله، ولا تترتب عليه كفارة. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 2016. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ضوابط جواز تأخير الحمل ...
35423
ضوابط جواز تأخير الحمل
تاريخ الفتوى : ... 29 جمادي الأولى 1424 / 29-07-2003(20/84)
السؤال
أنا سوف أتزوج ولكن زوجتي تريد تأخير موضوع الحمل لمدة سنة ونصف. لهذا سوف تستعمل حبوب منع الحمل، وتعلل ذلك بدراستها، وأن الحمل والأولاد سوف يعطلونها عن الدراسة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أسمى الغايات التي شرع من أجلها النكاح الحصول على الذرية، لما روى النسائي عن معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب ومنصب، إلا أنها لا تلد، أفتزوجها؟ فنهاه، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فنهاه، فقال: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم. وقد حسن الحديث الألباني.
والحديث يدل على أهمية كسب الولد في الإسلام، إلا أنه إذ دعت مصلحة إلى تأخير حمل المرأة وكان ذلك برضا كل من الطرفين فلا حرج، وإلا حرم. وراجع الفتوى رقم:34107 والفتوى رقم: 9339.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ما يجب من الإجهاض حدث بعد تخلق الجنين ...
34817
ما يجب من الإجهاض حدث بعد تخلق الجنين
تاريخ الفتوى : ... 13 جمادي الأولى 1424 / 13-07-2003
السؤال
السلام عليكم لقد قامت إحدى قريباتي وهي متزوجة ولديها أربعة أطفال بعملية إجهاض وكان عمر الجنين شهرين لأنها كانت مضطرة لأسباب عديدة هي أنها كانت قبل علمها بحملها تأخذ أدوية تضر ولو بنسبة قليلة، وأيضا أنها تشتكي من دوالي عميقة في رجلها وهي ممتدة كثيرا في جسمها، وقبل حملها طلب منها الطبيب عند ولادتها لطفلها الأخير أن لا يتم الحمل قبل 3 سنوات، لأن أولادها صغار جدا في أعمارهم، ولا تستطيع أن تقوم بتربيتهم والقيام بجميع متطلباتهم. وبعد ذلك ذهبت لطبيب وقام بإعطائها دواء لإنزاله ولكنه لم ينزل، وهذا الدواء له مضار، لذلك اضطرت لإنزاله، وهي الآن نادمة ولا تدري ماذا تفعل لكي تكفر عن ذنبها؟ وهي ترجو نصحها.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن ما أقدمت عليه هذه المرأة من إجهاض لجنينها ذنب عظيم، عليها أن تتوب إلى الله تعالى منه، وأن تكثر من الاستغفار والعمل الصالح. وما دام الإجهاض حدث بعد تخلق الجنين (أربعين يوما فما فوق) فإن عليها غرة (عبد أو أمة)، لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في إسقاط الجنين بغرة عبد أو أمة، فإن لم تجد(20/85)
فعليها عشر دية أم الجنين، تقسم على ورثته الذين لم يشاركوا في إسقاطه. وليُعلم أنه ليس كل جهد ومشقة يُعد ضرورة معتبرة شرعا، وإنما الضرورة التي يجوز فيها فعل المحظور هي بلوغ الإنسان حدا إن لم يفعله هلك أو قارب على الهلاك أو أصابه ما لا يطيقه. وليس فيما ذكرته السائلة ضرورة تبيح الإجهاض، وقد سبقت زيادة بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17413، 31183، 32101. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض سترا للفاحشة هو اعتداء على نفس بريئة ...
34277
الإجهاض سترا للفاحشة هو اعتداء على نفس بريئة
تاريخ الفتوى : ... 03 جمادي الأولى 1424 / 03-07-2003
السؤال
أم وجدت ابنتها الشابة حاملاً حيث ادعت البنت أن خالها وضع لها مادة في العصير ثم فعل فعلته أخبرت الفتاة الخالة والجدة بالأمر وطلبت المساعدة بالمال لاجراء عملية الإجهاض أثناء العملية وجد أن الفتاة ما تزال بكراً ولدت الطبيبة الجنين حياً ثم حقنته بمادة أدت إلى وفاته الآن الخالة والجدة نادمتان على هذه المساعدة بعد أن أقسم الخال الشاب على المصحف ناكراً ادعاء الفتاة مع العلم أن الخالة والجدة قدمتا المساعدة على جهل من أمر الشرع في حال الإجهاض ولا يملكان المال لدفع الدية أو الكفارة ما هو حكم الشرع في الخالة والجدة لأنهما نادمتان جداً؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إسقاط الجنين بعد نفخ الروح محرم، إلا عند تحقق الخوف على حياة أمه وتحرم مساعدة الطبيب عليه، ويشتد الإثم إذا كان ذلك للستر على الفاحشة لما فيه من العون على الإثم، والاعتداء على نفس بريئة.
وقد سبق بيان ذلك موضحاً في الفتاوى التالية أرقامها: 2385، 2016، 29566، 4686، 28671، 2208، 33297.
ويجب على المشاركات في الإجهاض التوبة إلى الله تعالى والإكثار من العمل الصالح لقوله تعالى: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ[المائدة:39]، ولقوله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً[الفرقان:68 - 70].
ويجب على المشاركات في الإجهاض إعطاء دية الجنين، وهي دية كاملة إن كان سقط حيًّا أحرى إذا كان قد قتل بعد ما أسقط كما هو الحال في مسألة السؤال، وهذا(20/86)
إذا كان قد أسقط لسن يعيش الجنين فيها عادة، ولا ترث الأم من الدية للحديث: ليس للقاتل من الميراث شيء. رواه البيهقي والدارقطني وصححه الألباني.
قال المقدسي في شرح العمدة و ابن قدامة في المغني: وإن سقط الجنين حيًّا ثم مات من الضربة ففيه دية كاملة إذا كان سقوطه لوقت يعيش في مثله. وقال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن في الجنين يسقط حيًّا من الضرب دية كاملة، وذلك لأنه مات من جنايته بعد ولادته، فكانت فيه دية كاملة كما لو قتله بعد وضعه. وقدَّر شارح العمدة المدة التي يعيش في مثلها عادة بستة أشهر فما فوق.
وأما إذا كان أقل من ذلك ففيه غرة (عبد أو أمة) أو عُشْر دية أمه عند عدم وجود الغرة.
وعلى كل من المشاركات كفارة وهي عتق رقبة، فإن لم تجد فعليها صوم شهرين متتابعين. قال في المغني: وإن اشترك جماعة في ضرب امرأة فألقت جنينًا فديته أو الغرة عليهم بالحصص وعلى كل واحد منهم كفارة.
وقد استدل شارح العمدة لوجوب الكفارة على مسقط الجنين بقول الله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ[النساء:92].
وينبغي أن يراجع في الدية والكفارة الفتاوى التالية أرقامها: 30793، 28671، 5168، 10493، 16048، 29566.
وعلى الآباء والأمهات أن يعتنوا بحضانة البنات ومنعهنَّ من مخالطة الأجانب أو المحارم الذين لا يحجزهم ورع ولا مروءة لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً[التحريم:6] وقوله صلى الله عليه وسلم: ما من عبدٍ يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه مسلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مسائل في الإجهاض ...
34195
مسائل في الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 02 جمادي الأولى 1424 / 02-07-2003
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: انطلاقا من الجواب لسؤال رقم 14173 الرجاء إعطاء المزيد من التفصيل لعبارة: "وإذا شربت دواء فألقت جنينها ميتاً فعليها غرة، ولا ترث منه شيئاً وتعتق رقبة (ليس في هذه الجملة اختلاف بين أهل العلم نعلمه، إلا ما كان من قول من لم يوجب عتق الرقبة) وتسقط الغرة بعفو الورثة، بخلاف الكفارة" وماذا على الزوج إن تم إسقاط الجنين بموافقته؟ وشكر الله لكم.(20/87)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكلام ابن قدامة المذكور في الفتوى المشار إليها واضح، وخلاصة المعنى: أن المرأة الحامل إذا شربت دواءاً للإجهاض فأجهضت، فإن عليها دية الجنين، وهي: غرة - أي عبدٍ أو أمة - وقيمة ذلك عشر دية الأم، ولا ترث المرأة من هذه الدية؛ لأن القاتل لا يرث من المقتول شيئاً. وعليها أيضاً الكفارة، وهي: عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، وإذا عفا الورثة عن الدية فإنها تسقط، ولا تسقط الكفارة بالعفو.
أما عن موافقة الزوج على ذلك فإنها حرام، وعليه التوبة إلى الله والندم والاستغفار من ذلك، وليست عليه دية ولا كفارة، إلا إذا باشر أو تسبب في الإجهاض.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ما يترتب على إسقاط جنين عمره شهران ...
34189
الفتوى : ... ما يترتب على إسقاط جنين عمره شهران
تاريخ الفتوى : ... 04 محرم 1425 / 25-02-2004
السؤال
فتاة اقترفت جريمة الزنا مع شاب وحملت منه ثم سافرت وقامت بإسقاط الجنين وعمره شهران تقريبا ولا حول ولا قوة إلا بالله ماذا عليها من كفارة وإذا كان صيام شهرين فكيف تقضي أيام الدورة الشهرية؟ أم تستخدم دواء لقطع الدورة لصيام شهرين متتابعين؟ أفيدونا وجزاكم الله خير مع العلم بأن الفتاة تائبة وتطلب منكم الدعاء لها بالهداية والصلاح والثبات.. والسلام عليكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإنما أقدمت عليه هذه الفتاة من ارتكاب جريمة الزنا أولاً، ثم القيام بالإجهاض ثانياً، من أكبر الكبائر وأشنع الجرائم، فالزنا وحده كبيرة، والإجهاض في هذه المرحلة هو الآخر اعتداء وإهلاك للنسل. فتجب عليها المبادرة بالتوبة مما أقدمت عليه، كما تجب عليها دية الجنين على أرجح أقوال أهل العلم، إذا كان الإجهاض في الأربعين الثانية؛ لأنه في هذه الحالة يدخل مرحلة التخلق، كما سبق في الفتوى رقم: 9332. وأما الكفارة فالظاهر أنها لا تجب ما دام الإسقاط قبل نفخ الروح، وهذا هو مذهب الظاهرية، وهو الذي يدل عليه الدليل، حيث إنه صلى الله عليه وسلم لم يذكر في الجناية على الجنين غير ديته. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تأخير الإنجاب لأجل حفظ القرآن
تاريخ الفتوى : ... 01 جمادي الأولى 1424 / 01-07-2003(20/88)
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم .. أنا متزوج حديثا ووضعت جدولا لي ولزوجتي بحيث نقوم إن شاء الله تعالى بحفظ القرآن الكريم في فترة قد تمتد إلى سنه ونصف.. السؤال: ماهو حكم تأخير الحمل في هذه الحالة من أجل الحفظ.. حيث إن الحمل وتبعاته قد يؤثر على حفظ زوجتي.. أرجو منك يا شيخ أن تدعو لنا..؟ وجزاكم الله خيرا ..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يبارك لك ويبارك عليك وأن يجمع بينك وبين زوجك في خير، وأن يعينكما على شكره وطاعته وحسن عبادته، ولا شك أن من أفضل الطاعات قراءة القرآن وحفظه، كما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة. رواه الترمذي.
وقال في فضل حافظ القرآن: يقال لصحاب القرآن إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة، حتى يقرأ آخر شيء معه. رواه ابن ماجه.
وأما حكم الحمل إذا كان لتحقيق مصلحة فجائز إذا كان بوسيلة مباحة، فقد أذن الشارع في ذلك لحاجة، كما روى مسلم من حديث جابر رضي الله عنه، وعنه أيضاً قال: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إن لي جارية هي خادمتنا وسانيتنا وأنا أطوف عليها وأنا أكره أن تحمل، فقال: اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأتيها ما قدر لها. رواه مسلم.
والعزل كان هو الوسيلة المتاحة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لتنظيم النسل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم استعمال الواقي الذكري
تاريخ الفتوى : ... 29 ربيع الثاني 1424 / 30-06-2003
السؤال
جزاكم الله خيراً على ما تبذلونه للإرشاد الناس إلى طريق الحق --- عندي سؤال صغير: أنا متزوج ولدي ولد واحد وعمره تقريبا شهر، سؤالي هو: هل يجوز استعمال الواقي الذكري عند المجامعة، لأن الإنجاب نعمة من الله تعالى ولأن هناك أناساً لا ينجبون أطفالاً ويتمنون الإنجاب، ونحن ولله الحمد أنعم الله علينا بنعمة الإنجاب، ونحن نحاول وقف عملية الإنجاب، وهدفي من الوقف لفترة محدودة لأداء فريضة الحج--- ما الحكم الشرعي في استخدام الواقي؟؟ وهل تترتب على ذلك عقوبة من الله وهي عدم الإنجاب؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فيجوز استعمال الواقي الذكري لأجل تأخير الإنجاب لا قطعه بالكلية، ويشترط لذلك رضا(20/89)
الزوجة، وأن تكون هناك حاجة تدعو إلى ذلك، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 18375. ومتى جاز استعماله فلا تترتب على ذلك عقوبة من الله. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
على من باشر الإجهاض التوبة والدية والكفارة
تاريخ الفتوى : ... 01 جمادي الأولى 1424 / 01-07-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الشيخ الجليل: سؤالي هو: كانت زوجتي حاملا في شهرها الخامس، وقد أجريت لها الفحوصات الطبية اللازمة وظهر الجنين مشوها وكليتاه لا تعملان، وبداخله كيس مائي منتفخ، وقد نصحني الأطباء بإنزال الجنين، وقد تم إنزال الجنين، فما حكم الشرع حول ذلك؟ أفادكم الله، وهل يجب علىً شيء؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا يجوز إجهاض الجنين إلا في حالتين سبق بيانهما في الفتوى رقم: 5920، ، وعلى من باشر الإجهاض في غير واحدة منهما فردا كان أو جماعة التوبة إلى الله عز وجل والدية وهي غرة عبد أو أمة، وقيمتها عشر دية أمه الحرة يشتركون في دفعها لورثة الجنين، وليس للوارث المشارك منها شيء، وعلى كل واحد الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين. ومن صور المشاركة أن يباشر الطبيب حقن المرأة بما يسقط جنينها، وتتناول بنفسها شيئا من ذلك أيضا كشراب أو حبوب. وأما المتسبب غير المباشر، فعليه التوبة إلى الله عز وجل مما صنع، فإنه تسبب في إزهاق نفس. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... ليس لوقت الوطء أثر في تحديد نوع الجنين
تاريخ الفتوى : ... 24 ربيع الثاني 1424 / 25-06-2003
السؤال
سبحان الخالق و العالم بما في الأرحام. ما حكم عمل بعض الطرق التي تساعد في اختيار نوع الجنين قبل الحمل، و ذلك بطرق مثل الغذاء و مثل وقت وقوع الحمل في الشهور الميلادية (الزوجية أنثى، و الفردية ولداً بأذن الله، و الله أعلم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فحكم تحديد جنس المولود سبق بيانه في الفتوى رقم 7888 أما بالنسبة لطريقة اختيار جنس المولود عن طريق القيام بعملية الجماع في وقت معين، فيقول الدكتور عباس أحمد الباز عن هذه الطريقة وأشباهها في كتاب دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة 2/860( قد ثبت علمياً أن كل هذه الممارسات ما هي إلا تكهنات لا أساس لها من(20/90)
الصحة، وليس عليها دليل علمي يؤيدها)، وتراجع الفتوى رقم 5995 والفتوى رقم 33148 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الإجهاض لرعاية الطفل المريض
تاريخ الفتوى : ... 21 ربيع الثاني 1424 / 22-06-2003
السؤال
حكم الإسلام فى إجهاض جنين عمره أقل من شهر، الطفل السابق له عمره 11 شهر، مولود بعملية قيصرية وأصيب بمرض فى المخ ويحتاج لرعاية خاصة من الأم نفسها ولا يسمح بالاستعانة بخادمة، هل يمكن لهذه الأم إجهاض هذا الحمل نظرا لهذه الظروف؟ والسلام عليكم ورحمة الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سبق الكلام عن الإجهاض في الفتوى رقم: 2385، والفتوى رقم: 6095. وعليه فإذا كان هذا الحمل لا يعرض حياة الأم للخطر فإنه لا يجوز إجهاضه، ورعاية الابن الآخر ليست سبباً شرعياً لجواز الإجهاض لإمكان رعايته مع الحمل. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
جهاض حمل من تعاني من السكر
تاريخ الفتوى : ... 21 ربيع الثاني 1424 / 22-06-2003
السؤال
ما حكم إجهاض حمل عمره ستون يوما، مع العلم بأن الحامل تعاني من مرض السكر ويلزمها استعمال الحقن بدل الحبوب إذا كانت ستحتفظ بالحمل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد تقدم الكلام عن الإجهاض وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2385، 2394، 8781، 6095. فإذا كان الحمل سيعرض حياة الأم للخطر فلا بأس في إجهاضه، أما إذا لم يكن الأمر كذلك فلا، والمرجع في ذلك إلى الأطباء الثقات. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تلزمه الدية لمشاركته بالتسبب
تاريخ الفتوى : ... 14 ربيع الثاني 1424 / 15-06-2003
السؤال
ما حكم من ساهم في عملية إجهاض بالمال لرد معرة الزنا دون علم منه بأن الإجهاض حرام؟.
الفتوى(20/91)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا شك أن المشاركة في إسقاط الجنين بعد تخلقه ونفخ الروح فيه ذنب عظيم، لأنه تسبب في قتل نفس بريئة، كما أن فيه تعاونا على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]. لكن إذا كان الإنسان غير عالم بحرمة ذلك، فهو غير مؤاخذ على ذلك، إلا أنه تلزمه الدية لمشاركته بالتسبب، وذلك موجب لها. قال في التاج والإكليل نقلا عن ابن الحاجب: ^لو اشترك المتسببون والمباشرون قتلوا جميعا واضح، دليله مسألة الإمساك، وقول المدونة في المحاربين: إن ولي رجل من جماعة قتل رجل وباقيهم عون له، وتابوا قبل أخذهم دفعوا لأولياء القتيل، قتلوا من شاءوا، وعفوا عمن شاءوا، وأخذوا الدية ممن شاءوا.^^ اهـ. ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 2208، والفتوى رقم: 2143، والفتوى رقم: 10493، والفتوى رقم: 5920. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم من أحبل امرأة من الزنا ثم أراد أن يتزوج بها
تاريخ الفتوى : ... 07 ربيع الثاني 1424 / 08-06-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي موجود باليونان منذ حوالي عشر سنين وقد تزوج من يونانية مسيحية وأنجب منها طفلين وهو له محل لبيع الفطائر وكانت حياته مستقرة، ظهرت مشاكل عائلية مع زوجته وتعرف على بنت يونانية أخرى (لاأدري أيهما أولا) وقد أسفرت هذه العلاقة عن جنين عمره شهران، وهو محتار هل يتجاهل هذه البنت أم يطلب منها إجهاض الجنين أم يتزوجها.؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سبقت أحكام من أحبل امرأة من الزنا ثم أراد التزوج بها، وإلى من ينسب الولد الذي حمل به من الزنا وأحكام الإجهاض، كل ذلك ورد مفصلا في الفتوى رقم: 6045فلتراجعها. وإذا كانت هذه اليو نانية التي أحبلها أخوك من الزنا من أهل الكتاب كسابقتها، فذاك ما أُجيِبَ عنه، وإن كانت مشركة، لا تدين بكتاب، فلا يجوز التزوج بها. قال تعالى:وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَل َأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُم. [البقرة:221] وأما نكاحه اليون انية المسيحية، فجائز، لقوله تعالى: وَ الْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِ تَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَ افِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ [المائدة:ة5] ولا يجوز لأخيك أن يترك ولديه ذينك لأمهما المسيحية، لأنها ستربيهما على الكفر، وقد رجح العلماء سقوط حق الأم في الحضانة إذا كانت كافرة. قال تعالى:وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤ ْمِنِينَ سَبِيلاً [النساء: 141] وروى أبو هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو ي مجِّسانه. متفق عليه. فلا ضرر أعظم على ا لولد من ذلك، مع أن الأحناف وبعض المالكية لا يرون الإسلام شرطا في استحقاق الحضانة . ولتنصح أخاك بالعود ة إلى(20/92)
وطنه والخروج عن ديار الكفر، بيئة الخبث والسوء، فإنه لا يؤمن أن يميل إلى ما في بلادهم من فتن، فيفتنوه عن الإسلام. ولخطورة الزنا ومفا سده يراجع الجواب رقم: 26237 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
حكم الإجهاض خشية الفصل من العمل
تاريخ الفتوى : ... 01 ربيع الثاني 1424 / 02-06-2003
السؤال
هل يصح لي أن أسقط الحمل علما بأنني حامل لمدة شهر، وذلك نظراً لأنني تم وقف تعييني بسبب الحمل، وإذا تم إسقاط الحمل فسوف يتم تعييني وتجرى لي التحاليل بذلك وعمل أشعة بذلك للتأكد من عدم حملي وفيها زيادة معيشتي (الراتب )؟ وجزاكم الله خيراً، اختكم فى الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا كان الحمل في مدة الأربعين الأولى فلا يجوز إجهاضه إلا لمصلحة شرعية أو لدفع ضرر متوقع وفي أضيق الحدود، لما في إسقاطه من إفساد للنسل وهو من الفساد الذي لا يح به الله تعالى، ولا نرى في الغرض الذي ذكرته السائلة مبرراً شرعياً للإجهاض، وانظري للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 2385 والفتوى رقم: 8781 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تحديد النسل أو قطعه ينافي مقاصد الشريعة النبيلة
تاريخ الفتوى : ... 10 ربيع الثاني 1424 / 11-06-2003
السؤال
أنا لدي 3 أطفال وزوجي لا يريد غيرهم بحجة صعوبة التربية بينما أنا أريد المزيد وقد حاولت إقناعه بأن هذا الأمر مخالف لسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي يقول في الحديث ما معناه إني مكاثر بكم الأمم، أرجو تقديم النصيحة لي وله؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المؤمن والمؤمنة التسليم لأمر الله في قدره وشرعه، وليعلما أن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لا يشرعان شرعاً إلا وفيه المصلحة للفرد والجماعة والأمة، وفيه خير الدنيا والآخرة فقد قال الله تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ [القصص:68]
وقال سبحانه وتعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً [الأحزاب:36].(20/93)
وإن مما قضى به الله ورسوله الحث على تكثير النسل لإعمار الأرض بطاعة الله وعبادته ولعزة وإعلاء كلمة الله تعالى.. وغير ذلك من المقاصد الكثيرة، وتحديد النسل أو قطعه ينافي مقاصد الشريعة النبيلة، وقد جاءت الأحاديث النبوية الحاثة على إكثار النسل، منها ما أخرجه أبو داود والنسائي والبيهقي عن معقل بن يسار مرفوعاً: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة. ، ولأحمد والطبراني في الأوسط، وسنن سعيد بن منصور عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهياً شديداً، ويقول: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة. وصححه الحاكم وابن حبان.
فعلى المسلم الامتثال لأمر الله وأمر رسوله، ولعله أن يكون من بين هؤلاء الأولاد من يصلحه الله فينفعه في حياته ويدعو له بعد وفاته، فقد ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له. ، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 636.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تحديد النسل للتفرغ للتربية
تاريخ الفتوى : ... 09 ربيع الثاني 1424 / 10-06-2003
السؤال
ما الحكم في من يحدد عدداً معيناً والاكتفاء به من إنجاب الأبناء و(البنات) وذلك بسبب أنه يريد التركيز في تربيتهم أحسن وأفضل تربيه إن شاء الله دون أن يكون لموضوع الرزق أي علاقة بالموضوع؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا يجوز تحديد عدد معين والاكتفاء به بحجة التفرغ للتربية، إذ أن هذا مصادم للنصوص الشرعية العامة التي تحث على الإكثار من النسل، أما تأخيره لمدة معينة بسبب إعطاء الطفل السابق فترة كافية للرعاية والتربية فلا بأس به، وراجع الفتوى رقم: 636، حيث إنها فصلت في الموضوع وبينت حكم المسألة مع إيراد نص فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وقرار من مجمع الفقه الإسلامي. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم قلب الرحم
تاريخ الفتوى : ... 26 ربيع الأول 1424 / 28-05-2003
السؤال
هل يجوز قلب الولادة يعني الرحم بالنسبة للزوجة تفاديا للإنجاب؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(20/94)
فإذا كان قلب الرحم يؤدي إلى قطع النسل، فإن هذا العمل محرم ما لم يكن هناك ضرر متحقق أو غالب يلحق بالأم بسبب الولادة، وعلم أن هذا الضرر مما تستحيل عادة إزالته، فيتعين قلب الرحم المؤدي إلى قطع النسل وسلية لهذه الإزالة.
وإلى تحريم قطع النسل نهائيا دون ضرر محقق ذهب جماهير العلماء.
جاء في التحفة قال ابن حجر: ويحرم استعمال ما يقطع الحبل من أصله كما صرح به كثيرون، وهو ظاهر. انتهى.
وقال الفاكهاني المالكي: وأما لو استعملت دواء لقطعه أصلاً فلا يجوز لها حيث كان يترتب عليه قطع النسل، كما لا يجوز للرجل استعماله ما يقطع نسله أو يقلله. انتهى.
وقال في مطالب أولي النهى: وحرم شرب ما يقطع الحمل.
وأما إذا كان ما يترتب على قلب الرحم هو تنظيم النسل لوقت محدد ولحاجة، فلا بأس به.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إصرار الزوج عدم الإنجاب
تاريخ الفتوى : ... 22 ربيع الأول 1424 / 24-05-2003
السؤال
أنا لي ابنة واحدة وزوجي يصر على الاكتفاء بها وقد حاولت إقناعه بالإنجاب مرة ثانية ولكنه مصمم على رأيه، فهل أنا سوف أسأل من الله على عدم الإنجاب، خصوصا أنه لا يوجد أي سبب جوهري؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فليس لزوجك الحق في منعك من الإنجاب إذا كان الواقع هو ما ذكر في السؤال، ولمزيد من التفصيل في هذا الموضوع راجعي الفتوى رقم: 31369. أما هل سيسألك الله تعالى عن عدم الإنجاب؟ فالجواب: أنه ما دام الأمر ليس بيدك، وإنما هو بيد زوجك وأنك بذلت ما في وسعك لتفادي قطع النسل، فأنت معذورة إن شاء الله تعالى. وقد قال الله تعالى: أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى* وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم:38-39]. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... رغب الإسلام في إنجاب الأولاد
تاريخ الفتوى : ... 16 ربيع الأول 1424 / 18-05-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله سؤالي هو: ما حكم الشرع إذا كان الزوج لا يريد الإنجاب والزوجة تريد ذلك هل على الزوج شيء في منعه للزوجة؟ وشكراً لكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(20/95)
فإنه سبق في الفتوى رقم:
18487، والفتوى رقم: 31369، أنه لا يجوز للزوج استخدام وسائل تمنع الحمل إلا برضا زوجته، وسبق في الفتوى رقم: 636، قرار المجمع الفقهي الإسلامي وفتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بشأن موضوع تحديد النسل.
وننبه إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم حض على المكاثرة، ورغب عن المرأة التي لا تلد فقال لمن سأله: إني أصبت امرأة ذات حسب ومنصب ومال إلا أنها لا تلد أفأتزوجها فنهاه، ثم أتاه الثانية فقال له مثل ذلك ثم أتاه الثالثة فقال له: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم. رواه أبو داود والترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
وليعلم الزوج أن رزق الأولاد يكتب لهم وهم في بطون أمهاتهم ولن يموتوا حتى يستكملوا أرزاقهم، فلا تنبغي الرغبة عن الإنجاب خوفاً من الفقر، وقد قال الله تعالى مخاطباً أهل الجاهلية: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151].
وفي الحديث: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها. رواه أبو نعيم في الحلية وصححه الألباني في صحيح الجامع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا يجوز إسقاط الجنين ولو كان مشوه الخلقة
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الأول 1424 / 17-05-2003
السؤال
زوجة حامل منذ 130 يوماً وتبين بشهادة أطباء أن الجنين مشوه وبه إعاقة شديدة وسيعاني من مشاكل صحية ومشاكل في النطق والنظر والسمع والقلب، فما حكم الإجهاض هنا، الزوجة تخير زوجها بين طلاقها وبين الإجهاض فماذا يفعل، وهي غربية لا تفهم الإسلام جيداً؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يمنع إسقاط الجنين ولو كان مشوه الخلقة إلا إذا كان مرضه يخاف على حياة الأم منه، وقد سبق ذلك موضحاً في الفتوى رقم:
17413، والفتوى رقم: 5920، والفتوى رقم: 2143 فليرجع إليهما.
وينبغي أن يعلم أن الطلاق بيد الرجل وليس المرأة لما في الحديث: إنما الطلاق لمن أخذ بالساق. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
وروى عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن عباس أنه جاء رجل فقال: لما ملكت امرأتي أمرها طلقتني ثلاثاً، فقال له: إنما الطلاق لك عليها وليس لها عليك.
فعلى الزوجين أن يرجعا في خلافهما إلى حكم الله، وأن يستعينا بالصلاة والدعاء على شفاء ولدهما، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:
2016، 2385، 9332.(20/96)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أقوال الفقهاء في منع الحمل المؤقت أو الدائم
تاريخ الفتوى : ... 10 ربيع الأول 1424 / 12-05-2003
السؤال
لي صديقة مريضة بمرض مزمن-غالبا- لا يرجى الشفاء منه وقد ورَّثته لابنها ولقد حاولوا التوصل لعلاج له وقال الأطباء في الخارج إنه في أحسن الأحوال سيبقى الولد على حاله- مع العلم أن المرض مرض يتطور ويزداد سوءاً مع تقدم العمر أو زيادة المجهود البدني- وهي تريد أن تحمل مرة أخرى ولكن الأطباء-في الخارج- أخبروها أن الطفل الثاني من المتوقع أن يأتي مريضا بنسبة50% أو أن يأتي صحيحا بنسبة50% وأفادوها بأنها ممكن أن تحمل -بإذن الله- وسوف يتم عمل فحوصات على الجنين في الأسابيع الأولى من الحمل لمعرفة وجود المرض به ولو ثبت المرض سوف يقومون بإجهاضه.والسؤال هل يجوز إجهاض الجنين في الأسابيع الأولى من الحمل أم لا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سبق الكلام عن حرمة الإجهاض، وأنه لا يجوز إلا عند الضرورة المتحققة أو الغالب حدوثها بالأم، وأن التشوه المتوقع حدوثه بالجنين لا يبيح الإجهاض، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 10122 والفتوى رقم: 10228 والفتوى رقم: 11788 أما استخدام ما يمنع الحمل منعاً موقتاً كالعزل والدواء الذي لا ضرر فيه على البدن فالمذاهب الأربعة على عدم حرمته، ثم منهم من قال بالكراهة ومنهم من قال بالجواز. قال الكاساني في البدائع 2/335: ويكره للزوج أن يعزل عن امرأته الحرة بغير رضاها، لأن الوطء عن إنزال سبب لحصول الولد، ولها في الولد حق، وبالعزل يفوت الولد، فكأنه سبب لفوات حقها، وإن كان العزل برضاها لا يكره، لأنها رضيت بفوات حقها. اهـ. وقال الدرديري في الشرح الكبير 2/267: (كالحرة) لزوجها العزل (إذا أذنت) مجاناً أو بعوض صغيرة أو كبيرة. اهـ وقال الرملي في النهاية 8/227: والعزل حذراً من الولد مكروه وإن أذنت فيه المعزول عنها، حرة كانت أو أمة، لأنه طريق إلى قطع النسل. اهـ. بخلاف ما إذا عَنَّ له أن ينزع لا حذراً من الولد فلا يكره. وقال ابن قدامة في المغني 7/444: والعزل مكروه، ومعناه أن ينزع إذا قرب الإنزال، فينزل خارجاً من الفرج، رويت كراهته عن عمر وعلي وابن عمر وابن مسعود وروي ذلك عن أبي بكر الصديق أيضاً، لأن فيه تقليل النسل، وقطع اللذة عن الموطوءة. وقال الإمام العراقي في طرح التثريب 7/62: محل الخلاف في العزل ما إذا كان يقصد التحرز عن الولد قاله إمام الحرمين، فقال: حيث قلنا بالتحريم، فذلك إذا نزع على قصد أن يقع الماء خارجاً تحرزاً عن الولد قال: وأما إذا عَنَّ له أن ينزع لا على هذا القصد فيجب القطع بأنه(20/97)
لا يحرم. انتهى. وقد يقال مقتضى التعليل في الحرة بأنه حقها فلا بد من استئذانها فيه أن ذلك لا يختص بحالة التحرز عن الولد. والله أعلم. انتهى. وأما استعمال ما
يقطع النسل أصلاً فمحرم عند جماهير العلماء، ما لم يكن هناك ضرر متحقق أو غالب يلحق الأم أو الولد، فإن كان هناك ضرر انتفت الحرمة، أما الاحتمال المذكور في السؤال فيظهر أنه ضعيف لا يبنى عليه حكم. قال ابن حجر الهيتمي في التحفة: ويحرم استعمال ما يقطع الحَبَل من أصله كما صرح به كثيرون وهو ظاهر. انتهى. قال الشبراملسي في حاشيته 7/137: وقوله من أصله: أي أما ما تبطئ الحمل مدة ولا يقطعه من أصله فلا يحرم كما هو ظاهر، ثم الظاهر أنه إن كان لعذر كتربية ولد لم يكره أيضاً؛ وإلا كره. وقال الفاكهاني المالكي في الفواكه الدواني 1/118: وأما لو استعملت دواء لقطعه أصلاً فلا يجوز لها حيث كان يترتب عليه قطع النسل؛ كما لا يجوز للرجل استعمال ما يقطع نسله أو يقلله. ا.هـ وقال في مطالب أولي النهى: وحرم شرب ما يقطع الحمل، قال في (الفائق) ذكره بعضهم. وانظر الفتوى رقم: 29896 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إجهاض جنين مخه خارج الجمجمة
تاريخ الفتوى : ... 05 ربيع الأول 1424 / 07-05-2003
السؤال
سيدة حامل في الشهر الخامس ووجد الأطباء من خلال الأشعة والكشف عليها أن مخ الجنين خارج الجمجمة وأجمع الأطباء على أنه سوف يموت بعد ساعات من الولادة فهل يجوز شرعا الإجهاض حاليا نرجو الإفادة وشكراً لفضيلتكم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز هذا الإجهاض لأنه قتل لنفس حرم الله قتلها، وقد أجمع العلماء على تحريم إسقاط الجنين بعد نفخ الروح ولم يستثنوا إلا حالة واحدة وهي حالة وجود ضرر محقق على حياة الأم.
والذي ننصح به هو التسليم لأمر الله الذي بيده ملكوت كل شيء ويعلم ما في الأرحام وهو أرحم بهذا الجنين وبنا من آبائنا وأمهاتنا ولا حكم أعدل من حكمه ولا قضاء أعدل من قضائه.
ولعل الله أراد أن يدخر لكم أجراً عظيماً وثواباً جزيلاً من وراء ذلك، روى الترمذي بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد. ، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 2222، والفتوى رقم: 2219.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(20/98)
ـــــــــــــــــــ
الخوف على الولد من الفساد هل يبيح الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 04 ربيع الأول 1424 / 06-05-2003
السؤال
سلام الله عليكم مسلم مقيم في دولة غربية متزوج من امرأة غربية نصرانية تعارض الإسلام ولا توافق حتى في حالة الإنجاب أن يتربى الطفل مسلما هي الآن في الأسبوعين الأولين من الحمل هل يجوز إجهاضه؟ مع العلم أن هذه بلاد كفار ودرجة الفساد فيها تجاوزت 100% ما هو الحل؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الإجهاض أمر محرم شرعاً، وهو من الإفساد في الأرض وإهلاك الحرث والنسل الذي حرمه الله تعالى في محكم كتابه، ولا يبرره كون الأم نصرانية، أو الخوف على الولد من الفساد، فالهداية بيد الله سبحانه وتعالى، والقلوب بيده يقلبها كيف شاء. ولتفاصيل أحكام الإجهاض نحيلك إلى فتوى سابقة رقم: 2016. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المرأة تشرب الدواء وهي حامل فيسقط ولدها
تاريخ الفتوى : ... 26 صفر 1424 / 29-04-2003
السؤال
إن القلب ليفرح أن فتح الله عز وجل علينا بهذه الوسيلة السريعة ومن قبل كانت تضرب آباط الابل للاستفتاء أئمتنا بارك الله فيكم امرأة تسأل: مرضت مرضا عاديا أثناء حملها واقترح عليها السنامكي للعلاج ورغبها زوجها في تناوله وكانت تظن أن السنامكي ربما يؤذي جنينها، لكن بعد ترغيب زوجها في تناوله وأنهم قالوا له إنه لا يضر شربت منه، ومرت أيام وأسقطت جنينها، وهي الآن في حيرة شديدة من أمرها إذ هي تظن أنها تسببت في الإسقاط بشربها للسنامكي وليست على يقين من أن السنامكي هو السبب، وهي الآن تسأل ما هو وضعها الشرعي الآن هل من أحكام واقعة عليها، ماذا تفعل، أفتونا مأجورين واشفوا صدور قوم مؤمنين،عاجلا عاجلا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة إذا شربت دواء من أجل الإسقاط، أو شربته ولو لغير الإسقاط مع علمها بأنه يسقط استناداً على التجربة أو خبر طبيب فأسقط، فإن فعلها هذا يعد خطأ، وتلزم منه دية الجنين على عاقلتها، ولا يسوغ هذا الفعل ترغيب الزوج أو غيره.
أما إذا لم تعلم المرأة بأن هذا الدواء يسقط وشربته، فلا شيء عليها ولاعلى عاقلتها، ففي مواهب الجليل: وسئل مالك عن المرأة تشرب الدواء وهي حامل فيسقط ولدها أترى عليها شيئاً؟ قال: ما أرى به بأساً إذا كان دواء يشبه السلامة فليس به بأس إن شاء الله.... انتهى.(20/99)
ولتحديد دية الجنين وما يلزم من تسبب في إسقاط الجنين تراجع الفتوى رقم: 9133، والفتوى رقم: 20779.
مع العلم بأن من شروط لزوم دية الجنين العلم بأن الجناية من الضرب أو شرب الدواء هي التي أسقطته، قال ابن قدامة في الكافي: وإنما يجب ضمانه إذا علم أنه مات من الضربة وسقط بها، بأن تلقيه عقب الضرب أو تبقى متألمة إلى أن تلقيه، فيموت عقب وضعه أو يبقى متألما إلى أن يموت. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ليس للزوج أن يمنع امرأته من الحمل
تاريخ الفتوى : ... 26 صفر 1424 / 29-04-2003
السؤال
هل طاعة الزوج في تحديد النسل جائزة؟ وهل يحرم الحمل بدون موافقة منه؟ علماً أنني ليس لدي صبيان لكن ثلاث بنات.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إنجاب الأولاد هو المقصود الأهم من الزواج، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهياً شديداً ويقول: تزوجوا الودود الولود إني مكاثر الأنبياء يوم القيامة رواه أحمد وأبو داود والبيهقي عن أنس بن مالك.
وفي حديث آخر: تناكحوا تناسلوا أباهي بكم الأمم يوم القيامة رواه عبد الرزاق والبيهقي عن سعيد ابن أبي هلال.
وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها رواه الإمام أحمد وابن ماجه.
قال ابن قدامة في المغني: ولأن لها في الولد حقا، وعليها في العزل ضرر فلم يجز إلا بإذنها. جـ8صـ133.
ومما تقدم يتبين أن لك الحق في إنجاب الأولاد، وليس للزوج أن يمنعك من الحمل.
وأما لو اتفقتما على تنظيم النسل لمصلحة تربية الأولاد، أو شيء من ذلك القبيل، فإنه يجوز لما روي عن جابر رضي الله عنه قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل. متفق عليه.
ويجب التنبه إلى أن قطع النسل كلية لا يجوز، إلا في حالة واحدة، وهي ما إذا أثبت الأطباء الثقات أن الحمل يعرض حياة الأم لخطر داهم، وكان قطع النسل كلية هو الوسيلة الوحيدة لتفادي هذا الخطر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... ليس فيما ذكرت من الأسباب مايبيح لها الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 23 صفر 1424 / 26-04-2003(20/100)
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو أنني في بداية الحمل وعمره الآن حوالي ثلاثة أسابيع ولكن عندي ثلاثة أطفال أكبرهم 4 سنوات والثاني 3سنوات والثالث سنة واحدة ولا أدري هل يجوز إسقاط هذا الحمل الذي هو في بدايته حيث إن أطفالي الثلاثة مازالوا صغاراً وأنا لا أستطيع في الوقت الحالي السيطرة على هؤلاء الصغار حيث إن تربيتهم تحتاج إلى جهد كبير وأنا لا أقصد الجهد المالي فنحن والحمد لله حالنا ميسور ولكن لم أكن في انتظار هذا الحمل إلا بعد أن تتم صغيرتي ذات العام الواحد على الأقل عامين وأنا لا أمانع في الحمل ولكنني حملت في أولادي الثلاث دون راحة لبدني ونحن نقيم أنا وزوجي في المملكة وليس معي أحد يساعدني في تحمل هذه المسئولية فهل علي إثم إذا أقدمت على الإجهاض؟ أفتونا مأجورين.
وجزاكم الله خيراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإجهاض محرم شرعاً، ولا يجوز الإقدام عليه، وإن كان قبل نفخ الروح في الجنين، أي قبل مائة وعشرين يوماً، لأن هذا من باب إهلاك النسل، وقد عدَّ الله ذلك من الفساد في الأرض، قال تعالى: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ (البقرة:205)
وهذه النطفة التي استقرت في الرحم آيلة إلى التخلق، ومهيأة لنفخ الروح.
وكان بإمكان السائلة إن احتاجت إلى أن تنظم النسل أن تتخذ من الأسباب ما يمكنها من الولادة بعد سنتين أو أكثر من الولادة السابقة، أما وقد وقع الحمل فلا يحل لها إجهاضه، وليس فيما ذكرت من الأسباب ما يبيح لها ذلك، فالمشقة التي تحصل لها بسبب تربية أولادها أمر طبيعي كتبه الله تعالى على الأمهات، وحض الأبناء على البر بهن مذكراً لهم بهذا العناء فقال: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً (الأحقاف: من الآية15) ، فاتق الله أيتها الأخت واستعيني بالله ولا تعجزي.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... عملية قطع الإنجاب لا تجوز إلا لضرورة
تاريخ الفتوى : ... 21 صفر 1424 / 24-04-2003
السؤال
ما هي الكفارة الواجبة على النساء اللاتي يقتلن أولادهن قبل الولادة أو يجرين عملية لمنع الإنجاب؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(20/101)
فقد سبق بيان ما على من أجهضت جنينها في الفتوى رقم: 991 والفتوى رقم: 2385 ولا يجوز للمرأة إجراء عملية لقطع الإنجاب بالكلية إلا عند الضرورة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 17835
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... إسقاط الحمل جريمة كبيرة
تاريخ الفتوى : ... 17 صفر 1424 / 20-04-2003
السؤال
هل يجوز إسقاط الحمل إذا لم يبلغ 4 أشهر وذلك لوجود 5 أطفال صغار والصغرى تبلغ عاماً ونصفاً
وستكون الولادة فى غير وطننا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إسقاط الحمل محرم شرعاً، فهو من الإفساد في الأرض وإهلاك النسل... قال الله تعالى: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ [البقرة:205].
ويشتد التحريم وتعظم الجريمة إذا وصل الحمل إلى أربعة أشهر، وهي المرحلة التي تنفخ فيها الروح، فيكون من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق.
ويكون التحريم أشد إذا كان الباعث على ذلك خشية الإملاق كما كان أهل الجاهلية يفعلون، وقد نهى الله تعالى عن ذلك ووصفه بالخطأ الكبير.
فقال الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً [الإسراء:31].
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 2016.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يجوز الإجهاض إلا لضرورة
تاريخ الفتوى : ... 17 صفر 1424 / 20-04-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو الإجابة على السؤال التالي مع جزيل الشكر
ما حكم إجهاض الحامل إذا كانت مدة الحمل 35 يوماً لتاريخ اليوم مع موافقة الزوج على الإجهاض مع العلم بوجود مانع طبيعي لعدم الحمل؟ ولكم الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(20/102)
فلا يجوز إجهاض الجنين ولو كان قبل اكتمال أربعين يوماً على تكوينه، لأن النطفة بالعلوق تكون آيلة للتخلق، وفي إسقاطها اعتداء على أصل خلق الإنسان، وفي هذا من الإفساد والإهلاك ما هو واضح معلوم، ولا تأثير لموافقة الزوج أو عدم موافقته في مثل هذا الأمر، كما أنه لا عبرة بوجود مانع للحمل أو عدم وجوده، علماً بأن الإجهاض يجوز إذا دعت إليه الضرورة كالخوف على حياة الأم من استمراره، أو إصابتها بمرض يستديم معها أثره مما يؤدي إلى الإخلال بحياتها، ونحو ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... تحديد عمر الجنين مرجعه للأطباء
تاريخ الفتوى : ... 14 صفر 1424 / 17-04-2003
السؤال
أسأل عن كيفية حساب عمر الجنين حتى أربعين يوماً لأنني سمعت أنه لا يجوز إنزاله بعد ذلك لحرمة هذا وأنا الآن عندي طفل لديه ثمانية أشهر ولا يتسنى لي الحمل حاليا لعدم مقدرتي الصحية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة إسقاط الجنين مطلقاً، ولو كان نطفة لم تمر عليه أربعون يوماً على القول الراجح من أقوال أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 991.
وعلى من أسقطه بعد مرحلة نفخ الروح دية، وهي غرة عبد أو أمة، وكفارة وهي صيام شهرين متتابعين، مما في الفتوى رقم: 13171.
وأما عن كيفية تحديد المرأة أن لجنينها أربعين يوماً بالضبط، فليس ذلك في استطاعتنا، ويمكن الرجوع فيه إلى الثقات من الأطباء المختصين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إسقاط الجنين محرم مطلقا
تاريخ الفتوى : ... 14 صفر 1424 / 17-04-2003
السؤال
امرأة أجرت عملية إجهاض بعد أربعين يوما من الحمل عمداً مع العلم أنها كانت بصحة جيدة ما حكم ذلك وماذا عليها أن تفعل؟.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة إسقاط الجنين مطلقاً، ولو كان نطفة لم تمر عليه أربعون يوماً على القول الراجح من أقوال أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 991.
وعلى من أسقطه بعد مرحلة نفخ الروح دية، وهي غرة عبد أو أمة، وكفارة وهي صيام شهرين متتابعين كما في الفتوى رقم: 13171.(20/103)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تستعمل موانع الحمل بقدر الضرورة
تاريخ الفتوى : ... 25 محرم 1424 / 29-03-2003
السؤال
امرأة متزوجة ولديها طفل ولا تشعر بالأمان مع زوجها لأنه دائماً يهددها بالطلاق ويكذب عليها ويخاف على ماله منها ولا يعلمها أي شيء عنه ودائماً في شجار معها وهي تستعمل وسائل منع الحمل لإحساسها بعدم الاستقرار وتخاف أن يغدر بها وهي لديها كثير من الأطفال فهل يجوز لها منع الحمل في هذه الحالة ولا تكون آثمه؟ وإذا لم يجز فما الحل؟ مع العلم بأنه غير ملتزم ولا يصلي ولا يريد أن يعرف شيئاً عن الإسلام ويريد تربية الطفل تربية مودرن (حديثة) في مدارس أجنبية وهي تريد أن تعلمه أصول الدين وتدخله مدارس إسلامية وهو رافض! من فضلكم أفتونا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأبناء نعمة من نعم الله تعالى، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على التزوج بالمرأة الولود فقال صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم. رواه احمد وأبو داود والنسائي.
فالأصل ألا تستعمل المرأة موانع الحمل، ولكن إذا دعت الحاجة إلى استعمالها فيجب أن يكون ذلك بقدر الضرورة، ولا يجوز لها قطع نسلها نهائياً، وأن يكون ذلك باتفاق بينها وبين زوجها لأن لكليهما الحق في الولد، ولمزيد من الفائدة والتفصيل عن هذا الموضوع نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 18375.
وأما وضع الأطفال في المدارس الأجنبية فإنه لا يجوز لما يترتب على ذلك من إفساد عقولهم وتعلقهم بغير أمتهم، وتركهم لتعلم ما يجب عليهم من أمر دينهم. ولمزيد من التفصيل عن هذا الموضوع نحيلك إلى الفتوى رقم: 8080.
وأما كيفية التعامل مع تارك الصلاة والمتهاون بالدين فقد سبقت الإجابة على مثله في الفتوى رقم:
5629 ونحيلك إليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تنظيم النسل لضيق السكن
تاريخ الفتوى : ... 23 محرم 1424 / 27-03-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله(20/104)
أنا امرأة متزوجة ولي 3 أولاد وأريد أن أنجب لكن زوجي امتنع بداعي أننا نعيش في غرفة واحدة وهو مريض بداء السكري قال يمكن أن ننجب في وقت لاحق عندما يكون لدينا سكن ونكون في وضع أحسن أفيدونا.
جزاكم الله عنا كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للزوج منع زوجته من الحمل لأجل السبب المذكور، لأن الإسلام حث على النسل وأمر بالإكثار منه، مع ضمان الله تعالى لرزقه، قال الله عز وجل: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود:6].
علماً بأن تنظيم النسل جائز عند الحاجة إليه بشروط ذكرناها في الفتوى رقم: 18375
ومنها: أن يكون ذلك برضى الزوجين، لأن حق النسل ثابت لكليهما، فلا يجوز لأحدهما منع الآخر منه.
ولمعرفة الأمر بالتفصيل تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16894، 11479، 20016، 18487، 16894.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفتوى : ... إسقاط الجنين ذنب عظبم .
تاريخ الفتوى : ... 29 ذو الحجة 1423 / 03-03-2003
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة على رسول الله. أما بعد.. سؤالي كالآتي:
رجل عقد على امرأة عقداً شرعياً ثم حدث أن جامعها قبل يوم الدخلة المحدد بينهما فحملت منه مولوداً
فقامت بإجهاضه إخفاء للفضيحة على حد زعمهما فما الذي يترتب عليهما؟ وشكرا جزيلا لكم.
والسلام عليكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تم العقد الشرعي على المرأة فيحل لزوجها الاستمتاع بها ولو بالجماع, لكن الأولى ترك الجماع حتى يتم الدخول حسب العرف, وذلك سداً لذريعة التهمة بغيره أو به ويظن أن ذلك كان قبل العقد ونحو ذلك.
وحملها منه بعد العقد حمل شرعي لا يلحقها من تركه إثم ولاعار.
بل الإثم والعار في إسقاطه, ولا يحل إسقاط الحمل سواء كان شرعياً أومن زنا أو غيره إلا في حالة ثبوت تحقق الضرر على الأم من بقائه.(20/105)
أما لغير ذلك فإسقاطه إثم وإفساد وإهلاك للنسل إن كان قبل نفخ الروح ( 120 يوما )ويدخل تحت قوله تعالى: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَاد َ [البقرة:205].
ويجب على من فعله سواء المرأة أو من أعانها على الإجهاض التوبة إلى الله.
وينبغي له الاستغفار والإكثار من الصدقة والأعمال الصالحات.
أما إن كان الحمل قد بلغ مائة وعشرين يوما فإسقاطه قتل للنفس التي حرم الله إلا بالحق, ويجب فيه أمران الأول: الدية وهي قيمة عشر دية الإنسان تدفعها الأم من مالها إن انفردت بالإجهاض وإن شاركها الزوج أو غيره اشتركا في الدية ولا يرثان منها شيئاً لقضاء النبي صلى الله عليه وسلم في امرأة ضربت أخرى فأسقطت جنيناً بغرة ( عبد أو أمة) رواه البخاري.
والثاني: الكفارة وهي صيام شهرين متتابعين, وإيجابها هو مذهب الشافعية والحنابلة وهو الأحوط، هذا مع التوبة إلى الله تعالى من هذا العمل المنكر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الإنجاب قد يكون مدعاة لاستقرار الحياة الزوجية
تاريخ الفتوى : ... 25 ذو الحجة 1423 / 27-02-2003
السؤال
ما حكم تنظيم الإنجاب في حالة الصلح بعد خلاف عدة أشهر بغرض الاستقرار أولا، أو مخافة عدم الوفاق فيما بعد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس بتنظيم النسل لمصلحة شرعية اقتضته، وأما لغير حاجة فلا ينبغي لأن الشرع حث على تكثير النسل، وما ذكرته في سؤالك ليست حاجة تستدعي إيقاف النسل؛ بل قد يكون حمل الزوجة سبباً في استقرار أمر الزوجين والتغاضي عن الخلاف والمشاكل التي كانت بينهما. وننصحك بمراجعة الفتوى رقم: 11479.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ليس لجواز العزل وعدمه مدة محددة
تاريخ الفتوى : ... 25 ذو الحجة 1423 / 27-02-2003
السؤال
ما حكم تحديد النسل لمن هو جديد في الزواج، وما رأيكم بالعزل الطبيعي وهل هناك مدة محددة بالشرع للعزل بعد الدورة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(20/106)
فقد سبق بيان حكم تحديد النسل في الفتوى رقم: 636، وبيان حكم العزل في الفتوى رقم: 1803.
وليس لجواز العزل وعدم جوازه مدة محددة فيما نعلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تعمد الأم إسقاط الجنين
تاريخ الفتوى : ... 23 ذو الحجة 1423 / 25-02-2003
السؤال
امرأة عندما شعرت بآلام الولادة قبل الولادة بحوالي شهر أخذت تقفز وتصطدم بالجدار وذلك من شدة الألم وعند الولادة ولد المولود وهو ميت وفي أثر ضربة في الرأس فهل عليها شيء مع العلم أنها كانت جاهلة بالحكم لأنها أول مرة تلد فيها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التسبب في إسقاط الجنين يوجب الدية على المتسبب، سواء كان المتسبب الأم أو غيرها، وسواء تعمد الإسقاط أو لم يتعمد.
قال الدرديري في الشرح الكبير وهو مالكي: وفي إلقاء الجنين عشر واجب (دية) أمه، وسواء كانت الجناية عمداً أو خطاً، من أجنبي أو أب أو أم كما لو شربت ما يسقط به الحمل فأسقطته.
وعشر دية الأم هو خمسون ديناراً من الذهب أو ما يعادلها بالأوراق النقدية، وذهب الأحناف إلى إفراد الأم بشرط تعمد إسقاط الجنين حتى تجب عليها الدية، وقال في الفتاوى الخانية، في فقه الحنفية: إذا أسقطت المرأة الولد بعلاج أو شربت دواءً تعمدت به إسقاط الولد وجبت الغرة -دية الجنين- على عاقلتها، وإن شربت دواء ولم تتعمد به إسقاط الولد فسقط الولد لا شيء عليها.
ورجح بعض العلماء منهم الشيخ عبد الكريم زيدان اشتراط العمد لوجوب الدية بالنسبة للأم، وقال: لأن الأصل في الأم أنها لاتسقط ولدها، فإن سقط فالغالب أن سقوطه كان لضعف في بدنها أو بسبب إهمال منها وتقصير، ويكفيها فجيعة ولدها فلا نفجعها فإيجاب الدية عليها واعتبارها قد ارتكبت ما يوجب عقابها.
وأما الكفارة فأكثر أهل العلم يوجبونها مع الدية، قال الإمام الخرقي الحنبلي: وإذا شربت الحامل دواء فألقت به جنيناً فعليها غرة لا ترث منها شيئاً وتعتق رقبه -كفارة-. انتهى.
فإن لم تجد رقبة تصوم شهرين متتابعين، فإن لم تستطع يبقى الصيام في ذمتها إلى أن تستطيعه, وقيل يتحول إلى إطعام ستين مسكيناً، فإن لم تستطع الإطعام وجب في ذمتها إلى أن تستطيع. انتهى
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(20/107)
خطورة الحمل هل تبيح الإجهاض
تاريخ الفتوى : ... 08 ذو الحجة 1423 / 10-02-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي 4 أطفال منهم رضيع عمره 6 شهور وأنا مريضة بروماتيزم بالقلب وفي حملي الأخير قال لي الأطباء إن الحمل فيه خطر عليه وقد أخذت تقريراً من طبيب القلب بعمل ربط للمبيض والآن أشك في حدوث حمل علما بأنه إذا كان حمل فإن مدته 4 أو 5 أيام فقط وأن ميعاد الدورة الشهرية لم يأت للآن هل يجوز الإجهاض وحتى كم يوم من ميعاد الجماع يمكن إجهاضه ؟
الرجاء الرد بسرعة، و جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الإجهاض وضوابط جوازه في الفتوى رقم 2385 والفتوى رقم 5920.
فعلى هذا إذا ثبت خطورة هذا الحمل على حياتك بإخبار الأطباء الثقات ولم يكن هنالك سبيل آخر لإنقاذ حياتك، فلا حرج إن شاء الله في إسقاط هذه النطفة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الواجب في الجناية على الجنين
تاريخ الفتوى : ... 08 ذو الحجة 1423 / 10-02-2003
السؤال
لدي سؤال خاص بزوجة عمي، هي سيدة في السابعة والخمسين، تزوجت في الثامنة عشرة من عمرها، أجهضت جنينها عن عمد وبتحريض من زوجها وذلك ثلاث مرات مع العلم أن عمرها كان لم يتجاوزالثانية والعشرين. ثم بعد خمسة عشر عاما قامت بإجهاض جنينها مرتين عن عمد، وبذلك تكون أجهضت نفسها خمس مرات عن عمد، وهي الآن تريد التكفير عن ذلك فماذا يمكنها أن تفعل الآن في عمرها هذا؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإجهاض محرم شرعاً لأنه محض اعتداء بغير حق على نسمة خلقها الله , وهو من الصفات المذمومة التي عابها الله على الكافرين في قوله: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ [البقرة:205].
وسواء أكان ذلك قبل نفخ الروح أو بعدها على الراجح من أقوال العلماء، وتشتد الحرمة وتعظم الجريمة إن كان ذلك بعد نفخ الروح, لأنه قتل لنفس حرم الله قتلها بغير حق، ولا يجوز الإجهاض سواء كان بإذن الزوج أو بدون إذنه؛ إلا إذا كانت(20/108)
هنالك ضرورة محققة معتبرة شرعاً، مثل: أن يكون الإبقاء على الحمل يشكل خطرًا محققاً على حياة الأم، ولا يثبت ذلك إلا بتقرير من أطباء مأمونين موثوق بخبرتهم.
والواجب في الجناية على الجنين، إذا تبين فيه خلق إنسان ـ غرة عبد أو أمة، لما في الصحيحين أن أبي هريرة رضي الله عنه قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها عبد أو وليدة.
وهذه الغرة قيمتها عشر قيمة دية الجنين , وعشر ديتها خمس من الإبل، أو خمسون ديناراً من الذهب , أو خمسمائة درهم، وتجب هذه الدية على المرأة لأنها جانية عن عمد ولا ترث منها شيئا.
وإن كان زوجها قد عاونها في الإجهاض اشترك معها في تحمل الدية ولم يرث أيضا من الدية شيئاً، وهذه الدية حق للورثه فإذا عفوا عنها سقطت.
وقد اختلف العلماء هل عليها أيضاً كفارة وهي صيام شهرين متتابعين أم لا؟ والراجح عدم وجوب الكفارة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ـ لم يذكر كفارة في الحديث المتقدم.
وإذا كان الجنين الذي أُجهض لم يتبين فيه خلق إنسان، فالراجح عدم وجوب الغرة والكفارة، لأن ما لم يتبين فيه خلق إنسان لا تتحقق الجناية عليه لأنه ربما كان دماً متجمدا، والأصل براءة الذمة.
ويجب على المرأة المسئول عنها على كل حال أن تكثر التوبة إلى الله والاستغفار، قال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً ,يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان 68 :70 ] .
وللفائدة انظر فتوى رقم:
2016.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الإثم على الطبيبة إن لم تتخذ الوسائل اللازمة
تاريخ الفتوى : ... 08 ذو الحجة 1423 / 10-02-2003
السؤال
كنت حاملاً لكن الطبيبة قالت لي وأنا في الشهر الثاني إن كيس الحمل فارغ ويجب إسقاطه
أجريت عملية إسقاط ولكن بعد ذلك قالت لي طبيبة أخرى إنه كان حملاً طبيعياً
فهل علي إثم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(20/109)
فإنه لا يجوز للمرأة أن تسقط حملها إلا لضرورة ملجئة كأن تكون حياتها في خطر إذا لم يسقط، أو يكون الجنين قد مات. وراجعي الفتوى 991 وكان ينبغي للسائلة أن لا تقدم على إسقاط ما في بطنها حتى تتأكد من كون البطن خالياً من جنين حي أو مرجو الحياة وذلك بعرض نفسها على طبيبة موثوقة في دينها وخبرتها . وما حصل لا إثم عليك فيه وإنما الإثم على الطبيبة إن كانت لم تستعمل كل الوسائل اللازمة للتأكد من حقيقة الأمر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... إسقاط الجنين محرم من غير ضرورة
تاريخ الفتوى : ... 29 ذو القعدة 1423 / 01-02-2003
السؤال
هل يجوز للمرأة إجراء عملية جراحية لإسقاط جنينها بعد(60) يوماً من مرورها على تاريخ طهرها الأخير؟ في حالة المرض؟ وهل عدد الأيام بعد طهر الآخر له دور في شرعيتها؟ نرجو توضيح المسألة لنا.
مع الشكر والتقدير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا ثبت بتقرير طبي موثوق أن حياة الأم في خطر داهم بسبب وجود الجنين، فإنه يجوز إسقاطه حينئذ.
وأما إذا لم يكن هناك خطر على حياة الأم من بقاء الجنين في بطنها فلا يجوز إسقاطه بحال، لأن ذلك من الإفساد للحرث والنسل الذي حذر الله منه، فقال تعالى: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ) [البقرة:205].
وإسقاطه محرم من غير ضرورة، وتشتد حرمته إذا بلغ الجنين أربعة شهور، لأن الروح قد نفخت فيه واكتمل خلقه، واعتبر ذلك من قتل النفس التي حرم الله.
وتراجع الفتوى رقم: 5920.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
احتمال إعاقة الجنين هل تبيح منع الإنجاب
تاريخ الفتوى : ... 12 ذو القعدة 1423 / 15-01-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا رجل متزوج من ابنة عمي ولي منها خمسة أبناء ولله الحمد،اثنان منهم معاقان إعاقة كاملة ( شلل دماغي) ولله الحمد، وهم بحاجة إلى رعاية كاملة من أكل وشرب وتنظيف طوال حياتهما بالإضافة إلى مراجعة المستشفيات الشبه يومية. وبعد(20/110)