أما إن رضعت أختك وبنت خالك من غير من ذكرنا، فلا تحرم عليك .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... رضاع أخيك من عمتك لا يحرم عليك بناتها
تاريخ الفتوى : ... 22 شوال 1422 / 07-01-2002
السؤال
لي أخ كبير وعند ولادته رضع من عمتي وبعدها تزوجت أنا (أخوه الأصغر) من ابنة عمتي. ما حكم الزواج من ابنة عمتي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس بزواجك من ابنة عمتك التي رضع أخوك الأكبر من أمها، لأن حرمة الرضاع إنما تنتشر بين المرضعة ورضيعها دون من لم يرضع، فأخوك هو الذي تترتب عليه أحكام الرضاع، لأنه صار ابنا لعمتك يترتب عليه من الأحكام - في المحرمية - ما يترتب على بقية أبنائها.
أما أنت، فلا ينسحب عليك شيء من ذلك لمجرد أن أخاك رضع منها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مسائل في الرضاع
تاريخ الفتوى : ... 10 شوال 1422 / 26-12-2001
السؤال
1-اختي الكبيرة رضعت من أم خالتي وليست من أم أمي ما هو حكم أخواتي الباقين هل يخرجون على أولاد خالتي.
خالي رضع مع أختي وكان عمرها حوالي سنتين أو أقل وهو عمره أقل من شهر هل يجوز الخروج على أولاده.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي المسألة الأولى: إن كانت الأخت الكبيرة قد رضعت من أم خالتها قبل السنتين من عمرها، وبلغ عدد الرضعات خمس رضعات مشبعات فقد أصبحت أختاً لهذه الخالة، وعليه فسيكون أبناء هذه الخالة أبناء أختها من الرضاعة، فيجوز لهم ما يجوز لأبناء أختها من النسب لقوله صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة" رواه البخاري.
وأما باقي الأخوات فلسن أخوات لهذه الخالة، وعليه فأبناء هذه الخالة ليسوا من محارمهن فلا يجوز لهن أن يكشفن وجوههن عندهم، ولا الخلو بهن، ولا غير ذلك مما يحرم على الرجال الأجانب.
وأما في المسألة الثانية: فلا يخلو الحال من واحد من احتمالات ثلاثة:(12/254)
الأول: أن تكون المرضعة هي أم الأخت السائلة، وأم أختها، وفي هذه الحالة يصبح الخال أخاً لهما من الرضاعة، فيجوز لهما الخروج على أولاده.
الثاني: أن تكون المرضعة زوجة أب للأخت السائلة، أي أنها أم أختها، وليست أمها هي، والحكم هنا كالحكم في الاحتمال الأول.
الثالث: أن تكون المرضعة امرأة أجنبية أي ليست أماً للأخت السائلة ولا زوجة لأبيها، وفي هذه الحالة يكون الخال أخاً للبنت التي رضعت معه فقط، فيجوز لمن رضعت معه الخروج على أولاده، وأما باقي الأخوات فلا يجوز لهن ذلك.
وهذا كله بعد أن تستوفي الرضاعة ما يشترط لها من شروط، وذلك أن الرضاعة لا تحرم إلا بشرطين على الصحيح من أقوال أهل العلم وهما:
الأول: أن تكون قبل السنتين من عمر الرضيع.
الثاني: أن تكون خمس رضعات مشبعات.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم الحجاب من إخوة الأخ من الرضاع
تاريخ الفتوى : ... 25 رمضان 1422 / 11-12-2001
السؤال
1-لي أخ من الرضاع من عمري 25 سنة وله إخوة أكبر منه فهل هم أخوتي كذلك وهل أنا ملزمة بالحجاب أمامهم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان رضاعك مع هذا الآخر حاصل من أمك أنت أو من امرأة أخرى فإن أخوة الرضاعة بالنسبة لك في هذه الحالة مقصورة عليه دون إخوته، فهم أجانب عنك فيلزمك الحجاب أمامهم.
وإن كان رضاعك معه من أمه هو فإن إخوته إخوة لك، سواء كانوا أصغر منه أو أكبر، لاجتماعكم في الرضاع من امرأة واحدة، والأصل في ذلك قول الله عز وجل: (وأخواتكم من الرضاعة)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم زواج أخ الرضيعة من بنات المرضعة أو بنات أولادها
تاريخ الفتوى : ... 19 رمضان 1422 / 05-12-2001
السؤال
1- بسم الله الرحمن الرحيم
أفيدونا أفادكم الله.....وجزاكم عنا كل خير إن شاء الله.
إمرأة أرضعت طفلة ولها عدة أبناء فهل يجوز لأخ الرضيعة الزواج من بنات المرضعة أو بنات أولادها؟؟ وإن كانت تحرم على أخ الرضيعة وقد تزوج بابنة ابن(12/255)
المرضعة هل يعتبر الزواج باطلا وماذا يجب عليه أن يفعل؟؟ الرجاء الرد السريع حيث أن هذه المسألة قد حيرتنا
الفتوى
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان مراد السائل من السؤال هو أن امرأة أرضعت طفلة وأراد أخو هذه الطفلة أن يتزوج إحدى بنات هذه المرأة أو بنات أبنائها، فالجواب هو أنه لا حرج في ذلك ما لم يكن هنالك سبب آخر للتحريم، وذلك لأن هذه المرأة لا تكون أماً له من الرضاع بمجرد كونها أرضعت أخته، فهي أم لأخته التي أرضعتها، وليست أماً له هو، وبالتالي فإن بناتها غير محارم له فيجوز له الزواج بهن، كما يجوز له الزواج ببنات أبنائها أو بنات بناتها.
وراجع الجواب رقم 5621
الله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الرضاع الذي تثبت به الحرمة
تاريخ الفتوى : ... 03 رمضان 1422 / 19-11-2001
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أريد الزواج من فتاة، وهذه الفتاة قامت جدتي لأمي برضاعتها مرة واحدة فقط، وذلك بسبب مرض أمها ... لكن جدتي أثناء الرضاعة لم يكن في صدرها حليب .. لأن أصغر أبنائها عمره أكثر من خمس سنوات .. وقد أكدت جدتي بأن ليس في صدرها حليب أثناء رضاعة تلك الفتاة . فهل يجوز لي الزواج من هذه الفتاة؟
وجزاكم الله ألف خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرضاع المحرم هو الذي بلغ خمس رضعات، والرضعة هي أن يلتقم الصبي الثدي، ثم يدعه بإرادته مع وجود اللبن فيه.
وعليه، فيجوز لك الزواج من هذه الفتاة لأمرين:
الأول: عدم وجود اللبن عند الرضاع.
الثاني: عدم اكتمال الرضاع المحرم على افتراض أن في الثدي لبنا.
وللمزيد راجع الفتوى رقم: 9790.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... ابن عم البنت وبنت خالتها المذكوران : أخوان من الرضاع
تاريخ الفتوى : ... 27 شعبان 1422 / 14-11-2001
السؤال(12/256)
بسم الله الرحمن الرحيم أرضعت مع ابنتي ولد عمها وبنت خالتها فما علاقة ابن عم ابنتي بابنة خالة ابنتي هل هم إخوه بسبب أنه تمت الرضاعة مني في نفس الفترة أم لا؟
أفيدوني جزاكم الله ألف خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لابن عم ابنتك أن يتزوج بابنة خالتها لأنهما صارا أخوين من الرضاعة إذا كان قد رضعا منك في حولي الرضاع خمس رضعات معلومات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرضاعة تحرم ما يحرم من النسب" متفق عليه، ومعلوم أن الإخوة لأم نسباً يحرم التناكح بينهم، فكذلك الإخوة لأم رضاعا، ولا فرق بين أن تكوني أرضعتيهم في فترة واحدة، وأن تكوني أرضعتيهم في فترات متفرقة، لأن كل من رضع من امرأة رضاعاً صحيحاً، فهي أمه، وأبناؤها جميعاً بالرضاع أو بالنسب إخوانه، يستوي في ذلك من رضع معه، ومن رضع قبله، ومن رضع بعده، وما يعتقده بعض الناس من أنه لا يحرم عليه إلا الذي رضع معه، والذين بعده فقط، فإنه خطأ عظيم يجب بيانه، وتحذير الناس من العمل بمقتضاه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
بناتك جدتك المذكورات لسن أخوات لك من الرضاعة
تاريخ الفتوى : ... 21 شعبان 1422 / 08-11-2001
السؤال
جدي تزوج من امرأتين(جدتي و شريكتها) شريكة جدتي أرضعتني أنا و أمي، وبذلك أصبحنا بناتها بالرضاعة(أنا وأمي نكون أختين بالرضاعة) فإذا كان لدى جدتي (أم أمي) بنات من رجل آخر غير جدي(أخوات أمي من أم فقط) فهل تعتبر (أخوات أمي من أم فقط) أخواتي أو خالاتي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بنات جدتك اللاتي أبوهن رجل آخر غير جدك هنَّ خالات لك بما أنهن أخوات لأمك من أم، ولسن أخوات لك من الرضاعة، إذ لم يشاركنك في ارتضاع اللبن الذي ارتضعت منه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يشترط في التحريم بالرضاع أن تكون المرضعة أماً لأحدهما
تاريخ الفتوى : ... 21 شعبان 1422 / 08-11-2001
السؤال(12/257)
السلام عليكم ، عندي سؤال يتعلق بالرضاع ، فإذا أرضعت امرأة ولدا وبنتا علماً بأن هذا الولد ليس أخاً للبنت من الأصل ، وهذه المرأة ليست أماً لأحدهما ، فهل يكون الولد أخاً لتلك البنت ؟
2-هل يجوز لامرأة أن ترضع أختهاإن كان لها أخت رضيعة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من رضعا من امرأة واحدة خمس رضعات مشبعات يكونان بذلك أخوين من الرضاع، وإن لم تكن المرضعة أماً لأحدهما، لقوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) [النساء:23] .
وقوله صلى الله عليه وسلم: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" متفق عليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... بنات المرضعة لا يحرمن إلا على من رضع
تاريخ الفتوى : ... 30 محرم 1425 / 22-03-2004
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد لي أخ أكبر رضع مع بنت عمي الكبرى خمس رضعات مشبعات وفي الحولين وحالياً زوجة عمي مطلقة ومتزوجة من شخص آخر ولها منه بنات وأولاد فما الحكم في الآتي
أ- بنات عمي بالنسبة لنا بقية الأولاد
ب - بنات عمتي من الزوج الآخر بالنسبة لنا
ج - بنات عمي وعمتي من الزوج الآخر بالنسبة لأخي الأكبر .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أخاك الأكبر لا يجوز له أن يتزوج من بنات زوجة عمه التي أرضعته، سواء أكان تلك البنات - بنات عمه - أم كن بنات الزوج الآخر، لأن أخاك هذا أصبح أخاً لهن جميعاً من الرضاعة، لكون أمهن أرضعته.
قال تعالى عاطفاً على المحرمات: (وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ) [النساء:23].
أما أنت وبقية الإخوة، فلا حرج عليكم في الزواج من بنات تلك المرأة التي أرضعت أخاكم، سواء كن بنات عمكم، أو بنات الزوج الآخر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(12/258)
إرضاع أحد الأخوال لا يحرم التزوج ببنات الآخر (أبو البنت)
تاريخ الفتوى : ... 09 جمادي الثانية 1422 / 29-08-2001
السؤال
أنا شاب ترتيبي الثاني بعد أختي في الأسرة وأرغب في الزواج من بنت خالي الأكبر (الأخ الأكبر لوالدتي )ولكن والدتي قامت بإرضاع خالي الأصغر(أخاها الأصغر) على أختي الأكبر مني فهل يجوز الزواج ؟ وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في أن تتزوج ابنة خالك الأكبر هذه، ولا يضر كون أمك قد أرضعت خالك الأصغر، فذلك لا يجعل خالك الأكبر (أبو البنت) أخاً لك من الرضاعة، وإنما أخوك من الرضاعة هو خالك الأصغر فقط، فهو الذي تحرم عليك بناته دون بنات الأكبر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حرمة الإرضاع لا تسري على باقي إخوة المرضع
تاريخ الفتوى : ... 05 جمادي الثانية 1422 / 25-08-2001
السؤال
قامت والدتي بإرضاع أربعة من أبناء صديقتها مع أربعة من أبنائها فما حكم الأبناء الذين لم يرضعوا سواء قبل الأبناء الأربعة أو بعد الأربعة
وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرضاع يحرِّم ما يحرمه النسب، لحديث عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" رواه البخاري ومسلم.
والذي يحرم من النسب بينه تعالى في قوله: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) [النساء:23].
وعلى هذا فتنزل المرضعة منزلة الأم، وتحرم هي على المرضَع ، وكل من يحرم على الابن من قِبل أمِّ النسب.
وبالنظر إلى هذا، فإن هذه المرضعة صارت أماً لهؤلاء الأطفال الأربعة،وصار أبناء هذه المرأة المرضعة إخوة للأربعة الذين قد رضعوا منها ويستوا في ذلك أبناؤها السابقون واللاحقون.(12/259)
أما إخوة الأطفال الذين لم ترضعهم فهم أجانب عنها، لأنها لم ترضعهم، وإرضاعها لإخوتهم لا يسري عليهم، لأنه سبب لا نسب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الزواج من بنت الأخ من الرضاع حرام
تاريخ الفتوى : ... 01 جمادي الثانية 1422 / 21-08-2001
السؤال
1- بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..وبعد:
بنت رضعت من امرأة هل يجوز لأخي زوجها(المرضعة) الزواج منها(أي البنت التي رضعت)...أي قد رضعت مع بنت أخ الشاب مريد الزواج؟
جزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت زوجة أخي الرجل أرضعت البنت رضاعاً ثابتاً ومعتبراً فلا يجوز له أن يتزوج بها لكونها صارت بنتاً لأخيه من الرضاعة، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لما أريد منه أن يتزوج ابنة حمزة "إنها لا تحل لي، إنها ابنة أخي من الرضاعة، ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب" متفق عليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عدد الرضعات التي تثبت بها الحرمة
تاريخ الفتوى : ... 01 جمادي الثانية 1422 / 21-08-2001
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
تقدمت لخالي لخطبة ابنته وقد ذكرت لي زوجة جدي من أمي أنها قد أرضعتني ثلاث رضعات. بأني قد رضعت في كل مرة من ثديها حتى نزعت فمي وتكرر ذلك ثلاث مرات على حد قولها.
فهل أكون بذلك أخا لخالي وعما لأبنائه؟
وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في القدر المحرم من الرضاعة، كما اختلفوا أيضاً في ما تثبت به الرضاعة.
أما بالنسبة للقدر المحرم من الرضاعة، فمنهم من قال: إن قليل الرضاع وكثيره محرم، ومنهم من قال: لا يحرم إلا ثلاث رضعات فصاعداً، وذهبت طائفة ثالثة إلى(12/260)
أنه لا يحرم إلا خمس رضعات، ولكل من هؤلاء دليله الذي يدعم به قوله، ويقوي به رأيه، ونحن نرى أن الرأي الأخير هذا أرجح، ودليله ما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهنَّ فيما يقرأ من القرآن.
تريد أن نسخ تلاوة الرضعات الخمس تأخر إنزاله جداً، حتى إنه توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض الناس يقرأ خمس رضعات، ويجعلها قرآنا متلوا، لكونه لم يبلغه نسخ تلاوة ذلك لقرب عهده، وإنما رجحنا التحريم بخمس رضعات لأمرين: أولهما: أن الحديث نص صريح فيه، وثانيهما: فعل سهلة بنت سهيل حين أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن ترضع سالماً من أجل أن تحرم عليه، فأرضعته خمساً، مما يدل على أنه كان مستقراً عندهم أنه لا يحرم إلا خمس رضعات، والقصة في سنن أبي داود.
أما ما تثبت به الرضاعة، فهذا أيضا محل خلاف بين العلماء، ولعل قول من قال: إنها تثبت بالمرأة الواحدة أرجح، لحديث عقبة بن الحارث أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت امرأة فقالت: لقد أرضعتكما، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: كيف وقد قيل؟ ففارقها عقبة" رواه البخاري.
فيتلخص مما تقدم أن الرضعات الثلاث التي أخبرت بها المرأة لا تحرم على القول الراجح، ولا تصير بها - أيها السائل - أخا لخالك، ولا عما لأبنائه، ومما لا شك فيه أن الأحوط والأبرأ للذمة أن لا تتزوج من بنات خالك هذا خروجاً من الخلاف، واحتياطاً للدين، وبعدا عما يريب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" كما في المسند والسنن.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... ثبوت الرضاع من عمتك يحرم عليك بنات أبنائها
تاريخ الفتوى : ... 22 جمادي الأولى 1422 / 12-08-2001
السؤال
الحمد لله وحده ؛
أود أن أطرح سؤالا يتعلق بموضوع الرضاعة؛ عندما توفيت أمي و كان عمري عاما واحدا أخذتي عمتي و قد كانت حاملا في شهرها الثالث.
و أصل الإشكال أني أردت أن أتزوج حفيدتها ( ابنة أكبر أولادها) و قد أخبرتني عمتي أنها أثناء فترة تواجدي عندها أعطتني ثديها لغاية إسكاتي مرتين أو ثلاث (أقصاها ثلاث مرات) أما عن وجود الحليب في ثديها و هي حامل فإنها لا تتذكر ذلك لطول المدة (أكثر من 24 سنة).
و قد سألت الأطباء عن إمكانية وجود الحليب لدى المرأة الحامل فقد أخبروني أنها حالة نادرة خاصة و أن آخر ولادة لعمتي قبل حملها كانت منذ 5 سنوات.
لذلك فإني أسألكم عن إمكانية الزواج من البنت التي ذكرتها.(12/261)
الفتوى
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإذا ثبت رضاعك من لبن عمتك فلا تحل لك بنت ابنها.
وإذا لم يثبت وجود اللبن أثناء حملها ، أو غلب على الظن عدم وجوده فلا يثبت التحريم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الرضاع بتلك الصورة لا يحرم
تاريخ الفتوى : ... 05 جمادي الأولى 1422 / 26-07-2001
السؤال
أريد أن أسأل عن حكم زواج رجل بامرأة رضع أخوها الأكبر من أم الشخص التي ترغب بالزواج منه كما أن أخاه( أي أخو الرجل التي تريد الزواج منه) قدرضع من زوجة أبيها . أرجو الرد في أسرع وقت ممكن ولكم منا كل الشكر. وجزاكم الله خير الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في زواج هذا الرجل من تلك المرأة لعدم وجود صلة بينهما، حيث إنهما لم يجتمعا على ثدي واحد، وإنما يحرم على أخيها الأكبر أن يتزوج أياً من أخوات هذا الرجل، لكونه أخاً لهن من الرضاعة، كما يحرم على أخيه - الذي ارتضع من زوجة أبيها - أن يتزوج منها، أو من أخواتها، لكونه أخاً لهن من جهة الأب من الرضاعة كذلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" رواه البخاري.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يشترط للتحريم بالرضاع أن يقع رضاع الأخوين في وقت واحد
تاريخ الفتوى : ... 27 ربيع الثاني 1422 / 19-07-2001
السؤال
رضعت مع خالي من حليب جدتي وقد بلغ خالي من العمر ثلاث سنوات فهل هذا الرضاع معتبر علما أنني ولدت وكان عمره ثلاث سنوات وما يزال حينها يرضع من جدتي.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يشترط في التحريم بالرضاع أن يقع رضاع الأخوين في وقت واحد، فحيث رضع خالك من جدتك حين ولادته، أو حين كان دون الحولين، ثم رضعت أنت منها(12/262)
بعد ذلك بسنة أو أكثر، كنت أختاً له من الرضاعة، وكانت جدتك أماً لك من الرضاعة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الرضاع من المرأة النائمة... هل يترتب عليه التحريم
تاريخ الفتوى : ... 18 ربيع الثاني 1422 / 10-07-2001
السؤال
ما الحكم في حالة أن الجدة كانت نائمة وعندما انتبهت وجدت حفيدتها تمص ثديها وهي لا تدري أرضعت منها أم لا. كذلك هي لم تجعلها ترضع برغبتها. هل يجعل ذلك الحفيدة أخت أخوالها من الرضاع. للعلم أن ليس هناك تعمد أو نية لذلك. أرجو الرد علي بسرعة فالجدة في حالة سيئة جداً؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تشترط النية في الرضاع، فلو شرب طفل في الحولين من لبن امرأة قد وضعته في إناء دون علمها، أو ارتضع منها وهي نائمة، وكان هذا القدر يبلغ القدر المحرم، صار هذا الطفل ابناً مباشراً لهذه المرأة، ولو كانت جدته، فإنه يصير أخاً لأبنائها، والقدر المحرم هو خمس رضعات، وإلى هذا ذهب الشافعي وإسحاق وأحمد، وهو الراجح لما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهنَّ فيما يقرأ من القرآن، والمعنى أن النسخ تأخر جداً، حتى إن بعضهم لم يعلم بالنسخ، فكان يقرؤه لتأخر علمه بنسخه. وفي الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسهلة بنت سهيل: "أرضعيه يعني - سالما مولى أبي حذيفة - خمس رضعات، فيحرم بلبنك" ففعلت، وكانت تراه ابناً من الرضاعة. ورواه ابن حبان في صحيحه.
وفي المسألة خلاف طويل وعريض، وعلى من ذهب إليه الشافعي وأحمد وغيرهما من أن ما دون خمس رضعات لا يحرم، وهو الراجح، فلا تعتبر الحفيدة بنتاً للجدة، لأنه لم يتحقق حصول خمس رضعات ، بل لم يتحقق حصول أي رضاع أصلا ، وذلك أن الجدة قالت: إنها لا تدري أرضعت البنت منها أم لا؟ بمعنى أنها لم تتحقق من وصول اللبن إلى حلقها، والرضاع ما دام لم يتحقق لا عبرة به، ولا أثر للشك فيه، قولاً واحداً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... شهادة المرضعة يثبت بها التحريم
تاريخ الفتوى : ... 16 ربيع الثاني 1422 / 08-07-2001
السؤال(12/263)
تقول أمي إنها أرضعت إحدى قريباتي وحدث أن تزوج أخي من أبي من ابنة هذه القريبة وبعلم أمي وقد حضرت زفافه وأريد الزواج من أخت زوجة أخي .. هذا ولا يوجد من يشهد على هذا الرضاع .. ولقد جربت على أمي الكذب في مواقع أخرى كثيرة (ولأسباب مشابهة وكثيرة حتى أصبحت أتغاضى عما تقول علما بأن عمرها يناهز الثمانين) مثل الوقيعة بينى و بين أختي وادعاء مالم تقله وكذلك الوقيعة بيني وبين صديقي بوصفي بأوصاف شنيعة تصدمني إلى درجة المرض وذلك بغرض التفرقة بيني و بينه لما تظنه أنه من مصلحتي وعندها الاستعداد لأن تدعي أي شئ فى سبيل تحقيق ما تظنه خيرا كأن تمنع أخي مثلا من الزواج من أسرة ما بادعاءات كثيرة تصل للافتراء على أسرتها أو تزعم اعتداءه عليها لكي أساعده في السفر ليعمل في بلد آخر
وهكذا.. أفيدوني أفادكم الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أن شهادة المرأة الواحدة - مرضعة كانت أو غير مرضعة - مقبولة في الرضاع، لما رواه البخاري ومسلم عن عقبة بن الحارث قال: تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت أمة سوداء، فقالت: قد أرضعتكما، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له ذلك، فقال: "وكيف وقد زعمت أن قد أرضعتكما" فنهاه عنها.
وفي لفظ للنسائي: "فأتيته من قبل وجهه، فقلت: إنها كاذبة. قال: "وكيف بها، وقد زعمت أنها قد أرضعتكما، دعها عنك".
فينبغي أن تذكّر أمّك بالله تعالى، وأن تبين لها خطر هذه الشهادة، وما يترتب عليها من تحريم الفتاة، وصيرورتك محرماً لها، فإن أصرت على شهادتها، فلا يحل لك الزواج منها،
وإن تراجعت حلت لك. لكن إن علمت كراهة الأم للزواج من تلك الفتاة، فدعها، فإن رضى الأم - لا سيما في هذا العمر - لا يعدله شيء، وليس من البر أن يتزوج الابن فتاة لا ترغب أمه في وجودها معه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نصاب شهادة الرضاع
تاريخ الفتوى : ... 19 ربيع الأول 1422 / 11-06-2001
السؤال
كيف يتم إثبات الأخوة في الرضاعة وهل تكفي شهادة امرأة واحدة أو المرضعة وحدها أم أن الرضاعة لا تثبت إلا بشهود الإثبات المعهودة (رجلان أو رجل وامرأتان أو أربع نساء) وهو أمر يصعب تحقيقه عادة وكم عدد الرضاعات الموجبة للتحريم. أفيدونا جزاكم الله خيراً
الفتوى(12/264)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنص كثير من أهل العلم - وهو الحق الذي لا ينبغي العدول عنه - على أن شهادة المرأة الواحدة - مرضعة كانت أو غيرها - مقبولة في الرضاع - إذا كانت مرضية - لما رواه البخاري ومسلم عن عقبة بن الحارث قال: تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت أمة سوداء فقالت: قد أرضعتكما، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له ذلك، فقال: "وكيف وقد زعمت أن قد أرضعتكما " فنهاه عنها. وفي لفظ للنسائي: "فأتيته من قبل وجهه فقلت: إنها كاذبة. قال: "وكيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما؟ دعها عنك".
قال ابن قدامة: وهذا يدل على الاكتفاء بالمرأة الواحدة.
وقال الزهري: فرق بين أهل أبيات في زمن عثمان رضي الله عنه بشهادة امرأة في الرضاع، وقال الشعبي: كانت القضاة تفرق بين الرجل والمرأة بشهادة امرأة واحدة في الرضاع.
وأما عدد الرضعات المحرمات، فقد سبق بيان الراجح فيه برقم: 4496.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الرجل المرتضع من جدتك لأبيك عمُُّ من الرضاع
تاريخ الفتوى : ... 29 صفر 1422 / 23-05-2001
السؤال
أرضعت جدتي رجلا مع عمي فأصبح ذلك الرجل أخا لعمي بالرضاعة ، فهل يكون ذلك الرجل عمي بالرضاعة أم يعد أجنبيا عني ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الرجل الذي أرضعته جدتك أصبح عماً لك من الرضاع، لقوله صلى الله عليه وسلم "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". رواه البخاري ومسلم والنسائي وأحمد من حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهم.
وعليه فتنزل جدتك أماً للمرضع، فتحرم عليه هي وكل من يحرم على الابن من جهة أم النسب، ويدخل في ذلك بنات بنيها وإن سفلن لأنهن بنات إخوته، وكونه رضع مع عمك لا فرق بينه وبين كونه راضعاً مع أبيك.
والعلم عند الله.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... يجوز الزواج من بنات الخالة لمن لم يرضع من جدته
تاريخ الفتوى : ... 26 صفر 1422 / 20-05-2001
السؤال(12/265)
أرضعت جدتي شقيقتي وشقيقي البكور وأنا أدري أن بنات خالتي أصبحن محرمات عليهم بالنسب السؤال هو هل يصح لي أن اتزوج من بنات خالاتي مع العلم أنني لم أرضع من ثدي جدتى لأمي. وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا ننبه السائل على أن الذي حرّم على أخيه الزواج ببنت خالته هوالرضاع لا النسب، إذ لو كان كذلك لاستوى معه في الحرمة أوعدمها لأنه في درجته مطلقاً، ولم يكن لذكر الرضاع معنى لعدم اعتباره في حالة وجود النسب، وبما أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب كان الحكم أن تنزل جدة أخيك التي أرضعته منزلة أمه، فيحرم عليه كل من يحرم على الابن من جهة أم النسب. وعليه فمن أرضعته جدته يكون خالاً لبنات خالاته من الرضاعة، ويبقى من هو في درجته أجنبياً منهن، يجوز له نكاحهن، إذا لم يوجد سبب آخر مانع من ذلك.
والعلم عند الله تعالى.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الحامل.. وإرضاع الطفل
تاريخ الفتوى : ... 22 محرم 1422 / 16-04-2001
السؤال
هل الرضاعة مع الحمل حرام لأني حامل وأرضع طفلي الثاني .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم من حديث جُدَامة بنت وهب الخزاعية أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لقد هممت أن أنهى عن الِغيلة، حتى ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك، فلا يضر أولادهم".
وقد اختلف العلماء في المراد بالغيلة فقيل هي: وطء المرضع، وقيل هي: إرضاع الحامل. وعلى كلا التفسيرين فالنهي عنها لم يرد ما دام ضررها غير حاصل تحقيقاً أو ظنا قوياً، وبالتالي فإرضاعك لولدك وأنت حامل جائز بشرط ألا يضر به الإرضاع، ويعلم ذلك من حاله، وإخبار الطبيب المؤتمن، وبشرط ألا يعرض الإرضاع الجنين إلى خطر، فإن عرضه فعليك التوقف عنه، لأن البديل عن لبن الأم متاح عادة. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... يحرم على الرجل أن يتزوج خالته من الرضاعة
تاريخ الفتوى : ... 04 محرم 1422 / 29-03-2001
السؤال(12/266)
إن أختا لي من الرضاعة أرضعت مع أولادها ولدا ، كبر هذا الولد وتزوجته وأنجبت منه 6 أبناء ولم يكن لدينا علم بهذا الرضاع علما بأن هذه الأخت (من الرضاعة ) رضعت مع أخ لي غير شقيق من زوجة أبي.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان إرضاع أختك من الرضاعة لهذا الرجل الذي صار زوجاً لك ثابتاً محققاً فإنه يجب عليه أن يفارقك، إذ أنك خالته من الرضاعة.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بنت حمزة رضي الله تعالى عنهما. "لا تحل لي، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، هي بنت أخي من الرضاعة" .
وننبه السائلة إلى أمرين:
الأول : أن ارتضاع هذه المرأة من زوجة أبيها كاف في صيرورتها أختاً لها من الرضاعة لأن اللبن لبن أبيها، فقد صارت السائلة خالة لزوجها.
الثاني: أنه لا إثم ولا حدَّ عليها ولا على ذلك الرجل مادام الأمر غائباً عن علمهما، وأولادهما ملحقون بأبيهما شرعاً يرثونه ويرثهم، وتجري عليهم جميع أحكام البنوة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الرضاعة لا تحرم أصول الرضيع
تاريخ الفتوى : ... 29 ذو الحجة 1421 / 25-03-2001
السؤال
لقد أرضعت امرأة أخا لي غير شقيق ، من زوجة أبي الأولى ، وبعد 10 سنوات أرضعت ولدا آخر ، شاء الله أن يكون زوجي دون علمي أو علمه ولي منه أولاد فهل يصح هذا الزواج .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المعلوم أن الرضاعة لا تنشر الحرمة إلى أصول الرضيع وحواشيه، فأبوه وأمه وإخوانه النسبيون يعتبرون أجانب عن أبيه وإخوانه من الرضاع، وعليه فزوجك الذي يعتبر أخا أخيك النسبي من الرضاع أجنبي عنك، وزواجك منه صحيح.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... يجوز الزواج من بنت أخت الأخ من الرضاع
تاريخ الفتوى : ... 02 محرم 1422 / 27-03-2001
السؤال(12/267)
نحن سبعة إخوة ، خمسة أولاد وبنتان ، وترتيبي الأخير، لدينا بنات خالة من أعمار إخواني الكبار مع العلم أن أربعة من إخواني رضعوا مع بنات خالتي وأنا أود أن أتزوج من بنت بنت خالتي (بنت أخت أخي بالرضاعة) ذلك
وإذا كان أخي الخامس رضع معهم فما الحكم؟
جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت المرضعة لإخوانك وبنات خالتك هي أمك، أو امرأة أخرى أرضعتك، فبنات خالتك أخوات لك من الرضاعة، وعليه فلا يحل لك الزواج من بنت بنت خالتك، لأنك قد صرت لها خالاً.
وإن كان إخوانك قد رضعوا من خالتك، فهم إخوان لبناتها، ولا أثر لذلك في زواجك منهن، أو من بناتهن، وعليه فيجوز لك الزواج من البنت المسئول عنها. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
يجوز للمرأة أن تظهر أمام أخيها من الرضاع
تاريخ الفتوى : ... 29 رمضان 1421 / 26-12-2000
السؤال
هل علي إثم في منع زوجتي من أن تكشف على ابن عمها حيث إن زوجتي رضعت مع إخوته من أم أخرى؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود أن ابن العم المذكور له إخوة من أبيه لا من أمه، وأن زوجتك رضعت من أمهم أثناء زواجها بالأب، فهي أخت لهم من الرضاعة، وأخت لكل من أنجبه الأب من أولاد، ولو من زوجة أخرى أو زوجات. لما تقرر من أن لبن الرجل ينشر الحرمة.
وعليه فزوجتك أخت لابن عمها من الراضع، ويجوز لها أن تكشف أمامه ما يظهر غالباً، كالرأس والوجه، واليدين من غير زينة ولا تبرج ، إذا أُمنت الفتنة. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لاحرج في رضاعة الزوج من ثدي زوجته أو شرب لبنها
تاريخ الفتوى : ... 25 شوال 1421 / 21-01-2001
السؤال
رضعت من زوجتي هل هذا حلال أم حرام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(12/268)
فإن رضاع الكبير لا يحرم، وهذا هو مذهب جمهور العلماء من الأئمة الأربعة وغيرهم، بدليل قوله تعالى: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) [البقرة: 233].
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الرضاعة من المجاعة" رواه البخاري ومسلم.
فالرضاع المحرم هو: ما كان في الحولين قبل الفطام، أما رضاع الكبير فلا يؤثر. وعلى هذا فلو رضع زوج من زوجته، أو شرب من لبنها فإنه لا يصبح ابناً لها من الرضاع، ولا تحرم هي عليه، و مع ذلك فالافضل للزوج أن يبتعد عن هذا الفعل خروجاً من الخلاف وإن كان ضعيفاً. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الزواج بأخوات الأخ من الرضاعة جائز
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
امرأة أرضعت طفلا ، هل يحق لولد هذه المرأة أن يتزوج أخت هذا الطفل. جزاكم الله خيرًا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج على الرجل أن يتزوج من أخت أخيه من الرضاعة، ما دامت لم تشترك معه في أب أو أم أو رضاع فالله تبارك وتعالى إنما حرم الأخوات من الرضاعة كما قال: (وأخواتكم من الرضاعة) [النساء: 23].
فأخوات الإخوة من الرضاعة لا حرج في التزوج منهن ما لم يكن هناك مانع آخر. والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ــــــــــــــ
لا فرق في الرضاعة بين شرب اللبن بواسطة أو رضعه من الثدي
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
السلام عليكم السادة الكرام : هناك امرأة أرضعت طفلا بالرضاعة الاصطناعية لأن الطفل رفض أن يأخذ الحليب من ثديها لأنه يعرف بأنها ليست أمه وقد أرضعته مقدار خمسة فناجين قهوة كل يوم فنجان لمدة خمسة أيام فهل يصبح هذا الطفل ابنها بالرضاعة أفيدونا ... جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فما دام اللبن الذي تغذى به الرضيع صادراً من ثدي المرأة فلا فرق بين شرب اللبن بواسطة أو رضعه من ثديها مباشرة مادام الشرب قد تم خلال الحولين، وشرب ما يغلب على الظن أنه حصل على وجه لو كان إرضاعاً لكان محرَّما لأن علة التحريم كون المولود قد تغذّى بهذا اللبن تغذية تذهب المجاعة، لقوله صلى الله عليه وسلم(12/269)
لعائشة رضي الله عنها: " انظرن مَنْ إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة" [متفق عليه] وحيث كان الفنجان الواحد يقوم مقام الرضعة وقد أخذ اللبن من ثدي المرأة المشار إليها في سؤالك فإنها تعتبر أما له من الرضاعة. والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... ابنتك التي رضعت من أمك تصبح أختا لأعمامها من الرضاعة
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الثاني 1422 / 07-07-2001
السؤال
أرضعت أمي ابنتي الحديثة ثلاث مرات وعلما بان أمي أوقفت الرضاعة عن أختي منذ أربعة أشهر فهل تصبح ابنتي أختا لأعمامها؟ جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في القدر الذي يحرم من الرضاع فذهب الحنفية والمالكية إلى أن الحرمة تحصل بوصول لبن المرضعة إلى جوف الرضيع سواء كان ذلك قليلاً أو كثيراً مستدلين بأن الله تعالى علق التحريم بالرضاع حيث وجد قليلا كان أو كثيراً من غير تقييد كما قال سبحانه وتعالى: (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة) [النساء : 233 ] . وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" متفق عليه ، وقالوا: إن الأحاديث التي فيها تحديد لعدد الرضعات محمولة على ما إذا لم يتيقن وصول اللبن إلى جوف الرضيع. وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه تشترط خمس رضعات مستدلين بما ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، قالت: "كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخت بخمس معلومات. فتوفي رسول الله وهن فيما يقرأ من القرآن" أخرجه مسلم . فقالوا إن هذا كان قرآنا يتلى فنسخ لفظه وبقى حكمه . وذهبت طائفة أخرى إلى أنه إنما يحرم ثلاث رضعات فما فوقها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تحرم المصة والمصتان وفي رواية : إلاملاجة والإملاجتان" رواهما مسلم.
وعليه فنرى اعتبار ابنتك أختاً لأعمامها من الرضاعة، وعمة لأبنائهم مع الاحتياط في باب الخلوة والسفر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
يؤخذ في الرضاع بقول المرضعة وإن كانت وحدها.
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
هناك امرأة تقول بأنها أرضعتني ، وأمي تقول: ما أعلم عن ذلك، والمرأة تقول بأنها أرضعتني مع بنتها فما هو الحل؟ هل أصدق أمي أو هذه المرأة جزاكم الله خيراً؟ والسلام
الفتوى(12/270)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم ـ إن شاء الله تعالى ـ أنه تقبل شهادة المرضعة وحدها على أنها أرضعت شخصاً، لأنه فعل لا يحصل لها به نفع مقصود ولا يدفع عنها به ضرر معين:
ومما يدل على ذلك ما في صحيح البخاري وغيره عن عقبة بن الحارث أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز فأتته امرأة فقالت: قد أرضعت عقبة والتي تزوج، فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتني، ولا أخبرتني، وفيه أن عقبة أرسل إلى أهل البنت يسألهم فقالوا: ما علمنا أنها أرضعت صاحبتنا، فركب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فسأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف وقد قيل؟" ففارقها ونكحت زوجاً غيره. وفي رواية أنه قال له: "دعها عنك" ونقل الحافظ في الفتح عن علي بن سعد قال: سمعت أحمد يسأل عن شهادة المرأة الواحدة في الرضاع، قال: تجوز على حديث عقبة بن الحارث.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
رضاع الكبير لا يحرم
تاريخ الفتوى : ... 04 ربيع الثاني 1422 / 26-06-2001
السؤال
هل يحرم الرجل الكبير إذا رضع من إمرأة؟ أي هل تصبح أمه في الرضاع؟
وما صحة أن أم المؤمنين عائشة كانت ترسل لمن أرادت أن يدخل عليها من الكبار إلى أحد أخواتها أو بنات إخوانها كي يرضع منهن ثم بذلك يحرم عليها.؟
ثم ما حكم هذا الفعل إن صح ؟
وتقبلوا خالص تحياتي .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فمذهب الجمهور والأئمة الأربعة وغيرهم أن رضاع الكبير لا يحرم وذهبت عائشة وبقولها قال ابن حزم: إلى أن رضاع الكبير يحرم مستدلة بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر امرأة أبي حذيفة أن ترضع سالماً مولى أبي حذيفة فقال: (أرضعيه تحرميه عليك) وفي رواية (أرضعيه حتى يدخل عليك) وفي رواية أنها قالت له (وكيف أرضعه وهو رجل كبير فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (قد علمت أنه رجل كبير). والحديث في صحيح مسلم وغيره. وفي الموطأ والمسند وسنن أبي داود أن عائشة رضي الله عنها كانت تأمر أخواتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال. والحديث طويل وفيه فوائد وهو صحيح. واستدل الجمهور بقول الله تعالى: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) البقرة. وبما في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الرضاعة من المجاعة) والكبير لا تسد الرضاعة جوعته. وقالوا إن القصة التي استدلت بها عائشة خاصة بامرأة أبي(12/271)
حذيفة كانت تقول: (أبت سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يُدخلن عليهن أحداً بتلك الرضاعة وقلن لعائشة والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة فما هو داخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رأينا وقد ذكر ابن تيمية في الفتاوى ج34ص60 توضيحاً لمذهب عائشة يجمع بين هذه الأدلة فقال: وهذا الحديث أخذت به عائشة وأبى غيرها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذن به مع أن عائشة روت عنه قال: (الرضاعة من المجاعة) لكنها رأت الفرق بين أن يقصد رضاعة أو تغذية فمتى كان المقصود الثاني لم يحرم إلا ما كان قبل الفطام وهذا هو إرضاع عامة الناس وأما الأول فيجوز إن احتيج إلى جعله ذا محرم وقد يجوز للحاجة ما لا يجوز لغيرها وهذا قول متوجه. انتهى بحروفه منه.
وبما ذكرته لك تعلم أن هذه المسألة مختلف فيها ، ولا شك أن الراجح فيها قول الجمهور فلا ينبغي لأحد العدول عنه خصوصاً أن من أهل العلم من حكى عليه الإجماع، وحادثة سالم كانت معالجة لظرف كان موجوداً قبل الإسلام وهو التبني وقد حسمه الإسلام فلا يعقل تكرره إلا في من أسلموا حديثاً وكان هذا الظرف موجوداً عندهم. والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... أختك من الرضاع من جمعك وإياها الثدي فحسب.
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
ارضعت امى اولاد عمى ولا تتّذكر عدد الرضعات و لم ترضع ابنة عمي الصغرى من امى، وانا اريد الزواج منها وماهو حكم ذلك افتونا وجزاكم الله خبرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لم تكن أمك أرضعت بنت عمك الصغرى، فلا حرج عليك في الزواج منها، ولا أثر لإرضاع أمك لأولاد عمك الآخرين، لأن إخوانك من الرضاع منهم هم الذين أرضعتهم أمك فقط.
أما من لم ترضعه أمك فليس أخا لك من الرضاع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... أبو زوجك من الرضاع من محارمك
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..(12/272)
رجل رضع وهو صغير من سيدة أكثر من خمس رضعات مشبعات والآن تزوج. سؤالي هو: هل يجوز لزوجته الجلوس مع والده بالرضاعة والسلام عليه وهل يعتبر محرماً لها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن زوجة هذا الابن تحرم على أبيه من الرضاع وقيل إنه إجماع لقوله صلى الله عليه وسلم: " يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب " رواه الجماعة ومما ينبغي التنبه له أن هذا الأب من الرضاع لا يأخذ في جانب الخلوة بزوجة الابن كما يأخذ الأب من النسب كما يجب التنبه إلى أن كل محرم أحس من نفسه ميلاً غير طبيعي فإن عليه أن يعامل من يميل إليها كما يعامل غيرها من الأجنبيات فلا يخلو بها ولاينظر إليها .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
يحرم على من رضع مع عمته أن يتزوج من إحدى بنات عماته أو أعمامه
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الثاني 1422 / 07-07-2001
السؤال
شخص رضع مع عمته الصغرى وعندما كبر أرد خطبة ابنة عمته الكبرى هل يجوز الزواج أم لا ؟ نود الفتوى في ذلك مع العلم أنه راغب بالزواج بها .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: يحرم على هذا الرجل أن يتزوج بابنة عمته ، لأنها الآن بنت أخته من الرضاعة . والله جل وعلا حرم بنت الأخت من النسب فقال: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وبنات الأخ وبنات الأخت) . [النساء: 23]. كما حرم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بالرضاع ما حرم بالنسب فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم في بنت حمزة: " لا تحل لي يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" . [رواه البخاري]. وفي رواية المسلم: " إن الرضاعة تحرم ما تحرمه الولادة ". فأنت أيها السائل قد صرت خالا لهذه البنت، ولا فرق بين كونك رضعت مع أمها أو مع إحدى أخوات الأم من بقية عماتك، فقد صرت ابنا مباشراً لجدتكم من أبيك فأنت أخ لجميع بناتها خال لجميع بنات البنات سواء كن بنات من رضعت معك أم غيرها.و أما إن كان السائل رضع مع عمته الصغرى من امرأة أخرى غير جدته فلا حرج في زواجه من إحدى بنات عمته الكبرى والعلم عند الله تعالى.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
من رضع من جدته حرمت عليه كل حفيدة من حفيداتها.
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
هل يجوز الزواج من بنت العمة مع انى قدرضعت من جدتى التى هى ام عمتى(12/273)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أن تتزوج بهذه البنت، لأنك بارتضاعك من جدتك هذه صرت خالاً لهذه البنت من الرضاعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الرضاعة، تحرم ما يحرم من الولادة". كما في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله تعالى عنها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مسألة في الرضاع
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله أنا أم أنور كنت قد أرضعت أخا زوجي الصغير ( عبدالرحمن ) ، وكانت أم زوجي أرضعت ابني ( أنور ) والآن جاء أخو زوجي الكبير ( عبدالسلام ) يطلب يد ابنتي ( وفاء ) لولده ( نورالدين ) ، فهل يصح هذا الزواج شرعا ؟ أم يعتبروا إخوة أو محارم من الرضاعة ؟ أفيدونا بالجواب وفقكم الله ، والسلام عليكم ورحمة الله .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: يجوز لوفاء أن تتزوج من نور الدين لأنها لا تحرم عليه بنسب أو رضاع وأما ولدك أنور فلا يجوز له أن يتزوج من بنات عمه لأنه عمهم من الرضاعة وكذلك أبناء عبد الرحمن لا يجوز لهم أن يتزوجوا من بناتك ولا أن تتزوج بناته من أبنائك لأنه (عبد الرحمن ) أخٌ لأولادك من الرضاع ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" .[متفق عليه]. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
رضاع الابن من إحدى زوجات الزوج الأول لا يحرم زواجه من ابنة إحداهن من زوج آخر
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الثاني 1422 / 07-07-2001
السؤال
رجل عنده أكثر من زوجة وجيء بطفل ورضع من إحدى الزوجات وبعد وفاة الزوج أو طلاق إحدى الزوجات غير المرضعة تزوجت بآخر فهل يجوز لمن رضع لبن زوجها الأول(اللبن للفحل ) الزواج من ابنتها من الزوج الجديد؟وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فيجوز لهذا الابن أن يتزوج من هذه البنت لأنه ليس بينهما ما يحرم من رضاع ولا نسب،و رضاع الابن من إحدى زوجات الزوج الأول لأم هذه البنت لا يحرم البنت(12/274)
عليه لأن أمها لم ترضعه واللبن الذي رضعه لبن رجل أجنبي بالنسبة للبنت . والله تعالى أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... يجوز إرضاع الطفل لأكثر من عامين
تاريخ الفتوى : ... 27 ذو القعدة 1421 / 21-02-2001
السؤال
هل حرام أرضاع الطفل لأكثر من عامين ؟ ومامدى حرمته ؟ وماالدليل على ذلك من السنة أوالكتاب ؟ مع ملاحظة أن الآية التي ذكر فيها (وفصاله في عامين) هل تعني الأمر أم تخبر عن واقع الحال نرجو منكم الإجابة الشافية نظرا لأهمية الأمر. وفقكم الله .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإنه يجوز إرضاع الطفل لأكثر من عامين. وقوله تعالى: (حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين) [لقمان: 14] للإرشاد لا الوجوب، ولأن أكثر ما يحتاج إليه الولد من الإرضاع هو ما كان قبل الحولين. وقد اختلف الفقهاء رحمهم الله فيما زاد على الحولين من الرضاع أهو معتبر في التحريم كما يحرم رضاع الحولين أم لا؟ ولم يختلفوا في جواز أن ترضع المرأة ولدها بعد الحولين" والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هذان ليس بينهما صلة رضاع
تاريخ الفتوى : ... 04 ربيع الثاني 1422 / 26-06-2001
السؤال
جدة عندها ولد وثلاث بنات، أرضعت الجدة بنت البنت الأولى، فهل يجوز لابن الولد الزواج من بنت البنت الثانية؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه .. وبعد : فإن كان الأمر كما يقول السائل، فيجوز لابن الولد أن يتزوج ببنت البنت الثانية، لأنها تصير بنت عمة له ، بخلاف بنت البنت الأولى فإنها تصير عمة له بسبب الرضاع لأنها إنما أرضعت أم أبيه، والله جل وعلا يقول: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم ... ... ) الآية. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:" يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب". والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
رضاع الكبير لا ينشر الحرمة
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال(12/275)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إن زوجي يأمرني بأن أرضع له كالطفلة ويرغب دائما أن يستعمل لسانه. فهل هذا يجوز أم لا. أفيدونا أثابكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الفتوى
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد : فإذا كان قصدك أنه يرضع منك كالطفل الصغير فإنه يجوز للزوج أن يستمتع بزوجته كيفما شاء إذا اتقى الدبر والجماع في الفرج حال الحيض . وإن در الثدي له لبناً فلا ينشر الحرمة في الصحيح . والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم رضاع الزوج من زوجته
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
ماحكم من رضع من زوجته اثناء مداعبتها بعد الولادة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ..... وبعد:
كره أهل العلم للزوج أن يرضع لبن زوجته وإن فعل فلا يؤثر ذلك على النكاح بينهما لأن رضاع الكبير لا يحرم في قول جمهور أهل العلم لقول الله تعالى: ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) البقرة ، ولقوله صلى الله عليه وسلم ( إنما الرضاعة من المجاعة ) والحديث في الصحيحين وغيرهما والكبير لا يرتضع عادة ليسد جوعته ،والله تعالى اعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تكون الرضاعة في المجاعة وغيرها
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
هل صحيح أن رضاعة الأم لغير ابنها يكون في المجاعة فقط ؟ وكم رضعة يجب أن تكون حتى يصبح ابنها؟ و من من الأبناء سيكون أخاً للرضيع أو الرضيعة ؟ و شكرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 1. فإن الرضاع كما يكون في المجاعة كذلك يكون في غيرها فليس شرطاً للرضاع أن تكون المجاعة مصاحبة له، بل الرضاع مباح في المجاعة وفي غير المجاعة لكن في وقت المجاعة الحاجة أمس. 2. وفي عدد الرضعات المحرمة خلاف بين الأئمة فمذهب الشافعي وأحمد خمس رضعات يحرمن فلا يحرم بأقل من ذلك ، وعند الإمام أبي حنيفة برضعة واحدة، وعند الإمام مالك تحرم ولو بمصة. وحيث حكمنا بالحرمة فقد صار الولد ابناً للمرضعة. 3. وجميع أولاد المرضعة ذكوراً وإناثاً يصيرون أخوة وأخواتٍ(12/276)
للرضيع وأولاد زوج المرضعة من غير المرضعة أيضاً يصيرون أخوة وأخوات له. وإن كانت الرضيعة أنثى فكذلك تكون بنتاً للمرضعة وأختاً لأبنائها وبناتها. والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الأخ من الرضاعة
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الثاني 1422 / 07-07-2001
السؤال
بالنسبه للأخوة في الرضاعة هل الإنسان يكون أخا في الرضاعة لمن رضع معه فقط أم لجميع أبناء الأم التى أرضعت
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالأخ من الرضاعة هو كل من أرضعته المرأة التي أرضعتك ، أمك كانت أو غيرها، وسواء أرضعته قبلك أو بعدك، فإذا أرضعتك امرأة ثم أرضعت بعدك ولو بسنوات أطفالًا أو أرضعتهم قبلك كذلك، فإن الجميع يكونون إخوة من الرضاعة، وهذا لا خلاف فيه بين علماء الأمة.
والأصل فيه قوله تعالى: ( وأخواتكم من الرضاعة ) [ النساء : 23]
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الأخ من الرضاع له حكم الأخ من النسب
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم لي أخ رضع من أمي لمدة عشرة أيام وهو كان في دولة أخرى ومرت السنون ولم أقابله قط في حياتي ، والان قد رجع من تلك الدولة ، السؤال هو أنني أشعر بالحرج أن أدخل عليه أو أقابله لأنني ولله الحمد أرتدي الحجاب الشرعي فهل علي إثم في ذلك ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله... أما بعد:
فقد ذكر الله جل وعلا المحرمات في النكاح وعد منهن الأخت من الرضاعة، قال الله جل وعلا :( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ). [النساء:23]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم " إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة". [متفق عليه]. وفي لفظ النسائي :" يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" فإذا كان الرجل قد رضع من أمك خمس رضعات فصاعداً فانه أخ لك، ولا حرج إطلاقاً في الدخول عليه . والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(12/277)
أخوات من رضعت منك أجنبيات فلا يحرمن على أبنائك
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الثاني 1422 / 07-07-2001
السؤال
قمت بإرضاع ابنتي وابنة صديقتي هل يجوز زواج ابني من ابنة صديقتي التي أرضعتها أو إحدى أخواتها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ابنة صديقتك التي أرضعتها محرمة على جميع أبنائك وأبناء زوجك الذين هم من زوجات أخرى غيرك إن كانت له زوجات أخرى ، لأنها ابنته برضاعها منك وزوجك أبوها فلا تحل لأحد من أبنائه. وأما أخواتها اللواتي لم يرضعن منك فهن لسن بمحرمات على أبنائك وأبناء زوجك فيجوز لابنك أن يتزوج بهن طالما لم ترضعيهن . يقول الله تعالى: ( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة) .[ النساء:23]. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
إذا أرضعت الأخت أخاها صار ابناً لها
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الثاني 1422 / 07-07-2001
السؤال
هل يمكن للأخت أن ترضع أخاها، في حال مرض الأم؟ مع إعطاء الدليل الشرعي لطفا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:
نعم يمكن للأخت أن ترضع أخاها ولو لم تكن الأم مريضة ويترتب على رضاعها لأخيها ما يترتب عليه من الاحكام ، فقد صار ابناً لها وابنا لزوجها الذي نشأ اللبن عن وطئه، فلا يمكن أن يتزوج ابنة هذا الرجل ولو كانت من غير أخته التي أرضعته، ولا يتزوج أخت هذا الرجل ولا خالته ولا عمته لأنه صار أباه. أما الدليل فهو قول الله جل وعلا: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم ... ) [النساء: 23]. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" . والعلم عند الله .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
بركة الرضاعة الطبيعية
سؤال:
نمى إلى علمي أن الله يبارك الرضاعة الطبيعية ، وأن القرآن ينص على : "أن كل قطرة من الحليب الطبيعي" هي مباركة . أرجو أن تخبرني أين ورد ذلك في القرآن .(12/278)
الجواب:
الحمد لله
لا شك أن البركة تحلّ حيث شاء الله عز وجل ، وتحلّ إذا دعا اللهَ العبد أن يبارك له في ماله أو رزقه فيجعله مباركا ، أو يجعل شخصه مباركا كما قال عيسى عليه السلام ، قال تعالى : ( واجعلني مباركا أينما كنت ) مريم/31 فتكون البركة حيث يجعلها الله تعالى كما قال تعالى عن المطر : ( وأنزلنا من السماء ماء مباركا ) سورة ق/9
أي تحصل البركة بنزوله حيث تنمو الأشجار والنباتات ، وأما الرضاعة فلا أذكر آية وردت بخصوصه .
الشيخ عبد الله بن جبرين .
وقد ورد الحث في القرآن الكريم على الرضاعة الطبيعية من الوالدة لولدها ، فقال تعالى : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) البقرة/233
وهذا خبر بمعنى الأمر كما قال العلماء أي على الوالدات أن يرضعن أولادهن وذكروا أن جزءاً من الرضاع واجب لابد منه وهو اللبأ الأصفر الذي يكون في أول الرضاع ومعلوم طبياً أن له فوائد عظيمة في بناء مناعة الولد وغيرها ، ولا شك أن في تنفيذ أمر الله والاستجابة له بركة عظيمة .
والله الموفق .
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
الشك في حصول الرضاع
سؤال:
قامت خالتي بإرضاع أخي وهو أكبر مني وهو الآن أخ لأولاد خالتي وكانت خالتي تضعنا على صدرها للرضاعة وحسب أقوالها رحمها الله إنه لم يخرج حليب ، ومنذ أن كنا صغارا لغاية الآن ونحن نتعامل معهم على أساس أنهم إخوة لنا . والآن بدأت أسمع أنهم ليسوا بإخوتنا ، مع أن هناك شيوخا قالوا إنهم إخوة لنا ، فلم يتم بيننا أي رابط زواج بسبب أننا نعتبر إخوة . أفيدوني جزاكم الله خيرا .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الرضاع الذي يثبت به التحريم يشترط فيه شرطان :
1- أن يكون خمس رضعات فأكثر .
2- أن يكون في الحولين وقبل الفطام .
انظر لبيان هذين الشرطين جواب السؤال (40226) .
ولا يشترط في الرضعة أن تكون مشبعة ، بل مجرد التقام الثدي ومص اللبن منه يعتبر رضعة .(12/279)
وإذا التقم الصبي الثدي فتعتبر رضعة إلا أن لم يخرج لبن فلا يكون ذلك رضاعاً ، ولا يترتب عليه شيء .
قال في "الفتاوى الهندية" (1/104) : " لأنه متى خرج اللبن يكون إرضاعا وبدونه لا " انتهى . وفي "فتاوى اللجنة الدائمة" (21/52) : " ... وإن كان إلقام أمك لعمّك الثدي للتسكيت ، ولم تدرّ عليه لبنا من ثديها فلا تحريم ، وجاز الزواج " انتهى .
ثانياً :
إذا حصل شك في عدد الرضعات ، أو في حصول الرضاع فإنه لا يثبت بذلك تحريم .
سئل علماء اللجنة الدائمة : إن لي ابنة خالة ، وأريد الزواج منها ، ولكن المشكلة أن فيه شك في رضاع بيني وبينها من جدتي أم أمي وأمها ، ولكن هذه الجدة ليست متأكدة من هذا الرضاع ، وسألناها وتقول : ما أدري لقد نسيت ، وإذا كان رضعت مني هذه البنت فذاك الوقت تقول : إن ما فيه حليب ، هذا قول الجدة . أرجو من فضيلتكم أن تجدوا لي الحل المناسب هل يجوز الزواج منها أم لا على حسب ما ورد من كلام الجدة ؟
فأجابوا :
" إذا كان الواقع كما ذكر ، فلك أن تتزوج بنت خالتك المذكورة ؛ لأن الرضاع المشكوك فيه لا تأثير له ، وإنما ينتشر التحريم بالرضاع المعلوم إذا كان خمس رضعات أو أكثر ، في الحولين ، فإذا لم يكن معلوما فالأصل الجواز " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (21/133) .
وانظر السؤال (804) .
وعلى هذا ، فأخوك الذي ثبت رضاعه من خالتك يكون ابناً لها من الرضاعة ، وأخاً لجميع أولادها .
أما أنتم فلا يثبت في حقكم تحريم لحصول الشك والتردد في الرضاعة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
ما حكم الغِيلة في الإسلام ؟
سؤال:
ما حكم الغيلة في الإسلام ؟.
الجواب:
الحمد لله
" الغِيلة " قيل هي : وطء الزوجة المرضع ، وقيل هي : إرضاع الحامل لطفلها .
وقد ثبت في صحيح مسلم (1442) أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنْ الْغِيلَةِ ، حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلا يَضُرُّ أَوْلادَهُمْ ) .
قال النووي :(12/280)
" اختلف العلماء في المراد بالغيلة في هذا الحديث , فقال مالك في الموطأ والأصمعي وغيره من أهل اللغة : أن يجامع امرأته وهي مرضع ، وقال ابن السكيت : هو أن ترضع المرأة وهي حامل .
قال العلماء : سبب همِّه صلى الله عليه وسلم بالنهي عنها أنه يخاف منه ضرر الولد الرضيع ، قالوا : والأطباء يقولون : إن ذلك اللبن داء ، والعرب تكرهه وتتقيه .
وفي الحديث جواز الغيلة فإنه صلى الله عليه وسلم لم ينه عنها , وبين سبب ترك النهي " " شرح مسلم " ( 10 / 17 ، 18 ) .
وروى مسلم (1443) عن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( إِنِّي أَعْزِلُ عَنْ امْرَأَتِي . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ : أُشْفِقُ عَلَى وَلَدِهَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ كَانَ ذَلِكَ ضَارًّا ضَرَّ فَارِسَ وَالرُّومَ ) .
ولم يأتِ ما يخالف هذه الإباحة إلا حديث ضعيف رواه أبو داود (3881) وابن ماجه (2012) عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها ، فيه : نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغيلة .
والحديث : ضعفه الشيخ الألباني في " ضعيف سنن أبي داود " .
وذكر ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن الأحاديث الدالة على الإباحة ثم قال : " وهذه الأحاديث أصح من حديث أسماء بنت يزيد ، وإن صح حديثها فإنه يحمل على الإرشاد والأفضلية ، لا التحريم " انتهى بتصرف .
وقال أيضاً في " زاد المعاد " ( 5 / 147 ، 148 ) :
" ولا ريب أن وطء المراضع مما تعم به البلوى ، ويتعذر على الرجل الصبر عن امرأته مدة الرضاع ، ولو كان وطؤهن حراماً لكان معلوماً من الدين ، وكان بيانه من أهم الأمور ، ولم تهمله الأمة ، وخير القرون ، ولا يصرح أحد منهم بتحريمه ، فعلم أن حديث أسماء على وجه الإرشاد والاحتياط للولد ، وأن لا يعرضه لفساد اللبن بالحمل الطارئ عليه " انتهى .
والحاصل : أن الغيلة ليست حراما ولا مكروهة ، حيث لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها ، ومَنْ تركها على سبيل الاحتياط للولد فلا حرج عليه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
تحريم بنت الأخت من الرضاعة
سؤال:
أم زوجتي أرضعت ولد ولدها ( أي ولد أخي زوجتي ) أكثر من خمس رضعات ، حسب كلام أم زوجتي (المرضعة وهي جدته) هل هذا الولد يصير أخاً لزوجتي من الرضاعة ؟
وهل يصير محرماً لابنتي ؟ ويجوز أن تكشف عليه ؟.
الجواب:
الحمد لله(12/281)
نعم ، هذا الولد أصبح أخاً لزوجتك من الرضاعة ، ويكون خالاً من الرضاعة لأولادك من هذه الزوجة ، فيجوز لابنتك – من هذه الزوجة وليس من زوجة أخرى - أن تظهر له ما تظهر لمحارمها .
ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ ) . رواه البخاري (2645) ومسلم (1447) .
وبنت الأخت من النسب محرمة ، لقوله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ ) النساء/23 .
فتكون بنت الأخت من الرضاعة محرمة كذلك .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (21/116) :
" الرضاع المحرم ما كان خمس رضعات فأكثر في الحولين ، فإذا كان رضاع الأخوين كذلك فهما أخوان من الرضاعة ، وأولاد كل منهما أولاد أخيه من الرضاعة ، سواء كان اللبن من الأب والأم معا ، أم من الأم فقط ، أو الأب فقط ، ولا يحل لأحدهما الزواج من بنات الآخر ؛ لأنهن بنات أخيه من الرضاعة " انتهى .
وانظر سؤال رقم (45819) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
رضاع غير محرم
المفتي
محمد بخيت .
صفر 1334 هجرية - 5 من يناير 1916 م
المبادئ
1 - الرضاع المحرم لابد فيه من وصول لبن المرأة إلى جوف الرضيع فى وقت الرضاع .
2 - قول المرأة إنها كانت حاملا وقت رضاعة البنت ولا لبن لها وإنه ما وصل جوفها شىء من ذلك وإنها كانت تعطيها ثديها ناشفا إذا بكت يكون خبرا لا غيا فضلا عن أنه لا يعمل بخبر الواحد فى الرضاع مطلقا
السؤال
فى امرأة أراد رجل أن يتزوجها فوالدها قال إن بنتى بنت خالة الزوج وأخشى أن تكون بنتى رضعت من والدته وبسؤال والدته قالت إنى مدة رضاعتها كنت حاملا وكانت إذا وجدت معى أناولها ثديى ناشفا إذا بكت وذلك دفعة أو اثنتين فقط فى العمر كله وذلك من بعد أن أقسمت على المصحف بعدم وجود لبن بها مدة رضاعة ابنتى ولا أخواتها فأرجو إفادتى عما يتراءى لفضيلتكم بحسب ما يقتضيه الشرع الشريف
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال .(12/282)
ونقول إن المنصوص عليه فى كتب المذهب أن الرضاع المحرم لابد فيه من وصول لبن المرأة إلى جوف الرضيع فى وقت الرضاع - وحيث إن والدة الرجل المذكور قالت إنها كانت حاملا وقت رضاعة البنت المذكورة وكانت تناولها ثديها ناشفا إذا بكت وأقسمت بعدم وجود لبن بها مدة رضاعة البنت المذكورة فلا يعول على هذا الخبر حيث أخبرت بأنه لا لبن لها وأنه ما وصل إلى جوف البنت شىء من ذلك فيكون خبرا لا غيا فضلا عن أن صاحب البحر قال .
إن ظاهر المتون أنه لا يعمل بخبر الواحد فى الرضاع مطلقا فليكن هو المعتمد فى المذهب .
قال ابن عابدين قلت وهو أيضا ظاهر كلام كافى الحاكم الذى جمع كتب ظاهر الرواية وفرق بينه وبين خبر الواحد بنجاسة الماء أو اللحم .
وعلى ذلك جاز للرجل المذكور أن يتزوج بالبنت المذكورة مالم يثبت أنها أخته رضاعا بشهادة عدلين أو عدل وعدلتين .
واللّه أعلم
ــــــــــــــ
رضاع محرم
المفتي
محمد بخيت .
جمادى الأولى 1334 هجرية - 1 من أبريل 1916 م
المبادئ
رضاع الرجل من جدته أم أمه مع خاله يحرم عليه الزواج من بنت خاله الذى لم يرضع معه من جدته وكذا بنت غيره من أخواله أو خالاته منها لأنها بنت أخيه أو أخته رضاعا
السؤال
رضع رجل من جدته أم والدته مع شقيق والدته وله خال من جدته المذكورة شقيق خاله الذى رضع معه من جدته .
فهل يجوز شرعا لذلك الرجل أن يتزوج بنت خاله الذى لم يرضع معه من جدته
الجواب
نفيد أن الرجل المذكور حيث رضع من جدته أم والدته صارت تلك الجدة أمه رضاعا .
وحنيئذ يكون جميع أولادها ذكورا وإناثا أخوة له من الرضاع لا فرق فى ذلك بين من رضع منهم معه فى مدة الرضاع وبين من لم يرضع معه لأن الجميع وإن كانوا أخواله أو خالاته نسبا لكنهم جميعا إخوته رضاعا .
وحينئذ لا يجوز أن يتزوج بنت خاله ولا بنت غيره من أخواله أو خالاته الذين هم أولاد جدته المذكورة وإخوته رضاعا لأنها بنت أخيه أو أخته رضاعا .
واللّه تعالى أعلم
ــــــــــــــ
رضاع غير محرم(12/283)
المفتي
محمد بخيت .
جمادى الآخرة 1334 هجرية - 5 من أبريل 1916 م
المبادئ
إذا أرضعت امرأة بنتا صغيرة لأخرى على إبنها ثم مات الولدان وأنجبت واحدة منهما ذكرا والأخرى أنثى جاز لكل من الولدين الأخيرين الزواج من بعضهما
السؤال
امرأتان إحداهما معها ولد صغير ابن لها والأخرى معها بنت صغيرة بنت لها فأرضعت أم الولد البنت المذكورة ثم مات الولد والبنت المذكوران ثم خلفت إحدى المرأتين ولدا والأخرى بنتا ولم يرضع هذا الولد وهذه البنت على أم الأخرى .
فهل يجوز لهذا الولد أن يتزوج بهذه البنت
الجواب
نفيد أنه يجوز شرعا لهذا الابن أن يتزوج بالبنت المذكورة مادام الحال ما ذكر واللّه تعالى أعلم
ــــــــــــــ
حكم القعود الأول فى الصلاة ورضاع محرم
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
محرم 1401 هجرية - 17 نوفمبر 1980 م
المبادئ
1 - اختلف الفقهاء فى حكم القعود الأول فى الصلاة الرباعية والثلاثية والتشهد فيه وأثر تركه فى الصلاة عمدا أو سهوا : ( أ ) القول الصحيح فى فقه الإمام أبى حنيفة أن هذا القعود والتشهد فيه من واجبات الصلاة التى يجبرها سجود السهو إن ترك سهوا ، فإن ترك عمدا وجبت عليه الإعادة .
وإلا كانت صحيحة مع إثمه ( ب ) فى فقه الإمام أحمد أنه من الواجبات .
إن تركه عمدا بطلت صلاته وإن تركه جهلا أو سهوا لا تبطل وعليه السجود للسهو .
( ج ) فى فقه الإمامين مالك والشافعى أنه من سنن الصلاة، وتركه على هذا لا يترتب عليه بطلان الصلاة .
2 - برضاع بنت خالة السائل من أمه أكثر من سبع رضعات مشبعات فى مدته .
صارت أختا له من الرضاع، ولايحل له الزواج منها فى قول فقهاء المذاهب جميعا
السؤال
بالطلب المقدم من الأستاذ / ج ص المحامى - المتضمن : أولا : أن زميلا له حدثه أن هناك آية فى القرآن تقول : يا عبدى أطعنى تكن عبدا ربانيا تقول للشىء كن فيكون ويسأل فى أى سورة هى .(12/284)
ثانيا : قيل له إن نصف التشهد يقرأ بعد كل ركعتين فى الصلاة إذا كانت أكثر من اثنتين كالظهر والعصر والمغرب والعشاء فما هو مصدر ذلك علما بأنى أصلى المغرب فقط بنصف التشهد بعد ركعتين .
ثالثا : يقول إن بنت خالته رضعت من أمه رضاعة كاملة مشبعة أكثر من سبع مرات، وكانت أمه قد فطمت أخته الشقيقة لمدة ستة أشهر، وعندما أرضعت بنت أختها التى هى بنت خالته جاء اللبن من عند الله فهل يجوز لى الزواج من بنت خالتى المذكورة أم لا
الجواب
عن السؤال الأول : لا يوجد فى القرآن الكريم آية بهذه العبارة .
وعن السؤال الثانى : اختلف الفقهاء فى حكم القعود الأول فى الصلاة الرباعية والثلاثية والتشهد فيه وأثر تركه فى الصلاة عمدا أو سهوا .
فالقول الصحيح فى فقه الإمام أبى حنيفة أن هذا القعود والتشهد فيه من واجبات الصلاة التى يجبرها سجود السهو إذ1 ترك سهوا .
وإن تركه المصلى عمدا وجبت عليه إعادة الصلاة وإن لم يعدها كانت صحيحة مع إثمه .
وفى فقه مذهب الإمام أحمد بن حنبل أن هذا القعود من الواجبات إذا تركه المصلى عمدا بطلت صلاته، وإذا تركه جهلا أو سهوا لا تبطل وعليه السجود للسهو .
وفى فقه الإمامين مالك والشافعى أن هذا القعود والتشهد فيه من سنن الصلاة، وتركه على هذا لا يترتب بطلان الصلاة .
هذا : وقد ثبت فى الحديث الشريف عن مالك بن الحويرث الذى رواه أحمد والبخارى قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( صلوا كما رأيتمونى أصلى ) وقد كان يجلس فى الصلاة الرباعية والثلاثية القعود الأول ويتشهد فيه .
فكان علينا اتباعه بغض النظر عن الخلاف فى توصيف هذا القعود بأنه واجب أو سنة لأن الخلاف مناطه درجة الدليل .
وعن السؤال الثالث : فإنه لما كان الثابت من واقعة السؤال أن أم السائل قد أرضعت بنت أختها ( خالته ) إرضاعا مشبعا أكثر من سبع مرات كانت هذه البنت أختا للسائل من الرضاع ولا يحل له الزواج منها فى قول فقهاء المذاهب جميعا ، متى تم هذا الإرضاع فى مدته الشرعية .
وهى سنتان قمريتان على الأصح المفتى به . حيث صدق عليها قول الله سبحانه فى سورة النساء فى آية المحرمات رقم 23 { وأخواتكم من الرضاعة } النساء 23 ، والله سبحانه وتعالى أعلم
ــــــــــــــ
زواج الرجل من بنت بنته رضاعا غير جائز
المفتي
عبد الرحمن قراعة .
19 شوال 1343 هجرية - 9 مايو 1925 م
المبادئ(12/285)
لا يجوز للرجل الزواج من بنت البنت التى أرضعتها زوجته لأنها بنت بنته رضاعا
السؤال
امرأتان .
الأولى خلفت بنتا تسمى زينب من زوجها أ. ق .
وخلفت الثانية إبنا يسمى أمين من زوجها م. م. فأرضعت المرأة الأولى الطفل أمين ابن المرأة الثانية وأرضعت المرأة الثانية الطفلة زينب بنت المرأة الأولى ثم خلفت زينب بنت المرأة الأولى .
فهل يصح شرعا لوالد زوج المرأة الثانية التى أرضعت زينب أن يتزوج من بنت زينب المذكورة
الجواب
من حيث أرضعت ر زوجة م م زينب بنت ى مع ولدها أمين من لبن الزوج المذكور فتكون زينب المذكورة بنتا ل م الزوج المذكور من الرضاع وتكون ن بنت زينب المذكورة بنت بنته من الرضاع وحينئذ فلا يحل ل .
م. والحال ما ذكر أن يتزوج ب .
بنت زينب المذكورة لأنها بنت بنته من الرضاع واللّه أعلم
ــــــــــــــ
ادعاء الرضاع
المفتي
حسن مأمون .
2 ربيع أول سنة 1377 هجرية - 26 سبتمبر سنة 1957م
المبادئ
1- إذا صدق الخاطب مدعى الرضاع وثبت على تصديقه لا يحل له أن يتزوج ممن رضع معها لأن تصديقه بمثابة اقراره به .
2- إذا لم يصدق الخاطب مدعى الرضاع فى اخباره لوجود شبهة فيه أو حصول الشك فى الرضاع أو فى عدده حل له الزواج من مخطوبته .
3- لا يثبت الرضاع فى قضاء عند الحنفية إلا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين
السؤال
من السيد / ع س م قال أن رجلا يريد أن يتزوج من بنت خالته التى تقرر أنها لم ترضع ابن أختها طالب الزواج من بنتها مطلقا ويقول والده أن خالة ابنه أرضعته وعنده مذكره مكتوبة بذلك وسأل عن الحكم وهل يؤخذ بقول خالته أو بقول والده
الجواب
أنه إذا صدق هذا الخاطب والده فيما ادعاه من هذا الرضاع وكان الرضاع فى مدته شرعا وهى سنتان على قول أبى يوسف الأصح المفتى به وكانت عدد الرضعات خمسا فأكثر متفرقات مشبعات على ما اخترناه للفتوى من أن الرضاع المحرم ما كان خمس رضعات متفرقات فأكثر صار ابنا لخالته من الرضاع وصار هو ومخطوبته اخوين رضاعة فلا يحل له أن يتزوج بها لأن تصديقه له فى ذلك بمثابة اقراره بالرضاع واقراره به مع الاصرار عليه مثبت للحرمة أما إذا لم يصدقه فى(12/286)
أخباره لوجود شبهة فيه أو حصول الشك فى الرضاع أو عدده هل خمس فأكثر أو أقل من الخمس فلا يحرم عليه الزواج من مخطوبته المذكورة لأن القاعدة العامة أن اليقين لا يزول بالشك والأصل الحل فلا يثبت التحريم بالشك فى الحل وعدمه وهذا الحكم ديانة أما فى القضاء فلا يثبت الرضاع عند الحنفية إلا بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين كذلك ولا يقبل على الرضاع أقل من ذلك قال صاحب البحر ( أنه لا يعمل بخبر الواحد مطلقا ) وهو المعتمد فى المذهب وهذا الحكم إذا ادعى الرضاع بعد العقد وأما قبله فقد جاء فى حاشية ابن عابدين ( لو شهدت به امرأة قبل النكاح فهو فى سعة من تكذيبها ولكن فى محرمات الخانية أن كان قبله والمخبر عدل ثقة لا يجوز النكاح ) ومن هذا يعلم الجواب والله أعلم .
ے
ــــــــــــــ
اثبات الرضاع
المفتي
حسن مأمون .
14 رجب سنة 1377ه 3 فبراير سنة 1958م
المبادئ
1- لا يثبت الرضاع عند الحنفية إلا بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين ولا يثبت بشهادة النساء بانفرادهن .
2- إذا شهد بالرضاع رجل واحد أو امرأة واحدة أو رجل وامرأة لم يثبت الرضاع إلا بتصديق الراضع .
3- يثبت التحريم إذا لم يصدق الراضع وكان المخبر معروفا بالصدق والعدالة
السؤال
من ر ع خ بطلبه أنه يريد الزواج من بنت خالته ولكن جدته لأمه أخبرته بأنها أرضعته مع خاله ط .
الذى رضع أيضا من أخته أم الفتاة وإن السائل لم يرضع من أمها ولم ترضع هى من أمه أو جدتها لأمها وطلب بيان الحكم
الجواب
إن الرضاع قضاء لا يثبت عند الحنفية إلا بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين كذلك ولا يقبل على الرضاع أقل من ذلك كما لا يقبل فىإثباته شهادة النساء بانفرادهن واحدة أو أكثر فإذا شهد به رجل واحد أو امرأة واحدة أو رجل وامرأة لم يثبت الرضاع باحدى هذه الشهادات إلا بتصديق الراضع فإن صدق ثبت التحريم بتصديقه لأن تصديقه بمثابة اقراره به واقراره به مع الاصرار عليه مثبت للحرمة وكذلك يثبت التحريم إذا لم يصدق وكان المخبر معروفا بالصدق والعدالة فإنه حينئذ لا يجوز النكاح لما نقله ابن عابدين عن الخانية فقد جاء فى حاشية رد المحتار لو شهدت به امرأة قبل الزواج فهو فى سعة من تكذيبها لكن فى محرمات الخانية أن كان قبله والمخبر عدل لا يجوز النكاح وبه جزم فى البزازية وعلى ذلك فإذا صدق السائل جدته لأمه فيما أخبرته به من الرضاع أو كانت جدته لأمه معروفة بالصدق(12/287)
والعدالة ولم يكن من شأنها الكذب وكان الرضاع المسئول عنه فى مدته شرعا وهى سنتان على قول أبى يوسف المفتى به لم يحل للسائل أن يتزوج من بنت خالته المذكورة لأنها بنت أخته رضاعا بناء على قول من ذهب إلى أن قليل الرضاع وكثيره سواء فى ايجاب التحريم وهم الحنفية والمالكية واحدى الروايتين فى مذهب الامام أحمد أما على مذهب الشافعية والرواية الأخرى فى مذهب الامام أحمد فإن الرضاع المحرم ما كان خمس رضعات متفرقات مشبعات فإذا كان رضاع السائل فى هذه الحال بلغ هذا القدر حرمت عليه بنت خالته المذكورة وإذا لم يبلغ هذا القدر كان فى حل من التزويج بها بناء على هذا المذهب الذى اخترناه للفتوى فى هذا الأمر الذى عمت فيه البلوى أما إذا لم يكن السائل مصدقا لجدته لأمه فى اخبارها بهذا الرضاع أو كانت غير عدلة ومن شأنها الكذب فإنه لا يثبت الرضاع بأخبارها هذا ويكون السائل
فى حل من التزوج من بنت خالته هذه ما لم يكن هناك مانع آخر غير رضاعه من جدتها لأمها المبين حكمه على المذهبين السابقين هذا وأما رضاع خاله ط .
من أخته أم مخطوبة السائل فإنه لا يوجب تحريما بين السائل وبين هذه البنت إذا كان السائل لم يرضع من جدته الرضاع المسئول عنه أو لم يثبت هذا الرضاع بأى وجه على النحو الذى شرحناه لأنه برضاع ط .
خال السائل من أخته أم مخطوبة السائل تصبح هذه المخطوبة أختا من الرضاع ل .
الذى هو خال السائل وأخت الخال من الرضاع غير محرمة على ابن أخته نسبا جاء فى التنقيح سئل رجل يريد أن يتزوج بأخت خاله رضاعا فهل له ذلك فأجاب نعم ذلك لأن أم خاله وخالته من الرضاع حلال كما فى الدر المختار والبحر فأخت خاله بالأولى الخ فرضاع خاله ط .
من أخته أم مخطوبة السائل لا يوجب تحريمها عليه وإنما يوجب ثبوت رضاع السائل من جدته لأمه على ما بيناه سابقا فتحرم عليه أن صدق جدته فيما أخبرت به من ارضاعها له وأصر على هذا التصديق أو كانت جدته ممن عرف بالعدالة والصدق وكان الرضاع خمس مرات مشبعات متفرقات فأكثر على المذهب الثانى الذى اخترناه للفتوى أما إذا لم يصدق جدته أو كانت غير عدلة ومن شأنها الكذب أو كان الرضاع أقل من خمس رضعات على الوجه السابق فإنها لا تحرم عليه والله أعلم
ــــــــــــــ
زواج أخت الابن رضاعا
المفتي
حسن مأمون .
27 ربيع الأول 1377 هجرية - 19 نوفمبر 1957 م
المبادئ
زواج الرجل من أخت ابنه رضاعا جائز ونسبا غير جائز لأنه لما وطئ أمها حرمت هى عليه
السؤال(12/288)
من رجل قال - إن ابنه أ .
رضع من جدته لأمه مع خالته ت. أكثر من خمس رضعات متفرقات .
وأن أم أ. التى هى زوجته توفيت، ويريد السائل أن يتزوج من ت .
أختها نسبا وأخت ابنه أ. رضاعا، وسأل هل يجوز هذا الزواج شرعا وإذا جاز هل عليه عدة أو لا
الجواب
المنصوص عليه شرعا أنه يجوز للرجل أن يتزوج من أخت ابنه رضاعا وإن لم يجز ذلك من النسب، وهى من المسائل المستثناة من قاعدة يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
جاء فى شرح الهداية ( ويجوز أن يتزوج أخت ابنه رضاعا ولا يجوز ذلك من النسب، لأنه لما وطىء أمها حرمت عليه ولم يوجد هذا المعنى فى الرضاع ) وعلى ذلك يجوز للسائل أن يتزوج من ت .
المذكورة لعدم وجود التحريم بسبب رضاع ابنه أ .
من جدته أم أمه ما لم يكن هناك مانع آخر غير هذا الرضاع .
ويجوز له أن يتزوج منها بعد وفاة زوجته السابقة أختها فى يوم وفاتها، لأن ذلك ليس بجمع بين الأختين نكاحا فى وقت واحد لعدم وجوب العدة على زوج المتوفاة .
جاء فى مجمع الأنهر تعليقا على قول صاحب الملتقى ( ويحرم الجمع بين الأختين نكاحا ) أما لو ماتت المرأة فتزوج بأختها بعد يوم جاز .
وجاء فى درر المنتقى شرح الملتقى نقلا عن الخلاصة قوله ( لكن فى الخلاصة وغيرها ولو ماتت الزوجة فلزوجها التزوج بأختها يوم الموت ) وعلل صاحب الفتح جواز هذا الزواج بعدم وجوب العدة على المتوفاة، فلا يكون جامعا بين محرمين فى وقت واحد .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال .
والله أعلم
ــــــــــــــ
رضاع محرم
المفتي
محمد بخيت .
جمادى الأولى 1334 هجرية - 1 من أبريل 1916 م
المبادئ
رضاع الرجل من جدته أم أمه مع خاله يحرم عليه الزواج من بنت خاله الذى لم يرضع معه من جدته وكذا بنت غيره من أخواله أو خالاته منها لأنها بنت أخيه أو أخته رضاعا
السؤال
رضع رجل من جدته أم والدته مع شقيق والدته وله خال من جدته المذكورة شقيق خاله الذى رضع معه من جدته .
فهل يجوز شرعا لذلك الرجل أن يتزوج بنت خاله الذى لم يرضع معه من جدته(12/289)
الجواب
نفيد أن الرجل المذكور حيث رضع من جدته أم والدته صارت تلك الجدة أمه رضاعا .
وحنيئذ يكون جميع أولادها ذكورا وإناثا أخوة له من الرضاع لا فرق فى ذلك بين من رضع منهم معه فى مدة الرضاع وبين من لم يرضع معه لأن الجميع وإن كانوا أخواله أو خالاته نسبا لكنهم جميعا إخوته رضاعا .
وحينئذ لا يجوز أن يتزوج بنت خاله ولا بنت غيره من أخواله أو خالاته الذين هم أولاد جدته المذكورة وإخوته رضاعا لأنها بنت أخيه أو أخته رضاعا .
واللّه تعالى أعلم
ــــــــــــــ
رضاع غير محرم
المفتي
محمد بخيت .
جمادى الآخرة 1334 هجرية - 5 من أبريل 1916 م
المبادئ
إذا أرضعت امرأة بنتا صغيرة لأخرى على إبنها ثم مات الولدان وأنجبت واحدة منهما ذكرا والأخرى أنثى جاز لكل من الولدين الأخيرين الزواج من بعضهما
السؤال
امرأتان إحداهما معها ولد صغير ابن لها والأخرى معها بنت صغيرة بنت لها فأرضعت أم الولد البنت المذكورة ثم مات الولد والبنت المذكوران ثم خلفت إحدى المرأتين ولدا والأخرى بنتا ولم يرضع هذا الولد وهذه البنت على أم الأخرى .
فهل يجوز لهذا الولد أن يتزوج بهذه البنت
الجواب
نفيد أنه يجوز شرعا لهذا الابن أن يتزوج بالبنت المذكورة مادام الحال ما ذكر واللّه تعالى أعلم
ــــــــــــــ
رضاع غير محرم
المفتي
محمد بخيت .
ذى القعدة 1335 هجرية - 10 من سبتمبر 1917 م
المبادئ
1 - إذا كان الإرضاع بعد مدته وهى حولان على المفتى به وهو قول الصاحبين وحولين ونصف على رأى الإمام فلا يحرم .
2 - إذا أقرت المرضعة بأنها كانت ترضع الصغير من لبن حليب البقر صدقت فى ذلك .
3 - إذا قال الزوج لزوجته .
هذه رضيعتى ثم رجع عنه ذلك صدق ولا تحرم عليه شرعا .(12/290)
4 - لو أقر الزوجان بالرضاع ثم أكذبا أنفسهما وقالا أخطأنا ثم تزوجها جاز العقد
السؤال
رجل عقد على ابنة عمته البالغة الرشيدة وكان شقيقها هو الوكيل لها فى العقد إذ لم يكن لها عاصب سواه وقبل الدخول بها أشاع بعض الناس أن الزوج كان رضع من جدته التى هى أيضا جدة لمن تزوج بها ولما سئلت الجدة وقتئذ قالت إن الولد (الزوج الآن) كان مرض بالجدرى وسنه كان يتجاوز اثنين وثلاثين شهرا وكنت أنا وقت إرضاعه أتجاوز السبعين عاما ومضى على آخر ولادة لى أزيد من ثمانى عشرة سنة فكنت أضع حليب البقر فى فمه وأعطيه ثديى فكان يمتصه من اللبن ولم يكن هناك رضاع حقيقى وقد استحلفت على ذلك فحلفت ثم صار عقد الزواج ودخل الزوجان وعاشرا بعضهما مدة تزيد عن عشر سنوات ونظرا لحصول شقاق بين الأخ وأخته الآن ادعى أنها محرمة على زوجها بسبب هذا الرضاع مع أن الزوج لا يصدق الأخ فى دعواه التحريم - فهل إذا كان الأمر كما ذكر تحرم الزوجة على زوجها أم لا
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أولا أن الجدة المذكورة على فرض أنها أرضعته من لبنها فقد أرضعته بعد انتهاء مدة الرضاعة .
لأنها إما حولان على قول الصاحبين الذى هو الأصح المفتى به أو حولان ونصف على قول الإمام أبى حنيفة، وإذن تكون مدة الرضاع قد انتهت باتفاق .
والرضاع بعد انتهائها لا يحرم - وثانيا أن خبرها على حسب المذكور بالسؤال لا يفيد أنها أرضعته من لبنها بل يفيد أنها كانت ترضعه من لبن حليب البقر .
وثالثا أن الزوج لم يصدق الأخ فى دعوى التحريم .
وحينئذ لا تحرم الزوجة المذكورة على زوجها المذكور بإخبار الجدة المذكورة ولا بمجرد دعوى أخى الزوجة المذكورة لأن الزوج نفسه لو قال لزوجته هذه رضيعتى ثم رجع عن قوله صدق شرعا ولا تحرم عليه .
وكذا لو أقر الزوج والزوجة بذلك ثم أكذبا أنفسهما وقالا جميعا أخطأنا ثم تزوجها جاز زواجه بها .
كما يؤخذ كل ذلك من متن التنوير وشرحه فى باب الرضاع
ــــــــــــــ
رضاع محرم
المفتي
محمد بخيت .
ذى الحجة 1335 هجرية - 17 من أكتوبر 1917 م
المبادئ
1 - كل من أرضعت طفلا ذكرا كان أو أنثى فى مدة الحولين ثبتت أمومتها له وبنوته للرجل الذى نزل منه اللبن بوطئه سواء كان ذلك بنكاح صحيح أو فاسد أو بشبهة .(12/291)
2 - يكون الطفل المذكور أخا لأولاد المرضعة المولودين لها من هذا الرجل أو من غيره وأرضعتهم قبل أو بعد إرضاعه كما يكون أخا لأولاد الرجل المذكور منها ومن غيرها
السؤال
ولد رضع من امرأة فى الأولى والثانية من عمره وتكرر رضاعه وبعد مضى سنتين تقريبا توفى ابن المرأة الذى كان يرضع معه الولد المذكور ثم ولدت المرأة بنتا وبعد أن كبرت البنت وكبر الولد أراد الولد الذى رضع من المرأة الزواج بالبنت فهل تحل له حيث إنه لم يشترك معها فى ثدى واحد وحيث إن زميله فى الرضاعة توفى أم لا تحل
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أن نص المادة (376) من كتاب الأحوال الشخصية على أن كل من أرضعت طفلا ذكرا كان أو أنثى فى مدة الحولين ثبتت أمومتها له وبنوته للرجل الذى نزل اللبن بوطئه سواء وطئها بنكاح صحيح أو فاسد أو بشبهة .
وثبتت أخوته لأولاد المرضعة الذين ولدتهم من هذا الرجل أو من غيره وأرضعتهم قبل إرضاعه أو بعده ولأولاد الرجل المذكورين من صلبه من غير هذه المرضعة ولأولاده من الرضاعة .
ومن ذلك يعلم أنه لا يجوز شرعا تزوج الولد المذكور بهذه البنت لأنه أخوها لأمها رضاعا واللّه أعلم
ــــــــــــــ
رضاع محرم
المفتي
عبد الرحمن قراعة .
ربيع الأول 1340 هجرية - 10 من نوفمبر 1921 م
المبادئ
تزوج الرجل بامرأة ورزقه منها ببنت وزواجه بأخرى وبعد وفاة أمها أرضعت البنت فى مدة الإرضاع ثم رزقه من الأخرى ببنت وبعد تزوجهما رزقت بنت الثانية ببنت أرضعتها جدتها لأمها .
ورزقت بنت الأولى بولد فلا يجوز شرعا لهذا الولد التزوج من بنت بنت الزوجة الثانية لأنها رضاعها من جدتها صارت أختا لأمه رضاعا وخالة له أيضا ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
السؤال
من الشيخ / م إ ع بما صورته - فى رجل تزوج بامرأة ورزق منها ببنت ثم توفيت هذه الزوجة وتزوج بأخرى ورزق منها ببنت أيضا فأرضعت الزوجة الثانية بنت الزوجة المتوفاة مع بنتها حيث كانت فى سن الرضاع ثم تزوجت البنتان المذكورتان فزرقت بنت الزوجة الثانية ببنت أرضعتها جدتاها أم أمها (الزوجة الثانية) ورزقت(12/292)
بنت المتوفاة الأولى بولد ذكر فهل يجوز لهذا الذكر أن يتزوج ببنت الثانية والحال ما ذكر أفيدوا بالجواب ولكم الأجر والثواب
الجواب
لا يجوز لهذا الذكر أن يتزوج ببنت بنت الزوجة الثانية لأنها برضاعها من جدتها صارت أختا لأمه من الرضاع وخالة له .
ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
واللّه أعلم
ــــــــــــــ
التناقض فى الرضاع مغتفر
المفتي
عبد الرحمن قراعة .
جمادى الثانية 1343 هجرية - 6 من يناير 1925 م
المبادئ
1 - يغتفر التناقض فى الرضاع لأنه مما يخفى .
2 - إذا تزوج الرجل أخته من الرضاع وأقر بهذا الرضاع فرق بينهما
السؤال
امرأة أرضعت طفلا مع بنتها فى مدة الرضاع ثم بلغا أشدهما وتزوج هذا الولد بالبنت المذكورة من غير أن يعلما بالرضاع وفعلا عقد النكاح بينهما .
فهل هذا النكاح صحيح شرعا أم لا مع العلم بأن الزوج أقر بأن هذه البنت رضيعة من أمها وأنهما رضعا معا
الجواب
قال فى متن التنوير وشرح الدر المختار ما نصه ( قال لزوجته هذه رضيعتى ثم رجع عن قوله صدق لأنه الرضاع مما يخفى فلا يمنع التناقض فيه ولو ثبت عليه بأن قال بعده هو حق كما قلت ونحوه فرق بينهما ) .
ومن ذلك يعلم أنه حيث أقر الرجل المذكور بأنه رضع هو وهذه البنت من أمها وثبت على ذلك ولم يرجع فرق بينهما لأنهما أخوان من الرضاع واللّه أعلم
ــــــــــــــ
رضاع محرم
المفتي
عبد الرحمن قراعة .
جمادى الأولى 1344 هجرية - 6 من ديسمبر 1925م
المبادئ
برضاع البنت من زوجة جدها بلبنه صارت بنتا لجدها ولزوجته الأخرى من الرضاع وبذلك تكون أختا من الرضاع لأبيها وأختا من الرضاع لعمتها ويكون ابن عمتها هو ابنه أختها رضاعا ولا يحل له التزوج بخالته رضاعا حيث يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
السؤال(12/293)
من الشيخ / م م ر بما صورته - فى رجل يدعى الحاج / ر ف تزوج من امرأة وخلف منها ولدا يدعى ع ر ف وبنتا تدعى ز ثم توفيت زوجته هذه فتزوج بغيرها وقد خلف ع ر المذكور بنتا تدعى ن وخلفت ز المذكورة ولدا يدعى م خ وقد أرضعت زوجة الجد المذكورة بنت على المدعوة ن .
فهل يجوز لابن البنت المدعو م خ أن يتزوج بنت الابن ن أم لا أفيدونا بحكم الشريعة الغراء أطال الله حياتكم
الجواب
برضاع ن .
بنت ع. ابن الحاج / ر. من زوجة جدها الأخرى بلبنه صارت بنتا لجدها ر .
ولزوجته الأخرى من الرضاع . وحينئذ فهى أخت من الرضاع لأبيها ع وعمتها ز ، فيكون م خ ابن ز ابن أخت ن رضاعا فلا يحل له التزوج بخالته رضاعا لأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
ومعلوم أن الخالة من النسب تحرم على ابن أختها منه والله أعلم
ــــــــــــــ
رضاع غير محرم
المفتي
عبد الرحمن قراعة .
شعبان 1344 هجرية - 13 من مارس 1926 م
المبادئ
يتعلق التحريم بالرضاع فقط حيث تحرم عليه من أرضعته وأولادها كذلك الخ أما أخواته هو من النسب الذين لم يرضعوا ممن أرضعته فلا تحريم بينهم وبين أولاده لأنهم ليسوا أخوات لأولادها من الرضاع
السؤال
من م ع ف - أختان إحداهما تدعى زينب والثانية تدعى نظله وقد ولدت زينب كلا من فاطمة ومحمد وعطية ونظلة وإحسان وعبدالحى وولدت نظلة كلا من حسين وحسن وعبدالرحمن وخليل وقد رضع حسن بن نظلة من خالته زينب ثلاث دفعات فى ثلاثة أيام لمرض والدته نظلة وقد رضعت نظلة بنت زينب التى هى ابنة خالته حسن من خالتها نظلة على حسن ابن خالتها أى أن حسن ونظلة رضع كل منهما على الآخر فهل يجوز لحسين أو لعبدالرحمن أو خليل زواج إحسان ابنة خالتهم أم لا يجوز مع العلم أنه لم يرضع أحد من الباقين على الآخر من الأختين أفيدوا بالجواب ولكن الثواب
الجواب
نعم : يجوز شرعا لكل من حسين وعبد الرحمن وخليل أولاد نظلة الذين لم يرضعوا من خالتهم زينب أن يتزوج بإحسان بنت زينب التى لم ترضع من خالتها نظلة لأن إحسان المذكورة ليست أختا لأحد منهم رضاعا وإنما هى أخت نظلة التى هى أخت لهم رضاعا وهذا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال واللّه أعلم
ــــــــــــــ(12/294)
بينة الرضاع
المفتي
عبد المجيد سليم .
جمادى الأولى 1347 هجرية - أول نوفمبر 1928 م
المبادئ
1 - لا يثبت التحريم بالرضاع بخبر الواحد بل لابد من الشهادة الكاملة سواء كان الخبر قبل العقد أو بعده .
2 - حجة الإرضاع حجة المال ولا تقبل فيه شهادة النساء وحدهن لكن إن وقع فى قلب الزوج أو مريد الزواج صدق المخبر ترك ذلك قبل العقد أو بعده
السؤال
من م ش بمحكمة استئناف مصر الأهلية فى رجل تزوج بامرأتين رزق منهما بأولاد وتزوج أخوه بأخت امرأته الثانية ورزق ببنت رضعت من خالتها (المرأة الثانية للرجل الأول) على أحد أبنائها الذكور منه وذلك كما تقول أمها وخالتها فهل يجوز لإحد أبناء الرجل الأول من المرأة الأولى الذى لم يصادق امرأة أبيه وأختها والدة البنت على كلامهما وهو رضاع البنت من امرأة أبيه أن يتزوج البنت أم لا أفيدوا ولكم من اللّه الأجر والثواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد بأن صاحب البحر نقل عن الخانية من الرضاع ما يأتى - وكما لا يفرق بينهما بعد النكاح ولا تثبت الحرمة بشهادتين فكذلك قبل النكاح - إذا أراد الرجل أن يخطب امرأة فشهدت امرأة قبل النكاح أنها أرضعتهما كان فى سعة من تكذيبها كما لو شهدت بعد النكاح - وقال صاحب البحر شرحا لقول المصنف ويثبت بما يثبت به المال (ما نصه - وهو شهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين عدول إلى أن قال - أفاد أنه لا يثبت بخبر الواحد رجلا وامرأة وهو بإطلاقه يتناول الإخبار قبل العقد وبعده وبه صرح فى الكافى والنهاية - فالمأخوذ من هذا أنه لا تثبت الحرمة قبل العقد إلا شهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين عدول - لكن يخالفه ما نقله صاحب البحر عن قاضيخان فى باب المحرمات إذ قال صغير وصغيرة بينهما شبهة رضاع لا يعلم ذلك حقيقة .
قالوا لا بأس بالنكاح بينهما .
هذا إذا لم يخبر بذلك إنسان فإن أخبر عدل ثقة يؤخذ بقوله ولا يجوز النكاح بينهما .
وإن كان المخبر بعد النكاح وهما كبيران فالأحوط أن يفارقها روى ذلك عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه أمر بالمفارقة - وجزم البزازى بما ذكره فى المحرات معللا بأن الشك فى الأول (يعنى فيما إذا كان الإخبار قبل النكاح) وقع فى الجواز وفى الثانى (يعنى فيما إذا كان الإخبار بعد النكاح) فى البطلان والدفع أسهل من الرفع - ولما كان بين ما ذكره قاضيخان فى باب الرضاع وبين ما ذكره فى باب المحرمات مخالفة إذ ما ذكره فى باب المحرمات يقضى بأن الحرمة تثبت بخبر عدل ثقة وما ذكره فى باب الرضاع يقضى بعدم ثبوت الحرمة بخبر الواحد وفق(12/295)
صاحب البحر بعد كلام - والحاصل أن الرواية قد اختلفت فى إخبار الواحدة قبل النكاح .
وظاهر المتون أنه لا يعمل به وكذا الإخبار برضاع طارىء فيكن هو المعتمد فى المذهب ، وظاهر أن مراده بالواحدة ما عدا نصاب الشهادة فيشمل أخبار المرأتين - وخلاصة ما ذكرنا من النصوص أن المعتمد عليه أنه لا تثبت الحرمة قبل النكاح بشهادة النساء وحدهن بل لابد من شهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين عدول .
ويؤيد هذا ما أفتى به فى تنقيح الحامدية حيث سئل فى شهادة النساء وحدهن على الرضاع هل تقبل (فأجاب) بقوله حجة الرضاع حجة المال وهى شهادة عدلين أو عدل وعدلتين ولا يثبت بشهادة النساء وحدهن .
لكن إن وقع فى قلبه صدق المخبر تركه قبل العقد أو بعده كما فى البزازية - قال ابن عابدين فى التنقيح أقول - أى تركه احتياطا الخ ما ذكره عن البحر مما أسلفنا بعضه - وبناء على ذلك لا تثبت الحرمة فى هذه الحادثة بشهادة المرأتين المذكورتين على ما قال صاحب البحر إنه المعتمد بل ولاتثبت الحرمة هنا أيضا على ما اختاره صاحب البزازية إذا لم تكن هاتان المرأتان متصفتين بالعدالة .
ويحل لأحد أبناء الرجل من المرأة الأولى الذى لم يصادق امرأة أبيه وأختها على رضاع البنت المذكورة من امرأة أبيه أن يتزوج البنت المذكورة وهذا حيث كان الحال كما ذكر فى السؤال والله أعلم
ــــــــــــــ
رضاع أحدى الزوجتين للأخرى يحرمهما على الزوج
المفتي
عبد المجيد سليم .
رجب 1347 هجرية - 8 يناير 1929 م
المبادئ
إذا أرضعت إحدى الزوجتين الأخرى فى مدة الإرضاع حرمتا على الزوج ويفرق القاضى بينهما
السؤال
أن رجلا تزوج أمرأة ودخل بها وبعد ثمانى سنوات تزوج بامرأة أخرى ثيب وبعد الدخول عليها بشهرين قال أهل الزوجة الأولى بأن الزوجة الأخيرة قد رضعت منها الزوجة الأولى ( لأنها كانت قبل زواجها من هذا الرجل زوجة لعم الزوجة الأولى ) ويريدون فسخ العقد الأول وأنهم يدعون بأنهم يثبتون ذلك الرضاع بشهادة الشهود .
فما هو الحكم الشرعى فى ذلك
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد بأنه قد نص الفقهاء على أن الرضاع يثبت بما يثبت به المال .
فيثبت بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين كذلك .
فمتى ثبت أن المرأة الثانية أرضعت الأولى فى مدتها بهذه الحجة فرق بينه وبين كل منهما لحرمتهما عليه .(12/296)
أما الأولى فلدخوله بالثانية التى هى أمها رضاعا .
وأما الثانية فلأنها أم امرأته رضاعا، ولا تقع الفرقة إلا بتفريق القاضى لما نص عليه صاحب البحر من قوله ثم اعلم أن الرضاع إذا شهد به رجلان عدلان لا تقع الفرقة إلا بتفريق القاضى لما فى المحيط ولو شهد رجل وامرأتان فالتفريق للقاضى لأن هذه فرقة وحرمة تتضمن إبطال حق العبد فلا يتعلق هذا الحكم بالشهادة إلا بانضمام القضاء إليها .
وظاهر أن هذا النص كما يجرى فى الرضاع الطارىء جار أيضا فى غير الطارىء لا كما استظهره صاحب البحر قبل عبارته السابقة من أن ذلك خاص بالرضاع الطارىء .
أما غيره فلا يحتاج إلى تفريق القاضى بل يرتفع النكاح بالكلية بدون تفريق .
وهذا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال .
والله أعلم
ــــــــــــــ
رضاع محرم
المفتي
عبد المجيد سليم .
ربيع الثانى 1353 هجرية - 7 من أغسطس 1934 م
المبادئ
عقد زواج الرجل من البنت التى أرضعتها شقيقته فاسد وهى محرمة عليه لأنها بنت أختة رضاعا
السؤال
رجل تزوج بنتا بكرا بصحيح العقد الشرعى وقبل الدخول بها اتضح أن أخت الزوج شقيقته أرضعت الزوجة التى عقد زواجها على شقيقها فهل يحرم الزواج ويفسد عقد الزواج، أو الزواج صحيح شرعى
الجواب
اطلعنا على السؤال .
ونفيد بأنه إذا كانت البنت قد رضعت من شقيقة من تزوجها فى مدة الرضاع وهى سنتان على مذهب الصاحبين المفتى به كانت محرمة عليه وكان عقد زواجها منه فاسدا لأنها بنت أخته رضاع والله أعلم
ــــــــــــــ
رضاع غير محرم
المفتي
عبد المجيد سليم .
ذى الحجة 1353 هجرية - 10 من مارس 1935 م
المبادئ(12/297)
إذا لم ترضع المرأة من والدة من يريد التزوج بها ولكن رضع منها أخوة لها آخرون كما لم يرضع هو من والدتها ولا إخوة له فيجوز شرعا زواج الشخص المذكور من أخت أخوته رضاعا ولا شىء فى ذلك
السؤال
من م ر بالآتى ، إن لى ابنة عم أرغب الاقتران بها ولكن حال دون ذلك أمر وهو أن للمذكورة إخوة أكبر وأصغر منها قد رضعوا جميعا من والدتى عدا هى فإنها لم ترضع هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن والدتها لم تقم برضاعتى أنا ولا أخواتى مطلقا .
فهل يجوز شرعا الاقتران بمن لم ترضع . أم هناك موانع بسبب أن والدتى قامت برضاعة أخواتها أصغر وأكبر منها نرجو أن تتكرموا بإعطاء الفتوى من واقع المذاهب الأربعة حتى يمكن الاقتران بها
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد بأنه يجوز شرعا زواج الشخص بأخت إخوته رضاعا .
فمتى كان الأمر كما ذكر بالسؤال جاز للسائل أن يتزوج بالبنت المذكورة إذا لم يوجد شىء آخر يمنع من زواجه بها .
واللّه أعلم
ــــــــــــــ
ارضاع بعد مدته
المفتي
عبد المجيد سليم .
جمادى الثانية 1356 هجرية - 18 من اغسطس 1937 م
المبادئ
الإرضاع بعد انتهاء مدته لا يتعلق به التحريم
السؤال
شخص تزوج بأنثى، وبعد المعاشرة بسنتين علم أن والدته قد أرضعت زوجته المذكورة مرة واحدة فى غير سن الرضاع إذا كان سنها سنتين ونصف فما فوق وهى بنت عمته، فهل يستمر فى معاشرتها
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أن المرأة لا تحرم على زوجها مادام الرضاع بعد مضى مدته وهى سنتان على قول الصاحبين وهو الأصح المفتى به وسنتان ونصف عند أبى حنيفة
ــــــــــــــ
رضاع محرم
المفتي
عبد المجيد سليم .
صفر 1357 هجرية - 23 من ابريل 1938 م(12/298)
المبادئ
يحرم على الرجل التزوج من خالته رضاعا
السؤال
أريد الزواج من فتاة رضعت والدتى من أمها على أختها الكبرى وأفتانى بعضى الفقهاء أنها محرمة على وأنا أريد إتمام هذا الزواج وقد أفتانى عالم أن الآية الكريمة حرمت علينا الزواج من خالاتنا ولكنها لم تذكر أخوات الخالات ولذلك فإنى قبل أن أقدم على هذا الزواج أرجو إفتائى فى هذا الموضوع
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أنه متى كانت والدة السائل قد رضعت من والدة الفتاة وهى - أى والدته - فى سن الرضاع وهى سنتان على قول الصاحبين وهو الأصح المفتى به كانت والدته بنتا لمن أرضعتها وكانت بنات من أرضعتها أخوات لها رضاعا وخالات رضاعا لجميع أولادها .
فلا يحل لولد من أولاد من رضعت أن يتزوج بأية بنت من بنات من أرضعتها لأنها حالته رضاعا .
ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب كما جاء فى الحديث الشريف .
وحينئذ متى كان الحال كما ذكر لم يحل للسائل أن يتزوج بأية بنت من بنات من أرضعت أمه .
وهذا على إطلاقة مذهب الحنفية القائلين بأن قليل الرضاع وكثيرة سواء فى إيجاب التحريم وبهذا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر واللّه أعلم
ــــــــــــــ
رضاع غير محرم شرعا
المفتي
عبد المجيد سليم .
ربيع الثانى 1358 هجرية - 30 من مايو 1939 م
المبادئ
يحل للرجل أن يتزوج من أخت أخيه رضاعا كما يحل له التزوج من أخت أخيه نسبا
السؤال
لى بنت توفيت والدتها وعمرها ستة شهور وقامت بتربيتها شقيقتى على ثديها ولشقيقتى بنت كبيرة خلاف شريكة بنتى فى الرضاعة أريد زواجها لابنى فهل يجيز الشرع ذلك أم لا
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أن مجرد رضاع أخت الشخص من امرأة لا يحرم زواج هذا الشخص من أية بنت من بنات من أرضعت أخته لأنهن وإن يكن أخوات رضاعة لأخته فهذا غير(12/299)
مانع من زواجه بواحدة منهن لما نص عليه الفقهاء من أنه يحل للرجل أن يتزوج أخت أخيه رضاعا كما يخل له أن يتزوج أخت أخيه نسبا .
وبهذا علم أن للسائل أن يتزوج ابنه من ابنة شقيقته الكبرى إذا لم يكن هناك شىء آخر يمنع من زواجه بها .
وبهذا علم الجواب عن السؤال متى كان الحال كما ذكر واللّه أعلم
ــــــــــــــ
رضاع محرم
المفتي
عبد المجيد سليم .
جمادى الأولى 1358 هجرية - 11 من يوليو 1939 م
المبادئ
لا يجوز للرجل أن يتزوج من ابنة أخيه لأبيه رضاعا
السؤال
من م س ع قال رجل تزوج امرأتين الأولى تسمى سدينه والثانية تسمى كاملة .
الأولى وضعت ولدا يسمى عبد الجليل ثم توفيت .
وعبد الجليل هذا بلغ سن الرشد وتزوج ورزق ببنت تسمى باهية ثم إن كاملة هذه قد أرضعت ابن أخيها فهل ابن أخيها الذى أرضعته يجوز له أن يتزوج بنت عبد الجليل التى تسمى باهية
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أنه إذا كان اللبن الذى أرضعت به سدينه عبد الجليل من زوجها بأن كان هذا اللبن نزل منها بسبب ولادتها من الزوج المذكور .
وكان اللبن الذى أرضعت به كاملة ابن أخيها من هذا الزوج بالصفة المذكورة .
وكان رضاع عبد الجليل من سدينه ورضاع ابن أخ كاملة منها وهما فى سن الرضاع وهى سنتان على مذهب الصاحبين والأصح المفتى به كان عبد الجليل وابن أخ كاملة الذى أرضعته أخوين من الأب رضاعا .
فلا يجوز أن يتزوج ابن أخ كاملة هذا من بنت عبد الجليل لأنها ابنة أخيه من الأب رضاعا .
وهذا على إطلاقه مذهب الحنفيه القائلين بأن قليل الرضاع وكثيره سواء فى إيجاب التحريم وبهذا علم الجواب عن السؤال واللّه أعلم
ــــــــــــــ
رضاع محرم
المفتي
عبد المجيد سليم .
جمادى الأولى 1358 هجرية - 11 يوليو 1939 م
المبادئ
لا يجوز للرجل أن يتزوج من بنت ابن أخته من الأب رضاعا(12/300)
السؤال
من شخص قال رضع مصطفى من أخته سيدة التى أرضعتها زوجة عمها سعده ، العم أنجب ولدا من سيدة أخرى بعد وفاة سعدة فهل لهذا الولد أن يتزوج ابنة مصطفى مع العلم أن تمام هذه المصاهرة سيوجد ثمرات ويجمع شمل عائلة كل تراثها كان فى مجدها الدينى وانقضى هذا المجد بوفاة شيوخها ولم يبق إلا شبابها المثقف ثقافة مدنية ويأملون أن يوفقوا لإعادة مجد عائلتهم بوحدتهم وتضافرهم
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أنه إذا كان رضاع سيدة أخت مصطفى من سعدة زوجة عمها من لبن نزل من سعده بسبب ولادتها من ذلك العم وكان رضاع سيدة من سعده وهى فى سن الرضاع وهى سنتان على قول الصاحبين وهو الأصح المفتى به كانت سيدة هذه أختا من الأب لابن عمها الذى رزق به من زوجة أخرى .
فإذا كان رضاع مصطفى من أخته سيدة وهو فى سن الرضاع التى بيناها لم يجز لولد العم هذا أن يتزوج من ابنة مصطفى لأنها بنت ابن أخته من الأب رضاعا .
وهذا على إطلاقه مذهب الحنفية القائلين بأن قليل الرضاع وكثيره سواء فى إيجاب التحريم .
وبهذا علم الجواب عن السؤال . واللّه أعلم
ــــــــــــــ
رضاع
المفتي
عبد المجيد سليم .
جمادى الأولى 1358 هجرية - 11 يوليو 1939 م
المبادئ
1 - مذهب الحنفية أن قليل الرضاع وكثيره سواء فى إيجاب التحريم متى تم فى مدته .
أما الإمام الشافعى فيرى أنه لا تحريم إلا من خمس رضعات عرفا فى مدته أيضا والمدة فى كلا المذهبين سنتان على المفتى به من مذهب الصالحين من الحنفية .
2 - لابد عند الشافعية من التيقن من أن الرضعات كانت خمسا فلو كان هناك شك فى العدد فلا تحريم عندهم لأن الأصل عندهم عدم كونها خمسا إلا أنه ورد فى تحفة المحتاج لابن حجر ما معناه أنه وإن كان لا تحريم عند الشك إلا أن الزواج فى هذه الحالة يكون مكروها تورعا
السؤال
من رجل قال ما قولكم دام فضلكم فى رجل رضع من عمة والده ورزقت العمة بأربع بنات وولد وكانت رضاعة الرجل مع وسطى البنات ورزقت كبرى بنات العمة ببنت ويريد الرجل أن يتزوج ببنت كبرى البنات ولا يعرف من طريق التعيين عدد الرضعات وهل كانت الرضعات متفرقات أم غير متفرقات أو مشبعات أو غير مشبعات وذلك لوفاة العمة التى أرضعت إلى رحمة اللّه تعالى .(12/301)
فهل يجوز شرعا أن يتزوج الرجل بهذه البنت على مذهب الإمام الشافعى رضى اللّه تعالى عنه
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أن مذهب الحنفية أن قليل الرضاع وكثيره سواء فى إيجاب التحريم متى كان الرضاع فى مدته وهى سنتان على مذهب الصاحبين وهو الأصح المفتى به .
ومذهب الإمام الشافعى رحمه اللّه أن المحرم من الرضاع ما كان خمس رضعات عرفا فى مدته وهى سنتان .
ولابد من تيقن كون الرضعات لا تقل عن خمس .
فلو شك فى كونها خمسا أو أقل فلا تحريم لأن الأصل عدم كونها خمسا .
إلا أنه قد جاء فى تحفة المحتاج لابن حجر ما معناه أنه وإن كان لا تحريم عند الشك فيما ذكر فالزواج فى هذه الحالة مكروه تورعا .
يراجع كتاب الرضاع من تحفة المحتاج لابن حجر .
وبذلك علم الجواب عن السؤال على مذهب الإمام أبى حنفية ومذهب الإمام الشافعى رحمهما الله والله أعلم
ــــــــــــــ
رضاع الآيسة يتعلق به التحريم
المفتي
عبد المجيد سليم .
رجب 1358 هجرية - 17 من أغسطس 1939 م
المبادئ
متى كان الإرضاع فى مدته تعلق به التحريم ولو بعد الفطام والاستغناء بالطعام ولو كانت المرضعة آيسة على ما هو ظاهر المذهب وعليه الفتوى
السؤال
ورد كتاب من محكمة بنى سويف الإبتدائية الشرعية ومعه كتاب ورد إلى هذه المحكمة من محكمة ببا الشرعية ومرافقه عريضة مقدمة لمحكمة ببا من م أ م قال فيها توفيت والدتى وعمرى سنة ونصف تقريبا وبعد والدتى كنت فى حضانة جدتى لأبى وكان سنها أكثر من سبعين سنة وكانت جدتى المذكورة تطعمنى بالطعام وكنت أكتفى به عن الرضاع ولكنها كانت تحملنى على ثديها بقصد الحنان فنزل لها اللبن وشربت منه ثم إنها خلفت عزيزه و عزيزه خلفت فردوس والآن أريد أن أتزوج بفردوس والآن أريد أن أتزوج بفردوس .
وهذه المعلومات المذكورة ثابتة بشهادة م. د و م وغيرهما من النساء والنص فى مذهب الإمام مالك يقضى بأن الطفل إذا كان يستغنى بالطعام عن اللبن بحيث لو رضع اللبن لا يستغنى عن الطعام فإن الرضاع لا يحرم حينئذ ومأذون الناحية ببلدنا ممتنع عن إجراء العقد وبناء عليه حيث إن النص مذهب مالك يحلها لى فألتمس من فضيلتكم إصدار أمركم الكريم إلى المأذون لإجراء العقد
الجواب(12/302)
اطلعنا على كتاب المحكمة المؤرخ 25 يولية سنة 1939 وعلى الطلب المقدم من م أ م إلى محكمة ببا الشرعية .
ونفيد أن الطالب لا يطلب بيان الحكم الشرعى فى الحادثة .
وإنما يطلب أمر المأذون بإجراء العقد لما جاء فى عريضته .
وهذا الطلب ليس من اختصاص دار الإفتاء النظر فيه . ومع هذا فمذهب الحنفية فى الحادثة أن الرضاع متى كان فى مدة السنتين محرم ولو بعد الفطام والاستغناء بالطعام ولو كانت المرضعة آيسة على ما هو ظاهر المذهب وعلى ذلك الفتوى وهو المعتمد .
نعم جاء فى رد المختار نقلا عن شرح الزيلعى ما نصه ( وذكر الخصاف أنه إن فطم قبل مضى المدة واستغنى بالطعام لم يكن رضاعا .
وإن لم يستغن ثبتت به الحرمة وهو رواية عن أبى حنيفة رحمه اللّه وعليه الفتوى انتهى - لكن ما جاء فى الزيلعى خلاف المعتمد فى المذهب لأن الفتوى متى اختلفت رجح ظاهر الرواية .
يراجع شرح الدر المختار من باب الرضاعة مع حاشية رد المختار
ــــــــــــــ
شهادة المرأة بالرضاع
المفتي
عبد المجيد سليم .
محرم 1359 هجرية - 26 من فبراير 1940 م
المبادئ
يثبت التحريم بشهادة المرأة الواحدة بالرضاع إذا صادقها الزوجان على ذلك
السؤال
منذ سنتين تزوج رجل بنت خالته بمعاشرة عادلة شرعية حتى الآن ولى والدة كذلك بتوفيق ومودة بيننا جميعا واعتيد الصدق والثقة مع والدتى ومودتها لزوجتى وأخبرتنى والدتى الآن أنى رضعت من جدتى لأمى وهى أم لخالتى التى معى بنتها فهل يكون النكاح معتبرا به شرعا أو للقاضى الشرعى التفرقة ويكون الماضى وطء شبهه على أن لا تناسل الآن بيننا
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أنه جاء فى المبسوط بصفحتى 302 و 303 من الجزء الثلاثين ما نصه ( وإذا تزوج امرأة فشهدت امرأة أنها أرضعتهما فهذه المسألة على أربعة أوجه، إما أن يصدقها الزوجان أو يكذباها أو يصدقها الزوج دون المرأة أو المرأة دون الزوج .
فإن صدقاها وقعت الفرقة بينهما لا بشهادتها بل بتصادق الزوجين على بطلان النكاح بينهما .
فإن كان ذلك قبل الدخول بها فلا مهر لها ولا عدة عليها .(12/303)
وإن كان بعد الدخول فلها مقدار مهر مثلها من المسمى لأنهما تصادقا على أنه دخل بما يشبه النكاح من غير عقد صحيح فيجب الأقل من المسمى ومن مهر المثل وعليها العدة وإن كذباها فى ذلك فهى امرأته على حالها .
وقد بينا هذا الاستحسان والنكاح . وإن بشهادة المرأة الواحدة على الرضاع لاتتم حجة الفرقة عندنا إلا أنه يستحب له من طريق التنزه أن يفارقها إذا وقع فى قلبه أنها صادقة لقوله صلى اللّه عليه وسلم ( كيف وقد قيل ) فإن كان قبل الدخول طلقها وأعطاها نصف المهر وإن كان بعد الدخول أعطاها كمال المسمى .
والأولى ألا تأخذ منه شيئا قبل الدخول وبعد الدخول لاتأخذ الزيادة على مهر مثلها بل تبرىء الزوج من ذلك .
وإن صدقها الزوج وكذبتها المرأة فإنه تقع الفرقة بينهما بإقرار الزوج لأنه أقر بحرمتها على نفسه وهو يملك أن يحرمها على نفسه وعليه نصف المهر إن كان قبل الدخول وجميع المسمى إن كان بعد الدخول .
وإن صدقتها المرأة دون الزوج فهى إمرأته على حالها أنها أقرت بالحرمة وليس فى يدها من ذلك شىء إلا أنها إذا علمت صدقها فى ذلك فإنه ينبغى لها ألا تمكنه من نفسها ولكن تفدى نفسها بمال فتختلع منه .
وإن شهد رجلان أو رجل وامرأتان بالرضاع لم يسعهما أن يقيما على النكاح بعد ذلك لأنهما لو شهدا بذلك عند القاضى فرق بينهما وكذلك إذا شهدا به عند النكاح ولا فرق فى الفصلين بين أن تكون الشهادة بعد عقد النكاح أو قبله بتصحيح التحريف المطبعى .
ومن هذا يعلم أن أم الزوج إذا كانت قد أخبرته برضاعه من والدتها التى هى جدته وجدة زوجته لأم وكان وقت أن رضع منها فى سن الرضاع وهى سنتان على قول الصالحين وهو الأصح المفتى به فإن صدقها بالقول بأن أقر بأنه رضع من جدته المذكورة على الوجه السابق لم يحل له الإقامة مع زوجته لأنها بنت أخته رضاعا ووجب على القاضى التفريق بينهما إن لم يفارقها .
الزوج وكان العقد السابق عقدا فاسدا والوطء فيه وطء بشبهة .
أما إذا لم يصدقها بالقول فالزوجية باقية بينهما وحل له الإقامة مع زوجته إلا أنه يستحب له أن يفارقها إذا وقع فى قلبه صدق والدته فيما أخبرت به من الرضاع المحرم .
وهذا كله مالم يثبت الرضاع المحرم بحجة كاملة وهى شهادة رجلين أو رجل وامرأتين عدول فإن ثبت بذلك وجب عليه المتاركة بالقول .
ووجب على القاضى التفريق إن لم يفارقها الزوج . وكان العقد السابق فاسدا والوطء فيه وطء يشبهه كذلك هذا والحرمة بالرضاع ثبتت عند الحنفية بقليل الرضاع وكثيره متى كان فى مدته التى بينا ما عليه الفتوى فيها .
وبهذا علم الجواب عن السؤال متى كان الحال كما ذكر واللّه أعلم
ــــــــــــــ
رضاع محرم
المفتي(12/304)
عبد المجيد سليم .
جمادى الثانية 1361 هجرية - 2 يوليو 1942 م
المبادئ
1 - إذا رضع الزوجان من امرأة واحدة فى مدة الرضاع وهى سنتان على المفتى به كان العقد بينهما فاسدا ويجب عليهما المتاركة فإن لم يتم ذلك وثبت الرضاع بينهما عند القاضى فرق بينهما .
2 - يثبت الرضاع برجلين عدلين أو رجل وامرأتين كذلك أو بإقرار الزوج به
السؤال
سأل ا ا ع قال تزوج محمود بأمينة وعلمت يقينا أن محمود رضع هو وأمينة من نفيسة وهى امرأة عم الزوج وامرأة خال الزوجة وهى وزوجها يشهدان بتعدد مرات الرضاع .
فهل تحرم أمينة الزوجة على محمود الزوج أم لا وإذا كانت تحرم فما حكم الشرع فى عقد النكاح الذى تم من عشر سنوات - ملحوظة - أم الزوج محمود شهدت هى الأخرى بصحة، ووقوع هذا الرضاع ولا زالت على قيد الحياة للأن
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أنه إذا كان كل من الزوجين المذكورين قد رضع من نفيسة المذكورة فى مدة الرضاع وهى سنتان على ما هو الأصح المفتى به لم يحل له التزوج بها شرعا لأنها أخته رضاعا - لكن لا يثبت هذا الرضاع على مذهب الحنفية إلا بإقرار الزوج أو بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين عدول .
فإذا ثبت الرضاع بالإقرار المذكور أو بهذه الشهادة تبين أن عقد الزواج عقد فاسد فيجب عليهما المتاركة بالقول .
فإن لم تحصل هذه المتاركة وثبت هذا الرضاع عند القاضى بما ذكر وجب أن يفرق بينهما .
وبهذا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر .
واللّه تعالى أعلم
ــــــــــــــ
رضاع غير معلوم العدد
المفتي
حسنين محمد مخلوف .
جمادى الآخرة 1367 هجرية - 14 من ابريل 1948 م
المبادئ
ما لم يتيقن عدد مرات الرضاع خمس أو أكثر ووقع الشك فى ذلك لم يثبت التحريم لأن الأصل المتيقن عدم التحريم فلا يزول بالشك على المفتى به
السؤال
تقدم شخص لخطبة بنت خالته فعلم أن أمها أرضعته فلما استوضح الموضوع قررت خالته أنها على ما تتذكر أرضعته مرة واحدة فقط .(12/305)
وقررت والدته أن كل ما تعلمه أن خالته أرضعته ولكن حالة المرض لم تكن تسمح لها بمعرفة عدد الرضعات إلا أنها تعلم أن خالته كانت تتردد عليهم فى ذلك الوقت .
وقرر آخرون ممن كانوا يتصلون بهم فى ذلك الوقت أنهم سمعوا أن خالته أرضعته بسبب مرض والدته ولكنهم لا يعرفون عدد الرضعات .
فما الحكم الشرعى
الجواب
إنه برضاع السائل المذكور من خالته فى مدة الرضاع وهى سنتان على ما هو الأصح المفتى به حرمت عليه بنتها لأنها أخته رضاعا وهذا على مذهب من يقول إن قليل الرضاع وكثيره سواء فى إيجاب التحريم وهم الإمام أبو حنيفة وأصحابه والإمام مالك والإمام أحمد فى رواية عنه .
أما على مذهب الشافعية والظاهر من مذهب الحنابلة من أن الرضاع المحرم ما كان خمس رضعات متفرقات فى مدته فلا تحرم هذه البنت على السائل مالم يتيقن برضاعه من أمها خمس رضعات أو أكثر .
فإذا وقع الشك فى عدد مرات الرضاع هل هى أقل من خمس أو خمس فأكثر لم يثبت التحريم لأن الأصل المتيقن عدم التحريم فى يزول بالشك كما لو شك فى وجود الطلاق وعدده كما فى المغنى لابن قدامة الحنبلى وكتب الشافعية .
وعلى ذلك يصح للسائل أن يتزوج بالبنت المذكورة على هذا المذهب وهو الأوفق فيما عمت فيه بلوى الرضاع .
واللّه تعالى أعلم
ــــــــــــــ
رضاع محرم
المفتي
حسن مأمون .
محرم 1375 هجرية - 8 سبتمبر 1955 م
المبادئ
برضاع أم الخاطب من أختها (خالته) تكون بنتا لها رضاعا، وتكون بنت خالته نسبا أختا لأمه رضاعا وخالة له هو رضاعا، ولذا لا يجوز له التزوج بها، حيث يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
السؤال
من السيد/ م ع ل قال إنى أرغب فى الزواج من ابنة خالتى ولكن أمى رضعت من خالتى، فهل تحل لى بنت خالتى المذكورة أم لا
الجواب
تبين من الاطلاع على الاستفتاء أن أم السائل رضعت من خالته فتكون بنتا لها رضاعا، وتكون بنت خالته المذكورة نسبا أختا لأمه رضاعا وخالة له هو رضاعا، ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
ومن المحرمات نسبا الخالة، فتحرم الخالة من الرضاع كما تحرم من النسب، وكون الرجل الذى رزقت منه خالته نسبا بالبنت التى يريد الزواج منها خلاف الرجل الذى(12/306)
كان متزوجا بها وقت إرضاعها أمه لا يمنع من أن جميع بنات خالته المذكورة يعتبرن له خالات رضاعا، لأن المنصوص عليه أن جميع أولاد المرضعة من زوجها ومن غيره وجميع أولاد الرجل الذى انتسب الحمل إليه من المرضعة وغيرها اخوة المرتضع وأخواته وأولاد أولادها أولاد إخوته وأخواته وإن نزلت درجتهم، وعليه لا يحل للسائل أن يتزوج من بنت خالته المذكورة التى هى خالته من الرضاع وهذا على إطلاقه مذهب الحنفية القائلين بأن قليل الرضاع وكثيره فى سن الرضاع وهو سنتان على القول المفتى به سواء فى إيجاب التحريم وهو أيضا مذهب الإمام مالك وإحدى الروايات عن الإمام أحمد أما مذهب الشافعية وهو إحدى الروايات عن الإمام أحمد فإن الرضاع المحرم ما كان خمس رضعات مشبعات متفرقات فى مدة الرضاع، فإذا كانت مرات رضاع أمه من خالته أقل من خمس فإنه يحل له أن يتزوج بنت خالته المذكورة على مذهب الشافعية الأخير، وإذا كانت مرات الرضاع خمسا فأكثر فلا تحل .
وبهذا علم الجواب عن السؤال . والله تعالى أعلم
ــــــــــــــ
رضاع محرم
المفتي
حسن مأمون .
محرم 1375 هجرية - 1 سبتمبر 1955 م
المبادئ
رضاع العم من أم الخاطب فى سن الإرضاع يصير به أخا له من الرضاع، وتكون بنت عمه هى بنت أخيه رضاعا، ويحرم عليه التزوج بها
السؤال
من السيد/ ك ص م قال لى عم رضع من أمى هل تحل ابنته زوجة لى
الجواب
بأنه برضاع عم السائل من أمه فى سن الرضاع وهو سنتان على القول المفتى به يصير عمه المذكور أخا له من الرضاع، وتكون بنت عمه بنت أخيه رضاعا، وكما تحرم بنت الأخ نسبا تحرم بنت الأخ رضاعا، وعلى هذا لا يحل للسائل أن يتزوج بنت عمه المذكور التى هى بنت أخيه رضاعا وهذا على إطلاقه مذهب الحنفية القائلين بأن قليل الرضاع وكثيره سواء فى إيجاب التحريم وهو أيضا مذهب الإمام مالك وإحدى الروايات عن الإمام أحمد، أما مذهب الشافعية وهو إحدى الروايات عن الإمام أحمد فإن الرضاع المحرم ما كان خمس رضعات مشبعات متفرقات فى مدة الرضاع، فإذا كانت مرات رضاع العم أقل من خمس فإنه يحل للسائل أن يتزوج بنته التى هى بنت أخيه رضاعا على مذهب الشافعية الأخير وإذا كانت مرات الرضاع خمسا فأكثر فلا تحل .
وبهذا علم الجواب عن السؤال . والله أعلم
ــــــــــــــ
رضاع غير محرم(12/307)
المفتي
حسن مأمون .
صفر 1375 هجرية - 9 أكتوبر 1955 م
المبادئ
1- برضاع ابن بنت عم الرجل من أمه فى سن الإرضاع يكون أخا له من الرضاع، فإن كان لمن رضع أخت من رجل آخر لم ترضع من أمه ولم يرضع هو معها من امرأة واحدة فلا تحريم بينهما، ويحل لكل منهما الزواج من الآخر .
2- أخت الأخت تحل سواء أكانت من الإرضاع أو من النسب
السؤال
من السيد/ ن ع ص قال إن بنت عمه كانت متزوجة من رجل ورزقت منه بولد رضع من أم السائل ومات، ثم طلقت بنت عمه من زوجها وتزوجت بآخر، وأنجبت منه بنتا يريد السائل أن يتزوجها - فما حكم الشرع
الجواب
إن رضاع ابن بنت عم السائل المتوفى من أم السائل يجعله أخا من الرضاع للسائل، وما دامت بنت بنت عمه التى رزقت بها من زوجها الآخر لم ترضع من أمه ولم يرضع هو معها من امرأة واحدة رضاعا محرما فلا تحريم بينهما لعدم وجود سببه وقد نص الفقهاء على أن أخت الأخ تحل سواء أكانت أختا من الرضاع أو النسب .
وعلى ذلك فإنه يحل للسائل العقد على بنت بنت عمه المذكورة إذا لم يكن هناك مانع آخر غير رضاع أخيها لأمها المتوفى من أم السائل .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ــــــــــــــ
رضاع محرم
المفتي
حسن مأمون .
صفر 1375 هجرية - 9 أكتوبر 1955 م
المبادئ
برضاع بنت عم الرجل من والدته فى سن الإرضاع تكون بنتا لها رضاعا وأختا لجميع أولادها رضاعا، كما تحرم الأخت نسبا تحرم الأخت رضاعا
السؤال
من السيد/ ط م ك قال إن بنت عمه رضعت من والدته مع أخيه الصغير عدة رضعات متفرقات وقد قررت والدته أن عدد الرضعات بالتقريب خمس رضعات .
فهل يجوز للسائل أو أحد إخواته التزوج بالبنت المذكورة
الجواب
بأنه برضاع بنت عم السائل من والدته فى سن الرضاع وهو سنتان على القول المفتى به تكون بنتا لها رضاعا، وتكون أختا من الرضاع لجميع أولادها، سواء منهم من رضع معها فى وقت واحد أو من رضع قبلها أو بعدها، وكما تحرم الأخت نسبا تحرم الأخت رضاعا .(12/308)
وعلى هذا لا يحل للسائل ولا لأحد إخوته أن يتزوج بنت عمه المذكورة، وهذا على إطلاقه مذهب الحنفية القائلين بأن قليل الرضاع وكثيره سواء فى إيجاب التحريم، وهو أيضا مذهب الإمام مالك وإحدى الروايات عن الإمام أحمد، أما مذهب الشافعية وهو إحدى الروايات عن الإمام أحمد فإن الرضاع المحرم ما كان خمس رضعات مشبعات متفرقات فى مدة الرضاع، فإذا كانت مرات رضاع البنت المذكورة أقل من خمس أو وقع الشك فى عددها حل للسائل وإخواته التزوج من البنت المذكورة على مذهب الشافعية الأخير، أما إذا كانت مرات الرضاع خمس رضعات متيقنات فأكثر فلا تحل .
وبهذا علم الجواب عن السؤال .
والله أعلم
ــــــــــــــ
رضاع غير محرم
المفتي
حسن مأمون .
شعبان 1376 هجرية - 25 مارس 1957م
المبادئ
الأختان اللتان أرضعت كل منهما أولاد الأخرى فى البطن الأول ثم فى البطن الثانى .
أما فى البطن الثالث فلم ترضع أى منهما أولاد الأخرى - يجوز لولد أيهما من البطن الثالث الزواج من بنت الأخرى مادام الحال كذلك ولم يرضعا معا من امرأة أجنبية ، لأنه يحل للرجل أن يتزوج أخت أخيه رضاعا ونسبا
السؤال
من السيد / ص م أ قال إن أخوين شقيقين من أختين شقيقتين وقد أرضعت كل من الزوجتين ولدى الأخرى فى البطن الأول والبطن الثانى، وفى البطن الثالث لم ترضع واحدة منهما ولد الأخرى - وطلب السائل الإفادة عما إذا كان يحل لولد البطن الثالث لأحد الأخوين أن يتزوج ببنت البطن الثالث لأخيه أم لا يحل ذلك الزواج
الجواب
إنه مادام أن ابن أحد الأخوين وبنت الأخ لآخر فى البطن الثالث لم يرضعا معا من امرأة أجنبية ولم يرضع الولد من أم الفتاة ولم ترضع الفتاة من أم الولد فيجوز لذلك الولد أن يتزوج من تلك الفتاة، وكون كل منهما أخا من النسب لإخوة الآخر من الرضاع لا يوجب التحريم بينهما، لأنه يحل للرجل شرعا أن يتزوج أخت أخيه رضاعا ونسبا وبهذا علم الجواب عن السؤال .
والله أعلم
ــــــــــــــ
رضاع محرم من جهة الأب
المفتي(12/309)
حسن مأمون .
جمادى الآخرة 1378 هجرية - 13 سبتمبر 1959م
المبادئ
1- لبن الفحل يتعلق به التحريم عند عامة الفقهاء ومنهم الشافعى فى أحد قوليه .
2- بإرضاع الزوجة صبية فإنها تحرم به على زوجها وآبائه وأبنائه وإخوته وأعمامه لأنهم أعمام الأب وأولاده من غيرها لأنهم إخواتها لأب .
3- لو كان لرجل زوجتان وولدتا منه فأرضعت كل منهما صغيرا صارا أخوين لأب من الرضاع، فإن كان أحدهما أنثى لا يحل له الزواج بالآخر، وإن كانا أنثتين لا يحل الجمع بينهما .
4- برضاع الصغير من زوجة جده لأبيه يصير به ابنا لها ولزوجها رضاعا واخا لجميع أولاد جده رضاعا سواء منهم من كان من زوجته أو من زوجة أخرى
السؤال
تضمن السؤال أن ع ر م رضع قبل الفطام من زوجة جده لأبيه ولا يعلم عدد الرضعات، وأن له .
عما شقيقا من زوجة أخرى له بنت يريد ع .
أن يتزوج منها وسأل عن الحكم
الجواب
المنصوص عليه شرعا أن عامة العلماء ومنهم الشافعى فى أحد قوليه ذهبوا إلى أن لبن الرجل يتعلق به التحريم، وخالف نفر يسير منهم الشافعى فى أحد قوليه - فقد جاء فى الهداية ( ولبن الفحل يتعلق به التحريم وهو أن ترضع المرأة صبية فتحرم هذه الصبية على زوجها وعلى آبائه وأبنائه ويصير الزوج الذى نزل لها منه اللبن أبا للمرضعة وفى أحد قولى الشافعى لبن الفحل لا يحرم ) وعلق صاحب الفتح على هذه العبارة بقوله( يعنى اللبن الذى نزل من المرأة بسبب ولادتها من زوج يتعلق به التحريم بين من أرضعته وبين ذلك الرجل، بأن يكون أبا للرضيع فلا تحل له إن كانت صبية لأنه أبوها ولا لإخوته لأنهم أعمامها، ولا لآبائه لأنهم أجدادها ولا لأعمامه لأنهم أعمام الأب ولا لأولاده وإن كانوا من غير المرضعة لأنهم إخواتها لأبيها ) إلخ، وقال صاحب مجمع الأنهر ضاربا المثل للتحريم بلبن الرجل (وصورته أن ترضع المرأة صبية فتحرم هذه الصبية على زوجها صاحب اللبن وعلى آبائه وأبنائه كما فى النسب، حتى لو كان لرجل امرأتان وولدتا منه فأرضعت كل واحدة منهما صغيرا صارا أخوين لأب فإن كان أحدهما أنثى لا يحل مناكحته الآخر وإن كانا أنثتين لا يحل الجمع بينهما) فهذه النصوص تدل على أن الراضع من إحدى الزوجتين لرجل ما - ذكرا كان الراضع أو أنثى - يصبح بالرضاع ابنا لزوجهما رضاعا وأخا لجميع أولاده من الزوجتين من الرضاع .
فإذا كان لزوجهما رضاعا وأخا لجميع أولاده من الزوجتين من الرضاع .
فإذا كان رضاع عبدالرحيم من زوجة جده لأب - زكية - فى سن الرضاع وهى سنتان على قول الصاحبين والشافعى - الأصح المفتى به يصبح برضاعه منها ابنا(12/310)
لها ولزوجها من الرضاع وأخا لجميع أولاد زوجها رضاعا سواء من كان منهم من زوجته زكية ومن كان من زوجته الأخرى ومنهم حسن بن س .
عم عبدالرحيم الشقيق . وبذا لا يحل لعبد الرحيم أن يتزوج من بنت عمه الشقيق حسن لأنها بنت أخيه رضاعا وهى محرمة عليه حرمة بنت أخيه نسبا .
وهذا على اطلاقه مذهب الحنفية والمالكية القائلين بأن قليل الرضاع وكثيره سواء فى إيجاب التحريم وهو أيضا رواية عن الإمام أحمد، أما على مذهب الشافعية فى قوله بالتحريم بلبن الفحل والرواية الأخرى عن الإمام أحمد فإن الرضاع المحرم ما كان خمس رضعات متفرقات مشبعات فى مدة الرضاع السابقة فإذا كان رضاع عبدالرحيم من زكية بلغ خمس مات فأكثر على الوجه السابق كانت بنت عمه حسن محرمة عليه أيضا على هذا المذهب، لأنها بنت أخيه رضاعا، أما إذا كانت رضاعته من زكية أقل من خمس رضعات أو كانت بعد تجاوز سنه العامين فإنه لا يتعلق بها التحريم بناء على هذا المذهب الأخير الذى اخترناه للفتوى فى هذا الأمر الذى عمت فيه البلوى بين الناس .
والله أعلم
ــــــــــــــ
رضاع محرم
المفتي
حسن مأمون .
رمضان 1379 هجرية - 20 مارس 1960 م
المبادئ
رضاع أخت زوجته منها تصير به بنتا لزوجته وبنتا أيضا لزوجها رضاعا ولا يجوز له التزوج منها لأنها بنته رضاعا
السؤال
من السيد / م ص ك قال أن أخت زوجته رضعت من زوجته أكثر من خمس رضعات حتى فطمت، وقد توفيت زوجته ويريد أن يتزوج من أختها المذكورة التى رضعت من زوجته، وسأل عن الحكم
الجواب
إنه برضاع أخت زوجة السائل من أختها (زوجته) القدر المذكور وهى فى سن الرضاع تصبح الراضعة بنتا لأختها التى أرضعتها وبنتا لزوجها - السائل - من الرضاع ومن ثم لا يجوز له أن يتزوج منها لأنها محرمة عليه حرمة بنته من النسب بإجماع الفقهاء .
والله أعلم
ــــــــــــــ
رضاع غير محرم، وزواج بنت من زنى بها
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
15 صفر 1400 هجرية - 3 يناير 1980 م(12/311)
المبادئ
1 - الزنا يوجب حرمة المصاهرة عند الحنفية ولا يوجبها عند غيرهم .
2 - الرضاع المحرم شرعا هو ما أنبت اللحم وأنشز العظم، بمعنى أن يكون بالمرضع لبن فعلا تغذى به الرضيع .
3 - متى كانت المرأة كبيرة فى السن ولم يكن بها لبن فعلا وإنما ألقمت الصغيرة ثديها لتشغلها عن البكاء فلا يتحقق بهذا العمل رضاع محرم
السؤال
بالطلب المتضمن أن السائل يريد أن يعرف حكم الشرع فى الأمرين الآتيين : 1 - رجل زنى بامرأة ثم بعد ذلك تاب إلى الله توبة نصوحا ثم تزوج ببنت المرأة التى زنى بها .
فهل تحل له هذه الزوجة أو لا تحل .
2 - رجل متزوج بامرأة مع أن أم هذا الزوج كانت قد أرضعت هذه الزوجة فى الصغر، وكانت هذه المرضعة وقت الإرضاع لا لبن عندها لكبر سنها، وإنما كانت تعطى هذه الرضيعة ثديها لتلهيها عن البكاء فقط فهل تحل هذه الزوجة لهذا الزوج أم لا
الجواب
1 - عن السؤال الأول اختلف الفقهاء فى زواج الرجل بابنة من زنى بها، فقال الحنفية إن الزنا يوجب حرمة المصاهرة بين أصول المزنى بها وفروعها، وبين أصول وفروع من زنى بها، فتحرم على الزانى أم المزنى بها وبنتها، وعلى ذلك فتكون هذه الزوجة محرمة على زوجها، ويجب عليهما أن يفترقا، فإن لم يفترقا طوعا رفع أمرهما إلى النيابة العامة لاتخاذ إجراءات التفريق بينهما جبرا - وهذا الرأى هو الجارى عليه القضاء تطبيقا للمذهب الحنفى، وذهب فقهاء المذاهب الأخرى إلى أن الزنا لا يوجب حرمة المصاهرة أصلا، وعلى هذا الرأى فلا تحرم الزوجة على زوجها فى هذه الواقعة، وهذا هو الذى نختاره للإفتاء لقوة دليله .
وعلى هذا الزوج تقوى الله والإخلاص له، والبعد عن العودة لهذا الجرم الكبير مع زوجته .
عن السؤال الثانى فإن الرضاع المحرم شرعا هو ما أنبت اللحم وأنشز العظم بمعنى أن يكون بالمرضع لبن فعلا تغذى به الرضيع، وأن يكون فى سن الرضاع وهو سنتان قمريتان، وألا يقل عن خمس رضعات مشبعات متفرقات متيقنات على ما جرينا عليه فى الفتوى .
وإذا كان صحيحا ما جاء فى السؤال من أن المرضعة كانت كبيرة فى السن ، ولم يكن بها لبن فعلا، وإنما كانت تلقم الطفلة ثديها لتشغلها عن البكاء فإن الرضاع محرم لا يتحقق شرعا بهذا العمل، ومن ثم فلا يترتب عليه بنوة الرضيع لهذه المرأة، وتبعا لهذا لا تحرم على زوجها لأنها لم تصر أختا له من الرضاع .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال إذا كان الحال كما ورد بهذا الطلب .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ــــــــــــــ(12/312)
رضاع غير محرم
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
20 شعبان 1400 هجرية - 3 يولية 1980 م
المبادئ
يحل للرجل الزواج من بنت أخ الأخ رضاعا، كما يحل له الزواج من بنت أخ الأخ نسبا
السؤال
بالطلب المتضمن أن السائل يرغب فى الزواج من فتاة، علما أن والد هذه الفتاة وأخ السائل قد اجتمعا معا فى الرضاعة على ثدى امرأة أجنبية، فهل والحالة هذه يحل للسائل أن يتزوج هذه الفتاة .
وبيان الحكم الشرعى فى ذلك
الجواب
تقضى نصوص الشريعة الإسلامية بأن الرضاع المحرم ما وقع فى مدته الشرعية وهى سنتان قمريتان من تاريخ الولادة على المفتى به .
وتصير المرضعة به أما من الرضاع لمن أرضعته، ويصبح جميع أولادها سواء منهم من رضع معه أو قبله أو بعده إخوة وأخوات له من الرضاع .
أما قدر الرضاع الموجب للتحريم وعدد مراته فموضع خلاف بين الفقهاء .
وفى هذا قال فقهاء مذهبى الإمامين أبى حنيفة ومالك وإحدى الروايات عن الإمام أحمد إن قليل الرضاع وكثيرة سواء فى التحريم .
وقال فقهاء مذهب الإمام الشافعى وأظهر الروايات عن الإمام أحمد إن الرضاع المحرم أقله خمس رضعات متفرقات متيقنات مشبعات .
ولما كانت خلاصة هذه الواقعة أن والد الفتاة التى يريد الشاب الزواج منها قد رضع مع أخ هذا الشاب من إحدى السيدات يكون والد هذه الفتاة أخا لمن رضع معه من الرضاع، وتكون ابنته بنت أخ من الرضاع للشاب الذى يرغب الزوج منها .
ولما كان يحل شرعا للرجل أن يتزوج من أخت أخيه نسبا ومن بنت أخ الأخ نسبا .
حل لذلك الرجل أن يتزوج بنت أخ الأخ رضاعا، ومن ثم يحل للشاب المسئول عنه أن يتزوج بنت أخ أخيه من الرضاع مادام والد الفتاة لم يجتمع مع هذا الشاب رضاعا على ثدى امرأة واحدة .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ــــــــــــــ
رضاع محرم
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
27 ذو الحجة 1400 هجرية - 5 نوفمبر 1980 م
المبادئ
لا يحل للرجل أن يتزوج بنت أختة نسبا أو رضاعا(12/313)
السؤال
الطلب المقدم من السيد / ف ح م الذى يطلب فيه بيان الحكم الشرعى فيما إذا كان يجوز له الزواج بابنة خالته التى تصغره بثمانى سنوات .
مع أنه قد رضع من جدته لأمه، وقد رضع أخ لبنت خالته هذه من جدته لأمه، وقال إنه لم يرضع هو أو أحد من إخوته من خالته، ولم ترضع بنت خالته أو أحد من إخوتها من أمه
الجواب
جرت قواعد الشريعة الإسلامية بأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب متى وقع الرضاع فى مدته الشرعية وهى سنتان قمريتان من تاريخ الولادة على المفتى به، إذ بالإرضاع تصير المرضعة أما من الرضاع لمن أرضعته، ويصبح جميع أولادها سواء منهم من رضع معه أو قبله أو بعده إخوة وأخوات له من الرضاع .
ثم اختلفت كلمة الفقهاء فى عدد ومقدار الرضاع الموجب للتحريم .
فقال فقهاء الحنفية والمالكية وإحدى الروايات عن الإمام أحمد إن قليل الرضاع وكثيره سواء فى التحريم، وقال فقهاء الشافعية وأظهر الروايات عن الإمام أحمد إن الرضاع المحرم أقله خمس رضعات متفرقات متيقنات مشبعات .
ولما كانت واقعة السؤال أن السائل قد رضع من جدته لأمه التى هى جدة الفتاة التى يريد الزواج منها لأمها أيضا .
وإذ كان هذا كان السائل ابنا من الرضاع لجدته لأمه وأخا من الرضاع لجميع أولادها ومنهم خالته أم الفتاة التى يريد الزواج منها، وصار جميع أولاد أولاد هذه الجدة أولاد إخوته وأخواته من الرضاع ومنهم الفتاة التى يريد الزواج منها، ولما كان لا يحل للرجل أن يتزوج بنت أخته نسبا لم يحل له أن يتزوج بنت أخته رضاعا، وهذا على إطلاقه حكم فقه المذهب الحنفى والمذهب المالكى ورواية عن الإمام أحمد، إذ عندهم قليل من الرضاع وكثيرة سواء فى التحريم متى وقع فى سن الرضاع، ولا يحل له الزواج منها كذلك فى قول فقهاء لمذهب الشافعى وأظهر الروايات عن الإمام أحمد إذا كانت مرات الرضاع بلغت خمسا، باعتبار أن القدر المحرم عند هؤلاء خمس رضعات فأكثر .
أما إذا لم تبلغ الرضعات هذا العدد أو لم تكن مشبعة ومتفرقة فإنها لا تكون محرمة عند هؤلاء ويحل للسائل التزوج منها .
هذا ولما كان الزواج لم يتم بعد، وكان حدوث الرضاع على هذا الوجه أمرا غير مجحود من السائل حرم عليه الزواج بهذه الفتاة فى قول فقهاء مذهب الإمامين أبى حنيفة ومالك ورواية عن الإمام أحمد باعتبارها صارت بنت أخته من الرضاع .
وقد قال بعض فقهاء مذهب الإمام الشافعى أيضا إنه إذا كان الرضاع ثابتا والخلاف فى قدر أو عدد الرضعات فقط كره الزواج .
وهذا ما نميل للأخذ به فى هذه الحالة احتياطا فى الدين .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ــــــــــــــ
رضاع(12/314)
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
14 ربيع الأول 1401 هجرية - 20 يناير 1981 م
المبادئ
لو أدخلت المرأة حلمة ثديها فى فم رضيعة ووقع الشك فى وصول اللبن إلى جوفها لم تحرم .
لأن فى المانع شكا فإن زال الشك وقع التحريم
السؤال
بالطلب المقدم من السيد / د ع م وقد جاء به ما خلاصته إن والديه أخبراه أنه قد رضع فى السنة الأولى من عمره من جدة زوجته لأمها، ولما سئلت هذه الجدة قالت إنها أرضعتنى ما بين عشرة إلى 15 مرة لبنا خفيفا مثل الماء نقطا صغيرة .
وأضاف السائل أنه يصدق أخبار والديه بهذا الرضاع الذى زادت مراته على خمس، ولم تكن وقت رضاعه منها ترضع أحدا من أولادها ، لأن آخر أولادها هى حماته والدة زوجته، ولم ترزق بعدها أولادا ، وسن هذه الجدة الآن حوالى 75 عاما وهو فى الثامنة والعشرين من العمر .
ويسأل هل تحرم عليه زوجته بهذا الرضاع شرعا
الجواب
نقل زين الدين بن نجيم المصرى الحنفى فى كتابه الأشباه والنظائر فى قاعدة أن الأصل فى الإرضاع التحريم أنه لو أدخلت المرأة حلمة ثديها فى فم رضيعة، ووقع الشك فى وصول اللبن إلى جوفها لم تحرم، لأن فى المانع شكا، كما فى الولوالجية، وفى القنية امرأة كانت تعطى ثديها صبية واشتهر ذلك فيما بينهم، ثم تقول لم يكن فى ثديى لبن حين ألقمتها ثديى، ولم يعلم ذلك إلا من جهتها جاز لابنها أن يتزوج بهذه الصبية .
ونقل هذا أيضا فى الدر المختار وحاشيته رد المحتار فى الرضاع ( ج - 2 ص 566 ) .
لما كان ذلك وكانت هذه الجدة قد قطعت بأنها ألقمت السائل ثديها ما بين عشرة إلى خمسة عشر مرة فى السنة الأولى من عمره - كما قال فى طلبه - وأضافت أن ما كان ينزل منها هو نقط صغيرة مثل الماء، وكان اللبن له طعم ولون ورائحة معروفة، فإذا أكدت هذه الجدة أن ما كان ينزل من ثديها فى فم السائل وهو رضيع هو اللبن، وصدقها وأصر على تصديقها حرمت عليه زوجته ، لأنه صار أخا من الرضاع لأم هذه الزوجة، وصارت ذات زوجته بنت أخت له من الرضاع، فتحرم عليه كحرمة بنت أخته نسبا .
أما إذا أكدت أن ما كان ينزل منها فى إرضاعها إياه هو الماء وليس له وصف اللبن وهو ما يسمى عرفا (بالمصل أو المش الحصير) فإنه لا يترتب عليه التحريم، كما جاء فى كتاب الرضاع فى تحفة ( ج - 8 ص 285 بعنوان تنبيه ) المحتاج لشرح المنهاج وحواشيها من كتب فقه الشافعية وإذ كان ذلك ففى هذه الواقعة .(12/315)
إذا صدق السائل جدة زوجته ووالديه فى حصول رضاعه من تلك الجدة لبنا له طعم اللبن ولونه ورائحته وهو فى سن الرضاع، وأصر على هذا ولم يرجع عنه حرمت عليه زوجته باعتبارها صارت بهذا بنت أخته رضاعا، وإذا لم يصدق هذا الخبر، أو قررت الجدة أن ما كانت ترضعه إياه ليس اللبن الموصوف، وإنما هو الماء أو ما يسمى عرفا (بالمصل أو المش الحصير) لم يكن ما وقع منها إياه رضاعا محرما .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ــــــــــــــ
رضاع محرم
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
28 ربيع الأول 1401 هجرية - 3 فبراير 1981 م
المبادئ
1 - برضاع أم الزوج لأم زوجته فى مدة الرضاع صارت أم الزوجة أختا لهذا الزوج من الرضاع، وأولادها جميعا أولاد أخت له من الرضاع .
وكما يحرم أولاد الأخت نسبا . يحرم أولاد الأخت رضاعا .
2 - التحقق من ثبوت الرضاع يحتم بطلان عقد الزواج ولا تحل المعاشرة بمقتضى العقد المذكور .
3 - ثبوت بطلان العقد قبل الدخول يوجب استرداد المهر وانتفاء العدة
السؤال
بالطلب المتضمن أن للسائل بنت أخت تم عقد قران ابنه على بنتها، وبعد ذلك بسنة كاملة اتضح أن زوجته أرضعت بنت أخته والدة العروسة فهل يصح هذا الزواج .
وإذا لم يصح، فما مصير كل من المهر والشبكة والهدايا التى قدمها العريس، علما بأنه لم يدخل بزوجته حتى الآن
الجواب
إن مقتضى نصوص القرآن الكريم والسنة الشريفة أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب مادام الرضاع قد تم فى مدته المحدد له شرعا، وهى سنتان قمريتان منذ ولادة الطفل على المفتى به، غير أن الفقهاء قد اختلفوا فى مقدار الرضاع المحرم، ففى مذهبى الإمامين أبى حنيفة ومالك وإحدى الروايات عن الإمام أحمد أن قليل الرضاع وكثيره سواء فى التحريم مادام الرضاع قد تم فى تلك المدة .
وفى مذهب الإمام الشافعى وأظهر الروايات عن الإمام أحمد أن الرضاع المحرم هو ما لا يقل عن خمس رضعات مشبعات متفرقات متيقنات فى مدة الرضاع سالفة البيان .
لما كان ذلك وكانت واقعة السؤال أن أم الزوج قد أرضعت أم زوجته .
فإذا كان هذا الرضاع قد وقع قبل أن تتم السنتين من عمرها، كانت أم الزوجة أختا لهذا الزوج من الرضاع، وصار أولادها جميعا أولاد أخت له رضاعا، ولما كانت نصوص الشرعية تقضى بأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وكان من المحرمات من النسب أولاد الأخت نسبا فكذلك يحرم أولاد الأخت رضاعا .(12/316)
وإذ كان ذلك وكان السائل قد قرر فى طلبه أنه عقد قران ابنه على بنت بنت أخته، وبعد مضى سنة على العقد تبين أن زوجة السائل (أم الزوج) كانت قد أرضعت بنت أخت السائل التى هى أم زوجة ابنها، فتكون الحرمة قائمة بين ابن السائل ومن تزوج بها باعتبار أنها بنت أخته رضاعا، ويكون عقد الزواج قد وقع باطلا شرعا لا تحل بمقتضاه المعاشرة بينهما، متى كانت واقعة الرضاع ثابتة لا شك فيها، وبما أن بطلان العقد قد ثبت قبل الدخول بها فلا مهر لها ولا عدة عليها وللزوج استرداد المهر الذى دفعه ، أما الشبكة فإذا اعتبرت جزءا من المهر سواء بالاتفاق عليها أو جرى العرف باعتبارها منه أخذت حكمه السابق، بمعنى أن له استردادها، وإن لم تعتبر من المهر بهذا المفهوم أخذت حكم الهدايا، فيجوز له الرجوع فيها واستردادها هى والهدايا التى ليست طعاما ولا شرابا إن كانت قائمة بذاتها، ولا تسترد بقيمتها ولا بمثلها إن كانت هالكة أو مستهلكة، تطبيقا لنصوص فقه المذهب الحنفى الذى يجرى عليه القضاء عملا بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ــــــــــــــ
رضاع غير محرم
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
30 ذو الحجة 1401 هجرية - 28 أكتوبر 1981 م
المبادئ
المرأتان اللتان أرضعت كل منهما طفلين للأخرى، ثم أنجبت إحداهما ولدا والأخرى بنتا لم يرضع أحدهما من أم الأخرى ولم يجتمعا رضاعا على ثدى آخر غير أمهما فى سن الرضاع، لم يقم بينهما مانع التحريم بسبب الرضاع، ويحل لهما الزواج
السؤال
بالطلب المقيد المتضمن أنه زوجة السائل أرضعت لأخته طفلين، وأن أخته أرضعت لزوجته طفلين، ثم أنجبت أخته ولدا وأنجبت زوجته بنتا .
لم يرضع أحد منهما من أم الآخر. وطلب السائل الإفادة عما إذا كان يحل زواج هذا الولد من هذه البنت
الجواب
إن المستفاد من السؤال أن لأخته ابنا لم يرضع من زوجته، وأن له بنتا لم ترضعها أخته، فإذا كان الأمر هكذا، وكان هذان - الابن والبنت - لم يجتمعا رضاعا على ثدى آخر غير أمهما وهما فى سن الرضاع وهى سنتان قمريتان منذ الولادة على المفتى به .
إذ كان ذلك .
لم يقم بينهما مانع التحريم بسبب الرضاع . وغاية ما كان من تداول الإرضاع بين زوجة السائل وبين أخته لغير هذين الولدين أن يتزوج كل من هذين بأخ الأخ أو(12/317)
الأخت رضاعا، وذلك جائز، لأنه يحل فى حكم الشرع ان يتزوج أخت أخته نسبا، وتبعا لهذا يحل له تزوج أخت الأخ رضاعا .
وهذا ما لم يقم بهما مانع شرعى آخر .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ــــــــــــــ
الرضاع لا يعقب ميراثا
المفتي
أحمد هريدى .
ربيع أول سنة 1385 هجرية - 6 يوليو سنة 1965 م
المبادئ
1 - الأخوة من الرضاع ليست من أسباب الإرث .
2 - بانحصار الإرث فى زوج وبنت عم يكون للزوج الصف فرضا ولبنت العم الباقى
السؤال
من السيد / حسبو محمد بطلبه المتضمن وفاة امرأة عن زوجها وبنت عمها وابن أخيها من الرضاع .
وطلب السائل الإفادة عمن يرث ومن لا يرث ونصيب كل وارث
الجواب
بوفاة المتوفاة عن المذكورين فقط يكون لزوجها نصف تركتها فرضا لعدم وجود فرع وارث ولبنت عمها النصف الباقى لأنها من الطائفة الثانية من الصنف الرابع من ذوى الأرحام ولا يوجد أحد أولى منها بالميراث من العصبات أو أصحاب الفروض النسبية أو من الأصناف المقدمة عليها من ذوى الأرحام ولا شئ لابن أخيها من الرضاع لأن الأخوة من الرضاع ليست من أسباب الإرث وهو أجنبى عنها نسبا والإرث قاصر على الأقارب النسبيين .
وهذا إذا لم يكن للمتوفاة وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة والله أعلم
ــــــــــــــ
حكم رضاع الكبش من أنثى الحمار
المفتي
أحمد هريدى .
7 مارس 1976 م
المبادئ
رضاع الكبش من أنثى الحمار لا أثر له فى تحريمه، وبذا يحل بيعه وأكل لحمه
السؤال
بالطلب المتضمن أن كبشا رضع من أنثى حمار كانا يعيشان معا فى حظيرة واحدة مع بعض الأغنام والمواشى .
وقد تأكد لدى السائل هذا الموضوع - وطلب السائل الإفادة عما إذا كان يحل أكل لحم الكبش أو لا(12/318)
الجواب
إن رضاع الكبش من لبن أنثى الحمار لا يوجب تحريم الكبش .
وبالتالى لا يحرم بيعه - جاء فى حاشية ابن عابدين على الدر المختار ص 333 الجزء الخامس ( وكره لحم الأتان أى الحمارة الأهلية ولبن الجلالة التى تأكل العذرة، كما حل أكل جدى غذى بلبن خنزير لأن لحمه لا يتغير .
وما غذى به يصير مستهلكا لا يبقى له أثر ) وطبقا لما ذكر يكون رضاع الكبش من أنثى الحمار لا أثر له فى تحريمه .
وبذا يحل بيعه وأكل لحمه . ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ــــــــــــــ
اقرار بأخوه فى الرضاع
المفتي
محمد عبده .
جمادى الآخرة 1317 هجرية
المبادئ
الإقرار بالرضاع لا يقبل الرجوع فيه
السؤال
رجل أقر بأن زيدا أخوه من الرضاع وأنه رضع من والدة المقر فى زمن الرضاع الشرعى زيادة عن خمس رضعات متفرقات مشبعات وثبت المقر على ذلك وصدق بصريح التصديق على الوجه المسطور أمام شهود عدول ثم جحد ذلك الرضاع والثبات والتصديق .
فهل ينفعه جحوده بعد ذلك ويحل له تزوج بنت أخيه المذكورة أم كيف الحال
الجواب
حيث أقر هذا الرجل بالرضاع المذكور وأصر على ذلك ودام عليه وأشهد على نفسه بالإقرار، فلا يقبل رجوعه عنه، ولا يجوز له أن يتزوج بنت أخيه رضاعا المذكورة لثبوت الحرمة بذلك واللّه أعلم
ــــــــــــــ
الرضاع باللبن المجفف وبنك اللبن
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
هل لبن الأمهات إذا جفف يحرم به ما يحرم بالرضاع من اللبن السائل ؟
الجواب(12/319)
ثبت التحريم بالرضاع فى القرآن والسنة ، إذا كان فى مدة الحولين ، مع الاختلاف بين الفقهاء فى عدد الرضعات التى يثبت بها التحريم .
واللبن إذا كان سائلا وأخذ من امرأة معلومة ورضعه طفل معلوم ثبت به التحريم أما إذا جهلت المرضع أو جهل الرضيع فلا يثبت التحريم ، وكذلك الشك لا يؤثر فى ذلك ، لأن الأصل عدمه .
وعليه إذا خلط لبن من نساء متعددات غير متعينات ، ورضع منه طفل :
هل يثبت به التحريم أو لا ؟ لقد أنشئ فى بعض البلاد ما يسمى ببنك اللبن كما أنشئ بنك الدم ، وكان العلماء فى حكمه فريقين ، الفريق الأول أخذ بالاحتياط والورع وقال : لا يجوز إرضاع الأطفال منه ، لأنه قد يترتب عليه أن يتزوج الولد من أخته أو من صاحبة اللبن وهو لا يدرى ، والفريق الثانى لم يجد سببا للمنع و الحكم بالحرمة ، لأنها لا تثبت إلا إذا عرفت الأم التى كان منها اللبن على اليقين ، وعند الجهل لا تثبت الحرمة ، وإن كان من الورع الابتعاد عنه .
هذا ، وقد أفتى الشيخ أحمد هريدى مفتى مصر سنة 1963 م بأن التغذية بهذا اللبن المجموع فى " بنك اللبن " لا يثبت بها تحريم ، وجاء فى هذه الفتوى ما نصه : إن اللبن المجفف بطريقة التبخير والذى صار مسحوقا جافا لا يعود سائلا بحيث يتيسر للأطفال تناوله إلا بعد خلطه بمقدار من الماء يكفى لإذابته ، وهو مقدار يزيد على حجم اللبن ويغير من أوصافه ويعتبر غالبا عليه ، وبالتطبيق على ما ذكرنا من الأحكام لا يثبت التحريم شرعا بتناوله فى هذه الحالة .
وقد انتهى إلى هذا الحكم بعد نقل كثير من أقوال الفقهاء فى مذهب الأحناف ، تخريجا على قواعدهم وتوضيح ذلك فى الجز الأول من موسوعة " الأسرة تحت رعاية الإسلام ص 370 "
ــــــــــــــ
رضاع المسلم من كافرة
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
هل يحرم أن يرضع مسلم من كافرة وهل يكون كافرا لو رضع منها ؟
الجواب
الإنسان قبل البلوغ تابع فى الدين لأشرف الأبوين دينا ، فإن كان أبوه مسلما وأمه يهودية أو نصرانية فهو مسلم ، وإن كان أبوه مجوسيا وأمه يهودية أو نصرانية فهو يهودى أو نصرانى تبعا لأمه ، لأن دينها أشرف من دين أبيه .
فإذا بلغ الصبى صار مكلفا وجرى عليه هذا الحكم الذى كان عليه ، فإذا تحول عنه صار مرتدا .(12/320)
وكل ذلك فى الأبوة والأمومة النسبية ، أما الأبوة أو الأمومة بسبب الرضاع ، وإن كانت لها أحكام فى الزواج وما يتصل به ، فلا ينسحب حكمها على الرضيع من جهة الدين ولا يحرم أن يرضع طفل مسلم من غير مسلمة لعدم وجود دليل على التحريم ، وبخاصة إذا لم يوجد غيرها ، وإذا رضع بقى على دينه مسلما ، ولو رضع طفل مسيحى أو يهودى من مسلمة بقى على دين اليهودية أو النصرانية .
وعليه فالرضيع المسلم من امرأة يهودية أو نصرانية يحرم عليه أن يتزوج ممن أرضعته ، لأنها أمه من الرضاعة ، والزواج منها محرم ، ويجوز له لمسها والجلوس معها فى خلوة والنظر إلى غير ما بين السرة والركبة كأنها أمه النسبية فى هذه الأحكام أما دينه فلا يتأثر بهذا الرضاع
ــــــــــــــ
استثناءات الحرمة بين الرضاعة والنسب
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
ورد حديث يقول "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " ولكن فيه بعض مسائل مستثناة من هذه القاعدة، فما هى؟
الجواب
هذا الحديث رواه البخارى ومسلم ، ولكن جاء فى شرح الدردير لأقرب المسالك أن هناك ست مسائل مستثناة من هذه القاعدة وهى :
1- أم الأخ أو أم الأخت ، لأنها من النسب إما أمك وإما امرأة أبيك ، وكلاهما محرمتان ، لكن أم الأخ من الرضاع لا تحرم وكذلك أم الأخت .
2- أم ولد ولدك من الرضاع ، لأنها من النسب إما بنتك أو زوجة ولدك .
3- جدة الولد من الرضاع ، لأنها إما أمك أو أم زوجتك .
4- أخت الولد من الرضاع ، لأنها إما ابنتك وإما بنت زوجتك .
5- أم عمك وعمتك من الرضاع ، لأنها إما جدتك أو زوجة جدك .
6- أم خالك أو خالتك من الرضاع ، لأنها إما جدتك أم أمك أو زوجة جدك أبى أمك ، "مجلة الإسلام - المجلد الرابع ، العدد السابع عشر"
ــــــــــــــ
الرضاع
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة(12/321)
السؤال
كم عدد الرضعات التى تحرم الزواج وهل يشترط أن يكون فى الصغر؟
الجواب
هناك محرمات من النساء لا يجوز التزوج منهن ، ومن أسباب التحريم الرضاع ، كما قال تعالى فيمن حُرمن {وأمهاتكم اللاتى أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة} النساء : 23 وإذا كانت الآية قد نصت على تحريم الأم والأخت من الرضاعة ، فإن الحديث الذى رواه البخارى ومسلم "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " يدخل محرمات أكثر بسبب الرضاع كالعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت وغيرهن .
وقد ثبت فى الحديث الذى رواه مسلم أنه "لا تحرم المصة ولا المصتان ،وفى الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها : كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرِّمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن . ومهما يكن من خلاف الفقهاء فى عدد الرضعات فإن الفتوى فى مصر على مذهب الإمام الشافعى ، وهو خمس رضعات ، والشرط أن يكن معلومات متيقنات ، والشك لا يبنى عليه تحريم ، وليس للرضعة مقدار معين كما رآه الشافعى، واشترط الفقهاء أن يكون الرضاع فى مدة الحولين ، وذلك لقول النبى صلى الله عليه وسلم كما رواه الترمذى وصححه "لا تحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء وكان فى الثدى قبل الفطام " وقوله كما رواه الدارقطنى بإسناد صحيح "لا رضاع إلا فيما كان فى الحولين " .
وجمهور الفقهاء على أن الرضاع بعد الحولين أو ما قاربهما لا يثبت التحريم ، غير أن هناك جماعة من السلف والخلف قالوا : الرضاع يحرم ولو كان الذى رضع شيخا كبيرا ، وحجتهم فى ذلك حديث رواه مسلم عن سهلة بنت سهيل التى قالت للنبى صلى الله عليه وسلم إنى أرى فى وجه أبى حذيفة وهو زوجها، من دخول سالم وهو حليفه ، يعنى يغار من دخوله البيت ورؤيتها ، فقال لها "أرضعيه تحرمى عليه " فقالت وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟ فتبسم وقال "قد علمت أنه كبير" وظاهر هذا أن رضاع الكبير يثبت به التحريم ، وعليها أن تتصرف فى كيفية الرضاع ، إما أن تحلب له اللبن ليشربه حتى لا يرى ولا يلمس شيئا من جسمها، وإما أن يكون الرضاع المباشر من ثديها ضرورة والضرورات تبيح المحظورات .
وأكدت عائشة هذا الرأى لأم سلمة كما رواه مسلم ، وفى رواية أبى داود أن عائشة كانت تأمر بنات إخوتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت هى أن يراها ويدخل عليها حتى لو كان كبيرا ، لتكون عائشة عمة الرضيع أو خالته ، لكن سائر أزواج النبى صلى الله عليه وسلم لم يوافقنها على هذا الرأى، ويرين كما يرى الجمهور أن الرضاع المحرم لا يكون إلا فى الصغر، وقلن لعائشة :
لعل مسألة سهيلة وسالم كانت رخصة خاصة ليست لسائر الناس . والخلاصة :
أن لكل من الرأيين دليله ووجهة نظر، وقد ارتضى الفقهاء أن إرضاع الكبير لا يحرم الزواج ، فلتكن عليه الفتوى
ــــــــــــــ
الرضاع من ميتة(12/322)
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
ما الحكم لو رضع طفل من امرأة ميتة، هل يثبت به التحريم أو لا يثبت
الجواب
معلوم أن الرضاع فى الحولين يثبت حرمة بين الطفل وبين من رضع منها، وتمتد الحرمة إلى من يتصل بها على قاعدة " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " مع الخلاف فى عدد الرضعات التى تسبب التحريم ، والوسيلة التى وصل بها اللبن إلى جوف الطفل .
والرضاع من المرأة الميتة، إما أن يكون بعد موتها ، بأن يؤخذ منها اللبن أو يرضع منها الطفل وهى ميتة ، وإما أن يكون اللبن قد أخذ منها قبل موتها ثم رضعه الطفل بعد أن ماتت ، ففى الحالة الأولى يقول جمهور الفقهاء - الحنفية والمالكية والحنابلة - وأهل الظاهر: يقع التحريم برضاع اللبن المأخوذ من المرأة الميتة ، لأن المقصود من اللبن التغذى وقد حصل ، يستوى فى ذلك أن تكون المرضع حية أو ميتة ، وأما الشافعية فيرون أن هذا الرضاع لا يثبت التحريم ، لأن اللبن من جثة منفكة عن الحل والحرمة كالبهيمة " الخطيب ج 2 ص 183 والمغنى ج 9 ص 198 " .
وفى الحالة الثانية التى حلب فيها اللبن وهى حية ثم شربه الطفل بعد موتها ، فالجميع متفقون على أنه يثبت التحريم
-ــــــــــــــ
مدة الرضاع
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
ما حكم من يرضع وسنه أكبر من سنتين ، هل يثبت التحريم برضاعه ؟
الجواب
اتفق الفقهاء على أن الرضاع المثبت للتحريم يكون فى مدة الرضاع ولو رضع بعد ذلك لا يثبت برضاعه تحريم ، ولم يخالف أحد من العلماء فى ذلك ، لكن جاء أن السيدة عائشة رضى الله عنها تثبت به التحريم وتبعها داود الظاهرى وابن حزم فى ذلك .
وما هى مدة الرضاع التى يثبت التحريم فى أثنائها؟ الاتفاق بين الأئمة على أن الرضاع فى الحولين يثبت التحريم ، إذا كان الطفل لم يفطم أما إذا فطم فى أثناء(12/323)
الحولين ، ورضع قبل انتهائهما ، أو رضع بعد الحولين ، أو رضع وهو كبير ففيه خلاف .
أما رضاع الكبير الذى جاوز ثلاثين شهرا فالكل متفق على أنه لا يثبت به تحريم وخالف فى ذلك أهل الظاهر كما سبق ذكره، فإن لم يجاوز الثلاثين شهرا ورضع ثبت برضاعه التحريم حتى لو فطم قبل الرضاع على رأى أبي حنيفة، لأن المدة عنده ثلاثون شهرا بناء على قوله تعالى { وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا }الأحقاف :15 حيث فسر الحمل بالحمل باليد وفى الحجر، وليس حمل الجنين فى البطن ، وأما قوله تعالى { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين }البقرة : 233 فمحله عند تنازع الوالدين على أجرة الرضاع عند الطلاق ، وقال بعض الأحناف : إن المدة ثلاثة أعوام وأبو يوسف ومحمد صاحبا أبى حنيفة قالا: المدة حولان تكمل ثلاثين شهرا مع مدة الحمل وهى ستة أشهر، ويقال : إن أبا حنيفة رجع عن قوله ليطابق قول الصاحبين وقول سائر الأئمة فى أن من جاوز الحولين لا يثبت برضاعه تحريم .
وأجابوا عن رأى عائشة الذى تابعها فيه داود وابن حزم بأنه منسوخ بحديث " لا رضاع إلا ما كان فى الحولين " رواه الدارقطنى .
والمالكية زادوا على الحولين شهرا أو شهرين ما دام الطفل يعتمد على الرضاعة، أو يتناول معه شيئا يضره الاقتصار عليه ، ولو فطم يوما أو يومين ثم عاد إلى الرضاعة يثبت التحريم . والشافعية جعلوا المدة حولين قمريين وكذلك قال الحنابلة وذكر الشوكانى " نيل الأوطارج 6 ص 333" تسعة أقوال فى تقدير المدة يرجع إليها من شاء .
وأما رأى الظاهرية وابن حزم فمعتمد على حديث رواه مسلم وأحمد أن أم المؤمنين أم سلمة قالت لعائشة رضى الله عنهما : إنه يدخل .
عليك الغلام الأيفع - المقارب للبلوغ - الذى ما أحب أن يدخل علىَّ، فقالت عائشة : أما لك فى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؟ وقالت :إن امرأة أبى حذيفة قالت : يا رسول الله إن سالما يدخل علىَّ وهو رجل ، وفى نفس أبى حذيفة منه شىء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أرضعيه حتى يدخل عليك " وفى رواية عن أم سلمة أنها قالت : أبَى سائر أزواج النبى صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن أحدا بتلك الرضاعة ، وقلن لعائشة : ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة ، فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا . ولم يأخذوا بخصوصية ذلك لسالم مولى أبى حذيفة، فهو رأى وليس حديثا لكن الجمهور قال : إن هذه خَصوصية ، والحكم العام هو عدم تحريم رضاع الكبير، والشوكانى فى نيل الأوطار: "ج 6 ص 332" تحمس لرأى ابن حزم وقال : إنه مذهب على بن أبى طالب
ــــــــــــــ
الرضاع وحقن اللبن
المفتي
عطية صقر .(12/324)
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
ما الحكم لو وصل لبن المرأة إلى الطفل بطريق الحقنة وليس بطريق الرضاع ، هل يثبت به التحريم فى الزواج ؟
الجواب
النصوص الواردة قى القراَن والسنة عبَّرت بالرضاع ، والرضاع معروف أنه مَصُّ اللبن من الثدى ، أما وصول اللبن إلى الطفل بغير ذلك ففى حكمه خلاف ، يرى الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة أن حكم الرضاع يثبت بمص اللبن من الثدى ، وبصبه فى الفم ، وهو ما يعبر عنه بالوجور، وكذلك بالسعوط وهو صبه فى الأنف ، ومثله ما لو عمل اللبن جبنا وأكله الطفل ، وأبو حنيفة يخالف فى مسألة الجبن ، لزوال اسم اللبن عنه .
أما داود وابن حزم الظاهريان فقصرا الرضاع المحرم على المص بالفم فقط ، واستدل الجمهور بأن الغرض من الرضاع وهو طرد الجوع ، وإنبات اللحم ونشز العظم يحصل بأية وسيلة تكون ، كما جاء التعبير عن الغرض فى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التى رواها البخارى وغيره .
وإذا وصل اللبن إلى جوف الطفل بحقنة شرجية لم يحرِّم عند أبى حنيفة ومالك واحمد، ويحرِّم عند الشافعى، كما يفطر به الصوم . وله رأى آخر كالجمهور، لأن الحقنة فى الشرج ليست للتغذية ولكن للإسهال .
ورأى الظاهرية معتمد على النص على الرضاعة وهى لا تكون إلا بمص اللبن من الثدى ، فهم ملتزمون بالنص ، والآخرون ناظرون إلى الحكمة ، والوسائل فى تغير وتطور
ــــــــــــــ
ما يثبت به الرضاع
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
ما هى الوسائل التى يثبت بها الرضاع ؟
الجواب
لا شك أن الرضاع من موجبات التحريم فى الزواج ، بنص القرآن الكريم والحديث النبوى الشريف . كما أنه يحتاط فى الأبضاع ما لا يحتاط فى غيرها .
وإذا كان هناك خلاف فى عدد الرضعات المحرِّمة فإن الأحوط قبل الزواج أن يؤخذ بالقول الذى يحرم برضعة واحدة ، وإن جاز الزواج على أقوال أخرى ، كما أن(12/325)
الأحوط بعد الزواج ، وبخاصة إذا كانت هناك ذرية، أن تبقى الأسرة على وضعها بناء على القول الذى لا يثبت التحريم إلا بخمس رضعات أو أكثر، وإن وجب التفريق على أقوال أخرى .
والملاحظ أن أمر الرضاع يطلع عليه النساء أكثر من الرجال ، ولذلك قبل فيه بعض الأئمة شهادة النساء دون حاجة معهن إلى الرجال ، فيثبت بشهادة أربع نسوة .
كما يلاحظ أن بعض النساء اللاتى لسن على الدرجة المطلوبة من خوف الله ، إذا رغبن فى زواج رجل وامرأة ينكرن حدوث رضاع بينهما ، وإذا لم يرغبن فى هذا الزواج ، سواء أكان قبل إتمامه أو بعده يؤكدن أنه حدث بينهما رضاع ،وهنا تكون المشكلة .
وقد تحدث العلماء عما يثبت به الرضاع ، فقالوا يثبت بالإقرار أو البينة .
الإقرار :
يراد بالإقرار اعتراف الطرفين ، أو أحدهما ، وهذا الإقرار قد يكون قبل الزواج أو بعده .
1 - فإذا أقر رجل بأن هذه المرأة أخته من الرضاع فإن صدقته فى إقراره ثبتت الحرمة بينهما بهذا التصادق ، سواء أكان قبل الزواج أو بعده ، وكذلك إذا أقرت المرأة وصدقها الرجل .
وعند الافتراق قبل الدخول فلا شىء لها من المهر، وإن كان بعد الدخول وجب الأقل من المهر المسمى ومهر المثل ، وذلك شأن كل نكاح فاسد أعقبه دخول ، ولا تجب لها نفقة فى عدتها ولا سكنى .
2 - وإذا أقر الرجل وكذبته المرأة ثبت التحريم أيضا ووجب التفريق بعد الزواج ، فإذا كان قبل الدخول وجب لها نصف المهر، وإذا كان بعد الدخول وجب المهر كله ، إذا كان مسمى ، كما أن لها النفقة والسكنى فى مدة العدة، لأن إقراره حجة قاصرة عليه ، ولا يتعدى إلى حقوق المرأة بالإبطال ما دامت مكذِّبة له .
فإذا رجع عن إقراره بالرضاع يقبل رجوعه بشرط ألا يكون قد أكد إقراره الأول بما يفيد اليقين . ولو كان رجوعه بعد العقد يبقى العقد قائما كما كان .
3- وإذا أقرت المرأة بالرضاع وكذبها الرجل فلا يجوز لها أن تتزوجه فإذا رجعت عن إقرارها يجوز لها الزواج ، أما إن كان الإقرار بعد الزواج وكذبها الزوج فلا عبرة بإقرارهما حتى لو أصرت عليه لأنها متهمة فيه ، فقد يكون لها غرض فى التخلص منه بهذا الادعاء، بخلاف إقراره هو فإنه يقبل ولا عبرة بإنكارها ، لأنه غير متهم فى إقراره بأنه يريد التخلص منها ، لأن تخلصه منها ممكن بالطلاق الذى يملكه ، دون حاجة إلى الإقرار بالرضاع ولدوران الحكم على التهمة لو كان أمرها بيدها فى الطلاق تصدق فى إقرارها بالرضاع .
البينة إذا كان هناك اتفاق بين العلماء على اعتبار البينة فى ثبوت الرضاع فإن بينهم خلافا فى قدر هذه البينة والعدد الذى يعتبر فيها .
فمنهم من اكتفى بشهادة النساء وحدهن ، وهؤلاء منهم من يكتفى بامرأة واحدة إذا كانت معروفة بالصدق والعدالة ، ومنهم من يشترط العدد ، وهو امرأتان على الأقل(12/326)
، ومنهم من يشترط أربع نساء ، ومنهم من لا يكتفى بشهادة النساء وحدهن ، فالرضاعة لا تثبت عندهم إلا برجلين ، أو رجل وامرأتين .
1 - فالذين يكتفون بشهادة امرأة واحدة هم الحنابلة ، وهو رواية عن مالك ، وهذا القول مروى عن عثمان وابن عباس والزهرى والحسن وإسحاق والأوزاعى ومروى كذلك عن أبى عبيد إلا أنه قال : يجب على الرجل أن يعمل بقول المرأة فيفارق زوجته ، لكن لا يجب على الحاكم أن يحكم بشهادتها وحدها إذا رفع الأمر إليه . واستدل هؤلاء بحديث رواه البخارى وغيره أن عقبة بن الحارث تزوج أم يحى بنت إهاب ، فجاءت بأمة سوداء وأخبرتهما بأنها أرضعتهما، ولما رفع الأمر إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - أبره أن يفارقها على الرغم من أن عقبة يظنها كاذبة ، ولما كرر عقبة على الرسول هذا الخبر قال له "كيف وقد قيل ، دعها عنك " .
فدل هذا على أن الزواج وقع فاسدا وتجب المفارقة . ولو كان قد وقع صحيحا وأراد له النبى أن يفارقها استحبابا لا وجوبا لقال له :
طلِّقها، ولم يقل له ذلك .
ثم قال أصحاب هذا الرأى ، ردًّا على من يشترطون العدد فى الشهادة إن قوله تعالى : {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء} البقرة : 282 ، قول عام يخصص بحديث عقبة المذكور .
وردوا أيضا على ما روى أن عليًّا وابن عباس والمغيرة لم يفرقوا بين الزوجين بسبب شهادة واحدة على الرضاع بأن المقرر أن أقوال بعض الصحابة ليست بحجة على فرض عدم معارضتها لما ثبت عن الرسول ، فكيف تكون حجة وهى معارضة لما ثبت عنه .
2 -والجمهور على عدم الاكتفاء بشهادة واحدة على الرضاع ، ومن هؤلاء من اكتفى بشهادة امرأتين ، وهو الإمام مالك ومنهم من اشترط أن يشهد رجلان أو امرأتان وهو أبو حنيفة ، ومنهم من أجاز الشهادة من أربع نسوة وهو الشافعى .
هذا ، وقد قال الشوكانى فى نيل الأوطار ، (ج 6 ص 338) : حكى فى البحر عن الهادوية والشافعية والحنفية أنه يجب العمل بالظن الغالب فى النكاح تَحريما ، ويجب على الزوج الطلاق إن لم تكتمل الشهادة ، بدليل حديث الأمة التى شهدت برضاع عقبة وأم يحيى ، وقال الإمام يحيى: الخبر محمول على الاستحباب ، ويمكن الرجوع فى ذلك إلى كتاب "أحكام الأسرة فى الإسلام " للدكتور محمد شلبى
ــــــــــــــ
الموضوع: هل الزواج حلال أم حرام بعد الرضعتين؟
السؤال:
اطلعنا على الطلب رقم 1798لسنة 2003 م المتضمن :- السؤال الآتي :-
قمت بإرضاع إيمان .... رضعتين فقط وتقدم أخي ليخطبها ويريد الزواج منها فهل هذا الزواج حلال أم حرام؟
المفتي :
فضيلة الاستاذ الدكتور/ علي جمعة.(12/327)
الجواب:
المقرر شرعاً أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب متى وقع الرضاع في مدته الشرعية وهي سنتان قمريتان من تاريخ الولادة على المفتى به إذ بالإرضاع تصير المرضعة أمَّاً من الرضاع لمن أرضعته ويصير جميع أولادها سواء من رضع معه أو قبله أو بعده إخوة وأخوات له رضاعاً.
وقد اختلفت كلمة الفقهاء في مقدار الرضاع المحرم.
فذهب الأئمة أبو حنيفة ومالك وإحدى الروايات عن الإمام احمد أن قليل الرضاع وكثيره في التحريم سواء وذهب الإمام الشافعي وأظهر الروايات عن الإمام أحمد أن الرضاع الموجب للتحريم هو ما بلغ خمس رضعات مشبعات متفرقات فأكثر في مدة الرضاع سالفة الذكر.
أما إذا وقع الشك في عدد الرضعات فلا يثبت التحريم لأن الحل ثابت بيقين فلا يزول بالشك.
وفي واقعة السؤال وبناءً على ما سبق :-
فإذا كانت السائلة قد أرضعت إيمان رضعتين فيجوز لأخو السائلة الزواج منها بناءً على رأي الإمام الشافعي وأظهر الروايات عن الإمام أحمد وهو المختار للفتوى في هذه الحالة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ــــــــــــــ
الموضوع: الرضاع المحرم للزواج.
السؤال:
اطلعنا على الطلب رقم 1870لسنة 2003 م المتضمن :- لي خالة قالت : أمام مجتمع من الناس إنني مرضعة فلان ابن أختي . ثم قالت : لي بنفسها ثلاث مرات مرتان في منزلها قالت لي أرضعتك رضعتين وفي الثالثة قالت لي بنفسها في منزلي أرضعتك ثلاث مرات وهكذا تضاربت في أقوالها ثم عادت وقالت لي لم أرضعك بالمرة وإنما أرضعت أخاك والآن تريد أن تزوج ابنها من نجلتي فماذا أفعل في ظل الرضاعة وعدم الرضاعة.
المفتي :
فضيلة الاستاذ الدكتور/ علي جمعة.
الجواب:
المقرر شرعاً أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب متى تم الرضاع في مدته الشرعية وهي سنتان قمريتان من تاريخ الولادة إذ بالإرضاع تصير المرضعة أمَّاً من الرضاع لمن أرضعته ويصير جميع أولادها سواء من رضع معه ومن هم قبله أو بعده - إخوة وأخوات له رضاعاً.
وقد اختلفت كلمة الفقهاء في مقدار الرضاع المحرم.
فذهب الأئمة أبو حنيفة ومالك وإحدى الروايات عن الإمام احمد أن قليل الرضاع وكثيره في التحريم سواء وذهب الإمام الشافعي وأظهر الروايات عن الإمام أحمد(12/328)
أن الرضاع الموجب للتحريم هو ما بلغ خمس رضعات مشبعات متفرقات فأكثر في مدة الرضاع سالفة الذكر.
وبناءً على ذلك :- إذا ثبت أن خالة السائل قد أرضعته خمس مرات فأكثر فلا يجوز لابن هذه الخالة أن يتزوج ابنة السائل باتفاق الفقهاء لكون السائل أخاً لابن خالته رضاعاً وبنت السائل بنت أخ لهذا الشاب الذي يريد أن يتزوجها.
أما إذا كانت خالة السائل قد أرضعته أقل من خمس مرات فلا يجوز كذلك على ما ذهب إليه أصحاب الرأي الأول. ويجوز له الزواج منها على ما ذهب إليه الإمام الشافعي وأظهر الروايات عن الإمام أحمد.
وهذا ما نميل للإفتاء به في أمر الرضاع الذي عمت به البلوى.
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ــــــــــــــ
الموضوع: الرضاع المحُرِّم للزواج.
السؤال:
اطلعنا على الطلب الوارد إلينا عن طريق الإنترنت - المقيد برقم 2017 لسنة 2003 المتضمن :- كم عدد الرضعات التي بها يصبح الأخوات أخوات في الرضاعة ولا يصح لهما الزواج ؟
المفتي :
فضيلة الاستاذ الدكتور/ علي جمعة.
الجواب:
المقرر شرعاً : أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب متى تم الرضاع في مدته الشرعية وهي سنتان قمريتان من تاريخ الولادة على المفتى به. إذ أنه بالإرضاع تصير المرضعة أمَّاً من الرضاع لمن أرضعته ويصير جميع أبنائها وبناتها إخوة وأخواتاً له من الرضاع سواء من رضع معه أو قبله أو بعده ما دام الرضاع قد وقع في مدته الشرعية سابقة الذكر. إلا أن الفقهاء قد اختلفوا في مقدار الرضاع الموجب للتحريم.
فيرى فقهاء الأحناف والمالكية وإحدى الروايات عن الإمام احمد أن قليل الرضاع وكثيره سواء في التحريم ويرى فقهاء الشافعية وأظهر الروايات عن الإمام أحمد أن الرضاع المحرم هو ما بلغ خمس رضعات مشبعات متفرقات فأكثر.
ودار الإفتاء تميل إلى الأخذ بالرأي الثاني وهو رأي الشافعية والحنابلة تيسيراً على المسلمين في أمر الرضاع الذي عمت به البلوى.
ومما سبق يعلم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ــــــــــــــ
الموضوع: الرضاعة من امرأة تُحرِّم الزواج من بنات امرأة أخرى تزوجت زوج الأولى.
السؤال:(12/329)
اطلعنا على الطلب رقم 2062 لسنة 2003 م المتضمن :- رضع رضا من زوجة خاله وقد توفيت ثم تزوج خاله بزوجة أخرى وأنجبت بنت تسمى أسماء قد أراد رضا أن يتزوج من هذه البنت علماً بأنهما لم يجتمعا على ثدي واحد قط. وعلماً بأن عدد مرات الرضاعة تزيد عن خمس رضعات.
أرجو من فضيلتكم الإفادة بما يأتي :-
هل يجوز لرضا أن يتزوج من بنت خاله التي هي من الزوجة الثانية ؟ ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في ذلك ؟
المفتي :
فضيلة الاستاذ الدكتور/ علي جمعة.
الجواب:
من المقرر شرعاً : أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب متى تم الرضاع في مدته الشرعية وهي سنتان قمريتان من تاريخ الولادة على المفتى به. إذ أنه بالإرضاع تصير المرضعة أمَّاً من الرضاع لمن أرضعته ويصير جميع أولادها سواء من رضع معه أو قبله أو بعده إخوة وأخوات له رضاعاً وصار زوجها أباً من الرضاع لمن أرضعته زوجته إذا كان اللبن نزل لها بسببه.
وقد أختلف الفقهاء في مقدار الرضاع الموجب للتحريم.
فذهب الحنفية والمالكية وإحدى الروايات عن الإمام احمد أن قليل الرضاع وكثيره سواء في التحريم بينما ذهب الشافعية وأظهر الروايات عن الإمام أحمد بأن الرضاع المحرم هو ما كان خمس رضعات متفرقات فأكثر وكانت الرضاعة في مدتها سالفة البيان.
ومن المنصوص عليه فقهاً أن كل من أرضعت طفلاً ذكراً أو أنثى في مدة الرضاع وهي مدة الحولين ثبتت أمومتها له وبنوته للرجل الذي نزل اللبن بوطئه سواء وطئها بنكاح صحيح أو فاسد أو شبهه وثبت أخوته لأولاد المرضعة الذين ولدتهم من هذا الرجل أو من غيره وأرضعتهم قبل رضاعة أو بعده وكذلك ثبت أخوته لأولاد الرجل الذي نزل اللبن بسببه والمولودين من غير هذه المرضعة ولأولاده من الرضاعة.
فبرضاع رضا من زوجة خاله صار أبناً لها من الرضاعة وأبناً لزوجها الذي كان نزول اللبن بسببه وصار جميع أولادها وأولاد زوجها من زوجته الثانية إخوة وأخوات له من الرضاع.
وبناءً على ذلك صار رضا أخاً لأسماء ولجميع أخواتها رضاعاً وهذا يسمى لبن الفحل ولبن الفحل محرم بالإجماع فإذا ما كان عدد مرات الرضاع قد بلغ خمساً فأكثر كما قرر السائل بطلبه وكان الرضاع في مدته سالفة البيان فلا يجوز الزواج في هذه الحالة.
ومما ذكر يعلم الجواب إذا كان الحال كما ذكر به.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ــــــــــــــ
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 8 / ص 358)(12/330)
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الْأَبِ إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ : فَهَلْ لَهُ إذَا امْتَنَعَتْ الْأُمُّ عَنْ الْإِرْضَاعِ إلَّا بِأُجْرَةِ أَنْ يَسْتَرْضِعَ غَيْرَهَا ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : نَعَمْ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ .
ــــــــــــــ
وَسُئِلَ شَيْخ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَمَّنْ تَسَلَّطَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ : الزَّوْجَةُ وَالْقِطُّ وَالنَّمْلُ : الزَّوْجَةُ تُرْضِعُ مَنْ لَيْسَ وَلَدَهَا وَتُنَكِّدُ عَلَيْهِ حَالَهُ وَفِرَاشَهُ بِذَلِكَ وَالْقِطُّ يَأْكُلُ الْفَرَارِيجَ وَالنَّمْلُ يَدِبُّ فِي الطَّعَامِ : فَهَلْ لَهُمْ حَرْقُ بُيُوتِهِمْ بِالنَّارِ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ قَتْلُ الْقِطِّ ؟ وَهَلْ لَهُ مَنْعُ الزَّوْجَةِ مِنْ إرْضَاعِهَا ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : لَيْسَ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تُرْضِعَ غَيْرَ وَلَدِهَا إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ . وَالْقِطُّ إذَا صَالَ عَلَى مَالِهِ : فَلَهُ دَفْعُهُ عَنْ الصَّوْلِ وَلَوْ بِالْقَتْلِ وَلَهُ أَنْ يَرْمِيَهُ بِمَكَانِ بَعِيدٍ ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَفْعُ ضَرَرِهِ إلَّا بِالْقَتْلِ قُتِلَ . وَأَمَّا النَّمْلُ : فَيُدْفَعُ ضَرَرُهُ بِغَيْرِ التَّحْرِيقِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ــــــــــــــ
بَابُ الْعِدَدِ وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فِي الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَأَنَّ دَمَ الْحَيْضِ جَاءَهَا مَرَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرِ مِنْ السَّنَةِ وَادَّعَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَلَمْ تَكُنْ حَاضَتْ إلَّا مَرَّةً فَلَمَّا عَلِمَ الزَّوْجُ الثَّانِي طَلَّقَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً ثَانِيًا فِي الْعَشْرِ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ السَّنَةِ ثُمَّ أَرَادَتْ أَنْ تَزَوَّجَ بِالْمُطَلِّقِ الثَّانِي وَادَّعَتْ أَنَّهَا آيِسَةٌ : فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَهَلْ يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ الْإِيَاسُ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ الْمَرْأَةِ ؛ لَكِنَّ هَذِهِ إذَا قَالَتْ إنَّهُ ارْتَفَعَ لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ فَإِنَّهَا تُؤَجَّلُ سَنَةً فَإِنْ لَمْ تَحِضْ فِيهَا زُوِّجَتْ . وَإِذَا طَعَنَتْ فِي سِنِّ الْإِيَاسِ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى تَأْجِيلٍ . وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ حَيْضَهَا ارْتَفَعَ بِمَرَضِ أَوْ رَضَاعٍ كَانَتْ فِي عِدَّةٍ حَتَّى يَزُولَ الْعَارِضُ . فَهَذِهِ الْمَرْأَةُ كَانَ عَلَيْهَا " عِدَّتَانِ " : عِدَّةٌ لِلْأَوَّلِ وَعِدَّةٌ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي . وَنِكَاحُهُ فَاسِدٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَاقٍ فَإِذَا لَمْ تَحِضْ إلَّا مَرَّةً وَاسْتَمَرَّ انْقِطَاعُ الدَّمِ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ الْعِدَّتَيْنِ بِالشُّهُورِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ بَعْدَ فِرَاقِ الثَّانِي إذَا كَانَتْ آيِسَةً . وَإِذَا كَانَتْ مُسْتَرِيبَةً كَانَ سَنَةً وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ . وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ : أَنَّ الْعِدَّتَيْنِ لَا تَتَدَاخَلَانِ : كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد . وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَتَدَاخَلُ الْعِدَّتَانِ مِنْ رَجُلَيْنِ ؛ لَكِنَّ عِنْدَهُ الْإِيَاسُ حُدَّ بِالسِّنِّ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ أَحْسَنُ قَوْلَيْ الْفُقَهَاءِ وَأَسْهَلُهُمَا وَبِهِ قَضَى عُمَرُ وَغَيْرُهُ . وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَهَذِهِ الْمُسْتَرِيبَةُ تَبْقَى فِي عِدَّةٍ حَتَّى تَطْعَنَ فِي سِنِّ الْإِيَاسِ فَتَبْقَى عَلَى قَوْلِهِمْ تَمَامَ خَمْسِينَ أَوْ سِتِّينَ سَنَةً لَا تَتَزَوَّجُ . وَلَكِنْ فِي هَذَا عُسْرٌ وَحَرَجٌ فِي الدِّينِ وَتَضْيِيعُ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ .
ــــــــــــــ
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ امْرَأَةٍ كَانَتْ تَحِيضُ وَهِيَ بِكْرٌ فَلَمَّا تَزَوَّجَتْ وَلَدَتْ سِتَّةَ أَوْلَادٍ وَلَمْ تَحِضْ بَعْدَ ذَلِكَ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ زَوْجِهَا وَهِيَ مُرْضِعٌ وَأَقَامَتْ عِنْدَ أَهْلِهَا نِصْفَ سَنَةٍ وَلَمْ تَحِضْ وَجَاءَ رَجُلٌ يَتَزَوَّجُهَا غَيْرُ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَحَضَرُوا عِنْدَ قَاضٍ(12/331)
مِنْ الْقُضَاةِ فَسَأَلَهَا عَنْ الْحَيْضِ ؟ فَقَالَتْ : لِي مُدَّةُ سِنِينَ مَا حِضْت . فَقَالَ الْقَاضِي : مَا يَحِلُّ لَك عِنْدِي زَوَاجٌ فَزَوَّجَهَا حَاكِمٌ آخَرُ وَلَمْ يَسْأَلْهَا عَنْ الْحَيْضِ فَبَلَغَ خَبَرُهَا إلَى قَاضٍ آخَرَ فَاسْتَحْضَرَ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ فَضَرَبَ الرَّجُلَ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَقَالَ : زَنَيْت وَطَلَّقَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ فَهَلْ يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : إنْ كَانَ قَدْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا بِمَرَضِ أَوْ رَضَاعٍ فَإِنَّهَا تَتَرَبَّصُ حَتَّى يَزُولَ الْعَارِضُ وَتَحِيضَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ ؛ وَإِنْ كَانَ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ فَهَذِهِ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَا قَالَ عُمَرُ : تَمْكُثُ سَنَةً ثُمَّ تَزَوَّجُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَد الْمَعْرُوفُ فِي مَذْهَبِهِ وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ : وَإِنْ كَانَتْ " فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ " فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ وَاَلَّذِي فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَصَابَ فِي ذَلِكَ وَأَصَابَ فِي تَأْدِيبِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ . وَإِنْ كَانَتْ مِنْ " الْقِسْمِ الثَّانِي " قَدْ زَوَّجَهَا حَاكِمٌ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ مِنْ الْحُكَّامِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَقَعْ بِهَا طَلَاقٌ فَإِنَّ فِعْلَ الْحَاكِمِ لِمِثْلِ ذَلِكَ يَجُوزُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ .
ــــــــــــــ
بَابُ الرَّضَاعِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَصْلٌ وَأَمَّا " الْمُحَرَّمَاتُ بِالرَّضَاعِ " فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ } وَفِي لَفْظٍ : { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ } وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ ؛ لَا أَعْلَمُ فِيهِ نِزَاعًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْمَعْرُوفِينَ . فَإِذَا ارْتَضَعَ الطِّفْلُ مِنْ امْرَأَةٍ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فِي الْحَوْلَيْنِ قَبْلَ الْفِطَامِ صَارَ وَلَدَهَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَصَارَ الرَّجُلُ الَّذِي دَرَّ اللَّبَنَ بِوَطْئِهِ أَبًا لِهَذَا الْمُرْتَضِعِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْمَشْهُورِينَ وَهَذَا يُسَمَّى " لَبَنُ الْفَحْلِ " وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { فَإِنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ قَدْ أَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ وَكَانَ لَهَا زَوْجٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو القعيس فَجَاءَ أَخُوهُ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا فَأَبَتْ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ حَتَّى سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا : إيذني لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّك فَقَالَتْ عَائِشَةُ : إنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ ؛ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ فَقَالَ : إنَّهُ عَمُّك فَلْيَلِجْ عَلَيْك . } وَقَالَ : { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ } . وَإِذَا صَارَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالِدَيْ الْمُرْتَضِعِ صَارَ كُلٌّ مِنْ أَوْلَادِهِمَا إخْوَةَ الْمُرْضَعِ ؛ سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ الْأَبِ فَقَطْ أَوْ مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ مِنْهُمَا أَوْ كَانُوا أَوْلَادًا لَهُمَا مِنْ الرَّضَاعَةِ ؛ فَإِنَّهُمْ يَصِيرُونَ إخْوَةً لِهَذَا الْمُرْتَضِعِ مِنْ الرَّضَاعَةِ ؛
حَتَّى لَوْ كَانَ لِرَجُلِ امْرَأَتَانِ فَأَرْضَعَتْ هَذِهِ طِفْلًا وَهَذِهِ طِفْلَةً : كَانَا أَخَوَيْنِ ؛ وَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا التَّزَوُّجُ بِالْآخَرِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَجُمْهُورِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ . وَهَذِهِ " الْمَسْأَلَةُ " سُئِلَ عَنْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ : اللِّقَاحُ وَاحِدٌ يَعْنِي الرَّجُلُ الَّذِي وَطِئَ الْمَرْأَتَيْنِ حَتَّى دَرَّ اللَّبَنَ وَاحِدٌ . وَلَا فَرْقَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَ أَوْلَادِ الْمَرْأَةِ الَّذِينَ رَضَعُوا مَعَ الطِّفْلِ وَبَيْنَ مَنْ وُلِدَ لَهَا قَبْلَ الرَّضَاعَةِ وَبَعْدَ الرَّضَاعَةِ : بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ . وَمَا يَظُنُّهُ كَثِيرٌ مِنْ الْجُهَّالِ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ مَنْ رَضَعَ مَعَهُ : هُوَ ضَلَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ إنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى اسْتِحْلَالِ ذَلِكَ اُسْتُتِيبَ كَمَا يُسْتَتَابُ سَائِرُ مَنْ أَبَاحَ الْإِخْوَةَ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ . وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَجَمِيعُ " أَقَارِبِ الْمَرْأَةِ أَقَارِبُ لِلْمُرْتَضِعِ مِنْ الرَّضَاعَةِ " أَوْلَادُهَا إخْوَتُهُ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهَا أَوْلَادُ إخْوَتِهِ وَآبَاؤُهَا وَأُمَّهَاتُهَا أَجْدَادُهُ وَإِخْوَتُهَا وَأَخَوَاتُهَا أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ : وَكُلُّ هَؤُلَاءِ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَأَمَّا " بَنَاتُ أَخْوَالِهِ(12/332)
وَخَالَاتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ " فَحَلَالٌ كَمَا يَحِلُّ ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ ؛ وَأَقَارِبُ الرَّجُلِ أَقَارِبُهُ مِنْ الرَّضَاعِ : أَوْلَادُ إخْوَتِهِ وَأَوْلَادُهُمْ أَوْلَادُ إخْوَتِهِ . وَإِخْوَتُهُ أَعْمَامُهُ وَعَمَّاتُهُ وَهُنَّ حَرَامٌ عَلَيْهِ . وَحَلَّ لَهُ بَنَاتُ عَمِّهِ وَبَنَاتُ عَمَّاتِهِ . وَأَوْلَادُ الْمُرْتَضِعِ بِمَنْزِلَتِهِ كَمَا أَنَّ
أَوْلَادَ الْمَوْلُودِ بِمُنْزِلَتِهِ فَلَيْسَ لِأَوْلَادِهِ مِنْ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ أَنْ يَتَزَوَّجُوا إخْوَتَهُ وَلَا إخْوَةَ أَبِيهِ لَا مِنْ نَسَبٍ وَلَا رَضَاعٍ لِأَنَّهُمْ أَعْمَامُهُمْ وَعَمَّاتُهُمْ وَأَخْوَالُهُمْ وَخَالَاتُهُمْ . وَأَمَّا إخْوَةُ الْمُرْتَضِعِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ غَيْرِ رَضَاعِ هَذِهِ الْمُرْضِعَةِ فَهُمْ أَجَانِبُ مِنْهَا وَمِنْ أَقَارِبِهَا فَيَجُوزُ لِإِخْوَةِ هَؤُلَاءِ أَنْ يَتَزَوَّجُوا أَوْلَادَ الْمُرْضِعَةِ ؛ كَمَا إذَا كَانَ أَخٌ لِلرَّجُلِ مِنْ أَبِيهِ وَأُخْتٌ مِنْ أُمِّهِ . وَبِالْعَكْسِ : جَازَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ؛ وَهُوَ نَفْسُهُ لَا يَتَزَوَّجُ وَاحِدًا مِنْهُمَا : فَكَذَلِكَ الْمُرْتَضِعُ هُوَ نَفْسُهُ لَا يَتَزَوَّجُ وَاحِدًا مِنْ أَوْلَادِ مُرْضِعِهِ ؛ وَلَا أَحَدًا مِنْ أَوْلَادِ وَالِدَيْهِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ إخْوَتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ ؛ وَهَؤُلَاءِ إخْوَتُهُ مِنْ النَّسَبِ . وَيَجُوزُ لِإِخْوَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ أَنْ يَتَزَوَّجُوا إخْوَتَهُ مِنْ النَّسَبِ كَمَا يَجُوزُ لِإِخْوَتِهِ مِنْ أَبِيهِ أَنْ يَتَزَوَّجُوا إخْوَتَهُ مِنْ أُمِّهِ . وَهَذَا كُلُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ . وَلَكِنْ بَعْضُ الْمُنْتَصِبِينَ لِلْفُتْيَا قَدْ يُغَلِّظُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ ؛ لِالْتِبَاسِ أَمْرِهَا عَلَى الْمُسْتَفْتِينَ وَلَا يَذْكُرُونَ مَا يُسْأَلُونَ عَنْهُ بِالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الشَّرْعِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ : اثْنَانِ تَرَاضَعَا : هَلْ يَتَزَوَّجُ هَذَا بِأُخْتِ هَذَا ؟ وَهَذَا سُؤَالٌ مُجْمَلٌ . فَالْمُرْتَضِعُ نَفْسُهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ أَخَوَاتِ الْآخَرِ اللَّاتِي هُنَّ مِنْ أُمِّهِ الَّتِي أَرْضَعَتْ ؛ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَخَوَاتٌ مِنْ غَيْرِ
تِلْكَ الْأُمِّ فَهُنَّ أَجَانِبُ مِنْ الْمُرْتَضِعِ فَلِلْمُرْتَضِعِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهُنَّ . وَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ : طِفْلٌ وَطِفْلَةٌ تَرَاضَعَا أَوْ طِفْلَانِ تَرَاضَعَا : هَلْ يَحِلُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا بِإِخْوَةِ الْآخَرِ وَيَتَزَوَّجَ الْأَخَوَاتُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ ؟ فَجَوَابُ ذَلِكَ أَنَّ إخْوَةَ كُلٍّ مِنْ الْمُتَرَاضِعَيْنِ لَهُمْ أَنْ يَتَزَوَّجُوا أَخَوَاتِ الْآخَرِ ؛ إذَا لَمْ يَرْتَضِعْ الْخَاطِبُ مِنْ أُمِّ الْمَخْطُوبَةِ وَلَا الْمَخْطُوبَةُ مِنْ أُمِّ الْخَاطِبِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ . وَأَمَّا الْمُتَرَاضِعَانِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ شَيْئًا مِنْ أَوْلَادِ الْمُرْضِعَةِ فَلَا يَتَزَوَّجُ هَذَا بِأَحَدِ مِنْ إخْوَةِ الْآخَرِ مِنْ الْأُمِّ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ أَوْ مِنْ الْأَبِ صَاحِبِ اللَّبَنِ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ إخْوَةِ الْآخَرِ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ أَوْلَادِ أَبَوَيْهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ . فَهَذَا جَوَابُ هَذِهِ الْأَقْسَامِ . فَإِنَّ الرَّضِيعَ : إمَّا أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ إخْوَةِ الْمُرْتَضِعِ الْآخَرِ مِنْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ أَوْ الرَّجُلِ وَإِمَّا أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ إخْوَةِ الْمُرْتَضِعِ الْآخَرِ مِنْ النَّسَبِ أَوْ مِنْ رَضَاعَةٍ أُخْرَى . وَإِخْوَةُ الرَّضِيعِ إمَّا أَنْ يَتَزَوَّجُوا مِنْ هَؤُلَاءِ وَإِمَّا مِنْ هَؤُلَاءِ وَإِمَّا مِنْ هَؤُلَاءِ . فَإِخْوَةُ الرَّضِيعِ لَهُمْ أَنْ يَتَزَوَّجُوا الْجَمِيعَ : أَوْلَادُ الْمُرْضِعَةِ وَزَوْجِهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ . وَلِإِخْوَةِ هَذَا أَنْ يَتَزَوَّجُوا بِإِخْوَةِ هَذَا ؛ بَلْ لأب هَذَا مِنْ النَّسَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَه مِنْ الرَّضَاعِ . وَأَمَّا أَوْلَادُ الْمُرْضِعَةِ فَلَا
يَتَزَوَّجُ أَحَدٌ مِنْهُنَّ الْمُرْتَضِعَ ؛ وَلَا أَوْلَادَهُ ؛ وَلَا يَتَزَوَّجُ أَحَدًا مِنْ أَوْلَادِ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ ؛ لَا مِنْ نَسَبٍ ؛ وَلَا مِنْ رَضَاعٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ : إمَّا عَمًّا وَإِمَّا خَالًا . وَهَذَا كُلُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ . " ثُمَّ الرَّضَاعُ الْمُحَرَّمُ " فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مَشْهُورَةٍ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ عَنْ أَحْمَد " أَحَدُهَا " أَنَّهُ يَحْرُمُ كَثِيرُهُ وَقَلِيلُهُ . وَهِيَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِإِطْلَاقِ الْقُرْآنِ . " وَالثَّانِي " لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ وَيُحَرِّمُ مَا فَوْقَ ذَلِكَ . وَهُوَ مَذْهَبُ طَائِفَةٍ ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : { لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ(12/333)
وَالرَّضْعَتَانِ } " وَرُوِيَ " { الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ } " وَرُوِيَ { الإملاجة ؛ والإملاجتان } " فَنَفَى التَّحْرِيمَ عَنْهُمَا وَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى الْعُمُومِ وَالْمَفْهُومِ . " وَالثَّالِثُ " أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ إلَّا خَمْسُ رَضَعَاتٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَد لِحَدِيثَيْنِ صَحِيحَيْنِ . حَدِيثِ عَائِشَةَ : { إنَّ مِمَّا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ ثُمَّ نسخن بِخَمْسِ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ } وَلِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عتبة بْنِ رَبِيعَةَ أَنْ تُرْضِعَ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عتبة بْنِ رَبِيعَةَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ ؛ لِيَصِيرَ مَحْرَمًا لَهَا بِذَلِكَ . وَعَلَى هَذَا فَالرَّضْعَةُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد لَيْسَتْ هِيَ الشِّبْعَةُ وَهُوَ
أَنْ يَلْتَقِمَ الثَّدْيَ ثُمَّ يسيبه ثُمَّ يَلْتَقِمَهُ ثُمَّ يسيبه حَتَّى يَشْبَعَ بَلْ إذَا أَخَذَ الثَّدْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَهِيَ رَضْعَةٌ سَوَاءٌ شَبِعَ بِهَا أَوْ لَمْ يَشْبَعْ إلَّا بِرَضَعَاتِ فَإِذَا الْتَقَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَضَعَ ثُمَّ تَرَكَهُ فَرَضْعَةٌ أُخْرَى وَإِنْ تَرَكَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ ثُمَّ عَادَ قَرِيبًا فَفِيهِ نِزَاعٌ .
ــــــــــــــ
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا الَّذِي يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ ؟ وَمَا الَّذِي لَا يَحْرُمُ ؟ وَمَا دَلِيلُ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " { أَنَّهُ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ } . وَلْتُبَيِّنُوا جَمِيعَ التَّحْرِيمِ مِنْهُ ؟ وَهَلْ لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ اخْتِلَافٌ ؟ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ اخْتِلَافٌ فَمَا هُوَ الصَّوَابُ وَالرَّاجِحُ فِيهِ ؟ وَهَلْ حُكْمُ رَضَاعِ الصَّبِيِّ الْكَبِيرِ الَّذِي دُونَ الْبُلُوغِ أَوْ الَّذِي يَبْلُغُ حُكْمُهُ حُكْمَ الصَّغِيرِ الرَّضِيعِ ؛ فَإِنَّ بَعْضَ النِّسْوَةِ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ خَمْسَ سِنِينَ ؛ وَأَكْثَرَ وَأَقَلَّ ؟ وَهَلْ يَقَعُ تَحْرِيمٌ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ الْمُتَزَوِّجَيْنِ بِرِضَاعِ بَعْضِ قَرَابَاتِهِمْ لِبَعْضِ ؟ وَبَيِّنُوهُ بَيَانًا شَافِيًا ؟
الْجَوَابُ
الْجَوَابُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . حَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ ؛ وَهُوَ مُتَلَقًّى بِالْقَبُولِ ؛ فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ اتَّفَقُوا عَلَى الْعَمَلِ بِهِ وَلَفْظُهُ : { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ } " وَالثَّانِي : " { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ } " : وَقَدْ اسْتَثْنَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْمُسْتَأْخِرِينَ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ صُورَتَيْنِ ؛ وَبَعْضُهُمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا خَطَأٌ ؛ فَإِنَّهُ لَا يُحْتَاجُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ الْحَدِيثِ شَيْءٌ . وَنَحْنُ نُبَيِّنُ ذَلِكَ فَنَقُولُ . إذَا ارْتَضَعَ الرَّضِيعُ مِنْ الْمَرْأَةِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فِي الْحَوْلَيْنِ صَارَتْ الْمَرْأَةُ أُمَّهُ وَصَارَ زَوْجُهَا الَّذِي جَاءَ اللَّبَنُ بِوَطْئِهِ أَبَاهُ فَصَارَ ابْنًا لِكُلِّ مِنْهُمَا مِنْ الرَّضَاعَةِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ جَمِيعُ أَوْلَادِ الْمَرْأَةِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَمِنْ غَيْرِهِ وَجَمِيعُ أَوْلَادِ الرَّجُلِ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا إخْوَةً لَهُ سَوَاءٌ وُلِدُوا قَبْلَ الرَّضَاعِ أَوْ بَعْدَهُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ . وَإِذَا كَانَ أَوْلَادُهُمَا إخْوَتَهُ كَانَ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِمَا أَوْلَادَ إخْوَتِهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَضِعِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَدًا مِنْ أَوْلَادِهِمَا وَلَا أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا ؛ فَإِنَّهُمْ : إمَّا إخْوَتُهُ وَإِمَّا أَوْلَادُ إخْوَتِهِ وَذَلِكَ يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ . وَإِخْوَةُ الْمَرْأَةِ وَأَخَوَاتُهَا أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ وَأَبُوهَا وَأُمُّهَا أَجْدَادُهُ وَجَدَّاتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَدًا مِنْ إخْوَتِهَا . وَلَا مِنْ أَخَوَاتِهَا وَإِخْوَةُ الرَّجُلِ أَعْمَامُهُ وَعَمَّاتُهُ
. وَأَبُو الرَّجُلِ وَأُمَّهَاتُهُ أَجْدَادُهُ وَجَدَّاتُهُ ؛ فَلَا يَتَزَوَّجُ بِأَعْمَامِهِ وَعَمَّاتِهِ وَلَا بِأَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ ؛ لَكِنْ يَتَزَوَّجُ بِأَوْلَادِ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ ؛ فَإِنَّ جَمِيعَ أَقَارِبِ الرَّجُلِ حَرَامٌ عَلَيْهِ ؛ أَوْلَادُ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ ؛ وَأَوْلَادُ الْخَالِ وَالْخَالَاتِ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ(12/334)
إنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ } فَهَؤُلَاءِ " الْأَصْنَافُ الْأَرْبَعَةُ " هِيَ الْمُبَاحَاتُ مِنْ الْأَقَارِبِ فيبحن مِنْ الرَّضَاعَةِ . وَإِذَا كَانَ الْمُرْتَضِعُ ابْنًا لِلْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا فَأَوْلَادُهُ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِمَا وَيَحْرُمُ عَلَى أَوْلَادِهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْأَوْلَادِ مِنْ النَّسَبِ . فَهَذِهِ الْجِهَاتُ الثَّلَاثُ مِنْهَا تَنْتَشِرُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ . وَأَمَّا إخْوَةُ الْمُرْتَضِعِ مِنْ النَّسَبِ ؛ وَأَبُوهُ مِنْ النَّسَبِ وَأُمُّهُ مِنْ النَّسَبِ : فَهُمْ أَجَانِبُ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَإِخْوَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ ؛ لَيْسَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ صِلَةٌ وَلَا نَسَبٌ وَلَا رَضَاعٌ ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَخٌ مِنْ أَبِيهِ وَأَخٌ مِنْ أُمِّهِ وَلَا نَسَبَ بَيْنَهُمَا ؛ بَلْ يَجُوزُ لِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ أَنْ يَتَجَوَّزَ أَخَاهُ مِنْ أُمِّهِ ؛ فَكَيْفَ إذَا كَانَ أَخٌ مِنْ النَّسَبِ وَأُخْتٌ مِنْ الرَّضَاعِ ؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِهَذَا أَنْ يَتَزَوَّجَ هَذَا وَلِهَذَا أَنْ يَتَزَوَّجَ هَذَا . وَبِهَذَا تَزُولُ الشُّبْهَةُ الَّتِي تَعْرِضُ
لِبَعْضِ النَّاسِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُرْتَضِعِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَخُوهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ بِأُمِّهِ مِنْ النَّسَبِ كَمَا يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهِ مِنْ النَّسَبِ . وَيَجُوزُ لِأَخِيهِ مِنْ النَّسَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَه مِنْ الرَّضَاعَةِ وَهَذَا لَا نَظِيرَ لَهُ فِي النَّسَبِ ؛ فَإِنَّ أخ الرَّجُلِ مِنْ النَّسَبِ لَا يَتَزَوَّجُ بِأُمِّهِ مِنْ النَّسَبِ . وَأُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ لَيْسَتْ بِنْتَ أَبِيهِ مِنْ النَّسَبِ وَلَا رَبِيبَتَهُ فَلِهَذَا جَازَ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ . فَيَقُولُ مَنْ لَا يُحَقِّقُ : يَحْرُمُ فِي النَّسَبِ عَلَى أَخِي أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمِّي وَلَا يَحْرُمُ مِثْلُ هَذَا فِي الرَّضَاعِ . وَهَذَا غَلَطٌ مِنْهُ ؛ فَإِنَّ نَظِيرَ الْمُحَرَّمِ مِنْ النَّسَبِ أَنْ تَتَزَوَّجَ أُخْتُهُ أَوْ أَخُوهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ بِابْنِ هَذَا الْأَخِ أَوْ بِأُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ كَمَا لَوْ ارْتَضَعَ هُوَ وَآخَرُ مِنْ امْرَأَةٍ وَاللَّبَنُ لِفَحْلِ ؛ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ أَخَاهُ وَأُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ ؛ لِكَوْنِهِمَا أَخَوَيْنِ لِلْمُرْتَضِعِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَزَوَّجَا أَبَاهُ وَأُمَّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ ؛ لِكَوْنِهِمَا وَلَدَيْهِمَا مِنْ الرَّضَاعَةِ ؛ لَا لِكَوْنِهِمَا أَخَوَيْ وَلَدَيْهِمَا . فَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا وَنَحْوَهُ زَالَتْ عَنْهُ الشُّبْهَةُ . وَأَمَّا " رَضَاعُ الْكَبِيرِ " فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ فِي مَذْهَبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ ؛ بَلْ لَا يَحْرُمُ إلَّا رَضَاعُ الصَّغِيرِ كَاَلَّذِي رَضَعَ فِي الْحَوْلَيْنِ . وَفِيمَنْ رَضَعَ قَرِيبًا مِنْ الْحَوْلَيْنِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ ؛ لَكِنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ . فَأَمَّا الرَّجُلُ
الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ فَلَا يَحْرُمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِرَضَاعِ القرايب : مِثْلَ أَنْ تُرْضِعَ زَوْجَتُهُ لِأَخِيهِ مِنْ النَّسَبِ : فَهُنَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِاَلَّتِي هِيَ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ لِأَخِيهِ مِنْ النَّسَبِ ؛ إذْ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا صِلَةُ نَسَبٍ وَلَا رَضَاعٍ ؛ وَإِنَّمَا حَرُمَتْ عَلَى أَخِيهِ لِأَنَّهَا أُمُّهُ مِنْ الرَّضَاعِ وَلَيْسَتْ أُمَّ نَفْسِهِ مِنْ الرَّضَاعِ . وَأُمُّ الْمُرْتَضِعِ مِنْ الرَّضَاعِ لَا تَكُونُ أُمًّا لِإِخْوَتِهِ مِنْ النَّسَبِ ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَرْضَعَتْ الرَّضِيعَ وَلَمْ تُرْضِعْ غَيْرَهُ . نَعَمْ : لَوْ كَانَ لِلرَّجُلِ نِسْوَةٌ يَطَؤُهُنَّ وَأَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طِفْلًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ؛ وَلِهَذَا لَمَّا سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ذَلِكَ قَالَ : اللِّقَاحُ وَاحِدٌ . وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ ؛ لِحَدِيثِ أَبِي القعيس الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ مَعْرُوفٌ . وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّ أَخِيهِ مِنْ النَّسَبِ ؛ لِأَنَّهَا أُمُّهُ أَوْ امْرَأَةُ أَبِيهِ ؛ وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْهِ . وَأَمَّا أُمُّ أَخِيهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَلَيْسَتْ أُمَّهُ وَلَا امْرَأَةَ أَبِيهِ ؛ لِأَنَّ زَوْجَهَا صَاحِبَ اللَّبَنِ لَيْسَ أَبًا لِهَذَا ؛ لَا مِنْ النَّسَبِ وَلَا مِنْ الرَّضَاعَةِ . فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ : إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { يَحْرُمُ مِنْ(12/335)
الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ } " وَأُمُّ أَخِيهِ مِنْ النَّسَبِ حَرَامٌ فَكَذَلِكَ مِنْ الرَّضَاعِ . قُلْنَا : هَذَا تَلْبِيسٌ وَتَدْلِيسٌ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ
لَمْ يَقُلْ : حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُ أَخَوَاتِكُمْ ؛ وَإِنَّمَا قَالَ : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ } فَحَرَّمَ عَلَى الرَّجُلِ أُمَّهُ وَمَنْكُوحَةَ أَبِيهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أُمَّهُ . وَهَذِهِ تَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَلَا يَتَزَوَّجُ أُمَّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ . وَأَمَّا مَنْكُوحَةُ أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ فَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ أَنَّهَا تَحْرُمُ ؛ لَكِنْ فِيهَا نِزَاعٌ لِكَوْنِهَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ بِالصِّهْرِ ؛ لَا بِالنَّسَبِ وَالْوِلَادَةِ . وَلَيْسَ الْكَلَامُ هُنَا فِي تَحْرِيمِهَا فَإِنَّهُ إذَا قِيلَ : تَحْرُمُ مَنْكُوحَةُ أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَفَّيْنَا بِعُمُومِ الْحَدِيثِ . وَأَمَّا أُمُّ أَخِيهِ الَّتِي لَيْسَتْ أُمًّا وَلَا مَنْكُوحَةَ أَب : فَهَذِهِ لَا تُوجَدُ فِي النَّسَبِ ؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : تَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ فَلَا يَحْرُمُ نَظِيرُهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ فَتَبْقَى أُمُّ الْأُمِّ مِنْ النَّسَبِ لِأَخِيهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ الْأُمُّ مِنْ الرَّضَاعَةِ لِأَخِيهِ مِنْ النَّسَبِ : لَا نَظِيرَ لَهَا مِنْ الْوِلَادَةِ فَلَا تَحْرُمُ . وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ــــــــــــــ
وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ خَطَبَ قَرِيبَتَهُ فَقَالَ : وَالِدُهَا هِيَ رَضَعَتْ مَعَك وَنَهَاهُ عَنْ التَّزْوِيجِ بِهَا فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُوهُ تَزَوَّجَ بِهَا وَكَانَ الْعُدُولُ شَهِدُوا عَلَى وَالِدَتِهَا أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْكَرَتْ وَقَالَتْ : مَا قُلْت هَذَا الْقَوْلَ إلَّا لِغَرَضِ : فَهَلْ يَحِلُّ تَزْوِيجُهَا ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ . إنْ كَانَتْ الْأُمُّ مَعْرُوفَةً بِالصِّدْقِ وَذَكَرَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إذَا تَزَوَّجَهَا فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ أَنْ يُفَارِقَ امْرَأَتَهُ لَمَّا ذَكَرَتْ الْأَمَةُ السَّوْدَاءُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُمَا } " . وَأَمَّا إذَا شَكَّ فِي صِدْقِهَا أَوْ فِي عَدَدِ الرَّضَعَاتِ : فَإِنَّهَا تَكُونُ مِنْ الشُّبُهَاتِ : فَاجْتِنَابُهَا أَوْلَى وَلَا يُحْكَمُ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا إلَّا بِحُجَّةِ تُوجِبُ ذَلِكَ . وَإِذَا رَجَعَتْ عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ لَمْ تَحْرُمْ الزَّوْجَةُ ؛ لَكِنْ إنْ عُرِفَ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ فِي رُجُوعِهَا وَأَنَّهَا رَجَعَتْ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا حَتَّى كَتَمَتْ الشَّهَادَةَ : لَمْ يَحِلَّ التَّزْوِيجُ وَاَللَّه أَعْلَمُ .
ــــــــــــــ
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ لَهُ بِنْتُ عَمٍّ ؛ وَوَالِدُ الْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ قَدْ رَضَعَ بِأُمِّ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَحَدِ إخْوَتِهِ وَذَكَرَتْ أُمُّ الرِّجْلِ الْمَذْكُورِ : أَنَّهُ لَمَّا رَضَعَهَا كَانَ عُمْرُهُ أَكْثَرَ مِنْ حَوْلَيْنِ : فَهَلْ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ عَمِّهِ ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : إنْ كَانَ الرَّضَاعُ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ لَمْ يُحَرِّمْ شَيْئًا .
ــــــــــــــ
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ امْرَأَةٍ أَعْطَتْ لِامْرَأَةٍ أُخْرَى وَلَدًا ؛ وَهُمَا فِي الْحَمَّامِ فَلَمْ تَشْعُرْ الْمَرْأَةُ الَّتِي أَخَذَتْ الْوَلَدَ إلَّا وَثَدْيُهَا فِي فَمِ الصَّبِيِّ فَانْتَزَعَتْهُ مِنْهُ فِي سَاعَتِهِ وَمَا عَلِمَتْ هَلْ ارْتَضَعَ أَمْ لَا : فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ بَنَاتِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ ؛ أَمْ لَا ؟(12/336)
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : لَا يَحْرُمُ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ بِذَلِكَ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً مِنْ أَوْلَادِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ أُمَّهُ وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالشَّكِّ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ــــــــــــــ
الفتاوى الكبرى - (ج 4 / ص 84)
502 - 502 - 104 - مَسْأَلَةٌ : مَا الَّذِي يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ ؟ وَمَا الَّذِي لَا يَحْرُمُ ؟ وَمَا دَلِيلُ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : " إنَّهُ { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ } " وَلِيَتَبَيَّنُوا جَمِيعَ التَّحْرِيمِ مِنْهُ ؟ وَهَلْ لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ اخْتِلَافٌ ؟ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ اخْتِلَافٌ فَمَا هُوَ الصَّوَابُ وَالرَّاجِحُ فِيهِ ؟ وَهَلْ حُكْمُ رَضَاعِ الصَّبِيِّ الْكَبِيرِ الَّذِي دُونَ الْبُلُوغِ أَوْ الَّذِي يَبْلُغُ حُكْمُهُ حُكْمَ الصَّغِيرِ الرَّضِيعِ ، فَإِنَّ بَعْضَ النِّسْوَةِ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ خَمْسَ سِنِينَ وَأَكْثَرَ وَأَقَلَّ ؟ وَهَلْ يَقَعُ تَحْرِيمٌ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ الْمُتَزَوِّجَيْنِ بِرَضَاعِ بَعْضِ قَرَابَاتِهِمْ لِبَعْضٍ ، وَبَيِّنُوهُ بَيَانًا شَافِيًا ؟ الْجَوَابُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ ، وَهُوَ مُتَلَقًّى بِالْقَبُولِ ، فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ اتَّفَقُوا عَلَى الْعَمَلِ بِهِ ، وَلَفْظُهُ : { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ } " .
وَالثَّانِي : { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ } .
وَقَدْ اسْتَثْنَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ صُورَتَيْنِ ، وَبَعْضُهُمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، وَهَذَا خَطَأٌ ، فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ الْحَدِيثِ شَيْءٌ ، وَنَحْنُ نُبَيِّنُ ذَلِكَ فَنَقُولُ : إذَا ارْتَضَعَ الرَّضِيعُ مِنْ الْمَرْأَةِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ مِنْ الْحَوْلَيْنِ ، صَارَتْ الْمَرْأَةُ أُمَّهُ ، وَصَارَ زَوْجُهَا الَّذِي جَاءَ اللَّبَنُ بِوَطْئِهِ أَبَاهُ ، فَصَارَ ابْنًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الرَّضَاعَةِ ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ جَمِيعُ أَوْلَادِ الْمَرْأَةِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَمِنْ غَيْرِهِ ، وَجَمِيعُ أَوْلَادِ الرَّجُلِ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا إخْوَةً لَهُ ، سَوَاءٌ وُلِدُوا قَبْلَ الرَّضَاعِ أَوْ بَعْدَهُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ .
وَإِذَا كَانَ أَوْلَادُهُمَا إخْوَتَهُ ، كَانَ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِمَا أَوْلَادَ إخْوَتِهِ ، فَلَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَضِعِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَدًا مِنْ أَوْلَادِهِمَا ، وَلَا أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا ، فَإِنَّهُمَا إمَّا إخْوَتُهُ وَإِمَّا أَوْلَادُ إخْوَتِهِ ، وَذَلِكَ يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ .
وَإِخْوَةُ الْمَرْأَةِ وَأَخَوَاتُهَا أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ ، وَأَبُوهَا وَأُمُّهَا أَجْدَادُهُ وَجَدَّاتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَدًا مِنْ إخْوَتِهَا ، وَلَا مِنْ أَخَوَاتِهَا ، وَإِخْوَةُ الرَّجُلِ أَعْمَامُهُ وَعَمَّاتُهُ ، وَأَبُو الرَّجُلِ وَأُمَّهَاتُهُ أَجْدَادُهُ وَجَدَّاتُهُ ، فَلَا يَتَزَوَّجُ بِأَعْمَامِهِ وَعَمَّاتِهِ ، وَلَا بِأَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ ، لَكِنْ يَتَزَوَّجُ بِأَوْلَادِ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ .
فَإِنَّ جَمِيعَ أَقَارِبِ الرَّجُلِ حَرَامٌ عَلَيْهِ .
إلَّا أَوْلَادُ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَأَوْلَادُ الْخَالِ وَالْخَالَاتِ ، كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُك مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْك وَبَنَاتِ عَمِّك وَبَنَاتِ عَمَّاتِك وَبَنَاتِ خَالِك وَبَنَاتِ خَالَاتِك اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك } .
فَهَؤُلَاءِ الْأَصْنَافُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ مِنْ الْأَقَارِبِ ، فَيُبَحْنَ مِنْ الرَّضَاعَةِ .
وَإِذَا كَانَ الْمُرْتَضِعُ ابْنًا لِلْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا فَأَوْلَادُهُ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِمَا ، وَيَحْرُمُ عَلَى أَوْلَادِهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْأَوْلَادِ مِنْ النَّسَبِ ، فَهَذِهِ الْجِهَاتُ الثَّلَاثُ مِنْهَا تَنْتَشِرُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ .(12/337)
وَأَمَّا إخْوَةُ الْمُرْتَضِعِ مِنْ النَّسَبِ ، وَأَبُوهُ مِنْ النَّسَبِ ، وَأُمُّهُ مِنْ النَّسَبِ ، فَهُمْ أُجَانِبُ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَإِخْوَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ ، لَيْسَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ صِلَةٌ وَلَا نَسَبٌ وَلَا رَضَاعٌ ، لِأَنَّ الرَّجُلَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَخٌ مِنْ أَبِيهِ ، وَأُخْتٌ مِنْ أُمِّهِ ، وَلَا نَسَبَ بَيْنَهُمَا ، بَلْ يَجُوزُ لِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهُ مِنْ أُمِّهِ ، فَكَيْفَ إذَا كَانَ أَخٌ مِنْ النَّسَبِ وَأُخْتٌ مِنْ الرَّضَاعِ ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِهَذَا أَنْ يَتَزَوَّجَ هَذَا ، وَلِهَذَا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَذَا .
وَبِهَذَا تَزُولُ الشُّبْهَةُ الَّتِي تَعْرِضُ لِبَعْضِ النَّاسِ ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُرْتَضِعِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَخُوهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ بِأُمِّهِ مِنْ النَّسَبِ ، كَمَا يَتَزَوَّجُ بِأُخْتِهِ مِنْ النَّسَبِ وَيَجُوزُ لِأَخِيهِ مِنْ النَّسَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ .
وَهَذَا لَا نَظِيرَ لَهُ فِي النَّسَبِ ، فَإِنَّ أَخَا الرَّجُلِ مِنْ النَّسَبِ لَا يَتَزَوَّجُ بِأُمِّهِ مِنْ النَّسَبِ ، وَأُخْتَه مِنْ الرَّضَاعِ لَيْسَتْ بِنْتَ أَبِيهِ مِنْ النَّسَبِ وَلَا رَبِيبَتَهُ ، فَلِهَذَا جَازَ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ فَيَقُولُ مَنْ لَا يُحَقِّقُ : يَحْرُمُ فِي النَّسَبِ عَلَى أَخِي أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمِّي وَلَا يَحْرُمُ مِثْلُ هَذَا فِي الرَّضَاعِ .
وَهَذَا غَلَطٌ مِنْهُ ، فَإِنَّهُ نَظِيرُ الْمُحَرَّمِ مِنْ النَّسَبِ أَنْ تَتَزَوَّجَ أُخْتُهُ أَوْ أَخُوهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ بِابْنِ هَذَا الْأَخِ أَوْ بِأُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ ، كَمَا لَوْ ارْتَضَعَ هُوَ وَآخَرُ مِنْ امْرَأَةٍ ، وَاللَّبَنُ لِفَحْلٍ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ أَخَاهُ وَأُخْتَه مِنْ الرَّضَاعَةِ ، لِكَوْنِهِمَا أَخَوَيْنِ لِلْمُرْتَضِعِ ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَزَوَّجَا أَبَاهُ وَأُمَّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ لِكَوْنِهِمَا وَلَدَيْهِمَا مِنْ الرَّضَاعَةِ لَا لِكَوْنِهِمَا أَخَوَيْ وَلَدَيْهِمَا ، فَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا وَنَحْوَهُ زَالَتْ عَنْهُ الشُّبْهَةُ .
وَأَمَّا رَضَاعُ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ فِي مَذْهَبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ بَلْ لَا يَحْرُمُ إلَّا رَضَاعُ الصَّغِيرِ كَاَلَّذِي رَضَعَ فِي الْحَوْلَيْنِ ، وَفِيمَنْ رَضَعَ قَرِيبًا مِنْ الْحَوْلَيْنِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ ، لَكِنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ .
فَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ فَلَا يَحْرُمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِرَضَاعِ الْقَرَائِبِ ، مِثْلُ أَنْ تُرْضِعَ زَوْجَتُهُ لِأَخِيهِ مِنْ النَّسَبِ ، فَهُنَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِاَلَّتِي هِيَ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ لِأَخِيهِ مِنْ النَّسَبِ ، إذْ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا صِلَةُ نَسَبٍ وَلَا رَضَاعٍ .
وَإِنَّمَا حَرُمَتْ عَلَى أَخِيهَا لِأَنَّهَا أُمُّهُ مِنْ الرَّضَاعِ وَلَيْسَتْ أُمَّ نَفْسِهِ مِنْ الرَّضَاعِ ، وَأُمُّ الْمُرْتَضِعِ مِنْ الرَّضَاعِ لَا تَكُونُ أُمًّا لِإِخْوَتِهِ مِنْ النَّسَبِ ، لِأَنَّهَا إنَّمَا أَرْضَعَتْ الرَّضِيعَ وَلَمْ تُرْضِعْ غَيْرَهُ ، نَعَمْ لَوْ كَانَ لِلرَّجُلِ نِسْوَةٌ يَطَؤُهُنَّ وَأَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طِفْلًا لَمْ يَحِلَّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ، وَلِهَذَا لَمَّا سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ذَلِكَ ، قَالَ : اللِّقَاحُ وَاحِدٌ ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لِحَدِيثِ أَبِي الْقُعَيْسِ ، الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ .
وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّ أَخِيهِ مِنْ النَّسَبِ ؛ لِأَنَّهَا أُمُّهُ أَوْ امْرَأَةُ أَبِيهِ ، وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْهِ .
وَأَمَّا أُمُّ أَخِيهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَلَيْسَتْ أُمَّهُ ، وَلَا امْرَأَةَ أَبِيهِ ؛ لِأَنَّ زَوْجَهَا صَاحِبُ اللَّبَنِ لَيْسَ أَبًا لِهَذَا لَا مِنْ النَّسَبِ وَلَا مِنْ الرَّضَاعَةِ .
فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ : إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ } " ، وَأُمُّ أَخِيهِ مِنْ النَّسَبِ حَرَامٌ فَكَذَلِكَ مِنْ الرَّضَاعِ .(12/338)
قُلْنَا : هَذَا تَلْبِيسٌ وَتَدْلِيسٌ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَقُلْ : حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُ أَخَوَاتِكُمْ ، وَإِنَّمَا قَالَ : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ } فَحَرُمَ عَلَى الرَّجُلِ أُمُّهُ وَمَنْكُوحَةُ أَبِيهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أُمَّهُ ، وَهَذِهِ تَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَلَا يَتَزَوَّجُ أُمَّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ ، وَأَمَّا مَنْكُوحَةُ أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ ، فَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ أَنَّهَا تَحْرُمُ لَكِنْ فِيهَا نِزَاعٌ لِكَوْنِهَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ بِالصِّهْرِ لَا بِالنَّسَبِ وَالْوِلَادَةِ ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ هُنَا فِي تَحْرِيمِهَا ، فَإِنَّهُ إذَا قِيلَ : تَحْرُمُ مَنْكُوحَةُ أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَفَيْنَا بِعُمُومِ الْحَدِيثِ ، وَأَمَّا أُمُّ أَخِيهِ الَّتِي لَيْسَتْ أُمًّا وَلَا مَنْكُوحَةَ أَبٍ فَهَذِهِ لَا تُوجَدُ فِي النَّسَبِ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ تَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ فَلَا يَحْرُمُ نَظِيرُهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ فَتَبْقَى أُمُّ الْأُمِّ مِنْ النَّسَبِ لِأَخِيهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ ، أَوْ الْأُمُّ مِنْ الرَّضَاعَةِ لِأَخِيهِ مِنْ النَّسَبِ لَا نَظِيرَ لَهَا مِنْ الْوِلَادَةِ فَلَا تَحْرُمُ ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
503 - 503 - 105 - مَسْأَلَةٌ : فِي امْرَأَةٍ أَعْطَتْ لِامْرَأَةٍ أُخْرَى وَلَدًا وَهُمَا فِي الْحَمَّامِ ، فَلَمْ تَشْعُرْ الْمَرْأَةُ الَّتِي أَخَذَتْ الْوَلَدَ إلَّا وَثَدْيُهَا فِي فَمِ الصَّبِيِّ ، فَانْتَزَعَتْهُ مِنْهُ فِي سَاعَتِهِ ، وَمَا عَلِمَتْ ، هَلْ ارْتَضَعَ أَمْ لَا ؟ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ بَنَاتِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ لَا ؟ الْجَوَابُ : لَا يَحْرُمُ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ بِذَلِكَ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً مِنْ أَوْلَادِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ أُمَّهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالشَّكِّ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ .
ــــــــــــــ
504 - 504 - 106 - مَسْأَلَةٌ : فِي رَجُلٍ رَمَدٌ فَغَسَلَ عَيْنَيْهِ بِلَبَنِ زَوْجَتِهِ ، فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ إذَا حَصَلَ لَبَنُهَا فِي بَطْنِهِ ؟ وَرَجُلٌ يُحِبُّ زَوْجَتَهُ فَلَعِبَ مَعَهَا فَرَضَعَ مِنْ لَبَنِهَا ، فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ ؟ الْجَوَابُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ .
أَمَّا غَسْلُ عَيْنَيْهِ بِلَبَنِ امْرَأَتِهِ يَجُوزُ ، وَلَا تَحْرُمُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ كَبِيرٌ ، وَالْكَبِيرُ إذَا ارْتَضَعَ مِنْ امْرَأَتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ امْرَأَتِهِ لَمْ تَنْتَشِرْ بِذَلِكَ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ ، لِمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ مُخْتَصٌّ عِنْدَهُمْ بِذَلِكَ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ تَبَنَّوْهُ قَبْلَ تَحْرِيمِ التَّبَنِّي .
الثَّانِي : أَنَّ حُصُولَ اللَّبَنِ فِي الْعَيْنِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا نِزَاعًا ، وَلَكِنْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي السَّعُوطِ ، وَهُوَ مَا إذَا أَدْخَلَ فِي أَنْفِهِ بَعْدَ تَنَازُعِهِمْ بِالْوَجُورِ ، وَهُوَ مَا يُطْرَحُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ رَضَاعٍ ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْوَجُورَ يَحْرُمُ ، وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ ، وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ السَّعُوطُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ ، وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ .
وَالْجَوَابُ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ : أَنَّ ارْتِضَاعَهُ لَا يُحَرِّمُ امْرَأَتَهُ فِي مَذْهَبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ .
ــــــــــــــ
505 - 505 - 107 - مَسْأَلَةٌ : فِي امْرَأَةٍ أَوْدَعَتْ بِنْتَهَا عِنْدَ امْرَأَةِ أَخِيهَا ، وَغَابَتْ وَجَاءَتْ فَقَالَتْ : أَرْضَعْتِيهَا فَقَالَتْ : لَا وَحَلَفَتْ عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ إنَّ وَلَدَ أَخِيهَا كَبِرَ ، وَكَبِرَتْ بِنْتُهَا الصَّغِيرَةُ ، وَأُخْتُهَا ارْتَضَعَتْ مَعَ أَخِيهِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا ، فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ ؟ الْجَوَابُ : إذَا كَانَتْ الْبِنْتُ لَمْ تَرْضَعْ مِنْ أُمِّ الْخَاطِبِ ، وَلَا الْخَاطِبُ(12/339)
ارْتَضَعَ مِنْ أُمِّهَا جَازَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ ، وَإِنْ كَانَ إخْوَتُهَا وَأَخَوَاتُهَا مِنْ أُمِّ الْخَاطِبِ ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يُؤَثِّرُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، بَلْ الطِّفْلُ إذَا ارْتَضَعَ مِنْ امْرَأَةٍ صَارَتْ أُمَّهُ وَزَوْجُهَا صَاحِبُ اللَّبَنِ أَبَاهُ ، وَصَارَ أَوْلَادُهُمَا إخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ ، وَأَمَّا إخْوَةُ الْمُرْتَضِعِ مِنْ النَّسَبِ وَأَبُوهُ مِنْ النَّسَبِ وَأُمُّهُ مِنْ النَّسَبِ فَهُمْ أَجَانِبُ ، يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَتَزَوَّجُوا أَخَوَاتِهِ ، كَمَا يَجُوزُ مِنْ النَّسَبِ أَنْ تَتَزَوَّجَ أُخْتُ الرَّجُلِ مِنْ أُمِّهِ بِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ ، وَكُلُّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِلَا نِزَاعٍ فِيهِ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ــــــــــــــ
506 - 506 - 108 - مَسْأَلَةٌ : فِي رَجُلٍ لَهُ بَنَاتُ خَالَةٍ ، أُخْتَانِ الْوَاحِدَةُ رَضَعَتْ مَعَهُ ، وَالْأُخْرَى لَمْ تَرْضَعْ مَعَهُ ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الَّتِي لَمْ تَرْضَعْ مَعَهُ ؟ الْجَوَابُ : إذَا ارْتَضَعَ مِنْهَا خَمْسَ رَضَعَاتٍ فِي الْحَوْلَيْنِ صَارَ ابْنًا لَهَا ، وَحَرُمَ عَلَيْهِ جَمِيعُ بَنَاتِهَا مَنْ وُلِدَ قَبْلَ الرَّضَاعِ وَمَنْ وُلِدَ بَعْدَهُ ؛ لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتُهُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ ، وَمَتَى ارْتَضَعَتْ الْمَخْطُوبَةُ مِنْ أُمٍّ لَمْ يَجُزْ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ وَاحِدًا مِنْ ابْنَيْ الْمُرْضِعَةِ ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْخَاطِبُ لَمْ يَرْتَضِعْ مِنْ أُمِّ الْمَخْطُوبَةِ وَلَا هِيَ رَضَعَتْ مِنْ أُمِّهِ ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ ، وَإِنْ كَانَ إخْوَتُهُمَا تَرَاضَعَا .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ــــــــــــــ
507 - 507 - 109 - مَسْأَلَةٌ : فِي رَجُلٍ خَطَبَ قَرَابَتَهُ ، فَقَالَ وَالِدُهُ : هِيَ رَضَعَتْ مَعَك وَنَهَاهُ عَنْ التَّزْوِيجِ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُوهُ تَزَوَّجَ بِهَا ، وَكَانَ الْعُدُولُ شَهِدُوا عَلَى وَالِدَتِهَا أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْكَرَتْ وَقَالَتْ مَا قُلْت هَذَا الْقَوْلَ إلَّا لِغَرَضٍ ، فَهَلْ يَحِلُّ تَزْوِيجُهَا ؟ الْجَوَابُ : إنْ كَانَتْ الْأُمُّ مَعْرُوفَةً بِالصِّدْقِ وَذَكَرَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إذَا تَزَوَّجَهَا فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ : { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ أَنْ يُفَارِقَ امْرَأَتَهُ لَمَّا ذَكَرَتْ الْأَمَةُ السَّوْدَاءُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهَا } .
وَأَمَّا إذَا شَكَّ فِي صِدْقِهَا أَوْ فِي عَدَدِ الرَّضَعَاتِ فَإِنَّهَا تَكُونُ مِنْ الشُّبُهَاتِ ، فَاجْتِنَابُهَا أَوْلَى ، لَا يُحْكَمُ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا إلَّا بِحُجَّةٍ تُوجِبُ ذَلِكَ ، وَإِذَا رَجَعَتْ عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ لَمْ تَحْرُمْ الزَّوْجَةُ .
لَكِنْ إنْ عَرَفَ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ فِي رُجُوعِهَا ، وَأَنَّهَا رَجَعَتْ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا حَتَّى كَتَمَتْ الشَّهَادَةَ ، لَمْ يَحِلَّ التَّزْوِيجُ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ــــــــــــــ
508 - 508 - 110 - مَسْأَلَةٌ : فِيمَنْ تَسَلَّطَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ : الزَّوْجَةُ ، وَالْقِطُّ ، وَالنَّمْلُ .
الزَّوْجَةُ تُرْضِعُ مَنْ لَيْسَ وَلَدُهَا ، وَتُنَكِّدُ عَلَيْهِ وَفِرَاشَهُ بِذَلِكَ ، وَالْقِطُّ يَأْكُلُ الْفَرَارِيجَ ، وَالنَّمْلُ يَدِبُّ فِي الطَّعَامِ ، فَهَلْ لَهُمْ حَرْقُ بُيُوتِهِمْ بِالنَّارِ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ قَتْلُ الْقِطِّ ؟ وَهَلْ لَهُمْ مَنْعُ الزَّوْجَةِ مِنْ إرْضَاعِهَا ؟ الْجَوَابُ : لَيْسَ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تُرْضِعَ غَيْرَ وَلَدِهَا إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ ، وَالْقِطُّ إذَا صَالَ عَلَى مَالِهِ فَلَهُ دَفْعُهُ عَنْ الصَّوْلِ وَلَوْ بِالْقَتْلِ ، وَلَهُ أَنْ يَرْمِيَهُ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُ ضَرَرِهِ إلَّا بِالْقَتْلِ قُتِلَ .(12/340)
وَأَمَّا النَّمْلُ فَيُدْفَعُ ضَرَرُهُ بِغَيْرِ التَّحْرِيقِ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ــــــــــــــ
509 - 509 - 111 - مَسْأَلَةٌ : فِي أُخْتَيْنِ وَلَهُمَا بَنَاتٌ وَبَنِينَ ، فَإِذَا أَرْضَعَ الْأُخْتَانِ ، هَذِهِ بَنَاتِ هَذِهِ ، وَهَذِهِ بَنَاتِ هَذِهِ ، فَهَلْ يَحْرُمُ مَنْ عَلَى الْبَنِينَ أَمْ لَا ؟ الْجَوَابُ : إذَا أَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ الطِّفْلَةَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فِي الْحَوْلَيْنِ صَارَتْ بِنْتًا لَهَا ، وَصَارَ جَمِيعُ أَوْلَادِ الْمُرْضِعَةِ إخْوَةً لِهَذِهِ الْمُرْتَضِعَةِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ ، مَنْ وُلِدَ قَبْلَ الرَّضَاعِ وَمَنْ وُلِدَ بَعْدَهُ ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْمُرْضِعَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمُرْتَضِعَةَ ، بَلْ يَجُوزُ لِإِخْوَةِ الْمُرْتَضِعَةِ أَنْ يَتَزَوَّجُوا بِأَوْلَادِ الْمُرْضِعَةِ ، الَّذِينَ لَمْ يَرْتَضِعُوا مِنْ أُمِّهِنَّ ، فَالتَّحْرِيمُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُرْتَضِعَةِ لَا عَلَى إخْوَتِهَا الَّذِينَ لَمْ يَرْتَضِعُوا فَيَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَ أُخْتِهِ إذَا كَانَ هُوَ لَمْ يَرْتَضِعْ مِنْ أُمِّهَا ، وَهِيَ لَمْ تَرْضِعْ مِنْ أُمِّهِ ، وَأَمَّا هَذِهِ الْمُرْتَضِعَةُ فَلَا تَتَزَوَّجُ وَاحِدًا مِنْ أَوْلَادِ مَنْ أَرْضَعَتْهَا وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ .
وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ الْمُرْتَضِعَةَ تُصَيِّرُ الْمُرْضِعَةَ أُمَّهَا ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا أَوْلَادُهَا ، وَتُصَيِّرُ إخْوَتَهَا وَأَخَوَاتِهَا أَخْوَالَهَا وَخَالَاتِهَا ، وَيَصِيرُ الرَّجُلُ الَّذِي لَهُ اللَّبَنُ أَبَاهَا وَأَوْلَادُهُ مِنْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا إخْوَتَهَا ، وَإِخْوَةُ الرَّجُلِ أَعْمَامَهَا وَعَمَّاتِهَا ، وَيَصِيرُ الْمُرْتَضِعُ ، وَأَوْلَادُهُ ، وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِ ، أَوْلَادَ الْمُرْضِعَةِ وَالرَّجُلِ الَّذِي دَرَّ اللَّبَنَ بِوَطْئِهِ ، وَأَمَّا إخْوَةُ الْمُرْتَضِعِ وَأَخَوَاتُهُ وَأَبُوهُ وَأُمُّهُ مِنْ النَّسَبِ ، فَهُمْ أَجَانِبُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ بِهَذَا الرَّضَاعِ شَيْءٌ ، وَهَذَا كُلُّهُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ نِزَاعٌ فِي غَيْرِ ذَلِكَ .
ــــــــــــــ
510 - 510 - 112 - مَسْأَلَةٌ : فِي رَجُلٍ لَهُ بِنْتُ ابْنِ عَمٍّ ، وَوَالِدُ الْبِنْتِ الْمَذْكُورِ قَدْ رَضَعَ بِأُمِّ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَحَدِ أَخَوَاتِهِ ، وَذَكَرَتْ أُمُّ الرَّجُلِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ لَمَّا رَضَعَهَا كَانَ عُمْرُهُ أَكْثَرَ مِنْ حَوْلَيْنِ ، فَهَلْ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ عَمِّهِ ؟
الْجَوَابُ : إنْ كَانَ الرَّضَاعُ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ لَمْ يُحَرِّمْ شَيْئًا .
ــــــــــــــ
511 - 511 - 113 - مَسْأَلَةٌ : فِي رَجُلٍ ارْتَضَعَ مِنْ امْرَأَةٍ وَهُوَ طِفْلٌ صَغِيرٌ عَلَى بِنْتٍ لَهَا ، وَلَهَا أَخَوَاتٌ أَصْغَرُ مِنْهَا ، فَهَلْ يَحْرُمُ مِنْهُنَّ أَحَدٌ أَمْ لَا ؟
الْجَوَابُ : إذَا ارْتَضَعَ مِنْ امْرَأَةٍ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فِي الْحَوْلَيْنِ صَارَ ابْنًا لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ ، فَجَمِيعُ الْأَوْلَادِ الَّذِينَ وُلِدُوا قَبْلَ الرَّضَاعِ وَاَلَّذِينَ وُلِدُوا بَعْدَهُ هُمْ إخْوَةٌ لِهَذَا الْمُرْتَضِعِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا .
ــــــــــــــ
512 - 512 - 114 - مَسْأَلَةٌ : فِي امْرَأَةٍ مُطَلَّقَةٍ وَهِيَ تُرْضِعُ ، وَقَدْ آجَرَتْ لَبَنَهَا ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ ، فَهَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْنَعَهَا أَنْ تَدْخُلَ عَلَى زَوْجِهَا ، خَشْيَةَ أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ فَيَقِلَّ اللَّبَنُ عَلَى الْوَلَدِ
الْجَوَابُ : أَمَّا مُجَرَّدُ الشَّكِّ فَلَا يَمْنَعُ الزَّوْجَ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الْوَطْءِ ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرْتُ أَنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ } " .(12/341)
فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ الْأَوْلَادَ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ مَنْعُ الزَّوْجِ حَقَّهُ ، إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْعُ الْحَقِّ السَّابِقِ الْمُسْتَحَقِّ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ .
ــــــــــــــ
513 - 513 - 115 - مَسْأَلَةٌ : فِي الْأَبِ إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ ، فَهَلْ لَهُ إذَا امْتَنَعَتْ الْأُمُّ عَنْ الِاسْتِرْضَاعِ إلَّا بِأُجْرَةٍ أَنْ يَسْتَرْضِعَ غَيْرَهَا ؟
الْجَوَابُ : نَعَمْ ، لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ .
ــــــــــــــ
514 - 514 - 116 - مَسْأَلَةٌ : فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بَعْدَ امْرَأَةٍ ، وَقَدْ ارْتَضَعَ طِفْلٌ مِنْ الْأُولَى ، وَلِلْأَبِ مِنْ الثَّانِيَةِ بِنْتٌ ، فَهَلْ لِلْمُرْتَضِعِ أَنْ يَتَزَوَّجَ هَذِهِ الْبِنْتَ ؟ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا فَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ؟ وَهَلْ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ ؟ الْجَوَابُ : إذَا ارْتَضَعَ الرَّضَاعَ الْمُحَرَّمَ ، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ هَذِهِ الْبِنْتَ فِي مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَهُمْ لِأَنَّ اللَّبَنَ لِلْفَحْلِ .
وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ لَهُ امْرَأَتَانِ أَرْضَعَتْ إحْدَاهُمَا طِفْلًا وَالْأُخْرَى طِفْلَةً ، فَهَلْ يَتَزَوَّجُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ؟ فَقَالَ : لَا ، اللِّقَاحُ وَاحِدٌ .
وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ ، قَالَتْ : { اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ ، وَكَانَتْ قَدْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ ، فَقُلْت : لَا آذَنُ لَك حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْته فَقَالَ : إنَّهُ عَمُّك فَلْيَلِجْ عَلَيْك .
فَقَالَتْ : قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي إنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي ، فَقَالَ : إنَّهُ عَمُّك فَلْيَلِجْ عَلَيْك ، يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ } " .
وَإِذَا تَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ــــــــــــــ
515 - 515 - 117 - مَسْأَلَةٌ : فِي طِفْلٍ ارْتَضَعَ مِنْ امْرَأَةٍ مَعَ وَلَدِهَا رَضْعَةً أَوْ بَعْضَ رَضْعَةٍ ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ آخَرَ فَرُزِقَتْ مِنْهُ ابْنَةٌ ، فَهَلْ يَحِلُّ لِلطِّفْلِ الْمُرْتَضِعِ تَزْوِيجُ الِابْنَةِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ ، أَمْ لَا ؟ وَمَا دَلِيلُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنَّ الْمَصَّةَ الْوَاحِدَةَ أَوْ الرَّضْعَةَ الْوَاحِدَةَ تُحَرِّمُ مَعَ مَا وَرَدَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي خَرَّجَهَا مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ ، مِنْهَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ } " .
وَمِنْهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ } " .
وَمِنْهَا أَنَّ { رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ تَحْرُمُ الرَّضْعَةُ الْوَاحِدَةُ ؟ قَالَ لَا } " .
وَمِنْهَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : { كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ، نُسِخَتْ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ } وَمَا حُجَّتُهُمَا مَعَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ؟ الْجَوَابُ : هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا نِزَاعٌ مَشْهُورٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ لَا يُحَرِّمُ إلَّا خَمْسُ رَضَعَاتٍ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ ، وَحَدِيثِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ ، لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ أَنْ تُرْضِعَهُ(12/342)
خَمْسَ رَضَعَاتٍ ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا ، فَيَكُونُ مَا دُونَ ذَلِكَ لَمْ يُحَرِّمْ ، فَيَحْتَاجُ إلَى خَمْسِ رَضَعَاتٍ ، وَقِيلَ : يُحَرِّمُ الثَّلَاثُ فَصَاعِدًا وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ أَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ ، وَاحْتَجُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحِ : { لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ وَلَا الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ } "
قَالُوا مَفْهُومُهُ : أَنَّ الثَّلَاثَ تَحْرُمُ ، وَلَمْ يَحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ ، قَالُوا : لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ قُرْآنٌ إلَّا بِالتَّوَاتُرِ ، وَلَيْسَ هَذَا بِمُتَوَاتِرٍ ، فَقَالَ لَهُمْ الْأَوَّلُونَ مَعَنَا حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ مُثْبَتَانِ .
أَحَدُهُمَا : يَتَضَمَّنُ شَيْئَيْنِ حُكْمًا ، وَكَوْنُهُ قُرْآنًا ، فَمَا ثَبَتَ مِنْ الْحُكْمِ يَثْبُتُ بِالْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ ، وَأَمَّا مَا فِيهِ مِنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا فَهَذَا لَمْ نُثْبِتْهُ وَلَمْ نَتَصَوَّرْ أَنَّ ذَلِكَ قُرْآنٌ إنَّمَا نُسِخَ رَسْمُهُ ، وَبَقِيَ حُكْمُهُ ، فَقَالَ أُولَئِكَ : هَذَا تَنَاقُضٌ وَقِرَاءَةٌ شَاذَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ، فَإِنَّ عِنْدَهُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ الشَّاذَّةَ لَا يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال بِهَا ، لِأَنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ بِالتَّوَاتُرِ كَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ ، وَأَجَابُوا عَنْ ذَلِكَ بِجَوَابَيْنِ .
أَحَدُهُمَا : أَنَّ هَذَا فِيهِ حَدِيثٌ آخَرُ صَحِيحٌ ، وَأَيْضًا فَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ نَفَى قُرْآنًا لَكِنْ بَيَّنَ حُكْمَهُ .
وَالثَّانِي : أَنَّ هَذَا الْأَصْلَ لَا يَقُولُ بِهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ ، بَلْ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ ، بَلْ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ الشَّاذَّةَ إذَا صَحَّ النَّقْلُ بِهَا عَنْ الصَّحَابَةِ ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال بِهَا فِي الْأَحْكَامِ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ ، وَهِيَ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَهَؤُلَاءِ احْتَجُّوا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ : { وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ } وَقَالَ : اسْمُ الرَّضَاعَةِ فِي الْقُرْآنِ مُطْلَقٌ ، وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ ، فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا ضَعِيفَةٌ ، وَمِنْهُمْ مَنْ ظَنَّ أَنَّهَا تُخَالِفُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ ، وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ عُمُومِ الْقُرْآنِ وَتَقْيِيدُ مُطْلَقِهِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ .
فَقَالَ الْأَوَّلُونَ : هَذِهِ أَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ ثَابِتَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ ، وَكَوْنُهَا لَمْ تَبْلُغْ بَعْضَ السَّلَفِ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ تَرْكَ الْعَمَلِ بِهَا عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ صِحَّتَهَا .
وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : فَكَمَا أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِدَلِيلٍ آخَرَ أَنَّ الرَّضَاعَةَ مُقَيَّدَةٌ بِسِنٍّ مَخْصُوصٍ ، فَكَذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِقَدْرٍ مَخْصُوصٍ ، وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ عُلِمَ بِالسُّنَّةِ مِقْدَارُ الْفِدْيَةِ فِي قَوْلِهِ : { فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ } وَإِنْ كَانَ الْخَبَرُ الْمَرْوِيُّ خَبَرًا وَاحِدًا ، بَلْ كَمَا ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ أَنَّهُ : { لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا } .
وَهُوَ خَبَرٌ وَاحِدٌ يُظَاهِرُ الْقُرْآنَ ، وَاتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ ، وَكَذَلِكَ فُسِّرَ بِالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ وَغَيْرِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِحَمْلِ قَوْلِهِ : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } وَفُسِّرَ بِالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ أُمُورٌ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْحُدُودِ مَا هُوَ مُطْلَقٌ مِنْ الْقُرْآنِ ، فَالسُّنَّةُ تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ وَتُبَيِّنُهُ ، وَتَدُلُّ عَلَيْهِ وَتُعَبِّرُ عَنْهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالْخَمْسِ لَهُ أُصُولٌ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ ، فَإِنَّ الْإِسْلَامَ بُنِيَ عَلَى خَمْسٍ ، وَالصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَاتُ خَمْسٌ ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ صَدَقَةٌ ، وَالْأَوْقَاصُ بَيْنَ النُّصُبِ خَمْسٌ أَوْ عَشْرٌ أَوْ(12/343)
خَمْسَ عَشْرَةَ ، وَأَنْوَاعُ الْبِرِّ خَمْسٌ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ } .
وَقَالَ فِي الْكُفْرِ : { وَمَنْ يَكْفُرْ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } .
وَأُولُو الْعَزْمِ ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ ، بِقَدْرِ الرَّضَاعِ الْمُحَرَّمِ لَيْسَ بِغَرِيبٍ فِي أُصُولِ الشَّرِيعَةِ ، وَالرَّضَاعُ إذَا حَرُمَ لِكَوْنِهِ يُنْبِتُ اللَّحْمَ وَيَنْشُرُ الْعَظْمَ فَيَصِيرُ نَبَاتُهُ بِهِ كَنَبَاتِهِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ ، وَلِهَذَا لَمْ يُحَرِّمْ رَضَاعُ الْكَبِيرِ ، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ ، وَالرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ لَيْسَ لَهُمَا تَأْثِيرٌ ، كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَسْقُطُ اعْتِبَارُهَا ، كَمَا يَسْقُطُ اعْتِبَارُ مَا دُونَ نِصَابِ السَّرِقَةِ حَتَّى لَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي بِشَيْءٍ مِنْ التَّافِهِ ، وَاعْتِبَارُهُ فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ ، فَلَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ إذَا كَانَ أَقَلَّ ، وَلَا بُدَّ مِنْ حَدٍّ فَاصِلٍ ، فَهَذَا هُوَ التَّنْبِيهُ عَلَى مَأْخَذِ الْآيَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَبَسْطُ الْكَلَامِ فِيهَا يَحْتَاجُ إلَى وَرَقَةٍ أَكْبَرَ مِنْ هَذِهِ ، وَهِيَ مِنْ أَشْهَرِ مَسَائِلِ النِّزَاعِ ، وَالنِّزَاعُ فِيهَا مِنْ زَمَانِ الصَّحَابَةِ ، وَالصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ تَنَازَعُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالتَّابِعُونَ بَعْدَهُمْ ، وَأَمَّا إذَا شَكَّ هَلْ دَخَلَ اللَّبَنُ فِي جَوْفِ الصَّبِيِّ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ ، فَهُنَا لَا نَحْكُمُ بِالتَّحْرِيمِ بِلَا رَيْبٍ ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ حَصَلَ فِي فَمِهِ فَإِنَّ حُصُولَ اللَّبَنِ فِي الْفَمِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ .
ــــــــــــــ
516 - 516 - 118 - مَسْأَلَةٌ : فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا أَوْلَادٌ عَدِيدَةٌ ، فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ حَضَرَ مَنْ نَازَعَ الزَّوْجَةَ ، وَذَكَرَ لِزَوْجِهَا أَنَّ هَذِهِ الزَّوْجَةَ الَّتِي فِي عِصْمَتِكَ شَرِبَتْ مِنْ لَبَنِ أُمِّك ؟
الْجَوَابُ : إنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ مَعْرُوفًا بِالصِّدْقِ وَهُوَ خَبِيرٌ بِمَا ذَكَرَ ، وَأَخْبَرَ أَنَّهَا رَضَعَتْ مِنْ أُمِّ الزَّوْجِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فِي الْحَوْلَيْنِ ، رُجِعَ إلَى قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ الرُّجُوعُ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ عَايَنَ الرَّضَاعَ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
-ــــــــــــــ
517 - 517 - 119 - مَسْأَلَةٌ : فِي رَجُلٍ لَهُ قَرِينَةٌ لَمْ يَتَرَاضَعْ هُوَ وَأَبُوهَا ، لَكِنْ لَهُمَا إخْوَةٌ صِغَارٌ تَرَاضَعُوا ، فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَرُزِقَ مِنْهَا وَلَدًا ، فَمَا حُكْمُهُمْ وَمَا قَوْلُ الْعُلَمَاءِ فِيهِمْ ؟ الْجَوَابُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، إذَا لَمْ يَرْتَضِعْ هُوَ مِنْ أُمِّهَا وَلَمْ تَرْتَضِعْ هِيَ مِنْ أُمِّهِ بَلْ إخْوَتُهُ رَضَعُوا مِنْ أُمِّهَا ، وَإِخْوَتُهَا رَضَعُوا مِنْ أُمِّهِ كَانَتْ حَلَالًا لَهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ، بِمَنْزِلَةِ أُخْتِ أَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ ، فَإِنَّ الرَّضَاعَ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ إلَى الْمُرْتَضِعِ وَذُرِّيَّتِهِ وَإِلَى الْمُرْضِعَةِ وَإِلَى زَوْجِهَا الَّذِي وَطِئَهَا ، حَتَّى صَارَ لَهَا لَبَنٌ فَتَصِيرُ الْمُرْضِعَةُ أُمَّهَا وَوَلَدُهَا قَبْلَ الرَّضَاعِ وَبَعْدَهُ أَخُو الرَّضِيعِ ، وَيَصِيرُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَوَلَدُهُ قَبْلَ الرَّضَاعِ وَبَعْدَهُ أَخُو الرَّضِيعِ ، فَأَمَّا إخْوَةُ الْمُرْتَضِعِ مِنْ النَّسَبِ وَأَبُوهُ مِنْ النَّسَبِ فَهُمْ أَجَانِبُ مِنْ أَبَوَيْهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَإِخْوَتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ ، وَهَذَا كُلُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا انْتِشَارُ الْحُرْمَةِ إلَى الرَّجُلِ فَإِنَّ هَذِهِ تُسَمَّى مَسْأَلَةَ الْفَحْلِ ، وَاَلَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ ، وَجُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَقُولُ : لَبَنُ الْفَحْلِ لَا يُحَرِّمُ ، وَالنُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ هِيَ تُقَرِّرُ مَذْهَبَ الْجَمَاعَةِ .(12/344)
ــــــــــــــ
518 - 518 - 120 - مَسْأَلَةٌ : فِي أُخْتَيْنِ أَشِقَّاءَ ، لِأَحَدِهِمَا بِنْتَانِ ، وَلِلْأُخْرَى ذَكَرٌ ، وَقَدْ ارْتَضَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْبِنْتَيْنِ وَهِيَ الْكَبِيرَةُ مَعَ الْوَلَدِ ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِاَلَّتِي لَمْ تَرْضِعْ مَعَهُ ؟
الْجَوَابُ : إذَا ارْتَضَعَتْ الْوَاحِدَةُ مِنْ أُمِّ الصَّبِيِّ وَلَمْ يَرْتَضِعْ هُوَ مِنْ أُمِّهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ .
ــــــــــــــ
519 - 519 - 121 - مَسْأَلَةٌ : فِي امْرَأَةٍ ذَاتِ بَعْلٍ وَلَهَا لَبَنٌ عَلَى غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا حَمْلٍ ، فَأَرْضَعَتْ طِفْلَةً لَهَا دُونَ الْحَوْلَيْنِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ ، وَهِيَ الْمُرْضِعَةُ عَمَّةُ الرَّضِيعَةِ مِنْ النَّسَبِ ، ثُمَّ أَرَادَ ابْنُ بِنْتِ هَذِهِ الْمُرْضِعَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَذِهِ الرَّضِيعَةِ ، فَهَلْ يَحْرُمُ ذَلِكَ ؟ الْجَوَابُ : أَمَّا إذَا وَطِئَهَا زَوْجٌ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ثَابَ لَهَا لَبَنٌ فَهَذَا اللَّبَنُ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ ، فَإِذَا ارْتَضَعَتْ طِفْلَةٌ خَمْسَ رَضَعَاتٍ صَارَتْ بِنْتُهَا وَابْنُ بِنْتِهَا ابْنَ أُخْتِهَا ، وَهِيَ خَالَتُهُ ، سَوَاءٌ كَانَ الِارْتِضَاعُ مَعَ طِفْلٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ ، وَأَمَّا أُخْتُهَا مِنْ النَّسَبِ الَّتِي لَمْ تَرْضِعْ فَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ هَذَا اللَّبَنَ ثَابَ لِامْرَأَةٍ لَمْ تَتَزَوَّجْ قَطُّ ، فَهَذَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَظَاهِرُ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ــــــــــــــ
520 - 520 - 122 - مَسْأَلَةٌ : فِي رَجُلٍ ارْتَضَعَ مَعَ رَجُلٍ ، وَجَاءَ لِأَحَدِهِمَا بِنْتٌ ، فَهَلْ لِلْمُرْتَضِعِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْبِنْتِ ؟ الْجَوَابُ : إذَا ارْتَضَعَ الطِّفْلُ مِنْ الْمَرْأَةِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فِي الْحَوْلَيْنِ صَارَ ابْنًا لَهَا ، وَصَارَ جَمِيعُ أَوْلَادِهَا إخْوَتَهُ الَّذِينَ وَلَدَتْهُمْ قَبْلَ الرَّضَاعَةِ وَاَلَّذِينَ وَلَدَتْهُمْ بَعْدَ الرَّضَاعَةِ ، وَالرَّضَاعَةُ يَحْرُمُ فِيهَا مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ الْآخَرِ ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ أَخِيهِ مِنْ النَّسَبِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ .
ــــــــــــــ
كِتَابُ الرَّضَاعِ وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَعْرُوفَةً بِالصِّدْقِ وَذَكَرَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْ طِفْلًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ قُبِلَ قَوْلُهَا وَيَثْبُتُ حُكْمُ الرَّضَاعِ عَلَى الصَّحِيحِ وَرَضَاعُ الْكَبِيرَةِ تَنْتَشِرُ بِهِ الْحُرْمَةُ بِحَيْثُ لَا يَحْتَشِمُونَ مِنْهُ لِلْحَاجَةِ لِقِصَّةِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ ، وَهُوَ مَذْهَبُ عَائِشَةَ وَعَطَاءٍ وَاللَّيْثِ وَدَاوُد مِمَّنْ يَرَى أَنَّهُ يَنْشُرُ الْحُرْمَةُ مُطْلَقًا وَالِارْتِضَاعُ بَعْدَ الْفِطَامِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ وَإِنْ كَانَ دُونَ الْحَوْلِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ مَالِكٍ .
وَإِذَا اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي وَطْءِ امْرَأَةٍ فَحُكْمُ الْمُرْتَضِعِ مِنْ لَبَنِهَا حُكْمُ وَلَدِهَا مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ وَأَوْلَادِهِمَا فَإِنْ لَمْ يُلْحَقْ بِأَحَدِهِمَا ، فَالْوَاجِبُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى أَوْلَادِهِمَا لِأَنَّهُ أَخٌ لِأَحَدِ الصِّنْفَيْنِ وَقَدْ اشْتَبَهَ أَوْ يُقَالُ كَمَا قِيلَ فِي الطَّلَاقِ بِحِلٍّ مِنْهُمَا فَإِنَّ الِاشْتِبَاهَ فِي حَقِّ اثْنَيْنِ لَا وَاحِدٍ .
ــــــــــــــ
فتاوى الرملي - (ج 5 / ص 33)(12/345)
( بَابُ الرَّضَاعِ ) ( سُئِلَ ) هَلْ يُحْتَاجُ فِي إقْرَارِ غَيْرِ الْفَقِيهِ بِالرَّضَاعِ إلَى ذِكْرِ شُرُوطِهِ أَوْ لَا ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُهَا .
ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) عَمَّنْ أَخْبَرَتْهُ أَمَةٌ بِأَنَّهَا أَرْضَعَتْ مَنْ يُرِيدُ التَّزَوُّجَ بِهَا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا أَوْ لَا ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّهُ إنْ أَخْبَرَتْهُ بِأَنَّهَا أَرْضَعَتْهَا قَبْلَ إتْمَامِهَا حَوْلَيْنِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا وَإِلَّا جَازَ لَهُ .
ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) عَنْ رَجُلٍ قَالَتْ لَهُ زَوْجَةُ عَمِّهِ أَنَا أَرْضَعْتُك فَقَالَ خَمْسًا أَمْ أَقَلَّ فَقَالَتْ لَا أَدْرِي فَهَلْ يَنْقُضُ لَمْسُهَا وُضُوءَهُ وَهَلْ يَحِلُّ لَهُ التَّزَوُّجُ بِبِنْتِهَا أَمْ لَا ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّهُ لَا يَنْقُضُ لَمْسُهَا وُضُوءَهُ وَيَحِلُّ لَهُ التَّزَوُّجُ بِبِنْتِهَا .
ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) عَمَّا لَوْ تَمَّ الْحَوْلَانِ فِي أَثْنَاءِ الرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ هَلْ يُؤَثِّرُ أَوْ لَا ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الرَّضَاعَ الْمَذْكُورَ يُؤَثِّرُ .
ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) عَمَّا لَوْ أَقَرَّتْ أَنَّ سَيِّدَهَا أَخُوهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ يُقْبَلُ ذَلِكَ أَمْ لَا ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَى سَيِّدِهَا .
ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) هَلْ يَكْفِي السَّمَاعُ فِي شَهَادَةِ الْوِلَادَةِ وَالرَّضَاعِ كَمَا نَظَمَهُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ أَوْ لَا كَمَا فِي شَرْحِ أَخِيهِ ؟
( فَأَجَابَ ) بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلشَّهَادَةِ بِهِمَا الْإِبْصَارُ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ حَتَّى فِي الْمُخْتَصَرَاتِ فَإِنْ حُمِلَتْ الْوِلَادَةُ فِي النَّظْمِ عَلَى النَّسَبِ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَلَا مُخَالَفَةَ .
الفتاوى الهندية - (ج 6 / ص 473)
( الْقِسْمُ الثَّالِثُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالرَّضَاعِ ) .
كُلُّ مَنْ تَحْرُمُ بِالْقَرَابَةِ وَالصِّهْرِيَّةِ تَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
( كِتَابُ الرَّضَاعِ ) قَلِيلُ الرَّضَاعِ وَكَثِيرُهُ إذَا حَصَلَ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .
قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ .
وَالْقَلِيلُ مُفَسَّرٌ بِمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ وَصَلَ إلَى الْجَوْفِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ
وَوَقْتُ الرَّضَاعِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُقَدَّرٌ بِثَلَاثِينَ شَهْرًا وَقَالَا مُقَدَّرٌ بِحَوْلَيْنِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
لَوْ فُطِمَ الرَّضِيعُ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ ثُمَّ سُقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمُدَّةِ فَهُوَ رَضَاعٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى الرَّضَاعَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لِوُجُودِ الْإِرْضَاعِ فِي الْمُدَّةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ(12/346)
كَذَا فِي الْمُحِيطِ .
وَفِي الْيَنَابِيعِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة .
وَإِذَا مَضَتْ مُدَّةُ الرَّضَاعِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالرَّضَاعِ تَحْرِيمٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مُدَّةَ الرَّضَاعِ فِي اسْتِحْقَاقِ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ مُقَدَّرٌ بِحَوْلَيْنِ حَتَّى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ إذَا طَالَبَتْهُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ بِأُجْرَةِ الرَّضَاعِ فَأَبَى الْأَبُ أَنْ يُعْطِيَ لَا يُجْبَرُ وَيُجْبَرُ فِي الْحَوْلَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ .
وَهَذِهِ الْحُرْمَةُ كَمَا تَثْبُتُ فِي جَانِبِ الْأُمِّ تَثْبُتُ فِي جَانِبِ الْأَبِ وَهُوَ الْفَحْلُ الَّذِي نَزَلَ اللَّبَنُ بِوَطْئِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ
يُحَرَّمُ عَلَى الرَّضِيعِ أَبَوَاهُ مِنْ الرَّضَاعِ وَأُصُولُهُمَا وَفُرُوعُهُمَا مِنْ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ جَمِيعًا حَتَّى أَنَّ الْمُرْضِعَةَ لَوْ وَلَدَتْ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ هَذَا الْإِرْضَاعِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ أَرْضَعَتْ رَضِيعًا أَوْ وُلِدَ لِهَذَا الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ قَبْلَ هَذَا الْإِرْضَاعِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ لَبَنِهِ رَضِيعًا فَالْكُلُّ إخْوَةُ الرَّضِيعِ وَأَخَوَاتُهُ وَأَوْلَادُهُمْ أَوْلَادُ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ وَأَخُو الرَّجُلِ عَمُّهُ وَأُخْتُهُ عَمَّتُهُ وَأَخُو الْمُرْضِعَةِ خَالُهُ وَأُخْتُهَا خَالَتُهُ وَكَذَا فِي الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ
وَتَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ فِي الرَّضَاعِ حَتَّى أَنَّ امْرَأَةَ الرَّجُلِ حَرَامٌ عَلَى الرَّضِيعِ وَامْرَأَةَ الرَّضِيعِ حَرَامٌ عَلَى الرَّجُلِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ إلَّا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ .
إحْدَاهُمَا أَنْ لَا يَجُوزَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَ ابْنِهِ مِنْ النَّسَبِ وَيَجُوزُ فِي الرَّضَاعِ لِأَنَّ أُخْتَ ابْنِهِ مِنْ النَّسَبِ إنْ كَانَتْ مِنْهُ فَهِيَ ابْنَتُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْهُ فَهِيَ رَبِيبَتُهُ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَأَتَّى فِي الرَّضَاعِ حَتَّى أَنَّ فِي النَّسَبِ لَوْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ بِأَنْ كَانَتْ جَارِيَةٌ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ حَتَّى ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنْتٌ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى جَازَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْلَيَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِابْنَةِ شَرِيكِهِ وَإِنْ حَصَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْلَيَيْنِ مُتَزَوِّجًا بِأُخْتِ ابْنِهِ مِنْ النَّسَبِ .
وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ أُخْتِهِ مِنْ النَّسَبِ وَيَجُوزُ فِي الرَّضَاعِ لِأَنَّ فِي النَّسَبِ إنْ كَانَا أَخَوَيْنِ لِأُمٍّ فَأُمُّ الْأَخِ أُمُّهُ وَإِنْ كَانَا أَخَوَيْنِ لِأَبٍ فَأُمُّ الْأَخِ امْرَأَةُ أَبِيهِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَعْدُومٌ فِي الرَّضَاعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَتَحِلُّ أُخْتُ أَخِيهِ رَضَاعًا كَمَا تَحِلُّ نَسَبًا مِثْلُ الْأَخِ لِأَبٍ إذَا كَانَتْ لَهُ أُخْتٌ مِنْ أُمِّهِ يَحِلُّ لِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا كَذَا فِي الْكَافِي
وَتَحِلُّ أُمُّ أَخِيهِ وَأُمُّ عَمِّهِ وَعَمَّتِهِ وَأُمُّ خَالِهِ وَخَالَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ
وَكَذَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّ حَفَدَتِهِ وَبِجَدَّةِ وَلَدِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَلَا يَحِلُّ ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ
وَكَذَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِعَمَّةِ وَلَدِهِ مِنْ الرَّضَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ .
وَكَذَا أُمُّ أُخْتِ ابْنِهِ وَبِنْتُ أُخْتِ وَلَدِهِ وَبِنْتُ عَمَّةِ وَلَدِهِ وَبِنْتُ عَمَّةِ وَلَدِهِ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ
وَكَذَا الْمَرْأَةُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِأَبِي أُخْتِهَا وَبِأَخِي ابْنِهَا وَبِأَبِي حَفَدَتِهَا وَبِجَدِّ وَلَدِهَا وَبِخَالِ وَلَدِهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ النَّسَبِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ(12/347)
إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَلَهَا لَبَنٌ فَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ بَعْدَ مَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَوَطِئَهَا الثَّانِي أَجْمَعُوا أَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ مِنْ الثَّانِي فَاللَّبَنُ مِنْ الثَّانِي وَيَنْقَطِعُ مِنْ الْأَوَّلِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا إذَا لَمْ تَحْبَلْ مِنْ الثَّانِي فَاللَّبَنُ مِنْ الْأَوَّلِ وَإِذَا حَبِلَتْ مِنْ الثَّانِي وَلَكِنْ لَمْ تَلِدْ مِنْهُ ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : اللَّبَنُ يَكُونُ مِنْ الْأَوَّلِ حَتَّى تَلِدَ مِنْ الثَّانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ .
رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ تَلِدْ مِنْهُ قَطُّ ثُمَّ نَزَلَ لَهَا لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا كَانَ الرَّضَاعُ مِنْ الْمَرْأَةِ دُونَ زَوْجِهَا حَتَّى لَا يَحْرُمَ عَلَى الصَّبِيِّ أَوْلَادُ هَذَا الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ
رَجُلٌ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَأَرْضَعَتْ بِهَذَا اللَّبَنِ صَغِيرَةً ، لَا يَجُوزُ لِهَذَا الزَّانِي وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ آبَائِهِ وَأَوْلَادِهِ نِكَاحُ هَذِهِ الصَّبِيَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ .
وَلِعَمِّ الزَّانِي وَخَالِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَذَا الْوَلَدِ كَالْمَوْلُودِ مِنْ الزِّنَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ
وَلَوْ وَطِئَ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ فَحَبِلَتْ مِنْهُ فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا فَهُوَ ابْنُ الْوَاطِئِ مِنْ الرَّضَاعِ وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الْوَاطِئِ ثَبَتَ مِنْهُ الرَّضَاعُ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ ثَبَتَ الرَّضَاعُ مِنْ الْأُمِّ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ
رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا فَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا ثُمَّ يَبِسَ لَبَنُهَا ثُمَّ دَرَّ لَهَا لَبَنٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا كَانَ لِهَذَا الصَّبِيِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَوْلَادَ هَذَا الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ الْمُرْضِعَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
بِكْرٌ لَمْ تَتَزَوَّجْ لَوْ نَزَلَ لَهَا لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا صَارَتْ أُمًّا لِلصَّبِيِّ وَتَثْبُتُ جَمِيعُ أَحْكَامِ الرَّضَاعِ بَيْنَهُمَا حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَتْ الْبِكْرُ رَجُلًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لِهَذَا الزَّوْجِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الصَّبِيَّةَ وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ
ــــــــــــــ
تنقيح الفتاوى الحامدية - (ج 1 / ص 234)
( بَابُ الرَّضَاعِ ) ( سُئِلَ ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّ أَخِيهِ رَضَاعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ ؟ ؟ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُتُونِ .
ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ رَجُلٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ أُخْتُهُ رَضَاعًا وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَهُ هُوَ حَقٌّ كَمَا قُلْت وَنَحْوُهُ وَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَقَالَ أَخْطَأْت وَصَدَّقَتْهُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ؟ ( الْجَوَابُ ) : إذْ أَقَرَّ بِأَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى إقْرَارِهِ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَإِنْ أَصَرَّ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا كَذَا فِي رَضَاعِ الْخَانِيَّةِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَقَالَ أَخْطَأْت أَوْ وَهِمْت أَوْ نَسِيت وَصَدَّقَتْهُ فَهُمَا مُصَدَّقَانِ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمِنَحِ وَالْبَحْرِ .
ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِكْرًا بَالِغَةً ثُمَّ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ بِهَا قَالَ إنَّهَا بِنْتُ ابْنِي رَضَاعًا وَأَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ إنَّهُ حَقٌّ كَمَا قُلْت وَالزَّوْجَةُ تُكَذِّبُهُ فَمَا الْحُكْمُ ؟ ( الْجَوَابُ ) : يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ حَيْثُ كَذَّبَتْهُ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَلَا مَهْرٌ لَهَا وَإِنْ دَخَلَ وَكَذَّبَتْهُ فَلَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى وَإِنْ صَدَّقَتْهُ(12/348)
فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا شَيْءَ مِنْ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَدْرِي أَفَنْدِي عَنْ الْمُضْمَرَاتِ .
ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) فِي صَغِيرٍ رَضَعَ مِنْ زَوْجَةِ عَمِّهِ مَعَ بِنْتٍ لَهَا مِنْهُ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَالْآنَ بَلَغَ الصَّغِيرُ وَيُرِيدُ التَّزَوُّجَ بِشَقِيقَةِ الْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ الرَّاضِعَةِ مِنْ أُمِّهَا فِي مُدَّتِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ؟ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْكَافِي إذَا أَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ صَبِيًّا حَرُمَ عَلَيْهِ أَوْلَادُهَا مَنْ تَقَدَّمَ وَمَنْ تَأَخَّرَ لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتُهُ وَكَذَا وَلَدُ وَلَدِهَا اعْتِبَارًا بِالنَّسَبِ لِأَنَّهُ وَلَدُ أَخِيهِ .
( أَقُولُ ) وَقَوْلُهُ الرَّاضِعَةُ مِنْ أُمِّهَا إلَخْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ مَنْ رَضَعَ مِنْ امْرَأَةٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَوْلَادُهَا مِنْ النَّسَبِ وَإِنْ لَمْ تُرْضِعْهُمْ أُمُّهُمْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْكَنْزِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي النَّهْرِ .
-ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) فِي رَجُلٍ عَقَدَ نِكَاحَهُ عَلَى امْرَأَةٍ وَقَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَخْبَرَتْهُ أُمُّهُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهَا مَعَهُ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ مُصِرًّا عَلَى ذَلِكَ وَكَذَّبَتْهَا الزَّوْجَةُ فَهَلْ يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ وَيَلْزَمُ نِصْفُ الْمَهْرِ ؟ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ خِزَانَةِ الْفِقْهِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ أَنَا أَرْضَعَتْهُمَا فَهِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ صَدَّقَهَا الزَّوْجَانِ أَوْ كَذَّبَاهَا أَوْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ وَصَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ أَوْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ وَكَذَّبَتْهَا الْمَرْأَةُ أَمَّا إذَا صَدَّقَاهَا ارْتَفَعَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ كَذَّبَاهَا لَا يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ فِي إخْبَارِهَا يُفَارِقُهَا احْتِيَاطًا وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ يُمْسِكُهَا وَإِنْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ وَصَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ يَبْقَى النِّكَاحُ وَلَكِنْ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَحْلِفَ الزَّوْجَ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنِّي أُخْتُك مِنْ الرَّضَاعِ فَإِنْ نَكَلَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ حَلَفَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ وَكَذَّبَتْهَا الْمَرْأَةُ يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ وَلَكِنْ لَا يَصْدُقُ الزَّوْجُ فِي حَقِّ الْمَهْرِ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَيَلْزَمُهُ مَهْرٌ كَامِلٌ وَإِلَّا نِصْفُ مَهْرٍ .
ا هـ .
وَمِثْلُهُ فِي الْأَنْقِرْوِيِّ نَقْلًا عَنْهُ .
-ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ ثَبَتَ بِالشُّهُودِ الْعُدُولِ أَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا فِي مُدَّتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ وَلَمْ يَخْتَلِ بِهَا أَصْلًا فَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا مَهْرَ لَهَا ؟ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ وَإِذَا ثَبَتَ الرَّضَاعُ بِالشُّهُودِ الْعُدُولِ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الزَّوْجَيْنِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى مَجْمُوعَةٌ قَدْرِي أَفَنْدِي عَنْ الْمُضْمَرَاتِ .
( أَقُولُ ) وَفِي قَوْلِهِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ إلَّا بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي كَمَا عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ فِي آخِرِ كِتَابِ الرَّضَاعِ إلَى الْمُحِيطِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَهَا عَدْلَانِ عَلَى الرَّضَاعِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ يَجْحَدُ ثُمَّ مَاتَا أَوْ عَابَا أَيْ الشَّاهِدَانِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَسَعُهَا الْمَقَامُ مَعَهُ كَمَا لَوْ شَهِدَا بِطَلَاقِهَا الثَّلَاثَ كَذَلِكَ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ .(12/349)
ا هـ .
أَيْ الْمَنْظُومَةُ الْوَهْبَانِيَّةُ وَعَلَّلَهُ فِي الْخَانِيَّةِ بِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ لَوْ قَامَتْ عِنْدَ الْقَاضِي يَثْبُتُ الرَّضَاعُ فَكَذَا لَوْ قَامَتْ عِنْدَهَا .
ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) فِي امْرَأَتَيْنِ أَجْنَبِيَّتَيْنِ أَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْلَادًا مَعْلُومِينَ لِلْأُخْرَى ثُمَّ وَلَدَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا وَالْأُخْرَى أُنْثَى وَلَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى ثَدْيٍ وَاحِدٍ بِأَنْ لَمْ يَرْضِعْ الذَّكَرُ مِنْ أُمِّ الْأُنْثَى وَلَا الْأُنْثَى مِنْ أُمِّ الذَّكَرِ أَصْلًا فَهَلْ يَسُوغُ لِلذَّكَرِ التَّزَوُّجُ بِالْأُنْثَى ؟
( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ وَتَحِلُّ أُخْتُ أَخِيهِ رَضَاعًا كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ .
ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) فِي رَجُلٍ لَهُ أُخْتٌ نَسَبِيَّةٌ رَضَعَتْ مِنْ امْرَأَةٍ لَهَا بِنْتٌ نِسْبِيَّةٌ فَهَلْ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ تِلْكَ الْبِنْتَ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ لَهُ التَّزَوُّجُ بِأُخْتِ أُخْتِهِ .
ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) فِي امْرَأَةٍ لِزَيْدٍ أَرْضَعَتْ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَلَدَيْنِ لِعَمْرٍو وَيُرِيدُ أَخُو زَيْدٍ التَّزَوُّجَ بِبِنْتٍ لِعَمْرٍو لَمْ تَرْضَعْ مِنْ زَوْجَةِ زَيْدٍ أَصْلًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ ؟ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ ( أَقُولُ ) أَيْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِنْتَ أَخِيهِ بَلْ هِيَ أُخْتُ أَوْلَادِ أَخِيهِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِبِنْتِ أَخِيهِ رَضَاعًا كَمَا هُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْمُتُونِ وَلَمْ يَذْكُرُوهَا فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ .
( سُئِلَ ) فِي امْرَأَةٍ أَخْبَرَتْ رَجُلًا بِأَنَّهَا أَرْضَعَتْ زَوْجَتَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهَا الرَّجُلُ وَلَا بَيِّنَةَ هُنَاكَ ثُمَّ مَاتَتْ زَوْجَتُهُ ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا وَقَالَتْ أَخْطَأْت وَيُرِيدُ الرَّجُلُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ .
ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) فِي صَبِيٍّ مَاتَتْ أُمُّهُ فَرَضَعَ مِنْ خَالَتِهِ مَعَ بِنْتٍ لَهَا فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَيُرِيدُ أَبُوهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ خَالَةٍ ابْنِهِ الَّتِي هِيَ أُخْتُ أُخْتُ ابْنِهِ رَضَاعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ ؟ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ لِأَنَّ أُخْتَ ابْنِهِ رَضَاعًا تَحِلُّ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فَبِالْأَوْلَى أُخْتُ أُخْتُ ابْنِهِ رَضَاعًا .
ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِ خَالِهِ رَضَاعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ أُمَّ خَالِهِ وَخَالَتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ حَلَالٌ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَالْبَحْرِ فَأُخْتُ خَالِهِ بِالْأَوْلَى .
( أَقُولُ ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْخَالِ وَأُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ كَانَ الْخَالُ مِنْ الرَّضَاعِ وَأُمُّهُ مِنْ النَّسَبِ أَوْ بِالْعَكْسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَكَذَا يُقَالُ فِي أُخْتِ الْخَالِ فِي مَسْأَلَتِنَا .
-ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) فِي رَجُلٍ لَهُ زَوْجَةٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا خَالَتَهَا مِنْ الرَّضَاعِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ؟ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ فَكَأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا .
ــــــــــــــ(12/350)
( سُئِلَ ) فِي رَجُلٍ خَطَبَ امْرَأَةً وَكَانَا رَضَعَا مِنْ جَدَّتِهَا لِأُمِّهَا فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا ؟ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ .
ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) فِي امْرَأَةٍ قَالَتْ أَرْضَعْت زَيْدًا ثُمَّ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا وَحَلَفَتْ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ أَنَّهَا لَمْ تُرْضِعْهُ أَصْلًا وَصَدَّقَهَا زَيْدٌ عَلَى ذَلِكَ وَيُرِيدُ التَّزَوُّجَ بِابْنَتِهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ ؟ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي الْقُنْيَةِ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُعْطِي ثَدْيَهَا صَبِيَّةً وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ تَقُولُ لَمْ يَكُنْ فِي ثَدْيِي لَبَنٌ حِينَ أَلْقَمْتهَا ثَدْيِي وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا جَازَ لِابْنِهَا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَذِهِ الصَّبِيَّةِ .
ــــــــــــــ
( سُئِلَ ) فِي صَغِيرٍ وَصَغِيرَةٍ رَضَعَا مِنْ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَيُرِيدُ أَبُو الصَّغِيرِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الصَّغِيرَةَ الْمَزْبُورَةَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ ؟ ( الْجَوَابُ ) : نَعَمْ تَحِلُّ لَهُ أُخْتُ وَلَدِهِ رَضَاعًا كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا .
ــــــــــــــ
المنتقى من فتاوى الفوزان - (ج 70 / ص 1)
الرضاع
207 ـ تزوج رجل من فتاة وأنجبت له ابنًا . ولأخيه أيضًا ابن وقد أرضعته زوجته مع ابنه هذا مدة شهر تقريبًا . وقد تزوج زوجة أخرى بعد وفاة زوجته الأولى التي أرضعت ابن أخيه وأنجبت له زوجته الثانية بنتًا وقد حصل بعد أن كبرت ابنته وكبر ابن أخيه أن تزوجا وأنجبا الأولاد فهل هذا الزواج صحيح أم لا . وإن لم يكن صحيحًا فماذا يجب أن يعملوا أو ما هو مصير الأولاد ؟
إذا رضع طفل من امرأة الرضاع المعتبر شرعًا بأن يكون في الحولين وأن يكون خمس رضعات فأكثر فإنه يكون ابنًا للمرضعة وتكون بنات المرضعة كلهن أخوات له وكذلك يكون ابنًا لمن له اللبن وهو زوجها وتكون بنات الزوج كلهن أخوات لهذا المرتضع سواء كن من المرضعة أو من غيرها كما عليه جمهور أهل العلم وهذا ما يسمى بلبن الفحل . فهذا الرجل الذي تزوج بنتًا من بنات أبيه من الرضاع يكون منها غير صحيح عند جمهور أهل العلم لأنه تزوج أخته من الرضاع وأولاده منها يلحقه نسبهم لأنهم من وطء شبهة . وعليه مراجعة المحكمة الشرعية لاتخاذ الإجراءات اللازمة نحو هذا الرضاع .
208 ـ لي أخت من الرضاعة وقد أرضعت بنتًا من جماعتنا مع ابنها أرضعتها أكثر من خمس رضعات هل أنا أصبح محرمًا لتلك البنت التي أرضعتها أختي من الرضاعة وبالتالي أصبح خالاً لها أم لا ؟
النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ) [ رواه الإمام البخاري صحيحه ج3 ص149 . من حديث ابن عباس رضي الله عنه ] . فهذه البنت التي أرضعتها أختك من الرضاعة أكثر من خمس رضعات كما تقول إذا كان هذا الرضاع في الحولين فإنها تصبح بنتًا لها من الرضاعة وتكون أنت خالاً لها من الرضاعة ومحرمًا لها . والله تعالى أعلم .(12/351)
209 ـ والدي رضع من امرأة رضاعة محرمة مستوفية للشروط وقد طلقت هذه المرأة من زوجها وتزوجت من زوج آخر وأنجبت منه ابنًا وبنتًا فهل أولادها من الرجل الآخر يعتبرون إخوة لوالدي من الرضاعة ؟
نعم إذا أرضعت المرأة طفلاً الرضاع المعتبر شرعًا كما ذكرت بأن يكون خمس رضعات وتكون في الحولين فإنه يصبح ابنًا لها من الرضاعة وتكون بناتها أخوات له من الرضاعة سواء المتقدمات أو المتأخرات من زوج أو من أزواج كل بنات المرضعة يكن أخوات للمرتضع .
210 ـ لنا خالة ولها ولدان وقد أرضعتني أنا وأخي الأكبر مع ولدها الأصغر الذي بعد أن تزوج أنجبت زوجته بنتًا وقد تزوج أخي الأصغر والذي لم يرضع من خالتي وتزوج ابنة أخي من الرضاع الذي هو ابن خالتي فما الحكم في هذه المسألة ؟
لا مانع من ذلك لأنه لا علاقة له بهذا الرضاع فلا مانع من أن يتزوج هذه المرأة .
211 ـ يوم أن كنت طفلة رضيعة أصاب والدتي مرض فتولت إحدى النساء من حولنا إرضاعي مدة شهر أو أكثر وبعد مدة توفيت تلك المرأة التي أرضعتني عن ابن وبنت فتزوج زوجها امرأة أخرى وأنجبت له عددًا من الأولاد فهل أولادها يصبحون إخوة لي بسبب رضاعي من زوجة أبيهم المتوفاة وبالتالي يصبحون أخوالاً لأولادي أم ليس بينهم وبيني حرمة ونعتبر أجانب على بعض ؟
نعم كل أولاد هذا الرجل الذي رضعت من زوجته يعتبرون إخوة لك من الرضاعة وأخوالاً لأولادك سواء كانوا من الزوجة التي رضعت منها أو من غيرها لعموم الأدلة - والله أعلم .
212 ـ لقد رضع أخي الأصغر مني من امرأة أكثر من خمس رضعات وهذه المرأة لها أخت فهل يجوز لي أن أتزوج من أخت هذه المرأة التي رضع منها أخي . أفيدوني بارك الله فيكم ؟
لا مانع من ذلك ما دام أنك لم ترضع من أمها وهي لم ترضع من أمك وإنما أخوك هو الذي رضع من أمها فإن الحكم يتعلق بأخيك فقط ولا يسري إليك فأخوك يحرم عليه أن يتزوج بنت المرضعة . أما أنت فلا حرج عليك في ذلك .
213 ـ أرضعتني امرأة وهي الآن أمي من الرضاع وتزوجت من فتاة ورزقني الله بثلاث أطفال، وبعد ذلك اتضح أن المرأة التي أرضعتني قد أرضعت زوجتي كذلك . فماذا أفعل ؟
إذا ثبت الرضاع بينك وبين زوجتك من امرأة وكان رضاعًا محرمًا بأن يكون خمس رضعات فأكثر من الحولين فإنه يجب عليك أن تفارقها لأنها أختك من الرضاعة . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) [ رواه الإمام البخاري في صحيحه ج3 ص149 . من حديث ابن عباس رضي الله عنه ] . وإخوان المرتضع لا يسري عليهم حكم الرضاع فليسوا أبناء لخالكن .
215 ـ رجل يريد أن يتزوج بأم أخيه رضاعًا فهل له ذلك ؟
يجوز للرجل أن يتزوج من أم أخيه من الرضاع إذا لم يكن هو رضع منها فرضاع أخيه منها لا يسري عليه حكمه .(12/352)
216 ـ سائلة تقول : إنها امرأة متزوجة ولكن لم يشأ الله أن تنجب أطفالاً لذا هل يجوز أن تتبنى طفلاً وتنسبه لها ولزوجها أم لا . وإذا كان جائزًا فما هي صفات الطفل الذي يجوز تبنيه بمعنى أن يكون أبواه معروفين ولكنهما قد ماتا كاليتيم مثلاً أو من لا يعرف أبواه ونحو ذلك ؟
التبني كان موجودًا في الجاهلية فأبطله الإسلام ونهى عنه فالطفل المتبنَّى يكون أجنبيًا من المتبنِّي لأنه إنما ينسب لأبويه الحقيقيين ولا ينسب لمن تبناه يقول الله سبحانه وتعالى : { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ 4 ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ } [ سورة الأحزاب : الآيتين 4، 5 ] . فالواجب على المسلمين أن يتجنبوا هذا الأمر الخطير الذي أبطله الإسلام ونهى عنه ولا مانع من أن المسلم يحسن إلى اليتيم وإلى الصغير الذي ليس له وليّ يقوم على تربيته فالإحسان إليه فيه فضل عظيم لكن لا يتبناه .
ــــــــــــــ
المنتقى من فتاوى الفوزان - (ج 91 / ص 1)
13- أبواب في الرضاع والحضانة
412- لو تزوج رجل امرأة وأنجب منها أطفالاً، ثم توفي هذا الرجل واتضح يقينًا بعد وفاته أن هذه المرأة من المحرَّمات عليه بالرضاع، فهل يأثم هذا الرجل يوم القيامة ؟ علمًا أنه لم يكن يعلم بأن هذه المرأة تحرم عليه؛ أفتونا مأجورين ؟
من تزوج امرأة تحرم عليه بالرضاع فإنه لا يأثم بذلك لجهله، ولكن إذا علم وجب عليه مفارقتها، ويكون ذلك بمراجعة القاضي، وأولاده منها له لأنه وطئها بشبهة فيلحق به أولاده .
413- إحدى أخواتي رضعت من زوجة والدي وابني رضع من زوجة والدي مع إخوتي فهل يجوز لزوجة والدي أن تكشف لزوجي ؟
لا يجوز لزوجة والدك الكشف لزوجك لأنه أجنبي منها، وكون أخيك وابنك رضعا من زوجته لا يبرر ذلك لأنه لا علاقة لهذه الرضاعة بالمسألة المذكورة؛ لأن الحكم يختص بالراضعين فقط، والله أعلم .
414- طفل نشأ في بيت عمه ورضع من زوجة عمه وبعد مدة تزوج عمه بامرأة ثانية ورزق منها بينت فهل يحل له الزواج من إحدى بنات الزوجة الثانية مع العلم أنه رضع من الزوجة الأولى فقط ؟ أفيدونا وفقكم الله .
ما ذكره السائل من أنه رضع من زوجة رجل وأن لهذا الرجل زوجة أخرى لها بنت فهل يجوز له أن يتزوج من بنات الزوجة التي لم يرضع منها ؟
لا ليس له أن يتزوج ببنات الزوجة الثانية التي هي ضرة للتي أرضعته، هذه المسألة مسألة لبن الفحل، والصحيح أنه يحرم، فتكون هذه البنات أخوات له من الأب من الرضاعة لأن اللبن ثابت عن وطئه فتنتشر الحرمة عليه فيكون أبًا للبنت من النسب وأبًا للرضيع من الرضاعة .
415- أبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عامًا ولي شقيقة قد أرضعت ابن خالي ثم توفي فهل يجوز لي أن أتزوج من أخواته اللواتي ولدن من بعده ؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا ؟(12/353)
نعم يجوز لك أن تتزوج من أخوات ابن خالك الذي رضع من أختك اللاتي ولدن من بعده واللاتي ولدن من قبله مادام لم يرضعن من أختك الشقيقة فلا مانع إن تزوجت بإحداهن لأنه ليس بينك وبينهن ما يمنع؛ لأن الحكم يقتصر على المرتضع وفروعه ولا يسري إلى أصوله وحواشيه .
416- رضعت من امرأة وهذه المرأة لها حفيدات فهل يجوز لي أن أتزوج من حفيداتها يعني بنات بناتها ؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا ؟
إذا رضعت من امرأة رضاعة تامَّة خمس رضعات في الحولين فإنك تكون ابنًا لها من الرضاعة وتكون بنات أخوات لك من الرضاعة وبنات بناتها بنات لأخواتك من الرضاعة فتكون خالاً لهن من الرضاعة، فلا يجوز لك أن تتزوج من حفيداتها أي من بنات بناتها لأنهن بنات أخواتك من الرضاعة وأنت خالهن قال صلى الله عليه وسلم : ( يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ) [ رواه الإمام البخاري في " صحيحه " ( 3/149 ) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ] وبنت الأخت من النسب محرمة بنصِّ القرآن الكريم قال تعالى : { وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ } [ سورة النساء : آية 23 ] .
417- رجل رضع من امرأة متزوج أختها يعني أخت المرأة التي رضع منها لكن أختها من أبيها مع العلم أن له منها ثلاث بنات فما هو الحل في ذلك ؟
ورد في السؤال أن هذا الرجل رضع من امرأة، وتزوج أختها من الأب فنقول : إذا كان هذا الرضاع متأكد الوقوع وكان خمس رضعات، وكان في الحولين فإنه ينشر الحرمة، وتكون أختها خالة للمرتضع من الرضاعة حتى ولو كانت أختًا لها من أبيها على الصحيح، فإذا ضبط هذا الرضاع بما ذكرنا بأن كان في الحولين وكان خمس رضعات، فإن هذه المرأة التي تزوجتها أيها السائل تكون خالة لك من الرضاعة فيجب عليك مفارقتها حتى ولو كان لك منها أولاد؛ أما مادام الأمر غير منضبط لا تدري كم عدد الرضعات فإن الأصل بقاء النكاح وصحته، فلا تحرم عليك في أمر مشكوك فيه وعليك بمراجعة المحكمة الشرعية للتأكد من هذا الأمر والنظر فيه .
418- هناك امرأة تبَنَّتْ ولدًا وربّته مع أولادها، ولكنها لم ترضعه فهل يجوز لها أن تزوجه من إحدى بناتها ؟ وإذا أرضعته فهل يأخذ لقب أبيهم ويرث ويورث ؟
أما مجرد أنها غذت هذا الولد من الصغر وربته من صغره فهذا لا يثبته نسبًا ولا قرابة بينه وبينها وهو أجنبي عنها وعن بناتها فيجب عليها أن تحتجب منه، ويجب على بناتها أن يحتجبن منه؛ لأنه أجنبي عنهن مادام أنه لم يحصل رضاعة، وإنما الحاصل مجرد أنها ربته وغذته من الصغر، وكلمة التبني الواردة في السؤال خطأ؛ لأن التبني منهي عنه في الإسلام، وليس هناك تبنٍ إلا للأولاد من النسب أو الأولاد من الرضاعة، أما مجرد التربية والتغذية للصغير فهي لا تثبت قرابة ولا نسبًا ولا يسمى تبنيًا، أما لو جرى بينه وبينها رضاعة بأن أرضعته رضاعًا كافيًا بأن يكون خمس رضعات فأكثر، وأن يكون ذلك في الحولين، فإنه يكون ابنًا لها من الرضاعة وتكون بناتها أخوات له ومحارمها يكونون محارم له لقوله صلى الله عليه وسلم : ( يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ) [ رواه الإمام البخاري في " صحيحه " ((12/354)
3/149 ) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ] ، وفي حديث آخر : ( الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة ) [ رواه الإمام البخاري في " صحيحه " ( 6/125 ) من حديث عائشة رضي الله عنها ] ، فهو يكون ابنًا لها في المحرمية فقط ولا ترث منه عند الجمهور بمجرد الالتقاط، ولا توارث بالرضاع إجماعًا؛ لأن الرضاعة لا تثبت ميراثًا وإنما تثبت المحرمية، وما لم يكن هناك رضاعة بين الطفل الملتقط وبينها أو بينه وبين أحد من محارمها فإنه لا بأس بأنه يتزوج من بناتها لأنه أجنبي منها .
419- هل يشترط في الرضاع المحرم أن يكون من ثدي المرضعة مباشرة أم لا يشترط ذلك، فهو يحرم حتى لو كان شربه من إناء أفرغت فيه إحدى المرضعات لبنها ؟
لا فرق في تأثير الرضاع من أن يرضع الطفل من الثدي أو يشرب ذلك من إناء أو يوضع اللبن في فمه ويسقى إياه أو يكون من طريق الأنف كالسعوط والوجور وغير ذلك، المهم إذا وصل اللبن إلى جوفه فإنه يقال : إنه قد رضع وتغذي بلبن المرأة لا فرق بين أن يمتصه من الثدي أو يمتصه من الإناء أو يسقى إياه من غير إرادة، كل هذا حكمه واحد .
420- إنني أريد الزواج من ابنة خالتي وعلمت أن خالتي قد رضعت من والدتي معي ونحن أطفال؛ هل يجوز الزواج في مثل هذه الحالة أم لا ؟
ما ذكرته من أن خالتك رضعت من أمك وأن لها بنتًا فهل يصح لك أن تتزوج منها ؟ الجواب أنه إذا كان الرضاع الذي ذكرته خمس رضعات فأكثر وكان في الحولين، فإنه لا يصح لك أن تتزوج من هذه البنت لأنك خال لها من الرضاعة؛ لأن أمها رضعت من أمك فصارت أمها أختًا لك من الرضاعة، وبنتها تكون بنت أختك من الرضاعة، فلا تحل لك، والله تعالى أعلم .
ــــــــــــــ
لقاءات الباب المفتوح - (ج 2 / ص 28)
حكم الرضاعة من حليب المرأة في كأس:
___________________________________
السؤال: امرأة حلبت للطفل من ثديها في فنجان القهوة لمدة ثلاثة أيام صباحاً ومساءً، فهل هو ابن لها من الرضاعة أم لا؟
___________________________________
الجواب: يكون هذا ولد لها؛ لأن المرأة إذا أرضعت الطفل سواء من ثديها أو من فنجان حَلَبَتْه من ثديها خمس مرات فأكثر فهو ولد لها.......
ــــــــــــــ
مسألة في الرضاعة:
___________________________________
السؤال: شخص رضع من امرأة ولها بنات، ثم طلقها زوجها وتزوجها رجل آخر، وأنجبت له بناتاً، فهل هن محارم للشخص هذا مثل بنات الرجل الأول؟
___________________________________(12/355)
الشيخ: تعني: بنات زوجته من الرضاع؟ أنا فهمت أنك تريد الزوج الثاني هل يكون محرماً من التي أرضعته في حبال الزوج الأول؟ السائل: إي نعم. الشيخ: لا. الصحيح أنه لا يكون، نعم إن كان بناته من النسب فصحيح أنه محرم لهن. ......
ــــــــــــــ
حكم الرضاع من الإناء:
___________________________________
السؤال: الرضاعة من الكأس إذا كان في الحولين هل يحرم؟
___________________________________
الجواب: الرضاع سواء كان من الكأس أو من الثدي محرم إذا بلغ خمس مرات؛ لأنه مُغَذٍّ سواء من الكأس أو من الثدي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الرضاعة من المجاعة) فالرضاع الذي يغني من المجاعة يحرم سواء من الثدي مباشرة أو بواسطة الإناء.......
ــــــــــــــ
مقدار الرضاعة التي تبنى عليها أحكامها:
________________________________________
السؤال: أنا رضعت مع خالي من جدتي -وهي أمه- فهل بناتي يحتجبن عنه، علماً بأني رضعت أكثر من خمس مرات؟
________________________________________
الجواب: إذا رضعت من جدتك خمس رضعات معروفة فقد صرت ولداً لها، وصار أولادها إخوانك الكبير والصغير، وإذا صاروا إخوانك صاروا أعمام بناتك، وعلى هذا فيجوز أن تكشف بناتك على أخوالك كلهم.
ــــــــــــــ
الشك في الرضاع:
________________________________________
السؤال: فضيلة الشيخ: هذه امرأة تقول: إني أرضعت طفلاً ثلاث رضعات، ولكن الرضعتين الباقيتين، تقول: إني في شك منهما، ولكن امرأة أخرى تقول: إنها متأكدة أنها أرضعت الخمس، فما قولكم؟
________________________________________
الجواب: قولي: إن هذا الرضاع ثابت خمساً؛ لأن لدينا ثلاثاً متفقاً عليها، واثنتين توقفت فيها إحدى المرأتين، وجزمت بهما الثانية، وعلى هذا تكون الطفلة الراضعة أو الطفل الراضع على هذا الوجه ابناً لمن أرضعته، لا تحتجب عنه لا هي ولا بناتها.
ــــــــــــــ
اختلاف العلماء في اعتبار زوجة الابن من الرضاع كزوجة الابن من النسب:
________________________________________
السؤال: رجل رضع من زوجة أخيه رضاعاً كاملاً، هل يجوز للأخ من النسب -الأب من الرضاعة- أن يسلم على زوجة أخيه وابنه من الرضاعة؟(12/356)
________________________________________
الجواب: يعني: هل زوجة الابن من الرضاع كزوجة الابن من النسب؟ معلوم أن زوجة الابن من النسب محرم لأبيه، أما زوجة الابن من الرضاع ولو كان أبوه من الرضاع أخاً له هذه فيها خلاف بين العلماء، فأكثر العلماء على أن زوجة الابن من الرضاع كزوجة الابن من النسب، يعني: أنها محرم لأبيه من الرضاعة، وتكشف له؛ لأنه محرم، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنها ليست بمحرم، وكل منهم استدل بالحديث نفسه، الذين قالوا: إن زوجة الابن من الرضاع كزوجة الابن من النسب قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وشيخ الإسلام رحمه الله الذي قال: إن زوجة الابن من الرضاع ليست كزوجة الابن من النسب، وأنها ليست محرم لأبيه من الرضاع، وأنه يجب عليها أن تحتجب عنه، ولا يجوز أن يخلو بها، استدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) واستدل بقوله الله تعالى: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23] أيهما في نظركم أقرب؟ السائل: النسب. الشيخ: كيف يكون أقرب وزوجة ابنه من النسب حرام؟ إذاً: زوجة الابن من الرضاع حرام (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) . نسأل: زوجة الابن هي حرام على أبيه من النسب أو حرام من الصهر؟ من الصهر، ليس بينه وبين أبيه نسب والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب) وزوجة ابنك ليست حرام عليك من جهة النسب، لكن حرام عليك بالصهر؛ لأنه لا نسب بينك وبينها، ولهذا كان رأي شيخ الإسلام رحمه الله عندي هو الراجح، وأن زوجة الابن من الرضاع ليست محرماً،
وزوجة الابن من النسب ليست محرماً من جهة النسب، أما الآية التي استدل بها شيخ الإسلام وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23] فجمهور العلماء الذين يقولون: إن زوجة الابن من الرضاع كزوجة الابن من النسب يقولون: هذه الآية قيدت احترازاً من ابن التبني، فنقول: إن ابن التبني ليس ابناً حتى يحترز منه، فهو غير داخل بالبنوة إطلاقاً، حتى يأتي بقيد يخرجه، فالصحيح عندي ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
ــــــــــــــ
زوجة الابن من الرضاع ليست محرماً:
________________________________________
السؤال: ما هو القول الراجح في زوجة الابن من الرضاع في كونها محرماً لأب الابن من الرضاعة؟
________________________________________
الجواب: زوجة الابن من الصلب محرم لأب الابن، لقول الله تعالى في جملة المحرمات: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23]، فإذا كان الإنسان له ابن متزوج من امرأة فهذه المرأة لها أن تكشف الحجاب لأب الابن. أما ابن الأب من الرضاع، فأكثر العلماء على أنه كابنه من الصلب. ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أَبَى ذلك، وقال: إن الرضاع لا يؤثر في المصاهرة، وأن زوجة ابنه من(12/357)
الرضاع أجنبية منه، لا تكشف له، ولا يخلو بها، ولا يسافر بها؛ لأنها أجنبية منه، والله عزَّ وجلَّ يقول: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23]والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (يَحْرُم من الرضاع ما يَحْرُم من النسب)، وزوجة الابن حرام على أبيه من المصاهرة؛ لأنه ليس بينه وبينها نسب، فزوجة الابن ليس بينها وبين أب زوجها نسب، بل هي حرام عليه بالمصاهرة، والحديث يقول: (يَحْرُم من الرضاع ما يَحْرُم من النسب). وهذا الذي اختاره شيخ الإسلام هو الذي أراه صحيحاً.
ــــــــــــــ
زوجة الابن من الرضاعة ليست محرماً للأب:
________________________________________
السؤال: فضيلة الشيخ: ماذا تكون زوجة الابن من الرضاعة، هل تحرم على الأب من الرضاعة أم لا؟
________________________________________
الجواب: زوجة الابن من الرضاعة يقول بعض العلماء: هي كزوجة الابن من النسب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) ولكن الصحيح أن الأمر بخلاف ذلك، وأن زوجة الابن من الرضاع ليست زوجة لأبيه من الرضاع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) ولم يقل: ومن الصهر، ولو سأل الرجل: هل أم الزوجة وأبو الزوج محرمون بالنسب أم بالمصاهرة؟ لقيل: إنهم محرمون بالمصاهرة، والحديث: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وعلى هذا فإن أم الزوجة من الرضاع ليست محرماً لزوجها، وأبو الزوج من الرضاع ليس محرماً لزوجة ابنه. ويؤيد ذلك أيضاً قوله تعالى في المحرمات: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23] وابن الرضاع ليس من صلبك.
ــــــــــــــ
حكم مقاطعة إخواني وأخواتي من الرضاعة:
________________________________________
السائل: لي أخوات من الرضاع وحصلن على فتوى من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -حفظه الله ورعاه- طبعاً! أننا إخوان في الرضاعة، فمنهن من قبلت هذا الأمر، ومنهن من رفضته وردته، ومنهن من قبلت أن تقابل وأسأل عن حالها وتسأل عن حالي، ومنهن من قالت: فقط السؤال، وليس المقابلة، فهل علي إثم لو قاطعتهن، يعني التي رفضت الأمر هذا، أو عليهن إثم في ذلك؟
________________________________________
الشيخ: هن قرابة لك؟ السائل: من الرضاعة. الشيخ: الرضاعة هذه ليست قرابة، ولا يجب على الإنسان أن يصل محارمه من الرضاعة كما يصل محارمه من النسب، لكن لا شك أن هذا نوع من الصلة فمواصلتهم طيبة، وأما امتناع بعض النساء عن مواجهة المحارم من الرضاع، أو كشف الوجه لهم هذا حياء وخجل، ليس القصد منه مضادة الشريعة أبداً.(12/358)
ــــــــــــــ
الحكم فيمن رضعت زوجته من زوجة أخيه من الرضاعة:
________________________________________
السؤال: فضيلة الشيخ! لقد تزوجت زوجة وبعد الدخول عليها بأربعة شهور, أتاني خبر أنها رضعت من زوجة أخي من الرضاع عشرة أيام, مع العلم أن والدها ووالدتها وزوج امرأة المرضع كذبوها في ذلك, فهل تحرم عليّ؟ وهل يجوز لي إذا كانت تحرم علي بالمطالبة في حقي الذي دفعته عليها؟
________________________________________
الجواب: إذا كانت المرأة التي أخبرت بأنها أرضعت ثقة مأمونة فإنه يؤخذ بقولها حتى وإن أنكر زوجها أو أبو الزوج أو أمه؛ لأن المثبت مقدم على النافي، وبناءً على ذلك: يتبين أن النكاح غير صحيح, فيفارق أحدهما الآخر. أما المهر فإن كان قد جامعها فهو لها كاملاً بما استحل من فرجها, ولا يستحق منه شيئاً, وأما الأولاد الذين أتوا من هذه المرأة فهم أولاد شرعيون؛ لأنهم خلقوا من وطء شبهة, فيكون نسبهم فيه ثابت, فهذه ثلاثة أشياء: أولاً: نقدم قول المرضعة إذا كانت ثقة, ولا نعتبر بالمخالف. ثانياً: لها المهر كاملاً إذا كان قد جامعها بما استحل من فرجها. ثالثاً: بالنسبة للأولاد فهم أولاد شرعيون لأبيهم؛ لأنهم خلقوا من وطء شبهة. ......
ــــــــــــــ
تعدي الأخوة بالرضاعة إلى أبناء الأم من زوج آخر:
________________________________________
السؤال: هناك امرأة تزوجت رجلاً وأنجبت منه أبناء, وأرضعت بنتاً من غير بناتها, وتوفي الزوج, وتزوجت من رجل آخر وأنجبت أبناء من الزوج الثاني, هل البنت المرضعة الأولى تكون أختاً للإخوة من الزوج الثاني؟
________________________________________
الجواب: نعم, ويكونون إخوة من الأم, لأن أمهم واحدة, ونحن نضيف على هذا الجواب: لو كان هذا الزوج له زوجة أخرى فهل تكون البنت التي رضعت من الزوجة أختاً لأولاد الزوجة الأخرى؟ هذا رجل له زوجتان: واحدة زينب والثانية فاطمة, فأرضعت زينب بنتاً فهل تكون هذه البنت أختاً لأولاد فاطمة؟ يكونون إخوة من الأب, والمسألة التي سألت عنها يكونون إخوة من الأم, وأولاد المرضعة من زوجها يكونون إخوة للراضع منها من الأم والأب, فالرضاع كالنسب تماماً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وعلى هذا فقد يكون الإخوة إخوة من الأب فقط، وقد يكونون إخوة من الأم فقط, وقد يكونون إخوة من الأم والأب.
ــــــــــــــ
أقوال أهل العلم في أم الزوجة من الرضاع هل هي محرم للزوج أم لا؟:
________________________________________
السؤال: فضيلة الشيخ: أم الزوجة من الرضاع هل تكون محرماً للزوج؟
________________________________________(12/359)
الجواب: نعم. أكثر العلماء ومنهم الأئمة الأربعة يقولون: إن أم الزوجة من الرضاع كأمها من النسب. فزوج ابنتها من الرضاع محرم لها كزوج ابنتها من النسب، واستدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب). وقال شيخ الإسلام رحمه الله: إن أم الزوجة من الرضاع ليست كأمها من النسب وإن زوج ابنتها من الرضاع ليس محرماً لها، واستدل بنفس الحديث، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب). ومعلوم أن أم زوجتك حرام عليك لكن بأي سبب: بالنسب أو بالمصاهرة؟ بالمصاهرة، وإذا كانت بالمصاهرة فقد دل الحديث بمفهومه أنها ليست محرماً لك، وما ذهب إليه الشيخ رحمه الله أقرب للصواب: أن أم زوجتك من الرضاع وبنت زوجتك من الرضاع ليست من محارمك. يبقى النظر: هل يجوز للإنسان إذا ماتت زوجته أن يتزوج أمها من الرضاع أو ابنتها من الرضاع؟ نقول: شيخ الإسلام رحمه الله يقول: نعم. يجوز؛ لأنها ليست محرماً له، لكني أقول أنا من باب الاحتياط: ألا يتزوجها؛ لأن الخلاف الكبير الذي في هذه المسألة قد يوجب للإنسان التوقف في حِلِّها له. فإذا قال قائل: كيف تقولون: لا يتزوجها وتقولون: إنها ليست من محارمه؟ وهل هذا إلا نوع من التناقض؟ نقول: لا بأس عند الاحتياط من أن نجمع بين الحُكْمَين، ودليلنا في هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى للغلام الذي تنازع فيه عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص قضى به لمن؟ قضى به لزمعة فيكون أخاً لسودة؛ وسودة زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام، ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم شَبَهاً بيِّناً بعتبة في هذا الغلام قال لزوجته: (احتجبي منه) ، فهنا جمع بين حُكْمَين مختلفَين متناقضَين من أجل الاحتياط. فأرى في هذه المسألة: أن أم الزوجة من الرضاع وبنت الزوجة من الرضاع ليست محرماً كما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية لكني أرى من باب الورع والاحتياط ألا يتزوجها إلا في حالة
واحدة: إذا لم يبقَ من بنات آدم إلا هذه المرأة فحينئذ يتزوجها. والرضاع لا يؤثر بالميراث اتفاقاً، ولا بوجوب النفقة، ولا بوجوب تحمل العاقلة، ولا غيرها.
ــــــــــــــ
الرضاع لا يحرم إلا إذا كان خمس رضعات معلومات:
________________________________________
السؤال: امرأة أرضعت طفلاً قبل فترة تقرب من ثلاثين أو أربعين سنة في الليل ولا يدرى كم عدد الرضعات، وبعد الصباح أرضعته مرة أخرى، فما الحكم؟
________________________________________
الجواب: إننا سنعطيك قاعدة مبنية على أن: (الرضاع لا يحرم إلا إذا كان خمس رضعات معلومات) كما جاء في حديث عائشة : (نسخن بخمس رضعات معلومات) يحرمن، فإذا شكت المرضعة هل أرضعت هذا الطفل أو لا، فلا عبرة بالرضاع، وهل شكت هل أرضعته خمساً أو أقل فلا عبرة في ذلك، لكن لو شكت أرضعته خمساً أو ستاً ما تقول؟ أسألك. السائل: تأخذ بالخمس. الشيخ: ويكون الرضاع محرماً، لكن لو شكت أرضعته أربعاً أو خمساً؟ السائل: لا تأخذ الأقل. الشيخ: أحسنت.(12/360)
ــــــــــــــ
ما يحرم من الرضاعة وما لا يحرم:
________________________________________
السؤال: فضيلة الشيخ حفظك الله: سائل يسأل ويقول: إن عمي رضع من امرأة وفي نفس الوقت رضع معه شخصٌ آخر من هذه المرأة، فهل يكون هذا الشخص الذي رضع مع عمي عماً لي من الرضاعة، وماذا يكون أولادي بالنسبة لهم من ذكورٍ وإناث؟
________________________________________
الجواب: أولاً: يجب أن تعلموا بارك الله فيكم أن أقارب الراضع لا علاقة لهم في الرضاعة إطلاقاً، فإذا رضع الإنسان من امرأة فإن إخوانه لا يكونون أولاداً لها ولا علاقة لهم بها، أفهمتم؟ يعني مثلاً: زيد رضع من امرأة تسمى زينب، إخوة زيد ما لهم علاقة بزينب؛ لأنهم ليسوا أبناءً لها، ولا إخواناً، ولا أعماماً، ففي المثال الذي ذكرت الآن لا علاقة لإخوان الراضع بالمرأة التي أرضعته ولا بأولادها، فيجوز لأحد إخوة الراضع أن يتزوج من بنات المرأة التي أرضعت أخاهم؛ لأنه ليس لهم علاقة بها. ولكن يجب أن تعلموا أن الرضاعة لا تعتبر إلا إذا كانت خمس رضعات، لما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان فيما أنزل في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخن بخمس رضعات معلومات) فلابد من أن تتيقن المرضعة أو من شهدت بالرضاع أن الرضاعة تمت خمس مرات، فإن قالوا: رضع ولا ندري، فلا عبرة بالرضاعة، وإن قالوا: رضع أربعاً فيها عبرة أو ما فيها عبرة؟ لا عبرة به لابد من خمس، فلو رضع ثلاثاً لا عبرة به، إذا رضع اثنتين لا عبرة به، أو واحدة لا عبرة به، لابد أن يكون خمس رضعات معلومات أيضاً كما جاء في الحديث، فالمشكوك فيهن لا عبرة بهن. السائل: بنات الشخص هذا الذي كان أخوه من الرضاعة؟ الشيخ: الذي رضع هو وإياه من امرأة، إذا رضع شخصان من امرأة صارا أخوين وصار كل واحدٍ منهما عماً لأولاد الآخر الذكور والإناث.
ــــــــــــــ
حكم زواج أولاد الإخوة من الرضاعة:
________________________________________
السؤال: فضيلة الشيخ! جدتي أم الوالدة أرضعتني مع خالي، فهل يجوز الآن أن يتزوج أولاد خالي ببناتي، والعكس؟
________________________________________
الجواب: أنت رضعت من جدتك؟ السائل: أنا رضعت من جدتي. الشيخ: كم مرة؟ السائل: حولان كاملان. الشيخ: حسناً! خمس رضعات تكون ولداً لها. الشيخ: أسألك: هل تكون أنت ولداً لها؟ السائل: نعم. الشيخ: إذاً يكون خالك أخاً لك من الرضاعة، فبناتك هو عمهن، وبناته أنت عمهن. السائل: يعني: أنه لا يجوز لي أن أتزوج من بناته؟! الشيخ: هل يجوز أن يتزوج أحد ببنت أخيه؟!
ــــــــــــــ(12/361)
وقوع الحرمة بالرضاع المباشر وغير المباشر:
________________________________________
السؤال: امرأة أرضعت طفلة خمس مرات ولكن كانت تضع لها الحليب في الرضاعة هل تحرم بهذا الرضاع مع أن مقدار الرضعة قليل لا يكاد يبلغ ما في الرضاعة؟
________________________________________
الجواب: حسناً! هذه المرأة التي تضع لبنها في رضاعة هل ينقلب هذا اللبن الذي وضع في الرضاعة عصير برتقال؟ لا ينقلب، اللبن هو اللبن، فعلى هذا نقول: العبرة بمعاني الأمور لا بألفاظها، فقوله عز وجل: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ [النساء:23] لا شك أن الرضاع المباشر أنه أبلغ لأن اللبن يخرج من ثدي المرأة إلى فم الطفل، وجميع المقومات التي فيه لا تتغير لأنه لا إمكان للتغيير، وإذا وضع في إناء ثم شربه فهو لابد أن يتغير ولكن الأصل موجود، فالقول الراجح: أنه لا يشترط أن المرأة ترضع الطفل مباشرة بل متى شرب لبنها خمس مرات متفرقات فهو ابنها من الرضاعة. السائل: ولو كان قليلاً يا شيخ؟! الجواب: ولو كان قليلاً ما دام أنه متفرق ولو كان قليلاً.
ــــــــــــــ
فتاوى الشيخ ابن جبرين - (ج 11 / ص 1)
فتاوى الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله
فتاوى متنوعة
الرضاع
السؤال:-
امرأت أرضعت ابن اختها مع إحدى بناتها، فهل يجوز لذلك الطفل الرضيع أن يتزوج من بنات المرضعة الأخر غير من رضعت معه؟
الجواب:-
لا يجوز ذلك، فإن هذا الراضع قد صار من أولادها، فهو أخو جميع أولادها من ذكور وإناث، سواء من كان أكبر من الطفل أو أصغر منه، حيث إن المرضعة تكون أم الطفل، وزوجها في ذلك الوقت أباه، وأولادهما أخوته ذكوراً وإناثاً، فلا يتزوج من بناتها، ولا من بنات زوجها، ولا من بنات أولادهما.
السؤال:-
رجل تزوج، وعندما در لبن زوجته أخذ يداعبها، حتى إنه يشرب من حليبها الذي في ثديها "الزوج" فما الحكم في ذلك؟
الجواب:-
لا يحرم الرضاع في الكبر، فهذا الفعل لا يجوز يعني امتصاص الزوج من ثدي زوجته، وسواء كان فيه لبن أو ليس فيه لبن، ولكن لو درت عليه وارتضع من لبنها فإنها لا تحرم عليه، ولا ينفسخ النكاح، والله أعلم.
فتاوى الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله
ــــــــــــــ(12/362)
السؤال:-
أفيدكم بأنني شاب يتيم وأرغب في إكمال نصف ديني وأتزوج من بنت عمتي، والمشكلة هنا هي أن عمتي شقيقة والدي أخبرتني بأني رضعت مع ولدها الأوسط وعمره ثلاث سنوات، وهذا الابن جاء بعده ابن ثاني ثم أنجبت الفتاة من بعدهما، وقد تمنيت من الله أن تكون هذه الفتاة من نصيبي ... ولكن عندما أختبرتني عمتي بهذا الشيء أردت أن أستفسر عن هذا، وهل يجوز الزواج من هذه الفتاة أم لا؟ علماً بأنها أرضعتني مرة واحدة والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحرم الرضعة والرضعتان والمصة والمصتان).
الجواب:-
إذا كانت رضعة واحدة كما ذكرت فلا تحرم عليك بنت عمتك، وإنما يحرم خمس رضعات والله أعلم.
ــــــــــــــ
السؤال:-
إنني تزوجت امرأة قريبة لي منذ خمس سنوات، ومنذ أيام عرفت أنها رضعت من أمي، فقمت بسؤال أحد العلماء فقال لي: إذا كانت الرضعات محرٍّمات فقد صارت أختاً لي ويجب علينا أن نتوجه إلى المحكمة. وعليه فقد قمت بسؤال والدتي التي أرضعتها فقال: أنها كانت في زيارة لمنزلهم (يعني منزل أهل الزوجة) بعد ولادتها ولم ينزل بعد لبن أمها واحتاجت للرضاعة فقمت بإرضاعها رضعة واحدة، وبعدها نزل لبن أمها وأقسمت بالله على ذلك، ثم رجعت إلى الشيخ الذي استفتيته أولاً فنصحني بالتوجه إلى دار الإفتاء لأخذ القول الفصل في المسألة، وعليه فإنني أعرض المسألة على فضيلتكم سائلاً الله عز وجل أن يوفقكم فيها إلى ما يحب ويرضى.
الجواب:-
إذا تأكدت والدتك أن الرضعة واحدة وحلفت على ذلك فالقول قولها وتصدق في ذلك ولا يؤثر هذا الرضاع وتبقى الزوجية كما هي ولا تثبت الأخوة بينك وبين هذه الزوجة والله أعلم.
ــــــــــــــ
السؤال:-
نعم أنا فريح لديَّ ولد اسمه حباس وقد طلقت أمه وهي حامل فيه، وأرضعته حرمة أجنبية، وأم ولدي أرضعت أولاد الأجنبية، وبنتي أنا يا فريح من امرأة ثانية وتكون أختاً لابني حباس من الأب، زوجتها أحد أبناء المرأة الأجنبية وهي أم ولدي الأكبر من الرضاع، فهل هذا جائز أم فيه شك؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب:-
إن أولاد المرأة الأجنبية الذين أرضعتهم أم حباس مع ابنها حباس يصبحون أولاداً لفريح حيث إن اللبن منه، فإن أرضعتهم بلبن زوج بعد فريح فلا يكونون أولادً له، فينظر هذا الزوج لبنت فريح هل رضع مع حباس أو مع غيره والله أعلم.
السؤال:(12/363)
أنا امرأة أرملة ولي بنت أخت متزوجة منذ سنين طويلة ولها من العيال تسعة، أكبرهن متزوجة ولها ولد، ومشكلتي يا فضيلة الشيخ بأني يوم ولدت أرضعتني عمتي أخت أبي مع ابنها، ولما كبرت تقدم لي عمه أخو أبيه فوافقت عليه وتزوجته وصار عندي من العيال تسعة عيال، ولم نكن نعلم بموضوع الرضاع، ولم أعلم إلا بعد سنين طويلة تقارب العشرين سنة، ولم يخبرني عن موضوع الرضاعة أي أحد حيث إن المرضعة لم تعلم عدد الرضعات التي أرضعتها لي بحكم مرور زمن طويل جداً، وكنت يومها مولودة صغيرة حيث إن أُمي لم يأت حليبها بعد (أي اللبن) ولم أكن أستطيع الرضاعة لصغر سني، ولابد من وضع الثدي في فمي لإجباري على الرضاعة، نرجو توضيح الحكم الشرعي في الموضوع، وجزاكم الله خيراً.
الجواب:-
تعاد للاستفسار عن الزوج هل هو عم ابن المرضعة من النسب أو عم ابنها من الرضاع.
وحيث إن الرضاع يغلب على الظن أنه مانع ولا نجزم بذلك لوجود الشك في عدده، فالأولى القول بالتحريم والله أعلم.
ــــــــــــــ
تزوج ابنة أخته من الرضاعة
المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/المحرمات
التاريخ 12/3/1425هـ
السؤال
تزوج رجل من ابنة أخته من الرضاع دون أن يعلم ، ومع علم المرضعة ولكنها لجهلها تظن أن ذلك جائز، ولكن بعد بضع سنوات وبعد أن رزق هذا الرجل منها ثلاثة أولاد عرف أن زوجته هي ابنة أخته في الرضاع .
01 ماذا يفعلان في هذه الحالة؟
02 ما حكم الأولاد بالنسبة للنسب وبالنسبة للتربية؟
03 هل يرث الأولاد في هذه الحالة من أبيهم ومن أمهم ؟
04 هل يثبت للوالدة حكم البر وكذلك للأب ؟
05 ماذا يثبت للوالدة هذهِ من الحقوق المالية على من كان زوجها ( خالها من الرضاع ) في حالة الفسخ ؟
أفتونا - حفظكم الله ورعاكم - وبأسرع وقت؛ لأن الوقت يدركنا ونحن بحاجة ماسة إلى الفتوى لنعرف المخرج من هذه الطامة التي ألمت .
الجواب
عليهما أولاً التأكد من الرضاعة هل حصلت فعلاً أم لا ، وهل هي خمس رضعات أم لا ، وهل هي في الحولين أي: السنتين الأوليين من عمر الطفل أم لا ، فإذا تأكد فيجب أن يتفرقا حالاً ما دام أن الرضاع لا شك فيه ، ومحرَّم خمس رضعات فأكثر ، وفي الحولين ، فيجب التفريق بينهما حالاً ، والأولاد أولادهما معاً ويرثون من(12/364)
أبيهم وأمهم ، ونفقتهم على أبيهم ، ويثبت لكل من الوالدين البر والصلة ، ولا شبهة في الأبوة والأمومة ، وإنما الواجب التفريق بين الرجل والمرأة ، لأنه لا يصح أن تبقى زوجة له وهي بنت أخته من الرضاعة ، ولا يثبت للمرأة شيء من الحقوق المالية بعد التفرق .
ــــــــــــــ
رضع من جدة زوجته
المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 24/7/1422
السؤال
تزوج رجلٌ من امرأةٍ كان قد رضع من جدّتها لأمها ، فما الحكم في هذا الزواج ؟
الجواب
هذا الزواج باطل؛ لأن هذا الرجل خالٌ لتلك البنت ، حيث رضع من جدتها، فأصبح أخاً لأمها من الرضاع ، فهو خال هذه البنت من الرضاع ، فالزواج باطلٌ ، وعليه يجب التفريق بينهما بعد ثبوت الرضاع بخمس رضعات .
ــــــــــــــ
استفرغ بعد أن رضع، فهل رضاعه محرم ؟
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 22/7/1422
السؤال
رجل رضع من امرأة عدد خمس رضعات ، فهل يسلِّم على بناتها ؟ علماً أن الراضع استفرغ أثناء الرضاعة
الجواب
إذا أرضعت امرأة طفلاً خمس رضعات مُشْبِعة ، فإن التحريم ينتشر إلى أصولها ، وفروعها ، وحواشيها دون فروعهم ، وعلى هذا يجوز لهذا الراضع أن يسلّم على بنات المرضعة وإن نزلن ، لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( يحرم من الرضاع ما يحرم من النّسب )) متفق عليه .
والرضاع ينشر التحريم إذا حصلت الرضعة ولو حصل استفراغ ؛ لثبوت الحكم بمجرد حصول الرضعة ، وبالله التوفيق .
ــــــــــــــ
حق الأم في أجر الرضاعة
المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع(12/365)
التاريخ 24/11/1423هـ
السؤال
هل للمرأة أجر بسبب رضاعتها لأطفالها؟ وما حكم عدم التطبيق؟
الجواب
نعم للمرأة أجر بإرضاعها أطفالها، وإذا لم ترضعهم فلا إثم عليها إلاّ إن كانوا مضطرين لذلك وحرمتهم فإنها تأثم لحاجتهم إلى ذلك.
ــــــــــــــ
ما ينشر الحرمة من الرضاعة
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 10/11/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
امرأة انقطعت عنها الولادة لمدة سبع سنوات وكان آخر مولود لها قبل هذه السنوات ولم تلد بعد وكانت تقوم بملاعبة بنت ولدها بحيث تضع الثدي في فمها لكي تسكت ولم يكن يخرج أي شيء أثناء امتصاص البنت للثدي، ولكن بعد فترة قامت بعصر الثدي لتتأكد من أنه لا يخرج منه شيء، ولكن بعد أن قامت بعصره بشدة خرجت منه نقيطات بسيطة لا تكاد ترى وهي تسأل هل تصبح الآن أمها أم لا؟ مع العلم أن السائل إذا كان وصل لجوف البنت فهو مجرد قطرة؟
الجواب
الرضاع الذي تنتشر به الحرمة ما كان خمس رضعات معلومات في الحولين كما في حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت:"أُنزل في القرآن : عشر رضعات معلومات يُحرمن فنسخ من ذلك خمس رضعات وصار إلى خمس رضعات معلومات يُحرِّمن فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والأمر على ذلك" رواه مسلم (1452)، وهذا من نسخ التلاوة دون الحكم.
إذا تبين هذا فإن ما ذُكر في السؤال لا تنتشر به حُرمة، ولا تكون هذه الجدة أماً لولدها بعملها المذكور لأنه لم يرتضع منها شيئاً وإنما خرجت تلك القطرات بالعصر الشديد، ولو ارتضع دون خمس رضعات لم يكن له أثر فكيف به وهو لم يرتضع شيئاً والأصل عدم الحرمة حتى تثبت، والله تعالى أعلم.
ــــــــــــــ
حقوق الرضاع
المجيب أ.د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 2/11/1422(12/366)
السؤال
ما هي حقوق الأم والأخوات من الرضاع؟ هل آثم إن قاطعتهم؟
الجواب
الحقوق التي تثبت بالرضاع أربعة :
1 - تحريم النكاح : قال تعالى في سياق المحرمات في النكاح :" وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم". [النساء: 23] .
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : " . . . يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .." كما في الصحيحين ، البخاري (2645) ومسلم (1447) واللفظ للبخاري ، فلا يحل نكاح الأم من الرضاع ولا أخواتها ولا بناتها.
2- ثبوت المحرمية، فيعد المرضَع محرماً لمن أرضعته ولأخواتها وبناتها .
3- يجوز الخلوة بمن ذكر.
4- جواز النظر إليهن .
وهذه الثلاثة الأخيرة تثبت إن لم يكن في ذلك فتنة ، فإن وجدت فإنه يمنع، كأن تكون الأخت من الرضاعة شابة جميلة ويخشى الافتتان بها فإنه لا يحل شيء منها، وذلك أن الوازع في المحرمات من الرضاع ليس فيه قوة الوازع بالنسب والرحم.
وأما الصلة فإنها لا تجب ، ولكن لا ينبغي للإنسان أن يترك الإحسان إليهن خاصة إذا كن محتاجات .
ــــــــــــــ
رضاع الكبير
المجيب د. ناصر بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 9/7/1423هـ
السؤال
ممكن تشرح الحديث؛ لأنه التبس عليَّ رضاع الكبير، حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف، حدثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت:"لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها".
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الحديث الذي يشير إليه السائل قد أخرجه ابن ماجة (1944) والدارقطني (4/181) وأحمد (36316) وأبو يعلى (8/64)، وهو ضعيف؛ لأن إسناده يدور على محمد بن إسحاق وقد عنعن، كذلك الحديث في متنه نكارة؛ لأن ما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- فيما رواه مسلم (1452) وغيره ليس فيه تخصيص الرضاعة بالكبير، فقد أخرج مسلم (1452) وغيره عنها أنها قالت:"كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله -صلى الله(12/367)
عليه وسلم- وهن فيما يقرأ من القرآن" قال النووي -رحمه الله- يوضح المعنى:"وقولها: فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن فيما يقرأ" هو بضم الياء، ومعناه: أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جداً حتى أنه توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توفي وبعض الناس يقرأ خمس رضعات ويجعلها قرآناً متلواً لكونه لم يبلغه النسخ لقرب عهده، فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك وأجمعوا على أن هذا لا يتلا" وعلى هذا فلا يشكل أن يكون الداجن -لو ثبت- قد أكل تلك الصحيفة؛ لأنها من القرآن المنسوخ تلاوته.
والحديث فيه دلالة على أن رجم المحصن الزاني قد نزلت فيه آية من القرآن الكريم كانت تتلا، ومما يدل على نزولها ما أخرجه الشيخان البخاري (6830) ومسلم (1691) وغيرهما عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: إن الله قد بعث محمداً -صلى الله عليه وسلم- بالحق وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا بعده" الحديث، ثم إن آية الرجم قد نسخت تلاوتها من المصحف وبقي العمل بما دلت عليه بإجماع الأمة، وإلى هذا المعنى يشير عمر -رضي الله عنه- في الأثر السابق.
ودل الحديث -أيضاً- على أن رضاع الكبير يؤثر في نشر المحرمية كرضاع الصغير، وهو قول عائشة -رضي الله عنها- وعطاء بن أبي رباح والليث بن سعد، وأطال ابن حزم الكلام في نصرته، ومن أظهر أدلتهم ما أخرجه مسلم (1453) وغيره من قصة سالم مولى أبي حذيفة وقد كان تبناه وعده ولداً له، فلما نزل القرآن بتحريم التبني شق ذلك على أبي حذيفة وامرأته سهلة بنت سهيل، فجاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كما روى مسلم (1453) وغيره- فقالت: إن سالماً قد بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوا وإنه يدخل علينا وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئاً، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-:"أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة" فرجعت فقالت: إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة.
وقد ذهب جماهير الأمة من السلف والخلف إلى أن الرضاع المحرم ما كان في الصغر، ومن أدلتهم ما رواه الشيخان البخاري (2647) ومسلم (1455) عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها وعندها رجل فكأنه تغير وجهه كأنه كره ذلك، فقالت: إنه أخي، فقال:"انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة"، قال ابن حجر:"وقوله:"من المجاعة" أي: الرضاعة التي تثبت بها الحرمة وتحل بها الخلوة، هي حيث يكون الرضيع طفلاً لسد اللبن جوعته؛ لأن معدته ضعيفة يكفيها اللبن، وينبت لحمه فيصير كجزء من المرضعة" ا.هـ، ومن أدلتهم: حديث ابن مسعود عند أبي داود (2059) مرفوعاً وموقوفاً قال:"لا رضاع إلا ما شد العظم وأنبت اللحم"، ومنها: ما رواه الدارقطني (4/174) وغيره عن ابن عباس قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"لا رضاع إلا ما كان في الحولين".
وأصل الخلاف في قصة سالم وإرضاع سهلة بنت سهيل له، فجمهور أهل العلم قالوا: هي قضية عين لا تعارض الأحاديث الصريحة الدالة على أن الرضاع المؤثر(12/368)
ما كان في الصغر بحيث يؤثر في إنشاز العظم وإنبات اللحم مما يصير به الرضيع كجزء من المرضعة، ومن ثمَّ حملوا تلك الواقعة على الخصوص واستندوا في ذلك إلى فهم زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- عدا عائشة -رضي الله عنها-، فقد روى مسلم (1454) وغيره من حديث أم سلمة -رضي الله عنها- قالت:"أبا سائر أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدخلن عليهن أحداً بتلك الرضاعة، وقلن لعائشة: والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لسالم خاصة فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا"، وأما الذين ذهبوا إلى القول بجواز رضاع الكبير وأنه مؤثر، فقد استدلوا بظاهر قصة سالم وعدم وجود ما يخصصها، وأيدوا قولهم بفهم عائشة -رضي الله عنها- وعملها بذلك حتى بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الذي أخرجه أبو داود (2061) وغيره، وفيه:"فبذلك كانت عائشة -رضي الله عنها- تأمر بنات أخواتها وبنات إخوتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيراً خمس رضعات ثم يدخل عليها".
وقد سلك شيخ الإسلام ابن تيمية طريقة أخرى في التوفيق بين الأدلة، فقال: إن حديث سهلة -رضي الله عنها- رخصة لمن لا يستغنى عن دخوله على المرأة ويشق احتجابها عنه كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة، وهو مسلك قد أشار إلى قريب منه ابن المواز من المالكية، والله أعلم.
ــــــــــــــ
صفة الرضاع المحرم
المجيب أ.د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 27/12/1422
السؤال
هناك أبوان لم يرزقا بشيء من الأولاد والحمد لله على كل حال. قبل اثنتي عشرة سنة قررا أن يذهبا إلى أحد ملاجئ الأطفال وأخذا بنتاً لتربيتها والأنس بها ومما سهل الله به أن أخت الرجل كانت مرضعاً فأرضعت البنت، وكذلك زوجة أخ المرأة، كانت مرضعاً فأرضعت البنت بذلك صار الرجل خالاً للبنت، وأصبحت المرأة عمة لها (حسب علمنا والله أعلم )، وها هي البنت كبرت وصار عمرها اثنتي عشرة سنة والآن أراد نفس الأبوين أن يعيدا نفس التجربة الماضية ( رغبة في الأجر وحباً في الأطفال) فذهبا إلى أحد الملاجئ أيضاً وأخذا ولداً ذكراً هذه المرة، ومما سهل الله به أن زوجة أخ المرأة مرضع أيضاً الآن، فطلبا منها أن ترضع الولد ليكون أخاً للبنت ويحرم على المرأة .
الأبوان متأكدان أن زوجة الأخ أرضعت البنت أكثر من ثلاث مرات، ولكن غير متأكدين من العدد، هذه مسألة، والأمر الآخر أن زوجة الأخ الآن ليس عندها الكثير من اللبن للرضاعة، فهل يمكن أن يأخذا القدر المتاح عند الرضاعة ويمزجاه بحليب آخر(صناعي) مرات متعددة فيحصل بذلك التحريم ؟(12/369)
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فإن ما فعلتموه من أخذ بعض الأطفال من الملاجئ ومن ثم تربيتهم والعناية بهم عمل صالح تؤجرون عليه - إن شاء الله تعالى - هذا والجواب عن المسألتين كالتالي: أما المسألة الأولى فنفيدكم أن الرضاع المُحرَّم هو خمس رضعات فصاعداً في الحولين، هذا وليعلم أن الرضعة هي أن يمتص الطفل الثدي ثم يطلقه فهذه رضعة ولو لم يشبع، فمتى امتص الثدي ثم قطعه لتنفس أو انتقال إلى ثدي آخر فرضعة، فإن عاد ولو قريباً فثنتان وهكذا. أما المسألة الثانية: فنفيدكم أن الأولى أن يباشر الطفل الرضاع من ثدي المرأة، لكن لو أخذتَ القدر المتاح من الثدي ومزجته بآخر صناعي مرات متعددة فإنه أيضاً يحصل به التحريم، فقد جاء في الروض المربع للبهوتي ما نصه: " والسعوط في أنف والوجور في فم محرم كالرضاع، وجاء في منار السبيل على مذهب الإمام أحمد ما نصه: والسعوط في الأنف والوجور في الفم وأكل ما جبُن أوخلط بالماء وصفاته باقية كالرضاع في الحرمة، والله أعلم .
ــــــــــــــ
إدرار الحليب بالأدوية هل ينشر الحرمة
المجيب أ.د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 22/12/1423هـ
السؤال
هل يجوز استخدام الأدوية التي تدر الحليب عند المرأة دون حمل وولادة؟ وإذا رضع الطفل من هذا الحليب هل يعتبر ابناً بالرضاعة؟ أفتوناً مأجورين وجزاكم الله خيراً.
الجواب
لا يبدو أن هناك مانعاً من اتخاذ وسائل لإدرار اللبان وإذا خرج من ثدي المرأة حليب مكتمل لعناصر الغذاء ويمكن أن ينبت اللحم وينشز العظم ثبت به التحريم، غير أن البحوث العلمية الطبية تثبت أن مثل هذا اللبن لا يحوي شيئاً من عناصر الغذاء وأن ما يخرج من ثدي المرأة لا يشتمل على عناصر الغذاء إلا إذا كان ناتجاً عن حمل وولادة فهذا هو الذي تثبت به الحرمة باتفاق العلماء؛ لقوله -تعالى-:"والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين" جزء من الآية (233)من سورة البقرة، وقال -تعالى-:"حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم....وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة" جزء من الآية
(23) من سورة النساء، ويقول -عليه الصلاة والسلام-:"يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" البخاري (2645) ومسلم (1447)وقال تعالى:"فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن" جزء من آية (6) من سورة الطلاق، وهذا خطاب للأزواج الذين هم آباء للأطفال، فمتى رضع الطفل من امرأة خمس رضعات من لبان نتج عن(12/370)
اتصال جنسي نشأ عنه حمل وولادة كان هذا اللبن ينبت اللحم وينشز العظم ويثبت به التحريم، أما إذا كان ما خرج من ثدي المرأة نتيجة تداوي أو استعمال أي وسائل تتعلق بإثارة الغدد فإنه ليس بلبن حقيقي، بل رطوبة متولدة ولا يحوي شيئاً من عناصر الغذاء لأن اللبن ما أنشز العظم وأنبت اللحم وهذا اللبن الذي خرج من ثدي المرأة ليس كذلك، والعلم عند الله.
ــــــــــــــ
الإرضاع عن طريق الأنبوب
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 28/5/1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لقد رزقني الله بطفلة، وقد كانت ولادتها في الشهر السادس وهي الآن في المستشفى داخل الحضانة، وقد قضت الآن 45 يوماً، وقد بدأت تأخذ الحليب عن طريق أنبوب مع
الأنف، وهي تأخذ في اليوم كما قال لي الطبيب أربع مل من الحليب كل ساعتين، أي: 48 مل في اليوم الواحد، وهذا الحليب نوفره للطفلة من امرأة أخرى غير الأم
وقد أخبرني الطبيب أيضاً أنه ربما لم تعط الطفلة من الحليب الذي نحضره لهم في المستشفى من هذه المرأة سوى 12 مل في بعض الأيام حسب الظروف.
وسؤالي يا فضيلة الشيخ: هل تجري أحكام الرضاعة على هذه الصورة؟ وما مقدار الرضعة المشبعة إذا كانت الطفلة تأخذ الحليب عن طريق الأنبوب -كما ذكرت-؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
نعم تأخذ هذه الصورة أحكام الرضاعة، فسواء رضع الطفل مباشرة أو عن طريق الشرب أو السعوط في الأنف ما دام يتغذى به، فإذا رضع خمس رضعات في الحولين أخذ أحكام الرضاعة المعروفة، والرضاعة المشبعة أو الرضعة المشبعة بهذه الصورة لا يمكن تحديدها إلا بطريق التجربة لاختلاف الأطفال في ذلك، ويمكن أن يعرف ذلك عن طريق الطبيب، لكن إذا كانت الطفلة المذكورة في تلك الأيام لا تتغذى إلا من حليب امرأة واحدة ولا تتغذى بغيره فلا شك أن ذلك كافٍ في نشر الحرمة، والله -تعالى- أعلم.
ــــــــــــــ
رضاع الكبير للحاجة!
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 17/04/1425هـ(12/371)
السؤال
السلام عليكم.
أردت أن أسأل عن حكم إرضاع الكبير لحاجة، وهي كثرة دخوله البيت للضرورة، وهل يحصل بذلك حرمة الرضاع كما للصغير؟ - وجزاكم الله خيراً-
الجواب
الرضاع المحرم، مص من دون الحولين لبناً ثاب عن حمل خمس رضعات، وعلى هذا فلا يحرم من الرضاع إلا من كان في الحولين، لقوله -تعالى-: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة" [البقرة:233]، ولقوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام" رواه الترمذي (1152) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها -، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وغيرهم أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين، وما كان بعد الحولين الكاملين فإنه لا يحرم شيئاً، ا.هـ.
وأما حديث أبي حذيفة -رضي الله عنه - حين تبنى غلاماً يسمى سالماً - رضي الله عنه - فلما صارت امرأته يشق عليها دخول هذا الغلام الذي كبر استفتت النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: "أرضعيه تحرمي عليه" رواه البخاري (5088) ومسلم (1453) من حديث عائشة - رضي الله عنها - ، فهذا منسوخ بما تقدم، وقيل: إنه خاص بسالم - رضي الله عنه -، وقيل: إنه عام محكم، وعلى القول بأنه عام محكم، فإنه يكون فيمن يكون حاله كحال سالم - رضي الله عنه -، وهو أمر غير موجود قطعاً؛ لأن الشرع قد أبطل التبني، ولهذا لما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إياكم والدخول على النساء" قالوا: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت" رواه البخاري (5232) ومسلم (2172) من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - ولو كان إرضاع الكبير مؤثراً لقال: الحمو ترضعه زوجة أخيه، فلما لم يوجه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هذا علم أن إرضاع الكبير بعد إبطال التبني لا يمكن أن يكون له أثر.
ــــــــــــــ
الحكمة في كون الرضاع في عامين
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 9/6/1425هـ
السؤال
ما الحكمة من شرع الله أن يكون الرضاع في عامين؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
ــــــــــــــ(12/372)
الرضاع يكون في الحولين لقوله -تعالى-: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ"[البقرة: من الآية233]، فهذه ليست غاية مدة الرضاعة، ولكنها غاية لتمام الرضاعة، فقد يفطم الصغير قبل الحولين، وقد يفطم بعدهما، إلا أن الأفضل أن يكون فطامه بعد تمام الحولين؛ لظاهر الآية، كما أن الرضاع الذي ينشر الحرمة هو ما كان في الحولين، وكذا المسائل التي يذكرها الفقهاء - رحمهم الله- في أجرة الرضاع، وما يتعلَّق بها إنما هي في الحولين، فقط اشترط الفقهاء - رحمهم الله - للتحريم بالرضاع أن يكون في الحولين لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا رضاع إلا ما كان في الحولين"رواه مالك في الموطأ(1290) موقوفاً عن ابن مسعود -رضي الله عنه- والدار قطني في سننه(4/174) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، ولما رواه الترمذي(1152) عن أم سلمة - رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام"، ولعل الحكمة من ذلك - والله أعلم- أن الرضاع في الحولين له أثر على نمو الطفل، وخاصية في صلابة عظامه واشتداد لحمه، وكمال نموه ما لا يؤثر فيه غيره من أنواع الغذاء، وأن ما بعد الحولين يكون الحليب بالنسبة له كسائر الغذاء، ولعل هذا يستفاد مما سبق من الأحاديث، ولما رواه الشيخان البخاري(2647)، ومسلم(1455)، عن عائشة - رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- دخل عليها وعندها رجل قاعد فاشتد ذلك عليه، قالت: ورأيت الغضب في وجهه، قالت: فقلت: يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "انظرن إخوتكن من الرضاعة فإنما الرضاعة من المجاعة"، قال ابن حجر - رحمه الله- في فتح الباري: وقوله: "من المجاعة" أي الرضاعة التي تثبت بها الحرمة، وتحل بها الخلوة هي حيث يكون
الرضيع طفلاً لسد اللبن جوعته؛ لأن معدته ضعيفة، يكفيها اللبن وينبت بذلك لحمه فيصير كجزء من المرضعة، فيشترك في الحرمة مع أولادها، فكأنه قال: لا رضاعة معتبرة إلا المغنية عن المجاعة أو المطعمة من المجاعة كقوله -تعالى-: "أطعمهم من جوع"[قريش: 4]، ومن شواهده حديث ابن مسعود - رضي الله عنه-: "لا رضاع إلا ما شد العظم، وأنبت اللحم..." رواه أبو داود(2059)، وأحمد(3905) ثم قال: واستدل به على أن الرضاعة إنما تعتبر في حال الصغر؛ لأنها الحال الذي يمكن طرد الجوع فيها باللبن بخلاف الكبر، وضابط ذلك تمام الحولين.. إلى أن قال: (قال القرطبي: في قوله - صلى الله عليه وسلم-: "فإنما الرضاعة من المجاعة" تثبيت قاعدة كلية صريحة في اعتبار الرضاع في المؤمن الذي يستغنى به الرضيع عن الطعام باللبن، ويعتضد بقوله -تعالى-: "لمن أراد أن يتم الرضاعة"[البقرة: 233]، فإنه يدل على أن هذه المدة أقصى مدة الرضاع المحتاج إليه عادة المعتبر شرعاً، فمن زاد عليه لا يحتاج إليه عادة، فلا تغيير شرعاً إذ لا حكم للنادر. انتهى كلامه - رحمه الله-.
وقال الخطابي في معالم السنن في شرحه لحديث: "فإنما الرضاعة من المجاعة" معناه: أن الرضاعة التي بها يقع الحرمة ما كان في الصغر، والرضيع طفل يقويه اللبن ويسد جوعه، فأما ما كان منه بعد ذلك في الحال التي لا يسد جوعه اللبن ولا(12/373)
يشبعه إلا الخبز واللحم وما كان في معناهما فلا حرمة له) ا.هـ - أي الحليب أو الرضاع-. والله -تعالى- أعلم.
ــــــــــــــ
يزعمون أني خالها من الرضاع، فهل أتزوجها
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 15/03/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو من فضيلتكم التكرم بإرشادي: خطبت بنت عمتي، وقبل عقد الزواج بفترة قصيرة ظهر موضوع الرضاع، وأني رضعت من جدتي (أم الوالد) وكان بعض المشايخ أفتى بجواز الزواج وغيره قال: الأحوط عدمه، حيث إني رضعت من جدتي في فترة انقطاع اللبن؛ لأن بيني وبين عمتي التي قبلي ثلاث سنين، المهم أنهم حرموني من بنت عمتي، وأصبحت أنا الآن خالاً لها من الرضاعة، فهل يجوز لي مصافحتها، وهل يجوز لها أن تكشف رأسها أمامي، وهل يجوز أن نخرج مع بعض؟ بمعنى آخر: هل أصبح محرمًا لها بمعنى المحرم؟ أفيدوني مشكورين.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا ثبت وتأكدت بأنك رضعت من جدتك لأبيك خمس رضعات معلومات، يدخل في كل مرة ترضع منها لبناً إلى جوفك، وعمرك أقل من سنتين، فإنك -بلا شك- تكون خالاً لها من الرضاع؛ لما أخرجه مسلم (1452) عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن فيما يقرأ من القرآن.
وأما إذا كان أقل من خمس رضعات، أو كان عدد ما دخل جوفك من اللبن منهن أقل من خمس، فإنها تبقى أجنبية عنك.
والإشكال الذي يرد هنا هو أنه إذا ثبت أنك قد رضعت من جدتك أكثر من خمس مرات، وفي كل مرة يدخل إلى جوفك لبن، وكان عمرك حينها أكثر من سنتين، فهل ينتشر التحريم وأنت في هذا السن؟
فهذه مسألة اختلف فيها أهل العلم، والخلاف فيها قوي، والذي نراه ألا تتزوج بها، وأيضاً ألا تتعامل معها كمحرم، فلا تصافحها، ويجب أن تتحجب عنك؛ لإمكانية العمل بالدليلين في المسألة بدون مفسدة؛ قياساً على ما أمر به صلى الله عليه وسلم في قصة اختصام سعد بن أبي وقاص، وعبد بن زمعة في غلام، والمخرجة في صحيح البخاري (2218) وصحيح مسلم (1457)، عندما قال صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبي منه ياسودة بنت زمعة"، فلم يحكم بالولد لمن هو يشبهه، وأيضاً أمر بالاحتجاب عنه لوجود الشبه، فلم يعمله في النسب، وأعمله في الاحتجاب. والله تعالى أعلم.(12/374)
ــــــــــــــ
هل تأثم إذا قطعت الرضاعة قبل تمام الحولين؟
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 20/06/1426هـ
السؤال
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً" فهل بذلك تصبح الرضاعة واجبة لمدة عام وتسعة أشهر على المرضع، ويكون عليها وزر إذا أرضعت أقل من هذه المدة بدون أسباب؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله، وبعد:
مدة الرضاعة التامة سنتان كاملتان، وهذا التحديد ليس على سبيل الإلزام، فلو أرضعت أقل من ذلك جاز، ويدل عليه: قوله تعالى - بعد ذكر الحولين في آية الرضاع- "لمن أراد أن يتم الرضاعة" [البقرة: 233]. فلما علق الإتمام بإرادة المرضع دل هذا على أن الإتمام غير واجب.
والغرض من تحديد مدة الرضاع بحولين كاملين هو قطع النزاع بين الزوجين في مدة الرضاع، فلا يجب على الزوج إعطاء الأجرة لأكثر من حولين، ويشترط لجواز نقص مدة الرضاعة عن الحولين شرطان:
1- اتفاق الوالدين.
2- عدم الإضرار بالرضيع.
ــــــــــــــ
رضاع البنت بعد الحولين لحضانتها
المجيب أ.د. سعود بن عبدالله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 20/10/1426هـ
السؤال
أخذت بنتاً من دار الحضانة الاجتماعية وعمرها عشر سنوات، فهل يمكن أن أرضعها الآن وتثبت المحرمية بهذه الرضاعة مثل الرضاعة في الحولين؛ نظراً للضرورة، وكذلك استناداً إلى قصة عائشة -رضي الله عنها- ومولاها؟ ولو أرضعتها فهل يكتفى بشرب الحليب بالكأس من غير التقام الثدي، وكم مرة يلزم أن أسقيها بالكأس؟ أفتوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالرضاع الشرعي الذي تثبت به المحرمية عند جمهور العلماء من السلف والخلف أن يكون في الصغر زمن الحولين؛ بدليل قوله تعالى: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ(12/375)
حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ" [البقرة: من الآية233]، فنصت الآية على أن الحولين تمام الرضاعة، فلا حكم لما زاد على هذه المدة، فلا يتعلق بها تحريم.
ويدل على هذا أيضاً حديث عائشة - رضي الله عنه - في الصحيحين: "يا عائشة انظري من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة" صحيح البخاري (5102)، وصحيح مسلم (1455)، وحديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-عند أحمد (4114)، وأبي داود (2059): "لا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم وأنشز العظم". ورضاع الكبير لا ينبت به لحم، ولا ينشز به عظم.
أما قصة عائشة - رضي الله عنها - مع سالم مولى أبي حذيفة في قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : "أرضعيه تحرمي عليه" أخرجه مسلم (1453)، فكان رأياً لعائشة -رضي الله عنها- خالفها فيه عموم أمهات المؤمنين. تقول أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ما نصه: "أبى سائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدخلن عليهن أحداً بتلك الرضاعة، أي رضاعة الكبير، وقلن لعائشة: والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسالم خاصة، فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا" أ.هـ من صحيح مسلم (1454).
أما شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم -رحمهما الله- فقد أجازا رضاع الكبير للحاجة؛ أخذاً بحديث عائشة -رضي الله عنها- المشار إليه، ولا أرى أن يؤخذ إلا بقول الجمهور، إذ لو أخذ بجواز رضاع الكبير في هذا العصر لعمت المشاكل وانتشرت في البيوت، لا سيما مع كثرة الخدم والسائقين من الكفار وضعف الوازع الديني لدى المسلمين من الطرفين، والله أعلم.
ــــــــــــــ
هل تصدق دعواها للرضاع؟
المجيب هاني بن عبدالله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 20/10/1426هـ
السؤال
تزوجت امرأة منذ عدة سنوات، حيث أخبرتني بأنه يوجد لها عدد من الأخوال من الرضاع، وأنها توقفت عن الكشف عندهم لخلافات اجتماعية، أو لانقطاع الصلة منهم عدا شخص يزعمون بأنه خال من الرضاع ويصل أهلها، وعندما سألتهم عن مدى ثبوت الرضاعة شرعاً أفادوا بعدم وجود ما يثبت ذلك، إلا أنهم سمعوا ذلك من جدة زوجتي المتوفاة وهي المرضعة، وأمام هذا الوضع أمرت زوجتي بالاحتجاب عنهم جميعاً، وحذرتها من الكشف عندهم، لأنني شديد الغيرة ولا أريد الأخذ بشبهة رضاع، إلا أنني تفاجأت بأنها كشفت أمام هذا الخال وقامت بتقبيله في وجهه وكأنه أحد محارمها، وأنا الآن في حيرة من أمري ماذا أعمل مع نشوز هذه الزوجة؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:(12/376)
فقول جدة زوجتك: إنها أرضعته يكفي لإثبات الرضاع، ويجعله خالاً لزوجتك متى كان خمس رضعات فأكثر.
وما دام خالاً لها فلها أن تكشف وجهها ورأسها له، ولها تقبيله في رأسه إن كانت العادة جارية بذلك، وكان مأموناً لا يخشى من شرّه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" أخرجه البخاري (2502)، ومسلم (1445)، والغيرة التي تكون تجاه المحارم غير محمودة إلا لسبب، كأن يكون غير مأمون عليها.
وكونها كشفت له على خلاف ما أمرتها به يمكنك حله معها بالطرق المناسبة، مع إخبارها بأن الرضاع إنما يفيد الحرمة والمحرميّة، وليس كالنسب في حكم الصِلَة، وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه.
ــــــــــــــ
هل يجب على الأم إرضاع ولدها؟!
المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 15/11/1426هـ
السؤال
هل إرضاع الطفل دون سنتين من العمر واجب أم مستحب؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، وبعد:
فلا خلاف بين أهل العلم في وجوب إرضاع الطفل ما دام في حاجة إليه، وفي سن الرضاع؛ صيانة له من الهلاك.
وذهب الجمهور من الشّافعيّة والحنابلة إلى أنه يجب على الأب استرضاع ولده، ولا يجب على الأم إرضاعه، وليس له إجبارها عليه، دنيئةً كانت أم شريفةً، إلاّ إذا تعيّنت بأن لم يجد الأب من ترضع له غيرها، أو لم يقبل الطّفل ثدي غيرها، أو لم يكن للأب ولا للطّفل مال، فيجب عليها حينئذٍ، واستدلوا على كون الإرضاع واجبا على الأب بقول الله تعالى: "وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى" [الطلاق:6]، وإن اختلفا فقد تعاسرا.
قال ابن قدامة رحمه الله: (ولأن الإجبار على الرضاع لا يخلو إما أن يكون لحق الولد أو لحق الزوج, أو لهما، لا يجوز أن يكون لحق الزوج فإنه لا يملك إجبارها على رضاع ولده من غيرها, ولا على خدمته فيما يختص به، ولا يجوز أن يكون لحق الولد، فإن ذلك لو كان له للزمها بعد الفرقة, ولأنه مما يلزم الوالد لولده فلزم الأب على الخصوص كالنفقة, أو كما بعد الفرقة، ولا يجوز أن يكون لهما؛ لأن ما لا مناسبة فيه لا يثبت الحكم بانضمام بعضه إلى بعض، ولأنه لو كان لهما لثبت الحكم به بعد الفرقة).(12/377)
والأم إذا طلبت إرضاع ولدها بأجر مثلها فهي أحق به، سواء كانت في حال الزوجية أو بعدها، على قول جمهور الفقهاء، لقول الله تعالى: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" [البقرة:233]. وقوله سبحانه: "فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن" [الطلاق:6]، ولأنّها أحنى على الولد وأشفق، ولبنها أمرأ وأنسب له غالباً. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــ
قرار رقم : 6(6/2)
بشأن
بنوك الحليب
مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425
02/12/2004
مجلة المجمع - ع 2، ج 1/383
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الآخر 1406هـ /22 - 28 كانون الأول (ديسمبر ) 1985م
بعد أن عرض على المجمع دراسة فقهية ، ودراسة طبية حول بنوك الحليب ،
وبعد التأمل فيما جاء في الدراستين ومناقشة كل منهما مناقشة مستفيضة شملت مختلف جوانب الموضوع وتبين منها :
أولاً : أن بنوك الحليب تجربة قامت بها الأمم الغربية ، ثم ظهرت مع التجربة بعض السلبيات الفنية والعلمية فيها فانكمشت وقل الاهتمام بها .
ثانياً : أن الإسلام يعتبر الرضاع لحمة كلحمة النسب يحرم به ما يحرم من النسب بإجماع المسلمين . ومن مقاصد الشريعة الكلية المحافظة على النسب ، وبنوك الحليب مؤدية إلى الاختلاط أو الريبة .
ثالثاً : أن العلاقات الاجتماعية في العالم الإسلامي توفر للمولود الخداج أو ناقص الوزن أو المحتاج إلى اللبن البشري في الحالات الخاصة ما يحتاج إليه من الاسترضاع الطبيعي ، الأمر الذي يغني عن بنوك الحليب
قرر ما يلي :
أولاً : منع إنشاء بنوك حليب الأمهات في العالم الإسلامي .
ثانياً : حرمة الرضاع منها .
والله أعلم
ــــــــــــــ
التعلق بالرضاعة بعد الفطام
المجيب د. فاطمة الحيدر
طبيبة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد(12/378)
التاريخ 10/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
مشكلتي مع طفلي البالغ من العمر ثلاثة أعوام ونصف، فمنذ فطامه منذ سنتين وأنا ألاحظ تعلقه بالرضاعة، فهو يطلب مني أنه عندما يرجع طفلاً أن أعود أرضعه، ويحب النظر لصدر المرأة عموماً كلما تذكَّر، الأمر الذي يسبب لي الإحراج مع القريبات من جهة، وأخاف أن يستمر هذا معه من جهة أخرى فيتحول لسلوك غير سوي ، كيف أتصرف؟ أفيدوني، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ما ذكرتيه - يا عزيزتي- لا يعد مشكلة، بل إنه تعلق طبيعي في هذه المرحلة العمرية- فبعد التوقف عن الرضاعة والتي لا تمنح الحليب فقط، بل تعطي أكثر من ذلك من خلال الشعور بالحنان والإحسان والاطمئنان، وبعض الأطفال يستمر في البحث عن ذلك عن طريق المطالبة بمزيد من الرضاعة، والبعض الآخر يستبدله بالالتصاق المبالغ فيه بالوالدة والإمساك بيدها خاصة عند النوم، هذه التغيرات وغيرها قد تلاحظ زيادة فيها بعد ولادة مولود جديد، وكأن الطفل الأول يقول: إنني لا زلت بحاجة لنفس الرعاية والاهتمام، كل ما عليك - يا عزيزتي- هو إشباع الحاجة الطبيعية للحنان لديه بتقبيله واحتضانه، وملاطفته، وإشعاره بأنك قريبة منه، خاصة في فترة ما قبل المنام، والتي تدعها كثير من الأمهات من مهام العاملة المنزلية، وحينما يطلب منك الرضاعة أو ملامسة الصدر بيده كوني لطيفة، ولكن حازمة في رفض ذلك، وتذكيره بأنه قد كبر، ثم اشغليه بشيء محبب، وداعبيه بطريقة أخرى. والله الموفق.
ــــــــــــــ
حكم نكاح أخت الأخ الشقيق من الرضاع
س - أريد الزوج من أبنة عمتي مع العلم بأن أخي الأكبر مني سناً قد رضع من عمتي أكثر من مرة أما أنا فلم أرضع من عمتي مطلقاً وأبنة عمتي لم ترضع من أمي إطلاقاً ، هل يجوز الزواج من أبنة عمتي أم أصبحت أخا لها ؟
ج- الجواب على هذا السؤال يؤخذ من قوله النبي ، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " يعني أن الرضاع يحرم ما تحرمه القرابة لأن النسب هو القرابة . ولي تعليق على هذه الكلمة قريبا إن شاء الله تعالى . ففي هذا الحديث دليل على أنه يجوز أن تتزوج ابنة عمتك التي رضع أخوك من أمها لأنه ليس بينك وبينها صلة فأنت لست أخت لها . لأنك لم ترضع من أمها وهي لم ترضع من أمك فليست أختا لك ، وإنما يقع التحريم على الراضع وذريته فقط . أعني أن الرضاع إنما يؤثر في الراضع وما تفرع منه من ذريته وأما من كان بمنزلته من الإخوة والأخوات أو كان أعلى منه من الأصول فإنه لا ينتشر التحريم إليه . وينتشر التحريم من جهة الراضع إليه وإلى ذريته من جهة المرضعة التي(12/379)
أرضعته ومن جهة من ينسب لبنها إليه أي أن التي ارضعته تكون أما له وتكون أمها جدة له ، وأبوها جدا له ، وإخوتها أخوالاً له ، وأخواتها خالات له .
كذلك الذي ينسب لبن المرأة إليه وهو زوجها أو سيدها أو من وطئها بشبهة يكون كذلك أبا ويكون أولاده إخوة للمرتضع ويكون إخوانه أعماماً واخواته عمات .
كل هذا نأخذه من قول الني ، - صلى الله عليه وسلم - ، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " .
والذي وعدت به قبل قليل بالنسبة لكلمة هو أن كثيراً من العامة لا يفهمون من كلمة الأنساب أو من كلمة الأرحام إلا أقارب الزوج والزوجة حتى الرجل يقول هؤلاء أنسابي أو أرحامي لأنه تزوج منهم وهذا خطأ على اللغة والشرع ، فإن الأنساب هم القرابة من قبل الأب أو من قبل الأم والأرحام كذلك هم القرابة من قبل الأب أو من قبل الأم .
وأما أقارب الزوجين فإنهم يسمون أصهاراً لا أنساباً . قال الله - تعالى " وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً " . جعل الله - تعالى - الصلة بين البشر بهذين الأمرين النسب والصهر وهما قسمان أي أن بعضهما قسيم للآخر لا قسم منه .
أحببت أن أنبه على ذلك حتى يعلم الناس مدلولات الألفاظ الشرعية ولا يغلط فيها .
الشيخ ابن عثيمين
ــــــــــــــ
حكم نكاح أخت الأخت من الرضاع
س - لي أبناء عم رضعت أختهم الكبرى من أمي ولي أخت تكبرني سناً رضعت من أمهم . ودارت الأيام وتقدمت لخطبة أبنة عمي الصغرى التي لم ترضع من والدتي فهل يجوز لي الاقتران بها علماً بأنني لم أرضع من زوجة عمي ؟
ج- إذا كان الواقع هو ما ذكرت في السؤال فلا حرج عليك في نكاح ابنة عمك التي لم ترضع من أمك وليس بينك وبينها رضاعة أخرى ولا قرابة تحرمها عليك ، والله ولي التوفيق .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
لا بأس بنكاح أخت أخيك من الرضاع
س - هل يجوز أن أتزوج بفتاة شقيقتها الكبرى أخت لأخي الأصغر من الرضاعة ؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء .
ج- لا بأس بنكاح أخت أخيك من الرضاع إذا كان أخوك هو الذي ارتضع من أمها وأنت لم ترضع وكذا إن كان الراضع هي أخت الفتاة رضعت من أمك فالفتاة حلال لك ولا يضرك رضاع أختها من أمك ولا رضاع أخيك من أمها . والله أعلم .
الشيخ ابن جبرين
ــــــــــــــ
ما يحرم من الرضاع(12/380)
س - هل امرأتان الأولى عندها ولد ، والثانية عندها بنت ، والحاصل أنهم تراضعوا فمن من إخوان المتراضعين يحل الثاني ؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا .
ج- إذا أرضعت امرأة طفلاً خمس رضعات معلومات في حولين أو أكثر من الخمس صار الرضيع ولداً لها ولزوجها صاحب اللبن وصار جميع أولاد المرأة من زوجها صاحب اللبن ومن غيره إخوة لهذا الرضيع وصار أولاد الزوج صاحب اللبن من المرضعة وغيرها أخوة للرضيع فصار إخوتها أخوالاً له وإخوة الزوج صاحب اللبن أعماماً له وصار أبو المرأة جداً لقول الله - جل وعلا - في المحرمات من سورة النساء " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة " وقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " . ولقوله عليه الصلاة والسلام " لا رضاع إلا في الحولين " ولما ثبت في صحيح مسلم - رحمه الله - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمهن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، والأمر على ذلك . أخرجه الترمذي بهذا اللفظ وأصله في صحيح مسلم .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
س - أفيد سماحتكم أن والدتي كانت متزوجة من رجل قبل والدي وأنجبت منه ولداً وأرضعت مع هذا الولد أختا لها ودامت الرضاعة حوالي أسبوع ثم انفصلت والدتي عن هذا الرجل وأخذها والدي فهل يجوز لنا نحن أبناء الرجل الثاني أن نتزوج من بنات خالتنا التي رضعت من أمنا أم لا ؟
ج- لا يجوز لكم أن تتزوجوا من بنات خالتكم المذكورة لأنها بالرضاع المذكور صارت أختاً لكم وصرتم أخوالاً لأولادها وقد صح عن رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " متفق على صحته .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
هذا الرضاع لا يمنع الزواج
س - أنا شاب في السادسة عشرة من عمري أريد الزواج من أبنة عمي ولكني اكتشفت أن أختها الصغيرة رضعت من أختي الكبرى فهل يجوز لي الزواج بها علماً أنها لم ترضع من والدتي ؟
ج- لا بأس أن تتزوجها ولا يضرك رضاع أختها الصغيرة من أختك وذلك أنها تعتبر أجنبية حيث إنها لم ترضع من والدتك وأنت لم ترضع من أمها ولا من أحدى إخوانها فلا قرابة بينكما فأما أختها الصغيرة فإنها لا تحل لك ولا تحل لأحد من إخواتك حيث رضعت من والدتكم فأصبحت أختكم معاً .
الشيخ ابن جبرين
ــــــــــــــ(12/381)
زوجتان أختان من الرضاع
س - سائل يقول إذا صادف وتزوج رجل امرأتين وأنجب أطفالاً من كلتيهما وبعد فترة اكتشف بشهادة من بعض ذويهم أنها أختان من الرضاعة فماذا عليه أن يفعل في هذه الحالة ؟
- في هذه الحالة إذا ثبت أن زوجته كانتا أختين من الرضاعة فإن نكاح الثانية منهما باطل أي الأخيرة يكون نكاحها باطلاً ويجب عليه أن يفارقها ، وليس معنى قولي يفارقها أنه فراق بطلاق أو فسخ ، بل إنه لا يجب أن يفارقها لأن النكاح قد تبين فساده ، بل تبين بطلانه وأما الأولاد ولدوا له في هذه المدة فهم أولاد له شرعيون ، لأنه في الواقع وطئها بشبهة .
الشيخ ابن عثمين
ــــــــــــــ
تزوج أخته من الرضاع
س - ظهر لي بعد الدخول بزوجتي أنها أختي من الرضاع ، لأني رضعت مع أختها ، فهل تحرم علي في مثل هذه الحالة ؟
ج- نعم ، إذا كان الأمر كما قلت ، وأنك رضعت مع أخت الزوجة من أمها بمعنى أنك رضعت من أم الزوجة أو من زوجة أبيها فإنك في هذه الحالة تكون أخا ويكون العقد باطلاً ، لكن يجب أن تعرف أن الرضاع لا أثر له إلا أن يكون خمس رضعات فأكثر في الحولين قبل الفطام ، فإذا كان أقل من ذلك فلا أثر له ولا يحصل به التحريم .
فإذا تيقنت أنك رضعت من المرأة التي تزوجتها خمس رضعات فأكثر في الحولين فإنه يجب الفراق بينكما لعدم صحة النكاح ، وما حصل من الأولاد قبل العلم فإنهم ينسبون إليك شرعاً ، لأن هؤلاء الأولاد خلقوا من ماء بوطء في شبهة والوطء بشبهة يلحق به النسب كما قال بذلك أهل العلم .
الشيخ ابن عثمين
ــــــــــــــ
أولاد أبيك من الرضاع من زوجته الثانية أخوة لك
س - رضعت من امرأة ثم تزوج زوجها من أخرى وأنجبت زوجته أبناء فهل هم إخوة لي ؟
ج- إذا كان الرضاع خمس رضعات فأكثر وكان البن منسوبا للزوج لكونها أنجبت منه فهم إخوة لك من أبيك وأمك من الرضاع ، وأما أولاده من الزوجة الثانية فهم أخوه لك من أبيك من الرضاع .
والرضعة هي أن يمسك الطفل الثدي ويمص اللبن حتى يصل إلى جوفه ثم يترك الثدي لأي سبب من الأسباب ثم يعود ويمص الثدي حتى يصل اللبن إلى جوفه ثم يترك الرضاع ثم يعود وهكذا حتى يكمل الخامس أو أكثر سواء كان ذلك في مجلس أو مجالس وسواء كان ذلك في يوم أو أيام بشرط أن يكون ذلك حال كونه الطفل في الحولين لقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم -، " لا رضاع إلا في الحولين " . ولقوله ، - صلى الله عليه وسلم - ، لسهلة بنت سهيل " أرضعي سالماً خمس(12/382)
رضعات تحرمي عليه " . ولما ثبت في صحيح مسلم وجامع الترمذي عن عائشة - رضي الله عنها - قال " كان فيما أنزل القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، والامر على ذلك " ، وهذا لفظ رواية الترميذي . وفق الله الجميع لما يرضيه .
ــــــــــــــ
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
س - ابني رضع من جدته لأمه وطبعاً صار أخاً من الرضاعة لخالاته وأخواله ، فهل يجوز له أن يتزوج من بنات خالاته أو بنات أخواله ؟
ج- إذا كان الطفل المذكور ارتضع من جدته لأمه خمس رضعات أو أكثر حال كونه في الحولين صار بذلك أخا لأخواله وخالاته وعما لأولاد أخواله وخالاً لأولاده خالاته فلا يجوز له أن يتزوج من بنات أخواله ، لأنه صار عماً من الرضاع ولا من بنات خالاته لأنه صار خالاً لهن من الرضاع ما تناسلوا . وبالله التوفيق .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
في الرضاع
س - لي زوجة ولي منها ثماني بنات ، ولها أخت أصغر منها بخمس عشرة سنة وقد رضع من أمها شخص فصار أخا لها ، ولكن مشكلتي أن بناتي يقلن إنه خالهن من الرضاع ويكشفن له الحجاب ، وأنا أنهاهن عن ذلك وهين يرفضن ، فأرجو الإفادة جزاكم الله خيراً ؟
ج- إذا كان الرجل المذكور قد أرتضع من أم زوجتك أو من زوجة أبيها حال كونها في عصمة أبيها خمس رضعات أو أكثر حال كونه في الحولين ، فإنه يكون خالاً لبناتك من الرضاعة ، ويحل لهن الكشف له كسائر المحارم ، والخلوة به ، لقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " . متفق على صحته ، وهذا ما لم تكن هناك ريبة تمنع من الخلوة بإحداهن .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
والد أخيك من الرضاع ليس محرما لك
س - أختي الصغرى رضعت من أختي الكبرى مع والدها وابني رضع من أختي الكبرى أيضاً ، فهل يجوز لوالد ابني ، أي زوجي - أن يكون محرماً لأختي الصغرى والكبرى وبالتالي يكشفان له ؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً ؟
ج- ليس لأختك الصغرى والكبرى الكشف لزوجك من أجل رضاع ابنكما من أختك الكبرى ، وإنما يكون زوج أختك الذي أرضعت ابنك من لبنها أباً له من الرضاع ومحرماً لزوجه هذا الولد لكونها زوجه ابنه من الرضاع ، بشرط أن يكون الرضاع خمس رضعات أو أكثر في الحولين لقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " . متفق على صحته .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ(12/383)
مسألة في الرضاعة
س - أريد الزواج من ابنة خالي ، ولكن هناك شخص رضع مع خالي من جدتي ، وأصبح خالي من الرضاعة ، وابنة خالي هذه رضعت من أم هذا الشخص وأصبحت أخته من الرضاعة ، فهل يجوز لي الزواج من ابنة خالي ؟ علماً بأنه لا يوجد بيننا رضاعة لا من أمي ولا من أبيها ؟
ج- قبل الجواب على هذا السؤال أود أن أبين أن الرضاع المحرم هو ما كان خمس رضعات معلومات في الحولين قبل الفطام ، فما دون الخمس فلا أثر له .
فلو أن طفلاً ارتضع من امرأة أربع رضعات لم يكن أبنا لها ، لأنه لابد من خمس رضعات كما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة - رضي الله عنها - وإذا تبين ذلك فإن هذا الرجل الذي رضع من جدتك لا يكون خالاً لك إذا تمت فيه شروط الرضاعة ، وإذا كان خالاً فإن ابنه خالك التي تريد أن تتزوجها تحل لك ولو رضعت من أم هذا الرجل الذي رضع من خالك من جدتك ، وذلك لأن الرضاع لا ينتشر فيه التحريم إلا إلى المرتضع وذريته فقط ، وأما أقارب المرتضع من الأصول والحواشي فإن الرضاع لا ينتشر إليهم .
الشيخ ابن عثيمين
ــــــــــــــ
رضاع بنت العم من الأخ
س - لي بن عم أرغب الزواج بها ، لكن اتضح لي أنها رضعت مع أخي الذي هو أصغر من الأخ الذي يليني وقد رضعت أكثر من خمس رضعات وهو كذلك فما حكم الدين في هذا الموضوع هل تحل لي أم لا ؟
ج- إذا كانت البنت المذكورة رضعت من أمك خمس رضعات أو أكثر حال كونها في الحولين ، فإنها أختا لك ولجميع إخوتك من أبيك وأمك إذا كان رضاعها حال كون أمك مع أبيك ، فإن كانت تحت زوج آخر غير أبيك فهي تكون أختا لك من أمك من الرضاع ولجميع أولادها من جميع أزواجها لقول الله - سبحانه - في بيان المحرمات من سورة النساء " وأمهاتكم اللاتي أرضعتكم وأخواتكم من الرضاعة " . ولقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب " . متفق على صحته .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
أخته من الرضاع هل تكون أختا لجميع إخواته ؟
س - شخص ترتيبه الثالث في إخوته ورضع مع بنت من أسرة أخرى ، فهل هذه البنت تعتبر أختاً لجميع إخوته سواء الصغار منهم والكبار أم لا ؟ وكذلك إخوتها من أم أخرى؟
ج- الرضاع الذي يحصل به التحريم هو ما بلغ خمس رضعات فأكثر ، وكان في الحولين لقوله - تعالى - " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة " .(12/384)
ولما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات هي أن يمتص الطفل بخمس معلومات فتوفي رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، والأمر على ذلك " . والرضاعة هي أن يمتص الطفل اللبن من الثدي ثم يتركه لتنفس أو انتقال ونحو ذلك ، فإذا عاد فرضعه أخرى وهكذا ، إذا ثبت أن الشخص رضع من أم البنت أو من لبن زوجة لأبيها ما سبق ذكره من الرضاع فإنه يكون أخاً لهذه البنت ولجميع إخوانها وأخواتها من أب و أم أو من أب أو من أم ، أما إخوته فيجوز لأي واحد منهم أن يتزوج هذه البنت أو أي واحدة من أخواتها ولا أثر لهذا الرضاع على الزوج المذكور .
اللجنة الدائمة
ــــــــــــــ
الرضاعة بعد سن اليأس مثل الرضاعة قبله
س - ما حكم لبن المرأة التي بلغت سن اليأس إذا درت لينا على طفل فأرضعته خمس رضعات فأكثر في الحولين ؟ وهل هذا اللبن يسبب الحرمة ومن سيكون أباه من الرضاعة فقد تكون المرضعة بلا زوج ؟
ج- إن الرضاع محرم يثبت به من التحريم ما يثبت بالنسب ، وعليه فإن الرضاع الذي أشير إليه كان خمس رضعات في الحولين وعلى هذا فتكون المرضعة أما لهذا الرضيع من الرضاع لعموم قوله - تعالى - " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم " . حتى وإن كان اللبن قد در بعد أن بلغت سن اليأس ثم إن كانت ذات زوج فإن الولد الرضيع يكون ابنا لها وولداً لمن نسب لبنها إليه . وإن لم تكن ذات زوج بأن لم تتزوج ثم درت فإنها تكون أما لهذا الولد الذي أرضعته ولا يكون له أب من الرضاعة .
ولا يستغرب أن يكون للولد أما من الرضاع وليس له أب ، ولا يستغرب أيضاً أن يكون له أب من الرضاعة وليس له أم ن ففي الصورة الأولى لو كان هناك امرأة أرضعت هذا الطفل رضعتين من لبن كان فيها من زوج ثم فارقها ذلك الزوج وتزوجت بعد انتهاء العدة بزوج آخر وحملت منه وأتت بولد فأرضعت بقية الرضاع للطفل السابق فإنها تكون أما له من الرضاع لأنه رضع منها خمس رضعات ، ولا يكون له أب لأنها لم ترضع بلبن رجل خمس رضعات فأكثر أي لم ترضع بلبن رجل واحد خمس رضعات فأكثر ، وأما المسألة الثانية وهي أن يكون للطفل أب من الرضاع وليس له أم مثل أن يكون رجل له زوجتان أرضعت إحداهما هذا الطفل رضعتين وأرضعته الأخرى تمام الرضعات ، ففي هذا الحال يكون ولداً للزوج لأنه رضع من اللبن المنسوب إليه خمس رضعات ولا تكون له أم من الرضاع لأنه لم يرتضع من الأولى إلا رضعتين ومن الثانية ثلاثلا رضعات .
الشيخ ابن عثيمين
ــــــــــــــ
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
س - أريد أن أتزوج إحدى الفتيات ، ولكن هناك مشكلة أريد أن أعرف حكم الشرع فيها وهي أنني رضعت مع أبن أحدى الاسر ، وهذه البنت رضعت من بنت هذه(12/385)
الأسرة أيضاً أي أنها رضعت مع أخت الأخ الذي رضعت معه ، مع العلم أنني لم أرضع مع إحدى أخوات هذه الفتاة ، وهي لم ترضع من أمي ، فهل يحق لي أن أتزوجها ؟
ج- إذا كنت رضعت من امرأة ( زينتب مثلاً ) وهي رضعت منها أيضاً مع ولد آخر أو مع بنت أخرى تكون أختاً لك ، ولو قبلك أو بعدك ، إذا كان الرضاع كاملاً تاماً خمس رضعات أو أكثر في الحولين .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
تزوج أخته من الرضاع جاهلا
س - ظهر لي بعد الدخول بزوجتي أنها أختي من الرضاع ، لأني رضعت مع أختها ، فهل تحرم علي في مثل هذا الحالة ؟
ج- نعم .. إذا كان الأمر كما قلت ، وأنك رضعت مع أخت الزوجة من أمها بمعنى أنك رضعت من أم الزوجة أو من زوجة أبيها فإنك في هذه الحالة تكون أخا ويكون العقد باطلاً ، لكن يجب أن تعرف أن الرضاع لا أثر له إلا أن يكون خمس رضعات فأكثر في الحولين قبل الفطاك ، فإذا كان أقل من ذلك فلا أثر له ولا يحصل به التحريم .
فإذا تيقنت أنك رضعت من أم المرأة التي تزوجتها خمس رضعات فأكثر في الحولين فإنه يجب الفراق بينكما لعدم صحة النكاح ، وما حصل من الأولاد قبل العلم فإنهم ينسبون إليك شرعاً ، لأن هؤلاء الأولاد خلقوا من ماء بوطء في شبهة والوطء بشبهة يلحق به النسب كما قال بذلك أهل العلم .
الشيخ ابن عثيمين
ــــــــــــــ
تزوج أخته من الرضاعة
س - أنا شابة مغربية تزوجت من أبن عمتي منذ حوالي 4 سنوات ، وقبل زواجي منه سألنا أحد العلماء بوطني ، هل زواجي منه حلال أم لا ؟ لأني رضعت من أمه مع أخيه الصغير والذي يقاربني سنا ، وفارق السن بيني وبين زوجي خمسة عشر عاما ، وهذا هو فارق السن بينه وبين أخيه ، ومما قاله لنا ذلك العالم أنت حلال عليه ، وقد تم الزواج على الوجه المطلوب ، وبعد مضي سنتين من زواجنا كانت ندوة علمية في أحد البرامج التليفزيونية بالمغرب وأفتى العلماء حلال أم حرام ؟ وهل أعتبر أختا لزوجي من الرضاعة أم أختا لأخيه الذي شاركته فيها فقط ؟
ج- إذا كان رضاعك من أم زوجك خمس رضعات أو أكثر حال لكونك في الحولين فأنت أختك من الرضاعة ، ولو كان رضاعك مع أخيه الصغير ، لإجماع المسلمين ، والذي أفتاك بأنك حل له قد غط في ذلك غلطاً عظيماً وأفتى بغير علم . وقد قال الله - سبحانه - في كتابه العظيم في بيان المحرمات من سورة النساء " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم " إلى قول - سحانه - " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة " الآية . وفي الصحيحين عن عائشة وأبن عباس - رضي(12/386)
الله عنهم - عن النبي ، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب " .
والأحاديث في هذا الباب كثيرة ، وفق الله الجميع للفقه في الدين والثبات عليه .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
هذا الرضاع غير مؤثر
س - توفيت والدتي وعمري ستة أشهر وقامت على تربيتي جدتي وتعطيني من حليب البقر وأحياناً الثدى لأتلهى به ولا شيء فيه ، فهل يحق لي أن أتزوج من بنات عمي أو عماتي ؟
ج- حيث أن جدتك في ذلك الوقت كبيرة السن وقد أيست من الحيض والولادة وتحقق أن ثديها ناشف لا لبن فيه وأنها لم تدر عليك عندما تلقمك الثدي وأن ذلك لمجرد التلهي والتسكيت فإنه يجوز لك الزواج من بنات عمك فلا قرابة تمنع من ذلك ولا رضاع متحقق مؤثر .
الشيخ ابن جبرين
ــــــــــــــ
الرضاع المحرم
س - والدي عنده امرأة غير والدتي ولتلك أولاد من أبي ، ولنا خالة هي أخت والدتي قد أرضعتني وإخوتي من أمي وهي لها أولاد ذكور وإناث ، والسؤال هل يجوز لإخواني من أبي الجلوس والحديث مع بنات خالتي بدون حجاب ؟ مع العلم أن إخواني من أبي لم تتم لهم رضاعة من خالتي التي هي أخت أمي ، فهل يصير أبناء وبنات خالتي إخوة لنا جميعا ؟
ج- لا يجوز لإخواتك الذين لم يرضعوا من خالتك أن يعتبروا أنفسهم محارم لبنات خالتك، لأنهم لم يرضعوا منها وإنما محارم بنات خالتك هم الذين رضعوا منها رضاعاً تاماً وهو خمس رضعات أو أكثر حال كونهم في الحولين ، لقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " لا رضاع إلا في الحولين " . ولما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - قالت " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرممن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي النبي ، - صلى الله عليه وسلم -، والأمر على ذلك " . خرجه الإمام مسلم في صحيحة والترمذي في جامعه وهذا لفظه .
ولقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " . متفق عليه .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
حدود التحريم في الرضاع
س - هناك امرأتان الأولى عندها ولد ، والثانية عندها بنت ، والحاصل أنهم تراضعوا فمن من إخوان المتراضعين يحل الثاني ؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً ؟(12/387)
ج- إذا أرضعت امرأة طفلاً خمس رضعات معلومات في الحولين أو أكثر من الخمس صار الرضيع ولداً لها ولزوجها صاحب اللبن ، وصار جميع أولاد المرأة من زوجها صاحب اللبن ومن غيره إخوة لهذا الرضيع وصار أولاد الزوج صاحب اللبن من المرضعة وغيرها إخوة للرضيع ، فصار إخوتها أخوالاً له ، وإخوه الزوج صاحب اللبن أعماماً له ، وصار أبو المرأة جداً للرضيع ، وأمها جدة للرضيع ، وصار أبو الزوج صاحب اللبن جداً للرضيع ، وأمة جدة للرضيع لقول الله - جل وعلا - في المحرمات من سورة النساء " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة " . وقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " . ولقوله ، عليه الصلاة والسلام " لا رضاع إلا في الحولين " . ولما ثبت في صحيح مسلم - رحمة الله - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، والأمر على ذلك " ، أخرجه الترمذي بهذا اللفظ وأصله في صحيح مسلم .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
رضاع أخيك من أخت زوجتك لا يؤثر في نكاحك
س - رجل رضع أخوه الأكبر مع أخت زوجته من أمها ، فهل لهذا الرضاع أثر على استمرار بقاء أختها في عصمته ؟
ج- رضاع الأخ الأكبر للسائل مع أخت زوجته من أمها لا أثر له على استمرار عصمة نكاح السائل لزوجته ، لأن كون زوجته أختاً لأخيه من الرضاع لا يحرمها عليه ، وإنما يحرمها على أخيه إذا كان خمس رضعات فأكثر ، وكان في الحولين ، وبالله التوفيق ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
اللجنة الدائمة
ــــــــــــــ
الرضاع بعد من سن اليأس يحرم
س - ورد إلى الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد السؤال التالي " أن الحاجة مسعودة بعدما أنجبت ولدها عبد الرحمن انقطعت عن الإنجاب إذ بلغت سن اليأس ولما بلغ عبد الرحمن أربع سنوات من عمره ولد لأبنها الأكبر محمد ولد سماه المسعود ولما بلغ المسعود سنة وتسعة أشهر من عمره أعطته جدته الحاجة مسعودة ثديها وكان ابنها عبد الرحمن قد فطم ولا نعلم أكان فيها حليب أم لا ؟ فهل يحق للمسعود أن يتزوج أبنة عمه المختار أم لا ؟ وما حكم الدين في ذلك ؟
ج- الرضاع الذي يحصل به التحريم ما كان خمس رضعات معلومات فأكثر في الحولين، لقوله - تعالى " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة". ولما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت " كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرممن ثم نسخن بخمس " ، فإذا كان رضاع المسعود بن محمد ممن جدته مسعودة على الصفة المذكورة في الآية والحديث ،(12/388)
وكان معلوماً بسؤال جدته مسعودة نزول لبن منها له لم يجز لمسعود أن يتزوج ابنه عمه المختار ؛ لأنه والحال ما ذكر عمها ، وإن شك في نزول لبن منها له أو كان الرضاع أقل من خمس رضعات جاز له أن يتزوجها ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة
ــــــــــــــ
الدم لا تنتشر به الحرمة كالرضاع
س - إذا مرضت امرأة واحتاجت إلى دم وأخذ لها من شخص أجنبي لها دم ، ثم عافاها الله - تعالى - ثم رغب ذلك الشخص في التزويج بها ، هل يجوز أو لا ؟
ج- ما ذكر من أخذ الدم من الرجل للمرأة وحقنها به للتقوية لا تنتشر به الحرمة ولو كثر كما تنتشر بالرضاع ، وكذا الحكم لو حقن الرجل بدم امرأة ، وعليه فيجوز لكل منها أن يتزوج بالآخر .
اللجنة الدائمة
ــــــــــــــ
عمات أخواتك من الرضاع محرمات عليك
س - لي أخوات من الرضاع ولهن عمات ، هل عمات أخواتي من الرضاع عمات لي أم لا ؟ وهل يحرمن على مثل ما يحرمن على بالنسب ؟ أفيدونا أفادكم الله ؟
ج- إذا كنت أخا لهن من الأب أو من الأبوين من الرضاعة فعماتهن عمات لك لأنهن أخوات أبيك من الرضاعة ، فلا يجوز لك نكاحهن كالعمات من النسب ، لقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم -، " ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " . إلا أن يكن عمات لأخواتك من أب لهن من الرضاع وليس أبا لك لأنهن أرتضعن من امرأة لم ترضع منها ، فإنهن يكن أجنبيات منك ولا حرج في نكاحك إحداهن ، لأنهن لسن عمات لك وإنما هن عمات لأخواتك لكونهن أخوات لأبيهن من الرضاع غير أبيك ، وبالله التوفيق .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
رضاع الكبير لا يؤثر
س - سمعت من البعض أن رضاعة الرجل من زوجته ليس حراما ، وهذا جعلني في قلق داخلي إذ كيف تكون زوجته أمه من الرضاعة وليس بحرام ، أرجو التوضيح ؟
ج- رضاع الكبير لا يؤثر لأن الرضاع المؤثر ما كان خمس رضعات فأكثر في الحولين قبل الفطام ، وأما رضاع الكبير فلا يؤثر ، وعلى هذا قدر أن أحداً رضع من زوجته أو شرب من لبنها فإنه لا يكون أبنا لها .
الشيخ ابن جبرين
ــــــــــــــ
مسألة في الرضاع(12/389)
س - فيصل رضع مع محمد من أم محمد رضاعاً تاماً ، فيصلاً له أخت أكبر منه ، هل يكون محمد محرماً لها أم لا ؟ وإذا كان الجواب بلا فهل يجوز أن يتزوجها محمد أم لا ؟ أرجو الإفادة ؟
ج- الرضاع المذكور يخص بفيصل المذكور إذا كان ارتضع من أم محمد خمس رضعات أو أكثر حال كونه في الحولين ، ويكون بذلك أخا لأولادها من الذكور والإناث ، أما إخواته من الذكور والإناث فلا تعلق لهم بالرضاع المذكور ولا يكونون إخوة لمحمد المذكور ، ويجوز لمحمد أن يتزوج أخت فيصل إذا لم يكن بينهما رضاعة أخرى ، ولا قرابة تحرم ذلك ، وبالله التوفيق .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
هل أخوك لك من الرضاع
س - أمي أرضعتها امرأة أخرى ، ولهذه المرضعة " ضرات " فهل أولاد هؤلاء الضرات يعتبرون إخونات لي أيضاً أم لا ؟
ج- هذه المرضعة تعتبر جدتك حيث أرضعت أمك ويعتبر زوجها أبا أمك وجدتك لأمك وتعتبر ضراتها زوجات جدك لأمك وأولادهن أخوالك وإخوة أمك ، حيث أن أباهم هو جدك فهو أولاد جدك فيكونون أخوالاً لك من الرضاع .
الشيخ ابن جبرين
ــــــــــــــ
مجرد الشك في الرضاع لا يبطل النكاح
س - رجل تزوج من ابنة خاله وقد أنجب له خمس أطفال ، بعد هذه المدة دار حديث بين الأسرة ووالدته فذكرت والدته أنها أرضعت زوجته يوم أن كان عمرها تسعة أشهر، وقالت في أول الأمر إنها أرضعتها مرة واحدة ، وبعد الإلحاح عليها في التذكر والصدق قالت إنها لا تذكر هل مرة واحدة أم أكثر لطول المدة فقد مضي عليها عشرون عاماً ، فماذا يفعل الزوج في هذه الحالة ؟
ج- لا شيء على الزوج في هذه الحالة ، وذلك لأن الرضاع لا يثبت إلا إذا كان خمس رضعات في الحولين وقبل الفطام ، فما دون ذلك لا يحرم ولا يثبت به شيء من أحكام الرضاعة ، ولكن إذا حصل شك في الرضاع هل بلغ الخمس أو دون الخمس فإن الأصل عدم ثبوت ذلك فلا تحريم حينئذ ، لكن الاحتياط ألا يتزوجها مع الشك ، أما وقد تم الزواج الآن والعقد على وجه صحيح ، فإنه لا يلزمه أن يفارقها لعدم وجود المفسد المتيقن . فالعقد الآن ثابت متيقن ، والمفسد غير متيقن ، ولا يترك المتيقن لغير المتيقن ، وحينئذ فيبقى مع زوجته هذه ، ولا حرج عليه إلا أن تتذكر الأم فيما أنها أرضعت هذه الزوجة خمس مرات فأكثر في وقت الرضاع الذي يثبت به التحريم ، فإنه حينئذ يتبين أن العقد فاسد وتجب عليه مفارقتها ، والأولاد الذين حصلوا أولاد شرعيون لهذا الرجل ، لأنهم خلقوا من ماء يعتقد صاحبه أن حصل بمقتضى الحكم الشرعي .
الشيخ ابن عثيمين
ــــــــــــــ(12/390)
إذا فطم الصبي فرضاعه لا يؤثر
س - طفلة عمرها أربع سنوات ؟ رضعت من أم لطفل عمره سنة ، هل تكون أختا لهذه الولد الذي يصغرها بثلاث سنين ؟
ج- هذا الرضاع لا يؤثر لأن أكثر أهل العلم يرون أن الطفل إذا تم له سنتان فرضاعته بعد السنتين لا أثر لها ، ومنهم من يرى أن العبرة بالفطام فإذا فطم الصبي ولو قبل السنتين فإن رضاعه لا يؤثر ، وإذا لم يفطم ولو بعد سنتين فإن رضاعه يؤثر . والغالب أن التي لها أربع سنين قد فطمت وحينئذ يكون رضاعها غير مؤثر .
الشيخ ابن عثيمين
-ــــــــــــــ
الرضاع المحرم
س - الرضاع يحرم الزواج من المرتضعين ، لكن هل يمنع الزواج من جميع الإخوة من الجهتين ؟ نرجو الإيضاح جزاكم الله خيراً ؟
ج- إذا ارتضع إنسان من امرأة رضاعاً شرعياً يحصل به التحريم وهو أن يكون خمس رضعات أو أكثر حال كون الرضيع في الحولين فإنها تحرم عليه المرضعة وأمهاتها وأخواتها وعماتها وخالاتها وبناتها وبنات بنيها وبنات بناتها وإن نزلن سواء كن من زوج أو أزواج لقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " .
لكن لا يحرم على إخوته الذين لم يرتضعوا من المرأة التي أرضعته نكاح بناتها لأنها ليست أما لهم لكونها لم ترضعهم وإنما أرضعت أخاهم ، ولا يحرم على أبنائها نكاح أخوات المرتضع منها لأنهن لسن بنات لها ، ولسن أخوات لأبنائها لعدم الرضاعة ، وجميع ما ذكرنا يتضح من قول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" . متفق على صحته ، والله ولي التوفيق .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
س - رضعت من امرأة مع أحد أبنائها ثم توفي زوجها فأكملت العدة وتزوجت من رجل آخر وأنجبت منه أبناء فهل أبناؤها من الرجل الأخير إخوان لي ؟
ج- إذا كان الواقع كما ذكر في السؤال وكنت قد رضعت منها خمس رضعات أو أكثر حال كونك في الحولين فأولادها من الزوج الأول إخوة لك من أبيك وأمك من الرضاعة ، وأولادها من الزوج الثاني إخوة لك من الأم فقط من الرضاعة لقول الله - سبحانه - لما ذكر المحرمات في سورة النساء في قوله - سبحانه - " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم " ثم قال بعد ذلك " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة " . ولقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " . متفق على صحته .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ(12/391)
مسائل في الرضاع
س - هناك شخص رضع من امرأة خمس رضعات في الحولين ولزوج هذه المرأة "امرأة" أخرى لها أولاد ، فهل أولاد المرأة الأخرى يصبحون إخوة له ؟
س - طفلة رضعت من امرأة رضعات كثيرة في الحولين مع أحد أولادها من زوجها الأول ، ثم تزوجت هذه المرأة رجلاً آخر ، فأصبح لها أولاد من الرجل الثاني ، فهل يعتبر أولاد المرأة من الرجل الثاني إخوة لهذه الطفلة التي رضعت من هذه المراة مع أولادها من زوجها الأول ؟
ج- متى رضع من هذه المرأة رضاعاً محرماً وهو الخمس في الحولين فإنها تصبح أمه وزوجها يكون أباه وأولاد الزوج من المرأة الثانية إخوة له من أبيه وأولاد المرضعة من غير الزوج إخوته من أمه وأخواتها خالاته وأخوات الزوج عماته فيحرم بالرضاعة بالقرابة .
هذه الطفلة أصبحت بنتاً لهذة المرأة فيكون أولادها من الزوج إخوه لهذه الطفلة من أمها حيث رضعت من أمهم زوج المرأة الأولى إخوة للطفلة من الأب حيث رضعت من لبن أبيهم .
الشيخ ابن جبرين
ــــــــــــــ
ادعت الرضاع ثم تراجعت
س - لي أخ أكبر مني ذهب لخطبة ابنة عمي فادعت أمها أنها أرضعته مع أولادها ، وبعد مدة جاءت زوجة عمي لتخطب أختي لابنها ، فاحترنا في الأمر ، وذكرناها بما حدث منها - أي من إدعائها أن أخي رضع مع أولادها - فأقرت بذلك ولكنها عادت فقالت إنها لم ترضع أخي أبداً ، فهل تعتمد على كلامها الأول أو على الثاني ؟ وما رأي الشرع في ذلك ؟
ج- دعوى المرأة المذكورة السابقة أنها أرضعت أخاك لا تمنع من تزويج أبنائها لأخواتك إذا كانت لم ترضع أخواتك وكان أبناؤها لم يرضعوا من أمك وليس هناك رضاع آخر يمنع تزويج أبنائها من أخواتك .
أما أخوك فلا مانع من تزوجه من بناتها ما دامت أكذبت نفسها في دعواها الأول . وإن ترك التزويج من بناتها احتياطاً فهو حسن لقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " . وقوله ، - صلى الله عليه وسلم - ، " من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
الرضاعة المحرمة
س - أنا شاب رضعت مع أكبر بنات خالي وقد جاء بعدها أخوات أخريات وهي الآن قد تزوجت هل يجوز لي أو لأحد من إخواني التقدم لطلب يد أحد أخواتها ؟
ج- إذا كان رضاعك أيها السائل من زوجة خالك خمس رضعات أو أكثر حال كونك في الحولين فجميع بنات خالك يكن أخوات لك وليس لك أن تتزوج منهن أحداً أما إخوتك الذين لم يرضعوا من زوجة خالك يكن أخوات لك وليس لك أن تتزوج(12/392)
منهن أحداً أما إخوتك الذين لم يرضعوا من زوجة فليس عليهم حرج أن يتزوجوا من بنات خالك إذا كان بنات خالك لم يرضعن من أم إخوتك ولا من زوجة أبيكم ولا من أخواتكم . والخلاصة أنه لا حرج على إخوتك أن يتزوجوا من بنات خالهم إذا لم يكن بينهم رضاعة تمنع ذلك أما رضاعك أيها السائل من زوجة خالك فإنه يختص بك ولا يوجب تحريم بنات خالك على إخوتك ، والله ولي التوفيق .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ
زوجة أخيك من الرضاع ليست من محارمك
س - هل يجوز لي أن أسلم على زوجة خالي ( أخي والدتي ) مع العلم أنني رضعت مع خالي من جدتي أم يحرم لكون أنها غير محرم لي ؟
ج- لا يجوز لك أن تمس يدك زوجة خالك سواء ثبت رضاعك من جدتك أو لم يثبت . لأنك أجنبي أي ليست محرما لها ، أما سلام السنة الذي باللسان فيجوز قالت عائشة - رضي الله عنها - في تفسير آية مبايعة قد بايعتك على ذلك ، رواه البخاري ، وعن أميمة بنت رقيقة - رضي الله عنها - قالت أتيت رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، في نساء لنبايعه قلنا يا رسول الله ألا تصافحنا ؟ قال " إني لا أصافح النساء ، إنما قولي لامرأة واحدة قولي لمائة امرأة " . رواه أحمد بسند صحيح .
اللجنة الدائمة
ــــــــــــــ
أخوات أخيك من الرضاع لا يحرمن عليك
س - أنا لي ولد عم رضع معي وأنا صغير لمدة 10 أيام أو أكثر ، وله شقيقتان أصغر منه فهل يصح لي أن أتزوج الصغيرة منهما ؟
ج- إذا كان الواقع ما ذكر فإنه يجوز لك التزوج بإحدى أخوات ابن عمك المذكور إذا كنت لم يجمعك ومن تريد الزواج بها رضاع محرم ، ولا أثر لرضاعة من أمك على زواجك بإحدى أخواته قل أو كثر ، وبالله التوفيق ، وصلي الله على عبده ورسوله محمد وآله وصبحه وسلم .
اللجنة الدائمة
أمي من الرضاع أدعت أنها أرضعت زوجتي
س - تزوجت في السنة الماضية بابنه عمي ، ومشكلتي وإياها أن أمي من الرضاعة والتي أرضعتني مع أبنها الكبير شهدت بأنها أرضعت كذلك زوجتي مع أبنها ولم تحدد لنا كفية الرضاع ولا عدد مراته ماذا أفعل والحال ما ذكر ؟
ج- لا تحرم عليك زوجتك حتى تشهد المرأة المذكورة التي أرضعتك بأنها أرضعتها خمس رضعات أو أكثر حال كون الرضيعة في الحولين ، ولابد من ذلك من إثبات كونها ثقة وننصحك بأن تحضرها عند فضيلة قاضي بلدك حتى يسألها عن ما لديها من الشهادة وحتى يكمل اللازم في الموضوع ، وفق الله الجميع .
الشيخ ابن باز
ــــــــــــــ(12/393)
في الرضاع المشكوك فيه
س - تقدمت لخطبة فتاة قبل أربع سنوات وتم عقد قراني عليها ، ولكن لم أدخل بها الدخول الشرعي ، وفي هذا العام أفادت إحدى أخواتي بأنها أرضعت هذه الفتاة ، ولكنها لا تتذكر عدد تلك الرضعات لمضي مدة طويلة تقارب عشرين سنة ، فهل يحل لي الزواج بهذه الفتاة ؟
ج- إن عقد النكاح الذي تم على هذه المرأة عقد صحيح ، ولا يرفع هذا العقد إلا ببينة متيقنة ، والرضاع المشكوك فيه أو في عدده لا يؤثر شيئاً ، لحديث عائشة - رضي الله عنها - " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخن بخمس رضعات " ولابد من العلم بعدد الرضاع أيضاً ، وإذا شكت المرضعة هل شكلت المرضعة هل أرضعت هذه الطفلة أم لم ترضعها ، أو شكلت هل تمت خمس أم لا ، فإنه لا أثر لهذا الرضاع ، وعلى هذا فالنكاح الذي جرى منها على هذه المرأة لا يضره ما حصل من قول أختك .
الشيخ ابن عثيمين
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 5)
الرضاع
السؤال الرابع من الفتوى رقم ( 18401 )
س4 : أنا شاب أبلغ الثلاثين من عمري ، وسبق لي أن رضعت من زوجة جدي لأبي (زوجة غير والدة أبي) وحيث إن هذه المرضع متوفاة ، ولا نعلم عدد الرضعات ، ولكن هناك رضاع مشهور ومعروف ، فهل يصح لي السلام على بنات أعمامي من جدي ، كبنات أخي أبي وبنات أخوات أبي ، فهل أنا عم لهن أم لا ، وهل هن محرم لي أم لا ؟ ودمتم مأجورين .
ج4 : ما دام الرضاع غير معلوم ، فالواجب الاحتياط في هذا ، وهو عدم اعتباره رضاعا محرما ؛ لاحتمال عدم اكتمال شروطه الشرعية ، فتعتبر المذكورات أجنبيات عنك ، ولاحتمال اكتمال شروطه ، فتترك الزواج منهن احتياطا ، وقد علم من قواعد الشريعة الاحتياط في الأبضاع ما لا يحتاط في غيرها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2518),سنن النسائي الأشربة (5711),مسند أحمد بن حنبل (1/200),سنن الدارمي البيوع (2532). دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، وقوله صلى الله عليه وسلم : من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ــــــــــــــ
س 3: شخص يريد أن يتزوج ابنة أخي زوجته من الرضاع، فما الحكم؟(12/394)
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 9)
ج: ليس له ذلك حتى يطلق زوجته وتخرج من العدة ؛ لأنه لا يجوز الجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها ؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أنه نهى أن يجمع الرجل بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها، والرضاع حكمه حكم النسب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رواه البخاري في (الشهادات) باب الشهادة على الأنساب والرضاع برقم (2645). يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب متفق على صحته .
ــــــــــــــ
يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب
س 4: الأخ الذي رمز لاسمه بـ أ. ب. من تونس يقول في سؤاله: أنا شاب أبلغ من العمر 24 سنة، لما أردت خطبة ابنة عمي، فاجأني الجميع أني عم لها من الرضاعة، حيث إن أختي الكبرى رضعت مع ابن عمي، الذي هو أبو البنت، وكذلك هو رضع مع أختي، أي من أمي، فهل يجوز لي شرعا الزواج بها أم لا؟ أتمنى أن
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 10)
تجيبوني بسرعة ؛ لأني في حيرة من أمري، جزاكم الله خيرا من ضمن الأسئلة المقدمة لسماحته من (المجلة العربية) وأجاب عنه سماحته في 28/ 1/ 1417 هـ. .
ج: إذا ثبت أن أباها رضع من أمك خمس رضعات أو أكثر، حال كونه في الحولين، فإنك بذلك تكون أخا له من الرضاعة، وعما لابنته من الرضاعة، وبذلك يحرم عليك نكاحها ؛ لقول الله عز وجل: سورة النساء الآية 23 حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ الآية من سورة النساء ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: رواه البخاري في (الشهادات) باب الشهادة على الأنساب والرضاع برقم (2645). يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب متفق على صحته .
وقد أوضح الله سبحانه في هذه الآية أن بنت الأخ من النسب تحرم على عمها، فهكذا بنت الأخ من الرضاعة تحرم على عمها من الرضاعة ؛ للحديث المذكور وبإجماع أهل العلم على ذلك والله ولى التوفيق .
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 232)
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 233)
كتاب الرضاع
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 234)
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 235)
135 - عدد الرضعات المحرمة
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم ع. م. ع. وفقه الله لكل خير آمين صدرت من مكتب سماحته برقم 1516 في 10 / 8 / 1392هـ .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده:(12/395)
كتابكم المؤرخ 18 / 7 / 1392هـ الجوابي لكتابي رقم 78 وتاريخ 12 / 1 / 1392هـ وصل، وصلكم الله بهداه واطعت على الورقة المرفقة به الآتي نصها: قررت ض. م. ح. قائلة: كنا قاطنين قرب القويعية ، وبعد طلوع شمس يوم جاءتني ب. س. م. بابن أخيها ع. م. فأرضعته حتى روى، يرضع وإذا تعب فك الديس حتى روى، وبعد عصر ذلك اليوم جاءني به والده م. س. فأرضعته حتى روى وكل مرة من المرتين يرضع وإذا تعب أطلق الديس ولا أعلم عن عدد الرضعات التي في الصبح ولا التي في العصر هذا حاصل الأمر الذي وقع مني انتهى بشهادة غ. ب. س. و م. ش. م. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم حرر في 10 / 5 / 1392هـ انتهى، وفي ذيل الورقة تصديق فضيلة قاضي عروى الآتي نصه: الحمد لله وحده حضرت لدي المرأة ض. م. ح. فصادقت على جميع إفادتها المحرر أعلاه وهي امرأة ثقة، ولما
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 236)
ذكر جرى الشرح على اعترافها. مما ذكر وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم حرر في 25 / 5 / 1392 . انتهى. وبناء على ذلك فالذي أرى أنها لا تحل لك ؛ لكونها قد ارتضعت من المرأة التي قد أرضعتك رضاعا كثيرا يزيد على أربع مرات حسب شهادة المرضعة ض. وبذلك صارت أختا لك من الرضاعة. وأسأل الله أن يوفق الجميع للفقه في دينه والثبات عليه إنه جواد كريم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــ
136 - إذا قل الرضاع عن خمس رضعات لا يعول عليه
صاحب السماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد صدرت من مكتب سماحته برقم 192 وتاريخ 1 / 3 / 1417هـ .
أعيد لسماحتكم من طيه كامل الأوراق المتعلقة باستفتاء المدعو م. ب. ن. الوارد لنا من سماحتكم برقم 212 في 14 / 2 / 1417هـ في رضاع.
وعليه نفيدكم أنه جرى منا بعث كامل الأوراق إلى فضيلة قاضي محكمة القوز بخطابنا رقم 305 / 1 في 20 / 2 / 1417هـ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 237)
بطلب إكمال ما تضمنه شرحكم آنف الذكر، فأعادها لنا فضيلته برقم 365 في 24 / 2 / 1417هـ المتضمن إكمال ما أشير إليه، وقد أرفق لنا صورة الضبط المرفق المدون فيها ما تم إجراؤه.
آمل الاطلاع على الأوراق وصورة الضبط المرفقة وإجراء ما ترونه لازما نحو إفتاء المذكور. أثابكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فبناء على ما أثبته فضيلة الشيخ قاضي محكمة القوز من صفة الرضاع الصادر من جدة زوجة م. ب. ن. واعترافها لديه بأنها لا تحفظ عدد الرضعات، أفتيته بأن نكاحه صحيح وزوجته باقية في عصمته، وأن الرضاع المذكور لا يعول عليه ولا تثبت به(12/396)
أحكام الرضاعة، لأن من شرط الرضاع الذي يحصل به التحريم أن يكون خمس رضعات معلومات أو أكثر في حال كون الطفل في الحولين. فأرجو إشعار الجميع بالفتوى المذكورة، شكر الله سعيكم وضاعف لنا ولكم وللشيخ الأجر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المفتي العام للمملكة العربية السعودية
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ــــــــــــــ
138 - حكم رضاع الطفل بعد الحولين
س: متى يكون الرضاع محرما بالخمس ومتى يكون محرما برضعة واحدة؟ من برنامج نور على الدرب .
ج : الرضاع لا يكون محرما إلا إذا كان خمس رضعات حال كون الطفل في الحولين، أما إذا كان الرضاع أقل من خمس رضعات، أو إذا كان بعد أن تجاوز الطفل الحولين فهذا لا أصل له ولا يعتبر محرما فلا بد من شرطين أولهما:
أن يكون الطفل في الرضاع لم يكمل الحولين. أن تكون
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 240)
الرضعات خمسا لا أقل. لمجيء الأحاديث الصحيحة بذلك ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: موطأ مالك الرضاع (1290). لا رضاع إلا في الحولين ، والله سبحانه وتعالى يقول: سورة البقرة الآية 233 وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ولقوله - صلى الله عليه وسلم - لسهلة بنت سهيل : أخرجه أحمد برقم (2447) باقي مسند الأنصار، ومالك في الموطأ برقم (1113) كتاب الرضاع. أرضعي سالما خمس رضعات تحرمي عليه ، ولما ثبت في الصحيح عن عائشة - رضي الله عنها - قالت كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، وتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم -، والأمر على ذلك أخرجه مسلم برقم (2634) كتاب الرضاع. . لم ينسخ ولم يتغير، خمس معلومات ثابتة بشهادة الرجل العدل أو المرأة العدل أو أكثر، فإن كانت المرضعة عدلا واعترفت بخمس رضعات في الحولين قبل منها فلا بد من كونها خمسا ولا بد أن تكون في الحولين، ولا بد أن تكون المدعية لذلك امرأة عدل أو ثقة أو رجلا يشهد على أن المرأة عدل وثقة أو أكثر من ذلك.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 242)
140 - جواز زيادة الرضاع على الحولين عند التراضي
س: ما حكم زيادة الرضاعة عن الحولين؟ وهل صحيح أن الابن الذي يرضع أكثر من الحولين يأتي عاصيا؟ سؤال مقدم من جريدة المسلمون أجاب عنه سماحته في 27 / 5 / 1418هـ .
ج : الواجب إرضاع الطفل حولين إلا أن يتفق والداه على فطمه قبل تمامها ؛ لقول الله عز وجل: سورة البقرة الآية 233 وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ إلى أن قال سبحانه: سورة البقرة الآية 233 فَإِنْ أَرَادَا(12/397)
يعني الوالدين: سورة البقرة الآية 233 فِصَالًا يعني فطامه: سورة البقرة الآية 233 عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وتجوز الزيادة إذا دعت إليها الحاجة، أما ما يقال إن الراضع بعد الحولين يأتي عاصيا فلا أعلم له أصلا، بل هو من كذب بعض الناس، والله ولي التوفيق.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 243)
141 - الرضاع الشرعي الذي تترتب عليه أحكام الرضاع
حضرة شيخنا الكريم فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل باز حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
وردني كتابكم الكريم بخصوص سؤال الأخ ر. س. ر. وقد اتصلت هاتفيا بمن قالت إنها المرضعة المذكورة في سؤاله واستفسرت منها بعد البيان الكامل للمراد، فكان جوابها أنها في واحدة فقط من المرات الثلاث تتحقق من أن الطفل لم ينفصل أثناء الارتضاع عن الثدي، وأما في المرتين الأخريين فهي لا تذكر الأمر الآن على الإطلاق، ولا تدري هل حصل في أثناء أي منهما أنه انفصل عن الثدي ثم عاد إليه أم لم ينفصل، وقد كررت عليها السؤال وكان جوابها واحدا لا يختلف، ونظرا إلى أن هذه الحالة لم تذكر في رسالة فضيلتكم، لذا كتبت هذا وأعطيته لصاحب السؤال ليطلعكم عليه. حفظكم الله ورعاكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محبكم م. س. أ.
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 244)
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ م. س. أ. سلمه الله
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده صدرت من مكتب سماحته برقم 142 وتاريخ 7 / 3 / 1404هـ :
يا محب كتابكم الكريم المؤرخ 28 / 2 / 1404هـ وصل، وصلكم الله بهداه وفهمت ما أشار إليه فضيلتكم حول رضاع ر. س. ر. من زوجة عمه المدعوة ق. ثلاث رضعات لا تحفظ صفة رضاعه في اثنتين منها .
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 246)
143 - العمل بالقرائن في الرضاع
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، بناء على خطاب سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رقم 2 وتاريخ 4 / 1 / 1404هـ والمتضمن إحضار المرأة ش. ض. م. وسؤالها عن مدة الرضاع وعن عدد الرضعات وعن تأكدها من وصول الحليب إلى جوف خ. ر. في كل رضعة، وسؤال العارفين بها عن عدالتها. وكم عدد الرضعات التي أرضعتيها خ. ر. وهل وصل حليبك من (ديسك) ثديك إلي جوف خ. ر. أم لا؟
ج : ذكرت أنني أرضعت خ. ر. مرات كثيرة ولا أستطيع عددها وأردفت قائلة: إن والدة خ. قد مرض ثديها الأيسر وشقوه وعالجوه في ذلك الزمان وبقي خ. عندي(12/398)
أرضعه مع ابني مدة، بعضها في الليل ثم يأخذونه إلى أمه، وبعضها في النهار، ثم يردونه إلى أمه حتى تعافت أمه، ولا أستطيع حصر الشهور والسنين، ولا أعلم عن عدد الرضعات التي أرضعتها خ. ر.، نعم وصل حليبي من (ديسي) ثديي إلى جوف خ. ر. يمسك الثدي حتى يروى، ثم يفك الديس كثير مرات لا أعلم عددها، وبعد ذلك أخرجنا المرأة المذكورة من الجلسة ثم أدخلنا الرجال الذين يعرفونها ويعرفون عدالتها طيلة حياتهم، أحدهما م. ر. ر. وبسؤاله عن
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 247)
هذه المرأة وقال إنها جدتي زوجة جدي ر. م. وذكر أنها دينة وتصوم وتصلي ومشهورة بالصدق مع الناس والشاهد الثاني م. ر. ر. ذكر مثل ما ذكر الشاهد الأول حرفيا. هذا ما وصل إلينا وضبطناه من إجابة المرأة ش. ض. وإجابة الشاهدين م. ر. ر. و م. ر. وعلى ذلك جرى التوقيع. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
قاضي محكمة
الحائط
س. ع. غ.
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة قاضي محكمة الحائط وفقه الله للخير آمين صدرت من مكتب سماحته برقم 224 وتاريخ 22 / 2 / 1404هـ .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده:
يا محب نعيد لفضيلتكم جميع الأوراق المتعلقة بإرضاع ش. ض. لـ خ. ر.
ونفيدكم أن الظاهر من كلامها أنها أرضعته أكثر من خمس رضعات ؛ لأن الثدي المشقوق لا يبرأ عادة في اليومين والثلاثة. فأرجو إشعار الجميع بأن نكاح المستفتي خ. المذكور
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 248)
لابنة عمه غير صحيح، لكونه والحال ما ذكر أصبح عمها من الرضاعة، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: أخرجه البخاري برقم (2451) كتاب الشهادات. ومسلم برقم (2624) كتاب الرضاع. يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب . فأرجو إشعار الجميع بذلك شكر الله سعيكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ــــــــــــــ
144 - بيان الرضاع الذي يحصل به التحريم
صاحب السماحة الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إشارة لخطابكم رقم 70 / خ في21 / 1 / 1404هـ فقد كتبنا لها بحضورها لدينا برقم 334 في 8 / 2 / 1404هـ ولكنها منعت من الحضور وكتبت إجابتها في أسفل خطابنا المشار إلى رقمه وتاريخه أعلاه ولكن الكتابة غير واضحة، وقد علمت وفهمت من كتابة ن. ص. أنها تقول ما عندي إلا ما عند أمها وجدتها، وحيث(12/399)
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 249)
إنهم لم يشهدوا أحدا على إجابتها أرسلنا رجالا يكتبون إجابتها مرة ثانية ويشهدون عليها وفعلا جاءوا بإجابتها على الورقة المرفقة المؤرخة في 10 / 2 / 1404هـ وقيدناها لدينا برقم 526 في 11 / 2 / 1404هـ وحيث إنها قالت بإجابتها ما عندي غير ما عند أمها وجدتها فقد كتبنا لها برقم 378 في 12 / 2 / 1404هـ وطلبنا منهن الإجابة ثم وافونا بالإجابة المرفقة وقيد لدينا برقم 546 في 15 / 2 / 1404هـ فإليكم خطابكم رقم 70 / خ في 21 / 1 / 1404هـ وخطابين منا للنساء وإجابتين منهن للاطلاع وإجراء ما يلزم. والله يحفظكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قاضي محكمة الحائط
المكرم فضيلة قاضي محكمة الحائط المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لقد حضرت أنا م. س. و س. ع. وابنتها م. ع. حسب ما ادعت به ن. ص. حسب رضاع ن. م. ولكن عندما أجرينا السؤال مع جدتها س. ع. وأمها م. ع. اتضح لنا أن جدتها ليس عندها خبر، وأجابت أمها أنها تقول عندما وضعت ابنها كانت ن. ص. موجودة عندها وقالت م. ع. إني في حالة غيبوبة ووضعت ن. ص. الثدي في فمها وتقول م. ع. ليس عندي خبر
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 250)
هل حلب الثدي في فمها أم لا؟
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة قاضي محكمة الحائط وفقه الله للخير آمين صدرت من مكتب سماحته برقم 202 وتاريخ 17 / 2 / 1404 هـ. . .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده:
يا محب كتابكم الكريم رقم 396 وتاريخ 15 / 2 / 1404هـ وصل، وصلكم الله بهداه واطلعت على ما أثبته فضيلتكم حول إرضاع ن. ص. لـ ن. خ. و ن. م. وبعد اطلاعي على جواب ن. ص. وعلى جواب م. ع. أم ن. م. وجواب س. ع. جدة ن. م. اتضح من ذلك أنه ليس لديهن شهادة معتبرة بالرضاع المعتبر وبذلك يعلم أنه لا حرج على م. س. المذكور في تزوجه بأم أولاد أخيه ن. م. مع بقاء زوجته الأولى ن. خ. في عصمته ؛ لعدم وجود رضاع شرعي يمنع من ذلك، لأن الرضاع الذي يحصل به التحريم في أصح أقوال أهل العلم لا بد أن يكون خمس رضعات معلومات حال كون الرضيع في الحولين كما لا يخفى ولم يثبت شيء من ذلك في هذه القضية. فأرجو إشعار الجميع بذلك. أثابكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 251)
145 - لا يثبت التحريم إلا بالرضاع المستوفي لشروطه
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وبعد:(12/400)
بناء على شرح سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المؤرخ في 20 / 3 / 1404هـ على السؤال المقدم لسماحته من المواطن س. ح. و. المتضمن أن والدته أرضعت بنتا ويرغب الزواج من هذه البنت، ومما قضى به توجيه سماحته من أخذ أقوال المرضعة، ففي يوم 5 / 4 / 1404هـ، حضر لدي أنا قاض ظهران الجنوب حالا حضرت ظ. ح. والدة المستفتي س. ومعها زوجها ح. م. غ. وجرت مسائلة ظ. عن كيفية الرضاع الذي ذكره ابنها س. المذكور وعدده وزمنه فأجابت أنها ذهبت إلى بيت أخيها الشقيق بعدما وضعت زوجة أخيها بنتها ص. م. ح. خ. بعد ولادتها بيوم تقريبا ووجدت البنت تبكي فأعطتها دهنا فلم تقبله فأرضعت ظ. بنت أخيها رضعة واحدة حيث ألقمتها ثديها وتركته في فمها حتى تركته البنت من نفسها ولم تنقلها على الثدي الآخر ولا تعلم عدد المصات التي رضعتها منها ولا كنه اللبن الذي رضعته، ولم ترضعها قبل تلك المرة ولا بعدها، هكذا قررت بحضور زوجها المذكور.
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 252)
صاحب السماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أعيد لمعاليكم شرحكم المؤرخ في 20 / 3 / 1404هـ على الاستدعاء المقدم من المواطن س. ح. و. والذي يرغب الزواج من ص. م. ح. والتي رضعت من والدته ظ. ح. خ. وما قضى به توجيهكم الكريم من أخذ أقوال المرأة المرضعة والدة السائل، فقد أخذت أقوالها وأرفقتها لسماحتكم في صورة الضبط المرفقة وبالنسبة لي فلدي من الأمر إشكال للخلاف الذي يعلمه سماحتكم في موضوع الرضاع. آمل الاطلاع والتوجيه بما ترونه مناسبا. أثابكم الله وشكر سعيكم وأمد في عمركم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قاضي ظهران الجنوب
ــــــــــــــ
147 - مسألة في الرضاع
س: تقول سائلة: إن أخاها الذي يصغرها بعامين رضع من زوجة خالها مع ابنها (ابن زوجة خالها) فهل يجوز لها أن تكشف أمام أولاد خالها، أي لا تحتجب أمامهم، وما حكم أخواتها اللاتي يصغرن أخاها الذي رضع من زوجة خالها؟
جواب : إذا ثبت الرضاع المذكور وكان خمس رضعات أو أكثر حال كون الرضيع في الحولين، صار أخوك المرتضع ابنا لخالك من الرضاعة وابنا لزوجته المرضعة من الرضاعة، وصار أولادهما إخوة له وصار إخوان خالك أعماما له وأخواته عمات
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 255)
له، وصار إخوان المرضعة أخوالا له وأخواتها خالات له؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري الشهادات (2502),صحيح مسلم الرضاع (1447),سنن النسائي النكاح (3306),سنن ابن ماجه النكاح (1938),مسند أحمد بن حنبل (1/339). يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب متفق على صحته .(12/401)
أما أنت يا أم. ي. فلا تعلق لك بالرضاع المذكور، ولا يجوز لك ولا لأخواتك أن تكشفن لأبناء خالكن بسبب رضاعة أخيكن من زوجة خالكن ؛ لأنهم بالنسبة إليكن ليسوا محارم لكن، وفق الله الجميع للفقه في الدين والثبات عليه.
ــــــــــــــ
148 - مسألة في الرضاع
س: تزوجت في السنة الماضية بابنة عمي، ومشكلتي وإياها أن أمي من الرضاعة والتي أرضعتني مع ابنها الكبير شهدت بأنها أرضعت كذلك زوجتي مع ابنها، ولم تحدد لنا كيفية الرضاع ولا عدد مراته ماذا أفعل والحال ما ذكر؟
جواب : لا تحرم عليك زوجتك حتى تشهد المرأة المذكورة التي أرضعتك، بأنها أرضعتها خمس رضعات أو أكثر، حال كون الرضعية في الحولين، ولا بد مع ذلك من إثبات كونها منه،
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 256)
وننصحك بأن تحضرها عند فضيلة قاضي بلدك حتى يسألها عما لديها من الشهادة، وحتى يكمل اللازم في الموضوع، وفق الله الجميع.
ــــــــــــــ
149 - لا حرج في الزواج بابنة الخالة من الرضاع
أجاب عنها سماحته بتاريخ 22 / 2 / 1404هـ .
حضر لدي ش. إ. م. وأفاد رغبته في الزواج من ن. م. د. ولكن نقل له أن هـ. ع. ل. قد أرضعت أمه ف. م. ع. و هـ. ع. المذكورة هي جدة ن. م. المذكورة أم أمها، ولكن هذا الرضاع لم يثبت حيث أحضر لدينا ع. م. ع. وهي خالته وأكبر من أمه بكثير، فأفادت بأنها لا تعرف هذا الرضاع ولا تذكره وأنهم لم يعرفوا هـ. ع. المذكورة إلا بعد أن فطمت ف. م. وولد بعدها أخ لها، فقبله لم يكن بينهما صلة ولا جوار ولا معرفة أصلا وهكذا أيضا أفادتنا جدته ل. ع. م. وهي أم ف. بأنه لا رضاع لابنتها من هـ. ولم يتعرفوا على هـ. إلا بعد أن ولد أخ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 257)
لـ ف. م. أصغر منها، وحيث نفت هاتان القريبتان من ف. م. رضاعها، وحيث لم يوجد له مثبت ولم يدع أحد الرضاع الحقيقي المحرم، فإنه لا مانع من زواج أولاد ف. من بنات هـ. من رضاع أو ولادة ولو كانت هـ. مفقودة الآن وكذا ف. م. حيث أن ل. ع. م. هي والدتها هي التي تولت حضانتها وأعرف بمن اتصل بها حتى يثبت الرضاع المتوهم. قال ذلك وكتبه عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين عضو الإفتاء وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا كان الواقع هو ما ذكره الشيخ عبد الله أعلاه فلا حرج على ش. المذكور في تزوج ن. المذكورة حتى ولو ثبت إرضاع هـ. لـ ف.، لأن ش. المذكور يكون ابن خالة ن. لو ثبت الرضاع وتزوج الرجل بابنة خالته من النسب أو الرضاع لا حرج فيه بالنص والإجماع. قاله ممليه الفقير إلى الله تعالى عبد العزيز بن عبد الله بن باز سامحه الله.(12/402)
-ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 258)
150 - الرضاع يختص حكمه بالمرتضع دون إخوته
حضر عندي من سمى نفسه ن. ض. وذكر أن أخته غ. س. أرضعت ابنه ج. ن. واستفتاني هل يجوز لبقية أبنائه الذين لم يرضعوا من أخته المذكورة التزوج من بنات بناتها؟ صدرت من مكتب سماحته برقم 604 وتاريخ 16 / 5 / 1404هـ.
والجواب : إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فلا حرج في زواج بقية أبنائه من بنات أخته المذكورة وبنات بناتها؛ لأن الرضاع المذكور يختص حكمه بابنه المذكور الذي ارتضع من المذكورة، إذا كان الرضاع خمس رضعات أو أكثر حال كونه في الحولين؛ لأن الأحاديث الصحيحة الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرضاع تدل على ذلك. ولطلبه إثبات الفتوى جرى تحريره، قاله ممليه الفقير إلى الله تعالى عبد العزيز بن عبد الله بن باز سامحه الله.
-ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 259)
151 - أقل من خمس رضعات لا يحصل به التحريم
سماحة والدنا الحبيب الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله وتولاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أفيد سماحتكم بأنه تقدم إلينا الأخ ع. ع. بسؤال عن رضاع ولما سمعنا سؤاله ذهبنا إلى المرأة المرضعة وسألناها عن الرضاع المسئول عنه فأجابت بالآتي:
أنا جئت والولد وضعته والدته وهو يصرخ وتكلمت مع أمه في شأن إرضاعه فقالت: أنا ما في شيء لبن وأخذته وأرضعته حتى نام، والمرة الثانية في اليوم الثاني ما أنا بمتأكدة منها. وعليه فهل تجوز بنت هذه المرأة للولد للزواج، حيث إنه يخطبها ويطلبون الجواب بأسرع وقت، أثابكم الله وأطال في عمركم على طاعته سؤال شخصي أجاب عنه سماحته بتاريخ 9 / 3 / 1404 هـ. .
ابنكم الداعي لكم بالخير
س. ع. م.
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 260)
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:
مثل هذا الرضاع لا يعتمد عليه ولا يحصل به تحريم الرضاع، لأن الرضاع الذي يحصل به التحريم لا بد أن يكون خمس رضعات أو أكثر حال كون الطفل في الحولين ؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: صحيح مسلم الرضاع (1452),سنن النسائي النكاح (3307),سنن أبو داود النكاح (2062),موطأ مالك الرضاع (1293),سنن الدارمي النكاح (2253). كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: رواه الدارقطني ج4 / 174 باب ما كان في الحولين . لا رضاع إلا في الحولين وفق الله الجميع لما يرضيه، والسلام.(12/403)
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية
والإفتاء والدعوة والإرشاد
-ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 261)
152 - مسألة في الرضاع
س: أنا شاب أبلغ من العمر 24 سنة، لما أردت خطبة ابنة عمي فاجأني الجميع أني عم لها من الرضاعة، حيث إن أختي الكبرى رضعت مع ابن عمي الذي هو أبو البنت وكذلك هو رضع مع أختي أي من أمي، فهل يجوز لي شرعا الزواج بها أم لا، أتمنى أن تجيبوني بسرعة؛ لأني في حيرة من أمري جزاكم الله خيرا سؤال مقدم من السائل أ. ب س. من جمهورية تونس العربية وأجاب عنه سماحته بتاريخ 28 / 1 / 1417هـ.
ج : إذا ثبت أن أباها رضع من أمك خمس رضعات أو أكثر حال كونه في الحولين فإنك بذلك تكون أخا له من الرضاعة، وعما لابنته من الرضاعة، وبذلك يحرم عليك نكاحها، لقول الله عز وجل: سورة النساء الآية 23 حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: أخرجه البخاري برقم (2451) كتاب الشهادات، ومسلم برقم (2624) كتاب الرضاع. يحرم من الرضاع
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 262)
ما يحرم من النسب متفق على صحته . وقد أوضح الله سبحانه في هذه الآية أن بنت الأخ من النسب تحرم على عمها، فهكذا بنت الأخ من الرضاعة تحرم على عمها من الرضاعة، للحديث المذكور بإجماع أهل العلم على ذلك، والله ولي التوفيق.
-ــــــــــــــ
153 - لا يعتد بالرضاع إلا ما كان في الحولين
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد من برنامج نور على الدرب. :
فقد اختلف أهل العلم في رضاع الكبير هل يؤثر أم لا؟ والسبب في ذلك أنه ورد في الحديث الصحيح عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر سهلة بنت سهيل أن ترضع سالما مولى أبي حذيفة وكان كبيرا، وكان مولى لدى زوجها، فلما كبر طلبت من النبي - صلى الله عليه وسلم - الحل
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 263)
لهذا الأمر، فأمرها أن ترضعه خمس رضعات، فاختلف العلماء في ذلك والصحيح من قولي العلماء أن هذا خاص بسالم وبسهلة بنت سهيل وليس عاما للأمة، قاله غالب أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقاله جمع غفير من أهل العلم وهذا هو الصواب؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: أخرجه ابن ماجه برقم (1936) كتاب النكاح مختصرا. لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام ولقوله - عليه(12/404)
الصلاة والسلام -: صحيح البخاري الشهادات (2504),صحيح مسلم الرضاع (1455),سنن النسائي النكاح (3312),سنن أبو داود النكاح (2058),سنن ابن ماجه النكاح (1945),سنن الدارمي النكاح (2256). إنما الرضاعة من المجاعة أخرجه البخاري برقم (2453) كتاب الشهادات ومسلم برقم (2642) كتاب الرضاع. رواه الشيخان في الصحيحين ، ولقوله أيضا - عليه الصلاة والسلام -: موطأ مالك الرضاع (1290). لا رضاع إلا في الحولين ، فهذه الأحاديث تدل على أن الرضاع يختص بالحولين ولا يؤثر الرضاع بعد ذلك، وهذا هو الصواب، والله جل وعلا ولي التوفيق.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 264)
154 - حكم إرضاع الكبير
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله ورعاه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد سؤال مقدم من الأخ م. م. م. أجاب عنه سماحته بتاريخ 3 / 5 / 1415هـ. : تعلمون حفظكم الله حديث سالم مولى أبي حذيفة - رضي الله عنهما -، وكانت أم حذيفة قد ربته في صغره فكان يعتبرها مثل أمه، فلما نزلت آية الحجاب لزمها أن تتحجب منه، فشق ذلك عليهم ( سالم وأبي حذيفة وأم حذيفة ) فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمر سالما أن يشرب من لبن أم حذيفة فيصير بذلك ابنها من الرضاع. والحديث في مسلم .
وقد راجعت كلام أهل العلم في المسألة في كتاب: زاد المعاد، فوجدت أنهم فريقان ووسط: فريق يرى أن الحديث خاص في حق سالم فقط، وفريق يرى عموم الحديث في سالم وغيره، وفريق يتوسط ويرى أن الحديث عام في سالم وغيره بشرط أن تكون حاله مثل حال سالم وأم حذيفة ، وهو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -.
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 265)
وإني يا شيخ قد ربتني في صغري امرأة أجنبية عني، وقد شق عليها أن تتحجب عني، فأردت أن أعمل بقول شيخ الإسلام في مسألة سالم فعارضني جمع من أقاربها، وطلبوا فتوى شرعية بخصوص هذه المسألة. لذا أطلب توجيه سماحتكم في هذا الموضوع، وجزاكم الله خيرا.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:
نرى أن حديث سالم مولى أبي حذيفة خاص بسالم كما هو قول الجمهور، لصحة الأحاديث الدالة على أنه لا رضاع إلا في الحولين، وهذا هو الذي نفتي به، وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مفتي عام المملكة العربية السعودية
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
-ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 266)
155 - مسألة في الرضاع(12/405)
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أبعث معروضي هذا مستفتيا أن أختي قد أرضعت بنت خالي رضعتين، واحدة في الصباح وواحدة في الليل، وخالي قد أعطاني بنته برضاها، فسؤالي هل هذه البنت تحل لي زوجة، وشكرا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤال مقدم من السائل ع. ع. أجاب عنه سماحته بتاريخ 2 / 6 / 1419هـ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:
ج : إذا كان الواقع هو ما ذكر فإن البنت المذكورة لا تحرم بالرضعتين المذكورتين؛ لأن الرضاعة التي تحصل بها الحرمة، لا بد أن تكون خمس رضعات أو أكثر حال كون الطفل في الحولين، وفق الله الجميع. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مفتي عام المملكة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 267)
156 - بيان الرضاع الذي يحصل به التحريم
س: أخبرتني أمي أنني رضعت من امرأة أريد الزواج من ابنتها رضعة واحدة، فهل يجوز لي الزواج من هذه الابنة؟ نشر في كتاب فتاوى إسلامية من جمع محمد المسند ج 3 ص 325.
ج : الرضاعة التي يحصل بها التحريم لا بد أن تكون خمسا أو أكثر حال كون الطفل في الحولين، فإن كانت أقل من ذلك لم يحصل بها التحريم، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لسهلة بنت سهيل : صحيح مسلم الرضاع (1453),سنن النسائي النكاح (3323),سنن أبو داود النكاح (2061),سنن ابن ماجه النكاح (1943),مسند أحمد بن حنبل (6/228),موطأ مالك الرضاع (1288),سنن الدارمي النكاح (2257). أرضعي سالما خمس رضعات تحرمي عليه ، ولما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: صحيح مسلم الرضاع (1452),سنن النسائي النكاح (3307),سنن أبو داود النكاح (2062),موطأ مالك الرضاع (1293),سنن الدارمي النكاح (2253). كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم - والأمر على ذلك أخرجه مسلم في صحيحه والترمذي في جامعه وهذا لفظه ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: موطأ مالك الرضاع (1290). لا رضاع إلا في الحولين ، وبالله التوفيق.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 268)
157 - إذا نسيت الرضاع فالمرجع المحكمة
س: أنا مواطن مصري مقيم بالسعودية، متزوج منذ فترة من ابنة عمتي ، ولي منها ثلاثة أولاد، وقد أخبرني والدي وأقاربي مثل عماتي وأم والدي، وجدي- أبي(12/406)
والدي- منذ ثلاث شهور بأني رضعت من عمتي أم زوجتي مع ابنها فترة ثلاثة شهور، وهو متوفى حاليا أي ابن عمتي، وكانت زوجتي أثناء رضاعتي من عمتي عمرها سنتان، وقد أكد لي والدي وأقاربي المذكورين، أكدوا لي حاليا أنني رضعت أنا وأخو زوجتي الأصغر منها فترة ثلاثة شهور من صدر عمتي، وتقول عمتي التي هي أم زوجتي، إنها أرضعتني مرتين فقط، فماذا أصنع وأنا الآن في حيرة من أمري؟ سؤال مقدم من مواطن مصري مقيم بالسعودية أجاب عنه سماحته بتاريخ 27 / 3 / 1419هـ.
ج : نرى إحضار المرضعة لدى المحكمة؛ لمعرفة ما لديها من الشهادة، ثم تفتيكم المحكمة بما تراه إن شاء الله، أو تكتب إلي المحكمة وأنا أنظر في ذلك إن شاء الله. وفق الله الجميع.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 269)
158 - مسألة في الرضاع
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز سلمه الله تعالى المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء والبحوث العلمية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرفق لسماحتكم صورة مما تم ضبطه لدينا، بضبط الإنهاءات في موضوع فتوى عن رضاع، ومرفق أيضا معروض المستفتي ب. ض. س. للاطلاع والإفادة عما يترتب على المستفتي، وفقكم الله وسدد خطاكم وأبقاكم ذخرا للإسلام والمسلمين والله يحفظكم. والسلام صدرت. برقم 3802 / 1 / ف وتاريخ 16 / 2 / 1417 هـ.
رئيس محاكم منطقة تبوك
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:
بناء على ما ذكره فضيلتكم في الضبط المرفق من اعتراف
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 270)
المذكورة ز. لديكم بأنها لا تعلم هل ارتضع خمس رضعات أم لا. أفتيته بأن الرضاع المذكور لا معول عليه ولا تثبت به أحكام الرضاعة، وزوجته باقية في عصمته. لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجه أحمد برقم (24470) ومالك في الموطأ برقم (1113) كتاب الرضاع. أمر سهيلة بنت سهل أن ترضع سالما مولى أبي حذيفة خمس رضعات وبذلك تحرم عليه، ولقول عائشة - رضي الله عنها - صحيح مسلم الرضاع (1452),سنن النسائي النكاح (3307),سنن أبو داود النكاح (2062),موطأ مالك الرضاع (1293),سنن الدارمي النكاح (2253). كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم - والأمر على ذلك . أخرجه مسلم في صحيحه والترمذي في جامعه وهذا لفظه . فأرجو إشعار الجميع بالفتوى المذكورة. شكر الله سعيكم وضاعف أجركم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مفتي عام المملكة العربية السعودية
ــــــــــــــ(12/407)
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 271)
159 - لا يحصل التحريم إلا بخمس رضعات في الحولين
س: امرأة أرضعت بنتا عمرها ستة أيام مرتين في يومين كل مرة ترضعها حتى تروى، وبسؤال المرضعة هل إذا أرضعتها في كل مرة تقطع رضاعها بنحو تنفس أو انتقال من ثدي إلى ثدي أو غير ذلك، فأجابت أنها متأكدة من أنها أشبعت البنت مرتين في يومين ولا تدري هل البنت تستمر في رضاعها إذا أمكست الثدي حتى تشبع أو تقطعه ثم تعود؛ لأن ذلك من سبعة عشر سنة، فهل يحرم هذا الرضاع البنت المذكورة على أبناء المرأة التي أرضعتها أم لا؟ انتهى المقصود سؤال أجاب عنه سماحته عندما كان نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية. .
الجواب : إذا كان الواقع كما ذكر فضيلتكم فالرضاع المذكور لا يحرم البنت المرتضعة على أبناء المرضعة ؛ لأن التحريم في أصح الأقوال لا يحصل إلا بخمس رضعات في الحولين؛ لحديث عائشة الصحيح المشهور في ذلك ولحديثها الثاني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: صحيح مسلم الرضاع (1450),سنن الترمذي الرضاع (1150),سنن النسائي النكاح (3310),سنن أبو داود النكاح (2063),سنن ابن ماجه النكاح (1941),مسند أحمد بن حنبل (6/31),سنن الدارمي النكاح (2251). لا تحرم المصة والمصتان
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 272)
وفي لفظ: صحيح مسلم الرضاع (1451),سنن النسائي النكاح (3308),سنن ابن ماجه النكاح (1940),مسند أحمد بن حنبل (6/339),سنن الدارمي النكاح (2252). لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان أخرجهما مسلم في صحيحه ، والأصل عدم وجود الخمس وقد شكت المرضعة فيما زاد على الرضعتين والأصل عدم الزيادة، ولكن ترك تزوج أبناء المرضعة بالبنت المذكورة أحسن وأحوط عملا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: أخرجه البخاري برقم (50) كتاب الإيمان، ومسلم برقم (2996) كتاب المساقات. من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه الحديث، وبالحديث الآخر: أخرجه مسلم برقم (4632) كتاب البر والصلة والآداب والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس والحديث الثالث: أخرجه الترمذي برقم (2442) كتاب صفة القيامة والرقائق والورع والنسائي برقم (5615) كتاب الأشربة. دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإذا رأيتم إحضار الخاطب والمشورة عليه بالترك فهو أحسن، سدد الله نظركم وبارك في مساعيكم، والله يتولاكم، والسلام.
-ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 273)
160 - صفة الرضعات المحرمة
س: نرجو الإفادة عن رجل أرضعته جدته أم أبيه بعد انقطاع الحمل والولادة عنها بثمان سنوات فدرت عليه، هل يعتبر الرضاع المذكور، وهل تحرم عليه به بنات عمته أخت أبيه لأب التي هي من امرأة غير جدته المذكورة نشر في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. .(12/408)
ج :إذا كانت درت عليه لبنا وكان الرضاع المذكور شرعيا وهو خمس رضعات حال كون الرضيع في الحولين، وصفة الرضعة الواحدة هي أن يمسك الرضيع الثدي ويمتص اللبن ثم يتركه، فإذا عاد وأمسكه ثانية وامتص اللبن وتركه صارت رضعة ثانية، وهكذا حتى يكمل الخمس، فإن الرجل المذكور قد صار أخا لأولاد جدته المذكورة من جده وغيره من أزواجها وأخا لأولاد جده من جدته المذكورة وغيرها من زوجاته، وبذلك فإنه لا يحل له الزواج ببنات عمته المذكورة؛ لأنه صار بهذا الرضاع خالا لهن من الرضاعة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري الشهادات (2502),صحيح مسلم الرضاع (1447),سنن النسائي النكاح (3306),سنن ابن ماجه النكاح (1938),مسند أحمد بن حنبل (1/339). يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 274)
161 - حدود التحريم في الرضاع
س: هناك امرأتان الأولى عندها ولد، والثانية عندها بنت، والحاصل أنهم تراضعوا فمن من إخوان المتراضعين يحل للثاني؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا نشر في كتاب فتاوى إسلامية من جمع محمد المسند ج 3 ص 141. .
ج : إذا أرضعت امرأة طفلا خمس رضعات معلومات في الحولين أو أكثر من الخمس، صار الرضيع ولدا لها ولزوجها صاحب اللبن، وصار جميع أولاد المرأة من زوجها صاحب اللبن ومن غيره إخوة لهذا الرضيع، وصار أولاد الزوج صاحب اللبن من المرضعة وغيرها إخوة للرضيع، فصار إخوتها أخوالا له وإخوة الزوج صاحب اللبن أعماما له، وصار أبو المرأة جدا للرضيع وأمها جدة للرضيع، وصار أبو الزوج صاحب اللبن جدا للرضيع وأمه جدة للرضيع، لقول الله جل وعلا في المحرمات من سورة النساء: سورة النساء الآية 23 وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري الشهادات (2502),صحيح مسلم الرضاع (1447),سنن النسائي النكاح (3306),سنن ابن ماجه النكاح (1938),مسند أحمد بن حنبل (1/339). يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، ولقوله - عليه الصلاة والسلام -: موطأ مالك الرضاع (1290). لا رضاع إلا في
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 275)
الحولين ، ولما ثبت في صحيح مسلم - رحمه الله - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: صحيح مسلم الرضاع (1452),سنن النسائي النكاح (3307),سنن أبو داود النكاح (2062),موطأ مالك الرضاع (1293),سنن الدارمي النكاح (2253). كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم - والأمر على ذلك . أخرجه الترمذي بهذا اللفظ وأصله في صحيح مسلم .
ــــــــــــــ
162 - حكم الزواج ببنات الخالة من الرضاع(12/409)
س: أفيد سماحتكم أن والدتي كانت متزوجة من رجل قبل والدي، وأنجبت منه ولدا، وأرضعت مع هذا الولد أختا لها، ودامت الرضاعة حوالي أسبوع، ثم انفصلت والدتي عن هذا الرجل وأخذها والدي، فهل يجوز لنا نحن أبناء الرجل الثاني أن نتزوج من بنات خالتنا التي رضعت من أمنا أم لا؟ نشر في كتاب (فتاوى إسلامية) من جمع محمد المسند ج 3 ص 142.
ج : لا يجوز لكم أن تتزوجوا من بنات خالتكم المذكورة؛ لأنها بالرضاع المذكور صارت أختا لكم.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 276)
163 - لا تتزوج أختها من الرضاع حتى تخرج من العدة
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم ن. م. ح. وفقه الله لكل خير آمين صدرت من سماحته برقم 2548 بتاريخ 16 / 12 / 1389هـ.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد وصل إلي كتابكم المؤرخ 30 / 11 / 1389هـ وصلكم الله بهداه، وما تضمنه من الإفادة أنك كنت متزوجا بامرأة ثم طلقتها، وتريد أن تتزوج امرأة قد رضعت من أم مطلقتك، وأن مطلقتك حبلى، وسؤالك عن جواز زواجك بالمرأة المذكورة كان معلوما.
والجواب : لا مانع من تزوجك بها بعد أن تضع مطلقتك حملها، أما قبل ذلك فلا يجوز أن تتزوج أختها من النسب أو الرضاع، لأنها لا تزال في عدة منك حتى تضع الحمل، وفق الله الجميع للفقه في دينه والثبات عليه، إنه خير مسئول. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 277)
164 - مسألة في الرضاع
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد صدرت من مكتب سماحته بتاريخ 24 / 10 / 1398هـ. :
لقد توفت أمي وأنا ابن أربعين يوما، وكان لجدي ثلاث زوجات، وقد أعطى إحداهن جملا مقابل إرضاعها لي وتربيتي مع أبنائها، وقد فعلت وصارت أما لي حتى ماتت وأبناؤها إخوة لي وفي نفس الوقت أعمامي؛ لأنهم أبناء جدي وحدث أن أحد أعمامي الذين لم يكونوا من المرأة التي رضعت منها جاء له ابنة وقد زوجني إياها، وأنجبت منها طفلا، وفجأة سمعت من رجال العلم أن زوجتي محرمة علي وأنها ابنة أخي، علما أن والدها لم يكن ابنا للمرأة التي رضعت منها بل إنه ابن امرأة ثانية من زوجات جدي، وحين ما بلغني فتوى العلماء توقفت عن زوجتي وتوجهت إلى الله ثم إليكم، أرجو إفتائي لأكون على بصيرة من أمري، وإذا كانت محرمة علي، فهل لها حقوق، وهل لها طلاق أو بدون طلاق، وهل علي
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 278)(12/410)
كفارة، أرجو من فضيلتكم تنوير بصيرتي. علما أن مسألة الرضاع ثابتة حيث إني يتيم، وقد أخذتني امرأة جدي بالأجرة وأجرتها في ذلك قعود أي ابن ناقة. هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:
إذا كان الواقع هو ما ذكرت فإن جميع أعمامك من المرأة المذكورة وغيرها صاروا إخوة لك من الرضاع وبذلك صارت زوجتك ابنة أخيك، ويكون نكاحك لها باطلا وليس عليك كفارة ولا غيرها إذا كنت اجتنبتها من حين علمت الرضاع، أما ولدك فهو ولد شرعي منسوب إليك؛ لأنك اتصلت بها على أنها زوجتك قبل أن تعلم الرضاع، وعليك أن تكتب لها صكا عند المحكمة تعتمد عليه إذا أراد وليها تزويجها وعليها العدة بثلاث حيضات من حين اعتزلتها. وفق الله الجميع للفقه في دينه والثبات عليه، إنه جواد كريم. والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 279)
165 - التربية بدون رضاع لا توجب المحرمية
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم ح. أ. ح. ق. سلمه الله
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد أجاب عنه سماحته بتاريخ 27 / 3 / 1407هـ. :
فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم 513 وتاريخ 5 / 2 / 1407هـ الذي تسأل فيه عن جملة من الأسئلة.
أما البنت التي رباها والدكم منذ صغرها فإنكم لا تكونون بذلك محارم لها، ولا يجوز لكم أن تقبلوها، ويلزمها الحجاب عنكم، إلا إذا كانت رضعت من أمكم أو من زوجة لأبيكم أو من أي أخت من أخواتكم خمس رضعات فأكثر في الحولين، وكذلك إذا كنتم رضعتم من أمها خمس رضعات فأكثر أو أرضعتكم أنتم وإياها امرأة أخرى خمس رضعات فأكثر في الحولين، فإنها تصير أختا لكم من الرضاع، يجوز لكم أن تسلموا عليها، وتكونون محارم لها في غير عقد النكاح.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 280)
166 - مسألة في الرضاع
س: فضيلة الشيخ ما حكم من قامت بتربية أخي زوجها وهو صغير بعد وفاة أمه، ولكنها لم ترضعه، فقط قامت بتربيته وهو الآن كبر ويناديها أمي، فهل يكون لها محرما ويجوز أن تكشف أمامه، مع أن أكثر الناس يعرفون أنه ابنها وقليل الذي يعرف أنه أخو زوجها؟ أفتونا جزاكم الله خيرا صدرت بتاريخ 2 / 3 / 1419 هـ .
ج : إذا ربت المرأة صبيا أجنبيا منها، كأخي زوجها وابن عمها وغيرهما، فإنه لا يكون محرما لها بمجرد التربية، ويجب عليها أن تحتجب منه إذا بلغ الحلم، ولا يجوز لها أن تخلو به؛ لعموم الأدلة الشرعية في ذلك والله الموفق.
ــــــــــــــ(12/411)
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 281)
167 - حدود التعامل مع الإخوة من الرضاعة
س: ما هي حدود التعامل مع الإخوة من الرضاعة الذكور والإناث، فهل مثلا أخي من الرضاعة له أن يسافر مع أخته من الرضاعة أو يبقى معها في بيت واحد، أو يقبلها كما يقبل أخته من النسب، أرجو توضيح ذلك، وما هي الاستثناءات التي لا يجوز فعلها من الإخوة من الرضاعة؟ من برنامج نور على الدرب.
ج : الرضاعة كالنسب، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: حديث أخرجه البخاري برقم 2451، كتاب الشهادات ومسلم برقم 2624 كتاب الرضاع. يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب فأخته من الرضاعة كأخته من النسب، فلا بأس أن يخلو بها، ولا بأس أن يسافر بها، ولا بأس أن يصافحها، ولا بأس أن يقبلها، لكن يكون التقبيل ليس من الفم هذا هو الأولى، يكون مع الرأس، أو مع الخد كما كان الصديق يقبل ابنته عائشة مع خدها، فالحاصل أنه مثل النسب سواء، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري تفسير القرآن (4518),صحيح مسلم الرضاع (1445),سنن النسائي النكاح (3313). يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ، لكن ليس الرضاعة مثل النسب في صلة الرحم،
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 282)
فالرحم يختص بالأقارب، وإنما هذا في المحرمية والخلوة، لا في النفقة، ولا في صلة الرحم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري تفسير القرآن (4518),صحيح مسلم الرضاع (1445),سنن النسائي النكاح (3313). يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب .
ــــــــــــــ
168 - الرضاع يختص بالرضيع
س: أختان متزوجتان، للأولى عدة أطفال، والثانية كذلك، الأولى أرضعت بنتا لأختها رضعات مشبعات كثيرة، والثانية أرضعت ولدا لأختها رضعات مشبعات كثيرة، فما الحرمة الحاصلة بين أبناء وبنات هاتين الأختين؟ نشر في مجلة الدعوة العدد 1619 في 27 / 7 / 1418هـ.
ج : الرضاع يختص بالرضيع دون إخوته، فيكون ابنا لمرضعته ولزوجها، وأخا لأولادها من الذكور والإناث دون إخوته الذين لم يرتضعوا منها، فإنهم لا يكونون أولادا لها؛ لكونها أرضعت أخاهم، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري الشهادات (2502),صحيح مسلم الرضاع (1447),سنن النسائي النكاح (3306),سنن ابن ماجه النكاح (1938),مسند أحمد بن حنبل (1/339). يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ولا بد أن يكون الرضاع خمس رضعات أو أكثر حال كون الطفل في الحولين، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: موطأ مالك الرضاع (1290). لا رضاع إلا في الحولين ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري الشهادات (2504),صحيح مسلم الرضاع (1455),سنن النسائي النكاح (3312),سنن أبو داود النكاح (2058),سنن ابن ماجه النكاح (1945),سنن الدارمي النكاح (2256). إنما الرضاعة من(12/412)
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 283)
المجاعة ، ولقول عائشة - رضي الله عنها -: صحيح مسلم الرضاع (1452),سنن النسائي النكاح (3307),سنن أبو داود النكاح (2062),موطأ مالك الرضاع (1293),سنن الدارمي النكاح (2253). كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم - والأمر على ذلك أخرجه مسلم في صحيحه، والترمذي في جامعه، وهذا لفظه ، والله ولي التوفيق.
ــــــــــــــ
169 - الرضاع لا يتعدى الرضيع إلى إخوته من النسب
س: ف. رضع مع م. من أم م. رضاعا تاما، ولأن المذكور ف. له أخت أكبر منه، هل يكون م. محرما لها أم لا؟ وإذا كان الجواب بلا، فهل يجوز أن يتزوجها م. أم لا؟ أرجو الإفادة نشر في كتاب فتاوى إسلامية، من جمع محمد المسند، ج 3 ص 338. .
ج : الرضاع المذكور يختص بـ. ف. المذكور إذا كان ارتضع من أم م. خمس رضعات أو أكثر حال كونه في الحولين، ويكون بذلك أخا لأولادها من الذكور والإناث، أما إخوته من الذكور والإناث فلا تعلق لهم بالرضاع المذكور، ولا يكونون إخوة للمذكور م.، ويجوز م. أن يتزوج أخت ف. إذا لم يكن بينهما رضاعة أخرى، ولا قرابة تحرم ذلك، وبالله التوفيق.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 284)
170 - إذا رضعت فتاة من امرأة حرم عليها جميع أولادها
س: أفيدكم أني رضعت من امرأة مع ولد، ولها ولد أكبر منه، ويقولون لي إنه لا يحل لك السلام على الابن الأكبر ويحل لك السلام على الأصغر؟ سؤال من الأخت م. ع. ق، أجاب عليه سماحته برقم 1318 / 1 في 15/ 5/ 1410 هـ.
ج : يحل لك السلام على جميع أولاد المرضعة قبلك وبعدك؛ لأنهم جميعا يعتبرون إخوانك من الرضاعة، لأن المرضعة تعتبر أمك من الرضاعة وجميع أولادها يعتبرون إخوة لك من الرضاعة صغارهم وكبارهم إذا كان الرضاع خمس رضاعات فأكثر في الحولين. وفق الله الجميع لما يرضيه.
الرئيس العام
لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة الإرشاد
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 285)
171 - الرضاع المذكور لا يمنع الزواج
فضيلة المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله.
أفيدكم بأن والدي قد تزوج من ثلاث نساء وقد رزق منهن بنين وبنات، ومن بينهم أخي ع. ح.، وقد أردت تزويج ولدين من أولادي على بنتين من بنات أخي(12/413)
المذكور، وقد واجهتنا عقبة وهي أن امرأة أخي المذكور قد أرضعت اثنين من إخواني، فهل هذا الرضاع يمنع الزواج أم لا؟ وجزاكم الله ألف خير سؤال مقدم من س. ح. ع. أجاب عنه سماحته في 9 / 12 / 1419هـ. .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده: الرضاع المذكور لا يمنع تزويج ابنيك من بنات عمهما ع. ح. وفق الله الجميع. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مفتي عام المملكة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 286)
172 - حكم رضاع المزح والعبث
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ووحمة الله وبركاته، وبعد:
طلب منا مركز هيئة الشعف الإجابة على سؤال في الرضاع وصورته:
(1) رجل كبير رضع من زوجته مزحا ثم قيل له إنه لا يجوز.
(2) امرأة رضعت من نفسها من أجل أن يطلقها زوجها .
نرجو من سماحتكم الإجابة على هذا السؤال وتكون الفتوى خطية لتعم الفائدة وجزاكم الله خيرا
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:
هذا الرضاع لا يترتب عليه تحريم ولا شيء من أحكام الرضاعة، بل هو عبث لا ينبغي فعله، وإنما الرضاعة الشرعية التي يحصل بها التحريم وترتبت عليهما أحكام الرضاع، هي الرضاعة التي تحصل من الطفل حال كونه في الحولين قبل أن يفطم ؛ لقول
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 287)
النبي - صلى الله عليه وسلم -: موطأ مالك الرضاع (1290). لا رضاع إلا في الحولين وفق الله الجميع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مفتي عام المملكة
ــــــــــــــ
173 - رضاع أخت الخطيبة من أخت الزوج لا يحرمها
س: أنا شاب عمري 21 سنة قررت الزواج من إحدى الفتيات، وبعد الخطبة تبين لي أن أختي التي تكبرني قد أرضعتني، وأرضعت أخا وأخت خطيبتي الأكبر منها سنا فهل أتزوج تلك الفتاة؟ نشر في جريدة المسلمون العدد 711في 28 / 5 / 1419هـ
ج : إذا كان الواقع هو ما جاء في السؤال فلا حرج عليك في نكاح المرأة المذكورة، لأن رضاع أختك لأخيها وأختها لا يحرمها عليك والله ولي التوفيق.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 288)
174 - الرضيع لا يكون ابنا للزوجة الثانية التي لم ترضعه(12/414)
س: فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: أريد السؤال عن:
أن أخي متزوج من امرأتين، زوجته الأولى أرضعت أخي الأصغر مع ابنها أكثر من خمس رضعات، وسؤالي هل يصير ابنا لزوجة أخي الثانية التي لم ترضعه أم أنها تتحجب عنه حيث إنه يبلغ الآن 14 عاما، وهل إذا كبر أخي هذا وتزوج تكشف زوجته لأخي الذي صار له أبا من الرضاعة، أم أنها تحتجب عنه وجزاكم الله خيرا.
ج : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده: أجاب عنه سماحته بتاريخ 28 / 6 / 1419هـ.
بناء على ما ذكرتم من الرضاعة يكون الرضيع المذكور ابنا التي أرضعته، وابنا لزوجها، أما الزوجة الثانية فليس هو ابنا لها، ولكنه ابن لزوجها ومحرم لها، لكونها زوجة أبيه من الرضاعة،
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 289)
وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري تفسير القرآن (4518),صحيح مسلم الرضاع (1445),سنن النسائي النكاح (3313). يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب وفق الله الجميع لما يرضيه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مفتي عام المملكة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ــــــــــــــ
175 - الرضاع المشكوك في عدده لا يحصل به التحريم
س: تزوجت في السنة الماضية بابنة عمي، ومشكلتي وإياها أن أمي من الرضاعة والتي أرضعتني مع ابنها الكبير، شهدت بأنها أرضعت كذلك زوجتي مع ابنها، ولم تحدد لنا كيفية الرضاع، ولا عدد مراته، ماذا أفعل والحال ما ذكر؟ ج : لا تحرم عليك زوجتك حتى تشهد المرأة المذكورة التي أرضعتك بأنها أرضعتها خمس رضعات أو أكثر حال كون الرضيعة
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 290)
في الحولين، ولا بد مع ذلك من إثبات كونها ثقة، وننصحك بأن تحضرها عند فضيلة قاضي بلدك حتى يسألها عن ما لديها من الشهادة، وحتى يكمل اللازم في الموضوع، وفق الله الجميع.
ــــــــــــــ
176 - يجوز لإخوتك الزواج من أخواتك من الرضاعة
س: أنا شاب رضعت مع أكبر بنات خالي، وقد جاء بعدها أخوات أخريات، وهي الآن قد تزوجت، هل يجوز لي أو لأحد من إخواني التقدم لطلب يد أحد أخواتها؟ نشر في كتاب فتاوى إسلامية، من جمع محمد المسند ج 3 ص 344.
ج : إذا كان رضاعك أيها السائل من زوجة خالك خمس رضعات أو أكثر حال كونك في الحولين، فجميع بنات خالك يكن أخوات لك وليس لك أن تتزوج منهن أحدا، أما إخوتك الذين لم يرضعوا من زوجة خالك فليس عليهم حرج أن يتزوجوا(12/415)
من بنات خالك إذا كان بنات خالك لم يرضعن من أم إخوتك ولا من زوجة أبيكم ولا من أخواتكم. والخلاصة أنه لا حرج على
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 291)
إخوتك أن يتزوجوا من بنات خالهم إذا لم يكن بينهم رضاعة تمنع ذلك، أما رضاعك أيها السائل من زوجة خالك فإنه يختص بك ولا يوجب تحريم بنات خالك على إخوتك، والله ولي التوفيق.
ــــــــــــــ
177 - لا يجوز لك نكاح من رضعت من امرأة قد رضعت منها
س: أريد أن أتزوج إحدى الفتيات، ولكن هناك مشكلة أريد أن أعرف حكم الشرع فيها وهي: أنني رضعت مع ابن إحدى الأسر، وهذه البنت رضعت مع بنت هذه الأسرة أيضا، أي إنها رضعت مع أخت الأخ الذي رضعت معه، مع العلم أنني لم أرضع مع إحدى أخوات هذه الفتاة، وهي لم ترضع من أمي، فهل يحق لي أن أتزوجها؟ نشر في كتاب فتاوى إسلامية من جمع محمد المسند ج 3 ص 329.
ج : إذا كنت رضعت من امرأة (زينب مثلا) وهي رضعت منها أيضا مع ولد آخر أو مع بنت أخرى تكون أختا لك، ولو أنها قبلك أو بعدك، إذا كان الرضاع كاملا تاما خمس رضعات أو أكثر في الحولين.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 292)
178 - حكم من تزوجت رجلا قد رضعت من أمه مع أخيه الصغير
س: أنا شابة تزوجت من ابن عمتي منذ حوالي 4 سنوات، وقبل زواجي منه سألنا أحد العلماء بوطني ، هل زواجي منه حلال أم لا؛ لأني رضعت من أمه مع أخيه الصغير والذي يقاربني سنا، وفارق السن بيني وبين زوجي خمسة عشر عاما، وهذا هو فارق السن بينه وبين أخيه، ومما قاله لنا ذلك العالم أنت حلال عليه، وقد تم الزواج على الوجه المطلوب، وبعد مضي سنتين من زواجنا، كانت ندوة علمية في أحد البرامج التلفزيونية بالمغرب، وأفتى العلماء بالتحريم، وأصبحت أنا وزوجي في حيرة من أمرنا. المرجو منكم أن تفيدونا، هل هذا الزواج حلال أم حرام؟ وهل أعتبر أختا لزوجي من الرضاعة أم أختا لأخيه الذي شاركته فيها فقط؟ نشر في كتاب فتاوى إسلامية، من جمع محمد، المسند ج 3 ص330.
ج : إذا كان رضاعك من أم زوجك خمس رضعات أو أكثر حال كونك في الحولين فأنت أخته من الرضاعة، ولو كان
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 293)
رضاعك مع أخيه الصغير، لإجماع المسلمين، والذي أفتاك بأنك حل له قد غلط في ذلك غلطا عظيما وأفتى بغير علم، وقد قال الله سبحانه في كتابه العظيم في بيان المحرمات من سورة النساء: سورة النساء الآية 23 حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ إلى أن قال سبحانه: سورة النساء الآية 23 وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وفي الصحيحين عن عائشة وابن عباس - رضي الله عنهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: صحيح البخاري تفسير القرآن(12/416)
(4518),صحيح مسلم الرضاع (1445),سنن النسائي النكاح (3313). يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب .
والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وفق الله الجميع للفقه في الدين والثبات عليه.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 294)
179 - مسألة في الرضاع
س: والدي عنده امرأة غير والدتي ولتلك المرأة أولاد من أبي، ولنا خالة هي أخت والدتي قد أرضعتني وإخوتي من أمي وهي لها أولاد ذكور وإناث، والسؤال: هل يجوز لإخواني من أبي الجلوس والحديث مع بنات خالتي بدون حجاب؟ مع العلم أن إخواني من أبي لم تتم لهم رضاعة من خالتي التي هي أخت أمي، فهل يصير أبناء وبنات خالتي أخوة لنا جميعا؟ نشر في كتاب فتاوى إسلامية، من جمع محمد المسند، ج 3 ص 332.
ج : لا يجوز لإخوتك الذين لم يرضعوا من خالتك أن يعتبروا أنفسهم محارم لبنات خالتك، لأنهم لم يرضعوا منها، وإنما محارم بنات خالتك هم الذين رضعوا منها رضاعا تاما وهو خمس رضعات أو أكثر حال كونهم في الحولين، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: موطأ مالك الرضاع (1290). لا رضاع إلا في الحولين ولما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: صحيح مسلم الرضاع (1452),سنن النسائي النكاح (3307),سنن أبو داود النكاح (2062),موطأ مالك الرضاع (1293),سنن الدارمي النكاح (2253). كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي - صلى
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 295)
الله عليه وسلم -، والأمر على ذلك خرجه الإمام مسلم في صحيحه والترمذي في جامعه وهذا لفظه .
ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري الشهادات (2502),صحيح مسلم الرضاع (1447),سنن النسائي النكاح (3306),سنن ابن ماجه النكاح (1938),مسند أحمد بن حنبل (1/339). يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب . متفق عليه .
ــــــــــــــ
180 - لبن الرضاع منشؤه الزوجان وليست المرأة فقط
س: طفل تربى في بيت عمه، ورضع من زوجة عمه الأولى، وبعد فترة تزوج عمه من زوجة ثانية وأنجبت منه طفلة، فهل يجوز لهذا الطفل (عندما يكبر) أن يتزوج من بنت عمه من الزوجة التي لم يرضع منها؟ نشر في كتاب فتاوى إسلامية، من جمع محمد المسند، ج 3 ص 333.
ج : إذا كان الطفل المذكور ارتضع من زوجة عمه خمس رضعات أو أكثر حال كونه في الحولين، فإنه يكون بذلك ابن عمه من الرضاع ويكون جميع أولاد عمه من جميع زوجاته إخوة له من الرضاع ذكورهم وإناثهم.
وبذلك تعلم أنه يحرم على الطفل المذكور نكاح الابنة(12/417)
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 296)
المذكورة؛ لكونها أخته من أبيه من الرضاع، إذا كان الواقع ما ذكرنا، وقد قال الله سبحانه في كتابه المبين لما ذكر المحرمات: سورة النساء الآية 23 وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ
وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري الشهادات (2502),صحيح مسلم الرضاع (1447),سنن النسائي النكاح (3306),سنن ابن ماجه النكاح (1938),مسند أحمد بن حنبل (1/275). يحرم من الرضاع مما يحرم من النسب . متفق على صحته .
ــــــــــــــ
181 - بنت ابن عمتك الذي رضع مع أختك محرمة عليك
س: لي ابن عمة وله بنت، وابن عمتي هذا رضع مع أختي الكبيرة التي تكبرني، فهل يحل لي الزواج من ابنته، أم هي محرمة علي لكون أبيها رضع مع أختي الكبيرة، وأن أباها أخ لي؟ نشر في كتاب فتاوى إسلامية، من جمع محمد المسند، ج 3 ص 334.
ج : إذا كان الواقع ما ذكره السائل وكان الرضيع المذكور قد ارتضع من أم السائل خمس رضعات أو أكثر حال كونه في الحولين فإنه لا يحل للسائل نكاح ابنته؛ لأنه والحال ما ذكر صار عمها من الرضاع، وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 297)
أنه قال: صحيح البخاري الشهادات (2502),صحيح مسلم الرضاع (1447),سنن النسائي النكاح (3306),سنن ابن ماجه النكاح (1938),مسند أحمد بن حنبل (1/339). يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب . وقال - عليه الصلاة والسلام -: موطأ مالك الرضاع (1290). لا رضاع إلا في الحولين . وقالت عائشة - رضي الله عنها -: صحيح مسلم الرضاع (1452),سنن النسائي النكاح (3307),سنن أبو داود النكاح (2062),موطأ مالك الرضاع (1293),سنن الدارمي النكاح (2253). كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم -، والأمر على ذلك . أخرجه مسلم في صحيحه والترمذي وهذا لفظه ، والله ولي التوفيق.
ــــــــــــــ
182 - إذا رضعت من امرأة صارت أما لك وزوجها أبا لك
س: إنني شاب أريد الزواج من كريمة رجل، ولكن المشكلة أنني راضع من زوجة الرجل مع بنت، ولقد توفيت البنت التي رضعت معها، وبعدها زوجة الرجل أنجبت بنتا هل يجوز لي أن أتزوج البنت هذه أم لا؟ أفتوني جزاكم الله خيرا؟ نشر في كتاب فتاوى إسلامية، من جمع محمد المسند، ج 3 ص 337.
ج : إذا كانت زوجة الرجل الذي ترغب في الزواج من ابنته قد أرضعتك خمس رضعات أو أكثر حال كونك في الحولين فإنها تكون أمك من الرضاعة، ويكون زوجها أباك من الرضاع، وتكون(12/418)
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 298)
بناتهما أخوات لك لا يحل لك الزواج بشيء منهن، لقول الله سبحانه في سورة النساء لما ذكر المحرمات: سورة النساء الآية 23 وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري الشهادات (2502),صحيح مسلم الرضاع (1447),سنن النسائي النكاح (3306),سنن ابن ماجه النكاح (1938),مسند أحمد بن حنبل (1/275). يحرم من الرضاع مما يحرم من النسب . وقد ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: صحيح مسلم الرضاع (1452),سنن النسائي النكاح (3307),سنن أبو داود النكاح (2062),موطأ مالك الرضاع (1293),سنن الدارمي النكاح (2253). كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم -، والأمر على ذلك . أخرجه مسلم في صحيحه والترمذي وهذا لفظه ، وفي المسألة أحاديث أخرى.
أما إن كانت الرضعات أقل من خمس أو كنت حين رضعت فوق الحولين فإن الرضاع المذكور لا يحصل به التحريم ولا تكون المرضعة أما لك، ولا زوجها أبا لك، ولا تحرم عليك بناتهما بهذا الرضاع في أصح أقوال أهل العلم للحديث المذكور، وأحاديث أخرى منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: موطأ مالك الرضاع (1290). لا رضاع إلا في الحولين . وقوله، عليه الصلاة والسلام: صحيح مسلم الرضاع (1451),سنن النسائي النكاح (3308),سنن ابن ماجه النكاح (1940),مسند أحمد بن حنبل (6/339),سنن الدارمي النكاح (2252). لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان . في أحاديث أخرى ذكرها أهل العلم، والله ولي التوفيق.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 299)
183 - عمات أخواتك من الرضاع محرمات عليك
س: لي أخوات من الرضاع ولهن عمات، هل عمات أخواتي من الرضاع عمات لي أم لا؟ وهل يحرمن علي مثل ما يحرمن علي بالنسب؟ أفيدونا أفادكم الله؟ نشر في كتاب فتاوى إسلامية، من جمع محمد المسند، ج 3 ص 337.
ج : إذا كنت أخا لهن من الأب أو من الأبوين من الرضاعة فعماتهن عمات لك لأنهن أخوات أبيك من الرضاعة، فلا يجوز لك نكاحهن كالعمات من النسب، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري الشهادات (2502),صحيح مسلم الرضاع (1447),سنن النسائي النكاح (3306),سنن ابن ماجه النكاح (1938),مسند أحمد بن حنبل (1/339). يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب . إلا أن يكن عمات لأخواتك من أب لهن من الرضاع وليس أبا لك، لأنهن ارتضعن من امرأة لم ترتضع منها، فإنهن يكن أجنبيات منك ولا حرج في نكاحك إحداهن، لأنهن لسن عمات لك وإنما هن عمات لأخواتك، لكونهن أخوات لأبيهن من الرضاع غير أبيك. وبالله التوفيق.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 300)(12/419)
184 - بيان المحرمات بالرضاع
س: الرضاع يحرم الزواج من المرتضعين، لكن هل يمنع الزواج من جميع الإخوة من الجهتين؟ نرجو الإيضاح جزاكم الله خيرا نشر في كتاب فتاوى إسلامية، من جمع محمد المسند، ج 3 ص 340. .
ج : إذا ارتضع إنسان من امرأة رضاعا شرعيا يحصل به التحريم وهو أن يكون خمس رضعات أو أكثر حال كون الرضيع في الحولين فإنها تحرم عليه المرضعة وأمهاتها وأخواتها وعماتها وخالاتها وبناتها وبنات بنيها وبنات بناتها وإن نزلن سواء كن من زوج أو أزواج، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري الشهادات (2502),صحيح مسلم الرضاع (1447),سنن النسائي النكاح (3306),سنن ابن ماجه النكاح (1938),مسند أحمد بن حنبل (1/339). يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
لكن لا يحرم على إخوته الذين لم يرتضعوا من المرأة التي أرضعته نكاح بناتها، لأنها ليست أما لهم، لكونها لم ترضعهم وإنما أرضعت أخاهم، ولا يحرم على أبنائها نكاح أخوات المرتضع منها، لأنهن لسن بنات لها، ولسن أخوات لأبنائها لعدم الرضاعة، وجميع ما ذكرنا يتضح من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري الشهادات (2502),صحيح مسلم الرضاع (1447),سنن النسائي النكاح (3306),سنن ابن ماجه النكاح (1938),مسند أحمد بن حنبل (1/339). يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب . متفق على صحته ، والله ولي التوفيق.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 301)
185 - جميع أولاد مرضعتك إخوة لك من جميع أزواجها
س: رضعت من امرأة مع أحد أبنائها، ثم توفي زوجها فأكملت العدة وتزوجت من رجل آخر، وأنجبت منه أبناء، فهل أبناؤها من الرجل الأخير إخوان لي؟ نشر في كتاب فتاوى إسلامية، من جمع محمد المسند، ج 3 ص 341. .
ج : إذا كان الواقع كما ذكر في السؤال وكنت قد رضعت منها خمس رضعات أو أكثر حال كونك في الحولين فأولادها من الزوج الأول إخوة لك من أبيك وأمك من الرضاعة، وأولادها من الزوج الثاني إخوة لك من الأم فقط من الرضاعة، لقول الله سبحانه لما ذكر المحرمات في سورة النساء في قوله سبحانه: سورة النساء الآية 23 حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ ثم قال بعد ذلك: سورة النساء الآية 23 وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري الشهادات (2502),صحيح مسلم الرضاع (1447),سنن النسائي النكاح (3306),سنن ابن ماجه النكاح (1938),مسند أحمد بن حنبل (1/339). يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب . متفق على صحته .
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 302)
186 - من رضعت من أمك تكون أختا لك ولجميع إخوتك(12/420)
س: لي بنت عم أرغب الزواج بها، لكن اتضح لي أنها رضعت مع أخي الذي هو أصغر من الأخ الذي يليني، وقد رضعت أكثر من خمس رضعات وهو كذلك، فما حكم الدين في هذا الموضوع هل تحل لي أما لا؟ نشر في كتاب فتاوى إسلامية من جمع محمد المسند ج 3 ص 326.
ج : إذا كانت البنت المذكورة رضعت من أمك خمس رضعات أو أكثر حال كونها في الحولين، فإنها تكون أختا لك ولجميع إخوتك من أبيك وأمك إذا كان رضاعها حال كون أمك مع أبيك، فإن كانت تحت زوج آخر غير أبيك فهي تكون أختا لك من أمك من الرضاع ولجميع أولادها من جميع أزواجها، لقول الله سبحانه في بيان المحرمات من سورة النساء : سورة النساء الآية 23 وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري تفسير القرآن (4518),صحيح مسلم الرضاع (1445),سنن النسائي النكاح (3313). يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب . متفق على صحته .
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 303)
187 - حكم من رضعت من امرأة لم تتزوج
س: زوجتي رضعت وهي صغيرة من خالتي لمدة سنتين وخالتها في ذلك الوقت غير متزوجة وهي بنت بكر، ثم تزوجت هذه الخالة وأصبحت أما لعشرة، هل تعتبر الخالة أما من الرضاعة لزوجتي؟ إذا كان الجواب بنعم هل تتحجب زوجتي عن أبناء خالتها لأنها أمها من الرضاعة، وبنات الخالة هل يتحجبن على أخوات زوجتي أو لا؟ من أسئلة حج عام 1407 هـ الشريط رقم 7.
ج : الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه وبعد: فإذا كانت خالتك درت عليها لبنا واضحا وأرضعتها فإنها تكون أما لها أما لزوجتك إذا كانت درت عليها لبنا ولو كانت ما تزوجت إذا كانت أرضعتها في الحولين الأولين من عمرها خمس رضعات فأكثر، فإنها تكون أما لها وتكون زوجتك أختا لأبناء خالتك أختا لجميع أولادها ذكورهم وإناثهم، لأنها صارت أما من الرضاعة فأولادها إخوة لزوجتك جميعهم.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 304)
188 - إذا توفيت الرضيعة انتهى حكمها معها
س: زوجة أخي أرضعت لي بنتا وتوفيت البنت، وبعد ذلك رزقت بأولاد أنا وأخي هل يصح الزواج بينهم؟ من أسئلة حج عام 1415هـ الشريط رقم 49 / 6.
ج : ما دام أن الرضيعة ماتت ذهب حكمها معها والباقون على حالهم مباح لأولادك أن يتزوجوا من بنات أخيك إذا لم يحصل رضاع، أما التي رضعت وماتت انتهى حكمها معها.
ــــــــــــــ
189 - أخوك الذي رضع من زوجتك أنت أبوه وزوجته محرم لك(12/421)
س: أخي من الأب رضع من زوجتي رضاعا كاملا أكثر من سنة، فهل يجوز لي أن أسلم على زوجة هذا الأخ؟ نشر في مجلة الدعوة بتاريخ 7 / 1 / 1415هـ.
ج : بسم الله والحمد لله. هذا الأخ يكون أخاك وابنك من الرضاع حين أرضعته زوجتك خمس رضعات أو أكثر في الحولين، فهو أخوك من النسب وابنك من الرضاع وزوجته محرم لك؛ لأنك أبوه من الرضاع، والسلام على زوجة ابنك لا حرج فيه، لأنك محرم لها.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 305)
190 - أولاد أبيك من الرضاع من زوجته الثانية التي لم ترضع منها إخوة لك
س: رضعت من امرأة ثم تزوج زوجها من أخرى، وأنجبت زوجته أبناء، فهل هم إخوة لي؟ نشر في كتاب فتاوى إسلامية من جمع محمد المسند، ج 3 ص 323.
ج : إذا كان الرضاع خمس رضعات فأكثر وكان اللبن منسوبا للزوج لكونها أنجبت منه فهم إخوة لك من أبيك وأمك من الرضاع، وأما أولاده من الزوجة الثانية فهم إخوة لك من أبيك من الرضاع.
والرضعة هي أن يمسك الطفل الثدي ويمص اللبن حتى يصل إلى جوفه ثم يترك الثدي لأي سبب من الأسباب ثم يعود ويمص الثدي حتى يصل اللبن إلى جوفه، ثم يترك الرضاع ثم يعود وهكذا حتى يكمل الخمس أو أكثر سواء كان ذلك في مجلس أو مجالس، وسواء كان ذلك في يوم أو أيام بشرط أن يكون ذلك حال كون الطفل في الحولين، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: موطأ مالك الرضاع (1290). لا رضاع إلا في الحولين . ولقوله - صلى الله عليه وسلم -، لسهلة بنت سهيل : صحيح مسلم الرضاع (1453),سنن النسائي النكاح (3323),سنن أبو داود النكاح (2061),سنن ابن ماجه النكاح (1943),مسند أحمد بن حنبل (6/228),موطأ مالك الرضاع (1288),سنن الدارمي النكاح (2257). أرضعي سالما خمس رضعات تحرمي عليه
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 306)
ولما ثبت في صحيح مسلم وجامع الترمذي عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: صحيح مسلم الرضاع (1452),سنن النسائي النكاح (3307),سنن أبو داود النكاح (2062),موطأ مالك الرضاع (1293),سنن الدارمي النكاح (2253). كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم -، والأمر على ذلك . وهذا لفظ رواية الترمذي . وفق الله الجميع لما يرضيه.
ــــــــــــــ
191 - الرضاع من الجدة
س: ابني رضع من جدته لأمه وطبعا صار أخا من الرضاعة لخالاته وأخواله، فهل يجوز له أن يتزوج من بنات خالاته أو بنات أخواله؟ نشر في كتاب فتاوى إسلامية من جمع محمد المسند، ج 3 ص 323.(12/422)
ج : إذا كان الطفل المذكور ارتضع من جدته لأمه خمس رضعات أو أكثر حال كونه في الحولين صار بذلك أخا لأخواله وخالاته وعما لأولاد أخواله وخالا لأولاد خالاته فلا يجوز له أن يتزوج من بنات أخواله، لأنه صار عما لهن من الرضاع ولا من بنات خالاته لأنه صار خالا لهن من الرضاع ما تناسلوا. وبالله التوفيق.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 307)
192 - من رضع مع أخت زوجتك فهو خال لأبنائك وبناتك
س: لي زوجة ولي منها ثماني بنات، ولها أخت أصغر منها بخمس عشرة سنة وقد رضع من أمها شخص فصار أخا لها، ولكن مشكلتي أن بناتي يقلن إنه خالهن من الرضاع ويكشفن له الحجاب، وأنا أنهاهن عن ذلك وهن يرفضن، فأرجو الإفادة جزاكم الله خيرا؟ نشر في كتاب فتاوى إسلامية من جمع محمد المسند، ج 3 ص 324.
ج : إذا كان الرجل المذكور قد ارتضع من أم زوجتك أو من زوجة أبيها حال كونها في عصمة أبيها خمس رضعات أو أكثر حال كونه في الحولين، فإنه يكون خالا لبناتك من الرضاعة، ويحل لهن الكشف له كسائر المحارم والخلوة به. لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري الشهادات (2502),صحيح مسلم الرضاع (1447),سنن النسائي النكاح (3306),سنن ابن ماجه النكاح (1938),مسند أحمد بن حنبل (1/339). يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب . متفق على صحته ، وهذا ما لم تكن هناك ريبة تمنع من الخلوة بإحداهن.
ــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 308)
193 - والد أخيك من الرضاع ليس محرما لك
س: أختي الصغرى رضعت من أختي الكبرى مع ولدها وابني رضع من أختي الكبرى أيضا، فهل يجوز لوالد ابني- أي زوجي- أن يكون محرما لأختي الصغرى والكبرى وبالتالي يكشفان له؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا؟ نشر في كتاب فتاوى إسلامية من جمع محمد المسند، ج 3 ص 324.
ج : ليس لأختيك الصغرى والكبرى الكشف لزوجك من أجل رضاع ابنكما من أختك الكبرى، وإنما يكون زوج أختك الذي أرضعت ابنك من لبنها أبا له من الرضاع ومحرما لزوجة هذا الولد لكونها زوجة ابنه من الرضاع، بشرط أن يكون الرضاع خمس رضعات أو أكثر في الحولين لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري الشهادات (2502),صحيح مسلم الرضاع (1447),سنن النسائي النكاح (3306),سنن ابن ماجه النكاح (1938),مسند أحمد بن حنبل (1/339). يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب متفق على صحته .
ــــــــــــــ
سبل السلام - (ج 5 / ص 284)
بَابُ الرَّضَاعِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَمِثْلُهُ الرَّضَاعَةُ ( عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ } .(12/423)
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ) .
الْمَصَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْمَصِّ ، وَهُوَ أَخْذُ الْيَسِيرِ مِنْ الشَّيْءِ كَمَا فِي الضِّيَاءِ .
وَفِي الْقَامُوسِ مَصِصْتُهُ بِالْكَسْرِ أَمُصُّهُ وَمَصَصْته أَمُصُّهُ كَخَصَصْتُهُ أَخُصُّهُ شَرِبْته شُرْبًا رَفِيقًا .
وَالْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَصَّ الصَّبِيِّ لِلثَّدْيِ مَرَّةً ، أَوْ مَرَّتَيْنِ لَا يَصِيرُ بِهِ رَضِيعًا .
وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ : الْأَوَّلُ : أَنَّ الثَّلَاثَ فَصَاعِدًا تُحَرِّمُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ دَاوُد وَأَتْبَاعُهُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ لِمَفْهُومِ حَدِيثِ مُسْلِمٍ هَذَا وَحَدِيثِهِ الْآخَرِ بِلَفْظِ { لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ وَالْإِمْلَاجَتَانِ } فَأَفَادَ بِمَفْهُومِهِ تَحْرِيمَ مَا فَوْقَ الِاثْنَتَيْنِ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِجَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ : وَهُوَ أَنَّ قَلِيلَ الرَّضَاعِ وَكَثِيرَهُ يُحَرِّمُ ، وَهَذَا يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَآخَرِينَ مِنْ السَّلَفِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْهَادَوِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَمَالِكٍ قَالُوا : وَحَدُّهُ مَا وَصَلَ الْجَوْفَ بِنَفْسِهِ ، وَقَدْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يُفْطِرُ الصَّائِمَ وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ التَّحْرِيمَ بِاسْمِ الرَّضَاعِ فَحَيْثُ وُجِدَ اسْمُهُ وُجِدَ حُكْمُهُ وَوَرَدَ الْحَدِيثُ مُوَافِقًا لِلْآيَةِ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ } .
وَلِحَدِيثِ عُقْبَةَ الْآتِي .
وَقَوْلِهِ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْكُمَا ؟ ، } وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ عَنْ عَدَدِ الرَّضَعَاتِ ، فَهَذِهِ أَدِلَّتُهُمْ وَلَكِنَّهَا اضْطَرَبَتْ أَقْوَالُهُمْ فِي ضَبْطِ الرَّضْعَةِ وَحَقِيقَتِهَا اضْطِرَابًا كَثِيرًا وَلَمْ يَرْجِعْ إلَى دَلِيلٍ وَيُجَابُ عَمَّا ذَكَرُوهُ مِنْ التَّعْلِيقِ بِاسْمِ الرَّضَاعِ أَنَّهُ مُجْمَلٌ بَيَّنَهُ الشَّارِعُ بِالْعَدَدِ وَضَبَطَهُ بِهِ وَبَعْدَ الْبَيَانِ لَا يُقَالُ إنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِفْصَالَ .
الْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهَا لَا تُحَرِّمُ إلَّا خَمْسُ رَضَعَاتٍ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَالشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا يَأْتِي مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ ، وَهُوَ نَصٌّ فِي الْخَمْسِ وَبِأَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ أَرْضَعَتْ سَالِمًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَيَأْتِي أَيْضًا ، وَهَذَا إنْ عَارَضَهُ مَفْهُومُ حَدِيثِ الْمَصَّةِ وَالْمَصَّتَانِ ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي هَذَا مَنْطُوقٌ ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْمَفْهُومِ ، فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ وَعَائِشَةُ وَإِنْ رَوَتْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قُرْآنًا ، فَإِنَّ لَهُ حُكْمَ خَبَرِ الْآحَادِ فِي الْعَمَلِ بِهِ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ ، وَقَدْ عَضَّدَهُ حَدِيثُ سَهْلَةَ ، فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهَا أَرْضَعَتْ سَالِمًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ لِتَحْرُمَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ فِعْلَ صَحَابِيَّةٍ ، فَإِنَّهُ دَالٌّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ مُتَقَرِّرًا عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ إلَّا الْخَمْسُ الرَّضَعَاتُ وَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ .
وَأَمَّا حَقِيقَةُ الرَّضْعَةِ فَهِيَ الْمَرَّةُ مِنْ الرَّضَاعِ كَالضَّرْبَةِ مِنْ الضَّرْبِ وَالْجَلْسَةُ مِنْ الْجُلُوسِ فَمَتَى الْتَقَمَ الصَّبِيُّ الثَّدْيَ وَامْتَصَّ مِنْهُ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ مِنْ غَيْرِ عَارِضٍ كَانَ ذَلِكَ رَضْعَةً وَالْقَطْعُ لِعَارِضٍ كَنَفَسٍ ، أَوْ اسْتِرَاحَةٍ يَسِيرَةٍ ، أَوْ لِشَيْءٍ يُلْهِيهِ ثُمَّ يَعُودُ مِنْ قَرِيبٍ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا رَضْعَةً وَاحِدَةً كَمَا أَنَّ الْآكِلَ إذَا قَطَعَ أَكْلَهُ بِذَلِكَ ثُمَّ عَادَ عَنْ قَرِيبٍ كَانَ ذَلِكَ أَكْلَةً وَاحِدَةً ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي تَحْقِيقِ الرَّضْعَةِ الْوَاحِدَةِ ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلُّغَةِ ، فَإِذَا حَصَلَتْ خَمْسُ رَضَعَاتٍ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ حَرَّمَتْ .
( وَعَنْهَا ) أَيْ عَنْ عَائِشَةَ ( قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { اُنْظُرْنَ مَنْ إخْوَانُكُنَّ ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ } .(12/424)
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ) .
فِي الْحَدِيثِ قِصَّةٌ ، وَهُوَ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا رَجُلٌ فَكَأَنَّهُ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ ، فَقَالَتْ إنَّهُ أَخِي ، فَقَالَ اُنْظُرْنَ مَنْ إخْوَانُكُنَّ ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ } قَالَ الْمُصَنِّفُ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَأَظُنُّهُ ابْنًا لِأَبِي الْقُعَيْسِ .
وَقَوْلُهُ : اُنْظُرْنَ أَمْرٌ بِالتَّحْقِيقِ فِي أَمْرِ الرَّضَاعَةِ هَلْ هُوَ رَضَاعٌ صَحِيحٌ بِشَرْطِهِ مِنْ وُقُوعِهِ فِي زَمَنِ الرَّضَاعِ وَمِقْدَارِ الْإِرْضَاعِ ، فَإِنَّ الْحُكْمَ الَّذِي يَنْشَأُ مِنْ الرَّضَاعِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا وَقَعَ الرَّضَاعُ الْمُشْتَرَطُ ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ الَّذِي إذَا جَاعَ كَانَ طَعَامُهُ الَّذِي يُشْبِعُهُ اللَّبَنَ مِنْ الرَّضَاعِ لَا حَيْثُ يَكُونُ الْغِذَاءُ بِغَيْرِ الرَّضَاعِ ، وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِإِمْعَانِ التَّحَقُّقِ مِنْ شَأْنِ الرَّضَاعِ ، وَإِنَّ الرَّضَاعَ الَّذِي تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ وَتَحِلُّ بِهِ الْخَلْوَةُ هُوَ حَيْثُ يَكُونُ الرَّضِيعُ طِفْلًا يَسُدُّ اللَّبَنُ جُوعَهُ لِأَنَّ مَعِدَتَهُ ضَعِيفَةٌ يَكْفِيهَا اللَّبَنُ وَيَنْبُتُ بِذَلِكَ لَحْمُهُ فَيَصِيرُ جُزْءًا مِنْ الْمُرْضِعَةِ فَيَشْتَرِكُ فِي الْحُرْمَةِ مَعَ أَوْلَادِهَا فَمَعْنَاهُ لَا رَضَاعَةَ مُعْتَبَرَةَ إلَّا الْمُغْنِيَةَ عَنْ الْمَجَاعَةِ ، أَوْ الْمُطْعِمَةَ مِنْ الْمَجَاعَةِ ، فَهُوَ فِي مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْآتِي { لَا رَضَاعَ إلَّا مَا أَنْشَزَ الْعَظْمَ ، وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ } وَحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ { لَا يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ } .
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ التَّغَذِّيَ بِلَبَنِ الْمُرْضِعَةِ مُحَرَّمٌ سَوَاءٌ كَانَ شُرْبًا ، أَوْ وَجُورًا ، أَوْ سَعُوطًا ، أَوْ حُقْنَةً حَيْثُ كَانَ يَسُدُّ جُوعَ الصَّبِيِّ ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ، وَقَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ لَا تَحْرُمُ الْحُقْنَةُ وَكَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّهَا لَا تَدْخُلُ تَحْتَ اسْمِ الرَّضَاعِ .
قُلْت : إذَا لُوحِظَ الْمَعْنَى مِنْ الرَّضَاعِ دَخَلَ كُلُّ مَا ذَكَرُوا ، وَإِنْ لُوحِظَ مُسَمَّى الرَّضَاعِ ، فَلَا يَشْمَلُ إلَّا الْتِقَامَ الثَّدْيِ وَمَصَّ اللَّبَنِ مِنْهُ كَمَا تَقُولُهُ الظَّاهِرِيَّةُ ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا : لَا يَحْرُمُ إلَّا ذَلِكَ وَلِمَا حُصِرَ فِي الْحَدِيثِ الرَّضَاعَةُ عَلَى مَا كَانَ مِنْ الْمَجَاعَةِ كَمَا قَدْ عَرَفْت ، وَقَدْ وَرَدَ .
( وَعَنْهَا ) أَيْ عَائِشَةَ ( قَالَتْ { جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ مَعَنَا فِي بَيْتِنَا ، وَقَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ ، فَقَالَ أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ } .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد { فَأَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ } فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ ) مُعَارِضًا لِذَلِكَ وَكَأَنَّهُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَالْمُشِيرِ إلَى أَنَّهُ قَدْ خُصِّصَ هَذَا الْحُكْمُ بِحَدِيثِ سَهْلَةَ ، فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يُحَرِّمُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا تَحْتَ الرَّضَاعَةِ مِنْ الْمَجَاعَةِ وَبَيَانُ الْقِصَّةِ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ كَانَ قَدْ تَبَنَّى سَالِمًا وَزَوَّجَهُ وَكَانَ سَالِمٌ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ { اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ } الْآيَةَ كَانَ مَنْ لَهُ أَبٌ مَعْرُوفٌ نُسِبَ إلَى أَبِيهِ وَمَنْ لَا أَبَ لَهُ مَعْرُوفٌ كَانَ مَوْلًى وَأَخًا فِي الدِّينِ فَعِنْدَ ذَلِكَ جَاءَتْ سَهْلَةُ تَذْكُرُ مَا نَصَّهُ الْحَدِيثُ فِي الْكِتَابِ .
وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي هَذَا الْحُكْمِ فَذَهَبَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إلَى ثُبُوتِ حُكْمِ التَّحْرِيمِ ، وَإِنْ كَانَ الرَّاضِعُ بَالِغًا عَاقِلًا قَالَ عُرْوَةُ : إنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخَذَتْ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَكَانَتْ تَأْمُرُ أُخْتَهَا أُمَّ كُلْثُومٍ وَبَنَاتِ أَخِيهَا يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنْ الرِّجَالِ .(12/425)
رَوَاهُ مَالِكٌ وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ وَعُرْوَةَ ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ وَنَسَبَهُ فِي الْبَحْرِ إلَى عَائِشَةَ وَدَاوُد الظَّاهِرِيِّ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ سَهْلَةَ هَذَا ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى { وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ } ، فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِوَقْتٍ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا كَانَ فِي الصِّغَرِ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي تَحْدِيدِ الصِّغَرِ فَالْجُمْهُورُ قَالُوا : مَهْمَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ ، فَإِنَّ رَضَاعَهُ يُحَرِّمُ ، وَلَا يُحَرِّمُ مَا كَانَ بَعْدَهُمَا مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ } ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ الرَّضَاعُ الْمُحَرِّمُ مَا كَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ وَلَمْ يُقَدِّرُوهُ بِزَمَانٍ ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إنْ فُطِمَ وَلَهُ عَامٌ وَاحِدٌ وَاسْتَمَرَّ فِطَامُهُ ثُمَّ رَضَعَ فِي الْحَوْلَيْنِ لَمْ يُحَرِّمْ هَذَا الرَّضَاعُ شَيْئًا ، وَإِنْ تَمَادَى رَضَاعُهُ وَلَمْ يُفْطَمْ فَمَا يَرْضَعُ ، وَهُوَ فِي الْحَوْلَيْنِ حَرَّمَ وَمَا كَانَ
بَعْدَهُمَا لَا يُحَرِّمُ ، وَإِنْ تَمَادَى إرْضَاعُهُ .
وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ أُخَرُ عَارِيَّةٌ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ ، فَلَا نُطِيلُ بِهَا الْمَقَالَ وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ { إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ } وَتَقَدَّمَ ، فَإِنَّهُ لَا يَصْدُقُ ذَلِكَ إلَّا عَلَى مَنْ يُشْبِعُهُ اللَّبَنُ وَيَكُونُ غِذَاءَهُ لَا غَيْرَهُ ، فَلَا يَدْخُلُ الْكَبِيرُ سِيَّمَا وَقَدْ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ .
وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ سَالِمٍ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِقِصَّةِ سَهْلَةَ ، فَلَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَى غَيْرِهَا كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا " لَا نَرَى هَذَا إلَّا خَاصًّا بِسَالِمٍ ، وَلَا نَدْرِي لَعَلَّهُ رُخْصَةٌ لِسَالِمٍ " .
أَوْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ .
وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِتَحْرِيمِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ بِأَنَّ الْآيَةَ وَحَدِيثَ { إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ } وَارِدَانِ لِبَيَانِ الرَّضَاعَةِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّفَقَةِ لِلْمُرْضِعَةِ وَاَلَّتِي يُجْبَرُ عَلَيْهَا الْأَبَوَانِ رَضِيَا أَمْ كَرِهَا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ آخِرُ الْآيَةِ ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } وَعَائِشَةُ هِيَ الرَّاوِيَةُ لِحَدِيثِ { إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ } وَهِيَ الَّتِي قَالَتْ بِرَضَاعِ الْكَبِيرِ ، وَأَنَّهُ يُحَرِّمُ فَدَلَّ أَنَّهَا فَهِمَتْ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَعْنَى الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ .
وَأَمَّا قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ إنَّهُ خَاصٌّ بِسَالِمٍ فَذَلِكَ تَظَنُّنٌ مِنْهَا ، وَقَدْ أَجَابَتْ عَلَيْهَا عَائِشَةُ ، فَقَالَتْ : أَمَا لَك فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فَسَكَتَتْ أُمُّ سَلَمَةَ ، وَلَوْ كَانَ خَاصًّا لَبَيَّنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا بَيَّنَ اخْتِصَاصَ أَبِي بُرْدَةَ بِالتَّضْحِيَةِ بِالْجَذَعَةِ مِنْ الْمَعْزِ .
وَالْقَوْلُ بِالنَّسْخِ يَدْفَعُهُ أَنَّ قِصَّةَ سَهْلَةَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ نُزُولِ آيَةِ الْحَوْلَيْنِ ، فَإِنَّهَا { قَالَتْ سَهْلَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ } ، فَإِنَّ هَذَا السُّؤَالَ مِنْهَا اسْتِنْكَارٌ لِرَضَاعِ الْكَبِيرِ دَالٌّ عَلَى أَنَّ التَّحْلِيلَ بَعْدَ اعْتِقَادِ التَّحْرِيمِ .
( قُلْت ) : وَلَا يَخْفَى أَنَّ الرَّضَاعَةَ لُغَةً إنَّمَا تَصْدُقُ عَلَى مَنْ كَانَ فِي سِنِّ الصِّغَرِ وَعَلَى اللُّغَةِ وَرَدَتْ آيَةُ الْحَوْلَيْنِ وَحَدِيثُ إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْآيَةَ لِبَيَانِ الرَّضَاعَةِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّفَقَةِ لَا يُنَافِي أَيْضًا أَنَّهَا لِبَيَانِ زَمَانِ الرَّضَاعَةِ بَلْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى زَمَانَ مَنْ أَرَادَ تَمَامَ الرَّضَاعَةِ وَلَيْسَ بَعْدَ التَّمَامِ مَا يَدْخُلُ فِي حُكْمِ مَا حَكَمَ الشَّارِعُ بِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ وَالْأَحْسَنُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ حَدِيثِ سَهْلَةَ وَمَا عَارَضَهُ : كَلَامُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ ، فَإِنَّهُ قَالَ : إنَّهُ يُعْتَبَرُ الصِّغَرُ فِي الرَّضَاعَةِ إلَّا إذَا دَعَتْ إلَيْهِ الْحَاجَةُ كَرَضَاعِ الْكَبِيرِ(12/426)
الَّذِي لَا يَسْتَغْنِي عَنْ دُخُولِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَشَقَّ احْتِجَابُهَا عَنْهُ كَحَالِ سَالِمٍ مَعَ امْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ فَمِثْلُ هَذَا الْكَبِيرِ إذَا أَرْضَعَتْهُ لِلْحَاجَةِ أَثَّرَ رَضَاعُهُ .
وَأَمَّا مَنْ عَدَاهُ ، فَلَا بُدَّ مِنْ الصِّغَرِ انْتَهَى .
فَإِنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ حَسَنٌ وَإِعْمَالٌ لَهَا مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ لِظَاهِرِهَا بِاخْتِصَاصٍ ، وَلَا نَسْخٍ ، وَلَا إلْغَاءٍ لِمَا اعْتَبَرَتْهُ اللُّغَةُ وَدَلَّتْ لَهُ الْأَحَادِيثُ .
( وَعَنْهَا ) أَيْ عَنْ عَائِشَةَ ( أَنَّ أَفْلَحَ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَفَاءٍ آخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ مَوْلًى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ : مَوْلًى لِأُمِّ سَلَمَةَ ( أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ ) بِقَافٍ مَضْمُومَةٍ وَعَيْنٍ وَسِينٍ مُهْمَلَتَيْنِ بَيْنَهُمَا مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ ( { جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْحِجَابِ قَالَتْ فَأَبَيْت أَنْ آذَنَ لَهُ فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْته بِاَلَّذِي صَنَعْته فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ عَلَيَّ ، وَقَالَ إنَّهُ عَمُّك الْأَوَّلُ } .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ) .
اسْمُ أَبِي الْقُعَيْسِ وَائِلُ بْنُ أَفْلَحَ الْأَشْعَرِيُّ ، وَقِيلَ اسْمُهُ الْجَعْدُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ أَخُوهُ وَافَقَ اسْمُهُ اسْمَ أَبِيهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَا أَعْلَمُ لِأَبِي الْقُعَيْسِ ذِكْرًا إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ .
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ حُكْمِ الرَّضَاعِ فِي حَقِّ زَوْجِ الْمُرْضِعَةِ وَأَقَارِبِهِ كَالْمُرْضِعَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ سَبَبَ اللَّبَنِ هُوَ مَاءُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مَعًا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الرَّضَاعُ مِنْهُمَا كَالْجَدِّ لَمَّا كَانَ سَبَبَ وَلَدِ الْوَلَدِ أَوْجَبَ تَحْرِيمَ وَلَدِ الْوَلَدِ لَهُ لِتَعَلُّقِهِ بِوَلَدِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحُكْمِ : اللِّقَاحُ وَاحِدٌ .
أَخْرَجَهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ .
فَإِنَّ الْوَطْءَ يُدِرُّ اللَّبَنَ فَلِلرَّجُلِ مِنْهُ نَصِيبٌ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَهْلِ الْمَذَاهِبِ .
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ وَاضِحٌ لِمَا ذَهَبُوا إلَيْهِ .
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد زِيَادَةُ تَصْرِيحٍ حَيْثُ قَالَتْ : { دَخَلَ عَلَيَّ أَفْلَحُ فَاسْتَتَرْت مِنْهُ ، فَقَالَ أَتَسْتَتِرِينَ مِنِّي ، وَأَنَا عَمُّك قُلْت مِنْ أَيْنَ ؟ قَالَ : أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِي قُلْت إنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ } الْحَدِيثَ .
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَعَائِشَةُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَدَاوُد وَأَتْبَاعُهُ ، فَقَالُوا : لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الرَّضَاعِ لِلرَّجُلِ ؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ إنَّمَا هُوَ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي اللَّبَنُ مِنْهَا قَالُوا : وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى { وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ } وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْآيَةَ لَيْسَ فِيهَا مَا يُعَارِضُ الْحَدِيثَ ، فَإِنَّ ذِكْرَ الْأُمَّهَاتِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا عَدَاهُنَّ لَيْسَ كَذَلِكَ ثُمَّ إنْ دَلَّ بِمَفْهُومِهِ فَهُوَ مَفْهُومُ لَقَبٍ مُطَّرِحٍ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ ، وَقَدْ اسْتَدَلُّوا بِفَتْوَى جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ بِهَذَا الْمَذْهَبِ ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِي ذَلِكَ ، وَقَدْ أَطَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْبَحْثَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَسَبَقَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَالْوَاضِحُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ .
( وَعَنْهَا ) أَيْ عَائِشَةَ ( قَالَتْ { كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ } .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ ) .(12/427)
يُقْرَأُ بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ تُرِيدُ أَنَّ النَّسْخَ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ تَأَخَّرَ إنْزَالُهُ جِدًّا حَتَّى إنَّهُ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْضُ النَّاسِ يَقْرَأُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَيَجْعَلُهَا قُرْآنًا مَتْلُوًّا لِكَوْنِهِ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ فَلَمَّا بَلَغَهُمْ النَّسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُتْلَى ، وَهَذَا مِنْ نَسْخِ التِّلَاوَةِ دُونَ الْحُكْمِ ، وَهُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ النَّسْخِ ، فَإِنَّهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ : نَسْخُ التِّلَاوَةِ وَالْحُكْمِ مِثْلُ عَشْرُ رَضَعَاتٍ يُحَرِّمْنَ .
وَالثَّانِي نَسْخُ التِّلَاوَةِ دُونَ الْحُكْمِ كَخَمْسِ رَضَعَاتٍ وَكَالشَّيْخِ وَالشَّيْخَةِ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا .
وَالثَّالِثُ نَسْخُ الْحُكْمِ دُونَ التِّلَاوَةِ ، وَهُوَ كَثِيرٌ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا } الْآيَةَ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِي حُكْمِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَأَنَّ الْعَمَلَ عَلَى مَا أَفَادَهُ هُوَ أَرْجَحُ الْأَقْوَالِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ هَذَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ - لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْآحَادِ ، وَلَا هُوَ حَدِيثٌ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْوِهِ حَدِيثًا - مَرْدُودٌ بِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ قُرْآنِيَّتُهُ وَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ ، فَقَدْ رَوَتْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَهُ حُكْمُ الْحَدِيثِ فِي الْعَمَلِ بِهِ ، وَقَدْ عَمِلَ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ فَعَمِلَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَعَمِلَ بِهِ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي " صِيَامِ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ " ، وَعَمِلَ مَالِكٌ فِي فَرْضِ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ بِقِرَاءَةِ أُبَيٍّ { وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ } مِنْ أُمٍّ " وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ احْتَجُّوا بِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَالْعَمَلُ بِحَدِيثِ الْبَابِ هَذَا لَا عُذْرَ عَنْهُ وَلِذَا اخْتَرْنَا الْعَمَلَ بِهِ فِيمَا سَلَفَ .
( وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدَ ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ ) أَيْ قِيلَ : لَهُ تَزَوَّجْهَا { ، فَقَالَ إنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي إنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ وَيَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ } .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ) .
اُخْتُلِفَ فِي اسْمِ ابْنَةِ حَمْزَةَ عَلَى سَبْعَةِ أَقْوَالٍ لَيْسَ فِيهَا مَا يُجْزَمُ بِهِ ، وَإِنَّمَا كَانَتْ ابْنَةُ أَخِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لِأَنَّهُ رَضَعَ مِنْ ثُوَيْبَةَ أَمَةِ أَبِي لَهَبٍ ، وَقَدْ كَانَتْ أَرْضَعَتْ عَمَّهُ حَمْزَةَ وَأَحْكَامُ الرَّضَاعِ هِيَ حُرْمَةُ التَّنَاكُحِ وَجَوَازُ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَالْمُسَافَرَةِ لَا غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ التَّوَارُثِ وَوُجُوبِ الْإِنْفَاقِ وَالْعِتْقِ بِالْمِلْكِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَحْكَامِ النَّسَبِ .
وَقَوْلُهُ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ يُرَادُ بِهِ تَشْبِيهُهُ بِهِ فِي التَّحْرِيمِ .
ثُمَّ التَّحْرِيمُ وَنَحْوُهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْمُرْضِعِ ، فَإِنَّ أَقَارِبَهُ أَقَارِبُ لِلرَّضِيعِ .
وَأَمَّا أَقَارِبُ الرَّضِيعِ مَا عَدَا أَوْلَادَهُ ، فَلَا عَلَاقَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُرْضِعِ ، فَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ .
( وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا فَتَقَ بِالْفَاءِ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ فَقَافٍ .
الْأَمْعَاءَ } جَمْعُ الْمِعَى بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا ( وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ .
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ هُوَ وَالْحَاكِمُ ) .
وَالْمُرَادُ مَا سَلَكَ فِيهَا مِنْ الْفَتْقِ بِمَعْنَى الشَّقِّ وَالْمُرَادُ مَا وَصَلَ إلَيْهَا ، فَلَا يُحَرِّمُ الْقَلِيلُ الَّذِي لَا يَنْفُذُ إلَيْهَا .(12/428)
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا وَصَلَهَا وَغَذَّاهَا وَاكْتَفَتْ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ فَيَكُونُ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ تَحْرِيمِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ هَذَا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ ، فَإِنَّهُ يُرَادُ بِهِ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ كَمَا وَرَدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْآخَرِ { إنَّ ابْنِي إبْرَاهِيمَ مَاتَ فِي الثَّدْيِ ، وَإِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ } وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْأَمْرَيْنِ وَيَدُلُّ لِهَذَا الْأَخِيرِ .
( 1063 ) - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : { لَا رَضَاعَ إلَّا فِي الْحَوْلَيْنِ } رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا ، وَرَجَّحَا الْمَوْقُوفَ .
قَوْلُهُ : ( وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ { لَا رَضَاعَ إلَّا فِي الْحَوْلَيْنِ } رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا وَرَجَّحَا الْمَوْقُوفَ ) ؛ لِأَنَّهُ تَفَرَّدَ بِرَفْعِهِ الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ عَنْ ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ، وَقَالَ وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَوَقَفَهُ .
قُلْت : وَهَذَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ كَمَا قَرَرْنَاهُ مِرَارًا ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ إنَّ الْهَيْثَمَ كَانَ يَغْلَطُ ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ التَّحْدِيدَ بِالْحَوْلَيْنِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالْحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى اعْتِبَارِ الْحَوْلَيْنِ ، وَأَنَّهُ لَا يُسَمَّى الرَّضَاعُ رَضَاعًا إلَّا فِي الْحَوْلَيْنِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا إنَّمَا دَلَّتْ عَلَى حُكْمِ الْوَاجِبِ مِنْ النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا لَا عَلَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ تَقَدَّمَ دَفْعُهُ وَيَدُلُّ لِهَذَا الْحُكْمِ : ( 1064 ) - وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا رَضَاعَ إلَّا مَا أَنْشَزَ الْعَظْمَ ، وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ } أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد .
قَوْلُهُ : ( وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا رَضَاعَ إلَّا مَا أَنْشَزَ } بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ فَزَايٍ أَيْ شَدَّ وَقَوَّى ( الْعَظْمَ ، وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد ) ، فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ هُوَ فِي سِنِّ الْحَوْلَيْنِ يَنْمُو بِاللَّبَنِ وَيَقْوَى بِهِ عَظْمُهُ وَيَنْبُتُ عَلَيْهِ لَحْمُهُ .
( وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ ) ، وَهُوَ أَبُو سِرْوَعَةَ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنُ عَامِر الْقُرَشِيُّ النَّوْفَلِيُّ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ يُعَدُّ فِي أَهْلِ مَكَّةَ ( أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إهَابٍ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ ( فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ ) قَالَ الْمُصَنِّفُ لَمْ أَعْرِفْ اسْمَهَا ( { فَقَالَتْ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ كَيْفَ ، وَقَدْ قِيلَ ؟ فَفَارَقَهَا عُقْبَةُ فَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ } .
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ) .
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْمُرْضِعَةِ وَحْدَهَا تُقْبَلُ وَبَوَّبَ عَلَى ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ الْمُفَارَقَةُ ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْحُكْمُ بِذَلِكَ ، وَقَالَ مَالِكٌ : إنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الرَّضَاعِ إلَّا امْرَأَتَانِ وَذَهَبَ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّ الرَّضَاعَ كَغَيْرِهِ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ، وَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ ؛ لِأَنَّهَا تَقَرَّرَ فِعْلُهَا ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ مَعَ ثَلَاثِ نِسْوَةٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا تُعَرِّضَ بِطَلَبِ أُجْرَةٍ قَالُوا : وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالتَّحَرُّزِ عَنْ مَظَانِّ الِاشْتِبَاهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ سِيَّمَا ، وَقَدْ تَكَرَّرَ سُؤَالُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ كَيْفَ ، وَقَدْ قِيلَ : وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ دَعْهَا .(12/429)
وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ لَا خَيْرَ لَك فِيهَا ، وَلَوْ كَانَ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ لَأَمَرَهُ بِالطَّلَاقِ مَعَ أَنَّهُ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ لَمْ يَذْكُرْ الطَّلَاقَ فَيَكُونُ هَذَا الْحُكْمُ مَخْصُوصًا مِنْ عُمُومِ الشَّهَادَةِ الْمُعْتَبَرِ فِيهَا الْعَدَدُ ، وَقَدْ اعْتَبَرْتُمْ ذَلِكَ فِي عَوْرَاتِ النِّسَاءِ فَقُلْتُمْ يُكْتَفَى بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْعِلَّةُ عِنْدَهُمْ فِيهِ أَنَّهُ قَلَّمَا يَطَّلِعُ الرِّجَالُ عَلَى ذَلِكَ فَالضَّرُورَةُ دَاعِيَةٌ إلَى اعْتِبَارِهِ فَكَذَا هُنَا .
ــــــــــــــ
نيل الأوطار - (ج 10 / ص 434)
كِتَابُ الرَّضَاعِ بَابُ عَدَدِ الرَّضَعَاتِ الْمُحَرِّمَةِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { : لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ } رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ ) .
2957 - ( وَعَنْ أُمِّ الْفَضْلِ { : أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتُحَرِّمُ الْمَصَّةُ ؟ فَقَالَ : لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ ، وَالْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ } وَفِي رِوَايَةٍ قَالَتْ : { دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِي فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ إنِّي كَانَتْ لِي امْرَأَةٌ فَتَزَوَّجْت عَلَيْهَا أُخْرَى فَزَعَمَتْ امْرَأَتِي الْأُولَى أَنَّهَا أَرْضَعَتْ امْرَأَتِي الْحُدْثَى رَضْعَةً أَوْ رَضْعَتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ } رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ ) .
2958 - ( وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { : لَا تُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ ) .
الشَّرْحُ
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ : الصَّحِيحُ عَنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ بِالِاضْطِرَابِ ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ ، وَجَمَعَ ابْنُ حِبَّانَ بَيْنَهُمَا بِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ ابْنُ الزُّبَيْرِ سَمِعَهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ ، وَفِي الْجَمْعِ بُعْدٌ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ .
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : لَا يَصِحُّ مَرْفُوعًا قَوْلُهُ : ( الرَّضْعَةُ ) هِيَ الْمَرَّةُ مِنْ الرَّضَاعِ كَضَرْبَةٍ وَجَلْسَةٍ وَأَكْلَةٍ ، فَمَتَى الْتَقَمَ الصَّبِيُّ الثَّدْيَ فَامْتَصَّ مِنْهُ ثُمَّ تَرَكَهُ بِاخْتِيَارِهِ لِغَيْرِ عَارِضٍ كَانَ ذَلِكَ رَضْعَةً .
وَفِي الْقَامُوسِ : رَضَعَ أُمَّهُ كَسَمِعَ وَضَرَبَ رَضْعًا ، وَيُحَرَّكُ ، وَرَضَاعًا وَرَضَاعَةً ، وَيُكْسَرَانِ ، وَرَضِعًا كَكَتِفٍ فَهُوَ رَاضِعٌ ، إلَى أَنْ قَالَ : امْتَصَّ ثَدْيَهَا ، ثُمَّ قَالَ فِي مَادَّةِ مَصَصْته : إنَّهُ بِمَعْنَى شَرِبْته شُرْبًا رَفِيقًا .
وَفِي الضِّيَاءِ أَنَّ الْمَصَّةَ الْوَاحِدَةَ مِنْ الْمَصِّ ، وَهِيَ أَخْذُ الْيَسِيرِ مِنْ الشَّيْءِ .
قَوْلُهُ : ( الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ ) الْإِمْلَاجَةُ : الْإِرْضَاعَةُ الْوَاحِدَةُ مِثْلُ الْمَصَّةِ .
وَفِي الْقَامُوسِ : مَلَجَ الصَّبِيُّ أُمَّهُ كَنَصَرَ وَسَمِعَ : تَنَاوَلَ ثَدْيَهَا بِأَدْنَى فَمِهِ ، وَامْتَلَجَ اللَّبَنَ : امْتَصَّهُ .
وَأَمْلَجَهُ : أَرْضَعَهُ ، وَالْمَلِيجُ : الرَّضِيعُ ، انْتَهَى وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّضْعَةَ الْوَاحِدَةَ وَالرَّضْعَتَيْنِ وَالْمَصَّةَ الْوَاحِدَةَ وَالْمَصَّتَيْنِ وَالْإِمْلَاجَةَ والإملاجتين ، لَا يَثْبُتُ بِهَا حُكْمُ الرَّضَاعِ الْمُوجِبُ لِلتَّحْرِيمِ .
وَتَدُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ بِمَفْهُومِهَا أَنَّ الثَّلَاثَ مِنْ الرَّضَعَاتِ أَوْ الْمَصَّاتِ تَقْتَضِي التَّحْرِيمَ .(12/430)
وَقَدْ حَكَى صَاحِبُ الْبَحْرِ هَذَا الْمَذْهَبَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ ، انْتَهَى .
وَحَكَاهُ فِي الْبَدْرِ التَّمَّامِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَدَاوُد الظَّاهِرِيِّ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ ، وَلَكِنَّهُ يُعَارِضُ هَذَا الْمَفْهُومَ الْقَاضِيَ بِأَنَّ مَا فَوْقَ الِاثْنَتَيْنِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الرَّضَاعَ الْمُقْتَضِيَ لِلتَّحْرِيمِ هُوَ الْخَمْسُ الرَّضَعَاتِ ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ ، وَذِكْرُ مَنْ قَالَ بِهِ ، نَعَمْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ دَافِعَةٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : إنَّ الرَّضَاعَ الْمُقْتَضِي لِلتَّحْرِيمِ هُوَ الْوَاصِلُ إلَى الْجَوْفِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَصَّةَ الْوَاحِدَةَ تَصِلُ إلَى الْجَوْفِ ، فَكَيْفَ مَا فَوْقَهَا ؟ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ مَا تَمَسَّكُوا بِهِ 2959 - ( وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ { : كَانَ فِيمَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ : عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ فِيمَ يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَفِي لَفْظٍ قَالَتْ { : وَهِيَ تَذْكُرُ الَّذِي يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ : نَزَلَ فِي الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ ، ثُمَّ نَزَلَ أَيْضًا خَمْسٌ مَعْلُومَاتٌ ؟ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، وَفِي لَفْظٍ قَالَ { : أُنْزِلَ فِي الْقُرْآنِ : عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ ، فَنُسِخَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ إلَى خَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ : وَفِي لَفْظٍ { : كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ سَقَطَ : لَا يُحَرِّمُ إلَّا عَشْرُ رَضَعَاتٍ أَوْ خَمْسٌ مَعْلُومَاتٌ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ
) 2960 - ( وَعَنْ عَائِشَةَ : { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ فَأَرْضَعَتْ سَالِمًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَفِي رِوَايَةٍ { : أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ تَبَنَّى سَالِمًا وَهُوَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ ، كَمَا تَبَنَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا ، وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ ابْنَهُ وَوَرِثَ مِيرَاثَهُ ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ { اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ، فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ } فَرُدُّوا إلَى آبَائِهِمْ ، فَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبٌ فَمَوْلًى وَأَخٌ فِي الدِّينِ ، فَجَاءَتْ سَهْلَةُ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا يَأْوِي مَعِي وَمَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَيَرَانِي فُضُلًا وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ مَا قَدْ عَلِمْت ، فَقَالَ : أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ } رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَأَحْمَدُ ) حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ سَالِمٍ أَخْرَجَ الرِّوَايَةَ مِنْهُ النَّسَائِيّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ كِتَابَةً عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ أَيْضًا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْرَجَ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ عَنْهَا أَبُو دَاوُد ، وَأَخْرَجَهَا أَيْضًا الْبُخَارِيُّ فِي الْمَغَازِي مِنْ صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا إلَى
قَوْلِهِ : " فَجَاءَتْ سَهْلَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ : فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَسُقْ بَقِيَّتَهُ ، وَسَاقَهَا الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ كَرِوَايَةِ أَبِي دَاوُد ، وَرَوَاهَا أَيْضًا الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْهَا ، وَسَاقَ مِنْهَا إلَى قَوْلِهِ : { وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ مَا قَدْ عَلِمْت } قَوْلُهُ : ( مَعْلُومَاتٍ ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الرَّضَاعِ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِعَدَدِ الرَّضَعَاتِ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الظَّنُّ بَلْ يُرْجَعُ مَعَهُ وَمَعَ الشَّكِّ إلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْعَدَمُ قَوْلُهُ : ( وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ ) بِضَمِّ الْيَاءِ ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ تَأَخَّرَ إنْزَالُ الْخَمْسِ الرَّضَعَاتِ ، فَتُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ قُرْآنٌ يُقْرَأُ .(12/431)
قَوْلُهُ : ( فُضُلًا ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ الْخَطَّابِيِّ : أَيْ مُبْتَذِلَةً فِي ثِيَابِ مِهْنَتِهَا ، انْتَهَى .
وَالْفُضُلُ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ : الَّذِي عَلَيْهِ ثَوْبٌ وَاحِدٌ بِغَيْرِ إزَارٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ : أَيْ مَكْشُوفُ الرَّأْسِ .
وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ مَنْ قَالَ : إنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا خَمْسُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ الرَّضْعَةِ ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ حَزْمٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ عَنْ الْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الرَّضَاعَ الْوَاصِلَ إلَى الْجَوْفِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَإِنْ قَلَّ وَقَدْ حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْإِمَامِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْعِتْرَةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَمَالِكٍ وَزَيْدِ بْنِ أَوْسٍ ، انْتَهَى .
وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ قَالَ الْمَغْرِبِيُّ فِي الْبَدْرِ : وَزَعَمَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ قَلِيلَ الرَّضَاعِ وَكَثِيرَهُ يُحَرِّمُ مِنْهُ مَا يُفْطِرُ الصَّائِمَ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، انْتَهَى وَحَكَى ابْنُ الْقَيِّمِ عَنْ اللَّيْثِ أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ إلَّا خَمْسُ رَضَعَاتٍ كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ ، فَيُنْظَرُ فِي الْمَرْوِيِّ عَنْهُ مِنْ حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ فَإِنَّهُ يَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يَحْكِيَ الْعَالِمُ الْإِجْمَاعَ فِي مَسْأَلَةٍ وَيُخَالِفَهَا وَقَدْ أَجَابَ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّانِي عَنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا أَهْلُ الْقَوْلِ بِأَجْوِبَةٍ : مِنْهَا : أَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ لِكَوْنِ الْخَمْسِ الرَّضَعَاتِ قُرْآنًا ، وَالْقُرْآنُ شَرْطُهُ التَّوَاتُرُ وَلَمْ يَتَوَاتَرْ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَوْنَ التَّوَاتُرِ شَرْطًا مَمْنُوعٌ ، وَالسَّنَدُ مَا أَسْلَفْنَا عَنْ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَاتِ كَالْجَزَرِيِّ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ الْحُجَّةِ فِي الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ مِنْ أَبْوَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ نَقَلَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَاتِ الْإِجْمَاعَ عَلَى مَا يُخَالِفُ هَذِهِ الدَّعْوَى ، وَلَمْ يُعَارِضْ نَقْلَهُ مَا يَصْلُحُ لِمُعَارَضَةٍ كَمَا بَيَّنَّا ذَلِكَ هُنَالِكَ وَأَيْضًا اشْتِرَاطُ التَّوَاتُرِ فِيمَا نُسِخَ لَفْظُهُ عَلَى رَأْيِ الْمُشْتَرِطِينَ مَمْنُوعٌ وَأَيْضًا انْتِفَاءُ قُرْآنِيَّتِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ حُجِّيَّتِهِ عَلَى فَرْضِ شَرْطِيَّةِ التَّوَاتُرِ ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ
ثَبَتَتْ بِالظَّنِّ ، وَيَجِبُ عِنْدَهُ الْعَمَلُ وَقَدْ عَمِلَ الْأَئِمَّةُ بِقِرَاءَةِ الْآحَادِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ : مِنْهَا قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ : { فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ } مُتَتَابِعَاتٍ وَقِرَاءَةُ أُبَيٍّ { وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ } مِنْ أُمٍّ وَوَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا مُسْتَنَدَ لَهُ غَيْرُهَا وَأَجَابُوا أَيْضًا بِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ قُرْآنًا لَحُفِظَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَوْنَهُ غَيْرَ مَحْفُوظٍ مَمْنُوعٌ بَلْ قَدْ حَفِظَهُ اللَّهُ بِرِوَايَةِ عَائِشَةَ لَهُ وَأَيْضًا الْمُعْتَبَرُ حِفْظُ الْحُكْمِ ، وَلَوْ سَلِمَ انْتِفَاءُ قُرْآنِيَّتِهِ عَلَى جَمِيعِ التَّقَادِيرِ لَكَانَ سُنَّةً لِكَوْنِ الصَّحَابِيِّ رَاوِيًا لَهُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَصْفِهِ لَهُ بِالْقُرْآنِيَّةِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ صُدُورَهُ عَنْ لِسَانِهِ ، وَذَلِكَ كَافٍ فِي الْحُجِّيَّةِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ الْمَرْوِيَّ آحَادًا إذَا انْتَفَى عَنْهُ وَصْفُ الْقُرْآنِيَّةِ لَمْ يَنْتَفِ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِ كَمَا سَلَفَ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ } وَإِطْلَاقُ الرَّضَاعِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ يَقَعُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ حَدِيثُ : { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ } وَيُجَابُ بِأَنَّهُ مُطْلَقٌ مُقَيَّدٌ بِمَا سَلَفَ(12/432)
وَاحْتَجُّوا بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إهَابٍ الَّذِي سَيَأْتِي فِي بَابِ شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ بِالرَّضَاعِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَفْصِلْ عَنْ الْكَيْفِيَّةِ وَلَا سَأَلَ عَنْ الْعَدَدِ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ أَحَادِيثَ الْبَابِ اشْتَمَلَتْ عَلَى زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ الْمُطْلَقِ الْمَشْعُورِ بِهِ مِنْ تَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ ، فَيَتَعَيَّنُ الْأَخْذُ بِهَا عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ لِسَبْقِ الْبَيَانِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْقَدْرِ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ فَإِنْ قُلْت : حَدِيثُ { لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ } يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْخَمْسِ لِأَنَّ الْفَتْقَ يَحْصُلُ بِدُونِهَا قُلْت : سَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ فَالظَّاهِرُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَائِلُونَ بِاعْتِبَارِ الْخَمْسِ وَأَمَّا حَدِيثُ { لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ } وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ مَنْ ذَهَبَ إلَى الْعَمَلِ بِهَا فَمَفْهُومُهَا يَقْتَضِي أَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ كَمَا أَنَّ مَفْهُومَ أَحَادِيثِ الْخَمْسِ أَنَّ مَا دُونَهَا لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَيَتَعَارَضُ الْمَفْهُومَانِ وَيُرْجَعُ إلَى التَّرْجِيحِ ، وَلَكِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ بِلَفْظِ : { لَا يُحَرِّمُ إلَّا عَشْرُ رَضَعَاتٍ أَوْ خَمْسٌ } كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَهَذَا مَفْهُومُ حَصْرٍ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ مَفْهُومِ الْعَدَدِ وَأَيْضًا قَدْ ذَهَبَ عُلَمَاءُ الْبَيَانِ كالزَّمَخْشَرِيِّ إلَى أَنَّ الْإِخْبَارَ بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ الْمُضَارِعِيَّةِ يُفِيدُ الْحَصْرَ وَالْإِخْبَارَ عَنْ الْخَمْسِ الرَّضَعَاتِ بِلَفْظِ يُحَرِّمْنَ كَذَلِكَ . وَلَوْ سَلِمَ
اسْتِوَاءُ الْمَفْهُومَيْنِ وَعَدَمُ انْتِهَاضِ أَحَدِهِمَا كَانَ الْمُتَوَجَّهُ تَسَاقُطَهُمَا ، وَحَمْلَ ذَلِكَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْخَمْسِ لَا عَلَى مَا دُونَهَا إلَّا أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ ؛ وَلَا دَلِيلَ يَقْتَضِي أَنَّ مَا دُونَ الْخَمْسِ يُحَرِّمُ إلَّا مَفْهُومَ قَوْلِهِ : { لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ } وَالْمَفْرُوضُ أَنَّهُ قَدْ سَقَطَ ، نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الْخَمْسِ الرَّضَعَاتِ بِكَوْنِهَا فِي زَمَنِ الْمَجَاعَةِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْآتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد مَرْفُوعًا { لَا رَضَاعَ إلَّا مَا أَنْشَرَ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ } فَيُجَابُ بِأَنَّ الْإِنْبَاتَ وَالْإِنْشَارَ إنْ كَانَا يَحْصُلَانِ بِدُونِ الْخَمْسِ فَفِي الْخَمْسِ زِيَادَةٌ يَجِبُ قَبُولُهَا وَالْعَمَلُ بِهَا ، وَإِنْ كَانَا لَا يَحْصُلَانِ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا فَيَكُونُ حَدِيثُ الْخَمْسِ مُقَيَّدًا بِهَذَا الْحَدِيثِ لَوْلَا أَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُوسَى الْهِلَالِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَدْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : إنَّ أَبَا مُوسَى وَأَبَاهُ مَجْهُولَانِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى أَبِي مُوسَى فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ ، وَهَذَا عَلَى فَرْضِ أَنَّهُ يُفِيدُ ارْتِفَاعَ الْجَهَالَةِ عَنْ أَبِي مُوسَى لَا يُفِيدُ ارْتِفَاعَهَا عَنْ أَبِيهِ فَلَا يَنْتَهِضُ الْحَدِيثُ لِتَقْيِيدِ أَحَادِيثِ الْخَمْسِ بِإِنْشَارِ الْعَظْمِ وَإِنْبَاتِ اللَّحْمِ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فِي قِصَّةِ سَالِمٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إرْضَاعَ الْكَبِيرِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ
ذَلِكَ
ــــــــــــــ
بَابُ مَا جَاءَ فِي رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ 2961 - ( عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : { قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ : إنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْك الْغُلَامُ الْأَيْفَعُ الَّذِي مَا أُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ : أَمَا لَكِ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ؟ وَقَالَتْ : إنَّ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ سَالِمًا يَدْخُلُ عَلَيَّ وَهُوَ رَجُلٌ وَفِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ شَيْءٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرْضِعِيهِ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْكِ }(12/433)
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّهَا { أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : أَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ أَحَدًا بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ : مَا نُرَى هَذَا إلَّا رُخْصَةً أَرْخَصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَالِمٍ خَاصَّةً ، فَمَا هُوَ بِدَاخِلٍ عَلَيْنَا أَحَدٌ بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ وَلَا رَائِينَا } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ )
الشَّرْحُ
هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ مِنْ الصَّحَابَةِ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَسَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ وَهِيَ مِنْ الْمُهَاجِرَاتِ وَزَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ رَبِيبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ مِنْ التَّابِعِينَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَحُمَيْدَ بْنُ نَافِعٍ ، وَرَوَاهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الزُّهْرِيُّ وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَرَبِيعَةُ ، ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ هَؤُلَاءِ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَشُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَشُعَيْبٌ وَيُونُسُ وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَمَعْمَرٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَغَيْرُهُمْ ، وَهَؤُلَاءِ هُمْ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِمْ فِي أَعْصَارِهِمْ ، ثُمَّ رَوَاهُ عَنْهُمْ الْجَمُّ الْغَفِيرُ وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : إنَّ هَذِهِ السُّنَّةَ بَلَغَتْ طُرُقُهَا نِصَابَ التَّوَاتُرِ وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ مَنْ قَالَ : إنَّ إرْضَاعَ الْكَبِيرِ يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ حَزْمٍ وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فَأَنْكَرَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ، وَقَالَ : لَا يَصِحُّ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَتْ عَائِشَةُ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ دَاوُد الظَّاهِرِيِّ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ الْإِطْلَاقَاتُ الْقُرْآنِيَّةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَأُمَّهَاتُكُمْ
اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ } وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ حُكْمَ الرَّضَاعِ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي الصَّغِيرِ وَأَجَابُوا عَنْ قِصَّةِ سَالِمٍ بِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِهِ كَمَا وَقَعَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا قَالَتْ لَهُنَّ عَائِشَةُ بِذَلِكَ مُحْتَجَّةً بِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ دَعْوَى الِاخْتِصَاصِ تَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَقَدْ اعْتَرَفْنَ بِصِحَّةِ الْحُجَّةِ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا عَائِشَةُ ، وَلَا حُجَّةَ فِي إبَائِهِنَّ لَهَا كَمَا أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِي أَقْوَالِهِنَّ ؛ وَلِهَذَا سَكَتَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لَمَّا قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ : { أَمَا لَك فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ؟ } وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ مُخْتَصَّةً بِسَالِمٍ لَبَيَّنَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا بَيَّنَ اخْتِصَاصَ أَبِي بُرْدَةَ بِالتَّضْحِيَةِ بِالْجَذَعِ مِنْ الْمَعْزِ ، وَاخْتِصَاصَ خُزَيْمَةَ بِأَنَّ شَهَادَتَهُ كَشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِدَعْوَى نَسْخِ قِصَّةِ سَالِمٍ الْمَذْكُورَةِ ، وَاسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهَا كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ عِنْدَ نُزُولِ قَوْله تَعَالَى : { اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ } وَقَدْ ثَبَتَ اعْتِبَارُ الصِّغَرِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَلَمْ يَقْدَمْ الْمَدِينَةَ إلَّا قَبْلَ الْفَتْحِ ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يُسْلِمْ إلَّا فِي فَتْحِ خَيْبَرَ وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمَا لَمْ يُصَرِّحَا بِالسَّمَاعِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَيْضًا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مِمَّا لَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُجَّةُ كَمَا سَيَجِيءُ ، وَلَوْ كَانَ النَّسْخُ صَحِيحًا لَمَا تَرَكَ التَّشَبُّثَ
بِهِ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَمِنْ أَجْوِبَتِهِمْ أَيْضًا حَدِيثُ { لَا رَضَاعَ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ } وَحَدِيثُ { إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ } وَسَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ { لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ } وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِ(12/434)
الْمُدَّةِ الَّتِي يَقْتَضِي الرَّضَاعُ فِيهَا التَّحْرِيمَ عَلَى أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ مِنْهُ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ ، وَقَدْ حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالْعِتْرَةِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَمَالِكٍ وَزُفَرَ وَمُحَمَّدٍ ا هـ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَأَحْمَدَ وَأَبِي يُوسُفَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالشَّعْبِيِّ وَابْنِ شُبْرُمَةَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ الْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ الرَّضَاعَ الْمُقْتَضِيَ لِلتَّحْرِيمِ مَا كَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَتْ أُمُّ سَلَمَةَ ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَالزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ .
الْقَوْلُ الثَّالِثُ : أَنَّ الرَّضَاعَ فِي حَالِ الصِّغَرِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَلَمْ يُحِدَّهُ الْقَائِلُ بِحَدٍّ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا خَلَا عَائِشَةَ ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ الْقَوْلُ الرَّابِعُ : ثَلَاثُونَ شَهْرًا ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ الْقَوْلُ الْخَامِسُ : فِي الْحَوْلَيْنِ وَمَا قَارَبَهُمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الرَّضَاعَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ لَا يُحَرِّمُ قَلِيلُهُ وَلَا كَثِيرُهُ كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ الْقَوْلُ السَّادِسُ : ثَلَاثُ سِنِينَ ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ ، وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ الْقَوْلُ السَّابِعُ : سَبْعُ سِنِينَ ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَوْلُ الثَّامِنُ : حَوْلَانِ وَاثْنَا عَشَرَ يَوْمًا ، رُوِيَ عَنْ رَبِيعَةَ الْقَوْلُ التَّاسِعُ : أَنَّ الرَّضَاعَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الصِّغَرُ إلَّا فِيمَا دَعَتْ إلَيْهِ الْحَاجَةُ كَرَضَاعِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يُسْتَغْنَى عَنْ دُخُولِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَيَشُقُّ احْتِجَابُهَا مِنْهُ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدِي ، وَبِهِ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ ، وَذَلِكَ بِأَنْ تُجْعَلَ قِصَّةُ سَالِمٍ الْمَذْكُورَةُ مُخَصِّصَةً لِعُمُومِ { إنَّمَا الرَّضَاعُ مِنْ الْمَجَاعَةِ } ، { وَلَا رَضَاعَ إلَّا فِي الْحَوْلَيْنِ } ، { وَلَا رَضَاعَ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ } ، { وَلَا رَضَاعَ إلَّا مَا أَنْشَرَ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ } وَهَذِهِ طَرِيقٌ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ طَرِيقَةِ مَنْ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ
الْأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَا حُكْمَ لِرَضَاعِ الْكَبِيرِ مُطْلَقًا ، وَبَيْنَ مَنْ جَعَلَ رَضَاعَ الْكَبِيرِ كَرَضَاعِ الصَّغِيرِ مُطْلَقًا لِمَا لَا يَخْلُو عَنْهُ وَاحِدَةٌ مِنْ هَاتَيْنِ الطَّرِيقَتَيْنِ مِنْ التَّعَسُّفِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ سُؤَالَ سَهْلَةَ امْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ الْحِجَابِ ، وَهِيَ مُصَرِّحَةٌ بِعَدَمِ جَوَازِ إبْدَاءِ الزِّينَةِ لِغَيْرِ مَنْ فِي الْآيَةِ ، فَلَا يُخَصُّ مِنْهَا غَيْرُ مَنْ اسْتَثْنَاهُ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا بِدَلِيلٍ كَقَضِيَّةِ سَالِمٍ وَمَا كَانَ مُمَاثِلًا لَهَا فِي تِلْكَ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ الْحَاجَةُ إلَى رَفْعِ الْحِجَابِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِحَاجَةٍ مَخْصُوصَةٍ مِنْ الْحَاجَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ لِرَفْعِ الْحِجَابِ وَلَا بِشَخْصٍ مِنْ الْأَشْخَاصِ وَلَا بِمِقْدَارٍ مِنْ عُمْرِ الرَّضِيعِ مَعْلُومٍ وَقَدْ ثَبَتَ حَدِيثُ سَهْلَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إنَّ سَالِمًا ذُو لِحْيَةٍ فَقَالَ : أَرْضِعِيهِ } وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّضَاعُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ .
قَوْلُهُ : ( الْغُلَامُ الْأَيْفَعُ ) هُوَ مَنْ رَاهَقَ عِشْرِينَ سَنَةً عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ .
2962 - ( وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ فِي الثَّدْيِ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ) .(12/435)
وَعَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ } رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ : لَمْ يُسْنِدْهُ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ غَيْرُ الْهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ وَهُوَ ثِقَةٌ حَافِظٌ ) .
2964 - ( وَعَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ ، وَلَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ ) .
2965 - ( وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : { دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي رَجُلٌ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قُلْت : أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ ، قَالَ : يَا عَائِشَةُ اُنْظُرْنَ مَنْ إخْوَانُكُنَّ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ } رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ ) .
حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَأُعِلَّ بِالِانْقِطَاعِ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْأَسَدِيَّةِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَلَمْ تَسْمَعْ مِنْهَا شَيْئًا لِصِغَرِ سِنِّهَا إذْ ذَاكَ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ أَيْضًا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَقَالَ : يُعْرَفُ بِالْهَيْثَمِ وَغَيْرِهِ وَكَانَ يَغْلَطُ ، وَصَحَّحَ الْبَيْهَقِيُّ وَقْفَهُ ، وَرَجَّحَ ابْنُ عَدِيٍّ الْمَوْقُوفَ ، وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي الْإِرْشَادِ : رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَهُوَ أَصَحُّ وَكَذَا رَوَاهُ غَيْرُ ثَوْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ .
وَحَدِيثُ جَابِرٍ قَدْ قَدَّمْنَا فِي بَابِ عَلَامَاتِ الْبُلُوغِ مِنْ كِتَابِ التَّفْلِيسِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِلَفْظِ : حَفِظْت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { : لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ } الْحَدِيثَ أَنَّ الْمُنْذِرِيَّ قَالَ : وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ يَعْنِي حَدِيثَ عَلِيٍّ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يَثْبُتُ ا هـ وَهُوَ يُشِيرُ بِرِوَايَةِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إلَى حَدِيثِهِ هَذَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَ هَهُنَا يَشْهَدُ لَهُ ، وَكَذَلِكَ يَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ الْمُتَقَدِّمُ هُنَالِكَ قَوْلُهُ : ( إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ ) أَيْ سَلَكَ فِيهَا ، وَالْفَتْقُ : الشَّقُّ ، وَالْأَمْعَاءُ جَمْعُ الْمِعَى بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا قَوْلُهُ : ( الثَّدْيِ ) أَيْ فِي زَمَنِ الثَّدْيِ ، وَهُوَ لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ فَإِنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ : مَاتَ فُلَانٌ فِي الثَّدْيِ : أَيْ فِي زَمَنِ الرَّضَاعِ قَبْلَ الْفِطَامِ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ : ( اُنْظُرْنَ مَنْ إخْوَانُكُنَّ ) هُوَ أَمْرٌ بِالتَّأَمُّلِ فِيمَا وَقَعَ مِنْ الرَّضَاعِ هَلْ هُوَ رَضَاعٌ صَحِيحٌ مُسْتَجْمِعٌ لِلشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ قَالَ الْمُهَلَّبُ : الْمَعْنَى اُنْظُرْنَ مَا سَبَبُ هَذِهِ الْأُخُوَّةِ فَإِنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ إنَّمَا هِيَ فِي الصِّغَرِ حَيْثُ تَسُدُّ الرَّضَاعَةُ الْمَجَاعَةَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : مَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي إذَا جَاعَ كَانَ طَعَامُهُ الَّذِي يُشْبِعُهُ اللَّبَنُ مِنْ الرَّضَاعِ هُوَ الصَّبِيُّ لَا حَيْثُ يَكُونُ الْغِذَاءُ
بِغَيْرِ الرَّضَاعِ قَوْلُهُ : ( فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ ) هُوَ تَعْلِيلٌ لِلْبَاعِثِ عَلَى إمْعَانِ النَّظَرِ وَالتَّفَكُّرِ بِأَنَّ الرَّضَاعَةَ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا الْحُرْمَةُ هِيَ حَيْثُ يَكُونُ الرَّضِيعُ طِفْلًا يَسُدُّ اللَّبَنُ جَوْعَتَهُ وَأَمَّا مَنْ كَانَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ فَرَضَاعُهُ لَا عَنْ مَجَاعَةٍ لِأَنَّ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مَا يَسُدُّ جَوَّعَتْهُ ، بِخِلَافِ الطِّفْلِ الَّذِي لَا يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَمِثْلُ هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ : { لَا رَضَاعَ إلَّا مَا أَنْشَرَ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ } فَإِنَّ إنْشَارَ الْعَظْمِ وَإِنْبَاتَ اللَّحْمِ إنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ كَانَ غِذَاؤُهُ اللَّبَنَ وَقَدْ احْتَجَّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَنْ قَالَ : إنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ مُطْلَقًا وَهُمْ الْجُمْهُورُ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ مُطْلَقًا وَهُمْ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، فَقَالُوا : أَمَّا حَدِيثُ : { لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ } فَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَخْفَى(12/436)
أَنَّ تَصْحِيحَ التِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ لِهَذَا الْحَدِيثِ يَدْفَعُ عِلَّةَ الِانْقِطَاعِ فَإِنَّهُمَا لَا يُصَحِّحَانِ مَا كَانَ مُنْقَطِعًا إلَّا وَقَدْ صَحَّ لَهُمَا اتِّصَالُهُ ، لِمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الِاصْطِلَاحِ أَنَّ الْمُنْقَطِعَ مِنْ قِسْمِ الضَّعِيفِ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ : { لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ } بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَلَا حُجَّةَ فِي الْمَوْقُوفِ ، وَبِمَا تَقَدَّمَ مِنْ اشْتِهَارِ الْهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ بِالْغَلَطِ
وَهُوَ الْمُنْفَرِدُ بِرَفْعِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الرَّفْعَ زِيَادَةٌ يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهَا عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَئِمَّةُ الْأُصُولِ وَبَعْضُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ إذَا كَانَتْ ثَابِتَةً مِنْ طَرِيقِ ثِقَةٍ ، وَالْهَيْثَمُ ثِقَةٌ كَمَا قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيّ مَعَ كَوْنِهِ مُؤَيَّدًا بِحَدِيثِ جَابِرٍ الْمَذْكُورِ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ { فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ } بِأَنَّ شُرْبَ الْكَبِيرِ يُؤَثِّرُ فِي دَفْعِ مَجَاعَتِهِ قَطْعًا كَمَا يُؤَثِّرُ فِي دَفْعِ مَجَاعَةِ الصَّغِيرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ وَأُورِدَ عَلَيْهِمْ أَنَّ الْأَمْرَ إذَا كَانَ كَمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ اسْتِوَاءِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ فَمَا الْفَائِدَةُ فِي الْحَدِيثِ ، وَتَخَلَّصُوا عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ إبْطَالُ تَعَلُّقِ التَّحْرِيمِ بِالْقَطْرَةِ مِنْ اللَّبَنِ وَالْمَصَّةِ الَّتِي لَا تُغْنِي مِنْ جُوعٍ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ التَّعَسُّفِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ سَدَّ الْجَوْعَةِ بِاللَّبَنِ الْكَائِنِ فِي ضَرْعِ الْمُرْضِعَةِ إنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا غَيْرَهُ ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ فَهُوَ لَا تُسَدُّ جَوْعَتُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِغَيْرِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ ، وَكَوْنُ الرَّضَاعِ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُسَدَّ بِهِ جَوْعَةُ الْكَبِيرِ أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ النِّزَاعُ فِيمَنْ يُمْكِنُ أَنْ تُسَدَّ جَوْعَتُهُ بِهِ ، إنَّمَا النِّزَاعُ فِيمَنْ لَا تُسَدُّ جَوْعَتُهُ إلَّا بِهِ ، وَهَكَذَا أَجَابُوا عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِ { لَا رَضَاعَ إلَّا مَا أَنْشَرَ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ } فَقَالُوا : إنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الرَّضَاعُ كَذَلِكَ فِي حَقِّ
الْكَبِيرِ مَا لَمْ يَبْلُغْ أَرْذَلَ الْعُمُرِ ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّعَسُّفِ ، وَالْحَقُّ مَا قَدَّمْنَا أَنَّ قَضِيَّةَ سَالِمٍ مُخْتَصَّةٌ بِمَنْ حَصَلَ لَهُ ضَرُورَةٌ بِالْحِجَابِ لِكَثْرَةِ الْمُلَابَسَةِ ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ مُخَصَّصَةً بِذَلِكَ النَّوْعِ فَتَجْتَمِعُ حِينَئِذٍ الْأَحَادِيثُ وَيَنْدَفِعُ التَّعَسُّفُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِاشْتِرَاطِ الصِّغَرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ } قَالُوا : وَذَلِكَ بَيَانٌ لِلْمُدَّةِ الَّتِي تَثْبُتُ فِيهَا أَحْكَامُ الرَّضَاعِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُخَصَّصَةٌ بِحَدِيثِ قِصَّةِ سَالِمٍ الصَّحِيحِ
ــــــــــــــ
بَابُ يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يُحَرِّمُ مِنْ النَّسَبِ 2966 - ( عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدَ عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ فَقَالَ : إنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي ، إنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ ، وَيَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الرَّحِمِ وَفِي لَفْظٍ مِنْ النَّسَبِ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ) .
2967 - ( وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ } رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ ، وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ " مِنْ النَّسَبِ " ) .
2968 - ( وَعَنْ عَائِشَةَ { أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا الْقُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا ، وَهُوَ عَمُّهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْحِجَابُ قَالَتْ : فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ ؛ فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتُهُ بِاَلَّذِي صَنَعْت ، فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ } رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ ) .
2969 - ( وَعَنْ الْإِمَامِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مِنْ الرَّضَاعِ مَا حَرَّمَ مِنْ النَّسَبِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ )(12/437)
الشَّرْحُ
قَوْلُهُ : ( أُرِيدَ ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَاَلَّذِي أَرَادَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا هُوَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي اسْمِ ابْنَةِ حَمْزَةَ عَلَى أَقْوَالٍ : أُمَامَةُ وَسَلْمَى وَفَاطِمَةُ وَعَائِشَةُ وَأَمَةُ اللَّهِ وَعُمَارَةُ وَيَعْلَى ، وَإِنَّمَا كَانَتْ ابْنَةَ أَخِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضَعَ مِنْ ثُوَيْبَةَ وَقَدْ كَانَتْ أَرْضَعَتْ حَمْزَةَ قَوْلُهُ ( : أَفْلَحَ ) بِالْفَاءِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ : وَهُوَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقِيلَ : مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، وَالْقُعَيْسُ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِعَيْنٍ وَسِينٍ مُهْمَلَتَيْنِ مُصَغَّرًا وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ ، وَذَلِكَ بِالنَّظَرِ إلَى أَقَارِبِ الْمُرْضِعِ لِأَنَّهُمْ أَقَارِبُ لِلرَّضِيعِ وَأَمَّا أَقَارِبُ الرَّضِيعِ فَلَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُرْضِعِ وَالْمُحَرَّمَاتُ مِنْ الرَّضَاعِ سَبْعٌ : الْأُمُّ وَالْأُخْتُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ ، وَالْبِنْتُ وَالْعَمَّةُ وَالْخَالَةُ وَبِنْتُ الْأَخِ وَبِنْتُ الْأُخْتِ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَ يُحَرَّمْنَ مِنْ النَّسَبِ وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ : هَلْ يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الصِّهَارِ ؟ وَابْنُ الْقَيِّمِ قَدْ حَقَّقَ ذَلِكَ فِي الْهَدْيِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ فَلْيُرْجَعْ إلَيْهِ وَقَدْ ذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ إلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ نَظِيرُ الْمُصَاهَرَةِ بِالرَّضَاعِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّ امْرَأَتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَامْرَأَةُ
أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَبِنْتِهَا وَبَيْنَ خَالَتِهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ ، وَقَدْ نَازَعَهُمْ فِي ذَلِكَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ كَمَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْهَدْيِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي دُخُولِ أَفْلَحَ عَلَيْهَا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ حُكْمِ الرَّضَاعِ فِي حَقِّ زَوْجِ الْمُرْضِعَةِ وَأَقَارِبِهِ كَالْمُرْضِعَةِ وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ ، وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِالْمَطْلُوبِ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد بِلَفْظِ : { قَالَتْ عَائِشَةُ : دَخَلَ عَلَيَّ أَفْلَحُ فَاسْتَتَرْت مِنْهُ ، فَقَالَ : أَتَسْتَتِرِينَ مِنِّي وَأَنَا عَمُّك ؟ قُلْت : مِنْ أَيْنَ ؟ قَالَتْ : أَرْضَعَتْك امْرَأَةُ أَخِي قُلْت : إنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثْتُهُ ، فَقَالَ : إنَّهُ عَمُّك فَلْيَلِجْ عَلَيْك } وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَزَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَالِمٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَأَبِي قِلَابَةَ وَإِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الرَّضَاعِ لِلزَّوْجِ ، حَكَى ذَلِكَ عَنْهُمْ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ ، وَرُوِيَ أَيْضًا هَذَا الْقَوْلُ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ وَابْنِ عُلَيَّةَ وَالظَّاهِرِيَّةِ وَابْنِ
بِنْتِ الشَّافِعِيِّ ، وَقَدْ رُوِيَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ فَأَخْرَجَ الشَّافِعِيُّ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ " كَانَ الزُّبَيْرُ يَدْخُلُ عَلَيَّ وَأَنَا أَمْتَشِطُ أَرَى أَنَّهُ أَبِي وَأَنَّ وَلَدَهُ إخْوَتِي لِأَنَّ امْرَأَتَهُ أَسْمَاءَ أَرْضَعَتْنِي ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ الْحَرَّةِ أَرْسَلَ إلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ ابْنَتِي أُمَّ كُلْثُومٍ عَلَى أَخِيهِ حَمْزَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَكَانَ لِلْكَلْبِيَّةِ ، فَقُلْت : وَهَلْ تَحِلُّ لَهُ ؟ فَقَالَ : إنَّهُ لَيْسَ لَك بِأَخٍ إنَّمَا إخْوَتُك مَنْ وَلَدَتْ أَسْمَاءُ دُونَ مَنْ وَلَدَ الزُّبَيْرُ مِنْ غَيْرِهَا ، قَالَتْ : فَأَرْسَلْت فَسَأَلْت وَالصَّحَابَةُ مُتَوَافِرُونَ وَأُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالُوا : إنَّ الرَّضَاعَ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ فَأَنْكَحْتُهَا إيَّاهُ " وَأُجِيبَ بِأَنَّ الِاجْتِهَادَ مِنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَا يُعَارِضُ النَّصَّ وَلَا يَصِحُّ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ لِسُكُوتِ الْبَاقِينَ لِأَنَّا نَقُولُ : نَحْنُ نَمْنَعُ أَوَّلًا أَنَّ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ بَلَغَتْ كُلَّ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْهُمْ وَثَانِيًا :(12/438)
أَنَّ السُّكُوتَ فِي الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ لَا يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى الرِّضَا وَأَمَّا عَمَلُ عَائِشَةَ بِخِلَافِ مَا رَوَتْ فَالْحُجَّةُ رِوَايَتُهَا لَا رَأْيُهَا ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ مُخَالِفَةَ الصَّحَابِيِّ لِمَا رَوَاهُ لَا تَقْدَحُ فِي الرِّوَايَةِ ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ الْقَوْلُ بِثُبُوتِ حُكْمِ الرَّضَاعِ لِلرَّجُلِ ، وَثَبَتَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ
-ــــــــــــــ
بَابُ شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ بِالرَّضَاعِ 2970 - ( عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ : { أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إهَابٍ فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ : قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا ، قَالَ : فَذَكَرْت ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْرَضَ عَنِّي ، قَالَ : فَتَنَحَّيْت فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا ، فَنَهَاهُ عَنْهَا } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَفِي رِوَايَةٍ : { دَعْهَا عَنْك } رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَابْنَ مَاجَهْ )
الشَّرْحُ
فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { : كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ ؟ فَفَارَقَهَا عُقْبَةُ وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ } قَوْلُهُ : ( أُمَّ يَحْيَى ) اسْمُهَا غَنِيَّةُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ النُّونِ بَعْدَهَا تَحْتِيَّةٌ مُشَدَّدَةٌ ، وَقِيلَ : اسْمُهَا زَيْنَبُ وَإِهَابٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَآخِرُهُ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ وَوُجُوبِ الْعَمَلِ بِهَا وَحْدَهَا وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالْحَسَنِ وَإِسْحَاقَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَلَكِنَّهُ قَالَ : يَجِبُ الْعَمَلُ عَلَى الرَّجُلِ بِشَهَادَتِهَا فَيُفَارِقُ زَوْجَتَهُ وَلَا يَجِبُ الْحُكْمُ عَلَى الْحَاكِمِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الرَّضَاعِ إلَّا شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ ، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بِالْأَوَّلِ وَذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رَجُلٍ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَسَائِرِ الْأُمُورِ وَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ وَحْدَهَا بَلْ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ لِأَنَّ فِيهَا تَقْرِيرًا لِفِعْلِ الْمُرْضِعَةِ وَلَا تُقْبَلُ عِنْدَهُمْ الشَّهَادَةُ إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ مُطْلَقًا ، وَلَكِنَّهُ حَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ الْهَادَوِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِالظَّنِّ الْغَالِبِ فِي النِّكَاحِ تَحْرِيمًا وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الطَّلَاقُ إنْ لَمْ تَكْمُلْ الشَّهَادَةُ ، وَاسْتَدَلَّ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ
الْإِمَامُ يَحْيَى : الْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ النَّهْيَ حَقِيقَةٌ فِي التَّحْرِيمِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ إلَّا لِقَرِينَةٍ صَارِفَةٍ وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى عَدَمِ قَبُولِ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ } لَا يُفِيدُ شَيْئًا لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِنَاءُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَدِيثَ أَخَصُّ مُطْلَقًا وَأَمَّا مَا أَجَابَ بِهِ عَنْ الْحَدِيثِ صَاحِبُ ضَوْءِ النَّهَارِ مِنْ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ فَيُجَابُ عَنْهُ بِالِاسْتِفْسَارِ عَنْ الْأُصُولِ فَإِنْ أَرَادَ الْأَدِلَّةَ الْقَاضِيَةَ بِاعْتِبَارِ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَلَا مُخَالَفَةَ لِأَنَّ هَذَا خَاصٌّ وَهِيَ عَامَّةٌ وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهَا فَمَا هُوَ ؟ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْمُغِيرَةِ أَنَّهُمْ امْتَنَعُوا مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الزَّوْجِ بِذَلِكَ فَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ أَقْوَالَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ عَلَى فَرْضِ عَدَمِ مُعَارَضَتِهَا لِمَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ إذَا عَارَضَتْ مَا هُوَ كَذَلِكَ ؟ وَأَمَّا مَا قِيلَ مِنْ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ فَلَا يَخْفَى مُخَالَفَتُهُ لِمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ أَنْ كَرَّرَ السُّؤَالَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ(12/439)
وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ فِي جَمِيعِهَا : { كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ } وَفِي بَعْضِهَا : { دَعْهَا عَنْك } كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ ، وَفِي
بَعْضِهَا : { لَا خَيْرَ لَك فِيهَا } مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِالطَّلَاقِ ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ لَأَمَرَهُ بِهِ فَالْحَقُّ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِقَوْلِ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعَةِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً حَصَلَ الظَّنُّ بِقَوْلِهَا أَوْ لَمْ يَحْصُلْ لِمَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ " أَنَّ السَّائِلَ قَالَ : وَأَظُنُّهَا كَاذِبَةً " فَيَكُونُ هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ هَادِمًا لِتِلْكَ الْقَاعِدَةِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى غَيْرِ أَسَاس أَعْنِي قَوْلَهُمْ : إنَّهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةٌ فِيهَا تَقْرِيرٌ لِفِعْلِ الشَّاهِدِ وَمُخَصِّصًا لِعُمُومَاتِ الْأَدِلَّةِ كَمَا خَصَّصَهَا دَلِيلُ كِفَايَةِ الْعَدَالَةِ فِي عَوْرَاتِ النِّسَاءِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُخَالِفِينَ
ــــــــــــــ
بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ تُعْطَى الْمُرْضِعَةُ عِنْدَ الْفِطَامِ 2971 - ( عَنْ حَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ قَالَ { : قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ : مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ ؟ قَالَ : غُرَّةٌ : عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ } رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ )
الشَّرْحُ
الْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد ، وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ : إنَّهُ الْحَجَّاجُ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ مَالِكٍ الْأَسْلَمِيُّ ، سَكَنَ الْمَدِينَةَ وَقِيلَ : كَانَ يَنْزِلُ الْعَرَجَ ذَكَرَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيّ وَقَالَ : وَلَا أَعْلَمُ لِلْحَجَّاجِ بْنِ مَالِكٍ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ النَّمَرِيُّ : لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ إخْرَاجِهِ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَحَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثُ ابْنُ عُيَيْنَةَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ هَؤُلَاءِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ يُكَنَّى أَبَا الْمُنْذِرِ ، وَقَدْ أَدْرَكَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنَ عُمَرَ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ هِيَ أُمُّ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، انْتَهَى كَلَامُهُ وَقَدْ بَوَّبَ أَبُو دَاوُد عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ : بَابٌ فِي الرَّضْخِ عِنْدَ الْفِصَالِ ، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ : بَابُ مَا يُذْهِبُ مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْعَطِيَّةِ لِلْمُرْضِعَةِ عِنْدَ الْفِطَامِ وَأَنْ يَكُونَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : { مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ } أَيْ مَا يُذْهِبُ عَنِّي الْحَقَّ الَّذِي تَعَلَّقَ بِي لِلْمُرْضِعَةِ لِأَجْلِ
إحْسَانِهَا إلَيَّ بِالرَّضَاعِ ، فَإِنِّي إنْ لَمْ أُكَافِئْهَا عَلَى ذَلِكَ صِرْت مَذْمُومًا عِنْدَ النَّاسِ بِسَبَبِ الْمُكَافَأَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ــــــــــــــ
الفقه على المذاهب الأربعة - (ج 4 / ص 126)
- الرضاع - بفتح الراء وكسرها - ويقال : رضاعة - بفتح الراء وكسرها - أيضا معناه في اللغة أنه اسم لمص الثدي . سواء كان مص ثدي آدمية أو ثدي بهيمة أو نحو ذلك فيقال لغة لمن مص ثدي بقرة أو شاة : إنه رضعها فإذا حلب لبنها وشربه الصبي فلا يقال له : رضعه ولا يشترط في المعنى اللغوي أن يكون الرضيع صغيرا(12/440)
أما معناه شرعا فهو وصول لبن آدمية إلى جوف طفل لم يزد سنه على حولين ( 1 ) - أربعة وعشرين شهرا - فإن شرب صغير وصغيرة لبن بهيمة لا تحرم عليه ولا فرق بين أن يصل اللبن إلى الجوف من طريق الفم بمص الثدي أو بصبه في حلقه أو إدخاله من أنفه فمتى وصل اللبن إلى معدة الطفل أثناء مدة الحولين المذكورين بالشروط الآتية كان رضاعا شرعيا عليه التحريم الآتي بيانه أما إن كان كبيرا زائدا على الحولين ورضع فإن رضاعه لا يعتبر وذلك لقوله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } فقد دلت الآية الكريمة على أن أكثر مدة الرضاع المعتبرة في نظر الشرع حولان فلو رضع بعدها ولو بلحظة فلا يعتبر رضاعة ولا يترتب عليه تحريم لقوله صلى الله عليه و سلم " لا رضاع إلا ما فتق الامعاء وكان قبل الحولين " رواه الترمذي وحسنه ومعنى قوله " فتق الامعاء " وصل إليها ولقوله عليه الصلاة و السلام : " لا رضاع إلا ما كان في الحولين " رواه البيهقي وغيره
فإن قلت : ورد في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر سهلة بنت سهيل أن ترضع سالما مولى أبي حذيفة زوجها بعد البلوغ حتى تكون أما له فلا يحرم نظره إليها وذلك لأن سهلة ذهبت إلى النبي صلى الله عليه و سلم وقالت له يا رسول الله صلى الله عليه و سلم إن سالما مولى أبي حذيفة مضى في بيتنا وقد بلغ ما يبلغ الرجال وعلم ما يعلم الرجال فقال : " أرضعيه تحرمي عليه " فهذا صريح في أن رضاع الكبير يوجب التحريم والجواب أن ذلك كان قبل تحديد مدة الرضاع بالحولين فنسخ العمل به أو هو خصوصية لسالم وسهلة لما رآه النبي صلى الله عليه و سلم من الضرورة الملحة التي تستلزم الترخيص لأهل هذا البيت حيث لا يمكن الاستغناء عن دخول سالم بحال على أن هناك إشكالا آخر وهو أن الرضاع يستلزم الثدي ومصه ولمسه وهو محرم . والجواب أنه لا يستلزم لأن التحريم كما يكون بالمص يكون بالشرب كما عرفت فيصح أن تكون قد حلبت له ثديها فشرب
_________
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : في زمن الرضاع رأيان . أحدهما : أنه حولان ونصف حول أعني ثلاثين شهرا فإذا وصل اللبن إلى جوف الطفل في أثناء هذه المدة فإنه يعتبر رضاعا شرعيا يترتب عليه الأحكام الآتية أما إذا وصل إليه اللبن بعد انقضاء هذه المدة فإنه لا يكون رضاعا شرعيا ثانيهما : أن زمن الرضاع حولان فقط فإن وصل إليه بعد الحولين لا يكون رضاعا والأول رأي أبي حنيفة والثاني رأي صاحبيه وهل يجب العمل برأي الإمام . أو برأي صاحبيه ؟ والجواب : أن الراجح الذي عليه المعول أن ينظر في ذلك إلى قوة الدليل فمتى كان الدليل القوي في جانب رجح العمل به ويظهر أن الدليل هنا يؤيد رأي الصاحبين وبيان ذلك أن الله سبحانه قال : { وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } ومعنى هذا أن أقل مدة الحمل ستة أشهر فيبقى أربعة وعشرون شهرا وهي مدة الرضاع وقد أول الآية بهذا المعنى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لعثمان رضي الله عنه حيث أراد عثمان أن يحد امرأة جاءت بولد لستة أشهر من حملها فقال لها علي : كلا إنها جاءت به لأقل مدة الحمل وهي ستة أشهر واستدل له بهذه الآية فاقتنع عثمان بذلك وظاهر أن فهم الآية على هذا الوجه لا تكلف فيه ولكن الإمام استدل بها على وجه آخر فقال معنى - حمله(12/441)
وفصاله ثلاثون شهرا - أن كلا منهما ثلاثون شهرا فكأنه قال : مدة حمله ثلاثون شهرا ومدة فصاله ثلاثون شهرا والمراد أكثر مدة الحمل لا أقلها فتكون مدة الفصال حولين ونصف أعني ثلاثين شهرا فإذا شرب الطفل في أثنائها فإنه يكون رضيعا ولكن ورد على هذا أن أكثر مدة الحمل سنتان لا ثلاثون شهرا فقد روي عن عائشة أنها قالت : لا يبقى الولد في بطن أمه أكثر من سنتين ولو بقدر فلكة مغزل كناية عن قلة الزمن فأجيب بأن قول عائشة هذا خصص مدة الحمل فعلم أنها سنتان وبقيت مدة الفطام على حالها ولا يخفى ما في هذا الجواب من تكلف ظاهر إذ لا معنى لكون الآية تنص على أن مدة الحمل قد تكون حولين ونصف حول
ويقول الحديث : إنها لا تزيد عن حولين ولا لحظة وقد بين بعض المحققين هذا بأن ثلاثين شهرا مستعملة في معنيين : أحدهما حقيقي وهو المفهوم من ثلاثين والآخر مجازي وهو أربعة وعشرون الذي دل عليه الحديث فيكون اللفظ الواحد مستعملا في حقيقته ومجازه وعلى كل حال فهو غير جائز لأنه جمع بين الحقيقة والمجاز لأن اللفظ الواحد وهو ثلاثون مستعمل في إطلاق واحد في مدلولين وهما : ثلاثون وأربعة وعشرون على أن أسماء العدد لا يصح التجوز فيها بإطلاق بعضها على بعض لما فيه من عدم الضبط والإبهام ولأنها مختصة بما وصفت له كالأعلام وأجاب بعضهم بأن " حمله " مبتدأ خبره محذوف تقديره أربعة وعشرون و " فصاله " مبتدأ آخر وهو " ثلاثون شهرا " فليس فيه جمع بين الحقيقة والمجاز وإذا سألت هذا المجيب عن أي دليل في الآية يدل على هذا المحذوف أو يشير إليه أو يرشد إلى حرف واحد منه لا يمكنه أن يدلك عليه على أن هذا حكم شرعي لا يصح حذفه في مقام البيان مطلقا وإلا فإنه يصح لكل واحد أن يقرر ما يشاء ويدعي الحذف أما حديث عائشة فلا مدخل له في الآية فإنها تفهم أولا على حدة ثم يطبق عليها الحديث وظاهر أن الفهم الأول هو المتعين والحديث مؤيد له
فإن قلت : إن كلمة - الأشهر - في قوله تعالى : { الحج أشهر معلومات } جمع لا مفرد ولا مثنى وقد أطلق في الآية على شهرين وبعض شهر وذلك لأن مدة الحج التي لا يصح عمل من أعمال الحج إلا فيها هي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وهذا يصحح إطلاق الثلاثين على أربعة وعشرين في آية { وحمله وفصاله ثلاثون } والجواب من ثلاثة أوجه :
الأول : أن بعض الشهر وهو عشرة أيام من ذي الحجة اعتبرت معدودا فكانت ثالث ثلاثة فصح إطلاق الجمع عليها
الثاني : أن كلمة " أشهر " جمع لا اسم جمع واسم الجمع يشترك فيه ما زاد على الواحد فيطلق على الاثنين والثلاثة
الثالث : أن كلمة " أشهر " ليست من ألفاظ العدد فليست مثل " ثلاثين " وقد قلنا : إن ألفاظ العدد لا يصح أن يطلق بعضها على الآخر لأنها مختصة به دون غيره وبعد هذا كله فيصح أن يكون قد جمع الأشهر باعتبار تعددها في سائر السنين فالدليل يؤيد رأي الصاحبين خصوصا وقد بين الله تعالى مدة الرضاع بقوله : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } فالأصح هو قول الصاحبين وعليه الفتوى(12/442)
المالكية - قالوا : مدة الرضاعة حولان وشهران أعني ستة وعشرين شهرا ولعلهم زادوا الشهرين احتياطا ولكن لا يكون الرضاع أثناء هذه المدة رضاعا شرعيا يترتب عليه التحريم الآتي إلا إذا رضع الطفل قبل أن يفطم ويستغني عن اللبن فإذا أرضعته المرضعة قبل أن يفطم في أثناء هذه المدة أو بعد أن فطم بيوم أو يومين فإن ذلك يكون رضاعا شرعيا ينشر الحرمة باتفاق أما إن أرضعته بعد الفطام وبعد أن استغنى عن لبن الثدي فإنه لا يكون رضاعا شرعيا سواء رضع بعد استغنائه عن الطعام بزمن بعيد أو قريب على المشهور مثلا إذا فطم الطفل بعد سنة وثلاثة أشهر ثم مكث شهرا فطيما حتى نسي لبن الثدي واستغنى عنه بالطعام فتم له بذلك سنة وأربعة أشهر ثم إذا أرضعته المرضعة بعد استغنائه عن اللبن بخمسة أيام أو أقل أو أكثر فإنه لا يعتبر رضاعا شرعيا وبعضهم يقول : إنه إذا رضع قبل تمام الحولين كان رضاعا شرعيا ولو كان فطيما واستغنى عن اللبن كما يقول الحنفية ولكن هذا ضعيف ومن هذا كله تعلم أنه لا خلاف بين الأئمة في تحديد زمن الرضاع بالحولين إلا المالكية فإنهم خالفوا فيما إذا رضع أثناء الحولين بعد الفطام وزادوا شهرين على الحولين وهذا هو المشهور عندهم أما على القول الثاني فهو موافق للأئمة أيضا والحنفية على عكس المالكية فإن المعتمد عندهم موافقة الأئمة وغير المعتمد هو أن المدة حولان ونصف حول كما تقدم )
- يشترط لتحقيق الرضاع الشرعي الموجب لتحريم النكاح كما توجبه القرابة والمصاهرة شروط : بعضها يتعلق بالمرضعة وبعضها يتعلق بالرضيع وبعضها يتعلق بلبن الرضاعة وفيها كلها اختلاف المذاهب ( 1 )
_________
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : يشترط في المرضعة شرطان : أحدهما أن تكون امرأة آدمية فلو نزل اللبن لرجل ورضعه طفل فإنه لا يعتبر رضاعا شرعيا وكذلك إذا نزل لخنثى واضح الذكورة أما الخنثى المشكل الذي لم يتبين أمره فينظر في لبنه النساء فإن قلن : إنه غزير وأنه لا يكون هذا اللبن إلا للأنثى فإنه يتعلق به التحريم وإن قلن : إنه ليس بلبن أنثى فإنه لا يتعلق به شيء ومثل ذلك ما إذا رضع طفل وطفلة ثدي بهيمة فإنه لا يتعلق به التحريم . ثانيهما : أن تكون بنت تسع سنين فما فوق فلو نزل اللبن لصغيرة دون تسع سنين ورضعها طفل فإنه لا يعتبر رضاعا شرعيا ولا يتعلق به التحريم ولا يشترط في المرضعة أن تكون حية فلو ماتت امرأة وبجانبها طفل فالتقم ثديها ورضع منه فإنه يتعلق بالتحريم وكذا لا يشترط أن تكون ثيبا موطوءة بل إذا نزل اللبن للبكر التي لم تتزوج فأرضعت صبيا صارت أما له وثبتت جميع أحكام الرضاع بينهما ومثل ذلك ما إذا كانت عجوزا يئست من الحيض والولادة على أنه إذا نزل للبكر ماء أصفر فإنه لا يثبت به التحريم أما إذا كانت ثيبا وتغير لبن رضاعها فصار لونه أصفر فإنه لا يثبت بها التحريم وذلك لأنه لبن تغير لونه ويشترط في الرضيع أن يكون لم يتجاوز حولين على المفتى به سنتين ونصف على قول الإمام المتقدم . ويشترط قي اللبن شروط : الأول أن يكون مائعا بحيث يصح أن يقال فيه : ان الصبي قد رضعه أما إذا عمل جبنا أو قشدة أو رائبا . أو نحو ذلك وتناوله الصبي فإنه لا يتعلق به التحريم لأن اسم الرضاع لا يقع عليه في(12/443)
هذه الحالة فلا يقال ان الصبي رضع هذا اللبن وإنما يقال له أكله . الثاني : أن يصل إلى جوف الطفل بواسطة مص الثدي أو بصبه في حلقه ويقال له
: وجور - بفتح الواو - أو بصبه في الأنف ويقال له : سعوط كرسول فإذا وصل اللبن إلى الجوف بالصب في الحلق أو بالصب في الأنف ترتب عليه التحريم سواء كان قليلا أو كثيرا ولو قطرة واحدة فلا بد من وصوله إلى الجوف بطريق الصب في الحلق أو الصب في الأنف لا غير فلو وصل اللبن بالتقطير في الأذن بواسطة الحقنة في القبل أو في الدبر فإنه لا يعتبر وقال محمد : إذا وصل بواسطة الحقنة فإنه يعتبر . الشرط الثالث : أن يصل اللبن إلى الجوف في مدة الرضاع المتقدم فإذا رضع في أثنائها ولو قطرة وصلت إلى جوفه فإنه يعتبر ولو كان فطيما مستغنيا عن الطعام فالمدار على التحريم هو أن يرضع في المدة . الشرط الرابع : أن يكون وصوله يقينا فلو التقم الحلمة ولم يعلم هل وصل لبن إلى جوفه أو لا فإنه يعتبر لأن المانع شك فلو أعطت المرأة ثديها لطفل وقالت أن ثديها فيه لبن فإنها تصدق
الشرط الخامس : أن لا يختلط اللبن بالطعام . فإن نزل لبن امرأة في طعام ومسته النار فأنضجته حتى تغير وأكل منه الصبي فإنه لا يعتبر . وكذلك إذا اختلط لبن بجامد لم تمسه النار لأنه خرج عن كونه مائعا يتعلق به الرضاع أما إذا خلط بمائع كأن خلط لبن الآدمي بلبن شاة فإنه ينظر فإن كان لبن الآدمي غالبا فإنه يعتبر وتثبت به الحرمة وإلا فلا ومثل ذلك ما إذا خلط بماء أو دواء أو نحو ذلك ومعنى كونه غالبا هو أن يرى منه طعمه أو لونه وإن استويا فإنه يعتبر ويتعلق به التحريم وهذه الصورة نادرة الوقوع
المالكية - قالوا : يشترط في المرضعة أن تكون امرأة فلو كانت بهيمة فإن الرضاع منها لا يعتبر وكذا إذا نزل اللبن لرجل فإنه لا يحرم ولو كان كثيرا فإن كان لبن خنثى مشكل فإنه ينشر الحرمة على الظاهر ولا يشترط أن تكون المرضعة على قيد الحياة بل إذا ماتت ودب طفل وارتضع ثديها وعلم أن الذي بثديها لبن فإنه يعتبر وكذا إن شك فيه هل هو لبن أو لا فإنه ينشر الحرمة وكذا لا يشترط أن تكون كبيرة بل إذا نزل اللبن للصغيرة التي لا تطيق الوطء فرضعها طفل فإنه يعتبر ومثل ذلك ما إذا كانت عجوزا قعدت عن الحبل والولادة ويشترط في الرضيع أن يكون صغيرا لم يتجاوز حولين وشهرين على المشهور فإذا رضع بعد هذه المدة فإن رضاعه لا يعتبر باتفاق أما إذا رضع في أثناء المدة ففيه التفصيل المتقدم ويشترط في اللبن شروط : أحدها أن يكون لونه لون لبن فإذا كان أصفر أو أحمر فإنه لا يعتبر . ثانيها : أن يصل إلى جوف الصبي بمص الثدي أو بصب اللبن في حلقه ويقال له : وجور أو بصبه في أنفه ويقال له سعوط ومتى وصل اللبن إلى جوفه من الفم فإنه يعتبر وينشر الحرمة سواء كان كثيرا أو قليلا ولو قدر مصة واحدة أما إذا وصل من الدبر بواسطة الحقنة فإنه يحرم إذا كان يكفي لغذاء الطفل وقت وصوله ولو احتاج إلى غذاء بعد ذلك بزمن قريب ولا يعتبر إذا وصل إلى الجوف من الأذن أو العين أو مسام الرأس ولو تحقق وصوله إلى الجوف . ثالثها : أن لا يخلط لبن المرأة بغيره من طعام أو شراب أو دواء فإن خلط وكان غيره غالبا عليه بحيث قد استهلك ولم يبق له طعام فإنه لا يعتبر أما إذا كان هو غالبا أو مساويا فإنه يعتبر(12/444)
وينشر الحرمة وإذا عمل لبن المرأة جبنا أو سمنا وأخذه الطفل فإنه ينشر الحرمة على الظاهر
الشافعية - قالوا : يشترط في المرضعة شروط : أحدها أن تكون أنثى آدمية فلو رضع طفل وطفلة من ثدي بهيمة فإن رضاعها لا يعتبر ولا يوجب التحريم بينهما وكذا لو رضع طفل من لبن رجل أو لبن خنثى مشكل لم يتبين كونه امرأة فإن رضاعه لا يتعلق به تحريم ولكن إذا رضعت طفلة لبن رجل أو خنثى مشكل ثم تبين أنه رجل فإنه يكره لهما التزوج من التي رضعت منهما . ثانيهما : أن تكون المرضعة على قيد الحياة فإذا دب الطفل إلى ميتة ورضع من ثديها فإن رضاعه لا يعتبر ولا ينشر الحرمة ومثل الميتة من كادت تفارق الحياة ولم يبق فيها سوى حركة مذبوح . ثالثها : أن تكون المرضعة سن تسع سنين قمرية تقريبية وهذه السن هي سن الحيض فيعتبر الرضاع منها ولو لم يحكم ببلوغها لأن سن الحيض يجعلها تحتمل أن تلد
والحاصل أن الشافعية يشترطون في المرضع أن تبلغ تسع سنين تقريبا فلا يضر نقصها بما يسع الحيض والطهر منه ولو لم تحض بالفعل وقد يرد على هذا أن اللبن إنما ينشأ عن الولادة والتي لم تحض بالفعل لا يتصور منها ولادة ومقتضى هذا أن لبنها لا يحرم وأجيب هذا بأن بلوغ هذا السن - وهو سن الحيض - يترتب عليه احتمال كونها تحيض وتحبل وتلد وهذا الاحتمال كاف في اعتبار اللبن الذي نزل في للصغيرة في هذا السن وذلك لأن التحريم بالرضاع تابع للتحريم بالنسب لأن اللبن جزء من المرضعة وهو ناشئ بسبب الولد المتولد من مني الرجل ومني المرأة فإذا امتصه الصبي كان كأنه جزء من المرأة والرجل فاللبن نزل منزلة المني الذي ثبت به نسب الولد فثبوت التحريم بالرضاع تابع لثبوت التحريم بالنسب ومعلوم أن النسب يثبت بالاحتمال فكذلك فرعه المشابه له يكفي في ثبوته الاحتمال ولهذا لا يشترط أن تكون المرضعة ثيبا فلو كانت بكرا ونزل لها اللبن في هذه السن فإنه يعتبر ويحرم فلا يشترط أن يكون اللبن ينشأ عن الحبل بالفعل فإذا كانت في سن لا تحتمل فيه الولادة فإن لبنها لا يعتبر ولا يحرم
ويشترط في الرضيع أن يكون حيا فلو فرض وصب في حلق طفل ميت لبن امرأة فإنه لا يعتبر وإن يكون صغيرا لم يتجاوز الحولين فإن تجاوزهما ولو بلحظة فإن رضاعه لا يحرم وإذا شك في أنه تجاوز الحولين أو لا فإنه لا يحرم لأن الشك في سبب التحريم يسقط التحريم فإذا رضع الطفل أربع رضعات وفي أول الرضعة الخامسة تم حولان يقينا وهو يرضعها فإنه لا يعتبر وما مضى من الرضعات الأربع يلغى خلافا للحنابلة في هذه الحالة
ويشترط في اللبن شرطان : أحدهما يتعلق بكميته ومقداره وثانيهما يتعلق بحالته وكيفية وصوله إلى جوف الصبي . فأما الأول فإنه يشترط أن يرضع الطفل من المرضعة خمس مرات يقينا بحيث لو شك في أنه رضع خمس مرات أو لا فإنه لا يعتبر ثم إن الرضعة لا تحسب إلا إذا عدت في العرف رضعة كاملة بحيث يتناول الطفل الثدي ولا ينصرف عنه إلا لضرورة تنفس أو بلع ما في فمه أو الانتقال من ثدي إلى ثدي آخر أما إذا قطعه ولم يعد إليه فإنها تحسب رضعة ولو لم يأخذ سوى(12/445)
مصة واحدة وكذا إذا قطعته المرضعة ولم تعد إليه أما إذا قطعته لشغل خفيف ولو عادت إليه سريعا فإنها تحسب رضعة واحدة وقد وافق الشافعية في هذا العدد الحنابلة وإن خالفوهم في بعض التفصيل المذكور كما ستعرفه وأما الحنفية . والمالكية فإنهم خالفوا هذا ولم يشترطوا عددا بل قالوا : كل ما وصل إلى جوف الصبي من لبن المرضعة ولو قليلا يوجب التحريم وقد عرفت اختلافهم في التفصيل المتقدم
فيتحصل من هذا أن الشافعية والحنابلة يقولون : إن الرضاع لا يحرم إلا إذا كان خمس مرات والمالكية والحنفية يقولون : إن الرضاع يحرم مطلقا قليلا كان أو كثيرا ولو قطرة
وقد استدل الشافعية والحنابلة بما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان فيما أنزل الله في القرآن أن عشر رضعات معلومات يحرمن - فنسخن بخمس معلومات - فتوفي رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما يقرأ من القرآن وأيضا روى مسلم " لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان "
ويؤخذ من كتب الشافعية والحنابلة أنهم فهموا من خبر عائشة الأول ما هو ظاهر منه وهو أنه كان من بين آي القرآن الحكيم آية - عشر رضعات معلومات يحرمن ومعنى معلومات متحققات لا شك فيهن ومعنى يحرمن يوجبن التحريم بين المرضعة وزوجها وبين الرضيع في الزوجية على الوجه السابق ثم نسخت هذه الآية في عهد النبي صلى الله عليه و سلم لفظا ومعنى بآية أخرى وهي - خمس معلومات يحرمن - فبعد أن كانت الرضعات المحرمات عشرا صارت خمسا فقط واستمر العمل بهذا ثم رفع لفظ - خمس رضعات يحرمن - من القرآن قبيل وفاة الرسول عليه السلام وبقي العمل بحكمه فمعنى قول عائشة : فتوفى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهن فيما يقرأ من القرآن يذكر حكمها على أنها كانت آية في القرآن لا أنه كان يتلى قرآنا بعد وفاة الرسول عليه السلام وعلى فرض أنه كان يتلى فيكون ذلك بالنسبة لمن لم يبلغه النسخ
ويرد على هذا أمران : أحدهما أن المسلمين قد أجمعوا على أن القرآن هو ما تواتر نقله عن رسول الله عن رب العزة فكيف يمكن الحكم بكون هذا قرآنا خصوصا قد صرح بعض أئمة المسلمين بأنه لا يجوز الحكم على كتاب الله المتواتر بما ليس بمتواتر وعلى هذا فمن المشكل الواضح ما يذكره المحدثون من روايات الآحاد المشتملة على أن آية كذا كانت قرآنا ونسخت على أن مثل هذه الروايات قد مهدت لأعداء الإسلام إدخال ما يوجب الشك في كتاب الله من الروايات الفاسدة فمن ذلك ما روي عن ابن مسعود من أن المعوذتين ليستا من كتاب الله فإن معنى هذا التشكيك في كتاب الله المتواتر كلمة كلمة وحرفا حرفا ولهذا جزم الفخر الرازي بكذب هذه الرواية ومن ذلك ما قيل من أن آية القنوت كانت موجودة في مصحف أبي ثم سقطت
فهذا وأمثاله من الروايات التي فيها الحكم على القرآن المتواتر بأخبار الآحاد فضلا عن كونه ضارا بالدين فيه تناقض ظاهر . ثانيهما : ليس في حديث عائشة ما يدل على نسخ خمس رضعات فلماذا لا تكون قد سقطت كما يقول أعداء الدين ؟ ومع(12/446)
تسليم أن فيه ما يدل فما فائدة نسخ اللفظ مع بقاء حكمه ؟ ومع تسليم أن له فائدة فما هو الدليل الذي يدل على أن اللفظ قد نسخ وبقي حكمه ؟
وقد أجيب عن الأول بأنه لم يقل أحد أن خبر عائشة يفيد قرآنية هذه الكلمات فتعطى حكم القرآن وإنما الذي يفيده خبر عائشة ظن أن هذا الحكم كان موجودا في القرآن وهذا الظن كاف في إثبات الحكم الفقهي
ثم إن هناك فرقا بين ما روي عن ابن مسعود من كون المعوذتين ليستا من القرآن وبين خبر عائشة الموجود معنا فإن الأول فيه نفي للقرآن المتواتر يقينا ومن ينكر شيئا من القرآن المتواتر يقينا فإنه يخرج عن الدين فيجب تكذيب ما روي عن ابن مسعود من إنكار المعوذتين تكذيبا باتا وتكذيب كل رواة مماثلة لها أما خبر عائشة فإنه يفيد أن هذا قرآن ونسخ في عهد النبي صلى الله عليه و سلم فلا يصح أن يعطى حكم القرآن على كل حال ومع ذلك فإن الخبر لا يفيد إلا الظن ففي كونه قرآنا لا يضر وقد يقال : إنه مع وجاهة هذا الجواب لا يزال الإشكال قائما وهو أنه إذا صح نفي كونه قرآنا فلا يصح الاحتجاج به لأن الاستدلال به قائم على كونه قرآنا فمتى نفينا كونه قرآنا فقد انتفى الحكم الدال عليه فالمعترض يقول : إنكم تقولون : إن هذا الحكم كان موجودا في القرآن وذكرتم نصه بآية قلتم : إنها كانت في القرآن والفرض أن القرآن هو ما ثبت بالتواتر وكل ما لا يثبت بالتواتر لا يكون قرآنا فهذا ليس بقرآن ومتى ثبت أنه ليس بقرآن فإنه لا يصح الاحتجاج به فإن قلتم : إنه لا يلزم من انتفاء كونه قرآنا انتفاء الحكم لأنه يكون من قبيل الحديث الثابت بخبر الآحاد قلنا : وهذا أيضا لا يصح لأن عائشة لم تروه على أنه حديث وعلى فرض أنها روته كذلك فإنكم قلتم : إنه صح نفيه : فيقال : إن خمس رضعات يحرمن ليست بقرآن ومتى صح ذلك فإن الحكم الذي دل عليه اللفظ ينتفي طبعا ولا يقال أيضا : إن خبر عائشة يفيد أنه كان قرآنا قطعا في عهد النبي صلى الله عليه و سلم وليس بقرآن بالنسبة لنا لعدم تواتره لأنا نقول : إن خبر عائشة لا يفيد إلا الظن فمن أين يأتي القطع ؟
أما الجواب عن الاعتراض الثاني فإن القرآن قد تواتر نقله كلمة كلمة وحرفا حرفا وانحصر في الموجود بين دفتي المصحف فلا يحتمل سقوط كلمة واحدة منه فلا سبيل للقول بأن خمس رضعات كانت موجودة وسقطت وقد دل الحديث على أنها كانت فيه فلما لم تتواتر علمنا أن لفظها نسخ وبقي حكمها وهذا الجواب حسن ولكن نسخ اللفظ وبقاء معناه لم تظهر له فائدة ما معقولة بل قد يقال عليه ان نسخ الأحكام معقول لأنها تابعة لأحوال الأمم وتطوراتها فلها فائدة واضحة بل قد تكون الأحكام الوقتية ضرورية لأمة حديثة العهد بالتشريع أما رفع اللفظ مع بقاء معناه فإن دل على شيء فإنه يدل على أن هذا اللفظ لا يناسب وضعه في هذه الجملة فلما وضع وظهر فساده حذف وهذا مستحيل على الله تعالى العليم الخبير ومع هذا فقد يقال : إن الحكم لا بد له من لفظ يدل عليه فإذا رفع اللفظ فما هو الدليل الذي يدل عليه ؟ فإن قلتم أنه دل عليه قبل رفعه : قلنا وقد انتفت الدلالة بعد رفعه فلم يبق للحكم دليل فإن قلتم : إن دليل الحكم اللفظ الذي يبينه به الرسول قلنا أن الحكم في هذه الحالة يكون ثابتا بالحديث لا بالقرآن المنسوخ فالحق أن القول بجواز نسخ اللفظ مع بقاء(12/447)
المعنى واه ومع ذلك كله فأي دليل يدل على أن اللفظ نسخ وبقي معناه ؟ أنه لا دليل لا في قول عائشة ولا في غيره
وبعد فقد أول بعض المحققين خبر عائشة هذا بأنه ليس الغرض منه أن ذلك كان آية من كتاب الله بل كان حكما من الأحكام الشرعية التي أوحى الله بها إلى رسوله في غير القرآن وأمر القرآن باتباعها فمعنى قولها : كان فيما أنزل الله في القرآن عشر رضعات معلومات الخ كان من بين الأحكام التي أنزلها الله على رسوله وأمرنا باتباعها في القرآن أن عشر رضعات لا شك فيها يحرمن ثم نسخ هذا الحكم بخمس رضعات معلومات يحرمن وتوفي رسول الله وهذا حكم باق لم ينسخ فأما كونه منزلا موحى به فذلك لأنه صلى الله عليه و سلم لا ينطق عن الهوى وأما كوننا مأمورين باتباع ما جاء به الرسول من الأحكام فلأن الله تعالى قال : { وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } فلو أن الشافعية والحنابلة رضوا بهذا التأويل لخرجت المسألة من كونها قرآنا إلى كونها حديثا صحيحا وتكون دلالته على ما يريدونه ظاهرة ومع ذلك فإن الشافعية قد أولوا قول عائشة فتوفي رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يقرأ - بأنه يذكر حكمه - وهذا التأويل يقربهم إلى تأويل الحديث كله بالمعنى الذي أشرنا إليه وقد جاء مثل هذا التأويل فيما رواه البخاري عن عمر بن الخطاب بأن رجم الزاني المحصن نزل في كتاب الله فقال : إن معناه أن النبي صلى الله عليه و سلم قد رجم فعلا والله تعالى قال : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } فيكون الرجم على هذا مذكورا في كتاب الله أما ما نقله البخاري تعليقا من أن الذي كان في كتاب الله ورفع لفظه دون معناه فهو - الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة الخ - فإنني لا أتردد في نفيه لأن الذي يسمعه لأول وهلة يجزم بأنه كلام مصنوع لا قيمة له بجانب كلام الله الذي بلغ النهاية في الفصاحة والبلاغة فضلا عن كونه لا ينتج الغرض المطلوب فإن الرجم شرطه الإحصان والشيخ في اللغة من بلغ سن الأربعين فمقتضى هذا أنه يرجم ولو كان بكرا لم يتزوج وكذا إذا زنا الفتى في
سن العشرين مثلا وهو متزوج فإنه لا يرجم فمثل هذه الكلمة لا يصح
مطلقا أن يقال : إنها من كتاب الله
والحاصل أن الأخبار التي جاء فيها ذكر كلمة من كتاب الله على أنها كانت فيه ونسخت في عهد رسول الله فهذه لا يطلق عليها أنها قرآن ولا تعطى حكم القرآن باتفاق ثم ينظر إن كان يمكن تأويلها بما يخرجها عن كونها قرآنا فإن الإخبار بها يعطى حكم الحديث وإن لم يمكن تأويلها فالذي أعتقده أنها لا تصلح للدلالة على حكم شرعي لأن دلالتها موقوفة على ثبوت صيغتها وصيغتها يصح نفيها باتفاق فكيف يمكن الاستدلال بها ؟ فالخير كل الخير في ترك مثل هذه الروايات . أما الأخبار التي فيها أن بعض القرآن المتواتر ليس منه أو أن بعصا منه قد حذف فالواجب على كل مسلم تكذيبها بتاتا . والدعاء على راويها بسوء المصير لأن إدخال شيء في كتاب الله ليس منه وإخراج شيء منه ردة نعوذ بالله منها
وأما الدليل الثاني وهو ما رواه مسلم من أن الرضعة أو الرضعتين لا يحرم فقد رده الحنفية والمالكية فقالوا : إما أن يكون منسوخا أو تكون روايته غير صحيحة . وذلك(12/448)
لأن الله تعالى قال : { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة } فالله سبحانه لم يقيد الرضاعة بأي مقدار
وقد روي عن ابن عمر أنه قيل له : أن ابن الزبير يقول : ولا بأس بالرضعة أو الرضعتين فقال قضاء الله خير من قضائه قال تعالى : { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم } واستدلال ابن عمر بهذه الآية فيه رد للحديث المذكور " لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان " إما بنسخ هذا الحديث وإما أن تكون الرواية غير صحيحة وظاهر هذا أن إطلاق الكتاب الكريم في مقام التشريع والبيان لا يصح تقييده بخبر الواحد لما عرفت من أن الأحاديث الظنية لا يصح أن تعارض المتواتر ولهذا قال ابن عمر : قضاء الله خير من قضاء ابن الزبير لأن ابن الزبير لم يقل ذلك من تلقاء نفسه بل لا بد أن يكون مستمسكا بحديث فقال له ابن عمر : إن كتاب الله هو الذي يجب العمل به وحيث ورد مطلقا فلا يقيده الحديث ثم لينظر بعد ذلك للحديث فإما أن تكون رواية غير صحيحة وبذلك ينتهي الإشكال وإما أن يكون صحيحا ولكنه نسخ بهذه الآية أو بحديث آخر وفي هذا كلام في علم الأصول ليس هذا محله
وأما الشرط الثاني المتعلق بحالة اللبن وكيفية وصوله إلى جوف الطفل : فهو أنه يشترط أن يصل اللبن إلى المعدة أو الدماغ بواسطة الفم والصب في الحلق ويقال له : الوجور أو الصب في الأنف ويقال له : السعوط وبذلك ينفذ إلى الدماغ أما إذا وصل إلى الجوف بحقنة من القبل أو الدبر أو وصل إلى الدماغ بتقطير في الأذن والقبل فإنه لا يتعلق به تحريم وبعضهم قيد التقطير في الأذن بما إذا لم يصل إلى الدماغ وإلا فإنه يعتبر كما إذا وصل إلى الدماغ من منفذ عارض كما إذا فتح بجراحة ونحوها ولا يخفى أن هذه صور فرضية محضة لا يكاد تقع إلا قهرا كما إذا مرض الطفل وتوقف دواؤه على لبن امرأة فحقن بلبن أجنبية . أو غذي به أو نحو ذلك فإذا لم يصل اللبن إلى المعدة أو الدماغ بأن تقايأه قبل وصوله فإنه لا يعتبر ولا يشترط في اللبن أن يكون سائلا بل إذا عمل جبنا أو قشدة أو نحو ذلك وتناول منه الصبي كان رضاعا شرعيا ينشر الحرمة وكذا لا يشترط أن لا يكون مخلوطا بغيره بل ينشر الحرمة مطلقا سواء خلط أو لا وسواء غلب على غيره أو لا وسواء أرضعته كل المخلوط أو بعضه ولكن يشترط في هذه الحالة تحقق وصول شيء من اللبن في الجوف في كل رضعة من الرضعات الخمس التي تقدم بيانها
وإذا حلبت المرضعة لبن الرضعات وصب في حلق الصبي خمس مرات يحسب مرة واحدة أما إذا حلبت لبن خمس مرات وصب في حلقه مرة واحدة فإنه يعتبر خمسا
الحنابلة - قالوا : يشترط في المرضع شرطان : أحدهما أن تكون امرأة فلو كانت بهيمة أو رجلا أو خنثى مشكلا فإن الرضاع لا يعتبر ولا يوجب التحريم ثانيهما : أن تكون ممن تحمل فإذا رضع من امرأة لا تحمل فإن رضاعه لا يعتبر ولا فرق في التحريم بين أن تكون المرضعة على قيد الحياة أو رضع منها وهي ميتة مادام اللبن ناشئا عن الحمل بالفعل . فإذا كانت عجوزا أو يائسة من الحيض والحبل ولم يكن لبنها ناشئا من حبل سابق " فإن الرضاع منها لا يحرم " خلافا للحنفية والمالكية أما الشافعية فإنهم وإن قالوا : إن المعتبر هو اللبن الناشئ من الحمل إلا(12/449)
أنهم اكتفوا في ذلك باحتمال الحمل ومتى بلغت سن تسع سنين وهو سن الحيض عندهم كان حملها وولادتها محتملين ولو لم تحض بالفعل لأن حيضها محتمل أيضا فالاحتمال عندهم كاف أما الحنابلة فإنهم يشترطون أن يكون اللبن ناشئا من الحمل ولذا قالوا في تعريف الرضاع : إنه مص أو شرب لبن ثاب من حمل وثاب بمعنى اجتمع أي اجتمع في ثدي المرأة أو بمعنى رجع إلى ثدي المرأة بسبب الحمل أما الرضيع فيشترط فيه أن يكون طفلا لم يتجاوز الحولين فإن تجاوزهما ولو بلحظة لا يعتبر رضاع ولا فرق بين أن يكون قد رضع في أثناء الحولين بعد فطامه . أو لا وإذا رضع الطفل أربع مرات وبلغ الحولين يقينا في أول الخامسة فإن رضاعه يعتبر اكتفاء بالرضاع الذي مضى أما اللبن فيشترط في مقداره أن يكون خمس رضعات وتعتبر الرضعة بترك الصبي للثدي فإذا أعطي الثدي للطفل فامتصه ثم تركه ولو قهرا عنه كأن قطعته المرضعة أو قطعه للتنفس أو للانتقال من ثدي إلى ثدي فإنها تحتسب عليه رضعة من الخمس خلافا للشافعية في هذا التفصيل ويشترط أن يصل إلى المعدة من طريق الفم أو بالصب في الحلق أو الأنف ويقال للأول : وجور وللثاني سعوط كما تقدم
وإذا فرض وعمل لبن الثدي جبنا أو قشدة وأكل منه الطفل فإنه يعتبر كالرضاع وكذا إذا خلط بماء ونحوه وبقيت صفات اللبن به فإنه يحرم أما إذا استهلكت صفاته في الماء فإنه لا يحرم وإذا نزل اللبن في حلقه ثم تقايأه ولم يصل إلى جوفه لا يحرم وكذا إذا وصل بحقنة من القبل أو الدبر فإنه لا يحرم لأنه ليس برضاع وليس بمغذ في هذه الحالة )
مبحث من يحرم بالرضاع ومن لا يحرم
- قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم : " يحرم بالرضاع ما يحرم من النسب " رواه الشيخان هذا الحديث يدل على أن الرضاع يحرم الأصناف التي حرمها النسب وهي سبعة أصناف :
الأول : الأم سواء كانت أما مباشرة أو أما بواسطة الأب والجد فيشمل الجدة وإن علت سواء كانت جدة لأب أو جدة لأم
الثاني : البنت والمراد بها البنت الصلبية وهي بنت الإنسان مباشرة أو البنت بالواسطة وهي بنت البنت وإن نزلت وبنت الابن وإن نزلت
الثالث : الأخت سواء كانت شقيقة أو لأب أو لأم
الرابع : بنت الأخت بأقسامها وإن نزلت
الخامس : بنت الأخ سواء كان شقيقا أو لأب أو لأم وإن نزلت
السادس : العمات فالعمة محرمة . سواء كانت أخت الأب شقيقته أو أخته لأبيه أو أخته لأمه أما عمة العمة فإنها لا تحرم إلا إذا كانت العمة القريبة شقيقة للأب أو كانت أخته لأبيه أما كانت أخته لأمه فإن عمتها لا تحرم مثلا عمة محمد فاطمة أخت أبيه إبراهيم شقيقته ولدهما جده هاشم من جدته محبوبة ولجده هاشم هذا أخت اسمها خضرة فخضرة هذه عمة محمد والعمة وهي فاطمة لأنها أخت أبيها هاشم وهي عمة إبراهيم أيضا والد محمد فخضرة هذه عمة محمد بالواسطة فهي محرمة عليه كعمته فاطمة بلا فرق ومثل ذلك ما إذا كان فاطمة أخت إبراهيم من أبيه هاشم(12/450)
فقط ولها أم أخرى اسمها نائلة تزوجها هاشم على محبوبة أم إبراهيم ولهاشم أخت اسمها خضرة فإن خضرة أيضا تكون محرمة على إبراهيم لأنها لا زالت عمة عمته فاطمة أخت هاشم جد محمد أما إذا كانت فاطمة أخت إبراهيم من أمه محبوبة ولها أب آخر اسمه حامد ولحامد هذا أخت اسمها خضرة فإنها تحل لمحمد لأنها ليست أخت جده هاشم بل هي أخت حامد الأجنبي زوج جدته محبوبة قبل أن تتزوج بجده فلا علاقة له بها مثل ذلك ما إذا كانت عمة الأم مثلا : أحمد أمه ناعسة بنت إسماعيل بن محمد ولإسماعيل أخت اسمها وردة فوردة هذه عمة لناعسة وهي محرمة على أحمد لأنها عمة أمه سواء كانت أخت إسماعيل لأبيه أو أمه وذلك لأنها أخت جده لأمه ولكن كانت وردة أخت إسماعيل لأمه فلم يكن والدها محمدا أبا إسماعيل بل كان لها والد آخر اسمه رياض مثلا وكان رياض أخت اسمها فوزية مثلا فإنها تكون عمة لوردة عمة أم أحمد ولكنها تحل لأحمد . وعلى هذا القياس في عمات الأجداد وعماتهن سواء أجداد الآباء أو الأمهات فالعمات يحرمن من أي نوع وإن علون عمات العمات يحرمن إذا كن من جهة الآباء لا من جهة الأمهات
الصنف السابع : الخالات وخالات الخالات فالخالات محرمات من أي نوع سواء كن شقيقات الأمهات أو أخواتهن لأب أو لأم وأما خالات الخالات فإنهن يحرمن إذا كن شقيقات أمهات الأمهات أو كن إخواتهن لأم فقط عكس عمات العمات فإنهن لا يحرمن إلا إذا كن من جهة الآباء كما تقدم وإليك مثلا في الحالات وخالات الخالات تقيس عليه الباقيات
إبراهيم أمه هانم لها أخت اسمها نفيسة ولدها أبو طالب من زوجته ظريفة فنفيسة خالة إبراهيم شقيقة أمه محرمة عليه ومثل ذلك ما إذا كانت نفيسة أخت هانم من أبيها أبي طالب فقط ولها أم أخرى غير ظريفة اسمها مريم أو كانت أخت هانم من أمها ظريفة فقط لها أب آخر اسمه علي فإذا كانت هانم أخت نفيسة لأبيها أبي طالب فقط وأمها مريم لها أخت اسمها سعدية فإن سعدية تحل لإبراهيم وإن كانت خالة خالته نفيسة لأنها في هذه الحالة خالة لنفيسة فقط وليست خالة لأختها هانم بل تكون أختا لزوجة أبيها أبي طالب فهي حلال لأبنها إبراهيم أما إذا كانت أخت نفيسة لأمها ظريفة فقط وكان لظريفة أخت اسمها شريفة كانت شريفة في هذه الحالة خالة نفيسة وخالة هانم أم إبراهيم فلا تحل له لأنها خالته بالواسطة فهذه هي الأنواع السبعة المحرمة من النسب فتحرم بالرضاع على هذا التفصيل
فإذا رضع الطفل الأجنبي من امرأة كانت أمه فيحرم عليه أن يتزوجها كما يحرم عليه أن يتزوج بنتها أو بنت بنتها وإن نزلت لأنها أخته وبنت أخته ولا بنت ابنها وإن نزلت لأنها بنت أخيه ولا أختها لأنها خالته ولا أمها لأنها جدته ومثل ذلك زوج مرضعته الذي جاءها اللبن منه . فإنه يكون أبا له فيحرم عليه أيتزوج بنته لأنها أخته ولو كانت من امرأة أخرى ولا بنت بنته وإن نزلت ولا بنت ابنه كذلك وكذا يحرم عليه أن يتزوج أخت أبيه من الرضاع لأنها عمته ولا أمه لأنها جدته وكذل يحرم على الرجل زوج المرضعة أن يتزوج بنت ابنه من الرضاعة ولا بنتها إن نزلت أم أمه فإنها تحل له كما حلت له أم ابنه نسبا جدته وأخته كما سيأتي قريبا(12/451)
وكذلك لأخ الرضيع أن يتزوج أخت أخيه من الرضاع كما لغيره من حواشيه وذلك لأن الحرمة بالنسبة للرضيع لا تسري إلا على فروعه فقط فلآبائه أن يتزوجوا بأم المرضعة وأخواته من الرضاع وكذلك لحواشيه من أعمامه وأخواله وإخوته وغير ذلك كما يأتي أما المرضعة فتحرم أصولها وفرعها وحواشيها دائما فلا يحل للرضيع ولا فروعه التزوج منهم وأما زوجها ذو اللبن فذلك تسري الحرمة منه إلى أصوله وفرعه وحواشيه فلا يحل للرضيع أحد منهم فإذا كان الطفل أنثى فإنه يجري منه التفصيل المذكور وهو أن المرضعة تكون أما له ويكون زوجها الذي جاءها منه اللبن أباها فتحرم البنت الرضيعة على أصول هذه المرأة وهم آباءهم لأنهم أجدادها لأمها كما تحرم على فروعها لأنهم إخوتها وكذلك تحرم على أخوات المرضعة لأنهم أخوالها ومثل أخوال المرضعة في ذلك زوجها الذي جاء منه اللبن فإن الرضيعة بنته من الرضاع فلا تحل له وأخت أولاده مطلقا سواء كانوا من أمها المرضعة كما قلنا أو من زوجة أخرى . فلا تحل لواحد منهم كما لا تحل لإخوته لأنهم أعمامها ولا لأعمامه لأنها بنت أخيهم . ولا لأخواله لأنها بنت ابن أختهم . وأما أولاد الرضيعة فإنهم لا يحلون كذلك لأمها من الرضاع لأنها جدتهم . ولا لأولادها لأنهم أخوال وخالات لهم ولا لآباء المرضعة لأنهم أجدادهم وجداتهم
وبالجملة فلا يحلون لأصول المرضعة وفروعها وحاشيتها وكذلك الرجل صاحب اللبن فإن أولاد الرضيع لا يحلون لأصوله وفروعه وحواشيه أما أصول الرضيعة وحواشيها فلا يسري إليهم التحريم فيحل لأب البنت الرضيعة أن يتزوج أمها من الرضاع وجدتها وأختها وخالتها وعمتها وهكذا . كما يحل ذلك لأخيها وعمها وهكذا
هذا إذا رضع الطفل أما إذا رضع أبوه أو جده أو جدته أم أبيه أو رضعت أمه أو جدته لأمه من امرأة كانت المرضعة في الحالة الأولى جدة له من جهة الأب فأبناؤها وبناتها أعمام له أو عمات وفي الحالة الثانية كانت المرضعة جدة له من جهة الأم فأبناؤها وبناتها أخوال له . وخالات . فيجري التحريم على هذا الوجه . ويمكن تعريف الأم في الرضاع بأنها هي التي أرضعت الطفل أو أرضعت من ينتهي نسبه إليها بالولادة فيشمل من أرضعت آباءه وأمهاته وتعريف بنت الرضاع بأنها التي أرضعتها زوجة الرجل أو بنته أو زوجة ابنه فيشمل البنت مباشرة وبنت البنت وبنت الابن وسيأتي استثناء في بعض صور هذه الأخيرة وتعريف أخت الرضاع بأنها كل بنت ولدتها المرضعة أو ولدها زوجها الذي جاء منه اللبن وكذا كل من رضعت مع الولد من ثدي واحد لا فرق بين أن يكون الولد الثاني ابنا للمرضعة من النسب أو من الرضاع وكذا لا فرق بين أن يكونا قد رضعا في زمن واحد أو في أزمنة مختلفة بل المدار في ثبوت الأخوة على الرضاع من ثدي واحد وبنت الأخ هي من أرضعتها زوجة أخيك بلبنه النازل من المرأة بسببه وبنت الأخت هي من أرضعتها أختك وتحرم بنت الأخ وبنت الأخت على زوج المرضعة لا على أولاده لأنها تحل لهم نسبا والعمات هن أخوات زوج المرضعة وعمات العمات هن أخوات آباء العمات ولا تحرم عمات العمات إلا إذا كانت العمات من جهة الآباء لا من جهة الأمهات كما تقدم توضيحه والخالات هن أخوات المرضعة وخالات(12/452)
الخالات هن أخوات أمهات الخالات ولا يحرمن إلا إذا كن من جهات الأمهات على التفصيل المتقدم
فهذا بيان المحرمات المذكورة في الحديث من النسب ومن الرضاع ولكن بقيت المحرمات بسبب المصاهرة وهي لم يشملها الحديث فلا يصح أن يقال : ويستثنى من هذا كذا وبيان ذلك أن المحرمات بالمصاهرة قسمان : قسم يحرم بالرضاع كما يحرم بالمصاهرة وقسم يحرم بالمصاهرة ولا يحرم بالرضاع فالأول : أم الزوجة وبنتها فإنهما يحرمان بالمصاهرة والرضاع فإذا رضعت طفلة من امرأة ثم تزوجت فلا يحل لزوجها أن يتزوج المرضعة التي أرضعتها لأنها أمها كما لا يحل له أن يتزوج أمها من النسب وكذا إذا تزوج المرضعة نفسها فإنه لا يحل له أن يتزوج الطفلة التي أرضعتها إذا كان قد دخل بها أما إذا لم يدخل بها فإنه يحل كما تقدم في المحرمات بالنسب
وكذا أخت الزوجة وخالتها وعمتها فإنه لا يجوز الجمع بينهن بسبب المصاهرة والرضاع فلا يحل للرجل أن يتزوج امرأة رضعت ثدي أخرى ويتزوج معها بنت المرضعة التي أرضعتها لأنها أختها من الرضاع إذا لا يحل الجمع بين الأختين رضاعا ونسبا ومثلها بنت زوج المرضعة التي جاءها منه اللبن لأنها أختها وأيضا لا يحل له الجمع بين زوجته وبين أخت مرضعتها أو أخت زوج مرضعتها لأن الأولى خالتها والثانية عمتها ولا يحل الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها نسبا ورضاعا وكذا لا يحل له أن يجمع بينها وبين بنت أخيها من الرضاع أو بنت أختها
وأما القسم الثاني : وهو ما يحرم بالمصاهرة ولا يحرم بالرضاع فهو أمور :
أحدها : أم الأخ سواء كان شقيقا أو غير شقيق ولكن إذا كان شقيقا كانت أم أخيه أمه هو وحرمتها ثابتة بالنسب لا بالمصاهرة وقد تقدم أن الأم محرمة نسبا ورضاعا فليست مقصودة هنا بل المقصود امرأة الأب لأن تحريمها بالمصاهرة فلا يحل للشخص أن يتزوج امرأة أبيه وهي أم أخيه غير الشقيق ولكن إذا أرضعت أخاه أجنبية فإنها تحل له ومثل أم الأخ أم الأخت لأنها إما أم إذا كانت الأخت شقيقة وإما امرأة أب إذا لم تكن كذلك والأولى محرمة نسبا ورضاعا والثانية محرمة بالمصاهرة لا بالرضاع وهي المقصود هنا
هذا إذا كان الأخ أو الأخت من النسب والأم من النسب أو الرضاع وقد عرفت أن أم الأخ النسبية هي أم الرجل هي محرمة نسبا ورضاعا وأم الأخ بالمصاهرة هي زوجة الأب وهي محرمة بالمصاهرة أما أم الأخ أو الأخت من الرضاع فهي غير محرمة ومثل ذلك ما إذا كان الأخ أو الأخت من الرضاع بأن رضع طفلان من ثدي امرأة فصارا أخوين بالرضاع ثم رضع أحدهما من مرضعة أخرى فهذه المرضعة تكون أم أخيه من الرضاع فتحل له . وكذا لو كان لأخيه من الرضاع أم من النسب فإنها تحل له
ثانيها : أم ولد الولد - سواء كان ذكرا أو أنثى . لأن الولد يشملهما وكما لا يخفى وهكذا في كل ما يأتي - ويقال لها : أم نافلة أي أم ولد نافلة وهو ولد الولد وسمى نافلة لزيادته على الولد فنافلة صفة لولد الولد وأم ولد الولد تحتمل معنيين الأول : أن تكون زوجة ابنك إذ هي أم ولد ابنك وهو حفيدك . والثاني : أن تكون بنتك لأن(12/453)
البنت أم ولد الولد وهو حفيد الرجل فالحفيد إما ان يكون ابن الابن أو بنت البنت والثانية ليست مرادة هنا لأن تحريم البنت قد تقدم في المحرمات بالنسب بل المراد الأولى وهي زوجة الابن ويقال لها أم ولد الولد وهي محرمة بالمصاهرة لا بالرضاع فلو أرضعت أجنبية ولد ولدك - حفيدك - فإن لك أن تتزوجها ومثل ما إذا أرضعت زوجة ابنك ولدا أجنبيا وله أم من النسب فإنها تحل لك وكذا لو كان له أم أخرى أرضعته فإنها تحل لك فأم ولد الولد المحرمة زوجة الابن خاصة فإذا أرضعت ولد الولد أجنبية وكانت أمه من الرضاع لا تحرم أو أرضعت زوجة الولد أجنبيا فإنه يكون حفيد الرجل في الرضاع لأنه رضع لبن ابنه وكانت لهذا الولد أم نسبية فإنها تحل وكذا إذا كانت له أم أخرى من الرضاع فإنها تحل فالتي تحرم فقط هي زوجة الابن وهي أم ولد الولد سواء كان من النسب أو كان ولد ولد بسبب الرضاع أما أمهات ولد الولد من الرضاع أو من النسب - غير زوجة الابن - فإنهن لا يحرمن
ثالثها : جدة الولد وجدة ولد الإنسان إما أمه وإما أم زوجته والأولى غير مقصودة هنا والثانية وهي أم تحرم بالمصاهرة لا بالرضاع فلو أرضعت أجنبية ولدك فلا تحرم عليك أم هذه المرضعة مع كونها جدة ابنك في الرضاع لأمه
هذا إذا كان الابن نسبيا وله جدة من الرضاع أما إذا كان رضاعيا بأن أرضعت زوجتك طفلا أجنبيا وله جدة من النسب سواء كانت لأب أو لأم أو كانت له جدة رضاعية بأن رضع ثدي امرأة أخرى لها أم فإن جداته تحل لوالده في الرضاع على كل حال
أما أم الولد من النسب فهي زوجة الرجل وأما أمه من الرضاع أي مرضعة الولد فإنها تحل لأبيه بلا كلام فأم الولد حلال لأبيه نسبا ورضاعا
رابعها : أخت ولدك وهي إما أن تكون بنتك أو تكون بنت امرأتك والأولى أخت ولدك لأبيه والثانية أخته لأمه والأولى غير مقصودة هنا لأن البنت محرمة بالنسب والرضاع كما تقدم أما الثانية فإنها تحرم بالمصاهرة إذ لا يجوز للرجل أن يتزوج بأخته من الرضاع سواء كانت أخته بنت المرضعة أو بنت زوجها الذي نشأ اللبن بسببه أو كانت أجنبية عنهما ولكن رضعت من ثدي مرضعته
هذا إذا كان الولد نسبيا وكانت أخته نسبية أو رضاعية أما إذا كان الولد رضاعيا بأن أرضعت زوجتك طفلا أجنبيا وكان له أخت من النسب أو أخت من الرضاع رضع هو وهي من ثدي امرأة أخرى غير زوجتك فإنهما يحلان لك كذلك
وههنا مسألة وهي ما إذا رضع الابن من جدته لأمه نسبا فهل تحرم أمه على زوجها ؟ والجواب : كلا فإن أمه في هذه الحالة تكون أختا للولد من الرضاع وقد عرفت أن أخت الولد من الرضاع تحل لأبيه وأخت البنت كأخت الابن في جميع ما ذكر
خامسها : أم العمة أو العم وأم العمة إما أن تكون هي الجدة كما إذا كانت العمة شقيقة أو تكون هي زوجة الجد إذا كانت غير شقيقة وقد عرفت أن الأولى غير مقصودة لأن الجدة حرمتها كحرمة الأم بالنسب لا بالمصاهرة والثانية وهي زوجة الجد لا يحل نكاحها بالمصاهرة ويحل بالرضاع فلو أرضعت أجنبية العم أو العمة وصارت أما لهما فإنها لا تحرم بالرضاع(12/454)
هذا إذا كان العم أو العمة من النسب وأمهما من النسب أو الرضاع ومثل ذلك ما إذا كانا من الرضاع بأن أرضعت جدته أم أبيه أجنبيا أو أجنبية فصار له عما أو صارت له عمة بسبب هذا الرضاع وكان لأحد العمين أم غير جدته رضع منها فيقال لها : أم رضاعية أو كان له أم نسبية فإن الأمين تحلان
سادسها : أم الخال أو الخالة وأم الخال هي الجدة لأم وتحريمها ثابت بالنسب وبالرضاع كالأم وقد تقدم والمقصود هنا زوجة الجد لأم وهي لا تحل مصاهرة وتحل رضاعا فلو أرضعت أجنبية خالك أو خالتك فإنها تحل لك وإن كانت أما لهما ويقال في أم الخال والخالة مثل ما قيل في أم العم والعمة
وبعد فقد بقيت ههنا مسألتان : احداهما أنه قد تقدم أن حرمة المصاهرة تثبت بالعقد الصحيح وبالوطء ولو كان بعقد فاسد أو بشبهة وتقدم الخلاف في ثبوت حرمة المصاهرة بالزنا فهل تثبت الحرمة في الرضاع بالزنا أو لا ؟ . ثانيتهما ما حد لبن الرجل النازل للمرأة فهل يشترط فيه أن يكون نازلا بسبب الحمل والولادة بوطء هذا الرجل أو لا ؟ وإذا نزل للمرأة لبن وهي تحت زوج ثم طلقها وتزوجت بآخر ورضع منها طفل بعد طلاقها من الأول فمن منهما يكون أبا الطفل من الرضاع ؟
والجواب عن المسألة الأولى : هو أنه إذا زنى رجل بامرأة وجاءت بولد من هذا الزنا ونزل لها لبن بسبب هذه الولادة فأرضعت منه طفلة أجنبية أصبحت هذه الطفلة بنتا للزانية بلا كلام كما أن ولد الزنا ابنها بلا خلاف فتحرم الرضيعة على أصولها وفروعها وحواشيها وإن كان الرضيع ذكرا حرمت عليه المرضعة وأصولها وفروعها وحواشيها كما يحرمون على ولد الزنا نفسه . أما الزاني فإن هذه الطفلة تحرم عليه ( 1 )
وأما الجواب عن المسألة الثانية ففيه تفصيل المذاهب ( 2 )
_________
( 1 ) ( الشافعية - قالوا : إنهم يوافقون على ثبوت المولود من الزنا لأمه فتحرم عليه هي وأصولها وفروعها وحواشيها لأنه إنسان انفصل منها مثل المولود من الزنا ولد الرضاع فتحرم عليه من مرضعته وأصولها وفروعها وحواشيها كذلك أما الزاني فإنهم يخالفون في ثبوت أبوته للمولود من الزنا لأنه لم ينزل منه سوى مني مهدر لا حرمة له فما يتولد منه لا يكون له ابن فيحل للزاني أن يتزوج بنته من الزنا كما يحل لأصوله وفروعه مع الكراهة فقط
الحنابلة - قالوا : إنه وإن كان يحرم على الرجل أن يتزوج بنته من الزنا ولكن البنت التي رضعت من لبن الزنا لا تكون بنتا له بحال وذلك لأن اللبن لا يثبت له إلا إذا كان ناشئا من حمل ثبت نسبه من الرجل ولحق به فإن لم يثبت نسبه لم يكن له علاقة بهذا اللبن فمن رضع منه لا يكون ابنا له فلا تثبت بينهما حرمة مصاهرة فالبنت التي شربت من اللبن الناشئ من الزنا لا تحرم عليه ولا على أصوله وفروعه كما سيأتي في المسألة الثانية . ) وعلى أصوله وفروعه فقط فلا تحرم على إخوته وأعمامه وأخواله كما تحرم بنت الزنا نفسها وذلك لأن المولودة من الزنا لم يثبت نسبها منه فلم تنشر الحرمة إلى حواشي الرجل وإنما حرمت عليه أصوله(12/455)
وفروعه لكونها جزءا منه متولدة من منيه كما تتولد بنت النسب وقد رضعت من لبنه القائم مقام المني في تحقيق هذه الجزئية
( 2 ) ( الحنفية - قالوا : لبن الرجل الذي يثبت به أبوته للرضيع يشترط فيه أن ينزل لزوجته بعد حملها وولادتها منه فإذا تزوج رجل بامرأة ولم تلد منه قط ثم نزل لها لبن فأرضعت صبيا كان الصبي ابنا للمرأة بخصوصها فيحرم عليه أن يتزوج أصولها وفروعها ومحارمها ولا فرق في ذلك بين أن يكون اللبن قد نزل لها وهي بكر أو نزل لها بعد أن وطئها وإذا حملت ولم تلد لم يكف الحمل في ثبوت اللبن للرجل بل لابد من الولادة خلافا للشافعية أما الرجل فلا يكون أباه فله أن يتزوج أصوله وفروعه من غير هذه المرضعة وإذا طلق رجل زوجته ولها لبن منه ثم تزوجت برجل آخر بعد ما انقضت عدتها ووطئها الثاني وجاءت منه بولد مع استمرار اللبن الأول فإن اللبن يصير للزوج الثاني بلا خلاف بحيث لو أرضعت طفلا يكون للثاني أما إذا لم تحمل من الثاني فاللبن يكون للأول بلا خلاف وإذا حملت من الثاني ولكنها لم تلد منه واستمر اللبن الأول وأرضعت منه طفلا فالصحيح أنه يكون ابن الأول حتى تلد من الثاني وإذا تزوج الرجل امرأة فولدت منه ولدا فأرضعته ثم يبس اللبن وانقطع ثم در لها لبن بعد ذلك فأرضعت به صبيا أجنبيا لم يكن هذا الصبي ابنا لزوج المرضعة لأن لبنه قد انقطع ولهذا الصبي أن يتزوج أولاد هذا الرجل من غير المرضعة وعلى هذا إذا طلقها وانقطع من ثديها ثم تزوجت بآخر ونزل لها اللبن قبل أن تحمل منه كان اللبن للثاني
الشافعية - قالوا : يشترط في ثبوت الأبوة باللبن أن يكون الولد الذي نزل بسببه اللبن ثبت نسبه من الرجل فلو ولد لرجل ولد ونزل لزوجته لبن بسبب هذه الولادة ثم نفاه وقال : إنه ليس ابنا لي ولم يثبت نسبه منه وأرضعت زوجته طفلا من هذا اللبن لم يكن الطفل ابنا لذلك الرجل فلا حرمة بينهما فإذا استحلفه ثانيا وقال : إنه ابني عادت الحرمة بينه وبين الرضيع وبهذا تعلم أن لبن الزنا لا قيمة له لأن ولد الزنا لا يثبت نسبه
وإذا تزوجت امرأة رجلا وجاءت منه بولد نزل لها لبن بسببه ثم طلقها وتزوجت آخر فإن لبن الأول يستمر بحيث لو رضع منها طفل كان ابنا من الرضاع للأول ما لم تلد من الثاني فإذا ولدت انقطع لبن الأول وصار اللبن للثاني وهذا بخلاف ما إذا نزل اللبن للبكر ثم تزوجت واستمر لبنها فإنه يكون لها دون زوجها حتى تحمل منه فإذا حملت صار اللبن لهما وإن لم تلد والفرق بين الصورتين ظاهر فالبن في الأولى نزل بسبب ولادة الزوج الأول فكان له بخصوصه ولا ينقطع إلا بولادة الثاني أما في الثانية فإنه نزل للبكر من غير زوج فكان أضعف من الأول
ومن هذا يتضح أن اللبن لا ينقطع نسبته عن الأول إلا بالولادة من غيره ولو طالت المدة أو انقطع اللبن وعاد ثانيا خلافا للحنفية في هذا وما قبله
المالكية - قالوا : يثبت اللبن للرجل بشرطين :
الأول : أن يطأ زوجته . الثاني : أن ينزل فلو عقد عليها أو وطئها ولم ينزل وكان بها لبن فإنه لا يثبت له فإذا عقد على بكر بها لبن ولم يدخل بها ورضع منها طفل كان الطفل ابن المرضعة دون الرجل ومثل ذلك ما إذا زنى الرجل بامرأة ونزل لها(12/456)
لبن كان لبنه على المعتمد وفاقا للحنفية وهو المذكور - في الصلب - ويستمر هذا اللبن من حين الوطء إلى أن ينقطع ولو مكث سنين عديدة فلو طلقها أو مات عنها ولم تتزوج غيره واستمر بها اللبن كان لبنه فتثبت به حرمة المصاهرة فلو طلقها أو مات عنها وتزوجت غيره بعد انقضاء عدتها ولبن الأول في ثديها ثم وطئها الزوج الثاني وأنزل كان اللبن مشتركا بين الاثنين فلو رضع منه طفل كان ابنا للزوجين الزوج المطلق والثاني فتثبت حرمة المصاهرة بينه وبينهما معا وكذا لو تزوجها ثالث ولبن الثاني والأول في صدرها فإنه بعد وطئها وإنزاله لم يشترك من قبله في أبوة الرضيع وهكذا أما إذا تزوجت رجلا وولدت منه وأرضعت ابنه حتى فطم وانقطع لبنها وتزوجت الآخر ونزل لها لبن بعد وطئها وإنزاله فإنه يكون لبن الثاني فيشترط في اشتراك الأول والثاني في اللبن أمران :
أحدهما : أن لا ينقطع لبن الأول من ثديها قبل أن يطأها الزوج الثاني فإن انقطع ووطئها الثاني كان اللبن خاصا بالثاني
ثانيهما : أن يطأها الثاني وينزل أما قبل ذلك فإن اللبن يكون للأول فقط
الحنابلة - قالوا : لا يثبت اللبن للرجل إلا بشرطين : الأول أن يكون اللبن نزل للمرأة بسبب حملها المكون من وطئه فاللبن الذي ينزل للبكر . أو ينزل للمرأة التي تزوجت رجلا ووطئها ولم تحمل فإنه لا يثبت به حرمة المصاهرة لا في جانب المرأة ولا في جانب الرجل . الشرط الثاني : أن يثبت نسب ذلك لحمل من الرجل فلو تزوج امرأة ووطئها وحملت منه ولكن نفي ذلك الحمل ولم يثبت نسبه منه ورضع من لبنه النازل بثدي المرأة طفل فإنه لا يكون ابنا له فلا حرمة بينه وبينه ولكن يكون ابنا للمرأة تثبت بينهما حرمة المصاهرة على الوجه السابق ومثل ذلك ما إذا زنى رجل بامرأة وجاءت منه بولد زنا ونزل لها لبن بسبب الولادة وأرضعت منه طفلا فإن الطفل لا يكون ابنا للزاني لأن لبن الزنا لا يعتبر إذ قد عرفت أن حرمة الرضاع فرع ثبوت النسب ولكن يكون ابنا للزانية كما عرفت )
مبحث ما يثبت به الرضاع
يثبت الرضاع إما بالشهود وإما بإقرار الزوجين : أو أحدهما على تفصيل في المذاهب ( 1 )
_________
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : الرضاع كالمال يثبت بالشهود العدول . وبالإقرار فأما الشهود فيشترط أن يشهد رجلان عدلان . أو رجل وامرأتان عدول فلا يكفي في إثبات الرضاع خبر العدل الواحد سواء كان رجلا أو امرأة كما لا يكفي إخبار غير العدول وكذا لا يكفي إخبار أربع نسوة عدول بل لا بد أن يكون في الشهادة رجل ثم إن الشهود إن شهدوا بين يدي الزوجين بأن بينهما رضاعا وجب عليهما أن يفترقا بالفسخ فإن لم يفعلا وجب على القاضي أن يفرق بينهما وبعد تريق القاضي يرتفع النكاح بينهما فلو وطئها بعده كان زانيا عليه الحد وهذا معنى قولهم : لا تقع الفرقة في الرضاع إلا بتفريق القاضي أي فلو وطئها قبل ذلك وقبل المتاركة وهو فسخ العقد منهما فلا حد عليهما(12/457)
وإذا أخبر الشهود العدول المرأة وحدها وكان زوجها غائبا أو مسافرا ثم حضر فإنه عليها أن تفارقه ولا تمكنه من نفسها قبل فسخ العقد منهما . أو من القاضي كما لا يحل لها أن تتزوج بغيره قبل ذلك على المعتمد وكذا إذا خبر الزوج وحده فإنه يجب عليه مفارقتها ويأثم بوطئها كما ذكرنا
أم الشهادة بين يدي القاضي بالرضاع فإنه لا يلزم لها دعوى المرأة بل يثبت حسبة لأن دعوى الرضاع تتضمن حرمة فرج . وحرمة الفروج حق الله تعالى . كما في الشهادة بالطلاق
فإذا أخبرتهما امرأة عدلة واحدة بأنها أرضعتهما من ثديها فذلك الإخبار على أربعة أوجه :
الوجه الأول : أن يصدقاها معا وفي هذه الحالة يفسد النكاح ويجب عليهما أن يتفرقا بالقول بعد الدخول أما قبل الدخول فإنه تكفي المفارقة بالأبدان ولا تستحق قبله مهرا وإن لم يتفرقا فإنه يجب على القاضي أن يفرق بينهما وذلك لأن تصديقهما بخبرهما إقرار له فكأنهما بهذا قد اعترفا بفساد العقد بينهما
الوجه الثاني : أن يكذباها معا وفي هذه الحالة لا يفسد النكاح ولا يجب عليهما أن يفترقا ولكن الأحوط أن يفترقا ثم إن كان ذلك قبل الدخول فإن الزوج لا يلزم بالمهر ولكن الأفضل أن يدفع لها نصف المهر والأفضل لها أن تأخذ منه شيئا وإن كان بعد الدخول فإنه يلزم بالأقل من المسمى ومن مهر المثل ولا يلزم بنفقة العدة والسكنى ولكن الأفضل له أن يعطيها المسمى ولو كان أكثر وأن يعطيها النفقة والسكنى والأفضل لها أن لا تقبل إلا مهر المثل إن كان أقل من المسمى ولا تقبل النفقة والسكنى فإذا لم يفعلا وأرادا البقاء على الزوجية فإنه يصح مع مخالفة الأحوط
الوجه الثالث : أن يصدقها الزوج وتكذبها المرأة وفي هذه الحالة يفسد العقد ويبقى المهر على الزوج بحاله سواء كان ذلك قبل الدخول أو بعده لأن الفرقة تكون من قبله
الوجه الرابع : العكس بأن تصدقها الزوجة ويكذبها الزوج وفي هذه الحالة لا يفسد النكاح ولكن للزوجة الحق في تحليفه اليمين فإن نكل فرق القاضي بينهما
هذا إذا كانت المخبرة الواحدة عدلة فإن كانت غير عدلة فإن اخبارها لا قيمة له ومثل شهادة العدلة الواحدة شهادة رجل وامرأة واحدة أو شهادة رجل وامرأتين غير عدل فإنها تكون على التفصيل المتقدم . فإن صدق الزوجان شهادتهم أو صدقها الزوج فقط فسد النكاح . وإلا أورث شكا يجعل الحيطة في المفارقة
هذا ما يتعلق بالشهود . أما الإقرار فلا يخلو إما أن يقع من الزوج وحده أو من الزوجة وحدها . أو منهما معا فإن وقع من الزوج وحده فإنه يعمل به ما لم يرجع عنه ويقبل رجوعه إذا لم يؤكد ومعنى تأكيده إياه أن يقول إن ما قلته من أنها أختي من الرضاع مثلا حق أو مؤكد أو ثابت أو يقول : إن ما أقررت به ثابت أما إذا لم يقل هذه العبارة ثم رجع وقال إن ما أقررت به أو قلته خطأ فإنه يصح رجوعه وتبقى الزوجية بينهما ولو كرر الإقرار فإن تكرار لا يؤكد بل تأكيده يكون بالعبارة التي ذكرناها(12/458)
وإن وقع الإقرار من الزوجة وحدها كأن قالت : إنني أخته من الرضاع فإن إقرارها لا يعتبر سواء أقرت قبل العقد أو بعده وسواء أصرت على الإقرار أو رجعت عنه وسواء أكدته أو لم تؤكده وذلك لأن الحرمة لم يجعلها الشارع لها فلا يعتبر إقرارها بالحرمة ولو أصرت عليه على المعتمد
ومثل ذلك ما إذا أقرت وحدها بأن زوجها طلقها ثلاثا فإن إقرارها لا يعتبر لأن حرمتها بالطلاق ليست منوطة بها فإقرارها به لا يعتبر فلها أن تعاشره إذا أنكر أما إذا وقع الإقرار منهما معا فإن وقع من الزوج مؤكدا على الوجه السابق فإنه ينفذ ولو رجعا معا عن الإقرار وإلا فإن رجوعهما يصح ومثله رجوع الزوج وحده كما عرفت
المالكية - قالوا : يثبت الرضاع بالإقرار والبينة فإذا أقر الزوجان بالرضاع سواء كانا أخوين رضاعا أو كانت المرضعة أمه أو عمته أو خالته أو نحو ذلك مما تقدم فإن النكاح يفسخ بينهما سواء كان ذلك الإقرار قبل الدخول أو بعده
وإذ أقرت الزوجة بالرضاع وأنكر الزوج فإن إقرارها لا يعتبر لأنها متهمة في ذلك الإقرار منه فإن أقرت بذلك قبل الدخول فطلقها الزوج قبل أن يدخل فلا مهر لها لأنها أقرت بفساد العقد فلا تستحق المهر ومثل ذلك ما إذا أقرت بالرضاع ثم ماتت فإنها لا تستحق المهر أيضا فإن موتها في هذه الحالة لا يؤكد صداقها لسبب إقرارها بفساد العقد قبل الموت
أما إذا أقر الزوج وحده فأنكرت هي فإنه يؤخذ بإقراره لأنه لا يتهم الرضاع حيلة للخلاص منها لأن طلاقها بيده وإنما يتهم في أنه ادعى ذلك ليفر من الصداق قل الدخول ولهذا لا يسقط عنه المهر إذا ادعى الرضاع بل يفسخ النكاح ولها نصف الصداق
وإذا جاء أحد الزوجين ببينه شهدت على إقرار أحدهما بالرضاع قبل العقد ولم يعلم بذلك إلا بعد العقد . فإن البينة تسمع ويعمل بها حتى ولو شهدت بينة حسبة لو أقامها أجنبي فإنه تسمع لا فرق في ذلك بين أن تكون البينة قد شهدت على إقرار الزوجة قبل العقد أو على إقرار الزوج أما الإقرار بعد العقد فإنك قد عرفت أنه لا يعتبر إلا من الزوج فلا يعتبر إقرار الزوجة لا تهامها بعد العقد أما قبل العقد فإنه لا يتصور اتهامها بالا قرار للخلاص من زوجها فإنها لم ترتبط به وقت الإقرار
ثم إن فسخ العقد بإقرارها معا بعد الدخول كان للزوجة الصداق المسمى أو مهر المثل عند عدم تسمية المهر أو تسمية المهر الفاسد إلا إذا كانت المرأة عالمة بالرضاع قبل العقد وأنكر الزوج العلم به عند العقد بل قال علمت بعده فإنها في الحالة لا تستحق بالدخول إلا أقل الصداق وهو ربع دينار - لئلا يخلو البضع عن الصداق بالوطء أما إذا فسخ ببينة على إقرارهما قبل العقد بالرضاع فإنه لا يتصور في هذه الحالة علم الزوجة بالرضاع دونه فتستحق المهر بالدخول كاملا إن كان مسمى وإلا فمهر المثل وكذا إن شهدت البينة على إقرار الزوج فإنه لا يتصور أن يكون جاهلا به عند العقد في هذه الحالة أما إذا قامت بينة على إقرارها قبل العقد دونه وأنكر العلم بذلك فعليه أقل المهر بالدخول(12/459)
والحاصل أنه في حالة ما إذا كان يتصور عدم علم الزوج عند العقد وأنكر العلم لم يكن للزوجة بالدخول سوى ربع دينار أما إذا كان لا يتصور عدم علمه أو لم ينكر العلم فإنه يكون لها كل المهر على الوجه المتقدم
ويلحق بإقرار الزوجين أو أحدهما إقرار الأبوين عن الصغير الذي يزوج بدون إذنه أو البالغة البكر لأنها تزوج بدون إذنها فإذا أقر والد الصغير أو والد البكر بأن بين ولده أو بنته وبين فلان رضاعا قبل العقد عليها فإن العقد يفسخ ومن باب أولى إذا أقر الأبوان معا قبل العقد أما إقرار أحد الأبوين بعد العقد فإنه لا يقبل إلا إذا كانا عدلين أو فشا منهما خبر الرضاع بين الناس قبل العقد والمراد بالأبوين : أب الزوج وأمه . أو أب الزوج وأب الزوجة أو أب أحدهما وأم الآخر . أما إقرار أميهما معا فإنه لا ينفع إلا إذا فشا بين الناس ولو كان إقرارهما قبل العقد . كما سيأتي في إخبار المرأتين الأجنبيتين
وهل يصح الرجوع عن الإقرار في الرضاع أولا ؟ أما إقرار الزوجين فلا يصح لهما الرجوع فيه وكذا إقرار الأب فإنه لا يصح له الرجوع بحيث لو قال : إنما قلت ذلك للاعتذار من الزوج فإنه لا ينفع ولا تحل له بعد قبول إقراره إلا إذا قامت قرينة على صدقه فإن بعضهم قد استظهر العمل بها أما إقرار الأم فإنها إذا رجعت فيه وقالت إنها ادعت ذلك للاعتذار فإنه ينظر هل نقل عنها ذلك قبل إرادة الزواج وفشا بين الناس أو لا ؟ فإن كان قد فشا قبل ذلك فلا يصح رجوعها ولا اعتذارها وإلا فإنه يصح رجوعها ولكن يستحب التنزه عن الزواج بعد ذلك
هذا ما يتعلق بالإقرار أما الشهادة في الرضاع فإنها تقبل من رجلين أو من امرأتين أو رجل وامرأة فإما شهادة الرجلين فإنه يشترط فيها العدالة فقط فإن كانا غير عدلين فإن شهادتهما لا تقبل إلا إذا فشا خبر الرضاع منهما قبل العقد بين الناس وأما شهادة المرأتين فإنها تقبل بشرط أن يفشو خبر الرضاع منهما بين الناس قبل العقد وإن لم تكونا عدلتين فإن كانتا عدلتين ولم يفش فلا تقبل على المشهور ومثل ذلك ما إذا شهد رجل مع امرأة واحدة فإن شهادتهما لا تكفي إلا إذا فشا خبر الرضاع قبل العقد فإن فشا تقبل وإن لم يكونا عدلين أما خبر المرأة الواحدة الأجنبية فإن الرضاع لا يثبت له ولو فشا ذلك منها قبل العقد
هذا وإذا أخبر بالرضاع شاهد لا يجب الفراق بشهادته كما إذا أخبرت امرأة أجنبية أو رجل واحد ولو كان عدلا أو أخبر رجلان غير عدلين الخ فإنه يندب للزوج أن يطلق زوجته إن كان قد عقد عليها وألا يقدم على زواجها إن لم يكن قد عقد احتياطا
الشافعية - قالوا : يثبت الرضاع بالإقرار وبشهادة الشهود فأما الإقرار فلا يخلو إما أن يكون صادرا من الزوجين . أو يكون صادرا من الزوج . أو من المرأة فقط فإن كان صادرا من الزوجين فرق بينهما ثم إن حصلت الفرقة بعد أن وطئها برضاها فلا شيء لها . كما لو حصلت قبل الوطء أما إذا وطئها مكرهة أو جاهلة فإن لها مهر المثل
وإن أقر الزوج وأنكرت الزوجة فإنه يعامل بإقراره فيفسخ نكاحهما وللزوج تحليفها بأنها لم تعلم برضاعهما فإن حلفت وكان الفسخ بعد الوطء فلها مهرها المسمى إن كان لها مهر مسمى تسمية صحيحة . وإلا كان لها مهر المثل وإن كان الفسخ قبل(12/460)
الوطء كان لها نصف المسمى . أو نصف مهر المثل عند عدم التسمية وإن نكلت عن الحلف حلف الزوج على إثبات نفس الدعوى فيحلف بأنها أخته من الرضاع أو بنته أو عمته أو ربيبته أو غير ذلك فإن حلف كان لها مهر المثل فقط بعد الوطء ولا شيء لها قبله
ومن هذا يتضح أن الزوج لا يحلف في حالة إقراره لإثبات دعواه في ذاتها لأنك قد عرفت أن إقراره يوجب فسخ العقد بينهما بدون حاجة إلى يمين وإنما يحلف لاثباتها من حيث يترتب على ذلك من مهر المثل أو المهر المسمى بعد الوطء ونصفه أو عدمه قبله فإن حلفت هي كان لها المسمى بعد الوطء ونصفه قبله وإن نكلت وحلف هو كان لها مهر المثل بعد الوطء ولا شيء لها قبله أما الفسخ فلا بد منه سواء حلفا أو نكلا ويتضح أيضا أن المدعي يحلف على إثبات نفس الدعوى بخلاف المنكر فإنه يحلف على نفي العلم بها
وإذا أقرت الزوجة بالرضاع فأنكره الزوج فإن في ذلك أربع صور :
الصورة الأولى : أن تكون قد تزوجته برضاها بأن تقول لوليها : زوجني من فلان بعينه وحكم هذه الصورة أن الزوج يحلف على نفي العلم بالرضاع لأنه منكر وهي مدعية ويستمر النكاح بينهما وذلك لأنه رضاها به يناقض دعوى الرضاع الصادرة منها فيحلف هو لا هي
الصورة الثانية : أن تمكنه من نفسها وإن لم تعينه لوليها وحكم هذه الصورة كالتي قبلها فإن لم يحلف الزوج فسخ العقد وكان لها مهر المثل بعد الوطء بغير رضاها ولا شيء لها قبل الوطء أو الوطء برضاها كما تقدم
الصورة الثالثة : أن يزوجها وليها المجبر بدون إذنها ولم تمكنه من نفسها وفي هذه الصورة تحلف هي بأنهما رضعا معا لأنها مدعية فتحلف بإثبات نفس الدعوى وتصدق بفسخ العقد وحكم مهرها هو المتقدم في الصورة التي قبلها
الصورة الرابعة : أن تأذن وليها بدون أن تعين له أحدا ولم تمكنه من نفسها وحكم هذه الصورة كحكم الصورة الثالثة
وحاصل ذلك أنها إذا أذنت وليها بأن يزوجها شخصا بعينه ومكنته من نفسها وحلف الزوج استمر النكاح وإن لم تأذنه أو أذنته ولم تعين ولم تمكنه من نفسها في الحالتين حلفت هي وإذا فسخ عقدها كان لها المهر بالتفصيل المتقدم ثم إذا فسخ عقدها وهو يعلم أنها كاذبة كان من الاحتياط أن يطلقها ورعا لأنها كانت تحل لغيره بفسخ العقد ولكن الورع يقتضي التيقن ومثل ذلك ما إذا بقيت معه بعد حلفه فإن الورع يقضي عليه بطلاقها احتياطا
ويشترط في قبول إقرار الزوجين بالرضاع أن يكون ممكنا فلو قال لزوجته : أنت بنتي من الرضاع وكانت أكبر منه سنا فإن إقراره يكون كاذبا لا قيمة له
هذا ما يتعلق بالإقرار وأما الشهادة فإن الرضاع يثبت بشهادة الرجال والنساء فيثبت بشهادة رجلين . وبرجل وامرأتين . وبأربع نسوة وإن لم يوجد بينهن رجل أما الإقرار بالرضاع فإنه لا يثبت إلا بشهادة رجلين فإذا أقر أحد الزوجين بالرضاع بحضرة رجلين وشهدا على إقراره فإن شهادتهما تقبل أما شهادة النساء على الإقرار فإنها لا تقبل والفرق بين الحالتين أن الرضاع لا تطلع عليه إلا النساء غالبا بخلاف(12/461)
الإقرار وتقبل شهادة المرضعة بشرط أن تطلب أجرة على رضاعتها لأنها غير متهمة . ولا تصح الشهادة على الرضاع إلا بشروط :
أحدها : أن يذكر الشاهد وقت الرضاع بأن يقول : رضع في وقت كذا فإن لم يذكره بطلت الشهادة لجواز أن تكون الرضاعة قد حصلت بعد الحولين . أو أرضعته وهي دون تسع سنين
ثانيها : أن يذكر عدد الرضعات
ثالثها : أن يذكر تفرقهما
رابعها : أن يذكر وصول اللبن إلى جوف الرضيع بأن يرى اللبن وهو نازل من ثديها أو يرى الصبي وهو يبلع أو يمتص ونحو ذلك ويشترط قبل أداء الشهادة أن يعلم أنها ذات لبن وإلا فلا يحل له أن يشهد أما الشهادة على الإقرار فإنه لا يشترط لها ذلك
الحنابلة - قالوا : يثبت الرضاع بالإقرار وبشهادة الشهود فأما الإقرار
فلا يخلو إما أن يكون من الزوجين . أو من أحدهما فإن كان من الزوجين بأن ادعاه أحدهما وصدقه الآخر فإن كان ذلك قبل الدخول فلا مهر لها لأنهما قد اتفقا على أن النكاح باطل من أصله
أما إذا أقر به الزوج وأنكرته المرأة فإنه يعامل بإقراره ويفسخ النكاح بينهما ثم إن كان قبل الدخول كان لها نصف الصداق كاملا لأنه حقها فلا يسقط بإقراره وإن كان بعد الدخول ولم تصدقه فلها كل مهرها وكذا إذا صدقته ولم تمكنه من نفسها أما إذا صدقته ثم مكنته من نفسها باختيارها فلا مهر لها بعد الدخول لأنها أسقطت حقها بتمكينه من نفسها بعد تصديقه بالرضاع
وإذا أقرت به الزوجة وأنكره الزوج كما إذا قالت له : أنت أخي من الرضاع فأكذبها فإن العقد لا يفسخ بقولها لأن فسخ النكاح من حق الرجل كما يقول الحنفية فلا يقبل قولها عليه ولكن بينهما وبين الله باطنا تكون محرمة عليه إن كانت صادقة وإلا فهي زوجته في الباطن أيضا فمن قالت له امرأته ذلك فينبغي له أن يتحرى عن حقيقة ما قالت
هذا ولا يقبل الرجوع عن الإقرار بالرضاع فلو قال أحدهما : إنني قلت ذلك خطأ لا يسمع قوله ويشترط أن تكون دعوى الرضاع ممكنة فلو قال لامرأة : أنت بنتي من الرضاع وهي أسن منه لا يسمع قوله
أما الشهادة فإن الرضاع يثبت بشهادة رجل وامرأة لما روي عن ابن عمر قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم ما يجوز في الرضاع من الشهود ؟ فقال : " رجل وامرأة " رواه أحمد بل وتقبل شهادة المرأة الواحدة إذا كانت مرضية - عدلة - ولا يكلف الشاهد يمينا ولا المشهود له لأن هذه شهادة على عورة فيكفي فيها شهادة النساء منفردات عن الرجال كالولادة )
ــــــــــــــ
المحلى بالآثار - (ج 1 / ص 5673)
كِتَابُ الرَّضَاعِ(12/462)
2013-مَسْأَلَةٌ : وَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ وَالِدَةٍ - حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً - فِي عِصْمَةِ زَوْجٍ أَوْ فِي مِلْكِ سَيِّدٍ , أَوْ كَانَتْ خُلُوًّا مِنْهُمَا - لَحِقَ وَلَدُهَا بِاَلَّذِي تَوَلَّدَ مِنْ مَائِهِ أَوْ لَمْ يَلْحَقْ - : أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا - أَحَبَّتْ أَمْ كَرِهَتْ , وَلَوْ أَنَّهَا بِنْتُ الْخَلِيفَةِ - وَتُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُطَلَّقَةً - . فَإِنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً لَمْ تُجْبَرْ عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا مِنْ الَّذِي طَلَّقَهَا إلَّا أَنْ تَشَاءَ هِيَ ذَلِكَ , فَلَهَا ذَلِكَ - أَحَبَّ أَبُوهُ أَمْ كَرِهَ , أَحَبَّ الَّذِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ أَمْ كَرِهَ . فَإِنْ تَعَاسَرَتْ هِيَ وَأَبُو الرَّضِيعِ : أُمِرَ الْوَالِدُ بِأَنْ يَسْتَرْضِعَ لِوَلَدِهِ امْرَأَةً أُخْرَى وَلَا بُدَّ إلَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ الْوَلَدُ غَيْرَ ثَدْيِهَا , فَتُجْبَرُ حِينَئِذٍ - أَحَبَّتْ أَمْ كَرِهَتْ , أَحَبَّ زَوْجُهَا إنْ كَانَ لَهَا أَمْ كَرِهَ - . فَإِنْ مَاتَ أَبُو الرَّضِيعِ , أَوْ أَفْلَسَ , أَوْ غَابَ بِحَيْثُ لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ : أُجْبِرَتْ الْأُمُّ عَلَى إرْضَاعِهِ , إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا لَبَنٌ , أَوْ كَانَ لَهَا لَبَنٌ يُضِرُّ بِهِ : فَإِنَّهُ يَسْتَرْضِعُ لَهُ غَيْرَهَا , وَيُتْبَعُ الْأَبُ بِذَلِكَ إنْ كَانَ حَيًّا وَلَهُ مَالٌ . فَإِنْ
لَمْ تَكُنْ مُطَلَّقَةً لَكِنْ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ مُنْفَسِخَةَ النِّكَاحِ مِنْهُ أَوْ مِنْ عَقْدٍ فَاسِدٍ بِجَهْلٍ , فَاتَّفَقَ أَبُوهُ وَهِيَ عَلَى اسْتِرْضَاعِهِ وَقَبِلَ غَيْرَ ثَدْيِهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ . فَإِنْ أَرَادَ أَبُوهُ ذَلِكَ فَأَبَتْ هِيَ إلَّا إرْضَاعَهُ فَلَهَا ذَلِكَ . فَإِذَا أَرَادَتْ هِيَ أَنْ تَسْتَرْضِعَ لَهُ غَيْرَهَا وَأَبَى الْوَالِدُ : لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ , وَأُجْبِرَتْ عَلَى إرْضَاعِهِ - قَبِلَ غَيْرَ ثَدْيِهَا أَوْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَ ثَدْيِهَا - إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا لَبَنٌ , أَوْ كَانَ لَبَنُهَا يُضِرُّ بِهِ : فَعَلَى الْوَالِدِ حِينَئِذٍ أَنْ يَسْتَرْضِعَ لِوَلَدِهِ غَيْرَهَا . فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فِي كُلِّ ذَلِكَ إلَّا ثَدْيَ أُمِّهِ : أُجْبِرَتْ عَلَى إرْضَاعِهِ إنْ كَانَ لَهَا لَبَنٌ لَا يُضِرُّ بِهِ . فَإِنْ كَانَ لَا أَبَ لَهُ : إمَّا بِفَسَادِ الْوَطْءِ بِزِنًى , أَوْ إكْرَاهٍ , أَوْ لِعَانٍ , أَوْ بِحَيْثُ لَا يَلْحَقُ بِاَلَّذِي تَوَلَّدَ مِنْ مَائِهِ , وَإِمَّا قَدْ مَاتَ أَبُوهُ : فَالْأُمُّ تُجْبَرُ عَلَى إرْضَاعِهِ , إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا لَبَنٌ , أَوْ كَانَ لَهَا لَبَنٌ يُضِرُّ بِهِ , أَوْ مَاتَتْ أُمُّهُ , أَوْ غَابَتْ حَيْثُ لَا يُقْدَرُ عَلَيْهَا : فَيَسْتَرْضِعُ لَهُ غَيْرَهَا , سَوَاءٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ كَانَ لِلرَّضِيعِ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ . فَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ , أَوْ أُمٌّ , فَأَرَادَ الْأَبُ فِصَالَهُ دُونَ رَأْيِ الْأُمِّ , أَوْ أَرَادَتْ الْأُمُّ فِصَالَهُ دُونَ رَأْيِ الْأَبِ : فَلَيْسَ ذَلِكَ لِمَنْ أَرَادَهُ مِنْهُمَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ - كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِالرَّضِيعِ أَوْ لَمْ يَكُنْ - . فَإِنْ أَرَادَا جَمِيعًا فِصَالَهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ , فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ
عَلَى الرَّضِيعِ لِمَرَضٍ بِهِ , أَوْ لِضَعْفِ بِنْيَتِهِ , أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الطَّعَامَ : لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَهُمَا فَإِنْ كَانَ لَا ضَرَرَ عَلَى الرَّضِيعِ فِي ذَلِكَ فَلَهُمَا ذَلِكَ . فَإِنْ أَرَادَا التَّمَادِيَ عَلَى إرْضَاعِهِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَلَهُمَا ذَلِكَ , فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا - بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ - فِصَالَهُ وَأَبَى الْآخَرُ مِنْهُمَا , فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الرَّضِيعِ لَمْ يَجُزْ فِصَالُهُ , وَكَذَلِكَ لَوْ اتَّفَقَا عَلَى فِصَالِهِ . وَإِنْ كَانَ لَا ضَرَرَ عَلَى الرَّضِيعِ فِي فِصَالِهِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ : فَأَيُّ الْأَبَوَيْنِ أَرَادَ فِصَالَهُ - بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ - فَلَهُ ذَلِكَ , هَذَا حَقُّ الرَّضِيعِ , وَالْحَقُّ عَلَى الْأَبِ وَالْأُمِّ فِي إرْضَاعِهِ . وَأَمَّا الْوَاجِبُ لِلْأُمِّ فِي ذَلِكَ - فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ لَا يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِاَلَّذِي تَوَلَّدَ مِنْ مَائِهِ , أَوْ كَانَ أَبُوهُ مَيِّتًا , أَوْ غَائِبًا حَيْثُ لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ , وَلَا وَارِثَ لِلرَّضِيعِ : فَالرَّضَاعُ عَلَى الْأُمِّ , وَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَجْلِ إرْضَاعِهِ . فَإِنْ كَانَ فِي عِصْمَتِهِ بِزَوَاجٍ صَحِيحٍ , أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ صَحِيحٍ : فَعَلَى الْوَالِدِ نَفَقَتُهُمَا , أَوْ كِسْوَتُهُمَا فَقَطْ , كَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا مَزِيدَ . وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ عِصْمَتِهِ - فَإِنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدِهِ فَأَعْتَقَهَا , أَوْ مُنْفَسِخَةَ النِّكَاحِ بَعْدَ صِحَّتِهِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ , لَكِنْ بِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ أَنَّ النِّكَاحَ(12/463)
يَنْفَسِخُ بِهِ بَعْدَ صِحَّتِهِ أَوْ مَوْطُوءَةً بِعَقْدٍ فَاسِدٍ بِجَهْلٍ يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ بِوَالِدِهِ , أَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا - وَهُوَ رَضِيعٌ
- فَلَهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ عَلَى وَالِدِهِ النَّفَقَةُ , وَالْكِسْوَةُ فَقَطْ , وَلَا مَزِيدَ . فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا كُلِّفَتْ إرْضَاعَهُ وَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَى الْأَبِ الْفَقِيرِ , فَإِنْ غَابَ وَلَهُ مَالٌ وَامْتَنَعَ أُتْبِعَ بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ مَتَى قَدَرَ عَلَى مَالٍ . فَإِنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً ثَلَاثًا وَأَتَمَّتْ عِدَّتَهَا مِنْ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ بِوَضْعِهِ : فَلَهَا عَلَى أَبِيهِ الْأُجْرَةُ فِي إرْضَاعِهِ فَقَطْ . فَإِنْ رَضِيَتْ هِيَ أُجْرَةَ مِثْلِهَا : فَإِنَّ الْأَبَ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ - أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ - وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ : أَنَا وَاجِدُ مَنْ يُرْضِعُهُ بِأَقَلَّ , أَوْ بِلَا أُجْرَةٍ . فَإِنْ لَمْ تَرْضَ هِيَ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهَا وَأَبَى الْأَبُ إلَّا أُجْرَةَ مِثْلِهَا فَهَذَا هُوَ التَّعَاسُرُ , وَلِلْأَبِ حِينَئِذٍ أَنْ يَسْتَرْضِعَ غَيْرَهَا لِوَلَدِهِ إلَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ غَيْرَ ثَدْيِهَا , أَوْ لَا يَجِدُ الْأَبُ إلَّا مَنْ لَبَنُهَا مُضِرٌّ بِالرَّضِيعِ , أَوْ كَانَ الْأَبُ لَا مَالَ لَهُ : فَتُجْبَرُ الْأُمُّ حِينَئِذٍ عَلَى إرْضَاعِهِ , وَتُجْبَرُ هِيَ وَالْوَالِدُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهَا - إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ - وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ . وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَالِدِ - فِي الرَّضَاعِ - مِنْ أُجْرَةٍ , أَوْ رِزْقٍ أَوْ كِسْوَةٍ : فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ - كَانَ لِلرَّضِيعِ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ , كَانَتْ صَغِيرَةً زَوَّجَهَا أَبُوهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ - بِخِلَافِ النَّفَقَةِ عَلَى الْفَطِيمَةِ أَوْ الْفَطِيمِ . فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ فَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَالِدِ : مِنْ كِسْوَةٍ , أَوْ نَفَقَةٍ , أَوْ أُجْرَةٍ , وَلِلرَّضِيعِ وَارِثٌ
فَهُوَ عَلَى وَارِثِ الرَّضِيعِ - عَلَى عَدَدِهِمْ لَا عَلَى مَقَادِيرِ مَوَارِيثِهِمْ مِنْهُ , وَالْأُمُّ مِنْ جُمْلَتِهِمْ : وَالزَّوْجُ إنْ كَانَ زَوَّجَهَا أَبُوهَا مِنْ جُمْلَتِهِمْ , سَوَاءٌ كَانَ لِلرَّضِيعِ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ , بِخِلَافِ كِسْوَتِهِ , وَنَفَقَتِهِ إذَا أَكَلَ الطَّعَامَ , فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَرَضَاعُهُ عَلَى الْأُمِّ - وَارِثَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ وَارِثَةٍ وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الرَّضِيعِ , بِخِلَافِ وُجُوبِ نَفَقَتِهَا فِي مَالِهِ - إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ , وَلَا مَالَ لَهَا . فَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً وَوَلَدُهَا عَبْدًا لِسَيِّدِهَا , أَوْ لِغَيْرِ سَيِّدِهَا : فَرَضَاعُهُ عَلَى الْأُمِّ , بِخِلَافِ كِسْوَتِهِ , وَنَفَقَتِهِ - إذَا اسْتَغْنَى عَنْ الرَّضَاعِ . فَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً وَوَلَدُهَا حُرٌّ - فَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ , أَوْ وَارِثٌ , فَالنَّفَقَةُ , وَالْكِسْوَةُ , أَوْ الْأُجْرَةُ عَلَى الْأَبِ , أَوْ عَلَى الْوَارِثِ كَمَا قَدَّمْنَا , فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَا وَارِثٌ : فَرَضَاعُهُ عَلَى أُمِّهِ . فَإِنْ مَاتَتْ , أَوْ مَرِضَتْ , أَوْ أَضَرَّ بِهِ لَبَنُهَا , أَوْ كَانَتْ لَا لَبَنَ لَهَا , وَلَا مَالَ لَهَا : فَعَلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ - فَإِنْ مَنَعَ : فَعَلَى الْجِيرَانِ يُجْبِرُهُمْ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : بُرْهَانُ كُلِّ مَا ذَكَرْنَا مَنْصُوصٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ
وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } . وَفِي قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا(12/464)
الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } . فَهَذِهِ صِفَةُ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ بِلَا شَكٍّ , ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْعِدَّةَ بِالْأَقْرَاءِ وَالشُّهُورِ . ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } إلَى قَوْلِهِ { سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا } . وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا أَنَّ قوله تعالى : { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكُنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ
حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } قَدْ بَيَّنَ حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْمُطَلَّقَاتِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَا الْمُطَلَّقَاتِ ثَلَاثًا , فَكُلُّ مَا قُلْنَا فَإِنَّهُ مَنْصُوصٌ فِي الْآيَاتِ الْمَذْكُورَاتِ بِلَا تَأْوِيلٍ - وَنَحْنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ذَاكِرُونَ بَيَانَ ذَلِكَ فَصْلًا فَصْلًا - وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ . أَمَّا قَوْلُنَا فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ - الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ فِي عِصْمَةِ زَوْجٍ كَانَتْ أَوْ فِي مِلْكِ سَيِّدٍ أَوْ خِلْوًا مِنْهُمَا لَحِقَ وَلَدُهَا بِاَلَّذِي تَوَلَّدَ مِنْ مَائِهِ أَوْ لَمْ يَلْحَقْ أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا أَحَبَّتْ أَمْ كَرِهَتْ وَلَوْ أَنَّهَا بِنْتُ الْخَلِيفَةِ وَتُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ } . وَهَذَا عُمُومٌ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا مَا خَصَّهُ نَصٌّ ثَابِتٌ وَإِلَّا فَهُوَ كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى . فَإِنْ قِيلَ : هَذَا خَبَرٌ لَا أَمْرٌ ؟ قُلْنَا : هَذَا أَشَدُّ عَلَيْكُمْ , إذْ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ , فَمُخَالِفُ خَبَرِهِ سَاعٍ فِي تَكْذِيبِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَفِي هَذَا مَا فِيهِ . وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى , وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ , وَأَبِي ثَوْرٍ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابِنَا , وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ - فَمَرَّةً قَالَ مِثْلَ قَوْلِنَا , وَمَرَّةً قَالَ : الشَّرِيفَةُ لَا تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ - وَهَذَا قَوْلٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ ; لِأَنَّ الشَّرَفَ
هُوَ التَّقْوَى , فَرُبَّ هَاشِمِيَّةٍ أَوْ عَبْشَمِيَّةٍ بِنْتِ خَلِيفَةٍ تَمُوتُ هَزَلًا , وَرُبَّ زِنْجِيَّةٍ أَوْ بِنْتِ غَيَّةٍ قَدْ صَارَتْ حُرْمَةَ مَالِكٍ , أَوْ أَمَةً . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى الرَّضَاعِ - وَهَذَا خِلَافٌ مُجَرَّدٌ لِلْقُرْآنِ . وَأَمَّا قَوْلُنَا - إلَّا أَنْ تَكُونَ مُطَلَّقَةً فَإِنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهَا لَا تُجْبَرُ عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا مِنْ الَّذِي طَلَّقَهَا إلَّا أَنْ تَشَاءَ هِيَ فَإِنْ شَاءَتْ هِيَ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَهَا أَحَبَّ ذَلِكَ الَّذِي طَلَّقَهَا أَوْ أَبَى أَحَبَّ ذَلِكَ زَوْجٌ إنْ كَانَ لَهَا أَوْ أَبَى فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي " سُورَةِ الطَّلَاقِ " بَعْدَ ذِكْرِ الْمُعْتَدَّاتِ : { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَائْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى } فَلَمْ يَخُصَّ تَعَالَى ذَاتَ زَوْجٍ مِنْ غَيْرِهَا وَلَا جَعَلَ فِي ذَلِكَ خِيَارًا لِلْأَبِ وَلَا لِلزَّوْجِ بَلْ جَعَلَ الْإِرْضَاعَ إلَى الْأُمَّهَاتِ وَفِي هَذَا خِلَافٌ قَدِيمٌ . رُوِّينَا مِنْ طَرِيق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ : أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَهَا وَلَدٌ تُرْضِعُهُ فَأَبَى الزَّوْجُ أَنْ تُرْضِعَهُ ؟ فَقَضَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ أَنْ لَا تُرْضِعَهُ ؟ قُلْنَا : حَكَمَ حُكْمًا لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ , وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . وَمَنْ احْتَجَّ هَاهُنَا بِهَذَا , فَنَحْنُ نَذْكُرُ لَهُ - : مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنَ إسْحَاقَ الْقَاضِي
أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ أَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ : أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ فِي رَضَاعِ صَبِيٍّ ؟ فَقَضَاهُ فِي مَالِ الْغُلَامِ , وَقَالَ لِوَلِيِّهِ : لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَأَلْزَمْتُك , أَلَا تَقْرَأُ { وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ } . وَمَا نَاهٍ(12/465)
أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ الْعُذْرِيُّ أَنَا أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ حَمَوَيْهِ . أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ خُرَيْمٍ أَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَنَا رَوْحٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَضَى بِنَفَقَةِ الصَّبِيِّ فِي مَالِهِ , وَقَالَ لِوَارِثِهِ : لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَقَضَيْت بِالنَّفَقَةِ عَلَيْك , أَلَا تَقْرَأُ : { وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ } فَقَدْ قَلَّدَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ فِي قَوْلٍ أَخْطَأَ فِيهِ لَا بُرْهَانَ لَهُ عَلَى صِحَّتِهِ , فَلْيَتْبَعْهُ فِيمَا أَصَابَ فِيهِ , وَوَافَقَ الْقُرْآنَ - وَهُمْ لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ . فَإِنْ قَالُوا : إنَّمَا تَزَوَّجَهَا لِلْوَطْءِ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ , فَكَانَ مَاذَا ؟ وَإِنَّمَا وَلَدَتْهُ لِتُرْضِعَهُ , فَحَقُّ الصَّبِيِّ قَبْلَ حَقِّ الَّذِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَنْ وَلَدَتْهُ , وَلَا يَمْنَعُهُ إرْضَاعُهَا وَلَدَهَا مِنْ وَطْئِهِ لَهَا .
2014 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ , أَوْ أَمَتَانِ , أَوْ زَوْجَةٌ وَأَمَةٌ : فَأَرْضَعَتْ إحْدَاهُمَا بِلَبَنٍ حَدَثَ لَهَا مِنْ حَمْلٍ مِنْهُ رَجُلًا رَضَاعًا مُحَرَّمًا , وَأَرْضَعَتْ الْأُخْرَى بِلَبَنٍ حَدَثَ لَهَا مِنْ حَمْلٍ مِنْهُ امْرَأَةً كَذَلِكَ : لَمْ يَحِلَّ لِأَحَدِهِمَا نِكَاحُ الْآخَرِ أَصْلًا . وَكُلُّ مَنْ أَرْضَعَتْ الرَّجُلَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهَا أُمُّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ . وَحَرُمَ عَلَيْهِ بَنَاتُهَا ; لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتُهُ - سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ وُلِدَتْ قَبْلَهُ , أَوْ مَنْ وُلِدَتْ بَعْدَهُ - مِنْ الرَّضَاعَةِ . وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ أَخَوَاتُهَا , لِأَنَّهُنَّ خَالَاتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ . وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا ; لِأَنَّهُنَّ جَدَّاتُهُ . وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ أَخَوَاتُ زَوْجِ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهَا مِنْ حَمْلٍ مِنْهُ ; لِأَنَّهُنَّ عَمَّاتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ . وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهُ لِأَنَّهُنَّ جَدَّاتُهُ . وَحُرِّمَ عَلَيْهِ مَنْ أَرْضَعَتْ امْرَأَتَهُ بِلَبَنٍ حَدَثَ لَهَا مِنْ حَمْلٍ مِنْهُ ; لِأَنَّهَا مِنْ بَنَاتِهِ . وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ الَّذِي أَرْضَعَتْ امْرَأَتَهُ . وَحُكْمُ الَّتِي تُرْضِعُ امْرَأَتَهُ كَحُكْمِ ابْنَتِهَا الَّتِي وَلَدَتْهَا , وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ مِنْ الرَّضَاعَةِ . بُرْهَانُ ذَلِكَ : قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا حَرَّمَ مِنْ النِّسَاءِ : { وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ } . وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ } فَدَخَلَ فِي هَذَا كُلُّ مَا ذَكَرْنَا وَمَا لَمْ نَذْكُرْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى
التَّوْفِيقُ . وَكُلُّ هَذَا فَلَا خِلَافَ فِيهِ إلَّا فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ - : وَهِيَ : لَبَنُ الْفَحْلِ , وَصِفَةُ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ , وَعَدَدُ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ , وَرَضَاعُ الْكَبِيرِ , وَالرَّضَاعُ مِنْ مَيِّتَةٍ .
2015 - مَسْأَلَةٌ : لَبَنُ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ , وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا آنِفًا : مِنْ أَنْ تُرْضِعَ امْرَأَةُ رَجُلٍ ذَكَرًا , وَتُرْضِعَ امْرَأَتُهُ الْأُخْرَى أُنْثَى : فَتَحْرُمُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى . وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ مِنْ السَّلَفِ هَذَا لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا - : كَمَا صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيق أَبِي عُبَيْدٍ أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : أَنَّهَا كَانَتْ تَأْذَنُ لِمَنْ أَرْضَعَتْهُ أَخَوَاتُهَا , وَبَنَاتُ أَخِيهَا وَلَا تَأْذَنُ لِمَنْ أَرْضَعَتْهُ نِسَاءُ إخْوَتِهَا وَبَنِي إخْوَتِهَا وَمِثْلُهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ بِذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ . وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ , وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ , وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , وَأَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ , كُلُّهُمْ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ : كَانَ يَدْخُلُ عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضي الله عنها - مَنْ أَرْضَعَتْهُ بَنَاتُ أَبِي بَكْرٍ , وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعَتْهُ نِسَاءُ أَبِي بَكْرٍ . وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ(12/466)
سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : لَا بَأْسَ بِلَبَنِ الْفَحْلِ . وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ . وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ : أَنَّ أُمَّهُ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَرْضَعَتْهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ امْرَأَةُ الزُّبَيْرِ قَالَتْ زَيْنَبُ : فَأَرْسَلَ إلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ ابْنَتِي أُمَّ كُلْثُومٍ عَلَى أَخِيهِ حَمْزَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَكَانَ حَمْزَةَ ابْنَ الْكَلْبِيَّةِ , فَقُلْت لِرَسُولِهِ : وَهَلْ تَحِلُّ لَهُ ؟ إنَّمَا هِيَ بِنْتُ أَخِيهِ , فَأَرْسَلَ إلَيَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ إنَّمَا تُرِيدِينَ الْمَنْعَ أَنَا وَمَا وَلَدَتْ أَسْمَاءُ إخْوَتُك , وَمَا كَانَ مِنْ وَلَدِ الزُّبَيْرِ مِنْ غَيْرِ أَسْمَاءَ فَلَيْسُوا لَكِ بِإِخْوَةٍ فَأَرْسِلِي فَاسْأَلِي عَنْ هَذَا ؟ فَأَرْسَلَتْ فَسَأَلَتْ , وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَافِرُونَ وَأُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ - فَقَالُوا : إنَّ الرَّضَاعَةَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ لَا تُحَرِّمُ شَيْئًا ؟ فَأَنْكَحَتْهَا إيَّاهُ , فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى هَلَكَتْ . وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ أَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ تَزَوَّجَ ابْنَةَ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ وَقَدْ أَرْضَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ بِلَبَنِ
الزُّبَيْرِ , قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ : وَكَانَتْ امْرَأَةُ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَدْ أَرْضَعَتْ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَوُلِدَ لِسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى غُلَامٌ اسْمُهُ عُمَرُ فَتَزَوَّجَ بِنْتَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ . وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ حُسَيْنٍ مَوْلَى قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ : أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ زَوَّجَ ابْنًا لَهُ أُخْتًا لَهُ مِنْ أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ . وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ , وَوَكِيعٍ , قَالَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ : عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْأَعْمَشِ , وَقَالَ : وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ , قَالَا جَمِيعًا : عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ : لَا بَأْسَ بِلَبَنِ الْفَحْلِ . وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ : أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ , وَعَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ , وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ ; وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ , قَالُوا كُلُّهُمْ : إنَّمَا يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا كَانَ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ , وَلَا يَحْرُمُ مَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ . وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ - هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ الضَّرِيرُ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ فَذَكَرَهُ عَنْهُمْ , وَزَادَ فِيهِمْ أَبَا بَكْرِ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ - وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ مَكْحُولٍ , وَالشَّعْبِيِّ .
وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى بِلَبَنِ الْفَحْلِ بَأْسًا . وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنِي أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ , قَالَ : قُلْت لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ : إنَّ فُلَانًا مِنْ آلِ أَبِي فَرْوَةَ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ غُلَامًا أُخْتَهُ مِنْ أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ ؟ فَقَالَ الْقَاسِمُ : لَا بَأْسَ بِذَلِكَ . وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى التَّحْرِيمِ بِهِ : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ . أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ أَنَّ أُمَّهُ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَرْضَعَتْهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ امْرَأَةُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَتْ زَيْنَبُ : فَكَانَ الزُّبَيْرُ يَدْخُلُ عَلَيَّ وَأَنَا أَمْتَشِطُ فَيَأْخُذُ بِقَرْنٍ مِنْ قُرُونِ رَأْسِي يَقُولُ : أَقْبِلِي عَلَيَّ(12/467)
فَحَدِّثِينِي أَرَى أَنَّهُ أَبِي وَمَا وَلَدَ فَهُمْ إخْوَتِي . وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرُو بْنُ الشَّرِيدِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ أَرْضَعَتْ إحْدَاهُمَا جَارِيَةً , وَالْأُخْرَى غُلَامًا , أَيَحِلُّ أَنْ يَتَنَاكَحَا ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَا , اللِّقَاحُ وَاحِدٌ . وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ أَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ : سَأَلْت
الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ , وَطَاوُسًا , وَعَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ , وَالْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ , فَقُلْت : امْرَأَةُ أَبِي أَرْضَعَتْ بِلِبَانِ إخْوَتِي جَارِيَةً مِنْ عُرْضِ النَّاسِ أَلِيَ أَنْ أَتَزَوَّجَهَا ؟ فَقَالَ الْقَاسِمُ : لَا , أَبُوك أَبُوهَا - وَقَالَ عَطَاءٌ , وَطَاوُسٌ , وَالْحَسَنُ : هِيَ أُخْتُك . وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ أَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ , أَنَّهُ كَرِهَ لَبَنَ الْفَحْلِ . وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ , وَأَبِي عُبَيْدٍ , قَالَا : أَنَا هُشَيْمٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَبْرَةَ الْهَمْدَانِيَّ إنَّهُ سَمِعَ الشَّعْبِيَّ : يُكْرَهُ لَبَنَ الْفَحْلِ . وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ فِي رَجُلٍ أَرْضَعَتْ امْرَأَةُ أَبِيهِ امْرَأَةً وَلَيْسَتْ أُمَّهُ : أَتَحِلُّ لَهُ ؟ قَالَ عُرْوَةُ : لَا تَحِلُّ لَهُ . وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : الرَّضَاعَةُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ تُحَرِّمُ . وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ : كَانَ عُمَارَةُ , وَإِبْرَاهِيمُ وَأَصْحَابُنَا : لَا يَرَوْنَ بِلَبَنِ الْفَحْلِ بَأْسًا , حَتَّى أَتَاهُمْ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ بِخَبَرِ أَبِي الْقُعَيْسِ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : هَكَذَا يَفْعَلُ أَهْلُ الْعِلْمِ , لَا كَمَنْ يَقُولُ : أَيْنَ كَانَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ عَنْ هَذَا الْخَبَرِ ؟ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَالْأَوْزَاعِيِّ , وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ , وَأَبِي حَنِيفَةَ , وَمَالِكٍ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابِهِمْ .
وَتَوَقَّفَ فِيهِ آخَرُونَ - : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ - أَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : سَأَلْت مُجَاهِدًا عَنْ جَارِيَةٍ مِنْ عُرْضِ النَّاسِ أَرْضَعَتْهَا امْرَأَةُ أَبِي , أَتَرَى لِي أَنْ أَتَزَوَّجَهَا ؟ فَقَالَ : اخْتَلَفَ فِيهَا الْفُقَهَاءُ , فَلَسْت أَقُولُ شَيْئًا - وَسَأَلْت ابْنَ سِيرِينَ فَقَالَ : مِثْلَ قَوْلِ مُجَاهِدٍ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا - مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ أَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ - أَنَا ابْنَ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ { عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ جَاءَ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْحِجَابِ , وَكَانَ أَبُو الْقُعَيْسِ أَبَا عَائِشَةَ مِنْ الرَّضَاعَةِ قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقُلْت : وَاَللَّهِ لَا آذَنُ لِأَفْلَحَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ أَبَا الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ الَّذِي أَرْضَعَنِي , وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ , فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ فَكَرِهْتُ أَنْ آذَنَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ ؟ قَالَتْ : فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ائْذَنِي لَهُ } . ونا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إسْحَاقَ النَّصْرِيُّ أَنَا عِيسَى بْنُ حَبِيبٍ الْقَاضِي أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ
الْمُقْرِي حَدَّثَنِي جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ كِلَاهُمَا عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ قَالَتْ { جَاءَ عَمِّي بَعْدَ مَا ضُرِبَ الْحِجَابُ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيَّ فَلَمْ آذَنْ لَهُ , فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : ائْذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ(12/468)
وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ قَالَ : تَرِبَتْ يَمِينُكِ ائْذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ } . وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ أَنَا أَبِي أَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : { اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ بْنُ قُعَيْسٍ , فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ فَأَرْسَلَ إلَيَّ : إنِّي عَمُّكِ أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِي , فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : لِيَدْخُلْ عَلَيْك فَإِنَّهُ عَمُّكِ } . فَكَانَ هَذَا خَبَرًا لَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ وَهُوَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ . وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ , وَالْمَالِكِيُّونَ , فَتَنَاقَضُوا هَاهُنَا أَقْبَحَ تَنَاقُضٍ ; لِأَنَّ كِلْتَا الطَّائِفَتَيْنِ تَقُولُ : إذَا رَوَى الصَّاحِبُ خَبَرًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرُوِيَ عَنْ ذَلِكَ الصَّاحِبِ خِلَافُ مَا رَوَى , فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ ذَلِكَ الْخَبَرِ , قَالُوا ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ - : مِنْهَا - مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ أَنَّهُ يُعْتَقُ فِي عِتْقِهَا وَيُرَقُّ فِي
رِقِّهَا - فَادَّعُوا أَنَّ هَذَا خِلَافٌ لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ { النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَاعَ مُدَبَّرًا } . وَالْعَجَبُ أَنَّهُ لَيْسَ خِلَافًا لِمَا رُوِيَ , بَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لِبَيْعِ الْمُدَبَّرِ ; لِأَنَّ فِيهِ يُرَقُّ بِرِقِّهَا . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا خَبَرٌ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا عَائِشَةُ وَحْدَهَا , وَقَدْ صَحَّ عَنْهَا خِلَافُهُ , فَأَخَذُوا بِرِوَايَتِهَا وَتَرَكُوا رَأْيَهَا , وَلَمْ يَقُولُوا : لَمْ تُخَالِفْهُ إلَّا لِفَضْلِ عِلْمٍ عِنْدَهُنَّ , وَقَالُوا : لَا نَدْرِي لِأَيِّ مَعْنًى لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعَتْهُ نِسَاءُ إخْوَتِهَا . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : فَكَانَ هَذَا عَجَبًا جِدًّا يَثْبُتُ عَنْهَا , كَمَا أَرَدْنَا : أَنَّهُ كَانَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعَتْهُ نِسَاءُ أَبِي بَكْرٍ , وَنِسَاءُ إخْوَتِهَا , وَنِسَاءُ بَنِي إخْوَتِهَا بِأَصَحِّ إسْنَادٍ , وَأَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعَتْهُ أَخَوَاتُهَا , وَبَنَاتُ أَخَوَاتِهَا , فَهَلْ هَاهُنَا شَيْءٌ يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَيْهِ ؟ إلَّا أَنَّ الَّذِينَ أَذِنَتْ لَهُمْ رَأَتْهُمْ ذَوِي مَحْرَمٍ مِنْهَا , وَأَنَّ الَّذِينَ لَمْ تَأْذَنْ لَهُمْ لَمْ تَرَهُمْ ذَوِي مَحْرَمٍ مِنْهَا - وَلَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَحْيُونَ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ بِالْبَاطِلِ , وَمُدَافَعَةِ الْحَقِّ بِكُلِّ مَا جَرَى عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ مِنْ غَثٍّ وَرَثٍّ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الضَّلَالِ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَحْتَجِبَ مِمَّنْ شَاءَتْ مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهَا ؟ فَقُلْنَا : إنَّ ذَلِكَ لَهَا إلَّا أَنَّ تَخْصِيصَهَا - رضي الله عنها - بِالِاحْتِجَابِ عَنْهُمْ مَنْ أَرْضَعَتْهُ نِسَاءُ أَبِيهَا ,
وَنِسَاءُ إخْوَتِهَا , وَنِسَاءُ بَنِي أَخَوَاتِهَا , دُونَ مَنْ أَرْضَعَتْهُ أَخَوَاتُهَا , وَبَنَاتُ أَخَوَاتِهَا , لَا يُمْكِنُ إلَّا لِلْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا , لَا سِيَّمَا مَعَ تَصْرِيحِ ابْنِ الزُّبَيْرِ - وَهُوَ أَخَصُّ النَّاسِ بِهَا - بِأَنَّ لَبَنَ الْفَحْلِ لَا يُحَرِّمُ , وَأَفْتَى الْقَاسِمُ بِذَلِكَ , فَظَهَرَ تَنَاقُضُ أَقْوَالِهِمْ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . وَعَهْدُنَا بِالطَّائِفَتَيْنِ تَعْتَرِضُ كِلْتَاهُمَا عَنْ الْخَبَرِ الثَّابِتِ بِالْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَعَلَى رَضَاعِ سَالِمٍ بِأَنَّهَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ , وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ التَّحْرِيمَ بِلَبَنِ الْفَحْلِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ , وَلَمْ يَجِئْ مَجِيءَ التَّوَاتُرِ - فَظَهَرَ أَيْضًا تَنَاقُضُهُمْ هَاهُنَا . وَعَهْدُنَا بِالطَّائِفَتَيْنِ تَقُولَانِ : إنَّ مَا كَثُرَ بِهِ الْبَلْوَى لَمْ يُقْبَلْ فِيهِ خَبَرُ الْوَاحِدِ , وَرَامُوا بِذَلِكَ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْخَبَرِ الثَّابِتِ : مِنْ أَنَّ الْبَيِّعَيْنِ لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا وَلَبَنُ الْفَحْلِ مِمَّا تَكْثُرُ بِهِ الْبَلْوَى , وَقَدْ خَالَفَتْهُ الصَّحَابَةُ , وَأُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ هَكَذَا جُمْلَةً , وَابْنُ الزُّبَيْرِ , وَزَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ , وَالْقَاسِمُ , وَسَالِمٌ , وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ , وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ , وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ , وَأَبُو بَكْرِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ , وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ , وَأَبُو(12/469)
قِلَابَةَ , وَمَكْحُولٌ , وَغَيْرُهُمْ , فَهَلَّا قَالُوا هَاهُنَا : لَوْ كَانَ صَحِيحًا مَا خَفِيَ عَلَى هَؤُلَاءِ , وَهُوَ مِمَّا تَكْثُرُ بِهِ
الْبَلْوَى , كَمَا قَالُوا فِي خَبَرِ التَّفَرُّقِ فِي الْبَيْعِ , وَمَا نَعْلَمُهُ خَفِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ , وَالتَّابِعِينَ , إلَّا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَحْدَهُ - فَظَهَرَ بِهَذَا فَسَادُ أُصُولِهِمْ الْفَاسِدَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا , وَأَنَّهَا لَا مَعْنَى لَهَا , وَإِنَّمَا هِيَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلَانِ .
2016 - مَسْأَلَةٌ : وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ فَأَرْضَعَتْهُمَا امْرَأَةٌ رَضَاعًا مُحَرِّمًا حُرِّمَتَا جَمِيعًا وَانْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا , إذْ صَارَتَا بِذَلِكَ الرَّضَاعِ أُخْتَيْنِ , أَوْ عَمَّةً وَبِنْتَ أَخٍ , أَوْ خَالَةً وَبِنْتَ أُخْتٍ , أَوْ حَرِيمَةَ امْرَأَةٍ لَهُ ; لِأَنَّهُمَا مَعًا حَدَثَ لَهُمَا التَّحْرِيمُ , فَلَمْ تَكُنْ إحْدَاهُمَا أَوْلَى بِالْفَسْخِ مِنْ الْأُخْرَى . وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ بِهِمَا فَأَرْضَعَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى رَضَاعًا مُحَرِّمًا وَلَا فَرْقَ , فَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِمَا فَأَرْضَعَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى رَضَاعًا مُحَرِّمًا انْفَسَخَ نِكَاحُ الَّتِي صَارَتْ أُمًّا لِلْأُخْرَى وَبَقِيَ نِكَاحُ الَّتِي صَارَتْ لَهَا ابْنَةً صَحِيحًا ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : { وَرَبَائِبُكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } فَصَارَتْ بِنْتَ امْرَأَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا , وَلَا هِيَ فِي حِجْرِهِ , فَثَبَتَ نِكَاحُهَا , وَصَارَتْ الْأُخْرَى مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ , فَحُرِّمَتْ جُمْلَةً - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ .
2017 - مَسْأَلَةٌ : وَأَمَّا صِفَةُ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ , فَإِنَّمَا هُوَ : مَا امْتَصَّهُ الرَّاضِعُ مِنْ ثَدْيِ الْمُرْضِعَةِ بِفِيهِ فَقَطْ . فَأَمَّا مَنْ سُقِيَ لَبَنَ امْرَأَةٍ فَشَرِبَهُ مِنْ إنَاءٍ , أَوْ حُلِبَ فِي فِيهِ فَبَلَعَهُ ; أَوْ أُطْعِمَهُ بِخُبْزِ , أَوْ فِي طَعَامٍ , أَوْ صُبَّ فِي فَمِهِ , أَوْ فِي أَنْفِهِ , أَوْ فِي أُذُنِهِ , أَوْ حُقِنَ بِهِ : فَكُلُّ ذَلِكَ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا , وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ غِذَاءَهُ دَهْرَهُ كُلَّهُ . بُرْهَانُ ذَلِكَ : قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ } , وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : { وَيَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ } . فَلَمْ يُحَرِّمْ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَعْنَى نِكَاحًا , إلَّا بِالْإِرْضَاعِ وَالرَّضَاعَةِ وَالرَّضَاعِ فَقَطْ - وَلَا يُسَمَّى إرْضَاعًا إلَّا مَا وَضَعَتْهُ الْمَرْأَةُ الْمُرْضِعَةُ مِنْ ثَدْيِهَا فِي فَمِ الرَّضِيعِ - يُقَالُ أَرْضَعَتْهُ تُرْضِعُهُ إرْضَاعًا . وَلَا يُسَمَّى رَضَاعَةً , وَلَا إرْضَاعًا إلَّا أَخْذُ الْمُرْضَعِ , أَوْ الرَّضِيعِ بِفِيهِ الثَّدْيَ وَامْتِصَاصُهُ إيَّاهُ - تَقُولُ : رَضِعَ يَرْضَعُ رَضَاعًا وَرَضَاعَةً . وَأَمَّا كُلُّ مَا عَدَا ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرْنَا فَلَا يُسَمَّى شَيْءٌ مِنْهُ إرْضَاعًا , وَلَا رَضَاعَةً وَلَا رَضَاعًا , إنَّمَا هُوَ حَلْبٌ وَطَعَامٌ وَسِقَاءٌ , وَشُرْبٌ وَأَكْلٌ وَبَلْعٌ , وَحُقْنَةٌ وَسَعُوطٌ وَتَقْطِيرٌ , وَلَمْ يُحَرِّمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَذَا شَيْئًا . فَإِنْ قَالُوا : قِسْنَا ذَلِكَ عَلَى الرَّضَاعِ وَالْإِرْضَاعِ ؟ قُلْنَا : الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ , وَلَوْ كَانَ
الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ , وَبِالضَّرُورَةِ يَدْرِي كُلُّ ذِي فَهْمٍ أَنَّ الرَّضَاعَ مِنْ شَاةٍ أَشْبَهَ بِالرَّضَاعِ مِنْ امْرَأَةٍ ; لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا رَضَاعٌ مِنْ الْحُقْنَةِ بِالرَّضَاعِ , وَمِنْ السَّعُوطِ بِالرَّضَاعِ , وَهُمْ لَا يُحَرِّمُونَ بِغَيْرِ النِّسَاءِ - فَلَاحَ تَنَاقُضُهُمْ فِي قِيَاسِهِمْ الْفَاسِدِ , وَشَرْعُهُمْ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا - : فَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ : لَا يُحَرِّمُ السَّعُوطُ بِلَبَنِ الْمَرْأَةِ وَلَا يُحَرِّمُ أَنْ يُسْقَى الصَّبِيُّ لَبَنَ الْمَرْأَةِ فِي الدَّوَاءِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَضَاعٍ , إنَّمَا الرَّضَاعُ مَا مُصَّ مِنْ الثَّدْيِ . هَذَا نَصُّ قَوْلِ اللَّيْثِ , وَهَذَا قَوْلُنَا , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابِنَا . وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ(12/470)
الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : أَرْسَلْت إلَى عَطَاءٍ أَسْأَلُهُ عَنْ سَعُوطِ اللَّبَنِ لِلصَّغِيرِ وَكُحْلِهِ بِهِ أَيُحَرِّمُ ؟ قَالَ : مَا سَمِعْت أَنَّهُ يُحَرِّمُ . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَصْحَابُهُ : لَا يُحَرِّمُ الْكُحْلُ لِلصَّبِيِّ بِاللَّبَنِ , وَلَا صَبُّهُ فِي الْعَيْنِ أَوْ الْأُذُنِ , وَلَا الْحُقْنَةُ بِهِ , وَلَا مُدَاوَاةُ الْجَائِفَةِ بِهِ , وَلَا الْمَأْمُومَةِ بِهِ , وَلَا تَقْطِيرُهُ فِي الْإِحْلِيلِ ؟ قَالُوا : فَلَوْ طُبِخَ طَعَامٌ بِلَبَنِ امْرَأَةٍ حَتَّى صَارَ مَرَقَةً نَضِجَةً , وَكَانَ اللَّبَنُ ظَاهِرًا فِيهَا غَالِبًا عَلَيْهَا بِلَوْنِهِ وَطَعْمِهِ , فَأَطْعَمَهُ صَغِيرًا لَمْ يُحَرِّمْ ذَلِكَ عَلَيْهِ نِكَاحَ الَّتِي اللَّبَنُ مِنْهَا , وَلَا نِكَاحَ بَنَاتِهَا . وَكَذَلِكَ لَوْ ثُرِدَ لَهُ
خُبْزٌ فِي لَبَنِ امْرَأَةٍ فَأَكَلَهُ كُلَّهُ لَمْ يَقَعْ بِذَلِكَ تَحْرِيمٌ أَصْلًا فَلَوْ شَرِبَهُ كَانَ مُحَرَّمًا كَالرَّضَاعِ . وَأَمَّا الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَمَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ : السَّعُوطُ وَالْوَجُورُ يُحَرِّمَانِ كَتَحْرِيمِ الرَّضَاعِ . وَقَدْ تَنَاقَضُوا فِي هَذَا عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَرُوِّينَا عَنْ الشَّعْبِيِّ : أَنَّ السَّعُوطَ وَالْوَجُورَ يُحَرِّمَانِ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : احْتَجَّ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِأَنْ قَالُوا : صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : { إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ } . قَالُوا : فَلَمَّا جَعَلَ عليه الصلاة والسلام الرَّضَاعَةَ الْمُحَرِّمَةَ مَا اُسْتُعْمِلَ لِطَرْدِ الْجُوعِ كَانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي السَّقْيِ وَالْأَكْلِ ؟ فَقُلْنَا : هَذَا لَا حُجَّةَ لَكُمْ فِيهِ لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا - أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْتُمْ لَا يُوجَدُ فِي السَّعُوطِ ; لِأَنَّهُ لَا يُرْفَعُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْجُوعِ , فَإِنْ لَجُّوا وَقَالُوا : بَلْ يُدْفَعُ . قُلْنَا : لِأَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ : إنْ حَظَّ السَّعُوطِ مِنْ ذَلِكَ كَحَظِّ الْكُحْلِ وَالتَّقْطِيرِ فِي الْعَيْنِ بِاللَّبَنِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ ; لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ وَاصِلٌ إلَى الْحَلْقِ إلَى الْجَوْفِ , فَلِمَ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ الْكُحْلِ بِهِ وَبَيْنَ السَّعُوطِ بِهِ ؟ هَذَا وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ : إنَّ مَنْ قَطَّرَ شَيْئًا مِنْ الْأَدْهَانِ فِي أُذُنِهِ وَهُوَ صَائِمٌ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ , وَكَذَلِكَ إنْ احْتَقَنَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ فَلَمْ يُحَرِّمُوا بِهِ فِي اللَّبَنِ يُحْقَنُ بِهَا أَوْ يُكْتَحَلُ بِهِ - وَإِنْ كَانَ لَا
يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ - فَلِمَ فَطَّرْتُمْ بِهِ الصَّائِمَ ؟ وَهَذَا تَلَاعُبٌ لَا خَفَاءَ بِهِ . وَقَالَ مَالِكٌ : إنْ جُعِلَ لَبَنُ الْمَرْأَةِ فِي طَعَامٍ وَطُبِخَ وَغَابَ اللَّبَنُ أَوْ صُبَّ فِي مَاءٍ فَكَانَ الْمَاءُ هُوَ الْغَالِبَ فَسُقِيَ الصَّغِيرُ ذَلِكَ الْمَاءَ أَوْ أُطْعِمَ ذَلِكَ الطَّعَامَ لَمْ يَقَعْ بِهِ التَّحْرِيمُ . وَأَيْضًا - فَإِنَّهُمْ يُحَرِّمُونَ بِالنُّقْطَةِ تَصِلُ إلَى جَوْفِهِ وَهِيَ لَا تَدْفَعُ عِنْدَهُمْ شَيْئًا مِنْ الْمَجَاعَةِ فَظَهَرَ خِلَافُهُمْ لِلْخَبَرِ الَّذِي مَوَّهُوا بِأَنَّهُمْ يَحْتَجُّونَ بِهِ . وَالْوَجْهُ الثَّانِي - : أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ حُجَّةٌ لَنَا ; لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام إنَّمَا حَرَّمَ بِالرَّضَاعَةِ الَّتِي تُقَابَلُ بِهَا الْمَجَاعَةُ وَلَمْ يُحَرِّمْ بِغَيْرِهَا شَيْئًا فَلَا يَقَعُ تَحْرِيمٌ بِمَا قُوبِلَتْ بِهِ الْمَجَاعَةُ مِنْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ وَجُورٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ , إلَّا أَنْ يَكُونَ رَضَاعَةً كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : { وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ } . فَإِنْ مَوَّهُوا بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ أَنَّ سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ مَوْلَى الْأَشْجَعِيِّ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ : إنِّي أَرَدْت أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَقَدْ سَقَتْنِي مِنْ لَبَنِهَا وَأَنَا كَبِيرٌ تَدَاوَيْت بِهِ ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : لَا تَنْكِحُهَا وَنَهَاهُ عَنْهَا . وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ : إنْ سَقَتْهُ امْرَأَتُهُ مِنْ لَبَنِ سُرِّيَّتِهِ , أَوْ سَقَتْهُ سُرِّيَّتُهُ مِنْ لَبَنِ امْرَأَتِهِ لِتُحَرِّمَهَا(12/471)
عَلَيْهِ فَلَا يُحَرِّمُهَا ذَلِكَ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : هَذَا عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ ; لِأَنَّ فِيهِ رَضَاعَ الْكَبِيرِ وَالتَّحْرِيمَ بِهِ - وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ , وَفِيهِ أَنَّ رَضَاعَ الضَّرَائِرِ لَا يُحَرِّمُ عِنْدَ عَلِيٍّ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا .
2018 - مَسْأَلَةٌ : قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَإِنْ ارْتَضَعَ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ لَبَنَ مَيِّتَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ أَوْ سَكْرَى خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَإِنَّ التَّحْرِيمَ يَقَعُ بِهِ ; لِأَنَّهُ رَضَاعٌ صَحِيحٌ . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا يَقَعُ بِلَبَنِ الْمَيِّتَةِ رَضَاعٌ ; لِأَنَّهُ نَجِسٌ ؟ قَالَ عَلِيٌّ : هَذَا عَجَبٌ جِدًّا أَنْ يَقُولَ فِي لَبَنِ مُؤْمِنَةٍ : إنَّهُ نَجِسٌ وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : { الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجَسُ } وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُؤْمِنَ فِي حَالِ مَوْتِهِ وَحَيَاتِهِ سَوَاءٌ , هُوَ طَاهِرٌ فِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ , وَلَبَنُ الْمَرْأَةِ بَعْضُهَا , وَبَعْضُ الطَّاهِرِ طَاهِرٌ , إلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ الطَّهَارَةِ نَصٌّ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ - ثُمَّ يَرَى لَبَنَ الْكَافِرَةِ طَاهِرًا يُحَرِّمُ , وَهُوَ بَعْضُهَا , وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : { إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ } وَبَعْضُ النَّجِسِ نَجِسٌ بِلَا شَكٍّ . فَإِنْ قِيلَ : فَأَنْتُمْ تَقُولُونَ : إنَّ لَبَنَ الْكَافِرَةِ نَجِسٌ بِلَا شَكٍّ وَأَنْتُمْ تُجِيزُونَ مَعَ ذَلِكَ اسْتِرْضَاعَ الْكَافِرَةِ ؟ قُلْنَا : لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ لَنَا نِكَاحَ الْكِتَابِيَّةِ , وَأَوْجَبَ عَلَى الْأُمِّ رَضَاعَ وَلَدِهَا , وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ سَيَكُونُ لَنَا أَوْلَادٌ مِنْهُنَّ : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا } . إلَّا أَنَّنَا نَقُولُ : إنَّ غَيْرَ
الْكِتَابِيَّةِ لَا يَحِلُّ لَنَا اسْتِرْضَاعُهَا ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا أُبِيحَ لَنَا اتِّخَاذُهُنَّ أَزْوَاجًا وَطَلَبُ الْوَلَدِ مِنْهُنَّ فَبَقِيَ لَبَنُهَا عَلَى النَّجَاسَةِ جُمْلَةً - , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . ثُمَّ نَقُولُ : لَوْ خَالَطَ لَبَنُ الْمُرْضِعَةِ دَمٌ ظَاهِرٌ مِنْ فَمِ الْمُرْضَعِ , أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ كَمَا يُحَرِّمُ الَّذِي لَمْ يُخَالِطْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ; لِأَنَّنَا قَدْ بَيَّنَّا فِي " كِتَابِ الطَّهَارَةِ " مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّجِسَ , وَالْحَرَامَ إذَا خَالَطَهُمَا الطَّاهِرُ الْحَلَالُ فَإِنَّ الطَّاهِرَ طَاهِرٌ , وَالنَّجِسَ نَجِسٌ , وَالْحَلَالَ حَلَالٌ , وَالْحَرَامَ حَرَامٌ , فَالْمُحَرَّمُ هُوَ اللَّبَنُ لَا مَا خَالَطَهُ مِنْ حَرَامٍ أَوْ نَجِسٍ وَلِكُلِّ شَيْءٍ حُكْمُهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . وَلَبَنُ الْمُشْرِكَةِ إنَّمَا يَنْجَسُ هُوَ وَهِيَ بِذَلِكَ ; لِدِينِهَا النَّجِسِ , فَلَوْ أَسْلَمَتْ لَطَهُرَتْ كُلُّهَا , فَلِإِرْضَاعِهَا حُكْمُ الْإِرْضَاعِ فِي التَّحْرِيمِ ; لِمَا ذَكَرْنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
2019 - مَسْأَلَةٌ : وَلَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا خَمْسُ رَضَعَاتٍ , تُقْطَعُ كُلُّ رَضْعَةٍ مِنْ الْأُخْرَى - أَوْ خَمْسُ مَصَّاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ كَذَلِكَ - أَوْ خَمْسٌ مَا بَيْنَ مَصَّةٍ وَرَضْعَةٍ , تُقْطَعُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأُخْرَى - هَذَا إذَا كَانَتْ الْمَصَّةُ تُغْنِي شَيْئًا مِنْ دَفْعِ الْجُوعِ , وَإِلَّا فَلَيْسَتْ شَيْئًا وَلَا تُحَرِّمُ شَيْئًا . وَهَذَا مَكَانٌ اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ - : فَرُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ : أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ إلَّا عَشْرُ رَضَعَاتٍ لَا أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ . كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ بِهِ إلَى أُمِّ كُلْثُومٍ أُخْتِهَا بِنْتِ أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقِ وَهِيَ تُرْضِعُ فَقَالَتْ : أَرْضِعِيهِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيَّ قَالَ سَالِمٌ : فَأَرْضَعَتْنِي ثَلَاثَ رَضَعَاتٍ , ثُمَّ مَرِضَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ فَلَمْ تُرْضِعْنِي , فَلَمْ أَكُنْ أَدْخُلُ عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ لَمْ تُتِمَّ لِي عَشْرًا مِنْ الرَّضَعَاتِ . وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ حَفْصَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرْسَلَتْ عَاصِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ إلَى أُخْتِهَا فَاطِمَةَ بِنْتِ عُمَرَ تُرْضِعُهُ عَشْرَ رَضَعَاتٍ لِيَدْخُلَ عَلَيْهَا - وَهُوَ صَغِيرٌ - فَفَعَلَتْ , فَكَانَ(12/472)
يَدْخُلُ عَلَيْهَا . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ هَذَا هُوَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - : ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيُّ أَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ أَنَا
أَحْمَدُ بْنُ فِرَاسٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ أَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ : سَأَلْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ الرَّضَاعِ فَقَالَ : كَانَتْ عَائِشَةُ لَا تَرَى شَيْئًا دُونَ عَشْرِ رَضَعَاتٍ فَصَاعِدًا . فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ قَوْلُ عُرْوَةَ ; لِأَنَّهُ أَجَابَ بِهِ الَّذِي اسْتَفْتَاهُ . وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا : سَبْعَ رَضَعَاتٍ - : كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ أَنَا أَبِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ أَنَا جَدِّي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ أَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ صَالِحِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ : إنَّمَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ سَبْعُ رَضَعَاتٍ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : الْأَوَّلُ عَنْهَا أَصَحُّ , وَهَذَا قَدْ رَوَاهُ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي الْخَلِيلِ , وَمِنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ . كَمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهُ سَأَلَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ صَبِيٍّ شَرِبَ قَلِيلًا مِنْ لَبَنِ امْرَأَةٍ فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ : كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ : لَا تُحَرِّمُ دُونَ سَبْعِ رَضَعَاتٍ أَوْ خَمْسٍ , وَطَائِفَةٌ قَالَتْ : بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ كَمَا قُلْنَا نَحْنُ . كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ
أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضي الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ : لَا تُحَرِّمُ دُونَ خَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : هَذَا يَخْرُجُ عَلَى أَنَّهَا كَمَا كَانَتْ تَأْخُذُ لِنَفْسِهَا بِعَشْرِ رَضَعَاتٍ , وَلِغَيْرِهَا بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ - : أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ أَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْجُمَحِيُّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ : لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ وَالثَّلَاثُ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ , وَأَصْحَابِهِ . وَطَائِفَةٌ قَالَتْ : لَا يُحَرِّمُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثِ رَضَعَاتٍ - وَهُوَ قَوْلُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ , وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ , وَأَبِي عُبَيْدٍ , وَأَبِي ثَوْرٍ , وَابْنِ الْمُنْذِرِ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ , وَجَمِيعِ أَصْحَابِنَا . وَظَنَّ قَوْمٌ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْقَوْلِ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْلَى أَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ , وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ , قَالَا جَمِيعًا : لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ . وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ : سَأَلْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ الرَّضَاعِ ؟ فَقَالَ : لَا أَقُولُ كَمَا يَقُولُ ابْنُ
عَبَّاسٍ , وَابْنُ الزُّبَيْرِ , كَانَا يَقُولَانِ : لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : كُلُّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ أَنَّهُمْ كَانُوا يُحَرِّمُونَ بِالثَّلَاثِ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ , وَأَخْصَبَ الْجِسْمَ - : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ : أرنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ , حَدَّثَنِي أَبِي - يَعْنِي عَبْدَ الْوَارِثِ - أَنَا حُسَيْنٌ - هُوَ الْمُعَلِّمُ - أَنَا مَكْحُولٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : لَيْسَ بِالْمَصَّةِ وَلَا بِالْمَصَّتَيْنِ بَأْسٌ , إنَّمَا الرَّضَاعُ مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ . وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ ثَوْرٍ - هُوَ أَبُو زَيْدٍ - عَنْ(12/473)
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَسْأَلُهُ : مَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ ؟ فَكَتَبَ إلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ مِنْهَا : الضِّرَارُ , وَالْعُفَافَةُ وَالْمَلْجَةُ . وَالضِّرَارُ - أَنْ تُرْضِعَ الْمَرْأَةُ الْوَلَدَيْنِ كَيْ تُحَرِّمَ بَيْنَهُمَا . وَالْعُفَافَةُ - الشَّيْءُ الْيَسِيرُ الَّذِي يَبْقَى فِي الثَّدْيِ . وَالْمُلْجَةُ - اخْتِلَاسُ الْمَرْأَةِ وَلَدَ غَيْرِهَا فَتُلْقِمُهُ ثَدْيَهَا . قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى بِغُلَامٍ وَجَارِيَةٍ - أَرَادُوا أَنْ يُنَاكِحُوا بَيْنَهُمَا - قَدْ عَلِمُوا أَنَّ امْرَأَةً أَرْضَعَتْ أَحَدَهُمَا ؟ فَقَالَ لَهَا عُمَرُ : كَيْفَ أَرْضَعْتِ الْآخَرَ ؟ قَالَتْ : مَرَرْتُ بِهِ وَهُوَ
يَبْكِي فَأَرْضَعَتْهُ أَوْ قَالَتْ : فَأَمْصَصْتُهُ , فَقَالَ عُمَرُ : نَاكِحُوا بَيْنَهُمَا , فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ الْخَصَابَةُ . وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ , وَابْنُ جُرَيْجٍ , قَالَا جَمِيعًا : أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْأَسْلَمِيِّ : أَنَّهُ اسْتَفْتَى أَبَا هُرَيْرَةَ ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ : لَا يُحَرِّمُ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ - يَعْنِي مِنْ الرَّضَاعِ . وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَأَنْشَزَ الْعَظْمَ - وَبِهِ يُؤْخَذُ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : هَكَذَا نَصَّ الْحَدِيثُ - : أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ أَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ أَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ الْوَادِعِيِّ : أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ : إنَّمَا الرَّضَاعُ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَالْعَظْمَ , فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ فَقَالَ : لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ . وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ : أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ : لَا رَضَاعَ إلَّا مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَالدَّمَ . وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى التَّحْرِيمِ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ - وَلَوْ بِقَطْرَةٍ - صَحَّ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ , وَعَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ - . وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , وَابْنِ مَسْعُودٍ مُنْقَطِعًا دُونَهُمَا . وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ كَذَلِكَ أَيْضًا . وَصَحَّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ . وَصَحَّ أَيْضًا عَنْ عَطَاءٍ , وَعُرْوَةَ , وَطَاوُسٍ . وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ , وَالزُّهْرِيِّ , وَمَكْحُولٍ , وَقَتَادَةَ , وَرَبِيعَةَ وَالْقَاسِمِ , وَسَالِمٍ , وَقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ . وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَمَالِكٍ , وَالْأَوْزَاعِيِّ , وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ , وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ . فَنَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إلَى سَبْعِ رَضَعَاتٍ , فَلَمْ نَجِدْ لِهَذَا الْقَوْلِ مُتَعَلَّقًا , فَسَقَطَ . ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إلَى عَشْرِ رَضَعَاتٍ فَوَجَدْنَاهُمْ يَذْكُرُونَ مَا كُتِبَ بِهِ إلَى أَبُو الْمُرَجَّى عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَرْوَازٍ : أَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ الرَّحَبِيُّ أَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَاتِبُ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُغَلِّسِ قَالَ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ : أَنَا أَبِي أَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ أَنَا أُبَيٌّ - هُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ - عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ قَالَ : أَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ لَهُ : إنَّ سَالِمًا كَانَ مِنَّا حَيْثُ عَلِمْت كُنَّا نَعُدُّهُ وَلَدًا , وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيَّ , فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ وَفِي أَشْبَاهِهِ : أَنْكَرْتُ وَجْهَ أَبِي حُذَيْفَةَ , إذْ رَآهُ يَدْخُلُ
عَلَيَّ قَالَ : فَأَرْضِعِيهِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ ثُمَّ لِيَدْخُلْ عَلَيْك كَيْفَ شَاءَ , فَإِنَّمَا هُوَ ابْنُك . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ , إلَّا أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا - :(12/474)
أَحَدُهُمَا - أَنْ يَكُونَ ابْنُ إسْحَاقَ وَهِمَ فِيهِ ; لِأَنَّهُ قَدْ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْ ابْنِ إسْحَاقَ - وَهُوَ ابْنُ جُرَيْجٍ - فَقَالَ فِيهِ : أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ - عَلَى مَا نُورِدُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ عَزَّ وَجَلَّ . أَوْ يَكُونُ مَحْفُوظًا فَتَكُونُ رِوَايَةُ ابْنِ إسْحَاقَ صَحِيحَةً وَرِوَايَةُ ابْنِ جُرَيْجٍ صَحِيحَةً فَيَكُونَانِ خَبَرَيْنِ اثْنَيْنِ , فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ , فَالْعَشْرُ الرَّضَعَاتُ مَنْسُوخَاتٌ عَلَى مَا نُورِدُ بَعْدَ هَذَا - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فَسَقَطَ هَذَا الْخَبَرُ , إذْ لَا يَخْلُو ضَرُورَةً مِنْ أَنْ يَكُونَ وَهْمًا , أَوْ مَنْسُوخًا , لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِهِمَا . ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ حَرَّمَ بِثَلَاثِ رَضَعَاتٍ لَا بِأَقَلَّ فَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِالْخَبَرِ الْمَشْهُورِ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى . مِنْهَا - مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ - عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : { لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ } . وَهَكَذَا رَوَاهُ أَصْحَابُ شُعْبَةَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ
الْمُؤْمِنِينَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : { لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ } . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَدْرَكَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَسَمِعَهُ مِنْهَا , وَمِنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْهَا , فَحَدَّثَ بِهِ كَذَلِكَ , وَهُوَ الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ الْمَشْهُورُ . وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ أَنَا يَزِيدُ - هُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ - أَنَا سَعِيدٌ - هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ - عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : كَتَبْنَا إلَى إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ نَسْأَلُهُ عَنْ الرَّضَاعِ ؟ فَكَتَبَ : إنَّ أَبَا الشَّعْثَاءِ الْمُحَارِبِيَّ حَدَّثَنَا أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ : { لَا تُحَرِّمُ الْخَطْفَةُ وَلَا الْخَطْفَتَانِ } . وَمِنْ طَرِيق أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ فَضَالَةَ بْنِ إبْرَاهِيمَ النَّسَائِيّ أَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ الزُّبَيْرِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ وَلَا الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ } . وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي شُعَيْبُ بْنُ يُوسُفَ النَّسَائِيّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِي أُبَيٌّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : { لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ } . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : ابْنُ الزُّبَيْرِ سَمِعَ أَبَاهُ , وَخَالَتَهُ أُمَّ
الْمُؤْمِنِينَ , فَرَوَاهُ عَنْ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا , وَلَهُ أَيْضًا صُحْبَةٌ , وَإِلَّا فَلْيُخْبِرْنَا الْمُقْدِمُ عَلَى نَصْرِ الْبَاطِلِ , وَدَفْعِ الْحَقِّ , وَمُؤْثِرُ رَأْيِهِ عَلَى مَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم مَنْ يَتَّهِمُ مِنْ رُوَاةِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ ؟ .
مَسْأَلَةٌ : وَرَضَاعُ الْكَبِيرِ مُحَرِّمٌ - وَلَوْ أَنَّهُ شَيْخٌ يُحَرِّمُ - كَمَا يُحَرِّمُ رَضَاعُ الصَّغِيرِ وَلَا فَرْقَ ؟ وَهَذَا مَكَانٌ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ - : فَطَائِفَةٌ قَالَتْ : يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ فِي الصِّغَرِ وَلَا يُحَرِّمُ فِي الْكِبْرِ , وَلَمْ يَحُدُّوا حَدًّا فِي ذَلِكَ - : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم حَاشَ عَائِشَةَ وَحْدَهَا كُنَّ يَرَيْنَ رَضَاعَ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ خَاصَّةً لَهُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُنَّ كُنَّ يَرَيْنَ : لَا يُحَرِّمُ إلَّا رَضَاعُ الصَّغِيرِ , لَا رَضَاعُ الْكَبِيرِ , دُونَ أَنْ يَرِدَ عَنْهُنَّ فِي ذَلِكَ حَدٌّ . وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ - وَقَدْ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ رَضَاعِ الْكَبِيرِ - فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : إنَّمَا الرَّضَاعَةُ(12/475)
رَضَاعَةُ الصَّغِيرِ . وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : لَا رَضَاعَةَ إلَّا مَا أُرْضِعَ فِي الصِّغَرِ , وَلَا رَضَاعَةَ لِكَبِيرٍ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَا يَلْزَمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا كَانَ فِي الْمَهْدِ - : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي عَنْبَسَةُ حَدَّثَنِي يُونُسُ
- هُوَ ابْنُ يَزِيدَ - عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَبَى أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ بِالرَّضَاعَةِ أَحَدٌ حَتَّى رَضَعَ فِي الْمَهْدِ . وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ : لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْمَهْدِ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا كَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ , وَأَمَّا بَعْدَ الْفِطَامِ فَلَا - : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ : أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ - رضي الله عنها - سُئِلَتْ : هَلْ يُحَرِّمُ الرَّضَاعُ بَعْدَ الْفِطَامِ ؟ قَالَتْ : لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِطَامٍ . وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ الْوَادِعِيِّ أَنَّ رَجُلًا مَصَّ مِنْ ثَدْيِ امْرَأَتِهِ فَدَخَلَ اللَّبَنُ فِي حَلْقِهِ فَسَأَلَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى : حُرِّمَتْ عَلَيْكَ امْرَأَتُك , ثُمَّ سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ عَنْ ذَلِكَ , قَالَ أَبُو عَطِيَّةَ - وَنَحْنُ عِنْدَهُ - : فَقَامَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَقُمْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ فَقَالَ : أَرَضِيعًا تَرَى هَذَا ؟ إنَّمَا الرَّضَاعُ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَالْعَظْمَ ؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى : لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ . فَتَبَيَّنَ هَاهُنَا أَنَّهُ إنَّمَا يُحَرِّمُ مُدَّةَ تَغَذِّي الرَّضِيعِ بِاللَّبَنِ . وَمِنْ طَرِيقِ
عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنْ الضَّحَّاكِ عَنْ النَّزَّالِ - هُوَ ابْنُ سَبْرَةَ - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : لَا رَضَاعَ بَعْدَ الْفِصَالِ . وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَمَّنْ سَمِعَ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ : لَا رَضَاعَ بَعْدَ الْفِطَامِ . وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الْحَسَنِ , وَالزُّهْرِيِّ , وَقَتَادَةَ , قَالُوا : لَا رَضَاعَ بَعْدَ الْفِصَالِ - قَالَ مَعْمَرٌ : وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ ذَلِكَ , وَيَقُولُ : الرَّضَاعُ بَعْدَ الْفِطَامِ مِثْلُ الْمَاءِ يَشْرَبُهُ . وَبِهِ يَقُولُ الْأَوْزَاعِيُّ وَقَالَ : إنْ فُطِمَ وَلَهُ عَامٌ وَاحِدٌ وَاسْتَمَرَّ فِطَامُهُ ثُمَّ رَضَعَ فِي الْحَوْلَيْنِ لَمْ يُحَرِّمْ هَذَا الرَّضَاعُ الثَّانِي شَيْئًا , وَقَالَ : فَإِنْ تَمَادَى رَضَاعُهُ وَلَمْ يُفْطَمْ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ , فَإِنَّهُ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ , فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ , وَمَا كَانَ بَعْدَهُمَا , فَإِنَّهُ لَا يُحَرِّمُ وَإِنْ تَمَادَى الرَّضَاعُ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ - : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيق سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا سُفْيَانُ - هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ - عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : لَا رَضَاعَ إلَى مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا كَانَ فِي ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ , وَأَمَّا مَا رُضِعَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ الْأَعْوَامِ فَلَا يُحَرِّمُ - وَهَذَا قَوْلُ زُفَرَ بْنِ الْهُذَيْلِ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ
: لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَى مَا كَانَ فِي عَامَيْنِ وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُحَرِّمُ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا كَانَ فِي عَامَيْنِ وَشَهْرَيْنِ , فَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُحَرِّمْ - وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ . وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ - : قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَزُفَرَ , وَمَالِكٍ : مَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ بِشَيْءٍ مِنْهَا قَبْلَ الْمَذْكُورِينَ , وَلَا مَعَهُمْ , إلَّا مَنْ قَلَّدَهُمْ اتِّبَاعًا لِهَوَاهُمْ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْفِتْنَةِ . وَقَالَتْ(12/476)
طَائِفَةٌ : لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ , وَأَمَّا الرَّضَاعُ بَعْدَهُمَا فَلَا يُحَرِّمُ - : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ أَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : لَا رَضَاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ . وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ : أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَا رَضَاعَ إلَّا فِي الْحَوْلَيْنِ . وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ , وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ الرَّضَاعَةِ ؟ فَقَالَا جَمِيعًا : كُلُّ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ قَطْرَةً وَاحِدَةً فَهِيَ تُحَرِّمُ , وَمَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَإِنَّمَا هُوَ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ . وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ : سَمِعْت الشَّعْبِيَّ
يَقُولُ : مَا كَانَ مِنْ سَعُوطٍ , أَوْ وَجُورٍ أَوْ رَضَاعٍ فِي الْحَوْلَيْنِ فَهُوَ يُحَرِّمُ , وَمَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ لَمْ يُحَرِّمْ شَيْئًا . وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شُبْرُمَةَ , وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابِنَا . وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الَّذِي ذَكَرْنَا قَبْلُ ; لِأَنَّهُ هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْهُ فِي مَوْطِئِهِ الَّذِي قُرِئَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ مَاتَ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَقَالَتْ طَائِفَةٌ إرْضَاعُ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ يُحَرِّمُ كَمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ عَنْ أَبِي مُوسَى وَإِنْ كَانَ قَدْ رَجَعَ عَنْهُ . وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ : أَنَّ سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ مَوْلَى الْأَشْجَعِيِّ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ : إنِّي أَرَدْت أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَقَدْ سَقَتْنِي مِنْ لَبَنِهَا وَأَنَا كَبِيرٌ تَدَاوَيْت بِهِ ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : لَا تَنْكِحُهَا وَنَهَاهُ عَنْهَا . وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ { عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَضَاعِ الْكَبِيرِ ؟ فَقَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بِحَدِيثِ أَمْرِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ بِأَنْ تُرْضِعَ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ - وَهُوَ كَبِيرٌ - فَفَعَلَتْ , فَكَانَتْ تَرَاهُ ابْنًا لَهَا , قَالَ عُرْوَةُ : فَأَخَذَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَنْ كَانَتْ تُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنْ الرِّجَالِ فَكَانَتْ تَأْمُرُ أُخْتَهَا أُمَّ كُلْثُومٍ , وَبَنَاتِ أَخِيهَا
يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنْ الرِّجَالِ . } وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ : سَمِعْت عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : سَقَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ لَبَنِهَا بَعْدَ مَا كُنْت رَجُلًا كَبِيرًا أَفَأَنْكِحُهَا ؟ قَالَ عَطَاءٌ : لَا , قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقُلْتُ لَهُ : وَذَلِكَ رَأْيُك ؟ قَالَ : نَعَمْ , كَانَتْ عَائِشَةُ تَأْمُرُ بِذَلِكَ بَنَاتِ أَخِيهَا - وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَزُفَرَ , وَمَالِكٍ , فَلَا خَفَاءَ بِفَسَادِهَا , إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ فِي النَّهَارِ : إنَّهُ لَيْلٌ , مُكَابَرَةً وَنَصْرًا لِلْبَاطِلِ . وَمِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا قَوْلُ بَعْضِ الْمَفْتُونِينَ : لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَاهُنَا حَوْلَيْنِ نَاقِصَيْنِ , وَأَشَارَ إلَى عَدَدِهَا بِالشَّمْسِ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : فَجَمَعَ هَذَا الْقَوْلُ مُخَالَفَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَمُكَابَرَةَ الْحِسِّ : أَمَّا مُخَالَفَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّهُ يَقُولُ : { إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ } . فَنَصَّ تَعَالَى عَلَى أَنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَهُ هِيَ الَّتِي مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ , وَأَنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ , وَأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الدِّينُ الْقَيِّمُ , وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ إلَّا فِي الْأَشْهُرِ الْعَرَبِيَّةِ(12/477)
الْقَمَرِيَّةِ , فَمَنْ خَالَفَ ذَلِكَ فَقَدْ خَالَفَ الدِّينَ الْقَيِّمَ , وَنَسَبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الْكَذِبَ مِنْ أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُرَاعَى عَدَدَ الْحَوْلَيْنِ بِالْعَجَمِيَّةِ . وَأَمَّا مُكَابَرَةُ الْعِيَانِ - فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْحَوْلَيْنِ الْأَعْجَمِيَّيْنِ الْمَعْدُودَيْنِ بِالشَّمْسِ وَقَطْعِهِمَا لِلْفُلْكِ وَبَيْنَ الْحَوْلَيْنِ الْعَرَبِيَّيْنِ الْمَعْدُودَيْنِ بِالْقَمَرِ إلَّا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ يَوْمًا , فَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ شَهْرَيْنِ لَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَتَتْ , وَالْقَطْعُ بِالتَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ فِي دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمِثْلِ هَذَا لَا يَحِلُّ . وَأَمَّا مَنْ حَدَّ ذَلِكَ بِمَا كَانَ فِي الْمَهْدِ - فَكَلَامٌ أَيْضًا لَا تَقُومُ بِصِحَّتِهِ حُجَّةٌ لَا مِنْ قُرْآنٍ , وَلَا مِنْ سُنَّةٍ , وَلَا مِنْ إجْمَاعٍ , وَلَا مِنْ قِيَاسٍ , وَلَا مِنْ رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ - فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ . وَأَمَّا مَنْ حَدَّ ذَلِكَ بِمَا كَانَ فِي الصِّغَرِ - فَإِنَّ الصِّغَرَ يَتَمَادَى إلَى بُلُوغِ الْحُلُمِ ; لِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَا تَلْزَمُهُ الْحُدُودُ , وَلَا الْفَرَائِضُ - وَهَذَا حَدٌّ لَا يُوجِبُهُ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ . وَأَمَّا مَنْ حَدَّ ذَلِكَ بِالْفِطَامِ - فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا } قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ فِي التَّحْرِيمِ إذْ لَيْسَ لِلتَّحْرِيمِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ذِكْرٌ , وَلَا فِي تَرَاضِيهِمَا بِالْفِصَالِ تَحْرِيمٌ ; لَأَنْ يَرْتَضِعَ الْوَلَدُ بَعْدَ ذَلِكَ , إنَّمَا فِيهَا انْقِطَاعُ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْأَبِ فِي
الرَّضَاعِ , وَلَيْسَ بِانْقِطَاعِ حَاجَةِ الصَّبِيِّ إلَى الرَّضَاعِ يَنْقَطِعُ التَّحْرِيمُ بِرَضَاعِهِ - إنْ رَضَعَ - إذْ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ قُرْآنٌ , وَلَا سُنَّةٌ . وَاحْتَجُّوا بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَا أَبُو عَوَانَةَ أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم { لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ فِي الثَّدْيِ , وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ } . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : هَذَا خَبَرٌ مُنْقَطِعٌ ; لِأَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْمُنْذِرِ لَمْ تَسْمَعْ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ; لِأَنَّهَا كَانَتْ أَسَنُّ مِنْ زَوْجِهَا هِشَامٍ بِاثْنَيْ عَشْرَ عَامًا وَكَانَ مَوْلِدُ هِشَامٍ سَنَةَ [ 60 هـ ] سِتِّينَ , فَمَوْلِدُ فَاطِمَةَ عَلَى هَذَا سَنَة [ 48 هـ ] ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ , وَمَاتَتْ أُمُّ سَلَمَةَ سَنَةَ [ 59 هـ ] تِسْعٍ وَخَمْسِينَ , وَفَاطِمَةُ صَغِيرَةٌ لَمْ تَلْقَهَا , فَكَيْفَ أَنْ تَحْفَظَ عَنْهَا , وَلَمْ تَسْمَعْ مِنْ خَالَةِ أَبِيهَا عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ شَيْئًا - وَهِيَ فِي حِجْرِهَا - إنَّمَا أَبْعَدُ سَمَاعِهَا مِنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنهم . وَمَوَّهُوا أَيْضًا - بِخَبَرَيْنِ سَاقِطَيْنِ - : أَحَدُهُمَا - مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنْ الضَّحَّاكِ عَنْ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : { لَا رَضَاعَ بَعْدَ الْفِصَالِ } . وَالْآخَرُ - مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ أَيْضًا عَنْ حَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدٍ ابْنَيْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ كَلَامًا كَثِيرًا وَفِيهِ : وَلَا رَضَاعَ بَعْدَ الْفِطَامِ . وَهَذَانِ خَبَرَانِ لَا يَجُوزُ التَّشَاغُلُ بِهِمَا ; لِأَنَّ جُوَيْبِرًا سَاقِطٌ , وَالضَّحَّاكَ ضَعِيفٌ وَحَرَامَ بْنَ عُثْمَانَ هَالِكٌ بِمُرَّةٍ - فَسَقَطَ كُلُّ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . وَسَقَطَتْ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا إلَّا قَوْلَ مَنْ رَاعَى الْحَوْلَيْنِ , وَقَوْلَ مَنْ لَمْ يُرَاعِ فِي ذَلِكَ حَدًّا أَصْلًا , فَنَظَرْنَا فِيمَنْ رَاعَى الْحَوْلَيْنِ فَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا } . وَبِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ } . وَبِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } . فَقَالُوا : قَدْ قَطَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ فِصَالَ الرَّضِيعِ فِي عَامَيْنِ , وَأَنَّ رَضَاعَهُ حَوْلَانِ كَامِلَانِ ; لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ . قَالُوا : فَلَا رَضَاعَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ أَصْلًا ; لِأَنَّ الرَّضَاعَةَ قَدْ تَمَّتْ , وَإِذَا انْقَطَعَ الرَّضَاعُ(12/478)
انْقَطَعَ حُكْمُهُ مِنْ التَّحْرِيمِ , وَغَيْرِ ذَلِكَ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : صَدَقَ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَيْنَا الْوُقُوفُ عِنْدَ مَا حَدَّ عَزَّ وَجَلَّ , وَلَوْ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ غَيْرُ هَذَا لَكَانَ فِي هَذِهِ النُّصُوصِ مُتَعَلَّقٌ , لَكِنْ قَدْ جَاءَ فِي ذَلِكَ - : مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ , وَابْنُ أَبِي عُمَرَ , قَالَا جَمِيعًا : أَنَا سُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : { جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَرَى وَجْهَ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ وَهُوَ خَلِيفُهُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْضِيعِيهِ , فَقَالَتْ : وَكَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ ؟ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ : قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ } . وَمِنْ طَرِيق مُسْلِمٍ . أَنَا إسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ - وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالَ : أَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ - هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ - عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ { عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : أَنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ مَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِمْ فَأَتَتْ - يَعْنِي سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ - إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : إنَّ سَالِمًا قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ , وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا , وَأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا , وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ وَيَذْهَبُ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ } . وَمِنْ طَرِيق مُسْلِمٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَنَا غُنْدَرٌ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ , قَالَتْ : { قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ
لِعَائِشَةَ - رضي الله عنهما - إنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْك الْغُلَامُ الْأَيْفَعُ الَّذِي مَا أُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ : أَمَا لَكِ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ؟ إنَّ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ سَالَمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ - وَهُوَ رَجُلٌ - وَفِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ شَيْءٌ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَرْضِعِيهِ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْكِ } وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : { جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَتْ : إنَّ سَالِمًا كَانَ يُدْعَى ابْنَ أَبِي حُذَيْفَةَ , وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ { اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ } وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيَّ وَأَنَا فَضْلٌ وَنَحْنُ فِي مَنْزِلٍ ضَيِّقٍ ؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أَرْضِعِي سَالِمًا تَحْرُمِي عَلَيْهِ . } قَالَ الزُّهْرِيُّ : قَالَ بَعْضُ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا نَدْرِي لَعَلَّ هَذِهِ كَانَتْ رُخْصَةً لِسَالِمٍ خَاصَّةً - قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَكَانَتْ عَائِشَةُ تُفْتِي بِأَنَّهُ يُحَرِّمُ الرَّضَاعُ بَعْدَ الْفِصَالِ حَتَّى مَاتَتْ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ تَرْفَعُ الْإِشْكَالَ , وَتُبَيِّنُ مُرَادَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآيَاتِ الْمَذْكُورَاتِ أَنَّ الرَّضَاعَةَ الَّتِي تَتِمُّ بِتَمَامِ الْحَوْلَيْنِ , أَوْ بِتَرَاضِي الْأَبَوَيْنِ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ , إذَا رَأَيَا فِي ذَلِكَ صَلَاحًا لِلرَّضِيعِ أَنَّهَا هِيَ الْمُوجِبَةُ لِلنَّفَقَةِ عَلَى
الْمُرْضِعَةِ , وَاَلَّتِي يُجْبَرُ عَلَيْهَا الْأَبَوَانِ أَحَبَّا أَمْ كَرِهَا . وَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ فِي الْآيَةِ كِفَايَةٌ فِي هَذَا ; لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } . فَأَمَرَ تَعَالَى الْوَالِدَاتِ بِإِرْضَاعِ الْمَوْلُودِ عَامَيْنِ , وَلَيْسَ فِي هَذَا تَحْرِيمُ الرَّضَاعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ , وَلَا أَنَّ التَّحْرِيمَ يَنْقَطِعُ بِتَمَامِ الْحَوْلَيْنِ . وَكَانَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : { وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ(12/479)
وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ } وَلَمْ يَقُلْ تَعَالَى فِي حَوْلَيْنِ وَلَا فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ زَائِدًا عَلَى الْآيَاتِ الْأُخَرِ , وَعُمُومًا لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ إلَّا بِنَصٍّ يُبَيِّنُ أَنَّهُ مُخَصِّصٌ لَهُ لَا بِظَنٍّ , وَلَا بِمُحْتَمَلٍ لَا بَيَانَ فِيهِ . وَكَانَتْ هَذِهِ الْآثَارُ قَدْ جَاءَتْ مَجِيءَ التَّوَاتُرِ رَوَاهَا نِسَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم كَمَا أَوْرَدْنَا , وَسَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ مِنْ الْمُهَاجِرَاتِ وَزَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ . وَرَوَاهُ مِنْ التَّابِعِينَ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ , وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ , وَحُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ . وَرَوَاهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الزُّهْرِيِّ , وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ , وَيَحْيَى ابْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ , وَرَبِيعَةُ . وَرَوَاهُ عَنْ هَؤُلَاءِ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ , وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , وَشُعْبَةُ , وَمَالِكٌ , وَابْنُ جَرِيرٍ , وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ , وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ
, وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ , وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ , وَمَعْمَرٌ , وَغَيْرُهُمْ . وَرَوَاهُ عَنْ هَؤُلَاءِ النَّاسِ : الْجَمَّاءُ الْغَفِيرُ , فَهُوَ نَقْلُ كَافَّةٍ لَا يَخْتَلِفُ مُؤَالِفٌ وَلَا مُخَالِفٌ فِي صِحَّتِهِ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ إلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ : هُوَ خَاصٌّ لِسَالِمٍ كَمَا قَالَ بَعْضُ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلْيَعْلَمْ مَنْ تَعَلَّقَ بِهَذَا أَنَّهُ ظَنٌّ مِمَّنْ ظَنَّ ذَلِكَ مِنْهُنَّ - رضي الله عنهن - . وَهَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُنَّ قُلْنَ : مَا نَرَى هَذَا إلَّا خَاصًّا لِسَالِمٍ , وَمَا نَدْرِي لَعَلَّهُ رُخْصَةٌ لِسَالِمٍ , فَإِذْ هُوَ ظَنٌّ بِلَا شَكٍّ , فَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُعَارَضُ بِالسُّنَنِ قَالَ تَعَالَى : { إنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا } . وَشَتَّانَ بَيْنَ احْتِجَاجِ أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها - بِاخْتِيَارِهَا وَبَيْنَ احْتِجَاجِ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - بِالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ , وَقَوْلُهَا لَهَا : أَمَا لَك فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ؟ وَسُكُوتُ أُمِّ سَلَمَةَ يُنْبِئُ بِرُجُوعِهَا إلَى الْحَقِّ عَنْ احْتِيَاطِهَا . وَمِنْ أَعْجَبِ الْعَجَائِبِ أَنَّ الْمُخَالِفِينَ لَنَا هَاهُنَا يَقُولُونَ : إنَّ الْمُرْسَلَ كَالْمُسْنَدِ , وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذَا أَرْضَعْنَ الْكَبِيرَ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ , فَكَانَ ذَلِكَ لَهُنَّ خَاصَّةً . وَقَالَ آخَرُونَ : هَذَا مَنْسُوخٌ بِنَسْخِ التَّبَنِّي . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا بَاطِلٌ بِيَقِينٍ ; لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ فِي نَصٍّ ثَابِتٍ : هَذَا مَنْسُوخٌ , إلَّا بِنَصٍّ
ثَابِتٍ مُبَيَّنٍ غَيْرِ مُحْتَمَلٍ , فَكَيْفَ وَقَوْلُ سَهْلَةَ - رضي الله عنها - لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : كَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ ؟ بَيَانٌ جَلِيٌّ ; لِأَنَّهُ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَاتِ الْمَذْكُورَاتِ وَبِالْيَقِينِ نَدْرِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ خَاصَّةً لِسَالِمٍ , أَوْ فِي التَّبَنِّي الَّذِي نُسِخَ لَبَيَّنَهُ عليه الصلاة والسلام كَمَا بَيَّنَ لِأَبِي بُرْدَةَ فِي الْجَذَعَةِ إذْ قَالَ لَهُ تُجْزِئُك وَلَا تُجْزِئُ أَحَدًا بَعْدَك . وَقَالَ بَعْضُ مَنْ لَا يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى فِيمَا يُطْلِقُ بِهِ لِسَانَهُ : كَيْفَ يَحِلُّ لِلْكَبِيرِ أَنْ يَرْضِعَ ثَدْيَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : هَذَا اعْتِرَاضٌ مُجَرَّدٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي أَمَرَ بِذَلِكَ , وَالْقَائِلُ بِهَذَا لَا يَسْتَحْيِ مِنْ أَنْ يُطْلِقَ : أَنَّ لِلْمَمْلُوكَةِ أَنْ تُصَلِّيَ عُرْيَانَةً يَرَى النَّاسُ ثَدْيَيْهَا وَخَاصِرَتَهَا , وَأَنَّ لِلْحُرَّةِ أَنْ تَتَعَمَّدَ أَنْ تَكْشِفَ مِنْ شَفَتَيْ فَرْجِهَا مِقْدَارَ الدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ تُصَلِّي كَذَلِكَ وَيَرَاهَا الصَّادِرُ وَالْوَارِدُ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ , وَأَنْ تَكْشِفَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ بَطْنِهَا كَذَلِكَ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عَدَمِ الْحَيَاءِ وَقِلَّةِ الدِّينِ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : { إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ } حُجَّةٌ لَنَا بَيِّنَةٌ ; لِأَنَّ لِلْكَبِيرِ مِنْ الرَّضَاعَةِ فِي طَرْدِ الْمَجَاعَةِ نَحْوَ مَا لِلصَّغِيرِ , فَهُوَ عُمُومٌ لِكُلِّ رَضَاعٍ إذَا بَلَغَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . قَالَ عَلِيٌّ : فَصَحَّ أَنَّ عَائِشَةَ رضي(12/480)
الله عنها كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا الْكَبِيرُ إذَا أَرْضَعَتْهُ فِي حَالِ كِبَرِهِ أُخْتٌ مِنْ أَخَوَاتِهَا الرَّضَاعَ الْمُحَرِّمَ , وَنَحْنُ نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنَقْطَعُ بِأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ لِيُبِيحَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْتَهِكُهُ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ مَعَ قوله تعالى : { وَاَللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ } . فَنَحْنُ نُوقِنُ وَنَبُتُّ بِأَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يَقَعُ بِهِ التَّحْرِيمُ , وَلَيْسَ فِي امْتِنَاعِ سَائِرِهِنَّ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ شَيْءٌ يُنْكَرُ ; لِأَنَّ مُبَاحًا لَهُنَّ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ مَنْ يَحِلُّ لَهُ الدُّخُولُ عَلَيْهِنَّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
2021 - مَسْأَلَةٌ : وَإِنْ حَمَلَتْ امْرَأَةٌ مِمَّنْ يَلْحَقُ وَلَدُهَا بِهِ فَدُرَّ لَهَا اللَّبَنُ , ثُمَّ وَضَعَتْ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا , أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَتَزَوَّجَهَا آخَرُ , أَوْ كَانَتْ أَمَةً فَمَلَكَهَا آخَرُ , فَمَا أَرْضَعَتْ فَهُوَ وَلَدٌ لِلْأَوَّلِ لَا لِلثَّانِي , فَإِنْ حَمَلَتْ مِنْ الثَّانِي فَتَمَادَى اللَّبَنُ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ , ثُمَّ يَعْتَدِلُ , فَإِنَّهُ إذَا تَغَيَّرَ فَقَدْ بَطَلَ حُكْمُ الْأَوَّلِ وَصَارَ لِلثَّانِي [ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ] .
زاد المعاد - (ج 5 / ص 109)
[ التّفْصِيلُ فِي تَحْرِيمِ الرّضَاعَةِ ]
وَحَرّمَ الْأُمّ مِنْ الرّضَاعَةِ فَيَدْخُلُ فِيهِ أُمّهَاتُهَا مِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ وَالْأُمّهَاتِ وَإِنْ عَلَوْنَ وَإِذَا صَارَتْ الْمُرْضِعَةُ أُمّهُ صَارَ صَاحِبَ اللّبَنِ - وَهُوَ الزّوْجُ أَوْ السّيّدُ إنْ كَانَتْ جَارِيَةً - أَبَاهُ وَآبَاؤُهُ أَجْدَادُهُ فَنَبّهَ بِالْمُرْضِعَةِ صَاحِبَةَ اللّبَنِ الّتِي هِيَ مُودَعٌ [ ص 110 ] أَبًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنّ اللّبَنَ لَهُ وَبِوَطْئِهِ ثَابَ وَلِهَذَا حَكَمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِتَحْرِيمِ لَبَنِ الْفَحْلِ فَثَبَتَ بِالنّصّ وَإِيمَائِهِ انْتِشَارُ حُرْمَةِ الرّضَاعِ إلَى أُمّ الْمُرْتَضِعِ وَأَبِيهِ مِنْ الرّضَاعَةِ وَأَنّهُ قَدْ صَارَ ابْنًا لَهُمَا وَصَارَا أَبَوَيْنِ لَهُ فَلَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ إخْوَتُهُمَا وَأَخَوَاتُهُمَا خَالَاتٍ لَهُ وَعَمّاتٍ وَأَبْنَاؤُهُمَا وَبَنَاتُهُمَا إخْوَةً لَهُ وَأَخَوَاتٍ فَنَبّهَ بِقَوْلِهِ { وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرّضَاعَةِ } [ النّسَاءُ 22 ] عَلَى انْتِشَارِ حُرْمَةِ الرّضَاعِ إلَى إخْوَتِهِمَا وَأَخَوَاتِهِمَا كَمَا انْتَشَرَتْ مِنْهُمَا إلَى أَوْلَادِهِمَا فَكَمَا صَارُوا إخْوَةً وَأَخَوَاتٍ لِلْمُرْتَضِعِ فَأَخْوَالُهُمَا وَخَالَاتُهُمَا أَخْوَالٌ وَخَالَاتٌ لَهُ وَأَعْمَامٌ وَعَمّاتٌ لَهُ الْأَوّلُ بِطَرِيقِ النّصّ وَالْآخَرُ بِتَنْبِيهِهِ كَمَا أَنّ الِانْتِشَارَ إلَى الْأُمّ بِطَرِيقِ النّصّ وَإِلَى الْأَبِ بِطَرِيقِ تَنْبِيهِهِ . وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ عَجِيبَةٌ مُطّرِدَةٌ فِي الْقُرْآنِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا إلّا كُلّ غَائِصٍ عَلَى مَعَانِيهِ وَوُجُوهِ دَلَالَاتِهِ وَمِنْ هُنَا قَضَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّهُ يَحْرُمُ مِنْ الرّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النّسَبِ وَلَكِنّ الدّلَالَةَ دَلَالَتَانِ خَفِيّةٌ
وَجَلِيّةٌ فَجَمَعَهُمَا لِلْأُمّةِ لِيَتِمّ الْبَيَانُ وَيَزُولَ الِالْتِبَاسُ وَيَقَعَ عَلَى الدّلَالَةِ الْجَلِيّةِ الظّاهِرَةِ مَنْ قَصُرَ فَهْمُهُ عَنْ الْخُفْيَةِ .
[ تَحْرِيمُ أُمّهَاتِ الزّوْجَاتِ ]
وَحَرّمَ أُمّهَاتِ النّسَاءِ فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ أُمّ الْمَرْأَةِ وَإِنْ عَلَتْ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رِضَاعٍ دَخَلَ بِالْمَرْأَةِ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَى هَؤُلَاءِ كُلّهِنّ .
[ تَحْرِيمُ بَنَاتِ الزّوْجَاتِ ]
وَحَرّمَ الرّبَائِبَ اللّاتِي فِي حُجُورِ الْأَزْوَاجِ وَهُنّ بَنَاتُ نِسَائِهِمْ الْمَدْخُولِ بِهِنّ فَتَنَاوَلَ بِذَلِكَ بَنَاتِهِنّ وَبَنَاتِ بَنَاتِهِنّ وَبَنَاتِ أَبْنَائِهِنّ فَإِنّهُنّ دَاخِلَاتٌ فِي اسْمِ الرّبَائِبِ وَقَيّدَ التّحْرِيمَ بِقَيْدَيْنِ أَحَدُهُمَا : كَوْنُهُنّ فِي حُجُورِ الْأَزْوَاجِ . وَالثّانِي : [ ص 111 ] وَسَوَاءٌ(12/481)
حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ هَذَا مُقْتَضَى النّصّ . وَذَهَبَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَمَنْ وَافَقَهُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ إلَى أَنّ مَوْتَ الْأُمّ فِي تَحْرِيمِ الرّبِيبَةِ كَالدّخُولِ بِهَا لِأَنّهُ يُكْمِلُ الصّدَاقَ وَيُوجِبُ الْعِدّةَ وَالتّوَارُثَ فَصَارَ كَالدّخُولِ وَالْجُمْهُورُ أَبَوْا ذَلِكَ وَقَالُوا : الْمَيّتَةُ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا فَلَا تَحْرُمُ ابْنَتُهَا وَاَللّهُ تَعَالَى قَيّدَ التّحْرِيمَ بِالدّخُولِ وَصَرّحَ بِنَفْيِهِ عِنْدَ عَدَمِ الدّخُولِ . وَأَمّا كَوْنُهَا فِي حِجْرِهِ فَلَمّا كَانَ الْغَالِبُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ لَا تَقْيِيدًا لِلتّحْرِيمِ بِهِ بَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ { وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ } [ الْإِسْرَاءُ : 31 ] وَلَمّا كَانَ مِنْ شَأْنِ بِنْتِ الْمَرْأَةِ أَنْ تَكُونَ عِنْدَ أُمّهَا فَهِيَ فِي حِجْرِ الزّوْجِ وُقُوعًا وَجَوَازًا فَكَأَنّهُ قَالَ اللّاتِي مِنْ شَأْنِهِنّ أَنْ يَكُنّ فِي حُجُورِكُمْ فَفِي ذِكْرِ هَذَا فَائِدَةٌ شَرِيفَةٌ وَهِيَ جَوَازُ جَعْلِهَا فِي حِجْرِهِ وَأَنّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إبْعَادُهَا عَنْهُ وَتَجَنّبُ مُؤَاكَلَتِهَا وَالسّفَرُ وَالْخَلْوَةُ بِهَا فَأَفَادَ هَذَا الْوَصْفُ عَدَمَ الِامْتِنَاعِ مِنْ ذَلِكَ . وَلَمّا خَفِيَ هَذَا عَلَى بَعْضِ أَهْلِ الظّاهِرِ شَرَطَ فِي تَحْرِيمِ الرّبِيبَةِ أَنْ تَكُونَ فِي حِجْرِ
الزّوْجِ وَقَيّدَ تَحْرِيمَهَا بِالدّخُولِ بِأُمّهَا وَأَطْلَقَ تَحْرِيمَ أُمّ الْمَرْأَةِ وَلَمْ يُقَيّدْهُ بِالدّخُولِ فَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدِهِمْ إنّ الْأُمّ تَحْرُمُ بِمُجَرّدِ الْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَا تَحْرُمُ الْبِنْتُ إلّا بِالدّخُولِ بِالْأُمّ وَقَالُوا : أَبْهِمُوا مَا أَبْهَمَ اللّهُ . وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنّ قَوْلَهُ { اللّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنّ } وَصْفٌ لِنِسَائِكُمْ الْأُولَى وَالثّانِيَةِ وَأَنّهُ لَا تَحْرُمُ الْأُمّ إلّا بِالدّخُولِ بِالْبِنْتِ وَهَذَا يَرُدّهُ نَظْمُ الْكَلَامِ وَحَيْلُولَةُ الْمَعْطُوفِ بَيْنَ الصّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ وَامْتِنَاعُ جَعْلِ الصّفَةِ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ دُونَ الْمُضَافِ إلّا عِنْدَ الْبَيَانِ فَإِذَا قُلْت : مَرَرْت بِغُلَامِ زَيْدٍ الْعَاقِلِ فَهُوَ صِفَةٌ لِلْغُلَامِ لَا لِزَيْدٍ إلّا عِنْدَ زَوَالِ اللّبْسِ كَقَوْلِك : مَرَرْت بِغُلَامِ هِنْدٍ الْكَاتِبَةِ وَيَرُدّهُ أَيْضًا جَعْلُهُ صِفَةً وَاحِدَةً لِمَوْصُوفَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ وَالتّعَلّقِ وَالْعَامِلِ وَهَذَا لَا يُعْرَفُ فِي اللّغَةِ الّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ . [ ص 112 ] أَوْلَى بِهَا لِجِوَارِهِ وَالْجَارُ أَحَقّ بِصَقْبِهِ مَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى نَقْلِهَا عَنْهُ أَوْ تَخَطّيهَا إيّاهُ إلَى الْأَبْعَدِ .
[ وَجْهُ دُخُولِ بِنْتِ جَارِيَتِهِ فِي التّحْرِيمِ ]
فَإِنْ قِيلَ فَمِنْ أَيْنَ أَدْخَلْتُمْ رَبِيبَتَهُ الّتِي هِيَ بِنْتُ جَارِيَتِهِ الّتِي دَخَلَ بِهَا وَلَيْسَتْ مِنْ نِسَائِهِ ؟ . قُلْنَا : السّرِيّةُ قَدْ تَدْخُلُ فِي جُمْلَةِ نِسَائِهِ كَمَا دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ } [ الْبَقَرَةُ 223 ] وَدَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ { أُحِلّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصّيَامِ الرّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ } [ الْبَقَرَةُ 187 ] وَدَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النّسَاءِ } [ النّسَاءُ 22 ]
[ دُخُولُ أُمّ الْجَارِيَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي التّحْرِيمِ ]
فَإِنْ قِيلَ فَيَلْزَمُكُمْ عَلَى هَذَا إدْخَالُهَا فِي قَوْلِهِ { وَأُمّهَاتُ نِسَائِكُمْ } [ النّسَاءُ 23 ] فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمّ جَارِيَتِهِ ؟ . قُلْنَا : نَعَمْ وَكَذَلِكَ نَقُولُ إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمّهَا وَابْنَتُهَا . فَإِنْ قِيلَ فَأَنْتُمْ قَدْ قَرّرْتُمْ أَنّهُ لَا يُشْتَرَطُ الدّخُولُ بِالْبِنْتِ فِي تَحْرِيمِ أُمّهَا فَكَيْفَ تَشْتَرِطُونَهُ هَا هُنَا ؟ . قُلْنَا : لِتَصِيرَ مِنْ نِسَائِهِ فَإِنّ الزّوْجَةَ صَارَتْ مِنْ نِسَائِهِ بِمُجَرّدِ الْعَقْدِ وَأَمّا الْمَمْلُوكَةُ فَلَا تَصِيرُ مِنْ نِسَائِهِ حَتّى يَطَأَهَا فَإِذَا وَطِئَهَا صَارَتْ مِنْ نِسَائِهِ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمّهَا وَابْنَتُهَا .
[ وَجْهُ عَدَمِ دُخُولِ الْجَوَارِي فِي الظّهَارِ وَالْإِيلَاءِ ](12/482)
فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ أَدْخَلْتُمْ السّرّيّةَ فِي نِسَائِهِ فِي آيَةِ التّحْرِيمِ وَلَمْ تُدْخِلُوهَا فِي نِسَائِهِ فِي آيَةِ الظّهَارِ وَالْإِيلَاءِ ؟ . قِيلَ السّيَاقُ وَالْوَاقِعُ يَأْبَى ذَلِكَ فَإِنّ الظّهَارَ كَانَ عِنْدَهُمْ طَلَاقًا وَإِنّمَا مَحَلّهُ الْأَزْوَاجُ لَا الْإِمَاءُ فَنَقَلَهُ اللّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ الطّلَاقِ إلَى التّحْرِيمِ الّذِي تُزِيلُهُ الْكَفّارَةُ [ ص 113 ] وَنَقَلَ حُكْمَهُ وَأَبْقَى مَحِلّهُ وَأَمّا الْإِيلَاءُ فَصَرِيحٌ فِي أَنّ مَحِلّهُ الزّوْجَاتُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { لِلّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطّلَاقَ فَإِنّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [ الْبَقَرَةُ 226 - 227 ]
فَصْلٌ [ يُقَدّمُ الْأَبُ فِي وِلَايَةِ الْمَالِ وَالنّكَاحِ وَتُقَدّمُ الْأُمّ فِي وِلَايَةِ الْحَضَانَةِ وَالرّضَاعِ ]
وَالْوِلَايَةُ عَلَى الطّفْلِ نَوْعَانِ نَوْعٌ يُقَدّمُ فِيهِ الْأَبُ عَلَى الْأُمّ وَمَنْ فِي جِهَتِهَا وَهِيَ وِلَايَةُ الْمَالِ وَالنّكَاحِ وَنَوْعٌ تُقَدّمُ فِيهِ الْأُمّ عَلَى الْأَبِ وَهِيَ وِلَايَةُ الْحَضَانَةِ وَالرّضَاعِ وَقُدّمَ كُلّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ فِيمَا جُعِلَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ لِتَمَامِ مَصْلَحَةِ الْوَلَدِ وَتُوقَفُ مَصْلَحَتُهُ عَلَى مَنْ يَلِي ذَلِكَ مِنْ أَبَوَيْهِ وَتَحْصُلُ بِهِ كِفَايَتُهُ . وَلَمّا كَانَ النّسَاءُ أَعْرَفَ بِالتّرْبِيَةِ وَأَقْدَرَ عَلَيْهَا وَأَصْبَرَ وَأَرْأَفَ وَأَفْرَغَ لَهَا لِذَلِكَ قُدّمَتْ الْأُمّ فِيهَا عَلَى الْأَبِ . وَلَمّا كَانَ الرّجَالُ أَقْوَمَ بِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْوَلَدِ وَالِاحْتِيَاطِ لَهُ فِي الْبُضْعِ قُدّمَ الْأَبُ فِيهَا عَلَى الْأُمّ فَتَقْدِيمُ الْأُمّ فِي الْحَضَانَةِ مِنْ مَحَاسِنِ الشّرِيعَةِ وَالِاحْتِيَاطُ لِلْأَطْفَالِ وَالنّظَرُ لَهُمْ وَتَقْدِيمُ الْأَبِ فِي وِلَايَةِ الْمَالِ وَالتّزْوِيجِ كَذَلِكَ .
[ هَلْ يُقَدّمُ أَقَارِبُ الْأُمّ عَلَى أَقَارِبِ الْأَبِ فِي الْحَضَانَةِ ؟ ]
إذَا عُرِفَ هَذَا فَهَلْ قُدّمَتْ الْأُمّ لِكَوْنِ جِهَتِهَا مُقَدّمَةً عَلَى جِهَةِ الْأُبُوّةِ فِي الْحَضَانَةِ فَقُدّمَتْ لِأَجْلِ الْأُمُومَةِ أَوْ قُدّمَتْ عَلَى الْأَبِ لِكَوْنِ النّسَاءِ أَقْوَمَ بِمَقَاصِدِ الْحَضَانَةِ وَالتّرْبِيَةِ مِنْ الذّكُورِ فَيَكُونُ تَقْدِيمُهَا لِأَجْلِ الْأُنُوثَةِ ؟ فَفِي هَذَا لِلنّاسِ قَوْلَانِ وَهُمَا فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ يَظْهَرُ أَثَرُهُمَا فِي تَقْدِيمِ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ عَلَى أَقَارِبِ الْأُمّ أَوْ بِالْعَكْسِ كَأُمّ الْأُمّ وَأُمّ الْأَبِ وَالْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُخْتِ مِنْ الْأُمّ وَالْخَالَةِ وَالْعَمّةِ وَخَالَةِ الْأُمّ وَخَالَةِ الْأَبِ وَمَنْ يُدْلِي مِنْ الْخَالَاتِ وَالْعَمّاتِ بِأُمّ وَمَنْ يُدْلِي مِنْهُنّ بِأَبٍ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ . إحْدَاهُمَا تَقْدِيمُ أَقَارِبِ الْأُمّ عَلَى أَقَارِبِ الْأَبِ . وَالثّانِيَةُ وَهِيَ أَصَحّ دَلِيلًا وَاخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيّةَ : تَقْدِيمُ أَقَارِبِ الْأَبِ وَهَذَا هُوَ الّذِي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيّ فِي " مُخْتَصَرِهِ " فَقَالَ وَالْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ أَحَقّ مِنْ الْأُخْتِ مِنْ الْأُمّ وَأَحَقّ مِنْ الْخَالَةِ [ ص 393 ] وَخَالَةُ الْأَبِ أَحَقّ مِنْ خَالَةِ الْأُمّ وَعَلَى هَذَا فَأُمّ الْأَبِ مُقَدّمَةٌ عَلَى أُمّ الْأُمّ كَمَا نَصّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي إحْدَى الرّوَايَتَيْنِ عَنْهُ .
ذِكْرُ حُكْمِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الرّضَاعَةِ وَمَا يَحْرُمُ بِهَا وَمَا لَا يَحْرُمُ وَحُكْمِهِ فِي الْقَدْرِ الْمُحَرّمِ مِنْهَا وَحُكْمِهِ فِي إرْضَاعِ الْكَبِيرِ هَلْ لَهُ تَأْثِيرٌ أَمْ لَا ؟
[ ص 491 ] ثَبَتَ فِي " الصّحِيحَيْن " : مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا عَنْهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّهُ قَالَ إنّ الرّضَاعَةَ تُحَرّمُ مَا تُحَرّمُ الْوِلَادَة . وَثَبَتَ فِيهِمَا : مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أُرِيدَ عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ فَقَالَ " إنّهَا لَا تَحِلّ لِي إنّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنْ الرّضَاعَةِ وَيَحْرُمُ مِنْ الرّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الرّحِمِ . وَثَبَتَ فِيهِمَا : أَنّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا : ائْذَنِي لِأَفْلَحَ أَخِي أَبِي الْقُعَيْسِ فَإِنّهُ عَمّكِ " وَكَانَتْ امْرَأَتُهُ أَرْضَعَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا . وَبِهَذَا أَجَابَ ابْنُ عَبّاسٍ لَمّا سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ لَهُ جَارِيَتَانِ أَرْضَعَتْ إحْدَاهُمَا جَارِيَةً وَالْأُخْرَى غُلَامًا : أَيَحِلّ لِلْغُلَامِ أَنْ يَتَزَوّجَ الْجَارِيَةَ ؟ قَالَ لَا اللّقَاحُ وَاحِدٌ . [ ص 492 ] وَثَبَتَ فِي(12/483)
" صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا تُحَرّمُ الْمَصّةُ وَالْمَصّتَان . وَفِي رِوَايَةٍ لَا تُحَرّمُ الْإِمْلَاجَةُ والإملاجتان . وَفِي لَفْظٍ لَهُ أَنّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ هَلْ تُحَرّمُ الرّضْعَةُ الْوَاحِدَةُ ؟ قَالَ لَا . وَثَبَتَ فِي " صَحِيحِهِ " أَيْضًا : عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ فِيمَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرّمْنَ ثُمّ نُسِخْنَ بِخَمْسِ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُنّ فِيمَا يَقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ . وَثَبَتَ فِي " الصّحِيحَيْنِ " : مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا أَنّ النّبِيّ صَلّى
اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ إنّمَا الرّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ . وَثَبَتَ فِي " جَامِعِ التّرْمِذِيّ " : مِنْ حَدِيثِ أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَا يُحَرّمُ مِنْ الرّضَاعَةِ إلّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ فِي الثّدْيِ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ " وَقَالَ التّرْمِذِيّ حَدِيثٌ صَحِيحٌ . [ ص 493 ] سُنَنِ الدّارَقُطْنِيّ " بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ يَرْفَعُهُ لَا رِضَاعَ إلّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ . وَفِي " سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " : مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ يَرْفَعُهُ لَا يُحَرّمُ مِنْ الرّضَاعِ إلّا مَا أَنْبَتَ اللّحْمَ وَأَنْشَرَ الْعَظْمَ . وَثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " : عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا قَالَتْ جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّي أَرَى فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ وَهُوَ حَلِيفُهُ فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ . وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْهَا قَالَتْ جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّي أَرَى فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ وَهُوَ حَلِيفُهُ فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَرْضِعِيهِ فَقَالَتْ وَكَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ فَتَبَسّمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالَ قَدْ عَلِمْتُ أَنّهُ كَبِير . وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ أَنّ أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا قَالَتْ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا : إنّهُ يَدْخُلُ عَلَيْك الْغُلَامُ الْأَيْفَعُ الّذِي مَا أُحِبّ أَنْ
يَدْخُلَ عَلَيّ فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا : أَمَا لَكِ فِي رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أُسْوَةٌ ؟ إنّ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ سَالِمًا يَدْخُلُ عَلَيّ وَهُوَ رَجُلٌ وَفِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ شَيْءٌ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَرْضِعِيهِ حَتّى يَدْخُلَ عَلَيْك . [ ص 494 ] وَسَاقَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي " سُنَنِهِ " سِيَاقَةً تَامّةً مُطَوّلَةً فَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ الزّهْرِيّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا أَنّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ كَانَ تَبَنّى سَالِمًا وَأَنْكَحَهُ ابْنَةَ أَخِيهِ هِنْدًا بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَهُوَ مَوْلَى لِامْرَأَةِ مِنْ الْأَنْصَارِ كَمَا تَبَنّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ زَيْدًا وَكَانَ مَنْ تَبَنّى رَجُلًا فِي الْجَاهِلِيّةِ دَعَاهُ النّاسُ إلَيْهِ وَوَرِثَ مِيرَاثَهُ حَتّى أَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدّينِ وَمَوَالِيكُمْ } [ الْأَحْزَابِ 5 ] فَرُدّوا إلَى آبَائِهِمْ فَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبٌ كَانَ مَوْلًى وَأَخًا فِي الدّينِ فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيّ ثُمّ الْعَامِرِيّ وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّا كُنّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا وَكَانَ يَأْوِي مَعِي وَمَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَيَرَانِي فُضُلًا وَقَدْ أَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى فِيهِمْ مَا قَدْ عَلِمْت فَكَيْفَ تَرَى فِيهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ "(12/484)
أَرْضِعِيهِ " فَأَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِنْ الرّضَاعَةِ فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا تَأْمُرُ بَنَاتِ إخْوَتِهَا وَبَنَاتِ أَخَوَاتِهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبّتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا أَنْ يَرَاهَا وَيَدْخُلَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ ثُمّ يَدْخُلَ عَلَيْهَا وَأَبَتْ ذَلِكَ أُمّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ أَزْوَاجِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنّ أَحَدًا بِتِلْكَ الرّضَاعَةِ مِنْ النّاسِ حَتّى يَرْضَعَ فِي الْمَهْدِ وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ وَاَللّهِ مَا نَدْرِي لَعَلّهَا كَانَتْ رُخْصَةً مِنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِسَالِمِ دُونَ النّاسِ . فَتَضَمّنَتْ هَذِهِ السّنَنُ الثّابِتَةُ أَحْكَامًا عَدِيدَةً بَعْضُهَا مُتّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأُمّةِ وَفِي بَعْضِهَا نِزَاعٌ .
[ الرّضَاعَةُ تُحَرّمُ مَا تُحَرّمُ الْوِلَادَةُ ]
الْحُكْمُ الْأَوّلُ قَوْلُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الرّضَاعَةُ تُحَرّمُ مَا تُحَرّمُ الْوِلَادَةُ وَهَذَا الْحُكْمُ مُتّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأُمّةِ حَتّى عِنْدَ مَنْ قَالَ إنّ الزّيَادَةَ عَلَى النّصّ نَسْخٌ وَالْقُرْآنُ لَا [ ص 495 ] كَانَ زَائِدًا عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ سَوَاءٌ سَمّاهُ نَسْخًا أَوْ لَمْ يُسَمّهِ كَمَا اُضْطُرّ إلَى تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمّتِهَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ خَالَتِهَا مَعَ أَنّهُ زِيَادَةٌ عَلَى نَصّ الْقُرْآنِ وَذَكَرَهَا هَذَا مَعَ حَدِيثِ أَبِي الْقُعَيْسِ فِي تَحْرِيمِ لَبَنِ الْفَحْلِ عَلَى أَنّ الْمُرْضِعَةَ وَالزّوْجَ صَاحِبَ اللّبَنِ قَدْ صَارَا أَبَوَيْنِ لِلطّفْلِ وَصَارَ الطّفْلُ وَلَدًا لَهُمَا فَانْتَشَرَتْ الْحُرْمَةُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَاتِ الثّلَاثِ فَأَوْلَادُ الطّفْلِ وَإِنْ نَزَلُوا أَوْلَادُ وَلَدِهِمَا وَأَوْلَادُ كُلّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُرْضِعَةِ وَالزّوْجِ مِنْ الْآخَرِ وَمِنْ غَيْرِهِ إخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ مِنْ الْجِهَاتِ الثّلَاثِ . فَأَوْلَادُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ إخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ لِأَبِيهِ وَأُمّهِ وَأَوْلَادُ الزّوْجِ مِنْ غَيْرِهَا إخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ مِنْ أَبِيهِ وَأَوْلَادُ الْمُرْضِعَةِ مَنْ غَيْرِهِ إخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ لِأُمّهِ وَصَارَ آبَاؤُهَا أَجْدَادَهُ وَجَدّاتِهِ وَصَارَ إخْوَةُ الْمَرْأَةِ وَأَخَوَاتِهَا أَخْوَالَهُ وَخَالَاتِهِ وَإِخْوَةُ صَاحِبِ اللّبَنِ وَأَخَوَاتِهِ أَعْمَامُهُ وَعَمّاتُهُ فَحُرْمَةُ الرّضَاعِ تَنْتَشِرُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَاتِ الثّلَاثِ فَقَطْ . وَلَا يَتَعَدّى التّحْرِيمُ إلَى غَيْرِ الْمُرْتَضِعِ مِمّنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ فَيُبَاحُ لِأَخِيهِ نِكَاحُ مَنْ أَرْضَعَتْ أَخَاهُ وَبَنَاتِهَا وَأُمّهَاتِهَا
وَيُبَاحُ لِأُخْتِهِ نِكَاحُ صَاحِبِ اللّبَنِ وَأَبَاهُ وَبَنِيهِ وَكَذَلِكَ لَا يَنْتَشِرُ إلَى مَنْ فَوْقَهُ مِنْ آبَائِهِ وَأُمّهَاتِهِ وَمَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ أَعْمَامِهِ وَعَمّاتِهِ وَأَخْوَالِهِ وَخَالَاتِهِ فَلِأَبِي الْمُرْتَضِعِ مِنْ النّسَبِ وَأَجْدَادِهِ أَنْ يَنْكِحُوا أُمّ الطّفْلِ مِنْ الرّضَاعِ وَأُمّهَاتِهَا وَأَخَوَاتِهَا وَبَنَاتِهَا وَأَنْ يَنْكِحُوا أُمّهَاتِ صَاحِبِ اللّبَنِ وَأَخَوَاتِهِ وَبَنَاتِهِ إذْ نَظِيرُ هَذَا مِنْ النّسَبِ حَلَالٌ فَلِلْأَخِ مِنْ الْأَبِ أَنْ يَتَزَوّجَ أُخْتَ أَخِيهِ مِنْ الْأُمّ وَلِلْأَخِ مِنْ الْأُمّ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَ أَخِيهِ مِنْ الْأَبِ وَكَذَلِكَ يَنْكِحُ الرّجُلُ أُمّ ابْنِهِ مِنْ النّسَبِ وَأُخْتَهَا وَأَمّا أُمّهَا وَبِنْتُهَا فَإِنّمَا حَرُمَتَا بِالْمُصَاهَرَةِ .[ هَلْ يَحْرُمُ نَظِيرُ الْمُصَاهَرَةِ بِالرّضَاعِ ]
وَهَلْ يَحْرُمُ نَظِيرُ الْمُصَاهَرَةِ بِالرّضَاعِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمّ امْرَأَتِهِ مِنْ الرّضَاعِ وَبِنْتُهَا مِنْ الرّضَاعَةِ وَامْرَأَةُ ابْنِهِ مِنْ الرّضَاعَةِ أَوْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ مِنْ الرّضَاعَةِ أَوْ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمّتِهَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ خَالَتِهَا مِنْ الرّضَاعَةِ ؟ فَحَرّمَهُ الْأَئِمّةُ [ ص 496 ] وَقَالَ إنْ كَانَ قَدْ قَالَ أَحَدٌ بِعَدَمِ التّحْرِيمِ فَهُوَ أَقْوَى . قَالَ الْمُحَرّمُونَ تَحْرِيمُ هَذَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَحْرُمُ مِنْ الرّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النّسَبِ فَأَجْرَى الرّضَاعَةَ مَجْرَى النّسَبِ وَشَبّهَهَا بِهِ فَثَبَتَ تَنْزِيلُ وَلَدِ الرّضَاعَةِ وَأَبِي الرّضَاعَةِ مَنْزِلَةَ وَلَدِ النّسَبِ وَأَبِيهِ فَمَا ثَبَتَ لِلنّسَبِ مِنْ التّحْرِيمِ ثَبَتَ لِلرّضَاعَةِ فَإِذَا حَرُمَتْ امْرَأَةُ الْأَبِ(12/485)
وَالِابْنِ وَأُمّ الْمَرْأَةِ وَابْنَتُهَا مِنْ النّسَبِ حَرُمْنَ بِالرّضَاعَةِ . وَإِذَا حَرُمَ الْجَمْعُ بَيْنَ أُخْتَيْ النّسَبِ حَرُمَ بَيْنَ أُخْتَيْ الرّضَاعَةِ هَذَا تَقْدِيرُ احْتِجَاجِهِمْ عَلَى التّحْرِيمِ . قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اللّهُ سُبْحَانَهُ حَرّمَ سَبْعًا بِالنّسَبِ وَسَبْعًا بِالصّهْرِ كَذَا قَالَ ابْنُ عَبّاسٍ . قَالَ وَمَعْلُومٌ أَنّ تَحْرِيمَ الرّضَاعَةِ لَا يُسَمّى صِهْرًا وَإِنّمَا يَحْرُمُ مِنْهُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النّسَبِ وَالنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ يَحْرُمُ مِنْ الرّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ وَفِي رِوَايَةٍ مَا يَحْرُمُ مِنْ النّسَبِ وَلَمْ يَقُلْ وَمَا يَحْرُمُ بِالْمُصَاهَرَةِ وَلَا ذَكَرَهُ اللّهُ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ كَمَا ذَكَرَ تَحْرِيمَ الصّهْرِ وَلَا ذَكَرَ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ فِي الرّضَاعِ كَمَا
ذَكَرَهُ فِي النّسَبِ وَالصّهْرُ قَسِيمُ النّسَبِ وَشَقِيقُهُ قَالَ اللّهُ تَعَالَى : { وَهُوَ الّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا } [ الْفُرْقَانِ : 54 ] فَالْعَلَاقَةُ بَيْنَ النّاسِ بِالنّسَبِ وَالصّهْرِ وَهُمَا سَبَبَا التّحْرِيمِ وَالرّضَاعُ فَرْعٌ عَلَى النّسَبِ وَلَا تُعْقَلُ الْمُصَاهَرَةُ إلّا بَيْنَ الْأَنْسَابِ وَاَللّهُ تَعَالَى إنّمَا حَرّمَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمّتِهَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ خَالَتِهَا لِئَلّا يُفْضِيَ إلَى قَطِيعَةِ الرّحِمِ الْمُحَرّمَةِ . وَمَعْلُومٌ أَنّ الْأُخْتَيْنِ مِنْ الرّضَاعِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا رَحِمٌ مُحَرّمَةٌ فِي غَيْرِ النّكَاحِ وَلَا تَرَتّبَ عَلَى مَا بَيْنَهُمَا مِنْ أُخُوّةِ الرّضَاعِ حُكْمٌ قَطّ غَيْرُ تَحْرِيمِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ وَلَا يَرِثُهُ وَلَا يَسْتَحِقّ النّفَقَةَ [ ص 497 ] الْوَصِيّةِ وَالْوَقْفِ عَلَى أَقَارِبِهِ وَذَوِي رَحِمِهِ وَلَا يَحْرُمُ التّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُمّ وَوَلَدِهَا الصّغِيرِ مِنْ الرّضَاعَةِ وَيَحْرُمُ مِنْ النّسَبِ وَالتّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا فِي الْمِلْكِ كَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي النّكَاحِ سَوَاءٌ وَلَوْ مَلَكَ شَيْئًا مِنْ الْمُحَرّمَاتِ بِالرّضَاعِ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ وَإِذَا حُرّمَتْ عَلَى الرّجُلِ أُمّهُ وَبِنْتُهُ وَأُخْتُهُ وَعَمّتُهُ وَخَالَتُهُ مِنْ الرّضَاعَةِ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَحْرُمَ عَلَيْهِ أُمّ امْرَأَتِهِ الّتِي أَرْضَعَتْ امْرَأَتَهُ فَإِنّهُ لَا نَسَبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَلَا مُصَاهَرَةَ وَلَا رَضَاعَ وَالرّضَاعَةُ إذَا جُعِلَتْ كَالنّسَبِ فِي حُكْمٍ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ مِثْلَهُ فِي كُلّ حُكْمٍ بَلْ مَا افْتَرَقَا فِيهِ مِنْ الْأَحْكَامِ
أَضْعَافُ مَا اجْتَمَعَا فِيهِ مِنْهَا وَقَدْ ثَبَتَ جَوَازُ الْجَمْعِ بَيْنَ اللّتَيْنِ بَيْنَهُمَا مُصَاهَرَةٌ مُحَرّمَةٌ كَمَا جَمَعَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بَيْنَ امْرَأَةِ عَلِيّ وَابْنَتِهِ مِنْ غَيْرِهَا . وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَحْرِيمٌ يَمْنَعُ جَوَازَ نِكَاحِ أَحَدِهَا لِلْآخَرِ لَوْ كَانَ ذَكَرًا فَهَذَا نَظِيرُ الْأُخْتَيْنِ مِنْ الرّضَاعَةِ سَوَاءٌ لَأَنّ سَبَبَ تَحْرِيمِ النّكَاحِ بَيْنَهُمَا فِي أَنْفُسِهِمَا لَيْسَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيّ مِنْهُمَا الّذِي لَا رِضَاعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا وَلَا صِهْرَ وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ . وَاحْتَجّ أَحْمَدُ بِأَنّ عَبْدَ اللّهِ بْنَ جَعْفَرٍ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَةِ عَلِيّ وَابْنَتِهِ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ قَالَ الْبُخَارِيّ : وَجَمَعَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيّ بَيْنَ بِنْتَيْ عَمّ فِي لَيْلَةٍ وَجَمَعَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بَيْنَ امْرَأَةِ عَلِيّ وَابْنَتِهِ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ لَا بَأْسَ بِهِ وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ مَرّةً ثُمّ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ . وَكَرِهَهُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ لِلْقَطِيعَةِ وَلَيْسَ فِيهِ تَحْرِيمٌ لِقَوْلِهِ عَزّ وَجَلّ { وَأُحِلّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } [ النّسَاءِ 24 ] هَذَا كَلَامُ الْبُخَارِيّ .
[ ص 498 ] نِسَاءُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هُنّ أُمّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ فِي التّحْرِيمِ وَالْحُرْمَةِ فَقَطْ لَا فِي الْمَحْرَمِيّةِ فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَخْلُوَ بِهِنّ وَلَا يَنْظُرَ إلَيْهِنّ بَلْ قَدْ أَمَرَهُنّ اللّهُ بِالِاحْتِجَابِ عَمّنْ حُرِمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهُنّ مِنْ غَيْرِ أَقَارِبِهِنّ وَمَنْ بَيْنَهُنّ وَبَيْنَهُ رَضَاعٌ فَقَالَ تَعَالَى : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } [ الْأَحْزَابِ 53 ] ثُمّ هَذَا الْحُكْمُ لَا يَتَعَدّى إلَى أَقَارِبِهِنّ الْبَتّةَ فَلَيْسَ بَنَاتُهُنّ أَخَوَاتُ الْمُؤْمِنِينَ يَحْرُمْنَ عَلَى رِجَالِهِمْ وَلَا بَنُوهُنّ إخْوَةٌ لَهُمْ يَحْرُمُ عَلَيْهِنّ بَنَاتُهُنّ وَلَا أَخَوَاتُهُنّ وَأَخَوَاتُهُنّ خَالَاتٍ(12/486)
وَأَخْوَالًا بَلْ هُنّ حَلَالٌ لِلْمُسْلِمِينَ بِاتّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ كَانَتْ أُمّ الْفَضْلِ أُخْتُ مَيْمُونَةَ زَوْجِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَحْتَ الْعَبّاسِ وَكَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ أُخْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا تَحْتَ الزّبَيْر ِ وَكَانَتْ أُمّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا تَحْتَ أَبِي بَكْر ٍ وَأُمّ حَفْصَةَ تَحْتَ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَلَيْسَ لِرَجُلِ أَنْ يَتَزَوّجَ أُمّهُ وَقَدْ تَزَوّجَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ وَإِخْوَتُهُ وَأَوْلَادُ أَبِي بَكْرٍ وَأَوْلَادُ أَبِي سُفْيَانَ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَلَوْ كَانُوا أَخْوَالًا لَهُنّ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْكِحُوهُنّ فَلَمْ تَنْتَشِرْ الْحُرْمَةُ مِنْ أُمّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ إلَى أَقَارِبِهِنّ وَإِلّا لَزِمَ مِنْ ثُبُوتِ حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ النّسَبِ بَيْنَ الْأُمّةِ وَبَيْنَهُنّ ثُبُوتُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ . وَمِمّا يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا
قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْمُحَرّمَاتِ { وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ } [ النّسَاءِ 23 ] . وَمَعْلُومٌ أَنّ لَفْظَ الِابْنِ إذَا أُطْلِقَ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ ابْنُ الرّضَاعِ فَكَيْفَ إذَا قُيّدَ بِكَوْنِهِ ابْنَ صُلْبٍ وَقُصِدَ إخْرَاجُ ابْنِ التّبَنّي بِهَذَا لَا يَمْنَعُ إخْرَاجَ ابْنِ الرّضَاعِ وَيُوجِبُ دُخُولَهُ وَقَدْ ثَبَتَ فِي " الصّحِيحِ " : أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَرَ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ أَنْ تُرْضِعَ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ لِيَصِيرَ مَحْرَمًا لَهَا فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ أَبِي حُذَيْفَةَ زَوْجِهَا وَصَارَ ابْنَهَا وَمَحْرَمَهَا بِنَصّ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْحُكْمُ مُخْتَصّا بِسَالِم ِ أَوْ عَامّا كَمَا قَالَتْهُ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا فَبَقِيَ سَالِمٌ مَحْرَمًا لَهَا لِكَوْنِهَا أَرْضَعَتْهُ وَصَارَتْ أُمّهُ وَلَمْ يَصِرْ مَحْرَمًا لَهَا لِكَوْنِهَا امْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ [ ص 499 ] سَهْلَةَ لَهُ بَلْ لَوْ أَرْضَعَتْهُ جَارِيَةٌ لَهُ أَوْ امْرَأَةٌ أُخْرَى صَارَتْ سَهْلَةُ امْرَأَةَ أَبِيهِ وَإِنّمَا التّأْثِيرُ لِكَوْنِهِ وَلَدَهَا نَفْسَهَا وَقَدْ عُلّلَ بِهَذَا فِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ وَلَفْظُهُ فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَرْضِعِيهِ فَأَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِنْ الرّضَاعَةِ وَلَا يُمْكِنُ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَنْ ادّعَاهُ فَهُوَ كَاذِبٌ فَإِنّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيّبِ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرّحْمَنِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ وَعَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ وَأَبَا قِلَابَةَ لَمْ يَكُونُوا يُثْبِتُونَ التّحْرِيمَ بِلَبَنِ الْفَحْلِ وَهُوَ
مَرْوِيّ عَنْ الزّبَيْرِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصّحَابَةِ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللّهُ تَعَالَى وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنّ التّحْرِيمَ إنّمَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْأُمّهَاتِ فَقَطْ فَهَؤُلَاءِ إذَا لَمْ يَجْعَلُوا الْمُرْتَضِعَ مِنْ لَبَنِ الْفَحْلِ وَلَدًا لَهُ فَأَنْ لَا يُحَرّمُوا عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ وَلَا عَلَى الرّضِيعِ امْرَأَةَ الْفَحْلِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَبُو زَوْجِهَا مِنْ الرّضَاعَةِ وَلَا ابْنُهُ مِنْ الرّضَاعَةِ . فَإِنْ قِيلَ هَؤُلَاءِ لَمْ يُثْبِتُوا الْبُنُوّةَ بَيْنَ الْمُرْتَضِعِ وَبَيْنَ الْفَحْلِ فَلَمْ تَثْبُتْ الْمُصَاهَرَةُ لِأَنّهَا فَرْعُ ثُبُوتِ بُنُوّةِ الرّضَاعِ فَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ لَهُ لَمْ يَثْبُتْ فَرْعُهَا وَأَمّا مَنْ أَثْبَتَ بُنُوّةَ الرّضَاعِ مِنْ جِهَةِ الْفَحْلِ كَمَا دَلّتْ عَلَيْهِ السّنّةُ الصّحِيحَةُ الصّرِيحَةُ وَقَالَ بِهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَإِنّهُ تَثْبُتْ الْمُصَاهَرَةُ بِهَذِهِ الْبُنُوّةِ فَهَلْ قَالَ أَحَدٌ مِمّنْ ذَهَبَ إلَى التّحْرِيمِ بِلَبَنِ الْفَحْلِ إنّ زَوْجَةَ أَبِيهِ وَابْنِهِ مِنْ الرّضَاعَةِ لَا تَحْرُمُ ؟ قِيلَ الْمَقْصُودُ أَنّ فِي تَحْرِيمِ هَذِهِ نِزَاعًا وَأَنّهُ لَيْسَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَبَقِيَ النّظَرُ فِي مَأْخَذِهِ هَلْ هُوَ إلْغَاءُ لَبَنِ الْفَحْلِ وَأَنّهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ أَوْ إلْغَاءُ الْمُصَاهَرَةِ مِنْ جِهَةِ الرّضَاعِ وَأَنّهُ لَا تَأْثِيرَ لَهَا وَإِنّمَا التّأْثِيرُ لِمُصَاهَرَةِ النّسَبِ ؟ وَلَا شَكّ أَنّ الْمَأْخَذَ الْأَوّلَ بَاطِلٌ لِثُبُوتِ السّنّةِ الصّرِيحَةِ بِالتّحْرِيمِ بِلَبَنِ الْفَحْلِ وَقَدْ بَيّنّا أَنّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْقَوْلِ بِالتّحْرِيمِ بِهِ إثْبَاتُ الْمُصَاهَرَةِ بِهِ إلّا بِالْقِيَاسِ وَقَدْ(12/487)
تَقَدّمَ أَنّ الْفَارِقَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ أَضْعَافُ أَضْعَافُ الْجَامِعِ وَأَنّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ النّسَبِ ثُبُوتُ حُكْمٍ آخَرَ . [ ص 500 ] أُمّ الرّضَاعِ وَأُخْتَ الرّضَاعَةِ دَاخِلَةً تَحْتَ أُمّهَاتِنَا وَأَخَوَاتِنَا فَإِنّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ { حُرّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ } [ النّسَاءِ 23 ] ثُمّ قَالَ { وَأُمّهَاتُكُمُ اللّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرّضَاعَةِ } [ النّسَاءِ 23 ] فَدَلّ عَلَى أَنّ لَفْظَ أُمّهَاتِنَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إنّمَا يُرَادُ بِهِ الْأُمّ مِنْ النّسَبِ وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأُمّهَاتُ نِسَائِكُمْ } مِثْلُ قَوْلِهِ { وَأُمّهَاتُكُمْ } إنّمَا هُنّ أُمّهَاتُ نِسَائِنَا مِنْ النّسَبِ فَلَا يَتَنَاوَلُ أُمّهَاتِهِنّ مِنْ الرّضَاعَةِ وَلَوْ أُرِيدَ تَحْرِيمَهُنّ لَقَالَ وَأُمّهَاتُهُنّ اللّاتِي أَرْضَعْنَهُنّ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي أُمّهَاتِنَا وَقَدْ بَيّنّا أَنّ قَوْلَهُ يَحْرُمُ مِنْ الرّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النّسَبِ إنّمَا يَدُلّ عَلَى أَنّ مَنْ حَرُمَ عَلَى الرّجُلِ مِنْ النّسَبِ حَرُمَ عَلَيْهِ نَظِيرُهُ مِنْ الرّضَاعَةِ وَلَا يَدُلّ عَلَى أَنّ مَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ بِالصّهْرِ أَوْ بِالْجَمْعِ حَرُمَ عَلَيْهِ نَظِيرُهُ مِنْ الرّضَاعَةِ بَلْ يَدُلّ مَفْهُومُهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ مَعَ عُمُومِ قَوْلِهِ { وَأُحِلّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } [ النّسَاءِ 24 ] .
فَصْلٌ [ لَا تُحَرّمُ الْمَصّةُ وَالْمَصّتَانِ مِنْ الرّضَاعِ ]
وَالْحُكْمُ الثّالِثُ أَنّهُ لَا تُحَرّمُ الْمَصّةُ وَالْمَصّتَانِ كَمَا نَصّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَلَا يُحَرّمُ إلّا خَمْسُ رَضَعَاتٍ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ . فَأَثْبَتَتْ طَائِفَةٌ مِنْ السّلَفِ وَالْخَلَفِ التّحْرِيمَ بِقَلِيلِ الرّضَاعِ وَكَثِيرِهِ وَهَذَا يُرْوَى عَنْ عَلِيّ وَابْنِ عَبّاسٍ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ وَالْحَسَنِ وَالزّهْرِيّ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ وَحَمّادٍ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثّوْرِيّ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِك ٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَزَعَمَ اللّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَنّ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنّ قَلِيلَ الرّضَاعِ وَكَثِيرَهُ يُحَرّمُ فِي [ ص 507 ] ا لْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللّهُ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى : لَا يَثْبُتُ التّحْرِيمُ بِأَقَلّ مِنْ ثَلَاثِ رَضَعَاتٍ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيّ وَهُوَ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ عَنْ أَحْمَدَ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى : لَا يَثْبُتُ بِأَقَلّ مِنْ خَمْسِ رَضَعَاتٍ وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللّهِ بْنِ الزّبَيْرِ وَعَطَاءٍ وَطَاوُوسٍ وَهُوَ إحْدَى الرّوَايَاتِ الثّلَاثِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا وَالرّوَايَةُ الثّانِيَةُ عَنْهَا : أَنّهُ لَا يُحَرّمُ أَقَلّ مِنْ سَبْعٍ وَالثّالِثَةُ لَا يُحَرّمُ أَقَلّ مِنْ عَشْرٍ . وَالْقَوْلُ بِالْخَمْسِ مَذْهَبُ الشّافِعِيّ وَأَحْمَدَ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ وَخَالَفَ دَاوُدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ .
[ حُجّةُ مَنْ عَلّقَ التّحْرِيمَ بِقَلِيلِ الرّضَاعِ وَكَثِيرِهِ ]
فَحُجّةُ الْأَوّلِينَ أَنّهُ سُبْحَانَهُ عَلّقَ التّحْرِيمَ بِاسْمِ الرّضَاعَةِ فَحَيْثُ وُجِدَ اسْمُهَا وُجِدَ حُكْمُهَا وَالنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ يَحْرُمُ مِنْ الرّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النّسَبِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِإِطْلَاقِ الْقُرْآنِ . وَثَبَتَ فِي " الصّحِيحَيْنِ " عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنّهُ تَزَوّجَ أُمّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إهَابٍ فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَعْرَضَ عَنّي قَالَ فَتَنَحّيْت فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ قَالَ وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا فَنَهَاهُ عَنْهَا وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ عَدَدِ الرّضَاعِ قَالُوا : وَلِأَنّهُ فِعْلٌ يَتَعَلّقُ بِهِ التّحْرِيمُ فَاسْتَوَى قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ كَالْوَطْءِ الْمُوجِبِ لَهُ قَالُوا : وَلِأَنّ إنْشَازَ الْعَظْمِ وَإِنْبَاتَ اللّحْمِ يَحْصُلُ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ . قَالُوا : وَلِأَنّ أَصْحَابَ الْعَدَدِ قَدْ اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُهُمْ فِي الرّضْعَةِ وَحَقِيقَتِهَا وَاضْطَرَبَتْ أَشَدّ الِاضْطِرَابِ وَمَا كَانَ هَكَذَا لَمْ [ ص 508 ]
[ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ ](12/488)
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ السّلَفِ وَالْخَلَفِ يُحَرّمُ رَضَاعُ الْكَبِيرِ وَلَوْ أَنّهُ شَيْخٌ فَرَوَى مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنّهُ سُئِلَ عَنْ رَضَاعِ الْكَبِيرِ فَقَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزّبَيْرِ بِحَدِيثِ أَمْرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ بِرَضَاعِ سَالِمٍ فَفَعَلَتْ وَكَانَتْ تَرَاهُ ابْنًا لَهَا . قَالَ عُرْوَةُ فَأَخَذَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا فِيمَنْ كَانَتْ تُحِبّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنْ الرّجَالِ فَكَانَتْ تَأْمُرُ أُخْتَهَا أُمّ كُلْثُومٍ وَبَنَاتَ أَخِيهَا يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنْ الرّجَالِ . وَقَالَ عَبْدُ الرّزّاقِ : حَدّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ سَقَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ لَبَنِهَا بَعْدَ مَا كُنْت رَجُلًا كَبِيرًا أَفَأَنْكِحُهَا ؟ قَالَ [ ص 514 ] قَالَ نَعَمْ كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا تَأْمُرُ بِذَلِكَ بَنَاتَ أَخِيهَا . وَهَذَا قَوْلٌ ثَابِتٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا . وَيُرْوَى عَنْ عَلِيّ وَعُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَهُوَ قَوْلُ اللّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَأَبِي مُحَمّدِ بْنِ حَزْم ٍ قَالَ وَرَضَاعُ الْكَبِيرِ وَلَوْ أَنّهُ شَيْخٌ يُحَرّمُ كَمَا يُحَرّمُ رَضَاعُ الصّغِيرِ . وَلَا فَرْقَ فَهَذِهِ مَذَاهِبُ النّاسِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ . وَلْنَذْكُرْ مُنَاظَرَةَ أَصْحَابِ الْحَوْلَيْنِ وَالْقَائِلِينَ بِرَضَاعِ الْكَبِيرِ فَإِنّهُمَا طَرَفَانِ وَسَائِرُ الْأَقْوَالِ مُتَقَارِبَةٌ .
[ حُجّةُ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ التّحْرِيمِ بِرَضَاعِ الْكَبِيرِ ]
قَالَ أَصْحَابُ الْحَوْلَيْنِ قَالَ اللّهُ تَعَالَى : { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمّ الرّضَاعَةَ } [ الْبَقَرَةَ 233 ] قَالُوا : فَجَعَلَ تَمَامَ الرّضَاعَةِ حَوْلَيْنِ فَدَلّ عَلَى أَنّهُ لَا حُكْمَ لِمَا بَعْدَهُمَا فَلَا يَتَعَلّقُ بِهِ التّحْرِيمُ . قَالُوا : وَهَذِهِ الْمُدّةُ هِيَ مُدّةُ الْمَجَاعَةِ الّتِي ذَكَرَهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَصَرَ الرّضَاعَةَ الْمُحَرّمَةَ عَلَيْهَا . قَالُوا : وَهَذِهِ مُدّةُ الثّدْيِ الّذِي قَالَ فِيهَا : لَا رَضَاعَ إلّا مَا كَانَ فِي الثّدْيِ أَيْ فِي زَمَنِ الثّدْيِ وَهَذِهِ لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ فَإِنّ الْعَرَبَ يَقُولُونَ فُلَانٌ مَاتَ فِي الثّدْيِ أَيْ فِي زَمَنِ الرّضَاعِ قَبْلَ الْفِطَامِ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ إنّ إبْرَاهِيمَ مَاتَ فِي الثّدْيِ وَإِنّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنّةِ تُتِمّ رَضَاعَهُ يَعْنِي إبْرَاهِيمَ ابْنَهُ صَلَوَاتُ اللّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ . قَالُوا : وَأَكّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لَا رَضَاعَ إلّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ وَكَانَ فِي الثّدْيِ قَبْلَ الْفِطَامِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَوْصَافٍ لِلرّضَاعِ الْمُحَرّمِ وَمَعْلُومٌ أَنّ رَضَاعَ الشّيْخِ الْكَبِيرِ عَارٍ مِنْ الثّلَاثَةِ . [ ص 515 ] قَالُوا : وَأَصْرَحُ مِنْ هَذَا حَدِيثُ ابْنِ عَبّاسٍ : لَا رَضَاعَ إلّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْن قَالُوا : وَأَكّدَهُ أَيْضًا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ : لَا يُحَرّمُ مِنْ الرّضَاعَةِ إلّا مَا أَنْبَتَ اللّحْمَ وَأَنْشَزَ الْعَظْمَ وَرَضَاعُ الْكَبِيرِ لَا يُنْبِتُ لَحْمًا وَلَا يُنْشِزُ عَظْمًا . قَالُوا : وَلَوْ كَانَ رَضَاعُ الْكَبِيرِ مُحَرّمًا لَمَا قَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِعَائِشَةَ
- وَقَدْ تَغَيّرَ وَجْهُهُ وَكَرِهَ دُخُولَ أَخِيهَا مِنْ الرّضَاعَةِ عَلَيْهَا لَمّا رَآهُ كَبِيرًا : - " اُنْظُرْنَ مَنْ إخْوَانُكُنّ " فَلَوْ حَرّمَ رَضَاعُ الْكَبِيرِ لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصّغِيرِ وَلَمَا كَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ اُنْظُرْنَ مَنْ إخْوَانُكُنّ " ثُمّ قَالَ " فَإِنّمَا الرّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ وَتَحْتَ هَذَا مِنْ الْمَعْنَى خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْ ارْتَضَعَ فِي غَيْرِ زَمَنِ الرّضَاعِ وَهُوَ زَمَنُ الْمَجَاعَةِ فَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ فَلَا يَكُونُ أَخًا . قَالُوا : وَأَمّا حَدِيثُ سَهْلَةَ فِي رَضَاعِ سَالِمٍ فَهَذَا كَانَ فِي أَوّلِ الْهِجْرَةِ لِأَنّ قِصّتَهُ كَانَتْ عَقِيبَ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى : { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ } [ الْأَحْزَابَ 5 ] وَهِيَ نَزَلَتْ فِي أَوّلِ الْهِجْرَةِ . وَأَمّا أَحَادِيثُ اشْتِرَاطِ الصّغَرِ وَأَنْ يَكُونَ فِي الثّدْيِ قَبْلَ الْفِطَامِ فَهِيَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبّاسٍ إنّمَا قَدِمَ(12/489)
الْمَدِينَةَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَأَبُو هُرَيْرَةَ إنّمَا أَسْلَمَ عَامَ فَتْحِ خَيْبَرَ بِلَا شَكّ كِلَاهُمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ قِصّةِ سَالِمٍ فِي رَضَاعِهِ مِنْ امْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ .
[ حُجّةُ مَنْ حَرّمَ بِرَضَاعِ الْكَبِيرِ ]
قَالَ الْمُثْبِتُونَ لِلتّحْرِيمِ بِرَضَاعِ الشّيُوخِ قَدْ صَحّ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ صِحّةً لَا يَمْتَرِي فِيهَا أَحَدٌ أَنّهُ أَمَرَ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ أَنْ تُرْضِعَ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَكَانَ كَبِيرًا ذَا لِحْيَةٍ وَقَالَ أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ ثُمّ سَاقُوا الْحَدِيثَ وَطُرُقَهُ وَأَلْفَاظَهُ وَهِيَ صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ بِلَا شَكّ . ثُمّ قَالُوا : فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ تَرْفَعُ الْإِشْكَالَ وَتُبَيّنُ مُرَادَ اللّهِ عَزّ وَجَلّ فِي الْآيَاتِ الْمَذْكُورَاتِ أَنّ الرّضَاعَةَ الّتِي تَتِمّ بِتَمَامِ الْحَوْلَيْنِ أَوْ بِتَرَاضِي الْأَبَوَيْنِ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ إذَا رَأَيَا فِي ذَلِكَ صَلَاحًا لِلرّضِيعِ إنّمَا هِيَ الْمُوجِبَةُ [ ص 516 ] الْأَبَوَانِ أَحَبّا أَمْ كَرِهَا . وَلَقَدْ كَانَ فِي الْآيَةِ كِفَايَةٌ مِنْ هَذَا لِأَنّهُ تَعَالَى قَالَ { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمّ الرّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنّ وَكِسْوَتُهُنّ بِالْمَعْرُوفِ } [ الْبَقَرَةَ 233 ] فَأَمَرَ اللّهُ تَعَالَى الْوَالِدَاتِ بِإِرْضَاعِ الْمَوْلُودِ عَامَيْنِ وَلَيْسَ فِي هَذَا تَحْرِيمٌ لِلرّضَاعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا أَنّ التّحْرِيمَ يَنْقَطِعُ بِتَمَامِ الْحَوْلَيْنِ وَكَانَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأُمّهَاتُكُمُ اللّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرّضَاعَةِ } [ النّسَاءَ 23 ] وَلَمْ يَقُلْ فِي حَوْلَيْنِ وَلَا فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ زَائِدًا عَلَى الْآيَاتِ الْأُخَرِ وَعُمُومُهَا لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ إلّا بِنَصّ يُبَيّنُ أَنّهُ تَخْصِيصٌ لَهُ لَا بِظَنّ وَلَا مُحْتَمَلٍ لَا بَيَانَ فِيهِ وَكَانَتْ هَذِهِ الْآثَارُ يَعْنِي الّتِي فِيهَا التّحْرِيمُ
بِرَضَاعِ الْكَبِيرِ قَدْ جَاءَتْ مَجِيءَ التّوَاتُرِ رَوَاهَا نِسَاءُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَسَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ وَهِيَ مِنْ الْمُهَاجِرَاتِ وَزَيْنَبُ بِنْتُ أُمّ سَلَمَةَ وَهِيَ رَبِيبَةُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَرَوَاهَا مِنْ التّابِعِينَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمّدٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزّبَيْرِ وَحُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ وَرَوَاهَا عَنْ هَؤُلَاءِ الزّهْرِيّ وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ وَعَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيّ وَرَبِيعَةُ ثُمّ رَوَاهَا عَنْ هَؤُلَاءِ أَيّوبُ السّخْتِيَانِيّ وَسُفْيَانُ الثّوْرِيّ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَشُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَشُعَيْبٌ وَيُونُسُ وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَمَعْمَرٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَغَيْرُهُمْ ثُمّ رَوَاهَا عَنْ هَؤُلَاءِ الْجَمّ الْغَفِيرُ وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ فَهِيَ نَقْلُ كَافّةٍ لَا يَخْتَلِفُ مُؤَالِفٌ وَلَا مُخَالِفٌ فِي صِحّتِهَا فَلَمْ يَبْقَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ إلّا قَوْلُ الْقَائِلِ كَانَ ذَلِكَ خَاصّا بِسَالِمِ كَمَا قَالَ بَعْضُ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَمَنْ تَبِعَهُنّ فِي ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ مَنْ تَعَلّقَ بِهَذَا أَنّهُ ظَنّ مِمّنْ ظَنّ ذَلِكَ مِنْهُنّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُنّ . هَكَذَا فِي الْحَدِيثِ أَنّهُنّ قُلْنَ مَا نَرَى هَذَا إلّا خَاصّا بِسَالِمِ وَمَا نَدْرِي لَعَلّهَا كَانَتْ رُخْصَةً لِسَالِمٍ . فَإِذَا هُوَ ظَنّ بِلَا شَكّ فَإِنّ الظّنّ لَا يُعَارَضُ بِهِ السّنَنُ الثّابِتَةُ قَالَ اللّهُ تَعَالَى : { إِنّ الظّنّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقّ شَيْئًا } [ يُونُسَ 36 ] وَشَتّانَ بَيْنَ احْتِجَاجِ أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا بِظَنّهَا وَبَيْنَ احْتِجَاجِ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللّهُ عَنْهَا بِالسّنّةِ الثّابِتَةِ وَلِهَذَا لَمّا قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ أَمَا لَكِ فِي رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ سَكَتَتْ أُمّ سَلَمَةَ وَلَمْ تَنْطِقْ بِحَرْفِ وَهَذَا إمّا [ ص 517 ] عَائِشَةَ وَإِمّا انْقِطَاعٌ فِي يَدِهَا . قَالُوا : وَقَوْلُ سَهْلَةَ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ ؟ بَيَانٌ جَلِيّ أَنّهُ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَاتِ الْمَذْكُورَاتِ . قَالُوا : وَنَعْلَمُ يَقِينًا أَنّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ خَاصّا بِسَالِمِ لَقَطَعَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْإِلْحَاقَ وَنَصّ عَلَى أَنّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ بَعْدَهُ كَمَا بَيّنَ لِأَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ أَنّ جَذَعَتَهُ تُجْزِئُ عَنْهُ وَلَا(12/490)
تُجْزِئُ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَهُ . . وَأَيْنَ يَقَعُ ذَبْحُ جَذَعَةٍ أُضْحِيّةً مِنْ هَذَا الْحُكْمِ الْعَظِيمِ الْمُتَعَلّقِ بِهِ حِلّ الْفَرْجِ وَتَحْرِيمُهُ وَثُبُوتُ الْمَحْرَمِيّةِ وَالْخَلْوَةِ بِالْمَرْأَةِ وَالسّفَرِ بِهَا ؟ فَمَعْلُومٌ قَطْعًا أَنّ هَذَا أَوْلَى بِبَيَانِ التّخْصِيصِ لَوْ كَانَ خَاصّا . قَالُوا : وَقَوْلُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّمَا الرّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ حُجّةٌ لَنَا لِأَنّ شُرْبَ الْكَبِيرِ لِلّبَنِ يُؤَثّرُ فِي دَفْعِ مَجَاعَتِهِ قَطْعًا كَمَا يُؤَثّرُ فِي الصّغِيرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ . فَإِنْ قُلْتُمْ فَمَا فَائِدَةُ ذِكْرِهِ إذَا كَانَ الْكَبِيرُ وَالصّغِيرُ فِيهِ سَوَاءً ؟ قُلْنَا : فَائِدَتُهُ إبْطَالُ تَعَلّقِ التّحْرِيمِ بِالْقَطْرَةِ مِنْ اللّبَنِ أَوْ الْمَصّةِ الْوَاحِدَةِ الّتِي لَا تُغْنِي مِنْ جُوعٍ وَلَا تُنْبِتُ لَحْمًا وَلَا تُنْشِزُ عَظْمًا . قَالُوا : وَقَوْلُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا
رَضَاعَ إلّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ وَكَانَ فِي الثّدْيِ قَبْلَ الْفِطَامِ لَيْسَ بِأَبْلَغَ مِنْ قَوْلِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا رِبَا إلّا فِي النّسِيئَةِ وَإِنّمَا الرّبَا فِي النّسِيئَةِ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ ثُبُوتُ رِبَا الْفَضْلِ بِالْأَدِلّةِ الدّالّةِ عَلَيْهِ فَكَذَا هَذَا . فَأَحَادِيثُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَسُنَنُهُ الثّابِتَةُ كُلّهَا حَقّ يَجِبُ اتّبَاعُهَا وَلَا يُضْرَبُ بَعْضُهَا بِبَعْضِ بَلْ تَسْتَعْمِلُ كُلّا مِنْهَا عَلَى وَجْهِهِ . قَالُوا : وَمِمّا يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ أَنّ عَائِشَةَ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا وَأَفْقَهَ نِسَاءِ الْأُمّةِ هِيَ الّتِي رَوَتْ هَذَا وَهَذَا [ ص 518 ] إنّمَا الرّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ وَرَوَتْ حَدِيثَ سَهْلَةَ وَأَخَذَتْ بِهِ فَلَوْ كَانَ عِنْدَهَا حَدِيثُ إنّمَا الرّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ مُخَالِفًا لِحَدِيثِ سَهْلَةَ لَمَا ذَهَبَتْ إلَيْهِ وَتَرَكَتْ حَدِيثًا وَاجَهَهَا بِهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَتَغَيّرَ وَجْهُهُ وَكَرِهَ الرّجُلَ الّذِي رَآهُ عِنْدَهَا وَقَالَتْ هُوَ أَخِي . قَالُوا : وَقَدْ صَحّ عَنْهَا أَنّهَا كَانَتْ تُدْخِلُ عَلَيْهَا الْكَبِيرَ إذَا أَرْضَعَتْهُ فِي حَالِ كِبَرِهِ أُخْتٌ مِنْ أَخَوَاتِهَا الرّضَاعَ الْمُحَرّمَ وَنَحْنُ نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللّهِ وَنَقْطَعُ قَطْعًا نَلْقَاهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنّ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ تَكُنْ لِتُبِيحَ سِتْرَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِحَيْثُ يَنْتَهِكُهُ مَنْ لَا يَحِلّ لَهُ انْتِهَاكُهُ وَلَمْ يَكُنْ اللّهُ عَزّ وَجَلّ لِيُبِيحَ ذَلِكَ عَلَى يَدِ الصّدّيقَةِ بِنْتِ الصّدّيقِ الْمُبَرّأَةِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ وَقَدْ عَصَمَ اللّهُ
سُبْحَانَهُ ذَلِكَ الْجَنَابَ الْكَرِيمَ وَالْحِمَى الْمَنِيعَ وَالشّرَفَ الرّفِيعَ أَتَمّ عِصْمَةٍ وَصَانَهُ أَعْظَمَ صِيَانَةٍ وَتَوَلّى صِيَانَتَهُ وَحِمَايَتَهُ وَالذّبّ عَنْهُ بِنَفْسِهِ وَوَحْيِهِ وَكَلَامِهِ . قَالُوا : فَنَحْنُ نُوقِنُ وَنَقْطَعُ وَنَبُتّ الشّهَادَةَ لِلّهِ بِأَنّ فِعْلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا هُوَ الْحَقّ وَأَنّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يَقَعُ بِهِ مِنْ التّحْرِيمِ وَالْمَحْرَمِيّةِ مَا يَقَعُ بِرَضَاعِ الصّغِيرِ وَيَكْفِينَا أُمّنَا أَفْقَهُ نِسَاءِ الْأُمّةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَقَدْ كَانَتْ تُنَاظِرُ فِي ذَلِكَ نِسَاءَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَلَا يُجِبْنَهَا بِغَيْرِ قَوْلِهِنّ مَا أَحَدٌ دَاخِلٌ عَلَيْنَا بِتِلْكَ الرّضَاعَةِ وَيَكْفِينَا فِي ذَلِكَ أَنّهُ مَذْهَبُ ابْنِ عَمّ نَبِيّنَا وَأَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى الْإِطْلَاقِ حِينَ كَانَ خَلِيفَةً وَمَذْهَبُ اللّيْثِ بْنِ سَعْدٍ الّذِي شَهِدَ لَهُ الشّافِعِيّ بِأَنّهُ كَانَ أَفْقَهَ مِنْ مَالِكٍ إلّا أَنّهُ ضَيّعَهُ أَصْحَابُهُ وَمَذْهَبُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرّزّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْهُ . وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ الزّهْرِيّ أَنّهُ سُئِلَ عَنْ رَضَاعِ الْكَبِيرِ فَاحْتَجّ بِحَدِيثِ سَهْلَةَ بِنْتِ سُهَيْلٍ فِي قِصّةِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَقَالَ عَبْدُ الرّزّاقِ : وَأَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ أَنّ سَالِمَ بْنَ أَبِي جَعْدٍ الْمَوْلَى الْأَشْجَعِيّ أَخْبَرَهُ أَنّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنّهُ سَأَلَ عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَقَالَ أَرَدْت أَنْ أَتَزَوّجَ امْرَأَةً قَدْ سَقَتْنِي مِنْ لَبَنِهَا وَأَنَا كَبِيرٌ تَدَاوَيْتُ بِهِ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ لَا تَنْكِحْهَا وَنَهَاهُ عَنْهَا [(12/491)
ص 519 ] قَالُوا : وَأَصْرَحُ أَحَادِيثِكُمْ حَدِيثُ أُمّ سَلَمَةَ تَرْفَعُهُ لَا يُحَرّمُ مِنْ الرّضَاعِ إلّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ فِي الثّدْيِ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ فَمَا أَصْرَحَهُ لَوْ كَانَ سَلِيمًا مِنْ الْعِلّةِ لَكِنّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنّهُ مِنْ رِوَايَةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أُمّ سَلَمَةَ وَلَمْ تَسْمَعْ مِنْهَا شَيْئًا لِأَنّهَا كَانَتْ أَسَنّ مِنْ زَوْجِهَا هِشَامٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ عَامًا فَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سِتّينَ وَمَوْلِدُ فَاطِمَةَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمَاتَتْ أُمّ سَلَمَةَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَفَاطِمَةُ صَغِيرَةٌ لَمْ تَبْلُغْهَا فَكَيْفَ تَحْفَظُ عَنْهَا وَلَمْ تَسْمَعْ مِنْ خَالَةِ أَبِيهَا شَيْئًا وَهِيَ فِي حَجْرِهَا كَمَا حَصَلَ سَمَاعُهَا مِنْ جَدّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ؟ قَالُوا : وَإِذَا نَظَرَ الْعَالِمُ الْمُنْصِفُ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَوَازَنَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ مَنْ يَحُدّ مُدّةَ الرّضَاعِ الْمُحَرّمِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا أَوْ سِتّةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا أَوْ ثَلَاثِينَ شَهْرًا مِنْ تِلْكَ الْأَقْوَالِ الّتِي لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا مِنْ كِتَابِ اللّهِ أَوْ سُنّةِ رَسُولِهِ وَلَا قَوْلِ أَحَدٍ مِنْ الصّحَابَةِ تَبَيّنَ لَهُ فَضْلُ مَا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَهَذَا [ ص 520 ] الطّائِفَتَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَعَلّ الْوَاقِفَ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ يَخْطُرُ لَهُ أَنّ هَذَا الْقَوْلَ تَنْتَهِي قُوّتُهُ إلَى هَذَا الْحَدّ وَأَنّهُ لَيْسَ بِأَيْدِي أَصْحَابِهِ قُدْرَةٌ عَلَى تَقْدِيرِهِ وَتَصْحِيحِهِ فَاجْلِسْ أَيّهَا الْعَالِمُ الْمُنْصِفُ مَجْلِسَ الْحَكَمِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَافْصِلْ بَيْنَهُمَا
بِالْحُجّةِ وَالْبَيَانِ لَا بِالتّقْلِيدِ وَقَالَ فُلَانٌ .
وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْحَوْلَيْنِ فِي حَدِيثِ سَهْلَةَ هَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ مَسَالِكَ أَحَدُهَا : أَنّهُ مَنْسُوخٌ وَهَذَا مَسْلَكُ كَثِيرٍ مِنْهُمْ وَلَمْ يَأْتُوا عَلَى النّسْخِ بِحُجّةِ سِوَى الدّعْوَى فَإِنّهُمْ لَا يُمْكِنُهُمْ إثْبَاتُ التّارِيخِ الْمَعْلُومِ التّأَخّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ . وَلَوْ قَلَبَ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ عَلَيْهِمْ الدّعْوَى وَادّعَوْا نَسْخَ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ بِحَدِيثِ سَهْلَةَ لَكَانَتْ نَظِيرَ دَعْوَاهُمْ . وَأَمّا قَوْلُهُمْ إنّهَا كَانَتْ فِي أَوّلِ الْهِجْرَةِ وَحِينَ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى : { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ } [ الْأَحْزَابَ 5 ] وَرِوَايَةُ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَأَبِي هُرَيْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ . أَحَدُهَا : أَنّهُمَا لَمْ يُصَرّحَا بِسَمَاعِهِ مِنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَلْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ ابْنُ عَبّاسٍ إلّا دُونَ الْعِشْرِينَ حَدِيثًا وَسَائِرُهَا عَنْ الصّحَابَةِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ . الثّانِي : أَنّ نِسَاءَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ تَحْتَجّ وَاحِدَةٌ مِنْهُنّ بَلْ وَلَا غَيْرُهُنّ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا بِذَلِكَ بَلْ سَلَكْنَ فِي الْحَدِيثِ بِتَخْصِيصِهِ بِسَالِمِ وَعَدَمِ إلْحَاقِ غَيْرِهِ بِهِ . الثّالِثُ أَنّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا نَفْسَهَا رَوَتْ هَذَا وَهَذَا فَلَوْ كَانَ حَدِيثُ سَهْلَةَ مَنْسُوخًا لَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا قَدْ أَخَذَتْ بِهِ وَتَرَكَتْ النّاسِخَ أَوْ خَفِيَ عَلَيْهَا تَقَدّمُهُ مَعَ كَوْنِهَا هِيَ الرّاوِيَةَ لَهُ وَكِلَاهُمَا مُمْتَنِعٌ وَفِي غَايَةِ الْبُعْدِ . الرّابِعُ أَنّ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا اُبْتُلِيَتْ بِالْمَسْأَلَةِ وَكَانَتْ تَعْمَلُ بِهَا وَتُنَاظِرُ عَلَيْهَا وَتَدْعُو إلَيْهَا صَوَاحِبَاتِهَا فَلَهَا بِهَا مَزِيدُ اعْتِنَاءٍ فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا حُكْمًا مَنْسُوخًا قَدْ بَطَلَ كَوْنُهُ مِنْ الدّينِ جُمْلَةً وَيَخْفَى عَلَيْهَا ذَلِك وَيَخْفَى عَلَى [ ص 521 ] نِسَاءِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَلَا تَذْكُرُهُ لَهَا وَاحِدَةٌ مِنْهُنّ .
الْمَسْلَكُ الثّانِي : أَنّهُ مَخْصُوصٌ بِسَالِمِ دُونَ مَنْ عَدَاهُ وَهَذَا مَسْلَكُ أُمّ سَلَمَةَ وَمَنْ مَعَهَا مِنْ نِسَاءِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَمَنْ تَبِعَهُنّ وَهَذَا الْمَسْلَكُ أَقْوَى مِمّا قَبْلَهُ فَإِنّ أَصْحَابَهُ قَالُوا مِمّا يُبَيّنُ اخْتِصَاصَهُ بِسَالِمِ أَنّ فِيهِ أَنّ سَهْلَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ(12/492)
عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ الْحِجَابِ وَهِيَ تَقْتَضِي أَنّهُ لَا يَحِلّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُبْدِيَ زِينَتَهَا إلّا لِمَنْ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ وَسُمّيَ فِيهَا وَلَا يُخَصّ مِنْ عُمُومِ مَنْ عَدَاهُمْ أَحَدٌ إلّا بِدَلِيلٍ . قَالُوا : وَالْمَرْأَةُ إذَا أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيّا فَقَدْ أَبْدَتْ زِينَتَهَا لَهُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ تَمَسّكًا بِعُمُومِ الْآيَةِ فَعَلِمْنَا أَنّ إبْدَاءَ سَهْلَةَ زِينَتَهَا لِسَالِمٍ خَاصّ بِهِ . قَالُوا : وَإِذَا أَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَاحِدًا مِنْ الْأُمّةِ بِأَمْرِ أَوْ أَبَاحَ لَهُ شَيْئًا أَوْ نَهَاهُ عَنْ شَيْءٍ وَلَيْسَ فِي الشّرِيعَةِ مَا يُعَارِضُهُ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي حَقّ غَيْرِهِ مِنْ الْأُمّةِ مَا لَمْ يَنُصّ عَلَى تَخْصِيصِهِ وَأَمّا إذَا أَمَرَ النّاسَ بِأَمْرِ أَوْ نَهَاهُمْ عَنْ شَيْءٍ ثُمّ أَمَرَ وَاحِدًا مِنْ الْأُمّةِ بِخِلَافِ مَا أَمَرَ بِهِ النّاسَ أَوْ أَطْلَقَ لَهُ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ فَإِنّ ذَلِكَ يَكُونُ خَاصّا بِهِ وَحْدَهُ وَلَا نَقُولُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إنّ أَمْرَهُ لِلْوَاحِدِ أَمْرٌ لِلْجَمِيعِ وَإِبَاحَتَهُ لِلْوَاحِدِ إبَاحَةٌ لِلْجَمِيعِ لِأَنّ ذَلِكَ يُؤَدّي إلَى إسْقَاطِ الْأَمْرِ الْأَوّلِ وَالنّهْيِ الْأَوّلِ بَلْ نَقُولُ إنّهُ خَاصّ بِذَلِكَ الْوَاحِدِ لِتَتّفِقَ النّصُوصُ وَتَأْتَلِفَ وَلَا يُعَارِضَ بَعْضُهَا
بَعْضًا فَحَرّمَ اللّهُ فِي كِتَابِهِ أَنْ تُبْدِيَ الْمَرْأَةُ زِينَتَهَا لِغَيْرِ مَحْرَمٍ وَأَبَاحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِسَهْلَةَ أَنْ تُبْدِيَ زِينَتَهَا لِسَالِمِ وَهُوَ غَيْرُ مَحْرَمٍ عِنْدَ إبْدَاءِ الزّينَةِ قَطْعًا فَيَكُونُ ذَلِكَ رُخْصَةً خَاصّةً بِسَالِمِ مُسْتَثْنَاةً مِنْ عُمُومِ التّحْرِيمِ وَلَا نَقُولُ إنّ حُكْمَهَا عَامّ فَيُبْطِلُ حُكْمَ الْآيَةِ الْمُحَرّمَةِ . قَالُوا : وَيَتَعَيّنُ هَذَا الْمَسْلَكُ لِأَنّا لَوْ لَمْ نَسْلُكْهُ لَزِمَنَا أَحَدُ مَسْلَكَيْنِ وَلَا بُدّ مِنْهُمَا إمّا نَسْخُ هَذَا الْحَدِيثِ بِالْأَحَادِيثِ الدّالّةِ عَلَى اعْتِبَارِ الصّغَرِ فِي التّحْرِيمِ وَإِمّا نَسْخُهَا بِهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالتّارِيخِ وَلِعَدَمِ تَحَقّقِ الْمُعَارَضَةِ وَلِإِمْكَانِ الْعَمَلِ بِالْأَحَادِيثِ كُلّهَا فَإِنّا إذَا حَمَلْنَا حَدِيثَ سَهْلَةَ عَلَى الرّخْصَةِ الْخَاصّةِ وَالْأَحَادِيثَ الْأُخَرَ عَلَى عُمُومِهَا فِيمَا عَدَا سَالِمًا لَمْ تَتَعَارَضْ وَلَمْ يَنْسَخْ بَعْضُهَا بَعْضًا وَعُمِلَ بِجَمِيعِهَا . [ ص 522 ] قَالُوا : وَإِذَا كَانَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ بَيّنَ أَنّ الرّضَاعَ إنّمَا يَكُونُ فِي الْحَوْلَيْنِ وَأَنّهُ إنّمَا يَكُونُ فِي الثّدْيِ وَإِنّمَا يَكُونُ قَبْلَ الْفِطَامِ كَانَ ذَلِكَ مَا يَدُلّ عَلَى أَنّ حَدِيثَ سَهْلَةَ عَلَى الْخُصُوصِ سَوَاءٌ تَقَدّمَ أَوْ تَأَخّرَ فَلَا يَنْحَصِرُ بَيَانُ الْخُصُوصِ فِي قَوْلِهِ هَذَا لَك وَحْدَك حَتّى يَتَعَيّنَ طَرِيقًا . قَالُوا : وَأَمّا تَفْسِيرُ حَدِيثِ إنّمَا الرّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ بِمَا ذَكَرْتُمُوهُ فَفِي غَايَةِ الْبُعْدِ مِنْ اللّفْظِ وَلَا تَتَبَادَرُ إلَيْهِ أَفْهَامُ
الْمُخَاطَبِينَ بَلْ الْقَوْلُ فِي مَعْنَاهُ مَا قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالنّاسُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : قَوْلُهُ إنّمَا الرّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ يَقُولُ إنّ الّذِي إذَا جَاعَ كَانَ طَعَامُهُ الّذِي يُشْبِعُهُ اللّبَنَ إنّمَا هُوَ الصّبِيّ الرّضِيعُ . فَأَمّا الّذِي شِبَعُهُ مِنْ جُوعِهِ الطّعَامُ فَإِنّ رَضَاعَهُ لَيْسَ بِرَضَاعِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ إنّمَا الرّضَاعُ فِي الْحَوْلَيْنِ قَبْلَ الْفِطَامِ هَذَا تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدٍ وَالنّاسِ وَهُوَ الّذِي يَتَبَادَرُ فَهْمُهُ مِنْ الْحَدِيثِ إلَى الْأَذْهَانِ حَتّى لَوْ احْتَمَلَ الْحَدِيثُ التّفْسِيرَيْنِ عَلَى السّوَاءِ لَكَانَ هَذَا الْمَعْنَى أَوْلَى بِهِ لِمُسَاعَدَةِ سَائِرِ الْأَحَادِيثِ لِهَذَا الْمَعْنَى وَكَشْفِهَا لَهُ وَإِيضَاحِهَا وَمِمّا يُبَيّنُ أَنّ غَيْرَ هَذَا التّفْسِيرِ خَطَأٌ وَأَنّهُ لَا يَصِحّ أَنْ يُرَادَ بِهِ رَضَاعَةُ الْكَبِيرِ أَنّ لَفْظَةَ " الْمَجَاعَةِ " إنّمَا تَدُلّ عَلَى رَضَاعَةِ الصّغِيرِ فَهِيَ تُثْبِتُ رَضَاعَةَ الْمَجَاعَةِ وَتَنْفِي غَيْرَهَا وَمَعْلُومٌ يَقِينًا أَنّهُ إنّمَا أَرَادَ مَجَاعَةَ اللّبَنِ لَا مَجَاعَةَ الْخُبْزِ وَاللّحْمِ فَهَذَا لَا يَخْطُرُ بِبَالِ الْمُتَكَلّمِ وَلَا السّامِعِ فَلَوْ جَعَلْنَا حُكْمَ الرّضَاعَةِ عَامّا لَمْ يَبْقَ لَنَا مَا يَنْفِي وَيُثْبِتُ . وَسِيَاقُ قَوْلِهِ لَمّا رَأَى الرّجُلَ الْكَبِيرَ فَقَالَ إنّمَا الرّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ يُبَيّنُ الْمُرَادَ وَأَنّهُ إنّمَا يُحَرّمُ رَضَاعَةُ مَنْ يَجُوعُ إلَى لَبَنِ الْمَرْأَةِ وَالسّيَاقُ يُنَزّلُ اللّفْظَ(12/493)
مَنْزِلَةَ الصّرِيحِ فَتَغَيّرُ وَجْهِهِ الْكَرِيمِ صَلَوَاتُ اللّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَكَرَاهَتُهُ لِذَلِكَ الرّجُلِ وَقَوْلُهُ اُنْظُرْنَ مَنْ إخْوَانُكُنّ إنّمَا هُوَ لِلتّحَفّظِ
فِي الرّضَاعَةِ وَأَنّهَا لَا تُحَرّمُ كُلّ وَقْتٍ وَإِنّمَا تُحَرّمُ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ وَلَا يَفْهَمُ أَحَدٌ مِنْ هَذَا أَنّمَا الرّضَاعَةُ مَا كَانَ عَدَدُهَا خَمْسًا فَيُعَبّرَ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ مِنْ الْمَجَاعَةِ وَهَذَا ضِدّ الْبَيَانِ الّذِي كَانَ عَلَيْهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَقَوْلُكُمْ إنّ الرّضَاعَةَ تَطْرُدُ الْجُوعَ عَنْ الْكَبِيرِ كَمَا تَطْرُدُ الْجُوعَ عَنْ الصّغِيرِ [ ص 523 ] قَطّ يُشْبِعُهُ رَضَاعُ الْمَرْأَةِ وَيَطْرُدُ عَنْهُ الْجُوعَ بِخِلَافِ الصّغِيرِ فَإِنّهُ لَيْسَ لَهُ مَا يَقُومُ مَقَامَ اللّبَنِ فَهُوَ يَطْرُدُ عَنْهُ الْجُوعَ فَالْكَبِيرُ لَيْسَ ذَا مَجَاعَةٍ إلَى اللّبَنِ أَصْلًا وَاَلّذِي يُوَضّحُ هَذَا أَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ الْمَجَاعَةِ وَإِنّمَا أَرَادَ مَظِنّتَهَا وَزَمَنَهَا وَلَا شَكّ أَنّهُ الصّغَرُ فَإِنْ أَبَيْتُمْ إلّا الظّاهِرِيّةَ وَأَنّهُ أَرَادَ حَقِيقَتَهَا لَزِمَكُمْ أَنْ لَا يُحَرّمَ رَضَاعُ الْكَبِيرِ إلّا إذَا ارْتَضَعَ وَهُوَ جَائِعٌ فَلَوْ ارْتَضَعَ وَهُوَ شَبْعَانُ لَمْ يُؤَثّرْ شَيْئًا . وَأَمّا حَدِيثُ السّتْرِ الْمَصُونِ وَالْحُرْمَةِ الْعَظِيمَةِ وَالْحِمَى الْمَنِيعِ فَرَضِيَ اللّهُ عَنْ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنّهَا وَإِنْ رَأَتْ أَنّ هَذَا الرّضَاعَ يُثْبِتُ الْمَحْرَمِيّةَ فَسَائِرُ أَزْوَاجِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُخَالِفْنَهَا فِي ذَلِكَ وَلَا يَرَيْنَ دُخُولَ هَذَا السّتْرِ الْمَصُونِ وَالْحِمَى الرّفِيعِ بِهَذِهِ الرّضَاعَةِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ اجْتِهَادٍ وَأَحَدُ الْحِزْبَيْنِ مَأْجُورٌ أَجْرًا وَاحِدًا وَالْآخَرُ مَأْجُورٌ أَجْرَيْنِ وَأَسْعَدُهُمَا بِالْأَجْرَيْنِ مَنْ أَصَابَ حُكْمَ اللّهِ وَرَسُولِهِ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ
فَكُلّ مِنْ الْمُدْخِلِ لِلسّتْرِ الْمَصُونِ بِهَذِهِ الرّضَاعَةِ وَالْمَانِعِ مِنْ الدّخُولِ فَائِزٌ بِالْأَجْرِ مُجْتَهِدٌ فِي مَرْضَاةِ اللّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَتَنْفِيذِ حُكْمِهِ وَلَهُمَا أُسْوَةٌ بِالنّبِيّيْنِ الْكَرِيمَيْنِ - دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ اللّذَيْنِ أَثْنَى اللّهُ عَلَيْهِمَا بِالْحِكْمَةِ وَالْحُكْمِ وَخَصّ بِفَهْمِ الْحُكُومَةِ أَحَدَهُمَا .
فَصْلٌ
وَأَمّا رَدّكُمْ لِحَدِيثِ أُمّ سَلَمَةَ فَتَعَسّفٌ بَارِدٌ فَلَا يَلْزَمُ انْقِطَاعُ الْحَدِيثِ مِنْ أَجْلِ أَنّ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْمُنْذِرِ لَقِيَتْ أُمّ سَلَمَةَ صَغِيرَةً فَقَدْ يَعْقِلُ الصّغِيرُ جِدّا أَشْيَاءَ وَيَحْفَظُهَا وَقَدْ عَقَلَ مَحْمُودُ بْنُ الرّبِيعِ الْمَجّةَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ وَيَعْقِلُ أَصْغَرُ مِنْهُ . وَقَدْ قُلْتُمْ إنّ فَاطِمَةَ كَانَتْ وَقْتَ وَفَاةِ أُمّ سَلَمَةَ بِنْتَ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً وَهَذَا سِنّ جَيّدٌ لَا سِيّمَا لِلْمَرْأَةِ فَإِنّهَا تَصْلُحُ فِيهِ لِلزّوْجِ فَمَنْ هِيَ فِي حَدّ الزّوَاجِ كَيْفَ يُقَالُ إنّهَا لَا تَعْقِلُ مَا تَسْمَعُ وَلَا تَدْرِي مَا تُحَدّثُ بِهِ ؟ هَذَا هُوَ الْبَاطِلُ الّذِي [ ص 524 ] أُمّ سَلَمَةَ كَانَتْ مُصَادِقَةً لِجَدّتِهَا أَسْمَاءَ وَكَانَتْ دَارُهُمَا وَاحِدَةً فَنَشَأَتْ فَاطِمَةُ هَذِهِ فِي حَجْرِ جَدّتِهَا أَسْمَاءَ مَعَ خَالَةِ أَبِيهَا عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا وَأُمّ سَلَمَةَ وَمَاتَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ . وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَقَدْ يُمْكِنُ سَمَاعُ فَاطِمَةَ مِنْهَا وَأَمّا جَدّتُهَا أَسْمَاءُ فَمَاتَتْ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَفَاطِمَةُ إذْ ذَاكَ بِنْتُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً فَلِذَلِكَ كَثُرَ سَمَاعُهَا مِنْهَا وَقَدْ أَفْتَتْ أُمّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ
الْحَدِيثِ الّذِي رَوَتْهُ أَسْمَاءُ . فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : حَدّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أُمّ سَلَمَةَ أَنّهَا سُئِلَتْ مَا يُحَرّمُ مِنْ الرّضَاعِ ؟ فَقَالَتْ مَا كَانَ فِي الثّدْيِ قَبْلَ الْفِطَامِ فَرَوَتْ الْحَدِيثَ وَأَفْتَتْ بِمُوجَبِهِ . وَأَفْتَى بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ كَمَا رَوَاهُ الدّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْت عُمَرَ يَقُولُ لَا رَضَاعَ إلّا فِي الْحَوْلَيْنِ فِي الصّغَرِ(12/494)
وَأَفْتَى بِهِ ابْنُهُ عَبْدُ اللّهِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللّهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَر َ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا : أَنّهُ كَانَ يَقُولُ لَا رَضَاعَةَ إلّا لِمَنْ أَرْضَعَ فِي الصّغَرِ وَلَا رَضَاعَةَ لِكَبِيرِ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : حَدّثَنَا عَبْدُ الرّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ الثّوْرِيّ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِطَام [ ص 525 ]
[ رُجُوعُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ إلَى عَدَمِ التّحْرِيمِ إلّا بِرَضَاعِ الصّغِيرِ ]
وَتَنَاظَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَبْدُ اللّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو مُوسَى فَأَفْتَى ابْنُ مَسْعُودٍ بِأَنّهُ لَا يُحَرّمُ إلّا فِي الصّغَرِ فَرَجَعَ إلَيْهِ أَبُو مُوسَى فَذَكَرَ الدّارَقُطْنِيّ أَنّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ لِأَبِي مُوسَى : أَنْتَ تُفْتِي بِكَذَا وَكَذَا وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا رَضَاعَ إلّا مَا شَدّ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللّحْمَ وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ : حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيّ حَدّثَنَا وَكِيعٌ حَدّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْهِلَالِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يُحَرّمُ مِنْ الرّضَاعِ إلّا مَا أَنْبَتَ اللّحْمَ وَأَنْشَزَ الْعَظْمَ ثُمّ أَفْتَى بِذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرّزّاقِ عَنْ الثّوْرِيّ حَدّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيّاشٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي عَطِيّةَ الْوَادِعِيّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى أَبِي مُوسَى فَقَالَ إنّ امْرَأَتِي وَرِمَ ثَدْيُهَا فَمَصَصْته فَدَخَلَ حَلْقِي شَيْءٌ سَبَقَنِي فَشَدّدَ عَلَيْهِ أَبُو مُوسَى فَأَتَى عَبْدَ اللّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ سَأَلْتَ أَحَدًا غَيْرِي ؟ قَالَ نَعَمْ أَبَا مُوسَى فَشَدّدَ عَلَيّ فَأَتَى أَبَا مُوسَى فَقَالَ أَرَضِيعٌ هَذَا ؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى : لَا تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ فَهَذِهِ رِوَايَتُهُ وَفَتْوَاهُ . وَأَمّا عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَذَكَرَ عَبْدُ الرّزّاقِ عَنْ الثّوْرِيّ عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنْ الضّحّاكِ عَنْ النّزّالِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ عَلِيّ لَا رَضَاعَ بَعْدَ الْفِصَالِ وَهَذَا خِلَافُ رِوَايَةِ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ
عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ . لَكِنْ جُوَيْبِرٌ لَا يُحْتَجّ بِحَدِيثِهِ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ أَقْوَى مِنْهُ . [ ص 526 ] فَصْلٌ الْمَسْلَكُ الثّالِثُ أَنّ حَدِيثَ سَهْلَةَ لَيْسَ بِمَنْسُوخِ وَلَا مَخْصُوصٍ وَلَا عَامّ فِي حَقّ كُلّ أَحَدٍ وَإِنّمَا هُوَ رُخْصَةٌ لِلْحَاجَةِ لِمَنْ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ دُخُولِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَيَشُقّ احْتِجَابُهَا عَنْهُ كَحَالِ سَالِمٍ مَعَ امْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ فَمِثْلُ هَذَا الْكَبِيرِ إذَا أَرْضَعَتْهُ لِلْحَاجَةِ أَثّرَ رَضَاعُهُ وَأَمّا مَنْ عَدَاهُ فَلَا يُؤَثّرُ إلّا رَضَاعُ الصّغِيرِ وَهَذَا مَسْلَكُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيّةَ رَحِمَهُ اللّهُ تَعَالَى وَالْأَحَادِيثُ النّافِيَةُ لِلرّضَاعِ فِي الْكَبِيرِ إمّا مُطْلَقَةٌ فَتُقَيّدُ بِحَدِيثِ سَهْلَةَ أَوْ عَامّةٌ فِي الْأَحْوَالِ فَتَخْصِيصُ هَذِهِ الْحَالِ مِنْ عُمُومِهَا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ النّسْخِ وَدَعْوَى التّخْصِيصِ بِشَخْصِ بِعَيْنِهِ وَأَقْرَبُ إلَى الْعَمَلِ بِجَمِيعِ الْأَحَادِيثِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَوَاعِدُ الشّرْعِ تَشْهَدُ لَهُ وَاَللّهُ الْمُوَفّقُ .
ــــــــــــــ
هل يتزوج ببنت امرأة رضعت من أمه؟
سؤال:
امرأة رضعت من أمي مرتين ، والتي رضعت مع هذه المرأة كانت أختي الكبرى وأنا حينها لم أولد بعد . تزوجت المرأة التي رضعت من أمي ، والآن لديها بنت ، فهل يحل لي الزواج بها ؟.
الجواب:
الحمد لله(12/495)
إذا أرضعت المرأة طفلاً فإن هذا الطفل يصير ولداً لها من الرضاعة ، ويصير أخاً من الرضاعة لجميع أولادها ، سواء أولادها الذين وجدوا قبله أو بعده .
وعلى هذا ، فأي امرأة رضعت من أمك تصير أختك من الرضاعة ، وتصير أنت خالاً لجميع أولادها ، فيحرم عليك الزواج ببنتها لأنك خالها من الرضاعة ، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ ) رواه البخاري (2645) ومسلم (1447) . والخال من النسب يحرم زواجه ببنت أخته ، فكذلك الخال من الرضاعة .
ولكن ينبغي أن يعلم أن التحريم في الرضاع لا يثبت إلا بخمس رضعات معلومات . لما رواه مسلم (1452) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : ( كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ ) . رواه مسلم (1452) .
وقد ذكرت في سؤالك أن هذه المرأة رضعت من أمك مرتين ، فينبغي أن نعرف ما هي الرضعة التي يثبت التحريم بخمس منها.
قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (5/575) :
"الرضعة مرة من الرضاع بلا شك ، كضربة وجلسة وأكلة ، فمتى التقم الثدي فامتص منه ثم تركه من غير عارض كان ذلك رضعة لأن الشرع ورد بذلك مطلقا فحمل على العرف ، والعرف هذا . والقطع العارض لتنفس أو استراحة يسيرة أو لشيء يلهيه ثم يعود عن قرب لا يخرجه عن كونه رضعة واحدة ، كما أن الآكل إذا قطع أكلته بذلك ثم عاد عن قريب لم يكن أكلتين بل واحدة ، هذا مذهب الشافعي . . . ولو انتقل من ثدي المرأة إلى ثديها الآخر كانا رضعة واحدة" اهـ .
راجع السؤال (2864) .
وبهذا يتبين أن الرضعات الخمس قد تحصل جميعاً في مجلس واحد .
فإن كانت هذه المرأة قد رضعت من أمك خمس رضعات بهذا المعنى لم يحل لك الزواج بابنتها لأنك تكون خالاً لها من الرضاعة . وإذا كانت قد رضعت أقل من خمس رضعات لم يثبت بذلك التحريم ، فيجوز لك أن تتزوج ببنتها .
وإذا حصل شك في عدد الرضعات هل يبلغ خمساً أم لا ؟ لم يثبت التحريم مع الشك .
قال ابن قدامة رحمه الله :
وَإِذَا وَقَعَ الشَّكُّ فِي وُجُودِ الرَّضَاعِ , أَوْ فِي عَدَدِ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ , هَلْ كَمُلا أَوْ لا ؟ لَمْ يَثْبُتْ التَّحْرِيمُ ; لأَنَّ الأَصْلَ عَدَمُهُ , فَلا نُزُولَ عَنْ الْيَقِينِ بِالشَّكِّ اهـ .
انظر سؤال رقم (13357) .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
زوجة والدهم أرضعت طفلة فهل تكون أختهم ؟
سؤال:(12/496)
والدي تزوج من امرأة في الماضي ، ورزق بأولاد من هذه المرأة ، توفيت هذه المرأة بعد أن أرضعت فتاة أخرى لا تقربها بل على سبيل الشفقة ، هل نحن إخوة لهذه الفتاة ، حيث إن أباها قد منعها من الكشف أمامنا ، إلا بفتوى شرعية .
الجواب:
الحمد لله
إذا كانت هذه المرأة قد أرضعت الفتاة خمس رضعات معلومات في الحولين (أي في مدة الرضاع) صارت الفتاة بنتا لها ولزوجها صاحب اللبن – الذي هو والدك - ، وصار جميع أولاد المرأة من زوجها صاحب اللبن أو غيره إخوة لهذه الفتاة ، وصار أولاد الزوج صاحب اللبن ، من المرضعة وغيرها إخوة لهذه الفتاة.
فأنتم وجميع إخوتكم من أبيكم من أي زوجة كانت ، إخوة لهذه الفتاة .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : ( إذا أرضعت امرأة طفلا خمس رضعات معلومات في الحولين أو أكثر من الخمس ، صار الرضيع ولداً لها ولزوجها صاحب اللبن ، وصار جميع أولاد المرأة من زوجها صاحب اللبن ومن غيره إخوة لهذا الرضيع ، وصار أولاد الزوج صاحب اللبن ، من المرضعة وغيرها إخوة للرضيع . فصار إخوتها أخوالا له ، وإخوة الزوج صاحب اللبن أعماما له، وصار أبو المرأة جدا للرضيع ، وصار أبو الزوج صاحب اللبن جدا للرضيع ، وأمه جدة للرضيع ؛ لقول الله جل وعلا في المحرمات من سورة النساء : ( وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ) النساء / 23
وقول النبي صلى الله عليه وسلم " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " ولقوله صلى الله عليه وسلم " لا رضاع إلا في الحولين" ، ولما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك " أخرجه الترمذي بهذا اللفظ وأصله في صحيح مسلم )
انتهى نقلا عن فتاوى إسلامية 3/333
وأما حد الرضعة فسبق الكلام عليه في السؤال رقم (27280) فراجعه .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
أرضعت كل منهما طفل صاحبتها ، فما يترتب على ذلك من أحكام ؟
سؤال:
أرجو إيضاح أحكام الرضاعة كاملة مثلا في حالة إرضاعي لابن أخي زوجي الذي يصغر ابني بشهر ، مع العلم أن ابني قد أرضعته زوجة أخي زوجي . ولدي ابنة وابن يكبران من أرضعته زوجة أخي زوجي ، وأيضا هي لديها ولدان قبل الطفل الذي أرضعته أنا .
أرجو إيضاح نوعية وكمية الرضاعة المحرمة وما الأحكام التي تجري على باقي الإخوان لهم ؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب:
الحمد لله(12/497)
من ارتضع من امرأة خمس رضعات، وهو في سن الحولين، فقد صار ابنا لها من الرضاعة، وصارت هي أما له ، كما أن زوجها (صاحب اللبن) يصير أبا له من الرضاعة، وكل من رضع من هذه المرأة فهو أخ أو أخت له من الرضاعة ، وهكذا.
وذلك لما روى مسلم (1452) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ .
ولما روى الترمذي (1152) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يُحَرِّمُ مِنْ الرِّضَاعَةِ إِلا مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ فِي الثَّدْيِ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ ) . صححه الألباني في "الإرواء" (2150) .
ومعنى "في الثدي" أي : في زمن الرضاع . تقول العرب : مات فلان في الثدي أي : في زمن الرضاع قبل الفطام . قاله الشوكاني .
قَالَ الترمذي : "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الرَّضَاعَةَ لا تُحَرِّمُ إِلا مَا كَانَ دُونَ الْحَوْلَيْنِ وَمَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ الْكَامِلَيْنِ فَإِنَّهُ لا يُحَرِّمُ شَيْئًا" اهـ .
وروى البخاري (2645) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بِنْتِ حَمْزَةَ : ( لا تَحِلُّ لِي ، يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ ، هِيَ بِنْتُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ ) .
وحد الرضعة :
قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (5/575) :
"الرضعة مرة من الرضاع بلا شك ، كضربة وجلسة وأكلة ، فمتى التقم الثدي فامتص منه ثم تركه من غير عارض كان ذلك رضعة لأن الشرع ورد بذلك مطلقا فحمل على العرف ، والعرف هذا . والقطع العارض لتنفس أو استراحة يسيرة أو لشيء يلهيه ثم يعود عن قرب لا يخرجه عن كونه رضعة واحدة ، كما أن الآكل إذا قطع أكلته بذلك ثم عاد عن قريب لم يكن أكلتين بل واحدة ، هذا مذهب الشافعي . . . ولو انتقل من ثدي المرأة إلى ثديها الآخر كانا رضعة واحدة" اهـ . راجع السؤال (2864) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
( إذا أرضعت امرأة طفلا خمس رضعات معلومات في الحولين أو أكثر من الخمس ، صار الرضيع ولدا لها ولزوجها صاحب اللبن ، وصار جميع أولاد المرأة من زوجها صاحب اللبن ومن غيره إخوة لهذا الرضيع ، وصار أولاد الزوج صاحب اللبن ، من المرضعة وغيرها إخوة للرضيع. فصار إخوتها أخوالا له ، وإخوة الزوج صاحب اللبن أعماما له ، وصار أبو المرأة جدا للرضيع ، وصار أبو الزوج صاحب اللبن جدا للرضيع، وأمه جدة للرضيع ؛ لقول الله جل وعلا في المحرمات من سورة النساء : ( وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ) النساء /23 . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) . ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا رضاع إلا في الحولين ) ، ولما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم(12/498)
والأمر على ذلك ) . أخرجه الترمذي بهذا اللفظ وأصله في صحيح مسلم ) انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (3/333) .
والحاصل : أن ابنك إذا كان قد رضع خمس رضعات في الحولين من زوجة أخي زوجك ، فهو أخ لجميع أولادها وبناتها .
وكذلك ابن هذه المرأة الذي رضع منك، يصبح ابنا لك ، وأخاً لجميع أولادك وبناتك، سواء كانوا أصغر أو أكبر من الرضيع ، وسواء في ذلك من كان موجودا الآن، ومن سيولد لك بعد .
ولأولادك – عدا الابن الذي رضع من زوجة عمه- أن يتزوجوا من بنات عمهم ، لأنه لا محرمية بينهم .
ولبناتك أن يتزوجن من أبناء عمهم إلا من الابن الذي رضع منك لأنهم أخ لهن ، كما سبق .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
لا تحل له لأنها خالته من الرضاعة
سؤال:
لدينا مسألة مهمة جداً وحساسة جدا كذلك وهي تتعلق بالرضاع وهي ممثلة بالمخطط التالي
- آمنة( جدة) أخت زينب أرضعت فاطمة بنت زينب .
- ثم أرضعت آمنة أم كلثوم ( بنت بنتها ) .
- المسألة : تقدم أحد أبناء فاطمة للزواج من أم كلثوم فهل يجوز هذا الزواج ؟.
الجواب:
الحمد لله
خلاصة السؤال أن ( آمنة ) أرضعت كلاً من فاطمة وأم كلثوم وبهذا تكون فاطمة وأم كلثوم أختين من الرضاعة ، فلا يجوز لأحد أبناء فاطمة أن يتزوج من أم كلثوم لأنها خالته من الرضاعة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( يحرم من الرضاة ما يحرم من النسب ) رواه البخاري ( 2645 ) ومسلم ( 1445 ) .
والخالة من النسب محرمة فكذلك الخالة من الرضاعة .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (7/87) :
كُلُّ امْرَأَةٍ حَرُمَتْ مِنْ النَّسَبِ حَرُمَ مِثْلُهَا مِنْ الرَّضَاعِ , وَهُنَّ الأُمَّهَاتُ , وَالْبَنَاتُ , وَالأَخَوَاتُ , وَالْعَمَّاتُ , وَالْخَالاتُ , وَبَنَاتُ الأَخِ , وَبَنَاتُ الأُخْتِ . . . لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ( يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . . . وَلا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلافًا اهـ .
والتحريم في الرضاع يتوقف على أمرين :
الأول : حصول خمس رضعات ، والرضعة أن يمسك الصبي الثدي ثم يدعه .
والثاني : أن يكون رضاع الطفل قبل تمامه الحولين .
وانظر السؤال رقم 27280 و 804(12/499)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
متزوج بخالته من الرضاع
سؤال:
إلى وقت ليس ببعيد كان يوجد في بلدنا إماء وقد حدثت هذه المسألة ونريد معرفة حكمها في الشرع . رجل له زوجة اسمها آمنة ، وله أَمَة اسمها سعدية . أرضعت آمنة ( الزوجة ) بنتاً اسمها زينب ، وأنجبت الأمة ( سعدية ) بنتاً اسمها حليمة . تزوجت البنت ( حليمة ) وأنجبت ولداً اسمه علي ، وكبر وتزوج من زينب ( التي رضعت من آمنة ). مرَّ على زواجهم سنين ، وله منها أولاد وبنات .
السؤال : ما حكم هذا الزواج ؟ وهل يجوز لي عدم إخبارهم إذا كان هذا الزواج غير شرعي ؟ .
الجواب:
الحمد لله
فإن من أحكام الرضاعة أن لبن المرضعة يؤثر في الرضيع وأولاده ، فلو رضع زيدٌ من فاطمة فإن زيد وأولاده يعتبرون أولاداً للمرضعة ( فاطمة ) أما إخوانه فلا علاقة لهم بالمرضعة .
وأما من جهة المرضعة فإن الرضاع ينتشر من جهتها فكل من له قرابة بالمرضعة فإنه يكون قريباً لمن رضع منها ، فزوج المرضعة يعتبر أباً من الرضاعة للرضيع ، وإخوانها أخواله من الرضاعة وأبواها أجدادٌ للرضيع ، وإذا كان زوجها متزوجاً بأخرى فهذه المرأة تعتبر زوجة والدهم بالرضاعة وأولاده منها إخوانه من الأب بالرضاعة ... وهكذا ؛ لما روى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ فَقُلْتُ لا آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ فِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ .
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا مَنَعَكِ أَنْ تَأْذَنِي ؟ .. عَمُّكِ .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ .
فَقَالَ ائْذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ .
قَالَ عُرْوَةُ فَلِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ حَرِّمُوا مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا تُحَرِّمُونَ مِنْ النَّسَبِ " رواه البخاري 4796 ومسلم 1445
فهذا الحديث دليل على ثبوت الأبوة من الرضاعة وأن زوج المرضعة يعتبر أباً للرضيع من الرضاعة ، ووجهه : أن زوجة أبي القعيس أرضعت عائشة ، فصارت أماً لها وصار زوجها أباً لها من الرضاعة وإخوانه أعمام عائشة من الرضاعة ولهذا قال أخو أبي القعيس لعائشة : " أتحتجبين عني وأنا عمك " رواه البخاري 3644. فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على أنه عمٌ لعائشة بقوله : " ائذني له فإنه عمك تربت يمينك " .(12/500)
انظر المغني مع الشرح الكبير ( 9/199 ) والموسوعة الفقهية ( 22/248 )
وفيما يتعلق بالمسألة المذكورة في السؤال فبيانها كالتالي :
البنت ( زينب ) التي رضعت من الزوجة ( آمنة ) تعتبر بنتاً لها من الرضاعة ، وكذلك بنتاً للزوج من الرضاعة ، فالزوج والدها من الرضاعة إذا كانت الرضاعة خمس رضعات أو أكثر حال كون الرضيعة عمرها أقل من سنتين ، وبناءً عليه فإن بنت الزوج ( حليمة ) من أمته ( سعدية ) هي أختٌ لزينب من الأب من الرضاعة ، وأولاد حليمة – ومنهم علي – محارم لزينب لأنها خالتهم من الرضاعة ، فلا يصح زواجهم منها .
وكونك ذكرت في السؤال أن علي قد تزوج من زينب فإن هذا باطل ويجب أن يفارقها مباشرة لأنه يُعتبر متزوجاً بخالته من الرضاعة .
وأما الأولاد الذين ولدوا بسبب هذا الزواج فهم أولاد شرعيون ينسبون إلى والدهم ( علي ) . لأن هذا الوطء يعتبر وطء شبهة والوطء بشبهة يلحق به النسب كما قال بذلك أهل العلم .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز سؤالاً نصه : " رضعت من امرأة ثم تزوج زوجها من أخرى وأنجبت زوجته الثانية أبناء فهل هم إخوة لي ؟
فأجاب : " إذا كان الرضاع خمس رضعات فأكثر وكان اللبن منسوباً للزوج لكونها أنجبت منه فهم إخوة لك من أبيك من الرضاع " . فتاوى إسلامية 3/323
وسئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله مسألة مشابهة هذا نصها :
" السؤال : ظهر لي بعد الدخول بزوجتي أنها أختي من الرضاع ، لأني رضعت مع أختها ، فهل تحرم علي في مثل هذه الحالة ؟
الجواب : نعم .. إذا كان الأمر كما قلت ، وأنك رضعت مع أخت الزوجة من أمها بمعنى أنك رضعت من أم الزوجة أو من زوجة أبيها فإنك في هذه الحالة تكون أخاً ، ويكون العقد باطلاً ، لكن يجب أن تعرف أن الرضاع لا أثر له إلا أن يكون خمس رضعات فأكثر في الحولين قبل الفطام ، فإذا كان أقل من ذلك فلا أثر له ولا يحصل به التحريم .
فإذا تيقنت أنك رضعت من أم المرأة التي تزوجتها خمس رضعات فأكثر في الحولين فإنه يجب الفراق بينكما لعدم صحة النكاح ، وما حصل من الأولاد قبل العلم فإنهم ينسبون إليك شرعاً ، لأن هؤلاء الأولاد خلقوا من ماء بوطء في شبهة والوطء بشبهة يلحق به النسب كما قال بذلك أهل العلم ." أ.هـ فتاوى إسلامية 3/329
ويجب عليك إخبارهم بذلك قياماً بحقهما عليك في النصح ، وإنكاراً للمنكر ، لأن إقراراهم على هذا الزواج الباطل من المنكر ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ... ) رواه مسلم .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
حكم الرضاعة الطبيعية وحكمتها(12/501)
سؤال:
هل من الواجب إعطاء حليب الأم للرضيع الذي لا يستطيع أن يأكل الطعام ؟.
الجواب:
الحمد لله
نعم إذا احتاج الطفل إلى الرضاعة وجب إرضاعه .
جاء في الموسوعة الفقهية (22/239) : " لا خلاف بين الفقهاء في أنه يجب إرضاع الطفل ما دام في حاجة إليه ، وفي سن الرضاع " .
والرضاعة حقٌّ ثابت للرضيع بحكم الشرع يلزم إيصاله إليه من قِبَلِ من وجب عليه هذا الحق ، وقد صرح الفقهاء بأن الرضاعة " حقٌّ للولد " .
وعللوا ذلك بقولهم : " لأن الرضاع في حقِّ الصغير كالنفقة في حق الكبير " .
وما قالوه حقٌ دلَّ عليه القرآن الكريم ، فقد قال تعالى : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } ، فأوجب الله تعالى على الأب الإنفاق على مرضعة ولده ؛ لأن الغذاء يصل إليه بواسطتها في الرضاع ، فالإنفاق على المرضعة في الحقيقة نفقةٌ له ، جاء في شرح منتهى الإرادات : " وعلى من تلزمه نفقة صغيرٍ ذكراً كان أو أنثى نفقة مرضعته ؛ لأن الطفل إنما يتغذى بما يتولد في المرضعة من اللبن وذلك إنما يحصل بالغذاء ، فوجبت النفقة للمرضعة لأنها في الحقيقة له " المفصل في أحكام المرأة 9/464
وأجمع العلماء على أثر الرضاع في تحريم التناكح والمحرمية ، وجواز النظر والخلوة ، لا وجوب النفقة والتوارث وولاية النكاح .
وحكمة هذه المحرمية والصلة ظاهرة ، فإنه حين تغذى الرضيع بلبن هذه المرأة نبت لحمه عليه ، فكان كالنسب له منها .
ولذا كره العلماء استرضاع الكافرة والفاسقة وسيئة الخلق ، أو من بها مرض معدٍ لأنه يسري إلى الولد .
واستحبوا أن يختار المرضعةَ الحسنة الخَلْق والخُلُق ، فإن الرضاع يُغير الطِبَاع .
والأحسن أن لا يرضعه إلا أمه ، لأنه أنفع وأمرأ ، وقد يكون ذلك واجباً عليها إذا لم يقبل الطفل ثدي غيرها .
وقد حث الأطباء على لبن الأم لا سيما في الأشهر الأولى .
وقد ظهرت لنا حكمة الله الكونية حين جعل غذاء الطفل من لبن أمه بالتجارب وبتقارير الأطباء ونصائحهم .
الفوائد الطبية للرضاعة الطبيعية
وللرضاعة الطبيعية فوائد عظيمة ، وقد أمر الله به في كتابه بقوله : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يُتم الرضاعة } .
فيقرر الله تعالى حق الطفل في الرضاعة .
وبعد مضي أربعة عشر قرناً من نزول الآية الكريمة نادت المنظمات الدولية والهيئات العالمية ، مثل هيئة الصحة العالمية التي تصدر البيان تلو البيان تنادي الأمهات أن يرضعن أولادهن ، بينما أمر الإسلام به منذ أربعة عشر قرناً من الزمان .(12/502)
ومن فوائد الرضاعة للوليد :
1- لبن الأم معقم جاهز ليس به مكروبات .
2- لبن الأم لا يماثله أي لبن محضَّر من البقر أو الغنم أو الإبل ، فقد صُمِّم ورُكب ليفي بحاجات الطفل يوماً بعد يوم ، منذ ولادته حتى سن الفطام .
3- يحتوي لبن الأم على كميات كافية من البروتين والسكر بنسب تناسب الطفل تماماً ، بينما البروتينات الموجودة في لبن الأبقار والأغنام والجواميس عسيرة الهضم على معدة الطفل لأنها أُعدت لتناسب أولاد تلك الحيوانات .
4- نمو الأطفال الذين يرضعون من أمهاتهم أسرع وأكمل من نمو أولئك الأطفال الذين يُعطون القارورة .
5- الارتباط النفسي والعاطفي بين الأم وطفلها .
6- يحتوي لبن الأم على العناصر المختلفة الضرورية لتغذية الطفل وفق الكمية والكيفية التي يحتاجها جسمه ، والتي تناسب قدرته على الهضم والامتصاص . وعناصر التغذية غير ثابتة ، وتتغير يوماً بعد يوم وفق حاجات الطفل .
7- يُحفظ لبن الأم تحت درجة من الحرارة معقوله يستجيب تلقائياً لحاجيات الطفل ، ويمكن الحصول عليه في أي وقت .
8- الإرضاع من الثدي هو أحد العوامل الطبيعية لمنع حمل الأم ، وهي سليمة من المضاعفات التي تصحب استعمال حبوب منع الحمل أو اللولب أو الحقن . انتهى من كتاب توضيح الأحكام 5/107 .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
رضع من خالته مرتين فهل له أن يتزوج من ابنتها ؟
سؤال:
خطبتُ بنت خالتي وعندما اقترب الزواج قالت لي خالتي إنها أرضعتني مرتين وأنا صغير ولم أشبع بهما . فهل يجوز أن أتزوجها ؟.
الجواب:
الحمد لله
يجوز لك أن تتزوج ابنة خالتك في الحالة هذه ، وذلك لأن الرضاع الذي يثبت به التحريم هو خمس رضعات . ودليل ذلك ما رواه مسلم (1452) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ .
قال النووي رحمه الله :
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْقَدْر الَّذِي يَثْبُت بِهِ حُكْم الرَّضَاع , فَقَالَتْ عَائِشَة وَالشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه : لا يَثْبُت بِأَقَلّ مِنْ خَمْس رَضَعَات , وَقَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء : يَثْبُت بِرَضْعَةٍ وَاحِدَة . حَكَاهُ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ عَلِيّ وَابْن مَسْعُود وَابْن عُمَر وَابْن عَبَّاس وَعَطَاء وَطَاوُسٍ وَابْن الْمُسَيِّب وَالْحَسَن وَمَكْحُول وَالزُّهْرِيّ وَقَتَادَة وَالْحَكَم وَحَمَّاد وَمَالِك وَالأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْرِيّ وَأَبِي حَنِيفَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ . وَقَالَ أَبُو ثَوْر وَأَبُو عُبَيْد وَابْن(12/503)
الْمُنْذِر وَدَاوُد : يَثْبُت بِثَلاثِ رَضَعَات وَلا يَثْبُت بِأَقَلّ . فَأَمَّا الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقُوهُ فَأَخَذُوا بِحَدِيثِ عَائِشَة خَمْس رَضَعَات مَعْلُومَات اهـ .
وأما حد الرضعة التي يثبت بها التحريم فانظر السؤال رقم ( 804 )
وسئل الشيخ ابن باز عمن رضع من امرأة ثلاث رضعات هل يثبت بذلك التحريم ؟
فأجاب : هذه الرضعات الثلاث لا يحصل بها تحريم الرضاع ، وإنما يحصل التحريم بخمس رضعات أو أكثر اهـ . ثم استدل بحديث عائشة المتقدم .
فتاوى إسلامية (3/326) .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
الرضعة الواحدة لا تؤثر ، بل لا بد من خمس رضعات ، وتكون قبل الفطام ، وقبل تمام الحولين ، فلا يصير الإنسان ولداً للمرأة إذا رضع مرة أو اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً ، وكذلك فلا بد أن تكون خمس رضعات معلومات ، فإن شكّ هل رضع أربعاً أو خمساً فالأصل أنها أربع ، لأننا كلما شككنا في عدد أخذنا بالأنقص . وعلى ذلك فلو قالت امرأة : أنا أرضعت هذا الطفل ولا أدري مرة أو مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً . قلنا : ليس هذا الطفل بولدها ، لأنها لا بد أن تكون خمس رضعات معلومات بلا شك اهـ . الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة (2/768) .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الشكّ في عدد الرّضعات
سؤال:
أريد الزواج من ابنة عمي فأنا أحبها جداً وهي كذلك ، ولكن المشكلة أن أمها قد أرضعتني وأنا صغير ، وعندما سألنا أمها عن عدد الرضعات أجابت بأنها لا تتذكر عددها بسبب طول المدة ، هل يجوز لي الزواج من ابنة عمي في مثل هذه الحالة ؟.
الجواب:
الحمد لله
الرّضاع المُحَرِّم له شرطان :
الأول : أن يكون خمس رضعات فأكثر لحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ .. رواه مسلم رقم 1452
الثاني : أن يكون ذلك في الحولين ( أي السنتين الأوليين من عمر الطّفل ) . لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لا رَضَاعَ إِلا مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ " رواه ابن ماجة رقم 1946 وهو في صحيح الجامع رقم 7495 وقال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه : بَاب مَنْ قَالَ لا رَضَاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ) .
وتعريف الرّضعة : أن يُمسك الطّفل الثدي ويَرضع منه لبنا ثم يتركه من تلقاء نفسه للتنفس أو الانتقال ونحو ذلك .
فإذا حصل ذلك ثبتت أحكام الرّضاع من تحريم النّكاح وغير ذلك .(12/504)
أما الشكّ في عدد الرّضعات فقد قال ابن قدامة رحمه الله تعالى : وإذا وقع الشكّ في وجود الرّضاع أو في عدد الرّضاع المُحَرِّم هل كمل أو لا ، لم يثبت التّحريم لأنّ الأصل عدمه فلا نَزول عن اليقين بالشكّ . المغني 11/312
وبناء على ذلك يجوز الزّواج إذا لم يثبت الرّضاع المُحَرِّم .
ولا يفوتني أن أذكّرك أيها السائل بأنّنا يجب أن ندور مع الشريعة حيث دارت ولا يصدّنا الهوى أو العاطفة عن اتّباع الحقّ ويجب أن يكون المسلم عفيفا بعيدا عن علاقات العشق والغرام وأن يسعى في إعفاف نفسه بالزواج الصحيح حسب ما جاء في شريعة الإسلام .
والله اعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
يجوز للمرأة إرضاع طفلها قبل أن تغتسل
سؤال:
هل بامكان المرأة إرضاع طفلها من ثديها إذا لم تغتسل بعد ؟.
الجواب:
الحمد لله
يجوز للمرأة إرضاع طفلها قبل أن تغتسل سواء من النفاس أو الحيض أو الجماع ولا دليل على إيجاب الغسل في هذه الحالات من أجل إرضاع ولدها ، وإنما يجب الغسل عليها من الجنابة لأجل الصلاة وكذا لكل عبادة تجب لها الطهارة ، وعلى الحائض والنفساء الغسل بعد انتهاء الحيض والنفاس لأجل تلك العبادات أيضاً ولكي يحل للزوج وطئها ، ولا يحرم على الحائض والنفساء مس الأشياء حال الحيض والنفاس إلا المصحف .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
إرضاع الطفل أثناء فترة الحمل
سؤال:
أنا أُرضع طفلي البالغ عشر شهور وأنا الآن حامل . فهل أتوقف عن إرضاع طفلي الرضيع بسبب الحمل ؟ أو أستمر في الرضاعة بالرغم من أني حامل ؟ وهل إرضاع الطفل أثناء الحمل حرام أم حلال ؟
الجواب:
الحمد لله
إرضاع الطفل أثناء فترة الحمل يرجع إلى رأي الطبيب الثقة الحاذق فإن قال بأن إرضاع الطفل غير مضر بالجنين ، والرضيع فلا مانع منه ، وهو جائز .
أما إن كان مضراً برضيعك أو جنينك فلا ترضعيه . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(12/505)
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
حكم بنوك الحليب
سؤال:
يوجد في أمريكا بنوك أسمها بنوك الحليب ، يشترون الحليب من الأمهات الحوامل ثم يبيعونها على النساء اللواتي يحتجن إلى إرضاع الأولاد أو حليبها ناقص أو مريضة أو مشغولة بالعمل .. إلخ ، فما حكم شراء الحليب من هذه البنوك ؟
الجواب:
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
حرام ، ولا يجوز أن يوضع بنك على هذا الوجه ما دام أنه حليب آدميات ؛ لأنه ستختلط الأمهات ، ولا يدرى من الأم ، والشريعة الإسلامية يحرم فيها بالرضاع ما يحرم بالنسب ، أما إذا كان اللبن من غير الآدميات فلا بأس .
والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ــــــــــــــ
رضع مع خالها خمس رضعات فهل تحرم عليه ؟
سؤال:
في الأيام القادمة سيُقبل أحد الشباب على خطبة فتاة, علما أنه رضع مع خالها خمس رضعات مشبعات متفرقات في الحولين. فهل يحرم في هذه الحالة عقد القران بينهما؟
الجواب:
الحمد لله
إذا كان هذا الشاب قد رضع من جدة الفتاة التي هي أم خالها ، خمس رضعات في الحولين ، فهو ابن لها ( الجدة ) من الرضاعة ، وأخ لخال الفتاة من الرضاعة ويكون خالاً للفتاة من الرضاعة ، فلا يحل له أن يتزوجها .
وأما إن كان رضاعه مع خالها من امرأة أخرى ، كأم الشاب ، فإنه يكون أخا لخالها من الرضاعة ، لكن لا محرمية بينه وبين الفتاة ، وله أن يتزوجها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
وجدت لقيطا وتريد من بناتها إرضاعه حتى تكون محرما له
سؤال:
هناك جارة لنا وجدت طفلا رضيعا عمره لا يتعدى الساعات القليلة وهي تخاف عليه من معاملة الملاجئ للأطفال وتريد تربيته ولكن عندما يكبر الطفل يحرم عليها جلوسه معها في البيت وهي تقول إنها إن ربته ستحبه مثل أولادها ويصعب عليها تركه ولها أولاد بنات متزوجات ولهم أولاد رضع فهل لها أن تجعل أولادها يرضعن هذا الطفل وتصبح جدة له عن طريق الرضاع وبذلك لا يكون هناك حرج(12/506)
من جلوسه معها في البيت أم أن هذا يعتبر حيلة مذمومة ؟ أرضعت أمي ابنة جارتنا مع أخ كبير لي مرات عديدة وبهذا أصبحت أختا لأخي في الرضاعة فهل هي وأخواتها الأشقاء أصبحوا إخوة لي أنا أيضا أم إخوة لأخي الذي رضع معها فقط وهذا السؤال لتحديد مدى حدود التعامل معهن هل ستكون معاملة إخوة أم أجانب ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا أرضعت إحدى بنات جارتك هذا الطفل خمس رضعات ، صار ابنا لها من الرضاعة ، وصارت جارتك جدةً له من الرضاعة ، وصار جميع بناتها –بنات الجارة- خالات له من الرضاعة ، وبهذا تتمكن من تربيته صغيراً وكبيراً دون حرج ؛ لأنه محرم لها .
وهذا لا يعد حيلة ، بل هو مخرج شرعي لرفع الحرج ، وبه تتمكن المرأة من تربية هذا الطفل ورعايته ، ويرجى لها بذلك الأجر والمثوبة من الله تعالى . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لامرأة أبي حذيفة في شأن سالم مولى أبي حذيفة : ( أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ ) رواه مسلم (1453).
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
مقدار نفقة الأولاد إذا كانوا في حضانة أمهم
سؤال:
حدث الطلاق بيني وبين زوجتي ولدي أربعة أطفال : ولد 8 سنوات , بنت 4.5 سنة , بنت 3 سنوات ورضيع عمره تسعة أشهر ، ما هو مقدار النفقة ؟ علما أن الأم ميسورة الحال.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نفقة الأولاد واجبة على الأب باتفاق العلماء ، سواء أمسك زوجته أو طلقها ، وسواء كانت الزوجة فقيرة أم غنية ، فلا يلزمها الإنفاق على الأولاد مع وجود الأب .
والمطلقة الرجعية تجب لها النفقة والسكنى حال العدة ، فإذا انقضت عدتها ، ولم تكن حاملا ، لم يجب لها ذلك .
وفي حال حضانة المطلقة للأولاد ، فإن نفقة الأولاد على أبيهم ، وللحاضنة المرضع أن تطلب أجرة على إرضاعها الطفل .
والنفقة على الأولاد ، تشمل المسكن والمأكل والمشرب والملبس والتعليم .... وكل ما يحتاجون إليه ، وتقدر بالمعروف ، ويراعى فيها حال الزوج ؛ لقوله تعالى : ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ) الطلاق/7 ، وهذا يختلف من بلد لآخر ، ومن شخص لآخر .(12/507)
فإذا كان الزوج غنياً فالنفقة على قدر غناه ، أو كان فقيراً أو متوسط الحال فعلى حسب حاله أيضاً ، وإذا اتفق الوالدان على قدر معين من المال ، قليلاً كان أو كثيراً ، فالأمر لهما ، وأما عند التنازع فالذي يفصل في ذلك هو القاضي .
ثانيا ً :
يجوز للمطلقة أن تطالب زوجها بأجرة إرضاعها الطفل باتفاق العلماء .
قال ابن قدامة رحمه الله : " رضاع الولد على الأب وحده ، وليس له إجبار أمه على رضاعه إذا كانت مطلقة ، لا نعلم في ذلك خلافاً " انتهى من "المغني" (11/430) بتصرف .
وقال أيضاً : " الأم إذا طلبت إرضاعه بأجر مثلها فهي أحق به ، سواء وجد الأب مرضعة متبرعة أو لم يجد " المغني (11/431) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وأما أجر الرضاع فلها ذلك باتفاق العلماء , كما قال تعالى : ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/347).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الرضاع المحرم للزواج ... العنوان
ما قول الشريعة في الرضاع المحرم للزواج ؟ وكم عدد الرضعات التي يثبت بها التحريم ؟ وهل لبَن المرأة يُعتبر ملكًا لزوجها ؟ وبم يثبت الرضاع ؟ ... السؤال
18/03/2007 ... التاريخ
شيخ الأزهر الأسبق محمود شلتوت ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
فالرضاع الذي يَحرُم به الزواج هو ما أنبت اللحم وأنشز العظم، وإذا اجتمع اثنانِ على ثدي في مدة الرضاع حرُم التزاوُج بينهما ، ولا تتوقف حُرمة الزواج بالرضاع على اختلاف زوج المُرضعة ، والإخبار بالرضاع إنْ صدَق وجَب التفرُّق وفسد الزواج، وإن كذب لا يحرم إلا بالشهادة الكاملة "شهادة رجلين أو رجل وامرأتين".
يقول الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق-رحمه الله-ردا على سؤال مماثل :
إن القرآن الكريم قد ذكر التحريم بالرضاع بعد أن ذكر التحريم بالنسب؛ فقال أولاً: (حُرِّمَتْ عليكمْ أُمَّهاتُكمْ وبناتُكمْ وأَخواتُكمْ وعمَّاتُكمْ وخالاتُكمْ وبناتُ الأخِ وبناتُ الأُخْتِ). ثم قال: (وأُمَّهَاتُكمْ اللاتي أرْضَعْنَكُمْ وأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ). فَصَّلَ مُحرَّمات النسب وحصرها في سبعة أصناف. ثم أجمل في المُحرمات بالرضاع، وذكَر منها صنفينِ هما: "الأمهات والأخوات".
وجاء الحديث الصحيح المشهور، وهو قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ: "يَحْرُمُ مِنَ الرَّضاعِ ما يَحرُمُ مِنَ النَّسَبِ". مُبيِّنًا أن الصنفينِ اللذينِ ذُكرَا في التحريم بالرضاع يتناولان الأصناف السبعة التي ذُكرتْ في التحريم بالنسب، فالأمهات يَلْحَقُ بِهِنَّ(12/508)
العَمَّاتُ والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت. ومعنى هذا أن كل ما تحقَّق بينهما بالرضاع عنوان صنف مِن هذه الأصناف، كان الرضاع محرمًا بينهما، وعليه يحرُم بالرَّضاع الأمهاتُ والبنات والأخوات والعمَّات والخالات، وبنات الأخ وبنات الأُخت.
القدْر المُحَرِّمُ من الرضاع:
وكذلك يجدر بنا أن نُجمل مذاهب العلماء في قدْر الرضاع الذي يُحرم الزواج بين الرضيعينِ. وقد كثُرت المذاهب في هذه المسألة تبعًا لاختلاف النظر في الآية مع الأحاديث التي وردتْ في قدْر الرضاع، فمِن الأئمة مِن رأَى أن قليل الرضاع ـ ولو قَطْرة واحدة تصل إلى الجوْف ـ وكثيرُه سواء في التحريم، ومنهم مَن رأى أن المُحرِّم ثلاث رضعات فأكثر، ومنهم من رأى أن المحرِّم خمس رضعات فأكثر، ومنهم مَن رأى أن المُحرِّم سبْع رضعات، وهكذا إلى خمس عشرة رضعة، وكان مَنْشَأُ هذا الخلاف كثرة الأحاديث المُتعارضة في هذا الشأن، وحُكم كل ذي رأيٍ في الرضاع ما صحَّ عنده من الأحاديث.
دلالة كلمة أمهاتكم في الآية:
ولكن لم نَرَ منهم مَن عرَّج نحو دلالة كلمة: (وأُمَّهَاتُكمْ اللاتي أرْضَعْنَكُمْ)، على قدْر الرضاع المُحرم. ولا شك أن عنوان: "الأمهات" يُعطي أن مدة الرضاعة امتدت وقتًا شعرت منه المُرضعة بمَعنى الأُمومة للرضيع، ولا شك أن هذا الوقت ـ الذي يتحقَّق به معنى العطف والحُنُوُّ والشوْق من المُرضعة للرضيع ـ ليس هو وقت "القطرة" ولا هو "وقت ثلاث رضعات"، ولا هو وقت: "خمس رضعات"، وخاصة إذا قدَّرنا أن الرضاع المُحرم هو ما يكون في حولينِ أو أكثر، كما يذهب إليه بعض العلماء.
فالخمس رضعات، أو الرضعات المعدودات، لا يُمكن أن تُحدث معنى الأمومة عند المُرضعة، متى لُوحظ تفرُّقها على الحولينِ أو أكثر منهما. وهذه ناحية أَعرضها للبحث الذي يُستعان فيه برأي الأطباء الواقفينَ على المقدار الذي يَنْبُتُ فيه اللحم، وينشز العظم. ونرجو أن يصل العلماء إلى ما يَرفع اختلاف المعنيينِ في هذه المسألة التي كثيرًا ـ كما رأيت بنفسي ـ ما تُحدث عُقَدًا نفسية بين الزوجين، حينما يُخبَرانِ بأن فلانةً أرضعتهما.
وإذا كان جمهور العلماء اليوم يُفتون برأي الشافعية ـ نظرًا إلى أنه المتوسط بين الآراء، وهو أن المقدار المُحرِّم "خمس رضعات فأكثر" ـ فإن كثيرًا من المُفتين الذين يَسألون يُزعجون الأُسر الهادئة بأن قليل الرضاع وكثيره سواء في التحريم، والواقع أن مسألة التحريم بالرَّضاع على الوجه المذكور به في الكتب في حاجة إلى التمحيص، واختيار الأوْفق والأيسر والأبعد عمَّا يُثير في نفوس الأسَر الزعزعة والاضطراب.
اتِّحادُ زمن الرضاعة
وإذا تجاوزنا المقدار المُحرِّم في الرضاع أو اخترنا مذْهب الشافعي فيه، وقلنا: إن المُحرِّم هو خمس رضعات فأكثر، فإن التحريم يثبت بين الرضيعينِ من المرضعة الواحدة، سواء اتَّحَد زمنُ رضاعتهما منها أم اختلف، وسواء أكان زوج المرضعة(12/509)
واحدة بأن أرضعتهما وهي تحت زوج واحد أم تعدَّد، بأن أرضعت الولد وهي تحت زوج، ثم مات عنها أو طلقها، وأرضعت البنت وهي تحت الزوج الثاني فهي في الحالتينِ أُمهما معًا، وهما أخوانِ لأمٍّ من الرضاعة، والأخوات بجميع نواحيها رَضاعًا كالأخوات نَسَبًا في تحريم الزواج. وإذنْ، فلا قيمةَ لاختلاف الزوج في التحريم وعدمه. ومن المعروف أن كل اثنينِ اجتمعَا على ثَدْيٍ واحد لم يجز لهما أن يتزاوجَا.
الإخبار بالرضاع:
وكثيرًا ما يتَّفق أن يحصل الزواج والدخول بين اثنينِ، وهما لا يَعلمانِ رَضاعًا بينهما، ثم تُخبر به امرأة، وتقول لهما: قد أرضعتُكما، والحُكم في هذه الحالة على تصديقهما إيَّاها أو عدمه، فإنْ صدَّقاها ولم يُنكرا عليها فسد الزواج ووجب عليهما أن يفترقَا، أو التفريق بينهما وإنْ لم يفترقَا بأنفسهما، أما إن كذَّباها وأنْكرَا قولها، أو تشكَّكا في صحته فإن الرضاع لا يثبت إلا إذا قامت عليه حُجة شرعية، وهي "شهادة رجلين أو رجل وامرأتين" وبدون هذه الشهادة لا يثبت الرضاع شرعًا، ولا يفسد الزواج ولا يجب التفريق.
المبادئ العامة:
1. لا يَحرُم من الرَّضاع إلا خمس رضعاتٍ فأكثر .
2. إذا اجتمع اثنانِ على ثدي بخمس رضعات فأكثر في مدة الرضاع، وهي حولانِ كاملان، حرُم التزاوُج بينهما.
3. لا تتوقف حُرمة الزواج بالرضاع على اختلاف زوج المُرضعة.
4. الإخبار بالرضاع إنْ صدَق وجَب التفرُّق وفسد الزواج، وإن كذب لا يحرم إلا بالشهادة الكاملة "شهادة رجلين أو رجل وامرأتين".
والله أعلم .
ــــــــــــــ
زواج أخت الابن من الرضاع ... العنوان
هل يجوز للرجل أن يتزوج من أخت ابنه من جهة الرضاع أم أن ذلك غير جائز؟ وجزاكم الله خيرا ... السؤال
14/11/2006 ... التاريخ
الأستاذ محمد سعدي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
القاعدة أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، ولكن استثنى الفقهاء من هذه القاعدة عدة صور، منها أخت الابن أو أخت البنت من الرضاع فإنه يجوز الزواج منهما ولا يحرمان مثل أخت الابن أو أخت البنت من النسب، وهذا ما ذهب إليه أصحاب المذاهب الأربعة: الحنفية والمالكية والشافعية، والحنابلة.
جاء في الجوهرة النيرة مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ للحدادي العبادي اليمنى: (من كتب الحنفية)(12/510)
يجوز أن يتزوج أخت ابنه من الرضاع، ولا يجوز من النسب؛ لأنه لما وطئ أمها حرمت عليه ولا يوجد هذا المعنى في الرضاع.
وجاء في منح الجليل شرح مختصر خليل : (من كتب المالكية ـ بتصرف)
نصَّ ابن رشد على أنَّ حرمة الرضاع لا تسري من قبل الرضيع إلا إلى ولده وولد ولده من الذكران والإناث خاصة فيجوز للرجل أن يتزوج أخت ابنه من الرضاعة وأم ابنه وإن علت من الرضاعة وأم أخته من الرضاعة إذ لا حرمة بينه وبين واحدة منهن بخلاف النسب ا هـ
وجاء في حاشية الجمل لأبي يحي زكريا الأنصاري: (من كتب الشافعية)
قال الزركشي: وينبغي استثناء صورة أخرى وهو أنه يجوز للفحل إذا كان لابنه من الرضاع أم نسب أو أخت كذلك أن يتزوجها صرح به في المهذب وغيره . أهـ
وقال المرداوي في الإنصاف من كتب الحنابلة:
المحرمات بالرضاع ويحرم به ما يحرم بالنسب سواء، هذا المذهب،وعليه الأصحاب .قال ابن البنا في خصاله والوجيز ، وغيرهما : إلا أم أخيه ، وأخت ابنه .فإنهما يحرمان من النسب ، ولا يحرمان بالرضاع .وقاله الأصحاب. أهـ
وبهذا أفتى فضيلة الشيخ حسن مأمون المفتي الأسبق للديار المصرية:
المنصوص عليه شرعا أنه يجوز للرجل أن يتزوج من أخت ابنه رضاعا وإن لم يجز ذلك من النسب، وهى من المسائل المستثناة من قاعدة يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.جاء في شرح الهداية من كتب الحنفية
ويجوز أن يتزوج أخت ابنه رضاعا، ولا يجوز ذلك من النسب، لأنه لما وطىء أمها حرمت عليه ولم يوجد هذا المعنى فى الرضاع ) وعلى ذلك يجوز للسائل أن يتزوج.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
الشك في اجتماع الزوجين على الرضاع ... العنوان
تزوجت منذ ثلاث سنوات ،ثم تردد أنني رضعت مع زوجي،فلما سأل أمه أقسمت أننا لم نرضع سويا،وسألناأقاربنا ،فقال البعض إننارضعنا،وأنكر البعض الرضاع بيننا ،وأنا أعيش دائما في حزن ،خوفا من أن يكون الزواج بيننا باطلا،فما حكم الشرع في زواجنا؟
... السؤال
25/06/2006 ... التاريخ
أ.د وهبة الزحيلي أستاذ الفقه وأصوله بالجامعات السورية ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالأحكام في الشريعة لا تبنى على الشك أو الظن، فلابد من سؤال المرضعة هل أرضعت الزوجين أم لا، فإن أقرت، فسخ النكاح، وإن أنكرت، فالزواج صحيح، كما يمكن في مثل هذه الحالات الأخذ برأي الجمهور الذي يرى أن الرضاع المحرم ما(12/511)
كان خمس رضعات مشبعات في فترة الرضاع، فإن كان هناك رضاع، وكان أقل من خمس فالزواج صحيح.
يقول الدكتور وهبة الزحيلي أستاذ الشريعة بالجامعات السورية :
لابد من إثبات الرضاع بشهادة شاهدين أو شاهدٍ وامرأة، أو بقول الأمّ المرضع، وعلى هذا فتُسأل الأم المرضع هل أرضعتْ الولدَ الفلانيَّ بحيث يكون هذا الزواج (في المسألة) هو عمَّ هذه المرأة من الرضاع، وأما إنكار الوالدة وحَلِفُها على عدم الإرضاع، فربما يكون بحسب ظنِّها، وقد تخطئ في الظنّ.
فإذا لم يثبُتْ الإرضاع بقول المرضعة أو غيرها، فلا داعي للقلق والهواجس، ولا لاحتمال بطلان أو فسخ الزواج، لأن اليقين لايزول بالشك، والأصل عدم الإرضاع.
ويمكن الأخذ بمذهب الشافعية في مثل هذه الحالة وهو أن الرَّضاع إذا كان أقل من خمسِ رَضَعات - بحسب المعتاد في كل رَضْعة، ولايْشترط كوْنُ الرضعات مُشبعات خلافاً لما يتناقله الناس عن هذا المذهب - فإنه لايكون سبباً للتحريم. أما مذهب الحنفية والمالكية فإنّ مجرد حصول الرضعة يكفي في التحريم، لإطلاق الآية: {وَأُمَّهاتُكُمْ اللاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ}.
والله أعلم
ــــــــــــــ
رضاع الزوج من الزوجة ... العنوان
إذا رضع الزوج من ثدي زوجته هل تحرم عليه ؟
... السؤال
30/03/2006 ... التاريخ
الشيخ محمد رشيد رضا ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فيقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- ردا على سؤال مشابه :
لا ، فإن حكم الرضاع إنما ثبت في الصغير عند جماهير العلماء من السلف والخلف ، والمروي عن الأئمة الأربعة وغيرهم أنه لا تأثير له بعد الحولين ، وفيه حديث رواه الدارقطني عن ابن عباس : ( لا رضاع إلا ما كان في الحولين ) ، وفي حديث صححه الترمذي ( لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء ، وكان قبل الفطام ) والمراد بفتق الأمعاء : كونه عمدة في التغذية
ولكن وردت أحاديث أصح من هذه تفيد التحريم برضاع الكبير، وقد أجابوا عنها بما يحتمل البحث، ومن أراد الاحتياط فليجتنب كل ما فيه خلاف.
والله أعلم .
ــــــــــــــ
موت الطفل أثناء الرضاع ... العنوان(12/512)
امرأة أرضعت طفلها ونامت أثناء الرضاعة وفي الصباح تبين أن الطفل قد مات مختنقاً بالغطاء حيث وجد الغطاء على وجهه فماذا يلزم المرأة أفيدونا جزاكم الله خيرا..؟
... السؤال
19/01/2006 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فإذا ثبت أن موت الطفل كان بسبب تقصير الأم مما أدى إلى وفاته مختنقا أثناء الرضاعة فإن الأم تكون قد تسببت في قتله ، ويجري هذا القتل مجرى القتل الخطأ فتلزمها الدية والكفارة، والدية تكون على عصبة المرأة ، وتسقط الدية بعفو أولياء الدم ، والكفارة تكون بصيام شهرين متتابعين، فإن عجزت عن الصيام فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يجوز أن تطعم ستين مسكينا ..
يقول فضيلة الدكتور حسام عفانه – أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
ينبغي أن يعلم أولاً أن جمهور الفقهاء قد قسموا القتل إلى ثلاثة أقسام وهي: العمد وشبه العمد والخطأ
ومنهم من جعله على أربعة أقسام: وهي العمد وشبه العمد والخطأ وما أجري مجرى الخطأ كفقهاء الحنفية وبعض الحنابلة
قال الشيخ ابن قدامة المقدسي في شرح قول الخرقي [ والقتل على ثلاثة أوجه عمد وشبه العمد وخطأ ]
قال [أكثر أهل العلم يرون القتل منقسماً إلى هذه الأقسام الثلاثة ، روي ذلك عن عمر وعلي وبه قال الشعبي والنخعي ، وقتادة وحماد وأهل العراق ، والثوري والشافعي وأصحاب الرأي. وأنكر مالك شبه العمد ، وقال : ليس في كتاب الله إلا العمد والخطأ فأما شبه العمد فلا يعمل به عندنا وجعله من قسم العمد وحكي عنه مثل قول الجماعة وهو الصواب لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل ، منها أربعون في بطونها أولادها ) رواه أبو داود وفي لفظ : " قتيل خطإ العمد " وهذا نص يقدم على ما ذكره.
وقسمه أبو الخطاب أربعة أقسام فزاد قسماً رابعاً وهو ما أجري مجرى الخطأ ، نحو أن ينقلب نائم على شخص فيقتله أو يقع عليه من علو والقتل بالسبب ، كحفر البئر ونصب السكين وقتل غير المكلف أجري مجرى الخطأ وإن كان عمداً
وهذه الصورة التي ذكرها عند الأكثرين من قسم الخطأ ، فإن صاحبها لم يعمد الفعل أو عمده وليس هو من أهل القصد الصحيح فسموه خطأ ، فأعطوه حكمه وقد صرح الخرقي بذلك فقال في الصبى والمجنون : عمدهما خطأ . ] المغني 8/260.
إذا تقرر هذا فإن كان موت الطفل بسبب تقصير من أمه حيث إنها نامت أثناء إرضاع الولد ولم تضعه في محل نومه المعتاد مما أدى إلى وفاته مختنقاً بالغطاء(12/513)
فتعتبر هذه المرأة متسببة في قتل طفلها ويجري هذا القتل مجرى القتل الخطأ فتلزمها الدية والكفارة.
قال الكاساني الحنفي [وأما القتل الذي هو في معنى القتل الخطأ فنوعان: نوع في معناه من كل وجه، وهو أن يكون على طريق المباشرة، ونوع هو في معناه من وجه ، وهو أن يكون من طريق التسبب ، أما الأول: فنحو النائم ينقلب على إنسان فيقتله فهذا القتل في معنى القتل الخطأ من كل وجه لوجوده لا عن قصد ؛ لأنه مات بثقله فترتب عليه أحكامه من وجوب الكفارة والدية وحرمان الميراث والوصية ؛ لأنه إذا كان في معناه من كل وجه كان ورود الشرع بهذه الأحكام هناك وروداً ههنا دلالة ... أما وجوب الدية فلوجود معنى الخطأ ، وهو عدم القصد وأما وجوب الكفارة وحرمان الميراث والوصية فلوجود القتل مباشرة ؛ لأنه مات بثقله ...] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 6/ 330.
وقال الشيخ ابن حزم الظاهري:[ مسألة: في امرأة نامت بقرب ابنها أو غيره فوجد ميتاً، قال علي- أي ابن حزم - أخبرنا ... عن إبراهيم النخعي في امرأة شربت دواء فألقت ولدها قال: تكفر. وقال في امرأة أنامت صبيها إلى جنبها فطرحت عليه ثوباً فأصبحت وقد مات ؟ قال : أحب إلينا أن تكفر . حدثنا ... عن إبراهيم أنه قال في امرأة غطت وجه صبي لها فمات في نومه ؟ فقال: تعتق رقبة . قال أبو محمد - أي ابن حزم -: إن مات من فعلها مثل - أن تجر اللحاف على وجهه ثم ينام فينقلب فيموت غماً ، أو وقع ذراعها على فمه ، أو وقع ثديها على فمه ، أو رقدت عليه - وهي لا تشعر - فلا شك أنها قاتلته خطأً فعليها الكفارة ، وعلى عاقلتها الدية ، أو على بيت المال ...] المحلى 11/115-116.
وبناءً على ما سبق يلزم هذه المرأة أحكام القتل الخطأ وهي:
أولاً: وجوب الدية لقوله تعالى { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} سورة النساء الآية 92.
وتدفع الدية لورثة الطفل الميت وتحرم الأم منها لأنها قتلته والقتل أحد موانع الميراث وكونها قتلته خطأً لا ينفي حرمانها من الميراث وهو الذي عليه جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين والفقهاء على أن القاتل خطأً لا يرث من مال المقتول ولا من ديته وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة .
قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [أجمع أهل العلم على أن قاتل العمد لا يرث من المقتول شيئاً ... فأما القاتل خطأً فذهب كثير من أهل العلم إلى أنه لا يرث أيضاً، نص عليه أحمد، ويروى ذلك عن عمر، وعلي وزيد وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس، وروي نحوه عن أبي بكر رضي الله عنهم. وبه قال شريح وعروة وطاووس وجابر بن زيد والنخعي والشعبي والثوري وشريك والحسن بن صالح ووكيع والشافعي ويحيى بن آدم وأصحاب الرأي وورثه قوم من المال دون الدية، وروي ذلك عن سعيد بن المسيب وعمرو بن شعيب وعطاء والحسن ومجاهد والزهري ومكحول والأوزاعي وابن أبي ذئب وأبي ثور، وابن المنذر وداود، وروي نحوه عن علي لأن ميراثه ثابت بالكتاب ، والسنة تخصص قاتل العمد(12/514)
بالإجماع، فوجب البقاء على الظاهر فيما سواه. ولنا: الأحاديث المذكورة ولأن من لا يرث من الدية لا يرث من غيرها، كقاتل العمد، والمخالف في الدين، والعمومات مخصصة بما ذكرناه] المغني 6/364-365. وتكون الدية على عاقلة المرأة وهم عصبتها.
ثانياً: تلزمها كفارة القتل الخطأ وهي عتق رقبة مؤمنة إن وجدت وإلا فإن عليها صيام شهرين متتابعين لقوله تعالى { فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } سورة النساء الآية 92. فإذا لم تستطع صيام شهرين متتابعين لعذر أبدي كمرض مزمن مثلاً فإنها تطعم ستين مسكيناً كما ذهب إليه جماعة من أهل العلم ومن المعلوم أن الفقهاء قد اختلفوا حال عجز المكفر عن الصيام على قولين الأول [ وهو مذهب الجمهور أنه لا إطعام عليه، لأن الله جل وعلا لم يذكر في كفارة القتل إلا العتق والصيام، ولو كان ثمة إطعام لذكره.
والثاني: وهو قول عند الشافعية وهو أنه عليه الإطعام قياساً على غيره ككفارة الظهار والصوم، ولعل الصواب في المسألة هو التفصيل بين من عجز عن الصيام عجزاً أبدياً ومن كان عاجزاً عجزاً مؤقتاً، فالعاجز عجزاً أبدياً يطعم، والعاجز عجزاً مؤقتاً ينتظر القدرة على الصيام، ومما يؤيد هذا المنحى أنه جارٍ على القياس على العجز عن صوم رمضان، فمن المعلوم أنه إن كان عاجزاً عجزا مؤقتاً، فالواجب عليه إنما هو القضاء، وإن كان عاجزاً عجزاً أبدياً فالواجب عليه إطعام مسكين عن كل يوم، وإنما قسنا صوم القتل على صوم رمضان لأن كلاً منهما مستقر في الذمة على وجه الوجوب وجوباً متعيناً، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار أن وجود الرقبة أصبح متعذراً تعذراً شديداً، إن لم يكن مستحيلاً.] نقلاً عن موقع الشبكة الإسلامية على الإنترنت.
ويجب أن يعلم أن الدية تسقط عن هذه المرأة إذا عفا أولياء الطفل أما الكفارة فلا تسقط بعفو الأولياء لأنها حق لله تعالى قال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى{... وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} سورة النساء الآية 92. [... يعني إلا أن يبرئ الأولياء ورثة المقتول القاتلين مما أوجب لهم من الدية عليهم... وأما الكفارة التي هي لله تعالى فلا تسقط بإبرائهم؛ لأنه أتلف شخصاً في عبادة الله سبحانه، فعليه أن يخلص آخر لعبادة ربه وإنما تسقط الدية التي هي حق لهم. ] تفسير القرطبي 5/323.
وخلاصة الأمر أن المرأة المذكورة في السؤال قتلت ابنها خطأً وأنه يلزمها الدية والكفارة .
والله أعلم.
ــــــــــــــ
الميراث بسبب الرضاع ... العنوان
هل يجق للابن أن يرث من أمه من الرضاع؟ جزاكم الله عنا كل خير ... السؤال
06/09/2005 ... التاريخ
د.حسام الدين بن موسى عفانة ... المفتي(12/515)
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فقد اتفق العلماء على أن الرضاع ليس من أسباب الميراث، وإنما الرضاع يكون سببا في تحريم النكاح وثبوت المحرمية بمعنى أن الرضيع يكون محرما لأمه وأخته من الرضاعة فيجوز له الخلوة ويكون محرما في السفر عند أمن الفتنة.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
من المعروف عند جمهور أهل العلم أن أسباب الميراث ثلاثة وهي القرابة والزوجية والولاء . فأما القرابة فهي كل صلة بين شخصين بسبب الولادة من قبل أب وأم قريبة كانت أو بعيد . انظر العذب الفائض 1/19 . يقول الله سبحانه وتعالى :( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ) سورة النساء الآية 11 .
وقال تعالى :( وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) سورة الأنفال الآية 75 . وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر ) رواه البخاري . وفي رواية لمسلم :( اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر ).
والمستحقون للميراث بالقرابة هم أصحاب الفرائض والعصبات النسبية وذوو الأرحام وهذا فيه تفصيل كثير عند العلماء . وأما الزوجية فيدل على توارث الزوجين قوله تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) سورة النساء الآية 12.
ويشترط لتوارث الزوجين أن ينعقد النكاح صحيحاً ولو لم يتم دخول أو خلوة بعد العقد الصحيح ويشترط أيضاً أن تكون الزوجية الصحيحة قائمة عند الوفاة . وأما الولاء فهو قرابة غير حقيقية أي حكمية تحصل بسبب العتق أو عقد الموالاة.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( إنما الولاء لمن أعتق ) رواه البخاري ومسلم . ونظراً لانتهاء عصر الرق فلا حاجة للحديث عن ذلك الآن .
إذا تقرر هذا فإن الرضاعة ليست من أسباب الميراث باتفاق أهل العلم والابن من الرضاع لا يرث من أمه الرضاعية ولا أثر للرضاع في الميراث.
قال الإمام النووي :[ الرضاع يؤثر في تحريم النكاح وثبوت المحرمية المقيدة لجواز النظر والخلوة دون سائر أحكام النسب كالميراث والنفقة والعتق بالملك وسقوط القصاص ورد الشهادة وغيرها وهذا كله متفق عليه ) روضة الطالبين 6/418-419.(12/516)
وقال الإمام البغوي ( ولا يتعلق بالرضاع من أحكام النسب إلا شيئان : تحريم النكاح والمحرمية وهي أنه يجوز للرجل أن يخلو بالمحرمة عليه بالرضاع وأن يسافر بها . أما الميراث ووجوب النفقة وحصول العتق وغيرها من أحكام النسب فلا يتعلق شيء منها بالرضاع )
والله أعلم.
ــــــــــــــ
محمد - الإمارات العربية المتحدة ... الاسم ...
حكم الزيادة عن العامين في الرضاعة ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حسب علمي أن إرضاع الطفل عامين .فهل هناك إثم إذا أرضعت الطفل أكثر عن هذه المدة؟ إذا هناك إثم في إرضاع الطفل أكثر عن هذه المدة بشهر أو شهرين فما هي الكفارة عن ذلك ؟ وشكرا لكم وجزاكم الله خيرا ... السؤال
29/10/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
يقول تعالى في سورة الأحقاف (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) ومعنى هذه الآية - والله أعلم - أن مجموع مدة الحمل والرضاع ثلاثون شهراً، سنتان منها هي مدة الرضاع المثلى، لقوله تعالى : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) وهذه الآيات تشير إلى أن الفترة المثلى للإرضاع هي حولان كاملان ، وهذا على سبيل الإرشاد لا الوجوب بحيث لا يلزم من مخالفة هذه المدة زيادة أو نقصانا إثم تترتب عليه عقوبة.فإذا زادت المدة شهر أو أكثر لمصلحة الرضيع فلا إثم في ذلك ولا كفارة.
جاء في فتاوى موقع الشبكة الإسلامية ـ قطر:
أرشد القرآن إلى تحديد الفترة التي ينبغي أن تكون بين كل مولودين في ذكره لفترة الحمل وفترة الرضاع في قوله: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) [البقرة:233]. وفي قوله: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) [الأحقاف:15].
فنبه القرآن هنا على أن الفترة المثلى في نظر الإسلام بين كل مولودين هي ثلاثون شهراً، وهو مجموع فترة الرضاع، وأقل أمد الحمل.
وهذا التحديد إنما هو على سبيل الإرشاد لا على سبيل الإلزام؛ لأن موضوع الحمل والرضاع والفطام متروك للأسرة، تقرر فيه ما ترى على أساس المصلحة للرضيع ولأمه، ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى: (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) [البقرة: من الآية233].
والله أعلم.
ــــــــــــــ(12/517)
الرضاع الذي يثبت به التحريم ... العنوان
بعد زواجي ببنت خالي أخبرتني أمي بأنها كانت قد أرضعت أختها الكبرى عدة مرات.. فما حكم زواجي هذا؟ جزاكم الله خيرا ... السؤال
29/08/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فالإسلام وسع دائرة الترابط والتراحم في المجتمع فجعل المرضعة أما وأبناؤها إخوة للرضيع، ومن ثم فلهذه الأم والإخوة من الرضاع من الحرمة ما للأم والإخوة من النسب، فعلى هذا كان من أسباب التحريم في النكاح الرضاع، ولكن الرضاع الذي يحرم يكون بين كل من اجتمعوا على ثدي واحد، وأن يكون الرضاع في الحولين وأن تكون الرضعات خمسا مشبعات، وبناء على هذا فلا يثبت التحريم بينك وبين زوجتك، وزواجك صحيح.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور محمود عبد الله العكازي -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر-:
يقول الله تعالى في شأن المحرمات من النساء في النكاح: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة}، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"؛ فيحرم على المسلم أن يتزوج المرأة التي أرضعته في صغره؛ لأنها صارت بإرضاعها إياه في حكم الأم؛ حيث أسهم لبنها في إنبات لحمه وتكوين عظمه، وأحدث هذا الرضاع عاطفة بنوة وأمومة بينه وبينها، وقد تختفي هذه العاطفة، ولكنها تكمن في العقل الباطن لتظهر عند المقتضى والحاجة.
وكما أن المرأة المرضعة صارت بالرضاع أما للرضيع فكذلك بناتها صرن له أخوات من الرضاعة، وكذلك أخواتها صرن له خالات من الرضاعة، وهكذا سائر أقاربها؛ لما جاء في الحديث المتفق عليه: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب".
ويمكن إيجاز التحريم في الرضاع بأنه يتعلق بالثدي كما هو شائع ومعروف؛ فكل طفلين اجتمعا على ثدي واحد صارا إخوة بهذا الاجتماع دون نظر إلى زمن الرضاع، ومن لم يجتمعا على الثدي فلا تحريم للنكاح بينهما بهذا السبب.
وبناء على هذا فإني أقول لصاحب السؤال: إن ابنة خالتك الكبرى التي أرضعتها أمك صارت أمك أماً لها في الرضاع، وأصبحت أنت وجميع إخوتك أخوة لها رضاعاً، فلا يحل لها الزواج بأحد منكم. أما أختها الصغرى التي هي زوجتك فلم ترضعها أمك، وبالتالي فإن زواجك بها زواج صحيح؛ لأن أمك ليست أمها في الرضاع بل هي خالة فقط وأنت ابن خالة لها وفقط فلم يوجد بينكما سبب يحرمها عليك.
والله أعلم
ــــــــــــــ
الزواج بأخت الأخت من الرضاع ... العنوان(12/518)
أريد الزواج من ابنة خالتي، وكانت والدتي أرضعت أختها الكبرى معه أكثر من خمس رضعات، فهل يحل لي الزواج منها؟ ... السؤال
16/07/2002 ... التاريخ
أ.د أحمد طه ريان ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
لا حرج في الزواج بأخت الأخت من الرضاع، فالتحريم يقتصر على هذه الأخت التي التقت معك على ثدي واحد، فكل من اجتمعوا على ثدي واحد صاروا إخوة من الرضاع ، ومن ثم فالتحريم يتناولهم دون غيرهم.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور أحمد طه ريان -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر-:
المولى ـ تبارك وتعالى ـ قد بين حكم التحريم من جهة الرضاع في قوله جل شأنه: )وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة) كما جلَّى المصطفى –صلى الله عليه وسلم- هذا الحكم تجلية كاملة في قوله في الحديث المتفق عليه من رواية السيدة عائشة ـ رضي الله عنها: (يَحْرُم من الرضاعة ما يحرم من الولادة)
والمعنى أن كل الأصول والفروع والحواشي التي تحرم من جهة النسب، كذلك تحرم من جهة الرضاع، فالمرأة التي أرضعت طفلاً تحرم عليه هي وأمها وجدتها، كما تحرم عليه بناتها جميعًا، لأنهن صرن أخوات له من الرضاع، وكذلك بنات بناتها؛ لأنهن صرت بنات أخواته من الرضاعة، كذلك تحرم عليه أخوات الأم المرضعة؛ لأنهن صرن خالات له من الرضاعة، كما يحرم عليه الزواج من جميع بنات زوجها ولو كنَّ من أمٍّ أخرى؛ لأن الزوج صار أبًا من الرضاعة فبناته صرن أخوات له من الرضاعة وهكذا.
وأقول: إن البنت الكبرى التي رضعت معك من والدتك صارت أختًا لك ولجميع إخوتك من الرضاع، فلا يحل لك، ولا لأحد من إخوتك أن يتزوج بها؛ لأنها صارت أختكم جميعًا من الرضاعة، لكن لا علاقة لإخوتها الآخرين، ولا لأخواتها الأخريات بوالدتك ولا بوالديك ولا بك، حيث يحل لك أن تتزوج من أختها الصغرى، التي لم ترضع من والدتك؛ لأنها لم تجتمع معك على ثدي واحد، بخلاف أختها الكبرى التي اجتمعت معك في ثدي واحد؛ لذلك صرت أخًا لها من الرضاعة، وهذا لم يتحقق مع أختها الصغرى التي تريد الزواج منها.
لذلك أقول: إنه لا مانع شرعًا من زواجك من أختها الصغرى التي لم ترضع من والدتك.
والله أعلم
ــــــــــــــ
الزواج بأخت الأخت من الرضاع ... العنوان
رضعت بنت عمي مع أخي الأصغر من أمي، ولها أخت أصغر منها، وأريد الزواج بهذه الأخت، فهل يحل لي الزواج منها أم لا؟ ... السؤال
06/06/2002 ... التاريخ(12/519)
أ.د عبد العزيز عزام ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فالإسلام وسع دائرة الترابط والتراحم في المجتمع فجعل المرضعة أما وأبناؤها إخوة للرضيع، ومن ثم فلهذه الأم والإخوة من الرضاع من الحرمة ما للأم والإخوة من النسب، فعلى هذا كان من أسباب التحريم في النكاح الرضاع، ولكن الرضاع الذي يحرم يكون بين كل من اجتمعوا على ثدي واحد، وأن يكون الرضاع في الحولين وأن تكون الرضعات خمسا مشبعات.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور عبد العزيز عزام-أستاذ الفقه بجامعة الأزهر-:
يَحْرُم من الرضاع ما يحرم من النسب باتفاق أهل العلم، لقوله تعالى: (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة). فالله ـ سبحانه وتعالى ـ عطف المحرمات من الرضاع على المحرمات من النسب، وسمى المرضعة أمًّا، وسمى الأخوات من الرضاعة أخوات، وحكم بتحريمهن،
وفى الحديث الذي رواه الجماعة عن عائشة مرفوعًا: "يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة". وفي رواية الصحيحين عن ابن عباس مرفوعًا: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". وهو حديث صحيح، متفق على صحته.
والرضاع المحرم مشروط بالحولين، وبخمس رضعات، لحديث عائشة رضي الله عنها: "كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله وهن فيما يقرأ من القرآن" فما كان من الرضاعة في الحولين، فإنه يحرم، وما كان بعد الحولين فلا يحرم، لما ورد في الصحيحين "إنما الرضاعة من المجاعة" أي في زمن الإرضاع، حيث يكون الرضيع طفلاً يسد اللبن جوعته، وينبت لحمه، وهو مذهب جمهور العلماء.
فإذا أرضعت امرأة طفلاً دون الحولين خمس رضعات صار الولد الرضيع ولدها، وهي أمه، وصار زوجها أباه، فلا يحل له أن يتزوج واحدة من بنات المرضعة مطلقًا، لا التي رضع منها، ولا التي رضع قبلها، ولا التي رضع بعدها، ولا التي لم تأتِ بعد، ولا يتزوج واحدة من بنات زوجها من غيرها؛ لأنها أخته، وهكذا سائر المحرمات من جهة المرضعة، ومن جهة زوجها، فإن الحرمة خاصة بالرضيع وفروعه دون أبويه، وأصولهما، وفروعهما، فلا تنتشر الحرمة إلى من هو أعلى من المرتضع من آبائه، وأمهاته، وأعمامه، وعماته، وأخواله، وخالاته، كما لا تنتشر الحرمة إلى من هو في درجته من إخوته وأخواته، فيباح لأبي المرتضع وأخيه من النسب، وعمه وخاله من النسب، أن يتزوج أم الرضيع، ويباح لأخيه من أبيه ذلك.
وبناء على ما قدمناه فإننا نقول للسائل: يجوز لك أن تتزوج من بنت عمك، التي رضعت أختها مع أخيك الأصغر من أمه؛ لأن الحرمة قاصرة على أخيك فقط دونك، ومن ثم فلا بأس أن تتزوج أخت أخيك من الرضاع، ما دامت لم ترضع من أمها، ولم ترضع هي من أمك.(12/520)
والله أعلم.
ــــــــــــــ
الزواج بعد رضاع مرتين ... العنوان
تقدمت للزواج من ابنة خالي، وقالت أمها: إنني رضعت منها مرتين، ولما سألت عن ذلك قال أحد الحكماء: إن الرضاعة مرتين لا تحرم الزواج، وتزوجت فعلاً، وأنجبت طفلة، ولكن المتاعب بيني وبين زوجتي لا تهدأ، والخلافات مستمرة، فهل أنا مذنب في هذا الزواج؟ وهل خلافاتنا بسبب أنها محرمة عليّ؟ وماذا أفعل؟ ... السؤال
30/05/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
اختلف الفقهاء في الرضاع المحرم ،فكانوا في ذلك على ثلاث آراء :
1)التحريم بقليل الرضاع وكثيره .
2)التحريم بثلاث رضاعات.
3)التحريم بخمس رضعات مشبعات .
والتحريم بخمس رضعات مشبعات هو أرحج آراء الفقهاء،وبه يفتي كثير منهم .
فإن كان الرجل قد تزوج على من رضع معها رضعتين ،فيفتى بحل الزواج .
يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي الأستاذ بجامعة الأزهر:
قد اتفق الفقهاء على أن الرضاع في الجملة يحرم منه ما يحرم من النسب، فالسبع المحرمات من النسب يحرم مثلهن بالرضاع وهن: الأم والبنت والأخت والعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت، وذلك لقوله تعالى: (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة..)وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". متفق عليه، وفي رواية: "حرموا من الرضاع ما يحرم من النسب". فتنزل المرضعة منزلة الأم، وينزل زوجها صاحب اللبن منزلة الأب، ويحرم على الرضيع من جهتهما كل ما يحرم على الابن من جهة الأم والأب من النسب، واختلفوا في مقدار اللبن الذي يثبت به التحريم. فقال أبو حنيفة وأصحابه ومالك وأصحابه: إن قليل الرضاع وكثيره يحرم، وهو رواية عن الإمام أحمد، ودليل هذا القول ظاهر قول الله تعالى: (وأمهاتكم اللاتي
أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة..)فالإرضاع في الآية مطلق يشعر بالقليل والكثير. وقال داود الظاهري وأحمد في رواية: إن المحرم ثلاث رضعات فما فوقها لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تحرم الرضعة والرضعتان والمصة والمصتان". فإنه يدل بمفهومه على أن الثلاث من الرضعات والمصات تقتضي التحريم.
وقال الشافعي وأحمد في ظاهر الرواية، وهو قول عائشة وابن مسعود وعبد الله بن الزبير: المحرم خمس رضعات فما فوقها، وبه يفتى، وذهب إلى ترجيحه الإمام الشوكاني. وعلى هذا القول الراجح، فإن زواجك من ابنة خالك التي أرضعتك أمها مرتين زواج صحيح لا حرمة فيه، وعليك أن تطمئن نفسك إلى ذلك حسب القول(12/521)
الذي رجحه الأئمة. أما ما يحدث بينكما من المشاكل والمتاعب ـ كما هو الشأن في بعض الزيجات ـ فعليك أنت وزوجتك أن تعملا على معرفة أسباب ذلك، وأن تجتهدا في علاجها لتقوم حياتكما على المودة والرحمة وحسن المعاشرة كما أمر الله، ولا تحمل هذه المتاعب على شماعة رضاعك من أمها مرتين، فقد عرفت حكم ذلك.
ــــــــــــــ
فترة رضاع الأم ولدها ... العنوان
هل يجب على الأمهات أن يرضعن أولادهن حولين كاملين تماما وهل تعذب بقطعهاالرضاعة خلال سنتين؟ ... السؤال
10/04/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
الرضاع حق للطفل ،وقد جاء القرآن وحدد مدة الرضاع بعامين كاملين ،ولكن لا يجب أن تكمل الأم في رضاع ولدها السنتين ،فيجوز فطامه قبل هذه المدة ،بشرط ألا يكون هناك ضرر عليه ،وأن يكون ذلك بالاتفاق بين الوالدين.
وقد جاء في كتاب أحكام القرآن للإمام الجصاص من فقهاء الأحناف في تفسير قوله : (} وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّحَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ):
وفيه أيضا دلالة على أن الفطام في مدة الرضاع موقوف على تراضيهما , وأنه ليس لأحدهما أن يفطمه دون الآخر , لقوله تعالى { فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور } فأجاز ذلك بتراضيهما وتشاورهما . وقد روي نحو ذلك عن مجاهد .
وقد روي عن بعض السلف تخفيف الحكم في هذه الآية , روى شيبان عن قتادة في قوله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } ثم أنزل التخفيف بعد ذلك فقال تعالى : { لمن أراد أن يتم الرضاعة } .
قال أبو بكر : كأنه عنده كان رضاع الحولين واجبا ثم خفف وأبيح الرضاع أقل من مدة الرضاع بقوله تعالى : { لمن أراد أن يتم الرضاعة } .
وروى أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس مثل قول قتادة . وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } ثم قال : ( فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا حرج إن أرادا أن يفطما قبل الحولين أو بعدهما ) والله أعلم ــــــــــــــ
بركة الرضاعة الطبيعية ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدي الشيخ ، نمى إلى علمي أن الله يبارك الرضاعة الطبيعية ، وأن القرآن ينص على : "أن كل قطرة من الحليب الطبيعي" هي مباركة . أرجو أن تخبرني أين ورد ذلك في القرآن .
وجزاكم الله خيرا(12/522)
... السؤال
27/03/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ،،
مما لا شك أن الله تعالى يرضى عن عباده الطائعين ، ويرزقهم خيراً ثواباً لهم على طاعته ، ورضاعة الأم لأطفالها من الأشياء التي حثَّ الله تعالى الأمهات عليها ، ولكن لم ترد آية معينة تنص على حصول هذه البركة نصًّا ، بل الأمر على العموم فالاستجابة لأمر الله بركتها عظيمة ، هذا في حق المرأة الطبيعية التي تقوى على إرضاع أولادها ، أما المريضة فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
يقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد من علماء المملكة العربية السعودية :
لا شك أن البركة تحلّ حيث شاء الله عز وجل ، وتحلّ إذا دعا اللهَ العبد أن يبارك له في ماله أو رزقه فيجعله مباركا ، أو يجعل شخصه مباركا كما قال عيسى عليه السلام ، قال تعالى : ( واجعلني مباركا أينما كنت ) مريم/31 فتكون البركة حيث يجعلها الله تعالى كما قال تعالى عن المطر : ( وأنزلنا من السماء ماء مباركا ) سورة ق/9
أي : تحصل البركة بنزوله حيث تنمو الأشجار والنباتات ، وأما بركة الرضاعة الطبيعية فلا أذكر آية وردت بخصوصها .
يقول فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين من علماء المملكة العربية السعودية :
وقد ورد الحث في القرآن الكريم على الرضاعة الطبيعية من الوالدة لولدها ، فقال تعالى : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) البقرة/233
وهذا خبر بمعنى الأمر كما قال العلماء أي على الوالدات أن يرضعن أولادهن وذكروا أن جزءاً من الرضاع واجب لابد منه وهو اللبأ الأصفر[ أوَّلُ اللَّبَنِ ] الذي يكون في أول الرضاع ، ومعلوم طبياً أن له فوائد عظيمة في بناء مناعة الولد وغيرها ، ولا شك أن في تنفيذ أمر الله والاستجابة له بركة عظيمة .
والله أعلم.
ــــــــــــــ
الزواج من أخت الأب من الرضاعة ... العنوان
لي بنت بلغت سن الزواج وجاء ابن أخي ليخطبها، فوجدت فيه ابن الحلال المناسب، لأن يتزوج بنتي، فهو كفؤ لها، وهو ابن عمها وبالتالي ستوثق العلائق بين وشائج العائلة، فرحبت به ترحيبًا ولكن المفاجأة أن أمي وهي جدة العروسين ما كاد يبلغها الخبر حتى أعلنت أنها أرضعت بنتي رضعات مشبعات مع أخ لي صغير، فتعقد الأمر فهل من حل شرعي لهذه المشكلة وهل يؤخذ بدعوى أمي بأنها أرضعت ابنتي؟ ... السؤال
19/03/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...(12/523)
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
يقول فضيلة الشيخ إبراهيم جلهوم شيخ المسجد الزينبي بالقاهرة
إنه بإرضاع أمك لبنتك الرضعات المشبعات صارت بنتك أختا لأعمامها من الرضاعة فما يحل لها أن تتزوج من ابن أخيها من الرضاعة، لأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وذاك ما جاء في قول الحق سبحانه (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة) [سورة النساء أية 23] فلما نزلت المرضعة منزلة الأم حرمت هي وكل من يدلي من قبلها كأم النسب، لأن لبنها أنبت اللحم وأنشز العظم، وعلى هذا فبعض بدن الرضيع تكون من لبن المرضعة فيرث منها ما يرثه وليدها من طباع وأخلاق.
ودعوى أمك – أيها السائل – بأنها أرضعت بنتك يعمل بها، (فعن عقبة بن الحارث رضي الله عنه أنه تزوج أم يحيى بنت إهاب رضي الله عنها، فجاءت أمه سوداء، فقالت قد أرضعتكما، قال: فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأعرض عني، قال فتنحيت فذكرت ذلك له. فقال: وكيف وقد زعمت أنها قد أرضعتكما، فنهاه عنها) رواه أحمد والبخاري وذلك ما قاله الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى ونصه "الحق وجوب العمل بقول المرأة المرضعة حرة كانت أو أمة حصل الظن بقولها أو لم يحصل "ونميل للأخذ بهذا الرأي من باب الاحتياط في هذا الأمر الهام.
فخذ به – أيها السائل – محتاطًا لدينك والله يرزق بنتك بفتى آخر يسعدها ويعزها ويكرمها ويزرق ابن أخيك بفتاة أخرى تسعده وتعزه وتوقره.
والله أعلم
ــــــــــــــ
رضاع الرجل من زوجته ... العنوان
أحيانا يداعب الرجل زوجته فيمص ثدييها وقد يكون بهما اللبن فهل تحرم عليه في هذه الحالة؟
... السؤال
05/02/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، وبعد ...
المسألة التي نحن بصددها محل خلاف بين العلماء فذهب جمهور الفقهاء إلى أن رضاع الرجل من زوجته أثناء مداعبته لها لا يترتب عليه تحريم المرأة على زوجها لأن الرضاع الذي يترتب عليه التحريم هو رضاع الصغير ، ومن ثم فللزوج أن يستمتع بزوجته كيفما شاء ولا يحرم عليه إلا إتيانها في الدبر وجماعها حال الحيض أو النفاس وما عدا ذلك فهو باق على أصل الحل، طالما أنه باتفاق الزوجين،(12/524)
وذهب طائفة من الفقهاء إلى أن رضاع الرجل من زوجته يثبت به التحريم وممن قال بذلك أم المؤمنين عائشة رضوان الله عليها، وعروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح والليث بن سعد، والظاهرية.
فلذلك خروجا من الخلاف للرجل أن يستمتع بزوجته كيف شاء ولكن عليه أن يتجنب هذا النوع من الاستمتاع فهذا أولى له وأسلم.
وإليك فتوى فضيلة الشيخ فيصل مولوي –نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء-:
من المتّفق عليه بين الفقهاء أن المحرّم في العلاقات الزّوجيّة هو:
1- الجماع أثناء الحيض.
2- الإيلاج في الدّبر.
وكلّ ما سوى ذلك من أنواع الاستمتاع مباح بشرط أن يتمّ بتراضي الزّوجين.
وشرب الحليب من ثدي الزّوجة لا يؤدّي إلى اعتبارها أمّاً بالرّضاعة، لأنّ الشّرب الذي يؤدّي إلى ذلك هو ما كان في فترة رضاع الطّفل – أي دون السّنتين من عمره – لأنّه هو الذي ينمّي اللحم وينشز العظم. هذا هو رأي جمهور الفقهاء من الشّافعيّة والحنابلة والمالكيّة والحنفيّة والجعفريّة، إلاّ أنّ بعض المالكيّة سمحوا بالزّيادة عن السّنتين لمدّة شهر أو شهرين، وأبو حنيفة اعتبر الرّضاعة المحرّمة تمتد إلى سنتين ونصف من الولادة.
وبالتّالي يكون الجميع متّفقين على أن الإرضاع بعد سنتين ونصف من عمر الطّفل لا يؤدّي إلى التّحريم، ويعتمدون في ذلك على نصوص واضحة من القرآن الكريم والسنّة الصّحيحة.
أمّا الحديث الذي أخرجه مسلم (أنّ امرأة أبي حذيفة قالت: يا رسول الله، إنّ سالم يدخل عليّ وهو رجل – وسالم هو مولى أبي حذيفة -، وفي نفس أبي حذيفة منه شيء، فقال: أرضعيه حتّى يدخل عليك) هذا الحديث لم يأخذ به أيّ من المذاهب رغم صحّته من حيث السّند، لأنّه من حيث المتن يخالف نصوص القرآن الكريم، ويخالف أحاديث أخرى صحيحة، كما يخالف أحكاماً شرعيّة متّفقاً عليها.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
الزواج من بنت الأخ من الرضاعة ... العنوان
أرغب في الزواج من إحدى الفتيات في الحي الذي أقيم فيه، ولكني علمت أن زوجة أخي الأكبر قد أرضعتها فهل يحل لي الزواج منها؟ ... السؤال
28/01/2002 ... التاريخ
أ.د.أحمد يوسف سليمان ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
إذا أُرضع شخصٌ –ولدا كان أو بنتا- من امرأة خمس رضعات مشبعات متفرقات، وكان هذا الطفل لم يتجاوز عمره السنتين؛ فقد صارت المرأة التي أرضعته أما له،(12/525)
وصار جميع أولادها إخوة له، وصار زوجها في ذلك الحي أبًا له، وأخت من أرضعته تصير خالة له، وأخو زوجها يصير عمًّا له، وهكذا. فقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "يَحْرُم من الرضاع ما يحرم من النسب"، كما ثبت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد أخبرته السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها لم تأذن لأحد الرجال بالدخول عليها، وكانت زوجة أخيه قد أرضعتها وهي صغيرة. فقال لها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنه عمك من الرضاع، فإنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
وبناء عليه فإنه إذا كانت هذه الفتاة التي ترغب في الزواج منها قد رضعت من زوجة أخيك خمس رضعات مشبعات متفرقات وهي دون الحولين؛ فإنه لا يحل لك الزواج منها؛ لأنها بنت أخيك، وبنت الأخ مُحرَّمة من النسب وهي كذلك محرمة من الرضاع.
والله أعلم
ــــــــــــــ
حكم جماع الزوجة أثناء فترة الرضاعة ... العنوان
ما الغيلة ؟ وما حكم جماع الزوجة أثناء فترة الرضاعة إذا كان لها ولد ترضعه ؟ ... السؤال
22/12/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيرا، وكل عام وأنتم بخير ، وتقبل الله منا ومنكم، وبعد:
فإن الغيلة لها صورتان: فيقصد بها جماع الزوجة المرضع ، ويقصد بها أيضا إرضاع الحامل ، والصورة الثانية مترتبة على الأولى .
وهي جائزة إن لم يتحقق تضرر الرضيع نتيجة تأثير الحمل على لبن الأم المرضعة , وإلا فإن تحقق الضرر للرضيع منعت ، فجماع الزوجة المرضعة غير ممنوع ولا يحرم ولا يكره شرعا ،إلا إذا تضرر الرضيع ، طالما أن الزوجة قد طهرت من النفاس بعد الولادة ولم يكن الجماع في وقت الحيض ، ولم يكن في الدبر ، بل في الفرج وقت الطهر.
وإذا كان هناك احتمال إضرار الحمل بالرضيع نتيجة تغير لبن المرضع بسبب الحمل؛ فيستحب أن يتخذ الزوجان وسيلة مناسبة غير ضارة من وسائل منع الحمل أثناء رضاعة المولود الصغير ، وإذا حدث حمل وأصبح اللبن يضر الولد فينبغي توقف الحامل عن إرضاع ولدها من لبنها .
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
تعريف الغيلة: من معاني الغيلة في اللغة : الخديعة . يقال : قتل فلان غيلة , أي : خدعة , وهو أن يخدعه فيذهب به إلى موضع , فإذا صار إليه قتله . والغيلة في كلام العرب : إيصال الشر والقتل إليه من حيث لا يعلم ولا يشعر . ومن معاني(12/526)
الغيلة في اللغة كذلك : وطء الرجل زوجته وهي ترضع , وإرضاع المرأة ولدها وهي حامل . ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي .
حكم الغيلة بالإرضاع أو الوطء :
كان العرب يكرهون وطء المرأة المرضع . وإرضاع المرأة الحامل ولدها , ويتقونه لأنهم كانوا يعتقدون أن ذلك يؤدي إلى فساد اللبن , فيصبح داء , فيفسد به جسم الصبي ويضعف , ولو كان هذا حقا لنهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم . قال صلى الله عليه وسلم : { لقد هممت أن أنهى عن الغيلة , فنظرت في الروم وفارس , فإذا هم يغيلون أولادهم . فلا يضر أولادهم ذلك شيئا } ومعنى هذا : لو كان الجماع حال الرضاع , أو الإرضاع حال الحمل مضرا . لضر أولاد الروم وفارس , لأنهم كانوا يصنعون ذلك مع كثرة الأطباء عندهم , فلو كان مضرا لمنعوهم منه , ولهذا لم ينه عنه صلى الله عليه وسلم . وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : { أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني أعزل عن امرأتي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم تفعل ذلك ؟ فقال : أشفق على ولدها , أو على أولادها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو كان ذلك ضارا ضر فارس والروم } وقال الفقهاء استنادا إلى حديث : { لقد هممت أن أنهى عن الغيلة . . . } , وحديث سعد بن أبي وقاص بجواز وطء المرأة المرضع وإرضاع المرأة الحامل ; لأنه لا ضرر من ذلك , ولو كان فيه ضرر لنهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم إرشادا . لأنه رءوف بالمؤمنين .
والله أعلم.
ــــــــــــــ
كيفية إثبات الرضاع الموجب للتحريم ... العنوان
أخى يرغب فى الزواج من فتاة ووالدتى تدعى أنها قد أرضعت والدة الفتاة رضعات مشبعات وأخى متخوف من أن تكون والدتى قد اختلقت موضوع الرضاعة لأنها رافضة لهذة الفتاة فماالحكم ؟أفيدونا أفادكم الله ... السؤال
20/11/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
إن الرضاع قضاء لا يثبت عند الحنفية إلا بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين كذلك ولا يقبل على الرضاع أقل من ذلك كما لا يقبل فىإثباته شهادة النساء بانفرادهن واحدة أو أكثر فإذا شهد به رجل واحد أو امرأة واحدة أو رجل وامرأة لم يثبت الرضاع باحدى هذه الشهادات إلا بتصديق الراضع فإن صدق ثبت التحريم بتصديقه لأن تصديقه بمثابة اقراره به واقراره به مع الاصرار عليه مثبت للحرمة
وكذلك يثبت التحريم إذا لم يصدق وكان المخبر معروفًا بالصدق والعدالة فإنه حينئذ لا يجوز النكاح لما نقله ابن عابدين فى حاشية رد المحتار: لو شهدت به امرأة قبل الزواج فهو فى سعة من تكذيبها لكن إن كان قبله والمخبر عدل لا يجوز النكاح .(12/527)
انتهى كلام الشيخ
وبناء على هذه الفتوى نقول للسائل عليك أن تتأكد من هذه المسألة عن طريق أم الفتاة أو غيرها ؛فإن كان هذا الرضاع قد وقع بالفعل فى وقت الرضاع -السنتان الأوليان - وكان خمس رضعات مشبعات وشهد به رجلان أو رجل وامرأتان فلا تستطيع أن تتزوج هذه الفتاة ؛أما إذا لم يقل بهذا الرضاع غير أمك فأنت مخير بين المضى فى هذه الخطبة وبين التوقف عنها ؛وإن كان الأفضل فى مثل هذه الأمور أن يبتعد المسلم عن مواطن الشك فربما تأكد هذا الخبر بعد البناء بها وإنجاب الأطفال فتصعب الفرقة ساعتها وتنهدم الأسرة .
والله أعلم
ــــــــــــــ
بنوك الحليب وحرمة الرضاع ... العنوان
نشأت فى الغرب كثير من بنوك الحليب التى تجمع اللبن من أمهات شتى بغرض استعماله فى إرضاع الأطفال فما حكم هذا العمل من ناحية الشرع ؟ وهل تثبت به حرمة الرضاع الطبيعى؟
... السؤال
26/08/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أما بعد:
فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الثاني 1406هـ/22-28 ديسمبر 1985م.
بعد أن عرض على المجمع دراسة فقهية، ودراسة طبية حول بنوك الحليب:
وبعد التأمل: فيما جاء في الدراستين ومناقشة كل منهما مناقشة مستفيضة شملت مختلف جوانب الموضوع تبين:
1 - أن بنوك الحليب تجربة قامت بها الأمم الغربية، ثم ظهرت مع التجربة بعض السلبيات الفنية والعلمية فيها فانكمشت وقل الاهتمام بها.
2 - أن الإسلام يعتبر الرضاع لحمة كلحمة النسب يحرم به ما يحرم من النسب بإجماع المسلمين. ومن مقاصد الشريعة الكلية المحافظة على النسب، وبنوك الحليب مؤدية إلى الاختلاط أو الريبة.
3 - أن العلاقات الاجتماعية في العالم الإسلامي توفر للمولود الخداج أو ناقص الوزن أو المحتاج إلى اللبن البشري في الحالات الخاصة ما يحتاج إ ليه من الاسترضاع الطبيعي، الأمر الذي يغني عن بنوك الحليب.
وبناء على ذلك قرر:
أولاً: منع إنشاء بنوك حليب الأمهات في العالم الإسلامي.
ثانيًا: حرمة الرضاع منها.(12/528)
والله أعلم.
ــــــــــــــ
الرضاعة من الزوجة ... العنوان
ماهو الحكم الشرعي فيمن يعاشر زوجته وهي في فترة رضاع ابنهما ويمتص حليبهابرغبتهما، ولكنهما يجهلان الحكم الشرعي لما قاما به , فهل تبين زوجته منه ؟ ... السؤال
01/02/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... لقد حدث هذا في عصر الصحابة أن واحداً من الصحابة في ملاعبته ومداعبته لزوجته امتص ثديها ورضع منها أي جاءه شيء من الحليب ثم راح استفتى سيدنا أبا موسى الأشعري فقال له: حَرُمت عليك، ثم ذهب إلى عبد الله بن مسعود فقال له: لا شيء عليك، لا رضاعة إلا في الحولين، الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم "الرضاع في الحولين"والله تعالى يقول (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) يعني الرضاعة المحرِّمة لها سن معينة هي السن التي يتكون فيها الإنسان وينبت اللحم ويشتد العظم في السنتين الأوليين ،وبعد ذلك لا عبرة بالرضاعة، فقال أبو موسى الأشعري: لا تسألوني وهذا الحبر فيكم، فللرجل أن يرضع من زوجته، هذا من وسائل الاستمتاع المشروعة ولا حرج فيها.
ــــــــــــــ
حكم الزواج من الأخت من الرضاع ... العنوان
أريد الزواج من فتاة يقال عنهاأنها رضعت من أمي، لكن أمي تقول أنها أرضعتها وأنها قد توقفت عن الرضاعة وعمرها حوالي عام ونصف العام، وأنها تتذكر أنها كانت ترضعها فقط لتسكتها، لكنها لا تتذكر إن كان لديها حليب وقتها أم لا؟ فما رأي حضراتكم في هذا السؤال؟ وبارك الله فيكم، ونتمنى أن تدوم وتكثر هذه المبادرة
بوقريط سامي من الجزائر
... السؤال
... ... الحل ...
...
... حرم الله عز وجل أن يتزوج الرجل أخته من الرضاعة، هذه الرضاعة المحرمة اختلف الفقهاء فيها، والصحيح عند الجمهور أنه إذا أرضعت امرأة أحد الطرفين خمس رضعات مشبعات في زمن الرضاعة أي في سنتين، فقد حرم أحدهما على الآخر؛ للأخوة في الرضاعة، أما إذا لم تكن هذه الأم تذكر عدد الرضعات فيكون من الأحوط ألا يتزوج أي منهما الآخر؛ لأننا في هذا الباب نأخذ بالاحتياط، كيف وقد قالت أنها أرضعتها ولكنها لا تتذكر؟، فيكفي أنها قد ارضعت، ولهذا أرى ألا يتزوج هذا الرجل من هذه المرأة التي رضعت من أمه
ــــــــــــــ(12/529)
حكم رضاعة الطفل المسلم من أمراة مسيحيه و بالعكس ... العنوان
ما حكم الشرع في رضاعة الطفل المسلم من امرأة مسيحية؟ وكذلك العكس إذا دعت الضرورة لذلك؟ ... السؤال
أ.د.محمود عكام ... المفتي
... ... الحل ...
...
... رضاعة الطفل المسلم من المسيحية أمر جائز، وبالتالي تأخذ المرأة هذه حكم الأم، ويغدو هذا الرضيع ولدها من الرضاع، وتنطبق عليها أحكام الأم بالرضاع؛ وبالتالي أيضًا يجوز للطفل غير المسلم –وإن كنت أعتقد أن كل طفل مسلم، سواء أكان أبواه مسلمين أو غير مسلمين-، على كلٍّ: يجوز أن يرضع الطفل غير المسلم –باعتبار والديه- من امرأة مسلمة، وتغدو هذه المرأة أمًّا له بالرضاع، وتنطبق عليه أحكام الأم في الرضاع، الواردة في القرآن والسنة
ــــــــــــــ
استثناءات الحرمة بين الرضاع والنسب ... العنوان
ورد حديث يقول " يَحْرُمُ من الرِّضَاع ما يحْرُمُ من النسب " ولكن فيه بعض مسائل مستثناة من هذه القاعدة، فما هي ؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... هَذَا الحديث رواه البخاري ومسلم، ولكن جاء في شرح الدردير لأقرب المسالك أن هناك ست مسائل مستثناة من هذه القاعدة وهي :
1 ـ أم الأخ أو أم الأخت؛ لأنها من النسب إما أمك وإما امرأة أبيك، وكلاهما محرمتان، لكن أم الأخ من الرضاع لا تحرم وكذلك أم الأخت .
2 ـ أم ولد ولدك من الرضاع؛ لأنها من النسب إما بنتك أو زوجة ولدك .
3 ـ جدة الولد من الرضاع؛ لأنها إما أمك أو أم زوجتك .
4 ـ أخت الولد من الرضاع؛ لأنها إما ابنتك وإما بنت زوجتك .
5 ـ أم عمك وعمتك من الرضاع؛ لأنها إما جدتك أم زوجة جدك .
6 ـ أم خالك أو خالتك من الرضاع؛ لأنها إما جدتك أم أمك أو زوجة جدك أبي أمك، " مجلة الإسلام ـ المجلد الرابع، العدد السابع عشر ".
ــــــــــــــ
الرضاع باللبن المجفف ... العنوان
هل لبن الأمهات إذا جُفِّفَ يَحْرُمُ به ما يَحْرُم بالرَّضاع من اللبن السائل؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... ثبت بالتحريم بالرَّضاع في القرآن والسنة، إذا كان في مدة الحَولَين، مع الاختلاف بين الفقهاء في عدد الرضعات التي يَثبُت بها التحريم.(12/530)
واللبن إذا كان سائلاً وأُخِذ من امرأة معلومة، ورَضَعه طفل معلوم ثَبت به التحريم، أما إذا جُهلت المُرضِع أو جُهل الرَّضيع فلا يَثبت التحريم، وكذلك الشك لا يُؤثر في ذلك؛ لأن الأصل عدمه.
وعليه إذا خُلِط لبن من نساء متعددات غير متعينات، ورَضَع منه طفل: هل يَثبت به التحريم أو لا؟ لقد أنشئ في بعض البلاد ما يُسمَّى ببنك اللبن، كما أنشئ بنك الدم، وكان العلماء في حكمه فريقين: الفريق الأول أخَذ بالاحتياط والورع وقال: لا يجوز إرضاع الأطفال منه؛ لأنه قد يَترتب عليه أن يَتزوج الولد من أخته أو من صاحبة اللبن وهو لا يَدري، والفريق الثاني: لم يجد سببًا للمنع والحكم بالحرمة؛ لأنها لا تَثبت إلا إذا عرفت الأم التي كان منها اللبن على اليقين، وعند الجهل لا تَثبت الحرمة، وإن كان من الورع الابتعاد عنه.
هذا، وقد أفتى الشيخ أحمد هريدي مفتي مصر سنة 1963م بأن التغذية بهذا اللبن المجموع في "بنك اللبن" لا يَثبت بها تحريم، وجاء في هذه الفتوى ما نصُّه: إنَّ اللبن المُجَفَّف بطريقة التبخير، والذي صار مَسحوقًا جافًّا لا يَعود سائلاً، بحيث يَتيسر للأطفال تَناولُه إلا بعد خلْطه بمقدار من الماء يكفي لإذابته، وهو مقدار يَزيد على حجم اللبن، ويُغير من أوصافه ويُعتبر غالبًا عليه، وبالتطبيق على ما ذَكَرنا من الأحكام لا يَثبت التحريم شرعًا بتناوله في هذه الحالة.
وقد انتهى إلى هذا الحكم بعد نقْل كثير من أقوال الفقهاء في مذهب الأحناف، تخريجًا على قواعدهم، وتوضيح ذلك في الجزء الأول من موسوعة "الأسرة تحت رعاية الإسلام" ص 370
ــــــــــــــ
الرضاع من ميتة ... العنوان
ما الحْكم لو رضع طفل من امرأة ميِّتة، هل يثبُت به التَّحريم أو لا يثبُت؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... معْلوم أنَّ الرَّضاع في الحوْلين يُثبت حُرمة بين الطفل وبين من رَضَعَ منها، وتمتدُّ الحُرْمَة إلى من يتصل بها على قاعدة "يَحْرُمُ مِنْ الرَّضاع ما يَحْرُمُ من النَّسب" مع الخلاف في عدد الرضعات التي تُسبب التحريم، والوسيلة التي وصل بها اللَّبن إلى جَوْف الطفل.
والرضاع من المرأة الميتة، إما أن يكون بعد موتها، بأن يُؤْخَذ منها اللَّبنُ أو يرضع منها الطفل وهي مَيِّتة، وإما أن يكون اللبن قد أُخِذَ منها قبل موْتها ثم رَضَعَه الطفل بعد أن ماتت، ففي الحالة الأولى يقول جمهور الفقهاء ـ الحنفية والمالكية والحنابلة ـ وأهل الظاهر: يقع التحريم برضاع اللبن المأخوذ من المرأة الميتة؛ لأن المقصود من اللبن التغذي وقد حصل، يستوي في ذلك أن تكون المُرْضِع حَيَّةًً أو مَيِّتةً، وأما الشافعية فيرون أن هذا الرضاع لا يُثْبِت التحريم؛ لأن اللبن من جثة مُنْفَكة عن الحِل والحُرْمة كالبهيمة "الخطيب ج 2 ص 183 والمغني ج 9 ص 198".
وفي الحالة الثانية التي حُلب فيها اللبن وهي حية ثم شربه الطفل بعد موتها، فالجميع متفقون على أنه يُثبت التحريم.(12/531)
ــــــــــــــ
الرضاع من ميتة ... العنوان
ما الحْكم لو رضع طفل من امرأة ميِّتة، هل يثبُت به التَّحريم أو لا يثبُت؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... معْلوم أنَّ الرَّضاع في الحوْلين يُثبت حُرمة بين الطفل وبين من رَضَعَ منها، وتمتدُّ الحُرْمَة إلى من يتصل بها على قاعدة "يَحْرُمُ مِنْ الرَّضاع ما يَحْرُمُ من النَّسب" مع الخلاف في عدد الرضعات التي تُسبب التحريم، والوسيلة التي وصل بها اللَّبن إلى جَوْف الطفل.
والرضاع من المرأة الميتة، إما أن يكون بعد موتها، بأن يُؤْخَذ منها اللَّبنُ أو يرضع منها الطفل وهي مَيِّتة، وإما أن يكون اللبن قد أُخِذَ منها قبل موْتها ثم رَضَعَه الطفل بعد أن ماتت، ففي الحالة الأولى يقول جمهور الفقهاء ـ الحنفية والمالكية والحنابلة ـ وأهل الظاهر: يقع التحريم برضاع اللبن المأخوذ من المرأة الميتة؛ لأن المقصود من اللبن التغذي وقد حصل، يستوي في ذلك أن تكون المُرْضِع حَيَّةًً أو مَيِّتةً، وأما الشافعية فيرون أن هذا الرضاع لا يُثْبِت التحريم؛ لأن اللبن من جثة مُنْفَكة عن الحِل والحُرْمة كالبهيمة "الخطيب ج 2 ص 183 والمغني ج 9 ص 198".
وفي الحالة الثانية التي حُلب فيها اللبن وهي حية ثم شربه الطفل بعد موتها، فالجميع متفقون على أنه يُثبت التحريم.
ــــــــــــــ
الرضاع وحقن اللبن ... العنوان
ما الحُكْمُ لو وصل لبن المرأة إلى الطفل بطريق الحُقْنَة وليس بطريق الرَّضاع، هل يَثْبُت به التحريم في الزواج؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... النصوص الواردة في القرآن والسُّنَّة عبَّرت بالرَّضاع، والرضاع معروف أنه مَصُّ اللَّبن من الثَّدي، أما وصول اللَّبن إلى الطفل بغير ذلك ففي حُكْمه خلاف، يرى الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة أن حُكْمَ الرَّضاع يَثبُت بمصِّ اللَّبن من الثدي، وبصبه في الفم، وهو ما يُعَبَّر عنه بالوجور، وكذلك بالسعوط وهو صبُّه في الأنف، ومثله ما لو عُمِل اللبن جُبْنًا وأكله الطفل، وأبو حنيفة يخالف في مسألة الجُبْن، لزوال اسم اللَّبن عنه.
أما داود وابن حزم الظاهريان فقصرا الرَّضاع المُحَرَّم على المَصِّ بالفم فقط، واستدل الجمهور بأن الغرض من الرَّضاع وهو طرد الجوع، وإنبات اللحم ونَشْز العَظْم يحصل بأية وسيلة تكون، كما جاء التعبير عن الغرض في أحاديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي رواها البخاري وغيره.
وإذا وصل اللبن إلى جوف الطفل بحقنة شَرَجِيَّة لم يَحْرُم عند أبي حنيفة ومالك وأحمد، ويَحْرُم عند الشافعي. كما يفطر به الصوم. وله رأي آخر كالجمهور؛ لأنَّ الحُقنة في الشرج ليست للتغذية ولكن للإسهال.(12/532)
ورأي الظاهرية مُعتمد على النص على الرَّضاعة وهي لا تكون إلا بمصِّ اللبن من الثَّدي، فهم مُلْتزمون بالنَّص، والآخرون ناظرون إلى الحِكْمَة، والوسائل في تغيُّر وتطوُّر.
ــــــــــــــ
الرضاع ... العنوان
كم عدد الرضعات التي تحرِّم الزواج وهل يشترط أن يكون في الصغر ... السؤال
... ... الحل ...
...
... هناك محرَّمات من النساء لا يجوز التزوج منهن، ومن أسباب التحريم الرضاع، كما قال تعالى فيمن حُرمن ( وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ ) (سورة النساء : 23) وإذا كانت الآية قد نصت على تحريم الأم والأخت من الرضاعة، فإن الحديث الذي رواه البخاري ومسلم " يحرُمُ من الرضاع ما يحرم من النسب " يدخل محرمات أكثر بسبب الرضاع كالعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت وغيرهن .
وقد ثبت في الحديث الذي رواه مسلم أنه " لا تحرِّم المصة ولا المصتان " وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها : كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يُحرمن ثم نُسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهن فيما يقرأ من القرآن . ومهما يكن من خلاف الفقهاء في عدد الرضعات فإن الفتوى في مصر على مذهب الإمام الشافعي، وهو خمس رضعات، والشرط أن يكن معلومات متيقنات، والشك لا يبني عليه التحريم، وليس للرضعة مقدار معين كما رآه الشافعي، واشترط الفقهاء أن يكون الرضاع في مدة الحولين، وذلك لقوله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما رواه الترمذي وصححه " لا تحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء وكان في الثدي قبل الفطام " وقوله كما رواه الدارقطني بإسناد صحيح " لا رضاع إلا فيما كان في الحَولين " .
وجمهور الفقهاء على أن الرضاع بعد الحولين أو ما قاربهما لا يثبت التحريم، غير أن هناك جماعة من السلف والخلف قالوا : الرضاع يحرم ولو كان الذي رضع شيخًا كبيرًا، وحجتهم في ذلك حديث رواه مسلم عن سهلة بنت سهيل التي قالت للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إني أرى في وجه أبي حذيفة وهو زوجها، من دخول سالم وهو حليفه، يعني يغار من دخول البيت ورؤيتها، فقال لها " أرضعيه تحرُمي عليه " فقالت وكيف أرضعه وهو رجل كبير ؟ فتبسم وقال " قد علمت أنه كبير " وظاهر هذا أن رضاع الكبير يثبت به التحريم، وعليها أن تتصرف في كيفية الرضاع، إما أن تحلب له اللبن ليشربه حتى لا يرى ولا يلمس شيئًا من جسمها، وإما أن يكون الرضاع المباشر من ثديها ضرورة والضرورات تبيح المحظورات .
وأكدت عائشة هذا الرأي لأم سلمة كما رواه مسلم، وفي رواية أبي داود أن عائشة كانت تأمر بنات إخوتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت هي أن يراها ويدخل عليها حتى لو كان كبيرًا، لتكون عائشة عمة الرضيع أو خالته، لكن سائر أزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يوافقنها على هذا الرأي، ويرين كما يرى الجمهور(12/533)
أن الرضاع المحرم لا يكون إلا في الصغر، وقلن لعائشة : لعل مسألة سهيلة وسالم كانت رخصة خاصة ليست لسائر الناس . والخلاصة :
أن لكل من الرأيين دليله ووجهة نظره، وقد ارتضى الفقهاء أن إرضاع الكبير لا يحرم الزواج، فلتكن عليه الفتوى .
ــــــــــــــ
رضاع المسلم من الكافرة ... العنوان
هل يحرم أن يرضَع مسلم من كافرة وهل يكون كافرًا لو رضع منها؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... الإنسان قبل البلوغ تابع في الدين لأشرف الأبوين دينًا، فإن كان أبوه مسلمًا وأمه يهوديّة أو نصرانيّة فهو مسلم، وإن كان أبوه مجوسيًّا وأمه يهوديّة أو نصرانيّة فهو يهوديّ أو نصرانيّ تبعًا لأمِّه؛ لأن دينَها أشرف من دين أبيه.
فإذا بلغ الصبي صار مكلّفا وجرى عليه هذا الحكم الذي كان عليه، فإذا تحول عنه صار مرتدًّا.
وكل ذلك في الأبوة والأمومة النسبيّة، أما الأبوة أو الأمومة بسبب الرضاع، وإن كانت لها أحكام في الزواج وما يتصل به، فلا ينسحب حكمها على الرضيع من جهة الدين ولا يحرم أن يرضع طفل مسلم من غير مسلمة لعدم وجود دليل على التحريم، وبخاصة إذا لم يوجد غيرها، وإذا رضع بقي على دينه مسلمًا. ولو رضع طفل مسيحي أو يهودي من مسلمة بقي على دين اليهودية أو النصرانية.
وعليه فالرّضيع المسلم من امرأة يهوديّة أو نصرانيّة يحرم عليه أن يتزوّج ممّن أرضعته؛ لأنها أمه من الرضاعة، والزواج منها محرّم، ويجوز له لمسها والجلوس معها في خلوة والنظر إلى غير ما بين السُّرة والركبة كأنّها أمه النسبيّة في هذه الأحكام أما دينه فلا يتأثر بهذا الرّضاع.
ــــــــــــــ
ما يثبت به الرضاع ... العنوان
ما هي الوسائل التي يثبُت بها الرضاع؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... لا شك أن الرَّضاع من مُوجبات التحريم في الزواج، بنص القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف. كما أنه يُحتاط في الأبضاع ما لا يُحتاط في غيرها.
وإذا كان هناك خلاف في عدد الرضعات المُحَرمة فإن الأحْوَط قبل الزواج أن يُؤخذ بالقول الذي يُحَرم برضعة واحدة، وإن جاز الزواج على أقوال أخرى، كما أن الأحوط بعد الزواج، وبخاصة إذا كانت هناك ذُرية، أن تبقى الأسرة على وضعها بناء على القول الذي لا يثبت التحريم إلا بخمس رضعات أو أكثر، وإن وجب التفريق على أقوال أخرى.
والمُلاحظ أن أمر الرضاع يَطلع عليه النساء أكثر من الرجال، ولذلك قَبِل فيه بعض الأئمة شهادة النساء دون حاجة معهن إلى الرجال، فيثبت بشهادة أربع نسوة.(12/534)
كما يلاحظ أن بعض النساء اللاتي لسن على الدرجة المطلوبة من خوف الله، إذا رَغِبْن في زواج رجلٍ وامرأة يُنْكِرن حدوث رضاع بينهما، وإذا لم يرغبن في هذا الزواج، سواء أكان قبل إتمامه أو بعده يُؤكدن أنه حدث بينهما رضاع ، وهنا تكون المُشكلة.
وقد تحدَّث العلماء عمَّا يثبُت به الرَّضاع، فقالوا يثبُت بالإقرار أو البَيِّنَة.
الإقرار:
يراد بالإقرار اعتراف الطرفين، أو أحدهما، وهذا الإقرار قد يكون قبل الزواج أو بعده.
1 ـ فإذا أقرَّ رجل بأن هذه المرأة أخته من الرَّضاعة فإن صدَّقته في إقراره ثبتت الحُرْمَة بينهما بهذا التصادق، سواء أكان قبل الزواج أو بعده، وكذلك إذا أقرت المرأة وصدَّقها الرجل.
وعند الافتراق قبل الدخول فلا شيء لها من المَهْر، وإن كان بعد الدخول وجب الأقل من المهر المُسمى ومهر المِثْل، وذلك شأن كلِّ نكاح فاسد أَعْقَبَه دخول، ولا تجب لها نفقة في عِدتها ولا سكنى.
2 ـ وإذا أقرَّ الرجل وكذَّبته المرأة ثبت التحريم أيضًا ووجب التفريق بعد الزواج، فإذا كان قبل الدخول وجب لها نصفُ المَهْرِ، وإذا كان بعد الدخول وجب المَهْرُ كلُّه، إذا كان مُسمى، كما أن لها النفقة والسكنى في مدة العِدة؛ لأن إقراره حُجَّة قاصرة عليه، ولا يتعدى إلى حقوق المرأة بالإبطال ما دامت مُكذبةً له.
فإذا رجع عن إقراره يُقْبَل رجوعه بشرط ألا يكون قد أَكَّدَ إقراره الأول بما يفيد اليقين، ولو كان رجوعٌ بعد العقد يبقى العقد قائمًا كما كان.
3 ـ وإذا أقرَّت المرأة بالرضاع وكذَّبها الرجل فلا يجوز لها أن تتزوجه فإذا رجعت عن إقرارها يجوز لها الزواج، أما إن كان الإقرار بعد الزواج وكذَّبها الزوج فلا عِبرة بإقرارها حتى لو أصرَّت عليه؛ لأنها مُتهمة فيه، فقد يكون لها غرضٌ في التخلُّص منه بهذا الادِّعاء، بخلاف إقراره هو فإنه يُقْبَل ولاعِبْرَة بإنكارها؛ لأنه غير مُتهم في إقراره بأنه يريد التخلُّص منها؛ لأن تخلُّصه منها مُمكن بالطلاق الذي يملكه، دون حاجة إلى الإقرار بالرضاع ولدوران الحُكم على التهمة لو كان أمرها بيدها في الطلاق تصدق في إقرارها بالرضاع.
الْبَيِّنَة
إذا كان هناك اتفاق بين العلماء على اعتبار الْبَيِّنَة في ثبوت الرضاع فإن بينهم خلافًا في قدر هذه البيِّنة والعدد الذي يُعتبر فيها.
فمنهم من اكتفى بشهادة النِّساء وَحْدَهُنَّ، وهؤلاء منهم من يكتفي بامرأة واحدة إذا كانت معروفة بالصِّدْقِ والعدالة ، ومنهم من يشترط العدد، وهو امرأتان على الأقل، ومنهم من يشترط أربع نساء، ومنهم من لا يكتفي بشهادة النساء وحدهن، فالرضاعة لا تثبت عندهم إلا برجلين، أو رجل وامرأتين.
1 ـ فالذين يكتفون بشهادة امرأة واحدة هم الحنابلة، وهو رواية عن مالك، وهذا القول مروي عن عثمان وابن عباس والزهري والحسن وإسحاق والأوزاعي ومروي كذلك عن أبي عبيد إلا أنه قال: يجب على الرجل أن يعمل بقول المرأة(12/535)
فيفارق زوجته، لكن لا يجب على الحاكم أن يحكم بشهادتها وحدها إذا رُفِعَ الأمر إليه. واستدلَّ هؤلاء بحديث رواه البخاري وغيره أن عُقبة بن الحارث تزوج أم يحيى بنت إهاب، فجاءت بأَمَة سوداء وأخبرتهما بأنها أرضعتهما، ولما رُفِع الأمر إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمره أن يفارقها على الرغم من أن عُقبة يظنها كاذبة، ولما كرَّر عُقبة على الرسول هذا الخبر قال له: "كيف وقد قيل، دعها عنك".
فدلَّ هذا على أن الزواج وَقَعَ فاسدًا وتجب المُفارقة. ولو كان قد وقع صحيحًا وأراد له النبي أن يفارقها استحبابًا لا وجوبًا لقال له: طلِّقها، ولم يقُل له ذلك.
ثم قال أصحاب هذا الرأي، ردًا على من يشترطون العدد في الشهادة إن قوله تعالى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَينِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَينِ فَرَجُلٌ وَامْرَأتَانِ مِمَّنْ تَرْضَونَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) (البقرة: 282) قول عام يُخَصَّص بحديث عُقبة المذكور.
وردوا أيضًا على ما رُوي أن عليًا وابن عباس والمُغيرة لم يُفَرِّقوا بين الزوجين بسبب شهادة واحدة على الرضاع بأن المُقرر أن أقوال بعض الصحابة ليست بحُجَّة عَلَى فرض عدم مُعَارضتها لما ثبت عن الرسول، فكيف تكون حُجَّة وهي معارضة لما ثبت عنه.
2 ـ والجمهور على عدم الاكتفاء بشهادة واحدة على الرضاع، ومن هؤلاء من اكتفى بشهادة امرأتين، وهو الإمام مالك ومنهم من اشترط أن يشهد رجلان أو امرأتان وهو أبو حنيفة ، ومنهم من أجاز الشهادة من أربع نسوة وهو الشافعي.
هذا، وقد قال الشوكاني في نيل الأوطار، (ج 6 ص 338) : حُكي في البحر عن الهادوية والشافعية والحنفية أنه يجب العمل بالظن الغالب في النكاح تحريمًا، ويجب على الزوج الطلاق إن لم تكتمل الشهادة، بدليل حديث الأَمَة التي شَهِدَتْ برضاع عُقبة وأم يحيى، وقال الإمام يحيى: الخبر محمول على الاستحباب، ويمكن الرجوع في ذلك إلى كتاب "أحكام الأسرة في الإسلام" للدكتور محمد شلبي.
ــــــــــــــ
مدة الرضاع ... العنوان
ما حُكْمُ من يرضع وسِنُّه أكبر من سنتين، هل يَثْبُت التحريم برضاعه؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... اتفق الفقهاء على أن الرَّضاع المُثْبِت للتحريم يكون في مُدة الرَّضاع ولو رَضَعَ بعد ذلك لا يَثْبُت برضاعه تحريمٌ، ولم يُخالف أحد من العلماء في ذلك، لكن جاء أن السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ تُثْبِت به التحريم، وتبعها داود الظاهري وابن حزم في ذلك.
وما هي مدة الرَّضاع التي يَثْبُت التحريم في أثنائها؟ الاتفاق بين الأئمة على أنَّ الرَّضاع في الحَوْلَيْن يُثْبِت التحريم، إذا كان الطفل لم يُفْطَم، أما إذا فُطِمَ في أثناء الحَوْلَيْن، ورضع قبل انتهائهما، أو رضع بعد الحَوْلَيْن، أو رضع وهو كبير ففيه خلاف.(12/536)
أما رضاع الكبير الذي جاوز ثلاثين شهرًا فالكُلُّ مُتَّفِق على أنه لا يَثْبُت به تحريم، وخالف في ذلك أهل الظاهر كما سبق ذكره، فإن لم يجاوِِز الثلاثين شهرًا ورضع ثَبت برضاعه التحريم حتى لو فُطِمَ قبل الرَّضاع على رأي أبي حنيفة؛ لأنَّ المُدة عنده ثلاثون شهرًا بناءً على قوله تعالى: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا) (سورة الأحقاف : 15) حيث فسَّر الحَمْل بالحَمْل باليد وفي الحِجْر، وليس حمل الجنين في البطن، وأما قوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ) (سورة البقرة: 233)، فمحلُّّه عند تنازع الوالدين على أُجْرة الرضاع عند الطلاق، وقال بعض الأحناف: إنَّ المُدة ثلاثة أعوام وأبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة قالا: المدة حولان تكمُل ثلاثين شهرًا مع مُدة الحَمْل وهي ستة أشهر، ويُقال: إن أبا حنيفة رجع عن قوله ليطابق قول الصاحبين وقول سائر الأئمة في أن من جاوز الحَوْلَيْن لا يَثْبُت برضاعه تحريم.
وأجابوا عن رأي عائشة الذي تابعها فيه داود وابن حزم بأنه منسوخ بحديث "لا رضاع إلا ما كان في الحَوليْن" رواه الدارقُطني.
والمالكية زادوا على الحَوليْن شهرًا أو شهرين ما دام الطفل يعتمد على الرضاعة، أو يتناول معه شيئًا يَضُرُّه الاقتصار عليه، ولو فُطِم يومًا أو يومين ثم عاد إلى الرضاعة يثبت التحريم. والشافعية جعلوا المُدة حَوليْن قَمريين، وكذلك قال الحنابلة وذكر الشوكاني "نيل الأوطار ج 6 ص 333" تسعة أقوال في تقدير المدة يَرجع إليها من شاء.
وأما رأي الظاهرية وابن حزم فمُعْتَمِد على حديث رواه مسلم وأحمد أن أمَّ المؤمنين أم سلمة قالت لعائشة ـ رضي الله عنهما ـ إنه يدخل عليك الغُلام الأيْفَع ـ المُقارب للبلوغ ـ الذي ما أُحِبُّ أن يدخل عليَّ، فقالت عائشة: أمَا لك في رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أُسْوَة حَسَنة؟ وقالت: إن امرأة أبي حذيفة قالت: يا رسول الله إن سالمًا يدخل عليَّ وهو رجل، وفي نفس أبي حذيفة منه شيء، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "أرضعيه حتى يدخل عليك" وفي رواية عن أم سلمة أنها قالت: أبى سائر أزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يُدْخِلْن عليهن أحدًا بتلك الرضاعة، وقلن لعائشة: ما نرى هذا إلا رُخْصة أرخصها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لسالم خاصة، فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا. ولم يأخذوا بخصوصية ذلك لسالم موْلى أبي حذيفة، فهو رأي وليس حديثًا لكن الجمهور قال: إن هذه خصوصية، والحُكْم العام هو عدم تحريم رضاع الكبير، والشوكاني في نيل الأوطار: "ج 6 ص 332" تحمَّس لرأي ابن حزم وقال: إنه مذهب علي بن أبي طالب.
ــــــــــــــ
بنت الأخت من الرضاعة محرمة ... العنوان
السلام عليكم، أعلم أن بنت الأخت من الرضاعة محرمة، ولكن كلمة الرضاعة هنا تعود على البنت أم الأخت، بمعنى أود الارتباط بفتاة، ولكن أختي شقيقتي قامت بإرضاعها رضاعة كاملة، أي تعدت الخمس رضعات، فهل تحل لي هذه الفتاة، أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرًا.(12/537)
... السؤال
الأستاذ الدكتور /رفعت فوزي عبد المطلب ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أختك أرضعت هذه الفتاة فصارت أمًا لها، وهي ابنتها من الرضاعة، وصرت أنت خالاً لها، وكما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب"، فإذا كان الخال من النسب يحرم أن يتزوج بنت أخته من النسب، وكذلك يحرم عليه أن يتزوج بنت أخته من الرضاعة.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
الرضاعة من الجدة ... العنوان
ما حكم الرضاعة من الجدة التي لم تنجب منذ بضع سنوات؟
وهل ما في ثديها من لبن يحرم على المرضع ما تحرمه الرضاعة؛ حيث يفرز ثديها بعض الإفرازات؟
... السؤال
أ.د.أحمد يوسف سليمان ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا كان ما يفرزه صدر هذه الجدة هو لبن بالفعل، ويمكن معرفة ذلك طبيًا وواقعيًا وتجريبيًا، فإنها إذا أرضعت بهذا اللبن طفلاً دون السنتين من عمره خمس رضعات متفرقات صارت أمًّا له في الرضاعة، ويترتب على ذلك كل ما يترتب على الرضاعة من التحريم، أما إذا كان ما تفرزه صدر هذه السيدة ليس لبنًا فإنه لا يترتب عليه شيء، والأحوط البعد عن هذه الرضاعة التي قد يترتب عليها التحريم.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
رضاعة الجدة ... العنوان
تزوجت الزواج الأول ولدي 2، وتزوجت الزواج الثاني ولدى 7 الموضوع: ابنتي من الزواج الأول رضعت من أمي وهي جدتها لا نعرف عدد الرضاعات. السؤال: هل رضاعة الجدة يقطع زواج أبناء إخوتي من ابنتي من الزواج الثاني.
... السؤال
- أ.د السيد نوح أستاذ علوم الحديث ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد..(12/538)
رضاعة ابنتك من الزواج الأول من الجدة لا يقطع زواج أبناء إخوتك من ابنتك من الزواج الثاني؛ لأنهما لم يلتقيا على ثدي واحد، وأما عدد الرضعات فخلاف بين العلماء منهم من يقول رضعة واحدة تكفي استنادًا إلى قوله سبحانه: "وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة" دون أن يحدد العدد، والنبي –صلى الله عليه وسلم-: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"، ومنهم من يقول: خمس رضعات مشبعات لحديث: "خمس رضعات يحرمن"، والأحوط للمسلم إزاء هذا الخلاف أن يأخذ بالأدنى درءاً للوقوع في المحظور؛ إذ في الحديث "فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"، وأيضًا "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"، والله أعلم.
ــــــــــــــ(12/539)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
أحكام الصداق
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(13/1)
لديه مطعم يبيع فيه الخمر وأعطاها مؤخر الصداق من هذا المال
سؤال:
قبل فترة كنت مخطوبة لشخص يعمل في دولة أجنبية وكان له شركة استيراد وبعد 3 أشهر فتح مطعما عربيا وكان يبيع فيه الخمر ويشربه فهل ما أعطاني إياه من المؤخر بعد الطلاق حرام ؟ ملاحظة ( لم أكن أعلم عندما جاء لخطبتي بأنه يشرب الخمر ولا يصلي , فقد قال لي بأنه يصلي وقد اعتمر مرتين).
الجواب:
الحمد لله
لا حرج عليك فيما أخذت من مؤخر الصداق ولو كان مال زوجك على ما ذكرتِ ، وذلك لأمرين :
الأول : ما قرره أهل العلم من أن مال الشخص إذا اختلط فيه الحلال بالحرام ولم يتميز ، جازت معاملته بالبيع والشراء والقرض وغير ذلك، كما يجوز الأكل منه . وقد تعامل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع اليهود ، وأكلوا من طعامهم ، مع أن أموالهم لا تسلم من الحرام ؛ لأخذهم الربا وأكلهم أموال الناس بالباطل ، والمقصود بعدم تميز الحلال من الحرام ، أن مال زوجك – مثلا- يجتمع فيه ثمن الخمر ، مع ثمن الأطعمة والأشربة المباحة ، ويختلط هذا بهذا .
الثاني : ما ذهب إليه بعض أهل العلم من أن المال المحرَّم لكسبه ، يحرم على كاسبه فقط ، ولا يحرم على من أخذه منه بطريق مباح .
وهذا المال الذي اكتسبه زوجك من بيع الخمر ، هو محرم بسبب كسبه الخبيث ، فهذا يحرم على زوجك فقط ، أما الصداق الذي أخذتيه منه فهو حلال لك .
قال الشيخ ابن عثيمين : " وأما الخبيث لكسبه فمثل المأخوذ عن طريق الغش ، أو عن طريق الربا ، أو عن طريق الكذب ، وما أشبه ذلك ؛ وهذا محرم على مكتسبه ، وليس محرما على غيره إذا اكتسبه منه بطريق مباح ؛ ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود مع أنهم كانوا يأكلون السحت ، ويأخذون الربا ، فدل ذلك على أنه لا يحرم على غير الكاسب " انتهى من "تفسير سورة البقرة" (1/198).
والحاصل أن أخذك الصداق من هذا المال مباح ولا حرج فيه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
عقد عليها ولم يوفر لها سكنا ويريد الاستمتاع بها
سؤال:
لقد تمت خطوبتي على شاب منذ عامين وبعد عام من الخطوبة عقد قراني عليه لحين تجهيز منزل الزوجية . ومشكلتي معه :
أنه يريد أن يحصل بينا معاشرة زوجية كاملة ولكن دون الدخول وإن رفضت يهددني بأنه سيخونني إن لم استجب له .(13/2)
أنه كثير الشك فيَّ لدرجة أنة منعني من الخروج والتحدث مع أصدقائي وجعلني أترك العمل بحجة أن في ذلك حفاظاً عليَّ من الوقوع في الحرام ، مع العلم أني لم أفكر يوماً بما يفكر فيه.
وهو كذلك لا يحترم أهلي ودائماً يشتمهم ويسبهم ، ويتهمهم بعدم تربيتهم لي تربية جيدة ، وفي المقابل يريدني أن أذهب إلى أمه وأرضيها وإذا حصل منها خطأ علي فلا بد من الاعتذار لها حتى ترضى .
مع العلم أنه حتى الآن لم يقم بتجهيز أي شيء في المنزل ودائماً يتعذر بأوضاعه المادية السيئة . ولما كنت في عملي كان نصف راتبي تقريباً أصرفه عليه ويلزمني بشراء هدايا لأهله فهل له الحق في هذا ، وهل علي شيء في حال عدم استجابتي لما يأمرني به . مع العلم أن أهلي وجميع من حولي يرون أنه غير مناسب لي .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
إذا تم العقد أو ما يسمى بكتب الكتاب ، فقد صرت زوجة له ، ويباح للزوج أن يستمتع بزوجته كيفما شاء ، لكن لها أن تمتنع من تسليم نفسها له حتى يدفع لها المهر المعجل ، ويجهز لها منزل الزوجية المناسب .
وقد نقل ابن المنذر رحمه الله إجماع العلماء على أن للمرأة أن تمتنع من دخول الزوج عليها , حتى يعطيها مهرها . "المغني" (7/200) .
وذكر الكاساني في "بدائع الصنائع" (4/19) أن المرأة لها أن تمتنع من تسليم نفسها لزوجها حتى يوفر لها سكنا
هذا هو الحكم الشرعي في المسألة .
والذي نخشاه أن يكون هذا الزوج غير جاد في توفير السكن والسعي إلى الاستقرار فيه وبناء الأسرة ، وأنه يكتفي بتحصيل متعته من اللقاء بك . ولذلك ننصحك أن لا تلبي طلبه وألا تمكنيه من الاستمتاع ، حتى يوفر لك السكن ، وفي هذا حث له على الاهتمام والتعجيل بالدخول ، وحفظ لك ، فإنه قد يقع الجماع ، بإلحاح منه ، وضعف منك ، ويحصل الحمل ، ويترتب على ذلك آثار سيئة في حالة الطلاق أو تأخر الدخول المعلن أمام الناس .
ثانيا :
إذا كان عملك مباحا سالما من المحرمات ، فلا ننصحك بتركه ، وليس للزوج أن يمنعك منه ما دام قد عقد عليك وأنت تمارسين هذا العمل ولم يشترط عليك تركه . وعلى أقل الأحوال فإنه ينبغي أن تحتفظي بعملك وإن انقطعتِ عنه مؤقتا ، بأخذ أجازة ، إلى أن يتبين لك حال زوجك
ثالثا :
ينبغي الاهتمام والنظر في دين الزوج وخلقه ومحافظته على الصلاة وبعده عن المحرمات ، والذي ظهر لنا من سؤالك أنه ليس بالرجل المرضي من هذا الجانب ، ولهذا سهل عليه أن يسب والديك ، بل وسهل عليه أن يهددك بأنه سيخونك !! ولا ندري كيف يصدر مثل هذا الكلام من رجل عاقل يقدر الأمور ، فهل يصح أن يكون(13/3)
هذا وسيلة للضغط على الزوجة ؟ يهددها أن يرتكب الزنا عقوبةً لها ! إن هذا ليدل على نقصان كبير في الدين والعقل .
ولو أنا استُشرنا في أمر الزواج منه قبل أن يتم العقد لأشرنا عليك بعدم الزواج ، لكن ما دام الأمر قد حصل ، فإننا نقول : إن كان متهاونا بالصلاة ، فينبغي أن تنصحي له المرة بعد المرة ، فإن لم ينصلح حاله ، فاسعي للفراق منه ، فإنه لا خير لك في زوج متهاون بالصلاة .
رابعا :
إذا تبين لك أنه زوج متلاعب غير جاد في تجهيز المسكن ونحوه ، وأنه قد يسيء إليك وإلى أهلك ، - حتى لو كان من أهل الصلاة - فإنا ننصحك بمفارقته ، ولو أن تخالعيه بالتنازل عن بعض حقك .
وقد ذكرت أن أهلك وجميع من حولك يرون أنه غير مناسب لك ، ونظرة الأهل في هذه الأمور – غالباً – تكون أقرب إلى الصواب ، لأنهم ينظرون إلى الأمر بنوع من التعقل ، بعيداً عن العاطفة التي قد تعمي صاحبها عن الحق أحياناً ، مع علمهم وخبرتهم بمثل هذه الأمور ، ولذلك نرى أن تناقشي الأمر مع أهلك ، وتعملي بما يشيرون عليك ، مع استخارة الله تعالى ، فإنه ما خاب من استخار ، ولا ندم من استشار .
نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك ، ويذهب همك ، ويقضي لك الخير حيث كان .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
طلقها مقابل نصف المهر بعد أن قذفها فهل له الحق في هذا المال ؟
سؤال:
إنني فتاه ملتزمة ، ولله الحمد ، ولقد حدثت بيني وبين زوجي - الذي لي منه ابنة - مشكلة ذهبت بسببها إلى بيت والدي ؛ حيث إنه شك فيَّ واتهمني في عرضي وشرفي بدون أي أسباب مقنعة ، ثم يعتذر ، ويرجع مرة أخرى للاتهامات ، وتكرر ذلك منه عدة مرات ؛ مما أكد لي أن به مرض الوسواس ، فلم أعد أحتمل ، فذهبت إلى أهلي ، وبعد ذهابي إليهم مكثت عندهم أربعة أشهر ، لم يزدد فيها زوجي إلا عناداً وإصراراً على موقفه بدون إثبات أي دليل ضدي ، وبعدما ذهب إليه أخي للتفاهم معه وجده مصرّاً على موقفة ، وأنه يطلب مني أن أستتاب ، وازداد الموقف سوءًا بينهما ، وأساء إلى والدي وإلى تربيته لي ، عندها أصرَّ أخي ووالدي على طلاقي منه ، وإلا فسوف يحيل مشكلتنا للقضاء ، وعليه أن يثبت ما لديه من اتهامات ضدي ، فطلب زوجي مقابل طلاقه لي نصف المهر ، ولكن بعد فترة طلقني من غير أن نعطيه أي مبلغ ، وسكت هو عن ذلك ، ولم يعد يطالب مرة أخرى بالمال .
والآن ، قد عوضني الله بزوج آخر ملتزم ، ولله الحمد ، وقد نبهني زوجي الثاني إلى أنه قد يكون لزوجي الأول مال لدي ، وبسبب خشيتي من الحرام وأكل مال الناس وحقوقهم ، أرجو إفتائي في هذا الأمر ، مع العلم أنني لا أملك ذلك المال ،(13/4)
وأنني لم أطالبه بأي مصاريف لابنته ، وهو أحيانا يرسلها ، وأحيانا لا يرسل ، فهل له أي حق مالي عندي ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
قذف الزوج زوجتَه واتهامها بشرفها من كبائر الذنوب ، وهو موجب للحدِّ ورد شهادته ، ولا بدَّ له من بينة شرعية لإثبات الفاحشة ، أو يلاعن .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
إذا قذف زوجته المحصنة وجب عليه الحد , وحُكم بفسقه , وردِّ شهادته , إلا أن يأتي ببيِّنة أو يلاعن , فإن لم يأت بأربعة شهداء , أو امتنع من اللعان : لزمه ذلك كله ، وبهذا قال مالك ، والشافعي ...
[ ويدل لذلك ] : قول الله تعالى ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) ، وهذا عام في الزوج وغيره , وإنما خص الزوج بأن أقام لعانه مقام الشهادة في نفي الحد والفسق ورد الشهادة عنه .
وأيضا : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( البيِّنة وإِلاَّ حدٌّ في ظَهْركِ ) ، وقوله لما لاعن : (عَذابُ الدنْيا أَهْونُ مِنْ عَذابِ الآخِرَة ) ؛ ولأنه قاذف يلزمه الحد لو أكذب نفسه , فلزمه إذا لم يأت بالبينة المشروعة ، كالأجنبي . " المغني " ( 9 / 30 ) .
وعليه : فالواجب على الزوج أن يتقي الله تعالى في نفسه وفي زوجته ، وعليه أن يكف عن الكلام المسيء ، والكلام على زوجته طعن في شرفه وعرضه هو ، وعليه أن يكذِّب نفسه ويبرئ زوجته مما افتراه عليها ، فإن لم يفعل فإنه مستحق لما رَّتبه الله تعالى على فعله من الحد ورد الشهادة والفسق ، ولها حق طلب الطلاق منه ، وعليه أن يؤدي لها حقوقها كاملة .
ثانياً :
التضييق على الزوجة باتهامها بالباطل وإيذائها وضربها لتتنازل عن مهرها أو عن شيء منه يسمى " العضل " ، وهو محرَّم إلا أن تأتي بفاحشة مبينة ، فإن فعل الزوج فإنه غير مستحق لما تتنازل عنه زوجته ، ويجب عليه أن يرجعه لها ، وإن رفض تطليقها فلها أن تفتدي نفسها منه وتتنازل عن مهرها أو أقل أو أكثر ، فإن كان كاذبا ظالماً فما أخذه منها سحت وحرام ، وإن كان صادقاً فما أخذه حلال له ، على أن يُثبت ما يستوجب الحد بشهود أربعة أو ملاعنة ، وهذا في حال أنه يشهر بها ويقذفها علانية ، أما إذا رأى فاحشة عليها فيما بينه وبين ربه ، فإن له أن يعضلها ليضيق عليها لتفتدي نفسها .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
عن رجل اتهم زوجته بفاحشة ؛ بحيث إنه لم ير عندها ما ينكره الشرع ، إلا ادَّعى أنه أرسلها إلى عرس ثم تجسس عليها فلم يجدها في العرس ، فأنكرت ذلك ، ثم إنه أتى إلى أوليائها وذكر لهم الواقعة ، فاستدعوا بها لتقابل زوجها على ما ذكر ، فامتنعت خوفا من الضرب فخرجت إلى بيت خالها ، ثم إن الزوج بعد ذلك جعل(13/5)
ذلك مستندا في إبطال ، حقها وادعى أنها خرجت بغير إذنه ، فهل يكون ذلك مبطلا لحقها ، والإنكار الذي أنكرته عليه يستوجب إنكارا في الشرع ؟ .
فأجاب :
قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) فلا يحل للرجل أن يعضل المرأة بأن يمنعها ويضيق عليها حتى تعطيه بعض الصداق ، ولا أن يضربها لأجل ذلك ، لكن إذا أتت بفاحشة مبينة كان له أن يعضلها لتفتدي منه ، وله أن يضربها ، وهذا فيما بين الرجل وبين الله .
وأما أهل المرأة فيكشفون الحق مع من هو ، فيعينونه عليه فإن تبين لهم أنها هي التي تعدت حدود الله وآذت الزوج في فراشه ، فهي ظالمة متعدية فلتفتد منه ، وإذا قال إنه أرسلها إلى عرس ولم تذهب إلى العرس فليسأل إلى أين ذهبت ، فإن ذكر أنها ذهبت إلى قوم لا ريبة عندهم وصدقها أولئك القوم ، أو قالوا لم تأت إلينا ، وإلى العرس لم تذهب ؛ كان هذا ريبة ن وبهذا يقوى قول الزوج .
وأما الجهاز الذي جاءت به من بيت أبيها ، فعليه أن يرده عليها بكل حال ، وإن اصطلحوا فالصلح خير .
ومتى تابت المرأة جاز لزوجها أن يمسكها ولا حرج في ذلك ، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له .
وإذا لم يتفقا على رجوعها إليه فلتبرئه من الصداق وليخلعها الزوج ؛ فإن الخلع جائز بكتاب الله وسنة رسوله كما قال الله تعالى ( فان خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) .
" مجموع الفتاوى " ( 32 / 283 ، 284 ) .
ثالثاً :
والذي يظهر لنا أنه لا حق له عندكِ ، وأن ما طلبه من نصف المهر ليس حقّاً شرعيّاً له ، ويبدو أنه راجع نفسه أو أن أحداً أخبره بذلك ، ولذلك لم يطالب به ، كما أنه قد يكون جعل نصف المهر مقابل رعايتك لابنته ونفقتك عليها .
وبكل حال : فهو لم يأتِ بشهود على ما قذفك به ، ولم يلاعن ، ولم يرَ شيئاً يجعله غير آثم بينه وبين ربه ، وكل ذلك يجعل الحق لكِ لا له – بحسب سؤالك وما جاء فيه - ، فليس له ما اشترطه من نصف المهر .
وبارك الله لك في زوجك الجديد الذي يسره الله لكِ ؛ وجزاه خيرا على ما وجهك للسؤال والاستفسار عن حقوق زوجك الأول ، وهو يدل على خلق عظيم ودين متين .
نسأل الله أن يجزيه خير الجزاء ، وأن يجعله خير خلَفٍ لك ولابنتك ، وأن يجمع بينكما في خير ، وأن يرزقكما ذرية طيبة .
ونسأل الله تعالى أن يوفق زوجك الأول للتوبة الصادقة ، وأن يشفيه إن كان مريضاً ، وأن يخلف عليه خيراً .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(13/6)
ـــــــــــــــــــ
أحكام ما قبل الدخول على الزوجة وهل يحرم الجماع بعد العقد ؟
سؤال:
سمعت بعض الناس وقد سأله شاب : ما هي حقوق العاقد ؟ فأجاب : قال تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) , فهنا فرَّق الله بين التي دخلتم بها والتي لم تدخلوا بها ، فلا يحل للعاقد أي شئ من جماع ولمس .
وقد اطلعت أنا من قبل على أنه يجوز للعاقد فعل كل شئ لأنها زوجته وأيضا إذا حملت الزوجة قبل الزفاف يكون الطفل شرعيّاً وله حق الميراث . فهل استدلال هذا المجيب صحيح ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لم يُصب ذلك المتحدث الذي ذكرتَه لا في الحكم ولا في الاستدلال ، فالآية التي استدل بها هي في بيان المحرمات في النكاح على الرجل ، وقد ذكر الله تعالى أنه يحرم التزوج بالأمهات والبنات والعمات ، وممن ذكر الله تعالى في المحرمات : بنات الزوجة المدخول بها ، وأن الرجل إذا عقد على امرأة وعندها ابنة ثم فارقها قبل الدخول فإنه يحل له الزواج بابنتها ، أما إن فارق الأم بعد الدخول عليها فإنه لا تحل له ابنتها ، بل هي حرام عليه حرمة أبدية .
هذا هو معنى الآية ، ولا علاقة للآية بما يجوز وما لا يجوز للزوج من زوجته المعقود عليها ، بل الآية في بيان المحرمات في النكاح ، وأن تحريم الربيبة – ابنة الزوجة – مشروط بالدخول بأمها ، وأنه إن لم يدخل بها فإنها تحل له في النكاح .
والواجب على كل من سئل عن شيء لا يعلمه أن يقول " لا أدري " ، ولا يحل لأحدٍ أن يتقول على الشرع ما لم يقل ، ولا أن يحرم ما أحل الله ، ولا يحل ما حرَّم .
قال الله تعالى : ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا ) الإسراء/36 ، وقال عز وجل : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 .
ثانياً :
وأما العاقد على زوجته فإنه يحل له منها كل شيء ، فهي زوجته ، وهو زوجها ، إن ماتت ورثها ، وإن مات ورثته واستحقت المهر كاملاً ، لكن الأفضل لمن عقد أن لا يدخل حتى يُعلن ذلك , لما قد يترتب على الدخول قبل الإعلان من مفاسد كبيرة ، فقد تكون الزوجة بكراً فتفض بكارتها ، وقد تحمل من هذا الجماع ثم يحصل طلاق أو وفاة ، وسيكون هذا مقلقاً لها ولأهلها ، وسيسبب حرجاً بالغاً ، لذا فإن للعاقد أن(13/7)
يلمس ويقبل زوجته ، لكن يمنع من الجماع لا لحرمته , بل لما يترتب عليه من مفاسد .
ولمزيد فائدة يرجى النظر في جواب السؤال رقم : ( 3215 ) .
ثالثاً :
وعدم الدخول بالزوجة يتعلق به بعض الأحكام العملية .
منها : العدة ، فمن طلَّق زوجته قبل الدخول فلا عدة عليها ؛ لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا ) الأحزاب/49 .
ومنها : المهر ، فمن طلَّق امرأته قبل الدخول بها فإنها تستحق نصف المهر المسمّى ؛ لقوله تعالى : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) البقرة/237 ، وفي حال عدم تحديد المهر فإنها تستحق متعة على قدر سعته ؛ لقوله تعالى ( لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) البقرة/236 ، وأما في حال الوفاة : فإنها تستحق المهر كاملاً إن كان محدداً , وتستحق مهر المثل إن لم يكن تم الاتفاق على مهر محدد .
فعن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه : أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها حتى مات , فقال ابن مسعود : لها مثل صداق نسائها , لا وكس ولا شطط , وعليها العدة , ولها الميراث ، فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق - امرأة منَّا - مثل الذي قضيتَ ، ففرح بها ابن مسعود . رواه أبو داود (2114) والترمذي (1145) والنسائي (3355) وابن ماجه (1891) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1939) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
في بلادهم يُعطى الزوج مهراً!
سؤال:
أريد أن أسأل عن شيء يتعلق بالمهر ، ويحصل ذلك في بعض البلاد ، خاصة في الولايات الهندية ( مثل كيرلا ، وتاميل نادو .. الخ) ، فمثلاً : نحن نعطي عريس أختنا مئة ألف روبية و75 بافن من الذهب ( حيث يعادل البافن الواحد 4 غرامات من الذهب ) وهذا يحصل بشكل واسع في ولايتنا بين المسلمين ، وأريد أن أعرف ما إذا كان ذلك جائزاً في الإسلام أن يطلب أو يعطى هذا القدر الكبير من المال والذهب ، أريد أن أخبرك المزيد حول هذا الموضوع : مئة ألف روبية و75 بافن هو أقل مهر في كيرلا ، إلا أن المهر فيما بين العوائل الغنية هو خمسمائة ألف روبية و500 بافن وسيارة أجنبية الصنع إضافة إلى قطعة أرض .. الخ .
هل هذا يجوز ؟ وهل تقترح لنا حلا للمشكلة ؟.(13/8)
الجواب:
الحمد لله
أمر الله عز وجل في كتابه الكريم الأزواجَ من الرجال بأن يعطوا النساء مهورهن , فقال عز وجل : ( وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) النساء/4 .
قال الطبري رحمه الله :
" يعني بذلك تعالى ذِكره : وأعطوا النساء مهورهن عطية واجبة وفريضة لازمة " .
وقال أيضاًَ :
" عن قتادة : ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) يقول : فريضة ، وعن ابن جريج : ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) قال : فريضة مسماة ، وعن ابن زيد في قوله ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) قال : النِّحلة في كلام العرب : الواجب " انتهى .
" تفسير الطبري " ( 4 / 241 ) .
فالله تعالى قد أوجب المهر على الرجل أن يُعطيه للمرأة وليس العكس ، وهذا الذي دلت عليه نصوص القرآن ، ونصوص السنَّة النبويَّة أيضا ، ومن ذلك مارواه البخاري عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت : يا رسول الله إني وهبت نفسي لك فقامت طويلاً فقام رجل فقال : يا رسول الله زوِّجنيها إن لم تكن لك فيها حاجة ، فقال : هل عندك من شيء تُصدقها ؟ قال : ما عندي إلا إزاري هذا ، قال : فالتمس ولو خاتماً من حديد , فالتمس فلم يجد شيئاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل معك من القرآن شيء ؟ قال : نعم ، سورة كذا وسورة كذا ، فقال : زوجتُكها بما معك من القرآن .
رواه البخاري ( 4741 ) ومسلم ( 1325 ) .
قال ابن حجر رحمه الله :
" فيه : أن النكاح لا بد فيه من الصداق لقوله " هل عندك من شيء تصدقها ؟ " ، وقد أجمعوا على أنه لا يجوز لأحدٍ أن يطأ فرجاً بغير ذكر صداق .
وفيه : أن الأولى أن يذكر الصداق ، فلو عقد بغير ذكر صداق صح ( العقد ) ووجب لها مهر المِثل ( أي : مثلها من النساء) بالدخول " انتهى .
" فتح الباري " ( 9 / 211 ) بتصرف .
فالقرآن والسنة وإجماع أهل العلم يدل على أن المهر يدفعه الزوج للزوجة ليس العكس ، وهذا الذي يتفق مع الفطرة والطبيعة البشرية ، فكيف يكون للرجل قوامة على المرأة وهي التي دفعت له مهراً ؟! واللهُ تعالى جعل إنفاق المال من الزوج من أسباب قوامة الرجل على المرأة ، قال سبحانه : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) النساء/34 .
وبعد هذا الإنفاق من الزوج كثيراً ما تشعر الزوجة بالعبء الذي تحمَّله زوجها , فتتنازل عن مهرها أو عن جزء منه عن طيب نفس منها , فلا حرج على الزوج من أخذه ، لقوله تعالى : ( وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) النساء/4 .(13/9)
فهذا المال الذي تدفعه المرأة للرجل مهراً له ليتزوجها مخالف للدين والفطرة والعقل والطبيعة البشرية ، هذا إذا كان قليلا , فكيف والحال كما تذكرين ؟!
أما الحل فلا بد أن تتضافر جهود العلماء والدعاة ووسائل الإعلام والإرشاد في بلادكم للحد من هذه المعضلة ، ومن ثم معالجتها ، واستبدالها بما يوافق الشرع الحنيف الذي جاء بما يوافق الفطرة التي فطر الله الناس عليها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
ما أقل المهر ؟ وكم مهور أمهات المؤمنين بالعملة الحالية ؟
سؤال:
ما أقل المهر ؟ وكم مهور أمهات المؤمنين بالعملة الحالية ؟.
الجواب:
الحمد لله
جاء تبيين أقل المهر فيما رواه مسلم في الصحيح رقم (1425) عن سهل بن سعد الساعدي قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله جئت أهب لك نفسي فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعّد النظر فيها وصوّبه ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست فقام رجل من الصحابة فقال : يا رسول إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها فقال : فهل عند من شيء. فقال : لا والله يا رسول فقال اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا فذهب ثم رجع فقال : لا والله ما وجدت شيئاً ثم رجع . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انظر ولو خاتما من حديد فهب ثم رجع فقال : لا والله يا رسول الله ولا خاتماً من حديد ولكن هذا إزاري فلها نصفه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم موليً فأمر به فدعي فلما جاء قال ماذا معك من القرآن . قال : معي سورة كذا وسورة وكذا فقال تقرؤهن عن ظهر قلبك قال : نعم قال اذهب فقد ملكتها بما معك من القرآن .
وفي هذا الحديث أنه يجوز أن يكون الصداق قليلاً وكثيراً مما يُتمول إذا تراضى به الزوجان لأن خاتم الحديد في نهايةٍ من القلة ، وهذا مذهب الشافعي وهذا مذهب جماهير العلماء من السلف والخلف وبه قال ربيعة وأبو الزناد وابن أبي ذئب ويحي بن سعيد والليث بن سعد والثوري والأوزاعي ومسلم بن خالد وابن أبي ليلي وداود وفقهاء أهل الحديث وابن وهب من أصحاب مالك . وهو مذهب كافة الحجازيين والبصريين الكوفيين والشاميين وغيرهم أنه يجوز ما تراضى به الزوجان من قليل وكثير كالسوط والنعل وخاتم الحديد ونحوه .
وأما بالنسبة للسؤال عن مهور أمهات المؤمنين .
فقد روى مسلم في "الصحيح " رقم (1426)عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال : سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كما كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت : كان صداق لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشّاً . قال أتدري ما(13/10)
النَّشُّ . قال قلت لا قالت : نصف أوقية : فتلك خمس مائة درهم فهذا صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه .
قال العلامة ابن خلدون :
فاعلم أن الإجماع منعقد منذ صدر الإسلام وعهد الصحابة والتابعين : أن الدرهم الشرعي هو الذي تزن العشرة منه سبعة مثاقيل من الذهب ، والأوقيَّة منه : أربعين درهماً ، وهو على هذا سبعة أعشار الدينار .. .. وهذه المقادير كلها ثابتة بالإجماع .
" مقدمة ابن خلدون " ( ص 263 ) .
وعلى هذا :
فوزن الدرهم بالجرامات 2.975 جراماً .
فيكون مهر أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم 500×2.975 1487.5 جراماً من الفضة .
وحيث إن سعر جرام الفضة الخالص بدون مصنعية حاليا حوالي 1 ريال فيكون المهر
بالريال 1487.5ريالاً تقريباً .
وبالدولار 396.7 تقريباً .
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
إذا كان المهر مجهولا فللزوجة مهر المثل
سؤال:
لدي أخ تزوج من ابنة عمي ، وأثناء اتفاق عمي على المهر الذي سيدفعه أخي رفض عمي أن يحدد أي مبلغ يدفعه أخي ، فحدد أخي المبلغ الذي سيدفعه ، إلا أن عمي طلب أن يقوم بجمع ما سيكلفه زواجه والتكاليف التي سيدفعها ابنه (ابن عمي) عندما يريد أن يتزوج هو الآخر ويقسمان التكاليف على كل منهما فما حكم ذلك ؟ مع العلم أن عمي فسر طلبه ذلك بالمساعدة .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
المهر واجب في عقد النكاح ؛ وقد سماه الله تعالى صداقا وأجرا ، كما في قوله تعالى : ( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) النساء/24 .
ويسن تحديده في العقد ، فإن لم يحدد ، فالنكاح صحيح ، وللزوجة مهر مثلها من النساء ، ممن تساويها في الصفات التي يختلف بها المهر .
ثانيا :
يجب أن يكون المهر معلوما ، فإن اتفقا على مهر مجهول لم يصح ، ووجب للزوجة مهر المثل .(13/11)
قال ابن قدامة رحمه الله : " ولا يصح الصداق إلا معلوما ، وهذا مذهب الشافعي " انتهى باختصار من "المغني" (7/168) .
وقال في "معونة أولي النهى" (9/192) : " ويشترط علمه : أي علم الصداق " ، ثم قال : " وكذا كل ما هو مجهول القدْر أو الحصول : لم يصح أن يكون صداقا بلا خلاف " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" لو أصدقها شيئا مجهولا فلا يجوز ، ولها مهر المثل " . انتهى باختصار من "الشرح الممتع" (5/302) .
وما جاء في السؤال من أن العم رفض تحديد المهر ، وطلب أن تُجمع تكاليف زواج ابن أخيه ، مع تكاليف زواج ابنه ، ثم يقتسمانها ، يجعل المهر مجهولا ، لأنه لا يُدرى كم سيتكلف زواج ابنه .
وعليه ؛ فالواجب لهذه الزوجة مهر مثلها من النساء ، إن كان العقد قد تم على ما ذكرت ، وإن لم يكن العقد قد تم ، فينبغي أن يُسمّى لها مهر معلوم ، ولا يجوز العمل بما طلبه عمك ؛ لأنه يؤدي إلى جهالة المهر .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
هل تأثيث بيت الزوجية يكون من المهر ؟
سؤال:
إذا دفع الزوج المهر لزوجته وطلب منها تأثيث البيت من المهر ، هل يحق له ذلك ، عندنا في بلدنا يجعلون على المرأة تأثيث البيت هل يجب على الزوجة أن تدفع من مهرها تأثيث البيت ؟.
الجواب:
الحمد لله
المهر حق خالص للزوجة تتصرف فيه كيف تشاء ، فليس عليها إعداد البيت ، حيث لا يوجد نص من مصادر الشريعة يوجب على الزوجة أن تجهز بيت الزوجية ، كما أنه لا يوجد ما يدل على أن الجهاز واجب على أبيها ، وليس لأحد أن يجبرها على ذلك ، فإذا قامت بالجهاز وما يلزم من أثاث وأدوات فهي متبرعة .
وإعداد البيت واجب على الزوج ، فهو الذي يجب عليه أن يقوم بكل ما يلزم لإعداد مسكن الزوجية من فرش ، ومتاع ، وأدوات منزلية ، وغير ذلك مما يحتاج إليه البيت ، لأن ذلك من النفقة الواجبة عليه للزوجة .
الموسوعة الفقهية - ج/39 ، ص 206.
ـــــــــــــــــــ
حقوق امرأة طلقها زوجها قبل الزواج
سؤال:(13/12)
أنا امرأة من الذين اعتنقوا الإسلام ، وأرغب في معرفة حقوق امرأة طلقها زوجها قبل إتمام الزواج ، بعد أن وضعها في موقف مالي حرج ؛ بأن تركها ليس معها أية أموال ولا وسيلة عمل ؟
طلب مني أن ترك عملي ، ووعدني أن يساعدني ماليًا حتى يتمكن من إحضاري لأعيش معه في بلده ، ثم فجأة طلقني بعد ثلاثة شهور عبر رسالة بريد إلكتروني !! بحجة أنه لم يتيسر له الحصول لي على تأشيرة ، وتركني دون أي مال على الإطلاق ، ودون أسرة مسلمة ، وقال : "والله سأرسل لكِ مالاً إذا احتجت" ولم يرسل شيئًا. فما هي حقوقي على هذا الرجل ؟.
الجواب:
الحمد لله
أقرأ في سؤالك لهجة المسلم الذي – أحسب - أنه آمن بدينه الحق إيمانا يرتفع عن كل الأطماع والأغراض .
وأقرأ في سؤالك نفسا مطمئنة وقلبا مؤمنا بالله سبحانه وتعالى وبعقيدة راسخة إن شاء الله لا يؤثر فيها تخاذل أهلها عنها ولا يضرها ترك المنتسبين إليها العمل بها .
نعم . إن أكثر ما يسوء المرء حين يرى بعض أهل الإسلام لا يتحلون بأهم أخلاق التعامل مع الآخرين ؛ من صدق في الحديث ، ووفاء بالوعود ، والتزام بالمواثيق ، وهم يقرؤون في كتاب الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) التوبة/119
وقوله تعالى : ( الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ) الرعد/20
وقوله تعالى : (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ) البقرة/177
ويسمعون قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان ) رواه البخاري (33) ومسلم (59)
ولا شك أن حال المسلمين اليوم قد تغير كثيرا عما يجب أن يكون عليه .
ومع ذلك فلا يأس ولا قنوط فالخير في هذه الأمة إلى قيام الساعة .
وما يلاقيه المؤمن من مصائب ومتاعب إنما هو ابتلاء من الله تعالى : قال تعالى : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) العنكبوت/2
وقال تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) الحج/11
فعليك بالصبر والرضا ورجاء الثواب من عند الله تعالى .
أما حقوقك عليه ، فيجب أولا التثبت من الطلاق فإن الطلاق عبر البريد الإلكتروني لا يعتد به إلا بعد إقرار الزوج . وانظري سؤال رقم ( 36761 )
ثم إذا ثبت الطلاق فما تستطيعين أن تطالبيه به عبر القضاء هو المهر كاملا إن كانت الخلوة حصلت ، أو نصف المهر إن لم تقع الخلوة ،
يقول الشيخ ابن عثيمين :(13/13)
والدليل قوله تعالى : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) البقرة/237
أي فنصف ما فرضتم لكم والباقي لهن ، ونحن نقول : ولو خلا بها ولم يجامع فيأخذ نفس الحكم فيكون لها النصف ، وأكثر أهل العلم في هذه المسألة على هذا الرأي ، وحكي إجماع الصحابة – رضي الله عنهم – أنه إذا خلا بها فلها المهر كاملا ، فجعلوا الخلوة كالجماع ، والتعليل ما ذكره الإمام أحمد : لأنه استحل منها ما لا يحل لغيره . اهـ الشرح الممتع 5/326
أما إخلافه الوعد وتسببه في الضرر لك بتركك العمل ، وحنثه بيمينه فذلك لك إن شاء الله يوم القيامة أجرا وحسنات .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
هل يستأجر الشبكة ثم يعيدها إلى الصايغ لإتمام الخطوبة
سؤال:
شاب مقدم على الزواج وليس معه ما يشترى به الشبكة , فاتفق مع خطيبته أن يحضروا الصايغ إلى المنزل إرضاءاً لأهلها ثم يرجع الشاب الشبكة للصايغ بعد الفرح بشهر على أن يدفع العريس للصايغ إيجار هذه الشبكة مدة هذا الشهر حسب تقدير الصايغ . فهل هذا يعتبر ربا أم ما وجه الحلال والحرام فيه علماً بأن الشاب متوقف زواجه على هذه الفتاة على هذه الشبكة بناءاً على رغبة أهلها أفادكم الله تعالى .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
سئلت اللجنة الدائمة عن مثل هذا السؤال ، وهو تأجير الحليّ من الذهب والفضة لتلبسه المرأة عند الزواج ثم يعاد بعد أسبوعين مثلاً مع دفع الأجرة فأجابت :
الأصل جواز تأجير الحلي من الذهب والفضة بأحد النقدين أو غيرهما بأجرة ومدة معلومتين ، يرد المستأجر الحلي بعد انتهاء مدة الإجارة ولا بأس بأخذ رهن في ذلك" اهـ. فتاوى اللجنة الدائمة (15/79-80)
والنقدان هما الذهب والفضة أي : يجوز أن تدفع الأجرة ذهباً أو فضة أو غيرهما كالأوراق النقدية التي يتعامل بها الناس الآن والله أعلم .
1- ثانياً : ينصح أولياء النساء بعدم المغالاة في المهور ، وعدم تكليف الزوج ما يثقل عليه من المهر والشبكة والأثاث..إلخ ، فهذه المغالاة مذمومة شرعاً . مع ما يترتب عليها من مفاسد وأضرار انظر السؤال رقم (12572) .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
مفاسد وأضرار المغالاة في المهور(13/14)
سؤال:
ما الحكم فيما يفعله كثير من أولياء النساء الآن من المبالغة في طلب المهر وتكليف الزوج بأكثر مما يستطيع ، مما يجعله يتحمل الديون الكثيرة من أجل الزواج ، وقد أعرض كثير من الشباب عن الزواج بسبب هذا ؟.
الجواب:
الحمد لله
سبق في إجابة السؤال رقم (10525) بيان أن الشرع جاء بتخفيف المهر وتيسيره ، وأن ذلك من مصلحة الزوج والمرأة جميعاَ . كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (خير النكاح أيسره) . رواه ابن حبان . وصححه الألباني في صحيح الجامع (3300) .
وقد تكلم العلماء في هذه المسألة كثيرا وبينوا الأضرار المترتبة على المغالاة في المهور ، ومن هؤلاء العلماء الشيخ محمد بن إبراهيم فله فتوى مطولة في هذه المسألة جاء فيها :
"إن من الأشياء التي تمادى الناس فيها حتى وصلوا إلى حد الإسراف والتباهي (مسألة التغالي في المهور) والإسراف في الألبسة والولائم ونحو ذلك وقد تضجر علماء الناس وعقلاؤهم من هذا لما سببه من المفاسد الكثيرة التي منها بقاء كثير من النساء بلا زوج بسبب عجز كثير من الرجال عن تكاليف الزواج ، ونجم عن ذلك مفاسد كثيرة متعددة . . . وبحثت الموضوع من جميع أطرافه وتحرر ما يلي :
1- أن تخفيف الصداق وعدم تكليف الزوج بما يشق عليه مأمور به شرعا باتفاق العلماء سلفا وخلفا، وهو السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
2- أن الزوج إذا تكلف من الصداق ما لا يقدر عليه ولا يتناسب مع حاله استحق الإنكار عليه؛ لأنه فعل شيئاً مكروهاً، ولو كان ذلك الصداق دون صداق النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد روى مسلم في صحيحه (1424) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الأَنْصَارِ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا ، فَإِنَّ فِي عُيُونِ الأَنْصَارِ شَيْئًا ؟ قَالَ : قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا . قَالَ : عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا ؟ قَالَ : عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ ! كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ ! مَا عِنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ ، وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَكَ فِي بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ . قَالَ : فَبَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي عَبْسٍ بَعَثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فِيهِمْ . .
قال النووي في شرحه لهذا الحديث: معنى هذا الكلام كراهة إكثار المهر بالنسبة إلى حال الزوج اهـ.
3- ومما لا شك فيه أن الزواج أمر مشروع مرغوب فيه، وفي غالب الحالات يصل إلى حد الوجوب، وأغلب الناس لا يتمكن من الوصول إلى هذا المشروع أو المستحب مع وجود هذه المغالاة في المهور. ومن المعلوم أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، ومن هذا يؤخذ مشروعية إرشاد الناس وردعهم عن التمادي في هذا الأمر الذي يحول دون المرء ودون فعل ما أوجبه الله عليه، لا سيما والأمر بتقليل(13/15)
المهر لا يتضمن مفسدة، بل هو مصلحة محضة للزوج والزوجة، بل هو أمر محبوب للشارع مرغب فيه كما تقدم.
4- إن امتناع ولي المرأة من تزويجها بالكفء إذا خطبها ورضيت به إذا لم يدفع ذلك الصداق الكثير الذي يفرضه من أجل أطماعه الشخصية أو لقصد الإسراف والمباهاة أمر لا يسوغ شرعا، بل هو من باب العضل المنهي عنه الذي يفسق به فاعله إذا تكرر .
قال الشيخ ابن عثيمين :
"ولقد أوجد أهل العلم تذليلا لهذه العقبة حيث قالوا إن الولي إذا امتنع من تزويج موليته كفؤا ترضاه فإن ولايته تزول إلى من بعده فمثلا لو امتنع أبو المرأة من تزويجها كفؤا في دينه وخلقه وقد رضيته ورغبت فيه فإنه يزوجه أولى الناس بها بعده فيزوجها أولى الناس بها ممن يصلح للولاية من اخوتها أو أعمامها أو بنيهم" .
5- أن كثرة المهور والمغالاة فيها عائق قوي للكثير من التزوج ولا يخفى ما ينجم عن ذلك من المفاسد الكثيرة وتفشي المنكرات بين الرجال والنساء، والوسائل لها حكم الغايات، والشريعة المطهرة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، ولو لم يكن في السعي في تقليل المهور إلا سد الذرائع المسببة فعل المحرمات لكفى.
6- لا يخفي ما سببته المغالاة في المهور من المفاسد، فكم من حرة مصونة عضلها أولياؤها وظلموها فتركوها بدون زوج ولا ذرية
وكم من امرأة ألجأها ذلك إلى الاستجابة لداعي الهوى والشيطان فَجَرَّت العار والخزي على نفسها وعلى أهلها وعشيرتها مما ارتكبته من المعاصي التي تسبب غضب الرحمن!!
وكم من شاب أعيته الأسباب فلم يقدر على هذه التكاليف التي ما أنزل الله بها من سلطان فاحتوشته الشياطين وجلساء السوء حتى أضلوه وأوردوه موارد العطب والخسران، فخسر أهله، وفسد ا تجاهه ، بل خسرته أمته ووطنه ، وخسر دنياه وآخرته!!
7- من أضرار المغالاة في المهور : حدوث الأمراض النفسية لدى الشباب من الجنسين بسبب الكبت ، وارتطام الطموح بخيبة الأمل .
8- ومنها : أن تكليف الزوج فوق طاقته يجلب العداوة في قلبه لزوجته لما يحدث له من ضيق مالي بسببها ، والهدف هو السعادة وليس الشقاء .
9- أن كثرة الصداق لو كان فيها شيء من المصلحة للمرأة وأوليائها فإن ما يترتب على ذلك من المفاسد يربو على تلك المصلحة إن وجدت ، والقاعدة الشرعية أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
10- أما القصة المروية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه لما نهى أن يزاد في المهر عن أربعمائة درهم اعترضته امرأة من قريش فقالت:يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربعمائة درهم ، فقالت : أما سمعت قول الله تعالى: { وآتيتم إحداهن قنطاراً } النساء /20 .(13/16)
قال : فقال : اللهم غفرا كل الناس أفقه من عمر ، ثم رجع فركب المنبر فقال : أيها الناس إني نهيتكم أن تزيدوا النساء في صداقهن على أربعمائة ، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب فليفعل .
فاعتراض المرأة عليه له طرق لا تخلو من مقال فلا تصلح للاحتجاج ولا لمعارضة تلك النصوص الثابتة المتقدم ذكرها ، لا سيما وأنه لم ينقل عن أحد من الصحابة مخالفة عمر أو الإنكار عليه غير ما جاء عن هذه المرأة . انتهى كلام الشيخ محمد بن إبراهيم بتصرف واختصار وبعض زيادات عليه .
انظر : "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (10/187-199) .
Islam Q&A
ـــــــــــــــــــ
تخفيف المهر هو السنة
سؤال:
يلاحظ أن الناس الآن يزيدون جداَّ في المهر في النكاح . فعل هذا من السنة ؟ وهل حدد الشرع مقدارا معينا للمهر لا يزاد عليه ؟.
الجواب:
الحمد لله
فإن الزواج نعمة من نعم الله تعالى ، وآية من آياته ، قال الله تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم / 21
وأمر الله تعالى الأولياء أن يزوجوا من تحت ولايته ( وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) النور / 32
وذلك لما يترتب على النكاح من المصالح العظيمة ، كتكثير الأمة ، وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم لغيره من الأنبياء ، وتحصين الرجل والمرأة من الوقوع في المحرم . . . وغير ذلك من المصالح العظيمة .
ولكن بعض الأولياء وضعوا العقبات أمام الزواج ، وصاروا حائلا دون حصوله في كثير من الحالات.
وذلك بالمغالاة في المهر ، وطلبهم من المهر الشيء الكثير مما يعجز عنه الشاب الراغب في الزواج .
حتى صار الزواج من الأمور الشاقة جدا لدى كثير من الراغبين في الزواج .
والمهر حق مفروض للمرأة ، فرضته الشريعة الإسلامية ، ليكون تعبيرا عن رغبة الرجل فيها ، قال الله تعالى : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) النساء /4 .
ولا يعني هذا اعتبار المرأة سلعة تباع ، بل هو رمز للتكريم والإعزاز ، ودليل على عزم الزوج على تحمل الأعباء وأداء الحقوق .
ولم يحدد الشرع المهر بمقدار معين لا يزاد عليه .
ومع ذلك فقد رَغَّب الشرع في تخفيف المهر وتيسيره .(13/17)
قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (خير النكاح أيسره) رواه ابن حبان . وصححه الألباني في صحيح الجامع (3300) .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خير الصداق أيسره ) رواه الحاكم والبيهقي . وصححه الألباني في صحيح الجامع (3279) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل أراد الزواج : ( التمس ولو خاتماً من حديد ) . متفق عليه .
وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لأمته المثل الأعلى في ذلك ، حتى ترسخ في المجتمع النظرة الصادقة لحقائق الأمور ، وتشيع بين الناس روح السهولة واليسر .
روى أبو داود (2125) والنسائي (3375) – واللفظ له - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ : تَزَوَّجْتُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْنِ بِي – وهو الدخول بالزوجة - . قَالَ : أَعْطِهَا شَيْئًا . قُلْتُ : مَا عِنْدِي مِنْ شَيْءٍ . قَالَ : فَأَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ ؟ قُلْتُ : هِيَ عِنْدِي . قَالَ : فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ . صححه الألباني في صحيح النسائي (3160) .
فهذا كان مهر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء أهل الجنة .
وهذا يؤكد أن الصداق في الإسلام ليس مقصوداً لذاته .
وروى ابن ماجه (1887) أن عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ قال : لا تُغَالُوا صَدَاقَ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوًى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلاكُمْ وَأَحَقَّكُمْ بِهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ. صححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1532) .
(لا تُغَالُوا) أَيْ لا تُبَالِغُوا فِي كَثْرَة الصَّدَاق . . . ( وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ) أَيْ حَتَّى يُعَادِيَهَا فِي نَفْسه عِنْد أَدَاء ذَلِكَ الْمَهْر لِثِقَلِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَوْ عِنْد مُلاحَظَة قَدْره وَتَفَكُّره فِيهِ . . . (وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ ) حَبْل تُعَلَّق بِهِ أَيْ تَحَمَّلْت لأَجْلِك كُلّ شَيْء حَتَّى الحبل الذي تعلق به القربة اهـ من حاشية السندي على ابن ماجه .
اثنتا عشرة أوقية تساوي أربعمائة وثمانين درهما أي مائة وخمسة وثلاثون ريال فضة تقريباً (134.4)
فهذا كان صداق بنات النبي صلى الله عليه وسلم ونسائه .
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (32/194) :
فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة وهن أفضل نساء العالمين في كل صفة فهو جاهل أحمق ، وكذلك صداق أمهات المؤمنين ، وهذا مع القدرة واليسار ، فأما الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة إلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة اهـ .
وقال أيضاً في "الفتاوى الكبرى" :
"وَكَلامُ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ , وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْيَسَارِ فَيُسْتَحَبُّ بُلُوغُهُ وَلا يُزَادُ عَلَيْهِ" اهـ .(13/18)
وذكر ابن القيم في "زاد المعاد" (5/178) بعض الأحاديث الدالة على تخفيف المهر وأنه لا حد لأقله ثم قال :
فتضمنت هذه الأحاديث أن الصداق لا يتقدر أقله . . . وأن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح وأنها من قلة بركته وعسره اهـ .
وبهذا يتبين أن ما يفعله الناس الآن من زيادة المهور والمغالاة فيها أمر مخالف للشرع .
والحكمة من تخفيف الصداق وعدم المغالاة فيه واضحة :
وهي تيسير الزواج للناس حتى لا ينصرفوا عنه فتقع مفاسد خلقية واجتماعية متعددة .
وللوقوف على بعض أضرار المغالاة في المهر راجع السؤال رقم (12572) .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
طلقها بحجة أنها مريضة بمرض مُعدٍ فهل لها الصداق
سؤال:
طلقها زوجها بحجة أنها مريضة بمرض معدً وهو البرص ، وبعد عرضها على مجموعة من الأطباء تبين أن ما عندها ليس مرضاً ولا معدياً ويمكن إزالته بأشعة الليزر ، فهل يحق لها أن تطالب بمؤخر الصداق ؟.
الجواب:
الحمد لله
" ما دام أنه ليس بعيب فلها المطالبة بمؤخر الصداق " .
الشيخ خالد المشيقح
ـــــــــــــــــــ
اتفقا على تبديل المهر من مال إلى ذهب ، فما الحكم ؟
سؤال:
تزوجت قبل ثمان سنوات وحتى الآن لم أدفع المهر ولكنني أفكر أن أدفعه الآن وهو 7.000 روبية هندية.
بدلاً من النقود أود أن أشتري لها حلياً من الذهب بنفس القيمة أو أكثر، كما أنني سألتها هل تريد مالاً أم ذهباً فقالت كما تريد . أرجو أن تنصحني ، كيف أسدد المهر ؟.
الجواب:
الحمد لله
الأصل أن الرجل يلتزم بالمهر الذي سماه للمرأة ، فإن تراضيا على خلافه أو زيادته أو نقصانه جاز ذلك لقوله تعالى : ( وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ) النساء/24 ، قال القرطبي رحمه الله : " أي من زيادة ونقصان في المهر ، فإن ذلك سائغ عند التراضي ، بعد استقرار الفريضة " ( تفسير القرطبي 5 / 235 )(13/19)
قال الشيخ صالح الفوزان : " وإذ أعطته منه ـ أي من المهر ـ فلا حرج في ذلك أو أعفته منه أو من بعضه فالحق لها . قال تعالى : ( فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) النساء/4 ، فهذا راجع إلى اتفاق الطرفين " ( فتاوى نور على الدرب 109 ) . فتبين بهذا أن المرأة إذا رضيت بهذا فلا بأس لأنه حقها .. والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
مات بعد العقد فهل يعد باقي المهر دينا عليه
سؤال:
السؤال : عقد عليها ومات ، وسلم جزءا من المهر من قبل ، وعليه ديون أكثر من المهر ، ماذا يمكن على الورثة أن يفعلوا تجاه بقية المهر ؟.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، فأجاب حفظه الله :
باقي المهر ( يُجعل ) مع الديون ( الأخرى ) ، ( وما سلّمها من قبل فهو لها ) . والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ـــــــــــــــــــ
كتابة الصداق على الحرير
سؤال:
السؤال :
جرت عادة كبراء الناس أن يكتبوا الصداق على ثوب حرير محض ، هل يجوز ؟.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
لا يجوز ؛ لأنه لا يجوز للرجال استعمال الحرير في لبس ، ولا في غيره ، وإنما يجوز للنساء لبسه ، وهذا استعمال من الرجال ، فهو حرام ، فلا يغتر بكثرة من يفعله في العادة ، ولا بكثرة من يراه ولا ينكره ، فإن هذا كباقي المحرمات الواقعة في العادة ، وقد صرح بتحريم كتابة الصداق في الحرير جماعة من أصحابنا ، والله أعلم .
فتاوى الإمام النووي ص187.
ـــــــــــــــــــ
إذا سامحت الزوجة زوجها بالمهر
سؤال:(13/20)
السؤال :
والد طلب أن يكون مهر ابنته مصحفاً كمقدم ثم 20000 $ فيما بعد ، الأخ غير قادر على أن يدفع هذا المبلغ والزوجة تريد أن تسامحه بالمبلغ فهل هذا جائز ؟
ماذا إذا لم تسامح الزوجة الرجل بهذا المبلغ وتطلقا بعده بوقت قصير فهل يجب عليه دفع هذا المبلغ حتى بعد الطلاق ؟
هل يجوز للأخ أن يقول بأنه سيدفع مهراً كذا وكذا وهو لا يملك هذا الشيء.
الجواب:
الجواب :
لا بأس أن تسقط الزوجة حقها من المهر لقوله تعالى : ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً ) النساء
ويحل هذا المؤجل بالطلاق بعد الدخول ، ولو كان الوقت قصيراً إلا أن تخالعه بذلك المال عوضاً عن فراقه لها فلا بأس إن كان ذلك بأمر شرعي لا لهدف أخذ المال ، لقوله تعالى : ( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) .
ويجوز للزوج أن يقول أنه سيدفع كذا وكذا مهراً ، ولو كان لا يملكه ، ويبين لهم أنه يريده مؤخراً لا معجلاً ويبقى ديناً في ذمته . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
المهر حقّ ثابت للزوجة
سؤال:
السؤال :
أود أن أعرف وجهة النظر الإسلامية فيما يتعلق بالمهر . هل الإسلام يسمح بالمهر، أم يعتبره خطيئة ؟ وإذا كان المهر خطيئة ، فماذا يجب على الشخص الذي حصل على المهر في السابق أن يفعل به ؟.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
المهر في الإسلام حقّ من حقوق الزّوجة تأخذه كاملا حلالا عليها خلافا لما شاع في بعض البلدان من أنّ الزوجة لا مهر لها والأدلّة على وجوب إيتاء المرأة مهرها كثيرة منها :
قوله تعالى : (وَءاتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) سورة النساء 4
قال ابن عباس النحلة : المهر
قال ابن كثير رحمه الله في مضمون كلام المفسرين في هذه الآية : أن الرجل يجب عليه دفع الصداق إلى المرأة حتما وأن يكون طيّب النفس .(13/21)
وقال تعالى : ( وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا(20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا(21) سورة النساء
قال ابن كثير رحمه الله : أي إذا أراد أحدكم أن يُفارق امرأة ويستبدل مكانها غيرها فلا يأخذَنَّ مما كان أصدق الأولى شيئا ولو كان قنطارا من مال ( أي : المال الكثير ) .. فالصّداق في مقابلة البُضع ( أي بما استحلّ من فرجها ) ولهذا قال تعالى : ( وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض ) .والميثاق الغليظ هو العقد .
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا قَالَ زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ رواه البخاري 4756
والمهر حقّ للمرأة لا يجوز لأبيها ولا لغيره أن يأخذه إلا إذا طابت نفسها بذلك وعن أبي صالح : كان الرجل إذ زوج بنته أخذ صداقها دونها فنهاهم الله عن ذلك ونزل وآتوا النساء صدقاتهن نحلة . تفسير ابن كثير
وكذلك إذا تنازلت عن شيء منه للزوج جاز له أخذه كما قال تعالى : ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا ) . سورة النساء آية 4 والله تعالى أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
أحقية النصرانية في المهر عند زواجها بمسلم
سؤال:
السؤال :
أنا بنت مسيحية ترغب في الزواج من شاب مسلم. أنا لست عذراء وهو يعرف هذا، فهل يحق لي أن أطلب مهرا منه في هذه الحالة؟
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
أولا نشكرك على توجيه السؤال ، وثانيا قبل نقاش موضوع الأحقية في المهر لا بد من بحث حكم الزواج أصلا ، فالمسلم يجوز له أن يتزوج العفيفة من أهل الكتاب ( يُنظر السؤال رقم 689 ، 2527 ) ، ويُحكم عليها بحالها عند العقد هل هي مُقلعة وتاركة للزنا والخنا والفجور أم لا ، فإذا كانت عفيفة نقية جاز له أن يعقد عليها وفي هذه الحالة يكون المهر حقّا ثابتا لها ، ولحلّ المشكلة جذريا فإننا ننصحك أيتها السّائلة العاقلة بالدخول في الإسلام لأنّ الإسلام يهدم ما كان قبله من سائر الذنوب والمعاصي والآثام فتُنقذي نفسك من النار وتظفري بالسّعادة في الدنيا والآخرة وسيكون زواجه منك بعد إسلامك أمراً لا شُبهة فيه على الإطلاق ولا يعود لمشكلتك - التي أثرتيها في سؤالك - وجود أصلا ، ونسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق والنّجاح والسلام على من اتّبع الهدى .(13/22)
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
اكتشف بعد الزواج أنها مريضة نفسيا هل يسترجع المهر
سؤال:
السؤال :
تزوجت واكتشفت بعد مدة بأن زوجتي مريضة نفسيا ، أخواتها ليسوا كذلك .
طلبوا مني المهر ذلك الوقت ولم اكن اعلم بحالتها وقد دفعت لهم المهر ، في هذه الحالة ماذا عن المهر وأنا اشعر بأنني خُدعت ؟
هل يجب النظر في المهر مرة أخرى ، حيث أنني في حياة عائلية سيئة جدا .
إذا حصل هناك طلاق فإنها من الممكن أن تستعمل مال المهر لتستأجر محام جيد وتأخذ مني الكثير طبقا لقانون الولايات المتحدة . فماذا أعمل في تلك الحالة ؟
الجواب:
الحمد لله
يراجع القاضي الشرعي إن كان ثمة قاض هناك ، فإن لم يكن فإن المرأة إذا دخل بها الرجل ، وجب لها الصداق بما استحل من فرجها ، فأما هذا المرض فإن كان يمنع من الاستمتاع أو ينفر من كماله بصورة صحيحة جديّة فإنه يعود بما دفع على من غرّه ( وخدعه ) إن كان مغروراً وإلا فإنه لا شيء له لأنه فرط في السؤال والتأكد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
اشتراط الأب شيئا لنفسه مع المهر عند عقد النكاح
سؤال:
السؤال :
هناك عادة في بعض المجتمعات وهي أن يشترط الأب شيئا لنفسه بالإضافة إلى مهر ابنته عند تزويجها فهل يحق هذا له أم لا ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى : مَسْأَلَةٌ : وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ لَهَا ، وَأَلْفٍ لأَبِيهَا ، كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ .. وَجُمْلَةُ الأَمْرِ أَنَّهُ يَجُوزُ لأَبِي الْمَرْأَةِ أَنْ يَشْتَرِطَ شَيْئًا مِنْ صَدَاقِ ابْنَتِهِ لِنَفْسِهِ . وَبِهَذَا قَالَ إسْحَاقُ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَسْرُوقٍ ، أَنَّهُ لَمَّا زَوَّجَ ابْنَتَهُ ، اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ عَشَرَةَ آلافٍ ، فَجَعَلَهَا فِي الْحَجِّ وَالْمَسَاكِينِ ، ثُمَّ قَالَ لِلزَّوْجِ : جَهِّزْ امْرَأَتَك . وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ .
وَقَالَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ : يَكُونُ كُلُّ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ .. لأَنَّ الْمَهْرَ لا يَجِبُ إلا لِلزَّوْجَةِ , لأَنَّهُ عِوَضُ بُضْعِهَا .. وَلَنَا ( أي(13/23)
ودليلنا ) قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى , فِي قِصَّةِ شُعَيْبٍ عليه السلام { إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ } فَجَعَلَ الصَّدَاقَ الإِجَارَةَ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمِهِ ، وَهُوَ شَرْطٌ لِنَفْسِهِ ، وَلأَنَّ لِلْوَالِدِ الأَخْذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه السلام { أَنْتَ وَمَالُك لأَبِيكَ } وَقَوْلِهِ : { إنَّ أَوْلادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ ، فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ } أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد ، وَنَحْوَهُ الترمذي وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ ، فَإِذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ ، يَكُونُ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ مَالِ ابْنَتِهِ ، وَلَهُ ذَلِكَ .. فَإِنَّ لِلأَبِ أَنْ يَأْخُذَ مَا شَاءَ ، وَيَتْرُكَ مَا شَاءَ ، وَإِذَا مَلَكَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ ، فَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ .. وَيُشْتَرَطُ أَنْ لا يَكُونَ ذَلِكَ مُجْحِفًا بِمَالِ ابْنَتِهِ ، فَإِنْ كَانَ مُجْحِفًا بِمَالِهَا ، لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ ، وَكَانَ الْجَمِيعُ لَهَا
وقال رحمه الله : فَصْلٌ : فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ غَيْرُ الأَبِ مِنْ الأَوْلِيَاءِ ، كَالْجَدِّ وَالأَخِ وَالْعَمِّ ، فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ . نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَجَمِيعُ الْمُسَمَّى ( أي المهر ) لَهَا .
المغني ج 7 مسألة 5580
ـــــــــــــــــــ
هل يجوز دفع الزكاة لفتاة فقيرة من أجل نفقة زواجها ؟
سؤال:
هل يجوز إخراج زكاة المال في مساعدة فتاة فقيرة في نفقات زواجها ؟ مع العلم بأن الناس مهما رق حالهم فقد يتوسعون في متطلبات الزواج ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
ينبغي أن يعلم أن المرأة لا يلزمها إعداد المسكن أو تجهيزه ، بل ذلك واجب على الزوج ، وهو من جملة النفقة التي تلزمه تجاه زوجته ، كما أن المهر المبذول للزوجة ملك لها ، فلها أن تستعين به أو ببعضه على تجهيز نفسها.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (16/166) : " جهاز الزوجة : ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجب على المرأة أن تتجهز بمهرها أو بشيء منه , وعلى الزوج أن يعد لها المنزل بكل ما يحتاج إليه ليكون سكنا شرعيا لائقا بهما " انتهى .
ثانيا :
إذا كان لهذه الفتاة من ينفق عليها من أب أو قريب ، فهو المطالب بتجهيزها وتسليمها لزوجها ، فإن امتنع من ذلك ألزم به الزوج ، وجعل ذلك من مهرها ، وراجع السؤال رقم (12506) .
ثالثا :
إذا كان العرف هو مشاركة المرأة في تجهيز البيت ، بحيث لا تتزوج إلا بذلك – كما هو الحال في بعض المجتمعات - وامتنع وليها من الإنفاق عليها ، أو عجز عن هذه النفقة ، وليس لها مال تجهز به نفسها ، فالذي يظهر هو جواز دفع الزكاة لها حينئذ ؛ لأن الحاجة إلى الزواج حاجة معتبرة ، قد تكون في بعض الأحيان كالحاجة للطعام والشراب والمسكن .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " لو وجدنا شخصاً يستطيع أن يكتسب للأكل والشرب ، والسكنى لكنه يحتاج إلى الزواج وليس عنده ما يتزوج به فهل يجوز أن(13/24)
نزوجه من الزكاة ؟ الجواب : نعم ، يجوز أن نزوجه من الزكاة ، ويعطى المهر كاملاً ، فإن قيل : ما وجه كون تزويج الفقير من الزكاة جائزاً ولو كان الذي يعطى إياه كثيراً ؟
قلنا : لأن حاجة الإنسان إلى الزواج ملحة ، قد تكون في بعض الأحيان كحاجته إلى الأكل والشرب ، ولذلك قال أهل العلم : إنه يجب على من تلزمه نفقة شخص أن يزوجه إن كان ماله يتسع لذلك ، فيجب على الأب أن يزوج ابنه إذا احتاج الابن للزواج ، ولم يكن عنده ما يتزوج به ، لكن سمعت أن بعض الآباء الذي نسوا حالهم حال الشباب إذا طلب ابنه منه الزواج قال له : تزوج من عرق جبينك . وهذا غير جائز وحرام عليه إذا كان قادراً على تزويجه ، وسوف يخاصمه ابنه يوم القيامة إذا لم يزوجه مع قدرته على تزويجه " انتهى من "فتاوى أركان الإسلام" ص440-441 .
وعلى هذا ، فلا حرج من إعطائها من الزكاة لتستعين بها في نفقات الزواج ، وإذا خشيت أن تنفق هذا المال فيما لا تحتاج إليه ، فيمكنك أن تخبرها أن لك عندي مبلغاً من المال قدره كذا ، فماذا تريدين أن أشتري لك به ، وتشتري لها ما تحتاج إليه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
هل يجوز دفع المهر بغير العملة المسجلة في العقد ؟
سؤال:
هل يجوز إعطاء المرأة صداقها بغير العملة التي في العقد؟ ـ مثلا ـ عملة قطرية بدل سعودية أو يمنية وهكذا.
الجواب:
الحمد لله
إذا تراضي الزوجان على إعطاء الصداق بغير العملة المسجلة في العقد ، جاز ذلك ، بشرط أن يكون الصرف بسعر يوم السداد ، لا بسعر يوم العقد ، وأن يعطيها المبلغ المقابل كاملا ، فلا يتفرقا وباقي على الزوج شيء .
والأصل في ذلك : ما رواه أبو داود (3354) والنسائي (4582) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : كُنْتُ أَبِيعُ الإِبِلَ بِالْبَقِيعِ ، فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ ، فسألت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( لا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا ، مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ ) . صححه النووي في المجموع (9/330) ، وابن القيم في "تهذيب السنن" ، وأحمد شاكر في تحقيق المسند (7/226) ، وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .
والحديث موافق للقواعد الشرعية ، في البيوع والربا ، ولذلك جرى عليه العمل عند الفقهاء .
وانظر : "الشرح الممتع" (8/305) .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن رجل اقترض بالعملة الفرنسية ، وعند السداد طلب منه الدائن أن يسدد بالعملة الجزائرية .(13/25)
فأجابت :
" يجوز أن تسددها له في الجزائر بمثلها عملة فرنسية ، أو بقدر صرفها يوم السداد من العملة الجزائرية ، مع القبض قبل التفرق " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (14/143) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
نذرت أن تزوج ابنتها بمهر كبير وتريد التيسير الآن
سؤال:
والدتي نذرت بأنها إذا ولدت بنتا ستعمل لها العرس 7 أيام والمهر سيكون 7000 ريال عماني . والآن كما نعلم كثرة المهور على الشباب وكثرة العنوسة ، فما الحكم إذا لم نوف بهذه الشروط المطلوبة ونيسر زواج البنت ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
تيسير الزواج ، وعدم المغالاة في المهر وفي تكاليف العرس ، أمر محمود ، وهو خير وبركة للزوجين ، وفيه رحمة بالزوج وعدم إثقال كاهله بالدين ، ورحمة بعامة الشباب ، وإنقاذهم من الفتن ، وتسهيل طريق العفة لهم ، ولهذا فتخفيفكم في المهر ، عمل طيب ، ويرجى لكم به التوفيق والهناء بإذن الله .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " يكره التغالي في مهور النساء ، ويسن التخفيف في ذلك والتيسير " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (21/87).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما رأيكم في غلاء المهور والإسراف في حفلات الزواج خاصة الإعداد لما يقال عنه شهر العسل بما فيه من تكاليف باهظة ، هل الشرع يقر هذا ؟
فأجاب : " إن المغالاة في المهور وفي الحفلات كل ذلك مخالف للشرع ، فإن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة ، وكلما قلت المؤونة عظمت البركة ..... وكذلك أيضا المغالاة في الحفلات مما نهى عنه الشرع وهو يدخل تحت قوله سبحانه وتعالى : ( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ).
والواجب في مثل هذا الأمر أن يكون على الوجه المشروع ، ولا يتعدى فيه الإنسان حده ، ولا يسرف ؛ لأن الله تعالى نهى عن الإسراف وقال : ( إنه لا يحب المسرفين ) .
أما ما يقال عن شهر العسل فهو أخبث وأبغض ؛ لأنه تقليد لغير المسلمين ، وفيه إضاعة لأموال كثيرة ، وفيه أيضا تضييع لكثير من أمور الدين خصوصا إذا كان يُقْضَى في بلاد غير إسلامية ، فإنهم يرجعون بعادات وتقاليد ضارة لهم ولمجتمعهم ، وهذه أمور يخشى منها على الأمة ، أما لو سافر الإنسان بزوجته للعمرة أو لزيارة المدينة فهذا لا بأس به إن شاء الله " انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (3/175) .(13/26)
وراجع السؤال رقم (10525) و (12572)
ثانيا :
في حال عدم الوفاء بالنذر – وهذا هو الخير لكم كما سبق – فإنه يلزم الوالدة كفارة يمين ، لأن نذر المباح لا يجب الوفاء به ، بل يخير فيه الإنسان بين الوفاء ، وبين أن يكفر كفارة يمين ، وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين من أوسط طعامكم ، أو كسوتهم ، فإن لم تجد شيئا من ذلك صامت ثلاثة أيام .
قال ابن قدامة رحمه الله : " نذر المباح ; كلبس الثوب , وركوب الدابة...فهذا يتخير الناذر فيه , بين فعله فيبرّ بذلك.... وإن شاء تركه وعليه كفارة يمين ... " انتهى من "المغني" (10/70) بتصرف .
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
المهر المؤجل دين في ذمة الزوج
تاريخ الفتوى : ... 26 ذو الحجة 1427 / 16-01-2007
السؤال
السؤال جئت إلى فرنسا عن طريق الزواج بمغربية مزدادة هنا لإيقاف تجديدي وثائق الإقامة طلبت الطلاق فأصبحت بدون عمل...فهل أدفع لها وأنا فيما وضعتني فيه صداق 40000درهم الذي وضعه والدها لمنعي من الطلاق إذا حصلت على الأوراق. وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح على وجه الدقة لكن فهمنا منه أنك تزوجت امرأة، وفرض عليك والدها صداقا مؤخرا، وهي الآن تطلب الطلاق فنقول:
أما الصداق فيلزمك وهو دين في ذمتك لها، يحل بحلول أجله أو بالطلاق.
وأما الطلاق فلا يلزمك، ومن حقك أن تمتنع عن تطليقها، حتى تفتدي منك وتخالعك بمقابل، ويمكن أن يكون هذا المقابل هو تنازلها عن مؤخر الصداق.
وننبه إلى أنه: لا أثر للطلاق المدني الذي يتم على يد جهة غير شرعية وبدون موافقة الزوج، ودون تلفظه بالطلاق، والزوجة باقية في عصمة زوجها شرعا ولا يحل لها أن تنكح زوجا غيره، وليس أمامها إلا أن تبقى معه، أو تفدي نفسها منه.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم عدم تسمية المهر أو تحديده في عقد النكاح
تاريخ الفتوى : ... 27 ذو الحجة 1427 / 17-01-2007
السؤال(13/27)
أريد أن أعرف معنى (الصداق المسمى بيننا) وبالأخص عند عدم تسمية أى مبالغ بين الطرفين كل ما كتب بالقسيمة (على الصداق المسمى) بيننا دون أي اتفاق على أي شيء يذكر بين الطرفين. وشكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عدم تسمية المهر أو تحديده في عقد النكاح لا يؤثر على صحة العقد، وذلك أن المهر ليس شرطا في عقد الزواج، ولا ركنا عند جمهور الفقهاء، وإنما هو أثر من آثاره المترتبة عليه، فإذا تم العقد بدون ذكر مهر صح باتفاق الجمهور؛ لقوله تعالى: لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً {البقرة: 236} فإباحة الطلاق قبل المسيس وقبل فرض صداق يدل على جواز عدم تسمية المهر في العقد. ولكن يستحب أن لا يعرى النكاح عن تسمية الصداق، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزوج بناته وغيرهن، ويتزوج ولم يكن يخلي النكاح من صداق.
ومتى لم يسم للزوجة مهر، ولم يتم الاتفاق عليه فإنه يثبت للمرأة مهر المثل، ومعنى مهر المثل هو أن يعتبر مهرها بمهر مثل نسائها من أخواتها لأبيها وأمها أو لأبيها وعماتها وبنات أعمامها في بلدها وعصرها على مالها وجمالها وسنها وعقلها ودينها. قاله في بدائع الصنائع.
وبخصوص سؤالك عن المقصود بالصداق المسمى، فالمقصود به ما سمي للمرأة من المال الذي تستحقه على زوجها بالعقد عليها أو بالدخول بها، ولا معنى للصيغة المذكورة إذا لم يكن هناك صداق مسمى.
وفي الجملة فإن خلو العقد من المهر لا يؤثر على العقد، ويثبت للمرأة مهر المثل كما ذكرنا سابقا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم التبرع بمهر الزوجة المتوفاة لمشروع خيري
تاريخ الفتوى : ... 06 ذو الحجة 1427 / 27-12-2006
السؤال
في حال وفاة المرأة هل يسقط المهر ( المؤخر ) عن الرجل أم لا ؟ وللعلم أن المرأة لم تنجب أطفالا وإذا كانت تستحق فلمن يعطى المهر ؟
وهل يدخل الرجل ضمن الورثة ؟
( وإذا كانت تستحق هل يجوز أن يعمل به عمل خيري دون علم أهل المرأة ؟ )
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم مؤخر الصداق حال وفاة الزوجة، وذكرنا وجوب دفعه إلى ورثتها وضمه إلى تركتها إن لم يكن مؤجلا بأجل لم يحل بعد، فإن كان مؤجلا فمتى حل(13/28)
أجله وجب دفعه. كما بينا أن الزوج من جملة الورثة له نصف تركتها إن لم يكن لها ولد، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 27792.
وأما حكم جعله في عمل خيري دون إذن الورثة جميعا فلا يجوز ذلك. لكن للزوج أن يتبرع بنصيبه من التركة، ويمكن ذلك من غيره من الورثة إن كانوا رشداء لعمل مشروع خيري، ويكون ثوابه لها بإذن الله إذا قصدوا ذلك.
والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المهر دين في عنق الزوج
تاريخ الفتوى : ... 27 ذو القعدة 1427 / 18-12-2006
السؤال
هذه مشكلة لقريبة لي ، هي متزوجة ولديها خمسة أطفال ، وهي الزوجة الثالثة ، زوجها لا يصرف عليها (بحكم أنها تعمل ) ، والمشكلة هنا أنه يتركها تصرف على البيت والأطفال ولا ينفق من ماله شيئا مع أن حالته المادية ليست سيئة. كما أنه يصرف على الزوجة الأولى بترف ويعطيها ما تريد هي وعيالها من المبالغ المالية التي تصرف للماركات العالمية وكلما طالبوا بمبلغ (صغيرهم أو كبيرهم ) أعطاهم من دون تردد .الزوجة الثانية أيضا ينفق عليها ولكن ليس كالزوجة الأولى,أما هي فلا ينفق عليها حتى ريالاً واحداً .وللأسف فقد قبلت بالزواج به دون أن يسلمها مهرها ( لأن حالته المادية كانت متدهورة حسب زعمه ) .وعندما تطالبه بحقها ( يهددها بالطلاق ) . ما فجر الموضوع الآن هو أنه يستعد بالزواج من الرابعة ، وقد جهز لها مبلغ ( 180000 ) ريال .وقريبتي في حالة من الحزن لأنه خدعها وتقول : (صدقته ) لأنه يخاف ربه ويصلي الصلوات في المسجد . وتريد الآن نصيحة من حضرتكم تعيد لها حقها ، وماذا تفعل ؟؟.
ولكم جزيل الشكر .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على هذا الرجل المذكور أن يتقي الله تعالى في زوجته، وأن يعطيها مهرها إذا حل أجله وكان موسرا به كاملا غير منقوص. قال تعالى : وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا {النساء:4} وليعلم أنه لا يجوز له بعد حلوله إن كان موسرا به أن يماطل فيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : مطل الغني ظلم . متفق عليه ، ولا أن يتحايل على تأخير لا تطيب به نفس المرأة بأي وسيلة كالتهديد بالطلاق ونحو ذلك، وليعلم كذلك أن ما لم يؤده إليها من حقها فهو دين في ذمته سيؤديه يوم القيامة حيث لا درهم ولا دينار ما لم تسامحه فيه الآن ، وكذا ما يجب عليه من النفقة لها ولأولادها الفقراء ولو كانت غنية ما لم يكن قد شرط عليها أن تنفق على نفسها وأولادها من راتب عملها لقاء إذنه لها بالخروج والعمل كما بينا في الفتوى رقم : 39554 .(13/29)
وعليه أن يتقي الله سبحانه وتعالى في من تحت يده من النساء والعيال فهم أمانة في عنقه محاسب عليها، ومسؤول عنها يوم القيامة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأب راع في بيته ومسؤول عن رعيته . الحديث متفق عليه ، وقال صلى الله عليه وسلم : كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت . رواه أحمد وأبو داود وصححه السيوطي والنووي وحسنه الألباني .
وعليه أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى إنما أباح التعدد لمن يستطيع العدل ويقدر عليه ويفعله. قال تعالى : فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء: 3} ذلك لأن للتعدد واجبات وشروطا كثيرة ومن لم يوف بها جاء يوم القيامة وشقه مائل؛ كما في الحديث : من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط . وقد فصلنا القول في ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية : 2967 ، 13518 ، 77200 ، وللفائدة نرجو مراجعة الفتويين رقم : 3698 ، 8497 ، وينبغي إطلاعه على تلك الفتاوى عله يتعظ .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مؤخر الصداق من جملة الديون
تاريخ الفتوى : ... 12 ذو القعدة 1427 / 03-12-2006
السؤال
توفي والدي منذ أكثر من عشرين سنة ولم يسدد مؤخر الصداق لأمي. هل يعتبر دينا عليه ويجب علي أن أقضيه عنه أم أن هناك طريقة لقضاء هذا الدين ؟
جزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مؤخر الصداق يعتبر دينا في ذمة الزوج يجب عليه قضاؤه إذا لم تعف عنه الزوجة أو تتنازل برضاها وطيب نفسها، فقد قال الله تعالى : وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا {النساء: 4 } فإن توفي قبل قضائه لها أخذ من رأس تركته بعد مؤن تجهيزه وقبل وصيته، ولا يؤثر أخذها لمؤخر الصداق على نصيبها من تركته إن كانت وارثة، ولذلك فإن عليك أن تبادر بقضاء دين مؤخر الصداق وغيره من الديون التي على أبيك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه . رواه أحمد وأصحاب السنن وحسنه الترمذي وغيره .
وطريقة قضائه أن تدفعه لأمك مباشرة إذا كانت حية إذا لم تتنازل عنه أوتعفو ، أما إذا كانت توفيت فتدفعه لورثتها ، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين : 6236 ، 72927 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(13/30)
حكم اشتراط الأب أن يأخذ بعض صداق ابنته لنفسه
تاريخ الفتوى : ... 12 ذو القعدة 1427 / 03-12-2006
السؤال
أبي انفصل عن أمي بعد عشرة أكثر من 35 سنة وبقيت معها أختي الصغيرة حيث تولت أمي رعايتها والصرف عليها من مالها الذي لا يكاد يكفيها فلا مصدر معها إلا بناتها المتزوجات واللاتي يقمن بما تحتاج بحيث يكفينها السؤال يعنى حالتهن على الكفاف المهم أختي الصغرى تخرجت من الجامعة
وجاءها العريس ولكن أبي المتخلى عنها منذ 12سنة يرفض زواجها إلا بشرط أن نعطيه أكثر من ربع شرطها الذي يدفعه العريس علما بأن أبي متزوج وحالته المادية جيدة ولديه ما يكفيه أفتونا جزاكم الله خيرا هل نعطيه ويظل جهازها ناقصا أم ماذا؟ ملاحظه أبي لا ينفق على أمي أو أختي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نفقة البنت تجب على والدها إلى أن تتزوج أو تستغني بعمل، ومن أنفق عليها في هذه الفترة سواء كان أمها أو غيرها يحق له أن يرجع على أبيها بالنفقة عليها طيلة الفترة المذكورة إذا كان غير متبرع بالإنفاق عليها، وتراجع الفتوى رقم: 76604 ،
وامتناع الأب من النفقة على بنته لا يسقط حقه في الولاية عليها فهو وليها ولو كان فاسقا، وتراجع الفتوى رقم: 43004.
ولكن ليس من حق الولي عضل موليته إذا تقدم إليها كفؤ. وتراجع الفتوى رقم: 48766.
وإذا تقرر هذا علم أنه لا يجوز لهذا الرجل منع ابنته من الزواج ممن تقدم لها من الأكفاء إذا كانت ترغب فيه، ولا أن يربط موافقته على زواجها بمال يدفع إليه، وقد اختلف أهل العلم في جواز اشتراط الولي شيئا من صداق ابنته لنفسه؛ فمنهم من منعه، ومنهم من أجازه. وقد ذكرنا ذلك في الفتوى رقم:5171، وعلى القول بجواز ذلك فما اشترطه من صداقها يكون حقا من حقوقه، ولا يحق للبنت منعه منه بشرط أن لا يكون فيما اشترطه إجحاف بها وإلا بطل الشرط. قال ابن قدامة في المغني: وهكذا لو كان الأب هو المشترط لكان الجميع صداقا وإنما هو أخذ من مال ابنته لأن له ذلك ويشترط أن لا يكون ذلك مجمعا بمال ابنته فإذا كان مجحفا بما لها لم يصح الشرط وكان الجميع لها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم مطالبة الزوجة أهل زوجها بمؤخر المهر
تاريخ الفتوى : ... 17 شوال 1427 / 09-11-2006
السؤال
هل يجوز للمرأة المتوفى عنها زوجها أن تطالب أهل الزوج بمبلغ الصداق المؤخر.(13/31)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمؤخر الصداق دين على الزوج ولا يسقط بوفاته، ويحق للزوجة إذا لم تكن قد قبضته -في حياة زوجها- المطالبة به عند وفاته من تركته قبل قسمتها بين الورثة. قال ابن القيم في إعلام الموقعين: المؤخر لا تستحق المطالبة به -أي الزوجة- إلا بموت أو فرقة هذا هو الصحيح وهو منصوص أحمد، فإنه قال في رواية جماعة من أصحابه: إذا تزوجها على العاجل والآجل لا يحل الآجل إلا بموت أو فرقة. واختاره قدماء شيوخ المذهب والقاضي أبو يعلى، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو قول النخعي والشعبي والليث بن سعد..
وهذا إذا كان قد ترك تركة، أما إذا لم يترك تركة فلا يحق لها أن تطالب الورثة بشيء، والأفضل لها أن تعفو هذا الدين عن زوجها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يحسب الزوج ما زاد عن النفقة الواجبة من مؤخر الصداق
تاريخ الفتوى : ... 10 شوال 1427 / 02-11-2006
السؤال
هل يجوز دفع جزء من مؤخر الصداق للزوجة في أمور غير ملزم بها للزوج في الإنفاق عليها فيها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الزوج أن يحسب ما يدفعه لزوجته زائداً عن نفقتها الواجبة، من صداقها المؤخر، وينبغي أن يخبر الزوجة بذلك قطعاً للخلاف، فإن لم يخبرها واختلفا فقالت هو هبة وتبرع، وقال بل هو من الصداق فإن كان اختلافهما في نيته كأن قالت: قصدت الهبة. وقال: قصدت دفع الصداق. فالقول قول الزوج بلا يمين، لأنه أعلم بما نواه، ولا تطلع المرأة على نيته، وإن اختلفا في لفظه، فقالت: قد قلت خذي هذا هبة أو هدية، فأنكر ذلك، فالقول قوله مع يمينه، هذا فيما إذا كان ما يدفعه لها من جنس صداقها أي فلوساً إذا كان الصداق فلوساً، أو ذهباً إذا كان الصداق ذهباً وهكذا، أما إذا كان ما يدفعه لها من غير جنس صداقها كأن يكون الصداق فلوساً ودفع لها ذهباً وثياباً ونحو ذلك ثم اختلفا، وحلف أنه دفع إليها ذلك من صداقها، فللمرأة رد ما أعطاها، ومطالبته بصداقها.
أما إذا ادعى أنه من صداقها وادعت هي أنه قال هو هبة، فينبغي أن يحلف كل واحد منهما، ويتراجعان بما لكل واحد منهما، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: فصل: فإن دفع إليها ألفا ثم اختلفا، فقال: دفعتها إليك صداقاً، وقالت: بل هبة فإن كان اختلافهما في نيته كأن قالت: قصدت الهبة، وقال: قصدت دفع الصداق، فالقول قول الزوج بلا يمين، لأنه أعلم بما نواه، ولا تطلع المرأة على نيته، وإن اختلفا في لفظه، فقالت: قد قلت خذي هذا هبة أو هدية، فأنكر ذلك، فالقول قوله مع يمينه، لأنها تدعي(13/32)
عقداً على ملكه، وهو ينكره، فأشبه ما لو ادعت عليه بيع ملكه لها، لكن إن كان المدفوع من غير جنس الواجب عليه، كأن أصدقها دراهم، فدفع إليها عوضاً، ثم اختلفا، وحلف أنه دفع إليها ذلك من صداقها، فللمرأة رد العرض ومطالبته بصداقها.
قال أحمد في رواية الفضل بن زياد، في رجل تزوج امرأة على صداق ألف، فبعث إليها بقيمته متاعاً وثياباً، ولم يخبرها أنه من الصداق، فلما دخل سألته الصداق، فقال لها: قد بعثت إليك بهذا المتاع، واحتسبته من الصداق، فقالت المرأة: صداقي دراهم، ترد الثياب والمتاع، وترجع عليه بصداقها، فهذه الرواية إذا لم يخبرهم أنه صداق، فأما إذا ادعى أنها احتسبت به من الصداق، وادعت هي أنه قال: هو هبة، فينبغي أن يحلف كل واحد منهما، ويتراجعان بما لكل واحد منهما، وحكي عن مالك أنه قال إن كان مما جرت العادة بهديته، كالثوب والخاتم، فالقول قولها، لأن الظاهر معها، وإلا فالقول قوله، ولنا أنهما اختلفا في صفة انتقال ملكه إلى يدها، فكان القول قول المالك، كما لو قال: أودعتك هذه العين. قالت: بل وهبتها. انتهى.
وقال في نهاية المحتاج من كتب الشافعية: لو اختلف الزوجان فقالت قد قصدت التبرع فقال بل قصدت كونه عن النفقة صدق بيمينه كما لو دفع لها شيئاً ثم ادعى كونه من المهر وادعت هي الهدية. انتهى.
فالحاصل: أن للزوج أن يحسب ما يدفعه للزوجة غير ما يجب عليه من نفقة وكسوة ونحو ذلك دينا عليها يخصم من قيمة مؤخر صداقها أو يتقاصان فيه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
كيف يؤدى مؤخر الصداق إذا نقصت أو زادت قيمة العملة
تاريخ الفتوى : ... 23 رمضان 1427 / 16-10-2006
السؤال
توفيت زوجتي ولها من الأولاد 2 قاصرين ويرثها أبوها أيضاً، هل أطالب بنصيب زوجتي من حقها بالتركة من والدتها التي توفيت قبل 30 سنة ولم يقم الوالد بتوزيع التركة، وهل مؤخر الصداق والذهب يقاس على قيمته قبل 30 سنة أم على الوقت الحاضر، وهل أستطيع تذكير والد زوجتي بأن الأولاد لهم حق من الوصية الواجبة، كما عرفت من كتاب فقه السنة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حقك أن تطالب بنصيبك ونصيب أبنائك من تركة زوجتك وما ورثته من أمها أو من غير ذلك، ولا يسقط حقك فيه تقادم الزمن إلا إذا تنازلت عنه بطيب نفسك، وكان على والدها أن يقوم بتوزيع تركة أمها عند وفاتها على جميع مستحقيها بما فيهم زوجتك، والواجب عليكم جميعاً أن تخرجوا نصيب الأبناء القاصرين، وأما الورثة البالغون الراشدون فلا مانع أن يتنازل بعضهم عن نصيبه إن شاء.
وأما مؤخر الصداق فإنه يعتبر ديناً في ذمة الزوج ما لم يتنازل عنه الورثة بطيب أنفسهم بشرط أن يكونوا رشداء بالغين، كما يجب أداؤه بنفس المواصفات المعينة(13/33)
أصلاً ولو زادت قيمتها أو نقصت، فإن كان بعملة موجودة فيجب أداؤه منها ولو نقصت قيمتها، لأنه لا اعتبار للنقص ما دامت العملة موجودة، وإذا عدمت وانقطع التعامل بها، فعليه أداؤه بقيمتها يوم انقطاع التعامل بها، قال العلامة خليل المالكي مع شرحه: وإن عدمت فالقيمة يوم انقطعت.....
وأما الوصية الواجبة فإن كان قصدك بها وجوب الوصية للأحفاد من جدتهم فإن ذلك غير صحيح، فإن أبناء البنت لا يرثون من جدتهم، ولا تجب عليها الوصية لهم، وانظر الفتوى رقم: 22734.
ولكن لا مانع من الوصية لهم فإن كانت جدتهم قد أوصت بشيء فلهم ذلك بشروط الوصية المعروفة، كما يستحب أن يرزقوا من التركة إذا حضروا قسمتها، وما دامت لم توص لهم فليس لك المطالبة بالوصية، ولمعرفة بطلان ما يسمى بالوصية الواجبة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 72935، والفتوى رقم: 22734.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... إسقاط الحق صحيح ومعتبر
تاريخ الفتوى : ... 08 رمضان 1427 / 01-10-2006
السؤال
كتبت كتابي على زوجتي السابقة. قمنا بأمور كثيرة فقد حدثت خلوة معها لكنها بقيت بكرا. كنت قد أعطيتها شبكة ولكن لم يكن هناك مقدم صداق على أساس أن أجهز الشقة بالكامل وكان هناك مؤخر صداق 5000 جنيه. حدثت لي ظروف مادية سيئة فطلبت تأجيل موعد الدخول من ستة أشهر بعد العقد إلى تسعة. ثار والدها وهددني بإحضار سكين لقتلي إذا لم أتزوج في خلال أسبوع أو أن أطلقها. أحسست أنا وهي أنه بسبب هذه الخلافات فإن حياتنا المستقبلية ستكون مستحيلة. تم الطلاق على أساس عدم الدخول حيث لم أكن أعلم أن الخلوة كالدخول. وقع الطلاق وقع على الإبراء أمام المأذون ونطقت هي أولا بأنها تبرئني من جميع مستحقاتها وأنه لم يقع الدخول ثم رددت هذا وراءها وطلقتها. بناء على طلبهم وبالاتفاق, تنازلت عن الشبكة كما أعطيتها إحدى غرف الأثاث التي اشتريتها وافترضت هذا في نفسي كأنه نصف مهر حتى لا أكون ظالما لها(سعر الشبكة + الغرفة الآن 8000 جنيه).علمت بعد ذلك أن الخلوة كالدخول وإن لم يقع. لا أدري هل أنا ظالم لها ماديا أم أن ما تركته يكافئ أكثر من المهر المكتوب ( 5000جنيه مؤخر فقط) وبالتالي(13/34)
أنا لم أظلمها ولا داعي لتقدير المزيد. وإذا كانت تستحق المزيد, فكيف أرده لها دون أن يعلم أحد بوقوع الخلوة حتى لا يؤثر ذلك عليها مستقبلا حيث إني لا أريد إيذاءها. وهل من الصحيح إخفاء أمر الخلوة وتركه مسجلا في الأوراق على أنه طلاق بدون دخول (هل هذا شهادة زور). كيف أحل الأمر. أرجوكم أفيدوني فأنا أريد إعطاءها كامل حقوقها مهما كانت إبراء لذمتي أمام الله ولكني أعلم جيدا أنهم لن يقبلوا معي أي كلام الآن. وأن أي محاولة لي في هذا الصدد سيتم اعتبارها على أنها محاولة لإيذاء سمعتها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم : 1054 ، والفتوى رقم: 1955 ، ما يجب للمطلقة المدخول بها وغير المدخول بها، وحكم الخلوة الصحيحة وغير الصحيحة وما يترتب على ذلك كله، وقد ذكرنا خلالهما أن الراجح من أقوال أهل العلم هو اعتبار الخلوة الصحيحة كالدخول فيثبت بها كما يثبت بالدخول من كامل المهر والعدة والنفقة والسكنى، ولكن إذا عفت المرأة لزوجها عن صداقها أو بعضه هنا لعدم الدخول فلا حرج عليه في ذلك، قال تعالى : وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة: 237 } .
وبناء عليه ما دامت الزوجة قد أعفتك من حقوقها وأبرأتك منها فليس عليك شيء بعد ذلك سواء أكنتما تعلمان حكم الخلوة وأنها كالدخول أم جهلتما ذلك، فمن أبرأ من حقه ولو كان يجهله صح إبراؤه ، قال المرداوي في الإنصاف : أما إن علمه المبرأ -بفتح الراء- أو جهله وكان المبرئ -بكسرها- يجهله صح سواء جهل قدره أو وصفه أو هما على الصحيح من المذهب .اهـ . وقال عليش : إسقاط الحق بعد وجوبه في نفس الأمر معتبر وإن تأخر العلم به . اهـ .
ولا ينبغي أن تذكر الخلوة وتشيعها إذا كان ذلك يؤذي سمعة البنت أو يفسد مستقبلها، فسترها أولى سيما وقد عفت عنك وأبرأت ذمتك .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
آثار غلاء المهور
تاريخ الفتوى : ... 02 رمضان 1427 / 25-09-2006
السؤال
ما المقصود بالباءة؟
هل هو المقدرة على العلاقة الجنسية والمقدرة على الإعالة. إذا الجواب بنعم فما مقدار ذلك وما الذي يكفي في ذلك هل هو متوسط المتزوج في البلد وإذا كان المتوسط عاليا ما نفعل. وتعلمون سيادتكم بأن الإعلام والمجتمع قد رفع المتوسط في العلاقة الحميمة والإعاشة حتى أصبحت لا تطاق ومعلوم أن بعض الدول تمنع(13/35)
أو المجتمعات تحارب الزواج من خارج البلد بحجة بنات البلد أولى ولكن المتوسط عال يا ناس وإن وجدت من تقبل وقنوعة بذلك بأن عشت في متوسط أقل من البلد عشت معيشة ضنكا معيبة منتقدة فكيف السبيل ؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا معنى الباءة
والمقصود بها وذلك في الفتوى رقم:14223، والخلاصة : أن الباءة في الحديث فسرها أهل العلم بالقدرة على النكاح ومؤنه من نفقة وسكنى وغيرها،
وأما مشكلة المغالاة في المهور وكثرة متطلبات الزواج في كثير من البلاد العربية والإسلامية فهو خلاف ما أرشد إليه الشارع الحكيم؛ كما بينا في الفتويين التاليتين:3074، 30033.
وينبغي للعقلاء وأصحاب الكلمة والرأي في كل مكان توجد به تلك الظاهرة معالجتها ووضع الحلول لها، فظهور تلك المشكلة ليست من مصلحة أحد، فقد امتلأت البيوت بالعوانس، وفشا الزنى وغيره، ولا ريب أن تلك المشكلة من أهم أسباب ذلك، وعلاجها من أنجع وسائل علاجه.
وإذا كان الزواج من خارج البلد الذي تسكن فيه ممنوعا أو له ضوابط معينة فينبغي أن ترفع أمرك إلى المسؤولين وتشرح حالك وما تعانيه ويعانيه أمثالك وهم كثير. فربما يسمح لك بالزواج من خارجه أو يعينوك عليه. ولئن كانوا أوجدوا حلا لمشكلة العانسات من النساء بتلك الطريقة فأين حل مشكلة العانسين من الرجال.
وما ذكرت من معيشة الضنك فيما لو تزوجت بامرأة من أهل بلدك مقتنعة بما رزقك الله - ما قلته من ذلك غير صحيح، فالمسلم ينبغي أن يقنع بما رزقه الله ويعيش في حدود قدراته، وهو بذلك يعيش حياة كريمة، فالغنى الحق هو القناعة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الله بأن يقنعه بما رزقه ويبارك له فيه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... العرف هو المرجع في حال تنازع الزوجين في متاع البيت
تاريخ الفتوى : ... 04 شعبان 1427 / 29-08-2006
السؤال
هل يحق للزوجة أو أهلها المطالبة بالعفش أثناء حدوث خلاف بين الزوجين، ولم يصل الحال إلى الطلاق بالرغم أن العفش الموجود يصعب فصله لعوامل كثيرة تبعدنا عن المشكلة الأساسية، وليس العفش وتشبثهم ببيت الزوج وطرده منه وتغيير قفل الباب بسبب العفش على الرغم بأن عقد البيت باسم الزوج ولا يوجد لها عفش بعقد الزواج؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(13/36)
فقد سبق لنا فتوى في مسألة العفش (القائمة) وهي برقم: 9494، خلاصتها: أن ما تأتي به الزوجة فهو لها، وما يأتي به الزوج من العفش فهو له ما لم يهبه للزوجة أو يكون جزءاً من المهر.
وعليه؛ فمن حق الزوجة المطالبة بحقها من العفش، سواء كان تنازعهما حال كونها في عصمته قبل الطلاق أو بعده، جاء في مختصر خليل المالكي: وفي متاع البيت فللمرأة المعتاد للنساء فقط بيمين؛ وإلا فله بيمين. قال شارحه الخرشي: يعني أنه إذا اختلف الزوجان في متاع البيت الكائن فيه سواء كان ذلك الاختلاف قبل البناء أو بعده كان قبل الطلاق أو بعده... ولا بينة لواحد من الزوجين، فإنه يرجع في ذلك لما هو العرف، فما كان يصلح للنساء فالقول قولها كالحلي بيمين، وما كان يصلح للرجال والنساء معاً أو للرجال فقط فالقول للرجل بيمين، لأن البيت بيته، وكلام المؤلف مقيد بما إذا لم تكن فقيرة وإلا فلا يقبل قولها إلا بمقدار صداقها، وينبغي أيضاً أن الرجل لا يقبل منه فيما لا يشبه أنه يملكه لفقره مما هو للرجل عند التنازع. انتهى.
وإذا تعسر فصله قُوِّم أي قدرت قيمته وبيع وأعطي لكل من الزوجين بمقدار حصته، ولا يجوز للزوجة وأهلها طرد الزوج من بيته لهذا السبب.
وننبه السائل إلى أن حق الزوجة في العفش لا يسقط لمجرد أنه لم يكتب في عقد النكاح، فالعقد إنما هو لتوثيق الحقوق وإثباتها عند التنازع، وليس له أثر في استحقاق حق أو إسقاطه شرعاً، وننصح الزوجين بالصلح (والصلح خير) وبالعفو والصفح (وإن تعفوا وتصفحو وتغفروا فإن الله غفور رحيم) وبالحفاظ على حياتهما الزوجية من الانهيار، فما فرح الشيطان بشيء فرحه بهدم الحياة الزوجية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئاً، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، فيدنيه منه ويقول: نعم أنت. رواه مسلم. وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 30662.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ما يسترجعه الزوج من حلي زوجته إذا فارقها
تاريخ الفتوى : ... 04 شعبان 1427 / 29-08-2006
السؤال
ما هي الحالات التي يجوز فيها للزوج بعد الطلاق أن يسترجع المصوغ من الذهب والحلي الذي اشتراه لزوجته قبل الدخول بها ، مع العلم أن الزوج دخل بزوجته ودامت الزوجة أقل من عام ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
فما اشتراه الزوج لزوجته إما أن يكون مهرا لها بأن صرح بأن هذا من مهرها أو جرى العرف والعادة بذلك ، وإما أن يكون هبة مقبوضة ، وإما أن يكون أعطاها(13/37)
دون تمليك لتلبسه مع بقاء ملكه له ، فإن كان الذهب والحلي مهرا فإنه تجري عليه أحكام المهر ، وإن كان هبة مقبوضة فهو حق للزوجة ، وليس للزوج حق فيه لا قبل الطلاق ولا بعد الطلاق، إلا أن يكون الفراق حدث عن طريق الخلع ، وكان مقابل الخلع أن تعيد المرأة لزوجها ما وهبه لها ، ففي هذه الحالة فقط يمكن للزوج أن يطالب بالذهب والحلي الذي وهبه لها ، وإن كان عارية فهو حق للزوج قبل الطلاق وبعد الطلاق. وراجع للفائدة الفتوى رقم : 17989 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يشترط وجود صداق مؤخر
تاريخ الفتوى : ... 18 رجب 1427 / 13-08-2006
السؤال
أنا شابة مخطوبة وسوف يتم عقد قراني بعد أسبوع، ولكن يشترط أبي أن يكون مؤخر الصداق 20 ألف جنيه، ولكن خطيبي يرفض كتابة مؤخر الصداق لأن في وجهة نظره أن القائمة التي تكتب قبل الزواج التي يتضمن فيها الأثاث وحاجات العروس هي حقي فقط، وأبي يقول إنه لا يريد هذه القائمة لأنها ليست حاجات شرعية، بل عادات اكتسبها الناس، ولكن يريد كتابة مؤخر الصداق لي، فهل أوافق أبي في الرأي وأقف بجانبه، أرجو نصيحتي وإفادتي؟ ولكم جزيل الشكر والاحترام.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمهر من أركان النكاح، ولا خلاف بين العلماء في وجوبه، لقوله تعالى: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً {النساء:4}، فكل ما يقوم الزوج بدفعه للزوجة من مال أو ذهب أو أثاث أو نحوه، إذا اتفق على كونه مهراً فيصح كونه مهراً، ولا يلزم أن يكون هناك صداق مؤخر، فإذا رضيت المرأة أن تكون القائمة مهرها فلا حرج في ذلك، كما أن من حقها ومن حق وليها طلب صداق مؤخر إضافة إلى القائمة، وإن كان المشروع والمستحب تخفيف المهر وتيسيره، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 27264.
وعليه.. فيتبين للسائلة أن طلب والدها أن يكون لها مؤخر صداق لا بأس به، لكن ينبغي له أن ييسر في المهر ولا يغالي فيه، وإن رضي بما قدم لها الزوج واكتفى به فهو خير، فقد أخرج أبو داود عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير الصداق أيسره. ولا شك أن موافقتك لأبيك ورضاك بما يفعل بك هو الأولى, ولا سيما إن كان لغرض صحيح ومعروف.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل تستحق المهر إذا خلا بها زوجها بغير وطء
تاريخ الفتوى : ... 19 جمادي الثانية 1427 / 16-07-2006(13/38)
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
امرأة تزوجت من رجل لم تحبه ولذلك فهو لم يستطع مجامعتها طيلة فترة الزواج التي دامت شهرين، ثم حدث أن أعلن الزوج في بيت أهلها أنه سيطلقها في اليوم المقبل ورغم كل الوساطات لكي لا يطلق إلا أنه أتى في اليوم التالي وطلقها أمام أهلها فهل يجوز له أن يأخذ المهر الذي منحها إياه بالقوة علما أنه هو الذي عزم على الطلاق ، وبعد أن تحولت المسألة إلى المحكمة طلب أن يراجعها ولكنها رفضت فهل يجوز له أن يراجعها جبرا علما أنها لا ترغب في الرجوع إليه أبدا، وقد انقضت العدة ثم طالب بعودتها فهل يجوز ذلك ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم : 1054 ، اختلاف العلماء في تقرر المهر ووجوب العدة بمجرد الخلوة المعتبرة شرعا كما تقدم في الفتوى رقم : 41127 ، تعريف الخلوة واختلاف العلماء فيه، وعليه فإن كان الرجل المذكور خلا بالمرأة خلوة معتبرة شرعا فإنها تستحق عليه المهر كاملا وعليها العدة وله أن يرتجعها ما دامت عدتها لم تنته بعد ولو لم ترض أو لم يرض وليها بذلك، أما إن تركها حتى أكملت عدتها فإنها تبين منه وتخرج عن سلطانه بذلك، وأما إذا لم يحصل وطء ولا خلوة معتبرة فإن الطلاق يكون بائنا ولا عدة منه لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا {الأحزاب: 49 } وتستحق المرأة نصف الصداق المسمى ولا يملك الرجل منعها منه لقوله تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ {البقرة: 237 } ويلاحظ أن الآية الكريمة أرشدت كلا من الزوجين إلى العفو والتسامح وعدم الخصام والمشاحة .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم التراجع عن الإبراء من المهر المؤخر
تاريخ الفتوى : ... 18 جمادي الأولى 1427 / 15-06-2006
السؤال
تزوج قريب لي فتاة منقبة وللأسف حسبها متدينة وبعد السؤال عنها وعن أهلها من الجيران والأقارب تزوجها بمساعدة أشقائه حيث إن وضعه المادي لا يسمح له بالزواج منفردا دون مساعدة. الخلاصة أن سلوك الزوجة الأخلاقي لم يكن جيدا منذ البداية لكنه حاول إصلاح الوضع والمداراة عليها لعلها ترتدع، وبعد حوالي شهر ونصف من الزواج سافر إلى الإمارات حيث تحصل على عقد عمل وتركها في البيت برعاية أهله، حيث إن بيته في الطابق الأرضي وأهله في الأول، وحدثت(13/39)
المصيبة فجأة حيث اكتشفت أخته أنها تراسل أحد الأشخاص عبر الانترنت وتصف فيها شكلها وشعرها وأشياء أخرى، وتعدى الأمر ذلك إلى المكالمات الهاتفية
بالخلوي والرسائل القصيرة. بعد استدعائه من أبيه إلى الأردن واجهها منفردا بما لديه من معلومات واعترفت في النهاية بما قامت به قائلة أنها نزغة شيطان، قام بعدها بإبلاغه برغبته في طلاقها وأرسلها مع أمه وأخته إلى بيت أهلها طالبا منها عدم ذكر السبب لأهلها، لكنها حدثت به أمها وإخوتها لاحقا بعد أن حضروا إلى بيت زوجها. وقد تم الاتفاق على الطلاق بإبرائه من المهر المؤخر، لكنهم عادوا وتراجعوا عن ذلك مهددين بحرق بيت الزوج وتشويه أخته إن لم يدفع المؤخر.
السؤال: بهذه الظروف والتعدي على شرف الزوج والظروف المادية السيئة للزوج، هل يجب عليه شرعا دفع المؤخر وماذا لو ماطل لإجبارهم على التنازل عنه، فوجهة نظره أنه تزوجها بمساعدة أشقائه ولكنها لم تحترم حقوق الزوجية وخانتها فكيف يدفع لها المؤخر رغم ذلك. وجزاكم الله كل الخير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمؤخر الصداق دين على الزوج يحل موعد أدائه بالطلاق, ويسقط بإبراء صاحب الحق - الزوجة أو وكيلها -وليس له الرجوع عن الإبراء ديانة, أما قضاء فإذا لم يكن لدى الزوج بينة على الإبراء فإنه ملزم بدفع المؤخر، ولا يجوز له المماطلة في دفعه إذا كان موسرا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم مطل الغني ظلم. متفق عليه.
وإذا كان معسرا فيجب إنظاره حتى يتيسر حاله؛ لقوله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280}.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
كتابة الزوج مؤخر الصداق بغير علم والده
تاريخ الفتوى : ... 21 ربيع الأول 1427 / 20-04-2006
السؤال
أنا خطبني شاب متدين وخلوق، أحببته لكن أنا سورية الأصل وعشت في الجزائر وهو جزائري عاش في أمريكا ويعمل الآن ويقيم في مسقط، المشكل في اختلاف العادات. أبي طلب منهم مؤخرا وبعد نقاشات حادة قبلوا وبعدما عقدنا لم يقبلوا عند الموثق كتابة المتأخر بحجة أنهم لم يفهموا المعنى الصحيح للمؤخر، بعدها طلبوا من أبي تحديد حالات لأخذ المؤخر. وقالوا لنا إنه بدعة في المذهب المالكي، فقبل أبي أن نقوم بكتابة أن أخذه في حالة طلاق تعسفي لكن لم نكتبها بعد لأن خطيبي لم يكن في الجزائر.
وبعد مرور 4 أشهر عرف أبي أنها ليست بدعة، فاشترط على خطيبي أن يكتب مؤخرا وإلا نفسخ العقد.
علما أن خطيبي كان في البداية قابلا بالمؤخر لكن والده لم يقبل وخطيبي وعد أباه ان لا يفعل شيئا بدون علمه وهل يجوز أن يكتب لي مؤخرا دون علم أبيه. وقد(13/40)
اقترح خطيبي أن نكتب في حالة طلاق هل هو اقتراح جيد أم لا، أنا أحبه وهو أيضا، أرجو أن تعينوني فأنا لم أجد حلا بين خطيبي وأبي وأبيه، ماذا أفعل هل مشكل مثل هذا يستحق فسخ عقد زواج، أرجوكم أعينوني
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم في الصداق أن يكون منه ما هو مؤجل، بل يجوز تأجيله كله أو تعجيله كله، أو تأجيل بعضه وتعجيل البعض الآخر، وسبق توضيح ذلك في الفتوى رقم: 33908، والفتوى رقم: 61455، وإذا رضي زوجك بكتابة المؤخر دون علم والده فلا حرج عليه ولا إثم ، إذ له أن يتصرف في ماله في الحلال كيف شاء، وإخفاء هذا عن والده تطييباً لقلبه أمرٌ حسن.
ولا يملك والدك فسخ الزواج بعد العقد إلا أن يوافق زوجك على الطلاق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... فسوق المرأة لا يبرر الاستيلاء على مهرها
تاريخ الفتوى : ... 10 ربيع الأول 1427 / 09-04-2006
السؤال
أنا رجل مسلم متزوج ميسور الحال ولله الحمد ومن أسرة مسلمة محافظة جدا. ارتبطت بعلاقة عاطفية مع زميلة لي في العمل وكان سبب هذا الارتباط تقصير زوجتي تجاهي بسبب اهتمامها بأمورالبيت والأولاد وإهمالها لاحتياجاتي الجسديه والعاطفية. زميلتي هذه تنحدر من أسرة فقيرة جدا ومفككة جدا وسيئة السمعة. للأسف كان حبي للفتاة هذه قد أعماني عن رؤية كل هذه المساوئ. أثناء علاقتنا التي استمرت قرابة العامين ارتكبنا العديد من الحماقات وتجاوزنا الكثير من الحدود أسال الله العفو والمغفرة. كان حبي وشغفي لهذه الفتاة كمثل السحرلا يدعني أميز بين الحلال والحرام. لا حول ولا قوة إلا بالله. وقد كان أهل هذه الفتاة لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا ولا يمانعون البتة إزاء أي شي نعمله أنا وهذه الفتاة. ولقد أغدقت عليها وعلى أهلها بالمال من فرط حبي لها. ثم تزوجتها من دون علم أهلي ولا زوجتي. استمر الزواج قرابة الثلاثة أسابيع فقط ثم علمت زوجتي وأهلي به وطلبوا مني أن أطلقها وفعلت ذلك دون تردد خوفا على زوجتي الأولى وأولادي الذين أحبهم كثيرا. بعد طلاقي لهذا الفتاة اعترفت لي بأنها قد خانتني مع أكثر من شخص قبل زواجنا وفي أثناء ما كنا مرتبطين مع بعض بعلاقتنا العاطفية والتي كانت بعلم أهلها وفي حكم المخطوبين واعترفت لي أيضا أنها قد خانتني بعد طلاقي لها مع ابن أختها وهي لم تزل في العدة. معرفتي لهذه الحقائق المؤلمة صدمتني وأفقدتني صوابي. طردتها من بيتي وسلمتها ملابسها وحاجياتها التي كانت عندي في البيت غير أني أبقيت على الذهب الذي اشتريته لها على أنه جزء من مهرها. أنا أشعر أنها لا تستحق أن أعطيها هذا الذهب لأنها امرأة خائنة خانتني وأهدرت شرفي وكرامتي وضحكت علي خلال علاقتي معها قبل وبعد الزواج. وقد صرفت(13/41)
عليها وعلى أهلها أموالا كثيرة قبل زواجي منها وأثناء الزواج وبعد طلاقي لها. أشعر بالحسرة على كل ما قدمت لها وعلى خيانتها لي قبل
الزواج وبعده فهل تستحق مني أن أدفع إليها الذهب الذي اشتريته لها على أنه جزء من مهرها. وهل يجوز لي أن أطالبها في أموالي التي صرفتها عليها وعلى أهلها و التي دفعتها لهم بكل سخاء وهم كانوا يتعاملون معي بكل مكر وخبث وخداع وغش و خيانة أفيدوني ؟
جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بفراق هذه المرأة الفاسقة ، غير أن فسقها لا يبرر ظلمها ، فيجب عليك أداء كل مهرها الذي اتفق عليه في العقد ، فإذا كان الذهب المسؤول عنه من مهرها فيجب عليك تسلميه لها.
وأما بشأن الأموال التي صرفتها عليها وعلى أهلها كهدية ، فليس لك حق المطالبة بها ، لأن الهدية تلزم بالقبض ، ولا يجوز الرجوع فيها بعد القبض ، ولأن ما يقدم لأهل الزوجة جرت العادة على أنه لا يرجع فيه .
وقد كان جدير بك أن تندم على ما ارتكبت من محارم الله ، وما تجاوزت من حدوده ، وأن تندم على تلك العلاقة الآثمة مع هذه المرأة ، قبل الزواج بها أكثر من ندمك على ما بذلته لها ولأهلها من مال ، فعليك التوبة إلى الله والندم على ما سلف ، والإكثار من الأعمال الصالحة .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الخلوة.. واستحقاق المهر أو عدم استحقاقه
تاريخ الفتوى : ... 06 ربيع الأول 1427 / 05-04-2006
السؤال
أحب أن أ
ستفسر عن أمر أحب أن تفيدوني فيه ، لو أن بنتا كانت مخطوبة وقرئت الفاتحة عليهم، وكانت الخلوة بينهم . ولكن صار الفراق بينهم والرجل طلب من المرأة إعطاءه المهر والشبكة وكل شيء أعطاه لها، فهل من حقه ذلك. وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان عقد النكاح قد تم بإيجاب الولي والقبول من الزوج أو وكيله، وكان ذلك بحضور شاهدي عدل، ثم تمَّت الخلوة الشرعية الصحيحة بعد ذلك، فإن هذه الخلوة تستحق بها المرأة عند الجمهور المهر كله؛ كما سبق في الفتوى رقم:72001 ، والفتوى رقم: 69252، والفتوى رقم: 51412 .(13/42)
وأما إذا كان الذي تم إنما هو مجرد الخطوبة فقط، فإن المرأة لا تستحق من المهر شيئا ولو خلا بها الرجل، وهذه الخلوة محرمة.
وحكم الشبكة وما دفع من هدايا سبق في الفتوى رقم: 24224، فتراجع .
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الوقت الذي تستحق فيه الزوجة مهرها المؤجل
تاريخ الفتوى : ... 06 ربيع الأول 1427 / 05-04-2006
السؤال
الإخوة الأعزاء في الشبكة الإسلامية جزاكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه من خدمة لدينكم وللمسلمين من خلال الشبكة
إخوتي الكرام سؤالي هو0
المهر المؤخر يكتب عندنا في العقد عند حلول أقرب الأجلين فإذا كان المقصود بالأجلين هو الطلاق أو موت الزوجة لمن يعطى المهر المؤخر وفي حالة إعطائه إلى الورثة في حالة الوفاة فما الفائدة التي تعود إلى الزوجة وفي حالة وفاة الزوج فكيف يسدد المهر بعد وفاته 0
الذي أعرفة وأريد أن تبينوه لي أن المهر المؤخر تستحقه الزوجة عند الدخول الشرعي إلا أن تسامح الزوج به فهل هذا الرأي صحيح؟
أفتونا جزاكم الله خيرا0
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمهر حق للزوجة، المقدم والمؤخر، فإذا كان المؤخر ضُرِبَ له أجل، فلا يحق للزوجة أن تطالب به قبل ذلك الأجل، فإذا كان الأجل المتفق عليه في عقد النكاح هو الطلاق أو الموت، فإن الزوجة تستحق المؤخر بحلول ذلك الأجل، فإن كان الأجل هو الطلاق استحقت المرأة المؤخر وهو لها ولا إشكال في ذلك، أو بالموت استحقته بالموت وكان تركة تورث عنها ، ومن جملة الورثة الزوج، وسبق تفصيل ذلك وغيره في الفتوى رقم:17243،
فتراجع.
وأما إذا مات الزوج فإن الزوجة تستحق المؤخر بموته، وتأخذه من تركته، قال الإمام الشربيني في مغني المحتاج: (و) يستقر المهر (بموت أحدهما) قبل الوطء في النكاح الصحيح لإجماع الصحابة رضي الله عنهم ولأنه لا يبطل به النكاح بدليل التوارث.اهـ وانظر الفتوى رقم: 63572 .
وننبه إلى أمر قد يرد بشأن زكاة مؤخر الصداق، وقد سبق جوابه في الفتوى رقم: 8159.
وأما سؤلك الأخير: فنقول في جوابه، اعلم أخي أن الأجل هو بحسب ما يتم الاتفاق عليه لفظا في العقد أو عرفا، ففي كثير من البلاد المعجل يدفع قبل العقد أو قبل الزفاف، وأما المؤخر فيدفع في حين العقد أو عند الزفاف، وفي بلاد أخرى يعرف(13/43)
أن مؤخر الصداق لا تستحقه الزوجة إلا عند الطلاق أو الوفاة، فيعمل بما تم الاتفاق عليه نصا أو عرفا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من أمهر امرأته تعليم القرآن وطلقها قبل الدخول
تاريخ الفتوى : ... 03 ربيع الأول 1427 / 02-04-2006
السؤال
إذا كان المهر قرآنا فكيف تسترجع المرأة نصف مهرها في حالة الطلاق قبل الدخول؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في جواز جعل تحفيظ القرآن الكريم صداقاً للمرأة: فذهب الحنفية والمالكية في المشهور عندهم وأحمد في رواية عنه إلى عدم جواز جعل تحفيظ القرآن الكريم صداقاً للمرأة، لأن الفروج لا تستباح إلا بالأموال؛ لقوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ {النساء:24}، ولأن تحفيظ القرآن الكريم لا يجوز أن يقع إلا قربة لفاعله.
وذهب الشافعية وهو خلاف المشهور عند بعض المالكية وأحمد في رواية عنه إلى جواز جعل تحفيظ القرآن الكريم صداقاً للمرأة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج رجلاً امرأة بما معه من القرآن بقوله صلى الله عليه وسلم: أملكناكها بما معك من القرآن. انتهى من الموسوعة الفقهية.
وعند القائلين بجوازه، قالوا: إن طلقها قبل الدخول، وقد أمهرها تعليم القرآن بنفسه -أي الزوج- فتستحق نصف مهر المثل، لتعذر تعليمها بعد الطلاق، لأنها صارت أجنبية عنه، وإن أمهرها تعليم القرآن في الذمة، وجب عليه أن يستأجر لها من يعلمها من امرأة ومحرم، قال العلامة زكريا الأنصاري الشافعي في فتوحات الوهاب: (ولو أصدق تعليمها) قرآنا أو غيره بنفسه (وفارق قبله تعذر) تعليمها، قال الرافعي وغيره: لأنها صارت محرمة عليه، ولا يؤمن الوقوع في التهمة والخلوة المحرمة لو جوزنا التعليم من وراء حجاب من غير خلوة... ثم فرق بينها وبين الأجنبية بأن كلا من الزوجين قد تعلقت آماله بالآخر وحصل بينهما نوع ود فقويت التهمة فامتنع التعليم لقرب الفتنة؛ بخلاف الأجنبية فإن قوة الوحشة بينهما اقتضت جواز التعليم.... ثم قال: وأفهم تعليلهم السابق أنها لو لم تحرم الخلوة بها كأن كانت صغيرة لا تشتهى أو صارت محرما له برضاع أو نكحها ثانياً لم يتعذر التعليم وبه جزم البلقيني، ولو أصدقها تعليم آيات يسيرة يمكن تعليمها في مجلس بحضور محرم من وراء حجاب لم يتعذر التعليم كما نقله السبكي عن النهاية وصوبه... (ووجب) بتعذر التعليم (مهر مثل) إن فارق بعد وطء (أو نصفه) إن فارق لا بسببها قبله، ولو فارق بعد التعليم وقبل الوطء رجع عليها بنصف أجرة التعليم، أما لو أصدق التعليم(13/44)
في ذمته وفارق قبله فلا يتعذر التعليم بل يستأجر نحو امرأة أو محرم يعلمها الكل إن فارق بعد الوطء والنصف إن فارق قبله. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
كون المهر أداء الرجل ما لزمه من حق لله تعالى
تاريخ الفتوى : ... 08 صفر 1427 / 09-03-2006
السؤال
تعرفت على شاب يرغب في الزواج مني، ومع انعدام التكافؤ بيننا، إلا أنني سبحان الله أصبحت أفكر في إمكانية ارتباطنا عسى الله أن يغفر لي ذنوبي مقابل موافقتي على تحقيق أمنيته وعزمي على الصبر معه بمشيئة الله، وخلال حديثي معه عرفت أن عليه واجباً دينياً لم يؤده بعد ففكرت أن أشترط عليه مقابل موافقتي أن يؤدي هذا الواجب كمهر لي، وأن يكون هذا سراً بيننا لا يعرفه أحد، حيث نقول للمأذون أنني حصلت على مهري دون الإفصاح عن المبلغ أو عن نوعيته، فهل هذا جائز شرعاً، أم أن المهر يجب أن يكون نقداً، وهل من الضروري تسمية المهر في العقد لأني أريد بعملي هذا وجه الله حتى يتقبل مني، ولا أريد إخبار أحد بذلك حتى عائلتي خصوصاً وأن الشاب معسر ولا أريد أن أجرح كرامته؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يأجرك على نيتك الصالحة، وأما جعل مهرك هو أداء هذا الرجل ما لزمه من حق الله تعالى، من غير أن يعود إليك منه شيء فلا يجوز، إذ المهر معاوضة، ولا معاوضة في هذه الصورة.
ولا يلزم أن يكون المهر نقداً، بل قد يكون المهر منفعة كأن تشترطي عليه أن يكون مهرك أن يبني لك منزلاً، أو يعلمك مقداراً معيناً من قرآن أو حديث، مع العلم بأن الحنفية والحنابلة وقول عند المالكية لا يجيزون أن يكون المهر تعليم شيء من القرآن، وتفصيل ذلك يطول.
وأما أن تشترطي عليه أن يتعلم هو سورة كذا وكذا من القرآن، أو أن يؤدي زكاة ماله أو كفارة عليه ونحو ذلك مما لا يكون فيه مبادلة ومقابلة فلا يصح أن يكون ذلك مهراً في قول أكثر العلماء، وقد نص على ذلك أئمة كثر من كل مذهب، فنص على ذلك من الحنفية الإمام السرخسي والكاساني وابن الهمام وغيرهم، ومن المالكية أكثر شراح خليل، ومن الشافعية النووي وأكثر شراح المنهاج، ومن الحنابلة ابن مفلح والبهوتي وغيرهما، وإنما تركنا نقل كلامهم خشية الإطالة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
يحق للمطلقة تحصيل حقوقها بالمحكمة بعد استنفاد الوسائل
تاريخ الفتوى : ... 07 صفر 1427 / 08-03-2006(13/45)
السؤال
حكم طلب النفقة والمؤخر عن طريق المحكمة في حالة رفض الزوج إعطاءه في حالة الطلاق الغيابي مع العلم أن الزوج ابن عمي وطلقني بناء على طلب أمه ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق الزوجة أن تطالب بحقها من المهر ، وتسلك في ذلك الطريق الأسهل التي تحفظ حق القرابة ، كأن توسط والدها وعمها أو من تراه مناسبا ، فإن أصر الزوج على منع الحق فلها أن ترفع أمرها للقضاء ليلزمه بدفع ما عليه .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
شروط صحة إعطاء المرأة صداقها بعملة مغايرة
تاريخ الفتوى : ... 29 محرم 1427 / 28-02-2006
السؤال
هل يجوز إعطاء المرأة صداقها بعملة غير العملة التي تكون في العقد؟ على أن تكون نفس القيمة أو الصرف ؟
وجزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في إعطاء المرأة صداقها بعملة أخرى غير العملة المنصوص عليها في العقد ، بشرط أن لا يحصل الاتفاق على هذا، وهو القضاء بغير العملة التي سميت في العقد عند العقد ، وبشرط ألا يفترقا وبينهما شيء ، بل يتم السداد في الحال ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : 18212 ، والفتوى رقم : 5610 ، ويكون التسديد بسعر الصرف في وقت التسديد ما لم يتنازل أحد الطرفين عن حقه في الزيادة ويقبل بغيره .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مسائل في زكاة مهر المرأة
تاريخ الفتوى : ... 07 محرم 1427 / 06-02-2006
السؤال
عقد قراني يوم 6/12/2004 ولم أقبض المهر إلا بعد عام وبما أنه يبلغ النصاب أخرجت منه الزكاة بعدما قبضته، وفي يوم 30/1/2005 بدأت بتوفير مبلغ في كل شهر من أجل التجهيز لمصاريف الزواج، علماً بأن المبلغ الموفر وصل النصاب في 30/5/2005، فهل علي أن أضيف المال الموفر على مال الصداق وإخراج الزكاة الآن، أم انتظر حتى يحل الحول على النصاب أي في 30/5/2006، وماذا عن التجهيزات التي دفعت تسبيقاً عليها والباقي على دفعة في الأشهر القادمة، ويوم(13/46)
زواجي سيكون بإذن الله يوم 16/8/2006، علماً بأن جميع الأموال الموفرة هو لمصاريف الزواج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما قامت به الأخت السائلة من إخراج الزكاة عن المهر كان صواباً لأنه ملكته من يوم العقد، وقد تم حول على ملكها له، قال ابن قدامة في المغني في معرض كلامه على دفع الزكاة قبل الدخول: في هذه المسألة أحكام، منها: أن المرأة تملك الصداق بالعقد. وهذا قول عامة أهل العلم، إلا أنه حكي عن مالك أنها لا تملك إلا نصفه. وروي عن أحمد ما يدل على ذلك. وقال ابن عبد البر: هذا موضع اختلف فيه السلف والآثار، وأما الفقهاء اليوم فعلى أنها تملكه. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن أعطيتها إزارك جلست ولا إزار لك. دليل على أن الصداق كله للمرأة، لا يبقى للرجل منه شيء، ولأنه عقد تملك به العوض بالعقد، فملك فيه العوض كاملاً كالبيع، وسقوط نصفه بالطلاق لا يمنع وجوب جميعه بالعقد، ألا ترى أنها لو ارتدت، سقط جميعه. انتهى إلى أن قال: والمرأة إذا قبضت صداقها زكته لما مضى، وجملة ذلك أن الصداق في الذمة دين للمرأة، حكمه حكم الديون، على ما مضى إن كان على مليء به فالزكاة واجبة فيه، إذا قبضته أدت لما مضى.. إلى أن قال: وإن مضى عليه حول قبل قبضه، ثم قبضته كله، زكته لذلك الحول. انتهى.
وقال النووي: اتفقت نصوص الشافعي رضي الله عنه والأصحاب رحمهم الله تعالى على أن المرأة يلزمها زكاة الصداق إذا حال عليه الحول، ويلزمها الإخراج عن جميعة في آخر الحول بلا خلاف وإن كان قبل الدخول، ولا يؤثر كونه معرضاً للسقوط بالفسخ بردة أو غيرها أو نصفه بالطلاق. انتهى.
وأما الذي تم توفيره أثناء حول المال السابق فله حكم المال المستفاد أثناء الحول، وقد تقدم في الفتوى رقم: 29995 أن المال المستفاد أثناء الحول يستقبل به حول فيكون له حوله الخاص به، وإذا أراد المزكي أن يزكيه عند حول المال السابق جاز له ذلك من باب جواز تعجيل الزكاة، هذا إذا لم يكن المبلغ الموفر ناشئاً عن ربح المال الأول الذي هو المهر، فإن كان من ربحه فإن حوله حول أصله، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 22856.
أما ما تم دفعه عن التجهيزات قبل حلول حول المال فإنه لا يزكى لأنه لم يحل عليه الحول، وأما هذه العروض نفسها فإنها لا تزكى أيضاً لأنها عرض قنية وهو لا زكاة فيه، وأما الأقساط المتبقية من ثمن التجهيزات فإن تم تسديدها قبل حلول حول المال زكي ما بقي من المال إن لم ينقص عن النصاب، وإن بقي منها البعض وقت وجوب الزكاة نظرنا مجموع الباقي من الأقساط، فإن كان يستغرق المال أو ينقصه عن النصاب لو خصم منه سقطت الزكاة في المال المذكور، وإن لم يستغرقه ولم ينقصه عن النصاب خصم مقابل الدين من المال وزكي الباقي، لكن يشترط في إسقاط الزكاة بالدين ألا يكون عند المالك مال آخر يجعله في مقابل الدين ولو كان غير زكوي، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 7675.(13/47)
هذا بناءً على ما فهمناه من السؤال، وهو أن هذه التجهيزات قد اشتريت وأصبح ثمنها ديناً، أما إذا كانت لم تشتر إلى الآن فإن ما يحتاج إليه في شرائها لا يقال له دين ومن ثم لا يحسم قدره من المال، بل يزكى كل ما حال عليه الحول من المال، وننبه هنا إلى أن المال إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول زكي سواء رصد للزواج أو غيره.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم قبول المهر المشكوك فيه
تاريخ الفتوى : ... 04 ذو الحجة 1426 / 04-01-2006
السؤال
أرجو منكم المساعدة وجزاكم الله خيرا.
أنا إنسانة أعاني كثيرا من الشك أثناء الوضوء والصلاة أو أي عمل أقوم به لله تعالى
فأنا ولله الحمد أحاول جاهدة بأن أقوم بكل الفرائض أو بكل ما يقربني لله سبحانه وتعالي وأحاول جاهدة البعد عن كل مايغضب الله ولكن مايضايقني ولا أعلم إن كنت علي صواب أم خطأ في هذا هو الشك في جميع أعمالي وإعادتها أكثر من مرة حتى أطمئن بأني قمت بما يقارب للأصح فمثلا بعد الانتهاء من الوضوء إذا سقط علي أو على ثوبي أي شي من طعام أو عطور أو أدوية أذهب وأعيد الوضوء وفي حالة أخرى بعد انتهائي من الوضوء إذا اكتشفت أن أي عضو من الأعضاء لا يوجد به ماء مع العلم أني غسلته أثناء الوضوء أشك في هذا وأذهب وأعيد الوضوء وكذلك يحدث معي من أمور الشك هذه خلال الصلاة فأضطر إلى إعادة الصلاة مرة أو مرتين إلى أن أطمئن إلى صلاتي أنها صحيحة.
وكذلك معاملاتي مع الناس فمنهم من يتعامل مع بنوك ربوية فلا أستطيع أن أقبل عزيمة لهم أو هدية منهم خشية من أن أشارك أو أدخل في جوفي شيئا من الحرام فأنا أخاف جدا من عقاب الله وحتى خطيبي قد قرب موعد زواجنا وهو قدم المهر لأهلي ولكن أخاف بأن آخذه خشية بأن يكون ماله حراما وذلك لتعامله مع الأسهم فهل أنا على صواب فيما أفعله أم على خطأ.
وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فما ذكرتِه هو من أعراض ما يسمى بالوسواس القهري. وقد سبق في الفتوى رقم: 3086 علاج هذا النوع من الوسواس، وقد بينا أن أفضل علاج للوسوسة هو عدم الاسترسال فيها وعدم تتبعها لما يترتب على ذلك من ترسيخها، فمثلاً إذا شككت في صحة الوضوء أو الصلاة فلا تلفتي إلى هذا الشك ولا تعيدي أياً منهما. وراجعي الفتوى رقم:2330، والفتوى رقم: 58257، كما سبق في الفتوى رقم: 6880، حكم التعامل مع من له مال حرام كله أو بعضه فراجعيها.(13/48)
وفيما يخص المهر الذي قدمه زوجك فإذا لم تتحققي من كونه ناشئا عن حرام فلا حرج في قبوله.
والذي ننصحك به هو الإعراض عن مثل هذه الوساوس وعدم الاسترسال فيها، بل المعول عليه هو اليقين لا الشك والوهم.
نسأل الله تعالى لك التوفيق لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من أحكام صداق المرأة
تاريخ الفتوى : ... 21 ذو القعدة 1426 / 22-12-2005
السؤال
ما هو حكم مقدم الصداق ومؤخر الصداق؟ وهل يجوز تقسيط الصداق؟ وما هو الحال إذا لم أقم بدفع المقدم ولكن قد تم الاتفاق عليه فقط والتراضي عليه ؟ وإذا كان في الأمر خطأ فهل يجوز تصحيح هذا الوضع بيني وبين زوجتي أم يجب الرجوع إلى والدها ؟ وما هو الحل إذا كانت عقود الزواج كلها تقريباً عندنا في مصر بهذا الشكل مقدم ومؤخر صداق وفي المعتاد لا يقوم الزوج بدفع شيء أصلاً ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصداق حق للمرأة فهي التي تملك التنازل عن بعضه أو كله أو تقسيطه، وتراجع الفتوى رقم: 35879، والفتوى رقم: 54622.
والصداق يجوز تأجيله كله، أو تعجيله كله، أو تأجيل بعضه، وتعجيل البعض الآخر، وتراجع الفتوى رقم: 52373.
وحكم مقدم الصداق أنه يجب على الزوج دفعه إلى زوجته، ولها الحق في أن تمنع نفسها عنه حتى يدفعه إليها، ولا يجوز للزوج تأخير دفعه إليها من غير عذر شرعي، ولزوجته الحق في تقسيطه أو التنازل عنه ونحو ذلك كما تقدم.
وأما حكم مؤخر الصداق فراجع فيه الفتوى السابقة رقم: 52373.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المهر حق شرعي واجب على الزوج تجاه زوجته.
تاريخ الفتوى : ... 17 ذو القعدة 1426 / 18-12-2005
السؤال
تقدم لي شخص للزواج سنه مناسب حتى وضعه الاجتماعي مناسب ووضعه الثقافي كذلك، ولكن الذي رددني أنه يريد أن يأخذني إلى بلاد أخرى وهي إحدى دول شرق أسيا، وهي بلاد والدته، ووالدته حالياً هنا في الدوحة تعيش هنا ولكن غرضه من الذهاب هناك أنه يمتلك مزرعتين ويريد الاعتناء بهما مع أنه وضع له من يقوم بهما، ويقول إنه عند التقاعد وهو ما يريده بأسرع وقت ممكن أن نذهب هناك لمدة(13/49)
5 سنوات، وأنا لا أستطيع، صحيح أن الزوجة تتبع زوجها أينما ذهب، ولكن ليس بهذا الطريق، وإنما بعد الزواج لظروف طارئه أو لدراسة وأنا لا أمانع من الذهاب في كل صيف ولكن لا أستطيع أن أتخيل نفسي أترك بلادي حتى لو سنة، والشيء الثاني أن شرطه أن أترك وظيفتي وأنا في هذه الوظيفة منذ سنتين فقط، وقد أجبته أني لا أستطيع، لأنه كان هدفي العمل ولم أكمل دراستي الجامعية لأجلس في البيت، مع أني قلت له سآخذ إجازة طويلة سنة مثلاً أول زواجنا، والشيء الثالث أنه لا يرغب في إعطائي المهر على حد زعمه الزواج ليس بيعا وشراء، مما شككني في بخله أرجوكم أفيدوني، فأنا في قرابة شهر في حيرة والرد النهائي لم يبق عليه شيء، علماً بأني قلت لهم لا يوجد نصيب مرتين وهم يدعونني للتفكير، علماً بأن سني 30 سنة وهو سنه 33، أفيدوني يرحمكم الله، فأنا منذ شهر في حيرة وأصلي استخارة ولكن لا أحس بشيء؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الرجل المتقدم إليك صاحب دين وخلق فننصح بقبوله، ولا نظن بأن سفره بك إلى بلاد أخرى وإقامتك معه هناك سبب يدعو لرفضه ورده، ولكن إن شعرت عدم احتمالك للسفر والإقامة بغير البلد الذي أنت فيه فلا حرج عليك في رد هذا الخاطب وإن كان ذا دين وخلق، إذ لا يجب على المرأة قبول رجل بعينه وإن كان صاحب صفات مقبولة.
ويجب على المرأة إن أمرها زوجها أن تدع وظيفتها أن تطيعه، وهل لها أن تشترط عليه في عقد النكاح أن لا يمنعها من العمل أم لا؟ سبق الجواب عن ذلك في الفتوى رقم: 32542 فقد بينا ما هي الشروط التي يجوز أن تشترطها المرأة أو الرجل في عقد النكاح مع خلاف العلماء فتراجع.
وأما بشأن المهر فهو حق للمرأة، ولها بعد العقد وقبل أن تمكنه من نفسها أن تمتنع عنه حتى يعطيها حقها، وأما قوله: إن الزواج ليس بيعاً وشراء فصحيح، ولكن الزواج يترتب عليه حقوق متبادلة بين الزوجين، فلماذا أوجب الشرع على المرأة طاعة زوجها وأن لا تخرج من بيته إلا بإذنه، وأوجب على الرجل توفير النفقة والمسكن، وأوجب الشرع على الطرفين حسن المعاشرة، فالمهر من جملة الحقوق الواجبة على الزوج تجاه زوجته.
وعموماً فقبول الرجل ورفضه مترتب على معرفة حال الرجل والمرأة ومدى قدرته على القيام بحقوق زوجته، فننصح بمشاورة الأهل، وكذا من له معرفة بحال الرجل، مع استخارة الله تعالى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مؤخر الصداق لا يسقط بسبب نشوز المرأة
تاريخ الفتوى : ... 25 شوال 1426 / 27-11-2005
السؤال(13/50)
الزوجه لا تطيع زوجها وتخرج بدون إذنه وتُخرج أسرار منزله و تعامل أولاده من زوجته معامله سيئة - هل تستحق نفقة شرعية و مؤخر صداق إذا قام بتطليقها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكر السائل من عدم طاعة الزوجة لزوجها وخروجها من بيته بغير إذنه نشوز ، والناشز لا حق لها في النفقة .
أما مؤخر الصداق فيلزم الزوج دفعه إليها ، عند حلول أجله ولا يسقط بسبب نشوز المرأة ، وعليه فإذا قام الزوج بتطليق زوجته فلا يلزمه نفقتها في مدة نشوزها ، ويلزمه مؤخر الصداق لأنه دين في ذمته يحل بالفراق بموت أو طلاق إذا لم تخالعه به .
وهذا إن اللجوء إلى الطلاق ليس هو الحل الأمثل في كل الأحوال عند حدوث مشاكل بين الزوجين، بل إنه آخر العلاج . وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية : 1217 ، 5291 ، 38197 ،
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم من سمى في النكاح صداقاً محرماً
تاريخ الفتوى : ... 16 رمضان 1426 / 19-10-2005
السؤال
منطقة يشتغل أهلها بزراعة المخدرات وبيعها فهي زادهم اليومي والسنوي ولا شيء غير ذلك حتى الماشية تشترى من مال المخدرات، شيوخنا الأفاضل أستفسركم عن حكم زواج هؤلاء، هل يعتبر فاسدا لصداقه، لأن صداقه من مال المخدرات (الحشيش)، مع العلم بأن هؤلاء الناس لا يجدون بديلا لهذه الزراعة؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمهور على أن المهر ليس من أركان النكاح، ولذا لو تم النكاح بلا مهر أو بمهر فاسد كخمر أو مسروق أو مغصوب أو مال حرام كثمن حشيش صح عقد النكاح ولها مهر المثل.
وذهب المالكية إلى أن النكاح إذا كان بخمر وشبهه فالمشهور أنه يفسخ قبل البناء، ويثبت بعده بصداق المثل، وترد ما قبضته من متمول، وتضمنه بعد قبضه لا قبله كالسلعة في البيع الفاسد.
قال الإمام ابن قدامة في المغني: إذا سمى في النكاح صداقاً محرماً، كالخمر والخنزير، فالتسمية فاسدة، والنكاح صحيح، نص عليه أحمد وبه قال عامة الفقهاء، منهم الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي... وحكي عن مالك أنه إن كان بعد الدخول، ثبت النكاح، وإن كان قبله فسخ. انتهى. والراجح هو مذهب(13/51)
الجمهور لأن النكاح إذا عدم فيه الصداق فهو صحيح، وفساد العوض لا يزيد على عدمه.
وأما زراعة الحشيش فحرام وكذا بيعه وتناوله، ويمكنهم التجارة في غيره فما ضيق الله عليهم، وانظر في حرمة زراعة الحشيش الفتوى رقم: 8645.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المهر.. أكثره وأقله
تاريخ الفتوى : ... 08 شعبان 1426 / 12-09-2005
السؤال
على أي مذهب أو شريعة يتبع في عمل المهر في الزواج على نسبة 19 مثقال ذهب المقدم و19 مثقال ذهب المؤخر أي على أن ألا يزيد عن 20 لأنه عند ذلك تجب فيه الزكاة، ولكم الأجر والثواب؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم مذهباً من المذاهب الفقهية ولم نقف على قول لأحد فيما وقفنا عليه في تحديد أكثر المهر بتسعة عشر مثقالاً ونحو ذلك، فأكثر المهر لاحد له شرعاً؛ لقول الله تعالى: وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً {النساء:20}.
قال ابن المنذر في الإشراف: وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه تزوج أم كلثوم بنت علي بأربعين ألف درهم، وأن ابن عمر أصدق صفية عشرة آلاف درهم، وروي أن الحسن بن علي تزوج امرأة فأرسل إليها بمائة جارية مع كل جارية ألف درهم، وتزوج أنس بن مالك على عشرة آلاف درهم، قال أبو بكر: النكاح بكل ما ذكرناه جائز ولا حد لأكثر الصداق، وإنما تكلم أهل العلم في أقله، فقيل ربع دينار وهو مذهب مالك بن أنس، ومذهب أهل الرأي أن أقله عشرة دراهم، وقال ابن شبرمة أقله خمسة دراهم.
ومحل الشاهد هنا أنه لا خلاف بين أهل العلم فيما اطلعنا عليه في أن الصداق لا حد لأكثره، وقد يقع ذلك في بعض الأعراف ولكنه تحديد عرفي لا شرعي، وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 65164.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... مطالبة المرأة زوجها بمؤخر صداقها
تاريخ الفتوى : ... 02 شعبان 1426 / 06-09-2005
السؤال(13/52)
مؤخر الصداق هل يعتبر دينا في عنق الرجل لزوجته ويستحسن أن يؤدى لها أثناء حياته ويستقطع من الميراث بعد الوفاة وإن لم يترك ميراثا يعتبر دينا يحاسب عليه في الآخرة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مؤخر الصداق حق للمرأة، ويعتبر دينا على الرجل يحق لها المطالبة به عند حلول الأجل إن كان مؤجلا أو عند الموت، والأحسن للزوج أن يعطيه لها قبل موته لئلا يفرط فيه بعد موته، فإن مات قبل ذلك وجب إعطاؤه لها قبل تقسيم التركة على الورثة؛ لأنه يعتبر دينا، فإن لم يكن عنده مال يقضى به كان دينا في ذمته حتى يوم الحساب. والأولى للمرأة من باب إحسان العشرة أن تسامحه فيه.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 4097، 19322، 60004، 18621.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
هل يشترط ذكر المهر في عقد النكاح
تاريخ الفتوى : ... 30 رجب 1426 / 04-09-2005
السؤال
تزوجت من كتابية وتم عقد الزواج داخل سيارة وبحضور شاهدين واشترط الشيخ ذكر مهر الزوجة والزوجة أجنبية لا تتكلم العربية فأخبرتها بشرط الزواج وهو المهر فأصرت أنها لا تريد شيئا إلا أن الشيخ أصر على تسمية مهر فذكرت لها أن يكتب دينار ذهب وأخرجت دينارا ذهبيا وأعطيته لها إلا أن الدينار ليس ذهبا حقيقيا وهي تعلم بذلك فهل الزواج كامل أم يتوجب علي دفع المهر بدينار ذهبي حقيقي رغم إصرار الزوجة على رفضها لأخذ مهر مني.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة نقول: إنه كان من الواجب أن لا يقع النكاح في السيارة، بل ولا أن تجلس المرأة في محل ضيق مع جماعة من الرجال، لأنها قبل عقد زواجها أجنبية على الخاطب، وعلى غير محارمها ممن يحضرون العقد.
أما عن السؤال، فالزواج بالكتابية العفيفة جائز، وإن كان الأفضل تركه لما فيه من محاذير سبق بيانها في الفتوى رقم: 5315.
وشروط الزواج بالكتابية كشروط الزواج بالمسلمة من الولي والشاهدين وتقدم في الفتوى رقم: 51167.
أما المهر فليس شرطا في العقد، ويثبت للزوجة مهر مثلها، ولها الحق في التنازل عنه، فإذا كان الزواج قد تم بشروطه المتقدم بيانها في الفتوى رقم: 1766 ومنها الولي فصحيح، وأما المهر فيلزم المسمى، فإن تنازلت عنه الزوجة فيسقط.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(13/53)
ـــــــــــــــــــ
حكم اشتراط إسقاط مؤخر الصداق عند الوفاة
تاريخ الفتوى : ... 24 رجب 1426 / 29-08-2005
السؤال
هل يجوز الاشتراط في إسقاط مؤخر المهر في حالة الوفاة للزوج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا خلاف في أن مؤخر الصداق يعد ديناً في ذمة الزوج يؤديه إلى زوجته عند حلول الأجل المتفق عليه، لكن إن اشترط الزوج إسقاطه عنه عند موته قبل حلول أجله ورضيت الزوجة بذلك عند العقد أو بعده لزمها ذلك.
ووجه إباحة ذلك أن هذا الشرط ليس من الشروط المخلة بالعقد لأن الصداق لم يقع الاتفاق على إسقاطه كله، وإنما جزء منه وبما أن مؤخر الصداق ملك للمرأة كسائر أملاكها فإن من حقها إسقاطه عن الزوج بعد تقرره، لقول الله تعالى: فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا {النساء:4}.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا يتهم المسلم بارتكاب المحرمات بمجرد الظن
تاريخ الفتوى : ... 20 رجب 1426 / 25-08-2005
السؤال
تم عقد قراني منذ حوالي ستة أشهر على شخص لم أكن أعرفه من قبل ولم أره أول مرة سوى من خلال صورة شخصية ثم رأيته مرتين فقط قبل عقد القران ثم تم العقد وهو يعمل فى بلد أجنبي وتم الاتفاق على أن يسافر هو إلى هذا البلد أولاً ليقوم بإنهاء الأوراق الخاصة بي ثم ألحق به إلى هناك.
ولكن طالت الفترة ولم يتصل بي من هناك سوى قليلاً وكان عندما يتصل يكون الاتصال في وقت متأخر من الليل ويكون صوته غريباً وكأنه في حالة سكر وبدأت أشك في أخلاقياته حيث كان دائماً ما ينسى متى كانت آخر مرة اتصل بي فيها وكان يعتقد أنه كلمني منذ يومين مع أنه يكون قد مضى أكثر من شهر على اتصاله ثم بدأ يخلف وعوده في اتفاقات الزواج من حيث الشقة والأثاث والمؤخر وقائمة المنقولات وآخر مرة اتصل بي حتى الآن كان منذ ثلاثة أشهر والآن أنا لا أريد استكمال مشوار حياتي معه حيث إني لم أعد أثق فيه أو في أخلاقه وأشعر بخوف شديد من استكمال مشواري معه وأهلي كذلك وأنا أريد الانفصال عنه وأهلي يوافقوني فهل طلبي للخلع شرعي وفي هذه الحالة أو في حالة موافقته على الطلاق، ما موقف ما أعطاني من شبكة... هل أردهم أم لي الحق في النصف أم لا أرد شيئاً؟
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(13/54)
فالذي ننصحك به بداية أنه ينبغي السعي إلى التفاهم بينك وبين زوجك ومن ذلك مصارحته بأن عليه الالتزام بمقتضى ما اتفقتما عليه في عقد النكاح، ولا بأس بتوسيط من له جاه مقبول عنده، فإن أفاد ذلك وسارت الأمور على ما يرام فبها ونعمت، وإن لم يفد ذلك وظل يماطل في إتمام الزواج وتراجع عن الالتزامات المتفق عليها لغير مسوغ فلك طلب الطلاق منه، وليس في ذلك إثم لأنه السبب، فإن وافق على طلاقك وكان هذا قبل الدخول كما هو الظاهر من السؤال، فلك عليه نصف الصداق المسمى، ويحسب منه ما أعطاك من شبكة إن كان حسبها من جملة الصداق، وإن كان أعطاها على سبيل الهبة وحزتها فلا تحسب من الصداق وليس له الحق في ارتجاعها منك.
أما إن رفض أن يطلقك، وأن يفي بما اتفق عليه معك، فلك رفع أمره إلى المحاكم الشرعية لتجبره على إتمام الزواج أو تطلقك عليه غصباً عنه بدون مقابل أو بمقابل حسبما تراه المحكمة علماً بأنه لا ينبغي أن يتهم مسلم بارتكاب المحرمات بمجرد الشكوك ونحوه مما لا يستند على يقين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أداء مؤخر الصداق عند تغير قيمة النقد
تاريخ الفتوى : ... 08 رجب 1426 / 13-08-2005
السؤال
1- كان مهري (( المؤخر)) قبل 25 سنة ( 1000) دينار عراقي والآن هذا المبلغ لا يساوي كيلو طماطة..... لأن قيمة الأوراق النقدية تتغير مع مرور الزمن أريد أن أعرف كم مؤخري الآن؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمؤخر الصداق دين في ذمة الزوج ، ومن ثبت في ذمته دين من نقد ثم تغيرت قيمة النقد غلاء أو رخصا قبل أن يؤديه ، فلا يلزمه إلا ما ثبت في ذمته في العقد، هذا قول أكثر أهل العلم، وذهب بعض العلماء إلى أنه إذا كان التغير فاحشا وجب أداء قيمة النقد الذي طرأ عليه الغلاء أو الرخص، وتراجع الفتوى رقم: 20224.
والمفتى به عندنا هو الأول لكن لو زاد المدين (الزوج) من عنده ما شاء فهو من حسن القضاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن خياركم أحسنكم قضاء. رواه البخاري ومسلم. ويتأكد هذا مع الزوجة المأمور بحسن معاشرتها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... تحديد المهر ليس شرطا في صحة عقد الزواج ولها مهر المثل إن طلقها بعد الدخول
تاريخ الفتوى : ... 03 رجب 1426 / 08-08-2005(13/55)
السؤال
وفقا للشريعة الإسلامية أقلهن مهورا أكثرهن بركة ولهذا تم زواج أختي دون أي مقابل لا مؤخر ولا مهر ولا قائمة فقط تقوى الله، علما بأن هذا الزوج لديه ابنان من زوجته الأولى فقد اعتقدناه رجلا متدينا ولكن للأسف وجدناه غير ذلك حتى أنه لا يصلي، والسؤال هو هل هذا الزواج قام على أسس سليمة وفي حالة طلاقها هل يوجد أي حقوق شرعية لها، أفيدونا أفادكم الله؟ ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج بدون تحديد مهريكون صحيحا إذا توفرت فيه شروط الزواج من ولي وشاهدين وغيرهما ، ويجب للزوجة مهر المثل إن دخل بها، ولها التنازل عنه وإسقاطه عن الزوج، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 18175.
وفي حالة الطلاق فلها المهر كاملاً -أي مهر المثل- إن دخل بها، ولها المتعة إن طلقها قبل الدخول، لقول الله تعالى: لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ {البقرة:236}، ولها كل ما للمطلقة من حقوق وتقدم بيانها في الفتوى رقم: 9746.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يسقط مؤخر الصداق بنشوز الزوجة
تاريخ الفتوى : ... 20 جمادي الثانية 1426 / 27-07-2005
السؤال
زوجتي تعمل موظفة في معونة أمريكية وذلك يتطلب سفرها والبيات خارج المنزل لأيام وطلبت منها ترك العمل وإن لم توافق فلا يحق لها العيش معي فتركت البيت وغضبت في بيت أبيها فهل يحق علي عند طلاقها دفع مؤخر الصداق مع العلم أنها سيئة العشرة لوالدي وأيضا تتطاول علي وعلى والدي بألفاظ نابية.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان من حق الزوجة على الزوج أن يوفر لها النفقة والمسكن والكسوة ولا يجعلها في حاجة إلى الخروج من البيت، فإن من حقه عليها أن لا تخرج من البيت إلا بإذنه، ويجب عليها ترك العمل الذي لا يرضى لها أن تعمل فيه، لاسيما إذا كان العمل يتطلب منها البيات خارج البيت.
وعليه.. فيجب على الزوجة العودة إلى بيت زوجها وأن تترك هذا العمل، وعلى الزوج أن يوفر لها حاجاتها من النفقة والكسوة والسكن وتوابع ذلك بالمعروف. فإن أطاعت الزوجة الزوج في ما تقدم وإلا فهي ناشز لا حق لها في النفقة. أما مؤخر الصداق فيلزم الزوج دفعه إليها، عند حلول أجله، ولا يسقط بسبب نشوز المرأة، نعم يجوز للزوج طلب إسقاط مؤخر الصداق مقابل الطلاق، ويسمى هذا الخلع.(13/56)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
للزوج أن يُصدِق المرأة بما يشاء
تاريخ الفتوى : ... 18 جمادي الثانية 1426 / 25-07-2005
السؤال
قال في البداية والنهاية: وقد تزوج عمر بن الخطاب في أيام ولايته بأم كلثوم بنت علي بن أبي طالب من فاطمة، وأكرمها إكراما زائدا أصدقها أربعين ألف درهم لأجل نسبها من رسول الله، سؤالي هو: هل تعتبر المبالغة في المهر للمقتدر من الإكرام الزائد للمرأة فعلا، وهل يتعارض مع دعوى تخفيف المهر المستحبة، أي هل تخفيفه لا يكرم المرأة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن من هديه صلى الله عليه وسلم تخفيف المهر وتيسيره، أخرج أبو داود عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير الصداق أيسره.
وكان مهور نسائه صلى الله عليه وسلم خمسمائة درهم، ومهور بناته أربعمائة درهم، أخرج الجماعة إلا البخاري عن أبي سلمة قال: سألت عائشة رضي الله عنها، كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا، قالت: أتدري ما النش؟ قلت: لا، قالت: نصف أوقية. فذلك خمسمائة درهم.
وبناء على هذا الحديث وغيره ذهب بعض أهل العلم إلى القول بكراهة ما زاد على خمسمائة درهم في الصداق، قال النووي في المجموع: والمستحب أن لا يزيد على خمسمائة درهم، وهو صداق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
وإكرام المرأة لا يكون بكثرة المهر والمتاع فحسب، بل يكون بحسن معاشرتها وطيب معاملتها وعدم ظلمها وبالاستيصاء بها خيراً عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالنساء خيراً.
وما ذكر من استحباب تخفيف المهر هو في حق الأولياء، أما الزوج فإذا كان مقتدراً فله أن يبذل من ماله ما أراد، ولا حرج عليه في ذلك، قال الله تعالى: وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا {النساء:20}.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... رغبة الفتاة في الزواج والعقبات التي تحول دون ذلك
تاريخ الفتوى : ... 19 جمادي الثانية 1426 / 26-07-2005
السؤال(13/57)
أحببت شخصا ولا أعرف ما العمل لأنني أخاف الله ولكن قلبي فارغ أحس عندما يكون فارغا بعدم وجود طاقه لأكمل تعليمي الجامعي عمري 19 أرجوكم ساعدوني وخصوصا لأن زمننا تغير ليس مثل زمن الرسول صلى الله عليه وسلم
تتعدى الفتاة 20ولم تتزوج بحجه غلاء المهر بسبب العادات ما ذنبنا نريد التغير ولكن..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الثبات والتوفيق وجزيت خيرا على خشيتك لربك وخوفك منه، فذاك دليل على إيمانك فدومي عليه ولا يصدنك الشيطان بإغوائه ووساوسه ، وسيبدل الله عسرك إلى يسر، وحزنك إلى فرح، وهمك إلى فرج، وضيقك إلى سعة إن علم منك صدق النية والإخلاص له والرهبة والخشية منه.
وأما ما وقعت فيه من حب ذلك الشخص فلا يخلو حالك إما أن يكون ذلك عن قصد منك بعد تعاطي الأسباب المفضية من النظر والكلام وغير ذلك من الأمور المحرمة فهذا لا يجوز، وعليك أن تتوبي إلى الله سبحانه وتعالى منه توبة نصوحا.
وأما إن كان عن غير قصد فلا حرج عليك إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. ولكن لا يجوز لك التمادي في ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 4220 والفتوى رقم: 9360
وإن كان الشاب الذي وقعت في حبه ذا خلق ودين وقد رغب في الزواج منك فلا مانع أن تخبري أمك أو أباك أو تكلمي من يخبرهما عن رغبتك في الزواج منه كما بيناه الفتوى رقم: 15025 ولمزيد الفائدة راجعي الفتاوى التالية: 9990، 18430، 12767.
واما مشكلة غلاء المهور وغيرها من الأسباب التي يتخذها الأولياء ذريعة لعضل من تحت أيديهم عن الزواج فإنها مشكلة خطيرة لا يقرها الشرع ولا يقبلها العقل كما بينا في الفتوى رقم: 3074 والفتوى رقم: 31508.
وبدل سعي الولي في تزويج موليته وبذل الأسباب في ذلك -كما كان السلف الصالح يفعلون- صار الأولياء يمنعون من تحت أيديهم من الزواج لأتفه الأسباب، سيما ضيق ذات اليد ناسين أو متناسين وعده سبحانه بالغنى لمن قصد الإعفاف كما في قوله: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور: 32} فلا يجوز للأولياء ذلك، فعليهم أن يتوبوا إلى الله ولا يعضلوا بناتهم أو أخواتهم أو من تحت أيديهم من النساء إذا وجدن كفئا، والعبرة بالخلق والدين أساسا لا بالمال أو غيره، وينبغي عليهم السعي في تذليل العقاب التي غالبا ما تعيق طريق الزواج وهي كثيرة، وقد بينا بعضها في الفتوى رقم: 21759 فنرجو مراجعتها والاطلاع عليها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... حكمة كون الصداق على الرجل لزوجته لا العكس
تاريخ الفتوى : ... 25 جمادي الثانية 1426 / 01-08-2005(13/58)
السؤال
لماذا أوجب الله على الرجال للنساء المهر ثمن الاستمتاع بهن ولم يوجب على النساء مع أن النساء يستمتعن بهم أيضا ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أن الصداق حق يدفعه الرجل للمرأة مقابل استباحة بضعها، قال صاحب بدائع الصنائع: والنكاح معاوضة البضع بالمال. ويشهد له حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها. رواه الترمذي. بل إن من العلماء من قال إن مجرد التلذذ في النكاح الفاسد تعاض فيه المرأة المتلذذ بها، قال خليل بن إسحاق المالكي: وتعاض المتلذذ بها. قال الخرشي في شرحه لهذه الفقرة" يعني أن النكاح الفاسد إذا فسخ بعد أن تلذذ من المرأة بشيء دون الوطء فإنها تعطى شيئا وجوبا بحسب ما يراه الإمام من غير تقدير. اهـ. أما المرأة فلا يلزمها مقابل متعتها به. وذلك لأن استمتاعها جاء تبعا لاستمتاع الرجل وحقه في الاستمتاع واجب عليها عندما يطلب منها ذلك مالم يكن بها عذر من مرض أو حيض أو نفاس، ودليل هذا الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح. ولتأكيد هذا الحق حرم الإسلام على المرأة التطوع في العبادات وزوجها حاضر إلا بإذنه. ففي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه. ونص العلماء أن التطوع في الصلاة والحج مثل التطوع في الصوم. وليس الرجل في هذا مثل المرأة بل يحق له الامتناع عن الفراش إذا دعته زوجته مالم يصل به الأمر إلى حد الإضرار، وقدر ذلك بما فوق ثلاثة أيام، كما قضى بذلك كعب بحضرة عمر بن الخطاب رضي الله في الرجل الذي جاءت زوجته تشكو هجره لفراشها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... كيفية احتساب الصداق القديم زمنه
تاريخ الفتوى : ... 11 جمادي الثانية 1426 / 18-07-2005
السؤال
لقد توفي والدي منذ 6 أشهر، ومنذ يومين سألني أحد الأصدقاء إذا تم إعطاء والدتي مؤخر عقد زواجها من والدي، فهل يتوجب دفع هذا المبلغ لوالدتي وكيف يتم احتسابه على أيامنا حيث إن العقد مضى عليه أكثر من 40 عاما؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(13/59)
فإن مؤخر الصداق يعتبر من الدين الذي في ذمة الزوج ، فإذا توفي قبل أدائه فإنه يبدأ في إخراجه من عموم تركته كسائر الديون التي عليه قبل الوصية، فما بقي بعد الدين والوصية يقسم على الورثة، كما قال الله تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:11}، ولا يسقط ذلك حقها من التركة إن كانت وارثة.
وأما كيفية حسابه فإن كان عيناً (نقوداً) أعطي من التركة إن كان هذا النوع من النقود لا يزال موجودا ولو تغيرت قيمته، فإن كان هذا النوع مفقودا بحيث لم يعد الناس يتعاملون به أعطيت قيمته في آخر يوم فقد فيه، ونرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 6236.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تقليل المهر أفضل من المغالاه فيه
تاريخ الفتوى : ... 26 جمادي الأولى 1426 / 03-07-2005
السؤال
تعرفت على فتاة طيبة وذات دين وخلق فصليت صلاة الاستخارة وقابلت والدها وطلبتها منه للزواج، ولكن والدها طلب مني مهرا للزواج كبير بالنسبة لي فابتعدت عنهم، علما بأن الفتاة تحبني كثيراً وأنا لا أدرى أحبها أم لا، فأنا لا أراها على قدر كبير من الجمال، فهل إذا فررت بعد ما تعلقت هي بي والناس عرفت أنى سأخطبها فسيكون ذلك تضيع فرصة من الله سبحانه قد من علي بها من زوجة صالحة فلا أوفق بزوجة صالحة مثلها بعد ذلك أم ماذا أفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الأولى بأبي هذه الفتاة أن يقبل بك زوجاً لابنته إذا كنت كفؤاً لها، متصفاً بالدين والخلق الحميد، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. رواه الترمذي.
وليعلم والد هذه الفتاة أن تقليل المهر أفضل من المغالاه فيه لموافقته هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم وهدي صحابته الكرام، كما هو مبين في الفتوى رقم: 24743.
وعلى كل فإن استطعت إقناع والد هذه الفتاة بترك هذا الشرط وتنبيهه إلى أن المال عرض زائل فهذا أمر طيب، وذلك حرصاً على الزواج من تلك الفتاة المتدينة، فإن لم يقبل فلعل الله تعالى أراد بك خيراً منها وأفضل، ولا شك أنك إن بحثت ستجد إن شاء الله تعالى، فالأمة لا تخلو من صالحات.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يصح الصداق بالحج أو العمرة
تاريخ الفتوى : ... 14 جمادي الأولى 1426 / 21-06-2005(13/60)
السؤال
أنا شاب وعمري 25 سنة وخاطب (عقد قران عن طريق شيخ) وبعد التعب الشديد في فترة الخطبة أريد فسخ القران والمهر هو (المقدم والمؤخر: ليرة فضة ومصحف وعمرة وحجة, المتقدم: ليرة فضة ومصحف وعمرة, والمؤخر: الحج إلى بيت الله الحرام) وأنا قدمت لها من الذهب ما يقدر بـ 37000 ليرة سورية وهدايا حتى يقارب إلى 50000 ليرة (الذهب + الهدايا أي خمسون ألف ليرة سورية 9 وأنا لا أحب أن أطلق ولها في ذمتي شيء فماذا نحكم لها أريد أن أعرف هل إذا سامحتها بالذهب والهدايا أكون قد أخلصت ذمتي في الله ولا أظلمها معي.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في جواز صحة الصداق بالحج أو العمرة حيث ذهبت طائفة إلى المنع.
قال ابن قدامة في المغني: ولو نكحها على أن يحج بها لم تصح التسمية وبهذا قال الشافعي.
وقال خليل بن إسحاق المالكي: وفي منعه بمنافع أو تعليمها قرآنا أو إحجاجها ويرجع بقيمة عمله للفسخ وكراهته كالمغالاة فيه قولان.
لكن إن وقع كان للزوجة مهر المثل على ما ذهب إليه ابن قدامة في المغني.
وبناء على هذا، فإنه يلغى اعتبارهما ويرجع إلى تحديد الصداق بصداق مثيلات هذه المرأة فيتقرر عليك، فإن طلقتها قبل الدخول أو نحوه استحقت عليك نصف الصداق، ويحسب منه ما دفعت إليها من مقدم (ليرة) والهدايا التي دفعت لها إن اعتبرت جزءا من الصداق، فإن كان الجميع يصل نصف صداقه فقد أخذت هذه المرأة حقها، وإن كان فوق ذلك رجعت عليها بما زاد، وإن كان أقل من نصفه أتممت لها حتى تبلغ نصف الصداق.
ولمعرفة حكم الهدايا راجع الفتوى رقم: 10560.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المهر يستقر على الزوج بالخلوة بعد العقد
تاريخ الفتوى : ... 07 جمادي الأولى 1426 / 14-06-2005
السؤال
جزاكم الله خيرا على جهودكم. يا شيخ تتلخص مشكلتي أني تزوجت من 3 شهور تقريبا ومنذ ثالث يوم من زواجي وزوجتي ترفض القرب مني ولا تحب أن تكون معي وبعد إلحاح لمعرفة السبب قالت بأنها مسحورة وأنها لا ترغب بأن تكون معي فهل يا شيخ يحق لي استرجاع المهر كاملاً؟ خاصة وأن الرفض منها وأنا حاولت أن أحل المشكلة لكن من دون أي نتيجة وللتنويه كان فيه خلوة لكن ما تم الدخول.
وجزاكم الله خيرا يا شيخ.
الفتوى(13/61)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه بمجرد تمام العقد الصحيح على المرأة تصير بذلك زوجة لمن عقد عليها، فيجب عليها طاعته فيما يأمرها به من معروف، وخاصة إذا تعلق الأمر بأمور الاستمتاع، فإن أبت فهي عاصية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح. رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ويستثنى من هذا إن كان عند المرأة عذر مسوغ لذلك كالمرض أو نحوه.
وعلى هذا، فإن كان ما ادعته هذه المرأة صحيحاً، وكان يمنعها من تلبية رغبتك فهي معذورة، ولك أن تستعين بالطرق الشرعية لحل هذا السحر، وراجع الفتوى رقم: 5252.
فإن حلت المشكلة فاحمد ربك على ذلك وإلا فلا حرج في طلاقها، ويجب عليها أن تعتد، ولها عليك الصداق كاملاً لوجود الخلوة الشرعية، لأنها تعتبر في حكم الوطء قال الخرقي: وإذا خلا بها بعد العقد فقال لم أطأها وصدقته لم يلتفت إلى قولهما، وكان حكمهما حكم الدخول في جميع أمورها إلا في الرجوع إلى زوج طلقها ثلاثاً.
قال شارحه ابن قدامة: الرجل إذا خلا بامرأته بعد العقد الصحيح استقر عليه مهرها، ووجبت عليها العدة وإن لم يطأ.
وراجع الفتوى رقم: 1054.
ولك أن تمتنع من طلاقها حتى تعوضك ما دام طلب الطلاق أو الامتناع جاء من قبلها لغير ضرر منك لها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المهر في الإسلام
تاريخ الفتوى : ... 26 ربيع الثاني 1426 / 04-06-2005
السؤال
ما هي تفصيلات تطورات المهر في الإسلام، وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمهر لغة: الصداق، قال في لسان العرب: والجمع مهور، وشرعاً عرفه الفقهاء بأنه (المال الملتزم للمخطوبة لملك عصمتها)، وقد اتفق الفقهاء على أنه لا حد لأكثره لقول الحق سبحانه: وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا {النساء:20}، وإنما اختلف الفقهاء في أقله، فمنهم من ذهب إلى أن أقل الصداق يتقدر بما تقطع فيه يد السارق، وإلى هذا ذهب الحنفية والمالكية، وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه لا حد لأقله.
والصداق يشترط فيه ما يشترط في الثمن من الطهارة والانتفاع والقدرة على التسليم والمعلومية، وقد أجاز أهل العلم أن يكون المهر معجلاً كله أو مؤجلاً كله أو بعضه معجلاً والبعض الآخر مؤجل، فإن كنت تقصد بالتطورات هذا الذي ذكرنا فهو كما قلنا، وإن عنيت به شيئاً آخر فالرجاء توضيحه.(13/62)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الترغيب في تخفيف المهر
تاريخ الفتوى : ... 25 ربيع الأول 1426 / 04-05-2005
السؤال
تقدم لخطبتي شاب حالته المادية معتدلة وتنازل والدي عن كافة متطلبات الزواج المعتادة إلا أنه طلب منه مؤخر صداق وصل إلى 30000 جنيه مصري وهذا من وجهة نظر الشاب خارج إمكانياته، فهل يجوز المغالاة في ذلك بالرغم من تنازل والدي عن المهر أرجو الإفادة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أنه لا حد لأكثر الصداق، لقول الحق سبحانه: وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا {النساء:20}.
إلا أن الأولى تخفيف المهر وعدم المغالاة فيه للأحاديث الواردة في الترغيب في ذلك، ففي مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها.
وفي حديث آخر: أن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة. رواه الإمام أحمد.
وبما أن مؤخر الصداق من جملة الصداق فينبغي تقليله، وهذا ما ندعو أباك إليه لما في ذلك من الخير، زيادة على أنه جالب للمودة بين الرجل وأهل زوجته بخلاف المغالاة فإنها عامل كراهة وبغض.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مسائل تتعلق بالمهر
تاريخ الفتوى : ... 23 ربيع الأول 1426 / 02-05-2005
السؤال
عقدت على زوجتي بحضور الإمام وولي الأمر والشهود، في كتابة العقد سألني الإمام كم يوجد من الذهب قلت له بالتقريب ثم قال كم أكتب من المبلغ قلت لا أعلم فكتب 20000 هذا وللعلم ولي الأمر لم يطلب أي شيء وعندما قلت لزوجتي علي المال قالت لا أريد أي شيء سؤالي هل الذهب يعتبر مهرا ؟ وهل علي أن أعطي ذلك المبلغ لزوجتي؟ وهل نكاحي صحيح؟ شكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤال الأخ كما فهمناه هو هل ما كتب في العقد من مبلغ – هذا المبلغ هو تحديد لقيمة الذهب بالتقريب – يعتبر مهرا واجبا على الزوج إعطاؤه للمرأة ؟ وهل النكاح صحيح ؟(13/63)
الجواب
أما النكاح فصحيح لتوفر شروط صحته من ولي وشاهدين إلخ
وأما المهر فلا يشترط ذكر ه في العقد ويصح النكاح بدون تحديده، إلا أنه يجب لها مهر المثل، أما ما كتب في العقد من مبلغ إن كان اتفق على كونه مهرا فيجب إعطاؤه للمرأة ، وإن كان كتبه كاتب العقد كأمر شكلي أو رسمي وليس هو المتفق على كونه مهرا ، فلا يكون مهرا ويلزمه مهر المثل
وإذا تنازلت المرأة عن المهر سقط عن الزوج، لقول الله تعالى: وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء:4].
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 18175 .
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الملابس والحاجات الخاصة بالعروس هل هي من ضمن المهر
تاريخ الفتوى : ... 17 ربيع الأول 1426 / 26-04-2005
السؤال
عقد عقراني على شاب مبتدئ ولم يدفع لي مؤخرا ولا مقدما وتم وضع في عقد القران ليرة ذهبية كمقدم ومؤخر وعندما طالبه والدي بتجهيزي وذلك بشراء بعض الملابس والحاجات الخاصة بالعروس لم يعجبه طلب والدي مع العلم أننا تمت الخلوة بيننا وتم الدخول قبل الزواج فما النصيحة .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الدخول تم بعد العقد المستوفي الشروط والأركان وقبل الزفاف فهو زوجك، وكان الأولى أن لا يحدث الدخول إلا بعد الزفاف لما في الدخول قبل ذلك من إشكالات تلحق العاقدين والأسرة، ونصيحتنا لكم أن تيسروا الأمر وتتسامحوا في أمر الكسوة وما إلى ذلك، فإن هذه أمور تهون وتسهل إذا نظرنا إلى الزواج والحياة الزوجية أنها حياة مبنية على الرحمة والمحبة والعطف، وأما الملابس والحاجات الخاصة بالعروس فهل تلزم الزوج أم لا؟ نقول: إن كان الاتفاق أن على الرجل دفع المهر الذي هو ليرة ذهبية فقط وليس عليه شيء آخر فلا يلزمه شراء كسوة ولا غيرها سوى الكسوة والنفقة التي تجب للزوجة بعد التمكين، أما إن كان العرف أن هذه الكسوة وتكاليف العرس على الزوج زائدة على المهر فيلزمه دفعها، مع أننا ننصح الزوج ـ على افتراض أن هذه الأمور لا تلزمه ـ إن كان ميسورا أن لايبخل بها، وفقكم الله لطاعته.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المهر المقدم والمؤخر والشبكة
تاريخ الفتوى : ... 17 ربيع الأول 1426 / 26-04-2005(13/64)
السؤال
ما هو الفرق بين الشبكة والمقدم والمؤخر والمهر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا ما هو المقصود بالمهر في الفتوى رقم: 61455.
وقد نص أهل العلم على أنه يجوز تقديمه جميعاً عند العقد أو تأخيره عنه إلى أجل معلوم، أو تقديم بعضه وتأخير البعض الآخر ويسمى مؤخراً.
أما الشبكة فقد تكون هدية وقد تكون جزءاً من الصداق، ولمعرفة حكمها نحيلك على الفتوى رقم: 17989.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المهر والحقوق الزوجية
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الأول 1426 / 24-04-2005
السؤال
لماذا المهر وما هو المؤخر؟ وما هي أصول المعاملة التي يجب أن أعامل بها زوجتي؟
وما هي حدود طاعة الزوجة, كيف يجب أن أعاملها, وماذا إن طلبتها إلى الفراش فرفضت؟
أرجو تزويدي بكل المعلومات, لأني تزوجت حديثا وأقيم في كندا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمهر كما في الموسوعة الفقهية: هو المال الذي تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد عليها أو بالدخول بها . وهو حق واجب للمرأة على الرجل عطية من الله تعالى مبتدأة , أو هدية أوجبها على الرجل بقوله تعالى : وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً {النساء: 4} إظهارا لخطر هذا العقد ومكانته , وإعزازا للمرأة وإكراما لها . والمهر ليس شرطا في عقد الزواج ولا ركنا عند جمهور الفقهاء , وإنما هو أثر من آثاره المترتبة عليه , فإذا تم العقد بدون ذكر مهر صح باتفاق الجمهور لقوله تعالى : لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً {البقرة: 236} فإباحة الطلاق قبل المسيس وقبل فرض صداق يدل على جواز عدم تسمية المهر في العقد . ولكن يستحب أن لا يعرى النكاح عن تسمية الصداق , لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزوج بناته وغيرهن , ويتزوج ولم يكن يخلي النكاح من صداق .اهـ
وإذا علم ما هو المهر فما أخر منه بعد الدخول فهو الذي يسمى المهر المؤخر ويكون دينا في ذمة الرجل .
وحقوق الزوجين سبق ذكرها في الفتوى رقم 27662 .
وحدود طاعة الزوجة لزوجها سبق بيانها في الفتوى رقم 31919 .(13/65)
ولا يجوز للزوجة أن تمتنع عن فراش زوجها إلا لعذر حسي كمرض أو شرعي كحيض ونفاس وانظر الفتوى رقم 23496 والفتوى رقم 14121 والفتوى رقم: 34857
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إذا أنكر الزوج الصداق ولا بينه للمرأة.
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الأول 1426 / 24-04-2005
السؤال
الشيوخ الأفاضل: لقد بعثت إليكم بأسئلة بالفرنسية وكان رقمها 142353 ولكنني عندما تصفحت بنك الفتاوى لم أجد بتاتا لا السؤال ولا الفتوى وبالتالي فإنني أبعث أسئلتي من جديد:
1ـ فيما يخص مؤخر الصداق؛ تقدم لخطبتي شاب أمازيغي يصغرني بسنتين, رفضتني أمه في البداية لأنني عربية لكن فيما بعد اتضح لي أنها شديدة التعلق به وبعد 7 أشهر من الاستخارة والدعاء استجابت والدته ولكن كان ظاهريا, التقيت مع الشاب من أجل الاتفاق على المهر وكان اتفاقنا كما يلي: أنه يعينني في شراء بعض الجهاز من ألبسة تقليدية لارتدائها يوم العرس، أن يحضر يوم الخطوبة مصحفا وطقما ذهبيا فيما بعد أي كمؤخر صداق، ولكنني أتفاجأ به لم يشتر لي أي شيء سوى حذائين وبعض المنشفات ولم يحضروا لي أي طقم يوم العرس.. أشير أنني والخاطب في فترة الخطوبة خرجنا لشراء بعض اللوازم ولم يساهم إلا بحذائين وبعض المنشفات واخترنا طقما ذهبيا قيمته 23000,00 دج، ولكنني أجده يرفض شراءه لي مدعيا أنه لم يحمل المبلغ اللازم قلت له نعطي البائع عربونا ونكمل الباقي فيما بعد، ولكنه يرفض بل قال لي: والله يا حبيبة سأشتريه لك بعد العرس لأنني أنا من سيعمل العرس بمفردي؛ عذرته لأنني كنت أثق فيه ثقة عمياء فهو متدين ويخاف الله إذا لا يخدع؛ وفي الشهر الأول أجد أخت زوجي تخبرني أن الأم تعاملني معاملة سيئة لأنها تكرهني وأنها تنوي تزويج زوجي بمن تختارها له؛ حتى وأنه متزوج إذا شمت رائحة مرة في الطريق وتوالت الأشهر وبالضبط الـ4 أجد أبا الزوج بأمر من زوجته يقول لي يا كلبة اخرجي من داري ولعلمك ابني لا يأتي معك، ولعن دين والداي رغم صلاحهم ورغم أن والدي متوفى اسمه صالح ويعرف بالصلاح، المهم أن والد الزوج كان ذميما ومن حبه العارم لي انقلب إلى كره لا مثيل له هذا الأب أما البنت فكانت تقول لي كما كنت سبب زواجك من أخي سأخرجك منه وتذكري هذا جيدا وفعلا خططوا لمصيدتي وتمكنوا مني حيث أخرجوني من البيت مع شتم وقذف أبي الزوج وأخته وحتى أخوه الذي كان شديد الاحترام لي فلقد قال لي يا كلبه، المهم أخرجت من البيت رغما عني وخلال الـ 7 أشهر كنت أتوسل لزوجي للانفراد
بمسكن بعيد عن أسرته التي شممت فيها روائح التفرقة ورغم إمكانياتنا أنا والزوج ولكنه يقول لي اصبري أنت مؤمنة وكنت أقول له يا كريم لم أطالبك بالطقم وأطالبك(13/66)
بالمسكن بالهناء إنك تريد قتلي ولكن يرفض مدعيا أن أهله إن لم يسمحوا بالخروج فلن يخرج وتحملي يا حبيبة النار التي وضعك فيها، سؤالي: الطقم لم يعطيني وفي المحكمة يريدون شاهدا على ذلك الطقم والشاهد الوحيد هو الله, في مجلس الخطبة تحدثوا عن مؤخر صداق ولم يحددوا المبلغ وأنا اخترت ذلك الطقم ولا أريد غيره أو قيمته فما قول الشرع في ذلك، ألا يعتبر اختياري للطقم هو اتفاق على الصداق؟
سؤالي الثاني: هذا الطلاق باطل شرعا لأنه أساسا طلاق المكره، فهل أنا الآن مطلقة عند الله من هذا الشخص لأنه وبلسانه يقول لي إنه ضد الطلاق وإنه ضعيف أمام والديه وإنه مسحور.. وطلبت منه أن يرقي نفسه ولكنه بعيدا عن أسرته يستجيب وعند حضوره معهم يتحول إلى إنسان آخر ويقول إنه مستحيل أن يقطن بمفرده ومستحيل العيش مع أسرته وبما أن المحكمة حكمت بالطلاق خلاص هذا هو المكتوب سلمت أمري لله وتركت المحكمة تعمل والقرار يعود إليها، وفيما يخص المتعة فكيف يقومها القاضي العادل لأن المحكمة حكمت لي بمتعة تقدر بأقل من أجرته, حيث حكمت لي ب40000,00 دج والزوج يتقاضى شهريا أكثر من55000,00 دج
سؤال آخر: ما معنى العصمة بيد الرجل إذا أراد الطلاق طلق حتى وإن لم تكن هنالك أسباب، أحيطكم علما بأنني قلت لوالد زوجي حين وجدته يصر على تطليقي من زوجي, قلت له لقد أمضيت شبابك مع النسوة والخمرة وشيخوختك تطلقني من زوجي من غير أي مشاكل بيننا هذا حرام هذا عمل لا يفعله عاقل بل عمل الشيطان إنك مشرف على الموت فرد علي وكله ثقة بالنفس؛ قال لي أنت من سيسبقني للقبر، أم الزوج وأخته أخذوا مني منشفة صغيرة أستعملها مع زوجي عند المعاشرة وتأكد الراقي من عمل السحر لي فكيف أقيم عليهم الحجة بممارستهم للسحر والدليل الوحيد الذي لدي هو شهادة أخته المتزوجة بوجود المنشفة لدى أمها أخذتها خلسة خوفا على ابنها مني، وأنا لو كنت أعلم أنهم يسحرون بنطاف الزوجين فهل أترك أغراضي على مرأى الجميع للعلم كانت أمه وأخته تدخلان الغرفة خلسة، وحتى الزوج يعلم بذلك ولم يخبرني أحيانا أشك وأنه هو كذلك كان شريكا لهم وأحيانا أخرى أقول إنه مسحور أرشدوني بارك الله فيكم، فيما يخص المصروف لم يكن يعطني فلسا بل أنا من كنت أكسوه وأتقوت من أجرتي المهم أنني خسرت كثيرا ولم أنل من هذا الزواج سوى خيبة الأمل في الرجل الجزائري والقانون الجزائري الذي ظاهره مستمد من الشرع والتطبيق بعيد كل البعد، تكلمت كثيرا وأرجو منكم الشيوخ الأفاضل إفادتي بقول الشرع وكيفية أخذ حقوقي من هذا الظالم المخادع الذي وجد القانون برمته في صفه وآخر أمنية وأهمها أن تدعوا الله معي لنصرتي على الظالمين, ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء. أحيطكم علما بأنني سأواصل مقاضاة طليقي بالمحكمة من أجل أخذ مؤخر الصداق وباقي الحقوق من تعويض متعة وفيما يخص المحكمة فيما يخص مؤخر الصداق فهم يستندون إلى صداق المثل والقاضي يحكم بما شاء وليست لي حجة على الطليق في المبلغ ولن أسامحه إلى يوم الدين(13/67)
في فلس واحد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدنيا دار ابتلاء وامتحان وشأن المؤمن فيها الصبر والاحتساب على ما يصيبه من أقدار الله تعالى، ففي القرآن الكريم يقول الحق سبحانه: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً {الأنبياء:35}. وقوله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ {البقرة:155}.
وفي الحديث الصحيح: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له. رواه مسلم، وفيه كذلك: ما يصيب المسلم من هم ولا حزن ولا وصب ولا نصب ولا أذى حتى الشوكه يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه.
وعليه، فندعوك إلى الصبر على هذه البلايا التي أصابتك، واعلمي أن من البلاء ما قد يكون في طياته الخير، والعبد لا يدري، ومصداق ذلك قول الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ {البقرة:216}. هذا فيما يتعلق بفضل الصبر.
أما بخصوص ما سألت عنه من مسائل لا تخلو من إنكار أو منازعة فالأولى طرحها على المحكمة الشرعية فهي التي تقضي في النزاع وتأخذ لصاحب الحق حقه: إلا أننا نقول على سبيل الفائدة:
أما بالنسبة للصداق فكان الأولى والأسلم من المنازعات أن يكون معلوماً، فإن كان كذلك وأقرَّ به الزوج أو شهدت به بينة فلا إشكال في ثبوته على الزوج.
أما إن لم يكن كذلك فهذا ينظر فيه.. فإن علم نوعه كما هو الحال هنا في ادعائك أنه كان طقماً، وأقر الزوج به فهذا يلزم أيضاً، فإن جرى العرف بطقم معين اعتبر وإلا بأن كان هناك أنواعاً متعددة فللزوجة الوسط، قال صاحب التاج والإكليل عند قول خليل بن إسحاق المالكي: (ولها الوسط حالا) ابن يونس: إن نكحها على مائة بقرة أو شاة ولم يصف ذلك جاز النكاح، وعليه وسط من الإنسان، وكذا على عبد بغير عينه.
وأما أن أنكر الزوج قدر الصداق ولا بينه للمرأة، أو ادعى الزوج أنه لا صداق لها عليه فكثير من أهل العلم يرى أن القول قول المرأة إذا ادعت صداق المثل أو أقل، سواء كان ذلك قبل الدخول أو بعده، قال الخرقي: وإذا اختلفا في الصداق بعد العقد في قدره ولا بينة على مبلغه فالقول قولها ما ادعت مهر مثلها، وإن أنكر أن يكون لها عليه صداق فالقول أيضاً قولها قبل الدخول وبعده ما ادعت مهر مثلها؛ إلا أن يأتي ببينة تبرئه منه. قال شارحه ابن قدامة: فالقول قولها فيما يوافق مهر مثلها سواء ادعى أنه وفى لها أو أبرأته منه أو قال لا تستحق علي شيئاً، وسواء كان ذلك قبل الدخول أو بعده. وبه قال سعيد بن جبير والشعبي وابن شبرمة وابن أبي ليلى والثوري والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي.
وذهب المالكية إلى أن الخلاف إن كان قبل الدخول تحالف الزوجان وفسخ نكاحهما، وإن كان بعده فالقول قول الزوج إن كانت العادة تقضي بتعجيل الصداق.(13/68)
وأما بالنسبة للطلاق الذي وقع من زوجك فإنه يعتبر صحيحاً ولا يؤثر فيه كونه وقع من الزوج أثر إلحاح من أهله إذ لا يعتبر ذلك إكراهاً، وانظري ضوابط الإكراه في الفتوى رقم: 24683.
لكن إن ثبت أنه وقع نتيجة لتأثير السحر ففي هذه الحالة لا يلزم وهذا ما يصعب معرفته.
وعليه.. فلا يجوز اتهام الغير بفعله، لأن الأصل أن أمور المسلمين تحمل على السلامة.
وأما بالنسبة للمتعة فلا حد لأقلها وإنما هي بحسب المطلق من اليسر والعسر، وراجعي الفتوى رقم: 30160.
وأما بالنسبة للنفقة فمن حقك مطالبته بها، قال ابن قدامة في المغني: ومن ترك الإنفاق الواجب لامرأته مدة لم يسقط بذلك وكان دينا في ذمته، سواء تركه لعذر أو غير عذر في أظهر الروايتين. انتهى.
وأما الحكمة من جعل الطلاق بيد الرجل دون المرأة فذلك لأنه صاحب القوامة ونظرته للأمور نظرة عواقب بخلاف المرأة، قال سيد سابق في فقه السنة: جعل الإسلام الطلاق من حق الرجل وحده لأنه أحرص على بقاء الزوجية التي أنفق في سبيلها من المال ما يحتاج إلى إنفاق مثله أو أكثر منه إذا طلق وأراد عقد زواج آخر، وعليه أن يعطي المطلقة مؤخر الصداق ومتعة الطلاق... ولأنه بذلك وبمقتضى عقله ومزاجه يكون أصبر على ما يكره من المرأة، فلا يسارع إلى الطلاق لكل غضبة يغضبها أو سيئة منها يشق عليه احتمالها، والمرأة أسرع منه غضبا وأقل احتمالاً وليس عليها من تبعات الطلاق ونفقاته مثل ما عليه، فهي أجدر بالمبادرة إلى حل عقدة الزوجية لأدنى الأسباب. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الحث على تيسير الزواج وعدم المغالاة في المهر
تاريخ الفتوى : ... 12 ربيع الأول 1426 / 21-04-2005
السؤال
ما رأي الدين في مغالاة أهل العروس في الطلبات مثل الجهاز والمهر والمؤخر وقت زواج ابنتهم وهم يعلمون حالة العريس أنها لا تسمح، وقد قال لهم ذلك حين طلب بنتهم للزواج والعروسان الآن مكتوب كتابهم ويجهزون للدخول هل يطلقها أو يتركها هكذا أو ماذا يفعل وماذا يقول الدين لأهل العروس؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النكاح من مقاصد الدين وأهدافه العظيمة لما فيه من إحصان الفرج، وتكثير النسل، وبناء الأسرة التي هي اللبنة الأولى في المجتمع، ولذا ورد الأمر بالنكاح والزواج في كثير من الأحاديث ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج. متفق(13/69)
عليه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة. رواه أحمد وابن حبان وحسنه الهيثمي.
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تيسير الزواج وعدم المغالاة في المهر، ففي مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة.
وكان هديه صلى الله عليه وسلم في تزوجه وتزويجه، وهدي صحابته رضي الله عنهم تيسير النكاح وتقليل مؤونته، ففي البخاري عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: تزوج ولو بخاتم من حديد. وفي النسائي عن ابن عباس أن عليا رضي الله عنه قال: تزوجت فاطمة رضي الله عنها، فقلت: يا رسول الله ابن بي، قال: أعطها شيئاً، قلت: ما عندي من شيء! قال: فأين درعك الحطمية؟ قلت: هي عندي، قال: فأعطها إياه.
ولا شك أن في المغالاة في المهور مفاسد ومضار عظيمة، تقدم بعضها في الفتوى رقم: 3074.
منها: انتشار العنوسة بين الجنسين، ولا يخفى ما في ذلك من نذير شؤم وفساد على المجتمع، حيث يتجه الشباب من الجنسين لقضاء شهواتهم بطرق غير مشروعة مضرة بهم وبمجتمعهم وأمتهم.
فنقول لأهل الفتاة: ينبغي لهم أن يقدموا مصلحة ابنتهم وأن يزنوا الأمور بميزان الشرع لا بموازين العرف والعادات المخالفة لهدي الإسلام، وليكن نظرهم كون هذا الشاب متصفا بالدين والخلق، فإن ذلك هو غاية المطلوب في الأزواج، وهو أرجى أن يكرم ابنتهم وأن يحفظ لها حقوقها، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها، وأن لا يجعلوا الأمور المادية حائلا دون إتمام هذا الزواج.
أما الأخ السائل فنوصيه بالاستعانة بالله والحرص على إحصان فرجه، وإذا كانت هذه الفتاة ذات دين فليحرص على الظفر بها، فإن المرأة الصالحة خير متاع الدنيا، وخير ما يكسبه الإنسان.
وليعلم أن الله عز وجل وعد من يسعى في إحصان فرجه بأن يعينه وأن يغنيه من فضله، قال الله تعالى: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32}، وثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: ثلاثة حق على الله إعانتهم... وذكر منهم الناكح يريد العفاف. رواه الترمذي والنسائي.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أحكام زيادة الزوج لزوجته على صداقها بعد العقد
تاريخ الفتوى : ... 12 ربيع الأول 1426 / 21-04-2005
السؤال
رجل رفع مؤخر صداق زوجته قبل وفاته من 500ليرة سورية إلى 6ملايين ونصف ليرة سورية علما أن له من زوجته بنين وبنات وبعد الوفاة اعترض الورثة(13/70)
على هذا الرفع فهل رفع مؤخر الصداق بهذه الطريقة جائز ؟ وهل رفع مؤخر الصداق
بعد الزواج بشكل عام جائز وخاصة بعد مرور وقت طويل جدا على الزواج علما أن قيمة مؤخر الصداق القديم بعد مرور وقت طويل عليه يصبح بدون قيمة فعلية.
ودمتم لنا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمؤخر الصداق هو ما ثبت في ذمة الزوج عند العقد، فإذا زاد الزوج هذا المؤخر بعد ذلك فلا تكون هذه الزيادة من مؤخرالصداق، بل تكون إما عطية وإما وصية، فإن كانت هبة وعطية ولم تقبضها الزوجة حتى مات الزوج فتقدم أن الموهوب له لا يملك الهبة إلا بالقبض، كما في الفتوى رقم: 18923
وإن كانت وصية فالوصية لا تجوز لوارث، والزوجة وارث، لكن تنفذ الوصية إذا أذن
الورثة كما في الفتوى رقم: 1996
وما يزيده الزوج بعد العقد يأخذ حكم الصداق في حالة، ويأخذ حكم الهبة والعطية في حالة أخرى. قال في حاشية الخرشي شارحا لقول المختصر: وتشطر ومزيد بعد العقد ( ش ) يعني أن الزوج إذا طلق زوجته قبل الدخول عليها فإن صداقها يتشطر بهذا الطلاق؛ لقوله تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ. فلو زاد الزوج لزوجته زيادة على صداقها بعد عقده على أنه من الصداق فإن تلك الزيادة تتشطر أيضا، وسواء كانت تلك الزيادة من جنس الصداق أم لا، اتصفت بصفاته حلولا وتأجيلا أم لا؛ لأن تلك الزيادة لها حكم الصداق في الجملة؛ لأنها تبطل لو مات أو فلس قبل قبضها للزوجة، فحكموا لها بحكم العطية في هذه الحالة لا بحكم الصداق، فلم تكن كالصداق من كل وجه، وفهم من قوله: بعد العقد أن المزيد قبل العقد أو حينه صداق. انتهى
الشاهد من هذا النقل أن ما زيد بعد العقد يبطل لو مات الزوج أو أفلس قبل أن تستلمه الزوجة.
وعليه، فهذه الزيادة ليست دينا على الزوج، ولا يثبت في ذمته إلا ما اتفق عليه قبل العقد أو أثنائه، ولا تختص زوجته إلا بمؤخر الصداق الذي وقع عليه العقد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الذهب والهدايا من الخطيب المتوفى
تاريخ الفتوى : ... 04 ربيع الأول 1426 / 13-04-2005
السؤال
ما حكم أخذ الذهب والهدايا التي أعطاني إياها خطيبي المتوفى؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(13/71)
فإن ما أعطاكه خطيبك لا يخلو من أن يكون قد دفعه إليك على سبيل الهدية والهبة فتجري عليه أحكام الهبة والهدية، فهو لك بالقبض وقد ملكته ملكا صحيحا
وإن كان ما دفعه إليك يعتبر جزءا من الصداق عرفا أو اتفاقا فيجب عليك أن تعيديه إلى ورثته، لأن الخطوبة ليست عقدا ملزما وإنما هي وعد، وقد جرى بيان ذلك وتفصيله في الفتوى رقم: 6066، 45725 فنرجو مراجعتها للاستزادة.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
يدفع المهر حسب الاتفاق
تاريخ الفتوى : ... 03 ربيع الأول 1426 / 12-04-2005
السؤال
لقد تم عقد القران على فتاة مسلمة ومن نفس جنسيتي (فلسطينية) طلب مني أهلها مهر (ليرة ذهب) أو ما يعادلها ، مع العلم أن أهلها يقولون إن هذا الشيء رمزي والقصد أن أقوم أنا بشراء الملابس والذهب لها حسب اتفاقنا أنا وزوجتي .
السؤال : هل هذا يعني أنني قد أوفيت التزاماتي ؟
وجزاكم الله خيراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دفعت المهر المحدد قل أو كثر فقد وفيت بما عليك، ولا يبقى عليك من الواجب المالي تجاه زوجتك بعد ذلك إلا النفقة التي تشمل المسكن والملبس والمطعم والمشرب .
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مؤخر الصداق في القرآن والسنة
تاريخ الفتوى : ... 03 ربيع الأول 1426 / 12-04-2005
السؤال
هل يوجد في القرآن أو في السنة ما يدل على أن هناك ما يسمى بمؤخر الصداق وهو من حق الزوجة عند الطلاق؟
شكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد في القرآن ولا في السنة ذكر لمؤخر الصداق وإن كان ذلك مشمولا فيهما لأنه يعتبر جزءا من الصداق الذي دلت نصوص القرآن والسنة على أنه حق للمرأة، ففي القرآن يقول الحق سبحانه:
وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً{النساء: 4}. وفي صحيح البخاري: التمس ولو خاتما من حديد. وبما أن الصداق عوض عن الاستمتاع فهو كغيره من التعويضات يجوز أن(13/72)
يكون حالا كله أو مؤجلا كله أو بعضه مؤجل وبعضه حال، قال خليل بن إسحاق: وجاز تأجيل الصداق أو بعضه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم أخذ تكاليف الزواج من مهر البنت بغير إذنها
تاريخ الفتوى : ... 18 صفر 1426 / 29-03-2005
السؤال
هل توجد نسبة معينة أو مبلغ يمكن لولي البنت أن يأخذه من مهرها للمساعدة في المصاريف التي تترتب على زواجها، ولو فرضنا أن المهر (20000) ريال وطلبت من الزوج مبلغ (25000) ريال مهرا على أن يكون معلوما لبنتي أن الخمسة آلاف زيادة هي للمساعدة في مصاريف الزواج وليست لها، فهل هذا جائز مع العلم بأن الزوج لا يعرف هذا التقسيم، أفيدونا؟ سريعا جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن يشترط الأب أن تكون نفقة العرس على الزوج، قال ابن فرحون في تبصرة الحكام: فرع: وفي سماع عيسى في رسم لم يدرك، قال ابن القاسم سألنا مالكا عمن تزوج امرأة فأصدقها صداقا، فطلبت منه نفقة العرس، هل ذلك عليه؟ قال: ما أرى ذلك عليه وما هو بصداق ولا شيء ثابت ولا هو لها إن مات ولا نصفه إن طلق، فردد عليه وقيل له: يا أبا عبد الله إنه شيء أجروه بينهم وهي سنتهم، فقال: إن كان ذلك شأنهم فأرى أن يفرض عليهم، قال ابن القاسم: وإن تشاحوا لم يكن لهم ذلك إلا أن يشترطوه. انتهى.
قال الدردير المالكي في الشرح الكبير: (وصحح) (القضاء) على الزوج إن طالبته الزوجة (بالوليمة) وهي طعام العرس بناء على أنها واجبة وسيأتي ندبها وهو الراجح فلا يقضى بها (دون أجرة الماشطة) والدف والكبر والحمام ونحوها إلا لعرف.
قال الدسوقي في الحاشية عليه: قوله: فلا يقضى بها، محل الخلاف ما لم تشترط على الزوج أو يجر بها العرف وإلا قضي بها اتفاقا بالأولى مما بعده ورجع للعرف في عملها ببيت الزوج أو الزوجة.
وقال محمد بن أحمد المشهور بعليش في منح الجليل: (دون أجرة الماشطة) وضارب الدف والكبر والحمام والجلوة المتعارفة عندهم وثمن وثيقة العقد ومحصولها فلا يقضى عليه بشيء منها إلا لشرط أو عرف. انتهى.
فإذا تقرر هذا علم أن تكاليف الزواج على الزوج إن جرى بذلك عرف أو اشترطت كما هو واضح ، وعليه فأخذ نسبة من الصداق وصرفها على تكاليف العرس تصرف في مال الزوجة بغير إذنها بدون مبرر.(13/73)
أما إن لم يجر بذلك عرف ولم يشترط على الزوج فإنه يكون على الزوجة، ولا حرج على وليها في صرف تلك التكاليف من مهرها برضاها، علم الزوج أو لم يعلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الزيادة في الصداق بعد العقد بين الاعتبار وعدمه
تاريخ الفتوى : ... 06 صفر 1426 / 17-03-2005
السؤال
عقدت في المحكمة الشرعية بمهر قدره خمسمائة دينار عراقي أولا وبعد رجوعنا من المحكمة طلب عمي بأن يتم العقد لدى إمام مسجد وثم تم تغيير مقدار المهر المؤجل بتسعة عشر مثقال ذهب، أيهما أصح وبكم أنا مدين لزوجتي..
جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان النكاح الذي وقع في المحكمة مستوفيا للشروط والأركان فالنكاح صحيح، وبالتالي فالصداق المعتبر هو خمسمائة دينار التي ذكرت في العقد عند المحكمة، وليس للعقد الثاني محل، فلا أثر له أي فلا يلزمك شيء بموجبه؛ لكن مع ذلك فإنه ينظر في هذه الزيادة التي وقعت فيه، فإن كنت وافقت عليها معتقدا أنها تلزمك بحكم العقد الجديد فهي غير لازمة، وذلك أنها بمثابة من أعطى شخصا مالا يظنه يطالبه به، أو رهن رهنا في قتل خطأ يجهل أن الدية على العاقلة أو نحو ذلك. قال الدسوقي عند قول خليل بن إسحاق: وحلف المخطئ الراهن أنه ظن لزوم الدية ورجع... كما لو ظن أن عليه دينا فدفعه لصاحبه ثم تبين أنه لا دين عليه، فإنه يسترده ممن أخذه منه. أما إن كنت عالما بعدم لزوم الزيادة وفعلتها على أنها جزء من الصداق فحينئذ تلزمك، وذلك أن الفقهاء نصوا على أن الزيادة في الصداق من الزوج بعد العقد تصح وتلزم، قال خليل بن إسحاق: ومزيد بعد العقد، قال شارحه الخرشي: فلو زاد الزوج لزوجته زيادة على صداقها بعد عقده على أنه من الصداق فإن تلك الزيادة تتشطر .. لأن تلك الزيادة لها حكم الصداق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الصداق ملك للمرأة دون غيرها
تاريخ الفتوى : ... 14 محرم 1426 / 23-02-2005
السؤال
شخص تزوج ودفع الكثير من المال وكتب في الوثيقة أن المهر مبلغ محدد وفيما بعد عرف أن هذا المبلغ لم يسلم للزوجة فماذا يفعل؟
الفتوى(13/74)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصداق ملك للمرأة دون غيرها، وبالتالي فهي التي تتولى قبضه إن كانت رشيدة، وإلا تولي ذلك أبوها أو وصيه أو ولي المرأة السفيهة، فإن دفع الزوج الصداق إلى من ليس له الحق في القبض فقبضه فضاع ضمنه الزوج والقابض، فإن شاءت المرأة أخذته من القابض لتعديه بقبضه، وإن شاءت أخذته من الزوج لتعديه في الدفع إلى غير مستحق القبض.
قال صاحب حاشية الصاوي ممزوجاً بالشرح الصغير: (وقبضه) أي المهر (مجبر) أو وصيه (أو ولي سفيهة) إلى أن قال: (وإلا) يكن مجبراً ولا ولي سفيهة (فالمرأة) الرشيدة هي التي تقبضه لا من يتولى عقدها إلا بتوكيل منها من قبضه (فإن قبضه غيرهم) أي غير المجبر وولي السفيهة والمرأة الرشيدة (بلا توكيل) ممن له القبض فضاع ولو ببينة من غير تفريط كان ضامناً له لتعديه بقبضه (واتبعته) أي الزوجة (أو) اتبعت (الزوج) بتعديه بدفعه لغير من له قبضه، فإن دفعه القابض فلا شيء على الزوج، وإن دفعه لها الزوج رجع به على القابض.
وعلى هذا، فإن كان الزوج دفع المهر إلى زوجته الرشيدة أو وكيلها أوولى السفيهة، فقد سقط عن الزوج الصداق وبرئت ذمته منه.
أما إن دفعه إلى غير وكيلها وهي رشيدة، أو إلى غير وليها وهي سفيهة ثم ضاع، فإنها ترجع على من شاءت منهما كما عملت.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
توقيع الزوج على القائمة بغير مشاورة أهله
تاريخ الفتوى : ... 19 ذو الحجة 1425 / 30-01-2005
السؤال
وفقني الله لاختيار شريكة حياتي وهي من أسرة طيبة وعند كتب الكتاب طلب مني أهلها كتابة قائمة ورحبت ولم يكن عندي أي مانع ولم أر حتى محتويات تلك القائمة التي كتبوها لأني فعلتها بنفس راضية لكن ذلك أغضب أهلي كثيرا وقالوا لي لماذا فعلت وقامت الدنيا وحدثت مشاكل لا حصر لها المهم تم الزواج بحمد الله، سؤالى هو:
1- هل كتابة هذه القائمة فى الشرع أم لا وحق للزوجة أم لا ؟
2- هل كتابتي لهذه القائمة فيه إثم لأن أهلي لم يرغبوا فيها ؟
أفيدونا بالرد جزاكم الله خيرا فهذا أمر زاد الجدل والكلام فيه بالنسبة لكل المقبلين على الزواج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتقليل المهر ومؤونة النكاح دليل على بركة المرأة وبركة النكاح، لما أخرج أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة. وأخرج كذلك: أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة.(13/75)
وإن كان الأصل أنه لا حد لأكثر الصداق، لقول الحق سبحانه: وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا {النساء:20}.
وبناءً على الأصل، فإنه يجوز لأهل البنت أن يشترطوا لبنتهم ما يشاءون من متاع، وليس في ذلك إثم، فإن قبله الزوج صار ملزماً به، وبما أنك وافقت على تلك اللائحة من المطالب لأهل زوجتك فلا يمكنك التراجع عن ذلك إلا برضاهم وإقدامك على ذلك من غير مشاورة أهلك ليس فيه إثم، وإن كان الأولى بك فعل ذلك خصوصاً إذا علمت أنهم سيغضبون إذا لم يشاوروا في مثل هذا الأمر، ولمزيد قائدة راجع الفتوى رقم: 9494.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... تستحق الزوجة المهر كاملاً بالدخول
تاريخ الفتوى : ... 20 ذو الحجة 1425 / 31-01-2005
السؤال
إنني رجل شاب وقد عقدت على فتاة مسلمة إلا أنني لم أبن بها بعد ولكن قدر الله أن نلتقي ويكون بيننا ما يكون بين الرجل وزوجه ولم أقع بهذا في شيء محرم لأنها زوجتي التي عقدت عليها بنكاح صحيح وبموافقة أهلها وتحديد مهر ليست هنا المشكلة وإنما بعد أن حصل ما حصل علمت أنها ليست بكرا وآلمني ذلك وقررت طلاقها حتى لا أعيش في ألم وضيق وشك بالإضافة إلى ذلك وجدت منها سلوكا لا يليق لمسلمة علماً بأنني رجل مستقيم في دينه ولا أزكي نفسي ومتزوج يعرف البكارة من غيرها وإذا كان الأمر كذلك فهل لها المهر أم ماذا؟
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أن غشاء البكارة يزول بأكثر من سبب غير محرم، بل قد يكون ذلك بغير علم المرأة، ولذا فلا تتعجل بالتهمة واتخاذ قرار الطلاق، وإن كان قد بدر من المرأة خلق لا يرضيك، فقد تجد عندها مما يرضيك أكثر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر. رواه مسلم، ومن ذا يخلو من العيوب، وانظر الفتوى رقم: 6907.
واجتهد في أن يكون إصلاحها على يدك لتنال أجرها، واجتهد معها على فعل ما يقوي الإيمان ويغرس خشية الله التي تحول بين المسلم وبين الذنوب في الخلوة والجلوة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: اتق الله حيثما كنت. رواه الترمذي.
فإن أبيت إلا الطلاق، فقد استحقت زوجتك المهر كاملاً بالدخول الذي هو الجماع، ولا يشترط أن تزف إليك زفافاً معلناً، وانظر الفتوى رقم: 22144، والفتوى رقم: 46091.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(13/76)
ـــــــــــــــــــ
تقليل المهر يوافق روح الشريعة
تاريخ الفتوى : ... 22 ذو القعدة 1425 / 03-01-2005
السؤال
ما هو حكم مؤخر الصداق؟ ومن يقوم بتحديد مبلغه؟ وهل لو أن أهل خطيبتي يريدون مؤخرا مبالغا فيه ولا أقدر عليه فأنا لا أمانع وكثيراً ما أوضحت أن قيمته إن كانت قليلة فهي لن تقلل قيمتها في نظري فأنا لا أستطيع ما يريدون وهم يعلمون أنه ليس لدي إلا ما يقيم منزل الزوجية فبماذا أجيب وماذا أفعل ؟ وهل مؤخر الصداق هذا يتحدد حسب العرف السائد بين الناس وعلى حسب مقدرة الزوج أم ماذا؟ نرجو الإفادة ...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أنه لا حد لأكثر الصداق، لقول الحق سبحانه: ...وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا...{النساء:20}.
قال ابن قدامة في المغني: وأما أكثر الصداق، فلا توقيت فيه بإجماع. اهـ
وبما أنه لا حد لأكثره، فإنه يرجع في تحديد قدره إلى الزوج والمرأة وأوليائها، فما اتفقوا عليه لزم الزوج.
هذا في حال ذكر الصداق عند العقد، أما إن وقع النكاح بدون ذكر الصداق، وهو ما يعرف عند الفقهاء بنكاح التفويض، فهذا إذا وقع الوطء من غير تسمية واختلف الزوجان في تحديد المهر، فإن الفيصل في ذلك ما حدده العرف، وهو صداق المثل.
والصداق إن عجل كله فبها، وإن أجل كله أو بعضه فلا حرج، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 17243.
هذا وننبه إلى أن تقليل المهر أفضل من المغالاة فيه لموافقته هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وهدي صحابته رضي الله عنهم. وراجع الفتوى رقم: 24743.
وعلى هذا، فعليك إقناع أهل هذه المرأة برغبة الشرع في تخفيف المهر، ولو وسطت في ذلك أهل الخير والصلاح فلا بأس.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يصح اعتبار الهدية من مؤخر الصداق
تاريخ الفتوى : ... 16 ذو القعدة 1425 / 28-12-2004
السؤال
جاءني زوجي بخاتم ذهبي كهدية هل يمكن بعد أن جاءني به أن ينوي أن قيمته هذه من مؤخر الصداق لأنني علمت أنه دين عليه
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(13/77)
فإن قصد عند تسليمك الخاتم أن يكون من مؤخر الصداق فهو كذلك، أما إن قصد الهبة فليس له بعد ذلك اعتبار ما دفعه من الصداق، لأنه بالهبة خرج من ملكه فكيف يقضيك صداقك مما لا يملك، وانظري الفتوى رقم: 52330.
وكون ثمن الخاتم دينا على الزوج لا أثر له على الحكم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا نذر فيما لا يملك العبد.
تاريخ الفتوى : ... 01 ذو القعدة 1425 / 13-12-2004
السؤال
بنت نذر عليها أهلها من يوم كانت صغيرة بمهر بسيط جداً، هل يمكن أن يتغير المهر أم لا بد من تنفيذ النذر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يلزم أهل هذه الفتاة الوفاء بهذا النذر، لأنه نذر فيما لا يملكون، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا نذر في معصية، ولا فيما لا يملك العبد. رواه مسلم.
وذلك لأن المهر ملك لهذه الفتاة وحدها دون أن يكون لأهلها فيه نصيب، قال صاحب تحفة المحتاج: الصداق ملك للمرأة، وليس لأحد ن ينتفع بملك غيره إلا بإذنه. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الشبكة بين الصداق والهدية
تاريخ الفتوى : ... 11 شوال 1425 / 24-11-2004
السؤال
هناك عادة في الزواج وهي تقديم "شبكة عروس من الذهب" تلبيسة وهي غير المهر المعجل وفي عقد الزواج لا يتم تثبيتها كجزء من المهر المعجل، فهل يجوز للزوج أن يستردها علما بأنه في حالة الانفصال لا يتم الاعتراف بها وكأنها لم تكن وسيضطر إلى دفع ما تبقى من المهر "المؤخر" كاملاً، وهل له أن يأخذها بإذن الزوجة أو بدونه، مع العلم بأن هذا الموضوع مقلق جداً؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشبكة إما أن تكون من المهر، وحينئذ فحكمها حكم المهر، وإما أن تكون دفعت على أنها هدية فحكمها حكم الهدية، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 6066، والفتوى رقم: 44658.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(13/78)
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... عدم تسليم المهر لا يبطل النكاح
تاريخ الفتوى : ... 10 شوال 1425 / 23-11-2004
السؤال
أنا متزوجة منذ سنتين ويصيبني القلق الشديد والتشكك من أن عقد النكاح غير صحيح أو غير مكتمل، حيث إن المهر المعجل تم الاتفاق على استلامه من الزوج إلى والد الزوجة خارج مجلس العقد، وتم الاتفاق على ذلك، ولكن حينها لم يوضح الزوج أنه لن يدفعه بل طلب من والد الزوجة أن يجيب القاضي باستلامه المبلغ خارج مجلس العقد، وقتها الوالد وافق ولم يعترض خصوصا أنه لمس مقدار كرم ذلك الزوج مع ابنته، بعدها لم يقم الزوج بإعطائي المبلغ، وأخجل أن أطلبه منه خصوصاً أنه أغدق علي بكرمه جزاه الله خيراً، بأن اشترى لي سيارة واشترى لي ذهبا وجهز منزل الزوجية واشترى لي عقاراً وسجله باسمي، وثمن كل ما سبق يعتبر أضعاف قيمة المهر، فهل عقد الزواج صحيح، وهل تنصحوني أن أنسى أمر المهر، خصوصاً أنني أخجل من المطالبة به بعد كل ما فعله من أجلي، لكنني أتوسوس بأن عقد النكاح غير صحيح طالماً أنني لم أقبض قيمة المهر في يدي، أرجو منكم النصح والإرشاد؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يؤثر في صحة النكاح عدم تسمية المهر أو عدم تسليمه في الوقت المتفق عليه، ثم هو ملك للمرأة فلها أن تتبرع به أو ببعضه لزوجها أو تتنازل عنه قبل تسليمه لها، كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 53592.
قال الخطيب في الإقناع: (ويستحب) للزوج (تسمية المهر) للزوجة (في) صلب (النكاح) أي العقد لأنه صلى الله عليه وسلم لم يخل نكاحا عنه، ولأنه أدفع للخصومة، ولئلا يشبه نكاح الواهبة نفسها له صلى الله عليه وسلم.... ويسن أن لا يدخل بها حتى يدفع إليها شيئاً من الصداق خروجا من خلاف من أوجبه (فإن لم يسم) صداقا بأن أخلي العقد منه (صح العقد) بالإجماع، لكن مع الكراهة كما صرح به الماوردي والمتولي وغيرهما. وإذا خلا العقد من التسمية فإن لم تكن مفوضة استحقت مهر المثل بالعقد.
وعليه فلا داعي للقلق والتشكيك فالنكاح صحيح، والحمد لله.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يدفع مؤخر الصداق للزوجة المرتدة
تاريخ الفتوى : ... 17 رمضان 1425 / 31-10-2004
السؤال
أنا كنت متزوجاً من فتاة من اليابان وكانت بوزية الديانة وأسلمت ثم حدث بيننا الطلاق وتزوجت من رجل أمريكي غير مسلم، وعادت إلى سابق عهدها في شرب(13/79)
الخمر وغيره من المحرمات في الدين الإسلامي أي حدث لها ارتداد، سؤالي هو الآن: هل يجوز عدم دفع المؤخر الذي تم كتابته في العقد عند الزواج لأنها أرتدت عن الدين الإسلامي أم يجب دفع المبلغ المكتوب في العقد، أرجو الإفادة لأني أخاف أن يكون هذا دين علي يجب دفعه؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أن المسلم إذا ارتد يودع ماله عند ثقة مسلم، فإن تاب رد إليه ماله، وإن مات على كفره فماله فيئ يوزع على مصالح المسلمين، قال
ابن قدامة في المغني: ويؤخذ مال المرتد فيجعل عند ثقة من المسلمين.
وقال صاحب التاج والإكليل نقلا عن ابن القاسم: يوقف السلطان مال المرتد قيل أن يقتل -ابن عرفة- والمعروف إن تاب رجع إليه ماله. انتهى، وقال في موضع آخر: أما إن مات أو قتل على ردته فماله فيء. انتهى.
وعلى هذا فإذا كان بإمكانك المماطلة عن دفع هذا المهر إلى هذه المرأة من غير أن يلحقك بذلك ضرر فذلك لك على أن تحتفظ به ما دامت حية، فإن أسلمت دفعته إليها، وإن ماتت على الكفر دفعته في مصالح المسلمين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... ليس للأب في مهر ابنته حق
تاريخ الفتوى : ... 02 رمضان 1425 / 16-10-2004
السؤال
الصداق والمهر من حقي أم من حق ابنتي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمهر حق خالص للمرأة لقوله تعالى: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً { النساء: 4}. ولا فرق في ذلك بين المهر المعجل أو المؤجل.
وليس للأب منه شيء، وقد سئل عكرمة رحمه الله عما يأخذه الأب، فقال كما في المصنف: إن كان هو الذي ُينكَح فهو له. انتهى. وفي كلامه رحمه الله زجر شديد عن ذلك.
لكن هل لأبي البنت أن يشترط على الزوج دفع شيء له؟ فيه خلاف سبق بيانه في الفتاوى التالية: 21375 و 32759. فلتراجع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من سوء العشرة مماطلة الزوج في دفع المهر مع القدرة
تاريخ الفتوى : ... 13 شعبان 1425 / 28-09-2004
السؤال(13/80)
تزوج واحد قبل أربع سنوات وعنده من الزوجة طفلان ولم يدفع المهر المقرر لها حتى الآن والمذكور يعمل في الخليج وعنده المقدرة المادية لدفع المهر، وكلما يسافر البلد يؤجل المهر إلى السنة الثانية، فما حكم هذا؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الزوج قادراً على دفع المهر وقد طالبت به الزوجة فلا يجوز له المماطلة وفعله هذا من سوء العشرة، ومن حق الزوجة أن تطالبه من خلال وليها أو رفع أمرها إلى الحاكم، ولكن هذا لا ينبغي أن يكون إلا إذا استعصى الأمر تماماً ولم يستجب الزوج للمطالبة، ولم يكن ثم طريق غير المقاضاة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم اشتراط رد قيمة الشبكة إذا فسخت الخطبة
تاريخ الفتوى : ... 08 شعبان 1425 / 23-09-2004
السؤال
عند فسخ الخطبة من جانب العروسة هل يجوز للخطيب أن يشترط أخذ ثمن الشبكة بدلا من الشبكة نفسها، بحجة الخسارة عند بيعها وأخذ كل نفقاته في يوم الخطبة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشبكة التي يقدمها الخطيب لخطيبته، وكذا الهبات الأخرى التي يقدمها الخاطب، إما أن تكون هدية منه لها، وإما أن يقصد أنها جزء من المهر، فإن كانت هدية فإنما تملك بالحيازة، وليس له استرجاعها بعد ذلك، ولا استرجاع قيمتها.
وإن كانت قدمت على أنها جزء من المهر مقدم، فهذه إذا انفسخت الخطبة ولم يتم الزواج فإن له الحق في استرجاعها، وراجع في هذا الفتوى رقم: 44658.
وإن لم يعلم القصد من تقديمها، فإنها تحمل على العرف، أي أنه إذا جرى بأنها هدية فليس له استرجاعها، وإن جرى بأنها من المهر فله ذلك، وإذا قلنا بأنها من المهر ويجب ردها، فإنما ترد بذاتها إن كانت قائمة، وإن أتلفتها عمدا أو خطأ وجب حينئذ رد قيمتها، لأن العمد والخطأ في أموال الناس سواء، وأما بالنسبة لما أنفقه على الحفل فلا يلزمها رده بحال.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا حد لأكثر المهر ولا لأقله
تاريخ الفتوى : ... 06 شعبان 1425 / 21-09-2004
السؤال
هل توجد قيمة معينة لمهر العروس، وهل توجد قيمة معينة لمؤخر الصداق؟
الفتوى(13/81)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في نصوص الشريعة ما يفيد أن للمهر حداً لا يجوز أن يتجاوزه كثرة، قال الله تعالى: وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً {النساء:20}، فللموسر أن يمهر امرأته بما أمكنه ولو بلغ قنطاراً.
وأما أقل المهر، فقد حدده بعض أهل العلم بربع دينار أو ثلاثة دراهم، ولكن المرجح عند العلماء أنه لا حد لأقله، للحديث الذي في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التمس ولو خاتماً من حديد.
وللترغيب في تقليل المهر، روى أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها. وفي حديث آخر: إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم لرجل أخبره أنه أصدق امرأة أربع أواق من فضة قال له: كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل. رواه مسلم.
فدل هذا على أن المغالاة في المهور، وإن لم تكن محرمة فلا أقل من أن تكون مكروهة كراهة شديدة خصوصاً إذا أدركنا حجم المأساة المترتبة عليها، فأعداد العوانس في ازدياد مطرد وتبعات ذلك غير خافية على أحد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إذا امتنع الولي من تزويج موليته لنقص المهر
تاريخ الفتوى : ... 19 شعبان 1425 / 04-10-2004
السؤال
أنا شاب تقدمت لفتاة مرتين، الأولى: لم يكن هناك اتفاق على المهر إلا أنني لم أيأس حاولت مع أخ البنت لأنه ولي أمرها وسمح لي بالرجوع إلا أن قيمة المهر كانت أعلى، فقال لي إن المهر هو 3000 ذهب 3000 أثاث 6000 مؤجل هذا هو الذي سيكتب في العقد، ولكن لتأت بما تستطيعه إلا أنني قلت له حدد لي المهر وليكن 1500 ذهب 1500 أثاث وما تخفضوه من المقدم تزيدون به المؤخر، البنت وافقت إلا أن ولي أمرها رفض، ما رأيكم دام فضلكم، علماً بأن الزواج إيجاب وقبول هل قبول الفتاة يتم العقد أم أن موافقة ولي الأمر ضرورية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنذكر أولا أولياء أمور النساء أن غلاء المهور ظاهرة سيئة، وتعود بعواقب وخيمة على الفرد والمجتمع، ويمكن مطالعة الفتاوى ذات الارقام التالية: 3074، 19517، 21759.
وعقد النكاح لا يصح حتى تكتمل أركانه المذكورة في الفتوى رقم: 18153.
ولكن ليس للولي أن يمنع موليته النكاح بحجة قلة المهر، لأن المهر حق للمرأة فلها أن تتنازل عنه أو عن بعضه، ولها حينئذ أن تقنع أخاها بما تريد أو توسط في إقناعه(13/82)
بعض الأقارب، فإن لم يُجْدِ ذلك فلها أن ترفع أمرها للقاضي الشرعي، وقد بين الإمام جلال الدين المحلي ذلك وبين ما يحصل به العضل فقال: وإنما يحصل العضل إذا دعت بالغة عاقلة إلى كفء وامتنع الولي من تزويجه، وإن كان امتناعه لنقص المهر، لأن المهر يتمحض حقا لها؛ بخلاف ما إذا دعت إلى غير كفء، فلا يكون امتناعه عضلا، لأن له حقا في الكفاءة.
ولا بد من ثبوت العضل عند الحاكم ليزوج بأن يمتنع الولي من التزويج بين يديه بعد أمره به، والمرأة والخاطب حاضران، أو تقام البينة عليه لتعزز أو توار بخلاف ما إذا حضر، فإنه إن زوج فقد حصل الغرض وإلا فعاضل، فلا معنى للبينة عند حضوره. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المقصود نصف المهر المتفق عليه المقدم منه والمؤخر
تاريخ الفتوى : ... 22 رجب 1425 / 07-09-2004
السؤال
أنا فتاة مخطوبة ومكتوب كتابي (عقد المحكمة الشرعي) ولكن لم يتم الزواج (الزفاف) أو لم يتم الدخول.. وأود الانفصال عن خطيبي حيث لا يمكن الاستمرار لأسباب عديدة، أريد أن أعرف حقوقي؟ أعرف أن لي نصف المهر.. لقوله تعالى: "وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم" وسؤالي هل المهر المقصود بهذه الآية المؤخر فقط؟ أم إجمالي المقدم والمؤخر؟ وهل له حقوق أخرى علي أو لي حقوق أخرى عليه بعد ذلك، كيف ينتهي الموضوع؟؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك إن كانت الأسباب التي تدفعك إلى طلب الطلاق غير مؤثرة أو كانت مما يمكن حلها أن لا تصري على طلب الطلاق.
فإن كان ولا بد من الطلاق، فاعلمي أنه لا يكون إلا برضا الزوج، ولا يحق لك ولا للقاضي أن يلزمه بالطلاق، فإن رضي بالطلاق دون مقابل، فلك نصف المهر المتفق عليه المقدم منه والمؤخر، وانظري تفصيل ما سبق في الفتوى رقم: 1955، والفتوى رقم: 8683.
أما إذا رفض الطلاق حتى تردي إليه ما دفع إليك أو تسقطي نصف الصداق عنه فله ذلك، وليس لمن طلق قبل الدخول حق المراجعة، وليس للمطلقة حق النفقة ولا يجب عليها عدة، وقد سبق هذا في الفتاوى المحال عليها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... زكاة المهر المعجل إذا لم يقبض(13/83)
تاريخ الفتوى : ... 15 رجب 1425 / 31-08-2004
السؤال
أرجو إفادتي، هل تجب الزكاة على المهر المعجل في حال عدم قبضه من قبل الزوجة، وهل تجب الزكاة عليه في حال قالت الزوجة لزوجها بعد الزواج سامحتك بالمقدم دنيا وآخره؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمهر المعجل إذا لم يقبض، فإنه يعتبر دينا كالمؤخر، وإذا حال عليه الحول، وهو في ذمة الزوج وجبت عليها زكاته إذا كان الزوج موسراً باذلاً، فإن كان معسراً أو مماطلاً فلا تجب زكاته إلا إذا قبضته، وإن لم يحل عليه الحول بأن أخذته منه وأنفقته قبل تمام حوله أو أبرأته منه فلا زكاة فيه، لما روى ابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول. وروى الترمذي: من استفاد مالاً فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول عند ربه. وراجع الفتوى رقم: 1008.
وإن أبرأت الزوجة الزوج من المهر المقدم، بأن قالت له سامحتك فيه دنيا وآخرة، فإن زكاته تسقط عنها إذا لم يكن حال حوله وهو في ذمته موسراً باذلاً، وأما إن كان الإبراء حصل بعد سنة أو سنين، فإن الزوجة تؤاخذ بزكاة تلك الأعوام الماضية، قال ابن قدامة في المغني: إذا وهبت المرأة مهرها لزوجها وقد مضى له عشر سنين، فإن زكاته على المرأة لأن المال كان لها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
للزوجة الحق في أخذ مؤخر صداقها من التركة
تاريخ الفتوى : ... 09 رجب 1425 / 25-08-2004
السؤال
هل يحق لي أن أسامح زوجي المتوفى بمؤخر صداقي من كل قلبي بعد وفاته, مع العلم بوجود مال مورّث لي ولأبنائي؟ وهل يجوز أن يقوم أحد الورثة بدفع ذلك طواعيّة عن الجميع من الورثة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمؤخر الصداق دين في ذمة الزوج كسائر الديون، وللزوجة الحق في أن تأخذه من التركة قبل قسمها، ولها الحق كذلك في أن تسامح فيه زوجها من كل قلبها قبل وفاته أو بعدها إلا إذا كان ثم ما يمنع ذلك من نحو إحاطة الديون بمالها مثلا، أو يكون محجورا عليها لسفه ونحوه.
ولا مانع أيضا من أن يدفعه أحد الورثة طواعية منه، أو يدفعه غير الورثة. فكل ذلك صحيح ولا حرج فيه. وفعل أي شيء من ذلك مبرئ للزوج من مؤخر الصداق.(13/84)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من أحكام مؤخر الصداق
تاريخ الفتوى : ... 06 رجب 1425 / 22-08-2004
السؤال
ما المقصود عند كتابة عقد الزواج بالمؤخر وهو 40 ليرة ذهب لمدة سنتين فهل يجب علي أن أدفع المؤخر خلال هذه الفترة المحددة، وهل يجوز التنازل من قبل الزوجة بخصوص المؤخر، وهل عند انتهاء السنتين ولم أدفع المؤخر كاملاً يعتبر الزواج باطلاً، نرجو منكم التوضيح لأنني في حيرة؟ ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمؤخر الصداق هو القدر الذي يتأجل منه، وليس يلزم أن يكون في الصداق مؤخر، ولا أن يؤجل بسنتين تحديداً، بل يصح أن يكون كله معجلاً أو مؤخراً، وأن يتأجل بأكثر أو أقل من سنتين.
والواجب إذا تحدد أجل مؤخر الصداق بسنتين أن يدفعه الزوج عند انتهاء الأجل إن كان قادراً على دفعه ولم ترض المرأة بالتأخير عن طيب نفس، وإذا لم يكن قادراً على دفعه، فواجب المرأة تأخيره إلى أن يجد يساراً، والأفضل لها حينئذ إسقاطه، قال الله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280}، وإن تيسر له الدفع ولم يفعل ولم ترض هي بالتأخير، كان ذلك مطلاً، وهو حرام لما في الصحيحين من قول النبي صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم.
وسواء دفع المؤخر أو لم يدفع، وكان عدم الدفع لعذر عذر أو لغير فإن أياً من ذلك لا يؤثر على الزواج، وإذا تنازلت المرأة لزوجها عن مؤخر الصداق صح ذلك لأنه محض حقها، وتنازلها عنه أفضل لأنه أدعى إلى المودة وقوة العلاقة، وهو معروف تؤجر عليه إن شاء الله.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم عقد النكاح بدون ذكر مهر
تاريخ الفتوى : ... 05 رجب 1425 / 21-08-2004
السؤال
أنا شاب خاطب بنت عمي، السؤال دون إطالة: هل يجوز لي أن أعقد دون أن أدفع مهرا، مع العلم أني غير قادر ماديا على دفعه طبعا، والمهر غير محدد لأننا أهل وهذه أمور ثانوية لكني أريد أن أعقد حتى أكلمها في الحلال، مع العلم أنني ببلد وهي ببلد آخر، أي أننا لانتقابل. أرجوكم أفيدوني؟(13/85)
هل يجوز أن أعقد دون أن أدفع المهر وسأدفعه بعد العقد أي قريب الدخلة لأن إمكانياتي ضعيفة جدا لدرجة أني لا أستطيع دفع أي مبلغ كان.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمهر ليس من أركان النكاح الواجب حصولها عند العقد، بل يصح أن يتزوج رجل بامرأة بدون ذكر مهر، وهو ما يسمى نكاح التفويض أو التحكيم. قال خليل بن اسحاق: وجاز نكاح التفويض والتحكيم عقد بلا ذكر مهر.
وإذا تم العقد المستوفي أركانه كلها جاز لكل واحد من الزوجين من الآخر ما يجوز بين سائر الأزواج، ولو لم يكن المهر قد حدد في العقد، أو حدد ولكنه متأجل. والذي يفسد العقود هو هبة المرأة نفسها للرجل مصرحة بأنه لا مهر.
وعليه؛ فلا مانع من عقد نكاح بينك وبين بنت عمك بدون ذكر مهر، أو مع ذكر مهر مؤجل إذا قبلت المرأة ذلك، لأن تعجيل المهر أو تأخيره هو من حقها هي، ولو رضيت بإسقاطه عنك نهائيا بعد البناء لكان ذلك صحيحا ونافذا إذا كانت بالغة ورشيدة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الذهب الذي يقدمه الزوج بعد الزواج هل يعتبر من ضمن المؤجل
تاريخ الفتوى : ... 03 رجب 1425 / 19-08-2004
السؤال
الصداق في عقد النكاح يقسم عندنا إلى مقدم يتم إحضاره أثناء العقد ومؤجل، هل يعتبر كل ما يقدمه الزوج من ذهب بعد الزواج بسنوات من ضمن المؤجل أم أنه يلزم إبلاغها بأن هذا من الصداق المؤجل ؟ وهل إذا أحضره بدون إبلاغ يعتبر هدية وليس من المؤجل.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم ما يقدمه الزوج لزوجته من ذهب وغيره في الفتوى رقم: 6066، وبناء على التفصيل المذكور في الجواب المحال عليه سيتضح لك حكم ما قدمت من ذهب لزوجتك، وهو أنه إذا كان ما يهديه الزوج لزوجته يعتبر داخلا في الصداق حسب ما تعارف الناس عليه فلك أن تحسبه عليها من الصداق الذي في ذمتك ولا يجب عليك إخبارها، أما إذا كان قدم على أنه هبة أو هدية فلا يحق لك الرجوع فيها بل هي هبة حيزت فانتقلت ملكيتها إلى الموهوبة له.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إعلان جزء من الصداق وإخفاء أكثره
تاريخ الفتوى : ... 03 رجب 1425 / 19-08-2004(13/86)
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
السؤال : المهر المعتاد عندنا هو خمسة آلاف دينار يدفعها أهل العريس لوالد العروس فيما بينهم دون أن يكون هناك شهود وعند كتابة العقد يكتبون المهر ربع دينار وذلك لأن هناك ضريبة على المهر مقدارها 2% من قيمته وهذا هو الذي يقال أمام القاضي والشهود فما حكم هذا العمل
أفيدونا أفادكم الله .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن تقليل المهور مدعاة للرجال إلى الإقدام على الزواج، وفي هذا حفظ للمجتمع الإسلامي من الانحراف خاصة في هذا الزمان الذي قل فيه الورع، وكثرت الفتن وانتشرت وتنوعت.
وقد ورد أن قلة المهر دليل على بركة المرأة وبركة النكاح، لما أخرج أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة، وأخرج كذلك: أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة.
وإن كان الأصل أنه لا حد لأكثر الصداق، لقول الحق سبحانه: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا {النساء: 20}.
أما فيما يتعلق بإعلان جزء من الصداق بعد الاتفاق على قدره وإخفاء أكثره عند العقد فهذا لا حرج فيه، وقد يتأكد ذلك إن وجدت مصلحة تقتضي ذلك. قال الخرشي المالكي: إن الزوجين إذا اتفقا على صداق بينهما في السر وأظهرا صداقا في العلانية يخالفه قدرا أو صفة أو جنسا فإن المعول عليه ما اتفقا عليه في السر، ولا يعمل بما اتفقا عليه في العلانية. اهـ. قال العدوي منبها: ولا يخفى أن تقريره هذا يفيد أن العلانية أكثر والسر قليل، ومثل ذلك: إذا أعلن الأقل وأخفى الأكثر، لخوف ظالم يطلع على كثرته فيصادر الزوج أو أهل الزوجة. اهـ.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الإقدام على الزواج بمال مسروق
تاريخ الفتوى : ... 02 رجب 1425 / 18-08-2004
السؤال
هل يجوز الزواج بمال مسروق من الدولة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الإقدام على السرقة لتغطية تكاليف الزواج ولا لغير ذلك، ولكن إن حصل ذلك فالزواج صحيح، وعلى السارق إثم السرقة، ويجب عليه أن يرد المال إلى الجهة التي أخذه منها، وأن يتوب إلى الله تعالى من ذلك الفعل، ولهذه المرأة مهر(13/87)
مثيلاتها من النساء، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "فتح الوهاب": لو (نكحها بما لا يملكه) كخمر وحرٍّ ودم ومغصوب (وجب مهر مثل) لفساد الصداق بانتفاء كونه مالا أو مملوكا للزواج، سواء أكان جاهلا بذلك أم عالما به. انتهى.
وقد ذكرنا حكم السرقة من المال العام في الفتوى رقم: 16747.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... ما تستحقه المطلقة قبل الدخول
تاريخ الفتوى : ... 25 جمادي الثانية 1425 / 12-08-2004
السؤال
أرجوا أن يتسع صدركم الرحب لشرحي المسألة التي أقدم بين يديكم عسى أن أحظى بحكم فقهي يحصرها ضمن إطار شرع الله . في عائلتنا شاب تقدم لخطبة فتاة تقربه وكنت بحكم أواصر القرابة التي تربطني بالطرفين الواسطة للم شملهما تحت سقف واحد وجرت الأمور على أحسن حال حتى عقد القران ولكن يظهر أن الأمر لن يتم وسيتوقف عند ذلك الحد نتيجة لاكتشاف الشاب أن هناك علاقة للفتاة بشاب آخر عن طريق الهاتف وما شابه ذلك ولم تتعد العلاقة تلك الحدود وبدأت تظهر إشكالات بين الطرفين نتيجة لذلك حيث صارت الفتاة تلمح له بطلب الطلاق والانفصال عنه وقرر الشاب فسخ عقد القران بالطلاق قبل أن يتم الزفاف فأرجو من حضرتكم سيدي بيان ما إذا كان يتوجب على الشاب دفع شيء من مقدم أو مؤخر الصداق وهل له المطالبة بالهدايا والحلي التي قدمها لها كهدايا وما دوري هنا باعتباري قريب الطرفين حيث إنني أستطيع التأثير على الشاب ومنعه من الطلاق بالإقناع واستطعت إقناع الفتاة بالعدول عن تلك العلاقة وتأكدت من ذلك.
وجزاكم الله عنا كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نشكرك على هذا المسعى الحميد والذي نرجو أن يكون داخلا في عموم قول الحق سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: من الآية2}، ومن هنا نقول لك: كما بدأت الجمع بين الطرفين فحاول الاصلاح بينهما بنزع سبب الخلاف بينهما، وذلك بإقناع الفتاة بترك العلاقة بينها وبين ذلك الرجل الأجنبي، ولتنبهها إلى أن هذا النوع من العلاقة محرم شرعا، ويتأكد هذا في حق المرأة المتزوجة، ولتنبهها كذلك إلى أن طلبها للطلاق من غير سبب شرعي هو معصية أخرى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أصحاب السنن
وعلى كلٍ.. فإن تابت هذه الفتاة واستقامت فننصح ابن عمها بإبقائها في عصمته، وإن استمرت على حالها وعلى إلحاحها في طلب الطلاق فليطلقها عسى الله أن يبدله خيرا منها. وفي هذه الحالة ليس لها إلانصف المهر المسمى ويشمل ذلك مقدم المهر ومؤخره، لقول الحق سبحانه: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ(13/88)
فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ {البقرة: 237}، ومحل هذا إذا لم يحصل وطء أو خلوة شرعية، وإلا بأن حصل أحدهما فيلزم الصداق المسمى كاملا أو صداق المثل إن لم يكن مسمى، وبخصوص الهدايا فراجع فيها الفتوى رقم: 49083 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أعطى لخطيبته شيكاً كشرط جزائي فهل تستحقه عند إرادة الفسخ
تاريخ الفتوى : ... 25 جمادي الثانية 1425 / 12-08-2004
السؤال
أختى مخطوبة لشاب قال إنه تخرج من كلية الهندسة وهو متخرج من المعهد العالي للتكنولوجيا وأختي في كلية الصيدلة وقد تم عقد القران دون أن نعلم بذلك وهو الآن موجود بالسعودية وطلب أن تذهب أختي له عروسة بدون حفل زفاف فطلبنا منه أن يوقع على قائمة منقولات الزوجية التي تحفظ الحقوق للمرأة في بلادنا فرفض على الفور وبدأ في المساومة على مبلغ القائمة وهنا بدأت المشاكل وتفاقمت مما أدى إلى رسوب أختي وهي دائما من المتفوقين وكان قد قدم لها في الخطوبة شبكة وشيكاً بمبلغ 30000 جنيه مصري كشرط جزائي إذا تبين أنه خدعنا أو تبين كذبه ونفاقه فهل يجوز أن تأخذ أختي أو أبي الشبكة والشيك علما بأن الطرفين اتفقا على الطلاق وهو مازال يخادعنا إلى الآن وقد وافقنا عليه لتظاهره بالتدين وطبقا للآيات 236 و 237 من سورة البقرة هل يجوز أخذ هذا المبلغ. أرجو الإجابة للأهمية القصوى
جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكفاءة المعتبرة في كلا الزوجين في النكاح هي الدين والخلق على الراجح من كلام أهل العلم، وعلى هذا فلا عبرة بما يقع من فوراق بين الزوجين في المستوى الاجتماعي أو المهني، وتراجع الفتوى رقم: 19166
وعلى هذا.. فإن لم يحصل الطلاق فعلاً وكان بالإمكان أن تدوم الحياة الزوجية بينهما على أحسن حال فالأولى بقاؤها في عصمته، وأما إن وقع الطلاق فعلاً، أو لم يقع وغلب على الظن وقوع الشقاق فطلقها فإنها تستحق نصف الصداق لأنه قد طلقها قبل الدخول، وأما الشبكة فهي للزوج، ما لم يكن قد جرى العرف بكونها من الصداق، فتستحق نصفها، وما لم يكن قد وهبها إياها وقبضتها، فتكون ملكاً لها، وأما الشيك فإن كان هو مؤخر الصداق فللمرأة نصف قيمته أيضاً، وإن لم يكن كذلك فليس هنالك وجه شرعي لأخذها إياه، وتراجع الفتوى رقم: 1955.
وننبه إلى أن مصلحة إتمام الزواج وإعفاف كل من الزوجين ينبغي أن تسمو على كل مصلحة من متاع هذه الدنيا الزائل، فلا يكون ذلك عائقا في سبيل إتمام الزواج، ولا سيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن وعزف كثير من الشباب عن الزواج وباتت كثير من الفتيات فيه عوانس.(13/89)
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الأحوال التي يرد فيها المهر بعد الفراق
تاريخ الفتوى : ... 11 جمادي الثانية 1425 / 29-07-2004
السؤال
هل يرد المهر إذا كان الرفض من جهة الرجل وكم المقدار؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بالرفض الطلاق فلا يخلو الأمر فيه من واحد من أمرين:
1- أن يكون الطلاق وقع بعد الوطء أو خلوة شرعية، فهذا يجب على الزوج دفع الصداق كله للمرأة إن كان مسمى، وإلا فصداق المثل. قال ابن قدامة في المغني: الرجل إذا خلا بامرأته بعد العقد الصحيح استقر عليه مهرها. انتهى.
2- أن يقع الطلاق قبل الوطء وما في حكمه، ففي هذه الحالة ليس للمرأة إلا نصف المهر المسمى، لقول الحق سبحانه وتعالى: وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ [البقرة:237].
وإن لم يكن الصداق مسمى، فيجب لها المتعة. قال ابن قدامة في المغني: وكل فرقة ينتصف بها المسمى توجب المتعة إذا كانت مفوضة. انتهى.
وإن وقع الرفض من الرجل قبل العقد الصحيح على المرأة، فهذا لا يوجب شيئاً من الصداق قل ذلك أو كثر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ما يترتب على الطلاق بعد العقد وقبل الزفاف
تاريخ الفتوى : ... 08 جمادي الثانية 1425 / 26-07-2004
السؤال
أود أن أسأل حضراتكم عن حكم الطلاق قبل الدخول؟ علما بأن الزوج قام بالكذب على أهل الزوجة وقال لهم إنه تخرج من كلية الهندسة، وهو في الحقيقه تخرج من المعهد العالي للتكنولوجيا وقد تغاضى أهل الزوجة عن هذا، وعندما طلبها للزواج ـ وهو يعمل فى السعودية ـ طلب أن تسافر الزوجة له بدون حفل زفاف، عند ذلك طلب أهل الزوجة منه القائمة كما هو المعتاد، فرفض على الفور، وهنا بدأت الخلافات والمشاكل واتفق الطرفان على الطلاق. علما بأن الزوجه معها الشبكة، وشيك بمبلغ 30000 جنيه مصرى.
السؤال:-
هل يجوز أن تأخذ الزوجة الشبكة وقيمة الشيك تعويضا لها؟
وجزاكم الله خيرا.(13/90)
أرجو الإجابة سريعا للضرورة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان سيطلق وهو لم يجامع ولم يخلُ بها وكانوا قد اتفقوا على مهر مسمى فلها نصف المهر المفروض. وإن كان قد جامع بعد العقد وقبل الزفة، أو كان قد خلا بها فلها المهر كاملا.
وقد ذكرنا هذا مع حكم ما يقدمه الزوج من هدية في فتاوى كثيرة منها الفتاوى التالية برقم: 22068 ورقم 1955 ورقم: 49083 ورقم: 36992. وفيها ما يغني عن الإعادة هنا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يسقط زنا الزوجة مهرها المؤخر
تاريخ الفتوى : ... 11 ربيع الثاني 1425 / 31-05-2004
السؤال
أنا شاب متزوج ولي أولاد
وفي ليلة من اليالي فوجئت وإذا زوجتي وشخص آخر يمارسون الجنس علي فراشي
السؤال ماهي حقوقي في هذه الحالة
وهل لها حقوق عندي بعد هذا العمل الشنيع
وهل لها مؤخر صداق أو أنني أريد تعويضا عن 8سنوات عاشتها عندي
اريد الفتوى الشرعية في هذا الأمر
اريد حقي الشرعي والقانوني عندها
مع العلم أنها لا تستحي وتعترف بوساختها أمام الشرطة والناس
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 12315 ، حكم زنى الزوجة وكيف يتصرف الزوج الذي وجد زوجته تزني، وأما حقوق الزوجة المادية كمؤخر الصداق فلا تسقط عن الزوج بزناها لأنه حق استقر لها لما في ذمته، فلا يسقطه عنه زناها ولا غيره.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ما يتعلق بالمهر والهدايا للمطلقة قبل الدخول
تاريخ الفتوى : ... 06 ربيع الثاني 1425 / 26-05-2004
السؤال
جزيتم خيرا على هذا الموقع المتميز وجعله الله في ميزان حسنتاكم..
السؤال:-(13/91)
خطبت لأحد أقاربي السنة الماضية .. وأُعطيت خلال هذه الخطوبة (دبلةألماس وساعة ماسية وعقدا من الذهب الأبيض ومبلغا من المال وكسوة وعطورات).. بعدها تم عقد القران وأعطيت المهر.. مرت خمسة شهور على العقد ثم تم الطلاق قبل العرس (أي قبل الدخول) وأعطيت خمسة آلاف درهم ولا أعرف عن ماذا هذا المبلغ!! و لم يطلبوا شيئا مما أعطوني!!..السؤال هو هل علي إرجاع شيء مما أعطيت مما سبق ذكره؟؟ .. علما بأن عند تخرجي من الجامعة أهداني هدية رمزية للمناسبة!!.. أنا في حيرة من أمري ولا أعرف هل علي إرجاع شيء مما أخذت؟؟ أرجوكم أجيبوني عن سؤالي!! جزيتم خيرا..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة تملك نصف المهر المفروض بمجرد العقد الصحيح، فإن وقع الطلاق قبل الدخول أخذت نصف الصداق المسمى، سواء كانت قبضت المقدم فقط أو قبضته كله فليس لها إلا نصفه؛ لقوله تعالى: [وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ] (البقرة: 137).
ويستحب لكل من الزوجين أن يعفو عن النصف الواجب له لصاحبه، بدليل الآية المتقدمة.
وأما الهدايا التي قدمت للزوجة زمن الخطوبة فإن كان العرف السائد في البلد أنها من المهر فإنها تتنصف بالطلاق قبل الدخول مثل المهر فتأخذ نصفها وترد نصفها، وإن كان العرف أنها ليست من المهر وإنما هي هدايا يقدمها الخاطب إلى مخطوبته أو الزوج إلى زوجته من غير شرط، فإنها حينئذ تكون ملكا للزوجة، ولا ترد منها شيئا، سواء وقع الطلاق قبل الدخول أو بعده، فهي هبة بغير عوض تم قبضها، ولا يجوز الرجوع فيها على الصحيح، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه أصحاب السنن، وقال التسولي في شرح تحفة الحكام لابن عاصم عند قوله: وكل ما يرسله الزوج إلى زوجته من الهدايا والحلي، فإن يكن هدية سماها فلا يجوز أخذه إياها. قال: وهذا كله في الهدية المتطوع بها ولم تشترط ولا جرى عرف بها، وأما إن اشترطت في العقد وقبله أو جرى عرف بها فهي كالصداق، لأن العرف كالشرط. اهـ.
وعليه، فإن على الأخت السائلة أن ترد نصف المهر إلى الزوج، فإن عفا عنه فقد أحسن، وإن أخذه فهو حقه وأما المبلغ الذي أعطي بعد الطلاق فعلى الزوجة إرجاعه إلا أن يكون هبة لها منه، وذلك لأن المطلقة قبل البناء المفروض لها قدر الصداق لا تستحق إلا نصف المسمى ولا متعة لها.
ولتوضيح هذا يرجى مراجعة الفتوى رقم: 22068.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(13/92)
هل يبرأ الزوج بإعطائه مؤخر صداق طليقته لوليها
تاريخ الفتوى : ... 05 ربيع الثاني 1425 / 25-05-2004
السؤال
قمت بإرسال سؤالين إلى استشارات الشبكة و لم أصل إلى الإجابه منهم .. و نرجو منكم المساعده في الإجابه للأهميه
السؤال الأول .... لي ابن عم كان قد تزوج من امرأة من دولة غير دولته الأصلية و قد تم الطلاق بينهم بالمرة الثالثة التي أصبحت فيه محرمة عليه إلا بزواجها من آخر، و كان الزوج المطلق بعد الطلاق قد أعطى والدها كل مستحقاتها على أساس أن والدها هو ولي أمرها في الزواج و بعد ذلك انقطعت العلاقات نهايئا و لم يعرف إذا كان قد وصلتها مستحقاتها من والدها أم لا فهو يود الأطمئنان هل هو ملزم بأن يتابع إذا كان حقها قد وصلها أم هو بإعطاء والدها مستحقاتها قد أصبح بريئا الذمة أمام الله
و السؤال الثانى ... سمعت ذات يوم من شخص مقولة على أساس أنها حديث شريف و أود منكم إخبارى عن صحة المقولة من عدم صحتها المقولة تقول عن الرسول صلى الله عليه و سلم (من زنى فى غربته لن يعود سالما و إن عاد سالما لن يعود غانما ) صدق رسول الله إن كان قد قال .. أود منكم تعريفى إن كان هذا حديثا شريفا موثوقا به أم لا ؟ و أنا شاب مغترب خارج بلدي سعيا وراء الكسب المادي و قد حدث ذات يوم ان اغوتنى فتاة في البلد التي أنا بها و حدث أن انكشف جسدها كله علي و لكن لم يحدث الجماع الكامل معها على أساس أنها بنت بكر و أنا غير مرتاح عن عملي هذا طبعا و سمعت المقولة التى أبلغتكم عنها زادت من توتري فهل إن كانت هذه المقولة صحيحة فما مدى تطبيقها على حالتي هذه و كيف إن كان هناك كفارة لذنبى هذا كيف تكون .... و نرجو منكم الأفادة السريعة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الزوجة سفيهة أو صغيرة فإن الزوج يدفع مستحقاتها إلى أبيها لأنه ولي مالها، وكذلك إن كانت رشيدة ووكلت أباها على القبض أو قبضه بحضرتها وسكتت فإن ذلك يعتبر إجازة لقبضه ويبرأ الزوج أيضا به، أما إن كانت رشيدة فلا يبرأ الزوج بتسليم صداقها إلى أبيها إلا أن يكون موكلا من قبلها، قال في المغني: ولا يبرأ إلا بالتسليم إليها أو إلى وكيلها ولا يبرأ بالتسليم إلى أبيها ولا إلى غيره بكرا كانت أوثيبا، إلى أن قال وهذا مذهب الشافعي، وقال أبو حنيفة له قبض صداق البكر دون الثيب لأن ذلك العادة ولأن البكر تستحي فقام أبوها مقامها كما قام مقامها في تزويجها، ثم قال وإن كانت غير رشيدة سلمه إلى ولي مالها أبيها أو وصيه. انتهى، كلام المغني،
ويتفق المالكية مع الأحناف في أن الأب يقبض صداق ابنته البكر ولو بالغة ويبرأ الزوج من الصداق، قال الشيخ أحمد الدردير عند قول الشيخ خليل بن إسحاق المالكي ،وقبضه مجبر ووصي وصدقا أي المجبر والوصي في دعوى تلفه أو ضياعه بلا تفريط ولو لم تقم بينة وكان مما يغاب عليه ومصيبته من الزوجة فلا(13/93)
رجوع لها على زوج ولا غيره، قال الدسوقي معلقا على هذا الكلام وحاصله أنهما يعني المجبر والوصي إذا ادعيا قبضه من الزوج وأنه تلف فإنهما يصدقان في القبض فيبرأ الزوج، إلى أن قال وأما الرشيدة فتقبضه ولا يقبضه وليها إلا بتوكيلها. انتهى ويعني بها الثيب الرشيدة ويتبين من هذه النصوص أن أكثر الفقهاء على أن الزوج يبرأ بقبض الولي إن كانت الزوجة صغيرة أو كانت سفيهة ثيبا كانت أو بكرا، وأنه يبرا في حال التوكيل من الرشيدة، فلينظر السائل إن كانت زوجته سابقا ثيبا رشيدة ولم توكل أباها على قبض صداقها، فإن عليه أن يتأكد من أنه دفعه لها فإن علم أنه لم يدفعه لها، دفع إليها صداقها، ويرجع هو على الاب الذي قبض منه الصداق، وإن كانت صغيرة أو بكرا بالغة أو سفيهة فإنه قد برأ بدفع صداقها لأبيها هذا على مذهب مالك وأبي حنيفة رحمهما الله تعالى: ويؤيده جريان العادة بقبض الأباء لمهور بناتهم، وأما السؤال الثاني فقد تمت الإجابة عليه في الفتوى رقم: 48586
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المهر المعجل والمؤجل غير المقبوض يحسب من التركة
تاريخ الفتوى : ... 07 ربيع الأول 1425 / 27-04-2004
السؤال
إخوتي في الله، فيما يلي أعرض على حضرتكم أمرا أطلب من جنابكم الفتوى فيه وسأحاول تجنب الإطالة ما استطعت إن شاء الله.
تعرضت شقيقتي منذ فترة لحادث سيارة أودى بحياتها ولاحول ولاقوة إلا بالله.، وكانت مع زوجها وأطفالها (ولها ثلاث بنات أكبرهن 9 سنوات)
وثبت لدينا أن الحادث كان نتيجة إهمال وسوء تقدير من زوجها الذي كان يقودالسيارة.
مع العلم أن مهرها كان معجله ومؤجله غير مدفوع.
وقد كانت شقيقتي تستثمر معي مبلغا من النقود من مالها الخاص يعادل مجموع مهرها.
وهذا المبلغ كان سرا بيننا.
فماذا أفعل بهذا المبلغ؟ هل أعيده إلى زوجها (وكيل بناتها الآن)
وما هي نسب الإرث منها علما أن والديها على قيد الحياة، ولها أشقاء وشقيقات، وثلاث بنات. وليس لها أبناء ذكور.
هل يصح أن أبقي هذا المبلغ في طي الكتمان وأستمر باستثماره وأوزع عائداته على روح شقيقتي، إلى حين أن تكبر بناتها وأعطيه لهن بعد استسماح والدي، أم أدفعه الآن إلى ورثتها وفق النصاب الشرعي، مع العلم أن علاقتنا مع زوجها متوترة.
السؤال الثاني: كون زوج شقيقتي هو المتسبب بوفاتها.. هل يتوجب عليه دفع دية؟ وما هي قيمتها في حال توجبها. وما هي مصارفها؟ هل نتصدق بها جميعها أم توزع على الورثة؟!(13/94)
أفيدونا بما فتح الله عليكم، ولكم جزيل الشكر،
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة عما إذا كان عليك أن تعطي المبلغ الذي لأختك للزوج أو تكتمه وتستمر في استثماره، أقول لكم إن على الزوج أن يخرج المهر الذي لزمه لأختك (معجله ومؤجله) حتى يكون من ضمن تركتها، فإذا لم يفعل ذلك فإنه يحسب في التركة، وكأنه موجود ويوزع على الورثة كما توزع جميع أجزاء التركة، وليس لك أنت أن تستمر في استثمار المبلغ الذي كان عندك لأن ملكيته انتقلت إلى غير أختك، فلا يفعل به إلا ما يرضى به الورثة، ولا يجوز كتمانه بحال.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم شبكة الخطوبة إذا فسخت الخطبة
تاريخ الفتوى : ... 05 محرم 1425 / 26-02-2004
السؤال
نشكركم على الرد على السؤال بشأن إذا انفسخت الخطبة بسبب المخطوبة لمن تكون الشبكة للخطيب أم للخطيب ؟
السؤال ما هو الدليل من الكتاب أو السنة على هذا السؤال؟
أي ما هو الدليل من الكتاب أو السنة على أنه إذا كانت الخطبة قد انفسخت بسبب المخطوبة ترد الشبكة إلى الخاطب على أساس أن الشبكة نوع من المهر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يسمى بشبكة الخطوبة لا تخلو من أن تكون هدية من الخاطب للمخطوبة أو تكون جزءا من المهر إن تم الاتفاق على ذلك، أو جرى العرف باعتبارها جزءا منه.
فإذا كانت هدية فإنه تجري عليها أحكام الهبة والهدية وهي تلزم بالقبض، وتكون ملكا للمخطوبة، ولا يحق للخاطب الرجوع فيها لحديث: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وإن قدمت على أنها جزء من الصداق عرفا أو اتفاقا، وانفسخت الخطبة، فإنها من حق الخاطب، لأنه من المعلوم أن المهر لا يتقرر إلا بالعقد، وليست الخطبة عقدا، فوجب إرجاع الشبكة إلى الخاطب، إلا أن تطيب نفسه بها. وراجع الفتوى رقم: 905 ، و 6066.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
للزوجة العاقلة الرشيدة الحق في إسقاط صداقها أو بعضه
تاريخ الفتوى : ... 25 ذو الحجة 1424 / 17-02-2004(13/95)
السؤال
هل يجوز أن تبرئني زوجتي من مؤخر الصداق في حالة موتي أو موتها فقط دون أن تبرئني منه في حالة الطلاق أم أن الإبراء من المؤخر يجب أن يكون عاماً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزوجة تملك نصف الصداق بمجرد العقد عليها، ويتكمل لها كله بالدخول، وبالتالي يصبح هذا الصداق حقاً ثابتاً لها على زوجها سواء أجل كله أو بعضه، لكن إن كانت الزوجة بالغة عاقلة رشيدة جاز لها أن تعفي زوجها من صداقها أو من بعضه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 28137.
وعلى هذا فإذا أسقطت زوجك حقها عليك في مؤخر صداقها، وكانت لها الأهلية في فعل ذلك فلم تعد مطالباً به، أما إن لم تفعل أوفعلته ولكنها فاقدة الحق التصرف، فلا يزال هذا المؤخر ديناً في ذمتك يلزمك الوفاء به عند حلول أجله، وإن مت قبل أدائه فهو كغيره من سائر الديون التي تقضى قبل قسم التركة، وإن كان الميت هي فإن ورثتها يملكون هذا المؤخر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم كتابة القائمة عند العقد بين العروسين
تاريخ الفتوى : ... 22 ذو القعدة 1424 / 15-01-2004
السؤال
هل موضوع كتابة قائمة عند كتب الكتاب بين العروسين بدعة يهودية، أي أنها حرام علما بأن بعض العائلات يصرون عليها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود بالقائمة التي تكتب عند عقد النكاح هي ما يعطيه الزوج لزوجته، فلا حرج في ذلك، لاسيما إذا جرت عادة البلد بذلك، لما فيه من دفع ما قد يحصل من نزاع بين الزوجين، وليس هذا في ما نعلم من خصائص اليهود حتى يقال يمنع حذراً من التشبه بهم، وإن كان المقصود بالقائمة شيئاً آخر، فنرجو من الأخ السائل بيانه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الخلوة بعد العقد تثبت المهر وتوجب العدة
تاريخ الفتوى : ... 20 ذو القعدة 1424 / 13-01-2004
السؤال
حدث بيني وبين زوجي بعد عقد القران خلوة فيها قبلات ومداعبات والتصاق العضوين ولكن بدون إدخال، وقد تم الطلاق لمرض الزوج، وعند الطلاق قلت لم(13/96)
تحدث خلوة خوفاً من الفضيحة، ما رأيكم، أفيدوني لأني أخاف من الحرام، هل أنا على ذمته أم لا وهل لي عدة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه خلوة صحيحة يثبت لك بها المهر وتجب عليك بها العدة ولو لم يحصل فيها وطء، وإلى هذا ذهب طائفة من أهل العلم ومنهم الحنفية والحنابلة، قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: ولو اتفقا -أي الزوج والزوجة التي خلا بها- على أن لم يطأها في الخلوة مع علمه بها، لم يسقط مهر ولا وجوب عدة، نص عليه -أي الإمام أحمد رحمه الله-.
وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وجملة ذلك أن الرجل إذا خلا بامرأته بعد العقد الصحيح، استقر عليه مهرها ووجبت عليها العدة وإن لم يطأ، روي ذلك عن الخلفاء الراشدين وزيد وابن عمر، وبه قال علي بن الحسين وعروة وعطاء والزهري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي، وهو قديم قولي الشافعي. انتهى.
والعدة ثلاث حيضات، وإذا عفوت عن المهر فهو أفضل لقول الله تعالى: وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [البقرة:237].
وما كان يحق لك أن تكتمي شيئاً من الخلوة وما يتصل بها عند الفراق، لما يترتب على كتمان ذلك من أمور يجب الإفصاح عنها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إكراه الزوجة على طلب الطلاق لإسقاط مهرها
تاريخ الفتوى : ... 01 ذو القعدة 1424 / 25-12-2003
السؤال
ما حكم إكراه المرأة على طلب الطلاق حتى لا تأخذ حقها؟ وما حكم ضربها؟ ومتى يجوز ضرب المرأة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإكراه الزوجة على طلب الطلاق لإسقاط حقها في مؤخر صداقها أمر في غاية الحرمة، وإن حصل على هذا الوجه فإن الزوج لا يزال مديناً للمرأة بحقها، وانظر الفتوى رقم: 6655 أما متى يجوز ضرب المرأة ويحرم، فقد مضى جواب فيه تحت رقم: 69 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المهر غير المقبوض حق للزوجة في ذمة الزوج
تاريخ الفتوى : ... 26 شوال 1424 / 21-12-2003
السؤال(13/97)
هل مهر المرأة غير المقبوض من حقها في حال طلبت الطلاق من زوجها بلا مبرر شرعي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فطلب المرأة الطلاق من غير عذر لا يجوز شرعاً، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 10298 وأما المهر غير المقبوض فهو حق للمرأة في ذمة الزوج طلقت أم لم تطلق لحديث ~ فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها ~~ رواه الترمذي وغيره. وهي تستحقه ما لم تتنازل عنه مقابل الطلاق، لقول الله تعالى ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله...، وراجع الفتويين التاليتين8649 29474 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... هل يسقط الصداق بتنازل الزوجة
تاريخ الفتوى : ... 09 شوال 1424 / 04-12-2003
السؤال
هل يجوز إبراء ذمتي من دفع مؤخر صداق زوجتي وبخاصة أن الرقم طبقا للاتفاق قبل الزواج علي الصداق المسمى بينهما عاجله وآجله، بينما دفعت مهر آنذاك 900 جنيها في عام 1979 وإنني أحاول إبراء ذمتي قبل الحج وقد سألت زوجتي عن ذلك وأفادت شفاهة أنها مسامحة، فرجاء إفادتي سريعا وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالمهر حق للزوجة، فإذا أبرأت الزوج منه أو من بعضه برأت ذمته، وليس لها بعد ذلك الرجوع، نص على ذلك الفقهاء. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم تقسيط مؤخر الصداق
تاريخ الفتوى : ... 24 شعبان 1424 / 21-10-2003
السؤال
سؤالي: هل يجوز شرعا تقسيط مؤخر الصداق أم أن في ذلك ظلماً، وعلى أي أساس يتم احتساب مقدار النفقة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالمؤخر من الصداق إن كان تأخيره لأجل معلوم، فللزوجة المطالبة به إذا حل ذلك الأجل، ولا يجوز تقسيطه إلا برضاها. أما إذا لم يكن هنالك أجل لتسديد المؤخر من الصداق، فليس الزوجة مطالبة الزوج به، إلا أن يفرق بينهما موت أو طلاق، كما هو العرف الجاري في أكثر البلدان، فإذا وقعت الفرقة حق للمرأة المطالبة بمؤخر الصداق، ولم(13/98)
يجز تقسيطه إلا بإذنها ورضاها، كما تقدم، وانظر الفتوى رقم: 4097. ومحل اشتراط إذن الزوجة ورضاها، إذا كان الزوج قادراً على سداد المؤخر بأكمله مرة واحدة، فإن كان عاجزاً عن ذلك فله تقسيطه بما يتناسب مع قدرته على السداد، لعموم قوله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:280]. والصحيح من أقوال أهل العلم أن النفقة لا تحد بحد، إنما المرجع في ذلك إلى العرف، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 7455. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المعتبر في تحديد المهر قول المرأة أم وليها
تاريخ الفتوى : ... 15 جمادي الثانية 1424 / 14-08-2003
السؤال
أنا فتاة مخطوبة وعندما قررنا أن نكتب كتابنا واجهنا بعض المشاكل مع أهلي حول المهر. فقد طلب أهلي مهرا قدره خمسون ألف دولار أميركي، مع العلم بأنه شاب متدين جدا. فوقعت بعض الخلافات واضطررنا إلى عدم فتح الموضوع ثانية خوفا من العودة إلى المشاكل. هل يحق لأهلي أن يطلبوا مبلغا للمهر كهذا من شاب شديد التدين وحسن الأخلاق؟ أرجو الإجابة بأسرع وقت ممكن، كي نحل هذه المسألة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فليس هناك حد لأقل المهر ولا لأكثره، إلا أن من السنة تقليله وتيسره. كما هو مبين في الفتاوى التالية: 31508، 3074، 27264، 24743. وفيها أيضًا نصائح في تعامل الفتاة مع وليها الذي يغالي بمهرها؟ لكن عند اختلاف المرأة ووليها في تحديد المهر فالمعتبر قول من في ذلك المهر؟ تفصيل، ففي المدونة: ^فإن كانت بكرًا فقالت قد رضيت وقال الولي لا أرضى - والفرض أقل من صداق مثلها - قال: الرضا إلى الولي وليس إليها؛ لأن أمرها ليس يجوز في نفسها. قال ابن القاسم: ولو كان فرض الزوج لها هوصداق مثلها، فقالت: قد رضيت، وقال الولي: لا أرضى، كان القول قولها ولم يكن للولي هاهنا قول.. قلت: فإن قالت لا أرضى، وقال الولي قد رضيت. قال: القول قول الولي إذا كان ذلك صداق مثلها. قلت: وإن كانت أيّمًا. قال: الرضا رضاها ولا يلتفت إلى رضا الولي معها.^^اهـ والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا تبرأ ذمة الزوج ما لم يدفع المهر
تاريخ الفتوى : ... 10 جمادي الثانية 1424 / 09-08-2003
السؤال
خالتي عندما تزوجتُ من ابنها تواعدنا أن تعطيني بقية مهري وعندما تزوجت منه لم تعطني بقية المهر فعلم أبوها (جدي) بهذا الأمر وقرر أن يحرمها من الميراث وأن يعطيني إياه وعلم أنها كانت تعذبني فحزن وأنها لم تسأل عن أبيها مدة تزيد عن(13/99)
22 سنة فهل هذا سبب لأن يمنعها من الميراث وهل يجوز أن تأخذ زوجة الابن المال أم لا؟ علما بأن الجد موافق وهو بكامل قواه العقلية. وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن مهر المرأة حق واجب لها على زوجها لا على غيره، لقوله تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً [النساء:4]. وكون غير الزوج وعد بدفعه لا يبرئه هو منه ما لم يدفع بالفعل، لذا فلا يحق للسائلة أن تطالب بما بقي من مهرها إلا زوجها. أما الخالة، فيجب أن لا تكون عائقاً بين ولدها وأداء ما عليه من الحقوق، وتجب عليها المبادرة إلى بر أبيها والإحسان إليه، كما قال تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً. وقال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً. وعليها أن تبحث عن من له صلة حسنة بالأب حتى يسعى في رضا الأب عنها. وبالنسبة لهبة ماله لك أيتها السائلة، فما أعطاه لك في حال تصرفه الصحيح، حيث تكون الهبة في حال صحته طائعاً بها، وقمت بحيازة تلك العطية، فذلك العطاء صحيح ماضٍ، كما هو مذكور في الفتوى رقم: 25741. أما ما تركه الأب من مال بعد وفاته، فإن البنت لها حقها من الإرث، كما قال تعالى: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ. ولا يسوغ لأحد منعها منه. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... ليس لأحد العفو عن الصداق إلا الزوجة
تاريخ الفتوى : ... 06 جمادي الثانية 1424 / 05-08-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته. أنا شاب مقبل على الزواج, وقد عقدت النكاح بمهر قدره تسعون ألف ريال، و قد سجل في عقد النكاح, وقد كلمت أهل زوجتي حتى يخفضوا من قيمة المهر حتى يتسنى لي جمعه وقد وافقوا على جعله أربعين ألفا, السؤال هو هل يجب علي دفع المهر المسجل في العقد أو ما اتفق عليه لاحقا. وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تم عقد النكاح على مهر معين فالواجب على الزوج دفعه للزوجة كاملاً، إلاَّ إذا كانت بالغة رشيدة وعفت عن مهرها أو بعضه فلا حرج في ذلك، ولا يحق لوليها العفو عن شيء من مهرها بغير رضاها. قال الإمام النووي رحمه الله: وليس لولي عفو عن صداق على الجديد.
وقال المرداوي : ليس له أن يعفو عن مهر ابنته البالغة وهو صحيح المذهب.
وعليه فالواجب عليك دفع ما تم عليه العقد، وهو تسعون ألف ريال، إلا إذا تنازلت الزوجة عن شيء منه، فلا بأس؛ لقوله تعالى: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً[النساء:4].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(13/100)
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الحكم بقبض الزوجة الصداق قضاء لا يسقط ديانة
تاريخ الفتوى : ... 24 جمادي الأولى 1424 / 24-07-2003
السؤال
أنا كنت متزوجة من رجل لا يعرف ما معنى قول الله تعالى وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً، للأسف بعد عقد القران بيننا صار يعيرني ويحتقرني لأني عايشة في بلده ويعير بنات بلدي بالفساد، وأمور بخصوص هذا الموضوع، وكثيراً ما قلت له حرام هذا الذي تقول، ولم يسمع كلامي، ورحت أشتكيه للقاضي، وحصل الطلاق بيننا والحمد لله رب العالمين، سؤالي: ما حكم الشرع في أن يوم عقد القران لم آخذ مهري منه، وقلت عند القاضي بأنني أخذته وذلك لأنني أريد الستر، وقبل ما أقول هذا الكلام عند القاضي قال لي بأن مهري عليه أمانة إلى يوم الدين، هل هذا الذي فعلته يجعلني مذنبة أمام الله؟ مع العلم بأنني كان هدفي أنه سوف يكون لي زوجاً ولم أظن أنه بمثل هذه التصرفات، وما حكم الدين في مثل هذا الرجل؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى قد شرع الزواج لمقاصد شرعية عظيمة، ولمعانٍ سامية، ومن ذلك تحقيق السكن والاستقرار النفسي بين الزوجين، وإنما يتحقق ذلك بمعرفة كل من الطرفين لما عليه من واجبات وما له من حقوق، والعمل وفقًا لذلك.
وقد أرشد الشرع الحكيم الزوج إلى الإحسان لزوجته، ففي سنن الترمذي عن عمرو بن الأحوص عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع: ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هنَّ عوان عندكم.
إذا تقرر هذا فإن ما قام به هذا الزوج تجاه زوجته لا شك أنه أمر لا يجوز شرعًا. وأما إخبار الأخت السائلة للقاضي بأنها قد قبضت الصداق، والواقع خلاف ما ذكرت، فإنها بهذا قد وقعت في الكذب، فالواجب عليها التوبة من ذلك. وأما الصداق فهو لازم للزوجة على زوجها كاملاً مادام الطلاق قد وقع بعد الدخول.
ولمزيد من الفائدة نحيل السائلة على الفتويين: 24917/
31818
وننبه إلى أن الحكم بقبض الزوجة للصداق قضاء لا يسقطه عن الزوج ديانة، من أجل هذا كان قولنا بأن الصداق لازم له.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مهر أمنا حواء
تاريخ الفتوى : ... 09 جمادي الأولى 1424 / 09-07-2003
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم ما هو المهر الذي أعطاه سيدنا آدم لحواء؟(13/101)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فننصح الأخ السائل وجميع الإخوة الداخلين على مركز الفتوى بأن يسألوا عما تحته عمل، وعمَّا ينفع علمه في الدنيا والآخرة. أما عن المهر الذي أعطاه أبونا آدم لأمنا حواء فذاك عرس لم نشهده، ولا يهمنا ما هو ذاك المهر إن كان هناك مهر. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مؤخر الصداق ليس بلازم في الزواج.
تاريخ الفتوى : ... 27 ربيع الثاني 1424 / 28-06-2003
السؤال
السلام عليكم: تقدم لي رجل من غير جنسيتي وهو متزوج، وله أولاد، وملتزم ديناً، المشكلة أنه يرفض المؤخر ولا يعتبره ضرورياً في عقد الزواج، وكان هذا شرطه في إتمام الزواج الثاني، فهل يحق له رفض المؤخر أم لا؟ مع أن المهر قليل لا يتجاوز 2000 دينار. أرجو إفادتكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننصحك بالموافقة على زواجك من هذا الرجل ما دام صاحب دين وخلق، فقد روى الترمذي في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض.
وأما الصداق فإنه واجب، لكن بما يتراضى عليه الزوجان مما فيه منفعة، ولو كان خاتما من حديد، وراجعي الفتوى رقم: 7650، . ولا يلزم في الصداق أن يكون منه ما هو مؤجل، بل يجوز تأجيله كله أو تعجيله كله، أو تأجيل بعضه وتعجيل البعض الآخر. وراجعي الفتوى رقم: 17243، . واعلمي أن المهر كلما كان أيسر كان الزواج أكثر بركة، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 10544، والفتوى رقم: 3074.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... قول العلماء في اشتراط الأب على الزوج شيئا من المهر لنفسه
تاريخ الفتوى : ... 03 ربيع الثاني 1424 / 04-06-2003
السؤال
ما قولكم فيما يشترطه أهل البنت لأنفسهم من مال أو غيره حين يخطبها خاطب؟ وما العمل إذا ظهر أن هذا المال حرام هل يردونه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(13/102)
فقد اختلف أهل العلم في اشتراط الأب أو الولي على الزوج مالاً من المهر أو زائدا عليه هل يجوز أم لا؟ فذهب المالكية إلى أن ما اشترط في عقد النكاح من عطاء يشترطه الولي لنفسه أو لغيره، فإن ذلك كله للزوجة.
وذهب الشافعية إلى عدم جواز ذلك، وأن الصداق فاسد، وللزوجة مهر المثل.
وذهب الحنابلة إلى صحة ذلك.
قال الإمام الباجي المالكي في المنتقى: قوله -يعني مالكا - (أن كل ما اشترط المنكح من كان أبا أو غيره من حباء أو كرامة فهو للمرأة إن ابتغته) يقتضي أن ما اشترط في عقد النكاح من عطاء يشترط الولي لنفسه أو لغيره، فإن ذلك كله للزوجة، ووجهه أنه عقد معاوضة، فوجب أن يكون جميع عوضه لمن عوضه من جهته كالبيع والإجارة. انتهى.
وقال جلال الدين المحلي الشافعي في شرح المنهاج: ولو نكح بألف على أن لأبيها أو على أن يعطيه ألفا، فالمذهب فساد الصداق، ووجوب مهر المثل، في المسألتين، لأنه جعل بعض ما التزمه في مقابلة البضع لغير الزوجة، والطريق الثاني فساده في الأولى دون الثانية، كما نص عليه في مختصر المزني، لأن لفظ الإعطاء لا يقتضي أن يكون المعطى للأب، والطريق الثالث في كلٍ قولان بالنقل والتخريج أحدهما الصحة بالألفين، ويلغو ذكر الأب. انتهى.
وقال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: (ولأبي المرأة الحرة أن يشترط شيئا من صداقها لنفسه) بل يصح (ولو) اشترط (الكل) أي كل الصداق، لأن شعيبا زوج موسى عليهما الصلاة والسلام ابنته على رعاية غنمه وذلك اشترط لنفسه، ولأن للوالد الأخذ من مال ولده، لقوله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. ولقوله صلى الله عليه وسلم: إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم. رواه أبو داود والترمذي وحسنه، فإذا اشترط شيئا لنفسه من مهر ابنته صح. انتهى.
والراجح ما ذهب إليه الحنابلة.
وينبغي للولي أن يكون عونا لبنته في زواجها لا أن يطلب الرزق مما يعطى حلوانا لبضعها، وقد أعرض كثير من الشباب عن الزواج بسبب ما يفرض من قبل الأولياء من تكاليف الزواج التي تدفع للزوجة وأبيها وأمها وأخواتها وما يتبع ذلك، وقد سئل عكرمة رحمه الله عما يأخذه الأب فقال كما في المصنف: إن كان هو الذي ينكح فهو له. انتهى، وفي كلامه رحمه الله زجر شديد عن ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا بأس بتقديم المهر على العقد إذا كان عن تراضٍ
تاريخ الفتوى : ... 19 ربيع الأول 1424 / 21-05-2003
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم دفع مهر المرأة قبل العقد بشهر أو أقل بحجة أن المرأة تقوم بتجهيز ما يلزمها إذا كانت(13/103)
لاتملك المال؟. أجيبوني جزاكم الله عني كل خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإنه لا مانع من تقديم المهر على العقد إذا كان ذلك عن تراضٍ، ولابد من العلم بأنه لا يثبت المهر إلا بالعقد ، فلو فرض أن الزواج لم يتم، فإن المهر يرجع إلى الرجل . والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا يتصرف في مهر الزوجة إلا بإذنها
تاريخ الفتوى : ... 12 ربيع الأول 1424 / 14-05-2003
السؤال
هل يجوز لوالد الفتاة المخطوبة، أخذ جزء من مهرها دون إذنها لحاجة ما، بحجة أنها تعمل وسوف تعيد الجزء الذي أخذه من المهر من راتبها، وبحجة أنه علمها في الجامعة وسمح لها بالعمل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن المهر حق للمرأة، فلا يجوز للولي التصرف في شيء منه إلا بإذنها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5171 ومما ينبغي أن تنتبه له البنت في هذه الحالة أن والدها إن كان محتاجاً فلا ينبغي لها أن تبخل عليه بمالها، بل عليها أن تبادر إلى الإحسان إليه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 3459 وأما احتجاج الوالد بأخذه من مالها مقابل ما أنفق عليها فهو أمر لا ينبغي، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 6630 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
التغالي في المهور مذموم
تاريخ الفتوى : ... 02 ربيع الأول 1424 / 04-05-2003
السؤال
أنا شاب متوسط الحالة أردت الزواج من فتاة أحبها لكن غلاء المهر (المقدم) وقف حائلا بيني وبينها فالمهر كان كبيراً مع العلم بأني شاب أحب الله ورسوله وسبب غلاء المهر أنهم يخافون على الفتاة لأن شباب اليوم غير شباب الأمس ولأن الناس كلهم يغالون في المهور (ما في حدا أحسن من حدا). وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن غلاء المهور قد ورد ذمه، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ألا لا تغلوا صدق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة لكان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أنكح شيئاً من بناته ولا نسائه فوق اثنتي عشرة أوقية.... ولتنظر شيئاً من ذلك في الفتوى رقم: 3074.(13/104)
فإذا لم تفلح في إقناع أهل هذه الفتاة أو غيرها، ولم تتمكن من أن تتزوج، فعليك بامتثال نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال في ما رواه علقمة قال: بينما أنا أمشي مع عبد الله رضي الله عنه فقال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. متفق عليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم طلب أهل الزوجة زيادة على المهر وتوزيعه على الأقارب
تاريخ الفتوى : ... 02 ربيع الأول 1424 / 04-05-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله جرت العادة عندنا بعد تحديد المهر أن يطلب الأب مبلغاً معيناً وتطلب الأم مبلغاً معيناً هي بدورها ويوزع هذا المبلغ على الأقارب من كل طرف (الأم والأب) فما حكم الشرع فيه؟ وإن كنت من أحد الأقارب بمثابة العم أو الخال أو الأخ ما حكم أخذ هذا المبلغ؟ وهل يجوز للأب طلبه أو الأم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما جرت به العادة من طلب الأب والأم مبلغاً من المال زيادة على المهر وتوزيعه على الأقارب يعتبر من المهر ويحسب منه، ولا شيء في طلبه لأنه جزء من المهر.
وإن كان الأولى ترك ذلك، لما فيه من مظنة الجشع والطمع، والله تعالى يقول: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ [البقرة:237].
وإذا حصل فراق قبل الدخول، فللزوج المطالبة بنصف جميع ما دفع من الهدايا وغيرها، لأن حكم ذلك حكم الصداق.
وكذلك للزوجة المطالبة بنصف ما وقع عليه العقد من الهدايا وغيرها، لأن ذلك هبة لأجل النكاح، هذا خلاصة ما ذكره شراح مختصر الشيخ خليل المالكي عند قوله: في الصداق وتَشَطَّر، وهدية اشترطت لها أو لوليها قبله.
وأما الأقارب، فيجوز لهم أخذ ما أعطي لهم، ولكنه إذا أعطي لهم على سبيل التعويض أو المساعدة في الجهاز، أو ما أشبه ذلك مما هو معروف في بعض البلاد أو عند بعض المجتمعات لزمهم التعويض، لأنها هبة العوض، أو هدية لثواب.
وذلك لما رواه مالك في الموطأ أن عمر رضي الله عنه قال: ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها.
وهو ما درج عليه صاحب الرسالة، فقال: والموهوب للعوض إما أثاب القيمة أو رد الهبة.... .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(13/105)
المطلقة المدخول بها لها بقية صداقها كاملا
تاريخ الفتوى : ... 25 صفر 1424 / 28-04-2003
السؤال
عند الطلاق هل يدفع مؤخر الصداق كاملا كما كتب بعقد الزواج أم يخصم منه شيء؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمطلقة المفروض لها صداق إما أن تكون مدخولاً بها أو لا، فإن كانت مدخولاً بها فلها بقية صداقها كاملاً، لأنه دين لها في ذمة الزوج تستحقه عند نهاية الأجل الذي ضرب له سواء كان طلاقاً أو موتاً أو غير ذلك، لقول الله تعالى: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً* وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً [النساء:20-21].
وإن كانت غير مدخول بها فلها نصفه لقول الله تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [البقرة:237]، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1955.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... إن كانت رشيدة جاز لها التصرف في مهرها بما شاءت
تاريخ الفتوى : ... 25 صفر 1424 / 28-04-2003
السؤال
أنا فتاة مقبلة على الزواج بعد أشهر إن شاء الله نويت أن أنفق مهري في سبيل الله لأن الله هو الوحيد القادر على ستري في الدنيا والآخرة لكن البنت في بلدي يجب أن تشتري ذهباً وتساعد أهلها أمام الناس وأنا لا أريد أن يعلم أحد بما نويت فقدمت 50 ألف كصدقة علماً أن المهر300 ألف وأنوي أن أتم باقي المهر بعد الزواج وذلك حرصاً على أن لا يعلم الناس بذلك سؤالي هو: هل يجوز لي ذلك؟ وهل أنا مصيبة أم يجب أن أنفق المهر قبل العرس؟ علماً بأني فعلته حمدا وشكرا لله الواحد القهار الستار وقد قلت عندما نويت إن شاء الله ولم أنذر لأن النذر مكروه بل نية.
وجزاكم الله عني ألف خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مجرد نية الإنسان التصدق بشيء ما لا يوجب عليه أن يتصدق به، لأن النية ليست نذراً.(13/106)
وعليه، فلا يلزم السائلة أن تنفق مهرها في سبيل الله، لكن إذا أرادت أن تحقق ما نوته وكانت رشيدة، فلا شك أن لها حق التصرف في مهرها بما شاءت من صدقة أو هبة أو غير ذلك من وجوه التصرف المباحة.
قال في مواهب الجليل -وهو مالكي-: فرع قال ابن عرفة: للزوجة التصرف في مهرها بالبيع والهبة والصدقة اتفاقاً. انتهى.
لكن إذا كان عرف البلد السائد فيه هو أن تجهيز النساء يتم من مهورهن، ولم يكن للسائلة مصدر تتجهز به لزوجها غير صداقها، فإنه يلزمها أن تتجهز لزوجها من صداقها، حسبما اشترط أو تعارف عند أهل البلد، ولا يحق لها أن تتصرف في الصداق بما يخل بذلك الشرط أو العرف.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من شروط المهر
تاريخ الفتوى : ... 11 صفر 1424 / 14-04-2003
السؤال
السلام عليكم
أنا شاب مسلم تزوجت من امرأة نصرانية وأخبرتها أن لها مهرا تطلبه فأصرت على أن يكون مهرها وردة أهديها إياها يوم الدخول بها وفي كل سنة من نفس تاريخ زواجنا وقد كان زواجنا إسلاميا بحضور الإمام وشهادة عدلين وتوكل عنها أحد الإخوة المسلمين بعد أن أفهمتها فقبلت أن يتوكل عنها مع العلم أني قد أهديتها بعض المتاع ولكن اشتريته من مال كانت قد أعطتني إياه من قبل.
فهل كان يجوز لها أن تزوج نفسها بدون وكيل وأن تحضر معنا أقصد مع الإمام. فهل زواجي صحيح وهل يجوز ما طلبت ليكون مهراً؟
افتونا جزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح عند أهل العلم أنه لا حد لأقل المهر، لحديث الصحيحين: التمس ولو خاتماً من حديد. ولكنه لا بد أن يكون المهر منتفعاً به، ولا تضر قلته، بل إن قلته أدعى للبركة كما في الحديث أن من يمن المرأة تيسير خطبتها، وتيسير صداقها رواه أحمد وحسنه الأرناؤوط والألباني .
وعليه؛ فإذا كانت الوردة منتفعاً بها فيصح كونها مهراً.
وأما اشتراطها الإتيان بها كل سنة في نفس تاريخ الزواج فيخشى أن يكون فيه تشبه بالكفار في جعلهم أعياداً للزواج والمواليد، ويكون القصد منه هو الجر إلى ذلك.
ونحن قد أمرنا بخلافهم وعدم التشبه بهم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من تشبه بقوم فهو منهم رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني ، وبناء عليه لا يجب الوفاء بهذا الشرط.
وأما حضورها مع الإمام فلا يضر إذا كانت متحجبة.(13/107)
ولكن المشكلة الكبرى في زواجها بدون إذن وليها النصراني، وزواج المرأة بدون إذن الولي باطل عند الجمهور، ويدل له الحديث: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الأرناؤوط والألباني .
وبناء عليه ننصحك بأن تجدد لها العقد بإذن وليها، وأن تدعوها للإسلام وتسأل الله الهداية لها.
وراجع الفتوى رقم:
6564
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الزواج الأقل مؤونة أكثر بركة
تاريخ الفتوى : ... 23 محرم 1424 / 27-03-2003
السؤال
تقدم إلى ابنتي رجل للزواج وهي فى سن 27 سنة وهو أكبر منها بـ 18 سنة وهو (متدين- وذو أخلاق- ووضع اجتماعي مناسب - وكذلك اقتصادي...) ولكن قد سبق له الزواج- وهو الآن مطلق..وقد عرفنا سبب الطلاق منه بأنه كان على غير وفاق معها وانفصلا بالمعروف وهو موظف ميسور الحال، وأريد الآن أن أعرف الطريقة التي يتم بها اتمام الزواج وذلك للمحافظة على حقوق ابنتي من حيث:
1- الشبكة (هدية العريس إلى ابنتي) 2 - قائمة المنقولات(ما الذي يكتب بها بالتفصيل) 3- المهر(مقدم-ومؤخرالصداق كم يحدد)؟ ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الرجل على ما ذكره السائل من اتصافه بالدين والخلق، فإن ذلك هو غاية المطلوب في الأزواج، وهو أرجى أن يكرم المرأة وأن يحفظ لها حقوقها، فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها، روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض." واللفظ للترمذي.
وكلما كان الزواج أقل مؤونة كان أكثر بركة وأرجى أن يجعل الله تعالى فيه الخير الكثير، فنصيحتنا للأخ السائل الكريم المبادرة بتزويج ابنته لهذا الرجل، وألا يجعل الحقوق المالية حائلاً دون إتمام هذا الزواج، ويكون تمامه بتوافر شروط الزواج الصحيح فيه من وجود الولي والشهود وتسمية الصداق، ولمعرفة الأحكام التي تتعلق بالصداق وما يهبه الرجل للزوجة وغير ذلك نحيل السائل على الفتاوى التالية: 6066 2734 9646.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(13/108)
ـــــــــــــــــــ
مناسبة قوله صلى الله عليه وسلم "التمس ولو خاتماً من حديد"
تاريخ الفتوى : ... 20 ذو الحجة 1423 / 22-02-2003
السؤال
هل لبس الخواتم وقت الخطبة من السنة النبوية، خاصة وأن هناك حديثاً عن الرسول صلى الله وعليه وسلم حيث أتاه رجل يريد الزواج وليس معه شيء فسأله الرسول صلى الله عليه سلم إذا كان معه خاتم حديد ليقدمه لعروسه، فهل هذا صحيح أن لبس الخواتم ( للرجل من الفضة وللمرأة من الذهب ) من السنة حيث يجب علينا الالتزام بها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدمت الإجابة على حكم ما جرت به العادة عند كثير من الناس وقت خطبة النكاح بين الرجل والمرأة من تبادل لبس الخواتيم في الفتوى رقم:
5080.
أما بخصوص ما ذكره السائل من قصة الصحابي فهو ثابت في الصحيحين، ولكن وردت في شأن الصداق، وليس فيها دليل على ما ذكره السائل.
وإليك تفصيل القصة برواية البخاري عن سهل بن سعد: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ لِأَهَبَ لَكَ نَفْسِي فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ فَلَمَّا رَأَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَيْ رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا فَقَالَ هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا قَالَ انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ .... الحديث.
أما بخصوص اتخاذ الرجل الخاتم الفضة فهو من السنة؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 6148، أما المرأة فلا حرج عليها في التزين بما شاءت من فضة أو ذهب سواء كان خاتماً أو سواراً أو غيرهما.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... زكاة مهر المطلقة إذا رفضت استلامه على من؟
تاريخ الفتوى : ... 06 ذو الحجة 1423 / 08-02-2003
السؤال
طلقت زوجتي منذ أكثر من سنة وأرسلت لها مؤخر الصداق مع قريب لي حيث أنني في إعارة خارج البلاد ولكنها رفضت تسلم المبلغ من قريبي وأصرت على المنازعات بالمحاكم ومر الآن سنة على هذا المبلغ - هل أخرج عنه زكاة أم أنه خرج من ذمتي ولا تلزمني زكاته ؟ وجزاكم الله خيراً...(13/109)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا المال الذي أرسلت إلى مطلقتك لسداد ما عليك من متأخرات الصداق ولم تستلمه هي فإنه مازال في ملكك, ويجب عليك أن تخرج عنه الزكاة إذا كان بالغاً للنصاب بنفسه أو يبلغه إذا انضم إلى غيره مما تملكه من جنسه, وحال عليه الحول
فهو جزء من ممتلكاتك قبل أن تستلمه الزوجة فيجب فيه ما يجب في بقية مالك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يصح التنازل عن المهر قبل ثبوته في ذمة الزوج
تاريخ الفتوى : ... 07 ذو الحجة 1423 / 09-02-2003
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز للمرأة المخطوبة أن تهب مهرها إلى مخطوبها قبل أن تسمي المهر عند أسرتها ؟
أفيدونا أفادكم الله؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا عفت الزوجة عن صداقها أو بعضه لزوجها جاز، إذا كانت بالغة عاقلة راشدة، لأن لها أهلية التصرف في أموالها -بكراً كانت أو ثيباً- عند جمهور الفقهاء، قال ابن قدامة في المغني: وإذا عفت المرأة عن صداقها الذي لها على زوجها أو عن بعضه أو وهبته له بعد قبضه، وهي جائزة الأمر في مالها جاز ذلك وصح، ولا نعلم فيه خلافاًً، لقول الله تعالى: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ [البقرة:237].
يعني الزوجات، وقال الله تعالى: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [النساء:4]. انتهى
وقال القرطبي في تفسيره: واتفق العلماء على أن المرأة المالكة لأمر نفسها إذا وهبت صداقها لزوجها نفذ ذلك عليها. انتهى
لكن هل يصح التنازل عن المهر قبل ثبوته في ذمة الزوج؟ كما هو حال السائلة.
الجواب: لا يصح ذلك ويعتبر لغواً، لأنك لا تملكين إسقاطه إلا بعد ثبوته، والمهر لا يثبت إلا بعد العقد، أو الدخول كما سبق بيانه في الفتوى رقم:
18175.
ولذلك فإن الواجب عليك إن أردت التنازل عن المهر أن تتنازلي عنه لزوجك بعد العقد، فإن لم تتنازلي عنه بعد العقد فهو حق ثابت لك، ولو تنازلت عنه قبل العقد، قال الجصاص: في أحكام القرآن عند قوله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228].(13/110)
6وقد دلت الآية أيضاً على أنه لو تزوجها على أنه لا مهر لها أن المهر واجب لها. انتهى
وقال في بدائع الصنائع: من تزوج امرأة ولم يُسم لها مهراً بأن سكت عن ذكر المهر، أو تزوجها على أن لا مهر لها، ورضيت المرأة بذلك، يجب مهر المثل بنفس العقد عندنا، حتى يثبت له ولاية المطالبة بالتسليم. انتهى
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المستحب في المهر ألا يزيد على صداق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
ما مدى شرعية ما يفعلة الآباء من المغالاة في المهور هل هو حرام ؟ وخاصة أنه يؤدي بالشباب إلى الوقوع في الحرام . أفتونا جزاكم الله خيراً... .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن المشروع في المهر هو تخفيفه وتيسيره وعدم المنافسة فيه وذلك اتباعاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، في ذلك، أخرج أبو داود عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير الصداق أيسره.
وكان مهور نسائه صلى الله عليه وسلم خمسمائة درهم ومهور بناته أربعمائة درهم، أخرج الجماعة إلا البخاري عن أبي سلمة قال: سألت عائشة رضي الله عنها، كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشاً، قالت: أتدري ما النش؟ قلت: لا، قالت: نصف أوقية. فذلك خمسمائة درهم.
وبناء على الحديث وغيره ذهب بعض أهل العلم إلى القول بكراهة ما زاد على خمسمائة درهم في الصداق، و قال النووي في المجموع: والمستحب ألا يزيد على خمسمائة درهم، وهو صداق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ساهمي في تخفيف المهر بطريقة ودية مع أهلك
تاريخ الفتوى : ... 01 رمضان 1423 / 06-11-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تقدم شخص للزواج بي وهو على خلق ودين ولكن أهلي مصرون على أن يكون المؤخر كبيرا هل أقف معهم أو معه لأنه يريده على الشريعة الإسلامية أفيدني أفادكم الله وجزاكم عني كل خير
ارجو الرد بسرعة(13/111)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من علامات بركة الزواج يسر أمره، وقلة مهره، وتبسيط أموره كلها.. هكذا كان هدي الصحابة والسلف الصالح.
فقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، وكان المهر أن يعلم الرجل امرأته سوراً من القرآن الكريم، وقال لبعض أصحابه: " التمس ولو خاتماً من حديد " والحديث في الصحيحين
وقد خطب أبو طلحة رضي الله عنه أم سليم وهي مسلمة، وأبو طلحة إذ ذاك لا يزال مشركاً فجعلت مهرها أن يسلم، رضي الله عنهم أجمعين. قال أحد التابعين: فما سمعت بامرأة أكرم مهراً من أم سليم. والحديث رواه النسائي عن أنس رضي الله عنه.
فعليك أن تساعدي في كل ما يخفف التكاليف ويقلل من تعقيد هذا الأمر، من المغالاة في المهر والتكاليف الباهظة التي لا يطيقها خطيبك، وقد تؤدي به إلى حمل الديون التي ستثقل كاهله في المستقبل أو يتنازل عن الخطبة أصلاً، والمؤخر من المهر حق للزوجة لأنه جزء من مهرها فإذا استطعت تخفيفه فقد أحسنت وجزاك الله خيراً، ولكن ينبغي أن يكون ذلك بتفاهم وطريقة ودية مع أهلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مؤخر الصداق دين في ذمة الزوج
تاريخ الفتوى : ... 21 شعبان 1423 / 28-10-2002
السؤال
هل الآجل (المؤخر) من الصداق دين في ذمة الزوج يجب عليه تسديده على الفور وبالتالي إن أدركه الأجل ولم يسدده يكون مثل من رفض الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه لأن عليه دينا أم على التراخي ؟ وإن استطاع الزوج دفعه ولم يدفعه لأنه عرفا يستحق للمرأة عند الطلاق أو الوفاة فهل عليها زكاته؟ وإن وجبت زكاته فمن أين تدفع وهي لا تملك مالا. وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مؤخر الصداق دين في ذمة الزوج كسائر الديون، ويجب عليه تسديده لزوجته عند انتهاء أجله الذي حدد له إلا إذا أسقطته هي عنه أو رضيت بتأخيره، فإن لم يسدده مع ميسرته، وطلبها له بالسداد أثم، لقوله صلى الله عليه وسلم " مطل الغني ظلم " متفق عليه
لكن لا يجب عليه تسديده إلا عند حلوله، أما بالنسبة للزكاة فراجع الجواب رقم 8159
وفي حالة ما إذا وجبت عليها زكاته ولم يكن لديها غيره ولم تكن راضية بتأخيره عند الزوج فلا إثم عليها في تأخير إخراج الزكاة حتى تقبضه.(13/112)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم التنازل عن بعض المهر دون علم أبيها
تاريخ الفتوى : ... 13 شعبان 1423 / 20-10-2002
السؤال
تقدم لى أكثر من شاب على خلق ودين ولكن أبي يضع شروطا مادية فوق طاقة الشباب الذين يتقدمون لي فهو يشترط قدراً كبيراً من الذهب يقدمه الشاب لي فهل يجوز لي أن أقول لوالدي بأن الشاب قد اشترى ذهبا بالكمية التي أرادها والدي(علما بأن الشاب قد اشترى ذهبا بأقل من القيمة التي أرادها والدي) ؟ وجزاكم الله خيراً...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا خلاف بين أهل العلم أنه لا يجوز نكاح بلا مهر لغير النبي صلى الله عليه وسلم، فلا بد من مهر، ولو قليلاً، بل ولو كان منفعه معتبرة كتعليم المرأة شيئاً من القرآن.
والإسلام يندب إلى تيسير الزواج ويرغب في ذلك، كما أن المرأة لها أن تسقط من مهرها ما شاءت بعد العقد، ولها أن تعطي الزوج المهر كله أو بعضه، لقول الله تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [النساء:4].
ومن ثم فلا حرج على الأخت السائلة في أن تسقط بعض مهرها إن كان مما يسمى مهراً، وإن كان هذا الذهب غير المهر، فذلك جائز من باب أولى.
وللأخت أن تستعمل مع والدها المعاريض أي الكلام الموهم، والذي ليس فيه كذب كأن تقول له: لقد اشترى الذهب المطلوب، وهي تقصد المطلوب بالنسبة لها، ونحو ذلك من المعاريض.
ولقد قال عمر بن الخطاب: في المعاريض ما يكفي المسلم الكذب.
رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أحق الشروط بالوفاء شروط النكاح
تاريخ الفتوى : ... 29 رجب 1423 / 06-10-2002
السؤال
ما حكم الدين في الزوج الذي لم يدفع مهراً ولم يلتزم بالإتفاق بتجهيز الشقة ولم يرد لزوجته ما اقترضه منها من نقودها الخاصة مع العلم أن مرتبه كبير؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(13/113)
فمن آكد الحقوق المالية للمرأة على زوجها المهر الذي تستحق نصفه بمجرد العقد عليها، وتستحقه كاملاً بالدخول بها، فهو حق واجب أوجبه الله تعالى بقوله (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً ) (النساء:4) إظهاراً لخطر هذا الزواج ومكانته، وإعزازاً للمرأة وإكراماً لها، فمماطلة الزوج به مع قدرته على سداده ظلم مبين.
وكذلك يحرم عليه المماطلة في رد الدين الذي عليه لها، إذا كان غنياً واجداً، ففي الصحيح " مطل الغني ظلم " رواه البخاري ، ويلزمه شرعاً الوفاء بالشروط التي تم الاتفاق عليها مع زوجته إلا شرطاً أحل حراماً أو حرام حلالاً، أو كان على خلاف مقتضى العقد.
فألزم الشروط وأحقها وفاء ما استحلت به الفروج كما في صحيح البخاري " أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج " أي أحق الشروط بالوفاء شروط النكاح .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حقوق المطلقة قبل المسيس
تاريخ الفتوى : ... 02 رجب 1423 / 09-09-2002
السؤال
ما هو حق البنت الشرعي إذا طلقها زوجها بعد كتابة العقد وقبل أن يدخل بها، وهل يحق لها المطالبة بقائمة الأثاث التي تكتب عند العقد بغرض حفظ حق البنت مع العلم بأن الأثاث لم يأت منه شيء ؟ وجزاكم الله خير الجزاء
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حق المطلقة أن تأخذ نصف الصداق إذا سمي لها، لقوله تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ [البقرة:237].
وأما من لم يسم لها صداق وطلقت قبل الدخول فلها المتعة، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً [الأحزاب:49].
قال ابن العربي: وآلت الحال إلى أن المتعة لم يبين الله تعالى وجوبها إلا لمطلقة قبل المسيس (الدخول) والفرض، وأما من طلقت وقد فرض لها، فلها قبل المسيس نصف الصداق، ولها بعد المسيس جميع الفرض أو مهر مثلها.
ثم قال: والحكمة من ذلك أن الله تعالى قابل المسيس بالمهر الواجب، ونصفه بالطلاق قبل المسيس لما لحق الزوجة من رَحْضِ العقد، ووصْمِ الحِلِّ الحاصل للزوج بالعقد، فإذا طلقها قبل المسيس والفرض ألزمه الله المتعة كفؤا لهذا المعنى....(13/114)
ومن هذا يتبين لنا أن من حق المطلقة قبل الدخول الحصول على نصف الصداق إذا كان معلوماً.
وأن من لم يسم لها صداق فإنها تجب لها المتعة بالمعروف.
وأما قائمة الأثاث فإن كان الزوج هو الذي جاء بها لتجهيز البيت من غير أن يكون ذلك داخلاً في المهر فإنها تعتبر ملكاً للزوج، وإن كانت داخلة في الصداق ومعدودة منه فلها نصفها، بحكم أن لها نصف الصداق معجلاً كان أو مؤجلاً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
كيف يدفع المهر القديم من حيث القيمة
تاريخ الفتوى : ... 24 جمادي الثانية 1423 / 02-09-2002
السؤال
المرأة لها مهر مؤجل وكان المهر قبل 15 سنة 20000 ألف ريال والآن طلبت المهر من زوجها فهل يعطيها ذلك المهر أم يعطيها على حساب الزمن، كما تعلمون كان له قيمة في ذلك الزمن، والآن لا يساوي شيئاً، فهل الرجل مطالب بنفس المهر أو ما يعادل في هذا الزمن؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المهر المؤجل دين في ذمة الزوج، وقد قرر الفقهاء أن المدين إنما يلزمه قضاء ما ثبت في ذمته، بغض النظر عن قيمته وقت الأداء، سواء ارتفعت قيمته بعد وقت التحمل أو انخفضت.
وعلى هذا فإن ما يلزم الزوج هو دفع المهر بنفس العدد الذي هو عشرون ألفاً ولو كانت قيمته أخفض، إلا إذا دفع ما هو أكثر على سبيل التبرع لا الإلزام فإن ذلك يجوز، وهو من حسن القضاء، وقد رغب الله فيه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الدخول بالزوجة قبل دفع المهر جائز
تاريخ الفتوى : ... 24 جمادي الثانية 1423 / 02-09-2002
السؤال
هل يجوز الدخول بالزوجة قبل تقديم المهر ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على وجوب المهر على الزوج لزوجته، إلا أن تقديم المهر ليس شرطاً لجواز الدخول بالزوجة، بل يجوز له الدخول بها ولو لم يسم لها صداقاً أصلاً، وتستحق المرأة مهر المثل إذا دخل بها ولم يسم لها صداقاً، وهذا محل إجماع(13/115)
بين الفقهاء كما ذكر ابن تيمية في الفتاوى، ولكن المرأة لها أن تمنع نفسها من أن يدخل بها الزوج حتى يدفع لها المهر المعجل، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
18175.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل لأبي البنت أن يشترط على الزوج دفع شيء من المهر له
تاريخ الفتوى : ... 12 جمادي الثانية 1423 / 21-08-2002
السؤال
هل مهر البنت المراد تزويجها هو حق لها أم لأبيها سواء كان المدفوع من الزوج عاجلا أم آجلا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمهر الذي يعطى للمرأة حق خالص لها، لقوله تعالى: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) [النساء:4] ولا فرق في ذلك بين المهر المعجل أو المؤجل.
لكن هل لأبي البنت أن يشترط على الزوج دفع شيء له؟ اختلف الفقهاء في ذلك: فأجازه الحنفية والحنابلة، قالوا: الشرط لازم، والصداق صحيح. وقال مالك: إذا اشترط ذلك عند النكاح فهو لابنته، وإن اشترطه بعد النكاح فهو له.
ومما يدل على صحة اشتراط الأب أخذ شيء من الصداق قوله تعالى في قصة صاحب مدين: (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَج) [القصص: 27] فجعل الصداق الإجارة على رعاية غنمه، وهذا شرط لنفسه.
وسواء اشترط الأب أو لم يشترط، فليس له أن يأخذ من مال ابنه أو ابنته إلا بشروط:
الأول: ألا يأخذ إلا بقدر حاجته.
الثاني: أن لا يضر بالابن، وألا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته.
الثالث: أن لا يأخذ مال ولده فيعطيه الآخر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... التعبير بأي لفظ سائغ
تاريخ الفتوى : ... 28 جمادي الأولى 1423 / 07-08-2002
السؤال
ماذا يقول الخاطب للمخطوبة حينما يرسل الشبكة أو المهر ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخطبة هي التماس الزواج، ويعبر عنها بأي عبارة تدل على ذلك وهي مستحبة وليست واجبة.(13/116)
وليس هناك لفظ محدد يلزم من أرسل هدية أو مهراً لمن أراد خطبتها أن يقوله فله أن يعبر بأي لفظ يبين أن ما أرسل هو هدية أو أنه من المهر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الخلوة الصحيحة توجب جميع الصداق
تاريخ الفتوى : ... 01 ذو الحجة 1424 / 24-01-2004
السؤال
تزوج شاب من فتاة ولم يدخل بها وحصلت الخلوة الشرعية بينهما ثم عدل الشاب عن الزواج ، قدم الزوج مجموعة من الهدايا اعتبرها هو جزءا من المهر وأهل الزوجة لا يعتبرون الهدايا من المهر أهل الزوج حصلوا على فتوى من مفتي الديار الأردنية أن( لها نصف المهر) علما بأن المهر الكامل هو أربعون ألف كرون سويدي تنازل أهل الزوجة عن المقدم وهو عشرة آلاف كرون سويدي والذي لم يدفع من قبل الزوج . رجاء الإفادة جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا ما يترتب على الخلوة بين الزوجين، وأن الراجح من أقوال أهل العلم فيها أن الصداق يتقرر بها، وذلك في الفتوى رقم:
1955.
كما تقدم أيضاً الجواب عن حكم الهدية التي تقدم للزوجة برقم:
6066.
وعليه، فإذا تبين أن هذا الشاب خلا بزوجته خلوة يمكن وطؤه لها فيها فقد تقرر عليه جميع الصداق، وما قدمه لها من هدية لا يحق له الرجوع فيه لأنه إما أن يكون هبة وقد خرجت من يده إلى يدها وحازتها فلم يكن له الرجوع فيها، كما ذكرنا.
وإما أن يكون على أنه جزء من الصداق بشرط أو عرف، وقد قررنا أن الصداق لزمه جميعه بمجرد الخلوة. ونذكر هذا السائل بأن الخلوة ما دامت قائمة مقام الدخول فلا يحق له أن يأخذ بعدها شيئاً مما كان قد دفعه، ولو أفتى له بعض أهل العلم بذلك، فإن فتوى قام الدليل على خلافها لا تبرئ عند الله تعالى، والله جل وعلا قد قال: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً*وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً [النساء:20-21].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الأحوال التي تسقط المهر
تاريخ الفتوى : ... 07 جمادي الأولى 1423 / 17-07-2002
السؤال(13/117)
ماهي الأسباب التي تجعل المرأة غير مستحقة للمهر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كل فرقة بين الزوجين جاءت من قبل الزوجة قبل الدخول بها، وقبل الخلوة الصحيحة، فإنها تسقط المهر كله، فلا تستحقه الزوجة على الزوج، وقد ذكر الفقهاء أنواعاً من هذه الفرقة منها:
أولاً: الفرقة بالارتداد عن الإسلام، أو إسلامها تحت كافر قبل أن يدخل بها.
ثانياً: الفرقة بامتناعها عن الإسلام إذا أسلم زوجها.
ثالثاً: الفرقة بسبب مباشرة أصول الزوج أو فروعه للزوجة، بما يوجب حرمة المصاهرة.
رابعاً: إذا أعتقت الأمة وهي زوجة لعبد، فاختارت نفسها ومفارقة زوجها قبل أن يدخل بها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... مؤخر الصداق حق الزوجة قبل الوصية وقسمة التركة
تاريخ الفتوى : ... 05 جمادي الأولى 1423 / 15-07-2002
السؤال
بارك الله في جهودكم ونفع بكم ؛ فقط أريد أن أعرف عن رجل مات ولزوجته مؤخر 100 ألف دولار
والمتوفى عليه ديون والزوجة تطالب أبناءها بالمؤخر. ما حكم الشرع فيما تطلبه.؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للزوجة كامل الحق في المطالبة بمؤخر صداقها، ويجب أن يقضى لها به من رأس المال قبل الوصية؛ وإن لم يبق شيء للوصية وأصحاب الفروض، وإذا كان معها أصحاب ديون أعطوا كذلك من رأس المال، فإذا لم تف التركه بالديون تقاسم الغرماء ما وجد، ومن بينهم الزوجة، ولا شيء للوصية والورثة، ولكن يجب أن تكون عندها بينة شرعية، وعليها كذلك أن تحلف يمين الاستحقاق أو الاستظهار، وأن تصرح فيها بأنها لم تسقط حقها عن المتوفى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من يُمْنِ المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها
تاريخ الفتوى : ... 08 جمادي الأولى 1423 / 18-07-2002
السؤال
ماذا عن الزواج من لم يستطع دفع المهر الكثير هل الزواج من الخارج بتكلفة أقل شيء مناسب أم ماهو العمل ؟(13/118)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حسن رعاية الإسلام للمرأة أن أعطاها حقها في التملك، وقد كانت المرأة في الجاهلية مهضومة الحق، وكان وليها يتصرف في خالص مالها ويمنعها حقها من التصرف فيه، فرفع الله عنها هذا الإصر وفرض لها المهر وجعله حقاً على الرجل لها، وليس لأبيها ولا لأقرب الناس إليها أن يأخذ شيئاً منها إلا في حال الرضا والاختيار. قال تعالى:وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [النساء:4].
ولم تجعل الشريعة حدا للمهر قلة ولا كثرة، إذ الناس يختلفون في الغنى والفقر ويتفاوتون في السعة والضيق، ولكل جهة عاداتها وتقاليدها، فتركت التحديد ليعطي كل واحد على قدر طاقته، وحسب حالته وعادات عشيرته، وكل النصوص جاءت تشير إلى أن المهر لا يشترط فيه إلا أن يكون شيئا له قيمة بقطع النظر عن القلة أو الكثرة، ومن أوضح الأدلة على ذلك ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن سهل بن سعد : أن امرأة عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له رجل: يا رسول الله زوجنيها،فقال: ما عندك؟ قال: ما عندي شيء، قال: اذهب فالتمس ولو خاتماً من حديد، فذهب ثم رجع فقال:لا والله ما وجدت شيئاً ولا خاتماً من حديد، ولكن هذا إزاري ولها نصفه، قال سهل: وما له رداء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما تصنع بإزارك؟ إن لبسته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليك منه، فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم، فدعاه -أو دعي له- فقال له: ماذا معك من القرآن؟ فقال: معي سورة كذا وسورة كذا.. لسور يعددها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أملكناكها بما معك من القرآن.
هذا وقد حرص الإسلام على إتاحة فرص الزواج لأكبر قدر ممكن من الرجال والنساء ليستمتع كل بالحلال الطيب، ولا يتم ذلك إلا إذا كانت وسيلته مذللة وطريقته ميسرة، بحيث يقدر عليه الفقراء الذي يجهدهم بذل المال الكثير، ولاسيما أنهم الأكثرية، فكره الإسلام التغالي في المهور، وأخبر أن المهر كلما كان قليلاً كان الزواج أعظم بركة، وأن قلة المهر من يمن المرأة، فعن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: إن من يُمْنِ المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها. أخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي وقال الألباني وهو عندي حسن.
وقال عمر رضي الله عنه: لا تغالوا في صدقات النساء. رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني.
وروى الحاكم وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي عن أبي العجفاء قال: خطبنا عمر -رحمه الله- فقال: ألا لا تغالوا بصداق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية.
فهذا هو شرع الله، وهذا هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه رضوان الله عليهم.(13/119)
أما اليوم فقد أصبح الزواج مشكلة المشاكل لدى الشباب نظراً لتنافس الناس في زيادة المهور، مع ارتفاع تكاليف الحياة عموماً، والذي ننصح به أن يتكاتف الشباب في كل عشيرة أو قبيلة أو عائلة أو حي ويحاولوا مع أولياء الأمور الوصول إلى عدم المبالغة في المهور، أو الوصول بالمهر إلى سقف يكون متاحاً للشباب في مجملهم وليس معجزاً لهم، والذي نراه أنه لا مانع إذا صعبت تكاليف الزواج على الشباب في بلده ووجده ميسراً في بلد إسلامي آخر فلا بأس والحالة هذه أن ينكح امرأة من بلد آخر ما دام عقد الزواج قد استوفى شروطه وأركانه، وكان موافقاً لما جاءت به الشريعة الإسلامية السمحة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الزواج بغير مهر...نظرة فقهية
تاريخ الفتوى : ... 12 ربيع الثاني 1423 / 23-06-2002
السؤال
إذا لم تكن لدينا إمكانيات الزواج التي يطلبها عصرنا حالياً فهل يجوز لنا الزواج بدون مهر ومقدم أو أي إمكانيات بسبب ظروف الشباب المادية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمهر هو المال الذي تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد عليها، أو الدخول بها وهو فرض، لقوله تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) [النساء:4].
ويصح النكاح بدون تحديده، لقول تعالى: (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) [البقرة:236].
ففي الآية دليل على أن المرأة تصبح زوجة ولو لم يفرض لها مهر عند عقد النكاح، إلا أنه يجب لها مهر المثل إن دخل بها، والمتعة إن طلقها قبل الدخول، لقوله تعالى: (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ) [البقرة:236].
وإذا تنازلت المرأة عن المهر سقط عن الزوج، لقول الله تعالى: (وآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) [النساء:4].
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 7650.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
يختلف حكم الشبكة حسب نية الزوج
تاريخ الفتوى : ... 09 ربيع الثاني 1423 / 20-06-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته(13/120)
أنا شاب كنت متزوجاً من امرأة ولي منها ولدان وعندما استحالت العشرة بيننا لكثرة المشاكل والخناقات اتفقنا على الطلاق الذي تم مؤخرا شرعا وقانونا مع حفظ جميع حقوق الطرفين والأطفال الشرعية والمادية وخلافه ولكن ظلت مشكلة الشبكة في الحقيقة لقد دفعت مهرا قدره 8000 دولار وشبكة ضعف هذا المبلغ مع شراء بيت الزوجية وتجهيزه من جانبي وقامت هي بشراء العفش سؤالي هل الشبكة من حق الزوجة وإذا كانت كذلك هل يمكن الاتفاق بين الطرفين على تعويض الزوج لها بمبلغ مادي أم أنها واجبة بعينها؟
وتفضلوا بقبول فائق التحية والاحترام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسألة فيها تفصيل وهو كالتالي:
1- إذا كان الزوج أعطى زوجته هذه الشبكة على سبيل الهدية أو الهبة ونحو ذلك، فهي ملكها، ولا يحق للزوج أخذها منها.
2- إذا كان أعطاها هذه الشبكة على أنها جزء من المهر أو جرى العرف والعادة بذلك، فهي لها أيضاً، ولا يحق له الرجوع فيها.
3- وإذا كان أعطاها إياها لتلبسها وتتزين بها، وله أخذها منها متى أراد، أو شرط عليها أن تكون معها ما دامت زوجة له، فإذا فارقها فهي له، فيحق له الرجوع فيها وأخذها منها، ويجب عليها تسليمها له بعينها، إلا أن يوافق على أخذ شيء بدلها أو قيمتها فلا حرج عليهما في ذلك إن شاء الله.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
طلب الزوجة مؤخر الصداق...قول العلماء في ذلك
تاريخ الفتوى : ... 30 ربيع الأول 1423 / 11-06-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم الشرع في مؤخر صداق الزوجة لأحد الأجلين ؟ وهل يجب على الزوج إعطاء الزوجة المؤخر في حال الطلب.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز تأجيل الصداق -كله أو بعضه- إلى أجل معلوم كسنة أو سنتين، واختلف العلماء في تأجيله إلى أجل مجهول كموت أحد الزوجين أو طلاق الزوج للزوجة أو حصاد الزرع أو نزول المطر ونحو ذلك، فمنعه الجمهور. ففي المدونة لمالك : قلت: أرأيت هذا الذي تزوج على مهر معجل ومنه مؤجل إلى موت أو طلاق فدخل بها أيفسخ هذا النكاح أم يقر إذا دخل بها؟ قال: قال مالك: إذا دخل بها أجزت النكاح(13/121)
وجعلت لها صداق مثلها ولم أنظر إلى الذي سمى من الصداق؛ إلا أن يكون صداق مثلها أقل مما جعل لها فلا ينقص منه شيء. .
وقال ابن حجر الهيتمي في التحفة: ولو نكح بألف بعضها مؤجل لمجهول فسد ووجب مهر المثل...
وذهب الحنفية إلى جوازه قال ابن نجيم في البحر الرائق: ومن أحكام المهر أنه يصح تأجيله إلى وقت مجهول كالحصاد والدياس، وهو الصحيح. .
وأجاز الحنابلة تأجيله بدون تحديد زمن مجهول. قال: ابن قدامة في المغني: وإن أجله ولم يذكرأجله فقال القاضي المهر صحيح ومحله الفرقة فإن أحمد قال: إذا تزوج على العاجل والآجل لا يحل الآجل إلا بموت أو فرقة وقال أيضاً: فأما إن جعل للآجل مدة مجهولة كقدوم زيد ومجيء المطر ونحوه لم يصح لأنه مجهول، وإنما صح المطلق لأن أجله الفرقة بحكم العادة، وها هنا صرفه عن العادة بذكر الأجل ولم يبينه فبقي مجهولاً فيحتمل أن تبطل التسمية، ويحتمل أن يبطل التأجيل ويحل. انتهى.
والراجح مما سبق أنه يجوز تأجيل المهر -كله أو بعضه- إلى أجل معلوم، ولا يصح تأجيله إلى أجل مجهول مطلق أو محدد بزمن مجهول وفي هذه الحالة للمرأة مهر المثل. وإن سَّمى مهراً ولم يذكر تأجيل فهو معجل كثمن المبيع يحق للمرأة المطالبة به حالاً.
وإذا كان للمهر أجل معلوم وحل الأجل جاز للمرأة المطالبة به، ووجب على الزوج إجابتها إلا أن يكون معسراً فإنها تنظره حتى يوسر، لقوله الله تعالى:وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَة [البقرة:280] وأما إذا لم يحل الأجل فلا يحق للزوجة المطالبة به إلاعند حصول الفرقة بموت أو بطلاق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المرأة لها حق التصرف في ما ملكته
تاريخ الفتوى : ... 18 ربيع الأول 1423 / 30-05-2002
السؤال
حسب التقاليد عندنا المال (المهر) المال الذي يدفعه الشخص إلى زوجته وقت الخطبة تستخدمة في أشياء مختلفة منها شراء الذهب فهل يجوز لي التدخل في الأشياء التي تشتريها من تكون زوجتي في المستقبل أم هو حقها الخالص حتى تشتري بجميع المال أو بعض المال؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة لها حق التصرف في ما ملكته، وليس لزوجها التحجير عليها ولا التدخل في تصرفاتها المالية، ما دامت منضبطة بالضوابط الشرعية.(13/122)
وعليه، فما يدفعه الرجل للمرأة يعتبر ملكا لها تتصرف فيه بما شاءت مما لا يخالف الشرع، وسواء كان ذلك في الهدية المقدمة إليها قبل العقد وبعد الخطبة، أو في المهر المدفوع لها عند العقد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المهر ملك للزوجة تتصرف فيه كيف شاءت ولا دخل لأحد به
تاريخ الفتوى : ... 19 صفر 1423 / 02-05-2002
السؤال
تزوجت منذ أربعة أشهر وزوجي يكبر والدي عمرا وقد دفع لي مهرا مبلغاً من المال وضعته في حسابي في البنك وهو الآن يدعي أنه في حاجة إليه وأنا أخشى أن أعطيه إياه لربما يأخذه ويطلقني فرفضت أن أعطيه له فما حكم الشرع في ذلك؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس من المروءة ولا من حسن العشرة أن يطلب الزوج من زوجته أن ترد إليه مهراً قد دفعه إليها، ولا يجب على المرأة أن تستجيب لطلبه فقد أصبح ذلك المال ملكاً لها تتصرف فيه كيف شاءت ولا دخل للزوج به .
فننصح السائلة الكريمة ألا تستجيب لطلبه، خاصة وأنها تشك في سوء نيته، هذا إذا لم يكن قد مر بضائقة ويحتاج إلى من يساعده، أما إن كان يمر فعلاً بضائقة حقيقية فأولى الناس بالوقوف معه زوجته فلا ينبغي أن تتخلي عنه، ولها حينئذ أن ترد مهرها أو شيئاً منه إلى زوجها من باب الإحسان لا على سبيل الوجوب، بشرط أن يكون ذلك عن طيب نفس منها. قال الله تعالى(وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً)[النساء:4].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
التوقيع على شيء غير موجود لا يجوز
تاريخ الفتوى : ... 17 محرم 1423 / 31-03-2002
السؤال
- هل يجوز التوقيع على قائمة الأثاث لوالد العروس على أشياء لا توجد أصلا في الشقة بحجة أن العقد شريعة المتعاقدين؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز التوقيع على أشياء لا توجد، لأن ذلك يقتضي منك الوفاء بإيجادها عند المطالبة بها، فيكون بذلك مشقة عليك، والله تعالى يقول: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة:286] ، ولأن ذلك فيه نوع من الكذب والغش.(13/123)
وقد سبق حكم هذا الموضوع في الجواب رقم: 11473 فراجعه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المهر المتفق عليه يلزم الوفاء به
تاريخ الفتوى : ... 20 ذو الحجة 1422 / 05-03-2002
السؤال
عند زواجي اتفقت مع أهل زوجتي أن مؤخر الصداق الذي يكتب هو 20ألفاً ولكن قبل الزفاف قلت لخطيبتي وولي أمرها إن مؤخر الزواج في ذمتي أمام الله هو 5آلاف وبعيداً عن حقوقها القانونية في حالة الطلاق لو قدر الله. وسؤالي هل عند موتي يكون الدين الموجود بيني وبين الله هو خمسة آلاف (الغير مكتوبة) أم العشرون ألفاً المكتوبة. وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما وقع عليه الاتفاق أولاً ووثق بالكتابة يلزمك الوفاء به شرعاً حسبما اتفق عليه. وما قلته بعد ذلك للزوجة وولي أمرها لا أثر له إلا إذا رضيا به، فيكون حينئذ هذا من باب الإبراء وإسقاط الحق، وإلا فأنت ملزم بما وافقت عليه في البداية.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم المهر الربوي
تاريخ الفتوى : ... 17 شوال 1422 / 02-01-2002
السؤال
1-ماحكم من اقترض بفائدة ليتزوج ولم يجد من يقرضه قرضا حسنا؟وماذا تفعل خطيبته إذا علمت بهذا الأمر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاقتراض بفائدة من أجل الزواج لا يجوز، وقد سبق الجواب عن ذلك مفصلاً في الفتوى رقم:
10959
وأما عن ماذا تفعل خطيبته إذا علمت بذلك فإنه يمكنها أن تفعل شيئاً كثيراً، من ذلك إعانته على التخلص من هذه الجريمة بأن تتنازل عما ألفه الناس من المغالاة في المهور، وتكليف الناس ما لا يطيقونه، وترضى بمهر يسير يقدر على دفعه، فقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه وكان المهر أن يعلمها سوراً من القرآن، وهي إذا فعلت ذلك فإن الله عز وجل سيضع البركة فيها، وفي هذه الأسرة المكونة، فأيسر النساء مهراً أعظمهن بركة، كما ورد في الحديث النبوي، وقد تزوجت بعض نساء الصحابة وجعلت مهرها أن يسلم زوجها، فقد طلبها للزواج(13/124)
كافر، فجعلت مهرها الإسلام. وعليها أن تتذكر قول الله عز وجل: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)[المائدة:2] وأما هل يجوز لها أن تأخذ مهراً من ذلك المال؟ فالذي يظهر -والله أعلم- جواز أخذه إن كان قد سدد بعضه أو كله من مال آخر، أما إذا لم يقض منه شيئاً، فلا يحل أخذه، لأن الواجب عليه رده إلى صاحبه بدون زيادة والتوبة إلى الله عز وجل من ذلك.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الوعد بكتابة الأثاث باسم الزوجة واجب الوفاء
تاريخ الفتوى : ... 18 محرم 1425 / 10-03-2004
السؤال
جرى العرف في مصر أن يقدم العريس أو الزوج قائمه بالأثاث الموجود بالمنزل أي ما يثبت ملكية الزوجة بالأغراض الموجودة بالمنزل وقد وعدني زوجي قبل الزواج بتنفيذ ذلك ولم ينفذ ذلك بعد الزواج. ما حكم الدين في ذلك.
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام الزوج قد وعدك بكتابة هذه القائمة، فإن عليه الوفاء بما وعد، خصوصاً إذا كان العرف جارياً به عندكم جرياناً يجعله في معنى المشروط، فقد نص العلماء على أن المشروط عرفاً، كالمشروط لفظاً، وقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحلَّ حراماً أو حرم حلالاً" رواه الترمذي وغيره، وفي الصحيحين عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج".
وينبغي لك معالجة القضية مع زوجك برفق وحكمة وشيء من التسامح، وأطلعيه على هذه الفتوى، لعل الله جل وعلا يشرح صدره للحق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تقديم المهر إما للمرأة مباشرة أو لمن توكله
تاريخ الفتوى : ... 06 شعبان 1422 / 24-10-2001
السؤال
ما كيفية تقديم المهر لفتاة مسلمة مقيمة في بلدها تقدم لزواجها شاب مسلم مقيم في أمريكا كيف يكون صداقها المقدم والمؤخر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كون الصداق مقدماً أو مؤخراً، أو بعضه مقدماً والبعض مؤخراً، هي مسألة تخضع لرضى الزوجين وما يقررانه في شأنها كماً وكيفاً وأجلاً، ولا تتأثر بكونهما(13/125)
في مكان واحد أو مكانين مختلفين. لذا فنقول للسائل: مقدم صداق هذه المرأة التي توجد في مكان غير مكانك يرسل لها، أو يسلم لمن أمرت هي أو وليها بتسليمه إليه.
ولا تبرأ ذمتك منه إلا بتسليمه إليهما، أو إلى من وكلا، وكذلك المؤخر لا تبرأ الذمة منه - بعد استحقاقه- إلا بدفعه إليها هي أو كيلها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أثاث بيت الزوجية...حق للزوج أم للزوجة؟
تاريخ الفتوى : ... 18 محرم 1425 / 10-03-2004
السؤال
كثرت في الآونة الأخيرة قبل العقد أي عقد الزواج موضوع مهم قد يصل إلي نهاية الارتباط ألا وهو موضوع القائمة أن يكتب الزوج كل محتويات الشقة للزوجة بما في ذلك كل ما هو أحضره الزوج. يقوم الأهل بإمضاء الزوج علي ورقة بها كل محتويات الشقة من مفروشات وأثاث وأجهزة كهربائية وذهب فما رأي سيادتكم في هذا مع الإيضاح هل هذا يجوز شرعاً أم لا وإذا لم يجز فما هو البديل وجزاكم الله خيراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن تجهيز البيت بما يلزم من فرش ومتاع ونحو ذلك واجب على الزوج - وحده- لأنه من النفقة الواجبة عليه لزوجته .
فإذا قام الزوج بتجهيز منزل الزوجية بجميع ما فيه ، وقد دفع المهر لزوجته، ولم تشترك هي معه في شراء شيء من المتاع ، كان هذا التجهيز ملكا للزوج .
فإن جرى العرف أن تأتي المرأة بشيء من الجهاز حسب ما يتفق عليه الطرفان ، فيكون ما تأتي به ملكا لها ، وما يأتي به الزوج ملكا له .
فإن دفع الزوج المهر وزاد عليه واتفق أن هذه الزيادة مقابل الجهاز فهو ملك له كذلك ، لأن غاية الأمر أنه فوضهم في شرائه .
وقد يجري العرف في بلد بأن الزوج لا يدفع من مقدم المهر شيئا، ولكنه يأتي عوضا عن ذلك بتجهيز البيت، فيكون الجهاز في هذه الحالة ملكا للزوجة لأنه يقوم مقام المهر .
وكذلك الذهب فإنه ملك لها ، لأنه قد جرت العادة بذلك، وهو هدية من الزوج للزوجة، أو جزء من المهر.
ومما سبق يتبين أن ما يأتي به الزوج من الجهاز من ماله فهو له ، وما تأتي به الزوجة من مالها فهو لها ، والأولى أن تكتب قائمة بما لكل من الزوجين من منقولات وغيرها .
ولا يجوز لأهل الزوجة أن يرغموا الزوج على كتابة التجهيز لابنتهم على سبيل التمليك، إلا أن يكون قد اتفق الطرفان على اعتبار التجهيز من المهر، كما سبق .(13/126)
وأكثر الأزواج يوقعون على هذه القائمة مع دفعهم المهر -منعا للمخاصمة - فالواجب على كل من الطرفين التزام حدود الله، ومعرفة حقه، وحق غيره . والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
... سبب وجوب المهر
تاريخ الفتوى : ... 05 جمادي الأولى 1422 / 26-07-2001
السؤال
السلام عليكم
تزوجت من رجل لا يصلي لا قبل العقد ولا بعده وقد دخل بي وتمكن مني ومكنته من نفسي حوالي أسبوعا
وأعلمت والدي بذلك فأمرني أن أفارقه فحصلت مشاكل دامت حوالي سنة وبعدها وعد بأن يلتزم
فعدت إليه إلا أنه لم يلتزم حتى الجمعة لم يصلها ففارقته فبعد مدة جاء ووعد والدي
فقال له والدي لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ، والآن نحن في المحاكم وقد أمر القاضي بحكمين
السؤال - هل عقد النكاح صحيح - وإذا لم يكن صحيحا هل عليه مهر وهل إذا التزم أعود بعقد
جديد أم إن العقد الأول صحيح أفيدونا جزاكم الله عنا خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبالنسبة لزواج المسلمة بتارك الصلاة الذي تم العقد وهو تارك لها، أو طرأ عليه الترك بعد العقد، فقد سبقت الإجابة عن ذلك مفصلة برقم: 1061.
وأما بالنسبة للمهر، فهو لازم للمرأة على الزوج بمجرد تمكينها نفسها منه، لما رواه أبو داود من أن بصرة بن أكثم تزوج امرأة بكراً، فدخل عليها، فوجدها حبلى، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "لها الصداق بما استحللت من فرجها".
فقوله صلى الله عليه وسلم: "بما استحللت من فرجها" بيان لسبب وجوب الصداق على الزوج، واستحقاق المرأة له، وهو استحلال الفرج، ثم إننا ننصح صاحب السؤال بأن الأولى في هذه المشكلة وغيرها من المشاكل المتنازع فيها أن ترد إلى المحاكم الشرعية، فهي التي تستطيع أن تنظر في المشكلة من جميع جوانبها، ثم تصدر حكمها بشكل ملزم وقاطع للنزاع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يصح منح المرأة مالاً لزوجها ليقدمه مهراً لها ؟
تاريخ الفتوى : ... 11 ربيع الثاني 1422 / 03-07-2001
السؤال(13/127)
السلام عليكم
أنا فتاه تم عقد قراني منذ ثلاثة أشهر على أن يكون العرس السنة القادمة ولكن المسألة في المهر حيث تم العقد بوجود الشهود والمأذون وولي الأمر والزوج وقمت أنا بتدبير المهر طبعا بدون علم الأهل وكان المهر شكليا أمام الجميع حتى يتم عقد القران لأن الزوج لا يملك شيئا وهو على خلق ودين وهذا الاتفاق كان بيني وبينه ولا أحد يعلم بذلك إلا الله وهو سيدفع لي المهر مستقبلا والسؤال هو هل عقد القران بدون مهر صحيح؟ علما بأني راضية حتى لو لم يدفع لي
وأريد أن أعرف هل أنا حلال عليه أم لا فهو يأتي إلى منزلنا دائما وأنا أجلس معه بدون حجاب ويعاملني معاملة الأزواج باستثناء الجماع .
أفيدوني جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب أن يصدق الرجل من أراد الزواج منها شيئاً ذا قيمة مأذوناً شرعاً في تموله والانتفاع به، وهو ما يسمى بالمهر، حالاً أو مؤجلاً.
ولا حرج في دفعك شيئاً من المال إلى هذا الرجل، ليقدمه مهراً لك رفعاً للحرج عنكما، مع التزامه بأن يدفع المهر مستقبلاً.
لكن ينبغي أن توثقي هذا الحق بأن يكتب ورقة يثبت فيها أن لك عنده كذا من المال، ضماناً لحقك، ولو أمكن توثيق هذه الورقة في المحكمة، أو بشهادة شاهدين كان ذلك أولى.
وعقد نكاحك هذا المشتمل على وجود الولي والشهود والمهر عقد صحيح.
وعليه، فقد صرت زوجة له، يجوز لك الحديث معه والخلوة، وغير ذلك مما يجوز بين الزوجين، وقد سبق بيان ذلك تحت الفتوى رقم: 6263، ورقم: 3561.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
زكاة مؤخر الصداق
تاريخ الفتوى : ... 26 صفر 1422 / 20-05-2001
السؤال
هل تخرج المرأة زكاة عن مؤخر الصداق و هو ما زال فى ذمة زوجها ، سواء كان قادرا على دفعه لها حالا أم غير قادر؟ وما حكم إخراجها أيضا إذا كان العرف ألا تأخذ المرأة مؤخر صداقها إلا من تركة زوجها.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مؤخر الصداق كغيره من الديون فإن كان حالاً والزوج قادر على الأداء وباذل له، يعتبر الصداق بمثابة المال المودوع، فتجب فيه الزكاة كلما حال عليه الحول، وكان بالغاً النصاب بنفسه أو بما ينضم إليه من مال هو من جنسه، أما إن كان الزوج معسراً أو مماطلاً فلا زكاة فيه حتى يقبض، فإذا قبض زكي سنة واحدة، ولو(13/128)
مرت عليه سنون كثيرة. وإن كان مؤخر الصداق لا يستحق إلا بالموت أو الطلاق - كما هو العرف في بعض البلاد- فإنه لا زكاة فيه حتى يقبض، لتخلف شرط من شروط وجوب الزكاة وهو الملكية التامة للمال.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الطلاق بعد الخلوة الصحيحة وما يتعلق به من أحكام
تاريخ الفتوى : ... 14 صفر 1422 / 08-05-2001
السؤال
كنت أنا وزوجي نحتكم إلى أهلي في خلاف بيننا واضطرني الوضع إلى أن أحلف أيمانا كاذبة مما أثار غضب زوجي فطلقني بقوله (أنت طالق طالق طالق) و بعدها راجعني في اليوم التالي ولكن أهلي طلبوا مني تثبيت الطلاق وفعلا تم ذلك في المحكمة على أساس أنه تمت الخلوة و لم يتم الدخول الحقيقي إلا أنني أشعر بالذنب الكبير لأنني أوقعت نفسي وزوجي بهذا الوضع فما علي أن أعمل ليغفر الله لي لأنني من الملتزمات جدا وأخاف الله ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسألة الأولى: قول زوجك لك (أنت طالق طالق طالق) فإن نوى بذلك الطلاق ثلاثاً وقع ثلاثاً، وبانت منه الزوجة، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، ثم يطلقها، وبعد ذلك له أن يتزوجها.
وإن قصد التوكيد، فتحسب طلقة واحدة لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله صلى الله عليه وسلم: "فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل" رواه أبو داود والترمذي.
وإن لم يقصد شيئاً لم يقع إلا طلقة واحدة، لأنه لم يأت بينهن بحرف يقتضي المغايرة، فلا يكن متغايرات.
وبناءً على ذلك فإن مراجعة زوجك لك بعد قوله (أنت طالق طالق طالق) صحيحة في حال ما إذا أراد بتكرار اللفظ التوكيد.
أما في حال قصده بذلك وقوع الثلاث، فالرجعة باطلة، لأنها في غير محلها.
المسألة الثانية: قولك: (إنه تمت الخلوة، ولم يتم الدخول الحقيقي).
لابد من بيان أن الخلوة الصحيحة بعد العقد حكمها حكم الدخول، حتى ولو لم يطأ وتستحق الزوجة بهذه الخلوة: المهر، وتجب بها العدة، والإرث عند جمهور العلماء روي ذلك عن الخلفاء الراشدين، وزيد، وابن عمر، وبه قال علي بن الحسين، وعروة، وعطاء، والزهري، والأوزاعي، وإسحاق.
وهو مذهب الحنفية، والحنابلة، وقديم قولي الشافعي، ودليل ذلك ما رواه الإمام أحمد بإسناده إلى زرار بن أوفى قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون: أن من أغلق باباً، أو أرخى ستراً، فقد وجب المهر، ووجبت العدة.
المسألة الثالثة: الحلف بالأيمان الكاذبة، وقد سبق بيان حكم ذلك في أجوبة سابقة نحيلك على أحدها رغبة في الفائدة، وعدم التكرار برقم 7228(13/129)
وننبهك إلى أنه ينبغي الاستفادة مما حدث، وأن تصممي على عدم الوقوع في الحلف بالكذب أبداً مهما كانت الأسباب، وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... أكثر المهر.. وأقله
تاريخ الفتوى : ... 24 محرم 1422 / 18-04-2001
السؤال
طالب يريد الزواج بأقل التكاليف فما هي المصاريف التي عليه دفعها وما مقدارها شرعا بحيث لا نهضم الزوجة حقوقها الشرعية ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أراد الزواج بامرأة فلا بد له من أن يصدقها شيئاً ذا قيمة مأذوناً شرعاً في تموله والانتفاع به. وقد أجمع أهل العلم على ثبوت الصداق ووجوبه للزوجة على زوجها متى تم عقد النكاح الصحيح. وأجمعوا على أنه لا حد لأكثره، قال ابن رشد الحفيد: ليس لأكثره حد، واختلفوا في أقله، فقال الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وفقهاء المدينة: ليس لأقله حد، وكل ما جاز أن يكون ثمناً وقيمة لشيء جاز أن يكون صداقاً، وبه قال ابن وهب من أصحاب مالك. وقالت طائفة بوجوب تحديد أقله، وهؤلاء اختلفوا في ذلك. والراجح - فيما ظهر لنا- ما ذهب إليه جمهور العلماء من أن المهر يتم بما تراضى عليه الزوجان مما فيه منفعة كالثوب والنعل؛ وإن كانت قيمته أقل من درهم، كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح، وذلك لما في الصحيحين وغيرهما عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إنها قد وهبت نفسها لله ورسوله صلى الله عليه وسلم فقال: مالي في النساء حاجة، فقال رجل زوجنيها، قال: أعطها ثوباً" قال: لا أجد، قال أعطها ولو خاتماً من حديد، فاعتلَّ له، فقال: ما معك من القرآن؟ قال: كذا وكذا، قال: فقد زوجكتها بما معك من القرآن"
وننبه إلى أن الذي يجب للمرأة هو المهر فقط، أما ما يقدمه الرجل من هدايا لمن يريد التزوج بها فإن هذا راجع إلى الشخص بحسب إرادته وقدرته، وهو غير ملزم بشيء منه أصلاً، لا خلاف في ذلك بين أهل العلم فيما نعلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مؤخر الصداق دين على الزوج ولا يسقط بوفاته.
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال(13/130)
هل تستحق الزوجة مؤخر الصداق المكتوب في عقد الزواج من ميراث الزوج بعد وفاته وهل يعتبر هذا المؤخر من ديون الميت والتي يجب تسديدها قبل توزيع التركة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مؤخر الصداق دين في ذمة الزوج كسائر الديون، فإذا توفي قبل أدائه أخذ من ماله قبل إخراج الوصايا - إن كانت ثمة وصايا ـ وقبل توزيع التركة على مستحقيها، فلو أن الميت لم يترك من المال إلا قدر مؤخر الصداق، أخذته المرأة ولا شيء لباقي الورثة، ولا لأهل الوصية إذا كانت وصية، وأخذها لما تستحقه من الدين لا يسقط حقها في الإرث، إن ترك الميت مالاً زائد على الدين. والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل تملك المخطوبة ( الشبكة ) بعد فسخ الخطبة؟
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
ما حكم الشرع فى الاحتفاظ بالشبكة بعد فسخ الخطبة بعد ثلاث سنوات من جانب الخطيب؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالخطبة وما يتبعها من شبكة وهدايا هي من مقدمات الزواج، ومن قبيل الوعد به ما دام عقد الزواج لم يتم، فإذا كانت هذه الشبكة قد قدمت للزوجة على أنها هدية فإنها تجري عليها أحكام الهبة والهدية التي تلزم بالقبض، وتكون ملكاً للمخطوبة، فلا يحق للزوج الرجوع فيها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لرجل أن يعطي عطية، أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطيه ولده، ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل، فإذا شبع قاء ثم عاد في قيئه" رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح. وأما إن قدمت لها على أنها جزء من الصداق عرفا أو اتفاقاً فيبقى مودعاً عندها حتى يتم العقد، فيصير ملكاً لها كاملاً إن تم الدخول، ومناصفة إن طلقت قبل الدخول. وبناء على ما تقدم فالواجب إرجاع الشبكة إلى الخاطب، ولا أثر لكون التراجع عن الخطبة من جهة الزوج أو من جهة الزوجة، لأن الخطوبة ليست عقداً ملزماً ، فلكل من الطرفين التراجع عنه متى شاء ، لكن ينبغي الوفاء به ديانة إذا لم يكن هناك سبب مقبول شرعاً يدعو إلى الترك. والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المهر دين واجب.
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال(13/131)
السلام عليكم أنا متزوج منذ أربع سنوات وكان الاتفاق على المهر قبل الزواج أن يكتب مبلغ وقدره فقط 500 ألف ليرة سورية ولكن لم يوضح هل سوف يدفع المهر لاحقا أم لا . بعد ذلك وكلت أخي بوكالة رسمية لعمل عقد الزواج وسافرت إلى عملي في السعودية. تم إجراء عقد الزواج في المحكمة الشرعية في سوريا وسجل المهر على أنه باق في ذمتي. السؤال هل المهر باق في ذمتي أم لا وإن كان الرد لا كيف يكون عقد زواج بدون مهر وماذا يجب علي أن أفعل؟ مع العلم أن هذا الاتفاق عرف بين الناس يتبع في سوريا . جزاكم ألف خير
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
وبعد فإنه يلزمك أن تعطي لزوجتك مهراً إن لم تكن دفعته أو شيئاً منه من قبل، لأن المهر من أركان النكاح، ولا خلاف عند العلماء في وجوبه، لقوله تعالى: ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) [النساء:4] لكنها إذا وهبت لك منه شيئاً عن طيب نفس منها فذلك جائز، لقوله تعالى: ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً).
والعادة التي ذكرت إن كانت إسقاط المهر كله فهذه عادة باطلة لا يجوز العمل بها، وإن كانت في تحديده، كأن يكون العرف عندكم أن المهر مبلغ كذا، فهذا لا بأس به، وعلى كل حال فالمهر لا بد من دفعه للزوجة قليلاً كان أو كثيراً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يجوز للولي أن يأخذ شيئاً من مهر موليته إلا بإذنها.
تاريخ الفتوى : ... 13 ربيع الثاني 1422 / 05-07-2001
السؤال
تقدم الخاطب لخطبة البنت وعند عقد القران أمام القاضي تبين أن المهر مقداره 20000 ريال لم يتم تسليمه لولي أمر المخطوبة بعد .وعند سؤال القاضي لولي الأمر ..كم المهر ؟ قال 20000 ريال. وهل استلمت المهر؟ قال نعم(بحكم معرفته بالخاطب).وتم عقد القران.وفي نفس اليوم جاء الزوج وأحضر المهر لولي أمر الزوجة ولكن كان 25000ريال بزيادة 5000ريال عما اتفق عليه . وبعلمه أخذ الولي وهو أبو الزوجة 5000ريال وأعطاها الباقي وهو 20000 ريال.ما حكم أخذ الأب لمبلغ ال5000ريال ؟علما بأنه قام بصرف معظم هذا المبلغ لإتمام حفل القران والباقي سدد به ديونا كانت عليه. وجزاكم الله خيرا.....
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أولاً: لا ينبغي لولي أمر المخطوبة أن يقول: تسلمت المهر ( بحكم معرفته بالخاطب ) ولم يتسلمه بعد ، حتى لا يقع في الكذب، ولأنه قد يترتب على ذلك إشكالات، في حال الاختلاف- لا قدر الله - فقد يمتنع الزوج من أداء ما عليه، ويطالب الولي بما ليس في حوزته.(13/132)
ثانياً: أما أخذ الولي ( أبي المخطوبة ) شيئاً من صداقها لنفسه فمن العلماء من منع ذلك مطلقاً كالشافعي، ومنهم من أجاز ذلك إذا شرطه الولي وكان هو الأب دون غيره من الأولياء، وهو قول الإمام أحمد. قال الإمام ابن قدامة في المغني: ( وجملة الأمر أنه يجوز لأبي المرأة أن يشترط شيئاً من صداق ابنته لنفسه. وبهذا قال إسحاق، وقد روي عن مسروق أنه لما زوج ابنته اشترط لنفسه عشرة آلاف فجعلها في الحج والمساكين، ثم قال للزوج جهز امرأتك. وروي نحو ذلك عن علي بن الحسين.
وقال عطاء وطاووس وعكرمة، وعمر بن عبد العزيز والثوري وأبو عبيد : يكون كل ذلك للمرأة. وقال الشافعي: إذا فعل ذلك فلها مهر المثل وتفسد التسمية لأنه نقص من صداقها لأجل هذا الشرط الفاسد، لأن المهر لا يجب إلا لزوجة لأنه عوض بضعها ... .إلخ).
وبناء على ما تقدم، فهذه الزيادة التي أضافها الخاطب إلى صداق المخطوبة ، إما أن يكون قد وهبها للولي، فلا حرج في أخذها، وإما أن يكون وهبها للمخطوبة، فيكون من حقها، ولا يجوز للأب أخذ شيء من ذلك إلا بطيب نفس منها، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه" أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم، وصححه الألباني.
أما إذا وهبت ذلك لأبيها، فلا حرج عليه في أخذه لأنه حقها تتازلت عنه بمحض إرادتها.
ولو شرط الولي (الأب) هذه الزيادة (الخمسة آلاف) أو غير ذلك لنفسه جاز على الراجح من أقوال أهل العلم.
وحيث إن الولي قد أنفق معظم المبلغ لإتمام حفل القران، فيحسن بالزوجين مسامحته والتجاوز عنه، أو الترفق معه في السداد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
تستحق المرأة المهر بالدخول وإن وقعت في فاحشة بعده
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
شاب متزوج زواجا شرعيا تم في الأردن ثم هاجر مع زوجته وطفله الى بلد غربي ، وبعد فترة لاحظ على زوجته انها تخونه بالذهاب الى بيت آخر والالتقاء بشخص آخر غربي ، وتابعها خفية ورآها بعينه وهي في حضن ذلك الاجنبي يقبلها وتقبله وأخذ صورة لذلك المنظر بكمرة فيديو، وبعد ذلك دخلا في غرفة في ذلك البيت وغابا عن نظره. كل هذا في بلد غربي حيث أنهما يعيشان في ذلك البلد بصفة هجرة. تخاصم معها لهذا السبب ، وطردها من بيته ، وقدم طلب انفصال عنها ، وتم له ذلك في المحكمة في ذلك البلد ، وكنتيجة لهذا الانفصال أخذت نصف ما يملك من أثاث وخلافه .كما أنه يدفع شهريا مصروف الطفل البالغ 7 سنوات والذي أبقته الحكومة برعاية أمه. السؤال هو حيث أنه ينوي طلاقها طلاقا شرعيا فهل تستحق(13/133)
المهر المؤجل المذكور في عقد الزواج خصوصا وانها أخذت نصف ما يملك؟ وجزاكم الله خيرا عنا وعن المسلمين
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المهر تستحقه الزوجة بالدخول، وما كان منه مؤجلاً فإنه يبقى ديناً على الزوج يلزمه الوفاء به، ما لم تهبه الزوجة له.
ووقوع المرأة في الزنا أو تمردها على زوجها لا يسقط حقها فيما تبقى لها من المهر.
أما أثاث البيت: فما استطاع الزوج أن يقيم البينة على ملكه له، أو أقرت الزوجة بأنه ملك له، فهو كذلك، وأما ما أهداه الزوج لزوجته فهو ملك لها، وكذلك ما أقامت هي البينة على ملكها له، أو أقر الزوج لها به فهو ملك لها.
وحيث أن المحكمة أخذت منك -بغير حق شرعي- نصف ما تملكه من الأثاث وغيره ودفعته لزوجتك، فإن كان هذا مساوياً لما بقي لها من المهر، فلا شيء لها.
وإن كان أنقص مما لها لزمك أن تدفع لها الباقي.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المطلقة بعد الدخول تستحق كامل المهر
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
إذا طلق الزوج زوجته بدون رغبته بسبب قضائي فهل يحق لها أن تطالب بالمهر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
إذا طلقت الزوجة المدخول بها من زوجها ، فلها المطالبة بالمؤخر من الصداق إلا إذا خالعت الزوج به وأسقتطه في مقابل تطليقه لها ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر امرأة ثابت بن قيس أن ترد إليه الحديقة التي أعطاها إياها صداقاً في مقابل أن يطلقها فردتها إليه فطلقها كما في البخاري ، فكذلك ما بقي في ذمة الزوج من الصداق يجوز للزوجة إبراؤه منه ليطلقها.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم مؤخر الصداق
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
هل للزوجة الحق في الحصول من زوجها على مؤخر الصداق وهي على ذمته ولم تطلق منه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:(13/134)
فالمؤخر من الصداق إن كان تأخيره لأجل معلوم فللزوجة المطالبة به إذا حل ذلك الأجل الذي كان مضروباً لتسديده.
أما إذا لم يكن هنالك أجل لتسديد المؤخر من الصداق فلا يحق للزوجة المطالبة بذلك المؤخر إلا عند الفرقة بموت أو طلاق.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لاحد لأكثر المهر ولا لأقله
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
ما هو الحكم الشرعي في تحديد المهر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
ليس في نصوص الشرع تحديد لأقل المهر ولا لأكثره، فلذلك قال العلماء:إنه لا حد لأكثره ولا لأقله، ولكي ينبغي التوسط ومراعاة الحال والتيسير.
وقد وردت نصوص في الحث على تخفيف مؤن النكاح تيسيراً لأمره وللحدّ من تفشي العنوسة التي تنشأ عنها مفاسد كثيرة، فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة"رواه أحمد.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يجوز أخذ الهدايا المقدمة للزوجة إذا طلقت
تاريخ الفتوى : ... 13 ربيع الثاني 1422 / 05-07-2001
السؤال
هل من حق زوجي الذي طلقني أن يأخذ الهدايا التي قدمها لي وحجته في ذلك بأني لم أشترط عليه في عقد الزواج شيئاً حيث كان مهري المعوذتين والفاتحة وآية الكرسي، لذلك يقول إن الهدايا التي أهداني إياها ليست من حقي. وجزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
الهدايا التي أهداها لك زوجك تعتبر ملكاً لك لا يجوز له الرجوع فيها، سواء كانت مشترطة في العقد أم لا.
أما قولك إن مهرك كان المعوذتين والفاتحة وآية الكرسي فإن كان قصدك أنكم قرأ تموها في ذلك الوقت وجعلتم قراءتها هي المهر فهذا لا يصح، ولك المطالبة بمهرك.
وإن كان قصدك أنه علمك إياها وجعلتم ذلك مهرا لك فهذا صحيح على الراجح من أقوال أهل العلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلاً امرأة على أن يعلمها(13/135)
شيئاً من كتاب الله تعالى. جاء ذلك في أحاديث كثيرة منها حديث سهل بن سعد في سنن أبي داود وفيه التصريح بذلك وأصله في الصحيحين.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المطلقة قبل الدخول تستحق نصف المهر
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
إذا طلق الزوج امرأته قبل أن يدخل بها هل يحق لها أن تطالب بالمهر المؤخر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزوجة التي طلقها زوجها قبل أن يدخل بها لها نصف كامل المهر-المقدم والمؤخر- لقول الله تعالى: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون ... ) [البقرة: 237].
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
غلاء المهور ظاهرة تخالف الشريعة
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
رجل محدود الدخل تقدم لخطبة فتاة طلب والدها مهرا فوق المتوسط المتعارف عليه و بحجة أن أخت المتقدم كان مهرها فوق المتوسط قبل عام وذلك من باب المعاملة بالمثل و كذلك حسب قوله إنه ليس أقل من الناس . و حيث إن المهر يستخدم حسب العرف في شراء الكثير من الملابس والذهب . السؤال هل يجوز لي الاعتراض علي هذا المهر؟ من باب اقلكن مهرا اكثركن بركة وكذلك لانني اعتقد أن المهر يستخدم في التبذير الذي لا لزوم منه مع العلم أنني كنت قد اعترضت على مهر أختي، حتى لو كان اعتراضي سيسبب فشل إتمام الزواج؟. و هل يجوز لي الاعتراض على تدخل والدي؟ الذي على استعداد لدفع المهر حيث إن قدراته تسمح بذلك، مع العلم أنني لا أريد تدخله لأنه سيساعد في مصروفات أساسية أخرى.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا يخفى على عاقل ما في غلاء المهور من المفاسد والمضار التي منها انتشار العنوسة بين الجنسين ، وإثقال كاهل المتزوجين بديون يرزحون تحت وطئتها لسنوات عديدة. وقد يتسبب ذلك في أن الزوج إذا لم توافقه الزوجة ولم يمكنه إمساكها فمن الصعب عليه أن يطلقها ويسرحها سراحاً بالمعروف لأنه يرى أنه قد خسر في زواجه منها خسارة كبيرة -فيلجأ إذا لم يتق الله تعالى- إلى مضارتها وتضيع بعض حقوقها ليلجئها إلى الافتداء منه بما يخفف عليه تلك الخسارة، لذلك كله كان من هدي الإسلام تخفيف مؤونة النكاح. ومن أراد معرفة ذلك فليقرأ هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تزوجه وتزويجه. وهدي صحابته – رضي الله عنهم – في ذلك(13/136)
فعليك أن تتدخل لدى المعنيين بهذا الأمر جميعاً من باب النصح والدعوة إلى الالتزام بشرع الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. كل ذلك يكون بالحكمة والحوار والإقناع. ولا تغفل الموازنة بين المصالح والمفاسد. ولا تغفل أن ما يتسبب من ذلك في فشل الزواج ينبغي تجنبه ، وحاول أن تقنع والدك فإن المشكلة ليست فيمن يدفع. وإنما المشكلة فيما يترتب على ذلك من مفاسد. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ما تستحقه المطلقة قبل الدخول بها
تاريخ الفتوى : ... 26 محرم 1425 / 18-03-2004
السؤال
لي صديق تم عقدقرانه على فتاة وقد تم الاتفاق على مؤخر صداق ثلاثة آلاف جنيه مصري بخلاف الاتفاق على تقديم مصاغ ذهبية (شبكة) بمبلغ معين بعد فترة من الزمن.ولم يتم الدخول بها حتى الآن. وقد حدث نوع من عدم التوافق بينهما. فماهو الحكم في حالة الانفصال قبل الدخول بها. وما هو مصير مؤخر الصداق والمصاغ المشار إليهما. وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فإذا تم عقد النكاح وأراد الزوج أن يطلق - قبل الدخول - فلا حرج في ذلك لا سيما مع عدم التوافق بين الزوجين ، وفي حالة الطلاق قبل الدخول فإن المرأة المطلقة لا عدة لها ، قال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً ). [ الأحزاب: 49].
والمرأة تملك المهر بمجرد العقد ، فإذا حدث طلاق قبل الدخول فإن المهر يتنصف بين الزوجين ، المقدم منه والمؤخر ، قال تعالى: ( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم).
[البقرة : 237].
ويستحب أن يعفو أحد الزوجين عن النصف الواجب له لصاحبه لقوله تعالى: تعالى: ( وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم). هذا كله في حالة عدم دخول الزوج، أو خلوته بها خلوة يمكن فيها الوطء عادة، فإن الخلوة الصحيحة بين الزوجين لها حكم الدخول على الراجح من أقوال أهل العلم إذا ثبتت بينهما بالإقرار، أو بالبينة فإنها تجعل للزوجة جميع الحقوق المقررة للمدخول بها، فلها جميع المهر، وتجب عليها العدة إذا طلقت، ولها النفقة من حين الخلوة بها إلى نهاية عدتها.
وأما نفقتها: فإذا لم يدخل بها، ولم يخل بها خلوة على الوجه المتقدم، فإن النفقة لا تجب لها إلا إذا كانت الزوجة ممن يوطأ مثلها، وسلمت نفسها للزوج ومكنته من الدخول بها، ولو حكماً، فإن النفقة تجب لها على الزوج من حين التمكين.(13/137)
أما الشبكة الذهبية فإن كان المتعارف عليه لديكم أنها من المهر - وهذا هو الأغلب لجريان العادة به في كثير من البلدان - فإنها تتنصف كذلك كتنصف المهر المسمى .
وأما إن كان المتعارف عليه أنها ليست من المهر ولكنها هدية يقدمها الخاطب لمخطوبته، أو الزوج لزوجته ، فإن أهل العلم ذكروا أنها تكون كلها من حق الزوجة في حالة ثبوت نصف المهر لها، أو ثبوت المهر كاملاً ، والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
خلاف العلماء في استقرارالمهر بالخلوة الصحيحة
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤالي هو هل الخلوة الشرعية بين الزوجين اللذين لم يخدلا ببعض يعتبر دوخل شرعي حتى لو لم يتم الدخول على اعتبار ان الزوج اختلى بزوجته ، وهل يحق للزوجة عند تفريقها من الزوج بسبب خلافات من قبل الزوج هل يحق لها ان تاخذ كل الحقوق الزوجية المترتبة على عقد النكاح بالكامل يرجى التوضيح والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه أما بعد:
ذهب جمهور العلماء إلى أن الخلوة الصحيحة بعد العقد يستقر بها المهر ، وتجب بها العدة ، وإن لم يطأ. روى ذلك عن الخلفاء الراشدين وزيد وابن عمر. وبه قال علي بن الحسين وعروة وعطاء والزهري والأوزاعي وإسحاق. وهو مذهب الحنفية والحنابلة وقديم قولي الشافعي . ودليل ذلك ما رواه الإمام أحمد بإسناده إلى زرار بن أوفى قال:"قضى الخلفاء الراشدون المهديون إن من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب المهر ووجبت العدة". وذهب شريح والشعبي وطاووس وابن سيرين ومالك والشافعي في الجديد إلى أنه لا يستقر المهر الكامل إلا بالوطء. وحكي ذلك عن ابن مسعود وابن عباس ولم يصح عنهما والأظهر هو القول الأول والله أعلم. وصلى الله على نبيه وسلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ـــــــــــــــــــ
مات بعد العقد فهل يعد باقي المهر دينا عليه
سؤال:
السؤال : عقد عليها ومات ، وسلم جزءا من المهر من قبل ، وعليه ديون أكثر من المهر ، ماذا يمكن على الورثة أن يفعلوا تجاه بقية المهر ؟.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، فأجاب حفظه الله :(13/138)
باقي المهر ( يُجعل ) مع الديون ( الأخرى ) ، ( وما سلّمها من قبل فهو لها ) . والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ـــــــــــــــــــ
إذا سامحت الزوجة زوجها بالمهر
سؤال:
السؤال :
والد طلب أن يكون مهر ابنته مصحفاً كمقدم ثم 20000 $ فيما بعد ، الأخ غير قادر على أن يدفع هذا المبلغ والزوجة تريد أن تسامحه بالمبلغ فهل هذا جائز ؟
ماذا إذا لم تسامح الزوجة الرجل بهذا المبلغ وتطلقا بعده بوقت قصير فهل يجب عليه دفع هذا المبلغ حتى بعد الطلاق ؟
هل يجوز للأخ أن يقول بأنه سيدفع مهراً كذا وكذا وهو لا يملك هذا الشيء.
الجواب:
الجواب :
لا بأس أن تسقط الزوجة حقها من المهر لقوله تعالى : ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً ) النساء
ويحل هذا المؤجل بالطلاق بعد الدخول ، ولو كان الوقت قصيراً إلا أن تخالعه بذلك المال عوضاً عن فراقه لها فلا بأس إن كان ذلك بأمر شرعي لا لهدف أخذ المال ، لقوله تعالى : ( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) .
ويجوز للزوج أن يقول أنه سيدفع كذا وكذا مهراً ، ولو كان لا يملكه ، ويبين لهم أنه يريده مؤخراً لا معجلاً ويبقى ديناً في ذمته . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
اشتراط الأب شيئا لنفسه مع المهر عند عقد النكاح
سؤال:
السؤال :
هناك عادة في بعض المجتمعات وهي أن يشترط الأب شيئا لنفسه بالإضافة إلى مهر ابنته عند تزويجها فهل يحق هذا له أم لا ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى : مَسْأَلَةٌ : وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ لَهَا ، وَأَلْفٍ لأَبِيهَا ، كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ .. وَجُمْلَةُ الأَمْرِ أَنَّهُ يَجُوزُ لأَبِي الْمَرْأَةِ أَنْ يَشْتَرِطَ شَيْئًا مِنْ صَدَاقِ ابْنَتِهِ لِنَفْسِهِ . وَبِهَذَا قَالَ إسْحَاقُ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَسْرُوقٍ ،(13/139)
أَنَّهُ لَمَّا زَوَّجَ ابْنَتَهُ ، اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ عَشَرَةَ آلافٍ ، فَجَعَلَهَا فِي الْحَجِّ وَالْمَسَاكِينِ ، ثُمَّ قَالَ لِلزَّوْجِ : جَهِّزْ امْرَأَتَك . وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ .
وَقَالَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ : يَكُونُ كُلُّ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ .. لأَنَّ الْمَهْرَ لا يَجِبُ إلا لِلزَّوْجَةِ , لأَنَّهُ عِوَضُ بُضْعِهَا .. وَلَنَا ( أي ودليلنا ) قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى , فِي قِصَّةِ شُعَيْبٍ عليه السلام { إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ } فَجَعَلَ الصَّدَاقَ الإِجَارَةَ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمِهِ ، وَهُوَ شَرْطٌ لِنَفْسِهِ ، وَلأَنَّ لِلْوَالِدِ الأَخْذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه السلام { أَنْتَ وَمَالُك لأَبِيكَ } وَقَوْلِهِ : { إنَّ أَوْلادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ ، فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ } أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد ، وَنَحْوَهُ الترمذي وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ ، فَإِذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ ، يَكُونُ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ مَالِ ابْنَتِهِ ، وَلَهُ ذَلِكَ .. فَإِنَّ لِلأَبِ أَنْ يَأْخُذَ مَا شَاءَ ، وَيَتْرُكَ مَا شَاءَ ، وَإِذَا مَلَكَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ ، فَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ .. وَيُشْتَرَطُ أَنْ لا يَكُونَ ذَلِكَ مُجْحِفًا بِمَالِ ابْنَتِهِ ، فَإِنْ كَانَ مُجْحِفًا بِمَالِهَا ، لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ ، وَكَانَ الْجَمِيعُ لَهَا
وقال رحمه الله : فَصْلٌ : فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ غَيْرُ الأَبِ مِنْ الأَوْلِيَاءِ ، كَالْجَدِّ وَالأَخِ وَالْعَمِّ ، فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ . نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَجَمِيعُ الْمُسَمَّى ( أي المهر ) لَهَا .
المغني ج 7 مسألة 5580
ـــــــــــــــــــ
المهر حقّ ثابت للزوجة
سؤال:
السؤال :
أود أن أعرف وجهة النظر الإسلامية فيما يتعلق بالمهر . هل الإسلام يسمح بالمهر، أم يعتبره خطيئة ؟ وإذا كان المهر خطيئة ، فماذا يجب على الشخص الذي حصل على المهر في السابق أن يفعل به ؟.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
المهر في الإسلام حقّ من حقوق الزّوجة تأخذه كاملا حلالا عليها خلافا لما شاع في بعض البلدان من أنّ الزوجة لا مهر لها والأدلّة على وجوب إيتاء المرأة مهرها كثيرة منها :
قوله تعالى : (وَءاتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) سورة النساء 4
قال ابن عباس النحلة : المهر
قال ابن كثير رحمه الله في مضمون كلام المفسرين في هذه الآية : أن الرجل يجب عليه دفع الصداق إلى المرأة حتما وأن يكون طيّب النفس .
وقال تعالى : ( وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا(20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا(21) سورة النساء
قال ابن كثير رحمه الله : أي إذا أراد أحدكم أن يُفارق امرأة ويستبدل مكانها غيرها فلا يأخذَنَّ مما كان أصدق الأولى شيئا ولو كان قنطارا من مال ( أي : المال الكثير(13/140)