وَلَوْ بِضِغْثِ ؛ فَإِنَّ أَيُّوبَ كَانَ قَدْ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ؛ لَكِنْ لَمَّا كَانَ مَا يُوجِبُونَهُ بِالْيَمِينِ بِمَنْزِلَةِ مَا يَجِبُ بِالشَّرْعِ . كَانَتْ الْيَمِينُ عِنْدَهُمْ كَالنَّذْرِ . وَالْوَاجِبُ بِالشَّرْعِ قَدْ يُرَخَّصُ فِيهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ كَمَا يُرَخَّصُ فِي الْجَلْدِ الْوَاجِبِ فِي الْحَدِّ إذَا كَانَ الْمَضْرُوبُ لَا يَحْتَمِلُ التَّفْرِيقَ ؛ بِخِلَافِ مَا الْتَزَمَهُ الْإِنْسَانُ بِيَمِينِهِ فِي شَرْعِنَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِالشَّرْعِ فَيَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ وَلَهُ مَخْرَجٌ مِنْ ذَلِكَ
فِي شَرْعِنَا بِالْكَفَّارَةِ . وَلَكِنْ بَعْضُ عُلَمَائِنَا لَمَّا ظَنُّوا أَنَّ الْأَيْمَانَ مِمَّا لَا مَخْرَجَ لِصَاحِبِهِ مِنْهُ بَلْ يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ فَطِنُوا أَنَّ شَرْعَنَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَشَرْعِ بَنِي إسْرَائِيلَ احْتَاجُوا إلَى الِاحْتِيَالِ فِي الْأَيْمَانِ : إمَّا فِي لَفْظِ الْيَمِينِ وَإِمَّا بِخُلْعِ الْيَمِينِ وَإِمَّا بِدَوْرِ الطَّلَاقِ وَإِمَّا بِجَعْلِ النِّكَاحِ فَاسِدًا فَلَا يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ . وَإِنْ غَلَبُوا عَنْ هَذَا كُلِّهِ دَخَلُوا فِي التَّحْلِيلِ وَذَلِكَ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِمَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ الْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ وَمَا وَضَعَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْآصَارِ وَالْأَغْلَالِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ } { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } . وَصَارَ مَا شَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ هُوَ الْحَقُّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَمَا أَحْدَثَ غَيْرُهُ غَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ شَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ مَعَ شَرْعِهِ ؛ وَإِنْ كَانَ الَّذِينَ قَالُوهُ بِاجْتِهَادِهِمْ
لَهُمْ سَعْيٌ مَشْكُورٌ وَعَمَلٌ مَبْرُورٌ وَهُمْ مَأْجُورُونَ عَلَى ذَلِكَ مُثَابُونَ عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّهُ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ مَسَائِلِ النِّزَاعِ الَّتِي تَنَازَعَتْ فِيهِ الْأُمَّةُ فَأَصْوَبُ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ مَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ : مَنْ أَصَابَ هَذَا الْقَوْلَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَمَنْ لَمْ يُؤَدِّهِ اجْتِهَادُهُ إلَّا إلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ ؛ وَالْقَوْلُ الْمُوَافِقُ لِسُنَّتِهِ مَعَ الْقَوْلِ الْآخَرِ بِمَنْزِلَةِ طَرِيقٍ سَهْلٍ مُخَصَّبٍ يُوَصِّلُ إلَى الْمَقْصُودِ وَتِلْكَ الْأَقْوَالُ فِيهَا بُعْدٌ وَفِيهَا وُعُورَةٌ وَفِيهَا حدوثة . فَصَاحِبُهَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ التَّعَبِ وَالْجُهْدِ أَكْثَرُ مِمَّا فِي الطَّرِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ . وَلِهَذَا أَذَاعُوا مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى تِلْكَ الطَّرِيقَةِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ مِنْ لُزُومِ مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ : مِنْ الْقَطِيعَةِ وَالْفُرْقَةِ ؛ وَتَشْتِيتِ الشَّمْلِ وَتَخْرِيبِ الدِّيَارِ وَمَا يُحِبُّهُ الشَّيْطَانُ وَالسَّحَرَةُ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَمَا يَظْهَرُ مَا فِيهَا مِنْ الْفَسَادِ لِكُلِّ عَاقِلٍ . ثُمَّ إمَّا أَنْ يَلْزَمُوا هَذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَيَدْخُلُوا فِي الْآصَارِ وَالْأَغْلَالِ . وَإِمَّا أَنْ يَدْخُلُوا فِي مُنْكَرَاتِ أَهْلِ الِاحْتِيَالِ وَقَدْ نَزَّهَ اللَّهُ النَّبِيَّ وَأَصْحَابَهُ مِنْ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ بِمَا أَغْنَاهُمْ بِهِ مِنْ الْحَلَالِ . " فَالطُّرُقُ ثَلَاثَةٌ " : أَمَّا الطَّرِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ الْمَحْضَةُ الْمُوَافِقَةُ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهِيَ طَرِيقُ أَفَاضِلِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانِ . وَأَمَّا طَرِيقَةُ الْآصَارِ
وَالْأَغْلَالِ وَالْمَكْرِ وَالِاحْتِيَالِ وَإِنْ كَانَ مَنْ سَلَكَهَا مِنْ سَادَاتِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ وَهُمْ مُطِيعُونَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فِيمَا أُتُوا بِهِ مِنْ الِاجْتِهَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا } . وَهَذَا كَالْمُجْتَهِدِ فِي الْقِبْلَةِ إذَا أَدَّى اجْتِهَادَ كُلِّ فِرْقَةٍ إلَى جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ : فَكُلُّهُمْ مُطِيعُونَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مُقِيمُونَ لِلصَّلَاةِ ؛ لَكِنْ الَّذِي أَصَابَ الْقِبْلَةَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَهُ أَجْرَانِ وَالْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَقَالَ تَعَالَى : { وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ } { فَفَهَّمْنَاهَا(7/382)
سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا } وَكُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ : بِمَعْنَى أَنَّهُ مُطِيعٌ لِلَّهِ ؛ وَلَكِنَّ الْحَقَّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَاحِدٌ . وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ مَا شَرَعَ اللَّهُ تَكْفِيرَهُ مِنْ الْأَيْمَانِ هُوَ مُكَفَّرٌ وَلَوْ غَلَّظَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ غَلَّظَ وَلَوْ الْتَزَمَ أَنْ لَا يُكَفِّرَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَهُ فَإِنَّ الْتِزَامَهُ أَنْ لَا يُكَفِّرَهُ الْتِزَامٌ لِتَحْرِيمِ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يُحَرِّمَ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ؛ بَلْ عَلَيْهِ فِي يَمِينِهِ الْكَفَّارَةُ . فَهَذَا الْمُلْتَزِمُ لِهَذَا الِالْتِزَامِ الْغَلِيظِ هُوَ يَكْرَهُ لُزُومَهُ إيَّاهُ وَكُلَّمَا غَلَّظَ كَانَ لُزُومُهُ لَهُ أَكْرَهَ إلَيْهِ وَإِنَّمَا الْتَزَمَهُ لِقَصْدِهِ الْحَظْرَ وَالْمَنْعَ ؛ لِيَكُونَ لُزُومُهُ لَهُ مَانِعًا مِنْ الْحِنْثِ ؛ لَمْ يَلْتَزِمْهُ لِقَصْدِ لُزُومِهِ إيَّاهُ
عِنْدَ وُقُوعِ الشَّرْطِ ؛ فَإِنَّ هَذَا الْقَصْدَ يُنَاقِضُ عَقْدَ الْيَمِينِ ؛ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَحْلِفُ إلَّا بِالْتِزَامِ مَا يَكْرَهُ وُقُوعَهُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ ؛ وَلَا يَحْلِفُ قَطُّ إلَّا بِالْتِزَامِهِ مَا يُرِيدُ وُقُوعَهُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ فَلَا يَقُولُ حَالِفٌ إنْ فَعَلْت كَذَا غَفَرَ اللَّهُ لِي وَلَا أَمَاتَنِي عَلَى الْإِسْلَامِ ؛ بَلْ يَقُولُ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ عَبِيدِي أَحْرَارٌ . أَوْ كُلُّ مَا أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ أَوْ عَلَيَّ عَشْرُ حِجَجٍ حَافِيًا مَكْشُوفَ الرَّأْسِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَوْ فَعَلَيَّ الطَّلَاقُ عَلَى الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ أَوْ فَعَلَيَّ كَذَا عَلَى أَغْلَظِ قَوْلٍ . وَقَدْ يَقُولُ مَعَ ذَلِكَ : عَلَيَّ أَنْ لَا أَسْتَفْتِيَ مَنْ يُفْتِينِي بِالْكَفَّارَةِ وَيَلْتَزِمُ عِنْدَ غَضَبِهِ مِنْ اللَّوَازِمِ مَا يَرَى أَنَّهُ لَا مَخْرَجَ لَهُ مِنْهُ إذَا حَنِثَ . لِيَكُونَ لُزُومُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ الْحِنْثِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَقْصِدُ قَطُّ أَنْ يَقَعَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ اللَّوَازِمِ وَإِنْ وَقَعَ الشَّرْطُ أَوْ لَمْ يَقَعْ وَإِذَا اعْتَقَدَ أَنَّهَا تَلْزَمُهُ الْتَزَمَهَا لِاعْتِقَادِهِ لُزُومَهَا إيَّاهُ مَعَ كَرَاهَتِهِ لِأَنْ يَلْتَزِمَهُ ؛ لَا مَعَ إرَادَتِهِ أَنْ يَلْتَزِمَهُ وَهَذَا هُوَ الْحَالِفُ وَاعْتِقَادُ لُزُومِ الْجَزَاءِ غَيْرُ قَصْدِهِ لِلُزُومِ الْجَزَاءِ . فَإِنْ قَصَدَ لُزُومَ الْجَزَاءِ عِنْدَ الشَّرْطِ : لَزِمَهُ مُطْلَقًا ؛ وَلَوْ كَانَ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ فَلَوْ كَانَ قَصْدُهُ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ إذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَوْ إذَا فَعَلَ هُوَ ذَلِكَ الْأَمْرَ . فَقَالَ : الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي
لَا تَفْعَلِينَ كَذَا . وَقَصْدُهُ أَنَّهَا تَفْعَلُهُ فَتَطْلُقُ ؛ لَيْسَ مَقْصُودُهُ أَنْ يَنْهَاهَا عَنْ الْفِعْلِ وَلَا هُوَ كَارِهٌ لِطَلَاقِهَا ؛ بَلْ هُوَ مُرِيدٌ لِطَلَاقِهَا : طَلُقَتْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ حَالِفًا ؛ بَلْ هُوَ مُعَلِّقٌ لِلطَّلَاقِ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْإِيقَاعُ فَيَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ هُنَا عِنْدَ الْحِنْثِ فِي اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ . وَمَقْصُودُهُ مَقْصُودُ التَّعْلِيقِ . وَالطَّلَاقُ هُنَا إنَّمَا وَقَعَ عِنْدَ الشَّرْطِ الَّذِي قُصِدَ إيقَاعُهُ عِنْدَهُ ؛ لَا عِنْدَ مَا هُوَ حِنْثٌ فِي الْحَقِيقَةِ ؛ إذًا لِاعْتِبَارِ بِقَصْدِهِ وَمُرَادِهِ ؛ لَا بِظَنِّهِ وَاعْتِقَادِهِ : فَهُوَ الَّذِي تُبْنَى عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى } . وَالسَّلَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَجَمَاهِيرِ الْخَلَفِ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ إذَا قُصِدَ بِهِ الطَّلَاقُ فَهُوَ طَلَاقٌ وَإِنْ قُصِدَ بِهِ غَيْرُ الطَّلَاقِ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا . وَلَيْسَ لِلطَّلَاقِ عِنْدَهُمْ لَفْظٌ مُعَيَّنٌ ؛ فَلِهَذَا يَقُولُونَ : إنَّهُ يَقَعُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ . وَلَفْظُ الصَّرِيحِ عِنْدَهُمْ كَلَفْظِ الطَّلَاقِ لَوْ وَصَلَهُ بِمَا يُخْرِجُهُ عَنْ طَلَاقِ الْمَرْأَةِ لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا : أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَثَاقِ الْحَبْسِ أَوْ مِنْ الزَّوْجِ
الَّذِي كَانَ قَبْلِي وَنَحْوَ ذَلِكَ .
وَالْمَرْأَةُ إذَا أَبْغَضَتْ الرَّجُلَ كَانَ لَهَا أَنْ تَفْتَدِيَ نَفْسَهَا مِنْهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى { وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ(7/383)
اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } وَهَذَا الْخُلْعُ تَبِينُ بِهِ الْمَرْأَةُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ إلَّا بِرِضَاهَا وَلَيْسَ هُوَ كَالطَّلَاقِ الْمُجَرَّدِ ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقَعُ رَجْعِيًّا لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَهَا فِي الْعِدَّةِ بِدُونِ رِضَاهَا ؛ لَكِنْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْخُلْعِ : هَلْ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ مَحْسُوبَةٌ مِنْ الثَّلَاثِ ؟ أَوْ تَقَعُ بِهِ فُرْقَةٌ بَائِنَةٌ وَلَيْسَ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ بَلْ هُوَ فَسْخٌ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ . و " الْأَوَّلُ " مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَكَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ وَنُقِلَ عَنْ طَائِفَة مِنْ الصَّحَابَةِ ؛ لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَلْ ضَعَّفَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ خزيمة وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمْ جَمِيعَ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ . و " الثَّانِي " أَنَّهُ فُرْقَةٌ بَائِنَةٌ وَلَيْسَ مِنْ الثَّلَاثِ وَهَذَا ثَابِتٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِهِ : كطاوس وَعِكْرِمَةَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ وَإِسْحَاقَ بْنِ راهويه ؛ وَأَبِي
ثَوْرٍ وداود وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَابْنِ خزيمة وَغَيْرِهِمْ . وَاسْتَدَلَّ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الْخُلْعَ بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ : { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } فَلَوْ كَانَ الْخُلْعُ طَلَاقًا لَكَانَ الطَّلَاقُ أَرْبَعًا . ثُمَّ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ تَنَازَعُوا : هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْخُلْعُ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ ؟ أَوْ لَا يَكُونُ إلَّا بِلَفْظِ الْخُلْعِ وَالْفَسْخِ وَالْمُفَادَاةِ وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَنْوِيَ الطَّلَاقَ ؟ أَوْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَهُ أَوْ لَا يَنْوِيَهُ وَهُوَ خُلْعٌ بِأَيِّ لَفْظٍ وَقَعَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ ؟ عَلَى أَوْجُهٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ : أَصَحُّهَا الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ الْأَخِيرُ وَهُوَ : أَنَّ الْخُلْعَ هُوَ الْفُرْقَةُ بِعِوَضِ فَمَتَى فَارَقَهَا بِعِوَضِ فَهِيَ مُفْتَدِيَةٌ لِنَفْسِهَا بِهِ وَهُوَ خَالِعٌ لَهَا بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ قَطُّ لَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ وَلَا عَنْ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْخُلْعِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ؛ بَلْ كَلَامُهُمْ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ . وَالشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْخُلْعِ هَلْ هُوَ طَلَاقٌ أَمْ لَا ؟ قَالَ : وَأَحْسَبُ الَّذِينَ قَالُوا هُوَ طَلَاقٌ هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ ؟ وَلِهَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ والطحاوي أَنَّ هَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ وَالشَّافِعِيُّ
لَمْ يَحْكِ عَنْ أَحَدٍ هَذَا ؛ بَلْ ظَنَّ أَنَّهُمْ يُفَرِّقُونَ . وَهَذَا بَنَاهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْعُقُودَ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهَا وَاحِدًا فَإِنَّ حُكْمَهَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ . وَفِي مَذْهَبِهِ فِي نِزَاعٍ فِي الْأَصْلِ وَأَمَّا أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ فَإِنَّ أُصُولَهُ وَنُصُوصَهُ وَقَوْلَ جُمْهُورِ أَصْحَابِهِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْعُقُودِ بِمَعَانِيهَا لَا بِالْأَلْفَاظِ وَفِي مَذْهَبِهِ قَوْلٌ آخَرَ : أَنَّهُ تَخْتَلِفُ الْأَحْكَامُ بِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ وَهَذَا يُذْكَرُ فِي التَّكَلُّمِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَفِي الْمُزَارَعَةِ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ . وَقَدْ ذَكَرْنَا أَلْفَاظَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَلْفَاظَ أَحْمَد وَغَيْرِهِ وَبَيَّنَّا أَنَّهَا بَيِّنَةٌ فِي عَدَمِ التَّفْرِيقِ . وَأَنَّ أُصُولَ الشَّرْعِ لَا تَحْتَمِلُ التَّفْرِيقَ وَكَذَلِكَ أَصُولُ أَحْمَد . وَسَبَبُهُ ظَنُّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ يُفَرِّقُونَ . وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبَيَّنَّا أَنَّ الْآثَارَ الثَّابِتَةَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ تَدُلُّ دَلَالَةً بَيِّنَةً أَنَّهُ خُلْعٌ ؛ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَهَذِهِ الْفُرْقَةُ تُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ . وَالطَّلَاقُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ هُوَ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ . قَالَ هَؤُلَاءِ وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ طَلَاقٌ بَائِنٌ مَحْسُوبٌ مِنْ الثَّلَاثِ أَصْلًا بَلْ كُلُّ طَلَاقٍ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ . وَقَالَ هَؤُلَاءِ : وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَائِنَةً لَمْ يَقَعْ بِهَا إلَّا(7/384)
طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ ؛ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ . قَالُوا : وَتَقْسِيمُ الطَّلَاقِ إلَى رَجْعِيٍّ وَبَائِنٍ تَقْسِيمٌ مُخَالِفٌ لِكِتَابِ اللَّهِ وَهَذَا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَد ؛ فَإِنَّ كُلَّ طَلَاقٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَا يَقَعُ إلَّا رَجْعِيًّا وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَائِنَةً أَوْ طَلَاقًا بَائِنًا : لَمْ يَقَعْ بِهِ عِنْدَهُمَا إلَّا طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ . وَأَمَّا الْخُلْعُ فَفِيهِ نِزَاعٌ فِي مَذْهَبِهِمَا . فَمَنْ قَالَ بِالْقَوْلِ الصَّحِيحِ طَرَدَ هَذَا الْأَصْلَ وَاسْتَقَامَ قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَنَاقَضْ كَمَا يَتَنَاقَضُ غَيْرُهُ ؛ إلَّا مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد : إنَّ الْخُلْعَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ يَقَعُ طَلَاقًا بَائِنًا فَهَؤُلَاءِ أَثْبَتُوا فِي الْجُمْلَةِ طَلَاقًا بَائِنًا مَحْسُوبًا مِنْ الثَّلَاثِ فَنَقَضُوا أَصْلَهُمْ الصَّحِيحَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ . وَقَالَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ : إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ كَانَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ؛ لَا بَائِنًا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَجْعَلْهُ طَلَاقًا بَائِنًا لِمُخَالَفَةِ الْقُرْآنِ ؛ وَظَنَّ أَنَّهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ يَكُونُ طَلَاقًا فَجَعَلَهُ رَجْعِيًّا وَهَذَا خَطَأٌ ؛ فَإِنَّ مَقْصُودَ الِافْتِدَاءِ لَا يَحْصُلُ إلَّا مَعَ الْبَيْنُونَةِ ؛ وَلِهَذَا كَانَ حُصُولُ الْبَيْنُونَةِ بِالْخُلْعِ مِمَّا لَمْ يُعْرَفْ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ ؛ لَكِنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَهُ جَائِزًا ؛ فَقَالَ : لِلزَّوْجِ أَنْ يَرُدَّ الْعِوَضَ وَيُرَاجِعَهَا ؛ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ
الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الزَّوْجَ وَحْدَهُ أَنْ يَفْسَخَهُ وَلَكِنْ لَوْ اتَّفَقَا عَلَى فَسْخِهِ كَالتَّقَايُلِ : فَهَذَا فِيهِ نِزَاعٌ آخَرُ كَمَا بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ . وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ يُبَيِّنُ أَنَّ الطَّلَاقَ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا يَكُونُ إلَّا رَجْعِيًّا وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ طَلَاقٌ بَائِنٌ إلَّا قَبْلَ الدُّخُولِ . وَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَإِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ وَهَذِهِ الْبَيْنُونَةُ الْكُبْرَى وَهِيَ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالثَّلَاثِ لَا بِطَلْقَةِ وَاحِدَةٍ مُطْلَقَةٍ ؛ لَا يَحْصُلُ بِهَا لَا بَيْنُونَةٌ كُبْرَى وَلَا صُغْرَى . وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ . إنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ عَامَّةً طَلَاقُهُمْ الْفِدَاءُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَيْسَ الْفِدَاءُ بِطَلَاقِ . وَرَدَّ الْمَرْأَةَ عَلَى زَوْجِهَا بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ وَخُلْعٍ مَرَّةً . وَبِهَذَا أَخَذَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ ؛ لَكِنْ تَنَازَعَ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ : هَلْ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ بِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ ؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَعْنَى إذَا كَانَ وَاحِدًا فَالِاعْتِبَارُ بِأَيِّ لَفْظٍ وَقَعَ ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَقَاصِدِ الْعُقُودِ وَحَقَائِقِهَا لَا بِاللَّفْظِ وَحْدَهُ فَمَا كَانَ خُلْعًا فَهُوَ خُلْعٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَمَا كَانَ طَلَاقًا فَهُوَ طَلَاقٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَمَا كَانَ يَمِينًا فَهُوَ يَمِينٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَمَا كَانَ إيلَاءٌ فَهُوَ إيلَاءٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَمَا كَانَ ظِهَارًا فَهُوَ ظِهَارٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ . وَاَللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ "
الطَّلَاقُ " و " الْيَمِينُ " و " الظِّهَارُ " و " الْإِيلَاءُ " و " الِافْتِدَاءُ " وَهُوَ الْخُلْعُ وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ حُكْمًا فَيَجِبُ أَنْ نَعْرِفَ حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَنَدْخُلَ فِي الطَّلَاقِ مَا كَانَ طَلَاقًا وَفِي الْيَمِينِ مَا كَانَ يَمِينًا وَفِي الْخُلْعِ مَا كَانَ خُلْعًا وَفِي الظِّهَارِ مَا كَانَ ظِهَارًا ؛ وَفِي الْإِيلَاءِ مَا كَانَ إيلَاءً . وَهَذَا هُوَ الثَّابِتُ عَنْ أَئِمَّةِ الصَّحَابَةِ وَفُقَهَائِهِمْ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ . وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ بَعْضُ ذَلِكَ بِبَعْضِ فَيَجْعَلُ مَا هُوَ ظِهَارٌ طَلَاقًا : فَيَكْثُرُ بِذَلِكَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ الَّذِي يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَيَحْتَاجُونَ إمَّا إلَى دَوَامِ الْمَكْرُوه ؛ وَإِمَّا إلَى زَوَالِهِ بِمَا هُوَ أَكْرَهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْهُ وَهُوَ " نِكَاحُ التَّحْلِيلِ " . وَأَمَّا الطَّلَاقُ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَهُوَ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ إذَا أَرَادَ طَلَاقَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ أَوْ كَانَتْ حَامِلًا قَدْ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا ثُمَّ يَدَعُهَا تَتَرَبَّصُ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا غَرَضٌ : ؟ سَرَّحَهَا بِإِحْسَانِ . ثُمَّ إنْ بَدَا لَهُ بَعْدَ هَذَا إرْجَاعُهَا يَتَزَوَّجُهَا بِعَقْدِ جَدِيدٍ ثُمَّ إذَا أَرَادَ(7/385)
ارْتِجَاعَهَا أَوْ تَزَوَّجَهَا وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلَّقَهَا فَهَذَا طَلَاقُ السُّنَّةِ الْمَشْرُوعِ . وَمَنْ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا طَلَاقَ السُّنَّةِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ نِكَاحِ التَّحْلِيلِ وَغَيْرِهِ ؛ بَلْ إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثَ
تَطْلِيقَاتٍ لَهُ فِي كُلِّ طَلْقَةٍ رَجْعَةٌ أَوْ عَقْدٌ جَدِيدٌ : فَهُنَا قَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَلَا يَجُوزُ عَوْدُهَا إلَيْهِ بِنِكَاحِ تَحْلِيلٍ أَصْلًا ؛ بَلْ قَدْ { لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ } وَاتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ أَصْحَابُهُ وَخُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ وَغَيْرُهُمْ فَلَا يُعْرَفُ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَحَدًا مِنْ خُلَفَائِهِ أَوْ أَصْحَابِهِ أَعَادَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا إلَى زَوْجِهَا بَعْدَ نِكَاحِ تَحْلِيلٍ أَبَدًا وَلَا كَانَ نِكَاحُ التَّحْلِيلِ ظَاهِرًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ كَانَ مَنْ يَفْعَلُهُ سِرًّا وَقَدْ لَا تَعْرِفُ الْمَرْأَةُ وَلَا وَلِيُّهَا وَقَدْ { لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ } وَفِي الرِّبَا قَالَ : { لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ } فَلَعَنَ الْكَاتِبَ وَالشُّهُودَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُشْهِدُونَ عَلَى دِينِ الرِّبَا وَلَمْ يَكُونُوا يُشْهِدُونَ عَلَى نِكَاحِ التَّحْلِيلِ . و " أَيْضًا " فَإِنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْتَبُ فِيهِ صَدَاقٌ كَمَا تُكْتَبُ الدُّيُونُ وَلَا كَانُوا يَشْهَدُونَ فِيهِ لِأَجْلِ الصَّدَاقِ ؛ بَلْ كَانُوا يَعْقِدُونَهُ بَيْنَهُمْ وَقَدْ عَرَفُوا بِهِ وَيَسُوقُ الرَّجُلُ الْمَهْرَ لِلْمَرْأَةِ فَلَا يَبْقَى لَهَا عَلَيْهِ دِينٌ ؛ فَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ رَسُولُ اللَّهِ فِي نِكَاحِ التَّحْلِيلِ الْكَاتِبَ وَالشُّهُودَ كَمَا ذَكَرَهُمْ فِي الرِّبَا . وَلِهَذَا لَمْ يَثْبُتْ عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِشْهَادِ عَلَى النِّكَاحِ حَدِيثٌ . وَنِزَاعُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ . فَقِيلَ : يَجِبُ الْإِعْلَانُ أَشْهَدُوا أَوْ لَمْ يُشْهِدُوا فَإِذَا أَعْلَنُوهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا تَمَّ الْعَقْدُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ . وَقِيلَ : يَجِبُ الْإِشْهَادُ : أَعْلَنُوهُ أَوْ لَمْ يُعْلِنُوهُ فَمَتَى أَشْهَدُوا وَتَوَاصَوْا بِكِتْمَانِهِ لَمْ يَبْطُلْ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ . وَقِيلَ : يَجِبُ الْأَمْرَانِ الْإِشْهَادُ وَالْإِعْلَانُ . وَقِيلَ : يَجِبُ أَحَدُهُمَا . وَكِلَاهُمَا يُذْكَرُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد .
وَأَمَّا " نِكَاحُ السِّرِّ " الَّذِي يَتَوَاصَوْنَ بِكِتْمَانِهِ وَلَا يُشْهِدُونَ عَلَيْهِ أَحَدًا : فَهُوَ بَاطِلٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ السِّفَاحِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ } وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ . وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مَبْسُوطَةٌ فِي مَوْضِعِهَا .
وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَقْوَالِ الثَّابِتَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْعَدْلِ وَالْحِكْمَةِ وَالرَّحْمَةِ ؛ وَبَيْنَ الْأَقْوَالِ الْمَرْجُوحَةِ وَأَنَّ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَجْمَعُ مَصَالِحَ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ ؛ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَلَا نَبِيَّ بَعْدَهُ وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ فِي شَرِيعَتِهِ مَا فَرَّقَهُ شَرَائِعُ مَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْكَمَالِ ؛ إذْ لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ فَكَمُلَ بِهِ الْأَمْرُ كَمَا كَمُلَ بِهِ الدِّينُ . فَكِتَابُهُ أَفْضَلُ الْكُتُبِ وَشَرْعُهُ أَفْضَلُ الشَّرَائِعِ وَمِنْهَاجُهُ أَفْضَلُ الْمَنَاهِجِ وَأُمَّتُهُ خَيْرُ الْأُمَمِ وَقَدْ عَصَمَهَا اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ فَلَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ ؛ وَلَكِنْ يَكُونُ عِنْدَ بَعْضِهَا مِنْ الْعِلْمِ وَالْفَهْمِ مَا لَيْسَ عِنْدَ بَعْضٍ وَالْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ } { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا } فَهَذَانِ نَبِيَّانِ كَرِيمَانِ حَكَمَا فِي قِصَّةٍ فَخَصَّ اللَّهُ أَحَدَهُمَا بِالْفَهْمِ ؛ وَلَمْ يَعِبْ الْآخَرَ ؛ بَلْ أَثْنَى عَلَيْهِمَا جَمِيعًا بِالْحُكْمِ(7/386)
وَالْعِلْمِ . وَهَذَا حُكْمُ الْعُلَمَاءِ الْمُجْتَهِدِينَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَخُلَفَاءُ الرُّسُلِ الْعَامِلِينَ بِالْكِتَابِ . وَهَذِهِ الْقَضِيَّةُ الَّتِي قَضَى فِيهَا داود وَسُلَيْمَانُ لِعُلَمَاءِ
الْمُسْلِمِينَ فِيهَا وَمَا يُشْبِهُهَا أَيْضًا قَوْلَانِ . مِنْهُمْ مَنْ يَقْضِي بِقَضَاءِ داود . وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْضِي بِقَضَاءِ سُلَيْمَانَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَكَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَقُولُ بِهِ ؛ بَلْ قَدْ لَا يَعْرِفُهُ . وَقَدْ بَسَطْنَا هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْجَوَابِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .
الْجَوَابُ
وَأَمَّا إذَا " حَلَفَ بِالْحَرَامِ " فَقَالَ : الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ مَا يَحِلُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ يَحْرُمُ عَلَيَّ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَهُ زَوْجَةٌ . فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ؛ لَكِنَّ الْقَوْلَ الرَّاجِحَ أَنَّ هَذِهِ يَمِينٌ لَا يَلْزَمُهُ بِهَا طَلَاقٌ وَلَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَد الْمَشْهُورُ عَنْهُ حَتَّى لَوْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ عِنْدَهُ . وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَقَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ فَإِنَّ هَذَا لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَفِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَعُدُّونَ الظِّهَارَ طَلَاقًا وَالْإِيلَاءَ طَلَاقًا : فَرَفَعَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَجَعَلَ فِي الظِّهَارِ الْكَفَّارَةَ الْكُبْرَى وَجَعَلَ الْإِيلَاءَ يَمِينًا يَتَرَبَّصُ فِيهَا الرَّجُلُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ . فَإِمَّا أَنْ يُمْسِكَ بِمَعْرُوفِ أَوْ يُسَرِّحَ بِإِحْسَانِ . وَكَذَلِكَ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ : إنَّهُ إذَا كَانَ مُزَوِّجًا فَحَرَّمَ
امْرَأَتَهُ أَوْ حَرَّمَ الْحَلَالَ مُطْلَقًا كَانَ مُظَاهِرًا وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَد . وَإِذَا حَلَفَ بِالظِّهَارِ أَوْ الْحَرَامِ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا وَحَنِثَ فِي يَمِينِهِ : أَجْزَأَتْهُ الْكَفَّارَةُ فِي مَذْهَبِهِ ؛ لَكِنْ قِيلَ : إنَّ الْوَاجِبَ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ سَوَاءٌ حَلَفَ أَوْ أَوْقَعَ وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ أَحْمَد . وَقِيلَ : بَلْ إنْ حَلَفَ بِهِ أَجْزَأَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَإِنْ أَوْقَعَهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَهَذَا أَقْوَى وَأَقْيَسُ عَلَى أَصْلِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ . فَالْحَالِفُ بِالْحَرَامِ تُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا تُجْزِئُ الْحَالِفَ بِالنَّذْرِ إذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ فَمَالِي صَدَقَةٌ . وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ بِالْعِتْقِ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَ أَكْثَرِ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَكَذَلِكَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ تُجْزِئُ أَيْضًا فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا أَفْتَى مَنْ أَفْتَى بِهِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَالثَّابِتُ عَنْ الصَّحَابَةِ لَا يُخَالِفُ ذَاكَ ؛ بَلْ مَعْنَاهُ يُوَافِقُهُ . وَكُلُّ يَمِينٍ يَحْلِفُ بِهَا الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَيْمَانِهِمْ فَفِيهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ . وَأَمَّا إذَا كَانَ مَقْصُودُ الرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ أَوْ يَعْتِقَ أَوْ أَنْ يُظَاهِرَ : فَهَذَا يَلْزَمُهُ مَا أَوْقَعَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلِّقًا فَلَا تُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .
ـــــــــــــــــــ
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ جَارِهِ ثُمَّ اُضْطُرَّ إلَى الدُّخُولِ فَدَخَلَ : فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ بِذَلِكَ أَمْ لَا ؟ وَإِذَا لَزِمَهُ الْكَفَّارَةُ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى لُزُومِهَا ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ يَمِينًا تَقْتَضِي حَضًّا أَوْ مَنْعًا كَقَوْلِهِ : الطَّلَاقُ أَوْ الْعِتْقُ يَلْزَمُهُ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَا يَفْعَلُ كَذَا . أَوْ قَوْلُهُ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ . أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ . وَنَحْوَ ذَلِكَ : فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهَا ثَلَاثَةُ(7/387)
أَقْوَالٍ . " أَحَدُهَا " أَنَّهُ إذَا حَنِثَ وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ . وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ التَّابِعِينَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ . " وَالثَّانِي " لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ . وَهَذَا مَأْثُورٌ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ وَهُوَ مَذْهَبُ داود وَابْنِ حَزْمٍ . وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ ؛ وَلِهَذَا كَانَ سُفْيَانُ بْنُ عيينة شَيْخُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد لَا يُفْتِي بِالْوُقُوعِ ؛ فَإِنَّهُ رَوَى عَنْ طاوس عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ شَيْئًا . فَقِيلَ لَهُ : أَكَانَ يَرَاهُ يَمِينًا قَالَ : لَا أَدْرِي . فَجَزَمَ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُوقِعُ الطَّلَاقَ وَشَكَّ هَلْ كَانَ يَجْعَلُهُ يَمِينًا فِيهَا كَفَّارَةٌ ؟ " وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ " أَنَّهُ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهَذَا مَأْثُورٌ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ فِي الْعِتْقِ كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَحَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ وَزَيْنَبَ رَبِيبَةِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّهُمْ أَفْتَوْا مَنْ قَالَ لِفُلَانِ : إنْ لَمْ أُفَرِّقْ بَيْنَك وَبَيْنَ امْرَأَتِك فَمَالِي صَدَقَةٌ وَأَرِقَّائِي أَحْرَارٌ . فَقَالُوا : كَفِّرْ عَنْ يَمِينِك وَدَعْ الرَّجُلَ مَعَ امْرَأَتِهِ : يَا هَارُوتُ وَمَارُوتُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْفُقَهَاءِ فِي الْعِتْقِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي " جَامِعِهِ " عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ . أَنَّهُ سَأَلَ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ : كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهُ حُرٌّ إنْ دَخَلَ عَلَى أَخِيهِ . فَقَالَ : يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ . وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ فِي مُسْنَدِهِ ثِنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ ثِنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ قَالَ أَبِي : ثِنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِي أَبُو رَافِعٍ قَالَ قَالَتْ مَوْلَاتِي لَيْلَى بِنْتِ الْعَجْمَاءِ ؛ كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا مُحَرَّرٌ وَكُلُّ مَالٍ لَهَا هَدْيٌ وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ إنْ لَمْ تُطَلِّقْ امْرَأَتَك أَوْ تُفَرِّقْ بَيْنَك وَبَيْنَ امْرَأَتِك . قَالَ : فَأَتَيْت زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ - وَكَانَتْ إذَا ذُكِرَتْ امْرَأَةٌ بِالْمَدِينَةِ فَقِيهَةٌ ذُكِرَتْ زَيْنَبُ قَالَ : فَأَتَيْتهَا فَجَاءَتْ - يَعْنِي إلَيْهَا - فَقَالَتْ : فِي الْبَيْتِ هَارُوتُ وَمَارُوتُ قَالَتْ يَا زَيْنَبُ جَعَلَنِي اللَّهُ فَدَاك : إنَّهَا قَالَتْ كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا مُحَرَّرٌ وَكُلُّ مَالٍ لَهَا هَدْيٌ وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ . فَقَالَتْ : يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ خَلِّي بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ يَعْنِي وَكَفِّرِي يَمِينَك . فَأَتَيْت حَفْصَةَ أُمَّ
الْمُؤْمِنِينَ فَأَرْسَلَتْ إلَيْهَا فَأَتَتْهَا ؛ فَقَالَتْ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ جَعَلَنِي اللَّهُ فَدَاك : إنَّهَا قَالَتْ كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا مُحَرَّرٌ وَكُلُّ مَالٍ هَدْيٌ وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ . فَقَالَتْ يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ خَلِّي بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ امْرَأَتِك . يَعْنِي وَكَفِّرِي عَنْ يَمِينِك . فَأَتَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَجَاءَ يَعْنِي إلَيْهَا ؛ فَقَامَ عَلَى الْبَابِ فَسَلَّمَ ؛ فَقَالَتْ ( سا أَنْتَ وسا أَبُوك ؛ فَقَالَ : أَمِنْ حِجَارَةٍ أَنْتِ أَمْ مِنْ حَدِيدٍ أَنْتِ ؟ . مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ أَفْتَتْك زَيْنَبُ وَأَفْتَتْك حَفْصَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمْ تَقْبَلِي فُتْيَاهُمَا فَقَالَتْ : يَا أبا عَبْدِ الرَّحْمَنِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاك : إنَّهَا قَالَتْ : كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ وَكُلُّ مَالٍ لَهَا هَدْيٌ وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ . فَقَالَ : يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ كَفِّرِي عَنْ يَمِينِك وَخَلِّي بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ . وَهَذَا الْأَثَرُ مَعْرُوفٌ ؛ قَدْ رَوَاهُ حميد أَيْضًا وَغَيْرُهُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المزني . وَرَوَاهُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ وَذَكَرُوا أَنَّ الثَّلَاثَةَ أَفْتَوْهَا بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ لَكِنْ سُلَيْمَانُ التيمي ذَكَرَ فِي رِوَايَتِهِ : كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ ؛ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ حميد وَغَيْرُهُ . وَبِهَذَا أَجَابَ أَحْمَد لَمَّا فَرَّقَ بَيْنَ الْحَلِف بِالْعِتْقِ وَالْحَلِفِ بِغَيْرِهِ . وَعَارَضَ ذَلِكَ أَثَرٌ آخَرُ ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ المروذي : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : إذَا قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهُ حُرٌّ : فَيُعْتِقُ عَلَيْهِ إذَا حَنِثَ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ(7/388)
وَالْعِتْقَ لَيْسَ فِيهِمَا كَفَّارَةٌ . وَقَالَ : لَيْسَ قَوْلُ : كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ . فِي حَدِيثِ لَيْلَى بِنْتِ الْعَجْمَاءِ . وَحَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّهَا سَأَلَتْ ابْنَ عُمَرَ وَحَفْصَةَ . وَزَيْنَبَ وَذَكَرَتْ الْعِتْقَ فَأَفْتَوْهَا بِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَأَمَّا حميد وَغَيْرُهُ فَلَمْ يَذْكُرُوا الْعِتْقَ . قَالَ : وَسَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ قِصَّةَ امْرَأَتِهِ وَأَنَّهَا سَأَلَتْ ابْنَ عُمَرَ وَحَفْصَةَ فَأَمَرُوهَا بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ قُلْت فِيهَا الْمَشْيُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . أَذْهَبُ إلَى أَنَّ فِيهَا كَفَّارَةَ يَمِينٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَيْسَتْ تَقُولُ فِيهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ إلَّا قُلْت . فَإِذَا حَلَفَ بِعِتْقِ مَمْلُوكِهِ يَحْنَثُ ؟ قَالَ : يَعْتِقُ كَذَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالَا لِلْجَارِيَةِ تَعْتِقُ ثُمَّ قَالَ : مَا سَمِعْنَا إلَّا مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ . وَقُلْت : فإيش إسْنَادُهُ ؟ قَالَ : مَعْمَرٌ ؛ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَاضِرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ . وَقَالَ : إسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى : مَكِّيَّانِ . وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : مَنْ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ وَهُوَ يُحْرِمُ بِحَجَّةِ وَهُوَ يَهْدِي وَمَالُهُ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ وَكُلُّ يَمِينٍ يُكَفِّرُ عِنْدَهَا عَقْدُ يَمِينٍ يَحْلِفُ عَلَى شَيْءٍ فَإِنَّمَا هِيَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى حَدِيثِ بَكْرٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ فِي قِصَّةِ حَفْصَةَ . حَلَفَتْ لَتُفَرِّقَن بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا فَقَالَتْ : يَا هَارُوتُ وَمَارُوتُ كَفِّرِي عَنْ يَمِينِك وَاعْتِقِي جَارِيَتَك فَجَعَلَ ذَلِكَ
كُلَّهُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ عَنْ الْعِتْقِ : فَهَذَا أَفْضَلُ ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَلَا اسْتِثْنَاءٌ .
وَالِاسْتِثْنَاءُ دَائِمًا يَكُونُ فِي الْيَمِينِ الَّتِي تُكَفِّرُ فَأَوْجَبَ الْعِتْقَ ؛ وَجَعَلَ فِي غَيْرِهِ كَفَّارَةً . قُلْت : فَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي أَجْوِبَتِهِ ؛ وَلَكِنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ؛ فَإِنَّهُ قَدْ نَصَّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ : أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَكُونُ [ إلَّا ] فِي الْيَمِينِ الْمُكَفِّرَةِ وَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَإِنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ ؛ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ : بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْقَعَ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ . وَقَدْ نَقَلَ عَنْ أَحْمَد " الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الإسفراييني " وَمَنْ اتَّبَعَهُ : الْفَرْقُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَذَلِكَ غَلَطٌ عَلَى أَحْمَد ؛ إنَّمَا هَذَا قَوْلُ الْقَدَرِيَّةِ ؛ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّ الْمَشِيئَةَ بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَالْعِتْقِ طَاعَةٌ ؛ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ . فَإِذَا قَالَ : عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ الْعِتْقُ . وَإِذَا قَالَ : امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ . وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ حَدِيثًا مُسْنَدًا مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ مُعَاذٍ وَهُوَ مِمَّا وَضَعَتْهُ الْقَدَرِيَّةُ الَّذِينَ كَانُوا بِالشَّامِ . وَسَبَبُ الْغَلَطِ فِي ذَلِكَ : أَنَّ أَحْمَد قَالَ فِيمَنْ قَالَ : إنْ مَلَكْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ
إنْ شَاءَ اللَّهُ فَمَلَكَهُ عَتَقَ . وَقَالَ فِيمَنْ قَالَ : إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةً فَهِيَ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَتَزَوَّجَهَا لَمْ تَطْلُقْ . فَفَرْقٌ بَيْنَ التَّعْلِيقَيْنِ ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْعِتْقَ مُعَلَّقٌ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقُرَبِ كَالنَّذْرِ فَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى الْمِلْكِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ } وَالْعِتْقُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا بِالْمِلْكِ ؛ وَلِهَذَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعَبْدِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالنِّكَاحِ . فَلَوْ قِيلَ : إنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلنِّكَاحِ فَائِدَةٌ وَالْعُقُودُ الَّتِي لَا يَحْصُلُ بِهَا مَقْصُودُهَا بَاطِلَةٌ . فَلَمَّا فَرَّقَ أَحْمَد فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ اعْتَقَدَ مَنْ نَقَلَ عَنْهُ أَنَّ الْفَرْقَ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْمَشِيئَةِ وَذَلِكَ غَلَطٌ عَلَيْهِ . وَالْمَقْصُودُ(7/389)
هُنَا أَنَّهُ يَتَنَوَّعُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَإِذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ ؛ أَوْ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ نَفَعَهُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَإِذَا قَالَ : الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ . فَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ : كَأَبِي مُحَمَّدٍ وَأَبِي الْبَرَكَاتِ - هُنَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ قَوْلًا وَاحِدًا . وَقِيلَ : بَلْ الرِّوَايَتَانِ فِي صِيغَةِ الْقَسَمِ وَفِي صِيغَةِ التَّعْلِيقِ ؛ وَهَذَا أَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَد ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ
؛ فَإِنَّ لَهُمْ فِي النَّوْعَيْنِ قَوْلَيْنِ فَإِذَا كَانَ أَحْمَد فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ يَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْحَلِف بِالْعِتْقِ سَوَاءٌ كَانَ بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ أَوْ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ مَعَ قَوْلِهِ : إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْيَمِينِ الْمُكَفِّرَةِ - لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ مِنْ الْأَيْمَانِ الْمُكَفِّرَةِ . قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ - وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ : الِاسْتِثْنَاءُ فِيمَا يُكَفِّرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ } فَكُلُّ يَمِينٍ فِيهَا كَفَّارَةٌ ؛ غَيْرُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ . وَأَمَّا كَوْنُ سُلَيْمَانَ التيمي هُوَ الَّذِي ذَكَرَ : كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهُ حُرٌّ . فَسُلَيْمَانُ التيمي ثِقَةٌ ثَبْتٌ ؛ وَهُوَ أَجَلُّ مَنْ الَّذِينَ لَمْ يَذْكُرُوا الزِّيَادَةَ ؛ وَسَبَبُهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ لَمْ يَذْكُرُوا الْعِتْقَ هَابُوهُ ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ النِّزَاعِ . يُبَيِّنُ ذَلِكَ : أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ الْعِتْقَ فِي ذَلِكَ عَنْ التيمي أَيْضًا مَعَ أَنَّ التيمي كَانَ يَذْكُرُ الْعِتْقَ بِلَا نِزَاعٍ . قَالَ الْمَيْمُونِيَّ : قَالَ أَحْمَد وَابْنُ أَبِي عَدِيّ : لَمْ يَذْكُرُوا فِي حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ عَتَقَ . قُلْت : وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيّ هُوَ أَجَلُّ مَنْ رَوَى عَنْ التيمي فَعَلِمَ أَنَّ مِنْ الرُّوَاةِ مَنْ كَانَ يَتْرُكُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مَعَ أَنَّهَا ثَابِتَةٌ فِي الْحَدِيثِ ؛ وَلِهَذَا لَمَّا ثَبَتَتْ عِنْدَ أَبِي ثَوْرٍ أَخَذَ بِهَا . وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ فَقَدْ قَالَ أَحْمَد مَا سَمِعْنَاهُ إلَّا مِنْ عَبْدِ
الرَّزَّاقِ وَعَنْ مَعْمَرٍ . وَعُثْمَانَ بْنِ حَاضِرٍ قَدْ قِيلَ : إنَّهُ سَمِعَ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ أَبُو زَرْعَةَ : هُوَ يَمَانِيٌّ حِمْيَرِيٌّ ثِقَةٌ وَقَدْ رَوَى لَهُ أَبُو داود وَابْنُ ماجه . وَالْأَثَرُ الْأَوَّلُ أَثْبَتُ ؛ وَرِجَالُهُ وَرُوَاتُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفُقَهَاءِ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا يَرْوُونَ ؛ وَهَذَا الْأَثَرُ فِيهِ تَمْوِيهٌ ؛ وَلَمْ يُضْبَطْ لَنَا لَفْظُهُ . وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى تَضْعِيفِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ؛ فَإِنْ صَحَّ كَانَ فِي ذَلِكَ نِزَاعٌ عَنْ الصَّحَابَةِ وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَثَرًا فِي الطَّلَاقِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَكُونَ مِنْهُ . " وَبِالْجُمْلَةِ " فَالنِّزَاعُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَابِتٌ بَيْنَ السَّلَفِ : كَعَطَاءِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ المقدسي فِي شَرْحِ قَوْلِ الخرقي : " وَمَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ مَا يَمْلِكُ فَحَنِثَ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّ مَا يَمْلِكُ : مِنْ عَبِيدِهِ وَإِمَائِهِ وَمُكَاتِبِيهِ وَمُدَبِّرِيهِ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَشِقْصٍ يَمْلِكُهُ مِنْ مَمْلُوكٍ " . فَقَالَ : مَعْنَاهُ إذَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَعَتِيقٌ . أَوْ : فَكُلُّ مَا أَمْلِكُ حُرٌّ ؛ فَإِنَّ هَذَا إذَا حَنِثَ عَتَقَ مَمَالِيكُهُ وَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ كَفَّارَةٌ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ ؛ وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى ؛ وَالثَّوْرِيُّ ؛ وَمَالِكٌ والأوزاعي ؛ وَاللَّيْثُ ؛ وَالشَّافِعِيُّ ؛ وَإِسْحَاقُ قَالَ : وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ؛ وَأَبِي هُرَيْرَةَ ؛ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ وَالْحَسَنِ
وَأَبِي ثَوْرٍ : يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ فَتَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى { فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ } وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي رَافِعٍ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ : وَلَنَا أَنَّهُ عَلَّقَ الْعِتْقَ عَلَى شَرْطٍ وَهُوَ قَابِلٌ لِلتَّعْلِيقِ فَيَنْتَفِعُ بِوُجُودِ شَرْطِهِ كَالطَّلَاقِ وَالْآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فِي مَعْنَاهُ ؛ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ بِيَمِينِ فِي الْحَقِيقَةِ ؛ إنَّمَا هُوَ تَعْلِيقٌ بِشَرْطِ فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ . قَالَ : فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ فَإِنَّ أَحْمَد قَالَ فِيهِ : كَفِّرْ عَنْ يَمِينِك . وَاعْتِقْ(7/390)
جَارِيَتَك ؛ وَهَذِهِ زِيَادَةٌ يَجِبُ قَبُولُهَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَمْلُوكٌ سِوَاهَا . قُلْت : الْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ عِنْدَهُمْ مُنْتَقِضٌ بِكُلِّ مَا يُعَلِّقُهُ بِالشَّرْطِ : مِنْ صَدَقَةِ الْمَالِ وَالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ وَالْهَدْيِ وَقَوْلِهِ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ أَوْ أُطَلِّقَ وَقَوْلُهُ : إنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِمَّا صِيغَتُهُ صِيغَةُ الشَّرْطِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ يَمِينٌ اعْتِبَارًا بِمَعْنَاهُ . وَالْأَصْلُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ مَمْنُوعٌ ؛ فَإِنَّ الطَّلَاقَ فِيهِ نِزَاعٌ ؛ بَلْ إذَا لَمْ يُوقِعُوا الْعَتَاقَ مَعَ كَوْنِهِ قُرْبَةً فَأَوْلَى أَلَّا يُوقِعُوا الطَّلَاقَ . وَأَبُو ثَوْرٍ لَمْ يُسَلِّمْ الطَّلَاقَ ؛ لَكِنْ قَالَ : إنْ كَانَ فِيهِ إجْمَاعٌ فَالْإِجْمَاعُ أَوْلَى مَا اتَّبَعَ ؛ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ كَالْعَتَاقِ - وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إجْمَاعٌ . وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ وَأَنَّهُمْ قَالُوا :
اعْتِقِي جَارِيَتَك . فَهَذَا غَلَطٌ فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَحَدٌ أَنَّهُمْ قَالُوا : اعْتِقِي جَارِيَتَك وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَد والجوزجاني وَالْأَثْرَمُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَرْبٌ الكرماني وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ : فَلَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ . وَكَلَامُ أَحْمَد فِي عَامَّةِ أَجْوِبَتِهِ يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَحْمَد عَنْهُمْ ذَلِكَ ؛ وَإِنَّمَا أَجَابَ بِكَوْنِ الْحَلِفِ بِعِتْقِ الْمَمْلُوكِ إنَّمَا ذَكَرَهُ التيمي . وَأَبُو مُحَمَّدٍ نَقَلَ ذَلِكَ مِنْ " جَامِعِ الْخَلَّالِ " وَالْخَلَّالُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي ضِمْنِ مَسْأَلَةِ أَبِي طَالِبٍ كَمَا قَدْ بَيَّنَّاهُ . وَذَلِكَ غَلَطٌ عَلَى أَحْمَد . وَأَبُو طَالِبٍ لَهُ أَحْيَانًا غَلَطَاتٌ فِي فَهْمِ مَا يَرْوِيه : هَذَا مِنْهَا . وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ أَحْمَد مِنْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْيَمِينِ الْمُكَفِّرَةِ : فَهَذَا نَقَلَهُ عَنْ أَحْمَد غَيْرُ وَاحِدٍ مَعَ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ ثِقَةٌ وَالْغَالِبُ عَلَى رِوَايَتِهِ الصِّحَّةُ ؛ وَلَكِنْ رُبَّمَا غَلِطَ فِي اللَّفْظِ . فَأَمَّا نَقْلُهُ : أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِيمَا يُكَفِّرُ فَلَمْ يَغْلَطْ فِيهِ ؛ بَلْ نَقَلَهُ كَمَا نَقَلَهُ غَيْرُهُ . قَالَ هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : أَلَيْسَ قَدْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَى الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ حِينٍ ؟ قَالَ : إنَّمَا هَذَا فِي الْقَوْلِ ؛ لَيْسَ فِي الْيَمِينِ ؛ كَانَ يَذْهَبُ إلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : إنَّمَا هَذَا فِي الْقَوْلِ ؛ لَيْسَ فِي الْيَمِينِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ جَائِزًا
فِيمَا تَكُونُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَا يَكْفُرُ . فَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْيَمِينِ الْمُكَفِّرَةِ فَإِذَا كَانَ قَدْ نَصَّ مَعَ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِثْنَاءِ فِيمَا إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَزِمَهُ إجْرَاءُ الْكَفَّارَةِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ مُقْتَضَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : { وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ } إلَى قَوْلِهِ : { ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ } فَجَعَلَ هَذِهِ الْكَفَّارَةَ فِي عَقْدِ الْيَمِينِ مُطْلَقًا وَجَعَلَ ذَلِكَ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ إذَا حَلَفْنَا وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ حَلَفَ فَقَالَ : إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ } فَمَا دَخَلَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى . وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ الْمُنَجَّزَانِ لَا يَدْخُلَانِ فِي مُسَمَّى الْيَمِينِ وَالْحَلِفِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ ؛ بِخِلَافِ الْحَلِفِ عَلَى الْحَضِّ وَالْمَنْعِ وَالتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ فَإِنَّهُ يَمِينٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ .
وَأَمَّا التَّعْلِيقُ الْمَحْضُ كَقَوْلِهِ : إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَنْتِ طَالِقٌ . فَفِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ لَهُمْ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ أَحْمَد فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لَيْسَ بِيَمِينِ كَاخْتِيَارِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى . وَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِ أَحْمَد فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ : هُوَ يَمِينٌ كَاخْتِيَارِ أَبِي الْخَطَّابِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ } وَهَذَا عَامٌّ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ يَمِينٍ فِيهَا هَذَا فَمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ هَذَا فَلَيْسَ بِيَمِينِ . " وَالْمَقْصُودُ " هُنَا ذَكَرَ تَحْرِيرِ الْمَنْقُولِ(7/391)
عَنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ . وَسَيَأْتِي ذِكْرُ الدَّلَائِلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : لَا طَلَاقَ إلَّا عَنْ وَطَرٍ وَلَا عِتْقَ إلَّا مَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَالِفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَيْسَ لَهُ غَرَضٌ بِالطَّلَاقِ وَلَا هُوَ مُتَقَرِّبٌ بِالْعِتْقِ ؛ بَلْ هُوَ حَالِفٌ بِهِمَا ؛ وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَقَدْ قِيلَ : إنَّ فِيهِ كَفَّارَةً . وَقِيلَ : لَا كَفَّارَةَ فِيهِ . وَهَذَا الثَّانِي قَوْلُ داود وَأَصْحَابِهِ . وَالشِّيعَةُ يَقُولُونَ : لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ . وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ بِلُزُومِ الطَّلَاقِ وَعَدَمِ التَّكْفِيرِ ضَعِيفًا أَيْضًا وَهُوَ أَضْعَفُ مِنْهُ . وَالْقَوْلُ بِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ طَاوُوسٍ وَغَيْرِهِ ؛ وَهُوَ مُقْتَضَى أَقْوَالِ
الصَّحَابَةِ وَبِهِ أَفْتَى جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُفْتِينَ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الطَّلَاقَ أَوْلَى أَلَّا يَقَعَ مِنْ الْعِتْقِ فَإِذَا أَفْتَى الصَّحَابَةُ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ الْعِتْقُ فَالطَّلَاقُ أَوْلَى ؛ وَلَكِنَّ أَبَا ثَوْرٍ لَمْ يَبْلُغْهُ فِي الطَّلَاقِ شَيْءٌ فَقَالَ ؛ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ أَيْضًا ؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إجْمَاعٌ فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يُتَّبَعَ .
وَأَمَّا إذَا قَالَ : إذَا فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ عَبْدِي أَوْ أُطَلِّقَ امْرَأَتِي وَمَالِي صَدَقَةٌ وَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ فَعَلَيَّ صَوْمُ كَذَا وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهُنَا يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهِيَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ . وَيُقَالُ : إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ إلَيْهَا وَقَوْلِ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَيُسَمِّيه الْفُقَهَاءُ " نَذَرَ اللَّجَاجَ وَالْغَضَبَ " . هَذَا إذَا كَانَ الْمَنْذُورُ قُرْبَةً : كَانَ الْعِتْقُ وَنَحْوُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً كَالطَّلَاقِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي رِوَايَةٍ ؛ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ عَنْهُ : أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ . " فَنَذْرُ التَّبَرُّرِ " مِثْلَ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُ النَّاذِرِ حُصُولَ الشَّرْطِ وَيَلْتَزِمُ فِعْلَ الْجَزَاءِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى ؛ كَقَوْلِهِ : إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ أَنْ أَصُومَ كَذَا أَوْ أَتَصَدَّقَ بِكَذَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ : فَهَذَا النَّذْرُ عَلَيْهِ أَنْ يُوفِيَ بِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . وَأَمَّا " نَذْرُ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " فَقَصْدُ النَّاذِرِ أَنْ لَا يَكُونَ الشَّرْطُ وَلَا الْجَزَاءُ : مِثْلَ أَنْ يُقَالَ لَهُ : سَافِرْ مَعَ فُلَانٍ . فَيَقُولُ : إنْ سَافَرْت فَعَلَيَّ صَوْمُ كَذَا وَكَذَا أَوْ عَلَيَّ الْحَجُّ . فَمَقْصُودُهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ الشَّرْطَ وَلَا
الْجَزَاءَ وَكَمَا لَوْ قَالَ : هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا . أَوْ إنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ ؛ فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ فَلَا يَكْفُرُ بَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ . وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ : إنْ أَعْطَيْتُمُونِي الدَّرَاهِمَ كَفَرْت فَإِنَّهُ يَكْفُرُ بِذَلِكَ ؛ بَلْ يُنَجَّزُ كُفْرُهُ ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ حُصُولَ الْكُفْرِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ . فَطَائِفَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ نَظَرُوا إلَى لَفْظِ النَّاذِرِ فَقَالُوا : قَدْ عَلَّقَ الْحُكْمَ بِشَرْطِ فَيَجِبُ وُجُودُهُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ ؛ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ " نَذْرِ اللَّجَاجِ " و " نَذْرِ التَّبَرُّرِ " . وَأَمَّا الصَّحَابَةُ وَجُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْمُحَقِّقُونَ فَقَالُوا : الِاعْتِبَارُ بِمَعْنَى اللَّفْظِ . وَالْمُشْتَرِطُ هُنَا قَصْدُهُ وُجُودَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ ؛ وَهُنَاكَ قَصْدُهُ أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا وَلَا هَذَا ؛ وَلِهَذَا يَحْلِفُ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ تَارَةً . وَبِصِيغَةِ الْقَسَمِ أُخْرَى . مِثْلَ أَنْ يَقُولَ : عَلَيَّ الْحَجُّ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَا فَعَلْت كَذَا أَوْ عَلَيَّ الْعِتْقُ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ لَا فَعَلْت كَذَا . وَهَذَا حُجَّةُ مَنْ أَمَرَهُ بِكَفَّارَةٍ فِي الْعِتْقِ وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ ؛ فَإِنَّهُ إذَا(7/392)
قِيلَ لَهُ : سَافِرْ . فَقَالَ : عَلَيْهِ الْعِتْقُ أَوْ الطَّلَاقُ لَا يَفْعَلُ كَذَا أَوْ إنْ فَعَلَ كَذَا فَعَبْدُهُ حُرٌّ أَوْ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ : فَقَصْدُهُ أَنْ لَا يَكُونَ الشَّرْطُ وَلَا الْجَزَاءُ : فَهُوَ حَالِفٌ بِذَلِكَ ؛ لَا مُوقِعَ لَهُ .
قَالُوا : وَهَذَا الْحَالِفُ الْتَزَمَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فَهُوَ كَمَا لَوْ الْتَزَمَ إيقَاعَهُ بِأَنْ يَقُولَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ أَوْ أُطَلِّقَ . وَلَوْ قَالَ هَذَا لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُطَلِّقَ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ ؛ لَكِنْ فِي وُجُوبِ الْإِعْتَاقِ قَوْلَانِ . فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَا عَتَاقٌ ؛ لَكِنْ الشَّافِعِيُّ يُلْزِمُهُ الْكَفَّارَةَ إذَا لَمْ يُعْتِقْ وَلَا يُلْزِمُهُ الْكَفَّارَةَ إذَا لَمْ يُطَلِّقْ . فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِ . وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد . وَأَحْمَد يُلْزِمُهُ الْكَفَّارَةَ فِيهِمَا عَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ وَهُوَ وَجْهٌ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ؛ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ إذَا لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِعْلُهُ بِالِاتِّفَاقِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الْمَشْهُورِ : لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَفْعَلْهُ . وَمَذْهَبُ أَحْمَد الْمَشْهُورُ : عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ . قَالَ هَؤُلَاءِ : الْتِزَامُهُ الْوُقُوعَ كَالْتِزَامِهِ الْكُفْرَ ؛ وَلَوْ الْتَزَمَهُ لَمْ يَكْفُرْ بِالِاتِّفَاقِ ؛ بَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي إحْدَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ . قَالَ الْمُوقِعُونَ لِلطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ : الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ هُنَا الْتَزَمَ حُكْمًا شَرْعِيًّا وَهُوَ الْوُقُوعُ وَهُنَاكَ الْتَزَمَ فِعْلًا مِنْ أَفْعَالِهِ وَهُوَ الْإِيقَاعُ كَقَوْلِهِ : فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ عَلَيَّ الصَّوْمُ أَوْ عَلَيَّ الصَّدَقَةُ وَهُوَ فِي الْفِعْلِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَفْعَلَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهُ وَيُكَفِّرَ ؛ بِخِلَافِ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى . قَالُوا : وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ
الْخُلْعَ جَائِزٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ : إنْ أَعْطَيْتِنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ . فَأَعْطَتْهُ إيَّاهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ . فَيُقَاسُ عَلَيْهِ سَائِرُ الشُّرُوطِ إذَا عُلِّقَ بِهَا الطَّلَاقُ وَقَعَ وَكَذَلِكَ ثَبَتَ جَوَازُ الْكِتَابَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَفِي مَعْنَاهَا مَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ : إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ حُرٌّ ؛ وَكَذَلِكَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِسَائِرِ الشُّرُوطِ . فَهَذَا مُنْتَهَى مَا يَحْتَجُّ بِهِ هَؤُلَاءِ . وَأَمَّا أُولَئِكَ فَيَقُولُونَ . قَوْلُكُمْ إنَّ اللَّازِمَ بِهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَهُنَاكَ فِعْلُ غَلَطٍ ؛ بَلْ اللَّازِمُ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ فِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ ؛ لَكِنْ فِي إحْدَاهُمَا وُقُوعٌ وَفِي الْآخِرَةِ وُجُوبٌ . فَقَوْلُهُ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ . إنَّمَا يَكُونُ فِيهِ وُجُوبُ الْحَجِّ ؛ لَا نَفْسُ فِعْلِهِ . ثُمَّ يُقَالُ : لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْجَزَاءُ حُكْمًا شَرْعِيًّا أَوْ أَنْ يَكُونَ مُلَازِمًا لَهُ . كَالسَّبَبِ وَالْمُسَبِّبِ اللَّازِمِ لَهُ ؛ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ : هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا . فَقَدْ الْتَزَمَ حُكْمًا وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ وُقُوعِ الشَّرْطِ بِلَا نِزَاعٍ . وَأَيْضًا فَلَوْ قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الصَّوْمُ ؛ أَوْ فَعَلَيَّ الْحَجُّ . فَالْجَزَاءُ وُجُوبُ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ . ثُمَّ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ بِحُكْمِ الْوُجُوبِ فَالْوُجُوبُ هُوَ التَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ ؛ لَيْسَ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ نَفْسَ فِعْلِهِ ؛ إذْ لَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ نَفْسَ فِعْلِهِ لَوُجِدَ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ اللُّغَوِيِّ وَلَكِنَّ الْمُعَلَّقَ وُجُوبُ
الْإِعْتَاقِ وَالْحَجِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْتِزَامِ هَذَا الْوُجُوبِ ؛ وَبَيْنَ التَّكْفِيرِ . وَفِيمَا إذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ . فَالْجَزَاءُ نَفْسُ الْحُرِّيَّةِ وَمُقْتَضَاهَا تَحْرِيمُ اسْتِعْبَادِهِ وَكَذَلِكَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مُوجِبُهُ تَحْرِيمُ اسْتِمْتَاعِهِ . فَالتَّحْرِيمُ هُنَا مُوجِبُ الْجَزَاءِ ؛ لَا نَفْسُ الْجَزَاءِ . وَهَذَا مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ وَالْإِخْبَارِ ؛ وَذَلِكَ مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ . وَكَذَا قَوْلُهُ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَمَالِي صَدَقَةٌ ؛ فَإِنَّهُ الْتَزَمَ أَنْ يَصِيرَ الْمَالُ صَدَقَةً . فَهَذَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ ؛ لَا فِعْلٌ ؛ لَكِنْ إذَا صَارَ صَدَقَةً لَزِمَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ . وَلَوْ قَالَ : فَعَبْدِي حُرٌّ الْتَزَمَ أَنْ يَصِيرَ حُرًّا فَلَوْ قَالَ . فَعَلَيَّ أَنَّ أَعْتِقَ هَذَا فَالْمُلْتَزِمُ وُجُوبُ الْعِتْقِ .(7/393)
ثُمَّ إذَا وَجَبَ كَانَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ . وَمَعَ هَذَا فَلَهُ رَفْعُ الْوُجُوبِ ؛ وَإِذَا قَالَ : فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّهُ الْتَزَمَ نَفْسَ الْحُرِّيَّةِ وَهُوَ إذَا صَارَ حُرًّا كَانَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ كَمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا صَارَتْ طَالِقَةً ثَلَاثًا كَانَ عَلَيْهِ إرْسَالُهَا وَأَنْ لَا يَخْلُوَ بِهَا وَلَا يَطَأَهَا . فَالنَّاذِرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْتَزَمَ الْحُكْمَ وَالْفِعْلُ يَتْبَعُهُ . ثُمَّ إذَا فَعَلَ مَا أَوْجَبَهُ فَهُوَ الْإِيقَاعُ لِلطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ : حَصَلَ الْوُقُوعُ . فَمُوجِبُ التَّعْلِيقِ وُجُوبٌ يَتْبَعُهُ إيقَاعٌ وَوُقُوعٌ . ثُمَّ إذَا قَصَدَ بِهَذَا التَّعْلِيقِ الْيَمِينَ صَارَ يَمِينًا ؛ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الْوُجُوبُ وَلَا الْإِيقَاعُ وَلَا الْوُقُوعُ . فَإِذَا كَانَ قَصْدُ الْيَمِينِ مَنْعَ الثَّلَاثَةِ فَلَأَنْ يُمْنَعَ
وَاحِدٌ مِنْهَا وَهُوَ الْوُقُوعُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى . قَالُوا : وَلِأَنَّ الْمُظَاهِرَ وَالْمُحَرِّمَ إذَا قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ . إنَّمَا الْتَزَمَ حُكْمًا شَرْعِيًّا ؛ لَمْ يُلْتَزَمْ فِعْلًا . وَمَعَ هَذَا فَدَخَلَتْ فِي ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ . قَالُوا : فَكَمَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُلْتَزَمُ وُجُوبَ الْعِتْقِ بَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَهُ أَوْ يُكَفِّرَ فَكَذَلِكَ إذَا الْتَزَمَ وُقُوعَهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَ وُقُوعَهُ فَيُعْتِقَهُ وَيُرْسِلَ الْعَبْدَ فَيَكُونُ إعْتَاقُهُ إرْسَالَهُ إمْضَاءً لِلْمَنْذُورِ ؛ وَبَيْنَ أَنْ لَا يُعْتِقَهُ وَلَا يُرْسِلَهُ فَلَا يُكَفِّرَ إمْضَاءً لَهُ ؛ بَلْ يَكُونُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ كَمَا إذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَهَذَا الْمَالُ صَدَقَةٌ أَوْ هَذَا الْبَعِيرُ هَدْيٌ وَحِنْثٌ . فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْمَالِ وَيُرْسِلَ الْبَعِيرَ هَدْيًا ؛ فَيَكُونُ قَدْ الْتَزَمَ مُوجِبَ كَوْنِهِ صَدَقَةً وَهَدْيًا ؛ وَبَيْنَ أَنْ يُكَفِّرَ وَيُمْسِكَ الْمَالَ وَالْهَدْيَ فَلَا يُرْسِلُهُ . وَأَمَّا إذَا الْتَزَمَ مُحَرَّمًا ؛ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ إهَانَةُ الْمُصْحَفِ ؛ وَنَحْوَ ذَلِكَ . فَهُنَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ النِّزَاعُ الْمُتَقَدِّمُ ؛ وَكَذَلِكَ إذَا الْتَزَمَ حُكْمًا لَا يَجُوزُ الْتِزَامُهُ مِثْلَ قَوْلِهِ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ . فَهَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْتِزَامُ الْكُفْرِ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ وَلَوْ قَصَدَ ذَلِكَ لَكَانَ كَافِرًا بِالْقَصْدِ . وَالْمَقْصُودُ : أَنَّهُ لَا فَرْقَ لَا فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي الْعُرْفِ بَيْنَ
أَنْ يَلْتَزِمَ الْحُكْمَ الْمُوجِبَ عَلَيْهِ فِعْلًا يَقْتَضِي ذَلِكَ الْفِعْلَ حُكْمًا آخَرَ يَقْتَضِي وُجُوبَ فِعْلٍ أَوْ تَحْرِيمِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَ الْحُكْمَ الْمُقْتَضِيَ لِوُجُوبِ ذَلِكَ الْفِعْلِ أَوْ تَحْرِيمِهِ . فَالْتِزَامُ وُجُوبِ الْفِعْلِ الَّذِي يَقْتَضِي ذَلِكَ الْحُكْمَ كَمَا إذَا قَالَ : فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَ أَوْ أَعْتِقَ . فَإِنَّهُ الْتَزَمَ وُجُوبَ الطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ وَالتَّطْلِيقِ وَذَلِكَ فِعْلٌ مِنْهُ يُوجِبُ حُكْمًا وَهُوَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْتِزَامَهُ لِوُجُوبِ الْفِعْلِ الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْوُقُوعُ أَقْوَى مِنْ الْتِزَامِهِ الْوُقُوعَ ؛ فَإِنَّهُ هُنَاكَ الْتَزَمَ حُكْمَيْنِ وَفِعْلَيْنِ وَهُوَ هُنَا الْتَزَمَ أَحَدَ الْحُكْمَيْنِ وَأَحَدَ الْفِعْلَيْنِ فَاَلَّذِي الْتَزَمَهُ فِي مَوَارِدِ النِّزَاعِ فِي بَعْضِ مَا الْتَزَمَهُ فِي مَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ . فَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ لَا يَلْتَزِمَ هَذَا فَذَاكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى . فَهُوَ فِي مَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ إذَا قَصَدَ بِالتَّعْلِيقِ الْيَمِينَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَحْنَثَ وَيُكَفِّرَ يَمِينَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُوفِيَ بِمَا الْتَزَمَهُ فَيُوقِعُ الْعِتْقَ وَالطَّلَاقَ وَالصَّدَقَةَ فَكَذَلِكَ الَّذِي الْتَزَمَهُ فِي مَوَاقِعِ النِّزَاعِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى . وَالْحِنْثُ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ يَكُونُ بِأَنْ يُوجَدَ الشَّرْطُ وَلَا يُوجَدَ الْجَزَاءُ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ . فَإِذَا قَالَ : إذَا فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ الْعِتْقُ أَوْ الطَّلَاقُ : لَمْ يَحْنَثْ إلَّا إذَا فَعَلَهُ وَلَمْ يُوجَدْ الْجَزَاءُ الْمُعَلَّقُ بِهِ فَإِنْ أَوْقَعَ الْجَزَاءَ الْمُعَلَّقَ
بِهِ لَمْ يَحْنَثْ ؛ كَمَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ الْتَزَمَ فِعْلًا كَقَوْلِهِ : إنْ فَعَلْت كَذَا عَتَقَ عَبْدِي أَوْ طَلُقَتْ امْرَأَتِي . فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ : فَعَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي أَوْ طَلَاقُ امْرَأَتِي . فَالْتِزَامُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مُتَضَمِّنٌ لِالْتِزَامِ الْآخَرِ ؛ فَإِنَّ الْوُجُوبَ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَيْهِ فِعْلَ الْوَاجِبِ وَالتَّحْرِيمَ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ فِعْلَ الْمُحَرَّمِ .(7/394)
وَالْإِيجَابُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْوُجُوبِ ؛ وَالتَّحْرِيمُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحُرْمَةِ . وَالْوُجُوبُ يَقْتَضِي الْفِعْلَ وَالْإِيقَاعُ مُسْتَلْزِمُ الْوُقُوعِ مُقْتَضٍ لِلْحُرْمَةِ وَالْحُرْمَةُ مُقْتَضِيَةٌ لِلتَّرْكِ . فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَ الْإِيجَابَ وَالْوُجُوبَ وَالْفِعْلَ أَوْ التَّحْرِيمَ أَوْ الْحُرْمَةَ أَوْ الْإِيقَاعَ أَوْ الْوُقُوعَ أَوْ الْحُرْمَةَ الَّتِي هِيَ مُوجَبُ ذَلِكَ . قَالَ هَؤُلَاءِ : وَأَمَّا حُجَّةُ مَنْ احْتَجَّ بِالْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ وَتَعْلِيقِ ذَلِكَ بِعِوَضِ فَجَوَابُهُ عِنْدَ أَهْلِ الظَّاهِرِ - ابْنِ حَزْمٍ وَنَحْوِهِ - أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : لَا يَقَعُ شَيْءٌ مِنْ الْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَالْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ وَمَا لَمْ يَرِدْ نَصٌّ بِإِبَاحَتِهِ فِي الْعُقُودِ وَالشُّرُوطِ فَهُوَ عِنْدَهُمْ بَاطِلٌ . وَلَا يَكْتَفُونَ فِي ذَلِكَ بِالْأَدِلَّةِ الْعَامَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ وَالْعَهْدِ وَتَحْرِيمِ الْغَدْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ؛ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ هَذِهِ النُّصُوصَ مَنْسُوخَةٌ . وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ .
وَاسْمُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فِي الْقُرْآنِ يَتَنَاوَلُ الْمُنْجَزَ وَالْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ وُقُوعَهُ عِنْدَ الشَّرْطِ ؛ فَإِنَّ كِلَاهُمَا دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى التَّطْلِيقِ ؛ بِخِلَافِ مَا يُكْرَهُ وُقُوعُهُ عِنْدَ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَمِينٌ دَاخِلُ فِي مُسَمَّى التَّطْلِيقِ . وَعَلَى هَذَا فَالْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ الْأَئِمَّةِ وَالْجُمْهُورِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّرْطِ الْمَقْصُودِ وُجُودُهُ وَالشَّرْطِ الْمَقْصُودِ عَدَمُهُ وَعَدَمِ الْجَزَاءِ الَّذِي عُلِّقَ بِهِ وَهُوَ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْحَلِفُ وَلَا يُرَادُ بِهِ وُقُوعُ الْجَزَاءِ عِنْدَ الشَّرْطِ . وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَيْنِ هُوَ مَذْهَبُ الصَّحَابَةِ ؛ لَا يُعْرَفُ عَنْهُمْ فِيهِ خِلَافٌ وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ . فَيُقَالُ : إنَّهُ هُنَا قَصَدَ الشَّرْطَ وَالْجَزَاءَ كَمَا قَصَدَ ذَاكَ نَذْرَ التَّبَرُّرِ . فَكَمَا أَنَّهُ فَرَّقَ فِي النُّذُورِ الْمُعَلَّقَةِ بِالشُّرُوطِ بَيْنَ مَا يَقْصِدُ فِيهِ ثُبُوتَهَا وَبَيْنَ مَا يَقْصِدُ فِيهِ نَفْيَهَا ؛ كَذَلِكَ هَذَا . فَإِنَّ هَذَا جَمِيعُهُ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَهِيَ أَحْكَامٌ مُعَلَّقَةٌ بِشُرُوطِ وَإِذَا كَانَ الشَّرْعُ أَوْ الْعَقْلُ وَالْعُرْفُ تَفَرَّقَ فِي الْأَحْكَامِ الْمُعَلَّقَةِ بِالشُّرُوطِ اللُّغَوِيَّةِ بَيْنَ مَا يَقْصِدُ ثُبُوتَهُ وَبَيْنَ مَا يَقْصِدُ انْتِفَاءَهُ - كَمَا اتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ الصَّحَابَةُ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - لَمْ يَجُزْ تَسْوِيَةُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ . وَإِنَّمَا يَحْسُنُ الِاحْتِجَاجُ بِالْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ كُلُّ
مَنْ يَمْنَعُ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ جُمْلَةً كَمَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ حَزْمٍ وَالْإِمَامِيَّةِ أَوْ بَعْضِهِمْ ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ : إنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطِ لَا يَقَعُ بِحَالِ ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ عِنْدَهُمْ مِنْ الطَّلَاقِ إلَّا مَا ثَبَتَ أَنَّ الشَّارِعَ أَذِنَ فِيهِ . قَالُوا : وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ أَذِنَ فِي هَذَا فَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِالْقِيَاسِ وَجَعَلُوا مَا نُقِلَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي الْحَلِف بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ حُجَّةً لَهُمْ ؛ وَلَيْسَ بِحُجَّةِ لَهُمْ ؛ فَإِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ طاوس أَنَّهُ لَا يَرَى الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ شَيْئًا وَهَذَا لَا يَقْضِي أَنَّهُ لَا يَرَى تَعْلِيقَهُ بِالشُّرُوطِ بِحَالِ بَلْ قَدْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الشَّرْطِ الْمَقْصُودِ ثُبُوتُهُ وَالْمَقْصُودِ عَدَمُهُ كَمَا أَنَّ هَذَا هُوَ قَوْلُ طَاوُوسٍ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمَا فِي مَسْأَلَةِ " نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " وَلِهَذَا لَمَّا دَخَلَ الشَّافِعِيُّ مِصْرَ سَأَلَهُ سَائِلٌ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ فَعَلَيَّ الصَّوْمُ . فَأَفْتَاهُ الشَّافِعِيُّ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَكَانَ الْغَالِبُ عَلَى أَهْلِ مِصْرَ قَوْلَ مَالِكٍ : إنَّ عَلَيْهِ الْحَجَّ وَالصَّوْمَ . وَمَعَ هَذَا فَلَمَّا حَنِثَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاسِمُ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ أَفْتَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْقَاسِمُ - الَّذِي هُوَ الْعُمْدَةُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ - بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ . وَقَالَ : أَفْتَيْتُك(7/395)
بِقَوْلِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَإِنْ عُدْت أَفْتَيْتُك بِقَوْلِ مَالِكٍ . وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِ مَالِكٍ يُرَجِّحُونَ الْإِفْتَاءَ بِكَفَّارَةِ
يَمِينٍ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ آخِرًا . وَأَمَّا جُمْهُورُ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد . وَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّكْفِيرِ وَبَيْنَ فِعْلِ الْمُلْتَزِمِ . وَعَنْ أَحْمَد رِوَايَةٌ : أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ عَيْنًا وَيَذْكُرُ قَوْلًا فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ . كَذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُفْتِينَ أَصْحَابِ مَالِكٍ يُفْتُونَ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَيَحْتَجُّونَ بِمَا رَوَوْهُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : كُلُّ يَمِينٍ وَإِنْ عَظُمَتْ فَكَفَّارَتُهَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ . وَهَذَا قَوْلُ طاوس وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ السَّلَفِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الصَّحَابَةِ . وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مَسَائِلُ جَلِيلَةٌ تَحْتَاجُ إلَى بَسْطٍ طَوِيلٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَصْلٌ وَالْإِفْتَاءُ بِهَذَا الْأَصْلِ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْغَالِبِ ؛ بَلْ غَالِبُ مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالنَّذْرِ وَالْحَرَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَوَاعِدَ . " الْقَاعِدَةُ الْأُولَى " إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا لِيَمِينِهِ أَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ . فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ . " أَحَدُهَا " لَا يَحْنَثُ بِحَالِ فِي جَمِيعِ الْأَيْمَانِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمَكِّيِّينَ : كَعَطَاءِ وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَغَيْرِهِمْ وَمَذْهَبُ إسْحَاقَ بْنِ راهويه وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ بَلْ أَظْهَرُهُمَا وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد . وَنَظَرْت جَوَابَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَوَجَدْت النَّاقِلِينَ لَهُ بِقَدْرِ النَّاقِلِينَ لِجَوَابِهِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ صَاحِبُهُ والخرقي وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَصْحَابِهِ . وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْيَمِينِ الْمُكَفِّرَةِ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالظِّهَارِ وَالْحَرَامِ وَالْيَمِينِ الَّتِي لَا تُكَفِّرُ - عَلَى مَنْصُوصِهِ - وَهِيَ الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ . و " الْقَوْلُ الثَّالِثُ " أَنَّهُ يَحْنَثُ فِي جَمِيعِ الْأَيْمَانِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ عَنْهُ . وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ ؛ لِأَنَّ الْحَضَّ وَالْمَنْعَ فِي الْيَمِينِ بِمَنْزِلَةِ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ؛ فَإِنَّ الْحَالِفَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ قَرَابَتِهِ أَوْ صَدِيقِهِ الَّذِي يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يُطِيعُهُ هُوَ
طَالِبٌ لِمَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ مَانِعٌ لِمَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ وَقَدْ وَكَّدَ طَلَبَهُ وَمَنَعَهُ بِالْيَمِينِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ الْمُؤَكَّدِ . وَقَدْ اسْتَقَرَّ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ مَنْ فَعَلَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ نَاسِيًا أَوْ مُخْطِئًا فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ عَاصِيًا مُخَالِفًا : فَكَذَلِكَ مَنْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ نَاسِيًا أَوْ مُخْطِئًا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ حَانِثًا مُخَالِفًا لِيَمِينِهِ . وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَنْ فَعَلَهُ مُتَأَوِّلًا أَوْ مُقَلِّدًا لِمَنْ أَفْتَاهُ أَوْ مُقَلِّدًا لِعَالِمِ مَيِّتٍ أَوْ مُجْتَهِدًا مُصِيبًا أَوْ مُخْطِئًا . فَحَيْثُ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْمُخَالَفَةَ ؛ وَلَكِنْ اعْتَقَدَ أَنَّ هَذَا الَّذِي فَعَلَهُ لَيْسَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلْيَمِينِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ حَانِثًا . وَيَدْخُلُ فِي هَذَا إذَا خَالَعَ وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مُعْتَقِدًا أَنَّ الْفِعْلَ بَعْدَ الْخُلْعِ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ يَمِينُهُ فَهَذِهِ الصُّورَةُ تَدْخُلُ فِي يَمِينِ الْجَاهِلِ الْمُتَأَوِّلِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ : إنَّ هَذَا الْخُلْعَ خُلْعَ الْأَيْمَانِ بَاطِلٌ وَهُوَ أَصَحُّ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا مَنْ جَعَلَهُ صَحِيحًا فَذَلِكَ يَقُولُ : إنَّهُ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ الْبَيْنُونَةِ وَالْمَرْأَةُ لَوْ فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَمْ يَحْنَثْ الرَّجُلُ بِالِاتِّفَاقِ وَكَذَلِكَ إذَا فَعَلَتْهُ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ : كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد الَّذِينَ يَقُولُونَ : إنَّ الْمُخْتَلِعَةَ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ . وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ : يَلْحَقُهَا(7/396)
الطَّلَاقُ ؛ فَيَحْنَثُ عِنْدَهُ إذَا وَجَدَتْ الصِّفَةَ فِي زَمَنِ الْبَيْنُونَةِ وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ عَامِّيًّا فَقِيلَ لَهُ : خَالِعْ امْرَأَتَك وَافْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى الْخُلْعِ فَطِنَ أَنَّهُ طَلَاقٌ مُجَرَّدٌ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ : لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ عِنْدَ مَنْ لَا يَحْنَثُ الْجَاهِلُ الْمُتَأَوِّلُ وَكَذَلِكَ لَوْ قِيلَ لَهُ : زِلْهَا بِطَلْقَةِ . فَأَزَالَهَا بِطَلْقَةِ ثُمَّ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ : لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ طَلْقَةً ثَانِيَةً وَإِنْ كَانَتْ الطَّلْقَةُ الْأَوْلَى رَجْعِيَّةً ؛ لَكِنْ فِي صُورَةِ النِّسْيَانِ وَالْخَطَأِ وَالْجَهْلِ لَا يَحْنَثُ وَتَبْقَى الْيَمِينُ مَعْقُودَةً عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ ؛ وَلَيْسَ فِيهِ نِزَاعٌ إلَّا وَجْهٌ ضَعِيفٌ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ .
وَالِاسْتِثْنَاءُ دَائِمًا يَكُونُ فِي الْيَمِينِ الَّتِي تُكَفِّرُ فَأَوْجَبَ الْعِتْقَ ؛ وَجَعَلَ فِي غَيْرِهِ كَفَّارَةً . قُلْت : فَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي أَجْوِبَتِهِ ؛ وَلَكِنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ؛ فَإِنَّهُ قَدْ نَصَّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ : أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَكُونُ [ إلَّا ] فِي الْيَمِينِ الْمُكَفِّرَةِ وَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَإِنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ ؛ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ : بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْقَعَ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ . وَقَدْ نَقَلَ عَنْ أَحْمَد " الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الإسفراييني " وَمَنْ اتَّبَعَهُ : الْفَرْقُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَذَلِكَ غَلَطٌ عَلَى أَحْمَد ؛ إنَّمَا هَذَا قَوْلُ الْقَدَرِيَّةِ ؛ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّ الْمَشِيئَةَ بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَالْعِتْقِ طَاعَةٌ ؛ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ . فَإِذَا قَالَ : عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ الْعِتْقُ . وَإِذَا قَالَ : امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ . وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ حَدِيثًا مُسْنَدًا مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ مُعَاذٍ وَهُوَ مِمَّا وَضَعَتْهُ الْقَدَرِيَّةُ الَّذِينَ كَانُوا بِالشَّامِ . وَسَبَبُ الْغَلَطِ فِي ذَلِكَ : أَنَّ أَحْمَد قَالَ فِيمَنْ قَالَ : إنْ مَلَكْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَمَلَكَهُ عَتَقَ . وَقَالَ فِيمَنْ قَالَ : إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةً فَهِيَ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ
فَتَزَوَّجَهَا لَمْ تَطْلُقْ . فَفَرْقٌ بَيْنَ التَّعْلِيقَيْنِ ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْعِتْقَ مُعَلَّقٌ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقُرَبِ كَالنَّذْرِ فَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى الْمِلْكِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ } وَالْعِتْقُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا بِالْمِلْكِ ؛ وَلِهَذَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعَبْدِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالنِّكَاحِ . فَلَوْ قِيلَ : إنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلنِّكَاحِ فَائِدَةٌ وَالْعُقُودُ الَّتِي لَا يَحْصُلُ بِهَا مَقْصُودُهَا بَاطِلَةٌ . فَلَمَّا فَرَّقَ أَحْمَد فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ اعْتَقَدَ مَنْ نَقَلَ عَنْهُ أَنَّ الْفَرْقَ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْمَشِيئَةِ وَذَلِكَ غَلَطٌ عَلَيْهِ . وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ يَتَنَوَّعُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَإِذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ ؛ أَوْ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ نَفَعَهُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَإِذَا قَالَ : الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ . فَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ : كَأَبِي مُحَمَّدٍ وَأَبِي الْبَرَكَاتِ - هُنَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ قَوْلًا وَاحِدًا . وَقِيلَ : بَلْ الرِّوَايَتَانِ فِي صِيغَةِ الْقَسَمِ وَفِي صِيغَةِ التَّعْلِيقِ ؛ وَهَذَا أَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَد ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ ؛ فَإِنَّ لَهُمْ فِي النَّوْعَيْنِ قَوْلَيْنِ فَإِذَا كَانَ أَحْمَد فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ يَجُوزُ
الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْحَلِف بِالْعِتْقِ سَوَاءٌ كَانَ بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ أَوْ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ مَعَ قَوْلِهِ : إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْيَمِينِ الْمُكَفِّرَةِ - لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ مِنْ الْأَيْمَانِ الْمُكَفِّرَةِ . قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ - وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ : الِاسْتِثْنَاءُ فِيمَا(7/397)
يُكَفِّرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ } فَكُلُّ يَمِينٍ فِيهَا كَفَّارَةٌ ؛ غَيْرُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ . وَأَمَّا كَوْنُ سُلَيْمَانَ التيمي هُوَ الَّذِي ذَكَرَ : كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهُ حُرٌّ . فَسُلَيْمَانُ التيمي ثِقَةٌ ثَبْتٌ ؛ وَهُوَ أَجَلُّ مَنْ الَّذِينَ لَمْ يَذْكُرُوا الزِّيَادَةَ ؛ وَسَبَبُهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ لَمْ يَذْكُرُوا الْعِتْقَ هَابُوهُ ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ النِّزَاعِ . يُبَيِّنُ ذَلِكَ : أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ الْعِتْقَ فِي ذَلِكَ عَنْ التيمي أَيْضًا مَعَ أَنَّ التيمي كَانَ يَذْكُرُ الْعِتْقَ بِلَا نِزَاعٍ . قَالَ الْمَيْمُونِيَّ : قَالَ أَحْمَد وَابْنُ أَبِي عَدِيّ : لَمْ يَذْكُرُوا فِي حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ عَتَقَ . قُلْت : وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيّ هُوَ أَجَلُّ مَنْ رَوَى عَنْ التيمي فَعَلِمَ أَنَّ مِنْ الرُّوَاةِ مَنْ كَانَ يَتْرُكُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مَعَ أَنَّهَا ثَابِتَةٌ فِي الْحَدِيثِ ؛ وَلِهَذَا لَمَّا ثَبَتَتْ عِنْدَ أَبِي ثَوْرٍ أَخَذَ بِهَا . وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ فَقَدْ قَالَ أَحْمَد مَا سَمِعْنَاهُ إلَّا مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَعَنْ مَعْمَرٍ . وَعُثْمَانَ بْنِ حَاضِرٍ قَدْ قِيلَ : إنَّهُ سَمِعَ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ أَبُو
زَرْعَةَ : هُوَ يَمَانِيٌّ حِمْيَرِيٌّ ثِقَةٌ وَقَدْ رَوَى لَهُ أَبُو داود وَابْنُ ماجه . وَالْأَثَرُ الْأَوَّلُ أَثْبَتُ ؛ وَرِجَالُهُ وَرُوَاتُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفُقَهَاءِ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا يَرْوُونَ ؛ وَهَذَا الْأَثَرُ فِيهِ تَمْوِيهٌ ؛ وَلَمْ يُضْبَطْ لَنَا لَفْظُهُ . وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى تَضْعِيفِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ؛ فَإِنْ صَحَّ كَانَ فِي ذَلِكَ نِزَاعٌ عَنْ الصَّحَابَةِ وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَثَرًا فِي الطَّلَاقِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَكُونَ مِنْهُ . " وَبِالْجُمْلَةِ " فَالنِّزَاعُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَابِتٌ بَيْنَ السَّلَفِ : كَعَطَاءِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ المقدسي فِي شَرْحِ قَوْلِ الخرقي : " وَمَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ مَا يَمْلِكُ فَحَنِثَ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّ مَا يَمْلِكُ : مِنْ عَبِيدِهِ وَإِمَائِهِ وَمُكَاتِبِيهِ وَمُدَبِّرِيهِ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَشِقْصٍ يَمْلِكُهُ مِنْ مَمْلُوكٍ " . فَقَالَ : مَعْنَاهُ إذَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَعَتِيقٌ . أَوْ : فَكُلُّ مَا أَمْلِكُ حُرٌّ ؛ فَإِنَّ هَذَا إذَا حَنِثَ عَتَقَ مَمَالِيكُهُ وَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ كَفَّارَةٌ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ ؛ وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى ؛ وَالثَّوْرِيُّ ؛ وَمَالِكٌ والأوزاعي ؛ وَاللَّيْثُ ؛ وَالشَّافِعِيُّ ؛ وَإِسْحَاقُ قَالَ : وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ؛ وَأَبِي هُرَيْرَةَ ؛ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ وَالْحَسَنِ وَأَبِي ثَوْرٍ : يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ فَتَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {
فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ } وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي رَافِعٍ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ : وَلَنَا أَنَّهُ عَلَّقَ الْعِتْقَ عَلَى شَرْطٍ وَهُوَ قَابِلٌ لِلتَّعْلِيقِ فَيَنْتَفِعُ بِوُجُودِ شَرْطِهِ كَالطَّلَاقِ وَالْآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فِي مَعْنَاهُ ؛ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ بِيَمِينِ فِي الْحَقِيقَةِ ؛ إنَّمَا هُوَ تَعْلِيقٌ بِشَرْطِ فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ . قَالَ : فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ فَإِنَّ أَحْمَد قَالَ فِيهِ : كَفِّرْ عَنْ يَمِينِك . وَاعْتِقْ جَارِيَتَك ؛ وَهَذِهِ زِيَادَةٌ يَجِبُ قَبُولُهَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَمْلُوكٌ سِوَاهَا . قُلْت : الْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ عِنْدَهُمْ مُنْتَقِضٌ بِكُلِّ مَا يُعَلِّقُهُ بِالشَّرْطِ : مِنْ صَدَقَةِ الْمَالِ وَالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ وَالْهَدْيِ وَقَوْلِهِ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ أَوْ أُطَلِّقَ وَقَوْلُهُ : إنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِمَّا صِيغَتُهُ صِيغَةُ الشَّرْطِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ يَمِينٌ اعْتِبَارًا بِمَعْنَاهُ . وَالْأَصْلُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ مَمْنُوعٌ ؛ فَإِنَّ الطَّلَاقَ فِيهِ نِزَاعٌ ؛ بَلْ إذَا لَمْ يُوقِعُوا الْعَتَاقَ مَعَ كَوْنِهِ قُرْبَةً فَأَوْلَى أَلَّا يُوقِعُوا الطَّلَاقَ . وَأَبُو ثَوْرٍ لَمْ يُسَلِّمْ الطَّلَاقَ ؛ لَكِنْ قَالَ : إنْ كَانَ فِيهِ إجْمَاعٌ فَالْإِجْمَاعُ أَوْلَى مَا اتَّبَعَ ؛ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ كَالْعَتَاقِ - وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إجْمَاعٌ . وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي حَدِيثِ أَبِي(7/398)
رَافِعٍ وَأَنَّهُمْ قَالُوا : اعْتِقِي جَارِيَتَك . فَهَذَا غَلَطٌ فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَحَدٌ أَنَّهُمْ قَالُوا :
اعْتِقِي جَارِيَتَك وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَد والجوزجاني وَالْأَثْرَمُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَرْبٌ الكرماني وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ : فَلَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ . وَكَلَامُ أَحْمَد فِي عَامَّةِ أَجْوِبَتِهِ يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَحْمَد عَنْهُمْ ذَلِكَ ؛ وَإِنَّمَا أَجَابَ بِكَوْنِ الْحَلِفِ بِعِتْقِ الْمَمْلُوكِ إنَّمَا ذَكَرَهُ التيمي . وَأَبُو مُحَمَّدٍ نَقَلَ ذَلِكَ مِنْ " جَامِعِ الْخَلَّالِ " وَالْخَلَّالُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي ضِمْنِ مَسْأَلَةِ أَبِي طَالِبٍ كَمَا قَدْ بَيَّنَّاهُ . وَذَلِكَ غَلَطٌ عَلَى أَحْمَد . وَأَبُو طَالِبٍ لَهُ أَحْيَانًا غَلَطَاتٌ فِي فَهْمِ مَا يَرْوِيه : هَذَا مِنْهَا . وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ أَحْمَد مِنْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْيَمِينِ الْمُكَفِّرَةِ : فَهَذَا نَقَلَهُ عَنْ أَحْمَد غَيْرُ وَاحِدٍ مَعَ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ ثِقَةٌ وَالْغَالِبُ عَلَى رِوَايَتِهِ الصِّحَّةُ ؛ وَلَكِنْ رُبَّمَا غَلِطَ فِي اللَّفْظِ . فَأَمَّا نَقْلُهُ : أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِيمَا يُكَفِّرُ فَلَمْ يَغْلَطْ فِيهِ ؛ بَلْ نَقَلَهُ كَمَا نَقَلَهُ غَيْرُهُ . قَالَ هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : أَلَيْسَ قَدْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَى الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ حِينٍ ؟ قَالَ : إنَّمَا هَذَا فِي الْقَوْلِ ؛ لَيْسَ فِي الْيَمِينِ ؛ كَانَ يَذْهَبُ إلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : إنَّمَا هَذَا فِي الْقَوْلِ ؛ لَيْسَ فِي الْيَمِينِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ جَائِزًا فِيمَا تَكُونُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَا يَكْفُرُ . فَقَدْ نَصَّ عَلَى
أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْيَمِينِ الْمُكَفِّرَةِ فَإِذَا كَانَ قَدْ نَصَّ مَعَ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِثْنَاءِ فِيمَا إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَزِمَهُ إجْرَاءُ الْكَفَّارَةِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ مُقْتَضَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : { وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ } إلَى قَوْلِهِ : { ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ } فَجَعَلَ هَذِهِ الْكَفَّارَةَ فِي عَقْدِ الْيَمِينِ مُطْلَقًا وَجَعَلَ ذَلِكَ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ إذَا حَلَفْنَا وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ حَلَفَ فَقَالَ : إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ } فَمَا دَخَلَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى . وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ الْمُنَجَّزَانِ لَا يَدْخُلَانِ فِي مُسَمَّى الْيَمِينِ وَالْحَلِفِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ ؛ بِخِلَافِ الْحَلِفِ عَلَى الْحَضِّ وَالْمَنْعِ وَالتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ فَإِنَّهُ يَمِينٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ .
وَأَمَّا التَّعْلِيقُ الْمَحْضُ كَقَوْلِهِ : إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَنْتِ طَالِقٌ . فَفِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ لَهُمْ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ أَحْمَد فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لَيْسَ بِيَمِينِ كَاخْتِيَارِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى . وَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِ أَحْمَد فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ : هُوَ يَمِينٌ كَاخْتِيَارِ أَبِي الْخَطَّابِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ } وَهَذَا عَامٌّ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ يَمِينٍ فِيهَا هَذَا فَمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ هَذَا فَلَيْسَ بِيَمِينِ . " وَالْمَقْصُودُ " هُنَا ذَكَرَ تَحْرِيرِ الْمَنْقُولِ عَنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ . وَسَيَأْتِي ذِكْرُ الدَّلَائِلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : لَا طَلَاقَ إلَّا عَنْ وَطَرٍ وَلَا عِتْقَ إلَّا مَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَالِفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَيْسَ لَهُ غَرَضٌ بِالطَّلَاقِ وَلَا هُوَ مُتَقَرِّبٌ بِالْعِتْقِ ؛ بَلْ هُوَ حَالِفٌ بِهِمَا ؛ وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَقَدْ قِيلَ : إنَّ فِيهِ كَفَّارَةً . وَقِيلَ : لَا كَفَّارَةَ فِيهِ . وَهَذَا الثَّانِي قَوْلُ داود وَأَصْحَابِهِ . وَالشِّيعَةُ يَقُولُونَ : لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ . وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ بِلُزُومِ الطَّلَاقِ وَعَدَمِ التَّكْفِيرِ(7/399)
ضَعِيفًا أَيْضًا وَهُوَ أَضْعَفُ مِنْهُ . وَالْقَوْلُ بِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ طَاوُوسٍ وَغَيْرِهِ ؛ وَهُوَ مُقْتَضَى أَقْوَالِ
الصَّحَابَةِ وَبِهِ أَفْتَى جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُفْتِينَ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الطَّلَاقَ أَوْلَى أَلَّا يَقَعَ مِنْ الْعِتْقِ فَإِذَا أَفْتَى الصَّحَابَةُ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ الْعِتْقُ فَالطَّلَاقُ أَوْلَى ؛ وَلَكِنَّ أَبَا ثَوْرٍ لَمْ يَبْلُغْهُ فِي الطَّلَاقِ شَيْءٌ فَقَالَ ؛ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ أَيْضًا ؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إجْمَاعٌ فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يُتَّبَعَ .
وَأَمَّا إذَا قَالَ : إذَا فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ عَبْدِي أَوْ أُطَلِّقَ امْرَأَتِي وَمَالِي صَدَقَةٌ وَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ فَعَلَيَّ صَوْمُ كَذَا وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهُنَا يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهِيَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ . وَيُقَالُ : إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ إلَيْهَا وَقَوْلِ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَيُسَمِّيه الْفُقَهَاءُ " نَذَرَ اللَّجَاجَ وَالْغَضَبَ " . هَذَا إذَا كَانَ الْمَنْذُورُ قُرْبَةً : كَانَ الْعِتْقُ وَنَحْوُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً كَالطَّلَاقِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي رِوَايَةٍ ؛ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ عَنْهُ : أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ . " فَنَذْرُ التَّبَرُّرِ " مِثْلَ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُ النَّاذِرِ حُصُولَ الشَّرْطِ وَيَلْتَزِمُ فِعْلَ الْجَزَاءِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى ؛ كَقَوْلِهِ : إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ أَنْ أَصُومَ كَذَا أَوْ أَتَصَدَّقَ بِكَذَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ : فَهَذَا النَّذْرُ عَلَيْهِ أَنْ يُوفِيَ بِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . وَأَمَّا " نَذْرُ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " فَقَصْدُ النَّاذِرِ أَنْ لَا يَكُونَ الشَّرْطُ وَلَا الْجَزَاءُ : مِثْلَ أَنْ يُقَالَ لَهُ : سَافِرْ مَعَ فُلَانٍ . فَيَقُولُ : إنْ سَافَرْت فَعَلَيَّ صَوْمُ كَذَا وَكَذَا أَوْ عَلَيَّ الْحَجُّ . فَمَقْصُودُهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ الشَّرْطَ وَلَا
الْجَزَاءَ وَكَمَا لَوْ قَالَ : هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا . أَوْ إنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ ؛ فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ فَلَا يَكْفُرُ بَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ . وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ : إنْ أَعْطَيْتُمُونِي الدَّرَاهِمَ كَفَرْت فَإِنَّهُ يَكْفُرُ بِذَلِكَ ؛ بَلْ يُنَجَّزُ كُفْرُهُ ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ حُصُولَ الْكُفْرِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ . فَطَائِفَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ نَظَرُوا إلَى لَفْظِ النَّاذِرِ فَقَالُوا : قَدْ عَلَّقَ الْحُكْمَ بِشَرْطِ فَيَجِبُ وُجُودُهُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ ؛ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ " نَذْرِ اللَّجَاجِ " و " نَذْرِ التَّبَرُّرِ " . وَأَمَّا الصَّحَابَةُ وَجُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْمُحَقِّقُونَ فَقَالُوا : الِاعْتِبَارُ بِمَعْنَى اللَّفْظِ . وَالْمُشْتَرِطُ هُنَا قَصْدُهُ وُجُودَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ ؛ وَهُنَاكَ قَصْدُهُ أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا وَلَا هَذَا ؛ وَلِهَذَا يَحْلِفُ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ تَارَةً . وَبِصِيغَةِ الْقَسَمِ أُخْرَى . مِثْلَ أَنْ يَقُولَ : عَلَيَّ الْحَجُّ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَا فَعَلْت كَذَا أَوْ عَلَيَّ الْعِتْقُ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ لَا فَعَلْت كَذَا . وَهَذَا حُجَّةُ مَنْ أَمَرَهُ بِكَفَّارَةٍ فِي الْعِتْقِ وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ ؛ فَإِنَّهُ إذَا قِيلَ لَهُ : سَافِرْ . فَقَالَ : عَلَيْهِ الْعِتْقُ أَوْ الطَّلَاقُ لَا يَفْعَلُ كَذَا أَوْ إنْ فَعَلَ كَذَا فَعَبْدُهُ حُرٌّ أَوْ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ : فَقَصْدُهُ أَنْ لَا يَكُونَ الشَّرْطُ وَلَا الْجَزَاءُ : فَهُوَ حَالِفٌ بِذَلِكَ ؛ لَا مُوقِعَ لَهُ .
قَالُوا : وَهَذَا الْحَالِفُ الْتَزَمَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فَهُوَ كَمَا لَوْ الْتَزَمَ إيقَاعَهُ بِأَنْ يَقُولَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ أَوْ أُطَلِّقَ . وَلَوْ قَالَ هَذَا لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُطَلِّقَ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ ؛ لَكِنْ فِي وُجُوبِ الْإِعْتَاقِ قَوْلَانِ . فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَا عَتَاقٌ ؛(7/400)
لَكِنْ الشَّافِعِيُّ يُلْزِمُهُ الْكَفَّارَةَ إذَا لَمْ يُعْتِقْ وَلَا يُلْزِمُهُ الْكَفَّارَةَ إذَا لَمْ يُطَلِّقْ . فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِ . وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد . وَأَحْمَد يُلْزِمُهُ الْكَفَّارَةَ فِيهِمَا عَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ وَهُوَ وَجْهٌ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ؛ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ إذَا لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِعْلُهُ بِالِاتِّفَاقِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الْمَشْهُورِ : لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَفْعَلْهُ . وَمَذْهَبُ أَحْمَد الْمَشْهُورُ : عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ . قَالَ هَؤُلَاءِ : الْتِزَامُهُ الْوُقُوعَ كَالْتِزَامِهِ الْكُفْرَ ؛ وَلَوْ الْتَزَمَهُ لَمْ يَكْفُرْ بِالِاتِّفَاقِ ؛ بَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي إحْدَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ . قَالَ الْمُوقِعُونَ لِلطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ : الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ هُنَا الْتَزَمَ حُكْمًا شَرْعِيًّا وَهُوَ الْوُقُوعُ وَهُنَاكَ الْتَزَمَ فِعْلًا مِنْ أَفْعَالِهِ وَهُوَ الْإِيقَاعُ كَقَوْلِهِ : فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ عَلَيَّ الصَّوْمُ أَوْ عَلَيَّ الصَّدَقَةُ وَهُوَ فِي الْفِعْلِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَفْعَلَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهُ وَيُكَفِّرَ ؛ بِخِلَافِ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى . قَالُوا : وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ
الْخُلْعَ جَائِزٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ : إنْ أَعْطَيْتِنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ . فَأَعْطَتْهُ إيَّاهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ . فَيُقَاسُ عَلَيْهِ سَائِرُ الشُّرُوطِ إذَا عُلِّقَ بِهَا الطَّلَاقُ وَقَعَ وَكَذَلِكَ ثَبَتَ جَوَازُ الْكِتَابَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَفِي مَعْنَاهَا مَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ : إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ حُرٌّ ؛ وَكَذَلِكَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِسَائِرِ الشُّرُوطِ . فَهَذَا مُنْتَهَى مَا يَحْتَجُّ بِهِ هَؤُلَاءِ . وَأَمَّا أُولَئِكَ فَيَقُولُونَ . قَوْلُكُمْ إنَّ اللَّازِمَ بِهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَهُنَاكَ فِعْلُ غَلَطٍ ؛ بَلْ اللَّازِمُ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ فِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ ؛ لَكِنْ فِي إحْدَاهُمَا وُقُوعٌ وَفِي الْآخِرَةِ وُجُوبٌ . فَقَوْلُهُ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ . إنَّمَا يَكُونُ فِيهِ وُجُوبُ الْحَجِّ ؛ لَا نَفْسُ فِعْلِهِ . ثُمَّ يُقَالُ : لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْجَزَاءُ حُكْمًا شَرْعِيًّا أَوْ أَنْ يَكُونَ مُلَازِمًا لَهُ . كَالسَّبَبِ وَالْمُسَبِّبِ اللَّازِمِ لَهُ ؛ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ : هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا . فَقَدْ الْتَزَمَ حُكْمًا وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ وُقُوعِ الشَّرْطِ بِلَا نِزَاعٍ . وَأَيْضًا فَلَوْ قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الصَّوْمُ ؛ أَوْ فَعَلَيَّ الْحَجُّ . فَالْجَزَاءُ وُجُوبُ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ . ثُمَّ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ بِحُكْمِ الْوُجُوبِ فَالْوُجُوبُ هُوَ التَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ ؛ لَيْسَ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ نَفْسَ فِعْلِهِ ؛ إذْ لَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ نَفْسَ فِعْلِهِ لَوُجِدَ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ اللُّغَوِيِّ وَلَكِنَّ الْمُعَلَّقَ وُجُوبُ
الْإِعْتَاقِ وَالْحَجِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْتِزَامِ هَذَا الْوُجُوبِ ؛ وَبَيْنَ التَّكْفِيرِ . وَفِيمَا إذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ . فَالْجَزَاءُ نَفْسُ الْحُرِّيَّةِ وَمُقْتَضَاهَا تَحْرِيمُ اسْتِعْبَادِهِ وَكَذَلِكَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مُوجِبُهُ تَحْرِيمُ اسْتِمْتَاعِهِ . فَالتَّحْرِيمُ هُنَا مُوجِبُ الْجَزَاءِ ؛ لَا نَفْسُ الْجَزَاءِ . وَهَذَا مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ وَالْإِخْبَارِ ؛ وَذَلِكَ مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ . وَكَذَا قَوْلُهُ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَمَالِي صَدَقَةٌ ؛ فَإِنَّهُ الْتَزَمَ أَنْ يَصِيرَ الْمَالُ صَدَقَةً . فَهَذَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ ؛ لَا فِعْلٌ ؛ لَكِنْ إذَا صَارَ صَدَقَةً لَزِمَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ . وَلَوْ قَالَ : فَعَبْدِي حُرٌّ الْتَزَمَ أَنْ يَصِيرَ حُرًّا فَلَوْ قَالَ . فَعَلَيَّ أَنَّ أَعْتِقَ هَذَا فَالْمُلْتَزِمُ وُجُوبُ الْعِتْقِ . ثُمَّ إذَا وَجَبَ كَانَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ . وَمَعَ هَذَا فَلَهُ رَفْعُ الْوُجُوبِ ؛ وَإِذَا قَالَ : فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّهُ الْتَزَمَ نَفْسَ الْحُرِّيَّةِ وَهُوَ إذَا صَارَ حُرًّا كَانَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ كَمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا صَارَتْ طَالِقَةً ثَلَاثًا كَانَ عَلَيْهِ إرْسَالُهَا وَأَنْ لَا يَخْلُوَ بِهَا وَلَا يَطَأَهَا . فَالنَّاذِرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْتَزَمَ الْحُكْمَ وَالْفِعْلُ يَتْبَعُهُ . ثُمَّ إذَا فَعَلَ مَا أَوْجَبَهُ فَهُوَ الْإِيقَاعُ لِلطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ : حَصَلَ الْوُقُوعُ . فَمُوجِبُ التَّعْلِيقِ وُجُوبٌ يَتْبَعُهُ إيقَاعٌ وَوُقُوعٌ . ثُمَّ إذَا قَصَدَ بِهَذَا التَّعْلِيقِ(7/401)
الْيَمِينَ صَارَ يَمِينًا ؛ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الْوُجُوبُ وَلَا الْإِيقَاعُ وَلَا الْوُقُوعُ . فَإِذَا كَانَ قَصْدُ الْيَمِينِ مَنْعَ الثَّلَاثَةِ فَلَأَنْ يُمْنَعَ
وَاحِدٌ مِنْهَا وَهُوَ الْوُقُوعُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى . قَالُوا : وَلِأَنَّ الْمُظَاهِرَ وَالْمُحَرِّمَ إذَا قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ . إنَّمَا الْتَزَمَ حُكْمًا شَرْعِيًّا ؛ لَمْ يُلْتَزَمْ فِعْلًا . وَمَعَ هَذَا فَدَخَلَتْ فِي ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ . قَالُوا : فَكَمَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُلْتَزَمُ وُجُوبَ الْعِتْقِ بَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَهُ أَوْ يُكَفِّرَ فَكَذَلِكَ إذَا الْتَزَمَ وُقُوعَهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَ وُقُوعَهُ فَيُعْتِقَهُ وَيُرْسِلَ الْعَبْدَ فَيَكُونُ إعْتَاقُهُ إرْسَالَهُ إمْضَاءً لِلْمَنْذُورِ ؛ وَبَيْنَ أَنْ لَا يُعْتِقَهُ وَلَا يُرْسِلَهُ فَلَا يُكَفِّرَ إمْضَاءً لَهُ ؛ بَلْ يَكُونُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ كَمَا إذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَهَذَا الْمَالُ صَدَقَةٌ أَوْ هَذَا الْبَعِيرُ هَدْيٌ وَحِنْثٌ . فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْمَالِ وَيُرْسِلَ الْبَعِيرَ هَدْيًا ؛ فَيَكُونُ قَدْ الْتَزَمَ مُوجِبَ كَوْنِهِ صَدَقَةً وَهَدْيًا ؛ وَبَيْنَ أَنْ يُكَفِّرَ وَيُمْسِكَ الْمَالَ وَالْهَدْيَ فَلَا يُرْسِلُهُ . وَأَمَّا إذَا الْتَزَمَ مُحَرَّمًا ؛ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ إهَانَةُ الْمُصْحَفِ ؛ وَنَحْوَ ذَلِكَ . فَهُنَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ النِّزَاعُ الْمُتَقَدِّمُ ؛ وَكَذَلِكَ إذَا الْتَزَمَ حُكْمًا لَا يَجُوزُ الْتِزَامُهُ مِثْلَ قَوْلِهِ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ . فَهَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْتِزَامُ الْكُفْرِ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ وَلَوْ قَصَدَ ذَلِكَ لَكَانَ كَافِرًا بِالْقَصْدِ . وَالْمَقْصُودُ : أَنَّهُ لَا فَرْقَ لَا فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي الْعُرْفِ بَيْنَ
أَنْ يَلْتَزِمَ الْحُكْمَ الْمُوجِبَ عَلَيْهِ فِعْلًا يَقْتَضِي ذَلِكَ الْفِعْلَ حُكْمًا آخَرَ يَقْتَضِي وُجُوبَ فِعْلٍ أَوْ تَحْرِيمِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَ الْحُكْمَ الْمُقْتَضِيَ لِوُجُوبِ ذَلِكَ الْفِعْلِ أَوْ تَحْرِيمِهِ . فَالْتِزَامُ وُجُوبِ الْفِعْلِ الَّذِي يَقْتَضِي ذَلِكَ الْحُكْمَ كَمَا إذَا قَالَ : فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَ أَوْ أَعْتِقَ . فَإِنَّهُ الْتَزَمَ وُجُوبَ الطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ وَالتَّطْلِيقِ وَذَلِكَ فِعْلٌ مِنْهُ يُوجِبُ حُكْمًا وَهُوَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْتِزَامَهُ لِوُجُوبِ الْفِعْلِ الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْوُقُوعُ أَقْوَى مِنْ الْتِزَامِهِ الْوُقُوعَ ؛ فَإِنَّهُ هُنَاكَ الْتَزَمَ حُكْمَيْنِ وَفِعْلَيْنِ وَهُوَ هُنَا الْتَزَمَ أَحَدَ الْحُكْمَيْنِ وَأَحَدَ الْفِعْلَيْنِ فَاَلَّذِي الْتَزَمَهُ فِي مَوَارِدِ النِّزَاعِ فِي بَعْضِ مَا الْتَزَمَهُ فِي مَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ . فَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ لَا يَلْتَزِمَ هَذَا فَذَاكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى . فَهُوَ فِي مَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ إذَا قَصَدَ بِالتَّعْلِيقِ الْيَمِينَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَحْنَثَ وَيُكَفِّرَ يَمِينَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُوفِيَ بِمَا الْتَزَمَهُ فَيُوقِعُ الْعِتْقَ وَالطَّلَاقَ وَالصَّدَقَةَ فَكَذَلِكَ الَّذِي الْتَزَمَهُ فِي مَوَاقِعِ النِّزَاعِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى . وَالْحِنْثُ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ يَكُونُ بِأَنْ يُوجَدَ الشَّرْطُ وَلَا يُوجَدَ الْجَزَاءُ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ . فَإِذَا قَالَ : إذَا فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ الْعِتْقُ أَوْ الطَّلَاقُ : لَمْ يَحْنَثْ إلَّا إذَا فَعَلَهُ وَلَمْ يُوجَدْ الْجَزَاءُ الْمُعَلَّقُ بِهِ فَإِنْ أَوْقَعَ الْجَزَاءَ الْمُعَلَّقَ
بِهِ لَمْ يَحْنَثْ ؛ كَمَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ الْتَزَمَ فِعْلًا كَقَوْلِهِ : إنْ فَعَلْت كَذَا عَتَقَ عَبْدِي أَوْ طَلُقَتْ امْرَأَتِي . فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ : فَعَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي أَوْ طَلَاقُ امْرَأَتِي . فَالْتِزَامُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مُتَضَمِّنٌ لِالْتِزَامِ الْآخَرِ ؛ فَإِنَّ الْوُجُوبَ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَيْهِ فِعْلَ الْوَاجِبِ وَالتَّحْرِيمَ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ فِعْلَ الْمُحَرَّمِ . وَالْإِيجَابُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْوُجُوبِ ؛ وَالتَّحْرِيمُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحُرْمَةِ . وَالْوُجُوبُ يَقْتَضِي الْفِعْلَ وَالْإِيقَاعُ مُسْتَلْزِمُ الْوُقُوعِ مُقْتَضٍ لِلْحُرْمَةِ وَالْحُرْمَةُ مُقْتَضِيَةٌ لِلتَّرْكِ . فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَ الْإِيجَابَ وَالْوُجُوبَ وَالْفِعْلَ أَوْ التَّحْرِيمَ أَوْ الْحُرْمَةَ أَوْ الْإِيقَاعَ أَوْ الْوُقُوعَ أَوْ الْحُرْمَةَ الَّتِي هِيَ مُوجَبُ ذَلِكَ . قَالَ هَؤُلَاءِ : وَأَمَّا حُجَّةُ مَنْ احْتَجَّ بِالْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ وَتَعْلِيقِ ذَلِكَ بِعِوَضِ فَجَوَابُهُ عِنْدَ أَهْلِ الظَّاهِرِ - ابْنِ حَزْمٍ وَنَحْوِهِ - أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : لَا(7/402)
يَقَعُ شَيْءٌ مِنْ الْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَالْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ وَمَا لَمْ يَرِدْ نَصٌّ بِإِبَاحَتِهِ فِي الْعُقُودِ وَالشُّرُوطِ فَهُوَ عِنْدَهُمْ بَاطِلٌ . وَلَا يَكْتَفُونَ فِي ذَلِكَ بِالْأَدِلَّةِ الْعَامَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ وَالْعَهْدِ وَتَحْرِيمِ الْغَدْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ؛ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ هَذِهِ النُّصُوصَ مَنْسُوخَةٌ . وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ .
وَاسْمُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فِي الْقُرْآنِ يَتَنَاوَلُ الْمُنْجَزَ وَالْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ وُقُوعَهُ عِنْدَ الشَّرْطِ ؛ فَإِنَّ كِلَاهُمَا دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى التَّطْلِيقِ ؛ بِخِلَافِ مَا يُكْرَهُ وُقُوعُهُ عِنْدَ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَمِينٌ دَاخِلُ فِي مُسَمَّى التَّطْلِيقِ . وَعَلَى هَذَا فَالْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ الْأَئِمَّةِ وَالْجُمْهُورِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّرْطِ الْمَقْصُودِ وُجُودُهُ وَالشَّرْطِ الْمَقْصُودِ عَدَمُهُ وَعَدَمِ الْجَزَاءِ الَّذِي عُلِّقَ بِهِ وَهُوَ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْحَلِفُ وَلَا يُرَادُ بِهِ وُقُوعُ الْجَزَاءِ عِنْدَ الشَّرْطِ . وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَيْنِ هُوَ مَذْهَبُ الصَّحَابَةِ ؛ لَا يُعْرَفُ عَنْهُمْ فِيهِ خِلَافٌ وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ . فَيُقَالُ : إنَّهُ هُنَا قَصَدَ الشَّرْطَ وَالْجَزَاءَ كَمَا قَصَدَ ذَاكَ نَذْرَ التَّبَرُّرِ . فَكَمَا أَنَّهُ فَرَّقَ فِي النُّذُورِ الْمُعَلَّقَةِ بِالشُّرُوطِ بَيْنَ مَا يَقْصِدُ فِيهِ ثُبُوتَهَا وَبَيْنَ مَا يَقْصِدُ فِيهِ نَفْيَهَا ؛ كَذَلِكَ هَذَا . فَإِنَّ هَذَا جَمِيعُهُ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَهِيَ أَحْكَامٌ مُعَلَّقَةٌ بِشُرُوطِ وَإِذَا كَانَ الشَّرْعُ أَوْ الْعَقْلُ وَالْعُرْفُ تَفَرَّقَ فِي الْأَحْكَامِ الْمُعَلَّقَةِ بِالشُّرُوطِ اللُّغَوِيَّةِ بَيْنَ مَا يَقْصِدُ ثُبُوتَهُ وَبَيْنَ مَا يَقْصِدُ انْتِفَاءَهُ - كَمَا اتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ الصَّحَابَةُ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - لَمْ يَجُزْ تَسْوِيَةُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ . وَإِنَّمَا يَحْسُنُ الِاحْتِجَاجُ بِالْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ كُلُّ
مَنْ يَمْنَعُ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ جُمْلَةً كَمَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ حَزْمٍ وَالْإِمَامِيَّةِ أَوْ بَعْضِهِمْ ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ : إنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطِ لَا يَقَعُ بِحَالِ ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ عِنْدَهُمْ مِنْ الطَّلَاقِ إلَّا مَا ثَبَتَ أَنَّ الشَّارِعَ أَذِنَ فِيهِ . قَالُوا : وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ أَذِنَ فِي هَذَا فَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِالْقِيَاسِ وَجَعَلُوا مَا نُقِلَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي الْحَلِف بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ حُجَّةً لَهُمْ ؛ وَلَيْسَ بِحُجَّةِ لَهُمْ ؛ فَإِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ طاوس أَنَّهُ لَا يَرَى الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ شَيْئًا وَهَذَا لَا يَقْضِي أَنَّهُ لَا يَرَى تَعْلِيقَهُ بِالشُّرُوطِ بِحَالِ بَلْ قَدْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الشَّرْطِ الْمَقْصُودِ ثُبُوتُهُ وَالْمَقْصُودِ عَدَمُهُ كَمَا أَنَّ هَذَا هُوَ قَوْلُ طَاوُوسٍ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمَا فِي مَسْأَلَةِ " نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " وَلِهَذَا لَمَّا دَخَلَ الشَّافِعِيُّ مِصْرَ سَأَلَهُ سَائِلٌ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ فَعَلَيَّ الصَّوْمُ . فَأَفْتَاهُ الشَّافِعِيُّ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَكَانَ الْغَالِبُ عَلَى أَهْلِ مِصْرَ قَوْلَ مَالِكٍ : إنَّ عَلَيْهِ الْحَجَّ وَالصَّوْمَ . وَمَعَ هَذَا فَلَمَّا حَنِثَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاسِمُ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ أَفْتَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْقَاسِمُ - الَّذِي هُوَ الْعُمْدَةُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ - بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ . وَقَالَ : أَفْتَيْتُك بِقَوْلِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَإِنْ عُدْت أَفْتَيْتُك بِقَوْلِ مَالِكٍ . وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِ مَالِكٍ يُرَجِّحُونَ الْإِفْتَاءَ بِكَفَّارَةِ
يَمِينٍ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ آخِرًا . وَأَمَّا جُمْهُورُ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد . وَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّكْفِيرِ وَبَيْنَ فِعْلِ الْمُلْتَزِمِ . وَعَنْ أَحْمَد رِوَايَةٌ : أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ عَيْنًا وَيَذْكُرُ قَوْلًا فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ . كَذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُفْتِينَ أَصْحَابِ(7/403)
مَالِكٍ يُفْتُونَ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَيَحْتَجُّونَ بِمَا رَوَوْهُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : كُلُّ يَمِينٍ وَإِنْ عَظُمَتْ فَكَفَّارَتُهَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ . وَهَذَا قَوْلُ طاوس وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ السَّلَفِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الصَّحَابَةِ . وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مَسَائِلُ جَلِيلَةٌ تَحْتَاجُ إلَى بَسْطٍ طَوِيلٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ
وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ ثُمَّ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ : هَلْ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : الْمَسْأَلَةُ فِيهَا نِزَاعٌ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ . " أَحَدُهَا " أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ حَتَّى اعْتَقَدَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ إجْمَاعٌ ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ عَامَّتُهُمْ عَلَيْهِ حُجَّةً وَحُجَّتُهُمْ عَلَيْهِ ضَعِيفَةٌ جِدًّا وَهِيَ : أَنَّهُ الْتَزَمَ أَمْرًا عِنْدَ وُجُودِ شَرْطٍ فَلَزِمَهُ مَا الْتَزَمَهُ . وَهَذَا مَنْقُوضٌ بِصُوَرِ كَثِيرَةٍ وَبَعْضُهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ : كَنَذْرِ الطَّلَاقِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالْمُبَاحِ وَكَالْتِزَامِ الْكُفْرِ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ ؛ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ يُقَاسُ بِهِ إلَّا وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ مُؤَثِّرٌ فِي الشَّرْعِ وَلَا دَلَّ عَلَيْهِ عُمُومُ نَصٍّ وَلَا إجْمَاعٌ ؛ لَكِنْ لَمَّا كَانَ مُوجِبُ الْعَقْدِ لُزُومَ مَا الْتَزَمَهُ صَارَ يَظُنُّ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ أَنَّ هَذَا عَقْدٌ لَازِمٌ وَهَذَا يُوَافِقُ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ مُوجِبَةً وَمُحَرَّمَةً كَمَا يُقَالُ : إنَّهُ كَانَ [ شَرْعُ ] مَنْ قَبْلَنَا . لَكِنْ نَسَخَ هَذَا شَرْعُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَرَضَ لِلْمُسْلِمِينَ تَحِلَّةَ أَيْمَانِهِمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَنْ يُحِلُّوا عَقْدَ الْيَمِينِ بِمَا فَرَضَهُ مِنْ الْكَفَّارَةِ . وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْنَثْ فِي يَمِينِهِ فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ بِلَا رَيْبٍ ؛ إلَّا عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ يُرْوَى عَنْ شريح وَيُذْكَرُ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَد فِيمَا إذَا قَدَّمَ الطَّلَاقَ . وَإِذَا قِيلَ : يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ ؛ فَإِنْ نَوَى بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ
تَوْكِيدَ الْأُولَى - لَا إنْشَاءَ يَمِينٍ أُخْرَى - لَمْ يَقَعْ بِهِ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ ؛ وَإِنْ أَطْلَقَ وَقَعَ بِهِ ثَلَاثٌ وَقِيلَ : لَا يَقَعُ بِهِ إلَّا وَاحِدَةٌ . و " الْقَوْلُ الثَّانِي " أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ . وَهَذَا مَذْهَبُ داود وَأَصْحَابِهِ وَطَوَائِفَ مِنْ الشِّيعَةِ . وَيَذْكُرُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ ؛ بَلْ هُوَ مَأْثُورٌ عَنْ طَائِفَةٍ صَرِيحًا كَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ رَاوِيَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ . وَأَصْلُ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْحَرَامِ وَالنَّذْرِ : لَغْوٌ كَالْحَلِفِ بِالْمَخْلُوقَاتِ . وَيُفْتِي بِهِ فِي الْيَمِينِ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا بِالْتِزَامِ الطَّلَاقِ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ : كَالْقَفَّالِ وَصَاحِبِ " التَّتِمَّةِ " وَيَنْقُلُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ نَصًّا ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ : الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَوْ لَازِمٌ لِي وَنَحْوَ ذَلِكَ : صِيغَةُ نَذْرٍ ؛ لَا صِيغَةُ إيقَاعٍ كَقَوْلِهِ : لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَ . وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يُطَلِّقَ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ بِلَا نِزَاعٍ ؛ وَلَكِنْ فِي لُزُومِهِ الْكَفَّارَةَ لَهُ قَوْلَانِ . " أَحَدُهُمَا " يَلْزَمُهُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ : إمَّا مُطْلَقًا . وَإِمَّا إذَا قُصِدَ بِهِ الْيَمِينُ . " وَالثَّانِي " لَا . وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ الخراسانيين مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ كَالْقَفَّالِ والبغوي وَغَيْرِهِمَا . فَمَنْ جَعَلَ هَذَا نَذْرًا وَلَمْ يُوجِبْ الْكَفَّارَةَ فِي نَذْرِ الطَّلَاقِ : يُفْتِي بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا
أَفْتَى بِذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَمَنْ قَالَ : عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ لَزِمَهُ عَلَى قَوْلِهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا يُفْتَى بِذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ . وَأَمَّا " الْحَنَفِيَّةُ " فَبَنَوْهُ(7/404)
عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِنَذْرِ الْمَعَاصِي وَالْمُبَاحَاتِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَكَذَلِكَ يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ؛ لِتَفْرِيقِهِ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ : عَلَيَّ نَذْرٌ . فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ . وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ : إنْ فَعَلْته فَعَلَيَّ نَذْرٌ . فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ . فَفَرَّقَ هَؤُلَاءِ بَيْنَ نَذْرِ الطَّلَاقِ وَبَيْنَ الْحَلِفِ بِنَذْرِ الطَّلَاقِ . وَأَحْمَد عِنْدَهُ عَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ الْمَنْصُوصِ عَنْهُ : أَنَّ نَذْرَ الطَّلَاقِ فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَالْحَلِفُ بِنَذْرِهِ عَلَيْهِ فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ وَافَقَهُ مِنْ الخراسانيين مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجَعَلَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا هُوَ الْمُرَجَّحَ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَذَكَرُوا ذَلِكَ فِي نَذْرِ جَمِيعِ الْمُبَاحَاتِ ؛ لَكِنَّ قَوْلَهُ : الطَّلَاقُ لِي لَازِمٌ فِيهِ صِيغَةُ إيقَاعٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد فَإِنْ نَوَى بِذَلِكَ النَّذْرَ فَفِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَهُ . و " الْقَوْلُ الثَّالِثُ " وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالِاعْتِبَارُ : أَنَّ هَذِهِ يَمِينٌ مِنْ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ فَيَجْرِي فِيهَا مَا يَجْرِي فِي أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ الْحِنْثِ ؛ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْحَالِفُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ فَلَهُ أَنْ
يُوقِعَهُ وَلَا كَفَّارَةَ . وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ : كَطَاوُوسِ وَغَيْرِهِ . وَهُوَ مُقْتَضَى الْمَنْقُولِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ وَبِهِ يُفْتِي كَثِيرٌ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ حَتَّى يُقَالَ : إنَّ فِي كَثِيرٍ مِنْ بِلَادِ الْمَغْرِبِ مَنْ يُفْتِي بِذَلِكَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ مُقْتَضَى نُصُوصِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَأُصُولُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ . وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَإِذَا كَرَّرَ الْيَمِينَ الْمُكَفِّرَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ : فَهَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ ؟ أَوْ كَفَّارَاتٌ ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد . أَشْهَرُهُمَا عَنْهُ تَجْزِيه كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ . وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ حَكَاهَا ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ فِي الْحَلِف بِالطَّلَاقِ كَمَا حَكَوْهَا فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ وَالنَّذْرِ وَغَيْرِهِمَا فَإِذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ : فَفِيهَا الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ ؛ لَكِنْ هُنَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ : إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ كَمَا قَالُوا ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ . فَيَصِحُّ نَذْرُهُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ . وَالْمَنْقُولُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ . وَرَوَوْهُ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ . وَأُمِّ سَلَمَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ ؛ وَهُوَ قَوْلُ أَكَابِرِ التَّابِعِينَ ؛ كَطَاوُوسِ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمَا وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ صَحَابِيٍّ مَا
يُخَالِفُ ذَلِكَ ؛ لَا فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَلَا فِي الْحَلِفِ بِالْعَتَاقِ ؛ بَلْ إذَا قَالَ الصَّحَابَةُ : إنَّ الْحَالِفَ بِالْعِتْقِ لَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ فَالْحَالِفُ بِالطَّلَاقِ أَوْلَى عِنْدَهُمْ . وَهَذَا كَالْحَلِفِ بِالنَّذْرِ مِثْلَ : أَنْ يَقُولَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ . أَوْ صَوْمُ سَنَةٍ . أَوْ ثُلُثُ مَالِي صَدَقَةٌ . فَإِنَّ هَذَا يَمِينٌ تُجْزِئُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ التَّابِعِينَ : كَطَاوُوسِ وَعَطَاءٍ وَأَبِي الشَّعْثَاءِ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ وَمَذْهَبُ أَحْمَد بِلَا نِزَاعٍ عَنْهُ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ اخْتَارَهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ كَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ أَبِي الْغَمْرِ وَأَفْتَى ابْنُ الْقَاسِمِ ابْنَهُ بِذَلِكَ . وَالْمَعْرُوفُ عَنْ جُمْهُورِ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ : أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ أَوْ النَّذْرِ : إمَّا أَنْ تُجْزِئَهُ الْكَفَّارَةُ فِي كُلِّ يَمِينٍ . وَإِمَّا أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ . وَإِمَّا أَنْ يُلْزِمَهُ كَمَا حَلَفَ بِهِ ؛(7/405)
بَلْ إذَا كَانَ قَوْلُهُ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ رَقَبَةً . وَقَصَدَ بِهِ الْيَمِينَ لَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ ؛ بَلْ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَوْ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ لَزِمَهُ بِالِاتِّفَاقِ فَقَوْلُهُ : فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْلَى أَلَّا يَلْزَمَهُ لِأَنَّ قَصْدَ الْيَمِينِ
إذَا مَنَعَ أَنْ يَلْزَمَهُ الْوُجُوبُ فِي الْإِعْتَاقِ وَالْعِتْقِ فَلَأَنْ يَمْنَعَ لُزُومَ الْعِتْقِ وَحْدَهُ أَوْلَى " وَأَيْضًا " فَإِنَّ ثُبُوتَ الْحُقُوقِ فِي الذِّمَمِ أَوْسَعُ نُفُوذًا ؛ فَإِنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَالْعَبْدَ قَدْ تَثْبُتُ الْحُقُوقُ فِي ذِمَمِهِمْ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُمْ فَإِذَا كَانَ قَصْدُ الْيَمِينِ مَعَ ثُبُوتِ الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ فِي الذِّمَّةِ [ مَمْنُوعٌ ] فَلَأَنْ يُمْنَعَ وُقُوعُهُ أَوْلَى وَأَحْرَى وَإِذَا كَانَ الْعِتْقُ الَّذِي يَلْزَمُهُ بِالنَّذْرِ لَا يَلْزَمُهُ إذَا قَصَدَ بِهِ الْيَمِينَ فَالطَّلَاقُ الَّذِي لَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ أَوْلَى أَنْ لَا يُلْزِمَ إذَا قَصَدَ بِهِ الْيَمِينَ ؛ فَإِنَّ التَّعْلِيقَ إنَّمَا يَلْزَمُ فِيهِ الْجَزَاءُ إذَا قَصَدَ وُجُوبَ الْجَزَاءِ عِنْدَ وُجُوبِ الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ : إنْ أبرأتيني مِنْ صَدَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَثُلُثُ مَالِي صَدَقَةٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ يَكْرَهُ وُقُوعَ الْجَزَاءِ وَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ وَإِنَّمَا الْتَزَمَهُ لِيَحُضَّ نَفْسَهُ أَوْ يَمْنَعَهَا أَوْ يَحُضَّ غَيْرَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ : فَهَذَا مُخَالِفٌ كَقَوْلِهِ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ وَمَالِي صَدَقَةٌ وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ وَنِسَائِي طَوَالِقُ وَعَلَيَّ عَشْرُ حِجَجٍ وَصَوْمٌ : فَهَذَا حَالِفٌ بِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءِ وَسَائِرِ الطَّوَائِفِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } وَقَالَ تَعَالَى : { ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ } وَثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ فِي الصَّحِيحِ
أَنَّهُ قَالَ : { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ } وَهَذَا يَتَنَاوَلُ [ أَيْمَانَ ] جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ لَفْظًا وَمَعْنًى ؛ وَلَمْ يَخُصَّهُ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ ؛ بَلْ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ تُحَقِّقُ عُمُومَهُ .
وَالْيَمِينُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ " نَوْعَانِ " : نَوْعٌ مُحْتَرَمٌ مُنْعَقِدٌ مُكَفِّرٌ كَالْحَلِفِ بِاَللَّهِ . وَنَوْعٌ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ ؛ وَلَا مُنْعَقِدٍ وَلَا مُكَفِّرٍ وَهُوَ الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ . فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْيَمِينُ مِنْ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ فَفِيهَا الْكَفَّارَةُ . وَهِيَ مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ . وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ فَهِيَ مِنْ الثَّانِي . وَأَمَّا إثْبَاتُ يَمِينٍ مُنْعَقِدَةٍ ؛ غَيْرِ مُكَفِّرَةٍ فَهَذَا لَا أَصْلَ لَهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ . وَتَقْسِيمُ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ إلَى يَمِينٍ مُكَفِّرَةٍ وَغَيْرِ مُكَفِّرَةٍ كَتَقْسِيمِ الشَّرَابِ الْمُسْكِرِ إلَى خَمْرٍ وَغَيْرِ خَمْرٍ . وَتَقْسِيمِ السَّفَرِ إلَى طَوِيلٍ وَقَصِيرٍ . وَتَقْسِيمِ الْمُيَسَّرِ إلَى مُحَرَّمٍ وَغَيْرِ مُحَرَّمٍ ؛ بَلْ الْأُصُولُ تَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ . وَبَسْطُ الْكَلَامِ لَهُ مَوْضُوعٌ آخَرُ لَكِنَّ هَذَا " الْقَوْلَ الثَّالِثَ " وَهُوَ الْقَوْلُ بِثُبُوتِ الْكَفَّارَةِ فِي جَمِيعِ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي تَقُومُ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي لَا تَتَنَاقَضُ وَهُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكَابِرِ التَّابِعِينَ : إمَّا فِي جَمِيعِ الْأَيْمَانِ . وَإِمَّا فِي بَعْضِهَا . وَتَعْلِيلُ
ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَمِينٌ . وَالتَّعْلِيلُ بِذَلِكَ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِي جَمِيعِ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ . وَالصِّيَغُ ثَلَاثَةٌ " صِيغَةُ تَنْجِيزٍ " كَقَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ فَهَذِهِ لَيْسَتْ يَمِينًا وَلَا كَفَّارَةَ فِي هَذَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ " وَالثَّانِي " صِيغَةُ قَسَمٍ كَمَا إذَا قَالَ : الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَهَذِهِ يَمِينٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْفُقَهَاءِ . " وَالثَّالِثُ " صِيغَةُ تَعْلِيقٍ . فَهَذِهِ إنْ قَصَدَ بِهَا الْيَمِينَ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الثَّانِي بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ . وَأَمَّا إنْ قَصَدَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عِنْدَ الشَّرْطِ : مِثْلَ أَنْ يَخْتَارَ طَلَاقَهَا إذَا أَعْطَتْهُ الْعِوَضَ فَيَقُولُ : إنْ أَعْطَيْتِنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ . وَيَخْتَارُ(7/406)
طَلَاقَهَا إذَا أَتَتْ كَبِيرَةً فَيَقُولُ : أَنْتِ طَالِقٌ إنْ زَنَيْت أَوْ سَرَقْت . وَقَصْدُهُ الْإِيقَاعَ عِنْدَ الصِّفَةِ ؛ لَا الْحَلِفِ : فَهَذَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ بِاتِّفَاقِ السَّلَفِ ؛ فَإِنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِالصِّفَةِ رُوِيَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِيهِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ : كَعَلِيِّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي ذَرٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَمُعَاوِيَةَ وَكَثِيرٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَحَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَمَا عَلِمْت أَحَدًا نَقَلَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّ الطَّلَاقَ بِالصِّفَةِ لَا يَقَعُ وَإِنَّمَا عُلِمَ النِّزَاعُ فِيهِ عَنْ بَعْضِ الشِّيعَةِ وَعَنْ ابْنِ حَزْمٍ مِنْ الظَّاهِرِيَّةِ . وَهَؤُلَاءِ الشِّيعَةُ بَلَغَتْهُمْ فَتَاوَى عَنْ بَعْضِ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْبَيْتِ فِيمَنْ قَصْدُهُ الْحَلِفُ : فَظَنُّوا أَنَّ كُلَّ تَعْلِيقٍ كَذَلِكَ كَمَا أَنَّ طَائِفَةً
مِنْ الْجُمْهُورِ بَلَغَتْهُمْ فَتَاوَى عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِيمَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِصِفَةِ أَنَّهُ يَقَعُ عِنْدَهَا : فَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ يَمِينٌ . وَجَعَلُوا كُلَّ تَعْلِيقٍ يَمِينًا كَمَنْ قَصْدُهُ الْيَمِينَ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ التَّعْلِيقِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْيَمِينُ وَاَلَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْإِيقَاعُ ؛ كَمَا لَمْ يُفَرِّقْ أُولَئِكَ بَيْنَهُمَا فِي نَفْسِ الطَّلَاقِ . وَمَا عَلِمْت أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ أَفْتَى فِي الْيَمِينِ بِلُزُومِ الطَّلَاقِ . كَمَا لَمْ أَعْلَمِ أَحَدًا مِنْهُمْ أَفْتَى فِي التَّعْلِيقِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْيَمِينُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ جُمْهُورِ السَّلَفِ حَتَّى قَالَ بِهِ داود وَأَصْحَابُهُ . فَفَرَّقُوا بَيْنَ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْيَمِينُ وَاَلَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْإِيقَاعُ كَمَا فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي تَعْلِيقِ النَّذْرِ وَغَيْرِهِ . وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ ؛ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَكْرَهُ وُقُوعَ الْجَزَاءِ وَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ كَقَوْلِ الْمُسْلِمِ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ : فَهُوَ يَكْرَهُ الْكُفْرَ وَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ ؛ إنَّمَا الْتِزَامُهُ لِئَلَّا يُلْزِمَ وَلِيَمْتَنِعَ بِهِ مِنْ الشَّرْطِ ؛ لَا لِقَصْدِ وُجُودِهِ عِنْدَ الصِّفَةِ . وَهَكَذَا الْحَلِفُ بِالْإِسْلَامِ لَوْ قَالَ الذِّمِّيُّ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا مُسْلِمٌ . وَالْحَالِفُ بِالنَّذْرِ وَالْحَرَامِ وَالظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ وَنِسَائِي طَوَالِقُ وَمَالِي صَدَقَةٌ فَهُوَ يَكْرَهُ هَذِهِ اللَّوَازِمَ وَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ وَإِنَّمَا عَلَّقَهَا لِيَمْنَعَ
نَفْسَهُ مِنْ الشَّرْطِ ؛ لَا لِقَصْدِ وُقُوعِهَا وَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ فَالتَّعْلِيقُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْإِيقَاعُ مِنْ بَابِ الْإِيقَاعِ وَاَلَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْيَمِينُ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ . وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَحْكَامَ الطَّلَاقِ وَأَحْكَامَ الْإِيمَانِ . وَإِذَا قَالَ : إنْ سَرَقْت إنْ زَنَيْت : فَأَنْتِ طَالِقٌ . فَهَذَا قَدْ يُقْصَدُ بِهِ الْيَمِينُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَقَامُهَا مَعَ هَذَا الْفِعْلِ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ طَلَاقِهَا ؛ وَإِنَّمَا قَصْدُهُ زَجْرُهَا وَتَخْوِيفُهَا لِئَلَّا تَفْعَلُ : فَهَذَا حَلِفٌ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَقَدْ يَكُونُ قَصْدُهُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِرَاقُهَا أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ الْمُقَامِ مَعَهَا مَعَ ذَلِكَ فَيَخْتَارُ إذَا فَعَلَتْهُ أَنْ تَطْلُقَ مِنْهُ : فَهَذَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ
وَسُئِلَ عَمَّنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ صِهْرَ أَخِيهِ وَحَلَفَ بِالثَّلَاثِ مَا يَدْخُلُ مَنْزِلَهُ : ثُمَّ دَخَلَ بِغَيْرِ رِضَاهُ ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : إذَا كَانَ الْحَالِفُ قَدْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ يُطِيعُهُ وَيَبَرُّ يَمِينَهُ وَلَا يَدْخُلُ إذَا حَلَفَ عَلَيْهِ ؛ فَتَبَيَّنَ لَهُ الْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ كَذَلِكَ لَمْ يَحْلِفْ . فَفِي حِنْثِهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ . وَالْأَقْوَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ(7/407)
" الْمُقَدِّمَةُ الثَّالِثَةُ " - وَفِيهَا يَظْهَرُ سِرُّ مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ وَنَحْوِهَا - أَنَّ صِيغَةَ التَّعْلِيقِ الَّتِي تُسَمَّى " صِيغَةَ الشَّرْطِ وَصِيغَةَ الْمُجَازَاةِ " تَنْقَسِمُ إلَى " سِتَّةِ أَنْوَاعٍ " لِأَنَّ الْحَالِفَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ وُجُودَ الشَّرْطِ فَقَطْ أَوْ وُجُودَ الْجَزَاءِ فَقَطْ أَوْ وَجُودَهُمَا ؛ وَإِمَّا أَنْ لَا يَقْصِدَ وُجُودَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ يَكُونُ مَقْصُودُهُ عَدَمَ الشَّرْطِ فَقَطْ أَوْ الْجَزَاءِ فَقَطْ أَوْ عَدَمُهُمَا . " فَالْأَوَّلُ " بِمَنْزِلَةِ كَثِيرٍ مِنْ صُوَرِ الْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ وَنَذْرِ التَّبَرُّرِ ؛ وَالْجَعَالَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ . إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ فَقَدْ خَلَعْتُك . أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ : إنْ أَدَّيْت أَلْفًا فَأَنْت حُرٌّ أَوْ قَالَ . إنْ رَدَدْت عَبْدِي الْآبِقَ فَلَك أَلْفٌ أَوْ قَالَ : إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ سَلِمَ مَالِي الْغَائِبُ : فَعَلَيَّ عِتْقُ كَذَا ؛ وَالصَّدَقَةُ بِكَذَا : فَالْمُعَلِّقُ قَدْ لَا يَكُونُ مَقْصُودُهُ إلَّا أَخْذَ الْمَالِ وَرَدَّ الْعَبْدِ وَسَلَامَةَ الْعِتْقِ وَالْمَالِ وَإِنَّمَا الْتَزَمَ الْجَزَاءَ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ كَالْبَائِعِ الَّذِي إنَّمَا مَقْصُودُهُ أَخْذُ الثَّمَنِ وَالْتَزَمَ رَدَّ الْمَبِيعِ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ . فَهَذَا الضَّرْبُ شَبِيهٌ بِالْمُعَاوَضَةِ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ . وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ قَدْ جَعَلَ الطَّلَاقُ عُقُوبَةً لَهَا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ : إذَا ضَرَبْت أُمِّي فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّهُ فِي الْخُلْعِ عَاوَضَهَا بِالتَّطْلِيقِ عَنْ الْمَالِ لِأَنَّهَا تُرِيدُ الطَّلَاقَ وَهُنَا
عَوَّضَهَا عَنْ مَعْصِيَتِهَا بِالطَّلَاقِ . وَأَمَّا " الثَّانِي " فَمِثْلُ أَنْ يَقُولَ لِامْرَأَتِهِ : إذَا طَهُرْت فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ : إذَا مُتّ فَأَنْت حُرٌّ أَوْ إذَا جَاءَ رَأْسُ الْحَوْلِ فَأَنْت حُرٌّ أَوْ فَمَالِي صَدَقَةٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ التَّعْلِيقِ الَّذِي هُوَ تَوْقِيتٌ مَحْضٌ . فَهَذَا الضَّرْبُ بِمَنْزِلَةِ الْمُنْجَزِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَصَدَ الطَّلَاقَ وَالْعِتَاقَ وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ إلَى الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ بِمَنْزِلَةِ تَأْجِيلِ الدَّيْنِ وَبِمَنْزِلَةِ مَنْ يُؤَخِّرُ الطَّلَاقَ مِنْ وَقْتٍ إلَى وَقْتٍ لِغَرَضِ لَهُ فِي التَّأْخِيرِ ؛ لَا لِعِوَضِ وَلَا لِحَثِّ عَلَى طَلَبٍ أَوْ خَبَرٍ ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ : إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ : وَاَللَّهِ لَا أَحْلِفُ بِطَلَاقِك أَوْ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ فَأَنْت طَالِقٌ . فَإِنَّهُ إذَا قَالَ : إنْ دَخَلْت أَوْ لَمْ تَدْخُلِي وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ مَعْنَى الْحَضِّ أَوْ الْمَنْعِ فَهُوَ حَالِفٌ وَلَوْ كَانَ تَعْلِيقًا مَحْضًا كَقَوْلِهِ : إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَاخْتَلِفُوا فِيهِ فَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ لَيْسَ بِحَالِفِ وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْقَاضِي فِي " الْجَامِعِ " : هُوَ حَالِفٌ . وَأَمَّا " الثَّالِثُ " وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ وُجُودَهُمَا جَمِيعًا فَمِثْلُ الَّذِي قَدْ آذَتْهُ امْرَأَتُهُ حَتَّى أَحَبَّ طَلَاقَهَا وَاسْتِرْجَاعَ الْفِدْيَةِ مِنْهَا فَيَقُولُ : إنْ أبرأتيني مِنْ صَدَاقِك أَوْ مِنْ نَفَقَتِك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ يُرِيدُ كُلًّا مِنْهُمَا . وَأَمَّا " الرَّابِعُ " وَهُوَ
أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ عَدَمَ الشَّرْطِ لَكِنَّهُ إذَا وُجِدَ لَمْ يَكْرَهْ الْجَزَاءَ ؛ بَلْ يُحِبُّهُ أَوْ لَا يُحِبُّهُ وَلَا يَكْرَهُهُ فَمِثْلُ أَنْ يَقُولَ لِامْرَأَتِهِ إنْ زَنَيْت فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ إنْ ضَرَبْت أُمِّي فَأَنْت طَالِقٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ التَّعْلِيقِ الَّذِي يُقْصَدُ فِيهِ عَدَمُ الشَّرْطِ ؛ وَيُقْصَدُ وُجُودُ الْجَزَاءِ عِنْدَ وُجُودِهِ بِحَيْثُ تَكُونُ إذَا زَنَتْ أَوْ إذَا ضَرَبَتْ أُمَّهُ يَجِبُ فِرَاقُهَا لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لَهُ فَهَذَا فِيهِ مَعْنَى الْيَمِينِ وَمَعْنَى التَّوْقِيتِ ؛ فَإِنَّهُ مَنَعَهَا مِنْ الْفِعْلِ وَقَصَدَ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عِنْدَهُ كَمَا قَصَدَ إيقَاعَهُ عِنْدَ أَخْذِ الْعِوَضِ مِنْهَا أَوْ عِنْدَ طُهْرِهَا أَوْ طُلُوعِ الْهِلَالِ . وَأَمَّا " الْخَامِسُ " وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ عَدَمَ الْجَزَاءِ وَتَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لِئَلَّا يُوجَدُ ؛ وَلَيْسَ لَهُ غَرَضٌ فِي عَدَمِ الشَّرْطِ : فَهَذَا قَلِيلٌ كَمَنْ يَقُولُ إنْ أَصَبْت مِائَةَ رَمْيَةٍ أَعْطَيْتُك كَذَا . وَأَمَّا " السَّادِسُ " وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ عَدَمَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ ؛ وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ الْجَزَاءُ(7/408)
بِالشَّرْطِ لِيَمْتَنِعَ وَجُودُهُمَا فَهُوَ مِثْلُ نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ . وَمِثْلُ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ عَلَى حَضٍّ أَوْ مَنْعٍ أَوْ تَصْدِيقٍ أَوْ تَكْذِيبٍ مِثْلُ أَنْ يُقَالَ لَهُ ؛ تَصَدَّقْ . فَيَقُولُ : إنْ تَصَدَّقَ فَعَلَيْهِ صِيَامُ كَذَا وَكَذَا أَوْ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَوْ فَعَبِيدُهُ أَحْرَارٌ . أَوْ يَقُولَ : إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَعَلَيَّ نَذْرُ كَذَا أَوْ امْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ . أَوْ يَحْلِفُ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَقْصِدُ مَنْعَهُ - كَعَبْدِهِ
وَنَسِيبِهِ وَصَدِيقِهِ مِمَّنْ يَحُضُّهُ عَلَى طَاعَتِهِ - فَيَقُولُ لَهُ : إنْ فَعَلْت أَوْ إنْ لَمْ تَفْعَلْ : فَعَلَيَّ كَذَا ؛ أَوْ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ؛ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ وَنَحْوَ ذَلِكَ : فَهَذَا نَذْرُ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ . وَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ يُخَالِفُهُ فِي الْمَعْنَى " نَذْرُ التَّبَرُّرِ وَالتَّقَرُّبِ " وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ " الْخُلْعِ " و " الْكِتَابَةِ " ؛ فَإِنَّ الَّذِي يَقُولُ إنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ أَوْ سَلَّمَ مَالِي مِنْ كَذَا أَوْ إنْ أَعْطَانِي اللَّهُ كَذَا ؛ فَعَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ ؛ أَوْ أَصُومَ ؛ أَوْ أَحُجَّ . قَصْدُهُ حُصُولُ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ الْغَنِيمَةُ أَوْ السَّلَامَةُ ؛ وَقَصَدَ أَنْ يَشْكُرَ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِمَا نَذَرَهُ لَهُ ؛ وَكَذَلِكَ الْمُخَالِعُ وَالْمَكَاتِبُ قَصْدُهُ حُصُولُ الْعِوَضِ وَبَذْلُ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ وَأَمَّا النَّذْرُ فِي اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ إذَا قِيلَ لَهُ : افْعَلْ كَذَا فَامْتَنَعَ مِنْ فِعْلِهِ ثُمَّ قَالَ : إنْ فَعُلْته فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ الصِّيَامُ . فَهُنَا مَقْصُودُهُ أَنْ لَا يَكُونَ الشَّرْطُ ؛ ثُمَّ إنَّهُ لِقُوَّةِ امْتِنَاعِهِ أَلْزَمَ نَفْسَهُ إنْ فَعَلَهُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الثَّقِيلَةِ عَلَيْهِ ؛ لِيَكُونَ لُزُومُهَا لَهُ إذَا فَعَلَ مَانِعًا لَهُ مِنْ الْفِعْلِ ؛ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ : إنْ فَعَلْته فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ؛ أَوْ فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ ؛ إنَّمَا مَقْصُودُهُ الِامْتِنَاعُ وَالْتَزَمَ بِتَقْدِيرِ الْفِعْلِ مَا هُوَ شَدِيدٌ عَلَيْهِ مِنْ فِرَاقِ أَهْلِهِ وَذَهَابِ مَالِهِ ؛ لَيْسَ غَرَضُ هَذَا أَنْ يَتَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ بِعِتْقِ أَوْ صَدَقَةٍ وَلَا أَنْ يُفَارِقَ امْرَأَتَهُ . وَلِهَذَا
سَمَّى الْعُلَمَاءُ هَذَا " نَذْرَ اللَّجَاجِ ؛ وَالْغَضَبِ " مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ " { لَأَنْ يَلِجَ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ آثَمَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ الْكَفَّارَةَ الَّتِي فَرَضَ اللَّهُ لَهُ } " فَصُورَةُ هَذَا النَّذْرِ صُورَةُ نَذْرِ التَّبَرُّرِ فِي اللَّفْظِ ؛ وَمَعْنَاهُ شَدِيدُ الْمُبَايَنَةِ لِمَعْنَاهُ . وَمِنْ هنا نَشَأَتْ " الشُّبْهَةُ " الَّتِي سَنَذْكُرُهَا فِي هَذَا الْبَابِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ ؛ وَيَتَبَيَّنُ فِقْهُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الَّذِينَ نَظَرُوا إلَى مَعَانِي الْأَلْفَاظِ لَا إلَى صُوَرِهَا . إذَا ثَبَتَتْ هَذِهِ الْأَنْوَاعُ الدَّاخِلَةُ فِي قِسْمِ التَّعْلِيقِ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ بَعْضَهَا مَعْنَاهُ مَعْنَى الْيَمِينِ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ ؛ وَبَعْضَهَا لَيْسَ مَعْنَاهُ ذَلِكَ . فَمَتَى كَانَ الشَّرْطُ الْمَقْصُودُ حَضًّا عَلَى فِعْلٍ أَوْ مَنْعًا مِنْهُ أَوْ تَصْدِيقًا لِخَبَرِ ؛ أَوْ تَكْذِيبًا : كَانَ الشَّرْطُ مَقْصُودَ الْعَدَمِ هُوَ وَجَزَاؤُهُ ؛ كَنَذْرِ اللَّجَاجِ ؛ وَالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ عَلَى وَجْهِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ . " الْقَاعِدَةُ الْأُولَى " أَنَّ الْحَالِفَ بِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى حُكْمَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ فَقَالَ تَعَالَى : { وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ } وَقَالَ : { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ
أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } وَأَمَّا السُّنَّةُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَمُرَةَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ ؛ فَإِنَّك إنْ أُعْطِيتهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْت إلَيْهَا وَإِنْ أُعْطِيتهَا عَنْ(7/409)
غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْت عَلَيْهَا وَإِذَا حَلَفْت عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْت غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك } " فَبَيَّنَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمَ الْأَمَانَةِ الَّذِي هُوَ الْإِمَارَةُ وَحُكْمَ الْعَهْدِ الَّذِي هُوَ الْيَمِينُ . وَكَانُوا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لَا مَخْرَجَ لَهُمْ مِنْ الْيَمِينِ قَبْلَ أَنْ تُشْرَعَ الْكَفَّارَةُ وَلِهَذَا قَالَتْ عَائِشَةُ : كَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينٍ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ عَقْدٌ بِاَللَّهِ فَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا يَجِبُ بِسَائِرِ الْعُقُودِ وَأَشَدُّ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ : أَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَوْ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ : فِي مَعْنَى قَوْلِهِ أَعْقِدُ بِاَللَّهِ ؛ وَلِهَذَا عُدِّيَ بِحَرْفِ الْإِلْصَاقِ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِي الرَّبْطِ وَالْعَقْدِ فَيَنْعَقِدُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِاَللَّهِ كَمَا تَنْعَقِدُ إحْدَى الْيَدَيْنِ بِالْأُخْرَى فِي الْمُعَاقَدَةِ ؛ وَلِهَذَا سَمَّاهُ اللَّهُ عَقْدًا فِي قَوْلِهِ : { وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا
عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ } فَإِذَا كَانَ قَدْ عَقَدَهَا بِاَللَّهِ كَانَ الْحِنْثُ فِيهَا نَقْضًا لِعَهْدِ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ لَوْلَا مَا فَرَضَهُ اللَّهُ مِنْ التَّحِلَّةِ وَلِهَذَا سُمِّيَ حَلُّهَا حِنْثًا . و " الْحِنْثُ " هُوَ الْإِثْمُ فِي الْأَصْلِ فَالْحِنْثُ فِيهَا سَبَبٌ لِلْإِثْمِ لَوْلَا الْكَفَّارَةُ الْمَاحِيَةُ فَإِنَّمَا الْكَفَّارَةُ مَنَعَتْهُ أَنْ يُوجِبَ إثْمًا . وَنَظِيرُ الرُّخْصَةِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بَعْدَ عَقْدِهَا الرُّخْصَةُ أَيْضًا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ بَعْدَ أَنْ كَانَ الظِّهَارُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَوَّلِ الْإِسْلَامِ طَلَاقًا وَكَذَلِكَ الْإِيلَاءُ كَانَ عِنْدَهُمْ طَلَاقًا فَإِنَّ هَذَا جَارٍ عَلَى قَاعِدَةِ وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِمُقْتَضَى الْيَمِينِ فَإِنَّ الْإِيلَاءَ إذَا وَجَبَ الْوَفَاءُ بِمُقْتَضَاهُ مِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ صَارَ الْوَطْءُ مُحَرَّمًا وَتَحْرِيمُ الْوَطْءِ تَحْرِيمًا مُطْلَقًا مُسْتَلْزِمٌ لِزَوَالِ الْمِلْكِ الَّذِي هُوَ الطَّلَاقُ وَكَذَلِكَ الظِّهَارُ إذَا وَجَبَ التَّحْرِيمُ فَالتَّحْرِيمُ مُسْتَلْزِمٌ لِزَوَالِ الْمِلْكِ ؛ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَكُونُ مُحَرَّمَةً عَلَى الْإِطْلَاقِ ؛ وَلِهَذَا قَالَ سُبْحَانَهُ : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } " وَالتَّحِلَّةُ " مَصْدَرُ حَلَّلْت الشَّيْءَ أُحِلُّهُ تَحْلِيلًا وَتَحِلَّةً كَمَا يُقَالُ كَرَّمْته تَكْرِيمًا وَتَكْرِمَةً . وَهَذَا مَصْدَرٌ يُسَمَّى بِهِ الْمُحَلَّلُ نَفْسُهُ الَّذِي هُوَ الْكَفَّارَةُ فَإِنْ أُرِيدَ الْمَصْدَرُ فَالْمَعْنَى فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحْلِيلَ الْيَمِينِ وَهُوَ حَلُّهَا
الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْعَقْدِ . وَلِهَذَا اسْتَدَلَّ مَنْ اسْتَدَلَّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ كَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى التَّكْفِيرِ قَبْلَ الْحِنْثِ لِأَنَّ التَّحِلَّةَ لَا تَكُونُ بَعْدَ الْحِنْثِ ؛ فَإِنَّهُ بِالْحِنْثِ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ ؛ وَإِنَّمَا تَكُونُ التَّحِلَّةُ إذَا أُخْرِجَتْ قَبْلَ الْحِنْثِ لِتَنْحَلَّ الْيَمِينُ وَإِنَّمَا هِيَ بَعْدَ الْحِنْثِ كَفَّارَةٌ ؛ لِأَنَّهَا كَفَّرَتْ مَا فِي الْحِنْثِ مِنْ سَبَبِ الْإِثْمِ لِنَقْضِ عَهْدِ اللَّهِ . فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ مَا اقْتَضَتْهُ الْيَمِينُ مِنْ وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِهَا رَفَعَهُ اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالْكَفَّارَةِ الَّتِي جَعَلَهَا بَدَلًا مِنْ الْوَفَاءِ فِي جُمْلَةِ مَا رَفَعَهُ عَنْهَا مِنْ الْآصَارِ الَّتِي نَبَّهَ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ : { وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ } . فَالْأَفْعَالُ " ثَلَاثَةٌ " إمَّا طَاعَةٌ وَإِمَّا مَعْصِيَةٌ وَإِمَّا مُبَاحٌ . فَإِذَا حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ مُبَاحًا أَوْ لَيَتْرُكَنَّهُ فَهَاهُنَا الْكَفَّارَةُ مَشْرُوعَةٌ بِالْإِجْمَاعِ . وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِعْلَ مَكْرُوهٍ أَوْ تَرْكَ مُسْتَحَبٍّ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ } . وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِعْلَ وَاجِبٍ أَوْ تَرْكَ مُحَرَّمٍ فَهَاهُنَا لَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِالِاتِّفَاقِ ؛ بَلْ يَجِبُ التَّكْفِيرُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ . وَأَمَّا قَبْلَ أَنْ تُشْرَعَ الْكَفَّارَةُ فَكَانَ الْحَالِفُ عَلَى مِثْلِ هَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ الْوَفَاءُ بِيَمِينِهِ وَلَا كَفَّارَةَ لَهُ تَرْفَعُ عَنْهُ مُقْتَضَى(7/410)
الْحِنْثِ ؛ بَلْ يَكُونُ عَاصِيًا مَعْصِيَةً لَا كَفَّارَةَ فِيهَا سَوَاءٌ وَفَّى أَوْ لَمْ يَفِ كَمَا لَوْ نَذَرَ مَعْصِيَةً عِنْدَ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ فِي نَذْرِهِ كَفَّارَةً ؛ وَكَمَا إنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِعْلَ طَاعَةٍ غَيْرَ وَاجِبَةٍ .
فَصْلٌ فَأَمَّا الْحَلِفُ بِالنَّذْرِ الَّذِي هُوَ " نَذْرُ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " مِثْلُ أَنْ يَقُولَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ فَمَالِي صَدَقَةٌ أَوْ فَعَلَيَّ صِيَامٌ . يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ عَنْ الْفِعْلِ . أَوْ أَنْ يَقُولَ : إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ وَنَحْوَهُ : فَمَذْهَبُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ : كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد . وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْمُتَأَخِّرَةُ عَنْهُ . ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَأَكْثَرُهُمْ قَالُوا : هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِنَذْرِهِ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ ؛ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَد . وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : بَلْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عَيْنًا كَمَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ أَحْمَد وَقَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ . وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَطَائِفَةٌ : بَلْ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهَذَا النَّذْرِ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الشَّافِعِيَّ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمِصْرِ فَأَفْتَى فِيهَا بِالْكَفَّارَةِ فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا قَوْلُك ؟
قَالَ : قَوْلُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ . وَذَكَرُوا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَنِثَ ابْنُهُ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ فَأَفْتَاهُ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ بِقَوْلِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَقَالَ : إنْ عُدْت أَفْتَيْتُك بِقَوْلِ مَالِكٍ وَهُوَ الْوَفَاءُ بِهِ . وَلِهَذَا يُفَرِّعُ أَصْحَابُ مَالِكٍ مَسَائِلَ هَذِهِ الْيَمِينِ عَلَى النَّذْرِ ؛ لعمومات الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ } وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ جَائِزٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطِ فَوَجَبَ عِنْدَ ثُبُوتِ شَرْطِهِ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ . وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ . وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ - مَعَ مَا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ [ اللَّهُ ] مِنْ دِلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ - مَا اعْتَمَدَهُ الْإِمَامُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ فِي " مَسَائِلِهِ " سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ : مَا لَهُ فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ ؟ قَالَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ . قَالَ : وَسَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ الصَّدَقَةِ بِالْمُلْكِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَيْمَانِ ؟ فَقَالَ : إذَا حَنِثَ فَكَفَّارَةٌ ؛ إلَّا أَنِّي لَا أَحْمِلُهُ عَلَى الْحِنْثِ مَا لَمْ يَحْنَثْ قِيل لَهُ تَفْعَلُ . قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : فَإِذَا حَنِثَ كَفَرَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قِيلَ لَهُ : أَلَيْسَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : وَسَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ فِي حَدِيثِ لَيْلَى بِنْتِ الْعَجْمَاءِ حِينَ حَلَفَتْ بِكَذَا وَكَذَا وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ فَأَفْتَيْت بِكَفَّارَةِ
يَمِينٍ فَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ حِينَ أَفْتَيَا فِيمَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ جَارِيَةٍ وَأَيْمَانٍ فَقَالَ : أَمَّا الْجَارِيَةُ فَتَعْتِقُ . وَقَالَ الْأَثْرَمُ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دكين ثِنَا حَسَنٌ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : مَنْ قَالَ مَالِي فِي مِيرَاثِ الْكَعْبَةِ وَكُلُّ مَالِي فَهُوَ هَدْيٌ وَكُلُّ مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ فَلْيُكَفِّرْ يَمِينَهُ . وَقَالَ حَدَّثَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ ثِنَا مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ قَالَ أَبِي حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِي أَبُو رَافِعٍ قَالَ قَالَتْ مَوْلَاتِي لَيْلَى بِنْتُ الْعَجْمَاءِ : كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ وَكُلُّ مَالٍ لَهَا هَدْيٌ وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ : إنْ لَمْ تُطَلِّقْ امْرَأَتَك أَوْ تُفَرِّقْ بَيْنَك وَبَيْنَ امْرَأَتِك . قَالَ : فَأَتَيْت زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ وَكَانَتْ إذَا ذُكِرَتْ امْرَأَةٌ بِالْمَدِينَةِ فَقِيهَةٌ ذُكِرَتْ زَيْنَبُ قَالَ فَأَتَيْتهَا فَجَاءَتْ مَعِي إلَيْهَا فَقَالَتْ : فِي الْبَيْتِ هَارُوتُ وَمَارُوتُ قَالَتْ : يَا زَيْنَبُ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاك إنَّهَا قَالَتْ(7/411)
: كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ وَكُلُّ مَالٍ لَهَا هَدْيٌ وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ . فَقَالَتْ : يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ خَلِّي بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ فَأَتَيْت حَفْصَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَأَرْسَلَتْ إلَيْهَا فَأَتَتْهَا فَقَالَتْ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاك : إنَّهَا قَالَتْ : كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ وَكُلُّ مَالٍ لَهَا هَدْيٌ وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ فَقَالَتْ : يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ خَلِّي بَيْنَ الرَّجُلِ
وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ قَالَ فَأَتَيْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَجَاءَ مَعِي إلَيْهَا فَقَامَ عَلَى الْبَابِ فَسَلَّمَ فَقَالَ : أَمِنْ حِجَارَةٍ أَنْتِ ؟ أَمْ مِنْ حَدِيدٍ أَنْتِ أَمْ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ أَفْتَتْك زَيْنَبُ ؛ وَأَفْتَتْك أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ : فَلَمْ تَقْبَلِي فُتْيَاهَا قَالَتْ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاك إنَّهَا قَالَتْ : كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ وَكُلُّ مَالٍ لَهَا هَدْيٌ وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ . فَقَالَ : يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ كَفِّرِي عَنْ يَمِينِك وَخَلِّي بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ . وَقَالَ الْأَثْرَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ أَنْبَأَنَا عِمْرَانُ عَنْ قتادة عَنْ زرارة بْنِ أَبِي أَوْفَى : أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً جَعَلَتْ بُرْدَهَا عَلَيْهَا هَدْيًا إنْ لَبِسَتْهُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فِي غَضَبٍ أَمْ فِي رِضًى ؟ قَالُوا : فِي غَضَبٍ . قَالَ : إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا يُتَقَرَّبُ إلَيْهِ بِالْغَضَبِ ؛ لِتُكَفِّر عَنْ يَمِينِهَا . وَقَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ الطَّبَّاعِ ثِنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ . عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ يَعْلَى بْنِ النُّعْمَانِ وَعِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ جَعَلَ مَالَهُ فِي الْمَسَاكِينِ ؟ فَقَالَ : أَمْسِكْ عَلَيْك مَالَك وَأَنْفِقْهُ عَلَى عِيَالِك . وَاقْضِ بِهِ دَيْنَك وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك وَرَوَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثِنَا ابْنُ جريج سُئِلَ عَطَاءٌ عَنْ رَجُلٍ قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ بَدَنَةٍ ؟ قَالَ يَمِينٌ . وَعَنْ رَجُلٍ قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ حَجَّةٍ ؟ قَالَ يَمِينٌ . وَعَنْ رَجُلٍ قَالَ : مَالِي هَدْيٌ ؟ قَالَ
: يَمِينٌ . وَعَنْ رَجُلٍ قَالَ : مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ ؟ قَالَ : يَمِينٌ . وَقَالَ أَحْمَد : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قتادة : عَنْ الْحَسَنِ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ : إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِحَجَّةِ ؟ قَالَا : لَيْسَ الْإِحْرَامُ إلَّا عَلَى مَنْ نَوَى الْحَجَّ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا . وَقَالَ أَحْمَد : ثِنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طاوس عَنْ أَبِيهِ قَالَ : يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا . وَقَالَ حَرْبٌ الكرماني حَدَّثَنَا الْمُسَيِّبُ بْنُ وَاضِحٍ ثِنَا يُوسُفُ بْنُ أَبِي السَّفَرِ ؛ عَنْ الأوزاعي عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ سَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ ؟ قَالَ : إنَّمَا الْمَشْيُ عَلَى مَنْ نَوَاهُ فَأَمَّا مَنْ حَلَفَ فِي الْغَضَبِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ . وَأَيْضًا فَإِنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْكَلَامِ بِمَعْنَى الْكَلَامِ لَا بِلَفْظِهِ ؛ وَهَذَا الْحَالِفُ لَيْسَ مَقْصُودُهُ قُرْبَةً لِلَّهِ وَإِنَّمَا مَقْصُودُهُ الْحَضُّ عَلَى فِعْلٍ أَوْ الْمَنْعُ مِنْهُ وَهَذَا مَعْنَى الْيَمِينِ . فَإِنَّ الْحَالِفَ يَقْصِدُ الْحَضَّ عَلَى فِعْلٍ أَوْ الْمَنْعَ مِنْهُ ثُمَّ إذَا عَلَّقَ ذَلِكَ الْفِعْلَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَجْزَأَتْهُ الْكَفَّارَةُ فَلَا تُجْزِئُهُ إذَا عَلَّقَ بِهِ وُجُوبَ عِبَادَةٍ أَوْ تَحْرِيمَ مُبَاحٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا عَلَّقَهُ بِاَللَّهِ ثُمَّ حَنِثَ كَانَ مُوجَبُ حِنْثِهِ أَنَّهُ قَدْ هَتَكَ إيمَانَهُ بِاَللَّهِ حَيْثُ لَمْ يَفِ بِعَهْدِهِ وَإِذَا عَلَّقَ بِهِ وُجُوبَ فِعْلٍ أَوْ تَحْرِيمَهُ فَإِنَّمَا يَكُونُ مُوجَبُ حِنْثِهِ تَرْكَ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلَ مُحَرَّمٍ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحِنْثَ الَّذِي مُوجَبُهُ خَلَلٌ فِي التَّوْحِيدِ أَعْظَمُ مِمَّا مُوجَبُهُ مَعْصِيَةٌ مِنْ الْمَعَاصِي ؛ فَإِذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ شَرَعَ الْكَفَّارَةَ لِإِصْلَاحِ مَا اقْتَضَى الْحِنْثُ فِي التَّوْحِيدِ فَسَادَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَجَبْرَهُ فَلَأَنْ يَشْرَعَ لِإِصْلَاحِ مَا اقْتَضَى الْحِنْثُ فَسَادَهُ فِي الطَّاعَةِ أَوْلَى وَأَحْرَى . وَأَيْضًا فَإِنَّا نَقُولُ : إنَّ مُوجَبَ صِيغَةِ الْقَسَمِ مِثْلُ مُوجَبِ صِيغَةِ التَّعْلِيقِ(7/412)
. وَالنَّذْرُ نَوْعٌ مِنْ الْيَمِينِ وَكُلِّ نَذْرٍ فَهُوَ يَمِينٌ فَقَوْلُ النَّاذِرِ : لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَفْعَلَ . بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ : أَحْلِفُ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ ؛ مُوجَبُ هَذَيْنَ الْقَوْلَيْنِ الْتِزَامُ الْفِعْلِ مُعَلَّقًا بِاَللَّهِ . وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { النَّذْرُ حَلِفٌ } فَقَوْلُهُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ لِلَّهِ . بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَوَاَللَّهِ لَأَحُجَّنَّ . وَطَرْدُ هَذَا أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ بِرًّا لَزِمَهُ فِعْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ فَإِنَّ حَلِفَهُ لَيَفْعَلَنَّهُ نَذْرٌ لِفِعْلِهِ . وَكَذَلِكَ طَرْدُ هَذَا أَنَّهُ إذَا نَذَرَ لَيَفْعَلَنَّ مَعْصِيَةً أَوْ مُبَاحًا فَقَدْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِهَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ : وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا : وَلَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَيَفْعَلَنَّ مَعْصِيَةً أَوْ مُبَاحًا لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ : آللَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَفْعَلَ كَذَا . وَمِنْ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ .
فَصْلٌ فَأَمَّا الْيَمِينُ " بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ " فِي اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ : مِثْلُ أَنْ يَقْصِدَ بِهَا حَضًّا أَوْ مَنْعًا أَوْ تَصْدِيقًا أَوْ تَكْذِيبًا : كَقَوْلِهِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَا فَعَلْت كَذَا وَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ . فَمَنْ قَالَ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ : إنَّ نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ يَجِبُ فِيهِ الْوَفَاءُ فَإِنَّهُ يَقُولُ هُنَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ أَيْضًا . وَأَمَّا الْجُمْهُورُ الَّذِينَ قَالُوا فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ تُجْزِئُهُ الْكَفَّارَةُ فَاخْتَلَفُوا هُنَا - مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ كَلَامٌ وَإِنَّمَا بَلَغَنَا الْكَلَامُ فِيهِ عَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ بِهِ مُحْدَثَةٌ لَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ فِي عَصْرِهِمْ . وَلَكِنْ بَلَغَنَا الْكَلَامُ فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ . فَاخْتَلَفَ التَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ - فِي الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ فَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَمِينِ بِالنَّذْرِ ؛ وَقَالُوا : إنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ بِالْحِنْثِ وَلَا تُجْزِئُهُ الْكَفَّارَةُ ؛ بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِالنَّذْرِ . هَذَا رِوَايَةُ عَوْفٍ عَنْ الْحَسَنِ ؛ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي الصَّرِيحِ الْمَنْصُوصِ عَنْهُ وَإِسْحَاقَ بْنِ راهويه وَأَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ . فَرَوَى حَرْبٌ الكرماني عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَوْفٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ : كُلُّ يَمِينٍ وَإِنْ عَظُمَتْ وَلَوْ حَلَفَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ؛ وَإِنْ جَعَلَ
مَالَهُ فِي الْمَسَاكِينِ مَا لَمْ يَكُنْ طَلَاقَ امْرَأَةٍ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ أَوْ عِتْقَ غُلَامٍ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ . فَإِنَّمَا هِيَ يَمِينٌ . وَقَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ : سَأَلْت أَحْمَد بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ الرَّجُلِ يَقُولُ لِابْنِهِ إنْ كَلَّمْتُك فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ ؟ فَقَالَ : لَا يَقُومُ هَذَا مَقَامَ الْيَمِينِ ؛ وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا . وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ داود : يَلْزَمُهُ الْحِنْثُ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَبِهِ قَالَ أَبُو خيثمة قَالَ إسْمَاعِيلُ : وَأَخْبَرَنَا أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ امْرَأَةً حَلَفَتْ بِمَالِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ فِي الْمَسَاكِينِ وَجَارِيَتُهَا حُرَّةٌ إنْ لَمْ تَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَسَأَلَتْ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ ؟ فَقَالَا : أَمَّا الْجَارِيَةُ فَتَعْتِقُ وَأَمَّا قَوْلُهَا فِي الْمَالِ فَإِنَّهَا تُزَكِّي الْمَالَ . قَالَ أَبُو إسْحَاقَ الجوزجاني : الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ لَا يَحِلَّانِ فِي هَذَا مَحَلَّ الْأَيْمَانِ وَلَوْ كَانَ الْمَجْرَى فِيهَا مَجْرَى الْأَيْمَانِ لَوَجَبَ عَلَى الْحَالِفِ بِهَا إذَا حَنِثَ كَفَّارَةٌ وَهَذَا مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهِ أَنْ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا . قُلْت : أَخْبَرَ أَبُو إسْحَاقَ بِمَا بَلَغَهُ مِنْ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ ؛ فَإِنَّ أَكْثَرَ مفتيي النَّاسِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ كَانُوا لَا يُفْتُونَ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ إلَّا بِوُجُوبِ الْوَفَاءِ لَا بِالْكَفَّارَةِ . وَإِنَّ أَكْثَرَ التَّابِعِينَ(7/413)
مَذْهَبُهُمْ فِيهَا الْكَفَّارَةُ ؛ حَتَّى إنَّ الشَّافِعِيَّ لَمَّا أَفْتَى بِمِصْرِ بِالْكَفَّارَةِ كَانَ غَرِيبًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ الْمَالِكِيَّةِ وَقَالَ لَهُ السَّائِلُ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا قَوْلُك ؟ فَقَالَ : قَوْلُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ . فَلَمَّا أَفْتَى فُقَهَاءُ الْحَدِيثِ كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ داود وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَنَحْوِهِمْ فِي الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ بِالْكَفَّارَةِ ؛ وَفَرَّقَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ لِمَا سَنَذْكُرُهُ صَارَ الَّذِي يَعْرِفُ قَوْلَ هَؤُلَاءِ وَقَوْلَ أُولَئِكَ لَا يَعْلَمُ خِلَافًا فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَإِلَّا فَسَنَذْكُرُ الْخِلَافَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ . وَقَدْ اعْتَذَرَ الْإِمَامُ أَحْمَد عَمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي كَفَّارَةِ الْعِتْقِ بِعُذْرَيْنِ " أَحَدُهُمَا " انْفِرَادُ سُلَيْمَانَ التيمي بِذَلِكَ . " وَالثَّانِي " مُعَارَضَتُهُ بِمَا رَوَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ مِنْ غَيْرِ تَكْفِيرٍ . وَمَا وَجَدْت أَحَدًا مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمَشَاهِيرِ بَلَغَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْعِلْمِ الْمَأْثُورِ عَنْ الصَّحَابَةِ مَا بَلَغَ أَحْمَد قَالَ المروذي : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : إذَا قَالَ : كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهُ حُرٌّ . يَعْتِقُ عَلَيْهِ إذَا حَنِثَ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ لَيْسَ فِيهِمَا كَفَّارَةٌ وَقَالَ : وَلَيْسَ يَقُولُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ فِي حَدِيثِ لَيْلَى بِنْتِ الْعَجْمَاءِ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّهَا سَأَلَتْ ابْنَ عُمَرَ
وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ وَذَكَرَتْ الْعِتْقَ فَأَمَرُوهَا بِكَفَّارَةٍ إلَّا التيمي ؛ وَغَيْرَهُ لَمْ يَذْكُرُوا الْعِتْقَ قَالَ سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ قِصَّةِ امْرَأَتِهِ وَأَنَّهَا سَأَلَتْ ابْنَ عُمَرَ وَحَفْصَةَ فَأَمَرُوهَا بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ قُلْت فِيهَا الْمَشْيُ ؟ قَالَ نَعَمْ أَذْهَبُ إلَى أَنَّ فِيهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ . وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَيْسَ يَقُولُ فِيهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ إلَّا التيمي . قُلْت : فَإِذَا حَلَفَ بِعِتْقِ مَمْلُوكِهِ فَحَنِثَ ؟ قَالَ : يَعْتِقُ كَذَا يُرْوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالَا الْجَارِيَةُ تَعْتِقُ ؛ ثُمَّ قَالَ : مَا سَمِعْنَا إلَّا مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ . قُلْت : فإيش إسْنَادُهُ ؟ : قَالَ : مَعْمَرٌ عَنْ إسْمَاعِيلَ ؛ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ : إسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى وَهُمَا مَكِّيَّانِ . فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْحَلِفِ بِالنَّذْرِ بِأَنَّهُمَا لَا يُكَفِّرَانِ وَاتَّبَعَ مَا بَلَغَهُ فِي ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَبِهِ عَارَضَ مَا رُوِيَ مِنْ الْكُفَّارِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ مَعَ انْفِرَادِ التيمي بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ . وَقَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَد قَالَ أَبِي : وَإِذَا قَالَ : جَارِيَتِي حُرَّةٌ إنْ لَمْ أَصْنَعْ كَذَا وَكَذَا ؟ قَالَ : قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ : يَعْتِقُ . وَإِذَا قَالَ : كُلُّ مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ لَمْ يُدْخِلْ فِيهِ جَارِيَتَهُ فِيهِ كَفَّارَةٌ فَإِنَّ ذَا لَا يُشْبِهُهُ ذَا أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ لَا يُكَفَّرَانِ .
وَأَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ يَقُولُونَ : إذَا قَالَ الرَّجُلُ : مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَإِذَا قَالَ : مَالِي عَلَى فُلَانٍ صَدَقَةٌ . وَفَرَّقُوا بَيْنَ قَوْلِهِ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَمَالِي صَدَقَةٌ أَوْ فَعَلَيَّ الْحَجُّ ؛ وَبَيْنَ قَوْلِهِ : فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ؛ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ : بِأَنَّهُ هُنَاكَ مُوجَبُ الْقَوْلِ وُجُوبُ الصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ لَا وُجُودُ الصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ فَإِذَا اقْتَضَى الشَّرْطُ وُجُوبَ ذَلِكَ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ بَدَلًا عَنْ هَذَا الْوَاجِبِ كَمَا يَكُونُ بَدَلًا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ كَمَا كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ بَدَلًا عَنْ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ وَبَقِيَتْ بَدَلًا عَنْ الصَّوْمِ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْهُ وَكَمَا يَكُونُ بَدَلًا عَنْ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ ؛ فَإِنَّ الْوَاجِبَ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ أَمْكَنَ أَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَ أَدَائِهِ وَبَيْنَ أَدَاءِ غَيْرِهِ . وَأَمَّا الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ فَإِنَّ مُوجَبَ الْكَلَامِ وُجُودُهُمَا فَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وُجِدَ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَإِذَا وَقَعَا لَمْ يَرْتَفِعَا بَعْدَ وُقُوعِهِمَا ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ الْفَسْخَ ؛ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ(7/414)
؛ فَإِنَّهُ هُنَا لَمْ يُعَلِّقْ الْعِتْقَ ؛ وَإِنَّمَا عَلَّقَ وُجُوبَهُ بِالشَّرْطِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ فِعْلِ هَذَا الْإِعْتَاقِ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ الَّتِي هِيَ بَدَلٌ عَنْهُ ؛ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ : إذَا مُتّ فَعَبْدِي حُرٌّ . عَتَقَ بِمَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى الْإِعْتَاقِ ؛ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فَسْخُ هَذَا التَّدْبِيرِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ
؛ إلَّا قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةً عَنْ أَحْمَد . وَفِي بَيْعِهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ . وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِهِ فَقَالَ : إذَا مُتّ فَاعْتِقُوهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ كَسَائِرِ الْوَصَايَا وَكَانَ لَهُ بَيْعُهُ هُنَا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ . وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ فِي تَارِيخِهِ : أَنْ الْمَهْدِيَّ لَمَّا رَأَى مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ رَأْيُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ الْعَهْدِ إلَى ابْنِهِ عَزَمَ عَلَى خَلْعِ عِيسَى وَدَعَاهُمْ إلَى الْبَيْعَةِ لِمُوسَى ؛ فَامْتَنَعَ عِيسَى مِنْ الْخَلْعِ وَزَعَمَ أَنَّ عَلَيْهِ أَيْمَانًا تُخْرِجُهُ مِنْ أَمْلَاكِهِ وَتُطَلِّقُ نِسَاءَهُ . فَأَحْضَرَ لَهُ الْمَهْدِيُّ ابْنَ عُلَاثَةَ وَمُسْلِمَ بْنَ خَالِدٍ وَجَمَاعَةً مِنْ الْفُقَهَاءِ فَأَفْتَوْهُ بِمَا يُخْرِجُهُ عَنْ يَمِينِهِ وَاعْتَاضَ عَمَّا يَلْزَمُهُ فِي يَمِينِهِ بِمَالِ كَثِيرٍ ذَكَرَهُ وَلَمْ يَزَلْ إلَى أَنْ خُلِعَ وَبُويِعَ لِلْمَهْدِيِّ وَلِمُوسَى الْهَادِي بَعْدَهُ . وَأَمَّا " أَبُو ثَوْرٍ " فَقَالَ فِي الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَنَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ ؛ لِأَجْلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ لَيْلَى بِنْتِ الْعَجْمَاءِ الَّتِي أَفْتَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَحَفْصَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَزَيْنَبُ رَبِيبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهَا : إنْ لَمْ أُفَرِّقْ بَيْنَك وَبَيْنَ امْرَأَتِك فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي مُحَرَّرٌ . وَهَذِهِ الْقِصَّةُ هِيَ مِمَّا اعْتَمَدَهَا الْفُقَهَاءُ الْمُسْتَدِلُّونَ فِي مَسْأَلَةِ " نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " لَكِنْ تَوَقَّفَ أَحْمَد وَأَبُو
عُبَيْدٍ عَنْ الْعِتْقِ فِيهَا لِمَا ذَكَرْته مِنْ الْفَرْقِ . وَعَارَضَ أَحْمَد ذَلِكَ . وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَلَمْ يَبْلُغْ أَبَا ثَوْرٍ فِيهِ أَثَرٌ فَتَوَقَّفَ عَنْهُ مَعَ أَنَّ الْقِيَاسَ عِنْدَهُ مُسَاوَاتُهُ لِلْعِتْقِ ؛ لَكِنْ خَافَ أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ . و " الصَّوَابُ " أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَمِيعِ - الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ - لِمَا سَنَذْكُرُهُ وَلَوْ لَمْ يُنْقَلْ فِي الطَّلَاقِ نَفْسِهِ خِلَافٌ مُعَيَّنٍ لَكَانَ فُتْيَا مَنْ أَفْتَى مِنْ الصَّحَابَةِ فِي الْحَلِفِ بِالْعِتَاقِ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ عَلَى الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ ؛ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ نَذْرُ الْعِتْقِ الَّذِي هُوَ قُرْبَةٌ لَمَّا خَرَجَ مَخْرَجَ الْيَمِينِ أَجْزَأَتْ فِيهِ الْكَفَّارَةُ : فَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ لَيْسَ بِقُرْبَةِ إمَّا أَنْ تُجْزِئَ فِيهِ الْكَفَّارَةُ أَوْ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ نَذْرُ غَيْرِ الطَّاعَةِ لَا شَيْءَ فِيهِ . وَيَكُونُ قَوْلُهُ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ . بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ : فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَك كَمَا كَانَ عِنْدَ أُولَئِكَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ قَوْلُهُ : فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ . بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ : فَعَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُمْ . عَلَى أَنِّي إلَى السَّاعَةِ لَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ كَلَامٌ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَذَلِكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - لِأَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَدَثَ فِي زَمَانِهِمْ وَإِنَّمَا ابْتَدَعَهُ النَّاسُ فِي زَمَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فَاخْتَلَفَ فِيهِ التَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ . " فَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ " أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ . و " الْقَوْلُ الثَّانِي " أَنَّهُ لَا
يَلْزَمُ الْوُقُوعُ . ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جريج عَنْ ابْنِ طاوس عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ لَيْسَ شَيْئًا . قُلْت : أَكَانَ يَرَاهُ يَمِينًا ؟ قَالَ : لَا أَدْرِي . فَقَدْ أَخْبَرَ ابْنُ طاوس عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَاهُ مُوقِعًا لِلطَّلَاقِ وَتَوَقَّفَ فِي كَوْنِهِ يَمِينًا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ نَذْرِ مَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ . وَفِي كَوْنِ مِثْلِ هَذَا يَمِينًا خِلَافٌ مَشْهُورٌ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ : كداود وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ ؛ لَكِنْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ مُعَلَّقٌ وَلَا عِتْقٌ مُعَلَّقٌ . وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُؤَجَّلِ وَهُوَ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعُقُودَ لَا(7/415)
يَصِحُّ مِنْهَا إلَّا مَا دَلَّ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ عَلَى وُجُوبِهِ أَوْ جَوَازِهِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى " ثَلَاثِ مُقَدِّمَاتٍ " يُخَالِفُونَ فِيهَا . " أَحَدُهَا " كَوْنُ الْأَصْلِ تَحْرِيمَ الْعُقُودِ . " الثَّانِي " أَنَّهُ لَا يُبَاحُ مَا كَانَ فِي مَعْنَى النُّصُوصِ . " الثَّالِثُ " أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُؤَجَّلَ وَالْمُعَلَّقَ لَمْ يَنْدَرِجْ فِي عُمُومِ النُّصُوصِ . وَأَمَّا الْمَأْخَذُ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ كَوْنِ هَذَا كَنَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ فَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ الَّذِينَ جَوَّزُوا التَّكْفِيرَ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ نَذْرِ التَّبَرُّرِ وَنَذْرِ الْغَضَبِ فَإِنَّ هَذَا الْفَرْقَ يُوجِبُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمُعَلَّقِ الَّذِي يُقْصَدُ وُقُوعُهُ عِنْدَ الشَّرْطِ وَبَيْنَ الْمُعَلَّقِ الْمَحْلُوفِ بِهِ الَّذِي يُقْصَدُ عَدَمُ وُقُوعِهِ ؛ إلَّا أَنْ يَصِحَّ الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ بَيْنَ كَوْنِ الْمُعَلَّقِ هُوَ الْوُجُودَ أَوْ
الْوُجُوبَ . وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ . وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يُخَرَّجُ عَلَى أُصُولِ أَحْمَد مِنْ مَوَاضِعَ قَدْ ذَكَرْنَاهَا وَكَذَلِكَ هُوَ أَيْضًا لَازِمٌ لِمَنْ قَالَ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ بِكَفَّارَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الَّتِي اخْتَارَهَا أَكْثَرُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِهِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّتِي اخْتَارَهَا كَثِيرٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيَّةِ ؛ فَإِنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ وَالْحَلِفِ بِالْعِتْقِ هُوَ الْمُتَوَجِّهُ ؛ وَلِهَذَا كَانَ هَذَا مِنْ أَقْوَى حُجَجِ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِ الْوَفَاءِ فِي الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ ؛ فَإِنَّهُمْ قَاسُوهُ عَلَى الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَاعْتَقَدَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ . وَأَيْضًا فَإِذَا حَلَفَ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ كَقَوْلِهِ عَبِيدِي أَحْرَارٌ لَأَفْعَلَنَّ أَوْ نِسَائِي طَوَالِقُ لَأَفْعَلَنَّ : فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ : مَالِي صَدَقَةٌ لَأَفْعَلَنَّ وَعَلَيَّ الْحَجُّ لَأَفْعَلَنَّ . وَاَلَّذِي يُوضِحُ التَّسْوِيَةَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ إنَّمَا اعْتَمَدَ فِي الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى فِدْيَةِ الْخُلْعِ قَالَهُ فِي البويطي وَهُوَ " كِتَابٌ مِصْرِيٌّ " مِنْ أَجْوَدِ كَلَامِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ يُسَمُّونَ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِسَبَبِ طَلَاقًا بِصِفَةِ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ الشَّرْطَ صِفَةً . وَيَقُولُونَ : إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي زَمَانِ الْبَيْنُونَةِ وَإِذَا لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ وَنَحْوَ ذَلِكَ . وَهَذِهِ التَّسْمِيَةُ لَهَا وَجْهَانِ . " أَحَدُهُمَا " أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ مَوْصُوفٌ بِصِفَةِ ؛ لَيْسَ طَلَاقًا
مُجَرَّدًا عَنْ صِفَةٍ ؛ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ أَوْ إذَا طَهُرْت . فَقَدْ وَصَفَ الطَّلَاقَ بِالزَّمَانِ الْخَاصِّ ؛ فَإِنَّ الظَّرْفَ صِفَةٌ لِلْمَظْرُوفِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ : إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ . فَقَدْ وَصَفَهُ بِعِوَضِهِ . و " الثَّانِي " أَنَّ نُحَاةَ الْكُوفَةِ يُسَمُّونَ حُرُوفَ الْجَرِّ وَنَحْوَهَا حُرُوفَ الصِّفَاتِ . فَلَمَّا كَانَ هَذَا مُعَلَّقًا بِالْحُرُوفِ الَّتِي قَدْ تُسَمَّى " حُرُوفَ الصِّفَاتِ " سُمِّيَ طَلَاقًا بِصِفَةِ كَمَا لَوْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفِ . و " الْوَجْهُ الْأَوَّلُ " هُوَ الْأَصْلُ ؛ فَإِنَّ هَذَا يَعُودُ إلَيْهِ ؛ إذْ النُّحَاةُ إنَّمَا سَمَّوْا حُرُوفَ الْجَرِّ حُرُوفَ الصِّفَاتِ لِأَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ يَصِيرُ فِي الْمَعْنَى صِفَةً لِمَا تَعَلَّقَ بِهِ فَإِذَا كَانَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّمَا اعْتَمَدُوا فِي الطَّلَاقِ الْمَوْصُوفِ عَلَى طَلَاقِ الْفِدْيَةِ وَقَاسُوا كُلَّ طَلَاقٍ بِصِفَةِ عَلَيْهِ صَارَ هَذَا كَمَا أَنَّ النَّذْرَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطِ مَذْكُورٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى . { وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ } وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّذْرَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطِ هُوَ نَذْرٌ بِصِفَةِ ؛ فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ النَّذْرِ الْمَقْصُودِ شَرْطُهُ وَبَيْنَ النَّذْرِ الْمَقْصُودِ عَدَمُ شَرْطِهِ الَّذِي خَرَجَ مَخْرَجَ الْيَمِينِ فَلِذَلِكَ يُفَرَّقُ بَيْنَ الطَّلَاقِ الْمَقْصُودِ وَصْفُهُ كَالْخُلْعِ حَيْثُ الْمَقْصُودُ فِيهِ الْعِوَضُ وَالطَّلَاقِ الْمَحْلُوفِ بِهِ الَّذِي يُقْصَدُ عَدَمُهُ وَعَدَمُ شَرْطِهِ ؛ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُقَاسُ بِمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ(7/416)
مَا أَشْبَهَهُ وَمَعْلُومٌ ثُبُوتُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصِّفَةِ الْمَقْصُودَةِ وَبَيْنَ الصِّفَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا الَّتِي يُقْصَدُ عَدَمُهَا كَمَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي النَّذْرِ سَوَاءٌ . وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ : الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْأَثَرُ وَالِاعْتِبَارُ أَمَّا " الْكِتَابُ " فَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } فَوَجْهُ الدِّلَالَةِ أَنَّ اللَّهَ قَالَ : { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } وَهَذَا نَصٌّ عَامٌّ فِي كُلِّ يَمِينٍ يَحْلِفُ بِهَا الْمُسْلِمُونَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ لَهَا تَحِلَّةً وَذَكَرَهُ سُبْحَانَهُ بِصِيغَةِ الْخِطَابِ لِلْأُمَّةِ بَعْدَ تَقَدُّمِ الْخِطَابِ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عِلْمِهِ سُبْحَانَهُ بِأَنَّ الْأُمَّةَ يَحْلِفُونَ بِأَيْمَانِ شَتَّى فَلَوْ فُرِضَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ لَيْسَ لَهَا تَحِلَّةٌ لَكَانَ مُخَالِفًا لِلْآيَةِ كَيْفَ وَهَذَا عَامٌّ لَمْ تُخَصَّ مِنْهُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ لَا بِنَصِّ وَلَا بِإِجْمَاعِ بَلْ هُوَ عَامٌّ عُمُومًا مَعْنَوِيًّا مَعَ عُمُومِهِ اللَّفْظِيِّ ؛ فَإِنَّ الْيَمِينَ مَعْقُودَةٌ تُوجِبُ مَنْعَ الْمُكَلَّفِ مِنْ الْفِعْلِ فَشَرْعُ التَّحِلَّةِ لِهَذِهِ الْعُقْدَةِ مُنَاسِبٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّخْفِيفِ وَالتَّوْسِعَةِ . وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْيَمِينِ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ أَيْمَانِ نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ .
فَإِنَّ الرَّجُلَ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَقْتُلَنَّ النَّفْسَ أَوْ لَيَقْطَعَنَّ رَحِمَهُ أَوْ لَيَمْنَعَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مِنْ أَدَاءِ أَمَانَةٍ وَنَحْوِهَا : فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الطَّلَاقَ عُرْضَةً لِيَمِينِهِ أَنْ يَبَرَّ وَيَتَّقِيَ وَيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ أَكْثَرَ مِمَّا يَجْعَلُ اللَّهُ عُرْضَةً لِيَمِينِهِ ؛ ثُمَّ إنْ وَفَّى بِيَمِينِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ ضَرَرِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ مَا قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ الدُّخُولِ فِيهِ وَإِنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَفِي الطَّلَاقِ أَيْضًا مِنْ ضَرَرِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا مَا لَا خَفَاءَ فِيهِ . أَمَّا الدِّينُ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ مَعَ اسْتِقَامَةِ حَالِ الزَّوْجَيْنِ : إمَّا كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ أَوْ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ فَكَيْفَ إذَا كَانَا فِي غَايَةِ الِاتِّصَالِ وَبَيْنَهُمَا مِنْ الْأَوْلَادِ وَالْعِشْرَةِ مَا يَكُونُ فِي طَلَاقِهِمَا مِنْ ضَرَرِ الدِّينِ أَمْرٌ عَظِيمٌ وَكَذَلِكَ ضَرَرُ الدُّنْيَا كَمَا يَشْهَدُ بِهِ الْوَاقِعُ ؛ بِحَيْثُ لَوْ خُيِّرَ أَحَدُهُمَا بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ وَوَطَنِهِ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ لَاخْتَارَ فِرَاقَ مَالِهِ وَوَطَنِهِ عَلَى الطَّلَاقِ وَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ فِرَاقَ الْوَطَنِ بِقَتْلِ النَّفْسِ ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ مُتَابَعَةً لِعَطَاءِ : إنَّهَا إذَا أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ فَحَلَفَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا لَا تَحُجُّ صَارَتْ مُحْصِرَةً وَجَازِ لَهَا التَّحَلُّلُ ؛ لِمَا عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ الزَّائِدِ عَلَى ضَرَرِ الْإِحْصَارِ بِالْعَدُوِّ أَوْ الْقَرِيبِ مِنْهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ
أُطَلِّقَك أَوْ أُعْتِقَ عَبِيدِي ؛ فَإِنَّ هَذَا فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا لَوْ قَالَ : وَاَللَّهِ لَأُطَلِّقَنَّك أَوْ لَأَعْتِقَنَّ عَبِيدِي ؛ وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَ وُجُودِ الْعِتْقِ وَوُجُوبِهِ هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمُفَرِّقُونَ . وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ : { لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَا مِنْ تَحْرِيمٍ لِمَا أَحَلَّ اللَّهُ إلَّا وَاَللَّهُ غَفُورٌ لِفَاعِلِهِ رَحِيمٌ بِهِ وَأَنَّهُ لَا عِلَّةَ تَقْتَضِي ثُبُوتَ ذَلِكَ التَّحْرِيمِ لِأَنَّ قَوْلَهُ [ لِمَ ] لِأَيِّ شَيْءٍ . اسْتِفْهَامٌ فِي مَعْنَى النَّفْيِ وَالْإِنْكَارِ وَالتَّقْدِيرُ لَا سَبَبَ لِتَحْرِيمِك مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك وَاَللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ فَلَوْ كَانَ الْحَالِف بِالنَّذْرِ وَالْعِتَاقِ وَالطَّلَاقِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا لَا رُخْصَةَ لَهُ لَكَانَ هُنَا سَبَبٌ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْحَلَالِ وَلَا يَبْقَى مُوجِبُ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ عَلَى هَذَا الْفَاعِلِ . وَأَيْضًا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ } إلَى قَوْلِهِ : { ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ } وَالْحُجَّةُ مِنْهَا كَالْحُجَّةِ مِنْ الْأُولَى وَأَقْوَى ؛ فَإِنَّهُ قَالَ : { لَا(7/417)
تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ } وَهَذَا عَامٌّ لِتَحْرِيمِهَا بِالْأَيْمَانِ مِنْ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهَا ؛ ثُمَّ بَيَّنَ وَجْهَ الْمَخْرَجِ مِنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ
بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ } أَيْ فَكَفَّارَةُ تَعْقِيدِكُمْ أَوْ عَقْدِكُمْ الْأَيْمَانَ وَهَذَا عَامٌّ ؛ ثُمَّ قَالَ : { ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ } وَهَذَا عَامٌّ كَعُمُومِ قَوْلِهِ : { وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ } . وَمِمَّا يُوضِحُ " عُمُومَهُ " أَنَّهُمْ قَدْ أَدْخَلُوا الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ حَلَفَ فَقَالَ : إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ } فَأَدْخَلُوا فِيهِ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَالنَّذْرِ وَالْحَلِفَ بِاَللَّهِ . وَإِنَّمَا لَمْ يُدْخِلْ مَالِكٌ وَأَحْمَد وَغَيْرُهُمَا تَنْجِيزَ الطَّلَاقِ مُوَافَقَةً لِابْنِ عَبَّاسٍ لِأَنَّ إيقَاعَ الطَّلَاقِ لَيْسَ بِحَلِفِ ؛ وَإِنَّمَا الْحَلِفُ الْمُنْعَقِدُ مَا تَضَمَّنَ مَحْلُوفًا بِهِ وَمَحْلُوفًا عَلَيْهِ : إمَّا بِصِيغَةِ الْقَسَمِ وَإِمَّا بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ ؛ كَمَا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَهَذِهِ الدِّلَالَةُ تَنْبِيهٌ عَلَى أُصُولِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَمَنْ وَافَقَهُمْ فِي مَسْأَلَةِ " نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا عَلَى التَّكْفِيرِ فِيهِ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَجَعَلُوا قَوْلَهُ : { تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } { كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ } عَامًّا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَالْيَمِينِ بِالنَّذْرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ شُمُولَ اللَّفْظِ لِنَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ فِي الْحَجِّ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِمَا سَوَاءٌ . فَإِنْ قِيلَ : الْمُرَادُ فِي الْآيَةِ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ فَقَطْ فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ مُطْلَقِ الْيَمِينِ وَيَجُوزُ
أَنْ يَكُونَ التَّعْرِيفُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَالْإِضَافَةِ فِي قَوْلِهِ { عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ } { تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } مُنْصَرِفًا إلَى الْيَمِينِ الْمَعْهُودَةِ عِنْدَهُمْ وَهِيَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَعُمُّ اللَّفْظُ إلَّا الْمَعْرُوفَ عِنْدَهُمْ . وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ وَلَوْ كَانَ اللَّفْظُ عَامًّا فَقَدْ عَلَّمَنَا أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الْيَمِينُ الَّتِي لَيْسَتْ مَشْرُوعَةً كَالْيَمِينِ بِالْمَخْلُوقَاتِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْيَمِينِ الْمَشْرُوعَةِ ؛ لِقَوْلِهِ : { مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ فَلْيَصْمُتْ } وَهَذَا سُؤَالُ مَنْ يَقُولُ كُلُّ يَمِينٍ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ فَلَا كَفَّارَةَ لَهَا وَلَا حِنْثَ . فَيُقَالُ : لَفْظُ " الْيَمِينِ " شَمِلَ هَذَا كُلَّهُ بِدَلِيلِ اسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ اسْمَ الْيَمِينِ فِي هَذَا كُلِّهِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " النَّذْرُ حَلِفٌ " وَقَوْلِ الصَّحَابَةِ لِمَنْ حَلَفَ بِالْهَدْيِ وَالْعِتْقِ : كَفِّرْ يَمِينَك . وَكَذَلِكَ فَهِمَهُ الصَّحَابَةُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَنَذْكُرُهُ . وَلِإِدْخَالِ الْعُلَمَاءِ لِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ حَلَفَ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ } وَيَدُلُّ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْآيَةِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ : { لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ } ثُمَّ قَالَ : { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } فَاقْتَضَى هَذَا
أَنَّ نَفْسَ تَحْرِيمِ الْحَلَالِ يَمِينٌ كَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ . وَسَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ : إمَّا تَحْرِيمُهُ الْعَسَلَ وَإِمَّا تَحْرِيمُهُ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةَ . وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَتَحْرِيمُ الْحَلَالِ يَمِينٌ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ ؛ وَلَيْسَ يَمِينًا بِاَللَّهِ ؛ وَلِهَذَا أَفْتَى جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ - كَعُمَرِ وَعُثْمَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ - أَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينٌ مُكَفَّرَةٌ : إمَّا " كَفَّارَةً كُبْرَى " كَالظِّهَارِ وَإِمَّا " كَفَّارَةً صُغْرَى " كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ . وَمَا زَالَ السَّلَفُ يُسَمُّونَ الظِّهَارَ وَنَحْوَهُ يَمِينًا . " وَأَيْضًا " فَإِنَّ قَوْلَهُ : { لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ } إمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ : لِمَ تُحَرِّمُ بِلَفْظِ الْحَرَامِ ؟ وَإِمَّا : لِمَ تُحَرِّمُهُ بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَنَحْوِهَا ؟ وَإِمَّا : لِمَ تُحَرِّمُهُ مُطْلَقًا ؟ فَإِنْ أُرِيدَ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ تَحْرِيمَهُ بِغَيْرِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ يَمِينٌ فَيَعُمُّ . وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ تَحْرِيمُهُ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ فَقَدْ سَمَّى اللَّهُ الْحَلِفَ بِاَللَّهِ تَحْرِيمًا(7/418)
لِلْحَلَالِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ لَمْ تُوجِبْ الْحُرْمَةَ الشَّرْعِيَّةَ ؛ لَكِنْ لَمَّا أَوْجَبَتْ امْتِنَاعَ الْحَالِفِ مِنْ الْفِعْلِ فَقَدْ حَرَّمَتْ عَلَيْهِ الْفِعْلَ تَحْرِيمًا شَرْطِيًّا لَا شَرْعِيًّا فَكُلُّ يَمِينٍ تُوجِبُ امْتِنَاعَهُ مِنْ الْفِعْلِ فَقَدْ حَرَّمَتْ عَلَيْهِ الْفِعْلَ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ : { لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ } وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ : { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ
تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } لَا بُدَّ أَنْ يَعُمَّ كُلَّ يَمِينٍ حَرَّمَتْ الْحَلَالَ لِأَنَّ هَذَا حُكْمُ ذَلِكَ الْفِعْلِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُطَابِقَ صُوَرَهُ ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ هُوَ سَبَبُ قَوْلِهِ : { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } وَسَبَبُ الْجَوَابِ إذَا كَانَ عَامًّا كَانَ الْجَوَابُ عَامًّا لِئَلَّا يَكُونَ جَوَابًا عَنْ الْبَعْضِ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِلتَّعْمِيمِ وَهَذَا التَّقْدِيرُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ } إلَى قَوْلِهِ : { ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ } . وَأَيْضًا فَإِنَّ الصَّحَابَةَ فَهِمَتْ الْعُمُومَ وَكَذَلِكَ الْعُلَمَاءُ عَامَّتُهُمْ حَمَلُوا الْآيَةَ عَلَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَغَيْرِهَا . وَأَيْضًا فَنَقُولُ : عَلَى الرَّأْسِ . سَلَّمْنَا أَنَّ الْيَمِينَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْآيَةِ الْمُرَادُ بِهَا الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ مَا سِوَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا يَلْزَمُ بِهَا حُكْمٌ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَلِفَ بِصِفَاتِهِ كَالْحَلِفِ بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ : وَعِزَّةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لَعَمْرُ اللَّهِ أَوْ : وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ جَوَازُ الْحَلِفِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ وَنَحْوِهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ ؛ وَلِأَنَّ الْحَلِفَ بِصِفَاتِهِ كَالِاسْتِعَاذَةِ بِهَا - وَإِنْ كَانَتْ الِاسْتِعَاذَةُ لَا تَكُونُ إلَّا بِاَللَّهِ فِي مِثْلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَعُوذُ بِوَجْهِك } { وَأَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ } { وَأَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك } وَنَحْوِ ذَلِكَ - وَهَذَا
أَمْرٌ مُتَقَرِّرٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ . وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْحَلِفُ بِالنَّذْرِ وَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِمَا هُوَ حَلِفٌ بِصِفَاتِ اللَّهِ ؛ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ . فَقَدْ حَلَفَ بِإِيجَابِ الْحَجِّ عَلَيْهِ وَإِيجَابُ الْحَجِّ عَلَيْهِ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مِنْ صِفَاتِهِ . وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ : فَعَلَيَّ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ . وَإِذَا قَالَ : فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ . فَقَدْ حَلَفَ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ الَّذِي هُوَ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِ وَالتَّحْرِيمُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ كَمَا أَنَّ الْإِيجَابَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِهِ فِي قَوْلِهِ : { وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا } فَجَعَلَ صُدُورَهُ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ مِنْ آيَاتِهِ ؛ لَكِنَّهُ إذَا حَلَفَ بِالْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ فَقَدْ عَقَدَ الْيَمِينَ لِلَّهِ كَمَا يَعْقِدُ النَّذْرَ لِلَّهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ : عَلَيَّ الْحَجُّ وَالصَّوْمُ . عَقْدٌ لِلَّهِ ؛ وَلَكِنْ إذَا كَانَ حَالِفًا فَهُوَ لَمْ يَقْصِدْ الْعَقْدَ لِلَّهِ بَلْ قَصَدَ الْحَلِفَ بِهِ فَإِذَا حَنِثَ وَلَمْ يُوَفِّ بِهِ فَقَدْ تَرَكَ مَا عَقَدَ لِلَّهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ فَقَدْ تَرَكَ مَا عَقَدَهُ لِلَّهِ . " يُوَضِّحُ ذَلِكَ " أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِ اللَّهِ مِمَّا يُعَظِّمُهُ بِالْحَلِفِ فَإِنَّمَا حَلَفَ بِهِ لِيَعْقِدَ بِهِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَيَرْبِطَهُ بِهِ لِأَنَّهُ يُعَظِّمُهُ فِي قَلْبِهِ إذَا رَبَطَ بِهِ شَيْئًا لَمْ يَحِلَّهُ ؛ فَإِذَا حَلَّ مَا رَبَطَهُ بِهِ فَقَدْ انْتَقَصَتْ عَظَمَتُهُ مِنْ قَلْبِهِ وَقَطَعَ السَّبَبَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ . وَكَمَا
قَالَ بَعْضُهُمْ : الْيَمِينُ الْعَقْدُ عَلَى نَفْسِهِ لِحَقِّ مَنْ لَهُ حَقٌّ وَلِهَذَا . إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ غَمُوسًا كَانَتْ مِنْ الْكَبَائِرِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّارِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } وَذَكَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَدِّ الْكَبَائِرِ ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ أَنْ يَعْقِدَ بِاَللَّهِ مَا لَيْسَ مُنْعَقِدًا بِهِ فَقَدْ نَقَصَ الصِّلَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَخْبَرَ عَنْ اللَّهِ بِمَا هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ أَوْ تَبَرَّأَ مِنْ اللَّهِ ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهُ عَقَدَ بِاَللَّهِ فِعْلًا قَاصِدًا لِعَقْدِهِ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ لِلَّهِ ؛ لَكِنَّ اللَّهَ(7/419)
أَبَاحَ لَهُ حَلَّ هَذَا الْعَقْدِ الَّذِي عَقَدَهُ ؛ كَمَا يُبِيحُ لَهُ تَرْكَ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ لِحَاجَةِ أَوْ يُزِيلُ عَنْهُ وُجُوبَهَا . وَلِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ : إذَا قَالَ : هُوَ يَهُودِيٌّ . أَوْ نَصْرَانِيٌّ إنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ . فَهِيَ يَمِينٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ : وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ ؛ لِأَنَّهُ رَبَطَ عَدَمَ الْفِعْلِ بِكُفْرِهِ الَّذِي هُوَ بَرَاءَتُهُ مِنْ اللَّهِ فَيَكُونُ قَدْ رَبَطَ الْفِعْلَ بِإِيمَانِهِ بِاَللَّهِ وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ . فَرَبْطُ الْفِعْلِ بِأَحْكَامِ اللَّهِ مِنْ الْإِيجَابِ أَوْ التَّحْرِيمِ أَدْنَى حَالًا مِنْ رَبْطِهِ بِاَللَّهِ . " يُوَضِّحُ ذَلِكَ " أَنَّهُ إذَا عَقَدَ الْيَمِينَ
بِاَللَّهِ فَهُوَ عَقْدٌ لَهَا بِإِيمَانِهِ بِاَللَّهِ وَهُوَ مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ جَلَالِ اللَّهِ وَإِكْرَامِهِ الَّذِي هُوَ جَدّ اللَّهِ وَمَثَلُهُ الْأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ كَمَا أَنَّهُ إذَا سَبَّحَ اللَّهَ وَذَكَرَهُ فَهُوَ مُسَبِّحٌ لِلَّهِ وَذَاكِرٌ لَهُ بِقَدْرِ مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَعِبَادَتِهِ ؛ وَلِذَلِكَ جَاءَ التَّسْبِيحُ تَارَةً لِاسْمِ اللَّهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ { وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } مَعَ قَوْلِهِ : { اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا } فَحَيْثُ عَظَّمَ الْعَبْدُ رَبَّهُ بِتَسْبِيحِ اسْمِهِ أَوْ الْحَلِفِ بِهِ أَوْ الِاسْتِعَاذَةِ بِهِ فَهُوَ مُسَبِّحٌ لَهُ بِتَوَسُّطِ الْمَثَلِ الْأَعْلَى الَّذِي فِي قَلْبِهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَعِبَادَتِهِ وَعَظَمَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ عِلْمًا وَفَضْلًا وَإِجْلَالًا وَإِكْرَامًا وَحُكْمُ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ إنَّمَا يَعُودُ إلَى مَا كَسَبَهُ قَلْبُهُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ : { لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ } وَكَمَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : { وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ } . فَلَوْ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ مَا فِي لَفْظِ الْقَسَمِ مِنْ انْعِقَادِهِ بِالْأَيْمَانِ وَارْتِبَاطِهِ بِهِ دُونَ قَصْدِ الْحَلِفِ لَكَانَ مُوجَبُهُ أَنَّهُ إذَا حَنِثَ بِغَيْرِ أَيْمَانِهِ تَزُولُ حَقِيقَتُهُ كَمَا قَالَ { لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ } وَكَمَا أَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ يَمِينًا فَاجِرَةً كَانَتْ مِنْ الْكَبَائِرِ وَإِذَا اشْتَرَى بِهَا مَالًا مَعْصُومًا فَلَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا
يُزَكِّيهِ وَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ؛ لَكِنَّ الشَّارِعَ عَلِمَ أَنَّ الْحَالِفَ بِهَا لَيَفْعَلَنَّ أَوْ لَا يَفْعَلُ لَيْسَ غَرَضُهُ الِاسْتِخْفَافَ بِحُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ وَالتَّعَلُّقَ بِهِ لِغَرَضِ الْحَالِفِ بِالْيَمِينِ الْغَمُوسِ فَشَرَعَ لَهُ الْكَفَّارَةَ وَحَلَّ هَذَا الْعَقْدَ وَأَسْقَطَهَا عَنْ لَغْوِ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ قَلْبُهُ شَيْئًا مِنْ الْجِنَايَةِ عَلَى إيمَانِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْكَفَّارَةِ . وَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ مُوجَبَ لَفْظِ الْيَمِينِ انْعِقَادُ الْفِعْلِ بِهَذَا الْيَمِينِ الَّذِي هُوَ إيمَانُهُ بِاَللَّهِ فَإِذَا عَدِمَ الْفِعْلَ كَانَ مُقْتَضَى لَفْظِهِ عَدَمُ إيمَانِهِ . هَذَا لَوْلَا مَا شَرَعَ اللَّهُ مِنْ الْكَفَّارَةِ كَمَا أَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ : إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْجَبَ عَلَيَّ كَذَا . أَنَّهُ عِنْدَ الْفِعْلِ يَجِبُ ذَلِكَ الْفِعْلُ لَوْلَا مَا شَرَعَ اللَّهُ مِنْ الْكَفَّارَةِ . " يُوَضِّحُ ذَلِكَ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ } أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَجُعِلَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ فِي قَوْلِهِ : هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا كَالْغَمُوسِ فِي قَوْلِهِ : وَاَللَّهِ مَا فَعَلْت كَذَا ؛ إذْ هُوَ فِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ قَدْ قَطَعَ عَهْدَهُ مِنْ اللَّهِ حَيْثُ عَلَّقَ الْإِيمَانَ بِأَمْرِ مَعْدُومٍ وَالْكُفْرَ بِأَمْرِ مَوْجُودٍ بِخِلَافِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ . وَطَرْدُ هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ إذَا كَانَتْ فِي النَّذْرِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتَاقِ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِهِ وَلَمْ تَرْفَعْهُ الْكَفَّارَةُ كَمَا يَقَعُ الْكُفْرُ بِذَلِكَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ
الْعُلَمَاءِ . وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ : الْمُرَادُ بِهِ الْيَمِينُ الْمَشْرُوعَةُ . و " أَيْضًا " قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } فَإِنَّ السَّلَفَ مُجْمِعُونَ أَوْ كَالْمُجْمِعِينَ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهَا أَنَّكُمْ لَا تَجْعَلُوا اللَّهَ مَانِعًا لَكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ بِهِ مِنْ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ ؛ بِأَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ أَنْ لَا يَفْعَلَ مَعْرُوفًا مُسْتَحَبًّا أَوْ وَاجِبًا أَوْ لَيَفْعَلَنَّ مَكْرُوهًا أَوْ حَرَامًا(7/420)
وَنَحْوَهُ فَإِذَا قِيلَ لَهُ : افْعَلْ ذَلِكَ أَوْ لَا تَفْعَلْ هَذَا . قَالَ : قَدْ حَلَفْت بِاَللَّهِ : فَيَجْعَلُ اللَّهَ عُرْضَةً لِيَمِينِهِ . فَإِذَا كَانَ قَدْ نَهَى عِبَادَهُ أَنْ يَجْعَلُوا نَفْسَهُ مَانِعًا لَهُمْ فِي الْحِلْفِ مِنْ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى . وَالْحَلِفُ بِهَذِهِ الْأَيْمَانِ إنْ كَانَ دَاخِلًا فِي عُمُومِ الْحَلِفِ بِهِ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ مَانِعًا مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ بِالْأَعْلَى عَلَى الْأَدْنَى فَإِنَّهُ إذَا نَهَى أَنْ يَكُونَ هُوَ سُبْحَانَهُ عُرْضَةً لِأَيْمَانِنَا أَنْ نَبَرَّ وَنَتَّقِيَ فَغَيْرُهُ أَوْلَى أَنْ نَكُونَ مَنْهِيِّينَ عَنْ جَعْلِهِ عُرْضَةً لِأَيْمَانِنَا وَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّنَا مَنْهِيُّونَ عَنْ أَنْ نَجْعَلَ شَيْئًا مِنْ الْأَشْيَاءِ عُرْضَةً لِأَيْمَانِنَا أَنْ نَبَرَّ وَنَتَّقِيَ وَنُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِمَا فِي الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالْإِصْلَاحِ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَأْمُرُ بِهِ فَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ بِالنَّذْرِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْعَتَاقِ
أَنْ لَا يَبَرَّ وَلَا يَتَّقِيَ وَلَا يُصْلِحَ فَهُوَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ : إنْ وَفَّى بِذَلِكَ فَقَدْ جَعَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ عُرْضَةً لِيَمِينِهِ أَنْ يَبَرَّ وَيَتَّقِيَ وَيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ وَإِنْ حَنِثَ فِيهَا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُ الْمَنْذُورِ ؛ فَقَدْ يَكُونُ خُرُوجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَبْعَدَ عَنْ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى مِنْ الْأَمْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَامَ عَلَى يَمِينِهِ تَرَكَ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ تَرَكَ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى فَصَارَتْ عُرْضَةً لِيَمِينِهِ أَنْ يَبَرَّ وَيَتَّقِيَ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ . وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ : فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَأَنْ يَلِجَ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ آثَمَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعْطِيَ كَفَّارَتَهُ الَّتِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ } وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ اسْتَلَجَ فِي أَهْلِهِ بِيَمِينِ فَهُوَ أَعْظَمُ إثْمًا } فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّجَاجَ بِالْيَمِينِ فِي أَهْلِ الْحَالِفِ أَعْظَمُ مِنْ التَّكْفِيرِ . " وَاللَّجَاجُ " التَّمَادِي فِي الْخُصُومَةِ ؛ وَمِنْهُ قِيلُ رَجُلٍ لَجُوجٍ إذَا تَمَادَى فِي الْخُصُومَةِ وَلِهَذَا تُسَمِّي الْعُلَمَاءُ هَذَا " نَذْرُ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " فَإِنَّهُ يَلِجُّ حَتَّى يَعْقِدَهُ ثُمَّ يَلِجُّ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ الْحِنْثِ . فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّجَاجَ بِالْيَمِينِ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ الْكَفَّارَةِ وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَيْمَانِ . وَأَيْضًا { فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ : إذَا حَلَفْت عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْت غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك } أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ { فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ } وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَفْعَلْ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ } وَفِي رِوَايَةٍ { فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ . وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ } وَهَذَا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَيَعُمُّ كُلَّ حَلِفٍ عَلَى يَمِينٍ كَائِنًا مَا كَانَ الْحَلِفُ ؛ فَإِذَا رَأَى غَيْرَ الْيَمِينِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا خَيْرًا مِنْهَا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْيَمِينُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا تَرْكًا لِخَيْرِ فَيَرَى فِعْلَهُ خَيْرًا مِنْ تَرْكِهِ أَوْ يَكُونَ فِعْلًا لِشَرِّ فَيَرَى تَرْكَهُ خَيْرًا مِنْ فِعْلِهِ فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَيُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ . وَقَوْلُهُ هُنَا " عَلَى يَمِينٍ " هُوَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِاسْمِ الْمَصْدَرِ سُمِّيَ الْأَمْرُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ يَمِينًا كَمَا يُسَمَّى الْمَخْلُوقُ خَلْقًا وَالْمَضْرُوبُ ضَرْبًا وَالْمَبِيعُ بَيْعًا وَنَحْوَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ { عَنْ أَبِي مُوسَى
الْأَشْعَرِيِّ فِي قِصَّتِهِ وَقِصَّةِ أَصْحَابِهِ ؛ لَمَّا جَاءُوا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْتَحْمِلُوهُ فَقَالَ : وَاَللَّهِ مَا أَحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : إنِّي وَاَللَّهِ إنْ(7/421)
شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إلَّا أَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتهَا } وَفِي رِوَايَةٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ { إلَّا كَفَّرْت عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ } وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ عَلَى الْيَمِينِ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْهَا وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ } وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمِ أَيْضًا { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْهَا وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ } وَقَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْوُجُوهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الجشمي . فَهَذِهِ نُصُوصُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَوَاتِرَةُ أَنَّهُ أَمَرَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا أَنْ يُكَفِّرَ يَمِينَهُ وَيَأْتِيَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ أَوْ النَّذْرِ وَنَحْوِهِ . وَرَوَى النسائي عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَا عَلَى الْأَرْضِ يَمِينٌ أَحْلِفُ عَلَيْهَا فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إلَّا أَتَيْته } وَهَذَا صَرِيحٌ بِأَنَّهُ قَصَدَ تَعْمِيمَ كُلِّ يَمِينٍ فِي
الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ فَهِمُوا مِنْهُ دُخُولَ الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ فِي هَذَا الْكَلَامِ فَرَوَى أَبُو داود فِي سُنَنِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زريع حَدَّثَنَا خبيب الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : أَنَّ أَخَوَيْنِ مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ فَسَأَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ الْقِسْمَةَ فَقَالَ إنْ عُدْت تَسْأَلُنِي الْقِسْمَةَ فَكُلُّ مَالِي فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ . فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : إنَّ الْكَعْبَةَ غَنِيَّةٌ عَنْ مَالِك كَفِّرْ عَنْ يَمِينِك وَكَلِّمْ أَخَاك سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : { لَا يَمِينَ عَلَيْك وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ الرَّبِّ وَلَا فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَفِيمَا لَا يُمْلَكُ } فَهَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمَرَ هَذَا الَّذِي حَلَفَ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ وَنَذَرَ نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ بِأَنْ يُكَفِّرَ يَمِينَهُ وَأَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ الْمَنْذُورَ وَاحْتَجَّ بِمَا سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { لَا يَمِينَ عَلَيْك وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ الرَّبِّ وَلَا فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَفِيمَا لَا يُمْلَكُ } فَفُهِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِيَمِينِ أَوْ نَذْرٍ عَلَى مَعْصِيَةٍ أَوْ قَطِيعَةٍ فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ النَّذْرِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ؛ كَمَا أَفْتَاهُ عُمَرُ . وَلَوْلَا أَنَّ هَذَا النَّذْرَ كَانَ عِنْدَهُ يَمِينًا لَمْ يَقُلْ لَهُ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِك . وَإِنَّمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَمِينَ وَلَا نَذْرَ } لِأَنَّ الْيَمِينَ مَا قُصِدَ بِهَا الْحَضُّ
أَوْ الْمَنْعُ وَالنَّذْرَ مَا قُصِدَ بِهِ التَّقَرُّبُ وَكِلَاهُمَا لَا يُوَفَّى بِهِ فِي الْمَعْصِيَةِ وَالْقَطِيعَةِ . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دِلَالَةٌ أُخْرَى وَهُوَ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَمِينَ وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ الرَّبِّ وَلَا فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ } يَعُمُّ جَمِيعَ مَا يُسَمَّى يَمِينًا أَوْ نَذْرًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ كَانَتْ بِوُجُوبِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبِ مِنْ الصَّدَقَةِ أَوْ الصِّيَامِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الْهَدْيِ أَوْ كَانَتْ بِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ كَالظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ . وَمَقْصُودُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إمَّا أَنْ يَكُونَ نَهْيَهُ عَنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَالْقَطِيعَةِ فَقَطْ أَوْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ مَعَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ مَا فِي الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ مِنْ الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ ؛ لِاسْتِدْلَالِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِهِ ؛ فَإِنَّهُ لَوْلَا أَنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى هَذَا لَمْ يَصِحَّ اسْتِدْلَالُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى مَا أَجَابَ بِهِ السَّائِلَ مِنْ الْكَفَّارَةِ دُونَ إخْرَاجِ الْمَالِ فِي كُسْوَةِ الْكَعْبَةِ ؛ وَلِأَنَّ لَفْظَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُمُّ ذَلِكَ كُلَّهُ . وَأَيْضًا فَمِمَّا يُبَيِّنُ دُخُولَ الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ فِي الْيَمِينِ(7/422)
وَالْحَلِفِ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا حِنْثَ
عَلَيْهِ } رَوَاهُ أَحْمَد والنسائي وَابْنُ ماجه والترمذي وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ وَأَبُو داود وَلَفْظُهُ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ ثِنَا سُفْيَانُ ؛ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ اسْتَثْنَى } وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ حَلَفَ فَاسْتَثْنَى فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ غَيْرَ حنث } وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ حَلَفَ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ } رَوَاهُ أَحْمَد والترمذي وَابْنُ ماجه وَلَفْظُهُ " فَلَهُ ثُنْيَاهُ " والنسائي وَقَالَ : " فَقَدْ اسْتَثْنَى " ثُمَّ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ أَدْخَلُوا الْحَلِفَ بِالنَّذْرِ وَبِالطَّلَاقِ وَبِالْعِتَاقِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالُوا : يَنْفَعُ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْمَشِيئَةِ ؛ بَلْ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد يَجْعَلُ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ لَا خِلَافَ فِيهِ فِي مَذْهَبِهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ . وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يَدْخُلُ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ هُوَ نَفْسُ إيقَاعِ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ إيقَاعِهِمَا وَالْحَلِفِ بِهِمَا ظَاهِرٌ . وَسَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ " قَاعِدَةَ الِاسْتِثْنَاءِ " فَإِذَا كَانُوا قَدْ أَدْخَلُوا الْحَلِفَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي قَوْلِهِ : { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ } فَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ
فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ } فَإِنَّ كِلَا اللَّفْظَيْنِ سَوَاءٌ وَهَذَا وَاضِحٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ } الْعُمُومُ فِيهِ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ : { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ } وَإِذَا كَانَ لَفْظُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُكْمِ الِاسْتِثْنَاءِ هُوَ لَفْظُهُ فِي حُكْمِ الْكَفَّارَةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا يَنْفَعُ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ يَنْفَعُ فِيهِ التَّكْفِيرُ وَكُلُّ مَا يَنْفَعُ فِيهِ التَّكْفِيرُ يَنْفَعُ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَد فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ . وَمَنْ قَالَ : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَدَ بِقَوْلِهِ : { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ } جَمِيعَ الْأَيْمَانِ الَّتِي يُحْلَفُ بِهَا مِنْ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَبِالنَّذْرِ وَبِالطَّلَاقِ وَبِالْعِتَاقِ وَبِقَوْلِهِ : { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا } إنَّمَا قَصَدَ بِهِ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ أَوْ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ وَالنَّذْرِ . فَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ فَإِنَّ حُضُورَ مُوجِبِ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ بِقَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ حُضُورِ مُوجِبِ اللَّفْظِ الْآخَرِ إذْ كِلَاهُمَا لَفْظٌ وَاحِدٌ ؛ وَالْحُكْمُ فِيهِمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَهُوَ رَفْعُ الْيَمِينِ . إمَّا بِالِاسْتِثْنَاءِ وَإِمَّا بِالتَّكْفِيرِ .
وَبَعْدَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ انْقَسَمَتْ فِي دُخُولِ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ فِي حَدِيثِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى " ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ " . " فَقَوْمٌ " قَالُوا : يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ أَنْفُسُهُمَا ؛ حَتَّى لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَنْت حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ : دَخَلَ ذَلِكَ فِي عُمُومِ الْحَدِيثِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا . وَقَوْمٌ قَالُوا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ ؛ لَا إيقَاعُهُمَا وَلَا الْحَلِفُ بِهِمَا بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ وَلَا بِصِيغَةِ الْقَسَمِ وَهَذَا أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد . و " الْقَوْلُ الثَّالِثُ " أَنَّ إيقَاعَ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ ؛ بَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ(7/423)
عَنْ أَحْمَد . وَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ قَالَ : إنْ كَانَ الْحَلِفُ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ دَخَلَ فِي الْحَدِيثِ وَنَفَعَتْهُ الْمَشِيئَةُ رِوَايَةً وَاحِدَةً ؛ وَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ و " هَذَا الْقَوْلُ الثَّالِثُ " هُوَ الصَّوَابُ الْمَأْثُورُ مَعْنَاهُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجُمْهُورِ التَّابِعِينَ : كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ ؛ لَمْ يَجْعَلُوا فِي الطَّلَاقِ اسْتِثْنَاءً وَلَمْ يَجْعَلُوهُ مِنْ الْأَيْمَانِ ؛ ثُمَّ قَدْ ذَكَرْنَا عَنْ الصَّحَابَةِ وَجُمْهُورِ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْحَلِفَ بِالصَّدَقَةِ وَالْهَدْيِ وَالْعِتَاقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ يَمِينًا مُكَفَّرَةً وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَحْمَد فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ : الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ
وَالْعِتَاقِ لَيْسَا مِنْ الْأَيْمَانِ قَالَ أَيْضًا : الثُّنْيَا فِي الطَّلَاقِ لَا أَقُولُ بِهِ ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتَاقَ حَرْفَانِ وَاقِعَانِ . وَقَالَ أَيْضًا : إنَّمَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ فِيمَا يَكُونُ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَالطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ لَا يُكَفَّرَانِ . وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ أَنَّ إيقَاعَ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ لَيْسَا يَمِينًا أَصْلًا وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْ الدَّيْنِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ : " وَاَللَّهِ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ ثُمَّ إنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَبْرَأَ غَرِيمَهُ مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ عِرْضٍ ؛ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ ؛ مَا عَلِمْت أَحَدًا خَالَفَ فِي ذَلِكَ . فَمَنْ أَدْخَلَ إيقَاعَ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ } فَقَدْ حَمَّلَ الْعَامَّ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ كَمَا أَنَّ مَنْ أَخْرَجَ مِنْ هَذَا الْعَامِّ قَوْلَهُ : الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَا أَفْعَلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ فَعَلْته فَامْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ . فَقَدْ أَخْرَجَ مِنْ الْقَوْلِ الْعَامِّ مَا هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ فَإِنَّ هَذَا يَمِينٌ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ . وَهُنَا يَنْبَغِي تَقْلِيدُ أَحْمَد بِقَوْلِهِ : الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ لَيْسَا مِنْ الْأَيْمَانِ ؛ فَإِنَّ الْحَلِفَ بِهِمَا كَالْحَلِفِ بِالصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ وَنَحْوِهِمَا . وَذَلِكَ مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ عَقْلًا وَعُرْفًا وَشَرْعًا ؛ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ : وَاَللَّهِ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ أَبَدًا . ثُمَّ قَالَ : إنْ فَعَلْت
كَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ . حَنِثَ . وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّوْهُ يَمِينًا وَكَذَلِكَ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ سَمَّوْهُ يَمِينًا وَكَذَلِكَ عَامَّةُ الْمُسْلِمِينَ سَمَّوْهُ يَمِينًا وَمَعْنَى الْيَمِينِ مَوْجُودٌ فِيهِ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ : أَحْلِفُ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ . فَإِنَّ الْمَشِيئَةَ تَعُودُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى إنِّي حَالِفٌ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَعَلَهُ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَكُنْ قَدْ شَاءَهُ ؛ فَلَا يَكُونُ مُلْتَزِمًا لَهُ . فَلَوْ نَوَى عَوْدَهُ إلَى الْحَلِفِ بِأَنْ يَقْصِدَ - أَيْ الْحَالِفُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَكُونَ حَالِفًا كَانَ مَعْنَى هَذَا مُغَايِرًا الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْإِنْشَاءَاتِ كَالطَّلَاقِ وَعَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ . تَعُودُ الْمَشِيئَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى الْفِعْلِ فَالْمَعْنَى لَأَفْعَلَنَّهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَعَلَهُ فَمَتَى لَمْ يَفْعَلْهُ لَمْ يَكُنْ اللَّهُ قَدْ شَاءَهُ فَلَا يَكُونُ مُلْتَزِمًا لِلطَّلَاقِ ؛ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَنَى بِالطَّلَاقِ يَلْزَمُنِي إنْ شَاءَ اللَّهُ لُزُومَهُ إيَّاهُ فَإِنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ . وَقَوْلِ أَحْمَد : إنَّمَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ فِيمَا فِيهِ حُكْمُ الْكَفَّارَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ لَا يُكَفَّرَانِ . كَلَامٌ حَسَنٌ بَلِيغٌ ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَّجَ حُكْمَ الِاسْتِثْنَاءِ وَحُكْمَ الْكَفَّارَةِ مَخْرَجًا
وَاحِدًا بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ وَبِصِيغَةِ وَاحِدَةٍ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا جَمَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا يَقَعُ لِمَا عُلِّقَ بِهِ الْفِعْلُ فَإِنَّ الْأَحْكَامَ الَّتِي هِيَ الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ وَنَحْوُهُمَا لَا تُعَلَّقُ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ وُجُودِ أَسْبَابِهَا فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ بِوُجُوبِ أَسْبَابِهَا فَإِذَا انْعَقَدَتْ أَسْبَابُهَا فَقَدْ شَاءَهَا اللَّهُ وَإِنَّمَا تُعَلَّقُ عَلَى الْمَشِيئَةِ الْحَوَادِثُ الَّتِي قَدْ(7/424)
يَشَاؤُهَا اللَّهُ وَقَدْ لَا يَشَاؤُهَا مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَنَحْوِهَا وَالْكَفَّارَةُ إنَّمَا شُرِعَتْ لِمَا يَحْصُلُ مِنْ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ الَّتِي قَدْ يَحْصُلُ فِيهَا الْمُوَافَقَةُ بِالْبِرِّ تَارَةً وَالْمُخَالَفَةِ بِالْحِنْثِ أُخْرَى . وَوُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِالْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ الَّتِي تَحْتَمِلُ الْمُوَافَقَةَ وَالْمُخَالَفَةَ كَارْتِفَاعِ الْيَمِينِ بِالْمَشِيئَةِ الَّتِي تَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ وَعَدَمَ التَّعْلِيقِ : فَكُلُّ مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ لَيَفْعَلَنَّهُ فَلَمْ يَفْعَلْهُ فَإِنَّهُ إنْ عَلَّقَهُ بِالْمَشِيئَةِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِالْمَشِيئَةِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ فَالِاسْتِثْنَاءُ وَالتَّكْفِيرُ يَتَعَاقَبَانِ الْيَمِينَ إذَا لَمْ يَحْصُلُ فِيهَا الْمُوَافَقَةُ فَهَذَا أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدْفَعُ مَا وَقَعَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الزِّيَادَةِ أَوْ النَّقْصِ فَهَذَا عَلَى مَا أَوْجَبَهُ كَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ثُمَّ يُقَالُ بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلُ أَحْمَد وَغَيْرِهِ : الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ لَا يُكَفَّرَانِ . كَقَوْلِهِ وَقَوْلِ غَيْرِهِ : لَا اسْتِثْنَاءَ
فِيهِمَا وَهَذَا فِي إيقَاعِ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ . وَأَمَّا الْحَلِفُ بِهِمَا فَلَيْسَ تَكْفِيرًا لَهُمَا ؛ وَإِنَّمَا هُوَ تَكْفِيرٌ لِلْحَلِفِ بِهِمَا كَمَا أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ وَالْهَدْيِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ فَإِنَّهُ لَمْ يُكَفِّرْ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالصَّدَقَةَ وَالْحَجَّ وَالْهَدْيَ وَإِنَّمَا يُكَفِّرُ الْحَلِفَ بِهِمْ وَإِلَّا فَالصَّلَاةُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَكَذَلِكَ هَذِهِ الْعِبَادَاتُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهَا وَكَمَا أَنَّهُ إذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ . فَإِنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ بِلَا خِلَافٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَمُوَافِقِيهِ مِنْ الْقَائِلِينَ بِنَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ ؛ وَلَيْسَ ذَلِكَ تَكْفِيرًا لِلْعِتْقِ وَإِنَّمَا هُوَ تَكْفِيرٌ لِلْحَلِفِ بِهِ . فَلَازَمَ قَوْلَ أَحْمَد هَذَا أَنَّهُ إذَا جَعَلَ الْحَلِفَ بِهِمَا يَصِحُّ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ كَانَ الْحَلِفُ بِهِمَا تَصِحُّ فِيهِ الْكَفَّارَةُ وَهَذَا مُوجَبُ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ . وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَجْعَلْ الْحَلِفَ بِهِمَا يَصِحُّ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ كَأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَمَذْهَبِ مَالِكٍ فَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ وَنَحْنُ فِي هَذَا الْمَقَامِ إنَّمَا نَتَكَلَّمُ بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ وَسَنَتَكَلَّمُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي " مَسْأَلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ " عَلَى حِدَةٍ . وَإِذَا قَالَ أَحْمَد أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ إنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا اسْتِثْنَاءَ فِيهِ لَزِمَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ
فِي الْحَلِفِ بِهِمَا . وَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد فَقَالَ : يَصِحُّ فِي الْحَلِفِ بِهِمَا الِاسْتِثْنَاءُ وَلَا تَصِحُّ الْكَفَّارَةُ . فَهَذَا الْفَرْقُ لَمْ أَعْلَمْهُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ عَنْ أَحْمَد ؛ وَلَكِنَّهُمْ مَعْذُورُونَ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَجِدُوهُ نَصَّ فِي تَكْفِيرِ الْحَلِفِ بِهِمَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ كَمَا نَصَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْحَلِفِ بِهِمَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ ؛ لَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَازِمٌ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ الَّتِي يَنْصُرُونَهَا . وَمَنْ سِوَى الْأَنْبِيَاءِ يَجُوزُ أَنْ يَلْزَمَ قَوْلَهُ لَوَازِمُ لَا يَتَفَطَّنُ لِلُزُومِهَا وَلَوْ تَفَطَّنَ لَكَانَ إمَّا أَنْ يَلْتَزِمَهَا أَوْ لَا يَلْتَزِمَهَا بَلْ يَرْجِعُ عَنْ الْمَلْزُومِ أَوْ لَا يَرْجِعُ عَنْهُ وَيَعْتَقِدُ أَنَّهَا غَيْرُ لَوَازِمَ . وَالْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ إذَا خَرَجُوا عَلَى قَوْلِ عَالِمٍ لَوَازِمِ قَوْلِهِ وَقِيَاسِهِ . فَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ اللَّازِمِ لَا بِنَفْيِ وَلَا إثْبَاتٍ أَوْ نَصَّ عَلَى نَفْيِهِ . وَإِذَا نَصَّ عَلَى نَفْيِهِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ نَصَّ عَلَى نَفْيِ لُزُومِهِ أَوْ لَمْ يَنُصَّ فَإِنْ كَانَ قَدْ نَصَّ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ اللَّازِمِ وَخَرَّجُوا عَنْهُ خِلَافَ الْمَنْصُوصِ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ مِثْلُ أَنْ يَنُصَّ فِي مَسْأَلَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ عَلَى قَوْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ يُعَلِّلَ مَسْأَلَةً بِعِلَّةِ يَنْقُضُهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ كَمَا عَلَّلَ أَحْمَد هُنَا عَدَمَ التَّكْفِيرِ بِعَدَمِ الِاسْتِثْنَاءِ وَعَنْهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ رِوَايَتَانِ . فَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَخْرِيجِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ بِنَفْيِ وَلَا إثْبَاتٍ
هَلْ يُسَمَّى ذَلِكَ مَذْهَبًا ؟ أَوْ لَا يُسَمَّى ؟ وَلِأَصْحَابِنَا فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ فَالْأَثْرَمُ والخرقي وَغَيْرُهُمَا يَجْعَلُونَهُ مَذْهَبًا لَهُ وَالْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وَغَيْرُهُمَا لَا يَجْعَلُونَهُ مَذْهَبًا لَهُ .(7/425)
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ هَذَا قِيَاسُ قَوْلِهِ وَلَازِمُ قَوْلِهِ ؛ فَلَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ عَنْهُ ؛ وَلَا أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ مَا لَيْسَ بِلَازِمِ قَوْلُهُ ؛ بَلْ هُوَ مَنْزِلَةٌ بَيْنَ مَنْزِلَتَيْنِ . هَذَا حَيْثُ أَمْكَنَ أَنْ لَا يُلَازِمَهُ . وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ الطَّلَاقَ مُبِيحًا لَهُ أَوْ آمِرًا بِهِ أَوْ مُلْزِمًا لَهُ إذَا أَوْقَعَهُ صَاحِبُهُ وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ وَكَذَلِكَ النَّذْرُ . وَهَذِهِ الْعُقُودُ مِنْ النُّذُورِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ تَقْتَضِي وُجُوبَ أَشْيَاءَ عَلَى الْعَبْدِ أَوْ تَحْرِيمَ أَشْيَاءَ عَلَيْهِ . وَالْوُجُوبُ وَالتَّحْرِيمُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ إذَا قَصَدَهُ أَوْ قَصَدَ سَبَبَهُ ؛ فَإِنَّهُ لَوْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ هَذَا الْكَلَامُ بِغَيْرِ قَصْدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ تَكَلَّمَ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ مُكْرَهًا لَمْ يَلْزَمْهُ حُكْمُهَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ وَآثَارُ الصَّحَابَةِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ إنَّمَا هُوَ دَفْعُ الْمَكْرُوهِ عَنْهُ ؛ لَمْ يَقْصِدْ حُكْمَهَا ؛ وَلَا قَصَدَ التَّكَلُّمَ بِهَا ابْتِدَاءً . فَكَذَلِكَ الْحَالِفُ إذَا قَالَ : إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ الطَّلَاقُ لَيْسَ يَقْصِدُ الْتِزَامَ حَجٍّ وَلَا طَلَاقٍ وَلَا تَكَلَّمَ بِمَا يُوجِبُهُ ابْتِدَاءً ؛ وَإِنَّمَا قَصْدُهُ الْحَضُّ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ . أَوْ مَنْعُ نَفْسِهِ مِنْهُ كَمَا أَنَّ قَصْدَ
الْمُكْرَهِ دَفْعُ الْمَكْرُوهِ عَنْهُ ؛ ثُمَّ قَالَ عَلَى طَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْحَضِّ وَالْمَنْعِ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَهَذَا لِي لَازِمٌ أَوْ هَذَا عَلَيَّ حَرَامٌ ؛ لِشِدَّةِ امْتِنَاعِهِ مِنْ هَذَا اللُّزُومِ وَالتَّحْرِيمِ عُلِّقَ ذَلِكَ بِهِ فَقَصْدُهُ مَنْعُهُمَا جَمِيعًا لَا ثُبُوتُ أَحَدِهِمَا وَلَا ثُبُوتُ سَبَبِهِ . وَإِذَا لَمْ يَكُنْ قَاصِدًا لِلْحُكْمِ وَلَا لِسَبَبِهِ وَإِنَّمَا قَصْدُهُ عَدَمُ الْحُكْمِ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَلْزَمَهُ الْحُكْمُ .
و " أَيْضًا " فَإِنَّ الْيَمِينَ بِالطَّلَاقِ بِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ فِي الْأُمَّةِ لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّهُ كَانَ يُحْلَفُ بِهَا عَلَى عَهْدِ قُدَمَاءِ الصَّحَابَةِ ؛ وَلَكِنْ قَدْ ذَكَرُوهَا فِي أَيْمَانِ الْبَيْعَةِ الَّتِي رَتَّبَهَا الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَصَدَقَةِ الْمَالِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ . وَلَمْ أَقِفْ إلَى السَّاعَةِ عَلَى كَلَامٍ لِأَحَدِ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَإِنَّمَا الَّذِي بَلَغَنَا عَنْهُمْ الْجَوَابُ فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ كَمَا تَقَدَّمَ . ثُمَّ هَذِهِ " الْبِدْعَةُ " قَدْ شَاعَتْ فِي الْأُمَّةِ وَانْتَشَرَتْ انْتِشَارًا عَظِيمًا ؛ ثُمَّ لَمَّا اعْتَقَدَ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِهَا لَا مَحَالَةَ : صَارَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهَا مِنْ الْأَغْلَالِ عَلَى الْأُمَّةِ مَا هُوَ شَبِيهٌ بِالْأَغْلَالِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ وَنَشَأَ عَنْ ذَلِكَ " خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الْحِيَلِ وَالْمَفَاسِدِ " فِي الْأَيْمَانِ حَتَّى اتَّخَذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ بِالطَّلَاقِ عَلَى تَرْكِ أُمُورٍ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ فِعْلِهَا إمَّا شَرْعًا وَإِمَّا طَبْعًا وَعَلَى فِعْلِ أُمُورٍ يَصْلُحُ فِعْلُهَا إمَّا شَرْعًا وَإِمَّا طَبْعًا وَغَالِبُ مَا يَحْلِفُونَ بِذَلِكَ فِي حَالِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ . ثُمَّ فِرَاقُ الْأَهْلِ فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا مَا يَزِيدُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَغْلَالِ الْيَهُودِ وَقَدْ قِيلَ إنَّ اللَّهَ إنَّمَا حَرَّمَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ لِئَلَّا يُسَارِعَ النَّاسُ إلَى الطَّلَاقِ ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ . فَإِذَا حَلَفُوا بِالطَّلَاقِ
عَلَى الْأُمُورِ اللَّازِمَةِ أَوْ الْمَمْنُوعَةِ وَهُمْ مُحْتَاجُونَ إلَى فِعْلِ تِلْكَ الْأُمُورِ أَوْ تَرْكِهَا مَعَ عَدَمِ فِرَاقِ الْأَهْلِ قَدَحَتْ الْأَفْكَارُ لَهُمْ " أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ مِنْ الْحِيَلِ " أُخِذَتْ عَنْ الْكُوفِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ " الْحِيلَةُ الْأُولَى " فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَيَتَأَوَّلُ لَهُمْ خِلَافَ مَا قَصَدُوهُ وَخِلَافَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ فِي عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَاتِهِمْ . وَهَذَا هُوَ الَّذِي وَصَفَهُ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الْفِقْهِ وَيُسَمُّونَهُ " بَابَ الْمُعَايَاةِ " و " بَابَ الْحِيَلِ فِي الْأَيْمَانِ " وَأَكْثَرُهُ مِمَّا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَسُوغُ فِي الدِّينِ وَلَا يَجُوزُ حَمْلُ كَلَامِ الْحَالِفِ عَلَيْهِ ؛ وَلِهَذَا كَانَ الْأَئِمَّةُ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ يُشَدِّدُونَ النَّكِيرَ عَلَى مَنْ يَحْتَالُ فِي هَذِهِ الْأَيْمَانِ . " الْحِيلَةُ الثَّانِيَةُ " إذَا تَعَذَّرَ الِاحْتِيَالُ فِي الْكَلَامِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ احْتَالُوا لِلْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ؛ بِأَنْ يَأْمُرُوهُ بِمُخَالَعَةِ امْرَأَتِهِ لِيَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ الْبَيْنُونَةِ وَهَذِهِ(7/426)
الْحِيلَةُ أَحْدَثُ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا وَأَظُنُّهَا حَدَثَتْ فِي حُدُودِ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ ؛ فَإِنَّ عَامَّةَ الْحِيَلِ إنَّمَا نَشَأَتْ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَحِيلَةُ الْخُلْعِ لَا تَمْشِي عَلَى أَصْلِهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ : إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي الْعِدَّةِ وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ فُرْقَةٍ بَائِنَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ عِنْدَهُمْ فَيَحْتَاجُ الْمُحْتَالُ بِهَذِهِ الْحِيلَةِ أَنْ يَتَرَبَّصَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ ثُمَّ
يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَ انْقِضَائِهَا وَهَذَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ طُولِ الْمُدَّةِ . فَصَارَ يُفْتِي بِهَا بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ . وَرُبَّمَا رَكَّبُوا مَعَهَا أَحَدَ قَوْلَيْهِ الْمُوَافِقَ لِأَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد مِنْ : أَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ ؛ وَلَيْسَ بِطَلَاقِ . فَيَصِيرُ الْحَالِفُ كُلَّمَا أَرَادَ الْحِنْثَ خَلَعَ زَوْجَتَهُ وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ؛ فَإِمَّا أَنْ يُفْتُوهُ بِنَقْصِ عَدَدِ الطَّلَاقِ ؛ أَوْ يُفْتُوهُ بِعَدَمِهِ وَهَذَا الْخُلْعُ الَّذِي هُوَ " خُلْعُ الْأَيْمَانِ " شَبِيهٌ بِنِكَاحِ الْمُحَلِّلِ سَوَاءٌ ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ عَقَدَ عَقْدًا لَمْ يَقْصِدْهُ وَإِنَّمَا قَصَدَ إزَالَتِهِ وَهَذَا فَسَخَ فَسْخًا لَمْ يَقْصِدْهُ وَإِنَّمَا قَصَدَ إزَالَتَهُ وَهَذِهِ حِيلَةٌ مُحْدَثَةٌ بَارِدَةٌ قَدْ صَنَّفَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ بَطَّةَ جُزْءًا فِي إبْطَالِهَا وَذَكَرَ عَنْ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْآثَارِ مَا قَدْ ذَكَرْت بَعْضَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . " الْحِيلَةُ الثَّالِثَةُ " إذَا تَعَذَّرَ الِاحْتِيَالُ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ احْتَالُوا فِي الْمَحْلُوفِ بِهِ فَيُبْطِلُونَهُ بِالْبَحْثِ عَنْ شُرُوطِهِ . فَصَارَ قَوْمٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ يَبْحَثُونَ عَنْ صِفَةِ عَقْدِ النِّكَاحِ لَعَلَّهُ اشْتَمَلَ عَلَى أَمْرٍ يَكُونُ بِهِ فَاسِدًا ؛ لِيُرَتِّبُوا عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا يَقَعُ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَأَحْمَد فِي إحْدَى رِوَايَتَيْهِ أَنَّ الْوَلِيَّ الْفَاسِقَ لَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ وَالْفُسُوقُ غَالِبٌ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ فَيَنْفُقُ سُوقُ هَذِهِ
الْمَسْأَلَةِ بِسَبَبِ الِاحْتِيَالِ لِرَفْعِ يَمِينِ الطَّلَاقِ حَتَّى رَأَيْت مَنْ صَنَّفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُصَنَّفًا مَقْصُودُهُ بِهِ الِاحْتِيَالُ لِرَفْعِ الطَّلَاقِ . ثُمَّ تَجِدُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَحْتَالُونَ بِهَذِهِ الْحِيلَةِ إنَّمَا يَنْظُرُونَ فِي صِفَةِ عَقْدِ النِّكَاحِ وَكَوْنِ وِلَايَةِ الْفَاسِقِ لَا تَصِحُّ عِنْدَ إيقَاعِ الطَّلَاقِ الَّذِي قَدْ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ إلَى أَنَّهُ يَقَعُ فِي الْفَاسِدِ فِي الْجُمْلَةِ وَأَمَّا عِنْدَ الْوَطْءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ الَّذِي أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فَلَا يَنْظُرُونَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَنْظُرُونَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عِنْدَ الْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ ؛ بَلْ عِنْدَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ خَاصَّةً . وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ اتِّخَاذِ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَمِنْ الْمَكْرِ فِي آيَاتِ اللَّهِ ؛ إنَّمَا أَوْجَبَهُ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَالضَّرُورَةُ إلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ . " الْحِيلَةُ الرَّابِعَةُ " الشَّرْعِيَّةُ فِي إفْسَادِ الْمَحْلُوفِ بِهِ أَيْضًا ؛ لَكِنْ لِوُجُودِ مَانِعٍ ؛ لَا لِفَوَاتِ شَرْطٍ ؛ فَإِنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ سُرَيْجٍ وَطَائِفَةً بَعْدَهُ اعْتَقَدُوا أَنَّهُ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ : إذَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي وَإِذَا طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلُ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَاقٌ أَبَدًا ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ لَزِمَ وُقُوعُ الْمُعَلَّقِ وَإِذَا وَقَعَ الْمُعَلَّقُ امْتَنَعَ وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ فَيُفْضِي وُقُوعُهُ إلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ فَلَا يَقَعُ وَأَمَّا عَامَّةُ فُقَهَاءِ الْإِسْلَامِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ
فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ ؛ بَلْ رَأَوْهُ مِنْ الزَّلَّاتِ الَّتِي يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ كَوْنُهَا لَيْسَتْ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ ؛ حَيْثُ قَدْ عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الطَّلَاقَ أَمْرٌ مَشْرُوعٌ فِي كُلِّ نِكَاحٍ وَأَنَّهُ مَا مِنْ نِكَاحٍ إلَّا وَيُمْكِنُ فِيهِ الطَّلَاقُ : وَسَبَبُ الْغَلَطِ أَنَّهُمْ اعْتَقَدُوا صِحَّةَ هَذَا الْكَلَامِ فَقَالُوا : إذَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ . وَهَذَا الْكَلَامُ لَيْسَ بِصَحِيحِ فَإِنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ وُقُوعَ طَلْقَةٍ مَسْبُوقَةٍ بِثَلَاثِ وَوُقُوعَ طَلْقَةٍ مَسْبُوقَةٍ بِثَلَاثِ مُمْتَنِعٌ فِي الشَّرِيعَةِ . فَالْكَلَامُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى ذَلِكَ بَاطِلٌ ؛ وَإِذَا كَانَ بَاطِلًا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ(7/427)
وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ وُقُوعُ الْمُعَلَّقِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ صَحِيحًا . ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ يَقَعُ مِنْ الْمُعَلَّقِ تَمَامُ الثَّلَاثِ ؟ أَمْ يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ وَلَا يَقَعُ إلَّا الْمُنَجَّزُ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا . وَمَا أَدْرِي هَلْ اسْتَحْدَثَ ابْنُ سُرَيْجٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِلِاحْتِيَالِ عَلَى رَفْعِ الطَّلَاقِ ؟ أَمْ قَالَهُ طَرْدًا لِقِيَاسِ اعْتَقَدَ صِحَّتَهُ وَاحْتَالَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ ؟ لَكِنِّي رَأَيْت مُصَنَّفًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ الْخَامِسَةِ صَنَّفَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَقْصُودُهُ بِهَا الِاحْتِيَالُ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ . وَلِهَذَا صَاغُوهَا بِقَوْلِهِ : إذَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا . لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ : إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا
لَمْ تَنْفَعْهُ هَذِهِ الصِّيغَةُ فِي الْحِيلَةِ وَإِنْ كَانَ كِلَاهُمَا فِي الدَّوْرِ سَوَاءٌ . وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إذَا طَلَّقْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ فَأَنْت طَالِقٌ : لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِتَطْلِيقِ يُنَجِّزُهُ بَعْدَ هَذِهِ الْيَمِينُ ؛ أَوْ يُعَلِّقُهُ بَعْدَهَا عَلَى شَرْطٍ فَيُوجَدُ . فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ التَّنْجِيزِ وَالتَّعْلِيقِ الَّذِي وُجِدَ شَرْطُهُ تَطْلِيقٌ . أَمَّا إذَا كَانَ قَدْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا قَبْلَ هَذِهِ الْيَمِينِ بِشَرْطِ وَوُجِدَ الشَّرْطُ بَعْدَ هَذِهِ الْيَمِينَ لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدُ وُجُودِ الشَّرْطِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ تَطْلِيقًا ؛ لِأَنَّ التَّطْلِيقَ لَا بُدَّ أَنْ يَصْدُرَ عَنْ الْمُطَلِّقِ وَوُقُوعَ الطَّلَاقِ بِصِفَةِ يَفْعَلُهَا غَيْرُهُ لَيْسَ فِعْلًا مِنْهُ . فَأَمَّا إذَا قَالَ : إذَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي . فَهَذَا يَعُمُّ الْمُنَجَّزَ وَالْمُعَلَّقَ بَعْدَ هَذَا بِشَرْطِ وَالْوَاقِعُ بَعْدَ هَذَا بِشَرْطِ تَقَدَّمَ تَعْلِيقُهُ . فَصَوَّرُوا الْمَسْأَلَةَ بِصُورَةِ قَوْلِهِ : إذَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي . حَتَّى إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ بِالطَّلَاقِ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا قَالُوا لَهُ : قُلْ إذَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا . فَيَقُولُ ذَلِكَ فَيَقُولُونَ لَهُ : افْعَلْ الْآنَ مَا حَلَفْت عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْك طَلَاقٌ فَهَذَا " التَّسْرِيجُ " الْمُنْكَرُ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ الْمَعْلُومُ يَقِينًا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الشَّرِيعَةِ الَّتِي بَعَثَ اللَّهُ بِهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا نَفْقُه فِي الْغَالِبِ وَأَحْوَجُ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ إلَّا الْحَلِف بِالطَّلَاقِ وَإِلَّا فَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ
يَدْخُلْ فِيهِ أَحَدٌ ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَ لَا يَكَادُ يَقْصِدُ انْسِدَادَ بَابِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ إلَّا نَادِرًا . " الْحِيلَةُ الْخَامِسَةُ " إذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَمْ يُمْكِنْ الِاحْتِيَالُ لَا فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ قَوْلًا وَلَا فِعْلًا وَلَا فِي الْمَحْلُوفِ بِهِ إبْطَالًا وَلَا مَنْعًا : احْتَالُوا لِإِعَادَةِ النِّكَاحِ " بِنِكَاحِ الْمُحَلِّلِ " الَّذِي دَلَّتْ السُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ مَعَ دِلَالَةِ الْقُرْآنِ وَشَوَاهِدِ الْأُصُولِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَفَسَادِهِ ثُمَّ قَدْ تَوَلَّدَ مِنْ نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ كَمَا قَدْ نَبَّهْنَا عَلَى بَعْضِهِ فِي " كِتَابِ إقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى بُطْلَانِ التَّحْلِيلِ " وَأَغْلَب مَا يحوج النَّاسَ إلَى نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ هُوَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ ؛ وَإِلَّا فَالطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ الرَّجُلُ فِي الْغَالِبِ إلَّا إذَا قَصَدَهُ وَمَنْ قَصَدَهُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ مِنْ النَّدَمِ وَالْفَسَادِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَنْ اضْطَرَّ لِوُقُوعِهِ لِحَاجَتِهِ إلَى الْحِنْثِ . فَهَذِهِ " الْمَفَاسِدُ الْخَمْسُ " الَّتِي هِيَ الِاحْتِيَالُ عَلَى نَقْضِ الْأَيْمَانِ وَإِخْرَاجِهَا مِنْ مَفْهُومِهَا وَمَقْصُودِهَا ثُمَّ الِاحْتِيَالُ بِالْخُلْعِ وَإِعَادَةِ النِّكَاحِ ثُمَّ الِاحْتِيَالُ بِالْبَحْثِ عَنْ فَسَادِ النِّكَاحِ ثُمَّ الِاحْتِيَالُ بِمَنْعِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ ثُمَّ الِاحْتِيَالُ بِنِكَاحِ الْمُحَلِّلِ : فِي هَذِهِ الْأُمُورِ مِنْ الْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّعِبِ الَّذِي يُنَفِّرُ الْعُقَلَاءَ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَيُوجِبُ طَعْنَ الْكُفَّارِ فِيهِ كَمَا رَأَيْته فِي بَعْضِ كُتُبِ النَّصَارَى
وَغَيْرِهَا وَتَبَيَّنَ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ صَحِيحِ الْفِطْرَةِ أَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ بَرِيءٌ مُنَزَّهٌ عَنْ هَذِهِ الْخُزَعْبَلَاتِ الَّتِي تُشْبِهُ حِيَلَ الْيَهُودِ ومخاريق الرُّهْبَانِ . وَأَكْثَرُ مَا أَوْقَعَ النَّاسَ فِيهَا وَأَوْجَبَ كَثْرَةَ إنْكَارِ الْفُقَهَاءِ فِيهَا وَاسْتِخْرَاجِهِمْ لَهَا هُوَ حَلِفُ النَّاسِ بِالطَّلَاقِ وَاعْتِقَادُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْحِنْثِ لَا مَحَالَةَ ؛ حَتَّى لَقَدْ فَرَّعَ الْكُوفِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ فُرُوعِ(7/428)
الْأَيْمَانِ شَيْئًا كَثِيرًا مَبْنَاهُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْفُرُوعِ الضَّعِيفَةِ الَّتِي يُفَرِّعُهَا هَؤُلَاءِ وَنَحْوُهُمْ هِيَ كَمَا كَانَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ المقدسي رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ : مِثَالُهَا مِثَالُ رَجُلٍ بَنَى دَارًا حَسَنَةً عَلَى حِجَارَةٍ مَغْصُوبَةٍ فَإِذَا نُوزِعَ فِي اسْتِحْقَاقِ تِلْكَ الْحِجَارَةِ الَّتِي هِيَ الْأَسَاسُ فَاسْتَحَقَّهَا غَيْرُهُ انْهَدَمَ بِنَاؤُهُ ؛ فَإِنَّ الْفُرُوعَ الْحَسَنَةَ إنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى أُصُولٍ مُحْكَمَةٍ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْفَعَةٌ . فَإِذَا كَانَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَاعْتِقَادُ لُزُومِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْحِنْثِ قَدْ أَوْجَبَ هَذِهِ الْمَفَاسِدَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي قَدْ غَيَّرَتْ بَعْضَ أُمُورِ الْإِسْلَامِ عِنْدَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَصَارَ فِي هَؤُلَاءِ شُبَهٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَنَّ لُزُومَ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْحَلِفِ بِهِ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ وَلَا أَفْتَى بِهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ وَلَا أَحَدٌ مِنْهُمْ فِيمَا أَعْلَمُهُ وَلَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ التَّابِعُونَ
لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَالْعُلَمَاءُ بَعْدَهُمْ وَلَا هُوَ مُنَاسِبٌ لِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ قَالَهُ أَكْثَرَ مِنْ عَادَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ أُسْنِدَتْ إلَى قِيَاسٍ مُعْتَضِدٍ بِتَقْلِيدِ لِقَوْمِ أَئِمَّةٍ عُلَمَاءَ مَحْمُودِينَ عِنْدَ الْأُمَّةِ وَهُمْ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَوْقَ مَا يُظَنُّ بِهِمْ ؛ لَكِنْ لَمْ نُؤْمَرْ عِنْدَ التَّنَازُعِ إلَّا بِالرَّدِّ إلَى اللَّهِ وَإِلَى الرَّسُولِ وَقَدْ خَالَفَهُمْ مَنْ لَيْسَ دُونَهُمْ ؛ بَلْ مِثْلُهُمْ أَوْ فَوْقَهُمْ . فَإِنَّا قَدْ ذَكَرْنَا عَنْ أَعْيَانٍ مِنْ الصَّحَابَةِ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمُجْمَعِ عَلَى إمَامَتِهِ وَفِقْهِهِ وَدِينِهِ وَأُخْتِهِ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَزَيْنَبَ رَبِيبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ مِنْ أَمْثَلِ فَقِيهَاتِ الصَّحَابَةِ الْإِفْتَاءَ بِالْكَفَّارَةِ فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ أَوْلَى مِنْهُ . وَذَكَرْنَا عَنْ طاوس وَهُوَ مِنْ أَفَاضِلِ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ عِلْمًا وَفِقْهًا وَدِينًا : أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى الْيَمِينَ بِالطَّلَاقِ مُوقِعَةً لَهُ . فَإِذَا كَانَ لُزُومُ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ بِهِ مُقْتَضِيًا لِهَذِهِ الْمَفَاسِدِ وَحَالُهُ فِي الشَّرِيعَةِ هَذِهِ الْحَالُ : كَانَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَا أَفْضَى إلَى هَذَا الْفَسَادِ لَمْ يَشْرَعْهُ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي ضَمَانِ الْحَدَائِقِ مَنْ يَزْدَرِعُهَا وَيَسْتَثْمِرُهَا وَيَبِيعُ الْخُضَرَ وَنَحْوَهَا .
وَذَلِكَ أَنَّ الْحَالِفَ بِالطَّلَاقِ إذَا حَلَفَ لَيَقْطَعَنَّ رَحِمَهُ وَلَيَعُقَّنَّ أَبَاهُ وَلَيَقْتُلَنَّ عَدُوَّهُ الْمُسْلِمَ الْمَعْصُومَ وَلَيَأْتِيَنَّ الْفَاحِشَةَ وَلَيَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ وَلَيُفَرِّقَنَّ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ كَبَائِرِ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشِ فَهُوَ بَيْنَ " ثَلَاثَةِ أُمُورٍ " إمَّا أَنْ يَفْعَلَ هَذَا الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ : فَهَذَا لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ بَلْ وَالْمُفْتِينَ إذَا رَأَوْهُ قَدْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِتَخْفِيفِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ وَإِقَامَةِ عُذْرِهِ . وَإِمَّا أَنْ يَحْتَالَ بِبَعْضِ تِلْكَ الْحِيَلِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا اسْتَخْرَجَهُ قَوْمٌ مِنْ الْمُفْتِينَ : فَفِي ذَلِكَ مِنْ الِاسْتِهْزَاءِ بِآيَاتِ اللَّهِ وَمُخَادَعَتِهِ وَالْمَكْرِ فِي دِينِهِ وَالْكَيْدِ لَهُ وَضَعْفِ الْعَقْلِ وَالدِّينِ وَالِاعْتِدَاءِ لِحُدُودِهِ وَالِانْتِهَاكِ لِمَحَارِمِهِ وَالْإِلْحَادِ فِي آيَاتِهِ : مَا لَا خَفَاءَ بِهِ ؛ وَإِنْ كَانَ فِي إخْوَانِنَا الْفُقَهَاءِ مَنْ قَدْ يَسْتَجِيزُ بَعْضَ ذَلِكَ فَقَدْ دَخَلَ مِنْ الْغَلَطِ فِي ذَلِكَ - وَإِنْ كَانَ مَغْفُورًا لِصَاحِبِهِ الْمُجْتَهِدِ الْمُتَّقِي لِلَّهِ - مَا فَسَادُهُ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ حَقِيقَةَ الدِّينِ . وَإِمَّا أَنْ لَا يَحْتَالَ وَلَا يَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ ؛ بَلْ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ كَمَا يَفْعَلُهُ مَنْ يَخْشَى اللَّهَ إذَا اعْتَقَدَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ . فَفِي ذَلِكَ مِنْ الْفَسَادِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا مَا لَا يَأْذَنُ اللَّهُ بِهِ وَلَا رَسُولُهُ . أَمَّا " فَسَادُ الدِّينِ " فَإِنَّ الطَّلَاقَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مَعَ
اسْتِقَامَةِ حَالِ الزَّوْجِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ الْمُخْتَلَعَاتِ وَالْمُنْتَزَعَاتِ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ } وَقَالَ : { أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ(7/429)
غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ } وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ هُوَ مُحَرَّمٌ ؟ أَوْ مَكْرُوهٌ ؟ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد . وَقَدْ اسْتَحْسَنُوا جَوَابَ أَحْمَد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا سُئِلَ عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَحَرَّمَ لَيَطَأَنَّ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ . فَقَالَ : يُطَلِّقُهَا وَلَا يَطَؤُهَا قَدْ أَبَاحَ اللَّهُ الطَّلَاقَ وَحَرَّمَ وَطْءَ الْحَائِضِ . وَهَذَا الِاسْتِحْسَانُ يَتَوَجَّهُ عَلَى أَصْلَيْنِ : إمَّا عَلَى قَوْلِهِ إنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ بِحَرَامِ . وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَحْرِيمُهُ دُونَ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ . وَإِلَّا فَإِذَا كَانَ كِلَاهُمَا حَرَامًا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ حَرَامٍ إلَّا إلَى حَرَامٍ . وَأَمَّا " ضَرَرُ الدُّنْيَا " فَأَبْيَنُ مِنْ أَنْ يُوصَفَ ؛ فَإِنَّ لُزُومَ الطَّلَاقِ وَالْمَحْلُوفَ بِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ يُوجِبُ مِنْ الضَّرَرِ مَا لَمْ تَأْتِ بِهِ الشَّرِيعَةُ فِي مِثْلِ هَذَا قَطُّ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ الصَّالِحَةَ تَكُونُ فِي صُحْبَةِ زَوْجِهَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ سِنِينَ كَثِيرَةً وَهِيَ مَتَاعُهُ الَّذِي قَالَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِهَا الْمَرْأَةُ الْمُؤْمِنَةُ إنْ نَظَرْت إلَيْهَا أَعْجَبَتْك ؛ وَإِنْ أَمَرْتهَا أَطَاعَتْك وَإِنْ غِبْت عَنْهَا حَفِظَتْك فِي نَفْسِهَا وَمَالِك } وَهِيَ الَّتِي أَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ { لَمَّا سَأَلَهُ الْمُهَاجِرُونَ أَيَّ الْمَالِ نَتَّخِذُ ؟ فَقَالَ : لِسَانًا ذَاكِرًا ؛ وَقَلْبًا شَاكِرًا أَوْ امْرَأَةً صَالِحَةً تُعِينُ أَحَدَكُمْ عَلَى إيمَانِهِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ ثوبان وَيَكُونُ مِنْهَا مِنْ الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ مَا امْتَنَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فِي كِتَابِهِ فَيَكُونُ أَلَمُ الْفِرَاقِ أَشَدَّ عَلَيْهَا مِنْ الْمَوْتِ أَحْيَانًا وَأَشَدَّ مِنْ ذَهَابِ الْمَالِ وَأَشَدَّ مِنْ فِرَاقِ الْأَوْطَانِ ؛ خُصُوصًا إنْ كَانَ بِأَحَدِهِمَا عِلَاقَةٌ مِنْ صَاحِبِهِ أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَطْفَالٌ يَضِيعُونَ بِالْفِرَاقِ وَيَفْسُدُ حَالُهُمْ ثُمَّ يُفْضِي ذَلِكَ إلَى الْقَطِيعَةِ بَيْنَ أَقَارِبِهَا وَوُقُوعِ الشَّرِّ لَمَّا زَالَتْ نِعْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ الَّتِي امْتَنَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فِي قَوْلِهِ : { فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا } وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا مِنْ الْحَرَجِ الدَّاخِلِ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } وَمِنْ الْعُسْرِ الْمَنْفِيِّ بِقَوْلِهِ : { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }
" وَأَيْضًا " فَإِذَا كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ فِعْلَ بِرٍّ وَإِحْسَانٍ : مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ وَتَعْلِيمِ عِلْمٍ ؛ وَصِلَةِ رَحِمٍ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ وَيَرْضَاهَا ؛ فَإِنَّهُ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الضَّرَرِ الْعَظِيمِ فِي الطَّلَاقِ أَعْظَمُ [ أَنْ ] لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ ؛ بَلْ وَلَا يُؤْمَرُ بِهِ شَرْعًا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْفَسَادُ النَّاشِئُ مِنْ الطَّلَاقِ أَعْظَمَ مِنْ الصَّلَاحِ الْحَاصِلِ مِنْ هَذِهِ الْأَعْمَالِ . وَهَذِهِ الْمَفْسَدَةُ هِيَ الَّتِي أَزَالَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ } وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَأَنْ يَلِجَ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ الْكَفَّارَةَ } . فَإِنْ قِيلَ : فَهُوَ الَّذِي أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِي أَحَدٍ هَذِهِ الضَّرَائِرِ الثَّلَاثِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْلِفَ ؟ قِيلَ : لَيْسَ فِي شَرِيعَتِنَا ذَنْبٌ إذَا فَعَلَهُ الْإِنْسَانُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَخْرَجٌ مِنْهُ بِالتَّوْبَةِ إلَّا بِضَرَرِ عَظِيمٍ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَحْمِلْ عَلَيْنَا إصْرًا كَمَا حَمَلَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا . فَهَبْ هَذَا قَدْ أَتَى كَبِيرَةً مِنْ الْكَبَائِرِ فِي حَلِفِهِ بِالطَّلَاقِ ثُمَّ تَابَ مِنْ تِلْكَ الْكَبِيرَةِ فَكَيْفَ يُنَاسِبُ أُصُولَ شَرِيعَتِنَا أَنْ يَبْقَى أَثَرُ ذَلِكَ الذَّنْبِ عَلَيْهِ لَا يَجِدُ مِنْهُ مَخْرَجًا وَهَذَا بِخِلَافِ الَّذِي يُنْشِئُ الطَّلَاقَ لَا بِالْحَلِفِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا وَهُوَ مُرِيدٌ الطَّلَاقَ :
إمَّا لِكَرَاهَةِ الْمَرْأَةِ أَوْ غَضَبٍ عَلَيْهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ الطَّلَاقَ ثَلَاثَةً فَإِذَا كَانَ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ بِالطَّلَاقِ بِاخْتِيَارِهِ وَلَهُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ : كَانَ وُقُوعُ الضَّرَرِ بِمِثْلِ هَذَا نَادِرًا ؛ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ ؛ فَإِنَّ مَقْصُودَهُ لَمْ يَكُنْ الطَّلَاقَ ؛ إنَّمَا كَانَ أَنْ يَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ أَوْ(7/430)
لَا يَفْعَلَهُ ثُمَّ قَدْ يَأْمُرُهُ الشَّرْعُ أَوْ تَضْطَرُّهُ الْحَاجَةُ إلَى فِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ لَا لَهُ وَلَا لِسَبَبِهِ . " وَأَيْضًا " فَإِنَّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي " بَابِ الْأَيْمَانِ " تَخْفِيفُهَا بِالْكَفَّارَةِ ؛ لَا تَثْقِيلُهَا بِالْإِيجَابِ أَوْ التَّحْرِيمِ . فَإِنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَرَوْنَ الظِّهَارَ طَلَاقًا وَاسْتَمَرُّوا عَلَى ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ حَتَّى ظَاهَرَ أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ مِنْ امْرَأَتِهِ . " وَأَيْضًا " فَالِاعْتِبَارُ بِنَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَرْقِ إلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ وَسَنُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَدَمَ تَأْثِيرِهِ . وَالْقِيَاسُ بِإِلْغَاءِ الْفَارِقِ أَصَحُّ مَا يَكُونُ مِنْ الِاعْتِبَارِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ : إنْ أَكَلْت أَوْ شَرِبْت فَعَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ عَبْدِي أَوْ فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَ امْرَأَتِي أَوْ فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ فَأَنَا مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ أَوْ فَمَالِي صَدَقَةٌ أَوْ فَعَلَيَّ صَدَقَةٌ فَإِنَّهُ تُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدِ الْجُمْهُورِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ ؛ بِدِلَالَةِ الْكِتَابِ
وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ : فَكَذَلِكَ إذَا قَالَ إنْ أَكَلْت هَذَا أَوْ شَرِبْت هَذَا فَعَلَيَّ الطَّلَاقُ . أَوْ فَالطَّلَاقُ لِي لَازِمٌ . أَوْ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ . أَوْ : فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا : فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ عَلَيَّ الْحَجُّ لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ الْحَجُّ لِي لَازِمٌ لَا أَفْعَلُ كَذَا . وَكِلَاهُمَا يَمِينَانِ مُحْدَثَانِ لَيْسَتَا مَأْثُورَتَيْنِ عَنْ الْعَرَبِ وَلَا مَعْرُوفَتَيْنِ عَنْ الصَّحَابَةِ ؛ وَإِنَّمَا الْمُتَأَخِّرُونَ صَاغُوا مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي أَيْمَانًا وَرَبَطُوا إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ بِالْأُخْرَى كَالْأَيْمَانِ الَّتِي كَانَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ يَحْلِفُونَ بِهَا وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَحْلِفُ بِهَا ؛ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ : إنْ فَعَلْت فَمَالِي صَدَقَةٌ . يَقْتَضِي وُجُوبَ الصَّدَقَةِ عِنْدَ الْفِعْلِ . وَقَوْلُهُ : فَامْرَأَتِي طَالِقٌ . يَقْتَضِي وُجُودَ الطَّلَاقِ . فَالْكَلَامُ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِنَفْسِ الشَّرْطِ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ بَعْدَ هَذَا طَلَاقًا وَلَا يَقْتَضِي وُقُوعَ الصَّدَقَةِ حَتَّى يُحْدِثَ صَدَقَةً . وَجَوَابُ هَذَا الْفَرْقِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْفُقَهَاءُ الْمُفَرِّقُونَ مِنْ " وَجْهَيْنِ " " أَحَدُهُمَا " مَنْعُ الْوَصْفِ الْفَارِقِ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا وَفِي بَعْضِ صُوَرِ الْفُرُوعِ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا . " وَالثَّانِي " بَيَانُ عَدَمِ التَّأْثِيرِ . أَمَّا " الْأَوَّلُ " فَإِنَّهُ إذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَمَالِي صَدَقَةٌ أَوْ فَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ فَبَعِيرِي هَدْيٌ . فَالْمُعَلَّقُ بِالصِّفَةِ وُجُودُ
الصَّدَقَةِ وَالْإِحْرَامِ وَالْهَدْيِ لَا وُجُوبُهُمَا كَمَا أَنَّ الْمُعَلَّقَ فِي قَوْلِهِ : فَعَبْدِي حُرٌّ وَامْرَأَتِي طَالِقٌ . وُجُودُ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ لَا وُجُوبُهُمَا ؛ وَلِهَذَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِيمَا إذَا قَالَ هَذَا : هَدْيٌ وَهَذَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ : هَلْ يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ لَا يَخْرُجُ ؟ فَمَنْ قَالَ يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ فَهُوَ كَخُرُوجِ زَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ عَنْ مِلْكِهِ . وَأَكْثَرُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ الصَّدَقَةَ وَالْهَدْيَ يَتَمَلَّكُهُمَا النَّاسُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ . وَهَذَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ : عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَهُوَ كَقَوْلِهِ : عَلَيَّ الْحَجُّ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَهُوَ جَعَلَ الْمَحْلُوفَ بِهِ هَاهُنَا وُجُوبَ الطَّلَاقِ ؛ لَا وُجُودَهُ كَأَنَّهُ قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَ . فَبَعْضُ صُوَرِ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ يَكُونُ الْمَحْلُوفُ بِهِ صِيغَةَ وُجُوبٍ . كَمَا أَنَّ بَعْضَ صُوَرِ الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ يَكُونُ الْمَحْلُوفُ بِهِ صِيغَةَ وُجُودٍ . و " أَمَّا الْجَوَابُ الثَّانِي " فَنَقُولُ : هَبْ أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالْفِعْلِ هُنَا وُجُودُ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْمُعَلَّقَ هُنَاكَ وُجُوبُ الصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ وَالْإِهْدَاءِ أَلَيْسَ مُوجَبُ الشَّرْطِ ثُبُوتَ هَذَا الْوُجُوبِ ؟ بَلْ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَذَلِكَ عِنْدَ الشَّرْطِ لَا يَثْبُتُ هَذَا الْوُجُوبُ بَلْ(7/431)
يَجْزِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَ وُجُوبِ الشَّرْطِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَ الشَّرْطِ لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ الْوُجُوبُ كَذَلِكَ عِنْدَ الشَّرْطِ لَا يَثْبُتُ هَذَا الْوُجُودُ
؛ بَلْ كَمَا لَوْ قَالَ : هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ كَافِرٌ إنْ فَعَلَ كَذَا ؛ فَإِنَّ الْمُعَلَّقَ هُنَا وُجُودُ الْكُفْرِ عِنْدَ الشَّرْطِ ؛ ثُمَّ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ لَمْ يُوجَدْ الْكُفْرُ بِالِاتِّفَاقِ ؛ بَلْ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ . وَلَوْ قَالَ ابْتِدَاءً : هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ كَافِرٌ يَلْزَمُهُ الْكُفْرُ ؛ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ ابْتِدَاءً : عَبْدِي حُرٌّ ؛ وَامْرَأَتِي طَالِقٌ ؛ وَهَذِهِ الْبَدَنَةُ هَدْيٌ وَعَلَيَّ هَدْيٌ ؛ وَعَلَيَّ صَوْمُ يَوْمِ الْخَمِيسِ . وَلَوْ عَلَّقَ الْكُفْرَ بِشَرْطِ يَقْصِدُ وُجُودَهُ كَقَوْلِهِ : إذَا هَلَّ الْهِلَالُ فَقَدْ بَرِئْت مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ لَكَانَ الْوَاجِبُ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ ؛ لَكِنْ لَا يُنَاجَزُ الْكُفْرَ ؛ لِأَنَّ تَوْقِيتَهُ دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ عَقِيدَتِهِ . قِيلَ : فَالْحَلِفُ بِالنَّذْرِ إنَّمَا عَلَيْهِ فِيهِ الْكَفَّارَةُ فَقَطْ قِيلَ : مِثْلُهُ فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ ؛ وَكَذَلِكَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ كَمَا لَوْ قَالَ فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَ امْرَأَتِي . وَمَنْ قَالَ إنَّهُ إذَا قَالَ : فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَ امْرَأَتِي . لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ . فَقِيَاسُ قَوْلِهِ فِي الطَّلَاقِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ؛ وَلِهَذَا تَوَقَّفَ طاوس فِي كَوْنِهِ يَمِينًا . وَإِنْ قِيلَ : إنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِهِ وَالتَّكْفِيرِ فَكَذَلِكَ هُنَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَبَيْنَ التَّكْفِيرِ فَإِنْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ كَانَ اخْتِيَارًا لِلتَّكْفِيرِ ؛ كَمَا أَنَّهُ فِي الظِّهَارِ يَكُونُ مُخَيَّرًا بَيْنَ التَّكْفِيرِ وَبَيْنَ تَطْلِيقِهَا ؛ فَإِنْ وَطِئَهَا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ ؛ لَكِنْ فِي الظِّهَارِ لَا يَجُوزُ
لَهُ الْوَطْءُ حَتَّى يُكَفِّرَ لِأَنَّ الظِّهَارَ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ حَرَّمَهَا عَلَيْهِ . وَأَمَّا هُنَا فَقَوْلُهُ : إنْ فَعَلْت فَهِيَ طَالِقٌ . بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ : فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَهَا . أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأُطَلِّقَنَّهَا . إنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ؛ وَإِنْ طَلَّقَهَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ . يَبْقَى أَنْ يُقَالَ : هَلْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْفَوْرِ إذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا حِينَئِذٍ ؟ كَمَا لَوْ قَالَ : وَاَللَّهِ لَأُطَلِّقَنَّهَا السَّاعَةَ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا ؟ أَوْ لَا تَجِبُ إلَّا إذَا عَزَمَ عَلَى إمْسَاكِهَا ؟ أَوْ لَا تَجِبُ حَتَّى يُوجَدَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ كَاَلَّذِي يُخَيَّرُ بَيْنَ فِرَاقِهَا وَإِمْسَاكِهَا لِعَيْبِ وَنَحْوِهِ وَكَالْمُعْتَقَةِ تَحْتَ عَبْدِهِ ؟ أَوْ لَا تَجِبُ بِحَالِ حَتَّى يَفُوتَ الطَّلَاقُ ؟ قِيلَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ : فَثُلْثُ مَالِي صَدَقَةٌ أَوْ هَدْيٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَالْأَقْيَسُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِأَحَدِهِمَا كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْخِيَارِ .
ـــــــــــــــــــ
فَصْلٌ وَيَتَّصِلُ بِهَذَا " إذَا حَلَفَ بِالظِّهَارِ أَوْ بِالْحَرَامِ " عَلَى حَظٍّ أَوْ مَنْعٍ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت هَذَا فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ حَرَامٌ ؛ أَوْ الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي أَوْ الظِّهَارُ لَا أَفْعَلُهُ أَوْ لَأَفْعَلَنَّهُ . فَهَذَا أَصْحَابُنَا فِيهِ إذَا حَنِثَ بِالظِّهَارِ كَمَا أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ ؛ وَلِهَذَا قَالُوا فِي أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ : مِنْهَا الظِّهَارُ . وَكُنْت أُفْتِي بِهَذَا تَقْلِيدًا ؛ وَلِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْحُجَّةِ مِنْ أَنَّهُ حُكْمٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطِ كَمَا لَوْ قَالَ : إنْ فَعَلْت هَذَا فَأَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ . عُقُوبَةً لَهَا عَلَى فِعْلِهِ . وَأَفْتَيْت بَعْدَ هَذَا أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ إذَا كَانَ مَقْصُودُهُ عَدَمَ الْفِعْلِ وَعَدَمَ التَّحْرِيمِ كَمَا قُلْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ " نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " وَكَمَا قُلْنَاهُ فِي قَوْلِهِ : هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا وَقَوْلِهِ : هُوَ يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَالْمَيْتَةَ إنْ فَعَلَ كَذَا . فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَقْصُودُهُ الْحُكْمَ عِنْدَ الشَّرْطِ وَإِنَّمَا الْغَرَضُ الِامْتِنَاعُ مِنْ فِعْلٍ ؛ فَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ فَعَلَ كَذَا ؛ وَلَيْسَ غَرَضُهُ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ عِنْدَ الْفِعْلِ ؛ وَإِنَّمَا غَرَضُهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْفِعْلِ وَذِكْرُ الْتِزَامِ ذَلِكَ تَقْدِيرًا تَحْقِيقًا لِلْمَنْعِ كَمَا ذُكِرَ الْتِزَامُ التَّهَوُّدِ(7/432)
وَالتَّنَصُّرِ تَقْدِيرًا كَمَا أَنَّهُ مَعْنَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ هَتَكْت حُرْمَةَ الْأَيْمَانِ بِاَللَّهِ إنْ فَعَلْت هَذَا أَوْ نَقَصْت حُرْمَةَ اللَّهِ أَوْ اسْتَخْفَفْت بِحُرْمَةِ اللَّهِ إنْ فَعَلْت . وَمُوجَبُ الْأَيْمَانِ
كُلِّهَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ الْوَفَاءُ وَأَنَّهُ مَتَى حَنِثَ فَقَدْ هَتَكَ أَيْمَانَهُ وَأَنَّهُ تَهَوَّدَ وَتَنَصَّرَ كَمَا أَنَّ مُوجَبَ نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ مِنْ اللَّفْظِ وُجُوبُ الْوَفَاءِ ؛ فَإِنَّ الْحُكْمَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطِ يَجِبُ عِنْدَ وُجُودِهِ وَالْحَالِفُ بِشَيْءِ عَلَى فِعْلٍ قَدْ الْتَزَمَ ذَلِكَ الْفِعْلَ وَجَعَلَهُ مُعَلَّقًا بِمُعَظَّمِهِ الْمَحْلُوفِ بِهِ . فَمَتَى لَمْ يَفْعَلْهُ فَقَدْ هَتَكَ تِلْكَ الْحُرْمَةَ . وَقَوْلُهُ : أَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَوْ بِكَذَا . فِي مَعْنَى قَوْلِهِ أَعْقِدُهُ بِهِ وَأُلْصِقُهُ بِهِ ؛ وَلِهَذَا يُسَمَّى الْمُصَاحِبُ " حَلِيفًا " كَمَا كَانَ يُقَالُ لِعُثْمَانِ : " حَلِيفُ الْمِحْرَابِ " وَعِلَّتُهُ لَا يَتَخَلَّفُ ؛ وَلِهَذَا قِيلَ : إنَّ الْبَاءَ لِإِلْصَاقِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِالْمَحْلُوفِ بِهِ ؛ وَإِنَّمَا أَتَى بِلَامِ الْقَسَمِ تَوْكِيدًا ثَانِيًا كَأَنَّهُ قَالَ : أُلْصِقُ وَأَعْتَقِدُ بِاَللَّهِ مَضْمُونَ قَوْلِي لَأَفْعَلَنَّ . وَلِهَذَا سُمِّيَ التَّكْفِيرُ قَبْلَ الْحِنْثِ " تَحِلَّةً " لِأَنَّهُ يَحِلُّ هَذَا الْعَقْدَ الَّذِي عُقِدَ بِالْمَحْلُوفِ بِهِ مِثْلَ فَسْخِ الْبَيْعِ الَّذِي يَحِلُّ مَا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مِنْ الِانْعِقَادِ . فَالشَّارِعُ جَعَلَ الْأَيْمَانَ مِنْ بَابِ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ بِهَذَا الْبَدَلِ ؛ لَا مِنْ اللَّازِمَةِ مُطْلَقًا كَمَا كَانَ الْعَقْدُ بَيْنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْمَحْلُوفِ بِهِ وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ سَوَّغَ سُبْحَانَهُ لِعَبْدِهِ أَنْ يَحِلَّ هَذَا الْعَقْدَ الَّذِي عُقِدَ لِي وَبِي بِالْكَفَّارَةِ الَّتِي هِيَ عِبَادَةٌ وَقُرْبَةٌ وَكَانَ الْعَبْدُ مُخَيَّرًا بَيْنَ تَمَامِ عَقْدِهِ وَبَيْنَ حَلِّهِ بِالْبَدَلِ الْمَشْرُوعِ
؛ إذْ كَانَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي عَقَدَ هَذَا الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ كَمَا كَانُوا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ مُخَيَّرِينَ بَيْنَ الصِّيَامِ الَّذِي أَوْجَبَهُ وَبَيْنَ تَرْكِهِ بِالْكَفَّارَةِ وَكَمَا أَنَّ الْمُعْتَمِرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُنْشِئَ لِلْحَجِّ سَفَرًا وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهُ بِهَدْيِ التَّمَتُّعِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي إكْمَالِ الْحَجِّ بِالسَّفَرِ أَوْ بِالْهَدْيِ . وَلِهَذَا قُلْنَا : لَيْسَ جبرانا . لِأَنَّ دَمَ الْجُبْرَانِ لَا يُخَيَّرُ فِي سَبَبِهِ كَتَرْكِ الْوَاجِبَاتِ ؛ وَإِنَّمَا هُوَ هَدْيٌ وَاجِبٌ كَأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ الْمَحْضَةِ أَوْ الْبَدَنِيَّةِ الْمَالِيَّةِ وَهُوَ الْهَدْيُ ؛ وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ : إذَا كَانَ وَاجِبًا فَلَا يُؤْكَلُ مِنْهُ بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ ؟ قُلْنَا هَدْيُ النَّذْرِ أَيْضًا فِيهِ خِلَافٌ وَمَا وَجَبَ مُعَيَّنًا يَأْكُلُ مِنْهُ بِاتِّفَاقِ ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الذَّابِحِ لِلَّهِ مُهْدِيًا إلَى بَيْتِهِ أَعْظَمَ الْمَقْصُودَيْنِ ؛ وَلِهَذَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ تَفْرِقَتِهِ فِي الْحَرَمِ ؛ وَإِنْ كُنَّا نَحْنُ نُوجِبُ ذَلِكَ فِيمَا هُوَ هَدْيٌ دُونَ مَا هُوَ نُسُكٌ ؛ لِيَظْهَرَ تَحْقِيقُهُ بِتَسْمِيَتِهِ هَدْيًا وَهُوَ الْإِهْدَاءُ إلَى الْكَعْبَةِ . فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمُقْتَضِي لِلْوَفَاءِ قَائِمٌ وَإِنَّمَا الشَّارِعُ جَعَلَ الْكَفَّارَةَ رُخْصَةً ثُمَّ قَدْ يَجِبُ وَقَدْ يُسْتَحَبُّ كَمَا فِي أَكْلِ الْمُضْطَرِّ لِلْمَيْتَةِ : فَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي " نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " وَمَا أَشْبَهَهُ وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ " إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ " ؛
بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ ثُبُوتَ التَّحْرِيمِ عُقُوبَةً لَهَا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَوْ لِأُمِّهَا : إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ . فَهُنَا يَكُونُ مَقْصُودُهُ ثُبُوتَ التَّحْرِيمِ كَمَا أَنَّ فِي " نَذْرِ التَّبَرُّرِ " مَقْصُودُهُ ثُبُوتُ الْوُجُوبِ وَكَمَا فِي " الْخُلْعِ " مَقْصُودُهُ أَخْذُ الْعِوَضِ وَنَحْوَ ذَلِكَ . فَهَذَا التَّفْرِيقُ مُتَوَجِّهٌ عَلَى أَصْلِنَا فَإِنَّا كَمَا فَرَّقْنَا فِي الْتِزَامِ الْإِيجَابِ الْمُعَلَّقِ يَنْبَغِي أَنْ نُفَرِّقَ فِي الْتِزَامِ التَّحْرِيمِ الْمُعَلَّقِ . وَيَنْبَغِي أَنْ نُخَيِّرَهُ إذَا حَنِثَ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِالتَّحْرِيمِ وَبَيْنَ تَكْفِيرِ يَمِينِهِ كَمَا خَيَّرْنَاهُ فِي النَّذْرِ . ثُمَّ إنَّ طَرَدْنَا فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ - كَمَا يَتَخَرَّجُ عَلَى أُصُولِنَا وَكَمَا يُؤْثَرُ عَنْ الصَّحَابَةِ جُعِلَ الْعِتْقُ دَاخِلًا فِي " نَذْرِ اللَّجَاجِ " وَعَنْ طاوس وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ شَيْئًا وَتَوَقَّفَ الرَّاوِي : هَلْ كَانَ طاوس يَعُدُّهَا يَمِينًا ؟ - فَهُوَ مُتَوَجِّهٌ وَهُوَ أَقْوَى إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ(7/433)
. وَإِنْ فَرَّقْنَا بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَبَيْنَ الْحَرَامِ وَالظِّهَارِ فَمُتَوَجِّهٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ هُنَاكَ عَلَّقَ نَفْسَ الْوُقُوعِ الَّذِي لَا يُعَلَّقُ بِمَشِيئَةِ وَهُنَاكَ عَلَّقَ يَمِينًا كَأَنَّهُ قَالَ : إنْ فَعَلْت هَذَا فَعَلَيَّ يَمِينُ حَرَامٍ أَوْ فَعَلَيَّ يَمِينُ ظِهَارٍ أَوْ إنْ فَعَلْت هَذَا صِرْت مُظَاهِرًا وَمُحَرِّمًا . وَهُوَ إذَا صَارَ مُظَاهِرًا مُحَرِّمًا لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ ؛ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ تَحْرِيمُ تَزَيُّلِهِ الْكَفَّارَةَ فَصَارَ مِثْلَ قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت
كَذَا فَعَلَيَّ حَجَّةٌ أَوْ فَأَنَا حَاجٌّ أَوْ أَنَا مُحْرِمٌ . وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَحَقَّقْ .
فتاوى السبكي - (ج 4 / ص 65)
( فَصْلٌ ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ رَحِمَهُ اللَّهُ : هَذِهِ مُؤَاخَذَاتٌ عَلَى التَّصْنِيفِ الصَّغِيرِ الَّذِي عَمِلَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ وَسَمَّاهُ بِالِاجْتِمَاعِ وَالِافْتِرَاقِ فِي مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ وَالطَّلَاقِ لَا أُطَوِّلُ فِيهَا ؛ لِأَنِّي قَدْ تَكَلَّمْت عَلَى كَلَامِهِ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَلَكِنْ أُنَبِّهُ عَلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي فِي هَذَا التَّصْنِيفِ بِحَسْب الِاخْتِصَارِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ : قَوْلُهُ إنَّ صِيغَةَ قَوْلِهِ : الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا ، يَمِينٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ فَإِنَّهَا صِيغَةُ قَسَمٍ ، قُلْت كَيْفَ يَدَّعِي اتِّفَاقَ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَعْرِفُ هَذِهِ الصِّيغَةَ وَرَدَتْ فِي كَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَلَا سَمِعْتُ مِنْ عَرَبِيٍّ لَا فِي نَظْمٍ وَلَا فِي نَثْرٍ .
وَقَوْلُهُ : وَهُوَ أَيْضًا يَمِينٌ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ وَلَمْ يَتَنَازَعُوا فِي أَنَّهَا تُسَمَّى يَمِينًا .
قُلْت قَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى مِنْ كَلَامِنَا وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ لَا يَلْزَمُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِعِ عَلَى عُرْفِ الْفُقَهَاءِ مَا لَمْ يُعْلَمْ وُجُودُهُ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَوْلُهُ إنَّ مِنْهُمْ مَنْ غَلَّبَ عَلَيْهَا جَانِبَ الْيَمِينِ فَلَمْ يُوقِعْ بِهِ بَلْ قَالَ : عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ .
قُلْت : هَذَا الْقَوْلُ لَا أَعْرِفُ أَحَدًا صَرَّحَ بِهِ مِنْ سَلَفٍ وَلَا خَلَفٍ .
وَأَمَّا اقْتِضَاءُ كَلَامِ ابْنِ حَزْمٍ فِي كِتَابِهِ الْمُصَنَّفِ فِي الْإِجْمَاعِ لِنَقْلِهِ فَقَدْ تَكَلَّمْت عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى مِنْ الْكَلَامِ الْمُسَمَّى بِالتَّحْقِيقِ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ الَّتِي سَتُكْتَبُ بَعْدَ هَذَا .
وَقَوْلُهُ إنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ إنَّمَا عُرِفَ عَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ قَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ .
وَقَوْلُهُ : إنَّ التَّعْلِيقَ الَّذِي قَصَدَ صَاحِبُهُ الْحَلِفَ ، حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ ، إمَّا أَنْ يُرِيدَ فِي كَوْنِهِ يُسَمَّى حَلِفًا أَوْ فِي تَسَاوِي أَحْكَامِهِمَا ، فَإِنْ أَرَادَ الْأَوَّلَ فَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ ،
وَإِنْ أَرَادَ الثَّانِيَ فَمَمْنُوعٌ .
وَسَنَدُ الْمَنْعِ مِنْ وُجُوهٍ : مِنْهَا أَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ التَّعْلِيقَ صَرِيحٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الطَّلَاقِ يَلْزَمُنِي هَلْ هُوَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ .
وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا نَجِدُ وَاحِدًا مِنْ الْفُقَهَاءِ يُسَوِّي بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَقُولُ إمَّا أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ فِيهِمَا أَوْ لَا يَقَعُ فِيهِمَا بَلْ أَكْثَرُهُمْ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي الْوُقُوعِ .
وَمِنْهُمْ مَنْ يُفَرِّقُ وَالْحُكْمُ بِالْوُقُوعِ فِيهِمَا الَّذِي مِنْ لَازِمِهِ التَّسْوِيَةُ فِيهِ لَيْسَ حُكْمًا بِالتَّسْوِيَةِ بِالتَّفْسِيرِ الْمُتَقَدَّمِ حَتَّى يَسْتَنْتِجَ مِنْهُ عَدَمَ الْوُقُوعِ فِيهِمَا الَّذِي هُوَ خِلَافُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ ، وَمَنْ أَرَادَ إشْبَاعَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ فَعَلَيْهِ بِالتَّحْقِيقِ مَعَ اخْتِصَارِهِ .
قَوْلُهُ : إنَّ أَنْوَاعَ الْأَيْمَانِ ثَلَاثَةٌ 1 - بِاَللَّهِ 2 - لِلَّهِ 3 - أَنْ يَعْقِدَهَا بِغَيْرِ اللَّهِ أَوْ لِغَيْرِ اللَّهِ .(7/434)
قُلْت الْأَقْسَامُ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ بِاَللَّهِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَأَتَصَدَّقَنَّ .
الثَّانِي بِاَللَّهِ لِغَيْرِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَأَسْرِقَنَّ الثَّالِثُ بِغَيْرِ اللَّهِ لِلَّهِ كَقَوْلِهِ : وَالْكَعْبَةِ لَأَتَصَدَّقَنَّ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا إنْ فَعَلْت كَذَا لَأَتَصَدَّقَنَّ أَوْ فَعَلَيَّ الْحَجُّ ، وَالرَّابِعُ بِغَيْرِ اللَّهِ لِغَيْرِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ : وَالْكَعْبَةِ لَأَسْرِقَنَّ .
وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْقَسَمِ إنْ فَعَلْت كَذَا لَأَسْرِقَنَّ أَوْ فَهُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ فَالْقِسْمَانِ الْأَوَّلَانِ مُنْعَقِدَانِ تَجِبُ فِيهِمَا الْكَفَّارَةُ ، وَالثَّالِثُ فِيهِ مِثَالَانِ : أَحَدُهُمَا الْقَسَمُ الصَّرِيحُ كَقَوْلِهِ : وَالْكَعْبَةِ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ وَالثَّانِي إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ الْحَجُّ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ ، كَانَ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ كَالْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْقَسَمُ الصَّرِيحُ لَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ فَمَا هُوَ فِي حُكْمِهِ بِطَرِيقِ أَوْلَى .
وَلَعَلَّ هَذَا مُسْتَنِدُ مَنْ قَالَ إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِهِ شَيْءٌ لَكِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الصِّيغَةِ الثَّانِيَةِ تَعْظِيمٌ لِغَيْرِ اللَّهِ بَلْ الْتِزَامٌ مُجَرَّدٌ فَارَقَ قَوْلَهُ ، وَالْكَعْبَةِ وَمَا أَشْبَهُهُ فَإِنَّ فِيهَا تَعْظِيمَ غَيْرِ اللَّهِ فَلِذَلِكَ أَبْطَلَ أَثَرَهَا ، وَأَمَّا الصِّيغَةُ الثَّانِيَةُ فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْتِزَامٌ مُجَرَّدٌ ، وَالشَّخْصُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إلْزَامِ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ وَنَذْرِ التَّبَرُّرِ وَالضَّمَانِ فَقَدْ الْتَزَمَ شَيْئًا لَيْسَ فِيهِ تَعْظِيمُ غَيْرِ اللَّهِ وَلَيْسَ مَنْهِيًّا عَنْهُ وَهَذَا الْمَأْخَذُ أَعَوْصُ وَأَقْرَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ السَّلَفِ أَعْنِي مِنْ اعْتِبَارِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ لَكِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي الْمُتَرَتِّبِ ، فَمِنْ قَائِلٍ : وُجُوبُ الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَ لِمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ الْتَزَمَ شَيْئًا لَيْسَ فِيهِ تَعْظِيمٌ لِغَيْرِ اللَّهِ فَلَا مَانِعَ مِنْ اعْتِبَارِهِ كَنَذْرِ التَّبَرُّرِ وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنَّ الْمُلْتَزِمَ لِذَلِكَ لَمْ يَقْصِدْ الْتِزَامَهُ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى بَلْ إنَّمَا قَصَدَ ذَلِكَ لِيَمْنَعَ نَفْسَهُ مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ أَوْ يَحُثَّهَا ، وَالنَّذْرُ الَّذِي حَكَمَ الشَّرْعُ بِوُجُوبِهِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَقْصِدُ التَّقَرُّبَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ هُنَا الْوَفَاءُ وَيَتَخَلَّصُ مِنْهُ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ ؛ لِأَنَّهُ مُشْبِهٌ لِلْيَمِينِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ مَنَعَ نَفْسَهُ بِالْتِزَامِ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ تَعْظِيمُ غَيْرِ اللَّهِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي آخِرِهَا : إنَّهُ حَلَفَ حَقِيقَةً عَلَى الْحَجِّ مَثَلًا فَيَرُدُّهُ أَنَّ السَّلَفَ وَالْخَلَفَ يُطْلِقُونَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَنَّهُ حَلَفَ بِالْحَجِّ وَحَلَفَ بِالْعَتَاقَةِ وَحَلَفَ بِالصَّدَقَةِ فِيمَنْ قَالَ : إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَعَلَيَّ حَجٌّ أَوْ عَتَاقَةٌ أَوْ صَدَقَةٌ .
وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُ لَكَانُوا يَقُولُونَ حَلَفَ أَنْ يَحُجَّ أَوْ يَتَصَدَّقَ أَوْ يُعْتِقَ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ إلَّا حَلَفَ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ بِالْحَجِّ وَمَا أَشْبَهَهُ وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي يَفْهَمُهُ الَّذِينَ يَحْلِفُونَ ، فَالْفِعْلُ الْمَقْصُودُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ هُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَالْحَجُّ مَثَلًا هُوَ الْمَحْلُوفُ بِهِ وَيُسَمُّونَهُ إذَا فَعَلَ الْفِعْلَ حَانِثًا ، وَلَوْ كَانَ كَمَا يَقُولُ لَمْ يَكُنْ حَانِثًا إلَّا بِتَرْكِ الْحَجِّ وَمَا أَشْبَهَهُ فَهُوَ نَادِرٌ حَقِيقَةً لَكِنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ } ؛ لِأَنَّ عَلَى وَجْهِ الْحَلِفِ لَيْسَ قَصْدُهُ الطَّاعَةَ وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ الْمَشْيَ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُخَالَفَةِ ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْمَشْيِ لَهُ جِهَتَانِ : إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ وَذَلِكَ هُوَ الطَّاعَةُ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ لِغَرَضٍ آخَرَ كَمَا هَاهُنَا فَإِنَّهُ إنَّمَا قَصَدَهُ لِيَكُونَ مَانِعًا لَهُ مِنْ الْفِعْلِ فَإِذَا لَمْ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ } فَلَا يَجِبُ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا أَوْجَبَهُ الْإِنْسَانُ عَلَى
نَفْسِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَفِيمَا إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ الطَّاعَةَ أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فَوَجَبَ وَهَا هُنَا لَيْسَ الْمَقْصُودُ الطَّاعَةَ .(7/435)
وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ : كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَفِي قَوْله تَعَالَى { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ } فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ فَقَدْ تَرَتَّبَ الْمَنْذُورُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَفَاؤُهُ عَيْنًا بَلْ لَهُ أَنْ يُسْقِطَهُ بِالْكَفَّارَةِ .
وَقَدْ بَسَطَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا فِي التَّحْقِيقِ .
قَوْلُهُ إنَّ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ ، مِثْلُ أَنْ يَحْلِفَ بِالطَّوَاغِيتِ أَوْ بِأَبِيهِ أَوْ بِالْكَعْبَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ أَنَّهَا يَمِينٌ غَيْرُ مُحْتَرَمَةٍ فَلَا تَنْعَقِدُ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ .
يَرُدُّ عَلَيْهِ فِي إيجَابِهِ الْكَفَّارَةَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ .
وَأَمَّا حُكْمُنَا نَحْنُ بِانْعِقَادِهَا ؛ فَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى مَا اتَّفَقُوا عَلَى عَدَمِ انْعِقَادِهَا ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا تَعْظِيمُ غَيْرِ اللَّهِ بِخِلَافِ الْحَلِفِ بِالطَّوَاغِيتِ وَأَبِيهِ وَالْكَعْبَةِ .
وَقَوْلُهُ فِي الْمَعْقُودَةِ لِلَّهِ فِيمَا إذَا كَانَ مَقْصُودُهُ التَّقَرُّبَ لَا الْحَلِفَ إلَى آخِرِهِ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ فِي كُلِّ نَذْرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ نَذْرَ التَّبَرُّرِ لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ وَكَأَنَّ النُّسْخَةَ سَقِيمَةٌ فَلْيَنْظُرْ فِي أُخْرَى .
وَإِدْرَاجُهُ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي فِي الْيَمِينِ الْمَعْقُودَةِ لِلَّهِ يَقْتَضِي : أَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ يَمِينٌ مَعْقُودَةٌ لِلَّهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ قَوْلَهُ : مَعْقُودٌ لِلَّهِ إنْ أُرِيدَ بِهَا التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ فَالْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ الْتَزَمَ بِهَا شَيْئًا يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ كَالْحَجِّ وَالصَّدَقَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ بِالطَّلَاقِ لَيْسَ مَقْصُودُهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْحِنْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَا أَنْ يُنْشِئَ طَلَاقًا بَلْ مَقْصُودُهُ أَنَّهَا تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ وُجُودِ الشَّرْطِ .
قَوْلُهُ : وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا عَقَدَهُ لِلَّهِ مِنْ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْحَلِفُ بِالنَّذْرِ وَمَا عَقَدَهُ لِلَّهِ مِنْ تَحْرِيمٍ وَهُوَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَقَالُوا فِي الْأَوَّلِ : كَفَّارَةٌ وَفِي الثَّانِي مَا حَلَفَ ، هَذَا وَإِنْ كَانَ قَوْلَ الْجُمْهُورِ وَلَكِنْ لَمْ يَقُولُوهُ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ وَلَيْسَ مَأْخَذُهُمْ كَوْنَ هَذَا تَحْرِيمًا وَإِيجَابًا ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَأْخَذُهُمْ لَزِمَهُمْ أَنْ يَقُولُوا بِهِ مِنْ كُلِّ تَحْرِيمٍ كَمَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتِي أَوْ أَمَتِي حَرَامٌ وَهَذَا الطَّعَامُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَيَحْرُمُ إذَا وَجَدَ الشَّرْطَ ، وَهَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ .
بَلْ مَأْخَذُهُمْ أَنَّ هَذَا وُقُوعٌ وَذَاكَ الْتِزَامٌ ، وَالْأَوَّلُ مُفَوَّضٌ إلَى الْعَبْدِ يُصِيبُ بِسَبَبِهِ تَنْجِيزًا وَتَعْلِيقًا وَمَتَى وَجَدَ سَبَبَهُ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ .
( وَالثَّانِي ) لَيْسَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ مُطْلَقًا بَلْ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ وَإِذَا وَجَبَ سَبَبُهُ وَتَرَتَّبَ فِي الذِّمَّةِ يُمْكِنُ سُقُوطُهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ .
وَاسْتِدْلَالُهُ بِالْآيَاتِ وَالْحَدِيثِ الدَّالِ عَلَى تَكْفِيرِ الْأَيْمَانِ ، وَدَعْوَاهُ أَنَّهَا شَامِلَةٌ لِهَذِهِ الْيَمِينِ مَمْنُوعَةٌ .
وَقَوْلُهُ : إنَّ هَذِهِ دَاخِلَةٌ فِي أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ وَأَيْمَانِ الْبَيْعَةِ ، وَدَعْوَاهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِيهَا نِزَاعًا فَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَنَا أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ وَأَيْمَانُ الْبَيْعَةِ إنَّمَا صَارَتْ يَدْخُلُ فِيهَا الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ مِنْ زَمَنِ الْحَجَّاجِ فَإِنَّهُ زَادَهَا فِي أَيْمَانِ الْبَيْعَةِ وَصَارَ يُحَلِّفُ الْمُسْلِمِينَ بِهَا وَاشْتَهَرَتْ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ، فَإِذَا نَوَاهَا الْحَالِفُ دَخَلَتْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا لَا تَدْخُلُ وَلَوْلَا ذَلِكَ دَخَلَتْ الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فِيهَا نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ ، فَالْإِيهَامُ بِكَوْنِهَا مِنْ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُفِيدُ .(7/436)
وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ : أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ إمَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا مَا شُرِعَ لِلْمُسْلِمِينَ الْحَلِفُ بِهَا أَوْ مَا يَتَعَارَفُ الْمُسْلِمُونَ الْحَلِفَ بِهِ وَجَرَتْ عَادَتْهُمْ بِهِ فَإِنْ أُرِيدَ الْأَوَّلُ فَالْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاق لَمْ يُشْرَعْ لِلْمُسْلِمِينَ الْحَلِفُ بِهَا بَلْ هِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُت } وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَا يَتَعَارَفُهُ الْمُسْلِمُونَ وَجَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالْحَلِفِ بِهِ فَالْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَمْ تَجْرِ عَادَةُ الْمُسْلِمِينَ حِينَ الْأَوَّلِ وَلَا فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَلِفِ بِهَا وَهُوَ قَدْ سَلَّمَ ، فَكَيْفَ يَقُولُ إنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ وَيَحْتَجُّ بِعُرْفٍ طَارِئٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوٍ مِنْ سَبْعِينَ سَنَةً ؟ ، ، ثُمَّ إنَّ سِيَاقَ الْآيَاتِ الْكَرِيمَةِ فِي مَعْرِضِ إيجَابِ الْكَفَّارَةِ فِي الْأَيْمَانِ لَا فِي مَعْرِضِ تَبْيِينِ مَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ مِنْ الْأَيْمَانِ وَأَنَّهَا مِنْ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ أَيْمَانِ غَيْرِهِمْ .
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى { وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الْأَيْمَانَ } وَهِيَ أَعَمُّ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ } وَالْخِطَابُ وَإِنْ سُلِّمَ أَنَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً فَيَدْخُلُ فِي حُكْمِهِ كُلُّ مُكَلَّفٍ لِعُمُومِ شَرِيعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكُلِّ أَحَدٍ بِكُلِّ مُكَلَّفٍ بَرٌّ أَوْ فَاجِرٌ يَدْخُلُ فِي حُكْمِ هَذَا الْخِطَابِ وَلَكِنْ تَبَيَّنَّ بِدَلِيلٍ آخَرَ : أَنَّ الْأَيْمَانَ الَّتِي لَا حُرْمَةَ لَهَا لَا يَجِبُ فِيهَا كَفَّارَةٌ فَعَلِمْنَا خُرُوجُهَا مِنْ الْآيَاتِ وَالْحَدِيثِ بِالْأَدِلَّةِ الْخَاصَّةِ ، وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَحْلِفُونَ بِآبَائِهِمْ حَتَّى نُهُوا .
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ( وَاللَّيْلِ ) ( وَالضُّحَى ) ( وَالشَّمْسِ ) وَرُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ وَهُوَ سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ } .
قَوْلُهُ : وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَهُوَ أَنَّ فَرْضَ الْكَفَّارَةِ لِئَلَّا تَكُونَ الْأَيْمَانُ مُوجِبَةً أَوْ مُحَرَّمَةً لَا مَخْرَجَ مِنْهَا فَلَوْ كَانَ مِنْ الْأَيْمَانِ مَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ كَانَتْ هَذِهِ الْمَفْسَدَةُ مَوْجُودَةً .
قُلْنَا : لَا نُسَلِّمُ وُجُودَهَا ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَفْسَدَةَ عَلَى تَقْدِيرِ مُخَالَفَةِ الْيَمِينِ ارْتِكَابُ مَعْصِيَةِ اللَّهِ مِنْ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ .
وَقَدْ تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَى مُخَالَفَةِ الْيَمِينِ فَشُرِعَتْ الْكَفَّارَةُ لِذَلِكَ ، وَالْمَفْسَدَةُ هُنَا : وُقُوعُ الطَّلَاقِ فَلَيْسَ فِيهِ مَعْصِيَةٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَفْسَدَةٌ أُخْرَى لَكِنَّ الْمَعْصِيَةَ أَشَدُّ عِنْدَ الْمُسْلِمِ مِنْ كُلِّ مَفْسَدَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ .
وَالْمَفْسَدَةُ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْيَمِينِ مُشْتَرَكَةٌ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذِهِ الْمَفْسَدَةَ وَحْدَهَا هِيَ الْمُلَاحَظَةُ بَلْ الْمَجْمُوعُ الَّذِي هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ .
فَإِنْ قُلْتَ فَفِي نَذْرِ الْحَاجِّ لِمَ حَلَّتْ الْكَفَّارَةُ ؟ .
قُلْت ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ إيجَابٌ وَيَحْصُلُ بِتَرْكِهِ الْمَعْصِيَةُ فَلَوْ لَمْ تُشْرَعْ فِيهِ الْكَفَّارَةُ لَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ قَبْلَ شَرْعِ الْكَفَّارَةِ لِحُصُولِ الْعِصْيَانِ عَلَى تَقْدِيرِ تَرْكِ مَا الْتَزَمَهُ فَهُوَ بِالْيَمِينِ مِنْ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الَّذِي لَا مَعْصِيَةَ فِيهِ أَلْبَتَّةَ .
وَقَوْلُهُ : إنَّ اللَّهَ نَهَاكُمْ أَنْ تَجْعَلُوا الْحَلِفَ بِاَللَّهِ مَانِعًا لَهُمْ ، إلَى آخِرِهِ .
قُلْت الَّذِي فَهِمْته مِنْ كَلَامِ السَّلَفِ فِي قَوْلِهِ { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ } أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ الْحَلِفُ لِأَجْلِ هَذَا الْغَرَضِ ، وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ مَا وَرَدَ عَنْهُمْ مِمَّا ظَاهِرُهُ خِلَافُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُجْعَلُ بِالْبَقَاءِ عَلَى الْيَمِينِ جَاعِلًا اللَّهَ عُرْضَةً لِيَمِينِهِ .
هَذَا مِمَّا يَنْبُو الْفَهْمُ عَنْهُ .(7/437)
وَكَلَامُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ الْمُعْتَمَدِ عَلَى تَفْسِيرِهِمْ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِهِ بَلْ يُفْهَمُ مِنْهُ مَا قُلْته أَوَّلًا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - .
وَقَوْلُهُ فِي الْإِيلَاءِ إلَى آخِرِهِ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ دُخُولَ الْحَالِفِ بِالطَّلَاقِ فِي لَفْظِ الْآيَةِ بَلْ فِي حُكْمِهَا بِالْقِيَاسِ وَلَوْ سَلَّمْنَا وقَوْله تَعَالَى { فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - فِيهِ مَقْصُودُهُ الْمُزَوَّجَةُ وَهِيَ مُتَعَدِّدَةٌ هُنَا وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ أَنَّ كُلَّ مُولٍ يُمْكِنُ أَنْ يَفِيءَ هَذِهِ الْفَيْئَةَ الْخَاصَّةَ وَلَوْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ فَالْمَرْأَةُ إذَا تَحَقَّقَتْ أَنَّهَا مَتَى وُطِئَتْ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا تَكْرَهُ صُحْبَتَهُ إنْ كَانَتْ رَاغِبَةً فِي الْوَطْءِ فَيَحْصُلُ مَقْصُودُهَا ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ غَيْرَ رَاغِبَةٍ فِي الْوَطْءِ وَتَكْتَفِي بِمُجَرَّدِ الصُّحْبَةِ فَلَا تَطْلُبُهُ ، وَالْفَيْئَةُ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الطَّلَبِ أَوْ التَّعَرُّضِ لَهُ .
وَقَوْلُهُ إنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّأْجِيلِ بَلْ التَّعْجِيلُ إلَيْهَا قُلْنَا : التَّأْجِيلُ لَيْسَ لِأَجْلِهَا بَلْ لِأَجْلِهِ فَيُمْهَلُ هَذِهِ الْمُدَّةَ الَّتِي لَا تَضُرُّ بِالْمَرْأَةِ ، ثُمَّ تُطَالِبُ بَعْدَ الْمُدَّةِ دَفْعًا لِضَرَرِهَا .
وَأَمَّا أَنَّ التَّأْجِيلَ شُرِعَ لِنَفْعِ الْمَرْأَةِ فَلَا ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ فَتْوَى الصَّحَابَةِ فِيمَنْ قَالَ إنْ فَعَلَتْ كَذَا فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ قَدْ حَصَلَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ وَفِيهِ كَلَامٌ طَوِيلٌ لَا يُحْتَمَلُ ذِكْرُهُ هُنَا .
وَالْإِمَام أَحْمَدُ لَمْ يُثْبِتْهُ وَتَقْرِيرُهُ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَيْمَانٌ مَحْضَةً قَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى شَيْءِ مِنْهُ وَقَدْ ذَكَرْت - أَنَا - قَرِيبًا مِنْهُ فِي التَّحْقِيقِ قَبْلَ أَنْ أَقِفَ عَلَى كَلَامِهِ فِيهِ وَلَكِنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِهِ بَعْضُ الْمُبَايَنَةِ وَهُوَ أَنَّنِي - أَنَا - أَجْعَلُهُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ فِي نَذْرِ الْحَاجِّ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْحَالِفِ عَلَى الْحَجِّ مَثَلًا وَصَيْرُورَتُهُ كَذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَى كَلَامِهِ بَلْ الشَّرْعُ نَزَّلَهُ مَنْزِلَتَهُ وَأَمَّا مُقْتَضَى كَلَامِهِ فَالْتِزَامٌ الْتَزَمَهُ لَا غَيْرَ ، وَأَمَّا ابْنُ تَيْمِيَّةَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ هَذَا أَنْ يَجْعَلَهُ مُقْتَضَى كَلَامِهِ الْحَلِفُ لَا النَّذْرُ .
وَأَمَّا احْتِجَاجُهُ بِقَوْلِهِ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ وَمَا أَشْبَهَهُ فَقَدْ أَجَبْت عَنْهُ فِي التَّحْقِيقِ وَكَذَلِكَ قِيَاسُهُ عَلَى قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَ امْرَأَتِي .
وَقَوْلُهُ : إنَّ الْمُعَلِّقَ لِلطَّلَاقِ مُلْتَزِمٌ لِوُقُوعِهِ ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّ مَنْ عَقَدَ الْيَمِينَ لِلَّهِ فَهُوَ أَبْلَغُ مِمَّنْ عَقَدَهَا بِاَللَّهِ وَلِهَذَا كَانَ النَّذْرُ أَبْلَغَ مِنْ الْيَمِينِ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ لَيْسَ عَقْدَ يَمِينٍ لَا بِاَللَّهِ وَلَا لِلَّهِ بَلْ هُوَ عَقْدُ يَمِينٍ لِغَيْرِ اللَّهِ وَهُوَ الطَّلَاقُ عَلَى فِعْلٍ قَدْ يَكُونُ لِلَّهِ وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ وَسُلُوكُهُ بِهِ مَسْلَكَ النَّذْرِ هُوَ أَصْلُ مَا بَنَى عَلَيْهِ وَحَصَلَ لَهُ مِنْهُ الِاشْتِبَاهُ وَبَيْنَهُمَا مِنْ الِافْتِرَاقِ بَوْنٌ عَظِيمٌ وَلَمْ يُوجِبْ لَهُ هَذَا الشَّغَبُ الْكَثِيرُ إلَّا تَسْوِيَتُهُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَسْتَوِيَانِ - وَاَللَّهُ تَعَالَى يُلْهِمُنَا رُشْدَنَا بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ - .
كَتَبْت ذَلِكَ مُخْتَصِرًا جِدًّا بِحَسْبِ الرَّاغِبِ فِيهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ بِمَا يُغْنِي .
وَذَلِكَ بُكْرَةَ نَهَارِ الْأَرْبِعَاءِ عَشْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُعَظَّمِ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ - نَفَعَنِي اللَّهُ بِهَا وَالنَّاظِرَ فِيهَا بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ - .
كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَافِي السُّبْكِيُّ انْتَهَى .
نَقَلَ مِنْ خَطِّ مَنْ نَقَلَ مِنْ خَطِّهِ وَسَمَّاهُ نَقْدُ الِاجْتِمَاعِ وَالِافْتِرَاقِ فِي مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ وَالطَّلَاقِ .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى السبكي - (ج 4 / ص 76)(7/438)
( مَسْأَلَةٌ مُسَمَّاةٌ بِالنَّظَرِ الْمُحَقَّقِ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ ) لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ كِتَابَانِ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ تَيْمِيَّةَ : أَحَدُهُمَا كِتَابُهُ الْكَبِيرُ الْمَشْهُورُ الْمُسَمَّى بِالتَّحْقِيقِ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ ، وَالثَّانِي كِتَابُ رَفْعِ الشِّقَاقِ عَنْ مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ .
وَهَذِهِ فُتْيَا مُخْتَصَرَةٌ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : مَسْأَلَةٌ : إذَا عَلَّقَ الرَّجُلُ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى شَرْطٍ قَاصِدًا الْيَمِينَ إمَّا لِحَثٍّ أَوْ مَنْعٍ أَوْ تَصْدِيقٍ ، ثُمَّ وُجِدَ ذَلِكَ الشَّرْطُ وَقَعَ الطَّلَاقُ .
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ مُقْتَضَى الْقَضِيَّةِ الشَّرْطِيَّةِ الْحُكْمُ بِالْمَشْرُوطِ عَلَى تَقْدِيرِ الشَّرْطِ خَبَرِيَّةً كَانَتْ أَوْ إنْشَائِيَّةً ، وَالْمُعَلَّقُ فِيهَا هُوَ نِسْبَةُ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ إلَى الْآخَرِ لَا الْحُكْمُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ الَّذِي هُوَ مُنْقَسِمٌ إلَى الْخَبَرِ وَالْإِنْشَاءِ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَسْتَحِيلُ تَعْلِيقُهُ فَالْمُعَلَّقُ فِي مَسْأَلَتِنَا هُوَ الطَّلَاقِ وَأَمَّا التَّطْلِيقُ فَهُوَ فِعْلُ الزَّوْجِ يُوقِعُهُ مُنْجَزًا أَوْ مُعَلَّقًا وَيُوصَفُ التَّعْلِيقُ بِكَوْنِهِ تَطْلِيقًا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ حَقِيقَةً فَإِنْ لَمْ يُجِزْ التَّعْلِيقَ يَخْرُجُ الَّذِي حَصَلَ مُقْتَضَاهُ عَنْ الشَّرْطِ ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَحْكَامُ الشَّرِيعَةِ كُلِّهَا الْمُعَلَّقَةِ بِالْمَشْرُوطِ ، وَمَنْ مَنَعَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالصِّفَاتِ مُطْلَقًا فَقَدْ الْتَبَسَ عَلَيْهِ التَّعْلِيقُ بِتَعْلِيقِ الْإِنْشَاءِ فَظَنَّ أَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ مِنْ الثَّانِي وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الْأَوَّلِ وَقَدْ عَلَّقَ اللَّهُ إحْلَالَ امْرَأَةٍ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هِبَتِهَا نَفْسَهَا لَهُ وَإِرَادَتِهِ اسْتِنْكَاحَهَا وَإِنْ خَرَجَ الْيَمِينُ فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ لِوُجُوهٍ : أَحَدُهَا أَنَّهُ تَعْلِيقٌ خَاصٌّ فَيَجِبُ ثُبُوتُ حُكْمِ التَّعْلِيقِ الْعَامِّ لَهُ .
الثَّانِي { وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ } وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ : أَنَّ الْمُلَاعِنَ يَقْصِدُ بِهَذَا الشَّرْطِ التَّصْدِيقَ فَهُوَ خَارِجٌ مَخْرَجَ الْيَمِينِ وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مُوجَبُ اللَّعْنَةِ وَالْغَضَبِ عَلَى تَقْدِيرِ الْكَذِبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إنَّهَا مُوجِبَةٌ وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى ذَلِكَ الْكَفَّارَةَ لَكَانَ الْإِتْيَانُ بِالْقَسَمِ أَوْلَى .
( الثَّالِثُ ) أَنَّ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَأَشْعَارِ الْعَرَبِ وَكَلَامِ الْفُصَحَاءِ مِنْ التَّعْلِيقَاتِ الَّتِي الْحَثُّ أَوْ الْمَنْعُ أَوْ التَّصْدِيقُ مَا لَا يُحْصَى مَعَ الْقَطْعِ بِحُضُورِ الْمَشْرُوطِ فِيهَا عِنْدَ الشَّرْطِ .
( الرَّابِعُ ) أَنَّ تَسْمِيَةَ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ يَمِينًا لَا يَعْرِفُهُ الْعَرَبُ وَلَمْ يَتَّفِقْ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ وَلَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ وَإِنَّمَا يُسَمَّى بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي حُكْمِ الْأَيْمَانِ وَأَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلتَّكْفِيرِ .
( الْخَامِسُ ) أَنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ وَإِنْ قُصِدَ بِهِ الْمَنْعُ فَالطَّلَاقُ مَقْصُودٌ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ وَلِذَلِكَ نَصَبَهُ الزَّوْجُ مَانِعًا لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا امْتَنَعَ ، وَلَا اسْتِحَالَةَ فِي كَوْنِ الطَّلَاقِ غَيْرَ مَقْصُودٍ لِلزَّوْجِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَمَقْصُودًا لَهُ عَلَى تَقْدِيرٍ وَإِذَا كَانَ مَقْصُودًا وَوُجِدَ الشَّرْطُ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى مُقْتَضَى تَعْلِيقِهِ وَقَصْدِهِ .
( السَّادِسُ ) أَنَّهُ عِنْدَ الشَّرْطِ يَصِحُّ اسْمُ التَّطْلِيقِ لِمَا تَقَدَّمَ فَيَنْدَرِجُ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } .
وَالسَّابِعُ أَنَّ التَّطْلِيقَ مُفَوَّضٌ إلَى الْعَبْدِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } وَهُوَ أَعَمُّ مَنْ الْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقُ فَيَنْدَرِجُ الْمُعَلَّقُ تَحْتَ الْآيَةِ .
( الثَّامِنُ ) الْإِجْمَاعُ نَقَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمْ .
فَإِنْ قُلْت يَرِدُ عَلَيْك أَمْرَانِ : أَحَدُهُمَا طَلَبُ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ نَذْرِ الْحَاجِّ عِنْدَ مَنْ جَعَلَهُ يَتَخَلَّصُ مِنْهُ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ ، وَالثَّانِي فِي دَعْوَاك الْإِجْمَاعَ .
وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُ النَّاسِ قَوْلَيْنِ آخَرَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِهِ شَيْءٌ .(7/439)
وَالثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِهِ كَفَّارَةٌ .
قُلْت أَمَّا الْأَوَّلُ فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الطَّلَاقَ إسْقَاطُ حَقٍّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَصْدُ الْقُرْبَةِ وَفِي اللَّجَاجِ لَمْ يُوجَدْ هَذَا الشَّرْطُ وَلَمْ يَأْذَنْ الشَّرْعُ فِيهِ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ إيجَابٌ وَلَا تَحْرِيمٌ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الدَّلِيلَ قَدْ قَامَ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَهُوَ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ فَإِنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى خُرُوجِ اللَّجَاجِ عَنْهُ بَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ ، وَأَمَّا أَنْ نَجْعَلَ اللَّجَاجَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ الْخَارِجَ عَنْ الْأَصْلِ أَصْلًا وَنُلْحِقُ بِهِ الْجَارِي عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ فَغَيْرُ سَدِيدٍ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ مَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنْ التَّابِعِينَ - إلَّا أَنَّ طَاوُسًا نُقِلَ عَنْهُ لَفْظٌ مُحْتَمَلٌ لِذَلِكَ أَوَّلْنَاهُ - وَلَا مِمَّنْ بَعْدَهُمْ إلَّا الشِّيعَةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِمَّنْ لَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ .
وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالْكَفَّارَةِ فِي ذَلِكَ فَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ حَزْمٍ فِي مَرَاتِبِ الْإِجْمَاعِ نَقْلُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ مَعَ إبْهَامِهِ وَعَدَمِ تَعْيِينِ قَائِلِهِ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ فَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ صُوَرِ الْحَلِفِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى .
كَتَبَهُ مُصَنِّفُهُ عَلِيٌّ السُّبْكِيُّ فِي لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَسَبْعِمِائَةِ .
ـــــــــــــــــــ
( مَسْأَلَةٌ ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ : الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي ثَلَاثًا مَا بَقِيَ بَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ .
يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ : إنْ نَوَى مُعَامَلَةً خَاصَّةً .
كَمُدَايَنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَيَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَيْهَا وَتَكُونُ يَمِينُهُ مُنْعَقِدَةً عَلَيْهَا ، وَالزَّوْجِيَّةُ بَيْنَهُمَا مُسْتَمِرَّةٌ لَا تُؤَثِّرُ فِيهَا الْيَمِينُ الْمَذْكُورَةُ وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَالزَّوْجِيَّةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُعَامَلَاتِ فَإِنْ أَبَانَهَا عَلَى الْفَوْرِ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَلَهُ رَدُّهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَإِلَّا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِبَقَاءِ الْمُعَامَلَةِ بِدَوَامِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا وَلَوْ لَحْظَةً ، وَلَوْ نَوَى مُعَاشَرَةً خَاصَّةً أَوْ نَحْوَهَا حُمِلَ عَلَيْهِ كَالْمُدَايَنَةِ وَكَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً عَلَيْهَا مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - .
كَتَبَهُ عَلِيٌّ السُّبْكِيُّ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ ثَالِثَ عَشْرَ ذِي الْقَعَدَةِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةِ .
( مَسْأَلَةٌ ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ : الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مَا بَقِيَّتِي تَكُونِي لِي بِامْرَأَةٍ .
( الْجَوَابُ ) تَطْلُقُ بِذَلِكَ الطَّلَاقِ الَّذِي حَلَفَ إنْ كَانَ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَإِنْ كَانَ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - انْتَهَى .
ـــــــــــــــــــ
مَسْأَلَةٌ ) قَالَتْ لَهُ حَمَاتُهُ تَزَوَّجْت عَلَى بِنْتِي فَقَالَ : كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَ بِنْتِك طَالِقٌ وَلَيْسَ لَهُ زَوْجَةٌ غَيْرَهَا هَلْ تَطْلُقُ لِكَوْنِهِ ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مُسْتَغْرَقًا .
( الْجَوَابُ ) لَا تَطْلُقُ وَلَيْسَ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ بَلْ هُوَ صِفَةٌ وَلَوْ كَانَ اسْتِثْنَاءً فَنَحْنُ إنَّمَا نَقُولُ : الِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ بَاطِلٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنَاقُضِ ؛ لِأَنَّ آخِرَهُ يَرْفَعُ أَوَّلَهُ وَلَفْظَهُ مُتَهَافِتٌ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا عَشْرَةً أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا ، أَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ فِي اللَّفْظِ تَهَافُتٌ بَلْ كَانَ مُنْتَظِمًا فَقَدْ لَا نَقُولُ بِبُطْلَانِهِ ، وَمِثَالُهُ أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا إذَا جَعَلْنَا الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمَمْلُوكِ مُسْتَغْرِقًا فَيَبْطُلُ وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِنْ الْمَلْفُوظِ لَمْ يَكُنْ(7/440)
مُسْتَغْرِقًا فَلَا يَبْطُلُ فَإِذَا خَرَجَ ثَلَاثًا مِنْ خَمْسٍ بَقِيَ ثِنْتَانِ فَيَقَعُ وَيَبْقَى لَهُ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ وَمَسْأَلَتُنَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : إنَّهَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ " كُلُّ امْرَأَةٍ لِي " لَفْظَةٌ مُجَرَّدَةٌ لَا تُنَاقِضُ قَوْلَهُ إلَّا أَنْتِ إذَا أَخَذْنَا أَنَّهُ لَا امْرَأَةَ لَهُ غَيْرُهَا .
وَفِي كَوْنِ هَذَا مُسْتَغْرِقًا نَظَرٌ إذْ لَا تَهَافُتَ فِيهِ لَكِنْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى غَيْرِ التَّهَافُتِ وَهُوَ أَنَّهُ مَتَى لَمْ يُوقِعْ يَلْزَمُ إلْغَاءُ اللَّفْظِ وَأَنَّهُ أَطْلَقَ الْمَرْأَةَ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : بِالْوُقُوعِ .
وَهَذَا الْمَأْخَذُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ نَجْعَلَهُ صِفَةً أَوْ اسْتِثْنَاءً فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّنِي بَعْدَ أَنْ كُنْت جَازِمًا بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ لِأَجْلِ كَوْنِهِ صِفَةً عَرَضَ لِي وَقْفَةٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ .
وَحَاصِلُهُ أَنَّا هَلْ نُسَوِّغُ لَهُ ذَلِكَ أَوْ نُوجِبُ حَمْلَ الْمَرْأَةِ عَلَى مَنْ فِي عِصْمَتِهِ ؟ ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَهُوَ مُقْتَضَى الْوُقُوعِ ، وَلَا يُنْجِي مِنْ هَذَا إلَّا أَنْ يُقَالَ : إنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا : الْكَلَامُ إنْ كَانَتْ لِي امْرَأَةٌ غَيْرُكِ فَهِيَ طَالِقٌ فَهِيَ قِصَّةٌ فِي مَعْنَى قِصَّةٍ أُخْرَى وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَهَا مِنْ إيقَاعِ الطَّلَاقِ مُنْجَزًا عَلَى كُلِّ امْرَأَةٍ لَهُ غَيْرَ هَذِهِ ؛ لِأَنَّ الَّذِي نَعْلَمُ أَنَّهُ لَا امْرَأَةَ لَهُ غَيْرُ هَذِهِ لَا يُقْصَدُ بِهَذَا الْكَلَامِ إلَّا التَّعْلِيقُ وَهِيَ أَنْ تَكُونَ لَهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ انْتَهَى .
ثُمَّ كَتَبَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلَى الْحَاشِيَةِ بِخَطِّهِ مَا نَصُّهُ : الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيِي فِي هَذَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ سَوَاءً جَعَلْنَاهُ صِفَةً أَمْ اسْتِثْنَاءً إلَّا أَنْ يُؤَخَّرَ فَيَقُولُ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك أَوْ إلَّا أَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ وَلَيْسَ مُسْتَغْرِقًا .
وَالْمُسْتَغْرِقُ إنَّمَا هُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَدْلُولَهُمَا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ وَاحِدٌ وَأَنْ يَرْفَعَ حُكْمًا بَعْدَ ثُبُوتِهِ كَمَا إذَا تَأَخَّرَ .
وَرَأَيْت بَعْدَ هَذَا فِي نُسْخَةٍ مِنْ فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ غَيْرِ الْفَتَاوَى الْمَشْهُورَةِ : مَسْأَلَةٌ مَا نَصُّهُ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ غَيْرَك طَالِقٌ وَلَا امْرَأَةَ لَهُ غَيْرُهَا قَالَ الشَّيْخُ إنْ كَانَ قَالَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ لَمْ يَقَعْ وَإِلَّا وَقَعَ ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْهَا فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْتِ قُلْت - أَنَا - كَيْفَ مَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى امْرَأَةِ الْقَائِلِ .
قُلْت لَا أَدْرِي مَنْ هُوَ وَلَعَلَّهُ الَّذِي جَمَعَ الْفَتَاوَى .
قَالَ مَوْلَانَا قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجُ الدِّينِ عَبْدُ الْوَهَّابِ فَسَحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ : ثُمَّ خَرَّجَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَسْأَلَةَ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ مُخْتَصَرَةً وَلَمْ يَحْكِ فِيهَا النَّقْلَ .
ـــــــــــــــــــ
( مَسْأَلَةٌ ) مِنْ فَارَسْكُورَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ : رَجُلُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا إنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ كَذَا وَلَمْ أَدْخُلْ بِهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ غَائِبٌ .
( أَجَابَ ) إنْ شَهِدَ أَرْبَعٌ مِنْ الْقَوَابِلِ بِبَكَارَتِهَا حَلَفَتْ لِأَجْلِ غَيْبَتِهِ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ وَحُكِمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ انْتَهَى .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الرملي - (ج 4 / ص 244)
( سُئِلَ ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ : إنْ خَرَجْت فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَصَدَ إعْلَامَهَا وَمَنْعَهَا وَهِيَ مِمَّنْ تُبَالِي بِقَوْلِهِ بَعْدَ أَنْ سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ لِبَيْتِ شَخْصٍ أَوْ لِبَيْتِ شَخْصَيْنِ فَخَرَجَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِغَيْرِ الْبَيْتَيْنِ ، ثُمَّ ادَّعَتْ بَعْدَ أَنْ سُئِلَتْ أَنَّ زَوْجَهَا لَمْ يَحْلِفْ إلَّا عَلَى الْخُرُوجِ لِبَيْتِ مَنْ سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ وَإِنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ لَمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ(7/441)
فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَلَا تَطْلُقُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهَا وَنِسْيَانِهِ أَوْ كِذْبِهَا مُعْتَقِدَةً أَنَّهُ غَيْرُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِقَبُولِ قَوْلِهَا فَهَلْ يَكُونُ جَارِيًا فِيمَا إذَا صَدَّقَهَا أَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا بِتَصْدِيقٍ وَلَا تَكْذِيبٍ أَوْ كَذَّبَهَا ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِحَلِفٍ بِطَلَاقٍ لَا بِطَلَاقٍ ، وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ إلَّا بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَى فِعْلِهِ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا وَالْعِلْمُ وَالْعَمْدُ لَا يُعْلَمَانِ إلَّا مِنْهَا فَحَصَلَ شَكٌّ فِي وُجُودِ الصِّفَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ ، وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا مَا لَوْ قَالَ : لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَدْخُلْ زَيْدُ الدَّارَ الْيَوْمَ وَشَكَّ فِي دُخُولِهِ فِي الْيَوْمِ ، وَهَلْ إذَا فَسَّرَتْ مَا ادَّعَتْهُ بِأَنَّهَا لَمْ تَسْمَعْ مِنْ زَوْجِهَا إلَّا الْحَلِفَ عَلَى الْخُرُوجِ لِبَيْتِ مَنْ سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ لَمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا وَيَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهَلْ الْمَسْأَلَةُ أَوْلَى مِمَّا
اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ وَصَاحِبِ الْأَنْوَارِ وَمُخْتَصَرَيْ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمْ فِيمَا إذَا فَوَّضَ إلَيْهَا الطَّلَاقَ فَطَلُقَتْ بِكِتَابَةٍ وَقَالَتْ : مَا نَوَيْت وَقَالَ الزَّوْجُ : نَوَيْت مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْ النَّاوِي وَهَلْ هَذَا الِاقْتِضَاءُ مَعْمُولٌ بِهِ وَلَا يَكُونُ قَوْلُ الزَّوْجِ إقْرَارًا بِالطَّلَاقِ ، وَإِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : إنَّهُ إقْرَارٌ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ شَرْطُهُ أَنْ يُعْلِمَهُ الْمُقِرُّ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُعْلِمْهُ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الزَّوْجَ لَا عِلْمَ لَهُ بِنِيَّتِهَا وَلَا بِخُرُوجِهَا عَالِمَةً عَامِدَةً وَهَلْ إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ قَصَدَ بِحَلِفِهِ الْمَنْعَ مِمَّا سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ظَاهِرٌ أَوْ لَا ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَلَا تَطْلُقُ سَوَاءٌ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فِي دَعْوَاهَا أَوْ لَا ، وَإِنَّمَا حَكَمْنَا بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ عَمَلًا بِقَوْلِهَا ، وَإِنْ كَانَ الِاعْتِبَارُ فِي تَعْيِينِ الْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِقَوْلِ الزَّوْجِ لِرُجُوعِهِ إلَّا أَنَّهَا فَعَلَتْ الْخُرُوجَ جَاهِلَةً بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي تَفْسِيرِ دَعْوَاهَا بِمَا ذَكَرَتْهُ وَيَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَقَبُولُ قَوْلِهَا فِي عَدَمِ نِيَّتِهَا الطَّلَاقَ إذَا أَتَتْ بِكِنَايَتِهِ عِنْدَ تَفْوِيضِهِ إلَيْهَا أَوْلَى مِنْ قَبُولِ قَوْلِهَا فِي مَسْأَلَتِنَا ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْ النَّاوِي ، وَعِلْمُهَا بِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ سَمَاعُهَا لِلَفْظِ
التَّعْلِيقِ قَدْ يُعْرَفُ مِنْ غَيْرِهَا ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهَا فِي عَدَمِ نِيَّتِهَا الطَّلَاقَ حَتَّى لَا يَكُونَ الزَّوْجُ مُقِرًّا بِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي أَنَّهُ قَصَدَ بِحَلِفِهِ الْمَنْعَ مِمَّا سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ ظَاهِرًا لِقِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَيْهِ .
ـــــــــــــــــــ
( سُئِلَ ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ : لِآخَرَ فِي عِمَامَتِي دِينَارُ ذَهَبٍ فَحَلَفَ الْآخَرُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا ذَهَبٌ فَحَلَّهَا الْحَالِفُ فَأَخْرَجَ مِنْهَا دِينَارًا ذَهَبًا وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ شَرْعِيَّةٌ أَنَّ الدِّينَارَ الذَّهَبَ كَانَ فِي تِلْكَ الْعَامَّةِ وَقْتَ الْحَلِفِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِهِ الْقَوْلُ الْمُضِيءُ فِي الْحِنْثِ فِي الْمُضِيِّ وَاسْتَشْهَدَ لِذَلِكَ بِمَوَاضِعَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَغَيْرِهِمَا أَمْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقِ سَوَاءٌ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَمْ أَطْلَقَ كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ الْمَذْكُورِ أَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ فَيَحْنَثُ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَ ظَانًّا مِنْهُ أَنَّهُ كَذَلِكَ أَوْ اعْتِقَادًا لِجَهْلِهِ بِهِ أَوْ نِسْيَانِهِ لَهُ ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَلَى(7/442)
خِلَافِ مَا ظَنَّهُ أَوْ اعْتَقَدَهُ فَلَهُ أَحْوَالٌ أَحَدُهَا : أَنْ يَقْصِدَ بِحَلِفِهِ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي ظَنِّهِ أَوْ اعْتِقَادِهِ أَوْ فِيمَا انْتَهَى إلَيْهِ عِلْمُهُ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ فَلَا يَحْنَثُ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى أَنَّهُ يَظُنُّ ذَلِكَ أَوْ يَعْتَقِدُهُ وَهُوَ صَادِقٌ فِي أَنَّهُ ظَانٌّ ذَلِكَ أَوْ يَعْتَقِدُهُ .
ثَانِيهَا : أَنْ لَا يَقْصِدَ شَيْئًا فَلَا يَحْنَثُ عَلَى الْأَظْهَرِ حَمْلًا لِلَفْظِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ إذْ حُكْمُ الْحَالِفِ إنَّمَا هُوَ إدْرَاكٌ أَنَّ النِّسْبَةَ وَاقِعَةٌ أَوْ لَيْسَتْ بِوَاقِعَةٍ بِحَسَبِ مَا فِي ظَنِّهِ لَا بِحَسَبِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِخَبَرِ { أَنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ أَيْ لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهَا مَا لَمْ يَدُلُّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ كَضَمَانِ الْمُتْلِفِ .
وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا بِعَدَمِ حِنْثِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ فِي مَوَاضِعَ ، مِنْهَا قَوْلُهُمَا فِي الْأَيْمَانِ أَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْمَاضِي كَمَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْمُسْتَقْبِلِ وَأَنَّهُ إنْ كَانَ جَاهِلًا فَفِي الْحِنْثِ قَوْلَانِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا وَمِنْهَا مَا لَوْ حَلَفَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ أَصَحُّ الْمَذَاهِبِ وَحَلَفَ الْمَالِكِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَيْرُ الْمَذَاهِبِ وَحَلَفَ الْحَنَفِيُّ كَذَلِكَ وَالْحَنْبَلِيُّ كَذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَلَفَ عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ وَمِنْهَا مَا لَوْ جَلَسَ مَعَ جَمَاعَةٍ فَقَامَ وَلَبِسَ خُفَّ غَيْرِهِ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ : اسْتَبْدَلْت بِخُفِّك فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ، وَكَانَ خَرَجَ بَعْدَ الْجَمِيعِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ ، وَمَا قَرَّرْته فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ هُوَ الْمَعْرُوفُ .
ثَالِثُهَا : أَنْ يَقْصِدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِأَنْ يَقْصِدَ بِهِ مَا يَقْصِدُ بِالتَّعْلِيقِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ فَيَحْنَثُ حِينَئِذٍ كَمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عِنْدَ وُجُودِ صِفَتِهِ .
وَعَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا مَا قَالَاهُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَشَارَ إلَى ذَهَبٍ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ فُلَانٌ وَشَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ الذَّهَبُ طَلُقَتْ عَلَى الصَّحِيحِ ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةً عَلَى النَّفْيِ إلَّا أَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا فَعَلْت كَذَا فَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ فَعَلَهُ وَصَدَّقَهُمَا لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِالطَّلَاقِ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ السُّنِّيُّ : إنْ لَمْ يَكُنْ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ مِنْ اللَّهِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَالَ الْمُعْتَزِلِيُّ : إنْ كَانَا مِنْ اللَّهِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ قَالَ السُّنِّيُّ : إنْ لَمْ يَكُنْ أَبُو بَكْرٍ أَفْضَلَ مِنْ عَلِيٍّ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَالَ الرَّافِضِيُّ : إنْ لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَعَ طَلَاقُ الْمُعْتَزِلِيِّ وَالرَّافِضِيِّ ، بَلْ أَفْتَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ شَافِعِيٌّ بِالطَّلَاقِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَسْقُطُ فَرْضُهُ ، وَحَلَفَ حَنَفِيٌّ أَنَّهُ يَسْقُطُ وَقَعَ طَلَاقُ زَوْجَةِ الْحَنَفِيِّ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ كَجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْحِنْثِ فِي
الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ كَالثَّالِثَةِ ، أَخْذًا مِنْ كَلَامِ جَمَاعَةٍ كَابْنِ الصَّلَاحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ رَزِينٍ وَالْقَمُولِيِّ ضَعِيفٌ .
وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ فِي الْحَالَةِ الثَّالِثَةِ كَالثَّانِيَةِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْمَوَاضِعِ الْأُوَلِ ضَعِيفٌ أَيْضًا .
ـــــــــــــــــــ
( سُئِلَ ) عَمَّنْ اُتُّهِمَ بِسَرِقَةٍ فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَتْ عِنْدَهُ فَقِيلَ لَهُ : طَلَّقْت زَوْجَتَك فَقَالَ : أَتَيْت بِالْمَشِيئَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ وَأَسْمَعْت نَفْسِي(7/443)
فَهَلْ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ أَمْ يَقَعُ فِي الظَّاهِرِ وَيَدِينُ ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ إنْ لَمْ تُكَذِّبْهُ زَوْجَتُهُ فِي الْمَشِيئَةِ وَلَمْ تَقُلْ الْبَيِّنَةُ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهَا عَقِبَ حَلِفِهِ فَإِنْ كَذَّبَتْهُ زَوْجَتُهُ وَحَلَفَتْ عَلَى عَدَمِ إتْيَانِهِ بِهَا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ ، وَكَذَا إنْ قَالَتْ : الْبَيِّنَةُ ذَلِكَ إذْ هُوَ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ وَلَا يَدِينُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ .
ـــــــــــــــــــ
( سُئِلَ ) عَنْ رَجُلٍ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى صِفَةٍ بِأَنْ قَالَ : إنْ غِبْت عَنْ زَوْجَتِي ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَتَرَكْتهَا بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ شَرْعِيٍّ فَهِيَ طَالِقٌ ، ثُمَّ غَابَ عَنْهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ شَافِعِيٍّ وَادَّعَتْ عَلَى الزَّوْجِ حَالَ غَيْبَتِهِ الْغَيْبَةَ الشَّرْعِيَّةَ أَنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ وَأَنَّهُ غَابَ عَنْهَا الْغَيْبَةَ الْمَذْكُورَةَ بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ وَلَهَا بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِالتَّعْلِيقِ وَبِالْغَيْبَةِ فَقَطْ وَأَرَادَتْ الْحَلِفَ مَعَهَا عَلَى أَنَّهُ تَرَكَهَا هَذِهِ الْمُدَّةَ بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ لِيَحْكُمَ لَهَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهَا وَيْحُكُمْ بِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِالتَّرْكِ الْمَذْكُورِ وَبِتَقْدِيرِ شَهَادَتِهَا فَهِيَ شَهَادَةُ نَفْيٍ لَا تُقْبَلُ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى عِلْمِهَا بِالتَّرْكِ الْمَذْكُورِ مَعَ مُلَازَمَتِهَا لِلزَّوْجِ هَذَا مَا ظَهَرَ أَوْ لَا ، ثُمَّ حَصَلَ شَكٌّ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ السُّبْكِيّ سُئِلَ عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا : إنْ مَضَتْ مُدَّةُ كَذَا وَلَمْ أَدْخُلْ بِهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ غَائِبٌ فَقَالَ : إنْ شَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِبَكَارَتِهَا أَوْ حَلَفَتْ عَلَى نَفْيِ الدُّخُولِ لِأَجْلِ غَيْبَتِهِ حَكَمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ، كَذَا نَقَلَهُ الْغَزِّيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ وَهُوَ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِحَلِفِهَا فِي مَسْأَلَتِنَا وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ بَعْدَهُ الْأَمْرُ الثَّانِي إنَّ عَدَمَ سَمَاعِ دَعْوَاهَا يُؤَدِّي إلَى تَضَرُّرِهَا لَا سِيَّمَا إذَا
غَابَ غِيبَةً طَوِيلَةً وَلَا يُعْرَفُ مَكَانُهُ ، ثُمَّ مَا تَقَدَّمَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَحَلَّفَهَا حَكَمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ، وَهُوَ مَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ : إنَّهُ الظَّاهِرُ وَأَيَّدَهُ الْغَزِّيُّ بِنَقْلٍ عَنْ الْأَصْحَابِ ، وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ : إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ نَفَقَةِ الْمُدَّةِ وَقَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ
وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَهَلْ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ أَوْ قَوْلُ الْقَاضِي وَمَا الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامِ السُّبْكِيّ وَبَيْنَ قَوْلِ الْأَصْحَابِ يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِسَمَاعِ دَعْوَاهَا وَالْحُكْمِ لَهَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى غَيْرِ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ أَيْضًا بِتَرْكِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ نَفْيًا ؛ لِأَنَّ الْمُعَلِّقَ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَتَخَيَّلُ مِنْ النَّفْيِ ، وَكَمَا فِي نَظَائِرِهِ نَحْوُ الشَّهَادَةِ بِإِعْسَارِهِ وَأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَالشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ ، وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ شَهَادَتَهَا لَا تُقْبَلُ وَتُعْلِمُهُ الْبَيِّنَةُ الْمُطَّلِعَةُ عَلَى أَحْوَالِ الزَّوْجَيْنِ الْبَاطِنَةِ وَعِبَارَةُ السُّبْكِيّ فِي فَتْوَاهُ وَحَلَفَتْ بِالْوَاوِ وَقَدْ رَأَيْتهَا كَذَلِكَ فِي نُسَخٍ مِنْ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْغَزِّيِّ .
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ مِنْ التَّعْبِيرِ بِأَوْ بَدَلَ الْوَاوِ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ غَلَطِ النُّسَّاخِ إذْ مَدْلُولُهُ حِينَئِذٍ الِاكْتِفَاءُ بِيَمِينِهَا بِلَا بَيِّنَةٍ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَتْ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ لِأَجْلِ غَيْبَتِهِ ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهَا أَيْضًا إذَا كَانَ الْمُعَلِّقُ حَاضِرًا ، وَإِنَّمَا يَمِينُهَا الْمَذْكُورَةُ فِي كَلَامِهِ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ وَأَمَّا تَضَرُّرُهَا الْمَذْكُورُ فَلَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ مَعَ عَدَمِ الْمُسَوِّغِ الشَّرْعِيِّ ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ غَابَ عَنْ زَوْجَتِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ وَلَمْ(7/444)
تَعْلَمْ مَكَانَهُ وَلَا إعْسَارَهُ وَلَا يَسَارَهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ تَمْكِينُهَا مِنْ فَسْخِ نِكَاحِهَا مَعَ تَضَرُّرِهَا بِغَيْبَتِهِ الْمَذْكُورَةِ ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْإِنْفَاقِ فَالْمُعْتَمَدُ فِيهَا قَوْلُ الْقَاضِي وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِحُكْمِ
ـــــــــــــــــــ
( سُئِلَ ) عَنْ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ فِي حَالِ الْغَضَبِ الشَّدِيدِ الْمُخْرِجِ عَنْ الْإِشْعَارِ هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ عَصْرِيٌّ وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالتَّنْجِيزِ أَمْ لَا وَهَلْ يُصَدَّقُ الْحَالِفُ فِي دَعْوَاهُ شِدَّةَ الْغَضَبِ وَعَدَمَ الْإِشْعَارِ أَمْ لَا ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْغَضَبِ فِيهَا نَعَمْ إنْ كَانَ زَائِلَ الْعَقْلِ عُذِرَ .
ـــــــــــــــــــ
الفتاوى الفقهية الكبرى - (ج 8 / ص 456)
( وَسُئِلَ ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَقْرَأَ قُرْآنًا فِي هَذَا الْيَوْمِ مَثَلًا فَهَلْ يَحْنَثُ بِقِرَاءَتِهِ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ لِلتَّبَرُّكِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ لَا يَحْنَثُ فَهَلْ يُشْتَرَطُ مَعَ قَصْدِهِ التَّبَرُّكَ نَفْيُ بِقَصْدِ الْقِرَاءَةِ بِحَيْثُ يَكُونُ لَوْ قَصَدَهُمَا أَعْنِي التَّبَرُّكَ وَالْقِرَاءَةَ يَحْنَثُ أَوْ لَا ؟ ( فَأَجَابَ ) بِقَوْلِهِ إنْ قَصَدَ بِهِ التَّبَرُّكَ وَحْدَهُ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ أَئِمَّتُنَا تَصْرِيحًا وَتَلْوِيحًا فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا تَجْوِيزُهُمْ الْقِرَاءَةَ لِلْجُنُبِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ مَعَ الْقَصْدِ الْمَذْكُورِ صَارَ غَيْرَ قُرْآنٍ لِمَا يَأْتِي وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ لَوْ أَفْهَم الْمُصَلِّي غَيْرَهُ غَرَضًا آخَرَ بِالْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ لِمُسْتَأْذِنٍ عَلَيْهِ اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ وَقَصَدَ بِهِ التَّفْهِيمَ وَحْدَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ لِمَا ذُكِرَ وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ فِي بَابَيْ الطَّلَاقِ وَالْأَيْمَانِ لَوْ قَالَ لَهَا إلَّا أَجَبْت خِطَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ خَاطَبَهَا فَقَرَأَتْ آيَةً تَتَضَمَّنُ جَوَابَهُ فَإِنْ قَصَدَتْ الْجَوَاب وَحْدَهُ لِمَا يَأْتِي طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك حَنِثَ بِقِرَاءَةِ آيَةٍ أَفْهَمَهُ بِهَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْقِرَاءَةَ أَيْ بِأَنْ قَصَدَ الْإِفْهَام وَحْدَهُ أَوْ أَطْلَقَ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ .
وَإِنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ وَالْقِرَاءَةَ حَنِثَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ فِي الْمَحَالِّ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُمْ حَرَّمُوهُ عَلَى الْجُنُبِ فَجَعَلُوهُ مَعَ ذَلِكَ قُرْآنًا وَيُوَجَّهُ تَغْلِيبُهُمْ قَصْدَ الْقِرَاءَةِ بِأَنَّهُ اعْتَضَدَ بِكَوْنِ الْأَصْلِ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ إنَّمَا يُؤْتَى بِهِ بِقَصْدِ الْقِرَاءَةِ الْمَوْضُوعِ هُوَ لَهَا فَغَلَبَ عَلَى قَصْدِ التَّبَرُّك بِعُرُوضِهِ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يُبْطِلُوا الصَّلَاةَ بِهِ فِيمَا لَوْ قُصِدَ بِهِ الْقِرَاءَةُ وَالتَّفْهِيمُ لِبَقَاءِ نَظْمِ الْقُرْآنِ عَلَى حَالِهِ وَلَا نَظَرَ لِقَصْدِ التَّفْهِيمِ الْمُنْضَمِّ إلَى قَصْدِ الْقِرَاءَةِ لِمَا ذَكَرْتُهُ .
وَقَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ الْمَذْكُورَة وَإِلَّا فَلَا كَمَا قَدَّمْته عَنْهُمْ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا لَوْ قَصَدَتْ الْجَوَابَ وَالْقِرَاءَةَ لَمْ يَحْنَثْ تَغْلِيبًا لِقَصْدِ الْقِرَاءَةِ لِمَا قَدَّمْته أَيْضًا فَلَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهَا أَنَّهَا أَجَابَتْهُ وَقَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ عَلَى الْكَلَامِ لَوْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ وَالْقِرَاءَةَ لَمْ يَحْنَثْ وَوَجْهُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ مِنْ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ لَا يَحْنَثُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الَّذِي لَا يَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَإِنْ أَطْلَقَ بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ قِرَاءَةً وَلَا تَبَرُّكًا لَمْ يَحْنَثْ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ فِي الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُمْ أَحَلُّوا الْقِرَاءَةَ لِلْجُنُبِ حِينَئِذٍ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ أَيْ عِنْد عُرُوضِ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ لَهُ عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ إلَى غَيْرِهَا كَالْجَنَابَةِ هُنَا لَا مُطْلَقًا لِمَا يَأْتِي وَأَبْطَلُوا بِهِ الصَّلَاةَ كَمَا حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَبِهِ يَرُدُّ عَلَى جَمْعٍ نَازَعُوا فِيهِ وَقَدْ ذَكَرْت شُبَهَهُمْ مَعَ رَدِّهَا أَبْلَغَ رَدٍّ وَأُوَضِّحُهُ فِي شَرْح الْعُبَابِ وَعَلَّلُوهُ أَعْنِي الْقَائِلِينَ(7/445)
بِإِبْطَالِهِ بِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ وَالْقَرِينَةُ هُنَا هِيَ الِاسْتِئْذَانُ مَثَلًا الْمُقْتَضِي صَرْفُ اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ إلَى مَعْنَى مَا يُخَاطَبُ بِهِ النَّاسُ فَأَشْبَهَ كَلَامَهُمْ الْمُبَايِنَ لِلْقُرْآنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَيْهِ يُرْشِدُ خَبَرُ مُسْلِمٍ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا
شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَيُوَافِقُ ذَلِكَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مِنْ أَنَّهُ يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا وَأَتَى بِآيَةٍ مُفْهِمَةٍ فَهِمَ مِنْهَا زَيْدٌ مُرَادَهُ بِلَا قَصْدٍ فَعُلِمَ أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا لَهُ مَعَ الْإِطْلَاق حُكْمَ كَلَامِ الْآدَمِيِّ فَأَبْطَلَ الصَّلَاةَ وَجَازَ لِلْجُنُبِ وَحَنِثَ بِهِ الْحَالِفُ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ وَاخْتَلَفَ أَئِمَّتُنَا فِي أَنَّ ذَلِكَ هَلْ يَجْرِي فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْقُرْآنِ أَوْ يَخْتَصُّ بِمَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِيهِ وَخَارِجَهُ كَالْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَ { سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا } إلَى آخِرِهِ وَ { اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ } وَ { يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ } دُون نَحْوِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَسُورَةِ الْإِخْلَاصِ فَأَكْثَرُهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِيهِمْ عَلَى الثَّانِي وَمَالَ إلَيْهِ النَّوَوِيُّ بَعْد أَنْ قَرَّرَ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْإِطْلَاق كَمَا بَيَّنْته مِنْ كَلَامِهِ فِي شَرْح الْعُبَابِ مَعَ الرَّدِّ عَلَى ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي فَرْقِهِ بَيْن إطْلَاقِ الْجُنُبِ وَإِطْلَاق الْمُصَلِّي وَوَقَعَ لِجَمْعٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ قَالُوا لَا يَضُرُّ قَصْدُ التَّنْبِيهِ وَحْدَهُ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالذِّكْرِ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ عَنْهُ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ فَإِنَّ لَفْظَهُ مُشْتَرَكٌ بَيْن الْقُرْآنِ وَكَلَامِ الْآدَمِيِّينَ فَأَمَّا حُكْمُهُمْ عَلَى جَمِيعِ لَفْظِ الْقُرْآنِ بِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ فَهُوَ يُوَافِقُ الْأَوَّلَ السَّابِقَ وَأَمَّا إثْبَاتُهُمْ ذَلِكَ لِلْقُرْآنِ دُون نَحْو
التَّسْبِيحِ فَهُوَ فِي غَايَةِ الْغَرَابَةِ وَالضَّعْفِ وَعَجِيبٌ مِنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ كَيْف نَقَلَهُ وَأَقَرَّهُ مَعَ أَنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ مَعَ قَصْدِ التَّنْبِيهِ وَحْدَهُ بِمَعْنَى تَنَبَّهْ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ بِقَصْدِ الْإِعْلَام بِمَعْنَى رَكَعَ الْإِمَام فَاسْتَوَى الْقُرْآنُ وَغَيْره فِي التَّفْصِيل الْمَذْكُور فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَرَّرَ فِي خَبَرِ مُسْلِم السَّابِقِ أَنَّ الْقُرْآنَ مُبَايِنٌ لِكَلَامِ النَّاسِ فَكَيْف جَعَلْتُمُوهُ مُشْتَرَكًا كَمَا مَرَّ قُلْت لَمْ نَجْعَلُهُ مُشْتَرَكًا مُطْلَقًا وَإِنَّمَا نَظَرْنَا إلَى أَنَّ الْقُرْآنَ لَمَّا سَبَقَ مِمَّنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلْقُرْآنِ وَهُوَ الْجُنُبُ أَوْ سَبَقَ لِلتَّفْهِيمِ لِغَرَضٍ آخَرَ جَرَى عُرْفًا التَّفْهِيمُ فِيهِ بِالْقُرْآنِ وَبِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ التَّفْهِيمُ بِالْقُرْآنِ مَذْمُومًا شَرْعًا وَذَلِكَ مِنْ الْمُصَلِّي وَالْحَالِفُ أَشْبَهَ حِينَئِذٍ كَلَامَ النَّاسِ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْقَرِينَةِ الْعَارِضَةِ وَإِنْ كَانَ هُوَ فِي ذَاتِهِ قُرْآنًا أَلَا تَرَى أَنَّ أَصْحَابَنَا وَغَيْرَهُمْ فَضَّلُوا عَلَيْهِ الْأَذْكَارَ الْمَطْلُوبَةَ فِي مَحَالَّ مَخْصُوصَةٍ مَعَ أَنَّهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ الْقُرْآنِ إجْمَاعًا وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يُفَضِّلُوهَا عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الذَّاتِ بَلْ بِوَاسِطَةِ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْعَارِضِ الَّذِي طَلَبَهُ الشَّارِعُ لِغَرَضٍ آخِر فَالتَّفْضِيلُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ الذَّاتِ بَلْ مِنْ حَيْثُ ذَلِكَ الْعَارِضِ فَكَمَا اتَّفَقُوا عَلَى التَّفْضِيلِ عَلَيْهِ مِنْ الْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَلِذَلِكَ قُلْنَا وَمَنْ وَافَقَنَا مِنْ الْأَئِمَّةِ إذْ التَّفْضِيلُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ مَذْهَبِنَا أَنَّ
الْقُرْآنَ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يُخْرِجهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ كَالْقَرِينَةِ الْمُقْتَضِيَةِ عُرْفًا صَرْفَهُ إلَيْهَا وَخُرُوجَهُ عَنْ مَعْنَى الْقُرْآنِيَّةِ إلَى مَعْنَى مَا يُتَخَاطَبُ بِهِ فَأَعْطَيْنَاهُ حِينَئِذٍ حُكْمَ كَلَامِ النَّاسِ وَأَدَرْنَا عَلَيْهِ تِلْكَ الْأَحْكَامَ السَّابِقَ تَقْرِيرُهَا فَإِنْ قُلْت مَرَّ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا فِي حَالَةِ قَصْدِ التَّبَرُّكِ وَحْدَهُ أَوْ التَّفْهِيمِ وَحْدَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي حَالَةِ الْإِطْلَاق فَمَا سَبَبُ ذَلِكَ قُلْت سَبَبُهُ أَنَّ الْقَصْدَ أَقْوَى فِي الصَّرْفِ مِنْ الْإِطْلَاق فَانْصَرَفَ بِهِ قَطْعًا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِقَرِينَةٍ بِخِلَافِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنَّهُ تَعَارَضَ فِيهِ أَمْرَانِ هُمَا رِعَايَةُ ذَاتِهِ أَوْ الْقَرِينَةُ الصَّارِفَةُ لَهَا عَنْ مَوْضُوعِهَا فَأَكْثَرُهُمْ رَاعُوهَا لِقُوَّتِهَا وَبَعْضهمْ رَاعَى الذَّاتَ لِأَصَالَتِهَا(7/446)
فَالْحَاصِلُ أَنَّ قَصْدَ غَيْرِ الْقُرْآنِيَّةِ كَافٍ وَحْدَهُ فِي الصَّرْفِ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ تُعَضِّدُهُ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ قُوَّتِهِ وَأَنَّهُ إذَا أُطْلِقَ فَإِنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ صَرَفَتْهُ إلَيْهَا وَأَخْرَجَتْهُ عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ بَقِيَ عَلَى قُرْآنِيَّتِهِ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى قَصْدِهَا وَمِنْ ثَمَّ اتَّفَقَ أَئِمَّتُنَا عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ عَدَمُ صَرْفِهَا عَنْ الْقِرَاءَةِ إلَى غَيْرِهَا لَا قَصْدَ نَفْسِ الْقِرَاءَةِ إلَّا إنْ عَرَضَتْ قَرِينَةٌ كَأَنْ عَرَضَ عُطَاسٌ فَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ عَقِبَ عُطَاسِهِ فَقَرِينَةُ نَدْبِ قِرَاءَتِهَا عَقِبَ الْعُطَاسِ أَوْجَبَتْ عَدَمَ الِاعْتِدَادِ بِهَا عَنْ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ إلَّا إنْ قَصَدَهَا وَأَمَّا حَيْثُ لَا
قَرِينَةَ فَلَا يُشْتَرَطُ قَصْدُهَا كَمَا مَرَّ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا مَرَّ فِي قَصْدِ التَّبَرُّكِ وَنَحْوِهِ قَوْلُهُمْ مَا كُتِبَ مِنْ الْقُرْآنِ لِقَصْدِ التَّبَرُّكِ لَا تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَام الْقُرْآنِ مِنْ حُرْمَةِ مَسِّهِ عَلَى الْمُحْدِثِ وَتَجْوِيزهمْ الرَّسْمَ بِاسْمِ اللَّهِ فِي أَفْخَاذِ الْحَيَوَانِ مَعَ تَمَرُّغِهَا بِهِ فِي النَّجَاسَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ كِتَابَتِهِ التَّبَرُّكُ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْسَلِخُ عَنْ مَوْضُوعِهِ إلَى غَيْرِهِ فَلَمْ يُبَالَ بِتَنَجُّسِهِ هَذَا مُلَخَّصُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ كَانَ لِبَسْطِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا مَجَالٌ وَاسِعٌ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ
الفتاوى الفقهية الكبرى - (ج 9 / ص 150)
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً أَنْجُو بِهَا مِنْ قَبِيحِ الْعَمَلِ الَّذِي لَا يُحِبُّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَا يَرْضَاهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إمَامُ الْعَالَمِينَ فِي وَرَعِهِ وَتَقْوَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ لَمْ تَأْخُذْهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ .
وَلَمْ يَخْشَوْا سِوَاهُ صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ بِدَوَامِ رُبُوبِيَّتِهِ وَعُلَاهُ آمِينَ ( أَمَّا بَعْدُ ) فَإِنَّ مَسْأَلَةَ الدَّوْرِ هَذِهِ قَدْ كَثُرَ فِيهَا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَأَفْرَدَهَا جَمَاعَةٌ بِالتَّصْنِيفِ مِنْهُمْ أَبُو سَعِيدٍ الْمُتَوَلِّي وَالْغَزَالِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيُّ وَإِلْكِيَا الْهِرَّاسِيُّ وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُمْ وَهِيَ حَقِيقَةٌ بِبَسْطِ الْكَلَامِ فِيهَا لَا سِيَّمَا وَقَدْ تَلَقَّنَهَا بَعْضُ الْعَوَامّ مِنْ بَعْضِ الْمُتَفَقِّهَةِ كَمَا تَلَقَّنَهَا هَذَا الْمُفْتِي الْمَذْكُورُ وَصَارُوا يُعَلِّمُونَهَا لِأَجْلَافِ الْبَوَادِي وَيَتَحَيَّلُونَ عَلَى أَكْلِ أَمْوَالِهِمْ بِتَعْلِيمِهِمْ لَهَا وَأَبَاحُوا لَهُمْ الْعَمَلَ بِهَا وَجَرَّأَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَتَكْرَارِهِ فِي أَلْسِنَتِهِمْ حَتَّى صَارَ لَهُمْ عَادَةً وَصَارَ جَرَاءَةً لَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ وَالْبَاطِلِ ، فَإِنَّ مَنْ سَمِعَهُمْ يَحْلِفُونَ بِالطَّلَاقِ يَظُنُّ صِدْقَهُمْ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَتَجَرَّأُ أَحَدٌ عَلَى الْحَلِفِ بِهِ كَاذِبًا ، وَكُلُّ ذَلِكَ وَبَالُهُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُتَفَقِّهَةِ الَّذِينَ أَضَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ وَأَغْوَاهُمْ وَصَيَّرَهُمْ مِنْ أَعْوَانِهِ يُضِلُّ بِسَبَبِهِمْ النَّاسَ وَيُلْجِئُهُمْ إلَى أَقْبَحِ الْمَسَالِكِ .
فَعَلَيْهِمْ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى وَمَقْتُهُ وَعَذَابُهُ إنْ لَمْ يَتُوبُوا مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ الْقَبِيحَةِ وَكَيْفَ لِمَنْ لَمْ يَعْرِفْ فُرُوضَ الْوُضُوءِ عَلَى وَجْهِهَا أَنْ يُفْتِيَ النَّاسَ فِي الْأَبْضَاعِ وَالْفُرُوجِ وَالْأَنْسَابِ وَيَتَجَرَّأَ عَلَى هَذَا الْمَنْصِبِ الْخَطَرِ ، أَمَا عَلِمَ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى { وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } وَهَذَا الْمُفْتِي الْمَذْكُورُ وَقَدْ ظَهَرَ فِي كَلَامِهِ كَمَا سَتَعْرِفُهُ مَا قَضَى عَلَى حَالِهِ وَحَكَمَ عَلَى مَقَالِهِ بِالْجَهْلِ الْمُفْرِطِ وَالْغَبَاوَةِ الظَّاهِرَةِ وَبِأَنَّهُ عَامِّيٌّ صِرْفٌ لَا يَهْتَدِي لِضَارٍّ فَيَجْتَنِبُهُ وَلَا لِنَافِعٍ فَيَقْصِدُهُ بَلْ هُوَ كَالرَّاكِبِ مَتْنَ عَمْيَاءَ وَالْخَابِطِ خَبْطَ عَشْوَاءَ وَمَنْ ذَا الَّذِي سَوَّغَ(7/447)
لِمِثْلِ هَذَا أَنْ يُفْتِيَ ، أَوْ أَنْ يُرْسِلَ مَنْ يَأْمُرُ بِرَدِّ النِّسَاءِ إلَى أَزْوَاجِهِنَّ وَلَوْ جَاءَ هَذَا الْجَاهِلُ مِنْ بِلَادِ الْأَجْلَافِ وَالْهَمَجِ الَّتِي هُوَ فِيهَا إلَى بِلَادِنَا بِلَادِ الْعِلْمِ وَالشَّرْعِ لَأَمَرْنَا حُكَّامَنَا بِأَنْ يُوجِعُوهُ ضَرْبًا وَتَأْدِيبًا وَبِأَنْ يُبَالِغُوا فِي زَجْرِهِ وَتَعْنِيفِهِ بِالْحَبْسِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُنَاسِبُ جَرَاءَتَهُ عَلَى مَنْصِبٍ لَا يَعْرِفُهُ وَتَصَدِّيهُ لِرَدِّ فَتَاوَى الْعُلَمَاءِ الَّتِي جَاءَتْ لِتِلْكَ الْبِلَادِ الْمَذْكُورَةِ فِي جَوَابِهِ بِأَمْرِهِ بِرَدِّ النِّسَاءِ إلَى أَزْوَاجِهِنَّ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ مُعْتَمِدٌ لِمَسْأَلَةِ ابْنِ سُرَيْجٍ
وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ وَتَوَهَّمَ ؛ لِأَنَّ لِمَسْأَلَةِ ابْنِ سُرَيْجٍ مَعَ ضَعْفِهَا نَقْلًا وَمَعْنًى كَمَا يَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ وَاضِحًا مَبْسُوطًا شُرُوطًا لَمْ يُحِطْ بِهَا هَذَا الرَّجُلُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ عَامِّيٌّ صِرْفٌ وَإِنَّمَا حَفِظَ كَلِمَاتٍ مِنْ بَعْضِ الْمُتَفَقِّهَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاعْتَنَى بِهَا دُونَ بَقِيَّةِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ ؛ لِأَنَّهَا جَلْبٌ لِحُطَامٍ مِنْ الدُّنْيَا وَتَكُونُ نَارًا عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ كَيْفَ وَهُوَ مِمَّنْ صَدَقَ عَلَيْهِ إنْ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ { إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } مَا لَمْ يَتُبْ وَيَرْجِعْ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَيَسْتَغْفِرْهُ وَتَحْسُنْ تَوْبَتُهُ ، فَمِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ مَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْيَمَنِ وَأَجِلَّائِهِمْ الَّذِينَ ذَهَبُوا إلَى تَصْحِيحِ الدَّوْرِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَصْدُرَ ذَلِكَ التَّعْلِيقُ مِنْ عَارِفٍ بِمَعْنَاهُ وَمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُحَالِ الْمُوجِبِ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ عِلْمًا وَفَهْمًا وَمَعْرِفَةً ابْنُ عُجَيْلٍ ذَكَرَ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ أَبُو بَكْرٍ وَلَدُ الْإِمَامِ مُوسَى بْنِ الزَّيْنِ الصِّدِّيقِيِّ الرَّدَّادِ شَارِحُ الْإِرْشَادِ فِي جَمْعِهِ لِفَتَاوَى وَالِدِهِ فَانْظُرْ إلَى هَذَا الشَّرْطِ الَّذِي شَرَطُوهُ تَجِدْهُ صَرِيحًا فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِعَامِّيٍّ بَلْ وَلَا لِمُتَفَقِّهٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ
الْقَائِلِينَ بِهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ الدَّوْرِ الْمُوجِبِ لِإِلْغَاءِ الطَّلَاقِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَّا الْعُلَمَاءُ الرَّاسِخُونَ وَكَفَاك دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْغَزَالِيَّ مَعَ جَلَالَتِهِ وَوُصُولِهِ إلَى مَرْتَبَةٍ مِنْ مَرَاتِبِ الِاجْتِهَادِ تَنَاقَضَ كَلَامُهُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْأُخْرَى ، فَتَارَةً صَحَّحَ الدَّوْرَ لِظُهُورِ مَعْنَاهُ عِنْدَهُ وَتَارَةً أَفْسَدَهُ لِفَسَادِ مَعْنَاهُ ، وَتَارَةً رَجَعَ عَنْ هَذَا إلَى الْأَوَّلِ عَلَى مَا قِيلَ وَاعْتَمَدَهُ الْأَصْبَحِيُّ لَكِنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الْآتِي يَرُدُّهُ وَيُصَرِّحُ بِأَنَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ أَمْرُهُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ الرُّجُوعُ عَنْ صِحَّةِ الدَّوْرِ إلَى بُطْلَانِهِ وَعَلَى كُلٍّ فَقَدْ وَقَعَ لَهُ مِنْ التَّنَاقُضِ فِي ذَلِكَ وَمِنْ الْحُكْمِ بِبُطْلَانِهِ تَارَةً وَبِصِحَّتِهِ أُخْرَى مَا لَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ أَنَّهُ وَقَعَ لَهُ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْفِقْهِ وَمَا ذَاكَ إلَّا لِدِقَّةِ الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَزِيدِ خَفَائِهِ .
وَمِنْ ثَمَّ اضْطَرَبَتْ فِيهَا أَفْهَامُ الْأَصْحَابِ وَاخْتَلَفَتْ وَتَبَايَنَتْ وَخَطَّأَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَبَالَغَ بَعْضُهُمْ فِي الرَّدِّ عَلَى بَعْضٍ وَسَيَأْتِي عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ فِي تَصْنِيفِهِ الْمُفْرَدِ فِي بُطْلَانِ الدَّوْرِ أَلْزَمَ الْقَائِلِينَ بِصِحَّتِهِ بِتَنَاقُضَاتٍ لِلْأُصُولِ وَمُخَالَفَاتٍ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَعْضَهُ فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَا وَصَفْت لَك مِنْ هَذَا الْإِشْكَالِ الْعَظِيمِ وَتَقَرَّرَ أَنَّ مِنْ شُرُوطِهَا عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهَا أَنْ يَصْدُرَ التَّعْلِيقُ مِمَّنْ يَعْرِفُ مَعْنَاهُ وَمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ وَنَحْنُ نَقْطَعُ بِأَنَّ هَذَا الزَّهْرَانِيَّ الْمُجِيبَ بِمَا مَرَّ لَا يَفْهَمُ ذَلِكَ وَلَا يَتَصَوَّرُهُ أَدْنَى تَصَوُّرٍ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمُجَازَفَاتِ فِي كَلَامِهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ وَإِيضَاحُهُ فَضْلًا عَنْ الْعَوَامّ وَفَضْلًا عَنْ أَجْلَافِ الْبَوَادِي .(7/448)
فَكَيْفَ سَاغَ لَهُ الْأَمْرُ بِرَدِّ النِّسَاءِ إلَى أَزْوَاجِهِنَّ وَالْإِفْتَاءِ لَهُمْ بِأَنَّهُمْ يُقَلِّدُونَ الْقَائِلِينَ بِالصِّحَّةِ { سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ } وَمِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ وَنَاهِيكَ بِالْكِتَابِ وَمُصَنِّفِهِ أَنْ تَمْضِيَ لَحْظَةٌ بَعْدَ التَّعْلِيقِ تَسَعُ الْحُكْمَ بِالْوُقُوعِ أَمَّا لَوْ لَمْ تَمْضِ لَحْظَةٌ كَذَلِكَ بِأَنْ أَعْقَبَ تَعْلِيقَهُ بِالتَّنْجِيزِ فَإِنَّهُ يَقَعُ الْمُنَجَّزُ حَتَّى عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ وَمِنْهَا كَمَا فِي التَّدْرِيبِ أَيْضًا أَنْ لَا تَطْلُقَ بِطَلَبِهَا فِي الْإِيلَاءِ وَالْحُكْمَيْنِ فِي الشِّقَاقِ ، أَمَّا إذَا طَلَّقَ بِطَلَبِهَا فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ حَتَّى عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ أَيْضًا كَمَا يَقَعُ الْفَسْخُ فِي إنْ فَسَخْت بِعَيْبِك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا وَمِنْهَا كَمَا فِيهِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِلتَّعْلِيقِ الْمُوجِبِ لِإِلْغَاءِ الدَّوْرِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِصِحَّتِهِ .
أَمَّا لَوْ نَسِيَهُ ثُمَّ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ أَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَهُوَ نَاسٍ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ أَيْضًا وَإِذَا تَقَرَّرَ لَك أَنَّ الْقَوْلَ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ عَلَى ضَعْفِهِ مُقَيَّدٌ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ الْكَثِيرَةِ فَكَيْفَ سَاغَ لِهَذَا الزَّهْرَانِيِّ التَّجَرِّي عَلَى الْإِفْتَاءِ بِإِطْلَاقِ صِحَّةِ الدَّوْرِ مِنْ ذِكْرِهِ هَذِهِ الشُّرُوطِ جَمِيعِهَا وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ .
وَالْمَجْمُوعِ مَتَى أَطْلَقَ الْمُفْتِي إفْتَاءَهُ فِي مَحَلِّ التَّفْصِيلِ كَانَ مُخْطِئًا وَبِهِ يُعْلَمُ خَطَأُ هَذَا الْمُفْتِي وَأَنَّهُ عَاصٍ آثِمٌ وَلَيْتَهُ اقْتَصَرَ عَلَى مُجَرَّدِ ذِكْرِهِ لِكَلَامِ النَّاسِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّذِي تَلَقَّنَهُ مِنْ شَيْخِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَلَمْ يَضُمَّ لِذَلِكَ أَمْرَهُ بِرَدِّ النِّسَاءِ إلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَذَلِكَ أَخَفُّ وَأَمَّا تَصَدِّيهِ لِلْإِفْتَاءِ وَأَمْرُهُ بِرَدِّهِنَّ مَعَ جَهْلِهِ بِتِلْكَ الشُّرُوطِ فَخَطَأٌ عَظِيمٌ وَذَنْبٌ قَبِيحٌ جَسِيمٌ .
عَلَى أَنَّ شَيْخَهُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ حِصَّةٌ وَافِرَةٌ فَإِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ لَهُ مُجَرَّدَ تَعْدَادَ الْقَائِلِينَ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ شَيْئًا مِنْ الشُّرُوطِ عِنْدَهُمْ ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْإِضْلَالُ لِتِلْمِيذِهِ الْمَذْكُورِ وَلِلْعَوَامِّ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ لَهُمْ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْعُلَمَاءِ - وَعَدَّدَ بَعْضَهُمْ - قَائِلُونَ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِتَقْلِيدِهِمْ حَتَّى لَا يَقَعَ عَلَيْهِمْ طَلَاقٌ وَلَمْ يَقُلْ لَهُمْ : شَرْطُ عَدَمِ الْوُقُوعِ عِنْدَهُمْ كَذَا أَوْ كَذَا .
فَهَلْ هَذَا إلَّا جَهْلٌ مُفْرِطٌ وَضَلَالٌ بَيِّنٌ وَإِطْلَالٌ لِلْعَوَامِّ وَاتِّبَاعٌ لِهَوَى النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ وَتَزْيِينِهِ وَوَسْوَسَتِهِ إيثَارًا لِلْعَرْضِ الْفَانِي وَهُوَ مَا أَخَذَهُ مِنْ الرِّشَا وَالسُّحْتِ الَّذِي يَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا فِي قَبْرِهِ فَقَبَّحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هَذَا الرَّجُلَ الزَّهْرَانِيَّ وَشَيْخَهُ الْمَذْكُورَ فَإِنَّهُمَا ضَلَّا وَأَضَلَّا ضَلَالًا مُبِينًا ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْهَوَى وَإِيثَارِ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَغِشِّ الْمُسْلِمِينَ وَعَدَمِ نُصْحِهِمْ أَنَّهُ ذَكَرَ مُجَرَّدَ تَعْدَادٍ لِبَعْضِ الْقَائِلِينَ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ وَأَنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ مِنْهُمْ ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُمْ أَنَّ الْأَئِمَّةَ اخْتَلَفُوا فِي النَّقْلِ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ حَتَّى قَالَ أَقَضَى الْقُضَاةِ الْمَاوَرْدِيُّ وَنَاهِيكَ بِهِ : مَنْ نَقَلَ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ فَقَدْ وَهَمَ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ اخْتَلَفَ جَوَابُهُ فَقَالَ مَرَّةً بِالصِّحَّةِ ، وَهِيَ الَّتِي اُشْتُهِرَتْ عَنْهُ ، وَقَالَ مَرَّةً بِالْبُطْلَانِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِاخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي كَافِيهِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَإِذَا اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ وَلَمْ يُعْرَفْ الْمُتَأَخِّرُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَبَ الْقَوْلُ بِتَسَاقُطِهِمَا وَالرُّجُوعِ إلَى مَرْجِعٍ آخَرَ ، وَلَا ذَكَرَ لَهُمْ أَيْضًا قَوْلَ ابْنِ الصَّبَّاغِ فِي كِتَابِهِ الشَّامِلِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَجَلِّ كُتُبِ الْمَذْهَبِ أَخْطَأَ مَنْ لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ خَطَأً ظَاهِرًا ، وَلَيْسَ هُوَ بِمَذْهَبٍ لِلشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَلَا ذَكَرَ لَهُمْ أَيْضًا
.(7/449)
ـــــــــــــــــــ
الفتاوى الفقهية الكبرى - (ج 9 / ص 188)
إذَا تَقَرَّرَتْ لَك هَذِهِ الْمُقَدِّمَةُ عَلِمْت قَبِيحَ مَا صَنَعَهُ هَذَا الزَّهْرَانِيُّ مِنْ تَجَرُّئِهِ عَلَى الْأَمْرِ بِرَدِّ النِّسَاءِ وَإِفْتَائِهِ أَزْوَاجَهُنَّ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قَبَائِحِهِ الشَّنِيعَةِ كَقَوْلِهِ : إنَّ عُلَمَاءَ الْيَمَنِ صَحَّحُوا الدَّوْرَ وَأَفْتَوْا بِهِ وَقَدْ ظَهَرَ لَك بِمَا سُقْته عَنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ مِنْ عُلَمَاءِ الْيَمَنِ بُطْلَانُ هَذِهِ الدَّعْوَى الَّتِي ادَّعَاهَا وَأَنَّ عُلَمَاءَ الْيَمَنِ مُخْتَلِفُونَ كَغَيْرِهِمْ وَحِكَايَتُهُ لِلشِّعْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَهْلِهِ وَجَهْلِ هَذَا الشَّاعِرِ وَكَذِبِهِمَا وَافْتِرَائِهِمَا وَمُبَالَغَتِهِمَا فِي الْكَذِبِ وَالِافْتِرَاءِ مِمَّا لَمْ تَخْفَ قَبَاحَتُهُ وَشَنَاعَتُهُ عَلَى أَحَدٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا الشَّاعِرَ قَالَ : قَدْ حَكَمَتْ بِهَا جَمِيعُ قُضَاةِ الْخَلْقِ وَأَفْتَوْا بِهَا وَفِي هَذَا مِنْ الْكَذِبِ وَالْجَرَاءَةِ مَا يَقْتَضِي فِسْقَ قَائِلِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ كَهَذَا الزَّهْرَانِيِّ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ نَوَاحِيَ مِصْرَ وَالشَّامِ وَنَاهِيكَ بِهَذَيْنِ الْإِقْلِيمَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا مَحَلُّ الْعُلَمَاءِ الْمُعَوَّلِ عَلَيْهِمْ فِي تَحْرِيرِ الْمَذْهَبِ وَتَنْقِيحِهِ كُلِّهِمْ قَاطِبَةً عَلَى بُطْلَانِ هَذَا الدَّوْرِ وَبِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ نَسْمَعْ قَطُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ قُضَاةِ هَذَيْنِ الْإِقْلِيمَيْنِ أَنَّهُ حَكَمَ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَائِهِمَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ أَنَّهُ أَفْتَى بِصِحَّتِهِ وَإِنَّمَا كَلَامُهُمْ فِي كُتُبِهِمْ نَاطِقٌ بِبُطْلَانِ الدَّوْرِ فَمَعَ ذَلِكَ
كَيْفَ سَاغَ لِهَذَا الشَّاعِرِ هَذَا الْكَذِبُ الصُّرَاحُ أَمَا عَلِمَ أَنَّهُ مِنْهُ كَذِبٌ وَمُفَسِّقٌ ؟ لَكِنْ مَنْ هُتِكَ عِرْضُهُ وَعَدِمَ دِينَهُ وَمُرُوءَتَهُ لَا يُبَالِي بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى أَفْعَالِهِ الْقَبِيحَةِ وَأَقْوَالِهِ الْبَاطِلَةِ الصَّرِيحَةِ وَقَوْلُ هَذَا الشَّاعِرِ أَيْضًا : وَاتَّبَعُوا الْجُمْهُورَ وَقَوْلُهُ فَقَلَّدُوهَا جُمْهُورَنَا قَدْ مَرَّ رَدُّهُ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ هُنَا وَقَوْلُهُ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ .
إلَخْ وَقَوْلُ هَذَا الزَّهْرَانِيِّ : إنَّهَا لَمَّا وَقَعَتْ عَلَى خَاطِرِ ابْنِ سُرَيْجٍ .
إلَخْ يُقَالُ عَلَيْهِ هَذَا مِمَّا يُعْلِمُك أَيْضًا بِجَهْلِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ وَيُوَضِّحُ لَك مَا انْطَوَيَا عَلَيْهِ مِنْ السَّفَاهَةِ وَالْغَبَاوَةِ وَالْجَهْلِ بِالْقَوَاعِدِ وَالْمَآخِذِ وَالْمَقَاصِدِ وَأَنَّهُمَا لَا يَتَأَمَّلَانِ مَا يَقُولَانِهِ وَلَا يَفْهَمَانِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُمَا بِالْأَنْوَامِ أَشْبَهُ ، إذْ لَا يَصْدُرُ هَذَا الْكَلَامُ إلَّا مِمَّنْ عَدِمَ لُبَّهُ وَزَادَ جَهْلُهُ وَاسْتَحْكَمَتْ غَبَاوَتُهُ وَحَقَّتْ شَقَاوَتُهُ ، كَيْفَ وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ رُبَّمَا تُؤَدِّي إلَى كُفْرٍ ؛ لِأَنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي اعْتِقَادِ هَذَا الزَّهْرَانِيِّ أَنَّهَا نَزَلَتْ عَلَى خَاطِرِ ابْنِ سُرَيْجٍ فَعَلِمَهَا وَلَمْ يَعْلَمْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ ، أَوْ أَجَلَّ مِنْهُ عَلِمَ عِلْمًا حَقًّا وَجَهِلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كَافِرًا مُهْدَرَ الدَّمِ ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ عَنْ الْإِسْلَامِ فَحَدُّهُ الْقَتْلُ إنْ لَمْ يَتُبْ وَيُجَدِّدْ إسْلَامَهُ وَمَنْ اسْتَمَرَّ عَلَى هَذَا الِاعْتِقَادِ كَانَ كَافِرًا مُرْتَدًّا مُحَارِبًا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَأَمَّلْ عَظِيمَ مَا فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ مِنْ الْقَبِيحِ ، وَقَوْلُهُ صَدَقَ الْقَلَمُ وَصَدَقَ اللَّوْحُ فَصَدَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ أَنْزَلْتهَا عَلَى لِسَانِ أَحَدِ عُلَمَائِي فَإِنَّ هَذَا تَصْرِيحٌ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ بِأَنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ أُوحِيَتْ إلَيْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَإِنَّهُ قَالَ : إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْزَلَهَا عَلَى لِسَانِهِ وَظَاهِرُ ذَلِكَ
أَنَّهَا نَزَلَتْ عَلَى لِسَانِهِ بِالْوَحْيِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةِ مَلَكٍ وَلَا غَيْرِهِ وَهَذَا الِاعْتِقَادُ مِنْ أَقْبَحِ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ إذْ مَنْ اعْتَقَدَ وَحْيًا مِنْ بَعْدِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كَافِرًا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْحِكَايَةَ قَدْ اشْتَمَلَتْ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الْكُفْرِ أَشَرْت لَك إلَى بَعْضِهَا وَلَوْ جَاءَ هَذَا الزَّهْرَانِيُّ إلَى مَكَّةَ لَعُومِلَ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ هَذَا مِنْ الْكُفْرِ(7/450)
وَغَيْرِهِ إنْ لَمْ يُجَدِّدْ إسْلَامَهُ وَيَتُبْ وَيَرْجِعْ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ هَذِهِ الْمُجَازَفَاتِ وَلَيْتَهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْمُجَازَفَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ لِفِسْقِهِ ؛ لِأَنَّ إسْلَامَهُ مَعَ ذَلِكَ بَاقٍ وَأَمَّا مُجَازَفَاتٌ تُؤَدِّي إلَى الْكُفْرِ وَالْخُرُوجِ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ إلَى دِينٍ أَقْبَحَ مِنْ دِينِ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ وَالْمَجُوس فَلَا يُطِيقُ مَنْ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى ذَرَّةٍ مِنْ الْإِيمَانِ الصَّبْرَ عَلَى ذَلِكَ فَأَسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمَنَّانَ بِفَضْلِهِ أَنْ يَتُوبَ عَلَى هَذَا الزَّهْرَانِيِّ ، أَوْ يُطَهِّرَ الْأَرْضَ مِنْهُ وَمِنْ أَمْثَالِهِ فَإِنَّهُمْ فِتْنَةٌ أَشَدُّ عَلَى الْعَوَامّ مِنْ فِتْنَةِ إبْلِيسٍ وَجُنُودِهِ عَامَلَهُمْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعَدْلِهِ - آمِينَ .
وَتَأَمَّلْ مَزِيدَ جَهْلِهِ وَكَذِبِهِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ هَذِهِ الْحِكَايَةِ : فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ فَجَعَلَ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْحِكَايَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَهَذَا مِنْ أَقْبَحِ أَنْوَاعِ الْكَذِبِ وَالْفِسْقِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمْ قَائِلُونَ بِصِحَّةِ هَذِهِ الْحِكَايَةِ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَأَدْنَى الْعُلَمَاءِ بَرِيءٌ مِنْ أَنْ يَقُولَ فِي حِكَايَةٍ إنَّهَا صَحِيحَةٌ مَعْمُولٌ بِهَا مَعَ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لِهَؤُلَاءِ يُعْتَمَدُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مِثْلِهَا مَعَ مَا أَدَّتْ إلَيْهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ الْقَبِيحَةِ الشَّنِيعَةِ .
وَتَأَمَّلْ أَيْضًا مَزِيدَ جَهْلِهِ فَإِنَّ قَضِيَّةَ سِيَاقِهِ بَلْ صَرِيحِهِ أَنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى لِسَانِ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنْكَرَهَا عَلَيْهِ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ فَلَمَّا جَرَتْ هَذِهِ الْحِكَايَةُ تَبِعَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهَا فَلَمْ يَتْبَعُوهُ عَلَيْهَا إلَّا لِهَذِهِ الْحِكَايَةِ وَلَوْلَاهَا لَمْ يَتْبَعْهُ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَهَذَا كَلَامٌ بِالْخِرَافِ أَشْبَهُ لَكِنْ نُنَبِّهُ أَنَّ قَائِلَهُ وَصَلَ فِي الْجَهْلِ وَالْحُمْقِ إلَى غَايَةٍ قَبِيحَةٍ إذْ كَيْفَ يَنْسُبُ إلَى الْأَجِلَّاءِ التَّابِعِينَ لِابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُمْ إنَّمَا تَبِعُوهُ لِأَجْلِ حِكَايَةٍ فِيهَا أَنْوَاعُ الْكُفْرِ وَالْكَذِبِ هَذَا مَعَ مَا قَدَّمْته لَك أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى ابْنِ سُرَيْجٍ كَالْمُزَنِيِّ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ عَلَى مَا قِيلَ قَالُوا بِصِحَّةِ الدَّوْرِ وَهَذَا مِمَّا يَزِيدُ لَك إيضَاحَ كَذِبِ هَذِهِ الْحِكَايَةِ وَأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهَا وَأَنَّ قَائِلَهَا وَالْمُصَدِّقَ بِهَا كَاذِبٌ فَاسِقٌ فَإِنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ إلَّا عَلَى ابْنِ سُرَيْجٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَالَ بِهَا الْمُزَنِيّ فِي الْمَنْثُورِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ : وَهَذَا الَّذِي حَضَرَنَا مِنْ مَبْحَثِ مَسْأَلَةِ الدَّوْرِ يُقَالُ عَلَيْهِ هَذَا الَّذِي حَضَرَكَ عَرَّفَ النَّاسَ بِقَدْرِ مَرْتَبَتِك فِي الْجَهْلِ وَالْفِسْقِ وَكَذَا الْكُفْرَانِ إنْ اعْتَقَدْتَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ حِكَايَتُك فَلَيْتُك سَكَتّ اتِّقَاءً لِلسُّتْرَةِ عَلَى نَفْسِك وَكَفًّا لَهَا عَمَّا يَكُونُ سَبَبًا لِهَلَاكِهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَقَوْلُهُ عَنْ شَيْخِهِ فَرَدَدْتُ الْجَوَابَ إلَى مُهِمَّاتِ الْمُهِمَّاتِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى قُصُورِ
نَظَرِهِ وَمَزِيدِ تَسَاهُلِهِ فَإِنَّ مَنْ يَرُدُّ مَنْ يُفْتِي بِخِلَافِ الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ كَيْفَ يَقْنَعُ بِمِثْلِ هَذَا الْكِتَابِ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَمَا دَرَى أَنَّ لِأَصْلِ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي هُوَ الْمُهِمَّاتُ تَعَقُّبَاتٌ وَمُلِمَّاتٌ وَمُعَلِّمَاتٌ لِابْنِ الْعِمَادِ وَالْإِمَامِ الْبُلْقِينِيُّ وَلِلْبَدْرِ ابْنِ شُهْبَةَ اعْتَرَضُوا فِي هَذِهِ الْكُتُبِ أَكْثَرَ مَا فِي الْمُهِمَّاتِ وَرَدُّوهُ وَبَيَّنُوا مَا فِيهِ مِنْ صِحَّةٍ وَفَسَادٍ وَكَذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ فِي تَوَسُّطِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ فَجَزَاهُمْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَيْرَ الْجَزَاءِ وَأَكْمَلَهُ وَقَوْلُهُ : لَكِنْ نَحْنُ وَهُمْ مُتَّبِعُونَ وَمُقْتَدُونَ يُقَالُ عَلَيْهِ : كَذَبْت لَسْت مُتَّبِعًا وَلَا مُقْتَدِيًا فَإِنَّك لَوْ كُنْت كَذَلِكَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى الْعُلَمَاءِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَلَمْ تَنْسُبْ إلَيْهِمْ مَا هُمْ بَرِيئُونَ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُك السَّابِقُ وَنَبَّهْت عَلَيْهِ فِي مَحَالِّهِ فَأَنْتَ مُبْتَدِعٌ لَا مُتَّبِعٌ وَمُعْتَدٍ لَا مُقْتَدٍ ، وَقَوْلُهُ : الْأَمْرُ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ وَالضَّرُورِيَّاتُ لَهَا أَحْكَامٌ هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَزِيدِ جَهْلِهِ أَيْضًا فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا لَيْسَتْ مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَاعِدَةِ إذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ بِاتِّفَاقِ الْقَائِلِينَ بِصِحَّتِهَا وَإِنَّمَا غَايَةُ هَذَا الرَّجُلِ(7/451)
أَنَّهُ يَحْفَظُ كَلِمَاتٍ لَا يَدْرِي مَا مَعْنَاهَا وَلَا مَا أُرِيدَ بِهَا فَيَنْطَلِقُ بِهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا وَقَوْلُهُ : وَالتَّقْلِيدُ وَاجِبٌ عِنْدَ الضَّرُورَاتِ هَذَا كَلَامٌ أَيْضًا مِنْ تَغَالِيهِ فِي الْكَذِبِ
وَالْجَهْلِ وَأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّ تَقْلِيدَ الْقَائِلِينَ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ وَاجِبٌ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ وَلَمْ يَقُلْ بِهَذَا أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنَّمَا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْقَائِلِينَ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ وَقَدْ قَدَّمْت لَك عَنْ أَكَابِرَ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِي ذَلِكَ وَأَنَّ التَّقْلِيدَ فِيهِ فُسُوقٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِقَاضٍ مُقَلِّدٍ لِلشَّافِعِيِّ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ وَأَنَّهُ مَتَى حَكَمَ بِذَلِكَ فَسَقَ وَكَانَ حُكْمُهُ بَاطِلًا فَمُنِعَ ذَلِكَ كَيْفَ سَاغَ لِهَذَا الْمُجَازِفِ أَنْ يَزْعُمَ أَنَّ التَّقْلِيدَ هَذَا وَاجِبٌ وَلَيْتَهُ اسْتَحَى مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَيْثُ لَمْ يَسْتَحِ مِنْ الْخَلْقِ فَإِنَّهُ كَذِبَ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَعَلَى دِينِهِ فَرُبَّمَا يُخْشَى عَلَيْهِ أَنَّهُ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي حَقِّهِمْ : { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ } فَإِنْ قُلْت : قَالَ فِي الْأَنْوَارِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِتَعْلِيمِ الْعَوَامّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُسْتَحَبَّ التَّعْلِيمُ وَالْعَمَلُ بِهِ الْآنَ لِوُجُوهٍ حَاصِلُهَا أَنَّ مَنْ لَا يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ الْآنَ قَلِيلٌ وَمَنْ يُحْلِلْ زَوْجَتَهُ إذَا وَقَعَ طَلَاقُهُ مَعْدُومٌ وَإِنَّ النَّاسَ مُنْهَمِكُونَ عَلَى الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَيَتْرُكُونَ الْحَلِفَ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَمَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ لَا يَسْمَحُ بِالتَّحْلِيلِ فَيَذْهَبُ إلَى مَنْ لَا مُسْكَةَ لَهُ
فِي الدِّينِ فَيُعَلِّمُهُ حِيلَةً لِإِسْقَاطِ التَّحْلِيلِ كَادِّعَاءِ فِسْقِ الْوَلِيِّ ، وَكَأَمْرِهِ بِتَقْلِيدِ الْقَوْلِ الشَّاذِّ الْمَدْفُوعِ بِصَرَائِحِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ ، إنَّ الْعَقْدَ كَافٍ فِي التَّحْلِيلِ وَإِنَّ الْغَافِلَ الْمُتَسَاهِلَ رُبَّمَا عَلَّمَ السُّوقَةَ وَغَيْرَهُمْ أَنْ يَقُولُوا : إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، بَعْدَ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ حِفْظًا لِنِكَاحِهِمْ وَحَذَرًا عَلَيْهِمْ مِنْ الْحِنْثِ مَعَ جَهْلِهِمْ ، بَلْ وَجَهْلِ مُلَقِّنِهِمْ بِشُرُوطِ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَعْنَاهُ فَيُطَلِّقُونَ وَيَسْتَثْنُونَ ظَنًّا أَنْ لَا يَقَعَ مَعَ وُقُوعِهِ عَلَيْهِمْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ، فَلَيْتَ شِعْرِي أَنَّ الْعَمَلَ بِقَوْلِ الْجُمْهُورِ مَعَ نَفْيِ هَذِهِ الْمَفَاسِدِ وَبِهِ يُخَفَّفُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى هَذَا الزَّهْرَانِيِّ قُلْت : لَا حُجَّةَ لِهَذَا الزَّهْرَانِيِّ فِي كَلَامِ الْأَنْوَارِ الْمَذْكُورِ ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ أَنَّهُ بَحَثَ اسْتِحْبَابَ التَّعْلِيمِ وَالْعَمَلِ فَمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ ذَلِكَ حَتَّى يَتَجَرَّأَ عَلَيْهِ هَذَا الزَّهْرَانِيُّ وَيُفْتِي بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ ظَهَرَ لَهُ مِنْ بَحْثِهِ لَكِنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَنْقُولِ ، فَإِنَّ الرُّويَانِيَّ مِنْ الْقَائِلِينَ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ وَمَعَ ذَلِكَ قَالَ لَا وَجْهَ لِتَعْلِيمِ الْعَوَامّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْقَائِلِينَ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ وَبِبُطْلَانِهِ فَهُمْ كَالْمُتَّفِقِينَ عَلَى مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ امْتِنَاعِ التَّعْلِيمِ فَإِذَا اتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ وَأَظْهَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَحْثًا
مُخَالِفًا لِاتِّفَاقِهِمْ كَانَ ذَلِكَ الْبَحْثُ فِي حَيِّزِ الطَّرْحِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ ، وَهَكَذَا كُلُّ بَحْثٍ خَالَفَ الْمَنْقُولَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَإِنْ جَلَّ قَائِلُهُ وَظَهَرَ دَلِيلُهُ هَذَا مَعَ أَنَّ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ عَلَى بَحْثِهِ هَذَا يُرَدُّ بِأَنَّهُ نَفْسَهُ قَدْ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ يُعَلِّمُ النَّاسَ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الطَّلَاقِ لِمَا ذَكَرَ مِنْ جَهْلِ الْمُعَلِّمِينَ وَالْمُتَعَلِّمِينَ كَذَلِكَ شُرُوطَهُ فَإِذَا أَنْكَرَ عَلَى الْمُعَلِّمِينَ لِجَهْلِهِمْ ، أَوْ لِجَهْلِ الْمُتَعَلِّمِينَ مِنْهُمْ بِذَلِكَ مَعَ ظُهُورِهِ وَأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِكَبِيرِ فِطْنَةٍ وَمَعْرِفَةٍ فَبِالْأَوْلَى أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِمْ لِجَهْلِ أَكْثَرِ الْمُتَفَقِّهَةِ فَضْلًا عَنْ الْعَوَامّ بِمَعْنَى الدَّوْرِ هُنَا وَبِبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرْتهَا أَوَّلَ هَذَا الْجَوَابِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى جَهْلِهِمْ بِذَلِكَ تَبَايُنُ اخْتِلَافِ أَفْهَامِ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّةِ الدَّوْرِ وَبُطْلَانِهِ وَتَبَايُنُ آرَاءِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يَقُولُ تَارَةً بِصِحَّتِهِ ثُمَّ تَارَةً بِفَسَادِهِ كَمَا قَدَّمْت لَك عَنْ الْغَزَالِيِّ وَسَبَقَهُ لِذَلِكَ إمَامُهُ(7/452)
وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فَإِذَا كَانَتْ أَفْهَامُ الْعُلَمَاءِ مُتَبَايِنَةً فِيهِ وَفِي مَعْنَاهُ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فَكَيْفَ تَقْبَلُهُ أَفْهَامُ الْعَوَامّ وَشَرْطُ الْعَمَلِ بِالدَّوْرِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ أَنْ يَصْدُرَ التَّعْلِيقُ مِمَّنْ يَعْرِفُ الدَّوْرَ كَمَا مَرَّ لَك أَوَّلَ هَذَا الْجَوَابِ مَعَ بَقِيَّةِ شُرُوطٍ أُخْرَى لَا يُحِيطُ بِهَا أَكْثَرُ الْمُتَفَقِّهَةِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ فَكَانَتْ الْمَفَاسِدُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى
تَعْلِيمِ الدَّوْرِ أَعْظَمَ وَأَفْحَشَ مِنْ الْمَفَاسِدِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الِاسْتِثْنَاءِ فَكَمَا شَنَّعَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ عَلَى الْمُعَلَّمِينَ لَهُ فَكَذَلِكَ نُشَنِّعُ نَحْنُ عَلَى مِنْ يُعَلِّمُ مَسْأَلَةَ الدَّوْرِ بِعَيْنِ مَا قَالَهُ فَانْدَفَعَ بِنَفْسِ كَلَامِهِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ بِحَثِّهِ نَدْبَ التَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ أَنَّ مَنْ لَا يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ الْآنَ قَلِيلٌ .
إلَخْ فَيُرَدُّ بِأَنَّا إذَا غَلَّظْنَا عَلَى الْعَوَامّ وَبَيَّنَّا لَهُمْ أَنَّ الدَّوْرَ فَاسِدٌ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ تَقْلِيدُهُ وَلَا الْعَمَلُ بِهِ كَمَا قَالَهُ أَكَابِرُ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَانَ ذَلِكَ زَاجِرًا لَهُمْ عَنْ كَثْرَةِ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ فَإِنَّهُمْ عَلَى قِسْمَيْنِ : قِسْمٌ يُخَالِطُونَ الْعُلَمَاءَ ، أَوْ مَنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ فَهَؤُلَاءِ يَنْتَهُونَ وَيَنْزَجِرُونَ فَزَجَرَهُمْ مِنْ تَعْلِيمِهِمْ الدَّوْرَ ، وَقِسْمٌ لَا يُخَالِطُونَ أَحَدًا مِمَّنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ وَهَؤُلَاءِ لَا يُمْكِنُ تَعْلِيمُ جَمِيعِهِمْ بَلْ إذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يُعَلِّمَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ شَيْئًا فَإِنَّ زَوْجَتَهُ بَانَتْ عَنْ عِصْمَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُعَلِّمَهُ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ فَأَيُّ فَائِدَةٍ لِلتَّعْلِيمِ حِينَئِذٍ فَاتَّضَحَ مَا قَالُوهُ وَانْدَفَعَ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَقَوْلُهُ : رُدُّوا النِّسَاءَ إلَى أَزْوَاجِهِنَّ يُقَالُ عَلَيْهِ لَيْسَ هَذَا بِكَثِيرٍ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ أَحْوَالِك الْقَبِيحَةِ وَخِصَالِك الْمَذْمُومَةِ الدَّالَّةِ عَلَى مُبَالَغَتِك فِي الْكَذِبِ وَالْجَهْلِ وَالْفِسْقِ وَأَنْوَاعِ الْكُفْرِ بِقَيْدِهِ السَّابِقِ ، وَمَنْ تَجَرَّأَ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَوْلَى أَنْ يَتَجَرَّأَ عَلَى مَا سِوَى ذَلِكَ ، لَكِنْ مَا لَمْ يُتَدَارَكْ بِعَفْوٍ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَتَوْفِيقٍ وَحُسْنِ تَوْبَةٍ نَصُوحٍ وَإِلَّا فَلَكَ فِي مُقَابَلَةِ هَذَا الْأَمْرِ الْمُتَضَمِّنِ لِاسْتِبَاحَةِ الْفُرُوجِ مَزِيدُ الْعَذَابِ وَالنَّكَالِ وَالْفَضِيحَةِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا
بَنُونَ ، وَلَا يَنْفَعُ أَعْوَانٌ وَلَا أَمْوَالٌ .
وَقَوْلُهُ : وَقَلِّدُوا جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ يُقَالُ عَلَيْهِ : قَاتَلَك اللَّهُ وَقَبَّحَك مَا أَكْذَبَك وَأَفْسَقَك فَإِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ مِنْ سَائِرِ الْمَذَاهِبِ عَلَى بُطْلَانِ الدَّوْرِ كَمَا قَدَّمْت ذَلِكَ وَاضِحًا مُبِينًا وَإِنَّمَا الْقَائِلُونَ بِصِحَّتِهِ فِرْقَةٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَأَفْرَادٌ مِنْ غَيْرِهِمْ وَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا مِعْشَارَ عُشْرِ الْعُلَمَاءِ فَكَيْفَ سَاغَ لَك أَنْ تَجْعَلَهُمْ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ تَصِفُهُمْ بِصِفَةٍ تَقْتَضِي أَنَّ الْقَائِلِينَ بِبُطْلَانِ الدَّوْرِ لَيْسُوا وَرَثَةَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إذْ كَلَامُك وَإِنْ كُنْت لَا تَفْهَمُ وَلَا تَدْرِي مَا تَقُولُ أَنَّ الَّذِينَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَصْفٌ لِلْمُضَافِ وَهُمْ الْجُمْهُورُ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُمْ الْعُلَمَاءُ إذْ لَوْ كَانَ وَصْفًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ لَمْ يُنَاسِبْ مَقْصُودَك وَهُوَ أَنَّك تُبَالِغُ لِلْعَوَامِّ فِي مَدْحِ الْقَائِلِينَ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ فَجَعَلْت هَذَا الْوَصْفَ مَدْحًا لَهُمْ حَامِلًا عَلَى الْعَمَلِ بِمَا قَالُوهُ مِنْ صِحَّةِ الدَّوْرِ وَمَا دَرَيْت أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِبُطْلَانِ الدَّوْرِ لَيْسُوا وَرَثَةَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَإِنْ كُنْت مُعْتَقِدًا ذَلِكَ فَيَكْفِيك هَذَا دَلِيلًا عَلَى فِسْقِك وَمَقْتِك وَعَظِيمِ وَقِيعَتِك فِي حَقِّ الْعُلَمَاءِ فَلْيُحَارِبَنَّكَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلْيُهْلِكَنَّكَ ، وَمَنْ حَارَبَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يُفْلِحُ أَبَدًا وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ : إنَّمَا
أَكْثَرْت فِيهِ لِيَعْلَمُوا أُصُولَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُقَالُ عَلَيْهِ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِك فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَّا مَا انْطَوَيْت عَلَيْهِ مِنْ الْجَهْلِ وَالْكَذِبِ وَالْفِسْقِ وَالْمُجَازَفَةِ لِسَوْقِ الْحِكَايَةِ الْمُقْتَضِيَةِ(7/453)
لِلْكُفْرِ فِي أَنْوَاعٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْهَا فَإِنْ كَانَتْ أُصُولُهَا كُلُّهَا مِثْلَ هَذِهِ الْحِكَايَةِ فَقَدْ خَسِرْت صَفْقَتَك وَضَاعَ عُمُرُك فِي الضَّلَالِ وَالْهَذَيَانِ فَتَدَارَكْ مَا بَقِيَ مِنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَنْفَعَك فِي آخِرِ عُمُرِك ، وَقَوْلُهُ عَنْ شَيْخِهِ وَاَلَّذِي يُفْتِي بِهَا يُقَلِّدُ مَنْ قَالَهَا وَلَا جَرْحَ وَلَا إثْمَ يُقَالُ عَلَيْهِ هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَهْلِهِ وَأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مِنْ شُرُوطِ الْإِفْتَاءِ شَيْئًا وَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِنْ عِنْدِهِ بِحَسَبِ مَا يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ إذْ لَا يَجُوزُ لِلْمُفْتِي الْمُقَلِّدِ أَنْ يُفْتِيَ إلَّا بِالصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالصَّحِيحُ مَا عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ بُطْلَانِ الدَّوْرِ وَقَدْ تَبِعَهُمَا الْمُحَقِّقُونَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَسُوغُ الْإِفْتَاءُ بِخِلَافِهِ وَمَنْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ - لَا سِيَّمَا بِصِحَّةِ الدَّوْرِ - كَانَ آثِمًا فَاسِقًا كَمَا مَرَّ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ ، وَقَوْلُهُ : لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُلْقِي وَالْمُسْتَلْقِي يَعْرِفَانِ الْمَعْنَى يُقَالُ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُكَ ذَلِكَ فِي الْمُلْقِي بَاطِلٌ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْمُسْتَلْقِي الَّذِي هُوَ الزَّوْجُ حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّ عَامِّيًّا لَا يَعْرِفُ مَعْنَى الدَّوْرِ وَإِنَّمَا يَعْرِفُ لَفْظَهُ عَلَّمَهُ لِمَنْ عَرَفَ مَعْنَاهُ فَقَالَهُ عَارِفًا
مَعْنَاهُ صَحَّ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِصِحَّتِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُلْقِي جَاهِلًا بِمَعْنَاهُ ؛ لِأَنَّ الْمُلْقِيَ لَا يُدَارُ عَلَيْهِ حُكْمٌ حَتَّى يُشْتَرَطَ مَعْرِفَتُهُ لِمَعْنَى التَّعْلِيقِ ، وَقَوْلُهُ : إنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِشَرْطِ طَلَاقٍ بَعْدَهُ يُقَالُ عَلَيْهِ هَذَا أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى جَهْلِك حَتَّى بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذْ كَيْفَ تَصَوَّرْت أَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِشَرْطِ طَلَاقٍ بَعْدَهُ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ رَدُّ النِّسْوَانِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْخِلَافِ وَالظَّاهِرُ أَنَّك لَا تُفَرِّقُ بَيْنَ قَبْلِهِ وَبَيْنَ بَعْدِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُسْتَبْعَدٍ عَنْك فَإِنَّ مَزِيدَ جَهْلِك وَغَبَاوَتِك يَقْضِي عَلَيْك بِأَنَّك لَا تَفْهَمُ ذَلِكَ وَلَا مَا هُوَ دُونَهُ فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ تَقُولَ بِشَرْطِ طَلَاقٍ قَبْلَهُ عَلَى أَنَّك لَوْ قُلْت ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ كَلَامُك أَيْضًا ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ مُعَلَّقًا بِطَلَاقٍ قَبْلَهُ لَا يَقْتَضِي الدَّوْرَ وَإِنَّمَا الْمُقْتَضِي لِلدُّورِ كَوْنُهُ مُعَلَّقًا بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ قَبْلَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا فَلَا يَحْتَاجُ لِلثَّلَاثِ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّك لَا تَعْرِفُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا هُنَا ، وَقَوْلُهُ : لَمْ يَقَعْ الْمَشْرُوطُ يُقَالُ عَلَيْهِ هَذَا مِمَّا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى مَزِيدِ جَهْلِهِ وَأَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْمَشْرُوطِ ، وَصَوَابُ الْعِبَارَةِ أَنْ تَقُولَ لَمْ يَقَعْ الشَّرْطُ ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا كَانَ الشَّرْطُ هُوَ قَوْلُهُ وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي
وَالْمَشْرُوطُ قَوْلُهُ : فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا وَهَذَا الْمَشْرُوطُ لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ فِي عِبَارَتِهِ فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنْ أَوْقَعْنَا الطَّلَاقَ قَبْلَهُ لَمْ يَقَعْ الْمَشْرُوطُ وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ قَبْلَهُ هُوَ الْمَشْرُوطُ فَكَيْفَ يَقُولُ لَمْ يَقَعْ الْمَشْرُوطُ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الصَّوَابَ لَمْ يَقَعْ الشَّرْطُ الَّذِي هُوَ الْمُنَجَّزُ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ .
إلَخْ وَلَيْتَهُ إذْ كَانَ جَاهِلًا صِرْفًا أَخَذَ لَفْظَ الدَّوْرِ الَّذِي قَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَسَطَّرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُمْ لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لَوَقَعَ ثَلَاثٌ قَبْلَهُ وَلَوْ وَقَعَتْ ثَلَاثٌ قَبْلَهُ لَمَا وَقَعَ هُوَ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ هُوَ لَمْ يَقَعْ ثَلَاثٌ ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ فَيَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِهِ عَدَمُ وُقُوعِهِ وَإِذَا ظَهَرَ لَكَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَا يُحْسِنُ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْ الدَّوْرِ بِلَفْظٍ مُطَابِقٍ لَهُ ظَهَرَ لَك أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ وَإِذَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ فَكَيْفَ يَسُوغُ لَهُ الْإِفْتَاءُ بِصِحَّتِهِ كَيْفَ يُعَلِّمُهُ لِلْعَوَامِّ وَيَأْمُرُهُمْ بِتَقْلِيدِ الْقَائِلِ بِهِ مَعَ جَهْلِهِ بِمَعْنَاهُ وَقَدْ قَالَ هُوَ نَفْسُهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُلْقِي وَالْمُسْتَلْقِي عَارِفَيْنِ بِمَعْنَى الدَّوْرِ فَقَدْ قَضَى هَذَا الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْجَهْلِ الْمُفْرِطِ وَالْحَمَاقَةِ الْمُجَاوِزَةِ لِلْحَدِّ وَالْغَبَاوَةِ الظَّاهِرَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُجَدِّدَ الْأَوْبَةَ وَيُخْلِصَ التَّوْبَةَ وَيَرْجِعَ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا سَلَفَ مِنْهُ مِنْ فَرَطَاتِ الْجَهْلِ وَسَقَطَاتِ اللِّسَانِ ،(7/454)
وَعَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِمَّنْ لَهُ قُدْرَةٌ وَشَوْكَةٌ أَنْ يَمْنَعَ الْأَزْوَاجَ الَّذِينَ حَنِثُوا فِي أَيْمَانِهِمْ عَنْ نِسَائِهِمْ حَتَّى يَتَحَلَّلْنَ لَهُمْ تَحْلِيلًا شَرْعِيًّا سَوَاءٌ كَانُوا أَلْقَوْا عَلَيْهِنَّ إطْلَاقَ الدَّوْرِ أَمْ لَا لِمَا تَقَرَّرَ لَك الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْقَائِلِينَ بِهِ وَأَنَّ التَّقْلِيدَ فِي ذَلِكَ إثْمٌ وَفُسُوقٌ وَأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ بِذَلِكَ قَاضٍ نُقِضَ حُكْمُهُ وَرُدَّ
عَلَيْهِ قَوْلُهُ ، وَأَنَّ الْقَوْلَ بِبُطْلَانِ الدَّوْرِ هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ الرُّجُوعُ إلَيْهِ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .
ـــــــــــــــــــ
الفتاوى الهندية - (ج 12 / ص 417)
وَأَمَّا الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ ، وَالْعَتَاقِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَمَا يَكُونُ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ كَالْيَمِينِ الْمَعْقُودِ ، وَمَا يَكُونُ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمَاضِي فَلَا يَتَحَقَّقُ اللَّغْوُ ، وَالْغَمُوسُ ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ يَعْلَمُ خِلَافَ ذَلِكَ ، أَوْ لَا يَعْلَمُ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ ، وَكَذَلِكَ الْحَلِفُ يُنْذَرُ ؛ لِأَنَّ هَذَا تَحْقِيقٌ ، وَتَنْجِيزٌ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ .
ـــــــــــــــــــ
المنتقى من فتاوى الفوزان - (ج 56 / ص 3)
380 ـ وقع شجار بيني وبين زوجتي، فغضبت عليها غضبًا شديدًا، وضربتها ضربًا مؤلمًا، وحلفت عليها بالطلاق، ولكن زوجتي أبت أن تفارق البيت، وعاد كل شيء إلى مجراه الطبيعي، واستمرت حياتنا الزوجية، وبعدها أنجبت ثلاثة أطفال، ولهذه اللحظة لم يعلم بما حصل بيني وبينها إلا الله سبحانه وتعالى؛ فما يجب عليَّ أن أعمله الآن ؟
أما ما ذكرت من غضبك على زوجتك وضربك لها؛ فهذا شيء لا تحمد عليه، ولا يجوز منك، يجب عليك إذا غضبت أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأن لا تضرب زوجتك وتسيء إليها .
أما ما ذكرت من حلفك بالطلاق؛ فأنت لم توضح ما تلفظت به؛ هل مرادك أنك حلفت عليها بالطلاق لتمنعها من شيء، أو تحثها على فعل شيء، ولم ترد إيقاع الطلاق؛ فعليك كفارة يمين على الراجح .
أما إذا كان قصدك من الحلف بالطلاق أنك أوقعت عليها الطلاق منجزًا، طلقتها بدافع ما حصل منك من الغضب والضرب، وغضبك هذا لم يخرجك عن الشعور؛ فالطلاق يقع إذا كان دون الثلاث، وإذا راجعتها؛ تعتبر الرجعة صحيحة .
الحاصل أن هذا لابد فيه من توضيح لما حصل منك في هذا الطلاق، وأرى لك أن تتصل بأحد العلماء المفتين المعتمدين، وتذكر له ما حصل منك، وستجد الإجابة الشافية إن شاء الله تعالى .
ـــــــــــــــــــ
383 ـ هل الحلف بالطلاق في حالة الغضب وتوتر النفس يقع طلاقًا ؟
إذا بلغ الحال بالإنسان من الغضب إلى زوال الشعور وفقد الوعي؛ بأن لا يدري ولا يتصور ماذا يقول؛ فإن هذا لا تعتبر أقواله؛ لا طلاق ولا غيره؛ لأنه فاقد للعقل في هذه الحالة، أما إذا كان الغضب دون ذلك، وكان معه شعوره، ويتصور ما يقول؛ فإنه يؤاخذ بألفاظه وتصرفاته، ومن ذلك الطلاق .(7/455)
ـــــــــــــــــــ
385 ـ هل الحلف بالطلاق بدون نيَّة الطلاق يوقع طلاقًا ؟
الصحيح أن من حلف بالطلاق وهو لا يريد إيقاع الطلاق؛ إنما يريد ما يُراد باليمين من الحث على فعل شيء، أو المنع منه، أو تصديق خبر، أو تكذيبه؛ فالصحيح أن هذا لا يعتبر طلاقًا، وإنما يعتبر يمينًا تدخلها الكفارة، أما إذا نوى الطلاق؛ فإنه يقع ما نواه . والله أعلم .
386 ـ حدث ذات مرة كلام مع زوجة أخي وهو غائب، وغصبت منها غضبًا شديدًا، فحلفت بالطلاق من زوجتي أنني عندما ألتقي بأخي سوف أرغمه على طلاقها، وفعلاً التقيت بأخي وقد هدأ الغضب، وقررت ألا أخبره بما حدث من زوجته، والآن عازم على السفر إلى أرض الوطن، ولم أفعل كفارة لليمين؛ علمًا بأنني مسافر بعد أيام . . . أفيدوني ماذا أفعل ؟
إذا كان قصدك من الطلاق هو إلزام نفسك بأن تطلب من أخيك طلاق زوجته؛ لأنك غضبت عليها، وليس قصدك إيقاع الطلاق على زوجتك، وإنما قصدك حث نفسك على طلب أخيك بأن يطلق زوجته؛ فإن هذا يجري فيه مجرى اليمين على الصحيح، ويكفي فيه كفارة يمين، وهي عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم على التخيير، فإذا لم تجد شيئًا من هذه الأمور الثلاثة؛ فصم ثلاثة أيام؛ لقوله تعالى : { فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ } [ سورة المائدة : آية 89 ] .
فالواجب عليك الكفارة على الوجه الذي ذكرناه، وهو الصحيح من قولي العلماء، ولكني أنصح لك أن تتجنب هذا اللفظ، وألا تستعمل الطلاق في مثل هذه الحالات؛ لأن الطلاق أمر خطير؛ فلا تعود لسانك هذا الكلام الذي ليس فيه مصلحة لك، بل هو مضرة عليك؛ لأن الطلاق لا يتلفظ به إلا عند الحاجة إليه في موضعه المشروع، أما أن تجعله على لسانك في كل مناسبة وعند الغضب؛ فهذا منهي عنه .
ـــــــــــــــــــ
389 ـ كنت أنا زوجتي عند أهلها، وعند خروجنا من الباب كنت غاضبًا، فقلت لها : عليَّ الطلاق؛ فلن آتي بك هنا ثانية . ولم أكن أقصد الطلاق بذاته؛ فما هو حكم الشرع في ذلك ؟ وهل عليَّ كفارة يمين ؟ وهل تحتسب طلقة ؟
أولاً : يجب على المسلم أن يتوفى الغضب ويدفعه بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم .
ثانيًا : عليه أن يتجنب التلفظ بالطلاق؛ لما في ذلك من الحرج والخطر .
وما ذكره السائل من قوله لزوجته : علي الطلاق لن آتي بك مرة ثانية هنا، وهو يقصد منع نفسه من ذلك حسب ما صرح به؛ فالصحيح أن عليه في ذلك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن لم يجد؛ صام ثلاثة أيام؛ لأن الحلف بالطلاق إذا قصد به ما يقصد باليمين جرى مجرى الحلف بالله على القول الصحيح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله . والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ(7/456)
لقاءات الباب المفتوح - (ج 19 / ص 16)
حكم الحلف بالطلاق:
___________________________________
السؤال: رجل تزوج امرأة وفي ساعة غضب بينه وبين أمه، والأم دائماً في شجار مع زوجته، فأقسم بالطلاق ألا تبقى زوجته في هذا البيت في هذا اليوم، فهل تحسب طلقة؟
___________________________________
الجواب: لا. هذا ليس بطلاق، هذا يمين؛ لأن مراده بقوله: عليَّ الطلاق توكيد منه بعدم المبيت. السائل: حلف ثم باتت في البيت. الشيخ: إذ حلف فعليه كفارة يمين بإطعام عشرة مساكين، وليس عليه طلاق. السائل: لا تحسب طلقة؟ الشيخ: لا تحسب طلقة؛ لأن هذا يمين، نعم لو قال: أنا أردت الطلاق وما قصدي بذلك التأكيد قلنا: تطلق. لكنه أراد التأكيد.
ـــــــــــــــــــ
حكم الحلف بالطلاق:
________________________________________
السؤال: من كان بينه وبين زوجته شجار فقال لها: عليَّ الطلاق لأفعلن كذا وكذا، سواء كانت واحدة أم ثلاث فما الحكم؟
________________________________________
الجواب: أولاً: أنصح الأزواج عامة ألا يتساهلوا بلفظ الطلاق، وألا يتسرعوا فيه، وأقول: إن الرجل إذا قال لزوجته: إن فعلت كذا فأنت طالق، أو عليَّ الطلاق أن تفعلي كذا، ثم خالفت؛ فإن أكثر العلماء يرون أنها تطلق على كل حال، ويقولون: إن هذا أتى بصريح الطلاق، فوجب أن يقع الطلاق، كما لو أتى به غير معلق، ومعلوم أن الإنسان إذا قال لزوجته: أنت طالق فإنها تطلق، ولكن إذا كان معلقاً بأن قال: إن فعلت كذا فأنت طالق، أو إن لم تفعلي كذا فأنت طالق، فجمهور العلماء قالوا: إن المعلق كالمنجز، وأنها إذا خالفت الزوج في ذلك طلقت بكل حال. فإذاً المسألة خطيرة ليست بالهينة، ولكن ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أنه إذا قصد بذلك الحث أو المنع فإنه يكون حكمه حكم اليمين، أي: أن الزوجة لا تطلق ويكفر كفارة اليمين، فإذا قال لزوجته: إن فعلت كذا فأنت طالق، فإن فعلت فعلى قول جمهور العلماء تطلق، وعلى قول شيخ الإسلام نسأل الرجل ونقول: هل أردت أن الزوجة إذا فعلت هذا تكون طالقاً، فإن قال: نعم. فحينئذٍ تطلق، وإذا قال: لا. وإنما أردت أن أؤكد عليها المنع من هذا الشيء وأهددها بالطلاق قلنا: إذاً طلاقك في حكم يمين فتكفر كفارة يمين ولا يقع الطلاق، وبهذا عرفتم خطورة هذه المسألة وأنها ليست بالأمر الهين، نسأل الله الهداية للجميع.
كفارة الحلف بالطلاق:
________________________________________(7/457)
السؤال: فضيلة الشيخ! هناك رجل يسأل أنه طلق زوجته، فقال: عليَّ الطلاق -لزوجته- إن أصبح كلامكِ صحيحاً؛ لأبيعن السيارة وأشتري بثمنها لك ذهباً، ولكن ثبت أن كلامها كان صحيحاً، والرجل لا يستطيع أن يبيع السيارة، ما رأيك في هذا؟
________________________________________
أولاً: نقول له: الحلف بغير الله لا يجوز، فعليه أن يتقي الله عز وجل، ويتوب إلى الله من هذا، ويطعم عشرة مساكين، وتنتهي القضية، ولا يعود لذلك. السائل: جزاكم الله خيراًَ.
ـــــــــــــــــــ
ترك الحلف بالطلاق وكفارة الأيمان:
________________________________________
السؤال: قريب لي كان بينه وبين زوجته مشاكل كبيرة، فعند نصحي له؛ لأنه قريب لي بعد ما نصحته قال لي: تعرف الباب؟ قلت: نعم. أعرف الباب، يعني: المقصود طردني من البيت، ونحن في بيت أبيه ليس بيته هو، أنا سكت وكأن لم يكن شيئاً، ولكن بعد فترة من الزمان تبين لي من ثانٍ أنه قال لي: إني لم أفهم قصده ولم أفهم من كلامه شيء، فقلت لهذا الشخص وأنا في حالة غضب: أنا أتيت أنصحه وبالأخير يرد علي بالكلام هذا، وأنا ساكت أريد الأجر من الله سبحانه وتعالى، فالغضب هذا حلفت بالطلاق وأنا ندمان عليه قلت لعيالي: أنا لا أدخل بيته هو، ما هو بيت أبيه، إلا أن هذه المشكلة بينه وبين زوجته انتهت ورجع إلى زوجته، وأنا ندمان على هذا الفعل حتى أنه قريب لي، لا بد في يوم من الأيام أني أدخل بيته؟
________________________________________
الجواب: أولاً: بارك الله فيك! أنصحك ألا تحلف بالطلاق -قلتها بغير قصد- (من كان حالفاً - كما قال النبي صلى الله عليه وسلم- فليحلف بالله أو ليصمت)، وأما حل مشكلتك التي وقعت فيها الآن، فمع التوبة أخرج كفارة يمين، بأن تطعم عشرة مساكين عشرة كيلو من الرز، لكل مسكين كيلو ونرجو من الله أن يعفو عنك.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ - (ج 7 / ص 14)
وأما " مسألة الحلف بالطلاق " وما إذا فعل المحلوف عليه ناسياً أو جاهلاً وكان حلفه بالطلاق .
فالذي يترجح في ذلك عندنا الرواية الثانية عن أحمد ـ رحمه الله ـ وهي عدم الوقوع ، وصوب ذلك في " الإنصاف " قال في " الفروع" : وهو أظهر ، وهو قول اسحاق ،واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله ، وقال : إن رواتها بقدر رواة التفريق .
وقال إنه أظهر قولي الشافعي . أملاه الفقير إلى عفو الله محمد بن إبراهيم .
ـــــــــــــــــــ
فقد وصل إلينا كتابكم المتضمن الاستفتاء عن مسألتين من مسائل الطلاق "الأولى": فيمن قال لصاحبه طلاق ما عاد أدخل بيته.(7/458)
والجواب: هذا من صيغ الحلف بالطلاق، فقوله: طلاق. هذا مبتدأ خبره محذوف، تقدير علي، وأنتم تعلمون الخلاف في مسألة الحلف بالطلاق، والمشهور من المذهب وقوعه إذا دخل البيت، وهذا الذي عليه الجماهير من أهل العلم وهو المفتى به.
"المسألة الثانية": فيمن قال لأمه وزوجته عليّ الطلاق بالثلاث ما عاد آكل لكم ولا لقمة. إلى آخره.
وجواب هذه المسألة كجواب المسألة التي قبلها من ناحية أن هذا من الحلف بالطلاق، المفتى به وقوع طلاق الثلاث إذا أكل ما حلف عليه. والله أعلم. والسلام عليكم.
(ص/ف 3307/1 في 25/11/1385) مفتي البلاد السعودية
(3113- حلف بالطلاق ما يأخذ منها ريال فأخذ ثمانين)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم مبارك بن عبدالله الشهري سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد:
خطابك لنا المؤرخ في 13/1/1387 وصل، وقد ذكرت فيه أن بين رجل وبين جماعة معاملة دراهم، وقال لهم من الزعل: عليه الطلاق ما يأخذ منها ريال. وبعده أخذ منها ثمانين ريال، وتسأل هل يقع هذا الطلاق ؟
والجواب: هذا طلاق علق على شرط وهو أنه ما يأخذ من الدراهم ريالاً، وقد أخذ منها ثمانين ريال، فيقع الطلاق، ولكنه رجعي إذا لم يكن آخر طلقة عليها فله مراجعتها مادامت في العدة بدون رضاها وعقد، فإن خرجت من العدة فلابد من عقد بشروطه، وإن كان آخر ما يستحقه عليها فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره. والسلام عليكم ورحمة الله.
(ص/ف 828/1 في 18/3/1387)
(3114- علق الطلاق على سماحها عند الشرع فسمحت بدونه)
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم مقعد ...... سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد:فقد وصلنا كتابك المؤرخ 3/3/1383 المضمن الاستفتاء عن طلاق صورته أنك قلت: عليّ بالطلاق أن زوجة أخي ما تسمح إلا عند الشرع، ثم إن خصمها استسمحها عند الجماعة على عوض ستمائة ريال عن أرش ضربته يدها بالعجرى.
والجواب: إذا كان الحال كما ذكر ولم تكن طلقت قبل هذا الطلاق ما يتم به الثلاث ولم تلحقه ما يتم به الثلاث فإنه يقع بهذا اللفظ طلقة واحدة، ولك مراجعتها مادام في العدة، فإن خرجت من العدة فلابد من عقد جديد بشروطه. والسلام.
(ص/ف 520 في 15/3/1383)
(3115- حلف بالطلاق أن تتزوج ابن عمها فلم تفعل)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم شعيل بن ...... سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد:
كتابك لنا وصل، وقد ذكرت فيه: أن لك بنتاً ورغبت أن تزوجها ابن عمها فامتنعت منه، فقلت لها عليّ الطلاق من ظهر التي جالسة في جنبك - وهي زوجتك - إذا ما(7/459)
أخذت الشخص هذا لأموت ما زوجتك. وبعد ذلك جاءك ولد عمها الثاني فنويت أن تزوجه، وتسأل هل تفوتك زوجتك إذا زوجتها هذا الأخير ؟
والجواب: الحمد لله. إذا زوجتها ابن عمها الأخير فإنه يقع منك على زوجتك طلقة واحدة، ولك مراجعتها مادامت في العدة بدون رضاً منها وبدون عقد جديد، إذا لم تكن هذه الطلقة هي آخر ثلاث تطليقات، يكون معلوماً. والسلام عليكم.
(ص/ف 490/1 في 14/2/1388) مفتي الديار السعودية
(3116- حلف الطلاق إن لم يحضر أخوه ما ادعى اخفاءه عنه لم يعد إلى بيت والده)
من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة قاضي تمير سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد: قد وصلنا كتابك رقم 139 وتاريخ 24/9/1381 وفهمنا ما تضمنه من استرشادك عن مسألة محمد بن ...... مع أخيه حمد، وما حصل من محمد من التطليق والتحريم إن لم يحضر أخوه حمد ما ادعى إخفاءه عنه، إلى آخر ما ذكرت، ولم تذكر لنا هل دخل حمد بيت أبيهما ...... قبل إحضار المال ا لمخفي أم لا . فإن كان دخل قبل ذلك وقع منه الطلاق، ويعتبر طلقة واحدة له مراجعة زوجته إن كانت في العدة ولم تكن هذه التطليقة ثالث طلقة صدرت منه عليها، إلا إن نوى طلاقه ثلاثاً فيقع ما نواه وعليه مع ذلك كفارة يمين لتحريم ما أحل الله له، وإن لم يدخل حمد البيت بعد أو دخله بعد إحضار المال فلا شيء على محمد، ومتى دخل حمد البيت ولم يحضر المبلغ حنث محمد وصار عليه ما ذكرنا. وبالله التوفيق. والسلام عليكم.
(ص/ف 70 في 18/1/1382)
(3117- طلقها ولم يذكر واحدة ولا أكثر)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم عبدالرحمن المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد:
فقد وصل إلينا كتابك الذي تستفتي به عن طلاق بنتك نجاة من زوجها عبدالرحمن ...... كما اطلعنا على ورقة الطلاق الفوتوغرافية المرفقة المتضمنة أنه طلقها ولم يذكر واحدة ولا أكثر.
والجواب: الحمد لله. هذا يرجع إلى نيته، فإن كان يقصد طلقة واحدة فله نيته، وإن نوى أكثر فله ما نوى، وإن لم ينو عدداً وقع طلقة واحدة، وله مراجعتها مادامت في العدة، فإن خرجت من العدة فلابد من عقد جديد بشروطه. والله الموفق. والسلام.
(ص/ف 57/ في 8/1/1385) مفتي البلاد السعودية
(3118- حلف بطلاق زوجته ولم يذكر ثلاثاً ولم ينوها)
من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة قاضي محكمة عرعر سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد:
فقد وصلنا خطابك رقم 157 وتاريخ 14/11/1381 المرفق به الاستفتاء الموجه من محمد ...... بصدد حلفه بطلاق زوجته، ورغبتكم في إجابتنا عليه.(7/460)
وعليه فما دام لم يذكر في طلاقه ثلاثاً ولم ينوه وقد دخلت البيت المطلق على من عها من دخوله فيعتبر طلاقه واحدة، له مراجعتها إذا كانت في العدة، ما لم تكن هذه التطليقة ثالث طلقة صدرت منه عليها. وبالله التوفيق. والسلام عليكم.
(ص/ ف 61 في 18/1/1382)
(3119- كرره ولم يخطر على باله عدد أصلاً)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم عبدالحميد يوسف خان سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد:
فقد وصلنا سؤالك الذي نصه: ما قولكم في رجل عاشر زوجته اثنى عشرة سنة ورزق منها بأربعة أولاد ولم يسبق له أن تلفظ بطلاق في طول هذه المدة، والآن نطق وقال في غياب زوجته: زوجتي طالق، طالق، طالق - ثلاثاً، وحصل هذا الطلاق منه في حال قول أزعجه حتى تلفظ بهذا الطلاق، مع العلم بأن هذه المرأة حامل في ثلاثة أشهر حال النطق، فهل يعتبر باتاً أو له رجعة ؟
والجواب: الحمد لله. إن ما ذكرتم من هذا الطلاق إن كان نوى به ثلاث تطليقات وقعت الثلاث، وإن لم ينو إلا طلقة واحدة أو لم يخطر على باله عدد أصلاً فلا يقع إلا طلقة واحدة. والسلام عليكم.
(ص/ف 407 فثي 1/5/1378)
(3120- إذا كرر لفظ الطلاق ثلاثاً أو مرتين)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم محمد منصور سلمه الله
فقد وصل إلينا كتابك الذي تسأل فيه عن طلاقك لزوجتك على أثر خصام وقع بينكما فغضبت عليها قلت لها: مطلقة، مطلقة، مطلقة - تقصد بالطلاق الثاني والثالث التأكيد. هذا نص سؤالك.
والجواب: إذا كان الحال كما ذكرته فالمنصوص في هذا أن من كرر الطلاق مرتين أو ثلاثاً وقع الطلاق بعدد التكرار إذا كانت الزوجة مدخولاً بها، إلا أن ينوي بتكراره تأكيداً أو إفهاماً متصلين فحينئذ لا يقع إلا ما نواه، لانصراف ما زاد عنه إلى نية التأكيد والإفهام. والسلام عليكم.
(ص/ف 2292 في 28/11/1382)
(3121- كرره مرتين)
الحمد لله وحده . وبعد: فقد أتى غلي بريك بن محمد ...... وذكر أنه سبق أن طلق زوجته طلقة ثم راجعها، وبعد مدة طلقها بقوله: "طالق، طالق". ويستفتي عن حكم ما صدر منه، وقد ذكر أنه في طلاقه الأخير ما نوى إلا طلقة، وأنه راجع في حين الطلاق.
فأفتيته أن له مراجعة زوجته مادامت في العدة، وتبقى منه بطلقة واحدة، فإن كانت خرجت من العدة قبل مراجعته لها فتحل له بعقد جديد، قاله ممليه الفقير إلى الله محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف. وصلى الله على محمد.
(ص/ف 1016 في 17/8/1381)
ـــــــــــــــــــ
(3144- حلف بالطلاق أن لا يدخل بيت خالته وهو لزوجها)(7/461)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم عادل ...... المحترم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد وصل إلينا كتابك الذي تستفتي به عن طلاقتك لزوجتك وصفته أن خالتك أغضبتك فطلقت من زوجتك على أن لا تدخل بيت خالتك، والبيت ليس لخالتك وإنما هو لزوجها وهي تسكن معه، وتذكر أنك ندمت وتريد الدخول إلى بيت خالتك، وتسأل عن حكم هذا الطلاق؟
والجواب: الحمد لله. إذا كان الحال كما ذكر فقد انعقد سبب الطلاق، وحيث لم تذكر أن الطلاق بالثلاث فإذا دخلت بيت خالتك وقع طلقة واحدة، ولك المراجعة مادامت في العدة إذا لم تكن طلقتها غير الطلاق المذكور، والله أعلم.
(ص/ف 22033/1 في 1/9/1384) مفتي البلاد السعودية.
(3145- إذا لم ترجعي إلى داري فأنت مطلقة بالثلاث)
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم رئيس محكمة بلجرشي. المحترم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد وصلني كتابك رقم 366 وتاريخ 11/2/1380 المرفق به استفتاء عبد الله ...... الذي يسأل به عن طلاق زوجته التي قال لها: إن لم ترجعي إلى داري هذه الليلة فأنت مطلقة بالثلاث، ودعواه أنها أرادت الرجوع فمنعها أخوها. الخ؟
والجواب: الحمد لله. المفتى به في مثل هذه المسألة وهي الحلف بالطلاق أنه إذا حنث فيها طلقت زوجته، وهو الذي عليه الجمهور. وأما دعوى الإكراه فينبغي التحقيق فيه، فإن ثبت إكراهها على البقاء ومنعها من الرجوع إلى بيت زوجها فلا طلاق، وإن لم يثبت الإكراه فالأصل عدمه. والسلام عليكم.
(ص/ف 862 في 14/6/1380) مفتي الديار السعودية.
(3146- إن لم تجلسي على الكرسي فأنت طالق)
إلى حضرة رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. المحترم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
لدي سؤال أرجو منكم أن تفتوني عنه وهو طلاق، حصل بين رجل وامرأته سوء تفاهم، وبعد قال لها: اجلسي على هذا الكرسي ورفضت تجلس على الكرسي، ودار بينهم نزاع شديد، وقال لها: إن لم تجلسي على الكرسي أنت طالقة مني بالثلاثة، ولا جلست على الكرسي، وهو قالها بلفظ واحد، وهو رجل أحمق، وغلبته الحماقة بدون اختياره ما كان قصده يلفظ الثلاثة، إنما كان قصده يلفظ أنت طالقة فقط، ووالد منها طفلتين فهل له أن يرجعها، أم لا؟ أفتوني عن هذا السؤال آجركم الله. والسلام عليكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا حلف بالطلاق أن تجلس على الكرسي الذي عينه، فإذا كان مراده أن تجلس فيه هذا الوقت ا لمعين فامتنعت وهو المتبادر من السؤال فإنها تطلق ثلاثاً في قول جماهير أتباع الأئمة الأربعة.
(ص/م في 3/4/1374 بخط مدير مكتبه الخاص)
(3147- مخرج من طلاق معلق)(7/462)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم أحمد ...... سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد وصل إلينا كتابك الذي تستفتي به عما وقع من والدك وبين أمك حينما صار سوء التفاهم بينه وبين زوجتك، وذكرت أن أباك حلف يمين وطلق أنه لا عاد يروح ويسرح معك إذا لم تطلق زوجتك، وبعد هذا تندم، وتسأل عن حكم ذلك؟
والجواب: الحمد لله. لا يجوز لكل منكم مقاطعة الآخر، وإذا اجتمعتم فيقع بهذا طلقة من أبيك على أمك ويراجعها في الحال، ويكفر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد من البر، وبهذا تنحل يمينه، وتصلح الحال بينكم. والسلام.
(ص/ف 2823/1 في 12/7/1387) مفتي الديار السعودية.
(3148- إذا عادت أختك إلى مثل هذا الكلام فهي ما هي على ذمتي)
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم صديق ملا ...... المحترم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
إجابة على كتابكم تاريخ 1/1/1374 نقول: الحمد لله. لا ريب أن إحضارك أخا زوجتك على وجه الإنذار قائلاً له: إن عادت أختك إلى مثل هذا الكلام فهي ما هي على ذمتي. تعليق للطلاق على عودها إلى مثل هذا الكلام الذي استنكفت منه، وبوجود الشرط وهو عودها إليه وقع الطلاق لكن طلقة واحدة فقط، وفتوى من سألته عن ذلك بوقوع طلقتين لا وجه لها، ثم رجعك إياها بعد بعقد جديد هل كان ذلك في العدة أو بعد خروجها من العدة؟ ظاهر كلامك الأول الإطلاق، فإذا كان ذلك كذلك فلا وجه لإعادتها بعقد، هذا العقد لاغ، وإنما المشروع هنا هو المراجعة فقط بلفظ راجعت زوجتي فلانة ونحو ذلك، وإن كان بعد خروجها من العدة فهو نكاح صحيح.
وأما طلاقك الأخير الذي نصه: طلقت زوجتي فلانة بنت فلان طلاقاً ثلاثاً باتاً، فهو طلاق بائن على كلا التقديرين؛ لأنه بمجرده كاف في عدم مراجعتها وأنها لا تحل لك إلا بعد نكاح زوج آخر وإصابته إياها ثم طلاقه لها واعتدادها منه، وذلك أن هذا الطلاق الأخير قد صادفها زوجة لك على كلا التقديرين السابقين. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
(ص/ف 16 في 7/9/1374)
(3149- إذا كنت لا تبغيني فتراك طالق)
الحمد لله وحده. وبعد:فقد سئلت عن رجل وقع بينه وبين زوجته شقاق، فطلبت منه الطلاق، فقال لها: إذا كنت ما تبغين فتراك طالق. فعندما رأت الجد منه تراجعت وقالت هونت، ثم حضرت الزوجة لدينا وأيدت ما قال. وذكرت أنها لا ترغب فراق زوجها وأولادها.
فأفتيت بأنه إذا كان الحال كما ذكر فلا يقع هذا الطلاق؛ لأنه معلق بإذا كانت لا تبغيه، وقد قررت عندنا بأنها تبغيه. قال ذلك الفقير إلى الله تعالى محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه لا وسلم.
(ص/ف 2932/1 في 13/11/1384) مفتي الديار السعودية.
(3150- إذا أسكن مع والدتي تكوني طالقة)(7/463)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم عبد الحميد. سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد اطلعنا على كتابك الذي تسأل فيه حكم ما صدر منك على زوجتك بقولك: إذا سكنت مع والدتي تكوني طالقة بالثلاث تحرمين وتحلين لمن يبغاك.
ونفيدك أنك إذا سكنت مع والدتك فإن زوجتك تبين منك، ولا تحل لك إلا بعد زوج. والسلام عليكم.
(ص/ف 1149 في 6/9/1381)
(3151- أخبر أن زوجته حبلى من الزنا فطلقها)
ما قول علماء المسلمين، ثبت الله بهم دعائم الدين، في رجل أخبره رجل عن زوجته الغائبة عن البلد أنها حبلى زعم أنه من زنى، فأثار بذلك ثورة غضبه غضباً لم يملك إلا رداً، فبادر طلقها بحالة الغضب بناء على هذا النبأ، ثم بعد يوم واحد تثبت الخبر كذباً، وكان قد طلق ثلاثاً بكلمة واحدة، فهل والحالة هذه ينفذ عليه طلاقه، أم ماذا، فإن الخطب جسيم لكونها ذات أولاد.
بسم الله الرحمن الرحيم - حيث قد وجه إلي هذا السؤال الموضح بعاليه، وحضر لدي السائل، وذكر لي أن طلاقه لزوجته المنوه عنه أعلاه مبني على ثبوت هذه الإشاعة التي نسبت له عنها، وأنها إذا كانت بريئة فليس له رغبة في تطليقها، وهذا هو ظاهر سؤاله المحرر بعاليه، وحينئذ أفتيته بعدم وقوع طلاقه لا ثلاثاً ولا وحدة، بناء على أن الشرط المنوي كالشرط الملفوظ به، والله سبحانه أعلم. قاله الفقير إلى عفو الله سبحانه محمد بن إبراهيم آل الشيخ. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
(ص/م في 8/9/1373)
(3153- نسب إليها كلام سيئ فطلقها من أجله فتبين أنه اختلاق)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم عبد الله بن علي بن ...... سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
قد وصلنا خطابكم وفهمنا ما ذكرته من أنك كنت متزوجاً زوجة تكرهك، وأنه كان لك عم بينك وبينه عداوة ونسب عنها كلاماً سيئاً حدا بك إلى تطليقها، ثم تبين لك أن عمك هو الذي اختلق هذا الكلام، وتستفتي في ذلك؟
والجواب: الحمد لله. إذا كان لا قصد لك في الطلاق أصلاً، وجرى منك الطلاق بناء على ثبوت ما نسب إليها ثم تبين أنها لم تقله، فهذه الحالة لا يثبت فيها الطلاق، وإن كنت طلقتها لما نسب عنها الكلام سواء ثبت عنها أو لم يثبت فهذه الحالة يقع فيها الطلاق، وهذا معنى كلام ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" وهذا كله ما لم يكن صدر من قاضي طرفكم فيها حكم، فإن كان صدر فيها حكم شرعي فالعمل عليه. والله الموفق. والسلام عليكم.
(ص/ف 174 في 25/2/1378)
(3153- قيل له أن امرأته زانية فطلقها ثم ثبت براءتها)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:(7/464)
سألني سائل عن رجل قيل له أن امرأته زانية فطلقها لذلك، ثم تبين له كذب المقالة وبراءة زوجته، فهل يعتبر طلاقه لها طلاقاَ شرعياً؟
والجواب: أنها لا تطلق إذا لم ينو طلاقها بكل حال وإنما قصد من أجل أنها زانية. قال ذلك وأملاه الفقير إلى مولاه محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ. والله الموفق.
(ص/ف 388 في 27/3/1379)
(3154- طلقها بالثلاث يظنها عملت سوء)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم محمد بن أحمد ...... سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد وصل إلينا كتابك المتضمن الاستفتاء عن طلاق صفته أنك ظنيت بزوجتك سوءاً فاستعجلت وطلقتها بالثلاث، ولما تحققت عما ذكر تأكد لك أنها بريئة مما نسب إليها، وتسأل عن حكم هذا الطلاق؟
الجواب: الحمد لله. إذا كان الحال كما ذكر وأنك لم تطلقها إلا على أساس صحة هذا الخبر الذي نسب لك عنها ولولا أنه غالب على ظنك لما طلقتها، وأنها الآن بريئة من ذلك يقيناً؛ فلا يقع الطلاق المذكور، لأنه كالشيء المشروط والمعلل للطلاق، وإن كان طلاقك لها بسبب ما نسب عنها سواء كان صحيحاً أو غير صحيح على حد قول القائل قد قيل ما قيل إن صدقا أو كذباً، وأن نفسك طابت منها بمجرد ما ذكر، فهذا لا يمنع وقوع الطلاق، هذا شيء يرجع إلى ذمتك وما تعلمه من نفسك، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً. والله أعلم.
(2544/1 في 4/6/1387) مفتي الديار السعودية.
(3155- طلقها بناء على إخبارية مزورة على والده)
الحمد لله وحده. وبعد:
سألني من سمى نفسه بيحيى بن محمد ...... أنه طلق زوجته ...... بالثلاث بلفظ واحد بناء على إخبارية مزورة على والده بأنه لا يرضى بقاءها عنده، فتبين تزوير هذه الإخبارية على والده محمد، وعدم صحة أي شيء منها مطلقاً، ويستفتي هل يقع طلاقه والحال ما ذكره؟
فأجبته إذا كان الأمر كما ذكره في سؤاله من تطليقه زوجته بناء على إخبارية مزورة على والده أنه لا يرضى بقاءها عنده وتبين بعد ذلك كذب هذه الإخبارية فلا يقع طلاقه. قاله وأملاه الفقير إلى ربه محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف. وصلى الله على محمد.
(ص/ف 2347 في 18/12/1382)
(3156- طلقها بسبب كتاب مزيف على والده)
الحمد لله وحده. وبعد:
فقد ذكر لي يحيى محمد عسيري أنه ورد إليه كتاب مزيف على والده، وفيه أن والده يشير عليه بطلاق زوجته، وأن الصالح في طلاقها، فبناء على اعتقاده أن هذا الكتاب من والده كتب لأخ زوجته يقول له: إذا جاء لأختك نصيب فلا تقطع نصيبها قاصداً بذلك طلاقها. وقد تبين له أن الكتاب مزيف على والده، ويسأل هل يعتبر ما(7/465)
صدر منه على زوجته طلاقاً، وذكر أنه لم يسبق له أن طلق زوجته، ولم يحدث منه بعد ذلك الكتاب طلاق؟
فأفتيته بأنه إذا كان الأمر كما ذكر فإن ما صدر منه لا يعتبر طلاقاً حيث لم يثبت ما بني الطلاق عليه، قال ذلك وأملاه الفقير إلى الله محمد بن إبراهيم. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(ص/ف 165 في 20/1/1383)
(3157- طلقها بناء على ما زعمه ابنه من امتناعها)
الحمد لله وحده. وبعد:
فقد سألني دعيرم بن ...... عن طلاق صفته أنه كان يشتغل بالطين، فأرسل ولده الصغير لزوجته ليأتي له بلي الماء، فعاد ابنه وقال: امتنعت، فغضب لذلك وطلقها بالثلاث، ولما عاتبها على ذلك أنكرت أن تكون منعت اللي وحلفت على ذلك، ولكنها قالت للولد: نادلي والدك لأسأله عن غداء العمال، فندم على طلاقها، وجاء يسأل هل تحل له، ويذكر أن لديه شاهداً على ذلك، فأمرت بإحضار الزوجة والشاهد، فحضرت الزوجة وأخبرت بمثل ما قال، وكذلك الشاهد عمر بن مرزوق شهد بمثل ما ذكره دعيرم.
فأفتيته بأنه إذا كان الحال كما ذكر فهذا الطلاق مما اختلف فيه العلماء، وأصح الأقوال أنها لا تطلق بما ذكر، لأن طلاقه هذا مسبب عن ما زعمه ابنه من امتناعها عن تسلم اللي، فإنه مشروط في الطلاق، وإذا كانت لم تمتنع عن تسليم اللي فلا يقع الطلاق المذكور. والله الموفق. قال ذلك الفقير إلى الله محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
(ص/ف 927/1 في 26/3/1387) مفتي الديار السعودية.
(3158- نقل له الجيران كلاماً يمس كرامته فطلقها)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم عبد الله بن عبد اللطيف. سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد وصل إلينا كتابك الذي تستفتي به عن حكم طلاقك لزوجتك وذكرت أن جيرانك نقلوا لك عنها كلاماً يمس كرامتك فطار عقلك غضباً وطلقتها ثلاثاً، وتكلمت بكلام آخر يتضمن تحريمها، وأن ذلك وقع منك في حالة شدة غضب وعدم شعور بما تقول. وبعد هذا تبين أنها لم تتكلم بشيء مما ذكر؛ لأنها نفت ذلك وحلفت عليه، والجيران أقسموا أنهم لم يبلغهم عنها من ذلك شيء وإنما هو كذب بحت قصده متكيد عليها، وتستفتي عن حكم طلاقك لأنك لم تطلقها إلا على أساس ما نقل لك عنها.
والجواب: الحمد لله. أما بالنسبة إلى الطلاق وأنك لم تطلق إلا على أساس أنها قد تكلمت في حقك ذلك الكلام فالمنصوص في مثل هذا أن الطلاق لا يقع، لأن المفهوم من الحال أن الحامل لك على الطلاق وجود ما ذكر، فهو كالشرط أو كالتعليل للطلاق. وإذا لم يوجد الشرط وفقدت العلة لم يتم الحكم.(7/466)
وأما بالنسبة إلى قولك: إنك لا تشعر بما ذكر، فهذا لا يقبل إلا ببينة معدلة، والأولى لك مراجعة القاضي لديكم لإثبات ما ذكر، وله أن يسترشد بكتابنا هذا ويبني عليه ما يثبت عنده من ذلك. والله الموفق. والسلام عليكم.
(ص/ف 11/1 في 1/1/1387) مفتي الديار السعودية.
(3159- طلقها بناء على نبأ مكذوب)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم عبد الرحمن بشيسي ...... سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد وصل إلينا كتابك الذي تستفتي به عن طلاقك لزوجتك، وتذكر أنك سمعت عنها نبأ فغضبت وطلقتها بالثلاث، وبعد ذلك أصبح النبأ كاذباً، وثبت أنه عار عن الحقيقة. وتسأل هل يقع الطلاق المذكور، أم لا؟ لأنها أصبحت بريئة عما أذيع عنها؟
والجواب: الحمد لله. إذا كان الحال كما ذكر وأنك لم تطلقها إلا بناء على هذا النبأ المكذوب فالصحيح من أقوال العلماء أن الطلاق لا يقع لاعتبار القصود في العقود، وعلى هذا فالطلاق لاغ، والمرأة حلال لك بالعقد الأول، فلا يحتاج إلى مراجعة ولا عقد جديد. والسلام عليكم.
(ص/ف 3797/1 في 19/12/1388) مفتي الديار السعودية.
(فصل - في تعليقه بالإذن)
(3160- علق طلقة على خروجها بدون إذنه، وثلاثاً على إخراج الحاجات)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم نوار بن ...... سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد وصل إلينا كتابك المؤرخ 30/12/1382 المتضمن استفتائك عن ما وقع بينك وبين زوجتك من خلاف وأنك كتبت لها:
أولا: إن خرجت من بيت والدها بدون إذنك فهي طالق، ثم قلت لوالدها أخيراً شفوياً: إن أخرجت الحاجات تكون بنتك طالق بالثلاث، فأخرج والدها الحاجات، وخرجت الزوجة من بيت والدها بدون إذنك. وتسأل عن حكم هذا الطلاق؟
والجواب: الحمد لله. إذا كان الحال كما ذكر فإنها تكون طالقاً طلاقاً لا رجعة فيه إلا بعد أن تنكح زوجاً آخر، حيث يقع بالصيغة الأولى طلقة واحدة ويقع بالصيغة الأخيرة تمام ثلاث طلقات. والسلام عليكم.
(ص/ف 455 في 8/3/1383)
(3161- إذا أردت تخرجين فافهميني وإلا تراك طالق، ثم ترك سبيلها تخرج بدون إذن فخرجت)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم عبد الله بن عثمان ...... سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد جرى اطلاعنا على استفتائك الموجه إلينا منك بخصوص قولك لامرأتك: إذا أردت تخرجين فافهميني وإلا تراك طالق بالثلاث تحرمين علي مثل ما يحرم لحم أمي علي، وتذكر أنها مرضت وبعد شفائها تركت سبيلها لتخرج دون إخبارك، وأنك الآن متحرج تخشى أن يترتب على خروجها بدون إخبارك طلاق، وتسأل عن ذلك؟(7/467)
والجواب: الحمد لله. تركت سبيلها لتخرج بدون إخبارك إذن لها في الخروج بصفة عام'، وعليه فلا يقع عليها بخروجها بعد تركك سبيلها طلاق، لانحلال يمينك بالإذن العام لها، وبالله التوفيق. والسلام عليكم.
(ص/ف 2445/1 في 20/8/1388) مفتي الديار السعودية.
(فصل في مسائل متفرقة)
(3162- الحلف بالطلاق)
وأما مسألة الحلف بالطلاق وما إذا فعل المحلوف عليه ناسياً أو جاهلاً وكان حلفه بالطلاق فالذي يترجح في ذلك عندنا الرواية الثانية عن أحمد رحمه الله وهي عدم الوقوع، وصوب ذلك في الإنصاف، قال في "الفروع": وهو أظهر، وهو قول إسحاق، واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله، وقال إن رواتها بقدر رواة التفريق، وقال: إنه أظهر قولي الشافعي. أملاه الفقير إلى عفو الله محمد بن إبراهيم.
(ص/م في 9/7/1373)
(3163- قوله: وإن فعل المحلوف عليه ناسياً أو جاهلاً حنث في طلاق وعتاق فقط)
هذه رواية وهي المشهورة عندهم، والرواية الأخرى أنه يحنث في الجميع، والثالثة أنه لا يحنث في الجميع وهو اختيار الشيخ، لحديث: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان"(1) عام ولا جاء ما يخصصه. وما استدل به للناسي والمكره يصلح دليلاً للناسي والمكره في الطلاق والعتاق، وهذا أقوى في الدليل والراجح. والله أعلم.
(3164- قوله وكذا يمين عقدها يظن صدق نفسه)
حلف أن زيداً قادم اليوم من مغيبة له بلغه من خبر ركن إليه، فتبين أنه لم يقدم، إن كان في طلاق وعتاق حنث، وإن كان يمين فلا يحنث، وهذه كالتي قبلها عندهم، والراجح كما سبق.
(3165- طلق معتقداً صدق نفسه)
إلى حضرة صاحب الفضيلة والدرجة الرفيعة فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ. حفظه الله.
بعد التحية والإجلال.
__________
(1) أخرجه الطبراني عن ثوبان.
أحيطكم علماً بأنه لي ولد عم وأرسله وأخيه بسند لواحد يطلبه أخيه فلوس، ذهب إلى المطلوب ورجع ولا جاب فلوس، ولا بين السند، وسألته مراراً بوقته الحاظر ويقول السند عندي ولم يظهره لنا، فأملت أنه ظايع أو معطيه الديان بدون تسليم، فقلت: علي الطلاق إنك مظيعه أو معطيه الديان. وبعد لفظي بهذا الكلام قام وجابه وأنا يوم ألفظ الطلاق ما عندي لها نية لا واحدة ولا أكثر من ذلك، واسترجعت في وقته. هذا ما صدر مني، والنظر لله ثم لكم. والله يحفظكم ويرعاكم ودمتم في أمان الله.خادمكم مبارك بن محمد......
الجواب: الحمد لله. إذا كان حلفك بالطلاق المذكور في السؤال صدر منك معتقداً صدق نفسك فإنه حيث تبين أن الأمر بخلاف ذلك فلا طلاق عليك، ولا كفارة، والله أعلم. قاله الفقير إلى عفو الله محمد بن إبراهيم.(7/468)
(ص/في 28/1374)
(3166- قوله: فمن حلف ليأكلن هذا الرغيف وعينه لم يبر إلا بأكله كله، وإن بقى منه شيء ولو قل لم يكن باراً)
والظاهر أن الأجزاء القليلة التي مثلها يسقط ولا يلتفت إليه لا يخرجه عن كونه أكله كله؛ لجريان العادة أن السواقط مكروه أكلها، كما كره أكل الخلال الذي بين الأسنان، فلو بقي منه كحبة الذرة أو حبات أخر من هذه الأجزاء والوذر القليلة(1). (تقرير).
(3167- إن نثرت علي هذا الماء فهو طلاقك، فنثرت بعضه).
من محمد بن إبراهيم إلى بخيت بن محمد ...... سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد وصل كتابك الذي تستفتي به عن طلاقك لزوجتك ...... وذكرت أنك طلقتها طلقتين، وبعد هذا أرادت أن تلقي عليك ماء في يدها، فقلت: إن نثرت علي هذا الماء فهو طلاقك، فنثرت على رأسك منه قليلاً والباقي صبته على ماء تغسل منه للصلاة. وتستفتي عن حكم ذلك؟
__________
(1) لم يحنث.
والجواب: مادامت لم تنثر عليك من الماء الذي طلقت عليه إلا قليلاً فلا يقع الطلاق بذلك، وهي زوجتك، وعليك معاشرتها بالمعروف، فإن طلقتها بعد هذا بانت منك، فاتق الله ولا تكثر من جريان لفظ الطلاق على لسانك. والله الموفق. والسلام.
(ص/ف 897/1 في 24/3/1387) مفتي الديار السعودية.
(3168- ادعت أنها مكرهة على عدم الرجوع)
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم رئيس محكمة بالجرشي. المحترم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد وصلني كتابك رقم 366 وتاريخ 11/2/1380 المرفق به استفتاء عبد الله ...... الذي تسأل به عن طلاق زوجته التي قال لها: إن لم ترجعي إلى داري هذه الليلة فأنت مطلقة بالثلاث، ودعواه أنها أرادت الرجوع فمنعها أخوها. الخ.
والجواب: الحمد لله. المفتى به في مثل هذه المسألة وهي الحلف بالطلاق أنه إذا حنث فيها طلقت زوجته، وهو الذي عليه الجمهور، وأما دعوى الإكراه فينبغي التحقيق فيه، فإن ثبت إكراهها على البقاء ومنعها من الرجوع إلى بيت زوجها فلا طلاق، وإن لم يثبت الإكراه فالأصل عدمه. والسلام عليكم.
(ص/ق 594 في 1/7/1380) رئيس القضاء
(3169- علق طلاقها على دخولها البيت فدخلت ناسية)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم عبدالعزيز جميل مجلد سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد وصل إلينا كتابك الذي تستفي به عن الرجل الذي علق طلاق زوجته على دخول بيت وقال لها: إذا دخلت البيت الفلاني فأنت طالق، فدخلت البيت ناسية. هذا ملخص السؤال.(7/469)
والجواب: الحمد لله. إذا حلف الرجل على من يمتنع بيمينه كزوجته وولده أن لا يفعل شيئاً كدخول الدار ففعله ناسياً أو جاهلاً فلا يحنث إلا في الطلاق أو العتاق فإنه يحنث فيهما في ظاهر المذهب، والرواية الأخرى عن الإمام أحمد أنه لا يحنث في الطلاق والعتاق أيضاً، وهو ظاهر مذهب الشافعي واختاره تقي الدين ابن تيميه، لقوله تعالى: { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ } . الآية(1). وحديث: "عُفِيَ لأِمَِّتِي عَنْ الخْطَأ والنسَّيَانِ". هذا هو الصواب إن شاء الله. وعليه فلا حنث في مسألتك التي تسأل عنها. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
(ص/ف434 في 24/3/1380)
(3170- دخلت بيت جيرانها ناسية)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم سعد بن سيف سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد:
فقط اطلعنا على استفتائك عن طلاقك لزوجتك، وذكرت أنك طلقت عليها ما تدخل بيت جيرانكم فدخلت ناسية، ثم إنه صار بينك وبينها منازعة فضربتها فقالت لك طلقني وأنت بريء من عيالك وحلالك تعني جهازك فغضبت وطلقتها، ثم ندمت وندمت هي ولم تسلم لك شيئاً مما قالت لك، فاسترجعتها بحضور شهود، وتسأل عن حكم ذلك.
والجواب: الحمد لله. أما الطلاق الأول حينما طلقت عليها عن دخول بيت الجيران ودخلته ناسية فلا يقع، لقوله تعالى: { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } .(2) ولحديث: "قال الله تعالى قد فعلت". وأما الطلاق الثاني فالظاهر عدم وقوعه إذا كان على عوض لم يسلم لك، وعلى كلٍ فرجعتك لها صحيحة وهي زوجتك، فعاشرها بالمعروف، واحتفظ من لسانك من تكرار الطلاق خشية أن تفوتك زوجتك. والسلام عليكم.
(ص/ف 4397/1 في 29/11/1387) مفتي الديار السعودية
(باب التأويل في الحلف)
(3171- قال: بنتك طالق .. وعني الثانية)
__________
(1) سورة الأحزاب - آية 5.
(2) سورة البقرة - آية 286.
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم أحمد عايش ...... سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد:
فقد وصلنا خطابك الذي تقول فيه: جرى خصام بيني وبين زوجتي وعمتي أمها أخيراً أدى بهم الأمر أن رفعوا أصواتهم حتى حضر كثير من الناس وعمتي مسكتني بقوة ولم تفلتني إلا بشرط أن أطلق بنتها، ولما رأيت ما أنا فيه من الحال وكسر عرضي وعدم إفلاتها لي تخلصت منها بقولي: بنتك طالق، لأجل تفلتني، وقلت: ثلاثاً، لأنها مانعة إلا بشرط هذا، ولم أتلفظ باسم زوجتي، قلت بنتك، ولها بنات غير زوجتي، وأنا ما أقصد زوجتي.(7/470)
والجواب: الحمد لله. إذا كان الأمر كما ذكرت من أنك قصدت بهذا اللفظ طلاق ابنتها التي ليست زوجتك فهذا التأويل ينفعك ولا تطلق زوجتك، وذلك للقرينة وهي إحراج موقفك. والله الموفق. والسلام.
(ص/ف 387 في 28/4/1378)
(3172- أخذ عصى وقال تراها طالق مرتين)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم قاضي هرجاب المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد:
وصل إلينا كتابك رقم 8 وتاريخ 2/1/1385 المرفق بمعروض حمود بن ..... الذي استفتى به عن طلاق صفته أن أهل زوجته الجديدة ألزموه بتطليق زوجته الأولى، فأخذ عصا في يده وأشهد أربعة رجال بأنه سيتأول في الطلاق ويقصد العصا التي في يده، ثم قال: تراها طالق مرتين.
والجواب: الحمد لله. هذا من التأويل في الحلف، وقد ذكره الفقهاء وصوروا له عدة صور، والظاهر أن هذا منها فينفعه تأويله ولا يقع الطلاق ولكن بشرط ثبوت ما ذكره شرعاً، وعدالة الشهود، واستكمال إجراءاتها الشرعية. والله الموفق. والسلام.
(ص/ف 323/1 في 9/2/1385) مفتي البلاد السعودية
(باب الشك في الطلاق)
(3173- نطق بالطلاق ولا يدري هل نطق بواحدة أو أكثر)
حضرة صاحب الفضيلة المفتي الأكبر الشيخ محمد بن إبراهيم بعد التحية والاحترام .. ما قولكم دام فضلكم ونفع المسلمين بعلومكم في رجل وقع شجار بينه وبين زوجته حتى أغضبته وتغير شعوره وغاب عن صوابه من كثرة المشاجرة، فقال لزوجته: تحرمي عليّ، فأجابته الزوجة زي بعضه، ومن شدة غضبه لم يعلم ما تكلم به سوى قول: تحرمي عليّ، وقد سبق من قبل أن طلقها طلقة رجعية وراجعها. فهل والحال ما ذكر طلقت، أم لا ؟ وهل له مراجعتها أم لا ؟ ويحتاج إلى عقد ومهر جديد، أم لا ؟ أم كيف الحكم في ذلك أفتونا ولكم الأجر والثواب من الملك الوهاب.
صالح بن محمد الزهراني
المذهب شافعي
الحمد لله وحده .. إذا كان لا يدري هل نطق بالطلاق أم لا فإنه لا يلزمه طلاق، هذا كله إذا لم تشهد به البينة المعتبرة وهي هنا رجلان عدلان، وإذا علم أنه نطق بالطلاق ولكن لا يدري أطلق واحدة أم أكثر ولم تقم البينة المعتبرة كما سبق على أنه طلقها أكثر من واحدة فلا يقع إلا واحدة. هذا كله بالنسبة إلى طلاقه الذي يسأل عنه، وإلا فالطلقة الأولى معلومة معروفة. وأما التحريم الذي تحقق نطقه به فإنه يكون ظهاراً لو كانت بصفة أنت علي حرام. أما الصيغة التي نطق بها وهي ما في السؤال بصيغة الفعل المضارع فإنه لا يكون ظهاراً على ما في ظاهر كلام الأصحاب، والاحتياط أن يكفر كفارة يمين ويخير فيها من يجد ما يكفر به بين عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم؛ فإن لم يجد صام ثلاثة أيام متتابعات. قاله ممليه الفقير إلى عفو الله محمد بن إبراهيم آل الشيخ. وصلى الله على محمد.
(ص/م 28/12/1378)(7/471)
(3174- ألقى عليها طلقات ولا يعلم عددها)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم قاسم ......
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد وصلني خطابك المؤرخ 15/11/1377 الذي تقول فيه: لي زوجة كثيرة العائلة، وأنا وإياها فقراء، وكل يعيش هؤلاء العائلة، وقد جرى بيننا خصام أدى مع الغضب أن ألقيت عليها طلقات ولا أعلم العدد، وبقيت في حيرة، وليس عندنا من يرشدنا. وتسأل عن الجواب.
والجواب: الحمد لله. هل تعلم أن طلاقك أكثر من الطلقتين، أو لا تدري أطلقتان هو أو أكثر. فإن كنت تعلم أنه أكثر من الطلقتين بانت منك امرأتك وليس لك رجعتها، وإن كنت متردداً هل هو ثلاث أو اثنتان فإنه يعمل باليقين ويكون اثنتين لأنهما المتيقنتان وما فوقهما مشكوك فيه والأصل عدمه. وحينئذ رجعتها مادامت في العدة. والسلام عليكم.
(ص/ف 3 في 2/1/1378)
(3175- طلقها طلقتين وشك في الثالثة)
الحمد لله وحده. وبعد:
فقد سألني عائض بن سمحان ...... عن ما وقع منه على زوجته من طلاق وظهار حيث قال أنها أزعلتني وطلبتني الطلاق فغضبت وطلقتها طلقتين فمسكتني وقالت استرجع، فقلت: تراك علي مثل أمي، فمسكتني وقالت: لزوم تسترجع، فاسترجعتها وأنا في أشد الغضب، ووالله ما أعلم هل وقع مني طلقتين أو ثلاث، ولكن الحاضرين يقولون إنك ما طلقتها غير اثنتين، وأنا عندي شك في الثالثة، وحالاً كتبت لها ورقة هذا نصها: بأني طلقت زوجتي ...... طلاق صريح إذا جاء لها رزق توافقه. وبعد هذا تأسفت ورجعت لشور أمي وراجعتها وأشهدت على رجعتها.
فأفتيته بأنه إذا كان الحال كما ذكر فلا يقع عليها غير الطلقتين اللتين تيقنهما، وأما الثالثة المشكوك فيها فالأصل عدم وقوعها، ورجعته لها صحيحة؛ لكن لا يقربها حتى يكفر كفارة الظهار؛ لقوله: تراك علي مثل أمي. وكفارة الظهار عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً. وحيث ذكر أه لا يستطيع العتق ولا صيام لأنه مريض أخذ مدة منوماً في مستشفى الطائف ولا يزال معه بواقي المرض حتى الآن ومرضه نوع من الفالج والشلل فعلى هذا يكفر بالإطعام فيطعم ستين مسكيناً، لكل مسكين مد من البر، ومجموع الكفارة خمسة عشر صاعاً يفرقها على الستين مسكيناً لكل مسكين ربع الصاع، ولا يقرب زوجته حتى يكفر. والله أعلم. قال ذلك ممليه الفقير إلى الله تعالى محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(ص/ف 31/1 في 4/1/1385) مفتي الديار السعودية.
(3176- قال تراك طالق ولم يستحضر غيرها وادعت الزوجة أنه بالثلاث)
الحمد لله وحده. وبعد:
فقد سألني مطلق بن ...... عن طلاق صفته أن زوجته ...... حالت بينه وبين ابنه فيحان لما أراد أن يضربه، قال: فغضبت عليها، وقلت لها: تراك طالق. هكذا قلت،(7/472)
لا استحضر غيرها، وبعد ذلك تأسفت وراجعتها، ولكن قالت الزوجة ...... والولد فيحان إنك قلت طالق بالثلاث ولم يحضرني غيرها، وأنا لا أعلم أني تلفظت بالثلاث، هكذا أفاد.
فأفتيته بأنه إذا كان الحال ما ذكر فالأصل عدم وقوع الثلاث التي هو يقول إني لم أتلفظ بها، فتحسب عليه طلقة واحدة، وله مراجعتها ما دامت في العدة، وذكر أنه راجعها بعد الطلاق بيوم فرجعته صحيحة. ولا يقبل كلام الزوجة بأنه طلقها ثلاثاً، ولا كلام ابنه فيحان وحده. قال ذلك ممليه الفقير إلى الله محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف مفتي البلاد السعودية. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
(ص/ف 2999/1 في 29/10/1385) مفتي البلاد السعودية.
(باب الرجعة)
(3177- طلقها تحل لغيره وتحرم عليه، ثم راجعها، وطلبت زوجته فتوى)
من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة رئيس محكمة جدة. المحترم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد اطلعنا على هذه الأوراق الواردة إلينا منكم برقم 2144 وتاريخ 11/6/1385 بخصوص ما تقدم به إليكم حسن عبد اللطيف سمان باستدعائه المرفق حول طلاق بنته الهام حسن من زوجها محمد أمين نظمي، كما جرى الاطلاع على صورة الطلاق المرفقة المتضمنة أنه طلقها تحل لغيره وتحرم عليه، وما أجاب به من أنه قد راجعها في أثناء العدة بعد أن أفتي بأن الطلاق رجعي، وأن الزوجة طلبت عرض الموضوع علينا.
لقد تأملنا ما أشرتم إليه، ولم يظهر لنا غير ما أفتينا به من أ، الطلاق المذكور رجعي؛ لأنه لم يذكر ثلاثاً، ولم يكن على عوض.
وأما قوله: تحل لغيره، وتحرم عليه، فإن كان أراد بها تفسير طلاقه المذكور ووصفه بهذا كما هو الظاهر من سياقه فليس بصحيح، لأن هذا الطلاق الذي صدر منه رجعي لا تحرم عليه زوجته به، وغن أراد إنشاء تحريم فالتحريم بصيغة المضارع كالطلاق بصيغة المضارع، وقد صرحوا بأن الطلاق لا يقع إذا كان بصيغة المضارع أو بصيغة الأمر أو بصيغة اسم الفاعل، فلا شعاركم حرر.
(ص/ف 177 في 29/6/1385) مفتي البلاد السعودية.
(3178- قال: أنت طالق بلا رجوع، وحرم، ويريد المراجعة)
سألني ثقل بن نوار ...... أن زوجته تمادت معه الكلام وهو يسكتها لأجل حضرة الرجال وتمتنع، فلما أراد أن يضربها حال دونه أولادها، فقال: أنت طالق بلا رجوع، وهو لم يطلقها قبل هذا الكلام ولا بعده.
فأفتيته بأن ذلك طلقة واحدة، وله مراجعتها ما دامت في العدة.
ويذكر أيضاً أنه قد حرم عليها سابقاً أنها ما تروح لمكان وعصته وراحت.
فأفتيته أن ذلك التحريم ليس بطلاق، ولكن فيه كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين مد بر. قاله ممليه الفقير إلى عفو الله محمد بن إبراهيم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
(ص/م 3/9/1374)(7/473)
(3179- طلقها طلقتين، وأراد استرجاعها)
إلى حضرة صاحب الفضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم. المحترم.
بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأطال الله في حياتك:
لا يخفى عليك أنه قدر الله وطلقت طلقتين بدون فكري، لأنني أولاً جيت البيت ومع أجانب، وبعد ما دخلنا المجلس وجدت المجلس ليس نظيفاً، وأنني نطقت بهذه الكلمة فأرجو من فضيلتكم النظر في ذلك، والرأي لك. والسلام. المقدم/محمد اليوني.
الجواب: الحمد لله. إذا طلقتها طلقتين ولم يسبق ذلك طلاق ولم يلحقه ولم يكن ذلك عن عوض فلك مراجعتها مادامت في العدة، فإن كانت قد خرجت من العدة، فلك نكاحها بعقد جديد، هذا إذا كان الأمر كما شرح في السؤال. قاله ممليه الفقير إلى الله محمد بن إبراهيم.
(ص/م في 4/1/1378)
(3180- طلقها حاملاً وأراد استرجاعها قبل الوضع)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم سالم بن سعيد الحربي. المحترم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد وصل إلينا كتابك الذي تستفتي به عن "ثلاث مسائل":
(الأولى): إذا طلق الرجل زوجته وهي حبلى وأراد مراجعتا قبل وضع الحمل برضاها، فهل يجوز ذلك؟
والجواب: الحمد لله. إذا كان الطلاق رجعياً فله مراجعتا قبل وضع الحمل، سواء كان برضاها أو بغير رضاها، ما لم يكن طلقها على عوض، أو تكن آخر ثلاث تطليقات.
(الثانية): إذا طلقها وأراد مراجعتها قبل تمام العدة وليست حاملاً فهل تجوز مراجعتها بدون رضاها، أم لا؟
والجواب: إذا كان الطلاق رجعياً فله مراجعتها مادامت في العدة ولو بغير رضاها، لقوله تعالى: { وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً } (1). فإن خرجت من العدة فلابد من عقد جديد بشروطه.
__________
(1) سورة البقرة: آية 228.
(الثالثة): إذا طلقها واشترط بطلاقه أن لا تتزوج فلان.
والجواب: الطلاق صحيح، والشرط لاغ لا عمل عليه؛ لأنه إذا طلقها وانقضت عدتها فلا سبيل له عليها، ولها أن تنكح من شاءت. والله أعلم. والسلام.
(ص/ف 399/1 في 16/2/1385)
ـــــــــــــــــــ
(4017- حلف أنه لا يروح بها إلا بعد شهر ورواح بها قبله تأسيا)
من محمد بن إبراهيم الى حضرة إلاستاذ المكرم محمد بن عمر بن عقيل
المحترم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. وبعد:-
فقد وصل إلينا كتابك الذي تستفتى به عن المسائل إلاتيه:-(7/474)
" المسالة الأولى " : رجل قال لزوجته: إذا دعوت على أبنتك أغاضة لى فأنت طالق, فعادت الى الدعاء على أبنتها. ولكنها تقول و تقسم على ما تقول أنها لم تقصد أغاضته بالدعاء, و أنما تريد تأديب البنت, وأن هذا الشيء يجرى على لسانها لأنها أعتاد ته من دون تعسد.
و الجواب: الحمد لله. إذا كان كلام الزوج معلقا على قصد أغاضته بالدعاء على البنت وقالت الزوجة أنها لم تقصد اغاضته ودللت بما أدلت به فهي مصدقة, والقول قولها؛ لأن هذا الشيء متعلق بنتها و هي أعلم بذلك.
" المسالة الثانية ": قال لها على أثر نزاع بينها وبين والده: على الطلاق ما أروح بك لاهلك إلا بعد شهر. فنسى وراح بها الى أهلها قبل شهر, فهل تطلق بذلك؟
و الجواب: هذا من الحلف بالطلاق, و المشهور أنه إذا فعل المحلوف عليه ناسياً أو جاهلاً يحنث في طلاق وعتاق فقط؛ بخلاف إلىمين بالله فلا يحنث فيها. والقول الآخر أن الحكم واحد فلا يحنث في الطلاق و العتاق كما لا يحنث في إلىمين بالله, ويستدل له بقوله تعالى :( ربنا لا تواخدنا إن نسينا أو أخطأنا)(1)
وهذا الصواب, وهو اختيار الشيخ تقى الدين أحمد بن تيميه وغيره.
" المسالة الثالثة ": جرت بينهم أمور ما أوجب أن الزوج يوكل والد زوجته على طلاقها, ولكن والد الزوجة رفض الوكالة, ثم أبطل الزوج الوكالة؛ فهل تبطل الوكالة؟
والجواب : نعم تبطل ؛ لأن الوكالة عقد جائز فإذا فسخها الزوج فبل أن يطلقها بعد هذا.
" المسالة الرابعة إذا كان الزوجي صورة إلأنفه الذكر ظن أنها قد طلقت بذهاب الى أهلها فراجعها بناء على ظنه. فإذا قلتم أنها لا تطلق بما ذكر هل تكون مراجعته لها تدل على أن الطلاق قد وقع عليها ؟
و الجواب: كلا, ولاتوثر مراجعتها على الأمر الواقع شيء؛ لأن هذا بمجرد ظن تصورة وهو بخلاف الحقيقة. والله الموفق. و السلام.
(ص/ف 747/1 في 8/3/1386 )
ـــــــــــــــــــ
(4533- نصيحة شاملة)
من محمد بن إبراهيم إلى من يبلغه كتابي هذا من إخواني المسلمين، وفقهم الله تعالى وهداهم الصراط المستقيم. آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فالموجب لهذه النصيحة تذكيركم ما أنعم الله به عليكم من النعم الدينية والدنيوية، وما يقع من كثير من الناس من التقصير في شكرها وارتكاب ما حرم الله جهلاً أو تهاوناً وقلة مبالاة، وقد قال الله تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ(1) } . ولا يخفى أن من واجبات الإسلام التناصح في الله ببذل النصيحة وقبولها وامتثال ما أمر الله به، واجتناب ما نهى الله عنه، والله تعالى قد أمر بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، ورتب على طاعته وطاعة رسوله صمن الخير والثواب(7/475)
العاجل والآجل وجعل ثواب من أطاعه الجنة، كما أنه رتب على معصيته ومعصية رسوله من الشر والخسران العاجل والآجل وتوعد من عصاه بالنار، قال تعالى: { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ. وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } (2). فلهذا كان من أهم ما يقع به التناصح طاعة الله وتقواه، وتحقيق التوحيد بأنواعه، وتحكيم الشرعية السمحاء، والمحافظة على الصلوات الخمس مع الجماعة في المساجد، كما أن من أعظم ما ينهى عنه الشرك باله بأنواعه: كدعاء الأموات،والتعلق بالقبور والنذر لغير الله، والذبح لغير الله- كمن يذبح للجن أو الزار أو القبور. وغير ذلك من أنواع الشرك الأكبر، وكذلك "الشرك الأصغر" كقول الرجل: ما شاء الله وشئت، وأنا عند الله وعندك، وأطلب من الله ومنك، ومنه الحلف بغير الله كالحلف بالأمانة أو الحلف بالكعبة أو الحلف برأس المخلوق أو الحلف بالطلاق والحرام، ونحو ذلك مما هو جار على كثر من ألسنة بعض السفهاء، وفي
الحديث: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" وفي الحديث الآخر: "من حلف بالأمانة فليس منا".
ومن ذلك التحزب في الخصومات والتعصب للقريب والصديق واتباع الهوى ولوى أفضى ذلك إلى الكذب وارتكاب المحرمات فقد روى البخاري: "أبغض الرجال إلى الله ألد الخصم". أي كثير الخصومة،وفي الحديث الآخر: "من جادل في خصومة بغير علم لم يزل في سخط الله حتى ينزع" وأخر الشيخان عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا خاصم فجر وإذا عاهد غدر".
ومن ذلك الجرأة على الأيمان الفاجرة، ففي الحديث: "من اقتطع مال امرئ مسلم بيمنه لقي الله وهو عليه غضبان". قيل: يا رسول الله وإن كان شيئاً يسيراً، قال: "وإن كان قضيباً من اراك".
ومن ذلك كتمان الشهادة لمراعاة بعض الناس أو لمقاصد وأغراض، قال الله تعالى: { وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ } . وأخرج الطبراني أنه صلى الله عليه وسلم قال: "من كتم شهادة إذا دعي إليها كان كمن شهد بالزور".
ومن ذلك شهادة الزور، فعن أبي بكر قال: "كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ألا أنبؤكم بأكبر الكبائر ثلاثاً - الإشراك بالله وعقوق الوالدين. وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت".
ومن ذلك عقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، قال تعالى: { فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحاكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم } . والله تعالى قد أوصى بالوالدين إحساناً، وأوجب برهما. وقرن حقهما بحقه، قال تعالى: { واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب الجنب وابن(7/476)
السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً } . فهذه الآية تسمى آية الحقوق العشرة، لأنها جمعت عشرة حقوق أولها حق الله تعالى، وحق الوالدين مقرون بحقه تعالى لعظمه، وكذلك حق ذي القربى يلي حق الوالدين، وفي الحديث: "من أحب أن ينسأ له في أجله ويبسط له في رزقه فليصل رحمه". ومن ذلك حرمان بعض الورثة من ميراثهم الذي فرضه الله لهم، خصوصاً النساء والضعيف، كما يفعل في بعض البلدن جنوبي المملكة، وفي الحديث: "من قطع ميراثاً فرضه الله قطع الله ميراثه من الجنة". رواه ابن ماجه. ومن ذلك الجور في الوصية والوقوف وحرمان بعض الورثة من ريعه، فإن هذا تحيل لا يحل ولا يجوز، وفي حديث أبي هريرة مرفوعاً "إن الرجل ليعمل أو المرأة بطاعة الله سبعين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار، ثم قرأ أبو هريرة: { من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار } . ومن ذلك التلاعب بالزكاة والمحاباة فيها وعدم صرفها في مصارفها الشرعية، والله سبحانه وتعالى قد بين مستحقيها بقوله: { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } .
فصدرها الله سبحانه وتعالى بحرف (إنما) المفيدة للحصر، وبين أن أهلها ثمانية أصناف، فلا يحل صرفها إلى أحد غيرهم مهما كان، ومن ذلك إطلاق اللسان في السب والشتم الغيبة والنميمة ولعن المعين من آدمي أو حيوان أو غير ذلك؛ وآفات اللسان كثيرة يتعين على المسلم أن يتفطن لها ويحذرها، وكذلك ما يتعلق بالقلب: من الكبر، والحسد، والغش، والخيانة، والخديعة، وغير ذلك؛ وفي حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: "وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم".
نسأل الله تعالى أن يهدينا وإياكم صراطه المستقيم، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، ويذل أعدائه. إنه جواد كريم،وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم أجمعين.
(ص/ف 641 في 28/4/1382هـ)
ـــــــــــــــــــ
فتاوى يسألونك - (ج 1 / ص 127)
لا يجوز منع الزوجة من زيارة والديها
تقول السائلة : هل يحق للزوج أن يمنع زوجته من الذهاب إلى بيت أهلها ؟ وإذا حلف عليها بالطلاق على ألا تذهب إلى بيت أهلها ثم ذهبت فما الحكم في ذلك ؟
الجواب : يقول الله عز وجل :( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ) .
إن الرجل له القوامة على المرأة بنص هذه الآية الكريمة ولا شك أن طاعة الزوجة لزوجها فرض ويجب على المرأة أن تسمع وتطيع زوجها إذا أمرها بالمعروف ولا ينبغي للزوج أن يسيء استعمال هذه القوامة فيجعلها سيفاً مصلتاً على الزوجة(7/477)
وينبغي للزوجين التفاهم في هذه القضية وغيرها لأن الحياة الزوجية تقوم على المودة والتفاهم .
ويجوز للزوج أن يمنعها من الذهاب إلى بيت أهلها ويجب عليها طاعته وتحرم مخالفته وخاصةً إذا رأى الزوج أن في منعها من الذهاب إلى بيت أهلها مصلحةً راجحةً ومحافظةً على الحياة الزوجية كأن يكون ذهابها مثلاً سبباً في تعكير صفو الحياة الزوجية وسبباً لإثارة المشاكل فإذا منعها فعليها أن تمتنع وإن ذهبت بدون إذنه فهي آثمة لأن طاعته واجبة .
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ) رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد وقال الترمذي حسنٌ صحيح وصححه ابن حبان .
وكما قلت فعلى الزوج أن يحسن استعمال هذا الحق فإذا كانت العلاقة مع زوجته طيبة ولا يترتب على ذهابها أي مفسدة فله أن يأذن لها في الذهاب ويعود تقدير هذا الأمر ؟إلى الزوج لأنه أدرى بأحواله وأحوال أهل زوجته .
وأما الحلف بالطلاق حتى لا تخرج إلى بيت إهلها فينبغي أن يعلم أولاً أن الطلاق لم يشرع لهذا الأمر وإنما شرع الطلاق ليكون آخر دواء للمشاكل الزوجية إذا تعذرت الأدوية الأخرى .
فإذا حلف الزوج بالطلاق على زوجته ألا تذهب إلى بيت أهلها وكان يقصد منعها من الذهاب فالواجب على هذه الزوجة أن تبر بيمين زوجها .
وأما إذا حنثت بيمينه فذهبت إلى بيت اهلها فقد وقع الخلاف بين العلماء في هذه المسألة : فمنهم من يرى أن الطلاق يقع .
ومنهم من يرى أن هذا يعتبر يميناً وليس طلاقاً وعلى الزوج كفارة اليمين .
وهذا هو الذي أختاره وهو المفتى به الآن عند كثيرٍ من العلماء وأخذت بذلك قوانين الأحوال الشخصية في كثيرٍ من البلاد الإسلامية . وهذا القول فيه رحمة بالناس وخاصةً بالزوجات لأن كثيراً من الأزواج يحلفون بالطلاق على أتفه الأمور ويتكرر ذلك منهم كثيراً ، وكثير منهم لا يقصدون تطليق زوجاتهم وإنما قصدهم منعهن من فعل شيءٍ أو نحو ذلك . فتلزم الزوج كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يجد فيصوم ثلاثة أيام متتابعة أو متفرقة .
ـــــــــــــــــــ
الحلف بالطلاق
يقول السائل: حلف رجل على زوجته بالطلاق ثلاثاً إذا خرجت من بيته إلى بيت أهلها بدون إذنه ثم خرجت بدون إذنه وكانت الزوجة حاملاً وبقيت في بيت أهلها حتى ولدت فما الحكم في ذلك ؟
الجواب : إن الحلف بالطلاق من البدع المنكرة المنتشرة في مجتمعنا مع الأسف الشديد فقد اعتاد كثير من الناس على الحلف بالطلاق معرضين رباط الحياة الزوجية للخطر ولقد اختلف أهل العلم في الحلف بالطلاق فهل يقع الطلاق أم لا ؟
فقد ذهب جمهور الفقهاء بما فيهم الأئمة الأربعة في المعتمد عندهم إلى أن الحلف بالطلاق يعتبر طلاقاً وخالف في ذلك جماعة من الفقهاء فقالوا لا يقع الطلاق(7/478)
بالحلف بالطلاق ويعتبر ذلك من لغو الكلام ومن الفقهاء من يرى أن الحلف بالطلاق يعتبر يميناً وإذا وقع الحنث فيه فتلزم كفارة اليمين وقد اعتبر قانون الأحوال الشخصية المعمول به في المحاكم الشرعية أن الحلف بالطلاق لا يقع به طلاق إذا كان يقصد به الحمل على فعل شيء أو تركه وبناء على ما تقدم أقول : إذا كان الزوج عندما حلف بالطلاق كان يقصد منع الزوجة من الخروج إلى بيت أهلها فلا يقع الطلاق وإنما هو يمين فتلزمه كفارة اليمين لأنها حنثت بيمينه فعليه ان يكفر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يجد يصوم ثلاثة أيام ، أما إذا كان قاصداً الطلاق فعلاً قيقع الطلاق طلقة واحدة وإن حلف عليها بالطلاق ثلاثاً لأن طلاق الثلاث بلفظ واحد يقع طلقة واحدة وبالتالي تكون هذه الزوجة قد وقع عليها طلقة .
وبما أنها انقضت عدتها بوضع حملها حيث أنه لم يراجعها قبل وضع الحمل فتكون طلقة بائنة بينونة صغرى وبذلك لا تحل له إلا بعقد جديد ومهر جديد .
-ـــــــــــــــــــ
نور على الدرب - (ج 1 / ص 153)
هل الحلف بالطلاق حلفا بغير الله؟
س 107 - سائل يقول: سمعنا في برنامجكم نور على الدرب أن الحلف بغير الله حرام، كما سمعنا فيه أن الشخص إذا حلف بالطلاق فلا تطلق زوجته. أليس في ذلك تناقض يا سماحة الشيخ؟
الجواب: الحلف بغير الله منكر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت وقال عليه الصلاة والسلام: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك وهو حديث صحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: من حلف بالأمانة فليس منا وقال: لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون
هذا حكمه عليه الصلاة والسلام وهو منع الحلف بغير الله كائنا من كان، فلا يجوز الحلف بالنبي عليه الصلاة والسلام، ولا بالكعبة ولا بالأمانة، ولا بحياة فلان، ولا بشرف فلان، وكل هذا لا يجوز، لأن الأحاديث الصحيحة دلت على منع ذلك... وقد نقل أبو عمر بن عبد البر الإمام المشهور رحمه الله إجماع أهل العلم على أنه لا يجوز الحلف بغير الله، فالواجب على المسلمين أن يحذروا ذلك، وليس لأحد أن يحلف بحياة فلان، أو شرف فلان، أو بالكعبة، أو بالنبي، أو بالأمانة، كل هذا لا يجوز.
أما الطلاق فليس من الحلف في الحقيقة، وإن سماه الفقهاء حلفا، لكن ليس من جنس هذا، الحلف بالطلاق معناه تعليقه على وجه الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، مثل لو قال: والله ما أقوم، أو والله ما أكلم فلانا فهذا يسمى يمينا، فإذا قال: علي الطلاق ما أقوم، أو علي الطلاق ما أكلم فلانا. فهذا يسمى يمينا من هذه الحيثية، يعني من جهة ما يتضمنه من الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، سمي يمينا لهذا المعنى، وليس فيه الحلف بغير الله، فهو ما قال: بالطلاق ما أفعل كذا، أو بالطلاق لا أكلم فلانا، فهذا لا يجوز.(7/479)
ولكن إذا قال: علي الطلاق ألا أكلم فلانا، أو علي الطلاق ما تذهبي إلى كذا وكذا، أي زوجته، أو علي الطلاق ما تسافري إلى كذا وكذا، فهذا طلاق معلق، يسمى يمينا لأنه في حكم اليمين من جهة الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، فالصواب فيه أنه إذا كان قصد منعها، أو منع نفسه، أو منع غيره من هذا الشيء الذي حلف عليه فيكون حكمه حكم اليمين، وفيه كفارة يمين.
وليس في هذا مناقضة لقولنا إن الحلف بغير الله ما يجوز، وليس في هذا مخالفة؟ لأن هذا شيء وهذا شيء، فالحلف بغير الله مثل أن يقول: باللات والعزى، بفلان، بحياة فلان، وحياة فلان، هذا حلف بغير الله، أما هذا فطلاق معلق ليس حلفا في المعنى الحقيقي بغير الله، ولكنه حلف في المعنى من جهة منعه وتصديقه وتكذيبه. فإذا قال عليه الطلاق ما يكلم فلانا، فكأنه قال: والله ما أكلم فلانا، أو لو قال: علي الطلاق ما تكلمين فلانا- يخاطب زوجته- فكأنه قال: والله ما تكلمين فلانا- فإذا حصل الخلل وحنث في هذا الطلاق، فالصواب أنه يكفر عن يمينه بكفارة يمين، أي أن له حكم اليمين إذا كان قصد منع الزوجة أو منع نفسه، وما قصد إيقاع الطلاق، إنما نوى منع هذا الشيء، منع نفسه، أو منع الزوجة من هذا الفعل، أو من هذا الكلام فهذا يكون له حكم اليمين عند بعض أهل العلم، وهو الأصح، وعند الأكثرين يقع الطلاق.
لكن عند جماعة من أهل العلم لا يقع الطلاق وهو الأصح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وجماعة من السلف رحمة الله عليهم؛ لأنه له معنى اليمين من جهة الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، وليس له معنى اليمين في تحريم الحلف بغير الله؛ لأنه ليس حلفا بغير الله، وإنما هو تعليق فينبغي فهم الفرق بين هذا وهذا. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الحلف بالطلاق
المجيب عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /طلاق الغضبان والسكران والمكره
التاريخ 13/9/1423هـ
السؤال
لدي مشكلة تتمثل في سرعة غضبي، وحلفي باليمين لزوجتي عندما تحدث مشكلة بيننا، ولكن ليس لديَّ أي رغبة في الطلاق، وإنما أود فرض كلمتي في البيت، وقد حدث الحنث مرتين، أفيدوني يرحمكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الجواب
إذا كان غرضك من الطلاق الحث أو المنع فهو - على الراجح من أقوال العلماء - يمين تكفرها بكفارة اليمين الواردة في آية المائدة، وهي قوله تعالى: " لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ(7/480)
أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89].
وأما قولك - أخي الكريم - إنني ألجأ لهذا من أجل فرض كلمتي، فإن هذا ليس بأسلوب شرعي، بل هو أسلوب يلجأ إليه من عجز عن ترويض زوجته، وتربيتها على طاعته واحترامه.
إنه من السهل جداً - أخي الفاضل - أن يشهر الزوج هذا السلاح (سلاح الطلاق) في وجه زوجته كلما أراد فرض رأيه، ولكن هل هذا هو الأسلوب الصحيح؟ كلا ... وكم هو الفرق بين رجل هذه حاله، وبين رجل يفرض احترام زوجته له بحسن خلقه، وحسن معاشرتها بالمعروف، وتبادل الكلمات الطيبة التي تزيد المودة والمحبة بينه وبين زوجته.
وتأمل - رعاك ربي - في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - مع زوجاته، كيف كانت؟ مع أنه رسول رب العالمين! كانت غاية في الرحمة والشفقة، وحسن العشرة، وطيب الكلام، وتمام العدل بينهن.
ـــــــــــــــــــ
والأدلة على عدم وقوع طلاقه وعدم انعقاد يمينه كثيرة؛ منها قوله صلى الله عليه وسلم: "لا طَلاقَ ولا عَتَاقَ في إِغْلاقٍ". أخرجه أبو داود (2193) وابن ماجه (2046)، فالإغلاق يتناول كل من انغلق عليه باب قصده، وعلمه وتصوره، كالمجنون والسكران والمكره والغضبان.
قال الإمام أحمد- رحمه الله- في مسائل ابنه عبد الله: كل من كان صحيح العقل فزال عقله عن صحته فطلَّق فليس طلاقه بشيء. ا.هـ إغاثة اللهفان(ص 64)، وهذا أولاً.
ثانيًا: أن مثله من تغير عقله بسبب سحر أو وسوسة، أو مرض نفسي، أو شكوك وأوهام.
ثالثًا: أن من حلف بالطلاق على نفسه أو على زوجته، أو على أي أحد- كما في سؤالك- ثم حنث فلا يلزمه طلاق، ولا يقع منه، وإنما عليه كفارة يمين؛ لأنه لم يرد الطلاق أو إيقاعه، بل هو أكره الأمرين إليه، وإنما يريد الحث والمنع، وهذا هو معنى اليمين، وقد سمَّى الله التحريم يمينًا لتضمُّنه معنى اليمين، وإلا فليس الحلف بالطلاق والتحريم ونحو ذلك يمينًا من حيث اللفظ، وإنما هو يمين من حيث المعنى، ولذلك فلا يدخل صاحبه في قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن حلَف بغيرِ اللهِ فَقَد كَفَر أو أَشْرَك". أخرجه أبو داود (3251) والترمذي (1535)؛ لأنه ليس بيمين من حيث الصيغة واللفظ، وإنما من حيث المعنى كما تقدم.
رابعًا: أن القول بأن الطلاق لا يقع إلا في المحاكم باطل غير صحيح، مخالف لإجماع المسلمين، وهو قانون وضعي لا يعتد به لمخالفته الإجماع، فمتى طلق المرء مختارًا وقع طلاقه في أي مكان، مالم يوجد مانع من ذلك. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المراجع:
(1) إغاثة اللهفان في طلاق الغضبان.
(2) إعلام الموقعين (4/47-50).(7/481)
(3) زاد المعاد (5/215).
(4) الفروع.
(5) الإنصاف (8/432-433).
(6) تهذيب السنن(3/117-118).
(7) مختصر الفتاوى المصرية (ص696).
(8) تعليق الشيخ ابن عثيمين على كتاب الأيمان والنذور من صحيح البخاري شريط رقم (1).
ـــــــــــــــــــ
التخويف بالطلاق ؟
المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 29/4/1422
السؤال
متزوج ولي ثلاثة أطفال، تشاجرت مع زوجتي في السيارة ونحن ذاهبان إلى بيت أهلها فقلت لها :اخرجي واذهبي.
ولكنها أصرت على العناد ومواصلة الشجار. فما كان مني إلا أن هددتها بالطلاق. فقلت لها بالحرف الواحد: إذا لم تنزلي الآن فأنت طالق. فاستمرت في عنادها وفي ذلك الوقت قمت من مكاني وأخرجتها بالقوة وليس في نيتي أن يتم الطلاق.
هل يعد هذا طلاقاً ؟ علماً بأنها المرة الأولى وجزاكم الله ألف خير.
الجواب
إن كنت تقصد تخويفها لكي تحملها على النزول من السيارة ، فهو يمين باتفاق العلماء، وإن كنت تقصد أنها إن بقيت في السيارة فلا تصلح زوجةً لك فيجب أن تفارقها فهو طلاق، فعلى الأول يلزمك كفارة يمين، وعلى الثاني تطلق منك طلقةً واحدة ولك مراجعتها، لأنها في الحقيقة لم يحصل منها نزول، وإنما أنزلت قهراً، إلا أن تكون نويت مُطْلَق الخروج من السيارة فلا شيء عليك حينئذ، لأنها في واقع الأمر صارت خارج السيارة، وفقنا الله وإياكم للتبصر في دينه.
ـــــــــــــــــــ
حلف إن خرجت ليطلقها
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 28/10/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(7/482)
ما رأي فضيلتكم في رجل حلف على زوجته عند خروجه من المنزل بأنها لو خرجت بعد أن يخرج سوف تكون طالقاً، وبعد فترة من الوقت ظل الرجل خلالها داخل المنزل ثم بعد ذلك خرجا معاً، فما حكم حلف الطلاق هنا؟ وهل عليه شيء كحلف اليمين؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإذا قال الزوج لزوجته إن خرجت من المنزل بعدي فأنت طالق، فإن كان قصده تعليق الطلاق وإيقاعه بخروجها من بيته بعد ما يخرج منه، فإن خرجت بعده وقع الطلاق طلقة واحدة، فإن لم تخرج فلا يقع شيء.
أما إن كان قد قصد بقوله ذلك منعها من الخروج وحملها على عدم الخروج من بيته إذا خرج هو، ثم خرجت بعد ذلك فإن حكمه حكم اليمين، فعلى الزوج كفارة اليمين في أصح قولي العلماء، حيث اختلف أهل العلم في مثل هذه المسألة، فمنهم من رأى أن المعلق يقع متى ما وقع الشرط، ولو كان المعلق أراد المنع كما في هذه المسألة، وكمن قال لزوجته: إن شربت الدخان فأنت طالق، أو إن كلمت فلانة أو ذهبت لبيت فلانة، أو أكلت عند فلانة فأنت طالق وقصد منعها وتخويفها فإنه يقع وهو قول الأكثرين.
وذهب بعضهم إلى التفصيل كما سبق، فإن كان المعلق قصد منعها وتخوفيها وتحذيرها من هذا الفعل ولم يرد أن يوقع الطلاق فإنه لا يقع، ويكون حكمه حكم اليمين، وعليه كفارة اليمين إن فعلت زوجته ما منعها منه أو علق طلاقه لها عليه؛ لحديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- في الصحيحين قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" رواه البخاري (1) ومسلم (1907) واللفظ له من حديث عمر - رضي الله عنه -، وهذا لم ينو طلاقاً وإنما نوى منعاً وتخويفاً وتحذيراً، وعليه فلا يقع الطلاق، وعليه كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر، أو أرز، أو بر، ونحو ذلك أو كسوتهم، أو تحرير رقبة مؤمنة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام.
أما إذا قصد المعلق بهذا القول إيقاع الطلاق إذا فعلت زوجته ما نهاها عنه فإن الطلاق يقع حينئذ إذا فعلته؛ لأن المرد إلى نية المتكلم، والأحكام الشرعية تبنى على مراد المتكلم وقصده من كلامه كما سبق في الحديث، وقد وردت آثار عن الصحابة -رضي الله عنهم- في وقوع الطلاق في مثل هذه المسألة وآثار أخرى في عدم وقوعه، والأظهر هو حمل الآثار كلها على ما سبق تفصيله، وبه يعمل بها كلها وهو الراجح، وهو اختيار ابن القيم - رحمه الله- كما فصَّل القول فيه في إعلام الموقعين (4/73)، وهي فتوى شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله- والله - تعالى - أعلم.
ـــــــــــــــــــ
حلف بالطلاق فهل له أن يرجع عنه؟
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد(7/483)
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 19/11/1424هـ
السؤال
حلفت على زوجتي بالطلاق إن رفعت صوتها عند المشاجرة وسمعه أحد،ثم بدا لي غير ذلك، أي أني تراجعت عن حلفي في قرار نفسي، السؤال هل مازلت ملزماً بهذا الحلف؟ وماذا لو أنها رفعت صوتها بعد أن تراجعت عن حلفي؟ أفيدوني مأجورين.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن كان الحال كما ذكره الأخ السائل وكان قصده منع زوجته من رفع صوتها لا إيقاع الطلاق فعليه إن رفعت زوجته صوتها عند المشاجرة وسمعه أحد كفارة يمين، وهي المذكورة في قوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89]، وتراجع السائل لا يمنع الكفارة عند الحنث، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه" رواه مسلم (1650)، والله تعالى أعلم - وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه -.
ـــــــــــــــــــ
هل الحلف بالطلاق حلف بغير الله؟
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 28/5/1424هـ
السؤال
هل لفظ (عليَّ الطلاق) تعد من الحلف بغير الله -تعالى-؟
الجواب
ليست من الحلف بغير الله الذي هو شرك؛ لأن هذا ليس مقصوده التعظيم، فالحلف الذي هو شرك هو الحلف الذي يقصد منه التعظيم، كالحلف بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وبشرف فلان وبالعزى واللات -كما يحلف المشركون-، ولكن هذا يسمى حلفاً من حيث المعنى؛ لأن المقصود من الحلف هو الحض والمنع، والذي يقول: عليّ الطلاق، أو إن فعلت كذا فعليّ الطلاق، أو عبيدي أحرار يقصد منع نفسه، كما يقول: والله لأفعلنّ كذا، أو لا أفعل كذا.
ـــــــــــــــــــ
الحلف بالطلاق(7/484)
المجيب د.أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 8/6/1423هـ
السؤال
زوجي سألني يوماً وحلف علي بالطلاق إن لم أجبه بالصدق أن أكون طالق، فسألني عدة أسئلة فأجبته بالصدق إلا على سؤال واحد، وهو: إن كان لي من علاقة برجل قبله فأجبته بالنفي، إذ ستر الله علي فلم أرد أن أفضح نفسي، وخاصة أنه لو علم بذلك لصارت حياتنا جحيماً، الآن أنا لا أعلم هل أنا الآن طالق منه؟ وإن كان كذلك ماذا أفعل؟ أفيدوني -يرحمكم الله-.
الجواب
إذا كان زوجكِ يريد حثك على الصدق ومنعك من الكذب فقط ولم يرد إيقاع الطلاق فعلاً فإنه لا يقع بمثل هذا طلاق، ويؤيد أن هذا قصده أنه حلف بالطلاق -كما تقولين في سؤالك-، أما إن كان يريد إيقاع الطلاق فعلاً إن لم تصدقيه فإن الطلاق يقع إذا لم تصدقيه.
ويظهر لي أن مراد الزوج المعنى الأول؛ لأنه حلف به، أي: بالطلاق، وهذه الصيغة تستخدم عادة في الحث أو المنع دون إيقاع الطلاق، لكن لا بد من التأكد من الزوج حتى يبين نيته.
وإن كان يصعب عليكِ سؤاله مباشرة، فعليك التلطف معه وسؤاله بطريقة أو بأخرى؛ لأن الحكم يتوقف على معرفة نيته، والله -تعالى- أعلم.
ـــــــــــــــــــ
كفارة الحلف بالطلاق
المجيب هاني بن عبدالله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 29/11/1424هـ
السؤال
المطلوب هو معرفة الحكم الشرعي وإن كان هناك كفارة أم لا لكن الأهم الحكم الشرعي، قال رجل: عليَّ الطلاق لا أركب سيارة فلان. وبعدها ركبها.
ثم قال لزوجته: تحرمين علي مثل ظهر أمي، مع العلم أنه دفع بعد ذلك 36ديناراً قبل مضي شهر.
وفي المرة الثالثة قال لها: والله لو ما بقي غيرك في هذه الدنيا لما أقربك، وتحرمين علي طول حياتي.
فما هو الحكم الشرعي؟
الجواب
أما قوله:"علي الطلاق لا أركب.. إلخ" فإن كان مراده التأكيد على عدم الركوب السيارة المذكورة، ولا يقصد إلا ذلك، ولا يرغب فراق امرأته فإن عليه كفارة يمين،(7/485)
وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يأكل هو وأهله، ومقداره خمسة عشر كيلو غراماً من الرز ويكفي أن يغديهم أو يعشيهم، أو كسوتهم لكل واحد ما يستره لصلاته، فإن لم يستطع فيصوم ثلاثة أيام لقوله -تعالى-: "فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام" [المائدة: 89]، وليس بطلاق.
وأما قوله لزوجته:"تحرمين علي مثل أمي" فهذا ظهار، والظهار كما وصفه الله منكراً وزوراً فعليه التوبة منه، وألا يقرب زوجته حتى يفعل ما أمره الله به (في أول سورة المجادلة 1-4) ، فعليه عتق رقبة، يعني أن يحرر عبداً مملوكاً من الرق، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يفطر بينهما إلا بعذر كسفر ومرض، فإذا لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً كما سبق في كفارة اليمين.
وأما قوله:"والله لو ما بقي غيرك..إلخ" فإنه جمع بين يمين تعرف كفارتها مما سبق وبين تحريم، والتحريم إن قصد به الطلاق فهو طلقة، وإن قصد تحريم زوجته أو لم يقصد شيئاً فهو ظهار، فإن كان ظهاراً فتكفيه كفارة واحدة عنه وعن الظهار السابق، وأما الدنانير فليست من جنس الكفارة.
والحاصل أن عليه كفارتي يمين وكفارة ظهار واحدة، مع التوبة إلى الله، وإن كان قصده في الأخير الطلاق فقد وقعت طلقة، وله مراجعة زوجته في عدتها، والله الموفق.
ـــــــــــــــــــ
الحلف بالطلاق
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 8/12/1422
السؤال
حلفت لزوجتي أن أطلقها إذا ضربتها مرة أخرى، وبالفعل ضربتها فهل هي طالق ؟
الجواب
هذه المسألة فيها تفصيل، وبيان ذلك أن يقال إذا كان السائل ينوي الطلاق بقوله إذا ضربتك أنتِ طالق وقع عليه الطلاق باتفاق أهل العلم؛ لأن هذا اللفظ صريح في الطلاق وقد اقترنت به النية فتطلق زوجته بذلك، ويقع عليه طلقة واحدة، وله أن يراجعها إذا لم يتقدم طلاق آخر. أما إذا لم ينوِ بذلك الطلاق وإنما نوى بذلك منع نفسه من ضربها فلا يقع عليه الطلاق، فيجب عليه كفارة يمين؛ لأنه معنى اليمين كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الأرجح . والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
حلف بالطلاق ولم يقصد إيقاعه
المجيب د.أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط(7/486)
التاريخ 19/7/1424هـ
السؤال
أنا حلفت على زوجتي إذا دخلت غرفة عند أهلها بقولي: "أنت حرام علي وطالق إن أنتِ دخلتِ هذه الغرفة"، وبعد ذلك ودون قصد منها دخلت الغرفة المقصودة ناسية، فما حكم ذلك؟
الجواب
إذا كنت قلت لها: "أنتِ حرام علي وطالق...". تريد منعها من دخول تلك الغرفة، أي قلت هذا الكلام لمنعها من الدخول فهذا حكمه حكم اليمين، وإذا كانت زوجتك دخلت الغرفة ناسية كما تقول فلا شيء عليك؛ لأن من شروط وجوب كفارة اليمين فعل المحلوف على تركه ذاكراً، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
هل هذا طلاق أم يمين؟
المجيب د.أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 29/10/1424هـ
السؤال
أنا متزوج وحدث بيني وبين زوجتي خلاف، مما جعلها تذهب إلى أهلها، وبعد يومين اتصلت عليها لكي ترجع إلى بيتي فرفضت، فقلت لها: أنتِ طالق إذا لم تأت الليلة فلم تأتِ، وكانت في تلك الليلة حائضاً، مع العلم أنها أول طلقة، فما الحكم في ذلك؟ أرجو إفادتي. وهل تعد طلقة أم تكون يميناً؟
الجواب
إن كان قصدك حثها على الرجوع للبيت دون إيقاع الطلاق فهو يمين، وعليك كفارة يمين.
وإن كان قصدك إيقاع الطلاق، ففي طلاق الحائض خلاف بين الفقهاء، والأقرب أنها لا تطلق، وإن كان القول بوقوع الطلاق حال الحيض قول له وجاهته، لكن القول بعدم الوقوع أقوى، ويجب عليك أن تحذر من التسرع في الطلاق، لكي لا تقع في محذور لا مخرج لك منه، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
تعليق الطلاق بأمر
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 13/3/1424هـ
السؤال
رجل قال لزوجته: إن دخل أخوك البيت فأنت طالق بالثلاث، وكان ينوي الطلاق، وقد دخل أخوها البيت وبرضاها فما هو الحكم؟(7/487)
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
بما أن الزوج ينوي إيقاع الطلاق فإن الطلاق قد وقع بدخول أخيها البيت، وهل يقع واحدة أو ثلاثاً؟ فجمهور أهل العلم من الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعين وتابعيهم والأئمة الأربعة على وقوع الطلاق الثلاث ثلاثاً، وتبين منه زوجته بينونة كبرى، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا تحليل، وقد ذهب بعض أهل العلم كابن عباس -رضي الله عنهما- وطاووس وعكرمة وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم وغيرهم -رحمهم الله تعالى جميعاً- أنه يقع به واحدة لما رواه مسلم (1472) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان الطلاق على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر - رضي الله عنه - وسنتين من خلافة عمر - رضي الله عنه - طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناةٌُ فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم، وقد بسط العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى- في زاد المعاد (5/241-271) الأدلة على أن الطلاق الثلاث واحدة، ومن قرأها وأمعن النظر فيها تبين له قوة هذا القول، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
ـــــــــــــــــــ
إن لم تردّ المال فهي طالق
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 25/1/1425هـ
السؤال
زوجان نشأ بينهما خلاف بسبب فقدان مبلغ من المال، اتهم الرجل زوجته وطالبها باسترداد المال وإلا طلقها، أنكرت الزوجة التهمة واعتبرها زوجها طالق. السؤال: هل هذا الطلاق صحيح؟.وجزاكم الله خيراً.
الجواب
إذا طالب الزوج زوجته باسترداد المال المسروق وإلا فزوجته طالق ولم ترد الزوجة المال لإنكارها السرقة أصلاً ونوى الزوج بذلك طلاق زوجته؛ فإن طلاقه يقع حينئذ، أما لو قصد حثها على إعادة المال ولم يقصد إيقاع الطلاق ولم ترد إليه المال؛ فإن طلاقه لا يقع وإنما فيه كفارة يمين في أصح قولي العلماء لحديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - في الصحيحين البخاري (1) ومسلم (1907) قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"، وهنا لم ينو الزوج طلاقاً وإنما نوى حثًا وتخويفاً، وعليه فلا يقع الطلاق وعليه كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد أو كسوتهم، أو تحرير رقبة مؤمنة فإن لم يجد صام ثلاثة أيام. أما إذا قصد إيقاع الطلاق على ما علقه فإن طلاقه يقع بحصول الشيء المعلق، كما في هذا(7/488)
السؤال حيث اعتبر الزوج تعليق الطلاق بإعادة المال ولما لم تعد الزوجة المال قصد الطلاق وعليه فتقع طلقة واحدة. والله تعالى أعلم.
ـــــــــــــــــــ
هل الحلف بالحرام ظهار؟
المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي
رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 17/01/1426هـ
السؤال
الإخوة الأعزاء: بعد التحية والسلام.
دائماً ما أحلف بالحرام، كقولي: علي الحرام، وبعضها يتحقق وبعضها الآخر لا يتحقق، أو علي الطلاق، وفي مرة من المرات اختلفنا أنا وزوجتي، وقلت لها: الله يلعن اليوم الذي عرفتك فيه، فما الحكم وما الكفارة علي؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذا السؤال تضمن أمرين:
الأول: حلف الزوج بالطلاق والحرام، وهذا لا يجوز، وإذا حنث الزوج فيسأل عن مقصوده، فإن كان قصده إيقاع الطلاق أو التحريم وهو الظهار فيقع طلاقه وظهاره، وإن كان يقصد الحث أو المنع فهي يمين مكفرة، أي تجب فيها كفارة اليمين، ولا يقع طلاقه ولا ظهاره.
الثاني: لعن اليوم الذي عرف فيه هذه الزوجة، وهذا لا يجوز لأنه داخل في سب الدهر المنهي عنه، فعليه تجاه ذلك التوبة وعدم تكرار مثل هذا القول البذيء، فالمؤمن ليس باللعان ولا الفاحش البذيء، وأن يستغفر الله منه. وبالله التوفيق.
ـــــــــــــــــــ
الحلف بالطلاق: هل يقع به طلاق؟
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 26/10/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زوجي من النوع العصبي جداً جداً وحلف علي عدة مرات بالطلاق، ودائماً كان يذهب للشيخ من أجل أن يفدي يمينه، وهذه المرة الثامنة التي يحلف علي يمين الطلاق بعدم الكلام والذهاب لعند والدتي، وعن كل مرة ألتزم ولا أحاول أن يقع اليمين فما الحكم في مثل سهولة الحلف عنده؟ مع أنني لا أستطيع الابتعاد عن والدتي، ولا يريدني أن أبرها، ودائماً ما يسبها مع أنها لا حول لها ولا قوة بأي مشكلة قد تقع بيننا.(7/489)
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
من علَّق الطلاق على شرط أو التزمه لا يقصد بذلك إلا الحض أو المنع فإنه يجزئه فيه كفارة يمين إن حنث؛ أي أن الزوج إن كان يقصد منع زوجته عن الكلام والذهاب بحلفه بالطلاق ولم يرد إيقاع الطلاق فعليه كفارة يمين في أصح قولي العلماء، وهي المذكورة في قوله تعالى:"لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون" [المائدة:89]، أما إن أراد الجزاء بتعليقه طلاق زوجته إن تكلمت مع من منعها الكلام معها، أو ذهبت إليها بعد قوله ذلك طلقت زوجته كَرِهَ الشرط أو لا، وأشير هنا أنه لا يجوز للزوج منع زوجته من محادثة والدتها وصلتها، بل الواجب عليه إعانتها على برها، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
ـــــــــــــــــــ
الحلف بالطلاق
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 20/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
سؤالي: حلفت يمين الطلاق أن أشتري جهاز استقبال فضائي، وأنا أتجنب شراءه بمعنى أنني حلفت أن أشتريه للاستعمال، هل في حالة عدم شرائي له يقع يمين الطلاق ولكم جزيل الشكر.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد.. فإن كان الأخ السائل أراد من حلفه بالطلاق حثّ نفسه على شراء جهاز الاستقبال الفضائي، ولم يقصد إيقاع الطلاق ولم يشتر الجهاز فعليه كفارة يمين، وهي المذكورة في قوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89]، وهذا مذهب ابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة، وعائشة، وحفصة، - رضي الله عنهم- في العتق حكاه ابن القيم -رحمه الله تعالى- عنهم في إغاثة اللهفان (2/87)، والطلاق كالعتق، قال رحمه الله: وهؤلاء الصحابة -رضي الله عنهم- أفقه في دين الله، وأعلم من أن يفتوا في الكفارة في الحلف بالعتق، ويرونه يميناً ولا يرون الحلف(7/490)
بالطلاق يميناً، ويلزمون الحانث بوقوعه فإنه لا يجد فقيه شم رائحة العلم بين البابين والتعليقين فرقاً بوجه من الوجوه أ.هـ ، وإني أنصح الأخ السائل بشراء جهاز من الأجهزة المستعملة رخيصة الثمن وإتلافه خروجاً من الخلاف، مع الإشارة إلى أنه لا يجوز اقتناء الأجهزة المذكورة، لرؤية ما حرم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أعلم - وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.
ـــــــــــــــــــ
حلف بالطلاق لئن حملت فلن تحج
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 27/2/1425هـ
السؤال
قلت لزوجتي:إذا حصل حمل علي بالطلاق لن تحضري الحج، وسوف تسافرين إلى بلدك وذلك بشهادة شهود، ثم تدخلت الوالدة، وطلبت بقاءها إلى الحج، وهي حالياً حامل، وجالسة في انتظار الحج، ومقيمة معي بالمنزل، أرجو التوضيح، هل تعتبر طالقاً؟ وما مصير حجها؟ وكيف أعمل لإرجاعها؟ -بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيراً-
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: فإن كنت تريد من تعليق الطلاق منع زوجتك من الحج بعد الحمل فإنه يجزئك كفارة يمين إن حنثتَ بأن حجت زوجتك بعد حملها في أصح قولي العلماء، وهذا إذا لم ترد إيقاع الطلاق، وكفارة اليمين هي المذكورة في قوله -تعالى-: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"[المائدة:89].
أما إن أردت الجزاء بتعليقك طلقت زوجتك إن حجت كرهت الشرط أو لا، فإن وقع الطلاق فهي طلقة واحدة، ولك مراجعتها ما دامت في العدة ما لم يكن قد سبق ذلك طلقتان، فإنها تحرم عليك حتى تنكح زوجاً غيرك نكاح رغبة لا تحليل. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
ـــــــــــــــــــ
طلقها قبل الدخول ثلاثًا
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 07/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(7/491)
أبلغ من العمر 29 سنة، ولقد تعرفت إلى امرأة، وعقدت عليها عقدًا شرعيًّا، ولم يكن ذلك إلا لإعجابي بدينها وخلقها، ولكي نعف نفسينا، وقررنا الزواج في هذا الصيف، وقد صدمتني عندما قالت لي إنه لن يكون هنالك زواج بالصيف، وقد أخرته بعد الصيف، وأنا في بلاد الغربة أعاني الأمرين من غريزتي، وأخاف الله ولا أريد سوى مرضاته، وكنت أترقب يوم الزفاف بفارغ الصبر، فغضبت في نقاش معها في الهاتف وقلت لها وأنا متوتر وأريد تهديدها بذلك: إن كنت لم تنور- الزواج- فأنت طالق. ولم يكن ذلك إلا لأضغط عليها عساها تُبدِّل رأيها، وفي آخر اتصال اشتد النقاش كثيرًا وغضبت غضبًا شديدًا حتى أني لم أعد أدري ما أقول، فلم أجد أمامي آنذاك سوى كلام أسمعه دائمًا في البلاد، ولم أكن أنوي ما قلت، فقلت: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. وقطعت المكالمة، وعندما رجعت إلى رشدي ندمت ندمًا شديدًا، وخاصة أني أحب زوجتي حبًّا شديدًا، وكنت أترقب اليوم الذي نكون فيه مع بعض، ولم أكن أقصد ما قلت، وأنا لم أرد فراقها أبدًا، بل أود الزواج بها، ونسيت أنها مريضة بالوسواس، وهذا الكلام كان لها صدمة كبيرة لقلبها، وبذلك قالت لي: يحرم أن تراني أو أن تكلمني. وأنا أحبها حبًّا شديدًا، وأريد البقاء معها، مع العلم أنها رافضة تمامًا الزواج بالصيف ومقتنعة بأن هذا الكلام الذي وقع هو فراق بيني وبينها، هذه معضلتي وأرجو منكم الجواب الشافي. وجزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإنه لم يقع منك طلاق في الحالين، أما الحال الأولى، فلأنك لم ترد الطلاق، لم ترد إلا حثها على تغيير رأيها، وهذا هو معنى اليمين، فيكون عليك فقط كفارة يمين. هذا أولاً.
أما في الحال الثانية فلأنك لم تدر ما تقول، ومن هذه حاله لا يقع طلاقه بالاتفاق. وهذا ثانيًا.
ومثل ذلك- على الصحيح- من غيَّر عقلَه الغضبُ حتى لم يعد يملك نفسه، فطلق بسبب الغضب، حتى وإن كان يعلم ما يقول؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا طَلاقَ ولا عَتَاقَ في إِغْلاقٍ". أخرجه أبو داود (2193) وابن ماجه (2046) وغيرهما. وهو صحيح. والإغلاق يشمل تناول كل من انغلق عليه باب قصده، كالمجنون والسكران، والمكره، والغضبان الذي يعلم ما يقول، لكن لم يعد يملك نفسه فطلق بسبب الغضب. وهذا ثالثًا. أما زوجتك فليس عليها إلا كفارة يمين فقط؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ...). ثم قال تعالى: (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ)[ التحريم: 1-2]. فالتحريم الصادر من الزوجة حكمه حكم اليمين على كل حال. والله أعلم.
الحلف على المصحف بالطلاق
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ(7/492)
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 06/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
حلفت على كتاب الله نزولاً عند رغبة زوجتي بأني لو فعلت شيئاً ما دون علمها ودون إرادتها تعتبر طالقاً بالثلاث، سؤالي الآن: لو فعلت هذا الشيء برضاها وبعلمها، هل تعتبر طالقاً بالثلاث؟ وهل يختلف الحكم لو كان الموضوع يخالف أو لا يخالف شريعة الله؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إذا علَّق المرء طلاق زوجته على أمر يريد به الحث أو المنع، أو التصديق، أو التكذيب، ثم خالفه فلا تطلق زوجته بهذا، وإنما عليه كفارة يمين، والذي يظهر من هذه الصيغة التي ذكرت أنك تريد هذا، تريد حث نفسك على إخبارها.
أما إذا التزم المرء ولم يخالف ما علق الطلاق عليه، فلا طلاق ولا حنث، ولا كفارة بلا إشكال.
وهنا ننبه إلى أن الحلف على القرآن لا أصل له، وإذا حلف عليه - أي القرآن- بأن يترك، أو يفعل، ثم رأى خيراً مما حلف عليه فبإمكانه أن يكفِّر كفارة يمين، وليس لحلفه على القرآن أي تأثير هنا، علماً بأن الفقهاء ذكروا مسألة الحلف على القرآن في باب تغليظ اليمين إذا رأى القاضي ذلك على خلاف فيه. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
هل هذا طلاق أم يمين؟
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 21/04/1426هـ
السؤال
أبي حلف على والدتي في مشاجرة بينهما، وقال لها: عليَّ الطلاق لن تذهب ابنتك إلى الكلية، فذهبت ابنتها للكلية، فما الحكم في الطلاق، وهل يعد طلاقاً أم يميناً؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فإن الشارع الحكيم قد شرع الطلاق لحكم عظيمة ليس من بينها الحلف به، بل إن الحلف لا يجوز إلا باسم من أسماء الله أو صفة من صفاته، وعلى هذا فإن كان الزوج قال لزوجته هذا الكلام من باب التهديد، ولأجل منع البنت من الذهاب إلى الكلية، فهذا حكمه حكم اليمين عند جمع من المحققين من أهل العلم، كابن تيمية -رحمه الله- والعلامة ابن عثيمين، وغيرهما، فإذا ذهبت البنت وجب عليه كفارة(7/493)
اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام.
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
ـــــــــــــــــــ
طلاق المازح
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 21/6/1424هـ
السؤال
قلت لزوجتي أنت طالق، علماً بأنني كنت أمزح، ولم أعلم بأنه يقع، ولم أعلم عن الحديث الشريف: "ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد ... إلى آخر الحديث، ثم بعد مدة طويلة حصل خلاف بيني وزوجتي، وقلت لها إذا لم تحضري غداً فأنت طالق، "كانت خارج مدينة الرياض"، وقلتها وأنا في حالة غضب شديد ولم تحضر، علماً بأنني لم أع ما أقول، وندمت في تلك اللحظة، واستغفرت الله، وأنا متأكد بأنني لا أريد الطلاق، فما الحكم؟ وجزاكم الله خيراً.
ما الحكم في قول الرجل لزوجته تحرمين علي؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: أما الطلقة الأولى التي طلقتها زوجتك فقد وقعت واحدة، لقوله - صلى الله عليه وسلم - "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة" رواه أبو داود (2194) والترمذي (1184) وابن ماجة (2039)، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم. وصححه الحاكم (2/216).
أما قولك لزوجتك إذا لم تحضري غداً فأنت طالق، فإن كنت أردت من حلفك بالطلاق حث الزوجة على العودة، ولم تقصد إيقاع الطلاق ولم تعد الزوجة فعليك كفارة يمين، وهي المذكورة في قوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89]. وهذا مذهب ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وعائشة وحفصة - رضي الله عنهم - في العتق حكاه ابن القيم - رحمه الله تعالى عنهم في إغاثة اللهفان (2/87)، والطلاق كالعتق، قال رحمه الله: (وهؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم - أفقه في دين الله، وأعلم من أن يفتوا في الكفارة في الحلف بالعتق ويرونه يميناً، ولا يرون الحلف بالطلاق يمينا ويلزمون الحانث بوقوعه، فإنه لا يوجد فقيه شم رائحة العلم بين البابين والتعليقين فرقاً بوجه من الوجوه) أ.هـ، أما إن أردت الجزاء بتعليقك ولم تحضر الزوجة فإنه يقع عليها طلقة واحدة، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(7/494)
ـــــــــــــــــــ
الحلف بالطلاق بقصد المنع!
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 29/05/1427هـ
السؤال
حلف أخي بالطلاق عدة مرات على ابنه، قال له: عليَّ الطلاق إذا ما تزوجت مع أخيك في نفس اليوم، فلن أحضر عرسك، ولا أهلك يحضرون. والواقع أن الابن لم يتزوج مع أخيه في نفس اليوم، وقد مر على هذا الأمر قرابة سنتين، والابن يريد الزواج الآن، وأهله أخبروه أنهم لن يحضروا العرس خوفاً من وقوع اليمين. فهل يقع الطلاق إذا حضروا العرس؟. فهو لم يقصد وقوع الطلاق. وهل توجد فتوى بهذه الحالة؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن كان الحال كما ذكر السائل من أن قصد الحالف بالطلاق حث ابنه على الزواج مع أخيه في يوم واحد، ولم يقصد إيقاع الطلاق في حالة عدم ذلك؛ فإن حكم ذلك حكم اليمين، على الصحيح من أقوال أهل العلم. وما دام أنه لم يتزوج معه في يوم واحد، فإن لم يحضر هو وأهله زواج ابنه فلا شيء عليه. وإن حضروا الزواج وهذا أفضل، وأحرى، وفيه خير وبر وصلة -فإن عليه كفارة يمين، وهي عتق رقبة مؤمنة، أو إطعام عشرة مساكين، -لكل مسكين نصف صاع من البر ونحوه ويضع معه بعض الإدام (كيلو ونصف تقريباً للمسكين الواحد)- أو كسوتهم. فإن لم يجد أحد هذه الثلاثة أشياء صام ثلاثة أيام.
وأما إن كان قصد الحالف بهذا اللفظ إيقاع الطلاق بعدم زواج ابنه مع أخيه في يوم واحد... فإن طلاقه يقع ما دام أن ابنه لم يتزوج مع أخيه في يوم واحد، وإن كان ظاهر اللفظ يدل على القصد الأول.
وعلى كل فإن الحلف بالطلاق لا يجوز، وعليه التوبة، والاستغفار، وأن لا يحلف إلا بالله تعالى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت" صحيح البخاري (2679)، وصحيح مسلم (1646). والله تعالى أعلم.
المشروط عند الطلاق تابع للشرط
س - رجل قال لزوجته - في حالة غضب - احسبي نفسك مطلقة اليوم أو غداً ، ويقصد اليوم الذي سيقدم فيه قضية الطلاق مستقبلاً للمحكمة ، ما الحكم ؟
ج- الغضب حالة تعتري الإنسان إذا حصل له ما يهجه ويثير أعصابه ، وقد أوصى النبي، - صلى الله عليه وسلم - ، رجلا قاله يا رسول الله أوصني ، قال لا تغضب ، فرددا مراراً قال لا تغضب .(7/495)
واخبر النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، أن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم ، وامتدح الإنسان الذي يملك نفسه عند الغضب حيث قال النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " .
وبناء على هذا ، فإنه ينبغي للإنسان إذا أحس بالغضب أن يستعمل ما يهون عليه ذلك الغضب ، مثل أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، وقد روى البخاري ومسلم استب رجلان عند النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، فيجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه وتنتفخ أوداجه ، فنظر إليه النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، فقال " إني لأعلم لو قالها لذهب عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، فقال هل تدري ما قال رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، آنفا ؟ قال لا . قال " إني أعوذ كلمة لو قالها لذهب عنه ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " . وعلى هذا فينبغي للإنسان أن يملك نفسه عند الغضب ، وأن لا يتسرع فينفذ ما لا تحمد عقباه ، وقد ذكر أهل العلم أنه للغضب ثلاث حالات
الحالة الأولى أن يذهب بصاحبه حتى لا يعرف ما يقول ولا يدري ما يقول . وفي هذه الحال لا حكم لأقواله سواء أكان ذلك طلاقاً أم ظهاراً أو إيلاء أم غير ذلك ، لأنه في حكم فاقد الشعور والعقل .
الحالة الثانية أن يكون الغضب يسيراً يملك الإنسان فيه نفسه ويملك أن يتصرف كما يريد . وفي هذه الحال يكون ما يقوله نافذاً من طلاق وغيره .
الحالة الثالثة وسط بين هاتين الحالين ، بحيث يدري الإنسان ما يقول ولكنه لقوة السيطرة الغضبية عليه لم يملك نفسه فتكلم بالطلاق أو بغيره كالظهار والإيلاء .
فمن أهل العلم من يرى أن قوله معتبر ، وأنه إذا أوقع الطلاق في هذه الحال فطلاقه واقع نافذ ، ومنهم من يرى أن قوله غير متعتبر وأن طلاقه لا ينفذ ولا يقع ، وهذا القول أقرب إلى الصواب لقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " لا طلاق في إغلاق " .
فإذا كان هذا السائل الذي قال لزوجته في حالة غضب ما يقتصي طلاقها فإن طلاقها لا يقع ما دام لا يملك نفسه حينئذ .
وأما قول السائل لها أحسبي نفسك مطلقة اليوم أو غداً ، ويقصد اليوم الذي سيقدم فيه قضية طلاق مستقبلاً للمحكمة ، فإنه إذا وقع ما رتب الطلاق عليه ، وقع الطلاق ، لأن المشروط تابع للشرط فإذا وجد الشرط وجد المشروط .
وأما إذا كان لا ينوي الشرط ، وإنما نوى أن يطلقها في ذلك اليوم المستقبل فإن له أن يدع الطلاق ، فإذا لم يطلقها فلا حرج عليه ، ولا تطلق زوجته بذلك لأنه يفرق بين من نوى الطلاق ، وبين من جعل الطلاق معلقاً على شرط فمن نوى الطلاق فإنها لا تطلق زوجته إلا بالتلفظ به أو بما يكون في حكمه ، وأما إذا علقه على شرط فإنه متى وجد ذلك الشرط وقع الطلاق إلا أن يكون للطلاق حكم اليمين ، فإن الطلاق لا يقع وتلزمه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة ، فإن لم يجد ما يحصل به ذلك أو لم يجد المساكين أو الرقبة وجب عليه صيام ثلاثة أيام متتابعة لقوله - تعالى - " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم(7/496)
بما عقدتم الإيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم " . وإنما اشترط في الصوم التتابع لأن ابن مسعود - رضي الله عنه - قرأها " فصيام ثلاثة أيام متتابعة " .
ويكون للطلاق حكم اليمين إذا قصد بالشرط الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب ، على أننا ننصح إخواننا المسلمين بالبعد عن الحلف بالطلاق لقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت " . ولأن كثيراً من أهل العلم أو أكثرهم لا يرون للطلاق المعلق حكم اليمين بأي حال من الأحوال ، ويقولون متى وجد الشرط المعلق عليه الطلاق وقع الطلاق سواء قصد بالشرط يميناً أم شرطاً محضا ، والله المستعان .
الشيخ ابن عثيمين
ـــــــــــــــــــ
لا ينبغي التساهل في إطلاق لفظ الطلاق
س - قلت لزوجتي " علي الطلاق لازم تخرجي من منزلي إلى منزل والدك وتنامي هناك" بسبب نزاع معها ثم خرجت فعلاً إلى منزل والدها ولكن الجيران أحضروها في نفس اليوم ولم تنم في منزل والدها ، ونامت في منزلي تلك الليلة ، فهل علي اليمين ؟ وما المطلوب مني حتى لا أقع في يميني هذه ؟
ج- قبل الإجابة على سؤالك أرجو من الإخوة القراء بل ومن جميع إخواني المسلمين أن يتجنبوا مثل هذه الكلمات وألا يتساهلوا في إطلاق الطلاق ، لأن أمره خطير وعظيم ، وإذا أرادوا أن يحلفوا فليحلفوا بالله - عز وجل - أو يصمتوا . والحلف بالطلاق سواء كان على الزوجة أو على غيرها اختلف في حكمه أهل العلم ، فأكثرهم يرون أن طلاق وليس يمين ، وأن الإنسان إذا حنث فيه وقع الطلاق على امرأته .
ورأى آخرون أن الحلف بالطلاق إن قصد به اليمين هو يمين ، وإن قصد به الطلاق فهو طلاق ، لقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ". وهذا السائل الذي قال لزوجته علي الطلاق إن تخرجي إلى بيت أبيك وتنامي فيه ، إذا كان غرضه بهذا إلزام المرأة والتأكيد عليها بالخروج فإنه لا يقع عليه الطلاق سواء خرجت أو لم تخرج ، لكن إذا لم تخرج فعليه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة .
وإن قصد به الطلاق فإن خرجت تطلق وإن لم تخرج أو خرجت ثم عادت ولم تنم فإنها تطلق ، وإذا كانت هذه آخر طلقة له فإنها لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره .
الشيخ ابن عثيمين
ـــــــــــــــــــ
حكم من حلف بالطلاق ليمنع نفسه من فعل شيء(7/497)
س - أنا شاب قد تم عقد قراني على إحدى الفتيات ولم يتم الزواج حتى الآن ، وقد كنت أقع في بعض الذنوب ، ولكي أردع نفسي من الوقوع في تلك المعاصي كنت أحلف بيمين الطلاق ألا أفعل تلك الذنوب لأحث نفسي على تركها ، ولم يكن قصدي أن أطلق زوجتي وقد تكرر مني هذا الحلف بالطلاق عدة مرات ولكن بدافع الشهوة وقلة الإرادة كنت أقع فيها غصباً عني ، وأخيراً أعانني الله إلى التوبة ، فما حكم ذلك ؟ وهل قد وقع الطلاق ؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً .
ج- على من فعل ما ذكرت من أنواع الطلاق على فعل شيء أو ترك شيء ليمنع نفسه منه لا لإيقاع الطلاق ، كفارة يمين عن كل فعل أو ترك مثل أن يقول عليه الطلاق إن شرب الدخان أو عليه الطلاق إن كلم فلاناً ومقصوده منع نفسه من ذلك لا إيقاع الطلاق .
والمشروع للمسلم ألا يستعمل مثل هذه الأنواع كثيراً من أهل العلم يرى وقوع الطلاق بذلك ولو لم يقصد إيقاعه .
وقد قال النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " الحلال بين الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبراً لدينه وعرضه " . الحديث متفق عليه . والله ولي التوفيق .
الشيخ ابن باز
ـــــــــــــــــــ
الحلف بالطلاق لا يقع إذا كان بقصد التأكيد
س - ما رأي سماحتكم في رجل حلف يمين طلاق على أخ مسلم آخر ليعمل شيئاً ما ، ولكن هذا الشيء ، لم ينفذ ، فهل اليمين تعتبر نافذة على امرأته ؟ وما حكم الإسلام إذا لم ينفذ ذلك اليمين ؟
ج- إذا حلف الإنسان بالطلاق بالثلاث على أن فلاناً يفعل كذا وكذا كأن يقول علي الطلاق بالثلاث إن تكلم فلان ، أو على الطلاق بالثلاث أن تصنع الوليمة الفلانية ، أو علي الطلاق بالثلاث أن تتزوج فلانة ، هذا ينظر في قصده ، فإن كان قصده التأكيد وليس قصده إيقاع الطلاق فهذا يكون حكمه اليمين فيه كفارة اليمين ، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقة مؤمنة . فإن عجز صام ثلاثة أيام ، أما إن كان قصده إيقاع الطلاق فإنه يقع طلقة واحدة على الصحيح ، ويراجع زوجته إذا لم يكن طلقها قبل هذه طلقتين .
الشيخ ابن باز
ـــــــــــــــــــ
حكم الحلف بالطلاق والحرام
س - يكثر بين الناس عندنا الحلف بالطلاق والحرام ، فما حكم ذلك ؟
ج- أما الحلف بالطلاق فهو مكروه لا ينبغي فعله لأنه وسيلة إلى فراق الأهل - عند بعض أهل العلم - لأن الطلاق أبغض الحلال إلى الله ، فينبغي للمسلم حفظ لسانه من ذلك إلا عند الحاجة إلى الطلاق ، والعزم عليه في غير حال الغضب ، والأولى الاكتفاء باليمين بالله - سبحانه - إذا أحب الإنسان أن يؤكد على أحد من أصحابه أو ضيوفه للنزول عنده للضيافة أو غيرها ، أما في حال الغضب فينبغي له أن يتعوذ(7/498)
بالله من الشيطان ، وأن يحفظ لسانه وجوارحه عما لا ينبغي ، أما التحريم فلا يجوز سواء كان بصيغة اليمين أو غيرها لقول الله - سبحانه - " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك "، الآية . ولأدلة أخرى معروفة ، ولأنه ليس للمسلم أن يحرم ما أحل الله له ، أعاذ الله الجميع من نزعات الشيطان .
الشيخ ابن باز
ـــــــــــــــــــ
حلف بالطلاق ناسيا
س - حلف رجل وهو ناس لحداثة زواجه قائلاً على الطلاق السنة القادمة أشتري كذا. وإذا لم يشتر هل زوجته طالق ؟ وإذا لم يشتر ماذا عليه ؟ علما بأنه لم تكن عادته الحلف بالطلاق لدرجة - أنه استغفر الله - .
ج- مثل هذا الكلام يختلف حكمه بحسب نية الزوج فإن كان قصده حمل نفسه على الشراء وتحريضها عليه ولم يقصد فراق زوجته إن لم يشتر الحاجة التي ذكرها في طلاقة فإن هذا الطلاق يكون في حكم اليمين في أصح أقوال أهل العلم وعليه كفارتها وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو غيره ومقداره كيلو ونصف تقريباً وإن عشى العشرة أو غداهم أو كساهم كسوة تجزئهم في الصلاة أجزأه ذلك. أما إذا كان قصده إيقاع الطلاق بزوجته إن لم يشتر الحاجة فإنه يقع عليها الطلاق ، وينبغي للمؤمن تجنب استعمال الطلاق في مثل هذا التعليقات لأن كثيراً من أهل العلم يوقع عليه الطلاق بذلك مطلقاً ، وقد أمر النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " من أتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " . متفق على صحته .
الشيخ ابن باز
ـــــــــــــــــــ
حكم تحريم المرأة نفسها
الفتوى رقم ( 9161 )
س: ألقيت هذا اليمين ونصه: علي الطلاق والله العظيم ما أحضرها ولا هي زوجتي بعد اليوم. أثناء مناقشة مع أمي وزوجتي غائبة، عن مشكلة حصلت من زوجتي وأنا في حالة زعل من ناحيتها، وواع لنفسي، وكانت نيتي الطلاق فعلا، وهذا هو أول يمين لي، وأود أن أعرف الحل بشرع الله تعالى.
ج: إذا كان قصدك من الحلف بالطلاق وقوع الطلاق وقع طلقة واحدة، ولك مراجعتها في العدة إذا لم يكن ذلك آخر ثلاث تطليقات، كما إنه يجوز لك مراجعتها بعد العدة بمهر وعقد جديدين، وإن كان آخر ثلاث فلا تحل لك إلا بعد زوج يتزوجها بعقد شرعي، ويدخل بها ويطؤها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز(7/499)
ـــــــــــــــــــ
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 124)
الفتوى رقم ( 9372 )
س: تزوجت زوجة يتيمة الأب، وإن وليها أخوها، وقد تزوجتها برضاها هي وأمها، ووقعن بأيديهن على يد المملك الشرعي، وأخرجت صك رقم 13 بتاريخ 11 / 3 / 1405 هـ من محكمة تيماء الشرعية، وأنه يوجد لها عم معارض ويدعي أنني ما ملكت في محكمة شرعية، وعرضت عليه الصك لإقناعه، وبعدما أخذ الصك رفض أن يعيده إلي، وقمت لكي أخرج من بيته ولكنه قام معي وقال: لازم تطلق، ومن شدة الغضب طلقت طلقة واحدة ولم أدخل بها، وخرجت وذهبت إلى ناس شهود وثبتوا بها في الحال.
أرجو من فضيلتكم لفت النظر لهذا الطلاق هل هو يتم أم لا؟ علما بأنني أخبرت أخاها وأمها بهذا الواقع وقالوا لي: إذا حللها لك، قم وجهز وخذ أنثاك. والسلام، علما بأن الطلاق مرغم عليه بسبب عمها وفي ساعة غضب وفك مشكلة.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر جاز لك العقد من جديد على زوجتك المذكورة برضاها ورضا وليها الشرعي وشهادة عدلين ومهر جديد، وتحتسب الطلقة المذكورة عليك طلقة واحدة.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 125)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 9428 )
س: أرجو من فضيلتكم أني قد حلفت على حرمتي بالثلاث الحارمة: أن لا تذهب إلى أهلها بدون عذر؛ كمرض أو خلافه، فمرضت الحرمة وعيالها وذهبوا إلى أهلهم ولم يعودوا إلى البيت حتى أرجع عليهم. أفيدونا جزاكم الله عنا خيرا.
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت من حلفك بالثلاث ألا تذهب زوجتك إلى أهلها بدون عذر؛ كمرض ونحوه، فلا تحنث بذهابها إليهم لمرضها ومرض عيالها، ولا تعتبر طالقا بذلك. وننصحك ألا تحلف بمثل ذلك مرة أخرى، فإن الحلف بالطلاق ثلاثا بدعة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 126)
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 12488 )(7/500)
س2: رجل حرم زوجته فقال لها: إنك حرام علي، وهذا لسبب تافه وهو عدم تفاهم فيما بينهما. فما هو الحل؟ أرجو الجواب مع الأدلة من سيادة اللجنة المركزية الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وشكرا وفقكم الله ونصركم.
ج2: إن كان قصد الرجل من تحريم زوجته وقوع الطلاق وقع طلقة واحدة بهذا التحريم، وجاز له مراجعتها مادامت في العدة إن لم تكن هذه هي الطلقة الثالثة. وإن كان قصد الرجل من تحريم زوجته حثها على التفاهم معه فيما وقع بينهما من خلاف، ولم يقصد الطلاق، فإن حكم التحريم هذا حكم اليمين، فيكفر كفارة يمين ولا يقع طلاق على زوجته، وكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 127)
الفتوى رقم ( 11909 )
س: يوجد دفتر لدي، وكان فيه كتابة شعر وقد قام يفتشه أحد الجماعة وقال: هذه ليست كتابتك، فقد طلقت طلقة واحدة، إنها كتابتي وهي ليست كتابتي، حيث إنه يوجد في الدفتر كتابتي وفي ورقة ثانية، وأنا أحسب أن ما قاله الرجل كتابتي، حيث إنني فهمت خطأ، فأرجو إفادتي: هل يلحق زوجتي شيء عن ذلك، حيث إن هذه المرة الأولى تحصل مني؟ علما أنه يوجد من زوجتي طفلان. أرجو إفادتي عن ذلك والله يحفظكم.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فلا يقع منك طلاق؛ لأن العبرة بظنك، وحيث خالف الواقع فلا أثر له عليك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
السؤال السابع من الفتوى رقم ( 16053 )
س 7: رجل قدم إليه أحد أقاربه بعد أدائه عملية جراحية، فحلف عليه بالطلاق أن تموت ذبيحته، فما كان من الضيف إلا أن حلف أيضا بالطلاق أنه ما يذوقها. فهل يقوم الرجل الأول - الذي حلف أن تموت ذبيحة الضيف- بذبحها وتقسيمها على
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 128)
الضعفاء والمساكين، أم هناك كفارة لحلفه الذي حلف به؟
ج 7: الذي حلف بالطلاق أن يذبح شاة لإكرام قريبه ولم يذبحها- عليه أن يكفر كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم لكل مسكين ثوب، أو يعتق(7/501)
رقبة، فإن لم يجد شيئا من هذه الثلاث صام ثلاثة أيام؛ لأن الحلف بالطلاق إذا لم ينو إيقاع الطلاق يأخذ حكم اليمين. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 16733 )
س: أنا رجل متزوج بامرأة ولي منها طفلة، وموجود هنا بالمملكة وعلي ديون وتأخرت عنها، وبسبب هذا التأخير تشاجر معي بعض إخواني في الله في التأخير، فوقع مني حلف ألا أنفق عليها، حلف بالطلاق، وبعد فترة أرسلت إليها، علما أن هذا الحلف كان وقت غضب، فهل يقع علي هذا الطلاق؟ مع العلم أنني رجعت إلى الله في هذا الحلف، واعتقدت أن هذا الحلف شرك فما رأيكم؟
ج: الحلف بالطلاق ليس من الأيمان المشروعة، وعلى من
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 129)
حلف بالطلاق لإلزام نفسه بعدم فعل الواجب: أن يكفر كفارة يمين، فإن كان قصدك من حلفك بالطلاق منع نفسك من إرسال النفقة- وجب عليك أن تفعل الواجب، وأن تكفر كفارة يمين عن حلفك، والكفارة هي: عتق رقبة مؤمنة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم تجد فصم ثلاثة أيام، وإن كان قصدك من الحلف بالطلاق وقوع الطلاق إن حنثت في حلفك ثم حنثت في حلفك- وقع طلقة واحدة، وجاز لك مراجعتها ما زالت في العدة، إن لم تكن هذه هي الطلقة الثالثة. ولا يسمى مثل هذا الحلف شركا، وإنما هو يمين في المعنى: إذا قصد صاحبه الامتناع من الشيء، وحث نفسه على فعله. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر بن عبد الله أبو زيد ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... صالح بن فوزان الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 16889 )
س: إنني حلفت بأن لا تدرس زوجتي ولا تدرس أيضا، ونيتي إذا درست أو درست تطلق، والآن رضيت بأن تدرس زوجتي أو تدرس، فماذا علي حتى أمكنها من ذلك قبل أن أسمح
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 130)
لها بالتدريس أو الدراسة؟ أفتونا مأجورين حفظكم الله.(7/502)
ج: إذا كان يمينك مقرونا بشرط بأن قلت لزوجتك. والله إن درست أو درست فأنت طالق، ثم حنثت في يمينك بأن درست أو درست- وقع طلقة واحدة، ولك مراجعتها في العدة إذا لم تكن هذه هي الطلقة الثالثة، وإن كانت العدة انتهت فلك أن تعود إليها بعقد ومهر جديدين، إن لم تكن هذه هي الطلقة الثالثة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 18045 )
س2: حلف والدي بالله العظيم ثم ألحقها بلفظ الطلاق ما يأكل ولا يشرب عند إخوانه، نص الحلف: (والله والله، وعلي طلاق وطلاق أم أولادي بثلاث ما آكل ولا أشرب عند إخواني) فضيلة الشيخ: بعد هذا اليمين بعدة سنوات توفيت زوجته التي كانت في عصمته حين اليمين، وبعد وفاتها بعدة سنوات تزوج امرأة أخرى، هل طلاقه السابق ينطبق على زوجته الثانية التي تزوجها بعد اليمين، وبعد وفاة زوجته الأولى أم لا؟
ج2: إذا كان قصد والدك بالحلف بالطلاق منع نفسه من
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 131)
الأكل من طعام إخوانه أو شرابهم ولم يقصد وقوع الطلاق- فعليه على الصحيح إذا حنث بأكل أو شرب أن يكفر كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فيصوم ثلاثة أيام. وإن كان قصد والدك وقوع الطلاق إن حنث في يمينه وقع طلقة واحدة إن حنث على زوجته الأولى، وله مراجعتها إن كانت موجودة وقت الحنث، وإن كان بعد وفاتها فلا شيء عليه، ولا يقع على الزوجة الثانية شيء إن كانت اليمين سابقة للعقد على الزوجة الثانية. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر بن عبد الله أبو زيد ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... صالح بن فوزان الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 61 )
س: قلت لزوجتي: أنت طالق في حالة غضب، ثم أرجعتها لعصمتي، ثم طلقتها في المحكمة الشرعية، وبعد سنوات رجعت إليها بعقد نكاح جديد، ثم قلت لها: أنت طالق، وكتبنا ورقة الطلاق غير رسمي، وكانت حامل هذه المرة، فوضعت مولودا
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 132)
ذكرا في دار أخيها، فهل يجوز شرعا إعادتها لعصمتي؟(7/503)
ج: حيث ذكرت أنك طلقتها في حالة غضب ثم طلقتها ثم راجعتها بعقد جديد ثم طلقتها وهي حامل فوضعت- فأما الطلقة الثانية والثالثة فهما واقعتان، وأما الأولى فإن كان الغضب الذي ذكرته فقدت إدراكك معه بحيث إنك لا تعي ما تقول، ولا تملك نفسك ولكن أخبرت بأنك طلقت ولديك بينة تثبت ذلك- فإن هذه الطلقة لا تقع، ومتى ثبت أنها لم تقع فلك الرجوع على زوجتك بعقد جديد إذا رضيت ذلك، وإن لم يكن لديك بينة تثبت ما تدعيه من الغضب الذي يفقدك شعورك- فإنها لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك، ويدخل بها ويطلقها وتخرج من العدة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 73 )
س: لي زوجة من مدينة صبيا، تدعى (ب. م. ع) وتدخل بيني وبينها إبليس عليه اللعنة، وطلقتها لفظا ثلاث مرات، بقولي لها:
مطلقة مطلقة مطلقة، في مكان واحد، وإنني مراجع زوجتي في
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 133)
وقته وفي حينه، علما يا سيدي أنها حامل في ستة أشهر، أرجو إفادتي في حل مشكلتي.
ج: إن كنت قصدت بتكرار الطلاق ثلاث مرات (مطلقة مطلقة مطلقة) بت عصمتها بتطليقها وإنهاء العلاقة بينكما- فهي طالق ثلاثا لا تحل لك إلا بعد زوج، وإن كنت قصدت بتكرار الطلاق توكيد المرة الأولى بالثانية والثالثة أو إفهامها- فهي مطلقة طلقة واحدة، فإذا راجعتها في هذه الحالة عقب طلاقك إياها أو بعد ذلك قبل وضعها الحمل وأشهدت على ذلك شاهدين عدلين - كانت زوجة لك، وبقي لك معها طلقتان فقط. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 79 )
س: سبق لي أن طلقت زوجتي وكتبت لها ورقة بالعبارة التالية: أقول أنا (..) بكامل أوصافي الشرعية: بأنني قد طلقت زوجتي المدعوة (..) بالثلاث تحرم علي وتحل لغيري، وأذنت لمن يشهد لله وهو خير الشاهدين، طالقة طالقة طالقة.
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 134)
ج: حيث إن الزوج سبق أن طلق امرأته وكتب لها ما ذكر في السؤال- فهي طالق ثلاثا؛ لأنه صرح بالثلاث أولا، وكرر صيغة الطلاق أخيرا، فدل لفظه الأول على أنه أراد بالتكرار التأسيس لا التأكيد، وعلى ذلك لا تحل له هذه الزوجة حتى تنكح(7/504)
زوجا غيره، ويدخل بها وتنتهي عدتها من الثاني. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 118 )
س: سبق أن تلفظت لزوجتي أم عيالي المدعوة (ن. ح. ع. ح) بقولي لها ثلاث مرات: (تراك مسامحة) بهذا اللفظ، والآن لي رغبة في عودة زوجتي، فهل تحل لي؟
ج: حيث ذكرت أنك قلت لزوجتك أم عيالك (ن. ح. ع) ثلاث مرات: تراك مسامحة، فهذا اللفظ كناية من كنايات الطلاق، إن أريد به الطلاق، أو تلفظت به على إثر نزاع بينك وبينها، أو طلبت منك الطلاق فصدر منك هذا اللفظ جوابا لها على ما طلبت، وبناء على ذلك: فهذا الذي حصل منك ثلاث مرات
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 135)
الأصل فيه التأسيس، وعلى أساس هذا الأصل فلا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك، ويدخل بها ويطلقها وتخرج من العدة، ولا يكون ذلك حيلة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن منيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 129 )
س: حدث بيني وبين زوجتي (ن. ع. ب) سوء تفاهم جعلني أكتب إلى والدها خطابا وأرسله له في ضواحي المدينة، وقد قلت له في خطابي: اعتبر ابنتك مخلى سبيلها، وقد كتبت ورقة قلت فيها: أقر أنا (ع. ف. ب) بأني قد طلقت زوجتي (ن. ع) طلاق السنة في 9 / 3 / 1392 هـ، وفي 20 / 4 / 1392 هـ تراجعت وكتبت إلى والدها: إني متراجع عن طلاقي في زوجتي. انتهى.
وبعد إحضار المستفتي وسؤاله عن الطلاق الذي أرسله في الخطاب لوالد زوجته: هل هو طلاق مستقل، والذي كتبه في الورقة طلاق آخر، فأجاب بأن الطلاق في الورقة وحدها ولم يصدر مني سوى طلاق السنة مرة واحدة؛ لأنه تفسير لقولي
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 136)
بالخطاب اعتبر ابنتك مخلى سبيلها.
ج: حيث ذكر المستفتي أن الطلاق الذي صدر منه هو طلقة واحدة، وأن الطلاق الذي كتبه في الورقة هو تفسير لقوله في الخطاب: اعتبر بنتك مخلى سبيلها، فإذا كان الأمر كما ذكره فإن هذا الطلاق يعتبر واحدا، وإن ما ذكر في الورقة تفسير لما(7/505)
ذكر في الخطاب، فإذا لم تكن هذه الطلقة هي آخر ثلاث فله مراجعتها مادامت في العدة، فإن خرجت من العدة فلا تحل إلا بعقد جديد بشروطه ومهر جديد ورضاها، وإن لم تخرج من العدة فإن كان ما ذكره من رجعته لها لديه بينة عادلة تثبت ذلك فرجعته صحيحة، ولا حاجة إلى رضا منها ولا إلى عقد جديد، وإن كانت هذه الطلقة هي آخر ثلاث فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، ويخلو بها ويطلقها وتخرج من العدة، ولا يكون ذلك لقصد تحليلها لزوجها الأول. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن منيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ
ـــــــــــــــــــ
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 137)
الفتوى رقم ( 312 )
س: حصل بينه وبين زوجته سوء تفاهم، قال لها على إثره: (مطلقة ثم مطلقة ثم مطلقة) ويذكر أن قصده بالتكرار أن يسمعها فقط، وأنه لا يقصد العدد، ويسأل: هل يجوز له الرجوع عليها؟
ج: إذا كان الأمر كما ذكره المستفتي بأنه قال لزوجته: (مطلقة ثم مطلقة ثم مطلقة) فالمذهب والذي عليه الفتوى: أن امرأته تبين منه بذلك بينونة كبرى، لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، نكاح رغبة، لا نكاح تحليل، وما ذكره المستفتي من أنه يقصد بالتكرار إسماعها لا أنه يقصد العدد- مردود بكون صفة الطلاق المكرر جاءت على سبيل الترتيب الذي لا يحتمل التوكيد. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 258 )
س: قد طلقت زوجتي (ر. ف) بسبب ضيقة، وطلقتها أربع
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 138)
طلقات، قلت: (طالق ثم طالق ثم طالق ثم طالق) وقلت: تحرمين علي بعد رجل وأنا جاهل ولا أعرف حدود الطلاق، وهي كلفتني على ذلك.
ج: إذا كانت هذه الزوجة لم يدخل بها السائل فإنه لا يقع عليها إلا الطلقة الأولى، ولا عدة لها فتحل له بعقد ومهر جديدين إذا رضيت به زوجا لها، وإن كان قد دخل بها فإن طلاقه هذا تبين به منه بينونة كبرى، لا تحل له إلا بعد زوج. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.(7/506)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 321 )
س: على أثر سوء تفاهم بينه وبين زوجته، ومن ذلك أنها مسكته في الشارع وقالت له: طلقني، وإنه طلقها بقوله لها: أنت طالق، ولا يدري وش كثر قوله، هي وحدة أو أكثر، وإنه أشهد اثنين من جيرانه على مراجعته زوجته.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر السائل من أنه قال لزوجته: أنت طالق، ثم إنه لا يدري هل قال هذا اللفظ مرة أو أكثر؟ فإذا لم
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 139)
يوجد من تقوم بشهادته البينة على عدد الطلاق فيعتبر هذا الطلاق واحدة؛ لأنه هو المتحقق باعتراف المطلق، وما عداه فمشكوك فيه، لا يعارض بالأصل، وهو عدمه، وعليه فإذا لم يكن هذا الطلاق آخر ثلاث طلقات صدرت منه على مطلقته ولم يكن على عوض، وثبتت مراجعته زوجته وهي لا تزال في عدتها- فرجوعه صحيح، أما إن كانت مراجعته بعد خروجها من العدة أو كان الطلاق على عوض، ولم يكن ثالث طلاق صدر منه عليها- فله الزواج بها بعقد ومهر جديدين برضاها، أما إن كان ثالث طلاق صدر منه عليها فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، نكاح رغبة، لا نكاح تحليل. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 154 )
س: طلق زوجته ثلاثا بكتابة هذه الحروف: (نعم أنا ف. ع. ع قد طلقت زوجتي بالثلاث) ولم يتكلم، بل كتب وهو صامت، وهذا كان على إثر زعل بينهما، ثم راجعها فورا وأشهد عليها ثم آذته زوجته مرة أخرى فطلقها ثلاثا بكتابة هذه
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 140)
الحروف: (إنها طالق وطالق وطالق) كتبها وهو صامت لم يتكلم، يقول: فهل يقع طلاق بلا إشهاد، وهل يقع الطلاق بالكتابة مع الصمت عن النطق بالطلاق، وهل لي رجعة أو لا؟
ج: إذا كان الحال كما ذكرت في سؤالك وتفسيره من تطليقك زوجتك ثلاثا بالكتابة، ثم رجعتها بشهود، ثم تطليقك إياها ثلاثا بكتابتك: (أنت طالق وطالق وطالق)- فزوجتك هذه مطلقة ثلاثا على كل حال، نطقت بالطلاق أم كنت صامتا، ما دمت كتبت إليها الطلاق، وسواء شهدت على طلاقك أم لم تشهد، وعليه فقد بانت منك(7/507)
امرأتك البينونة الكبرى، فلا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك، نكاح رغبة، لا نكاح تحليل. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
ـــــــــــــــــــ
الفتوى رقم ( 4744 )
س: كنت أشرب الدخان، وجاءتني الوالدة وأعطتني ألف ريال على ترك الدخان، وشرطت علي أن أطلق زوجتي الثنتين، وإني قلت: علي الطلاق من أرقاب الحريم الثنتين إني ما أشرب الدخان، وأخذت الألف ريال منها، وإذا شربته فالألف بثلاثة آلاف ريال، وإني ما هي عقيدتي طلاق النساء، قصدي طمع في الألف ريال، وقصدي أن الله يعصمني عنه. أفتوني بما حدث جزاكم الله خيرا.
ج. إذا كان الواقع من الحلف كما ذكرت من قصدك منع
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 183)
نفسك من شرب الدخان والطمع في أخذ الأريلة، فلا يقع عليك طلاق بشربك الدخان، ولكن تجب عليك كفارة عن حنثك في حلفك، وهي: إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمه أهلك أو كسوتهم، تعطي كل واحد من العشرة ثوبا، ويجزئ عن ذلك إعطاء العشرة خمسة أصوع من بر أو تمر أو أرز أو ذرة من جنس ما تطعمه أهلك، لكل واحد منهم نصف صاع، فإن لم تستطع شيئا من ذلك فصم ثلاثة أيام، والأفضل أن تكون متتابعات. أما إن كان قصدك بالحلف بالطلاق تطليق زوجتيك وفراقهما إن شربت الدخان، فكلتاهما طالقة طلقة واحدة بشربك الدخان، ولك مراجعة كل منهما بشهادة عدلين ما دامت في العدة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
-ـــــــــــــــــــ
(الجزء رقم : 23، الصفحة رقم: 113)
الفتوى رقم ( 14238 )
س : ما قولكم دام فضلكم في قول صدر مني على إثر خصومة حصلت بيني وبين ابن عم لي في سقيا بلاد تخصني سقياها بموجب مستمسك شرعي ، وقام على قصده يأخذ من سقيا مزرعتي بدون دليل ، وحلفت عند ذلك حلفين : الأول : أن قلت : أقسمت بالله الذي لا إله إلا هو أنني لن أعطيك من سقيا بلادي ، وإلا أنا خارج من ملة الإسلام - أي إذا أعطيتك- والثاني : أن قلت : طلاق بالثلاث من زوجتي أنني لن أعطيك من سقيا بلادي شيئا ؛ لأنه ليس لديك علي دليل إلا أن أموت أو يحكم(7/508)
علي الشرع ، وعند ذلك قام عمي وجاءني بعدة أشخاص وطلبوا منى أن أتراجع في هذا الموضوع ، وأعطيه من سقيا مزرعتي ما يقدرني الله عليه بالمعروف . . إلخ عليه أرجو من الله ثم من سماحتكم في هذين اليمينين اللتين صدرتا مني والمذكور سببهما أعلاه ، والله يحفظكم .
ج : أولا : إقسامك بخروجك من ملة الإسلام إن أعطيت ابن عمك من سقيا بلادك لا يجوز ، ويجب عليك التوبة والاستغفار ، وكفارة يمين عن حنثك في ذلك ، والكفارة : إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، أو عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم تجد فصم ثلاثة أيام .
ثانيا : إن كان قصدك من الحلف بطلاق زوجاتك بالثلات
(الجزء رقم : 23، الصفحة رقم: 114)
وقوع الطلاق إن أعطيت ابن عمك وأعطيته -وقع طلقة واحدة على كل واحدة من زوجاتك ، ولك مراجعتهن في العدة إذا لم يسبق هذا الطلاق طلقتان قبله ، وإن كان قصدك من الحلف بالطلاق منع نفسك من إعطاء ابن عمك من أرضك ، ولم تقصد وقوع الطلاق لم يقع طلاق ، ووجب عليك كفارة اليمين ، وهي المذكورة في الفقرة الأولى .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
فتاوى نور على الدرب - (ج 1 / ص 241)
هل الحلف بالطلاق حلف بغير الله
س107: سائل يقول : سمعنا في برنامجكم نور على الدرب أن الحلف بغير الله حرام، كما سمعنا فيه أن الشخص إذا حلف بالطلاق فلا تطلق زوجته. أليس في ذلك تناقض يا سماحة الشيخ؟
الجواب : الحلف بغير الله منكر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: صحيح البخاري الشهادات (2533),صحيح مسلم الأيمان (1646),سنن الترمذي النذور والأيمان (1534),سنن النسائي الأيمان والنذور (3766),سنن أبو داود الأيمان والنذور (3249),سنن ابن ماجه الكفارات (2094),مسند أحمد بن حنبل (2/7),موطأ مالك النذور والأيمان (1037),سنن الدارمي النذور والأيمان (2341). من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت وقال عليه الصلاة والسلام: صحيح البخاري الأدب (5757),صحيح مسلم الأيمان (1646),سنن الترمذي النذور والأيمان (1535),سنن النسائي الأيمان والنذور (3766),سنن أبو داود الأيمان والنذور (3251),سنن ابن ماجه الكفارات (2094),مسند أحمد بن حنبل (2/125),موطأ مالك النذور والأيمان (1037),سنن الدارمي النذور والأيمان (2341). من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك وهو حديث صحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: سنن أبو داود الأيمان والنذور (3253),مسند أحمد بن حنبل (5/352). من حلف بالأمانة(7/509)
فليس منا وقال: صحيح البخاري المناقب (3624),صحيح مسلم الأيمان (1646),سنن الترمذي النذور والأيمان (1534),سنن النسائي الأيمان والنذور (3766),سنن أبو داود الأيمان والنذور (3249),سنن ابن ماجه الكفارات (2094),مسند أحمد بن حنبل (2/76),موطأ مالك النذور والأيمان (1037),سنن الدارمي النذور والأيمان (2341). لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون .
هذا حكمه عليه الصلاة والسلام وهو منع الحلف بغير الله كائنا من كان، فلا يجوز الحلف بالنبي عليه الصلاة والسلام، ولا بالكعبة ولا بالأمانة، ولا بحياة فلان، ولا بشرف فلان، وكل هذا لا يجوز؛ لأن (الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 238)
الأحاديث الصحيحة دلت على منع ذلك . . . وقد نقل أبو عمر ابن عبد البر الإمام المشهور رحمه الله إجماع أهل العلم على أنه لا يجوز الحلف بغير الله، فالواجب على المسلمين أن يحذروا ذلك، وليس لأحد أن يحلف بحياة فلان، أو شرف فلان، أو بالكعبة ، أو بالنبي، أو بالأمانة، كل هذا لا يجوز.
أما الطلاق فليس من الحلف في الحقيقة، وإن سماه الفقهاء حلفا، لكن ليس من جنس هذا، الحلف بالطلاق معناه تعليقه على وجه الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، مثل لو قال: والله ما أقوم، أو والله ما أكلم فلانا فهذا يسمى يمينا، فإذا قال: علي الطلاق ما أقوم، أو علي الطلاق ما أكلم فلانا. فهذا يسمى يمينا من هذه الحيثية، يعني من جهة ما يتضمنه من الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، سمي يمينا لهذا المعنى، وليس فيه الحلف بغير الله، فهو ما قال: بالطلاق ما أفعل كذا، أو بالطلاق لا أكلم فلانا، فهذا لا يجوز.
ولكن إذا قال: علي الطلاق ألا أكلم فلانا، أو علي الطلاق ما تذهبي إلى كذا وكذا، أي زوجته، أو علي الطلاق ما تسافري إلى كذا وكذا، فهذا طلاق معلق، يسمى يمينا لأنه في حكم اليمن من جهة الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، فالصواب فيه أنه إذا كان قصد منعها، أو منع نفسه، أو منع غيره من هذا الشيء الذي حلف عليه فيكون حكمه حكم اليمين، وفيه كفارة يمين.
وليس في هذا مناقضة لقولنا إن الحلف بغير الله ما يجوز، وليس في هذا مخالفة؛ لأن هذا شيء وهذا شيء، فالحلف بغير الله مثل أن يقول : باللات والعزى، بفلان، بحياة فلان، وحياة فلان، هذا حلف بغير الله، أما هذا فطلاق معلق ليس حلفا في المعنى الحقيقي بغير الله، ولكنه حلف في المعنى من جهة منعه وتصديقه وتكذيبه. فإذا قال عليه الطلاق ما يكلم فلانا، فكأنه قال: والله ما أكلم فلانا، أو لو قال: علي الطلاق ما تكلمين فلانا- يخاطب زوجته- فكأنه قال: والله ما تكلمين فلانا- فإذا حصل الخلل وحنث في هذا الطلاق، فالصواب أنه يكفر عن يمينه بكفارة يمين، أي أن له حكم اليمين إذا كان قصد منع الزوجة أو منع نفسه، وما قصد إيقاع الطلاق، إنما نوى منع هذا الشيء، منع نفسه، أو منع الزوجة من هذا الفعل، أو من هذا الكلام فهذا يكون له حكم اليمين عند بعض أهل العلم، وهو الأصح، وعند الأكثرين يقع الطلاق.(7/510)
لكن عند جماعة من أهل العلم لا يقع الطلاق وهو الأصح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وجماعة من السلف رحمة الله عليهم; لأنه له معنى اليمين من جهة الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، وليس له معنى اليمين في تحريم الحلف بغير الله; لأنه ليس حلفا بغير الله، وإنما هو تعليق فينبغي فهم الفرق بين هذا وهذا. والله أعلم.مجموع فتاوى ابن باز - (ج 19 / ص 59)
127 - مسألة في وقوع الطلاق في الحيض والطهر الذي جامع الرجل امرأته فيه
من م . س . أ . إلى حضرة شيخنا عبد العزيز بن عبد الله بن باز رعاه الله ، آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أسأل الله أن يمتعكم بالصحة والعافية ، وأن يرزقنا وإياكم الشكر لنعمه والثبات على الدين . وبعد : سؤال موجه لسماحته من الشيخ م . س . أ . بتاريخ 20 ذي الحجة 1389هـ .
إنني كنت أعلم أنكم تفتون بوقوع الطلاق الثلاث واحدة ، إن كان في مجلس واحد . وكنت سابقا لا يطمئن قلبي للإجابة وفق هذا . ولكن حديثا جدا تبين لي وضوح دلالة القرآن على ذلك ، وجسرت على ذلك ، وخاصة بعد ما تبين لي عظم المآسي التي تنتج من التفريق الدائم بين الزوجين إذا تعلق ذلك بكلمة واحدة تخرج من فم الزوج . ولكن سؤالي الآن هو : هل أنتم تفتون بوقوع الطلاق في الحيض والطهر الذي حصل فيه اتصال بين الزوجين ، أو أنكم تفتون بعدم وقوعه ؟
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 279)
فإن كنتم تفتون بوقوعه فما الفرق عندكم بينه وبين الطلاق الثلاث في مجلس واحد ؟ إذ كلاهما مخالف للوجه المشروع ، فينبغي أن يكون الحكم فيهما واحدا . وإن كنتم تفتون بعدم وقوعه ، فهل ينبغي للمفتي والحاكم أن يستفسر من المطلق عن حال المرأة عند التلفظ بالطلاق ؟
كما أنني أود أن أعلم قولكم في مسألة الحلف بالطلاق . ومسألة طلاق المغضب غضبا يخرج الإنسان عن طوره الطبيعي دون أن يصل به إلى الإغلاق ، ولست في هاتين المسألتين بحاجة إلى معرفة الاستدلال ، وإنما قصدي معرفة قولكم .
هذا ما لزم ، وتحياتي إلى الأبناء ، والمشايخ ، والإخوان ، وسائر الأحبة لديكم . والسلام .
ـــــــــــــــــــ
128 - حكم الطلاق في الحيض والطهر
الذي جامع فيه ، والحلف بالطلاق ، وطلاق الغضبان .
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ م . س . أ . وفقه الله لكل خير ، آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، بعده صدرت برقم ( 80 ) في 11/ 1/ 1390هـ :
كتابكم الكريم المؤرخ 10/ 12/ 1389هـ وصل وصلكم الله بهداه ، وما تضمنه من الإفادة عن رغبتكم في معرفة رأيي في حكم الطلاق في الحيض والطهر الذي جامع الرجل امرأته فيه والحلف بالطلاق وطلاق الغضبان . . . إلخ كان معلوما .
والجواب الذي أرى في الطلاق في الحيض والطهر الذي(7/511)
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 281)
حصلت فيه المجامعة ، وأفتي به هو : وقوع الطلاق لأمرين : أحدهما : حديث ابن عمر ، وكون الطلقة حسبت عليه . والثاني : أني لا أعلم في شيء من الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استفسر من المطلق عند سؤاله عن الطلاق هل كان طلق في الحيض ، أو في طهر جامع فيه ، ولو كان الحكم يختلف لوجب الاستفسار ، ولا أعلم أني أفتيت بعدم الوقوع إلا مرة واحدة ، ولا أزال ألتمس المزيد من الأدلة على وقوعه أو عدم وقوعه ، وطالب العلم ينبغي له أن يكون دائما طالبا للحق بأدلته حتى يلقى ربه عز وجل .
أما الحلف بالطلاق فقد كنت فيما مضى أفتي بالوقوع ، ثم ظهر لي أخيرا من نحو سنة أو أكثر قليلا عدم الوقوع ، وأفتيت بذلك مرات كثيرة إذا كان المطلق لم يرد إيقاع الطلاق عند وقوع الشرط , وإنما أراد معنى آخر من حث ، أو منع ، أو تصديق ، أو تكذيب , ولا يخفى أن هذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما .
وأما طلاق الغضبان ، فالذي أفتي به الوقوع ما لم يشتد حتى يغير الشعور ، أو يذكر المطلق أنه لا يعلم ما وقع منه إلا بقول الحاضرين معه ، أما الفرق بين القول بوقوع الطلاق في الحيض والطهر الذي وقعت فيه المجامعة ، والقول بعدم وقوع الثلاث ، الصادرة من الزوج بلفظ واحد فهو : أن النص جاء صريحا في عدم وقوع الثلاث ، وأنها كانت تجعل واحدة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر - رضي الله عنه - وأول عهد عمر - رضي الله عنه - ولم يأت مثل هذا في الطلاق في الحيض ، والطهر الذي وقع فيه المسيس ، ولما كان الحديث في عدم وقوع الثلاث ليس بالصريح في عدم إيقاع الثلاث المفرقة ، حملته على ما إذا وقعت بلفظ واحدة ؛ لأن ذلك أقل ما يدل عليه ؛ ولأن ابن عباس - رضي الله عنهما - أفتى بذلك في الرواية التي جاءت عنه في عدم إيقاع الثلاث ، ولأني لم أجد عن أحد من السلف إلى وقتي هذا لفظا صريحا يدل على أن الثلاث المفرقة لا تقع .
هذا خلاصة ما لدي في الموضوع ، ومتى ظهر لفضيلتكم خلاف ما ذكرته بدليل اطمأننتم إليه ، فأرجو الإفادة بذلك ؛ لأن الحق ضالة المؤمن ، والفائدة مطلوبة مني ومنكم ، ومن كل طالب علم ، يتحرى الحق . وفقني الله وإياكم وسائر إخواننا ، لإصابة الحق في القول والعمل والثبات عليه ، إنه خير مسئول .
ـــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ابن باز - (ج 19 / ص 241)
50 - مسألة في الحلف بالطلاق
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم ع . م . أ . وفقه الله لكل خير آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد : صدرت من سماحته برقم 1601 في 4 / 8 / 1389هـ فقد وصل إلي كتابكم الكريم المؤرخ 12 / 7 / 1389هـ وصلكم الله بهداه وما تضمنه من الإفادة عن رجل حلف بالطلاق أن لا يصطلح مع رجل آخر(7/512)
وقد سبق أن طلق زوجته مرتين وأن لكل من الرجلين ابنا متزوجا من أخت الآخر وكلاهما
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 90)
يشدد على ابنه ليطلق زوجته وسؤالكم عن الحكم في ذلك وهل إذا تم الصلح بين الرجلين يقع الطلاق وهل على الولدين إطاعة والديهما في مثل هذه الحالة وتطليق زوجتيهما بدون ذنب كان معلوما .
والجواب عن المسألة الأولى : إذا كان قصد الرجل من الحلف بالطلاق حث نفسه على عدم المصالحة مع أخيه وليس قصده الرغبة عن زوجته إذا صالحه . وفراقها لم يقع عليها طلاق وكان تعليقه هذه بمثابة اليمين في أصح أقوال العلماء وعليه كفارتها ؛ لأنه قد ورد عن كثير من السلف الصالح الفتوى بذلك وقواعد الشرع تقتضيه ؛ لأن المطلق لم يرد فراق أهله وإنما أراد حث نفسه على عدم مصالحة أخيه . أما إن كان أراد فراقها إذا صالح أخاه فإنه يقع عليها الطلاق وتحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ويطأها . لكون هذه الطلقة هي آخر الثلاث .
أما الجواب عن المسألة الثانية : فليس على الولد أن يطيع والده في طلاق زوجته بدون سبب شرعي وليس ذلك من الطاعة الواجبة على الولد للوالد إذا كانت الزوجة غير مؤذية لوالده وليس بها ما يوجب فراقها ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : صحيح البخاري الأحكام (6726),صحيح مسلم الإمارة (1840),سنن النسائي البيعة (4205),سنن أبو داود الجهاد (2625),مسند أحمد بن حنبل (1/82). إنما الطاعة في المعروف وليس الطلاق من غير سبب شرعي من المعروف . ونسأل الله أن يوفق الجميع للفقه في دينه والثبات عليه إنه خير مسئول . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ـــــــــــــــــــ
51 - حكم الحلف بالطلاق
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم و . م . أ . وفقه الله لكل خير آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، بعده صدرت من سماحته برقم 280 في 1393هـ :
كتابكم المؤرخ 16 / 1 / 1393 هـ وصل وصلكم الله بهداه ، وما تضمنه من الإفادة أنك حلفت بالطلاق أن تحضر عند إنسان في موعد محدد فلم تحضر عنده إلا بعد ساعتين من الوقت الذي حددت الحضور فيه ورغبتك في الفتوى كان معلوما .
والجواب : إذا كان قصدك من ذلك حث نفسك على الحضور في الموعد المحدد وعدم التخلف عن ذلك ولم تقصد فراق زوجتك إن تأخرت عنه فالطلاق المذكور غير واقع وعليك كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو بر أو غيرها ، أما إن كان مقصودك خلاف ذلك أو كان في الواقع إشكال بينك وبين أهل المرأة فينبغي أن تحضر مع وليها لدى فضيلة قاضي طرفكم لإفتائكم بما يراه فضيلته أو إثبات صفة الواقع والإفادة عنه(7/513)
وأنا أنظر في ذلك إن شاء الله . وفق الله الجميع لما فيه رضاه . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
52 - مسألة في الحلف بالطلاق
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة رئيس محكمة بيشة وفقه الله لكل خير آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، بعده صدرت من سماحته برقم 2547 في 16 / 12 / 1389هـ :
يا محب وصل إلي كتابكم الكريم رقم 2270 وتاريخ 18 / 11 / 1389هـ وصلكم الله بهداه واطلعت على صورة الضبط المرفقة به المتضمن إثبات فضيلتكم لصفة الطلاق الواقع من الزوج م . س . ص . على زوجته س . وهو أنه طلقها بالثلاث بكلمة واحدة من نحو ستة أشهر وقد سبق أن حلف عليها وعلى امرأة سابقة بقوله علي مثل أمي ما يقعد عندي منكما واحدة
وأنهما خرجتا من بيته وأنه استفتاكم وأرجعتموها عليه وأنه سئل عن قصده بالحلف المذكور فأجاب بأنه لم يقصد به الطلاق . وإفادة ولي المرأة المذكورة بأنه لم يكن حاضرا الطلاق ، وأنه أبرز ورقة مذكورا فيها طلاق الزوج م . س . بالثلاث بكلمة واحدة كما أفاد الولي بأنه قد حصل طلاق قبل هذا وذلك بعد سماعكم لأقوال المطلق المذكور وولي مطلقته ، وبناء على ذلك .
فالجواب : إذا كان الطلاق المكتوب في الورقة المذكورة هو الطلاق الذي اعترف به الزوج المذكور لديكم وإذا كان الظهار الذي وقع منه وأفتيتموه عنه هو الطلاق الذي يدعي الولي أنه سبق وقوعه منه ، فقد أفتيت الزوج المذكور بأنه قد وقع على زوجته المذكورة بطلاقه المنوه عنه طلقة واحدة وله العود إليها بنكاح جديد بشروطه المعتبرة شرعا ، لكونها قد خرجت من العدة إلا أن يثبت لديكم ما ادعاه من الرجعة حال كونها في العدة وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على الفتوى المذكورة كما لا يخفى ، فأرجو إكمال اللازم وإشعار الجميع بالفتوى المذكورة ، أما إن كان الواقع خلاف ذلك فآمل إيقاف الفتوى ، وإفادتنا بما يثبت لديكم أثابكم الله وشكر سعيكم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ـــــــــــــــــــ
54 - مسألة في الحلف بالطلاق
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز سلمه الله آمين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
أكتب لفضيلتكم خطابي هذا حيث لا يخفاكم أن عموم مساجد بريدة تدعو المصلين بأسمائهم بعد صلاة الفجر وحيث أنني أحد المسلمين فقد جرت العادة في دعوتي كغيري من الناس ، وكان الإمام لجماعة المسجد يقول بنفسه عندما يسئل عن حفيده وعلى مسمع من الحاضرين بقوله : ليس حاضرا وأنا متيقن وجوده في منزله علما أنه ومن يعذر دونه في منزل واحد ويعرف تماما أنه موجود في فراشه بصلاة(7/514)
الفجر وبما أنني على فطرة الإسلام وممن يؤمن بأركانه ومما عرفته من حقيقة ديننا الحنيف فقد أقسمت على نفسي طلاقا من زوجتي بالثلاث بأن لا يسمع مني أي إنسان أي كلمة تبين حضوري للصلاة ؛ لأن من واجب المسلم أن لا يكون عمله رياء ولا نفاقا وأن لا يخشى أحدا في عبادة ربه وحررت وثيقة بذلك بتاريخ 29 / 4 / 1388هـ وبهذه الأيام ضيق علي بعض من الآمرين بالمعروف حيث يروني صامتا عندما يسأل حضوري مفكرين أنني ليس مصليا ويحسبون أنني نائم وقت الصلاة ، فأرجو فضيلتكم إفادتي عن ما يجب علي نحو تنفيذ طلاقي لزوجتي والدة أطفالي بتحضير للصلاة أرجو أن يفيدني فضيلتكم أيهما أنفذ علما أنني لا أستطيع الزواج حيث إنني موظف بسيط بالوقت الذي أنا فيه محرج مع من طلب مني الرد عندما يسأل عني بعد صلاة الفجر . هذا ما لدي أرجو أن يكون فيه الكتابة لوقوف فضيلتكم عند حقيقة ما أقوله ولإرشادي إلى ما يجب شاكرا لفضيلتكم الخدمات والحسنات التي تقدمونها لمن أثارته مثل هذه الشوائب والغوامض بارك الله مساعيكم بالخير والعتق من النار . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
حرر في 7 / 8 / 1388هـ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 97)
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم ص . ع . م . وفقه الله لكل خير آمين
ـــــــــــــــــــ
56 - حكم الشرع في الإكثار من الحلف بالطلاق
س: ما حكم الشرع في الإكثار من الحلف بالطلاق ، وهل يجوز رد الطلاق ؟ من برنامج (نور على الدرب) الشريط رقم (17) .
ج : لا ينبغي للمؤمن أن يكثر من ذلك بل يكره له ذلك وينبغي له حفظ لسانه ، سنن أبو داود الطلاق (2178),سنن ابن ماجه الطلاق (2018). ف أبغض الحلال إلى الله هو الطلاق كما جاء بذلك الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم . فينبغي للمؤمن أن يتثبت في الأمور ويحرص على حفظ اللسان عن كل ما
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 100)
لا ينبغي ومن ذلك الطلاق فلا ينبغي أن يطلق إلا عن بصيرة وعن نظر وعن عناية ، فإذا ظهرت المصلحة والفائدة في الطلاق طلق طلقة واحدة فقط لا زيادة ، لأنه قد يندم فيراجع زوجته والحمد لله ، والمقصود أن الإكثار من الحلف بالطلاق خطر ويفضي إلى وقوع الطلاق ، فإنه قد يحلف بالطلاق لا يريد وقوع الطلاق فيقع إن فعل ما حلف على تركه أو ترك ما حلف على فعله ، أما إذا كان إنما أراد التهديد والتخويف كأن يقول إن كلمت فلانة فأنت طالق أو إن ذهبت إلى فلانة فأنت طالق من باب التخويف والتهديد وليس قصده الطلاق فهذا عند المحققين من أهل العلم فيه كفارة اليمين ولا يقع به الطلاق ، هذا هو الصواب الذي اختاره جمع من أهل العلم ، لأنه لم يرد الطلاق وإنما أراد التخويف والتهديد ولكن بكل حال ينبغي له ترك ذلك والحذر منه فالاعتياد على الطلاق لا يجوز ولا ينبغي وإن يكون في لسانه ؛ لأنه قد يوقعه بقصد ، ولأن بعض أهل العلم يراه يقع ولو كان يقصد التخويف(7/515)
والتهديد فينبغي الحذر من ذلك وينبغي تجنب ذلك احتياطا لدينه واحتياطا لما يجب عليه من حفظ الفرج والبعد عن شبهة الحرام وإذا طلق فيطلق عن بصيرة لا بالغضب والعجلة فيتحرى وينظر فإذا رأى المصلحة في الطلاق لأنها سيئة الأخلاق سيئة السيرة ضعيفة الدين إذا رأى المصلحة في ذلك طلقها طلقة واحدة في طهر لم يجامع فيه ليس في حال الحمل هذا السنة الذي هو الطلاق في حالتين : أحدهما في حال الحمل والثانية تكون في طهر لم يجامعها فيه هذا هو محل الطلاق الشرعي أما الطلاق في الحيض أو في النفاس أو
في طهر جامع فيه طلاق بدعي مخالف لقوله تعالى : سورة الطلاق الآية 1 يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ بين النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر أن طلاقها في العدة أن تكون طاهرة من دون جماع أو حامل فينبغي لأهل الإسلام ولكل مسلم أن يتحرى هذه الأمور وأن يحافظ على السنة وأن يحذر طاعة الشيطان في طلاقه على وجه غير شرعي وأن يحذر العجلة في إيقاع الطلاق الثلاث بل يجب أن يراعي ما شرع الله ، وأن يحذر ما حرم الله في طلاقه وفي سائر شؤونه ، فالمؤمن عبد مأمور له شريعة إسلامية يجب أن يلتزم بها في كل شيء ويتحرى ما حرم الله في كل شيء ، وأن يحذر ما حرم الله عليه وليس له التساهل في كل شيء بل يجب الحذر ، وأن تكون أعماله وأقواله مقيدة في الشريعة ، رزق الله الجميع التوفيق والهداية .
ـــــــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 102)
57 - ما حكم الحلف بالطلاق إذا كان القصد منع النفس
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم ي . م . ع . وفقه الله لكل خير آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، بعده صدرت من سماحته برقم 261 وتاريخ 15 / 2 / 1393هـ :
كتابكم المؤرخ 11 / 1 / 1393 هـ وصل وصلكم الله بهداه ، وما تضمنه من الإفادة أنك أردت الإقلاع عن معصية فنويت وتلفظت بطلاق زوجتك أن عدت إليها وذلك بتاريخ 18 / 12 / 1391هـ ولا تدري كم مرة تلفظت بالطلاق ولم يعلم بذلك أحد ولم تقصد فراقها وإنما أردت منع نفسك من المعصية ثم إنك بسبب تزيين الشيطان وما أملاه عليك من التأويل وقعت في المعصية ، ثم إن الله من عليك بالتوبة منها فلم تعد إليها بعد ذلك كان معلوما.
والجواب : لقد سرني ما ذكرته من التوبة وأسأل الله أن يمنحك الثبات عليها والاستقامة على دين الله سبحانه حتى تلقاه وأن يعيذك من شر نفسك وشيطانك إنه سميع قريب وأوصيك بتقوى الله سبحانه والاستقامة على دينه ولزوم التوبة من سائر المعاصي والحذر من وسائلها وذرائعها وسؤال الله العافية والثبات ، فالعبد على خطر ما دام على قيد الحياة إن لم يثبته الله ويوفقه ، وهو سبحانه يحب أن يسأل ويحب من عباده أن يتوبوا إليه وقد وعدهم بالإجابة في قوله سبحانه : سورة(7/516)
غافر الآية 60 ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ثبتنا الله وإياك على الحق ووفقنا جميعا لما فيه رضاه .
أما الطلاق المذكور فهو غير واقع في أصح أقوال العلماء والزوجة باقية في عصمتك إذا كان مقصودك منع نفسك عن المعصية وليس مقصودك فراقها وعليك عن ذلك كفارة يمين وهي إطعام عشرة فقراء لكل واحد منهم نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو غيرهما وإن غديتهم أو عشيتهم أو كسوتهم كفى ذلك ، ونسأل الله لنا ولكم ولسائر المسلمين العافية من نزغات الشيطان ومن شرور النفس وسيئات العمل إنه ولي ذلك والقادر عليه . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ـــــــــــــــــــ
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 107)
61 - حكم من حلف بالطلاق أن يفعل كذا ولم يفعله
س: حلف رجل وهو ناس لحداثة زواجه قائلا : علي الطلاق السنة القادمة أشتري كذا . وإذا لم يشتر هل زوجته طالق؟ وإذا لم يشتر ماذا عليه؟ علما بأنه لم تكن عادته الحلف بالطلاق لدرجة - أنه استغفر الله - نشر في كتاب فتاوى إسلامية من جمع محمد المسند ج ص 474 .
ج : مثل هذا الكلام يختلف حكمه بحسب نية الزوج ، فإن كان قصده حمل نفسه على الشراء وتحريضها عليه ولم يقصد فراق زوجته إن لم يشتر الحاجة التي ذكرها في طلاقه فإن هذا الطلاق يكون في حكم اليمين في أصح أقوال أهل العلم ، وعليه كفارتها ، وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو غيره ومقداره كيلو ونصف تقريبا ، وإن عشى العشرة أو غداهم أو كساهم كسوة تجزئهم في الصلاة أجزأه ذلك . أما إذا كان قصده إيقاع الطلاق بزوجته إن لم يشتر الحاجة فإنه يقع عليها الطلاق ، وينبغي للمؤمن تجنب استعمال الطلاق في مثل هذه التعليقات ، لأن كثيرا من أهل العلم يوقع عليه الطلاق بذلك مطلقا ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : أخرجه البخاري برقم (50) كتاب (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه ، ومسلم برقم (2996) كتاب المساقاة ، باب أخذ الحلال وترك الشبهات . من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه متفق على صحته .
ـــــــــــــــــــ
62 - حكم الحلف بالطلاق والحرام
س: يكثر بين الناس عندنا الحلف بالطلاق والحرام ، فما حكم ذلك؟ .
ج : أما الحلف بالطلاق فهو مكروه ولا ينبغي فعله ؛ لأنه وسيلة إلى فراق الأهل - عند بعض أهل العلم - ولأن الطلاق أبغض الحلال إلى الله ، فينبغي للمسلم حفظ لسانه من ذلك إلا عند الحاجة إلى الطلاق ، والعزم عليه في غير حال الغضب ، والأولى الاكتفاء باليمين بالله سبحانه إذا أحب الإنسان أن يؤكد على أحد من أصحابه أو ضيوفه للنزول عنده للضيافة أو غيرها ، أما في حالة الغضب فينبغي له أن يتعوذ بالله من الشيطان ، وأن يحفظ لسانه وجوارحه عما لا ينبغي ، أما التحريم فلا يجوز سواء كان بصيغة اليمين أو غيرها ؛ لقول الله سبحانه : سورة التحريم(7/517)
الآية 1 يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ الآية . ولأدلة أخرى معروفة ، ولأنه ليس للمسلم أن يحرم ما أحل الله له ، أعاذ الله الجميع من نزغات الشيطان .
ـــــــــــــــــــ
63 - حكم من حلف بالطلاق ثلاثا
س: ما رأيكم في رجل حلف يمين طلاق واحد بالثلاث على أخ مسلم ليعملن كذا ، فلم يعمل ، فهل اليمين تعتبر نافذة في حد ذاتها على امرأته؟ وما حكم الإسلام إذا لم ينفذ تلك اليمين؟ أفيدونا أفادكم الله؟
ج : إذا حلف الإنسان بالطلاق الثلاث على أن فلانا يفعل كذا أو لا يفعل ، أو قال علي الطلاق بالثلاث أن أضع الوليمة لفلان أو لا أكلم فلانا ونحو ذلك ، فهذا فيه تفصيل ، فإن كان القصد التلزيم والتأكيد ، وليس قصده إيقاع الطلاق ، فهذا حكمه حكم اليمين ، فيه كفارة يمين ، وهي إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم أو تحرير رقبة ، فإن عجز صام ثلاثة أيام.
أما إن كان قصده إيقاع الطلاق إن لم ينفذ هذا الشيء ، فإنه يقع على زوجته طلقة واحدة ولو بلفظ الثلاث على الصحيح ، وله مراجعتها ما دامت في العدة ، فإن خرجت من العدة قبل المراجعة لم تحل له إلا بنكاح جديد بشروطه المعتبرة ، لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن التطليق بالثلاث بكلمة واحدة يعتبر طلقة واحدة . أخرجه مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما .
ـــــــــــــــــــ
64 - مسألة في الحلف بالطلاق
س: حكم من حلف بالطلاق للضيف إن شاتك تموت ، والضيف فجر بهذا الحلف وراح ، هل لها فتوى أو ما لها فتوى؟ من فتاوى حج عام 1407هـ .
ج : إن كان ما قصد إلا إكرامه والتأكيد عليه وليس قصده فراق أهله فعليه كفارة يمين ، إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم عن يمينه عن طلاقه هذا .
ـــــــــــــــــــ(7/518)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
أحكام الخطبة
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(8/1)
قبل مخطوبته ولمسها فهل تحرم عليه ؟
سؤال:
يوجد شاب وفتاه أراد أن يتزوجها فقبلت الأسرتان ، ولكن قبل الزواج لمس ثدييها (عذرا على الألفاظ ولكن لإظهار المسألة) ووضع يده علي صدرها وأيضا رأسه وفمه... ويريدان أن يتوبا من هذا الذنب وأيضا الشاب تراوده أفكار غريبة ممكن تكون وساوس شيطان والعياذ بالله من الشيطان الرجيم..وهذه الأفكار الغريبة أن هذه الفتاه طالما لمس ثدييها تكون محرمه عليه وخصوصا في الوقت الحالي ظهر وأثير حديث رضاع الكبير ... وأنا قرأت في هذا الحديث وأسبابه وأيضا قرأت في أحاديث أخرى كثيرة وهي لا رضاع بعد الحولين أو الفطام...ولكن يدخل عليه الشيطان من كل مكان ، فالوقت الحالي يريد أن يتزوج هذه الفتاة ولكن يوسوس له الشيطان بحرمانية هذا الزواج فماذا أفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا يجوز للخاطب أن يمس المخطوبة ، أو يخلو بها أو يقبلها ؛ لأنه أجنبي عنها ، حتى يعقد النكاح ، وإنما أبيح له النظر إليها عند الخطبة ليكون زواجه منها على بصيرة ، وهذا أحرى أن يكون سببا للوفاق ودوام النكاح .
وعلى هذا فما ذكرته من لمس الثديين وغيره ، محرم تجب التوبة منه ، مع الندم والاستغفار والعزم على عدم العود لذلك .
كما يلزم كل واحد منهما البعد عن أسباب الفتنة ، ووسائل الإغراء بالحرام ، وألا يبدآ حياتهما الزوجية بمعصية الله تعالى .
ثانيا :
هذه الأمور المذكورة لا توجب تحريم الفتاة ، حتى لو فرض أنه رضع منها ؛ لأن رضاع الكبير لا يؤثر ، في قول جماهير العلماء ، وراجع السؤال رقم (2864) .
على أن المقصود بالمسألة : مص الثدي وارتضاع اللبن ، وليس مجرد التقبيل أو المص دون نزول اللبن .
والحاصل أنه لا يجب عليهما غير التوبة إلى الله تعالى ، وينبغي لهما تعجيل النكاح إذا أمكن ذلك .
ثالثا :
خير علاج الوسوسة هو المداومة على الذكر ، والمحافظة على الصلاة في أوقاتها مع الجماعة ، والاستقامة على طاعة الله تعالى ، ثم الإعراض عن الوسوسة وعدم الالتفات إليها أو الاستجابة لها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
النظر إلى من يراد خطبتها هل هو قبل الخطبة أم بعدها
تاريخ 11 صفر 1428 / 01-03-2007(8/2)
السؤال
سؤالي هو : متى تتم النظرة الشرعية ( الشوفة ) بعد السؤال عن الخاطب أم قبله ؟ وهل هناك دليل ؟ وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم:48290، أن النظر يكون قبل الخطبة وبعد العزم على النكاح لأنه قبل العزم على النكاح لا حاجة إلى النظر وبعد الخطبة قد يفضي الحال إلى الترك فيشق على المرأة ذلك ويجرح مشاعرها.
والدليل على ذلك ما رواه أحمد وابن ماجه والطبراني وغيرهم عن سهل بن أبي حثمة قال: رأيت محمد بن مسلمة يطارد امرأة ببصره فقلت تنظر إليها وأنت من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا ألقى الله عز وجل في قلب امرئ خطبة لامرأة فلا بأس أن ينظر إليها. وظاهره أن النظر يكون قبل الخطبة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
قول الخاطب لمخطوبته زوجيني نفسك لا يعتبر زواجا
سؤال:
أنا شاب خطبت فتاة وتجاوزت فترة الخطوبة عاما تقريبا حدث بيننا أشياء تشبه الزواج لكن لم يحدث زنا ولكن أنا أعلم أن هذا من درجات الزنا فقلت لها هل تزوجيني نفسك علي سنة الله ورسوله ؟ قالت : نعم ، وأنا أشهد أمام الله والمسلمين جميعا أنها زوجتي وهي أيضا ولكن بدون شهود ، حتى يتم الزواج رسميا حتى يكون ما حدث بيننا أو أي شيء يحدث ليس حراماً ، هل هذا الزواج يجوز أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الخاطب أجنبي عن مخطوبته ، فلا يحل له لمسها أو مصافحتها أو الخلوة بها ، وأدلة تحريم هذه الأمور معلومة لا تخفى ، وانظر السؤال رقم (84089) .
فما حدث بينكما أمر محرم ، تلزم فيه التوبة إلى الله تعالى ، بالإقلاع عنه ، والندم عليه ، والعزم على عدم العودة إليه مستقبلا ، كما يلزمكما البعد عن أسباب الحرام ومقدماته ، من الاتصال أو المراسلة ، حتى يتم عقد النكاح .
وتساهل كثير من الناس في هذه الأمور أثناء الخطبة ، منكر عظيم يجر إلى ما هو أنكر منه وأشنع .
وتأمل كيف يتلاعب الشيطان بالرجل ، حتى يزني بمن يريد الزواج منها ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وتأمل زواجا يبدأ بالحرام ، ويبنى على الحرام ، كيف يكون حاله ومآله !
ثانيا :(8/3)
قولك لمخطوبتك هل تزوجيني نفسك علي سنة الله ورسوله ؟ وجوابها بنعم ، لا يعتبر زواجا ، ولا قيمة له في نظر الشرع ، فلا يبيح ما سبق ولا ما سيأتي ، وإنما هذا من تزيين الشيطان لبعض الناس الذين أعرضوا عن تعلم ما يجب عليهم من أمر دينهم ، ولو كان هذا زواجا لما عجز كل زان وزانية عن فعله !
ولا يكون عقد الزواج صحيحاً إلا إذا كان بحضور ولي المرأة وموافقته ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي ) رواه أبو داود ( 2085 ) والترمذي (1101 ) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ) رواه أحمد ( 24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2709 .
والنكاح قد سماه الله تعالى : ميثاقا غليظا ، فليس ألعوبة يتلاعب بها الرجل مع أصدقائه ، ويأتي بمن شاء منهم ليشهد على زواجه ممن فرطت في عرضها ، وباعت نفسها ، ثم إذا قضى نهمته منها ، تركها لحالها ، فلا تملك عليه سلطانا ، ولا تستطيع أن تطالبه بنفقة ، بل إن جاءت بولد كان أول المتبرئين منه ، وما يدريه فلعلها نكحت زوجا آخر بنفس الطريقة الوضيعة ؟
فهذا وغيره يدلك على مدى قبح هذا التحايل في ارتكاب الزنا ، وتسميته زواجا ، ومن المؤسف أن ينتشر هذا في أوساط بعض المسلمين ، نسأل الله العافية .
ثم أخيراً .... نريد منك أيها السائل أن تسأل نفسك هذا السؤال : لو كانت هذه الفتاة أختك أو ابنتك ، هل كنت ترضى أن يفعل معها خطيبها ذلك ؟!
إن ما لا ترضاه لأختك وابنتك لا يرضاه الناس أيضاً لأخواتهم ولا بناتهم .
فاتق الله ، وأقلع عن هذا الحرام ، وحافظ على عرض من تريد أن تكون زوجتك في المستقبل.
وعليك أن تعجل في أمر الزواج ، حتى تسلم من الوقوع في الحرام .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
حكم خطبة فتاة قبل ركونها إلى من خطبها
تاريخ 07 صفر 1428 / 25-02-2007
السؤال
كنت أحب فتاة وهي الأخرى وكان أحد أقاربها يعرف وهو أعز أصدقائي فتقدم لها وهويعرف ولكن هذا الصديق قبل ان يتقدم لها قال لها أشياء عني لم أفعلها ولكن صدقته وهي كانت رافضة فأريد أن أعرف فتواكم؟ وجزاكم الله خير الجزاء
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/4)
فقد تضمن سؤالك أمرين: أحدهما: حكم خطبة صديقك للفتاة التي كنت تود خطبتها، والثاني: هو تقوله عليك ووصفه لك بما لم تفعل.
والجواب أنه لا حرج على المرء أن يخطب المرأة إذا لم تكن خطبت، وركنت هي أو وليها إذا كانت صغيرة إلى خطيبها وحصل التقارب بينهما، وأما مجرد الإرادة والنية فلا عبرة به، بل وحتى بعد إبداء ذلك لكن قبل حصول الركون من الفتاة أو وليها فلا حرج على أي خاطب أن يتقدم لها ثم هي تختار من تشاء.
وإما كذبه عليها وتقوله عليك فهو حرام حتى وإن كان فيك ما ذكر لأنه من الغيبة حينئذ، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الغيبة؟ فقال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته. رواه مسلم. وبهته أي كذبت عليه وتقولت عليه ما ليس فيه، وكل ذلك ممنوع شرعا لما يؤدي إليه من البغضاء والشحناء، وانظر الفتوى رقم: 6710.
فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ويستسمحك، وليس من حسن الصحبة أيضا كونه يعلم برغبتك في تلك الفتاة وعزمك على خطبتها ثم يسبقك إليها. أما وقد حصل ما حصل فعليك أن تصرف نظرك عنها وتبحث عن غيرها من ذوات الدين والخلق، ولعل الله أراد بك خيرا. وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية : 33670، 47952، 65032، 5707، 9360، 1151.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ما حكم منع الأب ابنته من الزواج بمن تريده
سؤال:
بعض الأولياء يمنع بناته من النكاح لمن هو كفءٌ لهن ، فما الحكم ؟ وما موقف البنات ؟
الجواب:
الحمد لله
عرض هذا السؤال على الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله فقال :
هذه المسألة مسألة عظيمة ومشكلة كبيرة فإن بعض الرجال والعياذ بالله يخونون الله ويخونون أمانتهم ويجنون على بناتهم ، والواجب على الولي أن يتَّبِع ما يُرضي الله ورسوله وقد قال الله تعالى : ( وأنكحوا الأيامى منكم ) أي زوِّجوا الأيامى منكم ( والصالحين من عبادكم وإمائكم ) أي زوجوا الصالحين من العبيد والإماء الرقيقات .
وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " .
وبعض الناس والعياذ بالله يجعل ابنته سلعة يبيعها على من يهوى ويمنعها عمن لا يهوى ، فيزوجها من لا يُرضى خلقه ودينه لأنه يرى ذلك ويمنعها من يُرضى دينه وخلفه لأنه لا يرى ذلك !(8/5)
ولكن ليت أنا نصل إلى درجة تجرؤ فيها المرأة على أنه إذا منعها أبوها من الكفء خلقاً وديناً تذهب إلى القاضي ويقول لأبيها زَوِّجْها أو أُزوجها أنا أو يُزوجها وليٌ غيرك ؛ لأن هذا حقٌ للبنت إذا منعها أبوها (أن تشكوه للقاضي ) وهذا حقٌ شرعي . فليتنا نصل إلى هذه الدرجة ، لكن أكثر الفتيات يمنعها الحياء من ذلك .
وتبقى النصيحة للوالد أن يتقي الله عز وجل وأن لا يمنعها من الزواج فَتَفْسُدْ وتُفْسِد ، وليزن ذلك بنفسه : لو منع من النكاح ماذا ستكون نفسه ؟
وبنته التي منعها من النكاح ستكون خصماً له يوم القيامة . ( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذٍ شان يُغنيه )
فعلى الأولياء من آباء أو إخوان أن يتقوا الله عز وجل ، وألا يمنعوا النساء مما هو حقٌ لهن : من تزويجهن من يُرضى دينه وخلقه .
نعم لو أن المرأة اختارت من لا يُرضى دينه وخلقه فله أن يمنعها . لكن تختار رجلاً صالحاً في دينه قيماً في أخلاقه ثم يمنعها لهوىً في نفسه : هذا والله حرام ، وإثم وخيانة ، وأي شيء يترتب على منعه من الفساد فإن إثمه عليه .
اللقاء الشهري للشيخ محمد بن صالح العثيمين .
ــــــــــــــ
لا بأس بمحاولة خطبة الفتاة مرة ثانية
تاريخ 27 محرم 1428 / 15-02-2007
السؤال
لي الشرف العظيم أن أتقدم لكم برسالتي المتواضعة الموضوع يخص الزواج في يوم من الأيام عرضت لي صورة فتاة في سن الزواج فكنت أرى أخت الفتاة الأقل منها سنا في الحي بعد مدة من الزمن أرسلت والدتي إلى أهل الفتاة قالوا إنها مخطوبة فسارت الأيام وبعدها تزوجت الفتاة بعد مدة من الزمن دخلت مدرسة التربص لإجراء التربص بعد أربعة حصص دخلت الفتاة للمدرسة تساءلت مع نفسي فوجدت أنني أقصد الفتاة الصغيرة وأهلها يقصدون الكبيرة، وعندما أردت أن أوضح الأمور، قالوا لي يستحيل ذلك أريد أن أستفسر هذا الموضوع شرعاً أني أنتظر الرد في أسرع وقت، أسأل الله أن يثبت أجركم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت من تريد أن تتزوجها لم تُخْطب ولم تتزوج فلا حرج عليك أن تتقدم لخطبتها رسمياً، فإن رفضوا فإن النساء غيرها كثير، ولا يلزمهم القبول برجل معين، وإن كنت تسأل عن زواج الصغرى قبل الكبرى، فانظر فيه الفتوى رقم: 69017.
وإن كنت تقصد أنهم لم يصدقوك عندما قلت لهم بأنك تريد خطبة الصغيرة عندما تقدمت في المرة الأولى، وقالوا بأن هذا مستحيل، فالجواب أن ذلك يمكن أن يقع، وليس ببعيد، وعموماً فإذا كانت المرأة تستحق أن يُحرص عليها لكونها صاحبة دين وخلق، فلا بأس أن تعيد المحاولة مرة ثانية، وتوضح لهم رغبتك في الزواج بها، ونسأل الله أن ييسر لك الخير حيث كان.(8/6)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لعل فسخ الخطبة فيه خير كثير
تاريخ 18 محرم 1428 / 06-02-2007
السؤال
أنا إنسانة محجبة ومتواضعة أملي في الحياة طاعة الله ورسوله، ومشكلتي تتلخص في كلمتين تقدم لخطبتي شخص صالح على قدر من الخلق والاحترام وملم بقواعد دينية تقابلنا لنناقش موضوع الزواج في هذا اللقاء أعطينا لكل واحد فرصة التعريف بنفسه ولا أخفي عنكم أنني من جهتي ارتحت له كشخص أبحث عنه بكل المميزات التي رغبتها وتمنيتها في شريك حياتي رغم أني أخذت انطباعا خلال تلك الزيارة أنه متردد وكما قال هو أنه يشعر بالخوف فقلت له أنا كذلك خجلة ومتخوفة فقط ولكن أحسست أنه متردد ومتخوف والله أعلم اختصار أعطينا لكل واحد منا فرصة التفكير مع الاستعانة بصلاة الاستخارة طبعا، رغم أني أُعجبت بشخصيته وأُعجبت بأخلاقه وأدبه واتزانه وحرصه على الدين فارتحت له، وبعد تلك المحادثة أخذنا وقتا لمدة أربعة أيام لصلاة الاستخارة وبعدها اتصل بي الشخص معتذراً لأنه بعد استخارته أحس بعدم الطمأنينة فلم أشعر ساعتها سوى بالإحباط واليأس وعدم الثقة بالنفس، لكن هو أكد لي أن عدم اطمئنانه ليس لأنه رأى عيبا في أو لسوء أخلاقي أو شيئا من هذا القبيل بل شكر في أخلاقي الممتازة واتزاني وحشمتي، ولكن لأنه هو ليس مرتاحا لبداية هذا المشوار أو ليس مستعدا والله أعلم ولا أخفي عليكم مدى تعاستي وخيبة أملي في تلقي ذلك الخبر لأني لم أنتظر ذلك لأني قلت لقد بعث لي ربي إنسانا كنت أبحث عنه بتلك المميزات المعنوية وليس المادية فخيب رجائي وصدمت بذلك فتأزمت لأني لم أفهم هل في عيب لم يرد الله أن يجعله من نصيبي أم أن هناك شيئا فأعينوني على حل مشكلتي فأنا مخنوقة ومتأزمة كرهت نفسي ولم أعد أعرف ما هو الحل، هل العيب فيه أم أن الله لم يقدر لي الزواج به لسبب فيه أم في والله أعلم أفيدوني بالجواب لكي أرتاح نفسيا فأنا حائرة؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فندعوك -أيتها الأخت الكريمة- إلى أن تهوني على نفسك هذا الأمر، وتعلمي أن المؤمن لا يصيبه إلا ما هو خير له، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. رواه مسلم.
ثم اعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولعل ما حصل فيه لك خير كثير، قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ {البقرة:216}، وقال تعالى: فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}، واعلمي أن فسخ الخطبة قبل الزواج(8/7)
أهون بكثير من فسخها بعد أيام من الزواج، فعليك أن ترضي بقضاء الله تعالى وقدره، ففي الحديث: فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط.
وأن تلجئي إلى الله تعالى بأن يذهب ما بك، وأن يسهل أمرك، ويختار لك الذي فيه الخير، وعليك بشغل وقتك بالنافع المفيد، والابتعاد عن الخواطر والأفكار التي تفسد عليك دنياك ولا تصلح معها آخرتك، ونسأل الله أن ييسر أمرك، ويرزقك زوجاً خيراً من هذا الذي فسخ خطبتك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
المصاب بدوالي الخصية هل يخبر خطيبته بذلك
تاريخ 17 محرم 1428 / 05-02-2007
السؤال
أنا مصاب بمرض دوالي الخصية وقد يؤثر هذا المرض على الإنجاب، فهل من الواجب أن أقول ذلك لخطيبتي أو لأهلها أفيدوني؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 24899 كلام أهل العلم في المسألة، وخلاصة ما فيها أنه إذا لم يمنع المرض القدرة على الإيلاج فلا يلزمك إجراء عملية للتأكد من الإنجاب وعدمه، لأن عدم الإنجاب ليس عيباً يفسخ به النكاح، ولا يلزم إخبار المرأة به، كما نص على ذلك الفقهاء في نكاح العقيم. وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 62104.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
موقف الخاطب من زوجة والد خطيبته
تاريخ 16 محرم 1428 / 04-02-2007
السؤال
لدي سؤال أرغب في مساعدتكم شاكراً لكم ومقدراً، مع العلم بأنني أرغب مع الإجابة الدليل والمصدر، السؤال، رجل تزوج من امرأة وولدت له أربع بنات ثم طلقها وتزوج بأخرى وولدت له ابنتين وولدا، جاء خاطب يريد الزواج من الابنة الكبرى التي هي من الزوجة الأولى المطلقة، سؤال: ما هو الحل الشرعي لتكون الزوجة الثانية محرما للخاطب، أي أن تظهر له دون حرج، وهل يجوز للخاطب أن يتزوج من إحدى بنات الزوجة الثانية بنية الطلاق لتكون الزوجة الثانية محرماً له ومن ثم يتزوج البنت الكبرى التي هي من الزوجة الأولى، وهل يجوز أن يرضع من الزوجة الثانية لتكون محرما له بمعنى أن يشرب الحليب؟ جزاكم الله كل الخير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/8)
فلا نرى في واحد من الخيارين المذكورين حلاً لمسألتك؛ وذلك لأن الخيار الأول وهو رضاع الخاطب من المرأة المذكورة لا أثر له في تحريمها، فجمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة على أن رضاع الكبير لا يحرم، وقالوا بأن رضاع سالم مولى أبي حذيفة من امرأة أبي حذيفة رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة، ثم إننا لو اعتبرناه وآخذنا بقول من يحرم عنده فإنه سيؤدي إلى تحريم المخطوبة المنشودة وذلك لأنه سيصير أخاً لها من الرضاع، لاشتراكهما من الرضاع من لبن رجل واحد وهو ما يسمى بلبن الفحل، إذ إن لبن الزوجتين -أم المخطوبة والأخرى- من الزوج، فهو لبن واحد، فيكونان قد اشتركا في الرضاع من لبن واحد فتصير أخته من الرضاع.
أما الخيار الآخر وهو زواجه من بنت المرأة المذكورة لغرض تحريم الأم، لا يخلو من واحد من أمرين، الأول: أن يكون عقداً على الأوراق فحسب بمعنى أنه يتفق هو وولي أمر المرأة على مجرد عقد لا يترتب عليه آثار العقد وهو ممنوع، كما في الفتوى رقم: 41181، والفتوى رقم: 52118.
الأمر الثاني: أن لا يكون هناك اتفاق ولكن السائل كما هو واضح سوف يتزوج بهذه المرأة بنية طلاقها، وقد اختلف أهل العلم في حكم الزواج مع نية الطلاق فالجمهور منهم على جوازه وذهب بعضهم إلى تحريمه بإعطائه حكم زواج المتعة المحرم باتفاق أهل العلم. وعلى كل فهو لا يخلو من خداع وغش وهما محرمان، وعليه فإنا ننصح السائل بتجنب هذا الحل، وبإتخاذه الحيطة في تعامله مع زوجة والد خطيبته، فهذا أسهل من الإقدام على أمر قال بحرمته أحد المذاهب الأربعة المتبعة. وتراجع الفتوى رقم: 3458.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
يتقدم إليها الخطاب وتتردد في القبول
سؤال:
رغم أنني أريد الزواج والأطفال ككل النساء , إلا أني مترددة جدا في الإقدام على ذلك ، مع أنني أتلقى عروضا ، لكنني أخشى ألا يكون الشخص الذي أوافق عليه ذا الخلق ، ثم إنني ـ أيضا ـ لا أدري ما الذي سيحدث لي بعد ذلك !!
أرجو أن تشيروا علي ، وتنصحوني في مشكلتي .
الجواب:
الحمد لله
المشروع في حق الشباب - ذكورا وإناثا – هو التعجيل بالزواج ، امتثالا لوصية النبي صلى الله عليه وسلم : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) رواه البخاري (5065) ومسلم (1400) ، ولما في ذلك من الصيانة والعفة والاستقرار .
فنصيحتنا لك أيتها الأخت الكريمة أن تقبلي من جاءك من أهل الدين والخلق ، بعد الاستخارة والاستشارة ، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا خطب إليكم(8/9)
من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ) رواه الترمذي ( 1084 ) من حديث أبي هريرة ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وأهل الدين والخلق لا يخفى حالهم فلهم سيماهم وعلاماتهم ، من التمسك بالسنة ، والمحافظة على الصلوات في الجماعة ، ومصاحبة الصالحين ، والبعد عن الفتن ومظاهر الفساد .
وإياك والتردد وكثرة الرفض ، فإن من يذهب اليوم قد لا يأتي مثله في الغد ؛ قال الشاعر :
على فُرصٍ كانت ، لو آني انتهزتها لقد ِنلتُ فيها من شريف المطالبِ
فإذا تقدم إليك خاطب فصلي صلاة الاستخارة أولا ، وتجدين صفة صلاة الاستخارة في جواب السؤال رقم (2217)
فإن كان لك خير فيه فإن الله تعالى سييسره ، وإلا صرفه الله عنك بلطفه وعلمه ، سبحانه .
ثم يتحرى أهلك عن الخاطب بالسؤال عنه من يعرفه من جيرانه وزملائه في العمل وإمام مسجده ، فإن كان مستقيما محافظا على الصلوات ، حسن العشرة ، فاقبلي خطبته ، واعزمي الأمر ولا تترددي ، فإن كان لك خير فيه فإن الله تعالى سيسره ، وإلا صرفه الله عنك .
كما أن السؤال عن أسرة الخاطب أمر مهم ، فقد لا تكون أمه مرضيّة الخلق ، أو في الأسرة من الانحراف ما لا يرجى معه العيش الهنيء لك .
فإن وفق الله تعالى لك من يظهر منه حسن الخلق ، والحرص على دينه ، والجد في أمر الزواج ، مع الأهلية له ؛ فاقبلي خطبته ، واعزمي الأمر ولا تترددي ؛ قال الشاعر :
وقال طَرَفَة بن العَبْد
إذا كنتَ ذا رأيْ فكُنْ ذا عَزِيمَةٍ فإنَّ فَسادَ الرَّأْيِ أنْ تَتَردَّدا
نسأل الله لك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
... ما يفعل الخاطب إذا رفضه أبو خطيبته
تاريخ 16 محرم 1428 / 04-02-2007
السؤال
تقدمت لخطبة بنت وبعد الموافقة وقبل العقد انفسخت خطوبتي بسبب بنت تعرفها في الدراسة وكانت البنت تريد خطيبتي لأخيها وتسببت بمشاكل بيني وبين أهلها وليس لخطيبتي دخل في الموضوع، ولكن خطيبتي متمسكة بي وتريدني وأنا كذلك
، ولكن لا أستطيع الزواج منها لأن أهلها لا يريدونني بسبب المشكلة ويعلم الله في موضوعي هذا لا أريد الحرام في البنت وأنا احبها وأريدها زوجه لي، فأرجو إفادتي، وكيف أتزوج هذه البنت بعد ما قرأت القصة؟ وجزاكم الله خيراً.(8/10)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 20028 حكم فسخ ولي المرأة لخطبتها وامتناعه من تزويجها، ونضيف هنا أنه إذا رفعت الفتاة أمرها إلى القاضي وأمر بزواجها أو أراد أن يزوجها هو فلا حرج على السائل من الزواج بها حينئذ.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تقدمت لخطبة فتاة متدينة وليست جميلة ، فهل أتزوجها ؟
سؤال:
تقدمت لخطبة فتاة متدينة جدا وليست جميلة ، وأرغب بزوجة أجمل ، فما الصواب ؟.
الجواب:
الحمد لله
من المقاصد العظيمة التي شرع الزواج لأجلها ، تحقيق العفة ، وإحصان النفس ، وقصر الطرف عن الحرام ، ولتحقيق ذلك جاءت الشريعة بالحث على النظر إلى المخطوبة قبل الزواج بها ، ليكون أدعى لتحقيق المودة والألفة والمحبة بينهما ، فتنشأ أسرة سعيدة ، أساسها المحبة والمودة والاحترام ، فلا تطمع نفس أحد الزوجين إلى غير ما أحل الله له ، ولهذا كان الجمال واحدا من الصفات التي يستحب الحرص عليها والالتفات إليها .
جاء في "شرح منتهى الإرادات" من كتب الحنابلة (2/621) :
" ويسن أيضا تَخَيُّرُ الجميلة ، لأنه أسكن لنفسه ، وأغض لبصره ، وأكمل لمودته ؛ ولذلك شرع النظر قبل النكاح .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَيُّ النِّسَاءِ خَيرٌ ؟ قال : التِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ إِليهَا ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَر ، وَلا تُخَالِفُهُ فِي نَفسِهَا وَلا فِي مَالِهِ بِمَا يَكرَهُ ) رواه أحمد (2/251) وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1838) " انتهى .
وقد استحب بعض أهل العلم إذا أراد الرجل خطبة الفتاة أن يبدأ بالسؤال عن جمالها أولا ، ثم يسأل عن الدين ، وذلك لما عُلِمَ من رغبة الناس بالجمال في المقام الأول .
يقول الإمام البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (2/621) :
" ولا يسأل عن دينها حتى يُحمد له جمالها ، قال أحمد : إذا خطب رجل امرأة سأل عن جمالها أولا ، فإن حُمد سأل عن دينها ، فإن حمد تزوج ، وإن لم يحمد يكون ردها لأجل الدين ، ولا يسأل أولا عن الدين ، فإن حُمد سأل عن الجمال ، فان لم يحمد ردَّها للجمال لا للدين " انتهى .
وإنما المذموم أن يسعى المرء في طلب الجمال ، وينسى الخلق والدين - وهما أساس السعادة والصلاح - ، ولما كان هذا حال أكثر الناس ، جاء الحديث الشريف(8/11)
يحثهم على الظفر بذات الدين والخلق ، ليوقف اندفاع الناس إلى المظهر ، وغفلتهم عن الحقيقة والمخبر .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظفَر بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَت يَدَاكَ )
رواه البخاري (4802) ومسلم (1466)
قال النووي في "شرح مسلم" (10/52) :
" الصحيح في معنى هذا الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بما يفعله الناس في العادة ، فإنهم يقصدون هذه الخصال الأربع ، وآخرها عندهم ذات الدين ، فاظفر أنت أيها المسترشد بذات الدين " انتهى .
وليس القول باستحباب قصد الجمال في المخطوبة يعني اشتراط الجمال الفائق ، فيضع الشاب في مخيلته صورة فتاة من أجمل نساء الدنيا ، ويقطع العمر بحثا عن تلك الصورة التي يريد ، والغالب أنه لا يجدها ، وإن وجدها فقد تكون ضعيفة الدين والخلق .
بل المراد من الجمال هو الجمال الذي يعف المرء به نفسه عن الحرام ، ويقصر به نظره عن غيرها من النساء ، ومقياسه يختلف في كل شخص بحسبه ، والفصل فيه يرجع إلى رأي المتقدم للخطبة .
فالنصيحة لك - أخي السائل – أن لا تقدم على خطبة فتاة ، إلا إذا كنت تعلم أنها على المستوى الذي يكفيك من الجمال والقبول ، حتى لا تكون المسالة مجرد حماس في أول الأمر ، ثم تفتر نفسك ، أو تبدأ في التطلع إلى وضع جديد ، وهنا يبدأ مشوار عسير من المشكلات في الحياة الزوجية .
ومع كل ذلك ، فليكن مقياس الدين حاكما على كل ما سواه .
وبهذه النظرة المتوازنة ، والتفكير المتزن ، تقوم الحياة الزوجية السعيدة ، إن شاء الله تعالى .
أسأل الله أن يوفقك ويكتب لك الخير .
وانظر جواب السؤال رقم (8391) و (21510)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
يحرم على الخاطب أن يخلو بمخطوبته أو يقبلها
سؤال:
أرجو توضيح ما يلي : هل القبلة من الخد بين المخطوبين توجب الطهارة الكبرى ؟ وكيف الحال إذا كانت من الفم ؟
وهل هذه الأخيرة تنقض الوضوء عند المتزوجين ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :(8/12)
الرجل مع مخطوبته ليسا زوجين ، بل هي أجنبية عنه حتى يتم العقد ، وعلى هذا فلا يحل له أن يخلو بها أو يسافر بها ، أو يلمسها أو يقبلها ، ولا ينبغي لأحد أن يتساهل في هذا الأمر ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ) رواه الطبراني من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5045) .
وعن حكم مس المخطوبة والخلوة بها قال الزيلعي رحمه الله : " ولا يجوز له أن يمس وجهها ولا كفيها - وإن أَمِن الشهوة - لوجود الحرمة ، وانعدام الضرورة " انتهى من "رد المحتار على الدر المختار " (5/237) .
وقال ابن قدامة : " ولا يجوز له الخلوة بها لأنها مُحرّمة ، ولم يَرد الشرع بغير النظر فبقيت على التحريم ، ولأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة المحظور ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يخلون رجل بامراة فإن ثالثهما الشيطان ) ولا ينظر إليها نظر تلذذ وشهوة ، ولا ريبة " انتهى .
وقد حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من الخلوة بالمرأة الأجنبية ، فقال : ( ما خلا رجل بامرأة إلا وكان ثالثهما الشيطان ) أخرجه أحمد والترمذي والحاكم ، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2546) .
ثانيا :
وأما وجوب الطهارة الكبرى ( الاغتسال ) بمجرد القبلة فلا تجب ، وإنما تجب الطهارة الكبرى إذا حصل إذا حصل إنزال المني أو جماع ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (7529) .
ثالثا :
أما نقض الوضوء بمس المرأة ، فقد سبق في جواب السؤال (2178) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل يخبر خطيبته بأنه قد ابتلي بتسوس العظام في فخذه
تاريخ 13 محرم 1428 / 01-02-2007
السؤال
أصبت بمرض تسوس العظام في مفصلي الفخذي, واقترح الأطباء تغيير المفصل, وبفضل الله تعالى ومنته فإني أتعالج حاليا بالطب الصيني التقليدي, وهناك نتائج إيجابية ولله الحمد، أخبرني الأطباء بأني يمكن أن أمشي بدون عكازات بعد انتهاء العلاج إن شاء الله, لكن الشفاء ليس 100 %، عند تقدمي لخطبة فتاة, هل أنا ملزم بإخبارها بما جرى لي, علما بأن حصول انتكاسات مستقبلية هو أمر احتمالي.... قد وقد، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/13)
فلا يلزمك شرعاً إخبار زوجتك بهذا المرض، حيث لم يكن معدياً ولا منفراً، فقد ذكر العلماء أن العيوب التي يجب بيانها هي العيوب المنفرة أو المعدية التي يثبت بها خيار فسخ النكاح، وهي مفصلة في الفتوى رقم: 6559.
ولكن إخبارها أفضل حتى تكون على بينة، ولأن ذلك أقرب إلى حصول الوئام وأقطع للنزاع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يجب على الخطيب إخبار من يريد الخطبة من عندهم بزواجه السابق
تاريخ 27 ذو الحجة 1427 / 17-01-2007
السؤال
أنا مهندس سني ثلاثون عاما
يشهد لي جميع من حولي بحسن الخلق والقرب من الله عز وجل .. سبق لي أن تزوجت من فتاة في بلدي ودام زواجنا لمدة شهرين فقط ونجم عن هذا الزواج طفل عمره الآن سنة ونصف وحدث الطلاق بعد ذلك ويشهد الله علي أني لم أكن سببا لحدوث كل هذا بل معي من المستندات ما يدين أهل طليقتي وطليقتي شخصيا كأشخاص أسوياء بالمجتمع وخلال سنة ونصف بعدها دامت عائلة طليقتي بالتنكيل بي بكل الطرق الممكنة للقضاء علي وعلي مستقبلي ومحاولة تلفيق التهم الباطلة لي لتضييع مستقبلي ولكن شاءت قدرة الله عز وجل أن تخلصني من بين أيديهم وبعد ذلك سافرت لأعمل بإحدي الدول العربية وأبدأ حياتي بعيدا عن كل هذا وأرتبط من فتاة ترعي الله في زوجها وحدث الآن أني أحببت فتاة أخرى ولكنها من بلدي وتعيش ببلدي الآن وأنا الآن أحبها حبا لا يوصف وأتمنى من الله عز وجل أن يأتي اليوم الذي يجمعنا فيه بيت واحد قوامه طاعة الله ولكني للآن لم أخبرها عن أي شيء مما مضى فلا تعرف حتى الآن أني سبق لي الزواج .. وأنا أنوي بعد الزواج أن آخذها معي لهذا البلد الذي أعمل به الآن أي بعيدا عن كل هذا الماضي الأليم وأنا في قرارة نفسي أن هذا الموضوع السابق طردته تماما من حياتي وطفلي فقد استعوضت الله فيه حيث إن قانون بلدي جعل فترة الحضانة للأم لمدة خمسة عشر عاما يليها تخييره ما بين البقاء معها أو استكمال حياته مع أبيه وبالطبع بعد هذا العمر مع والدته وخاصة إذا كانت ممن تخصص في تشويه صورة هذا الأب فلن يكون قراره الذهاب لأبيه أي أن خلاصة الأمر أن هذا الموضوع لم يعد بالنسبة لي أكثر من سوى نفقة الطفل الصغير ..
والسؤال الآن ما هو حكم الدين في إخفائي عن هذه الفتاة وأهلها حقيقة زواجي السابق علما بأني لن أدع احتمال حتى واحد بالمائة أن يرفضني أهلها لهذا السبب لأني تعلقت بتلك الفتاة بشكل لا يوصف .. حيث إن بعض العائلات قد ترفض مبدأ تزويج بناتهن ممن سبق له الزواج بالرغم من تأكدهم من حسن خلق ودين هذا الشخص درءا لأي متاعب قد يتصورون حدوثها . ومسألة معرفتهم بالحقيقة بعد(8/14)
ذلك فحينئذ بعد معرفتهم لي جيدا سيكونون على يقين فعلي بخلقي وديني وعدم تأثير هذا الماضي على حياة ابنتهم.
وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب عليك أن تخبر خطيبتك أو ولي أمرها حال خطبتك إياها بزواجك السابق.
ولكن إذا علمت أن كتم الأمر عنهم ربما يترتب عليه بعض الخلاف وسوء العلاقة بينكما، فالأولى ذكره لأنه أدعى للألفة واستمرار العشرة . وننصحك أن تستخير الله عز وجل قبل أن تتقدم لخطبتها لأن المرء لا يدري خيره من شره، فربما رغب فيما هو شر له، وربما كره ما هو خير له، كما قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}
وللفائدة انظر الفتويين رقم:16259، 21253.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل الأفضل الزواج من البعيدة أو القريبة ؟
سؤال:
هل يفضل أن يتزوج المسلم من فتاة لا تربطه بها صلة قرابة بدلا من إحدى قريباته ؟.
الجواب:
الحمد لله
استحب جماعة من الفقهاء أن ينكح الرجل امرأة أجنبية عنه ، أي ليس بينه وبينها نسب ، وعللوا ذلك بأمور :
الأول : نجابة الولد ، أي حسن صفاته ، وقوة بدنه ، لأنه يأخذ من صفات أعمامه وأخواله .
الثاني : أنه لا يؤمن أن يقع بينهما فراق ، فيؤدي إلى قطيعة الرحم .
قال في "الإنصاف" (8/16) : " ويستحب تخيّر ذات الدين الولود البكر الحسيبة الأجنبية " انتهى .
وقال في "مطالب أولي النهى" (5/9) : " ( الأجنبية ) لأن ولدها يكون أنجب ، ولأنه لا يأمن الفراق ، فيفضي مع القرابة إلى قطيعة الرحم المأمور بصلتها . وقد قيل : إن الغرائب أنجب ، وبنات العم أصبر" انتهى .
وقال النووي في "المنهاج" : " ويستحب ديّنة بكر نسيبة ليست قرابة قريبة " . وقال الجلال المحلي في شرحه : " ( ليست قرابة قريبة ) بأن تكون أجنبية أو قرابة بعيدة . . . والبعيدة أولى من الأجنبية " انتهى من "شرح المحلي مع حاشية قليوبي وعميرة" (3/208) .(8/15)
وأنت ترى أن المسألة ليس فيها نص ، ولكنه اجتهاد من الفقهاء بنوه على هذه المصالح ، وهذا يختلف من شخص إلى آخر ، ومن قرابة إلى قرابة ، فقد يرى الرجل أن نكاحه لقريبته فيه حفظ لها , وإكرام لأهلها ، أو تكون صاحبة وخلق .
والأصل هو جواز النكاح ، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش وهي ابنة عمته ، وزوّج زينب ابنته من أبي العاص وهو ابن خالتها ، وزوج عليا من فاطمة وهو ابن عم أبيها .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بعد أن ذكر تعليل الفقهاء بنجابة الولد وخوف قطيعة الرحم : " وما قالوه صحيح ، لكن إذا وجد في الأقارب من هو أفضل منها للاعتبارات الأخرى [ أي : الدين والحسب والجمال ] فإنه يكون أفضل . وعند التساوي تكون الأجنبية أولى .
ومن ذلك : إذا كانت بنت العم امرأة ذات دين وخلق ، وأحواله وإمكاناته ضعيفة تحتاج إلى رفق ومساعدة ، فإنه لا شك أن في هذا مصلحة كبيرة ، فالإنسان يراعي المصالح في هذا الأمر ، فليس في المسألة نص شرعي يجب الأخذ به ، ولذلك يتبع الإنسان ما يراه أكثر تحقيقا للمصالح " انتهى من "الشرح الممتع" (5/123) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة عن الزواج من الأقارب وهل ذلك سبب لحصول الإعاقة للأولاد ؟
فأجابوا : " ليس هناك أحاديث صحيحة تمنع من الزواج بين الأقارب , وحصول الإعاقة إنما يكون بقضاء الله وقدره , وليس من أسبابه الزواج بالقريبات كما يشاع " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (18/13) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل تأثم إن كتمت عن خاطبها إصابتها بمرض السكر
تاريخ 19 ذو الحجة 1427 / 09-01-2007
السؤال
أنا فتاة تزوجت من رجل جاء لخطبتي وكنت أعاني من مرض السكر ولم أعلمه بذلك ولازال لا يعلم عن هذا المرض حتى الآن. مع العلم هو أيضا جاءه نفس المرض بعد الزواج ونحن الآن نعيش في سعادة .
السؤال هو: هل مافعلته حرام وهل علي ذنب في ذلك، وهل أخبره بذلك ؟ أم ماذا أفعل ؟
افيدوني جزاكم الله عني ألف خير .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله تعالى أن يعافيكما ويصرف عنكما كل مكروه، ثم اعلمي أيتها الأخت أنه لا إثم عليك إن شاء الله تعالى في عدم إخبارك لزوجك بمرضك لأنه ليس من العيوب التي يجب ذكرها، والتي قد بيناها في الفتوى رقم: 19935.(8/16)
وإذا كان الشرع قد أباح لك كتم هذا الأمر فليس في كتمه خداع ولا غش، وليس عليك أن تخبريه الآن، لكن إن سألك متى أصابك هذا المرض فلك إخباره بزمنه، إلا إذا كان إخباره بذلك ربما يؤثر على رباط الحياة الزوجية ويؤدي إلى توترها أو انفصامها فلا نرى إخباره بذلك للمصلحة، وكذب المرأة على زوجها للمصلحة مما رخص فيه الشارع، فقد روى أبو داود عن أم كلثوم بنت عقبة، قالت: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا أعده كاذبا الرجل يصلح بين الناس ولا يريد به إلا الإصلاح، والرجل يقول في الحرب، والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها. متفق عليه وانظر الفتوى رقم: 22227.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تأخر الزواج وعلاقته بالقضاء والقدَر
سؤال:
هل تعطيل الزواج للفتاة له علاقة بالقضاء والقدر ؟ أنا فتاة أخاف الله تعالى وأصلي وتعطل زواجي كان خُطّابي قليلين جدّاً وكلهم عيوب أكثرهم في الدين ، أسأل : هل تعطيل الزواج له ارتباط بقضاء الله وقدره أم أني ارتكبت ذنباً والله تعالى غاضب مني ؟ مع أني أخاف الله بشدة وأعطاني تعالى نصيباً من الجمال ، أريد راحة لبالي بسؤالكم ، ولكم جزيل الشكر والثواب .
الجواب:
الحمد لله
دلَّ القرآن والسنَّة الصحيحة وإجماع سلف الأمة على وجوب الإيمان بالقدر , خيره وشره , وأنه من أصول الإيمان الستة التي لا يتم إيمان العبد إلا بها ، قال تعالى : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) الحديد/22 ، وقال تعالى : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) القمر/49 .
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في تعريف الإيمان : ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) رواه مسلم ( 8 ) .
وكل ما يحصل في الكون إنما هو بقدر الله تعالى ، ويجب على من يؤمن بالقدر أن يؤمن أن الله تعالى علِم الأشياء قبل وقوعها ، ثم كتب ذلك في اللوح المحفوظ ، ثم شاء تعالى وجودها ، ثم خلقها ، وهذه هي مراتب القدر الأربعة المشهورة ، وعلى كل مرتبة أدلة ، وقد سبق بيان ذلك مفصَّلاً في جواب السؤال رقم ( 49004 ) فلينظر .
فالزواج وتقدمه وتأخره وتيسره وتعسره كل ذلك بقدر الله ، ولا يعني هذا أن المسلم لا يفعل الأسباب التي جعلها الله تعالى مؤدية إلى مسبباتها ، ولا يتنافى الأخذ(8/17)
بالأسباب مع كون الشيء مقدراً في الأزل ، فالمرء لا يدري ما كُتب له ، وهو مأمور بفعل الأسباب .
والمصائب التي يقدرها الله تعالى على العبد , تكون خيراً للمؤمن إذا صبر عليها واحتسب ولم يجزع , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم (2999) .
وهذه المصائب قد تكون عقوبة على المعاصي , ولكن هذا ليس بلازم , فقد تكون لرفع درجات المؤمن , وزيادة حسناته إذا صبر ورضي ........ أو غير ذلك من الحكم العظيمة .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
إذا ابتلي أحد بمرض أو بلاء سيئ في النفس أو المال ، فكيف يعرف أن ذلك الابتلاء امتحان أو غضب من عند الله ؟
فأجاب :
" الله عز وجل يبتلي عباده بالسراء والضراء , وبالشدة والرخاء ، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم وإعلاء ذكرهم ومضاعفة حسناتهم , كما يفعل بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام والصلحاء من عباد الله ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل ) ، وتارة يفعل ذلك سبحانه بسبب المعاصي والذنوب ، فتكون العقوبة معجلة كما قال سبحانه : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) ، فالغالب على الإنسان التقصير وعدم القيام بالواجب ، فما أصابه فهو بسبب ذنوبه وتقصيره بأمر الله ، فإذا ابتلي أحد من عباد الله الصالحين بشيء من الأمراض أو نحوها فإن هذا يكون من جنس ابتلاء الأنبياء والرسل رفعاً في الدرجات , وتعظيماً للأجور , وليكون قدوة لغيره في الصبر والاحتساب .
فالحاصل : أنه قد يكون البلاء لرفع الدرجات , وإعظام الأجور , كما يفعل الله بالأنبياء وبعض الأخيار ، وقد يكون لتكفير السيئات كما في قوله تعالى : ( من يعمل سوءً يُجز به ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما أصاب المسلم من همٍّ ولا غم ولا نصب ولا وصب ولا حزن ولا أذى إلا كفَّر الله به من خطاياه حتى الشوكة يشاكها ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من يرد الله به خيراً يُصِب منه ) ، وقد يكون ذلك عقوبة معجلة بسبب المعاصي وعدم المبادرة للتوبة كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا أراد الله بعبده الخير عجَّل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافيه به يوم القيامة ) خرجه الترمذي وحسنه " انتهى
"مجموع فتاوى ومقالات" (4/370) .
وبما أنك تركت الزواج من هؤلاء الذين خطبوك من أجل الله وبسبب أنهم غير مستقيمين في الدين فسيعوضك الله تعالى خيراً منهم ، قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) الطلاق/2 ، 3 ، وقال النبي صلى(8/18)
الله عليه وسلم : ( إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدَّلك الله به ما هو خير لك منه ) رواه الإمام أحمد ، وصححه الألباني في " حجاب المرأة المسلمة " ( 47 ) .
فعليك أن تُقبلي على الله بالدعاء والقربات ، ولا تجزعي ، واعلمي أن رحمة الله قريب من المحسنين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل يتقدم لخطبة من رآها صاحبه قبله وتركها؟
سؤال:
أنا شاب أعزب ، هل يجوز لي أن أتقدم لخطبة امرأة تقدم لها أحد زملائي ورآها ولكنه رفضها ؟
وهل لو خطبتها وتزوجتها سيكون عقد نكاحي وفق الشريعة الإسلامية ؟ أو سيكون نكاحي فيه خلل لأن قد نظر إليها زميلي ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كانت هذه المرأة مرضية الخلق والدين فليس هناك حرج من أن تخطبها ، ولا تزال النساء يراهن أكثر من خاطب ويكون نصيبها لواحدٍ منهم ، ومجرد نظر صاحبك إليها ليس مانعاً من زواجك بها ، بل وأعظم من النظر هو زواجها من قبل ثم طلاقها أو موت زوجها عنها ، فهل يتوقف أحدٌ في جواز التزوج منها ؟!
وقد جاءت نصوص صحيحة صريحة في هذا الأمر الذي تسأل عنه ، ومنها :
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ، وَلا يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ . رواه البخاري (4848) ومسلم (1412) .
ففي هذا الحديث تحريم الخِطبة على الخِطبة ، وأنه لا يجوز للثاني أن يخطب إلا أن يترك الأول خِطبته أو يأذن للثاني ، وهو الذي حصل معك ومع صاحبك .
فإذا تأكدت من دينها وخلقها فعليك بصلاة الاستخارة ، ثم تقدم لها .
نسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه خيرك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
حكم اشتراط الخاطب الزواج بثانية إذا لم تنجب خطيبته
تاريخ 18 ذو الحجة 1427 / 08-01-2007
السؤال
سيدي الفاضل:
أنا فتاة مخطوبة وعلى وشك الزواج فإذا بي أمرض وأجريت لي عملية جراحية تم فيها استئصال المبيض الأيسر.(8/19)
أعلمت خطيبي بالأمر لكن بعد العملية أفاجأ بأنه يشترط علي أنه إذا لم أنجب له أطفالا بعد مرور عامين أو ثلاث فإنه سيتزوج من أخرى صدمت وأنا فى عز فترة النقاهة حيث إن العملية لم يمر عليها 20 يوما.
أخبرني الطبيب أن المبيض الأيمن والرحم في صحة جيدة ولقد أجريت الفحوصات على المبيض الأيسر وعلى الكيس الذي كان يحيط به والنتائج سليمة لا وجود لخلايا خبيثة ولله الحمد.
سؤالي سيدي الفاضل هل أستمر في علاقتي مع خطيبي وأتمم الزواج أم أتراجع علما أنه حتى إذا تزوجت به سوف أعيش مهددة والعيش في القلق يؤخر الحمل للتى تتوفر على مبيضين فما بالكم بحالتي.
أسأل الله أن يجازيكم خير الجزاء وألهمكم الجواب الصائب لمشكلتي هذه.
شكرا جزيلا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان خطيبك ذا دين وخلق فلا نرى تركه، بل ينبغي أن تحرصي عليه.وشرطه الزواج من ثانية عليك إن لم تنجبي لا حرج فيه فله ذلك وإن لم يشترطه. ولا ينبغي أن تكوني أنانية في هذا الأمر. فإذا كانت العملية التي أجريت لك ربما تمنع الإنجاب فمن حقه هو أن يتزوج امرأة تنجب. ولكن من الوفاء ألا يدعك أنت لذلك بل يضم إليك من تنجب فيكتمل له الحال ويطمئن منه البال. وهذا من حكمة الشريعة ونظرها المسدد في إباحة التعدد.
وأما إن كان غير ملتزم فالأولى تركه وصرف النظر عنه والبحث عن غيره من ذوي الدين والخلق. هذا ما نراه وننصح به وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية:
50399، 33376، 23880، 32512، 33959، 56572.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
سؤال المرأة عن دين من تقدم لخطبتها ليس تعقيداً
سؤال:
أنا فتاة ملتزمة ولله الحمد ، عمري 25 سنة ، المشكلة هي أنني كلما تقدم لي أحد أطلب من أمي أن تسأل أهله بعض الأسئلة مثل هل يصلي ؟ هل يدخن ؟ هل هو ممن يهتم لأمور الغناء والتلفاز ؟ لأن الذين تقدموا لي لم يكونوا ملتزمين ، وأمي تقول لي : " أنتِ معقدة " ، فهي خائفة عليَّ أن يفتني الزواج بسبب شروطي .
هل أنا مخطئة ؟ وبماذا تنصحني ؟ أخاف أنني أحلم برجل صالح في زمن لا يتوفر فيه والله أعلم .
الجواب:
الحمد لله(8/20)
لستِ مخطئة ولا معقدة ، بل قد أحسنتِ في سؤالكِ واستفساركِ عن دين وخلُق الخاطب ، وهذا هو الواجب – أصلاً – على أهلكِ أن يفعلوه ، فلا يحل لهم أن يقفوا ضد هذا الفعل منكِ ، بل عليهم تأييدك وتثبيتكِ عليه .
وقد أوصى الشرع بحسن اختيار الزوج والزوجة ، والقاسم المشترك في الاختيار هو الخلق والدين ، والمرأة أضعف من أن تثبت على دينها مع قليل الخلق والدين .
لذا فإن الوصية لأهلك في هذا أن يقفوا معكِ في هذا الأمر ، واستعيني بالصبر والصلاة والدعاء ، ونسأل الله تعالى أن ييسر لكِ زوجاً صالحاً .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : عن أهم الأمور التي على أساسها تختار الفتاة زوجها .
فأجاب :
" أهم الأوصاف التي ينبغي للمرأة أن تختار الخاطب من أجلها هي الخلُق والدين ، أمَّا المال والنسب فهذا أمرٌ ثانوي ، لكن أهم شيء أن يكون الخاطب ذا دين وخلُق ؛ لأنَّ صاحب الدِّين والخلُق لا تَفقد المرأة منه شيئاً إن أمسكهَا أمسكها بمعروف ، وإن سرَّحهَا سرَّحها بإحسان ، ثمَّ إنَّ صاحب الدِّين والخلُق يكون مباركاً عليها وعلى ذريتها ، تتعلم منه الأخلاق والدين ، أمَّا إن كان غير ذلك : فعليها أن تبتعد عنه لاسيما بعض الذين يتهاونون بأداء الصلاة ، أو مَن عُرف بشرب الخمر - والعياذ بالله - ، أمَّا الذين لا يصلُّون أبداً فهم كفار لا تحل لهم المؤمنات ، ولاهم يحلون لهن ، والمهم أن تركز المرأة على الخلق والدين ، أما النسب فإن حصل فهذا أولى ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أتاكم مَن ترضون دينه وخلُقه فأنكحوه ) ولكن إذا حصل التكافؤ فهو أفضل " انتهى .
"فتاوى المرأة المسلمة" (2/702) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله أيضاً : عن رجل خطب من رجل ابنته ، ولما سأل عنه إذا هو لا يصلي ، وأجاب المسئول عنه بقوله : يهديه الله ، فهل يزوج هذا ؟
فأجاب :
" أما إذا كان الخاطب لا يصلِّي مع الجماعة : فهذا فاسق عاص لله ورسوله ، مخالف لما أجمع المسلمون عليه من كون الصلاة جماعة من أفضل العبادات ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى (23/222) : " اتفق العلماء على أنها – أي : صلاة الجماعة – من أوكد العبادات ، وأجل الطاعات ، وأعظم شعائر الإسلام " انتهى كلامه رحمه الله تعالى ، ولكن هذا الفسق لا يخرجه من الإسلام فيجوز أن يتزوج بمسلمة لكن غيره من ذوي الاستقامة على الدين والأخلاق أولى منه ، وإن كانوا أقل مالاً وحسباً كما جاء في الحديث : ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ) قالوا : يا رسول الله ، وإن كان فيه ؟ قال : ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ) ثلاث مرات ، أخرجه الترمذي ، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك ) .(8/21)
ففي هذين الحديثين دليل على أنه ينبغي أن يكون أولى الأغراض بالعناية والاهتمام الدين والخلق من الرجل والمرأة ، واللائق بالولي الذي يخاف الله تعالى ويرعى مسؤوليته أن يهتم ويعتني بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه مسؤول عن ذلك يوم القيامة قال الله تعالى : ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ) ، وقال : ( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ . فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ ) ، أما إذا كان الخاطب لا يصلِّي أبداً لا مع الجماعة ولا وحده فهذا كافر خارج عن الإسلام ، يجب أن يستتاب ، فإن تاب وصلى تاب الله عليه إذا كانت توبته نصوحاً خالصةً لله ، وإلا قتل كافراً مرتداً ، ودفن في غير مقابر المسلمين من غير تغسيل ، ولا تكفين ، ولا صلاة عليه ، والدليل على كفره نصوص من كتاب الله تعالى ، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ... – وساق أدلة كفر تارك الصلاة – ثم قال :
وحيث تبيَّن من نصوص الكتاب والسنة أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن ملة الإسلام فإنه لا يحل أن يزوج بمسلمة بالنص والإجماع قال الله تعالى : ( ولا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ) ، وقال تعالى في المهاجرات : ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) ، وأجمع المسلمون على ما دلَّت عليه هاتان الآيتان من تحريم المسلمة على الكافر ، وعلى هذا فإذا زوَّج الرجل من له ولاية عليها بنته أو غيرها رجلاً لا يصلي لم يصح تزويجه ، ولم تحل له المرأة بهذا العقد ؛ لأنه عقد ليس عليه أمر الله تعالى ورسوله ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه قال : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) أي : مردود عليه .
وإذا كان النكاح ينفسخ إذا ترك الزوج الصلاة إلا أن يتوب ويعود إلى الإسلام بفعل الصلاة فما بالك بمن يقدم على تزويجه من جديد ؟!
وخلاصة الجواب : أن هذا الخاطب الذي لا يصلي إن كان لا يصلي مع الجماعة فهو فاسق لا يكفر بذلك ويجوز تزويجه في هذه الحال ، لكن ذوي الدين والخلق أولى منه ،
وإن كان لا يصلي أبداً لا مع الجماعة ولا وحده فهو كافر مرتد خارج عن الإسلام لا يجوز أن يزوج مسلمة بأي حال من الأحوال إلا أن يتوب توبة صادقة ويصلي ويستقيم على دين الإسلام .
وأما ما ذكره السائل من أن والد المخطوبة سأل عنه فقال المسؤول عنه : يهديه الله . فإن المستقبل علمه عند الله تعالى وتدبيره بيده ، ولسنا مخاطبين إلا بما نعلمه في الحال الحاضرة ، وحال الخاطب الحاضرة حال كفر لا يجوز أن يزوج بمسلمة ، فنرجو الله تعالى له الهداية والرجوع إلى الإسلام حتى يتمكن من الزواج بنساء المسلمين وما ذلك على الله بعزيز .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/السؤال رقم 31) .
والخلاصة : أن عليك أن تصبري حتى ييسر الله لك زوجاً صالحاً ، وما تفعلينه من السؤال والاستفسار عن خلُق ودِين الخاطب أمر مشروع بل واجب عليك وعلى(8/22)
أوليائكِ ، وأن الخاطب إن كان لا يصلي فالعقد غير صحيح ؛ لأن ترك الصلاة كفر مخرج من الملة ، وشرب الدخان وحلق اللحية واستماع الغناء كل ذلك من المحرمات ، وهي أسباب شرعيَّة لرفض الخاطب إن كان يفعلها ويتصف بها .
نسأل الله لك التوفيق ، ونسأله أن يثبتكِ على طاعته ، ويرزقك زوجاً صالحاً ، وذرية طيبة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل يتزوج من فتاة تصر على التبرج مع أن أخلاقها حسنة ؟
سؤال:
أنا مسلم قادر على الزواج التقيت بشابة ذات أخلاق حسنة ولكنها متبرجة . ما حكم الشرع إن تزوجت بها وهي مصرة على التبرج ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
رغب النبي صلى الله عليه وسلم في نكاح ذات الدين فقال : ( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ) رواه البخاري (5090) ومسلم (1466) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( الدُّنْيَا مَتَاعٌ ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ) رواه مسلم (1467) . فمن فاته المرأة الصالحة فاته خير متاع الدنيا ، خير من المال والولد والمنصب . . . . إلخ .
وهذا باعث للمسلم أن يحرص على ذات الدين والخلق ويقدمها على كل ما سواها ، وألا يفرط ويتساهل في خير متاع الدنيا .
والمرأة الصالحة هي التي تقوم بحق الله تعالى ، وحق الناس ، وأعظم الناس حقا عليها هو زوجها .
والإصرار على المعصية شر من المعصية نفسها ، لأنه يدل على ضعف الإيمان ، والاستهانة بتعظيم الله تعالى ، وقلة مبالاة المرء بما يضره في دينه .
ثانياً :
التبرج مع كونه معصية وإثما ، فهو دليل على سوء خلق المرأة وقلة حيائها ؛ إذ كيف ترضى المرأة العفيفة الحييّة أن ينظر الناس إليها ، ويستمتعوا بمحاسنها ؟!
لكن لضعف الإيمان وغلبة الهوى لا تشعر المتبرجة بسوء فعلها ، كما قال الله تعالى : ( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأنعام/43 ، وكثير من المتبرجات إذا أنعم الله عليهن بالهداية ، استعظمن ما كُنَّ عليه من قلة الحياء وموت الغيرة .
وقد جاء في شأن التبرج من الوعيد ، ما هو معروف مشهور ، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا : قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ ، رُءُوسُهُنَّ(8/23)
كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ ، لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ) رواه مسلم (2128) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ ) رواه أبو داود (4173) والترمذي (2786) والنسائي (5126) وحسنه الألباني في صحيح النسائي .
وهذا الذنب يتكرر بتكرار الفعل المحرم ، وبه يُنكت في القلب نكتة سواء ، حتى يسود القلب ويظلم ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )) رواه الترمذي (3334) وابن ماجة (4244) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
واعلم أيها الأخ الكريم أن الزواج من المصرة على التبرج يعني أحد أمرين :
الأول : أن يرضخ الزوج لها ، ويسكت عن منكرها ، فيبوء بالإثم الكبير في الآخرة ، والعار في الدنيا ، فإنه راعٍ ومسئول عن رعيته .
وكيف يرضى رجل عاقل أن يسير مع امرأته في الشارع وهي متبرجة ، والرجال من حوله ينظرون إليها ويستمتعون بها ؟!!
والثاني : أن يظل معها في خلاف وصراع ، وشد وجذب ، وهذا كدر وبلاء لا يرضاه العقلاء ، فالسلامة السلامة ، فإن السلامة لا يعدلها شيء ، وابحث عن ذات الدين ، ففي الصالحات غنى وكفاية والحمد لله ، والمرأة الصالحة خير متاع الدنيا ، تعين على الطاعة ، وتذكر بالمعروف ، وتحفظ زوجها في نفسها وماله ، وتربي له ذرية صالحة تعبد الله .
نسأل الله لك التوفيق والخير والرشاد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
-ــــــــــــــ
حصل بينها وبين خطيبها بعض المنكرات فهل بزواجهما تغتفر؟
سؤال:
منذ سنة تقريبا قد تمت خطبتي من شاب صالح ، والآن قد عقد قراننا ، ولكن كان قبل عقد القران كان يمسك يدي ويقبلني ، وأنا أعلم أنه حرام شرعاً ، فهل الآن قد غفر الله لي من بعد عقد قراننا أم سيظل ذنبا ويجب الاستغفار منه والتكفير عنه ؟.
الجواب:
الحمد لله
يطلق لفظ " الخطوبة " عند كثير من الناس على ما بعد العقد وقبل الدخول ، فإن كان هذا هو المراد في السؤال ، فلا حرج عليكما مما حدث بينكما ، لأنه بمجرد العقد تصير المرأة زوجة للرجل ، فلا حرج على كل منهما أن يستمتع بصاحبه .(8/24)
وإن كان قصدكِ بالخطبة مجرد الوعد بالزواج والاتفاق عليه من غير حصول للعقد ، فإنَّ ما حصل بينكما محرَّم ، ولم تُبِح الشريعة في تلك الفترة أكثر من النظر حتى يعزم كل من الرجل والمرأة على الخطبة .
والواجب عليكما – في هذه الحال – التوبة والاستغفار والندم على هذه الأفعال ، ولا يكفي عقد القران بينكما لتكفير هذه السيئات ، بل الواجب التوبة والاستغفار .
وأما الكفارة ؛ فليس هناك كفارة معينة لما حصل بينكما ، غير أنه من المشروع لمن تاب أن يكثر من الأعمال الصالحة من صلاة النافلة والصيام والصدقة ونحو ذلك ، قال الله تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82
وللاستزادة : يمكن الرجوع إلى أجوبة الأسئلة : (3215 ) و ( 12182 ) و ( 2572 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل ترفض المرأة خاطبها بسبب حلم رأته
تاريخ 19 ذو الحجة 1427 / 09-01-2007
السؤال
أنا فتاة في 28 من عمري تقدم لي شباب كثيرون ولم يحدث نصيب
وطبعا تدريجيا تقل هذه الفرص وفي هذه الأيام أبلغتني زميلة لي أن أحد زملاء زوجها يبحث عن فتاة للارتباط بها وأنها رشحتني له وتم تحديد موعد الزيارة بعد عدة أيام وسعدت بذلك ولكني فوجئت أنني حلمت أنه لن يحدث نصيب بالرغم أنني لم أقم بعمل استخارة حيث إنه لم يأت الميعاد ولم أره بعد، وأنا لا أدري ماذا أفعل، هل هذا الحلم صحيح ولن يحدث نصيب بيني وبين هذا الشخص ؟
وبالتالي هل أقوم بإلغاء هذا الميعاد المحدد قبل أن أراه أو أعرف حتى صفاته، وبالتالي أكون قد أضعت على نفسي فرصة قبل الخوض بها أم يكون هذا الحلم مجرد حلم لأنه غير ناتج عن استخارة قمت بها، أنا أعرف أن الحلم الناتج عن الاستخارة يجب أن يصدق ويعمل به، أما هذا الحلم فإنني لم أقم بعمل استخارة.
أفيدوني بالله عليكم فإنني في حيرة.
جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن تعلمي أن الأحلام لا ينبني عليها شيء في الواقع سواء سبقتها استخارة أم لا، ولكن قد يستأنس بها إن كان الرائي نام وهو على وضوء وقد قال أذكار النوم.
إذن فلا ينبغي أن ترفضي الخاطب لذلك الحلم فربما كان سببه حديث النفس وهو أكثر الأحلام وما يجده الراؤون، فاستخيري الله تعالى في أمر هذا الخاطب وإن كان ذا دين وخلق وطلب نكاحك فلا ترفضيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. أخرجه الترمذي وغيره بإسناد حسن.(8/25)
وللفائدة ننصحك بمراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12767، 64112، 3145.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الحب قبل الزواج وعدم رفض صاحب الدين
تاريخ 19 ذو الحجة 1427 / 09-01-2007
السؤال
ماذا أفعل أنا مخطوبة لابن عمي منذ سنتين وفي أثناء هذه الفترة لم أحس من جانبه بأي حب ولا قبول ولكن أحببت شخصا آخر وهو مستعد للتقدم لخطبتي من الآن ولكن لا أستطيع أن أواجه أهلي بأني لا أحب ابن عمي والشخص الآخر
الذي أحبه لا أستطيع الحياة مع غيره، وفي نفس الوقت لا أريد أن أغضب الله أو أغضب أهلي مني، أفتوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خير الثواب؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سؤالك عبارة عن استشارة وليس فتوى، وكان الأنسب أن ترسليه إلى قسم الاستشارات بالموقع لأنهم المختصون بذلك، ونحن نشير عليك بالآتي:
-احرصي على طاعة والديك ورضاهما فالخير كل الخير في طاعتهما ورضاهما.
-إذا كان ابن عمك كفوا لك وذا دين وخلق فننصحك بالزواج به.
- اعلمي أن ما يسمى الحب قبل الزواج ما هو إلا أوهام ستتحطم على صخرة الواقع، فضلا عن عدم جوازه لأنه ناشئ عن علاقة غير شرعية، فلا تضيعي وقتك ولا تعذبي نفسك في هذا الوهم، وتزوجي ابن عمك وعيشي حياتك، وأما الحب فإنه سيأتي بعد الزواج، هذا ما لم تصل مشاعرك نحو ابن عمك إلى حد كرهه وبغضه وعدم إطاقته، وتيقن عدم القدرة على معاشرته والقيام بحقوقه، فإن بلغت هذا الحد، فلا ترضي به زوجا واطلبي من أهلك فسخ هذه الخطبة وإخبارهم بحقيقة مشاعرك، ولا يجوز لهم اجبارك على من لا ترضين به زوجا. وانظري الفتوى رقم 31582.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يجوز مراسلة المخطوبة عبر البريد الإلكتروني ؟
سؤال:
هل يجوز مراسلة المخطوبة عبر البريد الإلكتروني للاتفاق على أمور قبل الزواج بمعرفة أبويها وعلمهم ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا مانع من مراسلة المخطوبة للاتفاق على أمور الزواج ، إذا كان ذلك بعلم أبويها واطلاعهم وكانت الرسائل خالية من العبارات العاطفية التي لا يجوز أن تكون بين(8/26)
المرأة والرجل الأجنبي عنها . ومعلوم أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته ، حتى يعقد النكاح .
ولا فرق بين أن تكون هذه المراسلة عن طريق البريد الإلكتروني أو العادي أو كانت حديثاً عبر الهاتف ، والأولى أن تتم المراسلة والمحادثة مع وليها فقط .
سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله عن مكالمة الخطيب لخطيبته عبر الهاتف هل هو جائز شرعا أم لا ؟
فأجاب : " مكالمة الخطيب لخطيبته عبر الهاتف لا بأس به ؛ إذا كان بعد الاستجابة له ، وكان الكلام من أجل المفاهمة ، وبقدر الحاجة ، وليس فيه فتنة ، وكون ذلك عن طريق وليها أتم وأبعد عن الريبة " انتهى من "المنتقى" (3/163) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
لا بد من تصحيح البدايات حتى تصح النهايات
تاريخ 30 ذو القعدة 1427 / 21-12-2006
السؤال
أرجو منك يا فضيلة الشيخ النصيحة وليس الفتوى لأني أعرف حكم الشيء الذي أفعله ولكن مشكلتي هي أني أنا فتاة في 21 من عمري أخاف الله وأخاف عذابه وأحاول دائما أن أرضيه وأبتعد عن نواهيه أنا لا أزكي نفسي ولكن الحمد لله لدي القدرة علي اجتناب كل ملذات الدنيا وما فيها من شهوات تمت خطبتي من
شخص لا أعرفه تعرفت عليه مجددا منذ 4 أشهر مع العلم أني عرفته من خلال الهاتف فقط لا نتقابل وفي بداية تعرفي عليه كان الغرض التفاهم فقط وكانت المكالمات قصيرة وقليلة ومع طول المدة أزداد حبي له إلي أن أصبح يمتلك حياتي ووقتي وتفكيري أصبحت أحبه بجنون إن فات يوم ولم أسمع صوته أنهار وأصبح كالطفل المرضع الذي يحاولون فطمه حبي له جعلني أعبر عن شعوري دون أن أشعر وأغازله ووصلت معه في المكالمات الهاتفية إلي مراحل ضعف شديد بسب حبي الشديد له وشوقي لرؤيته حاولت أن أقلص من غزلي له ومن مكالماتي فلم أنجح مع العلم أن زواجي منه بعد أشهر معدودة أريد شيئا يصبرني هذه الأشهر التي لا أجني منها سوي الذنوب وغضب الله تعبت من الضغط النفسي ومن عذاب الضمير ومن عذاب الله لي يوم غد ماذا أفعل يا فضيلة الشيخ أغثني بنصائح لي وله لأني سأريه نصيحتك لي لعله يكون أقوي مني ويصبر ويكون الفرج علي يديه صف لي عذاب النار كي أخاف ونعيم الجنة كي أتشوق لها أخاف أن أتوفى الآن وتكون وفاتي على سوء خاتمة وأخاف أن أضمن الحياة وأقول سأتزوج منه وتنتهي المشاكل فيعاقبني الله ويحرمني منه وأكون قد خسرت الدنيا والآخرة ادعو لي وله يا فضيلة الشيخ بالجنة وبالهداية .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/27)
وبعد فنسأل الله تعالى لنا ولكما التوفيق والسداد، وألا يزيغ قلبيكما بعد إذ هداكما إنه سميع مجيب.
ونقول لك أيتها الأخت الكريمة:إن الشيطان يستدرجك في مهاوى الردى ويزين لك المعاصي ويسهل لك أسبابها ويهونها أمام عينيك ويغريك بالوعود والأماني، وتلك عادته. فقد أقسم على إغواء بني آدم وإضلالهم وابتغاء جميع السبل في ذلك كما أخبر المولى جل وعلى حكاية عنه في قوله: وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا* يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا. وقال: ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {الأعراف:17}
وقد حذرنا ربنا سبحانه منه وأخبرنا عن عداوته إيانا وأمرنا أن نتخذه عدوا كما قال: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ] {فاطر:6}
وما تجدينه بقلبك من تعلق بذلك الفتى الذي مازال أجنبيا عنك، ومن لهفة للقائه والحديث معه إلى آخر ما وصفت ما هو إلا ثمرة لإغواءات الشيطان وإغراءاته لك بالحرام.فأقلعي وكفي قبل فوات الأوان وقبل أن يستدرجك الشيطان إلى ماهو أعظم.
وتوبي إلى الله توبة نصوحا مما كان، وليتب خطيبك إليه. ولمعرفة شروط التوبة الصادقة انظري الفتويين رقم: 5091، 6796.
واعلما أن من شروط صحة النهايات تصحيح البدايات، فكفا عن الحرام، وعجلا بإتمام الزواج، واعلما أن الخاطب أجنبي عن المرأة مالم يعقد عليها عقدا شرعيا، ومجرد الخطبة والوعد بالزواج لا يبيح أمرا محرما. فإذا حصل العقد أصبحت المرأة زوجة. وقد فصلنا القول في ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19340، 18477، 1847، 1151.
ولمعرفة حكم الحب في الإسلام، وكيفية علاج العشق نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية:52654، 4220، 5707. وراجعي الفتويين رقم:45148، 11317، في وصف الجنة والنار.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حديث : ( أسروا الخطبة وأَعْلِنُوا النِّكَاحَ )
سؤال:
ما مدى صحة الحديث : ( أسروا الخطبة وأَعْلِنُوا النِّكَاحَ ) ؟ أنا أقصد الخطبة فقط ليس العقد . هل يفضل عدم إقامة حفل للخطوبة ؟ أنا أعلم أن إعلان العقد أو النكاح واجب ولكن ماذا عن الخطبة ؟.
الجواب:
الحمد لله(8/28)
هذا الحديث رواه الديلمي في مسند الفردوس بلفظ : ( أظهروا النكاح وأخفوا الخِطبة ) وهو حديث ضعيف ، ضعفه الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة (2494) ، وفي ضعيف الجامع الصغير (922) .
لكن الجملة الأولى منه صحت بلفظ : ( أعلنوا ) .
فقد روى أحمد عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أعلنوا النكاح ) والحديث حسنه الألباني في إرواء الغليل (1993) .
وإعلان النكاح بمعنى الإشهاد عليه واجب عند جمهور العلماء ، بل هو شرط من شروط صحة النكاح ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ) رواه البيهقي من حديث عمران وعائشة ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7557) .
وقد استحب بعض العلماء إخفاء الخِطبة خوفاً من الحسدة الذين يسعون للإفساد بينه وبين أهل المخطوبة . كما في "حاشية العدوي على شرح مختصر خليل" (3/167) .
ويشهد لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان ، فإن كل ذي نعمةٍ محسود ) رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع (943) .
وهذا ليس خاصاًّ بالخطبة ، بل ينبغي للإنسان أن لا يظهر نعمة الله عليه أمام من يحسده عليها .
وأما إقامة حفل للخطوبة فهو من الأمور التي اعتادها كثير من الناس ، ولا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى .
مع مراعاة أنه يجب التقيد بالأحكام الشرعية في هذا الحفل ، فلا يحصل فيه اختلاط بين الرجال والنساء ، أو استعمال الآلات الموسيقية عدا الدف ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في استعماله في الأعراس .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
عنوان لا بأس بأن تخبر المخطوبة جبرا عليها الخاطب بأنها لا تريده
تاريخ 28 ذو القعدة 1427 / 19-12-2006
السؤال
إنا فتاة تمت خطبتي من غير علمي وقالوا لي مبروك... أولا أريد أخذ رأيك يا شيخ فيما فعله أهلي ؟؟
أولا: أحب شخصا وتقدم لخطبتي وافق أبي وكان ينتظر موافقة أمي . أمي كانت موافقة عليهم ولكن هناك مشكلة وهي ((عمتي)) تتدخل في شؤون البيت، قامت أمي بأخذ رأي عمتي عن أهل الشخص الذي يحبني وتقدمه لخطبتي، وفجأه علمت بأن أمي قامت بالرد على أهل الشخص بأنني لا أريد أن أتزوج، علما بأن الشخص على دين وخلق حسن وهو الذي كان يلح علي بالزواج، علمت بالموضوع وقلت لماذا لم توافقوا عليه، قالت أمي (( عمتك لا تريده)) لأن الشخص فيه كذا وكذا.... وقالت(8/29)
بأن الشخص كان متزوجا من قبل وهذا كله كذب، وأنا أعرف أهله وأمه وأختهن وكل هذا كي تقنع أمي . وقاموا برفضه ؟؟ وتقدم الشخص مرة ثانية بالخطبة بنفسه ورفض أبي من غير سبب وقال له (( البنت مخطوبة )) وذهب وقال لي بعد ذلك سوف أصبر لأني أريدك زوجة لي (( وأحبك في الله)) بعد ذلك قامت ((عمتي بعمل لا علم لي فيه وهو أنها قامت بخطبتي لشخص ابن صديقتها وأنا لا أعلم وقالت لأمي وأبي ووافقوا عليه (( من أجل أمواله)) علما بأن الشخص نفسه كانت عمتي تنتقده وأهل الشخص ونفسه وأتوا لأخذ رأيي وقلت: لا لا أريده، أمي تعرف لماذا لا أريده وعمتي أيضا تعلم أنني لا أريده، وقامت ((عمتي )) بإخبار أهل الشخص بأنني أريده وأمي لا تعلم، وأيضا علمت وقلت لا أريد الشخص مهما تفعلون، وقالت أنا أعطيتهم كلمة ولا شغل لي ( لا أريد أن أخسر صديقتي بسببك ))
علمت ((عمة)) الشخص الذي تقدم لي أني لا أريده وأتتني، وقلت لها لا تظلموا ابنكم فأنا لا أريده وهي تعلم وبعد أسبوع قام أبي بأخذي إلي بيت أختي وفي العودة إلى البيت قال لي ( مبروك ) تم خطبتي وبكيت لماذا أخذني إلى بيت أختي لأني كنت أريد أخبر (( المأذون أو الشيخ )) بأنني لا أريده ؟؟ الذين قاموا بإجراء الخطبة من غيري في بيت عمتي . والآن ياشيخي الكريم أرجو أن تساعدني ؟؟
1/ هل هذه الخطبة جائزة أو لا تجوز ؟
2/ ما حكم إخبار الشيخ أو المأذون بأنني موافقة وأنا لست موافقة ؟
3/ هل الآن أخبر الشخص بأنني لا أريده وما فعلوه بي كي لا أظلمه معي ?
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم : 34871 ، حكم تزويج المرأة بدون إذنها، وذكرنا أقوال أهل العلم في المسألة ، ولكن الذي ننصح به السائلة هو عدم معارضة الأهل فيما اختاروا وفعلوا إن كان الخاطب ذا دين وخلق حفاظا على كيان الأسرة ووحدة كلمتها، وطاعة للأبوين، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، كما قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216 } وأما إن كنت لا تستطيعين تحمله لبغضك إياه ولكونه غير مرضي دينا وخلقا فينبغي أن تحاولي إخباره بعدم رغبتك فيه؛ كأن توسطي من أقاربه من ينقل إليه ذلك الخبر قبل أن يتم الأمر ويتأزم الحال، وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى التالية أرقامها : 998 ،2014 ،5086 ،7759 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيهد
-ــــــــــــــ
تبادل الكلام العاطفي والأفعال العاطفية بين الخاطبين هل يؤثر على الصوم؟
سؤال:
خطيبي مسلم . تعلمت بعد بحث وتقصٍ معنى رمضان والحكمة من صومه . أرجو إفادتي عما هو مباح وغير مباح من الكلام العاطفي وبعض الأفعال العاطفية (مثل تشابك الأيدي والتعبير عن الحب لبعضنا البعض وغير ذلك) خلال الصيام .(8/30)
الجواب:
الحمد لله
يباح للصائم أن يتبادل مع زوجته (التي عقد عليها) كلمات تدل على المحبة والحنان ، كما يباح له بعض الأفعال العاطفية كتقبيل زوجته أو معانقتها أو الإمساك بيدها ، إذا كان يملك نفسه ، ويضبط شهوته . وذلك لقول عائشة رضي الله عنها : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ ، وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لأَرَبِهِ ) رواه البخاري (1792) ومسلم (1854) .
ومَعْنَى الْمُبَاشَرَة هُنَا : اللَّمْسُ بِالْيَدِ , وَهُوَ مِنْ اِلْتِقَاءِ الْبَشَرَتَيْنِ .
والأرَب هو حاجة النفس . والمراد به هنا الجماع .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" تقبيل الرجل امرأته ومداعبته لها ومباشرته لها بغير الجماع وهو صائم ، كل ذلك جائز ولا حرج فيه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبِّل وهو صائم ويباشر وهو صائم . لكن إن خشي الوقوع فيما حرم الله عليه لكونه سريع الشهوة ، كره له ذلك ، فإن أمنى لزمه الإمساك والقضاء ولا كفارة عليه عند جمهور أهل العلم . أما المذي فلا يفسد به الصوم في أصح قولي العلماء ، لأن الأصل السلامة وعدم بطلان الصوم ، ولأنه يشق التحرز منه والله ولي التوفيق " "فتاوى الشيخ ابن باز" (4/202) .
هذا فيما يخص الرجل وزوجته ، أما حال الخطبة ، قبل عقد النكاح ، فليس للخاطب أن يتكلم مع مخطوبته بالكلام العاطفي ، ولا أن يمس يدها ، لأنه أجنبي عنها كسائر الأجانب . ولا ينبغي لأحد أن يتساهل في هذا الأمر ، ولا فرق بين أن تكون المخطوبة مسلمة أو نصرانية .
وقد سعدنا بسؤالك عن هذه المسألة المتعلقة بالصيام ، عند المسلمين ، وهو دليل على حبك للمعرفة ، ورغبتك في الاطلاع على أحكام هذا الدين ، ونحن نهنئك على ذلك ونشجعك عليه ، ونسأل الله أن يقودك البحث والعلم إلى اتباع ما يحبه الله تعالى ويرضاه . كما نسأله سبحانه أن يوفق بينك وبين خطيبك ، وأن يسعدك بالزواج منه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل يترك الخطبة لعدم تمكنه من رؤية المرأة في عملها
تاريخ 27 ذو القعدة 1427 / 18-12-2006
السؤال
أرغب في التقدم لخطبة فتاة تعمل في مستشفى... قمت بأداء صلاة استخارة وذهبت إلى المستشفي حيث أرغب في أن أنظر إليها عن بعد قبل الإقدام على الخطبة... وقد تم إعلامي بأنها تعمل دواما كاملا لليوم الذي نويت أن أذهب فيه... وعندما ذهبت إلى المستشفى وجدت أنها قد قامت باستبدال دوامها مع زميلة لها وأنها ستعمل اليوم الذي بعده...(8/31)
هل يعتبر عدم تواجدها، في اليوم الذي من المقترض أن تعمل فيه، علامة من علامات الاستخارة غير الجيدة...
شكرا........ وبارك الله فيكم...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلما كان الإنسان بطبعه يميل إلى التعرف على طريقه, والاطمئنان إلى أمور حياته، فقد أوجد الشرع للإنسان ما يلجأ به إلى الله تعالى ليشرح صدره لما فيه الخير فيتجه إليه، عن طريق الاستخارة، والاستخارة طلب الخيرة في الشيء، والحكمة منها هي التسليم لأمر الله, والخروج من الحول والطول, والالتجاء إليه سبحانه للجمع بين خيري الدنيا والآخرة. (من الموسوعة بتصرف)
فإذا استخار العبد ربه في أمر وانشرح له صدره، ينبغي له المضي فيه، قال في أسنى المطالب: قال النووي وإذا استخار مضى بعدها لما ينشرح له صدره.
ولا ينبغي اعتبار ما يعرض من أمور عادية صارفا عن هذا الأمر المستخار فيه وعلامة على أنه ليس فيه خير، ومن ذلك غياب المرأة في اليوم الذي أراد السائل أن يراها فيه.
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يجب على الخاطب أو المخطوبة الإخبار بإصابته بمرض السكري ؟
سؤال:
هل يجب على الخاطب والمخطوبة إذا كان أحدهما مريضاً بمرض السكري أن يبين ذلك للطرف الآخر ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
هناك فرق بين أن يسمع أحد الطرفين من الناس أن فلاناً أو فلانة مصاب بمرض السكري ، فإن هذا قد يكون هيناً على النفس نوعاً ما ، وبين أن يخبر أحد الطرفين الآخر بذلك مباشرة ، أو يخبر ولي المرأة الخاطب بذلك ، فإن هذا أشد وقعاً على النفس ، وفيه نوع من التنفير ، وقد يكون سبباً للإعراض عن الخطبة .
ثانياً :
درجة خطورة هذا المرض تختلف ، فإن كان معتاداً مما يبتلى به كثير من الناس فإنه لا يجب الإخبار به .
أما إن كان مزمناً خطيراً وجب الإخبار به .
والله أعلم
فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك .
ــــــــــــــ
تجنب الخاطبين زمن الخطبة ما يقود إلى الحرام(8/32)
تاريخ 20 ذو القعدة 1427 / 11-12-2006
السؤال
أرجو الإفادة في أني ارتبطت من فترة كبيرة تزيد عن الخمس سنوات بفتاة وتعاهدنا على الزواج ونحن الآن مخطوبان ولكن في خلال الفترة حدث بيننا ما يحدث بين الأزواج ولكن عدا الزنا فهي مازالت بكرا ونحن الآن قاربنا علي الزواج بإذن الله ولكن لم تتب وما يقلقني أنها في أحيان كثيرة هي من تطلب وأيضا والدتها تتركنا بمفردنا بعدم اهتمام فترات طويلة وأنا مصل والحمد لله وهي كذلك وقررت التوبة عده مرات وأديت العمرة مرتين
ولكن هي من ترجعني وأخاف إن تركتها أن لا يسامحني الله وان تزوجنا أخاف أن يرد لي في أولادي وقررت بعد الزواج أن نقوم بأداء العمرة سويا عسي أن يسامحنا الله ويرزقنا بالذرية الصالحة فأفتوني هل أتركها حتى أحس منها بالتوبة أم أستمر عسى أن يهدينا الله بعد الزواج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك أخي الكريم بأن تعجل بالزواج بها مع نصحها وإرشادها وتذكيرها بالله تعالى، وأن تحثها على التوبة النصوح، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وعليك أن تجتنب اللقاء بها والخلوة بها والحديث معها إلا لحاجة، وذلك حتى يتم عقد الزواج لأنها أجنبية عنك ليس بينك وبينها أي علاقة شرعية. وأما الخطبة فهي ركون ووعد بالزواج وهذا الوعد لا يحل شيئا من الحرام إلا النظر عند الخطوبة والذي يقرر به الخاطب الإقدام أو الإحجام.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل لها فسخ الخطبة بعد استمرارها مدة طويلة ؟
سؤال:
هل يجوز للرجل أو المرأة فسخ الخطوبة وقد استمرت مدة طويلة ؟
فهذه فتاة مخطوبة وكانت تخرج مع خطيبها وتتبادل معه الرسائل كثيراً ، ونصحت بترك هذا لأن الإسلام يحرمه فلم تمتثل ، ثم فاجأت الجميع وفسخت الخطوبة ولم تُبد أي أسباب ، فهل يجوز لها ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الواجب على المرأة اختيار الزوج الصالح للقبول به زوجاً ، ولا يجوز للولي أن يرد صاحب الدين والخلُق إذا جاء راغباً الزواج من موليته .
ولمعرفة مواصفات الزوج الصالح فلينظر جواب السؤال رقم : ( 5202 ) و ( 6942 ) .(8/33)
كما أن على الرجل أن يحسن اختيار زوجته ، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بنكاح ذات الدين ، فالزوجة الصالحة تحفظ على الزوج بيته وماله وأولاده .
ولمعرفة مواصفات الزوجة انظر جواب السؤال رقم : ( 26744 ) و ( 10376 ) .
ثانياً :
الخطبة ليست إلا وعداً بالزواج ، فالخاطب لا يزال أجنبياً عن مخطوبته فلا يجوز له الخلوة بها ، ولا مصافحتها ولا الخروج معها .
فعلى هذه الفتاة وذلك الشاب أن يتوبا إلى الله تعالى مما ارتكباه من المعاصي ، ثم ما حدث قد لا يكون مستغرباً ، فقد أقدم كل منهما على الخطبة من غير أن يلتزما فيها بالأحكام الشرعية .
ثالثاً :
أما عدولها عن الخطبة ، فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ( 18/69 ) : ( مجرد الخطوبة بين الرجل والمرأة لا يحصل بها عقد النكاح ، فلكل من الرجل والمرأة أن يعدل عن الخطوبة إذا رأى أن المصلحة في ذلك ، رضي الطرف الآخر أو لم يرض ) .
وأخيراً :
ينبغي تنبيه الأخت على خطورة المراسلات والحديث بين الجنسين ، ولهذا الأمر عواقب كثيرة ، والإنترنت مليء بالقصص والحكايات في نساء استُغفلن في هذا الأمر حتى فقدن عرضهن ، ونساء تجرأن على هذا الفعل وظننَّ أنه للتسلية أو أنهن قادرات على حفظ أنفسهن ، وسرعان ما وقعن في حبال الذئاب .
وقد بيَّنا حكم المراسلة بين الجنسين في أجوبة الأسئلة : ( 34841 ) و ( 26890 ) و ( 23349 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل ترفض الزواج ممن لهم سوابق سيئة ؟
سؤال:
أنا مسلمة معتدلة وأطبق الإسلام حسب استطاعتي فأنا لا أشرب ولا أدخن ولا أذهب للمراقص ولا أختلط بالذكور ، أنا الآن في مرحلة الزواج ويريد والداي أن يزوجاني ولكنه من الصعب أن أوافق على أي طلب للزواج لأنهم جميعاً كانت لهم علاقات سابقة مع فتيات أو أنهم كانوا يذهبون للمراقص في الماضي .
أغلبهم يقولون بأنهم قد تغيروا ولكنني أظن بأن تلك التصرفات قد يكون لها ردة فعل وتأثير في المستقبل .
الجواب:
الحمد لله
الإسلام كله اعتدال ، والالتزام بتعاليم الإسلام من فعل الواجبات وترك المحرَّمات أمرٌ لا خيار للمسلم فيه إذ هو مما أوجبه الله تعالى عليه ، وقد كثرت الفتن في هذا(8/34)
الزمان حتىَّ عُدَّ من يترك بعض المحرَّمات ويفعل بعض الواجبات متزمتّاً متعنِّتاً ، وهذا لا شك أنه بسبب انحراف الناس في فهم الدِّين ، وكثرة مخالطتهم للمعاصي والآثام وتركهم للواجبات الشرعية .
وإننا لنشكر لكِ حرصكِ على الالتزام بتعاليم الدين في مجتمع كمجتمعكِ الذي تعيشين فيه ، ولتعلمي أن ما تفعلينه أمرٌ محبوبٌ لله تعالى ، ولأوليائه المؤمنين ، ومبغوضٌ مكروه لشياطين الإنس والجن .
وإن حرصكِ على اختيار الزوج الصالح موافق لمراد الشرع في اختيار الزوج وتزويجه ، على أنه لا ينبغي لكِ ردُّ من عُلِم عنه الخلق والدين بسبب ماضيه ، فماضي الإنسان الذي تاب منه أمرٌ لا يعيبه ولا يوجب رده إن جاء راغباً في الزواج وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) رواه الترمذي وحسنه الألباني ، لكن أن تكون له سوابق من المعاصي والآثام ولا يُعرف عنه تركها والتخلص منها فمثل هذا لا يوثق في خلقه ولا في دينه ولا يُوافق عليه في الزواج .
وقول الإنسان للمخطوبة أو لأوليائها إنه تغير وترك ما كان عليه من سوء وفساد ليس كافياً للوثوق في قوله وتصديقه حتى يُعلم أنه أهل للتصديق ، أو يُجزم بتركه لهذا السوء .
فاحرصي على اختيار الرجل الصالح ولو كان له سوابق ، ولا ترديه ، وارفضي كل من عُلم له سوابق من الشر والفساد ولم يتركه ؛ لأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم للرجل بقوله : " تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ " رواه البخاري (5090) ومسلم (1466)
ينطبق على المرأة إذ على المرأة أن لا تقبل إلا بصاحب الدين والخلق ، وقد قال عليه الصلاة والسلام: " إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ " رواه الترمذي 1084وحسنه الألباني في صحيح الترمذي866.
قال في تحفة الأحوذي : " قَوْلُهُ : ( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ ) أَيْ طَلَبَ مِنْكُمْ أَنْ تُزَوِّجُوهُ اِمْرَأَةً مِنْ أَوْلَادِكُمْ وَأَقَارِبِكُمْ ( مَنْ تَرْضَوْنَ ) أَيْ تَسْتَحْسِنُونَ ( دِينَهُ ) أَيْ دِيَانَتَهُ ( وَخُلُقَهُ ) أَيْ مُعَاشَرَتَهُ ( فَزَوِّجُوهُ ) أَيْ إِيَّاهَا ( إِلا تَفْعَلُوا ) أَيْ إِنْ لَمْ تُزَوِّجُوا مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ وَتَرْغَبُوا فِي مُجَرَّدِ الْحَسَبِ وَالْجَمَالِ أَوْ الْمَالِ ( تكن فتنة وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ) أَيْ ذُو عَرْضٍ أَيْ كَبِيرٌ , وَذَلِكَ لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُزَوِّجُوهَا إِلا مِنْ ذِي مَالٍ أَوْ جَاهٍ , رُبَّمَا يَبْقَى أَكْثَرُ نِسَائِكُمْ بِلا أَزْوَاجٍ , وَأَكْثَرُ رِجَالِكُمْ بِلا نِسَاءٍ , فَيُكْثِرُ الافْتِتَانُ بِالزِّنَا , وَرُبَّمَا يَلْحَقُ الأَوْلِيَاءَ عَارٌ فَتَهِيجُ الْفِتَنُ وَالْفَسَادُ , وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَطْعُ النَّسَبِ وَقِلَّةُ الصَّلاحِ وَالْعِفَّةِ " .
وقد كان بعض الصحابة مشركاً ثم أسلم وحسن إسلامه ، فتزوج ، ولم يُرد بحجة أن له سوابق .
فالمعتبر في حال الرجل هو ما التزم به حديثاً مع توبته عن الماضي وما فيه .
نسأل الله أن يُيسر لك زوجاً صالحاً ، وذرية صالحة .
والحمد لله رب العالمين .(8/35)
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
النظر إلى المخطوبة والعدول عن الخطبة
تاريخ 19 ذو القعدة 1427 / 10-12-2006
السؤال
أنا شاب عمري 28 سنة خطبت فتاة تعمل كمدرسة في إحدى المدارس الحكومية وعندما طلبت رؤيتها في منزلها رفض أبوها بحجة العادات والتقاليد، ثم أرسلت أهلي لرؤيتها فعادوا لي بكلام مثل ( جمالها وسط ، هناك مشكلة في مشيتها ، قوية الشخصية ، جريئة زيادة عن الحد ) ، ونظراً لما أعرفه عن أهلي من عدم نظرهم للأمور من الناحية التي أنظر فيها للبنت ( وخاصة الشرعية ) أردت رؤيتها بنفسي . فوافقت الفتاة وتمشينا في السوق قليلاً بعد خروجها من عملها . وتبين لي أن ما ذكره أهلي من الصفات موجود فيها وخاصة المشي . فقد كانت مشيتها غير طبيعية ويستطيع أي شخص ملاحظة ذلك . والظاهر فيها أنها ملتزمة دينياً ، وأضيف أنني قد استخرت الله عز وجل أكثر من مرة وأني عندما مشيت معها وحدثتها لم أجد لها مكاناً في قلبي ولم أكن مرتاحاً لها ، فهل أنا مخطئ إن رفضتها علماً أنها وأهلها قد وافقوا على زواجي منها وهم الآن ينتظرون ردي ، وهل أنا مخطئ في رؤيتي لها في الشارع، وماذا أفعل لأكفر عما اقترفت من الأخطاء ، أرجو الرد لأن الموضوع متوقف الآن علي ؟
وجزاكم الله كل خير وأحسن مثواكم .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنظر إلى المخطوبة مشروع، بل حث عليه الشارع لكونه أدعى للألفة ودوام العشرة كما قال صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل . كما في المسند والمستدرك وسنن أبي داود . وقال لرجل أخبره أنه يريد أن يخطب امرأة: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما . كما في المسند والسنن، قال الحافظ ابن حجر: فيه استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء. اهـ .
ولا يشترط في ذلك إذنها ولا إذن أوليائها عند جمهور أهل العلم اكتفاء بإذن الشارع ولعموم الأخبار في ذلك مثل حديث جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إليها فليفعل . زاد أبو داود قال جابر : فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها. وللخاطب أن يبعث من أهله من يقوم مقامه في ذلك إن لم يتيسر له النظر بنفسه لأنه صلى الله عليه وسلم بعث أم سليم إلى امرأة وقال : انظري عرقوبيها وشمي عوارضها . رواه الحاكم وصححه ، ويؤخذ من الخبر أن للمبعوث أن يصف للباعث زائدا على ما ينظره فيستفيد بالبعث ما لا يستفيده بنظره، وللخاطب تكرار النظر مرتين أو ثلاثا حتى يحصل الغرض، فإن حصل وجب عليه(8/36)
أن يكف كما بينا في الفتوى رقم : 51914 ، وعليه فلا حرج على السائل في رؤيته للمرأة ونظره إلى ما يدعوه إلى نكاحها إذا لم يكتف برؤية غيره لها ، لكن يجب أن لا يكون هناك خلوة، وكان ينبغي أن يكون ذلك بحضرة أحد من أهلها إبعادا للريبة وسدا لباب الفتنة، ولا يشترط لإباحة النظر إذن من المرأة ولا من وليها، قال صاحب الفروع : وله تكراره وتأمل المحاسن بلا إذن .
ثم إنه لا حرج عليك في عدم نكاحها إن لم تطمئن إليها ولم تجد رغبة نحوها بعد ما نظرت إليها، بل لا ينبغي أن تنكح إلا من رغبت فيه واستجمع من الصفات ما يدعوك إليه، فذلك من دواعي الألفة والمحبة ودوام العشرة، ولتجنب مثل هذا الحرج الحاصل من رفض الخاطب لمخطوبته بعد أن رآها ولم تعجبه فالأولى أن ينظر الرجل إلى من يعزم على خطبتها فإن رأى ما يعجبه ويدعوه إلى نكاحها خطبها وإلا أعرض عنها دون أن يخطبها ثم يدعها وقد يكسر خاطرها بذلك، وتراجع الفتوى رقم : 48290 ، كما ننبهك أيها السائل الكريم إلى أن عمل المرأة منه ما هو مشروع ومنه ما هو ممنوع سيما في مجال التدريس، ولمعرفة تفصيل ذلك انظر الفتويين : 522 ، 1665 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تأخير النكاح وإقناع الخاطب بذلك
تاريخ 13 ذو القعدة 1427 / 04-12-2006
السؤال
ما هي أحكام الزواج في الدين مع العلم أنه هناك من تقدم لخطبتي و أنا أنهيت دراستي هذه السنة مشكلتي الوحيدة أنني لست مستعدة هذه الصائفة فكيف أقنعه؟ و جزاكم الله خيرا..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا جملة من أحكام الزواج وآدابه في الفتوى رقم: 73520، وما أحيل إليه من فتاوى خلالها، وننصح بمراجعة الكتب المؤلفة في ذلك ككتاب الشيخ الألباني رحمه الله (آداب الزفاف)
وكتاب تحفة العروس، وكتاب اللقاء بين الزوجين، وكتاب متعة الحياة الزوجية وغيرها وكذا كتب الفقه عند باب النكاح .
وأما مسألة تأخير الزواج وكيفية إقناع الخاطب بذلك فالأولى عدم تأخير ه ما لم توجد أسباب معتبرة لقوله صلى الله عليه وسلم : ثلاث لا يؤخرن: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤا . رواه الترمذي وأحمد
فإن كانت رغبتك في التأخير فيمكن إقناع الخاطب حينئذ بشرح سبب التأخير له أو بتوسيط من له وجاهة عليه من أهله وأقاربه وزملائه.
وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1151، 1847، 8156.
والله أعلم.(8/37)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يفسخ الخطبة لكونه خطب المخطوبة لجمالها
تاريخ 12 ذو القعدة 1427 / 03-12-2006
السؤال
إخواني ومشايخنا في الإسلام . السوال هو : أنا شاب أقدمت على الخطوبة والحمد لله تمت الخطوبة ولكن أنا أريد أن أسأل كانت نيتي هو لجمال المخطوبة التي خطبتها ثم لدينها وبعد ذلك سمعت محاضرة لأحد المشايخ يقول يجب أن تكون النية أولاً لدين المرأة وليس للجمال فقط وأنا أريد أن أصلح نيتي فهل أفسخ الخطوبة أم ماذا ؟
أفتوني في أمري وجزاكم الله ألف خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيباح للمسلم أن يقصد عند زواجه بمسلمة أو كتابية جمالها ولا إثم عليه في ذلك قال الإمام ابن حجر العسقلاني في الفتح : قوله صلى الله عليه وسلم ( وجمالها ) يؤخذ منه استحباب تزوج الجميلة إلا إن تعارض الجميلة الغير دينة والغير جميلة الدينة نعم لو تساوتا في الدين فالجميلة أولى . اهـ .
ونقل الحافظ في الفتح عن الإمام القرطبي قوله : معنى الحديث أن هذه الخصال الأربع هي التي يرغب في نكاح المرأة لأجلها، فهو خبر عما في الوجود من ذلك لا أنه وقع الأمر بذلك، بل ظاهره إباحة النكاح لقصد كل من ذلك لكن قصد الدين أولى . اهـ .
وعلى كل فلا داعي لفسخ الخطوبة للغرض المذكور في السؤال .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يجوز للمرأة المسلمة أن تطلب من الرجل أن يتزوجها ؟
سؤال:
أنا مسلمة جديدة ولله الحمد ولي سؤال هو : هل يجوز للمرأة المسلمة أن تطلب من الرجل أن يتزوجها ؟ هل ذكر الحديث عن المرأة تطلب الرجل ؟
الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا ... الحديث " رواه الترمذي ، وصححه الألباني.
الجواب:
الحمد لله
يسرنا أن نبارك لك اختيارك الموفق لطريق الأنبياء ومسلك العاقلين وهو توحيد الله تعالى والشهادة لنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة .
وأما عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح فإنه لا يناقض الحياء ، على أن يكون موثوقاً بدينه وخلقه .(8/38)
عن ثابت البناني قال : كنتُ عند أنس بن مالك وعنده ابنة له قال أنس : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تَعرض عليه نفسها ، قالت : يا رسول الله ألك بي حاجة ؟ فقالت بنت أنس : ما أقلَّ حياءها ، وا سوأتاه ، وا سوأتاه ، قال : هي خير منكِ ، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم فعرضتْ عليه نفسَها . رواه البخاري ( 4828 ) .
وقد بوَّب عليه الإمام البخاري بقوله : باب " عرْض المرأة نفسَها على الرجل الصالح " .
وقال الحافظ ابن حجر :
قال ابن المنيِّر في " الحاشية " : من لطائف البخاري أنه لما علم الخصوصية في قصة الواهبة استنبط من الحديث ما لا خصوصية فيه وهو جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح رغبة في صلاحه ، فيجوز لها ذلك ، وإذا رغب فيها تزوجها بشرطه ....
وفي الحديثين – أي : حديث سهل وحديث أنس وكلاهما في التي عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم - : جواز عرض المرأة نفسها على الرجل ، وتعريفه رغبتها فيه ، أن لا غضاضة عليها في ذلك ، وأن الذي تعرض المرأة نفسها عليه بالاختيار ـ له أن يقبل أو يرفض ـ ، لكن لا ينبغي أن يصرح لها بالرد بل يكتفي السكوت . " فتح الباري " ( 9 / 175 ) .
وقال العيني :
قول أنس لابنته " هي خير منكِ " دليل على جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح ، وتعريفه رغبتها فيه لصلاحه وفضله ، أو لعلمه وشرفه ، أو لخصلة من خصال الدين ، وأنه لا عار عليها في ذلك ، بل يدل على فضلها ، وبنت أنس – رضي الله عنه – نظرت إلى ظاهر الصورة ، ولم تدرك هذا المعنى حتى قال أنس " هي خير منكِ " ، وأما التي تعرض نفسها على الرجل لأجل غرض من الأغراض الدنيوية فأقبح ما يكون من الأمر وأفضحه . " عمدة القاري شرح صحيح البخاري " ( 20 / 113 ) .
والأفضل للمرأة أن تلمِّح لوليِّها برغبتها بالزواج من الرجل الصالح الموثوق بدينه وخلقه دون التصريح للزوج بذلك ، ويمكن الاستدلال بما فعلته إحدى المرأتين حين قالت لأبيها – عن موسى عليه السلام - : ( قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ) القصص/26 ، قال القرطبي :
قوله تعالى : ( قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ) القصص/27 فيه عرض الولي ابنته على الرجل ، وهذه سنَّة قائمة عرض صالح مدين ابنته على صالح بني إسرائيل ، وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان ، وعرضت الموهوبة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن الحَسن عرض الرجل وليته ، والمرأة نفسها على الرجل الصالح اقتداء بالسلف الصالح ، قال ابن عمر لما تأيمت حفصة قال عمر لعثمان : إن شئتَ أنكحك حفصة بنت عمر ، انفرد بإخراجه البخاري (4005)(8/39)
" تفسير القرطبي " ( 13 / 271 ) .
إلا أن ينبغي التنبيه على أن أكثر ما يقع الآن من ميل المرأة إلى رجل معين يكون بأسباب محرَّمة كالتساهل منها في مخاطبته والجلوس معه . وقد يكون صاحب غرض سيئ فيستغل هذا العرض منها في الوصول إلى بعض أغراضه . فيجب الحذر من هذا وحفظ العرض عما يدنسه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
لا حرج في فسخ الخطبة
تاريخ 07 ذو القعدة 1427 / 28-11-2006
السؤال
أنا شاب عندي 25 سنة على خلق ومتدين والحمد لله كنت أريد الزواج بفتاة أحبها جدا ولكنها لا تعلم وكنت أحاول أن أجعلها تلاحظ تصرفاتي معها ولكنها فاجأتني بأنها قد خطبت ولأنني أريد رضى الله فقد قررت أن أكمل نصف ديني وأتزوج بالإنسانة التي أراها مناسبة ورأيت فتاة في فرح وذهبت للكلام مع أهلها واتفقنا أننا سوف نجعلها قراءة فاتحة فقط لفترة حتى يتم التعارف ويكتب الله ما هو خيرا لنا ولكنني فوجئت بأن الفتاة التي أحبها قد فسخت خطبتها وأجدني أحبها وأريد الارتباط بها ولكنني أخاف أن أظلم الفتاة التي دخلت بيتها مع العلم بأني إذا تزوجتها وأنا أحب أخرى سوف أظلمها وقد قال الأول تزوجوا ممن تحبوا وترتاح قلوبكم، فدلني ماذا أفعل إذا تركت الفتاة هل يعتبر هذا ذنباً وأعتبر ظالما ويعاقبني ربي أما إذا تزوجت واحدة لا أحبها حتى لا أشعر بالذنب هل سنكون أسرة سعيدة متحابة ؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصد بقراءة الفاتحة مجرد الخطوبة فلا مانع من فسخها والزواج بمن ترغب، وليس هذا من الظلم ولا إثم عليك في ذلك، إذ لا يلزم الخاطب المضي في إتمام الزواج إذا رغب عن ذلك، ولكن عليك أن تعتذر بأسلوب حسن لا يجرح مشاعر هذه المرأة وأهلها .
وأما إذا تم عقد النكاح الشرعي فإننا ننصحك بالاستمرار وعدم الطلاق لما في الطلاق من كسر نفس المرأة، وأنت لم تقدم على خطبتها إلا برغبة، والمفاضلة بين النساء أمر لا ينتهي، فمن استسلم لذلك تخبط، والحب ينمو بالمعاشرة وحسن الخلق وغير ذلك من مقومات الأسرة المسلمة القائمة على منهاج الإسلام، وليس معنى هذا أنه يحرم عليك إن كنت قد عقدت عليها أن تطلقها، إذ الطلاق في الأصل مكروه، ولكن ليس هناك المبرر الكافي لطلاقها والرجوع إلى من كنت تحبها، وعموما فإننا نرشدك إلى الاستخارة الشرعية المبينة في الفتوى رقم : 77811 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(8/40)
ــــــــــــــ
الخطبة بنية تأخير الزواج لفترة طويلة
تاريخ 06 ذو القعدة 1427 / 27-11-2006
السؤال
أنا شاب أدرس حاليا في الجامعة وأقيم علاقة مع إحدى الفتيات التي هي بنت عمتي وأنا الآن مصمم على خطبتها مع العلم أني بدون عمل وليس لدي سكن بمفردي لكن أريد أن أخطبها ثم أنتظر 4 سنوات أو 5 لكي أتزوجها.
وفيما يخص المهر سيقوم عدد من أصدقائي بدفعه.
هل هذا يجوز أم لا؟
وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن تعلم أولا أنه لا يجوز للمسلم إقامة علاقة مع امرأة أجنبية عنه ولو كان ذلك بغرض الزواج،
وقد بينا خطورة تلك العلاقات وما قد يترتب عليها من مفاسد في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9463، 9629، 10522.
فإذا كنت راغبا في الزواج من ابنة عمتك فعليك أن تقطع تلك العلاقة المحرمة بينكما أولا، ثم تباشر بعد ذلك الأسباب المشروعة لخطبتها من ولي أمرها كأن تكلمه أو ترسل إليه من يكلمه عنك . وتبين له نيتك في تأجيل الزواج إلى ما بعد انتهاء مدة الدراسة . فإن رضي فلا حرج عليك، ولكن ينبغي أن تعلم أن الخطوبة ليست زواجا فلا تبيح أمرا محرما.
وعليه.. فإن الفتاة تبقى أجنبية عنك لا تجوز لك الخلوة بها ولا غير ذلك مما كان محرما قبل الخطبة؛ كما بينا في الفتوى رقم: 31276، وإذا تبرع لك زملاؤك أو غيرهم بالمهر ونحوه من مستلزمات الزواج فلا حرج عليك في قبوله وهو من التعاون على البر المندوب إليه شرعا في قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ {المائدة:2} وينبغي أن تسارع إلى إتمام الزواج لتعف نفسك عن الحرام ما دمت قد وجدت من يعينك على إتمامه، وهو -أي الزواج- من أسباب العون وتيسير الحال؛ كما قال تعالى: وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32} وانظر الفتوى رقم: 64967
ونرشدك إلى ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم وندب إليه معاشر العزاب في قوله: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. أي وقاية من الزنا. أخرجه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(8/41)
لا ينبغي رفض الخاطب لكونه فقيرا
تاريخ 02 ذو القعدة 1427 / 23-11-2006
السؤال
أنا فتاة عمري 25 سنة، منذ عشر سنوات أعجب بي شاب طلب مني أن أعده أنتظره كي يتزوج بي أنا طبعا رفضت ، بقي على هذا الحال سبع سنوات وكان ردي نفسه دائما ومنذ سنتين طلب مني أن يتقدم لخطبتي لكني طلبت منه التأني ويمهلني لأن والدتي ضد فكرة الزواج وفي تلك الفترة كنا نتبادل الحديث عبر الهاتف ثم بدأنا نلتقي وبالتالي وقعنا في المعصية لم نزن لكن أخطأنا كثيرا ثم تقدم لخطبتي، أهلي وافقوا لكن أهله عارضوا لأن والدته تريد أن يجمع كثيرا من المال لما جاءت لخطبتي ذكرت أن ابنها لايملك شيئا ودخله ضعيف ونفس الشيء ذكره والده لأبي رغم هذا أهلي وافقوا لكن ماحدث هو أن والدي قال بأنه أعطى موافقته لوالده ووالده نفى هذا وهذا بعد ثلاثة أشهر من لقائهم لا نعرف من يقول الحقيقة إلى يومنا هذا القضية على حالها أبي ينتظر والده ووالده ينتظر والدي منذ سنة ونحن على هذا الحال ما العمل ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليكما أن تتقيا الله سبحانه وتعالى وتتوبا إليه مما وقعتما فيه من خطيئة، وينبغي أن تبادروا إلى إتمام أمر الزواج، وبإمكان خطيبك أن يشافه أباك أو يوسط من يكلمه في الأمر ، وقبل أن يتم العقد بينكما لا تجوز لكما الخلوة أو اللمس أو النظر أو الحديث المحرم، ولتقتصرا في الكلام عبر الهاتف إن دعت إليه الحاجة على ما تدعو إليه الضرورة من ترتيب أمر الزواج وتحديد موعده ونحو ذلك، وإن كان حديثكما سيؤدي إلى أمر محرم فعليكما أن تقلعا عنه، وليكن الحديث بينكما عن طريق الأقارب وأولياء الأمور ، ولا ينبغي أن يكون قصر ذات يد خطيبك سببا في تأخير الزواج إذا كان مرضيا في دينه وخلقه لأن الله سبحانه وتعالى يقول : وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور: 32 } واحرصا على تقوى الله عز وجل وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فمن يتق الله يجعل له من أمره يسرا، ومن يتق الله يجعل له مخرجا، قال تعالى : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا {الطلاق: 2 } وقال : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق: 4 } وإذا علمت مماطلة والدك فينبغي أن توسطي أمك أو غيرها من أقربائك ممن يستطيعون التأثير عليه ليعجل بإتمام الأمر ما دام الخاطب راغبا ومستعدا، فإن امتنع فقد بينا حكم العضل ومتى يحق للفتاة رفع أمرها للقاضي ليتولى أمرها في الفتويين : 7759 ، 9873 ، ولمزيد من الفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية : 9463 ، 30194 ، 4074 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
كيف يعرف الزوجةَ المرأة الودود والولود قبل الزواج ؟(8/42)
سؤال:
ورد في حديث نبوى شريف " تزوجوا الودود الولود " إلى آخر الحديث ، كيف يعرف المرء المرأة الودود والمرأة الولود قبل الزواج ؟ .
الجواب:
الحمد لله
عن معقل بن يسار قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال ولكنها لا تلد ، أفأتزوجها ؟ فنهاه ، ثم أتاه الثانية ، فقال مثل ذلك فنهاه ، ثم أتاه الثالثة فقال مثل ذلك ، فقال صلى الله عليه وسلم : تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم . رواه أبو داود ( 2050 ) ، والنسائي ( 3227 ) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " آداب الزفاف " ( ص 132 ) .
ويمكن معرفة المرأة الولود بأحد طريقين :
الأولى : من النظر في حال أمها وأخواتها .
والثانية : أن تكون تزوجت قبل ذلك ، فيُعلم ذلك من زواجها المتقدم .
قال الشيخ عبد العظيم آبادي في "عون المعبود" (6/33) ( تَزَوَّجُوا الْوَدُود ) : أَيْ الَّتِي تُحِبّ زَوْجهَا ( الْوَلُود ) : أَيْ الَّتِي تَكْثُر وِلادَتهَا .
وَقَيَّدَ بِهَذَيْنِ لأَنَّ الْوَلُود إِذَا لَمْ تَكُنْ وَدُودًا لَمْ يَرْغَب الزَّوْج فِيهَا , وَالْوَدُود إِذَا لَمْ تَكُنْ وَلُودًا لَمْ يَحْصُل الْمَطْلُوب وَهُوَ تَكْثِير الأُمَّة بِكَثْرَةِ التَّوَالُد , وَيُعْرَف هَذَانِ الْوَصْفَانِ فِي الأَبْكَار مِنْ أَقَارِبهنَّ إِذْ الْغَالِب سِرَايَة طِبَاع الأَقَارِب بَعْضهنَّ إِلَى بَعْض اهـ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل يتزوج بمن كان على علاقة عاطفية معها
تاريخ 02 ذو القعدة 1427 / 23-11-2006
السؤال
أرجو من سماحتكم إرشادي فيما أفعله حيال قضيتي، لي علاقة مع فتاة منذ 6 سنوات من دون علم أهلها، وكان بيننا معاصي، ولكن الحمد لله لم نقع في الكبيرة، وبيننا اتفاق على الزواج ولا يزال، أنا الآن تبت إلى الله والحمد لله وقد قطعت اللقاءات معها إلا بعض الاتصالات الهاتفية في مناسبات العيد وغيرها، وأنا التزمت والحمد لله ولا أرى فيها الزوجة المثالية من حيث الالتزام (على الأقل على المقاس الذي وضعته لزوجة المستقبل)، وأنا مقبل على التقدم لخطبتها لأهم سبب وهو أن يكفر الله ما كان مني من معاص، فهل نحن ملزمون بالوفاء للعهد، وهل الدافع الذي ذكرته للتقدم لها كاف، خاصة وأنه بلغني أن العلاقات قبل الزواج في أغلب الأحيان تكون سببا لهدم الزواج، فأرجو من سماحتكم إرشادي؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/43)
فالحمد لله على أن تبت من هذه المعاصي، والحمد لله على أن عصمك من الوقوع في نهايتها وهو الزنا، الذي قال الله فيه: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32}، وليس من شرط التوبة أن تتزوج بهذه الفتاة، فالتوبة كافية لتكفير الذنوب التي اقترفت معها، وليس من شروط صحة التوبة الزواج ممن كان يعصى الله معها، أما الوفاء بالوعد فهو مطلوب، لكن إذا كانت الفتاة غير صالحة وغير متدينة، فلا ينبغي لك الزواج بها، واحرص على ذات الدين.
وأما إذا تابت إلى الله من تلك العلاقة، فهي جديرة بأن تفي لها بما وعدتها، ولا أثر لتلك العلاقة على نجاح الزواج إن شاء الله تعالى، فإن التوبة تهدم ما قبلها، ولا يؤاخذ التائب على ما فعله قبل التوبة. وانظر شروط التوبة في الفتوى رقم: 1106.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل ما فعله للتعرف على صفات مخطوبته صحيح ؟
سؤال:
لي ابنة خالة ، وتبدو أنها ذات دين وخلق ، ولكن لا أعلم كثيراً عن شخصيتها وفلسفتها في الحياة ونسبه التفاهم بيننا ، قد استعملت الإنترنت سبيلا للتعرف عليها مع التشدد في الالتزام بالآداب ، وخاصة أننا من عائلة محافظة ، والحمد لله توصلت إلى قرار الزواج منها إن شاء الله ، ولكن ذلك قد يستغرق سنتين أو أكثر حتى أتمكن من تأهيل نفسي ، فأنا لا أزال طالباً في آخر سنة من الجامعة .
والسؤال هو : هل ما قمت به جائز ، خاصة أنه استغرق حوالي سنة ؛ ولأن عادات الزواج عندنا لا تتيح للشخص التعرف على شخصية الآخر إلا بالخطبة ، ولو أنه بعد الخطبة اتضح أنه لا يمكن الاستمرار قد تولد بعض المشاكل وقطيعة الرحم ؟ وأشعر بضيق مما قمت به وأخشى أنه يعتبر معصية وخيانة ، وهل يجوز أن أتابع مراسلتها إلى أن أتقدم إلى خطبتها ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا تجوز المراسلة والمحادثة مع المرأة الأجنبية ، وإذا قصد الرجل الخطوبة فعليه أن يسلك الطريق الشرعية إلى ذلك ، وإذا كانت المرأة التي يود الاقتران بها من أقاربه فإن الأمر يكون أسهل بالنسبة له ، فإما أن يكون هو على علم بأحوالها أو يستطيع أن يعرف أحوالها وأخلاقها عن طريق النساء من أهله .
ولا يمكن أن يقف الرجل ولا المرأة على الأخلاق الحقيقية لكل واحد من الطرفين من خلال المراسلة والمحادثة قبل الزواج ؛ إذ لن يظهر من كل منهما إلا عذوبة العبارة وحسن المنطق والمجاملات .
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله :
إذا كان الرجل يقوم بعمل المراسلة مع المرأة الأجنبية وأصبحا متحابين هل يعتبر هذا العمل حراماً ؟ .
فأجاب :(8/44)
لا يجوز هذا العمل ؛ لأنه يثير الشهوة بين الاثنين ، ويدفع الغريزة إلى التماس اللقاء والاتصال ، وكثيرا ما تُحْدِثُ تلك المغازلة والمراسلة فتنًا وتغرس حب الزنى في القلب ، مما يوقع في الفواحش أو يسببها ، فننصح من أراد مصلحة نفسه حمايتها عن المراسلة والمكالمة ونحوها ، حفظا للدين والعرض ، والله الموفق .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 578 ، 579 ) .
وقد سبق تحريم المراسلة بين الجنسين في أجوبة الأسئلة : ( 26890 ) و ( 10221 ) فلينظرا .
وقد أبيح للخاطب أن ينظر إلى المخطوبة دون ما سوى ذلك من الخلوة والمصافحة ، ولك أن تعقد عليها وتؤخر الدخول ، ليكون لقاؤك معها شرعيّاً ، وتستطيع في هذه الفترة تركيز التعرف عليها أكثر وأكثر .
وفي جواب السؤال رقم ( 7492 ) كلام مهم لمثل هذه المسألة فلينظر .
وانظر جواب الأسئلة : ( 7757 ) و ( 2572 ) و ( 20069 ) لتعلم حدود العلاقة بين الخاطب والمخطوبة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
ترتكب المحرمات مع خطيبها
سؤال:
أنا فتاة مسلمة واصلي وأخاف ربي كثيراً ولكن عندي مشكلة أني أعرف شخص وتقدم لخطبتي وأبي وافق ولكن كل مرة يؤجل الموضوع لأسباب عائلية ونحن لا نستطيع الصبر فكل ما يمر الوقت أجد نفسي متعلقة به كثيراً وهو كان يطلب مني مقابلته كثيرا ، واجتمعنا أكثر من مرة ونتحدث ، ونقبل بعضنا كأننا متزوجان وحتى الملامسة واعرف انه حرام وخطاْ وبعد المقابلة أتشاجر معه واكره نفسي واستغفر ربي واصلي صلاة الاستخارة في هذا الشخص إذا كان صالحاً لي أم لا وكل مرة أقول له خلاص لا نجتمع إلا بالحلال ونعاود نفس الخطأ أريد حلاً ساعدوني .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ذكرت من سؤالك أنك محافظة على الصلوات الخمس كما أنك تخافين الله عز وجل كثيراً ، فنرجو أن تكوني على خير ، ونسأل الله عز وجل أن يثبتك على الإيمان والعمل الصالح وأن يبعد عنك الشر والفساد .
ثانياً :
إن الشرع المطهر قد سد جميع الطرق المفضية إلى الوقوع في الفواحش ، قال تعالى : ( ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ) فعبر بالقرب منها المفضي إلى الوقوع فيها ، كما حذرنا الشرع من اختلاط الرجال بالنساء ، فقال صلى الله(8/45)
عليه وسلم : ( إياكم والدخول على النساء ، فقالوا : يا رسول الله أرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت ) متفق عليه .
والحمو هم أقارب الزوج من الأخ وابن عمه وابن خاله وغيرهم .
كما حذرنا من الخلوة بالأجنبية فقال صلى الله عليه وسلم : ( ما خلا رجل بامرأة إلا وكان ثالثهما الشيطان ) أخرجه أحمد ، والترمذي ، والحاكم ، وقال الألباني : صحيح ( صحيح الجامع برقم 2546 ) .
كل هذا من أجل حماية الأعراض من الوقوع في الفاحشة وسد كل الطرق المفضية إلى جريمة الزنا .
ثالثاً :
إن الخاطب أجنبي عن مخطوبته حتى يتم العقد ، فخروجك مع هذا الرجل الأجنبي ومقابلتك له واجتماعك به وما يتبع ذلك من الأمور التي ذكرتها كل ذلك من المحرمات ، فاتقي الله وامتنعي عن مقابلته حتى يتم العقد الشرعي وصارحيه بذلك .
انظري السؤال رقم ( 2572 ) و ( 23432 ) .
رابعاً :
هذا الشخص لو رأى منك الحزم والشدة والاستقامة والصلاح فإنه سيزداد تمسكه بك لأنه رأى منك شخصية قوية لا تستسلمي لعواطفك ، ومن هذا الذي لا يحب أن تكون زوجته قوية الشخصية حريصة على عرضها ، وبالتالي فإن هذا سينعكس في حياته ويغير مسيرة حياته إلى استقامة وصلاح كان سببه أنت .
خامساً :
ثقي بالله عز وجل وأكثري من الدعاء ، لاسيما في أوقات الإجابة ، وتحلي بالصبر وتذكري ما أعد الله عز وجل للصابرين ، قال تعالى : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) .
سادساً :
نذكرك بقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ... ) الآية . والشيطان يتدرج في دعوته إلى الباطل فقبل أن يوقع المسلم في الزنا يجره إليه عبر الخلوة بالمرأة ، ومحادثتها ومن ثم تقبيلها ثم يكون اللقاء المحرم ، والكبيرة المنكرة الزنا والعياذ بالله .
وكما قال القائل : نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء .
سابعاً :
ينبغي لك أن تبعدي الثقة العمياء بكل أحد ، فكم من امرأة وكم من فتاة قالت خطيبي شريف وهو غير ما يتوقعه الناس ، فوقعت فريسة نتيجة سذاجتها ، فلا ينبغي في مثل هذا حسن الظن ، بل احرصي غاية الحرص واحذري غاية الحذر ..
ثامناً :
ينبغي لك أن تتريثي في هذا الزوج وتتحرين عنه كثيراً لأنه سيكون شريك الحياة ، فهل يصلح أن يكون هذا شريكاً لحياتك رغم محاولته وبقائه على المحرم .(8/46)
تاسعاً :
ابحثي عن العوائق والمشكلات التي قد تعرقل الزواج باللتي هي أحسن مع والدك ، فإن لم يمكن مخاطبته مباشرة فبإمكانك أن تدخلي من يؤثر عليه سواء والدتك أو إخوانك أو أي شخص له عند والدك مكانة ووجاهة ، فيحثه على المبادرة والإسراع في إجراء عقد النكاح ، ويبين له خطورة بقاء المرأة من غير زوج ، لاسيما مع تقدم السن ، فقد لا تكرر الفرصة ويذكره ويخوفه بسوء العاقبة إن هو أهمل أو فرط .
وبعض الأولياء – هداهم الله – يجعلون المشكلات العائلية حتى اليسيرة منها عائقة لمثل هذه الأمور التي يكتوي بنارها آخرون دون مبالاة ولا شعور بالمسؤولية .
وأخيراً :
نسأل الله أن يوفقك لكل ما فيه خير ، كما نسأله جل وعلا أن يصلح خطيبك هذا أو ييسر لك من ترضين دينه وخلقه .. إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
تكرار نظر الخاطب إلى المخطوبة عند الحاجة
تاريخ 29 شوال 1427 / 21-11-2006
السؤال
الحمد الله رب العالمين، إنه قد من على وتقدمت لخطبة أخت
للزواج وقد ذهبت للرؤية حوالي ثلاثة مرات ولكني لم أتذكر من هذه الرؤية أي شيء وذلك لكثرة حياء الفتاة، ولأني لم أجلس كثيرا عندها، السؤال هنا: هل يجوز أن أذهب لعمل رؤية رابعة لأني والله لم أتذكر شكلها نهائيا، وما حكم الشرع في ذلك؟
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشرع ندب إلى أن ينظر الخاطب إلى من يريد خطبتها، ففي الحديث الذي رواه أحمد والترمذي من حديث المغيرة بن شعبة قال: خطبت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنظرت إليها؟ قلت: لا، قال: فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما.
ففي هذا الحديث تنصيص على الحكمة من النظر إلى المخطوبة بقوله: فإنه أحرى أن يؤدم بينكما، وذلك لأنه سيرى منها ما يدعوه إلى الزواج بخلاف ما إذا تزوج من غير أن ينظر إليها، فإنه قد ينفر منها لأنه وجدها على غير ما وصفت له فينشب الخلاف، فلا مانع من تكرار النظر حتى تتحقق الحكمة التي من أجلها شرع النظر، قال العلامة الشربيني الشافعي في الإقناع: وله تكرير نظره إن احتاج إليه ليتبين هيئتها فلا يندم بعد النكاح والضابط في ذلك الحاجة ولا يتقيد بثلاث مرات. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(8/47)
ــــــــــــــ
لا سلطان لك على الفتاة بعد خطبتها
تاريخ 14 شوال 1427 / 06-11-2006
السؤال
أنا شاب مصري أبلغ من العمر 28 سنة وأعمل بالكويت تقدمت لخطبة فتاة منذ أكثر من تسعة شهور ووافق أهلها وهي أيضا وافقت وبعد مضى حوالي ستة أشهر بدأت المشاكل من جهة أهلها وخاصة والدتها وأخوها لفسخ الخطبة وتزويجها لشخص في العائلة مع العلم أن والدها كان رافضا تزويجها لهذا الشخص ولكن الفتاة وقفت ضدهم وقالت لن أتزوج غير خطيبي هذا وكانت حجة والدتها أنها عندما تمرض لن تجدني وستجد هذا الشخص وحجة أخيها أن العائلة قاطعته وهو لا يريد أن يخسر أحدا من العائلة وبعد محاولات اتخذ والدها قرارا بتزويجها لي حسب رغبة الفتاة واتصل بأهلي كي يحضروا الشبكة ويعقد أبي القران نيابة عني بتوكيل عام كنت قد سجلته لأبي من قبل وعندما ذهبت عائلتي إليهم أحضروا لهم شبكة بأكثر مما طلبوه واتفقوا على كل شيء ولم نناقشهم فيه حتى إن هناك بعض تجهيزات العروس يجب أن تحضرها رفضوا إحضارها فوافقنا أن نحضرها نحن وكمساعدة منا لهم في تجهيز العروس ولكن التوكيل العام رفض من قبل المأذون الشرعي بحجة أنه ألغي للزواج والطلاق فقمت بتحرير توكيل خاص بالسفارة وإرساله إليهم وعندما وصل التوكيل لهم اتصل بهم والدي لكي يذهب ويعقد القران فرفضوا لعد أسباب وهي 1- أن أذهب وآخذ العروس من المنزل بدلا من الصالون(الكوافير) مع العلم أنهم اشترطوا علينا عندما ذهبنا إليهم في بداية الخطبة ألا أذهب إلى المنزل عندهم وسآخذ العروس من الصالون ( هذا كان شرطهم وليس شرطي خوفا علي من السحر والربط وهذا شيء مشهور كثيرا عندهم) 2-وأن أعقد قراني بنفسي عندما تأتي إجازتي فوافقنا ولكنهم رفضوا بعد موافقتنا وأعادوا إلينا الشبكة ولم تجد معهم محاولات أفراد العائلة لعودة الأمور إلى سابقتها وقال والدها إنه لن يزوجها قبل 4 أو 5 سنوات ولكن فؤجئنا أن الشخص الذي رفضه والدها في البداية قد أحضر لها الشبكة ثاني يوم من إحضار والدها الشبكة لنا مع العلم أن الفتاة تحبني كثيرا ولكنها مرغمة
على ذلك حتى إنها رفضت لبس الشبكة الجديدة وأنا أيضا أحبها ولا أستطيع الاستغناء عنها مع العلم أن والدتها بنت خالتي فما رأي الدين في ذلك وهل أتخلى عنها بعد كل هذا الحب وماذا أفعل مع العلم أننا طلبنا منهم أننا سنأخذها وسنجهزها نحن بالكامل ولن يحضروا أي شيء لها إن أرادوا ذلك ولكن لا فائدة فهل قد يكونون سحروا والدها لكي يرفضني وإن كانوا فعلوا هذا كيف أعرف وكيف نستطيع إبطال هذا السحر إذا كانوا فعلوه أفيدوني أفادكم الله وجزاكم خيرا وكل عام وانتم بخير
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/48)
فإنا نشكرك على استشارتك لنا في ما نزل بك من مصيبة، ونسأل الله عز وجل أن يخلف عليك خيرا منها ويأجرك عليها، وقبل أن نشير عليك فيما ينبغي لك فعله نوضح أمرين متعلقين بمسألتك:
الأول: حكم فسخ الخطبة.. وهو الجواز من الطرفين لأنها ليست عقدا ملزما ، فيحق لكل طرف أن يفسخ الخطبة، ولكن الأولى عدم فعل ذلك لغير حاجة.
الثاني: حق الفتاة في اختيار الزوج، فالعلماء يقولون إذا دعت الفتاة البالغة العاقلة إلى الزواج بالكفء وجب على الولي تزويجها به ، والكفء الذي تختاره الفتاة مقدم على الكفء الذي يختاره الولي، فإن أبى تزويجها اعتبر عاضلا ولها أن ترفع أمرها إلى القاضي ليزوجها.
أما أنت فعليك قطع علاقتك بهذه الفتاة لأنها أجنبية صارت مخطوبة لرجل آخر، بعد أن فسخت خطبتك بها، وأنت تعلم حرمة خطبة المسلم على خطبة أخيه، وليس لك التدخل في شأن الفتاة مع أهلها.
وننصحك بالرضى بالقضاء وبما قسم الله لك، وتذكر قوله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}
كما ننصحك بالبحث عن فتاة أخرى ذات دين ، ومن أسرة طيبة، فإذا وجدتها فاظفر بها .
وفقك الله لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يتثبت من كون المخطوبة بكراً
سؤال:
مع أنه من غير اللائق ولكن هل من الخطأ أن أسأل زوجة المستقبل إذا كانت لازالت بكرا أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا شككت في الأمر فلك أن تتثبت من عفّة الزوجة ، أما إذا لم يكن لديك شك فلا داعي لمثل هذا لأنه يورث الحقد والضغينة ، ويكون سبباً في عدم الراحة والطمأنينة .
الشيخ : عبد الكريم الخضير .
ــــــــــــــ
من أراد خطبة فتاة فليأت الأمر من بابه
تاريخ 26 رمضان 1427 / 19-10-2006
السؤال
أرجو من شيخنا الفاضل الرد على هذه الفتوى في أسرع وقت ممكن على عنوان البريد الإلكتروني(8/49)
فضيلة الشيخ أحببت فتاة حباً شديداً وهي تصلي وتصوم، ولكنها متبرجة رغم الظروف التي تعيشها في بيت أبيها الذي هو بعيد عن الإسلام كل البعد وهي صاحبة لأختي ومن الممكن أن يكون البريد الإلكتروني للفتاة التي أحبها موجود في البريد الإلكتروني لأختي السؤال هل يجوز أن أحصل على رقم البريد لأختي، علما بأنه رقم البطاقة الشخصية (الهوية) بدون علمها وفتحه لأحصل على عنوان البريد الإلكتروني للفتاة التي أحبها بهدف أن أدعوها للبس الحجاب والاحتشام وأعرض نفسي عليها مع الالتزام بآداب الإسلام وشكراً، أرجو من فضيلة الشيخ التيسير علي في هذه الفتوى حسب الدليل من القرآن والسنه وعلم الله أن فيكم ضعفا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تدخل على بريد أختك دون إذنها لما في ذلك من التجسس عليها وعلى أسرارها، ولا أن تأخذ بريد صديقتها ولو كان غرضك حسناً، ولكن لك أن تتخذ السبل المشروعة لخطبة الفتاة المطلوبة، كأن تكلم أختك في الأمر لتعرضك عليها أو تخطبها من ولي أمرها ونحو ذلك من الوسائل الصحيحة البعيدة عن الريبة، قال الله تعالى: وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا {البقرة:189}، ولكل شيء باب يؤتى منه، وباب هذا الأمر إما ولي الفتاة أو هي نفسها إن لم يؤد ذلك إلى أمر محرم كالخلوة بها أو النظر إليها وهي متبرجة ونحوه.
وأما دعوتها فينبغي أن يتولاها غيرك من النساء فتكلم أختك أو غيرها لتكلمها عن الحجاب وحرمة التبرج وغير ذلك، وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60017، 23350، 21582، 27982.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لبس الدبلة وإعلان الخطبة
تاريخ 24 رمضان 1427 / 17-10-2006
السؤال
ما قولكم بعد أن يخطب الشاب الفتاة ومن ثم يقوم أهل الشاب بأخذ خاتم وبعض الولائم والذهاب إلى بيت أهل الفتاة بإعلان على كل الناس على أن تم خطبة فلانة لفلان ويسمى ( بيان)، وأحيانا يأتي هذا الشاب بنفسه ليقوم بإعطائها أمام كل النسوة من أهله وأهلها، كما يقوم بها الغرب وبالمناسبة ذلك يكون قبل أن يكتب الكتاب، فهل هذا يجوز شرعا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم لبس الدبلة وعدم جواز لمس الخاطب مخطوبته في فتاوى سابقة منها الفتوى رقم: 54610، والفتوى رقم: 5080.
أما ذهاب الشاب وأهله إلى بيت أهل الفتاة حاملين معهم بعض الهدايا قاصدين بذلك إعلان الخطبة، وإعلام الناس بها فلا حرج في ذلك، ما لم يكن هناك محظور(8/50)
شرعي من اختلاط بالنساء الأجنبيات ونحو ذلك، ولمزيد من الفائدة في هذا الموضوع تراجع الفتوى رقم: 65842.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
-ــــــــــــــ
الخطبة قبل إجراء العقد أفضل
تاريخ 15 رمضان 1427 / 08-10-2006
السؤال
أسأل عن أيهما أفضل في الإسلام أن أعمل حفلة خطوبة أم كتب كتابأ مباشرة مع العلم أني أعرف العروس وأهلها منذ شهرين وسأتزوجها خلال ستة أشهر بإذن الله ؟؟خطوبة أم كتب كتاب ...
وجزاكم الله خيرا عنا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخطبة سنة، فالإتيان بها ثم عقد النكاح بعدها أولى من إجراء العقد مباشرة، وقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم
عائشة رضي الله عنها وخطب حفصة رضي الله عنها.
قال الإمام ابن حجر العسقلاني في الفتح: وقد قال أهل العلم: إن النكاح جائز بغير خطبة، وهو قول سفيان الثوري وغيره من أهل العلم، وقد شرطه في النكاح بعض أهل الظاهر وهو شاذ. اهـ.
وقال الإمام الباجي المالكي: الخطبة بكسر الخاء ما يورد من الخطب في استدعاء النكاح والإجابة إليه .. والخطبة في استدعاء النكاح مشروعة، قال مالك في كتاب محمد: هي مستحبة وهي من الأمر القديم وليست بواجبة وعلى ذلك جميع الفقهاء، وقال داود: هي واجبة. اهـ.
والخطبة -كما سبق- هي طلب الرجل رأي المرأة ووليها في أمر النكاح، وأما ما زاد على ذلك من إقامة الولائم والاحتفالات فهو أمر زائد ولم يطلبه الشارع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
كيف يخبرها بأنه يريد الزواج بها
سؤال:
ما هو السبيل للاقتراب من أخت تريد الزواج منها ؟ لقد عرفت أن هذه الأخت كأنها أختي لفترة طويلة وهي تحترمني جداً ولا أعرف كيف أخبرها عن رغبتي في الزواج بها . كما أن أبي وعمتي يرغباني في الزواج بها (حيث أن أمي متوفاة رحمها الله) فماذا أفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله(8/51)
ينبغي للشخص إذا أحس بميل قلبه إلى امرأة معينة أن يلجأ إلى الطريق الذي أباحه الشرع ، وذلك يكون بالنكاح ، فإذا نوى الشخص الزواج بامرأة فإن عليه أن يتقدم لخطبتها ، عن طريق وليّها ، وهو أبوها إن كان موجوداً أو من يليه من أقاربها ، ولا يجوز أن يسلك في خطبة المرأة الأجنبية عنه سبيلاً غير شرعي بالتعرّف عليها والذهاب للقاءات المستمرة معها أو كثرة الاتصالات والكلام الهاتفي ، فهذه طرق لإبليس يجرّ بها إلى المعصية ، ويوقع صاحبها فيما لا تُحمد عقباه ، ولا يقبل كلام شخص يوثق علاقته بفتاة بحجة أنها مثل أخته ونحو ذلك من الحجج المتهافتة ، فعليك بإتيان البيوت من أبوابها ، وسلوك السبيل الشرعي للاقتران بهذه المرأة ، ولا بأس عند خطبتها أن تستميلها إليك ، وترغّبها بالموافقة بهديّة تقدّمها إليها عن طريق وليّها ، نسأل الله لنا ولك التوفيق السداد والبعد عن المحرمات والله الموفق ، ويراجع سؤال رقم 2572.
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
تخبيب الأخت خطيب أختها وصرفه عنك ليخطبها هي حرام
تاريخ 12 رمضان 1427 / 05-10-2006
السؤال
أختي أنانية إلى حد أنها تجرأت وبمراوداتها استطاعت أن تجعل خطيب وزوج المستقبل يتنكر لي ويخطبها هي بعد أن بارك الجميع زواجنا، خاصة عائلته هو، وقد حاولت عديد المرات تجاوز أنانيتها ومحاولة التقرب منها لكن أجدها كل مرة تزيد أنانية وحباً للنفس فأبتعد أنا بدوري عنها ألف ميل علما وأنها تتصرف مع أفراد عائلتي بنفس الطريقة، سؤالي أنني قد قاطعتها منذ سنتين رغم أننا نعيش بنفس المنزل ورغم أنني أحن إليها في بعض الأحيان فأكلمها لأجد منها النفور، واللامبالاة، فما حكم الإسلام في ذلك، علما بأنني كرهت الرجال وكلما تقرب مني أحدهم بغاية شريفة أصده لأنني أرى فيه صورة خطيبي ذلك العاقل المتزن الذي لا يمكنك أن تشكك في أخلاقه هذا بالإضافة إلى أنه ابتعد عن أختي بسبب رفض عائلتي المتواصل له ليخطب ابنة عمه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته أختك من تخبيب خطيبك وصرفه عنك ليخطبها هي حرام شرعاً وقبيح طبعاً، وقد فصلنا القول في ذلك في الفتوى رقم: 49861.
ولكن ينبغي التثبت من الأمر فقد تكون أختك بريئة والخاطب ألبسها التهمة مثلاً، لئلا تحمليه مسؤولية إعراضه عنك واختياره لها، وخلاصة القول أن تخبيب الخاطب على خطيبته أو العكس محرم شرعاً لما ذكرناه وكذلك سوء الظن بالناس ورجمهم بالغيب واتهامهم بما لم يفعلوا، وعلى اعتبار أن أختك فعلت ذلك فعليها أن تتوب إلى الله تعالى، وينبغي أن تسامحيها وتنسي ذلك الأمر، فلعل الله تعالى أراد بك خيراً إذ صرفه عنك، قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.(8/52)
وأما مقاطعتك لها فإن كانت هجراً بأن لا تسلمي عليها ولا تسلم عليك فذلك محرم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال. رواه أبو داود.
وحتى لو كانت هي تعرض عنك فلا ينبغي أن تعامليها بمثل ذلك بل أحسني إليها وكلميها وتبسمي في وجهها، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكإنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. وروى أحمد في مسنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن لي ذوي أرحام أصل ويقطعوني، وأعفو ويظلمون، وأحسن ويسيؤون، أفأكافئهم؟ قال: لا، إذاً تتركون جميعاً، ولكن خذ بالفضل وصلهم، فإنه لن يزال معك ظهير من الله عز وجل ما كنت على ذلك. قال شعيب الأرنؤوط: حسن.
فليس الواصل على الحقيقة من يصل ذوي رحمه إذا وصلوه وأحسنوا إليه، بل الواصل من يصل من قطعوه، فقد روى البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
وننصحك أيتها السائلة الكريمة أن لا ترفضي من تقدم إليك من أصحاب الدين والخلق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. فقالوا: يا رسول الله وإن كان فيه، فقال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. قالها ثلاث مرات. أخرجه الترمذي، وانظري الفتوى رقم: 998.
وأما خطيبك الأول الذي خطب أختك أيضاً ورفضه أهلك فالأولى تركه والإعراض عنه لممانعة الأهل ولكونه غير منضبط لتصرفه السابق، ولأنك لو تزوجت منه ربما أدى ذلك إلى خلاف وشقاق بينك وبين أختك، فننصحك بالإعراض عنه ونسأل الله تعالى أن يرزقك من أصحاب الدين والخلق من تقر به عينك وتسعد به نفسك إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا بأس بالدعاء بفسخ الخطبة ليخطب من يحبها
تاريخ 11 رمضان 1427 / 04-10-2006
السؤال
في البداية أود أن أوضح لكم وضعي.... أنا قد أحببت زميلة لي في العمل ومن النظرة الأولى دخلت قلبي وددت أن أخطبها وكنت أنتظر الفرصة.... الذي حصل أتت أختي وكلمتني عن قريبة لي أرادت أن تخطبها لي وأقنعتني لأسباب عائلية وبالفعل خطبتها وتمت الموافقة، ولكني لم أستطع نسيان زميلتي في العمل وكل يوم(8/53)
يزداد حبها في قلبي ونفسي، علماً بأنها ملتزمة في دينها... ولكني الآن أود أن أفسخ الخطبة ولكن أخاف المشاكل العائلية، سؤالي هو: هل يجوز دعاء الله أن يفك خطبتي دون مشاكل ويوفقني بالزواج من التي أردتها أنا بأن تكون زوجه لي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الدعاء بأن يصرف الله عنك تلك الخطبة دون إشكالات، ولكن نرى أن تكل الأمر لله تعالى وذلك عن طريق الاستخارة الواردة في الحديث الذي رواه البخاري وغيره من حديث جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (وتسمي حاجتك) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (وتسميه) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به. نسأل الله أن يختار لك الخير، وأن ييسر لك الزوجة الصالحة التي تعينك على طاعة الله.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل تطيع خاطبها وتترك العمل الذي تحتاج إليه
تاريخ 11 رمضان 1427 / 04-10-2006
السؤال
أنا مخطوبة لإنسان جيد والحمد لله لكنه رأى أشياء فى مجتمع الشغل جعلته لا يثق فى شغل البنت
وأنا أشتغل من ساعة الخطوبة ومن قبلها ومن فترة بدأ يلمح أنه غير متحمل لشغلى هو يقول إنه واثق في لكنه غير واثق فى الناس الذين من حولي أنا تعبت كثيرا معه لأقنعه أني أعمل ما يرضيه ولا أتحدث مع الرجال فى الشغل لكن ما رآه سابقا أو حصل معه زمان مسيطر عليه بشكل فظيع حول حياتنا إلى جحيم وأنا ما لا أستطيع ترك شغلي لأني وأهلي محتاجون إليه الآن وسوف أترك العمل بعد الزواج المشكلة الآن أن كلامه معي تغير عن الأول ودائما متضايق ومهما أتكلم معه وأقول له إن الذي رأيته زمان ليس شرطا أن يحدث في كل الأعمال لكن لا فائدة أشعر أن علاقتي به في انهيار وساعات يقول لي إنه ممكن يأتي عليه وقت ما يتحمل وجودي هناك ويقول لي أنا أو شغلك أشعر ان ليس هناك حل لمشكلتي غير أني أصلي وأدعو أن ربنا يهديه ويتحمل فترة شغلى القادمة على خير إلى أن نتزوج.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/54)
فلا يجب عليك في فترة الخطبة طاعة خطيبك، ولا إثم عليك في مخالفته، لأن الطاعة إنما تجب للزوج والخاطب ليس كذلك، هذا في الجملة،أما بخصوص عملك فإذا كان في عملك معصية لله، فعليك تركه طاعة لله عز وجل، وليس لأمر الخاطب، وإن لم يكن فيه معصية، وكنت مراعية لآداب خروج المرأة وعملها خارج البيت، من التزام بالحجاب الشرعي، وعدم الاختلاط بالرجال ونحو ذلك، فلا يلزمك طاعة خطيبك ولا يجب عليك ترك العمل، ولكن ننصحك بمحاولة إرضائه إما بترك العمل إذا لم تكوني محتاجة إليه جدا، وإما بطمأنته وإزالة شكوكه ببيان التزامك بالضوابط الشرعية في خروجك وعملك.
هذا، وننبهك إلى أن الخاطب قبل عقد النكاح كغيره من الأجانب لا يجوز لك الخلوة به ونحو ذلك من المحرمات الشرعية.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يجوز أن ترفض مسلما جيدا لسبب شخصي
سؤال:
هل يعد رفضي الزواج بمسلم جيد الحال لأسباب شخصية ( لم يعجبني ) , هل يعد ذلك معصية ؟
ما هي الأمور الضارة (إن وجدت) التي قد تترتب على فعل من هذا القبيل , على المستوى الشخصي وعلى العموم ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يعتبر هذا معصية لأن القناعة النفسية لها حظها من النظر في الإسلام ، ( والرجل قد لا يُعجب المرأة لأمر في خِلْقته وشكله – مثلا - فليس عليها إثم إذا رفضته ) لكن إن خشيتِ أن يفوتك القطار أو ألا يأتيكِ مثله فاتركي عنك ( المزاجية ) وحكّمي عقلك وبادري إلى الزواج .
من جواب للشيخ : إبراهيم الخضيري
والمرأة إذا اتّبعت هواها في رفض صاحب الدّين والخُلُق فقد تعاقب ببقائها عانسا ، وصلى الله على محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
لا يجب إخبار الخاطب بعقد القران السابق
تاريخ 09 رمضان 1427 / 02-10-2006
السؤال
لقد تم عقد قراني ثم طُلٍقت قبل الدخول وتقترح علي أمي أني في حال تقدم عريس لي أن أقول له إني خطبت فقط و لا أذكر موضوع العقد فهل هذا يجوز شرعاً؟؟؟
الفتوى(8/55)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب عليك إخبار الخاطب بما سبق من العقد، وليس في العقد عيب حتى يكتم عن الخاطب، لكن إن سأل فالأولى إخباره، وإذا استطعت التعريض بما لا يكون كذبا صريحا فلا حرج إن كان ذلك ربما يكون سببا في إعراضه عنك، ولكنه إن رأى أنك كذبت عليه وكتمت عنه ذلك بعد سؤاله فربما تكون الصدمة أكبر وربما تنعدم الثقة بينكما لذلك وربما طلقك، فالذي ننصحك به أن
لا تذكري ذلك للخاطب إلا إذا سألك عنه، وعلى كل حال لا يجب عليك إخباره بما سبق من العقد أو الخطوبة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
يتصل بها مرارا بزعم الخطبة ، ولا تعرف عنه شيئاً .
سؤال:
أنا مسلمة من أمريكا، وأبلغ من العمر 24 عاما، وقد دخلت في الإسلام منذ 8 أعوام، والحمد لله. وقد كنت طوال تلك الأعوام التي سبقت إسلامي أتطلع صادقة أن أصبح زوجة مسلمة وأما. لكن حلمي لم يتحقق لأني أعيش في جالية إسلامية صغيرة (.....).
وقد بعثت الشهر الماضي بملخص سيرتي الذاتية كي أجد عملا في أحد المدارس الإسلامية في إحدى الجاليات الإسلامية الكبيرة. فترك إمام أحد المراكز الإسلامية في فلوريدا العديد من الرسائل على جهاز التسجيل. ثم أتصل بي رجل من نفس المسجد بعد أيام وقال بأنه يقيم في أمريكا منذ 10 أعوام (وهو أصلا من السعودية) وأنه يبحث عن امرأة يتزوجها. وإنه قد تجاوز الثلاثين من العمر. وأضاف إنه يرغب في الزواج بي بعد اطلع على سيرتي الذاتية. (لقد أعطاه الإمام ورقتي لأنه علم أنه يبحث عن زوجة. وأنا طالبة دراسات إسلامية في إحدى الكليات).
أنا أعيش مع والدتي، وهي مسلمة أيضا، لكن ليس عندي أي قريب مسلم. كما أني لا أعرف أي من مسلمي فلوريدا. وقد واصل هذا الشخص اتصالاته بي وكان يتحدث إلي ووالدي موجودة، كما أنه تحدث إليها وطلب موافقتها على الزواج بي.
وأنا لدي الرغبة الشديدة في الزواج، بمشيئة الله، لكني قلقة جدا. فأن أشعر بالضعف لأنه ليس لي قريب يمكنه السؤال عن هذا المتقدم. وقد آلمني كثيرا سماعي لقصص من يأتون إلى أمريكا ويواعدون الفتيات لسنوات، أو أنه يقعون في أمور أخرى غير جيدة. وأنا قلقة بهذا الخصوص.
لقد تحدث المذكور كثيرا عن حبه للإسلام وللدعوة. وقال إنه سعيد لأن والدتي مسلمة وإنه يريدني أن أنفق عليها إن نحن تزوجنا كما أن من الممكن أن ننتقل إلى السعودية لنعيش هناك. لكني تخوفت أيضا لأنه قال إنه كان ملتحيا أغلب فترة عمره، لكنه كان يحلق لحيته أحيانا. وقد أقلقني هذا الأمر، لأني أعلم أهمية إعفاء اللحية في السنة. أما عن الأمر الأكثر أهمية لي في الزوج فهو مسألة اعتقاده(8/56)
وتطبيقه للإسلام. وقد قرأت كتبا عن الزواج الإسلامي حيث ورد فيها أنه من المستحيل أن يجد الشخص شريكا يستوفي جميع الشروط، لكن على المرء أن ينظر إلى التدين في شريكه. فكيف لي أن أعرف ما إذا كان هذا الشخص صالحا أم لا؟ كيف أعرف إن كان صادقا تجاه الإسلام بحق؟ ما هي الأمور التي على أن أتحراها فيه ؟ أرجو المساعدة.
كنت قد أرسلت سؤالا، وأرغب في إضافة مسألة أخرى: الرجل الذي يريد الزواج مني يتصل بي يوميا، وفي بعض الأحيان يتصل بي مرتين كل يوم. وأيضا، فلم يسبق له أبدا أن رآني سواء شخصيا أو عن طريق الصور، ومع ذلك فإنه متأكد أنه يريد أن يتزوج بي.
الجواب:
الحمد لله
وبعد : فهذا الأسلوب الذي يسلكه معك هذا الرجل يعتبر خطأً خاصة محادثته لك يوميا ، فينبغي أن تمتنعي عن ذلك وتطلب والدتك منه الكف عن ذلك ، وإن كان صادقاً في رغبته من الاقتران بك فليسلك السبل الشرعية ، بأن يتقدم لخطبتك من وليك ، فإن كان ليس لك ولي مسلم ، فإن وليك هو السلطان المسلم في البلد ، فإن كان ليس لهم سلطان ، فتكون الولاية إلى مرجع المسلمين وصاحب الكلمة المسموعة بينهم في المكان الذي تكونين فيه كمدير المركز الإسلامي أو إمامه أو خطيبه . وينبغي أن يتحرى عنه بمعرفة مدى صلاحيته لأن يكون زوجا صالحا أو ليس كذلك .
وأما بالنسبة للأمور التي ينبغي عليك أن تتحريها في الزوج فستجدين إجابة ذلك في السؤال رقم ( 5202 ) ويمكنك مراجعة السؤال رقم ( 389 ) و ( 2127 ) للتعرف على شروط الولي للمرأة المسلمة .
نسأل الله أن ييسر لك الرجل الصالح الذي يعينك على طاعة ربك .. آمين .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
خطبة امرأة وهي في عصمة زوجها من أعظم المحرمات
تاريخ 05 رمضان 1427 / 28-09-2006
السؤال
أخي الكريم/ لقد ضاقت الدنيا بنا ولم نجد مفرا من الله إلا إليه. نحن نكتب إليك شيخنا رسالة مشتركة لنجد حلا طال انتظاره.
أنا امرأة متزوجة منذ ما يقرب الأربعة سنوات. ولئن كانت البداية محمودة إلا أن الاختلاف وعدم الترابط الفكري والعاطفي سرعان ما برز. وإني لأعيش غربة في بيتي ومع أهله.فأنا لا أشعر نحوه بأية عاطفة ولا أحبه. حتى جماعنا أصبح عذابا. وبالرغم من وجود طفل حاولت الطلاق ولكن أهلي رفضوا. حاولت جاهدت إصلاح الأمور ولكني أجد نفسي أبتعد أكثر وأكثر حتى أصبح الأمر عذابا متلازما ليلا نهارا. وإني قرأت فتواكم رقم ( 33408 ) وأنه لينطبق حالي علي حال السائلة(8/57)
الكريمة من عذاب نفسي حتى دون أن يعلم ذلك. وإني لأعلم قول عمر رضي الله عنه أن ليس كل البيوت تبنى على الحب وحاولت جاهدة السيرعلى مثل هذا القول ولكن الأمر بات لا يطاق سيدي الكريم إني أقوم بواجباتي الزوجية حتى لأوفي حقه أمام الله وإني أعمل لأعينه على تدبير أمورنا بالرغم من كل ما أحمله في صدري من ضغط نفسي أخي الكريم تعرفت علي شاب في العمل باعتبار أن العمل والدراسة ووسائل التنقل مشتركة في تونس. أحببته وأحبني وهو ما زاد من عذابي وخوفي من الله ثم من فقدان ابني إذا طلقت طلاق الخلع. مع العلم أنه لا يطبق في تونس إنما يتساوى الزوجان أمام القضاء شيخنا الفاضل هل يحاسبني الله على حبي لهذا الشاب؟ ثم هل لي بحضانة ابني البالغ 3 سنوات إذا تزوجته؟ ثم إذا رفض أهلي هل يحق لي الزواج منه؟
سيدي الكريم / أنا الشاب الذي يحبها وإني قرأت فتواكم رقم ( 17829 ) وإني لأعلم أن الإسلام شدد على من يخطب على خطبة أخيه. وأنه لا يحق لي خطبتها أو وعدها بالزواج إذا طلقت أخي الكريم لست هادما للبيوت ولا مفرقا شمل الأسر بل إني طلبت منها أكثر من مرة إصلاح الأمور مع زوجها ولم أطلب منها الطلاق لتتزوجني بالرغم من كل الحب والاحترام الذي أحمله لها والله شاهد على ما أقول والله يعلم ما أحمله من عذاب نفسي لا يفارقني حتى في نومي. سيدي/ هل نحاسب على الحب؟ ثم إذا رفض أهلها هل لي بالزواج منها إذا انتهت عدتها وذلك حفظا لي ولها من السقوط في الحرام ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أيها الأخ أن تتقي الله تعالى في نفسك وفي هذه المرأة المسكينة التي أفسدت عليها حياتها وخببتها على زوجها، واعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ليس منا من خبب امرأة على زوجها ، أو عبدا على سيده . رواه الإمام أحمد وأبو داود وصححه السيوطي والألباني .
وكفى بذلك إثما وجرما، فلا يجوز لك أن تخطبها وهي في عدتها فكيف تخطبها وهي في عصمة زوجها؟! إنك بذلك تهدم بيتا وتفكك أسرة وتسعى للشيطان في حاجته، فإياك وهذا الفعل الشنيع والجرم الفظيع، وقد اطلعت على ما ذكرناه في الفتوى رقم : 17829 ، فهلا كففت وابتعدت وبحثت عن ذوات الدين والخلق اللاتي لسن في عصمة .
وجوابا على ما سألت عنه نقول: إن الله سبحانه وتعالى سيحاسبكما على الحب الآثم وما يترتب عليه من الذنوب كالخلوة والنظر والحديث في خضوع ولين وبما لا يحل ، وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية : 24376 ، 4220 ، 9360 ، 32948 .
وأما المرأة فننصحها بالصبر فليست كل البيوت تبنى على الحب، وقد يكون سبب البغض والخلاف ناشئا عن تلك العلاقة الآثمة.
فعين الرضا عن كل عيب كليلة **** كما أن عين السخط تبدي المساويا .(8/58)
فإن استمر الحال بينهما على ما هو عليه لظلمه وسوء عشرته فلها أن تسأله الطلاق، ولها أن تفتدي منه فتخالعه، وهي أحق بحضانة ابنها ما لم تتزوج؛ كما بينا في الفتاوى ذات الأرقام التالية : 25886 ، 8948 ، 3484 ، 2019 ، وإذا تم الطلاق وانتهت العدة فلا حرج عليها أن تتزوج من شاءت، وننصحها بصاحب الدين والخلق، وليكن في علمها أنه لا بد من توفر شروط النكاح ليكون صحيحا. ومن ذلك إذن الولي ورضاه فإن امتنع لغير عذر شرعي أو سبب وجيه كعدم كفاءة الزوج وفسقه أو سوء خلقه ونحو ذلك فلها أن ترفع أمرها إلى الحاكم أو من ينوبه في ذلك كالقاضي ونحوه ليتولى ذلك بدل الولي، كما بينا في الفتويين رقم : 9873 ، 24376 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
يريد الحديث مع امرأة قبل أن يخطبها
سؤال:
أنا أدرس حاليا في إحدى الجامعات البريطانية ، وتوجد في الجامعة فتاة أعجبت بها.
لم يسبق لي التحدث إليها مطلقا، وأنا لا أحادث النساء في العادة . إلا أننا نتبادل السلام أحيانا.
كيف يمكنني التقدم لطلب الزواج بها، وأنا متمسك بالإسلام، ولا أحادث النساء، فما هي أفضل طريقة لذلك؟
هل أذهب وأتحدث إليها وأحاول التعرف عليها أولا، دون تجاوز الحدود الشرعية؟ أم أتقدم لها مباشرة؟
أخشى إن أنا تقدمت لها مباشرة بدون التعرف عليها أولا أن ترفض طلبي على الفور لأنها لا تعرفني حق المعرفة، ولأنها تنتمي لثقافة غير التي أنتمي إليها. وفي المقابل، فأنا أخاف أن أنا تحدثت معها بقصد التعرف إليها، أن يكون فعلي يخالف الإسلام.
أنا في وضع صعب، فما هو أفضل ما يمكنني عمله؟.
الجواب:
الحمد لله
وبعد : اعلم وفقك الله أن محادثة الرجل للمرأة الأجنبية يجوز في الشرع بضوابط وشروط مهمة الغرض منها كلها هو سد باب الفتنة ومنع الوقوع في المعصية .من هذه الشروط :
1- أن لا يستطيع توصيل الكلام إليها عبر محرمها أو عبر امرأة من محارمه .
2- أن يكون بدون خلوة .
3- أن لا يكون خارجا عن الموضوع المباح .
4- أن تؤمن الفتنة فلو تحركت شهوته بالكلام أو صار يتلذّذ به حرُم عليه .
5- أن لا يكون من المرأة خضوع بالقول .(8/59)
6- أن تكون المرأة بكامل الحجاب والحشمة أو يخاطبها من وراء الباب والأحسن أن يكون بالهاتف وأحسن منه أن يكون برسالة مكتوبة أو بالبريد الألكتروني مثلا .
7- أن لا يزيد على قدر الحاجة .
فإذا تحققت هذه الشروط ، وأمنت الفتنة فلا بأس ـ والله أعلم ـ
قال الشيخ صالح الفوزان في جوابه عن حكم مخاطبة الفتيان للفتيات عبر الهاتف : " مخاطبة الشباب للفتيات لا تجوز لما في ذلك من الفتنة ؛ إلا إذا كانت الفتاة مخطوبة لمن يكلمها ، وكان الكلام مجرد مفاهمة لمصلحة الخطوبة ، مع أن الأولى والأحوط مخاطبة وليها بذلك ." المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان ( 3 / 163 ، 164 ) ، وأنت لم تخطب هذه المرأة بعد فيجب أن تكون شديد الاحتراس لنفسك من الوقوع في أسباب الفتنة باتخاذ كل إجراء يمكّنك من تحصيل مقصودك دون الاقتراب من هذه المرأة .
والأصل في هذا هما آيتان في كتاب الله :
أولاهما : قوله تعالى : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (الأحزاب:32) .
وثانيهما : قوله تعالى : ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنّ) (الأحزاب: من الآية53)
وبعد ذلك أود تذكيرك بأنه ينبغي أن يكون مقياس المسلم في اختيار المرأة التي يتزوجها هو المقياس الذي حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ورغّب فيه بقوله : " فاظفر بذات الدين تربت يداك " رواه البخاري ( 5090 ) ومسلم ( 1466 ) .
ثم أحذرك من كل ما يوقعك في الحرام أو يقربك منه . كالخلوة بها ، أو الخروج معها ، أو غير ذلك .
أسأل الله أن ييسر لك المرأة التي تعينك على طاعته .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
تقدم لها شخص عنده هفوات وهي تعالجه وتناقشه
سؤال:
أحتاج إلى نصيحة منكم بخصوص مشكلة أواجهها في حياتي الشخصية ، لقد حصلت على عرض زواج ، وقد صليت صلاة الاستخارة ، مع ذلك لم أحصل على أي إشارة تجاه ما يجب عليَّ عمله ، يحصل لي ذلك دائما وهو يحصل الآن ، أنا أطبِّق الإسلام ولي بعض الهفوات كما هو الحال بالنسبة للجميع ، لدي تعطش للعلم الشرعي ، وأعمل لتعلم الإسلام بنفسي والحصول على علم مقدس ! الشيء الذي أتطلع له وأتمناه في شريك الحياة أن يكون قدوة أكثر مني حتى يساعدني لأكون أفضل شخصٍ يحب ويعيش من أجل الله سبحانه وتعالى ويكون شخصا أرجع إليه ليعلمني ويكون صاحبا مناسبا لي ، العرض الحالي له صفات إيجابية كثيرة ما عدا أشياء بسيطة تشغلني .(8/60)
أولا : لدينا اختلاف بسيط في مستوى الحديث ، بالرغم من أنه جامعي إلا أنه ليس بمتحدث فكري (أعتقد أنه يجب علي النظر في هذه المسألة).
ثانيا : لقد قضى وقتاً أقصر مني في تطبيقه للإسلام ، لذا أعتقد أن لدي علم أكثر منه ، والذي أعتقده أنه يفترض أن يكون دليلاً لي وليس العكس ، ولكن لديه تعطش للعلم وهو يدرس الدين ويرغب بالسفر للخارج لدراسة سنة أو أكثر لتعلم الدين ( وهو نفس الشيء الذي أرغبه أنا كذلك) .
بعيداً عن هذين الأمرين أجد أننا متفقين في أشياء أخرى كثيرة ، لدينا نفس الرؤية للحياة ، عندما أديت صلاة الاستخارة لم أحصل على إشارات واضحة ما عدا بعض الأحيان أجد في قلبي أمراً يشدني لترك الموضوع ، ومرات أخرى أفكر وأقول عليَّ أن أُقدم على الأمر ما دام له صفات جيدة كثيرة ، لا أعلم ماذا أفعل فأنا في حيرة من أمري ، لا أعلم ماذا يعني هذا الشعور بقلبي ، لقد قابلته مرة وسيكون هنالك مقابلة أخرى هذه الجمعة ، لا أريد أن أطيل الأمر أكثر من اللازم وأن ألعب بمشاعر الآخرين ، أرجو أن ترد علي بسرعة حيث أني بحاجة إلى النصيحة ، خاصة فيما يتعلق بالاستخارة فإنها تحيرني .
الجواب:
الحمد لله
الأصل أن المرأة إذا تقدَّم لها الشخص المرضي في دينه وخلقه وأمانته أن تقبل به مادام ليس أمامها من يفوقه في الخلق والدين ، فإن كان الذي عرض عليك الزواج بهذه الصفة وكان حريصاً على تعلم العلم الشرعي كما تقولين فهذه علامة خير ، إلا إن كانت الهفوات التي أشرت إليها في السؤال هي من الكبائر أو معاصٍ هو مصر عليها أو مجاهرٌ بها ، فننصحك أن تنتظري من هو أفضل ، ما لم تخشي على نفسك من الوقوع في محرم أو تتعرضي لفتنة ومفسدة أشد.
ثانياً :
لا يشترط في الاستخارة أن يشعر الشخص بشيء معين بعدها بل إذا استشار وتدّبر في الأمر وتبيّن له أنّ فيه مصلحة له في دينه ودنياه ، فإنه يستخير ويقدم عليه ولا ينتظر إشارة ولا مناماً ولا شعوراً نفسياً بل يتوكل على الله ويُقدم بعدما استخار وتجدين إجابة وافية فيما يتعلق بالاستخارة وأحكامها تحت سؤال رقم ( 5882) .
ثالثاً :
الحذر الحذر من الخلوة أو الكشف على هذا الرجل الذي لا زال أجنبياً عنك وستجدين في إجابة السؤال رقم ( 12182 ) من هذا الموقع إجابة وافية على سؤالك فيما يتعلق بالخطبة وما يتعلق بالجلوس مع من عرض عليك الزواج أو مقابلته ، من المهم أن ترجعي إليه .
رابعاً : الأمنية التي تتمنينها في زوجك وهي أن يعيش من أجل الله هي أمنية عظيمة نتمنى أن ييسر الله لك ذلك ، لكن ينبغي أن تعلمي أن المرأة الصالحة هي من أعظم ما يعين الرجل على هذا الأمر بمعاونته و مناصحته ، وحثه على المزيد ، والصبر على ما قد يحصل في حقها من تقصير بسبب انشغاله ببعض الأعمال الصالحة .
نسأل الله أن يوفقك لما فيه الخير .آمين .(8/61)
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
المواعدة على الزواج.. رؤية شرعية وواقعية
تاريخ 01 رمضان 1427 / 24-09-2006
السؤال
يا سيدي لقد تعرفت على فتاة ومع أني بررت ذلك لنفسي لكونه في تونس غلب المجون والعري ما بلغ، وقد كان بيننا ما كان من كلام العشق الحرام عبر المحمول، وبعد أن اكتشفت أن علاقتنا حرام وقابلتها في مكان عمومي عدة مرات اتفقت معها على قطع الاتصالات مهما كانت، والتوبة من ما كان بيننا مع الوعد بالزواج، يا سيدي لقد من الله عليها بالحجاب وإني أرغب في خطبتها عندما تتحسن أحوالي ويرزقني الله بعمل لكن يقلقني أنها قد ترفض من يتقدم لخطبتها وتنتظرني ويا سيدي ما لم أعلمها بأني لن أتزوجها وأنهرها عن انتظاري لن تكف عن رفض من يتقدم لها مع أني أنهرها كلما حاولت الاتصال بي ولم أرسل لها سوى بضع رسائل أخبرها بها عن حالي، وأنوي الإقلاع عن الرسائل، يعلم الله أني صادق في نيتي بالزواج منها، السؤال: هل علينا شيء في تواعدنا بالزواج في حال صح إقلاعنا عن التواصل واقتصرنا على الوعد بالزواج، يا سيدي يعلم الله أني صادق في نيتي وأني أتوسم فيها خيراً خصوصا بعد أن تحجبت، فهل أنا آثم لأنها ترفض الخاطبين لأجلي، نعم بدأت العلاقة بطريقة غير شرعية لكن منذ مدة لم نتصل ولن نتصل بإذن الله، ما حكم هذا الوعد على ما وصل علمكم من كونها ترفض العرسان لأجلي؟ وبارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نهنئكما على التوبة من هذه العلاقة، ونسأل الله أن يثيبكما ويثبتكما عليها، وأما بشأن سؤالك فلا حرج في أن تعد فتاة بالزواج بها، إذا اقتصرت عليه ولم يكن هناك علاقة بينك وبينها، ولا إثم عليك في ردها للخاطبين من أجلك، ما دمت صادقاً في نيتك الزواج بها، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 9158.
هذا بالنسبة للحكم الشرعي، لكن من باب النصيحة نقول: إذا كنت غير قادر على الزواج وبقي لك الكثير حتى تقدر عليه وتستطيعه فننصحك بعدم ربط الفتاة بك، فليس من السنة تأخير الزواج في حق الفتاة إذا وجدت الكفء، وفي الحديث: ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا أتت.. والأيم إذا وجدت كفؤاً. رواه الترمذي.
كما أن تأخير الزواج يهدد مستقبل الفتاة، ويخشى عليها من فوات قطار الزواج، فلذا ننصحك بالبعد عنها، ونصحها بأن تتزوج الكفء الذي يتقدم لها ولا تنتظرك، ثم لا يفوتك أن الزواج لا يصح بغير ولي، وربما رفض الولي تزويجها بك، فإذا كان ولا بد من التواعد فليكن بعلم الولي، أي خطبتها منه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(8/62)
ــــــــــــــ
متعلق بامرأة خطبها غيره
سؤال:
خطب صديق لي امرأة وحصلت بينهما الرؤية الشرعية ولكن لم يعقدا عقد النكاح وانا كنت أنوي أن اتقدم إليها ، وقد سألت عنها فأعجبت بها وتعلقت بها جداً ولكنه سبقني ، ولم استطع أن أنسى هذه المرأة ، وأنا أعلم أنه لا يجوز لي أن أخطب على خطبة أخي المسلم كما جاء في الحديث ، فهل تنحل المشكلة إذا استأذنته في خطبة هذه المرأة ، وبينت له حالتي وأذن لي ؟
الجواب:
الحمد لله
نعم تنحل المشكلة لما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب الأول أو يأذنه فيخطب )
صححه الألباني في السلسلة الصحيحة 1030
وكنت قد سألت الشيخ ابن عثيمين يرحمه الله عن هذه المسألة وعن هذا الدليل فأجاب كما هو ظاهر الحديث . انتهى
( وبناء عليه يكون قد رآها رجلان في هذه الخطبة ثم هي تقرر الزواج بمن تختاره منهما ) .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
لم تشعر برغبة في الشخص المتقدم لها فهل تكمل المشوار
سؤال:
سأقدر حقيقة إجابتك على سؤالي عندما يسمح وقتك. لقد جلست مع (قابلت) أحد المسلمين وكان يرغب في الزواج بي. لقد شعرت بخيبة الأمل وبانقباض. وأيضا، فلم يكن عندي أية مشاعر تجاهه، ولم أكن متشجعة للقبول به.
هذا الرجل صاحب دين وخلق. وكل الذين يعرفونه يثنون عليه.
وأظن أن سؤالي هو : كيف للفتاة أن تعرف إن كانت تريد أن تتزوج من شخص ما ؟ أرجو أن تجيب على سؤالي . فهو سؤال يصعب الوصول إلى إجابة عليه .
أتساءل مع نفسي ، هل أنت متأكدة تماما ؟ هل عندك أي مشاعر (من نوع ما) تجاهه ؟ ماذا إذا لم تجدي أي شعور تجاهه أبدا ؟ (أنا لا أتحدث عن الرغبة الجنسية ) .
هل عليك أن تتزوجي بذلك الشخص، حتى وإن لم تكوني متشجعة للزواج به؟ وأيضا، فأنا لم أجلس معه (أقابله) إلا مرة واحدة فقط . فهل يكون لذلك علاقة لعدم تشجعي للزواج به؟.
الجواب:
الحمد لله(8/63)
لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه" وقال : "فاظفر بذات الدين" والخطاب للرجال يشمل النساء .
فمتى وجدت الفتاة الشاب الذي ترضى دينه وأمانته وخلقه فعليها أن تقبل به زوجاً، ومما يعين الفتاة على ذلك أن تسأل عن هذا الرجل من يعرفونه عن قرب، فإن اللقاءات العابرة، وخاصة حين تكون مصحوبة بالرغبة في الزواج في الأغلب تسيطر عليها المجاملات والتصنع ، وقل أن يظهر فيها الإنسان بسجيته وطبيعته .
الشيخ محمد الدويش .
كما أن الفتاة قد تشعر برهبة عند التفكير في الاقتران بشخص ما ويكون عندها تخوُّف لأجل أن القضية مصيرية فلا تمنعك هذه الرهبة من الموافقة إذا كان صاحب دين وخلق .
وننبهك أيضاً على قضية جلوسك مع هذا الشخص التي ذكرتيه في مقدمة سؤالك فإن كان جلوس الخاطب مع المخطوبة بحضور من تزول الخلوة به مع حجاب كحجاب الصلاة لفترة تكفي أن يحكم الطرفان فهذا صحيح ومشروع ، وإن كان غير هذا فالحذر الحذر .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
فسخ الخطبة بسبب كذب الأب أو الأخ
تاريخ 24 شعبان 1427 / 18-09-2006
السؤال
هل يجوز فسخ الخطبة إذا اكتشف أن أخا وأبا المخطوبة يكذبون أحيانا وذلك مخافة أن تكون مثلهم ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخطبة تواعد على الزواج لا ينبغي الرجوع فيه بدون عذر؛ لأن الوعد مطلوب الوفاء به، ولا حرج في فسخها. إلا أننا لا نرى السبب المذكور في السؤال عذرا مقبولا لذلك لأنه لا يلزم من كون أبي الفتاة أو أخيها كذابا أن تكون الفتاة كذلك وأحرى إذا كان يكذب أحيانا .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا تجوز خلوة الخاطب بالمخطوبة
سؤال:
هل يجوز أن يخرج شاب مسلم مع فتاة في موعد قبل الزواج؟ وإذا خرجا، فما الذي يترتب على فعلهما؟ ماذا يقول الإسلام بشأن خروج الرجل والمرأة قبل الزواج؟.
الجواب:
الحمد لله(8/64)
لا يحل للرجل أن يخلو بامرأة لا تحل له ، لأن ذلك مدعاة إلى الفجور والفساد ، قال عليه الصلاة والسلام : " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " . فإن كان للنظر إليها حال عزمه على الزواج ، ومع عدم الخلوة بأن يكون بحضور والدها ، أو أخيها ، أو أمها ونحو ذلك ، ونظر إلى ما يظهر منها غالبا كالوجه ، والشعر ، والكفين ، والقدمين فذلك مقتضى السنة مع أمن الفتنة .
الشيخ وليد الفريان .
ــــــــــــــ
مخالفة ولي الخطيبة اتفاقه مع الخاطب
تاريخ 23 شعبان 1427 / 17-09-2006
السؤال
أيها السادة الأفاضل.. أنا شاب أبلغ من العمر 27 عاما، وأنا محاسب قانوني وأعمل مديرا ماليا بشركة كبيرة رغم صغر سني والحمد لله أعمل بالسعودية ومركزي المادي بسيط ومتواضع أحببت فتاة حنونة القلب ورقيقة وتقدمت لخطبتها بعد جهد وعمل لسنوات من تخرجي إلي أن رزقني الله بالسفر والعمل بالخارج من فترة بسيطة تقرب من العام تقريبا والحمد لله توصلت مع والدها إلى كل الاتفاقيات قبل سفري وتعاهدت معه على كل شيء وتوصلت إلى هذا الاتفاق بعد جهد كبير جدا، وأنا الحمد لله أمتلك شقة في مصر وعندي سيارة في مصر، ولكن ظروف الحياة والسعي وراء الرزق واتفقت وتعاهدت مع والدها علي التالي وكان بحضور أهلها وأشهدت الله علي هذا الإتفاق وهو 15 ألف جنيه مؤخرا وكتابة قائمة بالمنقولات الزوجية بمبلغ 40 ألف جنيه مصري ورغم عدم موافقتي علي هذه القائمة وبعد إلحاح من الفتاة بالموافقة لكي يتم الموضوع وافقت والحمد لله، ورغم ذلك والله أعلم أن والدها قال إن هذه القائمة هي مهر ابنتي وقال لي أيضا إنه لظروف سفري كان ممكن يطلب مني أن أضع لها مبلغا في البنك وبالفعل عرضت عليه هذا ورغم ذلك قال لي بهذا اللفظ أنا لا أبيع بنتي أنا القائمة بالنسبة لي هي مهرها، وقال لي الشبكة دي هدية منك إليها لن نتكلم فيها والفرح بالنص وفرش الشقة في خلال سنتين من زواجنا ووعدته بالفعل أن شقتي في مصر إن شاء الله ستكون مفروشة في خلال سنتين بعد الزواج بإذن الله رب العالمين وقبل قيامي من هذه الجلسه الأخيرة وبعد مجهود قلت باللفظ في أي طلبات تاني لحضرتك قال لي باللفظ: ربنا يتمم لكم على خير إن شاء الله وأقمنا حفلة الخطوبة علي مرأى ومسمع من الجميع وحضور الأهل والأصدقاء وبعد عودتي مرة أخرى إلي السعودية وترتيب حالي على تأسيس شقة وشراء الاحتياجات الأساسية وغير الأساسية لشقتي بالسعودية وبعد أن اتصل والدي حفظه الله به وحدد موعد كتب الكتاب في عيد الأضحي المبارك كما وعدت
والدها ووفيت، فوجئت برسالة شفهية يرسلها مع والدتي حفظها الله بأنه يريد مبلغ 40 ألف جنية مهرا لابنته وأنه في انتظاري، كما قال علما بأنني أيها السادة الأفاضل شرحت كل ظروفي المادية ولم أتفوه بكذب عن أي شيء في شخصي وكنت صريحا جداً من البداية، أنا الآن يا سادة في كرب وغم من أمري وقد أخذت قراري بأنه في حين اتصاله بي سأثبت على موقفي إنني تعاهدت وتم الاتفاق ولن(8/65)
أحيد عن هذا الاتفاق مهما كان، وكذلك خطيبتي تحاول مع والدها، ولكن لا حياة لمن تنادي وأنا الآن في انتظار اتصاله بي فأفيدوني حفظكم الله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما جرى بينك وبين ولي خطيبتك هو وعد واتفاق مبدئي على ترتيب أمر الزواج، وما كان له أن يخلف وعده ويطالبك بأكثر مما اتفقتما عليه سابقاً، ذلك لأن الوفاء بالوعد من الصفات الحميدة التي يمدح المتصف بها، وإذا أصر والد الفتاة على طلبه وأنت لا تستطيع تلبيته لظروفك المادية أو غيرها ولم تستطع الفتاة أن تقنع والدها بتيسير المهر وتخفيفه فلا حرج عليك في فسخ الخطبة، والبحث عن غير تلك الفتاة من ذوات الخلق والدين، واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعظم النساء بركة أيسرهن مئونة. رواه أحمد والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وانظر الفتوى رقم: 69137، والفتوى رقم: 33981.
نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، وأن يهب لك زوجة صالحة تقر بها عينك وتسعد بها نفسك؛ إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خطبها متعاطٍ للخمر
سؤال:
السؤال : هل من الذنب أن اقبل بالزواج من مسلم يشرب الخمر في الحفلات الاجتماعية ؟
اكره الخمر كرها شديدا واعتقد انه أصل كل الكبائر ولكني خُطبت من هذا الرجل وأنا مترددة بسبب هذا الأمر فأرجو النصيحة وجزاك الله خيرا
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
أجابنا عن هذا فضيلة الشيخ عبد الله بن قعود فقال :
أفضل عدم الزواج منه ولكن لو تزوجتيه فيجوز ذلك .
الشيخ عبد الله بن قعود
ــــــــــــــ
لا يجب على الخاطب تقديم شبكة لمخطوبته
تاريخ 19 شعبان 1427 / 13-09-2006
السؤال
أنا آنسة كنت مخطوبة سابقا وخطيبي ابن خالتي ولم يحضر لي شبكة لظروفه المادية وكنت صابرة على ذلك على وعد بين الأهل على أنه سيحضر الشبكة عندما يسافر وبالفعل سافر الكويت ولكنه في إحدى الاتصالات التليفونية قال لي إنه سوف(8/66)
يمكث في هذه الدولة خمس سنوات ورفضت أنا وأهلي ذلك مع العلم أني كنت مخطوبة له من سنتين
فهل لي الحق بمطالبته بثمن الشبكة تعويضا لي عن هاتين السنتين وكيف تكون صلة الرحم بيننا بعد ذلك؟ فهل أصلهم أم لا؟ حفاظا على كرامتي. وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أن الخطبة هي مجرد وعد بالزواج، وليست عقدا ملزما، فيجوز لكل من الطرفين التراجع عن وعده، وإن كان ذلك مما لا ينبغي إن كان لغير مبرر، ولا يجب على الخاطب أن يقدم الشكبة أو غيرها إلى مخطوبته سواء كان مليئا أو معدما، وإن فعل فذلك فضل منه. وانظري الفتوى رقم: 33244
.
وأما أقاربك وأرحامك فعليك صلتهم سواء أتم هو العقد أم فسخه، وليس في ذلك حط من كرامتك، وإن افترض أن أحدا منهم ظلمك أو قصر في حقك فعفوك عنه وصبرك مما يزيدك عزا وكرامة، ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه. رواه مسلم وغيره.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
إهداء المرأة ثواب قرباتها لمن ترجو أن يصلح ويتقدم لخطبتها
تاريخ 18 شعبان 1427 / 12-09-2006
السؤال
لا أدري ما سأقوله مشكلة لها حل أو ستكون تافهة لمن سيقرؤها
لي شخص عزيز علي من العائلة يمشي في الطريق الخاطئ أو بالأصح في طريق الحرام كنت دائما أدعو له بالهداية في أي وقت في صلاة قبل الإفطار عندما أكون صائمة عندما أعطي صدقة أقول في نفسي يا رب أجر هده الحسنة أعطه لفلان. ومرت على هذه الحالة ست سنوات ومازلت أنتظر فرج الله وأن يهديه في بعض الأحيان عندما أرى الحجاج أتمناه أن يكون هناك يطلب التوبة والمغفرة من الله فأنا الآن أطلب منكم المساعدة والنصح لأنه قد تقدم لي شخص مرتين وفي المرتين أوافق وبعدها أرفض عندما أكون أفكر في ذلك الشخص أشعر بأني دائما قريبة من الله لكن عندما أفكر في الشخص الذي أراد خطبتي أكون بعيدة عن الله وفي الصلاة لا أركز وقتها أحس بضيق وأكره نفسي هذه هي مشكلتي.
كنت أريد أن أسأل سؤالا:
هل إذا صمت وقلت في نفسي نصف أجر هذا الصيام لفلان صحيح أم لا؟ وكذلك ختم القرآن والصدقة؟ وإذا كانت لكم أدعية صحيحة انصحوني بها.
الفتوى(8/67)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز إهداء ثواب قراءة القرآن أو غيرها من القربات لمسلم حي أو ميت، قال مصطفى الرحيباني الحنبلي في كتابه مطالب أولي النهي: وكل قربة فعلها مسلم وجعل المسلم بالنية -فلا اعتبار باللفظ- ثوابها أو بعضه لمسلم حي أو ميت جاز ونفعه ذلك بحصول الثواب له. انتهى. و قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: الحي في كل ما تقدم كالميت في انتفاعه بالدعاء ونحوه، كذا القراءة ونحوها.هـ وقال الزيلعي الحنفي في تبيين الحقائق تحت باب الحج عن الغير: الأصل في هذا الباب أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره عند أهل السنة والجماعة صلاة كان أو صوماً أو حجاً أو قراءة قرآن أو أذكارا إلى غير ذلك من جميع أنواع البر، ويصل ذلك إلى الميت وينفعه.
ولكن الدعاء له بالهداية والصلاح والإكثار من ذلك والمداومة عليه أولى، والعامل أولى بثواب عمله، فإن هداه الله تعالى فبها ونعمت، وإلا فإن المخلوق لا يملك الهداية فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب هداية أقوام ويحرص عليهم فأنزل الله تعالى في ذلك آيات محكمات من كتابه العزيز منها قوله: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ.{القصص:56} وقوله: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفًا {الكهف:6} وقوله: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {فاطر:8}
فاجتهدي بالدعاء له فإن هداه الله تعالى واستقام وأراد الزواج منك فلا حرج عليك، وإلا فلا تذهبي نفسك عليه حسرات، واسألي الله تعالى أن يرزقك من أصحاب الدين والخلق من تقر به عينك وتسعد به نفسك: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي و ابن ماجه.
وما تجدينه تجاه غيره من شعور ونفور لا اعتبار له إن لم يكن عن استخارة، وكره لتقصير الخاطب في دينه أو دمامة خلقه ونحو ذلك. فقد يكون من الشيطان يريد أن يفتنك ويضلك عن سواء السبيل لأنه يكره العفاف ويريد الغواية والانحراف.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
إرسال صورة المخطوبة للخاطب بالإنترنت
سؤال:
السؤال : عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
هل يجوز أن ترسل امرأة صورتها بالإنترنت لرجل خاطب في مكان بعيد ليراها فيقرر هل يتزوجها أم لا ؟
الجواب:
فأجاب حفظه الله :(8/68)
الحمد لله
لا أرى هذا :
أولا : لأنه قد يشاركه غيره في النظر إليها .
ثانيا : لأن الصورة لا تحكي الحقيقة تماما ، فكم من صورة رآها الإنسان فإذا شاهد المصوَّر وجده مختلف تماما .
ثالثا : أنه ربما تبقى هذه الصورة عند الخاطب ويعدل عن الخطبة ولكن تبقى عنده يلعب بها كما شاء . والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ــــــــــــــ
حكم الاستمتاع بين الخاطب والمخطوبة
سؤال:
السؤال : عندما خطبت زوجتي التي معي حالياً اعتدنا في فترة الخطوبة أن نتقابل ونقبل بعضنا - وأشياء أخرى - ولكن لم نجامع بعضنا. ثم تزوجنا وقرأت في سورة النور أن الزناة لا يتزوجون بعضهم فما حكم زواجي وأنا الآن متزوج منذ 8 سنوات؟ نقطة أخرى هي أن الناس هنا في باكستان يجددون عقود الزواج بعد فترة بلا أي مطلب شرعي فهل يباح تجديد عقد الزواج إذا كان ساري المفعول ..؟.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
عقد النكاح الصحيح لا يُشرع تجديده لمجرد وهمٍ أو شك ، لكن ما ذكر في أوَّل السؤال من التقبيل للمرأة في فترةِ الخطوبة ، فإن كان قبل العَقد فهو حرام ومثله الإِستمناء بيدها ، وإنْ كان بعد العقد فلا بأْس بالتقبيل ، وأما زواج الزناة من بعضهم فلا بأس به بعد العِدَّة وتوبةِ كلِّ واحدٍ منهما ، قال تعالى : ( الخبيثات للخبيثين والطيبات للطيبين ) . والتوبة حتمٌ لابد منه من الطرفين لكن لايجوز عقدُ الزواج إلاَّ بعد العدة ، والتأكُّد من براءةِ الرَّحم من الحمل من الزنا ، فإذا تأكَّد منْ ذلك فلا مانع من زواج أحدِهما بالآخر .
وفي حالتك التي ذكرتها في سؤالك لا يحتاج الأمر إلى إعادة العقد ولكن عليكما بالتوبة إلى الله من الاستمتاع المحرّم الذي حصل قبل عقد النكاح ، والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
ما يفعل حيال رفض والد خطيبته زواجه منها
تاريخ 18 شعبان 1427 / 12-09-2006
السؤال
إخواني الأفاضل شاكرا لكم حسن تعاونكم معي والموضوع هو أنني تقدمت لفتاة محترمة كنت على علاقة معها بعلم أهلي جميعا وبدون علم أهلها ولم يتخلل علاقتنا ولله الحمد ما يغضب الله تعالى من كلام غزلي أو مكالمات غرامية وما شابه ذلك،(8/69)
وكل منا تعلق بالآخر وصليت أنا وهي صلاة الاستخارة ولله الحمد رأينا في منامنا كل خير وارتاح كل منا للآخر وتوكلنا على الله تعالى ولله الحمد كنت مطمئنا لموافقة أهلها ولا سيما وأن عائلتنا معروفة جدا والكل يشهد لها بالخير وحسن الأخلاق وبالفعل تقدمت لها وأهلها رحبوا بي وبأهلي وتمت المشاورات بيننا على التفاصيل وكانت فرحتنا عارمة وكبيرة لكني تفاجأت ذات يوم بأن والدها اتصل بنا ويخبرنا أن كل شيء نصيب وأنه صلى الاستخارة ولم يسترح للموضوع ولا داعي لأن نكرر نحن زيارتنا لهم لأن ابنته مترددة (مع أنها نفت ذلك بشدة فيما بعد) ولم يعطنا أية أسباب لرفضه.
لاحقا عرفت أسباب رفضه من ابنته وهي كانت مادية كلها وأن عمة البنت وأعمامها يريدون تزويجها بأولاد عمومتها وصار والدها يجرح في عائلتنا ووضعها تحت الأمر الواقع ورفض كل محاولات ابنته لأن يعدل عن رأيه للأسف. أنا لم أتدخل طبعا خوفا على الفتاة من أبيها وخصوصا وأنه صار يضغط عليها ويهددها بكل شيء مستغربا بذات الأمر تعلقها بي وبعائلتي . أنا أدري بأن الموضوع انتهى تماما من طرف أهلها بحجة أنه صلى الاستخارة بعد مجيئنا وأنه لم يرتح لي ولا لعائلتي مع أنه صلى قبل مجيئنا ورأى كل خير وارتاح نفسيا بعدما سأل عني وعن عائلتي وعرف أخلاقياتي قبل مجيئي لخطبة ابنته لكن استسلمنا للأمر الواقع ولا أدري ماذا أفعل وكل منا متعلق بالآخر وهي تفاجأت بكلام والدها أن البنت مثل البضاعة تعرض على الجميع وأفضل واحد يأخد هذه البضاعة وخصوصا أنه بعد ما انتهى والدها مني وأقفل الباب بوجهي تقدم شخص آخر إمكانياته أفضل مني وصار يقنع ابنته بذلك إلا أنها رفضت بشدة والمسكينة لا تستطيع أن تبوح لهم بسبب رفضها وأنها متعلقة بي خوفا من العواقب ولا سيما ووالدها وتفكيره المادي كان آخر كلمة تقولها لي إنني بقلبها ليوم الدين وسؤالي بعد كل هذا الكلام يا إخوتي والله يشهد بالذي كان بيننا من احترام وتقدير وحرص على قضاء الصلاة من كلينا وتشجيع كل منا للآخر على الدين وكل أهلي كانو يعلمون بذلك والذين حاولوا الاتصال بأهلها لإخبارهم بأننا نعرف بعضنا البعض لكني رفضت خوفا على فتاتي وحرصا عليها من تهديدات أهلها . سؤالي هنا : وخصوصا أن والدها قال لما تنطبق السماء على الأرض فإنه لن يرضى بزواجنا، هل لنا الحق أنا وفتاتي أن نرسل أخبارنا بين فترة وأخرى عبر البريد الاكتروني بدون الدخول بتفاصيل حياتنا وإنما للاطمئنان فقط مع أنني الآن وبعد الذي حصل لم أتصل بها وهي أيضا كي يبارك لنا الله في كل شيء وقلت جدا مراسلاتنا عبر الإميل فلذا فهل هناك إثم علينا أن
نطمئن على بعضنا البعض من فترة لأخرى لمجرد الاحترام الذي كان بيننا والله يشهد على ذلك ولأنه علاقتنا كانت شريفة وواضحة لأهلي جميعا والذين رحبوا بها ولا تقولوا لي أن أنساها لأنه شيء مستحيل يا إخوتي الافاضل فهذا اختيار العقل قبل القلب وأعرف أنه لا توجد وسيلة لإقناع والدها سامحه الله لأنه يريد تزويجها غصبا عنها وفتاتي سلمت أمرها لله تعالى واعتبرته طاعه لأهلها وربها مع أنها مغصوبة على ذلك ومرغمة على الزواج بغيري، أتمنى أن تفهموا جيدا يا إخوتي(8/70)
أن سؤالها عني وسؤالي عنها سيكون بين فترة وأخرى وأنها ستسأل عن صحة والدتي وأهلي والاطمئنان عن أحوالي فقط لا غير ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت الفتاة أجنبية عنك فيلزمك قطع أي علاقة بها لأن الإسلام لا يقر مثل هذه العلاقة، ومن الخير لك ولها أن نقول لك إنه يلزم قطعها لأن مثل هذه العلاقة ذريعة إلى الشر والفساد، وربما استغلها الشيطان ليقود إلى ما بعدها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {النور: 21 } وروى البخاري ومسلم عن صفية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم . وراجع الفتوى رقم : 18297 ، والفتوى رقم : 10570 .
وأما بخصوص زواجك من هذه الفتاة فلا بأس أن تحاول إقناع والدها بالموافقة على زواجك منها، ويمكنك أن تشفع إليه بأهل الخير والمقربين إليه، فإن اقتنع فالحمد لله وإلا فابحث عن غيرها، فربما كان الخير في زواجك من غيرها ، قال تعالى : وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216 } .
وأما من جهة الفتاة فلا ينبغي لوليها أن يرفض زواجها من الكفء وتراجع الفتوى رقم : 998 . ولا يجوز له إرغامها بالزواج من غير الكفء وتراجع الفتوى رقم : 3006 ، ولا بأس بأن تحاول إقناعه بالزواج منك فإن وافق وإلا يجب عليها طاعة والدها في عدم الزواج منك ، وراجع الفتوى رقم : 6563 ، وإن خشيت عضل وليها لها فلها أن ترفع أمرها إلى القاضي الشرعي، فإن ثبت عنده العضل تولى تزويجها من الكفء أو وكل من يزوجها، وتراجع الفتوى رقم : 3804 ، وأما ما ذكرت مما رأيت في المنام من الخير بعد الاستخارة فإن مثل هذه الرؤى يستأنس بها فقط ، والمعول عليه هو أن الإنسان إذا استخار كما أمر فإن الذي سيحصل بعد ذلك هو الخير له سواء تم ما كان يريد أم لم يتم ، وتراجع الفتوى رقم : 26141 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ما يفعل حيال خطيبته المصرة على تأخير الزواج
تاريخ 17 شعبان 1427 / 11-09-2006
السؤال
أنا خطبت بنت عمتي (18سنة) وأريد أن أتزوج بعد سنة إن شاء الله بعد تحسين حالي وهى الآن في الثانوي أنا أود الزواج بعد سنة وهي مصرة إلا بعد الجامعة لأنها تقول إنها تريد أن تساعد أمها وهذا يتطلب 4سنوات على أقل تقدير, أنا عمري 28سنة أعمل في وظيفة حديثا، وأنا غير قادر على تحمل فترة أكثر لخوفي من الحرام، وإذا تصرفت أي تصرف يمكن أن أخسرها، وأنا قلبي معلق بها, أفتوني ماذا أعمل؟(8/71)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك أيها السائل الكريم أن تحاول إقناع الفتاة بالزواج مبكرا متى ما قدرت عليه كي تعفا نفسيكما عن الحرام، وليبارك لكما الله تعالى في عملكما،
وتمتثلا هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء . متفق عليه.
فإن أصرت على رفضها وأبت إلا أن تكمل دراستها وأنت لا تستطيع انتظار ذلك فننصحك أن تبحث عن غيرها من ذوات الدين الخلق، وقد قال الله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ {البقرة:216}
فلا خير للمرء فيما يؤدي به إلى معصية الله وانتهاك حرماته، وأكبر الفتن وأشدها على الرجال هي فتنة النساء كما قال صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء كما في الصحيحين وغيرهما.
فاتق الله تعالى وامتثل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم متى ما استطعت .
والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ضوابط محاورة ومحادثة الفتاة التي يراد خطبتها
تاريخ 13 شعبان 1427 / 07-09-2006
السؤال
أولاً أشكركم على أخذي من وقتكم لتردوا علي وعلى غيري لاستفساراتنا لدي أسئلة عن أدب المحادثة مع الفتاة التي أرغب في الزواج بها.
السؤال الأول: هل لي الحق أن أسأل الفتاة عن ولي أمرها أو عن والديها وعنوان بيتهم؟ حتى أتكمن أن أخطبها ؟
السؤال الثاني: هل لي الحق أن أسأل الفتاة عن رأيها في خوفاً من الإحراج إذا رفضتني؟ هذا ليس بمعنى أني لست واثقا من نفسي ؟
السؤال الثالث: من هم خير الناس يذهبون معي للخطبة ؟
السؤال الرابع: ما هي الموضوعات والأحاديث غالباً ما يتناقش فيها أثناء الخطبة ؟
أتمنى رد في أسرع وقت ممكن، في أمان الله وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في خطاب الرجل للمرأة الأجنبية أن يكون على قدر الحاجة، وأن يكون من وراء حجاب، وألا يشتمل على خضوع بالقول، ولا على خلوة بها في مكان منفرد. قال الله تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا {الأحزاب:32}.
وهذا الخطاب وإن كان موجها لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فهو شامل بحكمه لعامة النساء، بل عامة النساء أولى به منهن، لطهارة قلوب أزواج النبي صلى الله(8/72)
عليه وسلم وعفتهن، واستقامة أصحابه وبلوغهم الدرجة العليا في الطهر والعفة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. متفق عليه.
وعليه، فإذا روعيت هذه الضوابط فلا مانع من سؤال الفتاة عن ولي أمرها أو عن والديها وعنوان بيتهم، من أجل التمكن من خطبتها. مع أن الأسلوب المشروع والأنسب لمن أراد الزواج هو ما بينته السنة النبوية المطهرة من النظر إلى المخطوبة، وخطبتها عند وليها. فقد روى الترمذي عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل نظرت إليها؟ قال: لا، قال: انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما . ولا حرج أيضا في أن يسأل الرجل الفتاة عن رأيها في التزويج منه.
وليس في الشرع تحديد لمن هم خير الناس في مرافقة الخطيب في خطبته، إلا أن مشاورة أهل الفضل والصلاح وطلب مساعدتهم في مثل هذا الموضوع أقرب إلى الوصول إلى الهدف.
وليس ثمت موضوعات محددة أو أحاديث تناقش أثناء الخطبة، إلا ما يتعلق بتحديد المهر والشروط التي يريد أحد الطرفين اشتراطها ونحو ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الأفضل المبادرة لخطبة من أحببتها
تاريخ 13 شعبان 1427 / 07-09-2006
السؤال
لقد تعرفت على فتاة بغرض الزواج وقد تبادلنا أرقام الهواتف المحمولة موهما نفسي بأنه علي أن أتعرف إليها قبل الزواج وقد كان بيننا ما كان من الرسائل ومكالمات التي تحمل كلمات العشق الحرام كما أني قابلتها مرات في الأماكن العمومية. لم تكن هناك خلوة. وبعد أن اكتشفت أننا نسير في طريق عاقبته وخيمة قررنا أن نبقى على الوعد بالزواج ونقطع الاتصالت بشتى أنواعها وفي تلك الأثناء من الله عليها ولبست الحجاب بعد أن أقنعتها به. لقد اتفقنا على عدم الاتصال بشتى الأنواع وأن أتقدم لخطبتها عند ما تتيسر أحوالي المادية يعلم الله أني صادق في توبتي. يا سيدي هل علي شيء إن بقيت تنتظرني مع العلم أني أرغب في الزواج بها لم أكلمها أو أتصل بها ما إن علمت أن ذلك حرام كما أني أتوسم فيها خيرا خصوصا بعد أن تحجبت فهل علي إعلامها بأن لا تنتظرني لأنها قد ترفض خاطبيها فقط للوعد الذي بيننا ؟ هل علي تركها وإعلامها بذلك أم أنه لا شيء في ذلك ما لم أتصل بها ؟ هناك صوت داخلي يقول أني وحتى إن تبت واتفقت معها على عدم الاتصال أظلمها معي بانتظارها لي وما لم أنهرها وأعلمها بأن لا تنتظرني ستظل ترفض الخاطبين لأجلي أنشدوني يرحمكم الله ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/73)
فحسناً فعلت حين أقدمت على ترك الاتصال بهذه الفتاة وترك تبادل الرسائل معها، فنسأل الله تعالى أن يجزيكما خيرا وأن يحفظ لكما دينكما ، وأولى ما نرشدك إليه في هذا المقام أن تبادر إلى خطبة هذه الفتاة والزواج منها إن لم يوجد مانع من ذلك، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لم ير للمتحابين مثل النكاح . رواه ابن ماجه .
واعلم أن يسر مؤنة الزواج من أسباب بركته، وأن الزواج من أسباب الغنى، فلا ينبغي التهويل من أمر الحاجة المادية فتظل عائقا لك عن الزواج حينا من الدهر. وراجع الفتوى رقم : 17288 ، والفتوى رقم : 61385 ، فإن لم يكن تعجيل الزواج فلا أقل من أن تخطبها عند أوليائها، فإن حصل اتفاق بينكم بها ونعمت ولا حرج حينئذ أن تنتظرك حتى تتيسر أمورك. ولا ينبغي أن تطول تلك المدة كثيرا، وهي في تلك الفترة أجنبية عليك لا يجوز لك النظر إليها ولا الخلوة بها ولا الحديث معها إلا فيما لا بد منه مع الالتزام بالضوابط الشرعية ، وإن لم يحصل اتفاق فاتركها وشأنها، فإن انتظرتك هي وردت الخطاب من تلقاء نفسها فأنت غير مسؤول عن ذلك ، وللفائدة راجع الفتويين رقم : 20200 ، 53375 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا يرد الخاطب من أجل أنه متزوج
تاريخ 04 شعبان 1427 / 29-08-2006
السؤال
جاء رجل أمريكي مسلم سلفي لكي يتزوجني، ولكن أهلي رفضوه، لأنه متزوج من اثنتين وله 6 أطفال، وأنا أريد الزواج به لصلاحه، وهذا الشخص متعلق بي وأنا كذلك وطلب مني الهرب معه للزواج به في بلد آخر، فماذا أفعل أغيثوني أنا حائرة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصح أهلك أن يقبلوا بهذا الرجل إن كان صاحب دين وخلق، وكونه متزوجاً ليس عيباً يُرد به، فاجتهدي في إقناعهم به ووسطي من ترينه مناسباً من قرابتك وأهل الصلاح، فإن أصر أهلك على الرفض فننصحك بأن تستجيبي لمطلبهم، فإنهم ما رفضوا إلا حرصاً على مصلحتك، والرجال غيره كثير، ولك أن ترفعي أمرك إلى الحاكم الشرعي ليزوجك إن ثبت عضل وليك لك، لكن لا يجوز لك الاستجابة لما طلبه منك هذا الرجل من السفر معه والزواج بدون ولي إذ ذلك محرم ومنكر، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 52783، والفتوى رقم: 52874.
واستعيني بالله تعالى وأكثري من الدعاء أن يفرج الله عنك، وأن يرزقك الزوج الصالح.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(8/74)
كذب المرأة على خطيبها بخصوص علاقتها السابقة
تاريخ 02 شعبان 1427 / 27-08-2006
السؤال
ما حكم أن أكذب على خطيبي بخصوص علاقة كانت لي مع أحد الشبان قبل أن أتعرف عليه، هل يصح أن أكذب عليه خوفاً من الانفصال والتشهير، والله يعلم أن علاقتي السابقة لم تصل إلى حد الفاحشة أو كبيرة من الكبائر، وإن حرمني على نفسه بقوله أنت حرام علي إن كان بينكم كذا وكذا، فهل يحق لي أن أخفي عنه تفاصيل تلك العلاقة خوفاً من المشاكل التي قد تحدث؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحث الأخت بداية على التوبة من هذه العلاقة، وأن تسأل الله عز وجل أن يقيها شر هذه المعصية في دينها ودنياها، ولا يجوز لك إخبار خطيبك بتلك العلاقة المحرمة، لأن في ذلك مجاهرة بالمعصية، وقد نهى الشرع عنها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كل أمتي معافى إلا المجاهرين... الحديث رواه البخاري.
وليس لخطيبك سؤالك عن ذنب بينك وبين الله، فالله سبحانه وتعالى هو الذي يحاسب خلقه، أما المخلوق فله الظاهر، وعلى الله السرائر، ومن حقك ألا تجيبي أو أن تعرضي له بكلام تقصدين به شيئاً، ويفهم هو منه شيئاً آخر، فإن لم يمكنك دفعه إلا بالكذب فلا شيء عليك، وأما خشيتك من أن يعلق تحريمك أو طلاقك على إخفائك شيئا من تلك العلاقة، فنرجو أن لا يقع، وإن وقع فلا خيار أمامك إلا إخباره، وإلا وقع التحريم، لأنه تعليق على أمر منجز، أما بخصوص ما يترتب عليه إذا وقع، فراجعي في ذلك الفتوى رقم: 23974.
ونقول للخاطب: اعلم أن الشرع حرم على المسلم البحث عن عورات المسلمين والكشف عن عيوبهم، وأن الخطايا لا يسلم منها في الغالب إلا من عصمهم الله كالرسل والأنبياء، وذلك لأن بني آدم مجبولون على الخطايا كما صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول: كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون. رواه الترمذي وغيره، وبالتالي فلا ينبغي لك أن تعرض حياتكما الزوجية للتصدع والانهيار، لأمر لا يسلم منه إلا من عصم الله عز وجل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا تفسخ الخطبة بسبب جريرة أهلها
تاريخ 28 رجب 1427 / 23-08-2006
السؤال
أبلغ 31 عاما، وخطبت فتاة -أحسبها على خير- منذ يوليو الماضي . بعد حوالي ثلاثة أشهر من الخطبة علمت أن أخاها لا يحمل مؤهلا ,(ثانوية عامة.) على الرغم من إخبارها لي أنه معه بكالوريوس سياحة وفنادق، في البداية، وبعد سؤالي لها مرة أخرى قالت لي إنه دخل كلية الآداب ثم الحقوق ولم يكمل الدراسة حتى التخرج ,(8/75)
صدقتها، وبعدها اتضح لي أنه فعلا لم ينجح أصلا في الثانوية العامة، وصارحتها بذلك فاعترفت، وقالت لي كنت أريد أن أستر سر أخي وهو شيء لن يضرك، وبعد مرور حوالي 4 أشهر أخرى علمت من الخارج أن والدها رحمه الله قد توفي في السجن وأخاها عليه ثلاثة أحكام قضائية، احدها : تبديد منقولات نتيجة الطلاق، وحكمان أخران أحدهما شهران حبس، والآخر قضية شيك، وعندما تحدثت معها ردت بنفس الرد السابق كنت أريد أن أستر سر أخي، أبي شيء لن يضرك، وهذا شيء لا يمسها هي شخصيا ولكني اتخذت قرارا بفسخ الخطبة ، قالت لي هي أنني ظالم وأني أحاسبها بذنب أخيها وأبيها، فقلت لها أنه كان يجب أن تكون هناك صراحة من البداية، البنت إنسانة جيدة ولكن لا أشعر بالارتياح الآن لأهلها، وخصوصا أخوها الذي هو وليها الآن بعد وفاة والدها ، نصحني الكثير بعدم الارتباط تجنبا لأية مشاكل مستقبلية، وأيضا استنادا لحديث : تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس . وحديث : إياكم وخضراء الدمن قالوا وما خضراء الدمن يا رسول الله قال البنت الطيبة في منبت السوء . فقمت بفسخ الخطبة فعلا، والآن أرجو من فضيلتكم إيضاح الآتي : هل عدم إخبارها لي بحقيقة والدها وأخيها هو فعلا من باب ستر المسلم لأخيه، وإن كان من باب ستر المسلم فهل هذا جائز في حالات الزواج ؟ هل الحديث الثاني صحيح وإن كان صحيحا فما معناه : إياكم وخضراء الدمن ؟ هل أنا فعلا ظالم لأني أخذتها بذنب أخيها وأبيها، وإن كنت ظالما فماذا أفعل حتى أكفر عن فعلتي مع العلم باستحالة إعادة الأمور لسابقها، فوالدتي وإخوتي وأنا لن نتقبل
الوضع ولن نتقبل هذا النسب ؟
وأعلم فضيلتكم أني قد وضعت أمام الأمر الواقع ولم يترك لي فرصة للاختيار، أرجو من فضيلتكم التفصيل ؟ أعلم أني قد أثقلت على فضيلتكم ولكني آمل أن أجد عندكم ضالتي المنشودة فلم أجد من يفتيني سواكم .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعيوب المؤثرة في النكاح والتي يثبت بها خيار فسخه يجب بيانها من كلا الطرفين قبل عقد النكاح، وسبق بيان هذه العيوب في الفتوى رقم : 19935 ، كما ينبغي بيان ما دون ذلك من العيوب الخَلقية وإن لم يثبت بها خيار الفسخ. وانظر الفتوى رقم : 53843 ، وما ليس بعيب في المرأة فلا يلزمها بيانه، وعليه فعدم بيان الفتاة المذكورة أمورا تخص أباها وأخاها لا حرج فيه، ولا يلزمها ذلك، وحيث كانت هذه الأمور تتعلق بمعاص فسترها من باب ستر المسلم المطلوب شرعا .
أما حديث إياكم وخضراء الدمن فضعيف وسبق بيانه في الفتوى رقم : 25042 ، وليس صوابا أن تأخذ الفتاة بذنب غيرها وتفسخ خطبتها لجريرة أقاربها، ما دامت هي صالحة وذات دين، فلا تزر وازرة وزر أخرى، ومع ذلك فليس في فسخ الخطبة ظلم ولا ذنب لأن فسخ الخطوبة جائز من الطرفين إذ ليست الخطبة عقدا لازما . إلا أنه لا ينبغي إذا كان لغير سبب معتبر شرعا .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(8/76)
ــــــــــــــ
موقف الشرع من خروج الخاطبين ولقائهما
تاريخ 25 رجب 1427 / 20-08-2006
السؤال
أنا شاب عمري 28 عاما وقد قمت بخطبة فتاة عمرها 21 عاما، وهي من أسرة غير ملتزمة بمعنى أنهم يسمحون لها بالخروج معي، كما أنها تقضي وقتاً طويلاً في تعلم دورات تدريبية، وذات مرة ونحن نجلس لاحظت أنها تنظر إلى شاب آخر، الآن أنا في حيرة من أمري، هل هي بنت لعوب، فعلى الرغم من منظرها المحتشم إلا أنني أشك فيها، أنا على وشك الزواج بعد شهرين، وأفكر بتركها حيث أخشى أن تخونني في المستقبل أو تخرج من الدار بدون إذني، أرجوكم أفيدوني فالشك يكاد يقتلني؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكيف ترى أن جلوسها معك وحديثك معها لا مشكلة فيه، ولا يدل على شيء ولم يغير في نفسك شيئاً تجاهها، ولما نظرت إلى ذلك الرجل دبَّ الشك إليك، وما الفرق بينك وبين ذلك الرجل، فكل منكم أجنبي لا يجوز لها النظر إليك ولا إليه، ولا يجوز لك النظر إليها ولا إلى غيرها من الأجنبيات.
وينبغي أن ينضبط الكلام بينكم بقدر الحاجة إن وجدت الحاجة، أما ما يتعلق بالمضي قدماً في الزواج بها فإننا نقول إن الشرع جعل معيار اختيار الزوجين هو الدين أولاً فذلك هو الذي يجعل الحياة الزوجية مستقرة، فإذا رأيت أن هذه البنت ستلتزم بشرع الله تعالى وتتوب إليه مما بدر منها، وإنما كان يحصل منها من خروج معك وجلوس إنما هو بسبب جهلها وسوء تربيتها، فلا بأس أن تتزوجها، وإن كنت ترى أنها على غير ذلك فاتركها فلا خير في حياة بدايتها شكوك وريب، وابحث عن زوجة صالحة.
والذي ننصحك به قبل أن تقرر ما ستقرر هو أن تكف عن اللقاء بهذه المرأة والخروج معها والحديث معها حتى يتم عقد النكاح، فأهل هذه المرأة وإن سمحوا لك بالخروج معها فدينك وإسلامك يمنعك من ذلك، وفقك الله لنيل رضاه، وبلغك من الخير ما تمنيت، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 56052، والفتوى رقم: 33115.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
النظر إلى عدة نساء بغرض الزواج
سؤال:
السؤال :
هل يجوز للمسلم أن ينظر إلى العديد من النساء بغرض الزواج ، أم أن عليه أن ينظر إلى الأولى فإن لم يرغب فيها ، نظر إلى الثانية ؟
الجواب:(8/77)
الجواب :
النظر على المخطوبة إنما جاز للحاجة من السكن والإطمئنان وتطبيق السنة ، كما في حديث المغيرة غيره ولا يسوغ إلا بأربعة شروط :
الأول العزم على النكاح ، والثاني عدم الخلوة ، والثالث أمن الفتنة والرابع ألا يزيد على القدر المشروع وهو النظر إلى ما يظهر منها غالباً وهو ما تكشفه لأبيها وأخيها ونحوهما راجع سؤال رقم ( 2572 ) ، وبناء على ذلك فلا ينظر إلا إلى التي عزم على نكاحها فإن رضيها وإلا انتقل على غيرها ، والله أعلم .
الشيخ الوليد الفريان .
ــــــــــــــ
يخشى أن يفاتح صديقه بخطبة أخته
سؤال:
السؤال :
أدرس في الجامعة وسأنتهي قريباً إن شاء الله ! تعرفت على أخ قبل عدة سنوات ونحب بعضنا في الله .
صديقي له أخت وأود أن أتقدم لخطبتها فما هي أصول التقدم للخطبة من أخت صديقي لأنه وليها ؟ أشعر بأنه سيغضب لأنها غالية عنده جداً. جزاك الله خيراً .
الجواب:
الجواب :
لا أعلم في الشريعة أصولاً متعارفاً عليها في الخطبة يجب أن يسير عليها الإنسان غير الآداب المعروفة وغير العرف ، وهو عرف كل بلد إذا كان يوافق الشريعة .
وكونك تريد خطبة أخت صديقك ، ولا تدري بماذا يواجهك وتخشى من غضبه ، فإنك لم تذكر مبررات غضبه الذي تخشاه .
هل مجرد أنه يحب أخته وهي عنده غالية فهذا ليس بمانع بل من كانت أخته أو بنته عنده غالية فإنه يطلب لها الكفء وهذا من النصح لها .
وأما إن كانت هناك اعتبارات أخرى عرفية أو واقعية فلا يمكن النصح لك إلا بعد معرفتها .
ويمكن أن تستشير طالب علم من بلد صديقك يعرفك ويعرفه فهو الذي يستطيع أن يوجهك .
وفي الجملة ، يمكن أن تُعَرِّض لصديقك من غير تصريح بأنّ لك رغبة في الزواج وتستشيره فيمن يشير عليك من النساء ، ولو طلبت منه أن يدلك على من يعرف هو ممن له بهن معرفة من المسلمات فربما بان لك شيء من موقفه ، وكذلك لو أظهرتَ له محبتك له في الله تعالى ، وأبديت رغبتك فيما يوثق هذه المحبة ويديم الصلة كالمصاهرة ، فتقول مثلاً ليت لدي أخت أزّوجها لك أو لك قريبة تزوجها لي لتدوم الصلة وتنظر في ردود فعله وتبني عليها الإقدام أو الإحجام ، وإذا خشيت من ردة فعله يمكنك أن تجعل من يفاتحه شخص آخر غيرك حتى لا تتعرض أنت للإحراج ، وتذكر أن الدعاء من أهم أسباب حصول المطالب ، وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ عبد الله الحيدري .(8/78)
ــــــــــــــ
تريد الخروج مع الخاطب للتأكد من حاله حتى لا تحدث كارثة
سؤال:
السؤال :
سؤالي متعلق بموضوع سبب لي الكثير من القلق منذ فترة، فقد طُلقت منذ سنة تقريبا وليس عندي أطفال. لقد مضى علي سنة الآن. والسؤال : حيث أني لم أكن أعرف الرجل قبل زواجي به, وتزوجته لأن والداي ظنا أنه يناسبني. والآن ، وقد وقع ما وقع لي, فقد فكرت أنه من الأفضل أن أكون أعرف الشخص قبل أن أتزوج به. أنا لا أقصد أن أخرج معه في مواعيد, بل مجرد الحديث والتعرف إذا ما كان يناسبني أم لا. والنقطة التي أريد أن أوضحها هي أني لا أريد أن أجرح نفسي، أو أن ينتهي بي المطاف بالطلاق مرة أخرى. وسؤالي هو هل يُبيح الإسلام للفتاة أن تختار رجلا وتتزوج به؟ أنا بحاجة لأن توضح لي هذا الموضوع. وسأقدّر مساعدتك.
وشكرا، والله يحفظك.
الجواب:
الجواب :
لقد شرع الإسلام استئذان الأب لابنته حين يزوجها ، سواء كانت بكراً أم ثيباً ( التي سبق لها الزواج )
ومن حق الفتاة أن تعرف ما يكفي عن الشخص المتقدّم للزواج بها ، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق السؤال عنه بالطّرق المختلفة ، مثل أن توصي الفتاة بعض أقاربها بسؤال أصدقائه ومن يعرفونه عن قرب فإنه قد تبدو لهم الكثير من صفاته الحسنة والسيئة التي لا تبدو لغيرهم من الناس .
لكن لا يجوز لها الخلوة معه قبل العقد بأي حال ، ولا نزع الحجاب أمامه ، ومن المعروف أن مثل هذه اللقاءات لا يبدو فيها الرجل على طبيعته بل يتكلف ويجامل ، فحتى لو خلت به وخرجت معه فلن يُظهر لها شخصيته الحقيقية وكثير من الخارجات معصية مع الخاطبين انتهت بهم الأمور إلى نهايات مأساوية ولم تنفعهم خطوات المعصية التي قاموا بها مع الخاطب خلوة وكشفا .
وكثيرا ما يلعب معسول كلام الخاطب بعواطف المخطوبة عند خروجه معها ويُظهر لها جانبا حسنا لكن إذا سألت عنه وتحسّست أخباره من الآخرين اكتشفت أمورا مختلفة ، إذن الخروج معه والخلوة به لن تحلّ المشكلة ولو فرضنا أنّ فيه فائدة في اكتشاف شخصية الرجل فإنّ ما يترتّب عليه من المعاصي واحتمال الانجراف إلى ما لا تُحمد عُقباه هو أكثر من ذلك بكثير ولذلك حرّمت الشريعة الخلوة بالرجل الأجنبي - والخاطب رجل أجنبي - والكشف عليه .
ثمّ إننا يجب أن لا ننسى أمرا مهما وهو أنّ المرأة بعد العقد الشرعي وقبل الدّخول والزفاف لديها فرصة كبيرة ومتاحة للتعرّف على شخصية الرجل والتأكّد عن كثب وقُرب مما تريد التأكّد منه لأنها يجوز لها أن تخلو به وتخرج معه ما دام العقد الشّرعي قد حصل ، ولو اكتشفت أمرا سيئا لا يُطاق فيمكن أن تطلب منه الخُلع وفي(8/79)
الغالب لن تكون النتيجة سيئة ما دامت عملية السؤال عن الشخص والتنقيب عن أحواله قبل العقد قد تمّت بالطريقة الصحيحة .
نسأل الله أن يختار لك الخير وييسره لكِ حيث كنتِ وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
أبواها لا يرغبان انفرادها بزوجها قبل الزفاف
سؤال:
السؤال :
عقدت نكاحي حديثاً لكن الزفاف لن يقام لعدة أشهر لأن زوجي يدرس في ولاية مختلفة .
عندما يأتي زوجي لزيارتنا ، يتضجر والدي إذا قضيت وقتاً طويلاً معه ، يقولان بأن ذلك محرم ، وهما يراقبان ما نفعله ويتضجران إذا خرجت معه ولم أرجع إلى البيت إلا متأخرة ، سؤالي هو : ما هي نظرة الإسلام في تدخل الأبوين في زواج ابنهم ، أنا احترم والدي ولكن يبدوا أنهم لم يحترموا خصوصيتي بعد ، هل أكون أنا غير عاقلة ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
إذا عقد الرجل على المرأة عقد النكاح الشرعي فقد حلّ له منها كلّ شيء من نظر وخلوة واستمتاع ونحو ذلك ، ولكن لا تجب له الطّاعة على زوجته كما لا تجب عليه نفقتها إلا إذا سلّمت نفسها إليه وهذا ما يكون بعد وليمة الزفاف في عرف معظم الناس اليوم ، وبعض الآباء والأمهات لا يحبّذون خلوة ابنتهم بزوجها بين العقد ووليمة الزفّاف خشية أن يقع ما يمنع إتمام الزواج أو يحدث انفصال ويكون الرجل قد دخل بالفتاة ولم تَعُد بكرا ، أو تحمل منه ويتأخّر الزفاف فيظهر حملها أمام الناس ، ونحو ذلك من الأشياء المُحرجة بالنسبة للأبوين فيكون لهما حسابات ولديهما محاذير ربما لا تكون ذات شأن عند الفتاة في غمرة فرحتها بزوجها الجديد ، وبالرغم من أنّ استمتاع الزّوجين ببعضهما بعد العقد الشّرعي مباح - ولو كان قبل وليمة الزفاف - إلا أنّه ينبغي الحرص على تلبية رغبة الأبوين وتقدير مخاوفهما وينبغي على الزّوج كذلك أن يتفهم موقفهما ويكتفي ما أمكن بالزيارة العائلية ريثما تنفرج الأمور بحصول الزفاف ، نسأل الله أن يعجل لكما بما تريدانه من الخير والله ولي التوفيق .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
حدود النظر إلى المخطوبة وحكم مسها والخلوة بها وهل يُشترط إذنها
سؤال:(8/80)
السؤال :
قرأت حديث النبي صلى الله عليه وسلم والذي يجيز للرجل أن يرى المرأة التي ينوي الزواج بها ، سؤالي هو : ما هو المسموح رؤيته للرجل في المرأة التي ينوي خطبتها للزواج هل يسمح له أن يرى شعرها أو راسها بالكامل ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
لقد جاءت الشريعة الإسلامية بالأمر بغض البصر وتحريم النّظر إلى المرأة الأجنبية طهارة للنّفوس وصيانة لأعراض العباد واستثنت الشّريعة حالات أباحت فيها النّظر إلى المرأة الأجنبية للضرورة وللحاجة العظيمة ومن ذلك نظر الخاطب إلى المخطوبة إذ إنّه سينبني على ذلك اتّخاذ قرار خطير ذي شأن في حياة كل من المرأة والرجل ، ومن النصًوص الدالة على جواز النظر إلى المخطوبة ما يلي :
1- عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ) قال : " فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها ، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجتها " وفي رواية : " وقال جارية من بني سلمة ، فكنت أتخبأ لها تحت الكرب ، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها ، فتزوجتها " صحيح أبو داود رقم 1832 و 1834
2- عن أبي هريرة قال : " كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنظرت إليها ؟ ) قال : لا ، قال : ( فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً ) رواه مسلم رقم 1424 والدار قطني 3/253(34)
3- عن المغيرة بن شعبة قال : خطبت امرأة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنظرت إليها ؟ ) قلت : لا ، قال : ( فانظر إليها فأنه أحرى أن يؤدم بينكما ) . وفي رواية : قال : ففعل ذلك . قال : فتزوجها فذكر من موافقتها . رواه الدارقطني 3/252 (31،32) ، وابن ماجه 1/574 .
4- عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : " إن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، جئت لأهب لك نفسي ، فنظر إليها رسول الله صلى الله عيله وسلم ، فصعّد النظر إليها وصوّبه ، ثم طأطأ رأسه ، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست ، فقام رجل من أصحابه فقال : أي رسول الله ، لإِن لم تكن لك بها حاجة فزوجنيها .. ) الحديث أخرجه البخاري 7/19 ، ومسلم 4/143 ، والنسائي 6/113 بشرح السيوطي ، والبيهقي 7/84 .
من أقوال العلماء في حدود النّظر إلى المخطوبة :
قال الشافعي - رحمه الله - : " وإذا أراد أن يتزوج المرأة فليس له أن ينظر إليها حاسرة ، وينظر إلى وجهها وكفيها وهي متغطية بإذنها وبغير إذنها ، قال تعالى : ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) قال : الوجه والكفين " ( الحاوي الكبير 9/34 )(8/81)
وقال الإمام النووي في ( روضة الطالبين وعمدة المفتين 7/19-20 : " إذا رغب في نكاحها استحب أن ينظر إليها لئلا يندم ، وفي وجه : لا يستحب هذا النظر بل هو مباح ، والصحيح الأول للأحاديث ، ويجوز تكرير هذا النظر بإذنها وبغير إذنها ، فإن لم يتيسر النظر بعث امرأة تتأملها وتصفها له . والمرأة تنظر إلى الرجل إذا أرادت تزوجه ، فإنه يعجبها منه ما يعجبه منها .
ثم المنظور إليه الوجه والكفان ظهراً وبطناً ، ولا ينظر إلى غير ذلك .
وأجاز أبو حنيفة النظر إلى القدمين مع الوجه والكفين . بداية المجتهد ونهاية المقتصد 3/10 .
قال ابن عابدين في حاشيته ( 5/325 ) :
" يباح النظر إلى الوجه والكفين والقدمين لا يتجاوز ذلك " أ.هـ ونقله ابن رشد كما سبق .
ومن الروايات في مذهب الإمام مالك :
- : ينظر إلى الوجه والكفين فقط .
- : ينظر إلى الوجه والكفين واليدين فقط .
وعن الإمام أحمد - رحمه الله - روايات :
إحداهن : ينظر إلى وجهها ويديها .
والثانية : ينظر ما يظهر غالباً كالرقبة والساقين ونحوهما .
ونقل ذلك ابن قدامة في المغني ( 7/454 ) والإمام ابن القيم الجوزية في ( تهذيب السنن 3/25-26 ) ، والحافظ ابن حجر في فتح الباري ( 11/78 ) .. والرواية المعتمدة في كتب الحنابلة هي الرواية الثانية .
ومما تقدّم يتبيّن أن قول جمهور أهل العلم إباحة نظر الخاطب إلى وجه المخطوبة وكفّيها لدلالة الوجه على الدمامة أو الجمال ، والكفين على نحافة البدن أو خصوبته .
قال أبو الفرج المقدسي : " ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر إلى وجهها .. مجمع المحاسن ، وموضع النظر .. "
حكم مس المخطوبة والخلوة بها
قال الزيلعي رحمه الله : ( ولا يجوز له أن يمس وجهها ولا كفيها - وإن أَمِن الشهوة - لوجود الحرمة ، وانعدام الضرورة أ.هـ ، وفي درر البحار : لا يحل المسّ للقاضي والشاهد والخاطب وإن أمنوا الشهوة لعدم الحاجة .. أ.هـ ) رد المحتار على الدر المختار 5/237 .
وقال ابن قدامة : ( ولا يجوز له الخلوة بها لأنها مُحرّمة ، ولم يَرد الشرع بغير النظر فبقيت على التحريم ، ولأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة المحظور ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يخلون رجل بإمراة فإن ثالثهما الشيطان ) ولا ينظر إليها نظر تلذذ وشهوة ، ولا ريبة . قال أحمد في رواية صالح : ينظر إلى الوجه ، ولا يكون عن طريق لذة .
وله أن يردّد النظر إليها ، ويتأمل محاسنها ، لأن المقصود لا يحصل إلا بذلك " أ.هـ
إذن المخطوبة في الرؤية :(8/82)
يجوز النظر إلى من أراد خطبتها ولو بغير إذنها ولا علمها ، وهذا الذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة .
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ( 9/157 ) : " وقال الجمهور : يجوز أن ينظر إليها إذا أراد ذلك بغير إذنها " أ.هـ
قال الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني في السلسة الصحيحة (1/156) مؤيدا ذلك : ومثله في الدلالة قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : ( وإن كانت لا تعلم ) وتأيد ذلك بعمل الصحابة رضي الله عنهم ، عمله مع سنته صلى الله عليه وسلم ومنهم محمد بن مسلمة وجابر بن عبد الله ، فإن كلاً منهما تخبأ لخطيبته ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها . ... " أ.هـ
فائدة :
قال الشيخ حفظه الله في المرجع السابق ص 156 :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوج امرأة ، فبعث امرأة تنظر إليها فقال : شُمِّي عوارضها وانظري إلى عرقوبيها " الحديث أخرجه الحاكم (2/166 ) وقال : " صحيح على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي وعن البيهقي ( 7/87 ) وقال في مجمع الزوائد ( 4/507 ) : " رواه أحمد والبزار ، ورجال أحمد ثقات "
قال في مغني المحتاج ( 3/128 ) : " ويؤخذ من الخبر أن للمبعوث أن يصف للباعث زائداً على ما ينظره ، فيستفيد من البعث ما لا يستفيد بنظره " أ.هـ والله تعالى أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
-ــــــــــــــ
هل تكشف المخطوبة شعرها أمام الخاطب قبل عقد النّكاح
سؤال:
السؤال :
هل يجوز كشف الشعر للخاطب قبل النكاح ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
إذا رأى الخاطب المخطوبة الرؤية الشّرعية الكافية لاتّخاذ قرار النكاح من عدمه ، فلا يجوز لها بعد ذلك أن تكشف أمامه أي جزء من جسدها قبل عقد النكاح . ( يراجع السؤال 2572 والسؤال 2246 ) ، والله تعالى أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
تقدّم لخطبتها شخص ذو ماض سيّئ
سؤال:(8/83)
أود أولاً أن أعرب عن تقديري لك للمعلومات القيمة التي تقدمها للجمهور، فجزاك الله خيراً على ما تقوم به. وأنا أدرك أنه لا يمكن الإجابة عن كل سؤال على الفور، ومع ذلك فقد بحثت هذا الموضوع كثيراً ولم أصل بعد إلى جواب عن سؤالي. ومما يزيد الأمر صعوبة عدم توفر معلومات عن الإسلام كما يفهمه أبواي. فقد ولدت في كندا وأنا واحدة من الفتيات القلائل اللاتي يجاهدن لمعرفة المزيد عن الإسلام. غير أنه للأسف لا زلت أجهل الكثير عن ديننا مع اشتغالي به يوميا.
مشكلتي باختصار هي: عمري 19 عاماً وخطبت إلى شخص مسلم لبناني وبعد الخطوبة اكتشفت أنه كانت له فيما مضى علاقة بفتيات أخريات وعلاقات حميمة قبل الزواج. وأنا أدرك بالطبع أن هذا خطأ كبير في ديننا، وعلي الآن أن أقرر هل أتزوج هذا الشخص أم لا. أنا شخصياً أعتقد أنه ينبغي ألا أرتبط بشخص ارتكب هذه الأفعال في حين تقول أسرتي اغفري واصفحي. فما رأيك في ذلك. هل يصح لفتاة مثلي أن تتزوج شخصاً من هذا النوع حتى ولو كان ذلك ماضيه.
وأنا أجد صعوبة شديدة في معرفة المزيد عن الإسلام إذ أن الكتب أحياناً لا تجيب عن تساؤلاتي إجابة وافية . شكراً لك مرة أخرى على وقتك .
الجواب:
الحمد لله
أولا : نسأل الله أن يجزيك خيرا على كلماتك الطيبة ونعتذر عن عدم الإجابة عن كامل السّؤال وأمّا بالنسبة للسؤال المتعلّق بك فإنّ الذي ينبغي الاهتمام به في موضوع الرّجل الذي تقدّم لخطبتك هو حاله الآن ، هل هو قائم بالواجبات كالصلوات الخمس وغيرها ومنتهيا عن المحرّمات تائبا مما اقترفه منها أم لا ؟ ، فإن كان قائما بحقّ الله فهو المطلوب الذي يُرضى دينه والذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتزويجه في قوله : " إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلاّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ . " رواه الترمذي 1004 وحسنه في صحيح الجامع 270
وماضي الشّخص التائب النّادم على ما فعل المقلع عن معصيته لا يجوز نبشه بل يجب سَتْرَه " ومَنْ سَتَرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ فِي الدُّنْيَا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الآخِرَةِ " حديث صحيح رواه الإمام أحمد صحيح الجامع 6287
أمّا إذا كان الشّخص فاسقا عاصيا لا يزال على علاقاته السّابقة ولم يتب منها فلا توافقي على الزّواج منه مطلقا وقد قال الله تعالى : الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3) سورة النّور
قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ( وحرّم ذلك على المؤمنين ) أي : .. التزويج بالبغايا أو تزويج العفائف بالرجال الفجار.. ومن ههنا ذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغيّ ما دامت كذلك حتى تستتاب فإن تابت صح العقد عليها وإلا فلا ، وكذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة لقوله تعالى "وحرم(8/84)
ذلك على المؤمنين".. فأما إذا حصلت توبة فإنه يحل التزويج . انتهى ، ولا يخفى ما يترتّب من المفاسد والشّقاء والنّكد على تزويج الفاجر .
وكثيرا ما يكون إدراك حقائق الأشخاص ومعرفة حالهم من جهة العفّة والفجور أمرا صعبا وعسيرا ولكن بالبحث والسّؤال والتحرّي والاستشارة والاستنصاح والتريّث وعدم العجلة مع سؤال الله التوفيق يُمكن الخروج بنتيجة في هذا الموضوع . نسأل الله أن يختار لك الخير ويوفقّك لأرشد أمرِكِ وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
تريد الخطيب الأول ووالدها يريد غيره
سؤال:
أنا فتاة في سن الزواج ، وقد تقدم لي شاب من حوالي العام ، وقد وافقنا عليه ، ووافق والدي عليه أيضاً ، ولكن طلبنا منه تأخير الإجراءات من كتاب وزواج حتى أنهي دراستي الجامعية ، وهو ينتظرني حتى أنهيها ، ولكن الآن والدي يريد أن يزوجني بشاب غيره ، ليس أفضل منه لا ديناً و لا خلقاً ، بعد أن التزمنا بكلمة مع ذلك الشاب الذي ارتضينا دينه وخلقه ، وأنا صراحة لا أريد إلا الزواج بمن خطبني أولاً ووافقنا عليه ، فما عساي أن أفعل الآن ؟
الجواب:
الحمد لِلَّه
أولا :
من الأمور العظام التي تحدث بين الناس ، التساهل في أمر الخطبة على خطبة الغير .
فمع أنهم يسمعون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لاَ يَخطِبْ عَلَى خِطبَةِ أَخِيهِ إِلاَّ أَنْ يَأذَنَ لَهُ ) رواه البخاري (5142) ومسلم (1412)
إلا أنك تجدهم يخالفون أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، فيجترؤون على الخطبة وقد علموا بأمر الخطبة السابقة ، وكذلك تجد بعض الأولياء يعين على ذلك المنكر باستقبال الخطيب الثاني وبقبوله في كثير من الأحيان .
فأي توفيق يرجون ! وأي سعادة يؤملون ! وهم يريدون أن يبدؤوا زواجهم بمعصية عظيمة ، ظُلم فيها الخطيب الأول واعتُدي على حقه فيها .
وقد نص أهل العلم على حرمة خطبة المسلم على خطبة أخيه المسلم إذا حصل الإيجاب والقبول أو الميل نحو الخطيب الأول .
يقول النووي في "شرح مسلم" (9/197) :
" هذه الاحاديث ظاهرة في تحريم الخطبة على خطبة أخيه ، وأجمعوا على تحريمها اذا كان قد صُرح للخاطب بالإجابة ، ولم يأذن ولم يترك " انتهى .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (32/7) :
عن رجل خطب على خطبته رجل آخر فهل يجوز ذلك ؟
فأجاب :(8/85)
الحمد لله ، ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يحل للرجل أن يخطب على خطبة أخيه ) ولهذا اتفق الأئمة الأربعة في المنصوص عنهم وغيرهم من الأئمة على تحريم ذلك .
وإنما تنازعوا في صحة نكاح الثاني على قولين :
أحدهما : أنه باطل كقول مالك وأحمد في إحدى الروايتين .
والآخر : أنه صحيح كقول أبي حنيفة والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى ، بناء على أن المحرم هو ما تقدم على العقد وهو الخطبة ، ومن أبطله قال إن ذلك تحريم للعقد بطريق الأولى .
ولا نزاع بينهم في أن فاعل ذلك عاص لله ورسوله ، والإصرار على المعصية مع العلم بها يقدح في دين الرجل وعدالته وولايته على المسلمين " انتهى .
ويقول الشيخ الفوزان حفظه الله "الملخص الفقهي" (2/262-263) :
" وبعض الناس لا يبالي بذلك ، فيقدم على خطبة المرأة وهو يعلم أنه مسبوق إلى خطبتها ، وأنها قد حصلت الإجابة ، فيعتدي على حق أخيه ، ويفسد ما تم من خطبته ، وهذا محرم شديد التحريم ، وحري بمن أقدم على خطبة امرأة وهو مسبوق إليها مع إثمه الشديد أن لا يوفق وأن يعاقب . فعلى المسلم أن يتنبه لذلك ، وأن يحترم حقوق إخوانه المسلمين ; فإن حق المسلم على أخيه المسلم عظيم ; لا يخطب على خطبته ، ولا يبيع على بيعه ، ولا يؤذيه بأي نوع من الأذى " انتهى .
ثانيا :
لا يجوز لوالدك قبول طلب الخطيب الثاني ولا إجابته ، فضلا عن حرمة إحضار خطيب آخر ، إلا إن فعل ذلك لعذر شرعي ، كأن يمرض الخطيب الأول بمرض خطير ، أو تظهر عليه علامات الفسق ونحو ذلك ، أما إذا لم يكن ثمة موجب شرعي لفسخ خطبة الأول ، فالواجب الالتزام بها .
يقول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله "مجموع الفتاوى" (10/43) :
" أما بالنسبة لأب المرأة فلا يحل له أن يقبل خطبة الرجل الأخير وهو قبل من الأول ، ما لم يكن هناك موجب شرعي " انتهى .
بل ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا ينبغي للقاضي أن يعقد نكاح الثاني أبدا ، لأنه قد اعتدى على حق غيره ، فيجب أن يرجع الحق إلى أهله .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية "مجموع الفتاوى" (29/285) في معرض الحديث عن حق الخاطب الأول :
" وَإِذَا قِيلَ : هُوَ ( يعني الخاطب الثاني ) غَيَّرَ قَلْبَ الْمَرْأَةِ عَلَيَّ !
قِيلَ : إنْ شِئْت عَاقَبْنَاهُ عَلَى هَذَا ؛ بِأَنْ نَمْنَعَهُ مِنْ نِكَاحِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ ، فَيَكُونُ هَذَا قِصَاصًا لِظُلْمِهِ إيَّاكَ . وَإِنْ شِئْت عَفَوْت عَنْهُ فأنفذنا نِكَاحَهُ " انتهى .
ثالثا :
أما نصيحتي لك أختي الكريمة ، فألخصها بكلمة واحدة " الحوار " .
فبالحوار الهادئ الهادف يتمكن المرء من مواجهة كل مشكلة تعترض حياته ، وبه يتوصل إلى إقناع الآخرين بوجهة نظره ، أو على الأقل بتقبلها واحترامها .(8/86)
ومحاورة الوالد تقتضي منك إظهار كل التقدير والاحترام ، كما تقتضي منك إظهار عقلانية راجحة ، وتفهم كامل لأمور المعاش وحياة الناس .
كثيرا ما يفقد الناس مكتسباتهم ، ويحرمون من الخير الذي كان قريبا منهم ، بسبب ضعف معاني قيم الحوار والمشورة والاحترام من حياتهم ، وهي مهارات تتطلب من المرء معالجة ومصابرة وتدريبا كي يرتقي بها إلى المستوى المطلوب .
ولا يمنعنَّك الحياء عن مصارحة والدك برغبتك ورأيك ، فذلك حق لك كفله لك الشرع المنزل من الله سبحانه وتعالى ، والمصارحة بين الأبناء والآباء من أركان السعادة الأسرية ، يتم بها التفاهم وتبادل التقدير ، وبغيرها توغر الصدور ، وتحمل النفوس ما لا تحتمل ، وقد يؤدي الكتمان إلى عواقب وخيمة .
واعلمي - أختي الكريمة - أن والدك حريص عليك ، رفيق بك ، يرجو لك الخير ، وإن كان يبدي حزما وصرامة ، إلا أنه – إن شاء الله – سيرجع إلى حكم الشرع ويرضى به .
فيجب أن تُذَكِّرِي والدك بحرمة الخطبة على خطبة الغير ، وحرمة إخلاف الوعد ، ومساعدة المعتدي على اعتدائه – إن كان الخاطب الثاني يعلم بوجود الخطبة الأولى - ، فإن لم تجدي في نفسك الكفاءة بتذكيره ، فاطلبي ممن يتمكن من ذلك ممن يحترمهم والدك ويقتنع بمشورتهم أن ينصحه ويذكره بوجوب الالتزام بشرع الله ، وأن الله سبحانه وتعالى لن يوفق زواجا فيه اعتداء على حق الخاطب الأول .
ولا تترددي في اختيارك ، إذ لا شك أن صاحب الدين والخلق هو الحقيق بالتزويج دون غيره ، إلا أن الرفق مفتاح كل خير ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( مَن يُحرَمِ الرِّفقَ يُحرَمِ الخَيرَ ) رواه مسلم (2592) ، ويقول : ( إِنَّ الرِّفقَ لاَ يَكُونُ فِي شَيءٍ إِلاَّ زَانَهُ ، وَلاَ يُنزَعُ مِن شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ ) رواه مسلم (2594) ، ويتأكد الأمر بالرفق حين يتعلق الأمر بأحد الوالدين ، فقد أمر الله سبحانه وتعالى بحسن صحابتهما ولو كانا على الشرك ، فما الظن حين يكونان مسلمين حريصين على أبنائهما ؟!
فعليك بهذه الوصية النبوية .
أسأل الله لك التوفيق والسعادة والخير في الدنيا والآخرة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
تعرضت للاغتصاب وهي صغيرة ، وتريد الزواج الآن
سؤال:
أعاني من مشكلة نفسية واجتماعية فى نفس الوقت , حيث تعرضت في صغري لاغتصاب من أحد أقاربي ، أشك فى أنه أفقدني براءتي ، مما كان له أثر سيئ على نفسيتي ، فكنت أبكي كل ليلة وأنا نائمة لا يشعر بي أحد ، ثم في مرحلة الثانوية وما قبل الجامعة جاء إلى بيتنا شاب لدرس ، واعترف لي أنه يريد الزواج مني ، فصارحته بكل شيء ، فأجاب بأن هذا ماض وأنه مسامح ، ولا أخفي عليك ، فمنذ ذلك الحين نتحادث هاتفيّاً كل مدة ، وأهلي على علم بذلك ، وهو الآن فى العام(8/87)
الأخير من الجامعة ، فأريد أن أعرف هل ذلك حرام ؟ وهل أنا كذلك مستسلمة لقضاء الله ؟ وإن لم يكن كذلك فماذا أفعل ؟ .
أرجو النظر في مشكلتي وإفادتي .
وجزاكم الله خيراً .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
قد لا يدرك المرء حقيقة الحكمة التي من أجلها ابتلاه الله تعالى في دنياه ، حتى يكون يوم القيامة ، فينكشف له ذلك المقام الرفيع الذي أعده الله تعالى له في الجنة إذا صبر واحتسب ، ويعلم حينئذ أن الله تعالى كان قد ابتلاه بفضله ، واختبره بحكمته .
عن جابر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يَوَدُّ أَهلُ العَافِيَةِ يَومَ القِيَامَةِ حِينَ يُعطَى أَهلُ البَلَاءِ الثَّوَابَ لَو أَنَّ جُلُودَهُم كَانَت قُرِّضَت فِي الدُّنْيَا بِالمَقَارِيضِ ) .
رواه الترمذي ( 2402 ) وحسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2206 ) .
ويبدو أنك – أختي الفاضلة – قد تجاوزت بحمد الله تلك الواقعة ، وتحملت آثارها النفسية ، بل وأرجو أن تكوني خرجت بنفسية أقوى ، وبروح أعلى وأذكى ، فإن في كل محنة منحة ، ووراء كل بلاء عافية ، ولا ينبغي للمرء أن يتأسف على ما فات ، ويستذكر الماضي الذي لن يرجع أبدا ، بل ينبغي أن يأخذ منه العبرة ليومه والتفاؤل لغده .
وفي قصتك درس للآباء الذين يتحملون مسؤولية أبنائهم أمام الله تعالى ، ألا يُسلِموهم لمواضع الردى بدعوى حسن الظن بالقرابة ، والحقيقة المؤسفة تقتضي أن نقول : إن كثيرا من حالات الاعتداء إنما تجيء من القرابة ، نسأل الله العافية .
وليست هذه دعوة لقطع الأرحام أو التشكك في الناس ، إنما هي دعوة للاحتفاظ بالحذر والاحتياط الذي يقتضيه الحال ، وعلى الوالدين تقدير ذلك الحذر من غير غلو ولا تفريط ، وقد جاءت شريعتنا بقاعدة عظيمة في ذلك ، هي قاعدة سد الذرائع ، بل جاءت الشريعة بأخذ الاحتياط بين الإخوة في البيت الواحد ، وذلك حين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتفريق بينهم في المضاجع ، كما رواه أبو داود ( 495 ) وصححه الألباني .
قَالَ الْمُنَاوِيُّ رحمه الله : أَيْ فَرِّقُوا بَيْن أَوْلَادكُمْ فِي مَضَاجِعهمْ الَّتِي يَنَامُونَ فِيهَا إِذَا بَلَغُوا عَشْرًا حَذَرًا مِنْ غَوَائِل الشَّهْوَة ، وإن كُنّ أخواته . انتهى [ فيض القدير 5/531] .
قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله : إنما جَمَعَ بَيْن الْأَمْر بِالصَّلَاةِ وَالْفَرْق بَيْنهمْ فِي الْمَضَاجِع فِي الطُّفُولِيَّة تَأْدِيبًا وَمُحَافَظَة لِأَمْرِ اللَّه كُلّه ... وَتَعْلِيمًا لَهُمْ َالْمُعَاشَرَة بَيْن الْخَلْق , وَأَنْ لَا يَقِفُوا مَوَاقِف التُّهَم فَيَجْتَنِبُوا محارم الله كلها . اِنْتَهَى . [ شرح مشكاة المصابيح 2/155] .(8/88)
وفي قصتك درس للآباء ـ أيضا ـ : أن يتفقدوا أحوال أبنائهم ، ويُعَوِّدُوهم على مصارحتهم في كل ما يواجهون ، في المدرسة أو الشارع أو المنزل ، فإن كثيرا من الأطفال تصيبهم المصائب ، وتلحقهم الأمراض النفسية ، والوالدان في غفلة تامة عن أمرهم ، وقد كان يمكن للوالدين أن يخففا عن أبنائهم ما أصابهم ، ولكن ترك المصارحة الأسرية يولِّدُ حرجا عند الأبناء في الشكوى لآبائهم .
وأما ذلك القريب الظالم الفاجر المعتدي ، فقد استحق غضب الله وسخطه ومقته ، واستحق جهنم التي أعدها الله تعالى للظالمين المعتدين ، الذين يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب ، وهو يظن أنه ينجو بفعلته ويلوذ بجريمته ، ولكنه لا يشعر أن الله تعالى يتربص به وبأمثاله ، حتى إذا أخذه فما له مِنَ الله مِنْ ناصر .
يقول الله تعالى : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ) إبراهيم/42 .
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُملِي لِلْظَالِمِ ، فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ، ثُمَّ قَرَأَ : ( وَكَذَلِكَ أَخذُ رَبِّك إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) . رواه مسلم ( 2583 ) .
قال النووي – رحمه الله - : " معنى ( يملي ) يمهل ويؤخر ويطيل له في المدة ... .
ومعنى ( لم يفلته ) : لم يطلقه ، ولم ينفلت منه " . " شرح مسلم " ( 16 / 137 ) .
ثانياً :
أنصحكِ بمراجعة الطبيبة المختصة للفحص ، فإن لم يكن ثمة أثر بسبب ما جرى معك ، وعلمت أنك ما زلت بكراً : فلا حاجة بعد ذلك لإخبار من يخطبك بما حصل معك ، بل يجب الستر على نفسك ونسيان ما مضى .
أما إن وَجَدَت الطبيبة غير ذلك : فيجب عليك إخبار من يتقدم لخطبتك ، حتى لا يظن السوء فيك وأنك قد غششتِيه ، والصدق منجاة ، والله سبحانه وتعالى مطلع على عباده ، ولن يخذل عباده الصادقين .
قال علماء اللجنة الدائمة :
يجب على الولي أن يبين للخاطب ما في المرأة المخطوبة من العيوب والأمراض إذا كان الزوج لا يعرف ذلك ؛ حتى يكون على بصيرة ؛ لأن في عدم إخباره بذلك غشّاً له ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا ) . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 18 / 62 ) .
ثالثا :
أما ما ذكرتِ من شأن الشاب الذي عرض عليك أمر الزواج ، وأنت بدورك صَدَقتِيهِ القول وصارحتيه بما جرى معك في صغرك فتقبل ذلك ولم يعترض : فذلك من نِعَم الله تعالى عليك ، أَن هَيَّأَ لك من يعذركِ فيما حصل معكِ في صغرك ، ويستر عليك في أمر ظلمتِ فيه ، ويرغب في الاقتران بك بالطريق الذي شرعه الله ، فجزاه الله خيرا .
ولكنكما أخطأتما حين استمرت المحادثات بينكما ، قبل أن يتم الرابط الشرعي ، وقد كان بإمكانكما إتمام عقد الزواج الشرعي ، وتأخير الدخول إلى حين التخرج أو(8/89)
العمل ، أما أن تبقى الحال على ما هي عليه : فلا شك في حرمة ذلك ، إذ ليس بينكما علاقة شرعية ، وإنما هي إلى الآن أماني أو وعود بالزواج .
والواجب عليكما الوقوف عند الحكم الشرعي ، وأنه لا يجوز استمرار المحادثة بينكما حتى يتم العقد الشرعي ، فإن كان صادقا في وعده لك بالزواج : فسيستجيب لحكم الله ، ويسارع في إتمام العقد ، أو يقطع الاتصال حتى يتخرج ، فإن لم يستجب لحكم الله تعالى : فاحذري حينئذ ، فقد يكون ذئباً جديداً يسعى للتسلية وقضاء الوقت في محادثة الفتيات ، ويتخذ الوعود بالزواج وسيلة لتحقيق ما يريد ، وخاصة أنه قد علِم بحالك ، وقد تكون هذه فرصة له يسول له الشيطان بسببها أمراً منكَراً .
سئل الشيخ الفوزان - حفظه الله - :
مكالمة الخطيب لخطيبته عبر الهاتف ، هل هي جائزة شرعا أم لا ؟
فأجاب :
مكالمة الخطيب عبر الهاتف لا بأس به ، إذا كان بعد الاستجابة له ، وكان الكلام من أجل المفاهمة ، وبقدر الحاجة ، وليس فيه فتنة ، وكون ذلك عن طريق وليها : أتم وأبعد عن الريبة .
أما المكالمات التي تجري بين الرجال والنساء وبين الشباب والشابات ، وهم لم تجرِ بينهم خطبة ، وإنما من أجل التعارف - كما يسمونه - : فهذا منكر ، ومحرَّم ، ومدعاة إلى الفتنة ، والوقوع في الفاحشة ، يقول الله تعالى : ( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً ) الأحزاب/32 .
فالمرأة لا تكلم الرجل الأجنبي إلا لحاجة ، وبكلام معروف لا فتنة فيه ولا ريبة ، وقد نص العلماء على أن المرأة المحرمة تلبي ولا ترفع صوتها ، وفي الحديث ( إِنَّمَا التَّصْفِيقُ للنِّسَاءِ ) - رواه البخاري ( 1218 ) ومسلم ( 421 ) - مما يدل على أن المرأة لا تُسمع صوتها الرجال إلا في الأحوال التي تحتاج فيها إلى مخاطبتهم مع الحياء والحشمة .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 604 - 605 ) .
وقد سبق في موقعنا بعض الإجابات التي تبين حكم المحادثة بين الجنسين ، ومنها : أجوبة الأسئلة : ( 7492 ) ، ( 13791 ) ، ( 26890 ) ، ( 45668 ) ، ( 66266 ) ، ( 82702 ) .
نسأل الله تعالى أن يحفظك ويوفقك ويرزقك الرضى والسعادة .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
رفضت خطبته فهل يعيد المحاولة
سؤال:
بعد التوكل على الله والاستعانة به ثم الاستخارة : تقدمت لخطبة إحدى الفتيات ، فتم الرفض لأن الفتاة تدرس ، مع العلم أني تعلقت بها ودائم التفكير فيها . ولقد تعلقت بها أكثر بعد الاستخارة لما وجدته من انشراح الصدر والراحة. ووالدتي تقول : سنحاول أن نتقدم لها مرة أخرى ، وأنا متردد لأني أشعر بأن التقدم لخطبتها مرة(8/90)
أخرى فيه إهانة وإحراج لأهلي ؛ فهل أتقدم لها أم لا ؟ أرجو منكم بعد الله أن تساعدونني بالحل .
الجواب:
الحمد لله
إذا كانت الفتاة مرضية الدين والخلق ، فلا حرج في إعادة المحاولة ، وإن أمكن ذلك عن طريق بعض الوسطاء فهو أفضل ، منعا لإحراج الأهل ، وإن كنا في واقع الأمر لا ننصحك بذلك في الوقت الحاضر ؛ فإن كانت دراستها تنتهي قريبا ، ويمكنك أنت أن تنتظر هذه المدة ، فيمكن أن يبين الوسيط ذلك ، اللهم إلا أن يكون هناك مانع آخر من القبول ، ولم يصرحوا به .
وعلى أية حال ، ينبغي أن تفوض الأمر إلى الله تعالى ، فإن العبد لا يدري ما هو الخير له ، فدع عنك التفكير والتعلق ، وسل الله تعالى أن يهيئ لك الخير حيث كان ، ووطن نفسك على قبول الاحتمالين ، فإن حصلت الموافقة ، فارج أن يكون ذلك خيرا وعونا لك على الطاعة ، وإن حصل الرفض فلعل الله صرف عنك أو عنها ما لا يصلح ، وادخر لكل منكما ما هو الخير له : ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(البقرة: من الآية216)
والمؤمن لديه من الاهتمامات والأهداف والأعمال ما يصرفه عن التعلق بفتاة مهما كانت ، نسأل الله أن يشغلنا وإياك بطاعته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
تعرفت عليه في الإنترنت وخطبها وليس بينهما تفاهم
سؤال:
عملت لمدة سنتين بعيداً عن أهلي ( ذقت فيها مرارة الغربة والتعب وتأثرت نظرتي للحياة كثيراً ) والآن أعمل في قرية من القرى التي تبعد عن مدينتي بحوالي 150 كم أي : ما يعادل ساعة ونصف ذهاباً ، وساعة ونصف إياباً ، تدور حياتي في محيط الأسرة والدراسة والعمل ، ليس لي صديقات ، ولا أزور أقاربي أو معارفي إلا نادراً ، وتقريباً لا أخرج من المنزل إلا للضرورة ، أو التنزه مع أسرتي أو للذهاب إلى عملي ، أو إحدى الدورات ، وفي فترة من الفترات اشتركت في نادي صحي مع أمي ( وذلك لظروف صحية ، وحفاظا على لياقتي ) ، تربيت في أسرة على الحشمة والالتزام المتوسط ، والمحافظة على الصلاة ، وتأدية ما فرضه الله علينا ، وبحكم عملي وتغربي ومركزي بين أخوتي ( الكبرى ) تعودت على الاستقلال والاعتماد على النفس ، وعلى احترام الآخرين لرأيي ، والداي هما أقرب أصدقاء لي ، لا أخفي عنهما أي سرٍّ من أسراري ، تعرفت على الإنترنت منذ عام 1422 هـ ، اطلعت على كثير من المواقع ، وكان هدفي هو تحسين لغتي الإنجليزية ، وتطوير طريقة تدريسي لها ، وكنت أبحث عن مواضيع مختلفة خاصة بالمرأة والأسرة والحياة الزوجية ، قبل ستة أشهر بينما كنت في أحد برامج ممارسة اللغة(8/91)
الإنجليزية جاءتني رسالة خاصة من أحد الأشخاص يريد أن يناقشني في بعض المسائل المتعلقة بتدريس اللغة الإنجليزية والصعوبات التي نواجهها مع الطالبات ، خصوصا أنه خريج قسم لغة إنجليزية - ينتظر وظيفته ، ويصغرني بعامين - وبعد مقابلتين أو ثلاث في هذا البرنامج ، وعن طريق الرسائل الكتابية القصيرة : سألني أسئلة شخصية مثل عمري / مدينتي / عادات أهلي ، أخيراً أخبرني أنه يريد خطبتي فأعطيته رقم والدي لمجرد اختبار صدقه ، وبالفعل اتصل بوالدي ، وبعد أسبوعين – تقريباً - زارنا وأهله ، في البداية تردد أهلنا ، خصوصا لتحسسهم من طريقة التعارف ، ولعاداتنا وتقاليدنا واختلاف الطباع ( خاصة أنني حضرية وهو شريف ) ،
وبعد عدة زيارات من أهله ، ومفاوضات مع أهلي : استطعنا أنا وهو أن نجعلهم يتقبلون الموضوع ، والحمد لله تعيَّن خطيبي في قرية تابعة لمدينته ، وقريبا سيحصل على موافقة من أحد البنوك على قرض بالمرابحة حتى يتم مراسيم ملكتنا وزواجنا ، بعد فترة من خطوبتي أصبحنا نتحدث عبر الهاتف ( أعرف أننا أخطأنا في هذه النقطة خصوصا أنه لم يتم عقد القران ) ومن خلال هذه الأحاديث تعرفنا على بعض بصورة أكبر ، ولاحظت عليه عدة أمور : أمور إيجابية : ( المحافظة على الصلاة ( هذا شيء شجعني للارتباط به ، خصوصا أنني رفضت قبله أشخاصاً لسبب وحيد هو عدم الصلاة ، أو التهاون فيها ( والالتزام وعدم سماع الأغاني ) ، ( وعدم التدخين أو التعسيل أو التشييش ) ، وهذا شيء شجعني للارتباط به خصوصا أنني رفضت قبله أشخاصاً لسبب وحيد هو التدخين ، ( طيبته وبساطته ) ، ( وجود أمور كثيرة مشتركة بيننا خصوصا في رأينا حول مواضيع مختلفة ) ، ( تخصصنا الدراسي ) ، ( وظائفنا ) ، ( حتى في الأحلام المستقبلية حول الأسرة والأولاد ومواصلة الدراسة ) .
أمور سلبية : أحس أن التزامه لا ينبع من الدين بقدر من تربيته وعادات أهله ، وأنه يريد أن يفرض عليَّ أموراً ، ليس لأنها من الدين بقدر أن مظهره الاجتماعي كشخص متدين لا يسمح ، ونظرته وأهله لي ولأهلي ، يظنون أننا غير متمسكين بالدين وغير محتشمين ، نساؤنا متسلطات ، ومتحكمات يسيِّرن الرجال على أهوائهن - مع أني أرى تقريبا غالب الرجال في العالم يسيرون حسب أراء زوجاتهم ، وحتى ولو أظهروا عكس ذلك - ، ثم نظرتهم إلينا على أننا أقل منهم في النسب ، وأصعب شيء في العلاقة الزوجية إذا احتقر طرف من الأطراف الآخر ، أو لم يثق فيه وفي قدرته على القيام بالواجبات في الحياة الزوجية ، يريد مني التفرغ له ولأولاده ، ووقف حياتي عليهم ، والتوقف عن العمل ونسيان نفسي تماما ، وطي كل أحلامي في إكمال دراستي ، أو تحسين أدائي الوظيفي أو ممارسة أي نشاط آخر ، أو حتى الالتحاق بنادي صحي ، وإن مارست يكون ذلك كرما منه لأن الوقت الذي أقضيه في تلك الأمور من حقه و حق أولاده !
أنا لست ضد الزواج ولا رعاية الأبناء ولا خدمة الزوج ، ولكن أعتقد من حق الزوجة أن يكون لها مساحتها الخاصة .(8/92)
يرى أن أعمال البيت من واجباتي ، وفي حال استقدام خادمة يجب أن تكون على حسابي ؛ لأنها تقوم بواجباتي ، معترض بقوة على اشتراط والدي للخادمة في عقد القران ، ويرى أن ذلك يشوه مظهره أمام أهله ، وأن شروطي تعجيزية ، معقول بنات القبائل والأشراف ما لهم شروط صعبة ولا طلبات ؟ مع العلم أن أهلي لم يشترطوا ذلك إلا خوفا عليَّ من المشاكل التي تقع فيها المرأة العاملة مع زوجها بسبب الخادمة ، ولأن الرجال في مجتمعنا تناسوا أن أشغال البيت في الإسلام من مسؤولية الزوج ، وهو حر إما أن يؤديها بنفسه أو يستقدم الخدم ، وإن قامت بها الزوجة فهو كرم منها وفضل ! ، مع العلم أنني لا أحب وجود الخادمة في البيت ، فبقليل من التعاون بين الزوجين والأبناء واستخدام وسائل التكنولوجيا ، أو المعاونات الخارجية مثل : كوي الملابس عند المكوجي ووضع الأبناء في حضانة فترة العمل يستطيعون الاستغناء عن الخادمة وشرها ومشاكلها ، ورجال اليوم ليسوا بأفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم في خدمة أهله والقيام بأعمال البيت .
يريد مني ترك سماع الأغاني وعدم مشاهدة الأفلام والتمثيل ، وعدم لبس البنطلونات ولبس عباءة الرأس ، مع أني أخبرته برأيي في هذه الأمور ، الأغاني : لا أرتاح لها وسأتركها في أقرب فرصة ، مشاهدة الأفلام والتمثيل : لا أرى حرمة لها ، بالنسبة للإنجليزية : طريقة للتدرب على سماع اللغة الإنجليزية ، أما التمثيل : فلا أتابع غير الهادف والمفيد منها ، لبس البنطلونات : فأخبرتك أنني إنسانة عاقلة وأعرف ألبس حسب المكان والمناسبة والأشخاص الذين سأقابل ، فأنا في المدرسة وزياراتي الرسمية أو زياراتي لأناس غريبين عني لا أرتديها ، ولكن أحب ارتداءها في الإجازات والخرجات خصوصا أنها أستر لي لأني كثيرة الحركة ، أما بالنسبة لعباءة الرأس فلا أؤيد لبسها ؛ لأنه أساسا لا يوجد شكل معين لحجاب المسلمة ، وبحكم تجربتي وجدت أنها لا تناسبني ، فالعباءة على الكتف المقفلة من الأمام مع وضع طرحة فضفاضة وتغطية الوجه أفضل لي وأستر ، خصوصا لو كنت أحمل أشياء أو أطفال ، أو أسير لمسافة طويلة ، يرى أن كل الأماكن التي أتنزه فيها مع أهلي ( أسواق ، منتزهات على البحر ، مراكز ترفيهية ، حتى الكورنيش ) أماكن مختلطة ، لا يستطيع أن يأخذني إليها ، حاولت تفهم غيرته ، ولكني بصراحة قلقة وخائفة من أنه يحبسني في البيت ، ولا يكون خروجي إلا لزيارات الأهل والأقارب التي لا أحبها كثيراً ، خاصة بسبب ما يحدث بين النساء من غيبة ونميمة وحسد وحقد ، يقول : إني لا أعرف كيف أتفاهم معه ، وأسلوبي جاف ، وكثيراً ما أخطئ في حقه ، فأرجوك علِّمني ؛ لأني فعلا بدأت أشك في قدراتي ، وأشعر بالندم الشديد عندما أراه مجروحاً مني .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
من عادتنا في الأجوبة على الأسئلة التي تردنا أن ننبه على الأخطاء الشرعية التي تأتي في ثنايا السؤال ، وبعضها قد يكون له تعلق في السؤال ، وبعضها الآخر ليس(8/93)
كذلك ، لكنه من المهم لنا أن نبين للسائل الصواب فيما يرد في كلامه ، أداء للنصيحة التي أوجبها الله علينا .
ثانياً :
ويمكن إجمال ما رأيناه من المخالفات الشرعية في السؤال سواء ما يتعلق بالزوجة أو الزوج فيما يأتي :
1. السفر من غير محرم :
وقد فهمنا هذا من خلال قول الأخت السائلة : " والآن أعمل في قرية من القرى التي تبعد عن مدينتي بحوالي 150 كم أي : ما يعادل ساعة ونصف ذهاباً ، وساعة ونصف إياباً " .
فإن كان هذا هو الواقع ، وأنه لا يسافر معها محرم لها : فلتعلم أنه " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم " ، ولا تكفي عصبة النساء – كما يراه بعض العلماء – لتسافر المرأة من غير محرم ، ويجب على كل امرأة منهن أن يكون لها محرم .
وانظري تفصيل هذه المسألة في أجوبة الأسئلة : ( 3098 ) و ( 69337 ) و ( 45917 ) و ( 4523 ) .
2. المراسلة مع أجنبي في الإنترنت .
وهو ما حصل منكِ مع الرجل الأجنبي عنك ، وإذا كان هذا الأجنبي عنكِ قد تقدم للزواج منكِ فإن الآلاف لم يفعلوا مع من أوقعوهنَّ في حبائلهم ، وقد تُبنى العلاقة الزوجية التي تقوم على مثل هذه المقدمات على الشك والريبة والتهمة ، وبالتالي لا يُكتب للزواج النجاح .
وقد سبق ذِكر تحريم المراسلة بين الجنسين في جواب السؤالين : ( 26890 ) و ( 10221 ) .
3. القرض الربوي المحتال عليه باسم " المرابحة " :
وقد جاء هذا في قولك عن خطيبك : " وقريبا سيحصل على موافقة من أحد البنوك على قرض بالمرابحة حتى يتم مراسيم ملكتنا وزواجنا " .
وتسمية عامة الناس لهذه المعاملة بـ " القرض " إنما هو تسمية لحقيقتها ، وإن احتالت البنوك على الناس بتسميتها مرابحة ، إذ حقيقتها اقتراض بفائدة ربوية .
وانظري تفصيل المسألة في جواب السؤال رقم : ( 36408 ) .
4. المحادثة أثناء الخطوبة .
قلتِ في سؤالكِ : " بعد فترة من خطوبتي أصبحنا نتحدث عبر الهاتف ( أعرف أننا أخطأنا في هذه النقطة خصوصا أنه لم يتم عقد القران ) " .
فالواجب الحذر من الخلوة بالمخطوبة ، أو الخروج معها ، أو التوسع في الاختلاط بها ، والحديث إليها ، وخاصة في الهاتف ، وحيث لا يكون هناك محرم أو رقيب .
وانظري جواب الأسئلة ( 7757 ) و ( 2572 ) و ( 20069 ) لتعلمي حدود العلاقة بين الخاطب والمخطوبة .
5. الاشتراط في الزواج :
قولكِ : " معقول بنات القبائل والأشراف ما لهم شروط صعبة ولا طلبات ؟ " .(8/94)
والجواب : نعم ، معقول ، واشتراط الأمور الصعبة على الزوج مما يساهم في تعقيد الحياة الزوجية ، وقد يكون فيها تكليف الزوج ما لا يطيق ، فيؤثر ذلك سلباً على نفسيته وحياته وتعامله مع زوجته وأهلها .
ثم إن اشتراط الأشياء الصعبة والطلبات على الزوج لا يدل على رجاحة عقل ولا شرف نسب ، وهذه فاطمة رضي الله عنها وهي من أشرف نساء العالمين ، وابنة سيد المرسلين لم تَشترط في زواجها شروطاً ( صعبة ) ، ولا كان فيه كثرة ( طلبات ) ، وكذا نقول في بنات النبي صلى الله عليه وسلم وبنات أصحابه المشرفات المكرمات نسباً وديناً وعقلاً .
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( جَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ فِي خَمِيلٍ [ قصيفة ] وَقِرْبَةٍ وَوِسَادَةِ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفُ الْإِذْخِرِ ) .
رواه أحمد (644) والنسائي (3384) وصححه الألباني .
وقد جاء في السنة المشرفة ما يدل على خلاف ذلك الظن الذي تظنينه ، وهو الترغيب بتيسير الخِطبة ، وقلة مؤنة الزواج .
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ : تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا ، وَتَيْسِيرَ صَدَاقِهَا ) .
رواه أحمد ( 23957 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح الجامع " ( 2235 ) .
6. خدمة المرأة لزوجها :
قولكِ : " ولأن الرجال في مجتمعنا تناسوا أن أشغال البيت في الإسلام من مسؤولية الزوج ، وهو حر إما أن يؤديها بنفسه ، أو يستقدم الخدم ، وإن قامت بها الزوجة : فهو كرم منها وفضل ! " .
وهذا وإن كان هو قول الجمهور لكنه قول ضعيف مرجوح ، وليست خدمة المرأة في بيتها كرماً منها وفضلاً ، بل هو واجب عليها ولا شك ، وإنما يكون ذلك بحسب قدرتها وطاقتها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وتجب خدمة زوجها بالمعروف من مثلها لمثله ، ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال ، فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية ، وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة .
" الفتاوى الكبرى " ( 4 / 561 ) .
وسئل الشيخ عبد الله بن جبرين - حفظه الله -:
قرأت في إحدى الصحف هنا فتوى لأحد العلماء يقول فيها إن خدمة الزوجة لزوجها ليست واجبة عليها أصلاً وإنما عقده عليها للاستمتاع فقط ، أما خدمتها له فذلك من باب حسن العشرة ، وقال إنه يلزم الزوج إحضار خدم لزوجته لو كانت لا تخدمه أو تخدم نفسها لأي سبب ، هل هذا صحيح وإذا كان غير صحيح فالحمد لله أن هذه الصحيفة ليست واسعة الانتشار ، وإلا لأصبح الأزواج بعضهم عزابا عندما تقرأ بعض النسوة هذه الفتوى ؟ .
فأجاب :
هذه الفتوى غير صحيحة ، ولا عمل عليها ؛ فقد كانت النساء الصحابيات يخدمن أزواجهن كما أخبرت بذلك أسماء بنت أبي بكر عن خدمتها للزبير بن العوام ، وكذا(8/95)
فاطمة الزهراء في خدمة علي رضي الله عنهما وغيرهما ، ولم يزل عُرف المسلمين على أن الزوجة تخدم زوجها الخدمة المعتادة لهما في إصلاح الطعام وتغسيل الثياب والأواني وتنظيف الدور ، وكذا في سقي الدواب وحلبها ، وفي الحرث ونحوه ، كلٌّ بما يناسبه ، وهذا عُرفٌ جرى عليه العمل من العهد النبوي إلى عهدنا هذا من غير نكير ، ولكن لا ينبغي تكليفها بما فيه مشقة وصعوبة ، وإنما ذلك حسب القدرة والعادة ، والله الموفق .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 662 ، 663 ) .
وانظري جواب السؤالين : ( 12539 ) و ( 10680 ) .
7. حكم التمثيل ومشاهدة الأفلام .
قولكِ : " مشاهدة الأفلام والتمثيل : لا أرى حرمة لها " .
ولا شك أن هذا خطأ ، وفي الأفلام كثير من المنكرات كخروج النساء سافرات ، وقصص الحب والعشق المحرم ، وشرب الخمور ، والعلاقات المحرَّمة ، وإشاعة الجريمة والجرأة على الأخلاق الفاضلة .
وللتفصيل : ينظر جواب السؤالين : ( 21227 ) و ( 13956 ) .
8. قولكِ " يريد مني ترك سماع الأغاني وعدم مشاهدة الأفلام والتمثيل ، وعدم لبس البنطلونات ولبس عباءة الرأس " .
أما المعازف والأغاني : فينظر تفصيل الحكم في حرمتهما : أجوبة الأسئلة : ( 43736 ) و ( 5000 ) و ( 5011 ) .
وينظر جواب السؤال رقم ( 8555 ) للوقوف على حكم لبس المرأة العباءة على الكتف .
وأما الأفلام والتمثيل : فقد سبقت الإحالة على الأجوبة التي فيها حكمهما .
ثالثاً :
وللإنصاف فقد جاء في سؤالك ذِكر شيء ينكره الخاطب وهو أمر جائز لكِ شرعاً ، وهو اشتراط والدكِ عليه الخادمة ، كما جاء في قولكِ " معترض بقوة على اشتراط والدي للخادمة في عقد القران " .
لكن لوجود الخادمة في البيت أحكام ومفاسد ، فانظري جواب السؤالين : ( 22980 ) و ( 26231 ) .
رابعاً :
هناك أشياء يطلبها الخاطب وهي صحيحة ، ليس لكِ أن تنكري شيئاً منها ، ومنها :
1. قولكِ " يريد مني التفرغ له ولأولاده ، ووقف حياتي عليهم والتوقف عن العمل ونسيان نفسي تماما وطي كل أحلامي في إكمال دراستي أو تحسين أدائي الوظيفي أو ممارسة أي نشاط آخر ، أو حتى الالتحاق بنادي صحي " .
فتفرغ المرأة لبيتها وأولادها وزوجها من أعظم أعمال المرأة ، وهو عمل ما يفوق في مدته وعظَم شأنه وحتى تكلفته المادية ما يقوم به الزوج من أعمال خارج المنزل .
وقد كثرت أصوات النساء في الغرب الداعيات إلى الرجوع بالمرأة إلى عملها الذي تحسنه ، والذي تحافظ فيه على مروءتها وكرامتها ، وهو عمل البيت ، والذي لا(8/96)
تكفيها ساعات النهار والليل للقيام به ، فكيف إن كانت مفرطة بكثرة الخروج من بيتها للعمل المستمر ؟! .
2. قولكِ " يريد مني ترك سماع الأغاني وعدم مشاهدة الأفلام والتمثيل ، وعدم لبس البنطلونات ولبس عباءة الرأس " .
وقد سبق التنبيه على هذه المسائل .
3. قولكِ " يرى أن كل الأماكن التي أتنزه فيها مع أهلي ( أسواق ، منتزهات على البحر ، مراكز ترفيهية ، حتى الكورنيش ) أماكن مختلطة ، لا يستطيع أن يأخذني إليها ) .
وهو صادق في كون تلك الأماكن مختلطة ، لكنه يمكنه التحرز عن أماكن الاختلاط في بعضها ، واختيار الزمان والمكان المناسبيْن للذهاب إلى تلك الأماكن .
ويجب أن تعلمي أن دافعه في عدم اصطحابك لتلك الأماكن هي غيرته عليكِ ، وهو أمر محمود وجوده في الزوج ، وليست هي غيرة سيئة كتلك التي يصاحبها التهمة والريبة ، بل هي غيرة محمودة ينبغي لك تشجيعه على وجودها وتنميتها فيه ، ويمكنك التلطف في طلب اختيار الأماكن المناسبة والأوقات الملائمة لزيارة تلك الأماكن أو بعضها .
وانظري جواب السؤال رقم : ( 8901 ) ففيه فتوى لعلماء اللجنة الدائمة في حكم الذهاب لأماكن الترفيه التي تكثر فيها المنكرات .
خامساً :
وأخيراً :
الحياة الزوجية حياة رائعة ، وهي قائمة على التفاهم والانسجام ، والله تعالى يجعل فيها بين الزوجين مودة ورحمة من أجل استمرارها وديمومتها .
وإذا رأت المرأة من نفسها أو ممن تقدم لها عدم الانسجام في المواقف والتلاقي في الأفكار : فإن من الأفضل أن تتأنى في إتمام ذلك الزواج ، وخاصة إذا حصلت خلافات قبل الدخول ، أو حول أمور يصعب على كل من الطرفين أن يتقبل وجهة نظر الآخر فيها ، أو يتفهم موقفه ، أو يستغني عنها في حياته ، فهنا يصبح الإقدام على إتمام ذلك الزواج مخاطرة غير مأمونة.
والذي ننصحك به : هو إصلاح نفسكِ وترك الأفعال المحرَّمة التي نبهناكِ عليها – ولا علاقة لهذا التنبيه بالزواج فهي حرام حتى لو لم تتزوجي - ، وبعدها يمكنك التفاهم مع خطيبك على ما يحل لك شرعاً ، فإن رضي بهذا التفاهم وانشرح صدره له ، وذلَّل العقبات : فلعل الاستمرار في الزواج أن يكون خيراً للطرفين ، وإن رضيتِ لنفسك الاستمرار فيما نبهناكِ عليه مما لا يحل لك شرعاً فعله : فإننا لا ننصحه بالتزوج منك ، ومن حقه بل من الواجب عليه أن لا يفعل .
واعلمي أن السعادة هي في طاعة الله سبحانه وتعالى ، وأن الموفَّق للطاعة يجعل الله تعالى صدره منشرحاً ، وإذا وفق الله تعالى الطائع لزواج مبارك وأسرة طيبة : فإنه يكون في جنَّة قبل جنَّة الخلد ، فاحرصي على الطاعة ، وابحثي عن زوج يرعى حدود الله تعالى ، فإن الخير كل الخير لك في الدنيا هو في البحث عن رضا الله تعالى .(8/97)
وللأهمية : نرجو منكِ النظر في جواب السؤالين : ( 33710 ) و ( 22397 ) .
والله الموفق
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل تقبل الزواج من رجل يعيش في بلاد الكفار؟
سؤال:
أنا فتاة عمري الآن 23 عاما ، تقدم لي الكثيرون من أهل البلد الذي أعيش فيه إلا أنهم لم يكونوا مناسبين والآن تقدم لي خاطب من بلدي ولكنه معه جنسية أوروبية ويعيش في السويد إلا أن الشاب ملتزم وصاحب أخلاق وعائلته محترمة ويريد زوجة تعينه في الدعوة ، فبماذا تشيرون عليّ ؟ هل أقبل أم أرفض؟
الجواب:
الحمد لله
إذا كان المتقدم للخطبة مرضي الدين والخلق ، وكانت إقامته في السويد جائزة شرعا ؛ أو كان عازما على البقاء في بلدك ، فاستخيري الله تعالى ، واقبلي به ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) رواه الترمذي ( 1084 ) من حديث أبي هريرة ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وإذا كان هذا الشاب يقيم هناك من أجل الدعوة إلى الله ، ويريد زوجة تعينه على ذلك ، فهذا أفضل الأعمال ، وهو مهنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، قال الله تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ) فصلت/33 .
ونسأل الله تعالى أن يوفقكما لكل خير .
ولمعرفة شروط الإقامة في بلاد الكفار ، راجعي السؤال رقم (14235) ورقم (27211)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
تقدم لها شاب يعمل عازفا على الطبل
سؤال:
أنا فتاة مسلمة أبلغ من العمر 38 سنة مسلمة ومتحجبة وأعمل موظفة قمت بعديد من الصلاة بنية حل عقدة الزواج وهذه الصلاة : - صلاة الاستخارة التي رواه البخاري (ركعتين ) - صلاة الحاجة التي رواه الحاكم ( 12 ركعة ) - وقرأت سورة البقرة ومعها دعاء تيسير الزواج للشيخ XXX كما أدعو وأنا ساجدة بحل هذه العقدة . وبعد هذا تقدم لي رجل مسلم ومصل مبتدءا قام بعمرتين يبلغ من العمر 39 سنة لا يعمل سوى أنه عازف إيقاع (طبال) من عائلة كريمة له نسب. ما رأي فضيلتكم في هذا الموضوع ؟ الرجاء الإجابة في أقرب الأوقات لأني متحيرة في أمري . ولكم جزيل الشكر.(8/98)
الجواب:
الحمد لله
1- صلاة الاستخارة مشروعة إذا همّ الإنسان بعمل ما ، كما جاء في الحديث : (إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ ...) الحديث رواه البخاري (1166).
فمن تقدم لها شخص لخطبتها شرع لها أن تستخير الله تعالى في قبول هذا الشخص .
2- أما صلاة الحاجة الواردة في حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اثنتي عشرة ركعة تصليهن من ليل أو نهار وتتشهد بين كل ركعتين فإذا تشهدت في آخر صلاتك فأثن على الله عز وجل وصل على النبي صلى الله عليه وسلم واقرأ وأنت ساجد فاتحة الكتاب سبع مرات وآية الكرسي سبع مرات وقل لا إله إلا الله لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات ثم قل اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامة ثم سل حاجتك ثم ارفع رأسك ثم سلم يمينا وشمالا ولا تعلموها السفهاء فإنهم يدعون بها فيستجابون ) .
فهذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو حديث موضوع مكذوب ، كما قال الألباني رحمه الله في "ضعيف الترغيب والترهيب" رقم (418) .
3- ليس هناك دعاء خاص بالزواج يسمى دعاء "تيسير الزواج" ، وإنما يسأل الإنسان ربه أن يرزقه من فضله ، وأن ييسر له الخير حيث كان .
4- العمل في العزف والموسيقى والطبل : عمل محرم ، والراتب الناشئ عنه مال محرم ، وذلك لما جاء في الشريعة من تحريم استعمال المعازف ، وانظري جواب السؤال رقم (5000) .
وعليه فينبغي نصح هذا الشاب ، فإن تاب إلى الله تعالى وترك هذا العمل ، وأقبل على عمل مباح ، فلا مانع من الزواج منه ، وإن استمر في عمله فلا خير لك فيه ؛ لأن ماله حرام ، وهو مصر على الحرام .
ونسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
تقع في الذنب المرة بعد المرة وتظن أن خطيبها من أسباب ذلك
سؤال:
أريد أن أتوب عن بعض المعاصى ، ولكن لا أستطيع ، كل ما أنوى التوبة وأندم على ما فعلت أعود إليها مرة أخرى ، وخطيبي يكاد يكون سبباً في تلك المعاصي ، وكل مرة يعدنى أنه سوف يساعدنى على التوبة ، ولكن بلا جدوى ، فلا أعرف ماذا أفعل ؟ مع العلم أنى محجبة حجاباً إسلاميّاً ، فهل أفسخ خطوبتى أم ماذا أفعل ؟ مع العلم أنه سوف يتم زفافي في خلال شهور ، وأنا أحبه كثيراً وهو أيضاً ؟(8/99)
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
نسأل الله لك ولخطيبك الهداية ، وأن يمنَّ عليكما بالتوبة الصادقة ، والعمل الصالح ، وأن يجعل منكما نواة أسرة صالحة ترعى حق الله ، وتقيم شرائعه ، وتعظم شعائره .
ثانياً :
بحسب ما ظهر لنا من سؤالكِ فإننا نجد فيك حباً للخير ، وبغضا للشر ، ومن علامات ذلك : التزامكِ بالحجاب الشرعي ، واستياؤك من الرجوع إلى الذنب بعد التوبة منه .
والأمر - يا أختنا - لا يتعلق بشخصٍ نضع عليه حِملَنا بأنه لا يعيننا على الطاعة ، أو أنه لا يكف أنفسَنا عن المعصية ، بل الأمر كله يتعلق بالإنسان وحده وبنفسه الأمَّارة بالسوء ، واستجابة لنزغات الشيطان ، ونحن نريد منك أن تصلحي نفسكِ لتكوني سبب إصلاح زوجك، بل وذريتكِ .
وما تقترحينه من فسخ الخطوبة ليس هو الحل ؛ لأنك متعلقة به ، وهو متعلق بك .
وهل إذا فُسخت الخطوبة سيكون حالكِ مع الله تعالى أحسن ؟ إذا كان الجواب : نعم ، فلمَ لا يكون الأمر كذلك الآن ؟ وأنت لم تتزوجي بعدُ ، فيمكنك الجمع بين التوبة الصادقة والزوج المحبوب إذا رجعتِ إلى دينك حق الرجوع .
ثالثاً :
واعلمي أن التّوبة من المعاصي واجبة شرعاً على الفور باتّفاق العلماء ، قال اللّه تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) التحريم/8 .
والتوبة الصادقة النصوح تتعلق بأمرٍ ماضٍ وحاضر ومستقبل ، أما الماضي فهو الندم على ما فعلتِ ، وأما الحاضر فهو الإقلاع فوراً عن المعصية ، وأما المستقبل فهو العزم التام على عدم الرجوع إليها .
قال الشنقيطي رحمه الله :
"التوبة النصوح : هي التوبة الصادقة ، وحاصلها : أن يأتي بأركانها الثلاثة على الوجه الصحيح ، بأن يقلع عن الذنب إن كان متلبساً به ، ويندم على ما صدر منه من مخالفة أمر ربّه جل وعلا ، وينوي نيّة جازمة ألاّ يعود إلى معصية الله أبدا " انتهى .
"أضواء البيان" ( 6 / 206 ) .
رابعاً :
إذا تاب الإنسان توبة نصوحاً ثم ضعفت نفسه واستزله الشيطان وعاد إلى الذنب مرة أخرى لم تبطل بذلك توبته السابقة ، ولكن عليه أن يتوب توبة أخرى من الذنب الجديد ، وهكذا ، كلما أحدث ذنبا أحدث له توبة .
قال الشنقيطي رحمه الله :(8/100)
"وأظهر أقوال أهل العلم أن من تاب توبة نصوحاً ، وكفَّر الله عن سيئاته بتلك التوبة النصوح ، ثم عاد إلى الذنب بعد ذلك : أن توبته الأولى الواقعة على الوجه المطلوب لا يبطلها الرجوع إلى الذنب ، بل تجب عليه التوبة من جديد لذنبه الجديد ، خلافاً لمن قال : إنّ عوده للذنب نقضٌ لتوبته الأولى" انتهى .
"أضواء البيان: (6/206) .
وليس له أن يترك التوبة والاستغفار كلما وقع في الذنب ، بل ودَّ الشيطان لو ظفر بهذا من العبد العاصي ، حتى يجمع عليه الذنب واليأس من رحمة الله بترك التوبة والاستغفار .
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
"قيل للحسن البصري : ألا يستحيى أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود ، ثم يستغفر ثم يعود ؟ فقال : ودّ الشيطان لو ظفر منكم بهذا ، فلا تملُّوا من الاستغفار" .
" جامع العلوم الحِكَم " ( 1 / 165 ) .
ونقل ابن رجب الحنبلي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه قال :
" أيها الناس مَن ألمَّ بذنبٍ : فليستغفر الله ، وليتب ، فإن عاد : فليستغفر الله ، وليتب ، فإن عاد : فليستغفر ، وليتب ، فإنما هي خطايا مطوَّقة في أعناق الرجال ، وإن الهلاك : في الإصرار عليها " .
" ثم قال ابن رجب : ومعنى هذا : أن العبد لا بد أن يفعل ما قدِّر عليه من الذنوب ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كُتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدرك ذلك لا محالة ) ولكن الله جعل للعبد مخرجاً مما وقع فيه من الذنوب ، ومحاه بالتوبة ، والاستغفار ، فإن فعل : فقد تخلص من شر الذنوب ، وإن أصرَّ على الذنب : هلك" انتهى .
" جامع العلوم الحِكَم " ( 1 / 165 ) .
خامساً :
الوصية لكِ ، ولخطيبك : أن تكونا على الحال التي يحبها الله تعالى ، ويجب عليكِ أن تنصحيه بما أعلمناكِ به من وجوب التوبة ، وأن تكون نصوحاً صادقة ، واعلما أن العمر قصير ، ولا يدري الإنسان متى يلقى ربّه تعالى ، فليحرص على أداء الطاعات ، وترك المنكرات ، قبل أن تأتي ساعة الندم ، فلا يستطيع تأخير موته لحظة ، ولا الرجوع إلى الدنيا إذا مات وانتهى أجله .
وعليكما أن تتعاونا على الطاعة ، وتتعاهدا على ترك المعصية ، واجعلا وقتكما عامراً بذكر الله تعالى ، وحافظا على أذكار الصباح والمساء ، وعلى النوافل والدعاء ، وإياكما أن يكون زفافكما فيه معصية وغناء ، واختلاط وفحشاء ؛ فإن هذا مما يغضب الرب تعالى .
ونسأل الله عز وجل أن يبارك لكما ، وعليكما ، وأن يجمعا بينكما على خير ، ونسأله تعالى أن يوفقكما لما فيه رضاه .
سادساً :(8/101)
إن كانت معصيتك هو ما يقع بين الخطيب ومخطوبته من بعض التجاوزات ، فالنصحية لكما أن تعجلا عقد النكاح ، حتى تكوني زوجة له ، ويكون زوجاً لك ، فيحل لكما ما يحل للرجل من امرأته ، والمرأة من زوجها .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل يجوز خطبة المرأة المطلقة وهي في العدة؟
سؤال:
هل يجوز خطبة المطلقة أثناء فترة العدة ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الخطبة إما أن تكون تصريحا ، أو تعريضا ، والتصريح : هو اللفظ الذي لا يحتمل غير النكاح , نحو أن يقول : إذا انقضت عدتك تزوجتك ، أو يطلب خطبتها صراحة من وليها ، ونحو ذلك . .
والتعريض هو اللفظ الذي يحتمل الخطبة وغيرها كقول الرجل : مثلك يُرغب فيها ، أو إني أبحث عن زوجة ، أو لعل الله أن يسوق لك خيرا أو رزقا ، ونحو ذلك .
ثانيا :
لا يجوز التصريح بخطبة المعتدة ، سواء كانت معتدة من طلاق رجعي أو بائن ، أو في عدة وفاة .
وأما التعريض ففيه تفصيل :
1- إن كانت المرأة معتدة من طلاق رجعي ، فلا يجوز التعريض لها بالخطبة ؛ لأن الرجعية لا تزال زوجة ، قال الله تعالى في شأن المطلقة طلاقاً رجعياً : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحا) (البقرة/228) . فسمى الزوج المطلق لزوجته طلاقا رجعيا "بعلا" أي زوجاً . فكيف يمكن لرجل أن يتقدم لخطبة امرأة وهي لا تزال في عصمة زوجها!
2- وإن كانت في عدة وفاة ، أو طلاق ثلاث ، أو فسخ النكاح لأجل عيب في أحد الزوجين أو لسبب آخر ، فيجوز التعريض لها بالخطبة ، ولا يجوز التصريح. وقد دل على جواز التعريض هنا قوله تعالى : ( وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) البقرة/235 .
قال الشيخ السعدي في تفسيره (ص 106) :
" هذا حكم المعتدة من وفاة, أو المبانة في الحياة. فيحرم على غير مبينها (زوجها) أن يصرح لها في الخطبة, وهو المراد بقوله : ( وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا ).(8/102)
وأما التعريض, فقد أسقط تعالى فيه الجناح. والفرق بينهما: أن التصريح, لا يحتمل غير النكاح, فلهذا حرم, خوفاً من استعجالها, وكذبها في انقضاء عدتها, رغبة في النكاح ، وقضاءً لحق زوجها الأول, بعدم مواعدتها لغيره مدة عدتها.
وأما التعريض وهو: الذي يحتمل النكاح وغيره, فهو جائز للبائن كأن يقول: إني أريد التزوج, وإني أحب أن تشاوريني عند انقضاء عدتك, ونحو ذلك, فهذا جائز لأنه ليس بمنزلة التصريح, وفي النفوس داع قوي إليه. وكذا إضمار الإنسان في نفسه أن يتزوج من هي في عدتها, إذا انقضت (يعني لا حرج فيه أيضاً) . ولهذا قال : ( أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ ) هذا التفصيل كله, في مقدمات العقد. وأما عقد النكاح فلا يحل ( حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ). أي: تنقضي العدة " انتهى .
وينظر : "المغني" (7/112) ، "الموسوعة الفقهية" (19/191) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
لقاء المخطوبة في شأن إجراءات الزواج
سؤال:
تقدمت لخطبة فتاة وقد قبلت وقبل وليها ، هل يجوز لي لقاؤها في بيتها بحضرة أمها وأخواتها دون وجود محرم ؟ لمناقشة بعض الأمور المتعلقة بعقد القِران ، وكذا تحديد المهر ؟
الجواب:
الحمد لله
أجازت شريعتنا السمحة للخاطب أن ينظر إلى مخطوبته ويتحدث معها فيما يحتاج إليه من أمور الزواج ، بل حثَّت على نظر الخاطب إلى مخطوبته عند همه بأمر الخطبة ، فإن ذلك يقارب بين القلوب ، ويجلب المودة والرحمة المقصودة من الزواج .
عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
( انظُرْ إِلَيْهَا ، فَإِنَّهُ أَحرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا )
رواه الترمذي (1087) وقال : " هذا حديث حسن
والمعنى : أن ذلك أَجْدَرُ وَأَوْلَى وَأَنْسَبُ بِأَنْ يُؤَلِّفَ وَيُوَفِّقَ بَيْنَكُمَا , يَعْنِي يَكُونُ بَيْنَكُمَا الْأُلْفَةُ وَالْمَحَبَّةُ ; لِأَنَّ تَزَوُّجَهَا إِذَا كَانَ بَعْدَ مَعْرِفَةٍ فَلَا يَكُونُ بَعْدَهَا غَالِبًا نَدَامَةٌ .
[ انظر : تحفة الأحوذي ]
فلا حرج عليك أن تجلس مع مخطوبتك للتفاهم في بعض أمور الزواج ، لكن من غير خلوة ، فليجلس معكما أحد محارمها أو أمها ، ولا بأس بذلك إن شاء الله تعالى .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال التالي "مجموع الفتاوى" (20/429) :
" أحببت فتاة حبًّا شديدا ، وكذلك هي أحبتني وتعلقت بي كثيرا ، رأيتها مرة واحدة فقط ، وأصبح حديثي معها عن طريق سماعة الهاتف في حدود المعقول ، واتفقنا(8/103)
معًا على الزواج ، وكان معظم حديثي معها عن الحياة الزوجية ، وما تتطلبه الحياة الزوجية من تفاهم بين الزوجين ، وطريقة معاملة الزوجة لزوجها ، وحفظها لبيتها ، وأمور أخرى كهذه .. هل يجوز لي أن أرد على مكالمتها إن اتصلت بي وأن أتحدث معها ، أو لا يجوز ذلك ؟
فأجاب رحمه الله :
" يجوز للرجل إذا أراد خطبة المرأة أن يتحدث معها ، وأن ينظر إليها من دون خلوة ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه رجل يستشيره ( أَنَظَرتَ إِلَيهَا ؟ ) قال : لا ، قال : ( اذهب فانظر إليها ) ، وقال : ( إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُم امرَأَةً ، فَإِنِ استَطَاعَ أَن يَنظُرَ مِنهَا إِلَى مَا يَدعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَليَفعَل ) أبو داود (1783)
والنظر أشد من الكلام ، فإذا كان الكلام معها فيما يتعلق بالزواج والمسكن وسيرتها ، حتى تعلم هل تعرف كذا ، فلا بأس بذلك إذا كان يريد خطبتها ، أما إذا كان لا يريد خطبتها فليس له ذلك ، فما دام يريد خطبتها فلا بأس أن يبحث معها فيما يتعلق بالخطبة ، والرغبة في تزوجه بها ، وهي كذلك ، من دون خلوة ، بل من بعيد ، أو بحضرة أبيها أو أخيها أو أمها ونحو ذلك " انتهى .
انظر سؤال رقم (36807)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
ما صحة الأثر الذي فيه ( اختاروا لبناتكم كما تختارون لأبنائكم ) ؟
سؤال:
سمعت أحد أئمة المساجد يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اختاروا لبناتكم كما تختارون لأبنائكم ) وقد بحثت في جميع المراجع ولم أجد أثرا لهذا الحديث حسب ما طرحه الإمام ، وأظن بأنه من أثر الصحابة رضوان الله عليهم ، دلنا من فضلكم وجزاكم الله كل خير .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
البنت أمانة في عنق والدها ، وقد أمره الله سبحانه وتعالى بحفظ هذه الأمانة ورعايتها ، ولا شك أن اختيار الزوج الصالح لها من أعظم ما يحفظ به الولي ابنته ، لأن الزواج نقلة في حياة الفرد نحو الطمأنينة والاستقرار والسعادة ، فلا بد أن يكون الاختيار صالحا لتحقيق هذه الأماني .
والعاقل من الآباء هو الذي يسعى لتحقيق هذا المقصد العظيم لابنته ، فلا يهدأ له بال حتى يجد لها صاحب الخلق والدين الذي يقوم على أمرها ويصلح شأنها ، وإذا وجده فلا يتردد في عرض موليته عليه لأنه يرى في ذلك سعادتها وهناءها .
وفي القرآن والسنة نماذج سامية من الأولياء الذين اختاروا الأزواج لبناتهم وأخواتهم ، وكانوا سببا في جلب السعادة إليهم ، واختصار الزمن في الانتظار الذي لا تعلم له نهاية .(8/104)
فقد قص الله سبحانه وتعالى في قصة موسى عليه السلام حين ورد ماء مدين ، وسقى لامرأتين من ذلك الماء رحمة وشفقة بهما ، فلما علم أبوهما بأمانة وقوة موسى عليه السلام – وذلك قبل أن يبعث بالرسالة – عرض عليه أن يزوجه إحدى ابنتيه ، فقال سبحانه وتعالى حاكيا ذلك :
( َقالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ) القصص/27
وفي السنة نموذج آخر رواه الإمام البخاري رحمه الله برقم (5122) ، وبوب عليه بقوله : باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير . كما رواه النسائي برقم (3248) وبوب عليه بقوله : باب عرض الرجل ابنته على من يرضى .
عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ :
( تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسٍ يَعْنِي ابْنَ حُذَافَةَ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا فَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ - فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ ، فَقُلْتُ : إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ . فَقَالَ : سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ . فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ فَلَقِيتُهُ فَقَالَ : مَا أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا . قَالَ عُمَرُ : فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ . فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا . فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ فَخَطَبَهَا إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ : لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ شَيْئًا ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ شَيْئًا إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُهَا ، وَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَوْ تَرَكَهَا نَكَحْتُهَا )
قال الحافظ ابن حجر في فوائد هذا الحديث "فتح الباري" (9/222) :
" وفيه عرض الإنسان ابنته وغيرها من مولياته على من يعتقد خيره وصلاحه ؛ لما فيه من النفع العائد على المعروضة عليه ، وأنه لا استحياء في ذلك " انتهى .
والنماذج في التاريخ كثيرة ، ومن أعجب ذلك ما يذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (4/233) من قصة تزويج سعيد بن المسيب ابنته على تلميذه كثير بن المطلب ، جاء فيها :
كنت أجالس سعيد بن المسيب ، ففقدني أياما ، فلما جئته قال : أين كنت ؟ قلت : توفيت أهلي فاشتغلت بها ، فقال : ألا أخبرتنا فشهدناها ، ثم قال : هل استحدثت امرأة ؟ فقلت : يرحمك الله ، ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة ؟ قال : أنا . فقلت : وتفعل ؟ قال : نعم ، ثم تحمد ، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ، وزوجني على درهمين - أو قال: ثلاثة - فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح ، فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر فيمن أستدين .
فصليت المغرب ، ورجعت إلى منزلي ، وكنت وحدي صائما ، فقدمت عشائي أفطر ، وكان خبزا وزيتا ، فإذا بابي يقرع ، فقلت : من هذا ؟ فقال : سعيد . ففكرت في كل من اسمه سعيد إلا ابن المسيب ، فإنه لم ير أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد(8/105)
، فخرجت فإذا سعيد ، فظننت أنه قد بدا له ، فقلت : يا أبا محمد ألا أرسلت إلي فأتيك ؟ قال : لا ، أنت أحق أن تؤتى ، إنك كنت رجلا عزبا فتزوجت ، فكرهت أن تبيت الليلة وحدك ، وهذه امرأتك . فإذا هي قائمة من خلفه في طوله ، ثم أخذ بيدها فدفعها في الباب ، ورد الباب . فسقطت المرأة من الحياء ، وبلغ أمي ، فجاءت وقالت : وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام ، فأقمت ثلاثا ، ثم دخلت بها ، فإذا هي من أجمل الناس ، وأحفظ الناس لكتاب الله ، وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأعرفهم بحق زوج . اهـ
إذن فقد نشأت بيوت دين وعلم وأدب وسعادة على هذا السبيل ، ولم يمنع الحياء أحدا أن يكسب زوجا صالحا لابنته أو أخته ، فقد كان التواضع خلقهم ، وكان الكرم والوفاء حليتهم .
ولعل فيما سبق من النماذج قدوة حسنة لأهل هذا الزمان ، والله المستعان .
ثانيا :
أما الحديث الذي رواه ذلك الخطيب وجاء فيه : ( اختاروا لبناتكم كما تختارون لأبنائكم ) فهذا ليس بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم أقف على نسبته لأحد من الصحابة أو التابعين ، إنما هو مثل يتناقله الناس فيما بينهم من كلامهم وتجاربهم ، ومَن نسبه إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم فقد أخطأ خطأ فاحشا شنيعا ، وتجاوز حدا عظيما في نسبة الكذب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القائل : ( مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) رواه البخاري (110) ومسلم (3)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
والدها يرفض زواجها من هذا الشخص وهي تحبه
سؤال:
أنا واقعة في مصيبة ، وأرجوا أن تقفوا بجانبي : تقدم لخطبتي شخص ذو خلق ودين ، وحالته المادية جيدة ، وبصراحة : أنا أحبه !! لكن والدي رافض لأسباب غير مقنعة ، يقول إنه لا يحب أهل البلد التي منها هذا الشاب !! وقد استخرت الله تعالى ، ولا أعرف ماذا أفعل ، أفيدوني أفادكم الله ؟
الجواب:
الحمد لله
لا بأس عليك أيتها السائلة الكريمة ، فكل مصيبة تهون إلا مصيبة الدين ؛ فاللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا !!
إن المسلم يعلم أن دار الدنيا دار ابتلاء وامتحان ، وأنه متى تلقى المصائب والمحن بقبول حسن ؛ من الصبر الجميل ، والرضا بقضاء الله وقدره ؛ فإنها تصير في حقه هبات وعطايا من رب العالمين ؛ تُرفع بها الدرجات ، وتُكَفَّر بها الخطيئات :
روى الإمام أحمد (21833) وأبو داود (3090) عن أبي خالد السُّلَمي رضي الله عنه أَنَّهُ خَرَجَ زَائِرًا لِرَجُلٍ مِنْ إِخْوَانِهِ ، فَبَلَغَهُ شَكَاتُهُ [ يعني : بلغه أنه مريض ] .(8/106)
قَالَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَتَيْتُكَ زَائِرًا ، عَائِدًا وَمُبَشِّرًا !!
قَالَ : كَيْفَ جَمَعْتَ هَذَا كُلَّهُ ؟!!
قَالَ : خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ زِيَارَتَكَ ، فَبَلَغَتْنِي شَكَاتُكَ ، فَكَانَتْ عِيَادَةً ، وَأُبَشِّرُكَ بِشَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا سَبَقَتْ لِلْعَبْدِ مِنْ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ ، ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ ، ثُمَّ صَبَّرَهُ حَتَّى يُبْلِغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنْهُ ) صححه الألباني بشواهده في الصحيحة (2599) .
واعلمي أيتها الأخت المسلمة أن الله تعالى لما شرع لعباده ألا تزوج المرأة نفسها ، واشترط أن يكون وليها هو الذي يتولى تزويجها ، إنما شرع ذلك رحمة منه بعباده ، وحفاظا على مصالحهم العظيمة التي تضيع هدرا حينما يتهاون الناس في ذلك ؛ واسألي عن قصص الزيجات التي بنيت على ذلك ، وكيف تحولت عيشتهم إلى هم وندم ، هذا إن دامت بينهم عشرة .
على أننا لا نحتاج إلى التجربة لكي نطيع أمر ربنا عز وجل ، أو نعرف ما فيه من المنافع والمصالح الدينية والدنيوية لنا ، فوظيفة المؤمن أمام أمر الله تعالى أن يقول : سمعنا وأطعنا!!
[ يمكن مراجعة السؤال (2127) (31119) حول اشتراط الولي في النكاح ] .
فالذي ننصحك به ـ أختنا الكريمة ـ ألا تستبدي بأمرك ، ولا تجعلي العاطفة هي مقياس الحكم على الأمور ، ولا تنظري إلى مشكلتك بعين واحدة ، بل استعيني بالناصح الأمين من أهلك والأقربين منك ، ممن يعرفكم ويعرفه ، ومن له ود عند أبيك ، وقبول في نفسه ، ويثق والدك في رأيه .
ثم استخيري الله عز وجل ، واعلمي أنك متى استخرت ربك ، وأنت صادقة في اللجوء إليه ، والافتقار إلى عونه وتوفيقه ، فإن الله تعالى لا يقدر لعبده المؤمن إلا الخير ، وسواء كان ما قضاه موافقا لما تحبين وتطلبين أو مخالفا ؛ فإن أمر المؤمن كله خير ، فارضي حينئذ بما قدره الله ، وجعله من نصيبك .
ولك هنا أن تستعيني بمن يمكنه إقناع والدك بأن يزوجك ممن ترغبين ، إذا كان الحال على ما ذكرت من الدين والخلق .
ولكي تستفيدي من ذلك ، لا بد من ترك الفرصة للوالد في التفكير ، ولا تحاولي أن تحسمي الأمر معه مبكرا ، بمعنى أنني لا أنصحك بإبداء الإصرار الكبير من البداية على الزواج من هذا المتقدم ، ولا تحاولي أن تدخلي في جدال أو مشادة مع الوالد ، فيؤدي ذلك إلى تعنته وتشدده ، بل حاوريه بالحسنى فقط ، واستخدمي ألفاظ التفويض والولاية ، كأن تقولي له : أنت والدي وولي أمري وتعرف مصلحتي فأرجو أن تعيد التفكير وتقلبه ، ونحو ذلك من الأساليب التي تترك مجالا للحوار ، ولا تتعجلي الجواب من الوالد ، فكلما طال الأمر والانتظار اقترب الفرج إن شاء الله .
ثم قبل ذلك كله وبعده ، أرى أن معك حلا صائبا إن شاء الله ، هو بلا شك أنفع من كل ما سبق ، ولا أراه يخيب أبدا ، وهو الإلحاح على الله في الدعاء ، لا أقول الدعاء فقط ، بل الإلحاح والتذلل والانطراح على أبواب رحمة الله ، وسؤاله الخير(8/107)
والفرج والسعادة ، وإذا رأى الله منك صدق الدعاء ، أعطاك بإذنه سبحانه ما تحبين ، كيف لا وهو الجواد الكريم .
ولا نحب لك - أختنا الكريمة - وأنت في غمرة الشعور باللوم للوالد ، والنظر إليه على أنه متعنت في منعك من هذا الزواج ، واستعمال ولايته عليك ، لا نحب لك أن تنسي أن علاقة بين رجل وامرأة أجنبية عنه ، لا بد أنها لم تصل إلى تلك الدرجة من التعلق القلبي بينهما إلا بقدر كبير من التفريط في مراعاة حدود الله ، وحفظها وعدم تعديها ؛ من كلام ، ووعد ، ونظر ...
فعليك أختنا بتقوى الله عز وجل في السر والعلن ، وإياك ومصيبة الدين ، فتلك هي المصيبة حقا ، وأما أن زوجا يذهب أو يجيء ، ومال يكتسب أو يضيع ... ، فكل ذلك يهون أمام المصاب في الدين :
من كل شيءٍ إذا ضيعته عوضٌ وليس في الله إن ضيعته عوضُ
فإذا كان قد صدر شيء من ذلك منكما فسارعا إلى التوبة منه ، فقد يكون الله تعالى قد أخر عنك قبول والدك حتى يرى صدقكما في الالتزام بأمره سبحانه ، ألم يقل الله تعالى في محكم كتابه : ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ، وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ، إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2-3
والله أعلم .
ويمكنك مراجعة بعض النصائح والأحكام المتعلقة بمشكلتك في موقعنا في الإجابات التالية :
(6398) (10196) (23420) (36209)
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
رفضت خطبته وهو متعلق بها فماذا يفعل؟
سؤال:
رفضتني آنسة بعد خطبتها بدون أي سبب وأنا لا أزال أرغب فيها ، قمت بصلاة الاستخارة عدة مرات لكن موقن في قلبي أنها ستعود لي والواقع عكس ذلك ، ما الذي ينبغي علي فعله ؟
الجواب:
الحمد لله
ما دمت قد استخرت الله تعالى ، ولم يتيسر لك الزواج من هذه الفتاة ، فاعلم أن هذا هو الخير لك ولها الآن ، فقد يكون في الزواج منها مفسدة ، صرفها الله عنك ، وقد يكون زواجك بغيرها خيراً لك ، والله سبحانه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ، وهو أعلم بما يصلح عبده ويسعده ويرضيه ، وما على العبد إلا أن يسلم أمره إليه ، ويرضى باختياره ، ويؤمن بقدره ، ويرجو ما عنده ، فإنه أرحم به من نفسه ، سبحانه وتعالى .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : " إن العبد لَيَهمّ بالأمر من التجارة والإمارة ، حتى ييسر له ، فينظر الله إليه فيقول للملائكة : اصرفوه عنه ، فإني إن يسرته له أدخلته(8/108)
النار ، فيصرفه الله عنه ، فيظل يتطيّر ( أي يتشاءم ) ، يقول : سبقني فلان ، دهاني فلان ، وما هو إلا فضل الله عز وجل " . ذكره ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (2/470) .
وأما ما تشعر به من أن هذه الفتاة ستكون لك ، فهذا أمر محتمل ، قد يقع وقد لا يقع ، ولا تدري ما الخير فيه ، فينبغي أن لا تعلق قلبك به ، بل سل الله أن ييسر لك الخير حيث كان ، وأن يصرف عنك الشر حيث كان ، وبادر بالبحث عن ذات الخلق والدين ، ولا تؤخر الزواج طمعا في حصول ذلك الاحتمال ، فإن هذا شأن ضعاف الإيمان والتوكل ، يتعلق الواحد منهم بشيء ثم لا يستطيع تجاوزه ، مع زعمه أنه يستخير الله تعالى ويرضى بقضائه ! وهو في الحقيقة إنما يرضى بهواه وما اشتهت نفسه .
والحاصل أنه ينبغي لك :
1- أن تسأل الله تعالى أن ييسر لك الزواج من المرأة الصالحة التي تسعد معها في الدنيا والآخرة .
2- أن تسعى في البحث عن هذه المرأة الصالحة .
3- أن تصرف النظر عن تلك الفتاة ، وأن تغلق باب التفكير فيها ، وأن تعتقد أن الخير فيما قدره الله تعالى لك .
4- ألا تحزن ولا تيأس لكونك رفضت من غير سبب ، فقد يكون ذلك لأسباب خاصة بها لا يعنيك معرفتها .
نسأل الله أن يوفقنا إياك لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل الأفضل أن يخطب ويعقد بعد سنة أو يعقد مباشرة حتى لا يقع في الحرام ؟
سؤال:
ما هو الأفضل من الناحية الشرعية والعملية – خوفا من الوقوع في معصية الله
1- الخطوبة لمدة عام ثم العقد والبناء في ليلة العرس .
2- الخطوبة لفترة ثم العقد قبل البناء بمدة ثلاث أشهر ثم البناء .
3- العقد لمدة عام ثم البناء – لا توجد خطوبة ؟
وما موقف الأهل من هذه الاختيارات ؟ مع العلم أنه قد تحدث بعض التجاوزات قبل العقد من نظر بتلذذ للمخطوبة وبعض كلمات الحب وتلامس الأيدي أحيانا .
الجواب:
الحمد لله
الخاطب أجنبي عن مخطوبته ، فلا يحل له مصافحتها ولا النظر إليها بتلذذ ، ولا الخلوة بها ، ولا الكلام معها بكلمات الحب وما شابه ذلك ، وإنما أباح الشرع له أن ينظر إليها عند الخطبة من غير شهوةٍ أو خلوة ، لأن ذلك أدعى لدوام النكاح بينهما ، حتى لا يكون فيها شيء يكرهه وهو لا يدري يكون سبباً للنفور منها في المستقبل .(8/109)
وما يحدث من تجاوز بعض الناس وتساهلهم في التعامل مع المخطوبة ، نظراً وخلوةً ونحو ذلك : منكر من المنكرات الشائعة ، التي يجب البعد عنها ، والتحذير منها .
وإذا كان الخاطب لا يضبط نفسه بما ذكرنا ، فإن الأولى له أن يعقد مباشرة ، أو بعد الخطبة بزمن يسير ؛ ليسلم من الوقوع في الحرام ، ومعلوم أن العاقد زوج يباح له ما يباح للأزواج ، إلا أنه لا يقدم على الوطء حتى يحصل الدخول وتنتقل الزوجة إليه ؛ مراعاة للعرف ، وتجنبا للمفاسد التي قد تحدث لو حصل جماع قبل إعلان الدخول .
ولا حرج في تأخير البناء عن وقت العقد ، سنة أو ثلاثة أشهر ، حسب ظروف كل من الزوجين ، وليس في الشريعة أمر محدد في هذه المسألة بل هذا يختلف باختلاف الناس وظروفهم وأحوالهم ، وقد كان في القديم تتم الخطبة والعقد والبناء في يوم واحد ، وكان غير ذلك أيضا ، وقد عقد النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها وهي ابنة ست ، ودخل بها وهي ابنة تسع .
والمهم أن يتجنب الإنسان الوقوع في المحظور ، ولهذا ينبغي التعجيل بالعقد لمن لا يقدر على ضبط نفسه أثناء الخطبة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
لا يجوز التصريح بخطبة المعتدة من وفاة أو طلاق
سؤال:
عمتي منفصلة عن زوجها لها أربع سنوات ومعاملة طلاق شغالة وتقدم لها شاب لخطبتها هل يجوز لها قراءة فاتحة وجلوس معه دون خلوة خلال أشهر العدة ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الذي نفهمه من سؤالك أن طلاق عمتك من زوجها لم يتم بعد ، لأنك تقولين : ( ومعاملة الطلاق شغالة ) ، فإذا كان الأمر كذلك فعمتك ما زالت في عصمة زوجها ، فلا يجوز لأحد أن يتقدم لخطبتها ولا يتفق معها على الزواج بعد طلاقها ، حتى يتم الطلاق بالفعل .
ثانياً :
إذا تم الطلاق وكان طلاقاً رجعيا ، فلا يجوز أيضاً في فترة العدة أن يتقدم أحد لخطبتها ، لا تصريحاً ولا تعريضاً ، لأن المرأة الرجعية في حكم الزوجة ، لزوجها أن يراجعها في أي وقت شاء ما دامت في العدة .
ثالثاً :
أما إذا كان الطلاق غير رجعي ( كالطلقة الثالثة أو الطلاق مقابل عوض تدفعه المرأة ) فيجوز التعريض بخطبتها في فترة العدة ، ولا يجوز التصريح ، لقول الله(8/110)
تعالى : ( وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ ) (البقرة/235) .
وهذه الآية في المرأة المعتدة من وفاة زوجها ، وقاس عليها العلماء كل من اعتدت وليس لزوجها عليها رجعة .
والفرق بين التصريح والتعريض : أن التصريح هو اللفظ الذي لا يحتمل إلا النكاح ، مثل : أريد أن أتزوجك ، أو سأتقدم لخطبتك ... ونحو ذلك .
وأما التعريض فهو اللفظ المحتمل للزواج ولغيره ، مثل : إني أبحث عن زوجة ونحو ذلك .
ومعلوم أن الناس يعتبرون قراءة الفاتحة خطبة صريحة ، وعلى هذا فلا يجوز أن يتقدم أحد لعمتك ويقرأ الفاتحة وتجلس معه إلى انتهاء العدة .
مع التنبيه على أن قراءة الفاتحة عند الخطبة أو العقد لم ترد به السنة .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : هل قراءة الفاتحة عند خطبة الرجل للمرأة بدعة ؟
فأجابت : " قراءة الفاتحة عند خِطبة الرجل امرأة ، أو عَقْدِ نكاحِه عليها بدعة " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (19/146) .
وينظر : "الشرح الممتع": (10/124-127) ، "الموسوعة الفقهية" (19/191) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
-
فسخ الخطبة بسبب رؤيا منام
سؤال:
هل يجوز فسخ الخطوبة بعد سنتين لأن الخطيب رؤي في حلم سيء بعد الاستخارة ؟
الجواب:
الحمد لله
المسلم ينطلق في أحكامه وفهمه لواقعه ومعايشته لتجارب زمانه من منطلقات العقل والحكمة ، والأسباب التي أمر الله سبحانه وتعالى بمراعاتها والأخذ بها ، وبذلك جاءت الشريعة الإسلامية ، تأمر بالنظر والتفكر واستعمال موازين العقل والتجربة ، ثم الحكم بعد ذلك على الأشخاص أو الأعمال .
يقول الله سبحانه وتعالى :
( كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) البقرة/242
وليس في شريعتنا أبدا الركون إلى الرؤى والأحلام والمنامات ، لا في معايش الدنيا ولا في أحكام الدين ، فإن المعرفة المتحصلة عن طريق الرؤى والمنامات غير منضبطة ولا متيقنة ، بل يداخلها الشك والريبة ، ولا يمكن أن تُرجع الشريعة الناس في معارفهم إلى مصادر موهومة لا تحقق أدنى مستويات العلم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(8/111)
( الرُّؤْيَا ثَلاَثَةٌ: فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ ) رواه مسلم (2263)
فالشيطان له نصيب مما يراه الإنسان في منامه ، كما للنفس نصيب أيضا ، وتمييز ذلك قد لا يكون واضحا في جميع الأحيان ، فكيف يطمئن المسلم إلى منام رآه ثم يبني عليه اختياره وهو يعلم أن الشيطان قد يكون له منه أوفر حظ ونصيب ؟!
ومن ذلك أمر الزواج أيضا ، فقد حدد لنا النبي صلى الله عليه وسلم الصفات التي ينبغي أن ينبني عليها الحكم بالقبول أو الرفض فيمن يتقدم للخطبة فقال :
( إذا جاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ قَالَ إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ )
رواه الترمذي (1085) وقال حسن غريب ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
فجعل الخلق والدين هو المقياس الذي ينبغي أن يتحاكم إليه الناس في رفضهم أو قبولهم ، وينبغي للسائلة الكريمة ألا تلتفت إلا إليه ، ولا تستجيب لما تراه في منامها من أمور قد يكون للشيطان فيها نصيب ، يريد بها التفريق بين الزوجين وإحداث الشقاق والنزاع .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "لقاء الباب المفتوح" (لقاء رقم 5/سؤال رقم 17) ما يلي :
خطب رجل امرأة ، فرأته في المنام حالق اللحية ، فهل توافق عليه أم لا ؟ وفي اليقظة ظاهره طيب ، لم يحلق اللحية ، وهو شخص ملتزم ولا نزكي على الله أحدا ً.
فأجاب رحمه الله :
" المرأة التي رأت الرجل الذي خطبها في المنام حالق اللحية وهو في الواقع ليس بحالق لها لا يضرها ما رأت في المنام ، ولا ينبغي أن يمنعها من التزوج به ما دام مستقيماً في دينه وخلقه " انتهى .
ثم يجب التنبه إلى أن الاستخارة لا علاقة لها برؤيا المنام – كما يظن كثير من الناس - ، فإن المقصود من الاستخارة هو سؤال الله تعالى تيسير خير الأمرين ، والالتجاء إليه سبحانه في الإرشاد إلى أحسن الأمور ، والاستخارة دعاء إذا استجاب الله له يسر الأمر الذي اختاره المستخير – بعد التفكير والتأمل – ولا يرتبط الدعاء من قريب أو بعيد برؤيا المنام .
فالنصيحة للأخت السائلة الكريمة أن تراجع أمرها ، ولا تسعى في خراب رابطتها الزوجية بمجرد رؤيا منامية ، بل ينبغي أن تحكم الدين والعقل في أمر خطيبها ، ثم تتخذ بعد ذلك الموقف المناسب .
وانظري جواب السؤال رقم (25793) ، (34726)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
إجراءات الخطبة المشروعة
سؤال:(8/112)
ما هي السنة في مقدمات الخطوبة ؟ أي إذا أراد شاب الزواج يرسل من إلى أهل الزوجة لكي يطلبها من أهلها ؟ وإذا تم القبول بموافقة الزوجة والأهل ما هي الخطوة التي تليها قبل الخطوبة ؟ مثل المهر والأشياء الأخرى المطلوبة من الزوج....وهل من السنة أن تقرأ الفاتحة عند تحديد المهر، وهل لباس البدلة للزوجة يوم الخطبة ويوم الدخلة من السنة أم هناك لباس آخر ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
إذا أراد الإنسان الزواج ، وعزم على خطبة امرأة معينة ، فإنه يذهب إلى وليها بمفرده ، أو بصحبة أحد أقاربه كأبيه أو أخيه ، أو يوكل غيره في الخطبة ، والأمر في ذلك واسع ، وينبغي اتباع العرف الجاري ، ففي بعض البلدان يكون ذهاب الخاطب بمفرده عيبا ، فيراعى ذلك .
والمشروع للخاطب رؤية مخطوبته ، لما روى الترمذي (1087) والنسائي (3235) وابن ماجه (1865) عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( انْظُرْ إِلَيْهَا ، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا ) أي : أَحْرَى أَنْ تَدُومَ الْمَوَدَّةُ بَيْنَكُمَا . والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي .
ثانيا :
إذا تمت الموافقة من الفتاة وأهلها ، فيُتفق حينئذ على المهر ، وتكاليف الزواج وموعده ، ونحو ذلك . وهذا أيضا يختلف باختلاف الأعراف ، وبمدى قدرة الزوج واستعداده لإكمال الزواج ، فمن الناس من يُتم الخطبة والعقد في مجلس واحد ، ومنهم من يؤخر العقد عن الخطبة ، أو يؤخر الدخول عن العقد ، وكل ذلك جائز ، وقد عقد النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها وهي ابنة ست ، ثم دخل بها وهي ابنة تسع . رواه البخاري (5158) .
ثالثا :
ليس من السنة أن تقرأ الفاتحة في الخطبة أو العقد ، وإنما السنة أن تقال خطبة الحاجة ، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ خُطبَةَ الحَاجَةِ فِي النِّكَاحِ وَغَيرِهِ :
إِنَّ الحَمدَ لِلَّهِ ، نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِهِ مِن شُرُورِ أَنفُسِنَا ، مَن يَهدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَن يُضلِل فَلا هَادِيَ لَه ، وَأَشهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُه .
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )
رواه أبو داود (2118) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .(8/113)
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء (19/146) : هل قراءة الفاتحة عند خطبة الرجل للمرأة بدعة ؟
فأجابت : " قراءة الفاتحة عند خِطبة الرجل امرأة ، أو عَقْدِ نكاحِه عليها بدعة " انتهى .
رابعا :
ليس للخطبة أو العقد أو الدخول لباس خاص يلبسه الرجل أو المرأة ، وينبغي مراعاة ما تعارف عليه الناس في ذلك ما لم يكن مخالفاً للشرع . وعلى هذا ، فلا حرج على الرجل في لبس البدلة ونحوها .
وإذا كانت المرأة بحيث يراها الرجال فإنها تلبس ملابسها الساترة ، كحالها قبل النكاح وبعده . وإذا كانت بين النساء فلها أن تتزين وتلبس ما شاءت من اللباس ، وتجتنب الإسراف والتبذير وما يدعو للفتنة.
وأما لبس الدبلة ، فغير مشروع للمرأة ولا للرجل ؛ لما فيه من التشبه بالكفار ، وراجع السؤال رقم (21441)
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
حكم الزواج عن طريق مواقع التزويج على الإنترنت
سؤال:
أنا طالب بجامعة فرنسية من أصل جزائري وليس لدي أهل في هذه البلاد وأريد أن أتزوج هل يجوز لي استعمال الإنترنت ومواقع الزواج فيها للتزوج مع العلم أنه يوجد أخوات سلفيات في هذه المواقع.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
مواقع الزواج على الإنترنت ، إن انضبطت بالضوابط الشرعية فلا حرج في دخولها والاستفادة منها ، ومن هذه الضوابط :
1- ألا تعرض فيها صور النساء ؛ لأن النظر إلى المخطوبة إنما أبيح للخاطب فقط إذا عزم على النكاح ، ولا يباح لغيره النظر ، ولا يجوز تمكينه منه .
2- ألا يعرض في المواقع وصف دقيق للمرأة ، كأنه ترى ، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ) رواه البخاري (5240).
3- ألا يتاح المجال للمراسلة بين الجنسين ؛ لما يترتب على ذلك من المفاسد ، ومنها دخول العابثين والعابثات بقصد الإفساد أو التسلية ، وإنما تتولى إدارة الموقع التأكد أولا من شخص الخاطب ، والربط بينه وبين ولي المخطوبة .
ثانيا :(8/114)
ينبغي أن تستعين بأهلك وأصدقائك وبالقائمين على المراكز الإسلامية في البحث عن المرأة الصالحة ، في بلدك أو في محل إقامتك ، وهذا متيسر والحمد لله ، وهو آمن وأنفع من متابعة ذلك عن طريق الإنترنت .
ثالثا :
يشترط لصحة النكاح موافقة ولي المرأة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي ) رواه أبو داود ( 2085 ) والترمذي (1101 ) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ) رواه البيهقي من حديث عمران وعائشة ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 7557
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ) رواه أحمد ( 24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2709
وإنما نبهنا على هذا لأنه قد يُظن بأنه إذا تعرف الشاب على الفتاة عن طريق الإنترنت ، ورضيت به أن ذلك يعد نكاحا .
نسأل الله لك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل يجوز رفض الخاطب لعدم امتلاكه لشقة ؟
سؤال:
هل يجوز رفض المتقدم للخطبة لعدم وجود شقة؟ هل يجوز أن يرفض قراءة الفاتحة بناء علي نفس السبب عدم وجود الشقة ؟ مع العلم أن الفتاة موافقة على هذا الشاب وأسرته متوسطة الحال. هل كلام الفتاة مع الشاب من وراء أهلها حلال أم حرام ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
إذا كان المتقدم للخطبة مرضي الدين والخلق ، وكان يستطيع إيجاد المسكن ولو بعد مدة ، فلا ينبغي رفضه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ) رواه الترمذي ( 1084 ) من حديث أبي هريرة ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وأما إذا كان غير مستطيع لإيجاد المسكن ، أو يحتاج إلى زمن كبير حتى يتوفر له ، فلا حرج في رفضه ، لما يترتب على الارتباط به من الإضرار بالفتاة وتعطيلها عن الزواج .(8/115)
ولما خطب معاوية بن أبي سفيان فاطمة بنت قيس رضي الله عنهما (وكان معاوية فقيراً) ، أشار عليها النبي صلى الله عليه وسلم برفضه ، لأنه فقير لا مال له . رواه مسلم (1480) .
وهذا المتقدم العاجز عن مؤنة الزواج يخاطب حينئذ بقوله تعالى : ( وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِه ) النور/33 ، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) رواه البخاري (5065) ومسلم (1400).
ثانياً :
لا تشرع قراءة الفاتحة عند الخطبة ، لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ثالثاً :
المهر والمسكن حق للمرأة فلها أن ترضى بالقليل من ذلك ، وينبغي لوليها أن يعينها على العفاف والإحصان ، فإذا قبلت من يُرضى دينه وخلقه ، وكان لديه ما يصلح من المسكن والمهر فلا يجوز منع الفتاة من الزواج . وأما إن كان لا يملك شيئا ، فللولي أن يرفض الخطبة ؛ لأن رضى الفتاة في هذه الحالة مبني على العاطفة ، وقلة الخبرة ، وربما التغرير بها من قبل الخاطب .
رابعاً :
لا يجوز للفتاة أن تقيم علاقة مع أجنبي عنها ، سواء تقدم لخطبتها أم لم يتقدم ؛ لما يترتب على ذلك من مفاسد ، ومنكرات ، لا تخفى ، لا سيما مع رفض أهلها لخطبته ، فإنه لا مبرر حينئذ لكلامه معها .
وراجع السؤال رقم (45668) و (36807) في حكم المراسلة والمحادثة بين الخاطب ومخطوبته .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
لديها عيب خلقي في سمع إحدى أذنيها فهل تخبر خاطبها ؟
سؤال:
عندي صديقة عندها عيب خلقي في إحدى الأذنين وهو غير ملحوظ في معاملتها اليومية إلا إذا تكلم أحد بصوت أقل وضوحا في الجانب الموجود به تلك الأذن فإنها لا تسمع بها، وقد رفضت العديد من الزيجات لهذا السبب، ولكنها الآن مخطوبة إلى شخص ما ولم تُصارحه بهذا السبب وتخشى إن قالت له أن يتركها وقد قرب زفافهما , وإذا حدث ذلك قد يتسبب لها بعقدة ولن تُقبل على الزواج أبدا، فهل تصارحه وتقبل ما يحدث أو أحد من الأقارب يصارحه أو لا تذكر شيئا لأنه لن يلاحظ ؟ .
الجواب:
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت ، فإنه يجب على صديقتك أن تخبر خاطبها بهذا العيب ، أو يخبره أحد أقاربها ، ليكون على بصيرة من أمره ، لأن عدم إخباره غش له ،(8/116)
وما قدره الله تعالى سيكون ، ولا يدري العبد أين يكون الخير ، ونسأل الله أن يوفقها للزوج الصالح .
والزوج إذا تبين له فيما بعد أن زوجته لا تسمع جيدا بإحدى أذنيها ، وأنها كانت تعاني من ذلك قبل زواجها ولم تخبره ، قد يؤذيه ذلك ، ويعتبره غشا له ، وقد يكره زوجته بسبب ذلك , فيتعين الإخبار من الآن ، حرصا على دوام النكاح ، واستقامة الأحوال ، ودرءا للمفاسد المتوقعة .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : لي أخت مصابة بعين ، وتقدم شخص ، فهل يجب علي أن أخبره بأنها مصابة بالعين ، وإذا لم أخبره فهل أعتبر غاشا له ؟
فأجابت : " يجب على الولي أن يبين للخاطب ما في المرأة المخطوبة من العيوب والأمراض إذا كان الزوج لا يعرف ذلك ، حتى يكون على بصيرة ؛ لأن في عدم إخباره بذلك غشا له ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من غشنا فليس منا ) " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (18/62) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل يستمر في خطبة فتاة على علاقة هاتفية مع أحد الشبان
تاريخ 25 رجب 1427 / 20-08-2006
السؤال
أنا شاب تقدمت لخطبة فتاة طالما سمعت عن أخلاقها الحسنة وإيمانها وبعد الخطوبة بيومين فاجأتني صراحتها بأنها كانت على علاقة هاتفية مع أحد الشبان وأنها أنهت العلاقة قبل الخطوبة بيومين ومرت الأيام فاكتشفت أنها تكلم الشاب والعجيب أنها صارحتني في الموضوع فاتفقنا على أن لا تكلمه وبعد شهرين اكتشفت أنها كلمته فماذا أفعل هل أصبر وأحتسب الأجر أم أتركها انصحوني ؟
جزاكم الله عني كل خير .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإصرار خطيبتك على هذه المعصية دليل على ضعف دينها, فنرى أن تنصحها وتبين لها حرمة ما تفعل وتعظها وتذكرها بالله عز وجل وعقوبته, فإن تابت من هذه المعصية وإلا فننصحك بفسخ خطوبتها والبحث عمن تسرك إذا نظرت إليها, وتطيعك إذا أمرتها, وتحفظك إذا غبت عنها .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
كيفية فسخ الخطوبة
تاريخ 07 جمادي الثانية 1427 / 04-07-2006
السؤال(8/117)
ما هي الطريقة التي يجب اتباعها لفسخ الخطوبة؟ هل نخبر أهل الخطيبة أم الخطيبة أم نقطع الاتصال بالخطيبة ولا نجيب على اتصالاتها حتى تدرك المعنى؟مع العلم أني كنت أتصل بها عبر الهاتف، ومدة الخطوبة دامت مدة سنتين؟ أرجو الإفادة جزاكم الله الخير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد في الشرع طريقة معينة لفسخ الخطوبة، فتكون بكل ما تعارف عليه الناس ما لم يكن في ذلك إيذاء، قال زكريا الأنصاري الشافعي: فإن لم يعجبه سكت ولا يقل لا أريدها لأنه إيذاء. انتهى.
فينبغي أن يحصل العلم للمخطوبة أو أهلها بفسخ الخطوبة، ولا يترك الخاطب الأمر مبهما عليهم، فإذا حصل العلم بأن الخاطب رجع عن نيته في الزواج بها كفى ذلك بأي طريقة كان.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
إذا أصيبت بالوسواس القهري ثم شفيت فهل تخبر خاطبها بذلك
تاريخ 25 رجب 1427 / 20-08-2006
السؤال
أنا فتاة فى العشرين كنت أعانى منذ فترة من الوسواس القهري و الحمد لله عافاني الله منه بفضله ثم بالعلاج..
ولكني مستمرة في تناول الدواء لأن نقص جرعته تؤدي إلى عودة المرض من جديد حيث إن المرض ينتج عن نقص إفراز مادة معينة بالمخ و هذا الدواء يمد المخ بهذه المادة
سؤالى هل يجب عليّ إخبار من يتقدم لخطبتي بهذا؟؟مع العلم بأن الدواء لا يؤثر على حق الزوج في شيء ولكن هناك نسبة لا تتجاوز ال 5% لتوريث هذا المرض الى الأبناء..
انا أحسن الظن بالله تعالى و أرجو ألا يصيب أبنائي إن شاء الله ولكن أليس من حق الخاطب تحديد قراره بنفسه..أنا اعلم أن في كل إنسان جينا ما غير مرغوب يمكن أن يؤدى إلى ظهور أي مرض على أولاده بل ربما لا يكون هناك أى شيء و يشاء الله أن يبتلى الطفل بمرض ما
ولكني لا أحب أن أضع نفسى في الحرج و أقف في هيئة المدافع عن نفسه إن فى هذا إحراجا لي يمكن أن يؤثر على علاقتي بزوجي بعد ذلك مثل شعوره بأنه رضي بي بعيبي و إن لم يقل هذا فأنا حساسة جدا و يؤذيني أن أشعر فقط بأنه يفكر في هذا..
ناهيكم عن أن الإخوة في هذا الزمان - إلا من رحم الله- يفكرون بطريقة عملية جدا فهم يدخلون البيت تلو الآخر و ينظرون في بنات الناس حتى يختاروا ما يناسبهم فتلك سمراء و هذه قصيرة و الأخرى شعرها ليس طويلا..الخ(8/118)
وهم يبحثون عن الأجمل و الأنسب و الأرق و الأطول والأهدأ..و..و..و بل إن احدهم يدخل أكثر من بيت في ذات الوقت ويرى أكثر من فتاة ثم يقرر أيتهن يختار!!والآخر يدخل أكثر من 40 بيتا من بيوت الملتزمات ولا يجد ضالته ولا حول ولا قوة إلا بالله..
والله يا شيخ إنا لنسمع طلبات من الإخوة يندى لها الجبين...
فحسبك أن تقول لواحد منهم ما ذكرت لكم من ظروفي حتى يقول لك ما معناه إن البنات كثر فما يجبره على هذا؟
والله يا شيخ نحن نعلم هذا عنهم-الا من رحم الله طبعا - ولكننا نعلم أنه ليس لنا غيرهم و أنه ليس لهم غيرنا فلا يمكن ان تتزوج إحدانا من غير أخ ملتزم يرعى الله فيها وهو كذلك لا يطلب إلا الملتزمة لكنهم يتعنتون في ادق التفاصيل بحجة إعفاف النفس بل إن أحدهم طلب ممن تبحث له عن زوجة أن تبحث له عن أخت ملتزمة تشبه ممثلة كان معجبا بها قبل التزامه و ذلك كي يعف نفسه !!
والمشكلة يا شيخ أن الاخ عندما يتقدم لأخت لا يكون متمسكا بها فهو لم يرها قط في حياته من قبل..فما أسهل أن يعتذر عندما يسمع عن عيب ما فهى لا تفرق معه عن غيرها أعلم أن هذا هو الصواب و أن من يدخل المنزل ليطلب فتاة عرفها و تحدثا معا و خرجا سويا من قبل قد بدأحياته بمعصية الله..أنا فقط أحببت أن أوضح الأمر
أعتذر بشدة عن الإطالة و لكنني أحببت أن أشرح الموضوع بكل تفاصيله و أشكو لك يا شيخ من حال الإخوة اليوم ..أنتظر ردكم ولا تنسوني من صالح الدعاء بأن ييسر لي الله الزوج الصالح و الذرية الصالحة
و جزاكم الله عني وعن المسلمين خير الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصحيح ما ذكرتِه من أن من يدخل المنزل ليطلب فتاة عرفها وتحدثا معا وخرجا سويا من قبل يكون قد بدأ حياته بمعصية الله, فالخطيبة قبل أن يتم العقد عليها تعتبر أجنبية, وإن كان الشارع قد رخص في النظر إليها فذلك لم يخرجها عن حكم الأجنبية, ففي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل.
ثم ما ذكرتِه عن الإخوة من الدقة في تحديد الوصف الذي يريدون أن تكون عليه الزوجة لا يدل على المثالية فمن يبحث عن المرأة الصالحة الملتزمة لا بد من أن يتغاضى عما يمكنه التغاضي عنه من الأمور البسيطة, ومن طلب صاحبا بلا عيب فيه خرج من الدنيا بلا صاحب, وعليهم أن يضعوا في الاعتبار قول القائل
فمن ذا الذي ترضى سجاياه كلها **** كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك فإن العيب الذي يجب ذكره للخطيب هو العيب الذي يثبت به فسخ النكاح إذا وجد في الزوجة ، والعيوب التي يثبت بها الخيار ليست محددة على ما رجحه بعض أهل العلم, وإنما هي كل أمر ينفر منه الطرف الآخر ولا يحصل معه المقصود من النكاح.(8/119)
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد : والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار ... إلخ.
وما ذكرت أنك كنت تعانين منه من الوسواس القهري- والذي قلت إن الله قد عافاك منه - يعتبر عيبا بسيطا خصوصا أنك شفيت منه. وبالتالي فلا يجب عليك ذكره للخطيب. ونسأل الله أن ييسر لك أمرك, وأن يرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة إنه على ما يشاء قدير .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الخاطب أجنبي حتى يتم العقد الشرعي
تاريخ 21 رجب 1427 / 16-08-2006
السؤال
أنا فتاة تحجبت قريبا بتشجيع شخص أحبه وأهلي تحت الضغط وافقوا على خطوبتنا على أساس أنه فقير وأصغر مني بالسن لكنه سافر بعد جمعتين من الخطوبة ومنذ ذلك الحين وهو تغير معي يشك في ولم يعد كما كان على الرغم من أنه لا يزال يصلي والآن ووقت قصف إسرائيل لنا وهو يهتم بي ويبين لي حبه العميق إلا أنه يريدني أن أسافر إلى والدته في مصر على الرغم من عدم كتب الكتاب : فهل يجوز لي أن أسافر إلى أمه وهو مسافر إلى الإمارات وهل يجوز أن أترك أهلي ووطني وأرحل إلى وطن لا أعرف عنه شيئا والرجل الذي أريده غير موجود هناك أيضا ساعدوني أرجوكم على فكرة أنا وهو ارتكبنا
الزنا قبل أن أتحجب ولكنا تبنا إلى الله وخطبنا وقلنا لن نرتكب المعصية على أساس أننا سنتزوج قريبا وما لبث أن سافر وأنا لا أستطيع الزواج بغيره لأنني ارتكبت الزنا معه ويعد كزوج لي لكن بالحرام وأنا متعلقة به جدا جدا هو كل شيء لي في هذه الدنيا ولكنه لا يصدق كلامي فإن سمعت كلامه وسافرت عند والدته عندها يؤمن أنني أحبه فعلا !! أرجو النصيحة ولكم طول العمر والبقاء وبارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي -أيتها الأخت - أن الزنا كبيرة من الكبائر العظام، سماها الباري فاحشة، فقال تعالى:
وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً {الإسراء:32}
وقد قرن الكلام عن الزنا بالكلام عن الشرك وقتل النفس، وذلك في الحديث عن صفات عباد الرحمن. قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:68-70} .
فأخلصي التوبة إلى مولاك توبة نصوحا, واندمي على ما فعلتِه، ومن تاب تاب الله عليه. قال تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ(8/120)
اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة:104} وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ {الزُّمر:53-54}.
واعلمي كذلك أن الشرع قد حرم على المرأة السفر دون محرم يرافقها، فقد روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم. وعنهما أيضا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم.
واعلمي كذلك أن الخطيب أجنبي عن مخطوبته حتى يعقد عليها.
ثم إن قولك بأنك لا تستطيعين الزواج بغير هذا الشخص لأنك قد ارتكبت الزنا معه وأنك متعلقة به جدا جدا، وأنه كل شيء لك في هذه الدنيا، وأنه لن يصدق كلامك في محبته حتى تسمعي كلامه وتسافري إلى والدته، وعندها سوف يؤمن بأنك تحبينه فعلا... إلى غير ذلك مما بينتِه.
أقول: اعلمي أن كل هذا إنما هو خطوات للشيطان يريد بها استدراجك إلى العودة إلى المعصية، فلا تطيعيه وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [النور: 21].
واعلمي أنك إذا سافرت هذا السفر تكونين قد جعلت نفسك سلعة رخيصة وعرضة لعبث العابثين، وفتنة وبلاء على المؤمنين، وقبل ذلك وبعده تكونين قد عصيت أمر رب العالمين، وكفى بذلك مصيبة، فيجب عليك أن تكفي عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى الخلوة بهذا الرجل أو الكشف أمامه أو نحو ذلك فهو أجنبي عنك كغيره من الرجال حتى يتم العقد الشرعي.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم الاحتفال بالخطوبة وليلة الحناء
تاريخ 20 رجب 1427 / 15-08-2006
السؤال
أود معرفة حكم الاحتفال بليلة الحنة، علماً بأنها تكون قاصرة على النساء، وما حكم الاحتفال بالخطوبة؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في الاحتفال بالخطوبة، وبما يسمى (ليلة الحناء) إذا خلت تلك الاحتفالات من المخالفات الشرعية، من اختلاط وغناء محرم ونحو ذلك. وتنظر في ذلك الفتوى رقم: 20464، والفتوى رقم: 31360.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(8/121)
ــــــــــــــ
فسخ الخطبة هل يترتب عليه حقوق مادية
تاريخ 27 جمادي الثانية 1427 / 24-07-2006
السؤال
أنا وخطيبتي مخطوبان منذ مدة 8 أشهر. ولكن بسبب خلافات معينة قررنا الفراق باتفاق منا على ذلك. كان هناك خلوة ولكن لم يحصل جماع. والسؤال هو: ما حكم الطلاق في هذه الحالة، وما الحقوق المالية المترتبة للفتاة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يترتب على فسخ الخطبة شيء من الحقوق المادية لأن الخطبة ليست عقدا وإنما هي وعد بالزواج، أما إذا كان قد تم العقد ( عقد النكاح ) فيترتب على الطلاق بعد الخلوة الصحيحة ما يترتب على الطلاق بعد الدخول لأن الخلوة الشرعية الصحيحة في حكم الدخول، وسبق بيانه في الفتوى رقم : 64008 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
إجابة الدعوة في حفل الخطوبة
تاريخ 22 جمادي الثانية 1427 / 19-07-2006
السؤال
دعيت لحفل خطوبة العروس ليست محجبة والخطبة غير إسلامية والله أعلم سأشتري هدية للعروس وأذهب لأقدمها لها في فترة وجيزة في الصباح (أي لن أحضر الخطبة في المساء مع العلم ربما أجد غناء أو أمثال ذلك من منكرات) ثم أعود هل هذا جائز أم يجب أن لا أذهب على الإطلاق لهذا المنزل؟
وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الذهاب إلى منزلها لتسليمها الهدية فإن وجدت منكرا وقدرت على تغييره بالنصح والكلمة الطيبة فيجب عليك ذلك وإلا انصرفت مع العلم بأن إجابة الدعوة في حفل الخطوبة غير واجبة وإنما اختلف العلماء في وليمة العرس على ما بيناه في الفتوى رقم:131 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الحب قبل الزواج والمسلك الصحيح في الخطبة
تاريخ 05 جمادي الثانية 1427 / 02-07-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم(8/122)
أنا طالب في السنة الأخيرة من كلية الهندسة بعد أن قرأت حلولكم لمشاكل الكثيرين أردت أن أكون أحدهم وأرجو عند الإجابة على سؤالي عدم تحويلي لإجابة لسؤال آخر من نفس الشاكلة.
المشكلة:
قبل أن أدخل الجامعة نصحني الكثيرون بأن لا أقع في الحب بأي طريقة، وأن أحذف هذه الكلمة من قاموسي حتى التخرج، وقد طبقت النصيحة لفترة عام ونصف ولكن بعد ذلك قابلت زميلة لي في نفس القسم ومنذ الوهلة الأولى أعجبت بها ليس لجمالها بل لحسن خلقها ولكني لم أفاتحها في الموضوع لظني أنها سحابة صيف عابرة.
ولكني وجدت نفسي أضعها في اختبارات في الكرم والتعامل والفهم العام...إلخ من دون علمها وقد اجتازتها بتفوق.
أحد أصدقائي المقربين أعجب بها وبدأ يتقرب منها شيئا فشيئا ولكنني لم أحزن لأنه كان لدى يقين داخلي أنه لن يستمر معها طويلا(مع أنني أحيانا أحس أنها تبادله نفس المشاعر).وسبحان الله حدث كما توقعت بالضبط لعدم جديته في الموضوع.
استمرت اختباراتي لمدة ثلاث سنوات متتالية حتى نهاية السنة الرابعة فجمعت أشتات شجاعتي وطلبت يدها للزواج دون مقدمات فلم ترد. بعد ثلاثة شهور اتصلت بي وقالت لي إننا من الأحسن أن نكون إخوانا وزملاء(يعنى رفضت الطلب) ولكنني لم أسألها ماهو سبب الرفض؟ لأنني كنت قد استخرت الله إذا كان زواجي بها فيه خير لي فليوفقني الله، وأنا أدعو الله في صلاتي بأن تقبل بي زوجا.وقد أصبحت أكثر من الدعاء في كل سجدة في الصلوات المكتوبة وأكثر من قيام الليل وبعد قراءة القرآن وعندما أريد أن أنام وعند استيقاظي، ولقد أصبحت أبحث في صحيح مسلم والبخاري عن الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء حتى يستجيب الله دعائي (حتى كتابة هذه السطور وأنا كذلك).
في هذه السنة(سنة التخرج) لاحظت(هي) أنني مازلت أعاملها بصورة حسنة مما يعني أنني لم أنسها فأصبحت تعاملني بصورة جافة (ظنا منها أن ذلك سيبعدني منها) وقالت لي من الأفضل لك أن تبحث عن فتاة أخرى غيرها ولكنني سبحان الله كلما فعلت ذلك(هي)أجدني أتبسم وأحيانا أضحك لإيمان عارم بأنها مهما طال الزمن أو قصر ستوافق أخيرا" ومن يطلب الحسناء لم يغله المهر".وعندما أخبرتها بإيماني بأنها ستوافق قالت : هذا أمر في علم الغيب ومن الأحسن للواحد أن يحكم على الواقع المعاصر.
الخلاصة:
فكرت "إن شاء الله" أن أذهب إلى أهلها أتخرج وأطلب يدها بصورة رسمية وبعد ذلك إن رفضت مرة أخرى فأتركها وشأنها.
أسألها ماسبب رفضها ثم بعد ذلك أقرر ماذا أفعل.
فما رأيكم في هذه الفكرة؟وإذا كانت هنالك نصيحة أخرى أو اقتراح فأرجو أن تعينوني أعانكم الله.
وجزاكم الله عنى كل الخير.(8/123)
لدي اقتراح بأن يكون هنالك رقم هاتف لحل المشاكل يحدد له أوقات معينة في الأسبوع لأن كتابة المشاكل لا تعبر عما بداخلنا في كثير من الأحيان. ودمتم في خدمتنا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على اختيارك موقعنا، وانضمامك إلى زوارنا، سائلين الله تعالى أن يجعلنا وإياك من المتواصين بالحق والمتواصين بالصبر، ومع أن رسالتك عبارة عن استشارة، وكان الأولى أن توجه إلى قسم الاستشارات، إلا أننا سنجيب بما نراه، وما يدخل ضمن اختصاص قسم الفتوى، فنقول:
ينبغي العلم بأن العلاقة مع المرأة الأجنبية لا تجوز، ولو كانت بنية الزواج، فالطريق الوحيد المشروع للعلاقة بين الرجل والمرأة في الإسلام هو الزواج، والسبيل إلى الزواج هو التقدم لخطبتها من أهلها، وليس وراء ذلك إلا الحرام.
وما يسمى بالحب قبل الزواج لا يعترف به الإسلام، ولا يقره، ولا يباركه، ولا يعذر صاحبه إلا من ابتلي به بغير كسب، واتقى الله عز وجل فيه، ولم يدفعه إلى ما حرم، كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 4220.
وبناء على ذلك فالفكرة التي ذكرت صحيحة، وهي التقدم للفتاة، وطلبها من وليها، فإن قوبلت بالموافقة، فهذا ما تريد، وإن كانت الأخرى، قطعت علاقتك بها، وبحثت عن غيرها، فالنساء الصالحات، والفتيات الطيبات ذوات الدين والخلق كثير ولله الحمد، فما عليك إلا البحث والسؤال.
نسأله تعالى لك التوفيق في اختيار الزوجة الصالحة، التي تقر بها عينك، وأخيرا فإننا نرحب باقتراحك الأخير ونبشرك أنه تحت الدراسة، نسأل الله العون والتوفيق لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تعجيل الزواج ونهي الخطيبة عن الدراسة المختلطة
تاريخ 24 جمادي الأولى 1427 / 21-06-2006
السؤال
سأتقدم قريبا إن شاء الله تعالى لخطبة فتاة، أحسبها ذات دين والله حسيبها. وهي جامعية، وكل الجامعات مختلطة في بلادنا، و أنا لا أرتاح لمواصلتها للدراسة ( رغم ثقتي بالتزامها)، والله أعلم. فإن سارعنا بعقد القران على أن يتم الزواج بعد سنة مثلا، خفت أن أأثم بذهابها للدراسة لأني أصبحت ولي أمرها، وفي نفس الوقت هي لا تعيش معي حتى نتحدث جيدا وأقنعها بترك الدراسة ، وإن أخرنا العقد لا يجوز لي الذهاب لبيت أهلها للجلوس والتحدث معها حتى وإن جاز، فإني لن أقنعها بذلك كما لو كانت عندي في بيتي فهل أعجل بالعقد، أم أؤخره ؟
الفتوى(8/124)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن حكم الاختلاط في الجامعات فقد سبق بيانه في الفتاوى التالية أرقامها:
5310 ، 2523 ، 4030 ، 60414 ، وقد بينا في هذه الفتاوى أن الدراسة قد يرخص فيها إذا لم يوجد غيرها ودعت إليها الضرورة أو الحاجة الملحة ، وقد أحسن الأخ حين اختار ذات الدين ، التي الأصل أنها تحفظ زوجها في غيبته عنها ، ولذلك نرى أن يعجل العقد ولا يؤخره ، وإن استطاع تعجيل الدخول فذلك خير ، فإن تعجيل الزواج مندوب إليه شرعا ، وانظر الفتوى رقم: 65048 .
وأما خشيته من الإثم في حال عدم جواز الدراسة في تلك الجامعات المختلطة وعدم استجابتها هي لترك الدراسة فيها فالجواب هو : أن المطلوب منك أن تنهها عن المنكر ، فإن انتهت عنه فذلك خير ، وإن لم تنته فهي آثمة ، وابذل جهدك في نصحها بأن تبتعد قدر الإمكان عن مخالطة الرجال ، وأن لا تحضر إلا لما لا بد منه من محاضرات ونحوها ، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
فسخ الخطبة قد يكون خيرا للخاطب
تاريخ 23 جمادي الأولى 1427 / 20-06-2006
السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 34 سنة كنت قد تقدمت لخطبة فتاة و بعد مرور سنة من هده الخطبة تأزمت الأوضاع عندي واشتد المرض بأمي وأصبحت في حيرة من أمري وقد تدهورت حالة الشركة التي أعمل فيها إلى درجة الإفلاس وفي هذه الفترة اتصلت بعائلة الفتاة بعد ما شرحت لهم الوضع عندي ولكن عند اجتماعي بهم قالت لي أمها أنت لا تستطيع أن توفر لبنتي المستوى الذي أريده لها وإذا رزقت بابن هل تتسول به ؟ مع العلم أنني أرسل لها المال وهي لا تزال في بيت أهلها، هذه العائلة فقيرة ومتوسطة الدخل . وقد اشترطنا أن لا يكون عرسا ولكن وليمة العرس لا تتجاوز 20 فردا أصبحنا في عرس فيه مائة وقد من الله علي بعد مدة لا تتجاوز 3 أشهر وبعدما فسخت هذه الخطبة من الله علي وزادني من فضله الحمد لله .ماحكم الشرع في ما قالته أم الفتاة في رزقي ورزق أبنائي وهم في علم الغيب و الله وحده يعلم . مع العلم أن ما قالته هذه السيدة في علم الله وقد عادت من الحج ب 14 يوما فقط. وقال الله عز وجل" و بالوالدين إحسانا " فكانت أمي مريضة ولم يعذروني حتى أنهم لم يزوروها مرة واحدة، وجزاكم الله عنا خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنوصيك أولا بأن تهون على نفسك وأن لا تقلقها بالتفكير في أمر قد مضى، وأن تستحضر أنه ربما تكون قد صرف عنك سوء بعدم تمام هذا الزواج، قال تعالى :فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا { النساء :19} ولتبحث عن فتاة أخرى صالحة في دينها وخلقها، وفي النساء من ذلك الكثير، ولا يبدو أن فيما ذكرت(8/125)
أم الفتاة اعتراض على تقدير الله تعالى للأرزاق، وغاية ما فيه أنها لا تريد أن تزوجك من ابنتها وأنت على ذلك الحال من الفقر، وما كان ينبغي لها أن تتلفظ بهذه العبارة، وأما قول الله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا { الإسراء :23} فهو أمر للولد بالإحسان لوالديه، وأما أهل هذه الفتاة فإن كانوا قد علموا بمرض أمك فما كان ينبغي لهم عدم زيارتها أو تفقد حالها -ما لم يكن لهم في ذلك عذر شرعي- خاصة وأنه قد وجدت بينكم وبينهم علاقة بسبب تلك الخطبة، أما وقد حصل ما حصل من فسخ هذه الخطبة فينبغي أن تصرف همتك إلى ما ينفعك في أمر دينك ودنياك .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
التعطل عن العمل بعد الخطبة
تاريخ 21 جمادي الأولى 1427 / 18-06-2006
السؤال
أنا شاب في 30من عمري .حاولت الخطبة عدة مرات أي حوالي 4 سنوات ونصف . ولم أنجح بسبب رفض أهالي البنات ..رغم أنني ميسور الحال ومتدين والحمد لله، لكن مشكلتي تكمن في سبب هذا التعطل أعينوني جزاكم الله كل خير ..علما بأنني أصبت في هذه الفترة بملل وتعب نفسي وألم في الرأس، ساعدوني بارك الله فيكم ووفقكم الله لما يحبه و يرضاه آمين.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصد بالتعطل عدم العمل فإن عليك أخي الكريم أن تسعى في البحث عن عمل، واطرق باب مولاك جل جلاله ولن يخيبك الله، ولن يردك خائبا، وعليك بالصبر فمن صبر ظفر، قال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10} واشغل نفسك أخي بذكر الله تعالى وبالنافع، ولا تدع مجالا للشيطان والملل أن يتسللا إليك، وفقك الله لمرضاته ويسر لك الزوجة الصالحة .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
العدول عن الخطبة لضعف شخصية الخاطب وحكم أخذ الشبكة
تاريخ 21 جمادي الأولى 1427 / 18-06-2006
السؤال
أنا آنسة أبلغ من العمر 28 عاماً تقدم لي شاب لخطبتي وأنا لا أعرفه من قبل فوافقت عليه وتم تحديد ميعاد الخطبة أكثر من مرة وفي كل مرة لا تتم الخطبة في الميعاد المحدد بسببه شخصياً كان دائماً والده يعارض في تحديد الميعاد وبعد تحديد آخر ميعاد للخطبة اعتذر والده مرة أخرى فوالدي رفض وقال له إننا لا نريد أن يتم الموضوع لأنه استمر أكثر من 9 شهور ولم يتم أي شيء، فهل إذا أخذت الشبكة وهي عبارة عن دبلة وخاتم ومحبس حرام أم حلال، لكن أنا أريده وعائلتي لا تريد(8/126)
أن يتم الموضوع وكثيراً يقولون لي إنه لا يصلح للزواج بسبب شخصيته الضعيفة، فأفيدوني أفادكم الله هل أكمل معه أم لا أكمل؟ وإذا انتهى الموضوع هل آخذ الشبكة أم لا، أفيدوني في أسرع وقت؟ ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما عن الشبكة فقد سبق أنها إن كانت جزءاً من المهر فالواجب إرجاعها إلى الخاطب، وإن كانت هدية فلا يحق للخاطب الرجوع فيها، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 6066.
وأما عن الإكمال مع الخاطب أو عدمه فالأصل أن صاحب الدين والخلق إذا تقدم للفتاة لا ينبغي رده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي وهو حسن.
لكن قد تكون هناك أسباب راجعة إلى شخصيته تدعو إلى رده، فلا حرج من رده لذلك... مع أن الأهم أن يكون الزواج من هذا الشاب إن قدر برضى والدك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ترك الخطبة للحفاظ على صلة الأرحام
تاريخ 18 جمادي الأولى 1427 / 15-06-2006
السؤال
أنا شاب مسلم أحببت فتاة من أقربائي ونويت الزواج بها مع العلم بأني لم أكلم الفتاة ولكني خائف أني أُرفض مع أن سمعتي أنا وأهلي ممتازة لكن لأن عمري 21 سنة مع العلم أني والحمد لله مكون نفسي وفي حالة أنهم رفضوني سوف تخرب علاقة العائلتين ممكن تساعدوني ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصية المصطفى صلى الله عليه وسلم هي : فاظفر بذات الدين تربت يداك . متفق عليه ، فإذا كانت هذه القريبة ذات دين فالشرع ينصح بمثلها ، ولكن إذا كنت تعلم أو تظن ظنا قويا بأن أهلها قد يرفضونك, وأن رفضها لك المظنون أو المحقق يؤدي إلى سوء علاقة وقطع أرحام بين العوائل - فالأولى تركها لأن الإبقاء على علاقة العائلتين وجبره أولى من تعريضها للسوء والانهيار لأمر لا فائدة من ورائه .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
آثار الثقافات المنحطة الوافدة على الخطبة
تاريخ 17 جمادي الأولى 1427 / 14-06-2006
السؤال(8/127)
أنا مخطوبة لشخص، ومتدينة ومتربية، باختصار ليس عندي أي مشكلة أساساً، ولكن مشكلتي مع خطيبي أنه يقول لي إنني لا أثيره، يقول لي أنت أحسن واحدة يتمنى أن يتزوجك ولكنك لا تثيريني، ويقول إن هناك حديثا عن الرسول يقول: إذا كانت المرأة لا تثير الرجل فيجب ألا يتزوجها، ويقول لي: إنه لا يراني بنتا أصلاً وأنه ينظر على البنات في الشارع لأنه لا يجد ما يريده معي، فأرجو الإفادة، فهل يجب أن أتركه وهل هو على خطأ أم صواب، وإذا كان مخطئا فأرجو توجيهه بكلمة، علماً بأني متدينة جداً وعلى خلق؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخاطب أجنبي عن مخطوبته، لا يجوز له النظر إليها إلا النظرة التي بها يقرر هل يقدم على عقد النكاح أو لا، ولا يجوز له أن يتحدث معها إلا في حدود أدب الإسلام وعند الحاجة، ولا ندري ما هو الذي يريده هذا الخاطب من الإثارة، وما هي الإثارة التي يطلبها، وكل هذا إنما ظهر بظهور الثقافات المنحطة الوافدة على المجتمع المسلم.
ولذا فعليك أيتها الأخت الكريمة أن تتمسكي بدينك وأخلاقك، وأن تجتنبي الحديث مع هذا الرجل الأجنبي عنك، فإن شاء أقدم على الزواج وإن شاء ترك، وأكثري من دعاء الله تعالى أن ييسر لك الزوج الصالح. وننصحك بمطالعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57601، 43578، 56052.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا محرمية بمجرد الخطبة
تاريخ 16 جمادي الأولى 1427 / 13-06-2006
السؤال
أمي كانت مخطوبة لشخص قبل أبي، فهل هو الآن يعامل كمعاملة جدي، أم بعد فسخ الخطوبة عاد التحريم علي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما تم في الماضي بين هذا الرجل وبين أمك هو مجرد خطوبة ، فإن هذا الرجل أجنبي عنك وليس بينك وبينه أي محرمية بمجرد هذه الخطبة التي فسخت، وهذا ظاهر بين .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل تطلع خاطبها على الحرق الصغير بساقها
تاريخ 16 جمادي الأولى 1427 / 13-06-2006
السؤال(8/128)
تمت خطبتي لشاب وهى خطبة فقط وليست كتب كتاب، وقد حدث لى منذ فترة حرق بسيط في ساقي في منطقة تحت الركبة بنصف شبر تقريباً وتركت علامة سوداء في حجم الزيتونة وأنا أحسها مؤذية للنظر، فهل يجوز أن أريها لخطيبي ونحن لم نكتب كتابنا بعد، انطلاقاً من شعوري بأنها قد تؤذيه أم لا يجوز ذلك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا العيب طفيف جدا ولا يستحق أن يذكر، ولا يجوز لك تمكين من يريد الزواج بك من الاطلاع عليه لأن الخاطب يجوز له أن يطل على الوجه والكفين فقط كما سبق في الفتوى رقم: 27234، والأفضل عدم إخباره بهذا الأمر أصلا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم مراسلة فتاة لغرض خطبتها
تاريخ 15 جمادي الأولى 1427 / 12-06-2006
السؤال
أنا من مصر، وكنت قد أخذت دورة تدريبية في أحد المراكز في مجال الكمبيوتر وكانت القاعة التي نأخذ فيها الدورة مختلطة بالجنسين وقد تكلمت معهم في أمور كثيرة منها حكم الاختلاط، وارتداء النساء للبنطال، وحكم الغناء والموسيقى وقد أعطيتهم فيه كتاباً للشيخ ابن باز رحمه الله، وعن اللحية والإسبال، وعن النقاب...وغيرها من الأمور، وكنت قد استعنت بعد الله سبحانه وتعالى بفتاوى هذا الموقع التي أسأل الله عز وجل أن يجعلها في ميزان حسنات القائمين عليها وعلى هذا الموقع.
وكانت هناك فتاة أحسبها ذات خلق ولا أزكي على الله أحداً، وشعرت تجاهها بشعور ما كنت أظن أن أشعر به، ورغبت في الزواج منها، ولكني قد عزمت ألا أتزوج إلا من منتقبة لأنني آخذ بالقول بوجوب النقاب، وهي غير منتقبة وبها بعض الأخطاء في زيها، وعندما أخذت كتاب حكم الغناء والموسيقى، سألها زميل لنا عنه فقالت له إنه جيد ولكنه قرار صعب تعني ترك الغناء والموسيقى، وعندما تكلمت عن النقاب قالت التي تتولى الشرح لنا (فقد كانت امرأة) قالت لهذه الفتاة (إن جاء إليك شاب يريد أن يتزوجك ولكن يريدك أن تنتقبي فهل ستوافقين) فقالت لها إن أقنعني فلم لا، واعتقادي فيها أنها ربما تستجيب للحق ولن تعارضه بإذن الله فقد كانت خلال مدة الدورة لا يسمع لها صوت.
ونحن الآن قد انتهينا من الدورة، ولقد علمت الإيميل الخاص بها بطريق غير مباشر فقمت بإرسال رسالة إليها عن حكم النقاب من فترة، وقد فكرت في أن أرسل إليها رسالة أطلب منها الزواج مع ارتداء النقاب، مع العلم أنني أبلغ من العمر 23 عاماً وهي غالباً مثل عمري.
ومعذرة للإطالة:
فسؤالي هو:-(8/129)
فقد قرأت في كتاب الداء والدواء لابن القيم وقد أورد فيه حديثين هما:-
1- الحديث المرفوع:(لم ير للمتحابين مثل النكاح).
2- حديث قصة مغيث وبريرة.
فبم تنصحوني أن أفعله هل أعرض عليها الزواج عبر الإيميل فالإيميل هي الطريقة الوحيدة المتاحة لي الآن.
أم ماذا أفعل فإني أخشى أن تكون فتنة من الشيطان بسبب الاختلاط وما هي إلا شهوة تجاهها بسبب تزيين الشيطان لها أمامي لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(المرأة عورة إذا خرجت استشرفها الشيطان)، فإن كانت فتنة فما العلاج.
ووالله ما هذه الإطالة مني إلا لعظم الأمر عندي فإني أخشى على ديني، وإن ثبت لي أنها ليست من ذوات الدين فسأتركها بعون الله.
أرجو أن تدلوني بعون الله لكم على علاج ما أنا فيه بجواب مفصل حتى يطمئن قلبي.
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أهم ما ينبغي أن يحرص عليه الرجل فيمن يريد الزواج منها دينها وخلقها، وراجع الفتوى رقم:1422،
وإذا وقع في قلب الرجل حب امرأة فخير ما يرشد إليه أن يتزوج منها، وراجع الفتوى رقم:32835 ، ولكن لا ينبغي للرجل التعجل إلى الزواج من المرأة لمجرد نظرة عابرة أو كلمة إيجابية سمعها, بل ينبغي أن يستشير في أمر دينها من هم أعرف بها من ثقات الناس, فإن أثنوا عليها خيرا فليستخر في الزواج منها. وتراجع الفتوى رقم:25631 ، والفتوى رقم: 19333.
وعليه، فإن تبين لك أن هذه الفتاة أهلاً لأن تكون لك زوجة فلا حرج عليك في إبداء رغبتك لها في حدود الأدب والشرع سواء عبر الرسالة البريدية أو غير ذلك.
وأما لبس النقاب فلعلك تعلم أنه محل خلاف بين العلماء وراجع الفتوى رقم:5224 ، ولك الحق في أن تشترط عليها عند العقد لبس النقاب ويجب عليها الوفاء بهذا الشرط, وإذا لم تشترط عليها وأمرتها به فتجب عليها طاعتك في لبسه.
ولا يفوتنا هنا أن ننبهك إلى أمر مهم يبدو أنك ولله الحمد تحس به ألا وهو الحذر كل الحذر من أن يجرك الشيطان ويستدرجك إلى مصائده وحبائله التي يغوي بها ويضل من لم يعتصم بالله تعالى ولم يقف عند حدوده.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
إبداء العيوب في أمر الخطبة جائز بقدر الحاجة
تاريخ 14 جمادي الأولى 1427 / 11-06-2006
السؤال(8/130)
أراد أحد أصحابي أن يتقدم لخطبة شابة ولكن لنا صديق آخر نصح صديقي الأول أن لا يقدم على هذا، فسألناه عن السبب فقال بأنها تحب شخصا آخر وهو يحبها، فقلت لهذا الشخص حرام عليك أن تتكلم عن أي إنسانة!
فقال صديقي الذي يريد أن يخبطبها لا: ليس حراما لأنه ينصحني وهذه أمانة، فأنا أريد أن أعرف إذا كنا نعرف أن فلانة تحب فلانا، وتقدم شخص آخر لها، هل نقول له إنها تحب إنسانا آخر من باب الأمانة أم أن هذا حرام ولا نتكلم عنها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن يستر المسلم عيوب أخيه المسلم فلا يشيعها، وأن لا يتهمه بما يشين إلا عن بينة واضحة. قال تعالى
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا {الحجرات:12} هذا هو الأصل، ولكن إذا وجدت مصلحة راجحة تقتضي إبداء شيء من العيوب كما هو الحال في أمر الخطبة فلا حرج على أن يكون ذلك بقدر الحاجة ويكون من يذكرها على يقين من وجود هذه العيوب، وتراجع لمزيد الفائدة الفتاوى:68084، 44691، 20761، ونرجو أن تراجع في حكم الحب قبل الزواج الفتوى رقم: 4220.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
أخطأت في الوسيلة
تاريخ 11 جمادي الأولى 1427 / 08-06-2006
السؤال
أنا أريد فتوى في أمري حفظكم الله، وباختصار أنا شاب وعمري 25 عاما والمستوى العلمي والمادي جيد والحمد لله الموضوع أنني سافرت إلى الإمارات وهناك شاء الله أن أتعرف على بنت محترمة وبنت ناس ومتعلمة ومن نفس بلدي ولكنهم يعيشون هناك وأحببتها وأحبتني لغرض الزواج بالحلال وعلى سنة الله ورسوله وبعد فترة دعوتها في مكان عام بغرض التحدث في أمور الزواج وكيف سأطلبها من أهلها، ونظرا لأننا في مكان عام لاحظنا أحد إخوتها مما تسبب لنا بمشكلة مع أهلها وأعاق زواجنا وتقدمي لطلب يدها وبعد فترة استدعتني أمور خاصة اضطررت للرجوع إلى بلدي وبعد فترة قمت بالاتصال بوالدها بغرض فتح الموضوع وطلبت يدها منه وقال لي بأن ما بني على حرام فهو حرام على أساس أن علاقتي بابنته هي حرام من الأساس فقلت له أنا متقدم لها بالحلال ولا أريد غير الحلال وبعد الكثير من المحاولات وإرسال واسطات خير لطلب يد بنته لي إلا أنه رفض حتى أنني وفي كل مرة أتحدث معه يتحجج لي بأن ما بني على حرام فهو حرام وبعده الكثير من المحاولات الفاشلة معهم إلا أنني عدت أكرر له طلبي ولكنه مازال يرفض لنفس الحجة حتى أنني أصبحت أشك بأنني مقترف جريمة أشد من القتل فأنا أدعوكم للإجابة وإعطائي رأيكم في أمري هل أنه لا يحق لي أن أتزوجها،(8/131)
مع العلم بأنها تعاني من كثرة اتهامها لنفس السبب وهي مازالت تريدني زوجا لها وترفض غيري فحقيقة ماذا أفعل لإرضائهم وإقناعهم، وبالأساس هل طريقي صحيح أم لا أنا محتار في أمري وأريد من يساعدني ويدخل كوسيط بيننا أرجوكم ساعدوني؟ شكراً لكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولاً أنه إذا وقع في قلب رجل حب امرأة فالواجب عليه أن يعف نفسه عن الوقوع معها فيما لا يرضي الله تعالى، فمن فعل ذلك فقد أحسن، وإن أمكنه الزواج منها فهو أفضل، فقد روى ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح.
ويشرع لمن أراد الزواج من امرأة أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها، كما أرشد إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 6941.
والواجب أن تراعى في ذلك ضوابط الشرع من عدم خلوة بها أو حصول ما يوجب ريبة أو شبهة ونحو ذلك. وبهذا يتبين لك أنك قد أخطأت من هذه الجهة، وينبغي على كل حال أن تسعى في إقناع أهل هذه الفتاة, وأن تستعين ببعض أهل العلم والفضل ليبينوا لهم أن ما فعلت مشروع في أصله -نعني رؤية المرأة لأجل خطبتها- وأنك قد فعلت ما فعلت عن حسن نية وقصد، فإن اقتنعوا فالحمد لله وإلا فالنساء غيرها كثير، وعسى الله تعالى يبدلك من هي خير منها، قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الزواج عن طريق الأنترنت.. مخاطره عديدة
تاريخ 11 جمادي الأولى 1427 / 08-06-2006
السؤال
هل يجوز لي الزواج من امرأة أجنبية من أجل السفر إلى الخارج ؟ وهل يجوز تأخير إعلان إتمام الزواج إلى أن أذهب إلى هناك؟ علما بأن هذه المرأه تعرفت عليها من خلال الأنترنت وقد اعتنقت الإسلام وهي تريد أن تأتي إلى بلدي لنسافر إلى بلدها(أمريكا), و بلدها لا تسمح لي بالسفر إلا من خلال عمل أو يكون لي زوجة أو قريب من الدرجة الأولى, و ظروفها لا تسمح بالاستقرار في بلدي , وأنا حتى الآن متردد في مسالة الارتباط بها بالرغم من حبها و إقبالها على دين الإسلام وهي تقول لي أنها تريد أن تتزوج من مسلم و أنا أخاف إن رفضت أكون سببا في ضلالها .أفيدوني أفادكم الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/132)
فيشترط لصحة الزواج شروط من أهمها وجود الولي والشهود، فإذا توفرت هذه الشروط كان الزواج صحيحا، سواء قصد به السفر إلى الخارج أو غير ذلك، وراجع الفتوى رقم:1766 ، وأما إعلان النكاح فليس بشرط لصحته بل هو مستحب وهذا من حيث العموم، والذي يظهر لنا من واقع ما ذكرت أن هذا الزواج لا يخلو من مخاطر فالأولى عدم الإقدام عليه، ومن هذه المخاطر:
أولا : أن الغالب في الزواج الذي يتم بسبب التعارف عن طريق الأنترنت أن يكون مصيره الفشل بسبب ما قد يحدث فيه من خداع أحد الطرفين للآخر وعدم معرفة كل منهما بحقيقة شخصية الآخر الخَلْقية أو الخُلُقيه ،
ثانيا : أنه يصعب الجزم بأن هذه المرأة قد أسلمت حقيقة أو أنها صادقة في إسلامها .
ثالثا : أن الإقامة في بلاد الكفر لا تجوز إلا لضرورة أو حاجة معتبرة شرعا لورود النهي عن ذلك شرعا، ولما في ذلك من أسباب الفتنة وخاصة في هذا الزمان. وتراجع الفتوى رقم:2007 ، ومجرد البحث عن عمل ليس بمسوغ شرعا للإقامة هنالك، خاصة وأن في بلا د المسلمين من الخيرات وفرص العمل ما يغني عن السفر إلى تلك البلاد.
رابعا: أن سفرها إلى بلدك قد يكون من غير وجود محرم وهذا منهي عنه شرعا، وراجع الفتوى رقم:6219 فلهذه الاعتبارات وغيرها نرى أن تعرض عن أمر هذا الزواج، واطلب السلامة لنفسك أولا ، وأما زواجها هي فليس مرهونا بزواجها منك، ومن الممكن أن توجه إلى بعض المراكز الإسلامية أو أن يسلط عليها بعض الإخوة القائمين على هذه المراكز ليعينوها في أمر زواجها وتعريفها بالإسلام وغير ذلك .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ــــــــــــــ
اشتراط الخاطب أن تكون المخطوبة ذات حلي
تاريخ 10 جمادي الأولى 1427 / 07-06-2006
السؤال
هل يجوز الخطيب أن يطلب من ولي المرأة أن تكون ذات حلي بوزن كذا من الذهب أو يأخذ المال منه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح كما ينبغي، ولكن إن كان المقصود هو حكم طلب الخطيب أن تكون المرأة ذات حلي بمواصفات كذا وكذا، فنقول إنه لا حرج على الخطيب في ذلك، فكون المرأة ذات حلي أو مال غرض مقصود ويرغب فيه الناس، فمن طلبه أو اشترطه لم يأثم بذلك ويوفى له بشرطه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ثم لو شرط أحد الزوجين على الآخر صفة مقصودة كالمال والجمال والبكارة ونحو ذلك صح ذلك وملك بالشرط الفسخ عند فوته في(8/133)
أصح روايتي أحمد وأصح وجهي الشافعي وظاهر مذهب مالك والرواية الأخرى لا يملك الفسخ.... لكن لا يحق له أن يأخذ مالاً لنفسه من الزوجة أو وليها مقابل ذلك، لأن أموال الناس محترمة ولا يجوز أكلها إلا بحق فأخذها بهذه الطريقة هو من باب أكل أموال الناس بالباطل.
أما إذا كان المراد أن الرجل يشترط أن تتحلى المرأة بحلي بالمواصفات المعينة من صداقها الذي سيدفعه أو يرجع الزوج على الولي الذي أخذ المال بما أخذ ليشتري للزوجة به الحلي المذكور، فالظاهر -والله أعلم- أن هذا لا حرج فيه وأن له أن يشترطه وذلك أن للزوج الحق في حلي المرأة من ناحية التزين له به ودفع ما قد يلحقه من عار عندما تكون زوجته عاطلاً (أي غير ذات حلي) ونحو ذلك، بل إن من أهل العلم من يلزم الزوجة بالتجهيز لزوجها بما أخذته من صداقها فقد نقل الحصكفي عن الزاهدي في الغنية وهو من كتب الأحناف: أنه لو زقت الزوجة إلى الزوج بلا جهاز يليق به فله مطالبة الأب بالنقد....
وهذا الحكم وإن كان ليس هو الصحيح في المذهب لكنه يستأنس به لما ذكرنا.
أما المالكية فإنهم يلزمون المرأة بالتجهيز بما قبضته من صداقها الحال، بل قالوا مبالغين على ذلك، حتى لو كان العرف شراء دار لزمها ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم مراسلة الرجل لغرض الخطبة
تاريخ 08 جمادي الأولى 1427 / 05-06-2006
السؤال
عندي سؤال هام جدا ويتعلق بحياتي أرجو من فضيلتكم الإجابة عليه بشكل محدد دون إحالتي إلى فتاوى سابقة وجزاكم الله خيرا،،،،،
بعد سنوات من الانقطاع عثرت على البريد الالكتروني الخاص بالشخص الذي أحببته حبا شديدا ومرضت جدا بسبب حبه ، هل يجوز لي أن أخاطبه عبر البريد الالكتروني على أساس أني طرف ثالث لا يعرفني وأني سوف اطلب منه أن يرجع للإنسانة التي أحبته ولن أسترسل معه في الكلام مجرد جس نبض فقط، فان كان لديه الرغبة في الزواج من تلك الإنسانة وهي أنا فخير وإلا سوف أقطع المراسلات نهائيا. لأنني لا أريد أن أخبر أحدا بقصة حبي هذه حتى لو كان من المقربين حتى يكون واسطة بيني وبينه حياء مني لذلك ليس لدي وسيلة غير هذه. وسوف يكون الكلام معه في حدود الشرع إن شاء الله.
أرجو من فضيلتكم إفادتي بإجابة محددة على هذا السؤال وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج إن شاء الله في ذلك إذا كان الكلام في حدود الحاجة مع مراعاة الضوابط المبينة في الفتوى رقم:3054،(8/134)
وحذار حذار من الاسترسال في ذلك فوق ما تقتضيه الحاجة، فإن رأيت منه رفضا وصدودا فأعرضي عنه واصرفي قلبك عن التفكير فيه فعسى الله أن يبدلك خيرا منه.
وتراجع الفتوى رقم: 69124 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل تأثم برفضها من يريد الإسلام بشرط الزواج بها
تاريخ 09 جمادي الأولى 1427 / 06-06-2006
السؤال
هل أتحمل إثما لرفضي لشاب نصراني له رغبة بالدخول في الإسلام بشرط الزواج بي؟
أنا فتاه مسلمة ومتدينه الحمدلله تعرف لي شاب لبناني وهونصراني بالصدفة من خلال الإنترنت رغب الزواج بي معللا بسبب ماوجده بي وما أتحلى به من أخلاق رغم أنه لا يعرف شكلي أبدا فقط حوارات الكترونية لا أكثر وأبدى رغبته بأن يصبح مسلما بشرط أن يضمن زواجي به لكنني قمت بالشرح له أن هذا الأمر ليس بالسهل كماهو متخيل إذ إني لا أضمن موافقة أهلي وبصراحه لا تأتيني الشجاعه بمصارحتهم كونه بالأصل نصرانيا ومن بلد غير بلدي ومنذ ذلك الوقت أشعر بالذنب أمام الله بأني حرمت إنسانا من الهداية على يدي ولا أدري الله عز وجل سيسامحني أم لا فحالتي النفسية متعبة بسبب ذلك الموضوع والله أدعو لهذا الشاب يوميا في صلاتي للهداية كونه أرى له نية كبيرة بالهداية ولكن اشترط الزواج.
أرجو الرد بأسرع وقت إن أمكن.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس على الأخت إثم من رفض هذه الشاب ، فإنها لو رفضت المسلم الكفء لما كان عليها إثم ، أما خشيتها من أن يكون رفضها سببا لعدم إسلامه ، فلو فرض هذا – وهو بعيد – فلا تأثم أيضا ، لأنه لا يجب عليها القبول به ، ولو كان في ذلك دخوله في الإسلام, بل الواجب عليها هو قطع علاقتها به حتى لا يتطور الأمر إلى ما لا تحمد عقباه وما أكثره, فإذا وفقه الله تعالى وأسلم وخطبها فلا حرج في قبوله, لكن ما دام هو كافرا بالله تعالى وعلى غير ملة الإسلام فلا يصح أن يكون خطيبا ولا زوجا بالأحرى, ولا شك أن الاستمرار في العلاقة معه ومحادثته ذريعة واضحة إلى الحرام, ولكن بإمكان الأخت السائلة أن تعطي عنوانه لمن لا يخاف مفسدة من دعوته ومحاورته من الرجال أو إحدى الجهات المعنية بالإرشاد والدعوة إلى الله تعالى, وهذا يبرئ ذمتها مما يختلج في صدرها من التقصير في دعوة هذا الرجل أو مساعدته إلى الدخول في الإسلام . مع التنبيه على أنه لو كان في نيته الدخول في الإسلام لما علق ذلك على قبول هذه الأخت له زوجا .
والله أعلم.(8/135)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
فسخ الخطبة لغير عذر شرعي
تاريخ 01 جمادي الأولى 1427 / 29-05-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد، فإني تقدمت لخطبة فتاة منذ فترة طبقا لرغبة والدي ولكني مع مرور الوقت أحسست بنوع من الندم لأن ابنة خالتي ربما كانت أولى فهي متدينة وعلى خلق كبير وأنا أقول في نفسي إن زواجي بابنة خالتي سيسهل لي صلة الرحم وسيمكنني من الظفر بذات الدين. ولكن الفتاة التي خطبتها كنت وعدتها بالزواج ونصحتها بالتحجب ففعلت وقلت لها إن زواجنا سيكون على سنة نبينا إن شاء الله ووافقت، وقد أبدت التزاما دينيا وهي تسمع نصيحتي في ذلك وإنه يحز في نفسي أن أتركها الآن لأتزوج بابنة خالتي كما أن أبي لن يقبل بذلك فهو يريد هذه الفتاة وسيغضب إن أنا تركتها خاصة بعد أن تعارفت العائلتان. لقد استخرت الله ولكن بعد الخطبة وإني أدعوه أن يدلني على طريق الخير، وإلى الآن لم تتضح لي الرؤية.
أعينوني على اتخاذ موقف واضح، وبارك الله فيكم.
عذرا على الإطالة .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبما أن قسم الفتوى مختص ببيان الأحكام الشرعية العملية ، وليس مختصا
بالاستشارات - حيث إن هناك قسما للاستشارات في الشبكة - فإنا نبين ما قد يكون حكما شرعيا يريد السائل معرفته ، ثم نشير عليه بما نراه مناسبا فنقول: أما عن حكم فسخ الخطبة ، فيجوز، إذ أن الخطبة ليست عقدا لازما للطرفين ، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 18857 ، إلا أنه لا ينبغي لغير عذر شرعي ، لما فيه من خلف للوعد ، وإيذاء للغير ، بغير حاجة .
وأما عن طاعة الوالد في الزواج بامرأة معينة فلا تجب ، وسبق بيانه في الفتوى رقم:20319
هذا عن الحكم الشرعي ، أما الاستشارة ، فنرى أن تطيع أباك ، لسببين : أحدهما ما في طاعته من الأجر ، وما في بره من الخير ، ولكونه أكثر خبرة منك في الحياة ، وأبعد نظرة منك إلى الأمور، ولعل اختياره لهذه الفتاة صادر عن تجربة ومعرفة بالناس وأحوالهم ، ولعلك تعرف ذلك مستقبلا .
ودليل صحة اختياره - وهذا هو السبب الثاني- طاعة الفتاة لك ، وامتثالها ما أمرتها به ، ومسارعتها لما تحب، وهذه من أهم الصفات التي ينبغي للشاب الحرص عليها في من يريدها زوجة ، وهي التواضع ، وكونها هينة لينة ودودا، وفي الحديث : تزوجوا الولود الودود. رواه أحمد
وبقي أن تكثر من الاستخارة ودعائه سبحانه أن يقدر لك الخير حيث كان .(8/136)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
فسخ الخطبة للمحافظة على حق الأم
تاريخ 26 ربيع الثاني 1427 / 25-05-2006
السؤال
خطيبتي وأمها لا تتحملان أمي ودائما ما تتصيدان لها كلمات عادية وتأخذان المعنى السيء وليس الحسن الذي تقصده وتكرر ذلك أكثر من مرة كلما تقابلوا برغم قلة هذه المرات، وقد أفهمتهم أكثر من مرة أنني لا أقبل ذلك والحديث عن أمي بهذا الشكل، فكما أعامل أهلها بطريقة جيدة لا بد أن يتعاملوا مع أمي بطريقة جيدة إن لم تكن أفضل، وفى المرة الأخيرة هددت أنها سترد على أمي برغم أن أمي لم تقل ما يستحق أن تقوم الدنيا عليه، ولكنهم استخرجوه وفهموه كما يتصورون، فلم أعد أحتمل وقررت الانفصال برغم حبي لها وبرغم أننا قد قمنا بإعداد عش الزوجية وتحديد ميعاد الفرح وكتب الكتاب وذلك لأنني لا أستطيع أن أتحمل أو أحمل أمي أكثر من ذلك، وأيضا ليأسي من إمكانية تغير المفاهيم الخاصة بهم وخوفى من تكرار ذلك مرات ومرات بعد الزواج وتحويل حياتي إلى جحيم، فهل أنا ظالم أم أنني هكذا أكون أرضيت ربي وأمي وضميري؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأم حقها عظيم، وهو في المرتبة الثانية بعد حق الله عز وجل، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23}، وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف:15}، وفي الحديث: أمك ثم أمك ثم أمك، ثم أباك. فهي مقدمة على الزوجة والأبناء وحتى الأب، إذا تعارض حقها مع حقهم.
والخطبة ليست بعقد ملزم للطرفين، فلكل منهما أن يفسخها متى شاء. وعليه ففسخك للخطبة جائز، بل قد يكون هو الأفضل إذا خشيت من إضاعة حق الأم بسبب هذه المرأة، ونرى أنه أصلح لك وأهدأ لنفسك، وأريح لضميرك، فإنك لو تزوجتها لربما حملتك على إضاعة حق أمك، أو اللجوء إلى طلاقها، فخير من الآن، ونرجو أن يخلف الله عليك خيراً مما تركت من أجل الحفاظ على رضى والدتك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نصح المخطوبة بترك الخاطب المتعالي
تاريخ 26 ربيع الثاني 1427 / 25-05-2006
السؤال(8/137)
سؤالي هو : هناك فتاة معنا في العمل وهي مخطوبة ودائما تخبرني عن المشاكل التي تواجهها مع خطيبها و أحد هذه المشاكل على سبيل المثال لا الحصر أنه من عائلة غنية إلى حد ما وذات سلطة وجاه وهو دائما يتباهى بهذا ودائما يتكلم عن هذا أمامها وهو مغرور بهذا ؛ ومشكلة أخرى أنه دائما يقول لها أنا لا أريدك وكل واحد يمشي على حاله وبعدها يعود ويعتذر إليها . وغيرها من المشاكل وهذه المشاكل في الخطوبة فكيف إذا تزوجا . وهى قالت لي إني مللت و قالت لي إنه إذا لم أتزوج هذا فإن الله كريم سوف يرزقني بزوج خير منه0أنا أريد أن أنصحها بتركه ولكن أريد أن أستشيركم بهذا أولا فبالله عليكم أخبروني بماذا أفعل ؟علما بأنها قالت لي بأن أباها هي قد غضب عندما سمع منها هذا الكلام وغيره أرجوكم أريد جوابا سريعا وفي أقرب وقت.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن معيار القبول والرفض هو الدين والخلق ، فإذا كان هذا الرجل ضعيفاً في دينه، أو سيئاً في خلقه، وإن من سوء الخلق الكبر والتعالي على الناس بزخرف الدنيا، فإذا كان هذا الرجل كذلك، فلا حرج من نصح هذه المرأة بتركه والإعراض عنه, بل إن ذلك مما قد يؤجر عليه إن شاء الله .
واعلم أخي الكريم أن هذه الفتاة أجنبية عنك وعن خطيبها فلا يجوز لكما أن تنظرا إليها ولا أن تخلوا بها، ولا أن تتحدثا إليها إلا بقدر ما يحتاجه العمل مع مراعاة حدود الله عزوجل من الأدب والحشمة وعدم اللين والخضوع في الكلام، وانظر الفتوى رقم : 73220 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نية خطبة فتاة ما لا يبيح التساهل في الخلوة والخروج معها
تاريخ 25 ربيع الثاني 1427 / 24-05-2006
السؤال
تعرفت على فتاة وكانت بداية العلاقة على أساس سوي وذلك قصد التعرف للزواج غير أني بدأت أشعر بعدم الارتياح تجاهها وأحسست بعدم الثقة تجاهها خاصة على مستوى الأخلاق ودعتني مرة إلى زيارتها في مكان دراستها الذي يبعد 450 كلم عن مقر سكناها وهناك اكتشفت أنها لم تعد تلك الفتاة المحتشمة المحجبة بل كنا نتجول طوال اليوم إلى حدود الساعات المتأخرة من اليوم (12 ليلا) وفي إحدى الليالي حصل بيننا عناق وتقبيل وصل إلى حد ملامسة الأعضاء وإذ بالفتاة حجابها منزوع وهي تتلوى بين يدي شبقا صعقت من هول المفاجأة رغم أني كنت منتظرها وفي اليوم التالي تكرر الأمر بعدها عدت حيث أقيم وقطعت علاقتي معها فقالت لي إنها تحبني وتصرفت معي بعفوية وأني غدرت بها وقالت "حسبي الله ونعم الوكيل" أحسست بالخوف من الله فالرجاء منكم أفيدوني إن كنت أنا المذنب وهل علي(8/138)
الرجوع إليها رغم أن الثقة صارت تقريبا معدومة خاصة وأن تصرفاتها خارج المدينة التي تقيم فيها ليست كما هي في الخارج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وضع الإسلام سياجاً متيناً وقيوداً ثقيلة في تعامل الرجل مع المرأة الأجنبية؛ ليصون الدين ويحفظ العرض، فحرم الخلوة بها ولمسها والنظر إليها ونحو ذلك من أسباب الفتنة والشر.
وإنما أُتِيت من قبل التساهل والتفريط في تعاملك مع هذه الفتاة، فإن نية الزواج لا تبيح لك مثل هذه التصرفات معها، بل تظل أجنبية عليك حتى يعقد لك عليها، فالواجب عليك المبادرة إلى التوبة من هذا الإثم، وفي المقابل فقد جنت هذه المرأة على نفسها وأثمت بعصيانها ربها، وتفريطها في التعامل معك كرجل أجنبي عنها.
وأما زواجك منها فإن كنت ترغب في ذلك وظهرت منها التوبة النصوح وصلاح الحال والاستقامة، فلا مانع من ذلك. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 42941.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم رفض الفتاة الزواج من رجل من أجل العمل
تاريخ 25 ربيع الثاني 1427 / 24-05-2006
السؤال
ما حكم الشرع في أن ترفض الفتاة الزواج من رجل ذي دين من أجل العمل؟ و هل يقع عليها الإثم بهذا الرفض؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الحديث:
إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه, إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي.
فينبغي للفتاة إذا تقدم لها من ترضى دينه وخلقه أن لا ترده ، لأن في رده وعدم قبوله فساد في الأرض ، كما في الحديث ، وهذا ما زينه الشيطان وأولياؤه في هذا الزمان لكثير من البنات وأهلهن من رد الخاطبين المرضيين دينا وخلقا بحجج واهية؛ مثل: إكمال الدراسة ، والعمل ونحو ذلك ، في حين أن الزواج لا يتعارض مع هذا ، مع ما فيه من غض للبصر وإحصان للفرج ، والسكن والراحة النفسية ، وسلامة المجتمع من شرور كثيرة .
وإذا كان مقصود السائل : رفض الفتاة الرجل من أجل عمله ، بأن يكون عمله دون المستوى المطلوب ، فالمهنة لا اعتبار لها في الكفاءة في النكاح على الراجح ، وإنما الكفاءة في الدين والخلق؛ كما تقدم في الحديث وهو ما بيناه في الفتوى رقم :52009 ، 19166، فصاحب الدين والخلق لا يرد لأجل مهنته ووظيفته ، هذا ما(8/139)
ينبغي للفتاة ، لكن لا تأثم إذا هي ردته خاطبا ولو كان مرضيا دينا وخلقا لأن الأمر بتزويجه الوارد في الحديث محمول على الندب .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عدم تطويل فترة الخطوبة
تاريخ 25 ربيع الثاني 1427 / 24-05-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ بارك الله فى علمكم وعملكم:
أنا أعرف أنه ليس لي خلال فترة الخطوبة إلا الرؤية الشرعية للمخطوبة ثم بعد ذلك فإنها تحتجب مني ، ولذلك أنا أود أن لا تزيد فترة الخطوبة عن شهر ثم أعقد على خطيبتي فهل هذا تسرع قد أندم عليه فيما بعد أم هو أمر طبيعى بحيث إنه لا داعي لطول فترة الخطوبة مادام أنه ليس لي أي حق في رؤية خطيبتي أو التحدث معها خلال الخطبة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمتى كانت الفتاة بالغة مبلغ النساء، فلا داعي لتطويل فترة خطبتها، والأفضل هو العقد عليها والدخول بها ، فإن لم يتيسر الدخول ، فيعقد عليها، ويؤخر الدخول، ونحن في كثير من الفتاوى ننصح الخاطبين بهذا، تفاديا للوقوع في الحرام ، وحتى يتمكنوا من الكلام واللقاء ونحو ذلك ،
وتراجع الفتاوى التالية :71932 / 58698 / 71901 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل تصبر المخطوبة على خطيبها لحين قضاء ديونه
تاريخ 24 ربيع الثاني 1427 / 23-05-2006
السؤال
أشكركم على اتساع صدوركم فتاة مسلمة وأعمل لأساعد خطيبي لنتمم الزواج لكنه دائما يخبرني أن عليه ديونا تمنعه من الارتباط الآن وأنا صابرة والمشكل أنه يحدث الكثير من الفتيات ويعتبرني
مريضة لأني ألومه على ذلك هل أصبر أم ماذا أفعل? أشكركم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاحرصي أيتها الأخت الكريمة على اختيار من ترضين دينه وخلقه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه. رواه الترمذي وغيره، فإذا كان هذا الشاب ممن يُرْضى دينه وخلقه، فلا بأس من الصبر(8/140)
عليه ونصحه فيما يقع فيه من أخطاء كالحديث مع النساء لغير حاجة، وينبغي أن يكون نصحك له إما بإرسال فتاوى أو كتاب نافع يبين المسألة وحكمها الشرعي، وتجنبي الحديث معه إلى أقصى ما يمكن، وصوني نفسك عنه واحذري الخلوة، فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ثم قد يتركك ويذهب عنك إلى غيرك.
واعلمي أن هذا الرجل قبل العقد أجنبي عنك لا يجوز لك الحديث معه، ولا يجوز له الحديث معك ولا مع غيرك من النساء إلا بقدر الحاجة. وانظري الفتوى رقم 73220.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
انصراف الخاطب قد يكون وراءه خير كبير
تاريخ 17 ربيع الثاني 1427 / 16-05-2006
السؤال
مشكلتي هي أني قد تعلقت بخطيبي السابق وأفكر فيه كل يوم بعد أن افترقنا والأسباب كانت تافهة جداً وهذا ما يؤلمني، حاولت أن أصلح الأمور من طرفي، ولكنه عنيد وليس صاحب قرار وأشعر أنه لئيم وحقود، ألا أن ألمي أنه من المواصفات التي أريدها، فهو ابن عائلة متعلم يصلي ولكنه ليس متدينا يعني لا يتقي الله في معاملتي كخطيبة كل شيء في حياته أمه هي التي تقرر كل شيء، حاولت أن أزحف إلى حياته بهدوء طلبت منه منذ بداية خطبتنا أن نكون صديقين متحابين كان يأخذ المسألة بمسخرة واستهزاء حاولت كثيراً أن أشعره أنه مهم جداً في حياتي وأنه شريك حياتي المشكلة أنه يريد امرأة لتلبي له فقط رغباته، فقد كان كل تفكيره وكلامه معي وما يسيطر على تفكيره ليس بناء البيت وتأسيس حياة وإنما الرغبة والجنس، أعلم أنه من حقه وكنت أبادله المحبة في ذلك، ولكني كنت أقول له إنه ليس كل شيء بين الزوجين وإنما التفاهم والاتفاق في كل شيء، المشكلة أننا كنا نتفق على كل شيء ثم يحضر بعدها بأربعة أيام وينقض ما قاله، شخصية متضعضعة غير واثق من نفسه يحب النوم لا ينجز شيئا متقلب المزاج ولا يستطيع أن يأخذ قرارا بل ممنوع منه أن يأخذ القرار، شعرت صراحة قبل الخطوبة بهذه الصفات، ولكني قلت إنه هادىء بطبعه ومتعلم، ولكنه لم يحدث أن تفاهمنا على شيء، هو يحب يقول كن فيكون قال لي إنه يرى المراة وعاء جنسيا لا يأخذ برأيي جرحني كلامه، وكان منذ أن خطبنا لم يشعرني أنه منسجم معي وأني شريكة حياته، فعندما أسأله عن البيت أو أين نعمل العرس كان يجاوبني أنه ليس من شأني فهو ذو طباع صعبة فهو صعب التعامل يأخذ كل كلمة بمعنى سلبي عسر وكنت أشعر أنه لا يتوكل على الله في أموره حيث إنه كان يحسب كل شيء يعقد كل خطوة نريد أن نخطوها، ترك في نفسي سلبية اتجاهه، فبالرغم أننا كنا متوافقين من حيث التعليم والعائلة والتدين وحتى العاطفة اتجاه بعضنا إلا أنه بعد أن ينهي ملاطفته ينقلب ويتغير(8/141)
ويغيب أربعة أو خمسة أيام عندما يسافر لا يسأل عني ويكتفي ويقول والدتي اتصلت بكِ، وكان دائما في كل خلاف بيني وبينه يقول لي لم لا تتكلمين مع والدتي وتزوريها، الصحيح أني لم أكن أحب زيارتها لأنها متسلطة ومتحكمة وتأخذ كل كلمة بنية سيئة، ولم أكن أريد أن تزداد المشاكل بيني وبينه، إلا أنه دائما يخلق المشاكل على أبسط كلمة حتى وصلنا أننا نريد أن نستأجر شقة أخذته لأريه شقة ممتازة وبسعر مناسب له فحاول ودائما أن يخلق بها عيوبا كثيرة، علما بأنها حديثة البناء فقط لأنني اخترتها إلى أن اختارت والدته شقة وبنفس سعر الشقة التي اخترتها فوافق على الفور، أما أنا فكان موقفي أني كنت موافقة مبدئيا عليها إلا أنه أغاظني أنه أشعرني أن رأيي ليس مهما وأن ما تقوله أمه هو الكل في الكل، حزنت كثيراً ولم أعطه موافقتي المباشرة عليه ونحن في طريق العودة بدأ بالصراخ علي وقطعني ولم يتحدث معي اتصلت به بعد عدة أيام ألا أنه تحدث معي بصلافة وشدة فقد كان يستهوي ان يجرحني ولم نتحدث لمدة أسبوعين حتى وفاة عمي فقد حضر أهله لتعزية أهلي، ولكنه لم يتصل ليعزيني حاولت بعد المهاتفة أن أتصل بأحد كواسطة إلا أن الأمور ازدادت سوءا فأرسلت له مسج لغاية ترطيب الوضع إلا أنه لم يرد ودام الفراق شهرا، أخيراً اتصل أخي به وقام بتجريحي بالكلام وبصفات هي ليست بي، علما بأنه كان في فترة الخطبة يشعرني أنه لا يصدقني ولا يأخذ برأيي انفصلنا بعد كلامه الجارح لي وأنا وبصدق قلت له بعض الصفات التي كانت السبب في جعلي اغتاظ منه عند اختيار الشقة، أحب أن أقول أني لم أفتعل أي مشكلة معه خلال الفترة، وإنما كنت غاضبة منه لأنه يشعرني أني لست مهمة في حياته وهذه المرة الأولى التي نكدت بها عليه إلا أنه لم يغفرها لي رغم أنني غفرت له الكثير، المشكلة أني تعلقت به فكنا متفقين عاطفيا ألا أنه كان دائما يطلع بي صفات سيئة بهدف أن يتحكم بي ويسيطر هو ووالدته علي وأنا كنت
أرفض ذلك لأني أحب أن يقنعني بالشيء، وهو يرفض المهم أنه بعد الانفصال أشعر أني تعيسة جداً وحزينة ومهمومة وأن القطار قد فاتني وأني أضعت على نفسي فرصة جيدة أبكي كل يوم لا أعرف ماذا أفعل، أنا متوكلة على الله، وأعلم أنه بالدعاء والصبر الله يسير الأمور أشعر أنه ظلمني وجرحني أني أحسب الله عليه وعلى والدته، فهي كانت تعبي رأسه ضدي لا أعلم لماذا، كنت معها ودودة ولم أجرحها بشيء، لكنها كانت تريد أن تسيطر وفشلت فأرادات أن تهدم ما تبقى بيننا من ود لا أعلم كيف أعالج الانهيار النفسي الذي أشعر به ألوم نفسي أنني السبب يا ليتني وافقت على الشقة، ولكن لا أعلم كيف غضبت، علما بأنه كان بسكوت وهدوء إلا أنهم قاسون جداً حاولت أن أصلح الوضع ولكنهم كانوا قساة أشعر بالوحدة وأشعر أن أسلوبي كان خطأ فهو قال لأخي إن أسلوبي كان خطأ، ولكنه الموقف الوحيد ولم يغفروه لي أنا أعترف بخطئي، ولكنه لم يكن خطأ فادحا مقابل أخطائه الكبيرة معي، أشعر بأني بحاجة له فهو جيد بعيد عن والدته وسيطرتها كيف أعالج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/142)
فعلى الأخت أن تتوب إلى الله من جميع الذنوب، ومنها علاقتها مع ذلك الشاب، وذلك أن الخطوبة لا تحل لها الخلوة به ولا الانبساط معه في الكلام والذهاب والإياب ونحو ذلك.
ونوصيها بتقوى الله عز وجل فإنه من يتق الله يجعل له مخرجاً، وننصحها بالتوجه إلى الله عز وجل وتفويض الأمر إليه والالتجاء إليه سبحانه وتعالى في تيسير أمرها، ولتعلم أن صدود هذا الخاطب عنها ورفضه إياها قد يكون فيه الخير لها، قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، وأخلاقه التي ذكرت بعضها وسرعة انفعاله وكل ذلك لا يشجع على الارتباط به في حياة زوجية يراد منها أن تطول في جو من الحب والسعادة والوئام.
وينبغي للأخت أن لا تيأس من رحمة الله وفضله، فإن فضله عظيم، ويداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء، فلتسأله ولتدعه أن ييسر لها زوجهاً صالحاً وأن يخلف عليها خيرا من هذا الشاب، سائلين الله تعالى أن ييسر للأخت أمرها, وأن يرزقها زوجاً صالحاً تقر عينها به.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الخاطب الذي تتوفر فيه أمارات الصلاح والخلق لا ينبغي رده
تاريخ 05 ربيع الثاني 1427 / 04-05-2006
السؤال
أنا فتاة مسلمة منَّ الله علي بالحجاب، أدرس في المرحلة الثالثة (إعلامية)، تقدم لخطبتي رجل ذو خلق ودين (أنا لم أتحدث معه قط، لكن أعرف أنه كذلك عن طريق أخته التي خرجت من الدراسة، علما أنها منتقبة لأنهم في بلادنا يمنعون حتى ارتداء الحجاب فكيف بالنقاب)، واشترط أن أخرج من الدراسة وأنتقب، علما أن أهلي يرفضونه بحجة أنه يعقد الإسلام، وينعتونه بالغلو في الدين. وسؤالي هو
هل النقاب فرض ؟
هل هذا الشاب مثل الرجل الصالح؟
هل يجوز لي أن أعصي أوامر والدي وأخرج من الدراسة مع العلم أن في بلدنا يمنع الحجاب ولكني أحاول أن أتحيل لأدخل بلباسي الشرعي لكن في المدة الأخيرة خيرونا ما بين الحجاب والدراسة ؟
نرجو منكم أن تفيدونا و شكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لنا ولك الثبات والتوفيق, وبخصوص سؤالك فإن كان قصدك بالنقاب تغطية الوجه فإن أهل العلم قديما وحديثا اختلفوا في تغطية الوجه والكفين. وقد بينا ذلك بالتفصيل والأدلة ومذاهب أهل العلم في الفتوى رقم: 4470، نرجو أن تطلعي عليه.(8/143)
وأما وجوب تغطية بقية البدن من شعر الرأس وغيره فهذا يكاد يكون من المعلوم من الدين بالضرورة عند كل مسلم.
وبخصوص هذا الشاب الذي تقدم لك فإن كان ذا خلق ودين فلا ينبغي لك رده بتلك الحجج الواهية. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي وغيره.
ولهذا فلا ينبغي لكم رد هذا الشاب الذي تتوفر فيه أمارات الصلاح والدين والخلق, فحاولي إقناع أهلك بقبوله بالتي هي أحسن, وأنت أدرى بالوسائل التي تجعلهم يقتنعون به, وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من التفصيل في الفتوى رقم: 21054، مع وصيتنا لك بتقوى الله تعالى, والمحافظة على بر الوالدين وطاعتهما, واحترام الأهل عموما, ولكن ذلك لا يجوز أن يكون على حساب دينك فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، واعلمي أن الزواج لا يصح بدون موافقة الولي.
وإذا لم تسمح لك المدرسة بارتداء الحجاب فلا شك أن المحافظة على الحجاب أولى لأنه فرض من الله تعالى وغيره لا يصل إلى هذه الدرجة. ونرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 32096 ، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
فسخ المرأة الخطبة للفارق العلمي وطبيعة عمل خطيبها
تاريخ 21 ربيع الأول 1427 / 20-04-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا فتاه مخطوبة ومنذ أن خطبت وأنا غير مرتاحة في خطبتي مع أني عملت استخارة وكل شيء ماش تمام ولكن طوال الخطبة وأنا لا أعطي خطيبي حقه مع أني أرتب حالي وأتكلم معه الكلام الحسن ولكني من الداخل غير مرتاحة وغير مبسوطة ولا أحبه من قلبي وأنا اشعر أنني عندما أكون معه في أحسن ثيابي وشكلي وكلامي أنني أخدعه لأني من داخلي غير ذلك واني أخاف الله لو أني تركته بسبب عمله حيث إن عملة لا يتلاءم مع وضعي فأنا متعلمة وهو لا وهو يحبني كثيرا ويحترمني ويخاف علي فأنا أخاف الله لو تركته من غير سبب فقط للأسباب التي ذكرتها أن يعاقبني الله من أجل ما فعلت به.
ولكم الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الرجل خطبك ولم يعقد عليك فلا يجوز لك الخلوة به ولا أن تظهري أمامه بزينتك وأحسن ثيابك كما تقولين، لأنه أجنبي عنك . وأما الفارق التعليمي فليس مما يستدعي تركه وعدم القبول به زوجاً، ولكن إن وجدت نفورا عنه ولم(8/144)
تطمئن نفسك إلى هذا الزواج, فلا إثم ولا حرج عليك في فسخ الخطوبة، لأنه لا يجب القبول برجل بعينه ولو كان صالحا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم رفض الخاطب لتدني مستواه الدارسي أو مهنته
تاريخ 19 ربيع الأول 1427 / 18-04-2006
السؤال
أحب أن أسأل فنحن في هذه الأيام الأخلاق والمبادىء والقيم الحميدة ليس لها سر ولا ثمن والبنت التي تحمل هذه الصفات لا تلقى من الناس سوى المدح فقط ويمر بها العمر دون أن يأتي العريس المناسب .
سيدي الشيخ أنا مؤمنة بالله والحمد لله ولدي يقين بأن مراد الله هو الذي يحدث مهما كانت الأسباب أو تفكير الناس وأسأل هل الكفاءة عند الزوج غير مطلوبة وغير مهمة والمهم أنه رجل ( ذكر) حتى ولو كان مؤهله متواضع جدا ( مثل أن يكون يعمل سائقا ومعه معهد) ويتقدم لبنت حاصلة على الماجستير في الهندسة ، ويقال إنه المهم رجل وهي الحياة هكذا وكل الرجال يقال عليهم إنهم متدينون والبنت إذا لم توافق فهي متكبرة ولا ترى الصورة واضحة وهو هذا الموجود ، أتعجب في العمل من كلام المدح عن الأخلاق ولكن عندما تأتي إلى العمل بنت جميلة أجد الكل يسأل هل هي مخطوبة أم لا ؟ ويحزنون إذا عرفوا أنها متزوجة أو مخطوبة
سيدي الشيخ إيماني بقضاء الله والله الذي يقول في كتابه العزيز : ( وفي السماء رزقكم وما توعدون)
أليس هو سبحانه بقادر الذي خلق السموات والأرض والجبال والطير وكل شىء ، وقال سبحانه: ( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) سيدي الشيخ هل تفكيرنا بأن يتقدم رجل متزوج ويعول إلى بنت أن ذلك مرفوض وغير مقبول هل هذا تفكير خاطئ ؟
وجزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن سؤال الأخت عن الكفاءة؟ فإن الكفاءة المعتبرة هي كفاءة الدين ، فإذا تقدم من يرضى دينه وخلقه فإنه يقبل بغض النظر عن مهنته ومستواه الدارسي ونحو ذلك ، هذا ما نرجحه ونفتي به وهو مذهب المالكية وآخرين, وإن كان هناك من يرى أن الكفاءة تكون في أمور أخرى ومنها المهنة ، لكن الصحيح هو ما قدمنا.
وعليه.. فإذا تقدم للفتاة من ترضى دينه وخلقه فينبغي لها القبول به بغض النظر عن مستواه الدارسي أو مهنته ، ولا حرج عليها في رده وطلب من هو خير منه في هذه الأمور مع مراعاة الدين والخلق اللذين هما الأساس في الكفاءة ، كما لا حرج عليها في قبول من ليس كفؤا ما لم يكن فاسقا فسقا تتضرر به كالمدمن والمرابي(8/145)
ونحوهما، فقد نص المالكية على أنه ليس للولي ولا لها القبول بالفاسق ابتداء لأنه لفسقه ينبغي أن يهجر .
وبشأن سؤالها عن رفض المتزوج ذي العيال؟ فكون الرجل متزوجا وذا عيال ليس عيبا يرد به ، ولا مخلا بالكفاءة فأساس الكفاءة الدين والخلق كما ذكرنا ، فإذا كان متصفا بهما فهو أهل أن ينكح .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم استقبال الولي اأكثر من خاطب لابنته للمفاضلة بينهم
تاريخ 19 ربيع الأول 1427 / 18-04-2006
السؤال
ما حكم من استقبل أكثر من خاطب لابنته مع أنه لم يرد على أحد منهم، فهو أثناء التشاور يأتي آخر فهل يستقبله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على ولي المرأة أن يستقبل أكثر من خاطب، ولكن على الخاطب إذا علم أنه قد ركن ولي المرأة إلى خاطب قبله أن لا يخطب على خطبة أخيه، وقد بينا حرمة ذلك في الفتوى رقم:33887، أما إذا كان الولي لم يوافق لأحد فلا حرج في أن يتقدم الثاني والثالث.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم رد الخاطب لكونه لا يحفظ كثيرا من كتاب الله
تاريخ 17 ربيع الأول 1427 / 16-04-2006
السؤال
سؤالي هو : هل يجوز لولي المرأة رفض من جاء لخطبتها لأنه لا يحفظ الكثير من كتاب الله أو من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم رغم تدينه وحسن خلقه ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على المرأة ولا وليها القبول برجل معين ، فيجوز لهم أن يرفضوا من تقدم ولو كان من أكثر الناس علما وتقوى ، وعدم حفظ كتاب الله تعالى ليس سببا يوجب رد الخاطب ، ولكن ينبغي لولي المرأة أن لا يرد الخاطب إذا كان كفؤا لموليته ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه, إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض . ولأنه قد لا يتقدم لهذه المرأة أحد ، وقد يتقدم لها من لا يُرضى فتبلغ سن العنوسة ، والسبب في ذلك هو تعنت الولي أو تعنت المرأة نفسها ، ولذا فعلى المسلمين أن ييسروا أمر الزواج ، وانظر الفتوى رقم : 72569 .(8/146)
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الخطبة في الإسلام وحكم خروج المعقود عليها مع زوجها
تاريخ 18 ربيع الأول 1427 / 17-04-2006
السؤال
ما تعريف الخطبة في الإسلام؟؟؟
كما أن لي أخا يبلغ من العمر 28 سنة, هذا الأخ عاقد على امرأة من بلدة أخرى, فهل يجوز لها أن تخرج معه في السوق أو تأتي معه علي بلدتنا التي لا تبعد سوى بضع كيلو مترات بسيرفيس؟؟؟
ليس بسيارة خاصة لكي تتبدد مخاوف الأم لكن أمها ترفض ذلك بحجة أنها تخاف على ابنتها.
جزاكم الله خيرا و جعله في ميزان حسناتكم يوم لا ينفع مال ولا بنون.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخطبة في الشرع هل التماس الخاطب النكاح من جهة المخطوبة، فإن قبلت المرأة ووليها خطبة الخاطب حرم على أحد آخر أن يخطب على خطبته كما سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم:33887 ،
والفتوى رقم:54490، وأما عن خروج أخيك مع تلك المرأة فإن كان قد عقد عليها عقدا مكتمل الشروط والأركان بأن قال الولي زوجتك أو أنكحتك بنتي فلانة وقال أخوك قبلت نكاح فلانة ، وكان ذلك في حضور شاهدين، فإن المرأة زوجته وله أن يخرج معها ويسافر بها ويخلو بها، إلا أن هناك أعرافاً بين الناس ينبغي مراعاتها كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 56496.
وأما إذا كان الذي تم هو مجرد خطوبة فقط ، فإن المخطوبة أجنبية عن خطيبها لا يجوز لها الخروج معه ولا الخلوة به ولا تمكينه من النظر إليها ، إلا النظر الذي يكون للخطبة فقط.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ستر المرأة ما حدث مع خطيبها السابق من تجاوزات
تاريخ 18 ربيع الأول 1427 / 17-04-2006
السؤال
كنت مخطوبة لشخص
لمدة سنة وكنا قد عملنا الكتاب (الفاتحة) على أساس أن نتزوج هذه السنة, وكنا نلتقي بعض المرات ونقوم ببعض المغازلات إلى أن وصل بنا الأمر أن أقمنا علاقة جنسية لكن من دون تجاوز غشاء البكارة، أعتذر على هذا الكلام, ولكن لظروف ومشاكل شخصية بعدها لم يتم هذا الزواج فانفصلنا . وأنا الآن على وشك الزواج إن(8/147)
شاء الله من شخص آخر، ودائما أفكر في العلاقة التي أقمتها مع ذلك الخطيب الأول وأحس بالذنب أنني أخفي هذا الأمر على خطيبي الآن حتى أنني لا أجرؤ أن أخبره شيئا كهذا, ودائما أستغفر الله تعالى وقد عزمت على أن لا أقوم بشيء كهذا حتى عند الزواج.
لذا أطلب من حضرتكم أن تفيدوني فيما إذا ما قمت به مع ذلك الشخص الأول حرام أو لا؟ وكيف أكفر عن ذنبي مع العلم أني كنت دائما أنبهه إلى أن هذا الأمر يمكن أن يكون حراما، فكان يقول لي أنه بما أننا عاملون الكتاب(الفاتحة) فيحل لي كل شيء, فجزاكم الله خيرا أريد تفسيرا لهذا, وهل من الواجب أن أخبر خطيبي الآن أم لا؟ مع العلم أنني لا أجرؤ على فعله, أستغفر الله لي ولكم. وللملاحظة, أريد الجواب من فضلكم في أقرب وقت ممكن, وأن تردوا مباشرة بعد سؤالي خلال موقعكم وشكرا جزيلا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بكتب الكتاب عقد النكاح الشرعي المكتمل الشروط والأركان بأن حدث الإيجاب من الولي الشرعي لك فقال للرجل زوجتك أو أنكحتك ابنتي فلانة ونحو ذلك، وقال الرجل قبلت نكاح أو زواج بنتك فلانة، وتم هذا بحضور شاهدي عدل، فأنت بعد هذا العقد زوجته، فيجوز له منك ما يجوز للزوج من زوجته.
وإن كان الذي تم هو مجرد خطبة وتمت فيها تلاوة الفاتحة كما اعتاده كثير من الناس، فهذه الخطبة وعد بالزواج وليست زواجاً، ولا يحل للخاطب من مخطوبته إلا النظرة التي على أساسها يقرر الإقدام على الزواج أو ترك ذلك، وما زاد على ذلك من نظرٍ وخلوةٍ ومداعبةٍ فهو محرمٌ لا يجوز.
وما حدث بينك وبين الرجل إن كان في زمن الخطبة فيجب عليكم التوبة منه, والندم على فعله, والعزيمة الصادقة أن لا تعودي إلى مثل هذا مع أجنبي، وكفارة هذا الذنب هي التوبة الصادقة، والصدقة إن أمكنك.
ولا تخبري خطيبك الثاني بما تم ، بل الستر هو المطلوب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله تعالى، وليتب إلى الله تعالى، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله. رواه الحاكم من حديث ابن عمر، ورواه مالك في الموطأ مرسلا عن زيد بن أسلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مسائل في الخطبة والزفاف
تاريخ 17 ربيع الأول 1427 / 16-04-2006
السؤال
ما هي شروط الخطوبة والزواج في الإسلام من حيث فترة الخطوبة، جلوس الخطيب مع خطيبته، وشروط الفرح الإسلامي من حيث العقد ومكانه والكوشة(8/148)
والزفة، أرجو أن تكون الإجابة بالسند والحديث الصحيح؟ ولكم وافر الشكر والاحترام.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبق بيان أركان عقد النكاح وسننه وصيغته في الفتوى رقم: 73334 والفتاوى المحال عليها فيها، وقد بينا في الفتوى رقم: 1151 أن الخطبة لا تبيح أمراً محرماً كاللمس والتقبيل والخلوة، فلا يجوز جلوس الخطيب مع خطيبته إلا في حال حضور محرم، ومع الستر التام، فلا يجوز له النظر إلى وجهها إلا نظر الخطوبة فقط.
وأما ما ينبغي على المرء فعله ليلة زواجه فسبق بيانه في الفتوى رقم: 2521، وبينا في الفتوى رقم: 66843 حكم تكرر الجلوس مع الخطيبة بغرض التعرف عليها، وبينا في الفتوى رقم: 8283 صفة حفل العرس الإسلامي فراجعها، وأنه يستحب أن يكون العقد في المسجد.
وأما عن آداب ليلة الزفاف فسبق بيانها في الفتوى رقم: 10267، وأما عن المشروع في الخطبة فسبق في الفتوى رقم: 20557، وبينا فيها أنه ليس هناك مدة معينة بين الخطوبة وعقد النكاح، وأن الناس في ذلك على ما يناسبهم، وأما ما يتعلق بالكوشة فانظر الفتوى رقم: 9661.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
النظر إلى الخطيبة عبر الإنترنت
تاريخ 13 ربيع الأول 1427 / 12-04-2006
السؤال
هل تجوز الخطوبة عن طريق برامج المحادثة عبر الانترنت بحيث يرى كل من الطرفين الصورة ويسمع الصوت خصوصا وأن المسافة الفاصلة بين الطرفين كبيرة وتكاليف السفر باهظة , مع العلم بأن كلا من الطرفين مقتنع بالآخر من حيث المضمون حيث جرى بين الطرفين حوار ونقاش ديني بواسطة الكتابة فقط الذي بيّن تقاربا كبيرا في الأفكار , ثم إن كان هذا جائزا فهل هناك من حرج إن تمت عملية التعارف بالصورة والصوت فلم يرتح أحد الطرفين للآخر وتم رفض موضوع الخطبة ؟
ملاحظة: الطرفان على خلق ودين ويبحثان عن الزوج الصالح ، الرجاء الرد سريعا إن لم يكن فيه إحراج لكم لأن الموضوع مستعجل وطرحته في موقع آخر ولم يجيبوا عليه.؟
وجزاكم الله كل خير....
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التعارف عن طريق الإنترنت بين الشباب والشابات تكتنفه كثير من المخاطر والمفاسد التي لا يمكن تجاهلها، تبتدئ من جهالة الطرفين كلٌ منهما بالآخر،(8/149)
والكذب والتزوير والمخادعة، والتظاهر بالتدين والكلمات المنمَّقة للوصول إلى أغراض خبيثة، ولذا فإننا ننصح باجتناب هذا الأسلوب تماماً والبحث عن الأساليب التي يُضْمَن فيها الصدق ، بأن يبحث الرجل عن المرأة الصالحة في قريباته وجيرانه، أو عن طريق أمه أو أخته أو زوجة صديقه أو نحو ذلك، ولن يعدم في محيطه من يرضى بها ويقبل دينها وخلقها.
وكذا المرأة فيمكن لوليها أن يعرضها على شاب صالح متدين، وقد عرض عمر رضي الله عنه بنته حفصة رضي الله عنها على أبي بكر وعثمان، ثم تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، ويمكن للمرأة أن تعرض نفسها على الرجل الصالح كما فعل بعض الصحابيات. ولمعرفة تفصيل ما مضى ، ولمعرفة حكم النظر إلى الصورة والمحادثة الصوتية تراجع الفتاوى بالأرقام التالية : 32326 ، 45606 ، 24188 ، 20410 .
وخلاصة القول: أنه إن كان كل من الطرفين قد راعى حدود الله تعالى فلم تَحْدُث خلوة ولا كلام فاحش، واقتصر الأمر على التعارف الذي به يستطيع كلٌ منهما اتخاذ القرار بالإقدام على الخطبة أو الاحجام عنها، فنرجو أن يكون هذا في إطار المباح ، وليس في ترك نكاح من نظر إليها فلم تعجبه حرج شرعيٌ، لأن النظر ما شرع وأبيح إلا لهذا .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ما يفعله من لم يزوج لكون الولي يكره أباه
تاريخ 13 ربيع الأول 1427 / 12-04-2006
السؤال
باختصار أحب ابنة عمتي وهي تحبني وتقدمت لخطبتها أكثر من مرة، ولكن أباها رفضني مع أنه يحبني كثيراً وهو يكون ابن عم أبي أيضا ولم أجد تفسيراً لرفضي مع أنه يمدحني ويثني علي بالخير في كل مكان، وأنا أحبها حبا شديدا والله هي أيضا وحاولت أن أرسل له ناسا من كبار عائلتنا ولكن يرفضني بحجة أنه لا يحب أبي مع أن أبي يسكن في دولة مجاورة ومنذ 10أعوام لم يتقابلا والعائلة كلها تعرف أن البنت تحبني بعد أن رفضت أحد أقربائنا، وهو الآن يريد أن يزوجها لشخص تكرهه كره العمى غصبا عنها، وعندما رفضت ضربها كأنها رجل والله نامت في المستشفى يومين بسببه، وأصبح أخو الذي كان تقدم لها ورفضته من أجلي صار يشوه سمعتي في كل مكان مع أنه من أقربائي، والله العظيم كل الكلام الذي قاله كذب، ومع هذا الكلام أصبحت مشاكل كثيرة لي حتى أنه فكر أحد أعمامها أن يقتلني ألا أنهم خافوا من كلام الناس والمصيبة أني أسكن في نفس البيت معهم وصار الجميع يذكرني بالشر وبسبب هذا الكلام بدأ الجميع يكرهني ففكرت أن أسافر خارج البلاد بحجة الدراسة حتى ينسوا الكلام الذي قيل عني وقررنا أن آتي بعد أن أنتهي من دراستي وأطلبها مرة أخرى، وإذا رفض سوف نهرب سويا خارج البلاد، ولكن إذا هربنا فستصبح مشاكل داخل العائله ولن يعرفوا مكاننا، أنا الآن(8/150)
خارج البلاد والكلام علي يزداد وأبوها ينتظر أي غلطة منها لكي يضربها وكل يوم تسمع منه كلام الرجال يستحي أن يقوله... مع العلم عائلتنا متمسكون بعادات أجدادنا بأن البنت ليس لها رأي وغيرها من العادات التي لا يقبلها لا دين ولا عقل وحاولت أن أجعل عمتي تؤثر عليه وحاولت بكل الطرق، ولكن بدون جدوى فأنا والله أحبها حبا جنونيا والله لو أبوها طلب عينا من عيني مهرا لها لقبلت والله إني أصبت بمرض نفسي من كثرة ما أفكر فيها والله هي أيضا، فأنا مستعد لفعل أي شيء من أجلها، أرجوكم الحل فوالله إني كرهت الحياة من غيرها وبالذات عندما تتصل بي
وتبكي فأني أفقد صوابي، أرجوكم لا تهملوا رسالتي، أنا أنتظركم؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوج عمتك إنما يردك لما بينه وبين أبيك من شحناء فإنه مخطئ، ولا يجوز له أن يضرب بنته لتقبل بمن لا تحبه، وعليك أن تسعى في الإصلاح بين أبيك وزوج عمتك، فإن عجزت عن ذلك فبين له أنك لست طرفاً في المشكلة, وأنك تكن له المحبة والمودة، فإن صلح الحال فالحمد لله، وإلا فإن أصر على رأيه فإننا ننصحك بأن تصرف فكرك عن هذا الزواج، وابحث لك عن زوجة أخرى، وستجد من المسلمات الطاهرات من ترضى دينها وخلقها وجمالها، فلا تغلق على نفسك باب التفكير في غيرها.
وإن أردتم اللجوء إلى القضاء بأن ترفع البنت شكوى بأن وليها عاضل لها، فلكم ذلك فإنه لا يجوز للولي أن يعضل بنته إذا تقدم إليها كفء، ولكن سيؤدي رجوعكم إلى القضاء إلى زيادة توتر بين الأسرتين عموماً، وبين البنت وأبيها خصوصاً، ولذا فإننا لا نشجع على ذلك إلا عند الضرورة، ونلفت انتباهك إلى أن الولي له أن يجبر بنته البكر أن تتزوج بكفء يختاره هو في مذهب جمهور العلماء، وذهب الحنفية إلى أنه ليس له ذلك، بل لا بد من رضاها، وسبق تفصيل هذا في الفتوى رقم: 69045.
وننصح الأولياء بأن لا يجبروا بناتهم على نكاح من لا يرتضين، لأن الزواج يحتاج في بقائه واستمراره إلى التفاهم والمودة وهي لا تكون بالجبر وفرض الرأي، ولا يجوز لك الهرب بهذه المرأة دون عقد نكاح، ولا يجوز للمرأة موافقتك على هذا، وعليها إن عضلها وليها أن ترفع أمرها كما سبق ويتولى عقد نكاحها قاضي المسلمين في قول بعض أهل العلم، أو الولي الأبعد في رأي الفريق الثاني من العلماء، وسبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 60497.
وننبهك إلى أن بنت عمتك أجنبية عنك لا يجوز لك الحديث معها في مسائل الحب والغرام، والتمادي في ذلك يوقعكم في معاص أكبر وأخطر من المحادثات والمهاتفات، وانظر لذلك الفتوى رقم: 56052.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(8/151)
حكم نكاح من خطب على خطبة أخيه
تاريخ 12 ربيع الأول 1427 / 11-04-2006
السؤال
كنت أعرف شابة وتواعدنا على الزواج، وتقدم لها شاب فرفضت لكن أمها ألحت عليها وقالت لها إنها مجرد خطوبة، فلما علمت غضبت كثيرا واتصلت بها ووبختها، لكنها قالت لي بأنها لا تريد ذلك الشخص، فقلت لها عليك بفسخ تلك الخطوبة، لكنها قالت إنها لا تستطيع وتخاف من أبيها، وفي الأخير أخبرت إحدى عماتها بالأمر فاتصلت بي وأخبرتها أنني أحبها وأريدها زوجة وطلبتها التدخل وبعد جهد أقنعت أخاها بفسخ الخطوبة، وتقدمت أنا بعد ذلك وتزوجنا، ما حكم هذا الزواج علما أنني لم أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد الخطوبة، لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن خطبة المسلم على أخيه المسلم من جملة المحرمات التي يجب الحذر منها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم. فلا يحل له أن يبتاع على بيعه ولا يخطب على خطبته حتى يذر. رواه مسلم وغيره. وهذا الإثم يلحق من علم بتحريم الخطبة على خطبة أخيه.
قال الرملي في حاشيته على أسنى المطالب: قال الجلال البلقيني: لو خطب عالما بالتحريم وتزوج صح النكاح وهو آثم. انتهى.
والنكاح صحيح كما قال الرملي، وعليه الجمهور.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نصيحة لمن تقدم لها شاب لخطبتها دون موافقة أهله
تاريخ 12 ربيع الأول 1427 / 11-04-2006
السؤال
تقدم لى شاب طيب وأخلاقه طيبة وأنا وهو نتقي الله ولكن أهله لا يريدون أن يزوجوه إلا وهو عنده 30 سنه ولا يريدون أن يتقدموا لخطبتي علما أننا فعلنا أنا وهو كل شىء لإرضائهما، والله لم يروا شيئا مني سيئا، وأعاملهم بما يرضي الله، هم يروني أني ذات أخلاق وربي يعلم كيف أحث ابنهم على ارضائهم أكثر، وعندما سئمت منهم تركته وقلت له أرض والديك ولكنه لم يرض أن أتركه وقال لي اصبري، وعندما كلمتني أمه قالت هم لم يرفضوني ولكن أباه لا يرضى أن يزوجه الآن، علما أن العريس عنده إمكانيات الزواج (الشقه- الشبكه) ولكنهم يريدون أن تكون معه فلوس كثيره، كيف أعمل أتركه لأني رأيت من أهله السوء، وأن كل ما يهمهم المظاهر أمام الناس وأنفسهم، وآخر مايفكرون به هو أن الزواج حلال طالما أن لديه إمكانيات الأزواج، وقد قلت لهم إنى سوف أنتظره حتى يتم فرش الشقه، ولكنهم والله أعلم لا يوافقون علي بسب أني عايشة في مكان شعبي وأنهم لا يرضون(8/152)
أن تكون جدة أمهم ساكنة في هذا المكان الشعبي وأن يذهب إليه أولاده مع أنهم يعرفون أني مؤدبة وعلى أخلاق كما قالت لي والدته، ومع ذلك أحثه دائما على طاعتهما لأنه يغضب عندما يسمعهم يستهزؤون بي هو يحبني، والله إنه ما قدم لي إلا كل خير وأهلي يحبونه جدا ويتمنون أن يوافق أهله، وأنا وهو فعلنا كل شيء لإرضائهما، ولكن لا زالت تسيطر عليهم الأنانيه وحبهم لابنهم الذين لا يرضون أن يبعد عن أحضانهم وهو في سن 23 ويرضون أن يظل معهم حتى 30 كيف أفعل أردت أن أتركه ولكنه رفض وقال إن هذا ليس مبررا ، إننا نريد أن يتم الله علينا بكتب الكتاب وهذا يمكن أن يحدث لو وافقو مع أنهم من الطبقة العاديه ميسورو الحال وليسوا من الأغنياء، ولكنهم يسكنون في منطقة هادئة ونظيفة و يريدون عروسه هي التي تأتي بكل شيء وتكون ميسورة الحال حتى توفر على ابنهم الشقة وفرش الشقة وأهل العروسه يرفعون ابنهم إلى فوق، ولكني والحمد لله نحن أسرة بسيطة
لسنا كما يريدون، ما جعلني أرسل لكم هو أني محتاره أترك إنسانا يحبني ويتمسك بي ويقدم لي كل خير واحترام ويرعاني ويخاف عليَّ ويريدني للأفضل وهو يريد أن يتم الزواج دون أهله وأن يضعهم في الأمر الواقع لأنه من حقه أن يختار شريكة حياته هو وليس هم وقال لأهلي ولكنهم قالوا له اصبر وحاول معهم مرة أخرى ووسط، وبالفعل وسط أقارابه وأصحاب والده وأعوانه وقالوا له ليس من حقه اختيار من تشاركك حياتك ولكنهم فشلوا في إقناع والده ، بالله عليك ماذا أفعل أتركه مع أنه لم يقدم لي إلا كل خير، وما ذنبه فيما يقوله أهله وما يريدون من مظاهر أمام الناس، ويقولون نحن نريد أن تكون زوجتك جميلة جدا وأن تكون أصغر منك بكثير مع أني متوسطه الجمال والحمد لله وهو يكبرنى بعدة شهور ، أم أوافق عليه ونضع أهله أمام الأمر الواقع مع أن ضميرى لا يرضى بذلك لأني سوف أكون أما في يوم من الأيام مع العلم أني أحاول إرضاءهما بكل شيء، ولكن تقول أيه في المظاهر ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلتعلم الأخت السائلة أن العلاقة لا تجوز بين شاب وشابة قبل عقد الزواج ، وأن الزواج رزق قد كتب ، وأنها مهما فعلت لن تستطيع الزواج بمن ليس من نصيبها ، ولذلك ننصحها بأمرين واجبين : أولهما عملي ، والثاني قلبي .
أما العملي فهو أن تقطع هذه العلاقة فورا وتمنع الصلة بهذا الشاب وتقول له : لا يجوز أن تكون لي علاقة معك ، فلست محرما لي ولا زوجا ، فإذا أردت أن تكون زوجا ، فأت البيوت من أبوابها ، واذهب إلى والدي واطلبني منه ، ولتعلم الأخت أن هذا سيزيد احترام الشاب لها ، وسيزيده تمسكا بها ، هذا إذا كان محبا لها وليس لاعبا بعواطفها .
وهذا يوصلنا إلى الأمر القلبي وذلك أنها ربما ظنت أن اتخاذ هذا الموقف سيضيع منها الشاب، وليس الأمر كذلك لأن كل ما هو مكتوب لها لن يفوتها ، وفي الحديث : ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك . وبهذا سيحسم الموضوع فالشاب سيحزم أمره إما بإقناع والديه والتقدم لها ، وإما بالانصراف عنها ، وإفساح(8/153)
المجال لغيره من الراغبين في الزواج بها الجادين ، مع العلم أنه لو تم زواجه بها دون رضى والديه فالزواج صحيح ، إذ لا يشترط موافقتهم لصحة الزواج مع الإثم الذي يلحقه من عصيان والديه .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
التمسك بذي الدين والتجاوز عن بعض هفواته
تاريخ 11 ربيع الأول 1427 / 10-04-2006
السؤال
أنا مخطوبه منذ 6 سنوات لشاب متدين يحج سنويا بحكم أنه مقيم في المملكة العربية السعودية وهذا ما رغبني أكثر في الزواج منه إلى جانب خصال كثيرة جميلة فيه لكنه بخيل جدا فخلال هذه السنوات الست لم يتقرب لي بهدية ودائم الشكوى من الظروف وإلى جانب ذلك فهو كثير الشك وكثير العصبية وأنا جدا خائفة من استمرار هذه الخطبة خاصة وأن عمري تجاوز الثلاثين وأيضا خائفة من فسخ هذه الخطبة حيث إنني في بلاد غريبة وأخشى أن لا أجد زوجا غيره وأخاف غضب الله حيث إني رفضت رجلا متدينا ورفضت فرصة للعفاف ؟
وجزاك الله عني كل الخير .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حيث الحكم فإنه لا حرج عليك في فسخ الخطوبة لا سيما إذا كان عندك ما يبرره من نحو اطلاع على صفات في الخاطب غير حميدة أو تساهل منه في تنفيذ وعده ونحو ذلك ، ولكن إذا كان خطيبك على ما ذكرت من التدين والصفات الأخرى الجميلة فننصحك بعدم فسخ خطبته ، لا سيما وأنك محتاجة له وتخشين أن لا تجدي غيره .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
... توبة الخاطب الذي قبل مخطوبته
تاريخ 10 ربيع الأول 1427 / 09-04-2006
السؤال
باختصار أنا شاب خاطب منذ فترة قريبة وأحبها كثيراً وهي أيضاً وطلبت منها قبلة وكانت ترفض ولكن بالنهاية وافقت وقبلتها وبعدها أحسست بذنب قد اقترفته، فهل علينا ذنب، أعلم أكيد ولكن هل يمحى هذا الذنب عندما تكون زوجتي أقصد مثلاً كل ما فعلناه يغفر لنا بعد الزواج أم يظل ذنباً علينا أن لم نتب عن هذا الفعل، للعلم أنه لم يتم بيننا أي شيء إلا قُبل وأحضان فقط؟ شكراً وأفادكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/154)
فإن تقبيل الخاطب لمخطوبته وخلوته بها، كل ذلك محرم لا يجوز، وتكفير ما دون الكبائر كالقبلة مثلاً لا يفتقر إلى توبة، بل يمحى بالطاعات والحسنات، وليس مجرد الزواج يمحو تلك الذنوب، وتفصيل ذلك في الفتوى رقم: 17321، والفتوى رقم: 31210.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
فسخ الخطبة بعد الاستشارة والاستخارة
تاريخ 07 ربيع الأول 1427 / 06-04-2006
السؤال
تحية طيبة للشيخ المحترم، ومشكلتي هي كالتالي حيث قمت بالاستخارة وتقدمت لخطبة فتاة بمفردي حتى لا يقع أي إحراج للأهل في حالة الرفض. حيث جلست بعيدا عني ولم أتمكن من رؤيتها جيدا ولم أتمكن من الكلام معها، فخرجت من المنزل وفي صدري ضيق وتوتر، باختصار ما زلت أعمل الاستخارة والحمد لله أحس بالارتياح وقد قمت ب 5 زيارات مرة في كل شهر لكن كلما أود أن أتقدم في الخطوبة لعمل العقد أجد مشاكل ومعوقات مختلفة منها:
أولا: حصلت وعكات صحية لأهلي دام ذالك شهورا
ثانيا: لا تلبي طلباتي كما يجب أود أن أراها بالعباءة فأراها بلباس آخر. وأراها لا تسمع ولا تعمل برأيي في كثير من الحالات.
المهم هل أقطع خطوبتي بها أم أصبر رغم هده الأزمات والمشاكل التي تقف أمامي ؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخطبة ليست لازمة للطرفين (الخاطب والمخطوبة)، فيمكن لكل منهما فسخها متى شاء، فإذا رأيت بعد الاستخارة والاستشارة أن تفسخها فلا حرج عليك ، وإن رأيت مواصلتها وإبرام العقد بعدها فلك ذلك.
وينبغي لك الحرص على ذات الدين، فإذا كانت هذه المخطوبة ليست ذات دين وغيرمحجبة فلا ينبغي لك الزواج بها.
وما ذكرت من وعكات صحية أصابت أقاربك فليس للخطبة أثر في ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
قسخ المخطوبة الخطبة
تاريخ 07 ربيع الأول 1427 / 06-04-2006
السؤال
أخي في الدين :(8/155)
كنت منذ 3 سنوات تعرفت إلى فتاة فأحببتها واتصلت بأبيها لأطلب يدها وتم ذلك. وبعد أن استشار ابنته وزوجته في الموضوع أعلمني بالموافقة كلاميا دون أن نقرأ الفاتحة أو نقوم بخطبة رسمية. وقال لي مرحبا بك في أي وقت لقراءة الفاتحة متى شئت. واتفقت مع الفتاة أن أفاتح أهلي في العيد. ولكنها أصرت أن يكون قبل ذلك فرفضت لأن أمي مريضة فاعتبرت ذلك تهربا مني. وفي العيد فاتحت أهلي وأعلمتها بموافقة الجميع ولكنها رفضت رغم موافقة أهلها. فانقطعت العلاقة بيننا لهذا السبب التافه.أريد آخي أن أعرف ما حكم الشرع في ذلك وهل يجب عليَّ أن أتصل بأهلها وأعلمهم أن الفتاة في حل من رباطي. وهل هذه الموافقة المبدئية دون فاتحة تعطيها الحق وأهلها في أن تخطب لغيري دون علمي. ؟
وشكرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تم بينك وبين ولي الفتاة من موافقة يعد خطبة ، وما فعلته الفتاة فسخ لهذه الخطبة ، ومن حقها ذلك ، إذ أن الخطبة ليست لازمة للطرفين ، فلكل طرف فسخها متى شاء ، وإن كان المستحب إتمامها وفاء بالوعد .
وعليه فلا يجب عليك إعلامهم بأنها في حل من خطبتك ، لأنها قد رجعت فيها ، وبعد فسخ الخطبة ، فلا حرج في أن يتقدم غيرك لخطبتها .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
التقدم لخطبة الفتاة أكثر من مرة
تاريخ 03 ربيع الأول 1427 / 02-04-2006
السؤال
ذهبت لخطبة أخت ذات خلق ودين أهلها استحسنوا الفكرة لكن هي لم ترغب في الزواج لكونها تريد العمل أولا علمت مؤخرا أنها لم تتزوج
بعد هل أتقدم لخطبتها من جديد؟ جزاكم الله عنا كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا من التقدم لخطبة الفتاة أكثر من مرة، وينبغي الحرص على ذات الدين، لما ورد من الحض على ذلك في الأحاديث الصحيحة، وينبغي استخارة الله عز وجل، واستشارة أهل الرأي قبل التقدم لخطبتها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
رفض الأهل تعجيل العقد لا يبيح الخلوة بالمخطوبة
تاريخ 29 صفر 1427 / 30-03-2006
السؤال(8/156)
أهل خطيبتي يرفضون أن أعقد إلا قبل البناء بأيام مع أنهم لا يعترضون على جلوسنا سويا أو خروجنا وحدنا وأردت ألا أقع في معصية فاتفقنا أنا وخطيبتي على أن ترتدي النقاب فإذا بأهلها يمنعوننا من الجلوس والخروج فطالبتهم بالعقد مرة أخرى فرفضوا فماذا أفعل وأنا لا أريد أن أقع في معصية ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليك أن تفعله أن تجتنبها وتجتنب الحديث معها والخلوة بها والخروج معها حتى تعقد عليها أو تزف إليك، واعلم أن رضى الله تعالى عند المؤمن أعظم من كل شهوة تجره إلى سخط الله تعالى وغضبه ، وإن تمكنتم من إقناع أهلها بإبرام العقد فورا فأمر حسن .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
العلاقة قبل عقد النكاح وبعده
تاريخ 27 صفر 1427 / 28-03-2006
السؤال
سؤالي يتعلق بقترة الخطوبة وما يحدث فيها بين الشاب والفتاة
أنا فتاة مخطوبة إلى جار لي. وأجاهد لكي ألتزم بحدود الدين بيني وبين خطيبي ولكن للأسف الشديد هولا يساعدني دائما يطلب مني أشياء ليست مباحة إلا بين الأزواج. فإذا رفضت إما أن يغضب مني أو يأخذ مني ما يريد عنوة وغصباً. سبب هذا مشكلات كثيرة بيني وبينه. ولا أنكر أنني أحيانا أضعف أمامه وأستجيب لضغطه. لأشعر بعدها بالندم الشديد وأظل أبكي لفترات متصلة. وبسبب غضبي وحزني هذا طلب خطيبي من أهلي أن يعقد القران حتى لا يكون ما يحدث بيننا حراماً. ولكنهم رفضوا بحجة أن هذا سيكون تشجيعا لنا لأمور أكثر تهورا وهم لا يريدون أن يحدث شيء بيننا قبل الزفاف. هم لم يروا إلا محاولات بسيطة منه لكي يمسك يدي مثلا أوأن يضع يده على وجهي ودائما يثوروا ثورة رهيبة علي حينما يروا هذا. ويتهموني بالتساهل. رغم أن الحقيقة أسوأ من هذا بكثير . وهذ ما يجعلني أكثر تألماً وحيرة من أمري . أعلم جيدا أن هناك تطورات يمكن أن تحدث بيني وبينه إذا تم عقد القران وأنا لا أرغب في ذلك وعندما ناقشته في هذا الأمر قال لي إنني لوتم عقد القران سأكون حلالا له ولا يحق لي أن أعترض على ما يريده . ولكنه وعدني أن يحافظ على أن أظل بكرا.
ماذا أفعل ؟؟هل أحاول أن أقنع أهلي بعقد القران حتى أريح كاهلي من هذه الذنوب المتزايدة؟ مع في ذلك من تعرضي لأمور أتمنى تأجيلها لما بعد الزفاف؟ أم أظل على ما أنا عليه وأكتفي بالخطوبة حتى يجيء ميعاد الزفاف وأظل أجاهد معه أنجح مرة وأفشل مرات في أن أمنع هذا الحرام.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/157)
فلا يخفى عليك أيتها الأخت أن هذا الخاطب يعتبر أجنبيا عن المخطوبة، لا يجوز أن يخلو بها ولا أن ينظر إليها، فكيف بما هو أكبر من النظر والخلوة، ولذا فنقول لك: اعلمي أن عالم الغيب والشهادة مطلع على ما فعلت، وأنَّ ما قمت به معصية لله تعالى، ووقوع في ما يسخطه سبحانه، فبادري بالتوبة النصوح، التوبة التي ترسم ظلالها على حياتك ماضيا بالندم على ما بدر، وحالا بالإقلاع عن هذا الذنب، ومستقبلا بالعزم الصادق على عدم العودة إليه.
ولا شك أن هذا الخاطب بعد عقد النكاح يصير زوجا ؛ فيحل له ما يحل للأزواج؛ ولكن ينبغي مراعاة العرف في البلاد، إذ قد يحدث بين الزوجين قبل الزفاف أمور تؤدي إلى إشكالات كما أوضحنا ذلك في الفتاوى التالية برقم:62139، ورقم:64474، ورقم: 61470.
ولذا فعلى أهلك أن يتقوا الله تعالى، ويسعوا إلى تزويجك، وليس إكمال الدراسة أو نحو ذلك عائقاً عن الزواج، وعليهم أن يتذكروا قوله صلى الله عليه وسلم: يا علي ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا أتت ، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفؤا. رواه الإمام أحمد والترمذي عن علي رضي الله عنه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
العلاقة بالفتاة المخطوبة وطلب فسخ الخطبة
تاريخ 27 صفر 1427 / 28-03-2006
السؤال
هل العلاقة بين الشاب والفتاة ما قبل الخطوبة حرام أي بما يسمى الحب؟
وهل يجوز لي الزواج بالفتاة التي أحبها دون علم أهلي وأهلها مع العلم أن أهلي لا اعتراض عندهم على الفتاة لكن الفتاه تمت غصبها على شاب آخر من قبل أهلها وما مدى شرعيه العلاقة بيننا في حالة خطبتها من شاب آخر لأننا متعاهدان على الاستمرار بنفس العلاقة حتى لو تمت الخطبة؟
وهل يجوز لي الطلب من الفتاة أن تفسخ الخطبة من خطيبها؟
أرجو منكم الإجابة على أسئلتي لأنني في حيره من أمري مع العلم أنني شاب ملتزم ومن عائله متدينة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلاقة بين الشاب والفتاة ما قبل عقد الزواج لا تجوز، وسبق بيانها في الفتوى رقم: 4220
ولا يصح النكاح بدون ولي المرأة وسبق بيانه في الفتوى رقم: 28082
وإذا كانت العلاقة بالفتاة قبل الزواج محرمة ولو لم تكن مخطوبة ، فتحريم هذه العلاقة مع المخطوبة من باب أولى ، لما فيها من اعتداء على حق الخاطب، ولا يجوز لأحد أن يطلب من المخطوبة فسخ خطبتها، وتراجع الفتوى رقم 49861.
والله أعلم.(8/158)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ما يفعله من لا يحسن التدبير ويريد الزواج
تاريخ 26 صفر 1427 / 27-03-2006
السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 29 سنة أعمل لحسابي الخاص لكن دخلي لا يمكنني من توفير الإمكانيات المادية اللازمة للزواج، علما أني تعرفت على فتاة وهي على خلق وأنا إن شاء الله أعتزم الزواج منها لكن إمكانياتي لا تسمح لي بذلك، فهل يجوز لنا أن نتعاون معا على توفير الإمكانيات اللازمة قصد الزواج
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تستطع توفير مبلغ للزواج من راتبك لجود أو سفه وسوء تدبير فينبغي أن تقترض ما تحتاجه قرضا حسنا وتسدده من راتبك فذلك أيسر في التوفير عليك أو غير ذلك من الأسباب، ولا ينبغي التكلف لذلك وتحمل المرء ما لا يستطيع سداده، ولكن ينبغي أن تبحث عن امرأة تقنع منك بما في يدك وبما تستطيع، والنساء كثير وكلما كانت المرأة ذات دين وخلق كانت أقنع لأنها لا تريد المال
وإنما تطلب العفاف، والنكاح من أسباب العون فكم من فقير تزوج فأغناه الله ويسر عليه لوعده بذلك في قوله: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ{النور: الآية32} وانظر الفتوى رقم: 9668، والفتوى رقم:: 15577، واحرص أن تكون زوجتك ذات دين وخلق فهي أرعى لحقك كما بينا في الفتوى رقم: 8757.
وننبهك إلى أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته مالم يعقد عليها لا تجوز له الخلوة بها ولا الحديث معها إلا بقدر الحاجة والضرورة كما بينا في الفتويين رقم:68808،1151 ، ولها أن تهبه من مالها ما تشاء إن لم يكن ذلك لغرض محرم، وإذا تم العقد وأصبحت زوجة لك فلا حرج أن تشاركك في نفقات البيت وتأثيثه أو غير ذلك بشرط أن يكون عن طيب نفس منها كما بينا في الفتوى رقم: 35014 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يعجل بالزواج أم ينتظر من يريد خطبتها
تاريخ 26 صفر 1427 / 27-03-2006
السؤال
أنا شاب مسلم
جيبوتي الجنسية ..
أحب فتاة وهى تحبني وأريد أن أتزوج بها لكن الظروف لا تساعدني لأن الفتاة من عائلة غنية(8/159)
وهى دائما تنصحني بأن أنتطرها ..
ماذا أفعل لأني أريد الزواج ؟؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تجد في انتظار هذه المرأة حرجاً وعنتاً، وتخشى على نفسك الفتنة والوقوع فيما حرم الله تعالى فعليك أن تتزوج بمن يتيسر لك الزواج بها، ممن توفر فيها الدين وحسن الخلق ، ولا تعلق نفسك بما يحول بينك وبينه عوائق.
وأما إذا كان لا يشق عليك الانتظار فلا مانع من انتظارها ، ولكن يجب الحذر من حدوث علاقة محرمة من خلوة أو حديث في ما لا يحل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفارق الاجتماعي بين المرأة وخطيبها هل هو معتبر
تاريخ 15 صفر 1427 / 16-03-2006
السؤال
يوجد فارق اجتماعى بيني وبين خطيبي أهلي وصلوا إلى مرحلة الرغبة في عدم احتمال الوضع وبالتالي عدم الرغبة في إتمام الموضوع. أنا ليس لديَّ أي تعقيب على شخصيته لأنه من الشباب النادر وجودهم هذه الأيام ، أنا أيضا أشعر بالضيق من هذا الفرق ماذا أفعل ؟ هل أستمر أم لا ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصدين بالفارق الاجتماعي كون الخاطب من أسرة فقيرة أو أسرة ليس لها ثقل سياسي أو اقتصادي ، فكل هذه لا تعتبر فوارق تستحق أن تعتبر ، وأن تكون سببا للرفض وإذا كان الخاطب صاحب دين وخلق ، فنرى أن تحاولي إقناع أهلك بالقبول به وعدم رده ، فإن وافقوك وإلا فوافقيهم أنت على رأيهم, ولعل الله يسخر لك من هو خير منه ، ولا يلزم المرأة القبول بشخص تقدم إليها ولو كان هذا الشخص متدينا صاحب خلق حسن ، وانظري الفتوى رقم : 57440 ، والفتوى رقم : 56734 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
بدعة التعارف بين الجنسين بهدف الزواج
تاريخ 08 صفر 1427 / 09-03-2006
السؤال
ما حكم التعارف بين الجنسين بهدف الزواج وبعلم أهل الطرفين وباستعمال الهاتف أو المراسلة فقط، مع العلم بأن الحديث بينهما سيكون مقيدا بحدود الشرع ودون الخضوع بالقول، أرجو إجابتي على هذا السؤال بالذات دون إحالتي على الفتاوى(8/160)
السابقة لأنه لا يوجد تطابق كلي بين الفتاوى وسؤالي أرجو الإيضاح: "يحرم التعارف بين الجنسين إلا عن طريق الخطبة" هل هذا الحكم متواصل حتى بالشروط التي بينتها لكم في الأعلى
من فضلكم أجيبوني على سؤالي هذا فقد بعثت لكم سابقا وأحلتموني على فتاوى أخرى لم أجد فيها مبتغاي بالضبط
رقم الفتوى: 1769
عنوان الفتوى: يحرم التعارف بين الجنسين إلا عن طريق الخطبة
السؤال: ما حكم التعارف بين الجنسين بهدف الزواج ورؤيتهم لبعضهم سراً غير منفردين؟ هنا التعارف سرا وليس بعلم الأهل
رقم الفتوى: 1847
عنوان الفتوى: الكلام بالهاتف أو المراسلة بين الخاطبين جائز في حدود المصلحة الراجحة
السؤال: هل يجوز للمخطوبة أن تحدث خطيبها عبر الهاتف أو تراسله بالبريد الإلكتروني من أجل مناقشته في بعض لوازم الفرح التي تراها غير ضرورية، وهل تعتبر المكالمة الهاتفية خلوة أم لا؟ هنا الكلام بالهاتف أو المراسلة جائز بين الخاطبين فهل هو جائز قبل الخطبة?
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 1769، والفتوى رقم: 1847 كل ما يتعلق بسؤالك، فلا ندري ما وجه الاستشكال، وعموماً نقول: إن التعارف كلمة فضفاضة، يمكن أن تستغل استغلالا سيئاً، فإن قصد الأخ السائل بهذه الكلمة أن يعرف الرجل المرأة، من حيث الدين والجمال والموافقة على الارتباط به، فكل هذا يمكن الوصول إليه عن طريق أخته أو أمه أو قريبة له، أو زوجة صديق ثقة، وقد أجاز الشرع للخاطب أن ينظر إلى المخطوبة ليتخذ القرار بالإقدام أو الإحجام، ثم لا يجوز له بعد ذلك النظر إليها إلا بعد العقد.
وإن قصد بالتعارف أن يخرج معها ويدخل، ويذهبا سوياً إلى النزهة وتناول الطعام، وأن يتصل عليها كلما اشتاق لها ويتبادل معها الكلام والمزاح والضحك، فهذا النوع من التعارف هو الذي نقول إنه محرم لا يجوز، أذن بذلك ولي المرأة أو لم يأذن، وليس من حق ولي المرأة أن يصدر إذناً وموافقة لبنته بأن تعصي الله تعالى، وهذا الباب من التعارف باب يلج منه الشيطان ليوقع المسلمين فيما يغضب رب العالمين، وهذا النوع من التعارف هو الحادث في أوساط كثير من المسلمين وهو الذي يسأل عنه كثير منهم، وهو الذي نحذر منه، وأما إن اقتصر الأمر على اتصال لمعرفة أمر لا يمكن أن يعرف إلا من المرأة نفسها، أو كان الاتصال لحاجات معتبرة وتم ذلك مع الحشمة والأدب وعدم الخلوة، فلا مانع منه، وخاصة إذا كان هذا التواصل بالهاتف أو المراسلة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(8/161)
ــــــــــــــ
احرص على خطيبتك إن تابت توبة صادقة
تاريخ 06 صفر 1427 / 07-03-2006
السؤال
خطيبتي كانت منذ زمن قد عرفت شابا وتركته قبل أن يتقدم لخطبتها لأنه لم يكن جدّيا في الموضوع..فبعد أن خطبتها اعترفت لي أنهما كانا قد فعلا معصية دون الزنا..أي أنها ما زالت بكرا..لكنهما قد فعلا ما هو دون الزنا.. من لمس لعورات بعضهما وتقبيل وممارسة العادة السرية لبعضهما مع بعض وأشياء أكثر من ذلك.. ولكن دون إدخال ذكره فيها... وفعلوا هذا عدة مرات..وأخبرتني كل هذا بعد أن تعلقت بها وأحببتها جدا جدا... أنجدوني بالله عليكم.. سأصاب بصدمة عصبية هائلة... ولا أستطيع أن أتركها لشدة تعلقي بها..ماذا أفعل كي أستريح من الهم والكدر الذي في قلبي..علما أني طالب جامعة متفوق جدا والحمد لله...وهي الآن قد لبست الحجاب الشرعي بعد أن كانت تلبس حجابا غير شرعي أبدا...ماذا أفعل في محنتي هذه وكيف أتصرف...أخبروني كل شيء أرجوكم.. ماذا أفعل معها وكيف أتصرف؟؟؟؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي لك أن تحرص على ذات الدين والخلق التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم، لأنها هي التي تحفظك في نفسها، وتأمنها على عرضك وولدك، ولا شك أن ما ارتكبته خطيبتك ذنب كبير، وفاحشة سيئة، لكن اعلم أن التوبة تجب ما قبلها، وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، فإذا علمت أنها تابت من هذا الفعل الشائن ، وحسنت توبتها فتزوجها، وإلا فننصحك بالبعد عنها، والبحث عن غيرها من الصالحات الحافظات للغيب بما حفظ الله وهن كثير والحمد لله.
وأما الأخت فننصحها بالتوبة إلى الله، والإكثار من الأعمال الصالحة، لعل الله أن يغفر ذنبها، ويجعلها من الصالحات، وننصحها بأن تستر نفسها ولا تخبر أحدا بما حصل منها مع ذلك الشاب، فإن الله ستير يحب الستر وفي الحديث: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله تعالى . رواه الحاكم والبيهقي وبنحوه مالك في الموطأ، وصححه الحاكم وابن السكن والألباني.
وعليك أن تعلم أن المخطوبة أجنبية لا يحل منها شيء كان محرما قبل الخطبة حتى يتم عقد النكاح، إلا أن الشرع رخص في النظر منها إلى ما يدعو إلى نكاحها، وراجع الفتوى رقم: 368
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل تطيع خطيبها الذي يأمرها بترك الدراسة المختلطة
تاريخ 06 صفر 1427 / 07-03-2006(8/162)
السؤال
أنا أخت من بلاد المهجر وأنا مقبلة على الزواج، لكن خطيبي طلب مني وقف الدراسة وعدم الخروج من المنزل بحجة كون الاختلاط حراما، وقال : لك خياران إما أن تقعدي في المنزل وعلاقتنا تستمر وأما إذا أردت استئناف دراستك في الجامعة وفي المدرسة الخاصة باللغة العربية فإني أوقف علاقتنا ولست بخطيبك أرشدوني أثابكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على المخطوبة شرعا طاعة خطيبها قبل عقد النكاح؛ لأن الطاعة إنما تجب للزوج, لكن إذا أمر الخاطب أو غيره بواجب أو نهى عن محرم وجب طاعته طاعة لله, فالاختلاط بالرجال الأجانب إذا لم يلتزم فيه بالضوابط الشرعية فإنه محرم وتركه واجب، وليس معنى ذلك وجوب ترك المرأة دراستها أو عملها فخروج المرأة للدراسة أو العمل ليس محرما في ذاته إذا التزمت فيها المرأة بضوابطه لم يكن هناك حرج من خروجها وسبق بيان تلك الضوابط في الفتوى رقم: 44756.
وعليه، فأمر الخاطب بمنعك من الخروج للدراسة مطلقا ولو مع الالتزام بتلك الضوابط ليس من حقه ولا يلزمك طاعته فيه, ولك طاعته إذا رأيت مصلحتك في ذلك كأن ترغبي في الزواج به أو تخافي ألا يتقدم لك غيره فهذا أمر راجع إليك وإلى تقدير المصلحة. وقرار المرأة في البيت خير لها إن كانت مكفية المؤنة بحيث لا تحتاج إلى الخروج.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
... وسطي من يحاول إقناع أهل الخاطب بالموافقة
تاريخ 23 محرم 1427 / 22-02-2006
السؤال
منذ أربع سنوات وأنا أحب شخصا وقد أقنعت أهلي به ولكنه أهله يعارضون زواجنا وغير مقتنعين به فماذا أفعل، لاسيما أن أباه منفصل عن أمه، هو يريد المضي قدما في الزواج، وأنا متعبة أمام هذا الواقع لأني أحبه جدا وأعلم أن شخصيته ضعيفة، أرشدوني ماذا أفعل أنا أحبه وهو يحبني وقد طلبني عند أبي وقال إن أباه غير موافق.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الرجل صالحا في دينه وكنت قد اقتنعت بشخصيته فما عليك إلا أن تصبري وتتقي الله تعالى وتعلمي أن هذا الرجل أجنبي عنك لا يجوز له النظر إليك ولا الخلوة بك، ودعيه ليتصرف مع أهله كيف شاء، ويتخذ ما شاء من الوسائل(8/163)
لإقناعهم، ولا تدخلي نفسك في القضية، وننصحك بمطالعة الفتويين التاليتين برقم: 70685 ، ورقم: 70747.
وأما عن مسألة زواج الرجل بامرأة لا يرضى بها والداه فسبق بيان حكمها في الفتوى رقم: 66466.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
فسخ الخطوبة لأن أهل الخاطب لا يرتاحون إلى المخطوبة
تاريخ 23 محرم 1427 / 22-02-2006
السؤال
أنا مخطوبة من إنسان ملتزم دينيا وخلقيا جدا وتعلقت به ولا أرى به عيبا شرعيا يمكنني من خلاله رفضه ولكن أشعر بعدم رغبة أهله في (ولم أتأكد من ذلك بالفعل) بالمظهر على الرغم من أن إخوته تقريبا في نفس المرحلة العمرية لي وأنا دائما ألتمس لهم العذر لأنهم في الدراسة رغم عدم اقتناعي الداخلي بذلك وأمي دائمة التوبيخ بي وتقول إن أهله لا يريدوني مما يوقعني فى الحرج أمام أهلي ، وفي نفس التوقيت لا أستطيع مصارحة خطيبي حتى لا أتسبب في مشكلة بينه وبين أسرته خصوصا أنه الأخ الأكبر وأنا أريد علاقته بأسرته وبره بأمه على أكمل وجه ، فبم تنصحوني أفادكم الله فأنا حائرة ماذا أفعل ؟! وهل فسخ الخطبة ( إذا تم التأكد من ذلك ) حلال وعلى أساس شرعي أم لا ؟
أرجو التفصيل أفادكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففسخ الخطوبة حلال لسبب أو لغير سبب، ولكن مع كونه حلالا لا ينبغي أن يحدث إلا لسبب وجيه، والذي ننصح به إن تيقنت من عدم ارتياحهم لك وكنت ستقيمين بعد الزواج معهم في نفس المنزل، أن تعرضي عن هذه الخطبة، أو تشترطي منزلا مستقلا تفاديا لما قد يحدث من إشكالات، وإن كنت ستقيمين في منزل مستقل فلا نرى موقفهم منك سيؤثر على علاقتك بزوجك، وننصح باستشارة أهل الرأي من أهلك وطلب نصحهم.
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الخطيب أجنبي عن خطيبته
تاريخ 22 محرم 1427 / 21-02-2006
السؤال
أنا الآن خطبت بنت عمتي وهي الآن في الدراسة وأنا اتفقت معها للمواصلة لكن الأهل يرغموني على العقد الآن وأنا أريد أطبعها وأدرسها خلقيا أنا من أول مقابلة ارتحت لها ماذا أعمل مع أهلي تفاديا للمشاكل الأسرية؟(8/164)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أن بنت عمتك أجنبية عنك، لا يحل لك النظر إليها ولا الخلوة بها، ومجرد الخطبة لا يبيح لك شيئا، إذ الخطيب أجنبي عن خطيبته كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم:1151، وخير سبيل لك لتثقيفها وتعليمها الأخلاق الحسنة هو أن تنفذ طلب أسرتك بأن تجري عقد النكاح حتى يحل لك الجلوس معها وتعليمها ماتريد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
... تغيير اسم المخطوبة
تاريخ 20 محرم 1427 / 19-02-2006
السؤال
نصح أحد الأشخاص أخي بأن يغير اسم خطيبته عندما يتم كتب كتابه عليها، وذلك من أجل الحظ الجيد، وهذا ما حصل عندما سأل الشيخ خطيبته عن اسمها فذكرت له الاسم الثاني الجالب للحظ، سؤالي: هل هذا جائز في الإسلام؟ وما الأحكام في هذا الأمر؟ وهل هناك حل ما لهذا الأمر؟
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان اسم المرأة المذكورة مما يشرع تغييره كأن يكون فيه منافاة لعقيدة الإسلام
أو كأن يكون في الاسم تزكية أو يحصل بالاسم تشاؤم ، فلا حرج في تغييره إلى اسم حسن أو مباح، وقد يكون التغيير مستحبا ، وربما كان واجبا على حسب التفصيل في الفتوى رقم: 47312
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم رد الولي الخاطب دون إعلام البنت
تاريخ 20 محرم 1427 / 19-02-2006
السؤال
هل يأثم الأب إذا أخفى على ابنته إن تقدم لخطبتها شخص تحبه ورفضه الأب بدون استشارتها مع العلم أن هذا الشخص لا يصلي و أنه شخص متهور يعاكس البنات في التلفون وكثير السفر أي لا يرضون دينه ولا خلقه هل على الأب إثم وجزاكم الله خيرا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/165)
فإن كان حال الرجل كما ذكر في السؤال، فليس الأب آثما ، بل هو مأجور، فإن قاطع الصلاة المقترف لتلك الأخلاق القبيحة لا ينبغي أن يزوج، وإنما يأثم الأب بعضله لبنته برد الخطاب الأكفاء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خطبة أخت المرأة التي وعدها بالزواج
تاريخ 17 محرم 1427 / 16-02-2006
السؤال
أسأل عن الجمع بين الأختين لي صديقة أحبت شابا وكان قريبها وكل عائلتها تعلم بحبهما وقد وعدها بالزواج ولكن بعد سنوات من الانتظار حتى يكون جاهزا فقد خطب أختها، مع علم أختها بأنه كان يحبها ووعدها بالزواج وأنها كانت تنتظره، صديقتي غضبت من أهلها ولم تعد تكلمهم لأنهم وافقوا وفرحوا أيضا أريد أن أعلم ما الفتوى في ذلك، وهل تصرف صديقتي في محله أم لا وخطبة أختها هل هي شرعية أم لا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخطبة هذا الرجل لهذه المرأة خطبة شرعية صحيحة، ومجرد وعد الرجل لهذه المرأة بالزواج ليس ملزما لها ولا له، فلكل منهما الرجوع عنه، وعلى المرأة أن ترضى بما قسم الله لها، وتدعو الله تعالى بالتوفيق والهداية والصلاح، وأن ييسر لها الزوج الصالح، ولا يجوز لها أن تجفو والديها ولا أن تقطع علاقتها بإخوتها وأخواتها، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 52272.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عدم تيسير الزواج ووضع الولي العراقيل أمام الخاطب
تاريخ 07 محرم 1427 / 06-02-2006
السؤال
تتمة للسؤال رقم: 2103074 وربنا يعوضك خير وانتهى الموضوع.
الآن وتم الاتفاق النهائي على أن أعود لمكان إقامتي حيث إن إجازة العمل التي كنت قد طلبتها قد انتهت ولم ينتهي الموضوع، على أن أعود مرة أخرى بعد فترة بسيطة لإكمال الإجراءات السؤال المهم.. ما هي وجهة نظر الشريعة بمثل هذه القصة، وهل من حقه منعي من الكلام مع خطيبتي البته، حتى السلام وبالمناسبات الرسمية، هل ما حدث يعتبر خطبة رسمية، وأنه لا زال هناك خطبة، أم أن الموضوع الآن ما عاد هناك خطبة إلا إذا تم الإعداد من جديد، وهل يحق لي الحديث مع الفتاة بدون علم أهلها إذا كان الكلام لا يخدش حياء ولا يمس كرامة أحد، وبما أن الزواج هو عرض وقبول، وبما أنه وافق ولكن يضع الصعوبات، هل يحق له أن يخطبها أحد(8/166)
غيري، دون علمي، وأنا حسب الاتفاق الأخير سأعود لأتمم الإجراءات بعد فترة، وهل يحق لي لو أنه أراد إنهاء الموضوع أن أطلب أن أستمع لرأي الفتاة علنا، وألا آخذ الكلمة منه وكفى، وهل يحق لي أن أقاضيه على ما فعل بي، آسف على الإطاله، ولكن القصة لم تعد قصة للتسلية فهي حدث حدث ومن أيام سابقة معدودة... أعترف أنه لدي بعض الأخطاء.. ولكن أعتقد أنه هو الذي جر هذه الأخطاء... أتمنى أن تفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حرصت الشريعة على تيسير أمر الزواج، فكرهت التغالي في المهور، وأخبرت أن المهر كلما كان قليلاً كان الزواج أعظم بركة، وأن قلة المهر من يمن المرأة، فعن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها. أخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي وقال الألباني وهو عندي حسن.
فينبغي لأولياء الأمور أن ييسروا زواج بناتهم ومولياتهم، وأن لا يضعوا العراقيل في طريقه، وأن لا يكون همهم المال على حساب سعادة بناتهم، فهذه دعوة للأولياء عموماً ولهذا الأب خصوصاً، وأما منعه لك من الكلام مع الفتاة فله ذلك إذ ليس بينك وبينها عقد نكاح، وأما الخطبة فلا يحل بها شيء مما كان محرما قبلها، ما عدا النظر إلى الوجه والكفين، مع أن الكلام للحاجة جائز مع الأجنبية مخطوبة كانت أو غيرها.
وأما سؤالك هل ما حصل بينكم خطبة، فجوابه: نعم فما دام وعدك بالزواج بابنته، وتحدثتم في أمور الزواج فهذه خطبة وتبقى كذلك حتى ينهيها أحد الطرفين، فالخطبة وعد بالزواج، ولا تحتاج لشيء غير ذلك، فإذا وافق الولي والفتاة على الزواج فهذه هي الخطبة، وهي ليست شرطاً، فيمكن إجراء عقد النكاح والدخول بدون خطبة، أما هل يجوز الكلام مع الفتاة دون علم أهلها فتقدم جوابه، ولا يجوز للغير خطبة المخطوبة، فإن الخطبة على الخطبة بعد ركون الفتاة ووليها حرام حتى تفسخ الخطبة.
وأما سؤالك هل يحق لك أن تطلب سماع رأي الفتاة، فماذا تصنع برأي الفتاة إذا رفض الولي، فالولي شرط لصحة النكاح، ولا نكاح بلا ولي، أما هل لك أن تقاضيه على ما فعل بك، فبعد أن يقع منه الخلف في وعده، فيمكنك بعد ذلك مقاضاته، حيث يلزم الواعد قضاء بالوفاء بالوعد إذا أدخل الموعود في كلفة، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 62371، أما ما دام على وعده، ولم يخلفك فعلى ماذا تقاضيه؟.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
التواصل مع المخطوبة وأهلها
تاريخ 06 محرم 1427 / 05-02-2006
السؤال(8/167)
هل يجوز للخطيب قول الكلام الطيب لخطيبته عبر الهاتف ودون مبالغة، وما حكم الشرع في ذلك؟، هل يجوز للخطيب عدم مخاطبة خطيبته ولا حتى السؤال عنها عبر الهاتف لمدة طويلة، وما حكم الشرع في ذلك؟، هل يجوز للخطيب أن يقوم بتجريح خطيبته، وما حكم الشرع في ذلك؟ هل يجوز للخطيب عدم زيارة أهل الخطيبة وعدم السؤال عن أحوالهم لوجود بعض المشاكل، وما حكم الشرع في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أن الخطيب يعتبر أجنبيا عن مخطوبته، ولا يجوز له أن يتكلم معها إلا بقدر الحاجة، كما يتكلم أي أجنبي مع أي أجنبية، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 69226، والفتوى رقم: 66065، والفتوى رقم: 57111، وفيها جواب للسؤالين الأولين.
وأما سؤالك الثالث: فنقول إن أهل خطيبتك لا يربطك بهم إلا المواعدة على الزواج، فإذا لم يكن بينك وبينهم رحم يجب عليك وصلها، فلا حرج عليك في عدم التواصل معهم، ولكن التواصل معهم أفضل لبقاء المحبة والمودة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
... زوال البكارة والعفة
تاريخ 02 محرم 1427 / 01-02-2006
السؤال
فى البداية أعتذر لأني سأطيل الحديث، ولكني أحتاج لمن أثق بهم كما أوصانا الرحمن -أهل الذكر-
وأحسبكم أنكم خير من يعنيني على اختيار ما يرضي الله، أنا في حيرة من أمري وأشعر كل يوم بالموت لما أواجه من مشكلة صعبة جدا علي، أرجو منكم الصبر والتركيز كما تعودنا عليه منكم، الحمد لله، أنا فتاة محجبة، على خلق حسن، سمعتى طيبة جداً وأهلى طبعا كذلك لأنهم من رباني وتعبوا فى تربيتي ولهم كل الشكر، خريجة كلية الهندسة، حسنة المظهر والشكل، مستوانا الاجتماعي جيد وأهلي ناس محترمون ومتعلمون، إليكم المشكلة؛ أنا أشك في بكارتي لأسباب عديدة، أولها وأهمها عدم نصيحة أمي لي، فأنا لم أعرف عنه أنه ممكن أن ينفض دون رجل إلا وأنا أتم 17 سنة، وطبعا كانت صدمة، أنا عندى إفرازات كانت تسبب لي هرشا، ومنذ كنت طفلة أعلم أن هذا المكان كأي مكان بالجسم وكانت أمي لو رأتني أهرش فى هذا المكان تعنفني جدا دون أن تشرح لي رغم أنها كانت تفعل ما تعنفني منه أمامي، وطبعا لأني لم أكن أعلم الفرق بينى وبينها لم أكن أقتنع بما تقول وبالتالي لا أسمع لكلامها، السبب الثاني العادة السرية، لم أكن أعلم ماذا أفعل ولكن عندما علمت وعلمت أنها حرام تبت إلى الله، ولكني لم أدخل شيئا أبداً فى فرجي، باقي الأسباب، كنت أمارس رياضة الكاراتيه، ووقعت كم وقعة جامدة زمان لكن في(8/168)
الحقيقه لم أر دما، ولا أتذكر إذا كنت حائضا لهذا لم أر دما، وهذا يرتبط أكثر بالسبب الأول، نظرت في المرآة ولكن طبعا أنا لست طبيبة فلم أفهم شيئا، أنا لا أستطيع إخبار أحد لأني لن أجد من يصدق هذا عليّ، ولا أستطيع إخبار والدتي لأنها مريضة بالقلب وأخشى عليها شدة الصدمة، ولا أستطيع الذهاب إلى طبيبة بأي حال من الأحوال، ماذا أفعل مع من يأتي لخطبتي، هل أخبره بشكوكي، وأنا من ستخبره وهذا طبعا بعد الخطبة وقبل العقد لأني لا أستطيع أن أصرح بهذا لأحد، أرجوكم ردا خاصا بي وعدم إرسال أسئلة وأجوبتها، فهي حالتي دون غيري، الله يعلم أنى أتمنى أن أموت وهو راض عني ولا أريد إغضابه، فأعينوني؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نقول للأخت إن فكرتها عن غشاء البكارة وتصورها أنه يمكن زواله بما ذكرت غير صحيحين، نعم يوجد أغشية رقيقة لدى بعض النساء بحيث يمكن زواله بسهولة، لكن الغالب أن الغشاء يكون مرناً، لا يزول بما ذكرت الأخت من الحكة والسقوط، بل إن هناك من الأغشية ما يكون من المرونة بحيث لا يتمزق بسهولة حتى أثناء الممارسة الجنسية، وقد يبقى سليما حتى مولد الطفل الأول، كما قال أحد المختصين.
فننصح الأخت بعدم التفكير في هذا الأمر، وأن تطمئن تماماً، ولا تشغل بالها بهذا، وحتى على فرض زواله فليس هذا دليلا على عدم عفتها، لأنه قد يزول بأسباب أخرى غير الفاحشة، كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 19950.
وقد يتفهم الرجل ذلك، ويكفيها أن كل من حولها يشهدون لها بحسن السيرة والخلق، والسمعة الطيبة، فينبغي للأخت أن تتوكل على الله، وتترك هذه الوساوس ولا تخبر من يتقدم لخطبتها بتلك الشكوك، وإذا تبين بعد الزواج زوال البكارة فلتخبر الزوج بما كانت تعانيه من الهرش والحكة، وبممارستها لرياضة الكارتيه، وتطلعه على الفتوى المحال عليها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
فسخ الخطبة لكون الشقة باسم والد الخاطب
تاريخ 26 ذو الحجة 1426 / 26-01-2006
السؤال
تقدمت للزواج من فتاة وأخبرتهم أن عندي شقه تمليك ولم أخبرهم أنها باسم والدي وعندما علموا أخبروني إما تغيير العقد أو إنهاء موضوع الخطوبة مع العلم أن ثمن الشقة كله من أبي ولم أدفع أي مبلغ فيها وأنا ولد وحيد ولي أخت واحدة أريد أن أعرف هل موقفهم صحيح ؟ وماذا عليّ أن أفعل تجاه هذا الموضوع ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/169)
فإن الحياة الزوجية مشوار طويل قد تكتنفه بعض المخاطر التي تؤدي إلى الانقطاع وحصول الفراق ، ولذا قد يتخذ الطرفان من الاحتياطات ما يغلب معه دوام هذه الحياة الزوجية ، ومن هنا يحق لكل من الطرفين فسخ الخطبة إذا ظهرت له المصلحة في عدم إتمام الزواج ، أو تعليق إتمامه على أمر معين تتعلق به مصلحة الزواج ، وراجع في هذا الفتوى رقم : 63934 ، والفتوى رقم : 65050 ، ونبهنا فيهما على كراهة فسخ الخطبة لغير مصلحة معتبرة شرعاً ، فمن جهة أهل هذه الفتاة فلا يظهر لنا أنهم قد اتخذوا موقفاً يعابون عليه ، وقد تبين لهم أن ما أخبرتهم به من أمر هذه الشقة يخالف الواقع والحقيقة ، ومن جهتك أنت وإن كنت قد كذبت فيما أخبرت فالواجب عليك التوبة إلى الله سبحانه ، وأما إن كانت هذه الشقة قد وهبها لك أبوك فعلاً ورضيت أختك بذلك فينبغي أن تسعى في تسجيلها باسمك حسماً لأسباب النزاع ، وحرصاً على إتمام هذا الزواج ، وإن لم يتيسر لك تسجيل هذه الشقة باسمك أو لم تكن لك أصلاً ، وكانت لك رغبة في الزواج من هذه الفتاة فينبغي أن تسعى في إقناع أهل هذه الفتاة بإتمام الزواج ، فإن تم إقناعهم فالحمد لله وإلا فالنساء غيرها كثير ، ولعل الله تعالى ييسر لك من هي خيرٌ منها ، قال تعالى : وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216 }
وننبه إلى أنه ينبغي للمسلم أن يحرص على الزواج من ذات الدين والخلق كما أرشد إلى ذلك الشرع الحكيم ، وتراجع الفتوى رقم : 1422 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حديث الخاطب مع مخطوبته
تاريخ 22 ذو الحجة 1426 / 22-01-2006
السؤال
لقد بحثت في موقعكم إن كان هناك زاوية للإفتاء فلم أجد... فوجدت أفضل طريقة أن أراسلكم مباشرة لاسألكم للإفتاء في موضوع معين... باختصار شديد... لقد تعرفت على شاب عن طريق موقع إسلام أون لاين في قسم شريك الحياة.... واتفقت آراؤنا وأفكارنا وانسجمنا مع بعضنا البعض.. ثم أحببنا بعضنا البعض فكان الناتج يجب أن يتوج بالخطبة... الشاب في بلاد الغربة.. انتظرنا لحين عودته من هناك، ولكنه لما عاد لم يكن لديه الوقت الكثير... تحدث مع أهله بالموضوع.. وقد أرسل أهله.. لكن كان هناك بعض الإشكاليات... أمه لم تكن مقتنعة.. لكن والده رفض فكرة أن نخطب لمدة سنة ونصف حتى أنهي تعليمي فقال له اذهب وكون نفسك وعندما تصبح مصاريف الزواج بيدك اذهب واخطبها.. الشاب صادق جدا بنيته وهو يحمل مشاعر نبيلة جدا تجاهي وهو مصمم على الارتباط بي حتى لو بعد عشرين سنة... الآن نحن ننتظر فقط سنة حتى يجني من عمله ما يكفي مصاريف الخطبة والزواج... السؤال هو: ... خلال هذه الفترة هل من الجائز أن نتحدث مع بعضنا البعض... علما بأن نوايانا صادقة وشعور الحب شعور صعب جداً.. بحيث(8/170)
هناك شيء يشدنا للتحدث مع بعضنا ومعرفة أخبار بعضنا البعض... لقد حاولنا لفترة أن نبتعد عن بعضنا اجتنابا للإثم، ولكن كان دائما هناك شيء يضطرنا ويجمعنا للكلام مع بعضنا البعض.. حديثنا غالبا ما يكون حول التخطيط للمستقبل ودراسة شخصيات بعضنا وأفكارنا لزيادة وتعزيز الثقة والمحبة.. لقد اجتمعنا على هدف أن نرضي الله ونعمل في طريق الدعوة إلى الله.. أشيروا علي ماذا أفعل، هل حرام كلامي معه أم لا، هذا شيء حيرنا نحن الاثنين؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فموضوع المحادثة بين الجنسين، وبين الخاطب وخطيبته على وجه الخصوص قد كثر السؤال عنه إلى درجة كبيرة، بحيث لو بحثت لوجدت عشرات إن لم تبلغ المئات من الفتاوى حول ذلك، وخلاصة القول في ذلك أن كلا من الرجل والمرأة ـ اللذين لم يرتبطا برباط الزواج ولو كانا مخطوبين ـ أجنبي عن الآخر، لا فرق بينه وبين أي أجنبي آخر، فلا يجوز له الحديث معها إلا بقدر الحاجة ومع مراعاة الضوابط الشرعية والأخلاق الإسلامية، وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 56052 تفصيلاً مهما ينبغي مطالعته، وكذا ننصح بمطالعة الفتوى رقم: 66065 والفتوى رقم: 69647، والفتوى رقم: 32135.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
صداقة بين الخطيب والخطيبة؟؟!!
تاريخ 22 ذو الحجة 1426 / 22-01-2006
السؤال
سؤالي باختصار أنا فتاة عمري 27 عاما تمت قراءة الفاتحة على شاب
عمره 38 عاما نحسبه على خير منذ 6 أشهر, وكان الاتفاق وقتها أن تتم الخطبة بعد شهرين. في خلال ال6 أشهر الماضية تفاهمنا بشكل كبير جدا وأصبحنا أصدقاء, بمعنى أن ما بيننا لم يكن مجرد حديث بين خطيب وخطيبته بل كنت دوما أقول له: اعتبرني صديقة لك, فيحادثني بما يدور في خلده وما يضايقه وهكذا. وهو حنون جدا ويراعي مشاعري بدرجة كبيرة جدا, ويعامل أهلي معاملة حسنة جدا وهم يحبونه, كما أن أهله يحبوني وينتظرون اليوم الذي انضم فيه إليهم.
المشكلة التي تؤرقه وتجعله يخشى من اتخاذ القرار بإكمال الارتباط هو أنه يشعر بين الحين والآخر باختناق شديد مني وعدم رغبة في إتمام الأمر بدون أن يحدث مني ما يضايقه. فهل هذه مجرد وساوس؟ وماذا أفعل؟ علما بأنه قد خطب مرتين قبل ذلك ولم تصبه هذه الحالة, وأنا تمت خطبتي قبل ذلك ولكني لم أرتح لشخص مثلما ارتحت معه, فأنا تعلقت به, وهو أيضا يكن لي معزة شديدة جدا, ويخشى علي إن ظل يعاني من هذه الخنقة أن يسيء معاملتي في يوم من الأيام.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/171)
فلا ندري ما هذه الصداقة التي بينك وبين هذا الرجل الخاطب لك، فإنه قبل عقد النكاح الشرعي يعد أجنبيا عنك، لا يجوز لك الخلوة به، ولا الخروج معه إلا بوجود محرم ومع الستر التام، ولا الحديث معه إلا بقدر الحاجة، ويحرم عليه أن ينظر إلى وجهك بشهوة أو بغير شهوة؛ كما سبق توضيح جميع ذلك في الفتوى رقم: 50794.
والذي أجازه الشرع للخاطب هو أن ينظر إلى المخطوبة ليتخذ قراره بالإقدام أو الإحجام، وما زاد عن ذلك فغير جائز، وأما عن الشعور الذي يجده، فلا ندري ما سببه، وننصح بالرقية الشرعية، وأن يقوم بما أوجب الله عليه من فعل الطاعات واجتناب المحرمات مع إكثار الدعاء بأن يفتح الله عليه وأن يختار له الخير، ولا بأس مع ذلك من أن يعرض نفسه على طبيب نفسي.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الكفء لا يرد
تاريخ 22 ذو الحجة 1426 / 22-01-2006
السؤال
تقدم لي العديد من الشباب لخطبتي وهم ملتزمون ولكنني أجد شيئا من عدم الالتزام وأرفضهم لأنني أريد من هو أفضل التزاما وذلك لان نيتي في الزواج هي إنجاب ذرية صالحة وأن يعينني هذا الزوج على ذلك وليس لأسباب دنيوية وأنتظر ذلك الزوج ولكنني أخاف من تقدم السن وأن لا يتقدم لي أحد أفيدوني أفادكم الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمتى تقدم للفتاة الكفء فلا ينبغي رده، ولا تأخير الزواج، روى الترمذي وأحمد وغيرهما عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ثلاث لا يؤخرن: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤا"
فطلب الأفضل والأكمل لا بأس به، والحرص على إحسان اختيار الزوج أمر مطلوب، إلا أنه ينبغي عدم المبالغة في ذلك فالكمال لله وحده، وليس هناك إنسان كامل مطلقا، فلا بد في كل إنسان من عيوب، وإذا أردت زوجا كاملا ليس به عيب فإنك لن تتزوجي، فإذا تقدم رجل صحيح الاعتقاد، محافظا على الصلوات، مؤديا للفرائض، مجتنبا للكبائر، مشهورا بحسن الأخلاق والسيرة، فاقبلي به ، فهذا هو الذي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتزويجه ، بقوله: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه.
بلغك الله مناك، ورزقك زوجا صالحا تقر به عيناك.
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا إثم في ترك الخاطب الأول إذا تقدم خير منه(8/172)
تاريخ 22 ذو الحجة 1426 / 22-01-2006
السؤال
لقد تقدم لخطبتي شاب ذو أخلاق عالية وافقت عليه ولم تتم بيننا الخطوبة الكاملة غير أني وافقت وأخي أعطاه الرد وأتت أمه لزيارتنا وتم تحديد موعد الخطوبة وبعدها أتى شخص أخر لخطوبتي أفضل منه من ناحية العلم و الشكل والروح المرحة التي أفقدها في الخطيب الأول ومستواه الاجتماعي والثقافي والديني ممتاز أود من فضيلتكم أن تنصحوني ماذا أفعل وأنا الآن قد فقدت القناعة بالخطيب الأول وهل عليَّ إثم إن فسخت الخطبة منه وإني أؤكد أنه لم تتم الخطوبة الرسمية ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس عليك إثم في عدم الموافقة على الخاطب الأول ، إذا تقدم من هو خير منه ، وراجعي الفتوى رقم : 18857 ، وينبغي أن يكون الدين والخلق هو معيار التقديم والترجيح لديك بين الخاطبين ، وليس أمراً آخر ، إلا في حالة أن يتساويا في الدين والخلق فلا بأس بتقديم أحدهما لأمر آخر من الجمال والمال ونحو ذلك ، وما دمت لم تركني إلى الخاطب الأول فلا حرج على الخاطب الثاني في خطبتك ، وأما بعد الركون فيحرم خطبة الثاني على خطبة الأول حتى تتركي خطبة الأول؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب . رواه البخاري
وتراجع الفتوى رقم : 50406 ، والفتوى رقم : 33670 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا يحكم على المخطوبة من خلال تصرف واحد
تاريخ 22 ذو الحجة 1426 / 22-01-2006
السؤال
قمت بخطبة فتاة قصد الزواج بها، ثم قمت بعد ذلك بصلاة الاستخارة بشأن هدا الزواج، فإذا بنفس اليوم الذي قمت فيه بصلاة الاستخارة ذهبت أنا و عائلتي لزيارة عائلة خطيبتي فإذا بها تتصرف تصرفا غير لائق مع والدتي مما أدى إلى خلق مشكل مع عائلتي، فهل يجب علي أن أعتبر أن هدا الأمر إجابة من الله لأبتعد عن هاته الفتات أو يجب علي إتمام الزواج بها رغم تخوف أفراد عائلتي من أن تؤثر هاته الفتات على علاقتنا الأسرية، و شكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم أن يكون ما صدر منها هو أثر الاستخارة، وعليك أن تنظر إلى الأمر بروية وهدوء، وتعالج القضية بحكمة، فإنه لا ينبغي الحكم على الرجل أو المرأة من خلال تصرف واحد، فإن الإنسان قد تأتي عليه من الظروف ما يعكر صفاء حياته فيتصرف حينها بما لا يحمد، فمن الظلم نسف حسناته بغلط وقع فيه والحاصل أنه(8/173)
إذا تبين لك بعد التروي أن هذه المرأة قد تسبب لك مشاكل مع أسرتك لا تعذر فيها فالأفضل تركها وتسأل الله أن يعوضك خيرا منها.
وننبه إلى أن الخطبة ليست إلا وعدا بالزواج، وحيث تم فسخها فلا شيء في ذلك، وراجع لهذا الفتوى رقم: 1942.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ذكر المستشار عيوب المرأة التي يراد خطبتها
تاريخ 18 ذو الحجة 1426 / 18-01-2006
السؤال
ما الذي يجب على من سئل على بنت ليخطبها وهو يعلم أن أخلاق هذه البنت فاسدة ,هل يقول الحقيقة للخاطب أم يسكت؟ وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن استشير في خطبة امرأة فعليه أن يبين ما يعرفه فيها من العيوب المخلة بالزواج، لأن ذلك من باب النصيحة، ومن حق المسلم على المسلم، لقوله صلى الله عليه وسلم: وإذا استنصحك فانصح له. رواه مسلم. وسبق بيانه في الفتوى رقم: 32261.
وتجوز الغيبة في هذا الموضع بل تجب ليحذر المنصوح من الزواج بها، قال صاحب البهجة الوردية من الشافعية: (وجاز) بل وجب الذكر للقباح أي ذكر القبح الكائن من خاطب أو نحوه للمستشير فيه بالصدق ليحذر بذلا للنصيحة.
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي في الزواجر: الأصل في الغيبة الحرمة؛ وقد تجب أو تباح لغرض صحيح شرعي لا يتوصل إليه إلا بها. ثم ذكر الأبواب التي تجوز فيها الغيبة ومنها وكأن يشير وإن لم يستشر على مريد تزوج أو مخالطة لغيره في أمر ديني أو دنيوي، وقد علم في ذلك الغير قبيحاً منفراً كفسق أو بدعة أو طمع أو غير ذلك كفقر في الزوج انتهى.
ويجب الاقتصار في ذلك على ما يحصل به الغرض وهو التحذير، فإن حصل بمثل قوله: لا تصلح لك، دعك منها ، وغير ذلك لم يجز ذكر العيوب.
قال صاحب البهجة الوردية: نعم إن اندفع بمجرد قوله: لا تفعل هذا، أو لا تصلح لك مصاهرته، أو لا خير لك فيه أو نحوه لم يجز ذكر عيوبه، قاله النووي في "أذكاره" وقياسه أنه إذا اندفع بذكر البعض لا يذكر الجميع.. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
فسخ الخطبة خير وأخف من الطلاق
تاريخ 18 ذو الحجة 1426 / 18-01-2006
السؤال(8/174)
أنا شاب خطبت فتاة منذ فترة قريبة وحدثت بيننا علاقة جنسية ولكنها مازالت بكرا، وهي كثيرة الكذب علي في أشياء أمنعها من عملها، ووصل بي الأمر إلى أنني لا أثق بها فى كل شيء، ولا أصدقها في أى شيء حتى في المشاعر، وأفكر جديا في الانفصال عنها لأني تعبت نفسيا جدا من هذا الموضوع وهو الكذب, وبدأت أحس بالملل معها في كل وقت أكون معها، ولكني أخاف أن أتركها وأتحمل ذنبها لأنها يتيمة الأب، ولما حدث بيننا من ممارسات وأيضا أخاف أن أتزوجها وتكون النهاية هي الطلاق لأني أحس بأنها تصطنع معي كل شيء حتى مشاعرها لا أصدقها فيها, مع العلم بأن هذه الفتاة كنت أحبها جدا أكثر من أى شيء آخر منذ فترة، وكنا سوف نرتبط لولا حدوث مشاكل أسرية, وبعدها ارتبطت بفتاة أخرى لمدة أربع سنوات ثم انفصلت بسبب الخلافات.
برجاء إرسال الحل وماذا أفعل كي أكفر عن ذنبي حتى أخرج من حالة التعب النفسى الشديد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية يجب عليك التوبة إلى الله من هذه العلاقات المحرمة، ومن الفواحش التي ارتكبتها، واعلم أن الزنا من كبائر الذنوب، قرنه الله عز وجل بالشرك وقتل النفس. وراجع الفتوى رقم 26170و الفتوى رقم22413 و الفتوى رقم: 21212
وعليك أن تعلم أن الخطيبة أجنبية حتى يتم عقد النكاح، لا يجوز النظر إليها - إلا عند خطبتها – ولا تجوز الخلوة بها، ولا غير ذلك من الأمور التي لا تحل مع الأجنبية، وسبق بيانه في الفتوى رقم 1151.
وأما الفتاة المسئول عنها فإذا كانت تكثر الكذب ولا أمل في علاجها و كنت لا تثق بها ولا تحس بمشاعر نحوها ويغلب على ظنك أنك ستطلقها بعد الزواج، فننصحك بتركها من الآن، فإن فسخ خطبتها خير لها وأخف عليها من طلاقها ، وراجع الفتويين رقم: 65281 ، ورقم: 49387
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يقبل الخاطب الذي يعمل محاسبا في فندق
تاريخ 19 ذو الحجة 1426 / 19-01-2006
السؤال
أنا شاب أعمل محاسبا فى فندق خمسة نجوم, وأتقدم لخطبة ابنة عمي وهم يعرفون أخلاقي وتديني جيدا وكان ردهم بالموافقة, ولكن يطلبون مني تغيير عملي ( لعلمهم بأن السياحة حرام ) وبالرغم من قلة فرص العمل ولكني وافقت على هذا الطلب وبعلمهم سعيت ومازلت أسعى بكل جدية بالبحث عن عمل آخر, ولكن لم يشإ الله التغيير حتى الآن ولكني لم أيأس من رحمة الله وسأظل أبحث, ولكن المشكلة الآن هي :هل يوافقون على الخطوبة ببنتهم أم يتروكنني لأنني أعمل بالسياحة برغم(8/175)
علمهم بجديتى في البحث عن عمل ؟ الرجاء توضيح الرؤية الدينية لهم فى ذلك هل يقبلونني أم لا ؟ من الناحية الدينية الرجاء التحديد نعم أو لا ؟ و لكم جزيل الشكر .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما بشأن العمل كمحاسب في فندق فقد تقدم حكمه في الفتوى رقم : 29257 ، فإذا كان هذا الفندق يسمح بالمحرمات وترتكب فيه المنكرات فلا يجوز العمل فيه ، وأما بالنسبة للراتب الذي تتقاضاه على العمل كمحاسب في الفندق فتراجع بشأنه الفتوى رقم : 37222 ، وعليه فيجب عليك ترك هذا العمل وعدم البقاء به إلا للضرورة ، وتقدر الضرورة بقدرها ، فإذا زالت وجب ترك العمل مع وجوب الاحتياط أثناء عملك عن المحرمات قدر المستطاع .
ومن حق أهل الفتاة اشتراط تركك لهذا العمل غير أنه ينبغي لهم تقدير الضرورة إن وجدت ، وإعطاؤك فرصة للبحث عن عمل آخر ، فإذا وفيت بالشرط وهو ترك العمل أو البقاء للضرورة مع السعي الحثيث للحصول على عمل آخر ، فينبغي لهم القبول بك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض . رواه الترمذي .
وإن لم توف بالشرط المذكور فلا تكون مرضياً في دينك حينئذ ، ومن كان كذلك فلا ينبغي القبول به زوجاً .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خطيبته تتكلم مع أجانب.. العلاج
تاريخ 04 ذو الحجة 1426 / 04-01-2006
السؤال
أنا شاب ملتزم دينيا وعمري 23عاما أريد أن أعرف رأي الشرع بمسألتي:
أنا خاطب منذ ستة أشهر وعلاقتي مع خطيبتي ممتازة وفجأة عرفت أنها كانت تتكلم عبر الهاتف مع عدة أشخاص قبل الخطوبة ومع شخص واحد بعد خطبتها هل الشرع يبيح لي أن أطلقها أم لا، وأنا خائف من أن تستمر هذه العادة بعد زواجنا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة لا يجوز لها أن تتكلم مع الرجال الأجانب لغير حاجة، والخاطب أجنبي عن المرأة حتى يعقد عليها، وأما قبل العقد فهو كغيره من الرجال الأجانب، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 27622، وعلى من وقعت في هذه المعصية التوبة منها، وإذا كانت هذه المرأة زوجة، فلا حرج على الزوج في طلاقها، فالطلاق مباح عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة
ونحوه، وتراجع الفتوى رقم: 43627، ولكنها إذا تابت وتراجعت عن هذه الحال فالأولى أن يسامحها.(8/176)
وإذا كانت مخطوبة فقط (لم يعقد عليها )، فلا حرج على الخاطب من فسخ خطبتها، وينبغي أولاً نصحها ووعظها ، فإن تابت ، فينبغي الاستمرار في خطبتها، وإن لم تتب فليفسخ خطبتها ويبحث عن فتاة ذات دين وصلاح ، تحفظه في غيبته وتصون عرضه.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
كيف يفعل من أحب فتاة وأرد أن يُعلِمها برغبته في نكاحها
تاريخ 05 ذو الحجة 1426 / 05-01-2006
السؤال
ماذا يفعل الشاب إذا أحب امرأة وأراد أن يوصل لها أنه يحبها وخاف أن يذهب ليقول لها إنه يريدها بالحلال وأن تخجل هي ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرجل إذا آنس من نفسه ميلاً تجاه امرأة وأرادها بالحلال ، وتأكد من صلاحها ودينها ، فليتقدم لخطبتها من وليها ، وإن أحب أن يعرف رأيها قبل التقدم لخطبتها ، فيمكنه أن يستعين بأحد محارمها ، أو إحدى محارمه ليستطلع الأمر ويستجلي الخبر ، وإن أحب التأكد وسماع رأيها بنفسه ، فلا بأس أن يسألها من وراء حجاب ، أو يتصل بها إن أمكن ، ويكون ذلك على قدر الحاجة ، فإذا عرف رأيها أقدم على خطبتها أو أحجم .
هذا، ويجب الحذر من خطوات الشيطان واستدراجه لك في مثل هذه الأمور، فإن ذلك خطر عظيم وشر مستطير .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم سؤال الرجل الفتاة عن رأيها في الزواج من بعضهما
تاريخ 03 ذو الحجة 1426 / 03-01-2006
السؤال
أنا شاب عمري 19سنة وأحببت فتاة من دون أن تعلم أني أحبها وقمت بإرسال رسالة بريدية لمقر عملها فوصلتها الرسالة وقد وضعت رقم هاتفي لها لكي تتصل بي أو ترسل لي رسالة عن طريق الجوال فلم ترد علي هذه الفتاة وقررت أن أرسل لها رسالة أخرى أخبرها بأني أحبها وأريدها زوجة لي على سنة الله و نبيه الحبيب صلى الله عليه وسلم وانتظرت اتصالها طيلة أربعين يوما وفي خلال هذه المدة الطويلة كنت أصلي بالليل وأدعوالله أن يقذف في قلبها حبي كما قذف في قلبي حبها وأن يزوجني بها فهو خالقي وخالقها وأنا عبده وهي أمته وكما دعوته أن يجعلها تكلمني أو ترسل لي رقمها عن طريق الجوال فهو يعلم أني أريدها بالحلال(8/177)
وكنت أصوم الاثنين والخميس والأيام البيض لكي أدعو الله فدعوة الصائم عند فطره لاترد والحمدلله استجاب ربي دعائي وقامت بإرسال رقمها على إيميلي لأني قد كتبت لها إيميلي وذلك عن طريق الماسنجر في محادثة كتابية إخواني الأفاضل أليس الله تعالى هو القائل: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } وأنا الآن أكلم الفتاة بقصد أن أعرف خلقها وكل ذلك يتم بعلم أم الفتاة وعلم والدتي ومن قبلهم علام الغيوب فأنا والله أحبها حبا يملأ ما بين الأرض والسماء و لا أتخيل اسم امرأة يرتبط باسمي سواها ولكني أخاف الله وأعلم أن من ترك شيئا ً لله عوضه الله خيرا ً منه ولكن أقول في نفسي أيعقل أن الله يستجيب دعوة العبد المسكين إذا أراد معصية الرحمن أم أن ذلك من مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون يا إخواني أليس الله طيب لا يقبل إلا طيبا كيف يستجب الله دعوة عبد أراد بهذه الدعوة معصيته أرجوكم أفيدوني هل أستمر في مكالمتها عن طريق الهاتف بقصد أن أعرفها وتعرفني عن كثب فهي بلاد و أنا في بلاد أخرى وإني أبرىء ذمتي بسؤالي لكم وأرجوكم أريد الإجابة على سؤالي بالدليل من الكتاب والسنة والتوضيح الوافي والكافي لكي لا أندم على أي قرار أتخذه سألتكم بالذي منّ عليكم بنعمة هذا الدين العظيم الذي اصطفاه لنا الله هذا الدين الذي لا يشاده أحد إلا غلبه كما قال صلى الله عليه وسلم وأعتذر عن الإطالة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في التكلم مع الفتاة وسؤالها عن رأيها في الزواج بك ، سواء بطريق رسالة أو هاتف أو غيره ، فإذا ما عرفت رأيها فعليك أن تتجه إلى وليها لخطبتها منه، ولك النظر إليها عند خطبتها ، ولا يجوز لك التحدث معها لغير حاجة ، وأما معرفتها فهي لا تتم عن طريق المحادثات الهاتفية ، بل بالسؤال عنها من يعرفها. وراجع الفتوى رقم : 66843 .
وأما دعاؤك بأن ييسر الله لك الزواج بها ، وأن يحببها إليك، وبأن ترسل لك رقم هاتفها لتسألها عن رأيها في الزواج بك وما إلى ذلك من أمور مباحة ، فليس فيه دعاء بمعصية فلا حرج فيه .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
رد المرأة الخطاب لحاجتها إلى العمل لتعول أمها
تاريخ 21 ذو القعدة 1426 / 22-12-2005
السؤال
توفي والدي وأنا لم أكمل ربيعي الأول فكرست والدتي حياتها لتلبية حاجاتنا أنا وأخي الدي يكبرني بسنتين تقريبا، فمن علي ربي بعمل رغم أن الراتب لا يبلغ ما تمنيته لأعوض أمي عن حرمانها من أجلنا، فهل سأحاسب لرفضي الزواج من رجل لا يريد لزوجته أن تعمل خارج البيت، خصوصا أنني أعمل لمساعدة والدتي فهي مريضة ومعاشها لا يكفي لدوائها ومصاريفها حيث إن أخي أيضا لا يعمل، فلو(8/178)
كان أخي يعمل ويتحمل مسؤولية أمي والبيت، ربما ما فكرت في العمل، علما بأنني أيضا أرفض الزواج من رجال آخرين بسبب عدم تدينهم مما يزيد المسألة تعقيداً، أرشدوني؟ جزاكم الله خيراً، ولكم مني أحر التشجيعات على هذه الشبكة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في حرصك على الزواج من صاحب الدين والخلق، فهو الأحرى بأن يحفظ للمرأة دينها، وأن يرعى لها حقها، والزواج من الشعائر العظيمة التي يهدف الشارع منها إلى مقاصد نبيلة، ومنها إعفاف النفس وتكثير النسل وغيرهما، فينبغي للمسلم المبادرة إليه ما أمكن، فإذا تقدم للمرأة صاحب الدين والخلق فينبغي أن ترضى به زوجاً إن لم يكن ثم عذر شرعي يسوغ رفضه، روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. ولا حرج في ترك الزواج للرجل أو المرأة ما لم يخش الوقوع في الحرام، وعليه فلا حرج على الأخت في رد من خطبها لا سيما إذا كانت بحاجة للعمل، وردت الخاطب لكونه لم يسمح لها بالعمل المباح، ولا يتوجه إليها الذم.
إلا أنه لا ينبغي أن يستمر الأمر على هذا الحال دون البحث عن حل، وينبغي أن تصارحي أخاك وتحثيه على البحث عن عمل، بحيث يتمكن من مساعدة أمه والإنفاق عليها، وننبه إلى أن هنالك ضوابط لعمل المرأة تجب مراعاتها، وتراجع هذه الضوابط في الفتوى رقم: 3859.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
فسخ الخطبة للعيب ليس من إخلاف الوعد
تاريخ 21 ذو القعدة 1426 / 22-12-2005
السؤال
أرجو أن تنيروني بالإجابة الشافية والكافية، الموضوع: بعد 32 سنة من الصبر تقدمت مؤخراً إلى خطبة إحدى الفتيات بعد استشارة جميع العائلة الذين وافقوني الرأي، إلا أنه بعد التعرف على الفتاة وإنهاء مراسم الخطبة رغم جمالها المتواضع فإنني اكتشفت أن أسنانها العلوية اصطناعية فاصطدمت بذلك، وبقيت في حيرة من أمري هل ألغي الخطبة وبالتالي أكون في عداد الذين من وعد أخلف أم أكمل الزواج والله يعوضني عن صبري معها، علما بأنها غير متحجبة لكنها من عائلة كريمة وإنني على قناعة أنني سأقنعها بالحجاب بعد الزواج، أرجو منكم أن تجيبوني على سؤالي لأنني في حيرة من أمري، وهل أكمل الزواج أم ألغي الخطبة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم رحمك الله أن مقصود النكاح هو حصول المودة والرحمة بين الزوجين، وهذان هما أساس الرابطة الزوجية، قال الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ(8/179)
أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}، فإذا وجد الرجل بالمرأة عيباً منفراً لا يحصل معه هذا المقصد، فإن له حق الخيار وفسخ العقد، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 10711.
هذا في العقد فمن باب أولى الخطبة التي هي وعد بالزواج وليست عقداً، وراجع الفتوى رقم: 18857.
وعليه؛ فإذا كان ما ذكرت من عيب بمخطوبتك قد ينفرك منها ولا يحصل معه مقصود النكاح من المودة والرحمة، فإن لك فسخ خطبتها، ولا تكون بذلك قد أخلفت وعدك معها، وأما إذا كان هذا الأمر لا ينفر، ويمكن معه حصول المقصود من النكاح، فينبغي لك إتمام الزواج بها، لا سيما إذا كانت ذات خلق، وكنت ترجو أن تلتزم بشرع الله على يديك، وانظر الفتوى رقم: 27982.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يخبر مخطوبته بمرضه المعدي الذي عوفي منه
تاريخ 18 ذو القعدة 1426 / 19-12-2005
السؤال
كنت قد أصبت بالج عافاكم الله ولقد تم علاجي مبكرا , ولقد أصبحت الآن طبيا معافى والحمد لله(لدي مستندات طبية) مع بقاء مظاهر من أثر المرض تتمثل في ضمور بعض العضلات بشكل لا يدعو للقلق + قصر أصبع الخنصر فقط الذي يدخل سبب آخر فيه نتيجة احتراقه بماء ملح ساخن .
ألسؤال:
1 - هل لمثلي أن يتزوج ؟
2 - إذا كان بنعم أليس من الأمانة إيضاح الأمر لذويها ؟
3 - هل من أي وصايا ترونها مناسبة ؟
رجاءً:
هل من جهة خيريةٍ يمكنها ان تدعمني بأي شكل من أشكال الدعم, وإذا كان ثمة أي بيانات مطلوبة يمكنني مدكم بها إذا ما قوبل هذا الرجاء بالموافقة .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إن كان المرض الذي أصابك قد شفيت منه، وأخبر الأطباء الثقات بأن هذا المرض لا يعدي ولا يمنع من الاستمتاع فلا مانع من الزواج، ولا يلزمك إخبار الزوجة به، أما إن كان المرض معديا، أو كان المرض يحول دون استمتاع زوجتك بك فلا بد من إعلامها لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ، وأحمد في المسند وغيرهما ، ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من غشنا فليس منا. رواه مسلم وغيره.
ونوصيك بالإكثار من الدعاء لاسيما الوارد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم(8/180)
وأما بشأن طلبك، فيمكنك الاتصال بالجمعيات والمؤسسات الخيريه، نسأل الله تعالى لك الخير في الدنيا والآخرة.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ما يفعل إذا رفض الأب الخطاب المتقدمين لابنته
تاريخ 10 ذو القعدة 1426 / 11-12-2005
السؤال
أنا أدرس في إحدى الجامعات ولي زميلة أحببتها من دون الأخريات وطلبت منها الزواج بعد التخرج وهي موافقة علي ولكنها تقول إن والدها يرفض كل من تقدم لخطبتها وأنا أنوي خطبتها في الوقت الحالي وقد استخرت المولى عز وجل عدت مرات وأجد في كل مرة أني أزداد عزيمة للمضي للأمام مع العلم أني قد تغيرت منذ أن عرفتها ؟ فماذا تنصحوني وإياها؟
وجزاكم الله عنا خيرا وشكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولاً أنه لا يجوز للمسلم أن يكون على علاقة بفتاة أجنبية عليه ، فإن ذلك وسيلة من وسائل الفتنة ، وراجع الفتوى رقم : 30003 .
ولو قُدِّر أن وقع في قلب رجل حب فتاة فأفضل علاج هو الزواج منها ، روى ابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح . ولكن ينبغي عدم التعجل إلى خطبة هذه الفتاة حتى تستشير في أمرها ، فإن تبين لك صلاحها في دينها وخلقها فلتتقدم لخطبتها ، فإن أهم ما ينبغي أن يكون محل نظر الرجل دين المرأة وخلقها ، لما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فاظفر بذات الدين تربت يداك .
وإذا كان والد الفتاة يرفض خطبتها فينبغي السعي في إقناعه فإن اقتنع فالحمد لله ، وإن أصر على رد الخطاب الأكفاء وأراد عضلها لغير مسوغ شرعي فلها أن ترفع أمرها إلى المحكمة الشرعية أو الجهات المختصة بالنظر في أمور المسلمين في البلاد غير الإسلامية ليزال عنها الضرر وتزوج من الكفء. وتراجع الفتوى رقم : 14222 .
وننبه إلى أنه ينبغي الحذر من طول أمد الخطبة وتأخير الزواج، فإن هذا من أسباب حصول كثير من المشاكل .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الكلام مع الخطيبة
تاريخ 04 ذو القعدة 1426 / 05-12-2005(8/181)
السؤال
هل يجوز للشاب أن يطلب من فتاة رقم الهاتف الخاص بعائلتهم(جوال الأم مثلاً... ويكلمها بقصد أن يتزوجها حسب ما شرع الله، وذلك بمعلومية أم الفتاة وعلم أم الشاب وإنما طلب رقمها لكي يعرف إيجابيتها وسلبياتها كي يؤسس البيت على ما شرع الله ثم الحب المتبادل بين الطرفين وذلك حسب ما قال النبي صلى الله عليه وسلم(الأرواح جنود مجندة ما تلاقى منها ائتلف وما تناكر منها اختلف)....... أفيدوني؟ جزاكم الله كل خير، وجعل الفردوس الأعلى هي منزلنا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أنه ليس من الوسائل المشروعة للخاطب أن يبقى على اتصال بخطيبته وإن علم أهلهما، لأنها أجنبية عنه، وإنما أبيح له النظر إليها بقدر ما يدعوه إلى نكاحها، وكذا إذا احتاج إلى تكليمها في أمر ضروري، والأولى أن يكلم أولياءها، أو يرسل من نساء أهله من يتثبت له مما يريد، وانظر الفتوى رقم: 843، والفتوى رقم: 1847.
وأما الحديث الذي ذكرته فانظر نصه ومعناه وتخريجه في الفتوى رقم: 64949.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
قد تكون العودة إلى الخطيبة من ثمرات الاستخارة
تاريخ 04 ذو القعدة 1426 / 05-12-2005
السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 30 عاما ألحت علي أمي بالزواج من بنت أخيها وأبي لم يكن سعيدا بهذا الأمر, فصليت صلاه الاستخاره عدة مرات ثم ترددت في بداية الأمر حتى لا ينزعج والدي لأن والدته لا تريد أن يتم هذا الموضوع، ثم تكلمت مع خالي والفتاة في الموضوع وقد رحبوا وسروا بهذا الأمر وبعد مرور أشهر رفضت الفتاه الزواج، لأنها كما قالت صلت الاستخارة ولم ترتح لهذا الأمر، علما بأنها قد صلت الاستخارة عندما تقدمت لخطبتها في بداية الأمر وكانت مسرورة به وبعد ما تدخل الأهل عادت الفتاة لتوافق ببعض الشروط المباحة، فقمت أنا بصلاة الاستخارة وبعدها بأسبوع من التفكير تركت الفتاة دون حدوث شجار بين العائلتين بل بطريقة لبقة، المهم أني والفتاة نكن لبعضنا الاحترام والمودة وأمي تلح علي بالرجوع للفتاة وأبي لا يخفي انزعاجه من هذا الأمر، فهل علي أثم إذا أطعت أمي، علما بأني أكن للفتاة مشاعر طيبة، ولكن أخاف أن أكون بمعاودة التقدم لها مخالفة لله بعد أن صليت الاستخارة قبل الانفصال عنها؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في العودة إلى خطبتها وليس في ذلك مخالفة لنتيجة الاستخارة إذ قد تكون العودة من نتيجة الاستخارة، ونتيجة الاستخارة قد تكون انشراح صدر للإقدام، أو(8/182)
انقباض صدر للإحجام، أو تيسير أمور ما تريد أن تقدم عليه ونحو ذلك، واحرص على اختيار ذات الدين التي ترعاك وترعى أولادك وتحفظك في نفسها ومالك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
رفض الخاطب لكونه ليس طويل القامة
تاريخ 20 شوال 1426 / 22-11-2005
السؤال
متقدم لى شاب متدين وذو خلق لكن أحب الأشخاص طوال القامة وهو ليس كذلك هل حرام الرفض لهذا السبب أرجو الإفادة وكيف أتصرف لأن هذه الفكرة مسيطرة على فكرى ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى الفتاة أن تحرص على اتصاف من تقبله زوجاً لها بالدين والخلق لأنهما الأصل ، وبهما تحصل السعادة الزوجية ، بإذن الله تعالى ، وأما صفات الجمال فإنها مطلوبة كذلك وهي نسبية تختلف من شخص إلى آخر، فما يراه شخص قبيحاً قد يراه غيره جميلاً ، فلا حرج على الفتاة من عدم قبول الشاب المذكور إذا لم يعجبها شكله ، وإن كان متصفاً بالدين والخلق خصوصاً إذا رأت أنها قد لا تؤدي حقه وما أوجبه الله عليها تجاهه . وفق الله الجميع لما يحبه الله ويرضاه .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم الخلوة قبل عقد النكاح
تاريخ 10 شوال 1426 / 12-11-2005
السؤال
أنا فتاة عندي 18 سنة، في إعدادي هندسة مخطوبة ولكن المشكلة أني أحب خطيبي جداً وهو يحبني، ولكن نختلي ببعض ونقع في المعاصي، وكلما حاولنا عدم الخلوة لا نستطيع فهو يعاملني كالمعاشرة ولكن طبعا جزء منها أي لم يدخل علي فأنا لا أريد أن أعصي الله أكثر من هذا، فهل نتزوج علما بأن أهلي يريدون أن أكمل تعليمي أي يريدون الزواج بعد 5 سنين، أم نكتب الكتاب وهذا لكي أكون زوجته شرعا وأحل له، علما طبعا بأن أهلي وأهله لا يعلمون ما يدور بيننا؟ وشكراً، وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن هذا الرجل، طالما أنه لم يعقد عليك عقد النكاح، فإنه أجنبي عنك كغيره من الرجال، فلا يجوز الاختلاء به ولا الظهور له، وتمكينه من اللمس أو ما هو فوقه، وإنما رخص الشرع للخاطب أن ينظر إلى المرأة التي يريد خطبتها بقدر ما(8/183)
يرغبه في زواجها، فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل. قال جابر فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني لنكاحها فتزوجتها. رواه أحمد وأبو داود.
والظاهر أن السائلة قد تجاوزت حدود الله عز وجل، وارتكبت ما حرم الله عليها، فيجب عليها وعلى خطيبها أن يبادرا إلى التوبة إلى الله عز وجل بالندم على ما فات والإقلاع عن الذنب، وعدم إجراء أي نوع من أنواع الاتصال حتى يتم عقد النكاح صحيحاً مستوفياً شروطه.
وأما عن عقد النكاح، فإذا استطعت إقناع أهلك به فهو خير لك طبعاً ولخطيبك، لأنه إذا تم بجميع شروطه حل لكما جميع ما يحل بين الأزواج، ولك أن تراجعي في شروط النكاح الفتوى رقم: 1766.
وإذا رفض وليك الشرعي النكاح، ولم تجدي وسيلة لإقناعه، فلا مانع من رفع المسألة إلى القاضي الشرعي في بلدك ليقنعه بالعدول عن موقفه، أو يزوجك هو إن استمر الولي على إصراره، وعلى أية حال، فإنه لا سبيل إلى أي لقاء بينك وبين خطيبك ما لم يتم العقد الشرعي بينكما.
وإذا كنتما لا تستطيعان الصبر على الخلوة والوقوع في المعاصي، فهل تستطيعان الصبر على عذاب جهنم ساعة واحدة من الزمان؟ ولا شك أن الجواب سيكون بالنفي، وأن الصبر عن المعصية أخف بكثير من الصبر على لحظة من العذاب، ونسأل الله أن يتوب عليكما، ويجنبكما المعاصي إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عنوان النظر إلى المخطوبة وهل من حقه الرفض بعد النظر
تاريخ 10 شوال 1426 / 12-11-2005
السؤال
أنا شاب أبحث عن فتاة للزواج إن شاء الله، من العادة عندنا أن تبحث الأم عن الفتاة وتذهب لرؤيتها هي وترى أحوال عائلتها وإن رأتها الأم ملائمة وطيبة الأخلاق يأتي دوري لكي أذهب أنا لرؤيتها والتعرف عليها وتكون الكلمة بعد ذلك لي، سؤالي هنا عن هذه الطريقة لإيجاد الزوجة وهل بمجرد أن أراها أقبل بالزواج بها أو لدي الحق بالرفض كونها لم تعجبني؟ وشكراً لكم إخواني مسبقا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الطريقة التي ذكرتها للبحث عن الزوجة فلا حرج فيها وهي من الطرق الصحيحة السليمة إذ النساء أعرف بالنساء ويستطعن معرفة ما لا يمكن للرجل معرفته عن المرأة ورؤية ما لا يمكن له رؤيته، فقد أخرج البيهقي في سننه والحاكم في مستدركه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوج امرأة فبعث امرأة لتنظر إليها فقال: شمي عوارضها وانظري(8/184)
عرقوبيها، قال: فجاءت إليهم فقالوا ألا نغديك يا أم فلان، فقالت: لا آكل إلا من طعام جاءت به فلانة، قال: فصعدت في رف لهم فنظرت إلى عرقوبيها، ثم قالت: افليني يا بنية، قال: فجعلت تفليها وهي تشم عوارضها، قال: فجاءت فأخبرت. قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص: على شرط مسلم. ويجوز كذلك نظرك إليها بل يندب، لما بيناه في الفتوى رقم: 2729.
قال العيني في عمدة القارئ: ومما احتج به القائلون بجواز النظر حديث محمد بن مسلمة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا ألقي في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها. رواه الطحاوي وابن ماجه والبيهقي، وبحديث أبي حميد الساعدي وقد كان رأي النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها للخطبة وإن كانت لا تعلم. رواه الطحاوي وأحمد والبزار، وبحديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم المرأة فقدر على أن يرى منها ما يعجبه فليفعل. رواه الطحاوي وأبو داود. وقد بينا حدود ذلك وما يجوز للخاطب النظر إليه من مخطوبته في الفتوى رقم: 2729، والفتوى رقم: 5814.
وننبهك إلى أن أولى ما ينبغي أن تحرص عليه في المرأة هو دينها وخلقها فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه، فالجمال الحقيقي هو جمال الدين والخلق كما بينا في الفتوى رقم: 31475، والفتوى رقم: 61632.
وإذا رأى الخاطب مخطوبته فلم يجد بها ما يدعوه إلى نكاحها ورغب عنها فلا حرج عليه في تركها ورفضها، ولكن إذا كانت ذات خلق ودين فالأولى له الظفر بها وعسى أن يكره المرء شيئاً وهو خير له، كما في قوله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ما ينظر إليه من المخطوبة
تاريخ 06 شوال 1426 / 08-11-2005
السؤال
أريد أن أعلم صحة أن سيدنا عمر بن الخطاب كشف عن ساق إحدى النساء حينما أراد أن يتقدم لخطبتها حيث أني قرأتها في فقه السنة لسيد سابق، وإذا كان صحيحا، هل يجوز ذلك الآن باعتبار أن سيدنا عمر بن الخطاب فعل ذلك وهو من الخلفاء الراشدين؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/185)
فقد ورد في مصنف عبد الرزاق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي جعفر قال: خطب عمر إلى علي ابنته فقال: إنها صغيرة، فقيل لعمر إنما يريد بذلك منعها. قال فكلمه فقال علي: أبعث بها إليك فإن رضيت فهي امرأتك. قال: فبعث بها إليه، قال: فذهب عمر فكشف عن ساقها: فقالت: أرسل فلولا أنك أمير المؤمنين لصككت عنقك. وهذا الأثر فيه ضعف لانقطاعه، كما ذكر ذلك ابن حجر في كتابه الإصابة.
والصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم أنه يجوز النظر إلى وجه المخطوبة وكفيها فقط، مع أن المسألة فيها خلاف، قال الشوكاني في نيل الأوطار: وقد وقع الخلاف في الموضع الذي يجوز النظر إليه من المخطوبة، فذهب الأكثر إلى أنه يجوز إلى الوجه والكفين فقط، وقال داود: يجوز النظر إلى جميع البدن، وقال الأوزاعي: ينظر إلى مواضع اللحم. ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 27234.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
فسخ الخطبة بغير مبرر شرعي
تاريخ 06 شوال 1426 / 08-11-2005
السؤال
أنا مهندسة تقدم لي محاسب من إحدى الشركات التي أتعامل معها والتي ساعدت أختي على الالتحاق بوظيفة فيها وبعد مجيء أهل هذا الشاب واتفاق أهلي وأهله على كافة التفاصيل فوجئت به يذهب لوالدي ويعتذر له عن خطبتي ويطلب يد أختي التي ألحقتها بالعمل معه في نفس الشركة والمفاجأة أن أختي موافقة عليه وعلى كل طلباته وصارحتني أنها تحبه وهو معتبر أن هذا حقه لأنه لقي إنسانة تبادله حب ومشاعر فبادلها حبه وأنا مخطوبة له وأن هذا حقه وأنها تطلب مني أن أتركها تتزوجه فهي كانت تعلم أني سأفشل معه فكانت صدمة جعلتني أفقد الثقة في نفسي وفي كل من حولي وأصبت بالمرض نظراً للإهانه الشديدة التي تعرضت لها من هذا الشخص، علما بأن أهله رفضوا خطبته لأختي وأنا قلت لها إنها تتزوجه بشرط أن تبعد عني تماما -أي المقاطعة بيني وبينها- وللعلم أنني لم أبالغ ولم أرهقه بأي طلبات مادية، والآن أنا وأختي علاقتنا مضطربة ولم نعد كما كنا من قبل أنا بكيت كثيرا وتضرعت لربنا أن يرد لي إهانته لي وإهانة أختي لي التي تقول إنها لم تفكر في الموضوع من قبل، مع العلم بأني وجدت في أغراضها أشياء تثبت عكس الكلام، ماذا أفعل لأنهي الشك وفقدان الثقة التي تسيطر علي حتى الآن؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففسخ الخطبة بدون مبرر شرعي لا ينبغي، لما في ذلك من خلف الوعد وعدم الوفاء بالعهد المذمومين في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد قال جل وعلا: وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً {الإسراء:34}، وقال تعالى: وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً {النحل:91}.(8/186)
فإذا عاهد المسلم أخاه المسلم على شيء ما فعليه أن يفي له بهذا العهد امتثالا لأمر الله تعالى، وإخلاف العهد منهي عنه شرعا ومذموم طبعاً، وهو من صفات المنافقين لقوله صلى الله عليه وسلم: أربع من كن فيه كان منافقاً خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا ائتمن خان. رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو.
ولا شك أن الزواج إذا حصل عليه وفاق من أهم ما ينبغي أن يفي به الطرفان، لما يترتب على خلفه من الأذى النفسي للمخطوبة وأهلها، ولأنه قد يشوه سمعتها عند الخطاب.
ولكن ربما يطلع أحد الطرفين على أشياء عند الآخر لم يطلع عليها من قبل فتدعوه إلى فسخ الخطبة قبل العقد، ولو وقع العقد لكان طلاقا وتكون المشكلة أكبر لما يترتب عليها، والفسخ قبل العقد لا يترتب عليه شيء لا عدة ولا نصف صداق... وعليه فما فعله خطيبك هذا ما كان ينبغي له أن يفعله إذا لم يكن له مبرر لفعله، وأسوأ منه قبول أختك لخطبته لها وهو لا يزال خاطباً لك، وأسوأ من ذلك أن تجدي في أغراضها ما يثبت أنها كان لها مساع فيما حصل.
وعلى كل حال فننصحك -أيتها الأخت الكريمة- بأن تصبري وتكلي الأمر إلى الله، فقد قال الله تعالى: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ {الطلاق:3}، ولا تقاطعي أختك مهما كان الحال، فإن ذلك يضر بدينك، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 66723.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
إذا تقدم شابان متساويان في الخلق والدين
تاريخ 04 شوال 1426 / 06-11-2005
السؤال
تعرفت على شابين أحدهما تقدم لي نسبة لأن ظروفه المادية أحسن من الآخر - لكنى أميل إلى الآخر وأحس أنى أستطيع أن أفهمه ويفهمنى لكن ظروفه المادية صعبة حيث إنه بمثابة عائل لأسرته ويحتاج لوقت - مع العلم بأنهما بنفس الدرجة فى حسن الأخلاق - هل أتزوج هذا وأقول اللهم لا تلمنى فيما أملك ولا أملك أم أنتظر ذلك أم ماذا أفعل ؟
رجاءا أفيدونى وجزاكم الله عنى خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الأساس الذي ينبغي أن يبنى عليه الزواج وهو الدين والخلق فقال صلى الله عليه وسلم : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير . قالوا يا رسول الله وإن كان فيه ؟ قال إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات . رواه الترمذي وغيره(8/187)
وقال صلى الله عليه وسلم : تنكح المرأة لأربع : لمالها، ولحسبها ، وجمالها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك . رواه البخاري ومسلم
فالأساس في الاختيار إذا ينبغي أن يكون للدين والخلق ، ولذلك فإذا كان هذان الشابان بنفس الدرجة من الدين والخلق فعليك أن تستخيري الله تعالى الاستخارة الشرعية وتستشيري من تثقين به من أهل الرأي والمعرفة بهما من أقاربك .
ونسأل الله تعالى أن يرشدك لما فيه المصلحة لك في العاجل والآجل ، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين : 14672 ، 62167 .
كما ننبهك إلى أنه لا يجوز للفتاة التعرف على الشباب بالطرق المحرمة التي ربما يفعلها بعض الشباب لأن الإسلام حرم كل علاقة من هذا النوع بين رجل وامرأة أجنبيين إلا عن طريق الزواج الشرعي .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خيار الفسخ إذا كانت المرأة لا تبصر بإحدى عينيها
تاريخ 29 رمضان 1426 / 01-11-2005
السؤال
إحدى عينيّ لا أبصر بها هل أصارح خطيبي بذلك، مع العلم بأن هذا العيب غير ملحوظ؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن العيوب الخلقية ما هو مؤثر تأثيراً شديداً أو ربما لو علم به الزوج لترك الزواج فهذا يجب ذكره لما في كتمه من التدليس على الزوج وغشه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا. رواه مسلم، وقد بينا أن من العيوب ما يثبت به خيار الفسخ بعد الزواج إن لم تبين قبل العقد ومنها ما ليس كذلك، وانظري الفتوى رقم: 19935.
وضعف البصر الشديد أو زواله بالكلية من إحدى العينين ربما لا يكون عيباً ظاهراً ولكن إذا علم به الزوج ربما اشمأز منه، وقد ذكرت أن إحدى عينيك لا تبصر فيجب عليك بيان ذلك له، فإن رضي به فنعما هي وهو أحرى أن يؤدم بينكما، وإن كرهه فعسى أن يبدلك الله خيراً منه، وقد قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:2-3}.
ولكن إذا كان الضعف خفيفاً بمعنى أنك تبصرين بها ولكن بها نقص دون الأخرى فلا يجب بيان ذلك لخفته وعدم تأثيره ظاهرا أو باطنا، ولا يجب على الشخص أن يبين كل صغيرة وكبيرة، بل إن بعض العيوب الخفيفة غير المؤثرة ربما كان الأولى سترها، والضابط هنا أن ما كان مؤثراً قويا يجب إعلام الزوج به لما في كتمه من الغش والتدليس سيما إذا كان مما لا يثبت به خيار الفسخ، وإن كان العيب خفيفاً غير مؤثر فلا يجب ذكره، وانظري الفتوى رقم: 8544.(8/188)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ضوابط الحديث مع الخطيبة
تاريخ 29 رمضان 1426 / 01-11-2005
السؤال
شيخنا الفاضل لقد حصل تعارف بين صاحب لي وبين فتاة عن طريق الإنترنت وهما الآن يريدان الزواج من بعضهما وهناك بعض الأسئلة حول هذا الموضوع أولها: كيف يمكن لهما الزواج وهو لا يستطيع السفر لبلدها لأسباب سياسية وهي ربما على الأغلب لا تستطيع السفر مع محرم لأن أخوتها يريدون لها الزواج من داخل البلد ولربما يعارضون ذلك، وعلما بأنها فتاة أبوها متوفى وهي مطلقة وهي تسكن مع أمها فقط, فهل يجوز لها أن تسافر إليه بقصد الزواج منه؟
أما سؤالي الثاني: صاحبي يقول إنه قام بمحادثة هذة الفتاة هاتفيا وأرسلوا لبعضهم صورا للتعارف فما حكم ذلك، وهو يقول أيضا إنه كان على علاقة بها لمدة طويلة كان يتحدث ويكتب لها عن أمور الدين ويعلمها, لأنها كانت تلبس لباسا غير شرعي ولا تغطي رأسها ولم تكن تصلي ولكنها الآن وبعون الله أصبحت تصلي وتحافظ على صلاتها والسنن وتتحشم بلباسها وتغطي رأسها وهي تملك من الإيمان الكثير، ولكن كانت في غفلة ولم تكن تدرس أحكام الدين وكانت لا تثق بالشيوخ لحادثة ما حصلت معها على حد قولها، فما حكم التحدث إليها أو مراسلتها عن طريق الإنترنت ضمن أحكام الآداب والشرع أو ضمن التحدث إليها عن كيفية وطريقة زواجهما أو ما بعد الزواج، وأخيراً أرجو منك النصيحة لهما عن كيفية سلوك الطريق الصحيح؟ وبارك الله فيكم، وجزاكم الله كل الخير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز له أن يوكل من ينوب عنه لمباشرة العقد وعمل ذلك، ثم يبحث عن محرم يرافقها إليه، ولا يصح أن تسافر إليه قبل العقد إلا إذا كان معها وليها؛ إذ لا يصح نكاحها بدون إذن وليها سواء أكانت مطلقة أم غير مطلقة، ولكن إذا عضلها الولي عن الكفء فلها أن ترفع أمرها إلى القاضي ليتولى أمرها، وأما أن تذهب إليك دون محرم وتعقد دون إذن وليها فلا يجوز ذلك ولا يصح.
فإذا تيسر موافقة أوليائها وأوصلها أحدهم إليك أو وكلت من ينوبك في العقد ووجدت لها محرماً يرافقها إليك فينبغي أن تتزوجها وفاء بوعدك لها إذا كانت ذات خلق ودين، كما أن في ذلك إعفافاً لها وإعانة لها على الالتزام.
وأما إذا لم يتيسر ذلك كأن يرفض الأولياء، فينبغي أن تبحث عن غيرها، ولا يجوز أن تقدم على محرم فتنكحها دون إذن أوليائها أو ترغبها في السفر دون محرم معها، وانظر الفتوى رقم: 741، 6219، 13604.(8/189)
وأما المحادثة عن طريق الشات أو غيره لأجل الدعوة فقد بينا ضوابط ذلك في الفتوى رقم: 65753، والأولى أن يتولى دعوة النساء نساء، كما بينا في الفتوى رقم: 5271.
وأما الحديث معها عن الزواج وكيفيته فلا حرج فيه ولكن ينبغي أن يكون ذلك بقدر وحد، فإنه أبيح على خلاف الأصل للحاجة إليه مثل النظر فلا يتعدى بالحاجة محلها ولا بالرخصة خارج حدها، فلا يجوز الاسترسال في ذلك واتخاذه وسيلة لبث أحاديث الغرام ومطارحة الهوى مثل ما هو واقع ومشاهَد، وينبغي أن تعلم أن الذي يحاسبك هو الله الذي يعلم السر وأخفى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {المجادلة:7}.
واعلم أن المرء ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ملكان أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله يسجلان عليه ذلك في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فاتق الله سبحانه وتعالى ولا تفعل إلا ما أذن لك فيه شرعاً، وللاستزادة انظر الفتوى رقم: 1072.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نصائح لمن لم تجد الزوج
تاريخ 23 رمضان 1426 / 26-10-2005
السؤال
أنا فتاة غير متزوجة وأبلغ من العمر30سنة، تكمن مشكلتي أن لدي شهوة كبيرة ومتواصلة وتثور شهوتي لأبسط الكلام، قد يكون الكلام عاديا جداً ولكنه يثيرني، وأمنع نفسي عن أي وسائل للتغلب عليها خوفاً من الله. ولم يرزقني الله سبحانه إلى الآن الزوج الصالح وأنا دائمة الدعاء له. فبماذا تنصحني أيها الشيخ الفاضل؟ أرجو أن تدعو لي أن يرزقني الله زوجاً صالحاً لأعف نفسي ؟
وجزاكم الله خيراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنرجو من الله العلي القدير أن يرزقك زوجاً صالحاً لتعفي به نفسك عن الحرام . وننصحك بأن تعرضي نفسك على الرجال الذين تتوسمين فيهم الدين والخلق لتتزوجي منهم ، واعلمي أن عرض المرأة نفسها على الرجل وتعريفه رغبتها فيه لصلاحه ، أوفضله أو علمه أو غير ذلك من الأغراض المحمودة جائز شرعاً ولا غضاضة فيه . فقد أخرج البخاري من حديث ثابت البناني قال : كنت عند أنس رضي الله عنه وعنده ابنة له ، قال أنس : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تعرض عليه نفسها ، قالت: يا رسول الله ألك بي حاجة ؟ فقالت بنت أنس : ما أقل حياءها واسوأتاه! قال : هي خير منك ، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم(8/190)
فعرضت عليه نفسها . وقد أخرج البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب عرض ابنته حفصة على عثمان بن عفان رضي الله عنه حين تأيمت من خنيس ين حذافة السهمي رضي الله عنه . وقد عرض الرجل الصالح إحدى ابنتيه على موسى عليه الصلاة والسلام المشار إليه بقوله تعالى : إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ {القصص : 27}
وفي انتظار أن يرزقك الله بالزوج الصالح ، فعليك بالإكثار من الصيام ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء . رواه البخاري ومسلم .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
امتناع الأهل عن استقبال الخطاب من العضل
تاريخ 20 رمضان 1426 / 23-10-2005
السؤال
خطبني ابن خالتي والأهل كلهم قبلوا لكني رفضت لأني ما انسجمت وإياه وفرضت عقوبات علي منها ما يستقبلون أحدا يخطبني وتعرفت على واحد معه بالدوام وأحسسته مناسبا إلي وأريد أن يتقدم إلي وما أعرف الحل أخاف يخطب ويرفضونه وأخسره وإني أريده؟
وشكرا لكم 0 وأتمنى الحل بأسرع وقت 0
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأهل أن يمتنعوا عن استقبال الخطاب ، لأن هذا من العضل وقد حرم الله عضل النساء ومنعهن من الزواج ، فإذا تقدم الكففء في الدين والخلق فلا يجوز رده لغير مسوغ يقتضي ذلك .
وينبغي للأخت أن تحرص على صاحب الدين والخلق فيمن يتقدم لها . وينبغي لها أن تأخذ برأي أهلها ، فإنهم حريصون على مصلحتها ، وأكثر خبرة منها ، ولكن رفض الأهل للخاطب ولو كان لغير مسوغ لا يُجوز لها إنشاء علاقة مع رجل أجنبي في العمل أو في غيره ، ولو بقصد الزواج ، بل عليها أن تقطع عليه الطريق قائلة له : اذهب إلى بيت أهلي واطلبني منهم .
ولها إن عضلها وليها ومنعها من الزواج ممن هو كففء لها أن ترفع أمرها إلى القاضي الشرعي ليزوجها .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
وضع المخطوبة العطر ليشمه خاطبها
تاريخ 16 رمضان 1426 / 19-10-2005
السؤال(8/191)
أنا الآن في مرحلة الخطبة أزور أهل خطيبتي كل فترة وتجلس معنا خطيبتي بجانب أمها، وسؤالي هو: أشم بعض الأحيان رائحة عطر من خطيبتي عندما تمر بجانبي أحياناً، هل في ذلك شيء شرعاً علينا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتوى سابقة برقم: 368 أن الرجل لا يزال أجنبياً عن خطيبته حتى يتم عقد الزواج عليها، وأما قبل العقد فهي أجنبية كسائر الأجنبيات، وإنما يرخص له في النظر إليها عند الخطبة بقدر ما يرغبه في زواجها، فيرى وجهها وكفيها، فإن أعجبته حرم النظر إليها والخلوة بها ومصافحتها وما شابه ذلك حتى يعقد عليها.
وعليه فليس للخاطب أن يقرب من المخطوبة بحيث يجد ريح العطر منها، وليس لها أن تضع العطر ليشمه الخاطب منها، لورود النهي عن ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية. رواه النسائي والترمذي. وبنحوه أبو داود. وتراجع الفتوى رقم: 62380.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
قراءة رسائل الخاطب والرد عليها
تاريخ 14 رمضان 1426 / 17-10-2005
السؤال
خطبني شاب ورفضت، ومن بين أسباب رفضي أني صليت صلاة الاستخارة ورأيت في منامي أن أبي يطلب مني عدم الارتباط به، الشاب يرسل لي رسائل خطية مع شقيقته ويطلب مني الموافقة على أن يأتي ليخطبني من أبي، ويقول إنه كلما صلى صلاة الاستخارة مال قلبه إلي أكثر، سؤالي هو: هل أنا علي إثم أن قرأت رسائله، وهل يجوز لي أن أرسل له برسالة أشرح فيها موقفي أو أوضح له بعض النقاط، هل من تفسير لما رأيته في منامي علما بأني رأيت الحلم بعد صلاة الفجر، وماذا عن الميل الذي يشعر به هو اتجاهي بعد أن يصلي صلاة الاستخارة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما عن الرؤيا فنعتذر للأخت السائلة عن تأويلها لأن الموقع غير متخصص في تأويل الرؤى، لكن نقول لا يلزم أن تكون الرؤيا المذكورة لها علاقة بالاستخارة، ولا يشترط لصحة الاستخارة أن يرى المستخير رؤيا بعدها، ولو رأى شيئا فإنه لا يبني عليه حكما عمليا دينياً أو دنيوياً، وتراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11052، 26141.
فإن كان الشاب الذي تقدم لخطبتك مرضياً في دينه وخلقه فننصحك بعدم رفضه وأن لا تلتفتي لهذه الرؤيا، وأما عن قراءة رسائل الشاب والرد عليه فيجوز ذلك بقدر الحاجة إليه وبالضوابط الشرعية، وتقدم في الفتوى رقم: 1847.
والله أعلم.(8/192)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
يندب نظر الخطيبين إلى بعضهما
تاريخ 09 رمضان 1426 / 12-10-2005
السؤال
ما حكم النظر إلى المخطوبة أثناء الخطبة ونظر المخطوبة إلى الخاطب؟ وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيندب نظر الخاطب إلى من يريد خطبتها، وكذا نظرها إليه لقوله صلى الله عليه وسلم، كما في المسند وسنن الترمذي عن المغيرة بن شعبة قال: خطبت امرأة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظرت إليها؟ قلت: لا، فقال: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما. وقد سبق تفصيله في الفتوى رقم: 46643.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
علاج التنافر بين المخطوبة وأهل خطيبها
تاريخ 09 رمضان 1426 / 12-10-2005
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
وكل عام وأنتم بخير
أولا: أشكركم علي هذا الموقع المفيد لكل مسلم وجزاكم الله عنا خيرا:
سؤالي هو أنا فتاة مخطوبة وتوجد اختلافات في الطباع و في وجهات النظر بيني وبين أهل خطيبي أود أن تفيدوني كيف أتعامل في ظل الشرع وبما يحقق رضى خطيبي ورضى الله وفي نفس الوقت أكتسب حب أهل خطيبي ؟
وما هو المنهج الواجب علي اتباعه في ظل الشرع ؟
وشكرا،،
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعامليهم بآداب الإسلام ، لين في الكلام ولطف في الكلمة ، واحترام للكبير ورحمة للصغير ، وتواضع ، وحب الخير للآخرين ، وعفو عمن ظلم أو أساء ، وهذا كله من غير إذلال للنفس أو تنازل عن حق تتضررين بالتنازل عنه ، وفقك الله لمرضاته ويسر لك الخير حيث كان . وقبل أن نختم جوابنا ننبه إلى أن خطيبك أجنبي عنك لا يجوز لك الخلوة به ولا تمكنيه من النظر إليك حتى يتم عقد النكاح ، وكذا لا يجوز لك الخلوة بأبيه لأنه أجنبي عنك أيضاً حتى يتم زواجك بولده .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(8/193)
ــــــــــــــ
كتمان طول أصبع الرجل عن المخطوبة
تاريخ 08 رمضان 1426 / 11-10-2005
السؤال
بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله نبينا محمد و على آله و صحبه و من و الاه.. و بعد ..
لدي في أصابع قدمي الأصبع الثاني ( السبابة ) أطول من الأصبع الأول ( الإبهام ) بقليل رأيت هذه الحالة في بعض الناس . هل يجب علي عندما أتقدم لأخطب امرأة أن أذكر لها هذا الشيء أم أن هذه الحالة طبيعية و لا إشكال فيها ..و شكرا ..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الحالة الموصوفة في السؤال طبيعية وتوجد عند كثير من الناس ، فلا يجب عليك بيانها للمخطوبة . ولا يترتب على كتمانها إثم .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خطبة المطلقة التي لم توثق الطلاق
تاريخ 08 رمضان 1426 / 11-10-2005
السؤال
تزوجت مند سنة من الآن لكن زوجي طلقني بعد أسبوع من الزواج قولا مع العزم و التصميم و نية الطلاق أكثر من 20 مرة و قال لي ما بيني و بينك عقد فقط .ولا يريد أن يطلقني قانونيا لأنه يقيم في دولة أخرى و لا يريد أن يرجع إلى البلد الذي أقيم فيه حتى لا يدفع مستحقات الطلاق وماعليه من نفقة أنا الآن أرفع عليه دعوى طلاق غيابي. تقدم لي شاب قصد الزواج على خلق و دين و حين علم بظروفي طلب مني قراءة الفاتحة حتي يضمنني خطيبة له و يتزوجني بعد إتمام إجراءات الطلاق فهل يحق لنا ذلك رغم أنني في عصمة رجل آخر قانونيا فقط ؟
لكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق الشرعي قد وقع بتلفظ الزوج بالطلاق ، وأما الإجراءات القانونية فلا أثر لها في وقوع الطلاق وإنما هي لتوثيق الحقوق وحفظها ، أما الطلاق فقد وقع والمرأة في حل من هذا الزواج ، فيحق لها أن تخطب وأن تتزوج كذلك بعد انتهاء عدتها ، ولكن يحسن أن توثق أمورها عند المحاكم الشرعية تجنباً لوقوع الخصومة .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(8/194)
حكم الجلوس والتحدث مع الخطيب للتعرف على شخصيته
تاريخ 03 رمضان 1426 / 06-10-2005
السؤال
أنا فتاة عمري 21 سنة مخطوبة لشاب على قدر من العلم والدين ومن عائلة يشهد لها بالصلاح وحسن الخلق وهذا الشاب يريد أن يتم عقد القران لأنه يظن أنه لا يجوز للخاطب رؤية خطيبته أكثر من ثلاث مرات دون قران وأنا لا أريد عقد القران الآن لأن الخطبة قد تطول لأكثر من عام وخوفا من أني قد أكتشف جانبا من شخصيته لا يعجبني فأصبح مطلقة, فهل يجوز لنا الاستمرار في الخطبة دون عقد قران, أي هل يجوز لنا الجلوس والتحدث دون قران؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رخص الشرع للخاطب في النظر إلى من يريد خطبتها، ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها، ثم لا يجوز له النظر إليها إلا بعد عقد النكاح، لأنها لا تزال أجنبية، والخطبة ليست إلا وعداً بالزواج، ولكل من الخاطب والمخطوبة فسخها متى شاء.
وعليه.. فإما أن تعقدا ويكون لك ما أردت من الجلوس معه والتحدث إليه ونحو ذلك، وإما أن تبقى خطبة، ولا يكون لك ما أردت مما تقدم، ويمكنك التعرف عليه من خلال السؤال عنه، ولا بأس بالكلام معه للحاجة، من وراء حجاب أو بالهاتف.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حدود النظر إلى المخطوبة
تاريخ 21 شعبان 1426 / 25-09-2005
السؤال
سمعت من شيوخنا الفضلاء وقرأت مثل هذا في موقعكم
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang&Id5814&OptionFatwaId
من أن الخاطب ينظر للمخطوبة حتى إذا أعجبته واتفق مع والدها على الزواج رجعت للأصل وهو أنها أجنبية عنه ولا يجوز له النظر إليها بعد ذلك، ولكن أحد زملائي يقول إنه يجوز النظر إليها طوال فترة الخطوبة لأن لفظ الحديث عام "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" ولم يقيد النظر بعدد من النظرات حتى لو طالت الخطوبة لسنة أو أكثر، فما هو الدليل من الكتاب أو السنة على أن الأحاديث الواردة في النظر للمخطوبة مقيدة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى عليك أيها الأخ الكريم أن النظر إلى النساء محرم وهذا هو الأصل، والنظر إلى المخطوبة رخص فيه الإسلام لحاجة، فهو استثناء من الأصل، ويجوز تكراره بقدر ما تتحقق الحاجة، قال الشربيني الشافعي في الإقناع: وله تكرير نظره(8/195)
إن احتاج إليه ليتبين هيئتها فلا يندم بعد النكاح، والضابط في ذلك الحاجة ولا يتقيد بثلاث مرات وسواء أكان بشهوة أم بغيرها كما قال الإمام والروياني. انتهى.
فإذا ما تحقق غرضه وعرف من خلق المرأة ما يدعوه لنكاحها فقد انتهت الحاجة التي جوزت له الحرام ، والمحرم إذا أبيح فإنما يباح بقدر الحاجة، وأما الإرشاد إلى النظر في الحديث فلعلة وحكمة مذكورة في الحديث، فمن الجهالة إغفال ذلك وعدم الالتفات إليه، وقد أجاز الإسلام النظر إلى وجه المرأة عند الشهادة حتى لا يشهد الشاهد على من لا يعلم، ولا يجوز للشاهد أن يبقى ينظر إلى المرأة في أي وقت وجدها فيه فهذا لا يقوله عاقل، وأجاز الإسلام النظر إلى وجه المرأة عند البيع والشراء حتى يعلم من هو الطرف الثاني في العقد ولا يقول عاقل أنه يجوز أن ينظر إلى المرأة التي بايعها في أي وقت وجدها فيه، وأجاز الإسلام نظر الطبيب إلى المرأة إذا لم توجد طبيبة إلى مكان الوجع من بدن المريضة ولا يقول عاقل بأن الطبيب متى وجد الطبيبة جاز له أن ينظر إليها وهذا معلوم من الشريعة لا يكاد يخفى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الناكح الذي يريد العفاف يعينه الله تعالى
تاريخ 18 شعبان 1426 / 22-09-2005
السؤال
أخي الكريم لم أترك بابا إلا طرقته، ولا أحدا إلا سألته، وقبل أن أسأل العباد سألت ربي حاولت جاهدا وحتى الآن أن أحصل مهرا لأتزوج به لحاجتي للزواج من جميع النواحي، الحمد لله عندي عمل وعندي بيت
لكن قدرتي على المهر صعبة جداً وجمعت المهر من عملي لكن وقبل إقبالي على الزواج تم الاحتيال على كل أموالي وأنا الآن لا أملك سوى راتبي ودخلي العادي وليس عندي القدرة ولا الحيلة للصبر لجمع المهر مرة أخرى وسيحتاج الأمر سنين طويلة لأجمعه من دخلي الشهري ولا توجد ولا طريقة أدبر بها أمري هذا فماذا
أفعل وماذا تنصحني ولمن أذهب ولمن أشكو من بعد الشكوى لربي ، والله أعلم بحالتي وحاجتي للزواج في هذا الوقت دلني على الخير؟
وجزاك الله ألف خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يأجرك في مصيبتك، وأن يخلف لك خيراً منها، واعلم أن بإمكانك أن تتزوج وتؤجل المهر كله، أو تعجل بعضه وتؤجل بعضه، ولا تتزوج ممن يغالي أولياؤهن في المهور، فإن هناك كثيراً من النساء يتساهل أولياؤهن في أمر تزويجهن، ويقبلون مهوراً قليلة اتباعاً للسنة وطلباً للبركة أو مراعاة للحال.(8/196)
فتوكل على الله وأحسن الظن به، ولا تقنط من رحمة الله تعالى، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ثلاثة حق على الله عونهم: الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والغازي في سبيل الله. رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه.
وانظر الفتويين: 7863، 31508.
ولقد أرشدنا نبينا صلى الله عليه وسلم إلى ما نفعله عند اشتداد الشهوة والعجز عن مؤونة الزواج، فقال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يجد فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم.
واسأل الله كثيراً أن يمن عليك بالزوجة الصالحة وأن يعجل لك العفاف، وتحر في دعائك أوقات الإجابة الفاضلة مثل ثلث الليل الآخر وقت النزول الإلهي، وأثناء السجود، وعند الفطر في اليوم الذي تصوم فيه.
هذا، وننبهك إلى أنك أفضل حالاً من غيرك، فأنت تملك سكناً ولك دخل شهري، في الوقت الذي لا يملك فيه أكثر الشباب شيئاً من ذلك، فاحمد الله على النعم التي أولاك إياها، فقد قال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ {إبراهيم: 7}.
وقال صلى الله عليه وسلم: انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عدم كتابة القائمة إذا حال دون إتمام الزواج
تاريخ 10 شعبان 1426 / 14-09-2005
السؤال
أرجو الرد على مشكلتي مع الشكر، أنا مخطوبة منذ سنة ونصف لشاب محترم ولم أر منه خلال هذه الفترة إلا كل خير وعندما أعلن عن الاتفاق على الزواج اختلف الأهل على ما يسمى بالقائمة التي يكتب فيها أن الأثاث حق الزوجة وتمسك كل طرف بموقفه وخصوصا أن عندنا فى مصر أن القائمة هذه من إحدى العادات والتقاليد التي اعتاد عليها بعض الناس فرأى أهلي أنها عادة وأنها فى نفس الوقت تحفظ حقوق الزوجة عند حال الطلاق لا قدر الله وتمسك الطرف الآخر بأنهم معترفون بأن الآثاث من حق الزوجة ولكن بدون قائمة، مع العلم أنني أشارك معه في الآثاث بالمناصفة وكل ما أريده هو إثبات حقوقي في ذلك إذا ما حدث الطلاق، فمن منا رأيه صحيح وهل من حق أهلي التمسك بالقائمة وينتهى الزواج، أم هم رأيهم أصوب، وهل القائمه هذه من الشرع والدين وكيف لي أن أحافظ على حقوقي إذا ما حدث طلاق ورفض الزوج إعطائي الأثاث أو إعطائي المؤخر المتفق عليه إذا ما حدث خلع، وهل ينتهي إتمام الزاوج على هذا الموضوع، أم يستمر مع التنازل عن هذه الحقوق؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/197)
فما يسمى بالقائمة تقدم حكمها في الفتوى رقم: 45190، وأنه لا حرج فيها، ولا مانع منها، فيجوز لأهل البنت أن يوثقوا حق ابنتهم، بكتابة قائمة المنقولات التي تملكها، ولا ينبغي لأهل الزوج رفض ذلك، لكن إ ذا امتنع أهل الزوج، فيمكن للزوجة وأهلها إثبات حقها بطريق الشهادة، فيكفي الإشهاد إذ الغرض من القائمة إثبات حق الزوجة والحق يثبت بطريق الشهادة.
وينبغي لأهل الزوجة التنازل عن كتابة هذه القائمة، في حال ما إذا أصر أهل الزوج على عدم كتابتها، وأن لا يكون هذا الأمر عائقاً عن زواج ابنتهم، خاصة إذا كان الشاب ذا خلق ودين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الحديث المباح عند الخطبة
تاريخ 07 شعبان 1426 / 11-09-2005
السؤال
السؤال هو: هل يجوز للمرأة المطلقة أي المرأة التي كانت متزوجة والآن غير متزوجة أن تسأل الرجل الذي يريد أن يخطبها عن بعض الأمور الجنسية التي ترى بأنها أمور مهمة لها، بحيث هل أنه يستطيع إشباع رغبتها أم لا؟ أتمنى منكم الإجابة، وبارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صان الإسلام العلاقات بين الأفراد وحدها بسياج يلائم النفس البشرية، فحرم العلاقة بين رجل وامرأة من غير المحارم إلا في ظل زواج شرعي، ولذلك لا ينبغي مخاطبة رجل للمرأة، ولا امرأة لرجل إلا لحاجة، وإن كانت ثم حاجة داعية إلى الخطاب بينهما فليكن ذلك في حدود الأدب والأخلاق، قال تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ {الأحزاب:53}، وقال تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا {الأحزاب:32}.
والشخصان الذان يريدان الزواج كلاهما أجنبي بالنسبة للآخر فلا يجوز حديثهما فيما يثير الغرائز ولا تلذذهما بالحديث ولا الخلوة بينهما.
وأما إذا سألت المرأة الرجل عما تحتاج معرفته من حاله فلا نرى مانعاً من ذلك ما دام الكلام في حدود الأدب وليس فيه خضوع بالقول ولا ما يؤدي للإثارة، ونصيحتنا لهذه السيدة الكريمة، أن تقبل من كان مرضي الدين والخلق لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه. رواه الترمذي وابن ماجه، فإذا كان الخاطب صحيح الاعتقاد، محافظاً على الصلوات، مؤدياً للفرائض مجتنبا للكبائر، مشهوراً بحسن الأخلاق والسيرة، فلتقبل به لأن الغالب أن الرجل يعف المرأة ويقضي لها ما تريد، فإذا ظهر لها بعد الزواج أن به نقصاً يمنعه من قضاء شهوتها كالعنة أو الاعتراض فلها الخيار في الانفصال عنه.(8/198)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تكرر الجلوس مع الخطيبة لمعرفة طبعها.. رؤية شرعية
تاريخ 04 شعبان 1426 / 08-09-2005
السؤال
نضر الله هذه الوجوه التي جعلها الله أهلا للنظر في الفتوى وفي الرد عليها.
شيخنا الفاضل: كثيرة هي تلك الصورة التي تهز الفؤاد، الزوج يقول: (اكتشفت أنها ليست هي التي أريد)
الزوجة تقول: (ظهرت فيه صفات لم أكن أراها إلا بعد العقد)، الزوجأن يقولان معا: لا حل
إلا الطلاق والانفصال) وبعدها نسمع الأولاد يقولون في حزن وأسى يمزق الأحشاء: (ما ذنبنا نحن الصغار إذ لم يحسن والدانا الاختيار؟!) بالرغم أنه لربما كان الزوج والزوجة ملتزمان بدين الله ولكن اختلاف الطباع والصفات كان المدخل للطلاق أو الخلافات العائلية شيخنا الفاضل محدثكم شاب في بداية العشرين من العمر أنعم الله علي بخطبة فتاة لا ترى فداء لدينها إلا نفسها ودمها، لطيب أخلاقها وحسن تعلقها بربها (كما أحسبها والله حسيبها) فلله الحمد والمنة وأنا لم أنظر إليها إلا مرتين ولوقت قصير في وجود الأهل، وأخشى ان أرى بعد العقد ما لم أره قبله من طباع وصفات، فهل يحل لي أن أجلس معها في وجود الأهل كلهم وبالطبع تكون في كامل حجابها وما أهدف إليه هو معرفة رفيق الدرب الذي سيلازمني طول رحلة الحياة التي ستنتهي إما إلى جنة وإما إلى نار(والعياذ بالله من ذلك) وأنا على يقين من أنني لو تجاوزت شرع الله في أمر من أمور هذا الزواج -والذي أرى فيه نجاتي من الفتن بإذن الله- ستتبعه حتما ولابد عقوبة من رب العزة والجلال لذلك أنا لم أفكر يوماً أن أنطق بكلمة فيها غضب الرب القوي الجبار وكيف ذلك وسياط القلوب أراها تدفع العباد إلى ربهم أرجو الإفادة شيخي المبارك -باذن الله- كنت أتمنى أن أبوح لكم بما في الصدر من كلمات وعبرات، ولذلك أقول ماذا عليكم لو أعطيتمونى الايميل الخاص بفضيلتكم كي أستعين بكم -بعد الله- بكل نازلة تحل بذلكم الشاب أسأل الله أن يجزل لكم العطاء والمثوبة في الدنيا قبل الآخرة،
جزاكم لله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنظرة المشروعة عند الخطبة الهدف منها تعرف الخاطب على شكل المخطوبة والعكس، وليس الهدف منها معرفة طباع الآخر وأخلاقه، فمعرفة الصفات والطباع لا يتسنى من خلال نظرة أو نظرات، ولا من خلال جلسة أو جلسات، إن معرفة طباع شخص وأخلاقه تحتاج إلى صحبة طويلة ومعاشرة مديدة بكل ظروف الحياة وما فيها من مواقف وأحوال، بل قد قيل إن أخلاق الشخص وطباعه لا تعرف إلا بالسفر معه، وذلك أن السفر يسفر عن أخلاق صاحبه، فكم من شخص نعرفه من(8/199)
زمن ونجتمع به على الدوام، ولكن لا نعرف أخلاقه الحقيقية، لأن الناس يتجاملون ويتصنعون لبعضهم في تعاملهم، ولا تظهر أخلاقهم إلا عند النوائب والملمات كما قال أحدهم:
فما أكثر الإخوان حين تعدهم **** ولكنهم في النائبات قليل
إذاً لا سبيل لمعرفة أخلاق الخاطب أو المخطوبة إلا من خلال صحبة طويلة، وهذا لا سبيل إليه قبل الزواج، ولذلك فإن من يتحججون لتبرير العلاقات غير المشروعة في فترة الخطبة بأنها لمعرفة الأخلاق والطباع حجتهم داحضة وتبريراتهم تلك واهية، فإن هذه العلاقات مع ما يقع فيها من انتهاك للأعراض لا تحقق الهدف المبرر لإقامتها وهي معرفة الأخلاق، وذلك أن كل واحد يتصنع للآخر ويظهر أمامه الجميل ويخفي القبيح من أخلاقه وطباعه، حال كل الناس في التعامل بينهم، بل هو بين المخطوبين أشد، ولذلك فالصواب هو أن يسأل كل من المخطوبين عن أخلاق الآخر من خلال من يعرفه ومن عاشره وصحبه، واستشارة أهل الرأي، ومعرفة عائلته من إخوانه وأخواته وأمه وأبيه، مع تحري الدين والخلق الإسلامي، وفي هذا كفاية وغنية عن الأمور الأخرى التي لا تأتي بخير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خاتم الخطبة والوليمة
تاريخ 01 شعبان 1426 / 05-09-2005
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي في الله إني حائر حيرة شديدة لأني مقبل علي خطبة و ليس لي علم كاف و بعد شراء الخاتم تبينت من خلال موقعكم أن فيه شبهة فما العمل هل أستطيع إهداءه كهدية وهل يعتبر ذنبا عظيما (الخاتم).
أرجو إفادتي في القريب العاجل فموعد الخطبة قريب و ما حكم الوليمة فيه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم 5080،
أن عادة الخاتم الذي يلبس في الخطبة لا أصل له في الشرع، ولا بأس بإهداء الخاتم للمخطوبة من باب الهدية لا من أجل الخطبة .
وأما الوليمة للخطبة فمباحة، وليست مستحبة وإنما تستحب للعرس كما تقدم بيانه في الفتوى رقم 46411
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تقوى الله من اسباب بركة الزواج
تاريخ 30 رجب 1426 / 04-09-2005(8/200)
السؤال
بدون مقدمات أنا فتاة محجبة والحمد لله أدرس في الكلية ولم أفكر ليوم أن أقوم بعلاقة مع أي شاب أياً كان نوعها، المهم تقدم لي قريبي ليخطبني بعد الاستخارة والاستشارة وافقت وأصبحنا نلتقي بدون خلوة طبعا وصرت أقربه للدين وهو يستجيب لكن ببطء، المشكلة الحقيقية والتي تتعبني جداً جداً فوق أي تصور هو أنه أحيانا يلمس يدي أرفض هذا فيعتذر، ولكنه بعد فترة يعيد الكرة إضافة للنظرات وأحيانا نضطر للحديت عن حياتنا الزوجية المستقبلية والله إنه إنسان جيد، لكن فكرت عدة مرات أن أنهي كل شيء، ولكن عندما أستخير ربي ييسر لي الاستمرار لدرجة أن قريبتي رأت في منامها أن شخصا جاءها وقال لها قولي لعايدة (وهي أنا) قولي لها لا ترفضي الموضوع، علما بأن قريبتي هذه يُعرف عنها التزامها، بالله عليكم هل ما يحصل هو زنا وله نفس عقوبة الزنا، وإذا تزوجته هل سيبارك الله هذا الزواج؟ بارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلتعلم الأخت الفاضلة أن الخطيب أجنبي، لم يربطها به عقد شرعي، حتى يحل لها الجلوس إليه، والتحدث معه لغير حاجة، وتبادل النظرات، فضلاً عن اللمس الذي تشعر بالحرج منه، فينبغي لها أن تشعر بالحرج من النظر واللقاء والحديث لغير حاجة كما شعرت بالحرج من اللمس، لأن كل ذلك لا يجوز، وأما هل لمسه ليدها يعد زنا، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه. واللفظ لمسلم.
والمقصود بالبطش اللمس، والزنا هنا ليس المقصود به الزنا الحقيقي الذي هو إدخال الفرج في الفرج، بل زنا مجازي، وهو معصية من المعاصي ليس له حكم الزنا الحقيقي لا في عظم الإثم ولا في العقوبة، وتراجع الفتوى رقم: 25437.
ولتحرص الأخت الكريمة على أن يكون أساس زواجها تقوى الله، والبعد عن معصيته، حتى يبارك الله لها فيه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
من حق الأب أن يرفض الخاطب العاجزعن الإنجاب
تاريخ 27 رجب 1426 / 01-09-2005
السؤال
ما حكم الشرع في أب يرفض تزويج ابنته من شاب فاضل تقي على خلق ودين بشهادة الأب إلا أنه مصاب بنقص في الحيوانات المنوية مما ما قد يجعل الإنجاب بصورة طبيعية غير ميسر؟
الفتوى(8/201)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأب بما أنه هو ولي البنت والمسؤول عن مصلحتها فمن حقه أن يرفض زواجها ممن لا يرى لها فيه مصلحة لفقره أو لمرضه أو حالته غير العادية.
بل إن مقتضى المسؤولية أن لا يزوجها إلا ممن هو مرضي في دينه وخلقه قادر على القيام بكامل حقوقها، ولا شك أن ضعيف البنية أو العاجز عن الإنجاب بصفة طبيعية قد لا يرضاه الكثير من النساء ولا من الأولياء كما هو معلوم.
وبالتالي فمن حق الأب أن يختار لبنته الأكمل حالاً والأحسن هيئة، ولا سيما إذا كانت البنت مرغوبا فيها ويأمل أن يتقدم إليها الأفضل والأحسن.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يخبر الخاطب بالمرض النفسي للأم
تاريخ 26 رجب 1426 / 31-08-2005
السؤال
لي أخت تم عقد قرانها ومقبلة على الزواج قريبا بإذن الله وأمي مصابة بمرض نفسي وأخشى أن يكون هذا المرض وراثياً، ولكنني لست بمستيقنة من ذلك، فهل أخبر زوج أختي بذلك، مع العلم بأني لا أعرف ما هي النتائج المترتبة على إخباري إياه بشأن شكوكي؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي إخبار الخاطب بذلك لأنه لا يترتب عليه مصلحة بل قد يجر مفسدة، والذي يلزم الإخبار به إنما هي العيوب التي في الزوجة وتحول بين الرجل والاستمتاع بزوجته أو كمال الاستمتاع بها كالجنون والبرص والجذام، وانظري الفتوى رقم: 19935.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
... ماذا يفعل حيال رفض أبي زميلته تزويجه إياها
تاريخ 25 رجب 1426 / 30-08-2005
السؤال
تقدمت للزواج من زميلتي في الكلية بعد ما أنهيت دراستي، و لكن المشكلة في أن والدها يماطل في إجايتي بقبوله أو رفضه، مع العلم أن الفتاة موافقة ولكنه يقول إنه لا يريد أن تبتعد عنه لأني غريب و سوف آخذها إلى بلدي.
مع العلم أنه ما من أحد سأله عنى إلا و أخبره بحسن خلقي وصلاحي ( هذا قوله هو لي) و أنا جاهز من حيث الإمكانيات و لكنه يريد أن يأخذ مدة سنة من التفكير فهل هذا يقبل، و ما حكمه في الإسلام و بماذا تنصحوني؟ و شكرا.
الفتوى(8/202)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك أخي الكريم أن تسعى في إقناع ولي البنت بالموافقة عن طريق اللقاء به مباشرة أو توسيط بعض الوجهاء، فإن أصر على الرفض، فالنساء غيرها كثير فلا تضيق على نفسك، وفقك الله لما فيه الخير لك في دينك ودنياك.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
بين الإقدام على الخطبة والغيرة المفرطة
تاريخ 25 رجب 1426 / 30-08-2005
السؤال
أحببت فتاة صالحة الخلق وأرغب بالزواج منها لكنني أغار بشكل لا يُطاق لا سيما وأن ظروف دراستها تحتم عليها ملاقاة الرجال وكونها إنسانة متحفظة جداً ورغم إيحائي لها بمشاعري نحوها إلا أنني لا أزال متخوفاً من ناحيتها هل تريدني زوجاً لها؟ وهل يمكنها انتظاري حتى أستطيع توفير شروط العيش؟ وهل الشرع يخول لي حق التجسس على أمورها الخاصة؟ والحمد لله فأنا لم يسبق لي الزنا وأعلم جيداً أن الخير فيما اختاره الله، وأتمنى من الله التوفيق لما فيه الخير، وأن ييسر لكل شباب الإسلام طريق الزواج والعفة.
أرجو منكم الجواب السريع.
.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحبك للفتاة المذكورة إن كان حصل بطريق غير مشروع من النظر إليها واللقاء بها وغير ذلك، فهذا ذنب يجب عليك التوبة منه، ثم إذا كانت الفتاة على ما ذكرت من صلاح وخلق، فلتتقدم لخطبتها من أهلها، وستجد منها ومنهم جواباً على تساؤلك هل ترغب فيك زوجا وهل ستنتظرك؟
أما التجسس عليها لمعرفة خصوصياتها فحرام، فالتجسس منهي عنه، وسبق في الفتوى رقم: 60127، والطريق الصحيح لذهاب تخوفك وهواجسك هو السؤال عن دينها وخلقها كل من يعرفها، فإذا كانت ذات دين وخلق، فاطرح تلك المخاوف والهواجس جانباً، وأقدم على خطبتها.
أما غيرتك المفرطة التي ذكرت فعليك أن تضبطها بالشرع، وإلا كانت غيرة مذمومة، وراجع الفتوى رقم: 9390.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
التعجيل بالعقد لضمان شرعية العلاقة بين الخطيبين
تاريخ 20 رجب 1426 / 25-08-2005
السؤال(8/203)
ماحكم من أخر عقد زواج ابنته بعد خطوبتها، هل يجوز تأخير العقد حتى قبل الزواج بيومين رغم علمه أن الخاطب وابنته يريدان العقد الشرعي حتى لا تخرج علاقاتهما عن الشرع مع أن الخاطب قد أوفى بكل الشروط وتكفل بكافة التكاليف للزواج في فترة الإعداد للعرس (الخطوبة)؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى الترمذي وأحمد وغيرهما عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث لا يؤخرن: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤا.
وعليه، فلا ينبغي للولي تأخير زواج ابنته إذا وجدت الكفء، وما دام الزوج باذلاً المهر، قادراً على نفقات الزواج، فما الداعي لتأخير العرس، وإذا كان للولي عذر في تأخير العرس فما المانع من إجراء العقد حتى تكون علاقة ابنته بخطيبها علاقة شرعية، ولا يقعان في الحرج، وأما الخاطب والمخطوبة فننصحهما بالصبر إن لم يقتنع الوالد بإجراء العقد، وعليهما أن يعلما أن كلا منهما لا يزال أجنبيا عن الآخر حتى يتم العقد.
نسأل الله أن يوفقهما ويجمع بينهما على خير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم تحدث الفتاة بالهاتف مع من يريد خطبتها
تاريخ 15 رجب 1426 / 20-08-2005
السؤال
أنا فتاة تقدم لخطبتي شابان والآن يتصلان بي في الهاتف وما أريد أن أعرفه هل هذا الاتصال حرام، أنا حائرة أرشدوني؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخطيب يبقى أجنبياً عن الفتاة المخطوبة حتى يتم عقد النكاح، والكلام عبر الهاتف مع الرجل الأجنبي لا يجوز لغير حاجة، فإن كانت هناك حاجة فلا بأس، بشرط أن لا يكون فيه خضوع بالقول، أو انبساط في الحديث، ويكون على قدر الحاجة، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 61560، والفتوى رقم: 47908.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ليس كل تأخر عن الزواج سببه سحرأو حسد أو عيب فكل شيء بقدر وحكمة
تاريخ 13 رجب 1426 / 18-08-2005
السؤال(8/204)
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا فتاة مسلمة عمري 25 عاما أعمل موظفة وملتزمة بالحجاب الإسلامي والحمد لله وأحاول دوما عدم مخالطة الرجال في عملي ولا أخاطبهم إلا للضرورة وأحاول دوما عدم الخضوع بالقول كما أنني ملتزمة بالمسجد وأتعلم الفقه وحفظ القرآن مع التجويد والحمد لله ولكن مشكلتي هي شعوري بالنقص لعدم تقدم الخطاب لي إلى الآن مثل باقي الفتيات وهذا يقلقني وأحيانا أشعر أنني أقل من باقي البنات أو أن عيباً فظيعاً في هو السبب رغم أن جميع من حولي من زملاء في العمل ومن الرفيقات يشهدون لي بحسن الخلق والعشرة كما أنني على قدر من الجمال بشهادة من حولي ومن عائلة طيبة وعطرة السمعة ويتمنى الكثير مصاهرتها وما يزعجني أكثر أن العديد من الزملاء أبدوا إعجابهم ويوصلون لي بطريقة غير مباشرة رغبتهم بخطبتي ولكن لا يحركون ساكناً أو يخطبون فتاة أخرى مما يعزز شعوري بالنقص وطبعاً رغبتهم أكيدة ولا تظنون أنني أتوهم وأنا رغم كل ذلك والحمد لله أحافظ على غض البصر ولا أحاول مطلقاً لفت الأنظار إلي بأي طريقة كما تفعل بعض الفتيات لاصطياد العرسان وأحافظ على كرامتي وعزة نفسي فهل يا ترى هذا ابتلاء من الله؟ أم قد تكون بعض الذنوب أو الحسد سبباً في ذلك أم أن الزواج قدر لا علاقة له بهذه الأشياء؟ أنا راضية بقضاء الله والحمد لله ولكنني أرغب بشاب متدين وتقي يعينني على التقرب من الله وأحلم ببناء أسرة مسلمة والمساهمة بتنشئة جيل يعيد للإسلام عزه ومجده لألقى الله وقد فعلت عملاً نافعاً لديني ولا يهمني المال والمظاهر كما أنه من المستحيل أن أطلب من أي أحد أن يجد لي زوجاً فهذا صعب جدا وإحراج كبير أمام أهلي فأنا لا أطلب شيئا إلا من الله سبحانه كما أن الناس لن يتركوني بحال إن فعلت ذلك فأجيبوني جزاكم الله وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله تعالى أن يرزقك المزيد من الالتزام، وأن يحقق طموحاتك، واعلمي أنه ليس عندنا من يعرف كون الشخص مسحورا أو مبتلى، ولكنا نفيدك بأن الأمور كلها بيد الله فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، ولا راد لما قضى فكل شيء بقدر وحكمة يدبرها الله سبحانه وتعالى، وقد كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، فما كتبه الله لا يستطيع أحد رده، وقد شرع الله بذل الأسباب وطالب العباد بالقيام بها لتحصل مطالبهم.
ومن أهم أسباب تحصيل الزواج حمل النفس على العفة والاستقامة والإكثار من الدعاء في أوقات الإجابة، ولا غضاضه على المرأة أن تعرض نفسها على من يرتضى دينه وخلقه، ويمكن أن يتم ذلك بطلبه بواسطة إحدى محارمه، ويمكن أن يكون بواسطة أبيها هي أو أخيها، كما عرض عمر بنته حفصة على أبي بكر وعثمان، وقد عرض بعض نساء السلف نفوسهن على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد شرع كذلك علاج السحر والحسد، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها مع إحالاتها: 56444، 20044، 32981، 26711، 42801.
والله أعلم.(8/205)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا حرج في الدعاء بتسهيل أمر الزواج
تاريخ 11 رجب 1426 / 16-08-2005
السؤال
تقدم لي شاب لخطبتي و لكنه لم يخبر أباه قبل أن يأتي نظرا
لظروف وفاة والدته التي منعته من إخبار أبيه ولكن كان ينوى إخباره في الوقت المناسب و بعد أن عرف أبوه بالصدفة ثار عليه لعدم إخباره ورفضني لأني أعيش مع جدتي في بلد غير التي سافر إليها أبي وأمي و ذلك لظروف مرضها فقال عنى أني لست على أخلاق أو أدب لمجرد أني أعيش بعيدا عن أهلي وأني خرجت لأتعرف عليه بعلم أهلي و معهم و الله يعلم أني مما يدعى براء ، و جهلا منى ذهبت إلى أحد من يدعي أنه شيخ و طلب اسمي واسم الشاب واسم أمي ثم أخذ في حساب أرقام و حروف وأخبرني أنني لن أتزوجه وأن أبتعد عنه تماما فهل أصدق فعلا أنه ليس نصيبي كما يدعي هذا الرجل أم لا؟ وهل جائز أن أدعو الله أن يهدي أباه ويوافق على زواجنا وإذا كان جائزا فما هو الدعاء المناسب .ولقد أخبرني هذا الرجل أني قد مررت على سحر لا يخصني و لكني مررت عليه وأني أعاني نفسيا بسبب ذلك. و فعلا أنا أحس أني في ضيق دائم منذ فترة طويلة وأحس بالتعاسة وأعطاني ورقا فيه آيات قرآنية مكتوبة بطريقة معينة وأدعية أخرى لأحرقه مع بخور وأتبخر به وأقرأ قرآنا على ماء ورد وأستحم به وأيضا أعطاني مثل حجاب ألبسه فما حكم ذلك كله وهل أفعل ما أعطاني إياه؟ أفيدوني أفادكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تتوقف صحة نكاح هذا الشاب منك أو من غيرك على إذن أبيه، وإن كان يطلب منه على سبيل البر بأبيه أن لا يقدم على الزواج إلا بإذنه خاصة إذا جرى العرف بهذا الشأن.
وعلى كل فمادام الأمر قد تم فينبغي لهذا الشاب الذي خطبك أن يرضي أباه ويعتذر إليه عما حصل، وأن الذي حمله على ذلك هو اعتقاده أن إخباره في تلك الظروف الحزينة غير مناسب، وإلا كان أخبره ولا بأس أن يوسط من يراه مؤثرا على أبيه من الأقارب وأهل الفضل.
هذا، ولا حرج عليك أن تتوجهي إلى ربك جل وعلا أن يسهل أمر زواجك من هذا الشاب بما في ذلك موافقة والده على قبولك زوجة لابنه، فإن أفاد هذا وحصلت الموافقة فلا إشكال، وإن أصر الأب على موقفه من الرفض فلا يجوز لابنه مخالفته لأن بر الأب واجب وزواجه منك خاصة ليس بواجب والواجب مقدم على غيره.
ولتعلمي أختاه أن الله تعالى لطيف بعباده، لا يعمل لهم إلا ما فيه خير لهم في دينهم ودنياهم، فإن وفقك للزواج ممن خطبك فاحمديه على ذلك، وإلا فاصبري ومن يدري فلعل الله تعالى أراد بك خيرا في عدم إتمام هذا الأمر.(8/206)
قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ. وقال: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا.
وأما بخصوص ذهابك إلى الشيخ المذكور من أجل أن يخبرك بمستقبلك مع هذا الشاب أو غيره، أو من أجل الرقية المذكورة فهو خطأ بل ذنب يجب عليك التوبة منه، وذلك لأنه يتضح من أعماله وطريقة رقيته أنه دجال ومشعوذ، ولا يجوز للمسلم الذهاب إلى السحرة والمشعوذين وأمثالهما، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. رواه أحمد
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما.
وراجعي الفتوى رقم: 17266.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
إعلان الخطبة وإقامة حفل بمناسبتها
تاريخ 08 رجب 1426 / 13-08-2005
السؤال
كنت قد بعثت إليكم بسؤال عن الخطبة وآدابها ولكني لم أتلق الرد الكافي لعل هذا بسبب عدم توضيحي للسؤال.
واستفساري ينفسم إلى شقين:
الأول: حول الخطبة ذاتها بمعنى هل يجوز إقامة حفل صغير يتم فيه دعوة القليل من الأقارب والأصدقاء المقربين دون وجود غناء محرم فقط أناشيد خاصة بهذه المناسبة؟ ولمنع الاختلاط هل يجوز الفصل بين الرجال والنساء لكن مع وجودهم في قاعة واحدة؟
والثاني: بعد الخطبة هل يجوز إخبار الصديقات المقربات بأني مخطوبة أم أخفي هذا الأمر؟ مع العلم أن الحديث الوارد عن النبي (صلى الله عليه و سلم) القائل فيه: أسروا الخطبة وأعلنوا النكاح. إسناده ضعيف..
وهل إذا لم يتبع الخاطب والمخطوبة سنة النبي في هذه المناسبة -ليس عنادا ولكن اضطرارا- بسبب تصميم الأهل على إعلان الخطبة وفقا لعادات البلد الذي نعيش فيه فهل يعتبران في هذه الحالة آثمين؟؟
جزاكم الله خيرا وعذرا للإطالة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من إقامة حفل للخطبة والفرح بذلك، ولا نعرف أحداً من أهل العلم منع من ذلك والحديث الوارد في إخفاء الخطبة ضعيف لا تقوم بمثله حجة، وقد استحب المالكية إخفاء الخطبة.
قال الخرشي في شرح خليل: وأما الخطبة بالكسر فيندب إخفاؤها كالختان وإنما ندب الإخفاء خوفاً من الحسدة فيسعون بالإفساد بينه وبين أهل المخطوبة. اهـ(8/207)
وعليه، فالقيام بحفلة للخطبة والإنشاد فيها بكلام لا محظور فيه، وإخبار الصديقات بالخطبة لا مانع منه، ولا إثم على فاعله.
وأما اجتماع الرجال والنساء في قاعة واحدة مع انفصال الرجال عن النساء فلا مانع منه بشرط وجود سترة أو نحوها مما يستر النساء عن الرجال، فإن العادة جارية بأن النساء في مثل هذه الحفلات متزينات متعطرات، فإن لم يكن ساتر جر ذلك إلى النظر المحرم والفتنة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حدود العلاقة بالمخطوبة
تاريخ 06 رجب 1426 / 11-08-2005
السؤال
أرجوك يا شخنا دلني على الخير الصحيح الذي يرضي ربنا ويرضي نفسي وأهلي وديني
أنا شاب عمري 21 عاما أدرس بالسنة الأخيرة بالجامعة، تعرفت على ولد أصبح صديقا لي وأدخلني بيته وعرفني بأهله وأنا كنت على حسن ظنه فعلا فقد دخلت معهم في أفراحهم أحزانهم وقدمت لهم العديد من الخدمات، وفي مرة وبعد عام من صداقتنا عرفني على بنت وقال لي إنه يحبها بل إنها مخطوبة، حقيقة لم أهتم بالأمر، ولكن مرت الأيام وانفصلت هذه البنت من خطيبها وعمل صديقي على أن يتقدم لخطوبتها وسعى وراء ذلك فترك الدراسة وسافر إلى مدينة الغردقة وعمل هناك وترك الأمر لي لكي أصارحها بأنه يحبها وهذا كان ضعفا منه بالطبع أن يسافر ويسعى وراء سراب دون أن يحدد هدفه
وبالفعل صارحتها أنه سافر لكي يجهز نفسه ليتقدم ويخطبها وهي وافقت أخذت رأي والدتها و لم يكن هناك اعتراض منها
استمر الحال على ذلك إلى أن فوجئت بأن أحد الأفراد المجهولين يكلمني على التليفون المحمول و يقول لي إن صديقي متعب جدا و موجود بالمستشفي منذ عدة أيام فسافرت في نفس اليوم وقبل طلوع الشمس لكي يدلني الله على الحقيقة لأن هذه البنت بالفعل ضعيفة وتستأهل كل خير، فقد اكتشفت أن الصديق الحميم لي متزوج من أجنبية وعندما علم أنها حامل منه فقد أصيب بالهستريه المؤقتة فجلست مع نفسي لأفكر هل أخفي على البنت البريئة المصرية التي صارحتها بحقيقة الأمر أم أن أشرح لها حقيقة الأمر وأديت صلاة استخارة وبالفعل صارحتها بحقيقة الأمر ومن هذه اللحظة شعرت أن البنت متخوفة لدرجه أنها بدأت تكره كل من حولها من الرجال فقد تمت خطوبتها لابن خالتها واكتشفت أنه خانها مع بنت عمها ثم ولثاني مرة تمت خطوبتها على ابن صديق والدها واكتشفت أيضا أنه يخونها مع الكثير والكثير من البنات والسيدات المتزوجات هذا ولثالث مرة تخان وهي لا تشعر
أصيبت بحالة جنون وأنا عاصرت معها كل هذه الأمور إلى أن خرجت من الحالة التي أصابتها وأصبحت صديقا حميما لها معي الكثير من أسرارها وأسرار عائلتها(8/208)
وتطورت العلاقة بيننا إلى أن فوجئت بأنها تصارحني في مرة بكثير من الأمور العظيمة الموجوده بي والصفات الحميدة التي أتعامل بها مع كل الناس وليس معها فقط، وصارحتني في هذه المرة بأنها تحبني منذ زمن بعيد منذ أن كنت صارحتها بحقيقة حب صديقي لها .... وتم إغلاق هذه الصفحة وفتح صفحة جديدة في حياة كل منا
فأنا سعيت وراء العمل وبالفعل وجدته وهو عمل راق جدا أحصل منه على مرتب جيد إلى حد، أما وتم تكريس جهودي على النجاح في دراستي وبالفعل نجحت ودائما أشعر أن الله يوفقني من أجل هذه البنت المسكينة المجروحة دائما فأنا أحاول بقدر الإمكان أن أحافظ على نفسيتها وشعورها وأن أجعلها دائما تنسى فكرة الخيانة من وجدانها.
ونجحت بالفعل في هذه المهمة وقد تمكنت من أن أملك قلبها وتفكيرها وعقلها ومن هذه اللحظة بدأت أنا أغير من كثير الصفات فيها.
فهي اجتماعية .. و لذلك عملت على أن أقلل من اجتماعيتها هذه وأن تقتصر هذه الاجتماعية على المقربين فقط وغيرت من طريقة لبسها وذوقها في الشارع وطريقة المشية والتفكير فهي متدينة وأهلها على خلق ولذلك البنت كانت مستجيبة لي بقدر لم يعق مهمتي .. بالفعل أنا أسميها مهمة فأنا كنت أنوي أن أفعل كل هذا فإن وفقني الله وخطبتها فهذا لنفسي وإن لم يوفقني الله فإن هذا بالتأكيد سوف آخذ عنه ثوابا عند الله
ولكن الله وفقني كثيرا وكثيرا و الحمد لله
فخطبتها من والدها ودخلت البيت من بابه وفي كل مرة تكتشف البنت في الكثير والكثير من الصفات الحميدة التي تعلقها بي أكثر وأكثر، إلى أن فوجئت أنها تعطيني الكثير مما ليس لي به حق فقبلتني واحتضنتني وذهلت لذلك و لكن تكررت هذه العادات إلى أن أصبح شيئا عاديا وطبيعيا .. ولكن الذي يصبرني على ذلك أنها تفعل ذلك حبا في و ليس رغبه في الشهوة
فهي تمنعني من عمل أي شيء من الممكن أن يؤذيها وتدخله في أدق أدق أسرارها مثل ميعاد الدورة الشهرية وأصبحت تحكي لي عن ما تسمعه من أختها عن العلاقة بينها وبين زوجها وهم على فراش النوم هذا بالإضافة إلى أن والدتها تسمح لي بالخروج معها دون علم أبيها وهي تعلم مدى العلاقة بيننا وكل ما يحدث هذا هي تعلمه دون اعتراض قاطع منها .. فهل هذا خطأ أم يصح لأن البنت كانت شبه مريضة وأنا والحمد لله سعيت وراء علاجها ولذلك أمها تفعل ذلك كي لا ترجعها إلى حالتها الأولى أما البنت فهي ضعيفة ومن الممكن أن تسبب لي مشاكل في المستقبل دلوني هل أترك هذه البنت أم أستمر معها
دلوني ... هل أنا خائن لصديقي القديم أم لا ؟ هل يرضى ربنا أن بنتا عذراء ولظروف خاصة تسمح لنفسها بذلك
أرجوك أنا آسف يا شيخ أني طولت عليك.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/209)
فلابد من الإشارة قبل الإجابة على السؤال أن الخطبة هي طلب النكاح من المرأة أو ولي أمرها، وقد شرع للخاطب النظر إلى المخطوبة ، والحكمة من ذلك ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
فإنه أحرى أن يؤدم بينكما.
ومعاملة الخاطب لخطيبته لها ضوابط وحدود، يجب الالتزام بها، ويحرم تعديها، وبيان ذلك أن الخاطب أجنبي عمن خطبها حتى يعقد عليها، فلا يجوز له الخلوة بها، ولا الخروج معها، ولا لمسها، ولا التكلم معها بعبارات الحب والغزل.
وبهذا يتبين للسائل أن علاقته بخطيبته على النحو الذي ذكر لا تجوز شرعا، وعليه أن يقطع هذه العلاقة ، إلى أن يتمكن من العقد والدخول بها، وله أن يعقد عليها، ويؤخر الدخول (الزفاف) .
وعن السؤال الثاني: فالمرأة يجوز خطبتها ما لم تكن مخطوبة للغير ، وهذه الفتاة ليست مخطوبة لصديقك، فيجوز لك خطبتها، فما فعلته جائز شرعا، ولا يعتبر خيانة لصديقك .
وأما قولك هل يرضى ربنا بفعل الفتاة ، فالله سبحانه لا يرضى بذلك، ولكن إذا كنت تريد أن تقول هل يلزم من فعلها أنها غير عفيفة أوغير مؤتمنة فلا يلزم ذلك، لأن للعادات والتقاليد تأثيرا على تصورات الناس ومعتقداتهم، فربما ظنت أن هذه الأفعال جائزة مع الخاطب
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خطب ابنة خالته ثم تعلق بأخرى فتزوجها فغضب عليه أهله فكيف يرضيهم؟
تاريخ 27 جمادي الثانية 1426 / 03-08-2005
السؤال
خطبت بنت خالتي منذ ثلاث سنوات ثم تعلقت بامرأة أجنبية وأقنعتها بالإسلام وتزوجتها وتركت بنت خالتي ولكن والدي وأهلي يلومونني وغير راضين عني فماذا أفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا استطعت أن تتزوج بابنة خالتك مع إبقاء زوجتك الأولى فهذا أفضل لإرضاء والدك وأهلك، وللوفاء مع ابنت خالتك، وإن لم تستطع فعليك أن تبر والدك وتصل أهلك وأقاربك بما تستطيع، ولا تلام بعد ذلك على عدم رضاهم مع إخبار ابنة خالتك بعدم استطاعتك الزواج بها، حتى تفسخ الخطبة وتتزوج بغيرك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الآثار السيئة للعلاقة بين الخطيبين
تاريخ 21 جمادي الثانية 1426 / 28-07-2005(8/210)
السؤال
أريد أن أعرف هل ما قمت به حرام أم حلال؟
اتصل بي يوما أخو صديقتي بالجامعة بدعوى أنه أخذ رقم جوالي منها ويريد التعرف وقصد خطبتي والتزوج وبقينا شهرا نتكلم عبر الهاتف وأخبرت أهلي وقابله أخي كي يسمح له التعرف إليه مباشرة مع العلم أنه قد درس مع أخي ويعرفه وحصلت على الموافقة وتقابلنا عدة مرات مع العلم أن أبي مريض وكنت أتحرج عند الخروج معه وهو لم يقابل أهلي بعد بصفة رسمية ولكن أبي يعرف علاقتنا به وأعجبتني شخصيته ومثابرته في الحياة لأنه غير ميسور الحال ويريد أن نكون معا وفي مقابلة حددت له موعدا لزيارتي وخطبتي أي ما يقابل 15 يوما أو شهرا من موعد المقابلة واتفقنا على ذلك مع العلم كنت مترددة في الأول لأن الظرف لا يسمح لمرض أبي و لكن اقتنعت كي ندخل الفرحة في المنزل وفي يوم خاطبني هاتفيا يعلن لي كي ننفصل وأنه لن يتم ما قاله مدعيا أنه سيتعب ما سيقوم به بناء منزل ومصاريف وأنني سأتعب وأن أخته أخبرته أننا ميسورو الحال مع العلم أني لم أشترط عليه أن يبني بيتا وأني قابلة بوضعيته وأننا سنبدأ معا حياتنا، الخطأ الذي قمت به أني خرجت معه وتعلقت به ولا أستطيع نسيانه إلى حد الآن وخاصة ما يؤلمني أن أبي طريح الفراش وأنا أخرج أمي تعلم بذلك.
أرجوكم أن تجيبوني عن سؤالي وتجدوا لي حلاً.
مع العلم أنه أهداني عطرا أولا ترددت في أخذه لأنني لا أعرف سببه إذ قال لي تعبيرا على تعارفنا والآن أريد أن أرجعه له لأنه يذكرني به كلما أراه وعلاقتي به انقطعت.
وشكراً على توضيحكم وعذرا على الإطالة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلامك عبر الهاتف وخروجك مع هذا الشاب من المحرمات، لانه أجنبي عنك، ولا يجوز أن يعامل إلا بما يعامل به غيره من الرجال الأجانب، ولا يغير من الأمر شيئاً كونه ينوي أن يتقدم لخطبتك، بل إنه أجنبي عنك حتى بعد الخطبة، لأن المخطوبة أجنبية عن خاطبها ما لم يتم عقد الزواج، فلا يجوز لك الخلوة به ولا الخروج معه ولا مقابلته دون وجود محرم ولا مصافحته، ولا إطلاق النظر إليه فضلاً عما زاد عن ذلك، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 30490، والفتوى رقم: 7391.
فالواجب عليك أن تتوبي إلى الله تعالى، وتكثري من استغفاره عما قمت به، وانظري شروط قبول التوبة في الفتوى رقم: 5450.
ويجب عليك أن تردي كل ما أخذته منه، لأن ذلك مما يساعدك على قطع هذه العلاقة، وليكن ردك لما أهداه لك عن طريق أخته أوأحد محارمك حتى لا تتجدد الصلة به.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(8/211)
ــــــــــــــ
يجوز للفتاة رفض الخاطب ولو بدون سبب
تاريخ 17 جمادي الثانية 1426 / 24-07-2005
السؤال
ابنة عم لي تمت خطبتها لابن عمنا ولم تكن ترغب في الزواج منه وبعد فترة اتضح لها أنه يكذب عليها وعلى أهلها وكذلك على أهله فتركته ولم تعد ترغب في الزواج منه وأقرت بذلك أمام أهله مما اضطرهم لتزويجه بأخرى وبعد فترة أصبح غريب الأطوار وكذلك بدأ يضرب زوجته والكل أصبح يلوم ابنة عمي على ذلك لأنها تركته ومنهم من قال لها أنك جرحت قلب ابننا سؤالي: هل ابنة عمي مذنبة في تركها له؟ مع العلم أن السبب الوحيد لتركها إياه هو الكذب.
أفتوني أثابكم الله لأريح ضميرها ...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يأثم العبد إلا بترك ما وجب عليه فعله، أو بفعل ما وجب عليه تركه عامداً مختاراً، وهذه الفتاة حين رفضت الزواج من ابن عمها -حتى على فرض أنها رفضته لغير سبب، وعلى فرض تضرره من هذا الرفض - فإنها لم تترك واجباً عليها ولم تفعل محرماً، لأنه لا يجب عليها الزواج به، ويجوز لها رفضه ولو لغير سبب، ومن باب أولى إذا كان هناك سبب كالمذكور في السؤال.
وعليه، فليس على هذه الفتاة إثم وليست مذنبة في ما أصاب ابن عمها من ضرر إذا ليس لها يد في ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
كراهة فسخ الخطبة من غير مسوغ
تاريخ 16 جمادي الثانية 1426 / 23-07-2005
السؤال
تقدم لخطبتي رجل متدين وتم التفاهم على كل شيء مع أهلي وزار بيتنا وتم الاتفاق على عقد الزواج في اليوم التالي ولكنه في اليوم التالي اتصل بي وقال بأن لديه مشاكل وجعلني أنا وأهلي في حيرة بعد ما تم استدعاء جميع الأهل ومن يومها لم يتصل ولم يبرر ما فعله وهو التلاعب بأناس مؤمنين يخافون الله في كل كبيرة وصغيرة هل هذه تصرفات إنسان مؤمن تقي يخاف لله مع أنه مؤمن يخاف الله؟ وما حكم من يفعل هذا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخطبة ليست بعقد شرعي يلزم الوفاء به، وإنما هي وعد ينبغي الوفاء به من الطرفين، وقد نص الفقهاء على كراهة فسخ الخطبة عند عدم وجود مصلحة تستدعي ذلك، لما فيه من إخلاف الوعد.(8/212)
وأما إن وجدت مصلحة فلا يكره، قال ابن قدامة في المغني: ولا يكره للولي الرجوع عن الإجابة إذا رأى المصلحة، ولا يكره لها أيضاً الرجوع إذا كرهت الخاطب لأنه عقد عمر يدوم الضرر فيه، فكان لها الاحتياط لنفسها والنظر في حظها. اهـ. ولا فرق في هذا بين الخاطب والمخطوبة، وانظري الفتوى رقم: 7237.
وعليه، فإن كان هذا الخطيب فسخ الخطبة لمصلحة ظهرت له في عدم إتمام الزواج فلا حرج عليه، وإن فعل ذلك لغير مصلحة فقد أتى مكروها.
هذا.. وندعوك إلى لزوم الصبر وعدم التسخط على قدر الله تعالى فمن يدري، فقد يكون الله تعالى أراد بك خيراً وصرف عنك شرا بما حصل، فما عليك إلا أن تتوجهي إلى ربك سبحانه وتعالى حتى يحقق لك مطلبك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
شروط حرمة الخطبة على الخطبة
تاريخ 14 جمادي الثانية 1426 / 21-07-2005
السؤال
ارتبطت بفتاة , خطبها غيري من أبيها من غير استشارتها ؛ استمر الموضوع هكذا لفترة ؛ أتيت وخطبتها ،أنا أفضل منه ماديا . تعليما. ثقافة- وافق أبوها وتزوجنا إلى الآن هل أنا مذنب وإذا كنت مذنبا ما الحل وكيف الكفارة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأي امرأة ركنت أو وليها إلى خاطب حرم على الغير الخطبة عليه حتى يذر أو يأذن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب أو يأذن له الخاطب. رواه البخاري. وقد نص العلماء على أن ركون الولي كركون المرأة، قال صاحب مواهب الجليل: ركون المرأة ومن يقوم مقامها من أمها وغيرها كركونها إذا لم يظهر منها الرد عند وصول الخبر إليها.
ومحل الحرمة إذا استمر الركون، أما لو رجعت المخطوبة أو وليها عن الركون قبل خطبة الثاني لم تحرم الخطبة. وبناء على هذا.. فإن كنت خطبت هذه المرأة وتزوجتها على هذا الخطيب قبل فسخ الخطبة أوإذنه لك بذلك فقد أتيت إثما تجب عليك التوبة منه، ويعد نكاحك صحيحا عند أكثر العلماء، وإن كان بعضهم يرى الفسخ بعد العقد وقبل الدخول، قال الباجي في المنتقى: ومن خطب على خطبة أخيه فقد روى سحنون عن ابن القاسم في العتبية يؤدب، وإن عقد على ذلك فهل يفسخ نكاحه أو لا؟ وروى سحنون عن ابن القاسم لا يفسخ، وروى ابن حبيب عن ابن الماجشون لا يفسخ قبل البناء ولا بعده، وبه قال أبو حنيفة والشافعي. اهـ.
ومع ذلك ينبغي لك طلب الصفح من الخاطب المتقدم عليك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(8/213)
ــــــــــــــ
حكم رؤية شعر المخطوبة
تاريخ 16 جمادي الثانية 1426 / 23-07-2005
السؤال
بارك الله فيكم. لقد سبق واستشرتكم بخصوص الميراث وأفدتموني بالتفصيل. بارك الله فيكم
سؤالي هذه المرة هو ما يلي:
متحجبة ولله الحمد، تقدم لخطبتي شاب ملتزم والله أعلم به. تصر عائلته على أنه يوم الخطبة وبعد موافقة كل الأطراف وقراءة الفاتحة وبحضور عائلتي وعائلته، يجوز له أن يرى شعري. وأصروا على جواز هذا الأمر في الإسلام قبل عقد النكاح.
أفيدوني بارك الله فيكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على الالتزام والحرص على تعلم أمر الدين وما استشكل عليك قبل الوقوع فيه، وهذا هو الذي ينبغي لكل مسلم فقد قال تعالى:
وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا {الإسراء: 36} وقال: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل 43}
وأما مسألة نظر الخاطب في الشعر فقد اختلف أهل العلم فيما يباح للخاطب أن ينظر إليه ممن يرغب في خطبتها ونكاحها، ومذهب الجماهير أنه لا يرى منها غير الوجه والكفين، وهو الراجح إن شاء الله، كما بينا في الفتوى رقم: 46643 والفتوى رقم: 50371 والفتوى رقم: 23761.
وقراءة الفاتحة لا ندري ما المقصود بها، فإن كان العقد الشرعي فبعده يباح للرجل ممن عقد عليها ما يباح للزوج من زوجته وقد بينا ضابط العقد الصحيح في الفتوى رقم: 368 كما بينا في الفتوى رقم: 5859 ما يحل للزوج من زوجته التي عقد عليها، وأما إن كان المقصود بقراءة الفاتحة أمر غير العقد الشرعي كأن تقرأ عند إعلان الخطبة ونحو ذلك فلا أصل له في الشرع، ولا يبيح أمرا محرما وإنما تكون العبرة بالعقد الشرعي كما ذكرنا.
وإذا كان الخاطب ذا دين وخلق فينبغي الحرص عليه وقبول خطبته وعدم رفضه. وننصحك بمراجعة الفتوى رقم: 7526.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا تجوز الخلوة بالخاطب فضلا عن اللمس
تاريخ 14 جمادي الثانية 1426 / 21-07-2005
السؤال(8/214)
ما الحكم إذا طلب خاطب من خطيبته أن -العياذ بالله- يلمس -عفوا- مواضع بها، وما الحكم إذا وافقت، هل هذا من الكبائر، وكيف ترفض بدون حدة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المخطوبة قبل إبرام عقد النكاح أجنبية عن خاطبها، فلا يجوز له الخلوة بها فضلاً عن لمسها، سواء وافقت على ذلك أم لم توافق، ولا يجوز لها هي أيضاً أن توافق أن يلمسها، بل لا يجوز لها أن تخلو به، وقد عد العلماء الخلوة بالأجنبية من الكبائر، فقد قال ابن حجر الهيتمي في كتابه (الزواجر عن اقتراف الكبائر): الكبيرة الثانية والأربعون والثالثة والأربعون والرابعة والأربعون بعد المائتين: نظر الأجنبية بشهوة مع خوف فتنة، ولمسها كذلك، وكذا الخلوة بها بأن لم يكن معهما محرم لأحدهما يحتشمه.
وأما كيف ترفض ذلك؟ فبإمكانها أن تخبر والدها أو أحد محارمها، وهو يتولى إخباره بذلك، ويكفي أن تخبر محرمها بعدم جواز الخلوة، دون الكلام عن اللمس، لأن الحياء قد يمنعها من الكلام في ذلك، فإذا انتفت الخلوة انتفى معها ما ذكر، ويمكنها أن تستعين ببعض الفتاوى المنشوره في هذا الموقع أو غيره، أو ببعض الرسائل التي تبين تحريم خلوة الخاطب بمخطوبته قبل عقد النكاح، وتقدم ذلك للخاطب، وينصح بأنه لا ينبغي أن يبدأ حياته الزوجية بمحرم، وللمزيد من الفائدة حول تحريم خلوة الخاطب بالمخطوبة قبل العقد، راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1151، 2436، 5814.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
فتاوى في أحكام الخطبة
تاريخ 03 جمادي الثانية 1426 / 10-07-2005
السؤال
فضيلة الشيخ : أنا واحد من المذيعين بمذياع شهير في البلد معظم برامجها دينية ، وأنا ما شاء الله من الشباب الذين يستمعون الناس برامجه ، وأطلب منكم العون بمساعدة حول موضوع : الخطبة وكيفيتها ، لم نحصل على كتاب يتحدث عنها بكثير ، كيفية الخطبة ، شروطها ، واجب الخاطب والمخطوب أفيدونا جزاكم الله عنا وعن الإسلام خيرا ، وجعل جميع ما قدمتم في ميزان حسناتكم يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلام على أحكام الخطبة وتفصيل القول في ذلك طويل جدا، ولكن ننصحك بالرجوع إلى كتب الفروع والأحكام عند باب النكاح" وهناك كتب خاصة في النكاح مثل تحفة العروس وآداب الزفاف وغيرها كما يمكنك الرجوع إلى الفتاوى ذات الأرقام التالية: 368 ، 994، 1151 ، 1847 ، 2689، 2729 ، 5814،(8/215)
6253، 3561، 3852 ،6416 ،828 ،905 . فقد بينا خلالها كثيرا من تلك الأحكام، وللاستزادة يمكنك الدخول على فهرس الفتاوى ثم الدخول على " باب الخطبة وما يتعلق بها" نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الوفاء بالخطبة مطلوب شرعا ما لم يوجد مسوغ شرعي لفسخها
تاريخ 06 جمادي الثانية 1426 / 13-07-2005
السؤال
هل من تقدم لخطبة فتاة لأنه كما قال معجب بها منذ فترة طويلة جدا وصمم على الخطبة بالرغم من أنه يعرف أن هذه الفتاة قد خطبت من قبل وأن موقفها حساس إذا لم يتم الزواج هذه المرة ولكنه أقنعها أنه يحبها منذ وقت طويل وأنه واثق من هذا الحب وأنها هدية له من الله حتى تعلقت به الفتاة لأقصى درجة من فرط ما كان يظهر لها من حب وحتى أهلها تعاملوا معه بما يرضي الله ولم يعترضوا له على أي شيء من أجل سعادة ابنتهم.
ثم فجأة تغير هذا الشخص للنقيض تماما وأصبح حتى لا يريد الكلام معها وتركها لمدة شهر لا تعرف ما مصيرها ثم فاجأها بقرار الانفصال بالرغم من محاولاتها لفهم ما يجري ولكن دون جدوى فقط قال إنه لم يجد منها ما يتوقعه من حنان بالرغم من قصر مدة الخطبة التي لم تتعد الشهر فكيف استطاع أن يحكم في هذه الفترة وكيف استطاع أن يتغير من حب جارف إلى رغبة في الانفصال بهذه السرعة سؤالي هو: هل ذلك الشخص يعد كاذبا أو ظالما وسوف يعاقبه الله على ذلك؟ هل ما حدث يعد ظلما وتسرعا بلا مراعاة حقوق ومشاعر الآخرين؟ وهل إذا لم تسامحه هذه الفتاة لن يسامحه الله؟ وهل الدعاء في هذا الموقف بأن يأخذ الله حقي منه وأن أرى هذا اليوم حرام أو يعتبر دعاء عليه وما هي الأدعية التي أقولها حتى يعينني الله على الصبر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عن هذه الأسئلة، نود أولاً أن نبين لك حكم الحب بين الرجال والنساء، فراجعي فيه ما كنا قد كتبناه في فتوانا رقم: 4220.
وفيما يتعلق بما سألت عنه، فإن الخطبة هي مجرد وعد بالزواج وليست أمراً ملزماً، بل يجوز لكل من الطرفين فسخها، ولكن ينبغي الوفاء بها ديانة إذا لم يكن ثم مسوغ شرعي لفسخها، ولا سيما إذا كان ذلك يمكن أن يؤدي إلى إعراض الخطاب عن المرأة.
وعليه، فلا يمكن القول بأن هذا الشخص يعد كاذباً أو ظالماً أو أن الله سوف يعاقبه على ذلك، إذا لم تسامحه هذه الفتاة، ولا أن ما حدث يعد ظلماً إلى آخر ما سألت عنه... وبالتالي فلا يجوز الدعاء عليه، لأن الدعاء إنما يجوز على الظالم. وراجعي في الدعاء على الناس ما يشرع منه وما يمنع فتوانا رقم: 20322.(8/216)
وأما الأدعية التي يمكن أن تعينك على الصبر، فهي كل دعاء ليس فيه إثم ولا قطيعة رحم، وقد بينا في الفتوى التي أحلناك عليها شروط إجابة الدعاء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مشروعية طلب الفتاة رؤية الخاطب
تاريخ 26 جمادي الأولى 1426 / 03-07-2005
السؤال
لدي استفسارات عن موضوع الخطبة والزواج أرجو أن أجد عندكم الجواب وجزاكم الله خيراً، بالنسبه للخطبة هل يحق للفتاة أن تطلب رؤية الخاطب حتى لو لم يطلب هو ذلك بحجة أن أمه قد رأتها وهل يعد ذلك قلة حياء لأنها تقول بأنه هو من سيتزوجها وليست أمه ولأن وصف الأم غير مخيلة الرجل ، فهو عندما يحدد مواصفات محدده قد تختار الأم فتاة وتظن بأن المواصفات هي في نظرها لكن بعد الزواج يفاجأ الزوج بأنها ليست من يريد وإذا كان الأهل لا يوافقون على النظرة الشرعية، فماذا تفعل الفتاة هل ترفض الزواج، وبالنسبه لحفلات الزفاف وما فيها من منكرات كالغناء وغيره، ماذا تفعل الفتاة إذا كانت هذه الحفلة لإحدى القريبات كبنت العم أو أختها هل تحضرها أم كيف تتصرف فهي لا تريد إرضاء الناس ورب الناس يسخط عليها؟ وجزاكم الله خير الجزاء أختكم في الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يسن نظر الخاطب لمخطوبته بقصد التعرف عليها هل تصلح زوجة أم لا؟ ويسن أيضاً نظرها إليه، فمن حق الفتاة أن تطلب رؤية الخاطب، للسبب الذي ذكرته السائلة، ولحقها هي في أن تنظر إليه، فإنها يعجبها منه ما يعجبه منها، لكن بشرط عدم الخلوة بها.
وهذا أمر مشروع ولا ينبغي للأهل الاعتراض عليه، وليس هذا من قلة الحياء، وللفتاة الحق في رفض الزواج وليس للأهل إجبارها على من لا ترضاه زوجا لها، ولكن لا ينبغي للفتاة أن ترفض خطيبها وتخالف أهلها لمجرد عدم رؤية الخطيب لها، فرؤية الخطيب لخطيبته من السنة لكنها ليست شرطاً في صحة النكاح ولا يترتب على تركها إثم، وأما بالنسبة لحضور حفلات الزفاف المشتملة على بعض المنكرات، فتقدم الجواب عليها في الفتوى رقم: 18456.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الطريقة الصحيحة لمن أراد خطبة شرعية
تاريخ 25 جمادي الأولى 1426 / 02-07-2005
السؤال
نشكر لكم جهودكم الكريمة التي نستفيد منها لصالح الدين والدنيا(8/217)
في حياة الجامعة يأتي الاختلاط بعد المدارس المنفصلة والبعض إن لم تكن الغالبية الساحقة تستخدم هذا الاختلاط في كثير من العلاقات الاجتماعية منها الصداقة وما يسمى الحب وغيرها، أريد أن أستفسر عن موضوع أكثر تحديداً ألا وهو مدى شرعية أن يعجب المرء بشخص يراه و لا يعرف عنه شيئا ولا يستطيع التعرف عليه بسبب الضوابط والمبادئ الشخصية من عدم مصادقة الشباب والحديث المطول أي الذي لا يملك إطارا رسميا أو محددا سوى إطار التعارف، وهل يجوز بعد أن يعجب المرء بشخص ما أن يتحدث معه سواء في المدرسة أو الجامعة أو حتى على الإنترنت ويتعرف إليه ويخططان معا لخطبة شرعية وما إلى ذلك، وهل هذه الطريقة بعيدة كل البعد عن الأسس والمبادئ الإسلامية أم هل هنا فتوى تجيزها طبعا دون التنازل أو التهاون في مسألة الكبائر والمحرمات، وكيف يستطيع المرء أن يتخلص من إعجابه لشخص ما خشية تطور هذا الإعجاب، وما حكم النظر اللا شعوري أي اللاإرادي أو الخارج عن السيطرة نوعا ما إلى شخص ما؟ ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على منع التحدث إلى الشابة الأجنبية سداً للذريعة وخشية الوقوع في الفتنة، وقد ذكرنا نصوص أهل العلم في ذلك في الفتوى رقم: 21582.
ولهذا فلا يجوز أن يتحدث الشاب أو الفتاة مع الأجانب في المدرسة أو الجامعة ولا عبر وسائل الاتصال، والطريقة الصحيحة لمن أراد خطبة شرعية لمن رآه أو أعجب به أن يتقدم له أو لها عن طريق الأهل أو بعض الناس المأمونين، فإذا لم يوفق فإن عليه أن يقطع التفكير فيه أو أي صلة به حتى لا تتطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه، وللمزيد من التفصيل والفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 2523، والفتوى رقم: 9360.
وأما النظر اللا شعوري أو نظرة الفجاءة -كما يسميها أهل العلم- فلا إثم على المرء فيها، إذا غض بصره ولم يواصل النظر، كما في حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة؟ فأمرني أن أصرف بصري. رواه مسلم، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 26644.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
شروط المحرم الذي تنتفي به الخلوة بين الخطيبين
تاريخ 19 جمادي الأولى 1426 / 26-06-2005
السؤال
في الفتوى رقم 2436 تحدثتم أن من شروط اجتماع المخطوبين هو حضور محرم معهما, من أي جهة يكون المحرم هل هومن جهة المخطوبة؟ وهل هناك حديث في(8/218)
ذلك أو قصة عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أو قصة عن الصحابة؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بالمحرم هنا ما تنتفي به الخلوة بين المخطوبة وخطيبها وذلك بأحد أمرين:
الأول: رجل عاقل بالغ محرم، وهو من يحرم عليه نكاحها على التأبيد، إما بالقرابة أو الرضاعة أو المصاهرة، ومثله المراهق لا الصبي، قال زكريا الأنصاري في شرح البهجة: وينبغي عدم الاكتفاء بالصبي لأنه لا يحصل معه الأمن على نفسها إلا في مراهق ذي وجاهة بحيث يحصل معه الأمن لاحترامه. انتهى.
الثاني: امرأة عدلة مأمونة.
أما بخصوص الحديث فهو كما في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم فسخ الخطبة من جهة المرأة أو وليها
تاريخ 20 جمادي الأولى 1426 / 27-06-2005
السؤال
أفتونا رحمكم الله في: شاب تقدم لخطبة فتاة فوافق أبوها وتمت الخطبة، ثم تقدم بعد فترة شاب آخر ليخطب تلك الفتاة ولم يعلم بخطبة الأول لها، فوجد ولي الفتاة أن الشاب الثاني أكمل من الأول (دينيا، خلقياً)، فهل يفسخ الخطبة مع الأول ويوافق للثاني هل يأثم ولي البنت، وهل يندرج هذا تحت نهي النبي صلى الله عليه وسلم: ولايخطب أحدكم على خطبة أخية.؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن خطبة المسلم على أخيه المسلم من جملة المحرمات التي يجب الحذر منها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم فلا يحل له أن يبتاع على بيعه، ولا يخطب على خطبته حتى يذر. رواه مسلم وغيره.
وهذا الإثم يلحق من علم بخطبة أخيه قبله، أما من لم يعلم وخطب فلا يؤاخذ للجهل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه أصحاب السنن.
أما بخصوص فسخ الخطبة من جهة المرأة أو وليها فهو مكروه لما فيه من إخلاف الوعد؛ إلا إذا دعت مصلحة للفسخ فلا يكره، قال ابن قدامة في المغني: ولا يكره للولي الرجوع عن الإجابة إذا رأى المصلحة... ولا يكره لها أيضاً الرجوع إذا كرهت الخاطب لأنه عقد عمر يدوم الضرر فيه فكان لها الاحتياط لنفسها والنظر في حظها. انتهى.(8/219)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا حرج في نكاحك هذه المرأة ضمن الضوابط الشرعية
تاريخ 19 جمادي الأولى 1426 / 26-06-2005
السؤال
أريد الزواج من أرملة خالي المتوفى بعد 3 سنوات من زواجه لها وقد مضى 10 سنوات على وفاته (عندى 25 سنة، وهي 37 سنة)، عندها بنت 10 سنوات وولد 12 سنة، هي فى احتياج لي ،المشكلة بالتأكيد سوف يقابل هذا رفضا من أبي وأمي والعائلة جميعاً لأنهم يرون أن ذلك غير واقعي أو عقلاني، نحن نقول إن النبى (صلى الله عليه وسلم) تزوج السيدة خديجة وهو عنده 25 سنة وهى 45 سنة، وأريد أن أتخذه قدوة لي فى كل شيء، أنا من فتح هذا الموضوع إليها ثم تبين إليها أنها فعلا فى احتياج لي خصوصا وأنه منذ وفاة خالي هذا وتوجد خلافات على الميراث وهذه الأرملة وهؤلاء الأيتام لم يأخذوا شيئا حتى الآن وهم لا يريدون فقط يريدون أن يحسوا أن معهم رجل يحميهم والناس تعمل لهم ألف حساب، فماذا أفعل، ملحوظة: لقد قمت أنا وهي ارتضاء بعضنا بعضا زوجين وأشهدنا الله على ذلك وفي كل لحظة لكن ليس بيننا جماع لأن الناس لا تعرف العهد الذى بيننا وبين الله... أرجو الإفادة بسرعة لخطورة الأمر حيث يقال -لأني الوحيد الذى يبر أرملة خالى وأولادها- إنى أذهب عندهم كي أتزوجها... أيضا لقد رأيت رؤيا أني أنجبت منها بنتا تدعى الزهراء لكنها فى حجرة ظلماء تريد الخروج للنور؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: لا نكاح إلا بولي. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وصححه الألباني، وقال: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل... رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني، وقال: لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافرن امرأة إلا ومعها ذو محرم... متفق عليه واللفظ للبخاري، وقال أيضاً: لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. رواه الترمذي.
فمن كان مقتديا به صلى الله عليه وسلم فليمتثل أمره ولينته عما نهى عنه، قال الله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {الحشر:7}، إذا علمت هذا أخي السائل فلتقطع علاقتك مع هذه المرأة فوراً وتب إلى الله تعالى مما مضى من العلاقة المحرمة ولا يستزلك الشيطان ويستهويك ليوقعك في ما حرم الله تعالى تحت مبررات لا أساس لها من الشرع.
فانج أخي بنفسك واحمها من محارم الله تعالى قبل أن تحمي الأيتام أو أمهم، ومرة أخرى لا يجوز لك أن تختلي بهذه المرأة، ولا أن تدخل عليها رضيت أم كرهت، رضي أهلك بذلك أم كرهوا، وإذا كنت تريد الزواج الشرعي من هذه المرأة فلا مانع يمنع من ذلك وخصوصاً أنك تخشى على نفسك من الوقوع في الفاحشة مع هذه(8/220)
المرأة ولتأت الأمر من بابه وهو خطبة هذه المرأة ثم إذا رضيت فليعقد لك عليها وليها أو من يقوم مقامه، ثم حاول أن تقنع أهلك بعد ذلك، وتراجع الفتوى رقم: 49821، والفتو رقم: 1151، والفتوى رقم:56066.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خطب امرأة بدون علم والديه
تاريخ 18 جمادي الأولى 1426 / 25-06-2005
السؤال
إخواني في الله أريد منكم النصح، أنا كنت أنوي أن أخطب واخترت ناسا من معارفنا ، وكلمت أهلي عنهم لكن أهلي رفضوا جابوا لي أعذار منها أن أهل العروس (بيت جدها) يتحكمون في كل شيء، وبدأوا يتكلمون فيك وأعذار من هذا القبيل، أنا سألتهم عن أخلاق البنت وأم البنت ووالدها قالوا محترمين وما عليهم أي غبار ، لكن بيت جدها متحكمين بقراراتهم وآرائهم، المهم إخواني أنا ما اقتنعت بالأعذار بعد نقاش عرفت الآتي:
الاهل يريدون أن أتزوج بنت خالي وأنا رافض، وحجتهم أننا عشنا مع بعض سنين، وقالوا إن خالي متأكد 100 % إني سأخطب بنته، وإنهم يستحون ومحرجين أن يخطبوا غير بنت خالي، ويخافون على مشاعر خالي، ويخافون أن خالي يقطع علاقتنا به إذا عرف أنني خطبت من غيره، ويا شيخ كلهم بنات جميلات وأخلاق ودين، لكن أنا والله والله والله مالي رغبه في الزواج من بنت خالي أبداً وأخاف أظلمها معي إذا أجبروني على الزواج من بنت خالي لأن الزواج عشرة طويلة، ويا شيخ أنا والله استخرت في بنت خالي أكثر من مرة فلم أجد أي شيء ولم أشعر بأي شيء ولا أي شيء، لكن أنا أحببت أوضح الذي صار لي بعد ذلك وهي كالتالي:
أنا يوم طلبت منهم يخطبون لي البنت التي أريدها تعذروا لي ويحاولون يؤخروني كي أنسى الموضوع نهائيا ولا يعطون اهتماما لموضوع الخطبة ويحطموني، وقالوا لي إذا أردت أن تتزوج بنت خالك نحن نزوجك الآن، إخواني أنا والله أريد أن أخطب كي أحصن نفسي والله، لكن أية فائدة في أن أخطب وأتزوج إنسانة لا أريدها سأظلمها والله.
خلاصة الموضوع: أنا بصراحة كنت نويت أن أسافر لماليزيا للدراسة 6 أشهر، وأنا أعرف نفسي لا أقدر أن أكمل دراسة إلا على الأقل إذا خطبت لأني أريد أن أحصن نفسي ولا أطالع هنا أو هنا ، صحيح المسلم عليه أن يصبر ويحتسب الأجر عند الله ويكافح ويجاهد نفسه، لكن إخواني والله لا أخفيكم أنا إذا ما خطبت ولم أحس أني على الأقل خاطب سأنحرف شيئا فشيئا عن المسار وسوف أتحطم والله، لست أعرف ماذا أقول لكم أستحي أن أشرح حالتي، والله والله لا بد أن أخطب، على الأقل إذا ما خطبت لا أعرف ماذا أقول،
بعض الناس يقولون ما فائدة الخطبه بدون زواج كل إنسان يختلف عن إنسان بعض الناس ما يطلبون ولا يلحون على الزواج بسرعة بحكم تكوينهم مهما كان الواحد(8/221)
منهم كبيرا في السن عادي عنده إذا تزوج الآن أو بعد فترة طويلة، وفيه أناس صغار بالسن لكن يحتاجون الزواج سريعا لتحصينهم، أنا بالنسبه لي الخطبة شيء عظيم وحصن منيع إن شاء الله مهما صار أحس أنه فيه شيء ورائي ينتظرني، والله أنا فقط أريد على الأقل أخطب، نحن الآن في عصر فتن الله يحفظ كل شاب وشابة ويسترهم ويحصنهم يارب، أنا بصراحة واجههت أكثر من فتنة خلال فترة الدراسة بالخارج وحتى والله هنا في جدة ولكن الحمد لله الله يستر علينا والحمد لله قدرت أ ن أتجاوزها، لكن بصعوبة، لكن بصراحة ليس كل مرة تسلم الجره، والله أنا في خطر أشعر أنها طالت المدة، وأنا غرضي من الخطبة الحصن لي وخصوصا أني سأسافر للخارج.
إخواني في الله أنا بصراحة بعد محاولات مع أهلي يخطبون لي امن أريدها ويئست منهم وأصروا على بنت خالي، وأنا بصراحه لا أعرف ما ذا حصل لي شعرت بدافع قوي قبل السفر بفترة قصيرة توجههت لناس آخرين وخطبت بنتهم ووافقوا ولله الحمد علي، لأني لا أقدرأن أسافر وأنا بدون خطبة ، أنا الذي دفعني للخطبة خوفي على نفسي، كان ودي أشرح لكم معاناتي أكثر لكن لاأعرف أعبر عن الذي أشعر به في نفسي عاجز عن التعبير، لكن إن شاء الله أنتم تعرفون، وما أقول غير الشكوى لله، المشكلة أخي في الله أنا ما أخبرت أهلي عن خطبتي للآن، لكن كان همي الأول والأخير كيف أحافظ على نفسي لأن أهلي تأخروا وطالت المدة، المشكلة أني لا أريد أن أغضب أهلي مني ورضاهم يهمني لكن الآن لست أدري ماذا أفعل، أخاف أن يتضايقوا مني أخاف على أمي تتعب، أخاف يدعون علي ماذا أفعل، وكذلك هل علي إثم في الذي عملته بدون معرفه أهلي وبدون رضاهم، والله أنا في حيره، أفيدوني؟ جزاكم الله ألف خير، وعفوا على الإطالة لاني كنت أحب أن تكونوا على دراية كاملة بكل التفاصيل لكي لا يظلم أحد سواء أنا أو أهلي؟
وجزاك الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعينك على الالتزام وأن يبعد عنك الشرور والآثام وأن لا يجعل للشيطان عليك سبيلاً، ولتعلم أن من أعظم الحقوق وأولاها بالرعاية حق الوالدين فطاعتهما من أوجب الواجبات، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23}، فعليك أن تحسن إليهما وتطيعهما فيما أمراك به ما لم يكن إثماً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
فإذا كانت بنت خالك ذات دين وجمال وقد أمراك بالزواج بها فينبغي أن تطيعهما في ذلك، وعدم رغبتك وميولك إليها قد يكون من الشيطان يريد أن يوقع بينك وبين أهلك وخالك العداوة والبغضاء، فلا تطعه فيما يريد واظفر بذات الدين كما أمرك أبواك وأمرك نبيك صلى الله عليه وسلم في قوله: فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه، وإن كرهت ذلك الآن: فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.(8/222)
أما إذا كانت بنت خالك غير ملتزمة أو هنالك من الأسباب ما يمنع زواجك بها فلتبحث عن ذات الدين ولكن ينبغي أن تستشير والديك فيما تقدم عليه ففي رأيهما بركة، ولا تعدل عنه إلا لمانع شرعي، وما دام لم يتم عقد القران بينك وبين خطيبتك فلتخبرهما بنيتك في خطبتها وتقنعهما بذلك إن كانت ذات دين وخلق، ولتستعن بمن يسمعان نصحه ويقبلان كلامه، فإن أذنا لك وقبلا فأتم الأمر وإلا فلتترك الخطوبة ولتطعهما فيما أمراك به: فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا{الإسراء:23-24}، فقد أمرك بذلك ربك، وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 26708، والفتوى رقم: 3778.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا حرج في التراجع عن الخطبة
تاريخ 15 جمادي الأولى 1426 / 22-06-2005
السؤال
الإخوة الكرام لو تكرمتم عندي مشكلة أرجو منكم رأي الشرع فيها حتى يهدأ بالي وأطمئن أن الله تعالى راض عني و جزاكم الله خيرا وجعله في ميزان حسناكم يوم القيامة اللهم أمين.
منذ الشهر الماضي قرأت فتوى لديكم عن جواز إيداع طلبات الزواج في مواقع مخصصة لذلك شرط أن تكون ذات طابع إسلامي ,فتقدمت بالطلب لموقع محترم لكني تعرفت على شخص محترم حافظ للقرآن دارس لشريعة على أساس طبعا الزواج وكان لابد من التحاور بيننا مما سبب لي إحراجا شديدا,المهم تراسلنا بكل تحفظ من قبلي هو الآن كتب لي أنه قرر الانسحاب ليجعلني في حل من أمري فإن أنا وفقت لشخص آخر فبها ونعمت وإن رجع هو و راسلني فلي يومها الرفض أو القبول,الآن أسألكم من فضلكم هل أخطأت و هل أعتبر عاصية لله مع العلم أن الموضوع تعرفه فقط 2 من أخواتي .ماذا أفعل بالله عليكم وجهوني للخير فأنا تعبانة جدا جدا جدا .
جزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن خطاب المرأة للرجل الأجنبي مباح إذا انضبط بالضوابط الشرعية، سواء كان ذلك مشافهة أو عبر وسائل الاتصال الحديثة، إلا أن مباشرة المحادثة بين الشباب عبر النت ونحوها لا تخلو في الغالب من محرمات متوقعة، وقد لا يتحقق منها المصلحة المرجوة، وتراجع الفتوى رقم: 210 والفتوى رقم: 7905.
وبخصوص قطع الرجل للعلاقة بينك وبينه فلا يترتب عليه شيء حتى وإن كان قد خطبك إلى نفسك ورضيت.(8/223)
وعليه، فلو وجدت من ترضينه في الدين والخلق جاز لك أن تقبلي به في الحال، ولو رجع هو مرة أخرى وخطب فلا حرج في قبوله.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
التجسس على المخطوبة
تاريخ 13 جمادي الأولى 1426 / 20-06-2005
السؤال
أيجوز التجسس على من أريد خطبتها أو على الإخوة خشية تعلقهم بشيء حرام؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تعني بالتجسس على من تريد خطبتها أن تنظر إليها بدون علمها لكي تنظر منها إلى ما يدعوك إلى نكاحها فيجوز، وسبق في الفتوى رقم: 6941.
ولا يسمى هذا تجسسا، وأما التجسس بمعنى تتبع عثرات الناس وأخطائهم فهذا حرام على من تريد خطبتها وعلى الإخوان وغيرهم من المسلمين لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا {الحجرات:12}، وتقدم تفصيله في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 15454، 60127، 60017.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا بأس في تناول الأسباب المشروعة في خطبة الزوج
تاريخ 15 جمادي الأولى 1426 / 22-06-2005
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 25 سنة، أكملت دراستي الجامعية ملتزمة والحمد لله وأعمل في أحد البنوك في بلدي، أنا من عائلة محترمة ونراعي حدود الله في كل شيء والحمد لله. أرسل لكم بهذه الأسئلة وذلك بعد أن سمعت محاضرة في قناة اقرأ عن الزواج ورفض الآباء للشباب الذين يتقدمون لبناتهم فأنا تقدم لي عدد من الشبان ولكن والداي كانوا يرفضونهم وذلك بسبب أخلاقهم بعد السؤال عنهم أو أسباب لم يرض عنها والداي وأنا بدوري كنت أقتنع برأيهم... وقبل ثلاث سنوات خطبت لأخ جارتنا وقد كان يكبرني بـ 10 سنوات، وكان يعمل في إحدى الدول العربية، ولكن علمنا في فترة الخطوبة بأنه يشرب الخمر ولديه علاقات محرمة فقام والدي بفسخ الخطوبة بعد أن طلبت أنا ذلك لخوفي من عدم قدرتي على العيش مع ذلك الرجل، وسؤالي هو: هل رفضنا للذين يتقدمون لي معناه أنني محاسبة على ذلك بالرغم من وجود أسباب تمنعني من الموافقة على الزواج منهم؟
وسؤالي الثاني وهو يخص نفس الموضوع وهو: أن شابا من جيراننا ويصغرني بحوالي سنتين أو ثلاث سنوات يحاول التقرب مني بطرق عديدة تأكدت من خلالها(8/224)
بأنه جاد في مشاعره، ولكنني لا أسمح له بالاقتراب لأنني ملتزمة جداً في علاقاتي مع الشباب ولفارق السن بيننا، علماً بأن الموضوع استمر على هذا الحال لأكثر من سنة ونصف دون انقطاع حتى الآن لدرجة أنني لم أعد أمشي في نفس الشارع الذي يمشي هو فيه رغم أنه نفس شارعنا، أنا أحترم ذلك الشاب واقدره كثيرا لأنه من عائلة محترمة وأشعر بأنه يريد التقدم لي ولكنه يخاف من فارق السن بيننا ومن رفض والداي له ومن أن أرفضه بسبب أسلوبي في التهرب منه وعندما أخبرت أمي بذلك قالت إن السن لا يهم مادامت أخلاقه معروفة ونيته سليمة وعلي أن ألتزم طريقتي معه وإذا أراد أن يتقدم لي فلا مانع لديها، والسؤال هو: هل أسلوبي غير المشجع حفاظاً على كرامتي عمل منطقي، لخوفي على نفسي من الوقوع في علاقة لا تنتهي بخير، وهل النصيب يحكم في هذه الأمور حتى دون أن أتدخل أنا في أي من العلاقات فلا داعي للقلق وأستمر على التزامي والتوكل على الله في هذا الموضوع، هذه هي الأسئلة التي تقلقني؟ وجزاكم الله كل الخير على الإجابة عليها.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما بشأن رفضك لمن يتقدم لخطبتك من الشباب لعدم كفاءتهم في الدين والخلق فلا تحاسبين عليه بل هو المطلوب منك ومن وليك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. قالها ثلاث مرات. رواه الترمذي. ففهم من الحديث أن من لم يكن مرضي الدين والخلق لا ينكح إذا خطب.
وأما بشأن هذا الشاب الذي يحاول التقرب منك فكما قالت لك أمك ففارق السن لا يضر، فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة رضي الله عنها وكان تكبره بأكثر من هذا، وعليك بالاستمرار على أسلوبك المذكور في التعامل معه ومع غيره، واعلمي أن هذا الأسلوب خير للفتاة، وذلك أن من حولها أحد رجلين: إما صاحب نية سيئة فهو كذئب يتربص بها لينهش عفتها ثم يرميها، وإما صاحب نية سليمة ويريدها زوجة بما أحل الله. فأسلوبها الشديد والحذر من الرجال يصرف عنها الأول بحيث ييئس منها، ويجذب إليها الثاني حيث يحترمها ويرى أنها تصلح أن تكون زوجة لما يرى من عفتها واحتشامها، والعكس بالعكس، ومن كانت نيته الحلال فطريقه معروف.
وأما عن سؤالك هل النصيب يحكم في هذه الأمور دون تدخل منك؟ فالزواج كغيره من أفعال العبد مخلوقة لله مقدرة مكتوبة سبق بها علمه سبحانه وكتبها له قبل أن يخلق، وهذا معنى الإيمان بالقضاء والقدر، الركن السادس من أركان الإيمان، فلا داعي للقلق من هذا الموضوع وغيره فإن كل شيء بقضاء، ولكن هذا لا يتعارض مع الأخذ بالأسباب المشروعة، ونقول المشروعة وليس المحرمة، ومن هذه الوسائل ما كان بعض السلف رضي الله عنهم يفعله من عرض ابنته على من يراه يصلح زوجا لها، وقصة عمر معروفة في عرضه حفصة لكل من أبي بكر وعثمان، وإن كان هذا غير ممكن عادة في بيئتك فهناك وسائل أخرى كقيام الأم مثلاً بالتعرف على أم الشاب ومعرفة نواياه تجاهك، والله نسأل أن يوفقك لما يحب ويرضى.(8/225)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
شعور الخاطب بأن مخطوبته أخت له
تاريخ 11 جمادي الأولى 1426 / 18-06-2005
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعيين..
أنا شاب أبلغ من العمر 27 عاما قمت بخطوبة فتاه تبلغ من العمر 23 عاما، وقد وافقت عليها من البدايه على أساس أنها فتاه مهذبه عندها حياء وأخلاق ولا أزكيها على الله إلا بكل خير، ولكن حاولت كثيرا في فترة الخطوبة أن أجد إحساسا أنها تكون زوجة لي وأنجب منها وقد فشلت في تغيير هذا الإحساس مرارا وأشعر أنها أخت لي دائما ولا أتعدى هذا الشعور إطلاقا، وأرى أنها متعلقة بي وأني لا أريد أن أتكلم معها فى مثل هذا الإحساس الذى أشعر به، لأنى أخاف على شعورها كفتاة فى بدايه عمرها، وأخاف أن أكون ظالما لها وأدعو من الله دائما أن تكون هذه الخطوبة لي ولها بكل خير، ولكن كما ذكرت أني لا أسطتيع أن أشعر معها أنها زوجتي وأشعر معها أنها أختي دائما، وسؤالي الآن: هل لي الحق أن أرفض هذه الخطوبة بمجرد أنى شعرت هذا الشعور وهل تفكيري هذا حلال أم حرام وهل أفكر بطريقه صحيحه أم لا؟ ولكم صالح الدعاء إن شاء الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الفتاة على ما وصفت من الدين والخلق فلا ينبغي التسرع في فسخ خطبتها رجاء زوال هذا الشعور الذي تجده اتجاهها، ولتسأل ربك سبحانه أن يقدر لك ما فيه الخير لك، ولتحاول إقناع نفسك بأن المرأة تختار على أساس دينها وخلقها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.
فإن تغير هذا الشعور إلى الوفاق فلا إشكال، وأن بقي على ما هو عليه من النفرة وعدم الميل فلا مانع من فسخ خطبة هذه الفتاة مع الحرص الشديد على عدم إبداء السبب حفاظاً على شعور تلك الفتاة من التأثر، ولمعرفة حكم فسخ الخطبة، راجع الفتوى رقم: 7237، والفتوى رقم: 33408.
واعلم أن هذه الفتاة أجنبية عليك حتى تعقد عليها عقداً صحيحاً فلا تجوز لك الخلوة بها، ولا الحديث معها إلا في حدود ما تدعو له الحاجة، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1847، 6416، 24997.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تكرار الخطبة والحدبث مع المخطوبة(8/226)
تاريخ 08 جمادي الأولى 1426 / 15-06-2005
السؤال
ذهبت لخطبة إحدى الفتيات وقبل الذهاب صليت صلاة الاستخارة لكي يختار لي الله الطريق الصحيح وتم القبول من الفتاة وأهلها وتم الاتفاق على جميع الأمور ولكن وبعد يومين ونتيجة تدخل صديقات الفتاة في بعض الأمور مثل الطلب منها أن تشترط علي أن أفرش البيت كاملا لم يحصل توافق بيننا وصرفت النظر عن هذه الفتاة ولكن بصدق ما زلت أفكر بها كثيراً علما بأنني صليت الاستخارة أكثر من مرة وكنت صادقا في صلاة الاستخارة وبكيت لله أن يوفقني فيما يحب لي وكان ذلك قبل طلب يد الفتاة ولكن ما زلت أفكر في هذه الفتاة كثيرا علما بأنني أدعو الله في كل صلاة أن يبعد خيالها عني ما دام ليس هنالك نصيب فيها وأنا بصدق راض بحكم الله وأعلم بأنني استخرت ربي في هذا الموضوع ولكن أطلب منكم أن تدلوني على حديث يريح قلبي ويبعد الهم عن صدري حيث إن هذا الموضوع ما زال يشغل بالي كثيرا.
السؤال الثاني أنه عندما ذهبت لخطبة الفتاة طلبت من أهلها الجلوس معها في بيتهم لكي يتم مناقشة مواضيع كثيرة مثل عملها وصديقاتها أي أن تتعرف على مبادئي في الحياة وأن أتعرف أنا أيضا على مباديء الفتاة لكي يبنى كل شيء على صدق فكنت صادقا مع الفتاة وتكلمت معها في جميع الأمور وعن عملي وكيفية حياتها الزوجية وهي كذلك ناقشتني في أمور حياتها المستقلية وأخيرا اتفقنا على جميع المواضيع تقريبا. السؤال هل جائز الجلوس مع الفتاة قبل الخطبة بمعرفة أهلي وأهلها وهل هذا أفضل أم يتم الاستعانة بصلاة الاستخارة فقط؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت لا تزال متعلقاً بهذه الفتاة وكانت ذات دين وخلق فلا مانع من التقدم لها مرة أخرى، ولا يمنع منه كونك استخرت ولم تتيسر الأمور في المرة الأولى، ولا يعني أنه ليس لك فيها نصيب ولا خير، بل استخر الله ثانياً وتقدم مرة أخرى، والله سبحانه سيختار لك ما فيه الخير، وإذا لم يكن هناك نصيب ولم تسر الأمور باتجاه الزواج بها وتعسر الأمر فاعلم أن الخير في ما اختاره الله، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
وأما بشأن السؤال الثاني، فلا بأس برؤية المخطوبة مع وجود محرم، والتحدث إليها عند الخطبة بقدر الحاجة وتقدم بيانه في الفتوى رقم: 49725.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خطبة المرأة غير الملتزمة بالنقاب
تاريخ 05 جمادي الأولى 1426 / 12-06-2005
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم(8/227)
أنا خاطب بعد قصه حب ولكنني لم أعقد بعد وخطيبتي بفضل الله تصلي وتصوم الفرض والنوافل وتذهب أيضا إلى بعض الدروس، ولكني مختلف معها فى الحجاب فهي تلبس الجيب والبلوزات أو تونيك طويل تحته بنطلون وأنا كلمتها على الإسدال والنقاب لكنها قالت لي اتركني لما أقتنع، فهل هذا اللبس الذي تلبسه يبيح لي الزواج منها أم سأسأل أم ماذا أفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ندري حقيقة هذه الملابس المذكورة، ولكن إن كانت توافق مواصفات اللباس الشرعي للمرأة المبين في الفتوى رقم: 6745 فلا حرج في استعمالها.
وإن كانت لا تتوافق مع تلك الضوابط الشرعية فلا يجوز للمرأة ارتداؤها، أما مسألة النقاب فهي محل اختلاف بين العلماء، وإن كنا نرى أن الراجح هو وجوبه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5224.
وعلى العموم فإن كانت هذه المرأة على ما ذكرت من الالتزام بالصلاة والصوم فلا مانع من الزواج بها، إذا كنت لا تعيب عليها إلا كونها غير ملتزمة بالنقاب على أن تجتهد في نصحها به مستقبلاً.
واعلم أن المرأة المخطوبة لا تزال أجنبية عن خاطبها ما لم يعقد عليها فيعاملها معاملة الأجنبيات.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
انصراف الخطاب لعل من ورائه خير
تاريخ 21 ربيع الثاني 1426 / 30-05-2005
السؤال
كنت قصد استشارتكم قبل هذه الرسالة عن مشكلتي بخصوص العرقلة التي أعاني منها كلما تقدم لخطبتي شخص ما وخاصة عندما أرد بالموافقة وفي هذه المرة هناك شخص متقدم لي لكني خائفة من أن يحصل لي كما كل مرة لهذا أنا مترددة إلى حدّ كتابة هذه الأحرف فالرجاء منكم مدي بالنصح في أقرب وقت حتى أتمكن من اتخاذ القرار علما وأني في كل مرة أرى في منامي وأستغفر الله العظيم كل ما سيقع تقريبا وفي هذه المرة رأيت الشخص المتقدم يخاطب أمي بأنه سوف يحضر هذا السبت لطلب يدي.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفقك ويسهل أمرك ويرزقك زوجا صالحا.
وننصحك بالتوكل على الله وعدم الخوف والتردد، فإذا كان هذا الشخص المتقدم لخطبتك على خلق ودين فلا تتردي في قبوله، بعد أن تستخيري الله عز وجل.(8/228)
وما كان يحصل من عرقلة كلما تقدم أحد لخطبتك، فلعل فيه خيرا لك لا تعلمينه. فإن الله سبحانه بصير بعباده عليم بما يصلحهم؛ كما قال تعالى وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النور: 19}.
وأما بشأن ما ترينه في منامك فلا تلقي له بالا فإنه لا يعتمد على مثل ذلك في الأحكام ولا في إقدام أو إحجام.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
من خطب فتاة فعرضوا عليه أختها
تاريخ 20 ربيع الثاني 1426 / 29-05-2005
السؤال
السادة المسؤولون عن إصدار الفتاوى حفظهم الله ورعاهم أرجو منكم فتواكم في هذا الموضوع:
بعد محاولات من الزواج من فتاة، تحدث معي أحد أقاربي عن فتاة وصفها لي وحدثني عن أهلها، وأنا بالتالي وافقت. المواصفات صفات الفتاة التي أريد أن أتزوجها، بعد هذا تحدث قريبي مع والد الفتاة وهو بدوره لم يعارض، وحدد موعدا لكي أذهب وأرى ابنته ونتحدث في موضوع الزواج، ولكن عندما ذهبنا في الموعد، جلست مع والد الفتاه، وإذا هو يتحدث معي ويعرض علي أخت الفتاة التي طلبناها، والثانية أي أخت الفتاة التي طلبتها، وبعد تفكير مني وافقت بسبب ظروفي وقد ضاقت بي السبل في الزواج من فتاه توافق الصفات التي أريدها، وبعد أن خطبت، رأيت الفتاه التي توجهت لخطبتها في الأصل، وذهلت لصفاتها، وانتابني إحباط وشعور بأنني أخطأت في قراري وأنني استدرجت لهذا الزواج لكي يزوجوني الفتاة الأكبر سنا والأقل جمالا، ولاحقا تبين أن الفتاة التي خطبتها فعلا وتزوجتها وهي الابنة الأكبر، كان والدها قد أعطى كلمه بتزويجها لشخص طلبها ولكن لم يقرؤوا الفاتحة حسب ادعاء زوجتي، إذ هو يعمل في أمريكا وقال لهم بعد أربعة شهور آتي لأكمل الزواج، ولكن في اللحظة التي أنا دخلت فيها بيت والد الفتاة حسب ما قالت زوجتي، غيرت أختها التي طلبتها في البدايه رأيها ورفضت إكمال الخطبة، بعد هذا قال والد الفتاة لأختها وهي زوجتي حاليا لقد وعدنا الذي أعطيناه كلمة عنك وهو في أمريكا إنه سيأتي بعد أربعة شهور وقد انقضت الشهور الأربعة ، ولهذا ادخلي أنت بدل أختك التي رفضت، وهكذا استمرت خطوبتي وزواجي، أرجو رأيكم الشرعي في أحداث موضوع خطوبتي وزواجي، ومنها أن يعرض والد الفتاه فجأة فتاه أخرى غير التي طلبت يدها، وأيضا عن قطعه الوعد مع الشخص الذي وعده بخطبة زوجتي والزواج بها، وهل يجب أن يخبرني أنهم قد وعدوا شخصا آخر بخطبة زوجتي ونحن ألغينا الوعد، لأنني ممكن أنني خطبت على خطبة شخص آخر وأنا لا
أعرف؟ وجزاكم الله خيراً.
جازاكم الله كل خير على فتواكم
الفتوى(8/229)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما مسألة أن يعرض الأب ابنة من بناته على الخاطب غير التي جاء لخطبتها فلا حرج في ذلك، ما دام أنه عين له من يريد تزويجه بها، قال ابن قدامة في المغني: من شرط صحة النكاح تعيين الزوجين، لأن كل عاقد ومعقود عليها يجب تعيينهما.. إلى أن قال: فإن كان له ابنتان فأكثر فقال زوجتك ابنتي لم يصح حتى يضم إلى ذلك ما تتميز به من اسم أو صفة، فيقول: زوجتك ابنتي الكبرى أو الوسطى أو الصغرى. انتهى.
أما إخلاف الأب وعداً قطعه مع آخر بتزويجه ابنته فلا أثر له على خطبتك وزواجك، إذ هو من باب خلف الوعد المذموم إذا كان لغير عذر، وإذا كان وعده إلى مدة ولم يأت فيها فيكون هذا عذرا في نقض الوعد معه، ولا يجب على الولي إخبار الخاطب بكونه وعد شخصاً بخطبة ابنته، ولا تكون قد خطبت على خطبة أخيك ما دام أبوها فسخ الخطوبة قبل أن تخطب أنت.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
موقف الخاطب من رفض أهل الفتاة له
تاريخ 11 جمادي الأولى 1426 / 18-06-2005
السؤال
أما بعد فإن قصتي قضية وجود بين هؤلاء البشر.....فأنا شاب ألتحق بالدراسة بصعوبة بالنسبة للأوضاع.. شاء الله أن ألتقي بفتاة مستورة. وللحرص على عدم الوقوع في المعصية اتفقت معها على دخول البيوت من أبوابها..وبعد أن تقدمت إليها بدأ أخوها يضع العراقيل (سامحه الله) وأنا مع أني رضيت بالأمر واتفقت أن نبتعد لإرادة الله لكن هناك أمر من الله ليس منا يشدنا وهذا الشيء رغم أننا لا نرى بعضنا وخاصة بعد التخرج فخفت على نفسي من وساوس الرجيم فعاودت طلب يدها وكبرت المشكلة حتى أن أخاها لجأ إليكم في فتوي رقم (61449) مع أنه قال عن شيء في الماضي ولكن بعد سؤالكم في فتوي (62388) بالنسبة لعملي وأنا الآن والحمد لله أعمل في قطر ولا أريد غير الحلال..وبالنسبة لأمي أجبتموني في فتوي (62247) جزاكم الله ولم يبق سوى الخلق أجبتموني في فتوي (62207)..
سامحوني لأني أطلت عليكم ولكن الأمر كبر منذ 4 سنين.. هل أنا آثم لأني اخترت الحلال؟
إذا قال رسولنا الكريم: إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه وأخوها شهد بخلقي وديني الحمد لله كما ذكرتم لي في فتواكم (62207) فلماذا الإعراض عني؟
الفتاه الآن في الأردن وأنا في قطر (للتأكيد أننا لا نتقابل سرا) لكننا نريد الحلال فما العمل؟
أن الأمر بين أيديكم الآن بكل جوانبه فساعدوا أخاكم بالله (وإن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض)
جزاكم عني من كان أمره بين الكاف والنون....(8/230)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحل أنه يجب أن تعلم أنه لا سبيل للزواج من هذه الفتاة إلا برضا وليها وإلا كان النكاح باطلاً، وذلك لأن الولي شرط لصحة النكاح، كما هو مبين في الفتوى رقم: 2843 إلا إذا كان رفض وليها ليس له ما يبرره شرعاً، فلها هي أن ترفع أمرها إلى القاضي الشرعي، فقد يزوجها منك، وقد يأمر وليها بأن يزوجها إياك.
وعليه، فإذا لم تستطع إقناع أهل هذه الفتاة بقبولك زوجاً لابنتهم، ولم ترفع هي أمرها إلى القاضي، فلا ينبغي أن تذل نفسك بالسير والإلحاح في طلب هذه البنت، بل عليك تركها والبحث عن غيرها، فمثيلاتها كثر، ولعل الله تعالى يرزقك من هي أفضل منها خلقاً وديناً وجمالاً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
إعطاء الفتاة عنوانها لمن يريد خطبتها
تاريخ 15 ربيع الثاني 1426 / 24-05-2005
السؤال
ما حكم فتاة تعطي عنوان منزلها لشاب لكي يأتي إليها قصد الزواج دون أن يعلم أهلها أنها أعطته العنوان؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزواج من غايات الدين الإسلامي لما فيه من حفظ النسل و
العرض ، لكن الغاية في الإسلام لا تبرر الوسيلة ، فإذا كانت الغاية شريفة ومشروعة فيجب أن تكون الوسيلة كذلك شريفة ومشروعة.
فإعطاء الفتاة عنوان منزلها لشاب وصولا إلى هذه الغاية المشروعة وهي الزواج يجب أن يكون بوسيلة وطريقة مشروعة عن طريق إحدى محارمه مثلا.
ولا يجوز إعطاؤه العنوان بطرق غير مشروعة كاللقاء والخلوة وما شابه ذلك من وسائل محرمة، لما في ذلك من الذريعة إلى الحرام.
وفي الجملة فإن على الفتاة أن تسلك السبل المباحة في الوصول للغاية المشروعة ، وأن تجتنب كل وسيلة محرمة
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الخطوبة ليست عقدا ملزما
تاريخ 13 ربيع الثاني 1426 / 22-05-2005
السؤال(8/231)
أنا بنت مسلمة كنت أحب شابا منذ 8 سنوات تقريبا، وقد تمت خطبتي له منذ 8 أشهر وبعد مرور أربعة أشهر من الخطوبة أصبحت لا أطيقه ولا أطيق النظر إليه. حاولت فك الخطوبة ولكن الشاب رفض لأنه يقول إنه يحبني، وأهلي أيضاً رفضوا لأنهم غير مقتنعين بأني لم أعد أحبه. وهم شاكون بأني معمول لي عمل وقد ذهبوا إلي شيخ وقد قال لهم بأني معمول لي عمل سقاية. أهلي طلبوا من الشاب أن يصبر وأنا غير مقتنعة بكلامهم. وأنا أقول للناس بأني كنت مخطوبة وتركت خطيبي. هل قولي للناس بأني لم أعد مخطوبة فيه إثم علي مع أنه لم تفك الخطوبة بشكل رسمي بين أهلي وأهل الشاب.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ينبغي ألا تتعجلي في فسخ الخطوبة من هذا الشاب إذا كان صاحب دين وخلق لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي. ثم إن في قبوله مرضاة
لوالديك وهذا أمر طيب محمود في أصله، ولا ريب أنهم لا يرضون لك إلا ما كان كفؤا. وما ذكرتِه من الكراهة لهذا الشاب بعد الألفة والرضا به فلعل مرده كما قال أهلك إلى السحر، فإن كان كذلك فينبغي السعي في حله بالرقية الشرعية، وراجعي الفتوى رقم 5252. أما إن كان هذا الشاب غير مرضي في دينه ولا خلقه فلا مانع من فسخ خطوبتك منه؛ بل إن فعل ذلك هو الأولى خاصة مع طروء النفرة منه، وذلك لأن الخطوبة ليست عقدا ملزما، وبالتالي يحق لكل من الرجل والمرأة أو وليها فسخها كما هو مبين في الفتوى رقم: 20028.
وعليه، فإن كنت فسخت هذه الخطبة فلا حرج عليك في أن تقولي للناس إنك لم تعودي مخطوبة لأن ذلك أمر صدق موافق للواقع. أما إن لم تقومي أنت ولا وليك بفسخ هذه الخطوبة فقولك للناس إنك غير مخطوبة قد يدخل في الكذب وهو من أقبح الذنوب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
التصرف الشرعي لمن وقع في قلبه حب امرأة وأراد الزواج بها
تاريخ 26 ربيع الأول 1426 / 05-05-2005
السؤال
إلى السادة المعنيين الكرام تحية طيبة وبعد:
أشرح لكم في هذه الرسالة المشكلة التي أعاني منها وأرجو منكم الجواب السليم وأن تكونوا عونا لي في الهداية إن شاء الله.
مشكلتي أني أخجل من البنات لأبعد الحدود، ويوجد في القاعة التي أدرس فيها فتاة بصراحة أحببتها وخاصة لأني أشعر بأنها تناسبني فهي فتاة من عائلة جيدة السمعة والدين وهي (الفتاة)التي تتحجب وتستحي ولا تخالط الشباب وذات خلق وأدب وعلم ( متأكد من هذه الصفات)، أظهرت لها منذ فترة وبطريقة غير مباشرة بأني مهتم(8/232)
بها وبعد فترة أظهرت لي بأنها مهتمة بي وبطريقة غير مباشرة أيضا، إني لا أستطيع التكلم إليها بسبب سوء فهم حدث بيني وبينها، ولكنها تفهمت هذا الموقف بعد فترة، أما بالنسبة لي فقد استخرت الله في هذا الأمر، ولكني وقعت في حيرة, إني أحبها ولا أريد تركها، ولكني أخشى أن يكون هذا معارض لإرادة الله أرشدوني يرحمكم الله
ملاحظة: بفضل الله إني متدين محافظ على الصلاة وأخشى وأطيع الله والحمد لله، إني أحبها وهي تحبني ولكننا لم نتحدث في هذا الموضوع أبدا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الفتاة -كما ذكرت- ذات دين وخلق، فننصحك بالتقدم لخطبتها من أهلها ثم الزواج بها، هذا هو الطريق الأسلم والتصرف الشرعي الصحيح لمن أراد أن يرتبط بفتاة ارتباطاً شرعياً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه، وصححه البوصيري والألباني.
وأما تكليمها ومصارحتها بذلك فإنه من أسباب الفتن وهو أولى خطوات الشيطان، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ {النور:21}.
كما ننصحك بأن تصلي صلاة الاستخارة قبل الذهاب لخطبتها من أهلها، وقد سبقت لنا عدة فتاوى مفصلة في التصرف الشرعي لمن وقع في قلبه حب امرأة وأراد الزواج بها، فراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 828، 1473، 11045، 17486، 17577، 24430، 24587، 42990.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الدعاء على الفتاة لفسخها الخطبة
تاريخ 25 ربيع الأول 1426 / 04-05-2005
السؤال
كنت خاطب فتاة وكنت أحبها جدا وانتظرتها ثلاث سنوات وظللت أدعو الله طيلة هذه المدة وخطبتها وبعد ما يقرب من سنة كانت راسبة في إحدى المواد الدراسية في الفرقة الثالثة وعرفت هذا في السنة النهائية فحدث خلاف بيني وبينها حيث أحسست أنها لا تثق بي وبعد ثلاثة شهور من هذا الخلاف تم فسخ الخطبة بدون سبب مؤثر وظل أبوها يكذب على طوال هذه الفترة وبعد ذلك أعطتني أمها شيئا من ملابسها لكي أذهب إلى أحد العرافين لأن أمها تقول إنها معمول لها عمل وأنا غير مقتنع بهذا الكلام
وإذا لم يكن لي فيها نصيب فلماذا وفقني الله إلى خطبتها ولماذا لم يستجب لي الله وأنا أريد الانتقام منها لأنها ظلمتني
فهل أدعو عليها وماذا أفعل وأنا قد خطبت
الفتوى(8/233)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن سرعة الغضب وتصيد أخطاء الآخرين وعدم الصفح عنهم من الأمور التي تكدر صفو الحياة وتحولها إلى جحيم، لأن طبيعة الإنسان مجبولة على الأخطاء، فإذا لم يقدر كل طرف ذلك وخاصة من تربطك به رابطة كالأخوة والزوجية كان التوافق عسيرا أو العشرة مستحيلة، ولهذا جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا حليم إلا ذو عثرة، ولا حكيم إلا ذو تجربة. رواه الترمذي.
ومن هنا تعلم أخي أنه كان عليك أن لا تتسرع في الغضب وتكبير الأمور بسبب يحصل مع كل الناس، ولعل هذا الخلاف الذي نشب نتيجة لهذا الحديث جعل هذه الفتاة تفسخ خطوبتك وهو أمر مشروع لها حتى وإن لم يكن عندها سبب، فكيف وقد رأت منك ما خوفها على الحياة معك لو حصل منها أمر آخر!
وعلى كل، فإذا كنت لا تزال راغبا في هذه الفتاة وكانت ذات دين وخلق، فلا مانع من المصالحة معها من خلال أبيها أو من له تأثير عليها من أقاربها.
ولا تلتفت إلى ما أشارت به إليك أمها من أخذ ملابسها والذهاب بها إلى العرافين، فإن ذلك معصية، وانظر الفتوى رقم: 21278.
وأما الدعاء على هذه الفتاة فذلك لا يجوز، لأنه في الحقيقة لم يصدر منها ظلم نحوك، وانظر الفتوى رقم: 21067 وهذا هو السر في عدم استجابة دعائك، وهذا من لطف الله تعالى بعباده حيث إنه يستجيب للمظلوم ولا يستجيب للظالم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تخلي الرجل عن وعده بالخطبة
تاريخ 25 ربيع الأول 1426 / 04-05-2005
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 24 عاما، قد تقدم إلي شاب صالح والحمد لله، أنا أرتدي النقاب وكنت أريد الزواج منه وقد تقدم إلي ولكن أبي رفضه لأنه يرى أن راتبه قليل، ولكنى كنت أوافق عليه وكنت أتمناه، ولكن هذا قدري ثم رجع لي ثانية وقال لي إنه يريد العودة إلي وأنه سيجاهد ويتعب للزواج مني ويحاول أن يجد عملا أفضل لكي يوافق أبي وقد وجد مكانا مناسبا وأنه سوف يكون راتبه مناسبا بعد 6 شهور، وأنا كنت أبحث معه لعل الله يكتب لنا الخير وقد تحدثت مع والدته لكي يكون الأمر على بينة منهم وكنت أبحث معه على عمل مناسب لكي يرضى أبي، ولكن بعد فترة وجيزة كنت أتحدث مع شقيقته فى الهاتف وقالت لي أنه ارتبط بأخت أخرى لماذا هو فعل ذلك كنت أفكر ظننت أنه خاف الله وكان يريد الحلال ولكنى أقسم بالله أني لا أريد منه إلا الحلال إلا أن يجمعنا الله بالحلال. إني حمدت الله ووجهت وجهي إليه، ولكني متعبة مما حدث منه، إني والله كنت أريده بالحلال وأن يأتي إلينا ويوافق أبي، ولكن الخيرة فيما اختاره الله إنى أريد فقط التعقيب والرأي السديد هل موقفه هذا صحيح؟(8/234)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية يجب أن تعلمي أن كل شيء بإرادة الله تعالى وقدره، وشأن المؤمن الإيمان بذلك والتسليم، وما يدريك أيتها الأخت فلعل الله تعالى أراد بك خيراً في صرف هذا الشاب عنك، ونذكرك بقول الحق سبحانه: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، وقوله تعالى: فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.
فلا تتعبي نفسك بالتعلق بهذا الشاب، والتجئي إلى ربك سبحانه أن يعوضك أفضل منه وأحسن، فإنه سبحانه مجيب دعوة الداعي إذا دعاه، كما قال: أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ {البقرة:186}.
أما تخلي الشاب عن التقدم إليك ثانية فلا شيء فيه شرعاً، لأنه يحق له ذلك حتى بعد الخطبة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7237، فكيف وقد خطبك إلى أبيك ورفضه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يخطب الرجل ويسافر خارج وطنه
تاريخ 22 ربيع الأول 1426 / 01-05-2005
السؤال
أريد خطبة فتاة ولكن سأسافر إلى خارج الوطن بعد نجاحي في الباكلوريا وهي مشفقة أن أخرج وأنساها فما الحل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحل -إن تيسر- أن يتم عقد النكاح ويحدث الزواج، فإن لم يتيسر ذلك، فالذي ننصح به إن كان مقامك خارج وطنك سيطول فالأفضل أن لا تتم خطوبة حتى لا تبقى هذه المرأة متعلقة القلب بك صارفة لمن تقدم إليها من الخطاب، ثم قد يظهر لك بعد ذلك لسبب من الأسباب عدم الزواج بها فتكون قد أضررت بها، ولا مانع من أن يكتفى بالخطوبة على أن يتم الزواج متى ما أردتم، ولكن الذي نفضله ما سبق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
كيف تعرف مدى حب من تريد خطبتها
تاريخ 16 ربيع الأول 1426 / 25-04-2005
السؤال
ما هي الطرق الشرعية لمعرفة هل كانت امرأة تحبك أم لا؟ بعيدا عن العرافة بغية تقوى الله
الفتوى(8/235)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت ترغب في نكاح هذه المرأة فيمكن أن تعرف شعورها نحوك بإرسال إحدى قريباتك أو تتقدم لخطبتها، وسيأتيك الجواب من قبلهم، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 1815 والفتووى رقم: 1769 والفتوى رقم: 9463.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الخطبة عن طريق المنتديات
تاريخ 15 ربيع الأول 1426 / 24-04-2005
السؤال
أنا فتاة، مشكلتي هي أنني تعرفت على شاب في أحد المنتديات في البداية كنت أشعر بالخوف ومع الأيام طلب مني أن أضيفه في الماسنجر فرفضت ولم أضفه ومن ثم أعطاني رقم هاتفه وبعد تردد طويل جدا دام شهرا فقد كلمته وكنت أشعر بالخوف الشديد، ولكنني دائما أكلمه فماذا أفعل مع أنني أشعر بندم شديد وأحس في بعض الأحيان بضيق قاتل ولا أعرف ماذا أفعل.. الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تجاوزت الشرع ووقعت فيما حرم الله عندما أنشأت هذه العلاقة مع ذلك الشاب، وانظري لزاما الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1072، 1932، 10570.
وعلى ذلك، فإن الواجب عليك قطع العلاقة فورا مع هذا الشاب، وتغيير أرقام هواتفك التي يعرفها، وعدم الظهور مطلقا في برامج المحادثات على الإنترنت حتى لا يراك، وتوبي إلى الله تعالى توبة نصوحا من قبل أن يدهمك الموت فجأة وتندمين، وحينئذ لا ينفعك الندم.
واعلمي أن جميع لذات الدنيا وشهواتها ينساها الإنسان مع أول غمسة له في نار جهنم أعاذك الله منها، وانظري شروط التوبة النصوح في الفتويين: 9694، 5450 وكونك تشعرين بالندم وضيق الصدر بعد مهاتفة ذلك الشاب فإن ذلك من أثر المعصية، وهذا دليل أن فيك بقية طهر وعفاف، وأن إيمانك ينهاك عن مواصلة العلاقة الآثمة زادك الله تقوى، وقد قال صلى الله عليه وسلم من ساءته سيئته وسرته حسنته فهو مؤمن. رواه ابن حبان.
هذا، واسألي الله تعالى أن يرزقك العفاف وأن يمن عليك بالزوج الصالح الذي تقر به عينك ويملأ حياتك بالسعادة والهناء ويعاشرك بالمودة والرحمة ويعينك على طاعة الله وعلى تربية أبنائك، واتخذي رفقة صالحة من الأخوات الفضليات المتمسكات بالدين، فإنهن خير معين على الاستقامة والثبات على الحق بعد الله تعالى، فتزاوري معهن واشتركي معهن في قراءة القرآن وطلب العلم النافع. ولتستمعي إلى الأشرطة الدينية وهي متوفرة بحمد الله على الإنترنت، ومن أهم ما تسمعين محاضرة بعنوان "توبة صادقة" للشيخ سعد البريك، وشريط "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله" للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي، وشريط جلسة على الرصيف، للشيخ سلمان العودة، وشريط "على الطريق" للشيخ على القرني، وتجدين(8/236)
هذه المحاضرات وغيرها على موقع www.islalway.com على الإنترنت، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4203، 9463، 30003، 10800، 6603
والله أعلم.
أنتم قمتم بإرسال هذه الرسالة لي ..
لكنني أريد أحدا يعاونني لأنني لا أقدر على ترك هذا الشاب وقال لي إنه صريح جدا معي وطلب مني أن أدله على مكان البيت فرفضته مع أني واثقة منه كل الوثوق فقال لي أنت لا تثقين بي قلت له بل أثق بك.. ثم قال أريد أن أتقدم لأخطبك فرفضت فقال لي أنا لا أريد الاستمرار بالمحادثة هكذا لأنها مضيعة للوقت وأريد أن أتقدم لك، فماذا أفعل هل أدله على البيت.. وحلف لي بأنه أنسان جاد جدا جدا..!!
أريد حلا عاجلا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشرح صدرك وأن يلهمك رشدك وأن يكفيك شر الشيطان وشر نفسك، ولو كنت أصغيت إلى نصائحنا، وقرأت الفتاوى التي أحلناك عليها واستمعت إلى الأشرطة التي دللناك عليها، لوجدت ما تطلبين ولاهتدى قلبك إلى الصواب، فاقرئي تلك الفتاوى بروية وتدبري وافتحي قلبك لتلك النصائح وأسألي الله أن يهديك سواء السبيل، وإننا نضيف لك هنا أنه إن كان هذا الشاب جاداً في خطبتك كما يزعم -فأعطه رقم هاتف والدك ليتعرف عليه ليخطبك منه دون أن يخبره بالطريقة التي حصل به عليها حتى لا يوقعك في الحرج، واحذري أن تدليه على عنوان بيتك بنفسك، وما يدريك فلعله يريد أن يعرفه ليرقبك عند دخولك أو خروجك، فيتطور الأمر إلى ما لا تحمد عقباه، فاجعليه يعرف عنوان بيتك من أبيك، فيتحمل أبوك مسؤولية ذلك، فإن كان جاداً كما يدعي فسيتقدم عن طريق أبيك ، ولا تتسرعي في قبوله حتى تتأكدي من استقامته على أمر الله وحسن خلقه وتوبته من تفريطه في جنب الله، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا نكح إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي.
واقطعي العلاقة بهذا الشاب نهائياً، إلى أن يخطبك من والدك ويعقد عليك فإن الخاطب أجنبي عن مخطوبته حتى يعقد عليها عقدا صحيحاً، واستمعي لنصائحنا السابقة، واتق الله الذي يراك.
وأما قولك: إنك لا تقدرين على ترك هذا الشاب -فهذا من تلبيس الشيطان وتزيينه المعصية لك، فلو أنك تفكرت ماذا تقولين لله إذا قُبضت روحك وأنت تتكلمين مع ذلك الشاب؟ هل تقولين له: إن تعلقي بهذا الشاب كان أعظم في قلبي من أمرك ونهيك يا الله؟! حاشاك أن يكون الله في قلبك بهذا الهوان، وانظري الفتوى رقم: 24611.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(8/237)
فسخ الخطبة مكروه
تاريخ 09 ربيع الأول 1426 / 18-04-2005
السؤال
طلب شاب أن يتقدم لخطبتي و عث بصورته وذلك عن طريق قريبتي ولكنني بعد تكرار صلاة الاستخارة شعرت بنفور شديد منه وعدم ارتياح علما بأنني لم أره فهل أعتبر آثمة في رفضي له وهل يعتبري الرفض ظلما بحق هذا الشاب
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم المخطوبة الاستجابة لمن خطبها، بل عليها الوفاء بوعدها بعد الاستجابة والركون، فقد نص أهل العلم على أن فسخ الخطوبة لا يحرم، ولكنه يكره لكونه من إخلاف الوعد، وبهذا
تعلم السائلة أنها لا تأثم إذا رفضت الزواج بذلك الرجل الذي لم ترتح له، ولا تعد بذلك ظالمة له
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
النهي عن الخلوة بالخطيبة
تاريخ 09 ربيع الأول 1426 / 18-04-2005
السؤال
ما حكم الشرع في الجلوس مع البنت منذ اليوم الأول لمعرفته بها ما يقارب 4 إلى 5 ساعات في بيت أهل البنت وكان هذا بطلب من الأم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم نظر الخاطب إلى مخطوبته وجلوسه معها في الفتوى رقم: 19822 والفتوى رقم: 14360 والفتوى رقم: 33238 كما سبق في الفتوى رقم: 5814 تحديد ما يراه الخاطب من مخطوبته، فراجع أخي الكريم هذه الفتاوى فستجد فيها أنه لا يجوز لك أن تجلس مع خطيبتك إلا مع وجود من تنتفي معه الخلوة، وأن الشارع إنما أباح منها ما يحصل به التعرف عليها وتنتفي به جهالة حالها، وما زاد على ذلك فهي فيه كغيرها من الأجنبيات.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الحجاب والعمل المختلط وأخذ المال من الخاطب
تاريخ 09 ربيع الأول 1426 / 18-04-2005
السؤال
عندي مشكلة كبيرة أدعو الله أن تساعدونى لحلها وأنا أبلغ من العمر 24 عاما وقد تقدم إلي شاب ملتزم أحسبه على خير وقد ساعدني وكان سببا فى ارتدائي للنقاب،(8/238)
ولكن إنى أقسم بالله أنى لم أرتده من أجله لكني ارتديته لله، ولكن الأهل يظنون أنى لبسته من أجله، ولكن هذا غير صحيح مشكلتي أنهم ساعدوني وأجبروني أن أخلع نقابي، ولكنى ارتديته مرة ثانية، ولكنهم لا يعلمون أني قرأت كثيراً فى هذا الأمر واستخرت الله فى الأمر وجدتني أنطلق نحو النقاب، ولكن مشكلتي الآن هي أنهم يريدوني أن أعمل، وأنا لا أريد أن أخلع نقابي وكان هذا السبب الرئيسي الذي يريدوني وأجبروني لخلع النقاب وفى نفس الوقت أني أرغب فى الزواج من الشاب الصالح وهو يسعى لكي نتزوج ولكي يعيشني وأنا فى راحة وعدم العناء وكان شرط أبي أنه لا بد أن يأخذ ألف جنيه نقدي، أريد حلا لمشكلتي فى أقرب وقت أفادكم الله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعجبا كيف يكون أهل الفتاة دعاة لها لترتكب المنكر والمعصية، فأين الغيرة والحمية لحفظ العرض، فالواجب عليك أيتها الأخت الكريمة أن تحافظي على الحجاب ولاتتنازلي عنه وإن لامك أهلك.
وأما بشأن العمل فأمره راجع إليك، ليس من حق أحد أن يفرض عليك العمل، فكيف إذا كان مجال هذا العمل مجالاً مختلطاً، وقد سمعنا وطالعنا القصص التي يندى لها الجبين، ويتفطر لها القلب بسبب الاختلاط، فكم من بنت تربت على العفاف والحشمة، وبسبب اختلاطها بالرجال تخلت عن حشمتها وطمع فيها الأنذال، وهي لا تملك في العمل المختلط أن تبتعد، فهذا يكلمها، وهذا يمازحها بكلمة، وهكذا تضعف الفتاة أمام هذه الفتن حتى يدنس عرضها وتنتهك حرمتها، فالله الله يا والد هذه الفتاة أن تكون سببا في انتكاسة بنتك وضياعها، وأما بشأن الزواج فنوصي والدكم الكريم بأن يكون عونا لك على الزواج بالرجل الصالح الذي يحفظ حقك ويصون عرضك، ونذكر الأب الكريم بأن أكثر النساء بركة أقلهن مؤنة، فلا ترهق أيها الأب كاهل هذا الخاطب بالطلبات، وفقك الله لطاعته وسددك لما فيه النفع لبنتك.
وأما بشأن أخذ الأب مالاً من الزوج فسبق في الفتوى رقم: 32759 فتراجع، وننصح بمطالعة الفتوى رقم: 51931، والفتوى رقم: 54622.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
... رفض الخاطب بسبب السن وبعد المكان
تاريخ 04 ربيع الأول 1426 / 13-04-2005
السؤال
شاب يريد أن يخطب فتاة، عرض عليها رغبته بالزواج منها،.أحس منها أنها راضية وموافقة عليه، لكن ماذا يفعل إن كان أهلها يعترضون على خطبة هذا الشاب من ابنتهم لسببين: أولهما: أن عمر الفتاة من نفس عمر الشاب، كما تعلمون أن من العادة أن يكبر الزوج زوجته ببعض سنين، السبب الثاني: يتعلق بمكان إقامة(8/239)
الشاب حيث إنه يبعد كثيرا عن مكان إقامة أهل الفتاة؟ وجزاكم الله خيراً على الإجابة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكون الخاطب سنه مقارب لسن الفتاة، أو محل إقامته بعيدة عن مكان إقامة أهل الفتاة ليست أسباباً شرعية تبرر رفض الخاطب لا سيما إذا كان ذا خلق ودين.
فالذي نرى لك فعله -إذا كانت هذه الفتاة ذات دين وخلق- أن تبذل الأسباب في إقناع أهلها، وتوسيط من له وجاهة عندهم لإقناعهم، فإن تيسر هذا الأمر فبها ونعمت، وإن لم يتيسر فالخير فيما اختاره الله.
فلعل الله سبحانه صرف عنك هذه الفتاة لما فيها من شر لك في دينك ودنياك، وقدر لك من هي خير لك في دينك ودنياك، فارض بما قسم الله لك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
رفض الأم للخاطب الذي تريده البنت
تاريخ 27 صفر 1426 / 07-04-2005
السؤال
أنا أريد الإجابه من فضلكم، أنا أريد شخصا ويريدني وعندما طلب يدي والدتي قبلت وبعدها رفضت، وأنا أريده بالحلال، فهل في هذا ذنب على والدتي وقالت لي إذا تريدين رضاي لا، وتريد لي أحدا من أولاد عمي وأنا لا أريدهم، فأرجوكم ساعدوني وأخبروني؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للفتاة المسلمة أن يكون نصب عينيها فيمن تريد الارتباط به صفتا الدين والخلق، فهما اللذان وصى بهما النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بتزويج من اتصف بهما، وأن لا تكون نظرتها سطحية وعاطفية، فإن كان هذا الرجل الذي تريدينه ويريدك وتقدم لخطبتك متصفاً بالدين والخلق، فعليك الاجتهاد في إقناع أمك بهذا الأمر فلعل الله تعالى يشرح صدرها بالموافقة على رغبتك.
ذلك أن طاعة الأم وبرها والإحسان إليها مأمور به شرعاً، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23}.
أما إذا أصرت على رفضه، وكان الحال أن الرجل مرضيا في دينه وخلقه، مع عدم كفاءة أولاد عمك في الدين والخلق، فلا يلزمك طاعة والدتك، ويجوز لك الزواج منه دون موافقتها.
وإننا نوصي هذه الأم بأن تتقي الله تعالى في بنتها وأن تراعي ما هو أصلح لها، ولا شك أن أباك هو الولي في الزواج فإن لم يوجد فأقرب رجل من عصبتك إليك.
والله أعلم.(8/240)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ترك الخطبة بسبب الرؤى
تاريخ 19 صفر 1426 / 30-03-2005
السؤال
كنت قد خطبت بنت عمي مدة من الزمن تقريبا 14 شهرا كانت علاقتنا شبه منعدمة إلا في بعض المناسبات وعن طريق الهاتف, ظهرت مشاكل عائلية لم أتحملها، وبحكم عدم تجربتي في الحياة فسخت تلك الخطوبة ندمت بسرعة بعدها وراجعت نفسي وأردت استرجاعها واعترفت بخطئي ولكن دون جدوى، حيث كان التعنت والرفض يطبع حوارهم، بعد مدة عاودت نفس الحوار لاسترجاعها ولكن دون جدوى، بعد ذلك نسيت تلك البنت وبدأت أنا وأمي نبحث عن شريكة حياتي, في كل مرة لا يتيسر لنا خطبة إحدى البنات التي ندق أبواب منازلهم, حتى أتت أمي تخبرني بوجود بنت مطلقة وغير مدخول بها يعني أنها ما زالت بكرا ووجدت عن طريق الصدفة أن أحد أصدقائي كان يكتري عندهم قال لي بأنهم أناس طيبون وذوو أخلاق طيبة وبأن زوجته كانت تساعدهم في المحكمة للطلاق من ذلك الرجل الذي ليس بصاحب دين وخلق حسب قولهم, بعد مدة قررت خطبتها حيث قلت في نفسي ربما أرادني الله أن أكفر عن خطيئتي في السابق وربما يكون فيها الخير الكثير وحيث إن الوالدين يريدان عيشي معهم وإنني أتمنى أن تكون محسنة وودودة مع الوالدين فقلت ربما وبحكم مشكلتها (أنها مطلقة) سترضى وتتواضع, صليت صلاة الاستخارة وكان كل شيء على ما يرام خطبتها واتفقنا على المهر واتفقنا أن العقد سيكون قريبا, وفي مناسبة العيد الأضحى استضفناهم في المنزل وكان عدم الاستقبال المرغوب فيه لأختي الكبيرة المتزوجة لهم (لا تعلم هي بأن البنت مطلقة) لكن عهدنا من أختي مثل هذه التصرفات، ولكن منذ ذلك اليوم وهي ترفض أن تزورنا بدعوى بأننا لم نخبرها باستضافتنا لتلك العائلة
في مناسبة العيد, بالفعل! ولكن منذ تلك الفترة وأمي تقول لي بأنها ترى في منامها أحلاما مزعجة وتقول لي عليك بفسخ تلك الخطوبة, بعد أيام أصبت بنوبة قلبية حادة بعد الإجهاد في العمل كادت تؤدي بي إلى الموت ذهبت إلى الطبيب قال بأنني بخير والحمد لله, وبعد مدة من العلاج وبعد شفائي قررنا أن نعقد عليها, بعد ذلك راودني المرض من جديد وقالت لي أمي بأنها ترى أشياء غير سارة في منامها وتقول لي عليك بفسخ تلك الخطوبة إن هذه الفتاة ليس فيها خير، ماذا أفعل علما بأنني أخاف من عدم نجاح هذا الزواج وتعلمون موقف المجتمع من المرأة المطلقة وأصبحت لي ريبة في قلبي من هذا الزواج، وهل الله يعلم أشياء ستقع عن طريق تلك الأحلام، علما بأن أحلام أمي غالبا ما تكون صحيحة، وهل بفسخ هذه الخطوبة سأكون مرة أخرى قد ظلمت تلك الفتاة ويغضب الله علي، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/241)
فإن الخطبة مجرد وعد بالزواج، ينبغي الوفاء بها ديانة، ويجوز الرجوع عنها إذا كان في ذلك مصلحة، لأن الزواج عقد عُمْري قد يدوم الضرر فيه، فكان للخاطب والمخطوبة أيضاً حق الاحتياط لنفسيهما من الوقوع في هذا الضرر.
وأما الرجوع عن الخطبة لغير عذر فهو مكروه، لما فيه من إخلاف الوعد والرجوع عن القول، لكنه لا يحرم لأن الحق لم يلزم بعد، وراجع الفتوى رقم: 51692.
وإذا كانت هذه الفتاة ذات دين وخلق، فحاول إقناع أمك بالموافقة عليها، وذكرها بقول النبي صلى الله عليه وسلم: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
فإن اقتنعت فذلك المطلوب، وإلا فدع هذه المرأة طاعة لأمك ، واسأل الله تعالى أن يوفقك لمن هي خير منها، وراجع الفتوى رقم: 6563.
وبخصوص ترك الخطبة بسبب الرؤى فإن ذلك لا ينبغي، وقد سبق التنبيه على ذلك في الفتوى رقم: 54768 فراجعها.
وأما مرضك فقد لا يكون له علاقة بخطبة هذه المرأة، وعلى كل حال فإننا ننصحك بالالتجاء إلى الله تعالى، والإكثار من الدعاء بأن يوفقك الله تعالى لما فيه خير لك في دينك ودنياك في هذه المسألة وفي غيرها، وانظر الفتوى رقم: 8585.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
طاعة الوالدين في عدم الزواج من امرأة بعينها
تاريخ 19 صفر 1426 / 30-03-2005
السؤال
أحب فتاة، وطلب مني والداي الارتباط بقريبة لي ونفذت ما يريده والداي وتركت حبيبتي "طاعة لهم"، وخطبت القريبة ثم كتبت كتابي عليها، وقبل الدخلة ببضعة أشهر ظهر الوجه الحقيقي لأهل عروستي وبدأت المشاكل، حتى أن والداي تدخلا وأنهيا هذا الموضوع بعد أن تأكدا أن هذه الأسرة لا تفكر سوى في الدنيا ومفاخرها وزينتها وهي بعيدة عن تعاليم الإسلام، وقد كلف هذا الارتباط أسرتي مبلغا كبيرا من المال. وبعد أن انتهى هذا الارتباط رجعت إلى حبيبتي الأولى وأنا في صدمة من هذا الموضوع لأنني لم أتوقع مثل ما حدث وخاصة أنه من المفترض أني أحصل على السعادة من طاعتي لوالدي وتنفيذي لما يريدون. وقد زاد حب حبيبتي القديمة لي حتى أنها أعطتني روحها وجسدها وضعفت أمام ذلك بالرغم من علمي التام بحرمة ذلك، وقد فعلت معها كل ما يقوم به الرجال مع النساء إلا الجماع أي أنها لاتزال بكرا وقد تحدثت إلى والدي في طلب خطبتها إلا أنه يعارض ويقول إنها غير منا سبة، وخاصة أن أهلها أناس بسطاء جدا (والدها وأخوها يعملان في مصنع، كما أن أختها موظفة صغيرة ومتزوجة من صاحب ورشة وهناك منازعات مستمرة بينها وبين زوجها، والبنت حاصلة على مؤهل فوق متوسط وليس جامعي، كما أنها قليلة الحفظ للقرآن الكريم والإلمام بتعاليمه ) ووالدي يريد أن يزوجني من(8/242)
فتاة تكون أسرتها ذات دين ومنصب مرموق تقف إلى جواري فى الدنيا (بدينها وعلمها) وخاصة أنني حاصل على الماجستير في الاقتصاد وأعمل للحصول على الدكتوراه ، كما أننى أعمل بمكان مرموق. وهناك شيء لا تعلمه أسرتى هو ان الفتاة عندما عدت إليها كانت مخطوبة، وكانت تقول لي أنها غير مقتنعة بخطيبها وتركته، وفي الأغلب فعلت ذلك حتى ترتبط بي وخاصة أني كنت أشعرها بأني أقول لها عندما تنتهي من هذا الارتباط سوف أحضر أهلي وأتقدم إليها. وكنت أقول ذلك بالرغم من علمي بأنه لا يجوز لمسلم أن يخطب على خطبة أخيه، ولكني كنت مصدوما مما حصل مما
دفعني إلى الوقوع فيما سبق. ما موقف الإسلام فيما حدث؟ وكيف أتصرف؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك التوبة والاستغفار من تلك العلاقة الأثمة التي جرت بينك وبين تلك المرأة والتي حصل بموجبها ما لا يرضي الله تعالى، والذي يعتبر بمعنى من المعاني زنا وإن كان دون الزنا الذي يستوجب صاحبه الحد، ففي الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة العينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناها الخطا والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذب. وانظر الفتوى رقم: 3214. أما عن حكم زواجك من هذه المرأة فيفصل فيه، فإن كانت لاتزال خطيبة لمن خطبها قبلك فيحرم عليك خطبتها والسعي بينهما بما يفسد تلك الخطبة، وإن كانت هذه الخطوبة قد فسخت سواء كان ذلك بواسطة المرأة أووليها فلا مانع من التقدم للزواج من هذه المرأة، قال محمد بن عبدالله الخرشي: ولا يحرم على المرأة أو وليها بعد الركون أن يرجعا عن ذلك إلى غير الخاطب. اهـ. ويبقى أن نشير هنا إلى أنه أن أردت الزواج بهذه المرأة عليك أن تجتهد في إقناع أبويك بالموافقة على ذلك، فإن قبلا فالأمر واضح، وإن لم يقبلا فاعلم أن طاعتهما واجبة وزواجك من هذه المرأة بعينها ليس بواجب، والواجب مقدم على غيره عند التعارض، وراجع الفتوى رقم: 6563 ، والفتوى رقم: 35962.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
إخبار أهل الزوجة الثانية بالزواج العرفي السابق
تاريخ 13 صفر 1426 / 24-03-2005
السؤال
تتلخص مشكلتي أو مشكلة الأسرة بالكامل في أخي حيث إنه يبلغ من العمر الأن 32عاما و منذ فترة قرابة العام دخل في مشروع تجاري مع سيدة تبلغ من العمر 64 عاما و كانت تلك السيدة ذات كلام ساحر و جميل بل رائع لكن أمي ابدا لم ترتح إليها و لكن السيدة كانت تمثل علينا بشتي الطرق، أن أخي مثل ابنها لكنها من(8/243)
الناحيه الأخري يبدو أنها كانت تغويه و نحن من ناحية نسعي جاهدين أن نزوجه و فجأة تفجرت الكارثة و بعد عدة أشهر و بعد ضغط شديد عليه علمنا أنه تزوج عرفيا هذه السيدة و قامت الدنيا و مرضت أمي كثيرا من همها به و أخيرا قال إنه قطع الورقة و نحن الآن نسعى لتزويجه من أخت زوجي و هم أيضا واضح جدا أنهم يتمنونه من كل قلوبهم و السؤال الآن هل لو تقدمنا للفتاة يجب علينا أن نبلغهم بما حدث بشأن الزواج العرفي حيث إنه لم يتجاوز ال 3 شهور حيث إنهم إن بلغناهم من الممكن أن يرفضوا و لو رفضوا ستكون المشكلة و هم أصهاري في نفس الوقت، أم لا نبلغهم حيث إن الله ستر عليه فلا يجب أن نفضح ستره أرجو الإفادة ؟ أرجو أن تنصحونا إذا كان يجب أن نبلغهم بهذا الشيء و بأي طريقة أمي معذبة بذلك الموضوع و تتمني لو يتزوج من أخت زوجي و جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زواج أخيك بهذه المرأة إن كان قد تم مكتمل الشروط والأركان فهي زوجته فلا يكفي تمزيق الورقة، بل لو أراد فراقها فعليه أن يطلقها.
أما إخبار من يتقدم لخطبة ابنتهم بزواجه المذكور فلا يلزم وإن كان الأولى أن يذكر لهم ويوضح ما من شأنه أن يؤثر على العلاقة الزوجية لو علموا به فيما بعد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها
تاريخ 10 صفر 1426 / 21-03-2005
السؤال
شيخنا الكريم ، هنالك آية كريمة في سورة الأحزاب وهي آية 52 وأود توضيحها حيث إنني في حيرة من الأمر
وهي " لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حُسنهن ... " إلى آخر الآية الكريمة، أستغفر الله قبل أن أكتب ما أقصده لأنني لا أعرف حقاً كيف سأسأل عن قصدي بكل بساطة شيخنا الفاضل ، نحن نعلم أن الله عز وجل أمرنا بغض أبصارنا ذكوراً وإناثاً عن كل ما حرمه عز وجل ومن ضمنه غض بصر الرجال عن النساء المحرمات عليهم، فكيف تبينوا معنى هذه الآية لنا "ولو أعجبك حُسنهن" حيث المعنى أن كيف سيعجب الإنسان الشخص إلا برؤيته له ولأنني على يقين أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هو أكثرنا طاعة لأوامر الله عز وجل ، فلا يعقل أن يكون قد أطلق العنان لبصره في رؤية النساء وأعجب بحسنهن.
أرجو من الله العلي القدير أن أكون قد وفقت لتوصيل ما أقصده من شرحكم الوافي لما ورد من خلال هذه الآية الكريمة
وجزاكم الله عز وجل خيراً
الفتوى(8/244)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم سيد الخلق أجمعين وأخشاهم لله وأعلمهم بما يتقي، فقد روى البخاري عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني لأخشاكم لله وأتقاكم له. وفي رواية عن أحمد: إني أخشاكم لله وأحفظكم لحدوده.
أما قوله تعالى: وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ {الأحزاب: 52} فإعجاب النبي صلى الله عليه وسلم بحسن امرأة قد يكون مصدره الإخبار بذلك، وقد يكون بالنظر المشروع بأن ينظر إلى من يريد زواجها، كما في حديث سهل بن سعد أن امرأة جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: جئت لأهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعَّد النظر إليها وصوبه ثم طأطأ رأسه. الحديث متفق عليه.
وهذا ليس خاصا به صلى الله عليه وسلم بل هو عام، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل. رواه أحمد وأبو داود عن جابر بن عبد الله. وعن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما. رواه الترمذي وحسنه. وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظرت إليها؟ قال لا، قال: فاذهب فانظر إليها، فإن في أعين الأنصار شيئا.
قال الإمام النووي: وفيه استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها، وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء. اهـ.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خطبة امرأة أخرى غير المخطوبة
تاريخ 04 صفر 1426 / 15-03-2005
السؤال
أحتاج إلى الزواج هذا العام لأني أعيش في الغرب وأحس بضعف في الإيمان, وأنا رغم الصوم والأخذ بالأسباب ما استطعت, أقع أحيانا في الذنب. اللهم اغفر لي وتب علي إنك التواب الرحيم. خطبت منذ 6 أشهر فتاة لكني أحس مع الاستخارة بعدم الارتياح إليها وأحس بضيق شديد منها. هل يجوز لي البحث عن فتاة أخرى, باحثا عن الراحة النفسية دون إعلام الأولى فان وجدت ألغيت خطبتي منها وان لم أجد تزوجتها مضطرا لعلى الله مبتليني في ضعفي، . اللهم أرني الحق حقا و ارزقني أتباعه وأرني الباطل باطلا وارزقني اجتنابه.
لا تنسوا أخوكم من الدعاء.
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/245)
فيجب عليك المبادرة إلى التوبة من كل ذنب وقعت فيه وترك كل أمر يجر إليه، واحذر أن تأتيك منيتك وأنت تمارس فعلا محرما أو تصر عليه فتجر إلى نفسك عذاب الله تعالى، ونذكرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه الطبراني. فإذا كان هذا في مجرد اللمس فما بالك فيمن يفعل ما هو أعظم منه، هذا ولتعلم أن العلماء نصوا على أن الزواج يكون واجبا في حق من يخشى على نفسه الوقوع في الفاحشة، أما بخصوص ما سألت عنه من رغبتك في فسخ خطبة هذه الفتاة يعد أن وجدت نفسك بعد الاستخارة لا ترغب فيها فالجواب فيه أن الأصل جواز فسخ الخطوبة وإن كان ذلك غير مرغوب فيه لغير سبب لما يلحقه من أذى للمخطوبة وأهلها. لكن عموما إن كانت هذه الفتاة دينة وذات خلق فلا بأس أن تعيد الاستخارة وتستشير أهل الخير فإن أشاروا عليك بالمضي فافعل ، أما إن كانت غير دينة فتركها أولى، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 58588. أما فيما يتعلق بالبحث عن فتاة أخرى في فترة خطبتك فلا مانع منه إن كان بالطرق الشرعية وذلك لأن الشرع أباح للرجل التزوج بأكثر من واحدة إذا رغب في ذلك، وإذا جاز الزواج على الزوجة فالخطبة على الخطبة أي خطبة امرأة أخرى غير المخطوبة الأولى ـ أولى بالجواز.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ذكر عيب الخاطب بغير استشارة
تاريخ 22 محرم 1426 / 03-03-2005
السؤال
شخص قريبي مصاب بفيروس التهاب الكبد نوع( ب) وهو مستأمنني على سره. وهو خاطب لفتاة قبل أن يعمل التحليل المعملي ويريد الزواج بها. ماذا علي أن أفعل. أفيدونا يرحمكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما بالنسبة للأخ المصاب فقد تقدم حكمه في الفتاوى: 6713، 34099، 41895. وأما موقفك أنت أيها السائل فيختلف بنوع المرض من حيث كونه معديا أم لا، فإن كان غير معد ولا منفر فليس عليك شيء من السكوت. أما إن كان معديا أو منفرا فعليك نصحه بأن يخبر الفتاة ووليها بمرضه وعدم غشهم فإن الغش حرام. فإن لم يستجب لنصحك وجب عليك نصح الفتاة ووليها بعدم الزواج منه دون أن تذكر المرض، فإن لم تندفع إلا بذكر المرض فعليك ذكره بذلا للنصيحة قال زكريا الأنصاري في شرحه للبهجة الوردية وهو من كتب الشافعية: ( وجاز ) بل وجب ( الذكر للقباح) أي ذكر القبح الكائن ( من خاطب ) أو نحوه للمستشير فيه بالصدق ليحذر بذلا للنصيحة، وليس ذلك من الغيبة المحرمة، نعم إن اندفع بمجرد قوله لا تفعل هذا، أو لا تصلح لك مصاهرته، أو لا خير لك فيه أو نحوه لم يجز ذكر(8/246)
عيوبه، قاله النووي في أذكاره وقياسه أنه إذا اندفع بذكر البعض لا يذكر الجميع. ( تنبيهان) أحدهما تقييدي وجوب ذلك بالاستشارة تبعا للمنهاج وأصله جري على الغالب وإلا فالظاهر ما اقتضاه كلام ابن الصلاح وجوبه ابتداء وهو قياس وجوبه على من يعلم بالمبيع عيبا، وما فرق به بعضهم من أن الأعراض أشد حرمة من الأموال رده الأذرعي بأن النصيحة هنا آكد وأوجب. انتهى كلامه مختصرا.
ثم قال صاحب الحاشية عليه وهو العلامة ابن قاسم العبادي قال: قوله: (للمستشير) ليس بقيد بل يجب ذكر ذلك وإن لم يستشر، كما يجب على من علم بالمبيع عيبا أن يخبر به من يريد شراءه مطلقا. وعليه، فالواجب عليك أن تنصح قريبك وتطلعه على الفتاوى المحال عليها آنفا، فإن أصر فتنصح الفتاة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
إعادة التقدم لخطبة المرأة ذات الدين
تاريخ 21 محرم 1426 / 02-03-2005
السؤال
جزاكم الله الخير كل الخير عنا وعن سائر المسلمين
فضيلة الشيخ أود الاستفسار عما يلي
1- هل الاستخارة تعني حتمية الأمر بنعم أو بلا أم أنها قابلة للتغيير بتغير الظروف . حيث إني تقدمت لخطبة فتاة ذات أخلاق و دين بعد أن استخرت الله و شعرت بانشراح صدري لهذا الأمر وحقيقة لا أعرف إن كان انشراحا أم رغبتي بالارتباط بتلك الفتاة أشعرتني بانشراح الصدر. وبعد طلبي لها قررت أن تستخير فرأت في منامها بعد أداء صلاة الاستخارة أن أختها الكبرى تقول لها أن لا توافق و هي أيدتها في المنام بعدم الموافقة و صارت منقبضة الصدر لهذا الأمر. فقررت عدم الموافقة
ونويت أن أحسن نفسي و أحصنها لأصبح أكثر قربا لله عز وجل و تمسكا بالإسلام ومن ثم أتقدم لخطبتها مرة أخرى إذ أنها أكثر تمسكا بديننا الحنيف مني .فهل في تقدمي لخطبتها مرة أخرى بعد أن استخارت الله و انقبض صدرها, فيه مخالفة للسنة و عدم الرضا بالقضاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من إعادة التقدم إلى خطبة هذه الفتاة المتدينة ولا داعي لإعادة الاستخارة مادمت منشرح الصدر، وعلامة قبول الاستخارة تيسير الأمر المستخار فيه بدليل لفظ الدعاء الوارد في الاستخارة "وإن كان خيرا فيسره لي وإن كان شرا فاصرفه عني"
أما ما ذكرت من أن المرأة رأته في منامها فلا عبرة به مادام أن الأمر موافق للشرع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(8/247)
ــــــــــــــ
هل تخبر الخاطب بأنها مصابة بالوسواس القهري
تاريخ 21 محرم 1426 / 02-03-2005
السؤال
لقد أرسلت لحضرتك من قبل هذا السؤال رقم 263259وهو
(لو سمحت يا فضيلة الشيخ أرجو الرد في أسرع وقت ممكن أنا الآن امرأة مطلقة وذلك بسبب عدم قدرتي علي الإنجاب فقد ظهر لي طبيا استحالة الإنجاب ولكن لا شيء يعجز علي الله عز وجل المهم تقدم للزواج مني شخص آخر وهو لم يعرف حتى الآن بحالتي فهل أخبره أم لا يعني هل أقول له إني عقيم أم لا أخبره وأنا الآن مريضة بمرض الوسواس القهري في الناحية الدينية فأتلخبط ويكثر مني الشك في الصلاة وكذلك في الوضوء وفي النجاسة فهل أخبر من يتقدم لي بمرضي بالوسواس القهري أم لا وإذا أخبرته بالعقم ولم أخبره بمرضي بالوسواس القهري هل أعتبر غشاشة وآثمة وجزاكم الله خيرا ) وحضرتك قد أحلتني لفتاوى أخري قرأتها المهم تقدم لي هذا العريس عن طريق إحدى زميلاتي فقلت لزميلتي لابد أن تخبريه عن أمر عدم إنجابي وقد أخبرته أنني عندي مشكلة وأن المبيض غير ناضج وأنه يصعب الحمل المهم ومع ذلك وافق علي لتديني ومصارحته بهذا الأمر فقد قال لها إن هذا الأمر لا يستطيع طبيب أن يجزم فيه وهذا أمر بقدر الله المهم أبدي رغبته أيضا في الارتباط بي رغم معرفته بعيبي لكن لم يعرف أي حاجه عن موضوع الوسواس القهري هذا مع أن الوسواس هذا كدر علي حياتي وأتعبني جدا جدا لكني خائفه أخبره بهذا المرض ألا يفهمني ويعتبر أنني غير طبيعية وخصوصا أن كثيرا من الناس لا يعرفون الوسواس القهري هذا طلبت من أهلي أن يذهبوا بي لطبيب نفسي فرفضوا رفضا باتا وقالوا إن الطبيب النفسي لا يذهب إليه إلا المجانين فقط وإنني سوف أضيع صورتهم ومظهرهم المهم أنا الآن لم أذهب لطبيب نفسي ولا أتعاطي أي علاج لهذا المرض لكن استشرت طبيبا نفسيا مع زميلتي من قبل من حوالي 10 أشهر بدون علم أهلي و أخبرني أن ما أعاني منه هو فعلا وسواس قهري علشان لذلك عرفت أن عندي وسواسا قهريا وهذا كان قبل زواجي أول مرة لكني حتى الآن لم أذهب لهذا الطبيب مرة أخري ولم آخذ علاجا وتزوجت فعلا ولم أخبر زوجي السابق بهذا أبدا
وطلقت فعلا ولكن بسبب عدم الإنجاب وليس بسبب الوسوسة فهو لم يعرف أي شيء عن إصابتي بمرض الوسواس القهري لأنه كان بسيطا لكنه بعد طلاقي وسوء حالتي النفسية ممكن زاد وتفرع لحاجات أكثر وفي نواحي عدة والآن أنا أعاني من الوسوسة في حاجات كثيرة وخائفة أن أتعب من يريد الارتباط بي بسبب هذا الوسواس القهري هل لو لم أخبره أكون غشاشة وآثمه ويكون عقدي عليه غير صحيح وأيضا لدي رغبة للونيس وللزواج من تقدم لي يقول إنه تقدم مخصوص علشان مظهري وتديني فخائفة من الوساوس التي تصيبني أن لا أكون عند ظنه بي هو معتقد أنني متدينة جدا ويريد مني أن أعينه علي التدين خائفة أن أفشل وكيف وأنا بهذه الحالة التي بي من الوساوس وخائفة أخبره فيرفضني وهو قد وافق على(8/248)
مرضي بعدم الإنجاب وممكن لا يعرف ما هو الوسواس القهري هذا ويعتقد أنه جنون ويخاف يرتبط بي ماذا افعل هل أخبره أم لا وهل إذا لم أخبره وتزوجته وبعد الزواج اكتشف هذا واتهمني بالغش وأراد الطلاق هل من حقه استرجاع المهر حينئذ لأنه تم غشه أم لا يحق له استرجاع المهر
أرجومن حضرتك أن تجيب علي بنفسك ولا تحيلني لأي أسئلة أخري لأني أكون أيضا متحيرة عندما تحيلني لفتاوى مشابهة وأرجو أن تدعو الله لي بالشفاء مما أعاني منه. وللعلم أن صاحبه الأسئلة رقم 258411و259818و260133و257571و258681و258731و258732
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله تعالى أن يشفيك، وأن يرزقك بزوج صالح، تنجبين منه ذرية طيبة، وتحيين معه حياة طيبة.
ثم اعلمي أنه لا يجب عليك إخبار من تقدم إليك للزواج بما ذكرت، لأن الذي بك ليس من العيوب الواجب ذكرها. وعليه، فإذا تزوجت من غير أن تخبري زوجك بما بك ثم أراد الطلاق لذلك، فلك الصداق كاملا إن حصل دخول أو خلوة، ونصفه إن لم يحصل شيء من ذلك، إلا إذا اشترط الزوج السلامة عند العقد وكتمت ذلك، فحينئذ له الرجوع في الصداق، وراجعي الفتوى رقم: 52700.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا مانع شرعا من عرض المرأة نفسها للزواج
تاريخ 20 محرم 1426 / 01-03-2005
السؤال
لن أطيل عليكم .... في الفترة الماضية لمح شاب لأحد صديقاتي بأنه يريد خطبتي، وهو إنسان ذو خلق والتزام ديني. لكن إلى هذا اليوم لم يتقدم لخطبتي والمشكلة أني بدأت أفكر فيه كثيراً وأتمنى لو أنه يتقدم لخطبتي وهذا يشعرني بالذنب لأنه إلى هذا اليوم هو لا يعني لي شيئاً فلماذا أفكر في شخص هو ليس لي أريد التوقف عن التفكير .
أفيدوني أفادكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرزقك برجل صالح يسعدك، ثم اعلمي أنه لا مانع شرعا من عرض المرأة نفسها على من تراه مناسبا خاصة إن علمت حسن خلقه والتزامه بالدين، وليكن ذلك بواسطة أبيها أوأخيها أو امرأة محرمة للرجل الذي ترغب في الزواج منه. وراجعي الفتوى رقم: 9990.
وعلى هذا فلو أخبرت هذا الرجل عن طريق صديقتك أو أحد من أقاربك بموافتك على الزواج منه فلا حرج ، فإن تقدم لخطبتك وتزوجك فاحمدي ربك على ذلك،(8/249)
وان لم ييسر الله شيئا من ذلك فلا ينبغي أن تشغلي نفسك بالتعلق به لئلا يؤدي ذلك إلى عشق محرم، وينبغي أن تعلمي أن الخير فميا يختاره الله لك، فصلي قلبك بالله وفوضي أمرك إليه وأكثري من ذكره ودعائه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم وصف المرأة لمن يريد خطبتها
تاريخ 18 محرم 1426 / 27-02-2005
السؤال
لي صديق فرنسي ذو دين وخلق يعمل في مستشفى لكن ليس عنده أي شهادة وقد طلب مني أختي للزواج التي هي كذلك ذات دين وخلق وهي تعيش في المغرب وصديقي لم يسبق له أن رأى أختي وهو يطلب مني أن أصفها له فهل هذا جائز، وهل يمكن أن أريه صورتها علما أن أختي لا تعلم بما يجري، وثانيا هل يمكن أن يأتي بها إلى فرنسا لأنه لا يمكن له الهجرة إلى بلد مسلم في الوقت الراهن وهناك مسألة أخرى أن هذا الشخص ليس لديه شهادات؟ وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس أن توصف المرأة لمن يريد خطبتها، وأن يرى صورتها، وأن ينظر إليها إن تمكن من ذلك، فقد أذن الشرع وندب للخاطب النظر لمن يريد خطبتها وقد تقدم ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34737، 5814، 46643.
ولا بأس أن يذهب بها إلى بلده، وتعيش معه حيث أراد، بشرط أن يكون ذلك البلد لا تمنع فيه من إقامة شعائر دينها، ولا تأثير لكون هذا الخاطب ليس لديه شهادات علمية، بل ينبغي اختيار الزوج لدينه وخلقه، وغني عن القول أنك تقصد بقولك (على دين وخلق) الدين الإسلامي، إذ لا يجوز زواج المسلمة بغير المسلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
التصريح بخطبة معتدة الغير
تاريخ 07 محرم 1426 / 16-02-2005
السؤال
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
هل يجوز التصريح أو التلميح بالزواج من امرأة في العدة ولا تريد العودة إلى زوجها بعد أن حاولت الطلاق منه منذ عامين لسوء معاملته لها، وإذا تم الزواج بالفعل منها بعد عدتها ولكن كانت المواعدة أثناء عدتها بالزواج، وهي الآن حامل فما هو الحكم؟ وجزاكم الله خيراً.
أخي الكريم / أختي الكريمة:
نحيلك على (سؤال/أسئلة) سابقة يتضمن الجواب عليها ما استفسرت عنه في سؤالك(8/250)
السلام عليكم
جزاكم الله خيرا على الإجابة على سؤالي ولكن لم تكن الإجابة بالضبط عما سألت عنه فقد كان سؤالي عمن تزوج من امرأة على أساس مواعدة صريحة كانت بينهما أثناء العدة من طلقة رجعية على الزواج منها وهي منه حامل، أرجو الإجابة بالضبط لأننا في مشكلة ننتظر حلها وما زلنا في انتظار ردكم الموقق؟ أثابكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن التصريح بخطبة معتدة الغير حرام، سواء كانت عدة طلاق رجعي أم بائن أم وفاة أم غير ذلك، وراجع للمزيد من التفصيل الفتاوى ذات الأرقام التالية: 45986، 43404، 28937.
فيلزم الزوج والزوجة التوبة إلى الله من هذا الذنب، وأما عقد النكاح فصحيح ما دام قد وقع بعد انتهاء العدة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا تأثم الفتاة إذا رفضت الخاطب لكون قلبها لم يطمئن له
تاريخ 27 ذو الحجة 1425 / 07-02-2005
السؤال
أود أن أستفتيكم في مسألة وهي كالتالي: تقدم شاب ذو خلق ودين لخطبة فتاة مسلمة وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانتة فزوجوه ، ولكن الفتاة استخارت الله ولم يطمئن قلبها فيا حبذا لو نصحتمونا ما العمل؟ وأي شيء يجب على الأخت أن تعمل، علما بأنها أعجمية ودخلت في دين الله منذ أشهر معدودة؟ وبارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصاحب الدين والخلق إذا تقدم للفتاة فينبغي أن لا يرد، ولا ينبغي تأخير زواج الأيم إذا وجدت الكفء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث لا يؤخرن: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤاً. رواه الترمذي وأحمد.
وينبغي للفتاة أن تستخير الله عز وجل فإن اطمأن قلبها للزواج فلتتوكل على الله ولا تتردد، أما إذا لم تجد ارتياحاً ولا اطمئنانا لهذا الشاب فلا تكره عليه ولا تأثم برده، ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا ينبغي فسخ الخطبة لمجرد الخلافات
تاريخ 26 ذو الحجة 1425 / 06-02-2005(8/251)
السؤال
خطبت بنت عمي منذ 9 شهور وبعد شهر حدثت بيننا تنازلات كثيرة وقبلات ولمس مواضع في جسد بعض وبعد 8 شهور حدثت مشاكل كبيرة جداً مع أسرة عمي فتم فسخ الخطوبة وبعد أسبوعين أحسست أنني سوف أظلمها إذا تركتها مع العلم أنني أحبها فقمت بالتحدث مع والدي للعودة إليها مرة أخرى فرفض رفضاً شديداً وقال إذا كنت تريدها فاذهب وخذ إخوتك معك واخطبها مرة أخرى فقمت بالاتصال بعمي وتم تحديد موعد لأرجع لها الدبلة وعندما ذهبت أنا وإخوتي ولم يجد عمي أبي معنا قال لا بد أن يكون أبوك معك لأطمئن أنه موافق فغضبت عليه وقلت له إنني لا أريد ابنتك ولا تدعها تتصل بي مرة أخرى وإلا سأضربها بالجزمة والآن أحس بالندم على ما فعلته في عمي وابنته، وأبي يرفض الرجوع مرة أخرى فماذا أفعل؟ علما بأنني أكلم بنت عمي من وراء الأهل ولكننا لا نتقابل وكل منا يحب الآخر جدا ،أرجو الرد مع نصيحة لوالدي لأننا نقطع صلة الرحم الآن بسبب هذا الموضوع.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أنك قد أخطأت وأذنبت بما فعلت مع بنت عمك، والواجب عليك أن تتوب وتندم على ما فعلت، والذي جرك إلى هذا هو تعديك لحدود الله تعالى، والانسياق وراء تزيين الشيطان، ولذا فالواجب عليك قطع كل علاقة مع بنت عمك حتى يتم عقد النكاح الشرعي.
وأما بشأن ما فعلت مع عمك، فقد تسرعت وأخطأت وقلت قولاً منكراً، ولذا عليك أن تتوب من ذلك الذنب أيضاً، فإن حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر. رواه مسلم.
والذي ننصحك به الآن أحد أمرين:
إما أن تقدم على الزواج ببنت عمك، وتلتزم في ذلك أدب الإسلام.
وإما إن تعرض عنها، وتكتم ما تم بينكما ولا تخبر به أحداً، وسيبدلك الله خيراً منها ويبدلها خيراً منك.
وفقك الله لطاعته ودلك على رضاه.
ونصيحتنا لوالدك أن يكون عوناً لك على تجنب الحرام، وأن يساعدك في الزواج بمن تحب، وينبغي له أن يعفو ويصفح عما مضى من خلاف بينه وبين أخيه، فمن عفا وأصلح فأجره على الله ، بهذا جاء القرآن، وقد قال تعالى وهو يعدد صفات أهل الجنة: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران: 134}.
وصلة الرحم واجبة لا يجوز قطعها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ما يجوز النظر إليه من صورة المخطوبة
تاريخ 07 ذو الحجة 1425 / 18-01-2005(8/252)
السؤال
هل يجوز لشاب يريد التقدم للزواج بفتاة محجبة أن يرى صورا لها وهي صغيرة بدون حجاب قبل إتمام أي خطوة من خطوات الزواج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن ينظر الخاطب إلى صورة مخطوبته إذا كان الموصوف في الصورة مما يظهر غالباً حال المهنة، وراجع الفتوى رقم: 12684، والفتوى رقم: 20410.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ضوابط أخذ من يريد الخطبة رأي المخطوبة
تاريخ 07 ذو الحجة 1425 / 18-01-2005
السؤال
أشكركم على هذا الموقع للفتوى الإسلامية، أنا شاب حاليا أدرس خارج منطقتي، أنا معجب بفتاة محترمة من الناحية الدينية والأخلاقية صديقة ابنة خالي، أنا أريدها للزواج والله أنا جاد على ما أقول، وفي الوقت الحالي من الصعب أن أجد فتاة محترمة، فلقد أبلغت ابنة خالي عن إعجابي بها والله أنا إذا أرضى فيها حاجة أنا أرضى في أختي فيه، هل أبعث ابنة خالي إليها أنا أريدها إلى أن أكمل دراستي أنا إن شاء الله لدي بيت جاهز أنا أريد أن أكلمها مع ابنة خالي، أن تأتي إلي في المحل أريدها ما رأيك سوف أقول لها هل توافقي أن أخطبك من أهلك بعد إكمال دراستي أم لا، هذا ما أقول لها فقط، هل أكلمها في المحل مع ابنة خالي أم أرسل مع ابنة خالي أن تكلمني في الهاتف يا ريت، أنا أقف على رأيها لكي تأخذ الأمر بجد والله لأن أهلها يمكن أن عندهم علم وأهلي عندهم علم بهذا الموضوع، ما حكم الشرع في ذلك مع العلم بأني شاب عمري 20 سنة وسوف أذهب إلى الدراسة مرة ثانية خارج منطقتي، وأخاف أن أذهب ثم يأتي أحد من بعدي ليخطبها، أرجوكم أن تساعدوني والله أنا آخذ الموضوع بجد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطريق الصحيح السليم لخطبة الفتاة هو الذهاب إلى أهلها، وطلب خطبتها من وليها، ولا بأس من معرفة رأيها قبل الذهاب إلى أهلها إما بتكليمها مباشرة شريطة كونها محجبة وبدون خلوة، أو عبر الهاتف، وإما بإرسال أحد لسؤالها عن رأيها، مع التنبيه إلى أن ابنة خالك ليست من محارمك، فلا يجوز لك الخلوة بها ولا النظر إليها.
ونلفت انتباهك إلى عدم التسرع في اختيار الزوجة، والحرص على استشارة أهل الرأي والخبرة، واستخارة الله عز وجل في هذا الأمر، وينبغي التأكد من أخلاق الفتاة ودينها وعفتها وخاصة في هذا الزمن الذي قلَّت فيه العفة والفضيلة، نسأل الله عز وجل أن يوفقك للزوجة الصالحة ويصلح حالك وأحوال المسلمين.(8/253)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
القدرة المادية على الزواج أمر نسبي
تاريخ 07 ذو الحجة 1425 / 18-01-2005
السؤال
شاب في الثلاثين من العمر يعمل براتب 500 جنيه شهريا ويملك حوالي 9آلآف جنيه ويريد الزواج فهل يقدم على الزواج أم يكون ممن لا يستطيعون الباءة فينتظر حتى يغنيه الله من فضله مع ملاحظة الحالة الاقتصادية الحالية.أرجو الافادة و جزاكم الله عنا خير الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رغب الإسلام في الزواج وحث عليه ولا سيما من تتوق نفسه إليه ويملك القدرة على مؤنه كما في الفتوى رقم:
14223. زد على ذلك أن هناك وعدا من الله تعالى لمبتغي الحلال به والإعفاف بالعون والتيسير والغنى، قال سبحانه: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ {النور: 32}. وراجع الفتوى رقم: 7863.
وعليه؛ فمن تتوق نفسه إلى الزواج وله القدرة على مؤنه فهو مأمور بالمبادرة به والمسارعة إليه ، ومن كان عاجزا عن مستلزمات النكاح أو بعضها ونفسه تتوق إليه فهو أيضا مرغب في النكاح، ومطلوب منه إن وجد معينا على ذلك كزوجة ترضى به على حالته.
أما بخصوص حالة السائل التي ذكر فلا نستطيع الحكم عليها لأن القدرة المادية أمر نسبي فقد يكون بعض الناس فقيرا يعتبر من مصارف الزكاة وهو يملك من المال ما لو ملكه غيره لكان غنيا، وهذا أمر مشاهد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا يجوز مقابلة الخطيبة من غير وجود محرمها
تاريخ 07 ذو الحجة 1425 / 18-01-2005
السؤال
أنا شاب في الخامسة والعشرين من العمر قررت أن أفتش على شريكة حياتي فأعجبت بفتاة مسلمة ملتزمة ذات خلق ودين فأخبرت خالها بأنني معجب بها الذي بدوره أخبر والدتها وقد علمت الفتاة بذلك أيضاً لقد وافق الجميع عليّ إلا أنني كنت قد طلبت من خالها أنني أريد أن أتعرف عليها أكثر وأحادثها لكي أتعرف على تفكيرها ومنطقها في المناقشة والكلام وأفكارها بشكل عام وافقت الفتاة على ذلك إلا أنه لا يمكن أن ألتقي بها بحكم عملي في وقت وجود خالها معها فهل أستطيع أن أكلمها أولئك رفيقا؟.(8/254)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيباح لمن يريد خطبة امرأة أن ينظر إليها وإلى ما يدعوه إلى نكاحها، وأن يكون ذلك من غير خلوة، بل مع وجود محرم، فالمباح للخاطب هو النظر وليس الخلوة، لأنها ما تزال أجنبية عنه، وإنما أبيح النظر لحاجة شرعية وهي رجاء أن يؤدم بينهما، كما في الحديث أي يوفق ويؤلف بينهما.
ولا بأس بتكليمها من وراء حجاب أو بالهاتف للحاجة كغيرها من النساء الأجنبيات مع التزام الأدب ومن غير خضوع منها بالقول، فلا يجوز مقابلة الفتاة من غير وجود محرمها خالها أو غيره، والعمل ليس عائقاً عن ذلك، مع التنبيه أن رؤية المخطوبة تكون للحاجة المذكورة سابقاً، فإذا حصلت فلا يجوز بعد ذلك إعادة النظر واللقاء مرات أخرى حتى يتم عقد النكاح.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
صد الخطاب عن المسلمة من أعظم الإيذاء
تاريخ 06 ذو الحجة 1425 / 17-01-2005
السؤال
ما هو جزاء من يمنع زواج شباب وشابات؟ علما بأنهم تسببوا في استمراري في ممارسة العادة السرية ولكني والحمد لله فأنا عندي الرغبة في الزواج ولكن هؤلاء الناس يذهبون إلى الخطاب ويقولون إن أمي صاحبة مشكلات والله أعلم ماذا يقال أيضا وطبيعي أن الشخص الخاطب يغير رأيه.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز صد الخطاب عن فتاة مسلمة بذكر عيوبها وعيوب والدتها لصرفهم عنها بغير حق، وهذا من إيذاء المؤمنين وهو من أعظم ما نهى الله تعالى عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب: 58}. وقال تعالى: وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ {الهمزة: 1}.
وفي صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام: عرضه وماله ودمه، التقوى هاهنا، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم.
وليخش من يغتاب المسلمين ويتتبع عوراتهم أن يفضحه الله ويبدي عورته، ففي الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد من حديث أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه: لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من يتبع عورة أخيه يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته. والحديث صححه الألباني.(8/255)
وننصحك بترك العادة السرية، فإنها حرام ولها أضرار كثيرة يمكنك الاطلاع عليها في الفتوى رقم: 5524.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
وقوع الخطيبين في مقدمات الزنا لا يمنع من إتمام النكاح
تاريخ 06 ذو الحجة 1425 / 17-01-2005
السؤال
أنا مخطوبة لشاب منذ سنة تقريباً ولقد ضعفنا ووقعنا في مقدمات الزنا، والله ندمت ندماَ شديداً وطلبت من الله المغفرة والتوبة، وأنا أتعذب بسبب هذا الذنب العظيم وأحس بحرقة في قلبي بسبب تجرئي على حدود الله ولقد ندم خطيبي كثيراً وطلب المغفرة من الله وعاهدني أن لا يتكرر هذا أبداً وطلب مني أن نعقد القران لتصبح علاقتنا شرعية، فهل نستطيع الاستمرار مع بعضنا والزواج بعد أن تبنا، فأنا خائفة أن لا يبارك الله لنا في حياتنا وإني والله نادمة أشد الندم وأفكر في ترك خطيبي، فهل أستمر أو أفسخ الخطوبة، أفيدوني رحمكم الله فأنا أتعذب بسبب هذا الذنب؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعزمكم على إتمام النكاح أمر طيب وليس ما وقع مانعاً من إتمام النكاح، وعليكم العزم على عدم العودة إلى ما بدر منكم والندم على ما سلف، ويمكنكم الاطلاع على المزيد في الموضوع عند البحث في فتاوى الشبكة عن حديث: لم ير للمتحابين مثل النكاح.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
إخبار الخاطب بخطبة الفتاة سابقاً لا يجب
تاريخ 04 ذو الحجة 1425 / 15-01-2005
السؤال
فتاة متقدم لها عريس وهي كانت قرئت فاتحتها لثلاث مرات هل تقول له أم هذا الموضوع ليس له أهمية علما بأن الموضوع لم يتخط الفاتحة ليس خطبة، وإن قالت له تقول له ثلاث مرات أم أنها فقط قرئت فاتحتها دون ذكر العدد، هل هذا يندرج تحت المصارحة أرجو الرد في أسرع وقت.
وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم المخطوبة والزوجة إخبار خطيبها أو زوجها بعلاقتها السابقة سواء الشرعي منها وغير الشرعي، بل يستحب لها أن تستر نفسها فيما يتعلق بغير الشرعي من العلاقات إن وجد، وعليه، فليس لازما أن تخبر هذه الأخت خطيبها(8/256)
بهذا الأمر ابتداء، فإن سألها أخبرته بالواقع. فإن خشيت غضبه من عدم إخباره فلا مانع من إخباره فالأمر مباح. وليست المصارحة بهذه الأمور أمرا واجبا أو مندوبا إليه شرعا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
وصف المرأة لمن أراد خطبتها
تاريخ 01 ذو الحجة 1425 / 12-01-2005
السؤال
أحد زملائي في العمل يريد زميل له التقدم لخطبة إحدى الزميلات, وقد تطوع هذا الزميل بسؤالي عن بعض التفاصيل مثل لون شعرها أو طبيعته مع العلم أن الفتاة محجبة, فهل يجوز لي الإجابة على مثل هذه التساؤلات سواء لهذا الشخص أو للذي يريد خطبتها نفسه؟ وهل يجوز أن يرى من يتقدم لخطبة فتاة صورة لها قبل حجابها أم لا؟ و جزاكم الله عنا كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطريقة المثلى لمن أراد أن يخطب امرأة هي أن ينظر بنفسه إلى ما يدعوه لنكاحها كما سبق في الفتوى رقم: 46643، والفتوى رقم: 50371. وإن كان وكل امرأة تنظر إليها فلا حرج، فقد روى الإمام أحمد في مسنده أنه صلى الله عليه وسلم أرسل أم سليم إلى جارية
، فقال: شمي عوراضها وانظري إلى عرقوبها. حسنه الأرناؤوط. أما توكيل الخاطب لرجل آخر غير محرم لينظر له المخطوبة فقد اختلف فيه، فمن أهل العلم من أجازه عند أمن الفتنة، ومنهم من منعه. فإذا تقرر هذا علم أنه لا يجوز للأخت أن تصف شعر المرأة المذكورة لزميلها الذي لم يكن وكيلا عن الخاطب، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تباشر المرأة إلى المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها. رواه البخاري. أما حكم النظر إلى صورة المخطوبة فيراجع في الفتوى رقم: 20410. هذا وننبه الأخت السائلة إلى خطورة الاختلاط بالرجال الأجانب إذا ترتبت عليه خلوة أو تبرج أو خضوع بالقول أو نحو ذلك مما هو ذريعة للفساد، نسأل الله عز وجل أن يوفقنا وأن يسدد خطانا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
من أحكام التراجع عن الوعد بالخطبة
تاريخ 29 ذو القعدة 1425 / 10-01-2005
السؤال
رجل تعرف على فتاة وأعجبه خلقها وجمالها وتعلق بها كثيرا فصارحها بذلك فوجد الشعور متبادلا فتواعدا على الخطبة ثم عارض أهل الرجل وأصبحوا يضعون(8/257)
الحواجز بكلامهم بينه وبينها فقام ذات ليلة فإذا به كأنه لم يعرف الفتاة وأحس أنه لا يحبها ولم يعد يرغب في زواجها فهل يأثم بخداع البنت طيلة الفترة الماضية وماذا عليه أن يفعل حتى يتخلص من هذا الإثم إن كان إثما؟ وهل يجوز أن يكذب عليها بأن أهله لا يريدون زواجه منها حتى لا يجرحها بقوله لها لم أعد أحبك؟
وجزاكم الله خيرا على خدمة الإسلام.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الوفاء بالوعد أمر محمود، وأن إخلافه على العكس من ذلك، لكنه كما قال أهل العلم: لا يلزم الوفاء به، ولا سيما إذا منع من الوفاء به مانع.
وعليه، فلا نرى مانعاً من التراجع عن ما وعدت به المرأة المذكورة، وذلك لعدة أمور؛ منها: أن ما جرى بينكما هو مجرد وعد، والوعد كما سبق لا يلزم الوفاء به، ومنها: أن أهلك يعارضون خطبتك لها.
ومن المعلوم أن الإقدام على الزواج ممن لا يرغب فيها الأهل تترتب عليه أمور -غالباً- وخيمة من قطع الرحم والتباغض بين أفراد الأسرة ونحو ذلك، ومنها أنك كما ذكرت لم تعد ترغب فيها كما كنت من قبل وهو أمر يجعل الزواج منها على هذه الحالة عرضة للفشل وعدم الاستقرار.
ولا يحتاج التراجع عن الوعد بالخطوبة إلى اختلاق مبرر كذب، فالكذب يحرم ولا يسوغه ذلك، فمن أراد أن يتفادى كسر خاطر المخطوبة أو الموعودة بالخطبة فله مخارج كثيرة من ذلك غير الكذب، علماً بأن منع الأهل إن كان حقاً يعتبر مبرراً سائغاً، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 10570، والفتوى رقم: 4220.
وعليك قطع علاقتك بهذه الفتاة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تقديم الشبكة للمخطوبة ليس بواجب
تاريخ 30 ذو القعدة 1425 / 11-01-2005
السؤال
سمعت أن شبكة الخطوبة لا يجب أن تحتوي على دبلة لأن ذلك من عادات النصارى فهل هذا صحيح؟ وما هو الحلي الشرعي الذي يجب تقديمه كشبكة للخطوبة؟
وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن الدبلة ليست من عادات المسلمين، والأولى تجنبها لما فيها من التشبه بالكافرين، وراجع الفتوى رقم: 5080.
أما بخصوص تقديم الذهب للمخطوبة فليس بواجب، سواء كان في صورة حلي أو غيره، ولكن لا مانع من تقديمه للمخطوبة، وبهذا يعلم السائل أنه يمكن له وليس(8/258)
بواجب عليه تقديم ما يسمى بالشبكة لمخطوبته كهدية أو كجزء من صداقها فليس في هذا حرج.
أما تقديم الدبلة للخطيبة وما عهد من إلباسها لها من طرف الخطيب فلا يخفى ما فيه من المخالفة من مس الخطيبة ومسك يدها، زيادة على التشبه بغير المسلمين الذين عرفوا بها كما قدمنا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
المحادثة الغرامية عبر الجوال
تاريخ 23 ذو القعدة 1425 / 04-01-2005
السؤال
عندي سؤالان باختصار:
1- أحب واحدة وأتكلم معها بالجوال وأريد أن أتزوجها هل يصح أن أتزوجها ؟ والبنت ما رأيت فيها أي شيء إلا أنني أتكلم معها بالجوال(علاقة حب) ما أقدر أتركها، ولا أقدر أبعدها عن بالي....
2- أردت أن أعرف الطريقة الإسلامية الشرعية لممارسة الجنس مع الزوجة كيف ممارسة الجنس، الجنس الصحيح مع الزوجة ممكن بالتفصيل؟
وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المحادثة الغرامية بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه ذريعة إلى الوقوع فيما لا يرضي الله كما هو معلوم، وبالتالي، فإنها محرمة. قال الله تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ {الأحزاب: 32}. ولا فرق بين أن تكون المحادثة المذكورة عبر الهاتف أو مشافهة، فهي وسيلة إلى المحرم في كلتا الحالتين، ووسيلة الحرام حرام، ومن أراد أن يسلك الطريق القويم لزواج سليم فليخطب من يريد الزواج بها من ولي أمرها أو منها هي إن كانت رشيدة.
وقد أباح الشارع له أن ينظر منها إلى ما يدعوه لنكاحها. وعليه، فإنا ندعو الأخ وفقه الله إلى التقدم لأهل هذه الفتاة لخطبتها، ثم إن رضي عنها وقبل تزوج بها، وليكف عن هذا النوع من المكالمات وما يترتب عليها مما يسميه علاقة حب. أما فيما يتعلق بآداب الجماع، فلتراجع فيه الفتوى رقم: 3768.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يعاقب الخاطب من تحرش بخطيبته في صغرها
تاريخ 22 ذو القعدة 1425 / 03-01-2005
السؤال(8/259)
بصراحة أنا أريد أن أسال سؤالا بخصوص موضوع حساس ويصعب علي التكلم فيه، أنا حاليا خاطب فتاة مسلمة وعلى قدر من الأدب والتدين والحمد لله وأهلهاأ ناس طيبون، المهم فيه مشكلة تتعبني وتتبع خطيبتي وهي مشكلة حساسة وكانت منذ زمن، كان فيه أحد أقاربها أكثر من مرة حاول أنه يتحرش بها ضاربا بكل العلاقات الأسرية وصلة القرابة وصلة الرحم عرض الحائط وهي للأسف كانت صغيرة لا تتعدى ال 15 عاما كان يستغل عدم وجود أحد في المنزل ويكرر نفس الأسلوب فكان يحاول تقبيلها بالعافية يعني كانت هذه أقصى حدوده معها وهي لما كانت يتهرب منه كان يخوفها أنه سوف يخبر والدها وقدرعلى أن يقنعها بأنه يحبها أكثر من مرة وهي مع صغر سنها وعدم إدراكها للأمور كانت تستسلم لكن حاسة أن هذا كلام غلط وطبعا بناء على تربيتها حيث إنها متربية على الصلاة والتدين من صغرها فقالت لوالدتها وانتهى الموضوع هذا لكن للأسف مازال الموضوع هذا يتعبها وهي قالت لي منذ أول ما تعرفت عليها وأنا بالتالي الموضوع هذا أتعبني جدا، ونفسي أقتص من الشخص الذي تجردت منه كل مبادئ الإنسانيه وأريد أن أرد له كل لحظة عذاب عاشتها خطيبتي والتي مازالت تعيشها إلى الآن وللعلم أن الشخص هذا أذى الناس كثيرا وخارج عن طوع أهله فهل أنا لو حاولت أن أرد عليه بمثل عمله هذا بأي طريقة. أنا أريد أن أحطه في مشكلة تخليه يحس بالذي عمله في الناس عامة وفي خطيبتي خاصة وفي نفس الوقت أقول إن ربنا عادل ولن يدع أحدا، لكن أنا لست قادرا على أن أسامحه وكل ما أرى خطيبتى عندما تتذكر ما حصل لا تستطيع أن تتحمل، هل لو اقتصصت منه بالطريقة التى تعادل فعله هل أنا أكون آثما؟
جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأ هذا الشخص الذي تحدثت عنه أخطاء كبيرة بمحاولاته التحرش بالبنت، وبتقبيله لها وبانفراده معها في البيت، وبكل ما ذكرته من أموره معها، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. وروى الطبراني والبيهقي من حديث معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. وعلى كل حال فإن هذا الرجل أخطأ أخطاء كثيرة في حق الله وفي حق البنت وأهلها، وأما أنت فلا حق لك بعد في المسألة لأنها لا زالت خطيبة لك وليست زوجة. فإذا فعلت بالشخص المذكور شيئا تكون قد ظلمته. واعلم أنك لو كنت تزوجتها من قبل أن يفعل بها ما فعل لما كان لك الحق في أن تقتص منه متى فعل شيئا مما ذكرته، وإنما لك الحق في أن تشكوه إلى السلطة إذا كانت لك بينة بما ذكرت فتعاقبه السلطات بما يستحقه. وراجع الجواب: 31276
.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(8/260)
ــــــــــــــ
لا بأس بفسخ الخطبة لعدم التوافق النفسي
تاريخ 22 ذو القعدة 1425 / 03-01-2005
السؤال
بداية أنا شاب على قدر لابأس به من الالتزام ولا أزكي نفسي وأحسبها كذلك ولله الحمد .. قمت بخطبة أخت رأيت فيها بعضا من الصفات التي أتمناها في شريكة حياتي من خلق وصفات حميدة .. وقد جازفت بذلك لأن وضعي المادي صعب للغاية ولكني مع ذلك قلت الرزق مكتوب في اللوح مع الأجل لكن ما حدث هو أنه في فترة الخطوبة التي هي في الواقع للتعارف بدأت ألحظ بعض اللامبالاة منها وعدم مساندتي منذ الخطوبة في مشاكلي كما كانت تدعي والحقيقة أنه حدث لي فتور في أحاسيسي اتجاهها علما سيدي الفاضل أني لم أكن ألتقيها كما يفعل شبابنا فلقاءاتنا كانت كلها شرعية إما في بيتها أو بيت أختها مع علم مسبق أو لاحق لأهلها وفي خضم كل هذه الصراعات النفسية التي تحدثت عنها وما هي إلا قليل وخطوبتنا الآن مضى لها سبعة أشهر... قلت في ظل هذه الظروف ظهرت في حياتي أخت كنت أريدها شريكة لحياتي قبل هذه التي خطبتها لكنها تزوجت والآن هي مطلقة و في حاجة إلى من يعينها و قد لمحت لي أنها تريدني قبل أن تعلم أني خاطب فرجاء لا أريد أن أترك خطيبتي لأجل الجديدة ولكنها ظهرت في وقت صعب كنت أفكر في فسخ الخطوبة مع أني لا أعترض على أخلاق خطيبتي وكل المشكلة أنه لا يوجد بيننا توافق نفسي بل على العكس بدأت لا أرتاح لها .. أرجو أن ترشدوني بارك الله فيكم ..هل أفسخ الخطوبة أم ماذا أفعل علما أني لو فسخت الخطوبة سأخطب الثانية لا محال ...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الخطبة وعد بالزواج ينبغي الوفاء به ما دام أن الفتاة على خلق ودين، وليس عندك اعتراض على أخلاقها ودينها. لكن إذا كنت تحس تجاه خطيبتك بعدم التوافق النفسي وعدم الارتياح وتخشى أن لا يؤدم بينكما، فلا بأس بفسخ الخطبة. ولا حرج عليك في خطبة الفتاة المطلقة بعد انقضاء عدتها، أو غيرها إذا كانت صاحبة دين، لقوله صلى الله عليه وسلم: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الأصل في الخطبة التقدم لأهل الفتاة
تاريخ 18 ذو القعدة 1425 / 30-12-2004
السؤال
ما حكم من هو من أهلي تقدم لخطبتي شخصيا من خلال اتصاله شخصيا بهاتفي النقال وأنا لم أرد عليه جوابا مما أدى إلى استيائه من موقفي فذهب وخطب فتاة(8/261)
غيري؟ هل أنا غلطانه في عدم ردي عليه (أي لم أقل له نعم أو لا)؟ مع العلم أنني واثقة بأنني على صواب لأن من الوجب أن يتقدم لأهلي قبل أن يكلمني؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته مع من خطبك هو الصواب كما ذكرت، فكان عليه أن يتقدم إلى أهلك بالخطبة قبل أن يكلمك، والظاهر أنه لم يكن جاداً في خطبتك بدلالة سرعة تغييره لموقفه وخطبة غيرك.
وطالما أنك قد التزمت بواجبك الشرعي معه، فسوف لا تندمين على ما فعلته، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
كيف تعرف الفتاة العفيفة
تاريخ 18 ذو القعدة 1425 / 30-12-2004
السؤال
أنا سبق وأن سألت عن الزواج من غير مسلمة. أخي في الله أنت أجبت وقلت المسلمة أولى وأنتم تدركون جيداً أن حال شباب المسلمين في أسوأ الأحوال وبالذات في البلدان العربية من ظروف صعبة ونقص في الحاجة وعدم توفر الحاجة ولا وجود للأعمال والأسعار العالية في العقار والمسكن والمأكل والملبس، وأصعب شيء نعاني منه نحن الشباب هو عدم القدرة على الزواج الحلال ... ونحنا هنا في ليبيا نسبة العوانس كثيرة جداً والله أنا نفسي لي 8 أخوات إناث تعدت 30 من العمر ولا زواج بسبب الظروف المادية ... أما بالنسبة لي أنا فأنا شاب 28 من العمر مهندس برمجة حاسوب وأشتغل في عمل حكومي والله لا أملك قوت يومي والحمد لله. فقررت أن أهاجر إلى أوروبا كي أستر نفسي ، لكن كيف يمكن لي التأكد من أن الفتاة التي أريد الزواج منها عفيفة مع أنها بالكلام هي تقول أنها عفيفة .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...وجزاكم الله الف خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمكنك معرفة عفتها بالسؤال عنها، ويكفيك ما ظهر من حالها ولا تكلف بالبحث عن خبايا الأمور، نسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يغير حال المسلمين إلى خير حال.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل تقبل بخاطبها مع ما به من أمراض
تاريخ 16 ذو القعدة 1425 / 28-12-2004(8/262)
السؤال
أنا فتاة مخطوبة منذ 7 سنوات والآن حدث سوء تفاهم بيني وبين خطيبي عن أمور كثيرة وفي النهاية قلت له أن يبحث عن واحدة أخرى ربما يجد معها السعادة علما بأني محافظة وملتزمة وهو يشك ويغار جدا المهم في النهاية قال لي بأنه به عدة أمراض من بينها البرص والتهاب بروستاتا والبرد في الظهر وحساسية واعترف بأنه لم يعد يرغب في الزواج وأنا بصراحة أحبه ولا أريد تركه. فماذا أفعل، أفيدوني بالله عليكم .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الغيرة أمر طبيعي وهي صفة محمودة في الرجال ما دامت لم تخرج عن حد المعتاد، وتراجع الفتوى رقم: 9390. في موضوع الغيرة هذا من جهة، ومن جهة أخرى إذا كان هذا الرجل المذكور مرضيا في دينه وخلقه فلا ما نع من أن تتزوجي به إذا رضي هو بذلك. لكنا من جانب النصح نقول لك: إذا كنت تعرفين من نفسك أنك قد لا تتحملين حالة هذا الرجل المرضية وما قد يترتب عليها من أمور تحتاج إلى صبر وتحمل، فنرى أن تصرفي نظرك عنه حتى لا تلزمي نفسك بأمور كنت في غنى عنها، ولعل الله عز وجل أن ييسر لك زوجاً آخر هو خير منه. كما ننبهك إلى أن إقامة علاقة بين المرأة والرجل الأجنبي غير الزواج أمر محرم فيجب الحذر من المخالفات الشرعية.نسأل الله عز وجل أن ييسر أحوال المسلمين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
وجوب النصيحة في شأن الخطبة
تاريخ 21 ذو القعدة 1425 / 02-01-2005
السؤال
لدي أخ لا يصلي وهو يقول أنا أصلي ولكننا لانراه يصلي ولا يتوضأ...المهم فكرت أمي بتزويجه لعل وعسى أن يصلح حاله. وفعلا عقدنا النكاح مع امرأة من عائلة ملتزمة .... ويعلم الله أني لا أريد هذا الزواج وإذا أخبرت أهل الزوجة بأن هذا الشخص لا يصلي وخصوصا بعد النكاح فربما أخاف أن يحدث شيء لأمي ....... وبعد ما بدأ أخي الذهاب إلى خطيبته اتضح أنها تسمع الأغاني ...ما أدري هو يقول ذلك......... وفي الفترة الأخيرة قال زوجي لأمي سأعطيك 5 آلاف ريال كهدية لهذا الزواج أو لتكاليف هذا الزواج!! لأن أمي عازلة عن أبي يعني غير مطلقة بس هو يعيش مع حرمته الثانيه في بيت مستأجر ...وهم ليسو أغنياء لذلك نحن وأزواج اخواتي نساعدهم هل في ذلك بأس. وشكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان عليك قبل عقد النكاح أن تنصحي الفتاة وأهلها وإخبارهم بأن أخيك لا يصلي بذلا للنصيحة، قال صاحب البهجة الوردية من الشافعية: (وجاز) بل وجب(الذكر(8/263)
للقباح) أي ذكر القبح الكائن (من خاطب) أو نحوه للمستشير فيه بالصدق ليحذر بذلا للنصيحة، ولقوله صلى الله عليه وسلم: لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها لما أخبرته أن معاوية وأبا جهم خطباها، أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، انكحي أسامة بن زيد. رواه مسلم. وفي رواية للحاكم: وأما أبو جهم فإني أخاف عليك من شقاشقه. ولقوله: إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه. ذكره البخاري تعليقا بصيغة الجزم. وصح في خبر جرير بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم. وليس ذلك من الغيبة المحرمة. نعم إن اندفع بمجرد قوله: لا تفعل هذا، أو لا تصلح لك مصاهرته، أو لا خير لك فيه أو نحوه لم يجز ذكر عيوبه، قاله النووي في أذكاره.
وقياسه: أنه إذا اندفع بذكر البعض لا يذكر الجميع. ويؤخذ من الأدلة أنه لو استشير في نفسه وجب عليه ذكر عيوبه، وهو ظاهر إن لم يندفع مستشيره بدون ذكرها.
( تنبيهان) أحدهما تقييدي وجوب ذلك بالاستشارة تبعا للمنهاج وأصله جري على الغالب، وإلا فالظاهر ما اقتضاه كلام ابن الصلاح وجوبه ابتداء، وهو قياس وجوبه على من يعلم بالمبيع عيبا، وما فرق به بعضهم من أن الأعراض أشد حرمة من الأموال رده الأذرعي بأن النصيحة هنا آكد وأوجب. انتهى. قال الإمام زكريا الأنصاري الشافعي في شرحه المسمى الغرر البهية: قوله: ( وجاز إلخ) أي بقصد النصيحة لا الوقيعة في العرض. اهـ. بجيرمي (قوله: للمستشير) ليس بقيد بل يجب ذكر ذلك وإن لم يستشر، كما يجب على من علم بالمبيع عيبا أن يخبر به من يريد شراءه مطلقا. اهـ. شرح الرملي على المنهاج. انتهى كلامه.
وعليه.. فتكونين مقصرة في عدم إبداء النصيحة الواجبة فيلزمك التوبة عن هذا الذنب، وأما عن حكم الزواج فيمكنك معرفته بالاطلاع على حكم زواج تارك الصلاة في الفتاوى التالية: 38981
،38996.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ينبغي إخبار الخطيبة بنيتك بالانتقال إلى بلدك
تاريخ 14 ذو القعدة 1425 / 26-12-2004
السؤال
أنا موظف في مدينة غير مدينتي ومقبل على خطبة فتاة من هذه المدينة ومدينتي بعيدة جدا عن هذا البلد ولقد تعرفت على شخص قال لي بأنه يستطيع أن ينقلني إلى مدينتي، ولكن المشكلة أن أهل الفتاة لا يرضون أن تكون ابنتهم بعيدة عنهم ولم أخبر الفتاة بعد بهذا الموضوع، فما الحل وقد اقترب موعد الخطبة ولا أعرف أأخبرهم الآن أم أنتظر مدة من الزمن بعد الخطبة لأني في حيرة من أمري، أرجو المساعدة؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(8/264)
فننصحك بإخبار الفتاة وأهلها بما تنويه من الانتقال من بلدهم إلى بلدتك إذا كنت تعلم أنهم لن يوافقوا على هذه النقلة حتى يكونوا على بينة من أمرهم، ولما في إخفاء مثل هذا الأمر عنهم -مع علمك بأنهم لن يوافقوا عليه- من غش لهم، فإنه قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ومن غشنا فليس منا. رواه مسلم .
فينبغي أن تصارحهم بما تريد وتحاول إقناعهم به، فإن لم يرضوا ولم تستطع تلبية شرطهم بعدم الذهاب بابنتهم إلى حيث تريد، فالأفضل إنهاء الأمر قبل الخطبة، والله الموفق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تدهورت تجارته فتركته خطيبته
تاريخ 14 ذو القعدة 1425 / 26-12-2004
السؤال
تعرفنا على بعض وتمت الخطبة رسميا منذ 8 سنوات قبل دخولها إلى التانوية العليا وكنت أنا مسؤولا مسؤولية كاملة طيلة هذه الفترة حتى تخرجت من الجامعة وكانت تتذرع بأنها تريد أن تكمل دراستها وبعد أن تخرجت جهزت مستلزماتها بنفسها من كل صغيرة وكبيرة للفرح وفجأة حدثت إشكالات في عملي وتدهورت أحوالي وخسرت تجارتي وصاحبت ذلك مشاكل كثيرة فتخلت عني وتركت كل شيء وقررت أنها لا تريدني رغم دهشة الكثيرين ولجأت لغيرى تكبره بأربع سنوات وتقدم لخطبتها رغم علم والدها بخطبتي لها ووافقوا مع العلم بأنها قريبتي.
أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله تعالى أن يأجرك في مصابك بتجارتك، ونذكرك بقول الحق سبحانه: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة: 155-157}.
وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها. متفق عليه، واللفظ للبخاري.
أما بخصوص ما ذكرت من خطبتك لهذه الفتاة عند أبيها وموافقتهما على ذلك، فالحق أنه لا يجوز لأحد أن يخطب على خطبة الخاطب بعد ركون الخطيبة الرشيدة أو وليها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب. رواه البخاري.
وإن كان هذا الخاطب لم يتقدم إلا بعد فسخ أهل هذه الفتاة خطبتها منك، فهذا لا حرج فيه، وإن كان ما فعلوه من فسخ خطبتك منها أمرا لا ينبغي فعله بدون مبرر شرعي يدعو إليه، وراجع الفتوى رقم: 7237.(8/265)
وأما بخصوص ما قدمته من تكاليف دراسة هذه الفتاة، فالظاهر أنه يأخذ حكم الهدية المقدمة للمخطوبة، ولذلك تراجع الفتوى رقم: 6066.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل تفسخ الخطبة لتأخر الزوج في عقد النكاح
تاريخ 10 ذو القعدة 1425 / 22-12-2004
السؤال
أنا فتاة تمت خطبتي منذ 8 أشهر و حتى الآن أهل خطيبي يرفضون تحديد ميعاد للزواج، وأنا والدي متوفى وأمي مسؤولة عني وهي تصر على تحديد ميعاد للزواج حتى تطمئن علي، ولكن أهله يتحججون أن الشقة ليس لها وقت محدد كي تجهز، بالرغم من أنها لن تأخذ أكثر من 3 شهور. واتضح لنا من كلامهم أن الزواج لن يتم قبل عام و نصف من الآن حتى ينتهي خطيبي من دراسته ويعود والده من السفر، وفي استطاعة خطيبي أن يؤجل ترما من الكورس حتى يسهل عليه الزواج ومنعا للمشاكل، ولكنه رفض لأن ذلك سوف يؤجل إتمامه للكورس 5 شهور. وخطيبي متدين ويصلي كل صلاة في المسجد، وقد شجعني على صلاة الفجر وقراءة القرآن وصلاة التراويح وأيضا ارتداء الحجاب ولكن الغريب أنني حينما قررت ارتداءة لاحظت أنه أصبح يخوفني بأنني لست مقتنعة كفاية وأنني سوف أخلعه أكيد في الزفاف وهو لن يقبل ذلك، فهو عموما لم يشجعني علي هذه الخطوة، فبدأت ثقتي بة تقل. وبالرغم من كل ذلك فإن هذا الشخص عزيز علي إلى أقصى درجة ولا أتخيل أن أتزوج شخصا آخر، بالرغم من أنني واقعية وأرى أن خطبتنا مليئة بالمشاكل خاصة من الأهل، ووالدتي تريدني أن أنهي الخطبة وأيضا كل من حولي ينصحونني بذلك، فهل لو فعلت ذلك سوف أظلم نفسي أو أظلمه.
سؤال آخر وهو الأهم، حيث إنه في أثناء فترة الخطوبة حدثت بيننا بعض التجاوزات (تقبيل) التي عندما أتذكرها يعتصر قلبي من الألم و الندم على ما حدث، وكنت كل مرة أندم وأبكي وأقرر عدم حدوث ذلك مرة أخرى ولكن كان ذلك يتكرر، ولكني الآن تبت وأتمنى أن يسامحني الله، ولقد صليت صلاة الاستغفار، و لكن هل سوف يسامحني الله على ذلك، وماذا أفعل كي يسامحني(كفارة مثلا). عذرا على طول الرسالة ولكنني فعلا في حاجة إلى مساعدة دينية.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام أن الشاب على دين وخلق فلا ننصحك بفسخ خطوبته، وأما مشكلة التأخير فهي ليست مشكلة كبيرة، إذ يمكن حلها بإقناع أحد الشخصين: إما إقناع خطيبك بعدم التأخير، أو إقناع أمك بتقبل التأخير، فإن أصر كل على رأيه وانتهت الخطبة فنسأل الله أن يبدلك خيرا منه، أما ما حدث بينك وبين خطيبك من تقبيل فإنه معصية وذنب يجب عليكما التوبة منه فورا بالندم على هذا الفعل والإقلاع عنه وعدم العودة إليه ثانية، لأن الخطبة ليست عقد نكاح والخطيب ليس زوجا بل هو أجنبي عنك كغيره(8/266)
من الأجانب ليس له الاختلاء بك ولا تقبيلك ولا غير ذلك حتى يتم عقد النكاح، ولعل تأخير الخطبة والمشاكل والصعوبات التي تواجهك بسبب هذه المعصية، فبادرا بالتوبة عسى الله عز وجل أن ييسر اجتماعكما في الحلال بالنكاح الشرعي.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الخطبة على الخطبة
تاريخ 10 ذو القعدة 1425 / 22-12-2004
السؤال
لقد كنت مخطوبة منذ عامين لشاب به معظم الصفات المناسبه للزواج ولكنها كانت خطوبة تقليدية وكنت أنا أرفض هذا المبدأ لأني كنت صغيرة السن وبعد شهر من الخطبة سافر هو لأنه كان يعمل بالخارج وقررت أنا أن أنهي هذه الخطبة ولكن لم أكن أبلغته حتى التقيت بشاب آخر عن طريق الزملاء في الدراسة وهو كان يعلم أني مازلت مخطوبة لكني لا أميل إلى خطيبي فبدأ يحدثني كثيرا ويجذبني نحوه وبدأت أشعر اتجاهه بالعاطفة وبعدها أنهيت خطوبتي وللحق أنه من الممكن إن لم يكن ظهر هذا الشاب وكان خطيبى تحدث إلي وحاول إنهاء الخلاف البسيط ما كنت تركته؛ ولكن بعد ذلك لم يأت هذا الشاب لخطبتي لفترة وحصل سوء فهم لموضوع فانقطع الاتصال لفترة طويلة ؛ولكنه عاد ثانية و يريد التقدم للزواج مني.ولكنى الآن بعد أن بدأت التقرب من أحكام الدين والسنة شغلني حديث الرسول(إن الخاطب على خطبة أخيه حرام).فهل هذا الحديث ينطبق على هذه الحالة أم لا ؟ نرجو الإفادة. وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فهمناه من السؤال هو أن الشاب الثاني يريد التقدم لخطبتك وتسألين عن حكم الخطبة على الخطبة، وهل ينطبق عليك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه. فنقول: اعلمى أن الخطبة وعد بالزواج ولكلا الطرفين التراجع، والأحاديث دالة على تحريم الخطبة على الخطبة كقوله صلى الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم فلا يحل له أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبته أخيه. رواه مسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يسم المسلم على سوم أخيه، ولا يخطب على خطبته. رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة. والمقصود بها تحريم خطبة المرأة إذا خطبها شخص أجيب بالقبول وركنت إليه، فإذا ركنت إليه فلا يجوز لأحد أن يخطب على خطبته لكن لو خطب فالخطبة صحيحة وعليه الأثم. قال ابن أبي زيد المالكي في رسالته: ولا يخطب أحد على خطبة أخيه. ولا يسم على سومه، وذلك إذا تقاربا وركنا.. انتهى. وفي صحيح مسلم أن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها: خطبها معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد رضي الله عنهم، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأرشدها إلى أسامة. وعليه فلا حرج على هذا الشاب من تقدمه لخطبتك ما دمت قد فسخت الخطبة الأولى. واعلمي أن النبي صلى الله عليه(8/267)
وسلم أرشد إلى اختيار صاحب الدين والخلق فقال: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه. فعليك بصاحب الدين والخلق من هذين الشابين أو غيرهما، وننبهك إلى عدم جواز العلاقات مع الرجال الأجانب إلا في ظل زواج شرعي.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الخطيبة تعتبر أجنبية حتى يتم العقد
تاريخ 09 ذو القعدة 1425 / 21-12-2004
السؤال
عمري 23 سنة وأنا خاطب منذ سنة و 9 أشهر ولكن مشكلتي أني عندما أجلس مع خطيبتي نتحدث عن مواضيع عادية وحتى أي موضوع آخر يحدث عندي هيجان جنسي ( انتصاب ) علما أني أجلس بعيدا عنها ولم ألمسها من بداية خطوبتنا الحمد لله وهي محجبة ولا نتكلم إلا بالمواضيع المهمة ولكن لا أعرف سبب هذا الانتصاب وأنا أحيانا أخجل من نفسي وأكره نفسي وأخاف أن الله لا يجمعني معها علما أن تفكيري نظيف من ناحيتها ولا أستطيع أن أتخيل أني أمارس الجنس معها خوفا على نفسي منها .. افيدوني أفادكم الله ..
وجزاكم الله خيرا ..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي بارك الله فيك وحفظك أن خطيبتك أجنبية عنك لا يحل لك الخلوة بها، أما الحديث معها في غير خلوة فلا بد فيه من مراعاة الضوابط الشرعية، وأن يكون بقدر الحاجة فإن التوسع في ذلك من قبلك قد يجرك إلى مفاسد عظيمة تسخط الله عليك، فاحذر خطوات الشيطان وأن يستزلك إلى شباكه، ولا حاجة تدعو أن تجلس مع هذه المرأة الأجنبية عنك، فإن دعت حاجة فلا بأس أن يكون ذلك في حضور أحد محارمها. وانظر الفتوى رقم:
56052.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
العلاقة بين المخطوبين واستعمال الواقي الذكري
تاريخ 07 ذو القعدة 1425 / 19-12-2004
السؤال
ما هي آداب الخطوبة ؟
وما هي حدود الخطيب على الخطيبة ؟ يعني هل يستطيع أن يتلمسها أو يقبلها............من هذا الباب ؟
الكبوت (الرفل) ما هي استعمالاته وعلى من يجوز القيام معه بغض النظر عن الزوجة؟(8/268)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي أن الحدود المسموح بها بين الخطيب وخطيبته هي نفسها الحدود المسموح بها بين الرجل وأي امرأة أجنبية عنه دون فرق، إلا ما أباح الله له من النظر إلى ما يدعو إلى نكاحها، فالخطيب أجنبي عن خطيبته حتى يعقد عليها، فلا يجوز له إلا المخاطبة بالمعروف عند الحاجة، ويحرم بإجماع المسلمين قاطبة أن يمسها أو يقبلها، وليس في هذه المسألة خلاف بين علماء أمة الإسلام من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا.
فاتق الله تعالى وقف عند حدوده، واعلم أن الذي خلقك من العدم ورزقك وأنت نطفة في رحم أمك سيبعثك في يوم يشيب فيه الولدان وتكثر فيه الحسرات، ومعلوم أن الله عز وجل أمر بغض البصر ونهى عن كلما يقرب من الفاحشة ويوصل إليها، بل وحرم الخلوة بهذه الأجنبية، وعليه، فالسؤال عن حكم استعمال الواقي الذكري مع غير الزوجة في غير محله، فإن جميع المسلمين يعلمون حرمة فعل الفاحشة وإن وضع الرجل على ذكره واقيا، وتراجع الفتوى رقم: 20768.
نسأل الله لك الهداية والتوفيق، وأن يحصن فرجك ويطهر قلبك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم التزين ووضع المكياج للدخول على الخاطب
تاريخ 04 ذو القعدة 1425 / 16-12-2004
السؤال
ما حكم وضع العدسات الملونة أمام غير المحارم ؟ ما حكم وضع المكياج الخفيف عند الدخول على الخاطب لأول مرة ( المرة التي سيقرر فيها موافقته أو لا ) ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم وضع العدسات اللاصقة بقصد الزينة في الفتوى رقم: 4972، وأن الأمر فيه على الجواز، ما لم يكن فيه غش للخاطب، أو تزين أمام الرجال الأجانب، وما لم يؤد إلى ضرر على العين.
أما عن وضع المكياج عند الدخول على الخاطب، فقد لخصت الموسوعة الفقهية الكويتية مذاهب الفقهاء في حكم تزين المرأة الخلية وتعرضها للخطاب إذ جاء فيها: ذهب الحنفية إلى أن تحلية البنات بالحلي والحلل ليرغب فيهن الرجال سنة. وأما المالكية فقد نقل الحطاب عن ابن القطان قوله: ولها ( أي للمرأة الخالية من الأزواج ) أن تتزين للناظرين ( أي للخطاب)، بل لو قيل بأنه مندوب ما كان بعيدا، ولو قيل إنه يجوز لها التعرض لمن يخطبها إذا سلمت نيتها في قصد النكاح لم يبعد. انتهى.
وقال ابن مفلح من الحنابلة: قد روى الحافظ أبو موسى المديني في كتاب الاستفتاء في معرفة استعمال الحناء عن جابر رضي الله عنه مرفوعا: يا معشر النساء اختضبن فإن المرأة تختضب لزوجها، وإن الأيم تختضب تعرض للرزق من الله عز(8/269)